المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي   ‌ ‌الحُسَينُ بن عَبْدِ اللَّه الخَادِم (1) مَوْلَى - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ط الفرقان - جـ ٦

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌الحُسَينُ بن عَبْدِ اللَّه الخَادِم

(1)

مَوْلَى الحَسَن بن عَرَفَة بن يَزِيد العَبْدِيّ، رَابَطَ بعَيْن زُرْبَةَ مُدَّةً مَدِيْدةً، ورَوَى فيها عن مَوْلاهُ الحَسَن بن عَرَفَة.

رَوَى عنهُ أبو عَمْرو لاحِقُ بن الحُسَين بن عِمْران بن أبي الوَرْدِ الأنْدَلُسِيُّ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن هِبَةِ اللَّهِ (a)، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَةُ اللَّه بن أحْمَد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الفَضْل بن سَهْل بن مُحَمَّد (b) الصَّفَّار المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو لاحِق بن الحُسَين بن عِمْران بن أبي الوَرْد الأنْدَلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن (c) بن عَبْد اللَّهِ الخَادِم، مَوْلَى الحَسَن بن عَرَفَة بن يَزِيد العَبْدِيّ بعَيْن

(a) في الأصل: عبد اللَّه، وهو القاضي أبو نصر محمد بن هبة اللَّه الشيرازي الشافعي.

(b) في تاريخ ابن عساكر: نصر، وورد في موضع آخر من تاريخه (48: 317) بما يوافق المثبت.

(c) ابن عساكر: نرجس.

_________

(1)

من أهل القرن الثالث الهجري، إذ كان صبيًّا في آخر أيام عبد اللَّه بن المبارك، ووفاة ابن المبارك كانت سنة 181 هـ، وقد ابتنى ابن العديم ترجمته استنادًا إلى رواية أوردها ابن عساكر (32: 437)، في ثنايا ترجمة ابن المبارك، وورد الاسم فيه "نرجس بن عبد اللَّه الخادم"، ومثله في نَقْل ابن حجر العسقلاني له (لسان الميزان 6: 149)، ولعل الاسم تحرَّف عند ابن العديم -على تثبُّته ووثاقته- من نرجس إلى حسين. وزاد ابن حجر في ترجمته بأن نرجس هذا اسم مختلقٌ؛ اختلقه لاحق بن الحسين الأندلسي المعروف -عنده- بالكذب، وأورد خبره مع حماد بن زيد وابن المبارك من طريق الكتاني عن الفضل بن سهل عن لاحق.

(2)

تاريخ ابن عساكر 32: 437 - 438، في ترجمة عبد اللَّه بن المبارك، وسماه: نرجس بن عبد اللَّه الخادم مولى الحسن بن عرفة، ولم يُفرده بالترجمة.

ص: 19

زُرْبَة، وكان مُرَابِطًا بها نَحوًا من نَيف وعشرين سَنَةً، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَرَفَة، قال: قَدِمَ عَبْدُ اللَّه بن المُبارَك البَصْرَة، فدَخَلْتُ عليه، فسَألتُه أنْ يُحَدِّثَني فأبَي، وقال: أنت صَبِيٌّ!.

قال الحَسَنُ بن عَرَفَةَ: فأتَيْتُ حَمَّاد بن زَيْد فقُلتُ: يا أبا إسْمَاعِيْل، دَخَلْتُ على ابن المُبارَك فأبَى أنْ يُحَدِّثَني! فقال: يا جَارِيَة، هَاتِ خُفِّي وطَيْلَسَاني، وخَرَج معي يَتَوَكَّأ (a) على يَدي حتَّى دَخَلْنا على ابن المُبارَك، فجَلَسَ معهُ على السَّريْر، فتَحَدَّثا ساعةً، ثمّ قال له حَمَّاد: يا أبا عبد الرَّحْمن، ألَا تُحَدِّث هذا الغُلَام؟ فقال ابنُ المُبارَك: يا أبا إسْمَاعِيْل، هو صَبيٌّ لا يَفْقَه ما يَحْملُه، قال حَمَّاد: حَدِّثْهُ يا أبا عبد الرَّحْمن، فلعَلَّهُ واللَّه أنْ يكُون آخر مَنْ يُحَدِّث عنكَ في الدُّنْيا (b)، قال الحَسَنُ بن عَرَفَة: رَحِمَ اللَّهُ حَمَّادًا ما كان أحْسَنَ فَرَاسَتَهُ، أنا آخر مَنْ حَدَّثَ عن ابن المُبارَكِ. وذَكَرَ تَمَام الحِكايَة

(1)

.

‌الحُسَينُ بن عَبْد اللَّهِ الصَّيْرَفِيُّ

سَمعَ بحَلَب مُحَمَّد بن حَمَّاد الدُّورِيّ، رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحاكِم الحافِظُ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه الدِّمَشقيُّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الفُتُوح أَسْعَدُ بن أبي الفَضائِل بن خَلَف العِجْليّ، قِراءةً عليه وأنا أسْمَعُ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل، قرَاءَةً عليه وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه الحافِظُ

(2)

، قال:

(a) ابن عساكر: متوكئًا.

(b) الأصل: الدعاء، والتصويب من ابن عساكر وابن حجر العسقلاني.

_________

(1)

تمام الحكاية في تاريخ ابن عساكر 32: 438 - 439.

(2)

معرفة علوم الحديث للحاكم 227 - 228، وانظر أيضًا تاريخ ابن عساكر 20:59.

ص: 20

حدَّثني الحُسَين بن عَبْد اللَّه الصَّيْرَفِيّ، قال: حَدَّثني مُحَمَّد بنُ حَمَّادٍ (a) الدُّوْرِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن القَاسِمِ بن نَصْرِ بن دُوسْت، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ ابن الشَّاعر، قال: اجْتَمع أحْمَدُ بن حَنْبَل، ويَحْيَى بن مَعِيْن، وعليّ بن المَدِيْنِّي في جَمَاعة منهم؛ اجْتَمعُوا فتَذَاكَرُوا أجْوَدَ الأسَانِيْدِ الجِيَاد، فقال رجُل منهم: أجْوَدُ الأسَانِيْد: شُعْبَةُ، عن قَتَادَة، عن سَعيد بن المُسَيَّب، عن عَامرٍ أخي أُمّ سَلَمَة عن أُمّ سَلَمَةَ.

وقال عليّ بنُ المَدِيْنِّي: أجْوَد الأسَانِيْد: ابن عَوْن، عن مُحَمَّد، عن عَبِيْدَة (b)، عن عليّ.

وقال أبو عَبْد اللَّه: الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن أبيهِ.

وقال يَحْيَى: الأَعْمَشُ، عن إبْراهيم، عن عَلْقَمَة، عن عَبْدِ اللَّه.

فقال له إنْسَان: الأَعْمَشُ مثْل الزُّهْرِيِّ! فقال: بَرئْتُ من الأَعْمَش أنْ يكُون مثْل الزُّهْرِيّ، الزُّهْرِيّ يَرَى القَرْض والإجَارة (c)، وكان يَعْمَلُ لبني أُمَيَّة، وذَكَرَ الأَعْمَشَ فمَدَحَهُ، فقال: فَقِيْرٌ، صَبُورٌ، مجُانِبٌ للسُّلْطَان، وذَكَرَ عِلْمَهُ بالقُرآنِ ووَرَعَهُ.

‌الحُسَينُ بن عَبْدِ اللَّهِ الأنْطَاكِيُّ

(1)

حدَّث [. . .](d)، رَوَى عنهُ أبو عَمْرو مُحَمَّد بنُ عليّ بن الحَسَن بن الخَلِيل القَطَّان.

(a) كذا في الأصل، ومثله في تاريخ ابن عساكر، وبعض أصول كتاب الحاكم، وفي مطبوعة كتاب الحاكم: العباس.

(b) كذا مجوَّدًا بفتح أوَّله، ومثله في كتاب الحاكم.

(c) في كتاب الحاكم: العرض والإجازة، وفي تاريخ ابن عساكر: الفرض والإجازة.

(d) بياض في الأصل قدر ست كلمات، ولم نقف على ذكر لمن أخذ عنهم.

_________

(1)

لم نقف على ترجمته، ووجد ابن العديم اسمه مذكورًا عند ابن عساكر (تاريخه 54: 260) في شيوخ أبي عمرو القطان، فاقتبسه وأفرده بهذه الترجمة المقتضبة.

ص: 21

‌الحُسَينُ بن عَبْدِ اللَّهِ الأرْتاحِيُّ

(1)

من قَرْيَةٍ بين أنْطَاكِيَة وحَلَب يُقال لها: أرْتاح، بالقُرْبِ من ثَغْر حَارِم، وهي قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ، وكان بها حِصْنٌ مانِعٌ.

رَوَى عن عَبْد اللَّه بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ. رَوَى عنهُ عَمّ أبي أبي نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللَّه الحافِظ يَعْقُوب.

قَرأتُ في أمَالِي أبي نُعَيْم الأصْبَهَانِيّ: حَدَّثَنَا أبي رحمه الله، قال: قَرَأتُ في كتاب يَعْقُوبَ أخي جَدِّي حدِيثًا، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن عَبْد اللَّهِ الأرْتاحِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن خُبَيْق، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن أسْبَاط، قال: جاء رَجُل إلى أُسْتَاذنا سُفْيان الثَّوْرِيّ، فقال: إنِّي أُرِيْدُ أنْ آتيَ الشَّام فأُقيْم في بعض حُصُونها فأعْبُد رَبِّي فيه؟ فقال له سُفْيان: أُوْصيكَ بوَصِيَّةٍ، إذا أتَيْتَ الشَّام واتَّخَذْت فيها مائة صَدِيْق فاتْرك تسْعةً وتِسْعِن وكُن في الواحدِ شَاكًّا.

‌الحُسَين بن عَبْد اللَّهِ البَغْرَاسيُّ

(2)

من أهْلِ بَغْرَاس؛ حِصْن مَذْكُور بالقُرْبِ من أنْطَاكِيَة، وقد ذَكَرْناهُ في دِيْبَاجة كتابنا هذا

(3)

.

رَوَى عن أبي بَحْر عَبْد العَزِيْز بن قُرَّة (a) الثَّغْرِيّ التِّمِيْمِيّ، رَوَى عنهُ القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الغَفَّار بن ذَكْوَان البَعْلَبَكِّيّ.

(a) تاريخ ابن عساكر 32: 251: مرة.

_________

(1)

ذكره ياقوت الحموي ضمن المنسوبين إلى قرية أرتاح في معجم البلدان 1: 140.

(2)

اقتبس ابن العديم ترجمته من سند حديث أورده ابن عساكر في تاريخه (32: 251)، في ثنايا ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان البعلبكي.

(3)

انظر الجزء الأول من الكتاب.

ص: 22

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ عبد الرَّحْمن ممَّن اسْمه الحُسَين

‌الحُسَينُ بن عبد الرَّحْمن بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَين الكَرَابِيْسيِّ ابن عليّ، أبو عَبْد اللَّه ابن العَجَمِيّ الحَلَبِيُّ

(1)

كان أبوه عبد الرَّحْمن بن طَاهِر من أهْلِ نَيْسَابُور فانْتَقَل إلى حَلَب، وأقَام بها وعُرِفَ بالعَجَمِيّ، ووُلد له بها أوْلَاد ثلاثةٌ طَاهِر، والحُسَين هذا، والحَسَن، فأمَّا الحُسَينُ وطَاهِر فلا عَقِبَ لهما، والعَقِبُ من وَلده الحَسَن، وكان أبو عَبْد اللَّه الحُسَينُ من ذوي الزُّهْد والدِّين والوَرَع، وكان يَمِيْل إلى عَقِيْدَة الحَنَابِلَة، وتَرك التَّأويْل في أحَادِيْث الصِّفَات، وحَمْلها على ظَاهِرها، ويَطْعَن على أبي الحَسَن الأشْعَرِيّ.

رَحَلَ إلى مِصْر، ولَقِيَ بها وبغيرها جَمَاعَةً من العُلَمَاء، وحَدَّثَ بحَلَب عن الحافِظ الشَّهِيْد أبي القَاسِم مَكِّيّ بن عَبْد السَّلام بن الحُسَين الرُّمَيْلِيّ المَقْدِسِيّ، وأبي أحْمَد حَامِد بن يُوسُف التَّفْلِيْسِيّ البَرْزَنْدِيّ.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن أحْمَد الدَّنْدَانَقَانِيّ، وعليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن منْقِذ الكِنَانِيّ، وأبو نَصْر بن ظَفَر بن أبي مُحَمَّد القُبَاتِيّ المُحْتَسِب الحَلَبِيُّ.

وله أشْعَار في الزُّهْد والحِكْمَة فيها ليْنٌ، ووَقَفْتُ لهُ على مَجْمُوع بخَطِّه يَتَضَمَّن فَوَائِد ووفَاءات وتَوَارِيْخ.

أخْبَرَنا تَاج الدِّين أبو الحَسَن مُحَمَّد بنُ أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبي أبو جَعْفَر أحْمَد بن عليّ بن أبي بَكْر بن إسْمَاعِيْل القُرْطُبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عبدُ الصَّمَد بن ظَفَر بن أبي مُحَمَّد الحَلَبِيّ بها سَنَة تِسْعٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة،

(1)

توفي سنة 534 هـ.

ص: 23

قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الإِمَام الأجَلّ أبو عَبْد اللَّه الحُسَينُ بن عبد الرَّحْمن بن طَاهِر النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الحافِظُ أبو القَاسِم مَكِّيّ بن عبد السَّلام بن الحُسين المقدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا إِبْراهيم بن عُمَر البَرْمَكِيّ البَغْدَاديّ، قال: أخْبرنا أبو عَبْدِ اللَّه عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَمْدَان العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين الآجُرِّيّ [. . .](a).

نَقَلْتُ من خَطِّ عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ، قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو عَبْد اللَّه الحُسَينُ بن طَاهِر بن العَجمِيّ الزَّاهِد الفَقِيه العَالَم بحَلَب، قال: قَرَأتُ على مَقْبَرَة بجَبَل الطُّور في أرْض بَيْت المَقْدِس بَيْتًا وهو في شَهْر رَبيع الأوَّل، وهو [من الطويل]

أرَى كُلَّ إنْسَانٍ يُعَلِّلُ نَفْسَهُ

إذا ما مَضَى عَامٌ سَلامَةَ قَابِلِ

قُلتُ: فمتى كان ذلك؟ قال: سَنَة اثْنَتَين وتِسْعِين، وهي السَّنَة الّتِي أخَذَ فيها الإفْرَنْجُ، لَعَنَهُم اللَّهُ، بَيْت المَقْدِس، يَوْم الجُمُعَة سَادس وعِشْرين شْهر رمَضَان من شَمَاليّها وشَرْقيّا من بُرْج يقال له بُرْج الطُّوْسيّ، فأجَازها.

كما أنْشَدَني: [من الطويل]

تُسَوِّفُني نفسِي سَتَعْمَلُ صَالِحًا

وأعْلَمُ أنَّ السَّوْفَ لا شَكَّ قَاتِلي

فَلِلَّهِ قَوْمٌ فَكَّرُوا فتَيقَّظُوا

ومَالُوا على اللَّذَّاتِ مَيْلَةَ قَافِل

رِجَالٌ إذا هَمُّوا أثَارُوا وقبَّلُوا

مُتُونَ مَطَايَاهُم صُدُورَ المَنَازِلِ

تَزَوَّدْ من الدُّنْيا فإنَّكَ رَاحِلٌ

ولا تَغْتَرِرْ منها بعَذْبِ المَنَاهِلِ

فكُلُّ نُعيْمٍ لا مَحَالَةَ زَائِلٌ

وكُلُّ نُعَيْمٍ زَالَ ليْسَ بطَائِلِ

(a) موضع النقط بياض في الأصل قدر أربعة أسطر، أبقاه لاستكمال الرواية فلم يتهيَّأ له إدراجها.

ص: 24

شَاهَدْتُ في جُزءٍ بخَطِّ أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أحمد بن أبي جَرَادَة أثْبَت [فيه](a) ذِكْر جَمَاعَة من شُيُوخ حَلَب وحَالهم، قال: الشَّيْخان الفَقِيهَان أبو مُحَمَّد طَاهِر وأبو عَبْد اللَّه الحُسَين، فذَكَر مَوْلد طَاهر ووَفَاته، ثُمَّ قال: ومَوْلد أخيهِ الحُسَين في سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، وتُوفِّيَ يَوْم عَرفَة سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، رَوَيا عن الفَقِيه أبي حَامِد التَّفْلِيْسِيّ وغيره، ولهما رِحْلةٌ إلى مِصْر، ولَقِيَا جَمَاعَةً من العُلَمَاء بها وبغَيْرها.

هكذا وقَعَ بخَطِّ أبي المَكَارِم: عن الفَقِيه أبي حَامِد التَّفْلِيْسِيّ! وهو وَهْمٌ، وإنَّما هو أبو أحْمَد حَامِد بن يُوسُف، وذَكَرَهُ في عدَّة مَواضِع في هذا الجُزء على الوَهْم، وكأنَّهُ علَّق الجُزء من خَاطِره لبعض المُحَدِّثِيْن بدِمشْق، فوَهم في كُنْيَة التَّفْلِيْسِيّ، ولم يَعْرف اسْمه، واشْتَبه عليه اسم أبيْهِ بكُنْيَتهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.

بَلَغَني أنَّ خُتْلغُ آبَه أميرَ حَلَب اعْتَقَل الشَّيْخ أبا عَبْد اللَّه ابن العَجَمِيّ وابن أخيهِ أبا طَالِب عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بقَلْعَة حَلَب، بِسعَايَة بعض الشِّيْعَة بحَلَب، ونقلُوا إليه عنهما أنَّ المجَنّ الفُوْعِيّ أوْدعَ عندهمُا وَدِيْعَة، وكان خُتْلغُ [آبَه] قد تَتَّبع جَمَاعَةً من الحَلَبِيِّيْن وصادِرْهَم ظُلمًا وعُدْوَانًا، وكان الشَّيْخ أبو عَبْد اللَّه لا يَأكُل طَعَامًا إلَّا بمِلْح يُقَدِّمُهُ على طَعَامهِ، عَمَلًا بالسُّنَّة، قالوا: فثُقِبَت كِعَاب الشَّيْخ أبي طَالِب ابن أخيه، وأحْضَر في ذلك اليَوْم لهما طَعَام، فقال الشَّيْخ أبو عَبْد اللَّه لغُلَامه: ما أتَيْتَني بمِلْحٍ؟ فقال: لا، فامْتَنع عن الأكْل إلى أنْ يأتيه بالملْح، فقال له ابنُ أخيه أبو طَالِب: ما يَشْغَلكَ ما نحنُ فيه عن طَلَب المِلْح في هذا الوَقْت؟! فقال له أبو عَبْد اللَّه: ما بَقيْتُ أقْعُدُ عندَكَ، ولَبِسَ ثَوْبهُ وردَاءَهُ وجلَسَ! قالوا: فضَحِكَ أبو طَالِب وقال: إنْ تَرَكُوكَ!

(a) إضافة ليتسق الكلام.

ص: 25

فلَم يَسْتَتم كَلَامَهُ حتَّى جاء رَسُول خُطْلُبَا

(1)

، وأخْرَج أبا عَبْد اللَّه من الاعْتِقَالِ وتَرَك أبا طَالِبٍ على حالِهِ.

وسَمِعْتُ عمِّي أبا غَانِم مُحمّد بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة يقُول: حدَّثني الخَطيْبُ أبو طَاهر هَاشِم بن أحْمد بن عَبْد الوَاحِد بن هَاشِم، قال: كان صَاحب حَلَب قد اعْتَقَلَ أبا طَالِب عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بن العَجَمِيّ وعَمَّهُ الشَّيْخ أبا عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بقَلْعَة حَلَب، فرَأى أبو عَبْد اللَّه ابن أخيهِ أبا طَالِب قَليْل الصَّبْر، كَثِيْر التَّمَلْمُل، ضَيِّق الصَّدْر، فقال له: يا أبا طَالِب، تَصْبر أو أُخَلِّيكَ وأنْزِل؟ فقال له: إنْ تَرَكُوكَ فانْزل! فما مَضَى إلَّا هُنَيْئَةٌ وإذا بَرسُول صَاحِب حَلَب قد جَاءَ وأخْرَج الشَّيْخ أبا عَبْد اللَّه من الاعْتِقَالِ، وتَرَك أبا طَالِب مَكَانَهُ.

سَألتُ أبا بَكْر أحْمَد بن عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحْمن العَجَمِيّ الحَلَبِيّ عن وَفَاةِ عَمّ جَدِّهِ أبي عَبْد اللَّه بن العَجَمِيّ، فقال: تُوفِّي سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَةٍ بحَلَب.

ثُمَّ وَقَعَ إليَّ بالقَاهِرَة تاريْخٌ لمُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(2)

بخَطِّه، فَنَقَلْتُ منهُ في حَوَادِث سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة -وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ وغيرُه عنه- قال: ماتَ الشَّيْخُ الإمَامُ أبو عَبْد اللَّهِ بن العَجَمِيّ، رحمه الله، الدَّيِّنُ، الزَّاهِدُ، ورَثَيْتُهُ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرشِد بن عليّ بن مُنْقِذ في تَارِيْخهِ، في حَوَادِث سَنَة أرْبعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، قال: وفي ثالث ذِي الحَجَّة تُوفِّي الشَّيْخُ

(1)

هو خُتْلُغ آبه المذكور، ويقال فيه أيضًا قطلغ، وخُطْلُبَا تعربيه. انظر ترجمته التالية في موضعها من الجزء السابع.

(2)

لم يرد في كتابه المنشور باسم تاريخ حلب، والنقل عن كتابه الضائع الموسوم بـ: المُؤصّل على الأصل الموصَّل.

ص: 26

أبو عَبْد اللَّه الزَّاهِدُ بن العَجَمِيّ، رحمه الله. حَدَّثَني مَنْ حَضَرَهُ، قال: جئْتُ أفْتَقدُه وهو في آخر قُوَّتِهِ، فقُلْتُ: كيفَ تَجِدُكَ؟ وأَوْمَأ إليَّ إيْمَاءً، فما شَكَكْتُ أنَّهُ تلكَ السَّاعَة يَمُوتُ، فقال: امْضُوا فعَليَّ مُهْلَةٌ إلى بَعْد غَدٍ، وكان قد عَطَسَ ثلاثَ عَطْسَاتٍ كُلّ عَطْسةٍ ليَوْم، فكان الأمْرُ كما ذَكَرَ، رحمه الله.

‌الحُسَين بن عَبْد الرَّحْمن بن مَرْوَان، أبو عَبْد اللَّه الأسْدِيُّ -وقيل فيه: الأزْدِيّ- القَاضِي الصَّابُونِيِّ الأنْطَاكِيِّ

(1)

وهو وَالدُ أبي عَبْد اللَّه الحُسَين بن الحُسَين قاضي الثُّغُور الّذي قَدَّمنا ذِكْرهُ

(2)

، ووَالدُ عُبَيْد اللَّه بن الحُسَين قاضي أنْطَاكِيَة، ووَلي هذا القَضَاءَ أيْضًا، وحَدَّثَ بحَلَب عن أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ، ورَوَى عن عَبْد اللَّه بن الحُسَين العُقَيْلِيّ، روَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيّ، ومُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْر المَنْبِجِيّ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وابنُهُ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحمن القَاضِي، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَد بنُ عَبْد القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليُّ بن عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَةَ الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَني أبو الفَتْح عَبْدُ اللَّه بن إسْمَاعِيْل بن الجِلّيِّ الحَلَبِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد اللَّه بن أبي نُمَيْر القُطْبِيِّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيّ الحَلَبِيّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَينُ بن

(1)

كان حيًا سنة 265 هـ، وترجمته في: مروج الذهب للمسعودي 5: 131.

(2)

في الجزء الضائع قبل هذا، وفاته سنة 319 هـ، وترجمته في المنتظم لابن الجوزي 13: 301 - 303، وانظر فيه مصادر ترجمته.

ص: 27

عَبْد الرَّحمن الصَّابُونِيِّ القَاضِي الأنْطَاكِيِّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمِ بن الجَرَّاح، عن أبي يوسف، عن أبي حَنِيْفَة، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، عن عَطِيَّة القُرَظِيّ، قال

(1)

: عُرِضتُ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْم قُرَيْظَةَ، فقال: انْظُرُوا فإنْ كان أنْبَتَ فاضْربُوا عُنُقَهُ، فوجَدُوني لَم أُنْبت، فخلَّى سَبِيلي.

قَرَأتُ في دِيوان شِعْر العبَّاس بن الوَلِيد الخيَاط أبي الفَضْل المِصِّيْصيّ، من نُسْخَةٍ رَثّةٍ سَيَّرها إليَّ القَاضِي أبو مُحَمَّد بن الخَشَّاب، قال فيه: وله في القَاضِي الصَّابُونيِّ الأعْوَر يَمْدَحُهُ: [من المنسرح]

قَاضٍ على الثَّغْر مِن بَني أَسَدٍ

قد مَاتَ حُسَّادُهُ مِنَ الحَسَدِ

لا يُشْمِتُ البُخْلَ بالسَّمَاحِ ولا

تَرَاهُ والمُنْكَراتِ في بَلَدِ

تَرَى يَدَ الجَوْرِ من قضيَّتِه

بالعَدْلِ مَقْطُوعةً من العَضُدِ

هكذا قال في الشِّعْر من بَني أَسَد، بفَتْح السِّيْن! ولعَلَّهُ راهُ مَكْتُوبًا في نِسْبَته الأسْدِيّ فظَنَّهُ أسَدِيًّا بتَحْريك السِّيْن، والصَّحيحُ أنَّهُ أزْدِيّ، ويُقال فيه: الأسْدِيّ والأزْدِيّ بسُكُون السِّيْن وبالزَّاي جَمِيعًا، واللَّهُ أعْلَمُ.

والأَزْد بن عِمْران بن عَمْرو مُزَيْقياء بن عَامِر مَاء السَّماء ابن حَارِثَة بن الغِطْرِيْف في امْرئ القَيْس البِطْرِيْق ابن ثَعْلَبَة بن مَازِن بن الأَزْد بن الغَوْث بن نَبْت في مَالِك من الأَزْد أيْضًا. وأكْثَر ما ينسَبُ وَلد الأَزْد بن عِمْران بالسِّيْن السَّاكنة، وهم رَهْط المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة، وفِي الأَزْد أيْضًا بَطْن أَسَدِيُّونَ يُقال لهم: بَنو أَسَد، بتَحْريك السِّيْن، وهو: أسَد بنُ شُريك -بضَمِّ الشِّيْن- ابن مَالِك بن عَمْرو بن مَالِك بن فَهْم، ولهم خِطَّةٌ بالبَصْرَة، يُقال لها: خِطَّةُ بَني أَسَدٍ، وليس

(1)

سنن ابن ماجة 2: 849 (رقم 3541)، المعجم الكبير للطبراني 17: 163 - 164 (رقم 430)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 11: 105 (رقم 4783)، جامع المسانيد للخوارزمي 2:387.

ص: 28

بالبَصْرَة خِطَّة لبَني أسَد بن خُريْمَة. وفي الأَزْد: أسَدُ بن الحارِث بن العَتِيْك بن الأَزْد بن عِمْران، فيُحْتَمل أنْ يكُون القَاضِي الصَّابُونيِّ منهم، فيُقال فيه: الأزْديّ والأسْدِيّ والأسَدِيّ، واللهُ أعْلَمُ.

وقد رَوَى أبو حَفْص العَتَكيِّ عن ابْنهِ عُبَيْد الله بن الحُسَين، فقال: أخْبَرَنا عُبيد الله بن الحُسَين القَاضِي الأزْدِيّ، وهو أخُو الحُسَين بن الحُسَين. وسَيَأتي ذلكَ في تَرْجَمَةِ عُبَيْد الله بن الحُسَين

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌الحُسَنُ بن عَبْد الرَّحمن، أبو عليّ

(2)

قاضي حَلَب، رَوَى عنهُ النَّسَائيّ، وقال: ثِقَة. ويُحْتَمل أنْ يكُون القَاضِي الصَّابُونيِّ، وكنَّاه أبا عليٍّ، واللهُ أعْلَمُ.

‌الحُسَينُ بن عبد الرَّحمن الحلَبيُّ

رَوَى عن أبيهِ، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن أحْمَد الكُوْفيّ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَتهِ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

؛ عَمِّي، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي الحُسَين بن حَمْزَة بن الحُسين الشَّعِيْريّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن

(a) في الأصل: العسكري، والمثبت من تاريخ ابن عساكر في سند هذه الرواية (7: 178) وفي ترجمة أبي المعالي الشعيري (14: 58)، ومثله في نشوار المحاضرة للتنوخي 7: 136، وفيه:"ابن الشعيري"، ولم نجد مَن نسبه "العسكري"، فلعله تصحف عنده.

_________

(1)

ترجمة عبيد الله بن الحسين الصابوني في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي 6: 390، تهذيب التهذيب 3: 343، تقريب التهذيب 1:177.

(3)

تاريخ ابن عساكر 7: 178 - 182 في ترجمة إبراهيم بن المهدي الهاشمي.

ص: 29

ثَابِتٍ الخَطِيبُ

(1)

، قال: حَدَّثّني مُحَمَّدُ بن عليّ بن عَبْد الله الصوْرِيِّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحمن بن عُمَر التُّجِيْبيِّ بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو هُريرَة أحْمَدُ بن عَبْد الله بن الحَسَن (a) بن أبي العِصَام العَدَوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس عيسَى بن عبد الرَّحيم، قال: حَدَّثَني عليّ بن مُحَمَّد - هو ابنُ حَيُّوْن (b) - قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بنُ أحْمَد الكُوْفيِّ، قال: حَدَّثَني الحُسَينُ بن عبد الرّحْمن الحَلَبيِّ، عن أيهِ، قال: أمَرَ المَأْمُون أنْ يُحْمَل إليهِ عشرة من الزَّنَادقَة سُمُّوا له من أهْلِ البَصْرِة، فجُمِعُوا، فأبْصَرهُم طُفَيْليُّ فقال: ما اجْتَمع هؤلاء إِلَّا لصَنيعٍ! فانْسَلَّ فدَخَل وسطهم، ومَضَى بهم المُوَكَّلونَ حتَّى انْتَهَوا بهم إلى زَوْرقٍ أُعِدَّ لهم، فدَخَلوا الزَّوْرَقَ، فقال الطُّفَيْليُّ: هي نُزْهَةٌ! فدَخَل معهم الزَّوْرقَ، فلم يكُ بأسْرَع بأنْ قُيِّد القَوْم وقُيِّدَ معهم الطُّفَيْليِّ، فقال الطُّفَيْليُّ: بلَغَ تَطْفِيْلي (c) إلى القُيُود!.

ثمّ سُيِّر بهِم إلى بَغْدَاد، فدَخَلُوا على المَأْمُون، فجَعَل يدعُو بأسْمَائهم رَجُلًا رَجُلًا، فيأمُر بضرْب رِقَابهم، حتَّى وصَل إلى الطُّفَيْليِّ، وفد اسْتَوفَوا (d) عدَّةَ القَوْم، فقال للمُوَكَّليْن بهم: ما هذا؟ فقالوا: والله ما نَدْري! غير أنَّا وجَدْناهُ مع القَوْم فجئْنَا بهِ، فقال المَأْمُونُ: ما قِصَّتُكَ ويْلكَ؟ فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، امرأتُه طَالِقٌ إنْ كان يَعْرفُ من أقْوالهم شَيْئًا، ولا يَعْرفُ إلا اللهَ ومُحَمَّد النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنَّما أنا رَجُلٌ رَأيْتُهم مُجْتمعين، فظَننتُ - صَنِيعًا يَغْدُونَ إليهِ، فضَحِكَ المَأْمُون وقال: يُؤدَّب.

(a) في الأصل: ابن أبي الحسن، والمثبت من ابن عساكر في هذه الرواية وحيثما يرد عنده.

(b) في الأصل بالباء الموحدة، والمثبت من تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، ومثله في تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 358، وفيه:"علي بن عبد الله بن محمد بن حيّون الأنصنائي"، وابن ماكولا: الإكمال 3: 46.

(c) السعودي: أمر تطفيلي.

(d) المسعودي: استوعبوا.

_________

(1)

لم يورده في تاريخه. وانظر قصة الطفيلي مع المأمون، وما أخبر به إبراهيم بن المهدي من تطفله في: مروج الذهب 4: 304 - 308، وفي رواية المسعودي بعض زيادات.

ص: 30

وكان إبْراهيم بن المَهْدِيّ قائمًا على رَأس المَأْمُون، فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قُلتَ لي: أَدِّبْهُ (a)، أحَدِّثُكَ بحَدِيثٍ عَجَيْبٍ عن نَفْسِي؟ فقال: قُلْ يا إبْراهيم، قال: يا أَمِير المؤمنِيْن، خَرَجْتُ من عندِكَ يَوْمًا في سِككِ بَغْدَاد مُتَطَرِّبًا (b) حتَّى انْتَهَيْتُ إلى مَوضع سَمَّاهُ، فشَمَمْتُ - يا أَمِير المؤمنِنن - من جَنَاح (c) أبَازيْر قُدُور قد فاحَ طِيْبها، فتاقَتْ نفسِي إليها وإلى طيْب رِيْحها، فوَقفْتُ على خَيَّاطٍ وقلتُ له: لِمَن هذه الدَّارُ؟ فقال: لرَجلٍ من التُّجَّار من البزَّازين، قلتُ: ما اسْمُه؟ قال: فُلَان ابن فُلَان، فرَمَيْتُ بطَرْفي إلى الجَنَاح، فإذا في بَعْضِهِ شُبَّاكٌ، فأنْظُر (d) إلى كَفّ قد خَرَجَ من الشُّبَّاكِ قابضًا على بَعْضه ومِعْصَم (e)، فشَغَلني - يا أَمِير المؤمنِيْن - حُسْن الكَف والمِعْصَم عن رَائحة القُدُور، فبقيْتُ باهتًا (f) سَاعةً، ثُمّ أدْرَكَني ذِهْني، فقُلْتُ للخَيَّاط: هو ممَّن يشربُ النَّبِيْذَ؟ قال: نَعم، وأحْسَبُ عنده اليَوْم دَعْوَة، وليس يُنَادم إلا تُجَّارًا مثْله مَسْتُورين.

فإنِّي لكذلك، إذ أقبل رَجُلان نَبِيْلان رَاكِبَان من رَأس الدَّرْب، فقال الخيَّاط: هؤلاء مُنَادمُوه، فقُلْتُ: ما أسْماؤُهما، وما كُنَاهمُا؟ فقال: فُلَان وفُلَان، وأخْبَرَني بكُناهمُا، فحَرَّكْتُ دَابَّتي وداخَلْتهما، وقُلْتُ: جُعلتُ فِدَاكُما، قد اسْتَبْطأكُما أبو فُلَان أعَزَّهُ اللهُ، وسَايرتُهما حتَّى أتينا إلى الباب، فأجَلَّاني وقَدَّمَاني، فدَخَلْتُ ودَخَلا، فلمَّا رآني معهما صَاحِب المَنْزل لَم يَشُكَّ أنِّي منهما بسَبِيْل، أو قَادِمٌ قَدِمْتُ عليهما من مَوضِع، فرحَّبَ وأجْلسَني في أفْضَل المَواضع (g)، فجِيءَ - يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن - بمَائِدَة (h)، وعليها خُبْزٌ نَظِيْف، وأُتِيْنَا بتلكَ الألْوَان، فكان طَعْمُها أطْيَبَ من رِيْحها، فقُلْتُ في نفسِي: هذه الألْوَان قد أكَلْتُها، بقيَت الكَفُّ أَصِلُ إلى صَاحِبتها!.

(a) ابن عساكر هب لي أدبه، وعند المسعودي: هب لي ذنبه.

(b) المسعودي: متطرقًا.

(c) المسعودي: جناح دار عالية.

(d) المسعودي: فنظرت.

(e) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.

(f) ابن عساكر: ها هنا.

(g) الأصل: الموضع، والمثبت من ابن عساكر، وعند المسعودي: في أجل موضع.

(h) المسعودي وابن عساكر: بالمائدة.

ص: 31

ثُمّ رُفِعَ الطَّعَام، وجيءَ بالوَضُوءِ، ثُمَّ صِرْنا إلى مَنْزِل المُنَادَمَة، فإذا أشْكَل مَنْزِلٍ - يا أَمِير الؤمنين - وجَعَل صَاحِبُ المَنْزل يُلْطِفُني (a) ويُقْبل عليَّ بالحدِيْث، وجَعَلوا لا يشُكُّون أَنَّ ذلك منه لي عن مَعْرفَةٍ مُتَقدِّمةٍ، وإِنَّما ذلك الفِعْلُ كان منه لِمَا ظَنَّ أنِّي منهما بسَبِيْل، حتَّى إذا شرِبْنا أقْدَاحًا، خَرَجت علينا جَارِبَة - يا أَمِير المُؤْمنيْن - كأنَّها غُصْن بانٍ يَتَثَنَّى، فأقْبَلَت تَمْشي، فسَلَّمَتْ غير خَجِلَة، وثُنِيَت (b) لها وسَادةٌ فَجلسَت، وأُتِي بعُودٍ فوُضع في حَجِرها، فجَسَّته فاسْتَبنْتُ (c) في جَسِّها (d) حذْقَها، ثُمّ انْدَفَعَت تُغَنِّي

(1)

: [من الطويل]

تَوهّمَها طَرْفي فأصْبحَ (e) جَدُّهَا

وفيه مكانَ الوَهْم من نَظَري أثَرُ

فصَافحَها قَلْبي فآلَم كَفّها (f)

فمن مَسَّ قَلْبي في أنَامِلِها (g) عَقْرُ

فهَيَّجَتْ - يا أَمِير المُؤْمنِيْن - بَلَابلي، فطَرِبْتُ لحُسْن شِعْرها وحِذْقها. ثُمّ انْدَفَعَت تُغَنِّي:[من الطويل]

أشَرتُ إليها هل عَرَفتِ (h) مَوَدَّتي

فردَّت بطَرْف العَيْن إنِّي على العَهْدِ

فحَدتُّ عن الإظْهار عَمدًا لسرِّها

وحَادَتْ عن الإظْهار أيْضًا على عَمْدِ

فصحْتُ: السِّلامَة! (i) - يا أَمِيرَ المؤمنِيْن - وجَاءَني من الطَّرَب ما لَم أمْلك نَفْسِي، ثَمّ انْدَفَعت تُغَنِّي الصَّوْت الثَّالِثَ:[من الطويل]

أليسَ عَجَيْبًا أنَّ بيتًا يَضُمُّني

وإيَّاكَ لا نَخْلو ولا نتَكَلَّمُ

سِوَى أعْيُن تَشْكُو الهَوَى بجُفُونها

وتقطِيع أنْفَاسٍ (j) على النَّاي تضرم

(a) المسعودي: يلطف بي.

(b) السمعودي: وهُيئت.

(c) ابن عساكر فاستنبأتُ.

(d) في الأصل: فحسَّته .. في حسّها، والمثبت من المسعودي وابن عساكر.

(e) المسعودي: فآلم.

(f) الديوان: كفه.

(g) الديوان: فمن غمز .. أنامله.

(h) المسعودي: علمت.

(i) في الأصل: السلاح، والأظهر ما أثبت عن مروج الذهب وتاريخ ابن عساكر.

(j) المسعودي: وترجيع أحشاء.

_________

(1)

البيتان لأبي نواس، انظر: ديوانه 250، وزيد عنده وعند المسعودي بيت ثالث.

ص: 32

إشَارة أَفْوَاهٍ وغمْز حَوَاجِب

وتَكْسِير أجْفَانٍ وكفّ تُسَلمُ (a)

فحسَدتُها - يا أَمير المُؤْمنِيْن - على حِذْقها وإصابتها مَعْنَى الشِّعْر، أنَّها لَم تَخْرُج من الفَنّ الّذي ابتدأَتْ فيهِ، فقُلتُ: بقى عليك يا جَارِيَةُ [شيء](b)، فضَرَبَت بعُودها الأرْضَ، وقالت: مَتَى كُنْتُم تُحْضرونَ مَجلِسكُم (c) البُغَضَاء؟ فنَدمْتُ على ما كان منِّي، ورَأيتُ القَوْم كأنَّهُم قد تَغيَّرُوا لي (d)، فقُلتُ: ليسَ ثَمَّ عُوْدٌ؟ قالوا: بلَى واللهِ يا سَيِّدنا، فأُتِيْتُ بعُوْد، وأصْلَحْتُ من شَأني ما أرَدْتُ، ثمّ انْدَفَعْتُ أُغَنِّي:[من الكامل]

ما للمَنَازِل لا تُجِيْبُ حَزِيْنًا

أَصَمَمْنَ أم قَدُم (e) المَدَى فبَلِينا

رُوحوا (f) روحَةً مَذْكُالعَشِيَّة ورَةً

إنْ مُتْنَ مُتْنَ وإنْ حيينَ حَيِيْنا

فما اسْتَتممْتُ (g) - يا أميْر المُؤْمنِيْن - حتَّى خرجَتِ الجارِيَة فأكَبَّتْ على رِجْلَيَّ فقبَّلتهما وتقُول: مَعْذِرَة يا سَيِّدِي، والله ما سَمِعْتُ مَنْ يُغَنِّي هذا الصَّوْتَ مثلك أحدًا! وقامَ موْلاها وجميع مَنْ كان حَاضِرًا فصَنَعُوا كصُنْعها (h)، وطَرِبَ القَوْمُ، واسْتَحَثُّوا الشَّرَابَ فشَرِبُوا بالكَاسَات (i) والطَّاسَات، ثُمَّ انْدفَعْتُ أُغَنّي:[من الطويل]

أَفِي الله أنْ تُمسِينَ لا تذكُرينَني

وقد سَجَمَت (j) عَيْناي من ذكرك الدَّمَا

إلى الله أشْكُو بُخْلها وسَمَاحَتى

إذا عَسَلٌ منِّي وتبذُل عَلْقَمَا

فَرُدِّى مُصَاب القَلْب أنتِ قَتلتهِ

ولا تتْركيه ذَاهِب القَلْب مُضْرَما (k)

إلى الله أشْكُو أنَّها أجنَبيَّة

وأنِّي بها ما عشْت بالوُدّ مغرما

(a) المسعودي: وقلب يسلم.

(b) إضافة من المسعودي. ولم ترد في أصول كتاب المسعودي فألحقها المحقق.

(c) المسعودي وابن عساكر: مجالسكم.

(d) المسعودي: تغيروا إليَّ، ابن عساكر: تغيروا بي.

(e) المسعودي: بَعُد.

(f) المسعودي: راحوا.

(g) المسعودي وابن عساكر: استتممته.

(h) ابن عساكر: كصنيعها.

(i) الأصل: بالكاساب.

(j) في الأصل: سحمت، ابن عساكر: سمحت. والمثبت من مروج الذهب، وسجمت العين: سال دمعها. لسان العرب، مادة: سجم.

(k) المسعودي: ذاهل العقل مغرما.

ص: 33

فجاءَنا من طَرَب القَوْم - يا أمير المُؤْمنِين - شيء خَشِيْتُ أنْ يخرجُوا من عُقُولهم، فأمْسَكْتُ سَاعةً حتَّى هَدَأوا ممَّا كانُوا فيه من الطَّرَب، ثُمّ انْدَفَعُوا في الشُّرْب بالصُّرَاحِيَّات صَرْفًا على ذلك الطَّرَب، فانْدَفعْتُ أُغَنِّي بالصَّوْتِ الثَّالِثِ:[من البسيط]

هذا مُحبُّكَ مَطْويٌّ على كَمَدِه

حرَّى (a) مَدَامِعُهُ تَجْري على جَسَدِه

له يَدٌ تَسْأل الرَّحْمَنَ رَاحتَهُ

ممَّا بهِ ويدٌ أُخْرى على كَبِدهِ

يا مَنْ رَأى أَسِفًا (b) مُسْتهترًا أَسَفًا

كانت مَنِيَّته في عَيْنِه ويَدِه

فَجَعَلَت الجَارِيَة تَصِيْح: هذا واللهِ الغِنَاء يا سَيِّدِي!

وسَكر القَوْمُ، وخَرَجُوا من عُقُولهم، وكان صَاحب المنزل جَيّد الشُّرْب، حَسَن المعرفة، فأمَر غِلْمَانه مع غِلْمَانهِم بحِفظِهم وصرفهم إلى منازِلهم، وخلَوْتُ معهُ، فشَرِبْنَا أقْدَاحًا، ثُمّ قال لي: يا سيِّدِي، ذَهبَ ما كان من أيَّامي ضَائِعًا إذا كنتُ لا أعْرِفُكَ، فَمن أنْتَ يا مَوْلايَ؟ فلم يَزَل يَلَجُّ (c) عليَّ حتَّى أخْبَرتُهُ، فقامَ يُقَبِّل رَأسِي، وقال: يا سَيّدِي، وأنا أعَجْبُ يكون هذا الأدَب إلَّا من مثْلثَ، وإذا أنِّي مع الخِلَافَة وأنا لا أَشْعر! ثُمَّ سَألَني عن قِصَّتي؟ وكيفَ حَمَلتُ نَفْسِي على ما فعلْتُ؟ فأخْبَرتُه خَبَر الطَّعَام، وخَبَر الكَفّ والمِعْصَم. فقُلتُ: أمَّا الطَّعَام فقد نِلْتُ منه حَاجَتي، فقال: والكَفّ والمِعْصَمِ! ثُمَّ قال: يا فُلَانة - لجَارِيَةٍ له - قُوْلي لفُلَانة تنزل، فَجَعَلَ ينزل لي واحدةً واحدة، فأنْظُرُ إلى كَفِّها ومِعْصَمها، فأقُول: ليسَ هي، قال: والله ما بقي غير أُخْتي وأُمِّي، والله لأُنْزلهُما (d) إليكَ! فعَجِبْتُ من كَرَمهِ وسَعَة صَدْرهِ، فقُلتُ: جُعِلْتُ فدَاءَكَ، إبْدَأ بأُخْتِكَ قبل الأُمّ، فعَسَىَ أنْ تكون هي، فقال: صَدَقْتَ، فنَزَلتْ، فلمَّا رَأيتُ كَفّها ومِعْصَمها قُلتُ: هي ذِهْ.

(a) المسعودي: صبٌّ.

(b) المسعودي: كلفًا.

(c) المسعودي. يلحّ.

(d) المسعودي وابن عساكر: لأنزلنهما.

ص: 34

فأمَرَ غِلمانَهُ فصَارُوا إلى عَشْرة مَشَايخ من جِلَّةِ جِيْرَانهِ في ذلك الوَقْت، فأُحْضروا، ثمّ أَمرَ ببَدْرَتَيْن فيهما عشْرونَ ألف دِرْهَم، وقال للمشَايخ: هذه أخْتي فُلَانة، أُشْهدُكم أنِّي قد زَوَّجتُها من سَيِّدِي إبْراهيم ابن المَهْدِيّ، وأمْهَرْتُها عنه عَشرة (a) آلاف دِرْهَم، فرضيَتْ وقَبِلَتِ النِّكَاح ودَفع إليها البَدْرَة، وفرَّق البَدْرَة الأُخْرى على المَشَايخ، ثمّ قال لهم: اعْذرُرا فهذا ما حَضَر على الحال، فقبضُوها، ونَهَضُوا.

ثمّ قال لي: يا سَيِّدِي، أُمَهِّدُ لك بعضَ البُيُوت تَنام مع أهْلك، فأحْشَمَني والله ما رَأب من سَعَةِ صَدْرِه، وكَرَم خِيْمه، فقُلتُ: بل أحْضِر عَمَّارِيَّةً وأحْمِلُها إلى مَنْزلي، فقال: ما شِئْت، فأُحْضِرت عَمَّاريَّة فَحمَلْتُها، وصِرْتُ بها إلى مَنْزِلي. فوَحَقِّكَ - يا أَمِيرَ المؤمنِيْن - لقد حَمَل إليَّ من جهَازها ما ضَاقَتْ به بعضُ بُيُوتنا، فأوْلَدْتُها هذا القَائِمَ على رَأسِ سَيِّدِي أَمِير المُؤْمنِيْن.

فعَجِبَ المَأْمُونُ من كَرَم ذلك الرَّجُل، وسَعَة صَدْرِه، وقال: للهِ أَبُوه، ما سَمِعْتُ مثْلَهُ قَطّ!. ثمّ أطلَق الرَّجُلَ الطُّفَيْليَ وأجَازَهُ جَاِزةً سَنِيَّةً، وأمَرَ إبْراهيم بإحْضَار الرَّجُل، فكان من خَوَاصِّ المَأْمُون وأهْل صُحْبَتهِ.

‌الحُسينُ بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَبْد القَادِر القِنَّسْرِيْنيُّ، أبو عَبْد الله المُقْرِئ النَّحْوِيّ

(1)

كان مُقْرئًا مُجَوِّدًا، نَحْويًا، وكان مُقِيْمًا بحَلَب يُفِيْدُ عِلْم القِرَاءَاتِ والعَرَبيَّة.

قَرأ على أبي الحَسَن أحْمَد بن رِضْوَان، وعُبيد الله بن اللَّيْث. قرأ عليه أبو المَجْد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عبد الباقي بن أبي جَرَادَة، وجَدّ جَدِّي أبو الفَضْلِ هِبَةُ

(a) المسعودي: عشرين.

_________

(1)

كان حيًّا سنة 438 هـ، له ذكر في معجم الأدباء لياقوت 5:2070.

ص: 35

الله بن أحمد بن أبي جَرَادَة، وصَنَّفَ لجدِّ جَدِّي كتَابًا مُفِيْدًا في القِرَاءَاتِ السَّبْعَة، سمَّاهُ بالتَّهْذِيْب، وكَتَبَهُ له بخَطِّه، وهو الآن عندي. وقرأ عليه النَّحْو أبو الفَرَج سَعيد بن عليّ بن مُحَمَّد بن السَّلَّالِيّ بحَلَب في سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين وأرْبَعِمائة، فقد تُوفِّي بعد ذلك.

وأخْبَرَنا بكتابه المُسَمَّى بالتهْذِيْب شَيْخُنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ في الإجَازَة، قال: كَتَبَ إليْنا أبو الحسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو المَجْد عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله القِنَّسْرِيْنيُّ.

أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن عَبْد الله ابن عَمِّي عبد الصَّمَد، قال: سَمِعْتُ جدِّي عبْد الصَّمَد بن عَبْد الله، ح.

قال عَبْدُ الَواحِد: وسَمِعْتُ أبا الفَتْح يَحْيَى ابن عَمّ أبي أبي غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: سَمِعْتُ أبي أبا غَانِم، قالا: كان القَاضِي أبو الفَضْل هِبَة الله بن أحْمَد يقرأ على الشَّيْخ أبي عَبْد الله القِنَّسْرِيْنيِّ، فَمضَى إلى مَنْزِله ليلَةً ليقرأ عليه وكانت ليلَةً مَطِيْرَةً، فصَادَف الشَّيْخ أبا عَبْد الله يقرأ القُرآن، وكان يَقْرأ قِراءةً طَيِّبةً، فوَقَف بالباب يسمع قِرَاءته ويلتَذّ بحُسْن قراءته وطِيْب صَوْته، والمَطَر ينزلُ على رَأسِه، ولم يَرَ أنْ يقطَع عليه قراءته حتَّى مَضَى أكْثَر اللَّيْل، وسَكَت أبو عَبْد الله، فطَرَق الباب، ففَتَح له، فرآهُ مُبْتَلّ الثِّيَاب، فسَأله عن حاله، فأخْبَرهُ بالصُّورَة، فعَظُم ذلك عليه، وقال له: كُنْتَ دَخَلت عليَّ وكُنْتُ أقْرأ لك إلى الصَّبَاح.

قال عَمَّاي: وسَافرَ أبو عَبْد الله القِنَّسْرِيْنيِّ إلى العِرَاق، فَحضَر بعض شُيُوخ القُرَّاء ببَغْدَادَ وأصْحابهُ يقرأون عليه، فَجَلَس في أُخْرَيَات النَّاس، فحينَ رَأوْه إزْدَروه واسْتَبْشَعُوا زِيَّهُ، وأبو عَبْد الله سَاكِتٌ، فلمَّا فَرَغ أصْحَابه تقدَّم أبو عَبْد

ص: 36

الله، وطَلَب أنْ يقرأ عليه شيئًا، فقال له: اقرأ على بَعْض الطَّلَبة إلى أنْ تُجَوِّد، ثُمَّ أقْرأ عليَّ، فقال: أشْتَهِي أنْ أقرأ عليك خَمْسًا، فلم يَرَ الشَّيْخ أنْ يَكْسِر خَاطِرَهُ، فأَذِنَ له فلمَّا قرأ، قال له: من أين تكُون؟ قال: من الشَّام، قال له: لعَلَّكَ أبو عَبْد الله القِنَّسْرِيْنيِّ؟ قال: نعم، فقام له الشّيْخُ وأكْرَمَهُ وأجْلسَهُ إلى جَانبهِ، وقال: أنا أحَقُّ بالقِرَاءة عليك، قال هذا أو مَعْناه.

قُلتُ: وأظُنُّ هذا الشَّيْخ المُقْرِئ هو أبو الحَسَن بن رِضْوَان، واللهُ أعْلَمُ.

‌الحُسين بن عُبَيْدِ الله بن الحُسَيْن بن إبْراهيم بن عليّ بن عُبيد اللهِ بن الحُسين الأصْغَر ابن عليّ بن الحسُن بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو عليّ بن أبي أحْمَد العَلَويّ النَّصِيبيِّ

(1)

أبُوه شَرِيْف مَذْكُور من أعْيَان الشُّرَفَاء. وَفَدَ إلى حلَب على أميرها سَيْف الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن حَمْدَان.

ذَكَرَهُ الحُسَين بن جَعْفَر بن خِدَاعِ النَّسَّابَة في كتاب المُعَقِّبيْنَ من وَلد الحَسَن والحُسَين عليهما السلام، وقال: إنَّهُ وفَدَ على سَيْفِ الدَّوْلَة ابن أبي الهَيْجَاءِ بن حَمْدَان إلى حَلَب، وقُتِلَ معه في انْهِزَامه في غَزَاة المُصِيْبَةِ، وذَكَرَ أنَّ أُمّهُ أُمّ وَلدٍ.

وغَزَاةُ المُصِيْبَة كانت في سَنة [

] (a) وأوْبَعين وثَلاثِمائة.

(a) أبقى المؤلف بياضًا قدر كلمة، وقيَّد تاريخ وقعة المصيبة على هذا النحو، والمشهور أنها وقعت في سنة 339 هـ، انظر: تجارب الأمم لمسكويه 5: 395، تاريخ يحيى الأنطاكي 78، المنتظم لابن الجوزي 14: 80، زبدة الحلب 1: 130، الكامل لابن الأثير 8: 485 - 486، النجوم الزاهرة 3:301.

_________

(1)

توفي سنة 340 هـ.

ص: 37

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ عُبيد ممَّن اسْمُه الحُسَين

‌الحُسَينُ بن عُبيد الهَمَذَانيُّ

حدَّثَ بطَرَسُوس عن عَبْد الحَميْد بن عِصَام الجرجَانيِّ. رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن أيُوب بن المُعَافَى العُكْبَرِيّ، ويقَعُ في بَعْض الأُصُول: الحَسَن بن عُبَيْد، والحُسَين هو الصَّحيح.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبرزَد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَالسِم هِبَة الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو إسْحاق إبْراهيمُ بنُ عُمَر بن أحْمَد البرمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن خَلَف بن بُخَيْت الدّقّاق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أيوب بن المُعَافى العُكْبرِي، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن عُبَيْد الهَمَذَانيّ بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَيْد بن عِصَام الجرجَانِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يوسف الفِيريابِي، قال: حَدَّثَنَا سفيان الثورِي، عن سفيان بن عُيينَة، عن ابن أبي نُجَيْح أنَّهُ سُئِلَ عن السَّيَّاحِيْن قال: هُم الصّائِمُونَ.

‌الحُسين بنُ عُبيدٍ المِصِّيْصيُّ

حَدَّثَ عن عَتِيق بن عبد الرَّحْمن الأَذَنيِّ. رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن أبي نَصْرٍ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد المَقْدِسيِّ، وقَراتُهُ بخَطِّهِ، قال: قَرأتُ على أبي الحَسَن أحْمَد بن حَمْزَة بن المَوَازِينيِّ بدِمَشْق: أخْبَركُم جَدُّكَ أبو الحَسَن عليّ بنُ الحَسَن بن الحُسين السُّلَميِّ المُعَبِّر إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ عَبْد العَزِيْز بن أحْمَدُ بن مُحَمَّد الكَتَّانيِّ إجازةً، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحمن بن

ص: 38

عُثْمان بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عُبيد المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَتِيقُ بن عبدِ الرَّحْمن الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَرْبٍ الطَّائيّ، قال: كُنَّا عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، فحدَّثَنا حتَّى ضَجَرَ، ثُمَّ ألْقَى الكتاب، فقال: قُومُوا عنِّي، فقام إليه رَجُل فقال: أتْضَجَرُ؟ واللهِ إنَّ أَحدَنا ليَهُمّ بالحَجِّ من أقْصَى خُرَاسَان، فإذا ذَكَرك حَجَّ، ولولَاكَ ما حَجَّ! فأخَذَ الكتابَ وأنْشَأ يقُول

(1)

: [من الكامل]

خَلَت الدِّيَارُ فَسُدْتُ غَيْرَ مُسَوَّدِ

ومِنَ الشَّقَاءِ تَفَرُّدي بالسُّؤْدَدِ

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ عليّ ممَّن اسْمُه الحُسَين

‌الحُسَينُ بن عليّ بن الحُسَن بن عليّ، أبو عليّ المَرْوَزيّ

حَدَّثَ بحَلَب عن مَحْمُّود بن وَالان. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيِّ الحَلَبيِّ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غانِم مُحَمَّد بن هِبةِ الله بن أبي جرادة، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، ووَلدُهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن القَاضِي، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن الطَّرَسُوسِيُّ الحلَبِيُّونَ، قالوا: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الأَمِين أبو سَالِم أحْمَد بنُ عَبْدِ القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبيِّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد البَاقي بن أبي جَرَادَةَ، قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل الجِلّبيِّ الحَلَبيِّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الزَّاهِد أبو عُبيد الله عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر العَابِد الحَلَبيِّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعيِّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو

(1)

يُنسب بيت الشعر لرجل من خثعم. جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 1: 302، التذكرة الحمدونية 2: 107، 164، محاضرات الأدباء للأصفهاني 1: 376، زهر الأكم لليوسي 2:279.

ص: 39

عليّ الحُسينُ بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ المَرْوَزيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد مَحْمُود بن وَالَان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حُجْر بن إِيَاس السَّعْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسف بن زِيَاد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن زِيَاد بن أَنْعُم، عن الأعْرَج؛ عن أبي هُرَيرة، قال

(1)

: خُضْتُ مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم السُّوْق، فقَعَدَ على البَزَّازين، فاشْترَى سرَاويْلًا بأرْبَعة دَرَاهِم. قال: وكان لأهْلِ السُّوق رَجُل يَزِنُ بينهم الدَّرَاهِم، يقال له فُلَان الوَزَّانُ، فجيءَ به ليَزِنَ ثَمَن السَّرَاويْل، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: اتَّزِنْ وأَرْجِح. فقال الرَّجُلُ: إنَّ هذا القَوْل ما سَمِعْتُه من أحدٍ من النَّاسِ، فَمن هذا الرَّجُل؟ قال أبو هُرَيْرَة: قُلْتُ: حَسْبُكَ من الزَّهَقِ والجفَاء في جَنْبِكَ أنْ لا تَعْرِف نَبِيّكَ صلى الله عليه وسلم، فقال الرَّجُل: أهذا رسُول الله؟ وألقى المِيْزَانَ ووَثَبَ إلى يَدِ رسُول الله يأخُذُها ليُقَبّلَها، فجَذَبها رسُول اللهِ، وقال: مَهْ! إنَّما يفعَل هذه الأعَاجِم بمُلُوكِها، فإنِّي لسْتُ بمَلِكٍ إنَّما أنا رَجُلٌ منكم، ثُمَّ جَلَسَ فاتَّزنَ الدَّرَاهِم وأرْجَحَ كم أمرَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا انْصَرَفْنا تناوَلْتُ السَّرَاويْل من رسُول اللّهِ لأحْملَها فَمنَعَني، وقال: صَاحِبُ الشَّيء أحَقُّ بحَمْلِهِ إلَّا أنْ يكُون ضَعِيْفًا يَعْجز فيُعِيْنُهُ أخُوه المُسْلمِ، قُلتُ: يا رسُول اللهِ، وإنَّكَ لتلبَسُ السِّرَاوْيل؟ قال: نعم باللَّيْلِ والنَّهَار، في السَّفَر والحَضَرِ.

قال يُوسُفُ: وشَكَكْتُ في قَوْلي: ومع أهْلي فإنِّي أُمْرت بالتَّسَتُّر فلم أجِدْ ثَوْبًا اسْتَرَ من السَّرَاويْل.

(1)

الهيثمي: مجمع الزوائد 5: 121 - 122.

ص: 40

‌الحُسَينُ بن عليّ بن الحُسَين بن حَمْدَان بن حَمْدُون بن الحَارِث بن لُقْمَان بن رَاشِدٍ التَّغْلِبِيُّ، أبو العَشَائِر الحَمْدَانِيّ

(1)

وتَمَامُ نَسَبهِ مَذْكُورٌ في تَرْجَمَةِ أبي فِرَاسٍ

(2)

.

أميْرٌ فارسٌ مَشْهُورٌ، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان بحَلَب في خِدْمَة ابن عَمّه سَيْفِ الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن حَمْدَان، ووَلَّاهُ أنْطَاكِيَة. رَوَى عنهُ أبو بَكْر الخَالِديّ.

وفيه يقُول أبو فِرَاس الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان من قَصِيْدَتهِ الرَّائِيَّةِ الّتي يَذْكُر فيها مَآثر قَوْمه من بني حَمْدَان

(3)

: [من الطويل]

ومنَّا الحُسَينُ القَرْمُ مُشْبِهُ جَدِّه

حَمَى نَفْسَهُ والجَيْشُ للجَيْش غَامِرُ

قال أبو عَبْد اللهِ الحُسَينُ بن خَالَوَيْه في تَفْسِير هذا البَيْتِ: وذلك أنَّهُ كَبَسَهُ عَسْكَر الإخْشِيْذيَّة مع يَانَس المُؤْنِسِيّ وهو مُنَصَرفٌ من أنْطَاكِيَة من المَيْدَان، وأصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ في وَجْهِهِ أُخْرِجَ نَصْلُها بعد أيَّامٍ، فلم يَزَل يَضْربُ في أَوْسَاطِهِم بالسَّيْف حتَّى تَخَلَّصَ، وأُسِرَ بعد ذلك في دُلُوْك (a)، وكان له في بَلَد الرُّوم أجْمَل أَثَرٍ، وأشْرَفُ فِعْلٍ في إكْرَام الأُسَارَى.

(a) ضَبْطه عند المؤلف هنا وتاليه بفتح أوله، وقد تقدم في الجزء الأول من الكتاب بالضم، وهو موافق لما عند ياقوت (معجم البلدان 2: 461)، وموافق أيضًا لما جاء في الشعر.

_________

(1)

توفي سنة 352 هـ وقيل: 353 هـ، وترجمته في: قطع تاريخية من عنوان السير لهمذاني 116 - 118، زبدة الحلب 1: 124، الزبيدي: تاج العروس، مادة: دلك (نقلًا عن ابن العديم)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 106 - 110.

(2)

ترجمة أبي فراس الحمداني الحارث بن سعيد التغلبي في جزء ضائع من أجزاء الكتاب، وقد أدرجنا سياقة نسبه نقلًا عن ابن خلكان (وفيات الأعيان 2: 114)، في ترجمة الحسن بن عبد الله بن حمدان ضمن الجزء الخامس قبل هذا.

(3)

ديوان أبي فراس الحمداني 119.

ص: 41

قال ابنُ خَالَوَيْه: سارَ سَيْفُ الدَّوْلَة في سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة إلى بَلَدِ يَانَس بن شُمُشْقِيْق لمَّا بَلَغَهُ حَلْفُه للمَلِك على لقَائهِ، وحَمَل معه الزَّوَارِيق مُخَلَّعَةً حتَّى عقدَها على أَرْسَنَاس

(1)

، وخَلَّف بدُلُوْك أبا العَشَائِر الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن حَمْدَان، ورَسَم له النُّزُولَ على حِصْن عَرَنْدَاس

(2)

وبناءَهُ، وخَلَّفَ الأَمِيرَ أبا فِرَاس ورَسَم له بناءَ حِصْن البَرْزَمَان

(3)

، فكلاهُما يَسْتَعدُّ حتَّى خَرج لَاوُن البِطْرِيْق في جُمُوع أبيهِ، وسَبَق الخَبَرُ إلى أبي العَشائِر، فخَرَج طَمَعًا فيه ليُسَابق أبا فِرَاس اليه، ولَقِيَهُ فوجَدَهُ في عَدَدٍ عَظِيمٍ، وانْكشَف عن أبي العَشَائِر أصْحَابُهُ، وثبَتَ يُقَاتِل حتَّى أُسِرَ، وضَرَبَ وَجْهًا من الأرْمَن يُعْرَفُ بأبي الأسَدِ فقَتَلَهُ، وبلغَ أبا فِرَاس الخَبَرُ فنَفَر في أرْبَعمائة فارس من العَرَب سوى العَجَم، واتَّبَعَهُ إلى مَرْعَش فلَم يَلْحَقْهُ، فكَتَبَ إليهِ في قَصِيدَة

(4)

: [من الكامل]

أأَبَا العَشَائِر إنْ أُسِرْتَ فطالَما

أَسَرَتْ لكَ البِيْضُ الرِّقَاقُ (a) رِجَالا

لمَّا أجَلْتَ المُهْرَ فَوْقَ رُؤُوسِهم

نَسَجَتْ له حُمْرُ الشُّعُورِ عِقَالَا

يا مَن إذا حَمَل الحِصَانَ على الوَجَى

قال اتَّخِذْ حُبُكَ التَّرِيكِ بِغَالا (b)

ألَّا دَعَوْتَ أخَاكَ وهو مُصَاقِبٌ

يَكْفِي العَظِيْمَ ويَحْمِلُ الأثْقَالَا (c)

ألَّا دَعَوْتَ أبا فِرَاسٍ إنَّهُ

ممَّن إذا طَلَبَ المُمَنَّعَ نَالَا

وَرَدَتْ بُعَيْدَ الفَوْت أَرْضَكَ خَيْلُهُ

سُرَعَى كأمْثَال القَطَا أَرْسَالَا

(a) الديوان: الخفاف.

(b) الديوان: نعالا.

(c) الديوان: ويدفع الأهوالا.

_________

(1)

ويسمى أيضًا نهر شمشاط، أحد روافد نهر الفرات. انظر كلام المؤلف عليه في الجزء الأول فيما تقدم، وياقوت: معجم البلدان 1: 151.

(2)

ذكر ابن العديم في زبدة الحلب 1: 124 حصن عرنداس ولم يُعيِّن موضعه، ولعله في الثغور الشمالية مما يلي بلاد الروم، لذكره إلى جانب قلعة المرزبان (البرسمان).

(3)

ذكره في الجزء الأول من الكتاب، وسماه: المرزبان، ونبَّه هناك إلى أن الصحيح في اسمه: البرسمان.

(4)

ديوان أبي فراس الحمداني 226.

ص: 42

قَرَأتُ في جُزءٍ أحْضَره إليَّ الحافِظ عِمَاد الدِّين أبو القَاسِم عليّ بن الحافِظ أبي مُحَمَّد القَاسِم بن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، يَتَضَمَّن سِيْرة سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان وأخْبَاره، تأليفُ أبي الحَسَن عليّ بن الحُسَين الزَّرَّاد الدَّيْلَمِيّ، ذَكَرَ في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، قال: وسار أبو العَشَائِر الحُسَينُ بن عليّ بن حَمْدَان من حَلَب إلى مَرْعَش وسَلَّمَها إليهم، وسَارَ عنها فنَزل على نَهْرٍ يُقالُ له حُورِيْث (a)، فجلَسَ يَشْرَبُ على النَّهر، وسَارَ سَوَادُهُ وبعضُ غِلْمَانِهِ، فلم يَشْعُر إلَّا بالرُّوم قد أقْبَلُوا عليه، فرَكِبَ فرسَهُ ورَكِب أصْحَابه فطَرَدَهُم الرُّوم، وكان أبو العَشَائِر قد ثَمِلَ من الخَمْر فغَلَبهُ السُّكْر، فسَقَطَ عن الفَرَسِ، فأدْركَهُ الرُّومُ، فأسرُوه وحَمَلُوه إلى قُسْطَنْطِينِيَّة.

قَرَأتُ في كتاب المُفَاوَضَة، جَمْعُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب بخَطِّه، وأخْبَرَنا به إجَازَةً زَيْد بن الحَسَن بن زَيْدٍ الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ، قال: قَرأ علينا مُحَمَّدُ بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، قال: وحَدَّثَني أبو الفَرَج - يعني البَبَّغَاء (b) - قال: هَرَبْتُ وَقْتًا من الأوْقَاتِ من أبي العَشَائِر، وصرْتُ إلى حَلَب، وسَألتُ سَيْفَ الدَّوْلَة أنْ يَمْنَعَهُ منِّي، وقُلتُ: إنَّ أخْلَاقَهُ لا تُلائم أخْلَاقي، وقد رَبَّيْتَني واصْطَنَعْتَني، وأُرِيْدُ أنْ لا أبْرَح حَضْرتكَ ومَجْلِسَك، قال: أفْعَلُ.

ومَضَى على هذا مُدَيْدَةٌ قَرِيْبةٌ، فدَخَلْتُ يَوْمًا وإذا بين يَدي سَيْفِ الدَّوْلَةِ رَجُلٌ عَرَبيٌّ لا أعْرفُهُ، عليه جُبَّة دِيْبَاجٍ وفَرْو وعِمَامَة خَزّ بلثَامَيْن، مُتَقلِّدًا سَيْفًا

(a) في الأصل: بإهمال حرفه الأخير، وهو نهر ينبع من بحيرة الحدث، الواقعة في أقصى ثغور الشام بالقرب من مرعش، ويوالي جريه حتى يرفد نهر جيحان. انظر: سهراب: عجائب الأقاليم 122 - 123، وقد وهم في جعل مصب هذا النهر إلى نهر قباقب الذي يرفد الفرات، ياقوت: معجم البلدان 5: 320 (والضبط منه).

(b) قوله: "قال: وحدثني أبو الفرج يعني الببغاء" مكرَّر في الأصل، وضرب على الثاني منهما.

ص: 43

مُحَلَّىً، وهو جَالِسٌ على السَّريْر ورِجْليه (a) على الأرْض، وسَيْف الدَّوْلَة يُقْبِل عليه يُحَادِثه فاسْتَطْرَفتُ ذلك، ولم يكُن في العَرَب كُلِّها مَنْ يَجْلِسُ تلكَ الجَلْسَة مع سَيْفِ الدَّوْلَةِ، قال: ونَهَضَ فإذا هو أبو العَشَائِر، فلمَّا رَأيتُه أُسْقِط في يَدِي، ودَنَا منِّي فقَبَضَ عليَّ، فقُلْتُ: لسَيْف الدَّوْلَةِ: أيُّها الأَمِيرُ، الذِّمَامُ! فقال: ليس على أبي العَشائِر ذِمَامٌ، ثمّ قال له: احْتَفِظ به فإنَّهُ فَرَّارٌ، فلم يَبْقَ فيَّ مَوضِعٌ للمُنَازَعة. فقُلتُ: أيُّها الأَمِير، ما يُمْكنُني الخُرُوج؟ قال: ولِمَ؟ قُلتُ: عليَّ دَيْنٌ وأحْتَاج إلى ابْتِيَاعِ شَعِيْر لدَوَابِّي، وحِنْطَة لغِلْمَاني، وهذا وَجْهُ الشِّتَاء، ولا بُدَّ أنْ أنْظُرَ في أمْري. فقال: كُلّ هذا يَتَنَجَّزُ السَّاعَةَ، ووَقعَّ إلى الدَّارِيْج

(1)

بكُرَّين شَعِيْرًا، وإلى صَاحِب المَنْثَر بثَلاثة أكْرَار حِنْطَةً، وأطْلَق من خِزَانَته ألفي دِرْهَم، وأمَرَ بحَمْل عَشْر قِطَعٍ ثيَابًا، وحَصَل جميع ذلك وما تعالَى النَّهَار وهو جَالِسٌ في دار سَيْف الدَّوْلَة، فلمَّا حَضَر صَاحِبُهُ وعرَّفه حُصُولَ ما عَدَدْتُه كُلَّهُ، قال: ارْكَب على اسْم اللهِ، فرَكِبتُ ومَضَيْتُ معهُ إلى أنْطَاكِيَة، فما كان يُخْلِيْني من خلْعَةٍ وبِرٍّ وتَفَقُّدٍ، ورُسُومي على سَيْفِ الدَّوْلَةِ مُطْلقةٌ في أوْقَاتها غير مُتَأخِّرة عنِّي بحالٍ، وهذه كانت عَادَاتُ الرُّؤَسَاء في الإفْضَال.

أنْبَأنَا أحْمَد بن الأزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عن القَاضِي أبي عليّ المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: وأنْشَدَني أيْضًا - يعني أبا الفَرَج البَبَّغَاء - وقال: قُلْتُها بَدِيْهًا في أبي العَشَائِر الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن حَمْدَان، وكُنْتُ حَاضِرًا، وقد ضَرَب بسَيْفٍ كان في يَده هَامَةَ جَمَلٍ

(a) كتب ابن العديم فوقه: كذا.

_________

(1)

الداريج: هو الذي يحفظ السفن إذا ملئت حنطة أو غيرها. ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 4: 74.

ص: 44

ففَصَلَها، فأنْشَدتُهُ في الحال

(1)

: [من البسيط]

ما الفِعْلُ للسَّيْفِ إذ هُزَّت مَضَاربُهُ

فَمَرَّ مُحْتَكِمًا في هَامَةِ الجَمَلِ

لكنَّ كَفَّك أَعْدَتْهُ بجُرْأَتِها

وفَتْكِها فَمضَى يَهْوِي على عَجَلِ

ولو سوى كَفِّك المَعْرُوف صَالَ بهِ

نَبَا ولو كان مَطْبُوعًا من الأجَلِ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، فيما أَذِنَ لنا في روَايَتهِ عنْهُ، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أَخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن أحْمَد الأدِيْب في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عَبْد المَلِك بن إسْمَاعِيْل الثَّعالِبِيّ

(2)

، قال: وأنْشَدَني - يعني أبا بَكْر الخُوارَزْمِيّ - لأبي العَشَائِر بن حَمْدَان: [من البسيط]

سَطَا علينا ومَنْ حَازَ الكَمَال سَطَا

ظبْي من الجَنَّة الفِرْدَوْس قد هَبَطا

له عذارَان قد خُطَّا بوَجْنَتِهِ

فاسْتَوْقفا فَوْق خَدَّيه وما انْبَسَطَا

وظَلَّ يَخْطُو وكُلٌّ قال من شَغَف:

يا لَيْتَهُ في سَوَادِ النَّاظِرَيْن خَطَا

قال أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيّ

(3)

: وقال بَعْضُ الرُّوَاةِ: دَخَلْتُ إلى (a) أبي العَشَائِر أعُودُه من عِلَّةٍ هَجَمَتْ عليه، فقُلتُ لَهُ: ما يَجِدُ الأَمِيرُ؟ فأشَارَ إلى غُلَامٍ قَائمٍ بينَ يَدَيْهِ اسْمُه نسْطُوس، كأنَّ رِضْوَان قد غَفَل عنه فأبقَ منه (b)، وأنْشَد:[من مخلع البسيط]

أسْقَمَ هذا الغُلَام جِسْمي

بما بعَيْنَيْهِ من سَقَامِ

فُتُورُ عَيْنَيْهِ من دَلَال

أَهْدَى فُتُورًا إلى عِظَامِي

وامْتَزَجَتْ رُوْحُهُ برُوْحي

تَمَازُجَ الماءِ بالمُدَامِ

(a) اليتيمة: على.

(b) في اليتيمة: فأبق من الجنة.

_________

(1)

لم يرد في ديوان الببغاء بنشرتيه: نشرة وولف، ونشرة المطبعة الحميدية.

(2)

يتيمة الدهر 1: 89.

(3)

يتيمة الدهر 1: 89 - 90.

ص: 45

قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السِّيَر في مَحَاسِن أهْلِ البَدْو والحَضَر، تأليفُ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ

(1)

: أَبو العَشَائِر ابن حَمْدَان، وهو القَائِلُ:[من الطويل]

وما سرَّ قَلْبي منذُ شَطَّتْ بكَ النَّوَى

أنيْسٌ ولا كأسٌ ولا مُتَصَرَّفُ

وما ذقْتُ طَعْمَ الماءِ إلَّا وَجَدْتُهُ

كأنْ لَيْسَ بالماءِ الّذي كُنْتُ أعْرفُ

ولَمْ أَشْهَدِ اللَّذَّاتِ إلَّا تكَلُّفًا

وأيّ سُرُورٍ يَقْتَضِيْهِ التَّكَلُّفُ

قال ابنُ الهَمَذَانيّ

(2)

: ولمَّا خَرَج الحَاجُّ في زَمَن المُكْتَفِي، كان معهم أبو العَشَائِر في حَمْدَان، فظَفر بهم زَكْرُوَيْه بن مَهْرُوَيْه القِرْمِطِيّ، فقَطَعَ يَدَي أبي العَشَائِر ورِجْلَيْهِ بزُبَالَة

(3)

.

ثُمَّ قال ابنُ الهَمَذَانيّ

(4)

بعد ذلك: وأخَذَ الرُّومُ حَلَبَ، وقَتَلُوا أبا العَشَائِر وإخْوته في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة.

وهذا خَطَأٌ من ابن الهَمَذَانيّ فيما ذَكَرهُ أوَّلًا وثانيًا؛ فإنَّ أبا العَشَائِر تُوفِّي أسِيْرًا في يد الرُّوم بالقُسْطَنطِيْنيَّة في سَنَة اثْنَتَيْن أو ثلاث وخَمْسِين.

وقَرَأتُ في كتاب أبي الحَسَن عليّ بن الحُسَين الدَّيْلَمِيّ في أخْبَار سَيْفِ الدَّوْلَة

(5)

، قال: واجْتَمع في البلَاط بالقُسْطَنْطِينِيَّة من الأُسَارَى الحَمْدَانِيَّة نحو ثَمانمائة رَجُل منهم: أبو العَشَائِر، وأبو فِرَاس، ومُحَمَّد ابن ناصِر الدَّوْلَة، وذكَرَ جَمَاعَةً، وقال: وفَادَى - يعني سَيْف الدَّوْلَةِ - بأبي فِرَاس وأبي العَشَائِر ورقطَاش وغيرهم، يعني سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين.

وهذا وَهْمٌ من أبي الحَسَن الدَّيْلَمِيّ؛ فإنَّ أبا العَشَائِر تُوفِّي بالقُسْطَنْطِينِيَّة في

(1)

قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 117.

(2)

قطع تاريخية 117 - 118.

(3)

زُبَالَة: منزل معروف من منازل الحج بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بن واقصة والثعلبية.

ياقوت: معجم البلدان 3: 129.

(4)

قطع تاريخية 118.

(5)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.

ص: 46

حال الأَسْر، وقال فيه الأَمِيرُ أبو فِرَاسٍ

(1)

يَرْثيِه: [من الكامل]

أَأَبا العَشَائِر لا مَحَلُّكَ دَارِسٌ

بينَ الضُّلُوع ولا مَحَلُّكَ (a) نَازِحُ

إنِّي لأَعْلَمُ بعدَ مَوْتِكَ أنَّهُ

ما مَرَّ للأُسَرَاءِ يَوْمٌ صَالِحُ

قَرَأتُ في تاريخ أبي إسْحاق إبْراهيم بن حَبِيْب السَّقَطِيّ

(2)

، صَاحِب كتاب الرَّدِيْف، في حَوَادِث سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وثَلاثِمائة، في ذِكْر مَنْ تُوفِّي فيها، قال: وفيها - أو في سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين - ماتَ أبو العَشَائِر الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن حَمْدَان ببَلَد الرُّوم في أَسْره مَسْمُومًا، وكان السَّبَبُ في سَمِّهِ أنَّ مَلِكَ الطَّاغِيَة بلَغَهُ أنَّ عليَّ بن حَمْدَان فسَقَ بابن قُسْطُنْطِيْن؛ كان في أَسْره، فأنْفَذُوا من بَلَد الرُّوم مَنْ سَمَّهُ فهَلَكَ، وسَمُّوا هُم أبا العَشَائِر بن حَمْدَان حَنَقًا لِمَا جَرَى من قَتْلِهم ابن قُسْطُنْطِيْن. وكان أبو العَشَائِر فَارِسًا شُجَاعًا، سَخِيًّا، مُمَدَّحًا.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بَحْر بن بَهْرَام بن المَرْزُبَان بن مَاهَان بن بَاذَام بن بَلاش بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر، أبو القَاسِم بن أبي الحُسَين بن أبي القَاسِم بن أبي الحَسَن المَغْرِبيّ

(3)

هكذا قَرأتُ نَسَبَهُ بخَطِّهِ.

(a) الديوان: مكانك.

_________

(1)

ديوان أبي فراس الحمداني 69.

(2)

عنوانه: لوامع الأمور، وهو كتاب مفقود، تقدم التعريف به في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(3)

توفي سنة 418 هـ، وترجمته في: تتمة اليتيمة 34 - 35، الباخرزي: دمية القصر 1: 103 - 105، تاريخ ابن عساكر 14: 105 - 109، ابن الأزرق: تاريخ الفارقي 138 - 140 (أرخ وفاته سنة 428 هـ)، رجال النجاشيّ 69، العظيمي: تاريخ حلب 326، 328، ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق 61 - 64، =

ص: 47

وقيل في نَسَبهِ: من مَاهَان بن بَاذَان بن سَاسَان بن الحَرُوْن - وقيل: سَاسَان هو المَعْرُوفِ بالحَرُوْن - ابن بَلاش (a) بن جانْيَاسف بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر بن يَزْدَجِرْد.

وجَدُّ أبيه أبو الحَسَن هو المَغْرِبيّ، عُرِفَ بذلكَ لأنَّهُ كان يَخْتلفُ على دِيْوَان المَغْرب.

(a) قيَّده في هذا الموضع وتاليه: بلاس، وانظر المقفى الكبير 3:536.

_________

= ابن الجوزي: المنتظم 15: 185 - 187، ابن الصيرفي: الإشارة إلى من نال الوزارة 47، معجم الأدباء 3: 1093 - 1105، ابن الأثير: الكامل 9: 331، 331 - 336، 349، 362، 10: 18، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 331 - 334، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 223 - 225، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 360 - 361 (أرخ وفاته سنة 428 هـ)، ابن الأبار: إعتاب الكُتَّاب 306 - 307، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 172 - 177 (وفيه سياقة نسبه حتى بهرام جور)، ابن الفوطي: مجمع الآداب 4: 37 - 38، تاريخ الإسلام 9: 294 - 296، سير أعلام النبلاء 17: 394 - 396، الوافي بالوفيات 12: 440 - 446، العبر في خبر مَن غبر 2: 235، لسان الميزان 3: 301 - 302، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 23، ابن خلدون: العبر 8: 459 - 460، اليافعي: مرآة الجنان 3: 25 - 26، المقريزي: المقفى الكبير 3: 536 - 560، النجوم الزاهرة 4: 266، طبقات المفسرين للداوودي 1: 155 - 158، شذرات الذهب 5: 91، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 312 - 314، الخوانساري: روضات الجنات 3: 156 - 159، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 111 - 116، الزركلي: الأعلام 2: 345.

وانظر: التقديم الضافي الذي صنعه الشخ حمد جاسر في تحقيقه لكتابي الوزير المغربي: أدب الخواص (في الجزء الأول المتبقي منه)، وكتاب الإيناس في علم الأنساب، وكذا تقديم سامي الدهان لكتاب الوزير المغربي في السياسة (دمشق: العهد الفرنسي، 1948 م)، 9 - 50.

وقد جمع شعره المرحوم إحسان عباس، في كتاب عنوانه:"الوزير المغربي أبو القاسم الحسين بن علي، العالم الشاعر، الناثر الثائر، (370 - 418 هـ)، دراسة في سيرته وأدبه مع ما تبقَّى من آثاره"، وأشرنا لهذا الكتاب حيثما يرد اختصارًا باسم: "ديوان الوزير المغربي، وصنع عبد الرزاق الحويزي مستدركًا على الديوان: حول ديوان الوزير المغربي، مجلة آفاق الثقافة والتراث، ع 76، س 19، 2011 م، ص 81 - 107.

وذكره ابن العديم في الألقاب، آخر الجزء العاشر، ولقبه في الكامل ابن المغربي، وأحال على ترجمته هذه.

ص: 48

وقَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أنّه نَقَل من خَطِّ عَبْد الحَمْيد ابنهِ على ظَهْر الجُزء الأوَّل من رَسَائِل الوَزِير ابنهِ: الجُزء الأوَّل من رَسَائِل أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَد بن يُوسُف بن بَحْر بن بَهْرَام بن المَرْزُبَان بن مَاهَان بن مَادَان بن سَاسَان بن الحَرُوْن بن فلاش (a) بن جَامَاسف بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر، وكَتَب عَبْد الحَمْيد.

وأبو القَاسِم هذا هو الوَزِبر المُلَقَّب بالكَامِل ذي الجَلَالَتَين، وُلد بحَلَب في سَنَة سَبْعِين وثَلاثِمائة، وكان أبُوهُ وجَده من كُتَّاب الأَمِير سَيْف الدَّوْلةَ، وحَصَل بعدَ مَوْت سَيْف الدَّوْلةَ بين أبيه وبين سَعْد الدَّولَة أبي المَعَالِي شَرِيْف نَبْوَةٌ أوْجَبت انْفصَاله عنه، فعَوَّق أبو المَعَالِي أبا القَاسِم بحَلَب مع جَمَاعَة من أهْله، ثمّ سار أبُوه بعد ذلك إلى مِصْر، وانْتَقَل أبو القَاسِم بعدَهُ، وقَتَلَ الحاكِمُ أباهُ وإخْوَتَهُ فهَرَبَ أبو القَاسِم وتَوَجَّه إلى العِرَاق، وتقلَّد وِزَارَة مُشَرِّف الدَّوْلةَ أبي عليّ ابن عَضُد الدَّوْلَة بن بُوَيْه في سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة، وأقام في وزَارَته شُهُورًا، وفَارَقهُ وانْتَقَل إلى وِزَارَة الأَمير أبي المنَيع قِرْوَاش بن المُقَلَّدِ أمير بنى عُقَيْل، ثُمَّ وَزَر لنَصْر الدَّولةِ ابن مَرْوَان صَاحِب مَيَّافَارقِين ودِيَار بَكْر.

وكان الوَزِير أَدِيْبًا فَاضِلًا، عَارِفًا باللُّغَةِ والنَّحْو، فَصِيحًا، حَسَنَ النَّطم والنَّثْر، عَارِفًا بالحِسَاب، ولهُ كتابٌ في تَفْسِير القُرْآن

(1)

، أحْسَن فيه على اخْتِصَاره، واخْتَصرَ كتاب إصْلَاح المَنْطِق فأجادَ في ذلك، وعَرَضهُ على أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُليَمان، فاستجادَهُ وأثْنَى عليه، وكَتَبَ إليه في ذلك الرِّسَالَة الإغْرِيْضِيَّة

(a) الأصل: فلاس.

_________

(1)

ورد اسمه في هدية العارفين 1: 308: خصائص علم القرآن.

ص: 49

الّتي أوَّلها

(1)

: السَّلامُ عَليْكِ أيَّتُها الحِكْمَةُ المَغْرِبيَّةُ، والألْفَاظُ العَرَبيَّةُ، أيُّ هَوَاءٍ رَقَاكِ؟ وأيُّ غَيْثٍ سَقَاكِ؟.

وفَضَائِلُه جَمَّةٌ، لكنَّه كان جَسُورًا، مُهَوَّرًا، سَيّئ التَّدْبِير، مُتكبِّرًا.

حَدَّثَ عن الوَزِير أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَات، ورَوَى عن أَبيِهِ عليّ بن الحُسَين، وأبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وأبي أُسامَة جُنَادَة بن مُحَمَّد، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن عيسَى النَّاميِّ العِرَاقيّ اليَشْكُرِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن لؤلُؤ الحَلَبِيّ، والقَاضِي أبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن يَزِيد الحَلَبيِّ، وأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين اليَمَنِيّ، وأبي القَاسِم المَيْمُون بن حَمْزَة الحُسَيْنيّ، وعليّ في مَنْصُور الحَلَبيِّ المَعْرُوف بدَوْخَلَة، وأبي الحَسَنِ عليّ بن عَبْدِ الله المَادَرَائِيّ، ومُحَمَّد بن الحَسَن التَّنُوخيِّ، والقَاضِي أبي أحْمَد مُحَمَّد بن دَاوُد بن أحْمَد العَسْقَلانِيّ، ومُحَمَّد بن إبْراهيم التَّميْمِيّ، وعليّ بن إبْراهيم الدَّهَكيِّ، وأبي جَعْفَر المُوْسَويّ قاضي مَكَّة، وابن الكِلابِيّ رَاوِيَة أبي فِرَاس، وأبي زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عليّ الأنْدَلُسيِّ أمير الغَرْب، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك التَّارِيخِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن نَصْر بن الصَّبَّاح، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو يَحْيَى عَبْد الحَمْيد بن الحُسَين، وأبو الحَسَن بن الطّيِّب الفَارِقِيّ، وأبو الجَوَائِز الحَسَن بن بَاري الوَاسِطِيّ، وأبو مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب التَّميْمِيّ، وعليّ بن السَّكَن الفَارِقِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن جَرْدَة، وأبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ، والقَاسِم بن بَابُوَيْه.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن أبي الفَضْل القَاضِي، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد الفَقِيهِ، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن إبْراهيم

(1)

رسائل أبي العلاء المعري 55. ويوجد من ضمن رسائله أيضًا رسالة أخرى وجهها أبو العلاء المعري للوزير ابن المغربي، جوابًا عن فصل كتبه إليه. انظر: الرسائل 112.

ص: 50

الزَّاهِد المَقْدِسِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي يَحْيَى عَبْد الحَمْيد بن الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ، عن أَبِيهِ أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَاتِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عبدِ الرَّحْمن الرُّوْذبَارِيّ، قال: حَدَّثثا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مُوسَى الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن زَكَرِيَّاءَ الطَّائيُّ النَّبْهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ، وأبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بنُ حَسَّان الضَّبّيّ، قالا حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن عُمَر بن مُسْلِم الخُزَاعيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن أَبِيهِ، قال

(1)

: شَهِدْتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومُنْشِدٌ يُنْشِدُهُ قَوْلَ سُوَيْد بن عَامِر المُصْطَلِقيِّ: [من البسيط]

لا تَأمَنَنَّ وإنْ أمْسَيتَ في حَرَم

إنَّ المَنَايا بجَنْبَي كُلِّ إنْسَانِ

فاسْلُك طَرِيْقَكَ تمْشِي غَيْرَ مُجْتَشِعٍ

حتَّى تلَاقي ما يُمْني لكَ المَانِي

لكُلِّ ذي صَاحِب يَوْمًا مُفَارقةٌ

وكُلِّ زَادٍ وإنْ أَبْقَيْتَه فَانِ

والخَيْرُ والشَّرُّ مَجْمُوعَان في قَرَنٍ

بكُلِّ ذلك يأتيْكَ الجَدِيْدَانِ

فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لو أدْرَكَني هذا لأسْلَم.

فبَكَى أبي، فقُلتُ؟ يا أبةِ، ما يُبْكيْكَ من مُشرِكٍ ماتَ في الجاهِلِيَّةِ!؟ قال: يا بُنَي، ما رَأيْتُ مُشْرِكَةً تلَقَّتْ من مشْرِكٍ خَيْرًا من سُوَيْد.

قال: قَوْله: ما يُمْني لك: ما يَقْدُرُ لكَ القَادِرُ الله عز وجل.

قَرَأتُ في رَسَائِل الوَزِبر أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ نُسْخَة كتاب كَتَبَهُ ليُعْرَضَ بالسُّدَّة القَادريَّةِ، وقد طُعِنَ عليه بالدَّار الخلَيْفَتِيَّةِ في مَذْهَبه، حيثُ وَزَر للمَلِك السَّعِيْد مُشَرِّف الدَّوْلَة أبي عليّ، وإنْكَار الاسم المَغْرِبيّ المَشْهُور به، وأنَّهُ نُسبَ إلى

(1)

الطبراني: المعجم الكبير 19: 432 (رقم 1049)، الهيثمي: مجمع الزوائد 8: 126، المتقي الهندي: كنز العمال 14: 39 (رقم 37876).

ص: 51

اعْتِقَاد المَذْهَب المِصْرِيّ والتَّدَيُّن به، فكَتَبَ رسالةً في ذلك، وكَتَبْتُها على وَجْهها، وحَذَفتُ من آخرها ما لا حَاجَةَ لي إليه، لِمَا فيها من ذِكْر نَسَبه، ومَنْشَأه، ومَذْهَبهِ، ومَبْدأ حالِهِ، وطَلَبهِ للعِلْم، واشْتِغَاله. والرِّسَالَةُ

(1)

:

الدَّهْرُ أبو العَجَائِب، وذُو الغَرَائِب، إلَّا أنَّني ما ظَنَنْتُه يُبْدعُ هذه البِدْعَةَ الشَّنْعَاء، ولا ظَنَنْتُه يُطْرق هذه الظِّنَّة النَّكْرَاء، ويَنْبَغي أنْ انْزِلَ عن الاحْتِجَاجِ للمَلِك، أدَامَ اللهُ بَقَاءهُ، وأعَزَّ نَصْرَهُ ولِوَاءَهُ، والمُؤْتَمَن على تَدْبِير، والسَّفِيْر بينهُ وبين عَسْكَره، أدَامَ اللهُ تَمْكِيْنَهُ، فإنَّ الله يَعْلم والنَّاسُ يَعْلَمُون خُلَوْصَ نِيَّاتِهِما في الطّاعَةِ، وبُعْدَهُما من هذه الشَّنَاعَةِ، فإنَّ تَشَاغلي بما يَخصُّني من هذه الحالِ الّتي ظَننتُ أنَّ العَرْضَ على اللهِ يَسْبِقُها، وأنَّ المُعْتَقَد المُقَدَّس قد اسْتَحْكَمَ في الثِّقَةِ بي، اسْتِحْكَامًا يُقَصِّر أيْدي اللِّئَام عن صِيَاغَةِ مثْلِها لي.

فإنْ كان يَظُنّ أنَّ ما وُسِمْتُ بهِ من النَّسَب المُسْتَعَار يَحْملُني على الإزْوِرَار، فإنَّ الأمرَ بضِدِّه؛ إذ كان أصْلِي من البَصْرَة، وانْتَقَلَ سَلَفِي عنها في فِتْنَةِ البَرِيْديّ إلى بَغْدَاد، وكان جَدُّ أبي، وهو أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد يَخْلُفُ على دِيْوَان المَغْرب، فنُسِبَ به إلى المَغْرِبيّ، ووُلد له جَدِّي الأدْنَى ببَغْدَاد في سُوق العَطَش، ونَشَأ وتقَلَّدَ أعْمَالًا كَثِيْرةً، منها تَدْبير مُحَمَّد بن يَاقُوت عند اسْتِيْلائهِ على أمْر المَمْلَكَة، وكان خَالُ أبي وهو أبو عليّ هَارُون بن عَبْدِ العَزِيْز الأوَارْجِيّ المَعْرُوف الّذي مَدَحَهُ المُتَنَبِّي

(2)

مُتَحقِّقًا (a) بصُحْبَة أبي بَكْر مُحَمَّد بن رَائِق، فلمَّا لَحقَ أبا بَكْر بن رَائِق ما لَحِقَهُ بالمَوْصِل، سَارَ جَدِّي وخالُ أبي إلى الشَّام، والْتقَيا بالإخْشِيْذِ، وأقام وَالدِي وعَمِّي، رَحِمَهُما اللهُ، بمَدِينَة السَّلام، وهما حَدَثان إلى أنْ تَوَطَّدَتْ أقْدام

(a) المقفى: متخفقًا.

_________

(1)

انظر نصّ رسالته إلى مشرف الدولة في المقفى للمقريزي 3: 548 - 552.

(2)

انظر قصيدة المتنبي في ديوانه بشرح العكبري 1: 12 - 31.

ص: 52

شُيُوخهما بتلك البِلادِ، وأنْفَذ الإخْشِيْذ غُلَامَهُ المعرُوفَ بفَاتِكٍ المَجْنُون المَمْدُوحَ المَشْهُور، فَحَملهما ومَنْ يليهما إلى الرَّحْبَةِ، وسَارَ بهما على طَرِيق الشَّام إلى مِصْر، فأقامَت الجَمَاعَة هناك إلى أنْ تَجَدَّدَتْ قُوَّةُ المُسْتَولِي على مِصْر، فانْتَقَلُوا بكُلِّيَّتهم وحَصَلُوا في حَيِّزِ سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان مُدَّة حَيَاته، واسْتَولَى جَدِّي على أمْره اسْتِيْلَاءً تَشْهَدُ به مَدَائِح أبي نَصْر بن نُبَاتَة فيهِ، ثمّ غَلَبَ أبي من بَعْده على أمْره وأمْر وَلَدِه غَلَبَةً تَدُلُّ عليها مَدَائِح أبي العبَّاس النَّامي فيه، ثُمَّ شَجِرَ بينهما ما يتَّفق مثْلُه بين المُتصَاحِبيْن في الدُّنْيا، ففَارَقَهُ من الرَّحْبَةِ.

وانْحَدَر إلى الأنْبَارِ قَاصِدًا مَدِينَة السَّلام، فلمَّا حَصَل بالأنْبَار، وَجَدَ العِرَاقَ مُضْطَرِبًا، وبَهَاءُ الدَّوْلَةِ، رحمه الله، في أوَّل أمْره غالبًا، فُخوِّفَ من المقام، فرَكِبَ مَغَرِّرًا بنَفْسه قَاصِدًا الشَّام ليَتَمكَّن من تَعَرُّف أخْبَارِنا، وافْتِكَاك إِسَارنا، فإنَّا كُنَّا بحَلَب مُعَوَّقين من بَعْده، فلَقِيَ بمِصْر الحُظْوَة الّتي عُرِفَتْ، ولَيْتَها ما اتَّفَقَتْ! فإنَّ خِتَامها كان سُمًّا ذُعَافًا، وعُقْبَاها كان بَوَارًا واجْتيَاحًا، وانتقَلْتُ في أَثره، وكانت وَالدَتي من أهْلِ العِرَاق، ولنا إلى اليَوْم أمْلَاكٌ، بالنُّعْمانيَّة مَوْرُوثَةٌ، فكُنَّا بمِصْر زُوَّارًا، وبالعِرَاق - لمَّا انْتَقَلْنا إليها - قَاطِنيِن وأُلَّافًا.

فهذا أوَّلًا حَدِيث الأصْلِ الّذي وَقَع الاشْتِباه وتَمَّ التِّمْويهُ فيهِ.

ثُمَّ أرْجعُ إلى ذكْر الدِّيْن، فإنِّي نَشَأتُ وغُذِّيْتُ بكَتْب الحَدِيْث، وحِفْظ القُرآن ومُنَاقبَة (A) الفُقَهَاء، ومُجَالَسة العُلَماء، ووالله ما رَأيْتُ قَطُّ بتلك البِلادِ مَأدُبَةً ولا وِليْمَةً إلَّا لعُرْسٍ، ولا كُنْتُ مُتَشَاغلًا إلَّا بعِلْم أو دْيْن، ولقد سَلِم لي من جُزَازَاتِ كُتُبِي ما هو اليَوْم دَالٌّ على تَشَاغُلي بالدِّين القَيِّم، واستْمرَاري على النَّهْج الأسْلَم؛ لأنَّهُ ليس كتاب من كُتُب السُّنَّةِ إلَّا وقد أحْطَتُ به رِوَايَةً

(a) كذا في الأصل، ونقل الشيخ حمد الجاسر هذه الترجمة في مقدمة تحقيقه لكتاب أدب الخواص 15، واستبدل هذه الكلمة بـ:"ومثافنة"، أي مصاحبة.

ص: 53

ورمْتُه دِرَايَةً، وهَا هُنا اليَوْم نُسْخَتان من مُوَطَّأ مالكٍ سَمَاعي من جِهَتَين، وعليهما خُطُوطُ الشَّيْخَين، والصَّحيْحَان لمُسْلِم والبُخاريّ، وجَامِع سُفْيان، ومَسَانيدُ عِدَّةٌ عن التَّابِعِين.

ولي - وأحْمَدُ اللّهَ - إمْلَاءاتٌ عدَّة في تفسِير القُرْآن وتأوِيْله، وتَخْريجاتٌ من الصِّحَاح المَذْكُورَة، وسَمِعْتُ كتابَ المُزَنِيّ عن الطَّحَاوِيّ عن المُزَنِيّ

(1)

. وأمَّا الأحَادِيْث المَنْثُورَةُ الّتي كُنْتُ أُبَكِّرُ بكُورَ الغُرَابِ لاسْتمَاعِها، وأَطَّرح رُتْبَة الدُّنْيا في مُزَاحَمَةِ أَشْيَاعِهَا، فأكْثَر من أنْ تُحْصَى، فكيفَ يظَنُّ بمثْلي ممَّن ظَهَر تَماسكُهُ إنْ كان لَم يَظْهَر باطنُهُ تَعَلّق بالهَبَاءِ المَنْثُور، وتَمَسُّك بالضَّلَال والزُّور.

وذَكَرَ باقي الرِّسَالَة، أنا اخْتَصَرْتُها.

قَرأتُ بخَطِّ أبي المَكَارِم عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن المُطَّلِب وَزِيِر تَقِيّ الدِّين عُمَر بن شَاهَنْشَاه، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَ عن ظَهْر النُّسْخَة الّتي اخْتَصَر فيها الوَزِيرُ أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ كتاب إصْلَاح المَنْطِق بخَطِّ أبيهِ أبي الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ: وُلِد - سَلَّمَهُ اللهُ، وبَلَّغَهُ مَبْلغِ الصَّالِحين - أوَّلَ وَقْت طُلُوع الفَجْر من ليلَةٍ صَبَاحُها يَوْم الأَحَد الثَّالِث عشر من ذِي الحِجَّة سَنَة سَبْعِين وثَلاثِمائة، واسْتَظْهَرَ القُرْآنَ وعدَّةً من الكُتُب المُجَرَّدةِ في اللغَةِ والنَّحْو، ونَحْو خَمْسَة عَشر أَلْف بَيْتٍ من مُحْتَارِ الشِّعْر القَديم، ونَظم الشِّعْر وتَصَرَّفَ في النَّثْر، وبلَغَ من الخطِّ ما يَقْصُر عنه نُظْراؤُه، ومن حِسَاب المُوَلّدِ والجَبْرِ والمُقَابَلَةِ وجَمِيْع الأدَوَاتِ إلى ما يَسْتَقِلّ بدُوْنهِ الكَاتِبُ، وذلك كُلّه قَبْل اسْتِكْمَاله أرْبَع عَشرة سَنَة، واخْتَصَر هذا الكتاب، فتَنَاهَى باخْتِصَاره، وأوْفَى على جميعِ فَوَائِده حتَّى لَم يَفُتْه شيءٌ من ألْفَاظه، وغَيَّر من أبْوَابهِ ما أوْجَبَ التَّدْبِيرُ تَغْييرهُ للحَاجَة إلى

(1)

علق الشيخ الجاسر عند هذا الموضع أنه ربما وقع سقط في الكلام لأن الطحاوي توفي سنة 321 هـ، بما يقتضي أن يكون بينهما من حدثه به عن الطحاوي.

ص: 54

الاخْتصَار، وجَمعَ كُلّ نوع إلى ما يليْق به، ثُمَّ ذَكَرتُ له نَظْمَهُ بعد اختِصَاره، فابْتَدَأَ به، وعَمِل منه عِدَّة أوْرَاق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل اسْتِكْمَالهِ سَبْع عَشْر سَنَةً، وأرْغَبُ إلى اللّهِ في بَقَائهِ وسَلَامَتِهِ.

وذَكَرَ الصَّابِئ في تَارِيْخهِ، قال: في شَهْر رَمَضَان من سَنَة أرْبَع عَشْرَة وأرْبَعِمائة قُبِضَ على أبي عليّ الرُّخَّجيِّ، وتقَلَّد وِزَارَة مُشَرِّف الدَّوْلةِ أبي عليّ أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين المَغْرِبيّ، وكان سَيِّئ التَّدْبِير لنَفْسِه، مُهَوَّرًا، قليل النَّظَر في العَوَاقِب، مع ما كان فيه من الفَضائِل الأدَبيَّة.

قَرأت بخَطِّ عَبْد القَوِيّ ابن الجلَيْس عَبْد العَزِيْز بن الحبُاب في ذِكْر الوَزِير أبي القَاسِم، قال: وذُكِرَ أنَّ موْلدَهُ كان بمِصْر في ليلَة الأَحَد الثَّالث عَشر من ذِي الحِجَّة سَنَة سَبْعِين وثَلاثِمائة.

قُلتُ: وهذا وَهْمٌ، ولَم يُوْلَد بمِصْر، وإنَّما وُلد بحَلَب في التَّاريخ المَذْكُور، لأنَّ أباهُ في هذا التَّاريخ كان بحَلَب في خِدْمَة أبي المَعَالِي شَرِيْف ابن سَيْف الدَّوْلَة.

قَرَأتُ في الرِّسَالةِ الّتي كَتَبَها أبو الحَسَن عليّ بن مَنْصُور بن طَالِب الحَلَبِيّ، المعرُوف بدَوْخَلَة، إلى أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللّهِ بن سُلَيمان، وأجابَهُ عنها أبو العَلَاء بن سُلَيمان برسالةِ الغُفْرَان، وقد ذَكَرَ كَلَامًا قال بَعْدَهُ

(1)

: ثمّ سَافَرْتُ منها - يعني من بَغْدَاد - إلى مِصْرَ، ولَقِيْتُ أبا الحَسَن المَغْرِبيّ، فألْزَمَني أنْ لَزِمْتُه لُزُوْمَ الظِّلّ، وكنتُ منه مَكَان المِثْلِ، في كَثْرة الإنْصَافِ، والحُنُوّ والإتْحاف (a)، فقال لي سِرًّا: أنا أخَافُ هِمَّةَ أبي القَاسِم تنْزُوَ به إلى أنْ يُوْرِدَنا وِرْدًا لاصدَرَ عنهُ، فإنْ كانت الأنْفَاسُ ممَّا تُحْفَظُ وتُكْتَب، فاكْتُبها واحْفَظْها وطالعْني بها.

(a) رسالة ابن القارح: والتحاف.

_________

(1)

رسالة ابن القارح - ضمن رسالة الغفران لأبي العلاء - 246 - 247.

ص: 55

فقال لي يَوْمًا: ما نَرْضَى بالخُمُول الّذي نحنُ فيه، فقُلتُ لَهُ: وأيّ خُمُول هُنا!؟ تأخذُونَ من مَوْلَانا - خَلَّدَ اللّهُ مُلكَه - في كُلِّ سَنَه ستَّة آلاف دِيْنارٍ، وأبُوكَ من شُيُوخ الدَّوْلَة، وهو مُعَظَّمٌ مُكَرَّم، فقال: أُرِيْدُ أنْ تصَار إلى دِيْوَاننا (a) الكَتَائِبُ والمَوَاكبُ والمَقَانِبُ

(1)

، ولا أرْضَى بأنْ يُجْرَى علينا كالوِلْدَان والنِّسْوَان! فأعدْتُ ذلك على أبيهِ، فقال: ما أخْوَفَني أنْ يَخْضِبَ أبو القَاسِمِ هذه من هذه، وقَبَضَ على لِحْيَته وهَامَتِهِ. وعَلم أبو القَاسِم، فصَارَتْ بيني وبينَهُ وقْفَةٌ.

وذَكَرَ دَوْخَلَة

(2)

أيْضًا في هذه الرِّسَالَة أنَّهُ دَخَلَ أنْطَاكِيَةَ، وخَرَجَ منها إلى مَلَطْيَة وبها المَايَسْطُرِيَّةُ خَوْلَة بنْتُ سَعْد الدَّولَة، قال: فأقَمْتُ عندَها إلى أنْ وَرَدَ عليَّ كتابُ أبي القَاسِم، فسِرْتُ إلى مَيَّافَارقِين، فكان يُسِرُّ حَسْوًا في ارْتِغَاءٍ

(3)

. قال لي يَوْمًا: لي أيَّامُ ما رأيتُكَ؟ قُلتُ: أَعَرَضَت حَاجَةٌ؟ قال: لا، أرَدْتُ أنْ ألْعَنَكَ، قلتُ: فالْعَنِّي غائبًا، قال: لا، في وَجْهكَ أشْفَى، قُلتُ: ولَمَ؟ قال: لمُخَالفَتِكَ إيَّاي فيما تَعْلَم.

وقُلْتُ له ونحنُ على أُنْسٍ بيني وبينَهُ: لي حُرُمات ثلاثٌ (b) : البَلَدِيَّةُ، وؤية أبيهِ لي، وتَرْبيَتي لإخْوَته، قال: هذه حُرمٌ مُهَتَّكَةٌ: البَلَدِيَّةُ نَسَبٌ بين الجِيْرَان، وتَرْبية أبي لك مِنَّةٌ لنا عليكَ، وتَرْبِيَتُكَ لإخْوَتي بالدَّنَانِيْر والخلعَ!.

أرَدْتُ أنْ أقُولَ لهُ: اسْتَرَحْت من حيثُ تَعِبَ الكِرَامُ، لخشَيْتُ جُنُونَهُ (c)، لأنَّهُ كان جُنُونُه مَجْنُونًا، وأصَحّ منه مَجْنُون، وأجَنُّ منهُ لا يكُون. وأُنْشدَ (d):[من الطّويل]

جُنُونكَ مَجْنُونٌ ولَسْتُ بوَاحِدٍ

طَبِيْبًا يُدَاوِي من جُنُونِ جُنُوِن

(a) رسالة ابن القارح: أبوابنا.

(b) الأصل: ثلاثة.

(c) رسالة ابن القارح: جنون جنونه.

(d) رسالة ابن القارح: وقد أُنشد.

_________

(1)

المقانب: جمع مقنب، وهي جَمَاعَة الخيل والفرسان. لسان العَرَب، مادة: قنب.

(2)

رسالة ابن القارح 247، ونقله القريني في المقفى 3: 556 - 560.

(3)

مثل يُضرب فيمن يُظهر أمرًا وهو يريد غيره، أو: يُظهر طلب القليل وهو يُسِرُّ أخذ الكثير. الزمخشري: المستقصى في أمثال العَرَب 2: 412.

ص: 56

بل جُنّ جِنَّانُه، ورقَص (a) شَيْطَانُه:[من الطّويل]

بهِ جنَّة مَجْنُونَة، غير أَنَّها

إذاحَصَلَتْ منها ألَبُّ وأعْقَلُ

قال

(1)

: وكان أبو القَاسِم مَلُولًا، والمَلُولُ رُبَّما مَلَّ الملَالَ، وكان لا يَمَلُّ أنْ يمَلّ، ويَحْقدُ حِقْدَ مَنْ لا تَلين كَبِدُه، ولا تَنْحَلُّ عُقَده.

قال

(2)

: وقال لي بعضُ الرؤسَاءِ: أنْتَ حَقُود ولَم يَكُن حَقُودًا! فقُلتُ لَهُ: أنْتَ لا تَعْرفُهُ، واللّه ما كانَ يُحْني عُوْدُه، ولا يُرْجَى عَوْدُه، وله رأيٌ يُزَيّنُ له العُقُوقَ، ويُمَقِّتُ إليهِ رِعَايَةَ الحُقُوق، بعيدٌ من الطَّبع الّذي هو للصَّدِّ صُدُود، وللتَّآلف أَلُوْفٌ وَدُود، كأنَّهُ من كِبْرِه قد رَكِبَ الفَلَك، واسْتَوى على ذَاتِ الحُبُك، ولَسْتُ ممَّن يرغَبُ في رَاغبٍ عن وُصْلَتِه، أو يَنْزعُ إلى نَازِع خُلَّته، فلمَّا رأيته سَادِرًا، جَارِيًا في قلَّة إنْصَافي على غُلْوائهِ، مَحَوْتُ ذِكْرَهُ عن صفْحَةِ فُؤادِيّ، واعْتَدَدْتُ وُدَّه فيما سَالَ به الوَادِي. وأنْشَدْتُ الرَّجُلَ أبْيَاتًا أعْتَذرُ فيها عن قَطْعي له

(3)

: [من الطّويل]

فلو كان منهُ الخَيْرُ إذْ كان شَرُّهُ

عَتِيْدًا لقُلْنا إنَّ خَيْرًا مع الشَّرِّ

ولو كان إذ لا خَيْرَ لا شرَّ عندَهُ

صَبَرْنا وقلنا لا يَريْشُ ولا يَبْرِي

ولكنَّهُ شَرٌّ ولا خَيْرَ عندَهُ (a) وليسَ على شرٍّ إذا دَام من صَبْرِ

قال

(4)

: وبُغْضِي له، شَهِدَ اللّه، حَيًّا ومَيِّتًا، أوْجَبَهُ أخْذُهُ مَحَارِيْبَ الكَعْبَة، الذَّهَبَ والفِضَّةَ، وضَرَبَها دَنَانِيْرَ ودَرَاهِم، وسَمَّاها الكَعْبيَّةَ

(5)

،

(a) الأصل: ورفض، والمثبت من رسالة ابن القارح.

_________

(1)

رسالة ابن القارح 249.

(2)

رسالة ابن القارح 249 - 250.

(3)

الأبيات في المقفى الكبير 3: 560.

(4)

رسالة ابن القارح 250.

(5)

ذكر الحميري أنَّ الَّذي أخذ محاريب الكعبة هو أمير مَكَّة أبو الفتوح الحَسَن بن جَعْفَر الحسينيّ، وعلى إثر ذلك أهدى صاحب عُمان بعد سنة 420 هـ محاريب من فضة سُمِّرت في جوف الكعبة. الحميري: الروض المعطار 413.

ص: 57

وأَنْهَبَ العَرَبَ الرَّمْلَةَ، وخَرَّب بغدَاد، وكَم دَمٍ سَفَك، وحَرِيْمٍ انْتَهَك، وحُرَّةٍ أرْمَلَ، وصَبِيّ أَيْتَمٍ!.

هذا ذَكَرَهُ عليّ بن مَنْصُور في رِسَالَته إلى أبي العَلَاء، وقد بَلَغَهُ أنَّهُ ذُكِرَ لأبي العَلَاء فقال: أعْرِفه خَبَرًا، هو الّذي هَجَا أبا القَاسِم الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ، فكَتَبَ إليهِ بذلك إقامةً لعُذْره في هَجْوه.

وقد كان بين أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ وبين عليّ بن المَنْصُور ما يُوْجِبُ أنْ لا يقبَلَ قَوْلُه فيه، وقد ظَفِرْتُ في بَعْضِ ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ بعض الأُدَبَاءِ ما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي القَاسِم الوَزِير: أنْشَدَني عليّ بن مَنْصُور، إنْ صَدَق! فيَدُلُّ على ما ذَكَرْتُه من حالهما.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(1)

، وأنْبَانَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ وغيره عنه، قال: وَزَرَ ببَغْدَاد الوَزِيرُ أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ في رَمَضَان سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة، بغَيْر خِلْعةٍ ولا لَقَب، ولا فَارَق الدَّرَّاعَة، وكان كَاتبًا مَلِيْحًا، شَاعِرًا، مُنَجِّمًا، فيلَسُوفًا، قيِّمًا بعُلُوم كَثِيْرة، وكان فيه حَسَدٌ، وجَرَتْ له ببَغْدَاد أُمُورٌ أوْجَبَت اسْتِيْحَاشَهُ من الخَلِيفَة، فتَنقَل إلى أنْ نَزَلَ على أبي نَصْر بن مَرْوَان على سَبِيْل الضِّيَافَة، فماتَ عندَهُ سَنَة ثماني عَشرة وأرْبَعِمائة.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد القَوِيّ بن عَبْد العَزِيْز بن الحُبَّاب في ذِكْر الوَزِير أبي القَاسِم، قال: وكان مُمَدَّحًا ومَقْصُودًا بالأدَب من جميع مَنْ يتعَلَّق به من العَجَم والعَرَب، مَدَحَهُ مِهيَارُ بن مَرْزَوَيْه في يَوْم نَوْرُوز، وقد أُحْضِرت إليهِ هَدَايا من الدَّيْلَم

(1)

بعضه في مختصر تاريخ حلب للعظيمي المنشور باسم تاريخ حلب 326.

ص: 58

والأتْرَاك على عَادَتهم مع الوُزَرَاء في مثْل اليَوْم المَذْكُور، واسْتَأذَنَهُ في الإنْشَادِ، فأَذِنَ له، فأنْشَدَهُ فَصِيْدتَهُ اللَّامِيَّة

(1)

: [من المتقارب]

عَسَى مُعْرِضٌ وَجْهُهُ يُقْبل (a)

فيُوهَبُ للآخر الأوَّلُ

منها

(2)

:

فِدَاك، وتَفْعَل ما لا تقُول

مُمَّن يقُولُ ولا يَفْعَلُ

يَلُومكَ في الجُوْد لمَّا عرَفْـ

ــتَ من شَرف الجُوْدِ ما يُجْهَلُ

سَللْتَ على المال سَيْلَ (a) العَطَاء

فلاحيكَ في الجُوْد مُسْتقتلُ

ومنها

(3)

:

أجرني أبتْ نحوه أنْ أضيْعَ (c)

وانْصُر دُعَائي فلا أُخْذَلُ

وصُن بك وَجْهيَ عمَّن سِوَاكَ

فما مثْلُ وَجْهِي يُسْتَبْذَلُ

فلمَّا انتهىَ إلى آخرها، اسْتَحْسَنَها وأُعْجِب بها، وأشَار إليهِ إلى النَّاحيَة الّتي فيها الدَّنَانيْرُ والدَّرَاهِمُ، فجلَسَ إليها، وفَتَح كُمَّه الأَيْسَر وجَمعَ إليهِ بيَدِهِ اليُمْنَى حتَّى مَلأهُ، ثمَّ فَتَحَ كُمَّه الأيْمَن وجَمَعَ إليهِ بيَدِه اليُسْرى إلى أنْ لَم يبقَ على الأرْض ديْنار ولا دِرْهَم، ونَهَضَ فقبَّل الأرْضَ وانْصَرفَ، وسُئِلَ عمَّا حَصَل له، فذَكَرَ أنَّ مَبْلَغه ألفًا ومائةً ونَيفًا وعشرين دِيْنارًا، وسَبْعَة آلاف وثَلاثِمائة دِرْهَم، وهذا عَطَاءٌ ما سُمعَ بمثْله ممَّن جادَ في وَقْته لشَاعرٍ سِوَاهُ.

قال: وكان قد عَبِثَ به بعضُ شُعَرَاءَ البَغْدَاديِّيْن عندما جَرَى له وهو في الوِزَارَة ما أوْجَبَ له الخُرُوجَ من بَغْدَاد، فقال فيه:[من المجتث]

(a) الديوان: مقبل.

(b) الديوان: سيف.

(c) صدره في الديوان: أجرني يجودك من أن أذل.

_________

(1)

ديوان مهيار 3: 124، من قصيدة طويلة أبياتها 146 بيتًا.

(2)

الديوان 3: 129.

(3)

الديوان 3: 131.

ص: 59

ويْلي وويْحي ووَيْهي

على مُلُوكِ بُوَيْهِ

يا ضَيْعَة المُلْك جَدًّا (a)

ويا بُكائي عليهِ

يا مَغْرِبيُّ رُويدًا

كيفَ اهْتَدَيْتَ إليهِ

سَلبتَهُ كُلَّ حَلْي

في جِيْدِهِ ويَدَيْهِ

سِيَاسَةُ المُلْكِ ليسَتْ

ما جاءَ عَنْ سِيْبَوَيْهِ

ثُمَّ لَقيْتُهُ بمَيَّافَارقِين، فأرادَ أنْ يَسْتَدْركَ ما فاتَهُ، ويَعْتَذر عمَّا سَبق منه، فقال فيه:[من مجزوء الكامل]

يا مُعْجزَ اللهِ الّذي

قد حَلَّ في أعْلَى مَحَلّ

لمَّا رَأيْتَ المُلْكَ في

هُوْنٍ ومَضْيْعةٍ وقُلِّ

أَكْبرتَ نفسَكَ أنْ تُدَبِّـ

ــر أمْر مُلْكٍ مُضْمَحِلّ

وهذا الشَّاعِر المَذْكُور، الّذي هَجَاهُ ثُمّ مَدَحَهُ، هو أبو عَبْد اللّه الخِيَمِيِّ الشَّاعِر.

وقيل: إنَّهُ عَمِلَ الأبْيَات اللَّامِيَة لمَّا حَصَل أبو القَاسِم عند قِرْوَاش بن مُقَلَّد بن مُسَيّب، وأنّهُ دَخَلَ إليهِ في جُمْلَة الشُّعَراء مَادِحًا، فقال: بأي وَجْهٍ تَلْقَاني؟ فقال: جَوَابي لك جَوَاب أبي الهَوْل الحِمْيَرِيّ للفَضْل بن يَحْيَى، وقد سَأله مثل هذه المَسْألَة، فقال: بالوَجْه الّذي ألْقَى به ربِّي وذُنُوبى إليهِ أكْثَر من ذُنُوبي إليكَ. وأنشدَهُ: يا مُعْجزَ اللهِ

الأبْيَات.

وذَكَرَ فيها بَيْتًا ثانيًا بعد الأوَّل: [من مجزوء الكامل]

ورَأَى جَمِيع مَمَالِك

الدُّنْيا بعَيْني مُسْتقلِّ

(a) كلمة غير واضحة في الأصل، والمثبت على التقرب وضبطها بفتح الجيم بمعنى: شأنًا وحظًا.

ص: 60

فقال: قد قَبِلْتُ عُذْرك، وأنا فَاعِلٌ بك ما فَعَلهُ الفَضْل بأبي الهَوْل

(1)

.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَتهِ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن مُحَمَّد المَغْرِبيّ بن يُوسُف بن بَحْر بن بَهْرَام بن المَرْزُبَان بن مَاهَان بن بَاذَام بن سَاسَان الحَرُوْن بن بلَاش (a) بن خايناشف بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر بن يَزْدَجِرْد، أبو القَاسِم بن أبي الحَسَن الوَزِير.

كان مع أبيهِ بمِصْر، فلَّا قَتَلَ المُلَّقَب بالحاكِم أباهُ، هَرَبَ من مِصْر، واسْتَجَار بحَسَّان بن المُفَرِّجِ (b) بن دَغْفَل بن الجَرَّاح الطَّائيّ، ومَدَحَهُ، فأجَارَه (c)، وسَكَّن جَأشَهُ، وأزَالَ خوْفَهُ واسْتِيْحاشَهُ، فأقامَ عندَهُ مُحْتَرمًا، ثمّ رَحَلَ عنه مُكَرَّمًا، وتَوَجَّه إلى العِرَاق، واجْتازَ بالبَلْقَاء من أعْمَال دِمَشْق، ووَزَرَ لقُرَيْشٍ أمير عُقَيْل، ووزَرَ لابن مَرْوَان صَاحِب دِيَار بَكْرٍ.

وكان أَدِيْبًا مُتَرَسِّلًا، وشَاعِرًا فَاضِلًا، ذا مَعْرفَة بصِنَاعَتَي الكتابة الإنْشَائيَّة والحِسَابيَّة، وحَدَّثَ عن الوَزِير أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَاتِ المَعْرُوف بابنِ حِنْزَابَة، رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو يَحْيَى عَبْد الحَميْد بن الحُسَين، وأبو الحَسَن بن الطَّيِّب الفَارِقِيّ.

قَوْل الحافِظ: ووَزَرَ لقُرَيش، وَهْمٌ؛ وإنَّما هو: قِرْوَاش.

وقَرَأتُ في جُزءٍ سَيَّرَهُ لي الشَّريف أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بخَطِّه، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ خَلَف بن عَبْد اللّه بن هِبَة الله بن جَرِير السَّعْدِيّ، قال:

(a) ابن عساكر: ملاس.

(b) ابن عساكر: الفرج، وتقدمت ترجمته في الجزء قبله.

(c) الأصل: فأجازه.

_________

(1)

ما فعله الفَضْل بن يَحْيَى البرمكي بأبي الهول كان أنْ ضحك ووصله. ابن قُتَيبة: عيون الأخبار 2: 29، ابن خلكان: وفيات الأعيان 4: 29 - 30، الوافي بالوفيات 24:69.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 105 - 106.

ص: 61

الوَزِير أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين المَغْرِبيّ، وقال: وكان أبو القَاسِم عَارِفًا فاضِلًا، وبَلِيْغًا مُتَرَسِّلًا، ومُفْتَنًا في كَثِيْر من العُلُوم الدِّيْنِيَّة والأدَبيَّة والنُّجُوميَّة، ومُشَارًا إليه في قوَة الذَّكَاء والفِطْنَةِ، وسُرْعَة الخَاطِر والبَدِيْهَة.

قال: وكان خَبِيْث البَاطِن، كَثِيْر الحِيَل، شَدِيد الحَسَد على الفَضْل، وإنْ أظْهَر المَيْلَ إلى أهْلِهِ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو صَالِح قرَاطَاش بن طُنْطَاش الظَّفَرِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد عليّ بن عَبْد القَاهِر بن آسِي، قال: أنْشَدَني أبو أُسامَة، قال: أنْشَدَني الوَزِير أبو القَاسِم المَغْرِبيّ لنَفْسِهِ. قال: وقد كان بَني دَارًا جديدةً، فانْتَقَل إليها فما جاءَهُ النَّوْم اللَّيْلة الأُوْلَى لتَغَيُّر المَكَان، فأنْشَدَ هذه الأبْيَات

(1)

: [من مجزوء الكامل]

إنِّي أَبثُّكَ من حَدِيْـ

ثي والحَدِيْثُ لهُ شُجُونُ

فَارَقْتُ مَوضِع مَوْطني (a)

ليْلًا فَفارَقَني السُّكُونُ

قُلْ لي فأوَّلُ لَيْلَةٍ

في القَبْر كيف تُرَى أكُونُ

أخْبَرَني الحافِظُ مُحِبُّ الدِّين أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديّ، قال: أخْبرَني أبو الفَرَج الفَتْحُ بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ بن هِبَةِ الله بن عَبْد السَّلام الكَاتِب ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَني جَدِّي أبو الفَتْح مُحَمَّد بنُ عليّ، قال: أنْشَدَنا أبو

_________

(a) ياقوت وسبط ابن الجوزي: مرقدي، وفي الوافي: غيرت موضع مرقدي.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 156، وانظرها في معجم الأدباء 3: 1099، ومرآة الزمان 18: 333، ووفيات الأعيان 2: 174، والوافي بالوفيات 13: 444 - 445.

ص: 62

مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب التَّمِيْمِيّ، قال: أنْشَدَنا الوَزِيرُ أبو القَاسِم الحُسَينُ بن عليّ بن المَغْرِبيِّ لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

تَأمَّلَ مَنْ أهْوَاهُ صُفْرَةَ خَاتِمي

فقال حَبِيْبي (a) لم تجنَّبْتَ أحْمَرَهْ

فقُلْتُ له من أحْمَر كان لَوْنُهُ

ولكن غَرَامي (b) حَلَّ فيه فغَيَّرَهْ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْدِ اللهِ بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: أنْشَدَني أبو نَصْر عُبَيْدُ الله بن عَبْد العَزِيْز بن المُؤَمَّل الرَّسُولِيّ ببَغْدَاد، قال: أنْشَدَني عليّ بن السَّكَن الفَارِقِيّ بمَيَّافَارقِين، قال: أنْشَدَني الوَزِيرُ أبو القَاسِم عليّ (c) بن الحُسَين المَغْرِبيّ لنَفْسِه

(2)

: [من الوافر]

غَزَالٌ حبّه للصَّبْر غَرْبٌ

ولكن وَجْهُه للحُسْنِ شَرْقُ

رددتُ وقد تَبَسَّم عنه طَرْفي

وقُلْتُ لهُ: تُرَى لي فيكَ (d) رِزْقُ

سَأَرْجُو الوَصْلَ لا أنِّي جَدِيرٌ

ولا قَدْرِي لقَدْرِكَ فيه رِفْقُ (e)

ولكنْ لَسْتُ أوَّلَ من تَمَنَّى

من الدُّنْيا الّذي لا يَسْتَحِقُّ

أخْبَرَنا أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو صالح قرَاطَاش بن طُنْطَاش الظَّفَرِيّ إمْلاءً، قال: أنْشَدَني أبو عَبْدِ

(a) ياقوت: بلطف.

(b) في تاريخ ابن عساكر ومعجم البلدان وتاريخ الذهبي: سقامي.

(c) كذا كتب اسمه في هذه الرواية والتي تليها، وأشَّر فوقها لوقوع الخطأ بكتب "صـ"، ونبه على وجه الصواب فيه بعد انتهاء الرواية الثانية.

(d) معجم الأدباء: منك.

(e) معجم الأدباء والوافي: وفق.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 129، وانظر تاريخ ابن عساكر 14: 108، ومعجم الأدباء 3: 1099، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 224، وتاريخ الإسلام 9:295.

(2)

ديوان الوزير المغربي 144، وفي معجم الأدباء 3: 1102 والوافي بالوفيات 12: 445.

ص: 63

الله مُحَمَّد بن جَرْدَة، قال: أنشدَني الوَزِيرُ أبو القَاسِم المَغْرِبيّ لنَفْسِه

(1)

: [من الكامل]

من بَعْد مُلْكِي رُمْتُم أنْ تَغْدرُوا

ما بَعْد فُرْقةِ بائعَيْن (a) تَخيُّرُ

رُدُّوا الهُدُوَّ (b) كما عَهِدْتُّ إلى الحَشَا

والمُقْلَتَيْن إلى (c) الكَرَى ثمّ اهْجروا

أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَرَدَانيّ، قال: أنْشَدَني بعضُ أصْحَابنا للوَزِير أبي القَاسِم عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ، وقد اجْتازَ بهِيْت، فزَارَ قبر عَبْد الله بن المُبارَك، وقال

(2)

: [من الطويل]

مَرَرْتُ بقَبْر ابنِ المُبارَك زَائِرًا

فأوْسَعَني وَعْظًا وليْسَ بنَاطِقِ

وقد كُنْتُ بالعِلْم الّذي في جَوَانحي

غَنِيًّا وبالشَّيْب الّذي في مَفَارِقي

ولكن أرَى الذِّكْرَى تُنَبِّهُ عبْرَةً

إذ هي جاءتْ من رجالِ الحقائق

كَذا وَقَعَ: أبي القَاسِم عليّ، وكَذَا ذَكره عليّ بن السَّكَن الفَارِقِيّ، وهو خَطَأٌ، وعليّ أبُوه.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن المُقَيِّر، إذْنًا وقد سَمِعْتُ منهُ غيره، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب المُبارَك بن عليّ بن مُحَمَّد بن خُضَيْر الصَّيْرَفِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد أحْمَد بن عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الصَّيْرَفِيّ، قراءةً عليه، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سهل النَّحْوِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن

(a) ابن عساكر: بيعين، ياقوت: ما ملكت.

(b) ابن عساكر وياقوت وسبط ابن الجوزي: الفؤاد.

(c) ياقوت: ولطرفي الساهي.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 130، وفي تاريخ ابن عساكر 14: 108، معجم الأدباء 3: 1099 ومرآة الزمان 18: 334.

(2)

ديوان الوزير المغربي 145.

ص: 64

عليّ بن المغرِبيّ لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

تَرَنَّمَ جَارِي والمُدَامُ تَهُزُّهُ

تَرَنّمَ قُمْرِيٍّ بفَرْعةِ ضَالِ

فجَاوبتُهُ من زفْرَتي بمُغَرِّدٍ

ونَاوبْتُهُ من أدْمُعِي بسِجَالِ

وقُلْتُ لهُ: يا جَارُ هل أنْتَ آمنٌ

تَفَرُّقَ أحْبَابٍ وحَرْبَ لَيَالِ

تُهَيّجُ لي الذِّكْرَى مِرَاحُكَ (a) كُلمَّا

هزَجْتَ فيَشْفي نَعِيْمِكَ بَالي

لئن جَمَعَتْ بيني وبينَكَ حِلْيَتي

لقد فرَّقَتْ بينى وبينكَ حَالي

تذَكَّرْتُ دَار الحَيّ إذ أنا بَاسِطٌ

ظِلَالي ومَجْمُوعٌ لديَّ رِجَالي

وإذ أنا بينَ النَّاسِ منزَعُ آمِلٍ

لِبَثِّ نَوَالٍ أو بِنَاءِ مَعَالِ

لعَمْري لقد أَسْهَلتُ في الأرْضِ بعدَما

زحْزَحَ عن رَيْبِ الزَّمان جِبَالي

أخْبَرَنا أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أبي بَكْر السَّمَرْقنديّ مُذَاكَرَةً، يَقُول: ما بَقي في الدُّنْيا مَن يَرْوي مُعْجَم أبي الحُسَين بن جُمَيْع غيري ولا بدِمَشْق أيْضًا ولا عن أبي الحَسَن عَبْد الدَّائم بن الحَسَن الهِلَالِيّ، ثُمَّ أنْشَد

(2)

: [من الطويل]

وأَعْجَبُ ما في الأمْر أنِّي عِشْتُ بَعْدَهُم

على أنَّهُم ما خَلَّفُوا فيَّ من بَطْشِ

ثُمَّ قال: وهذا البيت من قِطْعَةٍ أنْشَدناها أبو مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب التَّمِيْمِيّ للوَزِير أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ:

وما ظَبْيَةُ أَدْمَاءُ تَحْنُو على طَلًا

تَرَى الإنْسَ وَحْشًا وهي تأنَسُ بالوَحْشِ

غَدَتْ فأرْتَعَتْ ثُمَّ انْثَنَتْ لرضَاعِهِ

فلم تُلْفِ شَيئًا من قَوَائمِهِ الحُمْشِ (b)

(a) الديوان: هزاجك.

(b) الأصل: الحش، والمثبت من الديوان.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 149 - 150.

(2)

بيت الشعر والأبيات التي تليه في ديوان الوزير المغربي 140 - 141، والمنتظم لابن الجوزي 15:185.

ص: 65

فطَافَتْ بذَاك القَاعِ وَلْهَى فصَادَفَتْ

سِبَاعَ الفَلَا يَنْهَشْنَهُ أيَّما نَهْشِ

بأوْجَعَ منِّي يَوْم طلَّتْ (a) أنَامِلٌ

تُودَّعُني بالدُّرّ من شَبَكِ النَّقْشِ

وأجْمَالهُم (b) تُحْدَى وقد خَيَّل الهَوَى

كأنَّ مَطَايَاهُم على نَاظِري تَمْشِي

وأعْجَب ما في الأمْر أنِّي عِشْتُ بَعْدَهُم

على أنَّهُم ما خَلَّفُوا فيَّ من بَطْشِ

قَرَأتُ في بَعْض الفَوَائِد أنَّ الوَزِير أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن المَغْرِبيّ أَرِقَ ذاتَ ليلَةٍ أَرَقًا شَدِيْدًا، فإن لا يَزْدَادُ إلَّا قَلَقًا ولا يَزْدَادُ اللَّيْل إلَّا طُولًا، فقال لبَعْضِ نُدَمَائهِ: أيّ شيء تَعْرف من الشِّعْر في طُوْل اللَّيْل والسَّير والقَلَق؟ فقال: قَوْل بَشَّار بن بُرْدٍ

(1)

: [من الوافر]

جَفَتْ عَيْنِي عن التَّغْمِيْض حتَّى

كأنَّ جُفُونَها عنها قِصَارُ

أقُولُ ولَيْلَتي تَزْدَادُ طُوْلًا

أمَا للَّيْلِ عندَكُم (c) نَهَارُ

فقال: صَدَقْتَ وأحْسَنْتَ. ثمّ قال على البَدِيْهِ

(2)

: [من البسيط]

عَهْدِي به وردَاءُ الوَصْل يَجْمَعُنا

واللَّيْلُ أطوَلُهُ كاللَّمْحِ بالبَصَرِ

فالآن لَيْليَ مُذْ غابُوا فَديْتُهُمُ

لَيْلُ الضَّرِيْر وصُبْحِي غيرُ مُنْتَظَرِ

نَقَلْتُ من خَطِّ جَلَال الدَّوْلَة أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن عَبَّاد الكَاتِب المِصْرِيّ في شكّةٍ له ما صُوْرتُه: رَأيْتُ في بَعْضِ تَعَالِيْق الوَزِير أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ أبْيَاتًا كَتَبَ بها إلى إلْفٍ له في بَعْضِ الأغْرَاضِ، وشَفَعَها بأبياتٍ أُخْرى وَقَعَتْ منِّي مَوْقِفَ (d) الاسْتِطْرَاف والاسْتِظْرَاف، ونَافَسْتُ نَفْسِي في الانْفرَادِ بها عن حَضْرته

(a) الديوان: ظلت.

(b) الأصل: وأحمالهم، والمثبت من الديوان.

(c) الديوان: بعدهم.

(d) كذا في الأصل.

_________

(1)

ديوان بشار بن برد 3: 249.

(2)

ديوان الوزير المغربي 145.

ص: 66

العَاليةِ، والاسْتِئْثار بها دُونها، فأثْبَتُها، وهي

(1)

: [من الكامل]

يا مَن لقَلْبٍ هَائِم لَم يَسْتَطِعْ

ذِكْرَ اسْمِ مَنْ يَهْوَاهُ من إشْفَاقهِ

ولعَاشِقٍ غَلَبَتْ عليه خَجْلَةٌ

فكأنَّهُ المَعْشُوقُ في إطْرَاقهِ

يَنْهَى عن البَثِّ المُرِيْح لِسَانَهُ

فيَمُوتُ مَطْوِيًّا على أشْوَاقِهِ

سَمِعَ الغِنَاءَ فردَّ سَيْلَ دُمُوعِهِ

من بَعْد ما ذَابَتْ على آمَاقِهِ

عَبَثٌ من الأشْوَاق لو هُزِّتْ بهِ

أعْطَافُ غُصْنٍ سُلَّ من أوْرَاقهِ

كَتَمَ الهَوَى من بَعْدما نَمَّتْ بهِ

ريًّا كَنَشْر الرَّوْضِ من أَخْلَاقهِ

وَلدى الهَوَى العُذْرِيِّ طيبُ شَمَائِلٍ

ما مثْلُها تَخْفَى على ذوَّاقِهِ

وأرَى اللِّقَاءَ مع الحياءَ مُقَابلًا

منِّي ومنهُ مِثْلُ بُعْدِ فِرَاقِهِ

أو جمعَ الشَّوْقُ المُبَرِّحُ طَالِبًا

ما بين مَرْكز دُمْلُجَيْهِ وسَاقِهِ

قال: وكان بينَهُ وبين الإلْف الّذي كَتَب هذه الأبْيَات إليه مُحَالَفةٌ لَطِيْفةٌ في الله عز وجل على مَذْهَب التَّصَوُّف، ثمّ اعْتَرَض الدَّهْر بينهما بقَدْحهِ بين القُرَناءِ، فخافا من اتِّصَال المُمَازجَةِ قَالَةَ الأعْدَاء، فصَرَم حَبْلَهُ، واسْتَبْقَى بذلك في البَاطِن وَصْلَهُ، واتَّفقَ أنْ ضَاق صَدْرُ ذلك الأَليْف عن هذه السِّيَاسَةِ فَاعْتَلَّ وماتَ، فقال يَرْثِيهِ ويُعَرِّض ببعض الأغْرَاض الّتي قَلَّ ما قيل في مثْلها

(2)

: [من الطويل]

لقد بُؤْتُ مِن دِيْن المُرُوءَةِ بالكُفْرِ

وأصْبَحْتُ أغْشَى صَفْحَةَ الغَدْرِ بالغَدْرِ

عصَيْتُ الهَوَى العُذْرِيَّ في هَجْرِ شَادِن

أضَعْتُ بهِجْرَاني لَهُ فُرْصَةَ الدَّهْرِ

نَمَى في جُحُورِ الملْكِ ثُمَّ ملكتُهُ

بظِلِّ شَبَاب حازَهُ لي وما أَدْري

فَقَيَّدَ فَتْكِي في هَوَاهُ إنَابَةٌ

إلى الله خَلَّتْ دَمْعهُ وَاكِفًا يَجْري

(1)

ديوان الوزير المغربي 145.

(2)

ديوان الوزير المغربي 133 - 134.

ص: 67

يَهُونُ عليه أنْ تُسَاعِفَهُ المُنى

وأُرْجَمَ يَوْمَ البَعْث في لَهَبِ الجَمْرِ

وما زَال هِجْرَانِيْهِ حتَّى تَرَكتُهُ

جَديْثًا برَغْمِي مُوْدَعًا أضْلُعَ القَبْرِ

لقد كادَ ذَاكَ القَبْرُ يَوْمَ أزُوْرُهُ

يُعَلِّقُ ثَوْبي شَاكِيًا ألَمَ الهَجْرِ

بنَفْسِيَ مَنْ خَوْفي مِنَ الإثْمِ قَادَني

إلى الإثْمِ فاسْتَوْفيْتُ مِن قَتْلِهِ وِزْرِي

مَضَى والتُّقَى والحُسْنُ حَشْوُ ثِيَابِهِ

وأوْرَثَني منهُ الأسَى آخِرَ العُمْرِ

وقال في مثْل ذلك أيْضًا

(1)

: [من الطويل]

تَرَكْتُ بشَطِّ النِّيْل لي سَكَنًا فَرْدًا

حَبَسْتُ عليهِ الدَّمْعَ أنْ يَطَأ الخَدَّا

غَزَالٌ طَوَاهُ المَوْتُ من بَعْد هَجْرَةٍ

أطَعْنَا فلا كُنَّا بها الأسَدَ الوِرْدَا

فسَقْيا لمَهْجُور الفِنَاءِ كأنَّني

أعُدُّ له ذَنْبًا وأَطْوِي له حِقْدَا

أُسَمِّيهِ من فَرْط الصَّبَابَةِ مَضْجعًا

ولو طَاوَعَتْ نَفْسِي لسَمَّيْتُه لَحْدَا

وآخِرُ عَهْدِي من حَبِيبي أنَّهُ

مَضَى يَحْسَبُ الإعْرَاضَ عن هَجْرَه قَصْدَا

وزَوَّدَني يَوْمَ الحِمَام صَحِيْفَةً

وفي شعَارٍ لا جَدِيْدًا ولا جَرْدَا

قال يَصِفُ أنَّ ذلك الأَلِيْف، يَوْم مَوْتهِ، كَتَبَ إليه رُقْعَةً يَسْتَوْدعهُ فيها العَهْد الّذي بينَهُ وبيْنَهُ، ويَحْتَسبُ الله عليه في هجْرَانهِ، وأنفَذَ إليه معها إزارًا كان كَثِيْر الالْتِحَاف به على سَبِيْل التَّذْكَار.

أُدَاوِي بهِ تِخْفَاق قَلْبي كأنَّني

أَضُمُّ إليه صَاحِبَ البُرْدِ لا البُرْدَا

وقد كُنْتُ بالتَّقْبِيْل أمْحُو رِقَاعَهُ

فصِرتُ بماءِ الدَّمْع أَغْسلها وَجْدَا

عَدمْتُ فُؤادِي كَم أُرجِّي انْصِدَاعَهُ

ويَبْقَى على غَدْر الزَّمانِ صَفًّا صَلْدا (a)

بَكَيْتُ دَفِيْنًا ليْتَهُ كان باكيًا

عليَّ فقَاسَى دُوْنِيَ الثُّكْلَ والفَقْدَا

(a) الديوان: جلدا.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 123 - 124.

ص: 68

مَضى والتُّقَى والنُّسْكُ حَشْوُ ثِيَابه

ورحَّل عنها الحُسْنَ والظَّرْفَ والحَمْدَا

حَرَام علي أيْدِي الحَرَام مُمنَّعٌ

وإنْ كان أنْدى الحبُّ يَشْغَلُهُ وَفْدَا

فيا لَيْتَ شِعْري عنْكَ والتُّرْبُ بيْنَنا

وذَاكَ وإنْ قربتهُ نَازِحٌ جِدَّا

مَنَحْتَ الثَّرَى تلك المَحَاسِنَ أم تُرَى

غُصِبْتَ عليها أم سَمِحْتَ بها عَمْدَا

أَبَحْتَ الرِّضَابَ العَذْبَ بَعْدَ تَمنعُ

وأبْرَزْتَ ذاكَ الجِيْدَ والفَاحمَ الجَعْدَا

طَوَتْ بَعْدَكَ الدُّنْيا رداءَ جَمَالها

فلا روْضُها يُجْلَى ولا تُربُها يَنْدَى

ونَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَبْد الله بنِ عَبَّادٍ الكَاتِب، ومن خَطِّ القَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ البَيْسَانِيّ، واخْتارهُ كُلّ واحدٍ منهما لأبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن المَغْرِبيّ

(1)

: [من مجزوء الكامل]

يا رَبَّ ظَبْي قد طَرَقْـ

تُ وِسَادَهُ في اللَّيْلِ سِرًّا

فَفَشَشْتُ قُفْلًا من عَقِيْـ

_________

قٍ أحْمَرٍ وسَرَقْتُ دُرَّا

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(2)

، وأنْبَأنَا عنه المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: كَتَبَ أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ إلى الحاكِم يقُول

(3)

: [من الطويل]

وأنْتَ، وحَسْبي أنْتَ، تَعْلم أنَّ لي

لسَانًا وراءَ المَجْدِ يَبْني ويَهْدِمُ

وليسَ حَلِيمًا مَنْ تُقَبَّلُ كَفُّهُ

فيَرْضَى ولكن من تُعَضُّ فيَحْلُمُ

قُلتُ: وهذان البَيْتان كَتَبهما إلى الحاكِم بعد أنْ قَتَل الحاكِم أباهُ عليًّا، وعَمّه مُحَمَّدًا على ما نَذْكُره في تَرْجَمَةِ أبيهِ عليّ

(4)

إنْ شَاءَ اللهُ، وطَلَبَ الحاكِمُ أبا القَاسِم وأخَوَيه، فظَفر بأخَويهِ فقَتَلَهُما، واسْتَتَر أبو القَاسِم، وهَرَبَ إلى الشَّام

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 130.

(2)

لم يرد في نشرة تاريخ حلب للعظيمي "المختصر".

(3)

ديوان الوزير المغربي 153، وفي تاريخ الإِسلام 9: 396، والمقفى للمقريزي 3:543.

(4)

ترجمة علي بن الحسين المغربي في جزء من أجزاء الكتاب الضائعة.

ص: 69

مع بعض العُرْبَان، وحَصَل عند حَسَّان بن المُفَرِّج واسْتَجَار به، وأشار على حَسَّان بمُبَاينة الحاكِم ولقاء يَارخْتِكِيْن حين سَيَّرهُ الحاكِم إلى الشَّام، فالْتَقَاهُ وأَسَرَهُ وضَرَب عُنُقه

(1)

.

ثمّ اجْتَمع أبو القَاسِم بالمُفَرِّج ووَلده، وأشَار عليهم بمُرَاسَلَة أبي الفُتُوح الحَسَن بن جَعْفَر العَلَويّ أمير مَكَّة ومُبَايعَته، وتَرَسَّل إليه عنهم بنَفْسه، وسَهُلَ عليه الأمْر، فطَمع، وبايَعَهُ بنُو حَسَن وتَلقَّب بالرَّاشِد، وصَعِدَ المِنْبَر وخَطَب لنَفْسِه

(2)

.

وسار ابن المَغْرِبيّ برسالته إلى العَرَب كُلّها من سُلَيْم وهِلَال وعَوْف بن عَامِر وغيرهم، ثُمّ سَارَ بهِ وبمَن اجْتَمع إليه إلى الشَّام، ودَخَلَ به الرَّمْلَة فتَلقَّاهُ بنو الجَرَّاح وقَبَّلُوا الأرْضَ بينَ يَدَيْهِ، وسَلَّمُوا عليه بإمْرة المُؤْمنِيْن، وأمَرَ بالمعرُوف، ونَهَى عن المُنْكَر، وخَطَب بها على المِنْبَر، فعَظُم ذلك على الحاكِم، فكَتَبَ إلى حَسَّان وإلى أبيه المُفَرِّج

(3)

، وبَذَل لهما بذُولًا كَثِيْرة حتَّى فلَّهُما عن ذلك الجَمْع، وجَعَلهُما في حَيِّزه، وضَعُف أمْر أبي الفُتُوح، وبانَ له تغيُّر آل الجرَّاح، فخافَ أنْ تَخْرُج مَكَّة من يَدِه، فاسْتَجارِ بالمُفَرِّج، وطَلَبَ منه أنْ يُبْلغه مأمنَهُ، ويُسَيِّرهُ إلى وَطَنه، محفظ المُفَرِّج ذِمَامَهُ، وسَيَّرهُ مع مَنْ أجازَهُ وَادِي القُرَى، وتَلقَّاهُ بنُو حَسن ومَضَوا به إلى مَكَّة، وكَتَب إلى الحاكِم، واعْتَذَر له فقَبِلَ عُذْرهُ.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد القَوِيّ ابن القَاضِي الجلِيْس عَبْد العَزِيْز بن الحُبَاب في جُزءٍ جَمع فيه شَيئًا من أحْوَال أبي القَاسِم بن المغرِبيّ، قال فيه - وأجازَ لنا عَبْدُ

(1)

تقدم لابن العديم في ترجمة حسان بن المفرج الإشارة - بأوعب من هذا - إلى خبر مقتل يارختكين على يد حسان بن الجراح بإشارة الوزير ابن المغربي. انظر الجزء الخامس فيما تقدم.

(2)

الخبر في مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 18: 58.

(3)

انظر نماذج من هذه المراسلات مما كتبه أبو سعد العميدي (ت 433 هـ)، منها: كتاب وعيد إلى حسان لما نهب الرملة، ورسالة إلى صالح بن مرداس، ورسائل أخرى في ذات الغرض. انظر رسائل العميدي 248، 267.

ص: 70

القَوِيّ الرِّوَايَة عنه: فأمّا أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ فإنَّهُ كَتَبَ إلى الحاكِم كتَابًا صَدَّرَهُ بقَوْله

(1)

: [من الطويل]

وأنْتَ، وحَسْبي أنْتَ، تَعْلَم أنَّ لي

لسَانًا أمامَ المَجْد يَبْنى ويَهْدِمُ

وليسَ حَلِيمًا من تُبَاسُ يَمِيْنهُ

فيَرْضَى ولكن مَنْ تُعَضّ فيَحلُمُ

فسَيَّرَ إليه أمانًا بخَطِّه، نُسْخَتهُ

(2)

:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتابٌ كَتَبَهُ المنصُور أبو عليّ، الإمَام الحاكِم بأمْرِ الله أَمِير المُؤْمنِيْن ابن الإمَام العَزِيز باللهِ أَمِير المُؤْمنِيْن لحُسَين بن عليّ بن حُسَين المَغْرِبيّ:

أنَّكَ آمِنٌ بأمَان اللهِ ورَسُوله مُحَمَّد المُصْطَفَى، وأبينا عليّ المُرْتَضَى، والأئمَّة من آلِهما مَصَابيح الدُّجَى، صلى الله عليه وسلم، وأمَان أبينا الأقْرَب نِزَار أبي المَنْصُور العَزيْز بالله أَمِير المُؤْمنِيْن، قَدَّسَ اللهُ رُوْحَه، وصَلَّى عليه: على النَّفْس، والجِسْم، وجميع الجَوَارِح والحَوَاسّ، والمَال، والحال، والأهْل والأقَارب، والأسْبَاب (a)؛ أمَانًا مَاضِيًا لا يُتَعَقَّب بتأوِيْلٍ، ولا يُتْبَعُ بفَسْخٍ ولا تَبْدِيل.

وأنَّ الإمَام الحاكِم بأمْرِ اللهِ أَمِير المُؤْمنِيْن آمنَ حُسَيْن بن عليّ بهذا الأمَان، بعد أنْ تَحقَّق له ذُنُوبًا كبيرةً، وأَجْرَامًا عَظِيمَة، فصَفَحَ عن عِلْمٍ، وتَجاوَزَ عن مَعْرفَةٍ وحِلْم، وجَعَل هذا الأمَان كالإسْلَام الّذى يَمْحُو ما قبْلهُ، ويُمَهِّد الخَيْر لِمَا بَعْدَهُ، فكُلّ سِعَايَةٍ ووِشَايَةٍ، وذَنْبٍ وجَريْمةٍ تُنْسَبُ إلى حُسَيْن بن عليّ هذا، قد

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من المقفى.

_________

(1)

ديوان الوزير المغربي 153، وفي تاريخ الإِسلام 9: 296، والمقفى 3:543.

(2)

نصّ الكتاب في المقفى 3: 543 - 544.

ص: 71

تَحقَّق أَمِير المُؤْمنِيْن أكْثر منها، وصَفَحَ عنه، فلا يَد له عليه إلَّا بالإحْسان إليه.

وأنَّ لحُسَيْن بن عليّ هذا اخْتِيَاره - عندَ وقُوفه على هذا الكتاب - في انْكِفَائهِ إلى البَاب العَزِيْز والتَّعرُّض للخِدْمَة، أو التَّوفُّر على العِبَادَة؛ لا يُكْره على خِدْمَة يستَعْفي منها، ولا تُقبل عليه الأقَاوِيْل في خِدْمَة يتعلَّق (a) بها.

وأقْسَمَ أَمِير المُؤْمنِيْن الحاكِم بأمْر الله على ذلك بأيْمان الله، وغَلِيْظ مَوَاثِيْقه، وبَيْته الحَرَام، ومَشَاعره العِظَام، وآياته الكِرَام، وحُقُوق جمِيع آبائهِ عليهم السلام، فمتى غيَّر أو بدَّل، أو أمَرَ أَو أمْلَى، أو أَسَرَّ أو أعْلَن، أو دسَّ أو اغْتَال، فجَميع المُسْلمين في شرْق الأرْض وغَرْبها، وفي المُوْقَان، والرَّيّ، وجُدَّة، وأَذْرَبِيْجَان، والدِّيْنَور، وهَمَذَان، والسَّهْل والجَبَل، والقَرِيْب والبَعِيْد، والعِرَاق، والشَّام، وديار رَبِيْعَة، ودِيَار بَكْر، وديار مُضَر، وحَلَب، ومِصْر، والحِجَاز، والمَغْرب، في حِلٍّ وسَعَة من بَيْعَته، وقد فَسَح اللهُ لهم، وفَسَحَ لهم أَمِير المُؤْمنِيْن في النَّكْث لها، وبرَّأ نَفْسَهُ ممَّا أوْجَبَهُ عليهم والتزمُوه في أعْنَاقهم، وقد بَرئ من الله ورَسُوله، والله ورَسُوله منه بَريْئان، وبَرئ إليه من حَوْلهِ وقُوَّته، والْتَجى إلى حَوْل نفسه وقُوَّتها، وأشْهَد الله وملائكته وصَالحي خَلْقه على نَفْسه بذلك كُلّه؛ أمَانًا مُؤكِّدًا، وذِمَامًا مُؤبَّدًا، وعَهْدًا مَسْؤُولًا، ومِيْثَاقًا مَحْفُوظًا مَرْعِيًّا، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}

(1)

. وكَتَب المَنْصُور بيَده.

وتوجَّه ابنُ المَغْرِبيّ قَبْلَ وُصُول هذا الأمَان إليه إلى العِرَاق، وقَصَدَ فَجْر المُلْكِ أبا غالب وَزِير مُشَرِّف الدَّوْلَةِ أبي عليّ، وبَلغَ القَادِر باللهِ خَبَرُه، فاتَّهمه بالوُرُود لإفْسَادِ الدَّوْلَة العبَّاسيَّةِ، وتردَّد بينه وبين فَخْر المُلْك في بابهِ ما أوْجَب

(a) مهملة الأول في الأصل، والمثبت من المقفى.

_________

(1)

سورة الفتح، من الآية 28، سورة النساء، من الآية 79، سورة المائدة، الآية 166.

ص: 72

خُرُوجَه إلى وَاسِط، وكَتَبَ فَخْر المُلْك بحرَاسَتهِ هناك ومَعْرفَة حَقِّهِ، وأقام مُدَّةً على هذه الجُمْلَة من أمْره، حتَّى إذا تُوفِّي فَخْر المُلْك شَاع في إصْلَاح القَادِر باللهِ، واسْتِعْطَاف رَأيهِ، وإبْرَاءِ سَاحتِه عنده ممَّا كان ظَنَّ به وقَدَّر فيهِ.

وعَادَ إلى بَغْدَاد وأقامَ أيَّامًا بها، ثمٍّ مَضَى إلى قِرْوَاش بن المُقَلَّد أمير العَرَب، وسَارَ معه إلى الموصل فأقام بها مُدَيْدَةً يَسِيْرة، وخَافَهُ المَعْرُوف بابنِ أبي الوَزِير الكَافِي، وكان إذ ذاكَ وَزِيرًا لقِرْوَاش، ومُدَبِّرًا لأُمُور دَوْلته، فَحَمَل إليهِ مَالًا كَثيْرًا، وتقدَّم له بالرَّحِيْلِ، فسار عنها مُتَوَجِّهًا إلى ديَار بَكْر، وأميرها إذ ذاك نَصْر الدَّولَة أبو نَصْر أحْمَد بن مَرْوَان الكُرْدِيّ

(1)

، فأقامَ عنده مُدَّةً على سَبِيْل الضِّيَافَة، ثُمَّ خُوْطِبَ في التَّصَرُّف، ففَعَلَهُ بعد إباءً شَديدٍ، وامْتِناع كَثِيْر، وكانت لبْسَته إذ ذاك المُرقَّعة والصُّوف، ولم تَمْض إلَّا مُدَّة يَسِيْرة حتَّى غيَّر ذلك اللِّبَاس، وظَهَر أمره بعد الالْتِبَاس، وانكشَفَت حالهُ لجيع النَّاسِ، وجرت حاله على ما قال، وقد ابْتَاع غُلامًا تُرْكيًّا كان يَهْوَاه قبل أنْ يَبِيْعه منه مَوْلاهُ

(2)

: [من الوافر]

تبدَّل من مُرَقَّعَةٍ ونُسْكٍ

بأنْوَاعَ المُمَسَّكِ والشُّفُوفِ (a)

وعَنَّ له غَزَالٌ، ليس يُحْوي

هَوَاه ولا رضاهُ بلُبْسِ صُوْفِ

فعادَ أشَدَّ ما كان انْتهاكًا

كذاك الدَّهْرُ مُخْتلفُ الصُّرُوفِ

وأقامَ هُناكَ مُدَّةً طَوِيلَةً في أعْلَى حالٍ، وأصَلّ رُتْبةٍ، وأعْظَم مَنْزِلةٍ، ثمّ كُوْتِبَ من المَوْصِلِ بالمَسِيْر إليها، وعَرَض عليه صاحِبُها وزَارَتَهُ، وذلك بعد وَفَاةِ الكَافِي وَزِيره، فسَار عن مَيَّافَارقِين ودِيَار بَكْر على سَبِيْل اعْتِبَار الأعْمَال، وتَصَفُّح

(a) المقفى: والصنوف.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء الثالث، ووزر له أبو القاسم المغربي مرتين. انظر: سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 125.

(2)

ديوان الوزير المغربي 144 وفي إعتاب الكتاب لابن الأبار 206 والمقفى 3: 546.

ص: 73

العُمَّال، وتَمادَى به السَّيْرُ إلى أنْ قَرُب من المَوْصِل، ثمّ أسْرَى من اللَّيْل فصَبَّح المَوْصِل، واجْتَمع بصَاحِبها وقلَّدَهُ وزَارَتهُ، وتَردَّد في الدُّخُول إلى الحَضْرة، ووسَاطَة ما بين السُّلْطان وبين مُعْتَمد الدَّوْلَة، واجْتَمع برُؤَسَاء الأتْراك والدَّيْلَم واسْتمالَهم، وكان المَلِك ببَغْدَاد إذا ذاك أبو عليّ ابن سُلْطان الدَّوْلَة أبي شُجاع ابن بَهَاء الدَّوْلَة أبي نَصْر ابن عَضُد الدَّوْلَة أبي شُجاع ابن رُكْن الدَّوْلَة أبي عليّ، وشَرَع له أبو مَنْصُور قردُوسْت في الوِزَارَة شُرُوعًا لَم يتمّ في حَيَاتِهِ، وعَدَل أبو القَاسِم بعد وَفَاته إلى مُراسَلَةِ الأثِيْر أبي المِسْك عَنْبر واسْتِمَالَته، واعْتَنق السِّفَارَة بينه وبين أبو الحُسَين بن وصِيْف، فلمَّا قبض على مُؤيَّد المُلْك، كُوْتِبَ أبو القَاسِم بالوُرُود، فوَرَد وتقَلَّد الوِزَارَة بغير خُلَعِ ولا لَقَب ولا مُفَارَقة للدَّرَّاعَة، وذلك في شَهر رَمَضَان سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

وكان عَالِمًا فَاضِلًا، وبَلِيْغًا مُتَرَسِّلًا، ومُفَنَّنًا في كَثِيْر من العُلُوم الدِّيْنِيَّة والأدَبيَّة والنُّجُوميَّة، ومُشَارًا إليه في قُوَّة الذَّكَاء والفِطْنَة، وسُرْعة الخَاطِر والبَدِيْهَة، وأقامَ في الوِزَارَة بالحَضْرة شُهُورًا، أوْحَشَ فيها الأَمِير أبا المِسْك من الوَافي أبي مُقَاتِل أَرَسْلَان الطَّويل، وأغْرَاهُ به حتَّى قَبَض عليه وقتَلَهُ، وجَرَى في أثْناء ذلك من الأُمُور الّتي دَعَت مُشَرِّف الدَّوْلَة والأَمِير أبا المِسْك إلى مُفَارقة بغْدَاد والخُرُوج إلى أَوَانَا ما قد شُرِحَ في كُتُب التَّوَاريْخ.

وخَرَجَ الوَزِير أبو القَاسِم معهما، ثمّ عَرض له من الإشْفَاق ما حَمَلهُ على مُفارَقتهما، وقَصْد مُعْتَمد الدَّولَةِ أبي المَنيع قِرْوَاش، وتجدّد من سُوءِ رَأي الخلِيفَةِ القَادِر باللهِ فيه لِمَا حَدَث بين الزَّكِّي أبي عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن وأبي الحَسَن عليّ بن أبي طَالِب، وبين أبي عليّ المُخْتَار بن عُبَيْدِ الله والهاشِمِيِّيْن بالكُوفَة من الفِتْنَة الّتي ذَهَبَت فيها النُّفُوس والأمْوَال، ممَّا جُمِعَت فيهِ الجُمُوع، وعُقِدَت بهِ المحاضر المُشْتَملة على ذَمِّهِ، والوَقِيْعَة فيه ما أوْجَب له قَصْد نَصْرِ الدَّولَةِ أبي

ص: 74

نَصْر بن مَرْوَان، والبُعْد إلى بلادهِ، فأقامَ عندَهُ على حُكْم الضِّيَافَة مُدَّةً؛ أكْرَمَهُ فيها نَصْرُ الدَّولَةِ غاية الإكْرَام، وأقْطَعهُ ضِيَاعًا جَلِيْلَةً تَقُوم به وبمَن وَصَل معه من حَاشِيَته وأتْبَاعه، ولَم يزل عنده إلى أنْ كُوْتِبَ من بَغْدَاد بالعَوْد إليها، فاسْتأذَن نَصْر الدَّولَة على ذلك فلم يُمكنه مُخَالَفتهُ.

قُلتُ: وحَالَت المَنِيَّة بينَهُ وبين الوُصول إلى بَغْدَاد، على ما نَذكُرهُ في وَفَاته إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى بمَيّافَارقِين.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَمِ خَمِيْس بن عليّ الحوزِيّ الحافِظ، قال: سَمِعْتُ غير واحدٍ من أصْحَابنا يَقُول: لمَّا نَزل الوَزِيرُ المَغْرِبيُّ بوَاسِط في دَرْب الوَاسِطِيِّيْن، مَكُث أيَّامًا لَم يَحْضُر مَسْجِدَهُم، فدَخَلَ عليه أبو بَكْر هذا - يعني أبا بَكْر أحْمَد بن العبَّاس الدُّوْنَبانيّ (a) - فقال: يا شَيْخ، يا أُسْتَاذ، يا وَزِير، مهما شِئْتَ كُنْ! إنْ كُنْتَ تَحْضر مَسْجِدنا هذا في الصَّلَوَاتِ الخمْسِ وإلَّا فانْتَقِل عنَّا، فقال: السَّمْعُ والطَّاعَة أيُّها الشَّيْخ، ثُمَّ انتقَلَ عنهم من يَوْمهِ.

(a) الأصل: الدونباي، ولم ترد النسبة عند ابن ماكولا ولا السمعاني، والمثبت من تاريخ بغداد 16: 422، ذكره عرضًا في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن تحية الواسطي.

ص: 75

بسم الله الرحمن الرحيم

وبِهِ تَوْفِيقِي

نَقَلْتُ من كتاب المُفَاوَضَة، جَمْعُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، من خَطِّهِ، وأخْبَرَنَا به أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك في كتابهِ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إذْنًا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن مِهْيَار الشَّاعر، قال: لمَّا وَزَرَ أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ ببَغْدَاد تَعَظَّم وتَكَبَّر، ورَهِبَهُ النَّاس، وانْقَبَضْتُ عن لقائهِ، ثمّ خِفْتُ عَاقِبَة ذلك، فعَمِلتُ فيه قَصِيْدَتي البَائيَّة المَشْهُورة الّتي أوَّلُها

(1)

: [من السريع]

هل عندَ عَيْنيك على غُرَّبِ

ودَخَلْتُ إليهِ فوقفْتُ بينَ يَدَيْهِ طَمَعًا في أنْ يُجْلسَني، فما فَعَل، فأنْشَدتُهُ:

نَعَمْ دُمُوعٌ يكتَسِي تُرْبُهُ

منها قَمِيْصُ البَلَدِ المُعْشِبِ

فرَفعَ طَرْفَهُ إليَّ وقال: إجْلِسْ أيُّها الشَّيْخ، فجلَسْتُ، ومَرَرْتُ في القَصِيدَة حتَّى بَلَغْتُ إلى قَوْلي

(2)

:

جاءَ بكَ اللّهُ على فَتْرةٍ

بآيةٍ مَنْ يَرَها يعْجَبِ

لَم تَألَف الأبْصَار من قبلها

أنْ تطلُعَ الشَّمْسُ من المَغْرِبِ

فقال: أحْسَنْتَ يا سَيِّدِيّ، فلمَّا فَرَغْتُ من الإنْشَادِ، جَمَعَ كُلِّ ما كان بينَ يَدَيْهِ من دِيْنارٍ ودِرْهَمٍ، فدفَعَهُ إليَّ، وكان قَدْرها مائتي دِيْنار، فقبَّلْتُ الأرْض وانْصَرَفْتُ.

(1)

ديوان مهيار الديلمي 1: 75، وعجز البيت: غرامةٌ بالعارضِ الخُلَّب.

(2)

ديوان مهيار 1: 78.

ص: 76

ودَخَل الصَّاحِب أبو القَاسِم بن عبد الرَّحيم، رحمه الله، فأعْطَاهُ دِيْنارًا ودِرْهمًا، فصَاحَ بي: أيُّها الشَّيْخ، فرجَعْتُ فسلَّمهُما إليَّ، وكان في الدِيْنارِ ثَلاثُون مِثْقَالًا خلَاصًا، ثمّ اسْتَدْعَى طَسْتًا وغَسَل كُلّ ما مُدِح به من الشِّعْر في ذلكَ اليَوْم.

قال أبو الحَسَن بن نَصْر: وهذا وإنْ كان إحْسَانًا من جانب، فهو سَرَفٌ من جانب، ولو أحْسَن الدَّهْر كُلّه نَهاره وليْلَه لمَحاهُ ما اسْتَجازَهُ في الصَّاحِب أبي القَاسِم رضي الله عنه.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: وَجَدْتُ بخَطِّ أبِي الفَضْل بن خَيْرُون: الوَزِير أبو القَاسِم المَغْرِبيّ بمَيَّافَارقِين يَوْم الأَحَد الحَادِي عَشر من شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَماني عَشرة وأرْبَعِمائة؛ يعني مات.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد القَوِيّ بن الحُبَاب في تَعْلِيقه الّذي ذَكَرَ فيه ابن المَغْرِبيّ، قال: وذُكِرَ أنَّ بعض وزَرَائه - يعني أبا نَصْر بن مَرْوَان - ويُعْرَفُ بأبي الحَسَن مُحَمَّد بن القَاسِم بن صِقْلَاب، من أهْلِ المَوْصِل، قال له: إنَّ هذا رَجُلٌ عظيِمٌ له سِيَاسَةٌ وتَدْبير وعِظَمِ حِيْلَةٍ، وقد بَلَغَك ما فَعَلهُ من الأُمُور العِظَام، وأنَّهُ دَوَّخ المَمَالِكَ، وقَلَبَ الدُّول، وقد خَبر حَال هذا البَلَد وطال مقامهُ فيه، وعَرِف غَوَامِض أسْرَاره، ولست تأمن مَكْرَهُ، فاحْتَال عليه وسَقَاهُ السُّمّ في شَرَابه، وكان مُبرزًا بأخْبِيَته وفَسَاطِيْطه بِظَاهِر مَيَّافَارقِين، فلمَّا أحَسَّ بالمَوْت تقدَّم بردِّهِ إِلى المَدِينَة فرُدَّ إليها، وتُوفِّيَ بها في شَهْر (a) رَمَضَان سَنَة ثَماني عشرة وأرْبَعِمائة، وأوْصَى

(a) الأصل: شهور.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 109.

ص: 77

أنْ تُحْمل جُثَّتهُ إلى جوار قَبْر أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ كَرَّمَ اللّهُ وَجْهَهُ بِظَاهِر الكُوفَة، ويُدْفَن في تُرْبَةٍ له هناك

(1)

، فحُمِلَت، وبين المَوضِعَيْن مَسِيْرة شَهْر.

قُلتُ: وذلك حين كُوْتِبَ من بَغْدَاد بالعَوْد إليها.

قَرَأتُ في بعض التَّوَاريْخ، قال: ولمَّا أحَسَّ - يعني أبا القَاسِم بن المَغْرِبيّ - من نَفْسِه بالمَوْت، كَتَبَ كِتَابًا إلى كُلّ مَنْ يَصِل إليهِ من الأُمَرَاءِ والرُّؤَسَاءِ الّذين بينَهُ وبين الكُوفَة، يُعَرِّفُهم فيه أنَّ حَظِيَّةً له تُوفِّيَت، وأنَّ تَابُوتها يَجْتاز بهم إلى مَشْهَد أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ عليه السلام، وخَاطَبَهُم لمَنْ يَصْحَبُه ويَحْفُره، وكان قَصْدُه أنْ لا يتعرَّض أحَدٌ لتَابُوتهِ، وأنْ يَنْطوِي خبَرهُ، فتَمَّ له ذاك، وحُمِلَ الكتاب مع تَابُوته، وكُلّ مَنْ يُجْتَاز بهِ ظَنَّ أنَّهُ الجَارِيَة، حتَّى وصَل ودُفِنَ بالمَشْهَد بالكُوفة.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِلِيُّ، أبو بَكْر

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، كان بحَلَب في عَصْر أبي عَبْد اللّه الحُسَين بن خَالَويْه وطَبَقَتهِ، وقَرأ ولَدَاهُ عَقِيْل وعَمَّار على أبي عَبْد اللّه بن خَالَوَيْه.

قَرأتُ له أبْيَاتًا من الشِّعْر بخَطِّ أحدِ وَلَديهِ المَذْكُورَيْن، ذَكَراها في حِكَايَةٍ كانت على ظَهْر كتاب المَعَانِي للفَرَّاء، بخَطِّ أبي عَبْد اللّه بن خَالَوَيْه، صُوْرتها

(2)

: قال ابنُ خَالَوَيْه: حَضَر ذات يَوم عندي أبو إسْحَاق بن شَهْرَام، وأبو العبَّاسِ

(1)

قال ابن شدَّاد: دُفن بالكوفة بباب المشْهد بالغريّ، وأنه أوصى بأن يكتب على لوح عند رأسه:"يا جامعَ النَّاس لميقات يوم معلوم، اجعل الحُسَيْن بن عليّ من الفائزين الآمنين، واحشره يوم القيامة في جُملة التوَّابين". الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 361، وانظر: التاريخ الفارقي 139.

(2)

تقدَّم لابن العديم إثبات الحكاية التي وجدها على ظهر كتاب معاني القرآن للفراء في ترجمة الشاعر المعنويّ؛ أحْمَد بن مُحَمّد في الجزء الثالث من الكتاب.

ص: 78

ابن كَاتِب البَكْتَمُرِيّ، وأبو الحَسَن المَعْنَوِيّ، فأنْشَدَ عَمَّارٌ بَيْتًا على فَصِّ خَاتمه وهو

(1)

: [من الطّويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمان وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنةَ الخَطْبِ

وسَألَ الجَمَاعَة إجازَتَهُ، فقال أبو إسْحَاق بن شَهْرَام:[من الطّويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنةَ الخَطْبِ

وقد قالَ لي قَوْمٌ: تبدَّلْ سِوَاهُمُ

لعلَّك تَسْلُو إنَّما الحُبُّ كالحُبِّ

ومَنْ لي بسَلْوى عَنْهُمُ لو أطَقْتُها

ولكنَّ عَذْلِي ليسَ يَقْبَلُهُ قَلْبي

فيا حُبُّ لا تَبْخَلْ عليَّ بقُبْلَةٍ

تَرُّدُ بها نَفْسِي فيَغْبطُنِي صَحْبي

فإنِّي وبيتِ اللّهِ فيكَ مُعَذَّبُ الـ

ـفُؤَادِ عَليْلُ القَلْبِ مُخْتلَسُ اللُّبِّ

ولي مَثَلٌ قد قالهُ قَبْلُ شَاعِرٌ

إذا ازْدَدَتْ منهُ زِدْتُ ضَرْبًا على ضَرْبِ

خرَجْتُ غَدَاةَ النَّفْرِ أعْتَرِضُ الدُّمَى

فلَم أَرَ أحْلَى منْكِ في العَيْنِ والقَلْبِ

فواللهِ ما أدْرِي أحُبًّا (a) رُزقْتِهِ

أمِ الحُبُّ أعْمَى مثْلَ ما قِيْلَ في الحُبِّ

وقال أبو العبَّاسِ: [من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ

فيا أسَفي لو كانَ يُغْني تَأسُّفٌ

ووَاكُرْبتي لو روّحَتْ شِدَّة الكَرْبِ

شربْتُ بكأسِ الهَمِّ خَمْرُ فِرَاقِهِم

فأصْبَحتُ سَكْرانَ السُّرُور بلا شُرْبِ

وقال أبو الحَسَن المَعْنَوِيّ: [من الطّويل]

وكُلُّ مُصِيباتِ الزَّمانِ وجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ

(a) كتبها المؤلِّف في روايته المتقدمة للأبيات في ترجمة المعنوي (الجزء الثالث): "أحسنًا"، ويرد فيما بعد ترجمة أبي إسحاق بن شهرام بما يوافق المثبت.

_________

(1)

البيت لقيس بن ذريح، ديوانه 59، وفيه: ملمات الزمان.

ص: 79

ولم أَرَ هذا الدَّهْرَ يملِكُ صَرْفَهُ

سِوَى الرَّجُل العَلَّامَةِ النَّجُدِ النَّدْبِ

ولَسْتُ لصَرْفِ الدَّهْرِ بالوَاهِنِ الّذي

يَرُوْحُ على لَوْمٍ ويَغْدُو على عَتْبِ

أنا مَعْنَوِيُّ الشَّام قَوْلًا وفِطْنَةً

ولسْتُ هُبَيْرِيَّ العَلَاقَةِ والحُبِّ

فحدَّثْنا بهذا أبا بَكْرٍ الحُسَينَ بنَ عليّ بن حَمَّادٍ فأجَازَها، وهذا قَوْل وَلديهِ:[من الطّويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْبها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ

وقد نَالَني مِن رَيْبِ دَهْري مَصَائِبٌ

تَوَالَتْ تبِاعًا أقْصَدَتْ حبَّةَ القَلْبِ

فما جَرَّعَتْني من كُؤوسِ صُرُوفِها

أمرَّ منَ البَيْنِ المُفَرِّقِ للصَّحْبِ

فكَمْ زَفَراتٍ تَعْتَريني لذِكْرِهِمْ

تُقَلِّبُني ما بينَ جَنْبٍ إلى جَنْبِ

تُقَلْقِلُني طَوْرًا بشَبِّ ضِرَامِها

وتَتْرُكُني طَوْرًا سَلِيْبًا بلا لُبِّ

فوا أَسَفَا مِن فُرْقَةٍ بعدَ أُلْفَةٍ

ويا حَسَرَاتٍ سوْفَ تَقْضِي على نَحْبِي

ويا لوعَةً في القَلْب يَقْدَحُ زَنْدُها

شَدَّدُ ما بينَ الشَّرَاسِيْفِ والحُجْبِ

أأحْبَابَنا صَرْفُ الزَّمانِ أصَابَنَا

فمَزَّقَنا ما بين شَرْقٍ إلى غَرْبِ

أَخِلَّاي إنِّي منذُ يَوْمِ فِرَاقِكُمْ

أَرُوْحُ وأغْدُو دَائمَ الهَمِّ والكَرْبِ

ويا حَزَنا مِن رَيْبِ دهْرٍ نَبَا بِنَا

وشتَّتَنا بعدَ التَّآلُفِ والقُرْبِ

فلَو كانَ غيرُ الدَّهْر طالَ تَعتُّبي

علَيهِ ولكنْ ما على الدَّهْرِ مِن عَتْبِ

‌الحُسينُ بن علي بن دُحَيْم الحَلَبيِّ الطَّحَّانُ، أبو عليّ

(1)

حَدَّثَ عن أبي بَكْر الخَرَائِطِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن مَسْعُود بن النَّضْر الوَزَّان. سَمِعَ منه أبو القَاسِم يَحْيَى بن عليّ بن الطَّحَّان الحَفْرَيّ، وذَكَرَهُ في تَارِيْخهِ الّذي ذَيَّلَ به

(1)

توفي سنة 386 هـ، ذكره ابن خير في فهرسته وأنه رَوَى كتاب اعتلال القلوب للخرائطيّ، انظر فهرست ابن خير 369، 366، وترجم له ابن العديم فيما يلي باسم: الحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمّد بن دحيم الحَلَبيّ.

ص: 80

على تاريخ مِصْر لابن يُونُسَ

(1)

، فقال فِي كتاب الغُرَبَاءِ ممَّن دَخَلَ مِصْر الحُسَين بن عليّ بن دُحَيْم الحَلَبِيِّ الطَّحَّانُ أبو عليّ، يَرْوي عن الخَرَائِطِيّ، سَمِعْتُ منه.

قُلتُ: وكان في حَلَب بَيْتٌ يُقال لهم: بنُو دُحَيْم، وكان فيهم العَدَالَة والأمَانَة، وكان يُضْربُ المَثَل بحَلَب بِشَاهِدٍ منهم، فيُقالُ: كأنَّه العَدْلُ ابن دُحَيْم، وأظُنُّ أنَّ هذا المَذْكُور منهم، واللّهُ أعْلَمُ.

هكذا ذَكَرَ الحَضْرَيُّ نَسَبه، وهو: الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن دُحَيْم.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن سَعيْد بن حَامِد بن عُثْمان بن عليّ بن جَار الخَيْر، أبو عَبْد اللهِ بن دَبَابَة البَزَّاز السِّنْجَارِيّ، المُلَقَّب أَمِيْن الدِّين، ويُنْبَزُ بالبُقَيْرَة

(2)

شَاعِرٌ حَسَن الشِّعْر من أهْل سِنْجَار، سَكَنَ بَغْدَاد، وقَدِمَ حلَبَ لاسْتِخْلَاص أخيهِ من أَسْرِ الكُرْج، وكان لأَخِيهِ المَأسُور دَيْنٌ على الأَمِير سُنْقُر الحَلَبِيّ، أحَد أُمَرَاءِ حَلَب، فقَدِمَ أبو عَبْد اللّهِ بن دَبَابَةَ إلى حَلَب، واسْتَخْلَصَ دَيْنَ أخيهِ لفكَاكِهِ من الأَسْر.

رَوَى لنا عنه شَيئًا من شِعْره وَلَدُه الفَقِيهُ شَمْسُ الدِّين عليّ بنُ الحُسَين، والقَاضِي أبو عليّ حَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ، وأخْبَرَني وَلَدُه عليٌّ أنَّ دَبَابَة الّذي يُنْسَب إليهِ رَجُل من العَرَب، قال: وجَارُ الخَيْر هو الّذي نَقَلَ إلى سِنْجَار وأقامَ بها. وقال لي: سَمِعْتُ ذلك من وَالدِي الحُسَين بن عليّ، رحمه الله، وكانَ مَوْلدُهُ في سَنَةِ أرْبَعيْن وخَمْسِمائَة.

(1)

تقدم الشريف بالمؤلف وذيله على تاريخ ابن يونس في الجزء الثاني.

(2)

توفي سنة 616 هـ، وترجمته في: الوافي بالوفيات 12: 454 - 455.

ص: 81

أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن سَعيد بن حَامِد المَعْرُوف بابنِ دَبَابَة السِّنْجَارِيّ بها وبحَلَب، قال: أنْشَدَني أبي لنَفْسِه يَمْدَحُ الإمَام النَّاصِر لديْن اللّه أَمِير المُؤْمنِيْنَ

(1)

: [من الوافر]

تَبَصَّرْ هَلْ بذِي العَلَمَيْن نَارُ

أم ابْتَسَمَتْ على إضَمٍ نَوَارُ

فإنْ تَكُ أُوْحِشَتْ منها دِيَارٌ

فقد أنِسَت بحِلَّتها دِيَارُ

ذَراني كي أُسِيْلَ بها دُمُوعِي

وأَسْألها مَتَى شَطَّ المَزَارُ

أَصَبْرًا بَعْدَهُم ولنا ثَلَاثٌ

عَدِمْتُ تَصَبُّري وهُمُ جِوَارُ

أَحِنُّ وما الّذي يُجْدِي حَنِيْني

حَنِيْنَ النُّوْق فَارَقَها الحُوَارُ

وأَلْتَثِمُ الثَّرَى شَوْقًا إليها

ولا صَبْرٌ لديَّ ولا قَرَارُ

فإنْ لَاحَ الصُّوَارُ ذَكَرْتُ لَيْلَى

وأذْكُرها إذا نَفَح الصُّوَارُ

تَقُول عَوَاذِلِي واللَّيْل دَاج

وللجَوْزَاءِ في الأُفُقِ انْحِدَارُ

تَمَتَّع من شَمِيْم عَرَار نَجْدٍ

فما شَيْمُ البُرُوقِ عليكَ عَارُ

فما تَدْرِي أيُجْمَعَ منكَ شَمْلٌ

بُعَيْد اليَوْم أو تَنْأى الدِّيَارُ

فإنَّ فِرَاقَهُم في العَيْن مَاءٌ

سَفُوحٌ وهو في الأحْشَاءِ نَارُ

فقُلْتُ لهم لئنْ عَزَّ التَّأسِّي

وأَعْوَزني على الوَجْدِ اصْطِبَار

وفَاجَأني الزَّمانُ بكُلِّ خَطْبٍ

أليْمَ ما لموهْنهِ جُبَارُ

فلي بالنَّاصِر المَنْصُور دَامَتْ

أيادِيْهِ على الزَّمَنِ انْتِصَارُ

إمامٌ للبَرِيَّةِ طَابَ أصْلًا

وطَابَ الفَرْعُ منه والنَّجَارُ

له خُلْقَان من أَرَيٍ وشَرْيٍ

إلى هذا يشُارُ وذا يُشَارُ

أنْشَدَني أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ من لَفْظه بمَنْزِلي بحَلَب، قال: أنْشَدَني أَمِيْنُ الدِّين الحُسَين بنُ دَبَابَة السِّنْجَارِيّ البَزَّازُ لنَفْسِهِ بحَلَبَ

(1)

سبعة أبيات منها في الوافي بالوفيات 12: 455.

ص: 82

يَهْجُو أبا عليّ بن الرَّبيْع اليَهُودِيّ رَأس المَثِيْبَة

(1)

ببَغْدَاد، وكان يُلَقَّب بالبُقَيْرَة:[من المتقارب]

تَبَصَّرْ بُقَيْرَةَ آلِ الرَّبِيْعِ

عَدِمْتَ البَصِيْرةَ إثْرَ البَصَرْ

سَنَنْتُ لذَبْحِكَ مُوسى الهِجَاءِ

ومُوسَى الّذي سَنَّ ذَبْحَ البَقَرْ

قال لي أبو عليّ القِيْلَويّ: لُقِّبَ الأَمِين حُسَين في سِنْجَار بالبُقَيْرَة بقَوْله هذين البَيْتَيْن، فلا يُعْرَفُ بسِنْجَار إلَّا بالبُقَيْرَة.

أخْبَرَني شَمْس الدِّين عليّ بن الحُسَين بن دَبَابَة عن والدِه الحُسَين، قال: كان في أيَّام شَبَابهِ يَعْتَني بشيءٍ من الهَجْو، قال: فباتَ لَيْلَةً فرَأى أسَدًا عَظيْمًا قد أقْبل نحوه، قال: فخافَ خَوْفًا عَظيْمًا، قال: فقال له الأسَدُ: تَعُودُ تَهْجُو؟ فقال: لا، قال: فَتُبْ، قال: فَتَابَ عن الهَجْو من ذلك اليَوْم.

أنْشَدَني أبو الحَسَن بن الحُسَين بن دَبَابَة بسِنْجَار، قال: كَتَبَ إليَّ وَالدِي في كتابٍ هذا الشِّعْر لنَفْسِه: [من الطويل]

أرَاني أَرَى سِنْجَارَ لا دَرَّ دَرُّها

إذا ما أجَلْتُ الطَّرْفَ أرْضَ وَبَارِ

جِوَارِي بها شَرُّ الجِوَارِ فَعَلَّني

أرَاهَا وما أنْهَارُها بَجَوارِ

ولَيْتَ الحَيَا الوَكَّافَ لا جَادَ رَبْعَها

وشُبَّتْ مَغَانيها الغَدَاهَ بِنَارِ

فليْسَ بها مَنْ يُرْتَجى لمُلِمَّةٍ

ولَيْسَ بها يَوْمًا مُقِيْلُ عِثَارِ

أظَلُّ بها حِلْفَ الهُمُوم كأنَّما

سُقِيْت الرَّدَى فيها بكاسِ نَوَارِ

(1)

رأس المثيبة: لفظةٌ يكثُر ذِكْرها في رحلة بنيامين التّطيليّ عند تعداد اليهود في الأقاليم التي زَارها، وفي تعليقات عزرا حداد (مترجم الرحلة) أنها لفظة آرمية تعني: المجلس، ويقابلها بالعبرية لفظة "يشيبه" وتطلق على المدارس الدينية العليا، وأن المدرسة كانت تسمى عند اليهود "مثيبتا" وعنها أخذ العرب لفظة المثيبة. انظر: رحلة التطيلي 273 (هامش رقم 2)، والملحقات ص 387.

ص: 83

أخْبرَني أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن دَبَابَة، قال: كان عَمَّي أَسَرَتْهُ الكُرْجُ، وكان له دَيْنٌ على سُنْقُر الحَلَبِيّ الأَمِير بحَلَب، فسَعَى وَالدِي في فكَاكِهِ، فقَطَع عليه الكُرْجُ أرْبَعَة آلاف دِيْنار، فجاء وَالدِي إلى حَلَب، واسْتَخْلَصَ دَيْنَ عَمِّي من سُنْقُر الحَلَبي، وسَمَعَ عليه شيئًا آخر حتَّى تَكَمَّل أرْبَعمائة دِيْنار، وسَارَ بها إلى خِلَاط، وكان في صُحْبَتهِ غُلَام لعَمِّي المأسُور، فوَصَل وَالدِي إلى خِلَاط في الشِّتَاء، وكان البَرْدُ شَدِيْدًا، فالْتَفَتَ إلى غُلَام أَخِيْه في مَيْدَان خِلَاط، وقال: يا فُلَان، بالله لو أبْصَرْت أخي السَّاعَة هَا هُنا ما كان جَيِّدًا ونَسْتَريْح من الصُّدَاعِ ومُقاسَاة البَرْد، ومن جَمعْ أرْبَعة آلاف دِيْنار وما معنا غير أرْبَعمائة؟ قال: فما اسْتَتَمَّ الكَلَام حتَّى رَأى شَخْصًا يَعْرفهُ من أهْلِ سِنْجَار، فسَلَّم عليه، وقال: ما رَأيْتَ أخاكَ؟ قال: وأينَ أراه؟! قال: هو في المَدِينَة، فقال: لا تَفعل! فقال: بَلَى والله. ودَخَلَ إليه وأخْرَجَهُ من المَدِينَة إلى أبي، واجْتَمَعا وقَضَى أُمْنِيَّتة، وكان قد هَرَبَ من الأَسْر واتَّفَق ما اتَّفَقَ.

قال لي عِزَّ الدِّين أبو عليّ حَسَن بن مُحَمَّد القِيْلَويّ: تَوَجَّه ابن دَبَابَة إلى سِنْجَار، ثُمَّ توجَّه منها إلى دِمشْق، فماتَ بها بعد سَنَة عَشْرٍ وستَّمائة.

وقال لي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن دَبَابَة: تُوفِّي وَالدِي في جُمَادَى الآخرة سَنَة ستّ عَشْرة وستمائة، عن ستٍّ وسَبْعِين سَنَةً.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن شِبْل بن طَهْمَان، أبو بَكْر الطَّهْمَانِيّ المَعْرُوف بشِبْل

حَدَّثَ بحَلَب عن إسْحاق بن شَاهِين، ورَوَى عن سُليْمان بن سَالِم. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيِّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن عِيسَى النَّحَّاس.

ص: 84

أخْبرَنا عمَّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، وولده القَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحّمَّد بن الطَّرَسُوسِيِّ الحَلَبِيُّونَ، قالوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَد بن عَبْد القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن الجِلَيّ الحَلَبي، قال: أخبَرَنا أبو عُبَيْد الله عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر الأسَدِيُّ الحَلَبِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر السَّبِيْعيُّ الحَلَبِيُّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الحُسَينُ بن عليّ بن شِبْل بن طَهْمَان، المَعْرُوف بشِبْل الطَّهْمَانِيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن شَاهِين، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن عَبْدِ الله المُزَنِيّ، عن دَاوُدَ بن أبي هِنْد، عن الشَّعْبيِّ، عن عَبْدِ الله بن عَمْرو بن العَاص

(1)

، قال: قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: المُهاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَات.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن العبَّاس، أبو عَبْد اللهِ الشَّطِّيُّ المُعَدَّلُ

(2)

حَدَّثَ بحَلَب عن حَفْص بن عُمَر بن الصَّبَّاح الرَّقِّيّ المَعْرُوف بسَنْجَة (a)، وعَبْد المَلِك بن عَبْد الحَميْد المَيْمُونيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم المَرْوَزيّ.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من سير أعلام النبلاء 13: 405، والوافي بالوفيات 13: 103 وزيد فيهما "سنجة ألف"، والزبيدي: تاج العروس، مادة: سنج، وترجم له أبو علي القشيري الحراني في كتابه تاريخ الرقة 180، ولم يذكر شهرته هذه.

_________

(1)

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 1: 424 - 425 (رقم 196)، وانظر: المسند الجامع 11: 9 (رقم 8320).

(2)

ترجمته في أنساب السمعاني 8: 102، معجم شيوخ الصيداوي 258، إكمال الإكمال لابن نقطة 3: 516، تكملة الإكمال 3:516.

ص: 85

رَوَى عنهُ أبَوَا الحُسَين: مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع، ومُحمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن أبي فَرْوَة المَلَطِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد الهاشِميّ القَاضِي، وأبو الطَّيِّب عَبْد المُنْعِم بن عُبَيْد بن غَلْبُون، والقَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحَلَبِيُّ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الفَقيه أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحمَد بن طَلَّاب القُرَشِيّ، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن جُمَيْع

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن عليّ الشَّطِّيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَني حَفْصُ بن عُمَر بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو حُذَيْفَة، عن سُفْيانَ، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن قَيْس بن أبي حَازِم، عن جَرِير

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أسْرَعُ الأرْض خَرَابًا يُسْرَاها ثُمَّ يُمْنَاهَا.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن عَبْد مَنَاف أبي طَالِب بن عَبْد المُطَّلِب بن هاشِم بن عَبْد مَنَاف، أبو عَبْد الله بن أبي الحَسَن الهاشِميّ القُرَشِيّ

(3)

وأُمُّه فاطِمَةُ بنْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، سِبْطُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم ورَيْحَانَتُه، وأحَدُ سَيِّدَيْ شَبَاب أهْلِ الجَنَّةِ.

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 258.

(2)

أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 7: 112 - 112، والهيثمي: مجمع الزوائد 7: 289، والهندي: كنز العمال 14: 222 (رقم 38482)، والمناوي: فيض القدير 1: 505 (رقم 1016).

(3)

توفي سنة 61 هـ، وترجمته في: طبقات خليفة 5، 189، 230، تاريخ خليفة 174، 181 - 184، 199 - 203، 231 - 235، ابن سعد: الطبقات الكبرى 6: 399 - 460 (نشرة الخانجي بتحقيق علي محمد عمر)، ونقل عنه ابن العديم نقولًا طويلة في خبر قتْله فيما يلي من ترجمته، مصعب الزبيري: نسب قريش 40 - 41، تاريخ البخاري الكبير 2: 381، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 77، العجلي: تاريخ الثقات 119 - 120، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 4: 299 - 311، تاريخ الطبري 5: 381 - 470 (وانظر فهرس الأعلام 10: 225)، الفتوح لابن أعثم 4: 209 - 249، 5: 14 - =

ص: 86

وُلد في شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة. وقَيل: وُلد لستّ سِنِيْن وأرْبَعة أشْهُر من الهِجْرَة، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع أبيه عليّ عليه السلام، وكان أمِيْرًا على القَلْب يَوْمئذٍ، وهُم هَمْدَانُ.

وغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة في الجَيْش الّذي كان يَزِيد بن مُعاوِيَة أمِيْرَهُ، فقد اجْتازَ بحَلَبَ في طَرِيقِهِ من دِمَشْق إليهِ.

حَدَّثَ عن جَدِّهِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبيهِ عليّ بن أبي طَالِب، وأُمّه فاطِمَة عليهما السلام.

رَوَى عَنْهُ ابنُه عليّ بن الحُسَين زَيْن العَابِدِين، وابنهُ عَبْدُ الله بن الحُسَين، وابْنَتاهُ فاطِمَة وسُكَيْنَة، وابنُ أخيهِ زَيْد بن الحَسَن بن عليّ، وأبو هُرَيْرَة، وطَلْحَة بن عُبَيْد الله العُقَيْلِيّ، وعَامِر الشَّعْبيّ، وعِكْرِمَة مَوْلَى ابن عبَّاسٍ، وعُبَيد بن حُسَيْن، وشُعَيْب بن خَالِد، ويُوسُف الصَّبَّاغ، وزِيَاد بن شَابُور، وحُمَيْد بن سَلْم، وسِنَان بن

= 222، أبو حنيفة الدينوري: الأخبار الطوال 243 - 262، (ونقل عنه ابن العديم نقولًا طويلة في خبر مقتله)، الجرح والتعديل 3: 55، المسعودي: مروج الذهب (أخباره كثيرة بيان مواضعها في فهرس الأعلام 5: 278)، الثقات لابن حبان 2: 306 - 313، 3: 68 - 69، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 24، مقاتل الطالبيين 78 - 79، الأغاني 16: 93 - 114، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 68، الاستيعاب 1: 392 - 399، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 1: 466 - 475، تاريخ ابن عساكر 14: 111 - 260، ابن الجوزي: المنتظم 5: 325 - 329، 335 - 347، صفة الصفوة 1: 762 - 764، ابن الأثير: الكامل 4: 19 - 43، 46 - 94، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 14 - 39، 116 - 187، المزي: تهذيب الكمال 6: 396 - 449، الذهبي: تاريخ الإسلام 2: 627 - 637، سير أعلام النبلاء 3: 280 - 321، الكاشف 1: 232، العبر في خبر من غبر 1: 47 - 48، الوافي بالوفيات 12: 423 - 429، تاريخ ابن الوردي 1: 258 - 262، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 149 - 211، ابن خلدون: العبر 5: 46 - 70 (حوصَل فيه خبر خروجه على بن يزيد ومقتله)، الإصابة 2: 14 - 17، تهذيب التهذيب 3: 345 - 357، تقريب التهذيب 1: 177، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 244، المقريزي: المقفى الكبير 3: 567 - 618، شذرات الذهب 1: 273 - 280، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 314 - 346، محسن الأمين: أعيان الشيعة 1: 578 - 629.

ص: 87

أبي سِنَانٍ الدِّئَليّ، ومُحَمَّد بن الصَّائغِ، وهَمَّام بن غَالِب الفَرَزْدَق، وعبد الله بن سُلَيمان بن نَافع مَوْلَى بني هاشِم، والعَيْزَار بن حُرَيْث، وأبو سَعْد المِيْثَمِيّ، وأبو هِشَام، وأبو حَازِم (a) الأشْجَعِيِّ، والمُطَّلِب بن عَبْد الله بن حَنْطَب، وعُبَيْد الله بن أبَي يَزِيد، وبَشِير بن غَالب.

أخْبَرَنا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحُسَين المَدِيْني، قال: حَدَّثَنَا سُفْيانُ بن وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن بُكَيْر، عن زِيَاد بن المُنْذِر، عن بَشِير بن غَالِب، عن حُسَيْن بن عليّ، قال: رأيْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَشْرَب قائمًا.

أخْبَرَنا أبو صَادِق الحَسَنُ بن يَحْيَى بن صَبَّاح، قِراءَةً عليهِ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن رِفَاعَة بن غَدِير، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن الحُسَين الخِلْعيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَضْل بن نَظِيْف الفَرَّاء، وأبو العبَّاس أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَاجّ بن يَحْيَى الشَّاهِد، قالا: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو عِمْران مُوسَى بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِد بن غِيَاث، قال: حَدَّثَنَا قُزْعَة (b) بن سُوَيْد السَّدُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن عُمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن عليّ بن الحُسَين، عن أَبيِهِ

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: من حُسْن إسْلام المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنيهِ.

(a) الأصل: خازم، ويأتي فيما بعد نقلًا عن ابن عساكر صحيحًا، وانظر ترجمة أبي حازم سليمان الأشجعي في سير أعلام النبلاء 5: 7 - 8.

(b) في الأصل: فرعة، وانظر ترجمته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7: 139، وسير أعلام النبلاء 8: 173 - 174 (وضبطه بفتح الأول).

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 339، وأخرجه ابن عدي في الكامل 3: 1047، والمقدسي في ذخيرة الحفاظ 3: 1382 (رقم 3006).

(2)

تقدم الحديث وتخريجه في الجزء الخامس قبله.

ص: 88

ورَوَاهُ يَعْلَى بن عُبَيْد، عن حَجَّاجِ بن دِيْنار، عن شُعَيْب بن خَالِد، عن الحُسَين رضي الله عنه؛ أخْبَرَنا به أبو منْصور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين بن سُلَيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُوسَى بن مَرْدَويْه الحافِظ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن إسْحاق بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الجَهْم السِّمَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْلَى بن عُبَيْد، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج بن دِيْنار، عن شُعَيْب بن خَالِد، عن الحُسَين بن عليّ رضي الله عنهما، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: من حُسْن إسْلام المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنيِهِ.

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الأزْهَريّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ عليّ بن شُعَيْب المَدَائنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن البَرْقِيّ، قال: وُلد الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب في ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن المُرْتَضَى العَلَويُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات أحْمَدُ بن عَبْد الوَاحِد بن الفَضْل بن نَظِيْف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّدُ بن أحْمَد الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن عَبْد اللهِ بن عبد الرَّحيم الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح عَبْد الله بن صالح، قال: قال اللَّيْثُ بن سَعْد: قالت فاطِمَةُ بنْت رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: الحُسَين بن عليّ في ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ (a).

(a) كذا جاء في هذه الرواية، ولعله سقط من أولها لفظ:"وُلد".

_________

(1)

لم أجده بالسند المذكور في نشرة تاريخ ابن عساكر.

(2)

تاريخ بغداد 1: 470.

ص: 89

أنْبَأنَا عُمَر بن الحَسَن، عن أبي القَاسِم بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا سَعِيد بن عُثْمان، قال: أخْبرَني أبو العبَّاس السَّرْخَسِيِّ، قال: أخْبَرَنا ابن أبي خَيْثَمَة

(1)

، عن مُصْعَب الزُّبيرِيّ

(2)

، قال: وُلد الحُسَين لخَمْس ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبَابَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: قال الزُّبَيْر بنِ بَكَّار

(3)

: ولد الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب لخَمْسِ ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة.

قال أبو غَالِب في البنَّاء: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَةِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبير بن بَكَّار، قال: وحَدَّثَني إبْراهِيم بن المُنْذِر، عن عَبْد اللّه بن مَيْمُون مَوْلَى الحَارِث بن عَبْد اللّهِ بن أبي رَبِيْعَة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، قال: كان بين الحَسَن والحُسَين طُهْرٌ واحَدٌ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحُسَينِ بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، قال: قال لنا سَعِيد بن سُلَيمان، عن حَفْص بن غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: كان بين الحَسَن والحُسَين طُهْرٌ واحدٌ.

(1)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 8 - 9، وفيه: أن مصعب أرخ مولده لسبع، وعند غير مصعب: لخمس ليال

(2)

نسب قريش لمصعب الزُّبيري 24، 40.

(3)

نسب قريش 40.

ص: 90

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليِّ السّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحاقَ النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران الأُشْنانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء التُّسْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة العُصْفُرِيّ

(2)

، قال: وفيها - يعني سَنَة أرْبَع - وُلد الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب.

أنْبَأنا أبو مُحَمَّد بن المُرْتَضَى العَلَويُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن نَظيْف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن رشيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن المِقْدَام العِجْلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن أبي عَرُوبَة، عن قَتَادَة، قال: ولَدَتْ - يعني فاطِمَة - حُسَيْنًا بعد الحَسَن بسَنَة وعَشرة أشْهُر، فولَدَته لستّ سِنِيْن وأرْبَعة أشْهُر ونصْف من التَّاريْخ.

أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن أبي الرَّجَاء بن شَهْرَيَار في كتابه، قال: أخْبرتنا (a) أُمّ البَهَاء فاطِمَةُ بنْتُ أبي الفَضْل، قالت (b): أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحمَد بن مَحْمُود، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الطَّائيّ، قال: حَدَّثَنَا عِمْران بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا رَبيع بن رَوْحٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب الزُّبيدِيّ، عن عَدِيّ بن عبد الرَّحْمن الطَّائيّ، عن دَاوُد بن أبي هِنْد، عن سِمَاكٍ، عن أُمّ الفَضْل بنْت الحَارِث

(3)

: أنَّها رَأتْ فيما يرى النَّائم أنَّ عُضْوًا من أعْضَاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بَيْتيّ، فقَصَصْتُها على النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليه

(a) الأصل: أَخْبَرَنَا.

(b) الأصل: قال.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 115.

(2)

لم يؤرخ لمولده في التاريخ ولا في الطبقات.

(3)

سنن ابن ماجة 2: 1293 (رقم 3923)، المعجم الكبير للطبراني 25: 25 (رقم 38).

ص: 91

وسلَّم، فقال: خَيْرًا رَأيت، تَلِدُ فاطِمَةُ غُلامًا فتُرْضِعِيْهِ بلَبَن قُثَم. قالت: فوَلَدَتْ فاطِمَةُ غُلامًا، فسمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُسَيْنًا؛ دَفَعَهُ إلى أُمّ الفَضْل فكانت تُرْضعهُ بلَبَن قُثَمَ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيرازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد وجَمَاعَةٌ في كُتُبهم، قالوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا سُليْمانُ بن أحْمَد

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحَضْرَيّ، قال: حَدَّثَنَا ضِرَار بن صُرَد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَريم بن يَعْفُور الجعفِيّ، عن جَابِر، عن أبي الشَّعْثَاء، عن بِشْر بن غَالِب، قال: كُنْتُ مع أبي هُرَيْرَة، فرَأى الحُسَين بن عليّ، فقال: يا أبا عَبْدِ اللّه، لقد رَأيتُكَ على يَدَي رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم، قد خَضَبْتهما دَمًا، حين أتى بك حين وُلدْت، فسَرَّرَك ولفَّكَ في خِرْقَة، ولقد تَفَل في فِيْك وتكلَّم بكَلَامٍ ما أدْري ما هو، ولقد كانت فاطِمَةُ سَبَقَتْهُ بقَطْعِ سُرَّة الحَسَن، فقال: لا تَسْبقِيْني بها.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد بن عيْسَى بن سَالَم الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللّه بن عمرو الرَّقِّيّ، عن ابن عَقِيل، عن مُحَمَّد بن عليّ، عن عليّ بن أبي طَالِب

(3)

: أنَّهُ سَمَّى ابنَهُ الكَبِيْر حَمْزَة، وسَمَّى حُسَيْنًا بعمِّه جَعْفِر، قال: فدعا رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طَالِب فقال: إنِّي قد غَيَّرتُ اسْم ابنيَّ هذين، قال: فقُلْتُ: الله ورسُوله أعْلَم، قال: فسَمَّى حَسَنًا وحُسَيْنًا.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 114.

(2)

الطبرانيّ: المعجم الكبير 3: 98 (رقم 2767).

(3)

مسند أبي يعلى المَوصِليّ 384 (رقم 498).

ص: 92

وأنْبَأنَا عُمَر بن طَبرزَد، عن أبي العِزّ بن كادِش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن نُصَيْر، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمّد بن عُتَيْب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن خِدَاش، قال: حَدَّثَنَا سَلْم بن قُتَيْبَة، قال: أخْبَرَنا يُونُس بن أبي إسْحَاق، عن أَبِيهِ، عن هَانئ بن هَانئ، عن عليّ، قال

(1)

: لمَّا وُلد الحَسَن سَمَّيْتُه حَرْبًا، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ما سَمِّيْت ابني؟ قُلْتُ: حَرْبًا، قال: هو الحَسَن، فلمَّا وُلد الحُسَين سَمَّيْتُه حَرْبًا، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ما سَمَّيْت ابْني؟ قُلتُ: حَرْبًا، قال: هو الحُسَين، فلمَّا وُلد مُحَسِّن سَمَّيْتُه حَرْبًا، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ما سَمَّيْت ابْني؟ قُلتُ: حَرْبًا، قال: فهو مُحَسِّن. ثُمَّ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي سَمِّيْتُ بَنِيَّ هؤلاء تَسْمِيَة هَارُون بنيْهِ: شُبَّر وشُبَيْر ومُشَبِّر.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو الدَّحْدَاح أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن عبد الرَّحيم الأشْجَعِيِّ، قال: حَدَّثثا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو، عن عِكْرِمَة، قال: لمَّا ولَدَتْ فاطِمَةُ الحَسَن أتَتْ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسمَّاهُ حَسَنًا، فلمَّا ولَدَتْ حُسَيْنًا أتَتْ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا أحْسَنُ من هذا، فشُقَّ له من اسْمُه وقال: هذا حُسَينٌ.

(1)

مسند ابن حنبل 2: 115 (رقم 769)، المعجم الكبير للطبراني 3: 100 (رقم 2773)، صحيح ابن حبَّان بترتيب ابن بلبان 15: 409 - 410 (رقم 6958)، وانظر: المسند الجامع 13: 414 (رقم 10349).

ص: 93

أنْبَأنَا أبو القَاسِم القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَدُ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أَبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقوب، قال: سَمِعْتُ العبَّاسَ بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: الحُسَين بن عليّ أبو عَبْد اللّه.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: قال عَمِّي أبو بَكْر: الحُسَينُ بن عليّ، أبو عَبْد اللّه.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحسَن

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن نعْمَة اللّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو مَسْعُود أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا سُفْيان بن مُحَمَّد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَني الحَسَن بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمّد بن عليّ، عن مُحَمّد بن إسْحَاق، قال: سَمِعْتُ أبا عُمَر الضَّرِيْر يَقُول: الحُسَين بن عليّ، أبو عَبْد اللّه.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا إسْمْاعِيْل بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(2)

، قال: الحُسَين بن عليّ يُكْنَى أبا عَبْد اللّه.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن أبي الفَضْل جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا عُبيدُ اللّه بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 120.

(2)

المعرفة والتاريخ 3: 166.

ص: 94

اللّه، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو عَبْد اللّه حُسَين بن عليّ.

أنْبَأنَا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد اللَّاذِقِيّ، قال: أخْبَرَنا نَصْرُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم الجَوْزِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيِّ يَقُول: الحُسَين بن عليّ أبو عَبْد اللّه.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إِجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَعْد

(1)

، قال: في الطَّبَقَةِ الخَامِسَةِ الحُسَينُ بن عليّ بن أبي طَالب بن عَبْد المُطَّلِب بن هاشِم بن عَبْد مَنَاف بن قُصَيّ، ويُكْنَى أبا عَبْد اللّه، وأُمُّهُ فاطِمَةُ بنْتُ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأُمُّها خَدِيجَةُ بنتُ خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ، عَلِقَتْ فاطِمَة بالحُسَين لخَمْس ليالٍ خَلَوْنَ من ذي القَعْدَة سَنَة ثلاثٍ من الهِجْرَة، فكان بين ذلك وبين ولادِ الحَسَن خَمْسُونَ لَيْلة، ووُلد الحُسَين في ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة (a).

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن

(a) كان موضع هذه الرواية في الأصل بعد المدرجة تاليها، والتقديم والتأخير بإشارة المؤلِّف.

(b) ورد إسناده عن أبي الغنائم بن النرسي مكررًا في الأصل، فضرب على الثاني منهما.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 6: 399 (مكتبة الخانجي).

ص: 95

عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: حُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو عَبْدِ اللّه الهاشِميّ، قال أحْمَدُ بن سُلَيمان، عن عَطَاء بن مُسْلِم، عن الأَعْمَش، قال: قُتِلَ الحُسَين وهو ابن تِسْعٍ وخَمْسِين، وقال أبو نُعَيْم: قُتِلَ الحُسَين يَوْم عَاشُوْراء، وقال فَرْوَةُ بن أبي المَغْرَاء، عن القَاسِم بن مَالِك، عن عَاصِم بن كُلَيْب، عن أَبيِهِ، قال: رأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (a)، فذَكَرتُه لابن عبَّاسٍ، فقال: أذكرْتَ حُسَين بن عليّ حين رَأيته؟ قُلتُ: نعم؛ واللّه! ذكرته بكفيّه حِين رأيتُه يَمْشِيّ، قال: إنّا كُنَّا نُشَبِّهُهُ بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وقال عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت: حَدَّثثا سُفْيان بن عُيينَة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبيِهِ، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ وهو ابن ثَمانٍ وخَمْسِين.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(3)

يَقُول: أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، له رؤيَة (b) من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(4)

: أخْبَرَنا أبو الفَتْح يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه بن مَنْدَة، قال: الحُسَين بن علِيّ بن أبي طَالِب، أبو عَبْد اللّه الهاشِميّ، ابن رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وريْحَانَتُهُ وشِبْهُهُ، وُلد لخَمْس ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من

(a) زيد في تاريخ البخاريّ: في المنام.

(b) الأصل: رواية، والمثبت من كتاب الإمام مسلم وتاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

البخاريّ: التاريخ الكبير 2: 381.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 122.

(3)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 465.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 122.

ص: 96

الهِجْرَة، وقُتِلَ وهو ابن ثَمانٍ - وقيل: ابن تسْع - وخَمْسِين، رَوَى عنه أبو هُرَيْرَة، وابنُه عليّ، وفاطِمَةُ وسُكَيْنَة ابنَتاهُ، وعُبَيْد الله بن أبي يَزِيد، والمُطَّلِب بن عَبْد الله بن حَنْطَب، وسِنَان بن أبي سِنَان، وأبو حَازِم الأشْجَعِيّ، وغيرهم.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَشْكُوَال في كتابه، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن السَّكَن، قَال: والحُسَين بن عليّ يُكْنَى أبا عَبْد اللهِ، بابنهِ عَبْد اللهِ، وكان أصْغَر من الحَسَن، يُقال: إنَّهُ أُصِيْب وهو ابن ستٍّ وخَمْسِين، ليسَ يُحْفَظ عنه سَمَاعًا من رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم من وجهٍ صَحِيْح، وقد رَوَى عن أُمِّهِ فاطِمَة بنت رسُول اللهِ، وعن أبيهِ عليّ بن أبي طَالِب، ويُقال: وُلد الحُسَين في سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة، وأدْرَك من حَيَاةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ستّ سِنِيْن.

وقد رُوي من وُجُوه صِحَاحٍ حُضُور الحُسَين بن عليّ رسُول الله ولَعبهُ بينَ يَدَيْهِ وتَقْبيله إيَّاهُ، فأمَّا الرِّوَايَة الّتي تأتي عن الحُسَين بن عليّ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم فكُلُّها مَرَاسِيْل.

قال ابنُ السَّكَن: حَدَّثنَا حَاتِم بن مَحْبُوب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، قال: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: قُتِلَ الحُسَين وهو ابن ثَمانٍ وخَمْسِين سَنَة.

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَليْد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال:

ص: 97

أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ

(1)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، أُمُّهُ فاطِمَةُ بنتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، يُكْنَى أبا عَبْد الله، وُلد الخَمْسٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبعٍ، وقيل: سَنَة ثلاث. هذا قول الوَاقِدِيّ وطَائِفَةٌ معه.

قال الوَاقِدِيُّ: عَلِقَتْ فاطِمَةُ بالحُسَين بعد مَوْلد الحَسَن بَخْمسِين ليْلةً، ورَوَى جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، قال: لَم يكُن بين الحَسَن والحُسَين إلَّا طُهْرٌ واحدٌ، وقال قَتَادَةُ: وُلد الحُسَين بعد الحَسَن بسَنَة وعَشرة أشْهُر الخَمْس سنيْن وستّة أشْهُر من التَّاريخ، وعَقَّ عنهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كما عَقَّ عن أخيه، وكان الحُسَينُ فَاضِلًا، دَيِّنًا، كَثِيْر الصَّوْم والصَّلاة والحَجّ.

قُتِلَ رحمه الله يَوْم الجُمُعَة لعَشْرٍ خَلَتْ من المُحَرَّم، يَوْم عَاشُوْرَاء سَنَة إحْدَى وسِتِّين، بمَوضعٍ يُقال له: كَرْبَلَاء من أرْض العِرَاق بنَاحيَةِ الكُوفَة، ويُعْرف المَوضِع أيْضًا بالطَّفّ؛ قَتَلَهُ سِنَان بن أنَس النَّخَعِيّ، ويُقالُ له أَيضًا: سِنَان بن أبي سِنَان النَّخَعِيِّ، وهو جَدُّ شَرِيكٍ القَاضِي. ويُقال: بل الّذي قَتَلَهُ رَجُلٌ من مَذْحِج، وقيل: قَتَلَهُ شَمِر بن ذي الجَوْشَن، وكان أبْرَصَ، وأجْهَزَ عليه خَوْلِي بن يَزِيد الأَصْبحِيّ من حِمْيَر، حَزَّ (a) رَأسَهُ، وأَتَى بهِ عُبَيْد الله بن زِيَاد، وقال

(2)

: [من الرجز]

أوْقِر رِكَابي فِضَّةً وذَهَبًا

إنِّي قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاس أُمًّا وأبًا

وخَيْرَهُم إذ ينسَبُون نَسَبَا

(a) في الاستيعاب والنقل متتابع عنه: جزَّ.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 392.

(2)

الرجز في: نسب قريش لمصعب الزبيري 40 منسوب لخولي بن يزيد الأصبحي، وطبقات ابن سعد 6: 441، والاستيعاب 1: 393، والمقفى الكبير 3: 591، وفي تاريخ الطبري 5: 388، 454 ونسبه مرة رجل من مذحج وأخرى لسنان بن أنس، أحد من قيل إنه قتل الحسين.

ص: 98

وقال يَحْيَى بن مَعِيْن: أهْلُ الكُوفَة يقُولونَ: إنَّ الّذي قَتَلَ الحُسَين عُمَر بن سَعْد بن أبي وَقَّاص، قال يَحْيَى: وكان إبْراهيم بن سَعْد يَرْوي فيه حَدِيثًا أَنَّهُ لَم يَقْتله عُمَر بن سَعْد.

قال أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ

(1)

: إنَّما نُسِبَ قَتْل الحُسَين إلى عُمَر بن سَعْد لأنَّهُ كان الأَمِير على الخَيْل الّتى أخْرَجها عُبَيْدُ الله بن زِيَادٍ إلى قَتْل الحُسَين، وأمَّر عليهم عُمَر بن سَعْد، ووَعَدَهُ أنْ يُوَلِّيَهُ الرَّيّ إنْ ظَفر بالحُسَين وقَتَلَه، وكان في تلك الخَيْل - واللهُ أعْلَمُ - قَوْمٌ من مُضَر من اليَمَن.

قال أبو عُمَر

(2)

: لمَّا ماتَ مُعاوِيَة، وأفْضَت الخِلافَة إلى يَزِيد، وذلك في سَنَة ستِّين، ورَدَت بَيْعَتُه على الوَلِيد بن عُقْبَة بالمَدِينَة ليأخُذ البَيْعَةَ على أهْلها، أرْسَل إلى الحُسَين بن عليّ وإلى عَبْد اللهِ بن الزُّبَيْر لَيْلًا فأُتي بهما فقال: بايِعَا، فقالا: مِثْلُنا لا يُبَايع سِرًّا، ولكنَّنا نُبَايع على رُؤوس النَّاسِ إذا أصْبَحْنا، فرَجَعا إلى بُيُوتهما، وخَرَجا من لَيْلَتهما إِلى مَكَّة، وذلك لَيْلَة الأَحَد للَيْلَتَيْن بَقِيَتا من رَجَب، فأقام الحُسَين بمَكَّةَ شَعْبان ورَمَضَان وشَوَّال وذا القَعْدَة، وخَرَج يَوْم التَّرْوِيَة يُريد الكُوفَة، فكان سَبَب هَلَاكه.

قال أبو عُمَر

(3)

: قال مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ: حَجَّ الحُسَينُ بن عليّ خَمْسًا وعشرين حِجَّة مَاشِيًا.

وذَكَرَ أسَد، عن حَاتِم بن إسْمَاعِيْل، عن مُعاوِيَة بن أبي مُزَرِّد، عن أَبِيِه، قال: سَمِعْتُ أبا هُرَيْرَة يَقُول

(4)

: أبْصَرَتْ عَيْناي هاتان، وسَمِعَتْ أُذُناي رسُول الله

(1)

الاستيعاب 1: 394.

(2)

الاستيعاب 1: 396.

(3)

الاستيعاب 1: 397.

(4)

مصنف ابن أبي شيبة 6: 382 (رقم 33183)، مجمع الزوائد للهيثمي 9: 176، كنز العمال للمتقي الهندي 13: 669 (رقم 37706).

ص: 99

صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو آخذٌ بكَفَّي حُسَين، وقَدَماهُ على قَدَمِ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يَقُول: تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ. قال: فَرَقا الغُلَامُ حتَّى وَضَع قَدَمَيْهِ على صَدْر رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال له رسُول الله: افْتَح فاكَ ثمّ قَبَّلهُ، ثُمَّ قال: اللَّهُمَّ أَحبَّهُ، فإنِّي أُحِبُّهُ.

قال أبو عُمَر

(1)

رحمه الله: رَوَى الحُسَينُ بن عليّ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَوْله: من حُسْن إسْلام المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنيهِ. هكذا حدَّثَ به العُمَرِيُّ، عن الزُّهْرِيّ، عن عليّ بن حُسَيْن، عن أَبيِهِ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقد ذَكَرْنا الاخْتِلَاف في إسْنَاد هذا الحَدِيْث في كتاب التَّمْهِيْد

(2)

لحَدِيث رسُول الله صلى الله عليه وسلم في المُوَطَّأ.

ورَوَى إبْراهيم بن سَعْد، عن ابن إسْحاق، عن الزُّهْرِيّ، عن سِنَان بن أبي سِنَان الدُّؤَلِيّ، عن حُسَيْن بن عليّ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا في ابن صَائِد

(3)

: اخْتَلَفْتُم وأنا بين أظْهركُم، فلأنْتُم بَعْدي أشَدُّ اخْتِلَافًا.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ

(4)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب بن عَبْد المُطَّلِب بن هاشِم بن عَبْد مَنَاف، أبو عَبْد الله، سِبْطُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ورَيْحَانَتُهُ في الدُّنْيا، حَدَّثَ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعن أبيهِ، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عليّ بن الحُسَين، وابْنَتُهُ فاطِمَةُ، وابنُ أخيه زَيْد بن الحسَن، وشُعَيْب بن خَالِد، وطَلْحَة بن عُبَيْدِ الله العُقَيْليّ، ويُوسُف الصَّبَّاغ، وعُبَيد بن حُسَيْن، وهَمَّام بن غَالب الفَرَزْدَق،

(1)

الاستيعاب 1: 398.

(2)

التمهيد لابن عبد البر 9: 195 - 199.

(3)

كتاب الفتن لابن حماد 550 (رقم 1544)، المعجم الكبير للطبراني 3: 146 - 147 (رقم 2908)، الاستيعاب لابن عبد البر 1: 398 (والنقل عنه)، مجمع الزوائد للهيثمي 8:5.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 111.

ص: 100

وأبو هِشَام. ووَفَدَ على مُعاوِيَة، وتوجَّه غَازِيًا إلى القُسْطَنْطِينِيَّة في الجَيْش الّذي كان أميرَهُ يَزِيد بن مُعاوِيَة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة الأنْدَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بنُ أبي سَعيد بن رَوْح، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بنْتُ عَبْد الله الجُوزْجَانِيَّة (a)، قالت (b): أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبَو القَاسِم سُليْمانُ بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الوَلِيد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي السَّرِيّ العَسْقَلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن مُسْلِم، عن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن جَابِر بن عَبْد اللهِ، أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحَسَن والحُسَين وخَتَنَهُما لسَبْعَة أيَّامٍ.

قال الطَّبَرَانِيّ

(2)

: لَم يَرْوه عن ابن المُنْكَدِر إلَّا زُهَيْر، ولَم يقُل أحَدٌ ممَّن رَوَى هذا الحَدِيْث عن زُهَيْر وخَتَنَهُما لسَبْعة أيَّام، إلَّا الوَلِيد بن مُسلِم.

أخْبَرَنا أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ الحِلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ الحَلَبَيّ عَمِّي بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد الله بن إسْمَاعِيْل بن الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُحمّد بن أحْمَد بن الطُّيُورِيّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِمِ عبدُ الرَّحْمن بن مَنْصُور بن سَهْل الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو وَهْب الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا مَخْلَد،

(a) الأشهرُ في نسبتها: الجُوزْدَانِيَّة، نسبةً لجُوزْدَان، قرية على باب أصبهان (السمعاني: الأنساب 3: 401)، وذكرها ابن العديم مرارًا على الوجهين.

(b) الأصل: قال.

_________

(1)

المعجم الأوسط 7: 12 (رقم 6708)، والمعجم الصغير 323 (رقم 874)، وينظر: السنن الكبرى للبيهقي 8: 334.

(2)

المعجم الصغير 323.

ص: 101

عن مُحَمَّد بن عَبْد الله، عن أبي إسْحاق، عن الحَارِث، عن عليّ عليه السلام، قال

(1)

: كان الحَسَنُ أشْبَهُ النَّاس برسُول اللهِ ما بين الذَّقَن إلى الرَّأس، وكان الحُسَين أشْبَهُ النَّاس برسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من الذَّقَن إلى القَدَم، وفيهما شَبَهُ رسُول الله عليهم السلام.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْحِ العُشَارِيّ، قال: حدَّثنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل المَعْرُوف بابنِ سَمْعُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان الكِنْدِيّ، قال: حدَّثنا وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي لَيْلَى، عن أخيهِ عِيسَى بن عبد الرَّحْمن، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه، قال

(2)

: كُنَّا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاءَ الحُسَينُ بن عليّ عليهما السلام يَحْبُو حتَّى صَعدَ على صَدْره فبَالَ عليه، فابْتَدَرْناهُ لنأخُذَه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ابْني ابني! قال: ثمّ دَعَا بماءٍ فصَبَّهُ عليهِ.

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا ابن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا ابن عَيْلَان، قال: أخْبَرَنا الشَّافِعيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن غالب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد الأَدَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى البَصْرِيّ، قال: حَدَّثني حَاتِم بن عَبْدِ الله، عن يَحْيَى بن عَبْد الله بن الحُسَين، عن أَبِيهِ، عن جدِّه الحُسَين بن عليّ، قال: حَيَّاني رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بالوَرْد بكلتَي يديهِ، فلمَّا أدْنَيتُه من أنْفي، قال: أمَا إنَّهُ سَيِّد رَيْحَان الجَنَّةِ بعد الآسِ.

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير 3: 89 (رقم 2768 - 2671) من طريق أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي رضي الله، وانظر: كنز العمال 13: 659 (رقم 37674).

(2)

مصنف ابن أبي شيبة 1: 113 (رقم 1291)، المعجم الكبير للطبراني 7: 90 (رقم 6424).

(3)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 374 (رقم 1092).

ص: 102

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحُسَين بن مُحَمَّد بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع

(1)

، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن عَبْد الله الأُبُلِّيّ بالأُبُلَّة، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مَوْهَب، قال: حَدَّثَنَا أبو شِهَاب، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أبي الزُّبَيْر، عن جَابِر، قال

(2)

: دَخَلْتُ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلِّي على أرْبَع، والحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما على ظَهْره، وهو يَقُول: نِعْم الجَمَل جَمَلكُما، ونِعْمَ العَدْلان - أو الحمْلان - أنتُما.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحمد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء الطُّرَيْثِيثِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف الكَاشْغَرِيّ - قَدِمَ علينا حَلَب - قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن صالح الكَاغَدِيّ، وأبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلْمَان - قال أبو المُظَفَّر: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء. وقال أبو الفَتْح: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون - قالا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان الفَسَوِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا حَسَن بن زُرَيْق أبو عليّ الطُّهَوِيّ،

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 266.

(2)

الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 247 (رقم 1842)، المعجم الكبير للطبراني 3: 46 (رقم 2661)، العلل المتناهية لابن الجوزي 1: 357 (رقم 413)، مجمع الزوائد للهيثمي 9:182.

(3)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

ص: 103

قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر، عن عَاصِم، عن زرّ، عن ابن مَسْعُود، قال: كان النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي والحَسَن والحُسين يلعَبان ويَصْعَدان على ظَهْره، وأخَذَ المُسْلمُونَ يُمِيطونَهُما، فلمَّا انْصَرَف قال: مَنْ أحَبَّني فليُحبّ هذين.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سعد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن العبَّاس الحُلالُ (a) المَعْرُوف بإسْلام بمَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن الحُسَين الشِّيْرنَخَشِيْرِيّ

(1)

، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحَسَن المِهْرَبَنْدَقْشَائيّ (b)، قالا: أخْبَرَنا أبو العبَّاس عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن هَارُون الطَّيْسَفُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان القَطِيْعِيّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن إبْراهيم القَرَاطِيْسِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعيْل الأحْمَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أسْبَاط - يعني ابن مُحَمَّد - عن كَامِلٍ أبي العَلَاء، عن أبَي صالحٍ، عن أبِي هُريرَة رضي الله عنه، قال

(2)

: كان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاة العِشَاء، وكان الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما يَثِبَان على ظَهْره، فلمَّا صَلَّى قال أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه: ألَا أذهَبُ بهِما إلى أُمّهما؟ فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا، فبرقَتْ برقَة، فما زَالا في ضَوْئها حتَّى دَخَلا على أُمِّهما.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ في المُسَلَّم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو

(a) كذا مجوَّدًا في الأصل.

(b) الأصل: المهريندقشاني، والمثبت مع ضبطه من ياقوت: معجم البلدان 5: 233، ونسبته إلى قرية على ثلاثة فراسخ من مرو.

_________

(1)

نسبة إلى شيرنخشير: قرية من قرى مرو، ويقال: شيرنخجير. ياقوت: معجم البلدان 3: 382.

(2)

العقيلي: الضعفاء الكبير 4: 8 - 9 (رقم 1561)، الطبراني: المعجم الكبير 3: 45 (رقم 2659)، الحاكم: المستدرك 3: 167، الهيثمي: مجمع الزوائد 9: 181، وانظر: المسند الجامع 16: 580 - 581 (رقم 12825).

ص: 104

الحُسَين مُحَمَّد بن أحمد بن جُمَيْع

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الغَرَّال ببَغْدَادَ - دَرْب السَّقَّائيْن - قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُعاوِيَة، عن عَمْرو (a)، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، قالا: حَدَّثَنَا أبو غَسَّان، قال: حَدَّثَنَا أسْبَاط، عن السُّدِّيّ، عن صُبَيْح (b) مَوْلَى أُمّ سَلَمَة، عن زَيْد بن أرْقَم، قال

(2)

: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ وفاطِمَة والحَسَن والحُسَين: أنا حَرْبٌ لمَن حَارَبكُم، سِلْمٌ لمَن سَالَمكُم.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بنُ عَبْد الله بن عبد الصَّمَد السُّلَمِيّ، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البنَاء، وأبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر بن عَبْد الله بن رُوزْبَة البَغْدَاديُّونَ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد الحَمُّوِي، قال: أخْبرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن يُوسُف الفَرَبْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بنُ إسْمَاعِيْل البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن إسْمَاعيْل، قال: حَدَّثَنَا مَهْدِي، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي يَعْقُوب، عن ابن أبي نُعْم، قال: كُنْتُ شَاهِدًا لابن عُمَر وسَأله رَجُل عن دَم البَعُوض فقال: ممَّن أنْتَ؟ فقال: من أهْلِ العِرَاق، قال: انظُروا إلى هذا يَسْألُني عن دَم البَعُوض، وقد قَتَلُوا ابن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم! وسَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: هما رَيْحَانَتي من الدُّنْيا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله الحَمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا الإمَامُ أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن

(a) ابن جميع الصيداوي: أحمد بن محمد بن معاوية بن عمرو.

(b) الأصل: صبح، والمثبت من معجم الصيداوي ومصادر تخريج الحديث المتقدمة باتفاقها.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 380.

(2)

المصنف لابن أبي شيبة 6: 381 (رقم 32172)، المعجم الكبير للطبراني 3: 31 (رقم 3630)، المستدرك للحاكم 3: 149، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 15: 433 - 434 (رقم 6977)، كنز العمال للمتقي 12: 96 (رقم 34159).

ص: 105

الطُّيُورِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن مُولىَ السَّكُونِيّ المُؤدّب، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى أحْمَد بنُ عليّ بن المُثَنَّى المَوْصِلِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أسْماء، قال: حَدَّثَنَا مَهْدِي بن مَيْمُون، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عَبْد الله بن أبي يَعْقُوب، عن ابن أبي نُعْم (a)، قال: كُنْتُ جالِسًا عندَ ابن عُمَر، فسَأله رَجُل عن دَم البَعُوض، فقال: يَسْألُوني عن دَمِ البَعُوض وهُم قَتلُوا ابنَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم! وقد سَمِعْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: هما رَيْحَانَتيَّ في الدُّنْيا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم العَطَّارُ، وأبو سَعْد البنَاء، وأبو الحَسَن بن رُوزْبَة البَغْدَاديُّونَ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَمُّوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله الفَرَبْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللهِ البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(3)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن بَشَّار، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَر، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوبَ، قال: سَمِعْتُ ابنَ أبي نُعْم يَقُول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن عُمَر - وسَأله عن المُحْرِم - قال

(a) في الأصل: ابن أبي نعيم، وتقدم في الرواية قبلها صحيحًا، ويأتي فيما بعد على الرسم المثبت، وهو عبد الرحمن بن أبي نُعم، أبو الحكم البجلي الكوفي. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 5: 62 - 63.

_________

(1)

الطيوريات 1: 36 - 37 (رقم 20).

(2)

مسند أبي يعلى الموصلي 10: 106 (رقم 5739) ولفظه: "هما ريحانتاي من الدنيا"، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة 6: 382 (رقم 32180)، مسند ابن حنبل 8: 168 (رقم 5940)، وفضائل الصحابة لابن حنبل 2: 782 (رقم 1390)، الجامع الكبير للترمذي 6: 115 (رقم 3770)، والمعجم الكبير للطبراني 3: 137 (رقم 2884)، فتح الباري 10: 436 (رقم 5994).

(3)

فتح الباري 7: 95 (رقم 3753)، وانظر مسند ابن حنبل 7: 271 (رقم 5568)، وحلية الأولياء لأبي نعيم 7: 165، وشرح السنة للبغوي 14: 137 (رقم 3935)، صحيح ابن حبان 15: 425 - 426 (رقم 6969).

ص: 106

شُعْبَةُ: أحْسَبُه يَقْتُل الذُّبَابَ، فقال: أهْلُ العِرَاق يَسْألونَ عن الذُّبَابِ، وقد قَتَلُوا ابنَ بنت رسُول اللهِ، وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هما رَيْحَانتَاي من الدُّنْيا.

وقال (a): حَدَّثَني مُحَمَّد بن الحُسَين بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَني حُسَيْن بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، عن مُحَمَّد، عن أنَس بن مَالِك، قال: أتي عُبَيْد الله بن زِيَاد برَأس الحُسَين فجعل في طَسْتٍ، فجَعَل ينكت، وقال في حُسْنه شيئًا، فقال أنَسٌ: كان أشْبَهَهُم برسُول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مَخْضُوبًا بالوَسْمَة.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء، ح.

وأخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُفَ الكَاشْغَرِيّ - قَدِمَ علينا حَلَبَ - قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن صالح الكَاغَدِيّ، وأبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلْمَان - قال أبو المُظَفَّر: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليِّ الحُسَين بن زَكَرِيَّاء. وقال أبو الفَتْح: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون - قالا: أخْبَرَنا أبو علِيّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن جَعْفر بن دَرسْتَوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان الفَسَوِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَميْد بن بَحْر - سَمِعْتُهُ بالبَصْرَة - قال: أخْبَرَنا مَنْصُور بن أبي الأسْوَد، عن الأَعْمَش، عن إبْراهيم، عن عَلْقَمَة بن قَيْسٍ، عن عَبْد اللهِ بن مسْعُود، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الحَسَنُ والحسَينُ سَيِّدَا شَبَاب أهْل الجَنَّة.

(a) أخَّر ابن العديم هذه الرواية بإسنادها المتقدم، وقدم عليها رواية "هما ريحانتاي من الدنيا".

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ، ورواه الفسوي بإسناد آخر (2: 644)، وفيه زيادة:"إلا ابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكرياء". وانظر بإسناده في الكامل لابن عدي 5: 1959، وحلية الأولياء لأبي نعيم 5:58.

ص: 107

أخْبَرَنا أبو الفَضائِل عَبدُ الرَّزَّاق بن عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن سُكَيْنَة، وأبو إسحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف البَغْدَاديَّان - قَدِمَا علينا حَلَب - قالا: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو بن البَخْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عبد الرَّحيم بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا فَيْضُ بن وَثِيْق، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن مَطَر، قال: حَدَّثَنَا ثابِتٌ، عن أنسَ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الحَسَنُ والحُسَينُ سَيِّدَا شَبَاب أهْل الجَنَّة.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصّالِحُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَكِيم الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن يَاقُوت بن عَبْد اللهِ الفَرَّاش، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْد اللهِ الحُسَينُ بن إسْمَاعِيْل الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَهْل بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَسَّان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن الأشْرَس، قال: حَدَّثنا عليّ بن مُوسَى الرِّضَا، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه مُحَمَّد بن عليّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام أنَّ

(1)

: رسُول الله صلى الله عليه وسلم أخَذَ بيَدِ الحَسَن والحُسَين فقال: مَنْ أحَبَّني وأحَبَّ هذين وأباهُما وأُمُّهما كان معي في الجَنَّة، المَرْءُ مع مَنْ أحَبَّ، المَرْءُ مع مَنْ أحَبَّ، المَرْءُ مع مَنْ أحَبَّ.

(1)

مسند ابن حنبل 2: 25 - 26 (رقم 576)، الجامع الكبير للترمذي 6: 92 (رقم 3733)، المعجم الكبير للطبراني 3: 43 (رقم 2654)، والمعجم الصغير 345 (رقم 940)، كنز العمال للمتقي الهندي 12: 97 (رقم 34161)، وانظر: المسند الجامع 13: 412 (رقم 10345).

ص: 108

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة الأنْدَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَدُ بن سَعيد بن رَوح، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ الجُوزْجَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلَّاد البَاهِلِيّ البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عليّ الجَهْضَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، عن أخيهِ مُوسَى بن جَعْفَر، عن أَبيِهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ مُحَمَّد بن عليّ، عن عليِّ بن الحُسَين، عن أَبِيهِ، عن عليّ بن أبي طَالِب أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ بيَدِ الحَسَن والحُسَين فقال: مَنْ أحَبَّ هذين وأباهُما وأُمُّهما فإنَّهُ معي في دَرَجتي يَوْم القِيامَة.

قال الطَّبَرَانِيّ

(2)

: لَم يَرْوه عن مُوسَى بن جَعْفَر إلَّا أخُوه عليّ بن جَعْفَر، تفرَّدَ بهِ نَصْر بنُ عليّ.

قلتُ: وقد رَوَاهُ عليّ بن مُوسَى الرِّضَا رضي الله عنه، عن مُوسَى بن جَعْفَر، كما أوْرَدناهُ قَبْلَهُ.

أخْبَرَنا أبو عبدِ الله مُحَمَّد بن أبي القاسِم بن مُحَمَّد بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيّ، خطِيْبُها بها، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف بن عليّ البَغْدَاديّ، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف بحَلَب، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عُمَر بن أبي الأشْعَث السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبدِ اللهِ الحسين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد اللهِ أحْمَدُ بن عَطَاء

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

المعجم الصغير للطبراني 2: 345 (رقم 940)، وفي الكبير 3: 43 (رقم 2654) من طريق الساجي، عن نصر بن علي، وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة 2: 693 (رقم 1185).

(2)

المعجم الصغير 2: 345.

ص: 109

الرُّوْذبَارِيُّ، قال: حَدَّثَني عليّ بن مُحَمَّد بن عُبيد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن أبي عُثْمان الطَّيَالِسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبيدَة عَبْد الوَاحِد بن وَاصِل، قال: حَدَّثَنَا طَرِيْفُ بن عِيسَى، قال: حدَّثني يُوسُفُ بن عَبْد الحَميْد، قال: قال لي ثَوْبَان مَوْلَى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: أجْلَسَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم الحَسَنَ والحُسَينَ على فَخذَيْهِ، وفاطِمَة في حَجْره، واعْتَنق عليًّا، قال: اللَّهُمَّ هؤلاء أهْلُ بَيْتي.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عليّ الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن الطُّيُورِيّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مَنْصُور بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن زُبَيْد، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أُمّ سَلَمَة أنَّ

(1)

: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَلَّلَ عليًّا والحَسَنَ والحُسَين وفاطِمَة كِسَاءً، وقال: هؤلاء أهْلُ بَيْتي وخَامَّتي (a)، اللَّهُمَّ اذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهُم تَطْهِيْرًا، قالت أم سَلَمَة: وأنا معهم يا رسُول الله؟ قال: إنَّك إلى خَيْرٍ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب العُشَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن سَمْعُون إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر

(a) كذا في الأصل مجودًا، ولم أقف عليه بهذا اللفظ، وعند الطبراني في الكبير 23: 335 وابن عساكر في تاريخه 14: 140 - 141: حامتي.

_________

(1)

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 23: 334 (رقم 770).

ص: 110

الصَّيْرَفيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة الكَلْبيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن ثَابِت، قال: حَدَّثَنَا أسْبَاط بنُ نَصْر، عن السُّدِّيّ، عن بِلَال بن مِرْدَاسٍ، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أُمِّ سَلَمَة، قالت

(1)

: جاءت فاطِمَةُ إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بخَزِيْرةٍ

(2)

فوضَعَتْها بينَ يَدَيْهِ، فقال: ادْعِي زَوْجَكِ وابنَيْكِ، فدَعَتْهُم، وطَعمُوا وعليهم كِسَاءٌ خَيْبَرِيٌّ، فَجَمَع الكِسَاء عليهم ثُمَّ قال: هؤلاء أهْل بَيْتي وخَامَّتي (a)، فاذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهُم تَطْهِيْرًا. قالت أُمُّ سَلَمَة: فقُلْتُ: يا رسُول الله، ألسْتُ من أهْل البيت؟ قال: إنَّكِ على خَيْر وإلى خَيْرٍ.

قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن ثَابِت، عن أبيْ إِسْرَائِيل، عن زُبَيْد، عن شَهْرٍ، عن أُمّ سَلَمَة، مثْل ذلك.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الحُسيِن الأنْدَلسُيِّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد الأصْهَانيِّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُجَاهِدٍ الأصْبَهَانيِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عُمَر بن أَبَان، قال: حَدَّثَنَا زَافِر بن سُلَيمان، عن طُعْمَةَ بن عَمْرو الجعفَرِيّ، عن أبي الحَجَّاف دَاوُد بن أبي عَوْف، عن شَهْر بن حَوْشَبٍ، قال: أتَيْتُ أُمّ سَلَمَة أعَزِّيْها على الحُسَين بن عليّ، فقالت: دَخَلَ عليَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَلسَ على مَنَامةٍ لنا، فجاءَتْهُ فاطِمَةُ رِضوَانُ الله عليها بشيءٍ

(a) الطبراني: حامتي، وتقدم التعليق عليه.

_________

(1)

الجامع الكبير للترمذي 6: 174 - 175 (رقم 3871)، والمعجم الكبير للطبراني 23: 334 (رقم 773)، وانظر: المسند الجامع 20: 690 - 691 (رقم 17650).

(2)

الخزيرةُ: الحساء من الدسم والدقيق. (لسان العرب، مادة: خزر) وفي المعجم الكبير للطبراني 23: 334: بخريزة.

(3)

المعجم الصغير 1: 90 (رقم 170).

ص: 111

فوَضَعَتهُ، فقال: ادْعِ لي حَسَنًا وحُسَيْنًا وابن عَمّكِ عليًّا، فلمَّا اجْتَمعُوا عنده قال: اللَّهُمَّ هؤلاء خَامَّتِي (a) وأهْل البيتِ، فاذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهُم تَطْهِيْرًا.

قال الطَّبَرَانِيُّ

(1)

: لَم يرْوهِ عن طُعْمَة إلَّا زَافِر، تَفَرَّدَ بهِ عَبْدُ الله بن عُمَر مُشْكَدَانَة (b).

أخْبَرَنا عَتيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بدِمَشْقَ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أَبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عَبْدِ الرَّحمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف (c)، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُفَ القُلُوسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا سليمان بن داود، قال: حَدَّثَنَا عَمَّار بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أبي الحَجَّاف، عن أبي سَعيد، قال: نَزَلَتْ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}

(4)

في خَمْسةٍ: في رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وعليّ، وفاطِمَة، والحَسَن، والحُسَين.

أخْبَرَنا أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله الإسْحَاقِيّ الحلَبيِّ بها، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ الحَلَبيِّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللهِ بن أبي جَرَادَة الحَلَبيِّ بها، قال: حَدَّثَني أبو الفَتْح عَبْد الله بن إسْمَاعِيْل بن الجِلّيِّ الحَلَبيِّ بها،

(a) الطبراني: حامتي.

(b) الأصل: ابن مشكدانة، وصوابه المثبت، لقب لعبد الله بن عمر، ويقال بكسر الميم وضمها، والضبط أعلاه من المصنّف.

(c) عند ابن عساكر: أبو الحسن المغربي، تصحفت من المقرئ أو المعدَّل.

_________

(1)

المعجم الصغير 1: 90.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 147.

(3)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 599.

(4)

سورة الأحزاب، من الآية 33.

ص: 112

قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن الطُّيُورِيِّ الحَلَبيِّ بها، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بن سنَان، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الغَنِيّ الحَسَنِ بن عليّ الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، عن أَبِيهِ، عن مِيْنا بن مِيْنَا (4) موْلَى عبد الرَّحْمن بن عَوْف أنَّهُ قال

(1)

: ألَا تَسْألُونَ قبل أنْ تُشَاب الأحَادِيْثُ بالأبَاطِيْل؟ قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أنا شَجَرَةٌ، وفاطمَةُ أصْلُها وفُرْعُها، وعليٌّ لقاحُهَا، والحَسَنُ والحُسَينُ ثَمَرُها، وشيْعَتُنا وَرَقُها، والشَّجَرةُ وأصْلُها في عَدَن، والأصلُ والفَرع واللّقَاحُ والوَرقُ والثَّمَرة في الجَنَّةِ.

أنْبَأنَا عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبرَزَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عَبْد البَاقِي، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَالِك القَطِيْعيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنَا عَفَّان، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْب، قال: حدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ عُثْمان بن خُثَيْم، عن سَعْد بن أبي رَاشِد، عن يَعْلَى العَامِرِي أنَّهُ

(2)

: خَرَجَ مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى طَعَام دُعُوا له، قال: فاسْتَمْثل رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال عَفَّان: قال وُهَيْب: فاسْتقبَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم أمَام القَوْم وحُسَين مع غلْمَان يلعَبُ، فأرَاد رسُول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يأخُذَهُ، قال: فطَفِقَ الصَّبيُّ يفرُّ هَا هُنا مرَّةً وهَا هُنا مرَّةً، فَجَعَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُضَاحِكُهُ حتَّى أخَذَهُ، قال: فوَضَعَ إحْدى يَدَيهِ تحتَ قَفَاهُ والأُخرى تحت ذقَنِهِ، فوَضَعَ فاهُ

(a) كذا في الأصل، وفي الكامل لابن عدي 2: 748، والمستدرك للحاكم 3: 160: مينا بن أبي مينا.

_________

(1)

الكامل لابن عدي 2: 748، المستدرك للحاكم 3:160.

(2)

المصنف لابن أبي شيبة 6: 383 (رقم 32186)، فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 772 (رقم 1361)، الأدب المفرد للبخاري 97 (رقم 364)، سنن ابن ماجة 1: 51 (رقم 144)، الجامع الكبير للترمذي 6: 118 (رقم 3775)، المعجم الكبير للطبراني 3: 21 (رقم 2589)، 22: 274 (رقم 702)، صحيح ابن حبان 15: 427 (رقم 6971).

ص: 113

على فيهِ فقَبَّلَهُ، وقال: حُسَين منِّي وأنا من حُسَيْن، أحبَّ اللهُ مَنْ أحَبَّ حُسَيْنًا، حُسين سِبْطٌ من الأسْبَاطِ.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن المُبارَك بن أبي بَكْر مُحَمَّد بن مَزْيَد الخَوَّاص، وأبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ البَغْدَاديَان بها، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرجاء الصَّيْرَفيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن النُّعْمان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرئ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْحاق بن أحْمَد بن نافع (b) الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن خَالِد، عن ابن خُثَيْمِ، عن سَعْد بن [أبي](c) رَاشِد الحِمْصيِّ، عن يَعْلَى بن مُرَّة، أنَّ حُسَيْن بن عليّ أقْبل، فأرَادَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يأخُذَهُ، ولاوَذَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى أخَذَه، فوَضَعَ إحْدى يَديهِ تحتَ ذَقَنِهِ والأُخرى على فَأسِ رأسِهِ، ثمّ قبَلَهُ، ثُمّ قال: اللَّهُمَّ أحبَّ حُسَيْنًا، اللَّهُمَّ أحبّ مَنْ يُحِبُّ حُسَين، حُسَيْنٌ سِبْطٌ من الأسْبَاطِ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْحِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء، ح.

وأخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن عُثْمانِ بن يُوسُفَ الكَاشْغَرِيِّ - قَدِمَ علينا حَلَب - قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن صالح الكَاغَدِيِّ، وأبو

(a) غير واضحة في الأصل وعليها أثر تصحيح، وهو: أبو بكر عبد بن إبراهيم بن علي بن عاصم المقرئ، صاحب المعجم.

(b) الأصل: شافع، وصوابه المثبت، وهو مقرئ أهل مكة إسْحَاق بن أحمد بن نافع الخزاعي المقرئ المكي (ت 308 هـ)، انظر ترجمته في الوافي بالوفيات 8: 403، العبر للذهبي 1: 453 - 454، سير أعلام النبلاء 14: 289، شذرات الذهب 4:39.

(c) ساقطة من الأصل، وتقدم صحيحًا في الرواية قبله، وانظر تاريخ ابن عساكر 14:148.

ص: 114

الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلمان - قال أبو المُظَفَّر: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليِّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء، وقال أبو الفَتْح: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون - قالا: أخْبَرَنا أبو علِيِّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن جَعْفر بن درسْتَوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان الفَسَوِيِّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن نُمَيْر، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنا ربيع بن سَعْد، عن عبد الرَّحْمن بن سَابِط، قال

(2)

: كُنْتُ مع جَابِر، فدَخَلَ حُسيْنُ بن عليّ رضي الله عنهما، فقال جابر: مَنْ سرَّهُ أنْ ينْظُر إلى رَجُل من أهْل الجنَة فليَنظُر إلى هذا، فأشهَدُ لسَمِعْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولهُ.

أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحسَن الحافِظُ

(3)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنبأنا أبو المَعَالِي ابن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبرنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكيِّ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن غالب، قال: حَدَّثَنَا زكرِيَّاء بن عَدِيٍّ (a)، قال: حَدَّثَنَا ابن نُمَيْر، عن الرَّبيْع بن سَعْد الجعْفِيّ، عن ابن سَابِط، عن جَابِر، قال: دَخَلَ حُسَيْنُ بن عليّ المَسْجِد من باب بني فُلَانٍ، فقال جَابر مَنْ سَرَّهُ أنْ ينظُر إلى رَجُل [من أهْل](b) الجنَّة، فلينظُر إلى هذا، سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولهُ.

(a) كذا في الأصل وتاريخ ابن عساكر، وفي كتاب المجالسة: أبو زكرياء بن عديّ.

(b) زيادة من كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(2)

مجمع الزوائد للهيثمي 9: 187.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 137.

(4)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 538.

ص: 115

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكِرِيَّاء

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الغلابِي، قال: حَدَّثَنَا ابن عائِشِة، قال: حَدَّثَنَا حَسَن بن حسَيْن الفَزَاريّ، قال: حَدَّثَنَا قَطَرِيّ الخَشَّاب (a)، عن مُدْرِك بن عُمَارَة، قال: رأيْتُ ابن عبَّاسٍ آخذًا بركاب الحَسَن والحُسين، فقيل له: أتأخُذ بِركَابيهما (b) وأنْتَ أسنّ منهما؟ فقال: إنَّ هذين ابْنَا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، أوَليْسَ من سعَادَتي أنْ آخُذَ بركَابَيْهما (c).

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرْجَّا بن أبي الحَسَن في هِبَة الله بن غَزَال التَّاجر الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا العَدْل أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن الكَتَّانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله العَجَمِيِّ، قِرَاءةً عليه، قال: أَخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد البزَاز (d)، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أَبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عُثْمان بن سَمْعَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أسْلَم بن سَهْل بَحْشَل

(2)

، قال: حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن يحْيَى بن سَعيْدٍ، عن عُبَيد بن حُنَيْن، قال: حَدَّثَني الحُسين بن عليّ رِضْوَان الله عليه، قال: أتَيْتُ عُمَر بن الخَطَّاب رِضْوَان اللهِ عليه وهو على المِنْبَر، فقُلتُ: انْزَل عن مِنْبَر أبي فاذْهَب

(3)

إلى مِنْبَر أبيكَ، فقال عُمَر رِضْوَان اللهِ عليه: إنَّ أبي لَم يكُن له مِنْبَر، ثُمَّ أخَذَني فأجْلَسَني معه، فلمَّا نَزَل نَزَل بي معه إلى مَنْزِله،

(a) الأصل: الحساب، وصوابه المثبت كما هو عند المعافى وابن عساكر.

(b) الجريري: بركابهم.

(c) الجريري: بركابهما.

(d) في الأصل: البزار، وصوابه بزايين، الأزدي الواسطي.

_________

(1)

الجريري: الجليس الصالح 2: 218، والرواية في تاريخ ابن عساكر 14:179.

(2)

تاريخ واسط 203.

(3)

لم ترد في كتاب بحشل.

ص: 116

فقال: يا بُنيَّ اجْعَل تَغْشَانا، اجْعَل تَأتيْنا، فجئتُ يَوْمًا وهو خالٍ بمُعاوِيَة رضي الله عنه، فجاءَ عَبْدُ الله بن عُمَر فلَم يُؤذن له، فرجَع، فرجعْتُ، فلَقيني: فقال: ما لي لِم أرَكَ؟ فقُلتُ: قد جئتُ وكُنْتَ خاليًا بمُعاوِيَة وابن عُمَر على الباب، فرجَع ورَجعْتُ، فقال: أنتَ أحَقُّ بالإذْن من ابن عُمَر، إنَّما أنْبَتَ ما تَرَى في رَأسِي من الشَّعَر الله ثمّ أنتُم.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف إذْنًا، عن أبي طَاهِر السِّلَفيِّ، قال: أخْبَرَنا ثَابت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجليّ، قال: حَدَّثَني أبي أحْمَد

(1)

، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن يَحيَى بن سَعيد، عن عُبَيْد بن حُنَيْن، عن حُسَيْن بن عليّ، قال: صَعدتُ إلى عُمَر رضي الله عنه وهو على المنبَر، فقُلتُ: انْزِلْ عن مِنْبَر أبي، واذْهَب إلى منْبَر أبيك، فقال: مَنْ علَّمَك هذا؟ قُلتُ: ما عَلَّمنَيه أحدٌ، قال: منْبَر أبيك واللهِ، مِنْبَر أبيكَ والله، هل أنْبَتَ على رُؤوسنا الشَّعر إلَّا أنتُم، جعَلت تأَتِيْنا، جعَلْت تَغْشَانا.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أبي الحَسَن التَّاجر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن الكَتَّانِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أحْمَد (a)، قَال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عُثْمان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بَحْشَل الرَّزَّاز

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عُمَارَة، عن زِيَادٍ الحارِثيِّ - قال أبو الحَسَن:

(a) قوله: "قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد" مكرر في الأصل، وضرب على الثاني منهما.

_________

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 119.

(2)

لم أقف عليه في كتابه تاريخ واسط.

ص: 117

وهو زِيَاد بن شَابُور عَمّ بَقِيَّة بن عُبَيد - قال: سَمِعْتُ الحُسين بن عليّ رِضْوَان اللّه عليهِ يَقُول: مَنْ أتَى مَسْجِدًا لا يَأتيه إلَّا للّه تعالَى، فذاكَ ضيْفُ اللّه تعالى حتَّى يخرُج منهُ.

أخبَرَنا أبو جَعْفَرِ يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْد الله الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرني أبي، قال: أخبَرَنا أبو العِزّ مُحمَّد بن المُخْتَار، قال: أخبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهِب، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْد اللّه بن أحْمَد قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحُسَين بن إبْراهِيم بن إشْكَاب، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن عَوْن، قال مِسْعَر: أُخبرناهُ، قال: مُرَّ حُسيْن بن عليّ عليه السلام على مَسَاكِيْن، فجلس إليهم ثُمَّ قال:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}

(1)

.

أخبَرَنا أبو عليّ الحَسَنِ بن أحْمَد بن يُوسُف بالبَيْت المُقدَّس، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إبْراهيم الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن عَبْد اللّه العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكرِيَّاء الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الهُذَلِيّ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ أنَّهُ بينما هو يُحَدِّثُ النَّاس إذ قام إليه نَافِعُ بن الأزْرَق، فقال له: يا ابن عبّاسٍ، تُفْتِي النَّاس في النَّملةِ والقَمْلَة، صِفْ لي إلهكَ الّذي تَعْبدُ، فأطْرَقَ ابن عبَّاسٍ إعْظامًا لقَوْله، وكان الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنهما جالِسًا ناحيةً، فقال: إليَّ يا ابن الأزْرَقِ، قال: لستُ إيَّاكَ أسْألُ، قال ابن عبَّاسٍ: يا ابن الأزْرَق، إنَّهُ من أهْل بيت النُّبُوَّة وهم وَرَثَةُ العِلْم.

فأقْبَل نَافِعٌ نحو الحُسَين، فقال له الحُسَين: يا نَافِعُ، إنَّهُ من وَضَع دِينَهُ على القياسِ لَم يَزَل الدَّهْر في الالْتِبَاسِ سَائلًا، نَاكِبًا عن المنْهَاج، طَاعنًا بالاعْوِجَاج،

(1)

سورة النحل، من الآية 23.

ص: 118

ضَالًّا عن السَّبِيْل، قَائَلًا غير الجَمِيل، يا ابن الأزْرَق: أَصِفُ إلهي بما وَصَفَ به نَفْسَهُ، أُعرِّفُه بما عَرَّف به نَفسَهُ: لا يُدْرَكُ بالحَوَاسِّ، ولا يُقاسُ بالنَّاسِ، قريبٌ غير مُلْتَصق، وبَعيدٌ غير مُنْتقِص، يُوْجَدُ ولا يُبَعَّض، مَعْرُوفٌ بالآياتِ، مَوْصُوفٌ بالعَلَاماتِ، لا إله إلَّا هو الكَبِيْر المُتَعَال.

فبَكَى ابنُ الأزْرَق، وقال: يا حُسَين، ما أحْسَنَ كَلامَكَ، قال له الحُسين: بَلَغَنِي أنَّكَ تَشهَدُ على أبي وعلى أخي بالكُفْر وعليَّ؟ قال ابنُ الأزْرَق: أمَا واللّهِ يا حُسين لئن كان ذاك لقد كُنْتم مَنَار الإسْلَام، ونُجُوم الأحْكَام، فقال الحُسَين: إنِّي سَائلُكَ عن مَسْألَةٍ، فقال: سَل، فسَألَهُ عن هذه الآيةِ:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ}

(1)

، يا ابن الأزْرَق، مَنْ حُفظ في الغُلَامَيْن؟ قال ابنُ الأزْرَقِ: أبُوهُما، قال الحُسَين: فأبُوهمُا خَيرٌ أم رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ قال ابنُ الأزْرَقِ: قد أنبَأنَا الله أنَّكُمُ قَوْمُ خَصمُون.

أنبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بنُ الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا خالي أبو المَعَالِي مُحَمَّدُ بن يَحيَى القَاضِي، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن أحْمَد بن السَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رشِيْق، قال: حَدَّثَنَا يَمُوْتُ بن المُزَرِّع، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ السَّمَّاكُ، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بن طَابِخَة (a)، عن رَجُل من هَمْدَان، قال: خَطَبَنا الحُسَين بن عليّ غَدَاة اليَوْم الّذي اسْتُشْهِدَ فيه، فحَمِدَ اللّه وأثنَي عليه، ثُمَّ قال: عِبَادَ اللّه، اتَّقوا الله، وكُونُوا من الدُّنْيا على حَذَرٍ، فإنَّ الدُّنْيا لو بَقِيَت لأحَدٍ أو بقي (b) عليها أحَدُ، كانت الأنْبِياءُ أحَقُّ بالبَقَاء، وأَوْلى بالرِّضَا وأرْضَى

(a) ابن عساكر: طانحة.

(b) ابن عساكر: وبقي.

_________

(1)

سورة الكهف، من الآية 82.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 218.

ص: 119

بالقَضَاء، غير أنَّ اللّه تعالَى خَلَق الدُّنْيا للبَلَاءِ، وخَلَقَ أهْلَها للفَنَاءِ، فَجَدِيدُها بالٍ، ونَعِيْمها مُضْمَحِلٌّ، وسُرُورُها مُكْفهِّرُ، والمَنْزل بُلغَةُ، والدَّار قلْعَةُ، و {تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}

(1)

، {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

(2)

.

أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِبُ، فيما أَذِنَ لَنا في رِوَايتهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُجلِي، إجَازَةً إنْ لم أكُن سَمِعْتُهُ منهُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن عليّ بن أيُّوبَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الجَرَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن درَيْدٍ، قال: لمَّا اسْتَكف النَّاس بالحُسَين، رَكِبَ فَرَسَهُ، ثمّ اسْتَنْصَتَ النَّاسَ فأنْصَتُوا له، فَحمِدَ اللّه، وأثنَى عليه، وصَلَّى على - النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال: تَبًّا لكم أيَّتها الجَماعَة وبرْحًا (a)، أحين اسْتَصْرخِتُمونا وَلِهِيْن، فأصْرَخْناكُم مُوْجعِيْنَ (b)، شَحَذْتُم علينا سَيْفًا كان في أيْماننا، وحشَشْتُم علينا نارًا اقْتَدَحْناها (c) على عَدُوِّكم وعَدُوِّنا، فأصْبَحْتُم إلبًا على أوْلياكُمُ، ويَدًا عليها لأعْدَائكم، بغيرِ عَدْلٍ رَأيتمُوه بترَّه (d) فيكم، ولا أصْل أصبَح لكم فيهم، ومن غير حَدَثٍ كان منَّا، ولا رَأي يقبَل (e) فينا، فهَلَّا - لكم الوَيلات - إذ كَرِهْتُموها تَرَكْتُموِّنا والسَّيْف مشيمٌ، والجأشُ ضَامِنٌ (f)، والرَّأي لم يَسْتَخف، ولكن اسْتَصرعتُم علينا بطيرَة (g) الدَّبَا، وتَدَاعَيْتُم إلينا كتَدَاعِي الفَرَاشِ قيْحًا وحكَّةً وهُلُوعًا وذلَّةً لطَوَاغِيت الأُمَّة، وشُذَّاذ الأحْزَاب، ونَبَذَة الكتَاب، وعُصْبَةِ (b) الآثَام، وبَقِيَّة الشَّيْطان، ومُحَرِّفي الكَلَام، ومُطْفِي السُّنَن، ومُلْحِقي العَهَرَة بالنَّسَب، وأسف المُؤمنِيْن، ومُزَاح المُسْتهزئين {الَّذِينَ جَعَلُوا

(a) في رواية ابن عساكر: وترحًا.

(b) ابن عساكر: موجفين.

(c) ابن عساكر: فقدحناها.

(d) ابن عساكر: بثوه، والترة: النقص، وقيل: الظلم.

(e) في أصول ابن عساكر يقيل، وأصلحها المحقق بـ: يفيّل.

(f) ابن عساكر: طامن.

(g) ابن عساكر طيرة.

(h) مهملة في الأصل، وعند ابن عساكر: وغضبة.

_________

(1)

سورة البقرة، من الآية 197.

(2)

سورة البقرة، الآية 189، وآل عمران، من الآية 200.

ص: 120

الْقُرْآنَ عِضِينَ}

(1)

، {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}

(2)

، فهؤلاء يُعْضُدون وعمَّا يتخاذَلُونَ (a)!.

أجل؛ واللّه الخَذْل فيكم مَعْرُوف، وشجتْ (b) عليه عُرُوقكُم، واسْتَأزَرت عليه أُصُوْلكُم بأفْرعكُم، فكنتُم أخْبَث ثَمَرة شجرَة للنَّاسِ، وأكلَة لغَاصِب، ألَا فلَعْنَة اللّهِ على النَّاكِثيْن، الّذين يَنقُضُون الأيْمان بعد تَوْكِيْدها، وقد جَعَلُوا اللّه عليهم كفيْلًا

(3)

.

ألَا وإنَّ البَغي قد رُكِنَ بينَ اثنتين؛ بين المَسْألةِ والذِّلَّةِ، وهَيهاتَ منَّا الدَّنيَّة، أبَى اللّه ذلك ورَسُولُهُ والمُؤمنُونَ، وحجُورٌ طَابَت، وظُهُورٌ (c) طَهَرَت، وأنُوفٌ حَمِيَّةٌ، ونُفُوسٌ أبِيَّة، تُؤْثر مَصَارِعَ الكِرَام على ظِئَار اللِّئَام.

ألَا وإنِّي زَاحِفٌ بهذه الأُسرَة على قَلّ العَدَد، وكَثْرة العَدُوّ، وخُذَلَة النَّاصِر:[من الوافر]

فإنْ نَهْزِمْ فهَزَّامُون قُدْمًا

وإنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمِيْنا

وما إنْ طبُّنا جبْنُ ولكن

مَنَايانا وطُعْمَةُ آخَرِينا

ألَا ثُمَّ لا تلْبَثُوا (d) إلَّا رَيْث ما يُرْكَبُ فَرَسٌ تُدار بكُم دور الرَّحَى، ويفلَق بكم فلق المحور، عَهْدًا عَهِدَهُ إليَّ أبي عن أبي (e)، {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ}

(4)

، الآية والآية الأُخرى.

(a) ابن عساكر: فهؤلاء تعضدون، وعنَّا تخاذلون.

(b) ابن عساكر: وشبحت.

(c) ابن عساكر: وبطون.

(d) ابن عساكر: يلبثوا.

(e) ابن عساكر: عهده النبي إلى أبي.

_________

(1)

سورة الحجر، الآية 91.

(2)

سورة المائدة، الآية 80.

(3)

اقتباسٌ من الآية الكريمة: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} . سورة النحل، من الآية 91.

(4)

سورة يونس، الآية 71.

ص: 121

أخبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبرزَد البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن الخَطِيب الأنْبارِي، ح.

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبراهيم بِن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن المَقدِسِيّ بنابُلُس، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن قُدَامَة، وأبو إسحاق إبْراهيم بن عَبْد الله بن عليّ بن سُرُور المَقدسِيَّان بدِمَشْق، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن بِهْرُوز البَغْدَادِيّ بمَعَرَّةَ النُّعْمَان، وأبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم بن سَلمَان الإرْبليّ بحَلَب، قالوا: أخبَرَتْنا شهدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ الكَاتبِة، قالت: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّينَبِيّ قالوا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ بن بشرَان المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا أَبو عليّ الحُسَينُ بن صَفْوَان البَردَعيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حدثنا مُحَمَّد بن عباد بن مُوسَى، عن مُحَمَّد بن مِسعَر اليَربُوعِيّ، قال: قال عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه للحُسَيْن (a) بن عليّ رضي الله عنه: كم بين الإيْمان واليَقِيْن؟ قال: أرْبع أصَابِع، قال: بيِّن؟ قال: اليَقيْنُ ما رَأتْهُ عَيْنُكَ، والإيْمانُ ما سَمِعَت أذنُكَ وصَدَّقتَ بهِ، قال: أشْهَدُ أنَّكَ ممَّن أَنْتَ منه ذُرِّيَّة بعضُها من بَعضٍ.

أخْبَرَنا أبو الحسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَكِيم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن يَاقُوت بن عَبْدِ اللّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ الحُسين بن إسمَاعِيْلِ الضَّبّيّ، قال: وَجَدْتُ في كِتَاب وَالدِي رحمه الله: حَدَّثَني أبو الحَسَن عليّ بن جَعْفر بن زيْد، من

(a) رسائل ابن أبي الدنيا: للحسن.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة اليقين) 1: 90.

ص: 122

وَلد عَقِيل بن أبي طَالِب، قال: قيل للحُسَيْن بن عليّ عليه السلام: كيف أصبَحْت يا ابن رسُول اللّهِ؟ قال: أصبَحْتُ كَثِيْر الذُّنُوب، قَبِيْح العُيُوب، فلا أدْرِي أيّهما أشْكُر: أقَبِيْح ما يسْتر، أم عَظيم ما يغْفر.

قال أبو عَبْدِ اللّهِ: وفيه - يعني كتاب وَالدِه -: حَدَّثَنَا أبو بَكْر يُوسُف بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن أبي القَاسِم، عن أَبيهِ، قال: كَتَبَ أخٌ للحُسَينْ بن عليّ عليه السلام إلى الحُسَين كِتَابًا يَستَبطئُه في مُكَاتبته، قال: فكَتَبَ إليه الحُسَين: يا أخي، ليس تَأكيْد المَوَدَّة بكَثْرَة المُزَاوَرة، ولا بمُوَاتَرة المُكَاتَبةِ، ولكنَّها في القَلْب ثَابتِة، وعند النَّوازِل مَوجُودة، وقد قال في ذلك أَوْسُ بن حَجَر

(1)

: [من الطويل]

[و] ليْسَ أخُوكَ الدَّائِمُ الوَصْل (a) بالَّذي

يَذُمُّكَ إنْ وَلَّى ويُرْضِيْكَ مُقْبِلَا

ولكنَّهُ النَّائي إذا كُنْتَ (b) آمِنًا

وصَاحِبُكَ الأدْنَى إذا الأمرُ أعْضَلَا

أخبَرَنا أبو الفَضْل المُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هبَة اللّه بن غَزَال

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أَخبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد اللّهِ العَجَمِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُثْمان بن سَمْعَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أسْلَمِ بن سَهل بن أسْلَم بَحْشَل

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللّه بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عُمَارَة، عن زِيَاد الحارِثِيّ، قال: سَمِعْتُ الحُسَين بن عليّ رِضوَان اللّه عليه يَقول: مَنْ أتَى مَسْجِدًا لا يَأتيْه إلَّا للّه تعالَى فذاكَ ضَيْفُ اللّهِ تعالَى حتَّى يَخْرُج منهُ.

(a) الديوان: العهد.

(b) الديوان: ما دمت.

_________

(1)

ديوان أوس بن حجر 1: 92.

(2)

تقدَّم لابن العديم إيراد هذه الرواية بالسند المذكور فيما مرّ من هذه الترجمة.

(3)

لم أقف عليه في كتابه تاريخ واسط.

ص: 123

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحمَد، قال: أنبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَروَان المالِكِيُّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا الأصمَعِيِّ، عن ابن عَون، قال: كَتَبَ الحَسَنُ إلى الحُسَين يَعِيْبُ عليه إعْطَاءَ الشُّعَراءَ، قال: فكَتَبَ إليه: إنَّ خَيْر المَالِ ما وَقى العَرض.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكرِ الخَرَائِطِيّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ عُمَر بن شَبَّة يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن المَدَائِنِيّ يَقُول: جَرَى بين الحَسَن بن عليّ وأخيهِ الحُسَين كَلَامُ حتَّى تَهَاجَرا، فلمَّا أتَى على الحَسَن ثلاثةُ أيَّام تَأثَّم من هَجر أخيهِ، فأقْبَل إلى الحُسَين وهو جَالِسُ، فأكبَّ على رَأسِه فقَبَّلَهُ، فلمَّا جَلَسَ الحَسَنُ قال له الحُسَين: إنّ الّذي مَنَعَني ابْتدَائكَ والقيام إليك أنَّكَ أحَقّ بالفَضْل منِّي، فكَرِهْتُ أنْ أُنَازعكَ ما أنت أحقّ بهِ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 181 - 182.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 204.

(3)

الخرائطي: مساوئ الأخلاق 250.

ص: 124

أنْبَأنا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أنْبَانا أبو غَالب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثني عَبْدُ الله بن جَعْفَر، عن أبي عَون، قال: لمَّا خَرَجَ الحُسَين بن عليّ من المَدِينَة يُرِيدُ مَكَّةَ، مَرَّ بابن مُطيع وهو يَحْفِرُ بئرهُ، فقال له: أينَ، فدَاكَ أبي وأُمِّي؟ قال: أرَدْتُ مَكَّة، قال: وذَكَر له أنَّهُ كَتَبَ إليه شِيْعَتُهُ بها، فقال له ابنُ مُطِيع: إنَّ بئْري هذا قد رَشَحتُها، وهذا اليَوْم أوَان ما خَرَج إلينا (a) في الدَّلْو شيء من ماء، فلو دَعَوْتَ الله لنا فيها بالبَرَكَةِ، قال: هَات من مائها، فأُتي من مائها في الدَّلوِ، فشَرِبَ منهُ ثمّ تَمَضْمَضَ، ثمّ ردَّهُ في البِئْر، فأعْذَبَ وأَمْهَى.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر الخزَّاز (b)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخشَّابُ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(3)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، عن أبي الأسْوَد العَبْدِيّ (c)، عن الأسْوَد بن قَيْس العَبْدِيّ، قال: قيل لمُحَمَّد بن بَشِير الحَضْرَميِّ: قد أُسِرَ ابنُكَ بثَغْرِ الرَّيّ، قال: عندَ اللهِ أحْتَسِبُهُ، ونَفْسِي ما كنتُ أُحبُّ أنْ يُؤْسَر، ولا أنْ أبْقَي بَعْدَهُ، فسَمعَ قَوْلهُ الحُسَين فقال له: رحِمَكَ الله، أنْتَ

(a) كذا جاءت العبارة في الأصل ومثله في طبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر.

(b) الأصل: الخزار، وهو محمد بن العباس المعروف بابن حيُّويه. تكرر ذكره كثيرًا، وانظر ترجمته ومصادرها في: سير أعلام النبلاء 16: 409 - 410.

(c) وقع دمج السند في تاريخ ابن عساكر: علي بن محمد بن [كذا] أبي الأسود العبدي، وصوابه المثبت والأول هو المدائني.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 144 - 146، وأيضًا في تاريخ ابن عساكر 14:183.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 183، وانظر الرواية في تهذيب الكمال للمزي 3: 340 - 341.

(3)

طبقات ابن سعد (نشرة الخانجي) 6: 437.

ص: 125

في حِلٍّ من بَيْعَتي فاعْمَل في فَكَاكِ ابْنِكَ، قال: أَكَلَتْني السِّبَاعُ حيًّا إنْ فارقتُكَ، قال: فاعْطِ ابنَكَ هذه الأثْوَابَ البرُودَ يَسْتَعين بها في فِدَاء أخيهِ، فأعْطَاهُ خَمْسَةَ أثْوَابٍ، قِيْمَتها ألفُ دِيْنارٍ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم (a)، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ مَحْفُوظُ في الحَسَن بن مُحَمَّد بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَد الهَمْدانيّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف المُقرِئ إجَازةً، قال: حدَّثَنَا القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَزِيد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْدِ اللهِ النَّاقِد، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم مَسْعُود - يعني ابن عَبْدِ الله - قال: حَدَّثني حُمَيْد بن إبْراهيم المَعَافِرِيّ، قال: سَمِعْتُ عَبْد الله بن عَبْد الله المَدِيني يذْكُر عن أَبِيهِ، عن جَدِّه وكان مَوْلَى للحُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب - أنَّ سَائِلًا خَرَجَ ذات ليلَة يتَخَطَّى، ح.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن عليِّ بن الفُرَاتِ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم عَبْدُ الجبار بن أحْمَد بن عُمَر بن الحَسَن الطَّرَسُوسِيُّ بمِصْرَ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحسنِ بن إبْراهيم اللَّيْثِي الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن مُحَمَّد، قال: حدَّثَنَا قَعْنَبُ بن المُحَرَّز، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن أبي عَمْرو بن العَلَاء، عن الذَّيَّال بن حَرْمَلَة، قال: خَرَجَ سَائِل يتَخَطَّى أزقَّة (b) المَدِينَة حتَّى أتَى باب الحُسَين بن عليّ، فقَرَع الباب، وأنْشَأ يَقُول:[من المنسرح]

لَمْ يَخِبِ اليَوْمَ مَنْ رَجَاكَ وَمَنْ

حَرَّكَ مِن خَلْفِ بابِكَ الحَلَقَهْ

وأنْتَ جُوْدٌ وأنتَ مَعْدِنُهُ

أبُوكَ ما كانَ قَاتِلُ الفَسَقَهْ

(a) في الأصل: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الحافظ، وانظره في تاريخ ابن عساكر 14:184.

(b) الأصل: أزمة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 185.

ص: 126

قال: وكان الحُسَين بن عليّ واقفًا يُصَلّي، فخفَّف من صَلَاتِه، وخرَجَ إلى الأعْرَابِيّ، فرأى عليه أثر ضُرٍّ وفَاقَةٍ، فرَجَع ونَادَى بقَنْبَر فأجَابَهُ: لَبَّيْكَ يا ابن رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما تَبَقَّى معك من نَفَقَتِنا؟ قال: مائتا دِرْهَم، أمَرْتَني بتَفْرقِتها في أهْلِ بَيْتكَ، قال: فهاتها فقد أَتَى مَنْ هو أحَقُّ بها منهم، فأخَذَها، وخرَج، فدَفَعَها إلى الأعْرَابِيّ، وأنْشَأ يَقُول:[من المنسرح]

خُذْها وإنِّي إليكَ مُعْتَذِرٌ

واعْلَمْ بأنِّي عَلَيكَ ذُو شَفَقَهْ

لو كانَ في سَيْرنا عَصًا تُمَد إذًا (a)

كانت سَمَانا عَلَيكَ مُنْدَفِقَهْ

لكنَّ رَيْبَ المَنُون ذُو نَكَدٍ

والكَفُّ مِنَّا قَلِيْلةُ النفَقَهْ

قال: فأخَذَها الأعْرابِيُّ ووَلَّى وهو يَقُول: [من البسيط]

مُطَهَّرُونَ نقيَّاتٌ جُيُوبُهُم

تَجْرِي الصَّلاةُ عليهم أينما ذُكرُوا

فأنْتمُ أنْتُم الأعْلَون عندَكُم

عِلْم الكِتَاب وما جاءت به السُّوَرُ

مَنْ لَمْ يكُن عَلَوِّيًا حين تَنْسُبُه

فما له في جَمِيع النَّاسِ مُفْتَخَرُ

لفظُهما (b) مُتَقاربٌ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ الدِّمَشقيُّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن الجَمَّال (c)، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مَحْمُودُ بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بنُ أحْمَد بن أيُوبَ الطَّبَرَانِيُّ اللَّخَمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو شُعَيْب الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن شَبَّةَ، قال: حَدَّثَنَا أبو

(a) ابن عساكر: تمدادًا، خطأ.

(b) ابن عساكر: نظمهما.

(c) الأصل: الحمال، بالحاء، وتقدم التعليق عليه في الجزء الثالث من هذا الكتاب.

ص: 127

نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن ثَابِتٍ، قال: سَمِعْتُ سُكَيْنَة بنْتَ الحُسَين تقُول: عُوْتِبَ أبي الحُسَين بن عليّ في أُميِّ، فقال أبي الحُسَينُ:[من الوافر]

لعَمْرُكَ إنَّني لأُحِبُّ دَارًا تضَيُّـ

فُها سُكَيْنَةُ والرَّبَابُ

أُحِبُّهُم وأَبذِلُ جُلَّ مَالي

وليسَ للَّائِم فيها عتَابُ

ولَسْتُ لهم وإنْ غَضِبُوا

مُطِيْعًا حَيَاتي أو يُغَيِّبني التَّرابُ

وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ الرَّبَاب

(1)

، في آخر الكتَاب، أنَّها كانت مع الحُسَين رضي الله عنه يَوْم الطَّفّ، وأنَّها رجعَتْ إلى المَدِينَة مُصَابةً مع مَنْ رَجع، فخَطَبها الأشْرَاف من قُرَيْش، فقالت: والله لا يكُون لي حَمْوٌ آخرَ بعْدَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فعَاشَتْ بَعْدَهُ سَنَةً لم يُظِلّها سَقْف بيتٍ حتَّى بُلِيَتْ ومَاتَتْ كَمدًا.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظيف، وأَنبَأنيهِ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو الوَحْش سُبَيعْ بن المُسَلَّم عنه، قال: أَخْبَرَنا أبو الفَتح إبْراهيم بن سِيْبَخْت (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى الصوْلِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونسُ الكُدَيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المُؤَمَّل الحَارِثِيّ، قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَش أنَّ الحُسَين بن عليّ قال: [من الخفيف]

كُلَّما زيْدَ صَاحِبُ المَالِ مَالًا

زيْدَ في هَمِّهِ وفي الأشْغَالِ (c)

قد عَرَفْنَاكِ يا مُنَغِّصَةَ العَيْـ

_________

شِ ويا دَار كُلّ فَانٍ وَبَالِ

ليسَ يَصْفُو لزَاهِدٍ (d) طَلَب الزُّهْـ

_________

دِ إذا كان مُثْقَلًا بالعِيَالِ

_________

(a) الأصل: يسبخت، والمثبت من تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، وتاريخ بغداد 7: 54 وفيه بضم الباء.

(b) ابن عساكر الصوفي، تصحيف.

(c) ابن عساكر الاشتغال.

(d) ابن عساكر: الزاهد.

_________

(1)

ترجمة الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي، زوجة الحسين بن علي، في جزء ضائع من أجزاء الكتاب، خاص بتراجم النساء.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 186.

ص: 128

وأنْبَأنا القَاضِي أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر ابن المَزْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبد العَزِيْز العُكْبَرِيّ، قال: أنْشَدَني القَاضِي عَبْدُ الله بن عليّ بن أَيُّوبَ، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو بَكْر بن كَامِل، قال: أنْشَدَني عَبْدُ اللهِ بن إبْراهيم، وذَكَرَ أنَّهُ للحسَيْن بن عليّ:[من السريع]

اغْنَ عَنِ المَخْلُوقِ بالخاَلِقِ

تَغْنَ عنِ الكَاذِبِ والصَّادِقِ

وَاسْترزقِ الرَّحْمَن مِن فَضْلِهِ

فليسَ غيرُ اللهِ مِن رَازِقِ

مَنْ ظَنّ أنَّ النَّاسَ يُغْنُونَهُ

فليَسَ بالرَّحْمنِ بالوَاثِقِ

أو ظَنَّ أنَّ المَالَ من كَسْبِهِ

زَلَّتْ بهِ النَّعْلَانِ مِن حَالِقِ

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز، قال: أنْشَدَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّدُ بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: أنْشَدني أبو القَاسم عليّ بن مُحَمَّد بن شَهْدَك الأصْبَهَانِيّ بِصُوْر للحُسَيْن بن عليّ

(2)

: [من الطويل]

لئن كانَتِ الدُّنْيا تُعَدُّ نَفِيْسَةً

فَدَار ثَوَاب اللهِ أعْلَى (a) وأَنبلُ

وإنْ كانَتِ الأبْدَانُ للمَوْتِ أُنْشِئَت

فَقَتْلُ سَبِيْلَ اللهِ بالسَّيْفِ أفْضَلُ

وإنْ كانَتِ الأرْزَاقُ شيئًا مُقَدَّرًا

فقِلَّةُ سَعْي المَرْءِ في الكَسْبِ أَجْمَلُ

وإنْ كانتِ الأمْوَالُ للتَّرْكِ جُمِّعَتْ

فما بالُ مَتْرُوكٍ بهِ المَرْءُ يَبْخَلُ

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح عَبْد الخَلَّاق بن عَبْد الوَاسِع بن عَبْد الهَادِي بن عَبْد اللهِ الهَرَويّ ببَغْدَاد،

(a) الدينوري وابن عساكر: أغلى.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 186.

(2)

الأبيات الأربعة في المجالسة وجواهر العلم للدينوري 456 وتاريخ ابن عساكر 14: 187.

(3)

تاريخ أبن عساكر 14: 186، وسقط منه بيت من الأبيات الخمسة مع اختلاف في رواية بعضها.

ص: 129

قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن عُمَيْر العُمَيْريّ، قال: حَدَّثنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَمَّار بن يَحْيَى بن عَمَّار الشَّيْبَانِيّ إمْلاءً، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر هِبَة الله بن الحَسَن القَاضِي بفَارِس، قال: قَرَأتُ على الحَارِث بن عُبيدِ اللهِ، عن إسْحاق بن إبْراهيم، قال: بَلَغَني أنَّ الحُسَين بن عليّ أتَي مَقَابِر الشُّهَدَاء بالبَقِيعْ فطَافَ بها، وقال:[من الكامل]

نادَيْتُ سُكَّانَ القُبُوِرِ فأُسْكِتُوا

وأجَابَني عن صَمْتِهمْ نَدْبُ الجُثَا

قالت: أتَدْرِي ما صَنَعْتُ بسَاكِني

مزَّقْتُ ألْحَمُهُم وخرَّقتُ الكُسَا

وحَشَوْتُ أعْيُنَهُمْ ترَابًا بعدَما

كانت تَأذَّى باليَسِيْر منَ القَذَى

أمَّا العِظَامُ فإنَّني فَرَّقْتُها

حتَّى تَبَايَنَتِ المَفَاصِلُ والشَّوَى

قَطَّعْتُ ذَا من ذَا ومن هذا كَذَا

فتَرَكْتُها رِمَمًا يطُولُ بها البِلَى

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبَابَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثَني يُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، قال: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيل بن مدرِك الجُعْفِيّ، عن عبدِ الله بن نُجَيّ، عن أَبيِهِ

(1)

: أنَّهُ سافَرَ مع عليّ بن أبي طَالِب، وكان صَاحِب مطْهَرته، فلمَّا حَاذَوا نِيْنَوَى، وهو مُنْطَلقُ إلى صِفِّيْن، نَادَى عليٌّ: صَبْرًا أبا عَبْدِ اللهِ، صَبْرًا أبا عَبْدِ الله بشَطِّ الفُرَاتِ، قُلتُ: ومن ذَا أبا عَبْدِ الله؟ قال: دَخَلْتُ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم وعَيْناهُ تَفِيْضانِ، فقُلتُ: يا نَبيّ الله، أغْضَبكَ أحَدُا ما شَأنُ عَيْنَيْكَ تَفِيْضَان؟ قال: بل قام من عندي جِبْرِيلُ قَبْلُ، فحَدَّثَني أنَّ الحُسَين يقتَلُ بشَطِّ

(1)

المصنف لابن أبي شيبة 7: 478 (رقم 37356)، مسند ابن حنبل 3: 60 - 61 (رقم 648)، الأمالي الخميسية للشجري 1: 159، مجمع الزوائد للهيثمي 9:187.

ص: 130

الفُرَاتِ، وقال: هل لكَ أنْ أشِمُّكَ من تُرْبتهِ؟ قال: قُلت: نعم، فمدَّ يَدَهُ فقَبَضَ قَبْضَةً من تُرَابٍ فأعْطَانيها فلم -يعني- أمْلك عَينَي أنْ فاضَتَا.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شَدَّاد المِسْمَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن حَبيْب بن أبي ثَابِت، عن أَبِيهِ، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: إنِّي قد قَتلتُ بيَحْيَى بن زَكَرِيَّاء سَبْعِين ألفًا، وإنِّي قَاتِلُ بابن ابْنتِكَ سَبْعِين ألفًا، وسَبعِينَ ألفًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْت القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ من أصْلهِ العَتِيق بقَزْوِين يَقُول: سَمِعْت أبا يَعْلَى الخلَيلَ بن عَبْد الله بن أحْمَد الخلَيْليَّ الحافِظَ

(2)

يَقُول: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن الفَتْح الصُّوفيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَرُوبَة الحَرَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا ابن عَمِّي أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، عن عَبْد الله بن سَعْد بن أبي هِنْد (a)، عن عائشَةَ وأُمّ سَلَمَة: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دَخَل عليهِما وهو يَبْكي، قالتا: فسَألْنَاهُ عن ذلك، فقال: إنَّ جِبربل أخْبَرَني أنَّ ابْني الحُسَين يقتَلُ، وبيَده تُرْبَهُ حَمْرَاء، فقال: هذه تُرْبَة تلك الأرْض.

(a) ألحق محقق كتاب الإرشاد بعده بين حاصرتين: "عن أبيه"، ومثله في كتاب التدوين للقزويني.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 159، وانظره في: المستدرك على الصحيحين للحاكم 2: 290، والأمالي الخميسية للشجري 1: 190، والموضوعات لابن الجوزي 1:408.

(2)

الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1: 307، وينظر: التدوين في أخبار قزوين 2: 489.

ص: 131

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الكُشْمَيْهَنيّ، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليِّ بن الحَدَّادِ، قال: أخْبَرَنا يُوسُفُ بن آدَم المَرَاغِيّ، قالا: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن منْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الخَالِق بن الحَسَن السَّقَطِيّ، قال: حَدَّثَنا إسْحاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن بِلَال، عن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عن المُطَّلِب بن حَنْطَب، عن أُمّ سَلَمَة، قالت: دَخَلَ عليَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال لي: احْفَظي الباب لا يَدْخُل عليَّ أحَدٌ، فسَمعْتُ نَحِيْبَهُ، فدَخَلْتُ، فإذا الحُسَين بينَ يَدَيْهِ، فقُلتُ: والله يا رسُول اللهِ ما رأَيتُهُ حين دَخَل، فقال: إنَّ جِبْرِبل كان عندي آنفًا، فقال لي: يا مُحَمَّد أَتُحِبُّهُ؟ فقُلتُ: يا جِبربل، أمَّا من حُبّ الدُّنْيا فنَعَم، قال: فإنَّ أُمَّتَكَ سَتقتُلُه بَعْدَك، تُرِيْدُ أُرِيكَ تُرْبَته يا مُحَمَّد؟ فدَفَع إليَّ هذا التَّرُاب، قالت أُمّ سَلَمَة: فأخذتُهُ فَجَعَلتُه في قَارُورة، فأصَبْتُه يَوْم قُتِلَ الحُسَين وقد صَارَ دَمًا.

قالا: أنْبَأنَا أبو بَكْر السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المُطَرِّزُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا أبو حَصِيْن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْد الحَميْدِ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن بِلَال، عن كَثِيْر بن زَيْدٍ، عن المُطَّلب بن عَبْد اللهِ بن حَنْطَب، عن أُمّ سَلَمَة، قالت

(1)

: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جالِسًا ذات يَوْم في بَيْتي، فقال: لا يَدْخُلنَّ عليَّ أحمدٌ، فانْتَظَرت فدَخَل الحُسَين، فسَمِعْتُ نَشِيْجَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عليه

(1)

المعجم الكبير للطبراني 3: 115 (رقم 2819)، مجمع الزوائد 9: 188 - 189، كنز العمال للمتقي الهندي 13: 656 (رقم 37666).

ص: 132

وسلَّم يَبْكي، فاطَّلَعْتُ فإذا الحُسَين في حَجْرهِ - أو إلى جَنْبهِ - يَمْسَح رَأسَهُ وهو يَبْكي، فقُلت: والله ما عَلِمْتُ به حتَّى دَخَل، قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ جِبْرِبل كان معنا في البَيْت، فقال: أتُحِبُّهُ؟ فقُلتُ: من حُبِّ الدُّنْيا فنَعم، فقال: إنَّ أُمَّتكَ سَتقتُل هذا بأرْضٍ يُقالُ لها كَرْبَلَاء، فتناول جِبْرِبل من تُرَابها فأرَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أُحِيْطَ بالحُسَين حين قُتِلَ، قال: ما اسْمُ هذه الأرْض؟ قالوا: أرْض كَرْبَلَاء، قال: صَدَقَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، أرْض كَرْبٍ وبَلَاءٍ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن الطُّفَيْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحسُين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الدَّهَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبي عن أبي المُهاجِر، عن عَبَّاد بن إسْحاق، عن هاشِم بن هاشِم، عن عَبْدِ الله في وَهْب، عن أُمّ سَلَمَة، قالت: دَخَلِ عليَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتي، فقال: لا يَدْخُل عليَّ أحدٌ، فسَمِعْتُ صوْتُهُ، فدَخَلْتُ فإذا عندَهُ حُسَيْن بن عليّ، وإذا هو حَزِينٌ يَبْكي، فقُلتُ: ما لكَ يا رسُول الله؟ قال: أخْبَرَني جِبربلُ عليه السلام أنَّ أُمَّتِي تَقْتُل هذا بَعْدِي! فقُلتُ: ومَنْ يقتُلُه؟ فتَنَاوَلَ مَدَرةً، فقال: أهْلُ هذه المَدَرة يقتُلونَه.

أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ ثَابِتُ بن مُشَرَّف البَغْدَاديُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْتِ عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن خُرَيْم الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ بن حُمَيْد

(1)

، قال:

(1)

المنتخب من مسند عبد بن حميد 442 - 443 (رقم 1533).

ص: 133

أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن سَعيد بن أبي هِنْدٍ، عن أَبيِهِ، قال: قالت أُمُّ سَلَمَة: كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نائمًا في بَيْتي، فجاءَ حُسَينٌ يَدْرجُ، قالت: فقَعَدْتُ على الباب فأَمْسَكتُهُ مَخَافَةَ أنْ يَدْخُل فيُوقظهُ، قالت: ثُمَّ غَفَلتُ في بَيْتي (a)، فدَبَّ فدَخَل فقَعَدَ على بَطْنهِ، قالت: فسَمِعْتُ نَحِيْبَ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فجئتُ فقُلتُ: واللهِ يا رسُول الله ما عَلِمْتُ بهِ، فقال: إنَّما جَاءَني جبْرِبلُ عليه السلام وهو على بَطْنِي قاعدٌ، فقال لي: أتُحِبُهُ؟ فقُلتُ: نعم، قال: إنَّ أُمَّتكَ سَتَقْتُلُه، ألَا أُريكَ التُّرْبَةُ الّتي يُقْتَلُ بها؟ قال: فقُلتُ: بَلَى، قال: فضَرَبَ بجَنَاحهِ فأتاني بهذه التُّرْبَةِ. قالت: وإذا في يَدهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاء وهو يَبْكي ويقُول: يا لَيْتَ شِعْري مَنْ يَقْتُلكَ بَعْدي؟.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ وغيره، إجَازَةً، قالوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثني عُبَادَة بنُ زِيَاد الأسَدِيّ، قال: حَدَّثنَا عَمْرو بن ثَابِتٍ، عن الأَعْمَش، عن أبي وَائِل شَقِيْق بن سَلَمَة، عن أُمّ سَلَمَة، قالت

(2)

: كان الحَسَنُ والحُسَين يَلْعَبان بين يَدَي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بَيْتي، فنَزَل جِبْرِبل، فقال: يا مُحَمَّد، إنّ أُمَّتَكَ تَقْتُل ابنكَ هذا من بَعْدكَ، وأَوْمَأ بَيدهِ إلى الحُسَين، فبَكَي رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وضَمَّهُ إلى صَدْره، ثُمَّ قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَدِيْعَة عندكِ هذه التُّرْبةُ، فشَمَّها رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: رِيْح كَرْبٍ وبَلَاءٍ،

(a) في مسند ابن حميد: في شيء.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 192 - 193.

(2)

الطبراني: المعجم الكبير 3: 114 (رقم 2817)، الأمالي الخميسية للشجري 1: 163، مجمع الزوائد 9:189.

ص: 134

قالت (a): وقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا أُمّ سَلَمَة، إذا تَحَوَّلت هذه التُّرْبَة دَمًا فاعْلميِ أنَّ ابني قد قُتِلَ، قال: فَجَعَلهَا أُمّ سَلَمَة في قَارُورَة، ثمّ جَعَلت تنظُر إليها كُلّ يوْم تعني (b) وتقول: إنَّ يَومًا تحوَّلين دَمًا ليَوْمٌ عظيمٌ.

قُلتُ: وقد ذَكَرَ أبو حَاتِم بن حِبَّان حَدِيث إخْبار مَلَك القَطْر عليه السلام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بقَتْل الحُسَين عليه السلام في المُسْنَد الصَّحيح على التَّقَاسِيم والأنْوَاع

(1)

، ورَفَعَهُ إلى أنَس بن مَالِك رضي الله عنه.

أخْبَرَنا به أبو رَوْح عَبد المُعِزّ بن مُحَمَّد في أبي الفَضْل في كِتَابِهِ إليْنَا من هَرَاة غير مَرَّة، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم تَمِيْم بن أبي سَعيد بن أبي العبَّاس الجُرْجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو الحَسَن عليُّ بن مُحَمَّد بن عليّ البَحَّاثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم مُحَمَّد بن حِبَّان البُسْتِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بن فَرُّوخ، قال: حَدَّثَنَا عُمَارَة بن زَاذَان، قال: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عن أنَس بن مَالِك، قال: اسْتأذَنَ مَلَكُ القَطْرِ رَبَّهُ أنْ يَزُور النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فأذِنَ لهُ، فكان في يَوْم أُمّ سَلَمَةَ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: احْفَظي علينا الباب لا يَدْخُلُ علينا أحدٌ، فبينا هي على الباب إذْ دَخَلَ الحُسَينُ بن عليّ، فطَفَرَ، فاقْتَحَم الباب (c) فدَخَل، فَجَعَلَ يَتَوثَّبُ على ظَهْر النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَلَثَّمُهُ ويُقَبِّلُه، فقال

(a) في الأصل: قال، والحدث لأم سلمة، كما عند ابن عساكر.

(b) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر، ولم ترد اللفظة عند الطبراني ولا الشجري والهيثمي.

(c) في صحيح ابن حبان: فاقتحم، ففتح الباب.

_________

(1)

في صحيحه بترتيب ابن بلبان 15: 142 (رقم 6742).

(2)

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 15: 142، وأيضًا في: المعجم الكبير للطبراني 3: 112 (رقم 2813)، دلائل النبوة للبيهقي 6: 469، مجمع الزوائد للهيثمي 9: 187، كنز العمال للمتقي الهندي 13: 657 - 658 (رقم 37669).

ص: 135

له الملكُ: أتُحِبُّهُ؟ قال: نَعَم، قال: أمَا إنَّ أُمَّتكَ سَتَقْتُلُه، إنْ شِئْتَ أريتُكَ المكانَ الّذي يقتَلُ فيهِ؟ قال: نعمْ، فقَبَضَ قبضَةً من المكان الّذي قُتِلَ (a) فيه فأرَاهُ إيَّاهُ، فجاءَهُ بسَهْلةٍ أو تُرابٍ أحْمَر، فأخَذَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فجعَلَته في ثَوْبها. قال ثَابِت: كُنَّا نقُول إنَّها كَرْبَلَاءُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء، إجَازَةً لي، قال: أَنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْرَاهيْم بن سَعيد الحَبَّال، وسِتّ المُوَفَّق خَدِيجَة مَوْلَاة أبي حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن إبْراهيم المُرَابِطَة - قال أَبو إسْحاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الطَّرَسُوسِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار، قِراءةً عليه، وقالت خَدِيجة: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار الَأذَنِيّ، وأنا شَاهِدَةٌ أسْمَعُ، قال: أخْبَرَني جَدِّي القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين - قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس محُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا الكُزْبَرَانيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن رَجَاء، قال: حَدَّثَنَا عُمَارَة بن زَاذَان، عن ثَابِت، عن أنَس، أنَّ مَلَك المَطَر اسْتَأذَن أنْ يَزُور رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك يَوْم أُمّ سَلَمَة، فقال لي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: انْطُر (b) أنْ لا يَدْخُل علينا أحدٌ حتَّى يَخْرُج، فجاء الحُسَين فدَخَل، فجَعَل مرَّة يَثِبُ على ظَهْر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وهو يُقَبِّله ويَلْثمُهُ، فقال له المَلَكُ: أتُحِبُّهُ؟ قال: نَعَم، قال: أمَا إنَّ أُمَّتكَ سَتَقْتُلُه وإنْ شِئْتَ أريتُكَ المكان الّذي يُقْتَلُ فيه، فقَبَضَ كفَّهُ فإذا تُرْبَة حَمْرَاء.

وقال: حَدَّثنا مَحْمُود، قال: حَدَّثَنَا الكُزْبَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا غَسَّان بن مَالِك، قال: حَدَّثَنَا عُمَارَة بن زَاذَان، عن ثَابِت، عن أنَس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمثْله.

(a) في صحيح ابن حبان: يقتل.

(b) كذا بالطاء، والناطر: الحافظ، ومنه الناطور. لسان العرب، مادة: نطر.

ص: 136

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو عليّ الحَدَّاد وجَمَاعَة، قالوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا سُليْمانُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا علىّ بن سَعيد الرَّازِىِّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن المُغِيرَة المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحُسَين بن وَاقِد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو غَالِب، عن أبي أُمَامَةَ، قال

(2)

: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لنسَائهِ: لا تُبَكُّوا هذا الصَّبِيّ - يعني حُسَيْنًا - قال: فكان يَوْم أُمّ سَلَمَة، فنَزَل جِبْرِبل، فدَخَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأُمّ سَلَمَة: لا تَدَعي أحدًا يَدْخُل عليَّ، فجاءَ الحُسَين، فلمَّا نَظَر إلى النّبىِّ صلى الله عليه وسلم في البَيْت أرادَ أنْ يَدْخُل، فأخَذَتهُ أُمُّ سَلَمَة فاحْتَضَنَتْهُ، وجَعَلَتْ تُنَاغيهِ ومَسَكَتهُ (a)، فلمَّا اشْتَدَّ في البُكَاء خَلَّت (b) عنهُ، فدَخَلَ حتَّى جَلَسَ في حَجْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال جِبْرِيل للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمَّتكَ سَتَقْتُل ابنكَ هذا، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَقْتلونَهُ وهم مُؤْمنُون بي؟! قال: نعم، يَقْتُلونَهُ، فتَنَاوَلَ جِبْربل تُرْبَة، فقال: بمكان كَذَا وكذا، فخَرَجِ رسُول الله قد احْتَضنَ حُسَيْنًا كَاسِفَ البَالِ مهمُومًا، فظَنَّتْ أُمُّ سَلَمَة أنَّهُ غضِبَ من دُخُول الصَّبِيّ عليه، فقالت: يا نَبّي الله، جُعِلْتُ لك الفِدَاء، إنَّكَ قُلْتَ لنا: لا تُبَكُّوا هذا الصَّبِيّ، وأمَرْتَني أنْ لا أدَعَ أحدًا يَدْخُل عليك، فجاءَ فخلَّيْت (ح) عنه، فلم يردّ عليها، فخَرَج إلى أصْحَابه وهم جُلُوسٌ، فقال لهم: إنَّ أُمَّتِي يَقْتُلونَ هذا، وفي القَوْم أبو بَكْر وعُمَر، وكانا أجْرَأَا القَوْم عليه، فقالا: يا نبي الله، يَقْتُلونَهُ وهُم مُؤْمنُونَ!؟ قال: نَعَم، هذه تُرْبَته، فأرَاهُم إيَّاها.

(a) ابن عساكر: وتسكته.

(b) في الأصل: حلت، والمثبت من ابن عساكر.

(c) في الأصل: فحليت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 190 - 191.

(2)

مجمع الزوائد للهيثمي 9: 189.

ص: 137

وقال

(1)

: أخْبَرَنا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن العبَّاسِ، عن عَمَّار الدُّهنِيّ، قال: مَرَّ علىٌّ علِى كَعْب فقال: يُقْتَلُ من وَلدِ هذا رَجُلٌ في عِصَابَةٍ لا يَجفُّ عَرَق خُيُولهم حتّى يى دوا على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّ حَسَنٌ، فقالُوا: هذا يا أبا إسْحاق؟ قال: لا، فمَرَّ حُسَينٌ، فقالوا: هذا؟ قال: نعَم.

قال

(2)

: وحَدَّثَنَا سُليْمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَدُ بن مُحَمَّد التَّمَّار البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْديُّ، قال: حَدَّثنا سُليْمان بن كَثيْر، عن حُصَين بن عبد الرَّحْمن، عن العَلَاءِ بن أَبي عائِشَة (4)، عن أَبيِهِ، عن رَأس الجَالُوت، قال: كُنَّا نَسْمَعُ أنَّهُ يقتَل بكَرْبَلَاء ابن نَبِيّ، فكنتُ إذا دَخَلْتُها رَكَضْت فَرَسي حتَّى أجُوز عنها، فلمَّا قُتِلَ حُسَين جَعَلْتُ أسِيْرُ بعد ذلك على هَيْنَتي (c)

أنْبَأنَا سُليْمان بن البَانيِاسِيِّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم عبْدُ الصَّمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بنُ مَيْمُون الخَيَّاط، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن عَبْد الجَبَّارِ بن العبَّاس: سَمعَ (d) عَوْنَ بن أبي جُحَيْفَة، قال: إنَّا لجُلُوسٌ عند دَارِ أبي عَبْد الله الجَدَلِيّ (e)، فأتانا مَالِكُ (f) بن صُحَار الهَمْدانِيّ، قال: دُلُّوني على مَنْزِل فُلَانٍ، قال: قُلْنا: ألَا نُرْسِل إليهِ فيَجيء، إذْ جاءَ، فقال: أتَذكُرُ إذْ بَعَثنا أبو مِحْنَفٍ إلى أَمِير

(a) في تاريخ الطبري: ابن أبي عاثة، وهو تصحيف صوابه ما هنا وما عند ابن عساكر، ويزاد في اسمه: الجزري.

(b) الأصل: أحوز.

(c) ابن عساكر: هيئتي.

(d) في تاريخ ابن عساكر: أنه سمع، وليست من أصوله فأضافها المحقق.

(e) ابن عساكر: الجدي.

(f) ابن عساكر: ملك.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 200.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 200، وهو في تاريخ الطبري 5: 393 - 394 باختلاف في الرواية.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 198.

ص: 138

المُؤْمنِيْن وهو بشَاطِئ الفُرَات، فقال: ليحلنَّ هَا هُنا رَكْبٌ من آل رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يمَرُّ بهذا المكان فتَقْتلُونهم (a)، فوَيْلٌ لكم منهم، ووَيْلٌ لهم منكُم.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخِلْعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن النَّحَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن الأعْرَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن مُحَمَّد بن هَاشِم الأسَديّ النَّحَّاس، قال: حَدَّثنا مَنْصُور بن وَاقِد الطَّنَافِسِيّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الحَميْد الحِمَّانيَّ، عن الأَعْمَش، عن أبي إِسْحاق، عن كُدَيْر الضَّبِّيّ، قال: بينا أنا مع عليّ بكَرْبَلَاء بين أشْجَار الحَرْمَلِ، أخَذَ بَعْرةً ففَرَكَها ثمّ شَمَّها، ثمَّ قال: ليَبْعَثنَّ الله من هذا المَوضِع قَوْماً يَدْخلُونَ الجَنَّة بغير حِسَاب.

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك في كتابهِ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: أضبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن مُوسَى، قال: أخْبَرَنا إِسرَائِيل، عن أبي إسْحاق، عن هَانئ بن هَانئ، عن عليّ، قال

(2)

: ليُقْتَلنَّ الحُسَين بن عليّ قتلاً، وإنِّي لأعْرفُ تُرْبَة الأرْض الّتي يُقْتَلُ بها، يُقْتَلُ بقَرْيَة قَريب من النَّهْرَين.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بنُ عليّ بن أحمَد بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق،

(a) ابن عساكر: فيقتلونهم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 199.

(2)

المعجم الكبير للطبراني 3: 117 (رقم 2834).

ص: 139

قال: حَدَّثَنَا ابن عُيَيْنِة، عن إبْراهيم بن مَيْسَرَة، عن طَاوُس، قال: سَمِعْتُ ابنَ عبَّاسٍ يَقُول: اسْتَشَارني الحُسَين في عليّ عليهما السلام بالخُرُوج بمَكَّة، قال: فقُلتُ: لولا أنْ يُزْرِي بي أو بكَ لنَشَبْتُ يَدِي في رَأسِكَ، قال: ما أُحبُّ أنْ تُسْتَحَلَّ بي -يعني مَكَّة- قال: يقُول طَاوُوس: وما رأيتُ أحداً أشدّ تَعْظيماً للمَحَارِم من ابن عبَّاس، لو أشَاء أنْ أبْكي لبَكَيْتُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الفَرَاويّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَيْهَقِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّدُ بن علي المُقْرِئُ، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّدُ بن إسْحاق الإسْفَرَاينِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوبَ القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زنْجُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَة بن سَوَّار، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَالَم الأسَدِيّ، قال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيّ يقول: كان ابن عُمَر قَدِمَ المَدِينَة، فأخْبر أنَّ الحُسَين بن عليّ قد تَوَجَّه إلى العِرَاق، فلحقَهُ على مَسيرة ليْلَتَيْن أو ثلاثٍ من المَدِينَة، فقال: أين تُرِيدُ؟ قال: العِرَاق، ومَعَهُ طَوَاميرٌ وكُتُبٌ، فقال: لا تَأتِهم. فقال: هذه كُتُبهم وبَيْعَتهم، فقال: إنَّ الله عز وجل خيَّر نبيَّهُ بين الدُّنْيا والآخرة، فاخْتَار الآخرة، ولم يُرد الدُّنْيا، وإنَّكُمُ بضْعَةٌ من رسُول الله صلى الله عليه وسلم، لا يليها أحدٌ منكم أبداً، وما صَرَفها اللهُ عز وجل عنكم إلَّا للّذي هو خَيْر لكُم، فارْجعُوا، فأبَى وقال: هذه كُتُبهم وبَيْعَتهم، قال: فاعْتَنَقهُ ابن عُمَر، وقال: اسْتَوْدعُكَ الله من قَتِيْل.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن عَوْف بن أحْمَد المُزَنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن عليّ، ح.

(1)

دلائل النبوة 6: 470 - 472.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 202 - 203.

ص: 140

قال: وأخْبَرَنا ابنُ أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن حَمْزَة الحَرَّانيّ، [قال: قُرئ على أبي القَاسِمِ الحَسَن بن عليّ البَجَليّ، قال: حدَّثنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن سَعِيْد، قال: حدَّثنا يحْيَى بن مَعِين، قال: حدَّثَنا أبو عُبَيْدَة] (a)، قال: حَدَّثَنَا سُلَيم بن حَيَّان - وقال الحِرَّانيّ: سُليْمان - عنِ سَعيد بن مِيْنا، قال: سَمِعْتُ عَبْد الله بن عَمْرو يَقُول: عَجَّل حُسَين قَدَرهُ، عجَّل حُسَين قَدره، واللهِ لو أدْرَكتُه ما كان ليَخْرُج إلَّا أنْ يَغْلبَني، ببَني هاشِم فُتحَ، وببني هاشِم خُتِم، فإذا رأيتَ الهاشِميّ قد مَلَك فقد ذَهَبَ الزَّمانُ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، عنِ أبي غَالِب أحْمَد، وأبي عَبْد الله يَحْيَى ابْنَي الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَةِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني عَمِّي مُصْعَب بن عَبْدِ الله

(1)

، قال: أخْبَرَني مَنْ سَمِعَ هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعانِيّ يَقُول عن مَعْمَر، قال: وسَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ عن الحُسَين بن عليّ، قال: سَمِعْتُه يقُول لعبدِ الله بن الزُّبَيْر: أتَتْنِي بَيْعَةُ أرْبَعين ألفاً يحلفُونَ لي بالطَّلَاق والعَتَاق من أهْلِ الكُوفَة - أو قال: من أهْلِ العِرَاق - فقال له عَبْدُ الله بن الزُّبَيْر: أتخرُجُ إلى قَوْم قتلُوا أباكَ وأخْرَجوا أخاكَ؟ قال هِشَام بن يُوسُف: فسَألتُ مَعْمَراً عن الرَّجُل، فقال: هو ثِقَةٌ، قال عَمِّي: وزَعَم بعضُ النَّاس أنَّ عَبْد الله بن العبَّاس هو الّذي قال هذا.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن منْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو النُّجْح يُوسُف بن شُعَيْب

(a) انقطع سند الرواية في الأصل، واستكماله من ابن عساكر.

_________

(1)

نسب قريش لمصعب الزبيري 239.

ص: 141

القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن هِبَة الله الرّنْديّ (a)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّدُ الفارسِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عبد الله البَيِّع، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّدُ الحسن بن مُحَمَّد بن يَحْيَى العَلَويّ العَقيْلِيُّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي يَحْيَى بن الحُسَين، قال: حَدَّثَني الزُّبير بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن فَضَالَة، عن أبي مِخْنَف، قال: حَدَّثَني عَبْدُ المَلِك بن نَوْفَل بن مُسَاحِق، عن أبي سَعيدٍ المقبُريّ، قال: واللهِ لرَأيْتُ الحُسَين بن عليّ وأنَّهُ ليَمْشِي بين رَجُلَين؛ يَعْتَمدُ على هذا مرَّةً وعلى هذا مرَّةً أُخرى حتَّى دَخَلَ مَسْجِدَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقُول مُتَمَثِّلاً

(1)

: [من الخفيف]

لا ذَعَرْتُ السّوَامَ في فلَقِ

الصبْح مُغيراً ولا دُعيْتُ يَزِيْدَا

يَوْم أُعْطِى مَخَافَة المَوْت ضَيْمًا

والمَنَايا يرصُدْنني أن أَحِيْدَا

قال: فعَلِمْتُ عند ذلك أنَّهُ لا يَلْبَثُ إلّا قَليلاً حتَّى يَخْرُج، فما لبثَ أنْ خَرَجَ حتَّى لَحِقَ بمَكَّة.

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الشَّاهِدُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاسِ الخَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد في معْروف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن فَهْمٍ الفقِيه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَعْد

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي ذِئْب، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن عُمَيُر مَوْلَى أُمّ الفَضْل، ح.

قال: وأخْبَرَنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عُمَر بن عليّ، عن أبيهِ، ح.

قال: وأخْبَرَنا يَحْيَى بن سَعيد بن دِيْنار السَّعْدِيّ، عن أبيهِ، ح.

(a) نسبته غي واضحة في الأصل، ولم أقف عليه، ويمكن أن تقرأ أيضاً: الزيديّ والزندي.

_________

(1)

البيتان عند ابن عساكر 14: 204، والمقفى الكبير 3: 580 وفيهما الخبر أيضاً.

(2)

طبقات ابن سعد (مكتبة الخانجي) 6: 421 - 431.

ص: 142

قال: وحَدَّثَني عبدُ الرَّحْمن بن أبي الزَّنَادِ، عن أبي وَجْزَة (a) السَّعْدِيّ، عن عليّ بن حُسَيْن - قال: وغير هؤلاءِ أيْضًا قد حدَّثَني - قال مُحَمَّدُ بن سَعْدٍ: وأخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، عن يَحْيَى في إسْمَاعِيْل بن أبي المُهاجِر، عن أبيهِ، وعن لُوط بن يَحْيَى الغَامِدِيّ، عن مُحَمَّد بن نَشْر (b) الهَمْدانِيّ وغيره، وعن مُحَمَّد بن الحَجَّاج، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وعن هَارُون بن عِيسَى، عن يُونُس بن أبي إسْحاق، عن أَبِيهِ، وعن يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبِيّ.

قال ابنُ سَعْدٍ: وغير هؤلاء أيْضًا قد حَدَّثَني في هذا الحَدِيْثِ بطَائِفَةٍ، فكَتَبْتُ جَوَامِع حَدِيثهم في مَقْتَل الحُسَين رَحْمَةُ اللهُ عليهِ ورِضوَانهُ وصَلَواته وبَرَكاتهُ.

قالوا: لمَّا بايَع مُعاوِيَةُ بن أبي سُفْيان النَّاسَ ليَزِيْد بن مُعاوِيَة، كان حُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب ممَّن لم يُبَايع له، وكان أهْل الكُوفَة يْكْتبُون إلى حُسَين يَدْعُونَهُ إلى الخُرُوج إليهم في خِلَافَة مُعاوِيَة؛ كُلّ ذلك يأبَى، فقَدِمَ منهم قَوْمٌ إلى مُحَمَّد بن الحَنَفِيَّةِ، فطَلَبُوا إليه أنْ يَخْرُج معهم فأبَى، وجاء إلى الحُسَين فأخْبره بما عَرضُوا عليه، وقال: إنَّ القَوْم إنَّما يُرِيدُونَ أنْ يَأكُلوا بنا، ويُشِيْطُوا دمَاءَنا، فأقامَ حُسَينٌ على ما هو عليه من الهُمُومِ، مرَّةً يُريدُ أنْ يَسِيْر إليهم، ومرَّةً يُجْمِعُ الإقَامَةَ، فجاءَهُ أبو سَعيدٍ الخُدْرِيّ، فقال: يا أبا عَبْدِ اللهِ، إنِّي لم نَاصِحٌ، وإنِّي عليكم مُشْفِقٌ، وقد بَلَغَني أنَّهُ كاَتَبَكَ قَوْمٌ من شِيْعَتكُمُ بالكُوفَة يَدْعُونَكَ إلى الخُرُوج إليهم، فلا تَخْرُج؛ فإنِّي سَمِعْتُ أباكَ يقُول بِالكُوفِةِ: واللهِ قد مَلْلِتُهُم وأبْغَضْتُهم، ومَلُّوني وأبْغَضُوني، وما بَلَوْتُ منهم وَفَاءً، ومنْ فازَ بهم فَازَ بالسَّهْمِ الأخْيَب، واللهِ ما لهم نيِّاتٌ، ولا عَزْمُ أمرٍ، ولا صَبْرٌ على السَّيْفِ.

(a) في الأصل: وجرة، بالراء، ويأتي في العديد من الصادر أيضاً مثله، وصوابه بالزاي كما في طبقات ابن سعد (مصدر النقل) وكما قيَّده ابن ماكولا في الإكمال 7:390.

(b) في الأصل: بشير، وصوابه المثبت كما في طبقات ابن سعد 6: 432، وابن حجر: تهذب التهذيب 9: 488، تقريب التهذب 3: 313، وابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 1: 530 وفيه: هو همداني كوفي، كان مؤذناً لمحمد بن الحنفية.

ص: 143

قال: وقَدِمَ المُسَيَّبُ بن نَجَبَةَ الفَزَارِيُّ وعدَّةٌ معه إلى الحُسَين بعد وَفَاة الحَسَن، فدَعُوهُ إلى خَلْعْ مُعاوِيَةَ، وقالوا: قد عَلِمْنا رأيك ورأي أخيكَ، فقال: إنِّي أرجُو أنْ يُعْطِي الله أخي على نِيَّته في حُبِّهِ الكَفّ، وأنْ يُعْطِيَني على نِيَّتي في حُبِّي جِهاد الظَّالمِين.

وكَتَبَ مَرْوَان في الحَكَم إلى مُعاوِيَة: إنِّي لسْتُ آمَنُ أنْ يكُون حُسَينٌ مُرْصِداً للفِتْنَةِ، وأظُنُّ يَومَكم من حُسَين طَوِيْلاً.

فكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى الحُسَين: إنَّ مَنْ أعْطَى الله صَفْقَة يَمِيْنهِ وعَهْده لجَدِيرٌ بالوَفَاءَ، وقد أُنْبِئتُ أنَّ قَوْماً من أهْل الكُوفَة قد دَعَوكَ إلى الشِّقَاق، وأهْلُ العِرَاقِ مَنْ قد جَرَّبْتَ! قد أفْسَدُوا على أبيْك وأخِيكَ؛ فاتَّق الله، واذْكُر المِيْثَاق، فإنَّكَ مَتَى تَكِدْني أَكِدْكَ.

فكَتَبَ إليه الحسُين: أتَاني كتابُكَ وأنا بغير الّذي بَلَغكَ عنِّي جَدِيرٌ، والحَسَنات لا يَهْدي لها إلَّا اللهُ، وما أردْتُ لك مُحَارَبةً، ولا عليك خِلَافاً، وما أظُنّ لي عند الله عُذْراً في تَرْك جِهادكَ، وما أعْلَمُ فِتْنَةً أعْظَم من ولايتِكَ أمْرَ هذه الأُمَّة. فقال مُعاوِيَةُ: إنْ أثَرْنا بَأبي عَبْدِ الله إلَّا أسَدًا.

وكَتَبَ إليه مُعاوِيَةُ أيْضًا في بَعْضِ ما بلغَهُ عنه: إنِّي لأَظُنُّ أنَّ في رَأسِكَ نَزْوةً فوَدَدْتُ أنْ أُدْركَها (a) فأغْفِرها لكَ.

قال: وأخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، عن جُوَيْرِيَة بن أسْماء، عن نَافِع (b) بنِ شَيْبَة، قال: لَقِيَ الحُسَينُ مُعاوِيَةَ بمَكَّة عند الرَّدْم

(1)

، فأخَذَ بخِطَام رَاحلَتِه فأنَاخ بهِ، ثمّ

(a) طبقات ابن سعد 6: 423: أني أدركتها.

(b) كذا في الأصل، وعند ابن سعد: مسافع.

_________

(1)

الردم: موضع بمكة يقال له ردم بني جمح. انظر: البكري: معجم ما استعجم 1: 649، ياقوت: معجم البلدان 3: 40.

ص: 144

سَارَّهُ حُسَينٌ طَوِيْلاً وانْصَرَف، فزَجَرَ مُعاوِيَة راحلتَهُ: فقال له يَزِيدُ: لا يزالُ رَجُل قد عَرَضَ لك فأنَاخَ بكَ، قال: دَعْهُ لعَلَّهُ يَطْلبُها من غيري فلا يُسَوِّغْهُ فيَقْتُله.

رَجْع الحَدِيْثُ إلى الأوَّل:

قالُوا: ولمَّا حُضِرَ مُعاوِيَةُ، دَعا يَزِيدَ بن مُعاوِيَة فأوْصَاهُ بما أوْصَاهُ به، وقال له: انْظُر حُسَيْن بنَ عليّ ابن فاطِمَة بنْتِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّهُ أحبُّ النَّاسِ إلى النَّاسِ، فصِلْ رَحِمَهُ، وارْفُق به يَصْلُح لكَ أمْرُه، فإنْ يَكُ منه شيءٌ فإنِّي أرْجُو أنْ يَكْفيكَهُ اللهُ بمَنْ قَتَل أباهُ وخَذَل أخاهُ.

وَتُوفِّيَ مُعاوِيَةُ ليلَة النِّصْف من رَجَب سَنَة ستّين، وبايَعَ النَّاسُ ليَزِيْد، فكَتَبَ يَزِيد مع عَبْدِ اللهِ بن عَمْرو بن أُوَيسٍ (a) العَامِرِيّ - عامر بن لُؤي (b) - إلى الوَلِيدِ بن عُتْبَة بن أبي سُفْيان، وهو في المَدِينَة، أنْ أُدْعُ النَّاسَ فبَايعْهُم، وِابْدَأ بوُجُوه قُرَيْشٍ، وليكُن أوَّل مَنْ تَبْدأ بهِ الحُسَين بن عليّ، فإنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن، رحمه الله، عَهِدَ إليَّ في أمْرِه الرِّفْقَ به واسْتِصْلَاحه، فبَعَثَ الوَلِيد من سَاعتهِ - نصْفَ اللَّيْل - إلى الحسُينِ بن عليٍّ وعبد الله بن الزُّبَيْر، فأخْبَرَهمُا بوَفَاةِ مُعاوِيَة، ودَعَاهمُا إلى البَيْعَةِ ليَزِيْد، فقال: نُصْبح ونَنْظُر ما يَصْنعُ النَّاسُ، ووثَبَ الحُسَين فخَرَجِ، وخَرَجَ معه ابنُ الزُّبَيْر وهو يَقُول: هو يَزِيد الِّذي نَعْرفُ (c)، والله ما حَدَثَ له حزْم ولا مُرُوءَة، وقد كان الوَلِيدُ أغْلَظَ للحُسَيْن فشَتَمَهُ الحُسَين، وأخَذ بعِمَامَته فنَزَعها من رَأسِهِ، فقال الوَلِيدُ: إنْ هِجْنَا بأبي عَبْدِ اللهِ إلَّا أسَدًا. فقال له مَرْوَان أوَ بعضُ جُلَسَائهِ: اقْتُلهُ، قال: إنَّ ذلك لدَمٌ مَضْنُون في بني عَبْدِ مَنَافٍ، فلمَّا صَارَ الوَلِيدُ إلى مَنْزِله، قالت له امرأتُه أسْماء ابنَةُ عبد الرَّحْمن بن الحَارِث بن هِشَامٍ: أَسَبَبْتَ

(a) الأصل: أوس، والمثبت - بالتصغير - من طبقات ابن سعد 6: 434، وانظر ترجمته في تاريخ ابن عساكر 31: 235 - 236.

(b) في الأصل: عامر بن أوفى، والتصوب من ابن سعد وابن عساكر، وعند ابن عساكر سياقة نسبه إلى عامر في لؤي القرشي.

(c) أبي سعد: تعرف.

ص: 145

حُسَيْنًا؟ قال: هو بَدَأ فسَبَّنيّ، قالت: وإنْ سَبَّكَ حُسَين تَسُبُّهُ، وإنْ سَبَّ أباكَ تَسُبّ أباهُ؟! قال: لا.

وخَرَجَ الحُسَينُ وعبدُ الله بن الزُّبَيْر من لَيْلَتهما إلى مكَّة، وأصْبَح النَّاسُ فغَدوا على البَيْعَة ليَزِيْدَ، وطُلِبَ الحُسَين وابنُ الزُّبَيْر فلم يُوْجَدَا، فقال المِسْوَر بن مَخْرَمَة: عَجِلَ [أبو](a) عَبْد اللّه! وابنُ الزُّبَيْر الآن يُلْفِتُه ويزْجِيْه (b) إلى العِرَاق ليخْلُو بمَكَّة، فقَدِمَا مَكَّة، فنَزَل الحُسَين دار العبَّاسِ بن عَبْد المُطَّلِب، ولَزِمَ ابنُ الزُّبَيْر الحِجْرَ، ولبسَ المَعَافِرِيّ، وجَعَلَ يُحَرِّضُ النَّاس على بني أُمَيَّة، وكان يَغْدُو ويَرُوح إلى الحُسَين، ويُشِيْرُ عليه أنْ يَقْدَمَ العِرَاقَ، ويقُول: هُم شِيْعَتُك وشِيْعَةُ أبيك، فكان عَبْد اللّه بنُ عبَّاسٍ يَنْهاهُ عن ذلك ويقُول: لا تَفْعَل، وقال له عَبْد الله بن مُطِيع: أي فداكَ أبي وأُمِّي، مَتِّعْنا بنَفْسكَ ولا تَسِر إلى العِرَاق، فواللهِ لئن قَتَلَك هؤلاء القَوْم ليتَّخِذُنا خَوَلًا وعَبيْدًا.

ولَقِيَهُما عَبْدُ اللّه بن عُمَر وعبْدُ اللّه بن عَيَّاش بن أبي رَبِيْعَة بالأَبْوَاء (c) مُنْصَرِ فينَ من العُمْرَة، فقال لهما ابن عُمَر: أُذَكِّركُما اللّه (4) ألَّا رجَعتُما فدَخَلتُما في صَالِح ما يَدْخُل فيهِ النَّاسُ، وتَنْظُرا، فإنْ اجْتَمَع النَّاسُ عليه لم تَشُذَّا، وإنْ افْتُرِقَ عليه كان الّذي تُرِيْدَان.

وقال ابنُ عُمَر لحُسَين: لا تَخْرُج؛ فإنَّ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم خَيَّرهُ الله بين الدُّنْيا والآخِرة فاخْتَار الآخرة، وإنَّكَ بضْعَة منهُ، ولا تَنَالها - يعني الدُّنْيا - فاعْتَنَقَهُ وبَكَل ووَدَّعَهُ، فكان ابن عُمَر يَقُول: غلَبنا حُسَيْن بن عليّ بالخُرُوج، ولعَمْري لقد رَأى في أبيهِ وأخيْهِ عِبْرة، ورَأى من الفِتْنَةِ وخِذْلَان النَّاس لهم ما

(a) زيادة لازمة من طبقات ابن سعد، كنية الحُسَيْن بن عليّ.

(b) مهملة في الأصل، والإعجام من طبقات ابن سعد 6:424.

(c) في الأصل الأقواء أو الأفواء مهملة النقط، والتصوب من طبقات ابن سعد.

(d) لفظ الجلالة لم يرد في نشرة طبقات ابن سعد.

ص: 146

كان يَنْبَغي له أنْ لا يتحرَّكَ ما عاش، وأنْ يَدْخُل في صالح ما دَخَل فيهِ النَّاس، فإنَّ الجَمَاعَةَ خَيْرٌ.

وقال له ابن عبَّاسٍ: أينَ تُريدُ يا ابن فاطمَة؟ قال: العِرَاق وشِيْعَتيّ، فقال: إنِّي لكَارِهٌ لوِجْهكَ هذا، تَخْرُج إلى قَوْمٍ قَتَلُوا أَباكَ، وطَعَنُوا أخَاكَ، حتَّى تركَهُم سَخْطَةً ومَلَّةً لهم!؟ أُذَكِّركَ اللّه أنْ تُغَرِّر بنَفْسِك.

وقال أبو سَعيد الخُدْرِيّ: غَلَبَني الحُسَين بن عليّ على الخُرُوج، وقد قُلْتُ له: اتَّقِ اللّه في نفسكَ، والْزَم بيتَكَ، فلا تَخْرُج على إمَامكَ.

وقال أبو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ: بلَغَني خُرُوج حُسَين فأدْركتُه بمَلَل

(1)

، فناشَدتُهُ اللّه أنْ لا يَخْرُج، فإنَّهُ يَخْرُج في غير وجهِ خُرُوج، إنَّما يَقْتُل نَفْسَهُ، فقال: لا أرْجعُ.

وقال جَابِرُ في عَبْدِ اللّه: كلَّمْتُ حُسَيْنًا فقُلتُ: اتَّقِ الله ولا تَضْرب النَّاس بَعْضَهُم ببعْضٍ، فواللهِ ما حُمِدتُم ما صَنَعْتُم، فعَصَاني.

وقال سَعيدُ بن المُسَيَّب: لو أنَّ حُسَيْنًا لَم يَخْرُج لكان خَيْرًا له.

وقال أبو سَلَمَة بنُ عبد الرَّحْمن: قد كان يَنْبَغي لحُسَين أنْ يَعْرفَ أهْلَ العِرَاق ولا يَخْرُج إليهم، ولكن شَجَّعَهُ على ذلك ابن الزُّبَيْر.

وكَتَبَ إليهِ المِسْوَر بن مَخْرَمَة: إيَّاكَ أنْ تَغْتَرَّ بكُتُب أهْل العِرَاق، ويقُول لك ابنُ الزُّبَيْر: إلْحَقْ بهم فإنَّهُم نَاصِرُوكَ! إيَّاكَ أنْ تَبْرَح الحَرَم (a)، فإنَّهُم إنْ كانت لهم بك حاجةٌ فسَيَضْربونَ آباطَ الإِبِل حتَّى يُوَافُوكَ، فتخْرجُ في قُوَّة وعدَّة، فجَزَاهُ خَيْرًا، وقال: أستَخِيرُ اللّه في ذلك.

(a) قيَّدها في الأصل بالضم: الحُرم، والمثبت ضبط ابن سعد.

_________

(1)

مَلَل: بالتحريك، موضع في طريق مَكَّة بين الحرمين. ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 5: 194.

ص: 147

وكَتَبَتْ إليهِ عَمْرَةُ بنْتُ عبد الرَّحْمن تُعَظِّم عليه ما يُرِيدُ أنْ يَصْنَعَ، وتأمُرهُ بالطَّاعةِ ولُزُوم الجَمَاعَة، وتُخْبره أنَّه إنّما يُسَاق إلى مَصْرعه، وتقول: أَشْهَدُ لحَدَّثَتني عائِشَةُ

(1)

: أَنَّها سَمِعَت رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: يُقْتَل حُسَين بأرض بَابِلَ، فلمَّا قرأ كتَابها، قال: فلا بُدَّ لي إذًا من مَصْرَعيّ، ومَضَى.

وأتَاهُ أبو بَكْر بن عبد الرَّحْمن بن الحَارِث بن هِشَام، فقال: يا ابن عَمّ، إنَّ الرَّحمَ تَظْأرُني

(2)

عليكَ، وما أدْري كيف أنا عندَكَ في النَّصِيْحة لك؟ قال: يا أبا بَكْرٍ، ما أنْتَ ممَّن يُسْتَغَشُّ ولا يُتَّهَمُ ففُلْ، قال: قد رأيْتَ ما صَنعَ أهْلُ العِرَاق بأبيك وأخيْك، وأنْتَ تُريدُ أنْ تَسير إليهم، وهم عَبِيدُ الدُّنْيا؛ فيُقَاتلُكَ مَنْ قد وَعَدَكَ أنْ ينصُرك، ويَخْذُلك مَنْ أنْتَ أحبَّ إليهِ ممَّن يخصُره، فأُذَكِّرُكَ الله في نَفْسكَ، فقال: جَزَاكَ اللّهُ يا ابن عَمّ خَيْرًا، فقد اجْتَهَدت، ومهما يَقْضِ اللّه من أمرٍ يكُن، فقال أبو بَكْرٍ إنَّا للّه، عند اللهِ نَحْتَسبُ أبا عَبْد اللّه!.

وكَتَبَ عَبْدُ اللّهِ بن جَعْفَر بن أبي طَالِب إليهِ كِتَابًا يُحذِّرُه أهْلَ الكُوفَة، ويُنَاشِدُهُ اللّه أنْ يشخَص إليهم، فكَتَبَ إليهِ الحُسَين: إنِّي رَأيتُ رُؤْيا، ورَأيْتُ فيها رسُول اللّهِ، وأمَرَني بأمرٍ أنا مَاضٍ له، ولسْتُ بمُخْبر بها أحدًا حتَّى أُلَاقي عَمَلي.

وكَتَبَ إليهِ عَمْرُو بن سَعيد بن العَاص: إنِّي أسْأل اللّه أنْ يُلْهِمَكَ رُشْدَكَ، وأنْ يَصْرِفَكَ عمَّا يُرْدِيْكَ، بَلَغَني أنَّك قد اعتزمْتَ على الشُّخُوصِ إلى العِرَاق، فإنّي أُعِيْذُكَ باللّهِ من الشِّقَاقِ، فإنْ كُنْتَ خائفًا فأقْبِل إليَّ، فلك عندي الأمَانُ والبرُّ والصِّلَةُ. فكَتَبَ إليهِ الحُسَين: إنْ كُنْتَ أرَدْتَ بكتابك إليَّ برِّي وصِلَتي فجُزِيْتَ خَيْرًا في الدُّنْيا والآخرة، وإنَّهُ لَم يُشَاقق مَنْ {دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}

(3)

،

(1)

انظر الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 2: 574، وابن كثير: البداية والنهاية 8: 163.

(2)

أي تعطفني عليك. لسان العَرَب، مادة: ظار.

(3)

سورة فصلت، من الآية 33.

ص: 148

وخَيْرُ الأمَان أمَان اللّهِ، ولَم يُؤمن باللّه مَنْ لم يَخَفْهُ في الدُّنْيا، فنسْألُ اللّه مَخَافَةً في الدُّنْيا تُوْجِبُ لنا أمان الآخرة عندَهُ.

وكَتَبَ يَزِيدُ بن مُعاوِيَة إلى عَبْد الله بن عبَّاسٍ يُخْبرُه بخُرُوج حُسَين إلى مَكَّة: ونَحْسَبهُ جاءَهُ رِجالٌ من أهْلِ هذا المَشْرِق فمَنَّوه الخِلَافَة، وعندكَ منهم خِبْرةٌ وتَجْربةٌ، فإنْ كان فَعَلَ، فقد قَطَعَ وَاشِجَ القَرَابَةِ، وأنتَ كَبِير أهْل بَيْتكَ والمَنْظُور إليهِ، فاكْففْهُ عن السَّعْي في الفُرْقَةِ.

وكَتَبَ بهذه الأبيَاتِ إليهِ وإلى مَنْ بَمَكَّة والمَدِينَة من قُرَيْشْ

(1)

: [من البسيط]

يا أيُّها الرَّاكِبُ الغَادِي لطِيَّتِه

على عُذَافِرةٍ في سَيْرها قَحَمُ

أبْلِغْ قُرَيْشًا على نَأي المَزَار بها

بَيْني وبين حُسَين اللّهُ والرَّحِمُ

وموْقف بفِنَاءِ البيتِ أَنْشُدُهُ

عَهْدَ الإلَهِ وما تُوْفَى به الذِّمَمُ

عَنَّيْتُم قَوْمكُم فَخْرًا بأُمِّكُمُ

أُمّ لعَمْرِي حَصَانٌ بَرَّةٌ (a) كَرَمُ

هي الِّتي لا يُدَاني فَضْلَها أحَدٌ

بنْتُ الرَّسُولِ وخَيْرُ النَّاسِ قد عَلِمُوا

وفَضْلُها لكم فَضْلٌ وغَيْرُكُم

من قَوْمِكُم لهم في فَضْلِها قِسَمُ

إنِّي لأعْلَمُ أو ظَنًّا كعَالمِهِ

والظَّنُّ يَصْدُقُ أحْيانًا فيَنْتَظِمُ

أنْ سَوْفَ يَتْرُككُم ما تدَّعُونَ بها

قَتْلَى تهادَا كم العِقْبَانُ والرّخَمُ

يا قَوْمَنا لا تَشُبُّوا الحَرْبَ إذ سَكَنَتْ

ومَسِّكُوا بحِبَال (b) السّلْم واعْتَصِمُوا

قد غَرَّتِ الحَرْبُ مَنْ قد كان قبلكُمُ

من القرُونِ وقد بَادَت بها الأُمَمُ

فأَنْصِفُوا قَوْمَكُم لا تَهْلِكُوا بذَخًا

فرُبَّ ذِي بَذَخ زَلَّتْ بهِ القَدَمُ

(a) ابن سعد 6: 437، والمقفى الكبير: عَفَّةٌ.

(b) ابن سعد: بحال.

_________

(1)

الأبيات في الفتوح لابن أعثم 5: 118 - 119، والمقفى الكبير للمقريزي 3:578.

ص: 149

قال: فكَتَبَ إليهِ عَبْدُ اللّه بنُ عبَّاسٍ: إنِّي لأرْجُو أنْ لا يكون خُرُوجُ الحُسَينِ لأمْرٍ تَكْرَهُهُ، ولسْتُ أدَعُ النَّصِيْحة له في كُلِّ ما يَجْمَعُ اللّهُ بهِ الأُلْفَةَ ويُطْفِئ بهِ النَّائِرَةَ.

ودَخَل عَبْدُ اللّه بن عبَّاسٍ على الحُسَنِ فكلَّمه ليلًا طَويلًا، وقال: أُنْشدُكَ اللّه أنْ تهْلكَ غَدًا بحال مضْيَعَةٍ لا تأتي العِرَاق، وإنْ كُنْتَ لا بُدَّ فاعلًا، فأقِم حتَّى يَنْقَضِي الموسِمِ، وتَلْقَى النَّاسَ، وتَعْلم على ما يَصْدُرونَ، ثُمَّ تَرَى رأيكَ، وذلك في عشر ذِي الحِجَّةِ سَنة ستِّين، فأبَى الحُسَينُ إلَّا أنْ يَمْضِي إلى العِرَاقِ، فقال له ابنُ عبَّاسٍ: واللّهِ إنَّي لأظُنُّكَ سَتُقْتَل غَدًا بين نِسَائك وبَناتكَ كما قُتِل عُثْمان بين نِسَائهِ وبَنَاتهِ، واللّه إنِّي لأخَافُ أنْ تكُون الّذي يُقَاد به عُثْمان، فإنَّا للّهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ.

فقال [الحُسَين]

(1)

: أبا العبَّاسِ، إنَّكَ شَيْخٌ قد كَبِرْت، فقال: ابنُ عبَّاسٍ: لولا أنْ يُزْرِي ذلك بي أو بكَ لنَشَبْتُ يَدِي في رَأسِكَ، ولو أعْلَم أنَّا إذا تَنَاصَيْنا أَقَمْتَ لفَعَلْتُ، ولكن لا أخَالُ ذلك نَافِعي. فقال له الحُسَين: لأنْ أُقْتَلَ بمكانِ كَذَا وكَذَا أحَبُّ إليَّ أنْ تُسْتَحَلّ بي - يعني: مَكَّة - قال: فبَكَى ابن عبَّاسٍ وقال: أقررْتَ عَيْن ابن الزُّبَيْر فذاك الّذي يُسْلِي (a) بنَفْسِي عنه.

ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللّه بن عبَّاسٍ من عنده وهو مُغْضَبٌ، وابنُ الزُّبَيْر على الباب، فلمَّا راهُ، قال: يا ابن الزُّبَيْر قد أتَى ما أحْببتَ، قرَّت عَيْنُكَ! هذا أبو عَبْد اللّهِ يَخْرُج ويتركُكَ والحِجَازَ

(2)

: [من الرجز]

يا لَكِ من قُبَّرةٍ بمَعْمَر

خَلَا لكِ الجَوُّ فبِيْضِي واصْفِري

ونَقِّرِي ما شِئْتِ أنْ تُنَقِّرِي

(a) ابن سعد: سلَّى.

_________

(1)

إضافة من طبقات ابن سعد 6: 438.

(2)

أبيات الرجز في تاريخ الطبريّ 5: 384، والمقفى الكبير 3: 579، وهي تُنْسَب إلى طرفة انظر ملحق ديوانه 158 (ط 3، بيروت: المؤسسة العربية، 2000 م).

ص: 150

وبَعَثَ حُسَين إلى المَدِينَة، فقَدِمَ عليه مَنْ خَفَّ معه من بَنِي عَبْدِ المُطَّلِب، وهُم تِسْعَة عَشر رَجُلًا ونسَاء وصِبْيَان من أخوَاته وبَنَاتهِ ونسَائهم، وتَبِعَهُم مُحَمَّدُ بن الحَنَفِيَّةِ، فأدْرَك حُسَيْنًا بمَكَّة، وأعْلَمَهُ أنَّ الخُرُوج ليس له برأيٍ يَوْمَهُ هذا، فأبَى الحُسَين أنْ يقبَل، فحبس مُحَمَّدُ بن عليّ ولدَهُ، فلم يَبْعَثَ معه أحدًا منهم حتَّى وَجَدَ حُسَينٌ في نَفْسه على مُحَمَّد، وقال: تَرْغَبُ بولدِكَ عن مَوضِع أُصَابُ فيه!؟ فقال مُحَمَّدٌ: وما حَاجَتي أنْ تُصَابَ وبُصَابُونَ معك، وإنْ كانت مُصِيْبُتَك أعْظَم عندنا منهم!.

وبَعَثَ أهْلُ العِرَاق إلى الحُسَين الرُّسُل والكُتبَ يَدْعُونَه إليهم، فخَرَجَ مُتَوَجِّهًا إلى العِرَاق في أهْل بَيْتهِ وسِتِّين شَيْخًا من أهْل الكُوفَة، وذلك يوْم الاثْنَين في عَشْرِ ذِي الحِجَّة سَنَة ستِّين، فكَتَب مَرْوَانُ إلى عُبَيْدِ اللّه بن زياد:

أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الحُسَين بن عليّ قد توجَّه إليكَ، وهو الحُسَين ابن فاطمَةَ، وفاطِمَةُ بنْتُ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتاللّهِ (a) ما أحَدٌ يُسَلِّمه اللّه أحَبَّ إلينا من الحُسَين، فإيَّاكَ أنْ تهيْجَ على نفسكَ ما لا يَسُدُّه شيءٌ، ولا تَنْسَاهُ العامَّةُ ولا تدَعُ ذِكْرَهُ، والسَّلام عَليْك.

وكَتَبَ إليهِ عَمْرو بن سَعيد بن العَاص: أمَّا بعدُ؛ فقد تَوَجَّه إليكَ الحُسَين، وفي مِثْلها تَعْتِقُ أو تكُون عَبْدًا يُسْتَرَقُ (b) كما تُسْتَرقّ العَبِيْدُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللّه بنُ الحسُين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد بن البُسْرِيّ، قَرَأتُ عليه، وقُرِئ عليه وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا

(a) ابن سعد: وبالله.

(b) ابن سعد: تسترق.

ص: 151

عَبْدُ الرَّزَّاق - يعني ابن هَمَّام الصَّنْعانِيّ - قال: أخْبَرَنا ابنُ عُيَيْنَة، قال: أخْبَرَني لَبَطَةُ بن الفَرَزْدَق، عن أَبيِهِ، قال: خَرَجْتُ أُرِيدُ الحَجَّ، فلمَّا أتَيْتُ الصِّفَاح

(1)

إذا بقَوْم عليهم هذه اليَلَامِقُ وعليهم دَرقٌ، وإذا جَمَاعَةٌ، وإذا رُكْبانٌ، قال: فنَزَلْتُ عن رَاحِلَتي فقُلْتُ لبعضهم: ما هذا؟ قالوا: الحُسَين بن عليّ رضي الله عنهما يُرِيْدُ العِرَاق، قال: فسَيَّبْتُ رَاحِلَتي ثمّ مَشَيْتُ إليهِ حتَّى أخَذْتُ بالخِطَام، أو قال بالزِّمَام، فقُلتُ: أبو عَبْدِ اللّه؟ قال: أبو عَبْدِ اللّهِ، فما وراءك؟ قال: قُلْتُ - وصَوَابُهُ: أنتَ (a) - أحبُّ النَّاسِ إلى النَّاسِ، والسُّيُوف مع بَنِي أُمَيَّة، والقَضَاءُ من السَّماءَ، قال: فوِاللهِ لقد امْتَعَضَ منها وما أعْجَبَتْهُ، قال: ثمّ مَضَى ومَضَيْتُ، فلمَّا كان يَوْم النَّفْرِ، مَرَرْتُ بسُرَادِقٍ فإذا بفِنَائه صِبْيَان سُوْدٌ فُطْسٌ، قال: فأخَذْتُ بقَفَا صَبيّ منهم فقُلتُ: لمَن أنْتَ؟ قال: لعَبْدِ اللّه بن عَمْرو، قال: فقُلتُ: فأينَ هو؟ قال: في السُّرَادِق، قال: فدَخَلْتُ فسَلَّمْتُ فقُلتُ: ما قَوْلُكَ في الحُسَين بن عليّ عليهما السلام؟ قال: لا يُحِيْكُ فيه سِلَاحُهُم، قال: فخَرَجْتُ، قال: فبينا أنا على ماءٍ بين الكُوفَة ومَكَّة إذا إنْسَان يُوْضِعُ على بَعِيْره، قال: فقُلتُ: منِ أينَ؟ قال: من الكُوفَة، قال: قُلْتُ: ما فَعَل الحُسَين بن عليّ؟ قال: قُتِلَ، قال: فَرفَعْتُ يَدِي فقُلتُ: اللَّهُمَّ افْعَل بعَبْدِ اللّه بن عَمْرو إنْ كان يَسْخَرُ بي.

قال سُفْيان بن عُيَيْنَة في غير هذه الرِّوَايَة: ذَهَبَ الفَرَزْدَق إلى غير المَعْنى - أو قال: الوَجْه - إنَّما هو لا يُحِيْكُ فيه السِّلاح؛ لا يَضُرُّه القَتْل مع ما قد سَبَق له.

أنْبَأنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن هِبَةِ اللّه بن الحَسَن بن عليّ الدَّوَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي مُحَمَّد في عُمَر بن يُوسُف الأرْمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الغَنائِم عبدُ

(a) مثل هذا التصويب عند ابن سعد 6: 429، وفيه الرواية من طريق ابن عيينة.

_________

(1)

الصِّفَاحُ: موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مَكَّة من ناحية مشاش. ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 3: 412، وأورد للفرزدق بيتًا من الشعر يذكر لقائه بالحسين.

ص: 152

الصَّمَد بن عليّ بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن الحَسَن بن الفَضْل بن المَأْمُون، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة مَعْمَرُ بن المُثَنَّى التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَني لَبَطَةُ بن الفَرَزْدَقِ، عن أَبِيهِ، قال: حَجَجْتُ، فلمَّا كُنْتُ بذَاتِ عرْقٍ لَقِيَني الحُسَين بن عليّ يُريدُ الكُوفَة، فقصَدْتُه فسَلَّمْتُ عليه، فقال لي: ما خلَّفْتَ لنا وراءك بالبَصْرة؟ فقُلتُ: قُلُوبُ القَوْم معكَ وسُيُوفهُم مع بني أُمَيَّة، فقال: ما أشُكُّ في أنَّكَ صَادِقٌ، النَّاسُ عَبِيْدُ الدُّنْيا، والدِّينُ لَغْوٌ على ألْسِنَتهم يحُوْطُونَهُ ما درَّت بهِ مَعَايشُهُم، فإذا اسْتُنْبطُوا قلَّ الدَّيّانُونَ.

وقال ابنُ المَأْمُون: حَدَّثَنَا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن القَاسِم الأنْبارِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الغَاضِرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان المَازِنِيّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، عن أَعْيَن بن لَبَطَة بن الفَرَزْدَق، عن أَبِيهِ، قال: رأيْتُ أبي في النَّوْم بعدَ موْتهِ، فقُلتُ لَهُ: ما فَعَلَ اللهُ بكَ؟ فقال: غَفَر لي بقَصْدِي الحُسَينَ وسَلَامي عليهِ.

أخْبرَنا أبو حَفْص الدَّارْقَزِّيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَدُ بن الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُثْمان بن جُنَيْقَا (a) الدَّقَّاق، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عليّ الخُطَبِيّ، قال: وكان مَسِيْرُ الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب -ويُكْنَى بأبي عَبْد الله، وأُمُّهُ فاطِمَةُ بنتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من مَكَّة إلى العِرَاق بعد أنْ بَايَعَ له من أهْلِ الكُوفَة إثْنا عَشر ألفًا على يَدي مُسْلِم بن عَقِيل بن أبي طَالِب، وكَتَبُوا إليه في القُدُوم عليهم، فخَرَجَ من مَكَّة قَاصِدًا إلى الكُوفَة، وبلَغَ يَزِيدَ

(a) كذا ضبطه المصنف بالضم في كل المواضع التي يرد فيها اسمه، وعند السمعاني بالفتح. انظر: الأنساب 3: 360.

ص: 153

خُرُوجُه، فكَتَب إلى عُبَيْدِ الله بن زِيَاد -وهو عَامِلُهُ على العِرَاق- يأمُرهُ بمُجَارَبَته، وحَمْله إليه إنْ ظَفِر به، فوجَّه اللَّعِيْنُ عُبَيْدُ الله بن زِيَاد الجَيْشَ إليه مع عُمَر بن سَعْد بن أبي وَقَّاصٍ، وعَدَل الحُسَين إلى كَرْبَلَاء، فلَقِيَهُ عُمَر بن سَعْدٍ هُناك، فاقْتَتَلُوا فقُتِلَ الحُسَين رِضْوَان الله عليه ورَحْمَتُه وبَرَكاتُه، ولَعْنَةُ اللهِ على قاتِله، وكان قَتْلهُ في اليَوْم العاشر من المُحَرَّم يَوم عَاشُوْراء من سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

وقال أبو غَالب: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عبد الله بن مُحَمَّد، قال: حدَّثَني عَمِّي، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر

(1)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الضَّحَّاك، عن أَبِيهِ، قال: خَرَجَ الحُسَين بن عليّ إلى الكُوفَة سَاخِطًا لوِلَايَةِ يَزِيد، فكَتَبَ يَزِيد إلى ابن زِيَادٍ، وِهو وَاليهِ على العِرَاق: إنَّهُ قد بَلَغَني أنَّ حُسَيْنًا قد صَارَ إلى الكُوفَة، وقد ابْتُلِيَ به زمَانُكَ من بين الأزْمَانِ، وبَلَدُكَ من بين البُلْدان، وابْتُليْتَ به أنْتَ من بين العُمَّالِ، وعندَها تَعْتِقُ أو تَعُودُ عَبْدًا كما تُعْتَبَدُ العَبِيْدُ، فقَتَلَهُ ابنُ زِيَادٍ وبَعَثَ برَأسهِ إليهِ.

أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل في أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الحُمَيْدِيّ، قال: حَدَّثَني سُفْيان، قال: حَدَّثَني رَجُلٌ من بَني أَسَد يقال له: أبو بَحِيْر (a) بعد الخَمْسِين والمائة، وكان من أهْلِ الثَّعْلَبِيَّة، ولم يكُن في الطَّريق رَجُل أَكبر منهُ، فقُلتُ: مثل مَنْ كُنْتَ حين مرَّ بكُم حُسَيْن بن عليّ؟ قال: غُلَام قد أيْفَعتُ، قال: فقام إليه أخ لي كان أكْبر منِّي يُقال له: زُهَيْر، قال: أي ابن بنْت رسُول

(4) كذا قيَّده المصنف بالمهملة كأمير، وأكَّده بكتب حرف حاء أسفله.

_________

(1)

انظر نسب قريش لمصعب الزبيري 127 - 128.

ص: 154

اللهِ صلى الله عليه وسلم، إنِّي أراكَ في قِلَّةٍ من النَّاسِ، فأشَار بسَوْطٍ في يده هكذا فضَرَبَ حقيبَةً وَرَاءَهُ، فقال: هَا، إنَّ هذه مَمْلُوءَة كُتُبًا، فكأنَّهُ شَدَّ من مُنَّة أخي، قال سُفْيان: فقُلتُ لهُ: ابن كم أنتَ؟ قال: ابن ستّ عَشرة ومائة، قال سُفْيان: وكُنَّا اسْتَوْدَعْناهُ طَعَامًا لنا ومَتَاعًا، فلمَّا رَجَعْنا طَلَبْناهُ منه، فقال: إنْ كان طَعَامًا فلعَلَّ الحَيَّ قد أكلُوه، فقُلْنا: إنَّا للهِ، ذَهَبَ طَعَامُنا! فإذا هو يَمْزَحُ معي، فأخْرَج إلينا طَعَامنا ومَتَاعَنا.

وقال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر -يعني الحُمَيْدِيّ- قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا شِهَاب بن خِرَاش، عن رَجُلٍ من قَوْمه، قال: كُنْتُ في الجَيْشِ الّذين بَعَثَهُمِ عُبَيْد الله بن زِيَاد إلى حُسَيْن بن عليّ، وكانُوا أرْبَعة آلاف يُريدونَ الدَّيْلَم، فصَرفهُم عُبَيْد الله بن زِيَاد إلى حُسَيْن بن عليّ، فلقيتُ حُسَيْنًا، فرأيتُه أسْوَد الرَّأْسِ واللِّحْيَة، فقُلتُ لَهُ: السَّلامُ عَليْك يا أبا عَبْد اللهِ، فقال: وعليك السَّلام -وكانت فيه غُنَّةٌ- فقال: لقد باتَت منكم فينا سلة منذ اللَّيْلة، يعني سرق.

قال شِهَابٌ: فحدَّثْتُ به زَيْد بن عليّ فأعْجَبهُ، وكانت فيه غُنَّةٌ، قال سُفْيان: وهي في الحُسَيْنيِّيْنَ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرِّحْمن، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي المَعَالِي بن الحَدَّادِ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو طَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الخَالِق بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني يَزِيد الرِّشْك،

ص: 155

قال: حَدَّثَني مَنْ شَافَه الحُسَين بهذا الكَلَام، قال: حَجَجْتُ فأخَذْتُ ناحيةَ الطَّريق أتَعَسَّفُ الطَّريقَ، فدفعْتُ إلىِ أبْنيةٍ وأخْبِيَةٍ فأتَيْتُ أدْنَاها فُسْطَاطًا، فقُلتُ: لمَن هَذا؟ فقالوا: للحُسَيْن بن عليّ رضي الله عنه، فقُلتُ: ابن فاطِمَة بنْت رسُول اللهِ؟ قالوإ: نعم، قُلتُ: في أيُّها هو؟ فأشَارُوا إلى فُسْطَاط، فأتَيْتُ الفُسْطَاط فإذا هو قاعدٌ عند عَمُود الفُسْطَاطِ، وإذا بينَ يَدَيْهِ كُتُب كَثِيْرة يَقْرأُها، فقُلْتُ: بأبي أنت وأُمِّي، ما أجْلَسَكَ في هذا المَوضِع الّذي ليس فيه أَنِيْسٌ ولا مَنْفَعَة؟ قال: إنَّ هؤلاء -يعني السُّلْطان- أخَافُوني، وهذه كُتُب أهْل الكُوفَة إليَّ وهُم قاتِليّ، فإذا فعلُوا ذلك لَم يَتْركُوا للهِ حُرْمَةً إلَّا انتَهَكُوها، فسلَّط اللهُ عليهم مَنْ يُذلّهم حتَّى يَتْركهم أذَلَّ من فَرِمِ الأَمَةِ. قال جَعْفَر: فسَألتُ الأصْمَعِيّ عن ذلك، قال: هي خِرْقَةُ الحَيْضَة اذا ألْقَتْها النِّسَاءُ

(1)

.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد في عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن عيْسَى، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَوْن، قال: أخْبَرَنا خَالِد، عن الجريْرِيّ، عن عَبْد رَبِّهِ أو غيره، أنَّ الحُسَين بن عليّ لمَّا أرْهَقَهُ السِّلاحُ، وأخذ له السِّلاح، قال: ألَا تَقْبلونَ منِّي ما كان رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ من المُشْرِكين؟ قالوا: وما كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ من المُشْرِكين؟ قال: كان إذا جَنَح أحَدُهم قَبِلَ منه، قالوا: لا، قال: فدَعُوني أرْجِعُ، قالوا: لا، قال: فدَعُوني آتي أَمِير المُؤْمنِيْن، فأخذ له رَجُل السِّلاح، فقال له: أَبْشِر بالنَّار، فقال: بل إنْ شَاءَ اللهُ برَحْمَةِ ربِّي عز وجل وشَفَاعة نبيِّي صلى الله عليه وسلم، فقُتِلَ وجيء برأسهِ حتَّى وضَعه في طَسْت بين يَدي ابن زِيَاد فنَكَتَهُ بقَضِيْبٍ، وقال: لقد كان غُلامًا

(1)

قارن بطبقات ابن سعد 6: 431.

ص: 156

صَبِيْحًا، ثُمَّ قال: أيُّكم قاتِلهُ؟ فقام الرَّجُل، فقال: أنا قتَلْتُه، فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحَدِيْث، فاسْوَدَّ وَجْهُهُ.

قال عَبْد الله بن مُحَمَّد: وحَدَّثَني عَمِّي، قال: حَدَّثَني القَاسِم في سَلَّامٍ، قال: حَدَّثَني جَجَّاجِ بن مُحَمَّد، عن أبي مَعْشَر، عن بعض مَشْيَخَته، قال: قال الحُسَين بن عليّ حين نَزَلُوا كَرْبَلَاء: ما اسْم هذه الأرْض؟ قالوا: كَرْبَلَاء، قال: كَرْب وبَلَاء، وبعثَ عُبَيْدُ الله بن زِيَادٍ عُمَر في سَعْدٍ فقَاتَلَهُم، فقال الحُسَين: يا عُمَر، اخْتَر منِّي إحْدى (a) ثلاث خِصَالٍ: إمَّا أنْ تَتْركني أرْجِعُ كما جِئْت، فإنْ أبَيْتَ هذه فسَيِّرني إلى يَزِيد، فأضَع يَدِي على يَده، فيَحْكُم فيَّ ما رَأى، فإنْ أبَيْتَ هذه فسَيِّر بيِ إلى التُّرْك فأُقاتلهم حتَّى أمُوتَ، فأرْسَل إلى ابن زِيَادٍ بذلك، فهمَّ أنْ يُسَيِّره إلى يَزِيد، فقال له شَمِر بن [ذي] (b) جَوْشَن: لا، إلَّا أنْ يَنْزل على حُكْمك، فأرْسَل إليهِ بذلك، فقال الحُسَين: واللهِ لا أفْعَل، وأبْطَأ عُمَر عن قتَالهِ، فأرْسَل إليه ابن زِيَاد شَمِر بن [ذي] جَوْشَن، فقال: إنْ تقدَّم عُمَر يُقَاتِل، وإلّا فاقْتُلْه وكُنْ أنتَ مكانَهُ، وكان مع عُمَر قريبٌ من ثلاثين رَجُلًا من أهْلِ الكُوفَة، فقالوا: يَعْرضُ عليكم ابن بنت رسُول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خِصَالٍ، فلا تَقْبلونَ منها شيئًا، فتَحَوَّلوا مع الحُسَين فقاتلُوا.

وقال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إسْمَاعِيْل الطّالَقَانِيّ سَنَة خَمْسٍ وعشرين، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن ابن أبي لَيْلَى، قال: قال الحُسَين بن عليّ حين أحَسَّ بالقَتْل: أبْغُوني ثَوْبًا لا يُرْغَب فيه أجْعَله تحت ثِيَابي لا أُجَرَّد، فقيل له: تبَّان؟ فقال: ذلك لباسُ مَنْ ضُرِبَت عليه الذِّلَّة، فأخَذَ ثَوْبًا فخَرَّقَهُ فجعلَهُ تحت ثِيَابهِ، فلمَّا قُتِلَ جُرِّد صَلَواتُ الله عليه ورِضْوَانه.

(a) الأصل: أحد، وفوقها "صـ".

(b) ساقط من الأصل، وكتب فوقها وفوق التي تليها "صـ".

ص: 157

أنْبَأنَا أبو نَصَر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرنا أبو مُحمّد بن أبي نَصْر قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون في رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة

(2)

، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن سُلَيمان، عن عَبَّاد بن العَوَّام، عن حُصَيْن، قال: أدْرَكتُ ذاك حين مَقْتَل الحُسَين، قال: فحَدَّثَني سَعد (a) بن عُبَيْدة، قال: فرَأيتُ الحُسَينَ وعليه جُبَّة برُودٍ، ورَمَاهُ رَجُلٌ يُقال له: عَمْرو بن خَالِدٍ الطُّهَوِيُّ بسَهْمٍ، فنَظَرْتُ إلى السَّهْم مُعَلَّقًا بجُبَّتهِ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَة الله بن غَزَال التَّاجر الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا العَدْل أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن الكَتَّانِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله العَجَمِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحمّد بن مَخْلَد البَزَّاز (a)، قِرَاءهً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن عُثْمان بن سَمْعَان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أسْلَم بن سَهْل بن أسْلَم بن حَبِيْب الرَّزَّاز الوَاسِطِيّ المَعْرُوف بَحْشَل

(3)

، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بن غَالب الشَّيْبَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبِا إسْحاق الشَّيْبَانِيّ -وأتاه رَجُل من آل حَوْشَب في يَزِيْد- فقال له: إنَّ مَالِك بن حوْشَب أخا حَوْشَب بن يَزِيد قُتِلَ وعليه جُبَّة خَزٍّ، فقال له أبو إسْحاق الشَّيْبَانِيّ: وإنَّ الحُسَين بن عليّ رِضْوَان الله عليهما قُتِلَ وعليه جُبَّة خَزٍّ، وقد نَصَل خضَابُه، وكان يَخْضِبُ بالسَّوَادِ، فدُفِنَ في ثِيَابهِ.

(a) في الأصل: سعيد، والمثبت من تاريخ أبي زرعة وتاريخ ابن عساكر.

(b) في الأصل: البزار، وتقدم صحيحًا في أغلب المواضع.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 221.

(2)

تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 626.

(3)

تاريخ واسط 104.

ص: 158

وقال: حَدَّثَنَا بَحْشَل

(1)

، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن صُبَيْح، قال: حدّثنا هُشَيْم، قال: أخْبَرَنا زَاذَانُ أبو مَنْصُور، قال: رأيْتُ الحُسَين بن عليّ رِضْوَان عليه مَخْضُوبَ الرَّأسِ واللِّحْيَةِ بالوَسْمَة.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُليَمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء إجَازَةً لي، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد الحَبَّال، وستّ المُوَفَّق خَدِيجَة مَوْلاة أبي حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الصِّقِلِّيّ المُرَابِطَة -قال: أبو إسْحاق أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد بن عُمَر بن حَسَن الطَّرَسُوسِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار الأنْطَاكِيّ، قِرَاءةً عليه، وقالت خَدِيجَةُ: قُرِئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار بن عَبْد الله بن خَيْر الأَذَنِيّ الأنْطَاكِيّ، وأنا شَاهِدةٌ أسْمَع، قال: أخْبَرَني جَدِّي القَاضِي أبو الحَسَن علىّ بن الحُسَين بن بُنْدَار- قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم العَطَّار

(2)

، عن أبي مِخْنَف، قال: حَدَّثَني سُليْمان بن أبي رَاشِد، عن حُمَيْد بن مُسْلِم، قال: سَمِعْتُ الحُسَينَ بن عليّ وقد أحَاطُوا بهِ يَقُول: اللَّهُمَّ احْبس عنهم قَطْرَ السَّماء، وامْنَعهُم بَرَكاتِ الأرْض، وإنْ متَّعْتَهم إلى حينٍ، ففرِّقهُم فِرَقًا، ومَزِّقْهُم مزَقًا، واجْعَلهُم طَرَائقَ قِدَدًا، ولا تُرْض عنهم الوُلَاة أبدًا، فإنَّهم دعَوْنا ليَنْصُرونا، فعَدَوْا علينا فقَتَلُونا. وضَارَبَ حتَّى كَفَّهُم عنه، ثمّ تَعَاوَرُوا (a) عليه فقَتَلُوه.

(a) في الأصل: تغاووا عليه، وفوقه "صـ" وفي أمالي الشجري: تعادوا، ولعل الأظهر ما أثبت.

_________

(1)

تاريخ واسط 80.

(2)

لم أجده في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم وهو المعروف أيضًا بالعطار، وانظره في تاريخ الطبري 5: 451 بالسند المذكور من طريق أبي مخنف، باختلاف بسيط، والأمالي الخميسية للشجري 1:184.

ص: 159

بسم الله الرحمن الرحيم

وبِهِ تَوْفِيقِي

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَيْن بن الفَهم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، عن عَامِر بن أبي مُحَمَّد، عن الهَيْثَم بن مُوسَى، قال: قال العَرْيَان بن الهَيْثَم: كان أبي يَتَبَدَّى فيَنْزل قريبًا من المَوضع الّذي كان فيه مَعْركَة الحُسَين، فكُنَّا لا نَبْدُوا إلَّا وجَدْنا رَجُلًا من بَني أَسْد (a) هناكَ، فقال لأ أبي: أراكَ مُلَازمًا هذا المكان؟ قال: بَلَغَني أنَّ حُسَيْنًا يقتَل هَل هُنا، فأنا أخرُج لعلِّي أُصَادِفه فأُقْتَل معه، فلمَّا قُتِلَ الحُسَين قال أبي: انْطَلقُوا ننظُر هل الأسْدِي فيمن قُتِلَ، فأتينا العرَكَة، فطَّوَفْنا فإذا الأسْدِيّ مَقْتُول.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن الفَضْل بن سَهْل الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد في علىّ في ثَابِت

(2)

إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن أحْمَد الضَّبِّيّ، قال: أخْبَرَنا علِيّ بن عُمَر الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن نُوح الجُنْدَيْسَابُورِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حرْب الجُنْدَيْسَابُورِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن أبي قيس، عن يَحْيَى بن سَعيدٍ أبي حَيَّان، عن قُدَامَة الضَّبِّيّ، عن جَرْدَاء بنت سُمَيْر، عن زوْجها هَرْثَمَة بن سلمى (a)، قال: خَرَجنا مع عليّ في بَعْضِ

(a) جوده بالسكون، ومثله حيثما يرد في هذه الرواية.

(b) كذا في الأصل ومثله في أمالي الشجري 1: 184، وتهذيب التهذيب 2: 348، وعند نَصْر: وقعة صفين 140: ابن سليم.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 6: 431.

(2)

لم يورده الخطيب في تاريخه "تاريخ بَغْدَاد"، والخبر في كتاب نَصْر بن مزاحم: وقعة صفين 140 - 141، والأمالي الخميسية للشجري 1:184.

ص: 160

غَزْوهِ (a)، فسَارَ حتَّى انْتَهَى إلى كَرْبَلَاء، فنَزَل إلى شَجَرَة يُصَلِّي إليها، فأخَذَ تُرْبَةً من الأرْض فشمَّها ثُمَّ قال: وَاهًا لك تُرْبَة! ليُقْتَلنَّ بكِ قَوْمٌ يَدخلُونَ الجَنَّة بغير حِسَاب، قال: فقَفَلْنا من غَزَاتنا، وقُتِلَ عليّ ونسيْتُ الحَدِيْث.

قال: فكُنْتُ في الجَيْش الّذي سَارُوا إلى الحُسَين، فلمَّا انْتَهَيتُ إليهِ، نَظَرْتُ إلى الشَّجَرة فذكَرْتُ الحَدِيْث، فتقدَّمْتُ على فَرَسٍ لي فقُلتُ: أُبَشِّركَ ابنَ بنْتِ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم وحدَّثْتُهُ الحَدِيْثَ، قال: معنا أو عَلَينا؟ قُلتُ: لا مَعَك ولا عليك، وتَرَكْتُ عِيَالًا وتَرَكْتُ (b)! قال: أمَّا لا فولّ في الأرْضِ، فو الّذي نفسُ حُسَنِ يده لا يَشْهَد قَتْلَنا اليَوْم رَجُل إلَّا دَخَل جَهَنَّم، فانطَلَقْتُ هَارِبًا مُولِّيًا في الأرْض حتَّى خَفِيَ عليَّ مَقْتَلهُ.

أخْبَرَنا مُرَجَّا بن أبى الحَسَن التَّاجر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن علِيّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أحْمَد بن عَبْد اللّهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عُثْمان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن سَهْل الوَاسِطيّ، قال: حدّثنا إسْمَاعيل بن عيْسَى، قال: حدَّثنا يَزِيد بن هَارُون، قال: أخْبَرَتْنِي أُمِّيّ، عن جَدّتها، قالت: أدْرَكتُ قَتْل الحُسَين بن عليّ رِضْوَان الله عليه، فلمَّا قُتِلَ خَرَج ناس إلى إبلٍ كانت معه فانْتَهَبُوها، فلمَّا كان اللَّيْلُ رأيتُ فيها النِّيْرَان تَلْتَهب، فاحْتَرقَ كُلّ ما أُخِذَ من عَسْكَره.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد المَقْدِسِيّ بنابُلُس، وأبو المُظَفَّر حَامِد بن [أبي](c) العَمِيْد بن أَمِيْري القَزْوِينيّ بحَلَب، قالا: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، قالت: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد بن

(a) عند نَصْر بن مزاحم: غزوة صفين.

(b) كذا في الأصل، وعند ابن مزاحم: وقعة صفين 141: تركت أهلي ووالدي.

(c) ساقطة في هذا الموضع وتاليه، وتقدم الاسم صحيحًا، وانظر تَرْجَمَتِه في سير أعلام النبلاء 23: 63 - 64، الوافي بالوفيات 11: 280، وانظر الرواية في تاريخ ابن عساكر 14:223.

ص: 161

عليّ الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو علىِّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّهِ بن مُحَمَّد بن عُبيد بن أبي الدُّنْيا القُرَشِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَني العبَّاس بن هِشَام بن مُحَمَّد الكُوْفيّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه، قال: كان رَجُل من بَنِي أَبَان بن دَارِم يُقال له: زُرْعَة، شَهِدَ قَتْل الحُسَين رضي الله عنه، فرَمَى الحُسَين بسَهْمٍ فأصَاب حَنَكه، فجَعَل يلْتقي (a) الدَّم، ثمّ يقول هكذا إلى السَّماء، فيَرْمي به، وذلك أنَّ الحُسَين رضي الله عنه دعا بماء ليَشْرَبَ، فلمَّا رَمَاهُ حال بينَهُ وبين الماء، فقال: اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ، اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ، قال: فحَدَّثَني مَنْ شَهِدَهُ وهو يَمُوت، وهو يَصِيْحُ من الحرِّ في بَطْنه، والبَرْد في ظَهْره، وبينَ يَدَيْهِ المَرَاوح والثَّلْج، ومن خَلْفه الكَانُون، وهو يَقُول: اسقُوني أهْلَكَني العَطَشُ، فيُؤتَى بالعُسِّ العَظِيْم فيه السُّوَيْقُ أو الماء واللَّبَن، لو شَربه خَمْسةٌ لكَفاهُم، قال: فيَشْربه، ثمّ يعُود فيقول: اسْقُوني أهْلَكَني العَطَشُ، قال: فانْقَدَّ بَطْنُه كانْقِدَادِ البَعِيْر.

أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مَسْعُود بن شَدَّاد الصَّفَّار المَوْصِليّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز بن القَاصّ بالمَوْصِل، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن إبْراهيم بن نَبْهان، قال: أخْبَرَنا أَبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيمِ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن زِيَادٍ، قال: حَدَّثَنِي أبو يُوسُفَ يَعْقُوب بن الخَضِر المتُطَبِّبُ، قال: حَدَّثَنَا أَبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا ابن عُيَيْنَة، عن أَبيِهِ، قال: أدْرَكتُ من قَتَلَة الحُسَين رضي الله عنه رَجُلَيْن، أمَّا أحَدُهما فإنَّ اللّه طوَّل ذَكَرَهُ، فكان يَحْملُه على عَاتقه، وأمَّا الآخرُ فكان يأتي عَزْلَاء

(2)

الرَّاوِيَة فيَضَعُها على فيهِ حتَّى يَسْتَفرغها ويَصِيْحُ: العَطَش

(a) رسائل ابن أبي الدنبا: يتلقى.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدُّنيا (رسالة مجابي الدعوة) 1: 786.

(2)

العَزلاء: وجمعها عزالى، مصُّ الماء من القربة والراوية، حيث يستفرغ ما فيها من الماء. لسان العَرَب، مادة: عزل.

ص: 162

العَطَش، ويَدُور إلى الجانب الآخر من الرَّاوِيةِ فيَسْتَفرغها، ولا يَرْوَى، وذلك أنَّهُ نَظَر إلى الحُسَين وقد أهْوَى إلى فيهِ وهو يَشْرَب فرَمَاهُ بسَهْمٍ، فقال الحُسَين: ما لكَ لا أرْوَاكَ اللهُ من الماء في دُنْياك ولا في آخرتك.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر حَامِد بن [أبي](a) العَمِيْد بحَلَب، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيُّ بنابُلُس، ومَحْفُوظ بن هِلال الرَّسْعَنِيّ برَأس عَيْن، قالوا: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الكَاتِبة - قال مَحْفُوظ: إجَازَةً. قالت: أخْبرنا طَرَّاد بن مُحمّد الزَّيْنبيّ، قال: أخْبَرنا أبو الحُسَين بن بِشْران، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إِسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا سُفْيان، قال: حَدَّثَتني جَدَّتي أُمّ أبيّ، قالت: أدْرَكتُ رَجُلَين ممَّن شَهِدَ قَتْلَ الحُسَين، فأمَّا أحدُهمُا؛ فطَالَ ذَكرَهُ حتَّى كان يَلُفُّهُ، وأمَّا الآخرُ؛ فكان يَسْتَقْبِل الرَّاوِية فيَشْرَبُها حتَّى يأتي على آخرها. قال: قال سُفْيان: أدْرَكتُ ابنَ أحَدهما به خَبَل أو نحو هذا.

قَرَأتُ في الأخْبار الطِّوَال تأليف أبي حَنِيْفَة أحْمَد بن دَاوُد الدِّينورِيّ

(2)

، ودبَهَرَ خَبَر خُرُوج الحُسَين عليه السلام منِ مَكَّة إلى أنْ قُتِلَ، فأحْبَبْتُ إيْراد ذِكْر قتله، ومَنْ قُتِلَ معه منٍ أهْله؛ لأنَّهُ اسْتَوْعَبَ ذِكْره مع الاخْتِصَار، ونَقَلَهُ عن رُوَاةِ السِّيَر، قال بَعْدَما أوْرَدَهُ من تَسْيير مُسْلم بن عَقِيل بن أبي طَالِب إلى الكُوفَة، وأخْذه البَيْعَة عِلى ثَمانية عَشر ألف من أهْلِ الكُوِفَة، ونَكْثهِم والظَّفَر به وقَتْله، قال: قالُوا: ولمَّا رَحَلَ الحُسَين من زَرُوْد

(3)

، تلقَّاهُ رجُل من بَني أَسْد، فسَأله عن

(a) ساقطة من الأصل، وتقدم التعليق عليه في الرواية قبل المتقدمة.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدُّنيا (رسالة مجابي الدعوة) 1: 787.

(2)

الدينوري: الأخبار الطوال 246 - 261.

(3)

زرود: ومال بين الثعلبية والخُزيمية بطريق الحاج من الكوفة، بين ديار بَنِي عبس وديار بَنِي يربوع. البكري: مُعْجَمُ ما استعجم 1: 696 - 697، ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 3: 139.

ص: 163

الخَبَر، فقال: لم أخْرُج من الكُوفَة حتَّى قُتِلَ مُسْلِم بن عَقِيل وهَانئ بن عُرْوَة، ورَأيْتُ الصِّبْيَان يَجُرُّون بأرْجلهما، فقال: إنَّا للّهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ، عندَ اللّهِ نَحْتَسِب أنْفُسَنا، فقيل له: نُنْشُدك (a) اللّه يا ابن رسُول اللّه في نَفْسك، وأنْفُس أهْل بَيْتكَ هؤلاء الّذين تَرَاهُم (b) معك، انْصَرف إلى مَوْطنِكَ (c)، ودَع المَسِيْرَ إلى الكُوفَة، فواللهِ ما لك بها نَاصِرٌ، فقال بنُو عَقِيل - وكانُوا معه -: ما لنا في العَيْشِ بعد أَخِيْنا مُسْلِم حَاجَة، ولسْنا برَاجِعين حتَّى نَمُوتَ، فقال الحُسَين: فما خَيْرٌ في العَيْشِ بعد هؤلاء، وسَارَ، فلمَّا وَافَى زُبَالَة وَافاهُ بها رَسُول مُحَمَّد بن الأشْعَث وعُمَر بن سَعْد بما كان سَألَهُ مُسْلِم أنْ يَكْتب به إليهِ من أمْره، وخِذْلَان أهْل الكُوفَة إيَّاهُ بعد أنْ بَايَعُوه، وقد كان مُسْلِم سَألَ مُحَمَّدَ بنَ الأشْعَث ذلك - يعني حين ظَفر به ابن زِيَاد، سَألَ ابن الأشْعَث وعُمَر بن سَعْد، أنْ يَكْتبا إلى الحُسَين بذلك

(1)

- فلمَّا قرأ الكتابَ اسْتَيْقَنَ بصِحَّة الخَبَر، وأفْظَعَهُ قتل مُسْلِم بن عَقِيل وهَانئ بن عُرْوَة، ثمّ أخْبرهُ الرَّسُول بقَتْل قَيْس بن مُسْهِر رَسُولهِ الّذي وَجَّهَه من بَطْن الرُّمَّة

(2)

.

وقد كان صَحِبَهُ قَوْمٌ من مَنَازِل الطَّريق، فلمَّا سَمِعُوا خَبَرَ مُسْلِمٍ، وقد كانُوا ظَنُّوا أنّه يقدمُ على أَنْصَارٍ وعَضُدٍ، تفرَّقُوا عنه، ولم يَبْقَ معه إلَّا خاصَّته.

فسار حتَّى انْتَهَى إلى بَطْن العَقِيْق، فلَقِيَهُ رَجُل من بَنِي عِكْرِمَة، فسَلَّم عليهِ، وأخْبَرهُ بتَوْطِيد ابن زِيَاد الخَيْل ما بين القَادِسيَّةِ إلى العُذَيْب رَصَدًا له، ثمّ قال له: انْصَرف بنَفْسِي أنْتَ، فواللهِ ما تَسير إلَّا إلى الأَسِنَّةِ والسُّيُوف، ولا تَتَّكلنَّ على الّذين كتبُوا إليك؛ فإنَّ أُولئكَ أوَّل النَّاسِ مُبَادَرةً إلى حَرْبك. فقال له الحُسَين:

(a) الدينوري: فقال له: أنشدك.

(b) الدينوري: نراهم.

(a) الدينوري: موضعك.

_________

(1)

الجملة التوضيحية المعترضة من زيادات ابن العديم، وليست في كتاب الدينوري.

(2)

بَطْن الرُّمَّة: واد بعالية نجد، تنصبّ إليهِ عدّة أودية. ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 1: 449.

ص: 164

قد ناصَحْتَ وبالَغْتَ فجُزِيْتَ خَيْرًا، ثمّ سلَّم عليهِ، ومَضَى حتَّى نَزَلَ بشَرَاةٍ باتَ بها، ثمّ ارْتَحلَ وسَار، فلمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ، واشْتَدّ الحَرُّ، وكان ذلك في القَيْظِ، تَرَاءَتْ لهم الخَيْلُ، فقال الحُسَينُ لزُهَيْر بن القَيْن: أمَا هَا هُنا مكانٌ نَلْجأُ (a) إليهِ أو شَرَفٌ نجعَلُهُ خَلْفَ ظُهُورنا ونَسْتَقْبل القَوْم من وَجْهٍ واحدٍ؟ قال له زُهَيْرٌ: بلى؛ هذا جَبَلُ ذي جُشَم يَسْرةً عنكَ، فمِلْ بنا إليهِ، فإنْ سبقْتَ إليهِ فهو كما تحبُّ، فسار حتَّى سَبَق إليهِ، وجَعَل ذلك الجَبَلَ وراءَ ظَهْره.

وأقْبَلَت الخَيْلُ، وكانُوا ألْفَ فارس مع الحُرّ بن يَزِيد التَّمِيْمِيّ ثمّ اليَرْبُوعِيّ، حتِّى إذا دَنَوا، أمَرَ الحُسَينُ عليه السلام فِتْيانَهُ أنْ يَسْتَقْبلوهُم بالماء فشَربُوا، وتغَمَّرت خَيْلهم، ثمّ جَلَسُوا جَمِيعًا في ظِلِّ خُيُولهم، وأَعِنَّتُها في أيْديهم، حتَّى إذا حَضَر الظُّهْر قال الحُسَين عليه السلام للحُرِّ: أتُصَلِّي معنا، أو تُصَلِّي بأصْحَابكَ وأُصَلِّي بأصْحَابي؟ قال الحُرُّ: بل نُصَلِّي جَمِيعًا بصَلاتكَ، فتقدَّم الحُسَين عليه السلام، فصَلَّى بهم جَمِيعًا.

فلمَّا انْفَتَلَ من صَلَاتهِ، حَوَّلَ وَجْهَهُ إلى القَوْم، ثُمَّ قال: أيُّها النَّاسُ، مَعْذِرَةٌ إلى اللّهِ، ثمّ إليكم، إنِّي لم آتِكُم حتَّى أتَتْني كُتُبكم، وقَدِمَتْ عليَّ رُسُلكُم، فإنْ أعْطَيْتُموني ما أطْمئنّ به من عُهُودكم ومَوَاثِيْقكُم دَخَلْنا معَكُم مِصْرَكُم، وإنْ تكُن الأُخرِى انْصَرفتُ من حيثُ جئت. فأُسْكت القَوْم، فلم يَردُّوا عليه شَيْئًا، حتَّى إذا جاءَ وقْتُ العَصْر نَادَى مُؤَذِّن الحُسَين، ثمّ أقام، وتقدَّم الحُسَين فصَلَّى بالفَرِيْقَينِ، ثمّ انْفَتَلَ إليهم، فأعاد مثل القَوْل الأوَّل، فقال الحُرُّ بن يزيد: واللّهِ ما نَدْري ما هذه الكُتُب الّتي تَذْكُر، فقال الحُسَينُ عليه السلام: إئْتني بالخُرْجَين اللَّذين فيهما (b) كُتُبهم، فأُتي بخُرْجَين مَمْلُوءَين كُتُبًا، فنُثِرَت بين يَدَي الحُرّ وأصْحَابهِ، فقال له

(a) الدينوري: يُلجأ.

(b) الأصل: فيها، والمثبت من كتاب الدينوري.

ص: 165

الحُرُّ: يا هذا، لسْنَا ممَّن كَتَبَ إليكَ شَيئًا من هذه الكُتُب، وقد أُمِرْنا أنْ لا نُفَارقك إذا لقيْنَاك أو نَقْدم بك الكُوفَة على الأَمِير عُبَيْدِ اللّه بن زِيَاد، فقال الحُسَين عليه السلام: المَوْتُ دُونَ ذلك!.

ثمّ أمَرَ بأثْقَالهِ، فُحمِلَتْ، وأمَرَ أصْحَابه، فرَكِبُوا، ثُمَّ ولَّى وَجْهَهُ مُنْصَرفًا نحو الحِجَاز، فحال القَوْم بينَهُ وبين ذلك، فقال الحُسَين للحُرِّ: ما الّذي تُريد؟ قال: أُرِيدُ واللّهِ أنْ أنْطَلِق بك إلى الأَمِير عُبَيْدِ اللّه بن زِيَاد، قال الحُسَين: إذًا واللّهِ أُنَابِذكَ الحَرْب، فلمَّا كَثُر الجِدَالُ بينهما قال الحُرُّ: إنِّي لم أُوْمَرْ بقِتَالكَ، وإنَّما أُمِرْتُ أنْ لا أُفَارقك، وقد رأيتُ رَأيًا فيه السَّلامَةُ من حَرْبك، وهو أنْ تَجْعل بيني وبينك طَرِيقًا، لا تُدْخلُكَ الكُوفَة، ولا تردُّكَ إلى الحِجَاز، تكُون نَصَفًا بيني وبينكَ حتَّى يَأتينا رَأي الأَمِير، قال الحُسَين: فخُذ هَا هُنا، وآخذ مُتَياسِرًا من طَريْق العُذَيْب، ومن ذلك المكان إلى العُذَيْب ثَمانيةٌ وثَلاثُون مِيْلًا، فسَارا جَمِيعًا حتَّى انْتَهوا إلى عُذَيْب الحَمَّامَاتِ، فنَزَلُوا جَمِيعًا، وكُلّ فَرِيقٍ منهما على غَلْوَة من الآخر.

ثُمَّ ارْتَحل الحُسَينُ من مَوضِعِهِ ذلك مُتَيامنًا عن طَرِيق الكُوفَة حتَّى انْتَهَى إلى قَصْر بَنِي مُقَاتِل، فنَزَلُوا جَميعًا هناك، فنَظَر الحُسَين إلى فُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ، فسَألَ عنه، فأُخْبرَ أنَّهُ لعُبَيْدِ اللّهَ بن الحُرّ الجُعْفِيّ، وكان من أشْرَافِ أهْلِ الكُوفَة وفُرْسَانهم، فأرْسَل الحُسَين إليهِ بَعْضَ مَوَالِيهِ يأمُره بالمَصِيْر إليهِ، فأتاهُ الرَّسُول، فقال: هذا الحُسَين بن عليّ يَسْألك أنْ تَصِيْر إليهِ، فقال عُبَيْد اللّه: واللّهِ ما خَرَجْتُ من الكُوفَة إلَّا لكَثْرة مَنْ رَأيتُهُ خَرَجَ لمُحَاربتهِ وخِذْلَان شِيْعَته، فعَلِمْتُ أنَّهُ مَقْتُول، ولا أقْدِرُ على نَصْره، فلسْتُ أحبُّ أنْ يَرَاني ولا أرَاهُ، فانْتَعَل الحُسَين حتَّى مَشَى، ودَخَل عليهِ قُبَّتَهُ، ودَعَاهُ إلى نُصْرتهِ، فقال عُبيدُ اللّه: واللّه إنِّي لأعْلَم أنَّ مَنْ شَايعَكَ كان السَّعِيْدَ في الآخرة، ولكن ما عَسَى أنْ أُغْني عنكَ، ولم أُخَلَّف لك بالكُوفَة نَاصِرًا، فأنْشُدك اللّه أنْ تَحْمِلَني على هذه الخُطَّة، فإنَّ نَفْسِي لَم

ص: 166

تَسْمح بَعْدُ بالمَوْتِ، ولكن فَرَسي هذه المُلحِقَة، والله ما طَلَبْتُ عليها شَيْئًا قَطّ إلَّا لَحقْتُه، ولا طَلَبني وأنا عليها أحدٌ قَطّ إلَّا سَبَقْتُه، فخُذْها، فهي لكَ، قال الحُسَين: أمَّا إذ رَغِبْتَ بنَفْسِكَ عنَّا فلا حاجة بنا (a) إلى فَرَسِكَ.

وسَارَ الحُسَينُ عليه السلام من قَصْر بني مُقَاتِلٍ، ومعه الحُرّ بن يَزِيد، كُلّما أرادَ أنْ يَمِيْلَ نحو البَادِيَةِ مَنَعَهُ، حتَّى انْتَهَى إلى المكان الّذي يُسَمَّى كَرْبَلَاء، فمال قَليلًا مُتَيامنًا حتَّى انْتَهَى إلى نِيْنَوَى، فإذا هو براكبٍ على نَجيْبٍ، مُقْبِل من القَوْم، فوقَفُوا جمِيعًا يَنْظرُونَهُ (b)، فلمَّا انْتَهَى إليهم سَلَّم على الحُرِّ، ولم يُسَلِّم على الحُسَين، ثمّ ناوَل الحُرّ كتابًا من عُبَيْدِ الله بن زِيَادٍ، فقَرَأهُ، فإذا فيه: أمَّا بَعْدُ، فجَعْجعْ بالحُسَين بن عليّ وأصْحَابهِ بالمكان الّذي يُوَافِيكَ كتابي، ولا تُحِلَّه إلَّا بالعَرَاءِ على غير خَمَرٍ

(1)

ولا ماءٍ، وقد أمرْتُ حَامِل كتابي هذا أنْ يُخْبرني بما يكُون منك في ذلك، والسَّلام.

فقرأ الحُرُّ الكتابَ ثمّ نَاوَلَهُ الحُسَين، وقال: لا بُدَّ من إنْفاذِ أمر الأَمِير عُبَيْد اللهِ بن زِيَاد، فانْزِل بهذا المكانِ، ولا تَجْعل للأمِيْر عليَّ علَّةً، فقال الحُسَين عليه السلام: تقدَّم بنا قَليلًا إلى هذه القَرْيَة الّتي هي منَّا على غَلْوَة وهي الغَاضِرِيَّة أو هذه الأُخرى الّتي تُسَمَّى السَّقْبَة، فنَنْزل في أحدَيْهما، قال الحُرُّ إنَّ الأَمِير كَتَبَ إليَّ أنْ أُحِلَّكَ على غيْرِ ماءٍ، ولا بُدَّ من الانْتِهاءِ إلى أمْره، فقال زُهَيْرُ بن القَيْن للحُسَيْن: بأبي وأُمِّي يا ابن رسُول اللهِ، واللهِ لو لَم يأتنا غير هؤلاء لكان لنا فيهم كِفَايَة، فكيف بمَنْ سَيأتينا [من غيرهم](c)؟ فهَلُمَّ بنا نُنَاجِز هؤلاء، فإنَّ [قِتَال](d) هؤلاء أيْسَر علينا من قِتَال منْ يأتينا من غيرهم، قال الحُسَين عليه السلام: فإنِّي

(a) الدينوري: لنا.

(b) الدينوري: ينتظرونه.

(c) إضافة من الأخبار الطوال.

(d) إضافة من الأخبار الطوال.

_________

(1)

الخَمَر: بالتحريك، المكان الكثيف الشجر، وكل ما سترك من بناء أو شجر هو خَمَر. لسان العرب، مادة: خمر.

ص: 167

أكْرَهُ أنْ أبدَأهم بقِتَالٍ حتَّى يبدَأوا، فقال له زُهَيْرٌ: فهَا هُنا قَرْيَةٌ بالقُربِ منَّا على شَطِّ الفُرَاتِ، وهي في عَاقُولٍ حَصِيْنَة، الفُرَات يُحْدق (a) بها إلِّا من وَجْهٍ واحدٍ، قال الحُسَين: وما اسْمُ تلك القَرْيَة؟ قال: العَقْر، قال الحُسَين: نعُوذُ باللهِ من العَقْرِ! فقال الحُسَين للحُرِّ: سِرْ بنا قَليلًا، ثمّ نَنْزل، فسَارَ معه حتَّى أتوا كَرْبَلَاء، فوَقَف الحُرُّ وأصْحَابُهُ أمام الحُسَين ومَنَعُوهم من المَسِيْر، وقال: انْزل بهذا المكان، فالفُرَات منك قريبٌ، قال الحُسَين: وما اسْمُ هذا المكان؟ قيل له (b): كَرْبَلَاء، قال: ذَات كَرْبٍ وبَلَاءٍ، ولقد مَرَّ أبي (c) بهذا المكان عند مَسيْره إلى صِفِّيْن، وأنا معَهُ، فوَقَفَ، فسَألَ عنهُ، فأُخْبِرَ باسْمه، فقال: هَا هُنا مَحَطَّ رِكَابهم، وهَا هُنا مُهرَاق دِمَائهم، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: ثَقَلٌ لآلِ مُحَمَّد، ينْزلُون هَا هُنا، ثمّ أمَرَ الحُسَين بأثْقَالِه، فحُطَّتْ بذلك المكان يَوْم الأرْبَعَاءِ غُرَّة المُحَرَّم من سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وقُتِلَ بعد ذلك بعَشرة أيَّام، وكان قَتْلهُ يَوْمَ عَاشُوْراء.

فلمَّا كان اليَوْمُ الثَّاني من نُزُولهِ كَرْبَلَاء وَافاهُ عُمَر بن سَعْد في أرْبَعةِ آلاف فارس.

وكانت قِصَّة خُرُوج عُمَر بن سَعْدٍ أنَّ عُبَيْد الله بن زِيَادٍ وَلَّاهُ الرَّيّ وثَغْر دَسْتَبَى (d) والدَّيلم، وكَتَبَ لا عَهْدَهُ (e) عليها، فعَسْكَر للمَسِيْر إليها، فحدَثَ أمرُ الحُسَين، فأمَرَه (f) ابن زِيَادٍ أنْ يَسِيْر إلى مُحَارَبةِ الحُسَين، فإذا فَرَغَ منه سار إلى وَلايَتهِ، فتلكَّأ عُمَرُ بن سَعْد على ابن زِيَاد، وكَرِه مُحَارَبة الحُسَين، فقال له ابنُ زِيَادٍ: فارْدُد علينا عَهْدَنا، قال: فأسيرُ إذًا، فسَار في أصْحَابهِ أولئك الّذي نُدبوا معه إلى الرَّيّ ودَسْتَبَى (g)، حتَّى وَافَى الحُسَين، وانْضَمَّ إليه الحُرُّ بن يَزِيد فيمَن معَهُ، ثمّ قال

(a) الأصل: تحذف.

(b) الدينوري: قالوا له.

(c) الأصل: بي.

(d) في الأصل: دبستي، وتأتي فيما بعد بالنون عوض التاء، وصوابه المثبت من كتاب الدينوري، وهي كورة كبيرة بين الري وهمذان. انظر: تاريخ الطبري 4: 147 - 150، قدامة: كتاب الخراج 375، ياقوت: مجم البلدان 2: 454.

(e) الدينوري: عهدًا.

(f) الأصل: فأمر، والمثبت من كتاب الدينوري.

(g) الأصل: دسنى.

ص: 168

عُمَر بن سَعْدٍ لقُرَّة بن سُفْيان الحنظَلِيّ: انْطَقِ إلى الحُسَين، فسَلْهُ: ما أقْدَمَكَ؟ فأتَاهُ فأبلَغَهُ، فقال الحُسَين: أبْلِغْهُ عنِّي أنَّ أهْل المِصْر كَتَبُوا إليّ يَذْكُرُون ألَّا إمام لهم، ويَسْألوِني القُدوْمَ عليهم، فوثقتُ بهم، فغَدَرُوا بي، بعد أنْ بايَعني منهم ثَمانية عَشر ألف رَجُل، فلمَّا دَنَوتُ، فعَلِمْتُ غُرور ما كَتبُوا بهِ إليَّ، أرْدْتُ الانْصِرَاف إلى حيثُ منه أقْبَلت، فمَنَعني الحُرُّ بن يَزيد، وسَارَ حتَّى جَعْجَع بي في هذا المكان، ولي بكَ قَرَابَةٌ قَريْبةٌ، ورَحِمٌ مَاسَّةٌ، فأطْلِقْني حتَّى أَنْصَرف، فرجع قُرَّة إلى عُمَر بن سَعْد بجواب الحُسَين بن عليّ، فقال عُمَرُ: الحَمْدُ للهِ، واللهِ إنِّي لأرْجُو أنْ أعْفَى من مُحَارَبة الحُسَين، ثمّ كَتَبَ إلى ابن زِيَاد بخَابَره (a) ذلك.

فلمَّا وَصَلَ كتابه إلى ابن زِيَادٍ، كَتَبَ إليه في جَوَابهِ: قد فَهِمْتُ كتابك، فاعْرض على الحُسَين البَيْعَة ليَزِيْد، فإذا بَايَع في جميع منْ معَهُ، فأعْلِمني ذلك ليَأتيكَ رَأيي، فلمَّا أنْتَهى كتابه إلى عُمَر بن سعْد، قال: ما أحْسَبُ ابن زِيَاد يُرِيدُ العَافيَة، فأرْسَل عُمَر بن سَعْدٍ بكتاب ابن زِيَادٍ إلى الحُسَين، فقال الحُسَين للرَّسُول: لا أُجِيْبُ ابن زِيَادٍ إلى ذلك أبدًا، فهَلْ هو إلَّا المَوْت، فمَرْحَبًا به! فكَتَبَ عُمَر بن سَعْد إلى ابن زِيَادٍ بذلك، فغَضِب، فخرج بجميع أصْحَابه إلى النخَيْلَة.

ثُمَّ وَجَّه الحُصَيْن بن نُمير، وحَجَّار بن أَبْجَر، وشَبَثَ بن رِبْعِيّ، وشَمِر بن ذي جَوْشَن، ليُعَاونُوا عُمَر بن سَعْدٍ على أمْره، فأمَّا شَمِر فنَفَذَ لِمَا وَجَّهه له، وأمَّا شَبَث فَاعْتَلَّ بمَرَضٍ، فقال له ابنُ زياد: أتَتَمَارَض؟ إنْ كُنْتَ في طَاعتنا فاخْرُج إلى قِتَال عَدُوِّنا، فلمَّا سَمِعَ شَبَث ذلك خرج، ومعه أيْضًا لحَارِث بن يَزِيد بن رُويْم، قالوا: وكان ابن زِيَاد إذا وَجَّه الرَّجُل إلى قِتَال الحُسَين في الجَمْع الكَثِيْر، يصلونَ إلى كَرْبَلَاء، ولم يَبْقَ منهم إلَّا القليل، كانُوا يَكْرهُون قِتَال الحُسَين، فيَرُوغُونَ (b)

(a) مهملة الأول في الأصل، وفي كتاب الدينوري: يخبره بذلك.

(b) الدينوري: فيرتدعون.

ص: 169

ويتَخَلَّفونَ، فبعثَ ابنُ زِيَادٍ سُوَيْدَ بن عبد الرَّحْمن المِنْقَريّ في خَيْلٍ إلى الكُوفَة، وأمَرَهُ أنْ يَطُوف بها، فمَن وَجَدَهُ قد تخَلَّفَ أتاهُ بهِ، فبينا هو يَطُوف في أحْيَاءِ الكُوفَة إذ وَجَد رَجُلًا من أهْلِ الشَّام قد كان قَدِمَ الكُوفَة في طَلَب مِيْرَاثٍ له، فأرْسَل به إلى ابن زِيَادٍ فأمَرَ بهِ، فضُرِبت عُنُقهُ، فلمَّا رَأى النَّاس ذلك خَرَجُوا.

قالوا: ووَرَدَ كتاب ابن زِيَاد على عُمَر بن سَعْد، أنْ امْنعَ الحُسَين وأصْحَابَهُ الماء، فلا يَذُوقُوا منه حُسْوَة كما فَعَلُوا بالتَّقِيّ عُثْمان بن عَفَّان، فلمَّا وَرَدَ على عُمَر بن سَعْد ذلك، أمَرَ عَمْرو بن الحَجَّاج أنْ يسَيْر في خَمْسمائة رَاكِب، فيَنِيْخ على الشَّريْعَة، ويَحُولُوا بين الحُسَين وأصْحَابهِ وبين الماء، وذلك قبل مَقْتَله بثلاثةِ أيَّامٍ، فمَكُث أصْحَابُ الحُسَين عَطَاشَى.

قالُوا: ولمَّا اشْتَدَّ بالحُسَين وأصْحَابهِ العَطَش، أمَرَ أخاهُ العبَّاس بن عليّ - وكانت أُمُّه من بني عَامِرٍ بن صَعْصَعَة - أنْ يَمْضي في ثلاثين فَارِسًا وعشرين رَاجِلًا، مع كُلِّ رَجُلٍ قِرْبَة حتَّى يأتوا الماء، فيُحَاربُوا مَنْ حَال بينَهُم وبينَهُ.

فمَضَى العبَّاس نحو الماءِ، وأَمَامَهُم نَافِع بن هِلال حتَّى دَنَوا من الشَّريْعَة، فمنعَهُم عمرو بن الحَجَّاج، فجالدَهُم العبَّاس على الشَّريْعَة بمَنْ معه حتَّى أزَالوهُم عنها، واقْتَحم رجَّالة الحُسَين الماءَ، فمَلَأوا قِرَبَهُم، ووَقَف العبَّاسُ في أصْحَابهِ يَذبُّون عنهم حتَّى أوْصَلُوا الماء إلى عَسْكَر الحُسَين.

ثُمَّ إنَّ ابن زِيَاد كتَبَ إلى عُمَر بن سَعْد: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي لَم أبْعثْكَ إلى الحُسَين لتُطَاوله الأيَّام، ولا لتُمَنِّيه السَّلامَةَ والبَقَاءَ، ولا لتَكُون شَفِيْعَهُ إليَّ، فاعْرض عليه وعلى أصْحَابه النُّزُول علي حُكْمِي، فإنْ أجابُوك فابْعَث به وبأصْحَابه إليَّ، وإنْ أبَوا فازْحَف إليه، فإنَّهُ عاقٌّ شَاقٌّ، فإنْ لَم تَفْعَل فاعْتَزل جُنْدَنا، وخَلِّ بين شَمِر بن ذي الجَوْشَن وبين العَسْكَرِ، فإنَّا قد أمَرناهُ بأمْرنا، فنَادَى عُمَر بن سَعْد في أصْحَابه

ص: 170

أنْ انْهَدُوا إلى القَوْمِ، فنَهَضَ إليهم عَشِيَّة الخَمِيْس وليلة الجُمُعَة لتسْعِ ليالٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم، فسَألَهُم الحُسَين تأخير الحَرْب إلى غَدٍ، فأجابُوهُ.

قالوا: وأمَرَ الحسُينُ أصْحَابه أنْ يضمُّوا مَضَاربهم بعضهم منِ بعضٍ، ويكُونوا أمام البُيُوت، وأنْ يَحْفروا من وراءَ البُيُوت أُخْدُودًا، وأنْ يضْرمُوا فيه حَطَبًا وقَصَبًا كَثيرًا، لئلا يُؤتوا من أدْبار البُيُوتِ، فيَدْخلُوها.

قالوا: ولمَّا صَلَّى عُمَر بن سَعْدٍ الغَدَاة، نَهَدَ بأصْحَابهِ وعلى مَيْمَنَته عَمْرو بن الحَجَّاج، وعلى مَيْسَرَته شَمِر بن ذي الجَوْشَن - واسْم شَمِر شُرَحْبِيل بن عَمْرو بن مُعاوِيَة، من آل الوَحِيْدِ، من بني عَامِر بن صَعْصَعَة - وعلى الخَيْلِ عَزْرَة (a) بن قَيْسٍ، وعلى الرَّجَّالَةِ شَبَثُ بن رِبْعِيّ، والرَّايَة بيدِ زَيْد مَوْلَى (b) عُمَر بن سَعْد.

وعبَّأ الحُسَينُ عليه السلام أيْضًا أصْحَابَهُ، وكانوا اثْنَين وثَلاثين فَارِسًا وأرْبَعين رَاجِلًا، فجعَل زُهَيْر بن القَيْن على مَيْمَنَته، وحَبِيْب بن مُظْهر (c) على مَيْسَرَته، ودَفَع الرِّايَةَ إلى أخيهِ العبَّاس بن عليّ، ثمّ وَقَف، ووَقَفُوا معه أمام البُيُوت، وانْحاز الحُرّ بن يَزِيد - الّذي كان جَعجَع بالحُسَين - إلى الحُسَين، فقال له: قد كان منِّي الّذي كان، وقد أتيتُكَ مُوَاسِيًا لك بنَفْسِي، أفترَى ذلك لي تَوْبَة ممَّا كان منِّي؟ قال الحُسَين: نَعَم، إنَّها لك تَوْبَة، فأَبْشِر، فأنْتَ الحر في الدُّنْيا، وأنت الحُرّ في الآخرة، إنْ شَاءَ اللهُ.

قالوا: ونَادَى عُمَر بن سَعيد مَوْلاه زَيْدًا أنْ قدِّم الرَّايَة، فتقدَّم بها، وشَبَّتِ الحَرْبُ، فلَم يزل أصْحَابُ الحُسَين يُقَاتلُونَ ويُقتَلُون، حتَّى لَم يَبْقَ معه غير أهْل بَيْتهِ، فكان أوَّل مَنْ تقدَّم منهم فقَاتَل عليُّ بن الحُسَين، وهو عليٌّ الأكْبَر، فلَم يَزَل

(a) في الأصل: عروة، والمثبت من كتاب الدينوري، وتاريخ الطبري 5:456.

(b) مكررة في الأصل.

(c) في الأصل: مطهر، وعند الطبري 5: 439 - 440: مُظاهر.

ص: 171

يُقاتِل حتَّى قُتِلَ؛ طَعَنَهُ مُرَّة بن مُنْقِذ العَبْدِيّ، فصَرَعَهُ، وأخَذَته السُّيُوف فقُتِلَ، ثمّ قُتِلَ عَبْد الله بن مُسْلِم بن عَقِيل؛ رَمَاهُ عَمْرو بن صَبَح (a) الصَّيْدَاوِيّ، فصَرَعَهُ، ثمّ قُتِلَ عَدِيّ بن عَبْد الله بن جَعْفَر الطَّيَّار؛ قَتَلَهُ عَمْرو بن نَهْشَل التَّمِيْمِيّ، ثمّ قُتِلَ عبد الرَّحْمن بن عَقِيل بن أبى طَالِب، رَمَاهُ عَبْد الله بن عُرْوَة الخَثْعَمِيّ (b) بسَهْمٍ فقَتَلَهُ، ثمّ قُتِلَ مُحَمَّد بن عَقِيل بن أبَي طَالِب (c)؛ رَمَاهُ لَقِيْط بن نَاشِرٍ الجُهَنِيّ (b) بسَهْمٍ، فقَتَلَهُ، ثمّ قُتِلَ القَاسِم بنُ الحَسَن بن عليَّ بن أبي طَالِب؛ ضَرَبَهُ عَمْرو بن سَعْد بن مُقْبِلٍ الأسْدِيُّ (d)، ثُمَّ قُتِلَ أبو بَكْر بن الحَسَن بن عليّ؛ رَماهُ عَبْدُ الله بن عُقْبَة الغَنَويّ بسَهْمٍ فقَتَلَهُ

(1)

.

قالوا: ولمَّا رأى ذلك العبَّاسُ بن عليّ قال لإخوَته: عَبْدِ الله، وجَعْفَر، وعُثْمان، بني عليّ، عليه وعليهم السَّلام، وأُمُّهم جَمِيعًا أُمّ البَنِيْن العَامِرِيَّة من آل الوَحِيْد: تقدَّمُوا، بنَفْسِي أنتُم، فحامُوا عن سَيِّدِكم حتَّى تَمُوتُوا دونَهُ، فتقدَّموا جَمِيعًا، فصَاروا أمام الحُسَين عليه السلام، يَقُونَهُ بوُجُوهِهِم ونُحُورهم، فحَمَل هَانئُ بن ثُوَيْبٍ الحَضْرَميِّ على عَبْدِ الله بن عليّ، فقَتَلَهُ، ثمّ حَمَلَ على أخيهِ جَعْفَر بن عليّ، فقَتَلَهُ أيْضًا، ورمَىَ يَزِيدُ الأصْبَحِيّ عُثْمانَ بن عليّ بسهْمٍ، فقَتَلَهُ، ثمّ خرَج إليه، فاحْتَزَّ رَأسَهُ، فأتَى به (e) عُمَر بن سَعْدٍ، فقال له: أَثِبْني، فقال عُمَر: عليك بأميرك -يعني عُبَيْد اللهِ بن زيادٍ- فسَلْهُ أنْ يُثِيْبَكَ، وبقي العبَّاسُ بن عليّ قائمًا أمامَ الحُسَين يُقاتِل دونَهُ، ويَمِيْل معه حيثُ مالَ، حتَّى قُتِلَ، رَحْمَةُ الله عليه.

(a) الضبط بفتحتين من كتاب الدينوري. وعند الطبري 5: 469: عمرو بن صُبَيح الصُّدائي، وقيل: قتله أسيد بن مالك الحضرمي.

(b) في تاريخ الطبري 5: 469: قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني.

(c) الطبري: مُحَمَّد بن أبي سعيد بن عقيل، وأن الذي قتله: لقيط بن ياسر الجهني.

(d) الطبري: قتله سعد ابن عمرو بن نُفيل الأزدي.

(e) ساقطة من نشرة كتاب الدينوري.

_________

(1)

قارن برواية مخنف عند الطبري 5: 468 - 469، وفيها أسماء آخرين ممن قتلوا ذلك اليوم.

ص: 172

وبقي الحُسَين عليه السلام وَحْدَهُ، فحَمَل عليه مَالِكُ بن بِشْرٍ الكِنْدِيّ، فضَرَبَهُ بالسَّيْف على رأسِهِ، وعليه بُرْنُس خَزٍّ، فقطعَهُ، وأفْضَى السَّيْفُ إلى رَأَسهِ، فجَرَحَهُ، فألْقَى الحُسَين البُرْنُسَ، ودَعَا بقَلَنْسُوَةٍ، فلبِسَها، ثمّ اعْتَمَّ بعِمَامَةٍ، وجَلَسَ فدَعا بصَبيّ له صَغير، فأجْلَسَهُ في حجْره، فرَمَاهُ رَجُلٌ من بَني أسدٍ، وهو في حَجْر الحُسَين بمِشْقَصٍ، فقَتَلَهُ، وبَقي الحُسَين عليه السلام مليًّا جالِسًا، ولو شَاؤُوا أنْ يَقْتلُوه قَتَلُوه، غير أنَّ كُلّ قَبِيلَةٍ كانت تَتَّكِل على غيرها، وتَكْرَهُ الإقْدَام على قَتْلِهِ، وعَطشَ الحُسَين، فدَعَا بقَدَحٍ من ماءٍ، فلمَّا وضَعهُ في فيهِ رَمَاهُ الحُصَيْن بن نُمَيْر بسَهْمٍ، فدَخَل فمَهُ، وحال بينَهُ وبين شُرْب الماءِ، فوَضَع القَدَح من يَده.

ولمَّا رَأى القَوْمَ قد أحْجَمُوا عنه، قام يتَمَشَّى على المُسَنَّاةِ نحو الفُرَاتِ، فحَالُوا بينه وبين الماء، فانْصَرف إلى مَوضِعِهِ الّذي كان فيه، فأسْرَع (a) له رَجُل من القَوْم بسَهْمٍ، فأثْبَته في عَاتقهِ، فنَزَع عليه السلام السَّهْمَ، وضَرَبَهُ زُرْعَةُ بن شَرِيك التَّمِيْمِيّ بالسَّيْف، واتَّقاهُ الحُسَينُ بيَدهِ، فأسْرَع السَّيْفُ في يده، وحَمَل عليه سِنَانُ بن أَوْس النَّخَعِيّ، فطَعَنَهُ، فسَقَطَ، ونَزَل إليه خَوْلِيّ (b) بن يَزِيد الأَصْبَحِيّ ليَحُزَّ رأسَهُ، فأرْعِدَت يداهُ، فنَزَل أخوه شِبْلُ بن يَزِيد، فاحْتَزَّ رَأسَهُ، فدَفَعَهُ إلى أخيهِ خَوْلِيّ (c)، ثمّ مالَ النَّاسُ على ذلك الوَرْس الّذي كان أخَذَهُ من العِيْر، وإلى ما في المَضَارِب، فانْتَهَبُوه.

يَعْني بذلك أنَّ الحُسَين عليه السلام لمَّا فصَل من مَكَّة سائرًا، ووَصَل إلى التَّنْعِيِم، لَحِقَ عِيْرًا مُقْبِلةً من اليَمَن عليها وَرْسٌ وحِنَّاء يُنْطَلَق بهِ إلى يَزِيد بن مُعاوِيَة، فأخَذَها وما عليها.

(a) الدينوري: فانتزع.

(b) في الأصل بالحاء: حولي، ومثله في كتاب الدينوري، وصوابه بالمعجمة كما في نسب قريش لمصعب الزبيري 40 وتاريخ الطبري 5: 449 - 468، والوافي بالوفيات 13: 435، ويأتي في تقييد ابن العديم فيما بعد (آخر الترجمة) بالخاء المعجمة.

(c) الأصل والدينوري: حولي.

ص: 173

عُدْنا إلى الحَدِيْث، قالُوا: ولَم يَنْجُ من أصْحَاب الحُسَين ووَلدِهِ وولدِ أخيهِ إلَّا ابْناهُ: عليٌّ الأصْغَر، وكان قد رَاهَقَ، وإلَّا عُمَر، وكان قد بَلَغَ أرْبَع سنين.

ولم يَسْلَم من أصْحَابه إلَّا رَجُلان؛ أحدُهما المُرَقَّع بن ثُمَامَة الأسَدِيّ؛ بَعَثَ به عُمَر بن سَعْد إلى ابن زِيَادٍ فسَيَّرَهُ إلى الرَّبَذَة، فلَم يَزَل بها حتَّى هَلَك يَزِيد، وهَرَبَ عُبَيدُ الله إلى الشَّامِ، فانْصَرَف المُرَقعَّ إلى الكُوفَة، والآخر مَوْلَى الرَّبَاب، أُمّ سُكَيْنَة؛ أخَذُوه بعدَ قَتْل الحُسَين، فأرادوا ضَرْبَ عُنُقه، فقال لهم: إنِّي عَبْدٌ مَمْلُوك، فخَلَّوا سَبِيلَهُ.

وبَعَثَ عُمَر بن سَعْدٍ برَأس الحُسَين من سَاعته إلى عُبَيْدِ الله بن زِيَاد مع خَوْلِىّ (a) بن يَزِيد الأَصْبَحِيّ.

وأقام عُمَر بن سَعْد بكَرْبَلَاء بعد مَقْتَل الحُسَين يَوْمَيْن، ثُمَّ أذَّنَ في النَّاسِ بالرَّحِيْل، وحُمِلَت الرُّؤُوس على أطْرَاف الرِّمَاح، وكانت اثنَيْن وسَبْعِين رَأسًا، جاءت هَوَازِنُ منها باثنَيْن وعشرين رَأسًا (b)، وجاءت تَمِيْم بأرْبَعة عَشر رَأسًا (c) مع الحُصَيْن بن نُمَيْر، وجاءت كِنْدَةُ بثَلاثة عَشر رَأسًا مع قَيْس بن الأشْعَث، وجاءت بَنو أَسدٍ بستَّة رُؤوسٍ مع هِلَالٍ الأعْوَر، وجاءت الأَزْدُ بخَمْسة رُؤوسٍ مع عَيْهَمَة بن زُهَيْر، وجاءت ثَقِيفٌ باثْنَى عَشر رَأسًا مع الوَلِيد بن عَمْرو

(1)

.

وأمَرَ عُمَرُ بن سَعْد بحَمْل نسَاءِ الحُسَين وأخواته وبَنَاته وجَوَارِيهِ وحَشَمه في المَحَامِل المَسْتُورة على الإبل، وكانت بين وَفَاةِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم وبين قَتْل الحُسَين خَمْسُون عامًا.

(a) الأصل والدينوري: حولي.

(b) الطبري 5: 468: عشرين رأسًا.

(c) الطبري: سبعة عشر رأسًا.

_________

(1)

قارن بتاريخ الطبري 5: 467 - 468.

ص: 174

قالوا: ولمَّا أُدْخِل رأس الحُسَين عليه السلام على ابن زِيَادٍ فوُضِعَ بينَ يَدَيْهِ، جَعَلَ ابن زِيَادٍ يَنْكُتُ بالخَيْزُرَانة ثَنايا الحُسَين، وعنده زَيْد بن أرْقَم، صَاحِبُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال له: مَهْ! ارْفَع قَضِيْبك عن هذه الثَّنَايا، فلقد رأيتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْثِمُها، ثمّ خَنَقتْهُ العَبْرَة، فبَكَى، فقال له ابن زيادٍ: مِمَّ تَبْكى؟ أبْكَى الله عَيْنيكَ، واللهِ لولا أنَّك شَيْخٌ قد خَرِفْتَ لضَرَبْتُ عُنُقكَ.

قالوا: وكانت الرُّؤُوس قد تقدَّم بها شَمِر بن ذي الجَوْشَن أمام عُمَر بن سَعْد.

قالوا: واجْتَمَعَ أهْلُ الغَاضِرِيَّةِ فدَفَنُوا أجْسَاد القَوْم.

ورُوي عن حُمَيْد بن مُسْلِم، قال: كان عُمَر بن سَعْد لي صَدِيْقًا، فأتَيْتُه عند مُنْصَرَفهِ من قِتَال الحُسَين، فسَألتُهُ عن حَالهِ، فقال: لا تَسْأل عن حالي، فإنَّهُ ما رجَع غائبٌ إلى مَنْزِله بشَرّ ممَّا رَجَعْتُ بهِ، قَطَعْتُ القَرَابَة القَرِيْبَة، وارْتَكبتُ الأمْر العَظِيم.

قالوا: ثمّ إنَّ ابن زِيَادٍ جَهَّز عليّ بن الحُسَين ومَنْ كان معه من الحُرَم، [و] وجَّه (a) بهم إلى يَزِيد بن مُعاوِيَة مع زَحْر بن قَيْسٍ، ومِحْقَن بن ثَعْلَبَة، وشَمِر بن ذي الجَوْشَن، فسَارُوا حتَّى قَدِمُوا الشَّام، ودَخَلُوا على يَزِيد بن مُعاوِيَة بمَدِينَة دِمَشْقَ، وأُدْخِل معهم رأس الحُسَين، فرُمي بهِ بينَ يَدَيْهِ، ثمّ تكلَّم شَمِر بن ذي الجَوْشَن، فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وَرَدَ علينا هذا في ثَمانية عَشر رَجُلًا من أهْلِ بَيْته، وسِتِّين رَجُلًا من شِيْعَتهِ، فسِرْنا إليهم، فسَألناهُم النُّزُول على حُكْم أميْرنا عُبَيْدِ الله بن زِيَاد أو القِتَال، فغَدَوْنا عليهم عند شُرُوقِ الشَّمْس، فأحَطْنا بهم من كُلِّ جانبٍ، فلمَّا أخَذَت السُّيُوف منهم مأخَذَها، جَعَلُوا يَلُوذُون إلى غير وَزَر،

(a) الإضافة من الدينوري.

ص: 175

لَوَذَان الحَمَام من الصُّقُور، فما كان إلَّا مِقْدَار جَزْر جَزُور، أو نَوْم قَائِلِ حتَّى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجْسَادهُم مُجَرَّدة، وثِيَابهم مُرَمَّلة، وخُدُودهم مُعَفَرَّة، تَسْفِي عليهم الرِّيَاح، زُوَّارُهُم العِقْبان، ووفُودهم الرَّخَمُ.

فلمَّا سَمِعَ ذلك يَزِيدُ دَمعَتْ عَيْنُه، وقال: وَيْحَكُم، قد كُنْتُ أرْضَى من طَاعَتكم بدُون قَتْلِ الحُسَين، لَعَنَ اللهُ ابن مَرْجَانَة (a)، أمَا والله لو كُنْت صَاحِبَهُ لعَفَوت عنه، رَحِمَ اللهُ أبا عَبْد الله، ثمّ تَمَثَّلَ

(1)

: [من الطويل]

نَفِلق هَامًا من رجَالٍ أَعِزَّةٍ

علينا، وهم كانُوا أعَقَّ وأظْلَمَا

ثُمَّ أمَرَ بالذُّرِّيَّة فأُدْخِلُوا دارَ نِسَائهِ.

وكان يَزِيد إذا حَضَر غَدَاؤه دعا عليّ بن الحُسَين وأخَاهُ عُمَر فيَأكُلان معه.

قال: ثمّ أمَرَ بتَجْهيزهم بأحْسَن جهَازٍ، وقال لعليّ بن الحُسَين: انْطَلِق مع نسَائك حتَّى تُبْلغهنَّ وَطَنهُنَّ، ووجَّه معه رَجُلًا في ثلاثين فَارِسًا يَسِيْر أمامهُم، ويَنْزل حُجْزَةً (b) عنهم، حتَّى انْتَهَى بهم إلى المَدِينَة

(2)

.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بنُ خَلَف بن رَاجِح المَقْدِسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن زِيَادٍ القَطَّان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الكَريم بن الهَيْثم، قال: حَدَّثنا سُليْمانُ بن حَرْب، قال: حَدَّثنا حَمَّادُ بن يَزِيد، عن هِشَام، عن مُحَمَّد،

(a) الدينوري: مرجان، وفي فتوح ابن أعثم 5: 238: قبح الله ابن مرجانة، وفي العبر لابن خلدون 5: 67: ابن سمية.

(b) الدينوري: حَجْرَةً.

_________

(1)

البيت المتمثل به للحصين بن الحمام المري، فتوح ابن الأعثم 5: 239، نسب قريش للزبيري 128، المفضليات للضبي 65، المقفى الكبير 3:600.

(2)

إلى هنا ينتهي ما نقله من كتاب الأخبار الطوال للدينوري.

ص: 176

عن أنَسٍ، قال: شَهِدتُ عُبَيْد الله بن زِيَاد حيثُ أُتِى برَأسِ الحُسَين عليه السلام، قال: فجَعَل يَنْكُت بقَضِيْبٍ في يده، قال: فقُلتُ: أَمَا إنَّهُ كان أشْبَهَهُم بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرجَّا بن أبي الحَسَن التَّاجر الوَاسِطِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا العَدْلُ أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أَبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحّمد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُثْمان بن سَمْعَان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أسْلَم بن سَهْل بَحْشَل

(1)

، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بن شُمَيْل، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بنُ حَسَّان، قال: حَدَّثَتني حَفْصَةُ بنتُ سِيْرِيْن قالت: حَدَّثَني أنَسُ بن مَالِك، قال: كُنْتُ عند عُبَيْدِ الله بن زِيَاد، إذ جيء برَأسِ الحُسَين بن عليّ رِضْوَانُ الله عليه، فوَضَعَه بينَ يَدَيْهِ، فجَعَل يقُول (a) بقَضِيْبهِ في أنْفه ويقُول: ما رَأيْتُ مثل هذا حُسْنًا، فقُلتُ: إنَّهُ كان أشْبَهَهُم برسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَم بن الشَّهْرَزُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو الفَارسِيُّ، قال: أخْبَرنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عُثْمان بن أبي سُوَيْد، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن عليّ بن زَيْد، عن أنَسِ بن مَالِك، قال: شَهِدتُ رَأس الحُسَين بن عليّ حين جيء به إلى عُبَيْدِ الله بن زِيَاد، فجعل يَنْكُتُ (b) ثَنَاياه بقَضِيْبٍ، ويقُول: إنَّهُ كان

(a) كذا في الأصل، ومثله في كتاب بحشل، وفي الرواية بعدة: ينكت.

(b) ابن عدي: ينكث.

_________

(1)

تاريخ واسط 220.

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 5: 1842.

ص: 177

لحَسَن الثَّغْرِ! قال: قُلتُ: واللهِ لأسُوءَنك؛ لقد رَأيْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل مَوضِعَ قَضِيْبكَ من فيْهِ.

أنْبَأنا عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ الحافِظ، عن أبي القَاسِم خَلَف بن عَبْد المَلِك بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرنا أبو مُحمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْرَان بن أبي تَلِيْد، إجازَةً، قالا: أخبرنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخبَرَنا سَعِيْد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَهْرُون الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة الحَدَّادُ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن أبي الحَسَن النَّبَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو العَاليَة البَدَّاءُ، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ، أرْسَل عُبَيْدُ الله بن زِيَادٍ إلى أبي بَرْزَة، فقال: كيفَ تَرَى شَأني وشَأن حُسَين يَوْم القِيامَة؟ قال: وما عِلمْي بما يَصْنَعُ الله يَوْم القِيامَةَ؟ فقال: لك الأمَانُ أنْ لا أضيْركَ، ولكن أخْبرني برَأيكَ، فقال: أمَّا إذ سَألتَني عن رَأيي فإنَّ رَأيي أنْ يَشْفَعَ لحُسَين رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويَشْفَع لك زيَاد، فقال: أُخْرج أُخْرُج! فلمَّا بلَغَ باب الدَّار، قال: ردُّوه، فقال: لئن لَم تَغْدُ إليَّ وتَرُوح ضَرَبْتُ عُنُقكَ.

أبو بَرْزَة هذا هو: نَضْلَةُ بن عُبَيْد الأَسْلَميّ، من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدٍ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد، عن عُثْمان بن مِقْسَم، عن المَقْبُريّ، عن عائِشَة، قالت (a): بينا رسُول الله صلى الله عليه وسلم راقدٌ (b)، إذ جاء الحُسَين يَحْبُو إليه، فنَحَّيْتُه

(a) الأصل: قال.

(b) الأصل: راقدًا، والمثبت كما هو عند ابن سعد وابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 195.

(2)

الطبقات الكبرى 6: 418.

ص: 178

عنه، ثمّ قُمْتُ لبعض أمْري، فدَنا منه، فاسْتَيقظ يَبْكي، فقُلتُ: ما يُبْكِيْك؟ قال: إنَّ جِبْرِيل أراني التُّرْبَةَ الّتي يُقْتَل عليها الحُسَين، فاشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ على مَنْ يَسْفكُ دَمَهُ، وبَسَط يده فإذا فيها قَبْضَةٌ من بَطْحاء، فقال: يا عائِشَةُ، والّذي نَفْسِي بيده إنَّهُ ليُحْزُنُني، فمَنْ هذا من أُمَّتِي يَقْتُل حُسَيْنًا بعدي؟!

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد

(1)

، قراءةً منِّي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شَدَّاد المِسْمَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حدَّثنا عَبْدُ الله بن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن أَبِيهِ، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، قال: أوْحَى الله تعالَى إلى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: إنِّي قد قَتَلْتُ بيَحْيَى بن زَكَرِيَّاء سَبْعِين ألفًا، وإنِّي قَاتِل بابن ابنتكَ سَبْعِين ألفًا وسَبْعِينَ ألفًا.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن هِبَةِ الله الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الخَلَّالُ (a)، قال: أخْبَرَنا سَعيدُ بن أحْمَد العَيَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الشَّيْبَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن الحُسَين بن عليّ بن مَالِك الشَّيْبَانِيّ القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَسَن الخَزَّاز (b)، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا حُصَيْن بن مُخَارِق، عن دَاوُد بن أبي هِنْد، عن ابن سِيْرِيْن، قال: لَم تَبْكِ السَّماءُ على أحدٍ بعد يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء إلَّا على الحُسَين بن عليّ.

أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مَسْعُود بن شَدَّاد المَوْصِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن أحْمَد بن القَاصِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن نَبْهان، قال: أخْبَرَنا أبو

(a) الأصل: الحلال، والمثبت من ابن عساكر.

(b) الأصل: الحزار، والمثبت من ابن عساكر.

_________

(1)

تقدم لابن العديم إيراد هذه الرواية بإسنادها المذكور في هذه الترجمة.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)159.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 225.

ص: 179

عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن زِيَاد القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّان بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيد، عن عَمَّار بن أبي عَمَّار، عن ابن عبَّاسٍ، قال

(1)

: رأيْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم في المَنَام، وأنا قَائِلٌ بنصف النَّهَار على سَريري، أشْعَثَ أغْبَر، ومعه قَارُورَة، فقُلتُ: ما هذا بأبي أنتَ وأُمِّي؟ قال: هذا دَمُ الحُسَين وأصْحَابُه، الْتَقِطُه فاجْعَلُه في القَارُورَة. قال فحُسِبَ فوَجَدناهُ قُتِلَ في ذلك اليَوْم.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حامِد الأَرْتَاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاء، إجَازَةً لي، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد الله الحَبَّال، وستَ المُوَفَّق خَدِيجَة مَوْلَاة أبي حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن إبْراهيم المُرَابِطَة -قال أبو إسْحاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد بن عُمَر بن الحَسَن الطَّرَسُوسِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار الأنْطَاكِيّ، قِرَاءةً عليه، وقالت خَدِيجَة: قُرئ على أبي القاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار الأنْطَاكِيّ، وأنا شَاهِدَةٌ أسْمَعُ، قال: أخْبَرَني جَدِّي القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين -قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْب، قال: حدَّثَنا الكُزْبَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا غَسَّان بن مَالِك (a)، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد، عن عَمَّار بن أبي عَمَّار، عن ابن عبَّاسٍ

(2)

، قال: رأيْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم في النَّوْم، أشْعَثَ أغْبَرَ، وفي يَده قَارُورَة فيها دَم، فقُلتُ: بأبي أنتَ وأُمِّي، ما هذا؟ قال: هذا دَمُ الحُسَين بن عليّ، لَم أزَل الْتَقطهُ منذُ اليَوْم، فأُحْصي ذلك اليَوْم فوجَدُوه يَوْم قتل الحُسَين رحمه الله.

(a) قوله: "قال حدثنا غسان بن مالك" مكرر في الأصل.

_________

(1)

مسند ابن حنبل 4: 190 (رقم 2553)، المعجم الكبير للطبراني 3: 116 - 117 (رقم 2822).

(2)

مسند ابن حنبل 1: 243، دلائل النبوة للبيهقي 6: 471، والإصابة لابن حجر 2:253.

ص: 180

أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُف بن مَحْمُود بن الحسُين السَّاوِيّ، بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبرنا الإمَامُ أبو طَاهِر أحْمد بن مُحَمَّد بن إبْراهيْم (a) السِّلَفِيّ الأصْبَهانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن البَرَدَانيّ الشَّيْخ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن القَزْوِينيّ العَابد الزَّاهِد إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عُمر بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيَّات، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة مُحَمَّد بن عَبْدَة بن حَرْب القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا إبْراهِم بن الحَجَّاج، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن عَمَّار بن أبي عَمَّار، أنَّ ابن عبَّاسٍ قال

(1)

: رأيْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما يرى النَّائم نصف النَّهَار، أشْعَثَ أغْبَرَ، في يَده قَارُورَة فيها دَمٌ، فقُلتُ: بأبي أنتَ وأُمِّي يا رسُول اللهِ، ما هذا؟ فقال: هذا دَمُ الحُسَين، فلَم أزَلْ الْتَقطهُ منذُ اليَوْم فوجَدُوه قُتِلَ ذلك اليَوْم.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو شُجاعٍ عُمَر بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن إبْراهيم التَّاجر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مَنْصُور بن نَصْر الكَاغَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ البَغْدَاديّ الجَمَّال، قال: حَدَّثَنَا بِشْر بن مُوسَى الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ، عن أُمّ سَالِم؛ خَالةٍ لجَعْفَر بن سُلَيمان، قالت: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ رضي الله عنه، مُطِرْنا مَطَرًا على البُيُوت والحِيْطَانِ كالدَّم، فبَلَغَني أنَّهُ كان بالبَصْرَة والكُوفَة وبالشَّام وبخُرَاسَان حتَّى كُنَّا لا نَشُكّ أنَّهُ سَيَنْزل عَذَاب.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَآمُون، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبَابَة،

(a) كذا نسبه في الأصل إلى جد جدّه، وهو: أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.

_________

(1)

فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 781 (رقم 1389).

ص: 181

قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن سَعْد، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَني أبو يَحْيَى مَهْدِي بن مَيْمُون، قال: سَمِعْتُ مَرْوَان مَوْلَى هِنْد بنت المُهَلَّب، قال: حَدَّثَني بَوَّابُ عُبَيْدِ الله بن زِيَاد أنَّهُ لمَّا جيء برَأسِ الحُسَين، فوُضِعَ بينَ يَدَيْهِ، رأيتُ حِيْطَان دار الأمارة تَسَايل دَمًا.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْدِ الله بن أِبي الحَسَن بن المُقَيِّرِ البَغْدَاديّ النَّجَّار بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن مُحَمَّد إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد اللهِ الحَبَّالُ الحافِظُ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن الحَسَن بن عُمَر النَّاقِد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن أحْمَد بن سُلَيمان المَعْرُوف بالطَّبَريّ الأنْصِنَاوِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ -يعني هَارُون بن عَبْد العَزِيْز بن هاشِم الأنْبَاريّ المَعرُوف بالأوَارِجيّ- قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الجَمَّالُ، قال: قَرَأتُ على أحْمَد بن الفُرَاتِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت، عن مَسْعَدَة، عن جَابِر، عن قُرْط بن عَبْد اللهِ، قال: مُطِرت ذات يَوْم بنصف النَّهَارِ، فأصَاب ثَوْبي فإذا دَمٌ، فذَهَبْتُ بالإِبِل إلى الوَادِي، فإذا دَمُ، فلم تَشْرب، وإذا هو يَوْم قُتِلَ الحُسَين رَحْمَةُ اللهِ عليه.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن المُرْتَضَى العَلَويّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ بن نَظِيْف، قال: أخْبَرنا الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: أخْبرَني أبو عَبْد الله الحُسَينُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن يَحْيَى بن زَيْد بن الحُسَين بن زَيْد بن عليّ بن حُسَيْن، قال: حَدَّثَنَا حَسَن بن حُسَيْن الأنْصَاريّ، عن أبي القَاسِم

(a) في الأصلِ: الأنصاي، ونسبته إلى أنصنا؛ المدينة الأثرية القديمة بصعيد مصر. ياقوت: معجم البلدان 1: 265، وعدَّه ياقوت فيمن ينتسب إليها.

ص: 182

مُؤَذِّن ي مَازِن، عن عُبَيْد المُكْتِب، عن إبْراهيم النَّخَعِيّ، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَينُ، احْمَرَّتِ السَّماءُ من أقْطَارها، ثُمّ لَم تَزَل حتَّى تَقَطرت فقَطَرت دَمًا.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بَرَكاتُ بن إبْراهيم بن طَاهِر الخُشُوعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُشَرَّف بن المُسَلَّم بن مُسْلِم بن حُمَيْد الأنْمَاطِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحُسَين مُحَمَّد بن حَمُّود الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن الفَضْل بن المُهاجِر الرَّبَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا سَلَّام بن سُلَيمان الثَّقَفِيّ، عن زَيْد بن عَمْرو الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَتني (a) أُمّ حِبَّان، قالت (b): يَوْم قُتِلَ الحُسَينِ رَضِىَ اللهُ عنهُ أظْلَمَتْ علينا ثلاثًا، ولَم يَمسّ أحَدٌ من زَعْفَرَانهم شيئًا إلَّا احْتَرق، ولَم يُقْلب حَجَرُ ببَيْت المَقْدِس إلَّا أصْبَح عندَهُ دَمًا عَبِيْطًا

(1)

.

وقال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد، قال: حَدَّثَني عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، قال (c): حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب السِّنْجِيّ، عن عِيسى بن يُونُس، عنِ أبي بَكْرٍ الهُذَلِيّ، عن الزُّهْرِيّ، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَينُ بن عليّ رضي الله عنهما لَم تُرْفَع ببَيْت المَقْدِس حَصَاةُ إلَّا وُجِدَ تحتها دَمُ عَبِيْطُ.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بنُ جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب -يعنِي ابن سُفْيان - قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْدٍ، عن مَعْمَر، قال

(2)

:

(a) في الأصل: حدثني.

(b) في الأصل: قال.

(c) مكررة في الأصل.

_________

(1)

العبيطُ: من الدم واللحم والزعفران هو الطريّ. لسان العرب، مادة عبط.

(2)

انظر البيهقي: دلائل النبوة 6: 471.

ص: 183

أوَّل ما عُرِفَ الزُّهْرِيّ، تكلَّمَّ في مَجْلِسِ الوَلِيدِ في عَبْد المَلِك، فقال الوَلِيد: أيُّكم يَعْلم ما فعَلَتْ أحْجَارُ بَيْت المَقْدِس يَوْم قُتِلَ الحُسَين بن عليّ؟ فقال الزُّهْرِيّ: بَلَغَني أنَّهُ لَم يُقْلَب حَجَر إلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمُ عَبِيْطُ.

وقال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يعقُوب، قال: حَدَّثَنَا مُسْلِم بن إبْراهيم، قال: حدَّثَتْنا أُمّ شَوْق العَبْدِيَّة قالت: حَدَّثَتنيِ نَضْرَة (a) الأزْدِيَّة، قالت: لمَّا أنْ قُتِلَ الحُسَينُ بن عليّ مطَرت السَّماءُ دَمًا، فأصْبَحتُ وكُلّ شيءٍ لنا مَلآنُ دَمًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بنُ الحُسَين الفَرَّاءُ، إجَازَةً لي، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بنُ سَعيد الحَبَّالُ، وستُّ المُوَفَّق خَدِيجَةُ مَوْلَاةُ أبي حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الصِّقِلِّيّ المُرَابِطَة - قال أبو إسْحاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار في أحْمَد بن عُمَر بن الحَسَن المُقْرِئ الطَّرَسُوسِيّ، قراءةً عليه، وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار الأنْطَاكِيّ، قِرَاءةً عليه. وقالت خَدِيجَةُ: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار بن عَبْد اللهَ بن خَيْر الأَذَنِيّ الأنْطَاكِيّ، وأنا شَاهِدَةُ أسْمعُ، قال: أخْبَرَني جَدّي القَاضِي أبو الحَسَن علىّ بن الحُسَين بن بُنْدَار- قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْب بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا الكُزْبَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو رَبِيْعَة فَهْد بن مَحْمُود العَامِرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة، عن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمن، قال: لمَّا خَرَجَت جُيُوش ابن زِيَاد مع عُمَر بن سَعْد إلى الحُسَين بن عليّ عليه السلام، توجَّه الحُسَين يُريد الشَّام، فتَلَقَّته خُيُولهم، فنَزَل عند كَرْبَلَاء،

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من دلائل النبوة للبيهقي 6: 471 وتهذيب الكمال للمزي 6: 433.

ص: 184

فنَاشَدَهُ الله والإسْلَام أنْ سيِّرُونا إلى أَمِير المُؤمنِيْن يَزِيد فأضَعُ يَدِي في يده، فأبَوا عليه إلَّا حُكْمَ ابن زِيَاد.

قال حُصَيْن: فَحَدَّثَني سَعْدُ بن عُبَيْدة السُّلمِيّ، قال: إنِّي لأنْظُر إلى الحُسَين يُكلِّمهم، وإنِّي لأنْظُر إليه وعليه جُبَّةُ من برُود، فلمَّا كلَّمَهُم انْصَرف فرَمَاهُ عُمَيْر الطُّهَاوِيّ (a) بسَهْمٍ، فإنِّي لأنْظُر إِلى السَّهْم بين كتفَيهِ مُتَعلِّقًا في جُبَّتهِ، ورجَع إلى مَصَافّه، وإنَّهم لقَريبٌ من مائةِ رَجُل فيهم لصُلب علىٍّ خَمْسةُ، ومن بني هاشِم ستَّة عَشَر، ومنهم حَلِيْفٌ لهم من بني سُلَيم.

قال: فَحَدَّثَني سَعْدُ بن عُبَيْدة، قال: إِنَّا لمُسْتَنقعون في الماء مع عُمَر بن سَعْد، أتاهُ رَجُل فسَارّهُ، فقال: قد أرْسَل إليك حوْثَرة (b) بن بَدْر التَّمِيْمِيّ، وأمَرَهُ ابن زِيَادٍ إنْ لَم تُقاتل يُضْرب عُنُقَكَ، فوَثَب إلى فَرَسه يُقاتلهم، فجاءَ برَأس الحُسَين عليه السلام إلى ابن زِيَادٍ، فوُضِعَ بينَ يَدَيْهِ، فجَعَل يقول بقَضِيْبٍ معه: أرَى أبا عَبْدِ اللهِ قد شَمِطَ، وانْطَلق ابْنان لعَبْدِ الله بن جَعْفَر، فلجآ إلى رَجُلٍ من طَيِّء فذَبَحهُما، وجاءَ بُرؤوسهما حتَّى وَضَعهُما بين يَدي ابن زِيَاد، فأمَرَ بضَرْب عُنُقِهِ، وأمَرَ بداره فهُدِمَت.

قال حُصَيْن: لبثُوا شَهْرَين أو ثلاثةً، كأنَّما تُلْطَخ الحِيْطَان بالدِّماء سَاعة تَطْلع الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفع.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله الحُسَين بن خَالَوَيْه في بعض أمَاليهِ: حَدَّثَنَا البَعْرَانِيّ -يعني أبا حَامِد مُحَمَّد بن هَارُون الحَضْرَميّ- قال: حَدَّثَنَا هِلال -يعني ابن بِشْر- قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن حَبِيْب القَاضِي، عن هِلال بن ذَكْوَان، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين مُطِرْنا مَطَرًا بقي أثَرهُ في ثِيَابنا مثل الدَّم.

(a) كذا سماه ونَسَبه في الأصل، وتقدم ذكره فيما سلف: عمرو بن خالد الطهوي.

(b) في الأصل: حوثر، ولا يوجد اسم على هذا النحو.

ص: 185

وقَرأتُ أيْضًا بخَطِّ ابن خَالَوَيْه: حَدَّثَنَا هِلالٌ، قال: حَدَّثَنَا مَعْدِيّ بن سُلَيمان الخَيَّاط (a)، عن هِلال بن ذَكْوَان، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ رضي الله عنه، مُطِرْنا مَطَرًا كان يَأثِر في ثِيَابنا كَرُخاضَة الدَّمِ.

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَارِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخَشَّاب، قال: أخْبرنا الحُسَينُ بن الفَهْم، قال: أخْبَرنا مُحَمَّدُ بن سَعْدٍ

(1)

، قال: أخْبَرنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حدَّثني عُمَر بن مُحمَّد بن عُمَر بن عليّ، عن أبيهِ، قال: أرْسَل عَبْدُ المَلك إلى ابن رأس الجَالُوت، فقال: هل كان في قَتَلِ الحُسَيْن عَلَامة؟ قال ابن رأس الجَالُوت: ما كُشِفَ يَوْمئذٍ حَجَر إلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمُ عَبِيْطٌ.

وقال: أخْبَرنا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: أخبَرَنا عَمْرو بن عَاصِم الكِلَابيّ، قال: حدَّثنا خَلَّادُ صَاحِب السِّمْسِم، وكان يَنْزل بني جَحْدَر، قال: حدَّثَتني أُمِّي، قالت: كُنَّا زَمَانًا بعد (b) مَقْتَل الحُسَيْن، وإنَّ الشَّمْسَ تَطلعُ مُحْمَرَّة على الحِيْطان والجُدُر بالغَدَاةِ والعشِي، قالت: وكانُوا لا يَرْفَعُون حَجَرًا إلَّا وُجِد (c) تَحتَهُ دَمٌ.

قال ابنُ سَعْد

(3)

: وأخْبرنا عليّ بن مُحَمَّد، عن عليّ بن مُدْرِك، عن جدِّه الأسْوَد بن قَيْسٍ، قال: احْمَرَّت آفاق السَّماء بعد قَتْل الحُسَيْن ستَّة أشْهُر، نَرَى ذلكَ في آفاقِ السَّمَاءِ كأنَّها الدَّمُ. قال: فحدَّثتُ بذلك شَرِيْكًا، فقال لي: ما أنتَ من الأسْوَد؟ قُلتُ: هو جَدِّي أبو أُمِّي، قال: أمَا واللهِ إنْ كان لصَدُوق الحَدِيْث، عَظِيم الأمَانةِ، مُكْرِمًا للضَّيْف.

(a) في التمهيد لابن عبد البر 1: 368: الحنَّاط، ولم أهتد لمعرفته.

(b) ابن سعد: يوم.

(c) ابن سعد: وجدوا.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 6: 455.

(2)

طبقات ابن سعد 6: 455، وعند ابن عساكر 14:226.

(3)

طبقات ابن سعد 6: 455 - 456، وابن عساكر 14: 226 - 227.

ص: 186

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْماعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حدَّثنا إسْمَاعيل بن الخَلِيل، قال: حدَّثَنَا عليّ بن مُسْهِر، قال: حدَّثَتْني جَدَّتي، قالت: كُنْتُ أيَّام الحُسَيْن جَارِبَةً شَابَّةً، فكانت السَّماءُ أيَّامًا عَلَقةً.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمدُ بن أبي عُثْمان وأحمد بن مُحَمَّد بن إبْرَاهيم، قالا (a): أَخْبَرنا إِسْمَاعِيلُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الله الصَّرْصَرِيُّ، قال: حدَّثنا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيلَ المَحَامِلِيُّ، قال: حدَّثنا الحُسَينُ بن شَبِيبٍ المُؤَدِّبُ، قال: حدَّثنا خَلَفُ بنُ خَلِيفَةَ، عن أَبِيهِ، قال: لمِّا قُتِلَ الحُسَين اسْوَدَّت السَّمَاءُ، وظهَرَتِ الكَواكبُ نهارًا حتَّى رَأيْتُ الجَوْزَاءَ عند العَصْرِ، وسَقَطَ التُّرَابُ الأحْمَرُ.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحرَسْتَانيّ، قال: أخْبرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَيْن، قال: أخْبَرنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيَان

(3)

، قال: حدَّثنا سُلَيْمان بن حَرْب، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد، عن هِشَام، عن مُحَمَّد، قال: تَعْلم هذه الحُمْرَة في الأُفقِ مِمَّ هُو؟ فقال: من يَوْم قُتِلَ الحُسَين بن عليّ.

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ، وانظره في دلائل النبوة للبيهقي 6:472.

(2)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي.

(3)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

ص: 187

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم بن اللَّبَّان، وأبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور الجَمَّال، قالا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن حَاتِم، قال: حَدَّثنا جَدِّي مُحَمَّد بن عَبْد الله بْن مَرْزُوق، قال: حدَّثنا عَفَّان، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد، قال: حدَّثنا هِشَام، عن مُحَمَّد -يعني ابن سِيْرِين- قال: لَم تُرَ هذه الُحْمرةُ الّتي فِي آفَاقِ السَّمَاء حتَّى قُتِلَ الحُسَين بن عليّ رَضِي اللهُ [عنهُ](a)، ولَم تُفْقَد الخَيْل البُلْق فِي المَغَازي حتَّى قُتِلَ عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرنا عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أَحْمَد بن مَنْصُور، وأبو إسْحَاق إبْرَاهيم بن طَاهِر بن بَرَكات، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَلَاءِ، قال: أخْبَرنا أبو الحَسَن مُحَّمد بن مُحَّمَّد بن أحْمد بن سَعيد بن الرُّوزبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الفَضْل بن إدْرِيس السّتوِرِيّ، / قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُقْبِل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن السَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا روْح بن عُبَادَةَ، عنِ ابن عَوْن، عن مُحَمَّد بن سِيْرِبْن، قال: لَم نكُن نَرَى (b) هذه الحُمْرَة في السَّماء حتَّى قُتِلَ الحُسَين بن عليّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْسٍ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظِ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن أحْمَد بن الفَرج، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُنْذِر البَغْدَاديّ (c)، قال: حَدَّثَنَا سفيان بن

(a) ساقطة من الأصل.

(b) ابن عساكر: تكن ترى.

(c) بعده في أخبار أصفهان وتاريخ بغداد: سنة اثنتين وثلاثين ومئتين.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 228.

(2)

تاريخ بغداد 4: 481 - 482، والرواية عند ابن عساكر 14: 230 - 231.

(3)

أخبار أصفهان 2: 153.

ص: 188

عُيَيْنَة، قال: حَدَّثَتني جَدَّتي أَمُّ عُيَيْنَة (a) أن حَمَّالًا كان يَحْمل وَرْسًا، فهَوَى قَتْل الحُسَين بن عليّ فصار وَرْسُه دَمًا (b).

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا ابن السَّمَرْقنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الحُمَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، قال: حَدَّثَتني جَدَّتي، قالت: لقد رأيتُ الوَرْس عاد رَمَادًا، ولقد رأيتُ اللَّحْم كأنَّ فيهِ النَّار حين قُتِلَ الحُسَين.

وقال: حدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بن أبي حَفْصَة السَّلُولِيّ، عن أَبِيهِ، قال: إنْ كان الوَرْس من وَرْس الحُسَين يقال به هكذا فيَصِيرُ رَمَادًا.

أخْبَرَنا مُرَجَّا بن [أبي](c) الحَسَن الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْلَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُثمان بن سَمْعَان، قال: حَدَّثَنَا أسْلَم بن سَهْل

(2)

، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن هَارُون، قال: حَدَّثَتني أُمِّي، عن جَدّتها، قالت: أدْرَكتُ قَتْل الحُسَين بن عليّ رضي الله عنه، فلمَّا قُتِلَ، خرَجَ ناسٌ إلى إبل كانت معه فانْتَهَبُوها، فلمَّا كان اللَّيْل رَأيْتُ فيها النِّيْرَان تَلْتَهب فاحْتَرَق كُلّ ما أُخِذَ من عَسْكَره.

(a) كُتب في الهامش: "ص: أم غنية". والمثبت موافق لما في كتاب الخطيب وكتاب أبي نعيم الأصبهاني.

(b) هكذا في الأصل، ومثله في تاريخ بغداد، وكتب ابن العديم فوقه "صـ"، وفي أخبار أصفهان وتاريخ ابن عساكر: رمادًا.

(c) ساقطة من الأصل، وتقدم فيما مرّ في عديد المواضع صحيحًا ويأتي كذلك أيضًا.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 2: 669 وفيه الحميدي عن سفيان عن جدته، ووقف فيه عند قوله:"عاد رمادًا"، وانظر الرواية كاملة في دلائل النبوي للبيهقي 6:472.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ واسط.

ص: 189

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو عليّ الحَدَّاد وغيره، قالوا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد اللهِ بن مُحَمَّد بن إبراهيم، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمد بن يَحْيى الصُّوفيّ، قال: حدّثنا أبو غَسَّان، قال: حدَّثَنَا أبو نُمَيْر عَمّ الحَسَن بن شُعَيْب، عن أبي حُمَيْد الطَّحَّانُ، قال: كُنْتُ في خُزَاعَة فجاؤوا بشيءٍ من تَرِكَة الحُسَين، فقيل لهم: نَتَّجرُ (a) أو نَبِيع فنَقْسم؟ قالُوا: اتَّجِرُوا (b). قال: نجعل على جَفْنة فلمَّا وُضِعَت فارَتْ نَارًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد بن حُسَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن الحَسَن بن النَّخَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ في عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي الحَديْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أبي الحَديْد، قال: أخْبَرَنا خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن العَلَاء أخو هلال بالرَّقَّة، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد بن جَنَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا عَطَاء بن مُسْلِم، عن ابن السُّدِّيّ، عن أَبيِهِ، قال: كُنَّا غِلْمَة نَبِيع البَزّ في رُسْتَاق كَرْبَلَاء، قال: فنَزَلنا بَرجُلٍ من طىّء، قال: فقرَّب إلينا العِشَاء، قال: فتَذَاكَرنا قتْلَة الحُسَين، قال: فقُلْنا: ما بقي أحدُ ممَّن شَهِدَ قِتْلَة الحُسَين إلَّا وقد أماتَهُ الله مِيْتَة سَوءٍ أو بقتْلة سَوءٍ، قال: فقال: ما أكْذَبكم يا أَهْل الكُوفَة؛ تَزْعُمون أنَّهُ ما بقي أحدُ ممَّن شَهِدَ قَتْل الحُسَين إلَّا وقد أماتَهُ (c) مِيْتة سَوءٍ أو بقتْلَه سَوءٍ، وأنَّهُ لممَّن شَهِدَ قِتْلَة الحُسَين وما بها أكثر مالًا (d) منه، قال: فنَرَعنا أيْدِينا عن الطَّعَام، قال: وكان

(a) ابن عساكر ننخر.

(b) ابن عساكر: انحروا.

(c) فوقها في الأصل "صـ"، ولعل مراده وقوع سقط في الرواية: وأماته [الله].

(d) الأصل: مال، وفوقها "صـ"، وجاءت العبارة بضمير المتكلم عند ابن عساكر 14: 234: "وإنني لممن شهد

وما بها أكر مالًا مني".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 231.

ص: 190

السِّرَاجُ يُوقد، قال: فيَذْهب (a) ليَطْفَئ، قال: فذَهَب (b) ليُخْرج الفَتِيْلة بإصْبَعهِ، قال: فأخَذت النَّارُ بإصْبَعه، قال: فمدَّها إلى فيهِ فأخَذَت بلحيَتهِ، قال: فأُحْضر إلى الماءَ حتَّىَ ألْقَى نَفْسَهُ، قال: فرأيتُه يتوقَّد فيه حتَّى صار حمَمَةً.

أخْبَرَنا مُرَجَّا بن [أبي](c) الحَسَن التَّاجر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عُثْمانَ، قال: حدَّثَنَا أبو الحَسَن بن سَهَل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر، قال: حدَّثَنَا سُليْمان بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَاصِم، عن حُصَيْن، قال: كُنْتُ بالكُوفَة فجاءنا قتْل الحُسَين بن عليّ رضْوَان الله عليه، فَمكُثنا ثلاثًا كأنَّ وُجُوهنا طُلِيَتْ رَمَادًا. قال عليّ بن عَاصِم: قُلْتُ لحُصَيْن: مثل مَنْ كُنْتَ يَوْمئذٍ؟ قال: رَجُل مُتأهِّلٌ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، وأبو القَاسم إسْمَاعِيْل بن أحمد بن السَّمَرْقَنْديّ في كُتُبهم إليَّ -قال الفَرَاوِيّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر البيهَقِيّ

(1)

، وقال السُّلَمِيّ: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، وقال ابنُ السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن اللَّالِكَائِيّ- قالوا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحسُين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، قال: حَدَّثَني جَمِيل بنُ مُرَّة، قال: أصَابُوا إبلًا في عَسْكَر الحُسَين يَوْم قُتِلَ فنَحَرُوها وطَبَخُوها، دال: فصَارت مثل العَلْقَم فما اسْتَطاعُوا أنْ يَسِيْغُوا منها شيئًا.

(a) ابن عساكر: فذهب.

(b) الأصل: فيذهب.

(c) ساقطة من الأصل، وتقدم التعليق على وجه الإضافة.

_________

(1)

دلائل النبوة 6: 472.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد.

ص: 191

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ بن عُلْوَان الأسَدِيّ قراءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز العبَّاسيّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيمِ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَبْد الله المَكِّي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زُنْبُور، قال: حدَّثَنا أبو بَكْر -يعني ابن عَيَّاشٍ-: قال الكَلْبيُّ

(1)

رأيتُ سِنَان بن أَوْس الّذي قَتَلَ الحُسَين عليه السلام يُحَدِّث في المَسْجِد؛ شَيْخُ كبيرُ قد ذَهَبَ عَقْله.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا جَدِّي القَاضِي أبو المُفَضَّل (a) يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن دَاوُد الرَّزَّاز، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد في عَبْد اللهِ بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو قِلَابَةَ، قال: حَدَّثَنا أبو عَاصِم وأبو عَامِر، قالا: حَدَّثَنا قُرَّة بن خَالِد السَّدُوسِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا رَجَاء العُطَارِديّ يَقُول: لا تَسبُّوا أهْل هذا البَيْت، أو أهْل بَيْت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّهُ كان لنا جارٌ من بَلْهُجَيْم، قَدِمَ علينا من الكُوفَة، قال: ما تَرَون إلى هذا الفَاسِق ابن الفَاسِق، قَتَلَه اللهُ -يعني: الحُسَين- فرَمَاهُ الله بكَوْكَبين من السَّماء فطَمَس بَصَرَهُ. قال أبو رَجَاء: فأنا رأيتُهُ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله يَحْيَى بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِيَاوُش الكَازَرُونِيّ،

(a) ابن عساكر الفضل.

_________

(1)

سماه ابن الكلبي في كتابه نسب معد 294: سنان بن أنس، ونصّ كلامه:"وسنان بن أنس بن عمرو بن حي بن الحارث بن غالب بن مالك بن وهبيل الذي قتل الحسين بن علي عليه السلام بالطف".

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 232، وانظر الرواية في طبقات ابن سعد 6:454.

ص: 192

قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد عُبيد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسْلِم الفَرَضِيّ المُقْرئ، قال: قُرئ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن القَاسم بن بَشَّار الأنْبارِيّ النَّحْوِيّ وأنا حاضِرٌ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرٍ مُوسَى بن إسْحاق الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن حَاتِم أبو بِشْرٍ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَمَّاد، عن ثَابِت بن إسْمَاعِيْل، عِنِ أبي النَّضْر الجَرْميّ، قال: رأيْتُ رَجُلًا سَمجَ العَمَى، فسَألتُهُ عن سَبَب ذَهَاب بصره، فقال: كُنْتُ ممَّن حَضَر عَسْكَر عُمَر بن سَعْد، فلمَّا جاءَ اللَّيْلُ رَقدتُ فرأيْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في المَنَام بين يَدَيْهِ طَسْتٌ فجها دَمٌ وريشَةٌ في الدَّم، وهو يُؤْتى بأصْحَاب عُمَر بن سعْدٍ، فيأخذ الرِّيْشَة فيخطُّ فيها بين أعْيُنهمِ، فأتي بي فقُلتُ: يا رسُول اللهِ، والله ما ضَرَبْتُ بسَيْفٍ، ولا طَعَنْتُ برُمْجٍ، ولارمَيْتُ بسَهْمٍ، قال: أفلَم تُكثِّر عَدُوَّنا؟ وأدْخَل إصْبَعَيْهِ في الدَّم، السَّبَّابَةَ والوُسْطَى، وأهْوَى بها إلى عَيْنيَّ فأصْبَحْتُ وقد ذَهَبَ بَصَري.

وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا الفُضَيْل بن الزُّبَيْر، قال: كُنْتُ جالِسًا فأقْبل رَجُلٌ فجلَس إليهِ، رائحتهُ رَائحَةُ القَطِرَان، فقال له: ياهذا، أتَبيع القَطِرَان؟ قال: ما بعتُه قَطُّ، قال: فما هذه الرَّاِئِحَة؟ قال: كُنْتُ ممَّن شَهِدَ عَسْكَرِ عُمَر بن سَعْد وكُنْتُ أبيعهمُ أوْتَاد الحَدِيْدِ، فلمَّا جنَّ علَّي اللَّيْلُ رقدتُ، فرَأيْتُ في نوْمي رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ومعه عليٌّ، وعليّ يَسْقي القَتْلَى من أصْحَاب الحُسَين فقُلتُ لَهُ: أسْقني، فأبَى، فقُلتُ: يا رسُول الله، مُرْهُ يَسْقيني، فقال: ألسْتَ ممَّن عَاوَن علينا؟ فقُلتُ: يا رسُول اللهِ، واللهِ ما ضَرَبْتُ بسَيْفٍ، ولا طَعَنْتُ برُمْحٍ، ولا رَمَيْتُ بسَهْمٍ، ولكنَّني كُنتُ أبيعهُم أوْتَاد الحَدِيْدِ، فقال: يا عليّ، أَسْقه فناوَلني قَعْبًا مملوءًا قَطِرَانًا، فشَربت منه قَطِرَانًا، ولَم أزَل أَبُولُ القَطِرَان أيَّامًا، ثمّ انقَطع ذلك البَوْلُ عنِّي، وبَقِيَتِ الرَّائحَةُ في جِسْمي، فقال له السُّدِّيّ: يا عَبْد الله، كُلْ من بُرِّ العِرَاق واشْرَب من ماءِ الفُرَات فما أراك تُعَاين مُحَمَّدًا أبدًا.

ص: 193

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عَمِّي، قال: حَدَّثَنَا ابن الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عن عَطَاء بن السَّائِب، عن عَلْقَمَة في وَائِل -أو: وَائِل بن عَلْقَمَة- أنَّهُ شَهِدَ ما هناك، قال: قام رَجُل، فقال: أفيكم الحُسَين؟ قالوا: نعم، قال: أَبْشِر بالنَّار، قال: أُبْشِرُ برَبٍّ رَحِيْم وشَفِيعْ مُطَاعٍ، مَنْ أنتَ؟ قال: أنا حُوَيْزَةُ، قال: اللَّهُمَّ حُزْهُ إلى النَّار، فنَفَرت به الدَّابَّةُ فتعلّقت بهِ رِجْلهُ في الرِّكَاب، فوالله ما بقي عليها منه إلَّا رِجْلهُ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا أن نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، شفَاهًا، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أسَد بن القَاسِم الحَلَبِيّ، قال: رأى جدِّي صَالِح بن الشَّحَّام بحَلَب، رحمه الله، وكان صالِحًا دَيِّنًا، في النَّوْم كَلْبًا أسْوَد، وهو يَلْهَثُ عَطَشًا، ولِسَانهُ قد خَرَج على صَدْره، فقُلتُ: هذا كَلْبُ عَطْشَان دَعْني أسْقهِ ماءً أدْخُل فيهِ الجَنَّة، وهَمَمْتُ لأفْعَل ذلك، فإذا بهَاتفٍ يَهتفُ من وَرائهِ وهو يقُول: ياصالح، لا تَسْقه، يا صَالِح لا تَسْقه، هذا قَاتِل الحُسَين بن عليّ؛ أعَذِّبُهُ بالعَطَش إلى يَوْم القِيامَة.

أخْبَرَنا أبو نَصْر إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن هارون، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا العبَّاس بن مُحَمَّد مَوْلَى بني هاشِم، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أبي بُكَيْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ -ويُكْنَى أبا

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 259.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 258.

ص: 194

إسْحاق- عن عَامِر بن سَعْد البَجَليّ، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ رَأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم في المَنَام، فقال: إنْ رأيْتَ البَرَاء بن عَازِب فأقْرِه (a) منِّي السَّلام، وأخْبره أنَّ قَتَلَة الحُسَين بن عليّ في النَّار، وإنْ كاد الله أن يَسْحتَ أهْل الأرْض منهُ بعَذَاب أليم. قال: فأتَيْتُ البَرَاء فأخْبَرتُه، فقال: صَدَقَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَآني في المَنَام فقد رَآني [حَقًّا](b)؛ فإنَّ الشَّيْطان لا يُتصَوَّر بي.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، فال: أخْبَرَنا عليّ

(1)

، قال أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عَبْد الله المُضَرِيّ (c)، وأبو بَكْر نَاصِر بن أبي العبَّاس بن عليّ الصَّيْدَلانِيّ بهَرَاة، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد الفَارسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي شُرَيْح، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأَشَجّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَالِد الأحْمَر، قال: حَدَّثَني رُزَيْق (d)، قال: حَدَّثَتني سَلْمَى، قالت

(2)

: دَخَلْتُ على أُمّ سَلَمَة وهي تَبْكي، فقُلتُ: ما يُبْكِيْك؟ قالت: رأيتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في المَنَام وعلى رَأسهِ ولحيَتهِ التُّرابُ، فقُلتُ: ما لكَ يا رسُولَ اللهِ؟ قال: شَهِدْتُ قَتْلَ الحُسَينِ آنفًا.

قال عليّ

(3)

: رَوَاهُ التِّرْمِذيّ عن الأَشَجّ إلَّا أنَّهُ قال رَزِيْنْ (e)، وهو الصَّوَابُ.

(a) ابن عساكر: فاقرئه.

(b) إضافة من ابن عساكر، مصدر النقل.

(c) ابن عساكر: أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله الضمري، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

(d) ابن عساكر: زُريق. وفوقها في الأصل علامة التصحيف "صـ"، وصوابه من كلام ابن عساكر الذي أثبته ابن العديم بعده من أن اسمه: رزين.

(e) ابن عساكر: زريق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 238.

(2)

الجامع الكبير للترمذي 6: 116 (رقم 3771)، المعجم الكبير للطبراني 23: 373 (رقم 882)، المستدرك للحاكم 4: 19، دلائل النبوة للبيهقي 1:48.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 238، وانظر سنن الترمذي 6:116.

ص: 195

أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(1)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرنا أبو القَاسم عليّ بن إبرَاهيْم العَلَويّ، قال: أخْبرَنا رَشَاءُ بن نَظيْف، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحْرِز، قال: حَدَّثَنَا الحِمَّانيُّ، قال: قال الأَعْمَشُ: أحْدَثَ رَجُلٌ من أهْلِ الشَّام على قَبْر الحُسَين بن عليّ فأبْرَصَ من سَاعتهِ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل بن سَلامَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(3)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، عن عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ في نَظِيْف، ح.

وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن الفَرَّاء، إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْلِ الضَّرَّاب، قالا: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مرْوَان

(4)

، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن عَبْدِ الله الحلوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن الهَيْثُم، قال: كان رَجُل بالبَصْرَة من بني سَعْدٍ، وكان قَائِدًا من قُوَّادِ عُبَيْدِ الله بن زِيَاد، فسَقَط من السَّطْحِ، فانْكَسرت رِجْلاهُ، فدَخَلَ عليه أبو قِلَابَة فعَادَهُ، فقال له: أرجُو أنْ يكون ذلك خِيْرَةً، فقال له: يا أبا قِلَابَة، وأيُّ خِيْرةٍ في كَسْر رِجْليَّ جَمِيعًا؟ فقال: ما سَتَره (a) الله عليك أكْثَر. فلمَّا

(a) الدينوري: ما ستر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 244.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 76.

(3)

تاريخ ابن عساكر 28: 307 - 308.

(4)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 88.

ص: 196

كان بعد ثلاثٍ ورَدَ عليه كتابُ ابن زِيَاد يَسْأله الخُرُوج فيُقَاتِل الحُسَين بن عليّ عليهما السلام، قال: فقال له: قد أصَابَني ما أصَابني، قال ذلك للرَّسُول (a)، فما كان إلَّا سَبْعًا حتَّى وَافَى الخَبَرُ بقَتْلِ الحُسَين رضي الله عنه، فقال الرَّجُل: رَحِمَ اللهُ أبا قِلَابَةَ، لقد صَدَقَ إنَّه كان خِيْرةً لي.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبدِ الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بن عبد المُنْعِم بنِ الحَدَّادِ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر السَّمْعَانيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الغَافِر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر العَمْريّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَدَ بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْدِ الله العِجلِيّ، قال: حَدَّثَني أبي

(1)

، قال: ويُرْوَى عنه -يعني عَبْد المَلِك بن عُمَيْر- أنَّهُ قال: رأيْتُ عَجبًا؛ رَأيتُ رَأسَ الحُسَين رضي الله عنه أُتِيَ به حتَّى وُضِعَ بين يدي عُبَيْد اللهِ بن زِيَادٍ ثمّ رأيتُ [رَأسَ عُبَيد اللَّه أُتي بِهِ حَتَّىِ وُضِعَ بين يدي المُخْتَار، ثُمَّ رَأيتُ رَأس المُخْتار أُتي بِهِ حَتَّى وُضِع بين يَدي مُصْعب بن الزُّبَير، ثُمَّ أُتيَ برَأس مُصْعَب حَتَّى وُضِع بين يَدي الحَجَّاج. قَالَ ابْن عَسَاكر كَذَا قَالَ، والصَّوَاب: بين يَدي عَبْد المَلِك](b).

(a) الأصل: الرسول، والمثبت عبارة الدينوري وابن عساكر.

(b) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، وعنده تنتهي الصفحة، ولعله وقع سقط في الورقة بعده من الأصل. واستكمال الرواية من تاريخ ابن عساكر 58: 244، وبموافقته لكتاب تاريخ الثقات للعجلي وسير أعلام النبلاء 4:143.

_________

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 311.

ص: 197

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر المَوْصِلِيّ الفَرَّاء، إجَازَةً لي، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد الحَبَّال وستّ المُوَفَّق خَدِيجَةُ مَوْلَاة أبي حَفْص عُمَر بن مُحمّد المُرَابطةُ -قال أبو إسْحَاق: أخْبرنا أبو القَاسم عَبْد الجبَّار بن أحْمد بن عُمَر بن الحَسَن الطَّرَسُوسِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَنُ بن الحُسَين بن بُنْدَار الأنْطَاكِيّ قراءةً عليهِ، وقالت خَدِيجَةُ: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار الأَذَنِيّ الأنْطَاكِيّ، وأنا شَاهِدَةٌ أسْمَعُ، قال: أخْبَرني جَدِّي القَاضِي أبو الحَسَن علىّ بن الحُسَين بن بُنْدَار- قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْب بأنطاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا أبو فَرْوَةَ، قال: حَدَّثَنَا أبو الجَوَّاب، قال: حَدَّثَنَا يُونسُ بن أبي إسْحاق، عن أبي إسْحاق، عن عَمْرو بن نَعْجَة، قال: أوَّلُ ذُلٍّ دَخَلَ على الإسْلَام قَتْل الحُسَين وادِّعَاءُ مُعاوِيَة زيادًا.

وقال: حَدَّثَنَا مَحْمُود، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى بن دَاوُد، قال: وحَدَّثَني مُحَمَّد في سَعْد

(1)

، قال: حَدَّثَني الوَاقِدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ، عن الشَّعْبِيّ، قال: أوَّل رَأسٍ حُمِلَ في الإسْلَام على خَشَبَةٍ رأس الحُسَين بن عليّ.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن أبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر عن أبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحَاكِم، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد العَلَويُّ -يعني يَحْيَى بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن زُبَارَة- قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد العَلَويّ صَاحِب فَاخِر النَّسَب ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد إبْراهيم بن عليّ الرَّافِقِيّ -من وَلد أبي رَافِع مَوْلَى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:

(1)

طبقات ابن سعد 6: 446.

ص: 198

حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ الحُلْوَانِيّ، عن علِيّ بن مَعْمَر، عن إسْحاق بن عَبَّاد، عن المُفَضَّل بن عُمَر الجُعْفِيّ، قال: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد يَقُول: حَدَّثَني أبي مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَني أبي عليّ بن الحُسَين، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَينُ بن عليّ عليهما السلام جاء غُرَابٌ فوقع في دَمِهِ وتَمَرَّغ ثمّ طار فوقَع بالمَدِينَة علِىِ جِدَار فاطِمَة بنت الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، وهي الصُّغْرَى، ونَعَبَ، فرَفَعَتْ رأسَها فنَظَرت إليه، فبَكَت بُكَاءً شَدِيْدًا، وأنْشَأت تقول:[من مجزوء الكامل]

نعَبَ الغُرَابُ فقُلْتُ مَنْ

تَنْعَاهُ وَيْلَكَ يا غُرَابْ

قالَ: الإمَامُ، فقُلْتُ: مَنْ

قالَ: المُوَفَّقُ للصَّوَابْ

قُلْتُ: الحُسَيْنُ فقالَ لي

حقًّا لقد سَكَنَ التُّرَابْ

إنَّ الحُسَينَ بكَرْبَلَا

بينَ الأَسِنَّةِ والضِّرَابْ

فابْكِ الحُسَينَ بعَبْرَةٍ

تُرْضِي الإلَهَ مع الثَّوَاب

ثُمَّ اسْتَقَل بهِ الجَنَا

حُ فَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الجَوَابْ

فبَكَيْتُ ممَّا حَلَّ بي

بعدَ الوَصِيِّ المُسْتَجابْ

ص: 199

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر حَامِد بن أبي العَمِيْد بن أَمِيْري القَزْوِينيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن يُوسُف بن مُحَمَّد القَزْوِينيّ، قال: أخْبرَني أبو نَصْر مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَرْغِيَانِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الشَّهِيْدُ أبو المَحَاسِن عَبْدُ الوَاحِد بن إسْمَاعِيْل الرُّوَيَانِيّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن الحُسَين الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس عُبَيْدُ الله بن جَعْفَر الحَضَريّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد أبو مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا عُمَارة بن زَيْد، قال: أخْبَرَنا بَكْر بن حَارِثَة، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، عن عِيسَى بن عُمَر، عن عَبْدِ الله بن عَمْرو الخُزَاعِيّ، عن هِنْد بنت النَّجُود، قالت: نزَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم بخَيْمَة خَالَته (a) أم مَعْبَد ومعه أصْحَابٌ له، فكان في أمْره في الشَّاة ما قد عَرَفَه النَّاسُ، فقَالَ

(1)

في الخَيْمَة هو وأصْحَابُه حتَّى أبْرَد، وكان يَوْمٌ قائظٌ شَديد حَرُّه، فلمَّا قام من رَقدتهِ دعا بماءٍ فغَسَل يَديهِ فأنقاهُما، ثمّ مَضْمَضَ فاهُ ومَجَّهُ إلى عَوْسَجَة كانت إلى جَنْب خالته ثلاث مَرَّاتٍ، واسْتَنْشَق واسْتَنْثر ثلاثًا ثلاثًا إلى أنْ قالت: ثمّ مَسَح رأسَهُ ما أقْبَل منه وأدْبَر مَرَّةً وَاحدَةً، ثمّ غَسَل رِجْليهِ ظاهرهُما وبَاطِنهما، واللهِ ما عاينْتُ أحدًا فَعَل ذلك قَبْلَهُ، وقال: إنَّ لهذه العَوْسَجَة لشَأنًا، ثمّ فَعَل ذلك مَنْ كان معه من أصْحَابهِ مثل ذلك، ثمّ قام فصَلَّى رَكْعَتين، فعَجبتُ وفَتَيات الحَيّ من ذلك، وما كان عَهدنا بالصَّلاةِ ولا رَأينا مُصَلِّيًا قبلَهُ.

(a) كتب المؤلف فوقها في الأصل "صـ" وأم معبد خزاعية اسمها عاتكة بنت خالد، وحديثها في الهجرة مشهور، ولم أقف على خؤولة مَن إليها.

_________

(1)

قال قيلولةً.

ص: 200

فلمَّا كان من الغَدِ أَصْبَحْنا وقد عَلَتِ العَوْسَجَة حتَّى صَارَت كأعْظَم دَوْحَة عَادِية قَامَتُها، وخَضَد اللهُ شَوْكَها، وسَاخَتْ عُرُوقها، وكَثُرت أفْنَانُها، واخْضَرَّ سَاقُها ووَرَقُها، وأثْمَرت بعد ذلك وأيْنَعَت بثَمرٍ كأعْظَم ما يكون من الكَمْأةِ في لَوْن الوَرْس المَسْحُوق، ورَائحة العَنْبَر، وطَعْم الشَّهْد، واللهِ ما أكل منهُ -يعني جائع- إلَّا شَبِعَ، ولا ظمآن إلَّا رَوي، ولا سَقِيم إلَّا بَرئَ، ولا ذو حَاجةٍ وفَاقةٍ إلَّا اسْتَغْنَى، ولا أكَل من ورَقها ناقةٌ ولا شَاةٌ إلا دَرَّ لبنُها.

ورَأينا النَّماءَ والبَرَكَة في أمْوَالنا منذ يَوْم نَزَل بنا، وأخْصَبَت بلادُنا وأمْرَعَت، فكُنَّا نُسَمِّي تلك الشَّجَرة: المُبارَكة، وكان يَنْتابُنا مَنْ حَوْلَنا من أهْلِ البَوَادِي يَسْتَشْفُونَ بها، ويتزوَّدُونَ في الأَسْفَارِ، ويَحْملون معهم في الأرْضين القفَار، فتقُوم لهم مَقَام الطَّعَام والشَّرَاب، فلم تَزَل كذلك على ذلك حتَّى أَصْبَحْنا ذات يَوْم وقد تَسَاقَط واصْفَرَّ وَرَقها، فأحْزَننا ذلك وفَزعنا له، فما كان إلَّا قليل حتَّى جاء نَعِيُّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قد قُبِضَ في ذلك اليوم.

وكانت بعد ذلك تُثْمِر ثَمَرًا دون ذلك العِظَم والطَّعْم والرَّائِحَة، وأقامت على ذلك ثلاثين، فلمَّا كان ذات يَوْم أَصْبَحْنا فإذا هي قد أشْوَكَتْ من أوَّلها إلى آخرها، وذَهَبَتْ غَضَارة عِيْدَانها وتَسَاقط جميع ثَمَرها، فما كان إلَّا يَسِيْرًا حتَّى بلَغَنا مَقْتَل أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ بن أبي طَالِب فما أثْمَرت بعد ذلك قَليلًا ولا كَثِيْرًا فانْقَطَع ثَمَرُها.

فلمَّا نَزَل ومَنْ حَوْلنا نأخُذ من وَرَقها ونُدَاوي به مُرْضانا، ونَسْتَشْفِي بهِ من أسْقَامِنا، فأقامتْ على ذلك مُدَّةً وبُرْهَةً طَوِيلَةً، ثمّ أَصْبَحْنا يَوْمًا وإذا بها قد أنْبَعَتْ من سَاقِها دَمًا عَبِيْطًا جَارِيًا، ووَرَقها ذَابِل يَقْطر ماءً كما اللَّحَم، فعَلِمْنا أنْ قد حَدَثَ حدَثٌ عظيمٌ، فبِتْنا ليْلَتنا فَزِعين مَهْمُومين نتوقَّع الدَّاهِيَة، فلمَّا أظْلَم اللَّيْل علينا سَمِعْنا نداءً وعَوِيْلًا من تحتها وجَلَبةً شَدِيدةً وضَجَّةً، وسَمِعنا صَوْت باكيةٍ تقُول:

يا ابنَ الوَصِيّ ويا ابنَ البَتُول

ويا بَقِيَّة السَّادَةِ الأكْرَمِيْنا

ص: 201

ثُمَّ كَثُرت الرَّنَّاتُ والأصْوَاتُ، فلَم نَفْهَمِ كَثِيْرًا ممَّا كانُوا يقُولُونَ، فأتانا بعد ذلك قَتْل الحُسَين بن عليّ عليهما السلام، ويَبِسَتِ الشَّجَرة، وجفَّتْ وكَسَرتها الرِّيَاح والأمْطَار بعد ذلك، فذَهَبَتْ وانْدَرَس أَثرها.

قال أبو مُحَمَّد الأنْصَاريّ: فلَقِيتُ دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ بمَدينَةِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فحدَّثْتُه هذا الحَدِيثَ فلَم يُنْكرهُ، وقال: حَدَّثَني أَبيّ، عن جِدِّيّ، عن أُمِّهِ سُعْدى بنْت مَالِك الخُزَاعِيَّة أَنَّها أدْرَكَت تلك الشَّجَرة، وأكَمَت من ثَمَرها على عَهْدِ عليّ بن أبي طَالِب، وأنَّها سَمِعَتْ في تلك اللَيلةِ نَوْحَ الجِنّ، فَحَفِظَت من قول جِنِّيةٍ منهنَّ، قالت:[من الكامل]

يا ابنَ الشَّهِيْدِ ويا شَهِيدًا عمُّهُ

خَيْرُ العُمُومَةِ جَعْفَرُ الطَّيَّارُ

عَجَبٌ لمَصْقُول أصَابَكُ حَدُّهُ

في الوَجْهِ منكَ وَقَد عَلَاكَ غبَار

أنبأنَا أبو حفصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أَخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِى، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المحسن بن مُحَلى لفظًا، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عبد اللّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدَّهَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر أَحْمَد بن الحَسَن البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو هُرَيْرَة أحَمْدُ بن عبد اللّه في أبي العِصَام العدوِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْرَاهيم بن يَحْيَى بن يعقوب أبو الطَّاهِر البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا ابن لُقمان، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن إدْرِيس، قال: حَدَّثثا هاشِمِ بن هاشم، عن أُمِّه، عن أُمّ سَلَمَة، قالت: سَمِعْتُ الجِنّ تَنُوح على الحُسَين يَوْم قُتِل وهُنَّ يقُلنَ

(1)

: [من الخفيف]

أيُّها القَاتِلُونَ ظُلْمًا حُسَيْنًا

أَبشرُوا بالعَذَابِ والتَّنْكِيْلِ

كُلُّ أهْلِ السَّماء يدعُو عَلَيْكُمْ

من نبيٍّ ومُرْسَلٍ وقَتِيْل (a)

(a) الطبري: وقبيل.

_________

(1)

الأبيات الثلاثة في تاريخ الطبريّ 5: 467، تاريخ ابن عساكر 14:240.

ص: 202

قد لُعِنْتُمْ (a) على لِسَانِ ابنِ دَاوُ

د ومُوسَى وصَاحِبِ (b) الإنْجِيْلِ

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: أنْبَأَنَا أبو عليّ الحَدَّادُ وجَمَاعَة، قالوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بنُ عَبَّاد الخَطَّابيّ، قال: حَدَّثَنَا سُوَيْد بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن ثَابِت، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، قال: قالت أُمُّ سَلَمَة: ما سَمِعْتُ نَوْح الجِنّ منذُ قُبِضَ (ح) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلَّا اللَّيْلة، وما أرَى اي إلَّا قد قُتِلَ - يعني: الحسُن - فقالت لجارتها: اخْرُجي فسَلِيّ، فأُخْبِرَت أنَّهُ قُتِلَ، وإذا جِنِّية تَنُوح

(2)

: [من الوافر]

ألَا يا عَيْن فاحْتَفِلي بجُهْد

ومَنْ تبكي على الشُّهَدَاءَ بَعْدِي

على رَهْطٍ تَقُودهُم المَنَايا

إلى مُتَجبِّرٍ في مُلْكِ عَبْدِ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاء إجَازَةً ليّ، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق الحَبَّال وستّ المُوَفّق خَدِيجَة المُرَابِطَة - قال: أبو إسْحَاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الطَّرَسُوسِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَنُ بن الحُسَين بن بُنْدَار قراءةً عليه، وقالت خَدِيجَةُ: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بندَار، وأنا شَاهِدَة أسْمعُ، قال: أخْبَرَني جَدِّي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين - قالا: أخْبَرَنا محمُود - يعني ابن مُحَمَّد الأدِيْب - قال: حَدَّثَنَا الحَنَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا صَلْتُ بن مَسْعُود، عن سُفْيان، قال:

(a) الأصل: لقيتم، والمثبت من الطبريّ وابن عساكر، وهو الأظهر.

(b) الطبريّ: وحامل.

(ح) ابن عساكر: قضى.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 241.

(2)

البيتان في المقفى الكبير 3: 614.

ص: 203

أخبَرَنا أبو جَنَابٍ، قال: حَدَّثَنَا الجَصَّاصونَ أنَّهم سَمِعُوا الجِنّ تَنُوح على الحُسَين رضي الله عنه

(1)

: [من الكامل]

مَسَحَ النَّبِيُّ جَبِينَهُ

فلهُ بَياض في الخُدُودِ

أبَوَاه من عُلْيا مَعَدٍّ

جَدُّه خَيْر الجُدُودِ

أنْبأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، عن عَمِّه عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاعٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن محمَّد، قال: أخْبَرَنا أحمد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عبد اللّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد الله التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الحَمِيْد الشّيْبانيّ، عن أبي مَزْيَد (a) الفُقَيْمِيّ، قال: كان الجَصَّاصُون إذا خَرَجُوا في السَّحَر سَمِعُوا نَوْحَ الجِنّ على الحُسَين: [من الكامل]

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ

فلهُ بَياض في الخُدُودِ

أبَوَاه من عُلْيا قُرَيْش

جَدُّه خَيْر الجُدُودِ

قال: فأجَبْتُهم: [من الكامل]

خَرَجُوا بهِ وَفَدًا إليهِ

فهُم له شَرّ الوُفُودِ

قَتَلوا ابن بنْت نبيِّهم

سكنُوا بهِ نَارِ الخُلُودِ

أنْبأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بُن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يمُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد البَابسَيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّان بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا

(a) ابن عساكر: مريد، بالمهملة.

_________

(1)

البيتان في المقفى الكبير 3: 614.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 241 - 242.

ص: 204

حَمَّاد بن سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا عَمَّار بن أبي عَمَّار، عن أُمّ، قالت: سَمِعْتُ الجِنّ تَنُوح على الحُسَين.

قال: وأخْبَرَنَا أبيّ، قال: وسَمِعْتُ الوَاقِدِيّ قال: لَم تُدْرك أُمّ سَلَمَة قَتْل الحُسَين، ماتَتْ سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين.

أنبأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد وجَمَاعَة، إذْنًا، قالوا: أخْبَرَنا أبِو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيّاء بن يَحْيَى السَّاجِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن صالح الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن مَنْصُور بن عَمَّار، عن أَبيِهِ، عن ابن لَهِيْعَة، عن أبي قَبِيْل، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ احْتَزُّوا رَأسَهُ، وقَعَدوا في أوَّل مَرْحَلَةٍ يَشْربُون النَّبِيْذ ويتحفُون (a) الرَّأس، فَخَرَج عليهم قَلَم من حديدٍ (b) من حَائطٍ فكَتَب بسَطْر دَمٍ:[من الوافر]

أترْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا

شَفَاعة جَدِّه يَوْمَ الحِسَابِ

وقد قيل إنَّ هذا البَيْت قيل قبل مَبْعَث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا بذلك أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن مُحَمَّد بن عُبَيْد العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا مُحّمَّد بن الجُنَيْد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعِيد التَّغْلبِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَمَان، قال: أخْبَرَنِي

(a) ابن عساكر: وينحتون.

(b) ابن عساكر: جديد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 244، وانظر أيضًا تاريخ الإسلام 2: 638، المقفى الكبير 3:614.

ص: 205

إمام مَسْجِد بَنِي سُلَيم، قال: غَزَا أشْيَاخٌ لنا الرُّوم فوجَدُوا في كَنِيْسَة من كَنَائِسهم: [من الوافر]

كيفَ تَرْجُو أُمَّه قَتَلَت حُسَيْنًا

شَفَاعَة جَدِّه يَوْمَ الحِسَاب

فقالوا: منذكَم وَجَدتُم هذا الكتاب في هذه الكَنِيْسَة؟ قالوا: قبل أنْ يَخْرُج نبيكُّم بستّمائة عام.

وأنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن أحْمَد الحُلْوَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا السَّيِّد أبو مَنْصُور ظَفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمَد الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن عبد الرَّحْمن بالكُوفَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عمْرو أحْمَد بن حَازِم الغِفَارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد التَّغْلبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو اليَمَان، عن إمام لبني سُلَيم، عن أشْيَاخ له، قالوا: غَزَونا بلاد الرُّوم فوَجَدنا في كَنِيْسَةٍ من كَنَائسِها مَكْتُوبا: [من الوافر]

أتَرْجُو أُمَّهٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا

شَفَاعَة جَدِّهِ يَوْمَ الحِسَاب

فقُلْنا للرُّوم: مَنْ كَتَبَ هذا في كَنِيْسَتكُم؟ قالوا: قَبْل مَبْعَث نَبيِّكمِ بثَلاثمائة عام.

قال أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

: كَذَا قال، وإنَّما هو يَحْيَى بن اليَمَان.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَنِ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن الحُسَين بن (a) الحِنَّاَئِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد ومُحمَّد ابْنَا عبد الرَّحْمن بن أبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا

(a) ليست في نشرة ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 242.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 243.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 242.

ص: 206

يُوسُف بن القَاسِم المَيَانِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الوَلِيد بِشْرُ بن مُحَمَّد بن بِشْر التَّيْمِيّ (a) الكُوْفيّ بالكُوفَة، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن مُحَمَّد المَصْقَلِيّ، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: لمَّا قُتِلَ الحُسَين بن عليّ سُمِعَ مُنَادٍ يُنَادِي لَيْلًا، يُسْمَعُ صَوْتُهُ ولا يُرَى شَخْصُهُ:[من الكامل]

عَقَرَت ثَمُودٌ ناقةً فاسْتُؤصِلُوا

وجَرَتْ سَوَانِحُهُمْ بِغَيْرِ الأَسْعُدِ

فبَنُو رسُولِ اللّهِ أعْظَمُ حُرْمَةً

وأجَلُّ من أُمِّ الفَصِيْلِ المُقْصَدِ

عَجَبًا لهم ولِمَا أتَوا لم يُمْسَخُوا

واللهُ يُمْلِي للطُّغَاةِ الجُحَّدِ

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاكِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ البَاقِي الأنْصَاريّ في كتابهِ، عنِ أبي القَاسِم عليّ بن المحسِّن التَّنُوِخِيّ

(1)

، عن أَبيِهِ أبي عليّ، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: خرَجَ إلينا أبو الحَسَن الكَرْخِيّ (b) يوْمًا، فقال: تعرفُونَ ببَغْدَاد رَجُلًا يُقال له ابن أَصْدَق؟ فلَم يَعْرِفهُ من أهْلِ المَجْلِس غيري، وقلتُ: أعْرفه، فكيف سألت عنه؟ قال: أيّ شيءٍ يَعْمَل؟ قُلتُ: يَنُوح على الحُسَين بن عليّ عليهما السلام، قال: فبَكَى أبو الحَسَن وقال: عندي عَجُوز ربَّتني (c) من أهْل كَرْخ جُدَّان

(2)

، يغلبُ على لِسَانها النَّبَطِيَّة، ولا يُمْكنُها أنْ تُقيم كَلِمةً عَربيَّةً، فَضْلًا عن أنْ تَحْفَظ شِعْرًا، وهي منِ صَوَالِح النِّسَاء، وتُكْثر من الصَّلاة والصَّوْم والتَّهَجُّدِ، وانْتَبهتِ البَارِحَةَ في جَوْفِ اللَّيْلِ، ومَنَامُها قَريبٌ منِ مَنَاميّ، فصَاحَت: أبو الحَسَن، أبو الحَسَن! قُلتُ: ما لكِ؟ قالت: الْحَقْنيّ، فجئتُها ووجَدْتُها تُرْعَدُ، وقُلتُ: ما أصَابكِ؟ قالت: رأيْتُ في مَنَامِي وقد صلَّيْتُ وِرْدي ونِمْت، كانَّني في دَرْبٍ من دُرُوْب الكَرْخ فيه حُجرة مُحْمَرَّة بالسَّاج،

(a) ابن عساكر: التَّمِيمِيِّ.

(b) نشوار المحاضرة: الكاتب.

(c) الأصل: تربينيّ، والمثبت من النشوار.

_________

(1)

نشوار المحاضرة 2: 230 - 232، وفيه اختلاف في الرواية.

(2)

كرخ جدان: بليدة في آخر العراق قرب خانقين. ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 4: 449، وزيد في نشوار المحاضرة:"عِفْطية اللسان"، أي فيها لكنة.

ص: 207

مُبَيَّضة بالإسْفِيْدَاج، مَفْتُوحَة البابِ، وعليه نِسَاءٌ وُقُوف، فقُلْتُ لهم: ما الخَبَرُ؟ فأشَارُوا إلى دَاخِل الدَّار، وإذا إمرأَةٌ شَابَّةٌ حَسْنَاءُ، بَارِعة الجَمَالِ والكَمَال، وعليها ثِيَاب بيَاضٍ مَرْوِيَّة، من فَوْقها إزارٌ شَدِيدٌ البَيَاض قد الْتَحَفَت به وفي حجرها رأس يَشْخَبُ دَمًا! ففَزِعْتُ، وقالت: لا عليك، أنا فاطِمَةُ بنتُ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وهذا رأس الحُسَين صَلَواتُ اللّه على الجَمَاعَة، فقُولي لابن أَصْدَق حتَّى (a) يَنُوح:[من مجزوء الرمل]

لَم أُمَرِّضْهُ فأَسْلُو

لا ولا كان مَرِيْضًا

وانْتَبَهْتُ مَذْعُورةً.

قال أبو الحَسَن: وقالت العَجُوزُ: أُمَرِّظْهُ بالظَّاء! لأنَّها لا تَتَمكَّن من إقَامَةِ الضَّادِ، فسَكَّنْتُ منها إلى أنْ عاودَتْ نَوْمَها.

وقال أبو القَاسِم: ثمّ قال لي: مع مَعْرفتكَ بالرَّجُل فقد حَمَّلْتكَ الأمَانَةَ في آدَاءِ هذه الرِّسَالَة، فقُلتُ: سَمْعًا وطاعةً لأمْر سَيِّدة النِّسَاء رِضْوَانُ اللّه تعالَى عليها.

قال: وكان هذا في شَعْبان، والنَّاسُ إذ ذاك يَلْقونَ أذًى شَدِيْدًا، وجهْدًا جَهِيدًا من الحَنَابِلَةِ، وإذا أرادُوا زيارةَ المَشْهَد بالحَائِر، خَرَجُوا على اسْتِتارٍ ونَحَافَةٍ، فلَم أزَل أتَلَطَّفُ في الخُرُوج حتَّى تمكَّنْتُ منه، وحَصَلْتُ في الحائر لَيْلَة النِّصْف من شَعْبان، وسألتُ عن ابن أصْدَق، فدُللْتُ عليه، ودَعَوْتُهُ وحَضَرَنيّ، فقُلتُ لَهُ: إنَّ فاطِمَة عليها السلام تأمُرُكَ أنْ تَنُوحَ بالقَصِيدَة الّتي فيها: [من مجزوء الرمل]

لَم أُمَرِّضْهُ فأسْلُو

لا ولا كان مَرِيْضَا

(a) نشوار المحاضرة: عني أن.

ص: 208

فانْزَعَجَ من ذلك، وقَصَصْتُ عليه وعلى مَنْ كان معهُ عندي الحَدِيْثَ، فأُجْهِشُوا بالبُكَاءِ، ونَاحَ بذلك طُوْل لَيْلَتِهِ، وأوَّلُ القَصِيدَة:[من مجزوء الرمل]

أيُّها العَيْنانِ فِيْضَا

واسْتَهِلَّا لا تَغِيْضَا

وهي لبَعْضِ الشُّعَراء الكُوفِيِّيْن.

وهذه الحِكايَة ذَكَرَها غَرْسُ النّعْمَة أبو الحَسَن مُحَمَّد بن هِلِّل بن المُحَسِّن بن إبْراهيم المَعْرُوف بابنِ الصَّابِئ في كتاب الرَّبْيِع، وذَكَرَ أنَّ أباهُ الرَّئِيس هِلِّل بن المُحَسِّن ذَكرَها في كتاب المَنَامات من تأليفه، وقال: حَدَّث القَاضِي أبَو عليّ التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَني أبي - يعني أبا القَاسِم - وذَكَرَ الحِكايَة.

أنْبَأنَا بذلك أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطيْف بن يُوسُف بن عليّ، عن أبي الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن سَلْمَان، عن أبي عَبْد الله الحُمَيْدِي، قال: أخْبرنَا غَرْسُ النِّعْمَة، وأبو الحَسَن الكَرْخِيّ المَذْكُور هو من كِبَار أصْحَاب أبي حَنِيْفَة وله من المُصَنَّفَات: مُخْتَصَر الكَرْخِيّ في الفِقْهِ.

وقَرِيبٌ من هذه الحِكايَة، ما قَرأتُه بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن في تَارِيْخهِ

(1)

، وأَخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد في مَحُمُود بن هِبَة الله بن النَّجَّار عنه، قال: حَدَّثَني الشَّيْخ نَصْرُ الله بن مُجَلِّي، مُشَارِفُ الصّناعَة بالمَخْزَن، وكان من الثِّقَاتِ الأُمَنَاء، أهْل السُّنَّةِ، قال: رأيْتُ في المَنَامِ عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، فقُلتُ: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، تَفْتحُون مَكَّة فتقُولُونَ: منْ دَخَل دار أبي سُفْيان فهو آمنٌ، ثُمَّ يتمّ على وَلدكَ الحُسَين يَوْم الطَّفِّ ما تَمَّ؟ فقال لي عليّ عليه السلام:

(1)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثالث، وانظر الخبر عند: ياقوت: معجم الأدباء 3: 1355، ابن خلكان: وفيات الأعيان 3: 364، الوافي بالوفيات 15: 167 - 168، الإتليدي: إعلام الناس 407 - 408، وسيعيد ابن العديم ذكره في ترجمة الحيص بيص في الجزء التاسع من هذا الكتاب.

ص: 209

أمَا سَمِعْتَ أبْيَات الجَمَال ابن الصَّيْفِيّ في هذا؟ فقُلتُ: لا، فقال: اسْمَعْها منه، ثُمّ اسْتَيْقَظتُ، فباكَرْتُ إلى دار الحَيْص بَيْص، فخَرَجَ إليَّ، فذَكَرْتُ له الرُّؤْيا، فشَهَقَ وأجْهَشَ بالبُكَاءَ، وحَلَفَ باللهِ إنْ كانت خَرَجَت من فَمي أو خَطِّي إلى أحَدٍ، وإنْ كُنْتُ نَظَمتها إلَّا في لَيْلَتي هذه، وهي

(1)

: [من الطويل]

مَلَكْنا فكانَ العَفْوُ منَّا سَجِيَّةً

فلمَّا مَلكْتُم سَالَ بالدَّم أبْطَحُ

وحلَّلتُم قَتْلَ الأسِيْرِ (a) وطَالَما

غَدَونا عن الأسْرَى نَعُفُّ ونَصْفِحُ

ولا غَرْوَ فيما بَيْنَنا من تفاوُتٍ (b)

فكُلُّ إنَاءٍ بالَّذي فيهِ يَنْضَحُ

وأخْبَرَني أبو الطَّليْق مَعْتُوق بن أبي السُّعُود البَغْدَاديّ المُقْرِئ، قال: أنْشَدَني الوَزِير أبو غَالِب في الحُصَيْن هذه الأبْيَات للحَيْص بَيْص.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللهِ بن الحسُين بن عَبْد الله الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحمَّد بن أحْمد الأصْبَهانيّ الحَافِظ، إجَازَةً إنْ لَم يكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْدِ الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله بن عُبَيْد العَسْكَريّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الفَضْل العبَّاس بن عَبْد السَّمِيع المنصُورِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الفَتْح بن شَخْرَفَ يَقُول: كُنْتُ أفُتُّ للنَّمْل الخُبْزَ كُلّ يَوْم، فلمَّا كان يَوْم عَاشُوْراء لم يَأكُلُوه.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، فيما أذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مَنْصُور بن بَكْر بن مُحَمَّد بن حَيْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الحِيْرِيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّدُ الإسْفَرَاينِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن زَكَرِيَّاء الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا عبد

(a) الديوان وإعلام الناس: الأسارى.

(b) الديوان: فحسبكم هذا التفاوت بيننا.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 3: 404، في المستدرك على الديوان.

(2)

الطيوريات 3: 657 - 658.

ص: 210

الله بن الضَّحَّاك، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن مُحَمَّد، قال: لمَّا أجري الماءُ على قَبْر الحُسَين نَضَب بعد أرْبَعيْن يَوْماً، وامْتَحَى أثَرُ القَبْرِ، فجاءَ أعْرَابيُّ من بَني أَسدٍ فَجَعَل يأخُذ قَبْضَةً قَبْضةً، ويَشمُّهُ حتَّى وَقَع على قَبْر الحُسَين وبَكَى، وقال: بأبي وأُمِّي ما كان أطْيَبك وأطْيَبَ تُرْبَتك مَيِّتاً، ثُمّ بَكَى وأنْشَأ يَقول

(1)

: [من الطويل]

أرادُوا ليُخْفُوا قَبْرَهُ عن عَدُوِّهِ

فَطِيْبُ تُرَابِ القَبْر دَلَّ على القَبْرِ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد - يعني ابن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ - يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن عَبْدَان الصَّيْرَفِيّ يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَراً الخُلْدِيّ يَقُول: كان بي جَرَبٌ عظيمٌ كَثِيْرٌ، فتَمَسَّحْتُ بتُرَاب قَبْر الحُسَين، قال: فغَفَوْتُ فانْتَبَهْتُ وليس عليَّ منه شيء.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق القَزَّاز، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانيّ، قال: حَدَّثَني أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبّاس الخَزَّاز، قال: أخْبَرَنا مُكْرَمُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سَعِيْد الجَمَّال، قال: سَألْتُ أبا نُعَيْم عن زيارة قَبْرِ الحُسَين، فكأنَّهُ أنْكَرَ أنْ يعْلَم أين قَبْرهُ.

وقال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين الأزْرَق، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّدُ الخُلْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدّثَنَا إسْمَاعِيْلُ في أَبَان، قال: أخْبَرَنا حِبَّانُ بن عليّ، عن سَعْد بن طَرِيفٍ، عن أبي جَعْفَر، عن أُمّ سَلَمَة، قالت

(4)

:

(1)

يُنسب بيت الشعر لصريع الغواني، انظر ديوانه 330، وفيه أنه قاله في رثاء رجل.

(2)

تاريخ بغداد 1: 475.

(3)

تاريخ بغداد 1: 473.

(4)

الأمالي الخميسية للشجري 1: 184.

ص: 211

قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُقْتَل حُسَينٌ على رَأسِ ستِّين من مُهاجَري.

وقال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُمَر الوَاعِظ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني هَارُون بن عَبْد الله، قالْ سَمِعْتُ أبا نُعَيْم يَقُول: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ سَنَة ستِّين، يَوْم السَّبْت يَوْم عَاشُوْراء، وقُتِلَ وهو ابن خَمْسٍ وستِّين، أو ستٍّ وسِتِّين.

وقال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُمَر، قال: قال أبي (a): وهذه الروَايَةُ لأبي نُعَيْم وَهْمٌ من جِهَتين: في القَتْل والمَوْلد، فأمَّا مَوْلد الحُسَين عليه السلام، فإنَّهُ كان بينه وبين أخيهِ الحَسَن طُهْرٌ، ووُلدَ الحَسَن للنِّصْف من شهر رَمَضَان سَنَة ثلاثٍ من الهِجْرَة، وأمَّا الوَهْمُ في تاريخ مَوْتهِ: فأجْمَعَ أكْثَر أهْل التَّاريخ أنَّهُ قُتِلَ في المحرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، إلَّا هِشَام ابن الكَلْبيّ فإنَّهُ قال: سَنة اثنتَيْن وسِتِّين، وهو وَهْمٌ أيْضًا.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: كَتَبَ إلينا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البيهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمِ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الأشْعث، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن العَلَاء، قال: أخْبَرَنا سَعِيد بن أبي عَرُوبَة، عن قَتَادَة، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ يَوْمِ الجُمُعَة يَوْمٍ عَاشُوراء لعَشْرٍ مَضَيْنَ من المحرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ أرْبعٍ وخَمْسِين سَنَةً وستّة أشْهُر ونصف.

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا

(a) في تاريخ بغداد: قال لي أبي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 1: 474.

(2)

تاريخ بغداد 1: 474.

ص: 212

أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثثا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: قال أبو عَبْد الله الوَاقِدِيُّ: قُتِلَ حُسَين بن عليّ في صَفَر سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو يَوْمئذٍ ابن خَمْسٍ وخْمْسِين، حَدَّثَني بذلك أفْلَح بن سَعيد، عن ابن كَعْب القُرَظِيّ، قال: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، عن أبي مَعْشَر، قال: قُتِلَ الحُسَن بن عليّ لعَشْرٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم. قال الوَاقِدِيّ: وهذا أثْبَتُ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا ابن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: الحُسَين بن عليّ قُتِلَ بنَهْر كَرْبَلَاء يَوْم عَاشُوْراء في المحرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ ستٍّ وخَمْسِين سَنَة.

وقال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد الرَّزَّاز، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد في الحَسَن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا بشر بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عليّ

(3)

، قال: وقتِلَ الحُسَين بن علىِّ، كان يُكْنَى بأبي عَبْدِ اللهِ، سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو يَوْمئذٍ ابن ستٍّ وخَمْسِين سَنَةً، في المُحَرَّم يَوْم عَاشُوْراء.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللهِ بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الآبنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله بن البَرْقِيّ، قال: الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، وابن فاطِمَة بنت رسُول الله صلى الله عليه وسلم، يُكْنَى أبا عَبْد الله، وُلد في ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة، وقُتِلَ بالطَّفِّ يَوْم عَاشُوْراء سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ خَمْسٍ وخَمْسِين

(1)

تاريخ بغداد 1: 474.

(2)

تاريخ بغداد 1: 475.

(3)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 221.

ص: 213

وستّة أشْهُر، وكان قبره بكَرْبَلَاء من سَوَادِ الكُوفَة؛ قَتَلَهُ سِنَانُ بن أنَسٍ النَّخَعِيِّ، ويقال: قَتَلَهُ ابن ذي الجَوْشَن الضِّبَابِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أَخْبَرَنا ابن بِشْرَان، فال: أخْبَرَنا الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: أُخْبِرتُ عن ابن عُيَيْنَة، قال: سَمِعْتُ الهُذَلِيّ يَسْأل جَعْفَر بن مُحَمَّد، فقال: قُتِلَ الحُسَينُ وهو ابن ثَمانٍ وخَمْسِين سَنَةً.

أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد في الأكْفانيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أَبو المَيْمُون (4) بن رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة

(3)

، قال: قال مُحَمَّدُ بن أبي عُمَر، عن ابن عُيَيْنَة، عن جعفر بن مُحَمَّدُ، قال: قُتِلَ حُسَين وهو ابن ثَمانٍ وخَمْسِين سَنَةً. قال أبو نُعيْم: في يوْم سَبْت؛ يَوْم عَاشُوْراء.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخبرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، قال: وقُتِلَ الحُسَين، يعني لثمَانٍ وخَمْسِين.

قال ابنُ السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبَيْدِ الله، قال: أخْبَرَنا علي بن مُحَمَّدُ بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحاق، قال:

(a) ابن عساكر المأمون.

_________

(1)

تاريخ بغداد 1: 475.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 245 - 246.

(3)

تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 627.

ص: 214

حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبيِهِ، قال: قُتِلَ عليّ وهو ابنُ ثَمانٍ وخَمْسِين، ومات لها حَسَنٌ، وقُتِلَ حُسَين لها.

قال: وأخْبَرَنا الخُطَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن بَهْرَام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنْ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبيِهِ، أنَّ الحُسَين عُمِّرَ سَبْعاً وخَمْسِين سَنَةً.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ عَبد الوَهَّاب بن المبُارَك، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبيِهِ أنَّ الحُسَين عُمِّر سَبْعاً وخَمْسِين أو ثَمانياً وخَمْسِين.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالب وأبو عَبْد اللهِ ابْنَا البَنَّاء، قالوا: أخْبَرَنا أبو جعفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبير بن بَكَّر، قال: حَدَّثَني سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: قُتِلَ حُسَين وهو ابنُ ثَمانٍ وخَمْسِين، قال: والحَدِيْثُ الأوَّلُ في سِنِّهِ أثْبَتُ، يعني ابن ستٍّ وخَمْسِين.

أنْبَأنَا أبو نَصْرِ القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد في إسْمَاعِيْل الفُضَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن مُحَمَّد الخَلِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الخُزَاعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد الهَيْثَم في كُلَيْب، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن صالح يقول: سَمِعتُ عُثْمان يقول: سَمعتُ الفَضِيْل يَقُول: مات الحُسَين بن عليّ يَوْم السَّبْت، يَوْم عَاشُوْراء سَنَة ستِّين.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 247.

ص: 215

وقال أبو القَاسِم بن الحَسَن

(1)

: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات -يعني ابن المُبارَك- قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل -يعني ابن خَيْرُون- قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص بن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبرنا أبو نُعَيْم قال: وقُتِلَ الحُسَين بن عليّ في سَنَة ستِّين في آخرها يَوْمًا.

وقال

(2)

: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: قال أبي: وقُتِلَ الحُسَين يَوْم عَاشُوْراء أوَّل سَنَة ستِّين. وقال عَمِّي أبو بَكْر قُتِلَ الحُسَين بن علِيّ في سَنَة إحْدَى وسِتِّين يَوْم عَاشُوْراء، وقَتَلَهُ سِنَانُ بن أبي أَنَس، وجاء برَأسه خَوْلِي بن يَزيد الأَصْبَحِيّ؛ جاءَ به إلى عُبَيْدِ الله بن زِيَاد.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن عليّ، ح.

قال: وأخْبَرَنا ابن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن الحُسَين النِّعَالِيّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي لأُمِيِّ إسْحاق بن مُحَمَّد النِّعَالِيّ، قالا: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا قَعْنَبُ بن المُحَرَّز، قال: وقُتِلَ الحُسَين سَنَة ستِّين يَوْم عَاشُوْراء.

وأنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عُمَرَ بن عُبَيْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحمد، قال: أخْبَرَنا حَنْبَل بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنا أَبو نُعَيْم، قال: وحُسَين بن عليّ يَوْم السَّبْت يَوْم عَاشُوْراء سَنَة ستِّين، وهذا وَهْمٌ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 247.

(2)

لم أقف عليه بالإسناد المذكور في تاريخ ابن عساكر، وانظر شبيهه في تاريخه 14:252.

ص: 216

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا ابن رِزْق، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا هَيْثِمَ بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا ابن زَنْجُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو الأسْوَد، قال: قُتِلَ الحُسَين سَنَة ستِّين. وقال مُحمّد بن عُمَر: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثنا عَبَّاد، قال: حدَّثَنا عِيسَى بن عَبْد الله، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ سَنَة ستِّين.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وقَوْلُ مَنْ قال سَنَة إحْدَى وستِّين أصَحُّ.

وقال الخَطِيبُ

(3)

: أخْبَرَنا ابن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عن أحْمَد -يعني ابن حَنْبَل- عن إسْحاق بن عِيسَى، ح.

قال: وأخْبَرَنا ابن رِزْق، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد الله، عن إسْحاق بن عِيسَى، عن أبي مَعْشَر. قال حَنْبَلُ: وحَدَّثَنَا عَاصِم بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مَعْشَر، قال: وقُتِلَ الحُسَينُ بنُ عليّ لعَشْرِ ليالٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، واللَّفظ لحديث سَلَمَة.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالب بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن عُثْمان بن جُنَيْقَا، قال: أخْبَرنَا إسْمَاعِيل بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن نُمَيْر، قال: حَدَّثَني مَنْ سَمِعَ أبا مَعْشَر السِّنْدِيّ عن أصْحَاب المغَازِي أنَّ الحُسَين بن عليّ قُتِلَ لعَشْر ليالٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

(1)

تاريخ بغداد 1: 475.

(2)

تاريخ بغداد 1: 475.

(3)

تاريخ بغداد 1: 474.

ص: 217

وقال ابن طَبَرْزَد: أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَابَسِيْريّ، قال: حَدّثَنَا الأحْوَص بن المُفَضَّل الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قال الوَاقِدِيّ: وقُتِلَ الحُسَين بن عليّ يَوْم عَاشُوْراء في سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ المُرْتَضَى، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر في أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن نَظِيْف، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن رَشيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد اللهِ جَعْفَر بن عليّ الهاشِميّ ثمّ العبّاسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدُ بن أَيُّوب، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب يوْم عَاشُوْراء، وهو يَوْم الأَحَد لعَشْرٍ مَضَيْنَ من المُحَرَّم بكَرْبَلَاء سَنَة إحْدَى وسِتِّين، قُتِلَ معه من إخْوَته ووَلده وأهْل بَيْتهِ ثلاثةٌ وعشرُون رَجُلًا.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، عن أبي غَالِب وأبي عَبْد الله ابْني البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفر بن المُسْلمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخِلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار

(1)

، قال: وقُتِلَ الحُسَين بن عليّ يَوْم عَاشُوْراء سَنَة إحْدَى وسِتِّين بالطَّفّ بكَرْبَلَاء، وعليه جُبَّة خزٍّ دَكْنَاء، وهو صَابِغٌ بالسَّوَاد، وهو ابنُ ستٍّ وخَمْسِين.

وقال الزُّبَيْر في مَوضِع آخر

(2)

: والحُسَين بن عليّ وُلد لخَمْسِ ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة، وقُتِلَ يوم الجُمُعَة يَوْم عَاشُوْراء في المُحَرَّم سَنَة إحْدَى

(1)

لم أقف عليه عند ابن بكار، وهو في المعجم الكبير للطبراني 3: 122، والاستيعاب لابن عبد البر 1: 393 معزوًّا عندهما لابن بكار.

(2)

في نسب قريش لمصعب الزبيري 40.

ص: 218

وسِتِّين، قَتَلَهُ سِنَانُ بن أبي أنَسٍ (a) النَّخَعِيُّ، وأجْهَزَ عليه خَوْلِي بن يَزِيد الأَصْبَحِيّ من حِمْيَر، وحَزَّ رَأسَهُ وأتى به عُبَيْد الله بن زِيَادٍ فقال:[من الرجز]

أوْقِر رِكَابِي فِضَّةً وذَهَبا

أنا قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمًّا وأبا

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِبُ، فيما أَذِنَ لنَا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا ابن بُكَيْر، عن اللَّيْث بن سَعْد، قال: وِفي سَنَة إحْدَى وسِتِّين قتُلَ الحُسَين بن عليّ وأصْحَابُهُ لعَشْرِ ليالٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم يوْم عَاشُوْراء؛ يَوْم السَّبْت.

وقال أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْر بن أحْمَد بن نَصْر الخَطِيب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن زَيْد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بنُ حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عَيَّاشٍ، قال: وقُتِلَ الحُسَين بن عليّ لعَشْرِ ليالٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّن.

وقال أبو القَاسِم: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبرَني أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: أخْبَرَنِي أبي، قال: حَدَّثَني أبو

(a) نسب قريش: سنان بن أنس.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

ص: 219

عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، قال: سَنَة إحْدَى وسِتِّين أُصِيْبَ فيها الحُسَين بن عليّ يَوْم عَاشُوْراء.

وقال أبو القَاسِم: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عُمَر بن حَفْص، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد، قال: وقُتِلَ الحُسَين في عليّ يَوْم عَاشُوْراء في المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين بكَرْبَلَاء، وهو ابنُ سَبعْ وخَمْسِين سَنَةً.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قَشِيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِعٍ، قال: سَنَة إحْدَى وسِتِّين الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب أبو عَبْدِ الله عليه السلام يَوْم عَاشُوْراء، يعني قُتِلَ.

كَتَبَ إلينا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل الحافِظ أنَّ أبا القَاسِم خَلَف بن عَبْد المَلِك بن بشكُوَال أجازَ لهم، وقال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد، إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِمِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيدُ في عُثْمان بن السَّكَن، قال: والحُسَين بن عليّ بن أبي طَالب اسْتُشْهِدَ بكَرْبَلَاء من نَاحِيَةِ الكُوفَة يَوْم عَاشُوْراء لَيْلَة جُمُعَة، سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

وقال أبو نُعَيْم: قُتِلَ عليّ مع أبيهِ يَوْم عَاشوْراء في سَنَة ستِّين رضي الله عنه.

أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ،

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 253.

ص: 220

قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق النَّهَاوَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عِمْران الأُشْنانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ

(1)

، قال: قُتِلِ الحُسَين بن عليّ يَوْم الأرْبَعَاء، وهو ابنُ ثَمانٍ وخَمْسِين، لعَشْرٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم يوْم عَاشُوْراء سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

قال خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(2)

: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مُعاوِيَة، عن سُفْيان، عنِ أبي مُوسَى، قال: سَمِعْتُ الحَسَن البَصْرِيّ يَقُول: أُصِيْبَ مع الحُسَين ستَّة عَشر رجُلًا من أهْل بَيْته، ما على وَجْه الأرْض يَوْمئذٍ أهْل بَيْتٍ بهم شَبِيْهُون. الّذي وَلي قَتْل الحُسَين شَمِر بن ذي الجَوْشَن، وأمير الجَيْش عُمَر بن سَعْد بن مَالِك. قال سُفْيان: قال جَعْفَر بن مُحَمَّد: قُتِلَ الحُسَين وهو ابنُ ثَمانٍ وخَمْسِين.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّدُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّدُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قال في الطَّبَقَةِ الثَّانيَةِ: الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، وِيُكْنَى أبا عَبْد الله، وأُمُّهُ فاطِمَة بنت رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُتِلَ رحمه الله بنهر كَرْبَلَاء، يَوْم عَاشُوْراء، في المحرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ ستٍّ وخَمْسِين سَنَةً.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا الحافِظ

(4)

، قال: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَميِّ، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد السُّلميّ، عن أبي مُحَمَّد التَمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا أبو

(1)

تاريخ خليفة 234.

(2)

تاريخ خليفة 235.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 254.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 255.

ص: 221

سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن صالِح، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ سَنَة إحْدَى وسِتِّين يَوْم عَاشُوْراء يَوْم السَّبْت، وهو ابنُ ستٍّ وخَمْسِين سَنَةً. وقد قيل إنَّهُ قُتِلَ سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله -يعنِي ابن عُمَرِ بن شَاهِين- قال: حدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنا يَحْيَى بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُولى بن حَمَّاد، عن ابن أبي السَّرِيّ، عن هِشَام بن الكَلْبيّ، قال: وفي سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين قُتِلَ الحُسَينُ بن عليّ رضي الله عنهما يَوْم عَاشُوْراء.

وقد ذَكَرنا عن الخَطِيب أنَّهُ قال

(3)

: أجْمعً أكْثر أهْل التَّاريخ أنَّهُ قُتِلَ في المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين إلَّا هِشَامِ بن الكَلْبيّ فإنَّهُ قال: سَنَة اثْنَتَيْن وستِّين، وأوْردَ عن ابن أبي السَّرِيّ عنه ما أوْردَناهُ، وقد نُقِلَ عن عليّ بن المَدِيْنِيّ أنَّهَ قُتِلَ سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين.

أخْبَرَنا بذلك أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عُمَر بن عُبَيْد الله بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحاق بن إسْمَاعِيْل، قال: سَمِعْتُ عليّ بن المَدِيْنِيّ، قال: مَقْتَلُ حُسَين سَنَة ثنتَيْن وسِتِّين.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(4)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحُسَين القَطَّان،

(1)

تاريخ مولد العلماء 68.

(2)

تاريخ بغداد 1: 474.

(3)

تاريخ بغداد 1: 474.

(4)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد.

ص: 222

قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللهِ بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثنا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: قال ابنُ لَهِيْعَة: كان قتل الحُسَين بن عليّ، وقَتْل عُقْبَة بن نَافِع، وحَرِيق الكَعْبَة في سنَةٍ واحدةٍ، سَنَة ثنْتَين أو ثلاثٍ وسِتِّين.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبنُوسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن جُنَيْقَا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الخُطَبِيّ، قال: حَدَّثنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثي أبو نُعَيْم، قال: قُتِلَ الحُسَين بن عليّ يَوْم سَبْتٍ، يَوْم عَاشُوْراء، وقيل: يَوْم الاثنين.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكاَت الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِرٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن الكَلَابَاذِيّ، قال: الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو عَبْد الله، أخو أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الهاشِميّ المَدِيْنيّ (a)، وأُمّهما فاطِمَةُ بنتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قال الوَاقِدِيُّ: وماتَت ليْلَة الثّلاثَاء لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة إحْدَى عَشْرة من الهِجْرَة، وهي ابنَةُ تسعٍ وعشرين سَنَة أو نحوها، سَمعَ أباهُ عليّ بن أبي طَالِب، رَوَى عَنْهُ ابنُه عليّ بن الحُسَين الأصْغَر في التَّهَجُّد والخُمْس وغير مَوضِع، وُلد سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة بعد أخيهِ الحَسَن، ووُلد أخُوه سَنَة ثلاثٍ من الهِجْرَة.

(a) ابن عساكر: المدني.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 256 - 257.

ص: 223

قال خَلِيفَةُ

(1)

: وقُتِلَ يَوْم عَاشُوراء، يوم الأرْبَعَاءَ، سَنَة إحْدَى وسِتِّين. قالَه خَلِيفَة ومُسَدَّد.

ويُرْوَى عن جَعْفَرِ، عن أَبيهِ، قال: لَم يكُن بين الحَسَن والحُسَين إلَّا طُهْرٌ، وماتَ الحَسَنُ في شهْر ربيع الأوَّل سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وهو ابنُ سَبعٍ وأرْبَعين، وكان قد سُقِيَ السُّمّ.

قال الوَاقِدِيّ وابن نُمَيْر مثْلَهُ.

قال الوَالِدِيّ: وفيها -يعني في سَنَة ثلاثٍ- وُلد الحَسَنُ بن عليّ في النِّصْف من شَهْر رَمَضَان، وفيها علقَتْ فاطِمَةُ بالحُسَين، بين عُلُوقها وبين ولادِ الحَسَنِ خَمْسِين ليلةً.

وقال الوَاقِدِي: وفيها وُلد الحُسَين -يعني في سَنَة أرْبَعٍ من الهِجْرَة- في ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان.

وقال ابنُ أبي شَيْبَة: قُتِلَ يَوم عَاشُوْراء سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

قال ابنُ نُمَيْر: قُتِلَ في عَشر من المحرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ خَمْسٍ وخَمْسِين سَنَة.

وقال مُحَمَّد بن سَعْد: قال الوَاقِدِيّ: قُتِلَ بنَهْر كَرْبَلَاء، يَوْم عَاشُوْراءَ سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وهو ابنُ ستٍّ وخَمْسِين سَنَةً.

وقال الذُّهْلِيّ: قال يَحْيَى بن بُكَيْر: قُتِلَ في صَفَر سَنَة إحْدَى وسِتِّين، وسِنُّه ستٍّ وخَمْسُون سَنةً.

وقال ابنُ بُكَيْر مرَّةً أُخْرى في سِنِّهِ: ثَمان وخَمْسُون.

(1)

تاريخ خليفة 234.

ص: 224

وقال ابنُ أبي شَيْبَة: ماتَ في سَنَةِ ثَمانٍ وخسِين، ويقال: ماتَ وهو ابنُ خَس وسِتِّين (a)، ويقال ابنُ سَبْعٍ وخَمْسِين.

وقال الوَاقِدِيّ: والثَّبتُ عندنا أنَّهُ قُتِلَ في المُحَرَّم يَوْم عَاشُوْراء، وهو ابنُ خَمْسٍ وخَمْسِين سَنَةً وأشْهُر.

وقَال أبو عِيسَى: قُتِلَ يَوْم السَّبْت يَوْم عَاشوْراء سَنَة ستِّين.

وقال الوَاقِدِيّ: حَدّثني أفْلَحُ بن سَعيدٍ، عن ابن كَعْبٍ القُرَظِيّ (b)، قال: قُتِلَ الحُسَين في صفَر سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الخَطِيب، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بن عَبْد المنعِم بن الحدَّادِ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغيّ، قال: أنْبَأنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو نَصْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ الصَّيْرَفِيّ، إذنًا ومُشَافهةً، أنَّ القَاضِي أبا بَكْر أحْمَد بن الحُسَين الحَرَشِيّ أجازَ لهم، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن ديْنارٍ، قال: حَدَّثنا ابن عائشَة، قال: وَقَف سُليْمان بن قَنَّة بمصَارع الحُسَين وأَصْحَابهِ بكَربَلَاء فاتَّكأ على قَوْسه وجَعَل يَبْكي وبقول

(1)

: [من الطويل]

إِنَّ قَتِيْل الطَّفّ من آل هاشِمٍ

أذلّ رِقَابًا من قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ

مَررْتُ على أبياتِ آل مُحمَّدٍ

فلم أرها أمْثَالها يوْم حُلَّتِ

(a) كذا في الأصل، ومثله في بعض أصول ابن عساكر، وفي المطبوع: خمس وخمسين.

(b) في نشرة ابن عساكر: القرطبي، وصوابه ما عند ابن العديم، وهو مُحَمَّد بن كعب القرظي.

_________

(1)

انظر الأبيات في نسب قريش لمصعب الزبيري 41، والاستيعاب 1: 394، وتاريخ الإِسلام 2: 638، والمقفى الكبير للمقريزي 3: 593، 617.

ص: 225

فلا يُبْعِد اللهُ الدِّيَارَ وأهْلَها

وإنْ أصْبَحت منهم برغمي تخلَّتِ

ألَم تَرَ أنَّ الأرْضَ أمْسَتْ مَرِيْضة

لفَقْد حُسَين والبِلاد اقْشَعَرَّتِ

وكانوا رجَاء ثمّ عادُوا رزيةً

لقد عَظُمَت تلك الرَّزَايا وجَلَّتِ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدِّهْقَان الإمَام بجامع بَلْخ، أُنْشدتُ لسُليْمان بن قنَّة (a) :[من الطويل]

مَرَرتُ على أبياتِ آل مُحَمَّد

فلَم أرَهَا أمْثَالها يَوْم حُلَّتِ

فلا يُبْعِد اللهُ الدِّيَارَ وأهْلَها

وإنْ أصْبَحَت منها برغمي تخلَّتِ

ألَا أنَّ قَتْلَى الطَّفّ من آل هاشِمٍ

أذلّتْ رِقَاب المُسْلمِيْن فذلّتِ

وكانُوا غياثًا ثمّ أضْحُوا رزية

لقد عَظُمَتْ تلك الرَّزَايا وجلَّتِ

أخْبَرَنا أبو المُفَضَّل مُرَجَّا بن مُحَمَّد بن هبَةِ الله بن شُقْرَة، قراءةً عليه، قال: أنْبَأنَا القَاضِي أبو طَالب مُحَمَّد بن عليّ الكَتَّانِيَّ، عن أَبيِهِ مَنْصور عَبْد المُحْسِن بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أَنْشَدَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر أحْمَد بن القَاسِم بن نصْر بن زِيَادٍ النَّيْسَابُوريّ، قال: أَنْشَدَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ الخُزَاعِيّ دِعْبِل

(1)

لنَفْسِه: [من الطويل]

مَدَارِسُ آياتٍ خَلَتْ من تلَاوةٍ

ومَنْزلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ العَرَصَاتِ

لآلِ رَسُولِ اللهِ بالخَيْفِ من مِنًى

وبالبَيْت (b) والتَّعْريْف والجَمَرَاتِ

قِفَا نَسْألِ الدَّارَ الّتي خَفَّ أهْلُها

متى عَهْدُها بالصَّوْم والصَّلَوَاتِ

(a) في نسب قريش لمصعب الزبيري 41: ابن قتة، والأبيات فيه.

(b) الديوان: وبالركن.

_________

(1)

ديوان دعبل 131 - 133.

ص: 226

قال فيها

(1)

:

فأمَّا المُصِيْباتُ (a) الّتي لسْتُ بالغًا

مَبَالغَها مِنِّي بكُنه صِفَاتي

قُبُور (b) لدَى النَّهْرين من بَطْنِ (c) كَرْبَلَا

معرَّسُهم منها (b) بشَطّ فُرَاتِ

أضاف بأن أزدَارَهُم ويَشُوقِني

مُعرَّسُهمِ بالجزْعِ ذي النَّخْلاتِ (e)

تَقسَّمَهُم رَيْبُ المَنُون (f)، فما تَرَى

لهم عَقْوةً مَغْشيَّةَ الحُجُرَاتِ

خَلَا أنَّ (g) منهم بالمَدِينَة عُصْبَةً

مذودونَ (h) أنْضَاءَ من الأزَماتِ

قَليلةُ زُوَّارٍ، خَلا أنَّ زوَّرًا (i)

من الضَّبعْ والعِقْبَان والرَّخَمَاتِ

وكيف أداوي من جَوَىً بي (j) والجَوَى

أُمَيَّةُ أهْلُ الكُفْر واللَّعَنَاتِ (k)

وآلُ زِيَادٍ في الحَرِيْر (i) مَصُونَةٌ

وآلُ رَسول اللهِ في الفَلَوَاتِ

وآلُ رسُولِ اللهِ نُحْفٌ جُسُومُها (m)

وآلُ زِيَادٍ غُلَّظُ الرَّقَبَاتِ (n)

أَلَم تَرَ أَنِّي مُذْ ثَلاثُون حِجَّة

أَرُوحُ وأَغْدُو دَائِمَ الحَسَرَاتِ

أرَى فيئَهم في غيرهم مُتَقَسَّمًا

وأيديَهُم من فَيْئهم صَفِراتِ

إذا وُتِروا مَدُّوا إلى وَاتِريهمُ

أكُفًّا عن الأوْتَار مُنْقَبضاتِ

وهذه قَصِيدَة شَاعِرة طَوِيلَة؛ تَزيدُ على خَمْسِين بيْتًا

(2)

، سنُوردها إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى بكَمَالها في تَرْجَمَةِ دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ

(3)

.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا السَّعَادَاتِ المُبَارَك بن الحُسَين بن عَبد الوَهَّاب الوَاسِطِيّ بالنُّعْمانيَّةِ،

(a) الديوان: الممضات.

(b) الديوان: نفوس.

(c) الديوان: أرض.

(d) الديوان: فيها.

(e) الديوان: فالتخلات.

(f) الديوان: الزمان.

(g) الديوان: سوى أنَّ.

(h) الديوان: مدى الدهر.

(i) الديوان: سوى بعض زوَّرٍ.

(j) الديوان: لي.

(k) الديوان: أهل الفسق والتبعات.

(l) الديوان: بنات زياد في القصور.

(m) الديوان: جسومهم.

(n) الديوان: القصرات، وهي ذات المعنى، القَصَرة أصل العنق.

_________

(1)

ديوان دعبل 137 - 143.

(2)

عدد أبيتها في الديوان 115 بيتًا.

(3)

في الجزء السابع فيما يلي.

ص: 227

مُذَاكَرَةً من حِفْظه، يقُول: سَمِعْتُ القَاضِي أبا يُوسُف عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد القَزْويني يقُول: اجْتَمعتُ -يعني بأبي العَلَاءَ أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان المَعَرِّي- فَجَرَى بيننا كَلَامٌ، فقال أبو العَلَاء: ما سَمعتُ في مَرَاثِي الحُسَين بن عليّ رضي الله عنهما مَرْثِيَّة تُكْتَب، قال: فقُلتُ لَهُ: قد قال رَجُلٌ من فلَّاحِي بَلَدِنا أبْيَاتًا يَعْجزُ عنها شَيْخ تَنُوخ، فقال لي: أنْشِدنيْها، فأنْشَدتُهُ

(1)

: [من الكامل]

رَأسُ ابْنِ بنْتِ مُحَمَّدٍ ووَصِيِّهِ

للمُسْلمين على قَنَاةٍ يُرْفَعُ

والمُسْلُونَ بمنظَرٍ وبمَسْمَعٍ

لا جَازِعٌ فيهِمْ ولا مُتَفَجِّعُ

كُحِلَتْ بمنظَرِكَ العُيُونُ عَمَايةً

وأصَمِّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذْنٍ تَسْمَعُ

أيقظْتَ أجْفَانًا وكُنْتَ أنَمْتَها

وأَنَمْتَ عَيْنًا لَم تكُن بكَ تَهْجَعُ

ما رَوْضَةٌ إلَّا تَمنَّتْ أنَّها

لكَ تُرْبَةٌ ولخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجعُ

فقال لي أبو العَلَاءِ: واللهِ ما سَمِعْتُ أرَقّ من هذا.

قلتُ: قد رُثِيَ الحُسَين رِضْوَان الله عليه بأشْعَار كَثِيْرة لو بَسَطْتُ يَدي إلى إيراد جُمْلَةٍ منها لطال ذِكْرُها، وامْتَنعَ حَصْرُها، فاقْتَصَرتُ منها على هذا القليل خَوْفًا من الإكْثَار، وتجنُّبَا للتَّطْويل.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ أبي أُسامَة بن مُحَمَّد بن بُهْلُولٍ أبي لأُسامَة، أبو القَاسِم الأُسَامِيُّ الحَلَبِيُّ

(2)

من وَلدِ أُسامَة بن زَيْدٍ، من بيتٍ مَشْهُور بحَلَب، كان فيهم الفُضَلَاءُ والخُطَبَاءُ والمحدِّثُون، وأبو القَاسِم هذا كان أَدِيبًا فَاضِلًا، شَاعِرًا، مُحَدِّثًا.

(1)

تنسب الأبيات لدعبل، ديوانه 225 - 226، وانظرها أيضًا في معجم الأدباء 1: 306 - 307.

(2)

توفي سنة 468 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (ذيوله) 381، تاريخ بغداد 13: 88، تاريخ ابن عساكر 36:208.

ص: 228

أخَذَ الأدَب عن أبي عَبْد الله الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه النَّحْوِيّ، وأبى العبَّاس أحْمَد بن فَارِس الأدِيْب المَنْبِجِيّ، وأبي الحُسَين سَعيد بن زَيْد الحِمْصِيّ، وأبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد النَّامِيِّ المِصِّيْصيّ.

ورَوَى الحَدِيْث عن القَاضِي أبي مُحَمَّد عُبَيْد الله بن الحُسَين بن عبد الرَّحْمن الصَّابُوِنِيّ الأنْطَاكِيّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن سلَّام، وأبي عَبْد الله مُحمَّد بن عِيسَى بن إسْحاق التِّميْمِيّ البَغْدَاديّ نَزِيلُ حَلَب، وأبَوَي بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيّ، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة الطَّرَسُوسِيّ، وأبي عِمْران مُوسَى بن القَاسِم بن مُوسى بن الحَسَن بن موسَى الأشْيَب، وأبي الحسُين مُحَمَّد بن عُثْمان الذَّهَبِيّ، وأبي القَاسِم يَعْقُوبَ بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن ثَوَابَة الحِمْصِيّ، وأبي عليّ عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيْد، وأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن شَيْبَان المَوْصِلِيّ المَعْرُوف بابنِ عِتْرَة

(1)

، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن المُسْتَفَاض الفِرْيَابيّ.

رَوَى عنهُ أبو سَعْد إسْمَاعِيْلُ بن عليّ السَّمَّان الحافِظ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الوَخْشِيّ القَاضِي، وأبو خَازِم مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن خَلَف بن الفَرَّاء، وأبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن المَغْرِبيّ الوَزِير، وأبو الفَتْح أحْمَد بن عليّ النَّخَّاس المَدَائِنِي، ومُشْرِق بن عَبْد الله الفَقِيه العَابِدُ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو سَعْد عُمَر بن عليّ بن الحُسَين المحمُودِيّ ببَلْخ، قال: حَدَّثنا القَاضِي أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر الوَخْشِيّ الحافِظ، من حِفْظِه في صَفَر سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(1)

انظره في الإكمال لابن ماكولا 6: 298، وتاريخ بغداد 12: 455 والضبط منه.

ص: 229

الحُسَينُ بن عليّ بن عُبيدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة الحَلَبِيُّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحمَّد عُبَيْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْد الرَّحمن الأنْطَاكيّ المَعْرُوف بابن الصَّابُونيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن شَيْبَان الرَّمْلىِّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن الزُّهْرِيّ، عن السَّائِب بن يَزِيد رضي الله عنه

(1)

، قال: أذْكُرُ إذْ غَزَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَبُوكًا، خَرَجنا مع الصِّبْيَان نتلقَّى إلى ثَنِيَّة الوَدَاعَ.

زادَ غيره في الحَدِيْث: [من مجزوء الرمل]

طلع البَدْرُ علينا

من ثَنِيَّات الوَدَاعَ

وجَب الشُّكْر علينا

مما دَعَا لله دَاعَ

أخْرَجَهُ البُخاريّ عن عليّ

(2)

.

أخْبَرَتْنا الحُرَّةُ زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ، في كتابها إلينا غير مَرَّة من نَيْسَابُور، قالت: أخْبرَنا الإمَامُ أبو القَاسِم مَحْمُود بن عُمَر بن مُحَمَّد الزَّمَخَشَرِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَني الأُسْتَاذ الأَمِين أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن مَرْدَك، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الحافِظ أبو سَعْد إسمَاعِيْل بن عليّ بن الحُسَين السَّمَّان إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عليّ بن عُبَيْدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ بها، لَفْظًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلَّام الطَّرَسُوسيِّ، فذكَرَ حَدِيثًا.

(1)

صحيح البخاري 4: 92 (رقم 196)، سنن أبي داود 3: 219 (رقم 2779)، والجامع الكبير للترمذي 3: 333 (رقم 1718)، دلائل النبوة للبيهقي 5: 265، وسنن البيهقي الكبرى 9: 175، صحيح ابن حبان 11: 113 (رقم 4793)، فتح الباري 8: 126 - 127 (رقم 4426 - 4427).

(2)

لم أقف عليه في صحيح البخاري من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو فيه وفي شرحه (فتح الباري) من حديث السائب كما تقدم في التخرج قبله.

ص: 230

نَقَلتُ ممَّا علَّقتُه من بعض الكُتُب من الفَوَائِد: قال أبو خَازِم مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَرَّاء: أنْشَدَني أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن [أبي](3) أُسامَة بحَلَب في مَنْزِله بدَرْب الحَطَّابيْن، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعيِّ: [من الخفيف]

لم نَكُن نَعْرِفُ العِنَاقَ فلهَّا

كانَ يَوْمُ الفِرَاقِ أبْدَوا عِنَاقَا

وإذا كانَ في الفِرَاقِ عِنَاقٌ

جَعَل اللهُ كُلَّ يَوْم فِرَاقا

قُلتُ: دَرْب الحَطَّابين دَربٌ نافذٌ من مَحَالِّ حَلَب، بالقُرْبِ من باب أنْطَاكِيَة، بها كانت مَنَازِل بني أبي أُسامَة.

قَرَأتُ في أثناءَ رسالةٍ من رَسَائِل الوَزِير أبي القَاسمِ الحُسَين بن عليّ بن المَغْرِبيّ، قال: وعلى ذِكْر التَّجَنِّي؛ فأنْشَدُوني لشَيْخٍ لنا بحَلَب أعْرفهُ، وما كان يُفَارِق دَارَنا، ولَم أسْمَع الشِّعْر منهُ، وهو أبو القَاسمِ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيُّ:[من البسيط]

يا مَنْ إذا ما تَجَنَّى خِلْتُ مِن حَذَرٍ

على مَودَّتهِ أنِّي تَجَنَّيْتُ

ثُمَّ سَيَّرَ إليَّ صَدِيْقُنا ورَفِيْقُنا في السَّمَاع، القَاضِي ضِيَاء الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن أبي الحَّجاج المَقْدِسِيّ ثمّ المِصْرِيّ، يَذْكرُ لي أنَّهُ وَقَفَ على بعضِ تَعَالِيْق نُقِلتْ من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسمِ بن المَغْرِبيّ فشَاهَدَ فيها: أنْشَدَني بعضُ أصْدِقائنا عن صَدِيْقنا أبي القَاسِم الحسُين بن عليّ بن أبي أُسامَةَ الحَلَبِي لنَفْسِه: [من البسيط]

يا مَنْ إذا ما تجنَّى خِلْتُ مِن حَذَرٍ

على مَوَدَّتِهِ أنِّي تَجنَيْتُ

لا تَحْسِبَنِّي وإنْ طَالَ التَّهاجُرُ بي

أنِّي مَلِلْتُ ولا أنِّي تَنَاسَيْتُ

إذا الكَرِيمُ رَأى ما لا يُلَائمُهُ

فَخْيُر ما صَانَ فيهِ نَفْسَهُ البَيْتُ

(a) كتبه ابن العديم كما وجده في الأصل الذي ينقل عنه، وكتب فوقه "صـ"، والإضافة من سياقة اسمه أول الترجمة.

ص: 231

‌الحُسَينُ بن علّي بن عُبَيْد الله في مُحَمَّد، أبو عليّ الرّهَاوِيّ المُقْرِئ

(1)

من أهْلِ الرُّهَا، اشْتَغلَ بالقِرَاءَات، وسافَر للقراءة على الشُّيُوخ، فقرأ القُرْآن بحَلَب على أبي الطَّيِّب مُحَمَّد بن الحَسَن الزُّعْريّ (a) المُقْرِئ برِوَايَة أبي مُحَمَّد اليَزِيْدِيّ، وَسَنَذْكُر إسْنَاد قراءته في تَرْجَمَةِ أبي الطَّيِّب الزُّعْريّ

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

وقَرأ أيْضًا على أبي عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحمد بن الحَسَن الأصْبَهَانِيّ، وعلى أبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد الضَّرِيْر، وعلى أبي العبَّاس أحْمَد بن سعيد.

وحَدَّثَ عن أحْمَد بن صالح بن عُمَر بن القَاسِم البَغْدَاديّ. رَوَى عنهُ شَيْخُهُ أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن القَاسِم الوَاسِطِيّ، وقرأ عليه، وله تَصْنِيف في القِرَاءَاتِ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(3)

، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: الحُسَين بنُ عليّ بن عُبَيْدِ

(a) كذا مجوّدًا في الأصل بالعين المهملة حيثما يرد، ومثله ما يرد في الجزء السابع (في ترجمة الخضر بن الحسن بن يوسف الحلبي)، ولم يذكره ابن عساكر في تعداد شيوخ المترجم له. وجاء في طبقات القراء على الوجهين: الزعر والزعري (غاية النهاية 1: 237، 245، 412، 2: 126)، وعلق ابن الجزري عليه بالقول:"قال الحافظ أبو العلاء: هكذا روى لنا أبو الطيب الزعري -بالعين الساكنة المهملة- ولا آمن أن يكون ذلك تصحيفًا، وأرى أنه زغري بغين منقوطة مفتوحة على أنه منسوب إلى زغر". انظر: غاية النهاية 2: 126. ووقع خلاف أيضًا في اسم أبيه، فقد سماه المصنف هنا: الحسن، وسماه في أثناء ترجمة الخضر بن الحسن في الجزء السابع: الحسين، ومثله أيضًا عند ابن الجزري، ذكره على الوجهين.

_________

(1)

توفي سنة 414 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 261، طبقات القراء 2: 577 - 578، تاريخ الإسلام 9: 234، 328 - 329، معرفة القراء الكبار 2: 723، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 245 - 246، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 346.

(2)

ترجمة أبي الطيب الزعري في الضائع من أجزاء الكتاب، ولم يذكره في الكنى.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 261.

ص: 232

الله بن مُحَمَّد، أبو عليّ الرُّهاوِيّ المُقْرِئ، قرأ القُرْآنَ على أبي عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن الأصْبَهَانِيّ برِوَايَة الحُلْوَانِيّ، عن هِشَام بن عَمَّارٍ، وقرأ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد الضَّرِيْر بحَرْف حَمْزَة، وعلى أبي العبَّاس أحْمَد بن سعيدٍ، وكان مُصَنِّفًا قي القِرَاءَات، وحَدَّثَ بدمَشْقَ وغيرها عن أحْمَد بن صالح بن عُمَر بن القَاسِم البَغْدَاديّ، وقرأ عليه أبو عليّ الحَسَن بن القاسِم بن عليّ الوَاسِطِيّ، المَعْرُوف بغُلَام الهَرَّاس المُقْرِئ، ورَوَى عنهُ أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد، وهو شَيْخُهُ، وحَكَى عنه عَبْد العَزِيْر الكَتَّانِيّ وَفَاةَ بعضِ شُيُوخ أهل دِمَشْقَ.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد الشَّافِعيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: تُوفِّي أبو عِليّ الحسُين بن عُبَيْد الله المُقْرِئ؛ أُسْتَاذ أِبي طَاهِر الخَيَّاط، يَوْم الخَمِيْس لاثْنَتي عَشرة لَيْلَة خَلَتْ من شَهْر رَمَضَان سَنَة أرْبَع عَشرة وأرْبَعِمائة.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن عُمَر بن عِيسَى، أبو القَاسِم الحَلَبِيُّ، المَعْرُوف بابنِ كَوْجَك العَبْسِيِّ القُمِّيّ الأصْل

(2)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْلِ حَلَب، وكان يُوَرِّق حَسَنًا.

رَوَى عن أبي مَسْعُود كاتب حَسْنُون المِصْرِيّ، وعن أبيهِ عليّ بن عُمَر، وأبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الصَّنَوْبَريّ الحَلَبِيّ الشَّاعر، وَأبي سَعيد النَّصِيْبِيّ، وأبي جَعْفَر بن خَلَّادَة الأنْطَاكِيّ، وأبي القَاسِم بن المُنْتَاب العِرَاقِيّ، وأبي فِرَاس الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان الحَمْدَانِيّ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 361.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 261 - 262، ياقوت: معجم الأدباء 4: 1733 - 1734 (في ثنايا ترجمة ابنه علي بن الحسين بن علي العبسي)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 346 - 347.

ص: 233

رَوَى عنهُ وَلده عليّ بن الحُسَين وغيرُه. ولأبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ إليه أبياتٌ

(1)

.

قَرَأتُ في شَرْح شِعْر أبي فِرَاس الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان، الَّذي جَمَعَهُ وشَرَحَهُ أبو عَبْدِ الله بن خَالَوَيْه أبْيَاتًا لأبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن كَوْجَك العَبْسِيّ الحَلَبِيّ، قالها في سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان، لمَّا بَنَى الحَدَث، وسَكَن أهْلُها بها، وقَصَدَها نَقَفُور مَلِكُ الرُّوم في جُمُوع عَظِيمَة، ونَفَر إليه سَيْفُ الدَّوْلَة، فهَربَ عند إشْرَافه عليه قَبْل اللِّقَاء، وحَلَّى أصْحَابه السِّلاح، فاشْتَدَّ على سَيْف الدَّولَةِ قُرْب نَقَفُور، وذَكَرَ أبو عَبْد الله بن خَالَوَيْه بعض القَصِيدَة، وقال: إنَّها قَصِيدَةٌ يصفُ فيها الحال، كَثيرة المَحَاسِن، والأبْيَات الّتي ذَكَرَها

(2)

: [من الخفيف]

رَامَ هَدْمَ الإسْلَام بالحَدَثِ المُؤْ

ذِنِ بُنْيانُها بهَدْم الضَّلَالِ

نَكِلَتْ عَنكَ مِنهُ نَفْسُ ضَعِيْفٍ

سَلَبَتْهُ القُوى رُؤوسُ العَوَالي

فتَوَقَّى الِحَمَامَ بالنَّفْسِ والما

لِ وبَاعَ المُقَامَ بالارْتِحَالِ

تَرَكَ الطَّيْرَ والوُحُوشَ سِغَابًا

بينَ تِلكَ السُّهُولِ والأجْبَالِ

ولكَمْ وَقْعَةٍ قَريْتَ عُفَاةَ الـ

ـطَّيْر فيها جَمَاجِمَ الأبْطَالِ

أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(3)

، قال: الحُسَين في عليّ بن كَوْجَك أبو القَاسِم الكَوْجَكيّ، حدَّثَ بطَرَابُلُس سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة عن أبي مَسْعُود كاتب حَسْنُون (a) المصْرِيّ، وعن أبيهِ عليّ، وأبي سَعيد النَّصِيْبِيّ، وأبي جَعْفَر بن خَلَّادَة الأنْطَاكيّ، وأَبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الصَّنَوْبَريّ الشَّاعر، وأبي القَاسِم بن المُنْتَاب العِرَاقِيّ وغيرهم.

(a) في الأصل مجودًا: حَسُّون، والمثبت موافق لابن عساكر، وياقوت: معجم الأدباء 4: 1733.

_________

(1)

انظر ديوان الصنوبري 158، 354.

(2)

الأبيات في معجم الأدباء 4: 1733.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 261.

ص: 234

كَتَبَ عنهُ بعضُ أهل الأدَب، وأنْشَد له بعض هذه الأبْيَات

(1)

: [من الطويل]

وما ذاتُ بَعْلٍ ماتَ عنها فُجْاءَةً

وقَدْ وجَدَت حَمْلًا دُوَيْنَ التَّرَائبِ

بأرْضٍ نأَتْ عن وَالِدَيها كِلاهمُا (a)

تَعاوَرَها الوُرّاثُ مِن كُلَّ جَانبِ

فلمَّا اسْتَبانَ الحَمْلُ منها تَنَهِنَهُوا

قَليلًا وقد دبُّوا دَبِيْبَ العَقَارِبِ

[فجاءَت بمَولُودٍ غُلَامٍ فأحْرَزتْ

تُرَاثَ أبيهِ المَوْت دُونَ الأقاربِ] (b)

فلمَّا غَدَا للمالِ رَبًّا ونافَسَتْ

لإعْجْابِهِا فيه عُيُونُ الكَوَاعِبِ

وكادَ (c) يطُولُ الدّرْعَ في القَدِّ جِسْمُهُ

وقارَبَ (d) أسْبَاب النُّهَى والتَّجَاربِ

وأصْبَح مأمُولاً يُخاف ويُرْتَجى

جَمِيلَ المُحَيَّا ذا عذَارٍ وشَارِبِ

أُتْيِحَ له عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ مُخدِرٌ

جَريءٌ على أقْرَانِهِ غَيرُ هَائِبِ

فلَم يُبْقِ منه غَير عَظْمٍ مُجزَّرٍ

وجمجُمَةٍ ليسَتْ بذَاتِ ذَوَائبِ

بأوْجَعَ منِّي يَوْم ولَّتْ حُدوْجُهم

يَؤُمُّ بها الحادُونَ وَادِي غَبَاغِبِ

وقَعَ إليَّ جُزءُ في مَدَائحِ الشَّيْخ أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الحُسَين بن المُهَذَّب الكاتِب؛ كاتَب العَزِيز والمُعْتزّ الفَاطِميَّيْن بمِصْر، فقَرأتُ فيه قَصِيْدَتين من شِعْر الحُسَين بن عليّ بن كَوْجَك يَمْدَح بهما أبا جَعْفَر المَذْكُور، أحديهما نَقَلْتُ منها:[من الخفيف]

ما وقُوفي بمربَعٍ مَجْهُول

وسُؤَالي لرَسْمِ دَارٍ مُحِيْلِ

درسَتْ آيُهُ فأصْبَحَ كالوَحْـ

ـي لنَشْرِ الصَّبَا وطَيِّ القَبُولِ

فتَعَفَّى فَما بهِ غيرُ نُؤْيٍ

لائحٍ في مَجَالِ رَملٍ مَهِيْلِ

(a) ابن عساكر وياقوت: كليهما.

(b) سقط هذ البيت من الأصل، وهو في تاريخ ابن عساكر ومعجم الأدباء لياقوت، أضفناه لارتباط بقية الأبيات به.

(c) ابن عساكر: وكان.

(d) ابن عساكر: وفارت.

_________

(1)

الأبيات في معجم الأدباء 4: 1734.

ص: 235

يَفْتقُ البَرْقُ ما تُنَسِّجُ كفّ الـ

ـرَّعْد بينَ الرُّبَى وبينَ السُّهُولِ

بعد أُنْسٍ من الأَنِيْسِ وأوْقَات

سُرُور في ظِلّ عَيْشٍ ظَلِيْلِ

إذ شَبَابي رَهْنُ المُجُون لدى الحا

نَةِ لا أرْعَوي لعَذْلِ عَذُولِ

سَاحِبًا بُرْيدَةَ الصِّبَا خَالِعًا فيـ

ـه عِذَارِي إلى وِصَالِ الشَّمُولِ

يا ليالي الهَوَى سُقِيْتِ فكم وا

صَلْتُ فيكِ المُنَى بِخِلٍّ وَصُولِ

أُبْكِرُ الرَّاح بُكْرةً في نَدَامَى

واصَلُوها في بُكْرةٍ وأصِيْل

تَتْرُكُ العَاقِلَ اللَّبِيْبَ إذا وا

صَل أقْدَاحَها بلا مَعْقُولِ

دَعْ صِفَاتِ اللَّذَّاتِ وألْهَ عَنِ اللَّهـ

ـوِ بمَدْحَ المُسَوَّدِ البُهْلُولِ

بأبي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ الفَا

ضِل بابْنِ المُهَذَّب المأمُولِ

طابَ فَرْعًا ولم نَزَل نَعْرف الفَرْ

عَ قَديْمًا يزِكُو لطِيْبِ الأُصُولِ

تِرْبُ مُجْد سَمَا بإكْلِيْل فَخْر

طالَ حتَّى عَلَا على الإكْلِيْلِ

حَسَن البِشْر طَيِّب النَّشْر مَحْمُو

دُ السَّجَايا مُؤَمَّلُ في المُحُولِ

كَاتِبٌ يَنْثُرَ البَلَاغَة كالدُّرِّ

نَظِيمًا ما بَيْنَ نَظْمِ الفُصُولِ

قَلَمُ في يِمِيْنِهِ يَقلِم الخَطْ

ـبَ ويَأتي على الزَّمانِ المَهُولِ

بين سِنَّيْهِ للوُفُودِ هِبَاتُ

ناطِقَاتٌ بصِحَّةِ التَّأمِيْلِ

يَسْتقي الفَهْمَ عن فُؤَادٍ صَحِيْح الـ

ـرَّاي لا ذَاهِلٍ ولا مَعْلُولِ

مُرْهَفُ الحَدِّ مُقْبل الجَدِّ أَمْضَى

في الملمَّاتِ مِن حُسَامٍ صَقِيلِ

وأمَّا القَصِيدَةُ الأُخْرى فأوَّلُها: [من الكامل]

نمَّت بمَكْنُون الأَسىَ أشْجَانُهُ

فغَدَت شُهُودًا في الهَوَى أجْفَانُهُ

وتَذَكَّرَ الأوْطَانَ حينَ نَأتْ بهِ

عنِ قُرْبها أيَّامُهُ وزَمَانُهُ

شَوْقٌ أمَرُّ منَ الفِرَاق يشُوقُهُ

وجوَىً يُهَيّجُّ وَهُجَهُ نِيْرَانُهُ

غَرِبَت بِهِ أيَّامهُ فطَوَتْهُ عن

خُلَّانِهِ فبَكَى لَهُ إخْوَانُهُ

ص: 236

وغَدَا ورَيْعَانُ الشَّبَابِ يَرُوعُهُ

بفِرَاقِهِ لمَّا ارْعَوى رَيْعَانُهُ

لَاحَ المَشِيْبُ بعَارِضَيْهِ فصَدَّهُ

فغَدَا قَصِيْرًا في المُجُونِ عنَانُهُ

وطَوَى الهَوَى طَيَّ المَشِيْبِ شَبَابَهُ

فجفا حَبائِبُهُ وهُمْ أشْجَانُهُ

قال في المَدْح يَصفُ كِتَابتَهُ:

وإذا الصَّوَارِمُ والأَسِنَّةُ أُرْهِفَتْ

فَابْنُ الدّوَاةِ حُسَامُهُ وسِنَانُهُ

وإذا ثَلَاثُ بَنانِهِ ارْتَحَلتهُ في

طِرْسٍ أتَى بالسِّحْرِ مِنهُ بَنَانُهُ

يَدَعُ الطُّرُوسَ إذا عَلَاهَا نُزْهةً

مِن نَظْمِ نثرٍ خَطَّهُ عِقْيَانُهُ

‌الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحاقِ بن مُحَمَّد بنِ أحْمَد ابن إسْحَاق بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن مُوسى، أبو العبَّاس بن أبي الحَسَن الحَلَبِيُّ

(1)

من بَيْت العِلْم والحَدِيْث والقَضَاءِ بحَلَب؛ حدَّث هو وأبُوه وجَدّه وعَمّ أبيهِ.

رَوَى عن جدِّه مُحَمَّد، وعَمّ أبيهِ أبي جَعْفَر قاضي حَلَب، وأبي القَاسِم القَاسِم في إبْراهيم المَلَطِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن إسْمَاعِيْل الشَّاعر، والحَسَن بن رَشِيْق، وأحمد بن مُحَمَّد بن سَعِيد، والحَسَن بن يُوسُف بن مُلَيْحِ الطَّرَائِفِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن عَمْرو بن جَابِر الرَّمْليّ، ويَعْقُوب بن المُبارك، ومُحَمَّد بن مُوسَى بن يَعْقُوب بن المَأْمُون الهاشمِيّ، والقَاضِي المحامِلِيّ، وأبي زرْعَة أحْمَد بن

(1)

توفي سنة 308 هـ، وترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 8: 630 - 631، الذهبي: تاريخ الإسلام 8: 477، 674 (في وفيات سنة 380 هـ، ولعل تاريخ الوفاة تصحف عنده، فإن الحلبي يرُوي عن القاسم الملطي التوفى سنة 323 هـ، وعن الحَسَن بن يوسف الطرائفي المتوفى سنة 340 هـ)، لسان الميزان 2: 302، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 246 (وتابع الذهبي في الوهم في تاريخ وفاته، فقال: توفي بعد سنة ثمانين وثلاثمائة)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 65.

ص: 237

مُحَمَّد بن عِمْرَان الرَّازِيّ، والحافِظ أبي سَعيد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن يُونُس بن عَبْد الأعْلَى، وحَاتِم بن عَبْد اللّه الجِهَازِيّ المِصْرِيّ، وعليِّ بن عَبْد اللّه بن أبي مَطَر الإسْكَنْدَرَانيّ، وأبي العبَّاس بن عُقْدَة، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن السِّنْدِيّ الهَمَذَانيَّ، وسَمِعَ منه بحَلَب.

رَوَى عنهُ أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن شَاكِر، وعليّ بن أحْمَد النُّعَيْمِيّ، وأبو عَبْد اللّه بن بُكَيْر، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن أحْمَد الطَّبَريّ.

قَرأتُ بخَطِّ الإمَام أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ الحافِظ، وأخْبَرَنَا به أبو علىّ حَسَن بن أحْمد بن يُوسُف الصُّوْفيّ وغيره إجَازَةً عنه، قال: أخْبرَني أبو غَالِب مُحَمّد بن الحَسَن بن أحْمَد الكَرْجيّ (a) ببَغْدَاد، قال: أنْبَأنَا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الحَلَبيِّ - قَدِمَ علينا - قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن السِّنْدِيّ أبو بَكْر الهَمَذَانيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان بن فَارِس النَّيْسَابُوريّ صَاحِب التَّاريخ، قال: حَدَّثَنَا رَجَاء بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنَا القَعْنَيّ، عن مَالِك بن أنَسٍ، عن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبِيهِ، عن عُمَر بن الخَطَّاب

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ من الشِّعْر حِكْمَة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس

(a) كذا في الأصل بالجيم، ويتكرر ذكره فيما بعد بشهرة الباقلانيّ، وفي سير أعلام النبلاء 19: 235 - 236: الكرخي.

_________

(1)

أخرجه ابن عساكر في تاريخه 18: 125، وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان 2: 57 (رقم 1845).

(2)

تاريخ بَغْدَاد 8: 630.

ص: 238

الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد الحَلَبِيِّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو أُمَيَّة المُخْتطّ (a)، قال: حَدَّثَني مَالِك بن أنَس، عن الزُّهْرِيّ، عن أنَسِ بن مَالِك، عن عُمَر بن الخَطَّاب، قال: حَدَّثَني أبو بَكْرٍ الصِّدِّيْق، قال: سَمِعْتُ أبا هُرَيْرَة يَقُول

(1)

: جئتُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبينَ يَدَيْهِ تَمْرٌ، فسَلَّمْتُ عليه فرَدَّ عليَّ، ونَاوَلَني من التَّمْر مِلءَ كَفِّه، فعَدَدتُه ثلاثً وسَبْعِين تَمْرَةً، ثمّ مَضَيتُ من عنده إلى عليّ بن أبي طَالب وبينَ يَدَيْهِ تَمْرٌ، فسَلَّمْتُ عليه، فرَدَّ عليَّ، وضَحِكَ إليَّ، ونَاوَلني من التَّمْر مِلءَ كَفِّهِ، فعَدَدتُهُ فإذا هو ثلاثٌ وسَبْعُون تَمْرَة، فكَثُرَ تَعَجُّبي من ذلك، فرَجَعْتُ (b) إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقُلتُ: يا رسُولَ اللّهِ، جئتُكَ وبين يَدَيكَ تَمْرٌ، فنَاوَلْتَنيِ مِلءَ كَفِّكَ، فعَدَدتُه ثلاثًا وسَبْعِين تَمْرَةً، ثمّ مَضيتُ إلى عليّ بن أبي طَالِب وبين يَدَيْه تَمْرٌ، فناوَلَني مِلءَ كَفِّه فعَدَدتُه ثلاثًا وسَبْعِين تمرَةً، فعَجبتُ من ذلك! فتَبَسَّم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال: يا أبا هُرَيْرَة، أوَ ما (c) عَلِمْتَ أنَّ يدي ويدَ عليّ بن أبي طَالِب في العَدْل سَوَاء.

قال الخَطِيبُ

(2)

: حَدِيثٌ بَاطِلٌ بهذا الإسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِرَوَايَتهِ قَاسِم المَلَطِيّ، وكان يَضعُ الحَدِيْثَ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: الحسُين بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن عبد الرَّحْمن، أبو العبَّاس الحَلَبِيُّ، قَدِمَ بَغْدَاد، وحَدَّثَ بها

(a) في الأصل: المحتط، والمثبت من تاريخ بَغْدَاد.

(b) تاريخ بَغْدَاد: فرُحت.

(c) تاريخ بَغْدَاد والعلل المتناهية وتنزيه الشّريعة: أما.

_________

(1)

ابن الجوزي: العلل المتناهية 1: 212 - 213 (رقم 336)، ابن عراق الكناني: تنزيه الشّريعة 1: 392 - 393.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 8: 631.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 8: 630.

ص: 239

عن قاسم بن إبْرَاهيم المَلَطِيّ، والقَاضِي المَحَامِلِيّ، وأبي العبَّاس بن عُقْدَة، وحَاتِم بن عَبْدِ اللّه الجِهَازِيّ المِصْرِيّ، وعليّ بن عَبْد اللّه بن أبي مَطَر الإسْكَنْدَرَانِيّ، وفي حَدِيثه غَرَائِب مُسْتَطرَفة.

كَتَبَ عنهُ إبْراهيم بن أحْمَد (a)، أبو إسْحَاق الطَّبَريّ المُقْرِئ، وأبو عَبْد اللّه بن بُكَيْر، وحَدَّثَنَا عنه القَاضِي أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، وعليِّ بن أحْمَد النُّعَيْمِيّ، وما عَلِمْتُ من حَالهِ إلَّا خَيْرًا، وكان يُوْصَفُ بالحِفْظ والمَعْرفَة.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد اللّه في المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن نَاصِر في كتابهِ، قال: كَتَبَ إلينا أبو إسْحَاق الحَبَّال سَنَة ثَمانٍ وثَلاثمائة - يعني - مات أبو العبَّاس ابن القَاضِي أبي الحَسَن بن يَزِيد الحَلَبيِّ يَوْم الأَحَد، وأَخْرِج يَوْم الاثْنَين لسَبْعٍ خَلَوْنَ من جُمَادَى الآخرة، حَدَّثَ.

(a) تاريخ بَغْدَاد: إبْرَاهِيم بن أحْمَد بن مُحمَّد.

ص: 240

بسم الله الرحمن الرحيم

وبِهِ تَوْفِيْقِي

‌الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن دُحَيْم بن طَبَس الحَلَبِيّ، أبو عليّ الطَّحَّانُ

(1)

قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

على ما نَسَبَهُ أبو القَاسِم يَحْيَى بن عليّ بن الطَّحَّان الحَضْرَميّ في كتابهِ الّذي ذَيَّلَ بهِ على تاريخ ابن يُونُس

(3)

، وقال فيه: الحُسَين بن عليّ بن دُحَيْم الحَلَبيِّ الطَّحَّان، أبو عليّ، يَرْوي عن الخَرَائِطِيّ، سَمِعْتُ منه، وذَكَرَ أبو يَعْقُوب القَرَّاب نَسَبَهُ، كما أوْرَدناهُ هَا هُنا.

رَوَى عنهُ أبو سَعْد أحْمَد بن مُحَمَّد المَالِيْنِيّ.

أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب القَرَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد - يعني المَالِيْنِيّ - قال: وأبو عليّ الحُسَينُ بن عليِّ بن مُحَمَّد بن دُحَيمْ بن طَبَس الحَلَبِيّ، كَتَبتُ عنه بمِصْر، تُوفِّي في صَفَر سَنَة ستٍّ وثمانين وثلاثمائة.

(1)

توفي سنة 386 هـ.

(2)

فيما مرَّ من هذا الجزء، باسم: الحَسَن بن عليّ بن دحيم.

(3)

تقدّم التعريف بالمؤلف وكتابه في الجزء الثاني.

ص: 241

‌الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبو عَبْد الله الفَقِيه القَاضِي الصَّيْمَرِيُّ الحَنَفِيُّ

(1)

من كِبَار الحَنَفِيِّيْن وأعْيَانهم المُصَنِّفيْن.

سَمِعَ أبا الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، وأبا حَفْص بن شَاهِين، وأبا حَفْص الكَتَّانِيّ، وأبا عُبَيْد اللّه مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، والحُسَين بن مُحَمَّد بن سُلَيمان الكَاتِب، وأبا الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْرِيّ، وأبا بَكْر هِلال بن مُحَمَّد ابن أخي هِلال الرَّائِيّ، وأبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عِمْران بن الجُنْدِيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن عَدِيّ بن زَحْر المِنْقَريّ، وأبا بَكْرٍ بن شَاذَان، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد المُفِيد الجَرْجَرَائيّ، وأبا الفَتْح يُوسُف بن عُمَر بن مَسْرُور القَوَّاس، وعلِيّ بن حَسَّان الدِّمَمِّيّ، وعِيْسَى بن عليّ بن عِيسَى الوَزِير، وأبا عَبْد اللّه الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَاسِم الدِّهْقَان، وأبا الفَضْل الزُّهْرِيّ.

رَوَى عنه أبو بَكْر أحْمَد بن علىّ بن ثَابِت الخَطِيب، وقاضِي القُضَاةِ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ الدَّامَغَانِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الكَتَّانِيّ، وعليّ بن أبي الهَوْل، وأبو الحَسَن الحِنَّائِيّ، وأبو الوَلِيد سُليْمان بن خَلَف البَاجِيّ.

(1)

توفي سنة 436 هـ، وترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 8: 634 - 635، تاريخ ابن عساكر 14: 264 - 267، السمعاني: الأنساب 8: 365، ابن الجوزي: المنتظم 15: 293، ابن الأثير: الكامل 9: 459، 537، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 455، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 9: 552 - 553، العبر في خبر مَن غير 2: 272 (وفيه: الحَسَن بن عليّ)، سير أعلام النبلاء 17: 615 - 616، الوافي بالوفيات 13: 21، ابن كثير: الداية والنهاية 12: 52، القرشي: الجواهر المضية 2: 116 - 118، النجوم الزاهرة 5: 38، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 93 - 94، الغزي: الطبقات السنية 3: 153 - 154، شذرات الذَّهب 5: 168، اللكنوي: الفوائد البهية 67، بدوان: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 347 - 348، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 35، الزركلي: الأعلام 2: 245.

ص: 242

وله كتابٌ مُصَنَّفٌ في مَنَاقِب أبِي حَنِيْفَة رضي الله عنه، وشَرْح مُخْتَصر أبي جَعفَر الطَّحَاوِيّ. واجْتازَ بحَلَب أو ببعْضِ عَمَلها حَاجًّا على طَريق الشَّام.

أنْبَأنَا شَيْخُنا العَلَّامَةُ أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر أحْمَد بن عليَّ بن ثَابِت

(1)

، قال: أخْبَرَني الحُسَين بن عليّ الصَّيْمَرِيَّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ الحُلْوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعِيد، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن يُوسُف بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بُنَان (a) - وهو ابنُ حُمْرَان المَدَائِنِيّ - قال: حَدَّثَنَا أبيّ، ومَرْوَان بن شُجاعٍ، وسَعِيْد بن مَسْلَمَة، عن أبي حَنِيْفَة، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن عُثْمان بن مُحَمَّد، عن طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه، قال: تَذَاكرنا لَحْم الصَّيْدِ يَأكُلُه المُحْرمُ والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَائمٌ، فارْتَفَعت أصْوَاتُنا فاسْتَيْقَظ، فقال: فيمَ (b) تتَنازعُونَ؟ قلنا: في لَحْم الصَّيْد، فأمَرَنا بأكْله.

قال

(2)

: وحَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن جُرَيْج وسُفْيان الثَّوْرِيّ، عن ابن المُنْكَدِر، عن عُثْمان بن عبد الرَّحْمن بن عُثْمان، عن أَبيِهِ، عن طَلْحَة بن عُبَيْد اللّهِ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثْلَهُ.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(3)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبو عَبْدِ اللّهِ القَاضِي الصَّيْمَرِيّ، قَدِمَ (c) بَغْدَاد، وكان أحَدَ الفُقَهَاءَ المَذْكُورين من العِرَاقِيِّيْن، حَسَنَ العِبَارَةِ، جَيِّدَ النَّظَر، وَلِيَ قَضَاءَ المَدَائِن في أوَّل أمْره، ثمّ وَليَ بأخَرَة القَضَاءَ برُبْع الكَرْخ، ولم يزل يتَقَلَّدُه إلى حين وَفَاتهِ.

(a) كذا في الأصل، وفي تاريخ الخطيب مجودًا بمثناة تحتية عوض النون: بَيَان.

(b) الأصل: فيما.

(c) تاريخ بَغْدَاد: سكن.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 2: 451.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 2: 451 - 452.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 8: 634.

ص: 243

وحَدَّثَ عن أبي بَكْرٍ المُفِيدِ الجَرْجَرَائيّ، وأبي الفَضْل الزُّهْرِيّ، وأبي بَكْر بن شَاذَان، وعليّ بن حَسَّان الدِّممِّيّ، وأبي حَفْص بن شَاهِين، والحُسَين بن مُحَمَّد بن سُلَيمان الكَاتِب، وأبي حَفْص الكَتَّانِيّ، وأبي عُبَيْدِ الله المَرْزُبانيّ، وعِيسَى بن عليّ بن عِيسَى الوَزِير، وغيرهم.

كَتَبْتُ عنهُ، وكان صَدُوقًا، وَافِرَ العَقْل، جَمِيلَ المُعَاشَرَة، عَارِفًا بحُقُوقِ أهْلِ العِلْم، وسَمِعْتُهُ يَقُول: حَضَرْتُ عند أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وسَمِعْتُ منهُ أجْزاءَ من كتاب السُّنَن الّذي صَنَّفَهُ، قال: فقُرئ عليه حَدِيث غُوْرَك السَّعْدِيّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، الحَدِيْث المُسْنَد في زَكَاةِ الخَيْل، وفي الكتاب غُوْرك ضَعِيْفٌ، فقال أبو الحَسَن: ومَنْ دون غُوْرَك ضُعَفَاء، فقيل له: الّذي رَوَاهُ عن غُوْرَك هو أبو يُوسُف القَاضِي، فقال: أعْوَرٌ بين عُمْيَان! وكان أبو حَامِد الإسْفَرَاينِيّ حَاضِرًا، فقال: أَلْحِقُوا هذا الكَلَام في الكتاب. قال الصَّيْمَرِيّ: فكان ذلك سَبَبُ انْصِرَافي عن المَجْلِس ولم أَعُد إلى أبي الحَسَن بعدها، ثُمَّ قال: لَيْتَني لَم أفْعَل وأيْشٍ ضَرَّ أبا الحَسَن انْصِرَافي! أو كما قال.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْلِ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ بن أبي العَلَاء وغيره، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان بن خَلَف بن سَعْدٍ البَاجِيّ، قال: قال أبي أبو الوَلِيد: أبو عَبْدِ الله الصَّيْمَرِيّ إمام الحَنَفِيَّةِ ببَغْدَاد، وكان قَاضِيًا عَاقِلًا خَيِّرًا.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيُّ

(2)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبو عَبْدِ اللهِ القَاضِي الحَنَفيّ (a)، الفَقِيه المَعْرُوف بالصَّيْمَرِيّ، سَمِعَ

(a) في الأصل: الحنيفي، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، مصدر النقل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 266 - 267.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 264.

ص: 244

أبا بَكْر هِلال بن مُحَمَّد ابن أخي هِلَال الرَّائِيّ (a)، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن عَدِيّ بن زَحْرٍ (b) المِنْقَريّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد المُفِيد، وأبا الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ، وأَبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عِمْران بن الجَنَديّ، وأبا الفَتْح يُوسُف بن عُمَر (c) بن مَسْرُور القَوَّاس، وأبا عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَاسِم الدِّهْقَان، وأبا حَفْص بن شَاهِين، وأبا الحَسَن عليّ بن عُمَر الحَرْبِيّ.

وقَدِمَ دِمَشْق حَاجًّا، وحَدَّثَ بها، فرَوَى عنهُ من أهْلها عليّ بن أبي الهَوْل، وعليّ الحِنَّائِيّ، وعَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، ومن غيرهم أبو بَكْر الخَطِيب، وقاضِي القُضَاهِ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ الدَّامَغَانِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: مات الصَّيْمَرِيّ في لَيْلَةِ الأَحَدِ (d) الحَادِي والعشرين من شَوَّال سَنَة ستٍّ وثَلاثين وأرْبَعِمائة، وكانَ مَوْلدُهُ في سَنَةِ إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة.

‌الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد، أبو إسْمَاعِيْل الدِّئَليُّ المُنْشِئُ الطُّغْرَائِيُّ الأصْبَهَانِيُّ

(2)

من وَلد أبي الأسْوَد الدِّئَليّ، كان كَاتبًا شَاعِرًا، حَسَنَ النَّظْم والنَّثْر، عَارِفًا باللُّغَة والأدَب، وعُلُوم الأوَائِل، خَدَم السُّلْطان مَلِكْشاه، ووصَل صُحْبتَهُ إلى

(a) تصحَّف في نشرة تاريخ ابن عساكر: الرازي.

(b) ابن عساكر: زجر.

(c) ابن عساكر: عمرو.

(d) بعده عند الخطيب: ودفن في داره بدرب الزَّرَّادين من الغد.

_________

(1)

تاريخ بغداد 8: 635.

(2)

اختلف في السنة التي توفي بها مقتولًا، فقيل في سنة 513 هـ، و 514 هـ، و 518 هـ، ورجح ابن العديم وفاته في سنة 514 هـ، وترجمته في: خريدة القصر 7: 62 - 133 (ترجمة طويلة ضمنها قصائد ومقاطيع كثيرة من شعره)، 11: 27، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1106 - 1118، ابن الأثير: الكامل 10: 563، الروضتين لأبي شامة 1: 153، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 225 - 227، ابن =

ص: 245

حَلَب في سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، ثمّ كَتَبَ بعدَهُ لابنه السُّلْطان مُحَمَّد على دِيْوَان الإنْشَاء والطُّغْرَى، فعُرِفَ بالطُّغْرَائِيّ لذلك، ووَلَّاهُ الإشْرَاف على المَمْلَكَة ثمّ عَزَلَهُ، ثمّ كَتَبَ الطُّغْرَى للسُّلْطَان غِيَاث الدِّين مَسْعُود بن مُحَمَّد، ثمّ اسْتَوْزَرَهُ بعد ذلك، وأُسِرَ معه في الوَقْعَة الّتي كانت بينه وبين أخيهِ مَحْمُود، فقَتَلَهُ مَحْمُود، وكانَ مَوْلدُهُ بعد الخَمْسِين والأرْبَعمائة.

رَوَى بحَلَب شَيئًا من شِعْر غيره، رَوَاهُ عنه أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، ورَوَى عن أبي نَصْر الكُشَانِيّ المُقْرِئ شَيئًا من الحَدِيْث، رَوَاهُ عنه الحافِظ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ الأصْبَهَانِيّ.

ورَوَى عنهُ من شِعْره جَمَاعَة منهم أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد النَّطَنْزِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن المُظَفَّر الشَّهْرَزُورِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن الدُّرْدَائِيّ، وأبو السَّعَادَات هِبَة الله بن عليّ بن حَمْزَة بن الشَّجَرِيّ، وأبو الفَضْل هِبَة الله بن الحُسَين الدَّبَّاسُ، وأبَو طَاهِر مُحَمَّد بن الفَضْل بن مُحَمَّد بن مَنْصُور العَرُوضِيّ الأصْبَهِانِيّ، وأبو المُظَفَّر مُحَمَّد بن أَسْعَد بن الحَلِيْم الحَنَفِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحمّد في الإخْوَة، ووَلده مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ الأصْفَهَانِيّ، في تَعْلِيقٍ له ذَكَرَ فيه أبا إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ، وأبا نَصْر بن أبي حَفْص، قال فيه: ونَذْكُر الآن

= خلكان: وفيات الأعيان 2: 185 - 190، تاريخ الإسلام 11: 217 - 218، العبر في خبر مَن غبر 2: 402 - 403 (أرخ وفاته في سنة 514 هـ)، الإعلام بوفيات الأعلام 211، سير أعلام النبلاء 19: 454 - 455، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 12: 124 - 135، الوافي بالوفيات 12: 431 - 439، تاريخ ابن الوردي 3: 49 - 50 (وفيه: الحسن)، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 190، اليافعي: مرآة الجنان 3: 160، ابن خلدون: العبر 7: 879 - 880، النجوم الزاهرة 5: 220 - 221، شذرات الذهب 6: 68، الخوانساري: روضات الجنات 3: 181 - 183، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 127 - 130، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6) 13 - 20. وانظر دراسة علي جواد الطاهر بعنوان: الطغرائي؛ حياته وشعره ولاميته (بغداد، 1963 م).

ص: 246

ما سَبَقَ به الوَعْدُ من إيْرَاد شيءٍ من شِعْر الرَّئِيسَيْن أبي نَصْر بن أبي حَفْص وأبي إسْمَاعِيْل الأصْبَهَانِيَّيْن، إذ كان يُضْرَبُ بالعِرَاقيْن بهما المثَل في عَصْريهما، فَضْلًا عن أصْبَهَان؛ مِصْرهما، وقد رأيتُهما، ولَم أسْمَع من أبي نَصْر شَيئًا، وأمَّا أبو إسْماعِيل فقد سَمِعتُ عليه شيئًا من الحَدِيْثِ لا الشِّعْر، كان يَرْويهِ عن أبي نَصْر الكُشَانِيّ المُقْرِئ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن سَعيد بن الخَشَّاب الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَني الوَزِير نِظَام الدِّين أبو المُؤيَّد مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ العِرَاقِيّ، قال: أخْبَرَني عَضُد الدِّين مُرْهَف بن أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، والوَزِير نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قالا: حَدَّثَنَا مُؤَيَّد الدَّوْلَة أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: ورَدتُ مع أبي إلى السُّلْطان مَلِكْشَاه وهو نازلٌ بقَرَاحِصَار

(1)

من أرْض حَلَبَ، قال: فذُكِرَ لأبي أنَّ الهُذَيْلِ بن مُحَمَّد، نَاظِر المَوْصِل والجَزِيْرَة مَرِيْضٌ، قال: فدَخَلنا إلى خَيْمتهِ نعُودُه، فوَجَدنا عنده مُؤيَّد الدِّين أبا إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ، وجَرَى بحَضْرته ذِكْر الشَّيْب والشَّبَاب، فأنْشَدَ مُؤيَّد الدِّين أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ

(2)

: [من الطويل]

أقُول ونُوَّار المَشِيْب بعَارِضي

قَدِ افْتَرَّ لي عن لَوْنٍ اسْوَدَ سَالِخ

أَشَيْبٌ وحَاجَاتُ النُّفُوس كأنَّما

يَجِيْشُ بها في الصَّدْر مِرْجَلُ طَابِخِ

وما كُلُّ هَمِّي للمَشِيْبِ وإنْ هَوَى

بيَ الشَّيْبُ عَن طَوْدٍ مِنَ العزِّ بَاذِخِ

ولكنَّ قَوْلَ النَّاسِ شَيْخٌ ولَيْسَ لي

على حَادِثَاتِ الدَّهْر صَبْرُ المَشَايخِ

(1)

مرج كبير يقع شمال مدينة حلب، تقدم التعريف به في ترجمة أسعد بن عمار الموصلي، في الجزء الرابع.

(2)

لم ترد الأبيات في ديوان الطغرائي، ونسب الثعالبي هذه الأبيات لأبي أحمد النامي البوشنجي، انظر: يتيمة الدهر 4: 93 - 94 (وفيه اليمامي)، خاص الخاص 222.

ص: 247

قال: فسَألَهُ أبي وقال: يا سَيِّدِي، هذه الأبْيَاتُ لكَ؟ فقال: لا ولكنَّها لبعض شُعَرَاء خُرَاسَان.

قال أُسامَة: فأخَذَ وَالدِي بكَتفي وقدَّمني إليه، فلم يَزَل يُكَرِّرها عليّ حتَّى حَفِظتُها.

قال لي بَهَاء الدِّين أبو مُحَمَّد بن الخَشَّاب: قال لي الوَزِير نِظَام الدِّين: قال لي أُسامَةُ بنُ مُنْقِذ: فاسْمَع هذه الأبْيَات منِّي وارْوِها عنِّي عن جَدِّكَ.

قُلتُ: وهذه الأبْيَات لأبي أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد التَّمَّامي البُوْشَنْجيّ (a).

أخْبَرَنا أبو هاشم عبدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو طَاهِر مُحَمَّد بن الفَضْل بن مُحَمَّد بن مَنْصُور العَرُوضِيّ الأصْبَهَانِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه ببَلْخ، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ الكَاتِب لنَفْسِه من لَفْظه بأصْبَهَان

(1)

: [من الكامل]

ولقد أقُول لمَن يسَدِّدُ سَهْمَهُ

نَحْوي وأطْرَافُ المَنِيَّةِ شُرَّعُ

والمَوْتُ من (b) لَحَظات أَخْزر طَرْفُهُ

يَرْنُو (c) وقَلْبِي دونَهُ يتقَطَّعُ

تَاللهِ (d) فتِّشْ عن فُؤادِي أوَّلًا

هل فيه للسَّهْم المُسَدَّدِ مَوضِعُ

أهوِنْ به لو لم يكنْ في طَيِّهِ

عَهْدُ الحَبِيْب وسِرُّه المسْتَودَعُ

وقال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن المُظَفَّر الشَّهْرَزُورِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه، بالمَوْصِل، قال: أنْشَدَنا الأُسْتَاذُ أبو

(a) الأصل: البوسنجيّ.

(b) الديوان: في.

(c) الديوان: دوني.

(d) الديوان: بالله.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 249 - 250، ومعجم الأدباء 3: 1108 (باختلاف في الرواية)، والوافي بالوفيات 12:432.

ص: 248

إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه بأصْبَهَان

(1)

: [من البسيط]

لا تَجْزعنَّ إذا ما الهَمُّ ضقْتَ بهِ

ذَرْعًا ونَمْ وتودَّع فَارِغ البَالِ (a)

فبينَ غفْوَة عَيْن وانْتِبَاهَتها

تَنْقَّلُ (b) الدَّهْر من حَالٍ إلى حَالِ

وما اهْتمامُكَ بالمُجْدِي عليك

وقد جَرَى القَضَاءُ بأرْزَاق وآجَالِ

أنْشَدَنا عَبْدُ المُطَّلِب بن أبي المَعَالِي بن عَبْد المُطَّلِب، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن أبي المُظَفَّر، قال: أنْشَدَنا أبو السَّعَادَات هِبَةُ الله بن عليّ بن حَمْزَة بن الشَّجَرِيّ النَّحْوِيّ، من حِفْظِه في دَار الوَزِير الزَّيْنَبِيّ ببَغْدَاد وأبو الفَضْل هِبَة الله بن الحُسَين الدَّبَّاسُ إمْلاءً بالحِلَّة السَّيْفِيَّة، ح.

وأنْشَدَنا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ الأصْل، قال: كَتَبَ إليَّ أبو الفَتْح عُثْمان بن عِيسَى البَلَطِيّ: أنْشَدَني الفَقِية زَيْن الدِّين ابن الحَلِيم، قالوا: أنْشَدَنا الأُسْتَاذ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه

(2)

: [من الوافر]

إذا ما لم تكُن مَلِكًا مُطَاعًا

فكُن عَبْدًا لمالكه (c) مُطِيْعا

وإنْ لَم تملك الدُّنْيا جَمِيعًا

كما تَهْواه (d) فاتْركها جَمِيعا

هُما سَبَبان (e) من مُلْكٍ ونُسْكٍ

يُنِيلان الفَتَى الشَّرَفَ الرَّفِيْعا

فمَنْ يَقْنَع من الدُّنْيا بشيءٍ

سِوى هذين يَحْيَ (f) بها وَضِيْعَا

(a) رواية الديوان: لا تسهرنَّ إذا ما الرزق ضاق ونم

في ظل عيشٍ رقيق ناعم البال.

(b) الديوان: يقلب.

(c) الديوان: لخالقه.

(d) الديوان: تختار.

(e) الديوان: سِيّان.

(f) الديوان ووفيات الأعيان: عاش.

_________

(1)

البيتان الأول والثاني في ديوانه 313، والأبيات الثلاثة في معجم الأدباء 3: 1109 باختلاف في الرواية.

(2)

ديوان الطغرائي 245، والأبيات في الروضتين لأبي شامة 1: 153، ومعجم الأدباء 3: 1108 - 1109، ووفيات الأعيان لابن خلكان 6:49.

ص: 249

قَرأتُ بخَطِّ الحَسَن بن جَعْفَر بن عبد الصَّمَد ابن المُتَوَكِّل على الله البَغْدَاديّ، وأنْبَأنَا بهِ عنهُ أبو الحَسَنِ عليّ بن أبي عَبْدِ الله بن المُقَيِّر البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَني أبو المَحَاسِن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد بن حَفْصٍ الكَاتِب، قال: أنْشَدَني المَوْلَى عِزّ الدِّين أحْمَد بنُ حَامِد المُسْتَوفِيّ، ونحنُ على مَسَرَّة، قال: كَتَبها إليَّ أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ وهو على مَسَرَّة

(1)

: [من الوافر]

فَدَيتُكَ قد تَنَبَّهْنَا لدَهْرٍ

عُيُونُ صُرُوفِهِ عَنَّا نِيَامُ

وجَادَ لنا الزَّمانُ بجَمْعِ شَمْلٍ

تألَّفَ بعدما انْقَطَع النِّظَامُ

مُدَامٌ يُشْبهُ التُّفَّاح ذَوْبًا

وتُفَّاح كما جَمَدَ المُدَامُ

ومن نَسْج الرَّبِيْع (a) مُحَبَّراتٌ

تأنَّقَ في حَوَاشِيْها الغَمَامُ

وريَّانُ (b) الصِّبَا للحُسْن فيه

بَدَائعُ لا يُحِيْطُ بها الكَلَامُ

لنا من فَتْلِ (c) صُدْغَيْهِ نجادٌ

ومن ألْحَاظِ مُقْلَتهِ (d) حُسَامُ

ومَجْلِسُنَا على ما فيهِ يُومي (e)

بنقصَانٍ (f) وأنْتَ له تَمَامُ

فلا تَعْتلَّ بالأشْغَال واحْضُرْ

على عَجَل وإلَّا والسَّلامُ (g)

قَرأتُ بخَطِّ الإمَام أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأنْبَأنَا به عنه أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل وغيره، قال: ومن شِعْر الأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل ما أنْشَدَني مُحَمَّد بن أبي القَاسِم البَلْخِيّ، قال: أنْشَدَني مُحَمَّد بن الفَضْل الحُنَيْفِيّ ببَلْخ، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ الأصْبَهَانِيّ لنَفْسِه

(2)

: [من الكامل]

ولقد أقُول لمَن يُسَدِّدُ سَهْمَهُ

نَحْوي وأطْرَافُ المَنِيَّة شُرَّعُ

(a) الخريدة: الزمان.

(b) الخريدة: ورَيَّا.

(c) معجم الأدباء: مسك.

(d) الديوان والخريدة: عينيه.

(e) الديوان: يُرمى.

(f) الخريدة: يرمى بتقصير.

(g) الخريدة: وآلاف السلام.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 354 - 355، وخريدة القصر 7: 126، ومعجم الأدباء 3:1117.

(2)

ديوان الطغرائي 249 - 250، الوافي بالوفيات 12:432.

ص: 250

والمَوْتُ من (a) لَحَظاتِ أخْزَر طرفُهُ

يَرْنُو (b) وقفي دونَهُ يتَقَطَّعُ

تَاللهِ (c) فتِّشْ عن فُؤادِي أوَّلًا

هل فيهِ للسَّهْم المُسَدَّد مَوضِعُ

أَهوِنْ به لو لَم يكُنْ في طيِّهِ

عَهْدُ الحبَيْب وسِرّه المُسْتَودَعُ

قال السِّلَفِيُّ: وقد أعَارَني أبو الحَسَن المالِكِيِّ كِتَابًا لمحمَّد بن مَحْمُود النَّيْسَابُورِيّ بخَطِّه وفيه شيء من بَدِيْع شِعْر الأُسْتَاذِ أبي إسْمَاعِيْل ومَلِيْحه الّذي ظَهَرَتْ مَهَارَتُه فيه، وفي تَنْقِيحه، ومن ذلك قَوْله

(1)

: [من الطويل]

خَلِيليَّ هل بالأجْرَع الفردِ وَقْفَةٌ

عَسَى يلتَقي مُسْتَودِعٌ ومضِيْعُ

فإنَّ بهِ فيما عهِدناهُ سرحَةً

يَفئُ لديها بالعشيِّ قَطِيْعُ

أيا لَيْتَ لي تَعْريجةً تَحْتَ ظِلِّها

ولو أنَّني أعْرَى بها (d) وأجُوعُ

أضَعْتُ بها قَلْبًا صَحِيْحًا فليتَنِي (e)

يُردُّ عليّ اليَوْم وهو صَدِيْعُ

وإنِّي لأسْتَحي من الشَّوْق أنْ يُرَى

فُؤادِي سَلِيمًا ليس فيه صُدُوعُ

وقَوْله

(2)

: [من الطويل]

يَظنُّون ما بي من هَوَىً مثل ما بهم (f)

وهَيْهاتَ إنِّي في الهَوَى أُمَّة وَحْدي

وكيف تَسَاوَى الحَالُ بيني وبينهم (g)

وأبْرَحَ ما يَشْكُون أيْسَر (h) ما عندِي

ومن طُول عِشْقي للهَوَى (i) وريَاضتي

لنَفْسِي على قُرْب الأحِبَّةِ والبُعْدِ

أذُمُّ جُفُونًا ليسَ يقرَحُها البُكَا

وأَمْقُتُ (j) قَلْبًا لا يَذُوبُ من الوَجْدِ

قُلتُ: وهذا الكتاب لأبي العَلَاء مُحَمَّد بن مَحْمُود سَمَّاهُ سِرّ السُّرُور.

(a) الديوان: في.

(b) الديوان: دوني.

(c) الديوان: بالله.

(d) الديوان: به.

(e) الديوان: فليته.

(f) الديوان: تظنون حالي في الهوى مثل حالكم.

(g) الديوان: وبينكم.

(e) الديوان: وأعظم ما تشكون أهون.

(i) الديوان: إلفي في الهوى.

(j) الديوان: وأنكر.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 347.

(2)

ديوان الطغرائي 140.

ص: 251

قَرأتُ بخَطِّ قَوَام الإسْلَام أبي سَعْد السَّمْعَانيّ ما أخْبَرَنا به شَيْخُنا أبو هاشِم الهاشمِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل البَاخَرْزِيّ إمْلاءً من حِفْظِه في دَارنا بمَرْو للأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل المُنْشِئ

(1)

: [من البسيط]

باللهِ يا رِيْحُ إنْ مُكِّنْتِ ثانيةً من

صُدْغِهِ فأقيمي فيهِ واسْتَتري

ورَاقِي غَفْلَةً منه لتَنْتَهزي لي

فُرْصَةً وتعُودي منْهُ بالظَّفَرِ

ولو قَدَرْتِ على تَشْويشِ طُرَّته

فشَوِّشِيْها ولا تُبْقي ولا تَذَري

ولا تَمَسِّي عِذَاريهِ فتَفْتَضِحي

بنَفْحَةِ المِسْكِ بين الوِرْد والصَّدَرِ

وبَاكِرِي بين وِرْدٍ (a) من مُقَبَّلهِ

مقابَلَ الطَّعْم بين الطِّيْب والخَصَرِ

ثُمَّ اسْلُكِي بين بُرْدَيهِ على عَجَلٍ

واسْتَبْضي الطِّيْبَ وائْتِنى على قَدَرِ

ونبِّهيْنى دُونَ (b) القَوْم وانْتَفِضي

عليَّ واللَّيْل في شَكٍّ من السَّحَرِ

لعَلَّ نَفْحَة طِيْبٍ منك ثانيةً

تَقْضِي لُبَانةَ قَلْبٍ عَاقِر الوَطَرِ

أخْبَرَنا عَبْدُ المُطَّلِب في الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد بن أبي بَكْر المَرْوَزيّ، قال: أنْشَدَني أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ بمَرْو، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه في غُلَام له اسْمُهُ أَلَلْمَش، وكان واقفًا بينَ يَدَيْهِ، وكُنْتُ أُخالسُهُ النَّظَر، فالْتَفَتَ إليَّ وقال: فهل طَرَق سَمْعك ما قُلتُ فيه

(2)

: [من الكامل]

إيْهًا فإنِّي لا أُطِيْقُ مُحَرَّشِي

وألْمَحْ جَوَابي (c) في عِذَارِ أَلَلْمَشِ

(a) الديوان ومعجم الأدباء: عذب ورد.

(b) معجم الأدباء ومسالك الأبصار: دوين.

(c) الديوان والخريدة: جوابك.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 168 - 169، وخريدة القصر 7: 98، ومعجم الأدباء 3: 1117، والمقتطف من أزاهر الطرف لابن سعيد 131 - 133، ومسالك الأبصار 12:139.

(2)

ديوان الطغرائي 205 - 206، وخريدة القصر 7:97.

ص: 252

وانْظُر إليه سَاخِطًا أو رَاضِيًا

وإنْ اسْتَطَعْتَ القَوْلَ فيهِ فَخَرِّشٍ (a)

لَم أَنْسَ والمَيْدَانُ نَهَّبَ (b) حُسْنَهُ

نُظَارَهُ (c) إذ لَاحَ فَوْقَ الأَبْرَشِ

والرِّيح تَطرُدُ عن مَسِيْل عِذَاره

صُدْغَيْهِ بين مُسْلسَلٍ ومُشَوَّشٍ

في جانبي (d) حُسْنٍ ووَشي فَاخِرٍ

من لَم يَغُضَّ الطَّرْفَ دُوْنَهُما عُشِي (e)

ركضَ الجَوَادَ فأيّ قلبٍ لَم يَطِرْ

شِقَقًا (f) وأيَّةُ مُقْلَة لم تَدْهَشِ

ورَىَ فنازعَها (g) الإصَابَةَ مُقْلَةٌ

من أقصَدَتْهُ سهَامُها لم تنعَشِ

ثُمَّ أنْثني جَذلانَ يَفْضَحُ وشْيَهُ

دِيْبَاجُ خَدٍّ بالعِذار مُنَقَّشِ (h)

ريَّان من ماءَ الصِّبَا شَرِقٌ بهِ

سَكْرانٍ من خَمْرِ المَلَاحَة مُنْتَشِ

وأخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد بن أبي بَكْر -قُلتُ: ونَقَلْتُه من خَطِّه- قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن عليّ بن أبي طَاهر التَّاجر الأصْبَهَانيّ من لَفْظه بسَمَرْقَنْد للأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل المُنْشِئ في مَرْثيةِ غُلَامِهِ أَلَلْمَش التُّرْكيِّ

(1)

: [من المنسرح]

يا أرْضِ تيْهًا فقد ملكتِ بهِ

أُعْجُوبةً من مَحَاسِن الصُّوَرِ

إنْ قَذِيَتْ مُقْلِتي فلا عَجَبٌ

فقد حَثَوا تُرْبه (i) على بَصَري

لا غَرْو وإنْ أشْرَقَتْ مَضَاجِعُهُ

فإنَّها من مَنَازِل القَمَرِ

قال: وقال فيه يَرْثِيهِ

(2)

: [من الكامل]

أَخِي ماذا دَهَاك وما أصَابَك

دَعَوْتُك ثُمَّ لَم أسْمَعَ جَوَابَك

هَب الأيَّامَ لَم تَرْحَم عَوِيْلي

ولا حُزْني ألم تَرْحَم شَبَابَك

(a) الديوان: فحرش.

(b) الديوان: ينهب.

(c) الديوان: نطَّاره.

(d) الديوان والخريدة: حلتي.

(e) الديوان: غُشي.

(f) الديوان والخريدة: شغفًا.

(g) الديوان والخريدة: فنازعه.

(h) الخريدة: منمش.

(i) الديوان: تربها.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 197، وتاريخ الإسلام 11:217.

(2)

ديوان الطغرائي 279.

ص: 253

أنْشَدَنا أبو عليّ حَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ للأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائيّ، وقال لي: أنْشَدنيها نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أنْشَدَني أبي الحُسَين، قال: أنشدَني أبي مُحَمَّد، قال: أنْشَدَني أبي أبو إسْمَاعِيْل لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

ويا جِيْرَتي بالجِزْعِ جِسْمَي بَعْدَكُم

نَحِيْلٌ وطَرفي بالسُّهَادِ كَحِيْلُ

عَهدتُ بكُم عَصْر الشَّبِيْبَةِ مُونقًا (a)

فخانَ وخُنْتم والوَفَاءُ قَلِيْلُ

وأوْدَعْتُكُم قَلْبي فلمَّا طلبْتُه

مَطَلْتُم وشَرُّ الغَارِمينَ مَطُولُ

فإنْ عُدْتُم يَوْمًا تُريدونَ مُهْجَتي

تمنَّعْتُ إلَّا أنْ يُقَامَ كَفِيْلُ

أخْبَرَنا أبو هاشِم الصَّالِحِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي بَكْر بن أبي المُظَفَّر، قال: أنْشَدَني أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد النَّطَنْزِيّ، إمْلاءً بمَرْو، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه

(2)

: [من الطويل]

هي العِيْسُ قُوْدًا في الأزمَّةِ تَنْفُخُ

تَمَطَّى بها من عُجْمة الرَّمْلِ بَرْزَخُ

فَلَيْنَ الدُّجَى عن غُرَّة الصُّبْحِ فاغْتَدَتْ

بحيثُ التقَى (b) منها وقُوفٌ ونُوَّخُ

كأنَّ اللُّغَامَ الجُعدَ طَارَ (c) نُسَالهُ (d)

على الجُدُلِ (e) المُرْخَاةِ برْسٌ مُسَبَّخُ

عليها قِطَافُ المَشْي أطْوَلُ خَطْوها

قَذَى الفِتْر إذ أدْنى خُطاهُنَّ فَرْسَخُ

بُدُور أكَنَّتْهَا خُدُورٌ يُجِنُّها

جَنَاحٌ خَدَارىٌّ منِ اللَّيْل أفْتَخُ

فيا ظَعَناتِ (f) الحَيّ بالله عَرِّجِي

على سَلْسَلٍ من عَبْرَتي يتنَضَّخُ

(a) الديوان: مورقًا.

(b) الديوان: بجنب النقا.

(c) الديوان: طال.

(d) الخريدة: نسالها.

(e) الخريدة: الجدول.

(f) الخريدة: ظاعنات.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 279.

(2)

ديوان الطغرائي 115 - 117، خريدة القصر 7: 70 - 71، وبعض أبياتها في مسالك الأبصار 12:134.

ص: 254

ويا نَسَماتِ الرّيح رِفْقًا بمُهْجَتي

ففي القَلْب نارٌ كُلَّما هِجْتِ تَنْفخُ

ويا نَارَ قَلْبي ما لَجْمركِ كُلَّما

نضَحْتُ عليهِ الماء لا يَتَبوَّخُ

لكُم في جَنُوب العَرْض مَسْرَىً ومَسْرَحٌ (a)

وللحُبِّ في جَنْبيَّ مَرْسَيً ومَرْسَخُ

فَمن مُبْلِغٌ عنِّي عدَايَ (b) أَلُوكةً

تؤَمُّ بها هَام الأعَادِي وتُشدَخُ

أَفي كُلِّ يوْم جُلْبَةٌ من عَدَاوَةٍ

تُقرّف (c) أو شَوْكٌ من الضِّغْن تُنْتَخُ

ولَسْعَةُ كَيْدٍ لو يُرَام بنَفْثها

مَنَاكِبُ رَضْوَى أوْشَكت تَتَفَسَّخُ (d)

تُطاولُني قُعْسُ الضِّرَاب سَفَاهةً

وقد قَصُرَتْ عنِّي شَمَارِيْخ بُذَّخُ

وما رَاعَني هَدْر (e) الفَحَالةَ قبلكم

فارْتَاعُ (f) من رزِّ البِكَارة تَفْلخُ

قُلتُ: وهذه القَصِيدَةُ، [الّتي](g) مَدَحَ بها السُّلْطان مَحْمُود بن مُحَمَّد في أيَّام أبيهِ السُّلْطان مُحَمَّد، عَارَض بها قَصِيدَة ابن هَانئ المَغْرِبيّ الّتي أوّلها

(1)

: [من الطويل]

سَرَى وجَنَاح اللَّيْل أقْتَم أفْتَخُ

ضَجِيْعُ مِهَادٍ (h) بالعَبِيْر مُضَمَّخُ

وأخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن القَاسِم بن المُظَفَّر القَاضِي إمْلاءً بجامع المَوْصِل، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه

(2)

: [من الطويل]

تَمَنَّيْتُ أنْ ألْقَاكَ في الدَّهْرِ مَرَّةً

فلَم أَكُ مِن ذاك التَّمَنِّي بمَرْزُوق

سِوَى سَاعَةِ التَّوْدِيع دَامَتْ فكَمْ مُنىً

أنالَتْ وما قامَتْ بها أمَلًا سُوْقي

فيا لَيْتَ أنَّ الدَّهْرَ كُلَّ زَمَانهِ

وَدَاعٌ ولكنْ لا يكُونُ بتَفْرِيقِ

(a) الخريدة: ومسبح.

(b) الخريدة: عداتي.

(c) الديوان والخريدة: تفرَّق.

(d) الخريدة: تتفتخ.

(e) كتب ابن العديم في الهامش: تهدر، وفي الديوان: هُدر.

(f) الخريدة: فأرتاح.

(g) إضافة لكون ما يليه جملة معترضة.

(h) الأصل: مهاد ضجيع! والتصحيح عن الديوان.

_________

(1)

ديوان ابن هانئ الأندلسي 82.

(2)

لم ترد في ديوانه، وانظرها في التاريخ الباهر لابن الأثير 23، وتاريخ الإسلام 11:217.

ص: 255

وقال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عليّ بن مُحمّد النَّطَنْزِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه بهَمَذَان، قال: أنْشَدَنا الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ لنَفْسِه من فِلْقِ فيْهِ

(1)

: [من الطويل]

مَلُومكُما فيما يقالُ (a) مُريبُ

وحَالكُما في اللَّائِمينَ عَجِيْبُ

وإنَّ الّذي أَسْرَفْتُما في ملَامِهِ

بهِ من قِرَاع الحَادِثَات نُدُوبُ

فما سَمْعُه للعَاذِلاتِ بفُرْضَةٍ (b)

ولا قَلْبُه للظَّاعِنِيْنَ جَنِيْبُ

إذا ما أتيتُ الغَوْرَ غَوْرَ تِهَامَة

تطَلَّعَ نَحْوي كَاشِحٌ ورَقِيْبُ

يقُولُونَ: مَنْ هذا الغَرِيْبُ، وما لَهُ

وفيم أتَانَا، والغَرِيْبُ مُرِيْبُ

غَدَا في بُيُوتِ الحَيّ ينشُدُ نضْوَهُ

ونحنُ نُرى أنَّ المُضِلَّ كَذُوبُ

وما رَاعَهُم إلَّا شَمَائِل مَاجِدٍ

طَرُوبٍ ألَا إنَّ الكَرِيْم طَرُوبُ

ولو نامَ بعضُ الحَيِّ أو غَابَ لَيْلَةً

لقرَّتْ عُيُون واطْمَأنَّ جُنُوبُ

خَلِيليَّ بالجَرْعَاءَ من أيْمَن الحِمَى

هل الجَزْعُ مَرْهُومُ الرِّيَاض مَصُوبُ

وهل نُطْفَةٌ زَرْقاءُ ينقُشُها الصّبَا

هُنالكَ سِلْسَال المَذَاق شَرُوبُ

فعَهْدِي به والدَّهْرُ أغْيَدُ والهَوَى

بما صِبَاهُ والزَّمانُ قَشِيْبُ

وبالسَّفْح مَوْشيُّ الحَدَائقِ آهِلٌ

وبالجَزْع موْلىُّ الرِّيَاضِ مَصُوبُ (c)

بأبْطَحَ مِعْشَابٍ كأنَّ نسَيمَهُ

ثَنَاءُ لمَجْدِ المُلْكِ فيه نَصِيْبُ

هو الأزْهَرُ الوَضَّاحُ أمَّا مَهَزَّهُ

فلَدْن وأمَّا عُودُهُ فصَلِيْبُ

وقال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن المُظَفَّر الإرْبِلِيّ بالمَوْصِل، قال: أنْشَدَني مُؤيَّد الدِّين أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ

(a) الديوان: نصيحكما فبما يقول.

(b) الديوان: بعُرضة.

(c) الديوان: غريب.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 52 - 54.

ص: 256

لنفسِه في الشَّمْعَة، وأنْبَأنَا أبو الفُتُوح دَاوُد بن المُعَمَّر الوَاعِظ به عن أبي بَكْر ابن الشَّهْرَزُورِيّ

(1)

: [من الكامل]

ومُسَاعدٍ لي بالبُكَاء مُسَاهرٍ

باللَّيْل يُؤْنسِني بطِيْبِ لقائهِ

هَامِي المَدَامِع أو يُصَابَ بعَيْنهِ

حَامى الأضَالعِ أو يَمُوتَ بدَائهِ

يَحْيَىِ بما يَفْني بهِ (a) من جِسْمِهِ

فحَيَاتُهُ مَرْهُونَةٌ بفَنَائِهِ

سَاويَتُهُ في لَوْنه ونحُولِه

وفضَلْتُهُ في بؤسِهِ وشَقَائِهِ

هَبْ أنَّهُ مثْلي لحُرْقَةِ (b) قَلْبهِ

وسُهَادِهِ جنْح (c) الدُّجَى وبُكَائِهِ

أَفَوادِعٌ طُولَ النَّهَار مُرَفَّةٌ

كمُعَذّبٍ بصَبَاحِهِ ومَسَائِهِ

وقال: أنْشْدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو الفَضْلِ هِبَةُ الله بن الحُسَين الدَّبَّاسُ، إمْلاءً من حِفْظِه بالحِلَّةِ في رَحْبَةِ جَامِعها قبل رَحيْل الحَاجّ، قال: أنْشَدَنا أبو إسْمَاعِيْل الكَاتِب لنَفْسِه

(2)

: [من البسيط]

أصَالةُ الرِّأي صَانَتْني عن الخَطَل

وحلْيَةُ العِلْم زَانَتْني عن الخُلَلِ (d)

ومنها

(3)

: [من البسط]

أُريْدُ بسْطَةَ كَفٍّ أَسْتَعينُ بها

على قَضَاءِ حُقُوقٍ للعُلَى قَبْلي

(a) الديوان: غرثان يأخذ روحه.

(b) الديوان والوافي بالوفيات: بحرقة.

(c) الديوان: طول.

(d) الأصل: الحلل، الديوان: لدى العطل.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 42، والأبيات الأربعة الأخيرة في الوافي بالوفيات 12:436.

(2)

ديوان الطغرائي 301، خريدة القصر 7: 65، ومعجم الأدباء 3: 1110، والوافي بالوفيات 12:436.

(3)

ديوان الطغرائي 302، وخريدة القصر 7: 65، والوافي 12:437.

ص: 257

قال أبو سَعْد السَّمْعَانيّ: وقَرَأتُ في كتاب وِشَاح دُمْيَةِ القَصْر

(1)

-يعني لأبي الحَسَن البَيْهَقِيّ- للأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل تَمَام هذه القَصِيدَة بعد البَيْت الأوَّل

(2)

: [من البسيط]

مَجْدي أخيرًا ومَجْدِي أوَّلًا شَرَعٌ

والشَّمْس رَأْدَ الضُّحَى كالشَّمْس في الطَّفَلِ

فيمَ الإقَامَة بالزَّوْرَاءِ لا سَكَنِي

بها ولا نَاقَتي فيها ولا جَمَلي

فلا صَدِيْق إليه مُشتَكى حَزَني

ولا أنيسٌ إليهِ مُنْتَهى جَذَلي (a)

أُرِيدُ بسْطَةَ كفٍّ أَسْتَعِينُ بها

على قَضَاء حُقُوق للعُلَى قِبَلي

والدَّهْرُ يَعْكِسُ آمَالي ويُقنِعُني

من الغَنِيْمَةِ بعد الكَدِّ (b) بالقَفَلِ

حبُّ السَّلامَة يَثْنِي همَّ صَاحِبها (c)

عن المَعَالِي ويُرضى (d) المَرْءَ بالكَسَل

إنَّ العُلَى حَدَّثَتني وهي صَادِقةٌ

فيما تحدِّثُ إنَّ العِزَّ في النَّفَل (e)

لو أنَّ في شَرَف الثَّاوي بلوغَ عُلىً (f)

ما جاوزَ (g) الشَّمْسُ يَوْمًا نُقْطة (h) الحَمَلِ

أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمال أرْقُبُها

ما أضْيَقَ العَيْشَ لولا فُسَحَةُ الأمَلِ

لم أَرْتَضِ العَيْشَ والأيَّامُ مُقْبِلةٌ

فكيفَ أرْضَى وقد وَلَّتْ على عَجَلِ

(a) الوافي: جزلي.

(b) الخريدة: الجد.

(c) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان: صاحبه، الوافي: حُبّ صاحبه.

(d) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء والوافي: ويغري.

(e) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان: النقل، الوافي: النُقل، وفي أصوله: الثغل.

(f) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان: لو أن في شرف المأوى بلوغ منى، الوافي: لو كان في شرف المثوى بلوغ

منى.

(g) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان والوافي: لم تبرح.

(h) الديوان والخريدة ومعجم الأدباء والوافي: دارة.

_________

(1)

كتاب وشاح دمية القصر لا يزال مخطوطًا، مؤلفه ظهير الدين علي بن زيد بن محمد البيهقي (ت 565 هـ)، جعله ذيلًا على دمية القصر للباخرزي. كشف الظنون 3:2049.

(2)

ديوان الطغرائي 301 - 309، والقصيدة اللامية بتمامها في خريدة القصر 7: 65 - 69، ومعجم الأدباء 3: 1110 - 1113، ووفيات الأعيان 2: 185 - 188، الوافي بالوفيات 12: 436 - 439.

ص: 258

غَالَى بنَفْسِيَ عِرْفاني بقيْمتها

فصُنْتُها عن رَخِيْص القَدْر مُبْتَذلِ

وعَادَةُ النَّصْل أنْ يُزْهَى بجَوْهَره

فليسَ يعْملُ إلَّا في يَدَيْ بَطَلِ

ما كنتُ أُؤثرُ أنْ يَمْتَدَّ بي زَمَنٌ (a)

حتَّى أرَى دَوْلَة الأوْغَادِ والسِّفَلِ

تَقَدَّمتني أُنَاسٌ (b) كان شَوْطُهُمُ

وراءَ خَطْويَ لو (c) أمْشِي على مَهلِ (d)

هذا جَزاءُ امْرئٍ أقْرَانُه دَرجُوا

من قَبْلِهِ فتَمنَّى فُسْحَةَ الأجَلِ

وإنْ عَلَاني من دُوْني فلا عَجَبٌ

لي أُسْوَةٌ قي انْحِطَاطِ الشَّمْسِ عن زُحَلِ

فاصْبر لها غيرَ مُحُتَال ولا ضَجَر

في حَادِثِ الدَّهْرِ ما يُغْني عن الحِيَلِ

أَعْدَى عَدُوِّكَ أدْنَى مَنْ وَثِقْتَ به

فحاَذِر النَّاسَ واصْحَبَهمْ على دَخَلِ

فإنَّما رَجُل الدُّنْيا ووَاحِدُها

من لا يُعَوِّلُ (e) في الدُّنْيا على رَجُلِ

غاضَ الوَفَاءُ وفاضَ العُذْرُ وانْفَرَجَتْ

مَسَافَة الْخُلْف بين القَول والعَمَلِ

وشَانَ صِدْقَكَ عند النَّاس كِذْبُهُم

وهل يُطَابَقُ مُعوَجٌّ بمُعْتَدلِ

إنْ كان يُنْجعُ شيءٌ في ثَبَاتِهِمُ

على العُهُود فسَبْقُ السَّيْفِ للعَذَلِ

يا وَارِدًا سُؤْر عَيْشٍ كُلُّهُ كَدَرٌ

أنفقْت صَفْوَكَ (f) في أيَّامِكَ الأُوَلِ

مُلْكُ القَنَاعَة لا يُخْشَى عليه ولا

يُحْتَاجُ فيه إلى الأنْصَار والخَوَلِ

تَرْجُو البَقَاء بدَارٍ لا ثَبَات (g) لها

فهل سَمِعْتَ بظِلٍّ غير مُنْتَقلِ

ويا خَبِيرًا على الأسْرَار مُطَّلِعًا

اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجَاةٌ عن الزَّلَلِ

قَدْ رشَّحُوك لأمْرٍ إنْ فَطِنْتَ لَهُ

فارْبَأ بنَفْسِكَ أنْ تَرْعَى مع الهَمَلِ

قُلتُ: وهذه القَصِيدَة من مَحَاسِن قَصَائِده، لا بل من مَحَاسِن شِعْر أهل عَصْره، يُسَمِّيها النَّاس لَامِيَّة العَجَم تَفْضِيلًا لها على غيرها من أشْعَار العَجَم، كما

(a) الديوان: زمني.

(b) الخريدة: رجال.

(c) الديوان: إذ.

(d) ورد هذا البيت بهامش الأصل بخط دقيق مغاير لخط المتن.

(e) الوافي: يعرِّج.

(f) الديوان والوافي: عمرك.

(g) الوافي: بقاء.

ص: 259

سَمّوا قَصِيدَة الشَّنْفَرَى

(1)

الّتي أوَّلها: [من الطويل]

أَقِيْمُوا بني أُميِّ صُدُورَ مَطيِّكُمْ

فإنِّي إلى قَوْم سِوَاكُمْ لأمْيَلُ

لَامِيَّة العَرَب تَفْضِيلًا لها على غيرها من أشْعَار العَرَب، نَظَمها ببَغْدَاد في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِمائَة يَفْتَخر فيها ويَشْكُو الاغْتِرَاب، وأَوْرَدَ فيها من الحِكَم ما لا يَخْفى على المُتَأمِّل من ذوي الألْبَاب.

أخْبَرَنا أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد، قال: سَمِعْتُ إسْمَاعيْل بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل البَاخَرْزِىِّ إمْلاءً، يَقُول: دَخَل الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ على بعض أكَابِر الدَّوْلَة في مَجْلِس الأُنْس فقدَّم إليه ثيِابًا رَفِيعَةً كَرَامَةً له، فكَرِه ذلك حتَّى عُرِفَ فيه، وأنْشأ مُرْتَجلًا

(2)

: [من الطويل]

وما سَاقَني فَقْرٌ إليكَ وإنَّما

أبَى لي عزُوفُ النَّفْسِ أنْ أعْرفَ الفَقْرَا

ولكنَّني أَبْغي التَّشَرُّف إنَّهُ (a)

سَجِيَّةُ نَفْسٍ حُرَّة مُلِئَتْ كِبْرَا

أخْبَرَنا أبو هاشِم الهاشميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: الحُسَين بن عليّ بن عبد الصَّمَد الدِّئَليّ المُنْشِئ أبو إسْمَاعِيْل، صَدْرُ العِرَاق، وشُهْرَةُ الآفاق، غَزير الفَضْل، لَطِيْف الطَّبعْ، جَوَاد الخَاطِر، حَسَن المَعْرفَة باللُّغَة والأدَب، أقْوَم أهْل عَصْره بصَنْعَة الشِّعْر وإنْشَاءَ الرَّسَائِل، وكان مُحْترمًا، كَبير الشَّأْن، جَلِيْل القَدْر، وَرَدَ بَغْدَاد وأقام بها مُدَّةً طَوِيلَةً، وكان يُسَافِرُ مع العَسْكَر إلى الجِبَال والرَّيّ وأصْبَهَان إلى أنْ شرقَ بفَضْلِهِ وكَمَالِهِ وقُتِلَ رحمه الله.

كذا ذكره وأسْقَط اسْم جَدِّه مُحَمَّد.

(a) الديوان: وما أبتغي إلا الكرامة إنها.

_________

(1)

ديوان الشنفرى 58.

(2)

ديوان الطغرائي 151.

ص: 260

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسَمَاعِيْل بن أبي الحجَّاج المقَدِسِيّ الصُّوَيتيِّ إجَازَةٌ، قال: أخْبَرَنا عِمَاد الدِّين أبو حَامِد مُحَمَّد ابن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز، قال في كتاب خَرِيْدَة القَصْر

(1)

: الأُسْتَاذ مُؤيَّد الدِّين أبو إسمَاعِيْل الطُّغْرَائيِّ المُنشِئ، الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد الدِّئَليّ، من وَلد أبي الأسْوَد الدِّئَليّ، من أهل (a) أصْبَهَان، الكبير الشَّأْن، الصَّدْر الوَسِيعْ الصَّدْر، الرَّفِيعْ القَدْر (b)، الجَزِيل الفَضْل، الجلِيْل المَحَلِّ، خَدَمَ السُّلْطان العَادِل مَلكْ شَاه بن ألْب أَرَسْلَان، وكان مُنْشِئ السُّلْطان مُحَمَّد مُدَّة مَملكَته؛ مُتَولِّي دِيْوَان الطُّغْرَى، ومالك قَلَم الإنشَاء، والفَارِغ ذروَة العَلَاءَ، والمُقتَرع عُذْرَة البَيَان، والمُختَرعِ فِطْرة المَعَانِي الحِسَان، والمُصَرِّف يَرَاعَةَ البَرَاعَة (c)، والمُبرِّز في صِيَاغَة إبريز الصِّناعة (d)، تَشَرَّفَتْ بهِ الدَّوْلَة السَّلْجُقِيَّة (c)، وتشَوَّقَت إليهِ المَمْلَكَة النَّبَويَّةُ (f)، وتنقَّل في المَنَاصِب (g)، وتَوَقَّل في مَرَاقِب المَرَاتِب، وتَوَلَّى الاسْتِيْفاء، وترشَّح للوِزَارَة، واسْتَبَدَّ بالحُكم، وتَوَشَّح بالكِفَايَةِ.

قال وَالدِي رحمه الله: هو نَسِيْبُنا من قِبَل الأخْوَال، والمنُاسِبُ بمَنَاقبه حَوَالي الأحْوَال، لَم يكُن للدَّوْلتَين (h) الإمامِيَّة والسَّلْجُقِيَّة مَنْ يُضَاهِيهِ في التَّرَسُّلِ والإنشَاء سِوَى أمِيْن المُلك أبي نَصْر بن أبي حَفْص من أهْل أصْفَهَان، المُنشِئ في عَهْد نِظَام المُلك، والفَضْل له لتَقَدُّمِهِ، ولكن برَّز هذا عليه في فُنُون العِلْم، وحُسْن الاسْتِعَارَة في النَّثْر والنَّظْم، ورَاضَ في العَرَبيِّة المُصْعَب (i) فأصحَب،

(a) لم ترد في نشرة الخريدة.

(b) عبارة الخريدة: كبير الشأن، الصدر الوسيع، القدر الكبير.

(c) الخريدة: متصرف براعة البراعة، وسقط من نشرة الخريدة بعض العبارات التي قبله وبعده، أدرج المحقق عوضها نقاطًا تدل على السقط.

(d) الخريدة: وصائغ إبريز الصناعة.

(e) كذا قيَّدها في الأصل، في هذا الموضع وتاليه، وفي الخريدة: السلجوقية.

(f) الخريدة: الأيوبية.

(g) الخريدة: مراقب المناصب.

(h) الخريدة: في الدولتين، وهو الأظهر.

(i) الخريدة: الصعب.

_________

(1)

خريدة القصر 7: 62 - 64.

ص: 261

وسَلَك المَذْهَب المُذْهَبَ، وأبدَعَ المَعنَى المُهَذَّب (a)، وله مُعْجِزُ البَلَاغَةِ المُعْجب، ومُعْرِبُ الفَصَاحَةِ المُغربُ.

وشعْرُهُ عَبَر الشّعْرَى العَبُورَ (b) عُلوَّ عبَارَة، وسُمُوَّ اسْتِعَارَة، وسُمُوق رَايَة، وشُرُوقَ آية، وتَنَاسُقَ مَقصَد وغَاية، وتَنَاسب بِدايةٍ ونِهايَة. وأمَّا نَثرهُ؛ فنَثرَهُ الدَّرَارِي ونَثر الدُّرَر، ومَنْثُور الزّهَر.

وأمَّا خَلَائِقهُ؛ فمَطُورةُ على الكَرَم، مَوْفُورة بحُسْنِ الشِّيَم، مُتأرِّجَةُ بعَرْف العُرْفِ، مُتَمَوِّجَة (c) بماءِ اللُّطْفِ، مُتَبلِجَةٌ بنُوْرِ الظَّرْف، مُتَوَهِّجَةُ بنار الحُسنِ، مُبْهِجَة بنَوْر اليُمن.

حدَّثني الإمَامُ الأدِب (d) مُحَمَّد بن الهَيْثَمِ بأصبَهَان عنه؛ وهو الّذي سَمِعْتُ شِعْرَهُ منه، أنَّهُ كَشَف بذكَائهِ سِرَّ الكِيْمِيَاء المَرْمُوز، وعَدِم من عَرُوسِ صَنْعَتهِ النُّشُوز، واسْتَخْرَج من مُعَمَّاهُ الكُنُوز، لم يزل مُدَّة حَيَاته مُصَدَّرًا في الدُّسُوت، مُوَقَّرًا (c) بالنُّعُوت، حَلِيْفًا بل جَليْسًا أَنِيْسًا (3) للسَّلَاطين والمُلُوك، مُحبِّرًا بنَظْمِه ونثرِه الوَشي المَحُوك، فلمَّا انتَهَت الأيَّامُ الغِيَاثيَّةُ المُحَمَّديَّةُ، واسْتَوْفَتْ مُدَّتَها، اسْتأنَفَت الدَّوْلَةُ المُغِيْثيَّةُ (g) المَحمُودِيَّةُ جِدَّتَها، واسْتَقَرَّ الشِّهَابُ أَسْعَدَ في مَكانِه، وانتصَب في مَنْصِب دِيْوَانهِ.

وكان السُّلْطانُ مَسْعُود بن مُحَمَّد مَلِكًا صَغِيرًا، فاسْتَوزَر أبا إسْمَاعِيْل، ورَوَّضَ به رَوْضَ مُلكِهِ المُحيْل، وأصْبَحَ بالمُؤيَّد مُؤيَّدًا، وبسَدَادِهِ مُسَدَّدًا حتَّى اتَّفقَتْ بينَهُ وبينَ أخيهِ السُّلْطان مَحمُود الحَرْبُ الّتي أودَعَتْ أهْلَ الفَضْل الحَرَبَ، وفَلَّت العِلْم والأدَب، ولمَّا مَسَّ عُوْدَ مَسْعُود العَجْمُ انْكَسَرَ وأحجَم مُقَدَّم جُيُوشهِ جُيُوشْبَك (h)، وألقَى قِنَاع (i) الهَزِيمَة وانْحَسَر، وأُدْرِكَ الأُسْتَاذُ رحمه الله فأُسِر، وطَغى رأي

(a) الخريدة: المذهب.

(b) ليست في الخريدة.

(c) الخريدة: متوَّجة.

(d) ليست في الخريدة.

(e) الخريدة: موفَّرًا.

(f) الخريدة: بل أنيسًا.

(g) الخريدة: المعينية.

(h) الخريدة: جوشبك.

(i) الخريدة: قناع.

ص: 262

الطُّغْرَائِيّ في حَقِّهِ، فسَعَى في حَتْفِه خَوْفًا علىِ مَنْصِبه، فاحْتَال في نَصَبِه، وأعْطَى الرِّضَا بعَطَبه، وفَتَك بهِ وقْتَ أَسرِه، بل قُدِّم قَسْرًا، وقُتِلَ صَبْرًا، قَبْلَ أنْ يُنبئَهُ بأمرِه، ويُنَوَّه بقَدْره (a)، وآزَرَ الطُّغْرَائِيَّ الوَزِير، وعَانَدَهُ التَّقْدِير، ففَازَ بالشَّهَادَة، وخُتِم له بالسَّعَادَة، وذلك في سَنَة خَمْس عَشرة وخَمْسِمائَة.

فهذا من جُملَةِ من قَتَلَهُ فَضْلُهُ، ورَمَاهُ بنَبل الهُلكِ نُبْلُهُ، وألحَفَهُ (b) ردَاءَ الرَّدَى عِلمُه، وشَامَهُ (c) الأدَب فهَامَ (d) به في تيهِ الحَيْرة فَهْمُهُ، وحَسَدَهُ الدَّهْرُ فاغْتَالَهُ، وقَلَّصَ بعد السُّبُوغ ظِلَالهَ، بل غَار الزَّمانُ على مثلِهِ بين بَنيهِ الجُهَّال فاسْتَرَدَّهُ، وأخلَق من الابْتِهَاج بفَضْله ما أجَدَّهُ (e).

هو لا يُعَدُّ في الشُّعَرِاء؛ فهل أجَلُّ، والخاَطِرُ الآخذُ (f) في وَصفِ جُوْدَة خَاطِره، ومَدْحَ أزاهيره وزوَاهرِهِ أكَلّ، وإنَّما هو مَعْدُودٌ من الوُزَرَاءَ العُظَمَاء، والصُّدُور الكُبَرَاءَ، الّذين حَازُوا الأقَاليْم بالأقْلَام، وزَلْزَلُوا الأَقْدَامَ بالإقدَام، وحَاطُوا المَمَالِكَ من المَهَالِك (g)، وأطْلَعُوا سَنَاء النَّصْر من سَمَاءِ السَّنَابِك، ونالُوا الآرَاب بالآباء (h)، وسألُوا الأوْلِيَاءَ (i) بالآلَاء، وقَادُوا الكَتائِبَ (j) بالكُتُبِ، وجَادُوا برَوَاتب العَوَارف في عَوَاري الرُّتَب، لا جرَم لمَّا أتلَفُوا عَارِيَة الثَّرَاء، وتوطَّنُوا الثَّرَاء (k)، عَارِينَ من المَعَارّ (l)، كَاسِينَ من الفَخَار، اعْتَاضُوا بالثَّنَاء، وِمَلَكُوا القَبُولَ من قُلُوب الفُضَلَاءَ، وتخلَّدَتْ مآثرِهُم مَأْثُورة، ومَفَاخِرُهُم مَذْكُورة، وفَضَائِلُهُم بَاقِية (m)، ومَنَاقِبُهم في أُفقِ البَقَاءَ بعد فَنَائهم مُتَلالِيَة.

فكم شَادَ أبو إسمَاعِيْل أُسَّ مُعِيْل بالغِنَى، هَدَم الفَقْرُ منهُ البُنَى (n)، وأعْدَم

(a) الخريدة: قبل أن ينبّه بقدره وينوه بأمره.

(b) الخريدة: وألحقه.

(c) الخريدة: وسامه.

(d) الخريدة: فهان.

(e) الخريدة: ما استجدَّه.

(f) الخريدة: الأحدّ.

(g) الخريدة: بالمهالك.

(h) الخريدة: الآداب بالآراء.

(i) الخريدة: للأولياء.

(j) الخريدة: الكُتَّاب.

(k) قوله: "لا جرم لما أتلفوا عارية الثراء، وتوطنوا الثراء" لم يرد في الخريدة.

(l) الخريدة: العارة.

(m) قوله: "وفضائلهم باقية" لم يرد في الخريدة.

(n) الخريدة: بالبنا.

ص: 263

الزَّمان منهُ المُنَى، وهو الحُسَين الشَّهِيْدُ رَبُّ كَرْبٍ وبَلَاء، مثْل سَمِيِّهِ عليه السلام بكَرْبَلَاء، فلا جرَمَ قَاتِلُهُ في النَّار، والمُشَارِكُ في دَمِهِ من الأشْقِيَاء الأشْرَار، خافَ أهْلُ النَّقْصِ (a) والنِّفَاق من نَفَاقِ (b) سوْق فَضْله فقَتَلُوهُ، وأهْدَرُوا دَمَهُ المَعْصُومَ حَسَدًا لطُوْلهِ وطَوْلِهِ وطَلُّوه.

وسَنُبيِّن لك من أشْعَاره حَقِيْقَة شِعَارِه (c)، لقد أثَارَ الدَّهْرُ لإبقاءَ ثَارِه، بقُبْح آثاره عِثْيَر (d) عثَاره، وأيُّ كَريم جَرَى القَدر في إيرادهِ على إيثَاره، فلم يتَطَرَّق الكَدَرُ إلى إصْدَاره، وأيُّ قَمَرٍ لم يَحْظَ بإبْدَاره، فلم يَحُطّ به المُحَاقُ إلى بَيت سِرَاره، وأيُّ فَاضِلٍ فاضَ له الحَظُّ فما غَاضَ، وأيُّ كَامِل لَم تُصِبْهُ عَيْن الكَمَال فاسْتَكمَلَ الأغرَاضَ، جَاهُ الجَاهِل كأنْفَاض (e) الفَاضِل في نُمُوّ، وحَظّ العَالم كلَحْظ الظَّالِم في عُتُوّ، والرَّجَاءُ ما له رَوَاج، والإقْبَالُ ما له على ذي الكَرَمِ (f) مَعَاج، ما تَولَّى الإنشاءَ بعدَهُ في المَمْلكَة السُّلْطانيَّة من طَوَّلَ باعَهُ وآهَل رِبَاعَه، وإنَّما تولَّاهُ ذو النَّقْص للنُّقَصِ (g)، ولمَّا عزّ الرَّأسُ رَضُوا بالأخْمَص.

وذَكَرَ بعد هذا شَيئًا من شِعْره قد ذَكَرْنا بعضه.

وذكَره صَدِيْقُنا ورَفِيْقُنا الحافِظ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحُمود بن النَّجَّار في التَّاريخ المجدَّد لمَدِينَة السَّلام

(1)

، وأجَازَ لنا الرِّوَايَة عنه، وقال: الحُسَين بن عليّ بن

(a) الخريدة: الفضل، ولا يستقيم.

(b) الخريدة: نقاق.

(c) الخريدة: إشعاره.

(d) الخريدة: بفتح آثار غثير.

(e) الخريدة: كاتعاض.

(f) الخريدة: الكريم.

(g) الخريدة: للمنقص.

_________

(1)

التاريخ المُجدّد لمدينة السلام ذيل وضعه محبّ الدين ابن النجَّار (ت 643 هـ) على تاريخ مدينة السلام للحافظ الخطيب البغدادي، يقع في 16 - وقيل:17. مجلدًا، وصلتنا أجزاء من هذا الكتاب، وكل نقول ابن العديم التي أخذها من هذا الكتاب هي مما ضاع من كتاب ابن النجار. انظر: ياقوت: معجم الأدباء 6: 2644، ابن خلكان: وفيات الأعيان 3: 210، ابن الساعي: الدر الثمين 155، السخاوي: الإعلان بالتوبيخ 254 (قال السخاوي: وهو أحفلها -أي ذيول كتاب بغداد- أدخل فيه ما في كتاب السمعاني وابن الدبيثي وزاد وأفاد)، البغدادي: هدية العارفين 2: 122.

ص: 264

عبد الصَّمَد الدِّئَليَّ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ المَعْرُوف بالطُّغْرَائيّ، من أهْلِ أصْبَهَان، كان يتَوَلَّى الطُّغْرَى للسَّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشاه، وهي عَلَامَةً تُكْتَب على التَّوْقِيعاتِ، ثمّ وَلَّاهُ الإشْرَاف على المَمْلكًة في بعضِ الأوْقَاتِ، ثمّ عَزَلَهُ وأمرَهُ بلُزُوِم مَنْزِله، وكان ابنُه أبو المُؤيَّد مُحَمَّد بن الحُسَين يَلي الطُّغْرَى للسُّلْطَانِ أبي الفَتْح مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه، فلمَّا قَوِي أمرُ مَسْعُود في سَنَةِ ثلَاث عَشرة وخَمْسِمائَة، قَصَدَهُ الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل ولَجَأ إليهِ، فتَلَقَّاهُ بالإكْرَام، وِوَلِّاهُ الوِزَارَة في شَهْر رَبيع الأوَّل من السَّنَةِ المَذْكُورَة، ولقَّبَهُ قَوَام الدِّين، وسَارَ في الجَيْشِ مع مَسْعُود إلى باب هَمَذَان لقِتَالِ مَحْمُود، فانْهَزَم المُعَسْكَر المَسْعُودِيّ، وأُخِذَ أبو إسْمَاعِيْل الوَزِير أسِيْرًا إلى حَضْرة السُّلْطانِ مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه، فقَتَلَهُ.

وكان من أفْرَادِ الدَّهْرِ، ومن أعْيَان العَصْر، غَزيِر الفَضْل، كَامِل العَقْلِ، حَسَن المَعْرْفَة باللُّغَة والأدَب، أقْوَم أهْل عَصْره بصَنْعَة الشِّعْر وإنْشَاء الرَّسَائِل، وشِعْره ألْطَف من النَّسِيم، وأرَقّ من حَوَاشِي النَّعِيم، وكان أَطْرَف أهْلِ زَمَانهِ.

قَدِمَ بَغْدَاد، وأقام بها مُدَّةً طَوِيلَةً، وجَالَسَ فُضَلَاءَها، ورَوَى بها شَيئاً من شِعْره، رَوَى عنهُ من أهْلها الشَّريفُ أبو السَّعَادَاتِ ابن الشَّجَرِيّ، وعِليّ بن أحْمَد الدُّرْدَائِيّ، ومُحَمَّد بن أَسْعَد بن الحَلِيْم الفَقِيه الحَنَفِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحْمِّد بن الإخْوَة.

وقال: كانت الوَقْعَةُ بين السُّلْطانِ مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه وأخيهِ مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه بباب هَمَذَان فِي عَصْر يَوْم الخَمِيْس تاسع عَشر رَبِيع الأوَّل من سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة، فانْهَزَم مَسْعُود وعَسْكَره، وأُخِذَ من جُمْلَتهم الوَزِير أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ مأسُوْراً إلى حَضْرة السُّلْطان مَحْمُود، فأمَرَ بقَتْلهِ فقُتِلَ وقد جاوَزَ السِّتِّين من عُمْره، رحمه الله.

ص: 265

كذا قال في نَسَبه أيْضًا: الحُسَين بن عليّ بن عبد الصَّمَد، وأسْقَطَ اسْم جدِّه مُحَمَّد! وإنَّما نَقَلَهُ كذلك من المُذَيَّل لأبي سَعْد السَّمْعَانيّ، والصَّحيحُ ما ذَكَرناهُ في أوَّل التَّرْجَمَة.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ المَعْرُوفُ بابنِ الأَثِيْر الجَزَرِيّ، قال في تَارِيْخهِ

(1)

: كان الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل الحُسَين بن عليِّ (a) الطُّغْرَائِيّ الأصْبَهِانِيّ قد اتَّصَل بالمَلِك مَسْعُود فاسْتَوْزَرَهُ، فأشَارَ على جُيُوشْبَك في جميع الجُيُوش لمُحَارَبتِهِ (b)، وبَلَغَ ذلك إلى السُّلْطان مَحْمُود، فأرْسَل إليهِ وإلى أخيهِ مَسْعُود يُرَغِّبهما، ويَعِدُهمُا الإحْسان إنْ عاودا الطَّاعَة، ويتَهَدَّدهُما إنْ أصَرَّا على المَعْصِيَة، فلمِ يَفْعَلا (c)، وسَارا في العَسَاكِر إلى السُّلْطانِ يَنْتَهزان الفُرْصَة بقلَّةِ عَسْكَره وتَفَرُّقهم، فجَمَع مَنْ قَرُب إليه من عَسَاكِره، فبلَغَت عِدَّتهم نحو خَمْس عَشرة ألْف فَارس والْتَقُوا عند عَقَبة أَسَدَابَاذ في رَبِيع الأوَّل من سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة، فدَامَ القِتَال بينهم إلى اللَّيْل، ثمّ انْهَزَم المَلِك مَسْعُود وجُيُوشْبَك ومَنْ معهما، وأُسِرِ جَمَاعَة من أُمَرَاء عَسْكَرهما والأعْيَان، منهم الأُسْتَاذ أبو إِسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ وَزِيرِ مسْعُود، فقَتَلَهُ السُّلْطان وقال: قد صَحَّ عندي فسَادُ اعْتِقَادهِ ودِيْنهِ، وكان قد جَاوَز ستِّين سَنَة.

قرأتُ بخَطِّ أبي سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، وأخْبَرَنا الشَّريف أبو هاشمِ عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد، قال: سَمعْتُ أبا شُجاع كَيْخُسْره بن يَحْيَى بن الحُسَين بن بَاكِيْر الشِّيْرَازيّ يَقُول: قُتِلَ الأُسْتَاذ أبو إسْمَاعِيْل المُنْشِئ في أواخِر سَنَة ثلاث أو أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة.

(a) في الأصل: إسماعيل، وفوقه "صـ"، ومثله في أصول التاريخ الباهر، وصوبه المحقق بالمثبث.

(b) عبارة التاريخ الباهر: "فاستوزره وأشار بذلك أيضاً، وكان لجيوش بك مع الموصل ولاية أذربيجان فلما شرع في جمع الجيوش بلغ ذلك إلى السلطان مسعود .. ".

(c) ابن الأثير: فلم يرجعا.

_________

(1)

ابن الأثير: التاريخ الباهر 23 (وتصرّف ابن العديم فيه بالحذف والاختصار).

ص: 266

قال أبو سَعْد: هكذا ذَكَرَ أبو شُجاعٍ، قال: ورَأيْتُ في بعضِ تَعَالِيْقي القَدِيْمَة عن أبي الفَتْحِ مُحَمَّد بن عليّ النَّطَنْزِيّ أنَّ الأُسْتَاذ أبا إسْمَاعِيْل المُنْشِئ قُتِلَ في سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة.

وقال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، وشَاهدْتُه أنا بخَطّه، قال: سَمِعْتُ أبا الفَرَج مَسْعُود بن أبي الرَّجَاء المُقَرَّب بن مُحَمَّد الأصْجَهَانِيّ التِّيْمِيَّ يَقُول: قُتِلَ الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل سَنَة خَمْس عَشرة وخَمْسِمائَة، قَتَلَهُ مَحْمُود السُّلْطان.

قُلتُ: والصَّحيح أنَّهُ قُتِلَ في سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة.

قَرأتُ بخَطِّ الوَزِير أبي غَالبِ عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن في التَّاريخ الَّذي جَمَعَهُ وذَلَّلَ به مُخْتَصَر الطَّبَريّ

(1)

، قال في حَوَاث سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة: في هذه السَّنَة قُتِلَ الأُسْتَاذُ أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيُّ، وكان وَزِير السُّلْطان مَسْعُود، أُسِرَ في الكَسْرَة المَذْكُورَة، وكانت (a) فَضَائِله في الشِّعْر والرَّسَائِل والحِكْمَة مَشْهُورة.

ذَكَرَ ذلك بعد ذِكْر كَسْرَة السُّلْطان مَحْمُود بن مُحَمَّد أخاهُ مَسْعُوداً.

وفي حَاشِيَةِ الكتاب بخَطِّ الوَزِير نِظَام الدِّين أبي المُؤيَّد مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد ابن الأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل المُنْشِئ ما صُوْرَته: وكان يتَولَّى لأبيهِ السُّلْطان مُحَمَّد دِيْوَانيَ الإنْشَاءِ والطُّغْرَى، وكان ممَّن أُسِرَ في هذه الوَقْعَة، وقُتِلَ صَبْراً، وكان من الفُضَلَاء المُتَقدِّمين بالشِّعْر والكتابة وغيرهما.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاعٍ عُمَر بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَاميٍّ ببَلْخ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عليّ الإبْرَيْسَمِيّ الطَّبِيْبَ

(a) الأصل: وكان.

_________

(1)

انظر التعريف بتاريخ ابن الحصين في الجزء الثالث.

ص: 267

يقُول لي وهو عند السُّلْطان طُغْرِل بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه وقد نَزَل مَرِيْضاً من سَفَره حين ورَدَ بَلْخ بقَرْيَة طغابَاذ

(1)

، فعالَجه من مَرضٍ حَادٍّ، قال: قال لي: أنا أتأذَّى من أصْوَاتِ العَصَافِيْر في هذه الدُّوَيْرَة، فقُلتُ لَهُ: مُرْ بعضَ الغِلْمَان يَصِيْدهُم بقَوْسِ الجُلَاهِق، فقال: بل أحْتَمل؛ فإنَّها سَكَنَتها وتَوَطَّنَتها، فتبَسَّمْتُ! فقال لي: ما هذا التَّبَسُّم؟ قُلتُ: سُبْحَان مَنْ جَعَلكَ بمَرَضك إلى هذا الحَدِّ من الرِّقَّة، وقد قَتَلْتَ مثْلَ الأُسْتَاذ أبي إسْمَاعِيْل الكَاتِب في فَضْلهِ وغَزَارَة عِلْمِه وكِفَايتهِ! قال: فتَوَرَّدَت وَجْنَتاهُ وقال: الفَضْلُ الخالي من الفُضُول مَمْدُوح.

قُلتُ: هكذا قال أبو شُجاع البِسْطَاميِّ وأوْرَده في كتاب أَدَب المَرِيْض والعَائِد، سَمَاع شَيْخنا أبي هاشِم منه، والمَشْهُور أنَّ الّذي قَتَلَ أبا إسْمَاعِيْل السُّلْطان مَحْمُود على ما ذَكَرناهُ عن العِمَاد الكَاتِب وغيره، وهو الّذي كانت الوَقْعَة بينه وبين أخيه مَسْعُود، وأُسرِ فيها أبو إسْمَاعِيْل، ويُحْتَمل أنَّ السُّلْطان طُغْرِل قَتلَهُ بأمْر أخيهِ مَحْمُود قبل أنْ تُفْضي إليه السَّلْطَنَة أو أنَّهُ سَعَى في قَتْله، فقال له الطَّبِيْب ما قال، واللهُ أعْلَمُ.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، وأخْبَرَنا [به](a) شَيْخُنا أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد، قال: سَمِعْتُ أبا شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَاميِّ الإمَام ببُخَارَى مُذَاكَرَةً يَقُول: قال شَافِع الطَّبِيْب الجُرْجَانِيّ: دَخَلْتُ على السُّلْطان طُغْرِل بن مُحَمَّد بن مَلِك شَاه بهَرَاة، وكان مَرِيْضاً، فقال لي: يا فُلَان، أنا تحت شَجَرَة وعليها عَصَافِيْر تُؤْذِيني بصِيَاحها، فقُلتُ لَهُ: يا مَوْلَانا تأمر الغِلْمَان ومعهم قَوْس البُنْدُق يَضْربُونها ويُفَرِّقُونها، فقال: لايَجُوز هذا أنْ أُنَفِّرها من أوْكَارها وآثَم بذلك، فتَبَسَّمْتُ، فقال

(a) إضافة لازمة.

_________

(1)

لم أهتد للتعريف بها، ولم ترد في المتاح من المعاجم الجغرافية.

ص: 268

لي: لِمَ تَتَبَسَّم؟ فقُلْتُ: يا مَوْلَانا، تَقْتُل الأُسْتَاذَ أبا إسْمَاعِيْل المُنْشِئ مع ما فيه من الفَضْل، والسَّاعَة تَحْتَرز من تَنْفيرِ العَصَافِيْر! فقال لي: يا شَافِع، الفَضْل يَنْبَغي أنْ لا يكون معه الفُضُول، فإذا كان في الفَاضِل الفُضُول يُهْلِكه.

قال: ثمّ سَمِعْتُ إسْمَاعِيْلَ بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل البَاخَرْزِيّ [يقُول](a) إنَّ الأُسْتَاذ أبا إسْمَاعِيْل قَتَلَهُ مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه، قال: وأنا لا أشكُّ فيه.

قُلتُ هكذا ذَكَرَ السَّمْعَانيّ في المُذَيَّل عن أبي شُجاع البِسْطَاميِّ: قال شَافِع الطَّبِيْبُ الجُرَجَانِيُّ، وأنَّ ذلك بهَرَاة! وأخْبَرَنا شَيْخُنا عن أبي شُجاع وذَكَرهُ في المَرِيْض والعَائِد، قال: سَمِعْتُ مَحْمُود بن عليّ الإبْرَيْسْمَيِّ الطَّبِيْب، وذَكَرَ أنَّ ذلك بقَرْيَة طغَابَاذ من عَمَل بَلْخ، فالظَّاهر أنَّ الوَهْم وَقَع من أبي سَعْد، وأنَّهُ كَتَبهُ من حِفْظِه واشْتَبه عليه، واللهُ أعْلَمُ.

‌الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ في إسْمَاعِيْل ابن الحَسَن بن زَيْد بن الحسَن بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو عَبْد الله الحَسَنيّ القُمِّيّ

المَعْرُوف بأمِيْركَا

(1)

قَدِمَ حَلَبَ وَافِدًا على الأَمِير سَيْف الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن بن حَمْدَان، وكان شَيْخاً مُسِنًّا، له ذِكْرٌ، ويُعْرف أبُوه بِشِكَنْبَه، ذَكَرَهُ الحُسَين بن جَعْفَر بن خِدَاع النَّسَّابَة في كتاب المُعَقّبين من وَلد الحَسَن والحُسَين رِضْوَان الله عليهما، فقال: وكان الحُسَين بن عليَّ بفَرْغَانَة، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، قَدِمَ أبو عَبْد الله المَعْرُوف

(a) إضافة ليستقيم الكلام.

_________

(1)

توفي سنة 384 هـ، وترجمته في: كتاب الشجرة المباركة في الأنساب الطالبية للفخر الرازي 70، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 222 - 223، وفيه: أبو عبد الله الحسين أميركا بن الحسن ابن القاضي زيد بن صالح الشجري الأمير.

ص: 269

بأمِيْركَا وهو الحُسَين في عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن إلى حَلَب وأنا بها في سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، ثمّ تَوَجَّه إلى مِصْر فقَدِمَها، وهو بها يُعْرَفُ بالقُمِّيّ، فأقام بها نَحْواً من أرْبَع سِنِين، وخَرَج إلى الشَّام مُتَوَجِّهاً إلى بلَدِه.

قَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن أَسْعَد الجَوَّانِي في ذِكْره الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن الحَسَن بن الحَسَن ابن أمير المُؤمِنِيْن عليّ ابن عَمّ رسُول الله صَلَّى اللهُ علمِه وسلَّم: أبو عَبْد اللهِ أَمِيْركَا القُمِّيّ، قَدِمَ القُمِّيّ إلى حلَبَ في أيَّام سَيْف الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن حَمْدَان سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وهِو أوَّلُ مَنْ أذَّن في اللَّيْل وقال في أذانه: مُحَمَّد وعليّ خَيْر البَشَر، فتُوفِّي بمَنْبج سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وثَلاثِمائة، وله فَوْق المائة سَنَة، أبُوه عليّ يُعْرَفُ بشِكَنْبَه؛ تَفْسِيره بالعَرَبِيَّةِ: الكَرِش.

هكَذا وَجَدْتُه في هذا المَوضِع بخَطِّ ابن أَسْعَد، وقد أسْقَطَ زَيْداً بين الحَسَن والحَسَن؛ وهو وَهْمٌ، ثمّ قَرأتُ بخَطِّه في كتاب الجَوْهَر المَكْنُون

(1)

من تأليفه: شِكَنْبَه في بني الحَسَن بن عليّ، وُلدَ عليّ شِكَنْبَه ومن النَّاسِ مَنْ يقول إشْكِنْبَه، وهو اسْمٌ عَجَمِيّ، وهو اسْم الكَرِش، وهو عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن عليّ بن أبى طَالِب عليه السلام، ومن وَلده الحُسَين المَعْرُوف بأمِيْركَا ابن شِكَنْبَه، فذَكَره هَا هُنا على الصِّحَّة في نَسَبهِ فبَانَ أنَّ ذلك كان سَهْواً من القَلَم، واللهُ أعْلَمُ.

لا نَعْلمَ أنَّ الأذان المَشْرُوع غُيَّر في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة، وإنَّما كان ذلك في أيَّامِ ولده سَعْد الدَّولَة أبي المَعَالِي شَرِيف، فقد كان أمِيْركَا أوَّل مَنْ أذَّن في أيَّام سَعْد الدَّولَة.

(1)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه لأول ذكره في الجزء الأول من هذا الكتاب.

ص: 270

‌الحُسَينُ بن عليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بَحْر ابن بَهْرَام في المَرْزُبَان، أبو القَاسِم بن أبي الحَسَن المَغْربِيّ الكَاتِب

(1)

جَدُّ أبي القَاسِم الوَزِير، وعُرِفَ أبُوه أبو الحَسَن بالمَغْرِبيّ لأنَّهُ كان يَخْتلفُ على دِيْوَان المَغْرب، فنُسِبَ إليه.

وُلد ببَغْدَاد ونَشَأ بها، وقَدِمَ حلَبَ، واسْتَكْتَبَهُ سَيْف الدَّوْلَة أبو الحَسَن بن حَمْدَان، وحَظِي عنده، ومات في أيَّامِهِ بحَلَب.

وكان كَاتبًا مُجِيْداً، شَاعِراً حَسَن النَّظْم والنَّثْر. رَوَى عن أَبِيهِ، وعن الأَمِير مُحَمَّد بن يَاقُوت. رَوَى عنهُ ابنُه أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين.

وقد اسْتَقْصَينا نَسَبه في تَرْجَمَة ابن ابْنه أبو القَاسِم الوَزَير

(2)

، وذَكَرنا ما وَقَع فيهِ من الخِلَافِ.

قَرأتُ بخَطِّ الوَزِير نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن أبي إسْمَاعِيْل المُنْشِئ: قال الوَزِير -هو أبو القَاسِم المَغْرِبيّ-: أنْشَدَني أبي، قال: أنْشَدَني أبي، قال: أنْشَدَني مُحَمَّد بن يَاقُوت الأَمِير الّذي كان بالعِرَاق

(3)

: [من الطويل]

كأنَّ الثُّرَيَّا رَاحَةً تَشبِرُ الدُّجَى

لتَدْري أطَالَ اللَّيْلُ لي أم تَقَوَّضَا (a)

فأَعْجِبْ بلَيْلٍ (b) بين شَرْق ومَغْرب

يُقَاسُ بشِبْرِ كيفَ يُرْجَى له انْقِضَا

(a) ديوان كشاجم: ليعلم طال الليل أم لي تعرَّضا.

(b) ديوان كشاجم: لليل.

_________

(1)

توفي بعد سنة 354 هـ.

(2)

فيما مرَّ في موضعه على ترتيب الحروف من هذا الجزء.

(3)

البيتان مما يُنسب لكشاجم؛ ديوانه 202، السري الرفاء: المحب والمحبوب 2: 239.

ص: 271

وَجَدْتُ بخَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ المَغْرِبىّ ما صُوْرته:

قَوْلٌ في النَّخْلةِ لجَدِّي أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بَحْر بن بَهْرَام بن المَرْزُبَان بن مَاهَان بن بَاذَام بن بَلَاش بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر رضي الله عنه:

فأمَّا ذَات الطُّول المَدِيد، والقَوَام بغير تَأْوِيد، المَخْصُوصَات بالطَّلْعِ النَّضِيْد، والمُزيَّنات بالسَّعَف والجَرِيْد، المَمْنُوحات عُمُومَة الأنْسَاب، البَاقِيَات على مُرُور الأحْقَابِ، المُطْعِمات في المَحْلِ أنْوَاع الرِّطَاب، فَبَدْو خَلْقها من التُّراب، وفيها مُعتَبرٌ لذَوي الألْبَابِ، تَبْدُو من نَوَاةٍ عَابِسَة، ضَئيلَةً يَابِسَة، ثُمَّ من خُوصَةٍ مَهِيْنَة، ضَعِيْفةٍ غير مَتِيْنة، حتَّى إذا برَزَتْ من الأرْض، وظَهَرت للهَوَاءِ المَحْض، ونَشَأت فيها صَنْعَة التَّلْوين، بتَقْدِير ذي القُوَّة المَتِيْن، نَهَضَتْ نُهُوضَ المُسْرِع الحَثِيْث، وعُدَّتْ من الوَدِيِّ والجَثِيْث (a)، ثمّ انْثَعَلَتْ بالكرَب، وأنْسَغَت بالقِلَب، وانْتَشَرَتْ بخَصْر (b) العَوَاهِن، وقَعَدَت في أزْكَى الأمَاكن.

ثُمَّ ألَمَّتْ وتَزَعْزَعَت، واهْتَجَنَت وأيْنَعَت، واشْتَمَلَتْ بمَلَاحفِ اللِّيْف، وسَهَّلَت سَبِيل مُمْتاحها بدَرْج الكَرَانيِفِ، وصَارَت من الصِّنْوَان وغَيْر الصِّنْوان، وظَهَرت في أحْسَن القَوَام والألْوَان، وأبْرَزَت طَلْعَها الهَضِيْم، فتَبَسَّم عن اللُّؤْلُؤ النَّظِيْم، وتَدَلَّت عَثَاكِيْل الإغْرِيْض، وشَمَارِيْخ الغَضِيْضِ، في العَرَاجِيْن المُخْضَرَّة، والأُهُنِ المُصْفَرَّة، فتَغَيَّر بالهَوَاء كَوْنُها، وحَالَ عن البَيَاض لَوْنُها، وَأجْنَتْ طَلْعَها غَضَّةً مَهْوَة، وبَذَلَتْها بَيْضاء مَعْوَة.

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "هما الفَسيل".

(b) كذا في الأصلا مؤكدة بحرف الصاد أسفلها، والعواهن: السعافات التي في قلب النخلة.

ص: 272

ثُمَّ أتَتْ بالعَجَب العُجَابِ، وتضَوَّعَتْ عن رَيَّا الشَّبَابِ، وتَراءَتْ خَاضِبَةً في أحْسَن مَنْظَر، وتَشَبَّهَتْ نَاصِعَةً بالزَّبَرْجَدِ الأخْضَرِ.

حتَّى إذا ما الصَّيْفُ مَنَحها أرْوَاحَهُ، ونَقَل عليها مَسَاءَهُ وصَبَاحَهُ، وطَبَخَها حَرُّ الهَجِيْر، ولَوَّنَها صُنْع القَمَر المُنِيْر، تَهَادَت في حُلَلِها المُصْفَرَّة، ورِيَاطَها المُحْمَرَّة، وتَبَرَّجَتْ بغَرَائدِ عُقُودِها، وأذنَتْ بإنْجَاز مَوْعُودها، وأَظْهَرَتِ الزَّهْوَ بعد الشُّقْحِ، وتَزَعْفَرَتْ غِبَّ اخْضِرَار البَلَح، وتنَقَّلَتْ بلَطِيْف التَّدْبِير في بَدِيْع التَّصْويْر، وتَجَلَّت في حُلِيّها بحَلْي العَرَائس، ولبسَتْ منِ ثِمَارها أَزْيَن المَلَابِس، ورَاقَتْ عُيُونَ النَّاظِرين، ووَعَدَت أنَامِل الخَارِفين، وفاخَرَت طَيِّبَ الآكَال، وشَارَفَتْ غايةَ الكَمَالِ، فَلَانَ من ثَمَرها ما كانَ صُلْباً، وسَهُلَ منه ما كان صَعْباً، وسَاغَ لمُجْتَنِيه، وأَنْعَم قِرَى مُتَضَيِّفيْهِ، وصَارَتْ من أكْرَم الزَّادِ، وعُدَّتْ من الرِّزْق الحَسَنِ للعِبَاد، وكَثُرَتْ أخَوَاتُها من مِنَن الخالق الجَوَاد، فوَكَنَتْ وذَنَّنَتْ، وجَزَّعَت وحَلْقَنتْ (a) ، وأهْصَرَت وانْخَضَدَت، وعَمَّها التَّرْطِيْبُ فانْسَبَتَتْ، وانْسَكَبَتْ فيها يَنَابِيعُ الضَّرْب، في أظْرَف ظُرُوف وأَرَقّ أُهُب، ثمّ قَبَّتْ وجَمَدَت، وانْتَهَت فهَمَدَت، وبَلَغَت أجَلَ التَّمَام، وأذِنَتْ بالجِذَاذِ والصِّرَام، فَماحَتْ مُمْتَارَها، وأكْرَمَتْ زُوَّارَها، وصَارَتْ عِصْمَةً للحَاضِر، وثَبَاتاً (b) للمُسَافِر.

فيا لها من ثَمَرَة ما أكْرَمها، ومن مَوْهَبةٍ ما أعْظَمها، ومن دلَالَة على الصَّانِع القَدِيْم ما أحْكَمَها، ولو لَم تكُن كذلك لَمَا كَرَّر اللهُ وَصْفَها، ولا أعادَ في الكتَاب دِكْرَهَا، ولا اعْتَدَّ على عِبَادِهِ بما رَزَقهُم منها، يقُول جَلَّ من قَائِلٍ:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}

(1)

، وفي قَوْلهِ عَزَّ

(a) الأصل: حلفنت، وحَلْقَن البُسر: بلغ الإرطاب ثلثيه، أو بدأ النضج من قبل قمعه. لسان العرب، مادة: حلقن.

(b) مهملة في الأصل، والإعجام على التقريب، ولعلها نُقلت على وجه خاطئ، وأنها: زاداً.

_________

(1)

سورة النحل، الآية 67.

ص: 273

اسْمُهُ: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}

(1)

، وفي قَولهِ عَزَّ اسْمُه:{فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ}

(2)

، وفي قَوْلِهِ حِكايَةً عن نَبِيِّهِ صالِحٍ عليه السلام في مُعَاتَبتهِ لأُسْرَته واعْتِدَاده على عِتْرَتهِ:{أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}

(3)

، ولَمَا جَعَلها قي رُتْبةِ جَنَّتهِ ولا أعَدَّها من جَزَاءِ أهْل طَاعتِهِ، وفي قَوله تبارك وتعالى حين وَصَفَ الجَنَّتَيْن؛ فقال جَلَّ ذِكْرهُ:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}

(4)

، ولَمَا جَعَل اسْمَها طَيِّباً في الأسْماءَ {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}

(5)

، ولا ضَرَب اللهُ بها الأمْثَال وأثْنَى عليها في كُلِّ حالٍ، فقال تَقَدَّسَت أسْمَاؤُه:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}

(6)

، فأعْلَمَنا تبارك وتعالى أنَّها تُطْعم في الشِّتَاء طَلْعاً هَنِيًّا، وفي الصَّيْفِ رُطَبًا جَنِيًّا، ولَمَا كَرَّمَ اللهُ بها خَيْر نِسَاءِ العَالَمِيْن حين نَزَل عليها الرُّوحُ الأَمِين فقال:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}

(7)

فجَعَل للبكْر البَتُول بها أعْظَم الآياتِ، وفي فِنَائِهَا أكْبَر البَيِّنَاتِ، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}

(8)

، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِين، وصَلَّى الله على سَيِّدِ المُرْسَليْن مُحَمَّد وآلهِ الطَّاهِرين.

(1)

سورة الرعد، الآية 4، ووردت خاتمة الآية في الأصل: لقوم يتفكرون.

(2)

سورة ق، من الآيات 9 - 11، وورد طالع الآية 9 في الأصل: وأنبتنا.

(3)

سورة الشعراء، الآيات 146 - 148.

(4)

سورة الرحمن، الآيتان 68 - 69.

(5)

سورة إبراهيم، من الآية 24.

(6)

سورة إبراهيم الآيتان 24 - 25 وورد أول الآية 24 في الأصل: وضرب.

(7)

سورة مريم، الآيتان 25 - 26.

(8)

سورة المؤمنون، من الآية 14.

ص: 274

نَقَلْتُ من خَطِّ ابن صَاعِدٍ الكَاتِب ما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم ابن المَغْرِبيّ، قال: ولجَدِّي أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ رضي الله عنه: [من الرمل]

إنَّ شَكْوَى المَرْءِ فيما نَابَهُ

خَوَرٌ في نفْسِهِ ممَّا نَزَلْ

واطِّرَاح الفِكْرِ في دَفْعِ الأَذَى

خوَرٌ في عَقْلِ مَنْ عنهُ عَدَلْ

فَانْفِ عنكَ الهَمَّ بالعَزْمِ وَدَعَ

عَقْلَكَ الجَمَّ مُعَدّاً للحِيَلْ

قَرَأتُ في رِسَالَةٍ من رَسَائِل الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، ذَكَرَ فيها أنَّ أصْلَهُ من البَصْرَة، وانْتَقَلَ سَلَفُه عنها في فِتْنَة البَرِيْدِيِّيْن، قال

(1)

: وكان جَدُّ أبي، وهو أبو الحَسَن عليّ في مُحَمَّد يَخْلُفُ على دِيْوَانِ المَغْرب، فنُسِبَ به إلى المَغْرِبيّ، ووُلد له جَدِّي الأدْنَى ببَغْدَاد في سُوق العَطَشِ، ونَشَأ وتقَلَّدَ أعْمَالاً كَثِيْرةً، منها تَدْبِير مُحَمَّد بن يَاقُوت عند اسْتِيْلائهِ على أمْر (a) المَمْلَكَة، وكان خَالُ أبي، وهو أبو عليّ هَارُون بن عَبْدِ العَزِيْز الأوَارْجِيّ المَعْرُوف الّذي مَدَحَهُ المُتَنَبِّي مُتَحقِّقاً بصُحْبَة أبي بَكْر مُحَمَّد بن رَائِق، فلمَّا لحَقَ ابن رَائِقٍ ما لَحِقَهُ بالمَوْصِل، سَارَ جَدِّي وخالُ أبي إلى الشَّام، والْتَقَيا بالإخْشِيْذِ (b)، وأقام وَالدِي وعَمِّي رَحِمَهُما اللهُ بمَدِينَةِ السَّلام، وهُما حَدَثان إلى أنْ تَوَطَّدَتْ أقْدام شُيُوخهما بتلك البِلادِ، وأنْفَذ الإخْشِيْذُ غُلَامَهُ المَعْرُوفَ بفَاتِكٍ المَجْنُون المَمْدُوحَ المَشْهُور، فَحَمَلهُما ومَنْ يَليهما إلى الرَّحْبَةِ، وسَارَ بهما على طَرِيق الشَّام إلى مِصْر، وأقَامَت الجَمَاعَةُ هناك إلى أنْ تَجَدَّدَتْ قُوَّةُ المُسْتَولِي على مِصْر، فانْتَقَلُوا بكُلِّيَّتهم وحَصَلُوا في حَيِّزِ سَيْفِ الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن حَمْدَان مُدَّة حَيَاته، واسْتَولَى جَدِّي على أمْره اسْتِيْلَاءً تَشْهَدُ بهِ مَدَائِح لأبي

(a) قوله: "على أمر" مكررة في الأصل.

(b) في الأصل: بالدال المهملة، ويرد في تاليه بالمعجمة.

_________

(1)

سبق لابن العديم أن أورد قطعة كبيرة من رسالة حفيد المترجم له "الوزير ابن المغربي"، يترجم فيها لنفسه وأوليته، وبضمنها هذه القطعة المدرجة هنا. انظر ترجمة الوزيرـ فيما مرّ من هذا الجزء.

ص: 275

نَصْر بن نُبَاتَة فيهِ، ثمّ غَلَبَ أبي من بَعْده على أمْره وأمْرِ وَلَدِه غَلَبَةً تَدُلُّ عليها مَدَائِح أبي العبَّاسِ النَّامِيّ [فيه](a). وذَكَرَ تَمَام الرِّسَالَة.

وذَكَرَ أبو غَالِب هَمَّام بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ في تَارِيْخهِ أنَّهُ لمَّا عَقَدَ سَيْفُ الدَّوْلَة الفِدَاء مع الرُّوم، واشْترَى أسْرَى المُسْلمِيْن بجميع ما كان معه من المال، واشْترَى الباقين، رَهَنِ عليهم أبا القَاسِم الحُسَين كاتبَهُ وبَدَنته الجَوْهَر المَعْدُومَة المثْل، وكان ذلك سَنَة أرْبَع وخَمْسِين وثَلاثِمائة، فقد تُوفِّي على ما ذَكَره في هذه السَّنَة أو في الّتي بَعْدَها، فإنَّ سَيْف الدَّوْلَة تُوفِّي سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وقد أشَارَ أبو القَاسِم الوَزِير في رِسَالته إلى ما يَدُلّ على أنَّ جَدّه تُوفِّي في حَيَاةِ سَيْف الدَّوْلَة، وأنَّ أباهُ غَلَبَ من بَعْد جَدّه على أمْرِه.

‌الحُسَين بن عليّ بن نَصْر، أبو المَحَاسِن الأُسْتَاذ

(1)

شَاعِرُ مَدَحَ نِظَام المُلْك بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها؛ فإنَّهُ مَدَحَهُ بالشَّام ولَم يُجَاوِز نِظَام المُلْك عَمَل حَلَب من الشَّام.

ذَكَرَهُ أبو الطَّيِّب البَاخَرْزِيّ في دُمْيَةِ القَصْر

(2)

، فقال: الأُسْتَاذُ أبو المَحَاسِن الحُسَين بن عليّ بن نَصْر خَدَم المَجْلِس العَالِي -يعْني نِظَام المُلْك- بهذه اللَّامِيَّة (b) الّتي أوَّلها: [من الكامل]

لو سَاعَفَتني سَلوةُ بتَعَلُّلِ

لفَكَكْت نَفْسِي من وثَاقِ العُذَّلِ

ولرُحْتُ عن ثِقَلِ الغَرَامِ مُرَفَّهاً

ولكُنْت من حَمْل الكَلَام (c) بمَعْزِلِ

(a) إضافة على مقتضى السياق، وكما تقدمت في القطعة المثبتة في ترجمة الوزير ابن المغربي.

(b) عبارة الباخرزي: "لما نزل الصاحب نظام الملك بباب تبريز خدمه الأستاذ بهذه اللامية".

(c) دمية القصر: الملام، وفي بعض نسخه ما يوافق الرواية أعلاه.

_________

(1)

ترجمته في دمية القصر للباخرزي 1: 187 - 190.

(2)

الباخرزي: دمية القصر 1: 187 - 188.

ص: 276

منها:

حَدِثٌ إذا افْتَتَح الكَلَام حسبْتَهُ

يَتْلُو عليكَ من الكِتَاب المُنْزَلِ

منها:

قال الّذي من قَبْل هذا لَم يُقَلْ

فقُل (a) الذّي من قَبْلِه لم يُفْعَلِ

فالشَّرْق يَشْكُرهُ بأعْذَب مَنْطِقٍ

والغَرِبُ يَذْكرُهُ بأفْصَح مِقْوَلِ

أَوْطَأتَ أرْضَ الشَّام جَيْشًا مُقْبِلاً

لا يَسْألون عن السَّوَاد المُقْبِلِ

من كُلِّ مُلْتهَب العُرام مُجَادِل

ركِبَ الحِصَان كأجْدلٍ في مَجْدَلِ

قال البَاخَرْزِيّ

(1)

: قُلتُ: انْظُر كيف جَمَعَ بين المُجَادِل والأجْدَل والمَحْدَل.

ومنها:

فكما أردتَ سَلِ البَرَايا واحْتَكِمْ

واشْتَهَيتُ سُقِ القَضَايا وافْعَلِ

‌الحُسَين بن عليّ بن يَزِيد بن دَاوُد بن يَزِيْد، أبو عليّ الصَّائِغ النَّيْسَابُوريّ الحافِظ

(2)

رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، وطَافَ البِلاد، ودَخَلَ الشَّام في طَلَب الحَدِيْث والإسْنَاد، وسَمِعَ بحَلَب يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد الحَلَبِيّ ابن بنت أبي سُكَيْنَة،

(a) دمية القصر: فعل.

_________

(1)

الباخرزي: دمية القصر 1: 189.

(2)

توفي سنة 349 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 8: 622 - 624، تاريخ ابن عساكر 14: 271 - 281، ابن الجوزي: المنتظم 14: 128، التقييد لابن نقطة 1: 468 - 470، ابن الأثير: الكامل 8: 526، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 327، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 875 - 877، تذكرة الحفاظ 3: 902 - 905، سير أعلام النبلاء 16: 51 - 59، الإعلام بوفيات الأعلام 148، العبر في خبر مَن غبر 2: 81، الصفدي: الوافي بالوفيات 12: 430، اليافعي: مرآة الجنان 2: 258، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3: 276 - 280، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 236، الأسنوي: طبقات الشافعية 3: 482 - 483،=

ص: 277

وبأنْطَاكِيَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن سَهْم الأنْطَاكيّ، والفَضْل بن مُحَمَّد الأنْطَاكيّ، وبدِمَشْق أبا الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وإسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن إسْحاق العُذْرِيّ، وبغَزَّة الحَسَن بن الفَرَج الغَزِّيّ صَاحِب أبي بَكْر، وببَغْدَاد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة، وقاسم في زَكَرِيَّاء المُطَرِّز، وبالمَوْصِل أبا يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وبمَكَّة المُفَصَّل بن مُحَمَّد الجَنَدِيّ، وبمِصْر أبا عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وببَلَدِه نَيْسَابُور جَعْفَر بن أحْمَد بن نَصْر الحافِظ، وإبْراهيم بن أبي طَالِب، وعبد الله بن مُحَمَّد بن شِيْرَوُيه، وعليّ بن الحَسَن الصَّفَّار، وبهَرَاة أبا عليّ الحُسَيْن بن إِدْرِيس الأنْصَاريّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن السَّامِيّ، وبنَسَا الحَسَن بن سُفْيان، وبالرَّيّ إبْراهيم بن يُوسُف الهِسِنْجَانِيّ، وعليّ بن الحَسَن بن سَالِم الأصْبَهَانِيّ، وبمَرْو عَبْد الله بن مَحُمُود السَّعْدِيّ، وبجُرْجَان عِمْران بن مُوسَى بن مُجَاشِع الجُرْجَانِيّ، وبأصْبَهَان مُحَمَّد بن نُصَيْر، وبالكُوفَة مُحَمَّد بن جَعْفَر القَتَّات، وأبا العبَّاس بن عُقْدَة، وبالبَصْرَة أبا خَلِيفَة القَاضِي، ومُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي سُوَيْد الذَّارِع البَصْرِيّ، وبوَاسِط جَعْفَر بن أحْمَد بن سِنَان، وبتُسْتَر أحْمَد بن يَحْيَى بن زُهَيْر، وبالأهْوَاز عَبْدَان بن أحْمَد العَسْكَريّ، وبمَرْو الرُّوْذ يُوسُف بن مُوسَى المَرْوَرُّوذِيّ، وبالرَّقَّة مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن الرَّقّيِّ.

رَوَى عنهُ الحُفَّاظ: أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن صَاعِد، وأبو الحَسَن بن جَوْصَا، وأبو العبَّاس بن عُقْدَة، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، وأبوِ عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن جَعْفَرِ الجُرْجَانِيّ، وأبو أحْمَد العَسَّال، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة، وأبو طَالِب أحْمَد بن نَصْر والحاكِم أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله البَيِّعُ، وأبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِىّ، وأبو بَكْر أحْمد بن إسْحاق بن أَيُّوب، وأبو الوَلِيد حَسَّان بن مُحَمَّد الفَقِيه، وأبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَش الزِّيَادِيّ، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب، وأبو سُليْمان بن زَبْر، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم المُقْرِئ.

=ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1: 128، المقريزي: المقفى الكبير 3: 632 - 634، النجوم الزاهرة 3: 324، شذرات الذهب 4: 275، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 350 - 351.

ص: 278

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخبَرَنا وَالدِي أبو الحَسَن أحْمَد وعَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد ابْنَا هِبَةِ الله بن مُحمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين بن المُجَاوِر بحَلَب، وأبو البَرَكاَت الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، وأبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل الأنْصَاريّ بدِمَشْق، والسَّلَّار بَهْرَام بن مَحْمُود بن بَخْتِيار الأتَابِكِيّ، وولده مُحَمَّد بالمِزَّة، قالوا: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر سَعيد بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِّي، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَدِيْنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُوسَى السُّلَمِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن عليّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عليّ بن الحَسَن الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عُمَر الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، قال: حَدَّثَنَا رَوْح بن القَاسِم، عن العَلَاءَ، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: أُمِرتُ أنْ أُقَاتِل النَّاس حتَّى يشهَدُوا أنْ لا إلَه إلَّا الله، ويرضَوْا بي وبما جئتُ بهِ، فإذا فَعَلُوا ذلك عصَمُوا منِّي دِمَاءهم وأمْوَالَهُم إلَّا بحقِّها وحِسَابُهُم على اللهِ عز وجل.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الفُتُوح أَسْعَدُ بن أبي الفَضائِل بن خَلَف العِجْلِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، ح.

وِأخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْدِ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، في كِتابِهِ إليْنَا من مَرْوَ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، ح.

(1)

صحيح مسلم 1: 52 (رقم 34).

ص: 279

وأخْبَرَنا القَاسِمُ بن عَبْد الله بن عُمَر الصَّفَّار في كِتَابِهِ إليْنَا من نيْسَابُور، قال: أخْبَرَتْنا عَمَّةُ وَالدِي عائِشَة بنتُ أحْمَد بن مَنْصُور، قالوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن علِيّ بن عَبْدِ الله بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن حَمْدَوَيْه النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبرَني أبو عليّ الحافظ، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن علىّ بن مُحَمَّد الحَلَبِيّ بحَلَب، قال: حدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّد بن إبْراهيم بن أبي سُكَيْنَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّيْبَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَنِيْفَة، عن مُحَمَّد بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، عن سَبْرَة بن الرَّبِيْع الجُهَنِيّ، عن أَبِيهِ

(1)

، أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن مُتْعَة النِّسَاءَ يَوْم فَتْحِ مَكَّة.

وقال الحاكِم: سَمِعتُ أبا عليّ يقُول صحّف فيه أبو حَنِيْفَة لإجْمَاعِ أصْحَاب الزُّهْرِيّ على رِوَايتِهِ عنه، عن الرَّبِيع بن سَبْرَة، عن أبيهِ.

قُلتُ: هذا القَوْل تَحَامُل من أبي عليّ الحافِظ ومن الحاكِم أبي عَبْد الله على أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، حيثُ نَسَبا الخَطأ في ذلك إلى أبي حَنِيْفَة، ولم يَنْسباهُ إلى مَنْ هو دُونه! فإنَّ يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد الحَلَبيّ رَوَاهُ عن جدِّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن أبي سُكَيْنَة الحَلَبِيّ، عن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن أبي حَنِيْفَة، فِلمَ اخْتُصَّ أبو حَنِيْفَة بالخَطَأ دون هؤلاء؟!

وقد ذَكَرَ أبو مُحَمَّد بن حِبَّان البُسْتِيّ أنَّ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن أبي سُكَيْنَة رُبَّما أخْطأ، فكان نِسْبة الخَطَأ إليه أوْلَى من نِسْبته إلى إمامٍ من أئمَّة المُسْلمِيْن، وقد نَظَرتُ في مَسَانيْد أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، وهي: مُسْنَدُه الَّذي جَمَعَهُ الحافِظُ أبو أحْمَد بن عَدِيّ، ومُسْنَدُه الَّذي جَمَعَهُ الحافِظ أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، ومُسْنَدُهُ الَّذي جَمَعَهُ أبو القَاسِم طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الشّاهِد، ومُسْنَدُه الَّذي جَمَعَهُ أبو

(1)

شرح معاني الآثار للطحاوي 3: 26، وانظر: كنز العمال للمتقي الهندي 16: 525 (رقم 45737).

ص: 280

نُعَيْم الحافِظ، ومُسْنَدُهُ الَّذي جَمَعَهُ أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن خُسْرُو البَلْخِيّ، وذُكِرَ في كُلٍّ منها ما أسْنَدَهُ أبو حَنِيْفَة رضي الله عنه عن مُحَمَّد بن مُسْلِم بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، وذَكَرُوا حَدِيث مُتْعَة النِّسَاء.

فمنه ما هو مَرْويُّ عن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن أبي حَنِيْفَة، عن الزُّهْرِيّ، عن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله، عن سَبْرَة الجُهَنِيّ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

ومنه ما رَوَاهُ أيُّوب بن هَانئ، وشُعَيْب بن إسْحاق، والصَّلْت بن الحَجَّاج، كُلّهم عن أبي حَنِيْفَة، عن الزُّهْرِيّ، عن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله، عن سَبْرَة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

ومنه ما رَوَاهُ القَاسِم بن الحَكَم، عن أبي حَنِيْفَة، عن الزُّهْرِيّ، عن ابن سَبْرَة، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

ومنهُ ما رَوَاهُ سَعيد في سَالِم، عن أبي حَنِيْفَة، عن الزُّهْرِيّ، عن رَجُلٍ من آل سَبْرَة، عن سَبْرَة.

ولَم يَذْكر أحَدُ منهم في طَريقٍ من طُرُق الحَدِيْث المُشَارِ إليه رِوَايَة أبي حَنِيْفَة، عن سبْرَة بن الرَّبِيْع، عن أَبِيهِ! فبَانَ بذلك أنَّ الخَطأ إنَّما وَقَعَ من مُحَمَّد بن إبْراهيم أو من ابن بنْته يَحْيَى، أو أنَّهُ وَقَع الخَطَأ من كاتب النُّسْخَة الّتي لأبي عليّ الحافِظ. فنِسْبَةُ ذلك إلى أبي حَنِيْفَة رضِىَ اللهُ عنهُ تَحَامُلُ وظُلْمُ وعُدْوَانُ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بنُ عليّ بن يَحْيَى الهَمْدانيّ، في كِتَابِهِ إليْنَا من الإسْكَنْدَربَّة، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا سَهْلٍ غَانِم بن أَحمد بن مُحَمَّد الحَدَّاد الأصْبَهَانِيّ ببَغْدَاد يَقُول: سَمِعْتُ أَبا بَكْر أحْمَد بن الفَضْل المُقْرِئ البَاطِرْقَانِيّ بأصْبَهَان يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة الحافِظ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عليّ الحُسَين بن عليّ

ص: 281

النّيْسَابُوريّ، وما رأيتُ أحْفَظ منهُ، يَقُول: ما تَحْتَ أدِيْم السَّماء كتابُ أصَحّ من كتاب مُسْلم بن الحَجَّاج.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قِراءَةً عليهِ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخِلَيل بن عَبْد الله بن أحْمَد الخَلِيْليّ الحافِظ يقول، يعني في ذِكْر أبي عليّ الحافِظ

(1)

: سَمِعْتُ الحاكِمِ يَقُول: لستُ أقول تَعَصُّبًا لأنَّهُ أُسْتَاذِي، ولكن لَم أرَ مثلَهُ قَطّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ، عن أبي سعيد مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ، قال: وسَألتُه -يعني الدَّارَقُطْنِيّ- عن أبي عليّ الحافِظ النَّيْسَابُوريّ فقال: مُهَذَّبُ إمَامُ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر بن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر القَاضِي ابن الجِعَابِيّ الحافِظ يَقُول: أَبو عليّ أُسْتَاذِي في هذا العِلْم.

قال

(3)

: وسَمِعْتُ أبا زَكَرِيَّاء السُّكَّرِيّ، وهو يَحْيَى بن أحْمَد الفَقِيه يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى حَمْزَة بن مُحَمَّد العَلَويّ يَقُول: ما رَأيْتُ بخُرَاسَان أحْفَظ للحَدِيث من أبي عليّ، ولقد جَهدْتُ بهِ أنْ يَنْشَط في الخُرُوج إلى بلادنا ليَقْضِي الوَاجِب من حقّ عِلْم، فلم يَفْعَل.

(1)

الإرشاد في معرفة علماء الحديث 3: 843.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 276.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 276.

ص: 282

أنْبَأنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المبُارَكُ بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا زَكَرِيَّاء الحافِظ يقول: سَمِعتُ عَمِّي أبا القَاسِم الحافِظ يَقُول: سَمِعْتُ أبي أبا عَبْد الله بن مَنْدَة الحافِظ يَقُول: ما رَأيْتُ في اخْتِلَاف الحَدِيْث والإتْقَان أحْفَظَ من أبي عليّ الحُسَين بن عليّ بن دَاوُد النَّيْسَابُوريّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن الطُّفَيْل، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الفَتْح المَاكِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخلَيْليّ الحافِظ يَقُول

(1)

: سَمِعْتُ مَنْ يَحْكي عنهُ -يعني عن أبي عليّ الحُسَين بن عليّ- قال: دَخَلْتُ الكُوفَة فدقَقْتُ على ابن عُقْدَةَ بابَهُ، فقال: مَنْ؟ فقُلتُ: أبو عليّ النَّيْسَابُوريّ الحافِظُ، فلمَّا دَخَلْتُ عليهِ ذَاكَرَني وقال: أنْتَ الحافِظُ؟ فقُلتُ: نعم، قال: لعَلَّك تَحْفَظُ ثِيَابَك! فلمَّا رَجَعْتُ من الشِّام لَقِيتُه فذَاكَرَني، ثُمَّ قال: أنْتَ واللهِ أبو عليّ الحافِظ؛ قد غَلَبْتَني.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز،

قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(2)

، قال: حُدِّثْتُ عن أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظ النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحافِظ يَقُول: كَتَبَ عنِّي أبو مُحَمَّد بن صَاعِد غير حَدِيثٍ في المُذَاكَرَة، وكَتَبَ عنِّي أحمد بن عُمَيْر جُمْلَةً من الحَدِيْث.

وقال أبو عَبْد الله: وسَمِعْتُ (a) أبا بَكْر بن أبي دَارِم الكُوْفيّ الحافِظ بالكُوفَة يَقُول: وسَألني عن أبي عليّ الحافِظ، ثُمّ قال: ما رَأيْتُ أبا العبَّاس بن عُقْدَة يَتَواضَعُ لأحدٍ من حُفَّاظِ الحَدِيْثِ كتَوَاضُعه لأبي عليّ النَّيْسَابُوريّ.

(a) في تاريخ بغداد: سمعت.

_________

(1)

الإرشاد في معرفة علماء الحديث 3: 843.

(2)

تاريخ بغداد 8: 623 - 624.

ص: 283

وقال أبو عَبْد الله: سَمِعْتُ أبا عليّ يَقُول: اجْتَمَعْتُ ببَغْدَاد مع أبي أحْمَد العَسَّال، وإبْراهيم بن حَمْزَة، وأبي طَالِب، وأبي بَكْر بن الجِعَابِيّ، وأبي أحْمَد الزَّيْدِيّ، فقالوا: يا أبا عليّ، تُمْلي علينا من حَديْث نيْسَابُور مَجْلِسًا نَسْتَفِيدُه عن آخرنا، فامْتَنَعْتُ، فما زالُوا بن حتَّى أمليْتُ عليهم ثلاثين حَدِيثًا، ما أجابَ واحدُ منهم في حديثٍ منها إلَّا إبْراهيم بن حَمْزَة؛ فإنَّهُ أجَابَ في حَدِيثٍ واحدٍ، أمليْتُ عليهم عن أبي عَمْرو الحِيْرِيّ، عن إسْحاق بن مَنْصُور، عن أبي دَاوُد، عن شُعْبَة، عن الأَعْمَشِ، عن أبي صالِح، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ أطَاعني فقد أطَاعَ الله

الحَدِيْثَ، فقال: إبْراهيم حُدِّثنا عن يُونُس بن حَبِيْب، عن أبي دَاوُد، فقُلتُ: لا يُبْعدُ أنْ تُجيبَ في حَدِيثٍ من حديثِ أهْل بَلَدِكَ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضل، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظ، قال: وسَمِعْتُ أبا عَمْرو بن أبي عُثْمان العَدْل يَقُول: رأيتُ أحْمَد بن عُمَيْر الدّمَشقيّ يَنْتَخب من حديث أبي عليّ ويقرأ عليه، قال: وسَمِعْتُ أبا عَبْد الله الزُّبَيْر بن عَبْد الوَاحِد الحافِظ بأَسَدَابَاذ يَقُول: كُنَّا في السَّفَر أسنّ من أبى عليّ، وهو أحْفَظ منَّا، وكُنَّا نكتُب بانْتِخَابهِ، وما رَأيتُ لأبي عليّ زَلَّةً قَطّ إلَّا روَايَتهِ عن عَبْد الله بن وَهْبٍ الدِّيْنَورِيّ وابن جَوْصَا.

وقال: سَمِعْتُ أبا عليّ يَقُول: وَرَدتُ على عَبْدَان الأهْوَازِيّ، فأكْرَم مَوْردِي، وكان يَتَبجَّح بي، ويُبَالغ في تَقْريبي وإعْزَازي وإكْرَام مَوْردي، ويُجِيبُني إلى كُلِّ ما ألْتَمسُه منِ حَدِيثهِ، إلى أنْ ذَاكَرْتُهُ غير مَرَّة واسْتَقْصَيْتُ عليه في المُذَاكَرَةِ والمُطَالَبة، فتغيَّرَ لي، وقد عُرفَ من أخْلَاقه أنَّهُ كان يَحْسد كُلّ مَنْ يَحْفَظ الحَدِيْث.

(1)

المصنف لابن أبي شيبة 6: 421 (رقم 32519)، سنن ابن ماجة 2: 954 (رقم 2859).

ص: 284

وسَمِعْتُ أبا عليّ يَقُول: قال لي أبو بَكْر بن عَبدَان غير مَرَّة: يا أبا عليّ، قد رُزِقْت من قَلْب هذا الشَّيْخ ما لَم يُرْزَق غيرُكَ، فلا تَسْتَقص عليه في المُذَاكَرَة، وارْفُق بهِ، فقد طَعَنَ في السِّنِّ، فكنتُ أتكلَّف أنْ أُسَامِح في المُذَاكَرَة، فذَكَرَ ما عند حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يُلَّبِي عن شُبْرُمَة، فقُلتُ: مَنْ عن حَبِيْب؟ قال: لَيْث بن أبي سُلَيمِ، فقُلتُ: يا أبا مُحَمَّد، هذا حَبِيْبُ بن أبي عَمْرَة وليس بابن أبي ثَابِت! فتَغَيَّر وأسْمَعَني، وقال لي: تُوَاجهني بمثل هذا، فقُمْتُ وقلتُ لأصْحَابنا: واللهِ لأُطْعمنَّهُ من لَحْمه في ذِكْر حَبِيْب بن أبي ثَابِت.

فلمَّا كان يَوْم مَجْلسه، ابْتَدَأتُ أُذَاكِره حَبِيْب بن أبي ثَابِت، فَخَرَج عليّ وامْتَنعَ في أحَاديْث كُنت سَألتُهُ عنها من سُؤَالاته، فقُضِي أنَّ أبا العبَّاس بن شُرَيْح وَرَد العَسْكَر وأنَا بها فقَصَدْتُه وأخْبَرْتُه حالي، فقال: من عَزمي أنْ أدْخُل على أبي مُحَمَّد، فإذا دَخَلت عليه فسَلْهُ بحَضْرَتي، فدَخَلَ عليه القَاضِي أبو العبَّاسِ، فسَألتُهُ عن حديث ابن عَوْن عن الزُّهْرِيّ، وسَألَهُ أبو العبَّاسِ، فأخْرَج الأصْل وحَدَّثَنَا به، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيى القُطَعِيّ، قال: حدَّثنا مُحَمّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، قال: حَدَّثنا ابن عَوْن، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن أَبِيهِ، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا افْتَتَح الصَّلاة كبَّر ورَفَع يَديهِ، وإذا رَكَع، وإذا رَفَع رأسَهُ من الرُّكُوع.

قُلْتُ لأبي عليّ: أيْشٍ علَّةُ هذا الحَدِيْث؟ قال: لا أعْرفُ له عِلَّةً، قُلتُ: يُقالُ إنَّهُ عن مُحَمَّد بن يَحْيَى القُطَعِيّ، عن مُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، عن ابن جُرَيْج، فقال أبو عليّ: ليسَ هذا الحَدِيْث عند البُرْسَانِيّ عن ابن جُرَيْج، وعَبْدَانُ ثَبتُ حَافِظُ، وإنَّما حَدَّثَنَا به من أصْلِ كتابهِ.

قال أبو عليّ: فلمَّا مَنَّ الله عليَّ بسَمَاعِ هذا لم أُبَالِ بغيره.

ص: 285

قُلْتُ لأبي عليّ: قد حدَّث به غير عَبْدَان عن مُحَمَّد بن يَحْيَى القُطَعِيِّ، قال: مَنْ؟ قُلتُ: حدَّثناهُ عُمَر البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عُثْمان التُّسْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى القُطَعِيِّ، فقال أبو عليّ: أَلَا يَسْتَحي عُمَر أنْ يُحَدِّثَ عن هذا التُّسْتَرِيّ؟ هذا كَذَّابٌ يَسْرق، وإنَّما سَرَقه من عَبْدَان.

قال: وسَمِعْتُ أبا عليّ يَقُول: أتيتُ أبا بَكْر بن عَبْدَان فقُلتُ: اللّه اللّه! تَحْتَال في صَديث سهل بن عُثْمان العَسْكَريّ، عن جُنَادَة، عن عُبَيْدِ اللّه بن عُمَر، عن عَبْد اللَّه بن الفَضْل، عن عُبيد اللّه بن أبي رَافِع، عن عليّ حَدِيث افْتِتاح الصَّلاة! فقال: يا أبا عليّ، قد حَلَف الشَّيْخ أنْ لا يُحَدِّث بهذا الحَدِيْث وأنْتَ بالأهْوَاز، فشَقّ عليَّ ذلك، فأصْلَحتُ أسْبَابي للخُرُوجِ، ودَخَلْتُ عليه ووَدَّعْتُه، وشَيَّعني جَمَاعَةٌ من أصْحَابنا، ثمّ انْصَرَفتُ واخْتَفَيْتُ في مَوضِع إلى يَوْم المَجْلِس، وحَضَرتُه مُتَنكِّرًا من حيثُ لَم يَعْلَم بي أحدٌ، فخَرَج وأمْلَى الحَدِيْثَ من أصْل كتابهِ، وكَتَبْتُهُ، وأمْلَى غير حديثٍ ممَّا كان قد امْتَنَع عليَّ فيها، ثمّ بلَغَني بعد ذلك أنَّ عَبْدَان قال لبَعْضِ أصْحَابه: فوَّتنا أبا عليّ النَّيْسَابُوريّ تلك الأحَادِيْث، فقيل له: يا أبا مُحَمَّد، إنّهُ كان في المَجْلِسِ، وقد سَمِعَ الأحَادِيْثَ، فتَعَجَّبَ من ذلك.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد اللّه بن عُمَر القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَي بَكْر البيهَقِيّ والحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ، قال: حَضَرنا مَجْلِس الشَّيْخ أبي بَكْر بن إسْحَاق، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأخْرَم، وأبو عليّ الحافِظان حَاضِرَان، فأمْلَى علينا الشَّيْخ أبو بَكْر، عن إبْرَاهيم بن يُوسُف الهِسِنْجَانِيّ، عن أبي الطَّاهِر، عن ابن وَهْب، عن يُونُس، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سَلَمَة، عن

ص: 286

أبي هُريرَة

(1)

أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ أدْرَك من الصَّلاةِ رَكْعَةً فقد أدْرَكها، فقال أبو عَبْد اللّه: يا أبا عليّ، مَنْ قال عن يُونس: فقَد أدْرَكها كُلّها؟ فقال أبو عليّ: هذا لا نَحْفَظه إلَّا من حديث عُبَيْدِ اللّه بن عُمَر، عن الزُّهْرِيّ. فقال أبو عَبْد اللّه: بَلَى؛ في حَدِيث حَرْمَلَة، عن ابن وَهْب، عن يُونُسَ: فقد أدْرَكها كلها، فقال أبو عليّ: حدّثناهُ ابن قُتَيْبَة عن حَرْمَلَة ولم يَقُل فيه: كُلّها! فقال أبو عَبْد اللّه: حدَّثَ به مُسلم بن الحَجَّاج عن حَرْمَلَة وقال فيه: كُلّها. وجَرَى بينهما كلام كَثِيْر، وقام أبو عَبْد الله، وكان أبو عليّ يَهابُه هَيْبَة الوَلدِ لأبيهِ.

فلمَّا كان المَجْلِس الثَّاني عند الشَّيْخِ حَضَرا جَمِيعًا، وقَعَد أبو عَبْدِ اللّه عن يَمِيْنهِ وِأبو عليّ عن يَسَاره، فأخْرَج أبو عَبْدِ اللّه كتاب مُسْلمِ بن الحَجَّاج بخَطِّ مُسْلم عن حرْمَلَة، وفيه: كُلّها. فقال أبو عليّ: مَنْ لا يَحْفَظُ الشَّيء فإنَّهُ يُعْذَر، فقال أبو عَبْد اللّه: مَنْ يُنْكر مثل هذا تُعْرك أذنُه، وتُفَكّ أسْنَانه، فامْتَلأ أبو عليّ من ذلك غَيْظًا، وهَمَّ أبو عَبْد اللّهِ بالقيامِ، فقال له أبو عليّ: اقْعُد فإنَّ بيننا حِسَابٌ آخر، قال: وما هو؟ قال: حَدَّثْتَ (a) عن كشْمَرْد، عن حَفْصٍ، عن إبْراهيم بن طَهْمَان بالحَدِيْثَين، وقد تَفَرَّدَ بهما أحْمَدُ بنُ حَفْصٍ عن أَبِيهِ؟! فقال أبو عَبْد اللّه: لم أُحَدِّث، قال: بَلَى، أبو القَاسِم وأبو حَفْص ابْنَا عُمَر ثِقَتان، وقد سَمِعاهُ منكَ، فقال أبو عَبْدِ اللّه: إنْ كُنْتُ حَدَّثتُ به فقد رَجَعْتُ عنهُ، فقال: لك غيرُ هذا، قال: مثل ماذا؟ قال: حديث في تَخْريجك القديم على كتاب مُسْلِم، عنِ أحْمَد بن سَلَة، عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى، عن مُحَمَّد بن جَهْضَم، عن إسْمَاعِيْل بن جعْفَر، عن

(a) في رواية ابن عساكر 14: 279: حديث.

_________

(1)

مسند ابن حنبل 13: 185 (رقم 7752)، سنن ابن ماجة 1: 356 (رقم 1122)، الجامع الكبير للترمذي 1: 529 (رقم 524)، سنن النسائيّ 2: 374، صحيح ابن حبَّان بترتيب ابن بلبان 4: 351 (رقم 1485)، فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ للهيثمي 2:57.

ص: 287

خُبَيْب بن عبد الرَّحْمن، عن حَفْص بن عَاصِم، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إذا قال المُؤَذِّنُ اللّه أكْبَر، اللّه أكْبر، والآن فقد حدَّثْتَ به عن عليّ بن الحَسَن، عن مُحَمَّد بن جَهْضَم؟! فقال أبو عَبْد الله: كلاهُما عندي، وقد حَدَّثتُ بهما، وهذا حَدِيثي إنْ شِئْتُ حَدَّثتُ بالنُّزُول وإنْ شئْتُ بالعُلُوِّ، فقال أبو عليّ: لا يُرْتقى من النُّزُول إلى العُلُوِّ، وأنتَ تَحْفَظ حَدِيثَكَ، أخْرج إلينا حَديثَ عليّ بن الحَسَن، فقال أبو عَبْدِ اللّه: كُلّ مَنْ جاءَ في هذه السَّاعة فإنِّي أخرج إليهِ حَدِيثَ عليّ بن الحسَن.

ثمّ تفرَّقنا، وصَحَبْتُ أبا عَبْد اللّه بن يَعْقُوب، فسَمِعتُه غير مَرَّة في الطَّريق يَقُول: هذا جَزاءُ مَنْ لَم يَمُت مع أقْرَانه، وكُنْتُ أرَى أبا عليّ بعد ذلك نَادِمًا على ما قال ذلك اليَوْم.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي القَاسِم الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ إجَازَةً، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللّه الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحُسَين بن عليّ الحافِظ يَقُول: كنتُ أخْتَلفُ إلى الصَّاغَة، وفي جوَارنا ياب مَعْمَر فَقِيْهٌ كَرَّامِيٌّ يُعْرَفُ بالوَلِيّ، فكُنْتُ أخْتَلف إليهِ بالغَدَواتِ، وآخُذُ عنه الشَّيء بعد الشَّيء من مَسَائِل الفِقْه، فقال لي أبو الحَسَن الشَّافِعيّ: يا أبا عليّ، لا تُضَيِّع أيَّامَك، ما تَصْنَع بالاخْتِلَاف إلى الوَلي وبنَيْسَابُور من العُلَمَاء والأئمَّة عدَّة؟! فقُلتُ: إلى مَنْ اخْتَلفُ؟ فقال: إلى إبراهيم بن أبي طَالِب، فأوَّل ما اخْتَلَفْتُ في طَلَب العِلْمِ إلى إبْراهِيم بن أبي طَالِب سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن، فلمَّا رأيتُ شَمَائِلَهُ وسَمْتَهُ، وحُسْن مُذَاكَرتهِ للحَدِيْث، حَلَا في قَلْبِيّ، فكنتُ أخْتَلفُ إليهِ وأكْتبُ عنه الأمَالِيّ، فحدَّثَ يَوْمًا عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، عن إسْمَاعِيْل بن أبي أُوَيْسٍ، فقال لي بعضُ أصْحَابنا: لَمِ لا تَخْرُج إلى هَرَاة، فإنَّ بها شَيْخًا ثِقَةً يُحَدِّثُ عن إسْمَاعِيْل بن أبي أَوَيْس؟ فوَقَع ذلك في قَلْبيّ، فخَرَجْتُ إلى

ص: 288

هَرَاة وذلك في سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين ومَائتَينْ. قال: وسَمِعْتُ أبا عليّ الحافِظ يَقُول: اسْتَأذَنْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن إسْحَاق بن خُزَيْمَة في الخُرُوج إلى العِرَاق سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة فقال: تُوْحشُنا مُفَارقَتُكَ يا أبا عليّ، وقد رحلتَ وأدْرَكتَ الأسَانِيْد العَاليَة، وتقدَّمْتَ في حِفْظ الحَدِيْثِ، ولنا فيك فَائِدَةٌ وأُنْسُ؛ فلو أقَمْتَ؟ فما زلْتُ بهِ حتَّى أذِنَ لي فَخَرَجتُ إلى الرَّيّ وبها عليّ بن الحَسَن في سَلْم الأصْبَهَانِيّ، وكان من أحْفَظ مَشَايخِنا وأثْبَتهم وأكْثَرهم فَائِدَةً، فأفادَني عن إبْراهيمِ بن يُوسُف الهِسِنْجَانِيّ وغيره من مَشَايخِ الرَّيّ ما لَم أكُن أهْتَدي أنا إليهِ، ودَخَلْتُ بَغْدَاد وجَعْفَر الفِرْيَابِيّ حيٌّ وقد أمْسَك عن التَّحْدِيثِ، ودَخَلْتُ عليه غير مَرَّة، وبَكَيْتُ بينَ يَدَيْهِ، وكُنَّا نَنْظُر إليهِ حَسْرةً، وماتَ وأنا ببَغْدَاد سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثِمائة، وصَلَّيْتُ على جنَازَته.

قال الحاكِم: انْصَرف أبو عليّ من مِصْر إلى بَيْت المقدِس ثمّ حَجَّ حِجَّة أُخرى، ثمّ انْصَرَفَ إلى بَيْتِ المَقْدِس، وانْصَرَفَ على طَريق الشَّام إلى بَغْدَاد، وهو بَاقِعَةٌ

(1)

في الحِفْظ لا يُطِيقُ مُذَاكَرته أحدٌ، ثمّ انْصَرَف إلى خُرَاسَان، ووَصَل إلى وَطَنهِ، ولا يَفي بمُذَاكَرته أحَدٌ من حُفَّاظنا.

قال: وسَمِعْتُ أبا عليِّ يَقُول: قال لي أبو بَكْر مُحَمَّد بن إسْحَاق: يا أبا عليّ، لقد أَصَبْتَ في خُرُوجكَ إلى العِرَاق والحِجَاز، فإنَّ الزِّيادَهَ عِلى حِفْظكَ وفَهْمك ظَاهِرة، ثمّ إنَّ أبا عليّ أقام بنَيْسَابُور إلى سَنَة عَشرٍ وثَلاثِمائة يُصنِّفُ ويَجْمع الشُّيُوخَ والأبوَابَ وجَوَّدَها، ثمّ حَمَلَها إلى بَغْدَاد سَنَة عَشرٍ ومعه أبو عَمْرو الصَّغير، فأقامَ ببَغْدَاد وليس بها أحْفَظ منه إلَّا أنْ يكُون أبو بَكْر بن الجِعَابِيّ فإنِّي سَمِعْتُ أبا عليّ يَقُول: ما رَأيْتُ من البَغْدَاديِّيْن أحْفَظ منه.

(1)

رجل باقعة: حاذق ذكي عارف. لسان العَرَب، مادة: بقع.

ص: 289

ثُمَّ إنَّ أبا عليّ خَرَجَ إلى مَكَّة ومعه أبو عَمْرو، فحَجَّ، وخَرَجَ إِلى الرَّمْلَةِ، وأبو العبَّاس مُحَمَّد في الحَسَن بن قُتَيْبَة حَيٌّ، ثُمَّ انْصرَفَ أبو عليّ إلى دِمشْق، ثمّ إنَّ أبا عليّ جاءَ إلى حَرَّان وانْتَخَب على أبي عَرُوبَة، ثُمّ إنَّ أبا عليّ انْصَرف إلى بَغْدَاد فأقام بها حتَّى نَقَل ما اسْتَفَاد من تَصْنِيفاته في تلك الرِّحْلَة وذَاكر الحُفَّاظ بها، ثُمَّ إنَّ أبا عليّ انْصَرَفَ من العِرَاق، ولَم يَرْحَل بَعْدَها إلَّا إلى سَرْخَس وطُوْس ونَسَا.

أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، والقَاسِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر الصَّفَّار - قال السَّمْعَانيُّ: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، وقال الصَّفَّار أخْبَرَتْنا عَمَّة وَالدِي عائِشَةُ بنت أحْمَد بن مَنْصُور - قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن خلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه البَيِّعُ، قال: سَمِعْتُ الفَقِيه أبا بَكْر الأبْهَرِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن أبي دَاوُد يقُول لأبي عليّ النَّيْسَابُوريّ الحَافِظ: يا أبا عليّ، إبْراهيم عن إبْراهيم عن إبْراهيم، مَنْ هُم؟ قال أبو عليّ: إبْراهيم بن طَهْمَان، عن إبْرَاهيم بن عَامِر البَجَليّ عن إبْراهيم النَّخَعِيِّ، قال: أحْسَنْتَ يا أبا عليّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُفَ بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْد اللّه بن أحْمَد الخَلِيْليّ الحافِظ يَقُول

(1)

: أبو عليّ الحُسَين بن عليّ بن يَزِيد النَّيْسَابُوريّ الحافِظ الكبير، إمامٌ في وَقْته، مُتَّفَق عليه، تَلْمَذَ عليه الحُفَّاظُ، وارْتَحلَ إلى العِرَاقَيْن والشَّام ومِصْر. أدْرَك أبا خَلِيفَة، وابن قُتَيْبَة العَسْقَلانِيّ، وأبا عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وأقْرَانَهم. كَتَبَ عن قَريْبٍ من ألْفَي شَيْخ، ولُقِّبَ في صِبَاه بالحافِظ.

(1)

الإرشاد في معرفة علماء الحَديث 3: 843.

ص: 290

وقال ابنُ المُقْرِئ الأصْبَهَانِيّ: أدْعُو له في أدْبار الصَّلَوَاتِ لأنِّي كُنتُ أتبعهُ في شُيُوخ الشَّام ومِصْرَ حتَّى حَصَلتُ على ما أرْويهِ.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر القُرَشِيّ، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن أبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا أبو الخير القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ وأبَوَي بَكْر البيهَقِيّ والحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظُ، قال: الحُسَين بن عليّ بن يَزِيد بن دَاوُد بن يَزِيد الحَافِظ، أبو عليّ النَّيْسَابُوريّ، واحدُ عَصْره في الحِفْظ والوَرَع والرِّحْلَة، ذِكْرهُ بالشَّرْق كذكْره بالغَرْب، مُقَدَّم في مُذَاكَرَة الأئمَّة وكَثْرة التَّصْنِيف، وكان مع تَقَدُّمِهِ في هذه العُلُوم أحد المُعَدَّلين المَقْبُولين في البَلَد.

سَمِعَ بنَيْسَابُور إبْراهيم بن أبي طَالِب، وعليّ بن الحُسَين الصَّفّار صَاحِب يَحْيَى بن يحْيَى، وأبا يَحْيَى البَزَّاز (a)، وجَعْفَر بن أحْمَد بن نَصْر الحافِظ، وعبد اللّه بن شِيْروُيه، وإبْراهيم بن إسْحَاق الأنْمَاطِيّ، وأقْرَانهم. وبهَرَاة، وهي أوَّلُ رِحْلتَه، أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن السَّامِيِّ، وأبا عليّ الحُسَين بن إِدْرِيس الأنْصَاريّ وأقْرَانهما. وبنَسَا الحَسَنَ بن سُفْيان. وبجُرْجَان عِمْرَان بن مُوسَى، وأقْرَانه. وبمَرْو عَبْد الله بن محمُود، وأقْرَانه. وبالرَّيّ! إبْراهيم بن يُوسُف الهِسِنْجَانِيّ، وأقْرَانه. وببَغْدَاد عَبْد اللّه في نَاجِيَة، والقَاسِم بن زَكَرِيَّاء، وأقْرَانهما. وبالكُوفَة مُحَمَّد بن جَعْفَر، وعبد اللّه بن سَوَّار، وأقْرَانهما. وبالبَصْرَة أبا خَليْفَة، وزَكَريَّاء بن يَحْيى السَّاجِيّ، وأقْرَانهُما. وبوَاسِط جَعْفَر بن أحْمَد بن سِنَان الحَافِظ، وأقْرَانه. وبالأهْوَاز عَبْد اللّه بن أحْمَد عَبْدَان الحَافِظ، والحسُين بن دَاوُد الصَّوَّاف، وأحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر التُّسْتَرِيّ، وأقْرَانهم. وبأَصْبَهَان أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن نُصَيْر صَاحِب إسْمَاعِيْل بن

(a) في الأصل: البزّار.

ص: 291

عَمْرو البَجَليّ وأقْرَانه، وسَمِعَ بالجَزِيْرَة من أبي يَعْلَى المَوْصِلِيّ المُسْنَد من أوَّلهِ إلى آخره، وكَتَبَهُ بخَطِّه.

ودَخَلَ الشَّام فكَتَب بها عن أصْحَاب إبْراهيِم بن العَلَاء (a)، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن ابن ابْنَة شُرَحْبِيل، والمُعَافَى بن سُلَيمان، وسَمِعَ بمِصْرَ أبا عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، والعبَّاس بن مُحمّد، وسَمعَ بغَزَّة المُوَطَّأ من الحَسَن بن الفَرَج، عن يَحْيَى بن بُكَيْر.

وكَتَبَ بمَكَّة عن المُفَضَّل بن مُحَمَّد الجَنَدِيّ وأقْرَانه، وعقد له مَجْلِس الإمْلَاء سَنَة سَبع وثَلاثين وثَلاثِمائة، وهو ابنُ ستِّين سَنَة، فإنَّ مَوْلده، رحمه الله، كان سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين، ثمّ لَم يَزل يُحَدِّثُ بالمُصَنَّفاتِ والشُّيُوخ بَقِيَّة عُمره.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ إذْنًا، وكَتبَهُ لي بخَطِّه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرِ أَحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(1)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن يَزِيد بن دَاوُد بن يزِيد، أبو عليّ الحافِظ النَّيْسَابُوريُّ، كان واحدَ عَصْره في الحِفْظ والإتْقَان والوَرَع، مُقَدَّماً في مُذَاكَرَة الأئمَّة، كَثِيْرَ التَّصْنِيف. ذَكَرهُ الدَّارَقُطْنِيّ، فقال: إمامٌ مُهَذَّبٌ، وكان مع تَقَدُّمِهِ في العِلْم أحَد الشُّهُود المُعَدَّلين بنَيْسَابُور.

ورَحَلَ في الحَدِيْثِ إلى الآفاق البَعِيْدة بعد أنْ سَمِعَ بنَيْسَابُور إبْراهيم بن أبي طَالِب، وعليّ بن الحَسَن الصَّفَّار، صَاحِب يَحْيَى بن يَحْيَى، وجعْفَر بن أحْمَد الحَصيْرِيّ، وعبد اللّه بن مُحَمَّد بن شِيْرَوُيه وأقْرَانهم. وسَمِعَ بهَرَاة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن السَّامِيِّ، والحُسَين بن إِدْرِيس الأنْصَاريّ. وبِنَسَا الحَسَن بن سُفْيان. وبجُرْجَان عِمْران بن مُوسَى بن مُجَاشِع، وبمَرْو عَبْد اللّه بن مَحْمُود، وبالرَّيّ إبْراهيم بن يُوسُف الهِسِنْجَانِيّ،

(a) في الأصل: ابن أبي العلاء، وضرب على موضع الخطأ في اسمه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 8: 622 - 623.

ص: 292

وببَغْدَاد عَبْد اللّه بن مُحَمد بن نَاجِيَة، وقَاسِم بن زكرِيَّا المُطَرِّز، وبالأهْوَاز عَبْدَان بن أحْمَد، وأحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر، وبأصْبَهَان مُحَمَّد بن نُصَيْر، صاحِب إسْمَاعِيْل بن عَمْرو، وبالموصِل أبا يَعْلَى أحْمَد بن عليّ.

وكَتَبَ بالشَّام عن أصحاب إبراهيمِ بن العَلَاء، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن، وهِشَام بن عَمَّار، والمُعَافَى بن سُلَيمان، وسمَع بمِصْرَ أبا عَبْد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وسمعَ بغَزَّة المُوَطَّأ منِ الحَسَن بن الفَرَج، عن يَحْيَى بن بكَيْرٍ، عن مَالِك. وكَتَبَ بمَكَّة عن المُفَضَّل بن مُحمد الجندِيّ، وحَدّث ببَغدَاد أحَادِيْثَ كَتَبها عنه الشُّيُوخُ.

أنبأنَا القَاضِي أبو نَصْرٍ مُحمَد بن هِبَةِ اللّه بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافعِيّ

(1)

، قال: الحُسَين بن عليّ بن يَنِ يد بن دَاوُد بن يَزِيد، أبو عليِّ النَّيسَابُوريّ الصَّائغ الحافِظ، رَحَلَ في طَلَب الحَدِث وطَوِّف، وجَمعَ فيه وصنَّف. وسَمعَ بدِمَشْق أبا الحَسَن بن جَوْصَا، وإسْمَاعِيْل بن مُحمَّد بن إسْحاق العُذْرِيّ، وبغيرها إبراهيم بن أبي طَالب، وجَعْفَر بن أحْمَد بن نَصْر الحافِظ، وعبد اللّه بن شيْرَوُيه، والفَضْلِ بن مُحمَد الأَنْطَاكىّ، ومحمُد بن عُثْمان بن أبي سُوَيْد الذَّارع البَصْرِيَّ، وأبا جَعْفَر مُحمَّد بن عبد الرَّحْمن السَّاميِّ (a)، وأبا عليّ الحُسَين بن إِدْرِيس، والحَسَن بن سُفْيان، وعمران بن مُوسَى الجرجَانِيّ، وعبد اللّهِ بن محُمود (b) المَرْوزيّ، وإبْراهيم بن يُوسُف الهسِنْجَانِيّ، وعبد اللّه بن نَاجيَة، والقَاسِم بن زكرَيَّاء، وأبا خلَيفَة، وزكَرِيَّاء السًّاجيّ، وعَبْدَان الجَوَالِيْقِيّ، وَأبا يَعْلَى المَوْصِلِيّ، والحَسَن بن الفَرَج الغَزِّيّ، وأحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر التُّسْتَرِيّ، وجَعْفَر بن أحمد بن سِنَان الوَاسِطِيّ، وخلَقاً سِوَاهُم.

(a) تصحّفت في نشرة تاريخ ابن عساكر إلى: الشامي.

(b) في تاريخ ابن عساكر: محمد، وصوابه ما هاهنا، وانظر تاريخ بغداد 8:622.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 271 - 272.

ص: 293

كَتَبَ عنهُ أبو الحَسَن بن جَوْصَا، وأبو مُحَمَّد بن صاعِد، وأبو العبَّاس بن عُقْدَة، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة، وأبو أحْمَد العَسَّال، وأبو طَالِب أحْمَد بن نَصْر الحافِظ، وهُم من شُيُوخه.

ورَوَى عنهُ أبو عَبْد اللهِ الحافِظ، وأبو عبد الرَّحْمن السُّلميّ، وأبو عَبد اللّه بن مَنْدَة، وأبِو بَكْر أحْمَد بن إسْحاق بن أيُّوب الصِّبغِيّ (a)، وهو من أقْرَانه، وأبو سُليْمان بن زبْر، وأبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحمَّد بن محْمَش الزِّيَادِيّ، وأبو الوَلِيد حَسَّان بن مُحمَّد الفَقِيه.

أنبأنَا أبو بَكْر عَبْد اللّه بن عُمَر، وعَبْد الرَّحمن بن عُمر، قال: أخبَرَنا أبو الخير القَزْوينِي، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي بَكْر البهيقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ وِالبَحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عَبْد الله الحاكمِ

(1)

، قال: تُوفِّي أبو عليّ الحافِظ، رحمه الله، عَشِيَّة الأرْبَعَاء، ودُفِنَ عَشِيَّة الخمِيْس، الخاَمِس عَشر من جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة تسعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وغَسَّلَهُ أبو عَمْرو بن مَطَر، وصَلَّى عليهِ أبو بَكْر بن المُؤَمَّل، ودُفِنَ في مَقْبَرَة باب مَعْمَر.

أنبأنَا أبو اليمن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن نُعَيْم الضبَّي، قال: تُوفِّي أبو عليّ الحافظِ عَشِيَّة الأرْبَعَاء، ودُفِنَ عَشِيَّة الخمَيْس الخامس عَشر من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تسعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وكانَ مَوْلدُهُ سَنَة سَبعٍ وسَبْعِين ومَائتيْن.

(a) نسبة إلى الصبغ وعمله. وتصحفت في نشرة ابن عساكر: الضبعي.

_________

(1)

بعض كلام الحافظ في تلخيص تاريخ نيسابور 86.

(2)

تاريخ بغداد 8: 624.

ص: 294

‌الحُسيَنُ بن عليّ بن أبي مروَان، أبو عَبْدِ الله المصْرِيّ

حَدَّثَ بحَلَب عن الرَّيعْ بن سُلَيمان، وبمَنبج عن مُحَمَّد بن الأشْعَث الأَشْعثيّ. رَوَى [عنهُ](a) مُحمَّد بن جَعْفر بن أبي الزُّبير قاضي مَنْبج، وأبو الحُسَين الرَّازِيّ.

أنبأنَا المُؤيَّد بن مُحمَّد الطوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللّهِ الحلبَي في كتابه، قال: حَدَّثني عَبْدُ اللّه بن إسْمَاعِيْل بن أحْمد بن الجِلّيّ الحلبي، قال: حَدَّثنا أبي، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدثنَا أبو عَبْد اللّهِ الحُسَين بن عليّ المِصْرِيّ بمنبج، قال: حَدثَنا مُحَمَّد بن الأشْعَث، من وَلد الأشْعَث بن قيس، قال: حَدثنَّا أبي، عن أَبيِهِ، عن يزيدِ يد بن سِنَان، عن جَعفَر بن مُحمَّد، عن أَبيِهِ، عن جدِّه، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لعليّ: يا عليّ، مَنْ انتَمى إلينا فطَالبُوه بستٍّ، قال: وما هُنَّ يا رسُول اللّهِ؟ قال: الصَّبَاحَةُ، والفَصَاحَةُ، والسَّمَاحَةُ، والشَّجَاعَةُ، والحِلمُ، والعِلْم. فقال عَمَّار: يا أبا الحَسَن، سَل النَّبي صلى الله عليه وسلم، فمَن لَم يكُن فيه شيء من هذه الخصَال؟ فبَادَر النبَّي قَبْلَ أنْ يسألَهُ عليّ، فقال: فليْسَ منِّي، فليسَ منِّي، فليْس منِّي.

أخْبَرَنا أبو القَاسم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد هِبَة اللّه بن أحْمَد بن الأكْفانِيّ، قال: وحَدثنَّا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ أنَّ تمَام بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظ، أَذِنَ لهم في الرِّوَايَةِ، قال: حَدَّثنا أبي أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن جَعْفَر الرَّازِيّ، قال: حَدَّثني أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عليّ بن أبي مروَان المِصْرِيّ بحَلَب، قال: حَدَّثنا الرَّبيع بن سُلَيمان، قال: حَدَّثنا الشَّافعِيّ، قال: سَمِعْتُ مَالِك بن أنسَ يَقُول: السَّاعي يقتل نفسَهُ، ومَنْ سَعىَ بهِ، ومَنْ سُعِي إليه.

(a) ساقطة من الأصل.

ص: 295

‌الحُسَينُ بن عليّ العَطَّار المِصِّيْصي

(1)

حَدَّثَ عن خلِيفَة بن خَيَّاط شَبَاب العُصْفُرِيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ.

حدَّثَنا أبو مُحمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة الأنْدَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد الأصبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللّهِ الجُوزْدَانيَّة، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم سُليْمان بن أحْمَد بن أيوب

(2)

، قال: حَدثنَّا الحُسَين بن عليّ العَطّار المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثنا شَبَاب العُصْفُرِيّ

(3)

، قال: حَدَّثنا بَكْر بن سُلَيمان صاحِب المغَازِي، عن مُحمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثني بَقيَّة بن وَهْب، عن أبي عُزيْز بن عُمير أخي مُصعَب بن عمُيْر، قال: كُنْتُ في الأُسَارَى يوم بَدْر، فقال رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اسْتَوصُوا بالأُسَارَى خَيْراً، وكُنْتُ من نَفر من الأنْصَار، فكانُوا إذا قدّمُوا غَداءهُم وعَشَاءهم أكلوا التَّمر، وأطْعَمُوني الخبزَ لوَصِيَّةِ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إيَّاهم.

قال الطَّبَرَانِيّ

(4)

: لا يُروَى عن [أبي](a) عُزيْز بن عُمَيْر إلَّا بهذا الإسْنَادِ، تَفَرّدَ به ابن إسحاق.

كذَا وَقع في النُّسْخَة: بَقِيَّة! والصَّوَاب: نُبَيْه بن وَهْب.

(a) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

يُعيد المؤلف الترجمة له قريبا باسم: الحسين بن العطار المصيصيّ.

(2)

الطبراني: الكبير 22: 393 (رقم 977)، ورواه أيضاً في المعجم الصغير 162 - 163 (رقم 401)، وجمع الزوائد للهيثمي 6:86.

(3)

لم أقف عليه في طبقات خليفة ولا في تاريخه، وترجم لأبي عزيز في الطبقات 14 وفي التاريخ 353.

(4)

المعجم الصغير 163.

ص: 296

‌الحُسَين بن عليّ، أبو عَبْد الله العَلَويّ الطَّبَريّ

(1)

حدَّثَ بطَرَسُوس سَنَة ستٍّ وثَلاثين وثَلاثِمائة عن أبي رَوْقٍ الهِزَّانِيّ.

رَوَى عنهُ القَاضِي أبو عمرو عُثْمان بن عَبْد اللّه بن إبْراهيم الطَّرَسُوسيِّ، قاضي مَعَرّة النُّعْمَان، وذكَرَهُ أيْضًا في كتَاب سِيَر الثُّغُور فيما قرأتُه بخَطِّه، وذكَرَ أنَّهُ كان يَسكُن دار سَلْسَبيل بطَرَسُوس مع جَمَاعَة من المَسْتُورين الصَّالِحين، وقال: كان أعْجَميّ اللِّسَان، سَتِيْراً، نَبِيْلاً.

‌الحُسَين بن عليّ النَّاصِح

(2)

حَدَّثَ بحَلَب في صفَر سَنَة سَبعٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة، عن أبي القَاسم عَبْد العَزيز بن عَبْد اللّه بن يُونسُ الموصِليِّ، وأبي الفَتْح المطرديّ (a)، وأبي حُفيْص عُمَر بن الحَسَن القَاضِي، ومُحَمَّد بن جرِير الطَّبَريّ، وأبي الفَرَج محَمَّد بن عَبْدَان البزَار، وإسمْاعِيْل بن مُحمَّد الصَّفّار، وأحمد بن هِلَال، وأحمد بن مُوسَى بن عَامر الجوهَرِيّ البَغْدَاديّ؛ سَمِعَهُ بطَبَريَة، وأكثر أحَادِيْثه غَرَائِب، سَمعَ منه بحَلَب رجُلُ اسْمُه عليّ بن إبْراهيم بن يُوسُف الحلبي.

‌الحسُين بن عليّ الأصْبَهَانِيّ، أبو عَبْد الله

(3)

نَزيلُ طَرَسُوس، حَدَّثَ بها، رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن يُوسُف الطَّرَسُوسِيّ المُعَلّم البيسانيّ (b).

(a) كذا في الأصل، ولم أقف على اسمه أو نسبته هذه.

(b) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

كان حياً سنة 336 هـ.

(2)

كان حيًّا سنة 377 هـ.

(3)

من أهل القرن الرابع الهجري، ولم يترجم له أحد سوى ابن العديم، صنع ترجمته هذه من سند راوية تتصل بالطرسوسي تلميذ المترجم له. انظر: تاريخ ابن عساكر 32: 164.

ص: 297

‌الحُسَينُ بن عليّ النَّسَوِيّ، أبو عَبْدِ اللهِ الفَقِيه

(1)

حدَّث بمَعَرَّة النعْمَان سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وأرْبَعِمائة عن أبي القَاسِم سَعيد بن مُحمَّد بن الحَسَن الإِدْريسِيّ، وببَالِس سَنَة أربَعٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن مُحمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الغَسَّانِيّ، وبدِمَشْق عن أبي الفَضْل أحْمَد بن مُحمَّد بن أحْمَد بن أُبَيّ الفُرَاتِيّ، وغيره.

رَوَى عنهُ قاضي بَالِس أبو التمَّاَّم عَبْدُ العَزِيْز بن مُحمَّد بن إلياس، وأبو غَانِم عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد اللّه بن المحسِّن التَّنُوخِيّ، وعليّ بن الخضِر بن الحَسَن العُثْمانيّ الحَاسِب.

أنبأنَا أبو اليُمن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي البَيَان مُحمَّد بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصيْن قاضي حِمْص، قال: أخْبَرَنا أبي القَاضِي أبو غَانمِ عَبد الرَّزَّاق

(2)

، قال: حَدَّثنا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عليّ النَّسَوِيّ الفَقِيهُ بمَعَرَّة النُّعْمَان سَنَة اثنتَيْن وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، قال: حَدّثنا أبو القَاسمِ سَعيد الإِدْريسِيّ، قال: حَدّثتا الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم البزَّاز البَغْدَاديّ المَعْروف بابنِ شَاذَان، قال: حَدَّثنا الفَقِيه أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن مُحمَّد القُرَشِيّ، قال: حدثنَّا الحَسَنُ الجَرَويّ، قال: حدَّثنَا عمرو بن أبي سَلمَة، قال: حدَّثنا أبو عَبْدَة الحَكَم بنُ عَبْدة، قال: حدَّثنا حَيْوةُ بن شُرَيحْ، عن عُقْبَة بن مُسلِم، عن أبي عبد الرَّحمن الحبُلِيّ، عن الصُّنَابِحِيّ، عن مُعَاذ بن جَبَلٍ، قال: قال النّبي صلى الله عليه وسلم: إنِّي لأُحبُّكَ، فقُل اللَّهُمَّ أعنِّي على شُكْرِكَ وذكِرْك وحُسْنِ عِبَادتِكَ.

(1)

توفي سنة 444 هـ أو بعدها، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 283 - 285، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 352.

(2)

من طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 14: 284، وانظر: حلية الأولياء لأبي نعيم 5: 130.

ص: 298

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَيَان مُحمَّد بن عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد اللّه التَّنُوخِيّ قاضي حِمْص بها، قال: أخْبَرَنا أبي أبو غَانِم بن أبي حَصِيْن بمَعَرَّة النُّعْمَان، قال: حَدّثنَا أبو عَبْد اللّهِ الحُسَين بن عليّ النّسَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحمَّد بن أحْمَد الفُرَاتِيّ إجَازَةً، قال: حَدّثنا أبو الحَارِث مُحمَّد بن عبد الرَّحيم بن الحُسَين الحافِظ، قال: أخبرنا أبو عبدِ اللّهِ مُحَمَّد بن أحمَد بن عبد الأعْلَى المُقْرِئ الأندلسِيّ، قال: حدثنا أبو القَاسم بَكْر بن أحْمَد الخبَاز بوَاسِط، قال: حَدَّثنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن تَحيَّة (a)، قال: حَدَّثنا يَزِيد بن هَارُون، عن حُمَيْد، عن أنسَ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أكْرَم ذا شَيْبةٍ فكأنَّما أكْرَم نوحاً في قَوْمه، وكأنَّما أكْرَمَ اللّه عز وجل.

أنبأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ

(2)

، قال:[قال لنا وَالدِي](b): قَرأتُ بخَطِّ الحُسَين بن عليّ النَّسَوِيّ على جُزءٍ لعليّ بن الخَضِر العُثْمانيّ: [من مجزوء البسيط]

قد جافَ جَنْي عَنِ الرُّقادِ

خَوْفاً منَ الموت والمَعَادِ

مَنْ خَافَ مِن سَكْرةِ المَنَايا

لَم يَدْرِ ما لَذَّةُ الرُّقَادِ

قد بَلغَ الزَّرْعُ مُنْتَهاهُ

لا بُدَّ للزَّرْعَ مِن حَصَاد

وقال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم

(3)

، قال: الحُسَين بن عليّ، أبو عَبْدِ اللّه النَّسَوِيُّ الفَقِيهُ، حَدَّثَ بدِمَشْقَ سَنَة أرْبَعيْن وأرْبَعِمائة، وبالمَعَرَّة عن أبي مُحمَّد

(a) قيَّده في الأصل: نُحيَة، بالنون. وانظر تاريخ بغداد 7: 583، 16: 421، ميزان الاعتدال 4: 449، لسان الميزان 6:306.

(b) إضافة من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

ابن شيرويه الديلمي: الفردوس 3: 575 (رقم 5803).

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 285.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 283.

ص: 299

الحَسَن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الصَّيْدَاوِيّ، وأبي القَاسِم سَعيد بن مُحَمَّد بن الحَسَن الإِدْرِيسِيّ، وأبي الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أُبَيّ الفُرَاتِيّ.

كَتَبَ عنهُ عليّ في الخَضِر بن الحَسَن العُثْمانيُّ الحَاسِبُ، وأبو غَانِم عَبد الرَّزَّاق بن عَبْدِ الله بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ.

تُوفِّي أبو عَبْد الله النَّسَوِيّ في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، أو بَعْدَها؛ فإنَّ أبا التَّمَّام قاضي بَالِس سَمِعَ منه في بعض شُهُور هذه السّنَة.

‌الحُسَينُ بن عليّ، ويُعْرَفُ بكُورَة

(1)

وقيل: اسْمُه الحَسَن، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

، والصَّحيح أنَّ اسْمَهُ الحُسَين.

كان يَتَولَّى الرَّيّ من قِبَل صَاحِب خُرَاسَان، فاسْتَأمَن إلى المُعْتَضِد، فلمَّا صالح المعتَضِد هَارُون بن خُمَاروَيه بن أحْمَد بن طُوْلُون على أنْ سَلَّم إليه حَلَب والعَوَاصِم، وَلَّاها المُعْتَضِد ولده المُكْتَفِي، ووَلَّى فيها المُكْتَفِي في أيَّامِهِ من قِبَلهِ الحُسَين بن عليّ كُورَة، وإليه تُنْسَبُ دَار كُورَة دَاخِل باب الجنَان.

سَيّرَ إليَّ القَاضِي بَهَاء الدِّين أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخَشَّاب بخَطِّه ما ذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ الشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، رحمه الله، في جُزءٍ ذَكَرَ فيه وُلَاة حَلَب وأُمَرَاءها، فنَقَلْتُه، وذَكَر فيه وقال: ولم تَزَل

(1)

كان حيًا سنة 389 هـ، ذكره الطبري وابن الأثير (في بعض المواضع) باسم الحسن، وأوردا خَبَر تقليد المعتضد لصاحب الترجمة الثغرر الشامية، قلّده ولايتها سنة 387 هـ بطلب من أهلها ولاجتماع كلمتهم عليه أثناء قدوم المعتضد للشام في السنة المذكورة، وعزله المكتفي فيما بعد سنة 289 هـ. تاريخ الطبري 10: 80، ابن الأثير: الكامل 7: 467 - 473، 498، 510، 518، زبدة الحلب 1: 93 - 94 (الحسن)، وذكره المسعودي: مروج الذهب 5: 168، (وفيه أيضًا: الحسن)، ابن خلدون: العبر 6: 169، 185، 187 - 188 (وفيه: الحسن).

(2)

الترجمة التي أحال عليها المصنف في الجزء قبل هذا، وهو من الأجزاء الضائعة من الكتاب.

ص: 300

حَلَب في أيْدىِ بني طُوْلُون إلي أنْ مَلَك هَارُون بن خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، وصَالَح المُعْتَضِد في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ستٍّ وثَمانِيْن ومَائَتيْن، وقَلَّدها لابنه أبي مُحَمَّد المَنْعُوت بالمُكْتَنِي بالله مُضَافة إلى ديار مُضَر ودِيَار بَكْر، وكان مقَامه بالرَّقَّة، ووليها في أيَّام المُكْتَنِي وأيَّام أخيهِ المُقْتَدر بالله جَمَاعَة منهم الحُسَين بن عليّ كُورَة الّذي كان يَلي الرَّيّ من قِبَل صَاحِب خُرَاسَان، واسْتأمَن إلى المُعْتَضِد، وإليهِ تنسَبُ الدَّار المَعْرُوفة بدَار كُورَة بحَلَب، والحَمَّام المُجَاور لها.

وقَرأتُ بخَطِّ أبي مَنْصُور هِبَة الله بن سَعْد الله بن سَعيد بن الجِبْرَانِيّ في تَعْلِيقٍ ذَكَرَ فيهِ وُلَاة حَلَب، فذَكَرَ مثْل ما ذَكرَ أبو الحَسَن بن أبي جَرَادَة، وقد ذكَرنا في باب مَن اسْمه الحَسَن بن عليّ في تَرْجَمَتِهِ شَيئًا من أحْوَالهِ مُخْتَصَرًا.

‌الحُسَنُ في عليّ الفَقِيه

حَكَي عنه عُمَارَة بن [عليّ](a) اليَمَنِيّ الشَّاعر في تَاريْخ اليَمَن.

‌الحُسَين بن عليّ، أبو طَالِب التَّمِيْمِيّ النَّقَّاش الأنْطَاكِيّ

(1)

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، مُتَقَدِّمٌ على عَصْر سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان، رَوَى عنهُ أبو القَاسِمٍ عليّ بن الحُسَين بن جَعْفَر العَلَويّ، وأبو الحسُين الحَرَّانيّ المَعْرُوف بالكَمَدِيّ شَيئًا من شِعْره.

وذَكَرَ له أبو الحسَن عليّ بن مُحمّد بن المُطَهَّر الشِّمْشَاطِيّ مَقَاطِيعْ كَثيْرةً في كتابهِ المَوْسُوم بالنُّزَه والابْتِهَاج، وفي كتابه المَوْسُوم بالأنْوَار، وفي كتاب الدِّيرَة.

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، ولم أقف على ذكر له في كتاب عمارة اليمني.

_________

(1)

أعاد ابن العديم ذكره في الكنى (الجزء العاشر)، وترجم له باقتضاب.

ص: 301

وقال في كتاب الدِّيّرَة: دَيْر مَارْة مَرُوْثَا، وِيُعرَفُ بالبِيْعَتَين بِظَاهِر حَلَبَ في سَفْح جَبَل جَوْشَن، مُطِلٌ على العَوَجان، وهو نهْر قُوَيْق، للرِّجَالِ والنِّسَاءَ، قال: أنْشَدني أبو الحُسَين الحَرَّانيّ للحُسَين بن عليّ الأنْطَاكيّ التِّمِيْميّ

(1)

: [من المجتث]

يا دَيْر مَارْة مَرُوْثَا

سُقِيْتَ غَيْثًا مُغِيْثا

فأنْتَ جنَّةُ حُسْنٍ

قد حُزْتَ رَوْضًا أثِيْثَا

مُجَمَّعًا في القَلَالي

وفي الذُّرَى مَبْثُوثا

يُهْدِي النَّسِيم إلى سُكـ

ــانهِ مَلْبُوثَا

زُرْنَاهُ في فِتْيةٍ ما

تَرَى بِهمْ تمْكِيْثَا

عَنِ الخَلَاعَات حتَّى

يُقَبِّلُوا الصَّلبُوثَا

وذَكَرَ تَمَام القِطْعَة، وأضْرَبنا عن ذِكْره لِمَا فيه من الألْفَاظ المُسْتهجَنة، وذِكْر الخَلَاعَة الّتي ليسَت بحَسَنة، وإنَّما ذَكَرناها لِمَا فيها من دُخُول صَاحِب التَّرْجَمَة حَلَب.

وأوْرَدَ له الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الأنْوَار

(2)

أبْيَاتًا كَتَبَها إلى أبي حَفْصٍ عُمَر بن مُوسَى الكاتِب يَسْتَدعيهِ: [من الخفيف]

يا خَلِيلي الّذي تخلَّلَ رُوْحي

بهَوَى نَازِحٍ عن الاخْتِلَالِ

إنَّ عنْدي فَدَتك نَفْسِيْ غَزَالًا

فَلَكُ الشَّمْسِ وَجْهُهُ والهلَالِ

جُمْلَةُ الأمْر أنَّهُ سَلِس التكّـ

ـــة والخُلْقِ فاتِكٌ بالجَمَالِ

وشَرَابًا كأنَّما فَرَقتهُ

لكَ مِنْ خدِّهَا فتَاةُ الحِجَالِ

وغنَاءٌ كأنَّهُ فرحَةُ الأنْـ

ـفُسِ سُرَّتْ بصِحَّةِ الآمَالِ

(1)

استشهد ياقوت بالبيتين الأولين في كلامه على الدير في كتابيه: الخزل والدأل 2: 179، ومعجم البلدان 2: 531، وذكره الدير فيهما: دير مارت مروثا.

(2)

لم ترد الأبيات في كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار للشمشاطي.

ص: 302

فَأتِنَا مُسْرِعًا فذا يَوْمُ دجْنٍ

غَرِيَتْ عَيْنُ مُزْنِهِ بانْهِمَالِ

لا تخَلَّفْ عنِّي فلسْتَ بجيّ

إنْ تخَلَّفْتَ بعدَ هذي الخِصَالِ

وقَرأتُ لأبي طَالِب بَيْتًا حَسَنًا في صفةِ الدُّوْلَاب، ذَكَرَهُ في كتاب الأنْوَار

(1)

وهو: [من الكامل]

بمُشَمِّرٍ في السَّيْر إلَّا أنَّهُ

يَسْري فيَمْنَعُه السُّرَى أنْ يَبْعُدَا

قال الشِّمْشَاطِيّ

(2)

: ويَدْخُل في هذا الباب ما جاءَ في العُرُوب والأرْحِيَة؛ لهن ذلك ما أَنْشَدناهُ أبو القَاسِم العَلَويّ لأبي طَالِب الحُسَين بن عليّ الأنْطَاكِيّ: [من الرجز]

وابنَةِ بَرٍّ لَم تَبِنْ عن زُهْدِ

أضْحَى بها البَحْرُ قَرِيْبَ عَهْدِ

تَعَافُهُ وهو زُلَالُ الوِرْد

فليْسَ تَحبُوهُ بصَفْوِ الوُدِّ

إلَّا برَبطٍ عندَهُ وشَدَّ

لمَّا نضَتْ مَلَاحِفَ الإفْرِنْدِ

واتَّشَحَتْ من الدُّجَي ببُرْدِ

تَوَسَّطَتْ سِكْرَ صَفيْحٍ صَلْدِ

فأشْبَهَت وَاسِطَةً في عِقْدِ

مُطِلَّةً على رِكَابِ الوَفْدِ

كأنَّها أُمُّ النّعَام الرُّبْدِ

عَجَاجُها شَيْبُ بَنِيْها المُرْدِ

وَاجدَة بالبِّرِ أيَّ وَجْدِ

تذكَّرتْ طِيْبَ ثَرَاه الجَعْدِ

أَيَّامَ تُغْذَى بجَنىً (a) كالشُّهْدِ

ولَمْعِ بَرْقٍ وحَنِيْنِ رَعْد

فهي تُعِيْدُ أنَّةً وتُبْدِي

كما يَئنُّ مُوثَقٌ في القِدِّ

لولا امْتِدَادُ الطُّنُب المُمْتَدِّ

لشَمَّرَت تَشْمِيْرَ ذاتِ الجِدِّ

وصَافحَتْ (b) خَدَّ الثَّرَى بخَدِّ

(a) الأصل: بحيا، والمثبت من كتاب الشمشاطي.

(b) الشمشاطي: فصافحت.

_________

(1)

الشمشاطي: الأنوار ومحاسن الأشعار 2: 8.

(2)

الشمشاطي: الأنوار 2: 10 - 11.

ص: 303

قال الشِّمْشَاطِيُّ

(1)

: وأنْشَدَنا أبو القَاسِم العَلَويّ، قال: وأنْشَدَني الأنْطَاكِىّ من قَصِيدَة: [من المتقارب]

وللمَاءِ من حَوْلِنا ضَجَّةٌ

إذا الماءُ كَافَحَ تلك العُرُوْبَا

حِبَالٌ من تُؤَلِّفُها حكْمَةٌ

فتَنْحُو (a) البِحَارَ بها لا السُّهُوبا

تُقَابلُنا في قَيْصِ الدُّجَى

إذا الُأفْقُ أصْبَحَ منه سَلِيْبا

حَيَازِيْمُها الدَّهْرَ مَنْصُوبَةٌ

تُعَانِقُ للمَاءِ وفْدًا غَرِيبَا

عَجِبْتُ لها شَاحِبَات الخُدُو

د لَم يُذْهِب الرِّيُّ عنها الشُّحُوبَا

إذا ما هَمَمْنَا بغِشْيَانها

رَكِبْنا لها وَلَدًا أو نَسِيْبا

يُجَاورُها كُلُّ سَاعٍ يُرَى

وإنْ جَدَّ في السَّير منها قَرِيْبا

خَلِيّ الفُؤَادِ ولكنَّهُ

يَحِنُّ فيُشْجِي الفُؤَادَ الطَّرُوبَا

وقال

(2)

: ولهُ أيْضًا: [من المتقارب]

وزَنْجِيَّةٍ عُرِفَتْ بالإبَاقِ

فليسَ لها رَاحَةٌ في الوثَاقِ (b)

إذا اضْطَرَبَ الماءُ من حَوْلها

رَأيْتَ الحِبَال بها في تَلَاقِ

يَثُورُ بها قَسْطَلٌ أبْيَضٌ

على القَوْم غير كَثِيْف الرِّوَاقِ

وأبْناؤُهَا المُرْدُ شِيْبُ الرُّؤوس

وأبْناؤُهَا السُّود بيضُ التَّرَاقي

رَكِبْنا إليها (c) غَدَاة الصَّبُوح

مَطَايَا تَخُبُّ كَدُهْمِ العِتَاقِ

فظِلْنَا نُمِيْتُ لديها الزّقاقَ

إلى أنْ حَيِيْنَا بمَوْتِ الزِّقَاقَ

(a) الأصل: فتمحو، والمثبت من كتاب الشمشاطي وهو الأظهر.

(b) الشمشاطي: في وثاق.

(c) الشمشاطي: إليه.

_________

(1)

الشمشاطي: الأنوار 2: 13.

(2)

الشمشاطي: الأنوار 2: 14.

ص: 304

وقال في كتاب الأنْوَار

(1)

أيضًا وللحُسَيْن بن عليّ: [من البسيط]

قالت وقد رُحْتُ في ثَوْب البِلَى أُصُلا

وعُدْتُ أَمْرَحُ في بُرْد الصِّبا جَذِلَا

أزاركَ اللَّيلَ شَعْري فاغْتَدَيْتَ بهِ

مُزَوَّرَ اللَّوْنِ أم عُوِّضْتَهُ بَدَلا

هَبْكَ اسْتَعَرْتَ خِمَارِي فاخْتَمَرْتَ بهِ

فمَنْ يُعِيْرُكَ فيهِ اللَّهْوَ والغَزَلَا

ما اعْتَضْتَ يا عَمُّ من بِيْضِ الحَجال وَقَدْ

سَوَّدْتَ بَيْضَكَ إلَّا الصَّدَّ والعذَلا

فقُمْتُ في لونِها من عَتْبِها نَجِلًا

وظَلْتُ أطْلُبُ ظِلًّا للصِّبَا أَفَلَا

وقَرأتُ في الحَمَاسَةِ العِرَاقِيَّةِ

(2)

، جَمْعُ مُحَمَّد بن عليّ العِرَاقِيّ، ما أوْرَدَهُ فيها لحُسَيْن بن عليّ الأنْطَاكِيّ

(3)

: [من المديد]

بأَبي واللهِ مَنْ طَرَقا

كابْتِسَام البَرْق إذْ خَفَقَا

زَادَني (a) وَجْدًا برُؤيتَهِ

ومَلَأ قَلْبي بهِ حُرَقَا

زَارَني طَيْفُ الحبَيْب

فما زَادَ أنْ أغرى بي الأَرَقَا

وممَّا أوْرَدَه أيضًا في الحَمَاسَة المَذْكُورَة للحُسَيْن بن عليّ المَذْكُور: [من البسيط]

طَيْفٌ أَلَمَّ بهِ حَيَّاهُ وانْصَرَفا

ماذا علَيهِ وماذا كانَ لَوْ وَقَفَا

أتَى فأهْدَى إلى هَادِي الحَشَا قَلَقًا

وسَالِمَ القَلْبِ مِن حَرِّ الهَوَى شَغَفَا

يا طَيْفَ أَرْوَى فقَدْ هَيَّجْت لي كَمدًا

مَدَى اللَّيالِي وأذكَرتَ الّذي سَلَفَا

(a) في الأصل: زارني، والمثبت من مصادر تخرج الأبيات، وعند الأصفهاني وابن خلكان: زادني شوقًا.

_________

(1)

لم ترد في نشرة كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار للشمشاطي.

(2)

لم أقف على ذكر لهذا الكتاب، وينقل عنه ابن العديم في الجزء العاشر من كتابه (الكنى) في ترجمة أبي علي الأنطاكي.

(3)

تنسب الأبيات الثلاثة ليحيى بن علي المنجم، ولعل الأنطاكي تمثّل بها فنسبت إليه خطأ، انظرها في: الأمالي للقالي 1: 229، الأغاني 8: 265، وفيات الأعيان 3:374.

ص: 305

‌الحُسَينُ بن عُمَر بن نَصْر بن الحَسَن في سَعْد بن عَبْد الله بن بَاز، أبو عَبْد الله المَوْصِلِيّ

(1)

من أهْل المَوْصِل، سَمعَ ببَلَده أباهُ عُمَر، وخَطِيبَ المَوْصِل أبا الفَضْل عَبْد الله بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ، وأبا الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، ورَحَلَ إلى بَغْدَاد فسَمعَ بها من أبي الحُسَين عَبْد الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، وأبي عَبْد اللهِ المُظَفَّر بن أبي نَصْر البَوَّاب، وأبي مُحَمَّد لاحِق بن عليّ بن كارِه، وأبي مَنْصُور مَحَمَّد بن أَحْمَد بن الفَرَج الدَّقَّاق، وأبي الحَسَن عليّ بن عبد الرَّحيم بن العَصَّار، وأبي شَاكِر عِيسَى بن أحْمَد، وأبي هاشِم الدُّوْشَابِيّ، وشُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ.

ثُمّ رَحَلَ إلى الشَّام ومِصْر تَاجِرًا، فسَمعَ في طَرِيْقهِ بحَلَب من شَيْخنا أبي الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ.

ثُمّ عادَ إلى المَوْصِل، وحَدَّثَ بها، وتَوَلَّى دَار الحَدِيْث المُظَفَّريَّة بها.

وأجَازَ لنا الرِّوَايَة عنهُ، ورَوَى عنهُ الحافِظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، وأبو البَرَكَات بن المُسْتَوفِيّ.

وأخْبرَني أبو الفَضْل عبَّاس بن بَزْوَان الإرْبِلِىّ أنَّهُ سَألَهُ عن مَوْلدِه، فقال: في ذِي الحِجَّة سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وخَمْسِمائَة بالمَوْصِل.

(1)

توفي سنة 622 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 3: 170 - 171، المنذري: التكملة 3: 143 - 144، ابن المستوفي: تاريخ إربل 1: 183 - 184، سير أعلام النبلاء 22: 258 - 259، تاريخ الإسلام 13: 703، العبر في خبر من غبر 3: 187، المختصر المحتاج إليه 2: 36، المشتبه في الرجال 39، 42 (وفيه: البازي، نسبةً إلى جده الأعلى)، المقريزي: المقنى الكبير 3: 631 - 632، شذرات الذهب 7:176.

ص: 306

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز المَوْصِلِّي في كِتَابِهِ إليْنَا غير مَرَّة، قال: أخْبَرَتْنا الكَتابِة شُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج، قرَاءةً عليها، قالت: أخْبَرَنا النَّقِيْبُ أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الصَّفّار، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنِ مَنْصُور، قال: حَدّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن هَمَّام أنَّهُ سَمعَ أبا هُرَيْرَة يَقُول

(1)

: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: لا يَقُل أحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْني إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْزُقني إنْ شئْتَ، ليَعْزم مَسْألته؛ فإنَّهُ يفعَل ما يَشَاءُ لا مُكْرِه لهُ.

قَرأتُ بخَطِّ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في مَجْمُوع عَلَّقَهُ في الأَسْفَارِ، وأجَازَ لنا الرِّوَايَة عنه، قال: أنْشَدَني الشَّيْخ الإمَام تَقِيّ الدِّين عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ بِظَاهِر مَدينَة حَلَب، حَرَسَها اللّهُ، ونَقَلْتُها من ظَهْر كتاب الوَصِيَّةِ الهَرَويَّةِ له، قال: أنْشَدَني الشَّيْخ الإمَام العَارِف، لسَان الزَّمان، وسَيِّد أهْل الطَّريقة عَلاء الدِّين عُبيد الأعْلَى عليّ بن المُجْريّ لنَفْسِهِ بمَدِينَة حَلَب سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة:[من الكامل]

مَنْ خَصَّ بالمَدْحَ الصَّدِيْقَ فإنَّني

أحْبُو بصَالِحِ مَدْحِيَ الأعْدَاءَا

أَهْدَوا إليَّ مَعَائبي فرَفَضْتُها

ونَفَيْتُ عن أخْلَاقِي الأقْذَاءَا

وتَنَافَسُوا في المَكْرُماتِ فنِلْتُها

حتَّى امْتَطَيْتُ بأخْمَصِي الجَوْزَاءَا

ونَقَلْتُ من خَطِّ ابن بَار وأنْشَدَني أيْضًا الشَّيْخ عليّ بن الهَرَويّ لنَفْسِه، وأجازَهُ لنا ابن الهَرَويّ:[من المتقارب]

إذا ما يُسُرِّكَ يَوْمًا سَمِحْتَ

فَغَيْرُكَ عِنْدِيْ بهِ أَسْمَحُ

لَئِنْ كانَ في النَّاسِ مُسْتقبَحًا

ففَعْلُكَ مِن قَبْلِهِ أقْبَحُ

(1)

مسند ابن حنبل 16: 102 (رقم 8220)، شرح السنة للبغوي 5: 192 (رقم 1391)، فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ 13: 448 (رقم 7477)، وانظر: المسند الجامع 17: 717 - 718 (رقم 14367).

ص: 307

ونَقَلْتُ من خَطِّه في هذا المَجْمُوع: ولبَعْضِهم عَلَّقتُها بحَلَب، حَرَسَها اللّهُ

(1)

: [من البسيط]

كَتَبْتُ والكأسُ في يُمْنايَ مُتْرعَةٌ

وأمْلَحُ الناسِ يَسْقِيْنا ويُلْهِيْنَا

ونَحنُ في مَجْلِسٍ حَلَّ السُّورُ بهِ

خِلْوَيْنِ من ثَالِثٍ حتَّى يُوَافِيْنَا

فكُنْ جَوَابَ كتَابي والسَّلام فما

أرَاكَ تلْحَقُنَا إلَّا مَجَانِيْنا

قال لي رَفِيْقُنا أبو الفَضْل عبَّاس بن بَزوَان الإرْبِلِيّ: الحُسَين بن عُمَر بن نَصْر بن الحَسَن بن سَعْد المَعْرُوف بابنِ المَوْصِلِيّ، سَمعَ ببَلَده - يعني المَوْصِل - أباهُ، وأبا الفَضْل عَبْد الله بن أحْمَد الطُّوْسيّ، وأبا الفَرَج الثَّقَفِيّ وغيرهم، وسَمِعَ ببَغْدَاد من لاحِق بن كَارِه، وشُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج الكَاتِبة، وعَبْد الحَقّ بن عَبْد الخاَلِق بن يُوسُف، وأبي مَنْصُور مُحَمّد بن أحْمَد بن الفَرَج الدَّقَّاق، وأبي عَبْد الله المُظَفَّر بن أبي نَصْرٍ البَوَّاب، وأبي هاشِم الدُّوْشَابِيّ، رَوى لنا عنْهُم وعن عليّ بن الهَرَويّ، ذَكَرَ أنَّهُ سَمعَ منه بحَلَب بعضَ مُصَنَّفاته في اجْتيَازه إلى مِصْر، وعاد إلى الوصِل، فتَوَلَّى دار الحَدِيْث المُظَفَّريَّة بها، ولَم يَزَل شَيْخًا ومُسْمِعًا إلى أنْ تُوفِّي، وكان ثِقَةً، حَسَنَ الخَطِّ والقِرَاءةِ.

أنْبأنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار الحافِظ، قال: الحُسَين بن عُمَر بن نَصْر بن الحَسَن بن سَعْد بن عَبْد اللّه، أبو عَبْدِ اللّه المَعْرُوف بابنِ البَاز، من أهْلِ المَوْصِل، قَدِمَ بَغْدَاد شَابًّا طَالِبًا للحَدِيْث في سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وسَمعِ بها من أبي الحُسَين عَبْد الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن أحْمَد بن يُوسُف، وأبي مُحَمَّد لاحِق بن عليّ بن كَارِه، والكَاتِبة شُهْدَة بنت الإِبَرِيّ وجَمَاعَة غيرهم.

(1)

الأبيات في محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني 2: 570 ونسبها إلى منصور الفقيه.

ص: 308

وكَتَبَ بخَطِّهِ كَثيرًا من الكُتُب والأجْزاء، وعادَ إلى المَوْصِل فأقامَ بها يَسْمَعُ من شُيُوخها كالخَطِيب أبي الفَضْلِ عَبْد اللّه بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ ومَنْ دُونه.

ثمّ قَدِمَ علينا بَغْدَاد في سَنَة سِتِّمائة، وسَمعَ من شُيُوخنا وسَمِعْنا بقرَاءته، وسَمعَ بقرَاءتنا، واصطَحَبْنا في الطَّلَب والتَّحْصِيل، وكان ذا هِمَّةٍ حَسَنةٍ، وجدٍّ واجْتِهَاد، ومَحَبَّةٍ لهذا الشَّأن، ومَعْرفةٍ لطَرفٍ صَالحِ، وسَمِعتُ منه شيئًا، وسَمِعَ منِّي شيئًا. وكان صَدُوقًا فَاضِلًا، يَخْضِبُ بالسَّوَادِ، وتَرَكَ الخِضَابَ في آخر عُمْرِه.

وقال: سَألتُ أبا عَبْد اللّه بن بَاز عن مَوْلدِه، فقال: في يَوْم الثّلاثَاءِ خَامس عَشْرِيّ ذِي الِجَّة منِ سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وخَمْسِمائَة بالمَوْصِل. وبَلَغنا أنَّهُ تُوفِّي في ليلَةِ السَّبْت مُسْتَهَلّ ريع الآخر سَنَة اثنتَيْن وعشرين وسِتِّمائة بالمَوْصِل (a).

أنْبَأنا الحافِظُ عبد العَظِيْم المنذِريّ

(1)

، قال: وفي ليلَةِ الثَّاني من شَهْر رَبيع الآخر تُوفِّي الشَّيْخُ الأجَلُّ أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن نَصْر بن الحَسَن بن سَعْد بن بَاز (b) المَوْصِليُّ، بها، ومَوْلده بها في يَوْم الثّلاثَاءِ الخامس والعشرين من ذِي الحِجَّة سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وخسِمائَة، سَمعَ بالمَوْصِل من وَالده، ومن أبي الفَضْلِ عَبْد اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الخَطِيب، وسَمِعَ ببَغْدَاد من أبي مُحَمَّد لاحِق بن علىِّ بن كَارِه، وأبي أحْمَد أَسْعَد بن يَلْدرَك الجِبْرِيْلْيّ، وأبي عَبْد اللّهِ المُظَفَّر بن أبي نَصْر البَوَّاب، وأبي الحَسَن عَبْد الحق بن عَبْد الخَالِق اليُوسُفِيّ، وأبي شَاكِر عِيسَى بن أحْمَد، وأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن الفَرَج الدَّقَّاق، وأبي الحَسَن عليّ بن عبد الرَّحيم السُّلَمِيِّ، وفَخْر النِّسَاء شُهْدَة بنت الإِبَرِيّ، وجَمَاعَة سواهم.

(a) بقية الصفحة، وهو تقدير ثلثيها، بياض في الأصل.

(b) عند المنذري: ابن سعد بن عبد اللّه بن باز.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 143.

ص: 309

ودَخَلَ الشَّام ومِصْر، وما عَلِمْتُه سَمعَ بمِصْرَ ولا حَدَّثَ بها، والظَّاهرُ أنَّهُ قَدِمَها للتِّجَارَةِ، وحَدَّثَ بالمَوْصِل وإرْبِل، وولِيَ دار الحَدِيْث المُظَفَّريَّة بالمَوْصِل.

‌الحُسَين بن عُمَر، أبو عَبْد الله المَعْرُوف بالقَحْف

(1)

وهو الحَسَنُ بن عليّ بن عُمَر القَحْف الّذي رَوَى عن أبي العَلَاء بن سُلَيمان، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

، وبَعْضُهم يُسَمِّيهِ الحُسَين.

وقد ذَكَرَ صَدِيْقنا ورَفِيْقنا الحَافِظ أبو عَبْد الله ابن النَّجَّار في التَّاريخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام

(3)

، وقال: الحُسَين بن عُمَر، أَبو عَبْدِ اللّه القَاصّ المِصْرِيّ، يُعْرَفُ بالقَحْف.

هكَذا رَأيته بخَطِّ أبي عليّ ابن البَرَدَانيّ، فلعَلَّهُ غير أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن عُمَر القَحْف الّذي ذَكَرناهُ آنفًا، واللّهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله ابن النَّجَّار، قال: قَرأتُ في كتاب أبي عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن البَرَدَانيّ بخَطِّه، وقرأتُه على مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن أحْمَد بن المُقَرَّب عنه، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْدِ اللّه الحُسَين بن عُمَر القَاصّ المِصْرِيّ، يُعْرَفُ بالقَحْف، من لَفْظه لنَفْسِه، يَرْثِي القَاضِي أبا الحُسَين، يعْنِي ابن المُهْتَدي

(4)

: [من الخفيف]

إنَّما العَيْشُ والحَيَاةُ غُرُورٌ

كُلُّ حَيٍّ إلى المَمَاتِ يَصِيْرُ

ذَهَبَ الأوَّلُ العَزِيزُ من النَّاسِ

ويَتْلُوه في الذَّهَابِ الأخيرُ

(1)

توفي سنة 515 هـ، وترجمته في: ميزان الاعتدال 1: 506، الوافي بالوفيات 12: 150 (باسم: الحَسَن بن عليّ)، 13: 25 - 26 (وزاد في نسبته: القاص الزنجاني المصري)، لسان الميزان 2: 227 - 228 (وفيه: الحَسَن بن عليّ أبو محلى الزنجاني)، الزبيدي: تاج العروس، مادة: قحف (نقلًا عن ابن العديم).

(2)

ذكره في الجزء الثاني من هذا الكتاب، في ثنايا ترجمة أبي العلاء المعريّ، فيمن قرأ عليه، وسمَّاه "قحف

العِلْم"، وأورد من طريق رواسته أبياتًا للمعريّ، وإذا كان ابن العديم يحيل على ترجمة مفردة له باسم الحَسَن بن عليّ بن عمر، فتكون في الجزء الضائع قبل هذا.

(3)

تقدم التعريف بالكتاب في هذا الجزء.

(4)

خمسة أبيات منها في الوافي بالوفيات 13: 25.

ص: 310

حَكَم المَوْتُ بينَهُم حُكْم عَدْلٍ

فَتَسَاوَى غَنيُّهُم والفَقِيْرُ

رَحَّلتهُم عن الدِّيَار المَنَايا

فَحَوَتْهم بعد القُصُور القُبُورُ

نَزَلُوا مَنْزِلًا هُم فيه شَرْعٌ

لا أميرٌ فيه ولا مَأمُورُ

وإذا كان غاية الحيَّ مَوْتٌ

فطَويْلُ الحَيَاةِ عندي قَصِيْرُ

كُلُّ شيءٍ يُفْنيهِ كَرُّ اللَّيالِي

ليسَ يبقَى إلاّ اللَّطِيْف الخبَيْرُ

يَصْدَعُ الدَّهْرُ فيه للجبَل الصَّـ

ــلْد فَتَهْوِي أحْجَارهُ والصُّخُورُ

لا كَبيرٌ يَهَابُهُ حَادِثُ المَوْت

ولا من يديهِ يَنْجُو الصَّغيرُ

كَم إلى كم نَلْهُو ونَطْمَعُ

بالعَيْش وللمَوْت روْحَةٌ وبُكُوَرُ

يَسْلبُ المَرْءَ من أخيهِ فلا

يَسْتَطِيعُ دَفْعًا ولا يَسْتَشِيرُ

فتَرَاهُ يلْفَى لدَيهِ صَرِيْعًا

قد عَلَاهُ بعد الحراك الفُتُورُ

كُلّ هذا وَعْظٌ لنا غير أنَّا

في غُرُور والخَاسِرُ المَغْرُورُ

غيرَ أنَّ الفِرَاقَ صَعْبٌ على الأ

حْبَابِ مُسْتَكْره الفِرَاق مَرِيْرُ

سيْما فُرْقَةٌ بغير اجْتمَاعٍ

ما تَوَالَتْ أزْمَانُها والدُّهُور

قَلَّ صَبْري أبا الحُسَين وإنِّي

لجلَيْدٌ على الخُطُوب صَبُورُ

فجَمَعَ المُسْلمِيْن فيكَ زَمَانٌ

يَعْتَري صَفْوَ عَيْشِهِ تَكْدِيْرُ

عَدِموا وَالدًا شَفِيْقًا عليهم

وهو في دِيْنِهِ سِرَاجٌ مُنِيْرُ

سَيّدٌ مَاجِدٌ له الحِلْم والعِلْمُ

وفيهِ السَّدَادُ والتَّدْبِيرُ

دَيِّنٌ خَيِّرٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ ذو

عَفَافٍ بَرٌّ صَبُورٌ شَكُورُ

كَاظِمٌ رَاحِمٌ شرِيْفٌ عَطُوفٌ

بين عَيْنَيهِ للدِّيَانَةِ نُوْرُ

كُلُّ شيءٍ يَسْتَكْثِرُ النَّاسُ في الدُّ

نْيا قَليْل في نَاظِريه يَسَيْرُ

صَائِمٌ قَائمٌ إذا جَنَّ ليَلٌ

ذَاكِرٌ رَبَّهُ حَييٌّ وَقُورُ

ص: 311

شَهِدَ اللّهُ والعِبَادُ بأنِّي

لا كَذُوبٌ فيهِ ولا مُسْتَعِيْرُ

وأُصِبْنَا فيه وأيّ مُصَابٍ

ورُزيْناهُ وهو رُزْءٌ كَبيرُ

أيُّها الرَّاحِلُ الّذي سَارَ بالأمْسِ

ووَارَته في الصَّعِيْدِ القُبُورُ

هل تُجِيْب النِدَا فهذا عليٌّ

نَجْلُكَ السَّيِّدُ الخَطِيبُ السَّتيْرُ

قَائلًا كيفَ بِتَّ في مَنْزِل

الوَحْدَة بَيْتٌ مُهَدَّمٌ مَهْجُورُ

وافُؤادِي قَرحٌ على إِثْر قَرح

نَاصري فيهِ عَبْرَةٌ وزَفِيْرُ

طالَ لَيْلي لمَّا فَقَدتُكَ حتَّى

وَقَفَ النَّجْمُ حَائِرًا لا يَغُورُ

وعَرَتني الهُمُوم والحُزْنُ حتَّى

ضَاقَ صَدْري وكادَ قَلْبِي يَطِيْرُ

وعَدِمْتُ العَزَاءَ والصَّبْرَ فالنَّ

ـارُ بقَلْبِي ومَاءُ جَفْنِي غَزِيرُ

أظلَمَتْ بعدَكَ المَحَارِيْبُ إذ أنْ

ـتَ لعُقرِ المحرَاب في اللَّيْل نُوْرُ

أتُرَاني أنْسَاكَ كلَّا ولكن

أنا ما طالتِ الحَيَاةُ ذَكُورُ

كيفَ أنْسَى مَنْ شَخْصُهُ طُوْل

دَهْري في فُؤادِي ونَاظِري مَقْبُورُ

لا هنَاني من بَعْدك العَيْشُ

يَوْمًا ولا عادَ لي يسُرّ السُّرُورُ

أيّ عَيْشٍ لمُوْجَعِ القَلْب باكٍ

سُلبَتْ منه نِعْمَةٌ وحُبُورُ

ورَأى لَحْظُ عينهِ بَحْرَ عِلْم

وهو في ضِيْق لَحْدِه مَأسُورُ

ليتَني متُّ قبلَ مَوْتِكَ حتَّى

لا يَرَاني عند العَزَاءِ الحُضُورُ

مَعْشَر المُسْلميْن عُوذُوا بصَبْر

لا يَحُوزُ الثَّوَابَ إلَّا الصَّبُورُ

ص: 312

‌وحَرْفُ الغَيْن والفَاء والقَاف والكَاف واللَّام في آبَاء الحُسَينْ

‌فَارغٌ

‌حَرْفُ الميْم في آبَاءِ الحُسَين

‌الحُسَينُ بن المبُارَك بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُسَلَّم الرَّبَعِيِّ الزَّبِيْدِيّ الأصْل، البَغْدَاديّ، أبو عَبْد الله الحَنْبَلِيّ

(1)

أصْلهُ منِ زَبِيْد من اليَمَن، ووُلد ببَغْدَاد ونَشَأ بها، وهو أخُو شَيْخنا أبي عليّ الحَسَن بن المُبارك، سَمِعَ ببَغْدَاد أبا الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، وأبا زُرْعَة طَاهِر بن مُحّد بن طَاهر المَقْدسِيّ، وأبا جَعْفر مُحمَّد بن مُحمّد الطَّائيّ، وأبا حَامِد مُحَمَّد في عبد الرَّحيم الغَرْنَاطِيّ.

حدَّثَ ببَغْدَاد، وتوجَّه منها إلى الشَّام، واجْتازَ بحَلَب وهو قَاصِدٌ دِمَشْق في سَنَةِ ثلاثين وسِتِّمائة، ولَم يُقِم بها أكْثَر من يَوْمٍ واحدٍ، ولم نَعْلَم به، لأنَّهُ طُلِبَ إلى دِمَشْق للسَّمَاعِ عليه، فأَخْفَى أمْرَه لئلَّا يُمْسَك في حَلَب للسَّمَاع، وحَدَّثَ بها بشيءٍ يَسِيْر من حَدِيثه، وسارَ إلى دِمَشْق فحَدَّثَ بها بصَحيِح البُخاريّ عن أبي الوَقْت وبشيءٍ كثير غيره، وحَضَر السَّمَاع عليه المَلِك الأشْرف مُوسَى ابن المَلِك

(1)

توفي سنة 631 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 196 - 197، المنذري: التكملة 3: 361، الذهبي: سير أعلام النبلاء 22: 357 - 359، الإعلام بوفيات الأعلام 261، تاريخ الإسلام 14: 40 - 42، المختصر المحتاج إليه 2: 44 - 45، العبر في خبر مَن غبر 3: 209، الوافي بالوفيات 13: 30 - 31، القرشي: الجواهر المضية 2: 123 - 124 (ظنه حنفيًا فسلكه فيهم)، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 133، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2: 188 - 189، النجوم الزاهرة 6: 286، شذرات الذَّهب 7:252.

ص: 313

العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب وخَلْقٌ كَثير غيره، وحَصَل له من المَلِك الأشْرَف وغيره جُمْلةٌ حَسَنةٌ من المال، اتَّسَع بها، ووَفَّى عنه دُيُونًا كانت عليه بعد فقرٍ وإمْلَاقٍ، وعاد إلى بَغْدَاد، فلم يُقِم بها إلَّا قَليلًا ومات.

رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار وغيره، وأجَازَ لنا أنْ نَرْوي عنه مايرْوبهِ، وكان ثِقَةً، مُتَدَيِّنًا، صَالِحًا، فَقِيَهًا.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين المُبارَك بن مُحَمَّد الزَّبيدِيّ، وأخْبَرَنَا أخُوه أبو عليّ الحَسَن بن المُبارَك بمَكَّة، شَرَّفَها اللّهُ، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد بحَلَب، قالوا: أخْبرنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى الهَرَويُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الفَارسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الجَهْم العَلَاء بن مُوسَى البَاهِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بن سَعْد المِصْرِيّ، عن أبي الزُّبَيْر المَكِّيّ، عن جَابِر في عَبْد اللّه الأنْصَاريّ

(1)

، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: لا يَدْخُل أحَدٌ ممَّن بَايَع تحت الشَّجَرة النَّار.

أخْبَرَنا الحافِظ أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار، قال: الحُسَين بن المُبارَك بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُسَلَّم الزّبيديّ أبو عَبْد اللّهِ، منِ سَاكني باب البَصْرَة، وهو أخُو أبي عليّ الحَسَن الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ، وهو الأصْغَر.

سَمعَ أبا الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ وغيره، وقرأ طَرفًا صَالحًا من الفِقْهِ على مَذْهَب أبي عَبْد اللّه أحْمَد بن حَنْبَل، ولهُ مَعْرفَةٌ حَسَنةٌ بالأَدَب، وَلديهِ فَضْلٌ وَافِرٌ، كَتبتُ عنهُ وهو صَدُوقٌ، حَسَنُ الطَّريقة، جَمِيلُ

(1)

صحيح مسلم 4: 1942 (رقم 2496)، سنن أبي داود 5: 41 (رقم 4653)، الجامع الكبير للترمذي 6: 168 (رقم 3860)، صحيح ابن حبَّان بترتيب ابن بلبان 11: 127 (رقم 4802).

ص: 314

السِّيْرَة، مُتَدَيِنٌ صَالِحٌ، سَألتُ أبا عَبْدِ الله ابن الزَّبيدِيّ عن مَوْلدِه، فقال: في سَنَة ستٍّ - أو سَبْعٍ - وأَرْبَعين وخَمْسِمائَة - الشَّكُّ منهُ - وسَافَرَ إلى الشَّام، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ بصَحِيح البُخاريّ عن أبي الوَقْتِ مَرَّات، وسَمِعَهُ منه خَلْقٌ كثير، وِحَصَل له شيءٌ من الدُّنْيا بعد فَقْرٍ وضِيْق حَالٍ كان فيهِ، وعاد إلى بَغْدَاد فوَصَلها مَرِيْضًا، وأقام بها أيَّامًا، وتُوفِّيَ يَوْم الاثنين الثَّالث والعشرين من صَفَر سَنَة إحْدَى وثَلاثين وسِتِّمائة، ودُفِنَ من الغَدِ بمَقْبَرَة جامع المَنْصُور عند أهْلهِ.

أخْبَرَنا الحافِظ عبد العَظِيْمِ المُنْذِريّ

(1)

، قال: وفي الثَّالث والعشرين من صَفَر - يعني منِ سَنَة إحْدَى وثلاثين وسِتِّمائة - تُوفِّي الشَّيْخُ الثِّقَةُ أبو عَبْد اللّهِ الحسُين بن المبُارك بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مسَلَّم الرَّبَعِيِّ، الزَّبيدِيّ الأَصْل، البَغْدَاديّ المَوْلد والدَّار، الحَنْبَلِيّ، ببَغْدَاد، ودُفِنَ بمَقْبَرَة جامع المَنْصُور.

سَمعَ من أبي الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى الهَرَويّ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّائيّ، وأبي حَامِد الغَرْنَاطِيّ، وأبي زُرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيِّ وغيرهم، وحدَّث ببَغْدَاد ودِمَشْق وحَلَب وغيرها من البِلَادِ، ولنا منه إجَازَة، كَتَبَ بها إلينا من بَغْدَاد غير مَرَّة، منها ما هو في سَنَة إحْدَى وعشرين وسِتِّمائة، وكان فَقِيهًا حَافِظًا.

أخْبرَني أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن دَهْجَان البَصْرِيّ ببَغْدَاد، قال: كان رَجُل من أهْلِ البَصْرَة قد أوْدعَ وَدِيْعَةً عند الحُسَنِ الزَّبيدِيّ، وقال له: إذا بَلَغ أوْلادِي سَلِّمها إليهم، ولَم يَعْلَم بها أحدٌ، فاحْتَاج الحُسَين إليها فأنْفَقَها، وسَارَ إلى الشَّام، وحَدَّثَ جها، وحَصَل له بالشَّام ذَهَبٌ، فعَزَلَ الوَديْعَة، واتَّفَقَ أنَّهُ قَدِمَ بَغْدَاد إلى الشَّام وهو مَريْضٌ، فقال لوَلده عُمَر: في عُنُقي أمَانَة أُرِيْدُ أنْ أنْزعَها من عُنُقي

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 361.

ص: 315

وأجْعَلها في عُنُقكَ، فقال: وما هي؟ قال لبني فُلَان البَصْرِيّ عندي مائتا دِيْنارٍ، وهي هذه لا يَعْلمِ بها أحدٌ إلَّا اللّه تُوصلها إلِيهم، وأخَافَ أنْ لا أصحّ، فتَسَلَّمها ابْنه منه، وماتَ الحسُين في تلك اللَّيْلة، فَفَى ولدُه، وسَأل عن أوْلَاد ذلك الشَّخْص المُوْدِع، فوَجَد عليهِم دُيونًا قد لَزَّهُم الخُصُومُ فيها، ولهم آدر قد عَزمُوا على بَيْعها، ووَجَدَهم مُتَوَدِّرِيْنَ من الخُصُوم! فقال لبَعْضِ الجِيْرَان حين سَأل عنهم: إنَّ لهم عندي ذَهَبًا، فاجْتَمعُوا به وسَلَّم إليهم الوَدِيْعَة فوفوا دَيْنَهُم، وسَلِمَتْ أمْلَاكُهُم.

قال لي ابنُ دَهْجَان: فاجْتَمَعْتُ بابْنهِ وسَألتُهُ عن ذلك، فشَقّ عليه سُؤاليّ، ثمّ أخْبَرَني به، قال: وكان الحُسَينُ كَثيرًا ما يَدعُو: اللَّهُمَّ أَدِّ عنِّي أمَانَتِي.

ص: 316

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌ذكْرُ مَن اسْم أبيهِ مُحمَّد ممَّن اسْمه الحُسَين

‌الحُسَين بن مُحَمَّد في إبْراهيم

سَمعَ بتَلّ مَنَّس المُسَيَّب بن وَاضِح السُّلَمِيّ التَلّ مَنَّسيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الفَضْل بن جَعْفَر التِّمِيْميّ مُؤَذِّن مَسْجِد دِمَشْق.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن شُجاع بن سَالَم القُرَشِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّد بن عبد المَوْلَى بن مُحمَّد اللُّبْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبي عَبْد المَوْلَى، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلَف عبد الرَّحيم بن مُحَمَّد بن المُدَبِّر، قال: أخْبَرَنا النَّقَّاشُ - يعني الفَقِيهَ أبا إسْحَاق إبْراهِيم بن عَبْد اللّه بن أحْمَد - قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ الجُرْجَانِيّ - يعني الحَسَن بن جَعْفر بن مُحَمَّد - قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الفَضْل بن جَعْفَر التِّمِيْميّ مُؤَذِّنُ مَسْجِد دِمَشْق، قال: حَدَّثَنَا الحسُين بن مُحمّد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا المُسَيَّب بن وَاضِح، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن عَيَّاش، عن عَطَاء بن عَجْلان، عن أنَس بن مَالِك، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: شَفَاعَتي لأهْل الكَبَائر من أُمَّتِي.

ص: 317

‌الحُسَيِنُ بن مُحَمّد في أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن ابن عِيسَى في مَاسَرْجِس الحافِظ أبو عليّ النَّيْسَابُوريّ المَاسَرْجِسِيِّ

(1)

رَحَلَ إلى الشَّام، وسَمِعَ بحَلَب من أبي الحَسَن عليِّ بن عَبْد الحَميْد الغَضَائِرِيّ الزَّاهِد، ويَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ الحلبِيَّيْن، وسَمِع بدِمَشْق من أبي الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الله الرَّازِيّ، وبصَيْدَا من أبي الحَسَن مُحَمَّد بن الفَتْح، وبمِصْر من عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن الفَرَج الغَافِقِيّ، وعليِّ بن إسْحَاق القَيْسَرَانِيّ، وأبي عَبْد السَّلام عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمن الرَّحبِيّ، ومُحمَّد بن سُفْيان، وبتِنِّيس من أبي حَفْص عُمَر بن إبْراهيم الكِلابِيّ، وبنَيْسَابور من أبيهِ مُحَمَّد، ومن جَدِّه أبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين المَاسَرْجِسِيّ، وأبي العبَّاسِ السَّرَّاج، وأبي بَكْر بن خُزيمَة.

رَوَى عنهُ أبو عبدِ الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيِّ، والحاكِم أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه البَيِّع الحافِظ (a).

أنبأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا خالي القَاضِي أبو المَعَالِي مُحَمَّدُ بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو رَوْح يَاسِيْن بن مَحْهل بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ أبا مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَنْصُور القَاينِيّ يَقُول: قال الحاكِم: قد كان في عَصْرِنا جَمَاعَة بلَغ المُسْنَد المُصَنَّف على

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

توفي سنة 365 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 292 - 295، ابن الجوزي: المنتظم 14: 244، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 481، تاريخ الإسلام 8: 239 - 240، تذكرة الحفاظ 3: 955 - 956، العبر في خبر مَن غبر 2: 120 - 121، الإعلام بوفيات الأعلام 155، سير أعلام النبلاء 16: 287 - 289، الوافي بافيات 13: 31، اليافعي: مرآة الجنان 2: 286، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 283، النجوم الزاهرة 4: 111، شذرات الذَّهب 4: 344، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 354 - 355، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 45، الزركلي: الأعلام 3: 253 - 254.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 293.

ص: 318

تَرَاجِم الرِّجال لكُلِّ واحدٍ منهم ألف جُزءٍ، منهم أبو إسْحاق إبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة الأصْبَهَانِيّ، وأبو عليّ الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد المَاسَرْجِسِيّ.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد اللّه بن عُمَر، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن أبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَي بَكْر البيهَقِيِّ والحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّهِ الحافِظ، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين الحَافِظ أبو عليّ المَاسَرْجِسِيّ سِيْفَنَّةُ

(1)

عَصْره في كَثْرهَ الكِتَابةِ والسَّمَاع والرِّحْلَة، وأثَبت أصْحَابنا في السَّمَاع والأدَاءَ ومن بَيْتِ الحَدِيْث.

سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبا العبَّاس الثَّقَفِيّ، وأكْثَر عن جَمَاعتهم، وسَمعَ جَدَّهُ، وكان أسْنَدَ أهْل عَصْره، وأباهُ؛ وكان من أصْحَاب مُسْلم بن الحَجَّاج. ورَحَلَ إلى العِرَاق سَنَة إحْدَى وعشرين، فسَمعَ أبا عَبْد اللّه بن مَخْلَد وطَبَقتهم، ثمّ خَرَجَ إفى الشَّام فكَتَبَ عن أصْحَاب هِشَام بن عَمَّار وأقْرَانهم، ثمّ دَخَل مِصْر وأكْثَر المقام جها، وسَمعَ أصْحَاب المُزَنِيّ وأقْرَانهم، وصَنَّفَ المُسْنَد الكبير في ألفٍ وثَلاثِمائة جزءٍ مُهَذَّبًا بالعِلَل، وجَمَعَ حَدِيثَ الزُّهْرِيّ جَمْعًا لَم يَسْبقْهُ إليهِ أحدٌ، وكان يَحْفَظُ حديثَ الزُّهْرِيّ مثل الماءَ، وصَنَّفَ المغَازِي والقَبَائِل، وكان عَارِفًا بها، وصَنَّفَ أكْثَر المَشَايِخ والأبْوَاب، وخَرَّج على كتاب البُخاريّ ومُسْلِم في الصَّحيح، ولَم يبلغُ وَقْت الحاجَة إليهِ، نظرتُ أنا له في الزُّهْرِيّ وفي الفَوَائِد ومِقْدَار مائةٍ وخَمْسِين جُزءًا من المُسْنَد، وأدْرَكتُه المَنِيَّة رضي الله عنه قَبْل الحاجَة إلى إسْنَادهِ.

(1)

سيفنَّة: اسم طائر بمصر لا يقع على شجرة إِلَّا أكل ورقها ولا يفارقها. الوافي بالوفيات 5: 346.

ص: 319

تُوفِّي رحمه الله يَوْم الثّلاثَاء التَّاسِعِ من رَجَب وَقْت الظهْر، ودُفِنَ يَوْم الأرْبَعَاء العاشِر منه بعد العَصْر من سنة خَمْسٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة، وشَهِدْتُ جنَازَته، وصَلَّى عليه الفَقِيهُ أبو الحَسَن المَاسَرْجِسِيّ ابن أخيهِ في مَيْدَان الحُسَين، ودُفِنَ بداره وهو ابنُ ثَمانٍ وسِتِّين سَنَة، فإنَّ موْلدَهُ كان سَنَة ثمانٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن، ودُفِنَ عِلْمٌ كَثِيْرٌ بدَفْنهِ.

وزَادَ غير زَاهِر بن طَاهِر: عن البَيْهَقِيّ، عن الحاكِم، قال: وشَيْخُنا أبو عليّ سَمِعَ بنَيْسَابُور من جَدِّه أبي العبَّاس، وأبي بَكْر بن إسْحَاق وأقْرَانهما، ثمّ دَخَل العِرَاقَيْن والجَازَ ومصْر والشَّامِ، وانْصَرَف على طَريق الأهْوَاز، وجَوَّد عن مَشَايخ عَصْره في هذه الدِّيَارِ، وجَمعَ حَدِيثَ الزُّهْرِيّ حتَّى زادَ فيه على مُحَمَّد بن يَحْيَى، وكان مُحَمَّد بن يَحْيَى يُعْرَفُ بالزهْرِيّ، فصَارَ المَاسَرْجِسِيّ الزُّهْرِيّ الصّغير، ثمّ أفْنَى عُمرَهُ في جَمعْ المُسْنَد الكبير، وعندي أنَّهُ لَم يُصَنَّف في الإسْلَام مُسْنَدٌ أكْبر منه، فإنَّهُ وَقعَ بخَطِّه في ألفٍ وثَلاثِمائة جُزء، وقد قلتُ على التَّحْقِيق أنَّهُ يقَعِ بخُطُوط الوَرَّاقِيْنَ في أكْثَر من ثَلاثة آلاف جُزء؛ فإنَّ أبا مُحَمَّد بن زِيَاد العَدْل عَقَد له مَجْلِسًا لقراءته على الوَجْهِ، وكان مُسْنَدُ أبي بَكْر الصِّدِّيْق بخَطِّ الحُسَين في بضْعَة عَشر جُزءًا بعِلَلهِ وشَوَاهدهِ، فكَتَبَهُ الوَرَّاقُونَ في نَيف وسِتِّين جُزءًا.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقىِّ

(1)

، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسين بن عِيسَى بن مَاسَرْجِس أبو عليّ النِّيْسَابُوريّ الحافِظ المَاسَرْجِيّ، له رِحْلة إلى اِلشَّام ومِصْرَ والعِرَاق، سَمعَ فيها أبا الحُسَين الرَّازِيّ بدِمَشْقَ، وأبا الحَسَن (a) مُحَمَّد بن الفَتْح

(a) ابن عساكر الحُسَيْن، وجاءت كنيته على الصَّحيح في تَرْجَمَتِه لمحمد بن الفتح الصيداوي 55:76.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 292.

ص: 320

بصَيْدَا، وأبا عَبْد السَّلام عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمن الرَّحبِيّ، وعليّ بن إسْحَاق القَيْسَرَانِيّ، ومُحَمَّد بن سُفْيان، وعَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن الفَرَج الغَافِقيّ بمِصْر، وأبا حَفْص عُمَر بن إبْراهيم الكِلابِيّ بتِنِّيْس، وسَمِعَ بخُرَاسَان أباهُ، وجَدَّهُ أبِا العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد المَاسرْجِسِيِّ، وأبا العبَّاسِ السَّرَّاج، وأبا بَكْر بن خُزَيْمَة، روَى عنهُ الحاكِم أبو عَبْد اللّهِ، وأبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيِّ.

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، أبو عَبْد الله العَيْنَزَرْبِيّ

(1)

أصْلُهُ من عَيْن زُرْبَة؛ بَلْدَة بالثُّغُور الشَّامِيَّة، قد ذَكَرْناها في مُقَدِّمَة كتابنا هذا

(2)

.

ونَزَل دِمَشْق، وأظُنُّ أنَّه خَرَجَ من عَيْن زُرْبَة حين اسْتَولَى عليها الكُفَّار.

حَكَى عن أبي بَكْر أحْمَد بن عليّ الحَبَّال الحَلَبِيِّ. حَكَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ اللّه الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(3)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أَبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الحِنَّائيّ: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَيْنَزَرْبِيّ، يقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر (a) أحْمد بن عليّ الحَبَّال الصُّوفيِّ يقول: دَخَلتُ على سَيْف الدَّوْلةِ فقال: من أينَ المَطْعَم؟ فقُلتُ: لو كانَ من أين فَنَى (b)!.

(a) في الأصل: أبا عليّ، وصوابه المثبت كما في تاريخ ابن عساكر، ويأتي بعده صحيحًا.

(b) تَتِمَّة الخبر في تاريخ ابن عساكر: فأعجب بذلك.

_________

(1)

توفي سنة 392 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 295، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 355، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 65.

(2)

انظر الجزء الأوّل فيما مرّ.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 295.

ص: 321

قال الحَافِظُ

(1)

: الحُسَين بن مُحمّد بن أحْمَد أبو عَبْد اللّه بن العَيْنَزَربيّ، حَكَى عن أبي بَكْر أحْمَد بن عليّ الحَبَّال، حَكَى عنه عليّ الحِنَّائِيّ (a).

وقال الحافِظُ

(2)

: قَرأتُ بخَطِّ عَبْد المنعِم بن عليّ في النَّحْوِيّ: ماتَ أبو عَبْد اللّه العَيْنَزَرْبِيّ في يَوم الجُمُعَة لسَبعْ عَشرة لَيْلَة خَلَتْ من شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وثَلَاثمائة.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأنْصَاريّ، أبو عبدِ اللّهِ الحَلَبِيُّ البَزَّازُ الشَّاهِدُ المَعْرُوفُ بابنِ المُنَيْقِيْر

(3)

حَدَّثَ عن أبي عَبْد اللّهِ أحْمَد بن عَطَاء الرُّوْذبَارِيّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بنْ عُمَر بن أبي الأشْعَث السَّمَرْقَنْديّ، والفَقِيهُ أبو الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم بن نَصْر المقدِسِيّ، وأبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد النَّهَاوَنْدِيّ المَعْرُوف بمَدُّوس، وأبو صالحِ أحْمَد بن عَبْد المَلِك النَّيْسَابُوريّ المُؤذِّنُ، ونَجَا بن أحْمَد العَطَّار، وأبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدَاباذيّ، وَأبو القَاسِم بن أبي العَلَاء، وعَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إبْراهيم الشِّيْرَازيّ، وأبو البَرَكَات إبْراهيم بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن طَلْحَة الصَّيْدَاوِيّ المُقْرِئ، وأبو مُحَمَّد الحُسَين بن مُحَمَّد بنْ أحْمَد النَّيْسَابُوريّ الوَاعِظ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن أبي القَاسِم بن مُحَمَّد بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيّ بها، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، وأبو إسْحَاق إبْراهيم بن

(a) تاريخ ابن عساكر ابن الحنائي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 295.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 295.

(3)

توفي سنة 436 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (ذيوله) 346، تاريخ ابن عساكر 14: 295 - 297، تاريخ الإسلام 9: 553، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 355 - 356.

ص: 322

عُثْمان بن يُوسُف الكَاشْغَرِيّ بحَلَب، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلْمَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر بن أبي الأشْعَث السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحسُين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ أحْمَد بن عَطَاء الرُّوْذبَارِيّ الصُّوْفيّ بِصُوْر، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن مَخْلَد الدوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حُذَافَة أحْمَد بن إسْمَاعِيْل السَّهْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعْد بن سَعيد بن أبي سَعيد المَقْبُريّ، عن أخيهِ عَبْد اللّه بن سَعيد، عنِ أَبِيهِ، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: لا سَهْمَ في الإسْلَام لمَنْ لا صَلَاة له، ولا صَلَاةَ لمَن لا وُضُوءَ له، ولا وُضُوءَ لمن لَم يَذْكر اسْم اللّه عليه، وثَلاثٌ مُنْجيَاتٌ وثلاثٌ مُهْلكاتٌ، فأمَّا المُنْجِيَاتُ: فخَشْيَة اللّهِ في السِّرِّ والعَلَانيِةِ، والاقْتِصَاد في الفَقْر والغِنَى، والحُكْم بالعَدْلِ عندَ الغَضَب والرِّضَى، والمُهْلِكات: شحّ مُطَاع، وهَوَى مُتَّبعَ، وإعْجاب المَرْء بنَفْسه.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الغَفَّار بن مُحَمَّد بن الحُسَين الشِّيْرُوِيّ، قِراءَةً عليهِ بنَيْسَابُور وأنا حَاضِرٌ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحَلَبِيِّ بدِمَشْق، ح.

وأخْبَرناهُ عَاليًا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن أبي القَاسِم بن تَيْمِيِّة بحَرَّان، وأبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف الزَّرْكَشِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف بن مُحَمَّد البَغْدَاديّان بحَلَب، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر بن الأشْعَث السَّمَرْقَنْديّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن

(1)

مجمع الزوائد للهيثمي 1: 292، كنز العمال للمتقي الهندي 7: 327 (رقم 19098).

ص: 323

مُحَمَّد بن أحْمَد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ أحْمَد بنُ عَطَاء الرُّوْذبَارِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا صالح عَبْد اللّه بن صالح الصُّوْفيّ يَقُول: رُؤي بعضُ أصْحَاب الحَدِيْث في المَنَام فقيل له: ما فَعَلَ اللّهُ بكَ؟ قال: غَفَر ليّ، قال: بأيّ شيءٍ؟ قال: بصَلَاتي في كُتُبي على رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَام عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد، أبو عَبْد اللّهِ الأنْصَاريّ الحَلَبِيّ الشَّاهِدُ البَزَّازُ، المَعْرُوفُ بابن المُنَيْقِيْر، سَكَنَ دِمَشْقَ، وحَدَّثَ بها عن أبي عبد اللّهِ أَحْمَد بن عَطَاء الرُّوْذبَارِيّ الصُّوْفيّ، رَوَى عنهُ الفَقِيهُ أبو الفَتْح نَصْرُ بن إبْراهيم، وأبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك النَّيْسَابُوريّ المُؤذِّنُ، ونَجَا بن أحْمَد، وعَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، وأبو الفَتْح مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدَابَاذِيّ، وأبو القَاسِم بن أبي العَلَاء.

وقال الحافِظُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ (a)، قال: حَدَّثَني نَجَا بن أحْمَد العَطَّار، قال: تُوفِّي أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن مُحَمَّد الحَلَبِيِّ البَزَّاز في سَنَة ستٍّ وثَلاثين وأرْبَعِمائة، حَدَّثَ عن أبي عَبْد اللّه أحْمَد بن عَطَاء الرُّوْذبَارِيّ الصُّوْفيّ، وذَكَرَ الحَدَّادُ أنَّهُ ثِقَةٌ، مَأْمُونٌ، شَاهِدٌ.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين، أبو مُحَمَّد النَّيْسَابوريّ الوَاعِظ

(3)

سَمِعَ بمَعَرَّة النُّعْمان أبا العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان، وأبا عليّ الحَسَن بن عليّ بن عَنْبَسَة الكَفْرطَابِيّ، وأبا عليّ المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ،

(a) تاريخ ابن عساكر: عبد العزيز الصوفي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 295.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 296 - 297.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 300 - 301، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 357.

ص: 324

وبدِمَشْق أبا الحَسَن بن السِّمْسَار، وبنَيْسابُور أبا طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَش الزِّيَاديّ، وأبا حَازِم عُمَر بن أحْمَد بن إبْراهيم بن عَبْدَوَيْه النَّيْسَابُوريّ، ورَوَى عن أَبي الحَسَن العَتِيْقِيّ، وأبي عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيَّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ الفَارسِيِّ، والقَاضِي أبي مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن نَصْر البَغْدَاديّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن خَلَف البَغْدَاديّ، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن القَاسِم الفَارسِيّ، وأبي سَعْد مُحَمَّد بن أحْمدَ العَمِيْدِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد في إبْرَاهِيم المُقْرِئ، وأبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن مُحَمَّد الأدِيْب الفَقِيه، وأبي مَنْصور عَبْد المَلِك بن إسْمَاعِيْل الثَّعالِبيّ، وأبي سَهْلٍ سَعيد بن عَبْد العَزِيْز النِّيْلِيّ، والحافِظ أبي عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن، وأبي عَبْد اللّه الحسُين بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأنْصَاريّ المَعْرُوفُ بابنِ المنُيْقِيْر الحَلَبِيِّ.

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن المُؤَمَّل بن غَسَّان الكَاتِب المِصْرِيّ، وأبو الفتْيَان عُمَرُ بن أبي الحَسَن الرَّوَّاسِيِّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَطَّاب الرَّازِيّ.

أخْبَرَنا يُونُس بن خَلِيل، وأبو [الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن عَبْد القَوِيّ](a) بن عَزُّون، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد النَّيْسَابُوريّ الوَاعِظ، وأبي؛ أحْمَدُ بن إبْراهيم بن أحْمَد الرَّازِيّ الفَقِيه بمِصْر، قالا: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُوسَى بن الحُسَين الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَرْوَان، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر كلمتين، واستكلمنا اسمه مما أسنده عنه في غير موضع، وأخذ عنه في القاهرة، أما يونس بن خليل بن عبد اللّه، فهو يكنى بأبي محمد، أخذ عنه بحَلَب، وهو غير الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد اللّه، الَّذي أخذ عنه ابن العديم أيضًا الكثير من مروياته، ولعله أخوه.

ص: 325

عبد الرَّحْمن بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا ابن عَيَّاش، قال: حَدَّثَنَا الأوْزَاعِيّ، وسَعِيْد بن يُوسُف، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، عن رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: لا تُنْكَح الثَّيِّبُ حتَّى تُسْتَأمر، ولا البِكْرُ حتَّى تُسْتأذَنُ، وإذْنُها الصَّمْت.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيِّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُؤَمَّل بن غَسَّان المِصْرِيّ، قال: حدثنا أبو مُحَمَّد الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أحْمَد النَّيْسَابُورِيّ الوَاعِظ بمِصْر، قال: أنْشَدَنا أبو العَلَاء أحْمَد بن عَبْدِ اللّه بن سُلَيمان لنَفْسِه: [من الطّويل]

نَوَائبُ إنْ حلَّت تجلَّت سَريعَةً

وإمَّا تَوَالتْ في الزَّمَن تَولَّتِ

ودُنْياك إنْ قلَّت أقالتْ وإنْ

قلَتْ فمن قلَتٍ في الدّين لحَّت وعَلّتِ

غلَتْ وأغالَتْ ثمّ غالَتْ وأوْحَشَتْ

وجَشَّتْ وجاشَتْ واسْتَمالت ومَلَّتِ

وصلَّتْ بنِيْرَان وصَلَّتْ سُيُوفَها

وحَلَّت حُسَامًا من أذاةٍ وسَلَّتِ

أزَالَتْ وزَالَتْ بالفَتَى من مقَامِهِ

وحَلَّتْ فلمَّا أُحْكِم العَقْدُ حلَّتِ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين الواعِظ أبو مُحَمَّد من أهْلِ نَيسَابُور، كان وَاعِظًا سَمِعَ ببَلَده أبا طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَشٍ الزِّيَادِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بشيءٍ يَسِيْرٍ، وَرَدَ بَغْدَاد إنْ شَاءَ اللّهُ، ثمّ خَرَجَ منها إلى مِصْر، وحَدَّثَ بها عن ابن مَحْمَش. كَتَبَ عنهُ أبو الفِتْيَان عُمَرُ بن أبي الحَسَن الرَّوَّاسِيّ، وقال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الوَاعِظ بمِصْر في تاج الجَوَامِع، وروَى حَدِيثًا عن الصَّحِيْفَة لهَمَّام بن مُنَبِّهٍ، وهو في مُعْجَم شُيُوخ الرَّوَّاسِيّ.

(1)

سنن ابن ماجة 1: 601 - 602 (رقم 1871)، سنن أبي داود 2: 573 (رقم 2092 - 2093)، الجامع الكبير للترمذي 2: 400 (رقم 1107)، وانظر: المسند الجامع 17: 216 (رقم 13529).

ص: 326

أخْبَرَنا يُونُس بن خَلِيل بن عَبْد اللّه، وأبو [الطَّاهِر إسْماعِيْل بن عبد القَويّ](a) بن عَزُّون، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَطَّاب الرَّازِيُّ، قال: أبو مُحَمَّد الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد النَّيْسَابُوريّ الوَاعِظ، كان يَكْتُب إلى أنْ تُوفِّي، وسَمِعَ مَعَنا على مُحَدِّثي مِصْر، وقد أدْرَكَ بخُرَاسَان أبا عَبْد الرَّحمنِ السُّلَمِيّ وطَبَقَته، وبالشَّام عليّ بن مُوسَى بن السِّمْسَار وغيره، وكان من رُفَقَاءَ أبي بدِمشْق في طَلَب الحَدِيْث، وعندي عنهُ جزءٌ من فَوَائِد أبي عَبْدِ اللّه بن مَرْوَان، سَمِعْتُ عليهِ وعلى وَالدِي، وكانا قد سَمِعَاهُ معًا على ابن السِّمْسَار الدِّمَشقيّ بها.

أنْبَأنَا أبو نَصْرِ مُحَمَّد بن هِبَة اللّه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن أحمد، أبو مُحَمَّد النَّيْسَابُوريّ الوَاعِظُ، سَمِعَ بدِمَشْق أبا الحَسَن بن السِّمْسَار، وأبا عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين الصُّوْفيّ بنَيْسَابُور، وأبا الحَسَن العَتِيْقِيّ. رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ اللّهِ بن الحَطَّاب.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن أَسْعَد بن حَلِيم الحَنَفِيّ، الفَقِيه المَعْرُوف بالنَّجْم

(2)

قرأ الأدَب على مَلِك النُّحَاةِ أبي نِزَار، والفِقْه على أبيهِ مُحَمَّد بن أَسْعَد، وسَمِعَ منه ومن الأَمِير مَجْد الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نُوشْتِكِين المَعْرُوف بابن الدَّايَة بحَلَب، ووَلِيَ التَّدْرِيس بالمَدْرَسَةِ المَعْرُوفة بالحَدَّادِين بحَلَب.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وتقدم التعليق عليه في رواية سبقت في هذا الترجمة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 300.

(2)

توفي سنة 580 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 2: 126 - 127 (اقتبسها من ابن العديم)، ابن قطلوبغا: تابع التراجم 91، الغزي: الطبقات السنية 3: 157 - 158، حاجي خليفة: كشف الظنون 1: 562، 2: 1230 (وذكر له شرح على الجامع الصغير للشيباني، وكتاب الفتاوى النجمية)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 250، كحالة: معجم المؤلفين 4: 46. ويرد اسم جد أبيه في بعض المصادر: الحكيم، =

ص: 327

وله تَصَانِيْفٌ في الفِقْه: شَرح الجَامِعَ الصَّغير لمُحَمَّد بن الحَسَن، وفَرَغ من تَصْنِيفه بمَكَّة، حَرَسَها اللّهُ، وله كتابُ الفَتَاوى والوَاقِعات. وكان فَقِيهًا، عَالِمًا، فَاضِلًا، مُتَدَيّنًا.

سَمِعْتُ القَاضِي الخَطِيب عِمَاد الدِّين عَبْد الكَريم ابن شَيْخنا أبي القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ يَقُول: أخْبَرَني القَاضِي شَرَف الدِّفي ابن المَوْصِلِيّ، قال: حَضَر نَجْم الدِّين ابن الحلِيمِ يَوْمًا عند نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأخرج خاتمًا من يَده، وكان فيه لوْزَات ذَهَب، فقال له: يَجُوز لبس هذا؟ قال: فدَفعَ بيَدِه في صَدْر نُور الدِّين، وقال تَتَحَرَّج في لبسِ هذا الخاتم وفيه مِقْدَار يَسِيْر من الذَّهَب لا يَبْلُغ وَزْنُهُ ثُمْن مِثْقالٍ أو أقلّ، ويُحْمل إلى خِزَانتِك كل يَوْم من المال الحَرَام كَذَا كذا ألف دِرْهَم؟! فقال له نُور الدِّين: كيفَ تقُول هذا، ومن أينَ يُحْمَل إلى خِزَانتي من المال الحَرَام ما تَقُول؟ فقال: يُحْمَل إليك من مَؤُونَةِ النَّقْل (a) كَذا، ومن مَؤُونَةِ الدَّوَابّ، ومن مَؤُونَة كذا، ومَؤُونَة كذا، وكُلّ هذه أمْوَال حَرَام! قال: فاسْتَدْعَى نُوِر الدِّين صَاحِبَ دِيوَانه وسَألَهُ عن ذلك، فقال: نعم، صَحيْح، وهذا قد جَرَت عادةُ المُلُوك بهِ، فقال نُور الدِّين: لا حَاجَة لي فيه، وأمَرَ بتَبْطِيله.

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن إلْيَاس البَالِسِيِّ

رَوَى عن أبي عُثْمان سَعيد بن يَحْيَى بن حَمَامَة الطَّرَسُوسِيّ.

(a) مهملة الأوّل، والإعجام على التقريب لإثباته القاف بالسكون، ولو حركت لاحتُمل أن تكون: الثَّقَل؛ وهو متاع المسافر مما يجمع على أثقال.

_________

= ولعله تصحف في حركة الفتح على حرف الحاء، وقد مدّ ابن العديم الحركة على الاسم في موضع سابق - في ترجمة الطغرائي المتقدمة - بما يشبه الكاف.

ص: 328

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسين بن صالح بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر بن حَمَّاد بن حَمْزَة السَّبِيْعِيِّ، أبو عَبْد الله بن أبي بَكْر بن أبي عَبْد اللّه الحَلَبِيِّ

(1)

مُحَدِّث ابن مُحَدِّث ابن مُحَدِّث، من بَيْت العِلْم والحَدِيْث، انْتَقَلَ أبُوه وجَدّه إلى حَلَب وبهم يُعْرفُ دَرْب السَّبِيْعِيِّ بحَلَب، وقد ذَكَرنا جَدّه الحُسَين بن صَالِح

(2)

، وابن عَمّ أبيه الحَسَن بن أحْمَد بن صالح الحافِظ

(3)

، وَسَنَذْكُر أباه الحافِظ أبا بَكْر في المُحَمَّدين

(4)

إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.

حدَّثَ أبو عَبْد اللّه عن أَبِيهِ أبي بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين الحافِظ، وأبي عليّ الحَسَن بن عليّ التَّنُوخِيّ المَعْرُوفُ بابنِ النَّقُوْزِيّ، قاضي جَبَلَة، وعبد اللّه بن الحَسَن بن أبي الأَصْبغَ القَاضِي التَّنُوخِيّ، رَوى عنهُ القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(5)

، قال: أخْبَرَنا التَّنُوخِيّ - يعني عليّ بن المُحَسِّن - قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ الحُسَين بن مُحَمَّد بن [الحُسَين بن](a) صالح السَّبِيْعِيِّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ التَّنُوخِيّ المَعْرُوف بابنِ النَّقُوْزِيّ، قاضي جَبَلَة بها، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن خُلَيْد بن يَزِيد بن عَبْد اللّه الكِنْدِيّ بحَلَب، وأخْبَرَني عليّ بن

(a) إضافة من تاريخ بَغْدَاد.

_________

(1)

كان حيًّا سنة 371 هـ، وترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 8: 668 - 669.

(2)

تَرْجَمَتِه في جزء ضائع قبل هذا.

(3)

تقدمت تَرْجَمته فيما مر (الجزء الخامس).

(4)

تَرْجَمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

(5)

تاريخ بَغْدَاد 8: 668.

ص: 329

أحْمَد الرَّزَّازُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن عليّ الوَرَّاق المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن خُلَيْد الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن يُونسُ الأفْطَس - زادَ السَّبِيْعِيُّ: أبو يَعْقُوبَ، ثمّ اتَّفَقا - قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن بِلَالٍ، عن عَبْدِ اللّه بن دِيْنارٍ، عن ابن عُمَر، قال

(1)

: سَمِعْتُ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إذا كان يَوْم القِيامَة دَعَا اللّهُ عَبْدًا - وقال المِصِّيْصيُّ: بعَبْدٍ - من عَبِيْدِه، فيُوْقَف بينَ ديْهِ، فيَسْألهُ عن جَاهِهِ كما يَسْألهُ عن مَاله.

قال الخَطِيبُ

(2)

: هذا الحَدِيْثُ غَرِيْبٌ جدًّا لا أعْلَمُه يُرْوى إلَّا بهذا الإسْنَادِ، تَفَرَّدَ بهِ أحْمَد بن خُلَيْد.

وقال الخَطِيبُ

(3)

: الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح، أبو عَبْدِ اللّه السَّبِيْعِيُّ الحَلَبِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وحَدَّثَ بها عن أبيه، وعن عَبْدِ اللّه بن الحَسَن بن أبي الأَصْبغَ القَاضِي التَّنُوخِيّ، والحَسَن بن عليّ المَعْرُوفُ بابنِ النَّقُوْزِيّ، حَدَّثَنَا عنه عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ.

وقال

(4)

: قال لي التَّنُوخِيّ: قَدِمَ الحُسَين بن مُحَمَّد السَّبِيْعِيِّ علينا بَغْدَاد في سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وثَلاثِمائة، وسَمِعتُه يقُول: وُلدتُ بحَلَب في شَوَّال سَنَة سَبعْ عَشرة وثَلاثمائة، وأوَّل ما كَتَبْتُ الحَدِيْثَ في سَنَةِ ستٍّ وعشرين أو سَبعْ وعشرِين. قال: ووُلد أبي بالكُوفَةِ، وانْتَقَل إلى حَلَبَ، فوُلدْتُ له بها. قال التَّنُوخِيّ: ورَجع إلى حَلَب فماتَ بها.

(1)

الطبرانيّ: المعجم الأوسط 1: 278 - 279 (رقم 451)، والمعجم الصغير 47 (رقم 18)، الهيثميّ: مجمع الزوائد 10: 346، المتقي الهندي: كنز العمال 6: 364 (رقم 16085).

(2)

تاريخ بَغْدَاد 8: 668.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 8: 668.

(4)

تاريخ بَغْدَاد 8: 669.

ص: 330

‌الحسُن بن مُحَمَّد بن الحُسَين، أبو عَبْد اللهِ الضَّرَّاب الصُّوْرِيّ النَّحْوِيّ

(1)

قَدِمَ حلَبَ سَنَة سَبعِين وثَلاثِمائة، وقرأ بها على الأُسْتَاذِ أبي عَبْدِ اللّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه النَّحْوِيّ، وحَدَّثَ عن عُمَر بن عليّ، ويُوسُف المَيَانِجِيّ، رَوَى عنهُ الحافِظ أبو زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بنُ أحْمَد الحافِظُ البُخاريّ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن مَمِّيْل الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَرَج غَيْث بن عليّ، وأجازَهُ ليّ، قال: ذَكَرَ لي عَبْدُ السَّلام أنَّ أبا عَبْد اللّه النَّحْوِيّ تُوفِّي سَنَة أَرْبَعَ عَشرة، وأنَّهُ كان في وقْته نَحْويَّ البَلَد ومُدَرِّسَهُ، وكانت له حالٌ، وَاسِعَةٌ حَسَنةٌ، ومَذْهَبُه حَسَنٌ في السُّنَّةِ.

وقال لي عَبْد السَّلام: حَدَّثَنَا أنَّهُ حَجَّ، فدَخَلَ على رَجُلٍ يُقْرئ، فأبَى أنْ يأخُذ عليه، وكذلك في اليَوْم الثَّاني، وفى الثَّالِث، فتقدَّم إليهِ وقال: إنْ كُنْتَ تُقْرئ للّهِ فخُذ عليَّ، وإنْ كُنْتَ تُقْرئ للدُّنْيا فمعي ما أُعْطِيْك! فأذِنَ له، فلمَّا قَرأ الفاتحةَ فسَّرَها له، وذَكَرَ ما فيه من الإعْرَاب، فقام الشَّيْخُ عن مكانهِ، وجَلَسَ بينَ يَدَيْهِ، وقال: أنْتَ أحقّ منِّي بهذا المَوضِع، أو كما قال.

وقال الحافظُ أبو القَاسِم

(3)

: الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين أبو عَبْدِ اللّه الصُّوْرِيُّ الضَّرَّابُ النَّحْوِيَّ، حَدَّثَ عن يُوسُف المَيَانجِيّ، وأبي حَفْصٍ عُمَر بن عليّ، رَوَى عنهُ أبو زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد البُخاريَّ الحافِظ.

(1)

توفي سنة 414 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 308 - 309، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1156، القفطي: إنباه الرواة 1: 362، تاريخ الإسلام 9: 235، بغية الوعاة 1: 538 - 539، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 359.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 308.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 308.

ص: 331

قُلتُ: عَبْد السَّلام الَّذي حَكَى عنهُ غَيْث بن عليّ الأرْمَنَازِيّ يَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ وَلده عَبْد السَّلام بن غَيْث، واللّهُ أعْلَمُ.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين الخَوَّاصُ المُقْرئ الطَّرَسُوسِيُّ، أبو عَبْد اللّه

حدَّثَ بطَرَسُوسَ عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن سُفْيان صَاحِب المُزَنِيّ، ويُونُس بن عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِيّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس النَّسَوِيّ الحافِظُ.

‌الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد الدِّئَليّ، أبو إسْمَاعِيْل الأصْفَهَانِيّ الوَزِير

(1)

حَفِيْدُ أبي إسْمَاعِيْل الحُسَين بن عليّ الطُّغْرَائِيّ الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

، ووالد الوَزِير نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين وَزِير المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب.

كان كَاتبًا حَسَن الكتَابَة، ويَنْظم الشِّعْر، وتولَّى الوِزَارَة بمَدِينَة إرْبِل في عَهْد الأَمِير مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز بن عَبْد اللّه، مَوْلَى الأَمِير زَيْن الدِّين عليّ بن بُكْتِكِيْن، ثمّ عُزِلَ عن الوِزَارَة، وتَوَجَّه إلى حَلَب فتُوفِّي بها.

رَوَى عن أَبِيهِ شَيئًا من شِعْر جَدّه أبي إسْمَاعِيْل المُنْشِئ، رَوَى عنهُ ابنُه نِظَام الدِّين أبو المُؤيَّد مُحَمَّد بن الحُسَين، والبَدِيْع يُوسُف بن القَاسِم الأَصْطُرْلابيّ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن مُحمّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ، قال: أَنْشَدَنِي نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ، قال: أنْشَدَني أبي الحُسَين بن

(1)

توفي سنة 592 هـ.

(2)

فيما مرَّ من هذا الجزء.

ص: 332

مُحمّد، قال: أنْشَدَني أبي مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أنْشَدَني أبي أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيّ

(1)

لنَفْسِه، وقد تَقَدَّمت في تَرْجَمَتِهِ:[من الطّويل]

ويا جيرَتي بالجِزْعِ جِسْميَ بَعْدَكُم

نَحِيْلٌ وطَرْفي بالسُّهَادِ كَحِيْلُ

عَهِدْتُ بكُم (a) عَصْر الشَّبِيْبَةِ غضَّةً (b)

فخانَ وخُنْتمْ والوَفَاءُ قَلِيْلُ

وأوْدَعْتُمُ قلبي فلمَّا طَلبتُه

مَطَلْتمُ وشَرُّ الغَارِمينَ مَطُوْلُ

فإنْ عُدْتُم يَوْمًا تُريدونَ مُهْجَتي

تَمَنَّعْتُ إلَّا أنْ يُقَامَ كَفِيْلُ

قَرأتُ بخَطِّ أبي البَرَكَات المُبارَك بن أحْمَد المُسْتَوفِيّ

(2)

، وأجَازَهُ لنا، وأخْبَرَنَا به أبو البَرَكَات المُبارَك بن أبي بَكْر بن حَمْدَان سَمَاعًا عنه، قال: حَدَّثَني البَدِيْع يُوسُف بن القَاسِم الأَصطُرْلابيّ، قال: كُنْتُ أعْمَل صَنْعَةً بدار أبي إسْمَاعِيْل الحُسين بن مُحَمَّد سنَة سَبْعِين وخَمْسِمائَة وعنده أبو إسْحَاق إبْراهيم بن مُحَمَّد المُشَرَّفُ الإرْبِلِيّ، فعَلَا شيءٌ من الدُّخَان، فتأذَّى به أبو إسْحَاق، وكانت عَيْنُه الصَّحيحَةُ مَرِيْضةٌ، فنَهَضَ خارجًا، وحَضَر الوَزِير أبو إسْمَاعِيْل وطلَبَهُ، فأخْبرتُه القِصَّةَ، فأنْفَذ في طَلبَهِ، فكَتَبَ إليهِ:[من البسيط]

لولا الدُّخَانُ لَمَا فَارَقْتُ مَجْلِسَكُمْ

فإنَّهُ مَجْلِسُ الإنْعَام والجُوْدِ

فكَتَبَ إليهِ الوَزِير أبو إسْمَاعِيْل يُدَاعبُهُ وبستَدعيه: [من البسيط]

ذاكَ الدُّخَان الّذي شَاهَدْتَ بدَّدَهُ

يَدُ الشَّمَالِ جهَارًا أيَّ تبدِيْدِ

فاحْضُرْ لنَعْتاضَ عَنْهُ مَعْ مُرَوَّقةٍ

يا سَيِّدِي بدُخَانِ النَّدِّ والعُوْدِ

(a) الديوان: به.

(b) الديوان: مورقًا.

_________

(1)

ديوان الطغرائي 279.

(2)

لم أقف عليه في المتبقي من كتابه تاريخ إربل.

ص: 333

قال لي أبو البَرَكَات بن أبي بَكْر بن حَمْدَان: قال لي أبو البَرَكَات بن المُسْتَوفِيّ

(1)

: أخْبَرَني ولده مَحْمُود ابن الوَزِير أبي إسْمَاعِيْل أنَّ وَالدَهُ تُوفِّي بحَلَب في سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، ونَقَلْتُ ذلك من خَطِّ ابن المُسْتَوفِيّ، ولنا منه إجَازَةٌ.

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُلَيمان بن حَيَّان، أبو القَاسِم القَيْسِيِّ المِصْرِيّ الحافِظ، المَعْرُوف بمَأمُون

(2)

دَخَلَ طَرَسُوس، واجْتَمَع بها مع أبي عبدِ الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وعبد اللّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، ومُحَمَّد بن إبْراهيم مُرَبَّع الحافِظ وجَمَاعَة من العُلَمَاءِ، وقد ذكرنا ذلك في تَرْجَمَةِ [أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائيّ](a).

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن هِشَام بن أبي خَيْرَة السَّدُوسِيّ بمُسْنَده، وعن يَحْيَى بن مَعِيْن، وإبْراهيم بن عليّ بن عَبْد الجَبَّار الأزْدِيّ، وعِيسَى بن حَمَّاد زُغْبَة، والمُزَنِيّ صَاحِب الشَّافِعيّ، وسَلَمَة بن شَبِيْب.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، وأبو حَفْص عُمَر بن عِيسَى الدِّيْنَورِيّ، وأبو الحُسَين عَبْد الكَريم بن أحْمَد بن أبي جِدَار، وأبو بَكْر بن المُقْرِئ، وأبو بَكْر أحْمَد في مُحَمَّد بن إسْحَاق السُّنِّيّ الحافِظ، وأبو طهر بن أبي حَرْب البَلْخِيّ، وأبو عَبْد اللّه الحُسَين بن أحْمَد الثَّقَفِيّ.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر خمس كلمات، وانظر إحالته على خبر اجتماع مأمون المصري مع النسائيّ وابن حنبل ومربَّع الحَافِظ في تَرْجَمَة النسائيّ في الجزء الثاني من الكتاب.

_________

(1)

لم يرد في المتبقي من تاريخ إربل.

(2)

توفي سنة 323 هـ، وترجمته في المعجم الصغير للطبراني 163، وأنساب السمعاني 10:540.

ص: 334

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة الأنْدَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ الجُوزْجَانيِّة (a)، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسين بن مُحَمَّد بن دَاوُد المِصْرِيّ مَأْمُون، قال: حدَّثَنَا عِيسَى بن حَمَّاد زُغْبَة، قال: حَدَّثنَا اللَّيْث بن سَعْد، قال: حَدّثني مُحَمَّد بن عَجْلان، عن سُهَيْل بن أبي صالح، عن أَبيهِ، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يَجْتَمعان في النَّار اجْتِمَاعًا يَضُرّ أحَدُهما صاحِبه: مُسلم قَتَلَ كافرًا، ثمّ سَدَّدَ المُسْلم وقَارَبَ، ولا يَجْتَمعان في جَوْف مُؤمِنٍ: غُبَارٌ في سَبِيْل اللهِ، وفَيْح جَهَنَّم، ولا يَجْتمعان في جَوْف مُؤمنٍ: الإيمان والحَسَد. لَم يَرْوهِ عن ابن عَجْلان إلَّا اللَّيْث.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم بن الإخْوَة وصاحِبتهُ عَيْن الشَّمْس، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن أبي الرَّجَاء - قالت: إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الثَّقَفِيّ ومَنْصُور بن الحُسَين - قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(2)

، قال: حدَّثنا حُسَين بن مُحَمَّد بن دَاوُد مَأْمُون المِصْرِيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن هِشَام بن أبي خَيْرَة، قال: حَدَّثَنَا بَكرُ بن عَبْدِ الله اللَّيْثِيّ، قال: حَدَّثنَا رَوْح بن القَاسِم، عن عَبْد الله بن عُثمان بن خُثَيْم، عن سَعيد بن جُبير، عن ابن عبَّاسٍ،

(a) كذا في الأصل وتقدم نسبتها في العديد من المواضع: الجُوزْدَانِيَّة، وهو الأشهر، نسبةً لقرية جُوزْدَان، ويذكرها ابن العديم مرارًا على الوجهين فيما يلي.

_________

(1)

الطبراني: المعجم الصغير 163 (رقم 403)، والحديث رواه أحمد في حنبل في مسنده 15: 201 (رقم 8460)، ومسلم في صحيحه 3: 1505 (رقم 131)، والحاكم في المستدرك 2:72.

(2)

معجم ابن المقرئ 252 - 253.

ص: 335

قال

(1)

: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: من خَيْر ثيابكم البَيَاض فأَلْبِسُوهُ أحْيَاءكم، وكفِّنُوا فيها (a) مَوْتاكم، وإنَّ من خَيْر أَكْحالكُم الإثْمد؛ يُجَلِّي البَصَر، ويُنْبِتُ الشَّعَر.

أخْبَرَنا أبو هاشمِ بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن مُحَمَّد السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن حَمْد الدُّونيّ، قال: أخبَرَنا أبو نَصْر الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد السُّنِّيّ، قال: حَدَّثَنا الحسين بن مُحَمَّد مأمون، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن هِشام بن أبي خَيْرة (b). وحَدَّثَنا عَمْرو بن عليّ المُقَدَّمِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَرِيْز بن عُثْمان، عن سَلْمَان بن شُمَيْر، عن كَثِيْر بن مُرَّة الحَضْرَميّ أنَّهُ قال لابنه: يا بني، لا تُحَدِّث بالحِكمة عند السُّفَهاء فيُكذِّبُونك، ولا بالبَاطِل عند الحُكماء فيمقتُونكَ، ولا تَمْنَع العِلْم أهْلَهُ فتَأثم، ولا تَبْذله لغير أهْلِه فتَجْهل، واعْلَم أنَّ عليكَ في عِلْمِك حَقًّا كما أنَّ عليك في مالكَ حَقًّا.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، وأبو السُّعُود بن المُجْلِي وغيرهما، إجَازَةً إن لم يَكُن سَمَاعًا منهم أو من أحَدهم، قالوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِيّ، قال: سَألْتُ الدَّارَقُطْنِيّ عن الحُسَين بن مُحَمَّد مَأْمُون أبي القَاسِم القَيْسِيّ بمِصْر، فقال: ثِقَةٌ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأنْبَأنَا بهِ أبَوَا القَاسِم بن رَوَاحَة وابن الطُّفَيْل عنه، قال: قرأتُ، يعني على الحَسَن بن بَرَكات القُرَشِيّ الخشُوعِيّ وعَبْد الكَريم بن حَمْزة، ح.

(a) معجم ابن المقرئ: فيه.

(b) قيَّده في هذا الموضع بالباء الموحدة، وصوابه بالمثناة كما تكررت في هذه الترجمة.

_________

(1)

سنن ابن ماجه 2: 1181 (رقم 3566)، سنن أبي داود 4: 209، 322 (رقم 3878، 4061)، الجامع الكبير للترمذي 3: 309 - 310 (رقم 994)، المعجم الكبير للطبراني 13: 64 - 67 (رقم 12485 - 12493)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 13: 243 (رقم 5433).

ص: 336

وأنْبَأنَا أبو القاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي زَكريَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد بن نَصْر الحافِظ البُخاريّ، قال: مَأْمُون المِصْرِيّ اسمه الحُسَين بن مُحَمَّد بن دَاوُد القَيْسِيّ، ومَأْمُون لَقَبٌ، حدَّثَ عن المُزَنِيّ وغيره.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل ذَاكِر بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أبو سَهل بن أبي الفَرَج، قال: أخْبَرَنا أبو منْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيِّعُ، قال: أخْبَرَنا أبو غَانِم بن المأمُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ في كتاب الألقابِ، قال: مَأْمُون الحُسَين بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُلَيمان المِصْرِيّ، يُكْنَى أبا القَاسِم. أخْبَرَنا أبو حَفْصِ عُمَر بن عِيسَى الدِّيْنَورِيّ إمْلاءً ببُخَارَى، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الحُسَين بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُلَيمان المِصْرِيّ، مَأْمُون، قال: حَدَّثنَا عِيسَى بن حَمَّاد، فذَكَرهُ (a).

أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد العَظِيْم المُنْذِريّ، قال: وكانت وَفَاة مَأْمُون الحافِظ سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وثَلاثِمائة، وهي من الغَرَائب المُسْتَفادَةِ.

‌الحُسينُ بن مُحَمَّد بن صالِح بن عَبْدِ اللهِ بن صالِح بن عليّ بن عَبْدِ الله بن العبَّاس بن عَبْدِ المُطَّلِب، أبو عَبْد الله الهاشِميّ الصَّالِحِيّ

(1)

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي طَاهِر صالح بن [جَعْفَر](b) الهاشِميّ في كتاب وَقَع إليَّ في أنْسَاب بني صالح بن عليّ، قال في ذِكْر الحُسَين بن مُحَمَّد بن صالح:

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أسطر.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر كلمة، وانظر نقل ابن العديم عن قاضي حلب الهاشمي في ترجمة داود في صالح الهاشمي في الجزء السابع من الكتاب.

_________

(1)

ذكره ابن العديم في زبدة الحلب 1: 81، وأبو الفداء: اليواقيت والضرب 62.

ص: 337

وكان أجَلّ إخْوَته وأعْلَاهم قَدْرًا، وقد كان المَعروف بأحْمَد المُوَلَّد وهو مُحَاصِرٌ لأهل حَلَب في فِتْنَة المُسْتَعِين جَعَلَهُ سَفِيْرًا بينه وبينهم

(1)

، ودَاخلًا بالصُّلْح، فلم يُجبْهُ أهْلُ حَلَبَ إلى ما أرادَ، فلمَّا بايعُوا بعد ذلك للمُعْتَزِّ، وانْقَضَى أمرُ المُسْتَعِين، وَلَّاهُ أحْمَد المُوَلَّد جُنْدَ قِنَّسْرِيْن

(2)

، فأقام مُدَّةً يَسِيْرةً، ثمّ انْصَرَف إلى سَلَمْيَة (a) .

قُلتُ: وكان جَدُّه عَبْد الله بن صالح بن عليّ قد نَزَل سَلَمْيَة، واتَّخذ فيها الضّيَاع، وأقام فيها، وخَطَّ فيها مَنَازِله، وبقي أوْلَاده بها بعدَهُ إلى حُدُود الأَرْبَعمائة.

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن الصَّقْرِ، أبو عَبْدِ الله الكَاتبُ المَعَلْثَاوِيُّ المَوْصِليُّ

كان أبُوه مُحَمَّد بن الصَّقْر عَامِلًا لسَيْف الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان على أنْطَاكِيَة، وكان الحُسَين هذا أَدِيْبًا، اجْتَمع بأبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد النَّامِيِّ بحَلَب، وحَكَى عنه. رَوَى عنهُ أبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الباقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن إجَازَةً، قال: أخْبَرَني أبي أبو عليّ، قال: حَدّثني أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن الصَّقْرِ الكَاتِبُ، رَجُلٌ من أهْل مَعَلْثَايا، وممَّن نَشَأ بالمَوْصِل، وكان أبُوه عَامِلًا لسَيْفِ الدَّوْلَة على أنْطَاكِيَة،

(a) قيَّدها في هذا الموضع بتشديد المثناة التحتية، والمعروف فيها التخفيف. انظر معجم البلدان لياقوت 3:240.

_________

(1)

انظر خبر ذلك في تاريخ اليعقوبي 2: 350.

(2)

كانت توليته جند قنسرين في سنة 252 هـ.

ص: 338

وهو من أهْلِ الأدَب، قال: جَرَى ذِكْرُ أبي الطَّيِّب بين يَدَي أبي العبَّاس النَّامِيِّ المِصِّيْصيّ، فذكر حِكايَةً قد ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ المُتَنَبّي

(1)

.

‌الحُسينُ بن مُحَمَّد بن عَبَادَةَ بن البَخْتَرِيّ الوَاسِطِيُّ

(2)

رَحَلَ، وسَمِعَ بالرَّقَّة هِلَال بن العَلَاء الرَّقِّيّ، ودَخَلَ الشَّامَ، فسمعَ بالمِصِّيْصَةِ وَافِد بن مُوسَى المِصِّيْصيّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن كَيْسَان المِصِّيْصيّ، وسَمِعَ بأنْطَاكِيَة أبا عَمْرو عُثْمان بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ، رَوَى عنهُ الحافِظُ سَعيد بنُ عُثْمان بن السَّكَن البَغْدَاديّ.

نَقَلْتُ من خَطِّ الحافِظ أبي طَاهر السِّلَفِيّ، وأنْبَأنَا به عنه أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن، وأبو العبَّاس أحْمَد ابْنَا عَبْد اللهَ بن عُلْوَان الأسَدِيّان، قال: الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن عَبَادَة الوَاسِطِيّ، يَرْوي عن أبي عُمَر هِلال بن العَلَاء القُتَبِيّ الرَّقِّيّ، وأبي سَعيد وَافِد بن مُوسَى المِصِّيْصيّ الذَّارِع، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن كَيْسَان البَصْرِيّ ثمّ المِصِّيْصيّ، وعُثْمان بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ.

رَوَى عنهُ سَعيدُ بن عُثْمان بن السَّكَن البَغْدَاديّ الحافِظِ.

وعَبَادَةُ: بفَتْحِ العَيْن؛ لا شَكَّ فيه، رَأيتُه في كتاب عَبْدِ الغَنِيّ بخَطِّهِ عن سَعيد بن السَّكَن مضْبُوطًا، وأبُوه مُحَمَّد بن عَبادَة بن البَخْتَرِيّ، أبو جَعْفَر العِجليّ وَاسِطيٌّ مَشْهُورٌ بالرِّوَايَةِ، رَوَى عن أبي أُسامَة وطَبَقته، رَوَى عنهُ أبو جَعْفَر بن الحَضْرَميّ مُطَيَّن، وأسْلَم بن سَهْل الوَاسِطِيّ وآخرونَ، وأخُوهُ يَحْيَى بن عَبَادَة، رَوَى عن يَزيد بن هَارُون، يَرْوي عنه أسْلَمُ بن سَهْل.

(1)

انظر الحكاية في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(2)

توفي بعد سنة 320 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 7: 604، وسماه الذهبي: الحسين بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبادة، أبو القاسم العجلي الواسطي.

ص: 339

‌الحُسَيْنُ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم، أبو يَعْلَى الرُّوذْرَاوَرِيّ الوَزِير

(1)

وَالد الوَزِير أبي شُجاعٍ مُحَمَّد بن الحُسَين، وكان صَحِبَ الأَمِيرَ أبا كَاليْجَار كِرْشَاسِف ابن عَلَاءِ الدَّوْلَة أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن دسْمَن صاحِب هَمَذَان وأصْفَهَان، ونَظَرَ في أعْمَالهِ، وكان ينقاد له في جميع ما يدبِره، ويَتَصرَّف فيه.

ثُمَّ صَحِبَ الأَمِير أبا كَاليْجَار هَزَارَسْب بن بَنْكِيْر (a) بن عِيَاض أمير خُوزسْتان والبَصْرَة ووَاسِط، ودَبَّر بَلادَهُ مع سعَتها ومُجَاوَرَة الأعْدَاءِ لها أحْسَن تَدْبِير.

ثمّ وَزَرَ ببَغْدَاد في سَنَة ستِّين وأرْبَعِمائة بعد عَزْل أبي نَصْر بن جَهِيْر، فلم تَطُل مُدَّته وتُوفِّي.

وكان بحَلَب؛ فإنَّني عَثَرتُ على دُخُوله حَلَبَ في حِكايَةٍ وَقَعَتْ إليَّ وعلَّقْتُها وشَذت عن يَدي.

قَرأتُ بخَطِّ العِمَاد أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز الكَاتِب في تاريخ بخَطِّه

(2)

، قال في حَوَادِث سَنَة ستِّين وأرْبَعِمائة، قال: وفي ليلَة الثّلاثَاء من ذي القَعْدَة، وهي ليلَةُ المَهْرَجان، خَرَجَ تَوْقْيعُ الخلَيفَة إلى فَخْر الدَّوْلَةِ أبي نَصْر بن جَهِيْر بعَزْلهِ، وذلك بَمحْضَرٍ من قاضِي القُضَاةِ أبي عَبْدِ الله الدَّامَغَانِيّ، ونَزَل من

(a) كذا قيَّده في الأصل ومثله في تاريخ الدولة السلجوقية للعماد الأصفهاني 33، والكامل لابن الأثير 10: 62، وقيّده ابن خلدون (العبر 9: 38) والصفدي (الوافي بالرفيات 27: 201) بالتاء: ابن تنكير.

_________

(1)

توفي سنة 460 هـ.

(2)

تاريخ دولة آل سلجوق للعماد الأصفهاني 33 - 34، وانظر نصّ كتاب العزل عند سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 200 - 203.

ص: 340

باب البُشْرَى (a) وهو يَبْكي والعَامَّةُ تَبْكي لبُكائه، وسارَ إلى نُوْر الدَّوْلةَ دُبَيْس، وكان نازلًا بالفَلُّوْجَةِ (b)، وتقَرَّرت الوِزَارَة لأبي يَعْلَى والد الوَزِير أبي شُجاعٍ، وكان قبلَ ذلك يَكْتُب لهَزَارَسْب بن بَنْكِير، وكُوْتِبَ (c)، ووَرَدَ الخَبَرُ بوفاتهِ في سَاعة وُصُول فَخْر الدَّوْلةَ إلى القَلْعَةِ، ومَرضه وَقْت عَزْله.

أنْشَدَني أبو السَّعَادَاتِ المُبارَك بن أبي بَكْر بن حَمْدَان المَوْصِلِيّ، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن الهَمَذَانيّ لأبي يَعْلَى الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ، والدِ الوَزِير أبي شُجاعٍ، من قَصِيدَةٍ في القَائِم بأمر الله أَمِير المُؤْمنِيْن رِضْوَان الله عليه، يقُول فيها:[من البسيط]

فحينَ جدَّ زَمَاني في إسَاءَتِهِ

وَقامَ عندِيْ ببَلْوَاهُ على قدَم

رَحَلْتُ عنهُ بخَوْفٍ من نَوَائبِهِ

حتَّى نَزَلتُ بأمْنٍ في حِمَى الحرَم

حِمَى الإمَام الّذي أبقي النَّبيُّ (4) لَهُ

تُراثَهُ فاصْطَفاهُ اللهُ للأُمَمِ

ذاكَ الّذي فَرَضَ الرَّحْمَنُ طَاعَتَهُ

على الخَلَائِق مِن عُرْبٍ ومِن عَجمِ

بَيْتُ الرِّسَالَةِ والتَّنْزيْلِ مَنْشَؤُهُ

فَهَلْ مَزِيدٌ على هذا لِذي كَرَم

بنُورِهِ في الدِّيَاجي نَهْتدِي أبَدًا

بوَجْهِهِ السَّعْدِ نَسْتَقِي حَيَا الدِّيَمِ

مِن دَوْحةٍ فَرْعُها فَوْقَ السَّماء عَلَا

وأصْلُها قد رَسَا في الأرْض عن قِدَم

أبانَ هَدْيَ رسُولِ الله مُجْتَهِدًا

حتَّى غَدَا الحقُّ صَفْوًا عن أذَى التُّهَمِ

فمنذُ قامَ بأمْرِ اللهِ قد حُرِسَت

جَوَانِبُ الدِّين والدُّنْيا من الثُّلَمِ

لا زَالتِ الأرْضُ من نُعْمَاهُ نَاضِرةً

ما اخْضَرَّ من وَرَقٍ غُصْنُ مِنَ السَّلَمِ

(a) مهملة في الأصل، وهو باب يفضي إلى دجلة. انظر المنتظم لابن الجوزي 16: 74، ولم ترد في كتاب الأصفهاني عبارة "ونزل

لبكائه".

(b) هكذا جوده المصنف، وعند ياقوت بضم اللام وتشديدها. معجم البلدان 4: 275، وزيد بعده في كتاب الأصفهاني: فآواه.

(c) في كتاب الأصفهاني: وكوتب للزيارة.

(d) كتب ابن العديم فوقها: "صلى الله عليه وسلم".

ص: 341

ذَكَرَ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن الهَمَذَانيّ في ذيل كتاب الوُزَرَاء أنَّ أبا يَعْلَى تُوفِّي في ذي القَعْدَة سَنَة ستِّين وأرْبَعِمائة.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن عَبْد الله بن الحُسين بن أحْمَد بن الفَضْل بن جَعْفَر بن الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي مُضَر زِيَادَة الله ابن أبي العبَّاس عَبْد الله بن أبي إسْحاق إبْراهيم بن أبي إبْراهيم أحْمَد بن أبي العبَّاس مُحَمَّد بن أبي عِقَال الأغْلَب بن أبي إسْحاق إبْراهيم بن أغْلَب بن سَالَم بن عِقَال بن خَفَاجَة بن عَبَّاد بن عَبْد الله بن مُحارِب بن سَعْد بن حَرَام بن سَعْد بن مَالِك بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم بن مرّ بن أدّ بن طَابخَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو عليّ بن أَبي عَبْد الله بن أبي المَعَالِي المَعْرُوفُ بابنِ الجَبَّاب

(1)

والمَعْرُوف بالجَبَّاب هو جَعْفَر بن الحُسَين الأغْلَبِيّ التَّمِيْمِيّ المِصْرِيّ، من بني زِيَادَة الله آخر مُلُوك بني الأغْلَب بالمَغْرب، وجدُّه أبو المَعَالي هو المَعْرُوف بالقَاضِي الجَلِيْس؛ كان جَلِيسًا لخَلِيفَة عَصْره من الفَاطِميِّيْن فلُقِّبَ بالجَلِيْس، وأبُوه يُلَقَّب بالقَاضِي المُرْتَضَى.

وهو من بَيْت المُلْك والرِّئَاسَة والتَّقَدُّمِ والأدَب والعِلْم والرِّوَايَة، وهو أخو شَيْخنا فَخْر القُضَاة أبي الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد، هكذا ذَكَرَ لي نَسَبَهُ ابن عَمّه أبو

(1)

توفي سنة 633 هـ، ترجمته في: التكملة للمنذري 3: 191، تاريخ الإسلام 13: 737، المقريزي: المقفى الكبير 3: 640.

وردت ترجمة ابن الجباب في الأصل بعد ترجمة ابن الدباس الآتية، وجرى تقديمها بإشارة المؤلف وبما كتبه إزاء ترجمة ابن الجباب:"هذه الترجمة تقدم قبل ترجمة البارع بن الدباس".

ص: 342

المَعَالِي عَبْد العَزِيْز بن عَبْد القَوِيّ بن عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه.

سَمِعَ أباهُ، وعمّه أبا البَرَكَات عَبْد القَوِيّ، والشَّريف أبا مُحَمَّد يُونُس بن يَحْيَى بن أبي الحَسَن، والشَّريف أبا المَفَاخِر سَعيد بن الحُسَين بن مُحَمَّد المَأْمُونيّ الهاشِميَّيْن، والحافِظ أبا طَاهِر أحمد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، والحافِظ أبا مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله المَعْرُوف بابنِ عَسَاكِر، وأبا مُحَمَّد عَبْد الله بن بَرِّي النَّحْوِيّ، وأبا مَنْصُور مُحَمَّد بن أبي المَكارِم مُكْرَم بن شَعْبان الشَّيْبَانِيّ الكَرْمَانيّ القَاضِي، وأبا عَمْرو عُثْمان بن الفَرَجِ العَبْدَرِيّ، وأبا الفَرَج بن الدَّهَّان، وأبا عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن عليّ بن مُحَمَّد بن أبي الصَّيْف اليَمَانِيّ.

ولَبس خِرْقَة التَّصَوُّف من جَمَاعَة من مَشَايخ الصُّوْفيَّةِ، وأجازَ له أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن عَوْف (a)، ودَخَل إلى الحِجَاز واليَمَن والشَّام، وهَاجَرَ إلى حَلَب إلى المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب في سَنَة ثمانٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، ثُمَّ اتَّصَلِ بخِدْمَة أخيه المَلِك الأفْضَل عليِّ بن يُوسُف بسُمَيْسَاط، ثمّ بخِدْمَة المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوب بحَرَّان، ثمّ عاد إلى مِصْر فتُوفِّي بها، وكان أوَّلًا يَنُوبُ عن أَبيِهِ القَاضِي المُرْتَضَى في ولايته بمِصْر.

رَوَى لنا عنْهُ عمّه أبو المَعَالِي ابن الجَبَّاب، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ.

حدَّثنا أبو المَعَالِي عَبْد العَزِيْز بن عَبْد القَوِيّ بن عَبْد العَزِيْز بن الجَبَّاب بمَدينَة بُلْبَيْس بِظاهِرها، قال: أخْبرَني أبو علي الحُسَين بن مُحَمَّدُ بن عبد العَزِيْز بن الحُسَين بن عَبْد الله بن الجَبَّاب بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَني الشَّريفُ أبو مُحَمَّد يُونسُ بن يَحْيَى بن

(a) عنده إشارة مخرج إلى ناحية اليمين ولا يتصل بنص.

ص: 343

أبي الحَسَن بن أبي البَرَكَات الهاشِميِّ تجاه البَيْت المُعَظَّم، زَادَهُ اللهُ شَرفًا، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب، ح.

وأخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت، قال: أخْبَرَنا أبو عَاصِم الفُضَيْل بن أبي يَحْيَى بن الفُضَيْل الهَرَويّ الفُضَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ المَنِيْعيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُصْعَب بن عَبْد اللهِ الزُّبيرِيّ، قال: حَدَّثَني مَالِكُ بن أنَس، عن خُبَيْب (a) بن عبد الرَّحْمن، عن حَفْص بن عَاصِم، عن أبي سَعيد الخُدْرِيّ، أو عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَبْعَة يُظِلُّهم الله في ظِلّه يَوْم لا ظِلَّ إلَّا ظِلّهُ: إمامٌ عَادِل، وشابٌّ نَشَأ بعِبَادةِ الله عز وجل، ورَجُلٌ قلبُهُ مُعَلَّق بالمَسْجِد، إِذا خَرَج منهُ حتَّى يعُود إِليه، ورَجُلان تحابَّا في اللهِ فاجْتَمَعا على ذلك وتفرَّقا، ورَجُلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففَاضتْ عَيْناهُ، ورَجُلٌ دَعَتهُ ذاتُ حَسَبٍ وجَمَالٍ فقال: إنّي أخاف الله عز وجل، ورَجُلٌ تصدَّق بصَدَقَةٍ فأخْفَاها حتَّى لا تَعْلم شماله ما تُنْفِقُ يَمِيْنهُ.

أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عَبْد القَوِيّ من لَفْظه، قال: أخْبرَني أبو عليّ الحُسَين بن مُحَمَّدُ، قال: أخْبَرَني الإمَامُ الحافِظُ بهاء الدِّين أبو مُحَمَّدُ القاسِم بن عليّ بن الحسن بن هِبَة اللهِ بن عَبْد الله بن الحُسَين الشَّافِعيّ، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَني القَاضِي المُنْتَجب أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحَسَن

(a) الأصل بالحاء المهملة: حبيب، والمثبت من مصادر تخريج الحديث.

_________

(1)

موطأ الإمام مالك 2: 952 (رقم 14)، مسند ابن حنبل 17: 196 - 197 (رقم 9663)، صحيح مسلم 2: 715 (رقم 1031)، الجامع الكبير للترمذي 4: 197 (رقم 2391)، شرح السنة للبغوي 2: 354 (رقم 470)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 10: 338 (رقم 4486)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 12: 112 (رقم 6806)، وانظر المسند الجامع 18: 455 (رقم 15270).

ص: 344

عليّ بن الحَسَن بن الحُسَين الخِلْعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن النَّحَّاس التُّجِيْبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَمْرو المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُولى يُونُس بن عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن وَهْبٍ، قال: أخْبَرني يُونُس بن يَزِيد، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي سَلَمَة بن عبد الرَّحْمن، عن أبي هُريرَة

(1)

أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: واللهِ إنِّي لأسْتَغْفِرُ الله وأتُوب إليه في اليَوْم أكْثَر من سبْعِين مرَّةً.

قال لي أبو المَعَالِي عَبْد العَزِيْز بن عَبْد القَوِيّ: أبو عليّ الحُسَين ابن القَاضِي المُرْتَضىَ أبي عَبْد الله مُحَمَّد ابن القَاضِي الأَمِين، جَلِيْس أَمِير المُؤْمنِيْن، أبي المَعَالِي عَبْد العَزِيْز بن الحُسين بن عَبْد الله بن الحُسَين بن أحْمَد بن الفَضْل بن جَعْفَر، عُرِفَ بالجَبَّابِ، وكان من الصَّالِحين، وإنَّما عُرِفَ بالجَبَّاب لأنَّهُ كان نَاظِرًا على الجبَاب الّتي تُصْنعَ لخَلِيفَة، وذَكَرَ تَمَام النَّسَب كما ذَكَرْناهُ.

وقال: حدَّث بمِصْر، ودَخَلَ الشَّام وحَلَب، وخَدَمَ المُلُوك، وكان يَخفّ على المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب ويَنُوبُ بينَ يَدَيْهِ عن وَالده القَاضِي المُرْتَضى أبي عَبْد الله مُحَمَّد، وهو أكبر أوْلَاد أبيهِ، ودَخَل الحِجَاز واليَمَنَ، وهَاجَرَ إلى المَلِك الظَّاهِر غَازِي، صَاحِب حَلَب في سَنَة ثمان وتِسْعِين وخَسِمائَة، ثمّ إلى المَلِك الأفْضَل نُور الدِّين أخيهِ بسُمَيْسَاط، وخَدَم في آخر أَمْره المَلِك الأشْرِف مُوسَى ابن المَلِك العادِل سَيْف الدَّوْلَة أبي بَكْر بن أَيُّوب بحَرَّان من بلاد الجَزِيْرة، ثمّ عاد إلى مِصْر، وتُوفِّيَ بها السَّابِع عَشر من ذي القَعْدَة سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسِتّمائة، وكانَ مَوْلدُهُ رحمه الله في سنَةِ ستِّين وخَمْسِمائَة.

(1)

مسند ابن حنبل 16: 206 (رقم 8474)، صحيح ابن حبان 3: 204 (رقم 925)، حلية الأولياء لأبي نعيم 7: 325، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 11: 101 (رقم 6307).

ص: 345

وقال لي شَيْخُنا فَخْر القُضَاة أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن الجَبَّاب: أخي أبو عليّ الحُسَين بن مُحَمَّد المُلقَب عِزّ القُضَاة، سَمِعَ صَحيح مُسْلِم من الشَّريف أبي المَفَاخِر المَأْمُونيّ، وسَمِعَ من أبي عَمْرو عُثْمان بن الفَرَجِ العَبْدَرِيّ، ومن أبي مُحَمَّد بن بَرِّي، ومن أبي الفَرَج بن الدَّهَّانِ، وحدَّث، ودَخَل دِمَشْق وحَلَب وحَرَّان.

قال: ومَوْلده سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة تَقْريبًا، وتُوفِّيَ رحمه الله بمِصْر سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسِتّمائة.

أنْشَدَنا الرَّشيْدُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عبد العَظيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ بالقَاهِرَة، قال: أنْشَدَنا أبو عليّ الحسين بن مُحَمَّدُ بن الجَبَّاب التَّمِيْمِيّ بمَنْزِله بفُسْطَاط مِصْر، قال: أنْشَدَني أبي، قال: أنْشَدني أبي لنَفْسِه لغزًا في هُدْهُدٍ: [من السريع]

ولابسٍ حُلَّةَ قُوْهِيَّةٍ

يسْحَبُ منها فَضْلَ أرْدَانِ

نَجَّاهُ مِن سَطْوَة سُلْطانِهِ

لسَانُ صدْقٍ غيرُ خَوَّانِ

تَرَاهُ ذا تاجٍ وما قَوْمُهُ

في حَالةٍ أرْبَابُ تِيْجَانِ

أرْبعة أحْرُفُه وَهْيْ إنْ

حَقَّقتَها بالعَدِّ حرْفَانِ

قال لي مُحَمَّد بن عَبْد العَظِيم

(1)

: الحُسُين بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن عَبْد الله، أبو عليّ بن أبي عَبْد الله بن أبي المَعَالِي التَّمِيْمِيّ السَّعْدِيّ الأغْلَبِيّ المَعْرُوف بابنِ الجَبَّاب، أخو شَيْخنا فَخْر القُضَاةِ أبي الفَضْل أحمد، سَمِعَ من أبيهِ القَاضِي المُرْتَضَى أبي عَبْد الله مُحَمَّد، ومن الشَّريف أبي الفَاخِر سَعيد بن الحُسَين المَأْمُونيّ، ومن أبي عَمْرو عُثْمان بن فَرَج بن سَعيد العَبْدَرِيّ، وتَأدَّبَ، وقال الشِّعْر الحَسَن، وجمَعَ مَجَامِيْع، وتَرَسَّل عن السُّلْطان المَلِك الكَمِل إلى بلادِ

(1)

ترجم له والده عبد العظيم في التكملة لوفيات النقلة 3: 191.

ص: 346

الإسْمَاعِيْليَّةِ، وحدَّث، سَمِعْتُ منه، وسُئِلَ عن مَوْلدِه، فقال: في ذي القَعْدَة سَنَة ثَمانٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ بمِصْر في سَحر السَّادِس عَشر من ذي القَعْدَة سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وستِّمائة.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب بن أحمد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن عُبَيْد اللهِ بن القَاسِم بن عُبيدِ الله بن سُلَيمان بن وَهْب بن سَعيد بن عَمْرو بن الحُصَيْن بن قَيْس بن قَنَان بن سَلَمَة بن وَهْب بن عَبْد الله بن رَبيعَة بن الحارِث بن كَعْب الحارِثِيّ، أبو عَبْد الله البَغْدَاديّ المعرُوف بالبَارِع بن الدَّبَّاس

(1)

من أوْلادِ القَاسِم بن عُبَيْد الله بن سُلَيمان، الوَزِير ابن الوَزِير.

مُقْرئ مُجَوِّدٌ، شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، فَاضِلٌ، أدِيبٌ، قَرَأ القُرْآن على أبي بَكْر بن الخَيَّاط، وأبي عليّ بن البَنَّاء، وأحمد بن اللِّحْيَانِيّ، ويُوسُف الغُورِيّ، وغيرهم.

ورَوَى الحَدِيْث عن أبي عليّ الحَسَن بن غالب بن المُبارَك الحَرْبيّ المُقْرِئ، والقاضِي أبي يَعْلَى مُحَمَّدُ بن الحُسْين بن الفَرَّاءِ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّدُ بن

(1)

توفي سنة 534 هـ، ترجمته في: خريدة القصر (قسم العراق) 3: 61، معجم الأدباء 3: 1141 - 1146، ابن الأثير: الكامل 10: 667، القفطي: إنباه الرواة 1: 363 - 364، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 30: 336 - 330، وفيات الأعيان 3: 181 - 184، ابن الفوطي: مجمع الآداب 1: 460، 2: 467، 3: 369، 4: 31 (ذكره عرضًا)، تاريخ الإسلام 11: 399 - 400، طبقات القراء 2: 731 - 733، العبر في خبر مَن غبر 2: 430، الإعلام بوفيات الأعلام 214، معرفة القراء الكبار 2: 920 - 922، سير أعلام النبلاء 19، 533 - 536، الوافي بالوفيات 13: 33 - 36، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 7: 132، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 201، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 251، النجوم الزاهرة 5: 236، شذرات الذهب 6: 114، بغية الوعاة 1: 539، الزبيدي: تاج العروس، مادة: برع، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 156 - 157، الزركلي: الأعلام 2: 255.

ص: 347

المُسْلِمَةِ، وأحمد بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَزَّاز، وأبي الجَوَائِز الحَسَن (a) بن عليّ بن بَارِي الوَاسِطِيّ، وأبي الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَسْنُون، وأبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحمّد المَلَطِيّ، وأبي القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن بَرْهَان الأسَدِيّ، وغيرهم. وكان عَارِفًا باللُّغَة والأدَب؛ مُتَميِّزًا فيهما.

رَوَى عنهُ الحافِظان أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، وأبو الفَرَج عبدُ الرَّحْمن بن عليّ بن الجوزِيّ، وأبو مُضر أحْمَد بن إبْراهيم بن عَبْد العَزِيْز الطَّبَريّ، وأبو المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ، وأبو الفَضْل عبد الرَّحيم بن أحمد بن مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدُ البغداديان، وأبو الفَتْح مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن بَخْتِيار بن عليّ بن النَدَائِيّ الوَاسِطِيّ، والحَسَن بن جَعْفَر بن عبد الصَّمَد بن المُتَوَكِّل الهاشِميّ، وحَامِد بن أبي الفَتْح المَدِيْنِيّ، وأبو الحَسَن سَعْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ بن طَاهِر الدَّقَّاق، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب البَغْدَاديّ النَّحْوِيّ، وغيرهم.

ودَخَل شَيْزَر سَنَة خَمْسٍ وثمانين وأرْبَعِمائة، ومَدَحَ بها عزّ الدَّوْلَة نَصْر بن عليّ بن مُنْقِذ، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب.

أخْبَرَنا أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الحافِظُ

(1)

بدِمَشْق لَفْظًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله البَارِعُ الأدِيْبُ المُقْرِئ بقراءتي عليه ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُبارَك الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عُبَيْد الله بن عبد الرَّحْمن الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر جَعْفَر بن مُحَمَّد بن

(a) في الأصل: الحسين، ويأتي صحيحًا فيما بعد. انظر ترجمته في وفيات الأعيان 2: 111 - 113، الوافي بالوفيات 12: 191 - 193.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 4: 24.

ص: 348

الحَسَن بن المُسْتَفَاض الفِيْريَابيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن خَالِد أبو مَرْوَان العُثْمانيّ، ومَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، قالا: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَعْد، عن ابن شِهَاب، عن عُبَيْد الله بن عَبْد الله بن عُتْبَة، عن عَبْد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال

(1)

: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أجْوَد بالخيْر، وكان أجْوَد مما يكون في رِمضان حينَ يَلْقَاهُ جِبِربل، وكان يَلْقَاهُ جِبِربل كُلّ لَيْلَة في رَمَضَان حتَّى يَنْسَلخ، يعْرض عليهِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم القُرآن، فإذا لقيَهُ جِبربل كان رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَّم أجْوَد بالخيْر من الريح المُرْسَلةِ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم الهاشميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْلِ عبد الرَّحيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ بأصْبَهَان، وكَتَبَ لي بخَطِّهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب البَاخ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَني أبو الجَوَاِئِز الحَسَن بن عليّ بن بَارِي الوَاسِطِيُّ الكَاتِبُ، قال: حَجَجْتُ في بعض السِّنِيْن، فبينا أنا في الطَّوَاف إذ لمَحْتُ جَارِيَةً لم أرَ كَحُسْنها، فتعلَّقَها قَلْبي، فسألتُها عن اسْمها، فقالت: نُعْم، وانْتِسَابي إلى بني فَهْمٍ، فلم أزل أسْتَمْتعُ بالنَّظر إليها مُدَّة إقامَتنا بمَكَّة، فلمَّا فارَقنا مَكَّة فلم أدر أيّ صَوْبٍ سَلَكَتْ فقُلْتُ:[من مجزوء الكامل]

قُلْ للظّلُوم ألَا هَلُمِّي

للحُكْمٍ إنْ أنْكَرِتِ ظُلمِي

ومن البليَّةِ أنْ يَبِيْـ

ـت حبِيْبُ نفسِي وهْوَ خَصْمِي

أو أنْ أرَى نَجْمي وقد

نَادَيتُهُ مُغْرىً برَجْمِي

أركائبَ الأحْبَاب لَيْـ

ـتكِ بالمُحْصَّب لَم تُرَ ميّ

(1)

صحيح مسلم 4: 1803 (رقم 2308)، الأدب المفرد للبخاري 79 (رقم 292)، فتح الباري 4: 116 (رقم 1902)، مسند ابن حنبل 5: 142 (رقم 3425)، 30: 214 (رقم 2616)، المنتخب من مسند عبد بن حميد 217 (رقم 646)، سنن النسائي 4: 135 (رقم 2095)، مسند أبي يعلى الموصلي: 426 (رقم 2552)، دلائل النبوة للبيهقي 1: 336، صحيح ابن حبان 8: 225 (رقم 3440)، 14: 285 (رقم 6370).

ص: 349

حَقًّا لقد نَعِمَتْ ظُهُو

رُكِ إذْ سَرَتْ بحُدُوج نُعْمِ

خَودٌ تُصِيْبُ سَوَاد قَلْـ

ـبي وَهْيَ للجمَرَاتِ تَرْمِي

وَكَمِ التقَتْ أنْفَاسُنَا

في حَوْمَةِ الحَجرِ الأحَمِّ

عِنْدَ اسْتِلَام الرُّكْن آ

وِنةً وسُحْبُ الدَّمْع تَهْمِي

فمَحَوتُ ما سَطَرْت مَلَا

ثمُها على عَمْدٍ بلثمِي

يا غُرَّةَ السَّرَواتِ من

فَهْمٍ لقد أضْلَلْتِ فَهْمي

أَثْبَتِّ يَوْم النَّفْر سهْـ

ـمَكِ في الفُؤَادِ وطَاشَ سَهمِي

وازْدَادَ وَجْدي بها وكَلفي بُحبِّها، فقال لي بعضُ من آنسُ به: لو تَزَوَّجتَ يسكُن ما بكَ، فتأَبَّيْتُ، ثمّ مِلْتُ إلى ما قال رجاءَ الإفاقَة، فاسْتَعَنتُ بامْرأةٍ على ارْتيِادِ امرأةٍ أتَزَوَّجُها، فجائتني بعد أيَّام وقالت: قد حَصَلْتُ لك امْرأة تُلَائمُ مُرادَكَ حُسْنًا وبيتًا، فاسْتَحْضَرتُ وَليَّها وتَزَوَّجْتُها، فلمَّا زُفَّتْ إليَّ تأمَّلْتُها فإذا هي صَاحِبتي! فقضَيْتُ العَجَبَ من حُسْنِ الاتِفاق.

أنْشَدنَا الحافط أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُّود بن الحَسَن بن النَّجَّار البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أنْشَدَنا أَبو الفَتْح مُحَمَّد بن أحْمَد بن بَخْتيار بن عليّ المَانْدَائِيّ ببَغْدَاد، قال: أنشدَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب الدَّبَّاسُ النَّحْوِيّ المَعْرُوف بالبَارعٍ - بقراءةِ وَالدِي عليه - يمدَحُ عزّ الدَّوْلَةِ نَصْر بن مُنْقِذ الكَنَانِيّ بشَيْزَر، وذلك في سنة خَمْسٍ وثمانين:[من الطويل]

عَلَا الشَّيْبُ فاسْتَوْلَى على الهَزْلِ جِدُّهُ

وأقْمَر في دَاجٍ من الغَيِّ رُشْدُهُ

ووَدَّعني البِيْضُ الأوَانسُ والصِّبَا

عَزيزٌ عليَّ فقدُهُنَّ وفقدُهُ

وفَيْنَ لسُوْدٍ حُلْن بِيضًا فُحلْنَ عَن

هَوَايَ وهل يَصْبُو إلى الشَّيء ضِدُّهُ

أشرْخَ الشَّبَابِ بِنْ حَمِيْدًا فإنَّني

رُزِئتُكَ لما أسْلَمَ النَّصْلَ غِمْدُهُ

لقد سَلَّ منك الشَّيْبُ أبيضَ صَارِمًا

على مفْرَقي يَسْعى بحَتْفي فِزنْدُهُ

ص: 350

يَمِينًا لجَهلي فيكَ أَشْهَى مِنَ النُّهىَ

إليَّ معَ الشَّيْبِ الّذي جَار قَصْدُهُ

أَقبلَ حُلُولِ الأرْبَعِين تَسَرَّعَتْ

طَلَائعه نَحْوي وطَبَّقَ رِفْدُهُ

أَرَى كُلَّ يَوْم مرَّ مِن عُمُرِ الفَتَى

إذا ما تَقَضَّى أعْجَزَ المَرْءَ رَدُّهُ

وكُلَّ نعِيم نالَهُ في شَبَابهِ

يُشَابُ إذا ما شَابَ بالصَّابِ شُهْدُهُ

فلا تْبْعُدَا عَهْدَ الشَّبَاب إذِ الهَوَى

عليَّ أمير والغَوَايةُ جُنْدُهُ

وإذْ مركَبي طِرْفٌ مِنَ الجهلِ جَامِحٌ

على الحِلْم في مضْمَارِهِ ما يَصُدُّهُ

وإذ صَارِمُ الأفْرَاحِ واللَّهْوِ منْتضى

على الهمِّ في يُمْناي لَم ينْبُ حَدُّهُ

أرُوْحُ وأغْدُو بين كأسٍ وقَيْنَةٍ

وخِلٍّ ومَعْشُوقِ الدَّلَالِ أوَدُّهُ

أمَامي الهَوَى يَدْعُو إلى الغيِّ والصِّبَا

ورَائي على الزَّلاتِ يُسْحَبُ بُردُهُ

سَقَى اللهُ يومًا لو يُحَدّ إذا انْقَضَى

سرور لقُلْنَا ذلكَ اليوْمُ صَدّهُ

سَحَبْنَا فُضُولَ الرَّيْط فيهِ إلى الصّبَا

نَدَامَي صَفَاءً ما يُكدَّرُ وِرْدُهُ

يُدِيرُ علينا الكاسَ أهْيَفُ مُخْطَف

إذا ما نثنَّى أخْجَلَ الغُصْنَ قَدّهُ

حَكَي ما حَوَتْ يمناهُ بالطّعْمِ ريقُهُ

وبالفعْلِ عَيْناهُ وباللَّوْنِ خَدُّهُ

إذا انْجابَ عنَّا غَيْهَبُ السُّكْرِ فانْجَلَى

أدارَ لنا مِن لَحْظِهِ ما يمِدُّهُ

إلى أنْ دَجَى لَيْلٌ لِصُدْغَيْهِ وانْقَضَى

كبهْجَتِهِ يَوْم بِهِ تَمَّ سَعْدُهُ

فبِتْنا نَرَى أنَّ النُّجُومَ بكَفِّهِ

تُدَارُ وأنَّ البَدْرَ في الحُسْنِ عَبْدُهُ

طَوَى الدَّهْرُ ذاك العَيْشَ إلِّا إدِّكَارَهُ

وهل ذِكْرُ ما أبْلَى الزَّمانُ يُجِدُّهُ

فدَعْهُ وعَدِّ القَوْلَ في مَدْحَ من خَدى

رِكَابَكَ مِن أقْصَى العِرَاقَيْنِ قَصْدُهُ

أَبي المُرْهَفِ المأمُولِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذِ الـ

ـكِنَانِيِّ مَجْدِ الدِّينِ لا زالَ مَجْدُهُ

إذا تَجِدُ الإحْسانَ يملي ثناءَهُ

على خَاطِرٍ مَدْحُ اللِّئَام يَكُدُّهُ

حَقِيقٌ بعزِّ الدَّوْلَةِ المَدْحُ إنَّهُ

أتَى فيهِ حَقًّا ليْسَ يُمكِنُ جَحْدُهُ

فإنْ أُوْلِهِ منِّي الثَّنَاءَ فأهْلُهُ

وإنِّي وشِعْري لَلمُقِلُّ وجُهْدُه

ص: 351

لِيْهنَ عَقيْلَاتي الكَرائمَ صوْنُها

عن الهُوْن نَصْرٌ واحِدُ العَصْرِ فَرْدُهُ

تمنَّتْ جَوَادًا يَحمِلُ المَدْحَ برهَةً

فهذا أوَانٌ أدْرَكَتْ ما تَودُّهُ

طَوَيتُ بها الأحْيَاءَ حتَّى ورَدْتُهُ

فألفَيْتُهُ كالغَيْثِ للنَّاسِ رفْدهُ

تَفِيْض يَدَاهُ بالسَّمَاحَ سَجِيَّةً

بها كانَ مَعْرُوفًا أبُوهُ وجَدُّهُ

فلا طَرْفَ إلَّا نَحْوَ نُعْماهُ طَامِحٌ

ولا قلبَ إلَّا كَامِنٌ فيهِ وُدُّهُ

جَزَى اللهُ نَصْرًا عن كنَانَةَ خَيْرَ ما

جزَى سَيِّدًا للحمدِ يشْرِيهِ صَمْدُهُ

أنافَ بِها فَخْرًا على النَّجْمِ وَابتنى

لها شَرَفًا يَبْقَى وذلِكَ وكْدُهُ

أقامَ بثَغْرِ الشَّام يَحْميهِ بالقَنَا

وقد فَغَرَتْ أَفْوَاهَها فيه ربْدُهُ

فشَادَ مَنَارَ الدّين بالعَدْلِ والهُدَى

وسَدَّ الّذي أعْيَى على الخَلْقِ سَدُّهُ

وسَاسَ بِهِ اللهُ الأُمُورَ فأصْبَحَتْ

شَوَامِسُها واسْتَنْفَذَ الهَزْلَ جِدُّهُ

فأضحَى الوَرَى في سِيْرَةٍ عُمَريَّةٍ

وأضْحَى بحمدِ اللهِ يُقْرَنُ حَمْدُهُ

وأسْفَرَ وَجْهُ الدَّهْرِ بَعْدَ قُطُوبِهِ

وعَزَّ بهِ الإسْلَامُ واشْتَدّ عَضْدُهُ

أغَرُّ كِريمُ الصَّفْحِ ينسَى وَعيْدَهُ

حياءً ولكنْ نَصْبَ عَيْنَيْهِ وَعْدُهُ

نَهَاهُ النُّهَى أنْ يَحْمِلَ الضِّغْنَ قلبُهُ

لهُ الله مَأْمُونًا على الغَيْظِ حقْدُهُ

قَلَى مالَهُ المحبُوبَ مذْ عَشِقَ العُلَى

فليسَ لشيءٍ ما خَلَا الحمْدَ كَدُّهُ

أرَى الشَّامَ أضْحَى في المَمَالِكِ شَامَةً

بسِرةِ سَعْدِ المُلْكِ أُسْعِدَ جَدُّهُ

جَلَا بضِيَاءِ العَدْلِ نَصْرُ بنُ مُنْقِذٍ

دُجَى الظُّلْمِ عنهُ إذ وَرى فيهِ زَنْدُهُ

وَمَنَّعَهُ بالبِيْض تَعْرى مُتُونُها

وبالبِيْض تغشَى منهُمُ الرَّوْعَ أُسْدُهُ

مِنَ الِ علي بنِ المُقَلَّدِ فِتْيةٌ

بِهِمْ حَلُّهُ في النَّائبِات وعَقْدُهُ

جسُومُهُمُ شَتَّى وأرْوَاحُهُمْ معًا

كما ضَمَّ شَمْل الدُّرِّ في السَّلْكِ عِقْدُهُ

عَلَوْا فكَنَصْرٍ والمُقَلَّدُ مُرْشِدٌ

وسُلْطَان كُلٌّ في العُلَى (a) ليس نِدُّهُ

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "ص: الورى".

ص: 352

ومنهُمْ وإنْ لم يَبْلُغْ الحُلْمَ شَافِعٌ

ألَا إنَّ بَيْتَ المَجْدِ كالشِّيْب مُرْدُهُ

أالَ عليٍّ أيُّ عقْدِ مَكَارِمٍ

لكُمْ تفْخَرُ الدُّنْيا بكُمُ إِذْ نَعُدُّهُ

وأيُّ ثناءٍ في الزَّمَانِ وسُؤْدَدٍ

لكُمُ جَلَّ حتَّى لَيْسَ يُدْرِكُ حَدُّهُ

خُلِقْتُم لهذا الأمْر حتَّى كأنَّما

وَلِيدُكُمُ دَسْتُ الإمَارةِ مَهْدُهُ

وأنْتُم سِدَادُ الثَّغْر للدِّين جُنَّة

ببَأسِكُمُ الإسْلَامُ أُرْهِفَ حَدُّهُ

لكُلْ في ذُرَى العَلْيَاءِ أرْفَعُ مَنْزِلٍ

فُوَيْقَ مَناطِ النَّجْمِ في الأُفْقِ بُعْدُهُ

فلا زلتُمُ ظِلًّا على الخلْقِ وَارِفًا

ووَارَى الّذي يبغِيكُمُ الشَّرَّ لَحْدُهُ

أنْشَدَنا مُحَمَّد بن مَحْمُّود بن الحَسَن، قال: أنْشَدَنا أبو الفَتْح بن أحْمَد الوَاسِطِيِّ، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْدِ اللهِ الحُسَينُ بن مُحَمَّد البَارِعُ لنَفْسِه: [من الطويل]

أَللْبَارِقِ العُلْوِيّ أنْتَ

ألَا كُلُّ نَجْديّ إليَّ حَبِيْبُ

تأَلَّقَ وَجْدًا فاسْتَشَفَّ بهِ الجَوَى

جَوَانِح ما يَخْبُو لهنَّ لَهِيْبُ

فَأَقْصَدَ قَلْبي بينَهُنَّ ولم تكُنْ

سِهَامُ الهَوَى إلَّا الكِرَامَ تُصِيْبُ

أأحْبَابَنا لا القُرْبُ يُرْجَى لَدَيْكُمُ

ولا النَّفْسُ عنكُمْ بالبعَادِ تَطِيْبُ

أَبَى الشَّوْقُ إلَّا أن قَلْبي لِذِكْرِكُم

يُقَلْقلُهُ بينَ الضُّلُوع وَجِيْبُ

وأنَّ صَبَا نَجْدٍ إليكُمْ تَهزُّني .. كما اهْتزَ مِن مَرِّ النَّسِيمِ قَضِيْبُ

وإنِّي لِوَرْقَاءِ الغُصُونِ إذا دَعَت

هَدِيْلًا بمُرْفَضِّ الدُّمُوعَ مُجيْبُ

غَنِينَا معًا ثُمَّ افْتَرَقْنا كأنَّما

بِنا وَبِكُم رَيْبُ الزَّمان لَعُوْبُ

أخْبَرَنا عَبْدُ المُطَّلب بن أبي المَعَالِي، قال: أنْشَدَنا عَبْد الكَريم بن أبي بَكْر المَرْوَزيّ، قال: أنْشَدَنا أَبو المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ من لفظه، ح.

ص: 353

وأنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، قال: كَتَبَ إلينا أبو المُعَمَّر الأنْصَاريّ، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب بن الدَّبَّاس البَارِع لنفسِه، وهو ممَّا قالَهُ بالمجاز في سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة

(1)

: [من المديد]

ذَكَرَ الأحْبَابَ والوَطَنا

والصِّبَا والإِلْفَ (a) والسَّكَنا

فبكى شَجْوًا وحُقَّ له

مُدْنَفٌ بالشَّوْقِ حَلْفُ ضَنَا

أبْعَدَتْ مَرْمىً يَدٌ رجَمَتْ

من خُرَاسَانٍ به اليَمنَا

خَلسَتْ من بين أضْلُعِه

بالنَّوَى قَلْبًا له ضَمِنَا

مَنْ لمُشْتاقٍ تُمَيِّلُهُ

ذاتُ سَجْعٍ مَيَلتْ فَنَنَا

كلما هَاجَ الهَدِيْلُ لها

طَرَبًا هَاجت له شَجَنَا

لم تُعَرِّض في الحنِيْن بمَنْ

مُسْعدٌ إلَّا وقَالَ أنَا

لكِ يا ورْقَاءُ أُسْوَةُ مَنْ

لم تُذِيقي طَرْفَهُ الوَسَنَا

بكِ أُنْسِي مثلُ أُنْسِكِ بي

فتَعَالى نُبدِ ما كُمنَا

نَتَشَاكى ما نجِنُّ إذا (b)

بُحْتِ (c) شَجْوًا صِحتُ واحَزَنَا

غير أنِّي منكِ أعذَرُ (d) إنْ

عادَ سرِّي في الهَوَى عَلَنَا

أنا لا أنْتِ البَعِيْدُ هَوَىً

أنا لا أنْتِ الغَرِيْبُ هُنَا

أنا فَرْدٌ يا حَمَامُ وها

أنْتِ والإلْفُ القَرِينُ ثُنَا

أسرَحا رَأْدَ النَّهَار معًا (e)

واسْكُنا جُنْحَ الدُّجَى غُصُنَا

(a) تاريخ الإسلام: والأهل.

(b) الخريدة والمرآة: فإن.

(c) الخريدة والمرآة: نحت.

(d) الخريدة: أغدر.

(e) الخريدة والمرآة: ضحى.

_________

(1)

القصيدة في خريدة القصر 3: 83 - 87، وسبعة عشر بيتًا في وفيات الأعيان 2: 183 - 184، وتسعة وعشرين بيتًا في مرآة الزمان 20: 228 - 229، وستة أبيات منها في تاريخ الإسلام 11: 399، ومعرفة القراء الكبار 2:922.

ص: 354

وابْكيا يا جَارَتيَّ لِمَا لعِبَتْ

أيدِي الفِرَاقَ بنا

واعْلَما أنْ قَدْ مَللْتُ وأمْـ

ـلَلْتُ من تطْوَافي المُدُنَا

كم تُرى أشْكُوا البعَادَ وكم

أندُبُ الأطْلَالَ والدِّمَنَا

ذبت حتَّى لو أخو رَمَدٍ

ضمَّنِى جَفْناهُ ما فَطنَا

لو رآنى حَاسِدي لبَكَى

رَحْمَةً لي أو عليَّ حَنَا

لي عَيْن دَمْعُهما دُرَرٌ

خُلِقَتْ أجْفَانُها مزُنا

وَحَشًا أنْفَاسُهُ شَررٌ

مُحْرقاتٌ مَنْ إليَّ دَنَا

أينَ قلبي ما صَنَعْتَ بهِ

لا أرَى صَدْرِي لهُ وَطَنا (a)

ما جنَى جِسْمي فعَاقَبَهُ

إنَّما طَرْفي عليهِ جَنَا

خَانَ (b) يَوْم النَّفْر وهو مَعي

فأبَى أنْ يَصْحَبَ البَدَنا

أبه حَادِي الرِّفَاق حَدَا

أم له دَاعِي الفِرَاق عَنَا

أمْ أصَابَ البَيْنَ مما ظَهَر

اليَوْم من شَمْلِي وما بَطَنَا

ليتَ أنِّي قد صَمَمْتُ فلم

أُصْغِ للدّاعِي بهِ أُذُنَا

إنْ عنَاني بالمَسِيْر فَعَن

سير قَلْبي من حشَاي كَنَا

راح بي نِضوًا وخَلَّفَه

بالهَوَى في الحَيّ مُرْتَهِنَا

لَسْتُ يَا للهِ أُتْهِمُ

في شَأنه إلَّا ثلاث مِنَى

خَلَسَتْهُ لا أبرَّ بها

عَيْن رِيمْ الخيْف حين رنَا

ضَمَّنا رَمْيُ الجِمَار فما

رَاحَ حتى رُحْتُ مُمْتَحَنَا

بينما نقضِي مَنَاسِكنا

إذ لقِيْنا دُوْنَها الفِتَنَا

رُفِعَتْ سُجْفُ القِبَابِ فلا

الفَرْضَ أدَّيْنا ولا السُّنَنا

سَفَرَت تلك الوُجُوه

فأعشَيْن بالأنْوَارِ أعْيُنَنَا

(a) مرآة الزمان وتاريخ الإسلام: سكنا.

(b) الخريدة والمرآة وتاريخ الإسلام: كان.

ص: 355

ثم صِيْنَتْ بالأكُفِّ سِوَى

مُقَلٍ تَسْتَخْونُ الأُمَنَا

رشقَتْنا عن حَوَاجِبها

بسِهَام تُنْفِذُ الجُنَنَا

فاحْتَسَبْنا الأجْرَ في نَظَرٍ

آدَ بالأوْزَار أَظْهُرَنا

كم أخي نُسْكٍ وذي وَرَعٍ

جاءَ يَبْغي الحَجَّ فافْتَتَنا

أنْصِفُونا يا بني حَسَنٍ

ليس هذا منكُم حَسَنَا

لم أَحَلَّتْ مُحْرِماتكُم

بالعُيُون النُّجْل أنْفُسَنَا

قد سَمِحْنَا بالقُلُوب لكم

ليس نبغِي منكم ثَمَنَا

فاعْقِرُوْهَا باللّحَاظ إذا

شِئْتُم أنْ تَعْقِرُوا البُدُنَا

نحنُ وَفْدُ اللهِ عندَكُم

ما لكم جِيْرَانَهُ ولَنَا

لم يُجِرْنَا منكُمُ حَرَمُ

من أتاهُ خَائفًا أَمِنَا

دونَ هذا ما بنِا رَمَقُ

حَسْبُكم ما شَفَّنا وَعَنَا

أنْصِفُونا أو فسَابغ

عَدْلِ مُعِيْن الدِّين يشمَلُنا

ملكُ حَازَ العُلَى وأذَ

لَّ العِدَى واسْتَعْبَد الزَّمَنَا

أنشدَنا أبو هاشِم الصَّالِحِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد المَرْوَزيّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن سَعْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ بن طَاهِر الدَّقَّاق المُقْرِئ من لَفْظه، وكَتَبَ لي بخَطِّه، ح.

وأنْبَأنَا أبو القَاسِمِ الحُسَينِ بن هِبَةِ الله الشَّاهِدُ، عن أبي الحَسَن سَعْد الله بن مُحَمَّد المقرِئ، قال: أنْشَدَني أبو عَبْدِ اللهِ البَارِعِ لنفسِه: [من المقتضب]

إن قلبَ عَاشِقنا

عندنا نُقلِّبُهُ

إنْ شَكَا نُعاتبُهُ

أو بَكى نُعَذِّبُهُ

دَأبُنا نُبَعِّدُهُ

والهَوَى يُقَرِّبُهُ

لَيْسَ هَجْرُنا عَجَبُ

بل رِضاهُ أعْجَبُهُ

ص: 356

والهَوَى إذْ صدَق الـ

عَزمُ فيهِ صَاحِبُهُ

فالبعَادُ أقرَبُهُ

والعَذَابُ أعْذَبُهُ

أنْشَدَنا المُحبُّ بن مَحْمُود البَغْدَاديّ، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن أحْمَد قاضي وَاسِط، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْد الله البَارِع لنَفْسِه: [من الطويل]

أُمَيْمَ هَل الدَّهْرُ الّذي مرَّ رَاجعُ

لنا بالَّذي تُطْوَى علَيهِ الصَّحَائِفُ

لياليَ إذ شَمْلي وشَمْلُكِ والهَوَى

جَمِيع ولم يَهْتِف ببَيْنِكِ هَاتِفُ

وإذ أنْتِ كالشِّعْرى ضِيَاءً وبَهْجةً

وإذْ شَعَرِيْ كاللَّيْلِ أَسْحَمُ واحِفُ

ونحنُ كغُصْنَي بانَة طَلَّها النَّدَى

وَرِيْحَتْ فَلَانَتْ بَعْدُ منها المَعَاطِفُ

كلانا إذا ما أينَعَتْ ثَمَرُ المُنَى

لَهُ في غِراسِ الحُبِّ بالوَصْل قَاطِفُ

يَوَدُّ وِصَالي مَنْ أودُّ وِصَالَهُ .... ويشْغَفُ قلبي مَنْ لهُ أنا شَاغِفُ

فكم ليلَةٍ بِتْنا ضَجيْعَيْنِ لم أخَفْ

رَقِيْبًا ولم أحْفِلْ بما قالَ قَاذِفُ

لَهَوْتُ بخَودٍ مِنكِ خمْصَانِةِ الحشًا

تكادُ تَهِي بالخَصْرِ منها الرَّوَادِفُ

وقبَّلْتُ ثَغْرًا منكِ عَذْبًا مُجاجُهُ

بَرُودًا أمالتْهُ إليَّ السَّوَالفُ

سَكِرتُ فما أدْري ولِلحُبِّ سَوْرَةُ

أبالرَّاحَ أم ما ضُمِّنَتْهُ المَرَاشِفُ

وقد لفَّ عِطْفَيْنا العِناقُ كما لَوَى

[على] بَعْضِنا بالبَعْضِ للشَّوْقِ عَاطِفُ

عَفَفْتُ عن الفَحْشَاء فيها وإنَّني

لمَا دُوْنَها مِنِ زَلَّةٍ لمُقَارِفُ

إلى أنْ بَدا نُورٌ مِنَ الشَّرْق سَاطعٌ

أضَاءَ سَنَاهُ فَهْو للشُّهْبِ كَاسِفُ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله حَامِد في أبي الفَتْح المَدِيْنيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللهِ البَارع النَّحْوِيّ يَقُول: وُلدتُ في سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة في صَفَر.

ص: 357

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن نَاصِر اليزدِيّ قال لي - يعني البَارِع أبا عَبْد الله بن الدَّبَّاسِ -: ولدتُ سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين، يعني وأرْبَعِمائة.

قَرأتُ بخَطِّ قَوَام الدِّين، تاج الإسْلَامِ عَبْدِ الكَريم بن أبي بَكْر بن أبي المُظَفَّر، وأخْبَرَنا به أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الكَريم، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاس الخَضِر بن ثَرْوَان الفَارِقِيّ المقرِئ مُذَاكَرَة ليلًا بمَرْو يَقُول: دَخَلْتُ ببَغْدَاد على أبي عَبْد الله البَارِعِ الأدِيْب لأقرأ عليه القُرْآن، فصادَفتُ عنده أَضِرَّاء يقرأونَ عليهِ القُرآن، ومن عَجْزه وشَيْخُوختهِ يَنام ويَغْفُل وهم يَضْرِبُونَ الحَصِير بالعصِيّ الّتي بأيْديهم، فقُلتُ: ما تَصْنَعُونَ؟ قالوا: نَقْرأ على البَارِعِ! قُلتُ: وهذا الضَّرْبُ بالخَشَب كما يَفْعَل الصُّوْفيَّة حالَة الرَّقْص لا قراءة القُرْآن؟ فقالوا: إنَّما نَفْعل هذا لكي لا يَنَام، قال: فخرجتُ وتَرَكتهم ولَم أقرأ عليه.

وقال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم، قال: سَألْتُ أبا القَاسم الدِّمَشقيّ

(1)

الحافِظ عنه - يَعْني البَارِعِ - فقال: ما كأنَّ به بأسًا.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَضْل بن شَافِع: قال شَيْخُنا ابن نَاصِر: البَارِع فيه تَسَاهل وضَعْف.

وقال ابنُ النَّجَّار: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن الخشَّاب النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا شَيْخُنا الإمَام أبو عَبْد اللهِ البَارِعِ بكتاب إصْلَاح المَنْطِق لابن السِّكِّيْت، بقِرَاءَتي عليه من أصْل سَمَاعه، بخَطِّ أبي الحَسَن الرَّزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة، بقراءةِ أخي أبي الكَرَم المُبارَك بن فَاخر النَّحْوِيّ عليه في ذِي الحِجَّة من سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، قال: أخْبَرَنا أَبو

(1)

لم يذكره ابن عساكر في تاريخه، ولم يُفرده بالترجمة.

ص: 358

القَاسِم بن سُوَيْد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا ابن رُسْتُم، قال: أخْبَرَنا ابن السِّكِّيْت، ونُسْخَة أبي عليّ بن البنَاء مُجَلَّدتان، وفي آخر الثَّانيَةِ منهما بخَطِّهِ: قَرأ إسْنَاد هذا الكتاب علينا الشَّيْخ الجلِيْل أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا بجميعِ هذا الكتاب أبو القَاسِمِ بن سُوَيْد، وذَكَر إسْنَادَهُ، وسَمِعْتُ ذلك وأوْلَادِي: أبو نصْر، وأبو غَالِب، وأبو عبْد الله، وذَكَرَ جَمَاعَةً في جُمَادَى الآخرة سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين، فبابن البَنَّاءَ كان اقْتدَاؤُه وأثَره اتَّبع في سَمَاعِ هذا الكتاب، والحقُّ أبْلَج، والبَاطِل لَجْلَج، وعلى الصِّدْق نُور، ومَنْ حَمَلَهُ حَسدُه على تَكْذِيب الصَّادِقين فهو أكْذَبُ الكاذبِيْن، وفضُوحُ الدُّنْيا أهْوَنُ من فضُوح الآخرة، وعند الله يَجْتَمع الخُصُوم، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}

(1)

.

قلتُ: هذا الكَلَام من ابن الخشَّاب كأنَّهُ رَدٌّ على طَعْن طَاعنٍ قَدَحَ في رِوَايَة كتاب إصْلَاح المنطِق بهذا الطَّريق، وتكلَّم في صِحَّة إسْنَاد البَارِع، والظَّاهر عندي أنَّهُ أبو الفَضْل بن نَاصِرٍ، واللهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنا الشَّرِيف أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيِّ، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن عَبْد الله بن القَاسِم بن عُبَيْد الله بن سُلَيمان بن وَهْبٍ الدَّبَّاس أبو عَبْد الله المعرُوف بالبَارِع، أدِيبٌ، فَاضِلٌ، حَسَنُ المعرفَة باللُّغَة والأدَب، وكان مقْرئًا؛ قرأ جَمَاعَة عليه القُرآن، وكان يَسْكُن البَدْرِيَّة، إحْدى المحالِّ الشَّرْقيَّة ممَّا يلي دار الخِلَافَة والشَّطّ.

سَمِعَ أبا عليّ الحَسَن بن غالب بن عليّ بن المُبارَك المُقرِئ، وأبا جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُسْلِمَة، وجَمَاعَة سواهُما، رَوَى لنا عنْهُ جَمَاعَةٌ من أصْحَابنا.

(1)

سورة الشعراء، من الآية 227.

ص: 359

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، فيما أَذِنَ لَنا فيهِ، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بن عبد الوهاب بن أحمد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن قاسم بن عُبَيْد الله بن سُلَيمان بن وَهْب الحارِثِيّ، أبو عَبْدِ الله المُقْرِئ، المَعْرُوف بالبَارِع ابن الدَّبَّاس، من أوْلاد الوُزَرَاء والأكَابِر، هكذا رَأيتُ نَسَبَهُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد بن الخَشَّاب النَّحْوِي، قرأ القُرْآنَ بالرِّوَايَاتِ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن عليّ الخَيَّاط، وأبي عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن البَنَّاء، ويُوسُف الغُورِيّ، وأحمد بن اللّحْيَانِيّ، وغيرهم.

سَمعَ الحَدِيْث بإفَادة أخيه لأُمّه المُبارَك بن فَاخِر النَّحْوِيّ من القَاضِي أبي يَعْلَى مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَرَّاء، وأبي الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَسْنُون النَّرْسِيّ، وأبي القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن بَرْهَان الأسَدِيّ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة، وأبي عليّ الحَسَن بن غالب بن المُبارَك المُقْرِئ، وأبي الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، وجَمَاعَة غيرهم.

وقرأ اللُّغَة والأدَب حتَّى بَرَع فيهما، وقال الشِّعْرَ الكَثِيْر الجَيِّد الجَزْل، ومَدَحَ الأئمَّة الخُلَفَاء: المُقْتَدِي بأمْرِ الله، وابنه المُسْتَظْهِر باللهِ، وابنه المُسْتَرْشِد باللهِ، وجَمَاعَة من الوُزَرَاءِ والكُبَرَاء والأُمَرَاء، وسَافَرَ إلى العِرَاق، فَمَدَح نِظَام المُلْك بزَنْجَان، وغيره بأصْبَهَان، ودَخَل خُرَاسَان، ومَدَحَ جَمَاعَة بمَرْو وغيرها، ودَخَلَ بلاد اليَمَن، ومَدَحَ بها، وكذلك الشَّام، وكان يُعَاشِر الشَّبَابَ، ويَحْضُر مَجَالِس الشُّرْب واللَّهْو والقصف واللَّذَّات، رَأيْتُ ذلك بخَطِّ يده في دِيْوانِ

ص: 360

شِعْره، ثُمَّ إنَّهُ حَسُنَتْ طَرِيقَته في آخر عُمْرِه، وانْقَطَع في مَسْجده ببَاب المَرَاتِب، وانْعَكَف النَّاسُ عليهِ لقرَاءةِ القُرآن، وسَمَاع الحَدِث، وقرَاءة الأدَب، وأضَرَّ في آخر عُمره.

وقد جَمعَ له الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن عليّ بن أحْمَد المُقْرِئ سِبْطُ أبي مَنْصُور الخَيَّاط طُرقًا لقراءاته وأسَانِيْد رِوَاياته في كتاب سمَّاهُ الشَّمْس المُنيْرَة في القِرَاءَات الشَّهِيْرة

(1)

، سَمِعْنَاهُ من القَاضِي أبي الفَتْح الوَاسِطِيّ عنه.

قَرأ عليه القُرآن خَلْقٌ كَثيْر، وأقْرأُوا عنه، ورَوَى عنهُ الحَديْث جَمَاعَةٌ من القُدَمَاء، وحَدَّثَنَا عنه أبو الفَرَج بن الجَوْزِيّ، وابو الفَتْح مُحَمَّد بن أحْمَد بن المَنْدَائِيّ قاضي وَاسِط.

وقال ابنُ النَّجَّار: قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، قال: تُوفِّي أبو عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب الدَّبَّاس في ليلَةِ الثّلاثَاء السَّابع عَشر من جُمَادَى الآخرة من سَنَة أرْبَعٍ وعِشرين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ يَوْم الثّلاثَاء ببَاب حَرْب.

أخْبَرَنا أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن خُسْرُو البَلْخِيِّ، رحمه الله، بالرَّيّ: ماتَ البَارِعُ أبو عَبْد الله بن الدَّبَّاس يَوْم الثّلاثَاء سَابِع عَشر جُمَادَى الآخرة، ودُفِنَ يَوْم الأرْبَعَاء ثَامِن عَشر جُمَادَى الآخرة من سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وخَمْسِمائَة، وكان قد أضَرَّ في آخر عُمْرِه.

(1)

نَسَب حاجي خليفة الكتاب لصاحب الترجمة (ابن الدباس) وليس لسبط الخياط، وجاء عنوانه في كشف الظنون: الشمس المنيرة في القراءات السبعة الشهيرة، كشف الظنون 2:1062.

ص: 361

‌الحُسين بن مُحَمَّد بن عليّ، أبو العبَّاس الحَلَبي

رَوَى عن قَاسِم بن إبْراهيم المَلَطِيّ، رَوَى عنهُ أبو العَلَاء مُحَمَّد بن علي الوَاسِطِيّ، هكَذا رَأيْتُه في إسْنَاد ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ الخَطِيبُ

(1)

، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّه الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق أبو العبَّاس، وقد قدَّم ذِكْر الجدّ على الأب، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيب

(3)

، قال: أخْبَرَنا القَاضي أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ الوَاسطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد الحَرْبيّ، وأبو العباس الحُسَين بن مُحَمَّد بن عليّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا قاسم بن إِبْراهيم المَلَطِيّ، قال: حَدَّثَنَا لُوَيْن، قال: حَدَّثَنَا مالِك بن أنَس، عن نَافِع، عن ابن عُمَر

(4)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأ ثُلُث القُرْآن أعْطِي ثُلُث النُّبُوَّة، ومن قَرَأ ثُلُثَي القُرْآن أُعْطي ثُلُثي النُّبُوَّة، ومَنْ قَرأ القُرْآن كُلّه أُعْطِىَ النُّبُوَّة كُلَّها، ويُقال له يَوْم القِيامَة: إقْرأ وارْقَه بكُلِّ آيةٍ درجة، فيَقْرأ ويَصعَد حتَّى يُنْجِزَ ما معَهُ من القُرْآن، ثمّ قال له: اقْبِض فيَقْبض بيَده، ثمّ يُقال له: هل تَدْري ما بيَدك (a)؟ فإذا في يَده اليُمْنَى الخُلْد، وفي الأُخْرى النَّعِيم.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن إبْراهيم بن إسْحاق بن أحْمَد بن جَعْفَر الطَّائيّ المَنْبِجِيّ، أبو الخَطَّاب

من أهْل مَنْبج، حَدَّثَ عن يُوسُف بن القَاسِم المَيَانِجِيّ، رَوَى عنهُ الحافِظ أبو زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد البُخاريّ.

(a) تصحفت في الأصل: ما تبذل، والمثبت من تاريخ بغداد وتذكرة الموضوعات.

_________

(1)

تاريخ بغداد 14: 455 (في ترجمة القاسم بن إبراهيم بن أحمد الملطي).

(2)

فيما مرّ من هذا الجزء.

(3)

تاريخ بغداد 14: 455.

(4)

تذكرة الموضوعات لابن الجوزي 1: 253.

ص: 362

أنْبَأنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبدُ العَظِيْم في عَبْد القَوِيِّ بن عَبْدِ اللّهِ المُنْذِريّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بنُ حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قِراءَةً عليهِ بمِصْر وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر المَوْصِلِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد البُخاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن إبْراهيم بن إسْحَاق بن أحْمَد بن جَعْفَر الطَّائيّ المَنْبِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن القَاسِم المَيَانجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو خَلِيفَة، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق، قال: سَمِعْتُ عَاصِم بن ضَمْرَة يَقُول: سَمِعْتُ عليًّا رضي الله عنه يَقُول

(2)

: من كُلّ اللَّيْل قد أوْتَر رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم من أوَّلهِ، وأوْسَطه، وآخره، وانْتَهى وتره إلى آخره.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد بن غُوَيْث - وقيل: ابن غَوْث - أبو عَبْد الله التَّنُوخِيّ الدِّمَشقيّ

(3)

رحَلَ، وسَمِعَ بمِصْرَ والسَّواحل، وسَمعَ بطَرَسُوس أبا أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيِّ، وحَدَّثَ عنهُ وعن الحَسَن بن عَبْد اللّه بن مَنْصُور البَالِسِيّ، و [إسْمَاعِيْل بن يَحْيى](a) المُزَنِيّ، والعبَّاس بن الوَلِيد البيرُوتِيّ، ويُونُس بن عَبْدِ الأعْلَى الصَّدَفِيّ، وإبْراهيم بن أبي سُفْيان القَيْسَرَانِيّ، ومُحَمَّد بن عُزَيْز الأيْلِيّ،

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، تركه ابن العديم ليستكمل اسم المزنيّ، ولم يورد اسمه ابن عساكر، كما هو في نقل ابن العديم تاليًا عنه. والإمام المزني (ت 264 هـ) هو صاحب الشافعيّ، له مؤلفات في فقه الشَّافِعِيّة أبرزها "مختصر المزني"، (تاريخ الإسلام 6: 299 - 300)، وقد ورد سند المترجم له عن المزني عن الشافعي في حلية الأوّلياء لأبي نعيم الأصفهاني 9:149.

_________

(1)

لم يورده في التكملة لوفيات النقلة.

(2)

مسند ابن حنبل 2: 1149 (رقم 1152).

(3)

توفي سنة 317 هـ أو في التي تليها، وترجمته في: تاريخ مولد العلاء ووفياتهم لابن زبر 268، تاريخ ابن عساكر 14: 319 - 330، تاريخ الإسلام 7: 322، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 361.

ص: 363

ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَبْد الحَكَم، وعليّ بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، وبَكَّار بن قُتَيْبَة، وإبْراهيم بن مَرْزُوق، ويَزِيْد بن سِنَان البَصْرِيّ، وأحمد بن يَحْيَى الصُّوْفيّ، وعبد اللّه بن القَدَّاح المِصْرِيّ، وبَحْر بن نَصْر الخَوْلَانِيّ، والحَسَن بن نَصْر المَرْوَزيّ، والرَّبيْع بن سُلَيمان، وعَبْد الرَّحمن بن الجَارُوْد (a)، ومالك بن سَيْفٍ التُّجِيْبِيّ.

رَوَى عنهُ أبَوَا بَكْر بن المُقْرِئ، وأحمد بن عَبْد اللّه البِرَامِيِّ، وأبو الحُسَين عَبد الوَهَّاب الكِلابِيّ، والحَسَن بن مُنِير التَّنُوخِيّ وأبو سُليْمان بن زَبْر، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الرَّازِيّ، وأحمد بن عَبْد اللّه بن أبي دُجَانَة.

أخْبَرَنا أبو الحجَّاج يُوسُف بن خليل، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن أحْمَد بن الإخْوَة، وصَاحِبتهُ عَين الشَّمْس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ - قالت: إجَازَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين بن عليّ، وأبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود - قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهَ حُسَيْن بن مُحَمَّد بن غَوْث الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَبْد اللّه البَالِسِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، عن عَبْد اللّه بن عُمَر العُمَريّ، ومَالِك بن أنَسٍ، عن نَافِعٍ، عن ابن عُمَر، قال

(2)

: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا افْتَتَح الصَّلاة رَفع يَديهِ حَذْو منكِبَيْهِ، وإذا أرادَ أنْ يَرْكع رَفَعَهُما.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه بن مَمِّيْلِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن غُويْث - ويقال: غَوْث - أبو عَبْدِ الله

(a) بعده في الأصل: "وعبد اللّه بن القداح المصريّ"، وهو تكرار.

(b) مُعْجَمُ ابن المقرئ: البالي.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 238 - 239.

(2)

موطأ الإمام مَالِك 1: 77 (رقم 20)، مسند الإمام الشافعي 212.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 319.

ص: 364

التَّنُوخِيّ، رَحَل، وسَمِعَ، وحَدَّثَ عن المُزَنِيّ، ومُحَمَّد بن عُزَيْز الأيْلِيّ، وإبْراهيم بن أبي سُفْيان القَيْسَرَانِيّ، والحَسَن بن عَبْد اللّه بن مَنْصُور البَالِسِيِّ، ويَزِيْد بن سِنَان البَصْرِيّ، وعبد اللّه بن القَدَّاح المِصْرِيّ، ويُونُس بن عَبْد الأعْلَى، وأحمد بن يَحْيَى الصُّوْفيّ، وبَحْر بن نَصْر الخَوْلانِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن عَبْد الحَكَم (a)، والحَسَن بن نَصْر المَرْوَزيّ، وعَبْد الرَّحمن بن الجَارُود، ومالك بن سَيْف التُّجِيْبيّ، والرَّبِيْع بن سُلَيمان، وعليّ بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، وأبي أُمَيَّة الطّرَسُوسِيِّ، والعبَّاس بن الوَلِيد بن مَزْيَد، وبَكَّار بن قُتيبَة، وإبْراهيم بن مَرْزُوق.

رَوَى عنهُ أبَوَا الحُسَين الرَّازِيّ، وعَبد الوَهَّاب الكِلابِيّ، وأبو سُليْمان بن زَبْر، وأبو بَكْر أحْمَد بن عَبْدِ اللّه بن أبي دُجَانَة، وأبو بَكْر بن المُقْرِئ، والحَسَن بن مُنِير التَّنُوخِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بنُ عَبْد اللّه بن الفَرَج البِرَامِيِّ.

وقال

(1)

: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَمِيِّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر

(2)

، قال: تُوفِّي أبو عليّ الحُسَين بن غُوَيْثٍ لَيْلَة الأَحَدِ لعَشْرٍ بَقِينَ من ذِي الحِجَّة؛ يعني من سَنَة سَبْع عَشرة وثلائمائة. خَالفَهُ أبو الحُسَين الرَّازِيّ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن (b) نَجَا بن أحْمَد الشَّاهِد، فيما نَقَلهُ من خَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ في تسْميَةِ مَنْ كَتَبَ عنهُ بدِمَشْقَ: أبو عليّ الحُسَين بن مُحَمَّد بن غَوْث (c) التَّنُوخِيّ، مات سَنَة ثَمان عَشرة وثَلاثمائة.

قال الحافِظُ

(3)

: وكأنَّ قَوْل أبي سُليْمان أوْلَى لأنَّهُ قيَّد بالشَّهْر.

(a) في تاريخ ابن عساكر: ابن الحكم، وصوابه ما عند ابن العديم، ويزاد في اسمه: ابن أعين أبو عبد الله القرشي الأموي.

(b) كناه في الأصل بأبي الحُسَيْن، والمثبت من ابن عساكر، وهو المشهور بالعطار المعدل، ترجم له ابن عساكر ترجمة مفردة في تاريخه 61:459.

(c) ابن عساكر: غويث.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 320.

(2)

تاريخ مولد العلماء 268.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 320.

ص: 365

‌الحُسَيْن بن مُحَمّد بن فِيْرُّة بن حيون، أبو عليّ السَّرَقُسْطِيّ المَعْرُوف بابنِ سُكَّرَة الأنْدَلُسِيّ الحافِظ

(1)

إمامٌ كبيرٌ، حافظٌ، فَقِيْهٌ، سَمعَ الحَدِيْث ببلاد المغرب، ثمِّ دَخَلَ ديار مِصْر فسَمعَ بالإسْكَنْدَرِيَّة ومِصْر من شُيُوخها، ثمِّ حَجَّ وسَمِعَ بمَكَّة، حَرَسَها اللّهُ، ثمّ تَوَجَّه من الحِجِّ إلى البَصْرَة، فسَمعَ بها من جَمَاعة من الشُّيُوخ، ثمّ تَوَجَّه إلى وَاسِط، ثمّ قَدِم بَغْدَاد وأقام بها خمْس سنين يَشْتَغل بالحَدِيْث والفِقْه وتَحْصِيل الفَوَائِد، ثمّ دَخَلَ الشَّام فسَمِعَ فيها وفي طَرِيْقهِ إليها جَمَاعَة من الشُّيُوخ، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ أو ببَعْضِ عَمَلها، ثمّ عادَ إلى المَغْرب، وتَصَدَّرَ بها، وقَصَدَهُ النَّاس، واسْتَفادوا منه، وتولَّى القَضَاء بمُرْسِيَة وشَرْق الأنْدَلُسِ، ثُمَّ اسْتَقالَ وعَزَلَ نفسهُ، ثمّ خرَجَ إلى الغَزْو فأدْرَكَته الشَّهَادَة، رحمه الله.

وقد اسْتقصَى الحافِظُ أبو عَبْد اللّه بن النَّجَّار في تَرْجَمَتهِ ذِكْرهُ، وتعْدَاد أكْثَر شُيُوخِه

(2)

، فاسْتَغْنَينا بإيْرَاد ما ذَكَره عن ذِكْر شُيُوخه، لكنَّهَ لم يُسْند عنه حَدِيثًا، فأوْردنا شيئًا ممَّا وَقَعَ إلينا من رِوَايتهِ.

أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا الإمَامُ الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد الأَشِيريُّ،

(1)

توفي سنة 514 هـ، وترجمته في: الصلة لابن بشكوال 1: 235 - 237، الغنية للقاضي عِيَاض 129 - 138، أزهار الرياض 3: 151 - 154، تاريخ ابن عساكر 14: 321 - 332، الضبيّ: بغية الملتمس 1: 331، تاريخ الإسلامِ 11: 218 - 219، تذكرة الحفاظ 4: 1253 - 1255، الإعلام بوفيات الأعلام 211، العبر في خبر من غبر 3: 403، سير أعلام النبلاء 19: 376 - 378، الوافي بالوفيات 13: 43 - 44، اليافعي: مرآة الجنان 3: 160، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 250 - 251، ابن فرحون: الديباج الذَّهب 1: 330 - 332، السيوطي: طبقات الحفاظ 455، المقري: نفح الطيب 2: 90 - 93 وزاد في ألقابه: الصدفيّ، وفي نسخة أخرى منه: الصيرفي!، شذرات الذَّهب 6: 70، القنوجي: التاج المكلل 288 - 289، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 362، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 56، الزركلي: الأعلام 2: 255.

(2)

أدرج ابن العديم كلام ابن النجار فيما بعد.

ص: 366

قال (a): أنْبأني القَاضِي أبو الفَضْل عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض

(1)

، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي الشَّهِيْدُ أبو عليّ بقِرَاءَتي عليه، قلتُ له: حدّثكم أبو الحُسَين بن عَبْد الجَبَّار وأبو الفَضْل أحْمَد بن خَيْرُون، قالا: حَدَّثَنَا (b) أبو يَعْلَى أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد، عن أبي عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد السِّنْجِيّ، عن أبي العبَّاس مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَحْبُوب، قال: حَدَّثَنَا (c) أبو عِيسَى مُحَمَّد بن سَوْرَةَ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، عن ابن ثَوْبَان - هو عبد الرَّحْمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان - عن حَسَّان بن عَطِيَّة، عن أبي كَبْشَةَ السَّلُولِيّ، عن عَبْدِ اللّه بن عَمْرو

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: بَلِّغُوا عنِّي ولو آية، وحَدِّثُوا عن بَني إِسْرَائيل ولا حَرَج، ومَنْ كَذَبَ عليّ مُتَعمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدهُ من النَّار.

أخْبَرَنا أبو القاسِم بن أبي مُحَمَّد الزاهِد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمّد الأنْدَلُسِيّ، عن أبى الفَضْل بن مُوسَى اليَحْصُبِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي الشَّهِيْدُ - يعني أبا عليّ بن سُكَّرَة - سَمَاعًا من لفظه، قال: أخْبَرَنا العُذْرِيّ أبو العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو ذَرّ الهَرَويّ، قال: سَمِعْتُ أبا زُرْعَة عُبيد اللّهِ بن عُثْمان يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر النَّقَّاش يَدْعُو بهذا الدُّعَاء إذا فَرَغنا وانْصَرَفنا: عَمَّر اللّهُ قُلُوبكمُ بذِكْره، وألْسِنَتكُم بشُكْره، وجَوَارِحَكُم بخِدْمَتِهِ، ولا جَعَل على قُلُوبكم ربَّانِيَّةً لأحدٍ من خَلِيْقتهِ.

(a) مكررة في الأمل.

(b) الإلماع: أخبرنا.

(c) الإلماع: أخبرنا.

_________

(1)

القاضي عِيَاض: الإلماع إلى أصول الرواية 10 - 11.

(2)

مسند ابن حنبل 9: 200 (رقم 6486)، الجامع الكبير للترمذي 4: 402 - 403 (رقم 2669)، المعجم الصغير للطبراني 183 (رقم 453)، مُعْجَمُ ابن المقرئ 265 (رقم 889)، مسند الشهاب للقضاعي 1: 387 (رقم 662)، صحيح ابن حبَّان 14: 149 (رقم 6256)، حلية الأوّلياء لأبي نعيم الأصبهاني 6: 78، فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ 6: 496 (رقم 3461).

(3)

الإلماع إلى أصول الرواية للقاضي عِيَاض 247.

ص: 367

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار، قال: الحُسَينِ بن مُحَمَّد بن فِيْرُّة بن حَيُّون أبو عليّ الصَّدَفِيّ المَعْرُوف بابنِ سُكَّرَة، من أهْلِ سَرَقُسْطَة من بلادِ الأَنْدَلُسِ، قرأ بها القُرْآن على أبي عليّ الحُسَيْن (a) بن مُحَمّد بن مُبَشِّر المُقْرِئ المَعْرُوفُ بابنِ الإمَام، صَاحِب أبي عَمْرو الدَّانِيّ، وسَمعَ الحَدِيْث من أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحمَّد بن إسْمَاعيْل بن مُحَمَّد بن فُورْتش، وأبي الوَلِيد البَاجيّ، وأبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عبدِ اللّه بن مُحَمّد بن الصَّرَّاف إمَام الجَامِع بها، وجال في الأنْدَلُسِ، فسَمِعَ ببَلنْسِيَة أبا العبَّاسِ أحْمَد بن عُمَر بن أنَس العُذْرِيّ، وبالمَرِيَّةِ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن سَعْدُون بن بِلَال، وبالمَهْدِيَّةِ أبا مُحَمَّد سُليمان بن العبَّاس بن سُلَيمان القَرَوِيّ، ثمّ دَخَلَ ديَار مِصْر فسَمعَ بالإسْكَنْدَرِيَّةِ أبا العبَّاس أحْمَد بن إبْراهمِ الرَّازِيّ، وأبا جَعْفَر أحْمَد بن يَحْيى بن عليّ بن الجارُوْد المِصْرِيّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللّه بن الحَسَن بن مُسَلَّم الصِّقِلِّيّ المُقْرِئ، وبمِصْر أبا إسْحَاق إبْرَاهيم بن سَعيد الحَبَّال، وأبا الحَسَن عليّ بن الحَسَن الخِلْعيِّ، وأبا الحسَن مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ بن دَاوُد الفَارسِيّ، وبِتِنِّيس أبا القَاسِم عَبْد المُحْسِن بن عُثْمان بن غَانِم الشَّافِعيّ.

وحَجَّ وسَمعَ بمَكَّة أبا عَبْد اللّه الحُسين بن عليّ الطَّبَريّ، وأبا بَكْر الطُّرْطُوشِيّ، وتَوَجَّه إلى البَصْرَةِ، وسَمعَ بها أبا يَعْلَى المالِكيّ، وأبا القَاسِم عَبْد المَلك بن خَلَف بن شَغَبَة الحافِظ، وجعْفَر بن مُحَمَّد العَبَّادَانيّ، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بن عُبيد اللَّهِ قاضي البَصْرَة، وأبا العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد الجُرْجَانِيّ، وسَمعَ بوَاسِط أبا المَعَالِي مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن شَاندة الأصْبَهَانِيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن المَغَازِليّ، وأبا عَبْد اللّه مُحَمَّدًا، وأبا الفَضْل مُحَمَّدًا ابْنَي مُحَمَّد بن عليّ بن عُبَيْدِ اللّه بن عليّ بن السّوَادِيّ.

ودَخَلَ بَغْدَادَ في مُنْتَصَف جُمَادَى الآخرة سَنَة اثنتَيْن وثَمانين وأرْبَعِمائة، فأقام بها مُدَّة خَمْسِ سنين حتَّى علَّق عن أبي بَكْر الشَّاشِيّ الفَقِيه الشَّافِعيّ تَعْلِيقَته

(a) الأصل: الحَسَن، وانظر ترجمته في بغية الملتمس 266، وتاريخ الإسلام 10:351.

ص: 368

الكُبْرَى في مَسَائِل الخِلَاف، وتَفَقَّه عليهِ، وسَمِعَ الحَدِيْث الكَثِيْر من النَّقِيْب أبي الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَيّ، وأبي الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن أبي عُثْمان، وأبي الحُسَين عَاصِم بن الحَسَن بن عَاصِم، وأبي عَبْد اللّهِ مَالِك بن أحْمَد بن عليّ البَانياسِيِّ، وأبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحمَّد بن الخَطِيب الأنْبارِيّ، وأبي الخَطَّاب نَصْر بن أحْمَد بن البَطِر، وأبي عَبْدِ اللّه الحسَين بن مُحَمَّد بن طَلْحَة، وأبي سَعْد أحْمَد بن عليّ بن تَحْرِيْش (a) القَزَّاز، وأبي مُحَمَّد رِزْق اللّه بن عَبد الوَهَّاب التَّمِيْمِيّ، وأبي الغَنائِم حَمْزَة بن مُحَمَّد بن الحَسَن الزُّبيرِيّ، وأبي الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، وأبي طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن الكَرْجِيّ، وأخيهِ أبي غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن، وأبي الحُسَين أحْمَد بن عَبْدِ القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، وأبي بَكْر أحْمَد بن عُمَر بن أبي الأشْعَث السَّمَرْقنديّ، وأبي طَاهِر أحْمَد بن عليّ بن سَوَّار المُقْرِئ، وأبي بَكْر أحْمَد بن عليّ الطُّرَيْثِيثِيّ، وأبي المَعَالِي ثَابِت بن بُنْدَار البقَال، وأبَوَي عَبْد اللّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن أيُّوبَ العُكْبَرِيّ، والحُسين بن عليّ بن البُسْريّ (b)، وأبي يَعْلَى مُحَمَّد بن أحْمَد الأنْصَاريّ، وأبي الوَفَاء مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن عَفَّان الوَاعظ، وأبي مُحَمَّد عبدِ اللّه بن جَابِر بن يَاسِيْن، وأبي عبد اللّهِ مُحَمّد بن أبي نَصْر الحُمَيْدِيّ، وخَلْق كَثِيْر غيرهم. وحَصَّل الكُتُب والفَوَائِد.

ثمّ إنّه دَخَلَ الشَّام في سَنَة تِسْعٍ وثمانين، فسَمِعَ بها الفَقِيه نَصْر بن إبْراهيم المقدِسِيّ، وأبا المَعَالِي سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ، وأبا إسْحاق إبْراهيم بن يُونُس بن مُحَمَّد بن يُونُس المُقْرِئ خَطِيْب دِمَشْق، ومُقَاتِل بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ.

وعادَ إلى بِلَادِ المَغْرِب، فأقام بِها، وأخَذَ النَّاسُ عنه عِلْمًا كَثِيْرًا.

(a) كذا في الأصل مجوَّد الرسم، وانظر ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 188، وتاريخ الإسلام 10:591.

(b) مهملة في الأصل، وهو الإمام المحدث البندار (توفي سنة 497 هـ). انظر: الأنساب للسمعاني 2: 227، الكامل لابن الأثير 10: 379، العبر في خبر مَن غبر 2:374.

ص: 369

حدَّث ببَغْدَاد بحَدِيثٍ واحدٍ على ما ذَكَرهُ في مَشْيَخَته، فإنَّهُ قال في مَشْيَخَته: عليّ بن هِبَةِ اللّه بن عَبْد السَّلام أبو الحَسَن، بَغْدَاديٌّ سَمِعَ معنا، أخَذتُ عنه خَمْسَة أحاديثَ، وأخَذَ عنِّي حَدِيثًا واحدًا.

أنْبَأنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه القَاضِيِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: الحُسَين بن مُحَمَّد بنِ فِيْرُّة بن حَيُّوْنِ، أبو عليّ الصَّدَفِيّ الأنْدَلُسِيّ الحافِظُ الفَقِيهُ، من أهْل سَرَقُسْطَة، رَحَل وسَمِعَ بدِمَشْق نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، وسَهْل بن بِشْر، وإبْراهيم بن يُونُس، ومُقَاتِل بن مَطَّكُوْد، وببَغْدَاد أبا القَاسِم عَبْد اللّه بن طَاهِر التَّمِيْمِيّ البَلْخِيّ المَعْرُوف بشَاهْفُور (a)، وأبا الغَنائِم بن أبي عُثمان، وعليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأنْبارِيّ، وعَاصِم بن الحَسَن، ومالك بن أحْمَد البَانياسِيّ، وأبا الفَضْل بن خَيْرُون، وأبا طَاهر البَاقلَّانيّ، وأبا الخَطَّاب بن البَطِر، وأبا مُحَمَّد التَّيْمِيّ، وطَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، وأبا طَاهِر جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الفَضْل القُرَشِيّ العَبَّادَانِيّ، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللّهِ بن الحَسَنِ القاضيّ، وأبا القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن فَهْد العَلَّاف، وأبا الفَضْلِ حَمْد في أحْمَد بن الحَسَن الأصْبَهانيّ الفَقِيه، وبالبَصْرَة أبا القَالمِ عَبْد المَلِك بن عليّ بن خَلَف بن شَغَبَة، وبوَاسِط أبا المَعَالِي مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ. سَمِعَ منه بدِمَشْقِ أبو القَاسِم، وأبو مُحَمَّد؛ ابنا صَابِر، وخالي القَاضِي أبو المَعَالِيّ، وأبو الحَسَن عليَّ بن زَيْد بن عليّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن الحافِظ أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أنْبَأني القَاضِي أبو الفَضْل عِيَاضُ بن مُوسَى بن عِيَاض اليَحْصُبيّ

(2)

، قال: أبو عليّ حُسَيْن بن فِيْرُّة بن حَيُّوْن الصَّدَفِيّ السَّرَقُسْطِيّ

(a) ابن عساكر: شاهقور.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 321.

(2)

انظر بعضه في أزهار الرياض 3: 151 وفهرست القاضي عِيَاض "الغنية" 129 - 130.

ص: 370

يُعْرَفُ بابن سُكَّرَة، مَوْلدُه نحو أرْبَع وخَمْسِين وأرْبَعِمائة بمَدِينَة سَرَقُسْطَة، قرأ القُرْآن بها، وسَمِعَ من أبي مُحَمَّد بن فُورْتش، وأبي الوَلِيد البَاجِيّ، وغيرهما وذَاكرَهمُا في الفِقْه، وذَكَرَ أنَّ ابتداءهُ للسَّمَاعِ كان عند البَاجِيّ في شَوَّال سَنَة إحْدَى وسَبْعِين، ثمَّ خرَجَ عن سَرَقُسْطَة سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين فسَمِعَ ببَلَنْسِيَة والمَرِيَّة من جَمَاعَة، ولقي جلَّةً من فُقَهَاءِ الأنْدَلُسِ ورُوَاتِها.

أخَذَ عن أبي العبَّاسِ العُذْرِيّ ببَلنسِيَة، وبالمَرِيَّة ابن المُرَابِط، وابن سَعْدُون، وعُنِيَ بالحَدِيْث والضَّبْط وحِفْظ أسْماءِ الرِّجَال، وكان مع هذا مَوْصُوفًا بالفَضْل والدِّيْن والعِفَّةِ والصِّدْقِ.

ثمّ رَحَلَ إلى المَشْرِق أوَّل مُحَرَّم سَنَة إحْدَى وثمانين وأرْبَعِمائة في البَحْر، فلَقِي بقايا من شُيُوخ إفْرِيقِيَّة بالمَهْدِيَّةِ، ولَقِي بمِصْرَ الحَبَّالَ والخِلْعِيِّ، وحَجَّ من عَامِهِ فلَتِي بمَكَّة أبا عَبْدِ اللهِ الطَّبَريَّ، وأبا بَكرٍ الطُّرْطُوشِيَّ، وسَارَ إلى البَصْرَة ولَقِيَ أَبا يعلَى المالِكِيّ، وأبا العبَّاس الجُرْجَانِيّ، وأبا القَاسِم بن شَغَبَة الحافِظَ.

وخَرَجَ عنها إلى بَغْدَاد، فسَمعَ في طَرِيْقهِ بوَاسِط، ودَخَلَ بَغْدَادَ مُنْتَصَف جُمَادَى الآخرة سَنَة اثْنَتَيْن وثَمانين، فأطال المقام بها خَمْس سنين كَامِلة حتَّى كَتَب عن الإمَام أبي بَكْر الشَّاشِيّ تَعْلِيقَته الكُبْرَى في مَسَائِل الخِلَاف وتَفَقَّهَ عندَهُ، ولازمَ السَّمَاعَ عند مَنْ أدْرَك بها من جلَّةِ البَغْدَاديِّيْن، ولَقي بها جَمَاعَةً من الخُرَاسَانيِّيْن وغيرهم من الطَّارِئين عليها للحَجِّ من أئمَّة أهْلِ المَشْرِقِ والقَاطِنِيْن بها منهم، ثمّ رَحَلَ عنها في جُمَادَى الآخرةِ سَنَة تِسْعٍ وثَمانين، فسَمِعَ بدِمَشْقَ وغيرها في طَرِيْقهِ من نَصْر الفَقِيه وغيره، وحَصَلت عنده عَوَالي نَفِيسة، وفَوَائِد جَمَّة.

ووَصَل إلى الأنْدَلُسِ في صفَر سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، واسْتَقَرَّ سُكْناهُ بمَدِينَةِ مُرْسِيَة، ووَاظبَ الجُلُوسَ للإسْمَاعِ والإمْلَاءِ والرِّوَايةِ والمُذَاكَرَة في مَسَائِل

ص: 371

المُدَوَّنَةِ على طَريْقَةِ أهْل المغرب في المَالكِيَّةِ، فرَحَل النَّاسُ للسَّمَاع منه من أقْطَار الأنْدَلُسِ والمَغْرب.

وتُوفِّيَ على إثر ذلك كَنِيُّهُ وسَمِيُّهُ أبو عليّ حُسَين بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ الحافِظُ المَعْرُوف بالجَيَّانِيّ، شَيْخُنا وآخر المُسْندِين بقُرْطُبَةَ، وأضْبَط النَّاسِ لكتابٍ ورِوَايَةٍ، فانْفَرَد بعد وَفَاته بِالإمَامَة في الحَدِيْث بالأنْدَلُسِ، وكَثُرَ الرَّاحلُونَ إليهِ، وغصَّ مَجْلسُه واسْتَوْفَتْ نُوَبُ السَّامِعيْن منه أجْزاء نَهَاره وكَثِيْرًا من لَيْلِهِ، وتَنَافس النَّاسُ في الأخْذ منه، والحَمْلَ عنه، وشاركَ فيه الأكَابِرَ الأصَاغِرُ، وكِان صَابِرًا على ذلك مُحْتَسِبًا فيهِ، ولم يَزَل يَزْدَادُ على مَرِّ الأيَّام مَعْرفَةً وحِفْظًا ووَرَعًا وجَلَالَةً ومَنْزِلةً من قُلُوب النَّاسِ، مع حُسْنِ خُلُقه وتَوَاضُعهِ، وجَمِيلِ عِشْرَتهِ، حتَّى بَذَّ ذِكْرهُ جميع طَبَقَات الأَجَلَّاءِ، وأقَرَّ بفَضْلِهِ جميعُ الفُضَلَاءِ، وبَعُدَ صِيْتُهُ من بين العُلَمَاءِ.

ثُمَّ طلبَ أهْلُ مُرْسِيَةَ وشَرْقِ الأنْدَلُسِ من أمير المُسْلمِيْن أبي الحَسَن علِيّ بن يُوسُف بن تَاشِفِيْن أنْ يُقَلِّده قَضَاءَهم، فقَلَّدَهُ ذلك في رَبِيع الآخر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِمائَة، فامْتَنَعَ منه، وخَرَجَ إلى المَرِيَّةِ فارًّا بنَفْسِهِ، وترردَّدت إليهِ كُتُب أمير المُسْلمين ورُسُلهُ، وألْزمَ إشْخَاصَهُ إلى مُرْسِيَة، وشَدَّد في الأمْرِ، فنَهَضَ إليها على كُرْه مُتَقلِّدًا قَضَاءها وقَضَاءَ قُضَاةِ الشَّرْق بها، فلَزم هذا العَمَل، مَحْمُود السِّيْرَةِ، قَائمًا بالحقِّ إلى أن عَزَلَ عن القَضَاءِ نَفْسَهُ، واخْتَفَى، ووَرَدَت كُتُب السُّلْطان برجُوعهِ إلى القَضَاءِ وهو يَأبَى، وبَقِيْت الحالُ هكذا أشهُرًا، وكَتَبَ الطُّلَّابُ والرَّحَّالُونَ كِتَابًا يَشْكُون فيهِ إلى أمير المُسْلِمين حالَهُم، ونَفَاد نَفَقاتهم، وانْقِطَاعَ آمَالِهم، فسَعَى له قاضي الجَمَاعَة عند أمير المُسْلِميْن، وبيَّن له وَجْهَ عُذْره إلى أنْ أَسْعَفَ رَغْبَتَهُ، وظَهَرَ للنَّاسِ.

ولمَّا وجَّهَ أميرُ المُسْلِمِيْن الجُيُوشَ إِلى الثَّغْرِ مع أخيهِ إبْراهيم سَنَة أرْبَع عَشرة، خَرَجَ فيمَن خَرَجَ من المُطَّوِّعَة، فلمَّا جَرَت على المُسْلِمِيْن الهَزِيمَةُ المَشْهُورة بقُتُنْدَةَ،

ص: 372

كان فيمَن فُقِدَ، فخُتِم له بالشَّهَادَةِ، وكانت هذه الوَقْعَة بقُتُنْدَة من ثَغْر سَرَقُسْطَة يَوْم الخَمِيْس لستٍّ بقين لرَبِيع الأوَّل من السَّنَةِ المَذْكُورَة.

قال القَاضِي عِيَاض

(1)

: ولقد حَدَّثَني الفَقِيه أبو إسْحاق إبْراهيم بن جَعْفَر أنَّهُ قال له: خُذ الصَّحيح فاذْكُر أيّ مَتْن شِئْتَ منه أذْكُر لك سَنَدَهُ، أو أيّ سَنَد أذْكُر لك مَتْنَهُ.

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن مَوْدُود بن حَمَّاد بن دَاوُد بن مَوْدُود بن عليّ بن عَبْد اللّه السُّلَمِيّ مَوْلاهم، أبو عَرُوبَة الحَرَّانيُّ الحافِظُ

(2)

وَلِيَ قَضَاء حَرَّان، وسافرَ في طَلَب العِلْم إلى الشَّام والثُّغُور والحِجَاز والعِرَاق، وفي عبُوره من حَرَّان إلى الشَّام اجْتازَ بحَلَبَ أو ببعضِ نَوَاحِيها.

حدَّث عن فَضَالَة بن الفَضْل الكِنْدِيّ، وأبي رِفَاعَة عَبْد اللّهِ بن مُحَمَّد، والمُغِيرَة بن عَبْدِ الرَّحمن الحَرَّانيّ، وعليّ بن سَعيد بن شَهْرَيَار، وعَبد الوَهَّاب بن الضَّحَّاك العُرْضِيّ، وعَمْرو بن هِشَامٍ الحَرَّانيّ، والمُسَيَّب بن وَاضِح السُّلَمِيّ، وسُلَيمان بن سَلَمَة، ومُحَمَّد بن المُصَفَّى الحِمْصِيّ، وسَلَمَة بن [الخَلِيْل الكَلَاعِيّ](a)،

(a) وقف ابن العديم عن استكمال الاسم دون بياض لوقوعه في آخر السطر، واستكملنا الاسم من تاريخ ابن عساكر 50: 40، وكلامهما - أبو عروبة والكلاعي - مِمَّن أخذ عن كثير بن عُبَيْد المذحجي الحمصي.

_________

(1)

لم أقف على قول القاضي عِيَاض في المتاح من مؤلفاته، ونقله الذّهبيّ في سير أعلام النبلاء 19: 378، والمقري في نفح الطيب 2:92.

(2)

توفي سنة 313 هـ، وقيل: 316 هـ و 318 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 2/ 1: 105، تاريخ الإسلام 7: 339، (وفاته سنة 318 هـ)، تذكرة الحفاظ 2: 774 - 775، العبر في خبر مَن غبر 1: 477 - 478 (أرخ وفاته سنة 318 هـ)، سير أعلام النبلاء 14: 510 - 513، اليافعي: مرآة الجنان 2: 207 (سنة 318 هـ)، طبقات الحفاظ 327 - 328، النجوم الزاهرة 3: 228، شذرات الذَّهب 4: 89، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 166 - 167، مُعْجَمُ المؤلفين 4:60.

ص: 373

وأبي كُرَيْبٍ، ومُحمَّد بن يَحْيَى بن كَثِيْر، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى، ومُحَمَّد بن بَشَّار، وعَمْرو بن عُثْمان، وعَبْد الوَارِث بن عبد الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، وجَمِيل بن الحَسَن، ومُحَمَّد بن عَوْف الحِمْصِيّ، وأبي الخَطَّابِ زِيَاد بن يَحْيَى الحَسَّانِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عَمْرو البَجَليّ، وعَمْرو بن عُثْمان، ومُحَمَّد بن زِيَاد بن عَبْدِ اللّه بن عِيسَيّ، وأبي دَاوُد سُليْمان بن سَيْف الحَرَّانيّ، وعليّ بن مَنْصُور العَطَّار، وأحمد بن بَزِيع الأَدَمِيّ، وإبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، وعَبَّاد بن يَعْقُوب، ومَخْلَد بن مَالِك، وغيرهم.

رَوَى عنه الحُفَّاظ: أبو أحْمَد عَبْد اللّه بن عَدِيّ الجُرْجَانيّ، وأبَوَا بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ، وأحمد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق السُّنِّيّ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن في حَمْد الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق السُّنِّيّ الحافِظ، قال: أخْبرَني أبو عَرُوبَة، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بن سَوَّار، عن أبي بَكْر الهُذَلِيّ، عن مُحَمَّد بن سِيْرِيْن، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، قال: رخَّصَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شِعْر الجَاهِلِيَّةِ إلَّا قَصِيدَة أُمَيَّة بن أبي الصَّلْتِ في أهْل بَدْر، وقَصِيدَة الأعْشَى في ذِكْرِ عَامِر وعَلْقَمَة.

أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

، قال: الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن مَوْدُود، أبو عَرُوبَة الحَرَّانيّ، كان

(1)

مسند أبي يعلى المَوصِلي 10: 447 - 448 (رقم 6059)، الكامل لابن عدي 3: 1170، مجمع الزوائد للهيثمي 8: 122، وكشف الأستار للهيثمي 2: 454 (رقم 2095).

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 147.

ص: 374

عَارِفًا بالحَدِيْث والرِّجَال، وكان مع ذلك مُفْتي أهْل حَرَّان، أشْفاني (a) حين سَألتُهُ عن قَوْم من رُواتهم، وذَكَرت ذلك في ذِكْر أَسَامِيهم (b).

‌الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى، أبو عليّ بن أبي جَعْفَر البُطْنَانيّ الحَلَبِيِّ

(1)

وقيل فيه: الحَسَنُ، والصَّحيح الحُسَين، وقد ذَكَرْناهُ فيمَن اسْمُه الحَسَن

(2)

.

وقد ذَكَرَهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعِيّ في مُعْجَم شُيُوخه فيمَن اسْمُه الحُسَين، وهو حَلَبيٌّ ويُنْسَبُ إلى بُطْنَان قَرْيَةٌ من قُرَى حَلَب، بينها وبين مَنْبِج، وإليها يُضَاف وَادِي بُطْنَان، وهو وَادِي بُزَاعَا، وهي إلى جَانب بُزَاعَا، وتُعْرف ببُطْنَان حَبِيْب.

حَدَّثَ بحَلَب عن عَبْد اللّه بن أبي بَكْرٍ العَتَكِيِّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن أبي عُقْبَة الأنْصَاريّ، وأبي الوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ويَحْيَى بن عَبْد الحَيْد الحِمَّانيّ، وإسْمَاعِيْل بن عَبْدِ اللّهِ بن زُرَارَة العَبْدَرِيّ قاضي دِمَشْق.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيِّ الحَلَبِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الأصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد اللّه بن مُوسَى الرَّافِقِيّ، وأبو عَبْد اللّهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَعيد بن شُعَيْب، وأبو جَعْفَر أحْمَد بن إسْحَاق بن مُحَمَّد بن يَزِيد الحَلَبِيّ، وأبو حَفْص عُمَر بن أحْمَد العَطَّار البَغْدَاديّ.

(a) وضع فرقها في الأصل "صـ"، والمثبت موافق لما في نشرة كتاب ابن عدي.

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

كان حيًّا سنة 290 هـ، وترجمته في: الثِّقات لابن حبَّان 8: 192.

(2)

في الجزء الضائع قبل هذا.

ص: 375

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن أبي جَرَادَة، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، وولده القَاضِي أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَدُ بنُ عَبْد القَاهِر بن هِبَة اللّه بن المَوْصُول الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بنُ عَبْد اللّه بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الفَتْح عَبْد اللّه بن إسْمَاعِيْل الجِلِّيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدِ اللّه بن أبي نُمَيْر العَابِد الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد بن مُوسَى البُطْنَانيّ بحَلَب سَنَة تِسْعين ومَائتَيْن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن أبي بَكْر العَتَكِيّ، ح.

وأخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بَرَكاتُ بن إبْراهيم بن طَاهِر القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الكَريم بن حَمْزَة بن الخَضِر السُّلَمِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أَبو القَاسِم تَمَّام بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن إسْحاق بن مُحَمَّد بن يَزِيد الحَلَبِيّ القَاضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن (a) بن أبي جَعْفَر البُطْنانيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ اللّه بن أبي بَكْر العَتَكِيّ، واللَّفْظ للسَّبِيْعيّ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن هَارُون المُعَلِّم، عن بُدَيْل بن مَيْسَرَة، عن عَبْدِ اللّه بن شَقِيْق، عن عائِشَة

(1)

، قالت: سَمِعْتُ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقْرأ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}

(2)

.

(a) كتبه ابن العديم كما وجده بهذا الاسم، وفوقه "صـ"، وتقدم له في أول التَرْجَمَة ذِكْر الخلاف في اسْمُه ورجحَّ اسم الحُسَيْن.

_________

(1)

سنن أبي داود 4: 290 (رقم 3991)، الجامع الكبير للترمذي 5: 55 (رقم 2938)، مسند أبي يعلى المَوصِليّ 8: 13 (رقم 4515)، 8: 107 (رقم 4644)، المستدرك للحاكم 2: 236، حلية الأولياء لأبي نعيم 3:63.

(2)

سورة الواقعة، من الآية 89.

ص: 376

قال أبو عبد الرَّحْمن: فلقيْتُ هَارُون المُعَلّم فسَألتُهُ عن الحَدِيْثِ فَحدَّثَنيهِ كما حَدَّثَني شُعْبَةُ.

وهذه القراءة - بضَمِّ الرَّاء من فَرُوح - قَرَأ بها يَعْقُوبُ بن إسْحاق الحَضْرَميّ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل الأنْصَاريّ الِحْمِصِيّ بدِمَشق، ومُكْرَم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر بحَلَب، قالا: أحْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الحَرَسْتَانيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَبْد الله الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبَو المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ الحْمِصِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْد الكَريم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد الرَّافقِيّ، قال: حَدَّثنا الحُسَينُ بن أبي جَعْفر، قال: حدَّثنا يَحْيى بن عَبْد الحَمِيْد، قال: حَدَّثنا حَاتِم بن إسْمَاعِيْل، عن ابن أبي أسْبَاط، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَة. وحَاتِم بن إسْمَاعِيْل، عن ابن أبي أسْبَاط، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ، قالا

(1)

: كان النَّبِي صلى الله عليه وسلم إذا خُطِبَ إليه بعضُ بَناتِهِ أتى الخِدْر فقال: إنَّ فُلَانًا يَخْطبُ فُلَانَة، فإنْ طَعَنت في الخِدْر لم يُزَوِّجْها، وإنْ لم تَطْعَنُ في الخِدْر أنْكَحَها.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن شُجاع بن سَالَم القُرَشِيّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد عَبْد المَوْلَى بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله اللَّخمي، قال: اخْبَرَنا أبي أبو مُحَمَّد عَبْد المَوْلَى، قال: أخْبَرَنا أبو خَلَف عبد الرَّحيم بن مُحَمَّد بن المُدَبِّر (a)، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بنُ عَبْد اللهِ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن أحْمَد العَطَّار

(a) جوّدها المصنف في الأصل بفتح الباء وتشديدها.

_________

(1)

البيهقي: السنن الكبرى 7: 123، الهيثمي: مجمع الزوائد 4: 278.

ص: 377

البَغْدَاديّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن أبي جَعْفَر البُطْنانيّ، قال: حَدَّثنا إسْمَاعِيْلُ بن عَبْد اللهِ بن زُرَارَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن رَبيْعَة الكِلابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن العَسْقَلانِيّ، عن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن رُكَانَة، عن أَبِيهِ رُكَانَة، قال

(1)

: صَارَعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فصَرَعَني. قال رُكَانَةُ: وسَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: فرْقٌ بيننا وبينَ المُشْرِكين لبس العَمَائم على القَلَانسِ.

قَرَأتُ في تاريخ الثِّقَات، تأليفُ الحافِظ أبي حَاتِم مُحَمَّد بنِ حِبَّان البُسْتِيّ

(2)

، في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة وهم تُبَّاع أَتْبَاعَ التَّابِعِين، قال: حُسَيْن بن أبي جَعْفَر البُطْنَانيّ، من أهْلِ حَلَب، كُنْيَتُهُ أبو عليّ، يرْوي عن أبي الوَلِيدِ الطَّيَالِسِيّ، وعبد اللّه بن أَبي بَكْر العَتَكِي. حَدَّثَني عنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الأصْبَهَانِيّ.

قُلتُ: سَمعَ أبو بَكْر السَّبِيْعيِّ منهُ سَنَةَ تِسْعين

(3)

، فقد تُوفِّي بعد ذلك.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد الحَلَبِي الأنْصَاري، ويُلَقَّب بَرَكَة

رَوَى عن يُوسُف بن أسْبَاط، رَوَى عنهُ مُوسَى بن مُحَمَّد الأنْطَاكِي، والحَسَن بن عليّ المَعْمَرِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن زِيَاد بن خَالِد بن أبي زِيَاد بن أَبَان بن المُغِيرَة، وأحمد بن عَبْد الله بن سَابُور، وأبو يَعْقُوب المنجَنِيْقِيّ، والحَسَن بن عليّ القَاضِي، وكان يَضَعُ الحَدِيث، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف الباءِ فيمَن اسْمُه بَرَكَة

(4)

لاشْتِهَاره بذلك وغَلَبَته على حُسَين.

(1)

الجامع الكبير للترمذي 3: 380 (رقم 1784)، المعجم الكبير للطبراني 5: 71 (رقم 4614)، المستدرك للحاكم 3: 452، الفردوس للديلمي 3: 143 (رقم 4384)، كنز العمال للمتقي الهندي 15: 306 (رقم 41143)، وانظر المسند الجامع 5: 440 (رقم 3738).

(2)

كتاب الثقات لابن حبان 8: 192.

(3)

أي: ومائتين.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 378

‌الحُسَين بن مُحَمَّد، أبو يَعْلَى المَلَطِيّ

حدَّث بمَلَطْيَة عن الحَسَن بن زَيْد. رَوَى عنهُ جَابِر بن عَبْدِ الله بن المُبارَك الجلَّاب المَوْصِلِي وقد سُقْنا عنه حَدِيثًا في تَرْجَمَةِ الحَسَن بن زَيْد

(1)

.

‌الحُسَين بن مُحَمَّد، أبو القَاسِم الهُبَيْرِيّ الفَزَارِيّ الحلَبِي

من وَلَد عُمَر بن هُبَيْرَة ومن مَذْكُوريّ التُنَّاء بحَلَب، وأرْبَاب النّعَم المَشْهُورة بجُنْد قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم، وأهْل بَيْتهِ يُقال لهم الهُبَيْرِيُّونَ؛ بَيْتٌ قديمٌ من بيوت حَلَب ومن أهْلِ المُرُوءَة والمَعْرُوف والتَّقَدُّم عند الخُلفَاء والوُزَرَاء والمُلُوك، ووَلُوا ولايات بالعِرَاق والشَّام، وقد ذَكَرَ أبو القَاسِم ذلك في رِسَالَة من رَسَائِله وَقَفْتُ عليها.

وكان أبو القَاسِم هذا شَاعِرًا مجُيْدًا، وكَاتبًا بلِيْغًا، ولهُ مَعْرفَةٌ تامَّةٌ باللُّغَة والأدَب، وكان بينَهُ وبين أبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه مُكَاتَبةٌ ومُشَاعَرة، وله إلى الأَمِير سَيْف الدَّوْلةَ أبي الحَسَن عليِّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان رِقَاعٌ حَسَنة تَشْتَمِل على نَثْرٍ ونَظْم، طالعتُ ذلك في مُجَلَّدة وَقَعَتْ إليَّ من رَسَائِله. روَى عنهُ أبو عَبْد الله بن خَالَوَيْه.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح أحْمَد بن عليّ بن النَّخَّاس المَدَائِنِي الحَلَبِي في مَجْمُوع وَهَبْنيهِ وَالدِي رحمه الله: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أبو الحُسَين أحْمَدُ بن عليّ بن عُبَيْدِ الله بن أبي أُسامَة، رحمه الله، قال: أمْلَى علينا ابن خَالَوَيْه، قال: كَتَب أبو القَاسِم الهُبَيْرِيّ إلى وَكيلٍ له في القَرْيَة: إذا قَرَأتَ كتابي هذا فاحْمل إليَّ حِنْزَابًا هنْديًّا تَخْتبرهُ وتَنْتَضِيهِ، أو قُبْرُسِيًّا تَخْتَارُهُ وتَرْتَضِيهِ، أبْيَض عَاجِيًّا، أو أسْوَدَ دَجُوجِيًّا،

(1)

انظر ترجمته في الجزء الخامس.

ص: 379

فإنْ لَم تَجدْهُ أسْوَدَ حَالِكًا، ولا أبْيَضَ يَقَقَا، فليَكُن مُوَشَّحًا بَلَقًا، ذا خَلقٍ مُدْمَج، وجَنْبٍ كُنْفُج، مُبَرْنَسَ الرَّأسِ مُتوَّجَهُ، مُدَبّجَ الظَّهْر مُخَرْفَجهُ، بَادِي المنْقَارِ مُؤنَّفَهُ، زُمَّجِيَّ الوَجْهِ مُفَوِّفَهُ، مُدَمْلَكَ الهَامَةِ مُحَدْرَجَ الحُلْقُوم، مُسْتَجافَ الحَوْصَلَةِ والبُلْعُوم، رَحيْبُ المُبَرَّجِ والمَنْخَريْن، بَارِزَ الصِّمَاخَيْن، مُقَلَّصِ الرَّعْثَيْن، كأنَّهُما قُرْطَانِ مُعَلَّقَانِ، أو مِصْباحَانِ يَقِدَان، أو مُدْهَنَتا عَقِيْق، أو وَرْدَتَا شَقِيْق، ذا عُنُقٍ أغْلَبَ أَعْنَق، وعُرْفٍ قَانئٍ أفْرَق، كأنَّ مَلِكًا ألْحَفَهُ دِيْبَاجَهُ، وألْبَسَهُ تَاجَهُ، فهو يَزفُّ عليهِ مَائِلًا، ويَشِفُّ مَاثِلًا، تَحْسِبُهُ المِرِيْخَ إذا طَلَعَ، أو الرُّطَبَ إذا أيْنَعَ، أو سُطُورَ جُلَّنَار، أو لَهِيْبَ النَّار، أو حُمَّاض البَرَارِي.

فإذا نَظَرَ بَرْشَمَ وحَمَّج، من مُقْلَةٍ خَدِرَة المُحَجَّج، يَطْرفُ من (a) فُصُوصِ اليَاقُوت الأحْمَر، ونَوْر الرِيَاض الأزْهَرِ، له زَوْر مُوَلَّعٌ رَحِيْب، وجُؤْجُؤ تَارٌّ غير سَلِيْب، وجَنَاحٌ مُؤَجَّد التَّرْكِيب، مؤَزَّر الزِّفِّ والأنبُوب، كهَيْئَةِ الطَّيْلَسان، أو رِيَاط العَصْب اليَمَان، أو رِيَاض البُسْتَان، كأنَّما حُفَّتْ قَوَادِمُهُ بقَوَاطعِ الأقْلَام، أو حَوَاشِي الأعْلَام، أو مَصَارِيْب (b) العِيْدَان، أو رَخْص البَنَان، وذنَبٌ نَاشِرٌ شَائِلٌ، وسِرْوَالٌ ضَافٍ سَائِلٌ، ورُكْبَةٌ مُرَكَّبة في سَاقٍ دَرْمَاءَ، كأنَّها قَنَاةُ خَطٍّ صَمَّاء، أصفَر الظُّنْبُوب والشِرَاك، مُحَسَّرُ الصِّيْصِيَّةِ عندَ العِرَاك، شَرنْبَثُ شَوْكِ الرِّجْل، شَثْن الأصَابِع، كأنَّها بَرَاثِنُ ضَبُعٍ، أو مَخَالِبُ سَبعٍ، إنْ بحَث نَبَثَ، أو رَكَلَ ضَبَث، كأنَّما يَنْقر بنيَازك الرِّمَاح، أو يُنَاضِلُ بنضَالِ القدَاح، حَسَنُ الإشْرَاف والإيْفَاد، والزَّيَفَان عندَ السِّفَاد.

(a) في الأصل: عن، ويأتي في تفسير الغريب من الألفاظ على هذا الوجه، وهو أظهر.

(b) كذا في الأصل بالصاد المهملة، ولعله بالمعجمة، وأقرب ما يكون في تفسيره أن يكون واحدة الصَّرَبَة: وهو ما يتخير من العشب والشجر بعد اليابس. لسان العرب، مادة: صرب.

ص: 380

ولا يكونُ أَشْغَى ولا أَوْرَق، ولا أضْجَمَ ولا أَجْوَقَ، ولا أحَصَّ الجَنَاحِ، ولا أبَحَّ الصِّيَاح، إنْ صَاحَ خِلْتَ جَوَادًا صَهَل، أو زَاف قُلْتَ سِتْرًا سُدِل، يُزْهَي على الطَّاوُوس شَكْلًا وحُسْنًا، ويُوْفي عليه قَدْرًا ووَزْنًا.

إنْ قَاتَلَ عُتْرُفَانًا بَذَّهُ وفَاقَهُ، أو رآهُ نَاظِرٌ أعْجَبَهُ ورَاقَهُ، يَتَوقَّد زَغَلًا وذَكَاءً، ويَجْري لَوْنهُ ماءًا وضِيَاءًا، حتَّى إذا انْتَصَبَ فاحْزَأَلَّ، وصَفَّقَ فاسْتَقَلَّ، وارْتَاحَ فأعجَبَ، وصَوَّتَ فأجْلَبَ، وعَلَا الجِدَار خَاطِبًا وسبَّح مُعْلِنًا، وقامَ مُؤَذِّنًا أيْقَظَ إلى الصَّلاة غَابِقًا، وأذْكرِ نَاسِيًا، وبَشَّر بَبْهجة الإصْبَاح، وحَثَّ على الصَّبُوح ومُعَاطَاةِ الأقْدَاح، فيُعْجب ويَرُوْق مَنْ رآه، فيُسَبح ويقول تَبارَك اللهُ أحْسَن الخالِقين

(1)

.

فإذا جئْتَ به مُلَائمًا لهذه الهَيْئَة، حَوَيْت قَصَب السَّبْقِ، وحَقَّقْتَ مخِيْلَة الظَّنّ، واسْتَوْجَبْتَ حُسْنَ النَّظَر إنْ شَاءَ اللهُ.

فأجَابَهُ الوَكِيلُ:

بسم الله الرحمن الرحيم

قَرَأتُ كِتَابكَ، وفَهِمْتُ بعضَهُ، وأكْثَرهُ لَم أفْهَمْهُ، والصَّوَابُ أنْ تَطْلُبَ هذه الصِّفَة من رَبِّك، فعَسَى أنْ يعطِيْكَ دِيْكَ العَرْش {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

(2)

.

وبخَطِّ المَدَائِنِي تَفْسِير الغَرِيْب عن ابن خَالَوَيْه: الحنْزَابُ: الدّيْك، وتنتَضِيه: تَخْتَارُهُ، أبْيَض عَاجِيًّا: شَدِيدُ البَيَاض يَضْرب إلى الصُّفْرَة، وأسْوَدَ دَجُوجِيًّا: شَدِيدُ السَّوَادِ، وكذلك الحالِكُ، واليَقَقُ: الشَّدِيد البَيَاض، والمُدْمَجُ: المَفْتُول الخلْق، والكُنْفُج: المُنْتَفخ، والمُبَرْنَس: كأنَّهُ لابس بُرْنُس، والمُدَبَّج: كأنَّهُ لابس دِيْبَاج، والمُخَرْفُج: السَّمِين المُحْسن الغذَاءِ، والبَادِي: الظَّاهر.

(1)

اقتباسٌ من الآية 14 في سورة المؤمنون: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} .

(2)

سورة فصلت، من الآية 39، وسورة الأحقاف، من الآية 33.

ص: 381

قُلتُ: وهذا في رِوَايَةِ ابن خَالَوَيْه، ووَقَعَ إليَّ في غير هذه الرِّوَايَة: بَازِيّ المنْقَار، أي شَبِيْه بمنْقَارِ البَازِي.

عُدْنا إلى كَلام ابن خَالَوَيْه: مُؤنَف: مُرْتَفع، وقَوْله: زُمَّجيّ الوَجْه أي: شَبِيْهٌ بالزُّمَّج، كما تقُول وَجْهٌ مُترِّكٌ يُشْبِهُ الأْتْرَاكَ، ومُفَوَّفُه: فيه سَوَادٌ وبَيَاضٌ، مُدَمْلَك: مُدَوَّر، ومُحَدْرَج الحُلْقُوم: أمْلَس، مُسْتَجَاف الحَوْصَلَة: وَاسع، رَحِيْبُ المُبَرَّج: وَاسعٌ، والمُبرَّجُ يعني: نَظَرَ عَيْنَيهِ، وبَارِز الصِّمَاخَيْن: أي ظَاهِر الأذُنَين، والرَّعْثَانِ: ما تَدَلَّى من حَنَكِهِ ومَذَابحهِ، شَبَّهَهُ بقُرْطَيْن، لأنَّ القُرْط يقال له الرَّعْثَة، وقَوْلُه: عُنُقٌ أغْلَب يعني: غَليطٌ، وأعْنَق: طَوِيْلٌ، وقَانِئٌ: شَدِيدُ الحُمْرَة، والمَاثِلُ: القَائِمُ، والمرّيخ: نَجْم، وأيْنَع: نَضِج، والحُمَّاضُ: نَبَاتٌ أحْمَر شبَّهَ به عُرْفَه، بَرْشَمَ وحَمَّجَ: أدَام النَّظَر، وخَدِرَةٌ: غَلِيْظَةٌ، والمُحَجَّجِ: من الحِجَاجَيْن وهي عِظَامُ المُقْلَة، ويَطْرِفُ من فُصُوص اليَاقُوتِ: شَبَّه حُمْرَة حَدَقتِهِ بذلك، والزَّوْر والجُؤْجُؤ: الصَّدْر، مُوَلَّعٌ: مُنَقَّشٌ، والتَّارُّ: السَّمِينُ، والمُؤَجَّدُ: الشَّدِيدُ، والزِّفُّ: الرِّيْش، والعَصْبُ: ثِيابُ اليَمَنِ، والرِّيَاطُ: البِيْضُ، وقَوَادمهُ: رِيْشُهُ، والسِّرْوَالُ: يعني الرِّيْشَ الّذي على سَاقِهِ شَبَّهَهُ بالسِّرْوَال، والضَّافي: السَّابغُ، والدَّرْمَاءُ: الكَثِيرة اللَّحْم، وقنَاةُ الخَطّ: مَنْسُوبٌ إلى خَطّ، وهي قَرْيَةٌ على شَاطِئ البَحْر، والظُّنْبُوبُ: عَظْم السَّاقِ، عندَ العِرَاك: يعني القِتَال، والشَّرَنْبَثُ والشَّثْن: يعني الغَلِيْظ، ونَبَثَ: أخْرَج التُّراب، وضَبَثَ: عَلِق، والنّيَازكُ: الرّمَاحُ القِصَارُ، وأصْلُهُ بالفَارِسيَّةِ، والإيْفَادُ الإشْرَاف والارْتِفَاعُ، والأَشْغَى: المُختَلِفُ المنقَار، والأَوْرَقُ: الطَّويلُ، والأجْوَقُ: المُعْوَجُّ، وكذلك الأضْجَمُ، والأحَصُّ: القَلِيْلُ الرِّيْشِ، وسُدِل: أُسْبِلَ، والعُتْرُفَانُ: الدِّيْكُ، وبَذَّهُ: سَبَقَهُ، ورَاقَهُ: أعْجَبَهُ، والزَّغَلُ: النَّشَاطُ، واحْزَأَلَّ: ارْتَفَع، وارْتَاح: نَشِطَ، والغَابِقُ: الّذي يَشْرَبُ الغَبُوقَ، وهو شُرْبُ العَشِي، ومُعَاطَاةُ: مُنَاوَلَةُ؛ نَاولْتُهُ وعَاطَيْتُه واحدٌ.

ص: 382

وقد وَقَعَ إليَّ في بعض مُطَالَعاتي هذه الرِّسَالةَ لأبي القاسمِ الهُبَيْرِيّ، وذَكَرَ أنَّ ابن خَالَوَيْه اقْتَرَح عليه إنْشَاءَها.

قَرَأتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ من كلام أبي القَاسِم الهُبَيْرِيّ نَظْمًا ونثرًا أبْيَاتًا له كَتَبها إلى أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه، وقد سار إلى مَيَّافَارقِين:[من الطويل]

على أنَّ صبْري عنكَ أضْيَقُ سَاحَةً

وأقْصَرُ خَطْوًا عن مُصَاحَبةِ البُعْدِ

عَزِيزٌ على عَيْني وقد غِبْتَ لحْظُها

وإنْ كان مَطويَّ الجُفُون على السُّهْدِ

وإنَّ رَحِيلًا حالَ دونَ لقائنا

لأقْسَى بنا قَلْبًا منَ الحَجَرِ الصَّلْدِ

لقد كان قَلْبي مِن يَدِ الشَّوْق مُطْلَقًا

فأوقَعْتُهُ في قَبْضَةِ الشَّوْق والوَجْدِ

وقد كُنْتَ لي في دَوْلَةِ القُرْب سلْوةً

عن السَّكَنِ الجافي أو الأمَلِ المُكدِي

بمَن أعِدُ الأيَّامَ بُرْءَ سَقامَها

إلى مَنْ على الأفْهَام بَعْدَك أسْتَعْدي

وما زَالَ قَلْبي مُذْ صَحِبْتُ الهَوَى لَقًا

على طُرُقِ الهِجْرَانِ والبَيْنِ والصَّدِّ

ومِن عَادَةِ الأيَّام إخْلَافُ وَعْدها

فهل تنْجزُ الأيَّام لي فيكَ مِن وَعْدِ

وممَّا قرأتُهُ من شِعْره في هذا الجُزءِ، وكَتَبَهُ إلى الأَمِير سَيْفِ الدَّوْلَة:[من الطويل]

وكيفَ احْتِمَالي للزَّمانِ ظُلَامةً

وأنْتَ على عَيْنِ الزَّمان رَقِيْبُ

وفي كُلِّ أرْضٍ من سَمَائِكَ صَيِّبٌ

وفي كُلِّ رَوْضٍ مِن نَدَاكَ جَنُوبُ

وكُلُّ غَرِيبٍ في جَنَابِكَ آهِلٌ

وكُلُّ قَرِيبٍ لَم تَصِلْهُ غَرِيْبُ

إذا مَرِضَتْ حالُ امْرِئٍ لَم يكُن لها

سِوَى فَضْلِ إنْعَامِ الأَمِير طَبِيْبُ

ومنه أيْضًا، وكَتَبَها إلى بعض إخْوَانه:[من الخفيف]

لو سَلَمْنا من فُرْقةِ الإخْوَان

لسَمِحْنا لنَائبَاتِ الزَّمانِ

ص: 383

أَعْلَن البَيْنُ كُلَّ سِرٍّ وأبْدَى

خَفَراتِ الدُّمُوعَ للأجْفَانِ

ما فِرَاقُ الأحْبَاب عِنْدِيَ إلَّا

كفِرَاقِ الأرْوَاحِ للْأَبدَانِ

‌الحُسَينُ بن مُحمَّد الهاشِميّ

شَاعِرٌ نَزَل دَيْرَ مُحَلَّى، وهو دَيْرُ بنَوَاحِي المِصِّيْصَةِ على سَاحِل جَيْحَان، وقال فيه أبْيَاتًا من الشِّعْر، وهي:[من الخفيف]

لَسْتُ أنْسَى يَوْمًا بدَيْر مُحَلَّى

لَم نَدَعْهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ عُطْلَا

شَغَلَتْنا فيه اللَّذَاذَاتُ حتَّى

لَم نَجِدْ غَيْرَها لِمَا فيهِ شُغْلَا

في رُبَىً دَبَّج الرَّبيْعُ ثَرَاها

وكَسَاهَا مَطَارِفًا ثُمَّ حَلَّا

فَهْيَ تُجْلي على العُيُون كما عَا

ينْتَ في حُسْنِها العَرَائشَ كُحْلَا

ما رَأى النَّاسُ مِثلَ ذَا الدَّيْر دَيْرًا

لا ولا عَايَنُوا لذَا المِثْلِ مِثْلَا

خيْل هذا زَبَرْجَدًا وعَقِيْقًا

والثَّرَى عَنْبَرًا بمِسْكٍ يُعْلَّا

صَاهَرَتْ زَهْرَهُ الغوَادِي فأهْدَي

ن إلى كُلِّ كَاعِبٍ منهُ بَعَلَا

ويُبَاري جَيْحَانُ ذا الدَّيْرَ في سقْ

يَاهُ سَقْيَ المُدَام عَلَّا ونَهْلَا

يَرْضَعُ الرَّوْضُ خلْفَ هذا

كَ فَقَدْ شبَّ بَعْدَما كان طِفْلَا

‌الحُسينُ بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ المَعْرُوف بالزَّاهِر

(1)

الدَّوْسِيّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، ظَفِرْتُ له بقِطْعَتَين

(2)

من الشِّعْر في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المَعَرّيِّيْن، يَرْثِي بهما أبا الحَسَن المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب

(1)

توفي بعد سنة 428 هـ، وترجم له ابن العديم في الجزء العاشر في الألقاب (الزاهر المعري).

(2)

أورد له قطعة ثالثة في ترجمته ضمن الألقاب (الجزء العاشر)، وهي مرثيه كتبها إلى بعض بني سليمان.

ص: 384

التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، إحْديهما قَوْله:[من الطويل]

تَجَدَّدَ حُزْني بعدما كان قد مَضَى

بقَائِلةٍ إنَّ المُهَذَّبَ قد مَضَى

كِريمٌ غَدَا في كُلِّ قَلْبٍ مُحبَّبًا

إذا ما سِوَاهُ كان فيهِ مُبَغَّضَا

به كان رُكْنُ المَكْرُماتِ مُشَيَّدًا

فغيرُ عَجِيْبٍ إنْ عَفَا وتَقَوَّضَا

يُحَرِّضُنِي قَوْمٌ على الحُزْن بَعْدَهُ

ولَسْتُ مُحْتاجٍ إلى أنْ أحَرَّضَا

وقد أمرَضَتْي الحادِثاتُ لفَقْدِهِ

فتَاللهِ لا أنْفَكُّ ما عشْتُ مُمْرضا

فلا يَكُ إنْسَانٌ حَلِيْفَ رضىً به

ففي مثل هذا الخَطْب لا يَحْسُنُ الرِّضَى

وأَقْرَضَني دَهْري أسىً وصَبَابةً

فيا ليْتَهُ اسْتَوْفَى الّذي كان أقْرَضَا

أَيُومِضُ بَرْقُ الجُوْد بعد مُهَذَّبٍ

وما كان إلَّا من أيَادِيهِ مُوْمضَا

وما بتُّ إلَّا بالهُمَام مُحَمَّدٍ

مَدَى الدَّهْرِ عن إفْضَاله مُتَعَوّضَا

وإنَّ أبا تَمَّام رُكْني ومثْلُهُ

أبو اليُسْر إِنْ صرفُ الرَّدَى بي تقَوَّضَا

فَدَامُوا على النّعْماءِ في ظِلِّ نِعْمَة

ولا زَال مَنْ عَادَاهُم الدَّهْرَ مُدْحَضَا

وأمَّا الأُخْرى فقَوْلُه فيهِ: [من الكامل]

نَارُ الأَسَى بقُلُوبنا تتلَهَّبُ

لمَّا ثَوَى شَيْخُ العَلَاءِ مُهَذَّبُ

أرْدَاهُ صَرْفُ الحادِثَاتِ وإنَّما

أرْدَى قُلُوبًا بَعْدَهُ ئتقَلَّبُ

ما زَالَ يَعْذُبُ في الحَيَاةِ ثناؤُهُ

وَثَنَاهُ بعدَ الموْتِ منها أعْذَبُ

كالمِسْكِ يُؤخَذُ غيْرَ أنَّ نَسِيْهُ

أذْكَى وأعْذَبُ في النُّفُوس وأطْيَبُ

ولئن تَسَرْبَلَ بالنَّعِيْم فإنَّنا

من بَعْدِهِ بلَظى الجَحيِمِ نُعَذَّبُ

فَسَقَى ثَرَاهُ الغَيْثُ يهْطلُ صَوْبُهُ

أبَدًا عليهِ ويَسْتَهِلُّ ويَسْكُبُ

تُوفِّي المُهَذَّب بن عليّ سَنَة ثمانٍ وعشرين وأرْبَعِمائة، فقد تُوفِّي الزّاهِر بعد ذلك.

ص: 385

‌ذكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مَنْصُور ممَّن اسْمُه الحُسَين

‌الحُسَينُ بن مَنْصُور بن إبْراهيم، أبو عليّ الشَّطَوِيّ الصُّوفيّ ويُعْرَفُ بأبي عَلَّويَه

(1)

سَمعَ بالمِصِّيْصَة حجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، ورَوَى عنهُ، وعن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وحَمَّاد بن الوَلِيدِ، والحَارِث بن النُّعْمان، ووَكيع بنُ الجرَّاح. رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاج، ومُحَمَّد بن نَحْلدَ، وغيرهما.

وبَعْضُهم يُسُمِّيه: الحَسَن.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله الأنْصَاريّ، عن الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عُمَر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب إسْحاق بن سَعْد بن الحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاجِ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مَنْصُور أبو عَلُّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْورَ بالمِصِّيصَة، عن يُونُس بن أبي إسْحاق، عن أبي إسْحاق، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، قال: ولد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عام الفِيْل.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: الحُسَين بن

(1)

توفي بعد سنة 250 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 191، تاريخ بغداد 8: 464 - 466، "باسم: الحسن بن منصور"، وترجم له أيضًا باسم الحسين 8: 687، وأسند عنه الخطيب البغدادي حديثًا واحدًا لم ينقله ابن العديم، وضبط شهرته: عَلُّوَيه، المزي: تهذيب الكمال 6: 326 وفيه "الحسن في منصور"، والذهبي: تاريخ الإسلام 6: 71 وفيه: الحسن بن منصور ويقال: الحسين بن منصور، وترجم له ابن حجر في موضعين من كتابه تهذيب التهذيب، فيمن اسمه الحسن 2: 332 - 323، وفيمن اسمه الحسين 2:370.

(2)

تاريخ بغداد 8: 687.

ص: 386

مَنْصُور بن إبْراهيم، أبو عليّ الصُّوْفيّ ويُعْرَفُ بأبي عَلَّوْيَه، حَدَّثَ عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وحَمَّاد بن الوَلِيد، ووَكِيع، وحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، والحارِث بن النُّعْمان البُنْدَار (a)، رَوَى عنهُ محمَّد بن مَخْلَد وجَمَاعَة، إلَّا أنَّهُم سَمّوهُ الحَسَن، وقد أسْلَفنَا ذِكْر ذلك

(1)

، وكانَ ثِقَةً.

‌الحُسَين بن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمن الرُّمَّانِيّ، أبو عليّ المِصِّيْصيّ

(2)

حَدَّثَ بها عن دَاوُد بن مُعَاذ المِصِّيْصيّ، والمُعَافَى بن سُلَيمان.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، وعبد الله بن عُمَر بن عليّ الجَوْهَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عبدِ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو القاسِم سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مَنْصُور الرُّمَّانِيّ بالمِصِّيْصَةِ، قال: حَدّثَنَا دَاوُد بن مُعَاذ، قال: حَدَّثَنَا عُبَدٍ الوارِث، عن ابن عَمْرو بن العَلَاء، عن مُحَمَّد بن أبي لَيْلَى، عن يَحْيَى بن عُبَيْدٍ البَهْرَانيّ، عن ابن عبَّاس

(3)

: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان ينُبْذ له فيَشْرَبُهُ في اليَوْم ولَيْلته، والغَد ولَيْلَته، فإذا كان اليَوْم الثَّالث أمَرَ أنْ يُهْرَاق، أو يُسْقَى الخَدَم.

(a) كذا قيَّده في الأصل، وفي تاريخ بغداد: البزاز.

_________

(1)

الإحالة من الخطيب البغدادي، يحيل على ترجمته لأبي علويه فيمن اسمه الحسن.

(2)

ترجمته في: تكملة الإكمال 2: 743، والمشتبه للذهبي 323 (وفيه: الحسن بن منصور)، توضيح المشتبه 4:333.

(3)

صحيح مسلم 3: 1589 (رقم 2004)، والمعجم الكبير للطبراني (12: 111) (رقم 12625)، وينظر تاريخ الخطيب البغدادي 3: 446 وبهامشه كلام في وجه تضعيفه.

ص: 387

حدَّثنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين الأندَلُسيِّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَدُ بن أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد الله الجُوزْدَانيَّة، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن عَبْد الله بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أيُّوب الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثنا الحُسَين بن مَنْصُور الرُّمّانِيّ المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثنا المُعَافَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثنا حَكِيم بن نَافع، عن يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، عن سَعيد بن المُسَيَّب، عن عُمَر بن الخَطَّاب، قال: قال رسُولُ اللهِ صَلَّى للهُ عليه وسلَّم

(1)

: أوَّل ما يُرْفَع من النَّاسِ الأمَانَةُ، وآخر ما يبقَى الصَّلاة، ورُبّ مُصَلٍّ لا خَير فيه.

لَم يَروْهِ عن يَحْيَى إلَّا حَكِيم تَفَرَّدَ به المُعَافَى، ولا يُروَى عن عُمَر إلَّا بهذا الاسْنَاد.

‌الحُسَين بن مَنْصُور بن عَمْرو بن جَبَلَة

وأظُنُّ أنَّه مِصِّيْصيّ، حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن سُلَيمان لُوَيْن المِصِّيْصيّ، وعَفَّان بن مسم، وأبي حُذَيْفَة [

] (a).

رَوَي عنهُ أبو الحَسن مُحمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله بن مُوسَى الرّافِقِيّ الحَلَبِيّ.

أخْبَرَنا أبو الفَضل مُكْرَم بن مُحمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر بحَلَب، وأبو عَبْد اللّهِ مُحمَّد بن غسَّان الأنصَاريّ بدِمَشْق، قالا: أخْبرنا بو الحَسَن عليِّ بن أحْمَد بن

(a) بياض في الأصل قد كلمتين، وهو أحد اثنين ظنًا: إما أبو حذيفة إسحاق بن بشر بن محمد بن عبد الله الهاشمي (ت 206 هـ)، أو موسى بن مسعود البصري، أبو حذيفة النهدي (ت 220 هـ).

_________

(1)

المعجم الصغير للطبراني 156 (رقم 379)، الفردوس لابن شيرويه الديلي 1: 15 (رقم 10)، مجمع الزوائد 7: 321، كنز العمال للمتقي الهندي 62:3 (رقم 5491)، العجلوني: كشف الخفاء 1: 353 رقم (664).

ص: 388

جَعْفَر الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو عَبْدِ الله الحَسَن بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُسَدَّدُ بن عليّ الأمْلُوكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْد الكَريم - يعني الحَلَبِي - قال: أخْبرنا أبو الحَسَن مُحمَّد بن أحمد الرَّافِقيّ، قال: حدَّثنا الحُسَين بن مَنصُور بن عَمْرو بن جَبَلَة، قال: حَدَّثنَا مُحمَّد بن سُلَيمان الأسَدِيّ، قال: حَدَّثنَا ابن أبي زَائِدَة، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُمَر، عن نَافعٍ، عن ابن عُمَر

(1)

: أنَّ غُلامًا لابن عُمَر أبَقَ إلى العَدُوّ، ثُمَّ ظَهَرَ المُسْلُونَ عليه، فردَّهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يكُن قسَمه.

‌الحُسَين بن مُوسَى بن عِمْران، أبو الطَّيِّب الرَّقّيّ

(2)

وقيل هو بغدَاديٌّ، نزبلُ أنْطَاكِيَة، حَدَّثَ بها عن عَامرِ بن سَيَّار النِّحْلِيّ الحلَبَيّ، ومُوسَى بن مَروَان الرَّقِّيّ، رَوَى عنهُ الحاكمُ أبو أحْمَّد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظُ، وأبو حَفْص عُمَر بن عليّ العَتَكلِيّ.

أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل في كِتابِهِ إليْنَا من هَرَاة، والحُرَّة أُمّ المُؤيَّد زَيْنبُ بنتُ أبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن أحْمَد الشَّعْرِيّ النَّيْسَابُوريَّةُ في كتابها إليْنا من نيْسَابُور، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّدُ بن عبدِ الرَّحْمن الكَنْجَرُودِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب الحُسَين بن مُوسَى الرَّقِّيّ بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثنَا عَامِر - يعني ابن سَيَّار - قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الحَميْد - يعني - ابن بَهْرَام - قال: حَدَّثنَا شَهْر بنُ حوْشَب، قال: حَدَّثَن جُنْدَب بن سُفْيان، رَجُلٌ

(1)

سنن أبي داود 3: 147 (رقم 2698)، وينظر المسند الجامع 10: 739 - 740 (رقم 8155).

(2)

ترجمته في: الأسامي والكنى للحاكم 5: 314، لسان الميزان 2:316.

ص: 389

من بَجِيْلَة، قال

(1)

: إنّي لعند رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين جَاءَهُ بشِيرُ سَرِيَّةٍ بَعَثَها، فأخْبَر بنَصْرِ اللهِ الّذي نَصَرَ سَريتَّهُ وبفَتْحِ اللهِ الّذي فَتحَ لهم، قال: يا رسُولَ اللهِ، بينما نحنُ بِطَلَبِ القَوْم وقد هَزَمَهُم اللهُ عز وجل إذ لَحِقْتُ رَجُلًا بالسَّيْفِ، فلمَّا أحَسَّ أنَّ السَّيْفَ مُوَاقعُهُ، الْتَفَتَ وهو يَسْعىَ، فقال: إنِّي مُسْلمٌ، إنِّي مُسْلِمٌ، قال: قَتَلْتَهُ؟ قال: يا رسُول الله، نَعَم! قال: فهَلَّا شَقَقْتَ عن قَلْبهِ فنَظَرْت أصَادقٌ هو أو كَاذبٌ؟ قال: لو شَقَقْتُ عن قَلْبِهِ ما كان يُعْلِمُني ما قَلْبهُ إلّا قِطْعَةٌ من لَحْمٍ، قال: فأنتَ قتلتَهُ لا ما في قلْبِهِ تعْلم ولا لِسَانه صدَّقته، فأنْتَ قاتلهُ، قال: يا رسُول الله، اسْتَغْفِرْ لي، فقال: لا أسْتَغفرُ لكَ، فماتَ ذلك الرَّجُل فدَفَنُوه فأصْبَح على وَجْهِ الأرْض ثلاثَ مرَّاتٍ، فلمَّا رأى ذلك قَوْمُه اسْتَحْيَوا وحَزنُوا (a) - أو: حربوا، الشَّكُّ من أبي مُحمَّد - فاحْتَمَلُوه فألقَوْهُ في تلكَ الشِّعَاب.

أنْبأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر، قال: أخبَرَنا الحافظُ أبو العَلَاء الحَسَنُ بن أحْمَد الهَمَذَانيّ في كتأبه، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو علّي الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ

(2)

، قال: أبو الطَّيِّب الحُسَين بن مُوسَى بن عِمْران الرَّقّيّ، سَكَنَ أنْطَاكِيَة. عن عَامِر بن سَيَّار التَّمِيْمِيّ، ومُوسَي بن مَرْوَان الرَّقِّيّ. فيه نَظَرٌ.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: الحُسَين بن مُوسَى بن عِمْران البَغْدَاديّ حَدّثَ عن عَامِر بن سَيَّار، شَيْخٌ مَجْهُول، عن مُحمَّد بن عَبْد المَلِك بن أبي أيَّوب المَدِيْنيّ الطَّويل، رَوَى عنهُ عمُرَ بن عليّ العَتَكّي.

(a) لفظ أبي يعلى: استحيوا وخزوا.

_________

(1)

مسند أبي يعلى الموصلي 3: 91 - 92 (رقم 1522).

(2)

الأسامي والكنى 5: 214.

ص: 390

هكذا ذَكَر تَرْجمتَهُ، ولعَلَّهُ بَغْدَاديّ الأصل ونَزَل الرَّقَّة ثمّ سَكَنَ أنْطَاكِيَة، أو رَقِّيٌّ نَزَل بَغْدَاد ثمّ أنْطَاكِيَة. والعَجَب من أبي عَبْد الله بن النَّجَّار حيث يَقُول: حَدَّثَ عن عَامِر بن سَيَّار شَيْخ مَجْهُول، وعامر بن سَيَّار شَيْخ مَعْرُوف تَمِيْميّ من أهْلِ نَحْلِينْ (a) من جَبَل السُّمَّاق، كَتَبَ عنهُ جَمَاعَة من العُلَمَاء، وسَتأتي تَرْجَمتُهُ في حَرْف العَيْن

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌حَرْفُ النُّون في آباءِ مَن اسْمُه الحُسَين

‌الحُسينُ بن نُجِيّ بن سَلَمَة بن جُشَم بن أسَد بِن خُلَيْبَة بن شَاجِئ بن موْهَب بن أسَد بن جُعْشُمِ بن حَرِيْم (b) بن الصَّدَف بن شِهَال بن عَمْرو بن دُعْمِي بن زيد بن حَضْرَمَوْت، وقيل دُعمي بن حَضْرَمَوْت، وقيل: الصَّدَفُ هو أسْلَم بن زَيْد بن مَالِك بن زَيْد بن حَضْر موْت الأكْبَر الصَّدَفِيّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها يَوْمئذٍ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي سَعيد السُّكَّرِيّ في نَسَب حَضْرَمَوْت

(3)

، ممَّا رَوَاهُ عن مُحَمَّد بن حَبِيْب، قال في نَسَب الصَّدَف: فولد نُجَيّ بن سَلَمَة بن جُشَم بن أسَد بن

(a) في الأصل: نحليني. بإضافة ياء النسبة، وذكر ياقوت الحموي عامر بن سيار فيمن يُنسب إلى البلدة. معجم البلدان 5:375.

(b) في الأصل: حذيم، ويأتي في ترجمة أخيه حمزة الآتية في هذا الجزء بالراء، والمثبت يوافق ابن ماكولا: الإكمال 3: 134، السمعاني: الأنساب 4: 143 (وفيه بضم الحاء).

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي سنة 37 هـ.

(3)

لم يرد اسم هذا الكتاب بين مؤلفات السكري التي عددها النديم، ومؤلفه هو الحسن بن الحسين بن عبيد الله السكري (ت 275 هـ). وكان له اعتناء باللغة والأنساب وأيام العرب، وأغلب مؤلفاته تتصل بتراجم الشعراء وجَمْع أشعار القبائل. انظر: الفهرست 1/ 1: 239 - 240، سير أعلام النبلاء 13: 126 - 127.

ص: 391

خُلَيبَةَ بن شَاجِئ بن مَوْهَب بن أسَد بن جُعْشُم بن حَرِيْم (a) بن الصَّدَف: عَبْد الله بن نُجَيّ، ومُسْلِم بن نُجَيّ، والحُسَين بن نُجَيّ، قُتِلَ مع عليّ بصِفّيْن، وحَمْزَة بن نُجَيّ قُتِلَ بصِفِّيْن مع عليّ، وذَكَر إخْوته وأنَّهُم قُتلُوا بصِفِّيْن، وَسَنَذَكُر كُلّ واحدٍ منهم في مَوضِعه

(1)

إنْ شاءَ اللهُ تعالَى.

(a) الأصل: حذيم.

_________

(1)

ترجمة عبد الله ومسلم في الضائع من أجزاء الكتاب، وترجمة حمزة فيما يلي من هذا الجزء.

ص: 392

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌حَرْفُ الهَاء في آباءِ مَن اسْمُه الحُسَين

‌الحُسين بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد بن الحُسَين بن صَصْرَى، أبو القَاسِمِ بن أبي الغَنائِم بن أبي البَرَكَات بن أبي مُحَمَّد بن أبي الحُسَين الرَّبعيِّ التَّغْلبِيِّ، العَدْل الرِّضَا

(1)

من بَيْت الحَدِيث والأمَانَة والدِّين، حدَّث هو وأبُوه وجدّه وأخُوه الحافِظ أبو المَوَاهِب الحَسَن.

رَحَل معهُ إلى حَلَب، وسَمعَ بإفَادتهِ بها من أبي طَالِب عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن العَجَمِيّ، وأحمد بن أبي الوَفَاء البَغْدَاديّ إمام الحنابِلَة، والخَطِيب أبي طَاهِر هاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد، والقَاضِي أبي المَفَاخر عَبْد الغَفُور بن لقمَان؛ ابن لُقْمان (a) الكَرْدَرِي، والحافِظ أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الأَشيرِي، وأبي المَكارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أحْمَد بن أبي جَرَادَة، وأبي نَصْر عبد الصَّمَد بن ظَفَر

(a) كذا في الأصل: عبد الغفور بن لقمان بن لقمان، واسم جده عبد، ويشتهر بابن لقمان الكردي انظر ترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 2: 443، تاج التراجم لابن قطلوبغا 134.

_________

(1)

توفي سنة 626 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 240 - 241، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 302 - 303، تاريخ الإسلام 13: 810 - 812، سبر أعلام النبلاء 22: 282 - 284، العبر في خبر مَن غبر 3: 197، الإعلام بوفيات الأعلام 258، الوافي بالوفيات 13: 80، النجوم الزاهرة 6: 272 - 273، شذرات الذهب 7:208.

ص: 393

المحتسِب، وأبي الحسن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيِّ القاضِي، وأبي حَامِد مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم الغَرْنَاطِيّ.

وسَمِعَ بدِمَشْق من أبيهِ هِبَة الله، وجدّه أبي البَرَكَات مَحْفُوظ، وأخيهِ أبي المَوَاهِب الحَسَن، وأبي القَاسِم الحُسَين بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن البُنِّ، والقَاضي أبي سُليمان دَاوُد بن مُحمّد الخَالديّ، وأبي مُحمّد عَبْدَان بن زَرِّيْن بن مُحَمَّد المُقْرئ، وأبي القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مُقَاتِل بن مَطَّكُوْد، وأخيه عليّ بن أحْمَد السُّوْسِيَّيْن، وأبَوَي يَعْلَى حَمْزَة بن عليّ بن الحُبُوبِيّ، وحَمْزَة بن أحْمَد بن كَرَوَّس، والحافظَيْن: أبي الحُسَين هِبَة الله، وأبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله، وأبي النَّجَيْب السُّهْرَوَرْدِيِّ، وأبي النَّدَى حَسَّان بن تميْم الصّوفِيَّيْن، والشَّريف أبي طَالِب علَيّ بن حَيْدَرة، وأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن الدَّارَانيّ، وعَبْد الوَاحِد بن عَبْد المَاجِد بن عَبْد الوَاحِد القُشَيْريّ، وابْنه أبي المَحَاسِن عَبْد العَزِيْز، وَأبي المُظَفَّر مُحَمَّد بن أَسْعَد بن الحَليم، وأبي سَعْد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي عُمْرُون، وأبي الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُّود الثَّقَفِيّ، وأبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن الكِلابيِّ المَعْرُوفُ بابنِ المَاسحِ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعْد الله الحَنَفيّ، والقاضيِ أَبي الفَضْل مُحمّد بن عبْد الله بن الشَّهرَزُورِيّ قاضي الشَّام، وأبي عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الكشْمَيْهَنِيّ، وولده أبي البَدَائِع مَحْمُود، وأبي الفَضْل عبد المُحْسِن بن عبد المُنْعِم بن عليّ بن مُثِيْب الكَفْرطَابِيّ، وشَيْخ الشُّيُوخ عبد الرَّحيم بن إسْمَاعِيْل النَّيْسَابُوريّ، وأبي طَالِب الخَضِر بن هِبَة الله في طَاوُوس، وأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر، وأبي المَعَالِي مَسْعُود بن مُحَمَّد النَّيْسَابُوريّ، وأبي الحسَن عليّ بن أحْمد الحَرَسْتانيّ، وأبي المَعَالي مُحمّد بن حَمْزة بن الموَازِي، وأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عليّ بن المُسَلَّم الخِرَقِيّ، وأبي الغَنائِم مُطَهَّر بن خَلَف بن عَبْد الكَريم الشَّحَّاميِّ، وأبي اليُسْر شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان، وأبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، وأبي

ص: 394

بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد النَّوْقانِيّ، وأبي الفَضْل عَبْد الوَاحِد بن إبْراهيم بن القُزَّة (a) الحَلَبيِّ، وجَمَاعَة يَطُول ذِكْرهُم، ويَكْثر تعْدَادهم.

وأجازَ له جَمَاعَة من المَشَايخ المُعْتَبَرين. وحَدَّثَ بالكَثِيْر، ورَوَى عنهُ أخُوه الحافِظ أبو المَوَاهِب في مُعْجَم شُيُوخه.

واجْتَمَعْتُ بهِ بدِمَشْق في سَنَتي تسْع وستمائة وأرْبعَ عَشرة وستّمائة، وعند تَوجُّهي إلى الحَجّ في سَنَة ثَلاث وعشرين وستّمائة، وسَمِعْتُ عليه أجْزاء من الحَدِيْث، وكانَ ثِقَةً مَأمُونًا، دَيِّنًا، صَالِحًا، كَيِّسًا، حَسَن الأخْلَاق. سَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: لا أدْرِي إلَّا أَنَّ ابن عَبْدَان أخَذَ لي إجَازَةً في سَنَة إحْدَي وأرْبَعين، فيكُون مَوْلدِي في الأرْبَعِين أو دُونها؛ يعني: وخَمْسِمائَة.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى التَّغْلِبيِّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي لأُميِّ أبو المَكارِم عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن المُسَلَّم بن هِلال الأزْدِيّ، قال: أخْبر أبو الفَضْل عَبْد الكَريم بن المُؤَمَّل بن الحَسَن الكَفْرطَابيِّ، قِراءَةً عليهِ وأنا حَاضِرٌ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم بن أبي نَصْر التَّمِيْميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن سَيَّار، قال: حَدَّثَنَا عُبيدُ الله - وهو ابن مُوسَى - عن الحَسَنِ بن صالح، عن الأَسْوَد بن قيس، عن نُبَيْح، عن أبي سَعيد رضي الله عنه، قال: نَهَىَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن صِيَام هذين اليَوْمَيْن: يَوْم الأضْحَى ويَوْم الفِطْر.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدِيّ، بقرَاءة وَالدِي، قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن

(a) كذا في الأصل ومثله في ترجمته عبد الذهبي: تاريخ الإيملام 12: 173، وفي تاريخ ابن عساكر 37: 205: القرة، بالراء.

_________

(1)

من حديث خيثمة الأطرابلسي 68.

ص: 395

عليّ بن أبي العَلَاء، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: قُرئ على أبي القَاسِم عُمَر بن أحْمَد بن الوَلِيد بن الأصبغَ المَنْبِجِيّ بها، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عِيسَى بن مُحَمَّد بمنبج، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يوسف، قال: حَدَّثَنَا سَهْل يعني ابن صالح - قال: حَدَّثَنَا قَبيْصة، عن سُفْيان الثَّوْري، عن الأَعْمَش، عن عُمَارة بن عُمَيْر، عن حُرَيْث بن ظُهَيْر، وعَبْد الرَّحمن بن مَرْثَد، عنهما جَمِيعًا أو عن أحدهما، قال: قال عبد الله: إنَّهُ أتَى علينا زَمَان لسْنَا نقضِي ولسْنَا هناك، وإنَّ الله بلَّغنا من الأُمُور ما تَرَون، فمَنْ عَرَض له فيكم بعد اليَوْم قَضَاءٌ فليقض بما في كتاب الله، فإنْ جاءَهُ بما ليس في كتابِ الله وما لَم يَقْض به نَبِيُّه، فليَقْض بما قَضىَ الصَّالِحون به، فإنْ جاءَهُ ما ليسَ في كتابِ الله ولَم يقض به نَبيُّه ولَم يقْضِ به الصَّالحونَ، فليَجْتَهد رَأيَهُ ولا يقُولنَّ: إنِّي أرَى كَذَا وكَذَا، فإنَّ الحَلَالَ بيِّن، والحَرَام بَيِّن، وبين ذلك أمُورٌ مُسْتبهَمَةٌ، فدَعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَريْبكَ.

أخْبَرَنا الحُسَين بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَسَاكِر بن سُرُور الخَشَّاب المقدِسيِّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَبْد الله الحَسَن بن أحْمَد بن عَبْد الله بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ الأمْلُوكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل الحَلَبيِّ - يعني ابن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل - قال: أنْشَدَنا ابن أبي خَيْرَة الرَّقِّيّ، قال: أنْشْدُونا لأبي عَمْرو بن العَلَاءِ: [من الكامل]

أَبُنَيَّ إنَّ مِنَ الرِّجالِ بَهيمَةً

في صُوْرِةِ الرَّجُلِ السَّمِيع المُبْصرِ

فَطِنٌ بكُلِّ مُصِيْبَةٍ في مَالِهِ

وإذا يُصَابُ بدِيْنهِ لَم يَشْعُرِ

بَلَغَنا أنَّ شَيْخنا أبا القَاسِم الحُسَين بن صَصْرَى تُوفِّي بُكْرَة يَوْم السَّبْت الثَّالث والعشرين من مُحَرَّم سَنَة ستٍّ وعشْرين وستِّمائة، وصُلِّي عليهِ بجَامع دِمَشْق بعد صلاة العَصْر، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قَاسِيون.

ص: 396

وأخْبَرَني بذلك جَمال الدِّين مُحَمَّد بن عليّ بن الصَّابُونيِّ، وأخْبَرني شَرَف الدِّين [عبد الرَّحمن](a) ابن شَيْخنا أبي الغَنائِم سَالِم بن الحَسَن بن صَصْرَى أنَّ عَمّ أبيهِ أبا القَاسِم الحُسَين بن صَصْرَى تُوفِّي في أوَائِل مُحَرَّم سَنَة ستٍّ وعشرين وستِّمائة.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المنذِريّ

(1)

، قال في ذِكْر مَنْ ماتَ سَنَة ستٍّ وعشرين وستِّمائة: وفي الثَّالث والعشرين من المحرَّم تُوفِّي الشَّيْخُ الأجَل الأصيْلُ أبو القَاسمِ الحُسَين ابن الشَّيْخ الأجَلّ [أبي الغَنائم هِبَة الله ابن الشَّيخ الأجلّ](b) أبي البَرَكاتِ مَحْفُوِظ بن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن أبي الحُسَين مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد بن الحُسَين بن صَصْرَى الرَّبَعِيُّ التَّغْلِي البَلَدِيُّ الأصْل، الدِّمَشقيُّ المولد والدّار، الشَّافِعيُّ العَدْل، بدِمَشْقِ، وصُلِّيَ عليه بجامع دِمَشْق وبِظَاهِر المَدِينَة، ودُفِنَ من يَوْمِهِ بسَفْح قَاسِيُون، وموْلدُه قبل الأرْبَعِين وخَمْسِمائَة.

سَمِعَ من آباءِ القَاسِم: الحُسَين بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسدِيّ المعرُوف بابنِ البُنّ، ونصْر بن مُحَمَّد بن مُقَاتِل السُّوْسِيّ، وعليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الحافِظ، وأبي يَعْلَى حَمْزَة بن فَارِس بن أحْمَد بن كَرَوَّس، والفَقِيه أبي الحُسَين هِبَة الله بن الحَسَن القُرَشِي وغيرهم (c)، وأجازَ له الفَقِيهُ أبو الفَتْح نَصْرُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد القَوِيّ اللَّاذقِيُّ وغيرُه من الدِّمَشقيِّيْن، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عليّ المُقْرِئ المَعْرُوف بابنِ بنْت الشَّيْخ، والشَّريفُ أبو السَّعَادَاثِ هِبَةُ الله بن عليّ بن مُحَمَّد (4) النَّحويّ

(a) غاب اسمه عن ابن العديم فترك موضعه بياضًا في الأصل قدر كلمة، وتكرر ذلك في موضع آخر من الكتاب. وانظر ترجمة شرف الدين بن صصرى عند الصفدي: الوافي بالوفيات 18: 148.

(b) إضافة من كتاب المنذري.

(c) من قوله: "وأبي يعلى

" إلى هنا لم يرد في كتاب المنذري.

(d) في الأصل وكتاب التكملة: "هبة الله بن عبد بن علي"، وصوابه المثبت، وقد مرّ اسمه كثيرًا، وانظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6: 45 - 50، تاريخ الإسلام 11: 818، سير أعلام النبلاء 20: 194 - 196.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 240.

ص: 397

المَعْرُوف بابنِ الشَّجَرِيّ، وأبو الفَتْح عَبْدُ المَلِك بن أبي القَاسِم الكَرُوخِيُّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ وغيرُهم من البَغْدَاديِّيْن، وأبو عَبْد الله الحُسَين بن خَمِيْس المَوْصِلِيّ، وحَدَّثَ بالكَثِيْر، لَقِيتُه بدِمَشْق وسَمِعْتُ منه، وهو من بَيْت الحَدِيْثِ والعَدَالَةِ.

‌الحُسَين بن هِشَام بن فرخُسْرُو المَرْوَزيّ

(1)

أخُو عليّ بن هِشَام، وكانا من أعْيَان قُوَّادِ المَأْمُون، وعليّ هو الأكْبَر منهما، سَخط عليهما المَأْمُون، فأقْدَمَهُما عليه وهو بأذَنَة سَنَة سَبْع عَشرة ومَائتَيْن، فضَرَبَ عُنُقيهما بأَذَنَة، وَسَنَذْكُر خَبَرهما مُسْتَقْصًى في تَرْجَمَةِ عليّ بن هِشَام

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ الحَلَبِيّ في تَارِيْخهِ

(3)

، وأخْبَرَنا به إجَازَةً عنه المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: سَنَة سَبْع عَشرة ومَائتَيْن: وفيها قَتَلَ المَأْمُون ابْنَي هِشَام: عليًّا وحُسَيْنًا بأَذَنَة، أشْخَصَهُما إليه عُجَيْفُ بن عَنْبَسَة؛ بَعَثَهُ إليهما ثُمَّ بَعَثَ برَأسَيْهما إلى بَغْدَاد وخُرَاسَان فطِيْفَ بهما، وطِيْفَ بهما إلى الجَزِيْرَة إلى بَغْدَاد إلى مِصْر إلى دِمَشْق حتَّى أقْطَار الأرْض، ثُمَّ رُمِيا في البَحْر، وكُتِبَ في أذن عليّ بن هِشَام رُقْعَة يذكر فيها أمْرُه ويعْذر بهِ النَّاسَ.

(1)

توفي سنة 217 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 149، 184 - 186، تاريخ الطبري 8: 627، ابن الجوزي: المنتظم 11: 3، ابن الأثير: الكامل 6: 421، (وسماه: حبيب بن هشام).

(2)

ترجمة علي بن هشام بن فرخسرو في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

النقل من كتاب العظيمي الكبير، وتقدم التعريف به في العديد من المواضع، ووردت إشارة عابرة عن ابن هشام في مختصر كتاب العظيمي المنشور باسم تاريخ حلب 249؛ ذكر خبر القبض عليه في أحداث سنة 216 هـ ولم يذكر مقتله في السنة التي تليها.

ص: 398

‌الحُسَن بن الهَيْثَم بن مَاهَان الكِسَائِيّ، أبو الرَّبِيْع الرَّازِيّ

(1)

دَخَلَ الشَّام، وسَمِعَ بتَلّ مَنَّس المُسَيَّب بن وَاضِح السُّلَمِيّ التَّلْمَنَّسيّ، وبدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وعُثْمان بن إسْمَاعِيْل الهُذَلِيّ، وهِشَام بن خَالِد الأزْرَق، وبالعِرَاق مُحَمَّد بن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائيّ، ومالك بن يَحْيَى الَتَّنُوخِيّ، وبمِصْر حَرْمَلَة بن يَحْيَى، وخَالِد بن عَبْد السَّلام الصَّدَفِيّ.

رَوَى عنهُ أبو سَهْل بن زِيَاد القَطَّان، وأبو الحُسين عبد الصَّمَد بن عليّ بن مُحَمَّد الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن سَلْمَان النَّجَّاد، وأبو هَارُون مُوسَى بن مُحَمَّد بن هَارُون الأَنْصَاريّ، وأبو عِمْران مُوسَى بن سعيد، وأحمد بن الفَضْل بن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر أحْمَدُ بن يُوسُف بن خَلَّاد النَّصِيْبِيّ (a).

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي عَبْد الله الفَرَاوِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ يَقُول: أبو الرَّبِيْع الحُسَين بن الهَيْثَم الرَّازِيّ، حدَّث ببَغْدَاد، يُعْرَفُ بالكِسَائِيّ، لا بَأْسَ بهِ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد بن أبي الحُسَين

(2)

، قال: الحُسَين بن هَيْثَم بن مَاهَان، أبو الرَّبِيْع الرَّازِيّ الكِسَائِيّ، سَمِعَ بدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وهِشَام بن خَالِد الأزْرَق، وعثْمان بن إسْمَاعِيْل الهُذَلِيّ، وبمِصْر زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى كاتِب العُمَريّ، وحَرْمَلَة بن يَحْيَى،

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثمانية أسطر.

_________

(1)

توفي بعد سنة 280 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 8: 727 - 728، تاريخ ابن عساكر 14: 350 - 352، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 745، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 369 - 370.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 350 - 351.

ص: 399

وخَالِد بن عَبْد السَّلام الصَّدَفيّ، وبالشَّام المُسَيَّب بن وَاضِح، وبالعِرَاق مُحَمَّد بن الصّبَّاح الجَرْجَرَائيّ (a)، ومالك بن يَحْيَى التَّنُوخِيّ.

رَوَى عنهُ عبد الصَّمَد بن عليّ الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر بن سَلْمَان، وأبو سَهْل بن زِيَادٍ القَطَّان، وأحمد بن الفَضْل بن خُزَيْمَة، وأبو هَارُون مُوسَى بن مُحَمَّد بن هَارون الأنْصَاريّ الزّرقيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن يُوسُف بن خَلَّاد النَّصِيْبِيّ، وأبو عِمْران مُوسَى بن سَعِيْد.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: الحُسَين بن هَيْثَم بن مَاهَان، أبو الرَّبِيْع الكِسَائِيُّ الرَّازِيُّ، سَكَنَ بَغْدَاد، وحَدَّثَ بها عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائيّ، وهِشَام بن عَمَّار الدِّمَشقيّ، وحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وخَالِد بن عَبْد السَّلام المِصْرِيَّيْن. رَوَى عنهُ عبدُ الصَّمَد بن عليّ الطَّسْتِيّ، وأحمد بن الفَضْل بن خُزَيْمَة، وأحمد بن سَلْمَان النَّجَّاد، وأبو سَهْل بن زِيَادٍ القَطَّان. قال ابنُ سعيدٍ: وكانَ ثِقَةً. وقال بَدْرٌ (b): وذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فقال: لا بَأْسَ بهِ.

‌حَرْفُ اليَاءِ في آبَاءِ مَن اسْمُه الحُسَيْن

‌الحُسَين بن يَعْقُوب بن دَاوُد

وَلَّاهُ يَحْيَى بن خَاقَان بَريد قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم وديار مُضَر، وخَرَجَ إلى ولايته.

(a) ابن عساكر: الجرجاني، والصواب المثبت، كما تقدم في طالع الترجمة، وكما يأتي في نقل المؤلف عن الخطيب البغدادي المدرج بعده.

(b) قوله: "قال ابن سعيد"، و"قال ابن بدر" لم يرد في نشرة تاريخ الخطيب، وإنما هما في سند ابن عساكر في روايته عن الخطيب، وابن العديم ينقل عن ابن عساكر لا عن الخطيب البغدادي!.

_________

(1)

تاريخ بغداد 8: 727.

ص: 400

وله شِعْرٌ حَسَنٌ، حَكَى أبو بَكْر وأبو عُثْمان ابْنَا هاشِم الخَالِديّان عنه حِكايَة في كتاب الدِّيَارات

(1)

.

‌الحُسَينُ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عليّ بن زِرّ الحَجَبِيُّ، أبو عَبْد الله القَاصّ

(2)

حَدَّثَ بحَلَب عن أَبِيهِ يُوسُف بن مُحَمَّد بن عليّ، وأحمد بن المُعَلَّى الدِّمَشقيّ. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعِيّ، وأبو الطَّيِّب عَبْد المُنْعِم بن عُبَيْدِ الله بن غَلْبُون الحَلَبِيَّان.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، والشَّيْخ أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وابنُه أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عبْد الرَّحمن، وأبو عبد الله مُحمّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أمِين الدَّولَةِ أبو سَالِم أحْمَد بن عَبْد القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: حدَّثَني الشَّيْخُ أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيّ المَعْرُوف بابنِ الجِلِّيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو عُبَيْد الله عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْرٍ الأسَدِيّ العَابِد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عليّ بن زِرّ الحَجَبِيُّ القَاصُّ بحَلَب، قال: حَدَّثَني أبي يُوسُف بن مُحَمَّد بن عليّ بن زِرّ الحَجَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ عَبْدِ الله بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد

(1)

كتاب الديارات للخالديين: محمد وسعيد ابنا هاشم في حُكم المفقود، ويرد بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة، لعله استبقاه لتعميره بالحكاية المشار إليها.

(2)

ترجمته في تاريخ ابن عساكر 14: 354، وزاد في نسبته: السامري، لمولده بسر من رأى.

ص: 401

الله بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مَيْمُون، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، قال: دَخَلْتُ على جَابِر بن عَبْد اللهِ الأنْصَاريّ، وقد ذَهَبَ بَصَرُه، فسَلَّمْتُ عليهِ، فقال لي: مَنْ أنْتَ؟ فقُلتُ: مُحَمَّدُ بن عليّ، فقال: ومَنْ مُحَمَّد بن عليّ؟ فقُلتُ: ابن الحُسَين بن عليّ، فقال: وَابأَبي أنْتَ وأُمِّي! ثمّ فتَح جُرُبَّان قَمِيْصي الأعْلَى، فقال: وجَعَل يُقَبِّل عُنُقي ويقُول لي: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُقْرئكَ السَّلام، قُلتُ: وكيف قلتَ ذاك؟ قال: لأنِّي دَخَلْتُ على رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ذات يَوْم، فقال لي: يا جَابِرُ، عَسَى أنْ يطُول بكَ عُمرٌ، فإنْ لقيْتَ رَجُلًا من وَلدِي يُقال لهُ مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَين، فاقْرِه منِّي السَّلام، فقد بلَّغْتُ رسالَةَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

‌ذِكْرُ الكُنَى في آبَاءِ مَن اسْمُهُ الحُسَين

‌الحُسينُ بن أبي طَالِب المِصِّيْصيُّ

رَوَى عن مُحَمَّد بن هَارُون الدِّمَشقيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم زَيْد بنُ عَبْدِ الله بن عَبْد الكَبِيْر البَصْرِيّ (a).

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى بالقُدْس الشَّريف، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب أحْمَدُ بن أَبي هاشِم مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن القُرَشِيّ المَعْرُوف بالكُنْدُلَانيّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخ أبو سَعيد مُحَمَّد بنُ عليّ بن عَمْرو بن مَهْدِي النَّقَّاشُ الحافِظُ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَيْد بن عَبْد الله بن عَبْد الكَبِيْر البَصْرِيّ

(a) مهملة في الأصل، ويرد بالباء المعجمة في سند الرواية التالية، ومثله في تاريخ ابن عساكر 55: 244، وهو بالنون عند الخطيب البغدادي: الجامع لأخلاق الراوي 1: 106 والرواية فيه.

ص: 402

برَامَهُرْمُز، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن أبي طَالِب المِصِّيْصيُّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن هَارُون الدِّمَشقيّ يُنْشِدُ

(1)

: [من الوافر]

لَمِحْبَرَةٌ تُجَالسُنِي نَهَارِي

أحَبُّ إليَّ من أُنْسِ الصَّدِيْقِ

ورِزْمَةُ كَاغَدٍ في البَيْت عنْدِي

أحَبُّ إليَّ من عِدْلِ الدَّقِيْقِ

ولَطْمَةُ عَالِمٍ في الخَدِّ منِّي

ألَذُّ لدَيَّ مِن شُرْبِ الرَّحِيْقِ

‌الحُسَين بن أبي عليّ، أبو عَبْد الله القَائِد الصِّقِلِّيّ

(2)

أدِيبٌ فَاضِلٌ شَاعِرٌ، سَافَرَ إلى العِرَاق، وعاد ومرَّ في طَرِيْقهِ بحَلَب، واجْتَمع بأبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُليَمان المَعَرِّيّ.

ذَكَرَهُ أبو القَاسِم عليّ بن جَعْفَر بن القَطَّاع السَّعْدِيّ في كتابهِ

(3)

، فقال: الحُسَينُ بن أبي عليّ القَائِد، أبو عَبْد اللهِ الصِّقِلِّيّ، من أبناء قُوَّادِ السُّلْطان، وشُجْعَان الفُرْسَانِ، وكان مع ذلك من آدَب النَّاسِ وأظْرَفهم وأحْلَاهُم وألْطَفِهم، وسَافَرَ إلى العِرَاق (a)، واجْتَمع في رجُوعه بأبي العَلَاء المَعَرِّيّ بمَعَرَّة النُّعْمَان، وأنْشَدَهُ له أشْعَارًا في غايةِ الإحْسَان فأُعْجِبَ بها وأثْنَى عليه، فمن شِعْره قَوْلُه يَصِفُ العُوْدَ من أبياتٍ يقول فيها:[من الكامل]

ومَعَاهدٍ آنَسْنَني بأَوَانسٍ

يدنُو السُّرُور بها وفيهِ شُطُونُ

(a) في الدرة الخطيرة: سافر إلى مصر.

_________

(1)

الأبيات الثلاثة في كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر القرطبي 2: 248 بلا عزو، وتاريخ ابن عساكر 55:244.

(2)

لم يرد له ذكر سوى في كتاب ابن القطاع الذي ينقل عنه المؤلف تاليًا، وفيه أشعار أخرى غير التي انتخبها ابن العديم.

(3)

ابن القطاع: الدرة الخطيرة في شعراء الجزيرة 67 - 70، والذي أورده ابن العديم فيه زيادة، إذا لم يرد في كتاب الدرة سوى سطر واحد من التعريف به، يليه الأبيات المدرجة، ولعل المثبت في نشرة كتاب ابن القطاع هو من أحد منتخبات كتاب الدرة، إمَّا منتخب ابن الصيرفي أو منتخب ابن أغلب.

ص: 403

خُمْص البُطُون صُدُورها أَفْوَاهُها

جُعِلَتْ لها بدل العُيُون (a) عُيُونُ

وذَوَاتُ ألْسَنةٍ أسَرَّ حَديْثها الـ

ـشَّاجِي وأفْصَح قَوْلُها المَلْحُونُ

يصْدُرنَ عنها عن صُدُور ما بها

ممَّا يُثِير من الحَدِيْث دَفِيْنُ

مَضْمُومَةٍ ضَمّ الحَبِيْب مُخَمّس (b)

منها صُدُور تَارةً وقُرُونُ

يُضْرَبْن عندَ عِنَاقهنَّ فمن رَأى

أنَّ العِقَاب مع العِنَاقِ يَكُونُ

فكما ضُربْنَ وما لهنّ جنَايَة

وكَذَا لهُنَّ وما أَثِمْنَ يَمِيْنُ (c)

تَدْعُو بألْسُنِها السُّرُورَ كما دَعا

حُسْنَ الثَّنَاء بجُودِهِ شَرْوينُ (d)

قال

(1)

: وقَوْله في مُوسَى الحُطَمَةِ، وكان كبيرَ الأنْفِ:[من الرمل]

كُنْتُ في مَجْلِسِ قَوْم بعَثُوا

رُسُلًا منهُمْ بمُوسَى الحُطَمَهْ

فأتَى الأنْفُ إلَيْنا بُكْرةً

وأتَى مُوسَى إليْنا العَتَمَهْ

قال

(2)

: وقَوْله فيهِ أيْضًا: [من مجزوء الرمل]

وإذا أَقْبَل مُوسَى

خِلْتَهُ يَحْمِلُ قَبْرا

بَاتَ مُوسَى دَاخِلَ البَيْـ

ـتِ وبَاتَ الأَنْفُ بَرَّا

‌الحُسَينُ بن أبي الفَضْل بن الحَسَن الحُسَيْنيُّ المِصْرِيُّ

شَرِيْفٌ من أهْلِ البُيُوتَات المَشْهُورة بمِصْر.

قَرَأتُ في بعض تَعَالِيْقي أنَّهُ حين جَرَى على الدَّوْلِة المِصْرِيَّة ما جَرَى، واسْتَولَى المَلِكُ النَّاصِر صَلاحُ الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب، رحمه الله، على الدِّيَار

(a) الدرة الخطيرة: النهود.

(b) الدرة الخطيرة: محمش.

(c) الدرة الخطيرة: وما ألمن أنين.

(d) الدرة الخطيرة: سرفين.

_________

(1)

لم يرد في الدرة الخطيرة، وانظر البيتان في: نثر النظم وحل العقد لأبي منصور الثعالبي 117 دون عزو.

(2)

لم يرد في الدرة الخطيرة.

ص: 404

المِصْرِيَّة، وأقامَ بها الخُطْبَة لبني العبَّاس، تَوَجَّه الحُسين هذا إلى الشَّام، ثمّ أقَام بحَلَب أيّامًا في دَوْلة المَلِك الصَّالحِ إسْمَاعِيْل بن نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، رحمه الله، وتُوفِّيَ المَلِكُ الصَّالِح ومَلَكَ حَلَب ابن عَمّه عِزّ الدِّين مَسْعُود بن مَوْدُود بن زَنْكِي، فاسْتَخدمَ الحُسَين بن أبي الفَضْل هذا بسُوق الخَيْل.

وكان شَاعِرًا حَسَن الشِّعْر، وَقفْتُ لهُ على أبياتٍ من قَصِيدَة يمدَحُ بها مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز الزَّيْنِيّ، أوَّلُها:[من الطويل]

جَفَا الطَّيْفُ لكنْ بَعْدَما بَعُدَ المَسْرَى

وهَابَ الفِجاجَ الغُرَّو اللُّحَجَ الخُضْرَا

أأحْبَابَنَا إنْ سَاءَني بُعْدُ دَارِكُمْ

فقَدْ عِشْتُ مَسْرُورًا بقُرْبِكُمْ دَهْرا

ومنها:

وكُنَّا معًا كالرَّاحَتَيْنِ تَظَافُرًا (a)

فإنْ نَأَتِ اليُمْنَى لَمَا نَأتِ اليُسْرَا

غَنِيْتُ على فَقْرِي إليكُمْ عَنِ الوَرى

وصَاحَبْتُ في عُسْري لفقدِ كُم اليُسْرَا

‌الحُسَين بن العَطَّار المِصِّيْصيُّ

(1)

حَدَّثَ عن خَلِيفَة بن خَيَّاط العُصْفُرِيّ المَعْرُوف بشَبَاب. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَيْن بن هِلالَة الأنْدَلسُيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَة الجُوزْجَانِيَّة

(2)

، قالت (b): أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ

(3)

، قال: حَدَّثنا الحُسَين بن العَطَّار

(a) كذا وردت في الأصل، وهى بالضاد أفصح.

(b) الأصل: قال.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في هذا الجزء باسم. الحسين بن علي العطار المصيصيّ.

(2)

الأشْهرُ بالدال عوض الجيم: الجُوزدَانِيَّة، تقدم ذكرها على الوجهين فيما مرّ.

(3)

الطبراني: المعجم الكبير 32: 393 (رقم 977)، ورواه أيضًا في المعجم الصغير 162 - 163 (رقم 401)، ومجمع الزوائد للهيثمي 6:86.

ص: 405

المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا شَبَابٌ العُصْفُرِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنا بَكْر بن سُلَيمان صَاحِبُ المغَازِي، قال: حَدّثَنا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثني نُبَيْهُ بن وَهْب، عن أبي عُزَيز بن بن عُمَيْر أخي مُصْعَب بن عُمَيْر، قال: كُنْتُ في الأُسَارَى يَوْم بَدْرٍ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اسْتَوصُوا بالأُسَارَى خَيْرًا، قد كُنْتُ في نَفَرٍ من الأنْصَار، فكانُوا إذا قَدَّمُوا غَدَاءَهُم وعَشَاءهم أكلوا التَّمْر وأطْعَمُوني الخُبْز لوَصِيَّةِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الطَّبَرَانِيّ

(2)

: لا يُروى عن أبي عُزَيْز بن بن عُمَيْر إلَّا بهذا الإسْنَادِ، تَفَرَّدَ بهِ [ابن](a) إسْحاق.

‌الحُسَينُ، أخُو زَيْدَان الكُوْفيّ

(3)

صَحبَ وَكِيع بن الجَرَّاحِ، وكان معه في المِصِّيْصَة وطَرَسُوس، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ أبو هِشَام مُحَمَّد بن يزِيد الرِّفاعِيّ.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: قرأنا على أبي غَالِب، وأبي عَبْد الله ابْنَي الحَسَن بن البَنَّاءِ، ح.

وأنبأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب عنهما، عن أبي تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيّب مُحَمَّد بن قاسم بن جَعْفَر الكَوْكَبِيّ، قال: حدَّثنا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمة، قال: حدَّثنا مُحَّمدُ بن يَزِيْد، قال: حدَّثني حُسَين أخُو

(a) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

لم أقف عليه في تاريخه ولا في طبقاته.

(2)

المعجم الصغير 163.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 355 - 356.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 355.

ص: 406

زَيْدَان، قال: كُنْتُ مع وَكِيع حين رَجَع من مَكَّة حتَّى مات (a)، قال: فقال لي بفَيْد: أنا في السَّوْق (b) ولكن أقطع نَفسِي مَخَافَة أنْ يَغْتَمَّ ابني هذا - يعني أحمد - ثُمَّ قال: يا أحْمَدُ، بقى علينا من السُّنَّة باب لَم نَدْخل (c) فيهِ، أخْضِبْني.

قال: وأقبلْنَا جَمِيعًا من المِصِّيْصَة أو طَرِسُوس، فأتَيْنا الشَّام، فما أتينا بَلَدًا إلَّا اسْتَقْبلنا وَاليْها، وشَهِدْنا الجُمُعَة في مَسْجِد دِمَشْقَ، فلمَّا سَلَّم الإمَامُ أطَافُوا بوَكِيع، فلمَّا انْصَرَف إلى أهلهِ فحدَّث بهِ مليْح ابنه، فقال: رأيْتُ في جَسَده آثارًا خَضْرَاء ممَّا زُحِمَ (d) ذلك اليَوْم.

‌الحُسَين، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

كان معه بخُنَاصِرَة ودَابِق، وكان يَتَولَّى الأذْن عليهِ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد إجَازَةً، عن أبي السُّعُود بن المُجْلِي، قال: حَدَّثَنا أبو الحُسَين ابن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُبَيْدُ الله بن أحْمَد بن عليّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْص، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حدَّثكمُ الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن ابن عَيَّاشٍ، قال: وكان عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يأْذنُ عليه مَوْلاه حُسَيْن.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: الحُسَينُ مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وآذِنُهُ، لهُ ذِكْرٌ.

(a) قوله: "جتى مات" ساقط من نشرة ابن عساكر.

(b) بفتح السين، ضبط المصنّف.

(c) ابن عساكر: تدخل.

(d) ابن عساكر: رجع.

_________

(1)

كان حيًا سنة 101 هـ، وترجمته في: التنبيه والإشراف للمسعودي 330، تاريخ ابن عساكر 14:354.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 354.

ص: 407

‌الحُسَينُ الحَلَبِيُّ، أبو مُحَمَّد

حَكَى عن الفَضْل بن إِسْمَاعِيْل بن صالح بن عليّ الحَلَبِيّ حِكايَةً حَضَرها معهُ بأنْطَاكِيَة بدَيْر بُوْلس

(1)

، ورَوى عنهُ شَيئًا من شِعْره.

رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن الحُسَين وقد ذكَرْنا الحِكايَة في تَرْجَمَةِ ابنه مُحَمَّد

(2)

، وسَيَأتي ذِكْرهُ في كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌حُسَيْن الفُوْعِيُّ

(3)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْلِ الفُوْعَةِ، قَرْيَة كبيرة من ناحيةِ الجَزْر من عَمَل حَلَب، ويُرْوى له هذان البَيْتان

(4)

: [من الخفيف]

إنْ كَتَمتُ الهَوَى جَهلْتِ الّذي بي

وأخَافُ العُيُونَ حينَ أبُوحُ

لا أَرَى خلوةً إليكِ فأشْكُو

ما بقَلْي لعَلَّه يَسْتَرْيحُ

وقيل: إنَّ الرَّشِيْدَ لمَّا سَمعَ هذين البَيْتَيْن أقْدَمَهُ عليهِ، فلمَّا دَخَلَ إليه أنْشَدَهُ قَصِيدَةً أوَّلها:[من الخفيف]

بالإمَامِ المُطَهَّر الآصَارِ

ضَاع نَشْرُ الإيْمانِ في الأقْطَارِ

فأعْطَاهُ عَشرة آلاف دِرْهَم، وأقْطَعَهُ الفُوْعَةَ.

(1)

ذكره ياقوت من نواحي الرملة (معجم البلدان 3: 501) وذكر دير بولس آخر بنواحي دمشق (الخزل والدأل 2: 141) وجود ضبطه بفتح الباء وسكون الواو.

(2)

في الجزء الضائع في تراجم المحمدين.

(3)

ترجمته في: تاج العروس للزبيدي، مادة: فرع (نقلًا عن ابن العديم).

(4)

البيتان في معجم الأدباء لياقوت 6: 2730، ونسبها لابن أبي الدميك الحلبي.

ص: 408

‌حُسَيْن، ويُلَقَّب بَاقي الدَّوْلَة

(1)

كان تَاج الدَّوْلةَ تُتُش بن ألْب أَرَسْلَان قد وَلَّاهُ حَلَبَ ومَكَّنهُ فيها، واسْتَولَى عليها حين قُتِلَ تَاج الدَّوْلةِ، فلمَّا بَلَغَ خَبَرُ قَتْله رِضْوَان بن تُتُشِ، وكان مُتَوَجِّهًا إلى أبيهِ، عادَ إلى حَلَب فسَلَّمها إليه، وتسلَّمها رِضْوَان منه ومن وَزِير أبيهِ أبي القَاسِم بن بَدِيع في سَنَة ثمانٍ وثمانين وأرْبَعِمائة.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: كان بدِمَشق - يعني: رِضْوَان بن تُتُش - عند توجُّه أيهِ إلى نَاحِيَةِ الرَّيّ، فكَتَبَ إليه يَسْتَدعيهِ، فخَرَج إليه، فلمَّا كان بالأنْبَار بَلَغهُ قَتْلُهُ، فرَجع إلى حَلَب، فتَسَلَّمها من الوَزِير أبي القَاسِم، وكان المُسْتَولِي على أمْرها (a) بَاقي الدَّوْلَة حُسَيْن في سَنَة ثمانٍ وثمانين وأرْبَعِمائة.

هكذا ذَكَر الحافِظ الدِّمَشقيّ، وهو حُسَيْن جَنَاح الدّوْلَة، صَاحِبُ حِمْص، أتَابِك رِضْوَان بن تُتُش ومُدَبِّره؛ كان تَاج الدَّوْلَة تُتُشِ حين قتَل قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر وتَسَلَّم البِلاد، سَلَّم حِمْص إلى جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن، وجَعَلَهُ أتَابِك عَسْكَر وَلده رِضْوَان، فلمَّا قُتِلَ تَاج الدَّوْلةَ تُتُش كان حُسَيْن يُدَبِّر أمْر رِضْوَان وهو صَبيٌّ بحَلَب، فاسْتَشْعَرَ جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن من رِضْوَان، فهَرَبَ وانْفصَل عنه، ومَضَى

(a) ابن عساكر: أمره.

_________

(1)

توفي سنة 496 هـ، وسماه ابن القلانسي (ذيل تاريخ دمشق 133 - 134، 138 - 143): جناح الدولة الحسين بن أيتكين أتابك، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 533، زبدة الحلب 1: 336 - 346، 358، وورد اسمه عند الصفدي (الوافي بالوفيات 13: 77 - 78) وابن تغري بردي (النجوم الزاهرة 5: 168 - 169): حسين بن ملاعب، وأرخا وفاته في سنة 495 هـ، وانظر جملة من أخباره فيما يلي من هذا الكتاب في ترجمة خلف بن ملاعب (في الجزء السابع)، وترجمة رضوان بن تتش (الجزء الثامن).

(2)

تاريخ ابن عساكر 18: 153 في ترجمة رضوان بن تتش.

ص: 409

إلى حِمْص ومعه زَوْجتهُ أُمّ المَلِك رِضْوَان، وعند هَرَبهِ في اللَّيْل كسرِ باب العِرَاق وخَرَجَ منه، وبعد وُصُوِله إلى حِمْص كَبَس عَسْكَر رِضْوَان على سْرمِيْن وأسَرَ أرْبَاب دَوْلتهِ ودِيْوَانه ووزِيَرهُ أبا الفَضْل بن المَوْصُول.

ومات صَاحِب الرَّحْبَة زوج آمِنَة بنْت قيمَاز، فخرَج جَنَاح الدَّوْلَة إِليها ليأخذها، فوَجَد دُقَاق وقد سَبَقه إليها في سَنَةِ ستٍّ وتِسْعين، فعاد منها ونزَل نُقْرَة بَني أَسَد، وخَرَج إليه رِضْوَان إلى النُّقْرَة واصْطَلحا، وَأخَذَهُ معه إلى ظَاهِر حَلَب، وضَرَبَ له خِيَامًا، وأقامَ في ضِيَافته عَشرة أيَّام، ولَم يَصْفُ قلبُ أحدٍ منهما لصَاحِبِهِ.

وسَار جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن إلى حِمْص، وأقامَ بها إلى أنْ نَزَل يَوْمًا لصلاة الجُمُعَة فهَجَم عليه جَمَاعَة من الإسْمَاعِيْليَّة فقَتَلُوه، وكان ذلك بتَدْبِير أبي طَاهِر الصَّائغِ رئيس الإسْمَاعِيْليَّة تَقَرُّبًا إلى المَلِك رِضْوَان لِمَا كان قد تجدَّد بينَهُ وبينه من الوَحْشَة. وكان حُسَيْن رَجُلًا بَاسِلًا ذا رأيٍ سَدِيْد، وفيه دِيْنٌ وخَيْرٌ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ، عن الأَمِير مُؤَيَّد الدَّوْلَةِ أُسامَة بن مُرشِد بن مُنْقِذ، قال: وتسَلَّم قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر مَدِينَة حِمْص - يعني من خَلَف بن مُلَاعِب - وقَلْعتها، فلمَّا قُتِل قَسِيم الدَّوْلَةِ؛ قَتَلَهُ تَاج الدَّوْلَة وتَسَلَّم البِلادَ وسَلَّم حِمْص إلى جَنَاح الدَّوْلَة حُسَين، وهو أتَابِكُ عَسْكَر ولده المَلِك رِضْوَان، فلمَّا قُتِلَ تَاج الدَّوْلَة بالرَّيّ اسْتَشْعَر جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن من المَلِك رِضْوَان وانْفَصَل عنهُ، ووَصَل إلى حِمْص، فنَزَل من القَلعَة إلى الجامع يَوْم الجُمُعَة للصَّلَاةِ، فلمَّا وصَلَ مُصَلَّاهُ أتاهُ ثلاثة نَفَر من عَجَم البَاطِنِيَّة في زيّ الصُّوْفيَّة يَسْتَميحونَهُ، فوَعَدَهُم، فهَجَمُوا عليه بسَكَاكِيْنهم فقَتَلُوه، رحمه الله، وقَتلُوا معه قَوْمًا من أصْحَابهِ، وقُتِلُوا وقُتِلَ نَفَر كانوا في الجَامِع من الصُّوْفيَّة العَجَم بالتُّهْمَة وهم أبْرِيَاء، وذلك يَوْم الجُمُعَة الثَّاني والعشرين من رَجب سَنَة ستٍّ وتسعِين وأرْبَعِمائة.

ص: 410

واخْتَبَط البلَدُ، وخَافُوا من الإفْرَنْج، فراسَلُوا شَمْس المُلُوك دُقَاق يَلْتَمسُون منه إنْفاذ مَنْ يَتَسلَّم حِمْصَ وقَلْعتها قَبْل أن يَخْرج إليها ويتَسَلمها الإفْرَنْج، ومن [أنْ] تَمْتدّ أطْماعهُم [فيها](a)، فتوجَّه شَهْس المُلُوك إليها وتَسَلَّمها، وأحْسَن إلى أوْلَادِ جَنَاح الدَّوْلَةِ، وسَار بهم إلى دِمَشْق، فأقرَّ عليهم إقْطَاعَ أبيهم.

قَرأتُ في تاريخ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ: وفيها - يعني سَنَة ستٍّ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة - وَثَبَ قَوْمٌ من البَاطِنِيَّة على جَنَاح الدَّوْلة حُسَيْن فقَتَلُوه، وذلك يَوْم الجُمُعَة ثامن وعشرين رجَب، وكان ذلك من تَدْبِير أبي طَاهِر الصَّائِغ خِدْمَةً (b) للمَلِك رِضْوَان، واسْتَولَى بعدَهُ قُراجا على حِمْص.

قَرَأتُ في مُدْرَج وَقَعَ إليَّ بالقَاهِرَة بخَطِّ العَضُد مُرْهَف بن أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، يَتَضمَّن ذِكْر وَاقِعات وَقَعَت ذَكَرها على وَجْه الاخْتِصَار، قال: سَنَة ستٍّ وتِسعِين - يعني وأرْبَعِمائة - فيها قُتِلَ جَنَاح الدَّوْلةَ بِحِمْصَ في يَوْم الجُمُعَة.

قُلْتُ: وكان قَتْلهُ في الثَّاني والعشرين من شَهْر رَجَب بتَدْبِير الحَكِيم أبي الفَتْح المُنَجِّم البَاطِنيِّ ورَفِيْقَه أبي طَاهِر، وقيل: كان ذلك بأمْر رِضْوَان ورِضَاه، وبَقي المُنَجِّم البَاطِنيّ بَعْده أربعة وعشرين يَوْمًا ومات.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد الله العُظَيْميّ

(1)

، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: سَنَة ستٍّ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة: فيها قَتَلَ البَاطِنِيَّة جَنَاح الدَّوْلَة بحِمْص في الجامع يَوْم الجُمُعَة، ستَّة نَفَر أحدَهُم يُعرْف من أهْلِ سَرْمِيْن. وفيها مات الحَكِيم العَجَمِيّ المُنَجِّم البَاطِنيّ بحَلَب.

(a) في الأصل: "ويتَسَلّمها الإفْرنَج من تَمْتدّ أطْماعُهم"، وفيه اضطراب، والمثبت استنادًا إلى ابن القلانسي (ذيل تاريخ دمشق 142): ونص كلامه: "إنفاذ من يتسلَّم حمص ويُمتد عليه في حمايتها والذَّبّ عنها قبل انتهاء الخبر إلى الإفرنج وامتداد أطماعهم فيها".

(b) في الأصل: وخدمة.

_________

(1)

النقل عن كتاب العظيمي المسمَّى: المؤصَّل، وورد بعض النقل مختصرًا في تاريخ حلب للعظيمي 361.

ص: 411

‌حَسْنُون بن مُحَمَّد بن الفَرْح (a) بن عَبْد الله، أبو القَاسِم العَطَّار

(1)

حَدَّث بعَيْن زُرْبَة من الثُّغُور الشَّامِيَّة عن أبي فَرْوَة يَزِيد بن مُحَمَّد الرُّهَاوِيّ، رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن جُمَيْع الغَسَّانِيّ الصَّيْدَاوِيّ، وأبو نَصْر مَنْصُور بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَرْب البُخاريّ القَاضِي.

أخْبَرَنا القَاضِي جَمال الدِّين أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ بقِرَاءَتي عليه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمد بن جُمَيْع

(2)

، قال: حدَّثنا حَسْنُون بن مُحمَّد بن الفَرْح

(3)

بعَيْن زُربَة، قال: حدَّثنا أبو فَرْوَة يَزِيد بن مُحَمَّد (b)، قال: حَدَّثَني أبي، عن أَبِيهِ، عن سُليْمان بن مِهْرَان، عن أبي سُفْيان، عن جَابِر

(4)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ضَحِكَ منْكُم في الصَّلاةِ فلْيُعِدِ الوُضُوءَ وليُعِد الصَّلاةَ.

‌حِصْن

حِصْن رَجُلٌ من أصْحَاب سُليْمان بن عَبْد المَلِك، غَزَا الصَّائِفَة، وكان بِدَابِق، وحَكَى مَوْت سُليْمان وسَبَبَه، رَوَى عَنْهُ ابنُ عَيَّاش.

(a) كذا قيَّد المؤلف اسم جده بالحاء المهملة وسكون الراء في الموضعين اللذين ورد ذكره فيما، ومثله في أنساب السمعاني واللباب لابن الأثير، وجاء بالمعجمة عند الصيداوي والزبيدي.

(b) زيد في معجم الصيداوي نقلًا عن حاشيته: ابن سنان.

_________

(1)

ترجمته في: أنساب السمعاني 9: 429، معجم ابن جميع الصيداوي 264، اللباب في تهذيب الأنساب 2: 369، تاج العروس للزبيدي، مادة: حسن.

(2)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 264.

(3)

انظر التعليق عليه في سياقة اسمه أول الترجمة.

(4)

الكامل لابن عدي 7: 2724، البيهقي: الخلافيات 2: 404 (رقم 746).

ص: 412

قَرَأتُ في كتاب الوَصَايَا لأبي حَاتِم سَهْل بن مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ

(1)

، قال: وحَدَّثُونا عن ابن عَيَّاشٍ، قال: خَبَّرَني حِصْنٌ، قال: كان ابن سُلَيمان

(2)

غَزَا معنا الصَّائِفَة، قال: فما رأينا رَجُلًا كان أوْرَع، ولا أحْسَن صَلَاةً، ولا أكْثَر صَدَقَةً منه، قال: فواللهِ إنِّي لقائم على رَأس سُليْمان أَذُبُّ عنه بمِنْدِيلٍ إذ تَشَمَّمَ فوَجَد رائحةً، فقال: أئتُوني من هذا الخُبْز، فأُتي بثَلَاثة أرْغفَة عِظَام من خُبْز الفُرْنِيّ، فقال: يا غُلَام، انْطَلق إلى المَطْبَخ فانْظُر هل تُصِيْب لي مُخًّا، فانْطَلَق فنَكَتَ عَظْمًا ممَّا طُبِخَ، ثمّ أقْبَل به في شيءٍ، فلمَّا رآهُ قال: وَيْلك، ما هذا؟ فانْصَرَف الغُلَامُ، فما تَرَك في المَطْبخ عَظْمًا إلَّا نَكَتَهُ، ثمّ أتَى به في صَحْفَةٍ، قال: فواللهِ إنْ وَضَعَهُ على خِوَانٍ، وما وَضَعَهُ إلَّا على الأرْض، فأكلَ تلك الأرْغفَة الحارَّة بذلك المُخِّ، ثُمَّ وَثَب، فدَخَلَ على أُمّ سَلَمَة بنت عُمَر بن سَهْلٍ، فما نَزَل عن بَطْنها إلَّا وهو مَغْشِيّ عليه، فأقام يَوْمًا وليلة، ثمّ أفاق، فقال: هو المَوْتُ! عليَّ برَجَاءِ بن حَيْوَة الكِنْدِيّ، وكان من أخَصِّ النَّاس، وذَكَرَ تَمَام الحِكايَة في وَصِيَّةِ سُليْمان ومَوْته.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُه حُصِيْن

‌حُصَيْن بن جُنْدُب بن عمَرو بن الحَارِث بن وَحْشِيّ بن مَالِك بن رَبِيْعَة بن مُنَبِّه بن يَزِيد بن حَرْب بن عَلَّة بن خَالِد بن مَالِك بن أُدَد بن يَشْجُب، أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ

(3)

ويَزِيْدُ بن حَرْب هو جَنْبٌ.

(1)

السجستاني: المعمرون والوصايا 165 - 166.

(2)

اسمه داود بن سليمان، وترجمته تأتي في الجزء السابع من هذا الكتاب، وفيه حكاية موت سليمان مختصرة.

(3)

مُختلف في سنة وفاته، والأكثر على أنه توفي سنة 90 هـ. وترجمته في: نسب معد واليمن الكبير للكلبي 300، طبقات ابن سعد 6: 224، 241، طبقات خليفة 158، تاريخ خليفة 303، تاريخ =

ص: 413

سَمِعَ عليّ بن أبي طَالِب، وعبد الله بن عبَّاس، وعَمَّار بن يَاسِرٍ، وجَرِيْر بن عَبْد الله البَجَليّ، وسَلْمَان الفَارسِيّ، وأُسامَة بن زَيْد.

رَوَى عَنْهُ ابنُه قَابُوس بن أبي ظَبْيَان، وأبو إسْحاق السَّبِيْعِيّ، وسُليْمان بن مِهْرَان الأَعْمَش، وأبو عِمْران إبْراهيم بن يَزِيد النَّخَعِيّ، وأبو زَيْد وِقَاء (a) بن إِيَاس الأسَدِيّ الوَالِبِيّ الكُوْفَيّ، وسَلَمَة بن كُهَيْل، وسِمَاك بن حَرْبٍ، وحُصَيْن بن عبد الرَّحْمن الكُوْفيّ.

وغَزَا الصَّائِفَة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة سَنَة خَمْسِين حين غَزَا قُسْطَنْطِينِيَّة، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها (b).

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط

(1)

، قال في تَسْمِيَةِ أهْل الكُوفَة: أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ، اسْمُه

(a) في الأصل، وحيثما يرد تاليًا: وفاء، وصوابه بالقاف كما في طبقات ابن سعد 6: 354، وتاريخ البخاري الصغير 1: 240، والجرح والتعديل 9: 49، وتاريخ الإسلام للذهبي 3: 1006، وكناه الذهبي: أبا يزيد لا زيد.

(b) بعده في الأصل بياض في قدر ثلثي الصفحة.

_________

= أبي حفص الفلاس 330، 396، 554، تاريخ البخاري الكبير 3: 3، والتاريخ الصغير 1: 240، الدولابي: الكنى والأسماء 2: 19، العجلي: تاريخ الثقات 122، الثقات لابن حبان 4: 156، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 171، الجرح والتعديل 3: 190، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 89، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 413، تاريخ ابن عساكر 14: 365 - 373، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 430، تهذيب الكمال 6: 514 - 517، تاريخ الإسلام 2: 1028، سير أعلام النبلاء 4: 362 - 363، العبر في خبر مَن غبر 1: 78، الإعلام بوفيات الأعلام 51، الكاشف 1: 236، الوافي بالوفيات 13: 91، تهذيب التهذيب 2: 379 - 380، تقريب التهذيب 1: 183، شذرات الذهب 1: 359 وفيه: حصيب أو حصين، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 373 - 374.

(1)

طبقات خليفة 158.

ص: 414

حُصَيْن بن جُنْدُب بن عَمْرو بن الحَارِث بن وَحْشِيّ بن مَالِك بن رَبِيْعَة بن مُنَبِّه بن يَزِيد بن حَرْب بن عَلَّة بن خَالِد (a) بن مَالِك بن أُدَد بن يَشْجُب (b)، ويَزِيْد بن حَرْب هو (c) جَنْبٌ، مات سَنَة تِسْعين، ويقال: خَمْس وثمانين.

وقال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن رَبَاح (d)، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: في تَسْمِيَةِ أهل الكُوفَةِ: أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ، أدْرَك عليًّا، اسْمُه حُصَيْن بن جُنْدُب.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبَّاس (e) بن مُحَمَّد يقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول: اسمْ أبي ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب.

وقال في مَوضِعٍ آخر: سَمِعتُ يَحْيَى يقُول في حَدِيث عَبد الرَّزَّاق، عن سُفْيان، عن قَابُوس، عن أبي ظَبْيَان، عن عليّ، قال: أتاهُ رَجُلان وَقَعا على امْرأةٍ في طُهْرٍ واحدٍ، قال يَحْيَى: هذا أبو ظَبْيَان يعني والد قَابُوس، واسْمُه حُصَيْن بن جُنْدُب.

قال: وسَمِعْتُ يَحْيَى يقُول: وأبو ظَبْيان الجَنْبيّ صَاحِب الأعْمَش، وليسَ في الدُّنيا أبو ظَبْيان إلَّا هذا، إلَّا رجُل يَرْوي عنه مِسْعَر في حَدِيثٍ عن أبي

(a) في طبقات خليفة: جلد.

(b) طبقات خليفة: ابن أدد بن زيد بن يشجب.

(c) في الأصل: هم، والمثبت من ابن خياط.

(d) مهملة في الأصل، وهو بالباء الموحدة، ترجمته في تاريخ بغداد 16: 480 - 481، ويرد في تاريخ ابن عساكر بالمثناة التحتية وأحيانًا بالموحدة.

(e) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن عساكر 14: 368، وهو المشهور بالدوري، راوي كتاب يحيى بن معين.

_________

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 2: 19.

ص: 415

ظَبْيَان أنَّ عُمَر قال له: ما مالك (a)؟ هذا أبو ظَبْيَان آخر. قُلْتُ ليَحْيَى: من هو؟ قال: لا أدْرِي.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَة بن الحَسَن بن المُفَرِّج، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن سَعيد الطُّرَيْثِيثِيّ، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد السَّعْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الهَيْثَم البَلَدِيّ، قال: قال أبو نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن: أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الأعَزّ قَرَاتكيْن بن الأَسْعَد، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن لُؤْلُؤ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن شَهْرَيَار، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عليّ بن بَحْرٍ

(3)

، قال في تَسْمِيَةِ مَنْ رَوَى عن ابنِ عبَّاسٍ من أهْلِ الكُوفَةِ: أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ، حُصَيْن بن جُنْدُب، سَمِعتُ وَكِيعا يَقُول: حَدَّثَنَا الأَعْمَش، عن أبي ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن المُؤَمَّل، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَنْبَل، قال: أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب.

(a) كذا في الأصل، ومثله في تاريخ ابن عساكر 14:368.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 366.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 367.

(3)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 330.

ص: 416

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر يَحْيَى بن إبْراهِيم السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن نِعْمَةُ الله بن مُحَمَّد المَرَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مَسْعُود أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله البَجَليّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ سُفْيان بن مُحَمَّد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَني عَمِّي أبو بَكْر الحَسَنُ بن سُفْيان بن مُوسَى، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن عليّ ابن عمّ رَوَّاد بن الجَرَّاح، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: سَمِعْتُ أبا عُمَر الضَّرِيْر يَقُول: أبو ظَبْيَان حُصَيْنُ بن جُنْدُب.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد

(3)

، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّانيَةِ من تَابِعِي أهْل الكُوفَة: أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ من مَذْحِج، واسْمُه حُصَيْن بن جُنْدُب، تُوفِّي سَنة تِسْعين.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا أبَو بَكْر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: وأبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ، حَيٌّ من مَذْحِج، اسْمُهُ سَعيد بن جُبَيْر (a)، قال في هذا المَوضِع هكذا! وقال في مَوضِعٍ آخر: حُصَيْن بن جُنْدُب. وقال في مَوضِعٍ آخر: وأبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ من مَذْحِج؛ وهو حُصَيْن بن جُنْدُب بن عَمْرو بن الحَارِث بن مَالِك بن وَحْشِيّ بن مَالِك بن رَبِيْعَة بن جَنْب.

(a) كتبه ابن العديم كما وجده مصحَّفًا وكتب فوق كل اسم منهما "صـ". وهو "حصين بن جندب".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 368.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 369.

(3)

طبقات ابن سعد 6: 224.

ص: 417

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو العَلَاء مُحَمَّدُ بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الجرَّاحِيّ، ح.

قال: وأخْبَرَنا ابن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن الحُسَين النِّعَالِيّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي لأُمِّي إسْحاق بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا قَعْنَبُ بن المُحَرَّز، قال: أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ حُصَيْن بن جُنْدُب.

وقال ابن نَاصِر: أنْبَأنَا جَعْفَر بن يَحْيَى التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن سَعيد الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبرَني أبو مُوسَى بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي - يعني النَّسَائِيّ - قال: أبو ظَبْيَان، حُصَيْن بن جُنْدُب.

وقال ابن نَاصِر: أنْبَأنَا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصَّقْرِ، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن إبْراهيم بن عُمَر الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن الفَرَج المُهَنْدِسُ، قال: أخْبَرَنا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد الأنْصَاريّ الدُّولَابِيّ، قال

(1)

: أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب.

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كِتَابِهِ إليْنَا من المَوْصِل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقِّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: حُصَيْن بن جُنْدُب أبو ظَبْيَان الجَنْبِيّ الكُوْفيّ، سَمِعَ سَلْمَان وعليًّا، سَمِعَ منه إبْراهيم والأَعْمَش.

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 2: 19.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 3: 3.

ص: 418

أنبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الحُسَين النَّهَاونْدِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسمَاعِيْل

(2)

، قال: اسم أبي ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب الجَنْبِي، سَمعَ سَلْمان وعليًّا، سَمِعَ منهُ إبْراهيم، والأَعْمَش، ووِقَاء (a) بن إِيَاس، وكان يَحْيَى يُنكر أنْ يكُون سَمعَ من سَلمَان.

وقال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور (b)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا مَكّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلمِ بن الحَجَّاج

(4)

يَقُول: أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب الجَنبِيّ، سَمعَ عليًّا وعَمَّارًا، رَوى عنهُ الأَعمَش وابنُهُ قَابُوس.

أنبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِمِ عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصرُ الله بن مُحَمَّد اللَّاذِقِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا نَصْرُ بن إبْراهيم، قال: أخبَرَنا سليم بن أَيُّوب، قال: أخبَرَنا طاهِر بن مُحَمَّد بن سلَيمان، قال: حَدَّثنا عليُّ بن إبراهيم بن أحمَد، قال: حَدثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إيَاس، قال: سَمِعت مُحَمَّد بن أحمَد المُقَدَّمِي يَقول: أبو ظَبْيَان الجَنبِيّ حُصَين بن جُنْدُب.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن قُشَام، وأبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر إجَازَةً، قالا: أنبَأنَا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَنُ بن أحْمَد الهَمْدانِيّ،

(a) في الأصل: وفاء، والمثبت من تاريخ البخاري، وانظر ترجمته في طبقات ابن سعد 6: 354، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 9: 49، وتاريخ الإسلام 3:1006.

(b) قوله: "قال: أخبرنا أحمد بن منصور" مكرر في الأصل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 369.

(2)

البخاري: التاريخ الصغير 1: 240.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 370.

(4)

مسلم: الكنى والأسماء 1: 463.

ص: 419

قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجويْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظُ، قال: أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب بن عَمرو بن الحَارِث بن وَحْشِيّ بن مَالِك بن رَبيعَة بن مُنبِّه بن يَزِيد بن حَرْب بن عَلَّة بن خَالِد بن مَالِك بن أُدَد بن زَيد بن يَشجُب بن يَزِيد بن حَرْب، وهو جَنْب الجَنبِيّ، من مَذْحِج، الكُوْفيّ، سَمِعَ عليّ بن أبي طَالِب، وعَمَّار بن يَاسِرٍ، وعبد اللّه بن عبَّاسٍ. رَوَى عنهُ إبْراهيم بن يَزِيد النَّخَعِيّ، وسُليْمان بن مِهْرَان الكَاهِلِيّ، وسِمَاك بن حَرْب الذُّهْلِيّ.

أنبَأنَا أبو اليُمن زَيدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِرٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الكَلَابَاذِيّ، قال: حُصَيْن بن جُنْدُب أبو ظَبْيَان الجَنبِي المَذْحِجِي الكُوْفيّ، وهو وَالد قَابُوس، حَدَّثَ عن ابن عبَّاسٍ، وأُسامَة بن زَيْدٍ، وجَرير بن عَبْدِ اللّهِ. رَوَى عنهُ حُصَيْن بن عبدِ الرَّحْمن، والأَعمَش في القِرَاءَات وتفسِير سُوْرة الحجِر. قال عَمْرو بنُ عليّ

(1)

: مات سَنَة تِسعين، وقال أبو عِيسَى مثلَهُ، وقال ابن سَعْد كاتب الوَاقِدِيّ مثْلَهُ.

أنبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ اللّه بن الحُسين بن رَوَاحَة، عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بُندَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم - يعني صالح بن أحْمَد بن عَبْدِ اللّهِ العِجليّ - قال: حَدَّثني أبي أحْمَد بن صالح العِجلِيّ

(2)

، قال: وأبو ظَبْيَان الجَنبِي تَابِعيُّ ثِقَةٌ.

(1)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 396.

(2)

العجلي: تاريخ الثقات 112، ولم ترد فيه نسبته: الجنبي.

ص: 420

أنبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: في نُسخَة ما شَافَهني بهِ أبو عَبْدِ اللّه الخلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحمد (a) بن عَبْد الله إجَازَةً، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَأفَاء، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: ذَكَرهُ أبي، عن إسحاق بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ قال: أبو ظَبْيَان ثِقَةٌ. وسُئِلَ أبو زرعَة عن أبي ظَبْيَان فقال: كُوْفيٌّ ثِقَةٌ.

وذَكَرَ أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم قبل هذا الكَلَام في كتاب الجَرْح والتَّعْدِيل

(3)

، وقال: حُصيْن بن جُنْدُب أبو ظَبْيَان الجَنبِيّ، كُوفيٌّ، رَوَى عن عليّ، وسَلمَان، وابن عبَّاس، وجَرِير بن عَبْدِ اللّه. رَوَى عنهُ إبْراهيم النَّخَعِيِّ، وأبو إسحاق السَّبِيْعيِّ، وسَلَمَة بن كُهَيْل، وابنُهُ قَابُوس، وسِمَاكٌ، والأَعمَش، وحُصَيْن، ووِقَاء (b) بن إِيَاس، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. ثمّ قال بعدَهُ: ذَكَرهُ أبي إلى آخر ما ذَكَره الحافِظ، والظَّاهر أنَّ هذا الكَلَام سَقَطَ من النُّسْخَة الّتي نَقَل منها الحافِظ من كتاب الجَرْح والتَّعْدِيل.

أنبَأنَا سُليْمانُ بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه البَلخِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحَسَن البُنْدَار (c)، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد البَرقَانِيّ، قال: سَألتُه - يعني الدَّارَقُطْنِيّ - عن حُصَين بن

(a) في الأصل: حمد، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وتكرر ذكره في العديد من المواضع على الوجه المثبت.

(b) الأصل: وفاء، وتقدم التعليق عليه في هذه الترجمة.

(c) في تاريخ ابن عساكر: على بن الحسين البزاز، وتكرر ذكره على الوجه المثبت في كثير من المواضع.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 371.

(2)

الجرح والتعديل 3: 190.

(3)

الجرح والتعديل 3: 190.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 372.

ص: 421

جُنْدُب أبي ظَبْيَان فقال: ثِقَةٌ. وقال في مَوضعٍ آخر قُلتُ له: الأَعمَشُ عن أبي ظَبْيَان، هو وَالد قَابُوس؟ قال: نَعم، قُلتُ: اسمُه؟ قال: حُصَيْن بن جُنْدُب، ثِقَةٌ.

أنبَأنَا أبو نَصر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: حُصَين بن جُنْدُب أبو ظَبيَان الجَنبِيّ الكُوفيّ، سَمِعَ عليّ بن أبي طَالِب، وعَمَّار بن يَاسِر، وسَلمَان الفَارِسِيِّ، وعبد الله بن عبَّاس، وأسامَة بن زَيْد الكَلْبيّ، وجَريرِ بن عَبْدِ اللّه البَجَليّ. رَوى عَنْهُ ابنُهُ قَابُوس بن أبي ظَبْيَان، وأبو عِمران إبْراهيم بن يَزِيد النَّخَعِيِّ، وسُليْمان بن مِهْرَان الأَعمش، وسِمَاك بنِ حَرْب، وأبو إسحاق السّبِيْعِيِّ، وحُصَين بن عبد الرَّحْمن، ووِقَاء (a) بن إِيَاس أبو يَزِيد الأسَدِيّ الوَالِبِيّ الكُوْفيُّونَ. وذَكَرَ الوَاقِدِيِّ أنَّ غَزَا الصَّائِفَة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة في غَزوة قُسْطَنْطِينِيَّة سَنَة خَمْسِين.

أخْبَرَنا أبو عليِّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، فيما أذِنَ لي فيهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة تِسعين، حُصَيْن بن جُنْدُب الجَنبِيّ، من سَعْدِ العَشِيْرَة؛ يعني ماتَ.

أنبَأنَا عُمَر بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن المُخلِّصُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد السُّكّرِيّ، قال: أخبَرَني عَبْدُ الرَّحمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، عن أبِيهِ، قال: أخبَرَنا أبو عُبَيدٍ، قال: سَنَة تِسعين فيها مات أبو ظَبْيَان الجَنبِي حُصَيْن بن جُنْدُب.

(a) الأصل: وفاء، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 365.

ص: 422

وقال ابنُ طَبَرْزَد: أنبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوهَرِيّ، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن لؤلُؤ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن شَهْرَيَار، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص عَمْرو بن عليّ

(1)

، قال: ماتَ أبو ظَبْيَان سَنَة تِسعين.

أنبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد اللّهِ الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا رَجَاء بن حَامد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أَبو يَعْقُوب إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمن الهَرَويّ أنَّ أبا ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب ماتَ سَنَة تِسْعين.

أنبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسحاق، قال: حَدَّثنا مُوسى بن زَكَريَّاء، قال: حدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط

(3)

، قال: سَنَة تسعين فيها مات أبو ظَبْيَان الجَنبِيّ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(4)

: أخْبَرَنا أبو سَعْد المُطَرِّز، وأبو عليّ الحَدَّادُ، وأبو القَاِسِم الرَّحبيّ في كُتُبهم، ثمّ أخْبَرَنا أبو المَعَالِي المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد (a)، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثمان بن أبي شَيبَة، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الهَيثَم بن عَدِيٍّ، قال: ماتَ أبو ظَبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب الجَنبِي - في الأصْل اللَّخَمِيّ (b) - زَمَن الحَجَّاج سَنَة خمسٍ وتِسعِين.

(a) قوله: "أخبرنا أبو علي الحداد" مكرر في الأصل.

(b) من هامش الأصل، وعند ابن عساكر بدل الجنبي: اللخمي.

_________

(1)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 396.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 372.

(3)

تاريخ خليفة 303.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 372 - 373.

ص: 423

أنبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِي، قال: حدثنا أبو الحُسَين بن المُهتدي، قال: أخبَرَنا عبيد اللّه بن أحمَد بن عليّ، قال: أخبَرَنا مُحَمَّد بن مَخلَد بن حَفْص، قال: قَرأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حدَّثكُم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: أبو ظَبْيَان حُصَين بن جنْب (a) اللَّخمِيّ - أظُنُّه الجَنبِيّ - زمَن الحَجَّاج سَنَة ستٍّ وتِسعِين أو نحوها.

قُلتُ: كَذَا وقَعَ في الأصْل، وهو ابن جُنْدُب الجَنبِيّ لا شَكَّ، وهذا تَصْحِيفٌ من الكَاتِب، واللهُ أعْلَمُ.

‌الحُصَين بن الحارِث بن عَبْد المُطَّلِب بن عَبْد مَنَاف بن قُصَيّ بن كِلَاب القُرَشِيِّ

(1)

وقيل: الحُصَيْن بن الحَارِث بن المُطَّلِب.

شَهِدَ بَدْرًا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليِّ رضي الله عنه ومَشَاهِده كُلّها، وقيل إنَّهُ كان أحَد شُهُود الحكَمَين بين عليّ ومُعاوِيَة.

أنبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللّهِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أبي زَيْد، قال: أخْبَرَنا مَحمُود الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة،

(a) كذا رسمها في الأصل مهملة النقط، وفوقها "صـ"، ونبه المؤلف على وجه الصواب فيها بعد انتهاء النقل.

_________

(1)

توفي سنة 30 هـ، وقيل: سنة 33 هـ، وقيل: بعد سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 506 (في خبر وثيقة التحكيم)، تاريخ الطبري 6: 559، المحبر لابن حبيب 72، 459، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 196، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 46، 49، الاستيعاب 1: 352، ابن الأثير: الكامل 3: 146، تاريخ الإسلام 2: 202، الإصابة 2: 18، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 193 - 194.

ص: 424

قال: حدَّثَنَا ضِرَارُ بن صُرَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن هاشِم، عن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن أبي رَافعٍ، عن أَبِيهِ في تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ مع عليّ: حُصَيْن بن الحَارِث، بَدْرِيٌّ، شَهِدَ معهُ كُلُّ مَشَاهِده، من بني عَبْد المُطَّلِب بن عَبْدِ مَنَافٍ.

كَتَبَ إلينا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ من مَكَّة، شَرَّفَها اللّهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْدِ العَزِيْز بن الدَّبَّاغَ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ

(1)

، قال: الحُصَيْن بن الحَارِث (a) بن المُطَّلِب بن عَبْد مَناف بن قُصَيّ القُرَشِيّ المُطَّلِبِيّ، هو أخُو عُبَيْدَة بن الحَارِث، شَهِدَ بَدْرًا هو وأخَواهُ عُبَيْدَة والطُّفَيْلِ [بن] الحارِث (b)، وقُتِلَ عُبيدَة ببَدْرٍ شَهِيْدًا، وماتَ الحُصَيْنُ والطفَيْل جَميعًا سَنة ثلاثين.

‌حُصَيْن بن خُلَيد بن جَزْء بن الحارِث بن زُهَيْر بن جَذِيْمَة بن رَوَاحَة بن رَبيعَة بن مَازِن بن الحَارِث بن قُطَيْعَة بن عَبْس بن بَغِيض بن ريْث بن غَطَفَان بن سَعْد بن قيس عَيْلَان العَبِسيِّ

(2)

كان ينزل مع بني عَبْسٍ بناحية قِنَّسْرِيْن، وهو من سَادَات بني عَبْسٍ؛ أخْوَال الوَلِيد وسُليْمان ابنَي عَبْد المَلِك، وأخُوه القَعْقَاع بن خُلَيْد.

أنبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيِّ

(3)

، قال: حُصَيْن بن خُليد بن جَزْء بن الحَارِث، وذكَرَ نَسَبَهُ كما ذَكَرْناهُ

(a) مكررة في الأصل، وهو خطأ.

(b) في الأصل: والطفيل والحارث، والتصويب من الاستيعاب.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 352.

(2)

وترجمته في: ابن عساكر 14: 373 (ترجمة مقتضبة).

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 373، وفيه بدل جذيمة: خزيمة، وبدل بغيض: بغيص.

ص: 425

إلى قَيْس عَيْلَان وقال: العَبْسِيّ أخُو القَعْقَاع بن خُلَيْد، كان سَيِّدًا من سَاداتِ عَبْسٍ بالشَّامِ، لهُ ذِكْرٌ.

‌حُصَيْنُ بن نُمَيْر بن نَاتِل (4) بن أسَد بن جِعْثِنَة بن الحارِث بن سَلَمَة بن شُكَامَة بن شَبِيْب بن السَّكُون بن أشْرَس بن كِنْدَة الكِنْدِيّ، أبو عبد الرَّحْمن الكِنْدِيّ السَّكُونِيّ الحْمِصِيّ

(1)

رَوَى عن بلَالِ بن حَمَامَة، رَوَى عَنْهُ ابنُه يَزِيد بِن حُصَيْن، وكان مُعاوِيَة بصِفِّيْن، ووَلي الصَّائِفَة لابنهِ يَزِيد، واجْتازَ بحَلَب، ونَزَل دَابِق في خُرُوجهِ إلى الغَزَاة وكان أمِيْرًا على حِمْص (b).

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من كتاب الاشتقاق لابن دريد 371، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 429، وفي تاريخ ابن عساكر 14: 382: نائل، وفي الوافي للصفدي 13: 88: فاتك.

(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

توفي سنة 66 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد (نشرة الخانجي) 6: 486 - 487، تاريخ خليفة 225، 236، 238، 253 - 255، 263، تاريخ البخاري الكبير 3: 3 - 4، الأخبار الطوال لأبى حنيفة الدينوري 240 - 268، 293، 295، المحبر لابن حبيب 491، تاريخ الطبري 3: 333، 485، 5: 484 - 607، 6: 89 - 90، الفتوح لابن أعثم 2: 397، المسعودي: التنبيه 209، 282، 304، 311 - 312، المعارف 343، 351، الاشتقاق لابن دريد 371، الجرح والتعديل 3: 197 - 198، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 73، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 429، ابن عساكر 14: 382 - 389، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 238 - 242، 405 - 406، تهذيب الكمال 6: 548، ابن الأثير: الكامل 2: 380، 451، 4: 32 وما بعدها (انظر فهرس الأعلام 13: 103)، تاريخ الإسلام 2: 639، العبر في خبر مَن غبر 1: 54 (وفاته 67 هـ)، الإعلام بوفيات الأعلام 44 (وفاته 66 هـ)، ميزان الاعتدال 1: 554، الوافي بالوفيات 13: 88 - 89، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 224 - 226، تهذيب التهذيب 2: 392، تقريب التهذيب 1: 184، المقريزي: المقفى الكبير 3: 651 - 654، شذرات الذهب 1: 292، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 374 - 376، الزركلي: الأعلام 2: 262.

ص: 426

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا ابن المُجْلِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدِي، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن أحمد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن المُهْتَدِي، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حدَّثكُم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: قال ابنُ عَيَّاشٍ: حُصَيْن بن نُمَيْر الكِنْدِيّ، يُكْنَى أبا عبد الرَّحْمن.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حُصَيْن بن نُمَيْر أبو عبد الرَّحْمن.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل

(1)

، قال: حُصَيْن عَامِل عُمَر بن الخَطَّاب، وَالد يَزِيد بن حُصَيْن. ثُمَّ قال مُحمّد بن إسْماعِيْل

(2)

: حُصَيْن بن نُمَير، قال حِبَّان: حدَّثنا عَبْد الوَارث، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الزُّبَيْر، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن حُصَيْن، عن أَبِيهِ، قال: شَهِدْتُ بِلَالًا خَطَبَ على أخيهِ، وكان عُمَر اسْتَعْمَلهُ على الأُرْدُنّ، فزَوَّجُوه عَرَبيَّةً، ويُقالُ إنَّهُ فيمَن أحْرَق الكَعْبَةَ، ولَم يصحّ إسْنَادُهُ.

ذَكَرَ البُخاريُّ تَرْجَمتَيْن كما أوْرَدنا، فيدُلّ ذلك على أنَّهما اثْنان في زَعْمه! وهمُا واحدٌ بغير شَكٍّ.

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 3.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 3: 4 - 5.

ص: 427

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: حُصَيْن بن نُمَيْر بن نَاتِل (a) بن لَبِيْد بن جِعْثِنَة بن الحَارِث بن سَلَمَة بن شُكَامَة بن شَبِيْب بن السَّكُون بن أشْرَس بن كِنْدَة، وهو ثَوْر بن عُفَيْر بن عَدِيّ بن الحارِث، أبو عبد الرَّحْمن الكِنْدِيّ ثمّ السَّكُونِيّ، من أهْلِ حِمْص. رَوَى عن بِلَال، رَوَى عَنْهُ ابنُه يَزِيد بن حُصَيْن.

وكان بدِمَشْق حين عَزَم مُعاوِيَةُ على الخُرُوج إلى صِفِّيْن وخَرَج معه، ووَلِيَ الصَّائِفَة ليَزِيْد بن مُعاوِيَة، وكان أمِيْرًا على جُنْد حِمْص، وكان في الجَيْشِ الّذي وَجَّهَهُ يَزِيد إلى أهْل المَدِينَة من دِمَشْق لقِتَال أهْلِ الحَرَّةِ، واسْتَخْلفَهُ مُسْلم بن عُقْبَة المَعْرُوف بمُسْرِف على الجَيْش، وقَاتَل ابن الزُّبَيْر، وكان بالجابِيَةِ حين عُقِدَت لمَرْوَان (b) الخِلَافَة.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا المُخَلِّصُ، [قال] (c): أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بنُ يَحْيَى

(2)

، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن عُمَر، عن مُحَمَّد بن سُوْقَة، عن رَجُل، قال: مرَّت السَّكُون مع أوَّلِ كِنْدَة مع حُصَيْن بن نُمَيْر السَّكُونِيّ ومُعاوِيَة بن حُدَيْج في أرْبَعمائةٍ، فاعْتَرضَهُم عُمَر، فإذا فيهم فِتْية دُلْم سِبَاط مع مُعاوِيَةَ بن حُدَيْج، فأعْرَض عنهم، ثمّ أعْرَضَ ثُمَّ أعْرَض! فقيل له (d): ما لكَ ولهؤلاء؟ قال:

(a) مهملة في الأصل، وفي نشرة ابن عساكر مصدر النقل: نائل.

(b) ابن عساكر: لمروان بن الحكم.

(c) ساقطة من الأصل.

(d) الطبري: حتى قيل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 382 - 383، وهذا النقل عن ابن عساكر أدرجه المؤلف في آخر الكراسة من هذا الجزء وكتب هناك:"يقدم قبل قولنا: أنبأنا عمر بن طبرزد"، وكتب في موضعه هنا:"ها هنا يقدَّم: أنبأنا القاضي أبو نصر المكتب في آخر الجزء".

(2)

انظر تاريخ الطبري 3: 385 - 386، وتاريخ ابن عساكر 14:384.

ص: 428

إنِّي عنهم لمُتَرَدِّدٌ وما مرَّ بي قَوْمٌ من العَرَب أكْرَهُ إليَّ منهم، ثمّ أمْضَاهم، فكان بَعْدُ يُكْثر أنْ يتذكَّرَهُم بالكَرَاهيةِ، وتَعَجَّب النَّاسُ من رَأي عُمَر حين تعقَّبُوه بعدما كان من أمْر الفِتْنَة الّذي كان، وإذا هم رُؤوس تلك الفِتْنَة، فكان منهم من غَزَا عُثْمان (a)، وكان منهم رَجُل يُقال له سوْدَان بن حُمْرَان قَتَلَ عُثْمان بن عَفَّان، وإذا منهم رَجُل حَلِيْف لهم يقال له خلد (b) بن مُلْجَم قَتَلَ عليّ بن أبي طَالِب، وإذا منهم مُعاوِيَة بن حُدَيْجٍ، فنَهَضَ في قَوْم منهم يتَتَبَّع قَتَلَهَ عُثْمان يَقْتلُهم، وإذا منهم قَوْم يَهْوون (c) قَتْلَ عُثْمان.

أخْبَرَنا سُليْمان بن الفَضْل إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور فذَكَرَهُ، وقال الحافِظُ رحمه الله: وكان فيهم حُصَيْنُ، وهو الّذي حَاصَر ابن الزُّبَيْر بمَكَّة، ورَمَى الكَعْبَة بالمِنْجَنِيْق، فسُترت بالخَشَب فاحْتَرقَتْ.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد عن أبي غَالِب أحْمَد، وأبي عَبْد الله ابْنَي الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُبَيْد بن الفَضْل إجَازَةً، قالا: وأخْبَرَنا أبو تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن بِيْري قراءةً، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِبر، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، قال: سَمِعْتُ أشْيَاخ أهْلِ المَدِينَة، قالوا: سَار مُسْرِف بن عُقْبَة بالنَّاس، وهو ثَقِيلٌ في المَوْت نحو مَكَّةَ، حتَّى إذا صَدَر عن الأبْوَاءِ هَلَك إلى النَّار، فلمَّا

(a) قوله: "حين تعقبوه

عثمان" لم يرد في رواية السري عند الطبري.

(b) مهملة في الأصل بهذا الرسم، وفي رواية الطبري: خالد، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.

(c) الطبري: يقرون.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 385.

ص: 429

عرفَ المَوْتَ دعا حُصَيْن بن نُمَيْر الكِنْدِيّ، فقال: إنَّكَ أعْرَابيٌّ جِلْفٌ فسِرْ بهذا الجَيْشِ، فمَضَى حُصَيْنُ بن نُمَيْر من وَجْهِهِ ذلك، فلم يَزَل مُحَاصِراً لأهْل مَكَّة حتَّى هَلَك يَزِيد، قال: فبلَغَت ابن الزُّبَيْر وَفَاة يَزِيد قَبْل أنْ تَبْلُغ حُصَيْن بن نُمَيْر، فَنَادَاهم عَبْدُ الله بن الزُّبَيْر لَمَ تُقَاتلُون فقد مات صَاحِبُكم؟ قالوا: نُقَاتِل لخَلِيْفَته، قالوا: فقد هَلَكَ خَيفتُه الّذي اسْتَخْلفَهُ، قالوا: فنُقَاتِل لمَنْ اسْتخلف بعدَهُ، قال: فإنَّهُ لَم يَعْهَد إلى أحدٍ، قال ابن نُمَيْر: إنْ يَكُ ما تقُول حَقًّا فما أسْرَع الخَبَر إلينا.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إِنْ لِم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن جَعْفَر، عن عَمّته أُمّ بَكْر بنت المِسْوَر بن مَخْرَمَة، قال: وحَدَّثَني شُرَحْبِيلُ بن أبي عَوْن، عن أَبيِهِ، قال: وحَدَّثَني عبدُ الرَّحْمن بن أبي الزَّنَاد، قال غيره: عن أَبيِهِ، وغيرهم أيْضًا قد حَدَّثَني بطَائِفَةٍ من هذا الحَدِيْثِ، قال: أَمَّر يَزِيد مُسْلم بن عُقْبَة وقال: إنْ حَدَث بكَ حَدَثٌ فحُصَيْن بن نُمَيْر على النَّاسِ، فوَرَد مُسْلم بن عُقْبَة المَدِينَة، فمَنَعُوه أنْ يَدْخُلَها، فأوْقعَ بهم وأنْهَبَها ثلاثاً، ثمّ خَرَجَ يُريد ابنَ الزُّبَيْر، فلهَّا كان بالمُشَلَّلِ (a) نَزَل بهِ المَوْتُ، فدَعا حُصَيْن بن نُمَيْر، فقال له: يا بَرْذَعَة الِحمَار، لولا عَهْد أَمِير المُؤْمنِيْن إليَّ فيك ما عَهِدْتُ إليك، اسْمَعْ عَهْدِي، لا تُمَكِّن قُرَيشْاً من إذنك، ولا تزدهُم على ثلاثٍ: الوِقَاف، ثمّ الثِّقَاف، ثُمّ

(a) وردت في الأصل بالسين المهملة، وهو جبلٌ يهبط منه إلى قُدَيْد من ناحية البحر. ياقوت: معجم البلدان 5: 136، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 238.

_________

(1)

ابن سعد: الطبقات الكبرى (نشرة الخانجي) 6: 486 - 487، والخبر في: تاريخ ابن عساكر 14: 386 - 387، الكامل لابن الأثير 4:112.

ص: 430

الانْصِرَاف، وأعْلَمَ النَّاسَ أنَّ الحُصَيْن وَاليهم، وماتَ مكانَهُ، فدُفِنَ على ظَهْر المُشَلَّل لسَبْع ليالٍ بَقِينَ من المُحَرَّم سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين.

ومَضَى حُصَيْن بن نُمَيْر في أصْحَابهِ حتَّى قَدِمَ مَكَّة، فنَزل بالحَجُون إلى بئر مَيْمُون، وعَسْكَر هُناك، فكان يُحَاصِر ابن الزُّبَيْر، فكان الحَصْرُ أرْبعةً وسِتِّين يَوْماً، يَتَقاتلُونَ فيها أشَدّ القِتَال، ونَصَبَ الحُصَيْنُ المِنْجَنِيْقَ على ابن الزُّبَيْر وأصْحَابِهِ، ورَمَى الكَعْبَةَ، ولقد قُتِلَ من الفَرِيْقَين بَشَرٌ كَثِيْرٌ، وأصَابَ المِسْوَرَ فِلْقَةٌ من جَحَر المِنْجَنِيْق، فماتَ لَيْلَة جاءَ نَعِيُّ يَزِيدَ بن مُعاوِيَة، وذلك لهلالِ شَهْر رَبيع الآخر سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين، فكلَّم حُصَيْن بن نُمَيْر ومَنْ معه من أهْل الشَّام عَبْدَ اللهِ بن الزُّبَيْرِ أنْ يَدَعَهُم يَطُوفُوا بالبَيْت ويَنْصَرفُوا عنه، فشَاوَرَ في ذلك أصْحَابه، ثُمَّ أذنَ لهم، فطَافُوا، وكلَّم ابن الزُّبَيْر الحُصَيْن بن نُمَيْر، وقال له: قد مات يَزِيد وأنا أحَقُّ النَّاس بهذا الأمْر؛ بم لأنَّ عُثْمان عَهِدَ إليَّ في ذلك عَهْداً، صَلَّى بهِ خَلْفي طَلْحَةُ والزُّبَيْر وعَرَفته أُمّ المُؤْمِنِيْن، فبَايعْني، وادْخُل فيما يَدْخُل (a) فيهِ النَّاس -يعني (b) يَكُن لكَ ما لهم وعليكَ ما عليهم- فقال له الحُصَيْن بن نُمَيْر أي والله يا أبا بَكْر لا أتقرَّبُ إلِيكَ بغير ما في نَفْسِي، أَقْدُمُ الشَّامَ فإنْ وَجَدتُهم مُجْتَمعين لك أطَعْتُكَ، وقاتلتُ مَنْ عَصَاك، وإنْ وَجَدتُهم مُجْتَمِعين على غيرك أطَعْتُهُ وقاتلتُكَ، ولكن سِرْ أنْتَ معي إلى الشَّام أُمَلِّكُكَ رِقَاب العَرَب، فقال ابنُ الزُّبَيْر: أو أبْعَثُ رَسُولاً، قال: تَبًّا لك سَائر اليَوْم؛ إنَّ رَسُولك لا يكُون مثْلك، وافْتَرَقا، وأمِنَ النَّاسُ، ووَضَعَت الحَرْبُ أوْزَارَها، وأقامَ أهْلُ الشَّام أيَّاماً يَبْتاعُونَ حَوَائِجَهُم ويَتَجَّهزُونَ، ثمّ انْصَرَفُوا رَاجِعيْن إلى الشَّام، فدَعا ابن الزُّبَيْر يَوْمئذٍ إلى نَفْسهِ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد في كتابه، [قال] (c): أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ

(a) طبقات ابن سعد: فيما دخل.

(b) ابن سعد: معي.

(c) ساقطة من الأصل.

ص: 431

السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْرَان، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط

(1)

، قال: وكان حِصَار حُصَيْن بن نُمَيْر خَمْسِين يَوْماً حتَّى مات يَزِيد، ونَصَبَ حُصَيْن المَجَانِيْق على الكَعْبَة، وحرَّقها يَوْم الثّلاثَاء لَخْمسٍ خَلَوْنَ من شَهْر رَبيع الآخر سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان، قال: وقال ابنُ بُكَيْر قال اللَّيْث: وفي سَنَة خَمْسِين غَزْوة ابن قَحْذَم، وفَضَالَة بن عُبَيْد، وأبي سَمُرَة

(2)

، والحُصَيْن بن نُمَيْر حَرْقه (a) الأُوْلَى.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، بقِرَاءَتي عليه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا ابن عَائِذ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد، قال: حَدَّثَني ابن غَلَّاق (b)، عن يَزِيد بن عُبَيْدة، قال: وفي سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين شَتَّا عَمْرو (c) بن مُرَّة المندرُون (d)، وأعَاد الحُصَيْن بن نُمَيْر صَائِفَة الرُّوم. قال: وقال الوَلِيد بن مُسْلم: وفي سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين غَزَا حُصَيْن بن نُمَيْر الصَّائِفَة وهي غَزْوة سُورْيَة.

(a) كذا في الأصل، ولم ترد في رواية ابن عساكر بالسند المذكور في ترجمته للحصين بن نمير (14: 385)، بينما وردت في ترجمة فضالة بين عبيد (48: 300) برسم: خرقاه، وفي نسخة أخرى منه: خرفه!، وأعاد ذكر الرواية في ترجمة يزيد بن شجرة (65: 229) وقيَّدها هناك: حرمه.

(b) ابن عساكر: ابن علاق.

(c) ابن عساكر: عمر، وفي تاريخ الطبري (5: 309) في شاتية سنة 58 هـ: عمرو بن يزيد الجهني.

(d) كذا في الأصل وابن عساكر، ولعلها تحرفت من البذندون، وكانت طيلة العهد الأموي داخلة في أرض الروم.

_________

(1)

تاريخ خليفة 255.

(2)

في تاريخ ابن عساكر 14: 385، 48: 300: أبي شجرة.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 385.

ص: 432

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله في كتابهِ، قال: أخْبَرنا أبو القَاسِم بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(2)

، قال: وفيها -يعني سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين كانت صَائِفَةٌ عليها حُصَيْن بن نُمَيْر اليَشْكُرِىّ فغَزَا سُورْيَة. كذا قال، والصَّوَاب: السَّكُونِيّ (a).

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ الحَلَبِيّ

(3)

، وأخْبَرَنا به إجَازَةً المُؤيَّد الطُّوْسيّ عنه، قال: سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين، وفيها كانت غَزَاة الحُصَيْن بن نُمَيْر أرْض الرُّوم حتَّى بلَغَ مَرْج الحَمَام.

وقال العُظَيْميّ

(4)

، ونَقَلْتُه من خَطِّه: سَنَة ستٍّ وسِتِّين، فيها قُتِلَ عُبَيْد الله في زِيَاد والحُصَيْن بن نُمَيْر يَوْم الخاَزِر وبَعَثَ إبْراهيم بن الأشْتَر برُؤوسهم إلى المُخْتَار بن أبي عُبَيْد، فبَعَثَ بها إلى ابن الزُّبَيْر فنُصِبَت بالمَدِينَة وبمَكَّة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ إجَازَةً، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ في مُحَمَّد بن الغَمْر،

(a) مثله في مطبوعة تاريخ خليفة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 385.

(2)

تاريخ خليفة 236.

(3)

تاريخ حلب 186 وتحرف فيه اسم المترجم له واسم الموضع المذكرر إلى: الحصين بن تميم

بلغ مرج الخيام.

(4)

لم يرد في كتابه المختصر: تاريخ حلب، والنقل عن تاريخه الكبير الضائع: المؤصل على الأصل الموصل.

ص: 433

قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: سَنَة ستٍّ وسِتِّين -قالوا:- قُتِلَ فيها عُبَيْد الله بن زِيَاد، والحُصَيْن بن نُمَيْر، وَلي قتلهما إبْراهيم بن الأشْتَر، فبَعَثَ برُؤوسهم إلى المُخْتَار، فبَعَثَ به إلى ابن الزُّبَيْر، فنُصِبَت بالمَدِينَة ومَكَّة.

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْلَ بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن اللَّالِكَائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد أبو عَبْد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(2)

، قال: وقُتِلَ في هذا اليَوْم حُصَيْن بن نُمَيْر، يعني في سَنَةِ سَبْعٍ وسِتِّين.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد بن أبي الحُسَين

(3)

قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن عُمَر اليَمَنِيّ بمِصْر، ح.

قال: وأخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قالا: حَدَّثَنَا بَكْر بن أحْمَد بن حَفْص الشَّعْرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عِيسَى البَغْدَاديّ، قال: سَنَة ستٍّ وسِتِّين عام الخَازِر قُتِلَ عُبَيْد الله بن زِيَاد، وحُصَيْن بن نُمَيْر، وجَرِيْر بن شَرَاحِيْل الكِنْدِيّ في آخرين سُمُّوا لنا.

أخْبَرَنا أبو نَصْر بن هِبَة الله، فيما أذِنَ لنا في رِوَايتهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافظ

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب الحُسَين بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أَبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين

(1)

تاريخ مولد العلماء 73.

(2)

لم أقف عليه في تاريخه المعرفة والتاريخ.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 388 - 389.

(4)

تاريخ ابن عساكر 14: 388.

ص: 434

مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بَكْرُ بن أحْمَد بن حَفْص، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى البَغْدَاديّ بحِمْصَ، قال: في طَبَقةٍ قَدِيْمَةٍ أدْرَكت أصْحَابَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، منهم: حُصَيْن بن نُمَيْر السَّكُونِيّ، اسْتَعْمَلهُ الخُلَفَاء وأصْحَابُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحْيَاء، قُتِلَ في سَنَة ستٍّ وسِتِّين عام الخَازِر مع عُبَيْدِ الله بن زِيَادٍ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن الحُسَين، قالْ أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل

(2)

، قال: ثمّ أحْرَق مُصْعَبُ بن الزُّبَيْر المُخْتَار، وأحْرَق إبْراهيمُ بن الأشْتَر عُبَيْدَ الله بن زِيَاد وحُصَيْن بن نُمَيْر السَّكُونِيّ، فقال عَبْد المَلِك بن عَمَّار وأُتي (a) بجَسَد ابن الأشْتَر لمَوْلَىً لحُصَيْن في نُمَيْر: حَرِّقهُ كما حَرَّق مَوْلَاكَ.

‌حُصَيْن المُؤدِّب المَعَرِّيّ

شَاعِرٌ كان بمَعَرَّة النُّعْمَان، وَقَفْتُ لهُ على أبياتٍ رَثَى بها أبا تَمَّام المُفَضَّل بن مُحَمَّد بن المُهَذَّب، وعَزَّى بها أباهُ أبا صَالِح عنه، قَرأتُها في جُزءٍ دَفَعَهُ إليَّ بعضُ آل المُهَذَّب في مَرَاثِيهم، والأبْيَاتُ:[من الطويل]

تَخَيَّر منَّا المَوْتُ واسطَةَ العِقْدِ

أمَا كان منه أيُّها المَوْتُ من بُدِّ

تَرَى كان هذا الاخْتِيَارُ تَعَمُّداً

وقَصْداً له أم لَم يكُنْ منك عن عَمْدِ

لقد جَلَّ رزءٌ حلَّ بالأمسِ عندنا

فما بالُ هذا المَوْت للحيِّ لا يَفدي

(a) تاريخ البخاري: وأُتني.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 388.

(2)

تاريخ البخاري الصغير 1: 177 - 178.

ص: 435

مَضَى بَهْجَةُ الدُّنْيا وجُلُّ نَعِيْمُها

فيا جَفْنُ جُدْ بالدَّمْع في سَاحَةِ الخَدِّ

وقد خَلَّفَ الأهْلين يَبْكُون حُسَّرًا

وكم أصْبَحُوا في ظِلِّ عَيْشٍ به رغْدِ

لقد حَمَلُوا للأرْضِ منهُ هَدِيَّةً

تُسَرُّ بهالكنَّها سَاءَتِ المُهْدِي

وقالُوا سَلَامُ الله منَّا تحيَّةً

عليك فهذا باللِّقَاء آخِرُ العَهْدِ

فلو طَاوَعَتْهُ نَفْسُهُ قال مُعْلِناً

أَتَمْضُون عنِّي ثمّ أبْقَى هُنا وَحْدِي

فلو كان مَيْتٌ يُفْتَدَى لفدَيْتُهُ

برُوْحِي وما أحْوِي ومَن لي بأنْ أَفْدِي

إذا ما سَلَا سَالٍ فَقِيداً فإنَّني

أرَى ذلك السُّلْوَانَ عنديَ لا يُجْدِي

أبا صَالِحٍ يا سَيِّدَ النَّاسِ كُلِّهم

ومَنْ فاقَ في أعْلَى مَحَلٍّ من الزُّهْدِ

عَزَاءً فما الأيَّامُ إلَّا مُعَارةٌ

ومَنْ ذا الّذي يَبْقي وليس بهِ تُرْدِي

وللهِ أحْكَامٌ إذا نَزَلَتْ بنا

فلَيْسَ لمَرْءٍ أنْ يُعِيْدَ ولا يُبْدِي

‌حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة بن المُجَالِد في اليَثْرِبِيّ ابن الرَّيَّان (a) بن الحَارِث بن مَالِك

في شَيْبَان بن ذُهْل بن ثَعْلَبَة ابن عُكَابَة في صَعْب بن عليَّ بن بَكْر بن وَائِل، أبو مُحَمَّد -وقيل: أبو سَاسَان- الرَّقَاشِيّ الرَّبَعِيّ البَصْرِيّ

(1)

وقيل: أبو سَاسَان لَقَبٌ وليس بكُنْيَةٍ.

رَوَى عن عُثْمان بن عَفَّان، وعليّ في أبي طَالِب، ومُجَاشع بن مَسْعُود،

وأبي مُوسَى الأشْعَرِيّ، والمُهاجِر بن قُنْفُذ (b).

(a) في الاشتقاق لابن دريد 350: زَبَّان بن يثربي.

(b) قيَّده في الأصل بالدال حيثما يرد تالياً، والمثبت من الاستيعاب لابن عبد البر 4: 1454، والإصابة 6: 145، وتاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

توفي سنة 96 هـ، وقيل في السنة بعدها، ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 204 - 205، 287 - 305، 309، 331، 485 - 488، طبقات ابن سعد 7: 155، تاريخ خليفة 194، 313،

ص: 436

رَوَى عنهُ الحَسَن البَصْرِيّ، وابْنُهُ يَحْيَى بن الحُضَيْن، وعبدُ الله بن فَيْرُوز الدَّانَاج، وعَبْد العَزِيْز بن مَعْمَر اليَشْكُرِيّ، وعليّ بن سُوَيْد بن مَنْجُوف، ودَاوُد بن أبي هِنْد.

وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وجَعَلَهُ أمِيْراً على بَكْر البَصْرَة، وكان صَاحِب رَايته يَوْمئذٍ وفيه يقُول:[من الطويل]

لمَنْ رَايهٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّها

إذا قيل قَدِّمْها حُضَيْن تَقَدَّمَا

وكان حُضَيْن فَارِساً شُجَاعاً، مُبَخَّلاً، شَاعِراً، ووَلَّاهُ عليّ رضي الله عنه إصْطَخْر. وقال فيهِ أبو عَبْد الرَّحْمن النَّسَائِيّ من كتاب التَّمْييز بين أحْوَال الرِّجال: حُضَيْن بن المُنْذِر ثِقَةٌ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال:

=320، طبقات خليفة 200، 204، تاريخ أبي حفص الفلاس 385، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 169، 175، 190، 3: 108، 368، تاريخ البخاري الكبير 3: 128، التاريخ الصغير 2: 282 (وفيه: حصين)، البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 60، تاريخ الطبري 5: 33 - 37، 110، 5: 269، 505، 6: 56، 395 - 396، 476، 511 - 518، الفتوح لابن أعثم 3: 36 - 38، 310، العجلى: تاريخ الثقات 123 - 124، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 171، 189، الجرح والتعديل 3: 311 - 312، المسعودي: مروج الذهب 3: 136 - 137، الثقات لابن حبان 4، 191، مشاهير علماء الأمصار 157، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 317، الإكمال لابن ماكولا 2: 481 - 482، تاريخ ابن عساكر 14: 390 - 403 ابن الأثير: الكامل 3: 127، 299، 307، 361، 4: 505، 5: 14، 18، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 82، تهذيب الكمال 6: 555 - 560، وفي قسم الكنى منه 33: 338، تاريخ الإسلام 2: 1196 - 1197، الكاشف 1: 239، الوافي بالوفيات 13: 94، تهذيب التهذيب 2: 395، تقريب التهذيب 1: 185، خزانة الأدب للبغدادي 4: 38، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 377 - 380، محسن الأمين: أعيان الشيعة 1: 490، 6: 194 - 199، ترجم له ابن العديم في الكنى باقتضاب، وأحال على ترجمته هذه.

ص: 437

أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن مَسْلَمَة الوَاسِطِيّ، قال: حَدّثَنَا يَزِيد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا ابن أبي عَرُوبَة، ح.

وقال أبو طَالِب بن غَيْلان: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد في يَحْيَى المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة، قال: حَدّثَنَا عليّ بن حُجْر،، قال: حَدّثَنَا إسْمَاعِيْل اببن عُلَيَّة، عن سَعيد بن أبي عَرُوبَة -واللَّفْظ ليَزِيْد في هَارَون- قال: أخْبَرَنا ابن أبي عَروُبَةَ، عن عَبْد اللهِ الدَّانَاج، عن حُضَيْن بن المُنْذِر، قال

(2)

: صَلَّى الوَلِيدُ بن عُقْبَة أرْبَعاً وهو سَكْران، ثمّ انْفَتَلَ وقال: أَزِيدُكُم؟! فرُفِعَ ذلك إلى عُثْمان، فقال له عليّ بن أبي طَالِب: اضْربه الحَدَّ، فأَمرَ بضرْبهِ، فقال عليّ للحَسَن: قُمْ فاضْربه، قال: فما أنْتَ وذاك؟ قال: إنَّكَ ضَعُفْتَ ووهَنت وعَجزْتَ ووهنْتَ (a)، ثُمَّ قال: قُم يا عَبْد اللهِ بن جَعْفَر، فقام عَبْدُ الله بن جَعْفَر فجَعَل يَضْربه وعليٌّ يَعُدُّ حتَّى إذا بلَغَ أرْبَعين، قال: كُفَّ أو اكْفف. ثُمَّ قال: ضَرَب رسُول الله صلى الله عليه وسلم أرْبَعين، وضَرَب أبو بَكْر أرْبعين، وضرَبَ عُمَر صَدْراً من خِلَافته أرْبَعين وثَمانين؛ وكُلٌّ سُنَّةٌ.

وقال إسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة في رِوَايَة المُزَكّيِ: وقد سَمِعتُ حديثَ الدَّانَاج منه ولَم أحْفَظه عنهُ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد وشُهْدَة بنت أحْمَد الإِبَرِيّ، ح.

(a) كذا في الأصل مكررة، ولم ترد اللفظة مكررة في الغيلانيات ولا في تاريخ ابن عساكر 14:390.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 138 - 139.

(2)

صحيح مسلم 3: 1331 (رقم 1707)، سنن أبي داود 4: 622 (رقم 4480)، سنن ابن ماجة 2: 858 (رقم 2571)، السنن الكبرى للبيهقي 8:318.

ص: 438

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيَّ، قالُوا: أخْبَرَنا الحاَجِبُ أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم في بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: سَمِعْتُ المُبَرَّد يَقُول: كان الحُضَيْن بن المُنْذِر إذا رَأى زَوْج ابْنَته -أو: أُخْته- زَال عن مَجْلسه، وقال: مَرْحَباً بمَن سَتَر العَوْرَةَ، وكَفَى المَؤُونَة.

أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ عَتِيق بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ

(1)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بدِمَشْق، من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن الشَّافِعِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد بن مُفَرِّج الأَرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيُّ

(2)

، قال: حُدَّثَنَا مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ، قال: قيل للحُضَيْن (a) بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ: بأيِّ شيءٍ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قال: بحَسَبٍ لا يُطْعَنُ فيه، ورَأي لا يُسْتَغْنَى عنهُ، ومن تَمام السُّؤْدَدِ أنْ يكُون الرَّجُل ثَقِيْلَ السَّمْع، عَظِيم الرَّأس.

(a) الدينوري: لحصين، بالصاد المهملة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 399.

(2)

الدينوري المالكلي: المجالسة وجواهر العلم 298، وانظر الخبر في البصائر والذخائر للتوحيدي 8: 191

ص: 439

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، إنْ لم يَكُن سَمَاعًا فإجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي البَزَّاز (a)، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الشَّريفُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله ابن المُهْتَدي باللهِ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن الحُسَين بن المأمُون الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن بشار الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا عَاصِ بن عِمْران أبو عِكْرِمَة الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَني سُليْمان بن أبي شَيْخ، قال: لمَّا فَتَحَ قُتَيْبَة بن مُسْلِم سَمَرْقَنْد، أمَرَ بأَفْرِشَةٍ ففُرِشَت، وأجْلَسَ النَّاسَ على مَرَاتبهم، وأمَرَ بقدُور الصُّفر فنُصِبَتْ، فلَم يَرَ النَّاسُ على مثْلها في الكبَر، إنَّما يُرْقَى إليها بالسَّلَالم، قال: فالنَّاسُ منها مُتَعجِّبين، وأذنَ للعَامَّةِ، فاسْتأذنَهُ أخوهُ عَبْدُ اللهِ بن مُسْلِم في أنْ يُكَلِّم الحُضَيْن بن المُنذِر الرَّقَاشِيّ على جِهَةِ التَّعَبُّث بهِ، وكان عَبْدُ الله بن مُسْلِم يُحَمَّقُ، فنَهاهُ قُتيبَةُ عن كَلام الحُضَيْن وقال: هو بَاقِعَةُ العَرَب، ودَاهِيَةُ النَّاسِ، ومَنْ لا تُطِيْقُه، لخَالفَهُ، وأبَى إلّا كَلامَهُ، فقال للحُضَيْن (b): يا أبا سَاسَان، أمِنَ الباب دخلْتَ؟ فقال له: ما لعَمِّك بَصَر يتَسوَّر (c) الجُدْران، قال: أفرأيْتَ القُدُور؟ قال: هي أعْظَمُ من أنْ لاتُرَى، قال: أَفَتُقَدِّرُ أنَّ رَقَاش رأَت مثْلَها؟ قال: ولا رأى مثْلها عَيْلَان، ولو رَأى مثلها عَيْلان لسُمِّىَ شَبْعَان ولَم يُسَمّ عَيْلَان، قال: أفَتَعْرف الّذي يقُول: [من الطويل]

عَزَلْنا وأَمَّرْنا وبَكْر بن وَائِل

تجُرُّ خُصَاهَا تبْتَغي من تُحَالِفُ

قال: نَعَم، وأعْرِفُ الّذي يقُول:[من الوافر]

فخَيْبَةُ مَنْ يَخِيْبُ على غنِيّ

وبَاهِلَةٍ ويَعْصُرَ والرِّبَاب

(a) الأصل: البزار.

(b) في الأصل: فقال الحضينُ!.

(c) في الأصل: يتصور، والمراد ارتقاء السور. يُعرِّض بعبد الله وكان قد تسوَّر حَائطًا إلى امرأة قبل ذلك. انظر: المبرد: الكامل في اللغة 2: 28، التذكرة الحمدونية 7: 195، التوحيدي: البصائر والذخائر 8: 191.

ص: 440

والّذي يقُول

(1)

: [من الكامل]

إنْ كُنْتَ تهْوى أنْ تنالَ رَغِيْبةً

في دَار بَاهِلَةَ بن يَعْصُر فارْحَلِ

قَوْم قُتيبَةُ أُمُّهُم وأبُوهُمُ

لولا قُتَيْبَةُ أصْبَحُوا في مَجْهَلِ

فقال عَبْدُ الله بن مُسلِم: فهو الّذي يقُول: [من الطويل]

سَدَّ حُضَيْنٌ بابَهُ خَشْيَةَ القِرَى

بإصْطَخْرَ والكَبْش السَّمِين بدِرْهَمِ

ثُمَّ قال عَبْدُ اللهِ: يا أبا سَاسَان، دَعْنا من هذا، هل تَقْرأ من القُرْآن شيئًا؟ قال: إنِّي لأقرأ منه الكَثِيْر الطَّيِّبَ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}

(2)

، فاغْتَاظَ عَبْدُ اللهِ، وقال: لقد بَلَغَني أنَّ امْرأتكَ زُفَّت إليك وهي حَامِلٌ، فقال الحُضَيْن: يكون ماذا! تَلدُ غُلامًا فيقال: فُلَان ابن الحُضَيْن كما قيل: عَبْد الله ابن مُسْلم، فقال له قُتَيْبَة: أُكْفُف لعَنَكَ اللهُ، فأنْتَ عرَّضْتَ نَفْسَكَ لهذا.

وأنْبَأنَا ابن طَبرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمّد الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن محُارِب بن عَمْرو الأنْصَاريّ الإصْطَخْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السَّاجِيّ بالبَصْرَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عَامِر حَمْزَةُ بن عليّ الصَّنْعانيّ، عن أبي حَاتِم، عن أبي عُبَيْدَة، عن يُونُس، قال: وَفَدَ الحُضَيْن بن المُنْذِر إلى بَعْضِ الخُلَفَاء، فكأنَّ الآذنَ أبْطأ في الإذْنِ، فسَبَقه القَوْمُ لتَباطئهِ، فقال له الخَلِيفَة: ما لكَ يا أبا سَاسَان، تَدْخُل عليَّ في آخر النَّاسِ؟ فقال:[من الطويل]

ونحن خَفِيْفِ الشَّأْنِ يَسْعَى مُشَمِّرًا

إذا فَتَحَ البَوَّابُ بابَكَ إصْبَعَا

ونحنُ الجُلُوسُ المَاكِثُونَ رَزَانةً

وَحِلْمًا إلى أنْ يُفْتَحَ البابُ أجْمَعَا

(1)

البيتان عند التوحيدي: الإمتاع والمؤانسة 3: 172 باختلاف في الرواية.

(2)

سورة الإنسان، الآية 1.

ص: 441

أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسدِيُّ وغيره، عن أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ عَبْد البَاقِي بن عَبْدِ الكَريم الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد بن حَمَّة الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي يَعْقُوبُ، قال: حُضَين بن المُنْذِر، هو الّذي يُؤْثَرُ عنه أن ختَنهُ على ابْنَتهِ أو أُخْته كان إذا دَخَل عليهِ تنَحَّى له حُضَيْنُ عن مَجْلسه، ثُمَّ قال: مَرْحَبًا بمَنْ كَفَى المَؤُونَة وسَتَر العَوْرَة.

وكان الحُضَيْنُ بخُرَاسَان أيَّام قُتَيْبَة بن مُسْلِم، فيُقالُ إِنَّهُ كان عندَهُ فدَخَلَ على قُتَيْبَة مَسْعُود بن حِرَاش العَبْسِىّ، والحُضَيْن شَيْخٌ كببرٌ مُعَتمٌّ بعِمَامَةٍ، فقال مسْعُود لقُتَيْبَة: مَنْ هذه العَجُوز المُعْتَمَّة عند الأَمِير؟ فقال قُتَيْبَة: بَخٍ، هذا حُضَيْن بن المُنْذِر! فقال حُضَيْنٌ: مَنْ هذا أيُّها الأَمِير؟ قال: مَسْعُود بن حِرَاشٍ العَبْسِيّ، فقال حُضَيْنٌ: أنا واللهِ لم يُمَجِّد قَوْمَه في الجَاهِلِيَّةِ عَبْدٌ حَبَشيٌّ - يعني عَنْتَرة - ولا في الإسْلَام امْرأةٌ بَغِيٌّ، قال: فسَكَتَ عنه مَسْعُود بن حِرَاشٍ.

وشَهِدَ الحُضَيْن صِفِّيْن مع عليّ، وبَقي بعد ذلك إلى أيَّام مُعاوِيَةَ، فوَفَدَ على مُعاوِيَة وكان لا يُعْطِي البَوَّابَ ولا الحَاجِبَ شيئًا، فكان لا يأذن له الحَاجِب إلَّا آخر النَّاس، فدَخَل يوْمًا فقام حيَال مُعاوِيَة وقال

(1)

: [من الطويل]

وكُلُّ خَفِيْفِ الشَّأْنِ يَسعَى مُشَمِّرًا

إذا فَتَحَ البَوَّابُ بابَكَ إصْبَعَا

ونحنُ الجُلُوسُ المَاكِثُونَ رَزَانَةً

حَيَاءً إلى أنْ يُفْتَحَ البابُ أجْمَعَا

قال: فأَوْمأ إليه مُعاوِيَة بيَده أنْ أعْطِهم شيئًا، فإنَّك لا تُعْطِي أحدًا شيئًا.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللهِ الحَسَن بن عليّ بن مُقْلَة: أنْشَدَني أبو الحَسَن الأسَدِيّ، قال: أنْشَدَني أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عَمْرو بن أبي صَفْوَان، من وَلدِ

(1)

البيتان في عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري 1: 88، والبيان والتبيين للجاحظ 2:190.

ص: 442

عُثْمان بن أبي العَاص الثَّقَفِيّ، لأبي سَاسَان الحُضَيْن بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ، لمَّا قُتِلَ قُتَيْبة بن مُسْلم

(1)

: [من الطويل]

ألَم تَرَ زَحْرًا وابْنَ نَجْدٍ تَعَاوَرَا

بسَيْفَيْهِما رأسَ الهُمَامِ المتُوَّجِ

وما أدرَكَتْ في قَيْسِ عَيْلَان وِتْرَها

بَنُو مِنْقَرٍ إلَّا بأسْيَافِ مَذْحِجِ

عَشِيَّةَ جِئْنا بابنِ نَجْدٍ وجِئْتُمُ

بأدْعَجَ مَرْقُومِ الذِّرَاعَيْنِ دَيْزَجِ

أَسَك غُدَافيٍّ كأنَّ جَبِيْنَهُ

مُجَاجَةَ نِقْسٍ في أَدِيْمٍ مُمَجْمَجِ

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن أبي مُحَمَّد بن الخشَّابِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُليْمان، قال: حَدَّثَني نَصْرُ بن مُزَاحِم، قال

(2)

: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، عن سُوَيْد بن حَبَّة البَصْرِيّ (a)، عن الحُضَيْن بن المُنْذِر أنَّ نَاسًا أَتوا عليًّا بصِفِّيْن، فقالوا له: إنَّا لا نَرَى خَالِد بن المُعَمَّر إلَّا وقد كاتَبَ مُعاوِيَة، وقد خَشِينا أنْ يُتَابِعَهُ. فبَعَثَ إليه عليٌّ وإلى رجالٍ من أشْرَافنا (b)، فحَمدَ الله وأثْنَى عليه، ثُمَّ قال: أمَّا بَعْدُ، يا مَعْشَر ربيْعَة، فأنتُم أنْصَاري، ومُجِيْبُوا دَعْوَتي، ومِن أوثق حيٍّ [في](c) العَرَب في نَفْسِي، وقد بَلَغَ أنَّ مُعاوِيَة كاتبَ صاحبَكُم خَالِدَ بن المُعَمَّر، وقد جَمَعتُكم لأُشْهدَكُم عليه ولتَسْمَعُوا أيْضًا منِّي ومنهُ.

ثمّ أقْبل عليه عليّ فقال: يا خَالِد بن المُعَمَّر، إنْ كان ما بَلَغني عنك حقًّا فإنِّي أُشهدُ اللهَ ومَن حَضر أنَّك آمنٌ حتَّى تَلْحَقَ بالعِرَاق أو بالحِجَاز أو بأرضٍ لا

(a) وقعة صفين: النضري، وفي تاريخ الطبري 5: 33: ابن حية الأسدي.

(b) وقعة صفين: من أشرافهم.

(c) إضافة من كتاب وقعة صفين وتاريخ الطبري.

_________

(1)

الأبيات - سوى الثالث - في تاريخ الطبري 6: 517.

(2)

وقعة صفين 287 - 288، وانظر أيضًا تاريخ الطبري 5:33.

ص: 443

سُلطانَ لمُعاوِبَةَ فيها. وإنْ كنتَ مكْذوبًا عليكَ فأَبِرَّ صُدُورنا بالأَيْمانِ، فحلفَ بالله عز وجل أنَّه ما فَعَل. وقال رجالٌ منَّا كَثِيْر لو نَعْلَم أنَّه فَعَل لقَتَلْناهُ.

وقال شَقِيْقُ بن ثَوْر البَكْرِيّ

(1)

: واللهِ ما وفَّق اللهُ خَالِدًا إنْ نَصَر مُعاوِيَةَ وأهلَ الشَّام على علىٍّ ورَبيْعَة. فلمَّا كان يَوْم الخَمِيْس، وخَرَج النَّاسُ للقتَالِ، وانْهَزَم أصْحَابُ عليٍّ من قِبل المَيْمَنَة، فقال الحُضَيْن بن المُنْذِر: فجاءَنا عليٌّ ومعه بَنُوه، فنَادَى بصَوتٍ لا عالٍ جَهِيْرٍ: لمَنْ هذه الرَّايَاتُ؟ فقُلْنا: رَايات رَبيعَة. فقال علىّ: بَلْ هي رايات الله، عَصَمَهُم الله وصَبَّرهم وثبَّت أقدامَهُم، قال الحُضَيْنُ: ثمّ قال لي: يا فَتَى، ألَا تُدْنِي رايتَك ذِرَاعًا؟ قُلتُ: بلى يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وعَشْرة أذْرُع. فحملتُ (a) بها وأَدْنَيتُها من القَوْم، فقال لي: مكانَك.

وقال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر بإسْنَادهِ أنَّ الحُضَيْن بن المُنْذِر أقْبَل يومئذٍ وهو غُلَامٌ يَزْحَفُ برَايتهِ، قال السُّدِّيُّ: وكانت رَايتهُ حَمْرَاء، فقال:[من الطويل]

لمَنْ رايةٌ حَمْراءُ يخفُقُ ظلُّها

إذا قُلْتَ (b) قدِّمْها حُضَينُ تَقدَّما

ويَدْنُو بها في الصَّفِّ حَتَّى يُزيرها (c)

حِمامَ المَنَايا تَقْطرُ المَوْتَ والدَّما

تَرَاهُ إذا كانَ يَوْم عَظِيمَةٍ

أَبَى فيه إلَّا عِزَّةً وتَكَرُّما

جَزَى اللهُ قَوْمًا صَابَرُوا في لقائهم

لَدَى البأْسِ خَيْرًا (d) ما أعَفّ وأحزما (e)

وأكرم (f) صَبْرًا حينَ تُدْعَى إلى الوَغَى

إذا كان أصْوَاتُ الكُمَاةِ تغَمْغُما

(a) وقعة صفين: ثم مِلْتُ، تاريخ الطبري: فقمت بها.

(b) وقعة صفين وتاريخ الطبري وفتوح ابن أعثم: قيل.

(c) وقعة صفين: يديرها.

(d) وقعة صفين: حُرًّا، الطبري: لدى الموت قومًا، ابن أعثم: لدى الموت خيرًا.

(e) وقعة صفين والطبري وابن أعثم: وأكرمَا.

(f) وقعة صفين: وأَحزمَ.

_________

(1)

النقل متتابع عن كتاب نصر؛ وقعة صفين 288.

(2)

وقعة صفين 289، وانظر تاريخ الطبري 5: 37، والفتوح لابن أعثم 3: 37 - 38.

ص: 444

رَبِيْعَةَ أعنِي، إنَّهمْ أهْلُ نَجْدَة

وبأْسٍ إذا لاقَوْا خَمِيْسًا عَرَمْرَما

وقد صبرتْ عَكٌّ ولَخْمٌ وحِمْيَرٌ

ومَذْحجِ (a) حتَّى لَم يُفَارِقْ دَمٌ دَما

ونادَتْ جُذَامٌ كُلُّها: يالَ مَذْحِجٍ [وَيْلَكُمْ](b)

جَزَى اللهُ شَرًّا أيَّنا كان أَظْلَما

أمَا تتَّقُون اللهَ في حُرُماتِكُمْ

وما قرَّبَ الرَّحمنُ مِنها وعَظَّما

أذقْنَا ابنَ حَرْبٍ طعْنَنا وضِرَابنا

بأسْيَافنا حتَّى تَوَلَّى وأحْجَما

وحتَّى (c) يُنادِى الزِّبْرِقانَ ابن أظْلَم (d)

ونَادَى الكَلَاع يا كُرَيْب وأنْعُمَا (e)

وعَمْرو وسُفْيان وجَهْم ومَالِكٌ وحَوْشَبُ (f)

والرَّاعِي رَبِيْعًا وأظْلَمَا (g)

وكُرْز بن نَبْهانٍ وابْنَا مُخَارِق

وصَبَّاح والقَيْنِيّ عَتِيْكا وأَسْلَما (h)

والمَشْهُور أنَّ هذا الشِّعْر لعليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه

(1)

.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَدُ بن الحَسَن بن البَنَّاء كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ، وأبو العَلَاء علىُّ بن عبدِ الرَّحيم الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة نِفْطَوَيْه، قال: وممَّا يُرْوى لعليّ رحمه الله: [من الطويل]

لَمن رَايَةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّها

إذا قيل قَدِّمْها حُضَيْنٌ تَقَدَّمَا

فيُوردُهَا في الصَّفِّ حتَّى يَرُدّها

حِيَاضَ المَنَايا تَقْطُر المَوْتَ والدَّمَا

جَزى اللهُ قَوْمًا قاتَلُوا في لقائهم

لَدَى المَوْت يَوْمًا ما أعزَّ وأكْرَمَا

(a) وقعة صفين: لمذحج.

(b) ساقطة من الأصل، والتعويض من كتاب وقعة صفين، وفي الفتوح لابن أعثم: ونادت جذام يا أهل كوفين ويحكم.

(c) وقعة صفين: وفرَّ.

(d) وقعة صفين: الزبرقان وظالمًا.

(e) وقعة صفين: ونادى كَلاعًا والكُريبَ وأنْعَما.

(f) وقعة صفين: وعمرًا وسفيانًا وجهمًا ومالكًا.

(g) في الأصل: وظالمًا، وفوقها "صـ"، وكتب المؤلف في الهامش:"صوابه: وأظلما"، وفي كتاب وقعة صفين: والغاوي شريحًا وأظْلَمَا.

(h) وقعة صفين: وصبَّاصًا القينيّ يدعو وأسلما.

_________

(1)

انظر ديوان شعر الإمام علي كرم الله وجهه 87، 170 - 171.

ص: 445

وأطْيَبَ أخْبَارًا وأكْرَم شِيْمَةً

إذا كان أصْوَاتُ الرِّجالِ تغَمْغُما

رَبيعَة أعْني إنَّهم أهْلُ نَجْدَة

وبأسٍ إذا لاقَوا خَمِيْسًا عَرَمْرَما

قال أبو عَبْد اللهِ نِفْطَويه: قولُهُ: إذا قيل قَدِّمْها حُضَيْن، يعني حُضَيْن بن المُنْذِر أبا سَاسَان، وكانت معه راية قَوْمه يَوْم صِفِّيْن، وعَاش بعد ذلك دَهْرًا طَويْلًا.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل المُرَجَّا بن مُحَمَّد بن هِبَة الله الوَاسِطِيّ إذْنًا، وقَرَأتُ عليهِ بهذا الإسْنَاد، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ الكَتَّانِيّ الوَاسِطِيّ إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ البَاقِي بن عَبْد الكَريم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمنِ بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعقُوب بن شَيْبَة، قال: وحَدَّثني جدِّي يَعْقُوبُ، قال: وحَدَّثني خَلَفُ بن سَالِمٍ، قال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِير، عن أبي الخَطَّاب - يعني مُحَمَّد بن سَوَاء - عن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن مَرْوَان أنَّ عليًّا قال

(1)

: [من الطويل]

لمَن رَايَةٌ سَوْدَاءُ (a) يَخْفِقُ ظِلُّها

إذا قيل قَدِّمْها حُضَيْنٌ تَقَدَّمَا

فيُوردُها (b) في الصَّفِّ حتَّى يُقيلها (c)

حِيَاضَ (d) المَنَايا تَقْطُر المَوْتَ والدَّمَا

جَزى اللهُ قَوْمًا قاتلُوا في لقائهم

لَدَى المَوْت قدْمًا ما أعَزّ (e) وأكْرَمَا

وأطْيَبَ أخْبَارًا وأكْرم شِيْمَةً (f)

إذا كان أصْوَاتُ الرِّجال (g) تغَمْغُما

رَبِيْعَة أعْني إنَّهم أهْلُ نَجْدَةٍ

وبأسٍ إذا لاقَوْا خَمِيْسًا عَرَمْرَما

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطيْف بن يُوسُف البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَة طاهر بن مُحَمَّد بن طَاهِر المقدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين المُقَوِّمِيّ،

(a) ديوان الإمام علي: لنا الراية الحمراء.

(b) ديوان الإمام علي: ويدنوا بها.

(c) ديوان الإمام علي: يزيرها.

(d) ديوان الإمام علي: حمام.

(e) ديوان الإمام علي: لدى البأس خيرًا ما أعف.

(f) ديوان الإمام علي: وأحزم صبرًا حين يدعى إلى الوغى.

(g) ديوان الإمام علي: الكمأة.

_________

(1)

ديوان الإمام علي 87، 170 - 171.

ص: 446

قال: أخْبَرَنا أبو طَلْحَة القَاسِم بن أبي المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليِّ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّه بن مَاجَة القَزْوينِيِّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الطَّلْحِيّ، وأحمد بن سَعيد الدَّارمِيِّ، قَالا: حَدَّثَنَا روْح بن عُبَادَة، عن سَعيد، عن قَتَادَة، عن الحَسَن، عن حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة، أبي سَاسَان الرَّقَاشِيّ، عن المُهاجِر بن قُنْفُذ بن عَمْرو بن جُدْعان، فذكَرَ حَدِيثًا.

أَنْبَأْنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن زَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عَبْد اللّه بن سَعيد العَسْكَريّ، قال: وأمَّا حُضَيْن - الحَاءُ مَضْمُومَةٌ غير مُعْجَمَة، والضَّاد مُعْجَمةٌ، ونُون - فمنهم حُضَيْن بنُ المُنْذِر أبو سَاسَان الرَّقَاشِيّ، من سَادَاتِ ربِيْعَة، وكان صَاحِب رَايةِ أَمِير المُؤْمنِيْن يَوْم صَفِّيْن، وفيه يقُول أَمِير المؤمنِيْن:[من الطّويل]

لمَنْ رَايَةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّها

إذا قيل قَدِّمْهَا حُضَينٌ تَقَدَّما

ثُمَّ وَلَّاهُ! إصْطَخْر، وكان يُبَخِّل، ففيه يقول زِيَاد الأَعْجَمُ

(2)

: [من الطّويل]

يَسُدُّ حُضَينٌ بَابَهُ خَشْيَةَ القِرَى

بإصْطَخْرَ والشَّاةُ السَّمِينُ بدِرْهَمِ

وفيه يقُول الضَّحَّاكُ بن هَنَّام (a) : [من الطّويل]

أنْتَ امْرُؤٌ منَّا خُلقْتَ لِغَيْرِنا

حَيَاتُكَ لا نَفْعٌ ومَوْتُكَ فَاجِعُ

وقد رَوَى الحَدِيث عن عُثْمان، وعليٍّ، ومُجَاشع بن مَسْعُود، ومُهَاجِر بن قُنْفُذ.

(a) في الأصل وابن عساكر: هشام، وهو تصحيف، صوابه المثبت، انظرة الاشتقاق لابن دريد 349، وبيت الشعر فيه.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 396.

(2)

لم يرد في مجموع شعر الأعجم، وبيت الشعر في تاريخ الإسلام للذهبي 2:1197.

ص: 447

رَوَى عنهُ الحَسَنُ، وعبدُ اللّه الدَّانَاجُ، وعَبْد العَزِيْز بن مَعْمَرٍ وعليّ بن سُوَيْد (a) بن مَنْجُوف. ولا أعْرِفُ مَنْ يُسَمَّى حُضَيْنًا - بالضَّادِ والنُّون - غيره، وغير مَنْ يُنْسَب إليهِ من وَلدِه.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنَا إجَازَةً عنه أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف المَعَرِّيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو القَاسِم يُوسُف بن إبْراهيم بن يُوسُف الحَجَّاجِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين إبْراهيم بن حَمْكَان بن مُحَمَّد النَّشَويّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحُسَين - يعني أحْمَد بن فَارِس النَّحْوِيّ - يَقُول: حُضَيْن بن المُنْذِر أبو سَاسَان صَاحِبُ رَايةِ عليّ، هو بالضَّاد المُعجَمة، ورُبَّما صَحَّفَ المُصَحِّفُ فقال بالصَّادِ.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قَال: أَخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبَرِيّ، قَال: أَخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان في أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن البَرَاءِ، قال: قال علىّ بن المَدِينِيِّ: أبو سَاسَان حُضَيْن بن المُنْذِر.

وقال ابنُ السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبيدِ اللّه بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عُثْمان بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق بن إسْمَاعِيْل بن حَمَّادٍ، قال: سَمِعْتُ عليّ بن المَدِينِيِّ يقول حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة الرَّقَاشِيّ.

وقال ابن السَمَرْقَنْدي: أخْبَرَنَا أَبُو الفَضْل بن البَقَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَمَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا إبْرَاهِيم بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة،

(a) في الأصل: مَسْعُود، والمثبت من ابن عساكر وهو الصواب كما يتكرر فيما بعد، انظر ترجمته في: طبقات خليفة 219، الاشتقاق لابن دريد 353، تاريخ الإسلام للذهبي 4:155.

ص: 448

قال: سَمِعْتُ نُوحَ بن حَبِيْب (a) يَقُول: حُضَيْن بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ يُكْنَى أبا سَاسَان، سَمِعَ من أبي مُوسى، ورَوَى عن عليّ وعُثْمان.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، عن أبي بَكْر وَجيْه بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا مُوسَى بن عِمْران الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أَبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحاكِم، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس السَّيَّارِيّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن مُحَمَّد الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن مُصْعَب، عن شُيُوخه أنَّ الحُضَيْن بن المُنْذِر لمَّا نَزَلَ مَرْو وكان قُتَيْبَة بن مُسلم يَسْتَشرُه في أُمُوره، كان الحُضَيْن يَنْطَوي على بُغْضِ قُتَيْبَة.

قال الحاكِم: حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة بن ذُهْل بن شَيْبَان، أبو سَاسَان الرَّقَاشِيِّ، وكُنْيةُ حُضَيْن أبو مُحمّد، وأبو سَاسَان لَقَبٌ، سَمِعَ عُثْمان، وعليّ بن أبي طَالِب. رَوَى عنهُ الحَسَن بن أبي الحَسَن البَصْرِيّ، وعبدُ اللّهِ الدَّانَاج.

قال شَيْخُنا الكِنْديّ: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، وقد سَمِعْتُ عليهِ الكَثِيْر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن الحَسَن، وأبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(1)

، قال: الحُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة بن مُجَالِد في يَثْرِبِيّ بن الرَّيَّان (a) بن الحَارِث بن مَالِك بن شَيْبَان بن ذُهْل بن ثَعْلَبَة، يُكْنَى أبا ساسَان، ويُكْنَى أبا مُحَمَّد، ماتَ في خِلَافَةِ سُليْمان بن عَبْدِ المَلِك.

(a) في الأصل: ابن أبي حبيب، وضرب على كلمة أبيّ، وهو نوح بن حبيب البَذَشِيّ القُومسيّ، انظر ترجمته في تاريخ بَغْدَاد 15: 438 - 441، وتهذيب الكمال للمزي 30:39. والرّواية في تاريخ ابن عساكر 14: 394.

(b) طبقات خليفة: الربان، وذكر مثله في موضع آخر من طبقاته 204.

_________

(1)

طبقات خليفة 200.

ص: 449

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّهِ القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا علِيّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الأعَزّ قَرَاتكيْن بن الأَسْعَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن لُؤْلُؤ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن شَهرِيَار، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ الفَلَّاسُ

(2)

، قال: حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث، هو ابنُ وَعْلَة، أبو سَاسَان، هو رجُل من بَنِي رَقَاش.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا عليّ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد

(4)

، قال في الطَّبَقَةِ الثَّالثَةِ من أهْلِ البَصْرَة: حُضَيْنُ بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر، قال: أخْبَرَنا عليّ

(5)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّهِ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلِ، قَال: حَدَّثَنَي عليّ بن إبْرَاهِيم، قال: حَدَّثَنَا رَوْح، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن سويْد بن منْجُوف، قال: تَعَشَّيْنا مع يَزِيد بن المُهَلَّب ومَعنا حُضَيْن بن المُنْذِر، فقُلتُ: يا أبا مُحَمَّد. وقال غيره: كُنْيَتُهُ أبو سَاسَان الرَّقَاشِيّ، ولقال: حُضَيْن بن الحَارِث بن وَعْلَة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لمِ يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، ومُحَمَّد بن الحَسَن، وأحْمد بن مُحَمَّد العَتِيقيّ، قالُوا: أَخْبَرَنَا الوَليدُ بنُ بَكْرٍ، قال: أَخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا صالح في أحْمَد بن صالح، قال: حَدَّثَنَي أبي أحْمَد

(6)

،

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 394.

(2)

تاريخ أبي حفص الفلاس 385.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 394 - 395.

(4)

طبقات ابن سعد 7: 155.

(5)

تاريخ ابن عساكر 14: 395.

(6)

العجلي: تاريخ الثّقات 133.

ص: 450

قال: أبو سَاسَان حُضَيْن بن المُنْذِر السَّدُوسِيّ، بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، وكان على رَايةِ عليّ يَوْم صِفِّيْن.

قال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن بشرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: أخْبَرَنا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عن الأَعْمَش، عن أبي إسْحَاق، عن حُضَيْن، وكان صَاحِبَ شُرْطَة عليّ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقِيّ

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن، ورَشَاء بن نَظِيف، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن إبْراهِيم بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسُف بن خِرَاشٍ، قال: حُضَيْن بن المُنْذِر أبو سَاسَان الرَّقَاشِيّ، صَدُوقٌ.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا علىّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(3)

، قال: قال أبو عُبَيْدَة في تَسْمِيَةِ الأُمَرَاءَ من أَصْحَاب عليّ يَوْم صِفِّيْن: وعلى بَكْر البَصْرَةِ حُضَيْن بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ أبو سَاسَان.

أخْبَرَنا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز المَوْصِلِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(4)

، قال: حُضَيْن بن

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 397 - 398.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 398.

(3)

تاريخ خليفة 194.

(4)

التاريخ الكبير 3: 128 - 129.

ص: 451

المُنْذِر أبو سَاسَان الرَّقَاشِيّ، ويُقال: حُضَيْن بن الحَارِث بن وَعْلَة، سَمِعَ عُثْمان، وعليًّا، وعن مُهَاجِر بن قُنْفُذ. رَوَى عنهُ الحَسَنُ، وعبدُ اللّه الدَّانَاجُ البَصْرِيّ. قال عليّ بن إبْراهيم: حَدَّثَنَا رَوحٌ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن سُوَيْد بن مَنْجُوف: تَعَشَّيْنا مع يَزِيد بن المُهَلَّب ومعنا حُضيْنُ بن المُنْذِر، فقُلتُ: يا أبا مُحَمَّد.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكرِ المَغْرِبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيِّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(2)

يقول: أبو سَاسَان حُضَيْن بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ، سَمِعَ عُثْمان، وعليًّا، والمُهَاجِر بن قُنْفُذ. رَوَى عنهُ الحَسَنُ، وعَبْد اللّه الدَّانَاج.

أنْبَأَنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أَخْبَرَنَا أبو الفَضْلِ في نَاصِر، إجَازةً إنْ لَم يكُن سَمَاعًا، عن أبي الفَضْل التَّمِيْميّ، قال: أخْبَرَنا أبو نصْر عُبيدُ اللّه بن سَعِيْد، قال: أَخْبَرَنَا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللّهِ، قال: أخْبَرني عَبْدُ الكَريم بن أبي عَبْد الرَّحْمن النِّسَائيّ، قَال: أخْبَرَنِي أبيّ، قال: أبو سَاسَان حُضَين بن المُنْذِر بن الحَارث بن وَعْلَة.

أنْبَأَنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَوَّار المُقْرِئ، وأبو الحُسَين المُبَارَك بن عَبْد الجَبَّار بن الطُّيُورِيّ، قالا: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ الطَّناجِيريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَكِيم مُحَمَّد بن إبْراهيم الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن بَدْر بن الهَيْثَم القَاضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن هَارُون بن رَوْح البردِيْجِيّ، قال في الطَّبَقَة الثَّانيَةِ من الأسْماءِ المُنْفَردَةِ

(3)

: حُضَيْنُ بن المُنْذِر، وهو أبو سَاسَان، يَرْوي عن عليَّ، وأبي مُوسَى. بَصْرِيُّ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 395.

(2)

الإمام مسلم: الكنى والألقاب 1: 410، وفيه: حصين، بالصاد.

(3)

البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 60.

ص: 452

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، فيما أجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْرُ اللّه بن مُحَمَّد الفَقِيه اللَّاذِقِيّ، إجَازَةً إنْ لَمْ يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا نَصْر بن إبْراهِيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أيُوب، قال: أخْبَرَنا أبو نَصر طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيِم، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيِّ يَقُول: حُضَيْن بن المُنْذِر يُكْنَى أبا سَاسَان.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب في البَنَّاء، قال: أنْبَأنَا أبو الفَتْح بن المحامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: وأمَّا حُضَيْن - بالضَّادٍ المُعْجَمة - فهو حُضَيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة الرَّقَاشِيّ، أبو سَاسَان، روَى عن عليِّ بن أبي طَالِب، وعُثْمان بن عَفَّان، وِأبي مُوسَى الأشْعَرِيّ، ومُهَاجِر بن قُنْفُذ. روَى عنهُ عَبْد اللّهِ الدَّانَاج، وعليّ بن سُود بن مَنْجُوف، والحَسَن البَصْرِيّ، وهو الّذي قال فيهِ الشَّاعِرْ [من الطويل]

لمَنْ رَايَةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّها

إذا قيل قَدِّمْها حُضَيْنٌ تَقَدَّمَا

أنْبَأنَا ابن الحَرَسْتَانِيّ، عن عَبد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن عبد الرَّحيم بن أحْمَد البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعيد

(1)

، قال: وحُضَيْن - بالحَاءَ المُهْملَة، والضَّادِ المُعْجَمة، والنُّون - واحدٌ وهو حُضَيْن بن المُنْذِر الرَّقَاشِيّ أبو سَاسَان، رَوَى عن عليٍّ.

أَخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّدٍ بن هِبَةِ اللّه إِذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللّه

(2)

، قال: حُضيْن بن المُنْذِر بن الحَارِث بن وَعْلَة بن المُجَالِد بن اليَثْرِبِيّ [بن الرَّيَّان](a) بن الحَارِث بن مَالِك بن شَيْبَان بن

(a) ساقط من الأصل، وهو مثبت في تاريخ ابن عساكر، مصدر النقل.

_________

(1)

الأزدي: المؤتلف والمختلف 1: 332.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 390.

ص: 453

ذُهْل بن ثَعْلَبَة بن عكَابَة بن صَعْب بن عليّ بن بَكْر بن وَائِل، أبو سَاسَان وهو لَقَبٌ، وكُنْيَتُهُ أبو مُحَمَّد الرَّقَاشِيِّ البَصْرِيّ. رَوَى عن عُثْمان، وعليّ، والمُهاجِر بن قُنْفُذ، ومُجَاشع بن مَسْعُود. روى عنهُ الحَسَنُ، وعبدُ الله بن فيرُوز الدَّانَاج، وعليّ بن سُوَيْد بن مَنْجُوف (a)، وعَبْد العَزِيْز بن مَعْمَر (b) اليَشْكُرِيّ، ودَاوُد بن أبي هِنْد، وابنُه [يَحْيَى بن](c) الحُصَيْن بن المُنْذِر، ووَفَدَ (d) على مُعاوِيَة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن الَأمير أبي نَصْر عليّ بن مَاكُولا

(1)

، قال: وأمَّا حُضَيْن - بضَمِّ الحَاءَ المُهْملَة، وفتح الضَّادِ المُعْجَمة - فهو حُضَيْنُ بن المُنْذِر بن الحارِث بن وَعْلَة بن مُجَالِد بن يَثْرِبِيّ بن رَيَّان بن الحَارِث بن مَالِك بن شَيْبَان بن ذُهْل، أحَدُ بني رَقَاشٍ، شَاعرٌ فارسٌ، يُكْنَى أبا سَاسَان، رَوَى عن عُثْمان، وعليّ وغيرهما. رَوَى عنهُ عَبْدُ الله الدَّانَاج (e)، وعليِّ بن سُوَيْد بن مَنْجُوف، والحَسَن البَصْرِيّ، وابنُه يَحْيَى بن حُضَيْن، سَمعَ أباهُ، رَوى عنهُ سَلْم بن قُتَيْبَة البَاهِلِيّ، وكان أثِيرًا عند بني أُمَيَّة، فقَتَلَهُ أبو مُسْلم الخُرَاسَانيّ.

يُريدُ ابن مَاكُولا ابنَهُ يَحْيَى.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ النَّهَاوَنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حدَّثنا مُوسىَ بن زَكَريّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(2)

، قال: وحُضَيْن أبو سَاسَان أدْرَك خِلَافَة سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وذَكَرَ ظَيفَةُ أنَّ سُليْمان

(a) تصحف في نشرة تاريخ ابن عساكر: منجوب.

(b) تاريخ ابن عساكر: يعمر، تصحيف.

(c) ساقط من الأصل، ومثبت في مطبوعة ابن عساكر.

(d) ابن عساكر: وفد.

(e) في الأصل: ابن الداناج، وضرب على كلمة: ابن.

_________

(1)

الإكمال 2: 481 - 482.

(2)

تاريخ خليفة 320.

ص: 454

بُوْيِعَ سَنَة ستٍّ وتِسْعِين. وقال خَلِيفةُ في مَوضعٍ آخر

(1)

: إنَّهُ ماتَ في خِلَافَة سُليْمان بن عَبْد الَملِك، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حِطَّان

‌حِطَّانُ بن خُفَاف، أبو الجُوَيْرِيَة الجَرْميّ

(2)

غَزَا الرُّوم مع مَعْن بن يَزِيد السُّلَمِيّ، وأصَابَ جَرَّةً فيها دَنَانِيْر، وأتاهُ بها فخَمَّسَها، وعَرَض عليه من نَصِيْبه منها فقال حِطَّان: لا حَاجَةَ لي فيهِ.

رَوَى عن مَعْن بن يَزِيد السُّلَمِيّ، وقد ذَكَرْناهُ في المَعْرُوفين بالكُنَى لاشْتِهَارِه بأِبي الجُويْرِيَة وسَيأتي ذِكْرهُ

(3)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى، وقد سُقْنا عنهُ حَدِيثًا رَوَاهُ عن معن بن يَزِيد.

‌حِطَّان بن كَامِل بن عليّ بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ الشَّيْزَرِيّ

(4)

أميرٌ شُجاع شَاعِرٌ، ولد بشَيْزَر، وخَدَم المَلِك النَّاصِر صلاح الدِّين يُوسُف بن أيُوب، وحَظِي عنده فسَيَّرَهُ إلى اليَمَن، ووَلِيَ زَبِيْد.

(1)

طبقات خليفة 200.

(2)

توفي بعد سنة 120 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 322، تاريخ ابن معين 2: 121، تاريخ أبي حفص الفلاس 555، تاريخ البخاري الكبير 3: 118، الجرح والتعديل 3: 304، الثقات لابن حبان 4: 210 - 211 (برسم: خطاب بن خفاف)، تهذيب التهذيب 2: 396، تقريب التهذيب 1: 185، الزبيدي: تاج العروس، مادة: حطط (نقلًا عن ابن العديم)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 199.

(3)

فيما يلي (الجزء العاشر).

(4)

ترجمته في: البرق الشامي للعماد الأصفهاني 5: 44، 155، الأيوبي: مضمار الحقائق 66 - 67، ابن الأثير: الكامل 11: 471، 480، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 383، وفيات الأعيان 4: 144) (ذكره عرضًا في ترجمة أخيه المبارك بن كامل)، ابن واصل: مفرج الكروب 2: 102 - 105. تهذيب الكمال 6: 560 - 561، وفي الكنى 33: 212، تاريخ الإسلام 3: 397 - 398 الكاشف =

ص: 455

وحَصَل بينَهُ وبين عُثْمان بن الزِّنْجَارِيّ (a) باليَمَنَ خِلَافٌ، وكان صَارِم الدِّين خُطْلُبَا بنَ بيد فتُوفِّي، فحَصَل حِطَّان بن مُنْقِذ بها في نحو ثلاثمائة فارس، فوَصَل عُثْمان مُحَاصِرًا لها في تسعمائة فارس.

وكان المَلِك النَّاصِر قد تَخيَّل من حِطَّان، وكَتَبَ إلى عُثْمان بالتَّحَيُّل على حِطَّان والقَبْض عليه، فعُرِضَ الكتاب على الأُمَرَاءِ باليَمَن، فامْتَنعَ قَايْمَاز ويَاقُوت وَاليَا الجَبَل

(1)

، وامْتَنعَ صَارِم الدِّين خُطْلُبَا وَالي زبِيْد، وغَلَبه دُقش

(2)

أحد أُمَرَاءِ الجَنَد

(3)

، وكان سيّر مع خُطْلُبَا وخَدَعَهُ لمَرَضِهِ حتَّى أدْخل حِطَّان إلى زَبيد ومَكَّنَهُ منها، ودَخَل إليها يوْم ثامن صَفَر سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين، يعني: وخَمْسِمائَة.

وماتَ خُطْلُبَا في تاسعه، واتَّفَقَ دُقش ومَنْ معه مع حِطَّان على العِصْيَان والتَّحَصُّن بزَبِيْد، ونَزَل عُثْمان على زَبِيْد فحَصَرها، وكَتَب عُثْمان بذلك إلى المَلِك النَّاصِر، وكَتَبَ دُقش إلى المَلِك النَّاصِر يَذكُر أنُّهُ كان سَيَّر رَسُولًا إلى عُثْمان يَسْأله في الصُّلْح والرُّجُوعِ إلى بلدهِ فامْتَنع من ذلك، وأنَّ عُثْمان قد كان حَصَر زَبِيْد قبل موت خُطْلُبَا، فما وجَدُوا حِيْلَة إلَّا أنْ صَدَّرُوا له حِطَّان لأُمُورٍ أعْظَمها أنَّ معه مَالًا

(a) كذا رسمه حيثما يرد، ومثله في البرق الشامي للعماد الأصفهاني 5: 45، وكذلك في أصول كتاب سنا البرق الشاي 25، ومضمار الحقائق للأيوبي 66، ويأتي في العديد من الصادر منسوبًا: الزَّنْجيلي، انظر: اليماني: بهجة الزمن 77 - 79، الروضتين لأبي شامة 1: 178، مرآة الزمان 21: 283، الوافي بالوفيات 16: 451، ابن خلدون: العبر 10: 50 - 52، العيني: عقد الجمان 1: 136 - 138، 228، 306، النجوم الزاهرة 6: 69، الزبيدي: تاج العروس، مادة: حطط (نقلًا عن ابن العديم)، وورد عند ابن واصل: مفرج الكروب 3: 105، وتاريخ ابن الوردي 2: 139: الزنجبيلي.

_________

= 1: 239، اليماني: بهجة الزمن 77 - 79، (وسماه: خطاب)، الوفي بالوفيات 13: 96، العيني: عقد الجمان 1: 308، تاريخ ابن الوردي 2: 139، ابن خلدون: العبر 10: 51 - 52.

(1)

ورد في كتاب بهجة الزمن 77 أن ياقوت التَّعزِّيّ والي تعز، ومظفر الدين قايماز والي ذي جِبْلَة.

(2)

كذا رسمه حيثما يرد، ولم أقف على ذكر له.

(3)

بفتحتين محركة، من أكبر مخاليف اليمن. ياقوت: معجم البلدان 2: 169.

ص: 456

يُنْفقه، وترك حِطَّان على أنَّهُ مُطِيع يحضر إلى الخِدْمَة ويُحاسب على المال، والرَّجُل وأُمَرَّاء العَسْكَر مَحْصُورون، وأنَّهم مُتَماسكُون إنْ وَصَلتهم نَجْدَة عاجلَة أو أمْر يُشغل عُثْمان، وأنَّ دُقش وقرا سُليْمان وحِطَّان قالوا لهذا الرَّسُول المُسَيَّر: أُخْرج إلى عُثْمان في المُصَالَحَة على أمر السُّلْطان عهما وَصَل بهِ امْتَثل.

وقَرَأتُ في تاريخ القَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ، الّذي علَّق فيه الحَوَادِث في كُلِّ يَوْمٍ

(1)

، قال فيه: وذكَر الرَّسُول أنَّهُ اجْتَمع بيَاقُوت في تَعِزّ، وكان سَار إليه رسُولًا من عُثْمان أنْ يَنْزل ويكُون في خِدْمته، فقال: ما أفْعَلُ إلَّا بكتابٍ من السُّلْطان، وأنَّهُ ارْتَهن عِيَاله وخَدَعَه بَمِيْن اللَّه والطَّلَاق، فركبتُ إليه وتَسَلّم بلادي وأقْطَع زَبيد، وذَكَرَ الرَّسُول أنَّ خُطْلُبَا قال له: إنِّي سُقِيْتُ وتَمَّ عليَّ الرَّدَىَ وإنِّى تالفٌ لا مَحَالة وما أشَار إلى أحدٍ، وكان رَسُول عُثْمان قد ذَكَرَ مثل ذلك وأسْنَدَ الفعل إلى حِطَّان.

قال القَاضِي الفَاضِل: وسُيِّرَت كُتُب إلى المَلِك النَّاصِر وإلى المَلِك العادل وغيرهما من حِطَّان، وأَخيهِ مُحَمَّد، ودُقش، وقرَا سُليْمان، ويَاقُوت المُعَظَّمِيَّ، وتَنُوخ بن عَبْد المَجِيْد، تتضَمَّن القَضِيَّة المُتَّفَق على شَرْحها أنَّ عُثْمان بن الزِّنْجَارِيّ ما زال يُخَادِع يَاقُوت وقَايْمَاز ويُلَاطفهُما حتَّى انْخَدَع له قَايْمَاز وتَرَاسَلا في المُصَاهَرَة، وتقرَّر المَهْر عَشرة آلاف دِيْنار مِصْريَّة، وأحْضر الشُّهُود، وكُتِب الكتاب، ونَزَل قَايْمَاز من حِصْنه ليَعْقد عقدة النِّكَاح، فلمَّا صَار في خَيْمَة عُثْمان

(1)

يُعيد ابن العديم النقل عن هذا الكتاب في ترجمة زنكي بن مودود (الجزء الثامن) وسماه: دستور القاضي الفاضل الذي جعله تاريخًا للماجرايات، أي توثيقًا للحوادث الواقعة على الأيام، ويطلق عليها أحيانًا لفظ: متجددات سنة كذا .. ، ونقل ابن خلكان عن هذا الكتاب ووصفه بأنه "تاريخ مرتَّب على الأبام؛ يذكر فيه ما يتجدَّد كل يوم". (وفيات الأعيان 1: 258) وماجرايات القاضي الفاضل تتضمن اهتمامًا بالأمور الإدارية وما يطرأ عليها في كل يوم مع تقييد الشهر والسنة. انظر: رونثال: علم التأريخ عند المسلمين 239 - 240.

ص: 457

سَلْسلَهُ وضَايقَهُ على تَسْليم ما بيَده من البِلادِ والقِلَاع، فتَسَلَّمها بأسْرِها وحَاصَر الجَنَد، وحَلَف لأهْلها على أمَانهم منه ومن عَسْكَره.

فلمَّا فَتَحُوا الأبْوَاب هَجَمَ بعَسْكَره وأباحَهُم دِمَاءَ أجْنَادِها، وأمْوَال أهْلها ونسَائهم حتَّى حُكي أنَّهُ اقْتُضَّ في البَلَدِ سِفَاحًا نحو ثَلاثمائة بِكْر فَضْلًا عن الثُّيَّب، وقُتِلَ في المَسْجِد نَفَران من الفُقَهَاء في المُدَافعةِ عن حَرِيْمهما، وأنَّ مَسْجِدَها الأعْظَم؛ مَسْجِد مُعَاذ بن جَبَل، انْتُهكت حُرْمَتُه وهُدمَتْ جُدْرانُه عند الهَجْمة وانْصَرف عنها، وحَاصِر قِلَاع يَاقُوِت، واسْتَخْلَصَ بعضَها، وسَار إلى زَبيْد في أوَائِل المُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين فحاصَرها وقاتلها قِتَالًا شَدِيْدًا، ونَصَبَ عليها السَّلاليْم.

واتَّفق مَرَضُ صَارِم الدِّين خُطْلُبَا، وضَعْف مُنَّته وإفْلَاسهُ ممَّا يُنْفقهُ في العَسْكَر، واخْتِلَاف وُجُوه النَّاسِ عليهِ، وضَعْف قُلُوب أهْل زَبِيْد بقُوَّة عُثْمان بالمَال والرِّجال، وفَتْكه فيما اسْتَعْصَى عليه من البِلادِ، وإتْلَافه أمْوَالَهُم الظَّاهِرة، ومَوَادَّهم من النَّخِيْل والكُرُوم والأشْجَار، وتَخْريب الضِّيَاع، وتَعْطِيل المَزَارِع، فجَمَعِ خُطْلُبَا أُمَرَاء المِصْرِيِّن الّذين معه: قرا سُليْمان، ودُقش وغيرهما، وقال: تَرَونَ ما نَزَلَ بنا وما نحنُ عليه من عَدَم المالِ والرِّجَال، ومتى مَلَكَ هذا الطَّاغِيَةُ زَبِيْد مَلَكَ اليَمَن كُلّها، وإنِّي أرَى أنْ نُرَاسِل حِطَّان ونَسَتَحْلفهُ على بَذْلِ جُهْده من المالِ والرِّجال والنَّفْسِ في المُدَافَعة عن هذا البَلَدِ، ودَفع هذا الرَّجُل عنه، فرَأى الجَمَاعَة ذلكَ الرَّأي، ورَاسَلُوا حِطَّانَ بن مُنْقِذ، وعَرَّفُوه الأمْرَ، وكان قد أنْجَدَهُم قبلِ ذلك بأخيهِ مُحَمَّد بن كَامِل في فُرْسَان عدِّة، وكذلك أنْجَدَهُم يَاقُوت بعَسْكَرٍ، ولَم يزَل التَّرَدُّد بينَهم وبين حِطَّان حتَّى اسْتَوْثَقَ بعضُهم من بعض بالأيْمان.

ودَخَل حِطَّان زَبِيْد في ثامن صَفَر، وماتَ خُطْلُبَا في عَاشِره، وأطلقَ حِطَّان الأمْوَال والخلعَ في العَسْكَر، وتألَّفَ القُلُوبَ، وتَجَرَّدَ لقِتَالِ عُثْمان وَأصْحَابهِ، ومَنَعَهُم من الخُرُوج من خِيَامِهم، ثمّ أشَار الأُمَرَاءُ المِصْرِيُّون بمُرَاسَلَةِ

ص: 458

عُثْمان بن الزِّنْجَارِيّ والتَّلَطُّف له في الكَلَام، وأنْ يُقال له: هذه البِلاد في أيدِينا أمَانَةٌ للسُّلْطَان، وما نُسَلِّمها دُون أنْ يقتَل منَّا ومن جَمَاعتكَ خَلْق كَثِيْر، فإنْ رأيْتَ أنْ تَرْبَح دِمَاءَ الفَرِيْقَين ونُكَاتب السُّلْطان ونَنْتَظر أمرَهُ؛ فإلى مَنْ رَسَمَ بتَسْلِيم البِلادِ سُلِّمَت إليه بغير حَرْبٍ، فنَفَر عُثْمان وقال: إنِّي أنا المَلِكُ العُثْمانيّ المَذْكُور في سيَرِ اليَمَن ومَلَاحِمها أنَّهُ يَمْلُك ما بين حَضْرَمَوْت ومَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ولا أبْرحَ على زَبيد دُون فَتْحها عَنْوَةً، وسَلْخ جِلْدَي قرا سُليْمان ودُقش، وصَلْب حِطَّان، وإباحَة نَهْبها، وقَتْل مُقَاتلَتها عَشرة أيَّام كما وَعَدْتُ عَسْكَري، وكما فَعَلْتُ في الجَنَد.

فتَجَرَّدَ حينئذٍ مَنْ بنَ بزَبِيْد لقِتَالهِ، وفَتَحُوا في سَادِس شهر رَبيع الأوَّل ثلاثة أبْوَابٍ من أبْوَاب زَبِيْد، واقْترَقُوا ثلاثَ فِرَق، وكَبَسُوا عَسْكَر عُثْمان بغْتَةً، فتقابَضَ الفَرِيقان باللّحَى، وتَجَالَدُوا بالسُّيُوف، فانْهَزَمِ عُثْمان وأسْلَم عَسْكَره، فكَثُر فيهمِ القَتْل، وتبَعِ الجُنْد والرَّاجِلُ مَنْ انْهَزَمَ منهم، وغَنِمَ عَسْكَرُ زَبِيْد منهم سَبْعمائة خَيمة وألْفَي جَمَل، ونَكَّسُوا من فُرْسَانهم ثلاثمائة فارس، ولَم يَسْلَم مع عُثْمان سوى (a) ستَّة فُرْسَان لا غير.

وكَتَبَ حِطَّان يَبْذُل من نَفْسهِ الطَّاعَة، ويَسْأل الصَّفْح عمَّا كان قُذف به، وما تقَوّل في حَقِّهِ مَنْ قد ظَهَرت مُنَافقتُه وكُفْرانُه نِعْمَة الاصْطِناع، ويَسْألُ إعْلَامَهُ بما يَعْملِ: من المقام فتُقرَّر له قَاعِدة، أو الاسْتِدْعاء فيتوثَّق بالأيْمَان ليَصِلَ ويُكاتب إلى منْ يَتَسلَّم البِلاد، ويَسْأل يَمِينَ السُّلْطان وخَطِّه، ويَمِيْن المَلِك العادِل، وتَشْريفًا من لباس السُّلْطان، وتشرِيْفًا من المَلِك العادِل، وتَشْريفَيْن من المَلِكَين العَزِيز عُثْمان والظَّاهر غَازِي، وأمْرًا صَرِيحًا بما يَعْتمدُه من تَسْليم البِلَادِ

(a) مكررة في الأصل.

ص: 459

إلى مَنْ يُعَيَّن عليهِ، وكذلك حِصْن قَوَارِيْر

(1)

، أو تَقْرير قَاعِدَةٍ له يَخْدمُ هُناكَ بها، وبَذَلَ من نَفْسه مُوْجب ما اسْتَقَرَّ بينَهُ وبين خُطْلُبَا، واسْتَحلفهُ عليه أنْ يَحْمل إلى الخِزَانَةِ النَّاصِرِيَّة عَشرة آلاف دِيْنار، وإنْ رُسِمَ اسْتَخدامهُ باليَمَن فهو يَكْفل بفَتْح كُلِّ ما كان في يد المَلِك المُعَظَّم، ويُوَفِّر الغَلَّات الّتي في الأَهْرَاءِ بزَبِيْد على العَسْكَر المِصْرِيّ ليَتَسَفَّرَ بها إلى مِصْر في عَوْده.

قال القَاضِي الفَاضِل: وتحقَّقَ السُّلْطان أمْر هذه الكَسْرَة وطَاعة حِطَّان. وأمَّا ما كان من عُثْمان؛ فإنَّهُ وَصَل إلى جِهَةٍ من أَعْمَال التَّعْكُر

(2)

، واسْتَقَرَّ بها لأنَّ الجَنَدَ خَرَابٌ، فلمَّا عَلم من يَاقُوت عَجْزه عنه وضَعْفه، رَجَع إلى الجَنَد وعمَّرها، وصَار يُغِيْرُ منها إلى بلادِ الأَمِير المَذْكُور، ونَزَلَ على حِصْنٍ من حُصُونه يُقال له الحُرَيْم (a)، فاتَّصَل الخَبَر بحِطَّان (b) فجَمَعَ له وتجَهَّزَ للطُّلُوع، فلمَّا عِلمَ بذلك رَحَلَ من المَوضع، وأغارَ على جِهَةٍ من جِهَاتِ يَاقُوت يُقال لها: جَبَأ (c).

(a) مهملة في الأصل، والإعجام مع الضبط من ياقوت، وفيه: حصن من أعمال تعز باليمن، وعند الهمداني: ذو حريم لبني عروة. صفة جزيرة العرب 196، معجم البلدان 2:250.

(b) في الأصل: بقحطان.

(c) مهملة في الأصل، والإعجام مع الضبط من الهمداني وياقوت، وهي مدينة - وقيل قرية - بخلاف المعافر، تقع في فجوة من جبل صَبِر إلى الغرب منه، من أعمال تعز بقرب الجَنَد، وقيل: جبأ جبل باليمن. الهمداني: صفة جزيرة العرب 78، 99 - 100، 208، ياقوت: معجم البلدان 2: 96، الأكوع: مجموع بلدان اليمن 1: 172.

_________

(1)

حصن قوارير: من حصون زبيد باليمن. ياقوت: معجم البلدان 4: 411، بهجة الزمن 77، وذكر الأكوع أنه يقع في وصاب السافل، ويعرف الآن باسم الكعل. انظر: جموع بلدان اليمن 2: 658.

(2)

يرد ذكر التعكر قلعة باليمن، إلا أن تكون منسوبة إلى عملها، ذكرها ياقوت: قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلة على ذي جِبْلَة، وذكر الهمداني أيضًا من الجبال المشهورة باليمن جبل التعكر، وهو مطل على مدينة إبّ. الهمداني: صفة جريرة العرب 103، 133، 213، 265 - 267، معجم البلدان 3: 34، الأكوع: مجموع بلدان اليمن 1: 155.

ص: 460

‌حُظَيُّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم السُّلَمِيّ، أبو هَانئ الصُّوْرِيّ

(1)

سَمِعِ بطَرَسُوس أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَزِيْد بن إبْراهيم الدَّرَقِيّ، وبِحْمص أبا زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء بن حَيَّوْيَه النَّيْسَابُوريّ، وبِصُوْر أبا عَبْد المَلِك مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبد الوَاحِد بن عُبْدُوْس، وبالرَّمْلَةِ أبا الحَسَن أحْمَد بن دَاوُد بن أبي صالح الحَرَّانيّ المِصْرِيّ.

وحدَّث ببَيْت المَقْدِس، رَوَى عنهُ أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن الجَرَّاح الأَسْلَميّ.

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد اللهِ الحافِظ المِصْرِيّ في كِتَابِه إليَّ من مِصْرَ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحاَجِّ بن يَحْيَى الإشْبيلِيّ، قراءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو هَانئ حُظَيّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم السَّلَمِيّ الصُّوْرِيّ، قراءةً عليه ببَيْت المقدِس، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن دَاوُد بن أبي صالحِ الحَرَّانيّ المِصْرِيّ بالرَّمْلَة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُصْعَب، قال: حَدَّثَنَا مالك، عن يَحْيَى بن سَعيد، عُرْوَة بن الزُّبير، عن عائِشَة

(2)

، قالت: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَت مَحَبَّة اللهِ على مَنْ غَضبَ فحَلِم.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم علىّ بن الحَسَن

(3)

، قال: حُظَيّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم، أبو هَانئ السُّلَمِيُّ الصُّوْرِيّ، سَمِعَ أبا عَبْد المَلِك مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن عُبْدُوْس بِصُوْر، وأبا زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 404، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 380.

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخه 14: 404.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 404.

ص: 461

زَكَرِيَّاء بن حَيَّوْيَه النَّيْسَابُوريّ بِحِمْص، وأبا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَزِيد بن إبراهيم الدَّرَقِيّ بطَرَسُوس، وأبا الحَسَن أحْمَد بن دَاوُد بن أبي صالح الحَرَّانيّ المِصْرِيّ بالرَّمْلَة. رَوَى عنهُ أبو العبَّاسِ الإشْبِيلِيّ. واجْتازَ بدِمَشْقَ أو بسَاحِلها عند مضيِّهِ إلى حِمْص وطَرَسوس.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَفْص

‌حَفْصُ في أحْمَدَ الكَمَدِيّ، أبو الحُسَين الحَرَّانيُّ

رَوَى عن عليّ بن سُلَيمان الهاشِميّ، وأبي القَاسِم الأنْطَاكِيّ رَوَى عنهُ في شِعْر دِيْك الجِنّ، ورَوَى عنهُ الخَالِديّان، وأبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كتابي

(1)

الدِّيَرَة، عن أبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ.

‌حَفْصُ بن عُمَر بن رَوَاحَة الحَلَبِيُّ الأنْصَاريُّ

(2)

رَوَى عن السَّائِب بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، وخَالِد بن مَعْدَان. رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو سَعيد بن حَفْص الحَلَبِيّ، وقيل: أبو سَعْد، وعَبْد الرَّحمن المُحَارِبِيّ.

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الخَضِرُ بِن الحُسَين بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن المبُارَك

(1)

أي كتاب الديارات للخالديين وكتاب الديارات للشمشاطي، وتقدم التعريف بهما كلّ لأول وروده في موضعه.

(2)

ترجمته في: الثقات لابن حبان 6: 198، الجرح والتعديل 3: 178 - 179، واقتبس ابن العديم ترجمته من ورود اسمه في سند حديث مسند عنه.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 98.

ص: 462

الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْدِ اللهِ (a) الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الجَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد بن حَفْص بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ، عن أَبيِه، أنَّهُ حدَّثَهُ عن السَّائِب بن حُبَيْش، عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، قال

(1)

: لقيْتُ أبَا الدَّرْدَاءَ فسَألني عن مَنْزِلي فأخْبَرتُه، فقال أبو الدَّرْدَاء: سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ما من ثلاثةٍ في قَرْيَةٍ ولا في بَدْو، لا (b) يُقيْمُون الصَّلاة إلَّا اسْتَحْوذَ عليهم الشَّيْطانُ، فعليكم بالحَمَاعَة، فإنَّما يَأكُل الذِّئْبُ القَاصِيَة.

أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيّ، عن الحافِظ أبي القَاسِم

(2)

، قال: في نُسْخَة ما شَافَهني بهِ أبو عَبْد الله الحُسَن بن عَبْد المَلِك الخَلَّال، قَال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله إجَازَةً، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: حَفْص بن عُمَر الأنْصَاريّ، رَوَى عن خَالِد بن مَعْدَان، رَوَى عَنْهُ ابنه أبو سَعْد عُمَر بن حَفْص المَعرُوف بابنِ روَاحَة، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، رَوَى عن مَنْ حَدَّثَهُ عن مَكْحُول. رَوى عنهُ عبدُ الرَّحْمن المُحَارِبِيّ.

كذا وَقَعَ: حَفْص بن رَوَاحَة! وأظُنُّه: حَفْص بن عُمَر قاضي حَلَب الآتي ذِكْرُه، فإنَّ الحاكم أبا أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظ ذَكَرَ في الكُنَى ابنه أبا

(a) ابن عساكر: عبيد الله.

(b) ابن عساكر: ولا.

_________

(1)

سنن أبي داود 1: 371 (رقم 547)، سنن النسائي 1: 106 - 107 (رقم 84)، المستدرك للحاكم 2: 482، صحيح ابن حبان 5: 457 - 458 (رقم 2101)، شرح السنة للبغوي 3: 346 - 347 (رقم 793)، كنز العمال للمتقي 7: 581 (رقم 20354)، وانظر: المسند الجامع 14: 337 (رقم 10986).

(2)

لم أجده في تاريخ ابن عساكر.

(3)

الجرح والتعديل 3: 178 - 179.

ص: 463

سَعيد بن حَفْص الحَلَبِيّ، وذَكَر أنَّهُ من رَهْط عَبْد الله في رَوَاحَة الأنْصَاريّ، فنَسَبَهُ هِشَام بن عَمَّار إلى جَدِّه الأعْلَى رَوَاحَة الأنْصَاريّ. وقد ذكرنا ذلك في تَرْجَمَةِ عُمَر بن حَفْص

(1)

.

‌حَفْصُ بن عُمْر بن ثَابِت في زُرَارَة -وقيل: ابن ثَابِت بن الحَارِث، وقيل: ثَابِت بن مُحَمَّد- الأنْصَاريّ الحَلَبِيّ القَاضِي

(2)

قاضي حَلَب، أصْلُهُ من الكُوفَةِ، وسَكَنَ حَلَبَ ووَلِيَ قَضَاءَها، حَدَّثَ عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وقَيْس بن مُسْلم، وأبي الحَارِث صالح بن حَسَّان الأنْصَاريّ، وحَمَّاد بن أبي سُليْمان، والفَضْل بن عِيسَى الرَّقَاشِيّ، والحَجَّاج بن فُرَافِصَة، ومُوسَى بن حَبِيْب، وأبي الرَّبيعْ الدِّمَشقيّ، والعَلَاء بن اللَّجْلَاج، وأبَان، ومُحَمَّد بن إسْحاق، وأبي إسْحاق الهَمْدانيّ، وأبيه عُمَر بن ثَابِت الكُوْفيّ، ويَحْيَى بن عَبَّاد بن عَبْد الله بن الزُّبَيْر، والمُخْتَار بن فُلْفُل، وابن أبي غَنِيَّة.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن طَلْحَة القُرَشِيّ، ومُحَمَّد بن بَكَّار بن الرَّيَّان، ويَحْيَى بن صالح الوُحَاظِيّ، وعامر بن سَيَّار الحَلَبِيّ النِّحْليّ، ويَحْيَى بن عَبْد المَلِك، وابنُه أبو سَعيد عُمَر بن حَفْص بن عُمَر، ومُحَمَّد بن المُتَوَكِّل العَسْقَلانِيّ، وعَبْد الرَّحمن المُحارِبيّ، وعُبَيْد بن جَنَّاد الحَلَبِيّ، ودَاوُد بن رُشَيْد.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد طَاهِرُ بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت

(3)

، قال:

(1)

في جزءٍ ضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي نحو سنة 190 هـ، وترجمته في: كتاب المجروحين لابن حبان 1: 259، الجرح والتعديل 3: 180، الكامل لابن عدي 2: 797 - 798، تاريخ الإسلام 4: 837، ميزان الاعتدال 1: 563، الوافي بالوفيات 13: 101، لسان الميزان 2: 326، 327، وذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة العلاء بن اللجلاج (تاريخه 47: 229).

(3)

تاريخ بغداد 10: 410.

ص: 464

أخْبَرَني السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّدُ بن الأزْهرِ، قال: حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن صالح الوُحَاظِيّ، عن حَفْص بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا صالح بن حَسَّان، عن مُحَمَّد بن كَعْب، عن ابن عبَّاسٍ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تأخُذُوا الحَدِيْثَ إلَّا عمَّن تُجِيْزُون شَهَادَتَهُ.

قال الخَطِيبُ

(2)

: رَوَاهُ أبو حَفْصٍ الأبَّار، عن صالح، فاختُلفَ عليه في رَفْعِهِ ووَقْفَه على ابن عبَّاسٍ، وروَاهُ أبو دَاوُد الحَفَرِيّ، عن صالح، عنِ مُحَمَّد بن كَعْب، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، لَم يذكر فيه ابن عبَّاسٍ، ولا نَعْلم رَوَاهُ عن مُحَمَّد بن كَعْب غير صالح.

وقد ذَكَرَ الحافِظُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ هذا الحَدِيْثَ في الأحَادِيْث الّتي رَوَاها الكَذَبَةُ والمَجْرُوحُون والضُّعَفَاءُ والمَتْرُوكُونَ

(3)

، وقال فيه: حَفْصُ بن عُمَر قاضي حَلَب كان يُوْصَفُ بوَضْع الحَدِيْثِ.

أنْبَأنَا بذلك يُوسُف بن خَليل، قال: أنْبَأنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الطَّرَسُوسِيّ، عن مُحَمَّد بن طَاهِر، [قال]: أنْبَأنا عَبْد البَرّ بن الحَسَن العَطَّارُ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن البَرْمَكيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللهِ بن عَدِيّ الحافِظُ

(4)

، قال: حَفْصُ بن عُمَر، يُقال له: قاضي حَلَب، ورُوي أحَادِيْث عنهُ منها هذا الحَدِيْث، وقال: وهذا الحَدِيْث رَفَعَهُ عن صالح حَفْصٌ ووقفَهُ (a) أبو حَفْصٍ الأبَّارُ عن صالح بن

(a) ابن عدي: ووافقه.

_________

(1)

الكامل لابن عدي 1: 159، العلل المتناهية لابن الجوزي 1: 131 (رقم 187)، كنز العمال للمتقي الهندي 10: 224 (رقم 29180).

(2)

تاريخ بغداد 10: 411.

(3)

طبع الكتاب بعنوان: تذكرة الموضوعات، وانظر تضعيفه للحديث المذكور فيه 103.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 797، 798.

ص: 465

حَسَّان، وأبو حَفْصٍ أوْثَق من حَفْص بن عُمَر. قال: ولحَفْص بن عُمَر أحَادِيْثُ غير ما ذَكَرتُه ولَم أجد له أنْكَر ممَّا ذَكَرته.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَليل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مَحْمُود بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مَحْمُود بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا صَدَقَة بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن عُمَر قاضي حَلَب عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: ذَهَبْتُ أنْظُر إلى عليّ رضي الله عنه فسَمِعْتُه يقُول: إنَّ مَنْ كان قبلكُم يَبْعَرُونَ بَعْراً، وأنتُم تَتْلِطُونَ ثَلْطاً، فأتْبِعُوا الحِجَارَةَ الماءَ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر بن علىّ، قِرَاءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِرٍ أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُرْشِد بن يَحْيَى، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد الخلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب بن عليّ النَّسَوِيّ، قال: حَفْص بن عُمَر كُوْفيٌّ ضَعِيْفٌ.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب الكَرْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد البَرْقَانِيّ، قال: سَألتُه -يعني أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيِّ- عن حَفْص بن عُمَر الحَلَبِيّ، فقال: أصْلُه كُوْفيّ ثُمَّ وَلِيَ قَضَاء حَلَب، صَالِحٌ يُعْتبَر بهِ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد الأسَدِيّ وغيره، عن أبي القَاسِم علِيّ بن الحَسَن

(1)

، قال: في نُسْخَة ما شَافَهني به أبو عَبْد الله الحُسَين بن عَبْد المَلِك الخَلاَّل،

(1)

انظر تاريخ ابن عساكر 47: 229.

ص: 466

قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْد اللهِ إجَازَةً، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(1)

، قال: حَفْص بن عُمَر بن ثَابِت بن زُرَارَة الأنْصَاريّ، رَوَى عن العَلاءِ بن اللَّجْلَاج، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن المتُوَكِّل العَسْقَلانِيّ، سَمِعْتُ عليّ بن الحُسَين بن الجُنَيْد يَقُول: هو مُنْكَر الحَدِيْث.

وقال ابنُ أبي حَاتِم

(2)

أيْضًا: حَفْص بن عُمَر الحَلَبِيّ قاضي حَلَب، رَوَى عنهُ المُخْتَار بن فُلْفُل، ويَحْيَى بن عَبَّاد بن عَبْد الله بن الزُّبَيْر، وابن أبي غَنِيَّة. رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن بَكَّار، وعُبَيْد بن جَنَّادٍ، ودَاوُد بن رُشَيْدٍ، ومُحَمَّد بن المُتَوَكِّل، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد المحارِبيِّ، ورَوَى هو عن صالح بن حَسَّان. سَألْتُ أبي عنة فقال: هو ضَعِيْفُ الحَدِيْث، هو دون حَفْص بن سُلَيمان في الضَّعْف، سُئِلَ أبو زُرْعَة عنه، فقال: مُنْكَر الحَدِيْث.

قُلْتُ: هكذا فرَّق بينهما ابن أبي حَاتِم، وهما واحدٌ، بل الثَّلاثة المَذْكُورُونَ واحدٌ!

وقد ذَكَرَ الكَلَابَاذِيّ في رِجال مُسْلم

(3)

أباهُ، فقال: عُمَر بن ثَابِت بن الحَارِث الأنْصَاريّ، من ي بلحَارث بن الخَزْرَج.

(1)

الجرح والتعديل 3: 180.

(2)

الجرح والتعديل 3: 179.

(3)

كتاب الكلاباذي هو في رجال البخاري، وعنوانه:"الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد"، ولم يذكره فيه، وهو مذكور في كتاب رجال مسلم لابن منجويه الأصبهاني 2: 34 (تحقيق عبد الله الليثي، بيروت: دار المعرفة، 1987 م).

ص: 467

‌حَفْصُ بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز مَرْوَان بن الحَكَم الأُمَوِيّ

(1)

كان مع أبيه بخُنَاصِرَة، وشَهِدَ وَفَاته بدَيْر سِمْعَان. وَسَنَذكُر في تَرْجَمَةِ عُمَر

(2)

ما يَدُلُّ على ذلك إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: حَفْص بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان بن الحَكَم الأُمَوِيّ، لهُ ذِكْرٌ.

‌حَفْصُ في الوَليد بن سَيْف بن عَبْد اللهِ بن الحَارِث ابن جَبَلِ (a) بن كُلَيْب بنِ عَوْف

في عَوْف (b) بن مُعَاهِر بن عَمرْو بن زيْد بن مَالِك بن زيْد بن الحَارِث بن عَمْرو بن حُجْر بن قيس بن كَعْب بن سَهْل في زَيْد بن حَضْرَمَوْت الحَضْرَميُّ، أبو بَكْر المُعَاهِريُّ المِصْرِيّ

(4)

حَدَّثَ عن الزُّهْرِيّ، وأظُنُّه سَمعَ منه برُصَافَة هِشَام، فإنَّهُ وَفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك. ورَوَى عن هِلال بن عبد الرَّحْمن أيضًا.

(a) في الأصل: جَبَل بن جَبَل، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وكما يرد في ثنايا الترجمة.

(b) هكذا ورد مكررًا في الأصل وفوقه: صح، ومثله في تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 429 (ترجمة مقتضية).

(2)

تَرْجَمة عمر في عبد العزيز في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 429.

(4)

توفي مقتولًا سنة 128 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاريّ الكبير 3: 369، الكندي: ولاة مصر 94 - 97، 103 - 113، تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 132 - 134، الجرح والتعديل 3: 188، الثقات لابن حبَّان 6: 199، تاريخ ابن عساكر 14، 446 - 450، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 365 - 366، تاريخ الإسلام 3: 398، الكاشف 1: 244، الوافي بالوفيات 13: 97 - 98، ابن خلدون: العبر 8: 6، تهذيب التهذيب 2: 421، تقريب التهذيب 1: 189، المقريزي: المقفى الكبير 3: 655 - 658، النجوم الزاهرة 1: 262 - 265، 291 - 300، 302 - 304، حسن المحاضرة 1: 273، 588 - 589، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 389 - 391، الزركلي: الأعلام 2: 264.

ص: 468

رَوَى عنهُ عَمْرو بن الحَارِث، واللَّيْث بن سَعْد، وعبد اللّه بن لَهِيْعَة، ويَزِيْد بن [أبي]

(1)

حَبِيْب.

ووَلَّاهُ هِشَام الصَّائِفَة، فغَزِا الرُّوم، ثمَّ وَلَّاهُ غَزْو البَحْر على أهْل مِصْر، ووَلَّاهُ مِصْر فبقي وَاليَها إلى أيَّام مَرْوَان بن مُحَمَّد.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن حَمْد بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن الدُّونِيّ، وحَدَّثَني أبو الحَسَن سَعْدُ الخَيْر بن مُحَمَّد بن سَهْل الأنْصَاريّ عنهُ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْرٍ أحْمَد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الدِّينورِيّ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن شُعَيْب بنِ اللَّيْث بن سَعْد، قال: حَدَّثَني أبيّ، عن جدِّيّ، عن ابن أبي حَبِيْب - يعني يَزِيْد - عن حَفْص بن الوَلِيد، عن مُحَمَّد بن مُسْلِم، عن عُبَيْد اللّه بن عَبْد اللّهِ، حدَّثَهُ أنَّ ابن عبَّاسٍ حدَّثَهُ، قال

(3)

: أبْصَرَ رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَيِّتَةً لمَوْلَاةٍ لمَيْمُونَة، وكانت من الصَّدَقَة، فقال: لو نَزَعُوا جِلْدَها فانْتَفعُوا بهِ، قال: إنَّها مَيِّتَةٌ، قال: إنَّما حَرُم أكْلُها.

قال أبو سَعيد بن يُونُس

(4)

: لَم يُسْنِد حَفْصُ بن الوَليدِ غير هذا الحَدِيْث.

وقال ابنُ أبي حَاتِم

(5)

، عن أبيهِ: حَدِيثُه عن ابن شِهَاب مُرْسَل.

أنْبَأنَا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخاَلِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ،

(1)

ساقطة من الأصل، ويرد اسْمُه صحيحًا في ثنايا التَّرْجَمَة.

(2)

تاريخ ابن عساكر 14: 447.

(3)

سنن النسائيّ 7: 171 - 172 (رقم 4234 - 4236).

(4)

تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 133.

(5)

الجرح والتعديل 3: 188.

ص: 469

قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحل بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: حَفْصُ بن الوَلِيدِ الحَضْرَمِيّ أمير مِصْر، عن ابن شِهَاب، رَوَى عنهُ اللَّيْث، ويَزِيْد بن أبي حَبِيْب.

أَنْبَأْنَا عُمَر بن مُحمّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبرنا مُحَمَّد بن عبْدِ اللّهِ، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّهِ بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(2)

، قالْ قال ابنُ بُكَيْر: قال اللَّيْثُ بن سَعْدٍ: وفي سَنَة أرْبَعٍ وعشرين ومائة قتِلَ كُلْثُوم أمير إفْرِيقِيَّة ومَنْ صَبَرَ مَعَهُ؛ قَتَلَهُم مَيْسَرةُ وأصْحَابُهُ، وأُمِّر حَنْظَلَة بن صَفْوَان على أهْلِ إفْرِيقِيَّة، وخَرَجَ مِن مِصْر في شَهر رَبِيع الآخر، وأُمِّر حَفْصُ بن الوَلِيد على أهْل مِصْر. وفيها نزَع القَاسِم بن عُبَيْد اللّهِ من مِصْر وجُمعَ لحَفْص عَرَبَها وعَجَمَها.

وفيها - يعني سَنَة تِسْع عَشرة - غَزَا حَفْصُ بن الوَلِيدِ البَحْر على أهْل مِصْر يَحمْلُونَ الخَشَبَ، وعلى الجَمَاعَة ابن أبي مَرْيَم، يعني عَبْد اللّه.

وفي سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة غَزَا حَفْصُ بن الوَلِيد البَحْر، وكان بالشَّام حتَّى قَفَلَ منه، والأَسْوَد بن بِلَال على الجَمَاعَة.

وفي سَنَةِ اثنتَيْن وعشرين ومائة غَزَا حَفْصُ بن الوَلِيد البَحْر على أهْل مِصْر، وعلى الجَمَاعَة أَسْوَد بن بِلَال، فَصلُوا من الإسْكَنْدَرِيَّة فأصَابُوا إقْرِيْطِيَةَ، فلَقُوا الجَمْع، فهَزَمَهُم اللّه، ووطئُوا إقْرِيْطِيَة، وأصَابُوا رَقِيْقًا.

(1)

التاريخ الكبير 2: 369.

(2)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

ص: 470

وفي سَنَة ثَلاثٍ وعشرين ومائة غَزَا حَفْص بن الوَلِيد على أهْل البَحْر، فلَم يكُن لهم خُرُوجُ عامئذٍ غير أنَّهُ اتَّج العَدُوّ الّذينَ كانوا نَزَلُوا البُرْلُس (a) حتَّى بلغُوا سرطابس

(1)

فلم يُدْركُهم حَفْص في قُبْرُس، فرَجَع.

قال ابنُ بُكَيْر: قال اللَّيثُ: وفي سَنَة ثَمانٍ وعشرين ومائة، أُمِّر حَوْثَرَة بن سُهَيْلٍ على مِصْر في المُحَرَّم، ونزعَ حَفْص بن الوَلِيد وجُعِلَ معهُ عِيسَى بن أبي عَطَاءٍ على أهْل الأرْض، وقَدِمَ معَهُ أهل الشَّام، فأخَذَ حَفْص بن الوَلِيد، وقَتَلَ ناسًا من أهْلِ مِصْر.

قال: وفيها - يعني سَنَة سَبع وعشرين ومائة - أُمِّرَّ أَمِيرِ المُؤْمنِيْن مَرْوَان حَسَّان - يعني ابن عَتاهِيَة - على أهل مِصْر، ونَزَعَ حَفْص في ثمان ليالٍ بَقِنِنَ من جُمَادَى الآخرة، ثُمّ نَزَا بحَسَّان أهل مِصْر فنَزَعُوه وأمَّرُوا عليهم حَفْصَ بن الوَلِيدِ مُسْتَهَلّ رَجَب، ثمّ أمّر حَنْظَلَة على مِصْر، فَنَعَهُ حَفْص وأصْحَابه ذلك.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو مُحَمَّد حَمْزَةُ بن العبَّاسِ، وأبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن سُلَيم، وحَدَّثني أبو بَكْر اللَّفتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن سُلَيِم، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَاطِرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه بن مَنْدَة، قال: حدَّثَنَا أبو سَعيد بن يُونُس

(3)

، قال: حَدَّثَني أبيّ، عن جدِّي أنَّهُ حدَّثَهُ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْب، قال: حَدَّثَني اللَّيْثُ أنَّ حَفْصَ بن الوَلِيد أوَّل ولايته بمِصْر أمَرَ بقَسْم

(a) كذا جوَّده في الأصل، وعند ياقوت بفتح أوله وثانيه، ولام مضمرمة مشددة: بَرَلُّس. وهي بلدة على شاطئ نيل مصر قرب البَحْر من جهة الإسكندرية. مُعْجَمُ البلدان 1: 402.

_________

(1)

ومثله عند ابن عساكر 14: 448 ولم أهتد للتعريف بها.

(2)

تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 134.

(3)

تاريخ ابن عساكر 14: 449.

ص: 471

مَوَارِيْث أهْلِ الذِّمَّة على قَسْم مَوَارِيْث المُسْلمِيْن، وكانوا قبل حَفْصٍ يَقْسمُون مَوَارِيْثهم بقَسْم أهْلِ دِينَهِم.

قال

(1)

: وقال لنا أبو سَعيد بن يُونُس

(2)

: حَفْصُ بن الوَلِيدِ بن سَيْف بن عَبْدِ اللّهِ بن الحَارِث بن جُبُل (a) بن كُلَيْب بن عَوْف بن عَوْف بن مُعَاهِر بن عَمْرو بن زَيْد بن مَالِك بن زَيْد بن الحَارِث بن عَمْرُو بن حُجْر بن قيس بن كَعْب بن سَهْل بن زيْد بن حَضْرَمَوْت الحَضْرَيّ، ثمّ من بَني عَوْف بن مُعَاهِر.

كان من أَشْرف (b) حَضْرميّ بمِصْر في أيَّامِهِ، وِلَم يكُن خَلِيفَة من بعدِ الوَلِيدِ إلَّا وقد اسْتَعْمَلهُ، وكان هِشَام بن عَبْد المَلِك قد شَرَّفهُ، ونوَّه بذِكْره، ووَلَّاهُ مِصْر بعد الحُرِّ بن يُوسُف بن يَحْيَى في الحَكَم نَحْوًا من شَهْرٍ ثمّ عَزَلَهُ.

ثمّ وَفَدَ على هِشَامٍ فألْفَاهُ في التَّجْهِيْز إلى التُّرْك، فولَاهُ الصَّائِفَة فغَزَا.

ثمّ رَجَع فوَلي بَحْر مِصْر سَنَة تِسْع عَشرة ومائة، وسَنَة عشرين ومائة، وسَنَة إحْدَى وعشرين ومائة، وسنة اثْنَتَيْن وعشرين ومائة.

فلمَّا قُتِلَ كُلْثُوم بن عِيَاض القُشَيْريّ، عَامِل هِشَام على إفْرِيقِيَّة، وكان قَتْلهُ في ذِي الحِجَّةِ سَنَة ثَلاثٍ وعشرين ومائة، كَتَبَ هِشَام إلى حَنْظَلَة بن صَفْوَان الكَلْبِيّ، وكان عَامِلَهُ عليّ جُنْد مِصْر، بوِلَايَةِ إفْرِيقِيَّة، فشَخَصَ إليها، وكَتَبَ إلى حَفْص بن الوَلِيدِ بوِلَايةِ جُنْد مِصْر وأرْضها، فوَلي حَفْصٌ عليها بَقِيَّة خِلَافَة هِشَامٍ، وضِلَافَة الوَلِيد بن يَزِيد، ويَزِيْد بن الوَلِيد، وإبْراهيم بن الوَلِيد، ومَرْوَان بن مُحَمَّد إلى سَنَة ثَمانٍ وعِشرين ومائة.

(a) كذا جوَّده المصنف كما هو مجود في نشرة كتاب ابن يونس، وتقدم لابن العديم ضبطه بفتحتين.

(b) في تاريخ ابن يونس: كان أشرف.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 449.

(2)

تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 132 - 133.

ص: 472

حَدَّثَ عنهُ يَزِيد بن أبي حَبِيْب، وعَمْرو بن الحَارِث، واللَّيْث بن سَعْد، وعبد اللّهِ بن لَهِيْعَة، وغيرهم.

وكان ممَّن خَلعَ مَرْوَانَ بن مُحَمَّد مع رَجَاء بن الأشْيَم الحِمْيَرِيّ، وثَابِت بن نُعَيْم بن يَزِيد بن روح بن سَلامَة الجُذَامِيِّ، وزَامِل بن عَرو الجُذَامِيِّ في عَدَدٍ من أهْل مِصْر والشَّام، قَتَلَهُ حَوْثَرَة بن سُهَيْل البَاهِليّ بمِصْرَ في شَوَّال سَنَة ثَمان وعِشْرين ومائة، وخَبَرُ مَقْتَله يَطُول.

وقال المِسْوَر الخَوْلانِيّ يُحَذّر ابن عَمّ له من مَرْوَان، ويَذكُر قَتْلَ مَرْوَان حَفْصَ بن الوَلِيد ورَجَاءَ بن الأشْيمَ ومَنْ قُتِلَ معهما من أشْرَافِ أهْل مِصْرَ وحِمْصَ

(1)

: [من الطّويل]

وإنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن مُسَلَّطٌ

على قتل أشْرَاف البِلادَيْن فاعْلم

فإيَّاكَ لا تَجْني من الشَّرِّ غِلْظَةً (a)

فتُودِي كحَفْصٍ أو رَجَاء بن أشْيَم

ولا خَيْرَ في الدُّنْيا ولا العَيْش بعدَهُم

وكيف وقد أضْحوا بسَفْح المُقَطَّم

قَرأتُ في كتاب الجَرْحَ والتَّعْدِيل، تأليفُ أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبِي حَاتِم

(2)

، وأخْبَرَنَا به أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه إجَازَةً، قال أنْبَأنَا مسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن، قال: حَفْصُ بن الوَلِيدِ الحَضْرَمِيّ، أميرُ مِصْر، رَوَى عن ابنِ شِهَاب مُرْسل، رَوَى عنهُ يَزِيدُ بن أبي حَبِيْب، واللَّيْث بن سَعْد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

(a) المقفى: غبطة.

_________

(1)

البيتان الثاني والثالث في المقفى الكبير 3: 658.

(2)

الجرح والتعديل 3: 188.

ص: 473

أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سلَيمان في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: حَفْصُ بن الوَلِيدِ في سَيْف بن عَبْدِ اللّهِ بنِ الحَارِث بن جَبَل بن كُلَيْب بن عَوْف بن عَوْف بن مُعَاهِر بن عَمْرو بن زيْد بن مَالِك بن زَيْد بن الحَارِث بن عَمْرو بن حُجْر بن قيس بن كَعْب بن سَهْل بن زَيْد بن حَضْرَمَوْت، أبو بَكْر الحَضْرَيُّ المِصْرِيُّ، أميرُ مِصْر من قِبَل هِشَام بن عَبْدِ المَلِك، وَليها جُمعتَيْن، ثمّ وَليها مرَّةً أُخْرى باسْتِخلَاف حَنْظَلَة بن صَفْوَان له عليها، فأقَرَّهُ الوَلِيد بن يَزِيد، ثُمَّ وليها مرَّةً ثالثةً في خِلَافَة مَرْوَان بن مُحَمَّد؛ أكْرَهَهُ الجندُ على ولايتها، وأخْرَجُوا حَسَّان بن عَتاهِيَة عَامِل مَرْوَان عليها.

رَوَى عن الزُّهْرِيّ، وهِلَال بن عبدِ الرَّحْمن القُرَشِيّ، رَوَى عنهُ يَزِيدُ بن أبي حَبِيْب، واللَّيْثُ بن سَعْدٍ، وعَمْرو بن الحَارِث، وعَبْد اللهِ بن لَهِيْعَة.

ووَفَدَ على هِشَام بن عَبْدِ المَلِك، والوَلِيد بن يَزِيد. ووَلَّاهُ هِشَام الصَّائِفَةَ، وقُتِلَ الوَلِيدُ، وحَفْض بدِمَشْق، فأمَّرَهُ يَزِيد بن الوَلِيد على مِصْر.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم في السَّمَرْقندىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر في الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يعقوب، قال: قال اللَّيثُ: قال ابنُ بُكَيْر: وفيها - يعني سَنَة ثَمانٍ وعشرين؛ يعني: ومائة - قُتِلَ حَفْصُ بن الوَلِيد.

وذَكَرَ أبو عُمَر مُحَمَّد بن يُوسُف الكِنْدِيّ

(2)

أنَّ الحَوْثَرَة بن سُهَيْل قَتَلَ حَفْصَ بن الوَلِيدِ يَوْم الثّلاثَاء للَيْلَتَيْن خَلَتا من شَوَّال.

(1)

تاريخ ابن عساكر 14: 446.

(2)

ولاة مصر 112.

ص: 474

‌حَفْصٌ الحَلَبيُّ

مَوْلَى السَّكُونِيّ، حَدَّثَ عن عليّ بن زَيْد بن جُدْعان، رَوَى عنهُ أبو بَدْر شُجَاع في الوَلِيد.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد الوَازِعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَدُ بن الوَلِيد بن أحْمَد الزَّوزَنِيّ، قال: أخبرَنا أبيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم، قال: حَدَّثنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى السُّوْسِيِّ، قال: حَدَّثنا أبِو بَدْرٍ شُجَاع بن الوَلِيدِ، قال: حدَّثَنَا حَفْصٌ الحَلَبيِّ مَوْلَى السَّكُونِيّ، عن عليّ بن زيْد بن جُدْعان، عن أَبِيهِ، عن عائِشَة

(1)

: أُعْطِيْتُ تِسْعًا لَم تُعْطه شَيئًا من النِّسَاءَ بعدَ مَرْيمَ بنت عِمْرَان: نَزَل جِبْرِيل بصُوْرتي في كَفِّه، وأُمِرَ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم بتَزْويْجي

الحَدِيْث.

(1)

أخرجه الحَافِظ اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4: 1434 (رقم 2758)، ورواه الحاكم في المستدرك 4: 10 بسند آخر عن عائشة رضي الله عنها، والهيثمي في مجمع الزوائد 9: 241 ولم يسنده.

ص: 475

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌حَفْصُ العَابِدُ المِصِّيْصيُّ

كان من العُلَمَاءَ العُبَّادِ المَذْكُورين بالشَّام، المَشْهُورين بالعِبَادَة والاجْتِهَاد، وكان يَطْوي الأيَّام الكَثِيْرة [ .... ](a).

‌حَفْص الأُمَوِيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ مَشْهُورٌ من شُعَرَاء بَنِي أُمَيَّةَ، قَدِمَ الرُّصَافَة على هِشَام بن عَبْد المَلِك، ومَدَحَهُ، واسْتَخَصَّهُ هشَام، وكان يَهْجُو بني هاشِم، وبقي حتَّى أدْرَك دَوْلتهم، ولحق بعَبْدِ اللّه بن عليَّ، فاسْتَأمَن إليهِ، فآمنَهُ بعد أنْ هَجَا بَنِي أُمَيَّة.

كَتَبَ إلينا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ منها، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بنُ أحْمَد البُنْدَار إذْنًا، قال: أنبأنَا أبو أحْمَد عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسْلِم المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَزِيد المُبَرَّد

(2)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن سُفْيان الزِّيَادِيّ، قال: كان حَفْصٌ الأُمَوِيُّ

(a) بعده في الأصل بياض قدر سطرين. ونُقدِّر أن تمام الكلام: يطوي الأيام الكثيرة [بلا طعام].

_________

(1)

كان حيًا سنة 132 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 14: 450 - 452، ياقوت: مُعْجَمُ الأدباء 3: 1177 - 1180، مختصر ابن منظور 7: 212 - 213، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 391 - 392.

(2)

المبرد: كتاب الفاضل 57 (وفيه ثلاثة من الأبيات الواردة في الرواية)، وتاريخ ابن عساكر 14: 451، ومعجم الأدباء 3:1178.

ص: 476

هَجَّاءً لبني هاشِم، فطَلَبَهُ عَبْدُ اللّه بن عليّ، فلَم يَقْدر عليه، ثمّ جاءَهُ فقال: عَائِذٌ بالأَمِير منه، قال: ومَنْ أنتَ؟ قال: حَفْصٌ الأُمَوِيُّ، فقال: ألسْتَ الهَجَّاءَ لبني هاشمٍ؟ قال: أنا الّذي أقُول أعَزَّ الله الأَمِير: [من المتقارب]

وكانت أُمَيَّة في مُلْكها

تَجُور وتُكْثِر عُدْوَانَهَا

فلمَّا رَأى اللّهُ أنْ قد طَغَتْ

ولم يُطِق النَّاسُ طُغْيَانَهَا

رَماهَا بسَفَّاحَ آلِ الرَّسُول

فجَذَّ بكَفَّيْهِ أعْيَانَهَا

ولو آمَنَتْ قَبْلَ وَقْعِ العَذَابِ

لقد قَبِلَ اللهُ إيْمانَهَا

فقال: اجْلِسْ، فجَلَسَ فتغدَّى بينَ يَدَيْهِ، ثمّ دَعَا خَادِمًا له فسَارَّهُ بشيءٍ، ففَزِعَ حَفْصٌ، وقال: أيُّها الأَمِيرُ، قد تَحَرَّمْتُ بكَ وبطَعَامكَ، وفي أقلّ من هذا كانت العَرَبُ تَهَبُ الدِّماءَ، فقال: ليسَ ما ظَنَنْتَ، فجاءَ الخَادِمُ بخَسْمائة دِيْنارٍ، فقال: خُذْها ولا تَقْطَعْنا واصْلِح ما شَعَّثْتَ منَّا.

وحَكَى عِيسَى بن لَهِيْعَة بن عِيسَى بن لَهِيْعَة بن عُقْبَة الحَضْرَميّ المِصْرِيّ، عن خَالِد بن كُلْثُوم، عن عَوَانَة بن الحَكَم، ومُحَمَّد بن السَّائِب الكَلْبيَّيْن، قالا: قال هِشَامٌ يَوْمًا لجُلَسَائهِ وقُوَّامهِ على خَيْلِهِ: كم أكْثر ما ضُمَّت عليه حَلْبة من الخَيْل في إسْلَام أو جَاهِلِيَّةٍ؟ فقيل له: ألْف فَرَسٍ، وقيل: ألفان، فأمَرَ أنْ يُؤَذَّن النَّاس بحلَبةِ أرْبَعة آلاف فَرَس، فقيل له: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، يَحْطِمُ بعضُها بعضًا، فلا تتَّسع لها طَريق! فقال: نُطْلقها ونتَوَكَّل على اللّه، واللّه الصَّانِعُ، فجَعَل الغاية (a) خَمْسِين ومائة غَلْوِةِ، والقَصَب مائة، والمُقَوَّس ستّة أسْهُمٍ، وقادَ إليهِ النَّاسُ من كُلَّ أَوْبٍ، ثمّ بَرَزَ هِشَامٌ إلى دَهْنَاءَ الرُّصَافَة قُبَيْل الحَلْبَة بأيَّام، فأصْلَح طَريقًا وَاسِعًا لا يَضِيق بها، فلمَّا أُرْسلَت يَوْم الحَلْبَة بينَ يَدَيْهِ، وكان يَنْظُر إليها تَدُور حتَّى تَرْجع، فجَعَل النَّاسُ

(a) الأصل: الغابة.

ص: 477

يتراؤونها حتَّى أقْبل الذَّائِدُ (a) كأنَّهُ رِيْحٌ لا يتَعَلَّق بهِ شيء حتَّى دَخَلِ سَابِقًا وأخَذَ القَصَبة، ثمّ جاءت الخَيْل بعد لأي أفْذَاذًا وأفْوَاجًا، ووثَبَ الرُّجَّاز يَرْتَجزُونَ منهم المَادِح للذَّائِد، ومنهم المَادِح لفَرَسه، ومنهم المَادح لخَيْل قَوْمه، فوَثَبَ مَوْلاهُم حَفْص الأُمَوِيّ فقام مُرْتَجزًا يقُول

(1)

: [من الرجز]

إنّ الجَوَادَ السَّابِقَ الإمَامُ

خَلِيفَةُ اللّه الرِّضَا الهُمَامُ

أَنجَبَهُ السَّوابقُ الكِرَامُ

من مُنْجِباتٍ ما بهنَّ (b) ذَامُ

كَرَائمٌ يُجْلَى بها الظَّلَامُ

أمُّ هِشَام جَدُّهما القَمْقَامُ

وعَائشٌ تَسْمُو بها الأقْوَامُ

خَلَائفٌ من نَجْلها أعْلَامُ

إنَّ هِشَامًا جدَّهُ هِشَامُ

مُقابِلٌ مُدَابِرٌ هَضَّامُ

جَرَى بهِ الأخْوَال والأَعْمَامُ

نَجْلٌ لنَجْلٍ (c) كُلُّهُم قُدَّامُ

سَنُّوا السَّبْق وما اسْتَنامُوا (d)

حتَّى اسْتَقَامت (e) حَيْثُ ما اسْتَقَامُوا

وأَحْرَزَ المَجْد الّذي أقامُوا

أَطْلَقَ وهو يَفَعٌ غُلَامُ

في حَلْبَةٍ تَمَّ لها التَّمَامُ

من آل فِهْرٍ وهُمُ السَّنَامُ

فبَذَّهُم (f) سَبْقًا وما ألامُوا

كذلكَ الذَّائِد (g) يَوْم قَامُوا

أَتَى ببَدْءِ الخَيْل ما يُرَامُ

مُجلِيًا كأنَّهُ حُسَامُ

سَبَّاق غَايَاتٍ لها ضِرَامُ

لا يقبَلُ العَفْو ولا يُضَامُ

وَيْلُ الجِيَادِ منه ماذا رَامُوا

سَهْمٌ تَعِزُّ دُوْنَهُ السِّهامُ

فأعْطَاهُ هِشَامٌ يَوْمئذٍ ثلاثة آلاف دِرْهَم، وخَلَعَ عليه ثَلاثَ حُلَل من جَيِّدِ وَشْي اليَمَن، وحَمَلَهُ على فَرَسٍ له من خَيْلهِ السَّوَابق، وانْصَرَف معهُ يُنْشدهُ هذا الرَّجَزَ

(a) ياقوت: الزابد.

(b) ياقوت: لهن.

(c) ياقوت: كنجل.

(d) ياقوت: استقاموا.

(e) ياقوت: استقام.

(f) ياقوت: فبذها.

(g) ياقوت: الزابد.

_________

(1)

الأبيات والخبر في تاريخ ابن عساكر 14: 452، ومعجم الأدباء لياقوت 3: 1178 - 1179.

ص: 478

حتَّى قَعَدَ في مَجْلسه وأَخذهُ (a) بمُلَازمَتهِ، فكان أثِيْرًا عنده، وأعْطَى (b) أصْحَابَ الخَيْل المُقَصِّبَة

(1)

يَوْمئذٍ عَطَايَا كَثِيْرة، فقال الكَلْبيُّ: لا نَعْلَم لتلك الحَلْبة نَظِيرًا في الحَلَائِب.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ الحَكَم

‌الحَكَمُ بن أُزَيْهِر الحِمْيَرِيّ

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ذكره المَدَائِنِيّ في وَقْعَة صِفِّيْن.

‌الحَكَمُ بن جِرْو - أو: حَزْن - القَيْنِيّ

(2)

قَدِمَ الرُّصَافَة على هِشَام بن عَبْد المَلِك في الوَفْد الّذي أوْفَدَهُ إليهِ يُوسُف بن عُمَر من العِرَاق.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(3)

، قال: الحَكَم بن جِرْو - أو حَزْن - القَيْنِيّ، قَدِمَ على هِشَام بن عَبْد المَلك في وَفْدٍ أوْفَدَهُ إليهِ يُوسُف بن عُمَر من العِرَاق، وهو من أهْلِ الأُرْدُنّ، له ذِكْرٌ.

‌الحَكَمُ بن خَلَف الجَزَرِيّ، أبو مَرْوَان المَنْبِجِيّ

حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، وأبي عبد الرَّحْمن عَبْد اللّه بن جَعْفَر الرَّقِّيّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن مُسلم الإسْفَرَاينِيّ.

(a) كذا في الأصل وابن عساكر، وعند ياقوت: وأمره.

(b) مكررة في الأصل.

_________

(1)

أي تلك التي حازت القصب. لسان العَرَب، مادة: قصب.

(2)

كان حيًا سنة 126 هـ، وذكره الطبريّ في عدة مواضع من تاريخه، وسمى أباه مُرَّة: حزن (7: 255) وأخرى: جِرْو (7: 267 - 268)، وتاريخ ابن عساكر 15: 8 - 9، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 208.

(3)

تاريخ ابن عساكر 15: 8.

ص: 479

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّهِ بن المُقَيِّر في كتابهِ، عن الحافِظ أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا ابن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الحافِظ، قال: أبو مَرْوَان الحَكَم بنُ خَلَف الجَزَرِيّ المَنْبِجِيّ، سَمِعَ أبا عبد الرَّحْمن عَبْد اللّه بن جَعْفَر الرَّقِّيّ، والهَيثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، كَنَّاهُ لنا أبو بَكْر عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن مُسْلِم الإسْفَرَاينِيّ.

‌الحَكَم بن عَبْد الله بن مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان ابن الحَكَم بن أبي العَاص الأُمَوِيّ

(1)

كان مع جَدِّه مَرْوَان حين عَبَرَ بمَنْبِج هَارِبًا من بَنِي العبَّاس بعد الكَسْرَة بالزَّاب، ووَصَلَ معَهُ إلى مِصْر، وأُسِرَ بها، وحُمِلَ أسِيْرًا إلى أبي العبَّاس السَّفَّاح فَحَبَسهُ، فلمَّا انْتَهَت الخِلَافَة إلى هَارُون الرَّشِيْد أطْلَقه، ثمّ حُبِسَ مع أبيهِ عَبْد اللّه بن مَرْوَان.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: الحَكَم بن عَبْد اللّه بن مَرْوَان بن مُحَمَّد بن الحَكَم بن أبي العَاص، كان مع أبيهِ وجدِّه صين قَدِمَا دِمَشْق هَارِبَين من بَنِي العبَّاس، وأُسِرَ بمِصْر، وحُمِلَ إلى السَّفَّاح فَحَبسهُ، ثمّ أطْلَقَهُ هَارُون الرَّشِيْد، ثمّ حُبِسَ بعد ذلك بعد - أنْ قَدِمَ أبُوه عَبْد اللّه من أرْض الحَبَشَة - مع أبيهِ.

(1)

كان حيًا سنة 170 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 24.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 24.

ص: 480

‌الحَكَمُ بن عبد الرَّحْمن بن أبي العَصْمَاءِ الخَثْعَمِيّ الفُرْعِيِّ

(1)

أدْرَك عَصْر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ أبو هِزَّان يَزِيد بن سَمُرَة الرُّهَاوِيّ، وشَهِدَ فُتُوح الشَّام، فقد حَضَرَ فتح قِنَّسْرِيْن وحَلَب.

أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليَّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَوْف المُزَنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد في مُوسَى بن الحُسَين بن السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن خُرَيْم، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن سَمُرَة، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن عبد الرَّحْمن بن أبي العَصْمَاء الفُرْعِيّ من خَثْعَم، وكان ممَّن شَهِدَ قَيْسارِيَّة، قال: حَاصَرَها مُعاوِيَةُ سَبع سِنِين إلَّا أشْهُر، ومُقَاتلة الرُّوم الّذين يُرْزَقُونَ فيها مائة ألْف، وسَامِرتها ثَمانُون ألفًا، ويُهودُها مائتا ألف، فدَّلَهُم لَنْطَاقُ على عَوْرَة، وكان من الرَّهُون، فأدْخَلَهم من قَنَاة يَمْشِي فيها الجَمَل بالمَحْمِل (a)، وكان ذلك يَوْم الأَحَدِ، فلم يَعْلَمُوا وهم في الكَنِيْسَة إلَّا وبالتَّكْبير على باب الكَنِيْسَة، فكانت بَوَارَهم.

قال أبو بَكْر: قال لنا هِشَام بن عَمَّار: قال يَزِيد بن سَمُرَة: وبَعَثُوا بفَتْحها إلى عُمَر تَمِيْمَ بن وَرْقَاءَ عَرِيْفَ خَثْعَم، فقامَ عُمَر على المَنَارَة فنَادَى: ألَا إنَّ قَيْسارِيَّةَ فُتِحَت قَسْرًا.

(a) في تاريخ ابن عساكر والإصابة: الجمل بالجمل.

_________

(1)

كذا في الأصل مجوَّدًا بالضم، وفي أنساب السمعاني 10: 187: الفِرَعي بالكسر وفتح الراء، وذكر في المنسوبين بهذا الرسم مصريٌّ واحدٌ، وكان صاحب الترجمة حيًا سنة 19 هـ لشهوده فتح قيسارية في السنة المذكورة، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 23 - 24، الإصابة 1: 196 (في تَرْجَمَة تميم بن ورقاء الخثعمي)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 398 - 399.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 24.

ص: 481

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: الحَكَمُ بن عبد الرَّحْمن بن أبي العَصْمَاء الخَثْعَمِيّ ثمّ الفُرْعِيّ، شَهِدَ فُتُوحِ الشَّام، وحَضَرَ حِصَار قَيْسارِيَّةَ، وهو ممَّن أدْرَك عَصْر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. روَى عنهُ أبو هِزَّان يَزِيد بن سَمُرَة الرُّهَاوِيّ المَذْحِجِيّ.

‌الحَكَمُ بن عُمَرَ - وقيل: عَمْرو - أبو سُليْمان، وقيل: أبو عِيسَى، الرُّعَيْنِيّ الحِمْصِيّ

(2)

سَمِعَ عَبْد اللّه بن بُسْر صَاحِب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقَتَادَة بن دِعَامَة، وإسْمَاعِيْل بن مَعْد يكَرِب، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان، ومَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان الأُمَوِيَّيْن، وخَالِد في عَبْد الله القَسْرِيّ.

رَوَى عنهُ خَالِد بن مِرْدَاسٍ السَّرَّاج، ويَسَرَة (a) بن صَفْوَان اللَّخْمِيّ، ومَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، وشَبَابَة بن سَوَّار، وخَلَف بن عَمْرو الأُمَوِيّ، ويَحْيَى بن صالح الوُحَاظِىِّ، ويَحْيَى بن سَعيد العَطَّار. وكان في صَحَابة عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز بِدَابِق وبخُنَاصِرة وبالنَّاعُورَة من أرْض حَلَب، وكان من المُعَمَّرين.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللّه البَيْضَاويّ،

(a) في الأصل مجودًا: بُسْرَة، وهو خطأ صوابه ما عند ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 3: 123، وابن ماكولا: الإكمال 7: 425، وابن عساكر 15: 32، وتاريخ الإسلام 5: 483، وتهذيب التهذيب 11: 377، وتقريب التهذيب 2:374.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 23.

(2)

توفي بعد سنة 170 هـ، وترجمته في: تاريخ يَحْيَى بن معين 2: 126، طبقات خليفة 317، تاريخ البخاريّ الكبير 2: 335، الجرح والتعديل 3: 123، الكامل لابن عدي 2: 625، تاريخ ابن عساكر 15: 32 - 36، تاريخ الإسلام 4: 605 - 606، ميزان الاعتدال 1: 578، الوافي بالوفيات 13: 126 - 127، لسان الميزان 2: 336، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 402 - 403.

ص: 482

قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، قال: أَخْبَرَنَا أبو القَاسِم عِيْسَى بن عليَ في عيسَى بن الجَرَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الهَيْثَم خَالِد بن مِرْدَاس، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن عُمَر، قال: بَعَثَني خَالِد بن عَبْدِ اللّهِ القَسْرِيّ، وصَاحِب ليّ، إلى قَتَادَة بن دِعَامَة الأعْمَى لنَسْألَهُ عن ثَمانية عَشر مَسْألَةً من القُرآن، فسَألْناهُ: عن {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}

(1)

، قال: طَحْوُهَا: سَعَتُها، وهذه من لُغْة قَوْم من اليَمَن، قال: وسألْنَاهُ عن {اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} و {تُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ}

(2)

، قال: لا

(3)

، {اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} و {تُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} ، قال: وسَألْنَاهُ عن قوله تبارك وتعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}

(4)

، قال: لا؛ ولكن {مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} ، قال: وسَألْنَاهُ عن قوله عز وجل {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}

(5)

، قال: لا، {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ، قال: وسَألْنَاهُ عن النَّصارى واليَهُود والصَّابِئين والمَجُوس والّذين أشْرَكُوا

(6)

، قال: هُم الزَّنَادِقَةُ، وأنتم تَدْعونَهُم بالشَّامِ المنانيَّة (a).

أنْبَأنَا عَبد الوَهَّاب بن عليّ الأَمِين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد،

(a) مهملة في الأصل بهذا الرسم، والإعجام من تاريخ ابن عساكر. وهم الذين يُقالُ لهم أيضًا: المانوية، نسبة لماني بن فاتك، ولد ببلاد ما بين النهرين سنة 217 م، وكان يتكلم بكلام الحكمة زاعمًا أن الوحي جاءه وعلمه المذهب، ومذهبه يجمع بين المجوسية والنصرانبة، ويقوم على الثنوية (النور والظلمة)، وأورد النديم في كتابه شريعة ماني وفرائضه ومذهبه وأعياده وتعاليمه في الكون والعالم والنور والظلمة. انظر: الفهرست للنديم 2/ 1: 382 - 393، وتاريخ الزوقنيني 120.

_________

(1)

سورة الشّمس، الآية 6.

(2)

سورة البقرة، من الآية 54. ونص الآية {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.

(3)

لم ترد في رواية ابن عساكر 15: 33. وليس فيما ذكره فيما بعد ما يخالف رسم الآية ولا ضبطها.

(4)

سورة يوسف، من الآية 87.

(5)

سورة الكهف، من الآية 86.

(6)

إشارة إلى الآية 17 من سورة الحجّ، قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} .

ص: 483

قال: حَدَّثَنَا أبو الهَيْثَم خَالِد بن مِرْدَاس، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن عُمَر الرُّعَيْنِيّ وكُنْيَتُهُ أبِو سُليْمان، من أهْلِ الشَّام، قال: شَهِدْتُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رضي الله عنه في زَمَانهِ وأنا ابنُ عِشْرين، وقد هَلَكَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز منذ اثْنَتَيْن وسَبْعِين سَنَة، قال: وصَلَّيتُ مع عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فكان يَجْهَرُ ببِسْمِ اللّهِ الرَّحْمن الرَّحِيْم في كُلِّ سُوْرة يَقْرأها.

أنْبَأنَا أبو اليُمْنِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح البَيْضَاويّ، قال: أخْبَرَنا ابن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا ابن الجَرَّاح، قال: أخْبَرَنا البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن مِرْدَاس، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم، قال: صَلَّيْتُ مع عُمَر بكَنِيْسَةٍ بخُنَاصِرَة فيها تَمَاثيِل تَتَيَمَّم تجاه القِبْلَة وسَائرها كما هي.

وقال: حَدَّثَنَا خَالِد، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم، قال: شَهِدْتُ مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك يُخَاصِم أهْل دَيْر إسْحَاق عند عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بالنَّاعُورَة، فقال عُمَرُ لمَسْلَمَة: لا تَجْلِس على الوَسَائدِ وخُصَماؤك بين يَديّ، ولكن وَكِّل لخُصُومَتك مَنْ شِئْتَ وإلَّا فَجَاثِي القَوْم بين يديّ، فوَكَّل مَوْلَى له بخُصُومَته فقضَى عليه بالنَّاعُورَة.

قُلتُ: دَيْرُ إسْحَاق إلى جانب القَرْيَة، وبعضُهم في زَمَاننا يسُمِّيه دَيْر الزَّبِيْب وليس به، ودَيْر الزَّبِيْب تجاه دَيْر إسْحَاق من الغَرْب.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، وَقال: الحَكَم بن عَمْرو رَأى عَبْد اللّه بن بُسْر وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

(1)

تاريخ البخاريّ الكبير 2: 335.

ص: 484

أنْبَأنَا عَبْد البَرّ بن الحَسَن العَطَّار الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البرمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْلىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن عَدِيّ الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد الدَّوْرَقيّ، عن يَحْيَى بن مَعِيْن قال: الحَكَم بن عَمْرو الرُّعَيْنِيّ ليسَ بشيءٍ.

وحَدَّثنا ابن عَدِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، وأخْبَرَنَا ابن أبي بَكْرٍ، قالا: حَدَّثَنَا عبَّاس، عن يَحْيَى

(3)

، قال: الحَكَم بن عَمْرو الرُّعَيْنِيّ ضَعِيْفٌ.

وحَدَّثنا ابنُ عَدِيٍّ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سَعْد (a) بن أَبي مَرْيَم، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن الحَكَم بن عَمْرو الرُّعَيْنِيّ فقال: ضَعِيْفٌ لا يُكْتَبُ حَدِيثُه.

قال ابنُ عَدِيّ

(5)

: والحَكَم بن عَمْرو هذا - وقيل: ابن عُمَرَ - الرُّعَيْنِيّ هو قليل الرِّوَايَة عمَّن يَرْوي عنه.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبَو طَاهِر أحْمَد بن الحسَن، وأبو الفَضْل في خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَرُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ

(6)

، قال: في الطَّبَقَةِ السَّادِسةِ من أهْل الشَّاماتِ الحَكَم بن عَمْرو، رُعَيْنَيٌّ دِمَشْقيٌّ.

(a) هكذا قيَّده في الأصل وكتب فوقه: كذا!، ومثله في كتاب ابن عديّ، وتكرر في العديد من الأسانيد: سَعِيد.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 625.

(2)

ابن عدي: الكامل 2: 625.

(3)

تاريخ يَحْيَى بن معين 2: 126.

(4)

ابن عدي: الكامل 2: 625.

(5)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 625.

(6)

طبقات خليفة 317، وتحرفت نسبته في المطبوعة: الزغيبي.

ص: 485

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّامُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة، قال في تَسْمِيَةِ نَفَرٍ يُحَدِّثُونَ عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز: الحَكَم بن عُمَر الرُّعَيْنِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عليّ، قال: أخْبرنا مُحمّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: سَألْتُ أبا زَكَرِيَّاء عن أبي عِيسَى الحَكَم بن عَمْرو قد سَمِعَ منه الهَرَويّ؟ فقال: ليس بشيءٍ، وقد حَدَّثَنَا عنهُ الوُحَاظِيّ، قال: نَقَشْتُ خَاتمِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز: كَفَى اللّهُ بعِزَّته عُمَر. وقال في مَوضعٍ آخر: الحَكَم بن عُمَر الرُّعَيْنِيّ ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، عن أبي عَمرو عَبد الوَهَّاب بن عُبْد بن إسْحاقَ بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ حَمْد بن عَبْد اللّهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن في أبي حَاتِم الرَّازِيّ، قال

(2)

: الحَكَم بن عُمَر الرُّعَيْنِيّ الحِمْصِيّ قَدِمَ بَغْدَاد، رَأى عَبْدَ اللّه بن بُسْرٍ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وقَتَادَة.

رَوَى عنهُ مَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، وخَالِد بن مِرْدَاسٍ، ويَسَرَة (a) بن صَفْوَان، ويَحْيَى بن صالح الوُحَاظِيّ، قال: كَتَبْتُ عنهُ ببَغْدَاد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. وسُئِلَ أبي عنهُ فقال: ضَعِيْفُ الحَدِيْث.

(a) مهملة في الأصل، وجودَّها المصنف بضم أوله وسكون ثانية، والمثبت موافق لما في كتاب الجرح والتعديل، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 34.

(2)

الجرح والتعديل 3: 123.

ص: 486

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد في السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بنُ جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: والحَكَم بن عَمْرو الرُّعَيْنِيّ شَامِيٌّ ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم إِذْنًا، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُنِير، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: حَكِيم (a) بن عَمْرو الرُّعَيْنِيّ ضَعِيْفٌ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه الشِّيْرَازيّ، فيما أجَازَهُ لنا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: الحَكَم بنُ عُمَرَ، ويُقالُ: ابنُ عَمْرو، أبو سُليْمان، ويُقالُ: أبو عِيسَى الرُّعَيْني الحِمْصِيّ، قيل إنَّهُ دِمَشْقيّ، سمع عَبْد اللّه بن بُسْرٍ، وقَتَادَة، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ومَسْلمَة بن عَبْد المَلِك، وإسْمَاعِيْل بن مَعْدِ يكَرِب.

رَوَى عنهُ خَالِد بن مِرْدَاس السَّرَّاج، ومَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، ويَسَرَة (b) بن صَفْوَان اللَّخْمِيّ، ويَحْيَى بن صالح الوُحَاظِيّ، وشَبَابَة بن سَوَّار، ويَحْيَى بن سَعيد العَطَّار، وخلف بن عَمْرو الأُمَوِىِّ. ووَفَدَ على عُمْر بن عَبْد العَزِيْز، ثمّ سَكَنَ بَغْدَادَ، ولَم يَذْكره الخَطِيبُ.

(a) كذا قيَّده المصنف في الأصل!.

(b) مهملا في الأصل وجودها بضم فسكون، كما تقدّم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 32.

ص: 487

‌الحَكَم بن المُطَّلِب في عَبْدِ الله في المُطَّلِب بن حَنْطَب ابن الحَارِث بن عُبيد بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة، أبو مَرْوَان القُرَشِيّ المَخْزُوميّ المَدِيْنِيّ

(1)

وأُمُّه السَّيِّدةُ بنْت جَابِر بن الأَسْوَد بن عَوْن الزُّهْرِيّ.

رَوَى عن أَبيه، وأبي سَعيد المَقْبُريّ. رَوَى عنهُ أخُوه عَبْد العَزِيْز بن المُطَّلِب، وابْنَا أخيهِ المَذْكُور: إسْمَاعِيل ومُوسَى ابْنَا عَبْد العَزِيْز، ومُحَمَّد بن عَبْد اللهِ الشُّعَيْثِيّ، وسُليْمان بن عَطَاء، والهَيْثَم بن عِمْران، وسَعِيْد بن عَبْد العَزِيْز التَّنُوخِيَّ (a)، ومَعْيُوفُ بن يَحْيَى الحِمْصِيّ.

وكان أجْوَد قُرَيْشٍ في زَمَانه، وكان يلي المَسَاعِيّ، ثمّ تَزَهَّد وتَرَكَ الدُّنْيا، وقَدِمَ مَنْبج وسَكَنَها مُرَابِطًا إلى أنْ ماتَ بها، وكان من أهْل المَدِينَة، وكان من المُمَدَّحين؛ مَدَحَهُ إبْراهيم بن هَرْمَة بأشْعَار كَثِيْرة

(2)

.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن الحُسَين بن عَبْدِ اللّه بن رَوَاحَة الحَمَوِيُّ بها قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن إسْمَاعِيْل بن عَوْف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ الفَارسِيِّ بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن النَّاصِح،

(a) بعده في الأصل: والهيثم بن عمران، مكرر وقد تقدّم ذكره.

_________

(1)

توفي بعد سنة 120 هـ، وترجمته في: المحبر لابن حبيب 153، تاريخ البخاريّ الكبير 2: 336، البَلاذُرِيّ: أنساب الأشراف 1/ 5: 288 - 291، الموشح للمرزباني 262، الجرح والتعديل 3: 128، الثّقات لابن حبَّان 6: 185، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 142، تاريخ ابن عساكر 15: 37 - 47، تاريخ الإسلام 3: 398، ميزان الاعتدال 1: 580، الوافي بالوفيات 13: 123 - 134، لسان الميزان 2: 339 - 340، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 403 - 407.

(2)

انظر: شعر ابن هرمة 59، 149، 204 - 205، وبعده في الأصل بياض أزيد من نصف الصفحة.

ص: 488

قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن سَعيد بن إبْراهيم القَاضِيّ، قال: حَدَّثنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن مُغِيرَة، قال: كان الحَكَمُ إذا قَدِمَ المَدِينَة أخْلوا له سَاريَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إليها.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرجَّا بن أبي الحَسَن بن هبَة اللّه الوَاسِطِيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أنبأنَا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ الكَتَّانِيّ، عن أبي الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْد الله بن أحْمَد الوَرَّاق في نَسَب قُرَيْش للزُّبير بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ سُلَيمان الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: أخْبَرَني عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْد اللّهِ

(1)

، عن مُصعَب بن عُثْمان، في نَوْفَل بن عُمَارَة أنَّ رَجُلًا منِ قُرَيْشٍ من بني أُمَيَّة، له قَدْرٌ وخَطر، لِحِقَهُ (a) دَيْنٌ، وكان لأ مالٌ، منِ نَخْلٍ وزرْعٍ، فخاف أنْ يباع عليه، فشَخَصَ من المَدِينَة يُرِيدُ الكُوفَة يَعْمدُ خَالِدَ بن عَبْدِ اللّهِ القَسْرِيَّ، وكان وَاليًا لهِشَام بن عَبْد المَلِك على العِرَاق، وكان يَبرُّ مَنْ قَدِمَ عليه من قرَيْش، لخَرَجَ الرَّجُل يُريده، فأعدَّ له هَدَايا من طُرَف المَدِينَة حتَّى قَدِمَ فَيْد، فأصْبَح بها، ونَظَر إلى فُسْطَاطٍ عنده جَمَاعَةٌ، فسَأل فقيل له الحَكَم بن المُطَّلِب - يعني ابن عَبْد اللّهِ بن المُطَّلِب بن حَنْطَب بن الحَارِث بن عُبَيْد بن عُمَر بن مَخْزُوم - وكان يَلي المَسَاعِي، فلبسَ نَعْليهِ وخَرَجَ حتَّى دَخَل عليهِ، فلَّا رآهُ قامِ إليهِ، فتَلَقَّاهُ وسَلَّم عليه، وأجْلَسَهُ في صَدْر فِرَاشه، ثمّ سَألَهُ عن مَخْرجهِ، فأخْبره بديْنهِ وما أراد من إتْيانِ خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ، فقال له الحَكَمُ: انْطَلِقْ بنا إلى مَنْزِلك فلو قد عَلِمتُ مَقْدمَك لسَبَقْتُكَ إلى إتيانكَ، فَمضَى معه حتَّى أتى مَنْزِلَه، فرَأَى الهَدَايا

(a) نسب قريش: رهقه.

_________

(1)

مصعب الزبيري: نسب قريش 339، وانظر الحكاية أيضًا عند البَلاذُرِيّ: أنساب الأشراف 1/ 5: 289 - 290.

ص: 489

الّتي أعدَّ لخاَلِد، فتحدَّث معه ساعةً، ثُمَّ قال: إنَّ مَنْرِلنا أحْضَرُ عدَّةً، وأنتَ مُسَافِرٌ، ونحنُ مُقِيْمونَ، فأقْسَمْتُ عليك إلَّا قُمْتَ معي إلى المَنْزل، وجَعَلْتَ لنا من هذه الهَدَايا نَصِيْبًا، فقام معه الرَّجُل وقال: خُذْ منها ما أحْبَبْتَ، فأمَرَ بها فحُمِلَت كُلُّها إلى مَنْزِلهِ، وجَعَل الرَّجُل يَسْتَحي أنْ يمنعَهُ منها شيئًا حتَّى صَارَ إلى المَنْزل، فدَعا بالغَدَاءِ وأمَرَ بالهَدَايا ففُتِحَت، فأكل منها ومَنْ حَضَرَهُ، ثمّ أمرَ ببقِيَّتها فرُفِعَتْ إلى خِزَانتهِ، وقامَ وقام النَّاسُ.

ثمّ أقْبَل على الرَّجُل، فقال: أنا أَوْلَى بك من خَالِد وأقْرَب إليك رَحمًا ومَنْزِلًا، وهَا هُنا مالٌ للغَارِمين؛ أنْتَ أوْلَى النَّاسِ بهِ، ليسَ لأحدٍ عليكَ فيه منَّةٌ إلَّا للّه جَلَّ وعَزَّ، فتَقْضِي به دَيْنَكَ، ثمّ دعا له بكيسٍ فيه ثلاثةُ آلاف دِيْنارٍ فدَفَعَهُ إليهِ، ثُمَّ قال: قد قرَّب اللّهُ عليك الخُطْوَةَ، فانْصَرِفْ إلى أهْلكَ مصَاحَبًا مَحْفُوظًا، فقام الرَّجُل من عنده يَدْعُو له ويَتَشَكَّر، ولم يكُن له هِمَّة إِلَّا الرُّجُوع إلى أهْلِهِ، وانْطَلَق الحَكَم يشُيِّعُهُ، فسَارَ معه شيئًا، ثمّ قال له: كأنِّي بزَوْجَتِكَ قد قالت لك: أين طُرَف العِرَاق وبَزُّها وخَزُّها وعُراضَتُها، أمَا كان لنا معَكَ نَصِيْبٌ؟ ثمّ أخْرَج صُرَّة قد كان حَمَلَها معه فيها خَمْسمائة دِيْنارٍ، فقال: أقْسَمْتُ عليكَ إلَّا جَعَلت هذه عِوَضًا من هَدَايا العِرَاق وانْصَرف.

وأخْبَرَنا بهذه الحِكايَة أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو غَالب أحْمَد وأبو عَبْد اللّه يَحْيَى ابْنَا الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحدهما، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد أَحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار بن عَبْد اللّه

(1)

، قال: ومن وَلده الحَكَم بن المُطَّلِب بن عَبْد اللّه بن المُطَّلِب بن

(1)

مصعب الزُّبيري: نسب قريش 339.

ص: 490

حَنْطَب، كان من سَادَةِ قُرَيْش ووُجُوهها، وكان مُمَدَّحًا، وله يقُول ابن هَرْمَة في شِعْر كَثِيْر مَدَحَهُ بهِ

(1)

: [من الكامل]

لا عَيْبَ فيكَ يُعَابُ إلَّا أنَّني

أُمْسِي عليكَ من المَنُون شَفِيْقا

إنَّ القَرَابَةَ منكَ يأمُل أهْلُها

صِلَةً وبأمن غِلْظَة وعُقُوقا

يَجِدُون وَجْهَك يا ابن فرْعَي مالكٍ

سَهْلًا إذا غَلُظَ الوُجُوه طَلِيْقَا

وقال أيضًا ابن هَرْمَة

(2)

يمدَح الحَكَم بن المُطَّلِب: [من المتقارب]

فإنْ مَعْشَر بَخلُوا والْتَووا

عليَّ فرَأيهُم لم يُصبْ

فإنَّ الإلَه كَفَاني الّتي

تَهُمّ وسلبُ بَنِي المُطَّلِبْ

وكنتُ إذا جئتُهم رَاغِبًا

مَجِيّ المُصَاب إلى المُحْتَسِبْ

أقَرُوا بلا خُلُفٍ حَاجَتي

ألا مِثل سَائلهم لَم يَخِبْ

وكان يلي المَسَاعِيَ.

قال الزُّبَيْر فأخْبَرَني عَمِي مُصْعَب بن عَبْد اللّه، عن مُصْعَب بن عُثْمان، وذَكَرَ الحِكايَة كما سُقْنَاهَا، وقال في آخرها: قال الزُّبَيْر وأتَوَهَّمُ أنْ أكُون سَمِعتُه من مُصْعَب بن عُثْمان.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال عَمِّي مُصْعَب بن عَبْد الله

(3)

: وكان الحَكَم بن المُطَّلِب من أبرِّ النَّاسِ بأبيهِ، وكان أبُوه المُطَّلِبُ بن عَبْد اللّهِ يُحبُّ ابنًا له يُقال له الحَارِث حُبًّا شَدِيْدًا مُفْرِطًا، وكانت بالمَدِينَة جَارِيَةٌ مَشْهُورةٌ بالجَمَالِ والفَرَاهَةِ،

(1)

البيت الأوّل في مجموع شعر ابن هرمة 150 ضمن أبيات أخرى وفي نسب قريش لمصعب الزُّبيري 339، والبيت الثاني في الوافي بالوفيات 13:124.

(2)

لم ترد في مجموع شعره.

(3)

نسب قريش 340 - 341.

ص: 491

فاشْتَرَاها الحَكَم بن المُطَّلِب من أهْلها بمالٍ كَثِيْرٍ (a)، فقال له أهْلُها - وكانت مُولَّدةً عندهم: دَعْهَا عندنا حتَّى نُصْلح من أمْرها، ثمّ نَزُّفِها إليكَ بما تَسْتَأهِل الجَارِيَةُ منَّا فإنَّما هي ولدٌ (b)، فتَرَكَها عندَهم حتَّى جَهَّزُوها، وبَيِّتُوها، وفرَشُوا لها (c)، ثمّ نَقَلُوها كما تُزَفُّ (4) العَرُوسُ إلى زَوْجها، وتَهَيَّأَ الحَكَمُ بأجْمَل ثِيَابهِ، وتَطَيَّبَ، ثمَّ انْطَلَق؛ فبَدَأ بأبيهِ ليَرَاهُ في تلك الهَيْئَة، ويَدْعُوَ له تَبَرُّكًا بدُعَاء أبيهِ، حتَّى دخَل عليهِ في تلك الهَيْئَةِ وعندَهُ الحَارِثُ بن المُطَّلِب، فأقْبَل عليه أبُوهُ، فقال: إنَّ لي إليك حَاجَةً، فما تقُول؟ قال: يا أبَةِ، إنَّما أنا عَبْدُك، فمُرْ بما أحْبَبْتَ، قال: تَهَبُ جَاريتكَ هذه للحارِث أخيْك، وتُعْطيه ثِيَابك هذه الّتي عليك، وتُطَيّبهُ من طِيْبكَ، وتَدَعهُ يَدْخُل على هذه الجاَرِيَة، فإنِي لا أشُكُّ أنَّ نَفْسَه قد تاقَتْ إليها! قال الحارِث: لَم تُكَدِّرُ على أخيّ، وتُفْسِدُ قَلْبَهُ عليَّ؟! وذَهَبَ يُرِيدُ [أنْ](e) يَحْلفُ، فبَدَرهُ (f) الحَكَم، فقال: هي حُرَّةٌ إنْ لم تَفْعَل ما أمَرَك أبي! فإنَّ قُرَّة عَيْنهِ أحبُّ (g) إليَّ من هذه الجَارِيَة، وخَلَع شابَهُ، فألْبَسَهُ إيَّاها، وطَيَّبَهُ من طِيْبهِ، وخَلَّاهُ؛ فذهَبَ إليها.

قال: وحَدَّثنا الزُّبَيْر

(1)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن الضَّحَّاك، قال: جَلَسَ المُطَّلِبُ فيُ عَبْد اللّه ليلَة يتَعَشَّى مع إبْراهيم بن هِشَام ومعَهُ عدَّة من وَلده فيهم الحكَمُ والحَارِثُ وغيرُهما، فجَعَل المُطَّلِبُ يأخُذ الطَّعَام الطَّيِّب من بين يَدي ابْنه - الّذي لَم يُسمّ لي - فيَضَعهُ بين يَدي حَارِث! فجَزعَ الفَتَى، وقال: ما رَأِيْت كما تَصْنعَ بنا قَطُّ وكما تَسْتَهِيْننا! فأمَرَ بغِلْمَانه فأُدْخلُوا، وأمَرَ بابنه ذلك فُجرَّ برجلِهِ حتَّى أخْرَجُوه من الدَّار، فقال لهُ الحَكَم: ما آثرت إلَّا أحْسَنَنا وَجْهًا وإنَّهُ لأهْل

(a) في نسب قريش: كبير.

(b) في نسب قريش: لنا ولد.

(c) في الأصل: وفرشوها، والتصويب من نسب قريش.

(d) في الأصل: كما تهيأ تزف، وما هنا عبارة الزُّبيري.

(e) إضافة من نسب قريش.

(f) في نسب قريش: فبادره.

(g) في نسب قريش: أسرُّ.

_________

(1)

لم أقف عليه ولا على النقول التي تليه في مؤلفات الزبير بن بكار ولا في كتاب عمه مصعب: نسب قريش.

ص: 492

للإثرَة، فقال له أبُوه: لك فُلَان وفُلَان حتَّى وَهْبَ له خَمْسةً من رَقِيْقه، فلَّما خَرَجُوا قال أخُو الحَكَم له: لا جَزَاكَ اللّه خَيْرًا ما ظَننتُك إلَّا سَتَغْضَب لي ويُخْرج بكَ على مثل حَاليّ، فقال له الحَكَمُ: ما أحْسَنتَ في قَوْلك ولا غبطتُكَ بما صرتَ إليهِ فأقُول مثل ما قُلْتَ.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: وحَدَّثَني عبدُ الرَّحْمن بن عَبْدِ اللّه بن عَبْد العَزِيْز الزُّهْريّ، عن عَمَّيه مُولىَ وإسْمَاعِيْل ابنَي عَبْد العَزِيْز، قالا: كان القُرَشِيّ إذا انْقَطَعَ شِسْعُه خلَع النَّعْل الأُخْرى، فانْقَطَعِ شِسْعُ الحَكَم في المُطَّلِب فخلَعَ النَّعْل الأُخْرى ومَضَى، فأخَذَ نَعْليهِ إنْسَانٌ نُوْبِيٌّ فسوَّى الشِّسْع وجاءَهُ بالنَّعْلَين في مَنْزِله فقال له: سَوَّيْتَ الشِّسْع؟ قال: نعم، فدَعَا جَارِيته بثلاثين دِيْنارًا فدَفَعها إلى النُّوْبِيّ، وقال: ارْجع بالنَّعْلين فهما لك.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر

(1)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن يَحْيَى الكَنَانِيّ، قال: اسْتَعْمَل بعض وُلَاةِ المَدِينَة الحَكَم بن المُطَّلِب المَخْزُوميّ على بعض المَسَاعِيّ، فلم يَرْفع شيئًا، فقال له الوَالي: أين الإِبِل والغَنَم؟ فقال: أكلنا لُحُوهمَها بالخُبْز، قال: فأيَن الدَّنَانِيْرُ والدَّرَاهِم؟ قال: اعْتَقدنا بها الصَّنائَع في رِقَاب الرِّجال، فحَبَسهُ، فأتاهُ وهو في الحَبْس بعضُ وَلد نَهِيْك بن إِسَافٍ الأنْصَاريّ فَدَحَهُ فقال:[من الطّويل]

خَلِيلَيَّ إنَّ الجُوْدَ في السِّجْن فابْكيا

على الجُوْد إذا سُدَّت عَلينا مَرَافقُه

تَرى عارضَ المَعْرُوف كُلّ عَشِيَّةٍ

وكُلّ ضُحَى يَسْتنّ في السِّجْن بارقُه

إذا صَاح كَبْلْاَهُ طفَا فَيْضُ بَحْره

لزوَّاره حتَّى تَعُومَ غَرَانقُه

فأمر لهُ بثلاثة آلاف دِرْهَم وهو مَحْبُوسٌ.

(1)

انظره في الوافي بالوفيات 13: 124.

ص: 493

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: وأخْبَرَني نَوْفَل في مَيْمُون، قال: أنْشَدَني أبو مالكٍ مُحَمَّد بن مَالِك بن عليّ بن هَرْمَة لعَمِّه إبْراهيم بن عليّ بن هَرْمَة يَمْدَحُ الحَكَم بن المُطَّلِب

(1)

: [من الطّويل]

تَصَبَّح أقْوَامٌ عن المَجْد والعُلَى

فأضحوا نيَامًا وهو لم يَتَصَبَّح

إذا كُدِّحَت أعْرَاض قَوْم بلُومِهم

نجا سَالِمًا من لَوْمهم لَم يكَدِح

ليهنكَ أنَّ المجد أطْلَق رحْله

لديك على خَصْبٍ خَصِيبٍ ومَسْرَح

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْد اللّه

(2)

: كان الحَكَم بعد حَالهِ (a) هذه قد تَخَلَّى من الدُّنْيا، ولَزِمَ الثُّغُور حتَّى ماتَ بالشَّام. وأُمُّهُ السَّيِّدةُ بنْتُ جَابِر بن الأَسْوَد بن عَوْف الزُّهْرِيّ.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: وحَدَّثَني يَحْيَى بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني إسْحاقُ بن مُحَمَّد المُسَيَّيّ، قال: أخْبَرَني مَنْ رأى الحَكَم بن المُطَّلِب حين صَار إلى مَنْبج وتزهَّد وإنَّهُ ليَحْمل زَيْتًا في يَده وَلَحْمًا.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الضَّحَّاك، قال: ذَكَرَ رَجُلٌ أنَّهُ رَأى الحَكَم بن المُطَّلِب بعد أنْ شهَّد بثَغْر مَنْبج مُسَمّطًا لحْمًا يَحْملهُ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق في أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، ح.

وحَدَّثنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي عَبْد اللّه بن عبد

(a) نسب قريش: حالته.

_________

(1)

لم ترد الأبيات الثلاثة في جموع شعر ابن هرمة.

(2)

نسب قريش 341.

(3)

تاريخ ابن عساكر 15: 44.

ص: 494

الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيمِ العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء اللَّه، ح.

وأخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللّه بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاء - قال الأرْتاحِيُّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن الحَسَن بن إسْمَاعيْل الضَّرَّاب - قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أَبو بَكر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن الرَّبَعِيِّ - وقال ابن بَنِيْن: الحَسَن بن عليّ الرَّبَعِيِّ - قال: حَدَّثَنَا أبيّ، عن العُتْبيّ، قال: قيل لنُصَيْب: هَرِمَ شِعْرُكَ، قال: لا، ولكن هَرِمَ الجود والمَعْرُوف، لقد مَدَحْتُ الحَكَم بن المُطَّلِب بقَصِيدَة فأعْطَاني أرْبعمائة شَاةٍ وأرْبَعِمائة دِيْنَار وأرْبَعِمائة ناقَة.

قال العُتْبِيّ: فأخْبَرَني رَجُل من مَنْبج، قال: قَدِمَ علينا الحَكَم وهو مُمْلقٌ لا شيء معه فأغْنَانا، قيل: كيفَ أغْنام وهو مُمْلقٌ لا شيء معه؟ قال: عَلَّمنا المَكَارِم، فعَادَ أغْنيَاؤُنا على فُقَرائنا (a)، فاسْتَوت الحالُ. قال العُتْبِيّ: وأعْطَى الحَكَم بن المُطَّلِب كُلّ شيءٍ يَمْلكه حتَّى إذا نَفَدَ ما عندَهُ رَكِبَ فَرَسهُ وأخَذَ رُمْحه يُريد الغَزْو، فماتَ بمَنْبج، وفي ذلك يقول ابنُ هَرْمَة الشَّاعر

(2)

: [من البسيط]

سَألاعن الجودِ والمَعْرُوف أينَ هُما

فقيل إنَّهُما مَاتَا مع الحَكَم

ماذا بمنبج لو تُنَبَّشْ (b) مَقَابِرُها

من التَّقَدُّم (c) بالمَروف والكَرَم

(a) ابن عساكر: فقيرنا.

(b) ابن عساكر: تنشر، وفي كتاب المجالسة: تنشر قبورهم.

(c) فوفها في الأصل: "صـ"، والمثبت موافق رواية الدينوريّ، وفي مجموع شعره: التهدم، وتأتي بهذه الرواية فيما بعد، وعند ابن عساكر: المقدم.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 327، وأعاد ذكر الرواية دون الشعر في موضع آخر (523).

(2)

شعر ابن هرمة 205.

ص: 495

قَرأتُ بخَطِّ الأُسْتَاذ أبي الحَسَن عليّ بن هِلال المَعْرُوفُ بابنِ البَوَّاب: حدَّث ثَعْلَبُ عن رَجُلٍ من أهْلِ مَنْبج، قال: قَدِمَ علينا الحَكَم بن المُطَّلِب بن عَبْد الله بن المُطَّلِب في حَنْطَب وفُقَراؤنا كَثِيْرونَ فأغْنانا كُلّنا، فقُلتُ: كيف ذاك؟ قال: علَّمنا مَكَارِم الأخْلَاق، فعادَ غَنِيُّنا على فَقِيْرنا، فغَنَيْنا كُلُّنا.

نَقَلْتُ من نَوَادر أبي بَكْر الصُّوْلِيّ بخَطِّ عليّ بن مُوسَى بن إسْحاق الرَّزَّاز وسَمَاعه منه، وأنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ عن زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ البُنْدَار في كتابهِ، عن أبي أحْمَد المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِّي إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثنَا العُتْيّ، عن أَبِيهِ، قال: قيل لنُصَيْب: هَرِمَ شِعْرُكَ، قال: ما هَرِم إلَّا عَطَاؤُكم! مَنْ يُعْطيني كما أَعْطَاني الحَكَم بن المُطَّلِب؟ خَرَجْتُ إليه وهو سَاعٍ على بعض صَدَقَات المَدِينَة، فلمَّا رَأيتُهُ قُلْتُ

(1)

: [من الوافر]

أبا مَرْوَان لَسْتُ بخَارِجي

وليسَ قَدِيم مَجْدِكَ بانْتَحِالِ

أَغَرُّ إذا الرِّوَاقُ انْجَاب عنهُ

بَدَا مثْل الهِلَال على المثَالِ (a)

تَرَاءاهُ العُيُون كما تَرَاءى

عَشِيَّة فطْرها وَضَح الهِلَال

فأعْطَاني أرْبَعمائة ضَائنَةٍ ومائة لِقْحَةٍ، وقال: ارفَع فِرَاشي فخُذْ ما تَحْتَهُ، فأخَذْتُ مائِيْنَ دَنَانِيْر.

قَرَأتُ في كتاب طَبَقَات الشُّعَراءِ المحدثِين تأليفُ عبد الله بن المُعْتَزّ

(2)

، في أخْبَار إبرْاهيمِ بن هَرْمَة، قال: وكان مَدَحَ الحَكَم - وكان من أسْخِيَاءِ أهْلِ زَمَانهِ - وقيل له: هَرِمَتْ أشْعَارُكَ، قال: كَلَّا؛ ولكن هَرِمَتْ مَكَرِم الأخْلَاقِ بعد الحَكَمِ.

(a) ديوان نصيب: على مثال.

_________

(1)

ديوان نصيب 119.

(2)

لم يرد في كتاب ابن المعتز طبقات الشعراء.

ص: 496

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسيَن بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْد جَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: الحَكَم بنُ المُطَّلِب بن عَبْد الله بن حَنْطَب المُخْزُوميّ، مَدِيْنِيّ، سَمِعَ أباهُ، رَوَى عنهُ أخُوهُ عَبْد العَزِيْز.

أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيُّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ حَمْد بنُ عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: الحَكَم بن المُطَّلِب بن عَبْدِ الله بن حَنْطَب المَخْزُوميٍّ المَدِيْنيَّ؛ أخو عَبْد العَزِيْز بن المُطَّلِب، رَوَى عن أَبيِهِ، وأبي سَعِد المَقْبُريّ، روى عنهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الشُّعَيْثِيّ، وسُليْمان بن عَطَاء، وِالهَيْثَم بن عِمْران العَبْسِيّ، وأخوهُ عَبْدُ العَزِيْز بن المُطَّلِب، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، روَى عنهُ سَعيدُ بن عَبْد العَزِيْز.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيِّ الحافِظ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، سَمَاعاً أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد الكَرْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد في مُحَمَّد بن أحْمَد بن غالب البَرْقَانِيّ، قال: سَألتُه - يعني الدَّارَقُطْنِيّ - عن عَبْد العَزِيْز بن المُطَّلِب؟ فقال: شَيْخً مَدَنِيّ يُعْتبَر بهِ، وأبُوهُ المُطَّلِبُ بن عَبْد الله بن حَنْطَب ثِقَةً، وأخُوه الحَكَم بن المُطَّلِب يُقاربُهُ؛ يُعْتَبَر بهِ.

قَرَأتُ في كتاب الإخْوَةِ الّذين رَوَوا الحَدِيْث، تأليفُ أبي بَكْر الجِعَابِيّ الحافِظ

(3)

، وذَكَر أخاهُ عَبْد العَزِيْز، وقال: الحَكَم بن المُطَّلِب بن عَبْدِ الله بن حَنْطَب، قالوا: كان

(1)

تاريخ البخاري الكبير 2: 336.

(2)

الجرح والتعديل 3: 128.

(3)

كتاب الإخوة الذين رووا الحديث للجعابي كتاب لم يصلنا، ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (3: 151) مرة واحدة ونقل عنه، وينقل عنه ابن العديم في موضع آخر يأتي.

ص: 497

من سَادَاتِ قُرَيْشٍ، لهما رِوَايَة، قالوا: والحَكَم ماتَ بالشَّام، قال: وإسْمَاعِيْل ومُوسَى ابْنَا عَبْد العَزِيْز -يعني ابن المُطَّلِب- يُحَدِّثُ عنهما عبد الرَّحْمن بن عُبيدِ الله الزُّهْرِيّ، وهُما من أهْلِ المَدِينَة، عندَهُما حِكَيَاتً عن الحَكَم بن المُطَّلِب.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: الحَكَم بن المُطَّلِب بن عَبْدِ الله بن المُطَّلِب بن حَنْطَب بن الحَارِث بن عُبَيْد بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة القُرَشِيّ المَخْزُوميُّ، من أجْوَادِ قُرَيْشٍ من أهْلِ المَدِينَة، قَدِمَ مَنْبج وسَكَنَها مُرَابِطًا إلى أنْ ماتَ بها، واجْتازَ بدِمَشْق. حَدَّثَ عن أَبيِهِ، وأبي سَعيد المَقْبُريّ، رَوَى عنهُ أخوهُ عَبْد العَزِيْز بن المُطَّلِب، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله الشُّعَيْثِيّ، وسُليْمان بن عَطَاءٍ، والهَيْثَم بن عِمْران، وسَعِيْد بن عَبْد العَزِيْز الدِّمَشقيّين.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بنُ عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن كَادِش العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الجَرِيْرِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُريْد، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان، قال: أخْبَرَني رَجُلً من قُرَيْش بمَكَّة، أحْسبُه (a) من وَلدِ عبد الرَّحْمن بن عَوْف، قال: حَدَّثني حُمَيْد بن مَعْيُوف (b) الحِمِصِيُّ، عن أَبيِهِ، قال: كُنْتُ فيمَن حَضَر الحِكَم بن المُطَّلِب بن عَبْد الله بن المُطَّلِب بن حَنْطَب (c) بن الحَارِث بن عُبَيْد (d) بن عُمَر بن مَحْزُوم، وهو

(a) الجريري: أحسبه قال.

(b) الجريري: مغوث.

(c) الجريري: حنظب.

(d) فوقها في الأصل "صح"، وفي كتاب الجليس الصالح: عبد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 37.

(2)

الجريري: لجليس الصالح 1: 574 - 575، وهو في الموشح للمرزباني 263.

ص: 498

يَجُود بنَفْسهِ بَمْنبِج، قال: ولَقي من المَوْتِ شِدَّةً، فقال رَجُلٌ ممَّن حَضَر وهو في غشْيَة له: اللَّهُمَّ هَوِّن عليه؛ فإنَّهُ كان وكان! فلمَّا أفَاق قال: مَنْ المُتَكلِّم؟ قال المُتَكِلَّمُ: أنا، قال إنَّ مَلَك المَوْت يقُول لك: إنِّي بكُلٍّ سَخِي رَفِيْق. قال: وكأنَّما كانت فَتِيْلَةً أُطْفئَت، فلمَّا بَلَغَ مَوْته ابن هَرْمَة قال

(1)

: [من البسيط]

سَألا عن الجُوْدِ والمَعْرُوف أينَ همُا

فقُلْتُ إنَّهُما مَاتَا مَعَ الحَكَمِ

مَاتَا بم الرَّجُل المُوفِي بذِمَّتِهِ

يَوْم الحفاظ إذا لم يُوْفَ بالذِّممِ

ماذا بمَنْبِج لو تُنْبَشْ (a) مَقَابِرُها

من التَّهَدُّم بالمَعْرُوف والكَرَمِ

قال ابنُ دُرَيْدٍ: فسَألتُ أبا حَاتِم عن قَوْله: لو تُنْبَشْ (b) لِمَ جَزَمَ؟ فقال: قال قَوْمً من النَّحْوِيِّيِن: كَرَاهةً لكَثْرة الحَرَكَاتِ كما قال الرَّاجِزُ: [من الرجز]

إذا اعْوَجَحْن قُلْتُ صَاحِبْ قَوِّمِ

بالدَّوِّ أمْثَالَ السَّفِيْنِ العُوَّمِ

وقال له: لو قال: نُبْشَتْ (c) مَقَابِرُها لاسْتَراح من اللَّبْسِ، وكان كَلَاماً فَصِيْحاً.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي المُظَفَّر بن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفر بن الحُسَين، وأبو أَسْعَد عبد الرَّحْمن بن مَنْصُور، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن الأعْرَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد السُّكَّريّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن أبي بَكْر

(2)

، قال: صَدَّثَني القَاسِم بن مُعْتَمِر، قال: حَدَّثَني ابن مَعْيُوف، عن أَبِيهِ، قال: كُنْتُ فيمَن حضَرَ وفَاهَ الحَكَم بن المُطَّلِب بمَنْبج، فشَدّ عليه، فقال إنْسَانُ: اللَّهُمَّ هَوِّن عليهِ، فأفَاق فقال: مَنْ المُتَكلّمِ؟ فقالوا: فُلَانُ، فقال: هذا مَلَك المَوْت يَقُول: إنِّي بكُلِّ سَخِيّ رَفِيْق، قال: ثُمَّ لَم يَكَلمَّ بعدَها حتَّى ماتَ.

(a) الجريري: تُنشر.

(b) الجريري: تنشر.

(c) الجريري: لو نبشت.

_________

(1)

شعر ابن هرمة 205.

(2)

هو الزبير بن بكار منسوباً إلى أبيه بكنيته، ولم ترد الرواية في مؤلفاته.

ص: 499

قُلتُ: وهذا القَاسِم بن المُعْتَمِر، هو القَاسِم بن مُحَمَّد بن المُعْتَمِر بن عيَاض بن حَمْنَن بن عَوْف، وحَمْنَن أخُو عبد الرَّحْمن بن عوف، وهو الرّجُل الّذي رَوَى عن حُمَيْد بن مَعْيُوف، وَسَنَذْكُر ذلك مُبيَّناً إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في تَرْجَمَةِ مَعْيُوف بن يَحْيَى

(1)

.

وقد قيل إنَّ الرَّجُل الّذي قال: اللَّهُمَّ هَوِّن عليه، هو إبْرهيم بن هَرْمَة، فإنَّنِي قَرأتُ في كتابِ طَبَقَاتِ الشُّعَراء تأليف عَبْد الله بن المُعَتَزّ

(2)

، قال: ولمَّا حَضَرَت (a) الحَكَم الوَفَاة، قامَ الخَلْقُ على رَأسه يَبْكُونَ وفيهم إبْراهيم بن هَرْمَة، فقال: اللَّهُمِّ هَوِّن عليهِ، فإنَّهُ كانَ وكانَ! ففَتَحَ عَيْنيهِ وقال: إنَّ مَلَك المَوْتِ يَقُول: إنِّي بكُلِّ شَخِيّ رفِيْق، ثمّ صَارَ كأنَّهُ سِرَاج انْطَفأ وماتَ.

وقيل: إنَّ الأبيات الثَّلاثة اليْمِيَّة للرَّاتِجِيّ يَرْثِي بها الحَكَم.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد، وأبي عَبْد الله يَحْيَى ابْنَي الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر في المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الخُلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُصْعَبُ بن عُثْمان وغيره، أنَّ الرَّاتِجِيّ قال يَرْثِي الحَكَم بن المُطَّلِبْ [من البسيط]

ماذا بَمْنبج لو تُنْبَش مَقَابِرُها

من التَّهَدُّم بالمَعْرُوف والكَرَم

سَألُوا عن الجُوْدِ والمَعْرُوف ما فَعَلا

فقُلتُ: إنَّهُما مَاتَا مع الحَكَمِ

مَاتَا مع الرَّجُل الموفى بذِمَّتهِ قبل

السُّؤَال إذا لَم يُوْفَ بالذَّمِمِ

(a) الأصل: حضر.

_________

(1)

في حرف اليم ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

لم يرد في نشرة طبقات الشعراء لابن المعتز.

ص: 500

قال الزُّبَيْر: وقال عَبَاءهَ الرَّاتِجِيّ يَبْكي عَبْد اللهِ بن مُعاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بن جَعْفَر بن أبي طَالِب، والحَكَم بن المُطَّلِب:[من المنسرح]

أمْسَى رِجَالُ السَّمَاحٍ قد هَلَكُوا

فنَحْنُ نَبْكي بَقِيَّةَ الرَّمَمِ

للهَاشِمي الّذي ثَوَى بِلِوِى

مَرْوَ عَقِيْد السَّمَاح والحَكَمِ

هذا بأرْض العِرَاق في رِجَمٍ

ثَاو وهذا بالشَّام في رجَمِ

حَلَّتْ بهذا مُصِيْبَة وبذا إنْ

أبْكِ هذا وذاكَ لَم أُلَمِ

كُنْتُ إذا جِئْتُ زَائِرًا لهما

وجَدْتُ فَضْل السَّمَاح والكَرَمِ

فاشْتَبَه النَّاسُ بعد فَقْدِهما

فذُو الغِنَى منهم كذى العَدَمِ

أخْبَرَني الشَّيْخُ عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ في كتاب الزِّيَارَات

(1)

: مَدِينَة مَنْبجَ بها الحَكَمُ بن المُطَّلِب بن عَبْدِ اللهِ بن المُطَّلِب بالمَقْبَرَة العَتِيقَة قد انْدَرَس قَبْره.

‌الحَكَم بن مُوسَى بن أبي زُهَيْر، أبو صالحِ

- واسْم أبي زُهَيْر شيْرَزاد (a) - البَغْدَاديُّ الزَّاهِدُ القَنْطَريُّ

(2)

سَمِعَ بحَلَب مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيّ، وبدِمَشْق الوَلِيد بن مُسْلِم، وشُعَيْبَ بن إسْحاقَ، وعبد الله بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، وصَدَقَة بن خَالِد، والوَلِيد بن

(a) قيَّده المؤلف بالسين المهملة حيثما يرد تالياً، ومثله في أصول ابن عساكر، وأحالها المحقق بالمعجمة اعتماداً على تهذيب التهذيب، وهر بالشين المعجمة أيضاً في تهذيب الكمال للمزي.

_________

(1)

الإشارات إلى معرفة الزيارات 61.

(2)

توفي سنة 232 هـ، وقيل: 235 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 346، تاريخ البخاري الكبير 2: 344، والتاريخ الصغير 2: 332، تاريخ الثقات للعجلي 1237، تاريخ واسط 99، الثقات لابن حبان 8: 195، الجرح والتعديل 3: 128 - 129، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 217، تاريخ بغداد 9: 126 - 131، السمعاني: الأنساب 10: 499، تاريخ ابن عساكر 15: 52 - 59، ابن الجوزي: المنتظم 11: 183، المزي: تهذيب الكمال 7: 136 - 143، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 814

ص: 501

مُسْلم، ويَحْيَى بن حَمْزَة، وعَبد الرَّزَّاق بن عُمَيْر (a)، والهَيْثَمِ بن حُمَيْد، وبِحمْص إسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، وبحَرَّان مُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، ورَوَى عنهُم وعن عبد الرَّحْمن بن أبي الرِّجَال، والوَلِيد في مُحَمَّد المُوَقَّرِيّ، وعِيسَى بن يُونسُ، وعَطَّافَ بن حَالِد المَخْزُويّ.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، ومُسْلم بن الحَجَّاج، وأبو دَاوُد سُليْمان بن الأشْعَث، وأحمد بن إبْراهِيم الدَّوْرَقيّ، وأبو قُدَامَة السَّرْخَسِيّ، ومُحَمَّد بن يَحْيَى الذُهْليّ، وعَبْد الله بن المُبارك، وهِقْل بن زِيَاد، وأبو القَاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، وأبو بَكْرِ مُحَمَّد بن هَارُون بن عِيسَى الأزْدِيّ، وعبد الله بن عبد الرَّحْمنِ الدَّارِميِّ (b)، ومُوسى بن نُصَيْرٍ القَنْطَريَّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليَّ، والحَسَن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، وعليّ بن المَدِيْنيَّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وحَمَّاد بن المُؤَمَّل الكَلْبيّ، ومُوسَى بن هَارُون الحافِظ، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار الصُّوْفيّ، وأبو بَكْر عَبْد الله في مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا، وأبو الأحْوَص مُحَمَّد بن الهَيْثَمِ القَاضِي، والحَارِث بن أبي أُسامَة، وعبَّاسٌ الدُّوْرِيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة (c)، وأبَوا زُرْعَة الدِّمَشقيّ والرَّازِيّ، وأحمدُ بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، ومُحَمَّد بنِ يُوسُف التُّرْكيَّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيّ، وعبدُ الله بن أحمد، وحَامِد بن مُحَمَّد بن شُعَيْب، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن سُلَيمان المَرْوَزيّ،

(a) بعده في الأصل: "ويحيى بن حمزة"، وكان قد ذكره قبل الاسم الذي تقدمه، وهو يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي البتلهي، أبو عبد الرحمن (ت 183 هـ). انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 8:355.

(b) بعده في الأصل: "ومحمد بن يحيى الذهلي"، وضرب عليه لوقوع التكرار.

(c) بعده في الأصل: "وحماد بن المؤمل الكلبي"، وضرب عليه كسابقه

_________

- 815، سير أعلام النبلاء 11: 5 - 7، تذكرة الحفاظ 2: 474 - 475، العبر في خبر مَن غبر 1: 324، الكاشف 1: 247، الإعلام بوفيات الأعلام 104 (وفاته 232 هـ)، ميزان الاعتدال 1: 580، الوافي بالوفيات 13: 124، تهذيب التهذيب 2: 439 - 440، تقريب التهذيب 1: 193، شذرات الذهب 3: 149، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 409 - 410.

ص: 502

وأبو قُصَيّ إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد العُذْرِيّ، ومُحَمَّد بن بِشْر بن مَطَر، وِأبو بَكْر مُحَمَّد بن هَارُون بن عِيسَى الأزْدِيّ، وعليّ بن دَاوُد القَنْطَريّ، وأبو الأَصْبَغ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن كَامِل القَرْقِسَانيّ، وأبو عَمْرو عُثْمان بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ، وأبو إسْمَاعِيْل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل التِّرمِذيّ، وعليّ بن عبد الرَّحْمن بن المُغِيرَة، وزُهَيْر بن مُحَمَّد في قَمَيْر، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل ابن عُلّيَّة القَاضِي، وأبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن سَعيد القَاضِي، وإسْحاق بن إبْراهيم في مُحَمَّد بن عَرْعَرَة، وإبْراهيم بن أبي دَاوُد البُرُلُّسِيّ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحمّد بن طَبَرْزَد البَغْدَاديّ بقِرَاءَتي عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هَارُون بن عِيسَى الأزْدِيّ سَنَة ستٍّ وسَبْعِين ومَائتَيْن، قال: حدَّثَني الحَكَم بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرّانيّ، عن الفَزَارِىّ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدر، عن جَابِر بن عَبْد اللهِ، قال: كان رسَول الله صلى الله عليه وسلم يُعْجبُه أنْ يفَطِر على الرُّطَب ما دَامَ الرُّطَبُ، وعلى التَّمْر إذا لم يكُن رُطَب، ويَخْتم بهن ويَجْعلهنَ وترًا ثلاثًا أو خَمْسًا أو سَبْعًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَدُ بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد بن عَبد الرَّزَّاق العَطَّارُ البَغْدَادىُّ، قِرَاءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن بَهْرَام الدَّارِمِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا الحَكَم بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد في مُسْلِم، عن

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)322.

(2)

سنن الدارمي 1: 350 (رقم 1329)، الطبراني: المعجم الكبير 3: 273 (رقم 3283)، مجمع الزوائد 10: 280، وانظر: المسند الجامع 16: 330 (رقم 12513).

ص: 503

الأوْزِاعِيّ، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن عَبْد الله بن أبي قَتَادَة، عن أَبِيهِ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسْوَأ النَّاسِ سَرِقَةً الّذي يَسْرق صَلَاتَهُ، قالوا: يا رسُول الله، وكيف يَسْرقُ صَلَاتهُ؟ قال: لا يُتمّ رُكوعَها ولا سُجُودَها.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(1)

، قال: أنْبَأنَا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن رزْق، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس في أبي ذُهْل الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُونُس الحافظ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمانُ بن سَعيد الدَّارِمِيّ، قال: قَدِمَ عليِّ بنُ المَدِيْنِيّ بَغْدَاد، فحدَّثه الحَكَمُ بن مُوسَى بحَدِيث أبي قَتَادَةَ: إنَّ أَسْوَأ النَّاسِ سَرِقَةً، فقال له عليُّ: لو غَيْركَ حَدَّث بهِ كُنَّا نَصْنعُ بهِ (a)، أيّ لأنَّكَ ثِقَةُ، ولا يَرْويهِ غير الحَكَم. وكذلك حديثُ يَحْيَى بن حَمْزَة، عن سُليْمان بن دَاوُد، حديث عَمْرو بن حَزْم عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الصَّدَقَات.

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أَبو بَكْر بن عليَّ

(2)

، قال: حَدَّثَني الأزْهَريّ، عن عُبَيْد الله بن عُثْمان بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن جَعْفَر المُنَادِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَني أبو عِيسَى مُحَمَّد بنُ إبْراهيم القُرَشِىّ، قال: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الصَّيْرَفِيّ يَقُول: بَعَثَ إليَّ الحَكَم بن مُوسَى في أيَّام عِيْد أنَّهُ يَحْتاجُ إلى نَفَقةٍ، ولم يَكُ عندي إلَّا ثلاثة آلاف دِرْهَم، فوجَّهْتُ إليه بها، فلمَّا صَارَت في قَبْضَته (b) وجَّه إليه خلَّادُ بن أسْلَم أنَّهُ مُحْتاج (c) إلى نَفَقةٍ، فوجَّه بها كُلّها إليه، واحْتَجْتُ أنا إلى نَفقةٍ فوجَّهْتُ إلى خَلَّادٍ: إنِّي أحْتاجُ إلى نَفَقةٍ، فوَجَّه بها

(a) تاريخ بغداد، وتاريخ الإسلام 5: 815: حَدَّث به ما صنع به.

(b) الأصل: قبضة، والمثبت من تاريخ الخطيب.

(c) تاريخ بغداد: يحتاج.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 127.

(2)

تاريخ بغداد 9: 304 - 305، في ترجمة خلاد بن أسلم.

ص: 504

كُلّها إليَّ، فلمَّا رأيتها مَصْرُورةً في خِرَقها (a) وهي الدَّرَاهِم بعَيْنها أنْكَرتُ ذلك، فبَعَثْتُ إلى خَلَّادٍ: حدِّثني بقَضِيَّةِ هذه الدَّرَاهِمِ؟ فأخْبَرَني أنَّ الحَكَم بن مُوسَى بَعَثَ بها إليه، فوجّهْتُ إلى الحَكَم منها بألفٍ، ووجَّهْتُ إلى خَلَّادٍ مخها بألفٍ، وأخَذتُ أنا منها ألفًا.

أْنبَأنا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْلِ بن أحْمَد، قال: أحْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، وأبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، وأبو نصْر الزَّيْنَبِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص

(1)

، ح.

قال إسْمَاعِيْل بن أحمد: وأخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللهِ بن الحُسَين الدَّقَّاقُ، قالا: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم البَغَوىّ، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح الشَّيْخُ الصَّالِح الحَكَمُ بن مُوسَىَ، فذَكَرَ حَدِيثًا.

أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا دَعْلَج بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن مُوسَى أبو صالح الشَّيْخ الصَّالِح.

وقال أبو بَكْر

(3)

: أنْبِأنَا ابن رِزْقٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر بن غالب، قال: أخْبَرَنا مُوسى بن هَارُون، قال: الحَكَم بن مُوسَى أبو صالح الشَّيْخ الصَّالِحُ، بَلَغَني أنَّ عليّ بن المَدِيْنِيّ حَدَّثَ عنهُ قبلَ مَوْته بمُدَّة، فقال: حدَّثنا أبو صَالح الشّيْخ الصَّالح.

(a) تاريخ بغداد: خرقتها.

_________

(1)

المخلِّصيّات 2: 102.

(2)

تاريخ بغداد 9: 130.

(3)

تاريخ بغداد 9: 130 - 131.

ص: 505

وقال

(1)

: أخْبَرَنا الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف الخَشَّاب، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن فَهْم، قال: الحَكَم بن مُوسَى كان رَجُلًا صَالِحًا ثَبْتًا في الحَدِيْث.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّب، عن أبي غَالب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال في تَسْمِيَةِ أهْل بَغْدَاد: الحَكَم بن مُوسَى البَزَّاز (a)، ويُكْنَىِ أبا صالح، ثِقَةُ، كَثِيْرُ الحَدِيْث، وكان من أهْل خُرَاسَان من أهْل نَسَاء، ورَوَى عن الشَّامِيِّيْن، عن يَحْيَى بن حَمْزَة، وهِقْل بن زِيَاد وغيرهما من أهْلِ الشَّام، وكان رَجُلًا صَالِحًا ثَبْتًا في الحَدِيْث، وتُوفِّيَ ببَغْدَاد في شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وثلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم الضَّبِّيّ، قال: أخْبرَني أبو أحْمَد عليّ بن مُحَمَّد الحُبِّيْنِيّ (a) بمَرْو، قال؟ سَألْتُ أبا عليّ صالِح بن مُحَمَّد جَزَرَة الحافِظ عن سُرَيْج بن يُونسُ؟ فقال: ثِقَةُ ثِقَةُ ثقَةُ، لو رأيتَهُ لقرَّت عينُكَ. وسَألتُهُ عن يَحْيَى بن أَيُّوب؟ فقال: ثِقَةُ ثِقَةُ ثِقَةُ، لو رأَيتَهُ لقرَّت عينُكَ به. قال أبو عليّ: وثَالثهُم الحَكَم بن مُوسَى القَنْطَريّ الثِّقَةُ المَأمُون، هؤلاء الثَّلاثةُ تَقَطَّعُوا من العِبَادَةِ.

(a) في الأصل: البزار، والمثبت من طبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر 15:58.

(b) في الأصل: الحنيني، وتقدم في الجز الثاني: الحبيبي، وسلف الكلام عليه في موضعه، والمثبت موافق لما في تاريخ الخطيب 131:9.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 131.

(2)

طبقات ابن سعد 7: 346.

(3)

تاريخ بغداد 9: 131.

ص: 506

وقال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الأُشْنانِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الطَّرَائِفِيّ يقُول: سَمِعْتُ عُثْمان بن سَعيد الدَّارِمِيّ

(2)

يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: الحَكَم بن مُوسَى ثِقَةُ.

وقال

(3)

: أخْبَرَنا الصَّيْمَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن الرَّازِيّ، قال: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بنِ الحُسَين، قال: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن زُهَيْر، قال: سُئِلَ يَحْيَى بن مَعِيْن عن الحَكَم بن مُوسَى فقال: ثِقَةُ.

وقال

(4)

: أخْبَرَنا حَمْزَة بن مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: حَدَّثَنا الوَلِيد بن بَكْر الأنْدَلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنا أبو مُسْلم صالِح بن أحْمَد بن عَبْدِ الله العِجْلِيّ، قال: حَدَّثَني أبي

(5)

، قال: أبو صالِح الحَكَم بن مُوسَى ثِقَةٌ.

أنْبَأنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن الحَكَّاك إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريِم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بنُ أحْمَد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: الحَكَم بن مُولىَ ليسَ به بَأسٌ.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(6)

، قال: قرأنا على أبي عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن، عن أبي تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَيْثَمَة، قال: سُئِلَ يَحْيَى بن مَعِيْن عن الحَكَم بن مُوسَى؟ فقال: كانَ ثِقَةً من أهْلِ نَسَا.

(1)

تاريخ بغداد 9: 130.

(2)

تاريخ الدارمي 102، 188.

(3)

تاريخ بغداد 9: 130.

(4)

تاريخ بغداد 9: 130.

(5)

العجلي: تاريخ الثقات 127.

(6)

تاريخ ابن عساكر 15: 54 - 55.

ص: 507

أنْبَأنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: الحَكَم بن مُوسَى أبو صالح البَغْدَاديّ، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(3)

يَقُول: أبو صالح الحَكَم بن مُوسَى البَغْدَاديّ، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة، وهِقْل بن زِيَادٍ.

أنْبَأنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم إسْمَاعِيْل أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن مُحَمَّد بن غالب بن العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أحمد بن مُحَمَّد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن سُلَيمان بن الأشْعَث، قال: وأبو صالح الحَكَم بن مُوسَى حَدَّثَ عن يَحْيَى بن حَمْزَة، والهِقْل بن زِيَاد.

أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيّ، عن أبي الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الئَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(4)

، قال: الحَكَم بن مُوسَى أبو صالح البَغْدَاديّ، رَوَى عن يَحْيَى بن حَمْزَة، وصَدَقَة بن خَالِد، والهَيْثَم بن حُمَيْد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. أخْبَرَنا ابن أبي خَيْثَمَة في كتابهِ إليَّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: الحَكَم بن مُوسَى ثِقَةُ. رَوَى عنهُ أبي وأبو زُرْعَة، سُئِلَ أَبي عنهُ؟ فقال: صَدُوقُ.

(1)

تاريخ البخاري الكبير 2: 344.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 55.

(3)

الإمام مسلم: الكنى والأسماء 1: 438.

(4)

الجرح والتعديل 3: 128.

ص: 508

أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، وقال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الكَلَابَاذِيّ، قال: الحَكَم بن مُوسَى أبو صالح البَغْدَاديّ، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة، رَوَى عنهُ البُخاريّ، قال: وقال الحَكَم في مُوسَى لَم يود (a) عليه، قال البُخاريّ

(1)

: مات في شَهْر رَمَضَان أو شَوَّال سَنَة ثِنْتَين وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بنِ مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: الحَكَم بن مُولى بن أبي زُهَيْر، أبو صالح القَنْطَريُّ، وهو نَسَائِيُّ الأصْل، رَأى مَالِكَ بن أنَس، وسَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة الحَضْرَميّ، وإسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، وعبد الله بن المُبارَك، وعِيسَى بن يُونُس، والوَلِيد بن مُسْلِم، وهِقْل بن زِيَاد، وصَدَقَة بن خَالِدٍ، والهَيْثَم بن حُمَيْد.

رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن حَنْبَل، وعليّ بن المَديْنِيّ، والحَسَن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وعبَّاس الدُّوْرِيّ، وحَمَّاد بن المُؤَمَّل الكَلْبيّ، والحَارِث بن أبي أُسامَة، وأحمد في أبي خَيْثَمَة، وأبو الأحْوَص مُحَمَّد بن الهَيْثَم القَاضِي، وأبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، ومُوسَى بن هَارُون الحافِظ، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار الصُّوْفيّ، وأبو القَاسِم البَغَويّ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مَمِّيْل، فيما أَذِنَ لنَا فيه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ

(3)

، قال: الحَكَم بن مُوسَى بن أبي

(a) كذا في الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر: لم يزد.

_________

(1)

تاريخ البخاري الصغير 2: 332.

(2)

تاريخ بغداد 9: 126.

(3)

تاريخ ابن عساكر 15: 52.

ص: 509

زُهَيْر -واسْمُه شيرَزاد- أبو صالح البَغْدَاديّ القَنْطَريّ الزَّاهِد، أصْلُهُ من نَسَا من قَرْيَةٍ من رُسْتَاق ابناه، ووُلِد بسَاريَةَ من أعْمَالِ طَبَرِسْتان.

وسَمعَ بدِمَشْق عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، ويَحْيَى بن حَمْزَة، والهَيْثَم بن حُمَيْد، وصَدَقَة بن خَالِد، وعَبد الرَّزَّاق بن عمَير الدِّمَشقيّ، والوَلِيد بن مُسْلِم، وشُعَيْب بن إسْحاق، وبغيرها الوَلِيد بن مُحمَّد المُوَقَّرِيّ، ومُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل الحلبيّ، وإسماعِيل بن عياش، وعِيسى بن يونس، ومحمَّد بن سلَمَة الحرَّانيّ، وعبد الرَّحمن بن أبي الرِّجَالِ، وعَطَّاف بن خَالِد المخزُوميّ.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن حَنْبَل، وأحمد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، وعبد اللّه بن عبد الرَّحْمن الدَّارِميِّ، ومُحمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، ومُسْلم بن الحَّجَاج في صحيْحه، وأبو دَاوُد في سُنَنه، وأبو قُدَامَة السَّرْخَسِيّ، والحَسَن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، وعبَّاس الدُّوْرِيّ، وأحمدُ بن مَنْصُور الرَّمَاديّ، وأبَوَا زُرْعَة الدِّمَشقيّ والرَّازِيّ، وأبو حَاتِم، وأبو قُصَيّ إسمَاعيْل بن مُحمَّد العُذْرِيَّ، وعلي بن دَاوُد القَنْطَريّ، وأبو إسْمَاعِيْل مُحمَد بن إسْمَاعِيْل التِّرمذي، وزُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر، ومحمد بن إسماعِيل ابن علية قاضي دِمشق، وابو بَكْر أَحْمَد بن عليّ بن سَعيد القَاضِي، وأبو يَعْلَى المَوْصليِّ، وعبد اللّه بن مُحَمَّد البَغَوي، ومُحمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وإبْراهيمِ بن أبي دَاوُد البُرُلُّسيِّ، وعُثْمان بن خُرَّزَاد، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عرعرَة، وعليّ بن عبد الرَّحْمن بن المُغِيرَة، وأبو الأَصْبغَ مُحمَّد بن عبد الرَّحْمن بن كَامِل الأسَدِيّ القَرْقِسَانيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن هَارُون بن عِيسَى الأزدِيّ، ومُحَمَّد بن بِشْر بن مَطَر، وعبد الله بنُ أحْمَد، ومُحمَّد بن يَحْيَى بن سُلَيمان المَروزيّ، والحَارِث بن مُحمَّد بن أبي أُسامَة، وحَامِد بن مُحمَّد بن شُعَيْب البلخِيّ، ومُحَمَّد بن يُوسُف التُّرْكيّ، وغيرهم.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْد الكَريم السَّمْعَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبْد اللّه بن مُحمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِي، ح.

ص: 510

وأخْبَرَنا القَاسِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر الصَّفَّار كتابةً، قال: أخْبَرَتنا عَمَّةُ وَالدِي عائشَةُ بنت أحْمَد بن مَنْصُور، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن عَبْد اللّه بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ العَزِيْز بن عَبْد المَلِك الأُمَوِيّ، قال: حَدّثنا أبو بَكْر مُحمَد بن العبَّاسِ في فَضْل البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَسَن بن عبد الجبَّار، قال: مات الحكمَ في موسى سنة اثنتين وثَلاثين ومَائتَين.

أنبأنا أبو القَاسم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلمِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، عن عَبْد العَزِيْز التمَّيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكّيّ بن محُمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرِنا أبو سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومَائتين فيها مات الحكَمُ بن مُوسى يَوْم السَّبْت ليَوْمَيْن خَلَيا من شَوَّال.

أنبأنَا أبو اليمن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَبْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال البَغَويّ

(3)

: وماتَ أبوصالح الحكمً بن مُوسىَ ليَوْمَيْن من شَوَّال سَنَة اثِنْتَيْن وثَلاثيِن، وقد كَتبتُ عنهُ.

وقال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(4)

، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن الحسُين القَطَّانُ، قال: أخْبَرَنا جعفر بن محمد الخُلْدِيّ، قال: حدثنا محمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضريّ، قال: سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومَائتَيْن فيِها ماتَ الحكَم بن مُوسَى أبوصالح البَغْدَاديّ.

أنبأنَا ابن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصر، عن أبي الفَضْل بن الحَكَّاك، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عُبَيْد اللّه بن سَعيد، قال: أخبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللّه، قال:

(1)

تاريخ مولد العلماء 217.

(2)

تاريخ بغداد 9: 131.

(3)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 60.

(4)

تاريخ بغداد 9: 131.

ص: 511

أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، قال: أبو صالَح الحكَم بن مُوسىَ، بَغْدَاديّ، أخْبَرَنا عَبْد اللّه بن أحْمَد بن عَبْد السَّلامِ، عن مُحمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: ماتَ الحكَم بن مُوسَى أبو صالح، بَغْدَاديُّ، سَنَة ثنْتين وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنبأنا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد المُطَرِّز، وأبو عليّ الحداد، وأبو القَاسِم غَانِم بن مُحمَد في كُتُبهم، ثمّ أخْبَرَنا أبو المَعَالِي عَبْد اللّه بن أحْمَد بن مُحمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله، قال: حَدَّثنا أبو القَاسِم إبْراهيم بن أحْمَد بن أبي حَصِيْن، قال: حَدَّثنا مُحمَّد بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان الحَضْرمَيّ، قال: وماتَ الحكَمُ بن مُوسىَ أبو صالح سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين ومَائتينْ.

قلت: هكذا روى أبو القاسِم بن أبيِ حصِين، عن مُحَمَّد بن عبد اللّه بن سُلَيمان الحَضْرمَيّ في وَفَاةِ الحكَم، وقد روَى جَعْفَر الخلدِيّ والحَسَن بن مُحَمَّد السَّكُونِيّ كلاهمُا عن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان الحضرمَيّ أنَّ وفاته كانت سَنَة اثْنَتَيْن وثلاثين، وقد ذَكَرنا رِوَايَة جَعْفَر الخلدِيّ عن الحَضْرمَيّ.

وأمَّا رِوَايَة السَّكُونِيّ عنه، فقد أخْبَرَنا بها عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد إجَازَةً، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُسْلمة، وأبو القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن علِيّ بن مُحَمَّد بن فَهْدٍ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحمَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا الحسَنُ بن مُحمَّد السَّكُونِيّ، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان، قال: وفيها - يعني سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومَائتَيْن- ماتَ الًحكم بن مُوسَى أبو صَالح البَغْدَاديّ.

وقد حُكي عن حَامِد بن شُعَيْب أنَّ الحكمً تُوفِّي سَنَة خَمْسٍ وثلاثين. أخْبَرَنا بذلك مُحمَّد بن مُحَمَّد بن شَهرَيَار في كتابهِ، قال: أخْبَرَتْنا أُمّ البَهَاء فاطِمَة بنت أبي

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 59.

ص: 512

الفَضْل البَغْدَاديّ، قالت (a): أخْبَرَنا أبو طَاهِر الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَد بِن إبْراهيمِ بن المقرِئ، قال: سَمعْت حَامِد بن شُعَيْبٍ يَقُول: ماتَ الحكم بن مُوسى سَنَة خمسٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

‌الحَكَم بنُ نُميلَة الخُرَاسَانيّ

(1)

قَائِد مَذْكُور كان مع عُمَر بن هُبيرَة، فلما انْهَزمَ ابن هُبيرَة عن قحطَبَة، سارَ الحكَم مِع جَمَاعَةٍ من العَرَب الخُرَاسَانيِّيْن وتَوجَّهُوا يُريدون مروَان بن مُحمَّد حتّى أتَوا عَانة وعليها صاعِدُ بنُ عُبيدٍ فاحْتَبَسهُم عندَهُ بعَانَة، وكَتَبَ إلى مروَان يُخْبره، فكَتَبَ مروَان إلى صَاعِد يأمرهُ بالإحْسان إليهم، وأنْ يُولِّي عليهم الحكم بن نُميلَة.

فلما انْهَزَم مروَان عنِ الزَّابِ كَتَبَ إلى الخُرَاسَانيَّةِ الّذين بعَانَة أنْ يُوَافوه بمَنْبج ففَعَلُوا، وقَدِمُوا عليه منبج ومعهم الحكم بن نُميلَهَ وَاليًا عليهم، ومَضَوا مع مَروَان بن مُحمَّد إلى مِصْر والحكم بن نُمَيْلَة معهم.

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

ذكره الطبري ومسكويه وابن الأثير في أخبار نصر بن سيار، وورد اسمه عند ثلاثتهم: الحكم بن نميلة النميري. انظر: تاريخ الطبري 7: 195، 382، 384، تجارب الأمم 2: 569، الكامل 5:381.

ص: 513

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌الحكَم بن الوَليِد بن يزيد بن عَبْد المَلِك بن مرْوَان ابن الحكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة بن عَبْدِ شمْس ابن عَبْد مَنَاف القُرشِيُّ الأُمَوِيُّ

(1)

جَعَل أبُوه الوَلِيد بن يَزِيد له وِلَايَة العَهْد من بَعْده، ثمّ من بَعْدِه لأخيه عُثْمان بن الوَلِيدِ، فلمَّا قتل الوَلِيد بالبَحْراء (a) قيل إنَّ يَزِيد بن الوَلِيد حَبَسَهُما بقَلْعَة قِنسرِين، وقيل إنَّ عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج ويزيْد بن خَالِد القَسْرِيّ ومَنْ تابعهما بقِنَّسْرِيْن قَتَلوهمُا بقِنَّسْرِيْن وقيل بدِمَشْق، وكان الحكم شَاعِراً.

أنبأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحسَن الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أنبأنَا أبو مُحمَد الجوهَرِيّ، عن أبي عُبيد اللّه مُحمَد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال في مُعْجَم الشعَراءَ

(2)

: الحكم بن الوَلِيد بن يزِيد بن عَبْد المَلِك، كان

(a) كذا في الأصل بالحاء المهملة، المؤكدة بحاء أسفلها، ومثله في شذرات الذهب 2: 102، وزاد فيه: بقرب تدمر، وبقية المصادر التي تذكر خبر مقتل الوليد بن يزيد تكتبه بالخاء المعجمة، ومنها: تاريخ خليفة 364، تاريخ الطبري 7: 244، العبر للذهي 1: 124، وتاريخ الإسلام 3: 357، 548، وجاء في نشرة تجارب الأمم لمسكويه 2: 478: حصن الحراء وذكر ياقوت البخراء، وعرفها بأنها: موضع فيه ماء منتن بالقرب من القليعة في طرف المجاز، وذكر مقتل الوليد بن يزيد فيه. معجم البلدان 1:356.

_________

(1)

توفي سنة 127 هـ، وترجمته في: المحبر لابن حبيب 446، المعارف 366، تاريخ الطبري 7: 218، 232، 247، 250، 301، 311، تاريخ ابن عساكر 15: 80 - 83، ابن الأثير: الكامل 5: 269، 281، 322 - 323، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ا ا: 349، العبر في خبر مَن غبر 1: 126، الوافي بالوفيات 13: 122 - 123، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 413 - 414.

(2)

ضمن الجزء الأول الضائع من كتاب معجم الشعراء.

ص: 514

وَليُّ عَهْد أبيهِ ثمّ أخوهُ بعدَهُ، فقُتِلَا في الحبس، وهو القَائِلُ

(1)

: [من الوافر]

أتنزع بَيْعَتي من أجل أمُيِّ

وقد بايَعْتمُ بَعْدِي هجيْنَا

فإنْ أهْلك أنا ووَليُّ عَهْدٍ

فمَرْوَان أمِيرُ المُؤْمنِيْنا

فاحْتَجَّ مروَان بهذا البيت في طَلَب الخِلَافَة، فأقْبل إلى الشَّام، فغَلَبَ عليها.

أنبأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحمَد بن طَبرزَد، عن أبي غَالِب وأبي عَبْد اللّه ابنيِ أبي عليّ بن البنَاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلمِة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخُلِصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثنا الزُّبير بن بكار

(2)

، قال: فولدَ الوَلِيدُ بنُ يَزِيدَ بن عَبْد المَلِك: يَزِيد والحكَم المَذْبُوح في السِّجْن. قال الحكُم بن الوَلِيد بن يزِيد المقَتُول في السِّجْن هو وأخُوه- يعني عُثْمان- وهو وَلي عَهْد أبيهِ ثُمَّ أخُوه من بَعْده: [من الوافر]

أتَنْزِع بَيْعَتي من أجْل أمُيِّ

وقد بايعتمُ بَعْدِي هجيْنا

ومرْوَان بأرْض ابنَي نزِار

كليثِ الغَاب مُفْتَرشًا عرِيْنا

فإنْ أهْلك أنا ووَلي عَهْدِي

فمَرْوَان أَمِير المُؤْمنِينا

فأخْبَرَني عمي مُصْعَب بن عَبْد اللّهِ ومُحمَد بن الضَّحَّاك، قالا: بهذا البيت الأخير احْتَجَّ مروَانُ في طَلَب الخِلَافَة، فأقْبَل إلى الشَّام حتَّى أخَذَها، وأمّا قَوْلهُ:

أتنزع بيعَتي من أجْل أُميِّ

وقد بايعتُم بعْدِي هَجيْنا

فإنَّه ابن أُمّ وَلدٍ، ويزِيْد بن الوَلِيدِ الّذي بايَعُوا ابن أُمّ ولدٍ، وكان بنُو مروَان يَرَون أنَّ ذَهَاب مُلْكهم على يَدِ خَلِيفَةٍ منهم ابن أمّ وَلَدٍ.

(1)

البيتان في مرآة الزمان 11: 327 والوافي بالوفيات 13: 122.

(2)

انظره في كتاب عمه مصعب الزبيري: نسب قريش 167.

ص: 515

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بنِ عليّ بن العُظَيْميّ الأُسْتَاذ في تَارِيْخهِ

(1)

، وأخبرنا به إجَازَةً عنه شَيْخُنا أبو اليمن زيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ وغيره، قال: سَنَة سَبِع وعشرين ومائة فيها أقْبَل مْروَان بنِ مُحمَّد بن مروَان من الجَزِيْرَة حتَّىِ دخَل دِمشْق لستِّ ليالٍ خلَونَ من صَفَر، فلمَّا نزَل نَهَضَ عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج ويزِيْد بن خَالِد بن عَبْدِ اللّهِ القَسْرِيّ بقِنَّسْرِيْن ومَنْ تابَعهُما على ذلك إلى الحكم وعُثمان ابني الوَلِيدِ وهمُا مَحْبُوسَان في الحِصْن، وكان يَزيد بن الوَلِيد حَبَسَهُما فقَتَلُوهمُا، وقَتَلُوا يُوسُفَ بن عُمَر الثَّقَفِيّ، وأخِذَ عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج فقُتِلَ وصُلِبَ، وقُتِل يَزيد في خَالِد بن عَبْد اللّهِ، وصُلِبَا على باب الجابيَةِ مع ناسٍ كَثِيْر.

ولمَّا بايعَ النَّاسُ مروَان نَزَلَ على حَلَب، وكان على قِنَّسْرِيْن بِشْر بن الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، فأخَذَهُ وأخَذَ مَسْرُور بن الوَلِيدِ، وكان معهما إبْراهيم بن عَبْدِ الحمَيْدِ بن عبد الرَّحْمن فحبسهُما، وقَتَلَ إبْراهيم بن عَبْد الحمَيْد، وكِان عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج مُحَاصِراً لأهْل حِمْص يرميهم بالمجانيق، فلمَّا بلَغَهُ مَسِيْر مرْوَان رحَلَ عنهم، وسار مروَان إلى سُليْمان بعَيْن الجر، فاقْتَتَلُوا أيَّاماً وقُتِلَ منِ الفَرِيْقَين خلق حتَّى انهْزم سُليْمان وأصحابه ومَوَالِيهِ الذَّكْوَانيِّة، فدخَل سُليْمانُ دِمشْق، فعندها يُقالُ إنَّهُ قَتَلَ الحكَم وعُثْمان ابنا الوَلِيد بن يَزيد.

أنبأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسَين، عن أبي مُحمَّد عَبْد العَزِيْز بن أبي طَاهِر، قال: أخْبرَنا عَبدُ الوهَّاب الميدَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن جَرِير

(3)

، قال:

(1)

النقل عن تاريخ العظيمي الكبير، وانظر بعضه في تاريخه المختصر: تاريخ حلب 212 - 213.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 81 - 83.

(3)

تاريخ الطبري 7: 300 - 302، 311 - 312، وفي النص المثبت هنا اختصار وحوصلة.

ص: 516

حَدَّثَني أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو هاشِم مُخلَّد (a) بن مُحمَّد مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، قال: لمَّا أتَى مرْوَان مَوْتُ يَزِيد بن الوَلِيد، شَخَصَ إلى إبْراهيم بن الوَلِيد فسَارَ فيِ جُنْد الجَزِيرْة، ووجَّه إبْراهيم الجُيُوش مع سُليْمان بن هِشَام، فسَارَ بهم حتَّى نزَل عَيْن الجرِّ فالْتَقيا بها، فدَعَاهُم مرْوَان إلى الكَفِّ عن قِتَالهِ والتَّخْلِيَةِ عن ابني الوَلِيدِ: الحَكَم وعُثْمان، وهمُا في سِجْن دِمَشْق مَحْبُوسانِ، فأبَوا عليهِ، وجَدُّوا في قِتَاله، فاقتَتَلُوا فكانت هَزِيمتهم، فقتلُوا منهم نَحْواً من سَبْعة عَشر أو ثَمانية عَشر ألفاً (b)، وأتَوا مرْوَانَ من أُسَرائهم بمثْل عدَّة القَتْلَى أو أكْثَر (c)، فأخَذَ مروْانُ عليهمِ البَيْعَة للغُلَامَين: الحَكَم وعُثْمان، وكان يَزِيد بن عَبْد اللّه (d) القَسْرِيّ معهم، فهرَبَ فيمَن هَرَب مع سُليْمان بن هِشَام إلى دِمَشْق، ومضَى سُليْمان ومَنْ معه من الفَلّ حتَّى صَبَّحُوا دِمَشْق، وَاجْتمَع إليهِ وإلى إبْراهيم وإلى عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج رُؤوس (e) مَنْ معهم، وهم: يزِيد بن خَالِد القَسْرِيّ، وأبو عِلَاقَة السَّكْسَكيّ، وأبو ذُؤَالَة (f) ونُظَرَاؤهم، فقال بَعضُهم لبعضٍ: إنْ بقي الغُلَامانِ ابنا الوَلِيد حتَّى يَقْدم مروَان فيُخْرجهما من الحبْسِ ويَصِيْر الأمر إليهما لم يستَبقيا أحداً ممَّن قَتَلَ أباهُما، فالرَّأي أنْ نقتُلَهما، فوَلَّوا ذلك يزِيدَ بن خَالِد، ومعهما في الحبس أبو مُحمَّد السُّفْيَانِيّ، ويُوسُف (g) بن عُمَر، فأرْسَل إليهما يزِيد مَولَىً لخَالِدٍ يُكنَى (h) أبا الأسَد في عدَّةٍ من أصْحَابهِ، فدخَل السّجْنِ، فشَدَخَ الغُلَامين بالعُمد، وأخْرَجَ يُوسُفَ بن عُمَر فضَرَبَ عُنُقَهُ، وأرادُوا أبَا مُحمَّد ليَقْتُلُوه فدَخَل بيتاً من بيُوت السِّجْن فأغْلَقَهُ، وألْقى خلفَهُ الفُرش والوَسَائِد

(a) الضبط من الطبري وابن عساكر.

(b) تقدير القتلي بثمانية عشر ألفاً لم يرد عند الطبري.

(c) الطبري: وأكثر.

(d) هكذا في الأصل منسوباً إلى جده، ومثله في أصول ابن عساكر، وهو يزيد بن خالد بن عبد اللّه القسري.

(e) من قوله: "سليمان ومن معه

" إلى هنا، ساقط من نشرة تاريخ ابن عساكر.

(f) في الأصل بالدال المهملة. وعند الطبري 7: 302: الأصبغ بن ذؤالة الكلبي.

(g) ابن عساكر: يونس.

(h) الطبري: يقال له.

ص: 517

واعْتَمد على الباب فلم يقدرُوا على فتْحهِ، ودَعَوا بنارٍ ليَحْرقُوه، فلَم يُؤْتَوا بها، حتَّى قيل: قد دخلَتْ خَيْل مروَان المَدِينَةَ، وهَرَبَ إبْراهيمِ بن الوَلِيد، وتغيّب، وأنْهَبَ سُليْمان ما كان قي بيت المَالِ من المالِ، وقسَمَهُ فيمن معه من الجنُود، وخَرَجَ من المَدِينَة. وثَارَ مَنْ فيها من مَوَالِي الوَلِيد بن يزِيد إلى دار عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج فقَتَلُوهُ، ونَبَشُوا قبرَ يزيد بن الوَلِيدِ، وصَلَبُوه على باب الجابِيَة.

ودَخَل مَروَان دِمَشْق، فنَزَل عالية، وأُتِيَ بالغُلَامَين مَقْتُولَيْن ويُوسُف بن عُمَر، فأمرَ بهم فدُفنُوا، وأُتِيَ بأبي مُحمَّد محمولاً في كُبُوله، فسَلَّمِ عليهِ بالخِلَافَة، ومَروَان يسُلَّم عليه يَوْمئذٍ بالإمرة، فقال له: مَهْ؟! فقال: إنَّهما جَعَلاها لك بَعْدَهُما، وأنشدَهُ شِعْرا قاله الحَكَم في السِّجْن.

قال: وكانا قد بَلَغا، ووُلد لأحدهما وهو الحَكَم، وكان أكبرهمُا، والآخر قد احْتَلَم قبل ذلك بيَسِيْر، فقال: قال الحكَمُ: [من الوافر]

ألَا مَنْ مُبْلغ مَرْوَان عنِّي

وعقبى العُمْر (a) طال بذي حَنِيْنَا

بأنِّي قد ظُلمتُ وصَار قَومْي

على قتلِ الوَلِيدِ مُشَايعِيْنا (b)

أيذهَبُ كلْبُهُم بدمَي ومالي

فلا غَثًّا أصبْتُ ولا سَمِيْنا

ومروَان بأرْض بني نزِارٍ

كليثِ الغَاب مُفْترشٌ عَرينا

ألَايُحْزنْكَ قتل فَتَى قُرَيْشٍ

وشقّهُم عَصَا للمُسْلميْنَا (c)

ألَا واقْرالسَّلَام على قُريَشٍ

وقيسٍ بالجَزِيْرَة أجْمَعِيْنَا

وسَار (d) النَّاقِصُ القَدَرِيّ فينا

وألقى الحَرْبَ بين بني (e) أبِيْنَا

فلو شَهِدَ الفَوَارِسُ من سُلَيْم

وكَعْب لَم أكُن لهم رَهِيْنَا

(a) كذا في الأصل، وعند الطبري وابن عساكر: وعمي الغمر.

(b) الطبري: متابعينا.

(c) لطبري: عصِيَّ المسلمينا. ابن عساكر: عصا المسلمين.

(4)

الطبري: وساد.

(e) ابن عساكر: أبي.

ص: 518

ولو شَهدَتْ ليُوثُ بني تميْم

لَمَا بِعْنَا تُرَاثَ بني أبِيْنَا

أَتنكُثُ بيعَتي من أجل أُمّي

وقد بايَعْتُم قبليْ هجيْنا

فليتَ خُؤُولَتي في غير كلْبٍ

وكانت في ولَادَةِ آخَرِينا

فإنْ أهْلَك أنا ووَلي عَهْدِي

فمَرْوَان أَمِير المُؤْمنِيْنا

قال: ابسُط يدَكَ أُبَايعكَ، وسَمعِ مَنْ مع مروَان من أهْل الشّام، فكان أوَّلِ من نهَض مُعاويَة بن يَزيد بن حُصيْن بن نُمير ورُؤوس أهل حِمْصَ فبَايعُوهُ، فأمرَهُم أنْ يَخْتاروا لوِلَايَةِ أجْنَادهم، فاخْتَار أهْلُ دِمَشْقَ زَامِلَ بن عمرو الحِبْرَانيّ (a)، وأهْل حِمْص عَبْد الله بن شجرة الكِنْدِيّ، وأهْل الأرْدُنّ الوَلِيدَ بن مُعاوِبَة بن مروَان، وأهل فِلَسْطين ثَابتَ بن نعُيَمْ الجُذَاميِّ، الّذي كان اسْتَخْرجَهُ من سِجْن هِشَام وغَدَر به بأَرْمِينِيَة، فأخَذَ عليهم العُهُودَ المؤكَّدَة والأَيْمان المُغَلَّظة على بيعَتهِ، وانْصَرَفَ إلى مَنْزِله من حَرَّان.

ولمَّا اسْتَوَتْ لمَرْوَان الشَّامُ، وانْصَرَفَ إلى مَنزلهِ من حَرَّان، طَلَبَ الأمَانَ منهُ إبْراهيمُ بن الوَلِيدِ، وسُليْمان بن هِشَامٍ فأمَّنهما، فقَدِمَ عليه سُليْمان، وكان يَوْمئذ بتَدْمرُ، فيمَن معَهُ من إخْوَته وأهْل بيتهِ ومَوَالِيهِ الذَّكْوَانيِّة فبايَعُوا مَرْوَان.

أخْبَرَنا عُمَر بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن هِبَة اللّه بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحسُين مُحمَّد بن الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد عَبْد اللّه بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدثنَّا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(1)

، قال: وعَقَدَ -يعني الوَلِيد- لابنهِ

(a) كذا قيَّده المصنف بالحاء المهملة المؤكدة بحاء أسفله، وفي تاريخ الطبري 7: 312، وتاريخ ابن عساكر 15: 83: الجبراني.

_________

(1)

لم أقف على هذا الخبر ولا الذي يليه في كتابه المعرفة والتاريخ، وانظر تاريخ ابن عساكر 15:80، 40:41.

ص: 519

الحَكَم بن الوَلِيد واسْتَعْمَلهُ على دِمَشْقَ، وعَقَد من بَعْد الحَكَم لابنهِ عُثْمان بن الوَلِيدِ واسْتَعْمَلهُ على حِمْصَ.

وقال: حَدَّثنا يَعْقُوب بن سُفْيان، قال: قال ابنُ بُكَير قال اللَّيْثُ: وفي سَنَة سَبع وعشرين ومائة قُتِلَ الحَكَم، يَعْني ابن الوَلِيد.

‌الحكَمُ بن هِشَام بن عبد الرَّحْمن، أبو مُحمَّد الثَّقَفِيّ العَقيلى، من آل أبي عَقِيْل، الئَّقَفِيّ الكُوْفيّ

(1)

حَدَّثَ عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، ويُونُس بن عُبَيْد، وعَبَّاد بن مَنْصُور، ويَحْيَى بن سَعيد بن أبَان، وقَتَادَة، وحَمَّاد بن أبي سُليْمان، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وشَيْبَة بن المُسَاوِر، وأبي إسْحاق الهَمْدانِيّ، وهِشَام بن عروَة، ومَنْصُور بن المُعتَمِر.

رَوَى عنهُ عَبْد اللّه بن صالح بن مُسْلِم العِجْليّ، وعبد اللّه بن عَبْد المَلِك الجمُحِيّ، وهِشَام بن عمَّار، ومُحَمَّد بن عَائِذ، ويَحْيَى بن يَمَان، وإسْحَاق بن مَنْصُور، والوَلِيد بن مُسْلم، ويُوسُف بن أبي أُمَيَّة الثَّقَفِيّ، وكَثِيْر بن هِشَام، وعَبْد اللّه بن يُوسُف، والهَيْثَم بن خارجَة، وأبو مُسْهِر، ومُحمَّد بن الصَّلْت، وعَبْد الرَّحمن بن علقَمَة المَرْوَزيّ، ويَعْقُوب القُمِّيّ، وأبو النَّضْر إسْحاق بن إبرْاهيم القُرَشِيّ، وكان

(1)

توفي بعد سنة 170 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 2: 341، تاريخ الثقات للعجلي 127 - 128، الجرح والتعديل 3: 130، الثقات لابن حبان 6: 187، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 95 - 96، الإكمال لابن ماكولا 6: 340 - 341، تاريخ ابن عساكر 15: 83 - 90، تهذيب الكمال 7: 155 - 159، تاريخ الإسلام 4: 606 - 607، الكاشف 1: 247، ميزان الاعتدال 1: 582، الوافي بالوفيات 13: 121 - 122 (وفيه: العُقيلى، بالضمّ)، تهذيب التهذيب 2: 443 - 444، تقرب التهذيب 1: 193، لسان الميزان 2: 340، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 415 - 416.

ص: 520

مُؤاخِيًا لأبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، وِكان يَتَّجرُ من الكُوفَة إلى الشَّام، وقَدِمَ حلَبَ، وحَكَى حِكايَةً جَرت له بها مع رجُلٍ سَأله عن أبي حَنِيْفَة (a).

قال (b): أخْبَرَنا أبو مُحمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ بن شَاهِين، قال: حَدثَنا مُحمَّد بن مُحمَّد بن سُلَيمان البَاغَنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثنا الحَكَم بن هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن عمُير، عن أبي بُرْدَة بن أبي مُوسَى، وأبي بَكْر بن أبي مُوسىَ، عن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ، قال: سَافَرنا مع رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم ليلَةً فعرَّس فعَرَّسْنَا، فتعَارّ من اللَيِل، فأتيتُ مضجَعهُ، وجاء رجُل آخر من المُسْلِمِيْن، فالْتَقَيْنا عند مَضْجعِه فلَم نَره، فشَقَّ ذلك الأمْر علينا، فإذا نحنُ بهَزِيْرٍ كهَزِيْر الرَّحَى، قال: فأتيناهُ فلقيْنا النبَّي صلى الله عليه وسلم فقال: ما شَأنكمُ؟ فقُلْنا: يا رسُول اللّه، تعَارنا (c) من اللَيل فأَتينا مَضْجعكَ فلَم فى نركَ فيهِ، فشقّ ذلك علينا، لخشِيْنا أنْ يكُون قد عَضَّتْك هَامَة أو سَبعُ، قال: فقال: أتاني آتٍ من رَبِّي عز وجل فخَّيَرَني أنْ يَدْخُل نصْف أُمَّتِي الجنَّة وبين الشَّفَاعَةِ، فاخْترتُ الشَّفَاعَة، فقُلْنا: يا رسُول اللّه، اجْعَلْنا ممَّن تشْفَع (d) له، فقال: أنتم -يعني- ممَّن أشْفَع له، قُلنا: أوَلا تُبَشِّر (e) النَّاس، بها يعني؟ قال: فبَشَّر النَّاس وابتَدَروا الرِّجال، فلما كَثُرَ على رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم، قال: هي لمَن ماتَ لا يشرك باللّهِ شيئاً.

قال ابنُ شَاهِين: تفَرَّدَ بهذا الحَديْث الحَكَم بن هِشَام، عن عَبْد المَلِك بن عمُير. وهو حَدِيث غَرِيْب ما سمعْنَاهُ إلًّا منهُ، والحَكِم بن هِشَام رجُل من أهْلِ

==

(a) بعده في الأصل بياض يستغرق نصف الصفحة، وكامل التي تليها.

(b) كذا في الأصل أثبت ابن العديم الرواية غفلاً من السند في روايتها، وهي عند ابن عساكر في تاريخه 15: 84 - 85 بما أخبره

به أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، عن الجوهري.

(c) ابن عساكر: تعاررنا.

(d) ابن عساكر: يشفع.

(e) ابن عساكر: نبشر.

ص: 521

الكُوفَة كان يتَّجِرُ إلى الشَّام، وهو ثِقَةُ، كذلك حَدَّثنا إلإصْطَخْرِيّ عن عبَّاسٍ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: الحَكَم بن هِشَام كُوْفيّ ثِقَة.

أنبأنَا أبو مُسْلم الهَمْدانِيّ، قال: أجَازَ لنا جَدِّي شهرَدَار بن شِيْرُويه الدَّيْلمَيّ، أبو مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج الأصبَهَانِيّ بها إذْناً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين الإسْكَاف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو مُحَمَّد الحَارِثِي، قال: حدَّثنا محمَّد -يعني ابن منصور- قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم، قال: حَدَّثنا عليّ بن عِيسَى، عن عَبْد الله بن صالح، عن الحَكَم بن هِشَام، قال: قَدمْتُ حَلَبَ فجاءني رجُلُ، فقال لي: صِفْ أبا حَنِيْفَة، فإنّي لا أزالُ أرَى رَجُلاً يمدحُه وآخر يَذُمُّهُ. فنقُلْتُ: لأصفَنَّ لك صفَتَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، كان أبوحنيفة لا يكفر أحداً حتَّى يَخْرُج من الباب الّذي دَخَل فيهِ، وكان نَاصحاً لمَن كان له مُحبًّا أو مُبْغِضاً، وكان عظيمِ الأمَانَةِ، مات وعنده من الوَدَائع ما لا يُحصَى، وخيَّره السُّلْطان على أنْ يُوْجع ظَهْرهُ وبَطْنه أو يَجْعَل مَفَاتيح خَزَائن الأمْوَال بيَدِه، فاخْتَار عَذَابَهُ على عَذَاب الآخرة.

أنبأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، عن أبي القَاسِم في السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحمَّد بن الحسُين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن يُوسُفَ، قال: حَدَّثنا الحكم بن هِشَام الثَّقَفِيّ من آل أبي عَقِيْل، شَاميِّ.

قُلتُ: هو كُوْفيٌّ، وإنَّما قال إنّهُ شَاميِّ لأنَّهُ سَكَنَ دِمَشْقَ.

وقال شَيْخُنا أبو حَفْص: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه بن الحَسَن بن البنَاء، عن عليّ بن محمد، عن مُحَمَّد بن العباس، قال: أخبرنا محمد بن القاسِم، قال: حدثنا ابن

(1)

المعرفة والتاريخ 2: 463، وفيه:"ثقفي من آل أبي عقيل".

ص: 522

أبي خَيْثَمَة، قال: أخْبَرَنا سُليْمان -يعني ابن أبي شَيْخ- عن عَبْد اللّه بن صالح بن مُسلم، قال: كان الحَكَم بن هِشَام كُوفِيًّا يَخْرُج إلى دِمَشْق ويأخُذُ عَطَاءه فيما هناكَ، ثمّ يَرْجع إلى الكُوفَة. قالب: وسَمعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: الحكم بن هِشَام الّذي يروي عن عَبْد المَلِك كُوْفيّ ثِقَة.

أنبأنَا أبو القَاسِم بن مُحمَّد القَاضِي، قال: كَتَبَ إليْنا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر الشّحَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحسن بن السَّقَّاء، وأبو مُحمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدثنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصَمَّ، قال سَمَعْتُ عبَّاس بن مُحَمد يَقول: سَمِعْتُ يَحيْي بن مَعِيْن

(1)

يَقُول: الحكم بن هِشَام كُوْفيّ يُحًدِّثُ عن عَبْد المَلِك بن عمُير، وهو ثِقَة.

قال: وأخْبَرَنا أبو الحسَن بن السَّقَّاء وحْده، قال: حَدثنَّا أبو العبَّاس، قال: سَمِعْتُ العبَّاس يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: الحكم بن هِشَامٍ ثَقَفيّ من آل أبي عَقِيْل، يَرْوي عنه أبو مُسْهِر وغيره.

أنبأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم الخَطِيبُ، قال: أنبأنَا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقفيّ، عن عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: الحكم بن هِشَام الثَّقفَيّ العَقِيْلِيّ، من آل أبي عَقِيْل، كُوفيّ وقَعَ إلى دِمَشْق، أبو مُحمَّد، رَوَى عن قَتَادَة، وحَمَّاد بن أبي سُليْمان، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وهِشَام بن عروَة. رَوَى عنهُ يَعْقُوب القُمِّىِّ، ويَحْيَى بن اليماَن، وكَثِيْر بن هِشَامٍ، وإسْحَاق بن مَنْصُور، وعبد اللّه بن يُوسُف، وأبو النَّضْر الدِّمَشقيّ، وعَبْد الرَّحمن في عَلْقَمَة المَرْوَزيّ، وهِشَام بن عمَّار. سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. ورَوَى عن أبي إسْحاق الهَمْدانِيّ، ومَنْصُوربن مُعْتَمِر، ويُونسُ بن عُبيد، وسُفْيان الثَّوْرِيّ.

(1)

تاريخ يحيى بن معين 3: 272.

(2)

الجرح والتعديل 3: 130.

ص: 523

أخْبَرَنا ابن أبي خَيْثَمَة في كتابهِ إليَّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: الحَكَم بن هِشَام الّذي يَرْوي عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر كُوْفيٌّ ثِقَةٌ. سُئِلَ أبو زُرْعَة عن الحَكَم بن هِشَام فقال: لا بَأْسَ بهِ.

وقال مَسْعُود في الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي بَكْر الخَطِيب

(1)

، قال: الحَكَمُ بن هِشَام أبو أحْمَد الثَّقَفِيّ، من آل أبي عَقِيْل، كُوْفيٌّ وَقَع إلى دِمَشْق، وحَدَّثَ عن أبي إسْحاق السَّبِيْعِيّ، وقَتَادَة، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وحمَّاد بن أبي سُلْيمان، ويُونُس بن عُبَيْد، وهِشَام بن عُرْوَة، والثَّوْرِيّ. رَوَى عنهُ يَعْقُوب القُمِّيّ، ويَحْيَى بن يَمَان، وكَثِيْر بن هِشَام، وعبد الله في يُوسُف التِّنِّيْسِيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وغيرهم.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا

(2)

، قال: أمَّا العَقِيْلِيّ -بفَتْح العَيْن- فهو الحَكَم بن هِشَام، أبو مُحمَّد (a) الثَّقَفِيّ، من آل أبي عَقِيْل، كُوفيٌّ، وذَكَرَ كما قال الخَطِيبُ سَواء، غير أنَّهُ قال بَدَل: رَوَى عنهُ، حَدَّثَ عنه.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبَيْد الله بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن خارِجَة، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن هِشَام الكُوْفيّ، قال: كان سَعيد بن العَاص يقول لبَنيه: تعلَّمُوا الشِّعْر، قال الهَيْثَم: وكان الحَكَم بن هِشَام منِ وَلدِ سَعيد بن العَاص، قال: وكان يَقُول: ومَنْ مثْل الحَجَّاج تَزَوَّج أرْبَعيْنَ من قُرَيْش!؟.

(a) في الأصل: أبو أحمد، وتقدم في رواية الخطيب البغدادي مثله، والمثبت من إكمال ابن ماكولا؛ مصدر النقل.

_________

(1)

لم يترجم له الخطيب في تاريخ بغداد، ولم أقف على كلامه في ثنايا تاريخه ولا في كتابه الجامع لأخلاق الراوي.

(2)

الإكمال 6: 340.

ص: 524

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الكريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن هَارُون الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا حُوَيْت بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن وَهْب، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن هِشَام العَقِيْلِيّ، وكان من الثِّقَات، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن عُمَيْر فذَكَرَ حَدِيثًا.

وقال أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ: قُلْتُ لأبي حَاتِم: ما تقُول في الحَكَم بن هِشَام يُحَدِّثُ عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْرٍ؟ قال: هو ثَقَفيٌّ كُوْفيٌّ يُكْتَب حَدِيثهُ ولا يُحْتَجُّ بهِ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَةِ الله إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليُّ في الحَسَن

(1)

، قال: الحَكَم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمن أبو مُحَمَّد الثَّقَفِيّ العَقِيْلِيّ، من آل أبي عَقِيْلٍ الثَّقَفِيّ الكُوْفيّ، سَكَنَ دِمَشْقَ، وحَدَّثَ عن قَتَادَة، وعَبْد المَلِك في عُمُيْر، وحَمَّاد بن أبي سُليْمان، وأبي إسْحاق الهَمْدانِيّ، ومَنْصُور بن المُعْتَمِر، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وهِشَام بن عُرْوَةَ، ويُونُس بن عُبَيْد، ويَحْيَى بن سَعيد بن أبَان، وشَيْبَة بن المُسَاوِر، وعَبَّاد بن مَنْصُور.

رَوَى عنهُ عَبْدُ الله بن عَبْد المَلِك الجُمَحِيّ، وعبد الله بن يُوسُف، وأبو النَّضْر إسْحاق بن إبْرإهيم القُرَشِيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن، ومُحَمَّد بن عَائِذ، ويَعْقُوب القُمِّيّ، ويَحْيَى بن يَمَان، وكَثِيْر بن هِشَام، وإسْحَاق بن مَنْصُور، وعَبْد الرَّحمن بن عَلْقَمَة المَرْوَزيّ، والوَلِيد بن مُسْلِم، ومُحَمَّد بن الصَّلْت، ويُوسُف بن أبي أُمَيَّة الثَّقَفِيّ، والهَيْثَم بن خارِجَة.

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 83 - 84.

ص: 525

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: قَرَأنا على أبي غَالِب، وأبي عَبْد الله ابْنَي البَنَّاء، عن عليّ بن مُحَمَّد، عن أبي عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان -يعني ابن أبي شَيْخ- ح.

وأخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ بن كَرْتِيْلَا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد الخَيَّاط، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن عَبْد الله السُّوسَنْجِرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن أبي طَالِب عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو مُحَمَّد بن مَرْوَان بن عُمَر السَّعِيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن سُلَيمان أنَّ سُليْمان بن أبي شَيْخ حدَّثَهُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن صالح العِجْلِيّ، قال: أقْبَل الحَكَم بن هِشَام الثَّقَفِيّ يُريد مَنْدَلًا، فلمَّا دَنَا منهُ، قال أصْحَابُ مَنْدَلٍ: نُكَلِّمُه؟ قال: دَعُوه، فلمَّا جَلَسَ قالوا له: يا أبا مُحَمَّد، ما تقُول في عُثْمان؟ قال: كان والله خِيَارِ الخِيْرَة، أمير البَرَرة، قَتِيْل الفَجَرة، مَنْصُور النَّصَرَة، مَخْذُول الخَذَلة، أمَّا خَاذِلهُ فقد خَذَلهُ اللهُ، وأمَّا قَاتِلهُ فقد قَتَلَهُ الله، وأمَّا نَاصِرهُ فقد نَصَرهُ اللهُ، ما تقولُون أنتم؟ قالوا: فعليٌّ خَيْر أم -وقال ابنُ كَرْتِيْلَا: أو- مُعاوِيَة؟ فقال: بل عليّ خَيْرٌ من مُعاوِيَة، قالوا: فأيُّهما كان أحَقّ بالخِلَافَة؟ قال: مَنْ جَعَلَهُ الله خَلِيفَة فهو أحَقُّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر ومُحَمَّد بن الحَسَن، ح.

وأنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 87 - 88.

ص: 526

الحُسَين بن جَعْفَر، قالا: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي أحْمَدُ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبي عَبْدُ الله، قال: قال رَجُلٌ للحَكَم في هِشَام: ما تقُول في مُعاوِيَة؟ قال: ذاك خال كُلّ مُؤمنٍ، قال: ما تقُول في عُثْمان؟ قال: كان واللهِ مَنْصُور النَّصَرَةِ، مَخْذُول الخَذَلةِ، مَقْتُول القَتَلَة، أمير النُّور.

قال: وحَدَّثَني أبي أحْمَد

(2)

، قال: حَدَّثني أبي عَبْد اللهِ، قال: جاء يَوْمًا يَشْتَري سَمَكًا، فاسْتَعانَ برَجُلٍ يَشْتري له، فقال له السَّمَّاكُ: انْظُر أصْلحكَ اللهُ أيّ شَحْم في بَطْنها؟ قال: ظُلم تقُول إنَّا اسْتَعنَّا بهذا عليك ليَكْفِينا مَؤُونتَك. وكان فَقِيْرًا، وكان يُدْعى إلى الطَّعَام وهو جَائِعٌ، فيَلْبَسُ مطْرَفَ خَزٍّ له قَدِيم ثمّ يَدْخُل العُرْسَ فيُبَارك ولا يَأكُل عزَّة نَفْسٍ. وكان الحَكَمُ بن هِشَام عَسِرًا في الحَدِيْثِ، فلمَّا جاءهُ (a) ابن المُبارَك انْبَسَط إليه وحدَّثه، وكان مُؤاخِيًا لأبي حَنِيْفَة.

قال صالح: قال أبي

(3)

: الحَكَمُ بن هِشَامٍ الثَّقَفِيّ من أنْفُسِ ثَقِيف، وكانَ ثِقَةً. وكان يَقُول (b): إنَّما كان هذا المِنْبَر مَجْلِسَ الحَيّ -يعني مِنْبَر (c) الكُوفَة- لكَثْرة من وليَهُ من ثَقِيف. ورَوَى عن قَتَادَة، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر.

أخْبَرَنا أحْمَد بن أزْهَر بن عَبد الوَهَّاب السَّبَّاك في كتابه، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي، عن أبي بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيب

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن شُعَيْب الرُّويَانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال:

(a) العجلي: جاء.

(b) العجلي: كان يقول لنا.

(c) في الأصل: مسير، والتصويب من كتاب العجلي وابن عساكر 15:89.

_________

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 127 - 128، وانظر: تاريخ ابن عساكر 15: 88.

(2)

العجلي: تاريخ الثقات 127 - 1128، وابن عساكر 15:89.

(3)

العجلي: تاريخ الثقات 127، ونقله ابن عساكر 15:89.

(4)

الخطيب البغدادي: الجامع لأخلاق الراوي 1: 99.

ص: 527

حَدَّثَنَا مُحَمَّد في السِّمْط بن الحَسَن الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْرٍ رَجَاء بن سَهْل الصَّغَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر، قال: كُنَّا عند الحَكَم بن هِشَام العَقِيْلِيّ، وعندَهُ جَمَاعَةٌ من أصْحَاب الحَدِيْثِ، قال: فقال: إنَّهُ مَنْ أغْرَق في الحَدِيْث فليُعِدَّ للفَقْرِ جِلْبَابًا فليَأخُذ أحدُكُم من الحَدِيْثِ بقَدْر الطَّاعَة، وليَحْتَرف حذرًا من الفَاقَةِ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بِن إبْراهيم بن أحْمَد المَقْدِسِيّ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد الإِبَرِيّ، قالت (a): أخْبَرَنا طَرَّادُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان علىُّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الجَوْزِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَني القَاسِم بن هاشِم، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْد الحَميْد الطَّائيّ، قال حَدَّثَنَا هِشَام بن الكَلْبيّ، قال: قال الحَكَمُ بن هِشَامٍ لابن ابن له (b)، وكان يَتَعاطَي الشَّرَاب: أي بنيَّ، إيَّاكَ والنَّبِيْذ؛ فإنَّهُ قَيءٌ في شدْقِكَ، وسَلْحٌ على عَقِبكَ، وحَدٌّ في ظَهْركَ، وتكُون ضُحْكَةً للصِّبْيَان، وأميرًا للذُبَّان (c).

‌الحَكَمُ، وَالدُ شُعَيْب بن الحَكَم

كان بِدَابِق حين وَلي عُمَر بنُ عَبْد العَزِيْز الخِلَافَة، حَكَى عن عُمَر، رَوَى عَنْهُ ابنُه شُعَيْب بن الحَكَم الشَّاعر.

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن أبي مَنْصُور جَعْفَر بن عَبْد اللهِ الدَّامَغَانِيّ إذْنًا، وقَرَأتُ عليه إسْنَادَهُ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتَار بن مُحَمَّد بن المُؤيَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن المُذْهِب، قال:

(a) الأصل: قال.

(b) رسائل ابن أبي الدنيا: لابن له.

(c) مهملة في الأصل، والإعجام من رسالة ابن أبي الدنيا وتاريخ ابن عساكر 15: 89، وتهذيب الكمال للمزي 7:158.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة ذم المسكر) 1: 1249.

ص: 528

أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني الوَلِيد بن شُجاع، قال: حَدَّثَني مُبَشِّر - يعني الحَلَبِيّ - قال: حَدّثني شُعَيْب بن الحَكَم الشَّاعر، عن أَبِيهِ، قال: رأيْتُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رحمه الله، بمَسْجِد دَابِق حين دُعِيَ ليُبَايَعَ له، فمرَّ إلى جَانبي وإنَّ عليه لمطْرَف خَزٍّ وكِسَاءٍ خَزٍّ، وهو يَقُول: اللهُ المُسْتَعانُ، اللهُ المُسْتَعان!.

‌حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ بن كِلَاب بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَي بن غالب، أبو خَالِد القُرَشِيُّ الأسَدِيُّ

(1)

صَحِبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ سَعيد بن المُسَيَّب، ومُحَمَّد بن سِيْرِيْن، وعُرْوَةُ بن الزُّبَيْر، وعَطَاء بن أبي ربَاح، ومُوسَى بن طَلْحَة، والمُطَّلِب بن

(1)

توفي سنة 54 هـ، وقيل: 60 هـ، وترجمته في: الطبقات الكبير لابن سعد 6: 50 - 56، طبقات خليفة 13 - 14، تاريخ خليفة 90، 177، 223، الزبير في بكار: جمهرة نسب قريش 1: 366 - 396، المحبر 176، 473، تاريخ أبي حفص الفلاس 488، الجاحظ: البيان والتبيين 3: 196، تاريخ البخاري الكبير 3: 11، والتاريخ الصغير 102، 119 - 120، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 5: 63 - 66، تاريخ الطبري 2: 336، 370، 437 - 444، 3: 50 - 55، 90، 4: 359، 412 - 413، تاريخ الثقات للعجلي 128 - 129، المعارف 311، المسعودي: مروج الذهب 3: 90، التنبيه والإشراف 51، 210، الجرح والتعديل 3: 202، الثقات لابن حبان 3: 70 - 71، مشاهير علماء الأمصار 31، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 62 - 63، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 121 - 127، الاستيعاب 1: 362 - 363، ابن ماكولا: الإكمال 2: 415 - 416، تاريخ ابن عساكر 15: 93 - 130، ابن الجوزي: صفة الصفوة 1: 725 - 727، ابن الجوزي: المنتظم 5: 268 - 273، تهذيب الكمال 7: 170 - 192، ابن الأثير: الكامل 2: 87 وما بعدها، 3: 162، 180، 4: 44، 5: 611، أسد الغابة 2: 40 - 42، تاريخ الإسلام 2: 484 - 485، العبر في خبر مَن غبر 1: 43، الإعلام بوفيات الأعلام 38، سير أعلام النبلاء 44:3 - 51، الكاشف 1: 248، الوافي بالوفيات 13: 130 - 131، الإصابة 2: 32 - 33، لسان الميزان 2: 342 - 343، تهذيب التهذيب 2: 447 - 448، تقريب التهذيب 1: 194، شذرات الذهب 1: 254، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 416 - 425، الزركلي: الأعلام 2: 269.

ص: 529

حَنْطَب المَخْزُوميّ، وعبد الله بن عُرْوَة ابن بِنْتهِ، وصَفْوَان بن مُحْرِز، وعِرَاك بن مَالِك، وسُليْمان بن أبي خَيْثَمَة، ويُوسُف بن مَاهَك، ويُوسُف بن مِهْرَان، وعبد الله بن الحَارِث، وأبو حَبِيْبَة مَوْلَى الزُّبَيْر.

وقيل: إنَّهُ شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه. وقيل: إنَّهُ غَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة في زَمَن مُعاوِيَة مع ابنهِ يَزِيد بن مُعاوِيَة.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضل الأنْصَاريّ الحَرَسْتَانِيّ، بقِرَاءَتي عليه، قُلْتُ لهُ: أخْبرَكُم أبو مُحَمَّد طَاهِر بن سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ فأقَرَّ بهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مَكِّيّ بن عُثْمان بن عَبْد اللهِ الأزْدِيّ المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن العبَّاس الإِخْمِيْمِيّ، بانْتِقَاء أبي مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد بن عليّ الأزْدِيّ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الوَلِيد القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّاب، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عن عَطَاء بن أبي رَبَاح، عن حَكِيم بن حِزَامٍ، قال: كُنْتُ أشْتَري الطَّعَامَ فنَهَاني رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أَبِيْعَ الطَّعَام حتَّى أقْبضَهُ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(1)

، قال: وحَدَّثَنَا مُعَاذ بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن مِسْكِين (a)، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، قال: أخْبَرَني جَعْفَر بن إِيَاسٍ، قال: سَمِعْتُ يُوسُفَ بن مِهْرَان يُحَدِّثُ عن حَكِيم بن حِزَام، قال: قُلتُ: يا رسُول الله، يأتيني الرَّجُل يَطْلبُ

(a) الغيلانيات: مسكن.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 111، ولم أقف عليه من طريق جعفر بن إياس، وانظر تخريجه من طريق أبي بشر في الرواية بعده.

ص: 530

منِّي البيع وليس عندي أفأشْتَريهِ له؟ فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَبِعْ ما ليسَ عندَكَ.

هكذا قال: يُوسُفُ بن مهْرَان

(1)

.

وقال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا ابن يَاسِيْن، قال: حَدَّثَنَا بُندَار، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن أبي بِشْرٍ، قال: سَمعْتُ يُوسُفَ بن مَاهَك يُحَدِّثُ عن حَكِيمٍ بن حِزَام، قال

(3)

: بايَعْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم على أنْ لا أَخِرِّ إلَّا قائمًا، قال: قُلتُ: يا رسُول الله، الرَّجُل يسألُني البيع وليسَ عندي أفأبيعهُ؟ قال: لا تَبِع ما ليسَ عندَك (a).

أنبأنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد وأبي عَبْد اللهِ يَحْيَى ابني الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفر بن المُسْلِمَة، قال: أخبَرَنا أبو طاهِر المُخلِّص، قال: أخبَرَنا أحمد بن سليمان، قال: حَدَّثَنا الزبُّير بن بَكَّار

(4)

، قال: وولد حِزَام بن خُوَيْلِد حَكِيمًا وخَالِدًا وهِشَامًا، وأُمُّهم فَاخِتَةُ بنْتُ زُهَيْر بن الحارِث بن أسَد بن عَبْدِ العُزَّى.

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

هذا كلام أبي بكر الشافعي، وليس ابن العديم، ومراده أن الصواب: يوسف بن ماهك كما هو في الإسناد بعده.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)111.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة 4: 316 (رقم 20492)، سنن ابن ماجة 2: 737 (رقم 2187)، سنن أبي داود 3: 768 - 769 (رقم 3503)، الجامع الكبير للترمذي 2: 514 (رقم 1232)، سنن النسائي 8: 289 (رقم 4613)، المعجم الكبير للطبراني 3: 217 - 219 (رقم 3097 - 3106)، شرح السنة للبغوي 8: 140 (رقم 2110).

(4)

الزبيري: نسب قريش 231، وانظر تفصيل ذكر ولد حكيم في جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار 1: 388 - 396.

ص: 531

وقال ابنَا البَنَّاء: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيدٍ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّدُ بن الحُسين، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَيْثَمَة، قال: أخبَرَنا مُصْعَبُ بن عَبْدِ اللهِ

(1)

، قال: حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزّى، أسْلَم يَوْم الفَتْح، وشَهِدَ مِع رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حُنَينًا مُسْلمًا، وكان حِكِيِم بن حِزَام نَجَا يوْم بَدْر، فكان حَكِيم إذا حلَفَ بَمِينٍ قال: لا والّذي نَجَّاتي يَوم بَدر.

أنبَأنَا الحافِظُ أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المقدِسِيّ، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد المَلِك بن بَشكُوَال في كتابهِ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عمران بن أبي تَلِيْد إجَازَهً، قالا: أخبَرَنا أَبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِمِ خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخبَرَنا أبو عليّ سَعيدُ بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا عباس التَّرقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، عن أَبِيهِ، عن المُنذِر بن عَبْد الله، عن مُوسَى بن عُقْبَة، عن أبي حَبِيْبَةَ مَوْلَى الزُّبَير، قال: سَمِعتُ حَكِيم بن حِزَامٍ يَقُول: وُلدْتُ قبل الفِيْل بثلاث عشرة سَنَة (a).

أخبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله إذْنًا، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أنَبأنَا أبو سَعْد المُطَرِّز، وأبو عليّ الحَدَّادُ، قالا: أخبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس السَّرَّاج، قال: أخْبرَني أبو يُونُس، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المنذِر، قال: حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى، وأُمُّهُ فَاخِتة بنْتُ زُهَيْر بن الحارِث بن أسَد بن عَبْد العُزَّى، يُكْنَى أبا خَالِد، ماتَ سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين وهو ابنُ مائةٍ وعشرين، وُلِدَ قبل الفِيْل بثَلاث عَشرة، ومات بالمَدِينة.

(a) الأصل: بثلاثة عشر سنة، وفوقها "صـ".

_________

(1)

نسب قريش 231.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 95.

ص: 532

أنبَأنا أبو اليُمن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّويَه قال: أخبَرَنا أحْمَدُ بن معَروف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة من بَني أسَد بن عَبْدِ العُزَّى: حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن عَبْدِ العُزَّى بن قُصَيّ، وأُمُّهُ أُم حَكِيم بنتُ زُهَيْر بن الحارِث بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ. قال مُحَمَّد بن عُمَرَ: وشَهِدَ حَكِيم بن حِزَام مع أبيهِ الفِجَار، وقُتِلَ أبُوهُ حِزَام بن خُويْلِد في الفِجَار الآخرة، وكان حَكِيم يُكْنَى أبا خَالِد، وقَدِمَ حَكِيم بن حِزَام المَدِينَةَ، ونَزَلَها، وبَني بها دارًا عند بلاطِ الفَاكهَةِ عند زُقَاق الصَّوَّاغِيْن، وماتَ بالمَدِينَة سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين في خِلَافَة مُعاوِيَة بن أَبي سُفْيان، وهو ابنُ عشرين ومائة سَنَة.

أنبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخبَرَنا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: في الطَّبَقَةِ الرَّابِعةِ ممَّن لَقِيَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بالطَّريق وأسْلمَ قبل أنْ يَدْخُل مَكَّة - يعني عام الفَتْح - حَكِيم بن حِزَام بنِ خُويْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ، يُكنَى أبا خَالِد، ماتَ بالمدِينَة سَنَة أرْبَعٍ وخَمسِين، وهو ابنُ مائةٍ وعشرين سَنَة، وله دَارٌ بالمَديِنَة عند بلاطِ الفَاكِهَة عند زُقَاقِ الصَّوَّاغِيْن.

أخبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقدِسيّ في كِتابه إليَّ من الإسْكَنْدَرِيَّة، عن أبي القَاسِم بن بشكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي

(1)

طبقات ابن سعد (الجزء المتمم، نشرة الخانجي) 6: 50، 56.

(2)

طبقات ابن سعد 6: 50، 56.

ص: 533

تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ

(1)

، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قصيّ بن كلَاب بن مرَّة بن كَعْب بن لُؤَي بن غالب، أبو خَالِد الأسَدِيّ، حجِازيّ مَدِيني، يُقالُ إنَّهُ عاشَ في الجَاهِلِيّةِ ستِّين سَنَةً، وفي الإسْلَام ستِّين سَنَة، أُمُّهُ فَاخِتَةُ بنتُ زُهَيْر بن الحارِث بن أسَد، ماتَ سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين.

أخبرِني مُحَمَّد بن أبي عَوَانَة، قال: حَدَّثَنَا سُليمان بنُ سيفٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن بَزيع، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: ومنهم حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ بن كِلَاب بن مُرَّة في كَعْب بن لُؤَي بن غالب بن فِهْر بن مَالِك بن النَّضْر بن كنانَة.

قال ابن السَّكَن: وكان إسْلَامُهُ في سَنَة ثمانٍ من الهِجْرَة، ويُقال: هو من مُسْلمة الفَتْح، وكان لحَكِيم من الوَلدِ: عَبْد الله، وخَالِد، ويَحْيَى، وهِشَام، أدْرَكُوا النَّبَّي صلى الله عليه وسلم كُلّهم، وأسْلَموا يَوْم الفَتْح، وصَحِبُوا رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابنُ إسحاق: كان حَكِيم من المُؤَلفةِ، فأعْطَاهُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من غَنَائم خَيْبَر مائةً من الإِبِل.

وقال ابنُ السَّكَن: أخبَرَنا الحُسَين بن إسمَاعِيْل بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عُروة، قال: أخْبَرَني أبي

(2)

: أنَّ حَكِيم بن حِزَام أعْتقَ في الجَاهِلِيَّةِ مائةَ رَقَبةٍ، وحَمَل على

(1)

بعضه في الاستيعاب 1: 362.

(2)

صحيح مسلم 1: 113 - 114 (رقم 194 - 195)، ابن سعد في الطبقات الكبير 6: 53، البخاري: الأدب المفرد 25 (رقم 36)، الطبراني: المعجم الكبير 3: 213 - 214 (رقم 3084 - 3089)، صحيح ابن حبان 2: 37 - 38 (رقم 329)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 3:301.

ص: 534

مائة بَعِيْر، فلمَّا أسْلَم حَمَل على مائة بَعِيْر وأعْتقَ مائة رَقَبةٍ، قال: فسَألتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقُلتُ: يا رسُول اللّه، أشْيَاء كنتُ أصْنَعُها في الجاهِلِيَّة أتَحنَّثُ بها - يعني أتَبَّرَرُ بها - فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أسْلَمتَ على ما سَلَفَ لك من خَيْر.

أنبَأنَا أبو اليُمن الكِنْدِيّ، قال: أخبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، ومُحَمَّد بن الحَسَن، ح.

وأخْبَرَنا الحافِظُ أبو الحَسَن عليِّ بن المُفَضَّل في كتابهِ من الإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخبَرَنا ثَابتُ بن بُندَار، قال: أخبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قالا: أخبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر، قال: أَخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: أخبَرَنا صالح بن أحْمَد بن صالح، قال: حَدَّثني أبي أحْمَد

(1)

، قال: حَكِيم بن حِزَام بن خوَيْلِد الأسَدِيّ من أصحَاب النَّبَّي صلى الله عليه وسلم، وعَمَّته خَدِيجَة، وابنُه هِشَام بن حَكِيم.

أنبأنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ الله القَاضِي، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أنبَأنَا أَبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن عليّ بن الآبِنُوسِيّ. وأخْبرَني أبو الفَضْل بن نَاصِر عنه، قال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوهَرِيّ، ح.

وأنبَأنَا أبو اليُمن الكندِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عبد البَاقِي، عن أبي مُحَمَّد الجَوهَرِيّ، قال: أخبَرَنا أَبو الحُسَين بن المظَفَّر، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ الله بن عبدِ الرَّحيم، قال: ومن بَني أسَد بن

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 128، ولم يرد فيه قوله:"وعمته خديجة وابنه هشام بن حكيم".

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 96.

ص: 535

عَبْد العُزَّى بن قُصَيِّ بن كِلَاب بن مرُّة: حَكِيم بن حِزَام بن خُوَيلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى، وأُمُّهُ زيْنَبُ، ويُقال: فَاخِتَةُ بنتُ زُهَيْر بن الحارِث بن أسَد، وأُمهُّا سلمَى بنت عَبْد مَنَاف بن عَبْد الدَّار بن قُصَيّ، يُكْنَى أبا خَالِد، وكان إسْلَامُهُ يَوْم الفَتْح، وكان من المُؤَلَّفةِ (4)، أعطاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من غَنَائم حُنَيْن مائةَ بَعِيْر، فيما ذَكَرَ ابن إسْحاق.

وَلَدُ حَكِيم بن حزَام: أُمّ هِشَام، وهِشَام، وخَالِد، ويَحْيَى، وعبد الله، وأُمّ سُميَة، وأم عَمْرو؛ فذلك [سَبْعَة](b)، وماتَ سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين بالمَدِينَةِ وهو ابنُ عشرين ومائة، ويُروْى عنه أنَّهُ قال: وُلِدْتُ قبل الفِيْل بثلاث عَشرة.

أخبَرَنا أبو الفُتُوح نصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كتابهِ من مَكَّة، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن عَبْد البَرّ

(1)

، قال: حَكيم بن حِزَام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ القُرَشِيّ الأسَدِيّ، يكْنَى أبا خَالِد، هو ابن أخي خَدِيجَة بنت خُوَيْلِد زَوْجِ النَّبَّي صلى الله عليه وسلم، وُلدَ في الكَعْبَة، وذلك أنَّ أُمَّهُ دخلَت الكَعْبَة في نسوةٍ من قُريْش وهي حَامِل، فضَرَبَها المَخَاضُ، فأُتيَتْ بنِطْعٍ فولدَتْ حَكِيم بن حِزَامٍ عليه.

وكان من أشْرِافِ قُرَيشْ ووُجُوهِها في الجاهِلِيَّةِ والإسْلَام، كان مولدُه قبل الفِيْل بثلاث عَشرة سَنَة أو اثنتي عَشرة سَنَة على اخْتِلَاف في ذلك،

(a) في الأصل: المؤلفة قلوبهم، وضرب على الكلمة الثانية منهما.

(b) ساقطة من الأصل، والنص متصل فيه، وفي تاريخ ابن عساكر: تسعة، وهو يخالف تعداد ولد حكيم، والمثبت من تهذيب الكمال للمزي 7: 172، وفيه اختلاف في تسميتهم.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 362، وانظر جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار 1:366.

ص: 536

وتأخَّرَ إسْلَامُهُ إلى عام الفَتْح؛ فهو من مُسْلمَة الفَتْح هو وبنوهُ: عَبْد الله، وخَالِد، ويَحْيَى، وهِشَام، وكُلمّهُم صَحِبَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعاش حَكِيمُ بن حِزَام في الجاهِلِيَّةِ ستِّين سَنَةً، وفي الإسْلَام ستِّين سَنةً، وتُوفِّي بالمَدِينَة في دَاره بها عند بلاطِ الفَاكِهَةِ، وزُقَاق الصَّوَّاغِيْن (4) في خِلَافَة مُعاوِيَة سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين، وهو ابنُ مائين وعشرين سَنَة، وكان عَاقِلًا، سَرِيًّا، فَاضِلًا، تَقِيًّا، سَيِّدًا بماله غَنِيًّا.

قال مُصْعَبٌ

(1)

: جاء الإسْلَامُ ودارُ النَّدْوة بيدِ حَكِيم بن حِزَامِ، فباعَها بعدُ من (b) مُعاوِيَة بمائة ألف دِرْهَم، فقال له ابن الزُّبير: بعْتَ مَكْرُمة قُريش؟! فقال حَكِيمٌ: ذهبَت المَكَارِمُ إلَّا التَّقْوَى.

وكان من المُؤَلَّفَةِ قُلُوبهم، وممَّن حَسُنَ إسْلَامُهُ منهم، أعْتَقَ في الجاهِلِيَّة مائةَ رَقَبةٍ، وحَمَل على مائةِ بَعِير، ثُمَّ أتَى النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد أنْ أسْلَم، فقال: يا رسُوِل الله، أرأيتَ أشْيَاء كُنْث أفْعَلُها في الجاهِلِيَّة أتَحَنَّثُ بها، أَلِيَ فيها أجْرٌ؟ فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أسْلَمتَ على ما سَلَفَ لك من خَيرٍ. وحَجَّ في الإسْلَامِ ومعهُ مائة بَدَنَةٍ قد جَللَّها بالحِبَرَةِ، وكَفَّها عن أعجْازها، ووَقَف بمائةِ وَصِيْفٍ بعَرفَة في أعْنَاقِهِم أطْوَاق الفِضَّة مَنْقُوش فيها: عُتَقَاءُ اللهِ عن حَكِيم بن حِزَام، وأهْدَى ألْفَ شَاةٍ.

أخبَرَنا أبو بَكْر السَّلَمَانِيّ، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، قال: أنبَأنَا أبو المَعَالِي بن صابِر، قالا: أخبَرَنا أبو القَاسِم العَلَويّ، قال: أخبَرَنا أبو الحَسَن المَعَرِّيّ، ح.

(a) في الأصل: الصواعين، والمثبت من الاستيعاب، وقد تقدم بالمعجمة في غير موضع.

(b) الاستيعاب: منه، والمثبت كما في أنساب البلاذري 1/ 5:64.

_________

(1)

الزبير في بكار: جمهرة نسب قريش 1: 367، والنقل متتابع عن الاستيعاب.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 124.

ص: 537

وأخْبَرَنا عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَبَّاد التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الزِّيَادِيّ (a)، عن مُحَمَّد بن عَبْد الله القُرَشِيّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه، قال: قال حَكِيم بنُ حِزَام: ما أصْبَحْتُ (b) صَبَاحًا قَطّ فلَم أرَ أحدًا ببابي طَالِب حاجَة إلَّا عَدَدتُها (c) مُصِيْبَةً أرْجُو ثَوَابها من الله تعالى (d).

أخْبَرَنا الحافِظ أبو الحَسَن المَقْدِسِيّ في كتابهِ، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قالْ أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بنُ عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ، قال: سَمِعْتُ ابنَ نُمَيْر يَقُول: ماتَ حَكِيمُ بن حِزَام أبو خَالِد سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين.

قال ابنُ السَّكَن: وأظُنُّ أنَّ الصَّوَاب في مَوْت حَكِيم ما ذَكَرَهُ ابن نُمَيْر، واللهُ أعْلَمُ.

قال: وقال الوَاقِدِيّ كما قال ابنُ نُمَيْر.

أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن شَهْرَيَار الأصْبَهَانِيّ، في كِتَابِهِ إليْنَا منها، قال: أخْبَرَتْنا أُمُّ البَهَاء فاطِمَةُ بنتُ أبي الفَضْل البَغْدَاديّ، قالت (e): أخْبَرَنا أبو

(a) في مطبوعة ابن عساكر: الفراوي.

(b) ابن عساكر: صبحت.

(c) ابن عساكر أعددتها.

(d) بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.

(e) الأصل: قال.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 306.

(2)

بعضه في الطبقات الكبير لابن سعد 6: 56.

ص: 538

طَاهِر الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: سَمِعْتُ أبا عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد السَّلام مَكْحُول البَيْرُوتِيّ، قال: سَمِعْتُ عُثْمان بن خُرَّزَاد يَقُول: سَمِعْتُ مُصْعَبَ الزُّبَيْرِيّ يَقُول: مات حَكِيم بن حِزَام في زَمَن مُعاوِيَة.

‌حَلْبَسُ بن زَبَّار (a) بن غُطَيْف - ويقالُ: حَلْبَس بن غُطَيْف (b) - بن حَارِثَة بن سَعْد بن الحَشْرَج (c) بن امْرِئ القَيْس بن أخْزَم بن أبي أخْزَم بن جَرْوَل بن ثُعَل بن عَمْرو بن الغَوْث بن طَيِّءٍ الطَّائيّ

(1)

أخُو عَدِيّ بن حَاتِم بن عَبْد الله بن سَعْد بن الحَشْرَج (d) لأُمِّه، شَهِدَ صِفِّيْنَ وأخُوه مِلْحَان مع مُعاوِيَةَ، لهُ ذِكْرٌ.

ذكَرَ ذلك الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ في تاريخ دِمَشْق

(2)

، وأخْبَرَنا به القَاضِي أبو نَصْر مُحمّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنَا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ.

وذكَرَ أبو مُحَمَّد بن حَزْم

(3)

نَسَبَ بني غُطَيْف، وقال: حَلْبَس بن غُطَيْف، وقال كما قال الحافِظُ أبو القَاسِم، ولم يَذْكر في نَسَبهِ زَبَّارًا.

(a) في نشرة ابن عساكر بمثناة تحتية: زيار، وفي الإصابة لابن حجر 2: 64: حلبس بن زياد.

(b) مهملة في الأصل: عطيف.

(c) في الأصل: الخزرج، ومثله في أصول ابن عساكر، وصوابه المثبت من الاشتقاق لابن دريد 29، وما ورد في سياقة نسبة عند ابن حزم: جمهرة الأنساب 402، وأيضًا: الإكمال لابن ماكولا 1: 35، تاريخ بغداد 1: 546، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1:170.

(d) الأصل: الخزرج.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 138، الإصابة 2:64.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 138.

(3)

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 402.

ص: 539

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَمَّاد

‌حَمَّاد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن بَرَكَة بن أحْمَد بن صُدَيْق بن صَرُّوف، أبو الثَّنَاء الحَرَّانيّ

(1)

رَوَى عن أبي الفَتْحِ أحْمَد بن أبي الوَفَاء البَغْدَاديّ، نَزِيلُ حَرَّان.

دَخَلَ حَلَب مِرَارًا مُتَعدِّدةً، ولم يَتَّفق لي الاجْتِمَاع بهِ، وكان شَيْخًا صَالِحًا وَرِعًا من أهْلِ حَرَّان، مَشْهُورًا بالدِّين والصَّلَاح والصَّبْر على البَلَاء، سَمِعتُ رَفِيْقَنا أبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن شُحَانَة الحَرَّانيّ يقول لي عند وُصُولي إلى حَرَّان في العَشْر الوُسط من شَوَّال سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وستِّمائة: كان الشَّيْخ حَمَّاد بن صُدَيْق من عُمَّالِ الله والمُنْقَطِعين إليهِ، ولم يكن في زمَاننا أكْثر اجْتِهَادًا، ولا أشَدّ صَبْرًا على البَلَاءِ مع قِلَّةِ الشَّكْوَى منه، كان قد تفتَّح جِسْمهُ كُلُّهُ ومات وهو صائمٌ بحَرَّان في العَشْر الأُوَل منه في سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وستِّمائة.

قُلتُ: وكانَ ذلك قَبْل وُصُولي بأيَّام، فأسفْتُ على عَدَم لقائهِ والتَّبَرُّك بزِيَارته.

قَرَأتُ في تاريخ حَرَّان، جَمْعُ أبي المَحَاسِن بن سَلامَة الحَرَّانيّ، سَيَّرَهُ لي هَدِيَّة الخَطِيبُ الفَاضِل عَبْد الغَنِيّ ابن شَيْخنا أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن تَيْمِيَّة، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ بخَطِّه من خَطِّه، قال فيه: وفي سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وستِّمائة، في لَيْلَة السَّبْت خامس شَوَّال، مات الشَّيْخُ الزَّاهِدُ النَّاسكُ المُبْتلَى الرَّاضِي الصَّابِر أبو الثَّنَاء حَمَّاد ابن الشَّيْخ أحْمَد بن مُحَمَّد بن برَكَة بن صُدَيْق النَّجَّار الحَرَّانيّ بعد مَرَض طَويْل، تفتَّح فيه بَدَنهُ مُدَّة اثْنَتي عَشرة سَنَةً، وهو مُقِيمٌ على ذِكْر اللهِ وطَاعَته وشُكْره، صَابِرًا مُحْتَسبًا

(1)

توفي سنة 634 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 209 - 210، تاريخ الإسلام 13: 763 - 764.

ص: 540

ذلك في ثَوَابِ الله ومَرْضَاتِهِ، وكان قد لَقِيَ الشَّيْخ حَيَاة بن قَيْس وعَاهَد ولدَهُ عُمَر، وأقام بزَاوِيَةٍ في مَسْجِد للهِ يُعْرَفُ ببَيْت الزُّجاج مُعَلَّق دَاخل باب من يَزِيد مُدَّةً من السِّنِيْن، مُنْقَطِعًا إلى عبادةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وتَرَك المَعَاش، وقد كان نجَّارًا من قَبْل، وكان له مُلْكٌ فجَعَل يُؤجِّره، ويَأكُل من أجْرتهِ، وبَنَي للهِ تعالَى مَسْجِدًا قريبًا من داره، ولم يَتَزوَّج قَطّ، وكان عُمره نيفًا (a) وسَبْعِين سَنَةً، وكان صَبِيْحَ الوَجْهِ، دَمِثَ الأخْلَاق، سَلِسَ الانْقِيادِ، طَيِّبَ المُعَاشَرَة والمُحاضَرَة.

أنْبَأنَا عبد العَظِيْم بن عبد القَوِيّ المُنْذِريّ

(1)

، قال: وفي الخامس من شَوَّال - يعني من سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وستّمائة - تُوفِّي الشَّيْخُ الصَّالِحُ أبو الثَّنَاء حَمَّادُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن صُدَيْق الحَرَّانيُّ الحَنْبَلِيُّ، بحَرَّان، سَمِعَ بحَرَّان من أبي الفَتْح أحْمَد بن أبي الوَفَاء البَغْدَاديّ، وأجازَ له جَمَاعَة، وحدَّث، ولنا منه إجَازَة كَتَبَ بها إليْنا.

‌حَمَّاد بن حَامِد بن أحْمَد العُرْضِيّ، أبو المَكَارِم التَّاجر

(2)

تَاجِرٌ مَعْرُوفٌ من أهْلِ عُرْض؛ بَلْدَة من المَنَاظِر من أعْمَال حَلَب بالقُرْبِ من الرُّصَافَة، طَافَ البِلاد في التِّجَارَة، وسَمِعَ الحَدِيْث بنَيْسَابُور من المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، وأبي بَكْرٍ القَاسِم بن أبي سَعْد الصَّفَّار، وزَيْنَب بنْت عبد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ، وحدَّث بسِنْجَار بشيءٍ من حَدِيثه، رَوَى لنا عنْهُ [

] (b) ابن الصَّفَّار.

(a) الأصل: نيف، وعليها "صـ".

(b) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وقد غاب عن ابن العديم اسم ابن الصفار هذا، وهو يأخذ عن عدة شيوخ بن بني الصفار بسنجار، ويغلب على الظن أنه: نصر الله بن أبي العِزّ بن أبي طالب الصّفَّار، المعروف بابن الشُّقيشقة (ت 656 هـ)، روى عنه ابن العديم إنشادًا في ترجمة خزعل بن عسكر الشنائي، الآتية في الجزء السابع.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 209.

(2)

توفي سنة 644 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 171، تاريخ الإسلام 14: 501، الزبيدي: تاج العروس، مادة: عرض (نقلًا عن ابن العديم).

ص: 541

أخْبَرَنا [

] (a) ابن الصَّفَّار بسِنْجَار، قال: قَرَأتُ على الأجَلّ أبي المَكَارِم حَمَّاد بن حَامِد بن أحْمَد العُرْضِيّ بسِنْجَار قُلْتُ لهُ: أخْبرَكُم الإمَام أبو بَكْر القَاسِم بن أبي سَعْد بن عُمَر الصَّفَّار، قِرَاءةً عليه، وأنتُم تَسْمعُون، وزَيْنَبُ بنت أبي القَاسِم الشَّعْرِيّ، قراءةً عليها بنَيْسَابُور، ح.

قُلتُ: وأخْبَرَنا أبو عليّ، وزَيْنَب في كتابهما إلينا من نَيْسَابُور غير مَرَّة، قالا: أخْبرَنا الإمَامُ أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَدُ بن الحَسَن الأزْهَريّ، قراءةً عليه، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن أحْمَد المَخْلَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ السَّرَّاج في رَبِيع الأوَّل سَنَة اثْنَتي عَشرة وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن أبي يَعْقُوب، عن مُسْلِم بن صُبَيْح، عن مَسْرُوق، عن عائِشَة رضي الله عنها قالت

(1)

: كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا دَخَل العَشْرُ أحْيَا اللَّيْلَ، وأيْقَظَ أهْلَهُ، وجَدَّ، وشَدَّ المِئْزَر.

قال لي ابن الصَّفَّار: تُوفِّي حَمَّاد العُرْضِيّ بسِنْجَار سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وسِتّمائة، ودُفِنَ بها، رحمه الله.

‌حَمَّاد بن حَمْزَة بن حَمَّاد المَعَرِّيّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، كان في عَصْر أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان، وَقَفْتُ على ذِكْره في رِسَالَةٍ لأبي العَلَاء

(2)

، وأحْسَن الثَّنَاء عليه فيها (b).

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وانظر التعليق قبله.

(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

صحيح مسلم 2: 832 (رقم 1174)، فتح الباري 4: 269 (رقم 2024)، سنن ابن ماجه 1: 562 (رقم 1768)، سنن أبي داود 2: 105 (رقم 1376)، سنن النسائي 3: 217 - 218 (رقم 1639).

(2)

لم أقف على ذكره في رسائل أبي العلاء المعري ولا في بقية كتبه.

ص: 542

‌حَمَّادُ بن عَبْد الله الأقْطَع، أبو الخَيْر التِّيْنَاتِيّ

(1)

من أهْلِ المَغْرب، وسَكَنَ التِّيْنَات؛ بَلْدَة بالقُرْبِ من أنْطَاكِيَة، وقد ذَكَرْناها في مُقدِّمَة الكتاب

(2)

.

وكان أبو الخَيْر أحَدُ أوْلِيَاءِ الله تعالى المَعْرُوفين بالكَرَامَاتِ الظَّاهرة، المَشْهُورين بالعِبَادَة الوَافِرة، حَكَى عنه ابنُه عِيسَى، وحَمْزَة بن عَبْد الله العَلَويّ، وقد ذَكَرْناهُ في باب الكُنَى

(3)

فيما يأتي من كتابنا هذا لشُهْرتهِ بالكُنْيَة.

‌حَمَّادُ بن عبد الرَّحْمن، أبو عبد الرَّحْمن الكَلْبيّ القِنَّسْرِيّ

(4)

من أهْلِ قِنَّسْرِيْن، وقيل: هو حِمْصيٌّ.

حَدَّثَ عن سِمَاك بن حَرْب، وخَالِد بن الزِّبْرَقَان، ومُحَمَّد بن أبي لَيْلَى، وإِدْرِيس بن يَزِيد الأوْدِيّ. رَوَى عنهُ هِشَام بن عَمَّار، والوَلِيد بن مُسْلم.

(1)

توفي سنة 349 هـ، وترجمته في: الرسالة القشيرية 262، حلية الأولياء 10: 377 - 378، طبقات الصوفية للسلمي 370 - 372، ابن الجوزي: المنتظم 14: 96 - 97 (سلكه في وفيات سنة 343 هـ)، صفة الصفوة 4: 282 - 285، ابن الأثير: الكامل 8: 533، 9: 37، 105، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 284 - 291، تاريخ الإسلام 7: 917 - 920، سير أعلام النبلاء 16: 22 - 23، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 8: 310 - 312، ابن الملقن: طبقات الأولياء 190 - 195، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 514، الزبيدي: تاج العروس، مادة تنت (نقلًا عن ابن العديم)، ويعيد ابن العديم الترجمة له بأوعب من هذه الترجمة في الكني (الجزء العاشر).

(2)

الجزء الأول فيما تقدم.

(3)

في الجزء العاشر، وهي ترجمة موسّعة استقصى فيها أحواله بأكثر مما أدرجه هنا.

(4)

توفي بعد سنة 180 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 143، الكامل لابن عدي 2: 659، السمعاني: الأنساب 10: 498، تهذيب الكمال 7: 280 - 281، تاريخ الإسلام 4: 839، الكاشف 1: 252، ميزان الاعتدال 1: 597، تهذيب التهذيب 3: 18، تقريب التهذيب 1:197.

ص: 543

أنْبَأنَا عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاء الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن أحْمَد بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بنُ عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي لَيْلَى، عن نافِع، عن ابن عُمَر أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتمًا من فِضَّةٍ، فَصُّهُ منه، وكان يَلْبَسُهُ في خِنْصَره اليُسْرى، ويَجْعَل فَصَّهُ ممَّا يلي كَفَّهُ.

قال الحافِظُ ابنُ عَدِيّ

(2)

: حَمَّاد بن عبد الرَّحْمن الكَلْبيّ، من أهْلِ حِمْصَ، يُكْنَى أبا عبد الرَّحْمن، ورَوَى من حَدِيثه هذا الحَدِيْثَ وحَدِيثًا آخر، وقال: وهذان الحَدِيْثانِ لا أعْلَمُ يَرْويهما غير حَمَّاد بن عبد الرَّحْمن، وهو قليل الرِّوَايَة.

أنْبَأنَا سَعيدُ بن هاشِم أبو البَرَكَات خَطِيْبُ حَلَبَ، قال: كَتَبَ إلينا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ أنَّ أبا عَمْرو بن مَنْدَة أخْبَرَهُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: حَمَّاد بن عبد الرَّحْمن الكَلْبيّ القِنَّسْرِيّ، سَألْتُ أبي عنهُ، فقال: هو شَيْخٌ مَجْهُولٌ، مُنْكَر الحَدِيْث ضَعِيْفُهُ، قال: وسُئِلَ أبو زُرْعَة الرَّازِيّ عن حَمَّاد بن عبد الرَّحْمن، فقال: يَرْوي أحَادِيْثَ مَنَاكيْر، رَوَى عنهُ الوَلِيدُ في مُسْلِم، وهِشَام بن عَمَّار.

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 659، والحديث رواه أحمد في مسنده 6: 310 (رقم 4677) من طريق يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.

(2)

ابن عدي: الكامل 2: 659.

(3)

الجرح والتعديل 3: 143.

ص: 544

‌حَمَّاد بن مُحَمَّد بن جَسَّاس، أبو الشُّكْر البَوَازِيْجيّ

(1)

أحَدُ عِبَاد الله الصَّالِحين، وله كَرَامَاتٌ ظاهرة، وكان صَحِبَ الشَّيْخِ عَدِيّ بن مُسَافِر، ثمّ اشْتَهرَ بعد ذلك، قَدِمَ حلَبَ، وذَكَرَ لي عَمِّي أَبو غَانِم أنَّهُ اجْتَمَع به بمَنْبِج.

سَمِعْتُ شَيْخَنا قاضِيِ القُضَاةِ أبا المَحَاسِنِ يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم يَقُول: كان الشَّيْخُ حَمَّاد البَوَازِيْجيّ رجُلًا صَالِحًا، فاشْتَهَى مُظَفَّر الدِّين كَوْكَبُوري صَاحِب إرْبِل أنْ يَرَاهُ ويتَبرَّك به، فأرْسَل إليه من إرْبِل إلى البَوَازِيْج، وقال له: لو أمْكَنني أنْ أسْعَى إليك جئتُ لزيَارِتك، وطَلَب منهُ أنْ يأتي إلى إرْبِل، فأجابَهُ إلى ذلك، وقَدِمَ عليه إلى إرْبِل، فَخَرَج مُظَفَّر الدِّين والْتَقَاهُ واجْتَمَع به، وطَلَبَ منه شَيئًا من أَثَرَه ليتبرَّك بهِ، فأعْطاهُ مِئْزرًا له، قال: فذلك المِئْزَر لا يَطْرحُهُ مُظَفَّر الدِّين عن رَأسِه أبَدًا، ويَلْبَسُهُ فَوْق الشَّرْبُوش إلى اليَوْم.

وحَدَّثني عَمِّي أبو غَانِم مُحّمَّد بن هبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، قال: بَلَغَني عن المَخْزُوميّ، وكان من الصَّالِحين، أنَّهُ رَأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْم، فقال: أأنتَ قُلتَ يا رسُول الله: مَنْ أكَلَ مع مَغْفُورٍ له، غُفِرَ له؟ فقال: نعم أنا قُلْتُ ذلك.

قال عَمَّي: واتَّفَق أنِّي حَجَجْتُ، وحَجَّ المَخْزُوميّ ذلك العامِ، فقُمْتُ أنا وأحمد ابن الأُسْتَاذِ وجَمَاعَة ومَضَينا إلى زيارته لنَسْألَهُ عن ذلك، فدَخَلنا عليه، وسَألْنَاهُ عن ذلك، فقال: نَعَم، رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم في المَنَام وسَألتُه،

(1)

توفي سنة 596 هـ، وترجمته في: تاريخ إربل لابن المستوفي (نشرة سامي الصقار) 1: 253 - 255، وورد في قسم آخر من كتاب تاريخ إربل الذي نشره بشار عواد 476 ترجمة لشاعر اسمه حماد البوازيجي وصفه بأنه لا يعرف شيئًا البتة، وليس ممن يعرج على شعره، وأورد مقاطع من قصيدة له، واختلاف كلامه عما نقله ابن العديم هنا يدل على أنهما اثنان.

ص: 545

فقلتُ: أأنْتَ قلتَ يا رسُول الله: مَنْ أكَلَ مع مَغْفُور له غُفِرَ له؟ فقال: نَعَم، أنا قُلتُ: مَنْ أكلَ مع مَغفُور له غُفِرَ له.

قال لي عَمِّي: ثمّ اجْتَمَعْنا بعد ذلك بمَنْبِج عند الشَّيْخ عَبْد الحَقّ المَغْرِبيّ، وكان رَجُلًا صَالِحًا، وكان معنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ الفَاسِيّ، فذَكَرنا له هذه الحِكايَة والمَنَامَ، فلَّا فَرَغْنا دَخَل علينا عقِيبَ ذلك الشَّيْخ حَمَّاد البَوَازِيْجيّ، وكُنَّا قد سَمِعنا عنهُ أنّهُ رُؤي وهو يَأكُل، فأحْضر شيء من الطَّعَام، فقُلْنا له: تَأكُل معنا؟ فقال: نَعَم، مَنْ أكَلَ مع مَغفُور له غُفِرَ له، بصَوْتٍ عالٍ مُرْتفع، فقال الشَّيْخُ عليّ الفَاسِيّ: هذه والله كَرَامَةً للشَّيْخ حَمَّاد.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي البَرَكَات ابن المُسْتَوفِيّ في تاريخ إرْبِل الَّذي جَمَعَهُ

(1)

: حَمَّاد بن مُحَمَّد بن جَسَّاس البَوَازِيْجيّ، أبو الشُّكْر (a)، من المَشْهُوربن، أقامَ بالبَوَازِيْج ومات بها وقَبْره فيها، شَيْخُ البَوَازِيْج في الانْقِطَاع، من أصْحَاب عَدِيّ بن مُسَافِر، إلَّا أنَّهُ اشْتَهر فتَرَكَ النِّسْبَة إلى عَدِيّ [هو](b) وأصْحَابه، فصارَ بينهم وبين أصْحَاب عَدِيّ مُبَاينَة عَظِيمَة، ومُنَافَرَات أدَّت كَثيرًا إلى وَقَائع وفِتَن.

تردَّد كَثيرًا إلى إرْبِل، وكان النَّاس يتلقُّونَهُ من فَرَاسِخ، ويَغْشَاهُ الأكَابِر، ويتَردَّد إليهِ السُّلْطان أبو سَعيد كَوْكَبُوري بن عليّ، وكان مَنْ يتَولَّى البَوَازِيْج يتآدَى (c) به لانْقياد النَّاس العامَّة إليهِ، وكان كَثِيْر من البَوَازِيْجيِّيْن يَرْمُونه بكَثْرة المالِ. حُدِّثْتُ أنَّهُ في مَبْدأ عُمره التَّام (d) كان يَقْطع الطَّريق.

(a) ابن المستوفي: أبو السكر، بالمهملة.

(b) إضافة من كتاب ابن المستوفي.

(c) كذا بالمهملة في الأصل وكتاب ابن المستوفي.

(d) ابن المستوفي: أيام.

_________

(1)

ابن المستوفي: تاريخ إربل (القسم الذي نشره الصقار) 1: 253.

ص: 546

قال

(1)

: وكان مَنْ دَخَل عليهِ زَاوِيتَهُ في البَوَازِيْج يُحْضر له ما تيسَّر من مأكول، وكان النَّاس يُهْدُونَ له في كُلِّ سَنَة هَدَايا كَثِيْرة من بَقَرٍ وغَنَمٍ وغير ذلك، فيُطْعمها مَنْ حَضَرهُ في نصف شَعْبان.

أجَازَ لنا أبو السَّعَادَات بن أحْمَد بن المُسْتَوفِيّ

(2)

، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: وحُدِّثث أنَّهُ كان لنا إذا رَقي أحَدًا، قال: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَم أنِّي عَبْدٌ لا أضرّ ولا أنْفَع، وعن أذَى بَقَّةٍ لا أدْفَع، اللَّهُمَّ فبحُسْن ظنِّهم فينا، عَافِهم (a) وعَافِينا.

قال

(3)

: وأنْشَدَني غير مَرَّة ولَم يُسمّ قائلهما، ووجَدْتهما لأبي سَعْد بن دُوسْت:[من البسيط]

عليك بالحِفْظ دُون الكُتُب تَجْمعها

فإنَّ للكُتُب آفات تُفرِّقها

الماءُ يُغرقها والنَّار تَحْرقها

واللِّصُّ يَسْرقها والفأرُ يَخرقها

قال

(4)

: وكان كَثِيْر الدُّعَابَة، سَرِيع الغَضَب، سَرِيع الرِّضَى، وتُوفِّيَ رحمه الله في ثاني عشر رَجَب من سَنَة ثَمانٍ وسِّتمائة.

(a) في الأصل: عافيهم، وفوقها "صـ"، والمثبت من ابن المستوفي.

_________

(1)

تاريخ إربل 1: 253.

(2)

تاريخ إربل 1: 255.

(3)

أورد ابن المستوفي هذا الخبر والذي يليه والبيتين في ترجمة أبي عمرو الأربلي؛ عثمان بن عبد الله (تاريخ إربل 1: 251)، وهي ترجمة تسبق ترجمة البوازيجي بورقة في الأصل المخطوط، ولعلها حاشية في أصل كتاب الإربلي أدرجها ابن العديم في غير موضعها.

(4)

تاريخ إربل 1: 251، وانظر التعليق قبله، إذ أن تاريخ الوفاة المدرج يتصل بأبي عمرو الأربلي، وذكر وفاته في هذا السنة المنذري (التكملة لوفيات النقلة 2: 227)، أما البوازيجي فكانت وفاته 596 هـ.

ص: 547

‌حَمَّاد بن مَنْصُور بن حَمَّاد بن خَلِيفَة بن عليّ - وقيل: عُلْوَان - أبو الثَّنَاء البُزَاعِيّ الأُسْتَاذ

(1)

من أهْلِ بُزَاعَا، قرأتُ نَسَبهُ هكذا بخَطِّ أبي غَالِب بن الحُصَيْن، وقال في جَدِّ جَدّه: عليّ. وأخْبَرَني عليّ بن مَحُمْود بن عليّ البُزَاعِيّ، وذَكَر لي أنَّه نَسِيبٌ لَحَمَّاد أنَّ جَدّ حدّه اسْمُه عُلْوَان بَدَل عليٍّ.

وكان الأُسْتَاذ حَمَّاد شَاعِرًا مُجِيْدًا، فَاضِلًا، عَارِفًا بالقُرْآن وعُلُومهِ واللُّغَة والنَّحو، حَسَن الخَطَّ، دَيِّنًا، سَمِعَ الحافِظ أبا بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجَيَّانِيّ. رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره الحافِظ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر القُرَشِيّ الدِّمَشقيّ، وذَكَرهُ في مُعْجَم شُيُوخه، وعِمَاد الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب، وسَمِعُوا منه كُلّهم بحَلَب.

ورَوَى لنا عنْهُ أبو الحَسَن عليّ بن فَضْل الله الدَّقَّاق، وأبو الفَتْح بن بَيَان بن عليّ، وأبَوَا الفَضْل عبد الرَّحْمن بن أبي غَانِم بن إبْراهيم بن سِنْدِي، وهِبَة الله بن أحْمَد بن جَعْفَر البُزَاعِيّ، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن أبي سَعْد الحَلَبيّ، والقَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخَشَّاب، وكان يُعِلّم الصِّبْيَان بحَلَب، وانْتَفَعَ به جَمَاعَة من الحَلَبِيِّيْن.

(1)

توفي سنة 580 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 130 - 152، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 158 - 159 (سلكه في وفيات سنة 565 هـ، وزاد في ألقابه: الخراط)، الوافي بالوفيات 13: 148 - 150، (وزاد في ألقابه: الخراط)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 350 - 351. وأورد له ابن العديم في تذكرته 318 - 322 قصيدة ميميّة يمدح فيها القاضي إبراهيم بن سعيد بن الخشاب.

ص: 548

قَرأتُ بخَطِّ الوَزِير جَمال الدِّين أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن البَغْدَاديّ في كتابهِ ذِكْر الشُّعَراء على حُرُوف المُعْجَم

(1)

، وأنْبَأنا بهِ إجَازَةً عنه أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديُّ، قال: حَمَّاد بن مَنْصُور بن حَمَّاد بن خَلِيفَة بن عليّ البُزَاعيِّ، مَوْلده بحَلَب في سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، وكان رَجُلًا صَالِحًا، كَثِيْر العِبَادَةِ، قَيِّمًا بتلَاوة القُرْآن، وخَبِيْرًا بالقِرَاءَات ووُجُوهها وتَعْليْلها، وله أشْعَارٌ كَثِيْرَةٌ، مَشْحُونةٌ بالحِكْمَة والمَوَاعِظ والآدَاب، لم يَسْأل قَطّ في شِعْره ولا رَغِبَ بهِ إلى مَلِكٍ ولا سُوْقَةٍ.

سَمِعتُ مُهَذَّب الدِّين أبا الحَسَن عليّ بن فَضْل الله بن الدَّقَّاق الحَلَبِيّ يُثْني على حَمَّادٍ البُزَاعِيّ كَثيرًا، ويقُول: كان حَمَّاد مُكَمَّلًا قد جَمَعَ بين حُسْنِ الكتابة والشِّعْر والنَّحو والقُرْآن واللُّغَة، وأخَذَ من كُلِّ عِلْم بطَرف حَسَنٍ، وكان عنده دِيْنٌ مَتِينٌ، وله بَركَةٌ على مَنْ يُعَلِّمهُ، ونَفَسٌ صالِح، رحمه الله.

سَمِعتُ الشَّريفَ شَمْس الدِّين أبا عليّ الحَسَن بن زُهْرَة العَلَويَّ الحَلَبِيَّ النَّقِيْبَ بها يَقُول: لمَّا قَدِمَ القَاضِي الفَاضِل - يعني عبد الرَّحيم بن عليّ البَيْسَانِيّ - حَلَب، اجْتَمَعِ به الأُسْتَاذ حَمَّاد البُزَاعِيّ وامْتَدَحَهُ، ورَأى ما عندَهُ من الفَضائِلِ فاحْتَرمَهُ وأكْرَمَهُ وعَظَّمَهُ، وتظلَّم الدَّهْرَ له كيفَ أَلْجَأهُ إلى التَّعْليْم، وخَلَع عليه، ووَصَلَهُ صِلَةً أعانَتْهُ على دَهْرهِ، وعاشَ بها مُدَّةً.

سَألتُ الشَّيْخ أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن أبي سَعْد الحَلَبيَ الزَّاهِدَ عن الأُسْتَاذِ

(1)

مؤلفه هو: أبو غالب عبد الواحد بن مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين الشيباني الكاتب (ت 597 هـ)، ونقل ابن العديم عن هذا الكتاب في كتابه الإنصاف والتحري (ضمن إعلام النبلاء) 4: 100، وسماه: المختار من أشعار الشعراء، ولمؤلفه كتاب في التاريخ ذيل به تاريخ الطبري ونقل عنه ابن العديم في العديد من التراجم. وانظر ترجمته في: تاريخ ابن الساعي 76، التكملة للمنذري 1:398.

ص: 549

حَمَّاد بن مَنْصُور البُزَاعيَ، فقال: هو مُؤَدِّبي تَأدَّبْتُ بهِ، وكان عَقْلُه يَغْلبُ عليهِ، وذَكَرَ لي كَلامًا مَعْناهُ أنَّهُ كان يُنْسَبُ إلى التَّشَيُّع.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج الصُّوَيتيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عِمَاد الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب، قال في خَرِيْدَة القَصْر

(1)

: حَمَّاد الخَرَاط، وهو حَمَّاد بن مَنْصُور البُزَاعِيّ، وبُزَاعَا بين حَلَب ومَنْبِج، ليسَ بالشَّام في عَصْرِنا هذا مثْلُه رِقَّةَ شِعْرٍ، وسَلَاسهَ نَظْمٍ، وسُهُولَة عِبَارَة، ولَفْظ ولطَافة، ومَعْنى وحَلَاوة، مُغْرىً (a) بأُسْلُوب سَالِب للُّبِّ، خَالِب للخِلْب، وصَنْعَة عَارِيَة من التَّكَلُّف، بَاينَة (b) من التَّعَسُّف، تَتَرَنَّح له أعْطَافُ السَّامِعيْن، وتَتْبَعُ (c) رقَّتهُ في رياضِ اللُّطْف للماءِ المَعِيْن.

لمَّا كُنتُ بحَلَبَ، وعند تَرَدُّدِي إليها في عَهْدِ نُور الدِّين سَقاهُ الله عِهَادَ الرَّحْمَة (d)، ما زلتُ أسَمِعَ من شِعْره ما يزيدُني طَرَبًا، ويُفِيدُني عُجْبًا به وعَجَبًا. وذَكَرَ له أشْعَارًا حَسَنَةً.

أنْشَدَني مُهَذَّبُ الدِّين أبو الحَسَن عليّ بن فَضْل الله بن الدَّقَّاق الحَلَبيَّ بمَنْزِله بها، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ حَمَّادُ بن مَنْصُور بن حَمَّاد البُزَاعِيّ لنَفْسِهِ

(2)

: [من مجزوء الكامل]

يا ضرَّةَ القَمَرِ المُدِلَّهْ

بجَمَالِها باللهِ باللهْ

جُوْدِي فلَيْسَ البُخْل حلْ

ـــيَةُ مَن عليهِ الحُسْنُ حُلَّهْ

وتَعَطَّفِي عَطْفَ الكَرِيْـ

ــمِ على مُعَنَّاكِ المُدَلَّهْ

(a) في الخريدة: ولطافة معنى، وحلاوة مغزى.

(b) الخريدة: نائية.

(c) الخريدة: وتنبع.

(d) الخريدة: سقى الله ثراه عماد الرحمة.

_________

(1)

خريدة القصر 12: 130.

(2)

تذكرة ابن العديم 214.

ص: 550

وَيْلَاهُ كم نَتَقَلَّدِ يـ

ــنَ دِمَاءَنا يا مُسْتَحِلَّهْ

وبأيّ حُكْم شَرِيْعَةٍ

لكِ سَفْكُها أمْ أيِّ مِلَّهْ

يا شَمْسَ حُسْنٍ بين أتْـ

ــرَابٍ حُفِفْنَ بها أَهِلَّهْ

تَغْدُو بمُلْك الحُسْنِ فيـ

ــهِم والمَلَاحَةِ مُسْتَقِلَّهْ

لولَا هَوَاكِ لَمَا تَحـ

ـــوَّلَ عِزَّةُ المُشْتَاقِ ذِلَّهْ

ولكُلّ شيءٍ كَائنٍ

سَبَبٌ يقُوم بِهِ وعِلَّهْ

أنْشَدَني زَكِيُّ الدِّين أبو الفَضْل عبد الرَّحْمن بن أبي غَانِم بن إبْراهيم بن سِنْدِي الحَلَبِيُّ، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ حَمَّادٌ البُزَاعِيّ لنَفْسِه

(1)

: [من مجزوء الرجز]

واقَلَقِي وَانَارِيَهْ

تَهَتَّكَتْ أَسْتَارِيَهْ

قَلْبي قَليْبٌ طَافِحٌ

والعَيْنُ عَيْنٌ جَارِيَهْ

سَارُوا بمَنْ أهْوَى فوْيْـ .. ــلي للحُمُولِ السَّارِيَهْ

كيفَ احْتِياليْ إنْ نَأتْ

دِيَارُهُم عن دَاريَهْ

واحَرَبَا أقْضِي أسىً

وما انْقَضَتْ أوْطَارِيَهْ (a)

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير ثلاثة أرباعها.

_________

(1)

تذكرة ابن العديم 161.

ص: 551

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

أَنْشَدَنِي تَاج الدِّين أبو الفَتْح بن بَيَان بن عليّ الحَلَبِيّ بَيَاقِد، قَرْيَةٌ من جَبَل سَمْعَان، قال: أَنْشَدَنِي حَمَّاد البُزَاعِيّ لنفسِه: [من مجزوء البسيط]

لي مَالِكٌ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ

يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ بَرَاهُ

أَميرُ حُسْنٍ وحَاجِبَاهُ

في سُدَّةِ المُلْكِ حَاجِبَاهُ

أَسْقَمَني سُقْمُ نَاظِرَيْهِ

وذَوَّبتْنِي ذُؤَابَتَاهُ

جَبِينُهُ صُبْحُهُ إذا مَا

بَدَا وأَصْدَاغُهُ دُجَاهُ

وابِأَبي وَجْهُهُ المُفَدَّى

وأيّ شيءٍ تُرَى فِدَاهُ

فاهَ بعَذْليْ علَيهِ مَنْ لَم

يَذُقْ وَذاكَ الحَيَاءِ فَاهُ

يا غُصُنًا هَان ما جَنَاهُ

على مُحِبٍّ لَهُ جَنَاهُ

سِوَايَ يَسْلُو وأنْتَ حَقًّا

من كُلِّ شيءٍ يُسْلي سِوَاهُ

أَنْشَدَنِي أبو الفَضْل هِبَةُ اللّهِ بن أحْمَد بن حَامِد الكِلابِيُّ العبَّاسِيُّ البُزَاعِيُّ بحَلَبَ، قال: أَنْشَدَنِي الأُسْتَاذُ حَمَّاد البُزَاعِيّ بحَلَبَ لنفسِه في مَكْتبهِ بالقُرْبِ من دَرْب الدَّيْلَم: [من السريع]

تَعَلَّمُوا الجُوْدَ تسُودُوا بِهِ

ما الجُوْدُ مَوْقُوفٌ على حَاِتمِ

وبَادِرُوا والحالُ مَعْمُورَةٌ

قبلَ تُفَاجئْها يَدُ الهَادِم

فالدَّهْرُ دَوَّالٌ وأيَّامُهُ

تَدُولُ والنَّاسُ معَ القَائِمِ

لا تُخْدَعُوا باليَوْم وَاخْشَوا غَدًا

ما أقْرَبَ العُرْسَ من المَاتَمِ

ص: 552

سَمِعْتُ، الشَّيْخ الصَّالِح أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أبي سَعْد الحَلَبِيِّ يَقُول: أرْسَلَني وَالدِي إلى الأُسْتَاذ حَمَّاد البُزَاعِيِّ وقال: [قُلْ](a) له على لسَاني: إنَّنِي قد عَملتُ مِنْطَقَة لدَاري وأُرِيْدُ أنْ أكْتُب عليها أَبْيَاتًا من الشِّعْرِ، فاكْتُب لي شيئًا تقُوله على البَدِيْهَة حَاضِر الوَقْت، قال: فكَتَبَ في رُقْعَةٍ هذه الأبْيَات وأنْفَذها، قال لي أبو عَبْد اللّه وأخَذْتُها عنهُ:[من السريع]

يا عَامِرَ الدَّار الّذي قلبُه

فيها بذِكْرِ اللهِ مَعْمُورُ

بمثْلِ ما أسَّسْتَ منها على الـ

ــتَّقْوَى بحقٍّ تُرْفَعُ الدُّوْرُ

أوْضَحْتَ في الدُّنْيا طَرِيقًا إلى الأُ

خْرى بِهِ سَعْيُكَ مَشْكُور

فاسْعَدْ ودُمْ وَابْقَ مُهَنًّا بها .. دَار لها البَهْجَةُ والنُّورُ

مَحْرُوسَةٌ بالخَيْر مَأنُوسَةٌ

مِن رَحْمَةِ اللهِ لها سُورُ

سَمِعتُ القَاضِي أبا مُحَمَّد الحَسَنَ بن إبْرَاهيم بن الخَشَّابِ يقُول لي: مَدَحَ الأُسْتَاذُ حَمَّاد البُزَايِّ وَالِدَكَ لمَّا وَلي قَضَاء حَلَب بقَصِيدَةٍ ضَاديَّةٍ، ودَخَل إلى وَالدِي وعَرَضَها عليه بعد أنْ أنْشَدَها وَالدَكَ، فأَخَذَها وَالدِي منه وهي بخَطِّهِ فناولنيها لأكْتُب على خَطِّهِ وأنا إذ ذاك صَبِيٌّ، وسَمِعْتُها من لَفْظه وهو يُنْشدُها وَالدِيّ، فلَم يَبْقَ على خَاطِري منها غَير بَيْتٍ واحدٍ، وهو قَولُهُ:[من الكامل]

وغَدَا بنجم الدِّين وابنِ جَمَالِهِ

مُتَولِيًّا أمر الشَّريْعَة والقَضَا

قَرأتُ بخَطِّ أبيِ غالب بن الحُصَيْن، وأَنْبَأَنَا به عنهُ أبو عَبْد اللّهِ بن النَّجَّار، قال: ووفاته بها - يعني وفَاة حَمَّاد بحَلَب - في سَنَة ثَمانين وخَمْسِمائَة.

وقال لي نَسِيْبُ حَمَّاد المُهَذَّب عليِّ بن مَحْمُود بن عليّ البُزَاعِيِّ: ماتَ حَمَّاد بعِلَّة السِّلّ.

(a) إضافة ليستقيم الكلام.

ص: 553

‌حَمَّادُ بن هِبَةِ الله بن حَمَّاد بن الفُضَيْل، أبو الثَّنَاءَ الفُضَيْلِيِّ الحَرَّانِيُّ الحافِظُ التَّاجرُ

(1)

رَحَلَ إلى البِلاد في التِّجَارة وطَلَب الحَدِيْث، وسَمِعَ الكَثِيْر بالعِرَاق والجَزِيْرَة والشَّام وخُرَاسَان والدِّيَار المِصْرِيّة.

فَسَمِعَ بِمِصْرَ أبا مُحَمَّد عَبْد اللّه بن رِفَاعَة السَّعْدِيّ، وأبا مُحَمَّد بن بَرِّي، وبالإسْكَنْدَرِيَّة أبا طَاهِر السِّلَفِيّ، وأبا طَاهِر بن عَوْف، وعَبْد الوَاحِد بن عَسْكَر النَّجَّار، وبدمَشْق أبا القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعِيّ، وأبا عَبْد اللّه بن صَدَقَة الحَرَّانيّ، وأَبا سَعْد بن أبي عُصْرُون، وبحَرَّان أبا الفَتْح أحْمَد بن أبي الوَفَاء البَغْدَاديّ، وببَغْدَاد أبا القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، وأبا بَكْر عَبْد اللّه بن النَّقُّور، وأبا الفَتْح بن البَطِّيّ، وأخاه أبا عَبْد اللّه أحْمَد، وأبا القَاسِمِ بن أبِي شَرِيك الحَاسِب، وأبا الوَقْت عَبْد الأوَّل بن شُعَيْب السّجْزِيّ، وأبا مُحَمَّد المَوْصِلِيّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْد اللّه بن الزَّاغُونِيّ، وأبا القَاسِم سَعيد بن أحْمَد بن البَنَّاء، ويَحْيَى بن ثَابِت بن بُنْدَار، وسَعْد الخَيْر الأَنْصَاريّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، وغيرهم. وبنَيْسَابُور عُمَر بن أحْمَد الصَّفَّار، وبهَرَاة أبا

(1)

توفي سنة 598 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 217 - 318، المنذري: التكملة 1: 438، التقييد لابن نقطة 1: 489، أبو شامة: ذيل الروضتين 46 (وسماه: حمّاد الباخرزي)، ابن الفوطي: مُعْجَمُ الأداب 3: 493 - 493، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 4126 تاريخ الإسلام 12: 1140 - 1141، العبر في خبر مَن غبر 3: 133، سير أعلام النبلاء 31: 385 - 387، والمختصر المحتاج إليه 2: 51 - 53، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 33 - 34، الوافي بالوفيات 13: 154، ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 1: 434 - 435، تاريخ ابن الفرات 4/ 3: 341 - 343، العيني: عقد الجمان 3: 160، المقريزي: المقفى الكبير 3: 658 - 659، ابن تغري بردي: النجوم 6: 181، وابن العماد: شذرات 6: 545، القنوجي: التاج المكلل 313، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 73، الزركلي: الأعلام 3: 272.

ص: 554

المَحَاسِن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الغَانِميّ، وعَبْد السَّلام بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل الإسْكَاف، وأبا الفَتْح سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر العُمَريّ.

وسَمعَ بغير هذه البِلاد، وكَتَبَ بخَطِّهِ الكَثِيْر، وجَمَعَ تاريخًا لبلدهِ حَرَّان، وذَكَرَ فيه منْ بناها، وما جاءَ في ذِكْرها، ومَنْ دَخَلَها من العُلَمَاء والشُّعَراء والفُضَلَاء، ودَخَلَ حَلَب مِرَارًا في التِّجَارَة وأقام بِها مُدَّةَ، وكان يَتَردَّدُ إليها، وسَكَنَ بلده حَرَّان آخر عُمْرِه إلى أنْ ماتَ.

رَوَى عنهُ الحَافِظ عَبْد القَادر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ، والحافظ عَبْد الغَنيِّ المَقْدِسِيّ، والحافِظ أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيِ، وأبو الخَطَّاب العُلَيْمِيّ.

رَوَى لنا عنْهُ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد اللّه القُرَشِيّ العَطَّار بمِصْر والقَاهِرَة، وكان لَهُ شِعْر حَسَنٌ، وعندَهُ فَضَائِل عَدِيْدة.

أخْبَرَنا الحافِظُ رَشِيْد الدِّين أبو الحُسين يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد اللهِ القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الأجَلُّ العَالَمُ الأدِيْبُ الفَاضِلُ الأَمِين رَضي الدِّينِ أبو الثَّنَاءِ حَمَّاد بن هِبَةِ اللّه بن حَمَّاد بن الفُضَيْل الحَرَّانِيّ، قِراءَةً عليهِ ونحنُ نَسْمَعُ غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا الصَّاِئِنُ أبو الفَتْحِ عَبْد السَّلام بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد المُقْرِئ الهَرَويّ المَعْرُوف بِبَكْبَرَة، قراءةً منِّي عليهِ بهَرَاة، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أبي مَسْعُود عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد الفَارسِيّ الفَقِيه، قِرَاءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ المَعْرُوف بابنِ أبي شُرَيْح، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنِي مُصْعَب بن عَبْد اللّه بن مُصْعَب إمْلاءً في شَعْبان سَنَة ثَمانٍ وعشرين ومَائتَيْن، قال: حَدَّثَني مالكٌ

(1)

، عن نَافِعٍ، عن ابن عُمَرَ أنَّ: رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

موطأ الإمام مالك 1: 421 (رقم 343)، وانظر: فتح الباري 3: 618 (رقم 1797)، سنن أبي داود 3: 213 - 214 (رقم 2770)، صحيح ابن حبَّان 6: 434 (رقم 2707).

ص: 555

كان إذا قَفَلَ من غَزْوٍ أو حَجٍّ أو عُمْرَة، يُكَبِّرُ على كُلِّ شَرَفٍ ثلاثَ تَكْبيراتٍ، ثُمَّ يقُول: لا إلَه إلَّا اللّهُ وَحْدَه لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، آيبُونَ تَائبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لرَبِّنِا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ (a)، وهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

أنْشَدَنا أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أَنْشَدَنا أبو الثَّنَاء حَمَّاد بن هِبَةِ اللّه الأدِيْبُ لِنَفسِه: [من البسيط]

لمَّا بَدَتْ في ثيِابٍ مِن مَلَابِسِها

خَفيْفَةِ النَّسْجِ لا يَعْبا بِها النَّظَرْ

خَافَتْ عُيُونًا فغَطَّتْ وَجْهَهَا خَجَلًا

بكُمِّها وعَلَاها الدَّلُّ، والخَفَرْ

فَخِلْتُ أثْوَابَهَا اللَّاتي بها اسْتَتَرَتْ

غَيْمًا يلُوحُ لنا مِن دُونِهِ القَمَرْ

أنْشَدَنا أبو الحُسَين، قال: أنْشَدَنا حَمَّادٌ لِنَفْسِه

(1)

: [من البسيط]

تَنَقُّلُ المرءِ في الآفاق يُكْسِبُهُ

مَحَاسِنًا لَم تكُن فيهِ بِبَلْدَته

أَمَا تَرَى بَيْذقَ الشِّطْرنَج أكْسَبَهُ

حُسْن التَّنَقُّل فيها (b) فَوْق رُتْبَتِهِ

وأنْشَدَنا، قال: أنْشَدَنا حَمَّاد لنفسِه: [من البسيط]

ما النَّاسُ إلَّا امْرُؤٌ ذو ثَرْوَة وغِنَىً

يبْني به شَرَفًا يَبْقَى على الأَبدِ

أو ذُو عُلُومٍ وآدَابٍ يَسُودُ بها

وما سِوَى ذيْنِ لا يُعْتَدُّ من أحَدِ

قال لي رَشِيْد الدِّينِ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ: رَوَى لنا شَيْخُنا أبو الثَّنَاء هذا عن جَمَاعَةٍ آخرين منهم أبو المَحَاسِن الغَانِميّ، وأبو بَكْر الزَّاغُونِيّ، وأبو مُحَمَّد

(a) الأصل: ونصر وبده!.

(b) الوافي والمقفى: فيما، البداية والنهاية: حسنًا.

_________

(1)

البيتان في ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 317 ومعجم ابن الفوطي 3: 493، ومرآة الزمان 33: 136، والوافي بالوفيات 13: 154، وابن كثير: البداية والنهاية 13: 33، وعقد الجمان 3: 160، والمقفى الكبير 3:659.

ص: 556

بن رِفَاعَة الفَرَضِيّ المِصْرِيِّ، والحافِظُ أبو الخَطَّابِ العُلَيْمِيّ، وشُهْدَة الكَاتِبة وغيرهُم.

ورَوَى لنا أيْضًا عن أبي شُجاع البِسْطَامِيِّ بالإجَازَة، وبَلَغَنِى أنَّ له إجَازَة من القَاضِي أبي بَكْر الأنْصَاريّ، قال لي: وكانَ ثِقَةً فَاضِلًا، وكان شَيْخُنا أبو الحَسَن المقدِسِيّ يُثْنِي عليهِ، وحَدَّثَ عنهُ في تَخَارِيْجهِ وتَوَالِيْفه، وكانَ مَوْلدُهُ في سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ حَمَّاد بن هِبَة اللّه الحَرَّانيّ: مَوْلدِ بعد ستِّين يوْمًا من سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة.

قَرَأْتُ في تَسْمِية مَشَايخ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن سَاكِنِ الحِمْيَرِيّ بخَطِّه: الشَّيْخُ الأجَلُّ أبو الثَّنَاءِ حَمَّاد بن هِبَةِ الله بن حَمَّاد بن الفُضَيْل الحَرَّانِيّ، قَدِمَ علينا بعد سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، سَألتُهُ عن مَوْلدِه فقال: سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة، رَوَى عن الشَّيْخ أبي القَاسِم السَّمَرْقنديّ ببَغْدَاد، وسَعْد الخَيْر الأَنْدَلسُيّ الصِّيْنِيّ

(1)

المالِكِيِ، وأبي القَاسِم يَحْيَى بن ثَابِت بن بُنْدَار، وأبي الفَضْل بن نَاصِرِ، وأبي المُعَمَّر النَّقِيْب العَلَويّ، والقَاضِي كمال الدِّين بن الشَّهْرَزُورِيّ، والقَاضِي المَارسْتَانِيّ، وأبي الوَقْت عَبْد الأوّل بهَرَاة، وعَبْد الرَّحمن القَلْعِيِّ، وإسْمَاعِيْل بن بُكَيْر، وأبي المَحَاسِن المَسْعُودِيّ، وابن أبي عُصْرُون بدِمَشْق، وعُمَر الصَّفَّار بنَيْسَابُور، وفي شُيُوخه كَثْرةٌ، سَمِعْتُ عليهِ أجْزاءَ وأجَازَنِي.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: حَمَّاد بن هِبَة اللّه بن حَمَّاد بن الفُضَيْل أبو الثَّنَاءِ التَّاجر، من أهْل حَرَّان، رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْثِ، وسَمِعَ الكَثِيْر بالعِرَاق والشَّام ومِصْر وخُرَاسَان، وكَتَبَ بخَطِّه، وحَصَّل النُّسَخ، وكان فيه فَضْلٌ وأدبٌ، ويقُول الشِّعْر.

(1)

شهر بذلك لارتحاله إلى الصين.

ص: 557

سَمعَ ببَغْدَاد أبا القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبا بَكْرٍ مُحَمَّد بن عُبَيْد اللّه بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، وأبا القَاسِم سَعيد بن أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، وأبا الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ وجَمَاعَة دُونَهم، وبمِصْر أبا مُحَمَّد عَبْد اللّه بن رِفَاعَة بن غَدِير السَّعْدِيّ، وبالإسْكَنْدَرِيَّة أبا طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، وبهَرَاة أبا المَحَاسِن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الغَانِميّ، وعَبْد السَّلام بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل الإسْكَاف، وأبا الفَتْح سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر العُمَريّ، وأبا النَّضْر عبد الرَّحْمن بن عَبْد الجَبَّار الفَامِيِّ، وغيرهم.

وقَدِمَ بَغْدَاد مِرَارًا كَثِيْرةً، وحَدَّثَ بها بيَسِيْر، وقد حَدَّث بحَرَّان وديار مِصْر (a) بالكَثِيْر، وكان صَدُوقًا، حَسَن الطّريقة، متَدَيِّنًا، وقد كَتَبَ إليَّ من حَرَّان بِروَايَة جميع مَرْويَّاته، وخَطُّهُ عندي بذلك.

قَرَأْتُ على الشَّيْخ الحَافِظ أبي الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيِّ، فيما انْتَقَيته من مُعْجَم شُيُوخه، قال بعد حَدِيثٍ رَوَاهُ عنهُ الشَّيْخ أبو الثَّنَاء الحَرَّانِيّ: من أعْيَانِ المُحَدِّثِيْن والفُضَلَاءَ المُتَأَدِّبين، سَمِعَ الكَثِيْر، ورَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث إلى العِرَاق والشَّام ومِصْر، وحَدَّثَ عن جَمَاعةٍ منهم: أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو المحاسن الغَانِميّ، وأبو بَكْر بن الزَّاغُونِيّ، وعَبْد السَّلام بن أحْمَد الهَرَويّ، وعبد اللّه بنُ رِفَاعَة الفَرَضِيّ المِصْرِيّ. ورَوَى لنا عن هؤلاء المُسَمّين وعن غيرهم.

وصَنَّفَ تَارِيْخًا لبلده حَرَّان، وكان صَدُوقًا، حَدَّثَ عنهُ شَيْخُنا الحافِظُ أبو الحَسَن المَقْدِسِيّ، وسَمِعته يُثْنِي عليه، وكان أَدِيْبًا وله شعر جَيِّد. وقال لي: وُلد شَيْخُنا أبو الثَّنَاءِ الحَرَّانِيّ في سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ، رحمه الله، في ذِي الحِجَّة سَنَة ثَمانٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة.

(a) كذا في الأصل، وفي سير أعلام النبلاء (21: 386) ما يفيد برحلته إلى مصر والأخذ عنه بها، ويرد كذلك في ثنايا الترجمة.

ص: 558

سَمِعتُ رَفِيْقَنا أبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن شُحَانَة الحَرَّانيّ بها يَقُول: تُوفِّي حَمَّاد بن هِبَةِ الله الحَرَّانيّ بحَرَّان سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ بِظَاهِر البَلَد في الجَبَّانَة، رحمه الله.

وهذا وَهْمٌ، والصَّحيحُ ما ذَكَرْناهُ عن أبي الحُسَين القُرَشِيّ.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: وتُوفِّيَ بحَرَّان - يعني حَمَّاد بن هِبَة الله - في يَوْم الأرْبَعَاء الثَّاني والعشرين من ذِي الحِجَّة من سَنَة ثمانٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة.

قَرَأتُ في تاريخ أبي المَحَاسِن بن سَلامَة الحَرَّانيّ، بخَطِّ أبي مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن مُحَمَّد بن تَيْمِيَّة خَطِيْب حَرَّان، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي المَحَاسِن، قال: وفي الأرْبَعَاءِ ثاني عَشر ذِي الحِجَّة سَنَة ثمانٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، ماتَ الشَّيْخُ الحافِظُ رَضي الدِّين أبو الثَّنَاء حَمَّاد بن هِبَةِ الله بن فُضَيْل الحَرَّانيّ من أهْلِ العِلْم والحَدِيْث، سَمِعَ من السِّلَفِيّ أبي طَاهِر وغيره، وسَافَرَ فغابَ عن حَرَّان ستِّين سَنَة يَتَّجِر ويَكْتُب الحَدِيْث، وألَّفَ لحَرَّان تاريخًا لمَنْ دَخَلَها ومَنْ كان منها وبها من أهْلِ العِلْم والحَدِيْث وغير ذلك.

‌حَمَّاد العَدَوِيّ

(1)

شَهدَ وَفاة سُليمان بن عَبْد المَلِك بِدَابِق، رَوَى عنهُ يَعْقُوب بن جَعْدَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن

(1)

كان حيًا سنة 99 هـ.

ص: 559

سُفيان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيع بن رَوْح، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد الرَّحْمن، عن يَعْقُوبَ بن جَعْدَة، عن حَمَّاد العَدَوِيّ، قال: سَمِعْتُ صَوْتًا عند وَفَاةِ سُليْمان بن عَبْد المَلِك يقُول: [من الكامل]

اليَوْم حلَّتْ واسْتَقَرَّ قَرَارُها

على عُمَر (a) المَهْدِيّ قام عَمُودها

‌الحُمَارِس

رَجُلٌ له ذِكْرٌ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه (b).

‌حَمْدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن بَرَكَة بن أحْمَد بن صُدَيْق بن صَرُّوف القَاضِي، أبو عَبْد الله الحَرَّانيّ

(2)

أخُو حَمَّاد بن أحْمَد الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(3)

.

كان فَقِيهًا حَسَنًا، تَفَقَّهَ ببَغْدَاد على مَذْهَب أبي عَبْد الله أحْمَد بن حَنْبَل على أبي الفَتْح بن المَنِّيّ، وأبي الفَرَج بن الجَوْزِيّ، وسَمِعَ الحَدِيْث ببَلدهِ حَرَّان من أبي يَاسِر بن أبي حَبَّة، وأبي الفَتْح أحْمَد بن أبي الوَفَاءِ البَغْدَاديّ، وسَمِعَ ببَغْدَادَ أبا

(a) كذا في الأصل وكتاب المعرفة للفسوي، وعند اليوسي (زهر الأكم 2: 287): عمد.

(b) بقية الصفحة بياض في الأصل، تقدير أقل من نصفها.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 611، وانظر تاريخ ابن عساكر 45:165.

(2)

توفي سنة 634 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 434 - 435، تاريخ الإسلام 14: 134، تذكرة الحفاظ 4: 1419 (ذكر عارض)، العبر في خبر مَن غبر 3: 218 (وفيه: أحمد بن أحمد بن محمد)، سير أعلام النبلاء 23: 10 (ذكر عارض)، الوافي بالوفيات 13: 159، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2: 201، شذرات الذهب 7: 286، 291.

(3)

مرت ترجمته قريبًا في هذا الجزء.

ص: 560

الفَرَج بن الجَوْزِيّ، وأبا الفَتْح عُبَيْدَ الله بن عَبْد الله بن شَاتِيْل، وأبا الحُسَين عَبْد الحَقّ بن يُوسُف، وأبا مُحَمَّد شَافِع بن صالح الجِيْلِيّ، وعبد المُغِيْث بن زُهَيْر الحَرْبِيّ.

وحَدَّثَ بدِمَشْقَ وحَرَّان، وقَدِمَ علينا حَلَب حين أجْفَل أهْل حَرَّان من مَلِك الرُّوم كَيْكَاوُس بن كَيْخُسْرُو، ولم يَتَّفق لي بهِ اجْتِمَاع، وأظُنُّ أنَّه حَدَّثَ بحَلَب في تلك المرَّة.

وكان قد نُدِبَ إلى القَضَاءِ بحَرَّان فامْتَنعَ منه، ثُمَّ عَزَم عليه مُظَفَّر الدِّين كَوْكَبُوري بن عليّ كَوْجَك صَاحِب إرْبِل في وِلَايَة قَضَاء شَهْرَزُور، فوَلِيَ القَضَاء بها وسَار إليها، وتوَلَّى قَضَاءَها ثُمَّ تَرَكهُ، وعادَ إلى حرَّان، ثُمّ تَوجَّه إلى دِمَشْق وتُوفِّي بها.

وكَتَبَ لي ولده مُحَمَّد بن حَمْد بخَطِّه يَذْكُر أنَّ أباهُ تُوفِّي في سَابِع عَشر صَفَر من سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وستِّمائة. قال: وذَكَرَ، رحمه الله، أنَّهُ بَلَغَ عُمره إلى سَبْعةٍ وسَبْعِين سَنَة أو ثَمانية وسَبْعِين.

أخْبرَني أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف البِرْزَاليّ، قال: وفي يَوْم الأَحَد سادس عَشر صَفَر، تُوفِّي القَاضِي أبو عبد الله حَمْد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن صُدَيْق الحَرَّانيّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قَاسِيُون، وذلك سَنَة أرْبَعٍ وثلاثين وستِّمائة.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ

(1)

، قال: وفي السَّادِس عَشر من صَفَر - يعني من سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وستِّمائة -: تُوفِّي الشَّيْخ الفَقِيه أبو عَبْد الله حَمْدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن بَرَكَة بن أحْمَد بن صُدَيْق بن صَرُّوف الحَرَّانيّ الحَنْبَلِيّ، بدِمَشْق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قَاسِيُون.

تَفَقَّهَ ببَغْدَاد على مَذْهَب الإمَام أحْمَد بن حَنْبَل، رضي الله عنه، على أبي الفَتْح نَصْر بن فِتْيَان بن مَطَر المَعْرُوفُ بابن المَنِّيّ، وأبي الفَرَج عبد الرَّحْمن بن

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 434.

ص: 561

عليّ بن الجَوْزِيّ، وسَمِعَ بها من أبي الحُسَين عَبْد الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، وأبي الفَتْح عُبَيْد اللهِ بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن شَاتِيْل، وأبي العِزّ عبد المُغِيْث بن زُهَيْر بن زُهَيْر (a) الحَرْبِيّ، وأبي مُحَمَّد شَافِع بن صالح بن شَافِع الجِيْلِيّ وغيرهم، وسَمِعَ بحَرَّان من أبي يَاسِر عَبد الوَهَّاب بن هِبَة الله بن عَبد الوَهَّاب المَعْرُوف بابن أبي حَبَّة، وأبي الفَتْح أحْمَد بن أبي الوَفَاء، وحدث بحَرَّان، وأعادَ بالمَدْرَسَةِ بها مُدَّةً، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ.

لَقيتُه بحَرَّان، وسَمِعْتُ منه، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فذكَرَ ما يدُلّ تَقْريبًا أنَّهُ سَنَة ثلاثٍ أوَ أرْبعٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

وصُدَيق: بضَمِّ الصَّاد وفَتْح الدَّال المُهْمَلَتين، وياء سَاكنَة آخر الحَرْف وبعدها قَافٌ.

وصَرُّوف: بفَتْحِ الصَّادِ المُهْملَة، وتَشْدِيْد الرَّاء المُهْملَة وضَمّها وبعدها واوٌ سَاكِنَة وَفَاءٌ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَمْدَان

‌حَمْدَان بن الحَسَن بن عَبْد الله بن حَمْدَان بن حَمْدُون التَّغْلِبِيُّ، أبو المُظَفَّر ابن الأَمِير ناصِر الدَّوْلَة أبي مُحَمَّد بن أبي الهَيْجَاء

(1)

قَدِمَ مع أبيهِ ناصِر الدَّوْلَة حَلَب إلى عمه سَيْف الدَّوْلَة في سَنَة [سَبْع وأرْبَعين](b) وثَلاثِمائة، حين قَصَد مُعِزّ الدَّوْلَة بن بُوَيْه أباهُ ناصِر الدَّوْلَة، وكانت

(a) كذا في الأصل مكررًا، ومثله في كتاب التكملة للمنذري.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل تقدير كلمتين، وتقدم لابن العديم ذكر سنة قدومهم إلى حلب في ترجمة الأمير ناصر الدولة الحسن بن عبد الله والد حمدان. انظر فيما تقدم الجزء الخامس.

_________

(1)

كان حيًا سنة 363 هـ، وترجمته في: قطع تاريخية من عنوان السير للهمذاني 120، ابن الأثير: الكامل 8: 593 - 596، 626 - 633، 691، الوافي بالوفيات 13: 162، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 225 - 227.

ص: 562

الرَّقَّة لأبي المُظَفَّر حَمْدَان بن ناصِر الدَّوْلَة فاجْتَمَع إخْوَتهُ لحِصَاره بالرَّقَّة، فكَتَبَ أبو فِرَاس الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان إليهم

(1)

: [من السريع]

المَجْدُ بالرَّقَّةِ مَجْمُوعُ

[والفَضْلُ مَرْئِيٌّ ومَسْمُوعُ

إنَّ بها كُلَّ عَمِيْم النَّدَى

يَدَاهُ للجُودِ يَنَابِيْعُ

وكُلَّ مَبْذُول القِرَى بَيْتُهُ

على عُلا العَلْياء مَرْفُوعُ] (a)

قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السِّيَر، تأليف مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ

(2)

، قال: وكان لناصِر الدَّوْلَةِ أبي مُحَمَّد بن حَمْدَان أوْلَاد منهم أبو المُظَفَّر حَمْدَان، وهو مَذْكُور في التَّاريخ، وفي مَدِيْح ابن نُبَاتَة.

‌حَمْدَان بن حَمْدُون بن الحَارِث بن لُقْمَان بن رَاشِد (b) بن المُثَنَّى بن رَافِع بن الحَارِث بن غُطَيْف بن مَحْرَبَة بن جَارِيَة (c) بن مَالِك بن عُبَيْد بن [

] (d) بن عَدِيّ بن أسامَة بن مَالِك بن بَكْر بن حُبَيْب بن عَمْرو بن غَنْم بن تَغْلِب

(3)

واسْم تَغْلِب: دِثَار (e) بن وَائِل، وإليهِ يَنْتَسبُ بنو حَمْدَان كُلّهم، وحَمْدَان هذا كان بمَلَطْيَة، وهو الّذي بنى سُوْرَها.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، تركه المصنف ليستكمل عجز البيت الأول، وبيتين بعده، أدرجتها من ديوان أبي فراس الحمداني.

(b) في الأصل: الرشيد، وتقدم في ترجمة الحسن بن عبد الله بن حمدان صحيحًا، ويأتي على النحو المثبت في ثنايا الترجمة. وانظر أيضًا: وفيات الأعيان 2: 114، النجوم الزاهرة 4:16.

(c) كذا في الأصل، ومثله ما يرد في ترجمة سعيد بن حمدان (الجزء التاسع)، وقيَّده ابن خلكان (وفيات الأعيان 2: 114) وابن تغري بردي (النجوم الزاهرة 4: 16): حارثة.

(d) ما بين الحاصرتين أبقاه المصنف عمدًا كما وجده في سياقة الوزير ابن المغربي لنسب ابن حمدان، وسيشرح ذلك في ثنايا الترجمة، وليس في المصادر التي بسطت نسبهم ما يملأ الفراغ الذي أبقاه.

(e) مهملة في الأصل.

_________

(1)

ديواني أبي فراس الحمداني 186.

(2)

قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 120.

(3)

توفي سنة 282 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 10: 9، 37 - 44، المسعودي: مروج الذهب 5: =

ص: 563

ونَقَلْتُ نَسَبَهُ هكذا من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ، وبَيَّض ما بين: عُبَيْد ابن، وبين: ابن عَدِيّ، وضَبَّبَ عليه، إمَّا لأنَّهُ لَم يَعْرف اسْم مَنْ بينهما، وإمَّا لأنَّهُ شَكَّ في ذلك، ووَقَعَ إليَّ نَسَبَهُ بغير خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم، وذَكَرَ نَسَبهُ مُتَّصِلًا إلى عُبَيْد بن عَدِيّ بن أُسامَة هكذا إلى تَغْلِب.

قال الوَزِير أبو القَاسِم

(1)

ونَقَلْتُه من خَطِّهِ: وبعضُ حُسَّادِ هؤلاءِ القَوْم يَرْميهم بالدِّعْوَة

(2)

، ويقُول إنَّهم مَوَالِي إسْحاق بن أَيُّوب التَّغْلِبِيّ! وذلك بَاطِلٌ، وأصْلُهُ أنَّ كَثِيْرًا منهم أسْلمُوا على يَدِ إسْحاق هذا فتطرَّق القَوْل عليهم لأجْل ذلك، وقد قال الشَّاعرُ

(3)

: [من البسيط]

إنَّ العرَانين تلْقاها مُحَسَّدَةً

ولَن تَرَى للئام النَّاسِ حُسَّادا

قال الوَزِيرُ

(4)

: وحَدَّثَني أبي، قال: سَألْتُ الحُسَين بن بَكْر الكِلابِيّ النَّسَّابَة - قال: وكان أحْفَظ خَلْقِ اللهِ لأنْسَاب العَرَب وأخْبَارها ومَثَالِبها ومَنَاقِبها - عن السَّبَب في اسْتِرْذَالِ العَرَب غَنِيًّا وبَاهِلَة، فقال: واللهِ إنَّ فيهما لفَضْلًا غَزِيرًا،

= 151، الهمذاني: قطع تاريخية من عنوان السير 121، ابن الأثير: الكامل 7: 188، 271، 333 - 334، 362، 419، 453 - 477، ابن خلدون: العبر 6: 161، 169، محسن الأمين: أعيان الشيعة 277 - 229.

(1)

هذا النص والذي يليه هما مما ضاع من كتاب أدب الخواص للوزير المغربي، إذ وصلنا الجزء الأول منه، ونقل ابن خلكان النص الثاني منهما في كتابه وفيات الإعيان (4: 91)، ونصّ على أنه من كتاب أدب الخواص، وفي ترجمة سعيد بن حمدان الآتية في هذا الكتاب (الجزء التاسع) يذكر ابن العديم أنه أخذه من كتاب المأثور في ملح الخدور للوزير ابن المغربي، ولعل ابن المغربي أدرجه في كتابيه المذكورَيْن.

(2)

الدِّعْوة بالكسر: الاتهام في النسب. لسان العرب، مادة: معد.

(3)

ينسب بيت الشعر لعمر بن لجأ التيمي (الحماسة البصرية 1: 446، وفيات الأعيان 6: 283)، ونسبه المرزباني (معجم الشراء 369) للمغيرة بن حبناء التميمي.

(4)

في الضائع من كتاب أدب الخواص للوزير المغربي، انظر وفيات الأعيان 4:91.

ص: 564

وفَخْرًا كَثِيْرًا، غير أنَّهُ غَمرهما فَضْل أخوَيْهما: فَزَارَة وذُبْيَان من غَطَفَان بن سَعْد بن قَيْس عَيْلَان، وكذلك أصْغَرُ مَنْ في وَلد حَمْدَان أكْبَر من كُبَرَاء غيرهم.

قُلتُ: مَنْ قال إنَّهم مَوَالِي إسْحاق بن أَيُّوب فالظَّاهر أراد أنَّهم مَوَالِي المُوَالاة لأنَّ الّذين أسْلَموا على يده مَوَالِي مُوَالاة لا مَوَالِي عَتَاقة.

قُلتُ: وكان حَمْدَان بن حَمْدُون من الكُرَمَاء الأجْوَاد، والشُّجْعَان الشِّدَاد، وممَّن له ذِكْرٌ في الغَزْو والجِهاد، وقد بَنى سُور مَلَطْيَة، وأنْفَق عليه سَبْعِين ألفَ دِيْنار.

وقد ذَكَرَهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ المُؤرِّخ، في كتاب عُنْوَان السِّيَر في مَحَاسِن أهل البَدْو والحَضَر

(1)

، فقال: تغَلَّبَ حَمْدَان بن حَمْدُون بن حَارِث بن لُقْمَان بن رَاشِد التَّغْلِبِيّ على دَارَا ونَصِيبِيْن، وتَحَصَّنَ بقَلْعَة مَارِدِين، فخرَج إليهِ المُعْتَضِد باللهِ، ووَقَف على بابها، وقال: يا حَمْدَانُ، افْتح البابَ، ففتَحَهُ وجلَس المُعْتَضِدُ باللهِ، فأمَرَ بنَقْلِ ما فيها وهَدْمِها، ثمّ رَضي عن حَمْدَان، وأمَّرَهُ على ما تغلَّبَ عليه.

وكان أهْلُ المَوْصِل ودِيَار بَكْرٍ قد عَمَّهم الغَلَاءُ ثلاثة أعْوام، فحَمَل إليهم حَمْدَانُ من الأقْوَاتِ ما أرْخَصَ أسْعارَهُم، وأنْفَقَ على سُور مَلَطْيَة سَبْعِين ألفَ دِيْنارٍ، ووَقَفَ أربعمائة فَرَس عليهم، وتُوفِّيَ في سَنة اثْنَتَيْن وثَمانِيْن ومَائتَيْن (a).

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل أزيد من نصفها.

_________

(1)

قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 121.

ص: 565

‌حَمْدَانُ بن عبد الرَّحيم بن حَمْدَان بن علي بن خَلَف بن هِلال بن نُعمَان بن دَاوُد، أبو الفَوَارِس ابن أبي المُوَفَّق التَّمِيْمِيّ الأثَارِبيُّ، ثمّ الحَلَبيُّ

(1)

من وَلد حَاجِب بن زُرَارَة التَّمِيمِيّ، أصْلُهُ من قَرْيَةٍ من قُرَى حَلَب يُقال لها: مَعْرَاثَا الأثَارِب

(2)

، وكانت جَارِيَةً في مُلكِه ومن أوْلادِهِ انتقَلت إلى مُلَّاكها الآن، ثُمَّ انْتَقَلَ هو وأبوهُ إلى الأثَارِب فسَكَنا بها، وكان أكْثَر مقامهِ بالجَزْر يَتَردَّد في نَوَاحيهِ في الدَّوْلَتَين الإسْلَامِيَّةِ والفِرِنْجيَّةِ، ووَلِيَ في الجزر أعْمَالًا للدِّيْوَان في دَوْلة أتَابِك زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر.

وحَكَى لي الصَّدْر بَهَاء الدِّين أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخَشَّاب أنَّهُ لمَّا كان الجَزْرُ في أيدِي الفِرِنْج ولّوا حَمْدَان بن عبد الرَّحيم فيه أعْمَالًا وصَادرُوه بعد ذلك.

(1)

توفي سنة 542 هـ، وترجمته في: تاريخ حلب للعظيمي 147 تاريخ ابن عساكر 15: 161 - 163، مجم الأدباء 3: 1208 - 1210، ابن الساعي الدر الثمين 363، المنتقى من أخبار مصر لابن ميسر (انتقاه المقريزي) 131، السخاوي: الإعلان بالتوبيخ 260، الزبيدي: تاج العروس، مادة: ثرب (نقلًا عن ابن العديم)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 434 - 435، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 211 - 213. وانظر دراسة عصام عقلة ويوسف بني ياسين: المؤرخ حمدان الأثاربي (460 - 542 هـ 1068/ - 1147 م) وكتابه سيرة الإفرنج الخارجين إلى بلاد الإسلام "دراسة في أول كتاب تاريخ عربي إسلامي عن الحملة الصلبيبة الأولى"، ضمن كتاب بحوث ودراسات مهداة إلى محمد عدنان البخيت (عمان: الجامعة الأردنية، 2013 م) 161 - 193.

(2)

معراثا الأثارب: توجد بنواحي حلب ومعرة النعمان عدة قرى باسم معراثا، وتقدم ذكر معراثا البريدية. ومعراثا الأثارب قرية من ناحية الجزر في حلب، وهي إما القرية المسماة اليوم: معارة الأتارب - بالتاء - وتقع على بعد 2 كم شمال بلدة الأتارب، أو القرية المسماة معراتة المسلمية وتبعد عن ناحية جبل سمعان نحو 18 كم باتجاه الشمال، وكلاهما من محافظة حلب. انظر: ياقوت: معجم البلدان 5: 154، طلاس: المعجم الجغرافي 2: 51 - 52، 5: 293، 298.

ص: 566

وحَكَى لي حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيمِ أنَّ عَمّ أبيهِ حَمْدَان بن عبد الرَّحيمِ تولَّى دِيْوَان مَعَرَّة النُّعْمَان في بعض السِّنِيْن، ووهبَهُ صَاحِبُ الأثَارِب الفِرِنْجيّ قَرْية تُعْرف بمعرْبُونيّة

(1)

من نَاحِيَة معرَّة مَصْرِيْن، ودَامَت في يَده بعد أخْذ المُسْلمِيْن البِلاد من أيْدى الفِرِنْج، وَسَنَذْكُر سَبَب تَمْليك القَرْيَة إيَّاهُ في أثْناء هذه التَّرْجَمَة، وما زَالت معرْبُونيّة في أيْدي أهْله إلى زَمَننا.

قُلتُ: وسَكَنَ حَمْدَان حَلَبَ، وسُيِّر رَسُولًا إلى الفِرِنْج، وسُيِّر إلى مِصْر إلى الآمرِ الفَاطِميّ

(2)

، وسُيِّر أيْضًا إلى دِمَشْق رَسُولًا إلى طُغْتِكِين أتَابَك، ودَخَلَ بَغْدَادَ.

وكان هذا حَمْدَان بن عبد الرَّحيم خَليْعًا، كَثِيْر الانْهِماك في الشُّرب في قُرَى الجَزْر ونَوَاحِيها والدِّيَرَة والمُتَنزَّهَات في جَبَل سمْعَان والجبل الأعْلَى، وكان قد شَذَا طَرِفًا من الأدَب، واطَّلع على التَّوَاريخ وأيَّام العَرَب، وحصَّل قِطْعَةً صالِحةً من معْرفَة النُّجُوم والطِّبِّ.

وصَنَّفَ كِتَابًا في أخْبَار بني تَمِيْم، وأيَّامهم، جَمَعَ فيهِ فَوَائِد كَثِيْرة، وأشْعَارًا حَسَنَة، وضمَّنَهُ ذِكْر مآثرهم، وأخْبَارهم، ووقَائِعهم، وأشْعَارهم، وانْتَسَب فيهِ إلى بني تميْم ووَسَمَهُ بالمِصْبَاح

(3)

.

ووَضَع كِتَابًا في تاريخ حَلَب من سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، ضمَّنَهُ أخْبَار الفِرِنْج، وأيَّامَهُم، وخُرُوجهم إلى الشَّام من السَّنَة المَذْكُورَة وما بعدها، وسَمَّاهُ المُفَوَّف

(4)

.

(1)

تقدم التعريف بها في الجزء الأول من الكتاب.

(2)

كانت سفارته إلى الخليفة الآمر بمصر سنة 520 هـ. انظر أخبار مصر لابن ميسر 131.

(3)

ذكره ابن الساعي بنحو هذا العنوان، وهو في حكم المفقود. انظر: الدر الثمين 363.

(4)

تقدم التعريف بالكتاب لأول نقله عنه في الجزء الأول، وانظر أيضًا: النتقى من أخبار مصر لابن ميسر 131.

ص: 567

وله شِعْرٌ حَسَنٌ، لَطِيْفُ الألْفَاظِ، عَذْبُ المُجَاجَة، ورُبَّما يقع فيه ألْفَاظ مَلْحُونَة، وَقَعَ إليَّ دِيْوان شِعْره بخَطِّه، وقد سَقَطَ منه شيءٌ. وكانَ موْلدُهُ في حُدُود السِّتِّين والأرْبَعمائة.

وقرأ الأدَب على الشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، ورَوَى عن أبي نَصْر بن الخَيْشِيّ، وعن أبيهِ عبد الرَّحيم. رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن المُحَسِّن المِلْحِيّ، وابن أخيه عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيم، وسَعِيْد بن أخت نُعْمَان رئيس مَعَرَّة النُّعْمَان.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ بدمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحسن بن هِبةِ الله

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد اللهِ مُحَمَّد بن المُحَسِّن بن أحْمَد المِلْحِيُّ لفظًا قال: حَمْدَانُ بن عبد الرَّحيِم الطَّبِيْبُ الأثَارِبيُّ، وَصَلَ إلى دِمَشْق رَسُولًا إلى أتَابَك طُغْتِكِين (a)، وكان رجُلًا وَسِيْمًا جَسِيْمًا (b)، مُتَشبِّثًا بأهْدَاب الأدَب في طَلَب العِلْم، كَثِيْر الدُّؤُوب، كَريْم (c) النَفس، له بجميع من يَمُرّ بهِ من الأُدَبَاءِ صُحْبَةٌ وأُنْسٌ، اجْتازَ بهِ في بعض السّنِيْن الأَمير مُهَنَّد الدَّوْلَة أبو نَصْر بن الخيْشِيّ، فأنْزَلَهُ بدَارِه في الأثَارِب وأقامَ عنده أَشْهُرًا، فأَنْشَدَني ما عَملَهُ الخَيْشِيّ وقد وَافَى هِلالُ شهر رمَضَان

(2)

: [من الكامل]

لله من قَمَرٍ رَآني مُعْرضًا

عنه وإعْرَاضي حذارَ وُشَاته

طلعَ الهِلَالُ فقُمْتُ (d) أعْمل حِيْلَةً

في قُبْلةٍ تَجنِي جَنَى وجَنَاته

فَمَضى وقال تصُدُّ عن قَمَر الهَوَى

لتَرَى الهِلَال أرْقَأْ (e) إلى دَرجَاته

(a) ساقط من نشرة ابن عساكر.

(b) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن عساكر.

(c) ابن عساكر: كثير.

(d) ياقوت: فقلت.

(e) ياقوت: رقى.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 161.

(2)

الأبيات في معجم الأدباء 3: 1210.

ص: 568

فأنا وحقّ هَوَاكَ أبْعَدُ مُرْتقيٍّ

منه وتَأثيِري كتأثيراتهِ

أنا كَامِلٌ أبدًا وذلك ناقصٌ

فاعزم بوَصْفِي جاهدًا (a) وصِفَاته

قَرأتُ في بعض تَعْلِيقاتي من الفَوَائِد أنَّ حَمْدَان مَضَى إلى بَغْدَاد في سَنَة أرْبَعيْن وخَمْسِمائَة، وعَمل بها، وأظُنُّني نَقَلتُهما من خَطِّه

(1)

: [من الرمل]

إنَّ بَغْدَاد لمَنْ أبْصَرَها

ورآهَا طرفةً بين البِلَادِ

فتَأمَّلْهَا تَرَاهَا عَجَبًا

نِعْم بِيضٌ على قَوْمٍ سَوَادِ

لو قال: تَجِدْها، كان أجْوَد.

سَمعتُ بعض بني عبد الرَّحيم يقُول لي: إنَّ حَمْدَان كان سُيِّر من حَلَب رَسُولًا إلى مِصْر في أيَّامٍ الآمر بن المُسْتَعْليّ، وكان من عادَة الرُّسُل أنَّهم يَجْتَمعُون بالآمر ويَجْلسُون بينَ يديْهِ، فلم يَسْتَحْضر حَمْدَان لأنَّهُ نُقِلَ إليه أنَّهُ حَشِيْشيٌّ، فكَتَبَ إِليه أبياتًا يَطْلبُ الحُضُور وتَنَصَّلَ ممَّا قُرِفَ بهِ عنده، فأذِنَ له الآمِرُ، فلمَّا مَثَل بين يَدَيْهِ ارْتَجل وقال:[من الطويل]

سَلَامٌ ورِضْوَانٌ ورَوْحٌ ورَحْمَةٌ

على الآمِر الطُّهْر الزَّكِيِّ المُنَاسِب

إمامٌ إذا جَادَ الحجابُ لنابهِ

أثَرنا ثَرَى أقْدَامِهِ بالحَوَاجِب

أخْبَرني أبو الفَوَارِس حَمْدَانُ بن عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيم، قال: حَدَّثني وَالدِي عبد الرَّحيم بن سَعيد، قال: كان عمِّي الرَّئِيس أبو الفَوَارِس حَمْدَان قد قرأ على الشّيخ أبي الحَسَن بن أبي جَرَادَة النَّحو واللُّغَة وعلْم الهَنْدَسَة والنُّجُوم وغير ذلك، واتفق له أنْ خَرَج إلى مَعْرَاثَا الأثَارِب، وهي مُلْكُله، وكانت في يَدِ

(a) ياقوت: فاجهد بوصفي ممنعًا.

_________

(1)

البيتان في معجم الأدباء 3: 1208.

ص: 569

الفِرِنْج إذ ذاك، فَمرض صَاحِبُ الأثَارِب سِيْر مَنْويْلِ، وهو ابن أُخْت صَاحِب أنْطَاكِيَة، فدَخَل إليه وعالجَهُ حتَّى بَرَأ، فلمَّا أبَلَّ مَرَضِهِ سَيَّر سِيْر مَنْويْل إلى حَمْدَان وقال له: تَمَنَّ، فطَلَبَ منه قَرْيَةً، فأعْطَاهُ معرْبُونيّةَ، فسَكَنَ فيها مُدَّة ثلاثين سَنَة، وعَمَّرها واتَّخذها مَنْزِلًا، فأرْسَل إليهِ الشَّيْخ أبو الحَسَن بن أيي جَرَادَة يَعْتِبه على مقامه تحت أيْدِي الفِرِنْج ويَلُومُه على ذلك، فكَتَبَ إليه

(1)

: [من البسيط]

وقَائل عَائِب لي إذ رَأى شَغَفِي بقَرْيَةٍ

ليس سُكَّناها من الشَّرَفِ

ماذا دَعَاكَ إلى هذا فقُلْتُ له

صُرُوفُ دَهْرٍ وصَرْف الدَّهْر غير خَفِي

بُخْلُ الوَفيّ وإعْرَاض الرَّضِيِّ وتَقْـ

ـصِيْرُ الصَّفِيّ وظُلْم المُشْرف الحَنَفِيّ

فإنْ أقمتُ به فالمِسْكُ موْطنُهُ

في جِلْدَةٍ ومَقَر الدُّرِّ في الصَّدَفِ

قال: فهَجَرتهُ زَوْجَتُه بنْتُ المُعَمَّم، وامْتَنَعَت من الخُرُوج إليه إلى القَرْيَة، فكَتَبَ إلى ابن أخيهِ المُنْتَجَب أبي سَالِمٍ بن أبي الحَسَن بن عبد الرَّحيم:[من الخفيف]

يا أبا سَالِمٍ سَلمِتَ على مَـ

ــرِّ اللَّيالِي وزادَكَ اللهُ قَدْرَا

وأرتْني فيكَ الأمَانِي وفي صنْ

ــويك ما أبْرَقَ الغَمَامُ ودَرَّا

خُذْ حَدِيثي واعْرِفْهُ لا تُعْدَم

حرفًا حَرْفًا وسَطْرًا سَطْرَا

أنا شَيْخ هِمٌّ وقد أكَلَ الدَّهـ

ــرُ شَبَابي واعْتَضْتُ باليُسْر عُسْرا

سَاكِنٌ في خَرَابةٍ بين قَوْم

دَأبهُم كُلُّهُم حِرَاثُ الصَّحْرَا

لا أرَاهُم ولا يَرَوْنِي إلَّا

مثِل غَمر الأحْبَاب بالجَفْن سِرَّا

وإذا ما جَلَسْتُ فيهِم فما أَسْـ

ـمَعُ منهم إلَّا كَلَامًا هُجْرَا

قَاسَ زَرْعِي وخَاس قُطنِي

وقد أَعْنَبَ ثَوْري ومشْفَنِي قد تَفَرَّا

هذه ألْفَاظٌ يستعملُها الفَلَّاحُون فيما بينهم.

(1)

الأبيات في معجم الأدباء 3: 1210.

ص: 570

ثُمَّ أنتُم كُنْتُم جوَاري وسُمَّا

ري فبنْتُم لسُوءِ حَظِّي طُرَّا

والّتي كانت القَرِينَة من خَمْسِين

عامًا أبدتْ فِرَاقًا وهَجْرَا

تَرَكَتْني أدُور في الدَّار كالحيـ

ـرَان وَحْدي أُكَابد العَيْشَ ضُرَّا

أكْنسُ الدَّار أُضْرم النَّار أجْلُو

القِدْر أَطْهِي أدقُّ للقِدْر بزْرَا

واقْتِرَاحي عليك أيَّدَكَ اللـ

ـــه بفَخْرٍ منه وزادَكَ فَخْرَا

أنْ تُقْضِي حَوَائِجي قبل أَقْضِي

وتُدَارِي ما أَرْبى قبل أُدْرَا

وإذا أنتَ نمْتَ عنها وما أعددْتَ

للخَطْب قبل يُسْرِكَ يُسْرَا

هَاتِ قُل لي فَمنْ لها غيرِكُم عَوْ

نًا حلا الدَّهْر في فَمِي أو أَمرَّا

فاشْتَرُوا لي وَصِيْفةً أو غلامًا

أو فَرُدُّوا قَريْنَة العُمر قَسْرَا

وكأنِّي بكُم وأنتُم تَقُولُ

ون تُرى عَمُّنَا يُحاولُ أَمْرَا

بَعْدَ عُمرَين عاد يَهوَى التَّصَابي

ويُرَجِّي لبَقْلِهِ له أنْ يُطَرَّا

ذَهَبَ الأطْيَبان هَيْهاتَ أنْ

يشْمَخ مُهْرًا من كان بِرْذَوْن كسْرا

وكانت هذه القَرْيَة معرْبُونيّة حينَ وَهَبَهُ إيَّاها صَاحِبُ الأثَارِب في أواخر سَنَة إحْدَى وعشرين وخَمْسِمائَة دَاثِرَةً مُوْحشةَ الصُّوَى، فنَزَلها وأحْضَر إليها أهْلَهُ، وعمَّر بها دارًا، وأحْضَر إليها فلَّاحين وأَكَرَةً، وعَمر غَامِرَها وزَرَعَهُ واسْتَغَلَّهُ.

وسَيَّرَ إليَّ الصَّدْر أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إبْراهيم بن الخَشَّاب كَرَارِيْس من شِعْر حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بخَطِّهِ، فقَرَأتُ فيها أبْيَاتًا كَتَبَها بعد خُرُوجهِ من معرْبُونيّة إلى جِيْرَانه بها، وهي

(1)

: [من الطويل]

أَسُكَّانَ عُرْشِيْن (a) القُصُور عليكُمُ

سَلَامِيَ ما هَبَّتْ صَبًا وقَبُولُ

(a) ضبطها ياقوت بفتح العين. معجم البلدان 4: 101.

_________

(1)

تقدم إثبات أبيات الأثاربي في الجزء الأول عند الكلام على الجبل الأعلى.

ص: 571

ألَا هَلْ إلى حَثِّ المَطَايا إليكُمُ

وشَمّ خُزَامَى حَرْبَنُوشَ سَبِيْلُ

وهَلْ غَفَلَاتُ العَيْش في دَيْر مَرْقُسٍ

تعود وظِلُّ اللَّهْو فيه ظَلِيْلُ

إذا ذَكَرَتْ لذَّاتَها النَّفْسُ عنْدَكُم

تلاقَى عليها زَفْرَةٌ وعَوِيْلُ

بِلادٌ بها أَمْسَى الهَوَى غير أنّني

أَمِيْلُ مع الأقْدَار حيثُ تَمِيْلُ

أنْشَدَنا أبو الفَوَارِس حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيم، قال: أنْشَدَني وَالدِي أبو المُوَفَّق عبد الرَّحيم بن سَعيد، قال: أنْشَدَني عَمِّي حَمْدَان بن عبدِ الرَّحيم لنَفْسِه

(1)

: [من المنسرح]

دَيْر عُمَان (a) ودَيْر سَابَان هِجْـ

ــنَ غَرَامي وزِدْنَ أشْجَاني

إذا تَذَكَّرتُ فيهما زَمَنًا

قَضَّيْتُهُ في عُرَامِ رَيْعَانِي

يا لهفَ نفسِي ممَّا أُكَابدُهُ

إنْ لَاحَ بَرْقٌ من دَيْرِ حُشْيَان

وإنْ بدَتَ نفحةٌ من الجانب

الغَرْبيّ فاضَتْ عُرُوبُ أجْفَاني

وما سَمِعْتُ الحَمَامَ في فَنَنٍ

إلَّا وخِلْتُ الحَمَامَ فَاجَاني

ما اعْتَضْتُ مُذْ غبْت عنهما بَدَلًا

حاشَى وكلَّا ما الغَدْر من شَانِي

كيفَ سلُوّي أرْضًا نعمْتُ بها

أم كَيْفَ أنْسَى أهْلي وإخْوَاني (b)

لا جِلَّقٌ (c) رقنَ لي مَعَالمُها

ولا أطَّبَتني أنْهَارُ بُطْنَانِ

ولا ازْدَهَتْني في مَنْبج فُرصٌ

راقَتْ لغَيْري من آلِ حَمْدَانِ

يَعْني: أبا فِرَاس بن حَمْدَان، وكان يَتَشوّق مَنَازِله بمَنْبج في شِعْره.

لكن زَمَاني بالجَزْر أذْكَرَني

طِيْبَ زَمَاني بهِ فأبْكَاني

(a) هكذا ضبطه المؤلف - حيثما يرد - بضم العين، وعند ياقوت (معجم البلدان 3: 534) والزبيدي (تاج العروس، مادة: دير): بالفتح.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: "في نسخة: وأوطاني".

(c) كتب ابن العديم في الهامش: "في نسخة: حلب".

_________

(1)

أورد ياقوت بيتان من طالع القصيدة في كلامه على دير عمان. معجم البلدان 2: 524.

ص: 572

يا حَبَّذَا الجَزْرُ كم نَعِمْتُ بهِ

بين جِنَانٍ ذَوَاتِ أفْنَانِ

بين جِنَانٍ قُطُوفُها ذُلُلٌ

والظِّلُّ وَافٍ وطَلْعُها دَانِ

قُلتُ: وهذان الدِّيْران: دَيْر عُمَان ودَيْر سَابَان، هما خَرِبان، وفيهما بناءٌ عَجَيْبٌ، وقُصُور مُشْرقة، وبينهما قَرْيَةٌ تعرف بتُرُمَّانِيْن

(1)

من قُرَى جَبَل سِمْعَان، أحَدُ الدَّيْرَين من قِبْليّ القَرْيَة والآخر من شماليّها، وقد ذَكَر الخالِديّان: أبو بَكْر وأبو عُثْمان، وأبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كابَي الدِّيَرَة

(2)

، دَيْر رُمَّانِيْن، قالُوا: ويُقال له دَيْر سَابَان

(3)

، وذَكَروا قِصَّةً جَرَتْ فيه لعُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه في الجاهِلِة سَنَذْكُرها في تَرْجَمةِ عُمَر

(4)

رضي الله عنه إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى، وقد غُيِّر اسْم القَرْيَة لطُول الزَّمان. ودَيْر سَابَان ودَيْر عُمَان باللِّسَان السُّرْيَانيّ، ومعنى دَيْر عُمَان باللِّسَان السُّرْيَانيّ: دَيْر الجماعَة، ودَيْر سَابَان مَعْناهُ: دَيْر الشَّيْخ؛ لأنَّ سَابَا بالرْيَانيّ الشَّيْخ، فعُرِّبا فقيل: سَابَان وعُمَان.

أخْبَرَنِي أبو الفَوَارِس بن أبي المُوَفَّق بن سَعيد الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَني سَعيد ابن أخت نعمَان رَئيس المَعَرَّة بقَلْعَة حَلَب، قال: قَدِمَ الرَّئِيس حَمْدَان بن عبد الرَّحيم مَعَرَّة النُّعْمَان، نجلَس هو والرَّئِيس نُعْمَان رَئيْس المَعَرَّة خاليّ، وجَمَاعَة من أهْلِ المَعَرَّة على مَجْلِس لَهْو وشُرب بمَعَرَّة النعْمَان، وكان عندهم مُغَنِّية تُدْعى سِتّ النَّظَر، فافْتَرقَوا بعد هَزِيع من الليل، وقام حَمْدَان بن عبد الرَّحيم سَكْران وفرش له فِرَاش

(1)

ترمانين: قرية - والآن مدينة - تقع في ريف إدلب، بمنطقة حارم، إلى ناحية الغرب من حلب، وتبعد عن مدينة حلب نحو 33 كم، وعن بلدة الدانا مسافة 4 كم إلى ناحية الشمال الشرقيّ، ولا زالت إلى اليوم بها آثار الدير وإلى الجنوب منه آثار كنيسة. طلاس: المعجم الجغرافي 2: 451 - 452.

(2)

أي كتاب الديارات للخالديين وكتاب الديارات للشمشاطيّ، وتقدم التعريف بهما فيما تقدّم.

(3)

وهو ياقوت أيضًا من أن دير رمانين ودير سابان واحد. معجم البلدان 2: 511، 513، وانظر: مسالك الأبصار لابن فضل اللّه العمري 1: 430 - 432.

(4)

ترجمة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في جزء ضائع من الكتاب.

ص: 573

بقُبَّة الأَمِير أبي الفَتْح بن أبي حَصِيْنَة بمَعَرَّة النُّعْمَان، وكانت قُبَّةً عاليةً، ونام وقامَ ليَقْضِي حَاجَة وهو في سُكْره، فسَقَطَ من أعْلَى القُبَّة إلى الدَّار، فعَلِمَ بهِ الرَّئِيس نُعْمَان وأصْحَابه فبادرُوا إليهِ وحَمَلوه، وأقْسَم نُعْمَان على أصْحَابهِ أنْ لا يُعْلمُوه بما جَرَى، ووَضَعُوه على فراشه وسَكنُوه سَاعةً، ثُمَّ أرْسِلُوا خَلْفَ ستّ النَّظَر المُغَنِّية وأحْضَرُوها، فجلَسَت عند رَأسِهِ وغنَّتْ، فهَبَّ من رقْدتِهِ وجَلَسَ واسْتَطاب وَقْتَهُ، فسَألوهُ أنْ ينظِم في ذلك شيئًا فعَمل

(1)

: [من المتقارب]

أيا صَاح قد صَحاح دِيْكُ الصَّبَاح

وهبَّتْ تُغَنِّيك سِتُّ النَّظَر

بلَفْظ هو السِّحْر سِحْرُ الحَلَال

ووَجْه حَوَى الحُسْنَ مثْلَ القَمَر

وتَشْدُوك قُم وتَنَبَّه لها

وبَاكِر صبُوْحَكَ قبل البُكَر

أَفِق كم تنامُ وهَاتِ المُدَامَ

ورَقْرِقْ لنا الجَامَ وُقِّيْتَ نَشَر

أَمَا تَنْظِرُ الفَجْرَ خَلْف الظَّلَام

مُحِثًّا وأعْلَامَهُ قد نَشَر

وقد سَامَحَتْكَ صرُوفُ الزَّمانِ

وكُفَّتْ أكُفُّ القَضَا والقَدَر

فما العُذْرُ في شك شُرْب المُدَام (a)

ونَهْب الأبَاريْق كَرًّا وَفَر

فحُثّ الشّمُول بخَفْق الطُّبُولِ

ونَفْخ الزَّنَامَى (b) وقرع الوَتَر

فما رَوْنقُ الدَّهْر بَاقٍ عليك

فخُذْ ما صَفَا واجْتَنِبْ ما كَدَر

قال سَعِيد: فبَقي حَمْدَان مُدَّةً لا يَعْلَم بما جَرَى، إلى أنْ خَطَر لي أنْ قلتُ لهُ: ما تقُول يا مَوْلاي فيمَن سَقَطَ من هذا المكان إلى أسْفَل؟ فقال: ما يَجْمَعُ الله به شَمْلًا، فقُلتُ: أمَا تذْكُر ليلَة أيا صَاح قداح دِيْكُ الصَّبَاح؟ فقال: ما جَرَى؟ فقَصَصْتُ عليه القِصَّة، فقال: لهذا تُؤْلمُني أعْضَائي من ذلك اليَوْم، ثُمَّ ألْقَى نفسَهُ مَرِيْضًا فبَقي على الفراش مَطْرُوحًا شهرين (c).

(a) ياقوت: الشمول. ياقوت: الزماري.

(b) ياقوت: الزماري.

(c) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

وانظر الأبيات في مُعْجَم الأدباء 3: 1209.

ص: 574

أخْبَرَني حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيم أنَّ عَمَّ أبيهِ حَمْدَان بن عبد الرَّحيم تُوفِّي سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وقد جَاوزَ الثَّمانيْن.

‌حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعِيد بن عبد الرَّحيِمِ بن حَمْدَان بن عليّ التِّمِيْمِيّ، أبو الفَوَارِس بن أبي المُوَفَّق

(1)

وَلَدُ ابن أخي الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ.

شَيْخٌ حَسَنٌ مَسْتُور، يَحْفظُ أشْعَارًا كَثِيْرة، ونَوَادر مُسْتَملحَة، رَوَى عن أَبِيهِ، وعن سَعيد ابن أُخْت نُعْمَان، و [

] (a).

علَّقْتُ عنه فَوَائِد تتعلَّق بالحَلِبِيِّيْن منها ما قد رَوَيناهُ عنه في تَرْجَمةِ عَمّ أبيهِ المُقَدَّم ذِكْرهُ.

أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعيد إمْلاءً من لفظه، بمَعْرَاثَا عَمَلَّس

(2)

، قَرْيَة على مَقْرُبة من حَلَب - كان شَرِيكنا فيها - قال: حَدَّثَني أبي أنَّ عَمَّهُ حَمْدَان بن عبد الرَّحيم كان ذات يَوْم بحَلَب في حُجْرة له بباب أنْطَاكِيَة جالِسًا على شَرَاب وعنده نُدَمَاؤه، فخرج ابن أبي جَرَادَة - إمَّا أبو الحَسَنٍ أو أحد وَلَديه - من داره، وكانت مُجَاورة لدار حَمْدَان، فجلَس على سُور المَدِينَة يتَفَرَّج على المَارَّة تحتَهُ تحت الطَّيَّارة الّتي لَحْمدَان، فعَلم حَمْدَان بذلك، فسَكَت وأَسْكَت مَنْ

(a) موضع ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر خمسة كلمات، ولم نقف على ذِكْر لمشايخه الذين أخذ عنهم.

_________

(1)

توفي سنة 631 هـ.

(2)

معراثا عملس: لم نهتد إلى موضعها أو التعريف بها، ولم يذكرها ياقوت في معجمه، ولعلها الآن - اعتمادًا على تحديد المؤلِّف لها - من ضواحي حَلَب، وتقدم ذِكْر عدد من القرى السماة بمعراثا، منها: معراثا البريدية، ومعراثا الأثارب.

ص: 575

حَوْله وأخْفَى نفسَهُ، وأطَالَ ابن أبي جَرَادَة الجلُوسَ، فأخَذَ حَمْدَان رُقْعَةً وكَتَبَ إليهِ هذه الأبْيَات:[من المنسرح]

عَبْدُكَ في بَيْته على صِفَةٍ

للسُّكْر فيها حَظٌّ وللطَّرَب

ووَقْتهُ يقتضي حُضُورك يا

أكْرَم بيتٍ في العَجَم والعَرَب

لكنَّما الاحْتِشَام يمنَعُه

أنْ يَجْمَعَ الجدَّ فيه باللَّعِب

فانْعِم وجَمِّلْ أو فانْصَرف

فلقد خِفْناك لمَّا خِفْنا على الأدَب

قال: فقام ابن أبي جَرَادَة وانْصَرَفَ إلى دَاره.

تُوفِّي أبو الفَوَارِس بن عبد الرَّحيم هذا بحَلَب في سَنَة إحْدَى وثَلاثين وسِتِّمائة، وكانت وفاته ليلَة الأَحَد حَادِي وعشرين من شهر رَمَضَان من السَّنَة؛ أخْبَرَني بذلك وَلده.

‌حَمْدَان بن على بن مُحَمَّد بن حَمْدَان الشَّيْبَانِيّ، أبو يَعْلَى المَوْصِلِّي ثمّ الحَلَبيّ الصُّوْفيّ

(1)

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي العبَّاس أحْمَد بن بُنَان بن العبَّاسِ القِرْمِيْسِينِيّ، وبالرَّمْلَة عن يَحْيَى بن مِسْعَر بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ، رَوَى عنهُ الحافِظ أبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن السَّمّان، وأبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن النَّجَّار.

أخْبَرَتْنا الحُرَّة زَيْنَبُ بنت عَبْد الرَّحْمَن الشَّعرِيّ في كتابها إلينا من نَيْسَابُور، قالت: أنْبَأنَا أبو القَاسِم محمُود بن عُمَر الزَّمَخْشَرِيّ، قال: حَدَّثَني أبو عليّ الحُسَين بن عليّ بن مَرْدَك، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمَّانُ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْلَى حَمْدَان بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمْدَان الشَّيْبَانِيّ المَوْصِلِيّ ثمّ الحَلَبيِّ الصُّوْفيّ، بقِرَاءَتي عليه بالرَّمْلَةِ،

(1)

ذكره الحَافِظ ابن عساكر في تاريخه ولم يُفرده بالرجمة. انظر: تاريخ ابن عساكر 40: 458، 60:136.

ص: 576

قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مِسْعَر بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة الحُسَين بن مُحَمَّد بن أبي مَعْشَر، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن مُوسَى، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَابِس، عن الحَسَن بن عُبيد اللّه، عن أبي الضُّحَى، عن زَيْد بن أرْقَم

(1)

، قال: سَمِعْتُ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ يَوْم غَدِير خُمّ: اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعليّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ. وأحْسبُهُ قال: وعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

‌حَمْدَانُ بن غَارِم بن نَيَّار (a) - وقيل: نَبَّار - أبو حَامِد البُخاريّ الزَّنْدَنِيّ

(2)

من قَرْيَةٍ يُقال لها: زَنْدَنَة، وحَمْدَان لَقَبٌ له، واسْمْهُ أحْمَدَ، وغَلَبَ لَقَبُه على اسْمْهُ.

سَمعَ بدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وصَفْوَانَ بن صالح، ودُحَيْمًا، وبعَسْقَلان مُحَمَّد بن أبي السَّرِيّ العَسْقَلانِيّ، وبِحِمْصَ إسْحَاق بن إبْراهيم بن العَلَاء بن زِبْريْق الحِمْصِيّ، وبحَرَّان مُعَلَّل بن نُفَيْل الحَرَّانيّ، وبالعِرَاق أبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وأبا كُرَيْب، وخَلَف بن هِشَام، واجْتازَ بحَلَب في ما بين حَرَّان وحِمْص، أو ببَعْضِ عَمَلها.

(a) كذا قيَّده المصنِّف مجوَّدًا في الأصل بتقديم النون على الياء، ونصَّ الذّهبيّ في المشتبه 673 وتاريخ الإسلام 6: 540 أنَّه: ياء ثمّ نون مشدَّدة، "يَنَّار"، وتابعه عليه الزبيدي في: تاج العروس، مادة: ينر.

_________

(1)

المعجم الكبير للطبراني 5، 204 (رقم 5096 - 5097)، ورواه أحْمَد في مسنده 3: 195 (رقم 950) من حديث زيد بن يُثَيْع.

(2)

توفي في حدود سنة 280 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 162 - 163، السمعاني: الأنساب 6: 335، تاريخ الإسلام 6: 540، الوافي بالوفيات 13: 163، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 435.

ص: 577

رَوَى عنهُ أبو عليّ الحَسَنُ بن الحُسَين البَزَّاز (a)، وأبو الحَارِث أسَد بن حَمْدُوَيْه النَّسَفِيّ، وأبو القَاسِم عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن سُوَيْد بن نَصْر بن مِهْرَان المَرْوَزيّ، وعبد اللّه بن حَمْدُوَيْه النَّسَفِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد السَّعْدَانِيّ البُخاريّ، وأبو ذَرّ القَاضِي (b).

‌حَمْدَان بن يُوسُف بن مُحَمَّد البَابِيُّ الضَّرِيْرُ

(1)

من أهْل باب بُزَاعَا، قَرْيَة جَامِعَة من عَمَل حَلَب.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قد ذَكَرنا له القَصِيدَة اليَائِيَّة الّتي يَذْكر فيها قُرَى وادي بُزَاعَا وغيرها من قُرَى حَلَب في مُقدِّمَة الكتاب

(2)

.

اجْتَمَعْتُ به في مَجْلِسِ شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم عَبْد المُطَّلب بن الفَضْل الهاشِميّ في شَهْر رَجَب من سَنَة ثلاث عَشرة أو أرْبَع عَشرة وسِتّمائة، وأنْشَدهُ قَصِيدَةً في مَدْحهِ، وسَمِعْتُها من لفظهِ، فأوْرَدتُها هَا هُنا بكَمَالها، وهي:[من الرمل]

إنْ تَمَادَتْ في تَجَنِّيها نَوارُ

فَبِها منها إلَيها المُسْتَجَارُ

أو رَأتْ وَصْلِي كل حَرَامًا في الهَوَى

فَلَها فيما تُريدُ الاخْتِيَار

ليسَ لي عنها وإنْ فنَّدَني

عَاذِلٌ باللَّوْم والعَذْلِ اصْطِبَارُ

طَار نَوْمي عن جُفُوني مُذْ جَفَتْ

ففُؤادِي مُسْتَهَامٌ مُسْتَطَار

غَادَةٌ تُطمِعُ في الأُنسِ وما

شَأنُها إلَّا التَّنَائي والنِّفَار

(a) الأصل: البزّار، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 15: 162، وانظر: أنساب السمعاني 6: 373.

(b) الصفحة بعده بياض بأكملها في الأصل.

_________

(1)

ذكره الزبيدي نقلًا عن ابن العديم في تاج العروس، مادة: بزع.

(2)

انظر الجزء الأوّل فيما تقدّم: "بابٌ في ذِكْر بُزاعا والباب".

ص: 578

لِلوَرَى مِن فَرْعها الدَّاجِي ومِن

وَجْهِها الوَضَّاحَ لَيْلٌ ونَهَارُ

وإذا مَاستْ دَلَالًا ورَنَتْ

كلَّتِ السُّمْرُ العَوَالي والشِّفَار

طَرْفُها يَفْعَلُ في عُشَّاقها

مِثْلَ ما تَفْعَلُ في العَقْل العُقَارُ

فكأنَّ الرَّاحَ مِن مَبْسَمها

وثَنَاياها على الصَّبِّ تُدَارُ

كم جَوَىً خَامَرني شَوْقًا إلى

ما حَوَى منها نِقابٌ وخِمَارُ

يا لَها من كَاعِبٍ حَوْرَاءَ في

لَحْظِها غُنْجٌ وسِحْرٌ واحْوِرَارُ

أينَ مَنْ يأخُذُ بالثَّأرِ فَلِيْ

عندَ تِلكَ الظَّبْيَة الأَدْمَاءِ ثَارُ

في جُفُوني من دُمُوعي لُجَجُ (a)

وبقَلْبِي مِن لَظَى الوَجْدِ شرَارُ

وإذا ما ضنَّت السُّحْبُ ففي

مُقْلَتِي سُحْبٌ مِنَ الدَّمْع غِزَارُ

مِن سَنَاهَا تَخْجَل الشَّمْسُ وَمِن

قَدَّها الغُصنُ إذا ما مَالَت يَغَارُ

فضِيَاءُ البَدْرِ مِن بُهْجَتِها

وقَضِيْبُ البَانِ ضَمَّ الإزَارُ

أكْتُمِ الحُبَّ ولكنَّ الهَوَى

سِرُّهُ المَكْتُومُ في القَلبِ جِهَارُ

غَادَرتْني مَثَلًا بينَ الوَرَى

ليسَ لي غَمْضٌ ولا عِنْدِيْ قَرَارُ

عيَّرَتْني بَهَوَاهَا أسرَةٌ

قُلْتُ: مَهْلًا ما على العَاشِقِ عَارُ

لو رَأيتُمْ وَجْهَ مَنْ هِمْتُ بها

لعَلِمْتُم أنَّ لي فيهِ اعْتِذَارُ

كَلُمَت في حُسْنها المُوْفِي كَما

كل الفَخْرَ الشَّرِيفُ الافْتِخَارُ

الإمَامُ الأرْوَعُ الصَّدْرُ الّذي

قد كَفَاهُ المَدْح عِلْمٌ ونِجَارُ

نَسَبٌ منه على البَدْر سِرَارُ

وَعَلى الشَّمْسِ شِعَار ودِثَارُ

وعلَيهِ كُلَّما بيَّنْتَهُ

مِن رَسُولِ اللّهِ سيْما ووَقَارُ

تقْصُرُ الألْبَابُ عن إدْرَاكِهِ

فإذا ما حَاولُوا الإدْرَاك حَارُوا

(a) الأصل: لحج.

ص: 579

وكأنَّ النَّاسَ في أحْوَالِهِمْ

كنُقُودٍ بُهْرِجَتْ وَهْوَ نُضَارُ

ظَهَرَتْ بين الوَرَى سِيْرَته

وتبَدَّت مِثْلَ ما يبْدُو النَّهَارُ

كُلُّ فَجْر حازَهُ أهْلُ النُّهىَ

فَهْوَ جُزْءٌ مِن عُلَاهُ مُسْتَعَار

كَلِمٌ تَسْمَعُ مِن أَيْسَرَها

حِكَمًا فيهنَّ للدُّرِّ احْتِقَار

أَبدًا ما قَالُه مُمْتَثل

في الدُّنَا يُوْمىَ إليهِ ويُشُارُ

يَعْذُبُ الإسْهَابُ مِن ألْفَاظه

وَمِنَ الغَيْر يُمَلُّ الاخْتِصَار

مِن أَيَاديهِ لنا سُحْب غِزَارٌ

أبدًا تترَى إذا ضَنَّ القِطَار

وبجَنْبَيْهِ مِنَ الحِلْم جِبَالٌ

رَاسِيَاتٌ ومِنَ العِلْم بِحَارُ

كُلَّ يوْم لثُغُور الدِّينِ مِنْ

عِلْمِهِ الجَمِّ ابْتِسَامٌ وافْتِرَارُ

وبأغْصَان الأمَانِي أبدًا

لذَوِي البُؤسِ مِنَ النُّجْح ثِمَار

أيُّها المَوْلَى الّذي عن طَوْلهِ

في مَسَاعِيْهِ لاعْداهُ اقْتِصَار

يا شَرِيْفًا شَرُفَ الدَّهْرُ بهِ

فَهْوَ للدُّنْيا وللدِّيْن مَنَارُ

أنْتَ مِن قَوْم إذا ما شَفَعُوا

لامْرِئ في الحشْرٍ لَم تَمْسَسْهُ نَارُ

زُرْتُ مغْناكَ الّذي إنْ زَارَه

مُسْتَمِيْحٌ لَم يَرُعْهُ الافْتِقَار

رَاجِيًا صَرْفَكَ جَيْشَ البُؤْسِ عن

ربْعِ مِسْكِينٍ لهُ فيهِ مَغَار

وانْتِصَاري بكَ يا مَنْ لَم يَزَل

أَبدًا منهُ لرَاجِيْهِ انْتِصَار

جَاءَ بالإقْبَال يَسْعَى رحَبٌ

بَعْدَ بُعْدٍ ودَنَا منهُ المَزَارُ

رَجَّبَ الله تعالَى شَهْرَهُ

فلَهُ بينَ الشُّهُورِ الاشْتِهَارُ

فابْقَ مَسْرُورًا مُهَنًّا بالعُلَى

أبدًا ما طَرَدَ اللَّيْلَ النَّهَارُ

ص: 580

‌حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل بن دَاوُد، أبو عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ النَّدِيْم

(1)

رَوَى عن المُعْتَصِم، وقيل: عن أَبيِهِ، عن المُعْتَصِم. رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن حَمْدُون ومُحَمَّد بن نُعيْم، وقَدِمَ حلَبَ صحْبَة المُتَوَكِّل سَنَة أرْبعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن، حينَ تَوَجَّه إلى دِمَشْق.

وكان جَوَادًا شَاعِرًا، وفاتَ أبا بَكْر الخَطِيب ذِكره، مع أنَّهُ وَقَعَ إليهِ حَدِيِثهُ ورَوَاهُ في تَرْجَمَةِ غيره

(2)

.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق بن إبْراهيم القَاضِي بالأهْوَاز، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن نعيم، قال: حَدَّثَنَا حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن المُعْتَصِم، عن المَأْمُون، عن الرَّشِيْدِ، عن المَهْدِيِّ، عن المنصُور، عن مُحَمَّد بن عليّ بن عبْد الله بن عبَّاسٍ، عن أَبيِهِ، عن ابِن عبَّاسٍ

(4)

، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: لا تَحْتَجِمُوا يَوْم الخَمِيْس، فإنَّهُ منْ يَحْتَجِمُ فيه فيَنَالُهُ مَكْرُوة فلا يَلومنَّ إلَّا نفسه.

(1)

توفي سنة 254 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 399، 307، تاريخ الطبري 9: 111 - 114، وروى عنه في أخبار المعتصم وخبر الأفشين وموته، الثعالبي: ثمار القلوب 131، خاص الخاص 63، 78، 90، المحاسن والمساوئ للبيهقي 1: 249 - 253 (حكاية له مع المعتصم)، الرشيد بن الزبير: الذخائر والتحف 116، تاريخ ابن عساكر 15: 164 - 165، معجم الأدباء 1: 167 - 168 (في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن حمدون النديم)، ابن الأثير: الكامل 6: 517 - 518، الوافي بالوفيات 13: 166، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 435 - 436، الزركلي: الأعلام 2: 274.

(2)

ذكره الخطيب في ترجمة المعتصم 4: 549 وهى الرواية المدرجة بعده، وذكره أيضًا ترجمة الواثق ابن المعتصم 16:24.

(3)

تاريخ بغداد 4: 549.

(4)

المتقي الهندي: كنز العمال 10: 18 (رقم 28158 - 28159).

ص: 581

كَذا رَوَاة مُحَمَّد بن نُعَيْم عن حَمْدُون، عن أَبِيهِ إسْمَاعِيْل، عن المُعْتَصِم. ورَوَاهُ أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل، عن أَبِيِهِ حَمْدُون، عن المُعْتَصِم نفسِه ولَم يَذكُر أباهُ.

أخْبَرَنا بذلك أحْمَد بن أزْهَر بن السّبَّاك في كتابهِ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، عن أبي القَاسِم علي بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ عَبْد اللهِ بن جُلّيْن الدورِيّ، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أحْمَد بن إسْحاق بن إبْراهيم الملحَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الطَّيِّب السَّرْخَسِيّ، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد اللهِ بن حَمْدون بن إسْمَاعِيْل، عن أَبِيهِ، قال: سَمِعْتُ المُعْتَصِم بالله يُحَدِّثُ عن المَأْمُون، عن الرَّشِيْد، عن المَهْدِيِّ، عن المنصُور، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن ابن عبَّاسٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذِكْر الحِجَامَة يَوْم الخَيْس وكِرْهَها، قال: فدَخَلْتُ على المُعْتَصِم بعد مُدَّة بَعِيدة في يَوْم خمِيْسٍ وهو يَحْتَجم، فلمَّا رأيتُه وَقفتُ وَاجِمًا وتبيَّن ذاكَ في وَجْهي، فقال: يا حَمْدُون، لعَلَّك ذَكَرْتَ الحَدِيث الّذي حَدَّثْتَكَ به عن المَأْمُون عن آبائي في حِجَامَة الخَميْس؟! والله ما ذكرتُ ذلك حتَّى شَرَط الحِجَّامُ، قال فُحمَّ من عَشِيَّته وكانت المَرْضَة الّتي ماتَ فيها.

وهذه الرِّوَايَة أشْبَهُ بالصِّحَّة؛ لأنَّهُ قال فيها حِكايَةً عن المُعْتَصِم، فقال: يا حَمْدُون، لعلَّكَ ذكَرتَ، فتأكَّدَ بذلك أنَّ حَمدُون هو الرَّاوِي عن المُعْتَصم، ويُحْتَمل أنَّ المُعْتَصِم حَدَّثَ بالحَديْث حَمْدُون وأباهُ إسْمَاعِيْل بن دَاوُد فنَسِي حَمْدون صِيْغَة اللَّفْظ المنقُول عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فرَوِاهُ عن أَبيِهِ، عن المُعْتَصِم، وذَكَرَ الحِكايَة عن المُعْتَصِم في كَوْنه احْتَجَم وقد كان روَى له الحَدِيْث فنَسِي لَفْظه وذَكَرَ مَعْناهُ المُشْعِر بالكَرَاهَة، ولهذا قال فيه: ذِكْرِ الحِجِامَة يَوْم الخَمِيْس وكِرْهَها، ولم يأتِ فيها بصِيْغة لفظه صلى الله عليه وسلم الّذي روَاهُ عن أَبيِهِ عن المُعْتَصِم، واللّهُ أعْلَمُ.

ص: 582

وقد رَوَى هذا الحَدِيْث أبو حَامِد أحْمَد بن جَعْفَر الأشْعَرِيّ، عن أبي الطَّيِّب السَّرْخَسِيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْدُون، عن أَبيِهِ، عن المُعْتَصِم، وقد ذَكَرْناهُ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ أنَّ أبا بَكْر البيهَقِيّ أخْبَرهُ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله الحافِظ يقول: سَمِعْتُ أبا إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس السَّرَّاج يَقُول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن مُحَمَّد يَقُول: عَزَّى حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل إسْحاقَ بن إبْراهيم بعَبْدِ الله بن طَاهِر، فقال

(1)

: [من الخفيف]

لَم تُصَبْ أيُّها الأَمِيرُ بعَبْدِ الـ

ـلهِ لكنْ بِهِ أُصِيْبَ الأنَامُ

وَسيكْفِيكُمُ البُكَاءَ علَيهِ

أَعُيْنُ المُسْلمِيْن والإسْلَامُ

ذَكَرَ أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن دَاوُد بن الجرَاح الكَاتِبُ في كتاب الوَرَقَة

(2)

، في اخبار شُعَرَاء المحدثِين، قال: حمدون بن إسْمَاعِيل النَّدِيْم، بغداديٌّ ينزل عَبَرْتَا

(3)

، أدِيْبٌ كاتبٌ شَاعِرٌ، ممَّن نَادَمَ المعتَصِم ومَنْ بعدَهُ من الخلفَاءِ إلى أنْ تُوفِّي في خِلَافَة المُعْتزّ. وكان جَوَادًا، ووَلَّاهُ المُتَوَكِّل مَوضعَ الزِّنْبَق وهو الشِّيْزُ من أَذْرَبِيْجَان

(4)

: [من المجتث]

وِلَايَةُ الشِّيْزِ عَزْلٌ

والعَزْلُ عنها وِلَايَهْ

فَوَلِّني العَزْلَ عَنْها

إنْ كُنْتَ بي ذَا عِنَايهْ (a)

(a) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

البيتان في معجم الأدباء لياقوت 2: 616، ونسبهما لإسحاق بن إبراهيم الموصلي.

(2)

لم يرد في المتبقي من كتاب الورقة.

(3)

عَبَرْتَا قرية كبيرة من أعمال بغداد، من نواحي النهروان، بن بغداد وواسط. ياقوت: معجم البلدان 4: 77 - 78.

(4)

البيتان في معجم البلدان لياقوت 3: 383، والوافي بالوفيات 13: 166، وذكر ياقوت أن الشيز تعريب جيس، وقصبتها أرمية. ولم يذكهر الزنبق فيها، واقتبسه الزبيدي عن ابن العديم في تاج العروس (مادة: شيز).

ص: 583

ذَكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بنُ القَوَّاس (a) الوَرَّاق أنَّ حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل بن دَاوُد ماتَ في ذِي الحِجَّة سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين ومَائَتَيْن بسُرَّ مَنْ رَأى.

‌حُمْرَة بن مَالِك بن سَعْد بن حُمْرَة بن مَاِلك بن شَعِيْرَة بن مُنبِّه بن سَلَمَة بن مَاِلك بن عُذَر (b) بن سَعْد بن مَاِلك بن دَافع بن جُشَم بن حَاشِد بن جُشَم بن الحيرَان بن نَوْف بن هَمْدَان الهَمْدانِيِّ

(1)

وسمَّاهُ بَعْضُهم: حَمْزَة

(2)

، والصَّوَابُ: حُمْرَة، وقال بَعْضُهُم: حَيَوَان بن نَوْف بدَل حَيْرَان بن نَوْف.

وكان حُمْرَة من وُجُوهِ أهْل الشَّام وأُوليِ الهَيآتِ منهم، ووَفَدَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحَكَى عن أبي بَكْر الصِّدِّيْق رضي الله عنه.

رَوَى عنهُ عَمْرو بن مِحْصَن الأزْدِيّ، وكان أبو بَكْر الصِّدِّيْق رضي الله عنه قد وَجَّهَهُ إلى الشَّام، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وكان أمِيْرًا على هَمْدَان الأُرْدُنّ، وكان من شُهُوده يَوْم الحكَمَيْنَ حين صَالَح عليًّا رضي الله عنه.

(a) في الأصل: مُحَمَّد بن أبي الفوارس! اشتبه عليه بأبي الفتح عبد في أحمد بن أبي الفرارس الحافظ (ت 411 هـ) الذي ينقل عنه الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما.

(b) مهملة في الأصل، وإعجامها من الإيناس للوزير المغربي 325، وفي سياقة نسبه إلى حاشد اختلاف، ففيه: عذر بن سعد بن دافع بن مالك في جشم بن حاشد.

_________

(1)

كان حيًا سنة 51 هـ، وترجمته في: وقعة صفين لنصر بن مزاحم 44، 196، 207، 279، 507، وفيه حيثما يرد:"حمزة"، طبقات ابن سعد 4: 57 - 58 (حمزة)، تاريخ خليفة ابن خياط 196 (وفيه حمزة)، تاريخ الطبري 4: 574، 5: 30، 54، الفتوح لابن أعثم 2: 397، 3: 197 (وفيه: حمزة)، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 159، 173، 196 (وفيه حيثما يرد: حمزة)، الوزير المغربي: الإيناس 128، ابن عساكر 15: 185 - 187، ابن الأثير: الكامل 3: 287، 306، 321، 484، أسد الغابة 2: 51 - 53، (وسماه: حمزة بن مالك بن ذي معشار)، الإصابة 2: 36 - 37، الزبيدي: تاج العروس، مادة: حمر (نقلًا عن ابن العديم)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 440 - 441.

(2)

أفرده ابن العديم بالترجمة باسم حمزة، فيما يلي من هذا الجزء.

ص: 584

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَمْزَة

‌حَمْزَةُ بن أحْمَد بن الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد السَّكْرَان بن عَبْدِ اللهِ بن الحُسَين بن الحَسَن الأفْطَس بن عليّ بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو يَعْلَى بن أبي القَاسِم العَلَويّ الحسُيْنيّ الأفْطَسيِّ الأنْطَاكيِّ

(1)

وأُمُّهُ فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن الشَّبيْهِ بن زَيْد الحُسَيْنيّ الزَّيْدِيّ، كان مع أبيهِ وأُمِّه بحَلَبَ عند الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن علِيِّ بن عَبْدِ الله بن حَمْدَان، رَوَى عن أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بن زَكَرِيَّاء بن حيَّوْيَه النَّيْسَابُوريّ، رَوَى عنهُ أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ.

أْخبَرَنا الشَّيْخان أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن أبي المَعَالِي بن البنَاء، وأبو سَعْد ثَابتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البنَّاءُ البَغْدَاديَّان - أبو عَبْد اللهِ بدِمَشْق، وأبو سَعْد بحَلَبَ - قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بنُ عُبيدِ الله بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أحْمَدَ بن الحُسين الحُسَيْنيّ الأفْطَسيِّ رحمه الله، قِراءَةً عليهِ في مَنْزِله

(1)

تقدمت ترجمة والده: أحمد بن الحسين في الجزء الثاني.

(2)

مشيخة أبي طاهر بن أبي الصقر 110 - 111 (رقم 40).

ص: 585

بزقَاقِ القَنَادِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن زَكَرِيَّاء بن حَيَّوْيَه النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عَمْرو بن عَبْد الخالِق البَزَّار (a)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عبدة، قال: أخْبَرَنا عبد العزِين بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا العلاءُ بن عبدِ الرَّحْمن، عن أَبيِهِ، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا مَضَى النِّصْفُ من شَعْبان، فأمْسِكُوا عن الصَّوْم حتَّى يَدْخُل رَمَضَان، أو إلى رَمَضَان.

‌حَمْزَةُ بن الأَصْبغَ بن ذُؤَالَة الكَلْبيُّ

(2)

لهُ ذِكْرٌ، وكان في صُحْبَةِ مَرْوَان بن الحَكَم بعدما بُوْيعَ له بالخِلَافَة حين قَدِمَ رُصَافَة هِشَام وهو مُتَوَجِّه إلى الرَّقَّة لتَوْجيهِ ابن هُبيرَة إلى العِرَاق وحَمْزَة معه، وكان بتَدْمُر مع أبيه الأَصْبغِ مُنَابِذًا لمَرْوَان، فسَار إليهم الأبْرَش بن الوَلِيدِ الكِنْدِيّ يَدْعُوهم إلى الطَّاعَة، فأجابهُ منهم الأَصْبغُ وابنهُ حَمْزَةُ، وهَرَبَ البَاقُونَ، فانْصَرَفَ الأبْرَشُ بمَن بايعَهُ إلى مَرْوَان وسَارُوا في صُحْبَتهِ إلى الرُّصَافَة، وقد ذَكَرْنا الأَصْبغَ

(3)

أباهُ في باب الألف.

(a) في الأصل: البزاز، وصوابه بالراء كما في مشخة أبي طاهر بن أبي الصقر، وتقدم التعليق عليه فيما مرّ، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 5: 548، السمعاني: الأنساب 2: 195، ابن الجوزي: المنتظم 13: 34، سير أعلام النبلاء 13: 554 - 557، وغيرهم.

_________

(1)

مسند ابن حنبل 19: 9 (رقم 9705)، سنن الدارمي 3: 17، معجم ابن المقرئ 60 (رقم 1010).

(2)

ذكره الطبري في أحداث سنة 127 هـ، في خبر انتقاض أهل حمص على مروان (تاريخ الطبري 7: 313 - 315)، وفي أخبار محاربة الضحاك الخارجي (7: 318 - 319).

(3)

تقدمت ترجمته في الجزء الرابع.

ص: 586

‌حَمْزَةُ بن بَيْض بن نَمِر بن عَبْد الله بن شَمِر بن عَبْد الله بن عَمْرو بن عَبْد العُزَّى بن سُحَيْم بن مُرَّة بن الدُّؤل بن حَنِيْفَة الحَنَفِيّ

(1)

شَاعِرٌ مَذْكُورٌ مَشْهُورٌ فَصِيحٌ.

رَوَى عن الشَّعْبِيّ، رَوَى عنهُ ولدُه مَخْلَد بن حَمْزَة، ومُجْفَر وَالد عُبَيْد بن مُجْفَر.

قَدِمَ حلَبَ واحْتَال حتَّى دَخَلَ على يَزِيد بن المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة وهو في حَبْسِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بها فامْتَدَحهُ.

وقد ذَكَرْناهُ فيمن يُعْرَفُ باسْم أبيهِ في آخر الكتاب

(2)

.

قَرَأتُ في أخْبَار ابن بَيْضٍ عن الزُّبَيْر بن بَكَّار، بخَطِّ ابن الحَدَّاد الوَرَّاق، فيما حَكَاهُ عن ابن الأعْرَابِيّ، قال: دَخَل ابنُ بَيْضٍ على يَزِيد بن المُهَلَّب وهو في حَبْسِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وقال: إنَّ لي عليهِ دَيْنًا، فأدْخَلُوه إليهِ، فأنْشَدَهُ

(3)

: [من المنسرح]

قَدْ قُلْتُ لمَّا رَأيْتُ مَجْلِسَهُ

والدَّمْعُ منِّي إذ ذاكَ يَنْتَسِبُ

(1)

توفي سنة 116 هـ، وقيل سنة: 120 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 6: 476، المعافي بن زكرياء: الجليس الصالح 2: 234، الأزدي: تاريخ الموصل 51، المعارف 591 (شعر له)، المسعودي: التنبيه والإشراف 228، الأغاني 16: 133 - 149 (وضبط اسم أبيه بكسر الباء)، تاريخ ابن عساكر 15: 192 - 197، ابن الجوزي: المنتظم 7: 170 - 171، معجم الأدباء 3: 1215 - 1219، ابن الأثير: الكامل 4: 589، 5: 283، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 49 - 50، ابن شاكر الكتبي: فوات الوفيات 1: 395 - 398، تاريخ الإسلام 3: 227 - 228، سير أعلام النبلاء 5: 267 - 268 (وضبط اسم أبيه بكسر الباء)، الوافي بالوفيات 13: 185 - 188 (وضبط الصفدي اسم أبيه بالحرف بكسر الباء)، النويري: نهاية الأرب 4: 65 - 68 (ذكر شيء من نوادره)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 443 - 445، الزركلي: الأعلام 2: 277. وفي ضبط اسم أبيه خلاف بين الفتح والكسر، يشير إليه المؤلف في آخر الترجمة، وقد قيَّده المؤلف على الوجهين بالكسر والفتح.

ولحمد بن ناصر الدخيل كتاب: حمزة بن بيض الحنفي "حياته وشعره"(بيروت، دار صادر).

(2)

في الجزء العاشر من هذا الكتاب، وهي ترجمة مقتضبة لا يُعوَّل عليها.

(3)

بعض الأبيات في الأغاني 16: 138 - 139، وبيتان في المنتظم لابن الجوزي 7:170.

ص: 587

أُغْلِقَ دُونَ السَّمَاح والعِزّ

والنَّجْدَةِ بابٌ مِفْتاحُهُ آشِبُ

أصبَح في قَيْدِكَ السَّمَاحة والـ

ـحَامِل والمُضْلِعَاتُ والحَسَبُ

إنْ مُتَّ ماتَ النَّدَى أبا خَالِدٍ

والبَحْرِ بَحْرُ الفَوَاضِلِ الحَدِبُ

ابن ثلاثٍ وأرْبَعيِن خَلَتْ

لا ضَرَعٌ واهنٌ ولا تَلِبُ

لا بَطِرٌ إنْ تَتَابَعَتْ نِعَمٌ

وصَابر في البَلَاءِ مُحْتَسِبُ

بَذَذْتَ سَبْقَ الجِيَادِ في مَهَلٍ

وقصَّرت دونَ سَعْيكَ العَرَبُ

فقال له يَزِيد: كيفَ وَصَلْتَ إليَّ؟ قال: ادَّعَيْتُ دَيْنًا، قال: هو عليَّ!.

وممَّا نَقَلْتُهُ من خَطِّ المَذْكُور من هذا الكتاب: قال أبو الحَسَن؛ يعني المَدَائِنِيّ: كان حَمْزَةُ بن بَيْضٍ الحَنَفِيّ شَاعِرًا طَرِيفًا، فشَاتَم حَمَّادَ بن الزِّبْرَقَان، وكان من ظُرَفاءِ (a) أهل الكُوفَة وكلاهُما صَاحِبُ شَرَاب، وكان حَمَّاد يُتَّهَمُ بالزَّنْدَقَةِ، فمَشَى الرِّجالُ بينهما حتَّى اصْطَلَحا، فدَخَلا يَوْمًا على وَالي الكُوفَةِ، فقال لابن بَيْضٍ: أراكَ قد صالحَتَ حَمَّادًا! فقال ابنُ بَيْضٍ: نَعَم أصْلَحكَ اللهُ على أنْ لا آمرُه بالصَّلاة ولا يَنْهاني عنها.

نَقَلْتُ من خَطِّ تُوْزُون إبْراهيم بن مُحَمَّد الطَّبَريّ في أمَالي أبي عُمَر مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الزَّاهِد صَاحِب ثَعْلَب، باسْتْمِلَائهِ منه في سَنَة ثَماني وعشرين وثَلاثِمائة قال، فيما رَوَاهُ عن ثَعْلَب، وقال؛ يعني ثَعْلَب

(1)

: اجْتَمَعَ يَزِيد بن الحَكَم وحَمْزَة بن بَيْضٍ في حَبْسٍ، فقال له يَزِيدُ وهو يَهْزأُ بهِ: إنَّك لأُسْتاذٌ بالشِّعْر يا ابن بَيْضٍ! قال: أي لَعَمْري، إنِّي لأُدِقُّ الغَزْلَ، وأُصَفِّقُ النَّسْجَ، وأُرِقُّ الحَاشِيَةَ.

(a) الأصل: طرفاء، والمثبت من الأغاني 16:148.

_________

(1)

مجالس ثعلب 2: 412 - 413.

ص: 588

أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكات مُحَمَّد بن حَمْزَة بن الحَسَن العِرْقِيّ إجَازَةً، وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الدَّائم بن عُمَر (a) بن حُسَيْن الكِنَانِيّ العَسْقَلانِيّ سَمَاعًا عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن جَعْفَر بن القَطَّاع، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن البِرّ اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر إسْمَاعِيْلُ بن حَمَّادٍ الجَوْهَرِيّ

(1)

، قال: وقَوْلُه: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطَّريقَ، قال الأصْمَعِيّ: هو رَجُلٌ كان في الزَّمَن الأوَّل يُقَال له ابنُ بَيْضٍ، عَقَر ناقتَهُ على ثَنِيَّةٍ فسَدَّ بها الطَّريقَ، ومَنَعَ النَّاسَ من سُلُوكها، قال الشَّاعرُ

(2)

: [من الطويل]

سَدَدْنا كَما سَدَّ ابنُ بَيْضٍ طَريقَهُ

فلم يَجِدُوا عِندَ الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا

وكَتَبَ أبو سَهْلٍ الهَرَويّ في حَاشِيَةِ الصِّحَاح

(3)

: هكَذا رَأيْتُه بخَطِّ الجَوْهَرِيّ: ابنُ بَيْضٍ مَفْتُوح البَاءِ، وكذلكَ رَوَاهُ أبو إبْراهيم إسْحاق بن إبْراهيم الفَارَابِيّ في كتاب دِيْوَان الأدَب

(4)

: بفَتْح الباء، والّذي قَرأتُه على شَيْخنا أبي أُسامَة رحمه الله: ابن بِيْضٍ بكَسْر الباءِ، وكَذا رَأيْتُهُ أيضًا عند جَمَاعَةٍ من العُلَمَاء باللُّغَة بكَسْر البَاءِ (b).

(a) غير واضحة في الأصل، وأقرب لأن تكون محمد، وقد تكرر اسمه في عشرات المواضع وليس فيه اسم محمد إلا في كنيته.

(b) الصفحة بعده بياض بأكملها في الأصل.

_________

(1)

الجوهري: الصحاح 3: 1068.

(2)

هو عمرو بن الأسود الطهوي، كما في هامش الصحاح للجوهري، وهامش ديوان الأدب للفارابي 3:303.

(3)

نقله الزبيدي عن ابن العديم (تاج العروس، مادة: بيض)، وعقب بالقول إن الصواب فيه الكسر، وهو بالكسر أيضًا في نشرة كتاب الصحاح.

(4)

الفارابي: ديوان الأدب 3: 303. (طبعة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، 1976 م).

ص: 589

‌حَمْزَةُ بن سَعيد المَرْوَزيُّ

(1)

حدَّثَ بطَرَسُوس عن عليّ بن عَاصِم، رَوَى عنهُ أحْمَد بن النَّضْر العَسْكَريّ.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد خَلِيل بن أبي الرَّجَاء الرَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثنا أبو القَاسِم سُليْمانُ بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن النَّضْرِ، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بن سَعيد المَرْوَزيّ بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا عليّ بنُ عَاصِم، عن عُبَيْدِ الله بن عُمَر، عن القَاسِم، عن عائِشَة

(2)

، قالت: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.

‌حَمْزَةُ بن السِّيْدِ (a) بن فَارِس - وقيل: أبي الفَوَارِس - ابن أحْمَد الأنْصَاريُّ، أبو يَعْلَى بن أبي الفَضْل الصَّفَّار الدِّمَشقيّ، ويُعْرَفُ بابن أبي لُقْمَة

(3)

حَدَّثَني بدِمَشْق عن أبي القَاسِم الخَضِر بن الحُسَين بن عَبْدَان الأزْدِيّ، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: لا أدْرِي، ثمّ قال: تَقْدِيرًا سَنَة ثَمانٍ وعشرين وخَمْسِمائَة،

(a) هكذا جوده المصنف، ومثله ضبط المنذري في التكملة (2: 479)؛ ضبطه بالحرف: "السيد: بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة"، وتاريخ الإسلام للذهبي 13:467.

_________

(1)

توفي بعد سنة 230 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 211، تهذيب الكمال 7: 327 - 328، تاريخ الإسلام 5: 815، تهذيب التهذيب 3: 30، تقريب التهذيب 1: 199، وفيه: حمزة بن سعد المروزي أبو سعيد.

(2)

تقدم تخريجه من طرقه المختلفة في ترجمة أحمد بن حريز السلماسي (الجزء الثاني).

(3)

توفي سنة 616 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 2: 479، الذهبي: تاريخ الإسلام 13: 467، الإعلام بوفيات الأعلام 253، سير أعلام النبلاء 22: 299 (في ترجمة أخيه محمد)، النجوم الزاهرة 6:247.

ص: 590

وذَكَرَ لي أنَّهُ دَخَلَ حَلَب تَاجِرًا ثلاث مَرَّات في أيَّام مَحْمُود بن زَنْكِي. وكان شَيْخًا لا بَأْسَ بهِ؛ صَحيح السَّمَاعِ.

أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَة بن السِّيْدِ بن فَارِس الأنْصَاريّ الصَّفَّار المَعْرُوف بابنِ أبي لُقْمَة، بقِرَاءَتي عليه بدِمَشْق في الرَّابِع من صَفَر سَنَة أرْبَع عَشرة وستِّمائة بمَقْصُورة الخَضِر في الجَامِع، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الخَضِرُ بن الحُسَين بن عَبْدَان الأزْدِيّ في سَنَة ستٍّ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن صَدَقَة بن الحُسَين بن سَلامَة التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحمّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز العَدَوِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الفِرْيَابِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن مَيْسَرة، عن مُوسَى بن عُقْبَة، عن نَافِع وعبد الله بن دِيْنارٍ، عن ابن عُمَر، قال

(1)

: بينما نحنُ في صَلَاةِ الصُّبْح إذ جاءهم رَجُلٌ فقال: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عليه اللَّيْلة قُرْآن، وقد أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبلَ الكَعْبَةَ، فاسْتَقْبلُوها، وكانت وُجُوهُهُم إلى الشَّام فاسْتَدارُوا إلى الكَعْبَةِ.

قَرَأتُ في بعض تَعَالِيْقي من الفَوَائِد أنَّ شَيْخنا أبا يَعْلَى بن أبي لُقْمَة الصَّفَّار تُوفِّي يَوْم الأرْبَعَاء ثامن عَشر شَهْر رَمَضَان من سَنَة ستّ عَشرة وستِّمائة، ودُفِنَ بمَقْبَرَة باب الفَرَادِيْس.

ثُمَّ أخْبَرَني رَفِيْقُنا وصَاحِبُنا جَمال الدِّين مُحَمَّد بن عليّ بن الصَّابُونِيّ أنَّهُ تُوفِّي يَوْم الأرْبَعَاء ثامن عشرين شَهْر رَمَضَان، يعني من سَنَة ستّ عَشرة وستِّمائة.

(1)

صحيح مسلم 1: 375 (رقم 526)، موطأ مالك 1: 195 (رقم 6)، مسند الإمام الشافعي 23، مسند ابن حنبل 8: 123، 165 (رقم 5837، 5934)، فتح الباري 1: 506 (رقم 403)، سنن النسائي 1: 244 (رقم 493)، 2: 61 (رقم 745)، صحيح ابن حبان 4: 616 (رقم 1715)، شرح السنة للبغوي 2: 323 (رقم 445).

ص: 591

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَاتِ النَّقَلَة

(1)

، قال: وفي الثَّامن عَشر من شَهْر رَمَضَان - يعني من سَنَة ستّ عَشرة وستِّمائة - تُوفِّي الشَّيْخُ أبو يَعْلَى حَمْزَة بن أبي الفَضْل السِّيْدِ بن أبي الفَوَارِس الأنْصَاريّ الدِّمَشقيّ الصَّفَّار المَعْرُوف بابنِ أبي لُقْمَة، بدِمَشْقَ، ودُفِنَ من يَوْمهِ بباب الفَرَادِيْس، حَدَّثَ عن أبي القَاسِم الخَضِر بن الحُسَين بن عَبْدَان.

‌حَمْزَةُ بن طَالِب بن حَمْزَة، أبو الحُسَين المَنْبِجِيّ القَاضِي

(2)

سَمِعَ بدِمَشْق عَبد الوَهَّاب الكِلابِيّ، رَوَى عنهُ أبو مُسْلم مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن طَلْحَة الأصْبَهَانِيّ.

قالَهُ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله في تاريخ دِمَشْق

(3)

، أخْبَرَنا به القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم.

‌حَمْزَةُ بن عَبْد اللهِ العَلَويّ الصُّوْفيّ

كان من مَشَايخِ الصُّوْفيَّة، ودَخَل التِّيْنَات، واجْتَمَع بأبي الخَيْر حَمَّاد التِّيْنَاتِيّ المَغْرِبيّ، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ عَبْد الله بن عليّ الصُّوْفيّ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

(1)

التكملة لوفيات النقلة 2: 479.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 201.

(3)

تاريخ ابن عساكر 15: 201.

ص: 592

وأنْبَأتْنا الحُرَّة زَيْنَبُ بنتُ عَبْد الرَّحْمن النَّيْسَابُوريَّة، قالت: أخْبَرَنا الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب القَارِئ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بن عليّ الصُّوْفيّ يَقُول: سَمِعْتُ حَمْزَة بن عَبْد اللهِ العَلَويّ يَقُول: دَخَلْتُ على أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وكُنْت اعْتَقَدت في نَفْسِي أنْ أُسَلِّم عليه وأخْرُج ولا آكُل عندَهُ طَعَامًا، فلمَّا خَرَجْتُ من عنده ومَشَيْتُ قَدْرًا فإذا بهِ يأتي خَلْفي وقد حَمَل طَبَقًا عليهِ طَعَامٌ، فقال: يا فَتَى، كُلْ هذا، فقد خَرَجْت السَّاعَةَ من اعْتِقَادِكَ (a).

‌حَمْزَةُ بن عليّ بن حَمْزَة بن أبي الحَجَّاج العَدَوِيّ، أبو يَعْلَى الدِّمَشقيّ

(2)

قَدِمَ حلَبَ، وتَفَقَّهَ معنا على شَيْخنا قاضِي القُضَاةِ أبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وسَمِعَ منهُ الحَدِيْث ومن شَيْخَينا أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، وأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ بن عُلْوَان وغيرهم، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ ببَعض حَديثهِ.

وأخْبَرَني عَبْد المُؤْمِن بن خَلَف الدِّمْياطِيّ أنَّهُ أخْبرَهُ أنَّ مَوْلدَهُ في العشرين من شَعْبان سَنَة ستٍّ وثمانين وخَمْسِمائَة.

(a) بقية الصفحة في الأصل بياض، تقدير ثلاثة أرباعها.

_________

(1)

لم يرد في طبعة دار صادر من الرسالة القشيرية (التي اعتمدتها)، وهو في طبعة دار الكتاب اللبناني 163.

(2)

توفي سنة 656 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 370 - 371، ذيل الروضتين لأبي شامة 304، تاريخ الإسلام 14:804.

ص: 593

وتُوفِّيَ وأنا بدِمَشْق لَيْلَة الأرْبَعَاء الثَّامن والعشرين من صَفَر سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وستِّمائة، ودُفِنَ يَوْم الأرْبَعَاء بمَقْبَرَة باب الصَّغير بدِمَشْق.

‌حَمْزَةُ بن عليِّ بن زُهْرَة بن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن إسْحاق بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد البَاقِر بن عليّ زَيْن العَابِدِين بن الحُسَين بن عليّ بن أَبي طَالِب الحُسَيْنيّ الإسْحَاقِيِّ، أبو المَكَارِم بن أبي سَالِم بن أبي الحَسَن الحَلْبِيّ المَعْرُوف بالشَّريفِ الطَّاهِر

(1)

كان شَرِيْفًا، فَاضِلًا، عَالمًا، فَقِيهًا؛ من فُقَهَاء الشِّيْعَةِ ومُتَكَلِّمِيهم، وله تَصَانِيْفٌ على مَذْهَب الإمامِيَّة ورَأْيهم، منها كتابُ غُنْيَة النَّزُوع إلى عِلْمي (a) الأُصُول والفُرُوع، ووَقَفْتُ لهُ على مُقدِّمَة مُخْتَصَرة في النَّحو وَسَمَها بكتاب النُّكَت

(2)

.

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللّه بن أبي جَرَادَة، وأبي عليّ الحَسَن بن طَارِق بن الحَسَن الحَلْبِي. رَوَى عنهُ بمِصْر أبو [الحَسَن عليّ بن الحَسَن](b) ابن الأَرْفَادِيّ.

(a) في الأصل: علم. وكتاب الغنية مطبوع بتحقيق إبراهيم البهادري (مؤسسة الإمام الصادق، قم، 1417 هـ).

(b) في الأصل بياض قدر ثلاث كلمات، والمثبت ممن ذكرهم ياقُوت في المنسوبين لقرية أرْفاد، القرية الكبيرة الّتي بنواحي حلب، وهو من معاصريه وأنه - في زعمه - أحد فُقهاء الشِّيعة، مقيمٌ بمصر. معجم البلدان 1:153.

_________

(1)

توفي سنة 585 هـ، وترجمته في: مجمع الآداب لابن الفوطي 1: 178، الزبيدي: تاج العروس، مادة: زهر، (نقلًا عن ابن العديم)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 249 - 250، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 269 - 270.

(2)

أورد محقق كتاب غنية النزوع فهرست مؤلفات ابن زهرة الحلبي والبالغة نحو 21 كتابًا ورسالة، لم يتبق منها منها سوى كتاب غنية النزوع هذا. انظر مقدمة المحقق 23 - 25.

ص: 594

ورَوَى لنا عنْهُ بحَلَب ابنُ أخيهِ الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللّه بن عليّ الحُسَيْنيّ.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَةُ بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن أبي جَرَادَة الحَلْبي، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد اللّه بن إسْمَاعِيْل بن الجِلّيّ الحّلبيِّ، قال: [

] (a).

سَألتُ شَيْخنا أبا حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن زُهْرَة عن مَوْلدِ عَمِّه أبي المَكَارِم حَمْزَة، فأخْبرَني أنَّهُ وُلد في سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة.

وقَرأتُ بخَطّ الشَّريف إِدْرِيس بن حَسَن الإِدْرِيسِيّ في نَسَب بني إسْحاق المُؤْتَمَن، قال: أبو الَمكَارِم حَمْزِة الفَقِيه رَأيُتُه وناظَرتُه على مَذْهَبهِ، وقال: وُلِدَ الفَقِيه أبو المَكَارِم حَمْزَةُ في شَهْر رمَضَان سَنَة إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة.

نَقَلْتُ من خَطِّ مُحَمَّد بن أَسْعَد الجَوَّانِيّ النَّسَّابَة

(1)

، وأخْبَرَنا [بهِ] إجَازَةً عنه أبو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عليّ وغيره، قال: ومن البَيْتِ - يعني بَيْتَ الشَّريف أبي إبْراهيم مُحَمَّد بن أحْمَد الإسْحَاقِيّ -: الشَّريفُ القَاضِي الأجَلُّ الإمَامُ الفَقِيهُ الصَّدْرُ

(a) ترك ابن العديم فراغًا يستغرق نصف الصفحة لإدراج رواية لابن زهرة من طريق ابن أخيه الشريف محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني، وقد أورد ابن العديم في المتبقي من كتابه هذا سبع روايات من طريق حمزة بن علي بن زهرة الحسيني، أثبتها بالسند المذكور أعلاه، وهذه الروايات تتوزع على ست تراجم، كما يلي: ترجمة أحمد بن حماد الكوفي (الجزء الثاني). ترجمة أحمد بن النعمان المصيصي (الجزء الثالث). ترجمة أحمد بن يحيى القاضي (الجزء الثالث) ترجمة إسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي (الجزء الرابع). ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، (روايتان تقدمتا في هذا الجزء السادس). ترجمة خالد بن زيد بن كليب (الجزء السابع).

_________

(1)

لعله ينقل من كتاب الجواني: الجوهر المكنون في القبائل والبطون، تقدم له النقل عنه في هذا الجزء وفي الجزء الأول.

ص: 595

النَّبيْهُ العالِمُ الطَّاهِرُ عِزّ الدِّين أبو المَكارِم حَمْزَةُ بن عليّ بن أبي الحَسَن زُهْرَةُ بن علىّ بن مُحَمَّد بن أبي إبرهيم المَمْدُوح مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن إسْحاق الثِّقَة المُؤْتَمَن ابن الإمَام جَعْفَر الصَّادِق عليه السلام.

قَرَأتُ في تَعْلِيقي من الفَوَائِد: تُوفِّي الشَّريفُ أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ بن زُهْرَة بحَلَب في سَنَة خمْسٍ وثمانين وخَمْسِمائَة، وأظُنُّ أنِّي عَلَّقتُه من خَطِّ شَيْخنا أبي حَامِد.

‌حَمْزَةُ بن عليّ بن عُثْمان بن يُوسُف بن إبْراهيم بن يُوسُف بن إبراهيم بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ بن مُسْلِم بن مُنَبِّه، أبو القَاسِم بن أبي الحَسَن بن أبي عَمْرو القُرَشِيّ المَخْزُوميّ المُغِيْريّ

(1)

من وَلد عَبْد اللّهِ بن أبي رَبيْعَة المَخْزُوميّ، الكَاتِبُ المِصْرِيُّ، ويُلَقَّبُ بالأشْرَف.

كاتبٌ حَسَنُ الإنْشَاء، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، عَارِفٌ بعُلُوم الحَدِيْثِ، قد أخَذَ من كُلّ عِلْم بطَرفٍ قَوِيّ، وَلِيَ الدِّيْوَان في دَوْلةِ المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أيُّوب حين اسْتَولَى على الدِّيَار المِصْرِيَّة، ووَلي دِيْوَان الأحْبَاس تارةً، وكان أبُوه يَلي الدِّيْوَان في دَوْلة المِصْرِيِّيْن.

سَمعَ بمِصْرَ من أبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد المصِّيْنِيّ، وأبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الفَنْجَديْهيِّ، وأبي الحَسَن عليّ بن هِبَةِ اللّهِ الصُّوْرِيّ، وأبي عبد اللّه مُحَمَّد بن عليّ الرَّحبي، وأبي مُحَمَّد عبد اللّه بن بَرِّي النَّحْوي، وسَمِعَ

(1)

توفي سنة 615 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 3: 209 - 210، المنذري: التكملة 2: 450 - 451، تاريخ الإسلام 13: 434، الوافي بالوفيات 13: 180، المقريزي: المقفى الكبير 3: 665 - 666.

ص: 596

بالإسْكَنْدَرِيَّة من الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السّلَفِيّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمنِ العُثْمانيّ، وأبي الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن عَوْف، وأبي الحُسَين يَحْيَى بن مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّازِيّ، وسَمعَ بدِمَشْق من جَمَاعَة لا يَحْضرُني ذِكْرهُم. وحَدَّث بمِصْر وبَغْدَاد والإسْكَنْدَرِيَّة والشَّام.

وكان الوَزِير عَبْدُ اللّه بن عليّ بن شُكْر قد قَصَدَهُ وعَادَاهُ وأهَانَهُ وآذاهُ، فهَرَبَ من الدِّيَار المِصْرِيَّة، وقَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوبَ، فأكْرَمَ مَثْواهُ، وأحْسَنَ قِرَاهُ، ورتَّب له مَعْلُومًا يَرْضاهُ.

وحَدَّثَ بحَلَب، ولَم يَتَّفق لي سَمَاعُ شيءٍ منه لأنَّني ما كُنْتُ اشْتَغَلْت بطَلَب الحَدِيْث حينئذٍ، وسَيَّرَهُ المَلِكُ الظَّاهِر رَسُولًا عنه إلى بَغْدَاد مَرَّتَين، فَحدَّثَ بها وكُتِبَ عنهُ شيء من شِعْره، ثمّ عادَ من حَلَب إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، فصَلُح ما بينَهُ وبين ابن شُكْرٍ، وماتَ بها في مَجْلِسه فَجأةً.

وكَتَبَ إليَّ الإجَازَة من مِصْر في سَنَة أرْبَع عَشرة وسِتّمائة، ورَوَى لنا عنْهُ الحافِظ رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيُّ، وكان بعَيْنٍ واحدةٍ، رحمه الله.

أنْبَأنَا القَاضِي الأشْرَفُ أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن عليّ بن عُثْمان، وأخْبَرَنا بهِ عنهُ سَمَاعًا أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفَيُّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُفَ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيُّ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عَبْد اللّه القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد الثَّقَفيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد (a) بن الحُسَين السُّلمِيَّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوب بن يُوسُف

(a) في الأصل: أحمد، وهو الإمام الحافظ صاحب كتاب طبقات الصوفية.

ص: 597

البَزَّاز (a) أنَّ جَعْفَر بن نُوح حَدَّثَهُم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن الطَّبَّاع، قال: حَدَّثَنَا عَبْثَر بن القَاسِم - والصَّوَاب: عُبَيْد بن القَاسِم - عن العَلَاء بن ثَعْلَبَة، عن طَاوُوسِ، عن وَاثِلَة بن الأَسْقَعِ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْ ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يرِيْبُكَ.

قَرأتُ بخَطّ سُليْمان بن عَبْد اللّهِ بن الحَسَن بن عليّ التَّمِيْمِيّ الدَّارِمِيِّ المَكِّيّ المَعْرُوف بابنِ الرَّيْحَانِيّ، نَزِيلُ القَاهِرَة، ما صُوْرته: يقُول الفَقيْر إلى رَحْمَة اللّه تعالى سُليْمان بن عَبْد اللّه بن الحَسَن بن عليّ التَّمِيْمِيّ الدَّارِمِيِّ المَكِّيّ المَعْرُوف بابنِ الرَّيْحَانِيّ عَفَا اللّهُ عنهُ وهذا خَطُّهُ: بلَغَني عن سَيِّدنا وشَيْخنا القَاضِي الأجَلّ، العَالَم، الفَاضِل، البَارِع، المَكِين، الأشْرَف جَمال الدِّين، أمين المُسْلمِيْن، ثِقَة الثِّقَاتِ، عَلَم الرُّوَاةِ، صَفِيّ أَمِير المُؤْمنِيْن، أبي القَاسِمِ حَمْزَة ابن القَاضِي السَّعِيْد الأَثِيْر أبي الحَسَن عليّ بن عُثْمان القُرَشِيّ المَخْزُوميّ رضي الله عنه وعن سَلَفه الكِرَام أنَّهُ يَبْتَدِئ في كتابةِ الدَّرْج بالحَسْبَلةِ ويَبني عليها إلى أنْ يَخْتمِ بالبَسْمَلَة، فمثلتُ في خِدْمَته وأخي شَقِيْقي سَلامَة في يَوْم السَّبْت سَلْخ شَهْر ربيع الآخر الّذي من سَنَة إحْدَى عَشْرة وسِتِّمائة، فسَألتُهُ عن ذلك فقال لي: مَنْ أخبركَ بهذا عنِّي؟ قُلتُ: أخْبَرَني مَنْ أخبرَه عن سَيّدنا مُخْبرٌ، فقال: هذا طَويْل، فهل لك في مُشَاهَدة ذلك منِّي وتكون كُمخْبر مَنْ أَخْبَرك في الرِّوَايَةِ عنِّي، فشَكَرْتُ من إنْعامهِ وسَألتُه المنّ بإتْمَامهِ، فقال: أقْترح ما أضمَّنُه ما أكتبه ليَعْلم أنِّني اقتضَبْتُه، فقُلْتُ لهُ: اسْتِدْعَاء إجَازَة، فاسْتَمدَّ وكَتَبَ كما أخبرتُ عنه من غير ريْثٍ ولا وَجازَة، وكان الاسْتِدعاء الّذي كَتَبَهُ من آخره إلى أوَّله وأمْلاهُ على ما هذه نُسْخَتهُ:

(a) الأصل: البزار، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 7:462.

_________

(1)

أخرجه السيوطي في الدرر المنتثرة 119 (رقم 225)، وانظر سير أعلام النبلاء 16: 243 وبهامشه التخريج من رواية أخرى.

ص: 598

بسم الله الرحمن الرحيم

المَسْؤُول من إنْعَام سَيِّدنا أنْ يُلْحق عبدَهُ فُلَان ابن فُلَانٍ بمَن تَشَرَّف بالرِّوَايَة عن جَلالِهِ، واغْتَرَف من بَحْره الفَائِق في كَمَالِه، فِي الفَضْل الّذي شَمِلِ كافَّة مُرِيديهِ، وعَمِّ جميع طَالِبيهِ، أنْ يُجِيْز لكاتبهِ جميع ما يَرْويهِ، من مَرْويٍّ ومَسْمُوع، ومُسْتَجاز ومَقُول ومَجْمُوع، ليَحْصُل له الجَمَال في الانْتِسَاب إليهِ، والاعْتِمَاد في الرِّوَايَةِ عليه، لأنَّهُ الصَّدْرُ الّذي حَمَّل الخَلَفَ، وسَدَّ ثُلْمَةَ الماضين من السَّلَف، فلا بَرح يُنعم بما يُنْعِم به لسَائلهِ عَيْنًا، ويكسب به عِلِمًا وعَيْنًا، ولا زال يُفِيدُ وَفْدَهُ، ويُوْلي من نِعْمتَي العِلْم والبرّ رفدَهُ إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.

وبخطِّ الرَّيْحَانِيّ: وأنْشَدَني أيضًا لنَفْسِه. قُلتُ: وهو إجَازَة لي منه: [من الطويل]

إذا غَابَ عن غابِ المَنَاصِبِ لَيْثُها

تَسَامَى إليها ابنُ الحُصَيْنِ وسَامَهَا

كَذاكَ نُجوُمُ اللَّيْلِ تَبْدُو طَوَالِعًا

إذا فارقَتْ شَمْسُ الأصِيْلِ مَقَامَهَا

وبخَطِّه وأنْشَدَني لنَفْسِه، وقد أجَازَهُ لي أيضًا:[من الطويل]

لئن حَالتِ الأحْوَال دُونَ لقِائنِا

فحَالُ صَفَاءَ الوُدِّ لَيْسَ يَحُولُ

وما بُعْدُ دَارِ الخِلّ تُبْعِدُ أُنْسَهُ

إذا كانَ في القَلْبِ المَشُوقِ يَجُولُ

قال: وأنْشَدَني لنَفْسِه. قُلتُ: وهو لي إجَازَة منه: [من الطويل]

تَوَاضَعْتُ حتَّى ظَنَّ بي كُلّ صَاحِبٍ

سُقُوطَ مَقَامٍ أو مَذَلَّةَ خَاضِعِ

وما ذاكَ إلَّا أنَّ نَفْسِي كَرِيْمَةٌ

تَرَى الكِبْرَ عن كِبْرٍ يُرَى في المجَامعِ

وكُلُّ عليِّ القَدْرِ تَكْبُر نَفْسُه

عن الكِبْر إذ مَعْنَى العُلَى في التَّوَاضُعِ

ص: 599

قال: وأنْشَدَني لنَفْسِه، وأجَازَهُ لي:[من الكامل]

ادْأَبْ لنَفْسِكَ في التَّعَلُّم جَاهِدًا

إنَّ التَّعَلُّم يَرْفَعُ الأقْوَاما

كم من وَضِيْعٍ لَيْسَ يكرمُ أصْلُهُ

قد حَلَّ بالعِلْم الذُّرَى وتَسَامَى

وتَرَى الزَّكيِّ الأصْلِ يَصْغُر أمْرُه

بالجَهْلِ حتَّى ما يُعَارُ سَلَامَا

والكَلْبُ لمَّا أَنْ تَعَلَّم صَائِدًا

أضْحَى بذاكَ يُسَوَّغُ الإكْرَاما

أخْبَرَنا أبو الحُسَين يَحْيَى بنُ عليّ القُرَشِيّ، بعدَما قرأتُ عليه الحَدِيْث الّذي رَوَاهُ لنا عنه، وقد قدَّمناهُ، قال: القَاضِي أبو القَاسِم بن عُثْمان من أعْيَان أهْلِ هذا الشَّأْن، ومن بَيْتِ الرِّفْعَةِ والرِّئَاسَةِ، سَمِعَ الكَثِيْرَ، وحصَّل الأُصُول، وانْتَقَلَ إليه أكْثَرُ أجْزاءِ الحافِظ السِّلَفِيّ الّتي بخَطِّه وخَطِّ غير، ودَخَلَ الشَّام والعِرَاقَ وحدَّث بهما، وِكانت له عِنَايةٌ بالحَدِيْث، ومَعْرفَةٌ بالشُّيُوخ، وكان ثَبْتًا مُتَحرِّيًا في الرِّوَايَة، رَوى لنا عن الشَّريفِ أبي مُحَمَّد العُثْمانيّ، وأبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأبي عَبْد اللَّهِ بن الرَّحبيِّ، وأبي القَاسِم بن جَارة الفَقِيه، وسَالِم بن إسْحاق المَعَرِّيّ، وأَبي القَاسِم المَصِّيْنِيّ، وغيرهم.

سَألتُهُ عن مَوْلدِه فقال: في العَاشِر من شَعْبان سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة. وتُوفِّيَ رحمه الله فَجْأةً، في سَلْخ ذِي الحِجَّة سَنَة خَمْس عَشرة وسِتّمائة بالقَاهِرَة.

أنْبَأنَا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: حَمْزَةُ بن عليّ بن عُثْمان بن يُوسُف بن إبْراهيم بن يُوسُف بن إبراهيم بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن مُسْلِم بن مُنَبِّه القُرَشِيّ المَخْزُوميّ، أبو القَاسِم الكَاتِب من ولدِ عَبْد اللّهِ بن أبي رَبِيْعَة المَخْزُوميّ، ويُلقَّب بالأشْرَف، من أهْل مِصْر، كان والدهُ صَاحِب دِيْوَان مِصْر في أيَّام المِصْرِيِّيْن، وَلي هو الدِّيْوَان في أيَّام صَلاح الدِّين.

ص: 600

وكان كَاتبًا سَدِيْدًا، حَاذِقًا بَلِيْغًا، لهُ الإنْشَاءُ الحَسَنُ، والنَّظْمُ والنَّثْر الجَيِّدان، وكان يُنْشئ الكِتَاب من أسْفَلِهِ إلى رَأسهِ على أحْسَنِ قَانُون من غير توقُّفٍ، اشْتَهر عنه ذلك، وكان قد اشْتَغَل بالحَدِيْثِ؛ فسَمِعَ منه الكَثِيْر على أبي طَاهِر السِّلَفِيّ ومَنْ دُونَهُ بالدِّيَار المِصْرِيَّةِ، وحصَّل الأُصُولَ المِلَاحَ، وفهم منه طَرفًا حَسَنًا.

وخافَ من ابن شُكْرٍ وَزِير المَلِك العادِل أنْ يقصدَهُ بأذىً، فإنَّهُ كان مُغْرىً بقَلْعِ البُيُوت الأصِيْلةِ في التَّقَدُّمِ، فهَرَبَ إلى الشَّام، واتَّصَل بخِدْمَة المَلِك الظَّاهِر صَاحِب حَلَب، فَأحْسَن قِرَاهُ وأكْرَمَهُ، وكان يُرَاسِل به الأطْرَافَ، وأرْسَلَهُ مَرَّتَين إلى بَغْدَادَ إلى الدِّيْوَان العَزِيز؛ الأُوْلَى في أوَاخر سَنَة اثْنَتَيْن وسِتّمائة فنَرَل بالجانب الغَرْبيّ، وقَصَدْناهُ للسَّمَاع عليه، فوَجَدناهُ شَيْخًا فَاضِلًا، حَسَن المَعْرفَةِ بالحَدِيْثِ، ذا أخْلاقٍ رَضيَّةٍ، وسِيْرة مَرْضِيَّةٍ، سَمِعْنا منه كتابَ الدُّعَاء للمَحَامِليّ عن السِّلَفِيِّ، ولَم ألْقَهُ بعد ذلك، وكان صَدُوقًا.

قال لي الرَّشِيْدُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد العَظِيْم بن عَبْدِ القَوِيّ المُنْذِريّ: كان ابن عُثْمان بعدَ عَوْدهِ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة أكْرَمَهُ الوَزِيرُ ابن شُكْر، وزالَ ما كان في نَفْسه منه، فحَضَر ذات يَوْم مَجْلسَهُ وهو جالسٌ إلى جَنْبهِ وحَادَثَه، فأطْرقَ ابن عُثْمان وماتَ فَجْأة، فأحْضَر ابنُ شُكْرٍ جَمَاعَةً وأشْهَدَهُم على ذلك خَوْفًا من أنْ يُنْسَب إليه أنَّهُ تَسَبَّبَ إلى ذلك.

قال لي الرَّشِيْدُ مُحَمَّد بن عبد العظيم

(1)

: سَمِعْتُ وَالدِي يَقُول: تُوفِّي أبو القَاسِم حَمْزَة بن أبي الحَسَن عليّ بن عُثْمان القُرَشِيّ فجْأةً في سَلْخ ذِي الحِجَّة سَنَة خَمْس عَشرة وسِتّمائة، قال: وسَمِعْتُه يَقُول: مَوْلدِي في العَاشِر من شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.

(1)

قارن بالتكملة لوفيات النقلة 2: 450 - 451.

ص: 601

أنْبَأنَا الحافِظُ عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ، قال في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَات النَّقَلَة

(1)

: وفي سَلْخ ذِي الحِجَّة - يعني من سَنَة خَمْس عَشرة وسِتّمائة - تُوفِّي القَاضِي الأجَلُّ أبو القَاسِم حَمْزَةُ ابن القَاضِي الأجَلّ أبي الحَسَن عليّ بن أبي عَمْرو عُثْمان بن يُوسُفَ بن إبْراهيم بن يُوسُفَ بن إبْراهيم بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ القُرَشِيُّ المَخْزُوميُّ الشَّافِعيُّ، العَدْلُ، الكَاتِبُ المَنْعُوت بالأشْرَف، فَجْأةً بالقَاهِرَة، ودُفِنَ بتُرْبتهم المَعْرُوفَة بهم بقُرْب ضَريْح الإمَام الشَّافِعيّ رضي الله عنه.

سَمِعَ بمِصْرَ من أبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد المصِّيْنِيّ (a) وغيره، ورَحَلَ إلى الإسْكَنْدَرِيَّة فسَمِعَ بها من الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن العُثْمانيّ، وأبي الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن عَوْف الزُّهْرِيّ، وأبي الحُسَين (b) يَحْيَى بن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، وجَمَاعَة سواهُم.

وعادَ إلى مِصْر، فسَمِعَ بها من أبي الحَسَن عليّ بن هِبَة اللهِ الصُّوْرِيّ، وأبي عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ الرَّحبِيّ، والعَلَّامَة أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن بَرِّي النَّحْوِيّ، وأبي سَعيدٍ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الفَنْجَدِيْهِيّ، وخَلْق كَثِيْر من أهْلِ البَلَد والقَادِمين عليه (c). وسَمِعَ بدِمَشْق من جَمَاعَةٍ، وحَدَّثَ بالإسْكَنْدَرِيَّةِ ومِصْر، وبَغْدَاد، ودِمَشْقَ، وغيرها.

وحَصَّل الأُصُول، وكَتَبَ بخَطِّه، وكان عندَهُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر الأصْبَهَانِيّ قِطْعَةٌ صالِحةٌ، وكان له أُنْسٌ بهذا الشَّأْن، وله شِعْرٌ، ووَلِيَ دِيْوَان الأحْبَاسِ بالدِّيَار المِصْرِيَّةِ وغير ذلك.

(a) عند المنذري: المصيصي.

(b) كذا في الأصل، وعند المنذري: الحسن، وكناه الذهبي في تاريخه 12: 519: أبا زكرياء.

(c) المنذري: عليها.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 2: 450.

ص: 602

سَمِعْتُ منه، وسَمِعْتُهُ يقُول: مَوْلدِي في العَاشِر من شَعْبان سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وحدَّث من بَيْته غير واحد.

‌حَمْزَةُ بن عليّ بن العَيْن زَرْبِيّ، أبو يَعْلَى

(1)

قيل إنَّهُ من عَيْن زُرْبَة، بَلْدَة من الثُّغُور الشَّامِيَّة.

شَاعِرٌ حَسَنُ الشِّعْر، رَوَى عنهُ غَيْثُ بن عَبْد السَّلام السُّلَمِيُّ الأرْمَنازِيُّ.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحمَّد القَاسِم ابن الحافظ أبي القاسِم عليّ بن الحَسَن، قال: ومنها - يعني من عَينْ زُرْبَة - أبو يَعْلَى حَمْزَة بن عليّ بن العَيْن زَرْبِيّ.

كذا قال إنَّهُ من عَيْن زُرْبَة، وأظُنُّ المَنْسُوب إلى عَيْن زُرْبَة أباه أو جَدّه، ويُحْتَمل أنْ يَكُون منها.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحافِظُ، قال

(2)

: قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَرَج غَيْث بن عليّ السُّلَمِيّ لأبي يَعْلَى حَمْزَة بن العَيْن زَرْبِيّ من جُمْلَةِ رسالة له: [من السريع]

يا رَاكِبًا يَقْطَعُ عَرْضَ الفَلَا

بَلِّغْ أحِبَّايَ الّذي تَسْمَعُ

قُلْ لَهم ما جَفَّ لي مَدْمَعٌ ولا

هَنَاني بَعْدكُم مَضْجَعُ

(1)

توفي سنة 469 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 212 - 213، وترجم ياقوت لشاعر اسمه حمزة بن علي العين زربي أبو يعلى، أرخ وفاته سنة 556 هـ، وبينهما وقت طويل في الوفاة، انظر: معجم الأدباء 3: 1221 - 1222، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 332، الزبيدي: تاج العروس، مادة: زرب، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 449 - 450.

(2)

وهو بنصه في تاريخ والد الحافظ أبي محمد: الحافظ أبو القاسم ابن عساكر 15: 212، والأبيات الثلاثة في مرآة الزمان 19: 332 وتاج العروس للزبيدي، مادة: زرب.

ص: 603

ولا لَقِيْتُ الطَّيْفَ مُذْ غِبْتُمُ

وإنَّما يَلْقَاهُ مَن يَهْجَعُ

أخْبَرَنا أبو الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد، قال

(1)

: وقَرأتُ بخَطِّ أبي الفَرَجِ - يعني غَيْث بن عليّ -: نَاوَلني أبو يَعْلَى حَمْزَة بن عليّ بدِمَشْق بخَطِّه لنَفْسِه من قَصِيدَة، قال الحافِظُ أبو مُحَمَّد: قال أبي: وقرأتُ أنا ذلك بخَطِّ حَمْزَة: [من الطويل]

تَناسيْتُم عَهْدَ الهَوَى بَعْدَ تذْكار

فأجْرَى حَدِيثي عنكُم مَدْمعي الجَارِي

وأنْكَرْتُم بعدَ اعْتِرَافٍ مَوَدَّتي

فهيَّجْتُم وَجْدي وأضْرَمْتُمُ نَارِي

وهل دَام في الأيَّام وَصْلٌ لهَاجِرٍ

ووُدٌّ لخوَّانٍ وعَهْدٌ لغَدَّارِ

أمَا حَاكمٌ لي في هَوَاكُم يُقِيْلُنِي

أمَا آخذٌ لي بعدَ سَفْك دَمِي ثَارِي

وإنِّي لصَبَّارٌ على ما يَنوبني

ولكن على هِجْرَانِكُم غَيْرُ صَبَّارِ

‌حَمْزَةُ بن عليّ بن هِبَة اللهِ بن الحَسَن بن عليّ، أبو يَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ المَعْرُوف بابنِ الحُبُوبِيّ الدِّمَشقيّ البَزَّاز

(2)

سَمِعَ بدِمَشْقَ من أبي القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي العَلَاء المِصِّيْصيّ، وأبي الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم المَقدِسِيّ، وأبي الفَرَج سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ.

رَوَى عَنْهُ ابنُه أحْمَد بن حَمْزَة، والحُفَّاظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الشَّافِعيّ، وأبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، وأبو المَحَاسِن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت الحَنَفِيّ الدِّمَشقيّ،

(1)

بنصه في تاريخ ابن عساكر 15: 212، والأبيات في مرآة الزمان 19:332.

(2)

قيَّد المؤلف شهرته بالراء: البزار، ويأتي في ثنايا الترجمة صحيحًا بالزاي كما في مصادر ترجمته التالية، وتوفي سنة 555 هـ، وترجمته في: المنتخب من معجم شيوخ السمعاني 2: 751، تاريخ ابن عساكر 15: 211، تاريخ الإسلام 12: 91 - 92، سير أعلام النبلاء 20: 357 - 358، الإعلام بوفيات الأعلام 228، العبر في خبر مَن غبر 3: 23، النجوم الزاهرة 5: 333، شذرات الذهب 6: 291، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 449.

ص: 604

وأبو المَوَاهِب الحَسَنُ بن هِبَة الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى، وأخُوه شَيْخُنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ الله. ورَوَى لنا عنْهُ مُكْرَمُ بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر القُرَشِيّ.

وقَدِمَ حلَبَ مُجْتَازًا إلى بَغْدَاد في تِجَارة بعد العشرين والخَمْسمائة.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن عليِّ الحُبُوبِيّ، بقِراءَتي عليهِ بجامع دِمَشْق، ح.

وأخْبَرَنا بهِ عَاليًا أبو المُفَضَّل مُكْرَمُ بن مُحَمَّد بن حَمْزَة، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَةُ بن عليّ بن الحُبُوبِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ الفَقِيه، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حَفْص بن الحَمَّامِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن سَلْمَان بن الحَسَن النَّجَّاد، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّاب بن عَطَاء، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن إِيَاس، عن أبي مَعْشَر، عن إبْراهيم، عن الأسْوَد، عن عائِشَة رضي الله عنها أنَّها قالت

(1)

: كُنْتُ أَفْرُكُ بيَدِي فَرْكًا من ثَوْب رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رأيته فأغْسله، فإنْ خفي عليكَ فرَشِّشْهُ أو انْضَح حيالَهُ أو نحوه؛ شَكَّ سَعِيد.

أخْبَرَنا مُكْرَم بن مُحَمَّد، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ الله بن صَصْرَى، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزة بن عليّ بن هِبَة اللهِ بن الحَسَن المَعْرُوف بابنِ الحُبُوبِيّ، قال: أخْبَرَنا الفَقِيه أبو القَاسِم عليّ المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حَفْص الحَمَّامِيّ، قال:

(1)

أخرجه ابن عساكر بهذا الإسناد في تاريخه 41: 420، وانظره من طرقه المختلفة في المسند الجامع 305:19 (رقم 16080).

ص: 605

أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن [سَلمان بن](a) الحَسَن النَّجَّاد، قال: قُرئ على الحَسَن بن مُكْرَم، وأنا أسْمَعُ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا الحَذَّاءُ وهِشَام بن حَسَّان، عن مُحَمَّد بن سِيْرِيْن، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا جاءَ أحَدُكم إلى الصَّلاةِ فلا يَسْعَ، ولكن ليَمْشِ وعليه السَّكِيْنَةُ والوَقَار، فليَصلِّ ما أدْرَك وليَقْضِ ما سَبَقَهُ.

قال شَيْخُنا أبو القَاسِم: وكان - يعني ابن الحُبُوبِيّ - لا بَأْسَ بهِ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: حَمْزَةُ بن عليّ بن هِبَة الله بن الحَسَن بن عليّ، أبو يَعْلَى الثَّعْلَبِيّ البَزَّاز المَعْرُوف بابنِ الحُبُوبِيّ، سَمِعَ أبا القَاسِم بن أبي العَلَاء، وأبا الفَتْحِ نَصْر بن إبْراهيم، وأبا الفَرَج سَهْل بن بِشْر، كَتَبْتُ عنهُ شيئًا يَسِيْرًا، وكان شَيْخًا لا بَأْسَ بهِ، سَمَّعَهُ عَمُّهُ أبو المَجْد مَعَالي بن هِبَة اللهِ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: حَمْزَةُ بن عليّ بن هِبَةِ الله الحُبُوبِيّ أبو يَعْلَى، من أهْلِ دِمشْق، قَدِمَ بَغْدَاد تَاجِرًا بعد العشرين وخَمْسِمائَة. سَمِعَ أبا القَاسِم بن أبي العَلَاء المِصِّيْصيّ، كَتَبْتُ عنهُ أرْبعةَ أحَادِيْث يَرْويها ابن أبي العَلَاء من الحَمَّامِيّ المُقْرِئ.

قُلتُ: ولَم يَرْو ابن أبي العَلَاء عن الحَمَّامِيّ غير هذه الأحَادِيْث الأرْبَعة، وهذان الحَدِيْثان منها.

(a) ما بين الحاصرتين استكمال لاسمه من ترجمته المتقدمة في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

_________

(1)

أخرجه ابن الدبيثي بهذا الإسناد في ذيل تاريخ بغداد 4: 29، وانظر بهامشه التخريج من طرق أخرى غيره.

(2)

تاريخ ابن عساكر 15: 211.

ص: 606

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا عِليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى يَقُول: مَوْلدِي آخر سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، وماتَ أبو يَعْلَى لَيْلَة الخَمِيْس، ودُفِنَ يَوْم الخَمِيْس بعدَ صَلَاة الظُّهْر الثَّالث من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة عند مَسْجِد شَعْبان بسَفْحِ جَبَل قَاسِيُون، وحَضَرتُ الصَّلاةَ عليه.

قَرَأتُ في مُعْجَم شُيُوخ أبي المَحَاسِن عُمَر بن عليِّ القُرَشِيّ ببَغْدَاد بخَطِّه، وأخْبَرَنا به إجَازَةً ولده عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: تُوفِّي - يعني أبا يَعْلَى بن الحُبُوبِيّ - لَيْلَة الخَمِيْس ثالث جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة بدمَشْق بعد انْتقالي منها، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وَأرْبَعِمائة في آخرها.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل إسْمَاعِيْل بن سُلَيمان بن أَيْدَاش المَعْرُوف بابنِ السَّلَّار في مَنْزِله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت الحَنَفِيّ

(2)

، قال: سَألْتُ أبا يَعْلَى حَمْزَةَ بن عليّ بن هِبَةِ الله عن مَوْلدِه فقال: في ذِي الحِجَّة سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِينَ وأرْبَعِمائة، وتُوفِّيَ لَيْلَةَ الخَمِيْس الثَّالث من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ من الغَدِ بجَبَل مَغَارةِ الدَّم بِظَاهِر دِمَشْق.

‌حَمْزَة بن القَاسِم، أبو مُحَمَّد الشَّامِّيّ

(3)

وأظُنُّه من أهْلِ طَرابُلُس، وأنَّهُ يقال له: ابن الشَّامّ، ويقال: ابن الشَّامّ يَده، وهو لَقَبٌ لجَدِّه، وهُم أهْلُ بَيْتٍ بطَرابُلُس يُعْرفُونَ بذلك، ومنهم جَمَاعَة من الأُدَبَاء والفُضَلَاء.

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 211.

(2)

معجم عبد الخالق 29، 168.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 231، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 452.

ص: 607

حَكَى عنهُ أبو الفَرَج الأصْبَهَانِيّ

(1)

أنَّهُ قَرَأ على حائط بُسْتَان بالمَاطِرُون شِعْرًا، والمَاطِرُون بدِمَشْق.

وحَكَى عنه أيضًا أنَّهُ اجْتازَ بالرُّهَا عند مَسِيْره إلى العِرَاق. ذَكَرَ ذلك في كتاب آدَاب الغُرَبَاءِ (a)، فقد اجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ أو ببَعْضِ عَمَلها (a) .

‌حَمْزَةُ بن مَالِك الهَمْدانِيّ

(2)

من وُجُوه أصْحَاب مُعاوِيَة بصِفِّيْن، وقيل إنَّهُ جَعَلَهُ على هَمْدَان دِمَشْق

(3)

بها، وهو ممَّن شَهِدَ في الصَّحِيْفَة الّتي كَتَبَها بينَهُ وبين عليّ رضي الله عنهما في الرِّضَا بتَحْكيم الحَكَمَيْن، وهو عندي: حُمْرَة بن مَالِك بن سَعْد بن حُمْرَة الهَمْدانِيّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(4)

، لكن قيل فيهِ: حَمْزَة بالزَّاي فأوْرَدنا ذِكْره فيمَن اسْمه حَمْزَة، وذَكَرْناه أيضًا في تَرْجَمَةِ عَبْد اللّهِ بن خَلِيفَة الطَّائيّ

(5)

.

وممَّا وَقَعَ إليَّ من شِعْره ما ذَكَرَهُ أبو البَخْتَرِيّ وَهْب بن وَهْب بن كَثِيْر، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبيهِ، قال: قالوا: وخَرَجَ يَوْمئذٍ حَمْزَة بن مَالِك الهَمَذَانيّ الشَّامِيّ في هَمْدَان، وكانوا يَطْلُبونَ في طَيِّء دَمًا، فلمَّا وقَفَ مَوْقفًا يسْمَع النِّدَاء من صفّ

(a) كذا سماه: آداب، وهي تسمية تشترك فيها بعض المصادر التي ذكرت الكتاب كتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13: 338، وانظر النقل أعلاه في كتاب الأصفهاني: أدب الغرباء 36، ونقله عنه ياقوت في كلامه على الرها: معجم البلدان 3: 106.

(b) بقية الصفحة بياض في الأصل، يزيد البياض على نصفها.

_________

(1)

الأصفهاني: أدب الغرباء 93 - 94.

(2)

انظر مصادر ترجمته في الترجمة المتقدمة له باسم حمرة (بالراء) بن مالك.

(3)

تقدم لابن العديم (في ترجمته باسم حمرة) ذكر أنه كان على همدان الأردن، وهو ما يوافق نصر بن مزاحم: وقعة صفين 207.

(4)

فيما مرّ في موضعه من هذا الجزء.

(5)

ترجمة عبد الله بن خليفة الطائي في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 608

أهْل العَسْكِر، نَادَى: مَنْ يَخْرُج إليَّ من طَيِّء؟ فَخَرَجَ عُبَيْد الله بن أبي الجَوْشَاءِ في طَيِّء وهو رَئيسها، فقال حَمْزَة: مَنْ أنتُم؟ قالوا: نحنُ الغَوْث وجَدِيْلَة، فقال حَمْزَة: هل فيكم من أهْلِ الجَزِيْرَة أحدُ؟ قالُوا: لا، قالُوا: نحنُ طَيِّء الجبَلَين وسَهْلِهِما، قالوا: فقَطَع عليه ابن أبي الجَوْشَاء كَلَامهم ثُمَّ بَرَز فنَادَى: مَنْ يُبَارز؟ وطَفِق يقول: [من الرجز]

إنْ تَكُ تَسمَعْ بِفَخَارِ مَعْشَري

فاقْدَمْ علَينا في العَجَاجِ الأكْدَرِ

قالوا؟ فبَرَز له حَمْزَةُ بن مَالِكٍ وهو يَقُول: [من الرجز]

نحنُ النَّجِيْبُونَ وفيْنا المفْخَرُ

لا طَيِّئُ الأجْبَالِ حين نُذكَرُ

قالُوا: فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، ففُقِئت عَيْن ابن أبي بِشْر، فذكَرَ أبْيَاتًا له نَذْكُرها إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في تَرْجَمَتِهِ

(1)

.

قال: وقال حَمْزَةُ بن مَالِك: [من الطويل]

ونحنُ وُلَاةُ الرُّومِ والرُّومُ مُفْعَمٌ

يَسِيلُ عليها بالكُمَاةِ جَوَانبُهْ

ونحنُ قَتلنا يَوْم صِفِّين طَيِّئًا

هُنالكَ حتَّى أبْصَرَ الحَقَّ شَاعِبُه

أقَمْنا لهم صَدْرَ النَّهَارِ سِلَاحَنا

وقد نابَ من أمْر الخَليل نَوَائِبُه

‌حَمْزَةُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن العبَّاسِ، أبو القَاسِم الكِنانِي المِصْرِيُّ الحافِظُ

(2)

أحَدُ الحُفَّاظ المَشْهُورين، والعُلمَاء المَذْكُورين، رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، ودَخَلَ حَلَب، وسَمعَ بها من قَاضيها في سَنَة خَمْسٍ وثَلاثِمائة أبي عُبَيْدِ الله مُحَمَّد بن

(1)

لم نجد ترجمة لابن أبي بشر كما سماه ابن العديم، والذي في كتاب نصر بن مزاحم (وقعة صفين 279): بشر بن العشوش الطائي الملقطي. وفي تاريخ الطبري 5: 31: بشر بن العسوس الملقطي.

(2)

توفي سنة 357 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 239 - 243، تاريخ الإسلام 8: 114 - 115، العبر في خبر مَن غبر 2: 100، تذكرة الحفاظ 3: 932 - 934، الإعلام بوفيات الأعلام 152، سير =

ص: 609

عَبْدَةَ بن حَرْب، وسَمِعَ بمَنْبج من عُمَر بن سَعِيْد بن أحْمَد بن سِنَان المَنْبِجيّ، وبدِمَشْقَ من جُمَاهِر بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْزَة بن سَعيد الدِّمَشقيّ، وبمِصْر بَلَدِه من أبي عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، وِعْمران بن مُوسَى بن حُمَيْد الطَّبِيْب، وببَغْدَاد من أبي القَاسِم عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، والعبَّاس بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عِيسَى البَغْدَاديّ، وبالكُوفَة من عليّ بن العبَّاس الكُوْفيّ، وعليّ بن أحْمَد بن الحُسَين الكُوْفيّ، وبالبَصْرَة من العبَّاسِ بن حَمَّاد بن حَمَّاد بن فَضَالَة، ومُحَمَّد بن عليّ بن القَاسِم البَصْرِيَّيْن، وبالمَوْصِل من أبي يَعْلَى أحْمَد بن عليّ بن المُثَنَّى المَوْصِليّ.

ورَوَى عنهُم، وعن مُحَمَّد بن جَعْفَر ابن الإمَام البَغْدَاديّ، والقَاسِم بن اللّيْثِ، وعَبْد السَّلام بن أحْمَد بن سَهْل البَصْرِيّ الشَّيْخ الصَّالح، وأحمد بن عِيسىَ بن عَبْد الجبَّار، وأبي العبَّاسِ مُحَمَّد بن الحَسَن العَسْقَلانِيّ، والهَيْثَم بن خَلَف الدُّوْرِيّ، وأبي جَعْفَر أحْمَد بن هَارُون بن زَيْد المَكِّيّ، وأبي بَكْرٍ وَرَّاق بن أبي الدُّنْيا، ومُحَمَّد بن سَعيد في عُثْمان بن عَبْدِ السَّلام السَّرَّاج، ومُحَمَّد بن عَوْن الكُوْفيّ، وجَمَاعَةٍ يَطُول ذِكْرُهُم.

رَوَى عنهُ الحُفَّاظُ أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن أحْمَد بن مهدِي الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد الأزْدِيّ، وأبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة الأصْبَهَانِيّ، والفَقِيه أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن خَلَف المَعَافِرِيّ المَعْرُوف بابنِ القَابِسِيّ، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن النَّحَّاس المِصْرِيّ، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق الأنْمَاطِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن جَهْضَم، وأبو عَبْد اللهِ

= أعلام النبلاء 16: 179 - 181، المقريزي: المقفى الكبير 3: 669 - 671، النجوم الزاهرة 4: 20، حسن المحاضرة 1: 351، السيوطي: طبقات الحفاظ 378، شذرات الذهب 4: 299، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 454 - 455، معجم المؤلفين 4: 81، الزركلي: الأعلام 3: 280.

ص: 610

شُعَيْب بن عَبْد الله بن المِنْهَالِ، وأبو النُّعْمان تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد، وأبو الفَرَج جَعْفَر بن أحْمَد بن لُقْمَان، وأبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد الحَرَّانيّ الصَّوَّاف الَمْعرُوف بابنِ حِمَّصَة، وهو آخر مَنْ رَوَى عنهُم، ولَم يكُن عندَهُ عن حَمْزَة ولا عن غيره سوى مَجْلِس البِطَاقَة والسِّجِلَّات، وهو آخر مَجْلسٍ أمْلاهُ حَمْزَة، وإنَّما سُمِّي مَجْلِس البِطَاقَة والسِّجِلَّات لسَبَبٍ مَعْرُوف، سَنَذْكرهُ عند إيْراد الحَدِيْث إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى، ولَحْمزَة الكِنَانِيّ أمَالي من الحَدِيْث غير المجلِس المَذْكُور.

وكان حَافِظًا مُتْقِنًا، ثِقَةً، صَدُوقًا. وكانَ مَوْلدُهُ في شَعْبان سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن.

وذَكَرَ الحَافِظُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله بن البَيِّع الحاكِم في كتاب مَعْرفَة عُلُوم الحَدِيْث

(1)

أنَّهُ أحَد الحُفَّاظ الأرْبَعة المُشَار إليهم بالحِفْظ في زَمَانهِ.

أخَبَرَنا الشَّيْخ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي المَعَالِي بن البَنَّاء، وأبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديّان، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحمَّد بن أبي الصَّقْر

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله شُعَيْبُ بن عَبْد الله بن المِنْهَال، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العبَّاسِ الكِنَانِيّ (a) الحافِظ، قال: حَدَّثنا أبو بَكْرٍ وَرَّاقُ بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا بَقِيّةُ بن الوَلِيدِ، عن عُبَيْد الله بن عُمَر، عن نَافِع، عن ابن عُمَر

(3)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أصَابَهُ جَهْدٌ في رَمَضَان فلم يُفْطِر، فماتَ، دَخَلَ النَّار.

(a) في الأصل: الكتاني، وصوابه المثبت، انظر مصادر ترجمتة المتقدمة مضافًا إليها السمعاني: الأنساب 11: 152.

_________

(1)

معرفة علوم الحديث 225 ونسبه إلى جده: حمزة بن علي.

(2)

مشيخة أبي الطاهر بن أبي الصقر 141 (رقم 66).

(3)

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 11: 557، والذهبي: ميزان الاعتدال 2: 601، والمتقي الهندي: كنز العمال 8: 522 (رقم 23954).

ص: 611

أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْلُ بن عَبْد القَوِيّ بن أبي العِزّ بن دَاوُد بن عَزُّون بالقَاهِرَة، ورَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ العَطَّار بمِصْر، وأبو مُحَمَّد يُونُس بن خَليل بن عَبْد الله بحَلَب، قالوا: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن صالح بن يَاسِيْن المقرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الرَّازِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله وأبو البَرَكات مُحَمَّد ابْنَا الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة الحَمَوِيَّان بها، قالا: أخْبَرَنا أبو طَالِب أحْمَد بن المُسَلَّم اللَّخْمِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، وأبو طَالِب أحْمَد بن المُسَلَّم اللَّخْمِيّ - قال السِّلَفِيّ: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الرَّازِيّ، وأبوصادِق مُرْشِد المَدِيْنِيّ، وقال أبو طَالِب اللَّخْمِيّ: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الرَّازِيّ - ح.

وأخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد القَاهِر بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ الحَلَبِّي بها، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم الغَرْنَاطِيّ، بحَلَب، ح.

وأخْبَرَنا أبو الخَطَّاب عُمَر بنُ أَيْلمّلِك، وأبو طَالِب مُحَمَّد بن عَبْد الله بن صَابِر، قراءةً عليهما بالبيت المُقَدَّس، قالا: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ الأَوَقِيّ وعُمَر بن أَيْلمّلِك بالقُدْس، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن دَاوُد الدَّربندِيّ بحِبْرَى عند قَبْر الخلِيل عليه السلام، وأبو القَاسِم هِبَةُ اللّهِ بن مُحَمَّد بن الحُسين المَقْدِسيِّ بمَكَّةَ، حَرَسَها اللهُ، وأبو الحَسَن عليّ بن عبد الرَّحْمن بن مُسَاوِر المَنْبِجيّ بمَنْبج وبحَلَب، وأبو القَاسِم عَبْد الله بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ بها، وأبو الفَضْل يُوسُف بن عَبْد المُعْطِي بن المَخَيْليّ الإسْكَنْدَرَانِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن عَبْد المنعِم بن النَّقَّار المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قالوا: أضْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ الحافِظ بالإسْكَنْدَرِبَّة، قالوا: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُرْشد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد الصَّوَّاف الحَرَّانيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا

ص: 612

أبو القَاسِم حَمْزَة بن مُحَمَّد بن عليّ الكِنَانِيّ (a) الحافِظ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا عِمْران بن مُوسَى بن حُمَيْد الطَّبِيْب، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بن عَبْد اللّهِ بن بُكَيْر، قال: حَدَّثَني اللَّيْثُ بن سَعْد، عن عَامِر بن يَحْيَى المَعَافِرِيِّ، عن أبي عبد الرَّحْمن الحُبُلِيّ أنَّهُ قال: سَمِعْتُ عَبْد الله بن عُمَر يَقُول

(1)

: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُصَاحُ برَجُل من أُمَّتِي على رُؤوس الخَلَائِق يَوْم القِيامَة، فيُنْشَرُ له تسْعَةٌ وتسعُون سجِلًّا، كلُّ سِجلٍّ منها مدَّ البَصَر، ثُمَّ يقُول الله عز وجل: أَتُنْكر من هذا شيئًا؟ فيقُول: لا يا رَبِّ، فيقُول عز وجل: ألكَ عُذْرٌ أو حَسَنةٌ؟ فيَهَاب الرَّجُل فيقُول: لا يا رَبّ، فيقُول عز وجل: بلى إنَّ لك عندَنا حَسَنات، وإنَّهُ لا ظُلْم عليك، فتُخْرَج له بِطَاقَةٌ فيها: أشْهَدُ أنَّ لاإلّه إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا عَبْدُه ورَسُوله، فيقُول: يا رَبّ، ما هذه البِطَاقَةُ مع هذه السِّجِلَّات؟ فيقُول عز وجل: إنَّك لا تُظْلَم، قال: فتُوْضَعُ السِّجِلَّاتُ في كَفَّةٍ والبِطَاقَةُ في كَفَّةٍ فطاشَت السِّجِلَّات وثَقُلَت البِطَاقَة.

قال حَمْزَة: ولا نَعْلَمُه رَوَى هذا الحَدِيْث غير اللَّيْث بن سَعْد، وهو من أحْسَنٍ الحَدِيْث. قالا: قال لنا شَيْخُنا أبو الحَسَن الحَرَّانيُّ: لمَّا أمْلَى علينا حَمْزَةُ هذا الحَدِيثَ صَاحَ غَرِيْبٌ من الحَلْقَةِ صَيْحةً فاضَتْ نَفْسُهُ معها، وأنا ممَّن حَضَرْتُ جنَازَتَهُ وصَلَّى عليهِ.

قَرَأتُ في كتاب قُضَاةِ مِصْر، تأليفُ أبي مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن زُوْلَاق

(2)

، ممَّا روَاهُ الشَّريفُ القَاضِي أبو إبْراهيم إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن

(a) الأصل: الكتاني، تقدم التعليق عليه.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 2: 1437 (رقم 4300)، المستدرك للحاكم 1: 529، كنز العمال 1: 44 - 45 (رقم 110).

(2)

تقدم النقل عن مذيل ابن زولاق على كتاب قضاة مصر للكندي، فلعله المراد، وهو كتاب مفقود مرّ التعليق عليه في الجزء الثالث، وعدَّ سبط ابن الجوزي كتاب القضاة لابن زولاق بين مؤلفاته ولم يذكر تذييله على كتاب الكندي، قال:"صنف كتاب القضاة جمع فيه أخبار بكار بن قتيبة وغيره"، انظر: مرآة الزمان 18: 94.

ص: 613

مُحَمَّد بن مُوسَى الحُسَيْنيّ، عن أبي الحَسَن عليِّ بن عَبْد الله الدِّينَورِيّ عنه، قال ابنُ زُوْلَاق: وحَدَّثَني أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن مُحَمَّد الحافِظُ، قال: رَحَلْتُ في طَلَب الحَدِيْث سَنَة خَمْسٍ وثَلاثِمائة، فدَخَلت حَلَبَ، وأبو عَبْد اللهِ بن عَبْدَة قاضِيْهَا، فلَزمْتُهُ وكَتبتُ عنهُ، وكُنْتُ أحادِثُهُ، وكان يقُولُ لي: لو عَرَفْتُكَ بمِصْر لمَلأتُ رَكائبَكَ ذَهَبًا وأغْنيتُكَ.

قال: وقيل إنَّ أبا عُبيد اللّهِ دَفَعَ إلى حَمْزَة عند وَدَاعهِ للمَسِيْر إلى العِرَاقِ مائتي دِيْنارٍ، وبها قَوِيَ حَمْزَةُ على سَفَره.

أخْبرَني أبو الفَضْل عبَّاس بن بَزْوَان الإرْبِلِيّ، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ عَبد الوَهَّاب بن عَتِيق بن هِبَة الله بن وَرْدَان على جزءِ البِطَاقَة، وكَتَبَ إلينا ابن وَرْدَان بذلك، قال: رأيْتُ بخَطِّ القُضاعيّ ما صُوْرته، ح.

وكَتَبَ إلينا أحْمَد بن أزْهَر بن عَبد الوَهَّاب بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، عن القُضاعيّ: أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن مُحَمَّد الكِنَانِيّ (a) الحافِظُ المُحَدِّثُ، تُوفِّي بمِصْر سَنَة سَبع وخَمْسِين وثلاثمائة، وقبره عند المُصَلَّى الجديدِ بالجَبَّانَةِ المَعْرُوفة بمُصَلَّى العِيْدِ، وكان أحَدَ الحفاظ المُبَرّزين، وسَافَرَ إلى العِرَاق وغيرها، وسَمِعَ كَثِيْرًا، وحَدَّثَ عنهُ بمِصْر جَمَاعَةٌ ممَّن أدْرَكناهُم، وآخرُ مَنْ حَدَّثَ عنهُ ابن حِمَّصَة الحَرَّانيّ الرَّاوِي لهذا المَجْلِس، وهو أوَّلُ ما لهُ عن حَمْزَة الكِنَانِيّ وآخره، وكان يَنْزلُ القَلُوصَ

(1)

، تُوفِّي سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، وكانَ

(a) مهملة في الأصل.

_________

(1)

القلوص: موضع بمصر، ذكره ياقوت بزيادة ألف فيه: قالوص، ونقل عن القضاعي في خططه أن أهل زمانه يكتبونه بغير ألف. معجم البلدان 4:299. وفي خطط المقريزي (2: 159 - 160) أن هذا الموضع مشرف على النيل مقابل باب الريحان.

ص: 614

مَوْلدُهُ سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وكانَ مَوْلدُ حَمْزَة الكِنَانِيّ في شَعْبان سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين ومَائَتيْن.

أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا رَجَاءُ بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ القَرَّابُ الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد المَالِيْنيّ، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم بن نَصْرٍ - مِصْريٌّ - يَقُول: قال لي حَمْزَةُ بن مُحَمَّد الكِنَانِيّ (a) الحافِظُ: وُلِدْتُ في شَعْبان سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن.

قال القَرّابُ: وأخْبَرَنا أحْمَدُ - يعني المَالِيْنِيَّ - قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم مَيْمُونَ بن حَمْزَة العَلَويَّ يَقُول: تُوفِّي أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن مُحَمَّد الكِنَانِيّ في ذِي الحِجَّةِ سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائةٍ.

‌حَمْزَةُ بن مُحَمَّد بن أبي سَلَمَة، أبو سَالِم الحَرَّانيّ، ثمّ الحَلَبِيِّ

أصْلُهُ من حَرَّان، ووُلد بحَلَب وسَكَنَها، ووُلد له بها وَلدهُ مُحَمَّد بن حَمْزَة، وَسَنَذكُره إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في باب المُحَمَّدين

(2)

.

(a) الأصل: الكتاني.

_________

(1)

جوَّده المؤلف في هذا الموضع بفتح العين وكسر الميم، وتقدم له ضبطه على الوجه الصحيح المثبت، ويعضده ضبط السمعاني أيضًا "بضم العين وفتح الميم" نسبة إلى الجد الذي ينتسب إليه الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي. السمعاني: الأنساب 9: 377، ويضبطه ابن العديم فيما بعد أحيانًا بالفتح، ويتنبَّهُ أحيانًا فيصلحه بالمثبت.

(2)

ترجمة محمد بن حمزة الحراني في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 615

وكان أبو سَالَم هذا تَاجِرًا، كَتَبَ عنهُ أبو سَعْد السَّمْعَانيّ أبْيَاتًا رَوَاها عن ابن مُنِير، ورَوَى عنهُ ولده عبد الرَّحيم السَّمْعَانيّ.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحِيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ من مَرْو غير مَرَّة، قال: أبو سَالِم حَمْزَة بن مُحَمَّد بن أبي سَلَمَة الحَرَّانيّ، ثمّ الحَلَبِيّ، شَابٌّ مُتَميِّزٌ من أهْل حَلَب، قَدِمَ عَزو تَاجِرًا، ودَخَل دَارَنا مع الشَّريف أبي العبَّاس بن المُؤيَّد باللهِ الهاشِمِيّ، فكَتَبَ عنهُ وَالدِي أبْيَاتًا من الشِّعْر بحُضُوري، وكانت ولادَتُه بحَلَب في سَنَة اثْنتي عَشرة وخَمْسِمائَة.

قال عَبْدُ الرَّحيم: أنْشَدَنا حَمْزَة بن مُحَمَّد الحَرَّانيّ في دارنا بمَرْو، إمْلاءً من حِفْظِه، قال: أنْشَدَنا أبو الحُسَين أحْمَد بنُ مُنِير الأَطْرَابُلُسِيِّ لنَفْسِه بحَلَب

(1)

: [من المجتث]

عَاتبْتُه فاسْتَطَالا

وصَدَّ عنِّي دَلَالا

ما هكذا مَنْ تَعَالَى

في حُسْنِهِ يَتَغَالا

مَوْلَايَ قد ذُبْتُ شَوْقًا

فكم تذيْبُ مِطَالَا

ما كان وَعْدُكَ إلَّا

مِثْل السُّلُوِّ مُحَالَا

سبَكْتَ حَبَّةَ قَلْبي

وصُغْتها لكَ خَالَا

فقد كَسَتْنِي نُحُولًا

كما كَسَتْكَ جَمَالًا

يا كَامِلًا حُسْنُهُ عَلَّـ

ـمَ البُدُور كَمَالا

أمَا تَعلَّمْتَ شَيْئًا

من الكَلَام سِوَى لا

(1)

ديوان ابن منير 87.

ص: 616

‌حَمْزَة بن نُجَيّ بن سَلَمَة بن جُشَم بن أسَد بن خُلَيْبَة بن شَاجِئ بن موْهَب بن أسَد بن جُعْشُم بن حَرِيْم بن الصَّدَف الصَّدَفِيّ

(1)

شَهِدَ مع عليٍّ رضي الله عنه صِفِّيْن هو وإخْوته السَّبْعَة، وقُتِلُوا كُلّهم وقد سَبَق ذِكْر الحُسَين منهم

(2)

، وَسَنَذْكُر الباقين في مَوَاضعِهم.

‌حَمْزَةُ بن يُوسُف بن إبْراهيم بن مُوسَى بن إِبْراهيم بن مُحَمَّد بن أحمد - وقيل: إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحمد - بن عَبْد الله بن هِشَام بن العَاصِ بن وَائِل السَّهْمِيّ، أبو القَاسِم الجُرْجَانِيّ الحافِظ

(3)

رَحَلَ وطافَ، وسَمِعَ بالشَّام وبالجَزِيْرَة وبالعِرَاق وغيرِ ذلك من البِلادِ، واجْتازَ بحَلَبَ أو بعَمَلها في طَرِيْقهِ من الجَزِيْرَة إلى الشَّام.

سَمعَ أبا الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيِّ، وأبا بَكْر بن عَبْدَان، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن العبَّاس الإسْمَاعِيْليّ، وأبا مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن عَمْرو القَطَّان، وأبَوَي زرْعَة مُحَمَّد بن يُوسُف الجُرْجَانِيّ الكَشِّيّ، وأحمد بن الحُسَين الرَّازِيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَاصِم بن المُقْرِئ، وأبا مُحَمَّد بن غُلَام الزُّهْرِيّ، وأبا بَكْر

(1)

توفي سنة 37 هـ.

(2)

تقدمت ترجمة الحسين بن نجي في هذا الجزء، وضاعت تراجم إخوته بضياع الأجزاء الضامة لها.

(3)

توفي سنة 426 هـ، وقيل: 427 هـ، وترجمته في: الأنساب للسمعاني 7: 314 - 315، ابن الجوزي: المنتظم 15: 251، التقييد لابن نقطة 1: 486 - 487، ابن الأثير: الكامل 9: 445، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 403 (سلكه في وفِيات سنة 427 هـ)، تاريخ الإسلام 9: 424، تذكرة الحفاظ 3: 1089 - 1091، العبر في خبر من غبر 3: 256 (وفاته 427 هـ)، الإعلام بوفيات الأعلام 178 (وفاته 437 هـ)، سير أعلام النبلاء 17: 469 - 471 (أرخ وفاته سنة 428 هـ)، النجوم الزاهرة 4: 283، السيوطي: طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 5:128.

ص: 617

مُحَمَّد بن عَدِيّ المِنْقَريّ، وأحمد بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ، وأبا الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن حِنْزَابَةَ الوَزِير، وأبا عُمَر بن حَيَّوْيَه، وأبا الحُسَين مُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ، وأبا الحُسَين يَعْقُوب بن مُوسَى الفَقيه، والحافظ أبا مَسْعُود الدِّمَشقيّ، وأبا ذَرّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن المُنْذِر الحافِظ، وأبا الحسن مُحَمَّد بن أحمد بن سفيان بن حَمَّاد، وأبا الحَسَن بن لُؤْلُؤ، وأبا شُجاع فَارِس بن مُوسَى الفَرَضِيّ (a).

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، وابنُ المُجْلِي وغيرهم، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهم أو من وَاحدٍ منهم، قالوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ الجُرْجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ حَمْزَةُ في يُوسفَ السَّهْميّ، قال: حدَّثنا أبو زُرْعَة أحْمَد بن الحُسَين الرَّازيّ، قال: حدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الحارِثِيّ بنُخَارَى، قال: حدّثنا داوُد بن أبي العَوَّام، قال: حدَّثنا الحَارِثُ بن مُسْلم، قال: حَدَّثَنا الهَيْثَم بن حَكِيم، عن حَسَّان، عن أنَسٍ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: طَالِب العِلْم بين الجُهَّالِ كالحَيِّ بين الأمْوَاتِ.

وأخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الوَزِيرُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الجُرْجَانِيّ، قال: سَمعْتُ الشَّيْخ أبا القَاسِم حَمْزَة بن يوسُف السَّهْمِيّ، قال: كُنْتُ ببَغْدَاد في أيَّام الأَمِير أبي شُجاعٍ فَنَّاخُسْرُو، وكان المُلَقَّب بجُعَل المُعْتَزِليّ يَدْعُو النَّاس إلى الاعْتِزَال، وقد افْتَن كَثِيْرٌ من المُتَفَقِّهَة به، فرَأيْتُ في المَنَام أنَّ جَمَاعَةً من الفُقَهَاءِ والمتُفَقِّهَة في بَيْتٍ مُجْتَمِعين، فدَخَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(a) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

لم أهتد لتخريجه.

ص: 618

ذلك البَيْتَ، وأشارَ إلى كُلِّ واحدٍ منهم يَقُول: فُلَان على الطَّهَارَة، وفُلَانٌ ليسَ على الطَّهَارَة، فقُلتُ: هذا دَلِيْلٌ على نُبُوَّتهِ، يَعْلَم مَنْ هو على الطَّهَارَة ومَنْ ليسَ على الطَّهَارَة، وكُنْتُ أُكَرِّرُ القَوْلَ، وأقُول: هذا دَلِيْلٌ على نُبوَّتهِ ورِسَالته، ووَقَعَ لي في المَنَام أنَّ الّذي يقُول ليْسَ هو على الطَّهَارَة أنَّهُ مُعْتَزِليّ، ومنْ على الطَّهَارَة هو على السُّنَّة.

ص: 619

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌حَمْشُ بن عبد الرَّحيم التُّرَيْكِيُّ الزَّاهِدُ المُطَّوّعيُّ، أبو عَبْد الله النَّيْسَابُوريّ

(1)

واسْمُهُ مُحَمَّد، وحَمْشٌّ لَقَبٌ له غَلَبَ على اسْمه.

سَمعَ أحْمَد بن عَبْد الله بن يُونسُ، ويَحْيَى بن يَحْيى، وأبا خَالِد يَزِيد بن صالِح الفَرَّاء، وأحمد بن أبي الحَوَارِيّ، وحَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وهِشَام بن عَمَّار الدِّمشقيّ، وكَثِيْر بن عُبَيْد المَذْحِجِيّ، ومُحَمَّد بن المُصَفَّى الحِمْصِيَّيْن، وأحمد بن حَرْب، وعُبَيْد بن آدَم العَسْقَلانِيّ. رَوَى عنهُ مَكِّيّ بن عَبْدَان، وزنْجُوَيْه بن مُحَمَّد، وأبو عَمْرو [أحْمَد بن المُبَارَك](4) المُسْتَمْلِيّ.

وكان كَثِيْر المقَام بطَرَسُوس، وَسَنَذكُره أيضًا في المحمَّدين

(2)

فيما يأتي إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

وقد ذَكَرَهُ الحاكِم أبو عَبْد اللهِ مُحمَّد بن عَبْد الله الحافِظُ في تاريخ نَيْسَابُور

(3)

، بما أخْبَرَنا بهِ الحافِظان أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، وأبو مُحَمَّد

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر كلمتين، وانظر ترجمة أبي عمرو المستملي ومصادرها في سير أعلام النبلاء 13: 373 - 375.

_________

(1)

توفي سنة 375 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 54: 115 - 117 (ترجم له باسم محمد)، تاريخ الإسلام للذهبي 6: 543 (وفيه: التركي).

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

انظر تلخيص تاريخ نيسابور لأحمد بن محمد النيسابوري 33، ولم يرد فيه ذكر شيوخه ولا تلاميذه.

ص: 620

عَبْدُ القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل بن يُوسُف القَزْوِينيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْلُ بن عبدِ الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، وأبو بَكْرٍ أحْمَد بن الحُسَيْن بن عليّ البَيْهَقِيّ، وأبو عُثْمان سَعيدُ بنُ مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ، إجَازَةً منهم، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافِظ، قال: حَمْشُ بن عبد الرَّحيم التُّرَيْكِيّ (a) الزَّاهِدُ، أبو عَبْد اللهِ المُطَّوّعيّ النَّيْسَابُوريّ، صَاحِب الصَّوْمَعَةِ والمَسْجِد اللَّذين يُتَبَّركُ بهِما وبالصَّلاة فيهما. سَمِعَ أحْمَد بن عَبْد الله بن يُونُسَ، ويَحْيَى بن يَحْيَى، وأبا خَالِد يَزِيد بن صالح الفَرَّاء.

وكان اسْمُه مُحَمَّد، وحَمْشٌ لَقَبٌ، وبه يُعْرَفُ، وكان من المُرَابِطين ويُكْثر المقام بطَرَسُوس، فسَمعَ على كبر سِنِّهِ من حَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وعُبَيْد بن آدَم العَسْقَلانِيّ، ومُحَمَّد بن المُصَفَّى، وكَثِيْر بن عُبَيْد المَذْحِجِيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وأحمد بن أبي الحَوَارِيّ، وطَبَقتهم. وكان من قُدَمَاء أصْحَاب أبي عَبْد الله أحْمَد بن حَرْب الزَّاهِد، ومن المُلازِمين له، وقد رَوَى عنهُ أبو عَمْرو المُسْتَمْلِيّ، وزَنْجُوَيْه بن مُحَمَّد، ومَكِّيّ بن عَبْدَان.

قال الحاكِم: قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو سَمَاعَهُ منه عن جَمَاعَةِ هؤلاء الشُّيُوخ يَوْم الجُمُعَة الثَّاني عَشر من ذِي الحِجَّة سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن، قال: وقال لي: في هذا اليَوْم جَاوَزْتُ الثَّمانيْن.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْرٍ البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عَبْد الله، قال: حَدَّثَني أبو سَعيد، عن أبي حَامِد أحْمَد بن حَمْدُوَيْه، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: تُوفِّي حَمْشٌ التُّرَيْكيِّ الزَّاهِدُ في شَوَّال سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين ومَائَتيْن.

(a) ورد اسمه في تلخيص تاريخ نيسابور: حسن بن عبد الرحيم الرتكي.

ص: 621

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَمَل

‌حَمَلُ بن سَعْدَانَة بن حَارثَة بن مَعْقِل بن كَعْب بن عُلَيْم الكَلْبيّ العُليمِيّ

(1)

وَفَدَ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ كان من جَبَل بني عُلَيْم الكَلْبيِّيْن من ناحيةِ مَعَرَّة النُّعْمَان.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، عن أبي بَكر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا الحَارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: أخْبَرَنا هِشَام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني ابنُ أبي صالح؛ رَجُلٌ من بني كِنَانَة، عن رَبِيعَة بن إبْراهيم الدِّمَشقيّ، قال: وَفَدَ حَارِثَة بن قَطَن بن زَابِر (a) بن حِص بن كَعْب بن عُلَيْم الكَلْبيّ، وحَمَل بن سَعْدَانَة بن حَارِثَة بن مَعْقِل (b) بن كَعْب بن عُلَيْم إلى رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فأَسْلَما، فعَقَد لحَمَلِ بن سَعْدَانَة لِوَاءً، فشَهِدَ بذلك اللِّوَاءَ صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ.

(a) مهملة في الأصل، وعند ابن سعد:"زائر"، وأورد ابن عساكر الرواية أعلاه وفيها أيضًا، "زائر"، وورد في موضع آخر من تاريخه في ترجمة حارثة في قطن (11: 398): "زائر" بالباء، وورد في الوافي بالوفيات مرة: حارثة بن بدر بن حصن بن قطن (الوافي 11: 366)، ومرة أخرى: زابر، في ترجمة حارثة وحصن ابنا قطن بن زابر بن كَعْب بن حصن. (الوافي 11: 369)، والمثبت يوافق ما قيَّده ابن ماكولا بالحروف نقلًا عن الكلبي. انظر الإكمال 4:161.

(b) طبقات ابن سعد: مغفّل.

_________

(1)

توفي بعد سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 247، أسد الغابة 3: 53، الوافي بالوفيات 13: 192، الإصابة 3: 38، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 457.

(2)

طبقات ابن سعد 1: 334 - 335.

ص: 622

أنْبَانا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: حَمَل بن سَعْدَانَة بن حَارِثَة بن مَعْقِل بن كَعْب بن عُلَيْم الكَلْبِيّ (a) .

‌حَمَلُ بن عَبْدِ اللّه الخَثْعَمِيّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وكان يَوْمئذٍ أمِيْرًا على خَثْعَم.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللّه الحافِظُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّدُ بن الحَسَن (b)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(4)

، قال: وقال أبو عُبَيْدَة: وكان على خَثْعَم ولَفِّهَا حَمَل بن عَبْد اللّه الخثعَمِيّ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم: [

] (c).

‌حُمَيْدَان بن نَصْر بن خُضَيْر، أبو جَعْفَر البَغْدَاديّ

(5)

كان بحَرَّان، ودَخَل دِمَشْق وحَدَّثَ بها، فقد اجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها (d).

(a) في تاريخ ابن عساكر: ثمّ العُليميّ.

(b) في الأصل: الحُسَيْن، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وهو المَعْرُوف بالماورديّ، وتكرر ذكره كثيرًا في ثنايا الكتاب.

(c) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سطرين، وليس في ترجمته في تاريخ ابن عساكر ما يمكن إضافته قلادة على المثبت أعلاه.

(d) نصف الصفحة بعده بياض في الأصل، ولعل ابن العديم أبقاه لينتخب من مرويات ابن عساكر ما يدرجه على جاري عادته، فلم يتهيَّأ له ذلك.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 247.

(2)

وترجمته في: كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 207، تاريخ ابن عساكر 15: 247 - 248، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 457.

(3)

تاريخ ابن عساكر 15: 247.

(4)

تاريخ خليفة 196 وفيه: فلان بن عبد اللّه الخثعمي.

(5)

تَرْجَمَته في: تاريخ ابن عساكر 15: 248 - 250، (وفيه: حميدان بن نَصْر بن حُصَيْن)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 457.

ص: 623

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حُمَيْد

‌حُمَيْد بن جَعْفَر بن زُهَيْر المَعَرِّيّ

كان من أهْل الأدَب والفَضْل، وكَتَبَ الكَثِيْر، وسَمعَ بحَلَبَ أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن خَالَوَيْه وأكْثَرَ عنه، ورَوَى عن أبي عِيسَى الطَّيِّب بن مُحَمَّد بن الحَسَن الهاشِميّ.

ووَقفتُ على رِسَالةٍ كَتَبَها أبو العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان المَعَرِّيّ

(1)

إلى أبي اليمن المُسَلَّم بن الحَسَن النَّصْرانِيّ، نَاظِر الدِّيْوَان بحَلَب، على يد أبي العَلَاء زُهَيْر بن حُمَيْد بن زُهَيْر، ذَكَرَ فيها حُمَيْدًا أباه، فقال في الرِّسَالَة: وتَصِلُ هذه السُّطُور من يَد أبي العَلَاءَ زُهَيْر بن حُمَيْد بن زُهَيْر وكان والدهُ رحمه الله ممَّن طَلَبَ الأدَبَ في مَظَانِّهِ، من شَبَابَةِ الحلَةِ ومَسَانِّهِ، والْتَمَسَهُ في نَجْدٍ وغَوْر، واسْتَكْثرَ من زَهْرِه والنَّوْر.

وقَرأتُ بخَطِّ جَعْفَر بن أحْمَد بن صالح كاتب أبي العَلَاء المَعَرِّيّ وصَاحِبهِ ونَسِيْبهِ ما صُوْرته: حُمَيْد بن جَعْفَر بن زُهَيْر، وكان غُلَامَ بن خَالَوَيْه، وقَرَأ عليه وأكْثَرَ.

‌حُمَيْد بن حَامِد بن مُغِيْث بن مُنْقِذ الكِنَانِيِّ الشَّيْزَريّ، الأَمِير

(2)

من وُجُوه بَنِي مُنْقِذ، وله ذِكْرٌ.

قَرأتُ في تاريخ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد، قال: سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، وفيها ماتَ الأَمِيرُ أبو الغَنائِم حُمَيْد بن حَامِد بن مُغِيْث بن مُنْقِذ رحمهم الله، وكان مَوْتُه يَوْم الأرْبَعَاء ثاني عَشر جُمَادَى الآخرة.

(1)

لم ترد في مجموع رسائل أبي العلاء المَعَرِّيّ.

(2)

توفي سنة 490 هـ.

ص: 624

‌حُمَيْد بن الحَسَن بن عَبْد اللهِ، أبو الحَسَن الوَرَّاقُ

(1)

سَمعَ بمَنْبِج أبا الفَضْل صَالح بن الأَصْبَغَ بن عَامِر المَنْبِجِيّ، وبِحِمْص أبا الخَليل العبَّاس بن الخَليل الحَمْصِيّ، وروى عنهُما، وعن أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن بن حَبِيْب الزَّرَّاد، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَبْد الحَميْد، وجَعْفَر بن مُحمَّد الخَطِيب بقَزْوِين، وأبي هاشِمِ مُحَمَّد بن عَبْد الأعْلَى بن عُلَيْل، وأبي العبَّاس محمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الرَّافِقِيِّ، وجعْفَر بن مُحَمَّد الجَرَويّ، والحَسَن بن حَبِيْب الحَصَائِريّ (a)، ومُحَمَّد بن يُوسُف الهَرَويّ، ومُحَمَّد بن خُرَيم، وأبي عَبْد اللّه أحْمَد بن هِشَام بن عَمَّار، وإبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن مَرْوَان، ومُحمَّد بن حَامِد اليَحْيَاوِيّ، وأحمد بن سَعيد بن عُتيب الصُّوْرِيّ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم تمَام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، وأبو الحَسَن بن السِّمْسَار، والحافِظُ عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعيد المِصْرِيِّ، وعَبد الوَهَّاب الميدانيّ، وأبو نَصْر بن الجبَّان، ومَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، وعبدُ اللّه بن مُحَمَّد بن أيُوب القَطَّان (b).

‌حُمَيْدُ بن حُرَيْث بن بَحْدَل في أُنَيْف بن دَلَجَة الكَلْبيّ

(2)

له ذِكْرٌ، وغَزَا مع يَزِيد بن مُعاوِيَةَ القُسْطَنْطِينِيَّة حين أغْزَاهُ مُعاوِيَة إيَّاها في خِلَافَتِهِ، وقَدِمَ حلَبَ مع عَبْد المَلِك بن مَرْوَان حينَ تَوَجَّه لقِتَالِ مُصْعَب بن

(a) الأصل: الحضائريّ، وصوابه بالمهملة كما عند ابن عساكر، وانظر تَرْجَمَتِه المتقدمة في الجزء الخامس.

(b) الصفحة بعده بياض في الأصل.

_________

(1)

توفي سنة 373 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 377 - 278، تاريخ الإسلام 8: 388، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 463.

(2)

كان حيًّا سنة 70 هـ، وله ذِكْر في المحبر لابن حبيب 255، 373، وتاريخ الطبريّ 5: 544، 6: 86، 140 - 144، وابن الأثير: الكامل 4: 397 - 300.

ص: 625

الزُّبَيْر، فلمَّا كان ببُطْنَان حَبِيْب، ورجَع عنه عَمْرو بن سَعيد الأشْدَق خَالِعًا له ومَضَى إلى دِمَشْق، مَضَى معهُ حُمَيْدُ بن حُرَيْث بن بَحْدَل، ورَجَاء بن سِرَاج، وجَمَاعَة من أهْل الشَّام حتَّى صَاروا إلى دِمَشْق ودَخَلُوها، ومَلَكَها عَمْرو بن سَعِيْد، وكان من أمْرِه ما عُرِفَ.

‌حُمَيْد بن زَنْجُوَيْه - واسم زَنْجُوَيْه مَخْلَد - ابن قُتيبَة بن عَبْد الله، أبو أحْمَد الأزْدِيُّ الخُرَاسَانيُّ النَّسَائِيُّ

(1)

وزَنْجُوَيْه لَقبٌ لأبيهِ غَلَبَ على اسْمُه.

رحَلَ إلى الشَّامات والعِرَاق والحِجَاز ومِصْر، وسَمعَ الكَثِيْر، ودَخَلَ حَلَبَ أو عَمَلها. وكان فَقِيهًا مُحَدِّثًا.

رَوَى عن النَّضْر بن شُمَيْل، ومُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابيّ، ووَهْب بن جرير، ومُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، وجَعْفَر بن عَوْن، وإسْمَاعِيْل بن أبي أوَيْس، وعُبَيْد الله بن مُوسَى العَبْسِيّ، وعُثْمان بن عُمَر بن فَارِس البَصْرِيّ، وَيَزِيْد بن هَارُون، وعليّ بن الحُسَين بن وَاقِد المَرْوَزيّ.

(1)

توفي سنة 251 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 223، تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 65، الثّقات لابن حبَّان 8: 197، تاريخ بَغْدَاد 9: 24 - 27، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 150، تاريخ ابن عساكر 15: 279 - 282، ابن الجوزي: المنتظم 12: 51، المزي: تهذيب الكمال 7: 392 - 395، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 6: 76 - 77، سير أعلام النبلاء 12: 19 - 22، تذكرة الحفاظ 2: 550 - 551، الإعلام بوفيات الأعلام 113، العبر في خبر مَن غبر 1: 360، الكاشف 1: 257، الوافي بالوفيات 13: 200، ابن كثير البداية والنهاية 11: 10، تهذيب التهذيب 2: 48 - 49، تقريب التهذيب 1: 203، المقريزي: المقفى الكبير 3: 674 - 676، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 248 - 249، شذرات الذَّهب 3: 235، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 463 - 464، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 84، الزركلي: الأعلام 2: 283، وانظر مقدمة كتابه الأموال، ففيها تعريف بمؤلفه 1: 15 - 25. وأعاد ابن العديم ذكره فيما يلي باسم: حميد بن مخلد بن قُتَيبة النسائيّ.

ص: 626

رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، ومُسْلم بن الحَجَّاج، وعبد اللّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، وأبو مُحَمَّد يَحْيَى بن صَاعِد، وإبْرَاهِيم بن إسْحَاق الحربِيّ، والقَاضِي أبو عَبْد اللّه الضَّبِّيّ المحامِلِيّ (a) .

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زرَيق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت

(1)

، قال: قَرَأتُ على الحَسَن بن أبي القَاسِم، عن أبي سَعيد أحْمَد بن مُحَمَّد بن رُمَيْح النَّسَوِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر بن بِسْطَام يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن سَيَّار يَقُول: حُمَيْد بن زَنْجُوَيْه بن قُتيبَة بن عَبْدِ اللّهِ، أبو أحْمَد الأزْدِيّ، كان لا يَخْضِبُ، وكان حَسَنَ الفِقْه، قد كَتَبَ الحَدِيْث، وقد رَحَلَ إلى الشَّاماتِ، وكان رَأسًا في العِلْم، حَسَنَ المَوْقعِ عند أهْل بَلَدِه، وكان بنَسَا كَهْلٌ يُقالُ له حُمَيْدُ بن أفْلَح، حَسَن النَّحْو، صَاحِب سُنَّة وجَمَاعَة، قد جالَسَ ابنِ أبي أُوَيْسٍ، وكَتَبَ عن أبي عُبيد، وذَكَرَ أنَّ ابن أبي أُوَيْسٍ سَألَهُ عن حُمَيْد بن زنْجُوَيْه، فقال: أخْرَجتُ مَسَائِل لمالكٍ كُنْتُ أُحبُّ أنْ يَنْظُر فيها من أهْل خُرَاسَان أحْمَدُ بن شَبُّوَبْه وحُمَيْد بن زَنْجُوَيْه.

قُلتُ: الشَّامات خَمْسةٌ إحْدَيْها الشَّام الخامِسَةُ وهب قِنَّسْرِيْن وحَلَب، وقد ذَكَرْنا ذلك في مُقدِّمَة الكتاب

(2)

.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ علِيّ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الكاتِبُ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحْمن الدَّغُوْلِيّ، قال:

(a) نصف الصفحة بعده بياض في الأصل.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 9: 26.

(2)

في الجزء الأوّل من الكتاب.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 9: 26.

ص: 627

سَمِعْتُ مُحَمَّد بن زِيَاد النَّسَوِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاسِم بن سَلَّام، قال: ما قَدِمَ علينا من قِبَل (a) خُرَاسَان مثْل ابن شَبُّوَيْه وابن زَنْجُوَيْه، قال: يعني أحْمَد بن شَبُّويه وحُمَيْد بن زَنْجُويْه.

وقال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَني الصُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللّه بن القَاسِم الهَمَذَانِيّ (b) بأطْرَابُلُس، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل الخَشَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحمن النَّسَائيّ، قال: حُمَيْد بن مَخْلَد نَسَائيٌّ ثِقَةٌ (c) .

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ البَغْدَاديُّ

(2)

، قال: حُمَيْدُ بن زَنْجُوَيْه، أبو أحْمَد الأزْدِيُّ، وزَنْجُوَيْه لَقَبٌ، واسْمُه مَخْلَدُ بن قُتيبَة بن عَبْد اللّه، خُرَاسَانيٌّ من أهْلِ نَسَا، كَثِيْرُ الحَدِيْث، قَدِيمُ الرِّحْلَة فيهِ إلى العِرَاق والحِجَاز والشَّام ومِصْر، وسَمِعَ النَّضْرِ بن شُمَيْل المَازِنِيّ، وجَعْفَر بن عَوْن العُمَرِيّ، وعُبيد اللّهِ بن مُوسَى العَبْسِيّ، ويَزِيْد بن هَارُون الوَاسِطِيّ، ووَهْب بن جَريْر، وعُثْمان بن عُمَر بن فَارِس البَصْريَّيْن، وعليّ بن الحُسين بن وَاقِدٍ المَرْوَزيّ، وإسْمَاعِيْل بن أبي أُوَيْس، ومُؤَمَّل بن إسْمَاعِيل، ومُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابِيّ، وغيرهم من طَبَقَتهم.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، ومُسْلم بن الحَجَّاج النَّيْسَابُوريّ، وعَامَّة الخُرَاسَانيِّين.

(a) في تاريخ بَغْدَاد: من فتيان خُرَاسَان.

(b) في الأصل: الحمدانيّ، والتصويب من تاريخ بَغْدَاد (مصدر النقل)، وتاريخ ابن عساكر 15:281.

(c) نصف الصفحة بعده بياض في الأصل.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 9: 26.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 9: 24 - 25.

ص: 628

وقَدِمَ بَغْدَاد، وحَدَّثَ بها، فرَوَى عنهُ من أهْلها: إبْراهيم بن إسْحاق الحَرْبِيّ، وعَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، ويَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، والقَاضِي المَحَامِلِيّ. وكانَ ثِقَةً، ثَبْتًا، حُجَّةً.

وقال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَني الصُّوْرِيّ، قال: أخْبَرَنا محمد بن عبد الرَّحْمن الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن مَسْرور، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد بن يُونُسَ

(2)

، قال: حُمَيْدُ بن مَخْلَد - ويُعْرف مَخْلَد بزنْجُوَيْه - ابن قُتَيْبَة، نَسَويٌّ، قَدِمَ إلى مِصْر وحَدَّثَ بها، وخَرَجَ عن مِصْر فتُوفِّي سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائَتْين.

‌حُمَيْدُ بن سُفَيْح بن إبْراهيمَ بن سُفَيْح، أبو العبَّاس

(3)

سَمِعَ بأنْطَاكِيَة أبا طَاهِر الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهيم بن فِيْل البَالِسِيِّ الأنْطَاكِيِّ، وبالمِصِّيْصَة أبا مَعْشَر إبْراهيم بن إسْحاق بن إبْراهيم، وأبا يُوسُف مُحَمَّد بن سُفْيان الصَّفَّار المِصِّيْصيَّيْن، وبأذَنَة عليّ بن ينِ يد الطَّائيّ الأَذَنِيَّ.

ورَوَى عنهُم وعن عَبْد اللهِ بن أحْمَد بن حَنْبَل، وأبي جَعْفَر أحْمَد بن عِيسَى الخَشَّاب، وعُمَر بن إبْراهيم بن سُلَيمان، ونَصْر بن عَبْد الملَك السِّنْجَارِيّ، وأحمد بن إسْحاق، وسَعِيْد بن خَلِيفَة، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد الجُذُوْعيِّ البَصْرِيّ، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن سُلَيمان الخُوارَزْميِّ، ومُحَمَّد بن هِشَام المَرْوَرُّوذِيّ، ونَصْر بن الحارِث بن أبي الفَتْح وغيرهم.

رَوَى عنهُ أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين بن الصَّبَّاح البَلَدِيُّ.

(1)

تاريخ بغداد 9: 26.

(2)

تاريخ ابن يونس 2: 65.

(3)

ذكره السمعاني في الأنساب 13: 252 ونقله عنه ابن الأثير في اللباب 3: 345؛ ذكراه عرضًا في تعريفهما لمحمد بن موسى الوادينيّ، وهو ممن يروي عن ابن سفيح، وزادا في ألقاب ابن سفيح:"البلدي".

ص: 629

‌حُمَيْدُ بن الظَّرِيْف، أبو المَكَارِم الوَاعِظُ القُرَشِيُّ

شَرِيْفٌ فَاضِلٌ، واعظٌ، شَاعِرٌ.

حَكَى عنه أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، وقَدِمَ حلَبَ ووَعَظَ بها في المَسْجِد الجَامِع، وحَضَرَ مَجْلسَهُ الأكَابِر.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ الإمَام إذْنًا، عن أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: اجْتازَ بي الأَمِيرُ السَّيِّدُ الشَّريفُ العالِمُ الوَاعِظُ، نِظَام الدِّين أبو المَكَارِم حُمَيْدُ بن الظَّرِيْف بحَمَاةَ، فنَزَل بالقُرْبِ منِّي، ثُمَّ اجْتَمَعْتُ به بمَدِينَة حَلَب، فذَكَرَني على الكُرْسِيّ بمَجْلِسهِ بالجامع، وشَكَرَ وأطْنَبَ، ثمّ كَتَبَ إليَّ رُقْعَةً عُنْوانُها: اللهُ قَابِلُ عُذْر العِبَادِ، وفي ذَيْلِها: بَعْض خَدَمِهِ حُمَيْد بن الظَّرِيْف، وفيها هذه الأبْيَاتُ:[من الرجز]

اعْفُ عَنِ الخَادِمِ فيما قَصَّرَا

مِن مَدْحِكَ الواجِبِ حينَ أظْهَرَا

غَرَسْتَ فَضْلًا فرَبَا وأَثْمَرَا

شُكْرًا على مَرِّ المَدَى مُعَمَّرَا

لكنَّني سَترتُهُ فاسْتَتَرَا

سلبتُهُ النَّقْطَ فصَارَ سُكَّرَا

قال أُسامَةُ: فكَتَبْتُ إليهِ

(1)

: [من الرجز]

يا أَوْحَدَ العَصْر عُلًا وعُنْصُرا

وبَحْرَ فَضْلٍ بالعُلُوم زَخَرَا

أَفحْمَنَي شُكْرُكَ عن أنْ أَشْكُرَا

نَثَرْتَ من ذِكْري عليَّ جَوْهَرَا

طَوّقْتَنَي دُرًّا وفَاحَ عَنْبَرا

وطَابَ مِن فِيْكِ فصَارَ سُكّرَا

(1)

لم يرد في ديوانه.

ص: 630

‌حُمَيْد بنُ عبد الرَّحْمن الرُّوَاسِيّ الكِلابِيّ الكُوْفيّ

(1)

له ذِكْرٌ في التَّاريْخ، وهو الّذي حَمَلَ رأس زَيْد بن عليِّ بن الحُسَين رضي الله عنه إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك، فجاءَهُ به وهو بالرُّصَافَة، فأجازَ حُمَيْدَ بن عبد الرَّحْمن عَشرة آلاف دِرْهَم، وبَعَثَ بالرَّأْس مع رَجُلٍ من بَني عَبْسٍ؛ شَامِيِّ الدَّار من جُنْد قِنَّسْرِيْن، فطَافَ به في أجْنَادِ الشَّام، ثمّ إلى مِصْر والمَدِينَة، ثُمّ ردَّهُ إلى جَسَدِه.

كذا نَقَلْتُه في بعض ما عَلَّقتُه من الكُتُب من الفَوَائِد.

‌حُمَيْد بن عليّ الحِتَّانِيّ المَعَرِّيّ

(2)

من أهْل حِتَّان

(3)

، قَرْيَةٌ من قُرَى مَعَرَّة النُّعْمَان.

شَاعِرٌ حَسَنُ الشِّعْر مَطْبُوع، وَقَعَ إليَّ من شِعْره ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ أبي المَجْد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سُلَيمان المَعَريّ، قال: دَخَلَ لصٌّ على

(1)

توفي سنة 170 هـ، وقيل: 190 هـ، وقيل: 192 هـ وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 398، تاريخ ابن معين 3: 139، 3: 331، 371، تاريخ خليفة 459 - 460، طبقات خليفة 170، تاريخ البخاري الكبير 3: 346، تاريخ الثقات للعجلي 134، الأزدي: تاريخ الموصل 310 (أرّخ وفاته سنة 190 هـ)، المعارف 624، المسعودي: التنبيه والإشراف 211، الجرح والتعديل 3: 225، الثقات لابن حبان 6: 194 (وفيه: الرؤاسي؛ مهموزًا)، مشاهير علماء الأمصار 270، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 182، ابن الأثير: الكامل 6: 194، تاريخ الإسلام 4: 840 - 841، تذكرة الحفاظ 1: 388 - 289، الكاشف 1: 256، العبر في خبر مَن غبر 1: 238 (وفيه: الرؤاسي، مهموزًا)، الوافي بالوفيات 13: 200، تهذيب التهذيب 3: 44 - 45، تقريب التهذيب 1: 203، شذرات الذهب 2: 417، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 254.

(2)

ذكر ابن العديم حكايته مع اللص في تذكرته 253 - 254 وأورد أبياته المذكورة.

(3)

حتان: لم يذكرها ابن العديم في مقدمة كتابه، وذكرها في تذكرته 253 بمثل الذي قاله أعلاه، ولم يذكرها ياقوت في معجمه، ولعلها قرية حتان الواقعة في سهل سردين، ونتبع منطقة صارم بمحافظة إدلب، وتبعد عن مدينة حارم مسافة 13 كم إلى ناحية الجنوب الشرقي. طلاس: المعجم الجغرافي 3: 22.

ص: 631

حُمَيْد بن عليّ الحِتَّانِيّ، فسَرَقَهُ، ولَم يُعْلِم الوَالِي، فلمَّا عِلمَ اسْتَدْعاهُ وحَبَسَهُ إذ لم يُعْلمْهُ، فعَمِل هذه الأبيات:[من السريع]

قُلْ للأمِيْر ابن كَثِيْرِ الّذي

فَاقَ الوَرَى في العِلْم والعَقْلِ

وفَارِسِ الخَيْلَيْنِ يَوْمَ الوَغَى

ومَغْرِسِ الإحْسانِ والفَضْلِ

جَرَتْ أُمُورٌ ما سَمِعْنا بِها

في زَمَنِ الإنْصَافِ والعَدْلِ

اللِّصُّ في مَنْزِلهِ آمِنٌ

والحَبْس فيهِ صَاحِبُ الرَّحْلِ

لو جَازَ هذا الحُكْم بينَ الوَرَى

لطُوْلِبَ المَقْتُولُ بالقَتْلِ

فلمَّا أنْشَدهُ إيَّاها أطْلَقَهُ.

ولحُمَيْد بن عليّ الحِتَّانِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّ أبي المَجْد بن سُلَيمان أيضًا

(1)

: [من المتقارب]

هَجَوْتُكُمُ رَغْبَةً فيكُمُ

وذَلِكَ للتَّاجِرِ الحَازِمِ

يَذُمُّ البِضَاعَةَ مِن حِذْقِهِ

ليَدْفَعَ عنها يَدَ السَّائِمِ

‌حُمَيْد بن قحْطَبَة - واسم قَحْطَبَة: إيَاد - ابن شَبِيْب بن خَالِد بن مَعْدَان بن شَمْس بن قَيْس بن كَلْب بن سَعْد بن عَمْرو بن غَنْم بن مَالِك بن سَعْد بن نَبْهان الطَّائيّ

(2)

قَائدٌ مَذْكُورٌ من قُوَّاد بني العبَّاس، وكان أحَدَ السَّبْعين الّذين هم دُعَاةُ الدُّعَاةِ الّذين اختارَهُم الشِّيْعَة لإقَامَةِ الدَّعْوَة العبَّاسيَّة بخُرَاسَان بعد العشرين الّذين

(1)

تذكرة ابن العديم 254.

(2)

توفي سنة 159 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 433، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 106، 4: 146، 224، ولاة مصر للكندي 132 - 133، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 111، 257، 3: 372، تاريخ الطبري 7: 496، 515 (وانظر فهرس الأعلام 10: 331)، المعارف 378، الأزدي: =

ص: 632

هم بعدَ النُّقَبَاءِ الاثْني عَشر، وكان أبوهُ قَحْطَبَة بن شَبِيْب أحَدَ النُّقَبَاءِ الاثْنَي عَشَر، والسُّبْعُون هُم دُعَاةُ الدُّعَاةِ.

وكان حُمَيْد مع عَبْد الله بن عليّ بن العبَّاس حينَ تَوَجَّه إلى الشَّام لقِتَال مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان، وكان أحَدَ قُوَّادهِ، وكان على مَيْسَرَته حين قدِم قِنَّسْرِيْن في سنة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومائة، بعد أنْ بَيَّضَ أبو الوَرْد مَجْزَأَة بن الكَوْثَر بن زُفَر بن الحارِث الكِلَابيّ، وأظْهَر الخَلْعَ للسَّفَّاحَ، ودَعَا أهْلَ قِنَّسْرِيْن إلى ذلك، فأجابُوه، ووَجَّه عَبْد الله بن عليّ قبل ذلك أخاهُ عبد الصَّمَد بن عليّ في زُهَاءَ عَشرة آلاف فنَاهَهُم أبو الوَرْد ولَقِيَهُم بين العَسْكَرين فهزم عبد الصَّمَد ومَنْ معَهُ، فلمَّا قَدِمَ عبدُ الصَّمَد على أخيهِ عَبْد اللهِ أقْبَل ومعه حُمَيْد بن قَحْطَبَة، فالْتقَوا واقْتَتلوا بمَرْج الأجَمّ (a) بالقُرْبِ من قِنَّسْرِيْن، وثَبَتَ لهم عَبْد

(a) هكذا في الأصل ومثله في زبدة الحلب لابن العديم 1: 65، وعند البلاذري: أنساب الأشراف 3: 170، 4: 224، وتاريخ الطبري 7: 444، وتاريخ ابن عساكر 57: 47، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 45: مرج الأخرم. ونبَّه ابن العديم في ترجمته لأبي محمد زياد بن عبد الله الأموي المعروف بالسفياني (الجزء التاسع)، وفي الجزء الخاص بالكنى، أنه وجده في التواريخ مكتوبًا:"مرج الأخرم"، وأنَّ صوابه ما أثبته، قال:"هكذا وقع في التَّاريخ: بمَرْج الأخْرَم، والصَّوَاب فيه: الأجَمّ، وهو بناحية قِنَّسْرِيْن بالمَطْخ".

_________

= تاريخ الموصل 117، 134، 163 - 164، 177، 187 - 189، 236، المسعودي: مروج الذهب 5: 211، التنبيه والإشراف 244، 303، الجهشياري: الوزراء والكتاب 84، تاريخ ابن عساكر 15: 289 - 290، ابن الجوزي: المنتظم 8: 230، ابن الأثير: الكامل 5: 403، 406، 416، 425، 464، 482 - 483، 510 - 512، 544 - 549، 567 - 570، 608، 6: 36 - 42، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 293 - 294، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 45 - 47، الذهبي: تاريخ الإسلام 4: 43، العبر في خبر من غبر 1: 179، الوافي بالوفيات 13: 199، تاريخ ابن الوردي 1: 297، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 105، ابن خلدون: العبر 5: 450، النويري: نهاية الأرب 22: 53، المقريزي: المقفى الكبير 3: 679 - 680، النجوم الزاهرة 1: 349 - 352، 2: 35، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 589، شذرات الذهب 2: 268، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 465 - 466، الزركلي: الأعلام 2: 283.

ص: 633

الله بن عليّ وحُمَيْد بن قَحْطَبَة فهزَمُوهم، وقُتِلَ أبو الوَرْد

(1)

.

ثُمَّ إنَّ حُمَيْد بن قَحْطَبَة بعدَ مَوْتِ السَّفَّاح بايَعَ عَبْد الله بن عليّ مع غيره من القُوَّادِ، فلمَّا قَدِمَ أبو مُسْلم لقِتَالِ عَبْد الله بن عليّ، وكان زُفَر بن عَاصِم الهِلَالِيّ بحَلَبَ يَوْمئذٍ من قِبَلهِ، وكان عَبْدُ الله بن عليّ بحَرّان، فوجَّه حُمَيْد بن قَحْطَبَة وكَتَبَ له كِتَابًا إلى زُفَر بن عَاصِم وفيه: إذا وَرَدَ عليك حُمَيْد فاضْرب عُنُقَهُ، فعَلِمَ بذلك وهَرَبَ وعاد إلى أبي مُسْلِم خَوْفًا من عَبْد الله بن عليّ.

ثُمّ إنَّ المَنْصُور وَلَّى حُمَيْد بن قَحْطَبَة الجَزِيْرَة، وكان حُمَيْد قد نَزَل بعد هَزِيمَة أبي الوَرْد مع عَبْد الله بن عليّ على دَابِق، فسَيَّرَهُ عَبْدُ الله إلى أَبَان بن مُعاوِيَة بن هِشَام بن عَبْد المَلِك، وقد قَرُب منه يريد بَيَاتَهُ، فلَقِيَهُ حُمَيْد فهزمَهُ وسَار أَبَانٌ إلى سُمَيْسَاط، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ أبَان

(2)

.

قال أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد مَسْكَوَيْه في كتاب تَجَارب الأُمَم

(3)

: وكان أبو مُسْلم اسْتَخْلَفَ على خُرَاسَان خَالِد بن إبْراهيم أبا دَاوُد، وكان عَبْد الله بن عليّ خَشِيَ أنْ لا يُنَاصحه أهل خُرَاسَان، فقَتَلَ منهم نَحْوًا من سَبْعة عَشر ألفًا ضُرُوب القَتْل، وكَتَبَ لحُمَيْد بن قَحْطَبَة كِتَابًا وجَّهه إلى حَلَب، وعليها زُفَر بن عَاصِم، وفي الكتاب: إِذا وَرَدَ عليك حُمَيْد بن قَحْطَبَة فاضْرب عُنُقَهُ. فسَارَ إليه، ثمّ فكَّر حُمَيْد في كتابهِ فلم يَرَ من الصَّوَاب له أنْ يُوصله ولَم يَقْرأه، ففَكَّ الطُّوْمَار، وقَرأهُ، فلمَّا عَرِفَ

(1)

انظر خبر تبييض أبي الورد الكلابي ومقتله عند: البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 170، 4: 223 - 224، تاريخ الطبري 7: 443 - 445، الأزدي: تاريخ الموصل 140، مسكويه: تجارب الأمم 3: 18، تاريخ ابن عساكر 34: 66، 57: 47 - 48، ابن الجوزي، المنتظم 7: 310 - 311، ابن الأثير: الكامل 5: 433 - 434 أبو الفداء: اليواقيت والضرب 45، الذهبي: تاريخ الإسلام 3: 867، النويري: نهاية الأرب 22: 52، ابن خلدون: العبر 5: 433.

(2)

ترجمة أبان بن معاوية في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

تجارب الأمم 3: 37 - 38.

ص: 634

ما فيه، دَعَا قَوْمًا من خَاصَّته فأفْشَى إليهم أمْره، وشَاوَرَهُم، وقال: مَنْ أرادَ أنْ يَنْجُو ويَهْرب فليَسِر معي، فإنِّي أُرِيْدُ أنْ آخْذ طَرِيق العِرَاق، ومَنْ لَم يَحْمل نَفْسَهُ على السَّيْر فلا يُفْشِينَ سِرِّي، وليَذْهَب حيثُ أَحبَّ. واتَّبَعَهُ قَوْمٌ، وفوَّز بهم، ونَجَا.

قَرَأتُ في تاريخ مُخْتَار المُلْك المُسَبِّحيّ

(1)

، قال: في سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين ومائة، وفيها ماتَ حُمَيْدُ بن قَحْطَبَة.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أنْبَأنَا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي القَاسِم البُنْدَار، قال: أنْبَأنَا أبو أحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: وفيها - يعني سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين ومائة - ماتَ حُمَيْدُ بن قَحْطَبَة.

‌حُمَيْدُ بن مَالِك بن مُغِيْث بن نَصْر بن مُنْقِذ بن مُحَمَّد بن مُنْقِذ بن نَصْر بن هاشِم، أبو الغَنائِم بن أَبي الفَيَّاض، المُلَقَّب بمَكِين الدَّوْلَةِ الكِنَانِيّ، الأَمِير

(2)

كان شَاعِرًا مُجِيْدًا، وفَارِسًا شَدِيْدًا، وكان وُلد بشَيْزَر وماتَ بحَلَب.

رَوَى عنهُ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، وأبو عليّ الحُسَين بن رَوَاحَة.

(1)

تقدم التعريف بتاريخ المسبحي في الجزء الثاني، وانظر: أخبار مصر للمسبحي 135 (ضمن النصوص الضائعة).

(2)

توفي سنة 558 هـ، وقيل: 564 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 15: 299 - 301، معجم الأدباء 3: 1226 - 1227، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 151 (ذكره في وفيات سنة 563 هـ)، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 16: 44 - 45، الوافي بالوفيات 13: 202 (أرخ وفاته سنة 564 هـ)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 466 - 467، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 242 - 243.

ص: 635

قَرأتُ بخَطِّ أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ: أنْشَدَني الأَمِيرُ مَكِين الدَّوْلَة أبو الغَنائِم حُمَيْد بن مَالِك بن حُمَيْد (a) لنَفْسِه ونحنُ على جُسُور كامد بالبِقَاعَ، وأنْبَأنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد عن أُسامَة:[من المنسرح]

مَنْ لَم يَجِدْ لم يَجُدْ وإنْ شَرُفَتْ

همَّتُهُ واعْتَلَى بهِ النَّسَبُ

فاعْلَم يَقِيْنًا وكُنْ علَى ثِقَةٍ

أَنَّ مِلَاكَ المُرُوءَة الذَّهَبُ

قال أُسامَةُ: فقُلْتُ في الوَقْتِ هذين البَيْتَيْن وأنْشَدتُه إيَّاهمُا

(1)

: [من المنسرح]

الجُوْدُ والبُخْلُ في النُّفوسِ فلَا

تَظُنَّ أنَّ المُرُوءَة الذَّهَبُ

كم مِن غَنِيٍّ يَدَاهُ خَامدةٌ (b)

ومِن فَقِيْرٍ نَدَاهُ مُكْتَسَبُ

قَرأت بخَطِّ العِمَاد أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكاتِب في كتابه الّذي وَسَمَهُ بذيل الخَرِيْدَة وسَيْل الجَرِيْدَة

(2)

، قال: الأَميرُ مَكِين الدَّوْلَة أبو الغَنائِم حُمَيْد بن (c) أبي الفَيَّاض بن مَالِك بن مُنْقِذ من بني عَمَّ مُؤَيَّد الدَّوْلَة أُسَامَة، ذَكَرهُ الفَقِيه ابن رَوَاحَة الشّاعِر (d)، وقال: إنَّهُ ماتَ بحَلَب بعد الزَّلْزَلَةِ سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين وخسِمائَة.

قال (e): وأنْشَدَني لنَفْسِه بَيْتَيْن قالهَما في أهْلهِ حيثُ وَقَعت قَلْعَة شَيْزَر بالزَّلْزَلَة عليهم، وهُما:[من البسيط]

مَنْ سَرَّهُ أنْ يَرَى من دَهْره عَجَبًا

فلْيَأتنا وظَلَامُ اللَّيْل مَسْدُولُ

(a) كذا وجده ابن العديم بخط أسامة بن منقذ، وأشَّر عليه بإشارة التصحيف "صـ" وهو مغيث كما قيَّده في سياقة اسمه.

(b) في الأصل: حامدة.

(c) كذا في الأصل ومثله في السيل والذيل، وكتب ابن العديم فرقه "صـ"، وهو خطأ نبّه عليه المؤلف بعد انتهاء النقل من كون أبي الفياض كنية مالك.

(d) قوله: "ذكره الفقيه ابن رواحة وقال" لم يرد في مخطوط السيل والذيل.

(e) من هنا إلى آخر النقل لم يرد في مخطوط السيل والذيل.

_________

(1)

لم يرد في ديوان ابن منقذ.

(2)

السيل والذيل، ورقة 75 ب.

ص: 636

يَرَى الأحِبَّةَ صَرْعَى والدِّيَارُ على

عُرُوشها ونطاقُ المجد مَحْلُولُ

قال: وله إلى مُؤَيَّد الدَّوْلَة أُسامَة: [من الطويل]

بنو مُنْقِذٍ عِقْدُ المَكارِم والعُلَا

وأنْتَ على التَّحْقِيق وَاسِطةُ العقْدِ

فغَيْرُكَ نالَ السَّعْيَ بالسَّعْدِ وَادِعًا

وأنتَ امْرُؤٌ بالسَّعْي صرتَ إلى السَّعْد

أأحْبَابَنَا عَزَّ اللِّقَاءُ وما أرَى

تَمَادِيَ هذا البَيْن يُفْضِي إلى حَدِّ

إذا قلتُ قد آن التَّدَاني تجدَّدَتْ

خُطُوبٌ من الأيَّام تحكُم بالبُعْدِ

ولَسْتُ ألوْمُ الدَّهْر فيما أصَابني

لأنَّ التَّنَائي كان منِّي على عَمْدِ

وبعدُكَ مَجْدَ الدِّين أعْظَمُ خُطَّةٍ

لقيتُ وما حال المُفَارق للمَجْدِ

ولو قيل لي اختَرْ ما تَشَاءُ من المُنَى

لَمَا كان لي في غير رُؤْياكَ من قَصْدِ

وقَوْله: [من الطويل]

يقُولُون لو كان الهَوَى منه صَادِقًا

لأصْبَح مُغْرىً بالفِرَاق وذَمِّهِ

ولولا احْتِجَاجي بالتَّفرُّق والنَّوَى

لَمَا فزتُ في يَوْم الوَدَاع بلَثْمهِ

وقَوْله: [من الطويل]

ولم أنسَ يَوْمَ البَيْنِ حُسْنَ اعْتِذَارِهِ

إليَّ وشَكْوِاه صرُوفَ زَمَانِهِ

وأوْدَعَني نارَ الأَسَى ببَيانِه

وودَّعني خوْفَ العِدَا ببَنَانهِ

هكَذا رَأيْتُه بخَطِّ العِمَاد الكَاتِب: حُمَيْد بن أبي الفَيَّاض بن مَالِك، وأبو الفَيَّاض كُنْيَتُهُ مالك.

أنْبَأنَا [

قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسم عليّ بن الحَسَن] (a)، قال: حُمَيْدُ بن مَالِك بن مُغِيْث بن نَصْر بن مُنْقِذ بن مُحَمَّد بن مُنْقِذ بن نَصْر بن هاشِم، أبو الغَنائِم

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سطر، والنقل من ابن عساكر في تاريخه 15: 299، وموضع النقط إسناده في الرواية عن ابن عساكر ممَّا لم يذكره.

ص: 637

المُلَقَّبُ بمَكِين الدَّوْلَة الكِنَانِيّ، وُلد بشَيْزَر في تَاسع جُمَادَى الآخرةِ سَنَة إحْدَى وتِسْعِين وأَرْبَعِمائة، ونَشَأ بها، وانْتَقَل إلى دِمَشْق فسَكَنَها مُدَّةً طَوِيلَةً، واكْتَتَبَ في العَسْكَرِ، وكان يَحْفظُ القُرآن، وله شِعْرٌ جَيِّدٌ، وفيهِ شجاعةٌ وعَفَاف، وماتَ في نصف شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة بحَلَب.

‌حُمَيْد بن مخلَد بن قُتيبَة بن عَبْد الله، أبو أحْمَد بن زَنْجُوَيْه النَّسَائِيّ

وزَنْجُويه لَقَبُ مَخْلَد قد ذكَرْناهُ

(1)

. رَوَى عنهُ أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ وقال: ثِقَةٌ.

‌حُمَيْدُ بن هَارُون المِصِّيْصيّ

(2)

هو أحْمَد بن هَارُون الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ في الأحْمَدِين

(3)

، وأظُنُّ حُمَيْدًا تَصْغِير اسْمه، فعُرِفَ بهِ، واللهُ أعْلَمُ.

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن كَثِيْر المِصِّيْصيّ، رَوَى عنهُ عُمَر بن القَاسِم بن مُحَمَّد بن بندَار السَّبَّاك.

أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن القَاسِم بن مُحَمَّد بن بُنْدَار (a) السَّبَّاك، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْد بن هَارُون المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كَثِيْر، عن الأوْزَاعِيّ،

(a) ابن عدي: ابن شداد.

_________

(1)

تقدمت ترجمته قريبًا باسم: حميد بن زنجويه.

(2)

ترجمته في: الكامل لابن عدي 1: 196 - 197، لسان الميزان 1:319.

(3)

في الجزء الثالث فيما مرّ.

(4)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 197.

ص: 638

عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قال الزُّهْرِيّ: وحَدَّثني أبي، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا اسْتَيْقَظَ أحَدُكم من نَوْمهِ فلا يُدْخِل يَدَهُ في الإناءِ حتَّى يَغْسلَها ثلاثًا، فإنَّهُ لا يَدْري أين باتَت يَده.

قال الشَّيْخ؛ يعني ابن عَدِيّ

(2)

: وهذا الحَدِيث بالإسْنَادِ الثَّاني (a): قال الزُّهْرِيّ: وحَدَّثني أبي، عن أبي هُرَيْرَة، لَم يُحَدِّث به غير أحْمَد بن هَارُون هذا، وهو غير مَحْفُوظ، ولم أجِد (b) لأحْمَد هذا أشْنعَ من هذين الحَدِيْثَين.

يعني هذا وحَدِيثًا قد سُقْناهُ في تَرْجَمَتِهِ المُتَقدِّمة فيمَن اسْمُه أحمد.

‌حُمَيْدٌ، أبو قِلَابَة

كان مع عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بِدَابِق حينَ اسْتُخْلِف، وحَكَي عنه، رَوَى عنهُ حَمَّاد.

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْدِ الله الدَّامَغَانِيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايته، وقَرأتُ عليهِ إسْنَادَهُ، قال: أخْبَرَنا أبي أبو مَنْصُور جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتَارِ بن المُؤيَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ بن جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي، قَال: حَدَّثَنا أبو كَامِلٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ،

(a) ابن عدي: الثالث!.

(b) ابن عدي: ولم أر.

_________

(1)

مصنف ابن أبي شيبة 7: 296 (رقم 36228)، مسند ابن حنبل 13: 7 (رقم 7280)، الجامع الكبير للترمذي 1: 75 (رقم 24)، سنن النسائي 1: 215 (رقم 441)، صحيح ابن حبان 3: 345 (رقم 1063)، كنز العمال 9: 282 - 283، وانظر: المسند الجامع 16: 518 (رقم 12724).

(2)

ابن عدي: الكامل 1: 197.

ص: 639

عن حُمَيْد، قال: لمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بَكَى وقال: يا أبا قِلَابَة، هل تَخْشَى عليَّ؟ قُلتُ: كيف حُبُّك للدِّرْهَم؟ قال (a): لا أُحبُّه، قال (b): لا تَخَفْ إنَّ اللهَ سَيُعِنيكَ.

‌حَنْبَل بن عَبْد الله بن الفَرَج بن سَعَادَةَ، أبو عَبْد الله البَغْدَاديّ الرُّصَافِيّ

(1)

المُكَبِّر بجَامع الرُّصَافَة ببَغْدَاد، كان دَلَّالًا في بَيْع الأمْلَاك ببَغْدَاد، وسَمِعَ في صِبَاه مُسْنَد أبي عَبْدِ الله أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل كَامِلًا من أبي القَاسِم بن الحُصَيْن، وسَمِعَ أبا القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، وأبا الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن عُبَيْد اللهِ بن الزَّاغُونِيّ، وأبا المَعَالِي أحْمَد بن مَنْصُور الغَزَّال.

وحدَّث بَغْدَاد وإرْبِل والمَوْصِل وحَلَب ودِمَشْق، وكان مُظَفَّر الدِّين كَوْكَبُوري بن عليّ، صَاحِب إرْبِل، بَن دَار الحَدِيث بإرْبِل، وكَتَبَ إلى الخلِيفَة النَّاصِر أبي العبَّاس أحْمَد في إنْفَاذه وإنْفاذ عُمَر بن طَبرزَد إلى إرْبِل

(a) كتب ابن العديم فوقها: "صـ".

(b) كذا في الأصل وفوقها "صـ"، ومثل المثبت في تاريخ ابن عساكر

45: 177، وتاريخ الإسلام للذهبي 3: 123، وجاءت الرواية عند ابن عساكر والذهبي في ترجمة عمر بن عبد العزيز، ولم يذكرا المترجَم له، وفيهما:"فقال: يا أبا فلان أتخشى عليّ".

_________

(1)

توفي سنة 604 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 3: 321 - 333، المنذري: التكملة 3: 125 - 126، التقييد لابن نقطة 1: 491 - 492، ابن الأثير: الكامل 12: 278، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 162، ذيل الروضتين لأبي شامة 93 - 94، ابن المستوفي: تاريخ إربل (القسم المنشور باعتناء الصقار) 1: 162 - 163، ابن الساعي: الجامع المختصر 9: 343 - 343، تاريخ الإسلام 13: 92 - 93، العبر في خبر مَن غير 3: 137، الإعلام بوفيات الأعلام 248، المختصر المحتاج إليه 2: 54، سير أعلام النبلاء 21: 431 - 433، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 50، العيني: عقد الجمان 3: 218، النجوم الزاهرة 6: 195، شذرات الذهب 7:24.

ص: 640

ليَسْمَع منهما، وسَيَّر لكُلِّ منهما نَفَقةً، فأُنْفِذا إلى إرْبِل، وحدَّث حَنْبَل بإرْبِل بمُسْنَد أحمد.

وسَمعَ المَلِكُ المُحْسِن أبو العبَّاس أحْمَد بن صَلاحِ الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب بخَبَرهما فكاتَبَ صَاحِب إرْبِل في طَلَبهما إليه إلى دِمَشْق، فاسْتَأذن الخَلِيفَة في ذلك، وسَيَّر حَنْبَل أوَّلًا إليه إلى دِمَشْق، وسَمِعَ منه المُسْنَد مع جَمَاعَة كَثِيْرة بدِمَشْق، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ فلَم يُقِمِ بها إلَّا لَيْلَة واحدة، وظَفَر بهِ بعضُ طَلَبة الحَدِيْث بحَلَب فسَمِعُوا منه أرْبعيْن حَدِيثًا خُرِّجَت له من المُسْنَد، ولَم يَتَّفق لي السَّمَاع معهم، ودَخَلْتُ دِمَشْق زَئِرًا البَيْت المُقَدَّس في سَنَة ثَلاثٍ وستِّمائة، وحَنْبَل بها، فلَم أسْمعَ منه شيئًا لأنَّني لم أكُن طَلبتُ الحَدِيْثَ حينئذٍ لأنَّ أوَّل طَلَبِي الحَدِيْث كان سَنَة أرْبَعٍ وستِّمائة، وعاد حَنْبَل على طَرِيق البِرَّيَّة إلى بَغْدَاد، ولم يَمُرّ بحَلَب، ففاتني السَّمَاع منه.

ورَوَى لنا عنْهُ أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ بحَلَب، وأبو بَكْر عَبْد الله بن عبد الوَاحِد بن الخَضِر الحَلَبِيّ بالعُلَا في طَرِيق مَكَّة، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن عَبْد المَلِك بن عُثْمان المَقْدِسِيّ بغَزَّةَ، وأبو البَرَكَاتِ عَبْدُ السَّلام بن عَبْد الله بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيّ بنَصِيبِيْن، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَطَاء الأذْرَعِيّ بدِمَشْق.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عَبْد الوَاحِد الحَلَبِيّ بالعُلَا عند قفُولنا من الحَجِّ، والقَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَطَاء الأذْرَعِيّ الطَّرِيْفيّ بدِمَشْق، قالا: أخْبَرَنا حَنْبَل بن عَبْد الله بن الفَرَج المُكَبِّر الرُّصَافِيّ بحَلَب - وقال أبو مُحَمَّد: بدِمَشْق - قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن المُذْهب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان بن مَالِك القَطيْعيِّ، قال: حَدَّثَنَا أَبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثني أبي أبو

ص: 641

عَبْد اللهِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن عَبّاد المُهَلَّبي، عن هِشَام بن زِيَاد، عن عُثْمان بن أرْقَم بن أبي الأرْقَم المخزُوميّ، عن أَبِيهِ

(1)

- وكان من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ الّذي يتَخَطَّى رِقَاب النَّاسِ يَوْم الجُمُعَة، ويَفْرق بين الاثْنَين بعد خُرُوج الإمَامِ كالجارِّ قُصْبَهُ في النَّار.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ الدِّمَشقيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله حَنْبَل بن عَبْد الله بن الفَرَج بن سَعَادَة الآمِدِيّ المُكَبِّر بقِرَاءَتي عليه بجامع المَهْدِيّ بالرُّصَافَة، ح.

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَنْبَل بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الكَاتِب، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان بن مَالِك القَطِيْعيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ الله بنُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْم، قال: أخْبَرَنا حُمَيْد، عن أنسَ بن مَالِك، قال

(2)

: إن كانت الأمَةُ من أهْلِ المَدِينة لتأخُذ بيدِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فتَنْطَلق به في حَاجَتها.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات بن المُسْتَوفِيّ

(3)

، قال: وطالما سَمِعتُه - يعني حَنْبَل المُكَبِّر - يقول: يا رَبّ، ارْددني إلى بَغْدَاد، ولا تُمِتْني حتَّى أُكَبِّر على الدَّكَّة الّتي كُنْتُ أُكبِّر عليها، فعاد إلى بغدَاد وماتَ بها، فيما بَلَغني، في سَنَة أرْبَعٍ وستِّمائة، إنْ شَاءَ اللهُ.

(1)

المعجم الكبير للطبراني 1: 307 (رقم 908)، المستدرك للحاكم 3: 504، مجمع الزوائد 2: 178، وانظر: المسند الجامع 1: 97 (رقم 103).

(2)

شعب الإيمان للبيهقي 6: 269 (رقم 8113).

(3)

تاريخ إربل (الصقار) 1: 162.

ص: 642

قال، ونَقَلْتُه من خَطِّه: وكان مع ابن طَبَرْزَد جزءٌ ظَهَر فيه سَمَاعُ حَنْبَل بن الفَرَج على بعضِ مَشَايخ بَغْدَاد، وسَمِعَهُ ابن طَبَرْزَد على عِدَّة مَشَايخ، وأرادُوا أنْ يَجْمعُوا بينهما للسَّمَاعِ عليهما، وكان ابن طَبَرزَد لا يَفْعَل، فقُلتُ: نَحْضُر على العَادَةِ للسَّمَاعِ ثمّ نقرأ عليهما ولا يُنْكر ابنُ طَبَرْزَد ذلك، فعَرِف حَنْبَل هذه القضيَّة فحَضَر، فقُلتُ: أخْبرَكُمَا شَيْخكما فُلَانٌ - وسَمَّيته - ثُمَّ قُلْتُ لابن طَبَرْزَد: وأخْبرك مَشَايخُكَ وهُم فُلَان وفُلَان، فلمَّا قال حَنْبَل: نعم، جَذَبَ الجُزءَ ابن طَبَرْزَد ونَفَر! وقال: يا حَنْبَل، أينَ سَمِعْتَ هذا الجُزء؟ فقال: في مَوضِع كَذَا بمَحَلَّةِ كذا، على الشَّيْخ فُلَان، أنْتَ أين سَمِعْتَهُ؟ وطال الخصَام بينهما زَمانًا حتَّى سَكَتا، وسَمِعْنَا عليهما بعد ذلك.

وقال لي المَلِك المُحْسِن أحْمَد بن يُوسُف: اجْتَهدت جُهْدِي كُلَّهُ أنْ أجِدَ لحَنْبَل حَدِيثًا واحدًا غير المُسْنَد فلم أجدْهُ.

قُلتُ: سَمِعَ غير المُسْنَد من الشُّيُوخ الّذين ذَكَرناهم، وكان سَمَاعه قَليلًا، ولعَلَّهُ لم يُحْضر معه إلى دِمَشْق شَيئًا من مَسْمُوعَاتهِ، فلهذا لم يَظْفَر بشيءٍ منها.

أنبأنا أبو عَبْد اللّه بن الدُّبيثِيّ

(1)

، قال: سُئِلَ حَنْبَل عن مَوْلدِه، فذَكَرَ ما يدُلُّ أنّهُ في سَنَة عَشرٍ وخَمْسِمائَة، أو سَنَة إحْدَى عَشرة، وتُوفِّيَ ببَغْدَاد بعد عَوْدهِ من الشَّام في ليلَة الجُمُعَة رَابع عَشر مُحَرَّمِ سَنَة أرْبَعٍ وسِتّمائة، ودُفِنَ يَوْم الجُمُعَة بالجانب الغَرْبيّ بمَقْبَرَة بَاب حَرْب عن غير عَقِبٍ ولا أهْلٍ، وقد جاوزَ التِّسْعِين (a).

قال

(2)

: وكان دَلَّال الدُّوْر ببَغْدَاد، وهو من أهْلها؛ كان يَسْكُن الرُّصَافَة، ويُؤذِّنُ في جَامِع المَهْدِيّ.

(a) قوله: "وقد جاوز التسعين"، لم يرد في نشرة كتاب ابن الدبيثي.

_________

(1)

ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بَغْدَاد 3: 323.

(2)

ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بَغْدَاد 3: 322، وفيه اختلاف عن المثبت.

ص: 643

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديّ، قال: حَنْبَل بن عَبْد اللّه بن الفَرَج بن سَعَادَة، أبو عَبْد اللّه، من أهْلِ الرُّصَافَة، سَمِعَ في صِبَاهُ مُسْنَد أبي عَبْد اللّه أحْمَد بن حَنْبَل كَامِلًا من أبي القَاسِم بن الحُصَيْن، وسَمِعَ أَيضًا من أبي الحَسَن عليّ بن عُبيدِ اللّه بن الزَّاغُونِيّ، وأبي القَاصِم بن السَّمَرْقنديّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، وحَدَّثَ بالمُسْنَد ببَغْدَاد وبلاد الجَزِيْرَة والشَّام، وهو آخرُ مَنْ رَوَاهُ عن ابن الحُصَيْن كَامِلًا ببَغْدَاد. كَتبتُ عنهُ، وكان شَيْخًا صَالِحًا، حَسَنَ الأخْلَاق، يُكَبِّرُ بجَامِع المَهْدِيّ.

قال ابنُ النَّجَّار: أخْبرَني أبو الحَسَن بن القَطِيْعِيِّ، قال: سَألْتُ حَنْبَل بن عَبْد اللّه الرُّصَافِيّ عن مَوْلدِه، فقال: وُلدتُ سَنَة سَبع عَشرة وخَمْسِمائَة.

قال: تُوفِّي حَنْبَل بن عَبْد اللّه يَوم الخَمِيْس الثَّالث عَشر من المُحَرَّم سَنَة أرْبَعٍ وسِتّمائة، وصُلِّي عليه من الغَدِ بباب شُب الخُلَفَاءِ بالرُّصَافَة، ودُفِنَ ببَاب حَرْب.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبدُ العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المنذِريّ

(1)

، قال: وفي لَيْلَةِ الرَّابِع عَشر من المحرَّم - يعني من سَنَة أرْبَعٍ وسِتّمائة - تُوفِّي الشَّيْخ المُسْنِدُ أبو عليّ وأبو عَبْد اللّه حَنْبَل بنُ عَبْد اللهِ بن فَرَج بن سَعَادَة، الوَاسِطِيُّ الأصْل، البَغْدَاديُّ المَوْلدِ والدَّار، الرُّصَافِيُّ المُكَبِّر، ببَغْدَاد، ودُفِنَ من الغَدِ ببَاب حَرْب، وسُئِلَ عن مَوْلده، فقال: سَنَة أرْبَع عَشرة أو خَمْس عَشرة وخَمْسِمائَة، وسُئِلَ مرَّةً أُخْرى فذَكَرَ ما يَدُلّ على أنَّهُ وُلد في سَنَة عَشر أو إحْدَى عَشْرة وخَمْسِمائَة.

سَمِعَ مُسْنَد الإمَام أحْمَد رضي الله عنه من أبي القَاسِم هِبَةِ اللّه بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، وسَمِعَ أيضًا من الحافِظ أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ،

(1)

التكملة لوفيات النقلة 2: 125.

ص: 644

وأبي المَعَالِي أحْمَد بن مَنْصُور الغَزَّال، وحدَّث ببَغْدَادَ، ودِمَشْقَ، والمَوْصِل وغير ذلك في طَرِيْقهِ ذَاهِبًا ورَاجِعًا، ولنا منه إجَازَة كَتَبَ بها إلينا من دِمَشْق.

والرُّصَافَةُ الّتي نُسِبَ إليها رُصَافَةُ بَغْدَاد، وكان يُكَبِّر بجَامِع المَهْدِيّ، وكان دَلَّالًا في بَيْع الآدُر والأمْلَاك.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَنَش

‌حَنَش بن عَبْد الله بن عَمْرو بن حَنْظَلَة بن نَهْد بن قَنَان (a) بن ثَعْلَبَة بن عَبْد الله بن ثَامِر السَّبَائِيّ، أبو رِشْدِين الصَّنْعانِيّ

(1)

غَزَا الصَّائِفَة مع فَضَالَة بن عُبَيْد، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها معه في غَزَاته، وصَحِبَ عليّ بن أبِي طَالِب، ورَوَى عنهُ، وعن فَضَالَة بن عُبَيْد، وعبد اللّه بن عبَّاسٍ، وأبي هُريرة، وأبي سَعيدٍ الخدرِيّ، ورُوَيْفِع بن ثَابِت.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن يونس الصدفي وتاريخ ابن عساكر والضبي والمزيّ، وعند الحميدي في جذوة المقتبس 1: 315: قُتان، وقيل: قيان.

_________

(1)

توفي سنة 100 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 536، تاريخ البخاري الكبير 3: 99، المعرفة والتاريخ 2: 530، الكندي: ولاة مصر 39، تاريخ الطبريّ 1: 281، 2: 393، 393، 3: 217، 4: 291، تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 66 - 69، الجرح والتعديل 3: 291، الحميدي: جذوة المقتبس 1: 315 - 318، تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1: 230 - 234، تاريخ ابن عساكر 15: 307 - 315، الضبيّ: بغية الملتمس 1: 345 - 347، ابن الجوزي: المنتظم 7: 57 - 58، تهذيب الكمال 7: 429 - 431، ابن الأثير: الكامل 5: 56، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 225 - 226 (وفيه: الشيباني)، تاريخ الإسلام 3: 1086 - 1087، سير أعلام النبلاء 4: 492 - 493، العبر في خبر من غبر 1: 90، الكاشف 1: 260، ميزان الاعتدال 1: 620، الوافي بالوفيات 13: 206، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 187 (سماه: حنش بن عَمْرو، وأرخ وفاته سنة 599)، تهذيب التهذيب 2: 57 - 58، تقريب التهذيب 1: 205، شذرات الذَّهب 1: 404، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 10 - 12، الزركلي: الأعلام 2: 286.

ص: 645

رَوَى عنهُ ابنُه الحَارِث، وقَيْس بن الحَجَّاج، وخَالِد بن أبي عِمْران، وسَلَامَان بن عَامِر، وعَامر بن يَحْيَى، وسَيَّار بن عبد الرَّحْمن، ورَبِيْعَة بن سُلَيم، وأبو مَرْزُوق حَبِيْب بن الشَّهيْد.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد اللّه بن عبد الصَّمَد العَطّار البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن عبد الرَّحْمن الدَّارِمِيُّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب، عن أبي مَرْزُوق - مَوْلَى لتُجِيْب - قال: حَدَّثَني حَنَشٌ الصَّنْعانِيّ، قال: غَزَونا المَغْربَ وعلينا رُوَيْفِع بن ثَابِت الأنْصَاريّ، فافْتَتَحنا قَرْيَةً يُقالُ لها جِرْبَة (a)، فقام فينا رُوَيْفِع بن ثَابِت الأنْصَاريّ خَطِيْبًا، فقال: إنِّي لا أقومُ فيكم إلَّا ما سَمِعتُ من رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، قام فينا يَوْم خَيْبَر حِين افْتَتَحْناها، [فقال] (b): مَنْ كان يُؤمِن باللّه واليَوْم والآخر فلا يأتين شَيئًا (c) من السَّبْي حتَّى يَسْتَبْرئها (d).

(a) في الأصل: جزية، والمثبت من الجامع الكبير للطبراني 5: 26، تاريخ ابن عساكر 12: 38، وأسد الغابة 2: 191، وفي سنن الدَّارميّ: جرية.

(b) إضافة من المعجم الكبير للطبرانيّ، ولم ترد في سنن الدَّارميّ.

(c) كذا في الأصل، وعند الطبرانيّ: ثيبًا.

(d) بقية الصفحة بياض في الأصل وهو تقدير النصف، وكذا الصفحة بعدها.

_________

(1)

سنن الدَّارميّ 2: 226 - 227، وانظر: المعجم الكبير للطبراني 5: 26.

ص: 646

‌حَنَشُ بنُ عليّ الهَمْدانِيُّ الصَّنْعانِيُّ

(1)

صَنْعاء الشَّام.

قيل: هو الّذي يَرْوي عن فَضَالَة بن عُبَيْد حَدِيْث القِلَادَةِ، فإنْ كان كما قيل فقد غَزَا معه الصَّائِفَة، ويكون قد دَخَلَ حَلَبَ أو بعض عَمَلها.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا عُمَرُ بن عُبَيْدِ اللّه بن عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عُثْمان بن سُنْبُك، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن إسْحَاق الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن إسْحاق بن إسْمَاعِيْل، قال: سَمِعْتُ عليّ بن المَدِيْنِيّ يَقُول

(2)

: حَنَشٌ - يعني الّذي رَوَى عن فَضَالَة بن عُبَيْد -: هذا حَنَش بن عليّ الصَّنْعانِيّ؛ صَنْعاء الشَّام، بها قَرْيَة يُقال لها صَنْعاء، وأبو الأشْعَث الصَّنْعانِيّ منها، قال: ليس هذا حَنَشُ بن المُعْتَمِر الكِنَانِيّ صَاحِب عليّ، ولا حَنَش [بن](a) رَبِيْعَة الّذي صَلَّى خَلْفَ عليّ صَلَاةَ الكسُوف، ولا حَنَش صَاحِبَ التَّيْمِيِّ.

‌حَنْظَلَةُ بن خُوَيْلِدٍ العَنَزِيُّ أو الغَنَويّ

(3)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع الفَرِيْقَين، ورَوَى عن عَبْد اللّهِ بن عَمْرو بن العَاص. رَوَى عنهُ أَسْوَدُ بن مَسْعُود.

(a) ليست في الأصل، والإضافة من تاريخ ابن عساكر والمزي.

_________

(1)

في تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن عساكر 15: 315 - 320، تهذيب الكمال للمزي 7: 429 - 431، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 12 - 13.

(2)

انظره في تهذيب الكمال للمزي 7: 430.

(3)

تَرْجَمَتِه في: طبقات ابن سعد 6: 205، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 43، الجرح والتعديل 3: 240، السمعاني: الأنساب 10: 86، تهذيب الكمال 7: 436 - 437 واعتمد فيه: العنزيّ، تهذيب التهذيب 3: 59 - 60، تقريب التهذيب 1:206.

ص: 647

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن خَلَف بن رَاجِح بن بِلَال المقدِسِيّ بجَبَل قَاسِيُون، قال: أخْبَرَنا الأَسْعَدُ بن يَلْدرَك بن أبي اللِّقَاءِ، قيل له: أخْبرَكُم أبو الخَطَّابِ عِليّ بن عبد الرَّحْمن بن عِيسَى بن الجَرَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن الفَضْل بن العبَّاس بن خُزَيْمَة، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن عَبْد اللّه زعَاث، قال: حَدَّثَنَا ابنُ الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أبي شَيْبَة، عن العَوَّام بن حَوْشَب، قال: حَدَّثَني أَسْوَدُ بن مَسْعُود، عن حَنْظَلَة بن خُوَيْلِدٍ العَنَزِيّ، قال: وكان آمنًا في الفَرِيْقَين في أصْحَاب عليّ وأصْحَاب مُعاوِيَة، قال

(1)

: إنِّي لجالسٌ مع مُعاوِيَةَ وعَمْرو بن العَاص وعندَهمُا عَبْدُ اللّه بن عَمْرو، إذ أقْبَلَ رَجُلانِ يَخْتَصمانِ في رَأسِ عَمَّار، قال: فقال عَبْدُ اللّه بن عَمْرو: ليَطِبْ به أحَدُكما نَفْسًا لصَاحِبهِ، فإنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّه تَقْتُلُه الفِئَةُ البَاغِيَةُ، قال: فقال مُعاوِيَةُ لعَمْرو: ألَا تَرَى ما يقُول هذا المَجْنُون؟ قال: فما لك معنا؟ قال: فقال إنَّ عُمَرًا شَكَاني إلى رسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقال لي رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: أَطِعْ أباكَ فأنا مَعَكُم ولستُ أُقاتِل.

ورَوَاهُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَّام، عن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام، عن يَزِيد، عن العَوَّام بن حَوْشَب، عن أَسْوَد بن مَسْعود، عن حَنْظَلَة بن خُوَيْلِد الغَنَويّ - بدل العَنَزِيّ - فذَكَرَ نحوه.

أخْبَرَنا بذلك المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن كَامِل بن دَيْسَم إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللّه الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد، قال: أخْبَرَنا

(1)

ابن أبي شيبة: المصنف 7: 547 (رقم 37834)، ابن حنبل: المسند 9: 48، أبو نعيم: حلية الأولياء 7: 198.

ص: 648

العَوَّام بنُ حَوْشَب، قال: حَدَّثَني أَسْوَد بن مَسْعُود، عن حَنْظَلَة بن خُوَيْلِد الغَنَويّ، فذَكَر نَحوه.

‌حُنَيْن بن إسْحَاق العِبَادِيّ، أبو زَيْد الحَكِيم

(1)

والعِبَادُ من نَصارَى الحِيْرَة، أنفذَهُ بنُو مُوسَى بن شَاكِر مع غيره إلى بَلَد الرُّوم، فجاءوهُم بطَرَائِف الكُتُبِ، وغَرَائِب المُصَنَّفاتِ، في الفَلْسَفَةِ والهَنْدَسَةِ والمُوسِيقَى والأرِثْمَاطِيْقِي والطِّبِّ

(2)

، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضٍ عَمَلها في دُخُولهِ إلى الرُّوم، إنْ لم يَكُن أقام بها، وكان عَارِفًا بهذه العُلُوم، وتَرْجَم كُتُبًا كَثِيْرة من اليُونانيَّة والسُّرْيَانيَّة إلى العَرَبِيَّة، وصَنَّفَ كُتُبًا كَثِيْرة.

قَرَأتُ في كتاب الفِهْرِسْت، تأليفُ أبي الفَرَج مُحَمَّد بن إسْحَاق النَّدِيْم بخَطِّ مُظَفَّر بن [

] (a) الفَارِقِيّ، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ مُؤلِّفه أبي الفَرَج، قال

(3)

:

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، ولم أهتد لمعرفة اسم والده، وسماه باسمه "مظفر الفارقي" في المقدمة الضافية التي صنعها أيمن فؤاد سيد لنشرة الفهرست 1/ 1: 73 * - 73*.

_________

(1)

توفي سنة 260 هـ، وقيل: 264 هـ وترجمته في: مُروج الذَّهب للمسعودي 1: 335، 2: 368، 378، 4: 377 - 381، النديم: الفهرست 2/ 1: 142 - 143، 166 - 171، 289 - 291، المسعودي: التنبيه والإشراف 113، 131 - 132، 163، صاعد الأندلسي: طبقات الأمم 44، 50، ابن الجوزي: المنتظم 13: 160، البيهقيّ: تاريخ حكماء الإسلام 16 - 18، القفطي: تاريخ الحكماء 171 - 177، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء 1: 357 - 374، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 217 - 318، ابن العبري: تاريخ مختصر الدول 140، 176، 243، 350 - 253، 416، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 6: 77 (أرخ وفاته سنة 260 هـ)، سير أعلام النبلاء 13: 492، العبر في خبر مَن غبر 1: 373، الصفدي: الوافي بالوفيات 13: 215 - 217، اليافعي: مرآة الجنان 2: 138 - 139، تاريخ ابن الوردي 1: 354، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 32 (أرخ وفاته سنة 360 هـ)، شذرات الذَّهب 3: 265، مُعْجَمُ المؤلفين 4: 87 - 88، الزركلي: الأعلام 2: 287.

(2)

كلام النديم في الفهرست 2/ 1: 142.

(3)

النديم: الفهرست 2/ 1: 289 - 291.

ص: 649

حُنَيْن بنُ إسْحاق العِبَادِيّ؛ ويُكْنَى أبا زَيْد؛ والعِبَادُ من نَصارَى الحِيْرَة؛ وكان فَاضِلًا في صِنَاعَة الطِّبّ؛ فَصِيحًا باللُّغَة اليُونانيَّةِ والسُّرْيَانيَّةِ والعَرَبيَّةِ؛ دَارَ البِلَادَ في [جَمْع](a) الكُتُب القَدِيْمَة؛ ودَخَل بَلَد الرُّوم وأكْثَرُ نقُولهِ لبَني مُوسَى.

وتُوفِّيَ يَوْم الثّلاثَاء لستٍّ خَلَوْنَ من صَفَر سَنَة ستِّين ومَائتَيْن؛ وهو أوَّلُ يَوْمٍ من كَانُون الأوَّل سَنَة ألف ومائةٍ وخَمْسٍ وثَمانين للإسْكَنْدَر الرُّوميّ.

ولهُ من الكُتُب الّتي ألَّفَها؛ سوى ما نَقَلَ من كُتُب القُدَمَاءِ: كتابُ أحْكَام الإعْرَاب على مَذَاهِب اليُونَانيِّيِنْ؛ مَقَالَتَان؛ كتابُ المَسَائِل في الطِّبِّ للمُتَعَلِّمين؛ وزَادَ فيها حُبَيْشُ الأَعْسَم تِلْمِيْذهُ؛ كتَابُ الحَمَّام؛ مَقَالَة؛ كتابُ اللَّبَن؛ مَقَالَة؛ كتابُ عِلَاج العَيْن؛ عَشْر مَقَالَات؛ لَطِيْفٌ؛ كتَابُ الأغْذِيَة؛ ثلاثُ مَقَالَات؛ كتابُ تَقَاسم (b) عِلَل العَيْن؛ مَقَالَة؛ كتابُ عِلَاج أمْرَاض العَيْن (c)؛ مَقَالَة؛ كتابُ اخْتِيَار أدْوِيَة عِلَل العَيْن؛ مقَالَة؛ كتابُ آلات الغذَاء؛ ثلاثُ مَقَالَات؛ كتابُ الأسْنَانِ واللِّثَّة؛ مَقَالَة؛ كتابُ البَاهِ؛ مَقَالَة؛ كتابُ تَدْبِير النَّاقِهِ؛ مَقَالَة؛ كتابُ مَعْرفَة أوْجَاع المَعِدَة وعِلَاجِها؛ مَقَالَتَان؛ كتابُ في المَدِّ والجّزْر؛ مَقَالَة؛ كتابُ السَّبَب (d) الّذي صَارَت مياهُ البَحْر مَالِحة (e)؛ مَقَالَة؛ كتاب المَوْلُودِين لثَمانية أشْهُر؛ مَقَالَة؛ عَمِلَهُ لأُمِّ وَلدِ المُتَوَكِّل؛ كتابُ التِّرْيَاق؛ مَقَالتَان؛ كتابُ العَيْن على طَريق المَسْألَةِ والجَوَاب؛ ثلاثُ مَقَالَات؛ كتابُ ذِكْر ما تُرْجِمَ من الكُتُب؛ مَقَالَتَان؛ كتاب قَاطَاغُورْيَاس (f) على رَأي ثَامَسْطيُوس (g)؛ مَقَالَة؛ كتابُ رِسَالة (h) إلى

(a) إضافة من كتاب الفهرست.

(b) الفهرست: تقاسيم.

(c) الفهرست: علاج أمراض العين بالحديد.

(d) الفهرست: كتاب في السبب.

(e) الفهرست: له مالحة. ويرد فيه بعده: كتاب الألوان، مقالة كتاب في البول على طريق المسألة والجواب؛ مقالة.

(f) الفهرست وطبقات ابن أبي أصيبعة والحكماء للقفطي: قاطيغورياس.

(g) مهملة الأول في الأصل، وإعجامها بالمثلثة من كتاب الفهرست وابن أبي أصيبعة والقفطي.

(h) الفهرست: رسالته.

ص: 650

الطَّيْفُورِيّ في مَرض (a) الوَرْد، كتابُ القُرُوح (b) وتَولُّده؛ مَقَالَةَ، كتابُ الآجَالِ؛ مَقَالَة، كتابُ تَولُّد النَّارِ بين الحَجَرَيْن؛ مَقَالَة، كتابُ تَولُّد الحَصَاة؛ مَقَالَة، كتابُ اخْتِيَار الأدْوِيَة المُحْرقة (C)؛ مَقَالَة، كتابٌ إلى ابن المُنَجِّم في اسْتِخْرَاج كيميّة (d) كُتُب جَالِينُوس.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ الحَوَارِيّ

‌الحَوَارِيّ بن حِطَّان بن المُعَلَّى بن حِطَّان بن سَعْد بن زَيْد بن لَوْذان بن غَنْم بن السَّاطع التَّنُوخِيّ

(1)

وإليه يَنْتَسِبُ بنو الحَوَارِيّ بمَعَرَّة النُّعْمَان، وكان من الرِّجال المَذْكُورين المُقَدَّمِينَ، وهو الّذي خَرَجَ بحَاضِر قِنَّسْرِيْن على عَبْدِ الله المَأْمُون ثمّ ظُفِرَ بهِ، فعَفَا عنهُ.

قَرَأتُ في كتابِ مُشَاكَلَةِ النَّاس لزَمَانِهم، تأليفُ أحْمَد بن أبي يَعْقُوبَ بن جَعْفَر بن وَهْب بن وَاضِح أبي العبَّاس العبَّاسيّ

(2)

مَوْلاهُم، في ذِكْرِ مَنْ عَفَا عنهُ المَأْمُون، قال: وعن الحَوَارِيّ بن حِطَّان التَّنُوخِيّ الخارج بحَاضِر تَنُوخ.

(a) الفهرست وطبقات ابن أبي أصيبعة وتاريخ الحكماء: قرص.

(b) الفهرست: الفرح، حكماء القفطي: القرح، طبقات ابن أبي أصيبعة: مقالة في تولد الفروج.

(c) كذا في الأصل مؤكَّدًا بحرف حاء أسفله، ومثله في طبقات ابن أبي أصيبعة وتاريخ الحكماء للقفطي، وجاء في الفهرست: المجربة.

(d) كذا في الأصل، وفي حكماء القفطي: كمية، وفي الفهرست: في استخراج كتبه، أي كتب جالينوس.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ اليعقوبي 3: 313 (وتحرف اسمه في نشرة كتاب اليعقوبي: الحوازي بن حنطان التنوخي)؛ الزبيدي: تاج العروس؛ مادة: حور (نقلًا عن ابن العديم).

(2)

اليعقوبي: مشاكلة الناس 207: وتحرف اسم أبيه في المطبوعة إلى: حنطان.

ص: 651

‌الحَوَارِيّ - ويُسَمَّى أيضًا خَيْر

(1)

- ابن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَوَارِيّ بن حِطَّان بن المُعَلَّى، أبو بِشْر التَّنُوخِيُّ العَمِيْدُ المَعَرِّيّ

(2)

قيل إنَّ بَني الحَوَارِيّ يَنْتَسِبُونَ إليه، والصَّحيحُ أنهم يَنْتَسِبُونَ إلى المَذْكُور أوَّلًا.

وكان أبو بِشْرٍ هذا شَاعِرًا مُجِيْدًا، وَقَعَ إليَّ من شِعْره هذه الأبْيَات، قالها وقد وَقَفَ على دَاره بمَعَرَّة النُّعْمَان بعدَ هُجُوم الفِرِنْج المَعَرَّة فرآها وقد خَربَت

(3)

: [من البسيط]

أهَذه بين إنْكَاري وعِرْفَاني

مسَاربُ الوَحْشِ أم دَارِي وأوْطَانِي

جَهلتُها ولقد أبدَتْ مَلَاعِبُها

عَهْدَ الصِّبَا بين إِخْواني وخُلَّاني

فَعُجْتُ أسْألُها والدَّمْعُ مُنْسَكبٌ

والقَلْبُ في لَوْعةٍ من وَجْدِه عَانِ

يا دَارُ ما لي أرَى الأيَّام قد حَكَمتْ

فينا وفيْكِ بحُكْمْ الجَائرِ الجَاني

فلو أجابَتْ لقالَتْ هكذا فعَلَتْ

قِدْمًا بحيرةِ (a) نَعْمَانٍ ونُعْمانِ

وفي مَدَائن نوشَرْوانَ مُعْتَبَرٌ

للسَّائِلين وفي سَيْفٍ وغُمْدَانِ

فاذْهَبْ لشَأنكَ فالدُّنْيا لها دُوَلٌ

تَمْضِي وتأتي وكُلٌّ بينها فَانِ

(a) الخريدة: بجيرة.

_________

(1)

ترجم له ابن العديم باسم خير بن محمد، انظر ما يلي الجزء السابع.

(2)

ترجمته في: خريدة القصر 12: 87، وذكر أنه أقدم بني الحواري عصرًا، الزبيدي: تاج العروس، مادة: حور (نقلًا عن ابن العديم).

(3)

الأبيات في الخريدة 12: 87.

ص: 652

‌حَوْثَرَة بن سُهَيْل بن العَجْلَان بن سُهَيْل بن كَعْب بن عَامِر بن عُمَر بن رَبَاح (a) بن عَبْد اللهِ بن عَبْد بن قَرَّاص (b) بن بَاهِلَة البَاهِليّ، أبو المُثَنَّى القِنَّسْرِيْنِيّ

(1)

من أهْلِ قِنَّسْرِيْن، وهو أخُو عَجْلان بن سُهَيْل البَاهِلِيّ، كان أمير مِصْر لمَرْوَان بن مُحَمَّد، وكان معه يَوْم غَلَبَ على دِمَشْقَ، وكان سَيِّئ السِّيْرَة (c).

أنْبَأنَا أبو البَرَكات سَعيدُ بن هاشِم، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، عن أَبيِهِ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن يُونُس

(2)

، قال: حَوْثَرَة بن سُهَيْل بن العَجْلَان، كان أمير مِصْر لمَرْوَان بن مُحَمَّد، وكان رَجُل سوْءً، سَفَّاكًا للدِّمَاء، تُحْكَى عنه حِكَايَاتٌ في خُطَبه.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر.

(b) في الأصل: فراص، والمثبت من ولاة مصر وتاريخ ابن عساكر والنجوم الزاهرة.

(c) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

توفي سنة 132 هـ، وقيل: 140 هـ، ترجمته في: تاريخ خليفة 335، 397 - 407، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 374 (وفيه: قتله الحسن بن قحطبة مع آخرين بأمر أبي جعفر المنصور)، الكندي: ولاة مصر 99، 110 - 114، تاريخ الطبري 7: 410 - 417، 451 - 456، 8: 99، الأزدي: تاريخ الموصل 31، 116 - 119، تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 70، تاريخ ابن عساكر 15: 336 - 337، ابن الأثير: الكامل 5: 401 - 405، 438، 441، تاريخ الإسلام 3: 636، الوافي بالوفيات 13: 218، وفيه:، "حوثرة بن شُهَيد"، ابن خلدون: العبر 8: 6، القريزي: المقفى الكبير 3: 704 - 708، النجوم الزاهرة 1: 305 - 312، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 589، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 16، الزركلي: الأعلام 2: 288.

(2)

تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 70.

ص: 653

‌حَوْشَبٌ ذو ظُلَيْم - بالضَّمِّ والفَتْح، والضَّمُّ أشْهَرُ - قيل: هو ابنُ طَخْيَة (a)، وقيل: ابن التِّبَاعِيّ بن غَسَّان (b) بن ذي ظُلَيْم بن ذي الأَسْتَار مَيْسَان، وقيل: حوْشَب ذو ظُلَيْم بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل بن عُبَيْد بن عَمْرو بن حَوْشَب الأُظْلُوم بن أَلْهَان بن شَدَد بن زُرْعَة بن قَيْس بن صَنْعاء بن سَبَأ الأصْغَر بن كَعْب بن زَيْد بن سَهْل بن عَمْرو بن قَيْسٍ بن مُعاوِيَة بن جُشَم بن عَبْد شمْس بن وَائِل بن غَوْث بن حِمْيَر بن قَطَن بن عَوْف - وقيل: عَرِيْب - ابن زُهَيْر بن أيْمَن بن حِمْيَر بن سَبَأ الأَلْهَانِيّ الحِمْيَرِيّ، أبو مُرٍّ

(1)

والأَلْهَان والأَوْزَاع إخْوَان.

روى حَوْشَبٌ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا في فَضْل مَنْ ماتَ له وَلدٌ، وفي حَدِيث إسْلَامه حَدِيثًا.

رَوَى عنهُ حَسَّان بن كُرَيْب، وولده عُثْمان بن ذي ظُلَيْم.

(a) ابن عساكر: طخمة، وضبطه في الوافي بضم الطاء.

(b) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وفي الاشتقاق لابن دريد 433: مَسَان.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 60 وما بعدها، وأخباره كثيرة فيه (راجع فهرس الأعلام 568)، تاريخ خليفة 194 - 195، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 172، 185 - 186، تاريخ الطبري 3: 323، 397، 5: 44، الفتوح لابن أعثم 2: 397، 427، 3: 21، 200 - 201، المسعودي: مروج الذهب 3: 298، الجرح والتعديل 3: 280، الاستيعاب 1: 410 - 411، تاريخ ابن عساكر 15: 342 - 347، ابن الأثير: الكامل 2: 338، 3: 341، 478، أسد الغابة 2: 62 - 63، الوافي بالوفيات 13: 220، الإصابة 2: 67، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 17، الزركلي: الأعلام 2: 288 - 289.

ص: 654

وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وكان على رِجَّالةِ أهْلِ حِمْص، وحَكَى أبو البَخْتَرِيّ وَهْب بن وَهْب أنَّ مُعاوِيَة جَعَل حَوْشَبًا على كِنْدَة أهل حِمْص. وكان رَئيسًا في قَوْمه مَتْبُوعًا (a).

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود بن أحْمَد الصَّابُونِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بنُ نِيْخَاب، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم، قال

(1)

: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، عن عَامِر الشَّعْبِيّ، عن صَعْصَعَة بن صُوْحَان، والحارِث بن أدْهَم، قال: وخَرَجَ حَوْشَبُ ذُو ظُلَيْم - يعني بصِفِّيْن - فجعَل يُقاتِل وهو يَقُول: [من الرجز]

يا أيُّها الفارِسُ ادْنُ لا تُرَعْ

أَنَا أبو مُرّ وهذا ذُو كَلَعْ

مُسَوَّدٌ بالشَّامِ ما شاءَ صَنَعْ

قد أُكْثِر العُذْر (b) لديكُم لو نَفَعْ

فأجابَهُ الأشْعَثُ، أو رَجُلٌ من كِنْدَة:[من الرجز]

أبْلغَ عنِّي حَوْشَبًا وذَا كَلَعْ

وشُرَحْبِيلَ إذ هَوَى بهِ (c) الطَّمَعْ

قَوْمٌ جُفَاةٌ (d) لا حَياء (e) ولا وَرَعْ

يَقُودُهُم ذاكَ السَّفِيْهُ المُدَّرَعْ (f)

أنْبَأنَا عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَشْكُوَال في كتابهِ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بنُ عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو

(a) بعده بياض في الأصل قدر أربعة أسطر.

(b) وقعة صفين 182 وفتوح ابن أعثم 3: 21: الغدر.

(c) وقعة صفين: وشرحبيل ذاك أهلك، ابن أعثم: فحوشب المذلول داراه الطمع.

(d) الأصل: حفاة.

(e) وقعة صفين: لاحَيًا.

(f) وقعة صفين: يقودهم ذاك الشقي المبتدع، والصفحة بعده بياض في الأصل بأكملها.

_________

(1)

وقعة صفين 179 - 182، وفيه: عن الحارث بن أدهم عن صعصعة، وانظر الخبر والرجز في الفتوح لابن أعثم 3:21.

ص: 655

عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: وحَوْشَبٌ ذَكَرَ في حَدِيثه أنَّ له صُحْبَةً، وليس بمَشْهُور، لَم يَرْوه غير ابن لَهِيْعَة، ورَوَى عن حَوْشَب أنَّهُ

(1)

: سَمِعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: لو أنَّ جُرَيْج الرَّاهِبَ فَقِيهًا عَالِمًا لعَلِم أنَّ إحابتَهُ أُمَّهُ من عِبَادةِ ربِّهِ.

ذَكَرَهُ ابن السَّكَن في حَرْف الحاءِ من كتاب الحُرُوف، ثُمَّ قال: في حَرْف الذَّال: وذُو ظُلَيْم رُوِيَ عنه في قَضِيَّة إسْلَامِهِ، حَدِيثهُ عند بَعْضِ وَلده وفيه نَظَرٌ.

هكذا ذَكَرَ ابن السَّكَن وفرَّق بين حَوْشَب وذي ظُلَيْم وجَعَلهُما اثْنَين، ولم يَنْسُب واحدًا منهما، وهُما واحد.

قال ابنُ السَّكَن في تَرْجَمَةِ حَوْشَب: أخْبَرَنا بَكْر بن المَرْزُبَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ بن حُمَيْد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن إسْحاق، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو العبَّاسِ مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحْمن الدَّغُولِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن حَكِيم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن يَزِيد المُقْرِئ، قالا: حَدَّثَنَا ابنُ لَهِيْعَة، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الله بن هُبَيْرَة السَّبَأيّ، عن حَسَّان بن كُرَيْب

(2)

: أنَّ غُلامًا منهم تُوفِّي بحِمْصَ، فوَجَدَ عليه أبُوه أشَدَّ الوَجْدِ، فقال له حَوْشَبُ صَاحِب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ألَا أُخْبرُكَ ما سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقُول في مثل ابْنك: أنَّ رَجُلًا من أصْحَابهِ كان له ابن وأدْرك، فكان يأتي مع أبيهِ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ إنَّهُ تُوفِّي، فوَجَدَ عليهِ، فقال له نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا رآهُ: أَتُحبُّ لو أنَّ ابْنكَ كان كأشَدِّ الصِّبْيَان شَطَاطة وأكْيَسه؟ أَتُحبُّ لو أنَّ ابنَكَ

(1)

شعب الإيمان 6: 195 (رقم 7880)، أسد الغابة لابن الأثير 2: 64، كنز العمال للهندي 16: 461 (رقم 45441).

(2)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 411.

ص: 656

كأجْرَأ الفِتْيَان جرأةً؟ أَتُحبُّ لو أنَّ عندَكَ ابْنكَ كَهْلًا كأفْضَل الكهُول وأسرَاهُ؟ أو يُقال لك ادخُل الجنَة بثَواب ما أخَذْنا منْكَ؟.

وقال ابنُ السَّكَن في تَرْجَمَةِ ذي ظُلَيْم: حَدَّثني إبْراهِيم بنُ أحْمَد بن شُرَيْف (a) الرَّمْليّ، قال: حَدثَنا عيسى بن غَيْلان السُّوْسِيّ، قال: حدَّثَنَا عَاصِم بن هاشمِ بن مَسْعُود بن عَبْد اللّه بن عَبْد خَيْر الطَّائيّ الحِمصِيّ، قال: حَدَّثني مُحمَّد بن عُثْمان بن ذي ظُلَيم، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه ذي ظُلَيْم أنَّهُ

(1)

: لمَّا أظْهَرَ اللّهُ نَبيَّهُ نَدَبَ النَّاس إليه، فنَدبَ عَبْد خَيْر في أرْبَعينْ فَارِسًا، فأتاهُ وهو جالس وأبو بَكْر وعُمَر، فقال: أيُّكمُ رسُول اللّه؟ فقالوا: هذا، فقال: ما الّذي جِئْتنا بهِ، إنْ يَكُ حَقًّا اتبعْناكَ؟ قال: تشْهَدُ أن لا إلَه إلَّا اللّه، وأنِّي رسُول اللّه، وتُقِيم الصَّلاةَ، وتؤتي الزَّكَاةَ، وتأمُر بالمعَرُوف، وتَنْهىَ عن المُنكَر. قال: إنَّ هذا لحَسَن جَمِيل، آمنْتُ بما آمنْتَ بهِ، أشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا اللّهُ، وأنَّكَ رسُولُ اللّهِ، فقال له رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما اسمُكَ، قال: عَبْد شرٍّ، قال: أنْتَ عَبْد خَيْر، ادْنُ يا عبْد خَيْر، فقَبَّل يَد النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأعْطَاهُ كتابه إلى ذي ظُلَيْم، فآمن ذو ظُلَيْم.

(a) كذا جوّده المصنف.

_________

(1)

كنز العمال للمتقي الهندي 1: 330 - 331 (رقم 1531).

ص: 657

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنبأنَا أبو الفتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن مُحمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيدِ يُوسُفُ بن عَبْدِ العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ

(1)

، قال: حَوْشَبُ بن طَخْيَة الحمِيَرِيّ، ويقال: الأَلْهَانيّ، ذو ظُلَيْم، أسْلمَ على عَهْد رسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، وقيل إنَّهُ قَدِمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، واتَّفق أهْلُ العِلْم بالسِّيَر والمَعْرفَة بالخَبَر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى حوْشَب ذي ظُلَيْم الحميَرِيّ كتابًا، وبَعَثَ به إليه مع جرِير البَجَليّ ليتَعَاون هو وذو الكَلاع [وفيرُوز الدَّيْلمَيّ ومَنْ أطاعَهم على قَتْل الأسْوَد العَنْسيّ الكَذَّاب، وكان حَوشَب وذو الكَلاع](a) رَئيسَيْن في قَومهما مَتْبُوعَيْن، وهمُا كانا ومَنْ معهما من اليَمَن القَائِمين بحَرْب صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ، وقُتِلَا جَمِيعًا بصِفِّيْن، قَتَلَ حَوْشَبًا سُليْمانُ بن صُرَد الخُزَاعيّ، وقَتَلَ ذا الكَلاع حُرَيْث بن جَابِر، وقيل: قَتَلهُ الأشْتَرُ.

حُدِّثْتُ عن أبي نُعَيْم بن عَبْد اللّه بن أحْمَد بن إسْحاق الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحمَّد بن مُوسَى، قال: حَدّثنَا عليّ بن أحْمَد بن أبي يَزِيد، قال: حَدَّثنا نصْرُ بن مُزاحِم

(2)

، قال: حَدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنَا عمْرو بن شَمر، عن مُحمَّد بن سُوْقَة، عن عَبْد

(a) سقط ما بين الحاصرتين من الأصل بانتقال النظر، واستكماله من الاستيعاب.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 410.

(2)

لم أجده في كتاب وقعة صفين لنصر، وانظره في حلية الأولياء 1: 85، وتاريخ ابن عساكر 37:291.

ص: 658

الوَاحِد الدِّمَشقيّ، قال: نَادَى حَوْشَبُ الحميَرِيّ عليًّا يَوْم صفِّيْن، فقال: انْصَرف عنَّا يا ابن أبي طَالِب، فإنَّا ننشُدكَ اللّه في دِمَائنا ودَمكَ، ونُخَلّي بينكَ وبين عِبدَّانَكَ (a)، وتُخَلِّي بيننا وبين شَائنا (b)، ونَحْقن دماءَ المُسْلمِيْن، قال عليّ: هَيْهات يا ابن أُمّ ظُلَيم، واللّه لو علمتُ أنَّ المُدَاهَنة تَسَعُني في دِيْن اللّهِ لفعَلْتُ، ولكان أهْوَن عليَّ في المَؤُونة، ولكن اللّه لَم يَرْضَ من أهْل القُرآن بالسُّكُوتِ والإِدِّهَان إذا كان اللّه يُعْصَى وهُم يُطيْقُونَ الدِّفاع والجِهاد حتَّى يَظْهَر أمرُ اللّه.

قال: وقد رُوي عن حَوْشَب الحميَرِيّ حَدِيث مُسْندُ (c) في فَضْل مَنْ مَات له وَلدُ، رَوَاهُ ابن نُبَيْط، عن عَبْد اللّهِ بن مَيْسَرة، عن حَسَّان بن كُرَيْب، عن حَوْشَب الحمِيرِيّ

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: مَنْ ماتَ له وَلد فصَبرَ واحْتَسَبَ قيل له ادخُل الجنَّة بفَضْل ما أخَذْنا منْكَ.

قَرأَتُ في كِتاب صِفِّين

(2)

: عن أبي البَخْتَرِيّ وَهْب بن وَهْب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: حَدَّثنَا إسْمَاعِيْل بن عِنَان بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثنا المَدَائنيّ قال في خَبَر صِفِّيْن: ثمّ حَمَل صَاحِب اللِّوَاء حَوْشَب ذو ظُلَيْم وهو يَقُول: [من الرجز]

أهْلَ العِرَاق نَاسبُوا وانْتَسبُوا (d)

نحنُ اليَمَانيُّونَ فينا (e) حَوْشَبُ

وذو ظُلَيْم ذَاكُم المجرَّبُ (f)

فينا الصَّفيحُ والفَتَى المُغَلَّبُ (g)

(a) أبو نعيم وابن عساكر: عراقك.

(b) أبو نعيم وابن عساكر: شامنا.

(c) الأصل: مسندًا.

(d) ساقطة من نشرة كتاب وقعة صفين.

(e) وقعة صفين وفتوح ابن أعثم: منا.

(f) وقعة صفين: إذًا ظُليمٍ أينَ منا المهربُ، ابن أعثم: أنا الظليم أين أين المهرب.

(g) وقعة صفين وابن أعثم: والقنا المعَلَّب.

_________

(1)

أسد الغابة 2: 63.

(2)

لعله كتاب صفين لابن أمّه، وهو في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 400 - 401 باختلاف في رواية بعض أرجاز حوشب، وموافقة أرجاز ابن صرد الخزاعي، وأيضًا في الفتوح لابن أعثم 3:200.

ص: 659

أهْل العِرَاق كُلّهُم مُذَبْذَبُ (a)

في قَتْل عُثْمانَ وكُلّ مُذنِبُ

إنَّ عليًّا فيكمُ مُحَبَّب

فَحمَل عليه سُليْمان بن صُرَد الخُزَاعِيُّ وهو يَقُول: [من الرجز]

يا لك يَوْمًا كاسِفًا عَصَبْصَبا

يا لك يَوْمًا لا يُواري مركبا (b)

يا أيُها الحيُّ الّذي تَذَبْذَبا

لسْنَا نَخَاف ذا ظُلَيْم حوْشَبا

لأنَّ فينا بَطَلًا مُجَرَّبا

ابنَ بُدَيْل كالهِزَبْر مُغْضَبا

أمسى عليٌّ عنده محببا

يفديهِ (c) بالأُمِ ولا يُبْقِي الأبا (d)

ثُمَّ طَعَنَهُ سُليمان فقَتَلَهُ.

وقيل: قَتَلَهُ الصُّرَادق، حَكَى ذلك أبو البَخْتَرِيّ وَهْب بن وَهْب في خبر صفِّيْن عن جَعْفَر بن مُحمَّد، عن أَبيِهِ، قال: فنَهَدَت حِمْيَر ورَأسُها حَوْشَب ذو ظُلَيْم، ونَهَدَت رَبيعَةُ ورَأسُها خَالِد بن المُعَمَّر، فاضْطَربُوا بالسيُوف حتَّى قُتِلَ من الفَرِيْقَين قَتْلٌ ذَرِيْع، وبرز الصُّرَادِقُ وذُو ظُلَيْم فاطَّعَنا واخْتَلَفا، فقَتَلَهُ الصُّرَادِقُ، وفي ذلك يقول الصرَادِق:[من الطويل]

جَهِدتُم علينا آل حِميَرَ ضَلِّةً

ونَحنُ أُنَاسُ نَعْتَلي في الوَقَائعِ

وحَوْشَبُ قد لَاقَى وذَاقَ وَبالَهُ

كما ذاقَ فيها ذُو الكَلاع صَنَائعيِ

أنبأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحمَّد القَاضِي، قال: كَتَبَ إلينا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد وأبو الغَنائِم ابنا عليّ بن الحَسَن بن أبي عُثْمان، وأبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن البُسْرِيّ، وأبو الحَسَن بن الأخْضَر، وأبو طَاهِر القَصَّارِيّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عمُر بن مهدِي، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن أحمَد بن

(a) وقعة صفين: إن العراق حبلُها مذبذَبُ، ابن اعثم: إن العراق خيلها مذبذب.

(b) وقعة صفين وابن أعثم: كوكبا.

(c) وقعة صفين: نفديه، ابن أعثم: عندنا محببًا .. نفديه.

(d) وقعة صفين وابن أعثم: ولا نُبقي أَبا.

ص: 660

يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا جَدِّي، قال: حَدَّثنا يَزِيد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا العَوَّام بن حَوْشَب، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن أبي وَائِل، قال: قال أبو مَيْسَرة عَمْرو بن شرَحْبِيلِ، وكان من أفَاضِل أصحاب عَبْد اللّه، قال: رأيْتُ في المَنَام كأنِّي دَخَلتُ الجنَّة، فإذا قِبَاب مَضْرُوبة، فقُلْتُ: لمَن هذه؟ فقالوا: لذي الكَلاع وحَوْشَب، وكانا ممّن قُتِلَ مع مُعاويَةَ، قُلتُ: فأين عَمَّار وأصْحَابه؟ قالوا: أمامكَ، قُلتُ: وقد قَتَلَ بعضهم بعضا؟! قيل: إنَّهُم وَجَدُوا اللّه وَاسعَ المَغْفِرَة.

‌ذكْرُ مَن اسْمُهُ حُوَيّ

‌حُوَيّ بن حُوَيّ الكِنْدِيّ

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وجَعَلَهُ على كِنْدَة دِمَشْقَ، له ذكِرُ في كتاب صِفِّين

(1)

.

‌حُوَيّ بن مَاتع (a) بن زُرْعَة بن مِحْصَن (b) بن حَبِيْب بن ثَور بن خِدَاش

(2)

من بني عَامِر بن السَّكاسِك.

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وقيل: هو الّذي قَتَلَ عَمَّار بن يَاسِر.

(a) قيَّده المصنِّف بالنون: مانع، ويرد فيما بعد مهملًا، والمثبت بالتاء من المحبر لابن حبيب وجمهرة ابن حزم وتاريخ ابن عساكر.

(b) كذا في الأصل محودًا بحرف صاد أسفله، وفي نسب معد واليمن الكبير للكلبي 196 وجمهرة ابن حزم 431: يَنْحَض.

_________

(1)

لم يرد له ذكر في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم.

(2)

ترجمته في: نسب معد واليمن الكبير 196، تاريخ خليفة بن خياط 196 (وفيه: ابن حوي السكسي)، المحبر لابن حبيب 296، البلاذري: أنساب الأشراف (حميد اللّه) 1: 173، ابن حزم: أنساب العرب 431 - 433، تاريخ ابن عساكر 15:367.

ص: 661

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحمَّد بن هِبَةِ اللّه، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أبي مُحمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحمَّدُ بن عليِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحاق، قال: حَدَّثثا أحْمَدُ بن عمْران، قال: حَدَّثنا موسى بنُ زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثنا خلَيفَةُ بن خَيَّاط

(2)

، قال: قال أَبو عُبيدَة: كان على كِنْدَة دِمَشْق - يِعني حُوَيّ بن مَاتع (a) - وهو قَاتِلُ عَمَّار بن يَاسِر.

‌حُوَيّ بن أبي عَمْرو - وقيل: حَيٌّ، وقيل: حُينْيّ - أبو عُبيد القُرَشِيّ

(3)

مَوْلَى سُليْمان بن عَبْد المَلِك وحَاجِبُهُ، وكان معَهُ بِدَابِق.

سَمعَ أبا يزِيد عَطَاءَ بن يزَيد اللَّيثِيّ، وعُبَادَةَ بن نُسيّ الكِنْدِيّ، ورَوَى عن دَاوُد بن الحَضْرمَيّ، وسَالِم بن عَبْد اللهِ، والقَاسِم بن مُحمَّد بن أبي بَكْر، ونُعَيْمِ بن سَلامَة، وسَعِيْد بن عَبْد المَلِك بن مرْوَان، وصالح بن جُبير الصُّدَائِيّ، وعُقْبَة بن وسَّاج.

رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّدُ بن عجلان القُرَشِيّ، وأبو عَبْدِ اللّه مَالِكُ بن أنَس، ورجَاءٌ، والأوْزَاعِيّ، وصالح بن أبي الأخْضَرِ اليمامِيِّ، وسُهَيْل بن أبي صالح، وأبو رزين.

أخْبَرَنا أِبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن مُحمَّد بن الحصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو

(a) مهملة في الأصل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 15: 367.

(2)

تاريخ خليفة 196، وفيه: ابن حوي السكسي.

(3)

ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي 34: 49 - 53 وزاد في مُختلَف اسمه: عبد الملك، ونسبه إلى مذحج، تهذيب التهذيب 3: 67، 12: 158، تقريب التهذيب 1:207.

ص: 662

بَكْر الشَّافعِيّ

(1)

، قال: حَدَّثنا قاسم بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثنا أبو أحْمَد هَارُون بن حُمَيْد، قال: حَدَّثنا أبو دَاوُد، عن صالح بن أبي الأخضَر، قال: حَدَّثنا أبو عُبَيْد حَاحِبُ سُليْمان بن عَبْد المَلِك، قال: حجَّ سُليْمان بن عَبْد المَلِك ومعه عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز، فدخَلَ عليه دَاوُد بن الحضَرمَيّ، وكان عَامِلَهُ على مَكَّة، وقد تَطَيَّب، ولَم يكُن طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَة، فقال له سُليْمان: أنَفَرتَ بَعْدُ؟ قال: لا، قال: فما لكَ والطِّيْبَ (a)؟ قال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، إنَّ عائِشَة كانت تَذكُر أَنَّها طَيَّبَتِ النبَّي صلى الله عليه وسلم، قال أبو عُبيدٍ: فأمرَني فأرْسَلْتُ إلى سَالِمٍ والقَاسِم، فدخَلا عليه، فسَألَهُما عن ذلك، فقال سَالِم: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، أمَّا عُمَرُ بن الخَطَّابِ فكان يَقُول: إذا رَمَيْتُم الجَمْرة فقد حَلَّ كُلّ شيء إلَّا الطِّيْب، وأمَّا القَاسِم بن مُحَمَّد فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، أخْبَرَتني عائِشَةُ أنَّها طَيَّبَتْ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم عند إحْلَاله وعند إحْرَامِهِ.

أنبأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَيعدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن الفَضْل البَاطرْقَانيّ، قِرَاءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن أحمد بن محمَّد بن إبراهيم الفارسِيّ، قال: حدَّثنا أبو عبدِ اللّه مُحَمَّد بن مَخْلَد العَطَّارُ الخَضِيْبُ، قال: قَرأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ قُلتُ: حَدَّثكم الهَيْثَم بنُ عَدِيٍّ، عن يُونُس بن يَزِيد، عن الزُّهْرِيّ، قال: وكان سُليْمان يأذَن عليه مَوْلاهُ أبا عُبيد.

(a) الغيلانيات: وللطيب.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)193.

ص: 663

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن قُشَام إجَازَةً، عن الحافِظ أبي العَلَاءِ الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد، [قال: أبو عُبَيْد حَاجِب سُليَمان، يُقال اسْمُه: حَيّ، وقيل: حُوَيّ] (a).

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَيَّان

‌حَيَّانُ بن أَبْجَر

(1)

له صُحْبَةٌ، وشَهِدَ مع عليٍّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه صِفِّيْن، رَوَى عَنْهُ ابْناهُ عَبْد المَلِك وجَبَلَةُ (b).

أنْبَأنَا نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيدِ بنُ الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرِّ الحافِظ

(2)

، قال: حَيَّان بنُ الأبْجَر، له صُحْبَةٌ، يُعَدُّ في الكُوْفيِّيْن، شَهِدَ مع عليٍّ صِفِّيْن.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، أبقاه المؤلف ليستدرك فيه ترجمة الحاكم النيسابوري لأبي عبيد القرشي، وقد تكرر له بالإسناد المذكور إثبات الكثير من نقوله عن الحاكم، والتعويض من كتاب الحاكم: المدخل إلى الصحيح 3: 254.

(b) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.

_________

(1)

كان حيًا سنة 76 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 6: 238 (وفيه: من بني فراس)، الاستيعاب 1: 317، ابن الأثير: الكامل 4: 404، (وفيه: الكناني)، أسد الغابة 2: 67 (الكناني)، الوافي بالوفيات 13: 224، الإصابة 2: 49، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 259.

(2)

الاستيعاب لابن عبد البر 1: 317.

ص: 664

‌حَيَّانُ بن بِشْر بن حَيَّان بن بِشْر بن حَيَّان، وقيل: بِشْر بن المُخَارِق بن شَبِيْب بن حَيَّان بن سُرَاقَة بن مَرْثَد بن حِمْيَري بن عُتْبَة بن جَذِيْمَة بن الصَّيْدَاء بن عَمْرو بن قُعَيْن بن الحارِث بن ثَعْلَبَة بن ذُوْدَان بن أسَد بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكَةَ بن إلْيَاسَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو بِشْر بن أبي المُخَارِق بن أبي بِشْر الأسَدِيُّ القَاضِي

(1)

قاضي المِصِّيْصَة، وكان من بيتِ القَضَاءِ والعِلْم، وَلِيَ جدُّه حَيَّان بن بِشْر بن المُخَارِق القَضَاء بأصْبَهَان في أيَّام المأمُون، ووَلي قَضَاء الشَّرْقيَّة ببَغْدَاد في أيَّام المُتَوَكِّل، ووَلي من بيته قَضَاء القُضَاة ببَغْدَاد عُمَر بن أكْثَم بن أحْمَد بن حَيَّان بن بِشْر أبو بِشْر، ووَلي أبوه وجَدّه وجَدُّ أبيهِ القَضَاء.

حَدَّثَ بِالمِصِّيْصَة عن أحْمَد بن حَرْب الطَّائيّ، ويَحْيَى بن آدَم، وسُليْمان بن عبد الخَيْر، رَوى عنهُ أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْدِ الله، مُحْتَسِب المِصِّيْصَة، وعُمَر بن مُؤَمَّل، وأبو يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وبَسَّام بن الفَضْل البَغْدَاديّ، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الصَّيْدَاوِيّ، وأبو القَاسِم فَرَج بن إبْراهيم بن عَبْد اللهِ النَّصِيْبِيّ، وأبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن.

أخْبَرَنا القَاضِي جَمال الدِّين أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن المُسَلّم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو

(1)

توفي سنة 238 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 9: 189 (ذكر ولايته القضاء سنة 237 هـ)، أبو نعيم: تاريخ أصبهان 1: 354، الجرح والتعديل 3: 348، تاريخ بغداد 9: 313 - 316، ابن الجوزي: المنتظم 11: 355 - 256 (أرخ وفاته سنة 237 هـ، وقيل: 238 هـ)، ابن الأثير: الكامل 7: 60، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 58، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 816.

ص: 665

الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الصَّيْدَاوِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا حَيَّان بن بِشْرٍ الأسَدِيّ بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَرْب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَجِيْد بن عَبْد العَزِيْز بن أبي رَوَّاد، قال: حَدَّثَنَا ابن جُرَيْج، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن عَاصِم بن ضَمْرَة، عن عليّ بن أبي طَالِب

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أحَبَّ أنْ يُمَدَّ في عُمره، ويُبْسَط له في رِزْقه، ويُسْتَجابَ له دُعَاؤُه، وتُصْرَف عنه مِيْتة السَّوْء، فليتَّق اللهَ، وليَصِل رَحمَهُ.

قَرأتُ في كتاب القُضَاة للحَافِظ عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد

(3)

، قال: حَيَّان بن بِشْر بن حَيّان بن بِشْر بن حَيَّان، يُكْنَى أبا بِشْر، قال لي عُمَر بن مُؤَمَّل: هو من رَهْط بِشْر بن مُوسَى بن صالح بن شَيْخ بن عُمَيْرة بن حَيَّان، وكان في الزُّهْدِ على غايةٍ، وكان يَخْرُجُ وهو قاضٍ إلى البَاقِلَّانِيّ فيَشْتَري البَاقلَّاءَ في قَصْعَة ويَرْجع إلى بيتِه، وجئتُ يوْمًا إلى حَيَّان بن بِشْر في علَّة مَوْته وقد بَقي عليَّ من كتاب وَكِيع شيء، وإذا هو يطلبُ قَارُورَة البَوْلِ، فلمَّا رآني قال: نَاوَلني إيَّاها فناوَلتُه، فتَذَّمم لي، فقال: ما جاءَ بكَ؟ قلتُ: أُريدُ تَمَام كتاب وَكِيع، فقال: اقْرأ، فقَرَأتُ جَمِيع ما بقي عليّ، فلمَّا أردْتُ أنْ أَقُومَ قُلْتُ لهُ: يا سَيِّدِي، لك حاجَةٌ؟ قال: نَعَم، قُلتُ: ما هي؟ قال: لا تُرِني وَجْهَكَ بعدَ اليَوْم! قُلتُ: نعم، فما رآني حتَّى مات.

قال عَبْد الغَنِيّ: وقال لي عُمَر بن المُؤَمَّل: جاءَ رَجُلٌ إلى حَيَّان بن بِشْرٍ ونحنُ عندَهُ نَسْمَعُ منه تَارِيْخ يَحْيَى بن مَعِيْن، فقال له: ما اسْمُكَ؟ قال: مُحَمَّد، قال: ابن مَنْ؟ قال: إبْراهيم قال: ابن مَنْ؟ قال: ابن مُحَمَّد، قال: ابن مَنْ؟ قال: ابن إبْراهيم، قال: وأيْشٍ صَنْعَتُكَ؟ قال: بَيْطَار، قال: وأبُوكَ؟ قال: بَيْطَار، قال: وجَدُّكَ؟ قال: بَيْطَار،

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 262 - 264.

(2)

المستدرك للحاكم 4: 160 (وانظر بذيله تلخيص المستدرك)، مجع الزوائد 8: 152 - 153، وانظر: المسند الجامع 13: 328 - 329 (رقم 10228).

(3)

تقدم التعريف بكتاب الأزدي "القضاة" في الجزء الثاني.

ص: 666

قال: وجد أبيك؟ قال: بيطار، قال: أنت بيطار ابن بيطار ابن بيطار ابن بيطار! وأنا قَاضٍ ابن قَاض ابن قَاض ابن قاض، حَيَّان بن بِشْر بن حَيَّان بن بِشْر.

قال عَبْد الغَنِيِّ: قال لي عُمَر بن المُؤَمَّل: كُنَّا عندَهُ يَوْمًا، فأقْبَل فَتَىً حَسَن الوَجْهِ، فدَخَل إلى مَنْزِله، فقال لي: ما تَعْرفُ هذا؟ قلتُ: لا، قال هذا هَرِم بن حَيَّان وليس بصَاحِب أُوَيْس، هذا هَرِم ابني.

قُلتُ: قول عُمَر بن المُؤَمَّل هو من رَهْط بِشْر بن مُوسَى بن صالح بن شَيْخ بن عُمَيْرة بن حَيَّان يُشير إلى أنَّهما يَجْتَمعان في حَيَّان بن سُرَاقَة بن مَرْثَد الأسَدِيّ، وكان بِشْر بن مُوسَى ابن أُخت جدِّه حَيَّان بن بِشْر الأسَدِيّ، وكان حَيّان بن بِشْر جَدُّه أصْبَهَانيًّا، وكان من جلَّة أصْحَاب الحَدِيْث، رَوى عَنْهُ ابنُ أُخْته بِشْر بن مُوسَى.

وذَكَرَهُ أبو بَكْر الخَطِيب في تاريخ بَغْدَاد

(1)

، بما أنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ، قال: حَيَّان بن بِشْر بن المُخَارِق الأسَدِيّ، أبو بَكْر (4).

وقال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَنا عليّ بن المُحَسِّن

(3)

، قال: أخْبَرَنا طَلْحَة بنُ مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: وحَيَّان رَجُل من جلّة المُسْلمِيْن تَقَلَّد القَضَاء في نَوَاحٍ كَثِيْرة، وتقلَّد أصْبَهَان، ثُمَّ قلّد الشّرْقيَّة.

ونَسَب الخَطِيب جدّه هكذا فقال: حَيَّان بن بِشْر بن المُخَارِق، وخالَف عَبْد الغَنِيّ، فإنَّ عَبْد الغَنِيّ سَمَّى جَدّ جدّه حَيَّان، والصَّحيح ما ذَكَرهُ الخَطِيب، وجدُّه كان أصْبَهَانيًّا.

(a) هكذا كناه في الأصل، والذي عند الخطيب البغدادي (مصدر النقل): أبو بشر، ولعل ابن العديم وهم في النقل.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 213.

(2)

تاريخ بغداد 13: 108 في ترجمة: عمر بن أكثم الأسدي.

(3)

نشوار المحاضرة 4: 242، وفيه: حبان.

ص: 667

‌حَيَّان بن قَيْس بن عَبْدِ الله بن وَحْوَح - وقيل بدل وَحْوَح عَمْرو - ابن عُدَس بن رَبِيْعَة بن جَعْدَة بن كَعْب بن رَبِيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة [بن مُعَاوية](a) بن بَكْر بن هَوَازِن بن [مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خَصَفَة بن قَيْس بن إلْيَاس بن مُضَر، النَّابِغَة الجَعْدِيّ]

(1)

وكان مُغَالبًا

(2)

.

(a) ساقطة من الأصل، والتعويض من الأغاني 5: 5، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 271، وعجالة المبتدي للحازمي 41.

_________

(1)

ما بين الحاصرتين تتمة سياقة نسبه إلى مضر، وهو ساقط من الأصل، إذ ينقطع النص عنده بما يشير إلى ضياع ورقة بصفحيها أو أكثر، تتضمن التعريف به كشاعر وذكر الاختلاف في اسمه؛ فقد قيل فيه إضافة للاسم الذي ارتضاه له ابن العديم: حبان بن قيس، وقيل: قيس بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن قيس، وقيل حسان بن قيس، وقد عوضنا بقية نسبه المدرج بين الحاصرتين من الأغاني 5: 5، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 389، واقتبس الزبيدي من ترجمة ابن العديم هذه، وفيها بعض مضمون الورقة الضائعة، قال:"وأبو ليلى: قيسُ بن عبد الله بن عُدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الجعديُّ رضي الله كنه، قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَدَحه، ودعا له صلى الله عليه وسلم .... وترجمَهُ ابنُ العديم في تاريخ حلب، فقال بعد أن ساق نَسَبَه وذكَر الاخْتلاف فيه: إنَّ أُمَّه فاخِرة ابنة عَمرو بن جابر الأسَديّ، قيل: إنَّه يشهد صِفِّين مع عليّ رضي الله عنه، وإنما لُقِّب به لأنه أقام ثلاثين سنةً لا يتكلَّمُ بشعر، ثم نَبَغ؛ قاله ابن الأعرابي". انظر: تاج العروس، مادة: نبغ.

وكانت وفاة النابغة الجعدي سنة 50 هـ وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 1: 133 - 131، المحبر 338، تاريخ الطبري 6: 185، 8: 476، الشعر والشعراء لابن قتيبة 130 - 123، الأغاني 5: 5 - 33 (وفيه: حبَّان بن قيس)، الموشح للمرزباني 80 - 84، معجم الشعراء: 195، السجستاني: المعمرون والوصايا 81 - 82، دلائل النبوة لأبي نعيم 393، جمهرة أنساب العرب 289، الاستيعاب 4: 1514 - 1522، ابن الجوزي: المنتظم 6: 208 - 210، الحازمي: عجالة المبتدي 41، أسد الغابة 4: 221، 5: 3 - 4، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 239 - 341، تاريخ الإسلام 2: 726، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 1: 346 - 347، النجوم الزاهرة 1: 199 - 200 (وأرخ وفاته سنة 79 هـ)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 259 - 263. وانظر مقدمة ديوانه التي وضعها مُحقّقه واضح الصمد 7 - 14.

(2)

أي ما هاجَاهُ أحدًا قط إلا غَلَب، غَلَبته ليلي الأخيلية وأوس بن مغراء وكعب بن جُعيل، ويأتي شرح ذلك في ثنايا الترجمة، وانظر: الاشتقاق لابن دريد 25، الأغاني 5:10.

ص: 668

وقال أبو عُبيدَة مَعْمَر بن المُثنَّى: كان النَّابِغَةُ الجَعْدِيّ ممَّن ذكر الجَاهِلِيَّةِ، وأنْكَر الخَمْر والسُّكْر وما يُغَيِّر العَقْلَ، وهَجَرَ الأزْلَامَ والأوْثَان، وقال في الجَاهِلِيَّةِ

(1)

: [من المنسرح]

الحمدُ للهِ لا شَرِيك لَهُ

مَنْ لَم يَقُلْها فنَفْسَهُ ظَلَما

وكان يَذْكُر دِيْن إبْراهيم عليه السلام والحَنِيْفيَّة، ويَصُوم ويَسْتَغْفِر، ويتوقَّى أشْيَاءَ لغَوْا فيها، ووَفَدَ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لهُ

(2)

: [من الطويل]

أتَيْتُ (a) رسُولَ الله إذ جاءَ بِالهُدَى

ويتْلُو كِتَبًا بالمحرَّم (b) نيِّرَا

وجَاهَدْتُ حتَّى ما أُحِسُّ ومنْ معي

سُهَيْلًا إذا مارَاح (c) ثُمَّتَ عَفرا (d)

أُقِيْم على التَّقْوَى وأرْضى بفِعلِهَا

وكُنْتُ من النَّارِ المَخُوفَة أزْجَرَا (e)

وحَسُنَ إسْلَامُهُ، وأنْشَدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لا: لا يفضُضِ اللهُ فاكَ.

ورَوَى عُمَر بن شَبَّة

(3)

، قال: حَدَّثَني بعضُ أصْحَابنا عن ابن دَأب، قال: لمَّا خَرَج عليّ عليه السلام إلى صِفِّيْن خَرَجَ معه نَابِغَةُ بني جَعْدَة، فسَاقَ بهِ يَوْمًا، فقال

(4)

: [من الرجز]

قد عَلِمَ المِصْرَان والعِرَاقُ

أنَّ عليًّا فَحْلُها العتَاقُ (f)

أبيضُ جَحْجَاحٌ له رِوَاقٌ

وأُمُّهُ غالَى بها الصَّدَاقُ

(a) الديوان: تبعت.

(b) كذا في الأصل، وفي الديوان والشعر والشعراء والأغاني: كالمجرة.

(c) الديوان والأغاني: لاح.

(d) الديوان والأغاني: غوَّرا.

(e) الديوان والأغاني: أوجرا.

(f) الأصل: العناق، والمثبت من الديوان والأغاني.

_________

(1)

ديوان النابغة الجعدي 147، والاستيعاب 4:1515.

(2)

ديوان النابغة الجعدي 56، والشعر والشعراء لابن قتيبة 130 (البيت الأول فقط)، والأغاني 5:9.

(3)

انظر رواية ابن شبة في خروج النابغة مع الإمام علي إلى صفين في الأغاني 5: 21 - 22.

(4)

ديوان النابغة الجعدي 109 - 111، والأغاني 5:22.

ص: 669

أَكْرَمُ من شُدَّ به نِطَاقُ

إنَّ الأُلَى جَاؤُوكَ لا أفَاقُوا

سُقْتُم إلى نَهْج الهُدَى وسَاقُوا

إلى الّتي لَيْسَ لها عُرَاقُ

في مِلَّةٍ عَادَتُها النِّفَاقُ

فلمَّا قَدِمَ مُعاوِيَة الكُوفَة (a) قام النَّابِغَة بينَ يَدَيْهِ، فقال

(1)

: [من الطويل]

ألَم تَأتِ أهْلَ المَشْرِقَين رِسَالتي

فإنِّي (b) نَصِيْحٌ لا يَبِتْتُ على عَتْبِ

هَلَكتُم (c) وكان الشَّرّ آخر عَهْدِكُمْ

لئن لَم تُدَارِككُم حُلُومُ بني حَرْبِ

وقد كان مُعاوِيَةُ كَتَبَ إلى مَرْوَان في النَّابِغَة، فأخَذَ مَرْوَان أهْلَهُ ومالَهُ، فدَخَلَ النَّابِغَة على مُعاوِيَة وعندَهُ عَبْدُ الله بنُ عامرٍ، ومَرْوَان، فأنْشَدَهُ

(2)

: [من الطويل]

مَنْ رَاكِبٌ يأتي ابنَ هِنْد لحاجَتي (d)

بكُوْفَانَ والأنْباء (e) تُنْمِي وتُجْلَبُ

ويُخْبِرُ عنِّي ما يقُول (f) ابن عَامِر

ونِعْمَ الفَتَى يَأوِي إليه المُغَضَّبُ (g)

فإنْ تأخُذُوا مالي وأَهْلي بظنَّةٍ

فإنِّي لجَوَّابُ (h) الرِّجال مُجَرَّبُ

صَبُورٌ على ما يَكْرَهُ المَرْءُ كُلّه

سِوَى الظُّلْم إنِّي إنْ ظُلِمْتُ سَأغْضَبُ

فالْتَفَتَ مُعاوِيَةُ إلى مَرْوَان، فقال: ما تَرَى؟ قال: أرَى أنْ لا تَرُدّ عليهِ شيئًا، فقال: ما أهْوَن والله عليك أن ينجر (i) هذا في غَارٍ، ثُمّ يتقَطَّعُ عَرْضي عليَّ،

(a) في الأصل: "فلما قدم معاوية الكوفة كتب إلى مروا [ .. ] قام"، والمثبت موافق لما في الأغاني.

(b) الديوان والأغاني: وأي.

(c) الديوان والأغاني: ملكتم.

(d) الديوان وابن سلام: فمن

بحاجتي، والأغاني: بحاجتي.

(e) الديوان والأغاني: على النأي والأنباء.

(f) الديوان وابن سلام والأغاني: أقول.

(g) الديوان وابن سلام والأغاني: المعصَّب.

(h) الديوان: لجرَّاب، ابن سلام: لحراب

محرب، الأغاني: لحراب.

(i) في الأغاني: ينجحر.

_________

(1)

ديوان النابغة الجعدي 46، الأغاني 5:22.

(2)

ديوان النابغة الجعدي 27 - 28، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام 1: 130 - 131، والأغاني 5:22.

ص: 670

ثمّ تأخُذه العَرَبُ فتَرْويهِ، أَمَ واللّهِ إنْ كُنت لممَّن يَرْويهِ! ارْدُد عليه كُلّ شيءٍ أخذْتَهُ له.

أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف. ح.

وأخْبَرَنَا أبو عبد اللّه مُحَمّد بن مَحْمُود بن عبد اللّه بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء إجَازَةً، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ

(2)

، قال: أنْشَدَنا إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق السَّرَّاج، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ لنَابِغَة الجَعْدِيّ

(3)

: [من المنسرح]

الحَمْدُ للهِ لا شَرِيكَ له

مَنْ لَم يَقُلها فنفسَهُ ظَلَما

المُولِج اللَّيْلَ في النَّهَار وفي

اللَّيْل نَهَارًا يُفَرِّجُ الظُّلَما

الخَافِض الرَّافِع السَّماءَ على الأ

رْضَ ولَم يَبْن تَحْتها دُعَما

الخَالِق البارئ المُصَوِّر في

الأرْحَام ماءً حتَّى يَحُورَ (a) دَمًا

(a) الديوان وابن قُتَيبة: يصير.

_________

(1)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 95 - 96.

(3)

ديوان النابغة الجعدي 147 - 149، والشعر والشعراء لابن قُتَيبة 132، ولم يرد في كتاب ابن سلّام الجمحي سوى اليت الأوّل. انظر طبقات فحول الشعراء 1:127.

ص: 671

ثُمَّ عِظَامًا أقامَها عَصَبٌ

ثُمَّتَ لحمًا كَسَاهُ فالْتَأمَا

ثُمَّ كَسَا الرِّيْشَ والعَقَائب (a)

أبْشَارًا وجِلْدًا تَخَالُهُ أَدَمَا

من نُطْفة قرّها (b) مُقدَّرُها

يَخْلُقُ منها الإنْسان (c) والنّسما

واللَّوْن والصَّوْت [والمعَايشَ](d)

والخَلَائِق (e) شَتَّى وفَرَّقَ الكَلمَا

ثُمّ (f) لا بُدَّ أنْ سَيَجْمَعُكم

واللّه جَهْرًا شَهَادةً قَسَمَا

فائتَمِرُوا ما بَدَا لكم رشَدًا (g)

واعْتَصِمُوا إنْ وَجَدتُم عَصِمَا

في هذه الأرْض والسَّمَاء ولا

عِصْمَةَ منه إلَّا لمَنْ رِحِمَا

يا أيُّها النَّاسُ هل تَرَونَ

إلى فَارِس بادَتْ وأنفُها رَغِمَا

أمْسَوا عَبِيْدًا يَرْعُونَ شاءَكُم

كأنَّما كان مُلْكُهُمْ حُلُما

أو (h) سَبَأ الحَاضِرُون مآربُ إذ

يَبْنُونَ من دُون سَيْلِهِ العَرِمَا

فَفُرقُوا (i) في البِلادِ واعْتَرَفُوا

الذُّلّ (j) وذَاقُوا البَأْسَاءَ والعَدَمَا

وبُدِّلُوا السِّدْرَ والأرَاكَ بهِ

الخَمْطَ وأضْحَى البُنْيانُ مُنْهَدِمَا

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُنْدَار إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو أحْمَد القَارِئ، عن أبي بَكْر الصُّوْلِيّ، عن أبي العَيْنَاءِ، عن الأصْمَعِيِّ، قال: أنْشَدْتُ الرَّشِيْدَ أبياتَ النَّابِغَة الجَعْدِيّ من قَصِيْدَتهِ الطَّويلَةِ

(1)

: [من الطّويل]

فَتَىً تَمَّ فيه ما يَسُرُّ صَدِيْقَهُ

على أنَّ فيه ما يَسُوءُ الأعَادِيَا

(a) الديوان وابن قُتَيبة: والعقائق.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: "خ: قدها"، وهي رواية الديوان وابن قُتَيبة، وفي كتاب المجالسة: قادرٌ.

(c) الديوان وابن قُتَيبة: الأبشار.

(d) ساقطة من الأصل، والتعويض من ديوانه وابن قُتَيبة، وفي كتاب المجالسة: والخلائق والأبصار.

(e) الديوان: والأخلاق، ابن قُتَيبة: أخلاق.

(f) الديوان وابن قُتَيبة: ثُمَّت.

(g) رواية الديوان وابن قُتَيبة: فأتمروا الآن ما بدا لكم.

(h) الديوان: من.

(i) الديوان وابن قُتَيبة: فمزقوا.

(j) الديوان وابن قُتَيبة: الهون.

_________

(1)

ديوان النابغة الجعدي 188 - 189، والشعر والشعراء. لابن قُتَيبة 131.

ص: 672

فَتَى كَمُلَتْ أعْرَاقُهُ (a) غير أنَّهُ

جَوَادٌ فلا يُبْقِي من المالِ بَاقِيَا

أَشَمُّ طَويْلُ السَّاعِدَيْن شَمَرْدَلٌ (b)

إذا لَم يَرُحْ للمَجْد أصْبَحَ غَادِيَا

فقال الرَّشِيْدُ: وَيْلَهُ! ولِمَ لَم يُروِّحْهُ في المَجْدِ كما أغْدَاهُ؟ ألَا قال:

إذا رَاحَ للمَعْرُوف أصْبَح غَادِيًا

فقُلتُ: أنتَ والله يا أَمِير المؤمنِيْن في هذا أعْلَمُ منهُ بالشِّعْر.

أنْبَأنَا أحْمَدُ بن أزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر بن عَبْد البَاقِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدِ اللّه مُحَمَّدُ بن عِمْران المَرْزُبانيّ

(1)

إجَازَةً، قال: حَدَّثَنا عليّ بن سُلَيمان الأخْفَشُ، عن أبي العبَّاس ثَعْلَب، قال: قال الأصْمَعِيّ: قُلتُ لبَعْضهم: ما تقُول في شِعْر الجَعْدِيّ؟ قال: صَاحِبُ خُلْقَانٍ؛ عندَهُ مِطْرَفٌ بألفٍ، وخَلَقٌ بدِرْهَمٍ.

قال المَرْزُبانيّ

(2)

: وحَدَّثني عَبْدُ اللّه بن يَحْيَى العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن عبدِ الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا الكَرَّانِيّ (c)، قال: حَدَّثَني العبَّاس بن مَيْمُون طَابِع، قال: حَدَّثَني الأصْمَعِيُّ، قال: حَدَّثَني أبو عَمْرو بن العَلَاءِ، قال: سُئِلَ الفَرَزْدَق عن الجَعْدِيّ، فقال: صَاحِبُ خُلْقَان، يكُون عندَهُ مِطْرَفٌ بألفٍ، وخِمَارٌ بوَافٍ

(3)

. قال الأصْمَعِيُّ: وصدقَ الفَرَزْدَق؛ بَيْنَا (d) النَّابِغَة في كلامٍ أسْهَل من الزُّلَال، وأشَدّ من الصَّخْر إذ لَان، فذَهَبَ، ثُمَّ أنْشَدَنا له

(4)

: [من المتقارب]

سَمَا لك هَمٌّ ولَم تَطْربِ

وبِتَّ ببَثٍّ ولَم تَنْصَبِ

(a) الديوان: أخلاقه، ابن قُتَيبة: خيراته.

(b) الديوان: سميدع.

(c) جوده المؤلِّف في هذا الموضع بضم الكاف وفتح اراء، والمثبت كما عند السمعاني: الأنساب 11: 63.

(d) مهملة في الأصل والمثبت من الموشح للمرزباني.

_________

(1)

المرزباني: الموشح 80.

(2)

المرزباني: الموشح 80 - 81.

(3)

أي بدرهم. انظر الأغاني 5: 20.

(4)

ديوان النابغة الجعدي 31.

ص: 673

وقالَتْ سُليمَى أرَى رَأسَهُ

كنَاصِيَةِ الفَرَس الأشْهِبِ

وذلكَ من وَقَعاتِ المَنُون

فَفِيْئي إليكِ ولا تَعْجَبي

أتَيْنَ عليّ إخْوَتي سَبْعَةٌ

وعُدْنَ على رَبْعي الأقْرَبِ

وبعْدَهُ أبياتٌ، ثُمَّ يقُول بعدَها

(1)

:

فأدْخَلَكَ اللّهُ بَرْدَ الجِنَانِ

جَذْلَانَ في مَدْخَلٍ طَيِّبِ

فَلَانَ كَلامُهُ حتَّى لو أنَّ أبا الشَّمَقْمَق قال هذا البَيْتَ لكان رَدِيئًا ضَعِيْفًا.

قال الأصْمَعِيُّ: وطَرِيق الشُّعَراء إذا أدخَلْتَهُ في باب الخَيْر لانَ؛ ألَا تَرَى أنَّ حَسَّانَ بن ثَابِت كان عَلَا في الجاهِلِيَّةِ والإسْلَام، فلمَّا دَخَلَ شِعْرُه في باب الخَيْر من مَرَاِثِي النَّبِيّ صلي اللّه عليه وعلى آله وسَلَّم وحَمْزَة وجَعْفر عليهما السلام وغيرهم، لَانَ شِعْرهُ، وطَرِيقُ الشِّعر هي طَرِيقُ الفُحُول؛ مثل امْرِئ القَيْس، وزُهَيْر، والنَّابِغَة؛ من صِفَاتِ الدِّيَار والرَّحْل، والهِجَاءِ والمَدِيْح، والتَّشْبِيْب بالنِّسَاء، وصِفَة الخَمْر (a) والخَيْل، والحُرُوب (b) والافْتِخَار، فإذا أدْخَلتُه في باب الخَيْر لَانَ.

قال المَرْزُبانيّ

(2)

: وحَدَّثي إبْراهيمُ بن شِهَاب، قَال: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بن الحُبَابِ، عن مُحَمّد بن سلّام

(3)

، قال: كان الجَعْدِيُّ مُخْتَلِفَ الشِّعْر مُغَلَّبًا، قال الفَرَزْدَق: مثَلهُ مَثَلُ صَاحِب الخُلْقَانِ، يُرَى عندَهُ ثَوْب خَزٍّ أَو عَصْبٍ، وإلى جَانبهِ سَمَلُ كِسَاءٍ.

وإذا قالت العَرَبُ: مُغَلَّبٌ فهو مَغْلُوبٌ، وإذا قالُوا: غُلِّبَ فهو غَالِبٌ، غُلِّبَت لَيْلَى على الجَعْدِيّ، وغُلِّبَ عليه أَوْسُ بن مَغْرَاءَ القُرَيْعِيِّ، ولم يكُن إليهِ في الشِّعْر

(a) كذا في الأصل بالخاء المعجمة، وفي الموشح: الحُمر، وهو أليق.

(b) ليست في كتاب الموشح.

_________

(1)

الديوان 45.

(2)

الموشح 82.

(3)

طبقات فحول الشعراء 1: 124 - 125.

ص: 674

ولا قَرِيب، وغلِبَ عليه عِقَالُ بن خُوَيْلِدٍ العُقَيْلِيُّ، وكان مُفْحَمًا بكَلَم بلا شِعْرٍ (a)، وهَجَاهُ سَوَّارُ بن أوْفَى (b) وفَاخَرهُ، وهَجَاهُ الأَخْطَل بأَخَرَةٍ.

قال المَرْزُبانيّ

(1)

: أخْبَرَنا ابن دُرَيْدٍ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتمٍ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، قال: أُفْحِمَ النَّابِغَةُ ثلاثين سَنَة بعد قَوْلهِ الشِّعْر، ثُمَّ نَبَغَ فقالَ، والشِّعْرُ الأوَّلُ من قَوْلِه جَيِّدٌ، والآخرُ كأنَّهُ مَسْرُوقٌ وليس بجَيِّدٍ.

قال أبو حَاتِم: قال النَّابِغَةُ الجعدِيُّ وهو ابنُ ثلاثين سَنَة، فقال ثلاثين سَنَةً، ثمّ أُفْحِمَ ثلاثين سَنَة، ثمّ نَبَغَ فقالَ ثلاثين سَنَةً أو قُرَابَتَها.

قال المَرْزُبانيُّ

(2)

: حَدَّثَني أبو عَبْد اللّهِ الحَكِيْمِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن مُوسَى البَرْبَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلّام، قال: قال النَّابِغَةُ لعِقَال بن خُوَيْلِد، ح.

قال المَرْزُبانيّ: وحَدَّثَني عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني يَحْيَى بنُ عليّ بن يَحْيَى المُنَجِّم، عن أَبِيهِ، قال: حَكَى أبو الوَرْد الكِلَابيُّ، قال: قال النَّابِغَة لعِقَال بن خُوَيْلِدٍ العُقَيْلِيّ، وكان أجارَ بَني وَائِل بن مَعْن بن مَالِك بن أَعْمُر (c)، وكانُوا قَتَلُوا رَجُلًا من بني جَعْدَة، وكانوا يطَالِبونهم بدَمهِ، فحَذَّر النَّابِغَةُ عِقَالًا أنْ يُصِيْبَهُ في ظُلْمه ما أصَاب كُلَيْب وَائِل في تَعَدِّيهِ عليهم، وأنْ يَقَع بينَهُم ما وَقَع بين عَبْسٍ وذُبْيَان في حَرْب دَاحِس والغَبْرَاءِ من الشَّرِّ، فقال

(3)

: [من الطّويل]

أَبْلِغْ (d) عِقَالًا أنَّ غايةَ (e) دَاحِس

بكَفَّيكَ فاسْتَأخِرْ لها أو تَقَدَّم

(a) ابن سلّام: لا بشعر.

(b) زيد في كتاب ابن سلّام: القشيري.

(c) كذا في الأصل مجودًا، وعند المرزباني: أعصر.

(d) الديوان: وبَلِّغ.

(e) الديوان: خطة.

_________

(1)

الموشح 82.

(2)

الموشح 82 - 83.

(3)

ديوان النابغة الجعدي 166، الأغاني 5:23.

ص: 675

فقال عِقَالٌ: لا بَلْ أتقَدَّم يا أبا لَيْلَى. قال النَّابِغَة:

يُجِيْر (a) علينا وَائِلًا في دِمَائنا (b)

كأنَّك ممَّا نالَ أشْيَاعَهَا (c) عَمِ

فقال عِقَال: بل على عَمْدٍ يا أبا ليلَى، فقال النَّابِغَة:

كُلَيْبٌ لعَمْري كان أكْثَرَ نَاصِرًا

وأيْسَرَ جُرْمًا منك ضُرِّجَ بالدَّم

رَمَى ضَرْعَ نَابٍ فاسْتَمَرَّ بطَعْنَة

كحَاشِيَةِ البُرْد اليَمَانِي المُسَهَّمِ

وما عَلَم (d) الرُّمْح الأصَمُّ كُعُوبُهُ

بثَرْوَة (e) رَهْط الأبْلَخِ (f) المُتَظَلِّم

فقال عِقَالٌ: لكنَّ اسْتَ حَاملِهِ تَعْلم، وقال يَحْيَى في حَدِيثه: لكنَّ حَامِلَهُ يَعْلَم، فغُلِّبَ عليه عِقَالٌ بهذا الكَلَام.

قال المَرْزُبانيّ

(1)

: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن شِهَاب، قال: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بن الحُبَابِ، عن مُحَمَّد بن سَلَّام

(2)

، قال: حَدَّثَني أبو الغَرَّاف، قال: قال النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ: إنِّي وأَوْس بن مَغْرَاءَ لنَبْتَدر بَيْتًا ما قُلْنَاهُ بَعْدُ، لو قد قالَهُ أحَدُنا لقد غُلِّبَ على صَاحِبهِ.

قال ابنُ سَلَّام

(3)

: وكانا يَتَهاجَيان، ولَم يكُن أَوْسٌ إلى النَّابِغَة في قَرِيْحَةِ الشِّعْر، وكان النَّابِغَةُ فَوْقَهُ، فقال أَوْسُ بن مَغْرَاءَ:[من الطّويل]

فلَسْتُ بعَافٍ عن شَتِيْمةِ عَامِرٍ

ولا حَابسِي مَمَّا أَقُول وَعِيْدُها

تَرَى اللُّؤْمَ ما عاشُوا جَدِيدًا عليهمُ

وأبْقَى ثِيَاب اللَّابسِينَ جَدِيدُها

لعَمْرُكَ ما تبْلَى سَرَابيِلُ عَامِر

من اللُّؤْم ما دامَتْ عليها جلُودُها

فقال النَّابِغَةُ: هذا البَيْتُ الّذي كُنَّا نَبْتَدرُ! وغَلَّبَ النَّاسُ أَوْسًا على النَّابِغَة.

(a) المرزباني: تجير.

(b) الديوان: تُجير

بدمائنا.

(c) الديوان والأغاني: أشياعنا.

(d) كتب ابن العديم في الهامش: "خ: ما يشعر"، ورواية الديوان: ولا يشعر.

(e) المرزباني: بنزوة.

(f) كتب المؤلِّف في هامش الأصل: الأبلخ: المتكبر، ورواية الديوان: الأعيط.

_________

(1)

الموشح 83.

(2)

طبقات فحول الشعراء 1: 125 - 126.

(3)

طبقات فحول الشعراء 1: 126، وهو في الموشح والنقل متتابع عنه.

ص: 676

‌حَيَّان بن هَوْذَةَ النَّخَعِيِّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عَلِيٍّ رضي الله عنه، وكانت معه رَايةُ عليّ لَيْلَة الهَرِير، وقُتِلَ يَوْمئذٍ هو وأخُوه بَكْر بن هوْذَة، وقد ذكَرنا ذلك في تَرْجَمَةِ أَبَان بن قَيْس

(2)

.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد النَّحويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا ابن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم

(3)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد بإسْنَادِه الأوَّل في خَبَر صِفِّيْن يعني: عن الحَارِث بن حُضَيْرَة، عن أبي الكَنُود وغيره، قال: فاجْتَلَدُوا بالسُّيُوف من صَلَاةِ الغَداة إلى نصْف اللَّيْل، والأشْتَر في مَيْمَنَة النَّاسِ، وابن عبَّاس في الميسَرة، وعليُّ عليه السلام في القَلْب، والنَّاس يَقْتَتلونَ. فجَعَل عليّ (a) يَزْحَفُ بأصْحَابهِ ويقُول لهم: ازْحَفُوا قِيْدَ رُمْحي هذا. فإذا فَعَلُوا سَألهم مثل ذلك، حتَّى الْتقوا، ثمّ دَعا عليّ (b) عليه السلام نَفَرًا يسَيْرًا (c)، ورَكَز رَايتَهُ، وكانت مع حَيَّان بن هَوْذَة النَّخَعِيِّ، فاقْتَتَلُوا إلى نصْف اللَّيْل لَم يُصَلُّوا للّه عز وجل صلاةً إِلَّا تَكْبِيرًا، فافْتَرَقُوا على سَبْعِين ألفَ قَتِيْلٍ، قال: وهي لَيْلَة الهَرِير؛ وجَعَل يَهِرُّ بَعْضُهم إلى بعضٍ، ويَكْدِمُ بعضُهم بعضًا، قال: وخَرَج عليّ (d) يَوْمئذٍ وهو يَسِيْرُ على فَرَسهِ في كتائبه (e) فقال: مَن يَشْرِي نفسَهُ للّهِ عز وجل.

(a) في كتاب وقعة صفين: الأَشْتَر.

(b) نَسَبه في كتاب وقعة صفين للأشتر.

(c) في الأصل: نفر يسير، وفوقه "صـ".

(d) وقعة صفين: الأَشْتَر.

(e) مهملة في الأصل، وفي كتاب وقعة صفين: خَرَجَ يسير في الكتائب.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 387، 475، تاريخ الطبريّ 5: 32، 47، ابن الأثير: الكامل 3: 307، 315، الزبيدي: تاج العروس، مادة: هرر (نقلًا عن ابن العديم)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 263.

(2)

وترجمته في الضائِع من أجزاء الكتاب.

(3)

وقعة صفين 475 باختلاف بيّن وتقديم وتأخير.

ص: 677

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ حَيْدَرة

‌حَيْدَرةُ بن أحْمَد بن عُمَر بن مُوسَى، أبو تُرَابٍ الرَّبَعِيُّ الحرَانيُّ، ويُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيْز

رَجُلٌ فَاضِلٌ، أدِيبٌ شَاعِرٌ، كان مُبرّزًا في عِلْم القُرآن العَظِيْم، وله اطِّلَاعٌ على سَائِر العُلُوم، وله شِعْر لا بَأْسَ بهِ.

كان مُنْقَطِعًا إلى الأَمِير شَرَف الدَّوْلَة مُسْلِم بن قُرَيشْ؛ جَلِيْسه ومُحَادِثه، وانْقَطَعَ بعدَهُ إلى أبي سَلامَة مُرْشِد بن مُنْقِذ، رَوَى عنهُ مُرْشِد.

قَرأتُ بخَطِّ أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ في جُزءٍ كَتَبَهُ لابن الزُّبير جَوَابًا عن أسْماء جَمَاعَة من الشُّعَراء، فكَتَبَ له في الجُزءِ المَذْكُور جَمَاعَة وشَيئًا من أشْعَارهم ليُوْدِعه في كتاب جِنَان الجِنَان، وأنْبَأنَا به أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أجَازَ لنا أُسامَة بن مُرْشِد وقال: الرَّئِيس أبو تُراب حَيْدَرة بن أحْمَد بن عُمَر بن مُوسَى، رَجُلٌ عالِمٌ قد خاضَ في كُلِّ العُلُوم، ونال منها حَظًّا جَسِيمًا، وبرَّز في قراءة القُرآن وعُلُومه، ولم يكُن مُشْتَهرًا بالشِّعْر، وكان أقلّ فَضَائِلهِ.

وليس هو من أهْلِ الشَّام؛ وإنَّما وَرَدَ إليه من الشَّرْق خَاطِرًا، فتَمسَّك به وَالدِي أبو سَلامَة مُرْشِد بن عليّ، رحمه الله، وتَرَكَ له ما اقْتَرَح، وقَرأ عليه القُرْآن والنَّحو وعِلْم النُّجُوم.

وكان هذا الرَّجُل يُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيز، وسَبَبُ ذاك أنَّ رَجُلًا من أمَاثِل أهْلِ الجَزِيْرَة يُعْرَفُ بابن قُطَرْمِيْز تزوَّج وَالدتَهُ، وكان له ولدٌ في عُمَر أبي تُرَابٍ، فألْزَمهُ بقراءةِ العُلُوم وأبو تُرَاب معه، فَمَهَرَ أبو تُرَاب وبَلَغَ ما لَم يَبْلُغه ولدُهُ، واشْتَهر فنُسِبَ إلى زوْج أُمِّهِ.

ص: 678

قال أُسامَةُ: شَاهَدْتُ منه كِتَابًا إلى وَالدِي، رحمه الله، يقُول فيه: وقد كُنْتُ بحُسْن رَأيهِ، وبدَوَام عَلائهِ، رَخيّ البَال، بَالغ الآمالِ، فحين عَلم الزَّمان ذلك من عِيْشَتي الرَّاضِيَة، رَمَاني بسِهَامٍ قَاضِيةٍ، فأعادَتِ الصَّفَاءَ رَنقًا، والعَذْب طِرْقًا:[من الطويل]

فلو كان قَلْبي كالقُلُوبِ أذَابَهُ

فِرَاقُكُمُ لكنَّهُ جَلْمَدٌ صَخْرُ

أقُولُ إذا اشْتَدَّ اشْتِيَاقي إلَيكُمُ

ودُونَ لِقائي مسْلَكٌ فَدْفَدٌ وَعْرُ

إلى اللهِ أشْكُو ما جَنَتْهُ يَدُ النَّوَى

على مُدْنَفٍ أحْشَاؤُهُ حَشْوُها جَمْرُ

خَيلَيّ ما لي واللَّيالِي كأنَّما

على الدَّهْر من تَفْريقِ إلْفَتَنا نَذْرُ

فوَا لَهَفَي حَتَّامَ ألقاهُ عَاتِبًا

ووا أَسَفَا كَمْ أرْتَجي نَفِدَ العُمْرُ

فلَو كان للأيّام عَهْدٌ عَتبتُها

ولكنَّها الأيَّامُ شِيْمَتُها الغَدْرُ

وحتَّى مَتَى أدْعُو الزَّمانَ وأينَ مَنْ

أُنادِي كأنَّ الدَّهْرَ في أُذْنِهِ وَقْرُ

فإنْ كان لي زَيْن الدَّوْلَةِ المَلْكُ حَافِظًا

عُهُودِي فما آسي على ما حَمَى الدَّهْرُ

هُمَامٌ أعَادَ الدَّهْرَ طَوْعَ إرَادتي

فليسَ لَهُ نَهْيٌ عليَّ ولا أَمْرُ

فَتَىً شَرَّفَتْهُ نَفْسُهُ وجُدُودُهُ

وبِيْضُ المَوَاضِي والمُثَقَّفَةُ السُّمْرُ

وقال أُسامَة، ونَقَلْتُه من خَطِّه في الكتاب المَذْكُور وصنَّفَ لوَالدِي كِتَابًا في النُّجُوم سمَّاهُ: المِنْهَاج، أحْسَنَ فيهِ، افْتَتَحهُ بقَصِيدَةٍ لَم أحْفَظ منها سوى هذين البيتَيْن:[من الوافر]

فَأُفِّ مِنَ الحياةِ وأُفِّ منِّي

فكم أُغْضِي على قَهْرٍ وقَسْرِ

فطَوْرًا في كَفَرْ طَابٍ وطَورًا

إلى حَرَّانَ أُنْضِيها وأَسْري

قال أُسامَةُ: وكان له أهْلٌ بحَرَّان وأهْل بشَيْزَر، فإنْ كان هذا المَذْكُور هو الّذي اشْتَمل عليه الرَّقْم ووُسِم بأبي تُرَاب الرَّبَعِيّ فذَاكَ، وإلّا فما أعْرِفُ سِوَاهُ.

ص: 679

قَرّأتُ في مجْموع جَمَعَهُ بعض أهل حَلَب، قال: حَيْدَرة بن أحْمَد بن عُمَر بن مُوسَى أبو تُرَاب الرَّبَعِيُّ، من أهْلِ الشَّرْق، وَرَدَ إلى حَلَب، ثمّ انْقَطَع إلى ابن مُنْقِذ، وكان عنده أنْوَاع من العُلُوم، وذَكَرَ له الأبْيَات الرَّائيِّة المَرْفُوعَة.

‌حَيْدَرةُ بن إسْمَاعِيْل بن سَالم الكَاتِبُ

كان أحَد كُتَّاب الوَزِير أبي العِزّ بن صَدَقَة، وَزِير أبي المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيْشٍ، وكان ذا أدَبٍ وَافِر، وعِلْم ظَاهِر، وفَخْر سَنِيّ، وكتابةٍ حَسَنة، وكان بَلِيْغًا.

قَرَأتُ في المجمُوع الَّذي جَمَعَهُ بعضُ أهل حَلَب، وقَدَّمْتُ ذِكْرهُ في التَّرْجَمَة المَتُقدِّمة، قال: وقيل - يعني لحَيْدَرة بن إسْمَاعِيْل - لمَّا أرَادَ الاتِّصَال بخِدْمَة ابن الفُرَاتِ: بماذا تَخْدُم الوَزِير؟ قال: بأنْ لا أكْذِبَهُ إذا سَألَ، ولا أصْدقهُ إذا سَكَت، ولا أخُونهُ إذا وَلَّى، ولا أذُمُّه إذا عَزَل، ولا أُساعِد له عَدُوًّا، ولا أُجَالِسُ مَنْ كان عندَهُ ظَنِيْنًا، ولا أسْألهُ عمَّا لم ينَلْهُ نَظَري، ولا أرْتَفع فَوْق قَدْري، ولا أكْتَسبُ من غيره، ولا اشْكُر على نِعْمته سِوَاهُ، وإنْ حَسُنَ مَوْقعي منه شَكَرتهُ للزِّيادة فيما فُزْت به، وإنْ جَرَى المِقْدَارُ بخِلَاف ذلك، كنتُ غير لائم لنَفْسِي، ولا أعْتبُ على فعْلي

(1)

.

قال: ومن شِعْره: [من المنسرح]

إنْ كُنْتَ في الحَقِّ لا تُجَوِّزُني

فإنَّني قد أجُوزُ في الغَلَطِ

إنْ لَم أكُن من خِيَار ما ضَمَّهُ الـ

عِدْلُ فهَبْني لفَاقةِ السَّقَطِ

كذا كان في المَجْمُوع المُشَار إليهِ: لمَّا أرادَ الاتِّصَال بخدْمَة ابن الفُرَات! ويغلِبُ على ظَنِّي أنه تصَحَّف عليه أبي العِزّ بابن الفُرَات، وأظُنُّ أنَّ آخر البيت الثاني: فهَبْني نُفَاية السَّقَط، واللّهُ أعْلَمُ.

(1)

يُنْسب هذا القول لأحمد بن الطيب السرخسي، انظر ترجمته المتقدمة في الجزء الثاني.

ص: 680

‌حَيْدَرةُ بن الحَسَن بن أحمد بن عليّ بن عُبيدِ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن بُهْلُول الحَلَبِيّ، أبو تُرَاب العَدْل الخَطِيب بن أبي أُسامَة

(1)

من وَلد أُسامَة بن زَيْد، من بيتٍ مَشْهُور بحَلَب، وفيهم جَمَاعَة من أهْلِ العلم والحَدِيْث والأدَب والخَطَابَة بحَلَب، وقد ذَكَرنا جَدّه أحْمَد

(2)

، وعَمّ أبيهِ أبا القاسم الحُسَين

(3)

، وَسَنَذْكُر جدّ جدّ جَدّه الخَطِيب أبا أُسامَة عَبْد الله

(4)

، وأباهُ محمد بن بُهْلُول

(5)

.

وكان أبو تُرَاب هذا خَطِيْبًا بَلِيْغًا، له دِيْوَان خُطَب حَسَنَة الإنْشَاء، وله شعْرٌ، وكان إمَامِيّ المَذْهَب، خَطَبَ بجَامع حَلَب سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة تمت حِصَار العَادِل ألْب أَرَسْلَان بحَلَب محُود بن نَصْر بن صالح، ثُمَّ عُزِلَ، ثمّ خَطَبَ ثانيًا بحَلَب للمِصْرِيِّيْن حين خَطَبَ المَلِكُ رِضْوَان بن تُتُش للمِصْرِيِّيْن وقَطَعَ خطْبَة بني العبَّاس، وعُزِلَ جَدّ أبي القَاضِيِ أبا غَانِم عن القَضَاءٍ والخَطَابَةِ في سنة تسعين وأرْبَعِمائة

(6)

، وقيل إنَّ أبا تُراب لَم يعِش بعد ذلك إلَّا مُدَّة يَسِيْرة، وماتَ وكان قد أسَنّ.

ووَقَفْتُ على شَهَادته في كتابٍ منِ كُتُب أوْقَاف الحلبِيِّيْن مُؤرَّخة بسنة خمسٍ وثَلاثين وأرْبَعِمائة، فيدُلّ على أنَّ موْلدَهُ كان في حُدُود الأربَعمائة بعدَها.

(1)

توفي سنة 490 هـ أو بعدها بيسير، وترجمته في: زبدة الحلب 1: 343، الزبيدي: تاج العروس، مادة: ترب، ولعل الزبيدي أخذه عن ابن العديم.

(2)

ترجمة أحمد بن علي بن عبيد الله الحلبي في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

تقدمت ترجمة الحسين بن علي بن عبيد الله الحلبي في هذا الجزء.

(4)

ترجمة عبد الله بن مُحَمَّد بن بهلول الحلبي في الضائع من أجزاء الكتاب.

(5)

ترجمة محمد بن بهلول الحلبي في الضائع من أجزاء الكاتب.

(6)

أرخ ابن العديم في الزبدة 1: 343 عزل جد أبيه في سنة 488 هـ.

ص: 681

وذَكَرَ لي بعضُ بني أُسامَة الحلبِيِّيْن أنَّهُ ما زال مُسْتَمرِا في الخَطَابَةِ للمِصْرِيِّيْن بالبَيَاضِ إلى آخر سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة وليس كذلك، بل خَطَبَ لبني العبَّاس بالسَّوَادِ في سَنَة اثنتَيْن وسِتِّين وأرْبَعمائة في أيَّام مَحْمُود، ثمّ أعادَ الخُطْبَة للمِصْرِيِّيْن حين حَصَرهُ ألْب أَرَسْلَان، ثمِّ أعَادَها لبني العبَّاس في سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين حين خَرَجَ إلى ألْب أَرَسْلان وأطاعهُ، واسْتَمَرَّت الخُطْبَة لبني العبَّاس إلى زمَن رِضْوَان كما ذَكَرناهُ.

وسَمِعَ أبو تُرَاب الخَطِيب الحَدِيْث من أبي عُبَيْد الله عَبد الرَّزَّاق بن أبي نُمَيْر العَابِد الأسَدِيّ. سَمعَ منهُ وَلدَاهُ: أبو القَاسِم عَبْد الله بن حَيْدَرة، وأبو الفَرَج عَبْد الوَاحِد بن حَيْدَرة، وعبدُ اللهِ بن عَبْد السَّلام النَّائِب بحَلَبَ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(1)

، وأخْبَرَنا بهِ أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا عنه، قال: وفي هذه السَّنَة - يعني سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة - خَطَبَ المَلِكُ رِضْوَان بحَلَب للمِصْرِيِّيْن، وكان الخَطِيب أبو تُرَاب؛ له حِكايَةٌ مَعْرُوفة، وكان هذا الخَطِيبُ رَأى مَنامًا أنَّهُ لا يَمُوتُ حتَّى يعُود يَخْطبُ للمِصْرِيِّيْن دفعةً ثانيةً، لأنَّهُ خَطَبَ لهم بحَلَب في حِصَار السُّلْطانِ العَادِل فكان كذلك.

قَرأتُ في خُطَب أبي تُرَاب حَيْدَرة من نُسْخَةٍ بخَطِّ وَلده، وقَرأها عليه: أيُّها النَّاسُ، العَجَل العَجَل، قبل مُرافَصَةِ الأجَل، وظُهُور القَلَقِ والوَجَلِ، ومقام التَّوْبيخ والخَجل، عند الوقُوف بين يَدَي الله عز وجل، فكأنَّكُم بطَارِق المَنِيَّة، قد قَطَع الأُمنيَّة، ونَزَل الحَقُّ الصُّرَاح، فنَادَى بعِزٍّ لا بَرَاح، فلو أنَّ له ما في الأَرْض جَمِيعًا ومثْلَه مَعَه، ما دفَع عنه مانَزَل بهِ ولا نَفَعَه، فعَلَتِ الضَّجَّة، عند تلَفِ المُهْجَة، وأُرْملَتِ الصَّاحِبة، ونَدَبَتِ النَّادِبة، ووَجَبَت نقلَتُه من مَنْزِله وإزْعَاجُه،

(1)

بعضه مختصرًا في تاريخ حلب للعظيمي 359.

ص: 682

قال أَحَبُّ النَّاسِ إليهِ: كَرَامتُهُ إخْرَاجُه، فأصَابَهُ من جميع ما مَلَكَهُ أكْفَانُه، وما حَوَتْه من الطِّيْب أجْفَانُه، وشَيَّعَهُ الأمَاثِلُ إلى أنْ أَوْدَعُوهُ لَحْدَهُ، وخَلَّفُوهُ مُفْرَدًا وحده، فعَاين هُنالكَ أحْوَالَهُ، فإذا كُلّ ما هو فيه عليهِ لا له، فرَحِمَ اللهُ امْرأً سَمعَ فوَعَى، وكان بما يَسْمَعُه مُنْتَفعًا قَبْل فَوْت الإمْكَان، واشْتِمالِ النَّدَامَة، على ما أسْلَفَهُ من عَملهِ ورآه قُدَّامَه.

ومن خُطْبَةٍ أُخرى: أيُّها النَّاسُ، ما للقُلُوب حَائدة عن سُبُل الخشُوع، وما للأبْصَار جَامِدةٌ عن فيضِ الدُّمُوع، وما للأنْصارِ (a) قد أهْلكَها طُول الهُجُوع، أتحققتم النَّجَاة في المآب، أم تَيَقَّنْتُم الأمَانَ في مَعَادِكُم من العِقَاب، أم رَضِيْتم بأعمَالكم لمُسَائلة رَبّ الأرْبَاب، أم عدَلْتُم على بَصِيْرة عن نَهْج السَّبِيْل، أم رَضِيْتُم بالحَيَاةِ الدُّنْيا من الآخرة، وما {مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}

(1)

.

ومن أُخْرى: أيُّها النَّاسُ، إنَّ بَقَاءكم في هذه الدُّنْيا الفَانيِة قَطع مَسَافَة إلى أخرى، واشْتِغَالكُم بجَمْع حُطَامِهَا إقْدَامٌ على مُرَافَصَةِ الرَّدَى، وإهْمَالكُم طَاعَة رَبِّكم من يَوْمكم أمانٌ ممَّا يَحْدُث غَدًا، كأنَّكُم لا تَعْلُونَ أنَّ أرْوَاحكُم لدَعْوَة الحِمَام صَدَى، أم تَجْهلُونَ أنَّ المَوْتَ يبقِي منكم أحدًا.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: أنْشَدَني القَاضِي أبو الفَضْل هِبَة الله بن أحْمَد بن يَحْيَى بن أبي جَرَادَة لنفسِه من أبياتٍ كَتَبَها إلى الخَطِيب أبي تُرَاب حَيْدَرة بن أبي أسامَة: [من الكامل]

يا أَوْحَدَ الخُطَبَاءِ غَيْرَ مُنَازَعٍ

وجَمَالَ مِنْبَرِهِ وعَالَمَ عَصْرِهِ

(a) كذا في الأصل، وفوقها:"صـ".

_________

(1)

سورة التوبة، من الآية 38. وطالع الآية الكريمة:"فما متاع .. ".

ص: 683

ومُهَجِّنِ الفُصَحَاءِ في أقْوَالِهِمْ

ومُصَرِّفَ الكَلِمِ الفِصَاحَ بأَمْرِهِ

عَزَّت علَى طُلَّابها فكأَنَّها

جُعِلَت حَبَائسَ نَظْمِهِ أو نَثْرِهِ

تُهْدِي لسَامِعَها لشِدَّةِ عُجْبِهِ

سُكْرًا وفيها صَحْوةٌ مِن سُكْرِهِ

سَلَبَ البَلَاغَةَ كُلّ نُطْقٍ فاغْتَدَى

رَبًّا لها لمَّا غَدَتْ في أَسْرِهِ

وَسَما فَحَطَّ الشُّهْبَ في أفْلاكِها

نثرًا فنَظّمَها طَرَائِقَ شِعْرِهِ

ضَلّ الّذي جَارَاهُ لا في عِلْمهِ

يَرْجُو اللَّحَاقَ بِهِ ولا في قَدْرِهِ

هنَّاهُ مَنْ أعْطَاهُ بَارِعَ فَضْلِهِ

وأبانَ كُلَّ غَرِيْبةٍ من فِكْرِهِ

تُوفِّي أبو تُراب الخَطيب في سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، أو بعدَها بقليلٍ على ما ذكرناه.

‌حَيْدَرة بن عليّ بن مُحمّد بن إبْراهيم بن الحُسَين، أبو المنُجَّا بن أبي تُرَاب الأنْطَاكِيّ القَحْطَانِيّ، عابر الأحْلَام، المالِكِيِّ

(1)

أصْلُهُ من أنْطَاكِيَة، وسَكَنَ دِمَشْقَ، وأظُنُّه كان بأنْطَاكِيَة بعد أنْ فَتَحَها سُليْمان بن قُطَلْمش.

سَمِعَ أبا علِيّ الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن الكَفْرطَابِيّ، وأبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نصْر، والقَاضِي أبا العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد البِسْطَامِيِّ، وأبا الحَسَن

(1)

توفي سنة 469 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (ذيوله) 383، ابن ماكولا: الإكمال 7: 268، تاريخ ابن عساكر 15: 381 - 383، تاريخ الإسلام 10: 377، سير أعلام النبلاء 18: 410 - 411، 450، العبر في خبر مَن غبر 3: 336، الوافي بالوفيات 13: 226 - 227، (وأرخ وفاته سنة 479 هـ)، ثم ترجم له في موضع آخر 30: 183 - 184 وأرخ وفاته سنة 469 هـ، شذرات الذهب 5: 397، الزبيدي: تاج العروس، مادة: قحطب (نقلًا عن ابن العديم)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 25.

ص: 684

شَاء بن نَظِيف، والقَاضِي أبا مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن أبي نَصْر المالِكيِّ، أبا عَمْرو عُثْمان بن خَلَف الأنْدَلُسِيّ، وعليّ بن حَمْدَان بن مُحَمَّد البلخِيّ، وأبا الحَسَن بن عَوْف، وأبا القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن عليّ الشَّهْرَزُورِيّ المالِكِيّ، وعنهُ أخَذَ علم تَعْبِير الرُّؤْيا.

رَوَى عنة الأَمِير أبو نَصْر عليّ بن هبَة الله بن مَاكُولا الحافِظ، وأبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم الفَقِيه، والقَاضِي أبو المُفَضَّل يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس الغَسَّانِيّ، وأبو الفِتْيَان عُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ، وأبو مُحمَّد بن الأكْفانِيّ (a).

‌حَيْدَرةُ بن أبي القَاسِم بن أبي تُرَاب، أبو تُرَاب الأُسْتَاذُ الكَفْرطَابِيّ النَّاسخ

كان مُعَلِّمًا بحَلَب، وأظُنُّ وَالدِي وعمِّي كَتَبا عليه بحَلَب، وكان يَكْتُب خَطًّا لا بَأْسَ بهِ.

حَدَّثَ عن أبي الحَسَن بن أبي الفَضْل السُّلميِّ الفَرَضِيّ، رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَةِ الله بن صَصْرَى، وخَرَّج عنهُ في مُعْجَم شُيُوخه.

أخْبَرَنا أبو الغَنائِم سَالِم بن الحَسَن بن هِبَةِ الله بن صَصْرَى إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبي أبو المَوَاهِب الحافظ، قال: أخْبَرَنا الشّيْخُ أبو تُراب المُكْتِبُ وجَمَاعَةٌ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الحسن بن أَبي الفَضْل السُّلَمِيّ الفَرَضِيّ، قِراءَةً عليهِ ونحنُ نَسْمَعُ، قال: حدثنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الصوْفيّ، وأذنَ لنا فيه غير واحد عن الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو تَغْلِب مُحَمَّد بنُ الأغْلَب، قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بَطَّة،

(a) بعده بياض في الأصل يستوفي ثلث الصفحة وكامل التي تليها.

ص: 685

قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَحْمُود السَّرَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو هِشَام الرِّفاعِيّ، قال: حَدَّثنا حَفصُ بن غيَاثٍ، عن الحَجَّاج، عن أبي جَعْفَر مُحمَّد بن عليّ، عن جابر بن عَبْد الله

(1)

: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يَلْبَسُ بُردَهُ الأحْمَر وعِمَامَته السَّوْدَاء في العِيْدَين والجُمُعَة.

‌حَيْوِيْل بن نَاشِرَة بن عَبْد عَامِر بن أَيْم بن الحارِث الكنعِيِّ، أبو نَاشِرَة المِصْرِيّ الأعْوَر

(2)

كان من أشْرَافِ أهل مِصْر، رَوَى عن عَمْرو بن العَاص، رَوَى عنهُ جَمَاعَةٌ من أهْل الشَّام ومِصْر، وشَهِدَ مع مُعاوِيَةَ صِفِّيْن.

(1)

المصنف لابن أبي شيبة 1: 481 (رقم 5548)، السنن الكبرى للبيهقي 3: 280، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 4:204.

(2)

ترجمته في: ولاة مصر للكندي 36، تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 143 - 144، ابن ماكولا: الإكمال 2: 35 - 36، تاريخ ابن عساكر 15: 383، الإصابة 3: 68 - 69، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 193، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 25 - 26.

ص: 686