الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَرْفُ الخاءِ
(1)
خَاقَان المُفْلِحيّ
(2)
خَادِمُ الرَّشِيْد، له ذِكْرٌ وغنَاءٌ في الجِهَادِ، وكان مُرابِطًا بطَرَسُوس، وإليه تُنْسَبُ دَار خَاقَان بطَرَسُوس، وهي دَار الإمارَة، وفيها دُفِنَ عَبْدُ الله المأْمُون حين ماتَ.
ذِكْر مَن اسْمُهُ خَالِد
خَالِد بن بَرْمَك الأصْغَر
(3)
ويُسَمَّى: عَبْد العَزِيْز بن بَرْمَك الأكْبَر، ويُسَمَّى: عَبْد الله بن يَشْتَاسِف بن جَامَاس، أبو العبَّاسِ، وأبو عَوْن، وأُمُّه بنتُ مَلِكَ الصَّغَانيَان.
(1)
وردت الترجمتان التالتان من حرف الخاء في آخر الجزء السادس بحسب تقسيم المؤلف، وقد ألحقته بهذا الجزء مع بقية تراجم حرف الخاء.
(2)
كان حيًا سنة 331 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 8: 650، 9: 132، 141 - 145، المسعودي: مروج الذهب 5: 160، 168 - 169، التنبيه والإشراف 190 - 191، التنوخي: نشوار المحاضرة 1: 204 - 206، ابن الأثير: الكامل 7: 478، 518، 522، 8: 101، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 63، النجوم الزاهرة 3:89.
(3)
توفي سنة 165 هـ، وترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حيفة الدينوري 364، الجاحظ: البيان والتبيين 3: 355، 4: 48، تاريخ الطبري 6: 182، 425، 7: 363، 389 - 392، 419، 467، 650، 8: 19 - 20، 54 - 56، 146، الأزدي: تاريخ الموصل 140، 160، 200 - 237، المسعودي: مروج الذهب 2: 383، 4: 79، 233، الأغاني 3: 119 - 120، 128، 133، 141 (مدائح بشار له)، تاريخ ابن عساكر 16: 6 - 8، ابن الجوزي: المتظم 8: 199 - 200، ابن الأثير: الكامل 4: 524، 5: 138 وما بعدها 6: 8، 15 - 16، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 354 - 357، ابن الأبار: إعتاب الكُتَّاب 65 - 67، وفيات الأعيان 1: 332 (في ترجمة جعفر بن يحيى البرمكي)، تاريخ الإِسلام 4: 350 - 351، سير أعلام النبلاء 7: 228 - 229، العبر في خبر مَن غبر 1: 189، الوافي بالوفيات 13: 247 - 249، تاريخ ابن الوردي 1: 295، ابن خلدون: العبر 5: 440، 549 - 550، اليافعي مرآة الجنان 1: 274، النجوم الزاهرة 2: 50، شذرات الذهب 2: 393، الزبيدي: تاج العروس (مادة: برمك)، خزانة الأدب للبغدادي 3: 332، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 31 - 33، الزركلي: الأعلام 2: 295.
حَدَّثَ عن عَبْد الحَمِيْد بين يَحْيَى الكاتِب، رَوَى عَنْهُ ابنُه يَحْيَى بن خَالِد البرْمَكيّ، وقَدِمَ وهو صَبيٌّ مع أبيهِ برْمَك إلى رُصَافَة هِشَام بن عَبْد المَلِك حين قَدِمَ أبوه على هِشَام، ونَشَأ بها مع وَلد هِشَامٍ، وقَدِمَ حلَبَ صُحْبَةَ المَهْدِيّ حينَ قَدِمَها، وأغْزَاهُ المَهْدِيّ الصَّائِفَة مع ابنهِ هَارُون في سَنة ثَلاثٍ وسِتِّينِ ومائة، وقَلَّد كتابة هَارُون وتَدْبِير أمْر عَسْكَره ابنَهُ يَحْيَى بن خَالِد، وكان خَالد بن برْمَك أحَد العشْرين الّذين اخْتَارهُم الشِّيْعَة لإقَامَةِ دَعْوَة بني العبَّاسِ بعد النُّقَبَاءِ الاثْني عَشَر (a) .
قَرأتُ في كتاب أخْبَار البَرَامِكَة، تأليفُ أبي حَفْصٍ عَمرو بن الأزْرَق الكَرْمَانيّ
(1)
، قال: وحَدَّثني سَعيدُ بن مَسْلَمَة بن هِشَام بن عَبْد المَلِك، وكان يُحْمل الحَدِيْث عنه، قال: حَدَّثَتني رَضْوَى حَاضِنَة أبي أنَّ خَالِد بن بَرْمَك كان يَبِيْتُ مع مَسْلمَة في لِحَافٍ واحدٍ وهمُا صَبيَّان، وأَنَّهُ نَشَأ معَهُ في مَوضعٍ واحدٍ. قال سَعِيد: وكان مَسْلَمَةُ أبي لا يُوْلَدُ له، فوَصَفَ له بَرْمَكُ دَوَاءً فتَعالَج به فوُلدْتُ له، فكانُوا يُسَمُّوني البرمَكيّ على عَهْد هِشَام.
قال ابنُ الأزْرَقِ
(2)
: حَدّثني شَيْخٌ قَدِيمٌ، قال: وكان برمَكُ واقفًا بباب هِشَامٍ، فَمَرَّ بهِ مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد اللهِ بن العبَّاسِ، فأعْجَبَهُ ما رَأى من هَيْئَتهِ، فسَألَ عنه، فأُخْبِرَ بقَرَابتهِ من النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال لابنِهِ خَالِدٍ بن بَرْمَك: يا بنيّ، إنَّ هؤلاءَ أهْلُ بيتِ النَّبي، وهُم وَرَثَتُه، وأحَقُّ بخِلَافَته، والأمْرُ صَائرٌ إليهم، فإنْ قَدَرْتَ يا بني أنْ يكونَ لكَ في ذلك أثَرٌ تَنالُ به دِينًا ودُنْيا فافْعَل. قال: فَحفِظَ خَالِد ذلك عنه، وعَمِلَ عليه عند خُرُوجهِ في الدَّعْوَةِ، وكان خَالِدُ بن برْمَك أحد العشْرين الّذين اخْتارهُم الشِّيْعَةُ لإقَامَةِ الدَّعْوَةِ بعد النُّقبَاءِ الاثْني عَشَرَ.
(a) الصفحة بعده بياض في الأصل.
_________
(1)
تقدم الكلام على هذا الكتاب المفقود في الجزء الثالث.
(2)
نقله الزيدي في تاج العروس عن ابن العديم، انظر مادة: برمك.
قال أبو حَفْص بن الأزْرِق: سَار بَرْمَكُ يعني من عند هِشَام بن عَبْد المَلِك حتَّى قَدِمَ جُرْجَان، فنَزَلَ على يزِيد بن البَرَاءِ، وأعْلَمهُ ما صارَ إليه من الخلَيفَة، وزوَّج ابنَهُ خَالِد بن بَرْمَك من أُمّ خَالِد بنت يَزِيْد، وكان خَالِد أحبّ ولدِه إليه، وكان يقُول فيما ذكَر المَشَايخُ عنه: به يَجْبُر الله وَلدِي وأهْل بَيْتي.
قال ابنُ الأزْرَق: وحَدَّثني عَمْرو بن بَحْر الجاحِظ
(1)
، قال: حَدَّثَني ثُمَامَةُ بن أشْرَس، قال: كان أصْحَابنُا يقولُونَ: لم يكُونوا يَرَون لجَلِيْسٍ خَالِد بن برمَك دارًا إلَّا وخَالِدٌ بناها له، ولا ضَيْعَة إلَّا وخَالِد ابْتاعَها له، ولا ولدًا إلَّا وخَالِد وَهَبَ له أُمَّه، ولا دَابَّةً إلَّا وخَالِد وَهَبها له، إمَّا من نِتَاجهِ أو غير نِتاجهِ.
وقال: وحَدَّثني بِشْر بنِ حَرْب بن يَزِيْد الطَّالَقَانِيّ، وغيره من مَشَايخ الدَّعْوَة، أنَّهم كانوا يُسَمُّون خَالِد بن بَرْمَك أمين آل مُحَمَّد.
قال: وحَدَّثني بِشْر بن فَاسْتك؛ شَيْخٌ من أهْل البَامِيَان، عن عليّ بن عِصْمَة، قال: كان يُقال: ما أحَدٌ من أهْل خُرَاسَان إلَّا ولخالِد بن بَرْمَك عليه منَّةٌ، وذاك أنَّهُ قَسَّطَ الخَرَاجَ عليها، فأحْسَنَ فيهِ إلى أهْلها.
قال ابنُ الأزْرَق: وكان خَالِدُ بن بَرْمَك سَمِعَ من أبيهِ ذلك القَوْل في مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ اللهِ بن عبَّاسٍ، وحَفِظ عنهُ، وبحث عن الأُمُور بعد أبيهِ حتَّى انْكَشَفَتْ له، فكاتب الإمَام ورَاسَلَهُ، وكانت رُسُل الإمَام تَأتيه، وأمْره ونَهْيه يَرِد عليه، وصُيِّر من الدُّعَاة الّذين يَتْلونَ النُّقَبَاءِ، فإن اسْمُه في كتاب الدَّعْوَة فيهم مع نُظَرائهِ من الدُّعَاةِ حتَّىَ حَدَث من أَمْرِ البَرَامِكَة في أيَّام الرَّشِيْد ما حَدَث، فأسْقَطه منه أبو عِصْمَة وغيره من الشِّيْعَة تَقَربًا إلى الرَّشيْد بذلك، فهو يُوْجَد في خَواصِّ الكُتُب.
(1)
لم أقف على كلام الجاحظ - هنا وتاليه - في المتاح من مؤلفاته.
قال ابنُ الأزْرَق: فَحدَثَني أبو يَحْيَى الخلِيل الشِّيْعِيُّ، قال: قَدِمَ عَبْد المَلِك بن يَزِيْد وخَالِد بن بَرْمَك على الإمَام، فقال لعَبْد المَلِك: نِعْم العَوْن أنتَ لنا، فأنْتَ أبو عَوْن، وأنتَ يا خَالِد، فإنَّكَ سَتَصِيْرُ وَزِيرًا لوَلدِ العبَّاسِ، فأنتَ أبو العبَّاسِ، فهو الّذي كنَّاهمُا.
قال: فإن خَالِد بن بَرْمَك يختلفُ فيما بين جُرْجَان وطَبَرِسْتان والرَّيّ وتيْكَ النَّواحِي، فيدعُو لبني هاشِم، ويُظْهرُ أنَّ اخْتِلَافَهُ في التِّجَارَةِ، فيَجْلبُ معهُ الدَّوَابّ والرَّقِيْق إلى تلك الكُور، على خَوْفٍ شَديدٍ، ومُخَاطَرةٍ عَظِيمَة، لَم يكُن يَظنُّ بأحدٍ هذا الرآي فَضْلًا عن الدُّعَاءِ إليه إلَّا أُتِيَ عليه وعلى أهْل بَيْته.
قال: وقد أُخِذ خَالِد في ذلك غير مَرَّة فتأنَّى واحْتَالَ حتَّى تَخلَّصَ.
وقال ابنُ الأزْرَق بعدَ ذِكْرِ البَيْعَة لأبي العبَّاسِ السَّفَّاح: وأُدْني خَالدُ بن بَرْمَكٍ إلى الإمَام أبي العبَّاسِ وهو في مَحْملٍ من الجراحةِ الّتي كانت به، فظنَّ أبو العبَّاسِ أنَّهُ من العَرَب، لِمَا رَأى من فَصَاحَتهِ وهَيْئَته، فقال: ممَّن الرَّجُل؟ فقال: مَوْلَاك يا أمِير المُؤْمنِين، قال: ممَّن أنتَ رَحِمكَ الله؟ قال أنا من العَجَم، قال: فَمنْ أنتَ منهم؟ قال: أنا خَالِد بن بَرْمَك، ووصفَ له حالهم الّتي كانت بخُرَاسَان قبل الإسْلام، وأنَّ الله هَدَاهُم بهم أهُل البَيْت، وأنَّه في مَحَبَّتهم والتَّشَيُّع لهم كما قال الكُمَيْتُ
(1)
: [من الطويل]
وما لي إلَّا آلَ أحْمَد شِيْعَة
…
وما لي إلَّا مشْيَع الحَقِّ مَشْعَبُ
قال: فأُعْجِبَ به أبو العبَّاس.
قال: وأقرَّ أبو العبَّاسِ خَالِد بن بَرْمَك على ما كان يتولَّى في العَسْكَر من الغَنائِم، ثُمَّ جَعَل دِيْوَان الخَرَاج ودِيْوَان الجُنْد إليهِ.
(1)
ديوان الكميت 517، وفيه: مشعب الحقّ، وهي رواية يوردها ابن العديم فيما بعد.
قال: ولمَّا صارَ الدِّيْوَانان إلى خَالِد بن بَرْمَك حَسُن فيهما مَذْهَبُه وكَثُر حَامِدهُ، وعلى يَدَيهِ جَرَت قَطِيْعَةُ العَكِّيّ وقَطِيْعَةُ أبي حُمَيْد وقَطَائع كَثِيْرة غير ذلك.
قال: وكانت الدَّفَاِتِر في دِيْوَان الجُنْد صُحُفًا مُدْرَجةً، فجَعَلَها خَالِدُ بن بَرْمَكٍ دَفَاِتِر، فهو أوَّلُ مَنْ فَعَل ذلك، وأوَّلُ مَنْ جَعَل دِيْوَان الجُنْد على ما هو عليه اليَوْم.
قال: وحَسُنَ حَالُ خَالِد بن بَرْمَك عند أبي العبَّاسِ، وجَلَّ قَدْرُه عندَهُ، ووضَعَهُ في مَوضع المشُاوَرة في الأُمُور، وحَلَّ مَحَلَّ الوَزِير.
أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ في كتابهِ، عن زَاهِر بن طَاهِر الشّحَّامِيِّ، قال: أنبأنَا أبو القَاسِم البُنْدَار، عن أبي أحْمَد القارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً: أنَّ الإمَام أبا العبَّاس السَّفَّاح لمَّا اسْتُخْلِفَ أُدْخِل عليه خَالِدُ بن بَرْمَك فبايعَهُ، وتكلَّم فأعْجَبَتْهُ فَصَاحَتُه، فظَنَّهُ من العَرَب، قال: مَمَّن الرّجُل؟ قال: مَوْلاك يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: فَمن أنْتَ يَرحمكَ الله؟ قال: من العَجَم، أنا خَالِدُ بن بَرْمَك، وأبي وأهْلي في مُوَالاتِكُم، والجِهاد عنكُم، كما قال الكُمَيْت
(1)
: [من الطويل]
فما لي إلّا آلَ أحْمَدَ شِيْعَةٌ
…
وما لي إلَّا مَشْعَبَ الحَقِّ مَشْعَبُ
فأُعْجِبَ به أبو العبَّاس، وجَعَلَهُ بعد ذلك خَلِيفَة لأبي الجَهْم عَبْد الله بن عَطِيَّة بن عَبْد الله بن كَيْسَان على دِيْوَان الخَرَاج ودِيْوَان الجُنْد، فَحَسُنَ أثرُه، وما زَالت الحالُ تَتَرامى بهِ إلى أنْ صار وَزيرًا.
عُدْنا إلى ما ذَكرهُ ابن الأزْرَق، قال: ودَفَع أبو العبّاسِ إلى خَالِد بن بَرْمَك ابْنَتَهُ رَيْطَة بنت أبي العبَّاس فأرْضَعَتها زَوْجةُ خَالِد وربَّتها، وأرْضَعَت أُمّ سَلَمَة زوْج أبي العبَّاسِ أَمِير المؤمنِيْن أُمَّ يَحْيَى بنت خَالِد بلِبَانِ ابْنَتها رَيْطَة.
(1)
ديوان الكميت 517.
قال: وحَدَّثني إسْحاقُ بن إبْراهيم، عن هَارُون بن ديزُوَيْه، قال: دَخَلَ خَالِد يَوْمًا على أبي العبَّاسِ فقال له: يا ابن بَرْمَكٍ، أمَا رَضِيْتَ حتَّى اسْتَعْبَدْتني؟! قال: ففَزِعَ خَالِدٌ لذلك، قال: وكيفَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن؟ بل أنا عَبْدُك! فضَحِكَ أبو العبَّاسِ، وقال: رَيْطَةُ بنتُ أَمِير المُؤْمنِيْن وأُمّ يَحْيَى بنتُ خَالِدٍ تَبِيْتَان في فراشٍ واحدٍ، فاتَعَارُّ من اللَّيْل فأجِدُهما قد تَكَشَّفَتا، فأَمُدّ اللّحافَ عليهما، قال: فقَبَّل يَدَهُ وتَشَكَّر ذلك له.
قال ابنُ الأزْرَق: وقال له أبو العبَّاسِ يَوْمًا، وخَرَجَ على النَّاسِ، وأحَبَّ أنْ يُعَرِّفهم مكانَهُ منه: يا خَالِد، ما أحَدٌ أخَصُّ بأَمِير المُؤْمنِيْن منْكَ، أنت معي، وأهْلُكَ مع أهْلي، وولدُكَ مع وَلدِي، فشَكَرَهُ ودَعَا له.
قال: فلم يَزَل خَالِد مع أبي العبَّاس أمِير المُؤْمنِيْن على تلك الحالِ حتَّى مَضَى أَمِير المُؤْمنِيْن أبو العبَّاسِ.
قال: واسْتُخْلِفَ المنصُور، فأقرَّ خَالِدًا على حَالهِ ومَرْتَبته وعلى دِيْوَان الخَرَاج، وكان به مُعْجبًا، فمكُثَ بذلكَ عدَّة سنين، ثمّ غَلَب عليه أبو أَيَّوبَ المُورِيَانيّ، فثَقُل على أبي أيُوب مكانُ خَالِد، وأحبَّ أنْ يَخْلُو بأبي جَعْفَر، فكان لا يألُو ما حمَّل أبا جعْفَرٍ عليه إلى أنْ أتَيْهم انْتقاض فَارِس وغَلَبة الأكْرَاد عليها، فأعْظَم أبو جعْفَر ذلك، وأمر أبا أَيُّوب بارْتِيادِ رَجُلٍ يَصْلح لها، فقال: قد أصَبْتُه يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: ومَنْ هو؟ قال: خَالِد بن بَرْمَك، قال: صَدَقتَ هو لها، فعَقَدَ على فَارِس، فشَخَصَ إليها فافْتَتَحَها، وجَلَا الأكْرَاد عنها.
وصَلحَتْ فَارس على يدي خَالِد، وأقام بها سنين، ودَخَلَ إليهِ وُجُوه النَّاس وأشْرَافهم من الأمْصَارِ وامْتَدَحَهُ الشُّعَراء، فوَلَهُم وحَبَاهم، وصَرَفَهُم رَاضِين، فحَمدُوه في سَائر الأمْصَار، وشَاعَ ذِكْره بالسَّمَاحَة.
وسَعَى أبو أيُّوب المُورِيَانيّ بخَالِد إلى أبي جَعْفَر، فقال له: قد اقْتَطَع خَالِد من خَرَاجكَ ثلاثة آلاف ألف دِرْهَم، ووَصَل بها النَّاس، فأغْضَبَهُ عليه، فصَرَفَ خَالِدًا عن فَارِس.
فلمَّا قَدِمَ عليه، ألْزَمه بعض ذلك المال، فدَعَا به بعدَ أنْ باعَ في أداءِ ذلك المال الدَّوَابّ والرَّقِيْق والمَتَاع، فلمَّا دَخَلَ عليه، قال: أخذتَ مالي، واجْتَرأتَ عليَّ، وفرَّقْتَهُ في النَّاسِ! فقال له خَالِد: كُلّ ما قال أَمِير المُؤمنِيْن فقد صَدَق، غير أنِّي يا أَمير المُؤْمنِيْن اقْتَصَرْتُ على أرْزَاقي ونَظَرْتُ إلى مَعُونَتي من أَمِير المؤمنِيْن، وما تَفَضَّل به عليَّ فصَرَفتهُ إلى أشْرَاف النَّاسِ، وتفَضَّلْتُ به عليهم لأنَّهُ لَم يكُن شُكْري يُحِيْط بنعَم أَمِير المُؤْمنِيْن عليَّ، فجَمَعْتُ إلى شُكْري شُكْر هؤلاءَ، وذلك كُلّه لأَمِير المُؤْمنِيْن إذ جَعَل السَّبِيْل إليهِ، وأَعانَني عليه. فسَرَّهُ ذلك، قال: صَدَقْتَ وأحْسَنْتَ، أقَرَّ اللّهُ عَيْنَكَ يا خَالِد، قد زَيَّنْتَنا، وزَيَّنْتَ نَفْسَكَ لنا، فأنتَ في حلٍّ ممَّا جَرَى على يَدِك من أمْوَالنا، وقد رَضِيتُ عنكَ، وعَظُم في عَيْنهِ بعد ذلك.
قال ابنُ الأزْرَق: وذَكَر عليّ بن الفَرَج، وكان الفَرَج أبوه لأبي أَيُّوب، ثمّ صار لأبي جَعْفَر، قال: لم يكن أبو أيُّوب يأمَنُ ناحيةَ خَالِد بن بَرْمَك وأنْ يَرُدَّه أبو جَعْفَر إلى كتابتهِ ودِيْوَان الخَرَاج، فكان يَحْتال عليه، وكان ممَّا احْتَال به أنْ دَسَّ إلى بعضِ الجَهَابِذَة مَالًا عَظيْمًا وقال له: إذا سَألَكَ أَمير المُؤْمنِيْن على هذا المالِ فقُل له: إنَّهُ اسْتَوْدَعَنيْه خَالِد بن بَرْمَك، قال: ثُمَّ دَسَّ مَنْ رَفَعَ إلى أبي جَعْفَر في ذلك. قال: فدَعَا أَبو جَعْفَر بالنَّصْرانِيّ فسَألَهُ فقال: نَعَم؛ عندي مَالٌ لخَالِد بن بَرْمَك اسْتَوْدَعَنِيْهِ، قال: فبَعَثَ أبو جَعْفَر إِلى خَالِدٍ فأحْضرهُ، وسَألَهُ عن ذلك المالِ، فحَلَفَ أنَّهُ لم يَجْمَع مَالًا قَطُّ، ولا ذَخَرهُ، ولا رَأى النَّصْرانِيّ قَطّ، ولا عَرِفَهُ، ثُمَّ قال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، تُرْسِل إلى الجَهْبَذِ، وأكُون في مَوضِعي حيثُ يَرَانيّ، فإنْ عَرَفني فقد صَدَق عليَّ، وإنْ لم يَعرفني فقد أظْهَرَ اللّه بَرَاءتي.
قال: فبَعَثَ أبو جَعْفَر إلى النَّصْرانِيّ، فأُتي به، فقال: اصْدُق أَمِير المُؤْمِنِيْن عن هذا المالِ، قال: يا أمِير المُؤْمنِيْن، المالُ لخَالِد، وما قُلْتُ إلَّا حَقًّا، قال: أفَتَعْرف خَالِدًا إنْ رَأيتَهُ؟ قال: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أعْرفُه إنْ رَأيتُه، فالْتَفَتَ أبو جَعْفَر إلى خَالِدٍ، فقال: قد أظْهَرَ اللّه بَرَاءتك، وهذا مَال أصَبْنَاهُ بسَبَبكَ، ثمّ قال للنَّصْرَانيّ: هذا الجالسُ خَالِد فكيفَ لم تَعْرفهُ؟ قال: الأمَان يا أَمِير المُؤْمنِيْن، فآمنهُ، فأخْبرَهُ بالقِصَّةِ، فأمَرَه أبو جَعْفَر بحَمْل المالِ إلى بَيْتِ المَالِ، وكان بعد ذلك لا يَقْبل في خَالِد قَوْلًا من أحدٍ، وازْدَاد به ثِقَة وله تَقْدِيمًا.
قَرَأتُ في كتاب الوُزَرَاء لابن عُبْدُوْس الجَهْشِيَارِيّ
(1)
، قال: وأغْزَى المَهْدِيُّ هَارُون ابنَهُ الصَّائِفَة في سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين ومائة، وأنْفَذَ معهُ خَالِد بن بَرْمَك، وقلَّد كتَابَتَهُ (a) وتَدْبير أمر عَسْكَره يَحْيَى بن خَالِد، ففُتحَ عليهم، وحَسُن أثَرُ يَحْيَى فيما قام [به](b)، وأُحْمِدَ فعْلُه فيهِ وتَدْبِيره (c).
أنْبَأنَا أبو رَوْح الهَرَويّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُنْدَار كابةً، عن أبي أَحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: ماتَ خَالِد بن بَرْمَك في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين ومائة، وهو ابنُ خَمْسٍ وسَبْعِين، مَوْلدُه سَنَة تِسْعين (d).
(a) الجهشياري: كتابته ونفقاته.
(b) إضافة من كتاب الجهشياري.
(c) الجهشياري: وتدبيره إيَّاه، وبعده في الأصل بياض يستغرق ثلاثة أرباع الصفحة.
(4)
هنا يَنْتَهِي الجزء السادس بحسب تقسيم المؤلف، وتقدمت الإشارة إلى نقل الترجمتين السابقتين وإلحاقهما بهذا الجزء لاتصالهما ببقية تراجم حرف الخاء.
_________
(1)
كتاب الوزراء للجهشياري 150.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبِهِ تَوْفِيقِي
خَالِدُ بن الحَارِث بن أبي خَالِد قَيْسِ بن خَلْدَة بن مُخَلَّد (a) - وقد قيل: مُخَلِّد - ابن عَامِر بنِ زُرَيْق بن عَبْد حَارِثَة بن مَالِك بن غَضْب بن جُشَم بن الخَزْرَج بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو مُزَيْقِيَاء ابن عَامرِ ماء السَّماء بن حَارِثَة بن امْرئ القَيْس بن ثعلَبَةَ بن مَازِن بن الأَزْد واسْمه دِرَاءُ بن الغَوْث بن نَبْت بن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلَان بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان الأنْصَاريّ
(1)
هكذا نَقَلْتُ نَسَبَهُ من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ المغرِبيّ
(2)
، وقال: وفي صِلَةِ نَسَب قَحْطَان كلامٌ ليس هذا مَوضِعُه.
شَهِدَ خَالِد العَقَبَةَ وبَدْرًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها (b).
قَرأتُ بخَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ
(3)
: قال أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عُمَارَة النَّسَّابَة المَعْرُوف بابنِ القَدَّاح، مَوْلَى بني ظَفَر من الأَوْس، في كتابهِ الّذي صَنَّفَهُ لنَسَب الأَوْسِ والخَزْرَج: كان أبو خَالِد الحارِث بن قَيْسٍ هذا
(a) الضبط من المصنف.
(b) بعده بياض في الأصل قدر نصف الصفحة.
_________
(1)
توفي سنة 37 هـ.
(2)
لم يرد ضمن الجزء الأوّل الَّذي وصلنا من كتاب أدب الخواص.
(3)
ضمن القسم الضائع من كتاب أدب الخواص، وصلنا منه الجزء الأوّل فقط.
بَدْرِيًّا عَقَبِيًّا، وابْناهُ: خَالِد ومَخْلَد صَحِبا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وحَضَرا صِفِّيْن فقُتِلَا يَوْمئذٍ، وأُمُّهما أُمَيْمَةُ؛ امْرأةٌ من بني زُرْيق من قَوْمهما، فقالت
(1)
: [من المتقارب]
أَعَيْنَيَّ جُوْدَا بدَمْع سَرِبْ
…
على فِتْيةٍ من خِيَارِ العَرَبْ
وما ضرَّهُمْ غير حَيْن النُّفُو
…
سِ أيّ أَمِيْرَيْ قُرَيْشٍ غَلَبْ (a)
خَالِد بن الحُبَاب، أبو الحُبَاب
(2)
نَزِيلُ حَمَاةَ؛ بَلْدَة من العَوَاصِم قد ذَكَرْناها في مُقدِّمَة الكتابِ
(3)
.
حَدَّثَ عن سُليْمان التَّيْمِيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن شُعَيْب الجَبَليّ، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ اللّه بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن إبْراهيم الشَّافِعيّ
(4)
، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مؤَمَّل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِد بن شُعَيْب الجَبَليّ بجَبَلَة، قال: حَدَّثَني خَالِدُ بن حُبَابٍ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان، عن أبي عُثْمان، عن أبي مُوسَى، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: احْتَجَّ آدَم ومُوسَى، فقال مُوسَى: أنْتَ آدَمُ الّذي خَلَقَكَ اللّهُ تعالى
(a) بعده في الأصل بياض أزيد من نصف الصفحة.
_________
(1)
البيتان في مروج الذَّهب للمسعودي 3: 143 في أخبار صفين.
(2)
توفي بعد سنة 310 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 336، تاريخ الإسلام 5: 304، وفي: البصريّ، نزيل حماة، لسان الميزان 2:375.
(3)
انظر الجزء الأوّل فيما تقدم.
(4)
الغيلانيات (فوائد أبي بَكْر الشافعي) 85 - 86، وينظر الحَديث في كتاب السنة لابن أبي عاصم الشيباني 1: 66، تاريخ أصبهان 2:171.
بيَده، وأسْجَدَ لك مَلَائكتَهُ، عملْت الخَطِيْئَة الّتي أخْرَجتكَ من الجَنَّة؟ قال آدَمُ: أنتَ مُوسَى الّذي اصْطَفَاكَ اللّهُ برسَالتهِ، وأنْزَل عليكَ التَّوْراة، وكَلَّمَكَ تَكْلِيْمًا، فبكم خَطِيْئَتي سَبَقَتْ خَلْقِيّ، قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: فحَجَّ آدَمُ مُوسَى (a).
خَالِد بن الحُصَيْن السَّكْسَكِيّ
(1)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وشَهِدَ على كتاب الحَكَمَيْن بينَهُ وبين عليّ فيما ذَكَرهُ زَيْدُ بن حَسَنٍ، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمَةِ عَلْقَمَة بن يَزِيد
(2)
فيما يأتي في كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.
خَالِد بن حَيَّان بن الأَعْيَنَ الحَضْرَميّ المِصْرِيّ
(3)
قَدِمَ حلَبَ أو بَعْضَ أعْمَالها مع صالح بن عليّ بن عَبْد اللّه بن العبَّاسِ غَازِيًا، خَرجَ معه من مِصْر، وكان من وُجُوه أهل مِصْر وأعْيَانهم.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة إجَازَةً، عن أبي القَاسِم خَلَف بن أحْمَد بن الفَضْل الحَوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن النَّحَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوبَ الكِنْدِيّ
(4)
، قال: حَدَّثَني عليّ بن الحَسَن بن حَدِيد (a)، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللّه بن سَعيد، عن أَبيِهِ، قال: حَدَّثَني عَمْرُو بن بَحْريّ
(a) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.
(b) في كتاب الولاة للكندي: حدثني ابن قديد.
_________
(1)
ترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 196 (ذكره في شهود التحكيم).
(2)
ترجمة علقمة بن يزيد الحضرمي في الضائع من أجزاء الكتاب.
(3)
ترجمته في: ولاة مصر للكندي 125 - 126، تاريخ ابن عساكر 16: 12، المقريزي: المقفى الكبير 3: 724، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 33.
(4)
ولاة مصر 126.
الشَّيبانِيّ (a) أنَّ صالِح بن عليِّ الهاشِميّ، لمَّا خَرَجَ من مِصْر إلى الشَّام، خَرَجَ بنفَرٍ من وُجُوه أهْل مصْر، منهم مُعاوِيَةُ بن عبد الرَّحْمن بن قَحْزَم (b) الخَوْلانِيّ، وخَالِد بن حَيَّان بن الأَعْيَن الحَضْرَميّ، وشُرَحْبِيل بن مُذَيْلفَة الكَلْبيّ، وعَوْف (c) بن سُلَيمان الحَضْرَميّ، وعَمْرو بن الحَارِث الفَقِيهُ.
خَالِد بن رَبَاح، أبو رُوَيْحَة الحَبَشيّ
(1)
مَوْلَى أبي بَكْرٍ الصِّدِّيْق رضي الله عنه، أخو بِلَال بن رَبَاحٍ، له صُحْبَةٌ، ولا رِوَايَة له، اسْتَعْمَلهُ عُمَر رضي الله عنه على الأُرْدُنّ، وقيل: إنَّهُ كان بحَلَبَ ومات بها (d).
أخْبَرَنا أبو إبْراهيم شَعْبان بن إبْراهيم بن أبي طَالِب الحِمْصِيُّ، وأبو حُمَيْد مَحْمُود بن حُمَيْد بن خُضَيْر الدَّارِيَّان بدَارِيَّا، قالا: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللّهِ الشَّافعيّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الأَمِينُ أبو مُحَمَّد هِبَةُ اللّه بن أحْمَلى بن مُحَمَّد بن الأَكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ من لَفْظه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن طَوْق الطَّبَرَانِيّ، قِراءَةً عليهِ بدَارِيَّا، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ عَبْد الجَبَّار بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم الخَوْلانِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن
(a) كتاب الولاة: السبئي.
(b) الأصل: مخرم، وصوابه المثبت من كتاب الولاة، وانظر الإكمال لابن ماكولا 7: 101 - 103، وتاريخ ابن عساكر 59:249.
(c) كتاب الولاة: وغوث.
(d) بعده بياض في الأصل يستغرق ثلاثة أرباع الصفحة، وكامل التي تليها.
_________
(1)
ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 339، الثّقات لابن حبَّان 3: 104، الاستيعاب 3: 436، ابن ماكولا: الإكمال 4: 11، تاريخ ابن عساكر 16: 20 - 24، أسد الغابة 2: 79، الإصابة 2: 89، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 35 - 36، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 282.
(2)
بعضه في تاريخ ابن عساكر 16: 24.
(3)
الخولاني: تاريخ داريا 30.
عَبْد الله بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثنا أبي، قال: حَدَّثنا أبو سَعْد، عن عَدِيّ بن عبد الرَّحْمن (a) أنَّ بِلَالًا رَضِىَ اللهُ عنهُ ماتَ بحَلَب، فدُفِنَ عند باب الأرْبَعِين، وقد قيل: إنَّ الّذي بحَلَبَ قَبْر خَالِد بن رَبَاح أخو بِلَالٍ، واللهُ أعْلَمُ (b).
خَالِد بن الرَّيَّان المُحَارِبِي مَوْلاهُم
(1)
كان على حَرَس عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وابنَيْه الوَلِيد وسُليْمان، وكان مع سُليْمان بِدَابِق، فلمَّا تُوفِّي سُليْمان، ووَلِيَ عُمَرِ بن عَبْد العَزِيْز، عَزَلهُ ووَلَّى عَمْرو بن مُهاجِر، وكان حين تُوفِّي سُليْمان جاء هو ورجَاء بن حَيْوَهَ إلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بِدَابِق، فقالا له: قُم حتَّى جلسَ على المِنْبَر، فَخَطَبَ، فلمَّا فَرغَ أخذَ خَالِدُ بن الرَّيَّان أشْرَافَ النَّاسِ فشَرط عليهم أنْ يَسْمعُوا ويطِيْعُوا له.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَليِل كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد (c) اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نعَيْم الحافِظُ، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن علي، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، قال: حدَّثنا إبْراهِيم بن هِشَام بن يَحْيَى بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني أبي، عن جدِّي، قال: كان عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز يَنْهى سُليْمان بن عَبْد المَلِك عن قَتْل الحَرُورِيَّة، ويقُول: ضَمِّنْهم الحبُوسَ
(a) في تاريخ داريا: أبو سعد عدي بن عبد الرحمن.
(b) بعده بياض في الأصل قدر نصف الصفحة.
(c) في الأصل: محمد بن أحمد، وصوابه المثبت كما يرد في العديد الأسانيد، وهو أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ خليفة 299، 312، 319، تاريخ ابن عساكر 16: 28 - 30، الوافي بالوفيات 13: 250، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 37 - 38.
حتَّى يُحْدثوا تَوْبَةً، فأتي سُليْمان بحَرُورِيّ مُسْتَقتل، فقال له سُليْمان: هيْه، قال: إيْه نزَع لحيَيْك يا فَاسِق ابن الفَاسِق، فقال سُليْمان: عليَّ بعُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، فلمَّا أتاهُ عُمَر، عاودَ سُليْمان الحَرُورِيّ، فقال: ماذا تقُول؟ قال: وماذا أقُول يا فَاسِق ابن الفَاسِق، فقال سُليْمانُ لعُمَر: ماذا تَرَى عليهِ يا أبا حَفْصٍ؟ فسَكَتَ عُمَر، فقال: عزَمْتُ عليك لتُخْبرني ماذا ترى عليه؟ قال: أرَى عليه أنْ تَشْتمَهُ كما شَتَمَكَ، وتَشْتم أباهُ كما شَتَم أباكَ. قال سُليْمان: ليس إلَّا! فأمَرَ به فضُرِبت عُنُقهُ، وقامَ سُليْمان، وخَرَجَ عُمَر، فأدْركَهُ خَالِد بن الرَّيَّان، صَاحِب حَرَس سُليْمان، فقال: يا أبا حَفْص، تقُول لأَمِير المؤمنِيْن: ما أَرَى عليهِ إلَّا أنْ تَشْتمه كما شَتَمَكَ وتَشْتم أباهُ كما شَتَم أباكَ! واللهِ لقد كُنْتُ مُتَوقِّعًا أنْ يأمُرَني بضَرْب عُنُقك، قال: ولو أمركَ فَعَلتَهُ؟ قال: أي واللهِ، لو أمَرَني فَعَلتُ!
فلمَّا أفْضَت الخِلَافَةُ إلى عُمَر، جاء خَالِدُ بن الرَّيَّان، فقَام مقام صَاحِب الحَرَس، وكان قَبْل ذلك على حَرَس الوَلِيدِ وعَبْدِ المَلِك، فنَظَر إليه عُمَر فقال: يا خَالِد، ضَع هذا السَّيْفَ عنكَ، وقال. اللَّهُمَّ أنِّي قد وضعْتُ لكَ خَالِد بن الرَّيَّان فلا تَرْفَعْه أبدًا، ثمّ نَظَر في وُجُوه الحَرَس، فدعا عَمْرو بن مُهاجِر الأنْصَاريّ، فقال: يا عَمْرو، والله لتَعْلمن أنَّهُ ما بَيني وبينَكَ قَرَابَة إلَّا قَرَابَة الإسْلَام، ولكن قد سَمعتُكَ تُكْثِر تلَاوة القُرْآن، ورأيتُكَ تُصَلِّي في مَوضعٍ تَظنّ أنْ لا يراكَ أحدٌ، فرأيتُكَ تُحْسن الصَّلاة، وأنت رَجُل من الأنْصَار، خُذْ هذا السَّيْف فقد ولَّيْتُكَ حرَسي (a).
(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلث الصفحة.
خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عَبْد عَمْرو بن عَوْف بن غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّار، وقيل: خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عبد عَوْف بن جُشَم بن غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّار، وهو تَيْم الله بن ثعلَبَة بن الخَزْرَج بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامِر بن حَارِثَة بن امْرئ القَيْس بن ثَعْلبَة بن مَازِن بن الأَزْد بن الغَوْث بن نَبْت بن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلَان بن سَبَأ، أبو أيُّوبَ الأنْصَاريّ الخَزْرَجيّ
(1)
وأُمُّه هِنْد بنتُ سَعْد بن قَيْس بن عَمْرو بن امْرئ القَيْس بن مَالِك بن ثَعْلَبَة بن كَعْب بن الخزْرَج بن الحارِث بن الخَزْرَج الأكْبَر.
(1)
توفي سنة 51 هـ وقيل في السنة بعدها، وقيل: سنة 55 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 93، 366، 368، طبقات ابن سعد 3: 484 - 485، تاريخ يحيى بن معين 2: 144، 3: 145، تاريخ خليفة 55 - 56، 99 وغيرها من مواضع الكتاب، طبقات خليفة 89، 251، 303، تاريخ أبي حفص الفلاس 227، 327، 524، تاريخ البخاري الكبير 3: 136 - 137، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 15، تاريخ الطبري 2: 396، 617، 3: 201، 225، 605 - 606، 4: 241، 423، 430، 5: 84 - 87، الأخبار الطوال لأبي خيفة الدينوري 207، 210، المعرفة والتاريخ 1: 312 - 313 (وفيه: خالد بن يزيد)، المعارف لابن قتيبة 274 - 275، وأخباره وذكر أحواله كثيرة في تاريخ الطبري (الأجزاء: 2، 3، 4، 5، وفهرس الأعلام يرشد إلى مواضع الصفحات)، الأزدي: تاريخ الموصل 199 (مدفنه بباب الذهب من القسطنطينية)، الجرح والتعديل 3: 331، المسعودي: مروج الذهب 3: 19، 90، 104 - 105، 157 - ، 211، 214، 240، الثقات لابن حبان 3: 102 - 103، 4: 198، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 49، حلية الأولياء 1: 361 - 363، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 60، 62، الاستيعاب 2: 424 - 426، 4: 1606، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 348، تاريخ بغداد 1: 493 - 495، تاريخ ابن عساكر 16: 33 - 65، ابن الجوزي: المنتظم 5: 249 - 251 (وسماه: خالد بن يزيد)، صفة الصفوة لابن الجوزي 1: 468 - 470، ابن الأثير: الكامل 2: 109، 3: 77 وما بعدها، أسد الغابة 2: 80 - 82، تهذيب الكمال 8: 66 - 71، تاريخ الإِسلام 2: 552 - 553، سير أعلام النبلاء 2: 402 - 413، العبر في خبر=
صَاحِب رسُول الله صلى الله عليه وسلم، نَزَل عليه رسُول الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ المَدِينَة، وشَهِدَ معه بَدْرًا والحَقَبَة وأُحُدًا، والمَشَاهِد كلَّها، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وكان على مُقَدِّمَتهِ، وقيل إنَّما شَهِدَ معه يَوْم النَّهْرِ، وغَزَا مع يزِيد بن مُعاوِيَة في حَيَاةِ أبيهِ مُعاوِيَة في سَنَة اثنتَيْن وخَمْسِين القُسْطَنْطِينِيَّة، ومات بها في تلك الغَزَاةِ.
رَوَى عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعن أُبَيّ بن كَعْب، وأبي هُرَيْرَة رضي الله عنهما.
رَوَى عنهُ البَرَاءُ بن عَازِب، وأبو أُمَامَةَ، وجَابِر بن سَمُرَة، وعبدُ الله بن زَيْدٍ الخَطْمِيّ، والمِقْدَام بن مَعْدِي كَرْب، وعَطَاء بن يَزِيْد اللَّيْثِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى، وأبو عبد الرَّحْمن الحُبُلِيّ، وعامر بن سَعْد بن أبي وَقَّاص، وعَاصِم بن سُفْيان، وطَلْحَة بن نَافع الوَاسِطِيّ، وعُمَر بن ثَابِت الأنْصَاريّ، وعَلْقَمَة بن قَيْس، والأَسْوَد بن يَزِيد، والأَصْبَغ بن نُبَاتَة، وأبو سَوْرَة ابن أخي أبي أيُّوبَ، وأبو رُهْم، وأبو عِمْران، والقَرْثَع، وأبو صِرْمَة. وكان أبو أيُّوب مَعْدُودًا في أهْل الصُّفَّة.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا (a) أبو طَالب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثنا حُسَيْن بن حَسَن
(a) قوله: "قال أخبرنا" مكرر في الأصل في طالع الصفحة بعدها.
_________
= مَن غبر 1: 40، الكاشف 1: 268 (أرخ وفاته سنة 81 هـ، وهو بعيد)، الوافي بالوفيات 13: 251 - 252، ابن كثير: البداية والنهاية 3: 199، 8: 32، 58 - 60، ابن خلدون: العبر 5: 20، الإصابة 2: 89 - 90، تهذيب التهذيب 3: 90 - 91، تقريب التهذيب 1: 213، المقريزي: المقفى الكبير 3: 724 - 731، النجوم الزاهرة 1: 143، حسن المحاضرة 1: 243، شذرات الذهب 1: 246 - 247، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 39 - 47، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 283 - 287، الزركلي: الأعلام 2: 295 - 296.
الأشْقَرُ، قال: حَدَّثَنَا قَيْس بن الرَّبيْع، عن سَعْد بن طَرِيف، عن الأصْبَغ بن نُبَاتَة، عن أبي أيُّوب الأنْصَاريِّ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا كان يَوْم القِيامَة نَادَى مُنَادٍ من بُطْنان العَرْش، يا أهْل الجَمع نَكِّسُوا رُؤوسكم، وغُضُّوا أبْصَارم حتَّى تمرّ فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على الصِّرَاط، قال: فتمرُّ مع سَبْعِين ألف جَارِيَة من الحُور العِيْن كَمَمَرِّ البَرْق.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن الحُسين بن هِلالة، قال: أخْبَرَنا أَسْعَدُ بن أبي سَعيد بن رَوْح، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بنتُ عَبْدِ الله الجُوزْجَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمانَ بن أحْمَد بن أيُّوبَ الطَّبَرَاِنِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَهْدِي المَرْوَزيّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن خشْرَم، قال: حَدَّثَنا الفَضْلُ بن مُوسَى السِّيْنَانيُّ، عن عَبْد اللهِ بن كَيْسَان، قال: حَدَّثنا عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ، قال: خَرَجَ أبَو بَكر رضي الله عنه بالهَاجِرَة، فسَمِعَ بذلك عُمَر فَخَرَجَ، فإذا هو بأبي بَكر، فقال يا أبا بَكْرٍ، ما أخْرَجَك هذه السَّاعة؟ فقال: أخْرَجَني والله ما أجدُ في بَطْنِي من حَاقِّ (b) الجُوع، فقال: وأنا واللهِ ما أخْرَجَني غيره، فبينما هُما كذلك إذْ خرَج عليهما النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال ما أخْرَجَكُما هذه السَّاعَة؟ فقالا: أخْرَجنا واللهِ ما نَجِدُ في بُطُوننا من حَاقِّ الجُوْع، فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا والّذى نَفْسِي بيده ما أخْرَجني غيرهُ.
فقامُوا فانطلَقُوا حتى أتَوا بابَ أبي أيُّوبَ الأنْصَاريّ، وكان أبو أيُّوب قد ذَخَر لرسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا أو لبَنًا، فأبْطَأ يَوْمئذٍ فلم يأت لحينِهِ،
(a) الأصل: قال.
(b) في الأصل: حاف، ويأتي بعده صحيحًا بالقاف.
_________
(1)
العلل المتناهية لابن الجوزي 1: 263 (رقم 424)، كنز العمال للمتقي 12: 105 - 106 - 107 (رقم 34209 - 34210)، كشف الخفاء للعجلوني 1: 101 (رقم 263).
(2)
المعجم الصغير للطبراني 92 - 93 (رقم 177)، وانظر: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 12: 16 - 28 (رقم 5216)، مجمع الزوائد 10: 317 - 318.
فأطعَمَهُ (a) أهْلهُ، وانْطَلقَ إلى نَخْل يَعمل فيهِ، فلمَّا أتَوا باب أبي أيُّوبَ، خَرَجَت امْرأتُه، فقالت: مَرْحَبًا برسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وبمَن معهُ، فقال لها رسُول الله صلى الله عليه وسلم: فأينَ أبو أيوب؟ قالت: يأتيك يا رسُول الله السَّاعَة.
فرجَع رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فبَصُرَ به أبو أيُّوبَ وهو يَعْمَلُ في نَخْلٍ له، فجاءَ يَشْتَدُّ حتَّى أدْرَك رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مَرْحَبًا بنبيّ اللهِ ومَنْ معَهُ، فقال: يا رسُول الله، ليس بالحِيْن الّذي كُنْت تَجيئُني فيه، فردَّهُ فجاءَ إلى عَذْق النَّخْل فقَطَعَهُ، فقال له رسُول الله صلى الله عليه وسلم ما أرَدْتَ إلى هذا؟ فقال: يا رسُول الله، أحْبَبْتُ أنْ تَأكُل من رُطَبهِ وبُسْرِه وتَمْرهِ وتَذْنُوبهِ
(1)
، ولأذْبَحنَّ لك مع هذا، فقال: إنْ ذَبَحْت فلا تَذْبحنَّ ذاتَ دَرٍّ، فأخَذَ عَنَاقًا له أو جَدْيًا فذَبَحهُ، وقال لامْرَأته اخْتَبزي وأطْبُخُ أنا، فأنْتِ أعْلَم بالخُبْز، فعَمد إلى نصْف الجَدْي فطَبَخَهُ وشَوَى نصْفَهُ.
فلمَّا أدْرَكَ الطَّعَامُ وُضعَ بين يَدَي رسُول الله صلى الله عليه وسلم وأصْحَابه، فأخَذ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من الجَدْي فوَضَعَهُ على رَغِيفٍ، وقال: يا أبا أيُّوب، أَبْلغ هذا فاطِمَة؛ فإنَّها لَم تُصِبْ مثْل هذا منذُ أيَّامٍ.
فلمَّا أكَلُوا وشَبِعُوا، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: خُبْزٌ ولَحْمٌ وبُسْرٌ وتَمْرٌ ورُطبٌ، ودَمَعَتْ عَيْناهُ، ثُمَّ قال: هذا من النَّعِيْم الّذي تسألونَ عنه يَوْم القِيامَة، فكَبُرَ ذلك على أصْحَابهِ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا أَصَبْتُم مثْل هذا وضَرَبتُم بأيدِيكم فقُولوا: بسم اللهِ وبَرَكَةِ اللهِ، فإذا شَبِعْتُم فقولوا: الحَمْدُ للهِ الّذي أشْبَعَنا وأرْوَانا وأنْعَم وأفْضَل؛ فإنَّ هذا كَفَاف بهذا.
(a) الأصل: فأطمعه.
_________
(1)
التَّذْنُوب: البُسر الذي قد بدا فيه الإرطاب من قبل ذَنَبه. لسان العرب، مادة: ذنب.
وكان رسُول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتي إليه أحدٌ مَعْرُوفًا إلَّا أحبَّ أنْ يُجَازيَهُ، فقال لأبي أيُّوب: إئتنا غَدًا، فلَم يَسْمَع، فقال له عُمَر: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُك أنْ تأتِيَه، فلمَّا أتاهُ أعْطَاهُ وَليْدَةً، فقال: يا أبا أيُّوب، اسْتَوصِ بهذه خَيْرًا، فإنَّا لَم نَرَ إلَّا خَيْرًا ما دامَتْ عندنا، فلمَّا جاء بها أبو أيُّوب، قال: ما أجدُ لوَصِيَّةِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا خَيْرٌ من أنْ أُعْتِقَها، فأعْتَقَها.
لَم يَرْوهِ عن عَبْد الله بن كَيْسَان إلَّا الفَضْل بن مُوسَى.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عليّ الحُسَيْنيّ، قال: أخْبرنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْر القَاضِي المَنْبِجِيّ، قال: حَدَّثنا الحَسَن بن عليّ، قال: حَدَّثنا الحُسَين بن الحَكَم، قال: حَدَّثنا الحَسَنُ بن الحُسين، قال: حَدَّثنا عليّ بنِ الحُسَين العَبْدِيّ، عن الأَعْمَش بن إبْراهيم، عن عَلْقَمَة بن قَيْس، والأَسْوَد بن يزِيد، قالا: أَتَينا أبا أَيُّوبَ الأنْصَاريّ بعدَما انْصَرف مع عليّ عليه السلام من صِفِّيْن، فقُلْنا: يا أبا أيُّوب، إنَّ الله جَلَّ وعَزَّ أكْرَمك بنبيِّه إذ أوْحَى إلى رَاحلتهِ فبَرَكَت على بَابكَ، وكان رسُول الله صلى الله عليه وسلم ضَيْفًا لك؛ فَضِيلةٌ من اللهِ فَضَّلكَ بها، أخْبرنا عن مَخْرجكَ مع عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، فقال أبو أيُّوب: فإنِّي أُقْسِم لكما بالله لقد كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم معي في هذا البَيْت الّذي أنتما فيه، وعليّ عن يَمِيْنه، وأنا عن يَسَاره، وأنَسُ بن مَالِك قائم بينَ يَدَيْه، إذ تحرَّكَ البابُ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: انْظُر منْ بالبابِ، فخرَج أنسٌ فنَظَر، فقال: يا رسُول اللهِ، هذا عَمَّارٌ، فقال: افْتَح لعَمَّار الطَّيِّب المُطَيَّب، ففَتَح أنس الباب، فدَخَل عَمَّارٌ فسَلَّم على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فرَحَّبَ بهِ، ثُمَّ قال: يا عَمَّار، إنَّهُ سيكُون من
بَعْدِي في أُمَّتِي هناتٌ حتَّى يَخْتلف السَّيْف فيما بينهم حتَّى يَقْتُل بعضُهُم بَعْضًا، فإذا رأيْتَ ذلك فعليكَ بهذا الّذي عن يَمِيْني، يعني عليًّا عليه السلام، فإنْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وعليٌّ وَادِيًا، فاسْلُك وَادِي عليّ، وخَلّ عن النَّاسِ، إنَّ عليًّا لا يَزُول عن هُدَىً ولا يَدُلّك [على](a) ردي، يا عَمَّار، طَاعَة عليّ طَاعتي، وطَاعَتي طَاعَةُ الله عز وجل.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّمِيْمِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي دَارِم، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن يَحْيَى بن مُحَمَّد بن بِشْر بن سُلَيم الدِّهْقَان، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن خَلِيفَة، قال: أخْبَرَنا ابن عُمْرُوس، عن يَحْيَى بن يَعْلَى، عن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللهِ (b) بن أبي رَافِع، عن عَوْن بن عُبَيْد الله بن أبي رَافِع، عن أَبِيهِ عُبَيْدِ الله، وكان كاتب عليّ عليه السلام عن تَسْميَة مَن شَهِدَ مع أَمِير المُؤْمنِيْن من قُرَيْش والأنْصَار ومُهاجِري العَرَب والتَّابِعِين الّذين بَشَرَّهم رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بالجَنَّة، وأبْناء أهْل بَدْر من بني هاشِمٍ وعَبْد مَنَاف، فذكر جَمَاعَةً، وقال: أبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْد، بَدْرِيٌّ، وهو الّذي نَزَلَ عليه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مَقْدِمَهُ المَدِينَة، وهو كان على مُقدِّمَةِ عليّ يَوْمِ صِفِّيْن، وهو الّذي خَاصَم الخَوَارِج يَوْم النَّهْرَوَان، وهو الّذي قال لمُعاوِيَة حين سَبَّ عليًّا: كُفَّ يا مُعاوِيَةُ عن سَبّ عليّ في النَّاسِ، فقال مُعاوِيَةُ: ما أقْدرُ على ذلك منهم، فقال أبو أيُّوب: واللهِ لا أسْكُن أرْضًا أسْمَعُ فيها سَبَّ عليٍّ، فَخَرَجَ إلى سَاحِل البَحْر حتَّى مات رحمه الله.
(a) ساقطة من الأصل وكتب ابن العديم فوق الكلمة قبلها حرف "صـ" تنبيهًا على وقوع سقط.
(b) الأصل: عبد الله، وانظر السند بعده.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، قال: كَتَبَ إلينا الفَضْل بن سَهْل الحَلَبيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيِّ، قال: أخْبَرَنا ابن خَمِيْروْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ [الحُسَيْن](a) بن إِدْرِيس، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل - يعني ابن عُلَيَّة (b) - عن شُعْبَة، قال: قُلْتُ للحَكَم بن عُتَيْبَةَ: شَهِدَ أبو أَيُّوب مع عليّ صِفِّيْن؟ قال: لا، ولكن شَهِدَ معه قِتَال أهْل النَّهْر.
كذا قال الحَكَم، والصَّحيحُ أنَّهُ شَهِدَها مع عليٍّ رضي الله عنه، وأكْثر الحُفَّاظ والأئمَّة على ذلك.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل المُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللهِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن طَاهِر بن حَمْد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن عَمْرو بن عِمْران الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيمان البَاغَنْدِي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن نُمَيْر، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عن أبي حَسَّان - والصَّوَاب: أبي ظَبْيَان - قال: غَزَا أبو أَيُّوبَ الرُّومَ، فَمرض، فلمَّا حُضرَ، قال: إذا أنا متّ فاحْملُوني، فإذا صَافَفْتُم العَدُوّ فادْفنوني تحت أقْدَامكمُ، وسَأحَدِّثُكُم حَدِيثًا سَمِعتُهُ من رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا حَالي هذا ما حدَّثتكُمُوه: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ ماتَ لا يُشْركُ بالله شَيْئًا دَخَل الجَنَّة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا ابنُ الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا
(a) إضافة من تاريخ بغداد.
(b) في تاريخ بغداد: إسماعيل بن محمد.
_________
(1)
تاريخ بغداد 1: 493 - 494.
(2)
تاريخ بغداد 1: 494 - 495.
يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بن صالِح، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا ابن جَابِرٍ أنَّ أبا أَيُّوب لَم يَقْعُد عن الغَزْو في زَمَان عُمَر وعُثْمان ومُعاوِيَة، وأنَّهُ تُوفِّي في غَزَاةِ يَزِيد بن مُعاوِيَة بالقُسْطَنْطِينِيَّة.
قال الوَلِيدُ: فَحَدَّثَني شَيْخٌ من أهْلِ فِلَسْطين أنَّهُ رَأى بنيَّةً بَيْضاءَ دُون حَائط القُسْطَنْطِينِيَّة، فقالوا: هذا قَبْر أبي أَيُّوبَ الأنْصَاريّ صَاحِب النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَتَيْتُ تلك البَنِيَّة، فرَأيتُ قَبْره في تلك البنيَّة وعليه قِنْدِيل مُعَلَّق بسِلْسِلَة.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْلِ الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد الوَكِيل بقِرَاءَتي عليه، ح.
وأخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُودُ بن الحُصَيْن، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عليّ بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن يَحْيَى السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن عَبْدِ الله التَّرْقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْد الله بن يَزِيد المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وابنُ لَهِيْعَة، قالا: سَمِعْنا يَزِيد بن أبي حَبِيْب يَقُول: حَدَّثني أبو عِمَران أنَّهُ سَمِعَ أبا أَيُّوب الأنْصَاريّ يَقُول: إنَّ الرَّجُل ليَعْمل الحَسَنة فيَتَّكلُ عليها، ويَعْمل المُحَقَّرَات حتَّى يأتي اللهَ وقد أحَطْنَ به - وقال الوَكِيلُ: وقد أُحِيْطَ بهِ - وإنَّ الرَّجُل ليَعْمل السَّيِّئةَ فيَفْرَق منها حتَّى يأتي الله آمِنًا.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمِعُ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَدُ بن مُحمّد بن اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله الحافِظ
(2)
، قال: فأمَّا أسَامِي
(1)
لم أقف عليه في كتاب المعرفة والتاريخ.
(2)
حلية الأولياء 1: 347، وذكر ابن العديم في ترجمة خريم بن فاتك الأسدي، الآتية في هذا الجزء، أن الذي أشار إليه أبو نعيم أنه جمع أسماء أهل الصفة ورتَّبها على حروف المعجم هو أبو عبد الرحمن السُّلمي.
أهْل الصُّفَّة فقد رأيتُ لبعض المُتَأخِّرِين نَتبُّعًا على ذِكْرهم وجَمْعهم على حُرُوف المُعْجَم، وذَكَرَ منهم جَمَاعَةً، ثُمَّ قال
(1)
: وذُكِرَ خَالِد بن زَيْد (a) أبا أَيُّوب الأنْصَاريّ في أهْلِ الصُّفَّة من قِبَل مُحَمَّد بن جَرِيْر، وأبو أيُّوب هو صَاحِبُ الدَّار المَشْهُور (b)، والّذي نَزَل عليه العَلَم المَنْشُور رسُول الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ المَدِينَةَ إلى أنْ بن المَسْجِد والحُجْرة، وداره اليَوْم أيضًا بالمَدِينَة مَذْكُورَة، اسْتَغْنى عن الصُّفَّة ونُزُولها، شَهِدَ بَدْرًا والعَقَبَة، لا من أهْل الصُّفَّة (c)، تُوفِّي بالقُسْطَنْطِينِيَّة ودُفِنَ في أصْلِ سُورها.
وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا فَارُوق الخَطَّابيّ، قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بن الخَلِيل، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُلَيْح، قال: حَدّثَنَا مُوسَى بن عُقْبَة، عن ابن شِهَابٍ الزُّهْرِيّ في تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ العَقَبَة: أبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْدٍ.
أنْبَأنَا عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال في كتاب الحُرُوف: ذِكْرُ من اسْمُهُ خَالِد من الصَّحَابَةِ، وهم جَمَاعَةً، منهم: أبو أَيُّوبَ الأنْصَاريّ خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عَبْد عَوْف بن جُشَمِ بن غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّار، هكذا حَدَّثَنِي بنسَبهِ مُحَمَّد بن أبي عَوَانَة الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن بَزِيع، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: ومن السَّبْعين الّذين بايعُوا رسُول الله صلى الله عليه وسلم بالعَقَبَةِ الثَّانيَةِ: أبو أَيُّوب خَالِد بن
(a) حلية الأولياء: يزيد.
(b) الحلية: المشهورة.
(c) في حلية الأولياء: وهو من أهل العقبة لا أهل الصفة.
_________
(1)
حلية الأولياء 1: 361.
(2)
حلية الأولياء 1: 361.
زَيْد، وشَهِدَ بَدْرًا، ونَزَل عليه رسُول الله صلى الله عليه وسلم في مَنْزِله حين هَاجَرَ إلى المَدِينَة، فأقام في مَنْزِله حتَّى بنى مَسْجِدَهُ ومَسَاكنَهُ، وشَهِدَ مِع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مَشَاهدَهُ كُلَّها، وآخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبين مُصْعَب بن عُمَيْر، وشَهِدَ بعد ذلك مع عليّ بن أبي طَالِب الجَمَلِ وصِفِّيْن، ثمّ سَكَنَ دِمَشْقَ، فلَم يَزَل يَغْزُو الرُّوم حتَّى قُبِض في غَزْوةٍ غَزَاها مع يَزِيد بن مُعاوِيَة، ودُفِن في أصْلِ حِصْن القُسْطَنْطِينِيَّة سَنَة ثِنْتَيْن وخَمْسِين، وقد شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ.
ورَوَى عنهُ من الصَّحَابَة جَمَاعَةٌ منهم: المِقْدَامِ بن مَعْد يكَرِب، والبَرَاء بن عَازِب، وجابر بن سَمُرَة، وأبو أُمَامَةَ، وعبد الله بن يَزِيد الخَطْمِيّ.
وقد رَوَى أبو أَيُّوبَ عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا كَثيْرًا.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَجِ الحُصْرِيّ في كتابهِ إلينا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُفُ بن عَبْد العَزِيْز بن الدّبَّاغ، قال: أخْبرنا أبو مُحّمَّد عَبْدُ الرَّحمن بن عبْد العَزيْز بن ثَابَت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن عَبْد البَرِّ
(1)
، قال: خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة، أبو أَيُّوب الأنْصَاريّ النَّجَّارِيّ، من بني غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّار، غَلَبَت (a) عليه كُنْيَتُهُ، أُمُّهُ هِنْد بنتُ سَعْد بن عَمْرو بن امْرئ القَيْس بن مَالِك بن ثَعْلَبَة بن كَعْب بن الخَزْرَج بن الحَارِث بن الخَزْرَج الأكْبَر، شَهِدَ العَقَبَةَ وبَدْرًا وسَائِر المَشَاهِد، وعليه نَزَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم في خُرُوجه من بني عَمْرو بن عَوف، حين قَدِمَ المَدِينَة مُهاجِرًا من مَكَّة، فلم يَزَل عنده
(a) الأصل: غلب.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 424.
حتَّى بنى مَسْجِدَهُ في تلك السَّنَةَ، وبنى مَسَاكنَهُ، ثُمَّ انْتَقَلَ صلى الله عليه وسلم إلى مَسْكَنه، وآخَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مُصْعَب بن عُمَيْر.
قال أبو عُمَر
(1)
: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا قاسم بن أصْبغَ، قال: حَدَّثَنَا ابن وَضَّاحٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عن اللَّيْث بن سَعْد، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب، عن أبي الخَيْر، عن أبي رُهْمٍ السَّمَاعِيّ أنَّ أبا أيُّوبَ الأنْصَاريّ حَدَّثَهُ قال: نَزَلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتنا الأسْفَل وكُنْتُ في الغُرْفَة، فَأُهريق ماءً في الغُرْفَة، فقُمتُ أنا وأُمّ أيُّوبَ بقَطِيْفَة نَتَتَبَّعُ الماءَ شَفَقةً أنْ يَخْلُصَ إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (a)، ونَزَلتُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا مُشْفِقٌ، فقُلتُ: يا رسُول الله، إنَّهُ ليسَ يَنْبَغي أنْ نكُون فَوْقَكَ، انْتَقَلْ إلى الغُرْفَة، فأمر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بمَتَاعِه أنْ يُنْقَلَ، ومَتَاعُه قَلِيل، وذَكَرَ تَمَام الحَدِيْث.
وكان أبو أيُّوبَ الأنْصَاريّ مع عليّ بن أبي طَالِب في حُرُوبه كُلّها، ثُمَّ ماتَ بالقُسْطَنْطِينِيَّة منِ بلاد الرُّوم في زَمَن مُعاوِيَة، وكانت غَزَاتُه تلك تحتَ رَاية يَزِيد، هو كان أَميرَهُم يَوْمئذٍ، وذلك سَنَة خَمْسِين أو إحْدَى وخَمْسِين من التَّاريخ، وقيل: بل كان ذلك سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين، وهو الأكْثَر، في غَزْة يَزِيد القُسْطَنْطِينِيَّة.
قال أبو عُمَر
(2)
: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا قاسم بن أصْبغَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن وَضَّاح، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة، عن الأَعْمَشِ، عن أبي ظَبْيَان، عن أشْيَاخِهِ، عن أبي أَيُّوبَ أنَّهُ خرَجَ غَازِيًا في زَمَن مُعاوِيَة فَمرض، فلمَّا ثَقُلَ قال لأصْحَابه: إذا أنا مِتّ فاحْملُوني فإذا صَافَفْتُم العَدُوّ فادفنُوني تحت أقدامكم ففَعلُوا، وذَكَرَ تَمَام الحَدِيْث.
(a) زيد في الاستيعاب: منه شيء.
_________
(1)
الاستيعاب 2: 425.
(2)
الاستيعاب 2: 425.
قال أبو عُمَر
(1)
: قال شُعْبَة: سألتُ الحَكَم: أَشَهِدَ أبو أَيُّوبَ صِفِّيْن؟ قال: لا، ولكنَّه شَهِدَ النَّهْرَوَان. وغيره يقُول: شَهِدَ صِفِّيْن مع عليّ رضي الله عنه. وقال ابنُ الكَلْبيّ وابن إسْحاق: شَهِدَ أبو أَيُّوب مع عليّ الجَمَل وصِفِّيْن، وكان على مُقَدِّمته يَوْم النَّهْروان، ولأبي أَيُّوب عَقِبُ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ في مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْد الله بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيّ، قال: خَالِد بن زَيْد، أبو أيُّوب الأنْصَاريّ، من أهْلِ الصُّفَّة.
قال مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ
(2)
: وهو خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عَبْد عَوْف بن غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّار، شَهِدَ بَدْرًا والعَقَبَةَ والمَشَاهِد كُلّها، تُوفِّي بالقُسْطَنْطِينِيَّة سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين.
قال أبو عبد الرَّحْمن: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حَمْدَان العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن مَنِيع، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا ابن عَوْن إسْحاق، قال: أبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عَبْدِ عَوْف بن جُشَمِ بن غَنْم بن مَالِك بن عَمْرو بن الجَمُوح، وهو ممَّن شَهِدَ بَدْرًا من الأنْصَار، وشَهِدَ مع عليٍّ الجَمَل وصِفِّيْن ونَهْرَوان، وماتَ بأرْض الرُّوم زَمَن مُعاوِيَة سَنَةَ اثْنَتَيْن وخَمْسِين، ودُفِنَ في أصْلِ سُور قُسْطَنْطِينِيَّة، وغَزَا في تلك الغَزْوة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة، فلمَّا دُفِنَ قالت الرُّومُ: لقد مات فيكم عَظِيم، قال يَزِيد: اكْبتُوهُم
(1)
الاستيعاب 4: 1606.
(2)
لم أقف عليه في تاريخ الطبري، وذكر الطبري اسمه كاملًا في خبر نزول الرسول صلى الله عليه وسلم بداره. تاريخ الطبري 2:396.
وقولُوا: هذا رَجُلٌ من أصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، من أقْدَمهم إسْلامًا، وقد قَبَرناهُ حيثُ رَأيتُم، واللّه لئن مُسَّ لا يُضْربُ نَاقُوس بأرْض الرُّوم ما كانت لنا مَمْلَكَة، فكانُوا إذا أمْحلُوا كَشَفُوا عن قَبْره فُمطِروا، وبَنَي الرُّوم على قَبْره بناءً، وعَلَّقُوا عليه أرْبَعَة (a) قَنَادِيْل تُسْرَجُ.
وقال: سَمِعْتُ أحْمَد بن سَعيد المَعْدَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عُبَيْد الله بن مُحَمَّد البُزْنَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن سَيَّار يَقُول: سَمِعْتُ عُبَيْد اللهِ بن يَحْيَى بن بُكَيْر يَقُول: أُمُّ أبي أَيُّوب الأنْصَاريّ هِنْد بنت سَعْد بن قَيْس بن الخَزْرَج (b).
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الفَضْل، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر - قال أبو بَكْر: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ
(1)
. وقال أبو الحَسَن: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر - قالا: أخْبَرَنا أبو القاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء - قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن - قالا: حَدَّثَنا الحَسَن بن إسمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن عليّ المقرِئ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، أنَّ أبا أَيُّوب (ح) الأنْصَاريّ، وهو خَالِد بن زَيْد، غَزَا بلاد الرُّوم فمات بالقُسْطَنْطِينِيَّة، فقُبِرَ مع سُور المَدِينَة، وبُني عليه، فلمَّا أصْبَحُوا أشْرَف عليهم الرُّوم، فقالوا: يا مَعْشَرَ العَرَب، قد كان لكم اللَّيْلة شَأنٌ!؟ فقالوا: ماتَ رَجُل من أكَابِر أصْحَاب نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم، وواللهِ لئن نُبِشَ لا ضُرِبَ بناقُوْس في بلَادِ العَرَب، قال: فكان الرُّوم إذا أمْحَلُوا كَشَفُوا عن قبره فأُمْطِرُوا.
(a) الأصل: أربع.
(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أرباع الصفحة، وكذا الصفحة بعدها بأكملها.
(c) في الأصل: عن أبي أيوب، والمثبت من كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 61.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 217 - 218.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ (a) أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليِّ الأَشِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيدِ يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبد البَرّ
(1)
، قال: أبو أَيُّوب الأنْصَاريّ، اسْمُه خَالِد بن زيد بن كُلَيْب بن ثعلبة بن عَبْد عَوْف بن غَنْم بن مَالِك بن النَّجَّارِ، شَهِدَ بَدْرًا (b) وأُحُدًا والخَنْدَق وسَاِئر المَشَاهِد مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وتُوفِّيَ بالقُسْطَنْطِينِيَّة من أرْض الرُّوم سَنَة خَمْسين، وقيل: سَنَهَ إحْدَى وخَمْسين في خِلَافَة مُعاوِيَة تحت رَاية يَزِيد، وقيل: إنَّ يزِيدَ أمرَ بالخَيْل فجَعَلَتْ تقبْل وتُدْبِر على قَبْره حتَّى خَفي (c) أثَرُ قَبْره، رُوي هذا عن مُجَاهِدٍ، وقد قيل إنَّ الرُّوم قالت للمُسْلمين في صَبِيْحَة دَفْنِهم لأبي أيُّوبَ: لقد كان لكم اللَيلةَ شأنٌ (4)!؟ فقالُوا: هذا رَجُلٌ من أكَابِر أصْحاب نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم وأقْدمهم إسْلَامًا، وقد دَفنَّاهُ بمكان (e) رَأيتُم، واللهِ لئن نُبِشَ لا ضُرِبَ لكم بناقُوْسٍ في أرْضِ العَرَب ما كانت لنا مَمْلَكَةٌ.
ورُوي هذا المَعْنَى أيضًا عن مُجَاهِدٍ، قال مُجَاهِدٌ: فكانوا إذا أمْحَلُوا كَشَفُوا عن قَبْره فُمطِرُوا، وقال ابنُ القَاسِم عن مالكٍ: بلَغَني عن قبرِ أبي أيُوبَ أنَّ الرُّوم يَسْتَصحُونَ به ويَسْتَسْقُون.
ورَوى أَيُّوب، عن مُحَمَّد بن سِيْريْن، قال: أُنْبئتُ أنَّ أبا أَيُّوب شَهِدَ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم بَدْرًا ثمَّ لَم يتخلَّف عن غَزْوة في كُلِّ عام إلى أنْ ماتَ بأرض الرُّوم، فلمَّا وَلَّى مُعاوِيَةُ يزِيدَ على الجَيْش إلى القُسْطَنْطِينِيَّة، جَعَل
(a) غير مقروءة في الأصل.
(b) الاستيعاب: "شهد العقبة وبدرًا
…
".
(d) الاستيعاب: شأن عظيم.
(c) الاستيعاب: عفا.
(e) الاستيعاب: حيث.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 4: 1606.
أبو أَيُّوب يَقُول: وما عليَّ أَنْ أُمِّر علينا عابٌ (a)، فَمرض في غَزْوَتهِ تلك، فدَخَلَ عليه يَزِيدُ يعودُه وقال له: أوْصِني، فقال: إذا متُّ فكَفِّنُوني ثمّ مُر النَّاس فليَرْكَبوا ثمّ يَسِيْرونَ في أرْض العَدُوّ حتَّى إذا لَم يَجِدُوا مَسَاغًا فادْفنُوني، قال: ففَعَلُوا ذلك.
قال: وكان أبو أَيُّوب يَقُول: قال اللهُ عز وجل {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}
(1)
، ولا أجدُني إلَّا خَفِيْفًا أو ثَقِيلًا.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو حَازِم العَبْدُوِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا القَاسِم بن غَانِم المُهَلَّبيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم البُوْشَنْجيّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن عَبْد الله بن بُكَيْر يَقُول: ماتَ أبو أَيُّوب سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين.
أنْبَأنَا عليّ بن المُفَضَّل، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن السَّكَن، قال: حَدَّثَني هَارُون بن عِيسَى البَلَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بن بُكَيْر، قال: تُوفِّي أبو أَيُّوبَ الأنْصَاريّ سَنَة ثِنْتَيْن وخَمْسِين في غَزْوة يَزِيد بن مُعاوِيَة القُسْطنْطِينِيَّة، ويقال إنَّ مُجَاهِدًا حَضَر دَفْن أبي أَيُّوب يَوْمئذٍ.
أخْبَرَنا أبو عليّ الأَوَقِيّ، فيما أَذِنَ لنَا في روايته، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المبُارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين ويقال: أبو أَيُّوب خَالد بن زَيْد الأنْصَاريّ بأرْض الرُّوم يَعْني ماتَ، ثُمَّ قال: سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين أبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْد الأنْصَاريّ مات بأرْض الرُّوم، فدُفِنَ
(a) كذا في الأصل مؤكدًا بحرف العين، وفي الاستيعاب: شاب!
(b) في تاريخ بغداد: العبدويي.
_________
(1)
سورة التوبة، من الآية 41.
(2)
تاريخ بغداد 1: 494.
هناك في أصْلِ سُور القُسْطَنْطِينِيَّة، وأُجْريَت الخَيْلُ على قَبْره.
أنبأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن عُمَر الوَاعِظُ، قال: حَدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو طَالِب - يعني أحْمَد بن نَصْر الحافظ - قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة
(2)
- وهو الدِّمَشقيّ - قال: مات أبو أَيُّوب الأنْصَاريّ سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين بالقُسْطَنْطِينِيَّةِ.
وقال الخَطيبُ
(3)
: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الفَضْل بن طَاهِر إمَام الجَامع بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن الحَسَن الكِلَابيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عُمَيْر بن يوسف، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن مَحْمُود بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن القَاسِم بن سُمَيْعٍ يَقُول: وأبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة، بَدْرِيٌّ، من بني النَّجَّار، قبرُهُ بالقُسْطَنْطِينِيَّة.
خَالِدُ بن سِنَان بن غَيْث بن مُرَيْط بن مَخْزُوم بن مَالِك بن غالب بن قُطَيْعَة بن عَبْس بن بَغِيْض بن الرَّيْثِ بن غَطَفَان بن سَعْد بن قَيْس بن عَيْلَان بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، العَبْسِيّ، النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
(4)
كان نَبِيًّا في الفَتْرَة
(5)
، ويُقالُ إنه كان بمَنْبج وأنَّ قَبْره بها، ومَوضع قَبْره بمَنْبج مَعْرُوف من شَرْقيّ المَدِينَة، وعليه مَسْجِدٌ يُزَار.
(1)
تاريخ بغداد 1: 494 - 495.
(2)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 188.
(3)
تاريخ بغداد 1: 495.
(4)
ترجمته في: المعارف لابن قتيبة 62، السعودي: مروج الذهب 1: 75 - 76، 2: 368 - 370، ابن الأثير: الكامل 1: 376، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 597 - 598، ابن سعيد الأندلسي: نشوة الطرب 2: 544، ابن كثير: البداية والنهاية 2: 211 - 212، الإصابة 2: 154 - 156.
(5)
الفترةُ: ما بين كل نبيَّين أو رسولين من رسل الله عز وجل من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. لسان العرب، مادة: فتر.
أخْبَرَني الشَّيْخُ عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ في كتاب الزِّيَارَات
(1)
، قال: وبها - يعني بمَنْبج - مَشْهَد النُّور يَزْعُمُون أنَّ به بعض الأنْبِياءِ، ويقُولون إنَّهُ خَالِد بن سِنَانٍ العَبْسِيِّ الّذي قال فيه رسُول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
: ذَاك نَبِيٌّ أضَاعَهُ قَوْمُه.
أخْبَرَني القَاضِي أبو مُحَمَّد صَقْر بن يَحْيَى بن صَقْر الشَّافِعيّ، قاضيِ مَنْبج، قِراءَةً عليه في مَنْزِلي بحَلَب، قال: أنْبَأنا أبو طَاهِر هاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن هاشِم الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الأسْوَار عُمَر بن مُنَخَّل الدَّربَنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أبي نَصْر بن أبي بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الغَفَّار، وتَمِيم بن عَبْد الوَاحِد، وعُمَر بن أحْمَد بن عُمَر، قالوا: حَدَّثَنَا أبو سَعيد مُحَمَّد بن عليّ بن عَمْرو (a) بن مَهْدِى النَّقَّاش
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحد بن إبْراهيِم بن إسْماعِيْل الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثني مُحَمَّد بن عُمَر (b) الرَّازِيّ الحافِظ، قال: حَدَّثَني عَمْرو بن إسْحاق بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنا جَدِّى إبْراهيم بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنا أبو محمد القُرَشِيِّ الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عُرْوَة، عن ابن عُمَارَة (c)، عن أَبِيهِ عُمَارَة بن حَزْن بن شَيْطَان، قال: كانت لنا حَرَّة يُقال لها حَرَّة الحَدثَان، وكان إذا كان اللَّيْلِ فهي نارٌ تَشْتَعل، فإذا كان النَّهَار فهي دُخَانٌ يَسْطَعُ، وكانت طَيِّء تُعَشِّي إبِلَها بضَوْءِ تلك النَّار من مَسِيْرة سَبْع ليالٍ.
فأتانا خَالِدُ بن سِنَانٍ من قُرَيط (d) فقال: إِنَّ الله تعالى أمَرَني أنْ أُطْفِئ عنكم هذه النَّار، فليقُم معي منكم من كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فقام معه عَشرةُ رجَال، وكُنْتُ أحَدَهُم، حتَّى أتى القَليْب، فخَرَج منه عُنُقُ من النَّار ثُمَّ اسْتَدار علينا حتَّى
(a) الأصل: عمر، ويأتي صحيحًا فيما بعد.
(b) النقاش: عمير.
(c) النقاش: أبي عمارة.
(d) كذا في الأصل، وفي كتاب النقاش: مريطة. ولعل الصواب: مريط، كما تقدم في سياقة نسبه.
_________
(1)
الإشارات 61، وتقدم ذكر ذلك في الجزء الأول.
(2)
تقدم تخريجه في الجزء الأول.
(3)
النقاش: فنون العجائب 40 - 41.
صِرْنا في مثل كَفَّة المِيْزَان، فجَعَلْنا نَتَّقِيْها بالعصيّ (a) حتَّى احْتَرَقت (b)، ثُمَّ بالعَمَائِم حتَّى احْتَرقَت، فقُلْنا له: يا خَالِد أهْلكتَنا، قال: كلَّا إِنَّها مَأمُورَة وإنِّي مَأمُور، ثمّ جَعَل يَضْربهِا بعَصَاهُ (c) وهو يَقُول: بَدًّا، بَدًّا، كُلُّ حقٍّ للّهِ مُؤَدَّى، أنا عَبْدُ الله الأعْلَى، فلم يَزَل يَضْربُها حتَّى ردَّها إلى القَلِيْبِ، ثمّ تقدَّم خَلْفها وعليه قَمِيْصَانِ له أبْيَضان، فأبْطَأ علينا فقال ابنُ عَمّ له: لا يَخْرُج منها أبدًا، ثُمَّ خرَج علينا وقَمِيْصاهُ يَنْطُفانِ (d) عَرَقًا، وهو يَقُول: بَدًّا، بَدًّا، كُلّ حقٍّ هو للّه هو مُؤدَّى، أنا عَبْدُ الله الأعْلَى، زعَمَ ابنُ رَاعِيَة المِعْزَى أنِّي لا أخْرُج منها أبدًا، قال: فأهْلُ ذلك البَيْت يُدْعَونَ ابن رَاعِيَة المِعْزَى إلى اليَوْم، فقُلْنا له: يا خَالِدُ، ما الّذي رأيْتَ؟ قال: رأيْتُ أُحُدًا تَحُشُّها (e) فشَدَختهُنَّ وقد طَفَيْتُها عنكم، وكانت تَضُرّبنا (f) في الكَلَأ والمَرْعَى.
وكان من أعَاجِيْبهِ أنَّهُ وَقَفَ علينا فقال: امْضُوا معي، فَمضَيْنا معه حتَّى أتى مكانًا من الأرْضِ، فقال: احْتَفِرُوا (g) فاحْتَفَرُوا، فأبْدَى لنا عن (h) صَخْرة فيها كتابٌ قد زُبِر زَبْرًا وحُفِرَ حَفْرًا:{اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
(1)
فاحْتَمَلناها، فكانت إذا نزلَتْ بنا شِدَّةٌ أبْدأنا (i) عنها فتُكشَف عنَّا، وكُنَّا إذا قحَط بنا المَطَرُ جَلَّلَها (j) ثَوْبًا ثُمَّ قام يُصَلِّي ويَدْعُو فنُمْطر حتَّى إذا روينا كشَف الثَّوب عنه فيُمْسك المَطَرُ.
وكان من أعَاجِيْبهِ أنَّهُ قال: إنَّ امْرأتي حَامِل - غُلام واسْمُه مُرَّة، وهو أُحَيْمِر (k) كالذَّرَّة، ولن يُصِيْبُ المَوْلَى معه مَضَرَّة، ولن تروا ما دام فيكم مَعَرَّة (l).
(a) النقاش: بعصاة.
(b) بعده في كتاب النقاش: "ثم بالنعال حتى احترقت".
(c) النقاش: بالعصا.
(d) النقاش: يصبان.
(e) رسمها في الأصل: محنُتّها، والمثبت من كتاب النقاش.
(f) النقاش: تضربنا.
(g) النقاش: احفروا.
(h) النقاش: فأبدانا عن.
(i) النقاش: أبدينا.
(j) الأصل: حللها، والثبت من كتاب النقاش.
(k) النقاش: أصيغر.
(l) النقاش: ولن تروا معه معرة.
_________
(1)
سورة الإخلاص، الآيات 1 - 4.
ثُمَّ قال: إنِّي ميِّتُ إلى سَبْع، فادْفنُوني في هذه الأكَمَةِ، ثمّ اخرجُوا إلى قَبْري بعد ثالثةٍ، فإذا رأيتُم العَيْر الأبْتَرَ يطُوف حَوْل قَبْري، ويُسَوِّف بمَنْخَرِهِ، فانْبِشُوني تجدُوني حيًّا أُخْبركم بما يَكُونُ حتَّى تقُومَ السَّاعَة، فخرجُوا بعد ثالثةٍ إلى قَبْره فإذا نحنُ بالعَيْر الأبْتَر يَطُوف حَوْل قَبْره ويُسَوِّف بمَنْخَره، فأردْنا أنْ نَنْبُشَهُ، فمَنَعنا قَوْمُه من ذلك؛ قالُوا: لا نَدَعكُمُ تنبُشُوهُ تُعَيِّرنا بهِ العَرَبُ، فلمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أَتَتْه مُحَيَّاة بنتُ خَالِد، فانْتَسَبَتْ له، فبَسَطَ لها ردَاءَهُ وأجْلَسَها عليه، وقال: بنتُ أخي نَبيًّا ضَيَّعه قَوْمُهُ.
وقالوا: حَدَّثَنَا أبو سَعيد النَّقَّاش
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد (a) بن أحْمَد بن إبْراهيم العَسَّال (b)، قال: حَدَّثَنا عليّ بن الحَسَن (ع) بن جُنَيْد، قال: حَدَّثَنَا يَعْلَى (d) بن مَهْدِي المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنا أبو عَوَانَة، عن أبي يُونُس، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاس أنَّ رَجُلًا من بني عَبْسٍ يُقال له: خَالِد بن سِنَانٍ قال لقَوْمهِ: إنِّي أُطْفئُ نار الحَدثَانِ، فقال له رَجُلٌ من قَوْمه يُقال له عُمَارَة بن زيَاد: واللهِ يا خَالِدُ، ما قلْتَ لنا قَطّ إلَّا حَقًّا، فما شَأنك ونار الحَدثَان تَزْعُم أنَّك تُطْفئُها! فخرَجَ خَالِد ومعه ناسٌ من قَوْمِهِ، فيهم عُمَارَة بن زِيَاد، فخَطَّ لهم خَالِدٌ خَطًّا، فأجْلَسَهُم فيها، فإذا هي تَخْرج من شقِّ جبَل في حَرَّة يُقال لها: حَرَّةُ أَشجَع، فَخَرَجَتْ كأنَّها خَيْل شُقْر يتبعُ بعضُها بعضًا، فاسْتَقْبَلَها خَالِدٌ بعَصَاهُ، فجَعَل يَضْرِبُها، ويقُول: بَدًّا بَدًّا، كُلّ هَدْي مُؤَدَّى، زعَم ابنُ رَاعِيَةِ المِعْزَى أنِّي لا أخْرُجُ منها وثِبَابي تَنْدا.
(a) النقاش: أبو أحمد بن محمد.
(b) قيَّده المصنف في الأصل بالغين المعجمة: الغسال، والصواب ما ورد في كتاب النقاش بالمهملة، وكما نصّ عليه السمعاني في الأنساب 9: 292، نسبة لمن يبيع العسل ويَشْتاره، وانظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2: 89، وسير أعلام النبلاء، 16: 6 - 15، والوافي بالوفيات 2:41.
(C) النقاش: الحسين.
(D) النقاش: معلى.
_________
(1)
النقاش: فنون العجائب 41 - 42.
وقد كان خَالِد قال لهم: فإنْ أبطَأتُ عليم فلا تَدَعُوني باسْمِي، فأبْطَأ عليهم، فقال لهم عُمَارَة بن زياد: إنَّ صَاحِبَكُم واللّهِ إنْ كان حَيًّا لقد خَرَجَ إليكم بَعْدُ، فادعُوه باسْمهِ، قالوا: إنَّهُ قد نَهَى أنْ نَدْعُوَهُ باسْمِهِ، فدَعَوْهُ باسْمِهِ، فخَرَجَ إليهم، فقال لهم: ألَم أنْهَكُم أنْ تَدعُوني باسْمي فقد واللّهِ قَتَلْتُموني، احْملُوني فادْفنُونيّ، فإذا مرَّت عليكم الحُمُر فيها حِمَارٌ أبْتَر، فانْبشُوِني فإنَّكُم ستَجِدُوني حَيًّا، فمرَّت بهم الحُمُر فيها حِمَارٌ أبْتَر (a) فأرادُوا نَبْشَهُ، فقال لهم عُمَارَة بن زياد: لا تَنبُشُوهُ، لا واللّهِ ما تُحدِّثُ مُضَرُ أَنَّا نَنْبُش مَوْتَانا! وقد كان خَالِدٌ قال لهم: إنَّ في عُكُم (b) امْرأته لوْحَيْن، فإذا أَشْكَل عليكم شيء فانظُروا فيها (c)، فإنَّكُم ستجدُون ما تُرِيدُون، ولا تمسّها حائضٌ، فأتَوا امْرأتَهُ، فسَألُوها عنها، فأخرجَتْها إليهم، وهي حائضٌ فذَهَبَ ما كان فيها من عِلْمهِ (d).
قال أبو يُونسُ: قال سِمَاكٌ
(1)
: سُئِلَ عنهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: نَبِيٌّ أضَاعَهُ قَوْمُهُ.
قال أبو يُونُسَ: قال سِمَاكٌ
(2)
: إنَّ ابن خَالِد بن سِنَان أتَى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: مَرْحَبًا يا ابن أخي.
قال أحْمَدُ بن حَنْبَل: أبو يُونُس الّذي رَوَى عنهُ أبو عَوَانَة حَدِيث خَالِد النَّبِيّ، لا أعْرِفُه.
وفي غير هذه الرِّوَايَة أنَّ ابْنَتهُ أتَتْ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فسَمِعتْهُ يَقْرَاُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(3)
، فقالت: كان أبي يقُول ذا.
(a) من قوله: "فانبشوني
…
إلى هنا" ساقط من كتاب النقاش، سبق نظر.
(b) النقاش: علم، تحريف، والعكم: المتاع أو إناء تدخر فيه المرأة متاعها. لسان العَرَب، مادة: عكم.
(c) النقاش: فيهما.
(b) النقاش: من علم.
_________
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 599.
(2)
المستدرك للحاكم 2: 599.
(3)
سورة الإخلاص، الآية 1.
خَالِدُ بن صَفْوَان بن عَبْدِ الله بن عَمْرو بن سِنَان المعرُوف بالأَهْتَم ابن سُمَي بن سِنَان بن خَالِد بن مِنْقَر بن أسَد بن الحَارِث المعرُوف بمُقَاعِس بن عَمْرو بن كعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم بن مُرّ بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو صَفْوَان التِّمِيْمِيُّ المِنْقَريُّ البَصْرِيُّ
(1)
يُعْرَفُ بالأَهْتَم أيضًا لأنَّهُ ضُرِبَ بقَوْسٍ على فيْهِ فهَتَمَت أسْنَانَهُ، وكان مَعْدُودًا من الخُطَبَاء البُلَغَاءِ الفُصَحَاءِ.
رَوَى عن مَيْمُون بن مِهْرَان الجَزَرِيّ. رَوَى عنهُ شَبِيْبُ بن شَبَّة
(2)
، وحَفْص بن غِيَاثٍ، ويُونُس النَّحْوِيّ، وإبْراهيمُ بن سَعْدٍ، والمُغِيرَة بن مُطَرِّف، وقَدِمَ رُصَافَة قِنَّسْرِيْن على هِشَام بن عَبْد المَلِك.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللّهِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبيدِ الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو
(1)
توفي سنة 135 هـ، وترجمته في: جمهرة النسب لابن الكلبي 232، التاريخ الكبير للبخاريّ 3: 156، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 24 وما بعدها (انظر: فهرس الأعلام 4: 290)، المعارف لابن قُتَيبة 403 - 404، الشعر والشعراء 318، المسعودي: مُروج الذَّهب 3: 331، 3: 358، 4: 105 - 107، النديم: الفهرست 1/ 2: 89 (ذكره في أسماء الخطباء)، المعارف 403 - 404، ابن ماكولا: الإكمال 4: 447، تاريخ ابن عساكر 16: 94 - 117، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1231 - 1236، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 140 - 143، تاريخ الإسلام 3: 400، سير أعلام النبلاء 6: 226، الوافي بالوفيات 13: 254 - 255، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 56 - 66، الزركلي: الأعلام 2: 297.
(2)
يرد اسْمُه فيما بعد في العديد من الروايات: شبيب بن شيبة، وانظر تَرْجَمَتِه بالاسم أعلاه في مُعْجَم الأدباء لياقوت 3:1411.
الفَرَج الجَرِيْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّشنا العبَّاس بن بَكَّار، قال: حَدَّشنا شَبِيْبُ بن شَبَّة، عن خَالِد بن صَفْوَان أنَّهُ كان بالرُّصَافَةِ عند هِشَام بن عَبْد المَلِك، فذَكَرَ حِكايَةً ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ الأحْنَف بن قَيْس
(2)
.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر البَغْدَاديّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عليّ بن المُهْتَدي باللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن الحَسَن بن الفَضْل بن المَأْمُون، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم الأنْبارِيُّ، قال: وحَدَّثَني عَمُّ أبي أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن بَشَّار بن الحَسَن بن بيان، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن بُهْلُول بن حَسَّان بن سِنَان التَّنُوخِيّ الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَني أبي البُهْلُول بن حَسَّان، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن زِيَاد من بَنِي سَامَة بن لُؤَيّ، عن شَبِيْب بن شَبَّة، عن خَالِد بن صَفْوَان الأَهْتَم، قال
(3)
: أوْفَدَني يُوسُفُ بن عُمَر إلى هشَام بن عَبْد المَلِك في وَفْد العِرَاق، فقَدِمْتُ عليهِ، وقد خَرَجَ مُتَبدِّيًا بقَرَابِيْنهِ (a) وَأهْلِهِ وحَشَمه وغَاشيَةٍ من جُلَسَائهِ، فنَزَل في أرْض قاعٍ صَحْصَح، مُتَنايف أَفْيَح، في عامٍ قد بَكَر وَسْمِيُّه، وتَتَابَعَ وليُّهُ، وأخذتِ الأرْضُ فيه زِيْنَتها من اخْتِلَافِ ألْوَانِ نَبْتها من نوْر رَبِيع مُوْنق، فهو في أحْسَنٍ مَنْظرٍ، وأمْلَح (b) مُخْتَبرٍ، وأحْسَن مُسْتَمْطَرٍ، بصَعِيدٍ كأنَّ تُرَابَهُ قِطَع الكَافُور، حتَّى لو أنَّ قِطْعَةً أُلْقِيَتْ فيه لم تَتّرِب، وقد ضُرِبَ له سُرَادِقٌ من حبَرَةٍ (c) كان صَنَعهُ له
(a) ابن عساكر وياقوت: بقرابته.
(b) ابن عساكر: وأحسن.
(c) ابن عساكر وياقوت: حبر.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 4: 77 - 80.
(2)
تقدمت تَرْجَمَة الأحنف بن قيس السعدي التَّمِيمِيّ في الجزء الثالث من هذا الكتاب، ولم تُذكر فيها الحكاية المشار إليها مما رواه خَالِد بن صفوان، وهي حكاية تتصل بتسويد الأحنف، ذَكَرَها المعافى بن زكرياء في كتابه الجليس الصالح 4: 77 - 80.
(3)
قارن بتاريخ ابن عساكر 16: 96 - 99، ومعجم الأدباء ياقوت 3: 1233 - 1234.
يُوسُفُ بن عُمَر باليَمَن، فيه أرْبَعَةُ أفْرشَةٍ من خَزٍّ أحْمَر، مثْلها مَرَافقُها، عليه دُرَّاعَة من خَزٍّ أحْمَر، مثْلُها عِمَامَتُها.
وقد أخَذَ النَّاسُ مَجَالِسهم، فأخْرَجتُ رَأسِي من نَاحية السِّمَاط، فنَظَر إليَّ مثل المُسْتَنْطق ليّ، فقُلتُ: أتمَّ اللّهُ عليك يا أَمِير المُؤْمنِيْن نِعَمَهُ، وسَوَّغكها بشُكْره، وجَعَل ما قلَّدك من هذا الأمْر رشْدًا، وعَاقبةَ (a) ما يَؤُول إليهِ حَمدًا، خلَّصَهُ (b) لك بالتُّقَى، وكثَّره لك بالنَّماء، لا كَدَّرَ عليكَ منهُ صَفَا، ولا خَالَط مَسْرُورَهُ بالرَّدَى، فقد أصْبَحْتَ للمُسْلِمينَ ثِقَةً ومُسْتَراحًا، إليكَ يَفْزَعُونَ في مطَالبهم (c)، ويَلْجَؤُون في أُمُورهم، وما أجدُ - يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، جَعَلني اللّه فِدَاءَكَ - شيئًا هو أبلَغُ في قَضَاءَ حَقّكَ، وتَوْقير مَجْلِسك، لِمَا مَنَّ اللّه به عليَّ من مُجَالستك، والنَّظَر إلى وجْهكَ، من أنْ أُذَكِّرَكَ نِعْمَة اللّهِ عليك، فأُنبِّهك على شُكْرِها، وما أجِدُ في ذلك شيئًا هو أبلَغُ من حَدِيْثِ مَنْ تَقدَّم قبلَكَ من المُلُوك، فإنْ أَذِنَ لي أَمَير المُؤْمنِيْن أخْبَرْتُه. وكان مُتَّكئًا، فاسْتَوى قاعدًا، فقال: هاتِ يا ابن الأَهْتَم.
فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّ مَلكًا من المُلُوك قَبْلك خرَجَ في عام مثل عامنا هذا إلى الخَوَرْنَق والسَّدِيْر، في عامٍ قد بَكَر وَسْمِيُّه، وتَتَابعَ وليُّه، وأخَذتِ الأرْضُ فيهِ زِيْنَتها من اخْتِلَافِ ألْوَانها من نَوْر رَبيع مُوْنق، فهو في أَحْسنِ مَنْظَرٍ، وأمْلَحٍ (d) مُخْتَبرٍ، وأحْسَن مُسْتَمطَرٍ، بصَعِيدٍ كأنَّ تُرَابَهُ قِطَع الكَافُور، حتَّى لو أنَّ بضْعَةً أُلْقِيَت فيه لن تَتّرِب، وكان قد أُعْطِي فَتَاءَ السِّنِّ مع الكَثْرة والغَلَبةِ والنَّماءِ، فنَظَر فأبْعَدَ النَّظَرَ، فقال: لمَن هَذا الّذي أنا فيهِ، هل رأيتُم مثْل ما أنا فيهِ، هَلْ أُعْطِي أحدٌ مِثْل ما أُعْطِيْتُ؟ وعندَهُ رَجُل من بقايا حَمَلَةِ الحُجَّة، والمضيّ على أدب الحَقِّ ومِنْهَاجهِ، فقال له: أيُّها المَلِك، إنَّك قد سَألْتَ عن أمْرٍ أفتأذَنُ في
(a) ابن عساكر: وعافية.
(b) ابن عساكر وياقوت: أخلصه.
(c) ابن عساكر وياقوت: مظالمهم.
(d) ابن عساكر: وأحسن. ياقوت: وأحسن مخبر.
الجَوَابِ؟ قال: نَعَم، قال: أرأيتك هذا الّذي قد أُعْجبتَ به أهو شيءٌ لم تَزَل فيه، أم هو شيءٌ صار إليكَ مِيْرَاثًا عن غيرك؟ وهو زائلٌ عنكَ، وصَائِرٌ إلى غيرك كما صَارَ إليك؟ قال: فكذلك هو، قال: أفلا أراك إنَّما أُعْجبتَ بشيءٍ يَسِيْر تكون فيه قَليلًا، وتَغيْب عنهُ طَوِيْلًا، وتكون غدًا بحِسَابهِ (a) مُرْتَهَنًا؟
قال: وَيْحَكَ أين المَهْرَبُ، وأينَ المَطْلَبُ؟ قال: إمَّا أنْ تُقِيم في مُلْكك فتَعمل فيهِ بطَاعَة ربّكَ على ما سَاءَكَ وسرَّكَ ومضَّكَ وأَرْمَضَكَ، وإمَّا أنْ تضعَ تاجَكَ، وتضَع أطْمَاركَ، وتَلْبَسَ أمْسَاحَكَ، وتَعْبُدَ ربَّكَ في هذا الجَبَلِ حتَّى يأتيكَ أجَلُكَ.
قال: فإذا كان السَّحَرُ فاقْرَع على بابيّ، [فإنِّي مُخْتَارٌ أحَدَ الرَّأيين](b) فإنْ (c) اخْتَرتُ مما أنا فيه كُنْتَ وَزِيرًا (d)، وإنْ اخْترت خلَواتِ الأرْض وقَفْر البِلادِ كُنْتَ رَفِيْقًا لا تُخَالَفُ.
فلمَّا كان السَّحَرُ قرَعَ عليه بابَهُ، فإذا هو قد وضَعَ تاجَهُ، ووضَعَ أطْمَارَهُ، ولَبِسَ أمْسَاحَهُ، وتَهَيَّأ للسِّيَاحَةِ، فلَزما واللّه الجَبَل حتَّى أتَتْهما آجَالُهُما، وذلك حيثُ يقُول أخُو بَنِي تَمِيْم عَدِيُّ بن زيْد العِبَادِيُّ
(1)
: [من الخفيف]
أيُّها الشَّامِتُ المُعَيَّرُ بالـ
…
ـدَّهْر أأنْتَ المُبَرَّأُ المَوْفُورُ
أَمْ لَديكَ العَهْدُ الوَثيقُ من الـ
…
أيَّام بل أنْتَ جَاهِلٌ مَغْرورُ
منْ رأَيْتَ المَنُونَ خَلَّدْنَ أمْ مَنْ
…
ذا عليهِ من أنْ يُضَامَ خَفِيرُ (e)
أيْنَ كِسْرَى؛ كِسْرَى المُلُوك أبو
…
سَاسَان (f) أم أين قَبْلَهُ سَابُورُ
(a) ابن عساكر: لحسابه.
(b) إضافة من مُعْجَم الأدباء، ولم ترد في عبارة ابن عساكر.
(c) الأصل: فأنا، وفوقها:"صـ"، والمثبت من ياقوت.
(d) ياقوت: وزيرًا لا يعصى.
(e) ابن عساكر: حقير.
(f) الديوان: أنو شروان.
_________
(1)
ديوان عدي بن زيد 84 - 90.
وبنُو الأصْفَرِ الكِرَامُ (a) مُلُوكُ الـ
…
ـرُّوْم لَم يَبْقَ منهُمُ مَذْكُورُ
وأخُو الحَضْرِ إذْ بناهُ وإذْ دِجْـ
…
ـلَةُ تُجْبَى إليهِ والخَابُورُ
شَادَهُ مَرْمَرًا وخَلَّلَهُ كِلْـ
…
ـسًا (b) فللطَّيْر في ذُرَاهُ وُكُورُ
لَم يَهَبْهُ رَيْبُ المَنُونِ فبادَ الـ
…
ـمُلْكُ عنه (c) فبَابُهُ مَهْجُورُ
وتأمَّلْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إذْ أشْـ
…
ـرَفَ يَوْمًا وللهُدَى تَفْكِيرُ
سَرَّهُ حالُهُ (a) وكَثْرةُ ما يَمْـ
…
ـلكُ والبَحْرُ معْرِضًا والسَّدِيْر
فارْعَوَى قَلْبُهُ فقال وما غِبْـ
…
ـطَةُ حَيٍّ إلى المَمَاتِ يَصِيْرُ
ثُمَّ بَعْدَ الفَلَاحِ والمُلْكِ والإ
…
مَّة وارتْهُمُ هُناكَ القُبُورُ
ثُمَّ أضْحَوا كأنَّهُم وَرَقٌ جَـ
…
ـفَّ فألْوَتْ به الصَّبَا والدَّبُورُ
قال: فبَكَى هِشَامٌ حتَّى أخْضَلَ لِحْيَتَهُ وبَلَّ عِمَامَتَهُ، وأمَرَ بنزْع أَبْنيتهِ، وبنُقْلَانِ قَرَابينهِ (e) وأهْلِهِ وحَشَمِهِ، وغَاشِيَتهِ من جُلَسَائهِ، ولُزُوم قَصْره.
قال: فاجْتَمَعت المَوَالِي والحَشَم على خَالِد بن صَفْوَان، فقالوا: ما أرَدَت إلى أَمِير المُؤْمنِيْن نَغَّصْتَ عليه لذَّتَهُ، وأفْسَدْتَ عليه بَادِيَتَهُ؟ فقال لهم: إليكم عنِّي، فإنِّي عَاهَدْتُ اللّه عز وجل أنْ لا أَخْلُو بمَلِكٍ إلَّا ذَكَّرْتُه اللهَ عز وجل.
قال أبو بَكْر بن الأنْبارِيّ: الّذي حَفِظْناهُ من شَيْخنا: مُتَنايف أَفْيَح. وقال أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن يَحْيَى: الصَّوَابُ: مَسَايف أفْيَح (f)؛ والمَسَايفُ جَمْعُ مَسَافَة.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ اللّهِ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج
(a) الديوان: الملوك.
(b) ابن عساكر: كرسًا، ياقوت: وجلله كلسًا.
(c) الديوان: منه.
(d) الديوان: ماله.
(e) ابن عساكر وياقوت: قرابته.
(f) ابن عساكر: أقبح.
المُعَافَى بن زَكَرِيّاء
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الخُتَّلِيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص النَّسَائِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَمْرو، عن الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: خَرَجَ هِشَامُ بن عَبْد المَلِك ومعه مَسْلَمَةُ أخوه إلى مَصَانِعَ قد هُيِّئَتْ له، وزُيِّنَت بألْوَان النَّبْتِ، وتوَافَى إليهِ بها وفُودُ أهل مَكَّة والمَدِينَة وأهل الكُوفَةِ والبَصْرَة، قال: فدَخَلُوا عليه وقد بُسِطَ له في مَجَالِس مُتَشَرِّفة مُطَّلعَةٍ (b) على ما شُقَّ له من الأنْهَارِ المُحفَّةِ بالزَّيْتُون وسَائِر (c) الأشْجَارِ، فقال: يا أهل مَكَّة (d)، أفيكم مثْلُ هذه المَصَانِع؟ قالوا: لا، غير أنَّ فينا (e) بَيْتَ اللّهِ المُسْتَقْبَل، ثُمَّ الْتَفَتَ إلى أهْل المَدِينَةِ، فقال: أفيكم مثْلُ هذه المَصَانِع؟ قالوا: لا، غير أنَّ فينا قَبْرَ نَبِيّنا المُرْسَل، ثُمَّ الْتَفَتَ إلى أهْلِ الكُوفَة، فقال: أفيكُم مثْلُ هذه المَصَانِع؟ قال: فقالوا: لا، غير أنَّ فيْنا تلَاوة كتاب اللّه تعالَى المُنَزَّل، ثُمَّ الْتَفَتَ إلى أهْلِ البَصْرَة، فقال: أفيكم مثل هذه المَصَانِع؟ قال: فقام إليهِ خَالِد بن صَفْوَان فقال: أصْلَح اللّهُ أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّ هؤلاءِ قد أقرُّوا على أنْفُسهم، ولو كان [فيهم] (f) مَنْ له لسَانٌ وبَيَانٌ لأَجاب عنهم! فقال له هِشَام: أفعنْدك في بَلَدكَ غير ما قالوا؟ فقال: نعم، أصِفُ بلادِيّ، وقد رأَيْت بلادَك فتَقِيْسها (g)، فقال: هاتِ، فقال: يَغْدُو (h) قَانصَانا (i) فيجيءُ هذا بالشَّبُّوط والشِّيْم (j)، ويجيءُ هذا بالظَّبْي والظَّلِيْم، ونحنُ أكْثَرُ النَّاسِ عَاجًا وسَاجًا، وخَزًّا ودِيْبَاجًا، وخَرِيْدَةً مِغْنَاجًا، وبِرْذَوْنًا هِمْلَاجًا، ونحنُ أكْثر النَّاسِ قَنْدًا (k) ونَقْدًا،
(a) الأصل: الحبليّ، والتصوب من كتاب الجليس الصالح وتاريخ ابن عساكر، وهو: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سل الختليّ، ويرد فيما بعد صحيحًا.
(b) الجريري: مشرفة مطلة.
(c) الجريري: في سائر.
(d) سؤال هشام لأهل مَكَّة لم يرد في كتاب الجليس الصالح.
(e) ابن عساكر: بنينا.
(f) إضافة من كتاب الجليس الصالح.
(g) الجريري: نفسها.
(h) الجريري: يعدو.
(i) الجريري: قانصُنا.
(j) الأصل: الثيم، والمثبت من الجليس الصالح وابن عساكر، وهو ضرب من السمك كالذي سبقه.
(k) في الجليس الصالح: فيدًا، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر. والقندُ: عصارة قصب السكر. لسان العَرَب، مادة: قند.
_________
(1)
الجريري: لجليس الصالح 2: 43 - 45، وفي تاريخ ابن عساكر 16: 102 - 104.
ونحنُ أوْسَعُ النَّاس بَرِّيَّةً، وأَرْيفهم بَحْريَّة، وأكْثرهم ذُرِّيَّة، وأبْعدُهُم سَرِيَّة، بُيُوتُنا ذَهَبٌ، ونَهْرنا عَجَبٌ، أوَّله رُطَبٌ، وآخرهُ عِنَبٌ، وأوْسَطُهُ قَصَبٌ.
فأمَّا نَهْرُنا العَجَبُ؛ فإنَّ الماءَ يُقْبِل وله عُبَابٌ ونحنُ نيامٌ على فُرُشِنا حتَّى يَدْخُل أرْضَنَا، فيَغْسِل (a) نَتْنَها، ويَعْلُو مَتْنَها، فنَبْلغ منه حَاجَاتنا ونحنُ نيامٌ على فُرشنا، لا ننُافِسُ فيه من قِلَّة، ولا نُمنعُ منه لذِلَّة، يَأتينا عند حَاجَتنا إليهِ، ويَذْهَبُ عنَّا عند رِيِّنا وغِنَاءنا عنهُ.
النَّخْلُ عندنا في مَنَابتهِ، كالزَّيْتُون عندَكُم في مَأَرَكِه (b)، فذَاكَ في أوَّلهِ (c) كهذا فِي إبَّانه، ذَاكَ في أفْنَانهِ كهذا في أغْصَانهِ، يخرُج أسْفَاطًا عِظَامًا وأوْسَاطًا، ثمّ يَنْفلِقُ (4) عن قضْبانِ الفِضَّةِ مَنْظُومةً بالزَّبَرْجَدِ الأخْضر، ثمّ يَصِيرُ أصْفَر وأحْمَر، ثمّ يصيرُ عَسَلًا فِي شَنَّةٍ من سَحَّاء ليست بقِرْبة ولا إناء، حولها المُذَابُ، ودُونها الحرَابُ، لا يَقْربُها الذَّبَاب، مَرْفُوعة عن التُّرابِ، من الرَّاسخاتِ في الوَحْل، المُلْقَحَات بالفَحْلِ، المُطْعِماتِ في المَحْلِ.
وأمَّا بُيُوتنا الذَّهَب، فإنَّ لنا عليهم خَرْجًا في السِّنِيْن والشُّهُور، نأخذُه فِي أوْقَاته، ويَدْفَع اللّهُ عنه آفاته، ونُنْفقه في مَرْضَاتهِ.
قال: فقال هِشَام: وأَنَّى لكم هذا يا ابن صَفْوَان، ولَم تُسْبَقُوا إليهِ، ولَم تُنَافسُوا (e) عليه؟ فقال: وَرثْنَاهُ عن الآباء، ونَعْمرهُ (f) للأبْناء، فيَدْفَع لنا عنه رَبُّ السَّماءَ، فمَثَلنُا فيه كما قال أَوْسُ بن مَغْرَاء:[من الوافر]
فمهما كان من خَيْرٍ فإنَّا
…
وَرِثناهُ أوَائِلَ أَوَّليْنَا
ونحنُ مُوَرِّثُوهُ كَما وَرِثْنا
…
عَنِ الآباءِ إنْ مُتْنَا بنيْنَا
(a) مهملة في الأصل، وفي كتاب الجليس الصالح: فيغسل آنيتها، وابن عساكر: فيغسل نبتها.
(b) الجليس الصالح: منازله.
(c) الجليس الصالح وابن عساكر: أوانه.
(d) الجريري: ينغلق.
(e) الجريري: تغلوا.
(f) الجريري: ونغمره.
قال: فقال له هِشَام: للّه دَرُّكَ يا ابن صَفْوَان! لقد أُوْتيتَ لسَانًا وعِلْمًا وبَيَانًا، فأكْرَمهُ، وأحْسَن جَائزَته، وقدَّمَهُ على أصْحَابهِ.
أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عليّ الدَّامَغَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبيّ، قال: أخْبرنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد السّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مَزْيَد، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر
(1)
، قال: حَدَّثَني عُمَر بن أبي بَكْر المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن أبي عُبيدَة بن مُحَمَّد بن عَمّار بن يَاسِر، قال: قَدِمَ خَالِد بن صَفْوِان على هِشَام بن عَبْد المَلِك، فقال له: مَرْحَبًا بك يا ابنَ صَفْوَان، قال: رَحُب وَادِيكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وعَزَّ نَادِيْكَ، وهَطَلَتْ عليكَ مُكْفَهرَّاتُ الغَمَام، قال: كيف أنْتَ في مَسِيْرك؟ قال: من اللّهِ في نِعَمٍ مُتَواتِرة لا أتَعرَّف فيها إلّا المزيْدَ منه، حتَّى إذا كُنَّا بثَنيَّة السَّمَاوَة بَعَثَ اللهُ علينا رِيْحًا حَرْجَفًا، احْمَرَّت لها آفاقُ السَّماءِ، وانْجَحَرَت لها الطَّيْرُ في أوْكَارها، والسِّبَاع في أسْرَابها، فلم أَهْتَدِ لعَلَم لامعٍ، ولا لنَجْمٍ طَالعٍ، فكُنت كالمُحْرَنْجَم إنْ تقدَّم عُقِرَ، وإنْ تأخَّر كُسِرَ، فبَيْنا نحنُ كذلك إذا نحن بفِتْيةٍ من بَنِي مَرْوَان، كأنَّهُم قُضُبُ الشَّوْحَط على خُيُولٍ لهم لاحِقَة الأَياطِل، تَهْوي بهم هُوي الأجَادِل، عليها كُلُّ غِطْرِيْفٍ مُتْرفٍ، كالحُسَام المُرْهَف، خَلْفَهُم سَلُوْقِيَّةٌ، في أعْنَاقها تلَعٌ، وفي أعْجَازها قمَعٌ، وفي أرْسَاغها فدَعٌ، فبَيْنا نحنُ كذلك إذ وَرَدْنا على مَوْزٍ لعَبْد المَلِك بن مَرْوَان كأنّهُ خَشَبُ (a) اليَرَابِيْع، قد أحْلَوْلَكَ أَفْنَاؤُهُ، وحَاد به أصْحَابُه، فنَزَلنا فكُنَّا بين آكلٍ ونَاسِعٍ وطَاهٍ ولَاهٍ ومُسْتَوٍ، فيا لك من مَنْزِل كريم مآبه، جَادَ بهِ أرْبَابُه.
(a) الأخبار الموفقيات: جثث.
_________
(1)
الخبر في الأخبار الموفقيات 143 - 144 بإسناد آخر واختلاف في بعض ألفاظه.
فأجابَهُ هِشَام بجوابٍ حَسَنٍ، وقال له: امْضِ فألْمِم بأهْلكَ، وعَجِّل الرَّجْعَة إلينا لتَنَال من دُنْيانا، ونَنَال من طِيْبك.
فحَسَدهُ رَجُلٌ من القَوْم فقال: ممَّن الرَّجُل؟ فقال: من أهْل العِرَاقِ، قال: من أيِّ أهْل العِرَاق؟ قال: من البَصْرَة، فأمْسَكَ عمَّا سوى ذلك وانْقَطَعَ، فقال له خَالِد: قد سألْتَ فأجْبَناكَ، فممَّن الرَّجُل؟ قال: من أهْلِ الحِجَاز، فقال: بَخٍ بَخٍ بَلَد العَرَب، ومَنْشَؤُ أهْلِ الأدَب، فمن أيّ أهل الحِجَاز؟ قال: مَكَّة، قال: بَخٍ بَخٍ حَرَمُ اللّه وأَمْنهُ، ومُهَاجَرُ إبْراهيم وإسْمَاعِيْل، فمن أيّ أهل مَكَّةَ؟ قال: من بَنِي عَبْد الدَّار، قال: لم تَصْنعَ شيئًا يا أخا بَنِي عَبْد الدَّار، هشمَتْكَ هاشِم، وأمَتْك أمَيَّةُ، ولوَتْ عليك لُؤَيّ، وغلبَتْكَ غَالِب، ونَفَتْكَ مَنَافٌ، وزهَرَت عليك زُهْرَةُ، فأنتَ عَبْدُها وابنُ عَبْدِها، تُغْلِقُ ورَاءها إذا خَرَجَت، وتَفْتَح دُوْنَها إذا دخَلَتْ، قُم فاسْمُك العَبْقَرِيّ نبات الرَّوَابيّ، فكان ذلك سَبَبًا لهَرَب العَبْدِيّ من الشَّام.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْشٍ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ الجازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريِّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن العبَّاسِ العَسْكَريُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أبي سَعْدٍ، قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن يَعْقُوبَ بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: كان أبو العبَّاس يُعْجبُه السَّمَرُ ومُنَازَعةُ الرِّجَال، فحَضَرَهُ ذاتَ لَيْلَةٍ في سَفَره (a) إبْراهيم بن مَخْرَمَة الكِنْدِيّ، وناسٌ من بَنِي الحَارِث بن كَعْب، وهُم أخْوَالهُ، وخَالِد بن صَفْوَان بن إبْراهيم التَّمِيْمِيّ، فخاضُوا في الحَدِيْث، وتَذَاكَرُوا مُضَر واليَمَن، فقال إبْراهيم: يا أَمِير
(a) الجريري: سمره، ولعله الأوجه.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 3: 43 - 44، وانظر: أيضًا المحاسن والمساوئ للبيهقي 1: 150 - 154، وتاريخ ابن عساكر 16: 105 - 107.
المُؤْمنِيْن، إنَّ اليمن هُم العَرَبُ الّذين دَانَتْ لهم الدُّنْيا، وكانت لهم القُرَى، ولم يَنَالوا مُلُوكًا أرْبَابًا، وَرِثُوا ذلك كابِرًا عن كَابرٍ، أوَّلًا عن آخِر، منهم النُّعْمانيَّاتُ والمنذِريَّاتُ والقَابُوسِيَّات والتَّبَابِعَة (a)، ومنهم من حَمَتْ لَحمهُ الدَّبْرُ، ومنهم غَسِيلُ المَلائِكَة، ومنهم مَنْ اهْتَزَّ لمَوْته العَرْشُ، ومنهم مُكَلِّم الذِّئْب، ومنهم الّذي كان يأخُذ كُلّ سَفِيْنةٍ غَصْبًا، وليس شيءٌ له خَطَرٌ إلَّا وإليهم يُنْسَبُ من: فَرَسٍ رَائع (b)، أو سَيْفٍ قَاطِع، أو دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ، أو حُلَّةٍ مصُوْنَة، أو دُرَّةٍ مَكْنُونَة، إنْ سُئِلُوا أعْطَوْا، وإنْ سِيْمُوا أبَوْا، وإنْ نَزَلَ بهم ضَيْفٌ قَرَوْا، لا يبلغُهُم مُكاثِرٌ، ولا يَنَالهم مُفَاخِر، هُم العَرَبُ العَارِبَة وغيرهم المُتَعَرِّبَة.
قال أبو العبَّاسِ: ما أظُنُّ التَّمِيْمِيّ يَرْضَى بقَوْلك، ثُمَّ قال: ما تقُول يا خَالِد؟ قال: إنْ أذنتَ لي في الكَلَام، وآمنْتَنِي من المَوْجَدَة، تكَلَّمْتُ، قال: قد أذنْتُ لك فتَكَلَّم ولا تَهَبْ أحَدًا.
فقال: أخْطأ يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن المُتَقحِّمُ بغير عِلْمٍ، ونَطَقَ بغير صَوَاب، فكيفَ يَكُون ما قال؟! والقَوْم ليسَتْ لهم ألْسُنٌ فَصِيحةٌ، ولا لُغَةٌ صَحِيْحةٌ، ولا حُجَّةٌ نَزَل بها كتابٌ، ولا جاءَت بها سُنَّةٌ، وهُم منَّا على مَنْزِلتَين: إنْ جَاروا عن قَصْدِنا أُكِلُوا (c)، وإنْ جَازُوا (d) حُكْمنا قُتِلُوا، يَفْخرُون علينا بالنُّعْمانيَّات والمْنْذِريّات وغير ذلك ممَّا سَنأتي عليه، ونَفْخَرُ عليهم بخَيْر الأنَام، وأكْرَم الكِرَام، مُحَمَّد عليه السلام، وللّهِ علينا المنَّةُ وعليهم، لقد كانُوا أتْباعَهُ، فبهِ عُزُّوا، وله أُكْرِمُوا، فمنَّا النَّبِيُّ المُصْطَفَى، ومنَّا الخَلِيفَةُ المُرْتَضَى، ولنا البَيْتُ المَعْمُور، والمَشْعَرُ (e)، وزَمْزَم، والمقَام، والمِنْبَر، والرُّكنِ، والحَطِم، والمَشَاعِرُ، والحَجَابَةُ (f)، والبَطْحَاءُ، مع ما لا يَخْفي من المَآثر، ولا يُدْركُ من المَفَاخِر.
(a) الأصل: التتابعة! وفي المحاسن والمساوئ للبيهقي: النعمانات والمنذرات والقابوسات.
(b) ابن عساكر: رابع.
(c) محاسن البيهقيّ: إن حازوا ما قصدوا أكلوا.
(d) محاسن البيهقيّ: حادوا عن.
(e) الجريري: والمسعى.
(f) الأصل: الحجاية، وصوابه المثبت؛ حِجابة الكعبة، وكانت في يد بَنِي قصيّ، وهو سدانتها.
وليس يَعْدلُ بنا عَادِلٌ، ولا يبلغُ فَضْلَنا قَوْلُ قائل، ومنِّا الصِّدِّيق، والفَارُوق، والوَصِيُّ (a)، وأسَدُ اللّهِ سَيِّدُ الشُّهَدَاء، وذو الجَنَاحَين، وسَيْفُ اللّهِ، عرفُوا الدِّينَ (b)، وأتَاهُمُ اليَقِيْن، فمَن زَاحَمَنا زَاحَمْناهُ، ومَنْ عَادَانا اصْطَلَمْناهُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ فقال: أعَالِمٌ أنْتَ بلُغَة قَوْمِكَ؟ قال: نَعَم، قال: فما اسْمُ العَيْن؟ قال: الحَجْمَة (c)، قال: فما اسْمُ السِّنِّ؟ قال: الميْدَن (d)، قال: فما اسْمُ الأُذْن؟ قال: الصِّنَّارة، قال: فما اسْمُ الأصَابِع؟ قال: الشَّنَاتِرُ، قال: فما اسْمُ اللِّحْيَةِ، قال: الزُّبُّ، قال: فما اسْمُ الذِّئْب؟ قال: الكُتَع (e)، قال: فقال له: أفمُؤْمِن أنْتَ بكاتب الله تعالَى؟ قال: نَعَم، قال: فإنَّ اللّه تعالى يقول {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
(1)
، وقال {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}
(2)
، وقال {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}
(3)
، فنحنُ العَرَب والقُرْآن بلسَاننا نَزَل، ألَم تَرَ أنَّ اللّه قال:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}
(4)
ولَم يَقُل: الحَجْمَة بالحَجْمَة (f)، وقال:{وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}
(5)
ولَم يَقُل: الميْدَن بالميْدَن (g)، وقال:{وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ}
(6)
ولم يقُل: الصِّنَّارة بالصِّنَّارة، وقال:{أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}
(7)
، ولَم يَقُل: شَنَاترِهم في صِنَّارَاتهم، وقال:{لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي}
(8)
ولَم يَقُل: لا تأخُذ بزُبِّيّ، وقال:{أَكَلَهُ الذِّئْبُ}
(9)
ولَم يقُل: أكَلَهُ الكُتَعُ (h).
(a) ابن عساكر: والرضي.
(b) ابن عساكر: وبنا عرفوا الدين.
(c) البيهقيّ والجريري: الحجمة، بتقديم الجيم، وكلاهما في العين، انظر: لسان العَرَب، مادتي: حجم، حجم.
(b) كذا في الأصل حيثما يرد، ومثله في تاريخ ابن عساكر، وفي كتاب الجليس الصالح للجريري: الميزم، ولم أجد كلتا اللفظتين في معاجم اللغة، ولعل الصواب: المبزم كما عند البيهقيّ، وهي السن بلغة أهل اليمن. انظر: لسان العَرَب، مادة: بزم.
(e) الأصل: الكَنْع، والصواب ما أثبت.
(f) الجريري: الحجمة بالحجمة.
(g) الجريري: الميزم بالميزم، البيهقيّ: المبزم بالمبزم.
(h) الأصل: الكنع.
_________
(1)
سورة يوسف، الآية 3.
(2)
سورة الشعراء، من الآية 195.
(3)
سورة إبْرَاهِيم، الآية 4.
(4)
سورة المائدة، من الآية 45.
(5)
سورة المائدة، من الآية 45.
(6)
سورة المائدة، من الآية 45.
(7)
سورة البقرة، من الآية 19.
(8)
سورة طه، من الآية 94.
(9)
سورة يوسف، من الآية 17.
ثُمَّ قال: أسْألكَ عن أرْبَعٍ، إنْ أنتَ أقْرَرْتَ بهن قُهِرْتَ، وإنْ حَجَدتهُنَّ كَفَرتَ، قال: وما هُنَّ؟ قال: الرَّسُول منَّا أو منكم؟ قال: منكم، قال: فالقُرْآن نَزَل علينا أو عليكم؟ قال: عليكم، قال: فالبَيْتُ الحَرَامُ لنا أو لكم؟ قال: لكم، قال: فالخِلَافَةُ فينا أو فيكم؟ قال: فيكم، قال خَالِد: فما كان بعد هذه الأرْبَع فلكم.
أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّرِيفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ
(2)
، قال: وحَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى، قال: سَمِعْتُ ابنَ السِّكّيْت يَقُول: قال خَالِد بن صَفْوَان: فَوْتُ الحاجَةِ خَيْرٌ من طَلبها إلى غير أهْلها، وأشَدُّ من المُصِيْبَةِ سُوء الخَلْفِ منها. وأنْشَدَ لامْرأةٍ من وَلدِ حَسَّان بن ثَابِتٍ في مثلِهِ:[من الطّويل]
سَلِ الخَيْرَ أهْلَ الخَيْرِ قِدْمًا ولا تَسَلْ
…
فَتَىً ذَاقَ طَعْمَ العَيْشِ منذُ قَرِيْبِ
قال
(3)
: وحَدّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(4)
، قال: وحَدَّثنا إبْراهيم الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر، عن الأصْمَعِيِّ، قال: قيل لخَالِد بن صَفْوَان: أيّ الإخْوَان أحبُّ إليك؟ قال: الّذي يَسُدُّ خَلَلِيّ، ويَغْفر زَلَليّ، ويَقْبَل عِلَلي.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 115 - 116.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 240 - 241، وأعاد ذِكْر الرواية في موضع آخر (247) دون بيت الشعر.
(3)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 107 - 108.
(4)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 555، وانظر تاريخ الإسلام 3:400.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَفَاخِر عَبْد الغَفُور بن لُقْمَان بن مُحَمَّد الكَرْدَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أبي بَكْر السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، ح.
قال شَيْخنا أبو مُحَمَّد: وأخْبَرَنَا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الخَطِيبُ إذْنًا، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، ح.
وأخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليِّ بن بَرَكات بن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ، قال: أنْبَأنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو سَعْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المُطَرِّز، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الفَقِيهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن الفَرَج، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن شَبِيْب المَكِّيّ، قال: قيل لخَالِد بن صَفْوَان: أي إخْوَانك أحبُّ إليكَ؟ قال: الّذي يَغْفرُ زَلَليّ، ويَقْبل عِلَليّ، ويَسُدُّ خَلَلِي.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بن محمُود بن الحُسَين، بالدِّيَار المِصْرِيَّة، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَرْدَوَيْه المَمْنَابَاذِيّ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن إِصْبَهْبَذ الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثثا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْدَان بن مُحَمَّد الشِّيْرَازيّ الحافِظ إمْلاءً بتُسْتَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن أبي دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا القَحْذَمِيُّ، عن (a) أَبِيهِ، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: البِرُّ شيءٌ هيِّن؛ وَجْهٌ طَلِيقٌ، وكَلام ليِّنٌ.
(a) الأصل: قال عن، وضرب على الكلمة الأولى.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين الحَمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزيْز بن عليّ بن أحْمَد الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو طَالِب المَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن يَحْيَى القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين اللَّخْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العَيْنَاءَ السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَني الوَلِيد بنْ هِشَام القَحْذَمِيّ، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: لا تسْأل الحَوَائِج ثلاثة رجال: لا تَسْألها كَذُوبًا، فإنَّهُ يُقرِّبُ بعيدَها ويُبَاعد قَريْبَها، ولا تَسْألها أحْمَقَ، فإنَّهُ يُريدُ أنْ يَنْفعَكَ فيَضُرّك، ولا تَسْألها رَجُلًا له إلى صَاحِبك حاجةُ، فإنَّهُ يُصَيِّر حاجتكَ بطانةً لحاجَتِهِ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا الزِّيَادِيّ، عن الأصْمَعِيّ، قال: قيل لخَالِد بن صَفْوَان: ما بلَغ من عِلْم الحَسَن؟ قال: اسْتَغْنى (a).
(a) في كتاب المجالسة للدينوري: استغنى به عن علم غيره.
_________
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 306.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي عَبْد الله بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ، عن الأصْمَعِيّ، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: بتُّ لَيْلَةً أتمَنَّى ليْلتي كُلّها حتَّى كسَيْت (a) البَحْر الأخْضَر بالذَّهَب الأحْمَر، ثمّ نَظَرت، فإذا يَكْفيني من ذلك رَغِيفان وكُوْزان وطِمْرَان.
وقال
(3)
: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(4)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن نَصْرٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: لا تَطْلبُوا ما لا تَسْتحقُّونَ؛ فإنَّ مَنْ طَلَب ما لا يَسْتحقّ اسْتَوْجَبَ الحِرْمَان.
قال
(5)
: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(6)
، قال: وحَدَّثَنَا أحْمَد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: أرْبَعُ لا يَطْمَعُ فيهنَّ أحَدٌ عندي: القَرْضُ، والفَرْضُ، والهَرِيْس (b)، وأنْ أسْعَى لأحَدٍ في حَاجةٍ، فقيل له: فما نَصْنعَ بك بعد هذا؟ قال: ماءٌ بارد، وحَدِيثٌ ما يُنَادَى وَليدهُ.
(a) المجالسة: كسوت، ابن عساكر: كبست.
(b) في نشرة تاريخ ابن عساكر: القرض والقرص والهرس.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 113.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 312.
(3)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 115.
(4)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 306.
(5)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 114.
(6)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 351.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن أبي عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الكُشْمَيْهَنِيّ، ح.
وأخْبَرَنا عِليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن منْصُور السَّمْعَانيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد السَّاجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحيم قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الجَمَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو غَسَّان، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، قال: رَأى خالِد بن صَفْوَان رَجُلًا يَأكُلُ جُبُنًّا، فقال: ما تَرْجو منه، إنَّهُ خَشِنُ المَدْخلِ، عَسِرُ المخرج، ثُمَّ رآهُ الرَّجُلُ بَعْدُ يَأكله، فقال: ألَم تَنْهَ عنه؟ قال: نعم، ولكنَّه يَفْتُق الشَّهْوَةَ، وهو حَمْضٌ من حَمْضِ العَرَب!.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، وأَنْبَأنيْه أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو الوَحْش المُقْرِئ عنهُ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن عليّ بن إبْراهيم البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم سُليْمان بن أحْمَد المَادَرَائيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: كان خَالِد بن صَفْوَان بن الأَهْتَم التَّمِيْمِيّ يَأكُل خُبْزًا وجُبنًا، إذ سَلَّم عليه أعْرَابيّ، فقال له: هلمَّ إلى هذا الخُبْز والجُبْن فإنَّهُ حَمْضُ من حَمْضِ العَرَب، وهو يسيْغ اللُّقْمَة، ويَفْتقُ الشَّهْوَةَ، وتَطِيبُ (a) عليه الشّرْبَة، فانْحَطَّ الأعْرَابِيّ فلَم يُبْق شَيئًا منهما، فقال خالد: يا جَارِيَة، زِيْدينا خُبْزًا وجُبُنًّا، فقالت: ما بقي عندنا منهما شيء، فقال خَالِد: الحَمْدُ للهِ الّذي صَرَفَ عنَّا مَعَرَّته، وكَفَانا مَؤُونَته، والله إنِّي ما (b) عَلِمتُه ليقدَحُ في السِّنِّ، ويُخَشِّنُ الحَلْقَ،
(a) ابن عساكر ويطيب.
(b) ابن عساكر وياقوت: إنه ما.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 109، والخبر في معجم الأدباء 3:1235.
ويرْبُو في المَعِدَة، ويَعْسُرُ في المَخْرج، فقال الأعْرَابِيّ: والله ما رَأيْتُ قَطّ قُرْبَ مَدْحٍ من ذَمٍّ أقْرَب من هذا.
أخْبَرَنا أبو الحسن علي بن عَبْد المُنْعِم بن عليّ بن بَرَكات المَنبِجِيّ ثم الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ بحَلَب، ح.
وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن أبي عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكُشْمَيْهَنِيّ، قالا: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن إبْراهيم بن نَبْهان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن مِقْسَم، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن يَحْيَى ثَعْلَب
(1)
، قال: رَكِبَ خَالِدُ بن صَفْوَان يوْمًا ومعه أصْحَابُ له، فأخذَتْهم السَّماءُ وهو على حِمَارٍ، فقال: أَمَا عَلِمْتمُ أنَّ قَطُوفَ الدَّابَّة أميرُ القَوْم، فسَارُوا معه، فلمَّا كان الغَدُ رَكِبَ بِرْذَوْنًا هِمْلَاجًا، وأخَذَتْهُم السَّماءُ، فرَمَّع (a) بِرْذَوْنَهُ، فقالُوا: أبا صَفْوَان، ما كان هذا (b) كَلامُك بالأمسِ! قال: فِلمَ غَالَيْنا بالهَمَاليْج؟.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن شُكْرَوَيْه، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ أبو بَكْرٍ السِّمْسَار، قالا: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا المَحَامِليّ أبو عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي سَعْد، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعيد الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حُمَيْد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ
(a) في الأصل وابن عساكر: فرفع، وفوقها "صـ"، وكتب ابن العديم في الهامش:"أظُنُّه: فدفع"، والمثبت من مجالس ثعلب، والرَّمَع: الحركة، والترمُّع: التحريك. لسان العرب، مادة: رمع.
(b) مجالس ثعلب: أصدق.
_________
(1)
مجالس ثعلب 1: 28 - 29، والخبر في تاريخ ابن عساكر 110:16.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 111.
الرَّحْمن بن مَغْرَاء، قال: سَمِعْتُ شَبِيْب بن شَيْبَة (a) يَقُول: لَقيني خالِدُ بن صَفْوَان على حِمَارٍ له، فقُلتُ لَهُ: يا أَبا صَفْوَان، أينَ أنتَ عن الهَمَاليْج؟ قال: تلكَ للطَّلَب وللهَرَب، ولستُ بطَالِبٍ ولا هَارِبٍ، قُلتُ: فأينَ أنتَ عن البَرَاذِيْن؟ قال: تلكَ للمُغذِّين المُسْرِعين، ولستُ بمُغذٍّ ولا مُسْرِعٍ، قُلتُ: فأينَ أنتَ عن البِغَالِ؟ قال: تلكَ للأنْزَالِ والأنْفَال، ولسْتُ بصَاحِب نَفَلٍ (b) ولا نُزل، قُلتُ: فما تَصْنع بحِمَاركَ هذا؟ قال: أَدِبُّ عليه دَبِيْبًا، وأُقَرِّبُ تقريبًا، وأَزُور عليه إذا شئْتُ حَبِيْبًا.
أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا الزِّيَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، قال: قال خَالِد بن صَفْوَان: مَنْ تزوَّج امْرأةً فليتزوَّجْهَا عَزِيزةَ في قَوْمها، ذَلِيلةً في نَفْسها، أدَّبَها الغِنَى، وأذَلَّها الفَقْر، حَصَانُ من جارها، مُتَحصِّنَة (c) على زَوْجها.
وقال
(3)
: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(4)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: قالت امْرأةُ لخَالِد بن صَفْوَان: إنَّكَ لجَمِيلٌ! فقال خَالِدٌ: كيف
(a) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وتقدم ذكره في العديد من المواضع في أسماء تلاميذه: شبيب بن شبَّة.
(b) ابن عساكر: الأثقال
…
صاحب ثقل.
(c) كذا في الأصل مجودة مؤكدة بحرف الصاد، وفي كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر: متحننة، وهو الأظهر، وفي عيون الأخبار لابن قتيبة: ماجنة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 108، وانظر ابن قتيبة: عيون الأخبار 4:4.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 553.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 109.
(4)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 531.
تقول هذا!؟ فواللهِ ما فيَّ عَمُودُ الجَمَالِ ولا رداؤُه ولا برْنُسُه، فأمّا عَمُودُ الجَمَالِ فالطُّوْلُ، وأمَّا ردَاؤُه فالبَيَاضُ، وأمَّا برْنُسُه فسَوَادُ الشَّعرِ، وأنا أَصْلَعُ آدَمُ قَصِير، لكن قولي: إنَّك لحلوٌ.
وقال ابن مَرْوَان
(1)
: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام الجُمْحَيّ (a)، قال: قيل لخالِد بن صَفْوَان: ما لكَ لا تُنْفِق؛ فإنَّ مالَك عَرِيضٌ؟ فقال: الدَّهْر أعْرَض منهُ، فقيل: كأنَّك تأمُلُ أنْ تَعِيْش الدَّهْر كُلَّهُ، فقال: ولا أخَاف أنْ أمُوْتَ في أوَّلهِ.
أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أحْمَدُ بن عليّ، قال: أخْبرَني أبو الحَسَن الجَوَالِيْقِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن علي الخَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا عبد اللّه بن بَحْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن عَبْد الحَكَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو الوَرَّاق، عن عليّ بن مُحَمَّد القُرَشِيّ المَدَائِنِيّ، قال: كان خَالِد بن صَفْوَان إذا أخَذَ جَائزته قال للدَّرَاهِم: أمَا والله لأُطِيْلنَّ ضَجعتَكِ، ولأُدِيمنَّ صَرْعتكَ.
قال: وأتَى خالِد بن صَفْوَان رَجُلٌ فسَألَهُ فأعْطاه دِرْهمًا، فقال له: سُبْحَان اللهِ يا أبا صَفْوَان؛ أسْألكَ فتُعْطيني دِرْهمًا! فقال له خَالِد: يا أحْمَق، أمَا تَعْلم أنَّ الدِّرْهَم عُشْرُ العَشرة، والعَشْرة عُشْر المائة، والمائة عُشْر الألف، والألف عُشْر العَشْرة آلاف، ألَا تَرَى كيفَ ارْتَفع الدِّرْهَم إلى ديَّة المُسْلم، واللهِ ما تَطِيْبُ نَفْسِي بدِرْهَم أُنْفِقه إلَّا دِرْهمًا قرعتُ به بابَ الجَنَّة، أو دِرْهمًا أشْتَري به مَوْزًا فآكلهُ.
(a) في الأصل: الحمصي، وابن سلام بصريّ وليس حمصي، والمثبت موافق لما في المجالسة وتاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 348، 425، وتاريخ ابن عساكر 16:113.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ بدِمَشْق بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا شَيْخُنا الإمَامُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حَفْص الحَمَّامِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو طَاهِر عَبْد الوَاحِد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، قال: حَدَّثني مُحَمَّد بن خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن هِشَام القَحْذَمِيّ، قال: دَخَل خَالِد بن صَفْوَان الحَمَّامَ وفيه رَجُلُ مع ابْنهِ، فأرادَ أنْ يُعَرِّف خَالِدًا ما عنده من البَيان، فقال: يا بنيّ، أبْدَأ بيدَاكَ ورِجْلاكَ! ثُمَّ الْتَفَتَ إلى خَالِد فقال: يا أبا صَفْوَان، هذا كلامُ قد ذَهَب أهْلُهُ، قال: هذا كَلَام ما خَلَقَ اللهُ له أهْلًا قَطُّ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن منْصُور المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد المالِكِيّ بوَاسِط، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان النَّحويّ إجَازةً، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين عِليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم بن دِيْنار، قال: حَدَّثَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه في كتاب عُيُون الأخْبار، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة
(1)
، قال: قال رَجُلٌ لخَالِد بن صَفْوَان: ما بالي إذا رأيتكُم تتَذَاكرُونَ الأخْبار، وتتَناشَدُونَ الأشْعَار، وتتَدَارَسُونَ (a) الآثار، وَقَعَ عليَّ النَّوْمُ؟ قال: لأنَّكَ حِمَارٌ في مِسْلَاخِ إنْسَان.
أخْبَرَنا أبو بَكْر السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا
(a) الأصل: وتدارسون، والمثبت من كتاب عيون الأخبار.
_________
(1)
ابن قتيبة: عيون الأخبار 2: 120.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 116.
الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(1)
، قال: وحَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن إسْحَاق السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا الزِّيَادِيّ، عن مُؤَرِّج، قال: قال رَجُلٌ لخالِد بن صَفْوَان: إنِّي إذا رَأيتُكم تَتَذاكرُونَ الأحْسَاب (a)، وتَتَذاكَرُونَ (b) الآثار، وتَتناشَدُونَ الأشْعَار وَقَعَ عليَّ النُّعَاس، قال: لأنَّك حِمَارٌ في مثالِ إنْسَان.
وقال
(2)
: أخْبَرَنا ابن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا أبو زَيْد، عن أبي عُبَيْدَةَ، قال: قال خَالِدُ بن صَفْوَان: لا تَطْلُبُوا الحَوَائِجَ في غير حيْنها، ولا تَطْلُبُوها إلى غير أهْلها، ولا تَطْلُبوا ما لَسْتُم له بأهْلٍ فتكُونُوا للمَنْع أهْلًا.
أخْبَرَنا يَحْيَى بن أبي مَنْصُور البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد السِّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مَزْيَد، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال مُحَمَّد بن سَلَّام: قال خَالِد بن صَفْوَان التَّمِيْمِيّ: [من الطّويل]
وما المَرْء إلَّا الأصْغَران لِسَانُهُ
…
ومَعْقُولهُ والجِسْمُ خَلْقٌ مُصَوَّرُ
وما الزّينْ في ثَوْبٍ تَرَاه وإنَّما
…
يَزيْنُ الفَتَى مَخْبُورهُ أو يُقَصِّرُ
فإنْ طَرَّةٌ رَاقتكَ فاخْبر فرُبَّما
…
أمَرَّ مَذَاقُ العُوْدِ والعُودُ أخْضَرُ
أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عَبْد اللّه الأسَدِيُّ إذْنًا، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد اللُّنْبَانِيّ (c)، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن
(a) الدينوري: الأخبار.
(b) الدينوري: وتتدارسون.
(c) في الأصل: اللبنانيّ، بتقديم الباء، وصوابه المثبت، منسوبٌ إلى محلة كبيرة بأصبهان. انظر: أنساب السمعاني 11: 223، اللباب لابن الأثير 3: 133، واسمه: أحْمَد بن مُحَمَّد بن مصر، أبو الحَسَن اللنباني (ت 332 هـ)، ترجمته في: أخبار أصبهان لأبي نعيم 1: 173، تاريخ الإسلام 7:658.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 299.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 115.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 186.
مُحَمَّد القُرَشِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن عبد الرَّحْمن، قال: قال شَبِيْبُ بن شَيْبَة (a): قال خَالِدُ بن صَفْوَان: إنَّ رجالًا قد أصَابُوا مالًا فتكلَمُّوا وعَلَوْا، وقال:[من الوافر]
قَدَ انطَقَتِ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ عَيّ
…
أُناسًا طالَما كانُوا سُكُوتا
فما عَادُوا على جَارٍ بخَيْرٍ
…
ولا رَفَعُوا لمَكْرُمَةٍ بُيُوتا
كَذاكَ المالُ يَجْبُرُ كُلَّ عَيْبٍ
…
ويَتْرُكُ كُلَّ ذي حَسَبٍ صَمُوتا
قَرأتُ بخَطِّ تُوْزُون إبْراهيم بن مُحَمَّد الطَّبَريّ في أمَالي أبي عَمْرو مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد صَاحِب ثَعْلَب، باسْتِمْلائهِ منه في سَنَة ثَماني وعشرين وثَلاثِمائة، قال: وأخْبَرَنَا ثَعْلَب
(2)
، قال: وحَدَّثَني عُمَر بن شَبَّة، قال: حَدَّثَني الزَّعِلُ - ويُقالُ: الزِّعْلُ بن الخَطَّابِ - قال: بن أبو نُخَيْلَة دَارَهُ، فمَرَّ به خالدُ بن صَفْوَان فوَقَفَ عليه، فقال له أبو نُخَيْلَةَ: يا أبا صَفْوَان (b)، كيفَ تَرَى؟ قال: رأيتُكَ سألْتَ إلْحافًا، وأنْفَقْتَ فيها إسْرَافًا، وجَعَلْتَ إحْدَى يدَيْكَ سَطْحًا، ومَلأتَ الأُخْرى سَلْحًا، فقُلتَ: مَنَ وَضَع في سَطْحِي وإلَّا رَميْتُهُ بسَلْحي! ثمّ مَضَيّ، فقيل له: ألَا تَهْجُوه؟ فقال: إذًا يَقِفُ على المَجَالِس سَنَةً يَصِفُ أَنْفي لا يُعِيْدُ حرْفًا.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاعٍ عُمَرُ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه البِسْطَامِيّ، قال: قال الأصْمَعِيُّ: مَرِضَ خَالِدُ بن صَفْوَان التَّمِيْمِيّ، وكان بَخِيْلًا، فوَصَفَ له الطَّبِيْبُ فَرُّوجًا، فقال: وما الفَرُّوجُ إذا أحبَّ اللّهُ العَافِيَةَ، ثمّ ألَحَّ عليه الطَّبِيْبُ فاشْترَى فَرُّوجًا بنصْف دِرْهَم، فأكل
(a) كذا في الأصل، ومثله في كتاب ابن أبي الدُّنيا، وتقدم بلفظ: شبَّة.
(b) في مجالس ثعلب: يا ابن صفوان، وكلاهما صحيح، فكنيته توافق اسم أبيه.
_________
(1)
ابن أبي الدُّنيا: الإشراف على منازل الأشراف 280.
(2)
مجالس ثعلب 2: 416.
بَعْضَهُ، ودَخَل عليهِ رَجُلٌ من قُرَيْشٍ يَعُودُه، فخافَ أنْ يَأكُل معه، فقَال خَالِدٌ مُبْتَدئًا نَتَغَدَّى بنصْف هذا الفَرُّوج ونَتَعشَّى بنصْفه ثمّ تَمَثَّلَ:[من الطّويل]
نُدَاري زَمَانًا قد ألَحَّ بصَرْفِهِ
…
ومَنْ لا يُدَارِي عَيْشَهُ لا يُعَقَّلُ
فخَرَجَ القُرَشِيُّ وهو يَقُول: [من الطّويل]
تَعَلَّمْتُ تَدْنِيْقَ المَعِيْشَةِ بعدَما
…
كَبِرْتُ وأعْدَاني على اللَّؤْم خَالِدُ
أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر البَغْدَاديّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن عليّ إجَازَهً، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعِيد بن عَبْد اللّه الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن مَرْزُوق، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح إبْرَاهِيمُ بن عليّ بن إبْراهيم قراءةً عليه، وزعَم أنَّ أبا بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيى أخْبَرَهِم، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد عَبد الوَاحِد بن الحَارِث، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن مَوْهُوب الخَازِن، قال: سَمِعْتُ سَعيْدًا لحَاجِبَ يَقول: قال خَالِدُ بن صَفْوَان بن الأَهْتَم
(1)
: دَخَلْتُ على أبي العبَّاسِ السَّفَّاح فصَادفْتُه جالِسًا ليس عنده أحَدٌ، فقُلتُ لَهُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّني واللّهِ ما زلتُ منذ قلَّدَكَ اللّهُ الخِلَافَة أطْلُب أنْ أَصِيْرَ إلى مثْل هذا المَوْقفِ منك في الخلوةِ، فإنْ رَأى أَمِيرُ المُؤْمنِيْن أنْ يأمُر بإمْسَاكِ الباب لأفْرُغَ ممَّا أُرِيدُ ذِكْرَهُ له، ونَصِيْحَتي له، فَعَل، فأمَرَ الحَاجِبَ بذلك.
فقُلتُ لَهُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، لم يمُكنِّي ذِكْرُ ما أردْتُ ذِكْرَهُ لك إلَّا في يَوْمي هذا، قال: قُلْ، قُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، فَكَّرْتُ في أمْركَ، وأجَلْتُ الرَّأيَ فيكَ، فلم أجِدْ أحَدًا له مِثْل قَدْركَ أقَلّ اتِّسَاعًا في الاسْتِمْتاعِ بالنِّسَاءِ، ولا أَضْيَق فيهنَّ
(1)
انظر حكاية خَالِد بن صفوان مع السفاح عند: المعافي الجريري: الجليس الصالح 2: 456 - 459، ابن الجوزي: كتاب الأذكياء 158 - 159، الإتليدي: إعلام النَّاس بما وقع للبرامكة 108 - 111.
عَيْشًا، إنَّكَ مَلَّكْتَ نَفْسَكَ امرأةً واحدةً من نِسَاءِ العَالمين، فاقْتَصَرتَ عليها، فإنْ مَرِضَتْ مَرِضْتَ، وإنْ غابَتْ غِبْتَ، وإنْ تَحرَّكَتْ تحَرَّكْتَ، وحَرَّمْتَ على نَفْسكَ التَّلَذُّذَ باسْتِطْرافِ الجَوَارِيّ، ومَعْرِفَةِ اخْتِلَافِ حالاتهنَّ، والتَّلَذُّذ بما يُشْتَهى مِنهُنَّ، إنَّ منهُنَّ - يا أَمِير المُؤْمنِيْن - الطَّويلةُ الّتي تَتَثنَّى للنّجَابةِ، والرَّمْكَاءُ الجَسِيْمةُ الّتي تُشْتَهَى لحُسْنها ووَثَارتِها، والبَيْضَاء اللَّطِيْفَةُ الّتي تُحَبُّ لبَرَاعتها، ومنهُنَّ الصَّفْرَاءُ العَجْزَاءُ واللَّذِيْذَة الشَّجِيَّة.
وأينَ أنتَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن عن بناتِ سَائِر المُلُوك، وما خُصِصْنَ به من الخَفَرِ
(1)
وحُسْنِ الأُنْسِ، والتَّلَذُّذ بلَذيْذ العَيْش.
وتخلَّل خَالِد بلِسَانهِ؛ فأطْنَبَ في صِفَاتِ ضُرُوب الجَوَارِيّ، وشوَّقهُ إليهنَّ، وأَمِير المُؤْمنِيْن يُريْهِ أنَّهُ يُعْجبُه ما يقُول. فلمَّا فرَغَ قال له: يا خَالِد، ما سَلَكَ مَسَامِعي قَطّ كَلَامٌ أعْجَب إليَّ ولا أحْسَن من كَلَام سَمِعْتُهُ منكَ، فأعدْهُ عليَّ، فقد وقَعَ منِّي مَوْقعًا خاصًّا، فأعادَهُ عليه بأحْسَن ممَّا ابْتَدأهُ به، ثمّ قال له: انْصَرف.
وبَقي أبو العبَّاسِ مُفكِّرًا فيما سَمِعَ من خَالِد، وهو يُصَرِّفُ رأيَهُ، ويُقَسِّمُ أمْرَهُ، إذ دَخَلَتْ عليه أُمّ سَلَمَة، وكان أبو العبَّاس حَلَفَ لها ألَّا يتَّخذ عليها سُرِّيَّةً ولا حُرَّةً، فلمَّا رَأتْهُ مُتَفَكِّرًا مُتَغيِّرًا قالت: إنِّي لأُنْكِرُكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن! فهل حَدَثَ أمرٌ تَكْرَهَهُ أو أتاكَ خَبْرٌ ارتَعْتَ له؟ فقال لها: لا، والحَمْدُ للّهِ.
ثمّ لَم تَزَل تَدْنُو منه وتَسْتَخْبره حتَّى أخْبَرها بمَقَالَةِ خَالِد، فارتاعَتْ وقالت: فما قُلْتَ لابن الزَّانيَةِ؟ فقال: أينصَحُني وتَشْتُمِيه، فخَرَجَتْ، فأرْسَلَتْ إلى مَوَالِي لها من البُخاريَّة، فأمرَتْهُم بضَرْب خَالِد.
(1)
الخَفَرُ: شدَّة الحياء. لسان العَرَب، مادة: خفر.
قال خَالِدٌ: فرَكِبْتُ بالعَشِيّ إليهِ وأنا مَسْرُورٌ بما ألْقَيْتُ إلى أَمِير المُؤمنِيْن فبينا أنا مع الصَّحَابَة واقفٌ إذ أقْبَلَتِ البُخاريَّة تَسْأل عنِّي، فتحقَّقْتُ الجَائِزَةَ، فقُلتُ: ها أنا ذا خَالِدٌ، فسَبَقَ أحَدُهُم إليَّ بخَشَبَةٍ، فلمَّا أَهْوَى إليَّ غَمَزْتُ بِرْذَوْنيّ، ولحقَهُ فضَرَبَ كفَلَهُ، وتَعَادَى إليَّ البَاقُونَ وغَمَزْتُ بِرْذَوْني ففُتُّهُم.
واسْتَخْفَيْتُ في مَنْزِلي أيَّامًا، ووَقَع في قَلْبي أنِّي أُتِيْتُ من قِبَل أُمّ سَلَمَة، وطَلَبَني أَمِيرُ المُؤْمنِيْن فلم يَجِدُونيّ، فلَم أشْعُر إلَّا بقَوْمٍ قد هَجَمُوا عليَّ، وقالوا: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فسَبَق إليَّ أنَّهُ المَوْتُ، فقُلتُ: إنَّا للّهِ، لَم أرَ دَمَ شَيْخٍ من العَرَب أَضْيَعَ من دَمِي! فركبتُ ورَكِبُوا معيّ، ثمّ أذنَ لي فرأيتُه خاليًا فرَجَع إليَّ عَقْليّ، ورَأيْتُ في المَجْلِس بَيْتًا عليه سُتُورٌ رِقَاقٌ، فقال: يا خَالِدُ، لَم أرَكَ؟ قُلتُ: كُنْتُ عَلِيْلًا يا أَمِير المُؤْمنِيْن، فقال: وَيْحَك إنَّكَ وَصَفْتَ لي آخر دَخْلَةٍ دَخَلْتَها عليَّ من أمْرِ النِّسَاء والجَوَار صِفَةً لم يَخْرق مَسَامِي كَلامٌ أحْسَنُ منهُ، فأعِدْهُ عليَّ، وسَمِعْتُ حَرَكةً خَلْفَ السِّتْر، فقُلتُ: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أعْلَمتُكَ أنَّ العَرَب إنَّما اشْتَقَّت اسْمَ الضُّرَّتَين من الضُّرِّ، وإنَّ أحدًا يكون عندَهُ من النِّسَاءِ أكْثر من واحدة إلَّا كان في ضُرٍّ! فقال: وَيْحَكَ، لَم يكُن هذا في حَدِيْثكَ، قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: فاتْمِم الحَدِيْثَ، قال: وأخْبَرتكَ أنَّ ثلاثًا من النِّسَاءِ كأثَافِي القِدْرِ تَغْلي عليهنَّ أبدًا، قال: برئْتُ من قَرَابتي من رسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ كُنْتُ سَمِعْتُ بهذا منك قَطُّ ولا من غيركَ، قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن إنَّما بهذا حَدَّثتُكَ، قال: فاتْمِمِ الحَدِيْثَ، قُلتُ: وأخْبَرتُكَ أنَّ الأرْبَع من النِّسَاءِ شَرُّ مَجْمُوعٌ لصَاحِبهنَّ يُشَيِّبْنَهُ ويُهْرِمْنَهُ، قال: واللّهِ ما سَمِعْتُ مثل هذا منْكَ ولا من غيرك! قُلتُ: بَلَى واللّهِ يا أَمير المُؤْمنِيْن، قال: أتُكَذِّبُني؟ قُلتُ: أفتَقْتُلني! نَعَمٍ واللّه يا أَمِير المُؤْمنِيْن. وأخْبَرتُكَ أنَّ أَبْكَار الجَوَار رِجَالٌ، إلَّا أنهُنَّ ليسَتْ لهُنَّ خُصَى.
قال خَالِدٌ: فسَمِعْتُ ضحكًا من خَلْفِ السِّتْر، فأَنِسْتُ، وقُلتُ: نَعَم واللّهِ يا أَمِيرِ المُؤْمنِيْن، وأعْلَمْتُكَ أنَّ بَنِي مَخْزُوم رَيْحَانَةُ قُرَيْشٍ، وأنَّ عندكَ من بَنِي مَخْزُومِ رَيْحَانَتُها، فعندَكَ رَيْحَانَةُ الرَّيْحانِ، وتَطْمَحُ عَيْنُكَ إلى النِّسَاء والجَوَار! فقيل من وَرَاءَ السِّتْر: صَدَقْتَ واللّهِ يا عَمَّاهُ، لهكذا حَدَّثْتَ وبهذا أَخْبَرتَهُ، ولكن غيَّر حَدِيثَكَ، ونَطَق عن غير لسَانك. فقال أبو العبَّاسِ: ما لكَ قَاتَلكَ اللّه وفَعَل بك وفَعَل. وانْسَلَلْتُ فخَرَجْتُ ولَم ألْبَثْ أنْ بَعَثَتْ إليَّ أُمُّ سَلَمَة بعَشَرة آلاف دِرْهَم وتَخْتِ ثِيَابٍ وحَمَلَتني على بِرْذَوْن، وقالت: ارْفَعْ حَوَائِجكَ.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّهِ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيِمُ بن نَصْر، قال: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن بَشَّارٍ (a)، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم بن أدْهَم يَقُول: بَلَغَني أنَّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز قال لخَالِد بن صَفْوَان: عِظْنِي وأَوْجِز، قال: فقال خَالِد: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّ أقْوَامًا غَرَّهم ستْر اللّهِ عز وجل، وفَتَنَهم حُسْنُ الثَّنَاءِ، فلا يَغْلبنَّ جَهْل غيرك بكَ عِلْمكَ بنفْسكَ، أعَاذَنا اللّهُ وإيَّاكَ أنْ نكون بالسّتْر مَغْرُورين، وبثَناءِ النَّاسِ مَسْرُورين، وعن ما افْتَرَض اللّهُ مُتخلِّفين ومُقَصِّرين، وإلى الأهْوَاءِ مَائلين، قال: فبَكَى، ثُمَّ قال: أعاذَنَا اللّه وإيَّاكَ من اتِّبَاعِ الهَوَى.
قال
(2)
: وأخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن نَصْر المنصُورِيّ، قال: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن بَشَّارٍ، قال: سَمِعْتُ
(a) في تاريخ ابن عساكر: يسار، وما هنا هو الصواب، وهو: إبْرَاهِيم بن بشار الخراسانيّ، خادم إبْرَاهِيم بن أدهم. انظر سير أعلام النبلاء 7: 388 (في تَرْجَمَة إبْرَاهِيم بن أدهم).
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 96، وانظر: ابن الجوزي: سيرة عمر بن عَبْد العَزِيْز 138.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 96، وانظر: ابن الجوزي: سيرة عمر بن عَبْد العَزِيْز 138.
الفُضَيْل يَقُول: بلَغَني أنَّ خَالِد بن صَفْوَان دَخَلَ على عُمَر، فقال له عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز: عِظْنِي يا خَالِدُ، فقال: إنَّ اللّه عز وجل لَم يَرْضَ أحدًا أنْ يكُون فَوْقكَ، فلا تَرْضَ أنْ يكُون أحدٌ أَوْلَى بالشُّكْرِ منكَ. قال: فبَكَل عُمَرُ حتَّى غُشِيَ عليه، ثمّ أفاق، فقال: هيْه يا خَالِد، لَم يَرْضَ أنْ يكُوِن أحدٌ فَوْقي!؟ فواللهِ لأخافنَّهُ خَوْفًا، ولأحذَرَنَّهُ حَذَرًا، ولأرجُونَّهُ رَجَاءً، ولأُحبَّنَّهُ مَحَبَّةً، ولأَشْكُرنَّهُ شُكْرًا، ولأحْمَدَنَّهُ حَمْدًا، يكُون ذلك كُلُّه أشَدَّ مَجْهُوديّ، وغاية طَاقَتيّ، ولأَجْتَهدنَّ في العَدْل والنَّصَفَة، والزَّهْد في فَانِي الدُّنْيا لزَوَالها، والرَّغْبَة في بَقَاءِ الآخرة لدَوَاها، حتَّى ألْقَى الله عز وجل، فلعلِّي أنْجُو مع النَّاجين، وأفُوز مع الفَائِزين، وبَكَى حتَّى غُشِيَ عليه، فتَرَكْتُهُ مَغْشِيًّا عليه، وانْصَرَفتُ.
أنْبَأنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد، وأبو عَبْد اللّه يَحْيَى ابْنَي الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ. قال أبو غَالِب: وأنْبَأنَا أبو الفَتْح عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: خَالِد بن صَفْوَان بن الأَهْتَم مَشْهُورٌ برِوَايَةِ الأخْبارِ، كان يُجَالِسُ هِشَام بن عَبْد المَلِك، وخَالِد بن يَزِيد القَسْرِيّ.
قال أبو الفَتْح عَبْد الكَريم: قال لنا أبو الحَسَنٍ الدَّارَقُطْنِيّ: عَمْرو بن الأَهْتَم، واسْمُ الأَهْتَم سِنَان بن سُمَيّ بن سِنَان التَّمِيْمِيّ، من وَلَدهِ خَالِد بن صَفْوَان بن عَبْد اللّهِ بن عَمْرو بن الأَهْتَم.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل القَاضِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيِّ عن أبي نَصْر بن مَاكُولا
(1)
، قال: عَمْرو بن
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 4: 447.
الأَهْتَم، اسْمُ الأَهْتَم سِنَان بن سُمَيّ بن سِنَان التِّمِيْميّ، من وَلدِه خَالِد بن صَفْوَان بن عَبْد اللّه بن عَمْرو بن الأَهْتَم أحَدُ الفُصَحَاء.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن البَانيِاسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: خَالِد بن صَفْوَان بن عَبْد اللّهِ بن عَمْرو بن الأَهْتَم - وهو سِنَان - ابن سُمَيّ سِنَان بن خَالِد بن مِنْقَر بن أسَد بن مُقَاعِس - واسْمُه الحَارِث - ابن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد (a) بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم بن مُرّ بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو صَفْوَان التِّمِيْميّ المِنْقَريُّ الأَهْتَم (b) البَصْرِيُّ، أحَدُ فُصَحَاءَ العَرَب، وَفَدَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وهِشَام بن عَبْد المَلِك، وسُمِّي الأَهْتَم لأنَّهُ ضُرِبَ بقَوْسٍ على فيْهِ فهَتَمَتْ أسْنَانَهُ، رَوَى عنهُ شَبِيْب بن شَيْبَة (c).
قَرَأتُ في كتابِ البَيَان والتَّبْييْن، تأليفُ أبي عَمْرو عُثْمان بن بَحْرٍ الجَاحِظ
(2)
، قال: وقد كانت الحالُ بين خَالِد بن صَفْوَان وشَبِيْبِ بن شَيْبَةَ، الحالَ الّتي تَدْعُو إلى المُفَارَقَة بعد المُحَاسَدَة والمُنَافَسَة، للَّذي اجْتَمَع فيهما من اتِّفاقِ الصِّناعَةِ والقَرَابَةِ والمُجَاوَرَة، فكان يُقَال: لولا أنَّهما أحْكَم (d) تَمِيْمٍ لتباينا تبايُنَ الأسدِ والنَّمِر، وذَكَرَ خَالِدُ بن صَفْوَان شَبِيْبَ بن شَيْبَةَ فقال: ليسَ له صَدِيْقٌ في السِّرِّ، ولا عَدُوٌّ في العَلَانيِةِ، فلم يُعارضْهُ شَبِيْب. وبَدَّا (e) كلمةَ خَالِدٍ هذه على أنَّهُ يُحْسن [أنْ](f) يسُبّ سَبَّ الأشْرَاف.
(a) ابن عساكر: سَعِيد.
(b) ابن عساكر: الأهتميّ.
(c) كذا في الأصل، ومثله في تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، وتقدم برسم: شبَّة.
(d) في الأصل: أصلام، والمثبت من كتاب البيان والتبيين.
(e) البيان والتبين: وتدلُّ.
(f) زيادة من البيان والتبيين.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 94 - 95.
(2)
البيان والتبيين 1: 47، وشبيهه أيضًا في 1:340.
خَالِد بن عَبْد اللهِ بن الفَرَج، أبو هاشِم العَبْسِيّ، ويُعْرَفُ بخَالِد سَبَلَان
(1)
مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ، ولُقِّبَ سَبَلَان لعظم لِحْيتَه.
شَهِدَ مِع مُعاوِيَةَ صِفِّيْن، وسَمِعَ مُعاويَةَ، وعَمْرو بن العَاص. ورَوَى عن كُهَيْل بن حَرْمَلَة النَّمَرِيِّ الأزْدِيّ، رَوَى عنهُ سَعيد بن عَبْد العَزِيْز التَّنُوخِيّ، وخَالِد بن دِهْقَان (a).
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللّهِ، قَال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليِّ بن الحَسَن الرَّبَعِيِّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن الحَسَن الكِلَابيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُمَيْر بن جَوْصَا قراءةً، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيْع يَقُول: قال عبدُ الرَّحْمن بن إبْراهيم: حَدَّثَني أبو مُسْهِر، عن سَعيد - يعني ابن عبد العَزِيْز - عن مَكْحُول في قَوْله تعالى:{يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}
(2)
، قَال: يَجْعَلُ مكانَ السَّيِّئَاتِ حَسَنَات، قال: فقال خَالِد سَبَلَان: يُخْرجُهم من السَّيِّئَاتِ إلى الحَسَناتِ، قال: فرأبُ مَكْحُولًا غَضِبَ حتَّى جَعَل يَرْتعدُ.
وقال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُمَيْر قراءةً، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيْع يَقُول: فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعة خَالِد سَبَلَان، دِمَشْقيٌّ، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ.
(a) بعده في الأصل بياض يستغرق نصف الصفحة التالية.
_________
(1)
تَرْجَمَتِه في: تاريخ البخاريّ الكبير 3: 154، تاريخ أبي زرعة الدّمشقيّ 1: 332 (ذِكْر عارض)، الثّقات لابن حبَّان 6: 255، الجرح والعديل 3: 363، ابن ماكولا: الإكمال 4: 250، تاريخ ابن عساكر 16: 132 - 134، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 70.
(2)
سورة الفرقان، من الآية 70.
وقال أحمدُ: حَدَّثَني يَزِيد بن أحْمَد، عن أبيِهِ، قال: خَالِد جدِّي لأُمِّيّ، ونَسَبهُ خَالِد بن عَبْدِ اللّه بن الفَرَج، وإنَّما دُعِيَ سَبَلَان لطُولٍ كان في لِحْيَته، أصْهَبُ، دَارُه دَارُنا، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ.
وقال أحْمَد بن عُمَيْر: خَالِدُ بن عَبْدِ اللّه بن الفَرَج، وهو خَالِد سَبَلَان، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ، قال: حَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن الحَسَن، عن أَبِيهِ بنسَبهِ، وحَدَّثَني يَزِيد بن أحْمَد، عن أَبِيِهِ بنسَبهِ، قال يَزِيد: دَارُ خَالِد دَارُنا، وهو جَدِّي لأُمِّي.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتبهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحق بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: خَالِد سَبَلَان، عن كُهَيْل بن حَرْمَلَة الشَّامِيِّ، رَوَى عنهُ خَالِد بن دِهْقَان، سَمِعَ منهُ سَعيد بن عَبْد العَزِيْز.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا عليُّ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة، قال: خَالِد سَبَلَان مَوْلَى لبني عَبْسٍ، عن أبي مُسْهِر.
أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي الفَتْحِ المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: خَالِد سَبَلَان يُعَدُّ في الشَّامِيِّين، رَوَى عن كُهَيْل بن حَرْمَلَة.
(1)
التاريخ الكبير 3: 154.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 133.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة إجَازَةً، عن أبي نصْر بن مَاكُولا
(1)
، قال: أمَّا سَبَلَان - بفَتْح السِّيْن والباء المُعْجَمة بواحدةٍ - خَالِد سَبَلَان؛ هو خَالِد بن عَبْدِ اللّه بن الفَرَج، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ (a)، ولُقِّبَ سَبَلَان لطُوْلٍ كان في لِحيته، يُعَدُّ من الشَّامِيِّين، يَرْوي عن كُهَيْل بن حَرْمَلَة، رَوَى عنهُ خَالِد بن دِهْقَان.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن رَبَاحٍ (b) بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: خَالِد سَبَلَان، قال أبو مُسْهِر: هو ثِقَة.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبَوَا مُحَمَّد: هِبَة اللّه بن أحْمَد، وعبد اللّه بن أحْمَد في كِتَابَيْهما، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرنا عبد الرَّحمن بن عُثْمان بن القَاسِم، قال: أخْبَرنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد المَلِك أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَائِذ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن مُسْلِم، عن مَرْوَان بن جَنَاحٍ، عن خَالِد بن دِهْقَان، عن خَالِد سَبَلَان، قال: كُنْتُ فيمَن شَهِدَ صِفِّيْنَ، فبَيْنا نحنُ كذللك (c) إذا جاء الخَبَرُ إلى مُعاوِيَة أنَّهُ قد بايَع رَجُلًا (d) من هَمْدَان اثنا عَشر ألفًا من هَمْدَان بَيْعَة المَوْت ليغتَدُن شَاهِرين سُيُوفهم لا يَنْثنُوا دون أنْ يَقْتلوا مُعاوِيَة أو يَنْهزم النَّاس أو يَمُوتُوا من آخرهم، فأعْظَم ذلك مُعاوِيَة، وأقْبَل على عَمْرو بن العَاصِ، فقال: اثنا عَشر
(a) ابن ماكولا: عنس.
(b) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر 16:134.
(c) ابن عساكر: هنالك.
(d) الأصل: رجل، والمثبت من ابن عساكر.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 4: 250.
(2)
تاريخ ابن عساكر 73: 232 - 233.
ألفًا كُلّهم قد بايَعَ بَيْعَة المَوْت، مَنْ يُطِيق هؤلاء؟ فقال له عَمْرو: اضْربهم بمثلهم من قَوْمهم، فأرْسَل إلى عَضَاةٍ - أو قال: ابن عَضاة - فأخْبَرهُ عن الهَمْدانِيّ وأصْحَابه، وقال: ما عندك؟ قال: ألْقَاهم بمثْل عُدَّتهم من هَمْدَان.
قال: فخَرَج إليهِ قَبَائِل من هَمْدَان فخَطَبَهم مُتَوِكِّئًا على قَوْسه، [فذَكَرَ عُثْمان](a) وما انْتُهك من حُرْمته، ورَكِبَ به - يعني فبكوا حتَّى نشجُوا (b) - ثُمَّ ذَكَر الّذين قتلُوه، وأنَّهُ يحقّ (c) على كُلّ مُسْلم أنْ يَطْلب دَم عُثْمان، والقَوَد (d) من قلته، ونحو هذا (e) من الكَلَام، وإنَّ الهَمْدانِيّ قد بايَعه منكم، فأخْبَرهُم بما صَنَعُوا، فما عندكم؟ قالوا: عندنا أنْ نلقاهم بَيْعَة المَوْت، قال: بَيْعَة المَوْت؟ قالوا: بَيْعَة المَوْت، فأعادَها، قال: بَيْعَة المَوْت؟ قالوا: بَيْعَة المَوْت، فأعادَها ثمّ اسْتَدَار على قَوْسه، ووَثبوا وَثْبة رَجُلٍ، فاسْتَداروا مَرَّات، واعْتَنَق بعضُهم بَعْضًا، وبَكَل بعضُهم إلى بعضٍ، فغَدَا الهَمْدانيّ في أصْحَابه، فاقْتَتَلُوا فيما بين أوَّل النَّهَار إلى صلاة العَصْر، فما انْهَزم هؤلاء ولا هؤلاء، فأرْسَلٍ عليّ إلى مُعاوِيَة يُنَاشدُهُ الله في البُعْثَة (f) إلى كَفِّ أصْحَابهِ، ويكفّ أصْحَابَهُ، فلم ينل مُعاوِيَة يَكُفّ أصْحَابه وبنعُهم، وعليّ بمثل ذلك حتَّى حَجَزُوا بينَهم.
(a) إضافة لازمة من تاريخ ابن عساكر.
(b) في تاريخ ابن عساكر: يعني قتلوا حتَّى نسخوا؟!
(c) ابن عساكر لحقّ.
(d) مهملة في الأصل، والمثبت من ابن عساكر، والقود: القصاص.
(e) ابن عساكر ونحوًا من هذا.
(f) ابن عساكر: البقية.
خَالِد بن عَبْد الله بن يزيد بن أسَد بن كُرْز بن عَامِر بن عَبْد الله بن عَبْد شَمْس بن غَمْغَمَة بن جَرير بن شِقٍّ الكَاهِن بن صَعْب بن يَشْكُر بن رُهْم بن أَفْرَك بن نُذيْر بن قَسْر بن عَبْقَر بن أَنْمَار بن إرَاش بن عَمْرو بن الغَوْث - وقيل: عَمْرو بن نَبْت - ابن زَيْد بن كَهْلَان، أبو الهَيثْمَ العَبْقَرِيُّ البَجَليُّ القَسْرِيُّ
(1)
وهو بَطْنٌ من بَجِيْلَة، وقد يُقالُ له القَصْرِيّ أيضًا، بالسِّيْن والصَّاد، فَمن نَسَبَهُ بالصَّادِ فهو مَنْسُوبٌ إلى قَصْر ابن هُبَيْرَة، وقيل إلى قَصْر بَجِلَةَ، وهما مَوضِعان
(2)
.
(1)
توفي سنة 125 هـ، وقيل: 126 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 302، 310، 346 - 373، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 158، تاريخ أبي حفص الفلاس 445، 573، الجاحظ: البيان والتيين 1: 122، 195، 309 (وانظر فهرس الأعلام 4: 290)، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 281، 334، 336 - 337، 343 - 345، المحبر لابن حبيب 156، 305، 483، وأخباره كَثِيْرة في تاريخ الطبريّ يُرشد إليها فهرس الأعلام 10: 235، وخبر مقتله عند الطبريّ في 7: 254 - 361، المعارف لابن قتيبة 398 - 399، الأزدي: تاريخ الموصل 22 - 66، 215، 222، 235، الثّقات لابن حبَّان 6: 256، الجرح والتعديل 3: 340، المسعودي: مُروج الذَّهب 3: 324، 4: 6، 12، 14، الجهشياري: الوزراء والكتاب 39، 60 - 66، 123، الثعالي: يرد الأكباد 28، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 388 (وأسقط من اسْمُه: يزيد)، الأغاني 22: 5 - 24، الصابئ: الهفوات النادرة 160، 277 - 278، الإكمال لابن ماكولا 7: 119، تاريخ ابن عساكر 16: 135 - 163، وفيه: القُشَيْري بدل القسريّ، ابن الجرزي: المنتظم 7: 247 - 248، 253، ابن الأثير: الكامل 2: 25، 3: 170 وما بعدها، 4: 331 وما بعدها، 5: 72 وما بعدها (وانظر فهرس الأعلام 13: 112)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 261 - 278، تهذيب الكمال 8: 107 - 118، وفيات الأعيان 2: 226 - 231، تاريخ الإسلام 3: 400 - 402، سير أعلام النبلاء 5: 425 - 432، ميزان الاعتدال 1: 633، الإعلام بوفيات الأعلام 63، العبر في خبر من غبر 1: 124، الكاشف 1: 271، الوافي بالوفيات 13: 257 - 259، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 321 - 326، 10: 17 - 21، ابن خلدون: العبر 5: 187 - 188، 231، 252 - 253، 272 - 274، لسان الميزان 2: 391 - 392، تهذيب التهذيب 3: 101 - 103، تقريب التهذيب 1: 215، شذرات الذَّهب 2: 112، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 70 - 83، الزركلي: الأعلام 2: 297.
(2)
تقدَّم لابن العديم ذِكْر ذلك في تَرْجَمَة أخيه إسماعيل بن عبد اللّه القسري (الجزء الرابع)، ورجح أن نسبته لقصر ابن هُبَيْرة فأبدلوا الصاد سينًا، وساقَ نَسبَهُ هناك على هذا النحو.
حَدَّثَ عن أَبِيهِ عَبْد اللّه بن يَزِيد، ومُحَمَّد بن زِيَاد. رَوَى عنهُ حُمَيْد بن تِيْرَوَيْه الطَّويل، وسَيَّار أبو الحَكَم، وحَبِيْب بن أبي حَبِيْب، وإسْمَاعِيْل بن أوْسَط البَجَليّ، وإسْمَاعيْل بن أبي خَالِد، وأخُوه إسْمَاعِيْل بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ، والوَلِيدُ بن نُوح مَوْلَى أَمّ حَبِيْبة، وعَبدُ اللّهِ بن بِزيع، وأبو المُليح الحَسَنُ بن عُمَر الرَّقِّيّ.
وكان أميرًا بمَكَّة للوَليدِ وسُليْمان ابْنَي عَبْد المَلِك، وهو الّذي صَفَّحَ باب الكَعْبَةِ والمِيْزَاب والأسَاطِين بمَكَّة بثلاثين ألفَ دِينارٍ سَيَّرَها إليهِ الوَلِيدُ، ووَلِيَ العِرَاقَيْن لهِشَام بن عَبْد المَلِك، وقَدِمَ دَيْر سِمْعَان على عمر بن عَبْد العَزِيْز حين هَمَّ بإزَالة الزَّخْرَفَة من جَامع دِمَشْق فصَدَفَهُ عن ذلك، وكان له غَزْو وإلى بلادِ الرُّوم، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ من الرُّوم.
أخْبَرَنا أبو عليِّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الصُّوْفيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُطِيع مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحد بن عَبْد العَزِيز بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء الصَّحَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد مُحَمَّد بن عليّ بن عَمْرو بن مَهْدِي النَّقَّاشُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مَزْيَد الخَشَّاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَعيد بن مَعْدَان بهَمَذَان، قال: حَدَّثَنَا الحارِث بن عَبْدِ اللّه، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْم، عن سَيَّارٍ أبي الحَكَم، قال: سَمِعْتُ القَسْرِيَّ - يعني خَالِدًا - يَخْطبُ وهو يَقُول: حَدَّثَني أبيّ، عن جدِّي
(1)
، قال: قال لي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يا يَزِيدُ بن أسَدٍ، أحبَّ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنَفْسكَ.
(1)
مسند ابن حميد (المنتخب) 161 (رقم 434)، مجمع الزوائد 8: 186، كنز العمال 15: 793 (رقم 43145 - 43147)، كشف الخفاء للعجلوني 1: 54، وانظر: المسند الجامع 15: 734 (رقم 12124).
وأخْبَرَنَا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهر المُخَلِّص
(1)
، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى القُطَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا رَوْح، عن عَطَاء بن أبي مَيْمُونَة، قال: حَدَّثَنَا سَيَّار أبو الحَكَم أنَّهُ شَهِدَ خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ وهو يَخْطبُ على المِنْبَر، يَقُول: حَدَّثَني أبيّ، عن جدِّي أنَّهُ قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: يا أسَدُ، أَتُحبُّ الجَنَّة؟ قال: قُلتُ: نَعَم، قال: فأحبّ لأحَدِ المُسْلمِيْن ما تُحبّ لنَفْسكَ.
أخْبَرَنا الإمَامُ أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّافِعيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الإمَامُ عَمِّي أبو القَاسِم عليِّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبَوَا مُحَمَّد: هِبَة اللّه بن أحْمَد وعَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا تَمَّامٌ وعَبد الوَهَّاب، قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن المُعَلَّى، ح.
قال تَمَّام: وأخْبرَني أبو إسْحَاق إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا ابن المُعَلَّى، ح.
قال تَمَّام: وأخْبَرَني يَحْيَى بن عَبْد اللّه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن (a) بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا ابن المُعَلَّى، ح.
قال: وأخْبَرَني صَفْوَان بن صالح، أمْلَاهُ عليَّ، قال: حَدَّثَنا الوَلِيد بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُهاجِرٍ، قال: سَمِعْتُ أخي عَمْرو بن مُهاجِر، قال: سَمِعْتُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وذَكَرَ مَسْجِدَ دِمَشْق، فقال: رأيْتُ أمْوَالًا أُنْفقَتْ في غير حَقّها، فأنا مُسْتَدْركٌ ما اسْتَدْرَكْت - وقال المَيْدانيّ: أدْرَكت منها - فرادُّه إلى (b) بَيْت المَالِ، أعْمَدُ إلى ذلك الفُسَيْفِسَاء والرُّخَام فأقْلَعهُ وأُطَيِّنُه، وأنْزَعُ تلك السَّلَاسِل، وأجْعَل
(a) ابن عساكر: عبد الله.
(b) ابن عساكر: في.
_________
(1)
المخلِّصيّات 1: 364.
(2)
تاريخ ابن عساكر 2: 274 - 276.
مكانَها حِبَالًا، وأنْزِعُ تلك البَطَائن فأَبِيعُ جميع ذلك وأُدْخله بَيْتَ المَالِ، فبَلَغَ ذلك أهل دِمَشْق فاشْتَدَّ عليهم، فخَرَج إليهِ أشْرَافُهُم فيهم خَالِدٌ القَسْرِيّ، فقال لهم خَالِد: إئذنُوا لي حتَّى أكُونَ أنا المُتَكلِّم، فأذِنُوا، فلمَّا أتَوْا دَيْر (a) سِمْعَان، اسْتأذَنُوا على عُمَر، فأذِنَ لهم، فلمَّا دَخَلُوا سلَّمُوا عليه، فقال له خَالِد: يا أَمِير المُؤْمنِيْنَ، بَلَغَنا أنَّك هَمَمْتَ في مَسْجِدنا بكَذا وكذا؟ قال: نَعَم (b)، رَأيتُ أمْوَالًا أُنْفقَت في غير حَقّها، وأنا مُسْتَدركٌ ما أدْرَكتُ منها (c)، فرادُّه إلى بَيْتِ المَالِ، فقال له: واللّهِ ما ذلك لكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن! فقال عُمَر: لمَن هو؟ لأُمِّكَ الكَافِرة! وغَضِبَ عُمَرُ، وكانت أُمُّهُ نَصْرَانَيَّة أُم وَلدٍ رُوميَّة، فقال خَالِد: إنْ تَكُ كَافِرةً فقد ولدَتْ مُؤْمنًا، فاسْتَحْيَى عُمَر وقال: صَدَقْتَ! فما قَوْلُكَ: ما ذاكَ لي؟ قال: لأنَّا كُنَّا مَعْشَرُ أهَل الشَّام، وإخْواننا من أهْلِ مِصْر، وإخْواننا من أهْلِ العِرَاق، نَغْزُو فيُعْرض (d) على الرَّجُل منَّا أنْ يَحمل من أَرْض الرُّوم قَفِيْزًا بالصَّغير من فُسَيْفِسَاء، وذِرَاعٍ في ذِرَاع من رُخَامٍ، فيَحْملُه أهْل العِرَاق وأهَل حَلَب إلى حَلَبَ، ويُسْتأجر على ما حملُوا إلى دِمَشْق، ويَحْملُه (e) أهْل حِمْصَ إلى حِمْص، ويُسْتأجر على ما حملُوا إلى دِمَشْق، ويَحْملُ أهل دِمَشْق ومَنْ ورَاءَهُم حَقَّهُم (f) إلى دِمَشْق، فذلك قَوْلي: ما ذاك لكَ، فسَكَتَ عُمَر.
قال: ثُمَّ جاءَهُ بَرِيدٌ من مِصْرِ من وَالِيها، يُخْبره أنَّ قَارِبًا وَرَد عليه من رُوميَة، فيه عَشرةٌ من الرُّوم عليهِم رَجُل منهم، يُريدُون الوُفُود إلى أَمِيرِ المُؤْمنِيْن، فكَتَبَ إليهِ أنْ وجِّهْهم إليَّ، ووَجَّه معهم عَشرةً من المُسْلمِيْن عليهم رَجُل منهم كُلّهُم يُحْسِن بالرُّوميَّةِ، ولا يُعْلمونهم بذلك حتَّى يَحْملُون إليَّ كَلَامهُم، فسَارُوا حتَّى نَزَلوا دِمَشْقَ، خَارِج باب البَرِيد، فسَأل الرُّوم رَئيس العَشرة (g) من المُسْلمِيْن أنْ
(a) ابن عساكر: إلى دير.
(b) ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.
(c) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.
(d) ابن عساكر: فيفرض.
(e) ابن عساكر: ويحمل.
(f) ابن عساكر: حصَّتهم.
(g) الأصل: العشيرة.
يَسْتأذن لهم الوَالي في دُخُول المَسْجِد، فأذِنَ لهم، فمرُّوا في الصَّحْنِ حتَّى دخَلُوا من الباب الّذي يُوَاجهُ القُبَّة، فكان أوَّل ما اسْتقبلوا المقام، ثمّ رفَعُوا رُؤوسَهُم إلى القُبَّة، فخَرَّ رَئيسُهم مغشيًّا عليه، فحُمِلَ إلى مَنْزِلِه، فأقامَ مَا شَاء اللّهُ أنْ يُقِيم، ثمّ أفاقَ فقالُوا بالرُّوميَّةِ: ما قِصَّتكَ، عَهِدْناكَ (a) بالرُّوميَةِ وما نُنْكرُكَ، وصَحِبْتنا في طَرِيقنا هذه فما أنْكَرْناكَ، فما الّذي عَرَضَ لك حين دَخَلْتَ هذا المَسْجِد؟ قال: لأنَّا مَعْشَر أهل رُوْميَة نتَحَدَّثُ أنَّ بَقَاء العَرَب قليل، فلمَّا رأيْتُ ما بنوا عَلِمْتُ أنَّ لهم مُدَّةً سَيَبْلُغونها، فلذلكَ أصَابني الّذي أصَابَني، فلمَّا قَدِمُوا على عُمَر أخْبَرُوه بما سَمِعُوا منه، فقال عُمَر: ألَا أرَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ غَيْظًا على الكُفَّارِ! فتَرَك ما كان هَمَّ به من أَمْره.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن نَاصِر، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبرنا أبو مُحمَّد عَبْد اللّه بن عليّ بن عبد اللّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد اللّه بن البَرْقِيّ، قال: ومنِ بَجِيْلَة بن أَنْمَار بن إرَاش بن لِحْيَان بن عَمْرو بن الغَوْث بن نَبْت بن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلَان بن سَبَأ: يَزِيد بن أسَد بن كُرْز بن عَامِر بن عَبْد اللّهِ بن عَبْد شَمْس بن غَمْغَمَة (b) بن جَرِير بن شقّ بن صَعْب بن يَشْكُر بن رُهْم (ح) بن أَفْرَك بن نُذَيْر بن قَسْر بن عَبْقَر بن أَنْمَار، وهو جَدّ خَالِد بن عَبْد اللّهِ القَسْرِي.
أخْبَرَنا أبو الجَاج يُوسُف بن خَليل بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الرَّبَعِيِّ، قال:
(a) ابن عساكر: عهدنا بك.
(b) مهملة في الأصل: عمعمة.
(c) جوَّده في هذا الموضع بفتح أوله، وانظر: الاشتقاق 362.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُمَيْر قراءةً، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيعْ، قال: خَالِد بن عَبْد اللّه بن أسَد القَسْرِيّ.
كَذَا قال، وإنَّما هو ابن عَبْد الله بن يَزِيد بن أسَد.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر، في كتابه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحق بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(1)
، قال: خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيّ البَجَليّ اليَمَانِيّ كان بوَاسِط، ثُمَّ قُتِلَ بالكُوفَة قَرِيب من سَنَة مائةٍ وعشرين، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه. رَوَى عنهُ سَيَّار أبو الحَكَم، وهو الّذي قال يَوْم الأضْحَى: إنِّي مُضِحٍّ بالجعد بن دِرْهَم، زَعَم أنَّ اللّه لَم يُكَلِّم مُوسَى تَكْلِيِمًا، ولَم يَتَّخذ إِبْرَاهيم خَلِيلًا، ثُمَّ نَزَل فَذَبَحَهُ. قاله قُتَيْبَة.
حَدَّثَنَا القَاسِم بن مُحَمَّد، عن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن حَبِيْب بن أبي حَبِيْب، عن أَبِيهِ، عن جدِّه، قال: شَهِدْتُ خَالِدًا، وهو أخو أسَد، وهو ابن يَزِيد بن أسَد بن كُرْز أبو الهَيْثَم.
أنْبَأْنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: في نُسْخَة ما شَافَهَني به أبو عَبْد اللّهِ الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ إجَازَةً، ح.
قال ابنُ مَنْدَة: وأخْبَرَنَا أبو طَاهِر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَلَف التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانيّ، قال: قيل لسَيَّارٍ: تَرْوي عن مثْل خَالِد؟ قال: إنَّهُ كان أشْرَف من أنْ يَكْذبَ.
(1)
تاريخ البخاريّ الكبير 3: 158.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 138.
(3)
الجرح والتعديل 3: 340.
أنْبَأْنَا القَاضِي أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّدٍ عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: أَنْبَأْنَا أبو نصْر بن مَاكُولا
(1)
، قال: وأمَّا قَسْر - بفَتْح القَافِ، وسُكُون السِّيْن المُهْمَلَةِ - فهو قَسْرُ بن عَبْقَر، قَبِيْلٌ من بَجِيْلَة، يُنْسَبُ إليها يَزِيد بن أسَد صَاحِبُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ومن وَلَدِه خَالِدُ بن عَبْد اللّهِ القَسْرِيّ أمير العِرَاق، يَرُوي عنه، عن أَبِيهِ، عن جدِّه، يُقال: جَدُّه يَزِيد بن أسَد، ويُقالُ إنَّهُ ليس من وَلده.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه القَاضِيّ، فيما أَذِنَ لنَا فيه، وسَمِعْتُ منه بدمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليِّ بن الحَسَن
(2)
، قال: خَالِدُ بن عَبْد اللَّه بن يَزِيد بن أسَد بن كُرْز بن عَامِر بن عبْقَرِيّ، أبو الهَيْثَم البَجَليّ القَسْرِيّ، أميرُ مَكَّة للوَليد وسُليْمان، وأمير العِرَاقَيْن لهِشَام بن عَبْد المَلِث، وهو من أهْلِ دِمَشْق. رَوَى عن أبيهِ، رَوَى عنهُ سَيَّار أبو الحَكَم، وإسْمَاعِيْل في أَوْسَط (a) البَجَليّ، وحَبِيْبُ بن أبي حبِيْب، وحُمَيْد الطَّويل، وإِسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، ودَارُه بدمَشْق هي الدَّار الكبيْرة الّتي في مُرَبَّعَة القَزِّ، تُعْرفُ اليَوْم بدَار الشَّريف الزَّيْديِّ (b)، وإليهِ يُنْسَب الحَمَّام الَّتِي تُقَابِل باب قَنْطَرَة سِنَان بِبَاب تُوْمَا.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِمِ
(3)
: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السّيْرَافِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَريَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط
(4)
، قال: مات عَبْد المَلِك وعلى مَكَّة نَافِعٍ في عَلْقَمَة بن صَفْوَان، فأَقرَّهُ الوَلِيدُ سِنِين (c)، ثمّ عَزَلَهُ ووَلَّى
(a) في تاريخ ابن عساكر: واسط، وما ها هنا موافق لما في مشاهير علاء الأمصار لابن حبَّان 258، وتهذيب التهذيب 3:101.
(b) مهملة في الأصل، والمثبت من ابن عساكر.
(c) في تاريخ خليفة: سنتين.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 7: 119.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 135.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 138 - 139.
(4)
تاريخ خليفة 310.
خَالِد بن عَبْد اللّهِ القَسْرِيّ، وذلك سَنَة تِسْعٍ وثَمانين، فلَم يَزَل بها وَاليًا حتَّى ماتَ الوَلِيد، وأقرَّ - يعني سُليْمان بن عَبْد المَلِك - عليها خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ، ثمّ عَزَلَهُ ووَلَّى دَاوُد بن طَلْحَة.
وفيها - يعني سَنَة ستٍّ ومائة
(1)
-: وَلِيَ خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ العِرَاق.
وقال
(2)
: سَنَة عشْرين ومائة فيها عَزَل هِشَام خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ عن العِرَاق ووَلَّاها يُوسُف بن عُمَر.
قال
(3)
: وفيها - يعني سَنَة تسْعٍ وثمانين - وَلِيَ خَالِد بن عَبْد اللّه القَسْرِيّ مَكَّة.
وقال خَلِيفَة
(4)
: حَدَّثَني الوَليِد بن هِشَام، عن أَبيِهِ، عن جدِّه، وعبد اللّه بن المُغِيرَة، عن أبيهِ، وأبو (a) اليقظَان وغيرهم، قالوا: جُمِعَت العِرَاق لِخَالِد بن عَبْد اللّه بن أسَد (b) بن كُرْز البَجَليّ في سَنَة ستٍّ ومائة، وعُزِلَ سَنَة عشرين ومائة.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِم
(5)
: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد السِّمْنَانِيّ، وأبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قالا: أَخْبرَني أبو مُحَمَّد الصَّرِيفِيْنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبَابَة، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا ابن هَانئ، قال: حدَّثَنَا أحْمَد بن حَنْبَل، قال: سَمِعْتُ طَلْق النَّخَعِيّ، قال: مات مَعْبَد في وِلَايَةِ خَالِد، ووَلِيَ خَالِد سَنَة ستّ عَشرة، وتُوفِّيَ سَنَة عشرين.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(6)
: كَذَا قال، وهو وَهْمٌ.
(a) ابن عساكر: وأبي.
(b) تاريخ خليفة: ابن عبد اللّه بن يزيد بن أسد.
_________
(1)
تاريخ خليفة 337.
(2)
تاريخ خليفة 350.
(3)
تاريخ خليفة 302.
(4)
تاريخ خليفة 350.
(5)
تاريخ ابن عساكر 16: 139.
(6)
تاريخ ابن عساكر 16: 139.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبَيْد اللّه بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ، قال: وَلي خَالِد سَنَة ستٍّ - يعني: ومائة - وعُزِلَ سَنَة عشرين.
قال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم، قال: قال أبو مُسْهِر في حَدِيث: ماتَتْ أُمُّ خَالِد القَسْرِيّ فَخرَج معها خَالِد وقال: كَذبَ مَنْ قال إنَّ خَالِدًا وَلي العِرَاق سَنة وَلي هِشَام، سَنَة خَمْسٍ ومائة فأقام عليها إلى سَنَة عشرين ومائة.
وقال ابنُ السَّمَرْقَنْديِّ: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، وأبو مَنْصُور بن العَطَّار، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن عبد الرَّحمن السُّكَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَريَّاء بن يَحْيَى المِنْقَريّ، قال: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَة بن بِلَال، عن مُجَالِد، قال وَلِيَ العِرَاق عُمَر بن هُبَيْرَة الفَزَارِيّ فكان على شُرطَه سُوَيْد بن فُلَان المُزَنِيّ، وعلى شُرْطَة الكُوفَة خَالِد بن عَبْد اللّهِ القَسْرِيّ. ثُمَّ وَلِيَ العِرَاق خَالِد بن عَبْدِ اللّه القَسْرِيّ.
وأخْبَرَنَا أيضًا عُمَر بن طَبَرْزَد كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لَمْ يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسين بن المُهْتَديّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مَخْلَدَ بن حَفْص، قال: قَرَأَتُ على عليّ بن عَمْرو الأَنْصَاريّ: حَدَّثَكُم الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن ابن عبَّاسٍ، قال في تَسْمِيَةِ مَنْ وَلِي العِرَاق: وجُمِعَ له المِصْرَان خَالِد بن عَبْد اللّه.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن، وأبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن بشْرَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبَي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، عن الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: الأشْرَافُ من أبْنَاءِ النَّصْرانيَّاتِ خَالِد بن عَبْد اللهِ القَسْرِيّ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن سُلَيمان، قال: أنْبأنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أنْبأنَا عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أنْبأنَا عَبْد العَزِيز بن الحَسَن (a)، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المَالِكِيّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا إبراهيمِ الحَرْبِي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَارِث، قال: سَمِعْتُ المَدَائِنِيّ يَقُول: أوَّل ما عرِفَ بهِ سؤْدَدُ خَالِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ أنَّهُ مرَّ في سُوق دِمَشْق وهو غُلَامٌ، فأوْطَأ فَرَسَهُ صَبيًّا، فوقفَ عليه، فلمَّا رآهُ لا يتحرَّكُ أمَرَ غُلَامَهُ فحملَهُ، ثمّ أتَى بهِ إلى مَجْلِس قَوْمٍ، فقال: إنْ حَدَثَ بهذا الغُلَام حَدَثٌ فأنا صَاحِبُهُ، أوْطأتُه فَرَسي ولَم أعْلَم.
(a) من قوله: "أبو القاسم بن عبد الله بن سليمان .. " إلى هنا بياض في الأصل واستدركه ابن فهد المكي الهاشمي بخطه.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 138.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 369.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بِالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المبُاركُ بن عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن جَعْفَر بن السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا أبو علي مُحَمَّد بن سعيد بن عبد الرَّحْمن القُشَيْريّ
(1)
، قال: وحَدَّثَنَا أبو المُلَيْح، قال: سَمِعْتُ خَالِدَ القَسْرِيّ على المِنْبَر يَقُول: قد اجْتَمَع من فَيْئِكُم هذا ألفُ ألفٍ لم يُظْلَم فيها مُسْلم ولا مُعَاهدٌ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبيد الله بن كادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن رَكَرِيَّاء الجَرِيْرِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن مُحَمَّد (a) بن خَالَوَيْه النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَني اليَزِيْديُّ، قال: حَدَّثَني أبو مُوسَى، عن دمَاذٍ، عن الأصْمَعِيِّ، قال: حَرَّم خَالِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ الغنَاءَ، فأتاهُ حُنَيْنُ بن بَلُّوع (b) في أصْحَاب المَظَالِم مُلْتحفًا على عُود، فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، شَيْخٌ كبيرٌ ذو عِيَالٍ، كانت له صِنَاعَةٌ حِلْتَ بينَهُ وبينها، قال: وما ذَاكَ؟ فأخْرَج عُودَهُ وغَنَّى: [من الخفيف]
أيُّها الشَّامِتُ المُعَيِّرُ بالشَّيْب
…
أقِلَّنّ بالشَّبَابِ افْتِخَارا
قد لبسْتُ الشَّبَابَ قبلكَ حيْنًا
…
فوَجَدْتُ الشَّبَابَ ثَوْبًا مُعَارا
فبَكَى خَالِدٌ، وقال: صَدَقَ واللهِ، إنَّ الشَّبَابَ لثَوْبٌ مُعَارٌ، عُدْ إلى ما كُنت عليهِ ولا تُجالِس شابًّا ولا مُعَرْبدًا.
(a) نبه ابن العديم فوقه على وقوع خطأ فيه بكتب حرف "صـ" فوقه، وعلق على وجه الصواب في سياقة اسمه بعد انتهاء النقل.
(b) كذا مجودًا في الأصل، وفي كتاب المعافى: بَلْوَع.
_________
(1)
الحراني: تاريخ الرقة 114.
(2)
الجريري: الجليس الصالح 2: 434.
هكذا قال أبو الفَرَج: الحُسَين بن مُحَمَّد بن خَالَوَيْه، ووَهم فِي اسْم أبيهِ؛ وهو: الحُسَين بن أحْمَد بن حَمْدَان بن خَالَوَيه، وقد ذَكَرنا تَرجَمتَهُ فيمَا سبَقَ
(1)
.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ القُرَيشِيّ بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ المُبارَكُ بن عبد الرَّحْمن بن زُرَيْق الشَّيْبَانِيّ، والكَاتِبةُ شُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءَ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش النَّحْوِيُّ المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد، قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن بن العَلَّافِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن بشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جَعْفَر الخَرائِطِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل الرَّبَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم، عن الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن ابن عَيَّاشٍ، قال: عَرَض خَالِدُ بن عَبْد اللهِ القَسْرِيِّ سجنَهُ، فكان فيه يَزِيد بن فُلَان البَجَليّ، فقال له خَالِدٌ: في أيّ شيءٍ حُبِسْتَ يا يزَيد؟ قال: في تُهْمَةٍ أصْلَح اللهُ الأَمِير، قال: تَعُود إنْ أطلقْتُكَ؟ قال: نَعَم أيُّها الأَمِير! وكَرِه أنْ يُصَرِّح بالقِصَّة أو يُومئ إليها فيَفْضَحَ مَعْشُوقتَهُ لكي لا يَنَالها أهْلُها ببَعْض المَكْرُوه، فقال خَالِد لأوْليِاءِ الجَارِيَة: أحْضروا رجال الحيِّ حتَّى نقْطع كفَّهُ بحَضْرتهم، وكان ليَزِيْد أخٌ فكَتَبَ (a) شِعْرًا ووَجَّه به إلى خَالِدٍ:[من الطويل]
أخَالِدُ قد أُنْطِيْتُ واللهِ غشْوةً (b)
…
وما العَاشِقُ المِسْكِينُ فينا بسَارِقِ
(a) تحرَّف في كتاب الخرائطي إلى: وكان ابن رزاح فكتب!.
(b) الخرائطي: أخالد قد والله أعطيت عشوة.
_________
(1)
في الضائع من أجزاء الكتاب.
(2)
الخرائطي: اعتلال القلوب 264 - 265، ونقله عنه سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 268 - 269.
أقرَّ بما لَم يأتهِ المَرْءُ أنَّهُ
…
رَأى القَطْعَ خَيْرًا مِن فَضِيْحَةِ عَاشِقِ (a)
ولولا الّذي قد خِفْتُ من قَطْعِ كَفِّهِ
…
لأُلْفِيْتُ (b) في أمْرِ الهَوَى غيرَ نَاطِقِ
إذا بدَتِ الرَّايَاتُ للسَّبْقِ في العُلَى (c)
…
فأنْتَ ابنَ عَبْدِ اللهِ أوَّلُ سَابِقِ
فلمَّا قَرأ خَالِد الأبْيَاتَ عَلمَ صِدْقَ قَوْله، فأحْضَر أوْلِيَاء الجَارِيَة، فقال: تُزَوِّجُوا يَزِيد فَتاتكُم؟ فقالوا: أمَّا وقد ظَهَر عليه ما ظَهَر فلا، فقال: لئن لَم تُزوِّجُوه طَائعين لتُزَوجُنَّه كَارِهين، فزَوَّجُوه ونَقَد (d) خَالِدٌ المَهْرَ من عنده.
أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليِّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيْف بن مَا شَاء الله المُقْرِئ المَعَرِّيّ، قال: أخْبَرَنا الضَّرَّابُ أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن، قال: سَمِعْتُ الأصْمَعِيَّ قال: قال أعْرَابيٌّ لخَالِد بن عَبْد اللهِ القَسْرِيّ: أصْلَح اللهُ الأَمِير، لَم أَصُنْ وَجْهي عن مَسْألتك (e)، فمنْ وَجْهك عن رَدِّي، وضَعْنِي من مَعْرُوفكَ حيث وضَعْتُكَ من رَجَائي، فأمَرَ له بما سَأل.
ودَخَلَ إليه أعْرَابيٌّ ومعه جِرَابٌ، فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، يأمُر لي بملءِ جِرَابي دَقِيقًا؟ فقال خَالِد: امْلؤوه دَرَاهِم، فخرَجَ على النَّاسِ، فقيل له: ما صَنَعْتَ في حَاجتكَ؟ قال: سَألْتُ الأَمِيرَ ما أشْتِهي فأمَرَ لي بما يَشْتَهي.
(a) الخرائطي: فضيحة عاتق.
(b) الخرائطي: لألقيت.
(c) الخرائطي: في السبق للعلى.
(d) الخرائطي: ونقل.
(e) الدينوري: لم أصن مسألتي عن وجهك!.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 144.
(2)
الدينوري المالي: المجالسة وجواهر العلم 399.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِي، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الخُتَّلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص - يعني النَّسَائِيّ - قال: قَرَأتُ في كتابٍ عن عَبْد المَلِك بن قُرَيْب الأصْمَعِيِّ، قال: دَخَلَ أعْرَابيٌّ على خَالِد بن عَبْد اللهِ القَسْرِيّ فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، إنِّي قد امْتَدَحتُكَ ببَيْتَيْن ولستُ أنشْدكهما إلّا بعَشرة آلافٍ وخَادِم، فقال له خَالِد: قُلْ، فأنْشَأَ يَقُول:[من الطويل]
لَزِمْتَ نَعَم حتَّى كأنَّك لَم تكُنْ
…
لَزِمْت من الأشْيَاء شيئًا سِوَى نَعَمْ
وأنْكَرت لا حتَّى كأنَّك لَم تَكُن
…
سَمِعْتَ بلا في سَالِفِ الدَّهْرِ والأُمَم
فقال خَالِد بن عَبْد اللهِ: يا غُلَام، عَشرة آلاف وخَادِمًا يَحْملُها.
قال
(2)
: ودَخَل عليهِ أعْرَابيٌّ، وقال: إنِّي قد قلت شِعْرًا، وأنْشَأ يَقُول:[من الطول]
أخَالِدُ إنِّي لم أزُرْك لحاجَةٍ
…
سوَى أنَّني عافٍ وأنْتَ جَوَادُ
أخَالِدُ إنَّ الأجْر والحَمْد حَاجتي
…
فَأيُّهما تأبَي (a) وأنْتَ عِمَادُ
فقال له خَالِد بن عَبْد الله: سَل يا أعْرَابيّ، قال: قد جَعَلْت المَسْألَةَ إليَّ أصْلَح اللهُ الأمِيرَ؟ قال: نعم، قال: مائة ألف دِرْهَم، قال: أكْثَرتَ يا أعْرَابيّ، قال: أفأحُطّك أصْلَح اللهُ الأَمِير؟ قال: نَعَم، قال: قد حَطَطْتُكَ تِسْعين ألفًا، فقال
(a) المعافى: أتاني. وفيات الأعيان وتاريخ الإسلام: تأتي، ويجيئ مثله فيما بعد في رواية أخرى أدرجها المؤلف عن ابن عساكر.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 1: 467 - 468، وفي تاريخ ابن عساكر 16: 152، وفيات الأعيان 2: 227، والبداية والنهاية 10: 20، والبيتان في تاريخ الإسلام 2:401.
(2)
الجريري: الجليس الصالح 1: 468، وانظر تاريخ الإسلام 3:401.
له خَالِد: يا أعْرَابيّ، ما أدْري من أي أمْرَيْك أعْجَب! فقال له: أصْلَح اللهُ الأَميرَ، إنَّك لمَّا جَعَلت المسألةَ إليَّ سَألتُكَ على قَدْركَ وما تَسْتَحقُّه في نفسك، فلَّا سَألْتني أنْ أحُطّ حَطَطْتُكَ على قَدْري وما أسْتَاهلُه في نَفْسِي، فقال له خَالِد: والله يا أعْرَابيّ لا تَغْلبني، يا غُلَام مائة ألف، فَدَفَعها إليه.
أخْبَرَنا عَتِيق السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد الفَنَكِيّ، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيُّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الرَّبَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الزِّيَادِيّ، عن العُتْبِيّ، قال: دخَل أعْرَابيّ على خَالِد القَسْرِيّ فقال: إنِّي امْتَدَحتُكَ ببَيْتَيْن فاسْمَعْهُما، قال: هاتِ، فأنْشَأَ يَقُول:[من الطويل]
أخَالِدُ إنِّي لَم أزُرْكَ لحاجَةٍ
…
سوَى أنَّني عافٍ وأنْتَ جَوَادُ
أخَالِدُ بين الأجْرِ والحَمْد حَاجَتي
…
فَأيُّهما تأتِي فأنْتَ عِمَادُ
فقال خَالِد: سَلْني يا أعْرَابيّ، قال: قد جَعَلْتَ المَسْألةَ إليَّ؟ قال: نعم، قال: مائة ألف دِرْهَم، قال: أسْرَفْت يا أعْرَابيّ، قال: أفأُحطُّكَ أصْلَح اللهُ الأَمِير؟ قال: نعم، قال: حَطَطْتُكَ تِسْعين (a) ألفًا، قال: ما أدْرِي يا أعْرَابيّ أيّ أمْرَيْك أعْجب: حَطِيْطَتُكَ أم سُؤالك!؟ فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، إنِّي سَألتكَ (b) على قَدْرك،
(a) ابن عساكر: بستِّين.
(b) ابن عساكر: أسألك.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 151 - 152.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 287.
وحَطَطْتُكَ على قَدْري وما أسْتَاهِل في نَفْسِي! قال خَالِد: إذًا واللهِ لا تَغْلبُني، أَعْطِه يا غُلَام مائة ألف.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْد الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَجِ المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَنِ بن القَاسِمِ الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن قُريْب الأصْمَعيِّ، قال: حَدَّثَني عُمَر بن الهَيْثم، قال: بينما خَالِد بن عَبْد الله بظَهْرِ الكُوفَة مُتَنَزِّهًا إذْ حَضَرَهُ أعْرَابيٌّ، فقال: يا أعْرَابيّ، أينَ تُريد؟ قال: هذه القَرْيَة؛ يعني: الكُوفَة، قال: وماذا تُحاولُ بها؟ قال: قَصَدْتُ خَالِد بن عَبْدِ الله مُتَعَرِّضًا لمَعْرُوفهِ، قال: فهل تَعْرفهُ؟ قال: لا، قال: فهل بينَك وبينَهُ قَرَابَة؟ قال: لا ولكن لِمَا بلَغَني من بَذْلهِ المَعْرُوفَ، وقد قُلْتُ فيه شِعْرًا أتقَرَّبُ بهِ إليهِ، قال خَالِد: فأنشدْني ما قُلتَ، فأنْشَأَ يَقُول:[من الطويل]
إليكَ ابنَ كُرْزِ الخَيْرِ أقبلْتُ رَاغِبًا
…
لتَجْبُرَ منِّي ما وَهَى وتَبَدَّدَا
إلى المَاجِدِ البُهْلُولِ ذي الحِلْمِ والنَّدَى
…
وأكْرَمِ خَلْقِ اللهِ فَرْعًا ومَحْتِدَا
إذا ما أُناسٌ قَصَّرُوا بفعَالِهِمْ
…
نَهَضْت فلَم تُلْفَى هُنالكَ مُقْعَدَا
فيا لَكَ بَحْرًا يَغْمُرُ النَّاسَ مَوْجُهُ
…
إذا يُسْأَلُ المَعْرُوفَ جاشَ وأزْبَدَا
بلوتُ ابنَ عَبْد اللهِ في كُلِّ مَوْطنٍ
…
فألفيْتُ خَيْرَ النَّاسِ نَفْسًا وأمْجَدَا
فلَو كانَ في الدّنْيا مِنَ النَّاسِ خَالِدُ
…
لجُودٍ بمَعْرُوفٍ لكُنْت مُخَلَّدا
فلا تَحْرِمَنِّي منْكَ ما قد رَجَوتُهُ
…
فَيُصْبحَ وَجْهي كَالِحَ اللَّوْنِ أَرْبَدَا
فحفِظ خَالِد الشِّعْر، وقال له: انْطَلِقْ صَنَع اللهُ لك.
(1)
الجريري: الجليس الصالح 2: 47 - 49، وأورد ابن عساكر الحكاية في تاريخه 16: 154 - 157، وابن كثير في البداية والنهاية 10:18.
فلمَّا كان من غَدٍّ، دَخَل النَّاسُ إلى خَالِد واسْتَوى السِّمَاطَان بينَ يَدَيْهِ، تقدَّمَ الأعْرَابيّ وهو يَقُول:
إليكَ ابن كُرْز الخَيْر أقْبَلْتُ رَاغِبًا
فأشارَ إليه خَالِد بيَدِه أنْ اسْكُت، ثُمَّ أنْشَد خَالِد بَقِيَّة الشِّعْر، وقال له: يا أعْرَابيُّ، قد قيل هذا الشِّعْرُ قبل قَوْلك! فتَحيَّر الأعْرَابِيُّ، ووَرَدَ عليه ما أدْهَشَهُ، وقال: تاللهِ ما رَأيْتُ كاليَوْم سَبَبًا لخَيْبة وحِرْمَانٍ، فانْصَرَفَ، وأتْبَعَهُ خَالِدٌ برَسُول ليَسْمَع ما يقُول، فسَمِعَهُ الرَّسُولُ يقول:[من الطويل]
ألَا في سَبِيْل اللهِ ما كُنْتُ أرْتَجي
…
لَديهِ وما لاقَيْتُ من نَكَدِ الجَهْدِ (a)
دَخَلْتُ على بَحْرٍ يَجُودُ بمَالِهِ
…
ويُعْطِي كَثِيْرَ المالِ في طَلَبِ الحَمْدِ
فحَالَفَني الجَدُّ المَشُومُ لِشِقْوَتي
…
وقَارَبَني نَحْسِي وفَارَقَني سَعْدِي
فلَو كانَ ليْ رزْقٌ لدَيهِ لَنِلْتُهُ
…
ولكِنَّهُ أمْرٌ منَ الوَاحدِ الفَرْدِ
فقال له الرَّسُولُ: أجب الأَمِيرَ، فلمَّا انْتَهى إلى خَالِدٍ قال له: كيف قُلْت؟ فأنْشَدَه، ثُمَّ اسْتَعادَهُ فأعادَهُ ثلاثًا إعجْابًا منه به، ثُمَّ أمَرَ له بعَشَرة آلاف دِرْهَمٍ.
قال المُعَافَى
(1)
: قَوْله فلَم تُلْفَى، والوَجْه: فلَم تلْفَ، ولكنَّه اضْطُرَّ فجاءَ بهِ على الأصْلِ كما قال الشَّاعرُ
(2)
: [من الوافر]
ألَم يأتيكَ والأنْباءُ تَنْمِى
…
بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيَادِ
وقد اسْتَقْصَينا هذا البابَ في غير هذا المَوضِع
(3)
.
(a) الجريري: الجد.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 2: 49.
(2)
بيت الشعر لقيس بن زهير في مجموع شعره 29، والرواية فيه: ألم يبلغك.
(3)
هذا القول والإحالة للمعافى بن زكرياء في بحث هذه المسألة النحوية.
وقال: أخْبَرَنا القَاضِي المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، قال: ذَكَرُوا أنَّ خَالِد بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ لمَّا أحْكَم جِسْرَ دِجْلَة، واسْتَقَام له نَهْر المُبارَك، أنْشَأ (a) عَطَايَا كَثِيْرة، وأذِنَ للنَّاسِ إذْنًا عامًّا، فدَخَلتْ عليه أعْرَابيَّةٌ قَسْرِيَّةٌ فأنْشَأت تقُول:[من الرجز]
إليكَ يا ابنَ السَّادَةِ المَوَاجدِ (b)
يَعْمَدُ في الحَاجَاتِ كُلُّ عَامِدِ
فالنَّاسُ بينَ صَادرٍ ووَارِدِ
مثْلُ حَجِيْج البَيْتِ نحوَ خَالِدِ
وأنْتَ يا خَالِدُ خَيْرُ وَالِدِ
أصْبَحْتَ عِندَ اللهِ بالمَحَامِدِ
مَجْدُكَ مثْلُ الشُّمَّخِ الرَّوَاكِدِ
ليسَ طَرِيفُ المُلْكِ مثْلُ التَّالِدِ
قال: فقال لها خَالِد: حاجَتَكِ كَائنَةً ما كانت؟ فقالت: أصْلَح اللهُ الأَمِير، أناخَ علينا الدَّهْر بجِرَانَهِ، وعَضَّنا بنابهِ (c)، فما تَركَ لنا صَافِنَا ولا مَاهِنًا، فكُنْتَ المُنْتَجَع، وإليكَ المَفْزَعُ، قال: فقال لها خَالِد: هذه حاجَةٌ لك دُوننا، فقالت: واللهِ لئن كان لي نَفْعُها إنَّ لك لأجْرُها وذُخْرها، مع أنَّ أهْلَ الجُوْد لو لَم يَجِدُوا مَنْ يَقْبَلُ العَطَاءَ لم يُوْصَفُوا بالسَّخَاءِ، قال لها خَالِد: أحْسَنْت، فهل لكَ من زَوْج؟ فقالت: لا وما كُنْتُ لأتَزَوَّج دَعِيًّا، وإنْ كان مُوْسِرًا غَنيًّا، وما كُنْتُ أشْتَري
(a) الجريري: أفشى.
(b) الجريري: الأماجد، وفي بعض نسخه ما يوافق ما هنا وما عند ابن عساكر.
(c) الجريري: بأنيابه، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.
_________
(1)
الجليس الصالح 3: 351 - 353، وانظر الخبر في تاريخ ابن عساكر 16: 156 - 158.
عَارًا يَبْقَى بمالٍ يَفْنَى، وإنِّي بجَزِيْل مال الأَمِير لَغِنيَّة. قال الأصْمَعِيُّ: فأمَرَ لها بعَشرة آلافِ دِرْهَمٍ.
قال القَاضِي
(1)
: أمَّا قَوْلها: فما تَرَكَ لنا صَافنًا ولا مَاهِنًا، الصَّافِنُ: من الخَيْل - فيما ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدَة - الّذي يَجْمعُ بينَ يَدَيْهِ وبين طَرف سُنْبُكِ إحْدى رِجْليهِ، والسُّنْبُكُ: مُقَدَّمُ الحَافِر، قال: وقال بعضُ العَرَب: بل الصَّافِنُ الّذي يَجْمَعُ يَديهِ، والّذي يَرْفَع طَرَفَ سُنْبُك رِجْلَيْهِ، وهو مُخِيم، يُقال: أخَامَ برِجْله. وقال الفَرَّاء: الصَّافِنَات فيما ذَكَرَ الكَلْبيّ بإسْنَادِه: القَائِمة على ثلاثٍ، وقد أنافَتِ (a) الأُخْرى على طَرَفَ الحَافِر من يَدٍ أو رِجْل، وهي قراءةُ (b) عَبْد الله {صَوَافن، فإذا وَجَبَت}
(2)
يُريد: مَعْقُولةً على ثلاثٍ، وقد رأيْتُ العَرَب تَجْعَل الصَّافن: القَائِم على ثلاثٍ أو غير ثَلاثٍ، وأشْعَارهُم تَدُلّ على أنَّهُ القَائِم خَاصَّةً، واللهُ أعْلَمُ بصَوَابهِ.
وقد رُوي عن ابن عُمَر أنَّهُ قال لرَجُلٍ يُريدُ نَحْر ناقته: انْحَرها مَعْقُولةَ اليُسْرى أو اليُمْنَى قَائمةً على ثَلاثٍ؛ سُنَّة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، أو نَحْو هذا القَوْل.
وقد قُرئ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عليها صَوَافن}
(3)
على ما تقَدَّم من الحِكايَةِ عن ابن مَسْعُود، وصَوَافن (c)، بمَعْنَى خَالِصَةً لله عز وجل من الصَّفَاء والخُلُوص، فأمَّا قراءةُ الجُمْهُور الأعْمّ والسَّوَاد (d) الأَعْظَم فإنَّهُ {صَوافٍّ} ، على جَمْع الصَّافَّة وهي المُصْطَفَّة، ورَسْمُ مَصَاحِف المُسْلمِيْنَ شَاهِدٌ لهذه القِرَاءةِ بالصِّحَّةِ مع اسْتِفاضَةِ النَّقْل لها في الأُمّة، وقد قال عَمْرو بن كُلْثُوم
(4)
في معْنى هذه اللَّفْظَةِ: [من الوافر]
تَرَكْنَا الخَيْلَ عَاكِفَةً عليه
…
مُقلّدَةً أعِنَّتَها صُفُوْنَا
(a) الجريري: أناخت.
(b) الجريري: في قراءة.
(c) الجريري: وصوافي!.
(d) الأصل: الشواذ، وهو خلاف المُراد.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 3: 352 - 353.
(2)
سورة الحج، من الآية 36.
(3)
سورة الحج، من الآية 36.
(4)
من معلقته، انظر ديوانه 72.
وأمَّا قَولها: ولا مَاهِنًا، فإنَّها تَعْني: ولا خَادِمًا، ومن المَاهِن قول الشَّاعرِ:[من الكامل]
وهَزئنَ (a) منِّي أنْ رَأيْنَ مُوَيْهِنًا
…
تَبْدُو عليهِ شَتَامَةُ المَمْلُوكِ
المُوَيْهِنُ: تَصْغِير مَاهِنٍ، والخُوَيْدمُ: تَصْغير خَادِمٍ، والشّتَامَةُ: القُبْحُ والكُلُوحُ، يقال: وَجْهٌ شَتِيمٌ، أي: بَاسِرٌ قَبِيْح، ومن هذا الشَّتْم والشَّتِيْمَة في القَوْل، معناهُ قُبْحهُ وقَذعُهُ، والمُشَاتَمة: المُسَابَّةُ، وهُما من هُجْرِ القَوْل وفُحْشه.
وقال بعضُ اللُّغَويِّيْنَ: [لا يُقال](b) عَضَّنا الدَّهْر إنَّما يُقال فيه: عَظَّنَا بالظَّاء، والمَعْروف فيه الضَّاد.
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا عَبْدِ الله بن عبدِ الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء اللهُ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرّحْمن مَوْلَى بني هاشِم (c)، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن ابن أخي الأصْمَعِيّ، عن الأصْمَعِيّ، قال: أتَى خَالِد بن عَبْد الله رَجُلٌ في حاجةٍ فقال له: تكلَّم (d)، فقال الرَّجُل: أتكلَّم بحدَّة الجَأْش (e) أم بهَيْبَة (f) الأملِ؟ قال: بل بهَيْبَةِ (g) الأمَلِ، فسَألهُ فقَضَى حاجتَهُ.
(a) الأصل: وهربن، والمثبت رواية الجريري.
(b) إضافة من كتاب الجليس الصالح.
(c) سقط سنده في رواية ابن عساكر وفيه: حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي.
(d) ابن عساكر: أتكلم.
(e) الدينوري: بجرأة اليأس.
(f) ابن عساكر: بهيئة.
(g) ابن عساكر: بهيئة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 153.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 558 - 559.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَكُ بن عَبد الوَهَّاب السَّلَامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس النَّقِيْب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين الجَوْزِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ، عن عَمِّه، قال: حَدَّثَني الوَلِيد بن نُوح، مَوْلَى لأُمّ حَبِيْبَةَ بنت أبي سُفْيان، قال: سَمِعْتُ خَالِد القَسْرِيّ على المِنْبَر يَقُول: إنِّي لأُطْعم كُلّ يَوْم ستَّة وثَلاثين ألفًا من الأعْرَابِ تَمْرًا وسَوِيْقًا.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد المُؤدِّب، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْد الله بن كَادِش إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن سَعيد بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن القَاسِم بن جَعْفَر الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى المَارَسْتَانِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِ بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا ثَابِت بن سُلَيمان البَجَليّ، عن خَالِد بن سُلَيمان بن مُهاجِر، قال: سَقَطَ خاتم للرَّائِقَةِ جَارِيَة خَالِد بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ؛ اشْتَرَاهُ لها بعشرين ألف دِرْهَم، في بلَّاعةِ الدَّار، فاغْتَمَّت وقالت: يا مَوْلاي، جئْني بمَن يُخْرجُه، فقال لها: نُخلفُه (a) عليك ولا يعودُ في يدِكِ وقد صَار في ذلك المَوضِع، يَدُك أعَزُّ عليَّ من ذلك ثمّ قال:[من الطويل]
أرَائقُ لا تَأْسَي على خَاتمٍ هَوَى
…
فَلِلأرْضِ من حَظِّ الكِرَام نَصِيْبُ
فاشْترَى لها بدَلَهُ فصًّا بخَمْسِة آلاف دِيْنارٍ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا
(a) الأصل: نحلفه، والمثبت من ابن عساكر 16:150.
عُمَر بن عَبْد المَلِك بن عُمَر الشَّاهِد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن رِزْقُوَيْه البَزَّاز (a)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن سَلْمَان النَّجَّاد، ح.
وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَيْن بن عَبْدِ الله بن الشُّوَيْخ الأُرْمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن سُنْبُك (b)، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ واللَّفْظ له، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا؛ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عُبَيْد
(1)
، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم هَارُون بن أبي يَحْيَى السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن زَبَّان (c)، عن مُحَمَّد بن عِمْران، عن إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ، قال: قال خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيّ لبَنيهِ: إنَّكُم قد شَرُفْتُم وقَمِنٌ
(2)
أنْ تُطْلَب إليكم الحَوَائِج، فَمن يَضْمن حَاجَةَ امْرئ مُسْلم فليَطْلبها بأمَانَةِ اللهِ عز وجل.
أخْبَرَنا أبو عليّ الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن الحَطَّاب، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن قُرَيْب، عن عَمِّه، قال: قال خَالِدٌ القَسْرِيّ لرَجُلٍ من قُرَيْشٍ: ما يَمْنَعُك أنْ تَسْألنا؟ قال: إذا سألتُكَ فقد أخذتَ ثمنَهُ.
(a) الأصل: البزار، وانظر تاريخ بغداد 2: 211، الوافي بالوفيات 2: 60، النجوم الزاهرة 4:256.
(b) ضبطه المؤلف في هذا الموضع بفتح أوله، وقدم له بالضم.
(c) بعده في الأصل مكررًا: "عن محمد بن ريان". وورد الاسم في الأصل: ريان، وقد تقدم بالباء في ترجمة إسماعيل بن عبد الله القسري، وذكره ابن أبي الدنيا في رسائله بالياء: زيان، وترجم له الذهبي (سير أعلام النبلاء 14: 519 - 520) وسماه بما يوافق المثبت.
_________
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة قضاء الحوائج) 1: 545، (رسالة اصطناع المعروف) 1: 679، وتقدمت الرواية في ترجمة إسماعيل بن عبد الله القسري (الجزء الرابع).
(2)
قمن: خليق.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبهِ تَوْفِيقِي
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر أحْمَد بن عُبَيْد بن نَاصِح، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِمْران، عن أَبِيهِ، قال: كَتَبَ خَالِد بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ إلى أَبَان بن الوَلِيد البَجَليّ، وكان قد وَلَّاهُ المُبارَكِ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ بالرَّعِيَّةِ من الحاجَةِ إلى وُلاتها مثل الّذي بالوُلَاة من الحاجَة إلى رعِيَّتها، وإنَّما هُم من الوَالي بمَنْزِلةِ جَسَده من رَأسه، وهو منهم بمَنْزِلةِ رَأسهِ منِ جَسَده، فأحْسِنْ إلى رَعيَّتكَ بالرِّفْق بهم، وإلى نَفْسك بالإحْسان إليها، ولا يكُونُنَّ هُم إلى صَلَاحهم أسْرَعَ منك إليه، ولا عن فَسَادهُم أدْفَعَ منكَ عنه، ولا يَحْملكَ فَضْلُ القُدْرة على شِدَّةِ السَّطْوَة بمَن قَلَّ ذَنْبُه، ورجَوْتَ مُرَاجَعته، ولا تَطْلب منهم إلَّا مثْلَ الّذي تَبذلُ لهم، واتَّقِ الله في العَدْلِ عليهم والإحْسان إليهم، فـ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}
(2)
، أصْرم فيما عَلِمْتَ، واكْتُب إلينا فيما جَهلْتَ يأتكَ أمْرُنَا في ذلك إنْ شَاءَ اللهُ، والسَّلام.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو العُقَيْلِيّ،
(1)
الجليس الصالح 3: 199 - 200، وفي تاريخ ابن عساكر 16:160.
(2)
سورة النحل، من الآية 128.
قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن شَبّة، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَني الفَضْل بن الزُّبير، قال: سَمِعْتُ خَالِد القَسْرِيّ وذَكَرَ عليًّا فذكَر كَلَامًا لا يحلّ ذِكْرهُ.
قال العَتِيْقِيّ: وحَدّثَنا عَبْد الله بن أحْمَد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيُّ، كان وَاليًا لبني أُمَيَّة، وكان رَجُل سَوْءٍ، وكان يقَعُ في عليّ بن أبي طَالِب.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، وأبو مَنْصُور بن العَطَّار، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخلِّص، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قالْ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، قال: خُبِّرت أنَّ خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيّ ذَمَّ بئر زَمْزَم، قال: يُقال إنَّ زَمْزَم لا تُنْزَحُ ولا تُذَمُّ (a)، بَلى واللهِ إنَّها تُنْزح وتُذَمّ، ولكن هذا أَمِير المؤمنِيْن قد سَاق لكم قناةً بمَكَّة، وكان ذلك أيَّام هِشَام بن عَبْد المَلِك.
قال: وحَدَّثَنَا الأصْمَعيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَاصِم النَّبِيْل، قال: سَاق خَالِد ماءً إلى مَكَّة فنَصَب طَسْتًا إلى جانب زَمْزَم - قال أبو عَاصِم: قد رَأيتُها - ثُمّ خَطَبَ، فقال: قد جئتُكم بماء الغَادِيَةِ لا تُشْبه أُمّ الخَنَافِس، يَعْني: زَمْزَم.
قال: وحَدَّثَنَا الأصْمَعيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَاصِم، قال: سَمِعْتُ عَمْرو بن قَيْس يَقُول: لمَّا أخَذَ خَالِد سَعيدَ بن جُبير وطَلْق بن حَبِيْب، خَطَبَ فقال: كأنَّكُم أنْكَرتُم ما صَنَعْت، والله أنْ لو كَتَب إليَّ أَمِير المؤمنِيْن لنَقَضْتُها حَجَرًا حَجَرًا، يعني: الكَعْبَة.
(a) الأصل: تدم، وذمّ: نقص، وبئر ذَمَّة: إذا كانت قليلة الماء. لسان العرب، مادة: ذمم.
قال: وحَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، قال: وسَمِعْتُ شَبِيْبَ بن شَيْبَة يَقُول: وَلِيَ خَالِدٌ العِرَاق بضْع عَشرة سَنَةً من قِبَل هِشَام بن عَبْد المَلِك. قال: وكان سبَب عَزْلهِ أنَّ امْرأةً أتَتْ خَالِدًا فقالت له: إنّ غُلَامَك فُلَانًا توثَّب عليَّ وهو مَجُوْسِيٌّ، فأكْرَهني على الفُجُور وغَصَبني نَفْسِي، فقال: كيفَ وَجَدْتِ قُلْفَتَهُ؟ فكَتَبَ بذلك حَسَّان النَّبَطِيُّ إلى هِشَام بن عَبْد المَلِكِ فعَزَلَهُ ووَلَّى يُوسُف بن عُمَر العِرَاق.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن زَبْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، قال: حَدَّثَنَا شَبِيْبُ بن شَيْبَة، قال: خَطَبَ خَالِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ فقال وهو على المِنْبَر يسُومُونني أنْ أقتد من كاتبي، وإنْ أقَدْت منه لقد أقَدْتُ من نَفْسِي، وإنْ أقَدْتُ من نَفْسِي لقد أقاد أَمير المُؤْمنِيْن من نَفْسِه، وإنْ أقاد أَمير المُؤْمنِيْن من نفسهِ لقد أقادَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من نَفْسِه، ولئن أقَاد رسُول الله صلى الله عليه وسلم من نَفْسِه ليقيْدن هَاه هَاه هاه، يُومِئ بيَده - أو قال: بإصْبَعه - إلى فَوْق، جَلَّ رَبُّنا وتَعالَى عُلُّوًا كبيرًا.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَليفَة بن خَيَّاط
(2)
، قال: قُتِلَ خَالِد سَنة ستّ وعشرين ومائة، وهو ابنُ نحو ستِّين سَنَةً.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 162.
(2)
تاريخ خليفة 351.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالب بن البَنَّاء، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أَخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيْد بن الفَضْل إجَازَةً، ح.
قال أبو غالِب بن البَنَّاء: وأخْبَرَنا أبو تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن بِيْري قِراءَةً عليهِ، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أَبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن أبي شَيْخ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن سُلَيمان، قال: أرادَ الوَلِيدُ بن يَزِيد الحَجّ، وقال: أشرَبُ فَوْق ظَهْر الكَعْبَة، فهَمَّ قومٌ أنْ يَفْتكُوا به إذا خرَج، فجاؤوا إلى خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيّ فسَألوهُ أنْ يكُون معهم فأبَى، فقالوا له: فاكْتُم علينا، فقال: أمَّا هذا فنَعم، فجاء إلى الوَلِيدِ فقال له: لا تَخْرُج فإنِّي أخاف عليك، قال: ومَنْ هؤلاء الّذين تَخَافهُم عليَّ؟ قال: لا أُخْبركَ بهم، قال: إنْ لَم تُخْبرني بهم بَعَثْتُ بكَ إلى يُوسُفَ، قال: وإنْ بعثْتَ بي إلى يُوسُفَ! قال: فبَعَثَ به إلى يُوسُف فعَذَّبه حتَّى قتلَهُ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاءِ في كتابهِ، عن أبي إسْحاق الحَبَّالِ وخَدِيجَة المُرَابِطَة - قال: أبو إسْحاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجبَّار بن أحْمَد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الحَسَنُ بن الحُسَين بن بندَار. وقالت خَديجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بندَار، قال: حَدّثَنِي جَدِّي - قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد الأدِيْب، قال: حَدَّثَنَا الحَنَفِيّ - يعني أحْمَد بن الأَسْوَد - قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي شَيْخ، قال: حَدَّثَنَا أبو سُفْيان الحْمَيَرِيّ وصالح بن سُلَيمان، قالا: أرادَ الوَلِيد بن يَزِيد الحجَّ وهو خَلِيفَةٌ، فاتَّعَدَ فِتْيَةٌ من وُجُوه اليَمَن أنْ يَفْتِكُوا به في طَرِيْقهِ، وسَألُوا خَالِدًا القَسْرِيّ أنْ يكُون معهم فأبَى، قالوا: فاكْتُم علينا، فأتاهُ خَالِد فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، دَعْ الحَجّ فإنِّي خائفٌ عليك،
قال: ومَنْ الّذي تخافهُم عليَّ؛ سَمِّهم؟ قال: قد نَصَحتُكَ ولن أُسَمِّيَهُم لك! قال: إذًا أبْعَثُ بكَ إلى عَدُوِّك يُوسُف بن عُمَر، قال: وإنْ فَعَلْتَ! فبَعَثَ به إلى يُوسُف بن عُمَر فعَذَّبَهُ حتَّى قَتَلَهُ، ولَم يُسَمّ له القَوْم.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن
(1)
، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسَين، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَرِير
(2)
، قال: فلَبث (a) خَالِد يَوْمًا في العَذَاب ثمّ وضع على صُدْرته (b) المضرَّسة فقُتِلَ (c) من اللَّيْل، ودُفِنَ بناحيةِ الحِيْرَة في عَبَاءته الّتي كان فيها، وذلك في المُحَرَّم سَنَة ستٍّ وعشرين ومائة، في قول الهَيْثَم، فأقْبل عَامِر بن سَهْلَة الأشْعرِيّ فعقَر فَرَسَهُ على قَبْره، فضَرَبه يُوسُف سَبْعمائة سَوْط.
أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا ابن دُرَيْد، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدَةَ، قال: لمَّا قُتِلَ خَالِد بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ لَم يَرْثه أحدٌ من العَرَب على كَثْرة أيادِيهِ عندَهُم إلَّا أبو الشَّغْب العَبْسِيّ، فقال
(3)
: [من الطويل]
ألَا إنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيًّا وهَالِكًا
…
أَسِيْرُ ثَقِيفٍ عندَهُمْ في السَّلَاسِلِ
لعَمْري لقد أعْمَرْتُم (d) السِّجْن خَالِدًا
…
وأَوْطَأتموهُ وَطْأةَ المُتَثَاقِلِ
فإنْ تسجنُوا القَسْرِيَّ لا تَسْجنُوا اسْمَهُ
…
ولا تَسْجنُوا مَعْرُوفَهُ في القَبَائِلِ
(a) الطبري: فمكث.
(b) كذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري: صدره.
(c) الطبري: فقتله.
(d) المرزوقي: عمَّرتم.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 162.
(2)
تاريخ الطبري 7: 260.
(3)
شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1: 927 - 928 (البيت الأول والثاني)، وفيات الأعيان 2:230.
خَالِد بن عبد الرَّحْمن
(1)
رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ دَاوُد بن عبد الرَّحْمن، وكان بعَسْكَرِ سُليْمان بن عَبْد المَلِك بِدَابِق.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبيِ سَعْد بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن المُقَرَّب بن الحُسَين النَّسَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، ح.
وقال ثَابِت: وأخْبَرَتْنا ستُّ الإخْوَة بنتُ مُحَمَّد بن أبي مَنْصُور الكَرْخِيّ، قالت: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَاصِم بن الحَسَن بن عَاصِم، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيمِ بن كَثِيْر، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق الطَّالَقَانِيّ، عن الفَضْل بن مُوسَى، عن دَاوُد بن عبد الرَّحْمن، عن خَالِد بن عبد الرَّحْمن، قال
(2)
: كُنَّا في عَسْكَر سُليْمان بن عَبْد المَلِكِ فسَمِعَ غِنَاءً من اللَّيْل، فأرْسَل إليهم بُكْرة فجيء بهم، فقال: إنَّ الفَرَسَ لتَصْهِل فتَسْتودقُ لها الرَّمَكَة، وإنَّ الفَحْل ليَخْطر فتَضْبع له النَّاقَة، وإنَّ التَّيْس ليَنِبُّ
(3)
فتَسْتَحرم له العَنْز، وإنَّ الرَّجُل ليتَغَنَّى فتَشْتَاق إليه المَرْأة، ثُمَّ قال: اخْصُوهُم، فقال عُمَرُ بن عَبْدِ العَزِيْزِ: هذا مُثْلَةٌ ولا يَحِلُّ، فخلَّى سَبِيْلَهُم.
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 166، ابن الجوزي: سيرة عمر بن عبد العزيز 38، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 84.
(2)
انظر: سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي 38.
(3)
نبَّ التيس: صاح عند الهياج والسفاد. لسان العرب، مادة: نبب.
خَالِدُ بن عُرْفُطَة بن أَبْرَهَة بن سِنَان بن صُفَيّ - وقيل: صَيْفي - ابن العَيْلَة (a) بن عَبْد الله بن غَيْلان - وقيل: عَيْلَان - ابن أسْلَم بن حَزَّاز (b) بن كَاهِل بن عُذْرَة بن سَعْد بن زَيْد بن لَيْث بن سُود بن أسْلَم بن الْحَاف بن قُضاعَة بن مَالِك بن حِمْيَر بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان العُذْرِيّ
(1)
صَحِبَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عن حَبِيْب بن سَالِم، وسَالِم بن عُبَيْد. رَوَى عنهُ مَوْلاهُ مُسْلمٌ، وأبو عُثْمان النَّهْدِيّ، وهِلَال، وعبدُ اللهِ بن يَسَارٍ.
وشَهِدَ فَتْحَ المَدَائِن، ووَلَّاهُ سَعْدُ بن أبي وَقَّاصٍ قِتَالَ الفُرْسِ يَوْم القَادِسيَّةِ، وكان في صُحْبَةِ مُعاوِيَة حينَ تَوجَّه من الشَّام وعَبَر معه جِسْرَ مَنْبِج إلى الأُخْنُونِيَّة
(2)
،
(a) في نسب معد للكلبي 719: الهَيْلَة، وفي جمهرة ابن حزم 449 والاستيعاب لابن عبد البر 2: 434: الهائلة.
(b) الأصل: حزار، والمثبت من الكلبي: نسب معد 719، وجمهرة ابن حزم 449، والاستيعاب لابن عبد البرّ 2: 434، وأنساب السمعاني 4:145.
_________
(1)
توفي سنة 60 هـ، وقيل في السنة بعدها، وترجمته في: نسب معد واليمن الكبير للكلبي 719، طبقات ابن سعد 4: 355 - 356، 6: 21، طبقات خليفة 122، 126، 139، تاريخ خليفة 203، تاريخ أبي حفص الفلاس 502، تاريخ البخاري الكبير 3: 138، تاريخ الطبري 3: 531 - 537، 565، 574، 578، 619، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 121 - 122، المحبر لابن حبيب 381، الاشتقاق لابن دريد 547، المسعودي: التنبيه والإشراف 310، الجرح والتعديل 3: 337، 340، الثقات لابن حبان 3: 104، 6: 258، ابن عبد البر: الاستيعاب 2: 434 - 435، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 449، السمعاني: الأنساب 4: 145، تاريخ بغداد 1: 562 - 563، ابن الأثير: الكامل 2: 452، 470، 533، 3: 412، 483، 4: 101 (أرخ وفاته سنة 561، وزاد فيه: الليثي)، أسد الغابة 2: 87 - 88، تهذيب الكمال 8: 128 - 130، تاريخ الإسلام 2: 486، الكاشف 1: 272، الوافي بالوفيات 13: 273 - 274، تهذيب التهذيب 3: 106 - 107، تقريب التهذيب 1: 216، الإصابة 2: 94 - 95.
ووردت ترجمة خالد بن عرفطة في الأصل بعد ترجمة خالد بن عمرو القرشي الآتية بعده، فقدمها ابن العديم إلى هذا الموضع وكتب إزاءه:"يقدم إلى ما قبل خالد بن عمرو".
(2)
الأخنونية: مرضع من أعمال بغداد، قيل هي حربَى. ياقوت: معجم البلدان 1: 125.
وصَالَح الحَسَن بن عليّ رضي الله عنه، وكان خَالِد بن عُرْفُطَة يَحْملُ رَاية مُعاوِيَة حتَّى دَخَل معه الكُوفَة.
أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن غالب، قال: حَدَّثَني عبدُ الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا وَرْقَاء، عن مَنْصُور، عن هِلال، عن خَالد بن عُرْفُطة، قال: كُنَّا في مَسِيْر فعَطَس رَجُلٌ من القَوْم، فقال: السَّلام عَليْكم، فقال له سَالَم بن عُبَيْد الأشْجَعِيِّ: وعليك وعلى أُمِّك، قال: ثُمَّ قال: لعَلَّك سَاءَك ما قُلت؟ قال: ما يَسُرّني أنْ تَذْكر أُمِّي بخَيْرٍ ولا شَرٍّ، قال: أمَا إنِّي لا أقُول إلَّا كما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعَطَس - يعني رَجُلًا - من القَوْم، فقال: السَّلام عَليْكم، فقال: عليك وعلى أُمّك، وذَكَرَ تَمَام الحَدِيْث، وَسَنَذْكُره في تَرْجَمَةِ سَالِم بن عُبَيْد
(2)
.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْدِ الله بن عبدِ الصَّمَد بن عَبد الرَّزَّاق العَطَّار البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب بن إبراهيم السّجْزِيّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُودِىّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر بن العبَّاسِ السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن بَهْرَام الدَّارِمِيّ السَّمَرْقَنْديّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا أَبَان بن يَزِيد، عن قَتَادَة، قال: كَتَبَ إليَّ خَالِدُ بن عُرْفُطَة، عن حَبِيْب بن سَالِم: أنَّ غُلامًا كان يُنْبَزُ فَرْفُورًا، فوقَع على جَارِيَةِ امْرأتهِ، فرفُع إلى
(1)
الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)156.
(2)
ترجمة سالم بن عبيد الأشجعي في الجزء التاسع فيما يلي.
(3)
سنن الدارمي 2: 181 - 182، ورواه أبو داود في سننه 4: 605 (رقم 4459)، والنسائي في سننه 5: 123 - 124 (رقم 3360).
النُّعْمان بن بَشِير، فقال: لأقْضِيَن فيهِ بقَضَاءٍ شَافٍ؛ إنْ كانت أحَلَّتها له جَلَدْتُهُ مائةً، وإنْ كانت لَم تحلّ له رَجَمْتُهُ، فقيل لها: زَوْجُكِ، فقالت: إنِّي قد أحْلَلتها له، فضَرَبَهُ مائةً. قال يَحْيَى: هو مَرْفُوع.
وقال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبدِ الرَّحْمن الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عن شُعْبَة، عن أبي بِشْرٍ، عن خَالِد بن عُرْفُطَة، عن حَبِيْب بن سَالِم، عن النُّعْمان بن بَشِير، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بنحْوه.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أنْبَأنَا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمنِ بن أبي حَاتِم، قال
(2)
: خَالِد بن عُرْفُطَة البَكْرِيّ، حَلِيْفُ بني زُهْرَة، صُحْبَةٌ، رَوَى عنهُ أبو عُثْمان النَّهْدِيّ، وعبد الله بن يَسَار، ومُسْلِم مَوْلَى خَالِد بن عُرْفُطَة، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
ثُمَّ قال أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(3)
: خَالِد بن عُرْفُطَة رَوَى عن حَبِيْب بن سَالمِ، عن النُّعْمان بن بَشِير، رَوَى أَبَان بن يَزِيد العَطَّار عن قَتَادَة عنه. سَألْتُ أبي عنهُ، فقال: هو مَجْهُولٌ لا أعْرف أحدًا يُقال له خَالِد بن عُرْفُطَة إلَّا واحدًا الّذي له صُحْبَة.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ فيما كتَبَ إلينا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد بن الدَّبَّاغ، قال:
(1)
سنن الدارمي 2: 182.
(2)
الجرح والتعديل 3: 337.
(3)
الجرح والتعديل 3: 340.
أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُمر بن عَبْد البَرّ
(1)
، قال: خَالِد بن عُرْفُطَة بن أَبْرَهَة بن سِنَان اللَّيْثِيّ، ويُقال: البَكْرِيّ، من بني لَيْث بن بَكْر بن عَبْد مَنَاةَ، ويقال: بل هو من قُضاعَة من بني عُذْرَة، ومَنْ قال هذا قال: هو خَالِد بن عُرْفُطَة بن صُعَيْر، ابن أخي ثَعْلَبَة بن صُعَيْر، عُذْرِيٌّ من بني حَزَّاز بن كَاهِل بن عُذْرَة، حَلِيْفٌ لبني زُهْرَة، يقال (a): العُذْرِيّ، ويُقال: الحَزَّازيّ، ويقال: البَكْرِيّ، ومَنْ جعلَهُ عُذْريًّا، قال: هو خَالِد بن عُرْفُطَة بن أَبْرَهَة بن سِنَان بن صَيْفي بن الهَائِلَة بن عَبْدِ الله بن غَيْلان بن أسْلَم بن حَزَّاز بن كَاهِل بن عُذْرَة بن سَعْد [بن](b) هُذَيْم، وهذا هو الصَّوَابُ في نَسَبهِ، والحقُّ إنْ شَاءَ اللهُ، واللهُ أعْلَمُ.
قال
(2)
: وقال خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(3)
: لمَّا سلّم الأمرَ الحَسَنُ إلى مُعاوِيَة خَرَج عليهِ عَبْدُ الله بن أبي الحَوسَاء (c) بالنُّخَيْلَة، فبَعَثَ إليه مُعاوِيَةُ خَالِد بن عُرْفُطَة العُذْرِيّ حَلِيْفَ بني زُهْرَة في جَمْعٍ من أهْلِ الكُوفَة، فقَتَلَ ابن أبي الحَوْسَاء - ويقال: ابنُ أبي الحَمْسَاءِ - وذلك في جُمَادَى سَنَة إحْدَى وأرْبَعين فيما ذَكَرَ أبو عُبَيْدَة والمَدَائِنِيّ، وفي ذلك الشَّهْر كان الاجْتِمَاع على مُعاوِيَة.
قال أبو عُمَر
(4)
: سَكَنَ خَالِد بن عُرْفُطَة الكُوفَة، وماتَ بها سَنَة ستِّين، وقيل: سَنَة إحْدَى وسِتِّين عام قُتِلَ الحُسَين، وفيها وُلِدَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ أبو عُثْمان النَّهْدِيّ، ومُسْلِمٌ مَوْلاهُ، وعبدُ الله بن يَسَارٍ.
(a) الاستيعاب: يقال له.
(b) إضافة من الاستيعاب.
(c) في الأصل، في هذا الموضع وتاليه: الحرساء، والثبت من تاريخ خليفة والاستيعاب، ومثله أيضًا في أنساب الأشراف للبلاذري 5: 163، والوافي بالوفيات 13: 274، والإصابة 2: 94، وفي طبقات خليفة 60، 125، 185: ابن أبي الحمساء.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 434.
(2)
الاستيعاب 2: 435.
(3)
تاريخ خليفة 203 - 204.
(4)
الاستيعاب 2: 435.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد في مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن ابن قُبَيْسٍ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا ابنُ الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن أبي النَّعْمان، عن أُمّ حَكِيم بنت عَمْرو الجَدَلِيَّة، قالت: لمَّا قَدمَ مُعاوِيَة يعني الكُوفَة فنَزل النُّخَيْلَةَ، دَخَل من بابِ الفِيْل، وخَالِد بن عُرْفُطَة يَحْمِل رايةَ مُعاوِيَة، حتَّى ركَزَها في المَسْجِد.
خَالِدُ بن عَمْرو بن خَالِد السُّلَفِيّ الحَمَوِيّ، أبو الأَخْيَل
(3)
نَزِيلُ حَمَاةَ، بَلْدَة من العَوَاصِم قد ذَكَرْناها في مُقدِّمَةِ الكتاب
(4)
.
رَوَى عن بَقِيَّةِ بن الوَلِيد، ومُحَمَّد بن حَرْب، وأبي حَاتِم بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، ومَرْوَان بن مُعاوِيَة الفَزَارِيّ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد الطَّائِفِيّ، وأصْلُه حِمْصيّ نَزَل حَمَاة.
قال أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ
(5)
: خَالِد بن عَمْرو السُّلَفِيّ، كان يَنْزل حَمَاة، على مَسِيْرة يَوْمَيْن من حِمْص، سَمِعَ من أبي في الرِّحْلَةِ الأُوْلَى.
أنْبَأنَا عَبْد الَبّر بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا إسمْاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا حَمزة السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(6)
،
(1)
تاريخ بغداد 1: 562.
(2)
لم أقف عليه في كتاب المعرفة والتاريخ.
(3)
توفي بعد سنة 210 هـ، ترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 226، (وفيه: من أهل حمص)، الجرح والتعديل 3: 344، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 904، تاريخ الإسلام 5: 305 (وفيه: الحمصي)، سير أعلام النبلاء 11: 36 (ذكر عارض أرخ لوفاته سنة 236 هـ)، تهذيب التهذيب 3: 110، تقريب التهذيب 1: 216، لسان الميزان 2: 382، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 295.
(4)
انظر كلامه على حماة في الجزء الأول من الكتاب.
(5)
الجرح والتعديل 3: 344.
(6)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 904.
قال: خَالِد بن عَمْرو بن خَالِد أبو الأخْيَل السُّلَفِيّ الحِمْصِيّ، رَوَى أحَادِيْث مُنْكَرَة عن ثِقَاتِ النَّاسِ، وكان جَعْفَر الفِرْيَابِيّ يَقُول: رأيتُ أبا الأخْيَل هذا بحِمْصَ ولَم أكْتُب عنه لأنَّهُ يَكْذبُ.
وقال ابنُ عَدِيٍّ
(1)
: سَمِعْتُ بعض أصْحَابنا يَذْكرهُ عن الفِرْيَابِيّ.
قال ابنُ عَدِيٍّ
(2)
: ولأبي (a) الأخْيَل أحَادِيْثُ مَنَاكيْر.
أنْبَأنَا عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد
(3)
، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن أبي الأخْيَل يَقُول: ماتَ أبو الأخْيَل خَالِد بن عَمْرو سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومَائتَيْن.
خَالِد بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سَعيد بن العَاصِ القُرَشِيّ
(4)
حَدَّثَ بالمصِّيْصَة عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، ورَوَى عنِ اللَّيْث بن سَعْد، وشَيْبَان، وهِشَام الدُّسْتُوَائِيّ، والمُغِيرَة بن زِيَاد، ومالك بن مِغْوَل، وإِسْرَائِيل، وإبْراهيم بن صالح بن دِرْهَم، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، وابن أبي ذِئْب، ومِسْعَر بن كِدَام.
(a) ابن عدي: لابن الأخيل!.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 904.
(2)
ابن عدي: الكامل 3: 904.
(3)
ابن عدي: الكامل 3: 904.
(4)
توفي سنة 236 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 164، التاريخ الصغير 2: 255، تاريخ واسط 211، الجرح والتعديل 3: 343 - 344، الثقات لابن حبان 8: 223، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 900 - 903، تاريخ بغداد 9: 235 - 239، تهذيب الكمال 8: 138 - 141، تاريخ الإسلام 5: 66، ميزان الاعتدال 1: 635 - 636، الكاشف 1: 272 (وزاد فيه: السعيدي؛ نسبة إلى سعيد بن العاص)، تهذيب التهذيب 3: 109 - 110، تقريب التهذيب 1:216.
رَوَى عنهُ أبو عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، وأبو نُعَيْم عُبَيْد بن هِشَام الحَلَبِيّ، وأبو عُثْمان سَعيد بن عَبْد العَزِيْز الحَلَبِيّ، وعبد الله بن عُمَر بن أبَان، وحَاجِب بن سُلَيمان المَنْبِجِيّ، وأحمد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، وكَثِيْرُ بن أبي صَابرِ القِنَّسْرِيْنِيّ، ومُحَمَّد بن حُمَيْد، وعُمَر بن يَزِيد السَّيَّارِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَرَج بن الضَّحَّاك، وأبو عليّ مُحَمَّد بن يَزِيد بن أبي الخنَاجِر.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ العُشَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن سَمْعُون، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن يَزِيد بن أبي الخنَاجِر، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن عَمْرو القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا مِسْعَر، عن مَنْصُور، عن إبْراهيمَ، عن عَلْقَمَة، عن عَبْد الله
(1)
: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى فزَادَ أو نَقصَ، فقيل له: أحَدَثَ في الصَّلاة شيء؟ قال: لو حَدَث لأنْبأتُكم، هل أنا إلَّا بَشَرٌ مثْلكم أنْسَى كما تَنْسَونَ؟ فأيُّكم زادَ في صَلَاتهِ أو نَقصَ فليتحرَّى الصَّلَوَات وليُتمَّ، وليَسْجُد سَجْدَتَي السَّهْو.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بالكَلَّاسَة من جامع دِمَشْقَ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي لأُمِّي أبو المَكَارِم عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن هِلَالٍ، قيل له: أخْبَركم أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن مَيْمُون الرَّبَعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن عَبْد اللهِ بن سَعيد بن عَبْد اللهِ الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا سَعيدٌ - هو أبو عُثْمان بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان المَعْرُوف بالحَلَبِيّ - قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن عَمْرو، عن اللَّيْث بن سَعْد، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب،
(1)
صحيح مسلم 1: 492 (رقم 94)، فتح الباري 1: 503 - 504 (رقم 401)، المعجم الكبير للطبراني 10: 31 (رقم 9825).
عن أبي عَبْد الله الصُّنَابِحِيّ، عن أبي بَكْر الصِّدِّيْق رضي الله عنه
(1)
، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: يقُول اللهُ عز وجل: إنْ كُنْتم تَرْجُونَ رَحْمتِي فارْحَموا خَلْقِي.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، فيما أذِنَ لي في رِوَايته عنه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن عليّ بن أبي ذَرّ الصَّالحَانِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحيم، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر المَغَازِليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الدَّحْدَاح أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَرَج بن الضَّحَّاك القِرْدِيّ (a)، إمَام مَسْجد دِمَشْق سَنَة إحْدَى وخَمْسين ومَائتين، قال: حدَّثنا خَالِد بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن سَعيد بن العَاص بالمِصِّيْصَةِ، قال: حَدَّثَنا سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن مَيْمُون بن أبي شَبِيْب، عن المُغِيرَة بن شُعْبَة
(3)
، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ حَدَّث بحَدِيثٍ وهو يَرَى أنَّهُ كَذِبٌ فهو أحَدُ الكَاذِبِيْن.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَّرِ بن الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن الَبْرمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ الحافِظ
(4)
، قال: حَدَّثنا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: خَالِد بن عَمْرو السَّعِيْدِيّ ليس حَدِيثُه بشيءٍ.
(a) ابن عساكر: الفردي، ومثله في ترجمته من تاريخ ابن عساكر له (55: 83 - 83)، ونسبته إلى قَرَدَا، موضع بالشام، ذكره ياقوت ولم يحدد موضعه. معجم الأدباء 4:322.
_________
(1)
كنز العمال 3: 167 (رقم 5991).
(2)
تاريخ ابن عساكر 55: 83.
(3)
شرح السنة للبغوي 1: 266 (رقم 123).
(4)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 900.
وقال ابنُ عَدِيّ
(1)
: حَدَّثَنَا ابن حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَني عَبْد الله، قال: سَألْتُ أبي عن خَالِد بن عَمْرو القُرَشِيّ، فقال: ليس بثِقَةٍ، وهو ابنُ عَمّ عَبْد العَزِيْز بن أبَان، يرْوي أحَادِيْث بَوَاطِيْل.
وقال ابنُ عَدِيّ
(2)
: حَدَّثنا الجُنَيْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ
(3)
، قال: خَالِد بن عَمْرو يُعَدُّ في الكُوْفيِّيْن أرَاهُ قُرَشِيّ، قال أحمد: مُنْكَر الحَدِيْث، سَمِعَ منه أبو عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّامٍ.
وقال ابنُ عَدِيٍّ
(4)
: سَمِعْتُ ابنَ حَمَّادٍ يَقُول: قال البُخاريُّ
(5)
: خَالِد بن عَمْرو، عن شَيْبَان، وهِشَام الدُّسْتُوَائِيّ، رَوَى عنهُ أبو عُبَيْدٍ، مُنْكَر الحَدِيْث.
قال
(6)
: وقال النَّسَائِيّ فيما أخْبَرَني مُحَمَّد بن العبَّاس عنه، قال: خَالِد بن عَمْرو الأُمَوِيّ ليس بثِقَةٍ.
قال ابنُ عَدِيّ
(7)
بعدَما ذَكَرَ عنهُ أحَادِيْث، منها الحَدِيْثُ الّذي بَدَأنا بذِكْره عن أبيِ بَكْرِ الصِّدِّيْق رضي الله عنه: وهذه الأحَادِيْثُ الّتي رَوَاها خَالِد، عن اللَّيْث، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب (a)، عندنا من حَدِيث يَحْيَى بن بُكَيْر، وقُتَيْبَة، وابن رُمْح، وابن زُغْبَة (b)، ويَزِيْد بن مَوْهَب، وليس فيه من هذا شيءٌ.
(a) بعده في كتاب ابن عدي: "كلها باطلة، وعندي أن خالد بن عمرو وضعها على الليث ونسخه الليث عن يزيد بن حبيب"، فإما أن يكون المصنف اختصره، أو أن يكون قد وقع فيه سهو سببه تكرر كلمة حبيب.
(b) استعجمت قراءتها على محققي كتاب الكامل فكتبت هكذا: "ولو رصح ولززغنه"!.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 901.
(2)
ابن عدي: الكامل 3: 901.
(3)
تاريخ البخاري الصغير 2: 255.
(4)
ابن عدي: الكامل 3: 901.
(5)
تاريخ البخاري الكبير 3: 164.
(6)
ابن عدي: الكامل 3: 901.
(7)
ابن عدي: الكامل 3: 902.
وذَكَرَ بعدَها أحَادِيْثَ حَدَّثَ بها عن غير اللَّيْث بن سَعْدٍ، وقال
(1)
: وخَالِد بن عَمْرو له غير ما ذَكَرت من الحَدِيْث، عن مَنْ يُحَدِّث عنهم، وكُلّها - أو عَامَّتُها - مَوْضُوعَة، وهو بَيِّنُ الأمْر في الضَّعْف (a).
خَالِد بن عِمْران في نُفَيْل بن جَابِر الأزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ
(2)
أخُو المُعَافَى بن عِمْران، وَسَنَذْكُر نَسَبَهُ في تَرْجَمَةِ أخيه المُعَافَى
(3)
.
وكان خَالِد يتَولَّى أعْمَالًا للسُّلْطَان
(4)
، وقَدِمَ المِصِّيْصَة، وحَكَى عنه العَلَاء بن أَيُّوب.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْمَاعِيْل في الحُسَين بن أبي السِّنَان، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضائِل الحَسَن بن هِبَةِ الله، وأبو البَرَكَات سَعْد بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيسِ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس الأزْدِيّ
(5)
، قال: حَدَّثَني العَلَاء بن أَيُّوبَ، قال: صار (b) خَالِد بن عِمْران إلى المِصِّيْصَةِ (c)، وهو في أعْمَال السُّلْطان، فبَعَثَ إلى عَبْد الكَبِيْر بن المُعَافَى، فلم يأته، فصَار إليه خَالِد وهو في
(a) ابن عدي: الضعفاء، وبعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.
(b) الأزدي: أصعد.
(c) الأزدي: الثغر.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 903.
(2)
كان حيًا سنة 251 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 9: 267 - 269، 289، 295 - 296، 302، 311، 315 - 325، وذكره الأزدي: تاريخ الموصل 82 - 83، 90 - 92، 346، 423.
(3)
ترجمة المعافى بن عمران الموصليّ في الضائع من أجزاء الكتاب.
(4)
المراد: الخليفة المعتز بالله.
(5)
الأزدي: تاريخ الموصل 82، 423.
حَانُوْت يبيع البَقْل وما شَاكَلهُ، فوَقَفَ على حَانُوْته، فقال له: فَضَحْتَنا يا عَبْدَ الكَبِيْر، فقال عَبْد الكَبِيْر ما فَضَحنا غيرك يا خَالِد؛ يَعْني لأعْمَالهِ.
خَالِد بن قَطَن
(1)
رَوَى شَيئًا من خَبَر صِفِّيْن، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ شَهِدَها.
رَوَى عنهُ عُمَر بن سَعْد وَسَنَذْكُر ذلك في تَرْجَمَةِ زِيَاد بن النَّضْر الحَارِثيِّ
(2)
، فيما يأتي من هذا الكتَاب إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.
خَالِد بن كَيْسَان
(3)
وَلِيَ غَزْو البَحْر في أيَّام بني أُمَيَّة، فأسَرَهُ الرُّوم، وذَهبُوا بهِ إلى القُسْطَنْطِينِيَّةِ ثمّ أهدَوْهُ إلى الوَلِيد بن عَبْد المَلِك في السَّنَة الّتي غَزَا فيها مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، فقد اجْتازَ بحَلَب أو عَملها في عَوْدهِ من القُسْطَنْطِينِيَّة إلى الشَّام.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو أَيُّوبَ سُليْمان بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا الحَارِثُ بن أبي أُسامَةَ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، قال: سَنَة تِسْعين فيها أسَرَت الرُّوم خَالِد بن كَيْسَان
(1)
ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 152، ولعله الذي ذكره الطبري (تاريخ 4: 566، 6: 375، 7: 303) وترجم له ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 3: 346 - 347)، وأسمياه: خالد بن قطن الحارثي، روى عن علي، مرسل، وروى عن الشعبي. روى عنه عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني، ومصعب بن قيس.
(2)
في الجزء الثامن بعده.
(3)
كان حيًا سنة 90 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 6: 442، الجرح والتعديل 3: 348، ابن الأثير: الكامل 5: 498، النويري: نهاية الأرب 21: 319، النجوم الزاهرة 1:221.
صَاحِب البَحْر فذَهَبت به إلى مَدِينَة الكُفْر القُسْطَنْطِينِيَّة، فأهْدَاهُ صَاحِبُها إلى الوَلِيدِ بن عَبْد المَلِك، وهو عام غَزَا مَسْلَمَة، ففَتَح اللهُ على يَدَيهِ.
خَالِدُ بن مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير بن خَالِد القَيْسَرَانِيّ، أبو البَقَاء الخَالِديّ المَخْزُوميّ الحَلَبيّ
(1)
من وَلد خَالِد بن الوَلِيد المَخْزُوميّ، وكان أصْلهُ من قَيْسارِيَّة الشَّام، ووُلِدَ أبُوه بعَكَّا، وانْتَقَل إلى حَلَب بعد اسْتِيْلَاء الفِرنْج عليها، ووُلد له وَلدهُ خَالِد.
وكان خَالِد كَاتبًا مُجِيْدًا في الخَطِّ، كَثِيْر التَّحْريْر لخَطِّه، مُتَّبعًا طَريْقَة عليّ بن أبي هِلال المَعْرُوف بابنِ البَوَّاب اتِّباعًا حَسَنًا، لا سِيَّما في قَلَم المُحَقّق، فإنَّهُ أَبْدَعَ فيه، وأحْسَن كُلّ الإحْسانِ.
وخَدم المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي بحَلَب، وتقدَّمَ عنده، ونَفَق عليهِ، ووَلي وزَارتَهُ، وجَمعَ في ولايته بين الإنْشَاء والاسْتِيْفاء، وسَيَّرَهُ رَسُولًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة إلى المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب، بعد أنْ استَوْلَى عليها لتَقْرير الأُمُور بها، فسَمِعَ بها الحَدِيْث من الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفيِّ، ومن أبي مُحَمَّد بن رِفَاعَة السَّعْدِيّ، وسَمِعَ بدِمَشْق قبلَ ذلك الحافِظ أبا القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ، وكان قد سَمِعَ والده أبا عَبْد الله، وحدَّث بشيءٍ من حَدِيثه بحَلَب، وأجازَ لجَمَاعَةٍ.
(1)
توفي سنة 588 هـ، وترجمته في: إنسان العيون لابن أبي عذيبة 13 - 15، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 605 - 606، تاريخ الإسلام 12: 852 - 853، العبر في خبر مَن غبر 3: 97، سير أعلام النبلاء 21: 229 (ذكر عارض)، الوافي بالوفيات 13: 282 - 283، ابن كثير: البداية والنهاية 14: 31، المقريزي: المقفى الكبير 3: 740 - 745، ابن الصابوني: تكملة إكمال الإكمال 244 - 246، شذرات الذهب 6: 481، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 291، الزركلي: الأعلام 2: 298.
سَمِعَ منه القَاضِي أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد بن الطَّرَسُوسِيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن الحُسَين السُّقْسَيْنِيّ، وشَيْخُنا أبو البَقَاء يَعِيْش بن عليّ بن يَعِيْش.
رَوَى لنا عنْهُ شَيْخ الشُّيُوخ أبو مُحَمَّد عبد الله بن عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه بإجَازته منه، وأبو مُحَمَّد عَبْد الحَقّ بن عَبْد السَّلام بن عَبْد الحَقّ الصِّقِلِّيّ شِعْرًا ذَكَرَ أنَّهُ أنْشَده إيَّاه لنَفْسِه.
ولمَّا عادَ من الدِّيَار المِصْرِيَّة، وجَدَ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي رحمه الله قد ماتَ بدِمَشْق، فقَدِمَ إلى حَلَب، ولَزِمَ بيتَهُ، واشْتَغَل بعِمارَة أمْلَاكه والقَنَاعَة بها حتَّى ماتَ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه بدِمَشْق، قال: أنْبَأنَا خَالِد بن مُحَمَّد بن نَصْر القَيْسَرَانِيّ الوَزِير، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم السِّلَفِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن دَاوُد الدَّربَنْدِيّ، وأبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قالا: أخْبَرَنا الحافظ أبو طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله القَاسِم بن الفَضْلِ بن أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ رَئيسُ أصْبَهَان، [قال]: حَدَّثَنَا أبو طاهِر مُحَمَّد بن مُحمّد بن مَحْمَش الزِّيَادِيّ الإمَامُ بنيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللهِ بن يَعْقُوب الكَرْمَانيّ، [قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بَحْر الكَرْمَانيِّ] (a)، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبِيّ، عن جَابِر بن عَبْد اللهِ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
(a) سقط هذا السند في رواية ابن العديم للحديث هنا، وقد تقدم الحديث بالسند المثبت في ترجمة إسماعيل بن عبد الجبار الصويتي المصري الجذامي (الجزء الرابع).
_________
(1)
تقدم الحديث بالسند المذكور في الجزء الرابع، وانظر تخريجه هناك.
عليه وسلَّم: إنَّكم اليَوْمَ على دِيْن وإنِّي مُكَاثرٌ بكُم الأُمَم، فلا تَمْشوا القَهْقَرَى بَعْدِي.
أخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن علِيّ بن يَعِيْش النَّحْوِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو البَقَاء خَالِد بن مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ بحَلَب سَنَة ثَمانين وخَمْسِمائَة بدَاره، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة وغيره، قالوا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب نَصْرُ بن أحْمَد بن عَبْد الله بن البَطِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللهِ بن عُبَيْد اللهِ بن يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء البَيِّع، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد المَحَامِليِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن مَنْصُور السَّلُولِيّ، قال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيِل، عن جَابِر، عن ابن بُرَيْدَة، عن أَبِيهِ، قال
(1)
: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما أُصيْبَ عَبْدٌ بعد ذهَاب ديْنهِ بَأشَدّ من ذَهَاب بَصَره، وما ذَهبَ بَصَر عبدٍ فصَبَر إلَّا دَخَل الجَنَّةَ.
أخْبَرَنا شَيْخُ الشُّيُوخ أبو مُحمّد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا خَالِد بن مُحَمَّد بن نَصْر في كِتَابِهِ إليْنَا من حَلَب، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبوِ القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ الأصْبَهَانِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن عبد الرَّحْمن الذَّكْوَانِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَرْدَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي العَوَّام، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن عَطَاء المَدَنِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا
(a) في كتاب الأربعون لابن عساكر المزني، وكلاهما صحيح، فهو من أهل المدينة ومزني، وقيل فيه أيضًا: مولى المزنيين، انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 420، تاريخ الإسلام 4: 847، تهذيب الكمال 8:439.
_________
(1)
الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2: 280، شيرويه الديلمي: الفردوس 4: 122 (رقم 6377)، المتقي الهندي: كنز العمال 3: 276 (رقم 6527)، المناوي: فيض القدير 5: 423 (رقم 7823).
(2)
ابن عساكر: الأربعون في الحث على الجهاد 110 - 111.
عُمَرُ بن صُهْبَان (a)، قال: حَدَّثَني صَفْوَان بن سُلَيم، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَة، قال
(1)
: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ عَيْن بَاكيَةٌ يَوْمَ القِيامَة إلَّا عَيْنٌ غَضَّتْ عن مَحَارِم اللهِ، وعيْنٌ سَهِرَت في سبِيْل اللهِ، وعَينٌ خَرَج منها مثْل رَأسِ الذُّبَاب من خَشْيَةِ اللهِ عز وجل.
أنْشَدنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد السَّلام بن عَبْد الحَقِّ الصِّقِلِّيّ التَّمِيْمِيّ بدِمَشْق، قال: أنْشَدَني الوَزِيرُ مُوَفَّق الدِّين أبو الوَلِيدِ خَالِد بن مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ لنَفْسِه بحَلَب
(2)
: [من الطويل]
أخٌ لي عَاداهُ الزَّمان فأصْبَحَت
…
مُذَمَّمة فيما لدَيهِ المطَالبُ
متى ما تَذَوقْهُ التَّجَاربُ صَاحِبًا
…
من النَّاس تَرْدُدهُ إليَّ التَّجَاربُ
وأنْشَدَنا عَبْدُ الحَقّ الصِّقِلِّيّ، قال: أنْشدَنا خَالِد لنَفْسِه
(3)
: [من الكامل]
أمَّا تَرَيْني قد بَلِيْتُ وغَاضَنِي
…
ما نِيْلَ مِنْ بَصَرِي وِمِن أجْلَادِي
وعَصَيْتُ أَصْحَابَ الصَّبَابَةِ والصِّبَا
…
وأطَعْتُ عاذِلَتي ولَانَ قِيَادِي
هكذا أنْشَدَنا عَبْد الحَقّ الأبْيَات الأرْبَعة، وذَكَرَ أنَّ خَالِدًا أنْشَدَهُ إيَّاها لنَفْسِه، والبَيْتان الأوَّلان لدِعْبِل بن عليّ، والآخران للأَسْوَد بن يَعْفُر، ولعلَّ خَالِدًا
(a) في الأصل: صهيان، وهو عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي، أبو جعفر المدني، ويأتي ذكره صحيحًا فيما بعد، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 21: 398 - 401، الكاشف 2: 314، ميزان الاعتدال 3: 27 (وفيه: صُبهان!)، تهذيب التهذيب 7: 464 - 465، تقريب التهذيب 2:63.
_________
(1)
حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني 3: 163، الفردوس لابن شيرويه الديلمي 3: 256 (رقم 4759)، فيض القدير للمناوي 5: 27 (رقم 6334)، كنز العمال للمتقي الهندي 16: 35 (رقم 43832).
(2)
البيتان في مجمع الآداب لابن الفوطي 5: 606، وتنسب أيضًا - كما يذكر ابن العديم بعده - لدعبل الخزاعي، انظر ديوانه 104 باختلاف في الرواية.
(3)
تنسب الأبيات للأسود بن يعفر النهشلي، كما يذكره ابن العديم بعده، وهو شاعر جاهلي، انظر: المفضليات للضبي 218، منتهى الطلب لابن المبارك 1: 418 - 419.
أنْشَده الأبْيَات ولم يُسَمِّ قَائلًا فظنَّها له واللهُ أعْلَمُ، ولا يُظَنّ بخَالِد أنَّهُ يَدَّعي ما ليس له لا سِيَّما في الشِّعْر، فإنَّهُ كان على ما بَلَغَني يَكْره أنْ يُنْسَبَ إلى أبيهِ ويَسْتُره جُهْدَه فكيف في حَقِّ نَفْسِهِ.
سَمِعْتُ القَاضِي بَهَاء الدِّين أبا مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن سَعيد بن الخَشَّاب الحَلَبِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الرَّئِيس أبا الحَسَن عليّ بن الحَكَم الحَلَبِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن نَصْر القَيْسَرَانِيّ يَقُول: قد أبْطَأ عليَّ أمْر خَالِدٍ، يعني ولدَهُ.
قال لي أبو مُحَمَّد بن الخَشَّاب: وكان أبو عَبْد الله يَعْرف عِلْم النُّجُوم مَعْرفَةً جَيِّدةً وكأنَّهُ اسْتَنْبَط من تَسْيير مَوْلد وَلده خَالِد أنَّهُ يكُون له شَأنٌ ورئاسَةٌ وتَقَدُّمٌ، فكان يَنْتظر ذلك منه، فقَدَّر الله تعالى أنَّ الأمْرَ وقعَ كما كان يَنْتظره.
أخْبَرَني شَمْس الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر، قاضي العَسْكَر، قال: كان مُوَفَّق الدِّين خَالِد بن القَيْسَرَانِيّ يُجَلِّد تَجْلِيْدًا حَسَنًا، ويَكْتُب خَطًّا جَيِّدًا، وكان التّجْلِيْدُ سَبَب تَقَدُّمهِ عند المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُّود بن زَنْكِي، وذلك أنَّهُ وُصِف تَجْليدهُ لنُور الدِّين، فأحْضَره ليُجَلِّد لهُ كُتُبًا، فوقَفَ على خَطِّهِ فأعْجَبهُ وَرَاق له، فطلَب منهُ أنْ يكتُب له شُعَب الإيْمان للبَيْهَقيّ، فاخْتَار له مُوَفَّق الدِّين خَالِد من الوَرَق أجْوَده وصَقَلَهُ، وتكلَّف لكتابته وتَحْرير خَطِّه فيه وُسْعَه، وجَوَّد خَطّه فيه، وجَعَل في أوَّلِ كُلِّ مُجَلَّدةٍ منه ثلاثة أوْرَاقٍ بَيْضاء لَم يَكْتُب فيها شيئًا، وجَعَلَها غَوَاشِي للكتاب، وأقام في كتابته مُدَّةً طَوِيلَةً حتَّى فَرَغ منه وجَلَّدَهُ.
وكان نُور الدِّين غائبًا عن مَدِينَة حَلَب - أظُنُّه قال: بتَلّ بَاشِر - فاسْتَعار خَالِد بَغْلةً - أو قال: فَرَسًا - ورَكِبها وحَمَل معهُ الكتابَ ومَضَى إلى عَسْكَر نُور الدِّين، وتوسَّل إلى الشَّيْخ إسْمَاعِيْل الخزانْدَار أنْ يُقَدِّمَهُ له بين يَدَي نُور الدِّين،
فحَمَل له الكتاب وعرضَهُ على نُور الدِّين، فصَفح القَائِمة الأُوْلَى فوجَدَها بَيْضاء، ثمّ فعل بالثَّانيَة فوَجَدها كذلك، ثُمَّ بالثَّالثة فوَجَدها كذلك فلم يَتَعدَّها إلى غيرها، ولَم يتأمَّل الكتابة، وقال: يُكْتب على هذه المُجَلَّدات الوَقف على مَقْصُورة الخَضِر بجامع دِمَشْق، وتُرْسَل إليها، ولَم يَنْظُر في الكتاب ولا وَقَف على ما كَتَب! فشقّ ذلك على خَالِد مَشَقَّة عَظِيمَة لكونه اعْتَنى بالكتاب وقاسَى التَّعَب في تَحْرير خَطّه فيه، وصَقل وَرَقهِ وتجْليده والاعْتِناء به، ولَم يَقِف نُور الدِّين عليه ولم يَحْتَفِل بهِ.
وأقام بالعَسْكَر، وباتَ في المُخَيَّم، فسُرِقَت الدَّابَّة الّتي اسْتَعارها، فأُنْهي أمْرها إِلى نُور الدِّين، فقال: هو فَرَّط، لِمَ لَمْ يَحْفَظ دَابَّته؟. فازْدَاد خَالِد حَرَجًا على حَرَج، وهَمًّا على هَمٍّ، وتوسَّل له إسْمَاعِيْل الخزانْدَار إلى نُور الدِّين حتَّى أمَرَ باسْتِخْدَامهِ في بعضِ الجِهَاتِ البَرَّانِيِّة من عَمَل حَلَب، فخَدَم بها مُدَّةً، وقَلّ ما بيَده ومَرض، فَتَرك الجهة الّتي كان فيها ودَخَل منها بغير دُسْتُور.
وكان نُور الدِّين مُعَسْكرًا في بعض الجِهَات الّتي قَصَدها، فقَصَد العَسْكَر وجاء إلى الشَّيْخ إسْمَاعِيْل الخزانْدَار، وأعْلَمه بحالهِ وبانْفِصَالهِ، فقال له: وانفصَلْتَ عن غير دُسْتُور؟ قال: نعم، لعَجْزي! فعَنَّفَهُ ولَامَهُ، وقال له: ليسَ لك ذَنْبٌ وإنَّما الذَّنْبُ لي حيثُ نَسَّبت لكَ في هذا الأمْر! فوَجم خَالِد ونَدِم ندَامةً عَظِيمَة، وشَقَّ عليه مُوَاجهة الشَّيْخ إسْمَاعِيْل له بما وَاجهَهُ به من الكَلَام الّذي أغْلَظ له فيه، ثمّ إنَّهُ أعْلَمِ نُور الدِّين بمجيئه وانْفِصَاله عن الجِهَة، فأحْضَره نُور الدِّين مَجْلسَهُ وأجْلَسَهُ، ودَفَع إليه وَرَقَةً ودواةً، وقال له: اكْتُب فيها شيئًا. قال خَالِد: فأخَذْتُ الوَرَقَة وِكَتَبْتُ فيها سَطْرَين، وأنا تاركٌ من المَرَض الّذي لَحِقَني، فكَتَبْتُ فيها سَطْرين لَم أكْتُب مثلهما (a) قَطّ في الجَوْدَةِ، وكان ذلك ابْتداء السَّعَادَةِ، قال: فأخذَهُما نُور الدِّين وتأمَّلَهُما واسْتَحْسَنَهما، وكَتَبَ تحتهما بخَطِّه
(a) الأصل: مثلها.
نَقْلًا منهما، ثمّ أمرَ أنْ يكُون في صُحْبَتهِ واسْتَكْتبَهُ، وقرَّر له رِزْقًا يَسْتَعينُ به، ثُمَّ ارْتفعَ أمْرُه عندَهُ، وازْدَادت مَنْزِلته، وعلَتْ مَرْتبَته، وجَعَل أمْرُه يَتَرقَّى إلى أنْ كان منه ما كان رحمه الله. حَكَى لي مَعْنى ما ذَكَرته وأظُنُّه - واللهُ أعْلَمُ - أسْنَدَهُ إلى الخَطِيب هاشِم خَطِيْب حَلَب.
قَرَأتُ في كتاب خَرِيْدَة القَصْر
(1)
، تأليفُ عِمَاد الدِّين أبي عَبْد الله مُحمّد بن مُحَمَّد الكَاتِب الأصْبَهَانِيّ، وأجَازَهُ لي صَدِيْقُنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا العِمَاد الكَاتِب في تَرْجَمَةِ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ، قال: ولمَّا وَصَلتُ إلى الشَّام، والتبَسْتُ بخِدْمَةِ نُور الدِّين، وَجَدْتُ مُوَفَّق الدِّين خَالِدًا ولدَ أبي عَبْد اللهِ القَيْسَرَانِيّ صَدْرَ مَنَاصِبها، وبَدْرَ مَرَاتبها (a)، وجَمَعَت بيني وبينَهُ الصُّحْبَة (b)، لأنَّهُ كان مُسْتَوفي المَمْلَكَةِ، وأنا مُنْشِئُها تارةً ومُشْرِفُها أُخرى، فلمَّا سَيَّرَهُ نُورُ الدِّين إلى مِصْر قُمْتُ بجميع الأُمُور بعدَهُ، وكان نُور الدِّين قد رَفَعَهُ واصْطَنَعَهُ، وبلَغَ به مَبْلَغًا من الأمْر كأنَّهُ أشْرَكَهُ في مُلكْهِ! وقد كان حَقِيقًا بذلك لبيْقًا به، وما زلنا سَفَرًا وحَضَرًا نَتناشَدُ أشْعَارَ أبيهِ (c) حتَّى لعَلَّهُ قد أَتَى في الإنْشَادِ عِلى مُعْظَمِ شِعْر وَالدِه، وكان قد بلَغ إلى حَدٍّ خَدَمهُ مَمْدُوحُو والده وقصَدُوه، ورَجَوْه واجْتَدَوه، وكأنَّهُ أَنِفَ من مَدْح والدِه لهم، وكَرِه لنَفْسِه كيف قَصَدَهُم وأمَّلَهُم.
أخْبَرَني فَخْر الدِّين إبْراهيم بن خَالِد بن مُحَمَّد بن نَصْر القَيْسَرَانِيّ أنَّ أباهُ خَالِدًا تُوفِّي في يَوْم الجُمُعَة رَابع عَشر جُمَادَى الآخرة من سَنَةِ ثَمانٍ وثمانين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ بدَارِه بحَلَب.
(a) بعده في الخريدة: "ونجم كواكبها"، بل شمس مواكبها".
(b) بعده في الخريدة: "وضمّتني إليه الرتبة، وتمهدت المحبة".
(c) الخريدة: "نتناشد ونتذاكر، ونتجاذب أطراف الحديث ونتحاور".
_________
(1)
خريدة القصر 11: 125 - 126.
قال لي: واتَّفَق أنَّهُ نُقِلَ من دَاره بعد ذلك بسنتَيْن إلى ظَاهِر حَلَب، ودُفِنَ في تُرْبَةٍ بنيَتْ له بناحيةِ مقام إبْراهيم عليه السلام، ونَقَلناهُ إليها في يَوْم الجُمُعَة رَابع عَشر جُمَادَى الآخرة. قال: فقُلْتُ لعمِّي - يعْني مُهَذَّب الدِّين ماجد بن مُحَمَّد - ونحنُ خَلْف جنَازَته: ما أظُنُّ أنَّهُ اتَّفق من يَوْم تُوفِّي يَوْم الجُمُعَة وهو رَابع عَشر جُمَادَى الآخرة غير يَوْمنا هذا.
خَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب، أبو عَبْدِ اللهِ الكَلاعِيُّ الحِمْصِيُّ
(1)
كان يَتَولَّى الشُّرْطَة ليَزِيْد بن مُعاوِيَة. وغَزَا الرُّوم مَرَّات مُتَعدِّدة، واجْتازَ بحَلَب، وكان إذا نُودِيَ بالغَزَاة كان فُسْطَاطُه أوَّل فُسْطَاطٍ ضُرِبَ بِدَابِق.
حَدَّثَ عن أبي عُبَيْدَة بن الجَرَّاح، ومُعَاذ بن جَبَل، وأبي الدَّرْدَاء، وعُبَادَة بن الصَّامِت، وأبي أُمَامَةَ البَاهِلِيّ، وأبي هُرَيْرَة، ومُعاوِيَة بن أبي سُفْيان،
(1)
توفي سنة 104 هـ، وقيل في السنوات بعدها، ترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 455، طبقات خليفة 310، تاريخ خليفة 339، تاريخ البخاري الكبير 3: 176، والتاريخ الصغير 1: 280، تاريخ الطبري 3: 391 - 402، 435 - 603، 437، 608، 610، 4: 100، 107، المعارف لابن قتيبة 625، تاريخ الثقات للعجلي 142، المسعودي: التنبيه والإشراف 221، الجرح والتعديل 3: 351، الثقات لابن حبان 4: 196 - 197، مشاهير علماء الأمصار 183، حلية الأولياء 5: 210 - 221، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 100 - 103، تاريخ ابن عساكر 16: 189 - 205، ابن الجوزي: المنتظم 7: 84، صفة الصفوة 4: 215 - 216، ابن الأثير: الكامل 5: 27، 117، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 366 - 368، تاريخ الإسلام 3: 41 - 42، سير أعلام النبلاء 4: 536 - 541، تذكرة الحفاظ 1: 93 - 94، العبر في خبر مَن غبر 1: 96، الإعلام بوفيات الأعلام 56، الكاشف 1: 274، الوافي بالوفيات 13: 263، وفيه: مات بأنطرطوس، البداية والنهاية 9: 230 (وتصحف فيه: خالد بن سعدان)، تهذيب التهذيب 3: 118 - 120 وفيه: ابن أبي كريب، تقريب التهذيب 1: 218، النجوم الزاهرة 1: 252، السيوطي: طبقات الحفاظ 43، شذرات الذهب 2: 22، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 89 - 91.
وعبد الله بن عُمَر، والمِقْدَام بن مَعْد يكَرِب، وثَوْبَان، وأبي ذَرّ الغِفَارِيّ، وعُتْبَة بن النُّدَّر، وعبد الله بن بِشْر، وعَبْد الرَّحمن بن أبي عُمَيْرة، والحَارِث بن الحَارِث الغَامِدِيّ، وأبي الغَادِيَة، وعُتْبَة بن عَبْد، وذي مِخْبَر، وجُبَيْر بن نُفَيْر، وعُمَيْر بن الأَسْوَد، وعبد الله بن عَائِذ الثُّمَالِيّ، وكَثِيْر بن مُرَّة، وأبي زُهَيْر الأَنْمَارِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عَمْرو السُّلَمِيّ، وأبي عُثْمان يَزِيد بن مَرْثَد (a) الهَمْدانِيّ، ورَبِيْعَة بن الغَاز الجُرَشِيّ (b)، وعبد الله بن سَعْد الأنْصَاريّ، وحُجْر بن حُجْر الكِنْدِيّ، وعبد الله بن عَمْرو، وأبي قُتَيْلَة، وأبي بَحْريَّة، ومَالك بن يُخَامِر (c)، وأبي زِيَادٍ حَيَّان بن سَلَمَة، وعَبْد الرَّحمن بن أبي بِلَال، والصُّدَيّ بن عَجْلان.
رَوَى عنهُ بَحِير بن سَعْدٍ، والأحْوَص بن حَكِيم، وثَابِت بن ثَوْبَان، وابنُه عَبْد الرَّحْمن بن ثَابِت، وثَوْر بن يَزِيد، وإبْراهيم بن أبي عَبْلَة، وحَرِيْز بن عُثْمان، ويَزِيْد بن عبد الرَّحْمن، وعُمَر بن مُوسَى، وابْنَتُه عَبْدَةُ بنتُ خَالِد بن مَعْدَان.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد البَغْدَاديّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن بَهْرَام الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا حَيْوَة بن شُرَيْح، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة بن الوَلِيد المَيْتَميّ، قال: حَدَّثَنَا بَحِير بن سَعْد،
(a) الأصل: مزيد، ويأتي مثله فيما بعد، ولعله اشْتبه عليه بيزيد بن مزيد الشيباني، والصواب ما أثبت من المعجم الكبير للطبراني 18: 78، ابن عساكر 16: 189، تاريخ الإسلام 3: 183، تهذيب الكمال 8:168.
(b) في الأصل وابن عساكر: الحرشي، بالحاء، وانظر ترجمته الآتية في الجزء الثامن من هذا الكتاب.
(c) الأصل: يحامر، ويأتي بالمعجمة فيما بعد.
_________
(1)
سنن الدارمي 1: 6، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8: 586.
عن خَالِد بن مَعْدَان، عن جُبَيْر بن نُفَيْر الحَضْرَميّ أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: لقد جَاءكم رَسُولٌ، إليكُم ليس بوَهْنٍ ولا كَسِيْل (a) ليَخْتِن قُلُوبًا غُلْفًا، ويَفْتَح أعْيُنًا عُمْيًا، ويُسْمِعَ آذانًا صُمًّا، ويُقِيْم ألْسنةً عُوْجًا حتَّى يُقالَ: لا إلَه إلَّا الله وَحْدَهُ.
أخْبَرَنا ثَابِتُ بن مُشَرَّف، ومُوسَى بن عَبْد القَادِر، قالا: أخْبَرَنا سَعيد بن أحْمَد بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ
(1)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة، عن بَحِير بن سَعْد، عن خَالِد بن مَعْدَان، عن عُتْبَة بن عَبْد أنَّهُ قال
(2)
: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لو أنَّ رَجُلًا جُرَّ (b) على وَجْههِ من يَوْم ولدَ إلى أنْ يَمُوتَ هَرِمًا في مَرْضَاةِ الله عز وجل لحقَرَهُ يَوْم القِيامَةِ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ الأزْهَريّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا العبَّاسُ بن العبَّاسِ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن المُغِيرَة الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا صالِح بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: قال أبي: خَالِد بن مَعْدَان أبو عَبْد الله.
وقال أبو البَرَكَاتِ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا
(a) سنن الدارمي: ولا كسل.
(b) كذا في الأصل، وفي المخلِّصيّات والحلية: خرّ، ويرد في الحديث من طرقه المختلفة على الوجهين.
_________
(1)
المخلِّصيّات 1: 109، 4:92.
(2)
المعجم الكبير للطبراني 17: 122 - 123 (رقم 303)، حلية الأولياء لأبي نعيم 5: 219، مجمع الزوائد للهيثمي 10: 225، كنز العمال للهندي 15: 788 (رقم 43120)، وانظر: المسند الجامع 12: 400 (رقم 9622).
الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حَدَّثنا أبي، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: خَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب الكَلاعِيّ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الرَّبَعِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّابِ الكِلَابيّ، قال: أخَبَرَنا أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيْع يَقُول: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ حِمْصيٌّ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هبَةُ اللهِ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة عَبْدُ الرَّحْمن بن عَمْرو
(2)
، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّالثةِ خَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب الكَلاعِيّ، يُكْنَى أبا عَبْد اللهِ، تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ ومائة، سَمِعْتُ نَسَبَهُ من عليّ بن عيَّاش (a).
أنْبَأنَا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْلِ البُخاريّ
(3)
، قال: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ، سَمِعَ أبا أُمَامَة، وعُمَيْر بن الأَسْوَد، وجُبَيْر بن نُفَيْرٍ، والمِقْدَام، وكَثِيْر بن مُرَّة. وقال إسْحاق: كُنْيَتُهُ أبو عَبْد الله. قال: وقال عَمْرو بن عليّ: مات خَالِد بن مَعْدَان سَنَة ثَلاثٍ ومائة. قال: وقال يَزِيد بن عَبْد رَبِّه: مات خَالِد بن مَعْدَان سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
(a) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ أبي زُرعة وتاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 192.
(2)
تاريخ أبي زرعة 1: 243.
(3)
التاريخ الكبير 3: 176، وبعضه في التاريخ الصغير 1:280.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاسِ، دال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله (a) بن حَمْدُون، قال: حَدَّثَنَا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج
(2)
يَقُول: أبو عَبْد الله خَالِد بن مَعْدَان، سَمِعَ أبا أُمَامَة، رَوَى عنهُ بَحِير بن سَعْد.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر السَّلَامِيّ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو عَبْد اللهِ خَالِد بن مَعْدَان.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن هاشِم بن أحْمَد، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عمْرو بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(3)
، قال: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ، شَامِيٌّ لَقِيَ من الصَّحَابَة: أبا أُمَامَة، والمِقْدَام بن مَعْدِي كَرِب، وعُتْبَة بن عَبْد، وابن أبي عُمَيْرة، وعبد الله بن بُسْر، والحَارِث بن الحَارِث الغَامِدِيّ، وذا مِخْبَر، وعُتْبَة بن نُدَّر، وأبا الغَادِيَة، وعبد الله بن عَائِذ الثُّمَالِيّ. رَوَى عنهُ بَحِير بن سَعْد، وثَوْر بن يَزِيد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُحمّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا
(a) ابن عساكر: عبد.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 192.
(2)
الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 470.
(3)
الجرح والتعديل 3: 351.
الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أبو عَبْد الله خَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب الكَلاعِيّ الشَّامِيّ الحِمْصِيّ، سَمِعَ الصُّدَيّ بن عَجْلان، والمِقْدَام بن مَعْد يكَرِب، وحَكَى أبو عَمْرو السَّكْسَكِيّ عنهُ أنَّهُ قال: لقيْتُ سَبْعِين رَجُلًا من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن الحَارِث، وبَحِير بن سَعْد، وثَوْر بن يَزِيد، وزِيَاد بن سَعْد بن عبد الرَّحْمن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَضْل المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الكَلَابَاذِيّ، قال: خَالِد بن مَعْدَان أبو عَبْد اللهِ الكَلاعِيّ الشَّامِيّ، سَمِعَ أبِا أُمَامَة، والمِقْدَام بن مَعْدِي كَرِب، وعُمَيْر بن الأَسْوَد العَبْسِيّ، رَوَى عنهُ ثَوْر بن يَزِيد في البُيُوع والأطْعِمَة وغير ذلك.
قال البُخاريّ
(1)
: وقال يَزِيد بن عَبْد رَبِّه: مات سَنَة أرْبَعٍ ومائة، وقال عَمْرو بن عليّ: ماتَ سَنَة ثَلاثٍ ومائة، قال الوَاقِدِيّ والهَيْثَم بن عَدِيّ: مات سَنَة ثَلاثٍ ومائة.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله
(2)
، قال: خَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب أَبو عَبْد اللهِ الكَلاعِيّ الحِمْصِيّ، كان يَتَولَّى شُرْطَة يَزِيد بن مُعاوِيَة.
رَوَى عن أبي عُبَيْدَة بن الجَرَّاح، ومُعَاذ بن جَبَل، وعُبَادَة بن الصَّامِت، وأبي الدَّرْدَاءِ، وأبي هُرَيْرَة، ومُعَاويَة، وعبد الله بن عُمَر (a)، وأبي أُمَامَة، وثَوْبَان،
(a) ابن عساكر: عبد الله بن عمرو، ويأتي في ذات النقل ذكر اسم هذا بعده.
_________
(1)
قول ابن عبد ربه في التاريخ الكبير 3: 176، وقول عمرو بن علي في التاريخ الصغير 1: 280، ولم يرد له ذكر في تاريخ عمرو بن علي المعروف بأبي حفص الفلاس.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 189.
والمِقْدَام بن مَعْدِي كَرِب، وأبي ذَرّ الغِفَارِيّ، وعُتْبَة بن النُّدَّر، وعبد الله بن بُسْر، وعَبْد الرَّحمن بن أبي عُمَيْرة، والحَارِث بن الحَارِث الغَامِدِيّ، وذي مِخْبَر، وعُتْبَة بن عَبْد، وأبي الغَادِيَة، وعبد الله بن عَائِذ الثُّمَالِيّ، وجُبَيْر بن نُفَيْر، وكَثِيْر بن مُرَّة، وعُمَيْر بن أَسْوَد، وأبي زُهَيْر الأَنْمَارِيّ، ورَبيْعَة بن الغَاز الجُرَشِيّ (a)، وعبد الله بن عَمْرو، وعبد الله بن سَعْد الأنْصَاريّ، وأبي عُثْمان يَزِيد بن مَرْثَد (b) الهَمْدَانيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عَمْرو السُّلمِيّ، وحُجْر بن حُجْر الكِنْدِيّ، وأبي قُتَيْلَة، ومالك بن يُخَامِر، وأبي بَحْريَّة، وأبي زِيَاد حَيَّان بن سَلَمَة، وعَبْد الرَّحمن بن أبي بِلَال.
رَوَى عنهُ بَحِير بن سَعْد، وثَوْر بن يَزِيد، ويَزِيْد بن عبد الرَّحْمن بن أبي مالك (c)، والأحْوَص بن حَكِيم، وإبْراهيم بن أبي عَبْلَة، وثَابِت بن ثَوْبَان، وابنُه عبد الرَّحْمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان، وحَريْز بن عُثمان، وابنَتُه عَبْدَة بنتُ خَالِد بن مَعْدَان.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: أخْبرَنا عَمِّي رحمه الله، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب الزَّيْنَبِيّ قراءةً، ح.
قال: وأخْبَرَنا أبي رحمه الله، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب الحُسَين بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّرِ، قال: أخْبَرَنا بَكْر بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَني يَزِيد بن مُحَمَّد، ح.
قال: وأنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عليّ بن إبْراهيمِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون عبد الرَّحْمن بن عَبْد
(a) تاريخ ابن عساكر: الحرشي، وتقدم التعليق عليه في أكثر من موضع، وله ترجمة تأتي في موضعها من هذا الكتاب (في الجزء الثامن).
(b) الأصل: مزيد، وتقدم التعليق عليه في هذه الترجمة.
(c) في نشرة تاريخ ابن عساكر: وثور بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 197.
الله، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِرٍ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عيَّاشٍ، قال: حدَّثَتْنا عَبْدَةُ بنتُ خَالِد وأُمّ الضَّحَّاك بنتُ رَاشِد مَوْلَاةُ خَالِدٍ، قالتا: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن عَمْرو، عن أبي إسْحاق الفَزَارِيّ، عن صَفْوَان بن عَمْرو، قال: كان خَالِد بن مَعْدَان إذا أَمَر النَّاس بالغَزْو كان فُسْطَاطه أوَّل فُسْطَاط يُضْرَبُ بِدَابِق.
أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحمد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء الله.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الغَسَّانِيّ، قالا (a): أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَهْلُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: كان الثَّوْرِيُّ إذا جَلَسْنا معه إنَّما نَسْمَعُ: المَوْتَ، المَوْتَ! فحدّثنا عن ثَوْر، عن خَالِد بن مَعْدَان، قال: لو كان المَوْت عَلَمًا يُسْبَق إليه ما سَبَقَني إليه أحَدٌ إلَّا أنْ يَسْبقني رَجُل بفَضْل قوَّته، قال: فما زال الثَّوْرِيّ يُحبُّ خَالِد بن مَعْدَان منذ بَلَغَه هذا الحَدِيْثُ عنهُ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم بن اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد
(a) كذا في الأصل، ولعل الصواب: قالوا.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 198.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 140.
اللهِ الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الزُّبَيْر، ح.
قال أبو نُعَيْم: وحَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن إسْحاق الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قالا: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن ثَوْر - قال ابنُ الزُّبَيْر عن رَجُلٍ - قال: قال خَالِد بن مَعْدَان: ما أحبّ أنَّ دَابَّةً في بَرٍّ ولا بَحْر تَفديني المَوْتَ، ولو كان المَوْتُ غايةً يُسْبَقُ إليها ما سَبَقَني إليها أحَدٌ إلَّا سَابِق يَسْبِقُني إليها بفَضْل قوَّته.
قال: وحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن إسْحاق الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا الأحْوَصُ بن حَكِيم، عن خَالِد بن مَعْدَان، قال: واللهِ لو كان المَوْتُ في مكانٍ مَوْضُوعًا لكُنْت أوَّل مَنْ يَسْبق إليه.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ بن البُسْرِيّ، وأبو الحَسَن الأنْبارِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ بنابُلُس، وأَبُو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن عَبْد الوَاحِد المَقْدِسِيَّان بدِمَشْق، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن بِهْرُوز البَغْدَاديّ بمَعَرَّة النُّعْمَان، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بنِ إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ بحَلَب، قالوا: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنت أحْمَد بن الإِبَرِيّ، قالت: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن وَهْبٍ الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عن
(1)
حلية الأولياء 5: 210.
(2)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة اليقين) 1: 82.
العبَّاس بن الأخْنَسِ، عن ثَوْر بن يَزِيد، عن خَالِد بن مَعْدَان، قال: تَعلَّمُوا اليَقِيْن كما تَعلَّمُوا القُرْآن حتَّى تَعْرفوه فإنِّي أتعلّمهُ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد السَّرْخَسِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو عِمْرِان عِيسَى بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيِّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن كَثِيْر، عن الأوْزَاعِيّ، عن بَحِير، عن خَالِد بن مَعْدَان، قال: النَّاسُ عَالِمٌ ومُتَعلِّم، وما بين ذلك هَمَجٌ لا خَيْر فيه.
أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن الدَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا سهل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن الطَّفَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا عَطِيَّة بن بَقِيَّة بن الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا بَحير بن سَعْد، قال: سَمِعْتُ خَالِد بن مَعْدَان يَقُول: مَنْ الْتَمس المَحَامِد في مُخَالَفة اللهِ ردَّ اللهُ تلك المَحَامِدَ عليه ذمًّا، ومَنْ اجْتَرأ على الملَاوم في مُوَافَقة الحَقِّ ردَّ اللهُ تلكَ الملَاوم عليهِ حَمْدًا.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم، وأبو مُحَمَّد بن فُضَيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن عَوْف، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن مُنِير، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن خُرَيْم، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا عَامِر بن يَحْيَى، عن مَنْ حَدَّثَهُ، عن خَالِد بن مَعْدَان، قال: ما أحْدَثَ الله تعالى لي نِعْمَةً قَطّ إلَّا أحدثْت له بها شُكْرًا، حتَّى أنَّ الرَّجُل ليُسَلّم عليَّ، أو يُوْسِع لي في المَجْلِس، فأوْمِئ للسُّجُودِ لله شُكْرًا.
(1)
سنن الدارمي 1: 94.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم بن اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبوِ نُعَيْم الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبي، وأَبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قالا: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن سَهْلٍ البَرْمَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد، عن عَبْدَة بنت خَالِد بن مَعْدَان، عن أبيها، قالت: قَلَّ ما كان خَالِد يأوي إلى فِرَاش مَقِيْلهِ إلَّا وهو يَذْكُر فيه شَوْقَهُ إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وإلى أصْحَابهِ من المُهاجِرين والأنْصَار، ثمّ يُسَمِّيهِم ويقُول: هم أصْلِي وفَصْلِي، وإليهم يَحنُّ قَلْبي، طال شَوْقي إليهم، فعَجِّل رَبِّي قَبْضي إليك، حتَّى يَغْلبَهُ النَّوْم وهو في بعض ذلك.
وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا حَاتِم بن اللَّيْثِ الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَني رَجُلٌ من ولد خَالِد بن مَعْدَان، قال: مات خَالِد بن مَعْدَان وهو صَائِمٌ.
قال
(3)
: وحَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَة، قال: كان خَالِد بن مَعْدَان يُسَبّحُ في اليَوْم أرْبَعيْن ألف تَسْبِيحة سِوَى ما يَقْرأ من القُرْآن، فلمَّا مَاتَ وُضِعَ على سَرِيره ليُغَسَّل، جَعَل يُشِيْر بإصْبَعهِ ويُحرِّكُها يعني بالتَّسْبِيْح.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الجَبَّانِ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: حَدَّثَنَا أبو اللَّيْث السَّلْمُ بن مُعَاذ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ بن أبي مَنْصُور، قال: حَدَّثَني عليّ بن عَاصِم؛ من وَلدِ مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثَني سَعيدُ بن عُثْمان الأطْرَابُلُسِيّ، قال:
(1)
حلية الأولياء 5: 210.
(2)
حلية الأولياء 5: 210.
(3)
حلية الأولياء 5: 210.
حَدَّثَنَا أبو عليّ الجُمَحِيّ، عن أبي مُطِيِعِ؛ يعني مُعاوِيَة بن يَحْيَى
(1)
: أنَّ شَيْخًا من أهْلِ حِمْص خرَجَ يريدُ المَسْجِد وهو يَرَى أنَّهُ قد أصْبَح، فإذا عليهِ لَيْل، فلمَّا صار تحت القُبَّة، سَمِعَ صَوْت جَرس الخَيْل على البلَاطِ، فإذا فَوَارس قد لَقي بَعْضُهم بعضًا، قال بَعْضُهم لبعضٍ: من أينَ قَدِمْتُم؟ قالوا: ولم تكُونُوا معنا؟ قالوا: لا، قالوا: قَدِمنا من جنَازة البَدِيْل خَالِد بن مَعْدَان، قالوا: وقد مات؟ ما عَلِمنا بمَوْتِهِ! قالوا: فَمن اسْتَخْلَفْتُم بعدَهُ؟ قالوا: أَرْطَأة بن المُنْذِر. فلمَّا أصْبَح الشَّيْخُ حدَّث أصْحَابه، فقالوا: ما عَلِمْنَا بمَوْت خَالِد بن مَعْدَان، فلمَّا كان نِصْفُ النَّهَار قَدِمَ البَرِيد من أَنْطَرسُوس
(2)
يُخْبر بمَوْتِهِ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(3)
، قال: قرأنا عِلىِ أبي عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن، عن أبي تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِمِ بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا المَدَائِنِيُّ، قال: خَالِد بن مَعْدان تُوفِّي سَنَة ثَلاثٍ ومائة، ويُقالُ: إنَّهُ ماتَ وهو صَائِمٌ في وِلَايَةِ يَزِيد بن عَبْد المَلِك. قال: وسَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: تُوفِّي خَالِد بن مَعْدَان سَنَة ثَلاثٍ ومائةٍ.
وقال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(4)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحُسَين النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَني عَمْرو بن عليّ، قال: ماتَ خَالِد بن مَعْدَان سَنَة ثَلاثٍ ومائة.
(1)
انظر الرواية في تاريخ ابن عساكر 8: 13، 16:201.
(2)
أنطرسُوس: وسماها ياقوت "أنطرطوس"؛ مدينة بسواحل بحر الشام، تقع في آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول عمل حمص. معجم البلدان 1:270.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 201.
(4)
تاريخ ابن عساكر 16: 202.
قال عليّ بن الحَسَن
(1)
: أَنْبَأنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أسَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أَخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن عَبْد الكَريم بن عُمَر (a)، ح.
قال: وأَنْبَأنَا أبو سَعْد بن الطُّيُورِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر (b) بن حُمَّة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: وخَالِد بن مَعْدَان ثِقَةٌ لَمْ يَلْقَ أبا عُبَيْدَة، هو كَلَاعِيٌّ يُعَدُّ من الطَّبَقَةِ الثَّالثة من فُقَهَاء أهْل الشَّام بعد الصَّحَابَة، تُوفِّي (c) سَنَة ثلاثٍ ومَائة.
أخْبَرَنا أبو اليُمْنِ الكِنْدِيّ إذْنًا، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن القَاسِم، قال: قال الهَيْثَم: مات خَالِد بن مَعْدَان الكَلَاعِيّ سَنَة ثَلاثٍ ومائة.
أنْبَأنَا سَعيد بن هاشمِ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا ابن أَبي الدُّنيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمّد بن سَعْد
(2)
، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّالثة من تَابِعِي أهْل الشَّام خَالِد بن مَعْدَان الكَلَاعِيّ. قال مُحَمَّد بن عُمَرَ والهَيْثَم: ماتَ سَنَة ثَلاثٍ ومائة.
(a) في الأصل: عمرو، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وتقدم ذكره صحيحًا في العديد من المواضع، وهو عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي.
(b) في الأصل: عمرو، وانظر: تاريخ بغداد 11: 608، تاريخ ابن عساكر 16: 202، 17: 8، توضيح المشتبه 3: 322 (وفيه: حَمَّة؛ بفتح أوله)، سير أعلام النبلاء 17: 82 - 83 (وفيه: حَمَّة).
(c) الأصل: في، والمثبت من ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 202.
(2)
انظر بعضه في طبقاته 7: 455.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عنِ أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أَخْبَرَنا أحْمَد بن معْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ وكانَ ثِقَةً، أجْمَعُوا على أنَّ خَالِد بن مَعْدَان تُوفِّي سَنَة ثَلاثٍ ومائة في خِلَافَة يَزِيد بن عَبْد المَلِك.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان بن زَبْر
(2)
، قال: قال الهَيْثَم: وفيها يعني سَنَة ثَلاثٍ ومائة مات أبو بُرْدَة بن أبي مُوسَى، وطَاوُس اليَمَانِيّ، وعامر بن شرَاحِيْل الشَّعْبِيّ، وخَالِد بن مَعْدَان بالشَّام، وذَكَرَ ابنُ زَبْر أنَّ أَبَاهُ أخْبَرهُ عن أحْمَد بن عُبَيْد بن نَاصِحٍ عن الهَيْثَم بذلك.
أَخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أَبُو مُحَمَّد طَاهِر بن سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب
(3)
، قال: أَخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(4)
، قال: حَدَّثَني العبَّاس بن الوَلِيد بن صُبْحٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن صالح، قال: حَدَّثَنَا عُفَيْر بن مَعْدَان الكَلاعِيّ، قال: قَدِمَ علينا عُمَر بن مُوسَى حِمْصَ، فاجْتَمَعْنا إليهِ في المَسْجِد، فجَعَل يَقُول: حَدَّثَنَا شَيْخكم الصَّالح، حَدَّثَنَا شَيْخكم الصَّالِح (a)! فلَّمَا أكْثَر قُلْتُ لَهُ: مَنْ شَيْخُنا الصَّالِح هذا، سَمِّهِ لنا نَعْرفه؟ قال: فقال: خَالِد بن مَعْدَان، قُلْتُ لهُ: في أيّ سَنَة لقيتَهُ؟ قال: لَقِيتُهُ سَنَة ثَمانٍ ومائة، قال: قُلتُ: وأين لقيْتَهُ؟ قال: لَقِيتُهُ في غَزَاة أَرْمِينِيَة، قال: فقُلْتُ لهُ: اتَّق الله يا شَيْخُ،
(a) لم يكرره في كتاب الكفاية للخطيب.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 7: 455.
(2)
تاريخ مولد العلماء 100.
(3)
لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.
(4)
الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية 119.
ولا تَكْذب! ما خَالِد بن مَعْدَان سَنَة أرْبَعٍ ومائة، وأنْتَ تَزْعم أنَّكَ لقيْتَهُ بعدَ مَوْتَه بأرْبَع سنين! وأزيدك أُخْرى: لَمْ يَغْزُ أَرْمِينِيَة قَطُّ؛ كان يَغْزُو الرُّوم.
قُلتُ: وقد قيل إنَّ خَالِد بن مَعْدَان تُوفِّي سَنَة ثَمانٍ ومائة، وَسَنَذْكُر ذلك إنْ شَاء اللهُ تعالَى.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن رَبَاح بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحمد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أَحمد بن حَمَّاد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ ماتَ سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
أَنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لَمْ يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم يَقُول: خَالِد بن مَعْدَان زَعَمُوا سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
قال يَعْقُوب: وسَمِعْتُ سُليْمان بن سَلَمَة الخَبَائِرِيّ الحِمْصِيّ، قال: ماتَ خَالِد بن مَعْدَان سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
قال يَعْقُوب: فَحَدَّثَنِي بعضُ وَلده يُكْنَى أبا سَعيدٍ، قال: ماتَ جدِّي سَنَة أرْبَعٍ ومائة، ويُكْنَى أبا عَبد اللهِ.
قال: وحَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن الوَلِيد بن صُبْح، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن صالح، قال: حَدَّثَنَا عُفَيْر بن مَعْدَان، قال: ماتَ خَالِد بن مَعْدَان سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
(1)
لم أقف على هذا الخبر - ولا الأخبار التي بعده من كلام البسوي - في كتابه المعرفة والتاريخ.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة
(2)
، قال: حَدَّثَني يَزِيد بن عَبْدِ رَبِّهِ، قال: قَرَأَتُ في دِيْوَان العَطَاء: ماتَ خَالِد بن مَعْدَان سَنَة أرْبَعٍ ومائة.
وقال أبو القَاسِم بن الحَسَن
(3)
: أنْبَأنَا أبو طَالِب الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن المُحَسِّن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: حَدَّثَنَا بَكْر بن أحْمَد، قال: حدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: وخَالِد بن مَعْدَان بن أبي كَرِب أبو عَبْد اللهِ تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ ومائة، ماتَ بأَنْطَرسُوس، وكانت له عبادةٌ وفَضْلٌ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان بن زَبْر
(4)
، قال: أخْبَرَنَا أبي مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا حُبَيْش بن يَزيد، عن يَحْيَى بن صالح، قال: قال إسْمَاعِيْل بن عَيَّاش: ماتَ خَالِد بن مَعْدَان سَنَة خَمْسٍ ومَائة (a).
أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد اللهِ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحافِظ، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله البَيْرُوتِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عَبْد الحَمِيْد البَهْرَانِيّ، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالح، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عَيَّاشٍ، قال: كُنْتُ بالعِرَاق فأتاني أهْل الحَدِيْث فقالوا: ها هُنا رَجُلٌ يُحَدِّثُ عن خَالِد بن مَعْدَان،
(a) في الأصل: خمس وثلاثمائة، وهو سهو بيِّن.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 203.
(2)
تاريخ أبي زرعة 3: 694.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 204.
(4)
تاريخ مولد العلماء 103.
فأتَيْتُه، فقُلتُ لَهُ: أيّ سَنَةٍ كَتَبْتَ عن خَالِد بن مَعْدَان؟ فقال: سَنَة ثلاث عَشرة، فقُلْتُ: أنتَ تَزْعُم أنَّك سَمِعْتَ من خَالِد بن مَعْدَان بعدَ مَوْته بِسَبْع سِنين! قال إسْمَاعِيْلُ: مات خَالِد سَنَة ستٍّ ومائة.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن البُسْرِىّ، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: أخْبَرَنِي أبي، قال: حَدَّثَني القَاسِم بن سَلَّامٍ، قال: سَنَة ثَمانٍ ومائة فيها تُوفِّي خَالِد بن مَعْدَان بالشَّام.
أخْبَرَنَا أبو نَصْر القَاضِي إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ
(2)
، قال: في سَنَة ثَمانٍ ومائة مات خَالِد بن مَعْدَان الشَّامِيّ.
أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن أحْمَد، وأبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن [خَيْرُون](a)، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(3)
، قال: خَالِد بن مَعْدَان الكَلاعِيّ مات سَنَة ثَمانٍ ومائة، حِمْصِيٌّ يُكْنَى أبا عَبْد الله.
(a) عرض ما بين الحاصرتين في الأصل: أحمد، والتصويب من تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 205.
(2)
تاريخ خليفة 339، طبقات خليفة 310.
(3)
طبقات خليفة 310.
خَالِدُ بن المُعَمَّر بن سَلْمَان بن الحَارِث بن شُجَاع بن الحَارِث بن سَدُوس بن شَيْبَان بن ذُهْل بن ثَعْلَبَة بن عُكَابَة بن صَعْب بن عليّ بن بَكْر بن وَائِل الذُّهْلِيّ
(1)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وأبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، وكان على بَكْر بن وَائِل في رُؤوس الأَحْمَاس (a) الّذين قَدمُوا من البَصْرَهَ مع ابن عبَّاسٍ إلى صِفِّيْن، ثمّ جَعَلَهُ عليٌّ أمِيرًا على الذُّهْلِيِّيْن من أهلِ البَصْرَةِ.
وكان رَئيسًا في قَوْمه، وبايعَتْهُ رَبِيعَة بصِفِّيْن على المَوْتِ حتَّى اعْتَقَد لأهْلِ الوَبَر منها ولأهْلِ المَدَر، ونَجَّى اللهُ تعالَى به أهْل اليَمَامَةِ، وكان قد غَدَر بِالحَسَن بن عليّ بعد (b) قَتْل عليّ عليهما السلام، ولَحِقَ بمُعاوِيَة فوصَلَهُ، وكان شَاعِرًا.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أحْمَد الأحْمَدِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قَال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنِي نَصْرُ بن مُزَاحِم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، عن يَزِيد بن أبي الصَّلْت (c) التَّيْمِيّ، قال: سَمِعْت أشْيَاخَنا
(a) كذا في الأصل بالحاء المهملة.
(b) الأصل: حد!.
(c) في الأصل: عن يزيد عن أبي الصلت، وفي وقعة صفين: حدثنا عمر قال حدثني الصلت بن يزيد بن أبي الصلت، وفي تاريخ الطبري قال أبو مخنف: حدثنا أبو الصلت التيمي. والمثبت من تاريخ ابن عساكر (16: 207)، ويأتي مثله في رواية آتية.
_________
(1)
كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 4: 574، 5: 33 - 35، الفتوح لابن أعثم 3: 81 - 85، 309 - 310، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 165، 172، 178، 189، الاشتقاق لابن دريد 353، الإكمال لابن ماكولا 7: 270، تاريخ ابن عساكر 16: 205 - 210، ابن الأثير: الكامل 3: 287، 307، الوافي بالوفيات 13: 160، الإصابة 2: 147 (وفيه: خالد بن المعمر بن سليمان)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 91 - 94، محسن الأمين: أعيان الشيعة 1: 489 - 490، 6: 296 - 299.
(2)
وقعة صفين 290، وانظر الرواية في تاريخ الطبري 5: 33 - 43.
من بني تَيْم اللهِ يقُولُون: كانت رَايات رَبِيْعَة كُلّها كُوْفِيِّها وبَصْرِيِّهَا (a) مع خَالِد بن المُعَمَّر السَّدُوسِيّ وكان من أهْلِ البَصْرَة، قال: وسَمِعْتهُم يَقولُون: إنَّ (b) خَالِد بن المُعَمَّر وشَقِيْق بن ثَوْر البَكْرِيّ، وكان من أهْلِ الكُوفَة، وقد اصْطَلحا (c) أنْ يُولِيّا رَاية بَكْر بن وَائِل الحُضَيْن بن المُنْذر، وكان من أهْل البَصْرَة. وكُلُّنا (d) قد تَنَافَسنا فيها، ثُمَّ قالا: هذا فتىً منَّا له حَسَبٌ فنَجْعلها إليهِ حتَّى نَرَى رَأينا. ثُمَّ إنَّ عليًّا أَعْطَى رايات رَبِيْعَة كلّها خَالِد بن المُعَمَّر.
أنْبَأنَا أبو اليُّمْن زَيْدُ بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبَو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد البَاقِي بن عَبْد الكَريم بن عُمَر الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن حُمَّة (e) الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة قال: حَدَّثَنِي جَدِّي، قال: حَدَّثَنِي خَلَفُ بن سَالِم، قال: حَدَّثَنَا وَهْبٌ - يَعْني ابن جَرِير - قال: حَدَّثَنَا أَبو الخَطَّاب، عن مُحَمَّد بن سَوَاء، قال: حَدَّثَني شُبَيْل (f) بن عَزْرَة أنَّ بَنِي الحَارِث وَثَبُوا مع خَالِد بن المُعَمَّر يعني يَوْم صِفِّيْن على شَقِيْق بن ثَوْر فانْتَزعُوا الرَّايَةَ منه، واسْتَطَالَ عليه ابن الكَوَّاء اليَشْكُرِيّ ورَجَا أنْ تُدْفَع إليهِ فقال قَائلٌ: وَيْلَكُم يا بني ذُهْل لا تُخْرجُوها منكم، فجيء بحُضَيْن بن المُنْذِر وإنَّهُ لغُلَامٌ في رَأسِهِ ذُؤَابَةٌ، فدُفِعَتْ إليهِ يَوْمئذٍ.
(a) وقعة صفين: كوفيتها وبصريتها، وفي تاريخ الطبري: أهل كوفتها وبصرتها.
(b) في الأصل: لو كان، وفوقه "صـ"، والتصويب من كتاب نصر وتاريخ الطبري.
(c) النص مضطرب هنا، وفي كتاب وقعة صفين:"وسمعتهم يقولون: إن خَالِدًا بن المعمر وسعيد بن ثور السدوسي اصطلحا. . .".
(d) كذا في الأصل، ولعل الصواب:"وكُنَّا"، ولم ترد اللفظة في كتاب صفين والطبري، وفيهما: وتنافسنا في الراية.
(e) كذا نسبه في الأصل إلى جده، ومثله في تاريخ ابن عساكر 16: 206، وتقدم ذكره في ترجمة خالد بن معدان المتقدمة: عبد الرحمن بن عمر بن حمة.
(f) في الأصل: بسر شبيل، وفي تاريخ ابن عساكر: ستيل في عزرة، وهو: شُبيل بن عزرة بن عمير الضبعي، أبو عمرو البصري. انظر ترجمته في: معجم الأدباء 3: 1412 - 1413، تهذيب الكمال 12: 373 - 375.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق بن نِيْخَاب (a) الطِّيبِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَيْن بن عليّ الكِسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثني نَصْر بن مُزَاحِم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عُمَر - يعني ابن سَعْد - قال: ورَجَع إلى حَدِيثه عن يَزِيد بن أبي الصَّلْتِ التَّيْمِيّ (b) عن أشْيَاخٍ منهم، أنَّ مُعاوِيَة كان ضَرَب يَوْمئذٍ - يعني صِفِّيْن - لحِمْيَر بسَهْمهم على ثلاث قَبَائِل؛ على رَبِيْعَة ومَذْحِج وهَمْدَان، فلمَّا وَقَع سَهْم حِمْيَر على رَبِيْعَة، قال ذو الكَلَاع: قَبّحَكَ اللهُ من سَهْمٍ كَرهتَ الضِّراب اليَوْم!.
ثُمَّ أقْبل ذو الكَلَاع في حِمْيَر، ومعهم عُبَيْدُ الله بن عُمَر بن الخَطَّاب في أربَعة آلافٍ من رِجَالِ (c) أهْلِ الشَّامِ قد بايَعُوا على المَوْتِ، فلمَّا دَنَوا من رَبِيْعَة، وهي حِذَاءُ مَيْمَنَة أهْلِ الشَّامِ، وعلى ميْمَنَتهم ذو الكَلَاع فحملُوا على رَبِيْعَة وهم مَيْسَرة أهلِ العِرَاق، وفيهم يوْمئذٍ ابنِ عبَّاسٍ وهو على المَيْسَرة، فَحَمَل عليهم ذو الكَلَاع وعُبَيْد الله بن عُمَر بخَيْلهم ورَجْلِهم (d) حَمْلةً شَدِيدَةً، فَتَضَعْضَعَتْ رَاياتُ رَبِيْعَة وثَبَتُوا (e) إلَّا قَليلًا منهم، ثمّ إنَّ أهل الشَّام انْصَرَفُوا فمَكثُوا قَليلًا، ثمّ كَرُّوا فشَدُّوا على النَّاسِ شَدَّةً شَدِيدةً، وعُبَيْدُ الله بن عُمَر يُحَرِّضُهم، فثبتَتْ له (f) رَبِيْعَةُ، فقاتلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، وصَاحَ خَالِد بن المُعَمَّر بأُناسٍ من قَوْمه انْهزمُوا يَوْمئذٍ، فتراجعُوا. وكان معهم من عَنَزَة أربَعةُ آلافٍ بصِفِّيْن.
(a) ابن عساكر: نيجاب، تصحيف.
(b) في الأصل: التميمي، وفي وقعة صفين: الصلت بن يزيد بن أبي الصلت التيمي.
(c) وقعة صفين: قراء.
(d) وقعة صفين وتاريخ ابن عساكر: ورجالهم.
(e) وقعة صفين: فتثبَّتوا.
(f) وقعة صفين: لهم.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 207.
(2)
وقعة صفين 290 - 291.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن أحمَد الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن إسْحاق الطِّيبِيّ، قال: حدَّثنا إبْراهيْمُ بن الحُسَين، قال: حدَّثنا يَحْيى، قال: حَدّثنا نَصْرٌ
(1)
، قال: حَدَّثنا عُمَر بن سَعْدٍ في إسْنَادهِ، قال: وكان مُعاوِيَةُ قد نذَر سَبْي نسَاءِ ربِيْعَة وقَتْلَ المُقاتِلَة، فقال في ذلك خَالِدُ بن المُعَمَّر:[من الطويل]
تمنَّى ابنُ حَرْبٍ نَذْرَةً في نِسَائنا
…
ودُونَ الّذي يَرْجُو (a) سُيُوفٌ قواضِبُ
وتطلبُ (b) ملكًا حاولتَ خَلْعَهُ
…
بني هاشِمٍ قَوْلَ امْرئٍ هو (c) كاَذِبُ
قُلتُ: لا يُظَنُّ بمُعاوِيَة رضي الله عنه أنَّهُ يَنْذر سَبْي نسَاء المُسْلمِيْن أو يَسْتَحلّ ذلك، وهذا من وَضْع نَصْر بن مُزَاحِم، واللهُ أعْلَمُ.
(a) وقعة صفين: ينوي.
(b) وقعة صفين: ونَمنح.
(c) وقعة صفين: غير.
_________
(1)
وقعة صفين 294.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبِهِ تَوفِيقِي
أنْبَأنَا أبو العَلَاء أحْمَد بن شَاكِر المَعَرِّيّ، عن أبي مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا ابن ديْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قالْ حَدَّثَني نَصْر بن مُزَاحِم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، قال: أخْبَرَني ابن أَخي عَتَّابِ بن لَقِيْط البَكْرِيّ، وذكَرَ شَيئًا من ضَبَر صِفِّيْن، قال: فبَعَثَ مُعاوِيَة إلى خَالِد بن المُعَمَّر إنَّ لك إمْرةَ خُرَاسَان إنْ ظفرتَ ولم تُتَمِم (a)، فانْصَرِف بأصْحَابكَ، فطمعَ خَالِد فلم يستَتم (b) على ما كان فيه، فأمَّره مُعاوِيَةُ - حين وَلِيَ - على خُرَاسَان، فماتَ خَالِد قبل أنْ يَصِل إليها.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُكْتِبُ، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن هِبَةِ الله، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن الفَضْلِ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(2)
، قال في تَسْمِيَةِ أُمَرَاء يَوْم الجَمَل من أصْحَاب عليّ: وجَعَل على رِجالتها الذُّهْلِيِّيْن خَالِد بن المُعَمَّر السَّدُوسِيّ. وقال يَعْقُوب في أسَامِي أُمَرَاء عليّ بن أبي طَالِب يَوْم صِفِّيْن: خَالِد بن المُعَمَّر البَكْرِيّ.
وقال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُعَاذ، قال:
(a) وقعة صفين: تُتمّ.
(b) وقعة صفين: ولم يُتمَّ.
_________
(1)
وقعة صفين 306.
(2)
لم أقف عليه ولا على النقول التالية في كتابه المعرفة والتاريخ، ولم يذكر خالد بن المعمر في كتابه.
(3)
لم ترد الرواية في المتبقي من كتاب المعرفة والتاريخ، ووردت إشارة عابرة لهذه المفاخرة في النصوص التي استدركها المحقق على الكتاب مما وجده في المصادر، فاستدركها من كتاب الإصابة لابن حجر 1:454.
حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا قُرَّة، عن قَتَادَة، عن مُضَارِب العِجْلِيّ، قال: الْتَقَى رَجُلان من بَكْر بن وَائِل أحدهُما من شَيْبَان والآخر من ذُهْل، فقال الشَّيْبَانِيّ: أنا أفْضَل منك، وقال الذُّهْلِيّ: بل أنا أفْضَلُ منك، فتَحَاكَما إلى رَجُلٍ من هَمْدَان، فقال: لسْتُ مُفَضِّلًا أحدًا منكما على صَاحِبه، ولكنِ اسْمَعا ما أقُول لكُما: من أيّكما كان عِلْبَاء بن الهَيْثَم الّذي قُتِلَ يَوْم الجَمَل وهو سَيِّد ربِيْعَة، وكان يأخُذ في الإسْلَام ألفين وخَمْسِمائَة؟ قال الذُّهْلِيّ: كان منِّي، قال: فمن أيّكما كان حَسَّان بن مَخْدُوج الّذي قُتِلَ يَوْم الجَمَل وهو سَيِّد رَبِيْعَة وكِنْدَة، ونَزَع عنه الأشْعَث بن قَيْس؟ قال الذُّهلِيّ: منِّي، قال: فمن أيّكما كان خَالِد بن المُعَمَّر الّذى بايَعَتْهُ رَبِيْعَة بصِفِّيْن على المَوْت، حتَّى اعْتَقَد لأهْلِ الوَبَر منها ولأهْلِ المَدَر، ونَجَّى الله به أهْلَ اليَمَامَةِ؟ قال الذُّهْلِيّ: كان منِّي، قال: فمن أيّكما كان حُضَيْن بن المُنْذِر صَاحِب الرَّايَة السَّوْدَاء
(1)
: [من الطويل]
لمَنْ رَايةٌ سَوْداءُ يَخْفِقُ ظِلُّها
…
إذا قيلَ قَدِّمْهَا حُضَيْنُ تَقَدَّما
قال الذُّهْلِيّ: كان منِّي.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: حَدثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن زَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أَحْمَد العَسْكَريّ، قال: مَعْمَر مُخَفَّف كَثِيْر لا نَذْكره، ونَذْكُر مُعَمَّرًا بالتَّشْدِيْدِ لأنَّهُ هو الّذي يُشْكِل، فمنهم خَالِد بن المُعَمَّر السَّدُوسِيّ، رأس بَكْر بن وَائِل في خِلَافَة عُمَر، وهو الّذي غَدَر بالحَسَن بن عليّ وبَايَع مُعاوِيَة، فقال الشَّاعرُ:[من الطويل]
مُعَاوِيَ أَمِّرْ خَالِدَ بن مُعَمَّرِ
…
مُعَاوِيَ لولا خَالِدٌ لَم تُؤَمَّرِ
(1)
الشعر للحضين بن المنذر حسبما تقدم في ترجمته (الجزء السادس)، ويُنسب أيضًا للإمام علي بن أبي طالب، انظر ديوان شعره 87، 170.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 205.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: خَالِد بن المُعَمَّر بن سَلْمَان بن الحَارِث بن شُجاع بن الحَارِث بن سَدُوس بن شَيْبَان بن ذُهْل بن ثَعْلَبَة بن عُكَابَة بن صَعْب بن عليّ بن بَكْر بن وَائِل الذُّهْلِيّ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ، ثمّ غَدَر بالحَسَن بن عليّ ولَحِقَ بمُعاوِيَة.
قال
(2)
: ذَكَرَ أبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد الإيْجِيّ الكَاتِبُ: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْدٍ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، عن أبي عُبَيْدَة، قال: لمَّا قُتِلَ عليّ بن أبي طَالِب، أرادَ مُعاوِيَةُ النَّاسَ على بَيْعَةِ يزِيد، فتَثَاقَلَتْ رَبِيْعَةُ ولَحِقَتْ بعَبْد القَيْسِ بالبَحْرين، واجْتَمَعت بَكْر بن وَائِل إلى خَالِد بن المُعَمَّر، فلمَّا تثَاقلَت رَبِيْعَة، تَثَاقلَتِ العَرَب أيضًا، فضَاق مُعاوِيَة بذلك ذَرْعًا، فبَعَثَ إلى خَالِد فقَدِمَ عليهِ، فلمَّا دَخَلَ إليه رَحَّبَ بهِ، فقال: كيف ما نحنُ فيه؟ قال: أرَى مُلْكًا طَرِيفًا، وبُغْضًا تَليْدًا، فقال مُعاوِيَةُ: قُلْ ما بَدَا لك، فقد عفونا عنكَ، ولكن ما بال رَبِيْعَة أوَّل النَّاس في حَرْبنا وآخرهم في سِلْمنا؟ قال له خَالِد: إنَّما أتيتُكَ مُسْتَأمنًا ولَم آتك مُخَاصمًا، ولسْتُ للقَوْم بحَرِيّ في حُجَّتهم، وإنَّ رَبِيْعَة إنْ تَدْخُل في طاعَتكَ تَنْفَعْكَ، وإنْ تَدْخُل كَرْهًا تكُن قُلُوبها عليك، وأبْدَانها لك، فاعْطِ الأمَان عامَّتهم؛ شَاهِدهم وغَائبهم، وأنْ يَنزلُوا حيث شَاؤُوا، فقال: أفْعل. فانْصَرَف خَالِدٌ إلى قَوْمهِ بذلك.
ثُمَّ إنَّ مُعاوِيَة بدا لهُ فبَعَثَ إلى خَالِد فدعاهُ، فلمَّا دَخَلَ إليه، قال: كيف حُبُّكَ لعليّ؟ قال: اعْفِني يا أَمِير المُؤْمنِيْن ممَّا أكْرَهُ، فأبَى أنْ يعفِيَهُ، فقال: أُحبُّه والله على حلْمِهِ إذا غَضِب، ووَفَائهِ إذا عَقَد، وصِدْقهِ إذا أكَّدَ، وعَدْلهِ إذا حَكَم (a)، ثمّ انْصَرَف ولَحِق بقَوْمه، وكَتَبَ إلى مُعاوِيَة
(3)
: [من الطويل]
مُعَاوِيَ لا تَجْهَلْ علَينا فإنَّنا
…
يَدٌ لَكَ في اليَوْم (b) العَصِيْبِ مُعَاوِيا
(a) الأصل: حلم.
(b) ابن أعثم: نذلك في الحرب.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 205.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 307 - 309.
(3)
الأبيات في كتاب الفتوح لابن أعثم 3: 83، 4:183.
مَتَى تَدْعُ فينا دَعْوَةً رَبَعِيَّةً
…
يُجِبْك رِجالٌ يُحصنُونَ (a) العَوَاليَا
أجَابُوا عليًّا إذْ دَعَاهُمْ لنَصْرِهِ
…
وجَرُّوا بصِفِّيْنٍ علَيكَ الدَّوَاهِيَا
فإنْ تَصْطَنِعْنا يا ابْنَ حَرْبٍ لمِثْلِها
…
نَكُن خَيْرَ مَنْ تَدعُو إذا كُنْتَ دَاعِيَا
ألم تَرَنى أهدَيْتُ بَكْرَ بن وَائِلٍ
…
إليكَ وكانُوا بالعِرَاقِ أَفَاعِيَا
إذا نهَشَتْ قالَ السَّليمُ لأهْلِهِ
…
رُوَيدًا فإنِّي لا أرَى لي (b) رَاقِيَا
فأَضْحَوا (c) وقد أهْدَوا ثِمَار قُلُوبِهِمْ
…
إليكَ وأفْراقُ (d) الذُّنُوبِ كَما هِيا
ودَعْ عَنْكَ شَيْخًا قد مَضَى لِسَبِيْلِهِ
…
على أيِّ حَالَيهِ مُصِيْبًا وخَاطِيا
فإنَّك لا تَسْطيعُ ردَّ الّذي مَضَى
…
ولا دَافِعًا شيئًا إذا كانَ جَائِيا
وكُنْتَ امْرأً تَهْوى العِرَاقَ وأهْلَهُ
…
إِذَ انْتَ حِجَازِيٌّ فأصْبَحْتَ شَامِيا
وكَتَبَ الأعْوَرُ الشَّنِّيّ إلى مُعاوِيَة
(1)
: [من الطويل]
أتاكَ بسِلْمِ الحَيِّ بَكْرِ بن وَائِلٍ
…
وكُنتَ مَنُوطًا (e) كالسَّقَاءِ الموَكّرِ
مُعَاوِيَ أَكْرِمْ خَالِدَ بن مُعَمَّر
…
فإنَّكَ لولا خَالِدٍ لَم تُؤَمَّرِ
فخادَعْتَهُ باللهِ حتَّى خَدَعْتَه
…
ولَم يَكُ خِبًّا خَالِدُ بن المُعَمَّرِ
ولَم تَجْزِهِ واللهُ يَجْزي بسَعْيِهِ
…
وتَسْدِيدِهِ مُلْكَي سَرِيرٍ ومِنْبَرِ
فدَعَاهُما مُعاوِيَةُ فوصَلَهُما فقال الشَّنِّيُّ
(2)
: [من الطويل]
مُعَاوِيَ إنِّي شَاكِرٌ لكَ نِعْمَةً
…
رَدَدْتَ بها رِيْشِي (f) علَيَّ مُعاوِيَهْ
وكَم مِن مَقامٍ غَائظٍ (g) لكَ قُمْتُهُ
…
ودَاهِيَةٍ أشْعَرتُها (h) بعدَ دَاهِيَهْ
(a) ابن أعثم: يخضبون، وهي في الأصل مؤكدة الصاد.
(b) ابن أعثم: لا أبا لك.
(c) ابن أعثم: فأصبحت.
(d) ابن أعثم: وأسرار.
(e) ابن عساكر: وأنت منوطٌ.
(f) ابن أعثم: ديني.
(g) ابن أعثم: غابط.
(h) ابن أعثم: أوردتها، ابن عساكر: أسعرتها، ولعلها أصحّ.
_________
(1)
لم ترد الأبيات المنسوبة لأعور الشني، هنا وتاليه، في ديوان شعره (صَنْعَة ضياه الدين الحيدري، بيروت: دار المواهب، 1999 م).
(2)
الأبيات في فتوح ابن أعثم 3: 84 - 85.
فمَوَّتَّها حتَّى كأنْ لَم أَقُمْ بِها
…
عَلَيكَ وأوْتَادِي بصِفِّيْنَ بَاقيَهْ
فأبْلَعْتَني رِيْقِي وكانَت مَقاتِلي (a)
…
بِكَفَّيْكَ لو لَم يَكذِبِ (b) السَّهْمُ بَادِيَهْ
فقال مُعاوِيَة
(1)
: [من الطويل]
لقد رَضِيَ الشَّنِّيُّ مِن بَعْدِ عَتْبهِ
…
بأيْسَرَ ما يَرْضَى بِهِ صَاحِبُ العَتْبِ (c)
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ اللهِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد الأَزَجِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْد اللهِ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّدُ بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى النَّهْرَوَانيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا العُتْبِيّ، عن أَبِيهِ، عن أبي بَكْر الدِّمَشقيّ، أنَّ مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان قال لخَالِد بن المُعَمَّر السَّدُوسِيّ: إنَّكَ لتُحبُّ عليًّا حُبًّا مُفْرِطًا! قال: أُحبُّهُ والله لحلْمِهِ إذا غَضِبَ، وعَدْلهِ إذا حَكَم، ووَفَائهِ إذا وَعَد.
أنْبَأنَا أبو حفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غالِب بن البَنَّاءِ، عن أبي الفَتْح الضَّبِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال خَالِدُ بن المُعَمَّر: قال الأعْوَرُ الشَّنِّيّ: [من الطويل]
مُعَاوِيَ أكْرِم خَالِدَ بن مُعَمَّرِ
…
فإنَّكَ لولا خَالِدٌ لَم تُؤَمَّرِ
قال أبو عُبَيْدَةَ: وفَد خَالِدُ بن المُعَمَّر السَّدُوسِيّ على مُعاوِيَة فسَأله مُدَاجَاةً
(3)
على عليٍّ، وكان مُعاوِيَة قد وَصَلَهُ ووَلَّاهُ أَرْمِينِيَةَ، فوَصَل إلى نَصِيبِيْن، ويُقالُ إنَّهُ احْتِيل له شَرْبة فمات فقَبْرُه بنصِيبِيْن.
(a) ابن أعثم: وقد كان قاتلي، ابن عساكر: مقالتي.
(b) ابن أعثم: يكفف السهم باريه، ابن عساكر تكفف.
(c) ابن عساكر: العيب.
_________
(1)
بيت الشعر في فتوح ابن أعثم 3: 85.
(2)
الجريري: الجليس الصالح 3: 215.
(3)
المُداجاةُ: المطاولة، ودَاجَيته أي داريته، كأنك ساترته العداوة. لسان العرب، مادة: دجا.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيِّ في كتابهِ، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا
(1)
، قال: وأمَّا مُعَمَّر - بضَمِّ المِيْم الأُوْلَى وفَتْحِ العَيْن وتَشْدِيْد المِيْم الثَّانيَة وفَتْحها - خَالِد بن مُعَمَّر السَّدُوسِيّ، وفَدَ على مُعاوِيَة فوَلَّاهُ أَرْمِينِيَة، فوَصَل إلى نَصِيبِيْن، فيُقَالُ إنَّهُ احْتِيل له شَرْبة فمات فقَبْرُه بها.
خَالِدُ بن نَاجِذ الأزْدِيُّ الغَامِدِيُّ
(2)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها يَوْمئذٍ مع جُنْدَب بن زُهَيْر هو وأخُوه عَبْد اللهِ بن نَاجِذٍ، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمةِ جُنْدَب بن زُهَيْر
(3)
.
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ الوَلِيد
خَالِدُ بن الوَليدِ بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَي بن غَالِب، أبو سُليْمان المَخْزُوميّ
(4)
ويُقال له: سَيْف اللهِ.
وأُمُّه عَصْمَاءُ، وهي لبُابَة الصُّغْرَى - وقيل: الكُبْرَى - بنتُ الحَارِث بن حَزْن الهِلَالِيَّة أُخت مَيْمُونَة بنت الحَارِث.
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 7: 269 - 270.
(2)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين لنصر بن مزاحم 263، تاريخ الطبري 5: 27، وقيَّد ابن مزاحم والطبري اسم أبيه بالدال المهملة: ناجد، وانظر: محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 300.
(3)
ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.
(4)
توفي سنة 21 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 4: 252 - 253، 7: 394 - 398، تاريخ البخاري الكبير 3: 136، الأزدي: فتوح الشام 139 - 183، طبقات خليفة 19 - 20، 140، 189، 299، تاريخ خليفة 1: 86 - 88، 92 - 94، 102 - 110، 117 - 155، الجاحظ: البيان والتبيين =
أسْلَم يَوْم الأحْزَاب، وقيل أسْلَم مع عَمْرو بن العَاص في سَنَة ثَمانٍ من الهِجْرَة، وقِيل قَبْل ذلك، وقيل أسْلَم في الهُدْنَة طَوْعًا، وصَحِبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ، واسْتَعْمَلهُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ مغَازِيهِ.
رَوَى عنهُ عَبْد الله بن عبّاس، وجَابِر بن عَبْد اللهِ، وقَيْس بن أبي حَازِم، وأبو أُمَامَةَ البَاهِلِيّ، والمِقْدَام بن مَعْد يكَرِب، ومَالِك بن الحَارِث الأشْتَر النَّخَعِيِّ، وأبو عَبْد اللهِ الأشْعَرِيّ، واليَسَع بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ.
واسْتَعْمَلهُ أبو بَكْر الصِّدِّيْق على قِتَال مُسَيْلِمَة وأهلِ الرِّدَّةِ بنجْد. ثُمَّ وَجَّهه إلى العِرَاق، ثمّ إلى الشَّام، وأَمَّرَهُ على أُمَرَاء الشَّام، فلمَّا وَلي عُمَر عَزَلَهُ وولَّى أبا عُبَيْدَة، وشَهِدَ فَتْحَ حَلَب وقِنَّسْرِيْن، ووَلي قِنَّسْرِيْن في أيَّام عُمَر بن الخَطَّاب.
= 1: 125 - 126، 2: 147، 3: 84، 170، المحبر لابن حبيب 108، 123، المعارف 267، مصعب الزبيري: نسب قريش 320 - 322، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 5: 271 - 273، المعرفة والتاريخ 1: 312، تاريخ الطبري 3: 66 - 69، 126 - 130، 343 - 350، 4: 66 - 68، 144 (وانظر فهرس الأعلام 10: 237)، الفتوح لابن أعثم 1: 7 - 47، 133 - 156، الجرح والتعديل 3: 356، الثقات لابن حبان 2: 165 - 190، 224، 3: 101 - 102، مشاهير علماء الأمصار 56، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 43، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 147 - 148، الاستيعاب 2: 427 - 431، تاريخ ابن عساكر 16: 216 - 282، صفة الصفوة لابن الجوزي 1: 650 - 655، المنتظم لابن الجوزي 3: 329 - 330، 379 - 380، ابن الأثير: الكامل 2: 149 وما بعدها (انظر فهرس الأعلام 13: 113)، أسد الغابة 2: 93 - 96، تاريخ الإسلام 2: 127 - 128، سير أعلام النبلاء 1: 366 - 384، العبر في خبر مَن غبر 1: 18، الإعلام بوفيات الأعلام 28، الكاشف 1: 275، الوافي بالوفيات 13: 264 - 268، تاريخ ابن الوردي 1: 226، ابن كثير: البداية والنهاية 4: 237 - 240، 312 - 316، 5: 17 - 18، 6: 342 - 352، 7: 16 - 17، 52 - 53، 113 - 118، ابن خلدون: العبر 4: 349 - 428، 465 - 469 (في أخبار الفتوح)، الإصابة 2: 98 - 100، تهذيب التهذيب 3: 124 - 125، تقريب التهذيب 1: 219، شذرات الذهب 1: 174، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 95 - 116، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 300، الزركلي: الأعلام 2: 300.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد السَّرْخسِيّ، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن صالح، قال: حَدَّثَني اللَّيْثُ، قال: حَدَّثَني يُونُس، عن ابن شِهَاب أنَّهُ قال: أخْبرَني أبو أُمَامَة بن سَهْل بن حُنَيْف الأنْصَاريّ أنَّ عَبْد الله بن عبَّاس أخْبَرهُ أنَّ خَالِد بن الوَلِيد، الّذي يُقالُ له سَيْفُ اللهِ، أخْبَره أنَّهُ دَخَل مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم على مَيْمُونَة زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهي خَالَتُه وخالَةُ ابن عبَّاس، فوجَد عندها ضَبًّا مَحْنُوذًا قَدِمَت به أُخْتُها حُفَيْدةُ بنتُ الحَارِث من نَجْدٍ، فقَدَّمت الضَّبَّ لرسُول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قَلَّ ما يُقَدِّم يَدَهُ لطَعَامٍ حتَّى يُحَدَّثَ به ويُسَمَّى له، فأهْوَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى الضَّبّ، فقالت امْرأةٌ من نِسْوَة الحُضُور: أَخْبرنَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما قَدَّمتُنَّ، قُلْن: هذا الضَّبُّ، فرَفَع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فقال خَالِد بن الوَلِيد: أَتُحَرِّم الضَّبّ يا رسُول اللهِ؟ قال: أرَاهُ لا، ولكنَّه لَم يكُن بأرْضِ قَوْمي فأجدُني أعَافُه. قال خَالِد: اجْتَررتُه فأكلتُه ورسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُر فلم يَنْهَني.
أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد بن عَبد الرَّزَّاق العَطَّار، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء، وأبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر بن رُوزْبَة البَغْدَاديُّونَ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى في شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد في حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن يُوسُف الفَرَبْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(2)
،
(1)
سنن الدارمي 2: 93، وتقدم الحديث وتخريجه في الجزء الرابع في ترجمة أسعد بن سهل الأوسي.
(2)
فتح الباري 7: 512 (رقم 4262).
قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن واقِد، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن أَيُّوبَ، عن حُمَيْد بن هِلَالٍ، عن أنَسٍ: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى زَيْدًا وجَعْفَرًا وابن رَوَاحَةَ للنَّاسِ قَبْلَ أنْ يأتيَهم خَبَرُهم، فقال: أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ، فأُصِيب، ثمّ أخَذ جَعْفَرٌ فأُصِيْبَ، ثمّ أخذَ ابن رَوَاحَة فأُصيْبَ، وعَيْناهُ تَذْرفانِ، حتَّى أخَذَ (a) سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ، حتَّى فَتَحَ الله عليهم.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن الحُسَين بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدِيّ المَعْرُوف بابنِ البُنّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو القَاسِم الحُسَين بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ المَعْرُوف بابنِ أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نَصْر، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن الجَنَدِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب بن إبْراهيم بن شَاكِر المَعْرُوف بابنِ أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد المَلِك أحْمَد بن إبْراهيم القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن عَائِذ القُرَشِيّ، قال: فأخْبَرَني الوَلِيد - يعني: ابن مُسْلِم - قال: فحَدَّثَني أبو سُليْمان عبد الرَّحْمن بن سُلَيمان، عن مَنْ حَدَّثَهُ ذلك الأشْعَرِيّ صَاحِب رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ لمَّا قُتِلَ عَبْدُ الله بن رَوَاحَة، جال النَّاس جَوْلةً، وأخَذَ الرَّايَةَ رَجُلٌ من الأنْصَارِ فقاتَل بها، إذ مرَّ بهِ خَالِد بن الوَلِيد، فقال له الأنْصَاريُّ: يا خَالِد، خُذ الرَّايَةَ، قال: أنْتَ أحَقّ بها، أنْتَ أخَذْتَها، قال له الأنْصَاريُّ: أنْتَ أحقّ بها؛ فإنَّك أَشْجَعَ منِّي، فأخَذَها خَالِد.
قال الوَلِيد: فحَدَّثَني العَطَّاف بن خَالِدٍ المَخْزُوميّ أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خبَّر أصْحَابه في مَجْلِسهِ، فقال: الْتَقى القَوْمُ فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، فقُتِلَ زَيْد بن حَارِثَة، وأخَذَ الرَّايَة جَعْفَر، ثمّ مَكُث مَا شَاء الله أنْ يَمْكُث، ثُمّ قُتِلَ جَعْفَر، وأخَذَ
(a) في فتح الباري: أخذ الراية.
الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بن رَوَاحَة، ثُمَّ مَكُث مَا شَاء الله أنْ يَمكُث، ثُمّ قُتِلَ، ثُمَّ قال: أخَذَ الرَّايَةَ خَالِد بن الوَلِيد، ثمّ قال الآن حَمِي الوَطِيْس.
قال الوَلِيد
(1)
: حَدَّثَني غير وَاحدٍ أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال وهو يُخْبر عن وَقْعتهم، ثُمَّ قال: أخَذَ الرَّايَةَ خَالِد بن الوَلِيد؛ نِعْم عَبْد اللهِ، وأخو العَشِيْرَة، وسَيْف من سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ اللهُ على الكُفَّار والمُنَافِقين.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحمَدُ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء الطُّرَيْثِيثِيّ، وأبو سَعْد مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم من مُحَمَّد بن خُشَيْش، ح.
وأخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف المَعْرُوف وَالدُه بأُزُرْتُق، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، وأبو المُظَفَّر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ الكَاغَدِيّ - قال أبو الفَتْحِ: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون. وقال أبو المُظَفَّر: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء - قالُوا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهمِ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان الفَسَوِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن جَمِيل بن يَزِيْد بن عَبْد الله الرَّقِّيّ، قال: حدّثنا الوَلِيد بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا وَحْشِيّ بن حَرْب، عن أَبِيهِ، عن جدِّه وَحْشِيّ، قال: لمَّا اسْتَعْمَل أبو بَكْر خَالِد بن الوَلِيدِ على قِتَال أهْلِ الرِّدَّة، كُلِّم فِي ذلك، فأبَى أنْ يَرُدَّهُ، وقال: سَمِعْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: نِعْم الفَتَى خَالِد، ونِعْم أخو العَشِيْرَة، وخَالِد بن الوَلِيد سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ عز وجل، سَلَّهُ اللهُ عز وجل على الكُفَّار
(1)
مجمع الزوائد للهيثمي 9: 348، كنز العمال 13: 366 (رقم 37014).
(2)
لم يرد في المتبقي من كتابه المعرفة والتاريخ، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 16:240.
والمُنَافِقين. ثمّ قال لي أبو بَكْر رضي الله عنه: يا وَحْشِيّ، اخرُج فجاهِد في سَبِيْل اللهِ كما جاهَدْت لتَصُدَّ عن سَبِيْل اللهِ، قال: فخَرَجتُ مع خَالِد.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن إسْمَاعيْل الفُضَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي (a) مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الهَيْثَم بن كُلَيْب، قال: حَدَّثَنَا ابن المُنَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن شُجاعٍ، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة. قال الشَّيْبَانِيّ: أخْبَرَني عن أَبي العَجْمَاء (b)، قال: قيل لعُمَر بن الخَطَّاب: لو عَهِدَتَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن؟ قال: لو أدْرَكتُ أبا عُبَيْدَة بن الجَرَّاح، ثمّ ولَّيتُه، ثمّ قَدِمْتُ على ربِّي، فقال لي: لِمَ اسْتَخْلفْته على أُمَّةِ مُحَمَّد؟ قُلتُ: سَمِعْتُ عبدَكَ وخَلِيلَكَ يَقُول: لكُلِّ أُمَّةٍ أمين؛ وأَمِين (c) هذه الأُمَّة أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح، ولو أدْرَكتُ خَالِد بن الوَلِيد، ثمّ وَلَّيتُه، ثمّ قَدِمتُ على رَبِّي، فقال لي: مَنْ اسْتَخْلَفْت على أُمَّةِ مُحَمَّد؟ لقُلتُ: سَمِعْتُ عبدَكَ وخَلِيلَكَ يَقُول: لخَالِد سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ على المُشْرِكين.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم: كَذَا قال، وإنَّما هو أبو العَجْفاء السُّلَمِيّ، واسْمُه هَرِم بن نُسَيْب، شَامِيٌّ.
قال الحافِظُ
(2)
: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَني أبي أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عليّ الجُعْفِيّ، عن زَائِدَة، عن عَبْد الله (d). بن عُمَيْر، قال: اسْتَعْمَل عُمَر بن الخَطَّاب أبا عُبَيْدَة بن الجَرَّاح على الشَّام، وعَزَل خَالِد بن الوَلِيد، قال: فقال خَالِد بن الوَلِيد: بُعِثَ عليكم أمين هذه الأُمَّة، سَمِعْتُ
(a) ساقطة من نشرة ابن عساكر.
(b) كتب ابن العديم فوقه: "صـ"، وأثبت بعد انتهاء الرواية تصحيح ابن عساكر للاسم.
(c) ابن عساكر: وإن أمين.
(d) كذا في الأصل، وعند ابن عساكر: عبد الملك.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 240 - 241.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 241.
رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول
(1)
: أمين هذه الأُمَّة أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح. فقال أبو عُبَيْدَة: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: خَالِد سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ، نِعْم فَتَى العَشِيْرَة.
وقال الحافِظُ
(2)
: أخْبَرَتنا أُمُّ المُجْتَبى فاطِمَة بنتُ نَاصِر، قالت: قُرئ على إبْرِاهيم بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عَوْن الخَرَّاز (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْمَاعِيْل المُؤدِّبُ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن الشَّعْبِيّ، عن ابن أبي أوْفَى، قال
(3)
: شَكَا عبد الرَّحْمن بن عَوْف خَالِد بن الوَلِيد إلى رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: يا خَالِد، لِمَ تُؤْذِي رَجُلًا من أهْلِ بَدْر، لو أنْفَقتَ مثل أُحُدٍ ذَهَبًا لم تَدْرك عَمله، فقال: يا رسُول اللهِ، يَقعُونَ فيَّ فأردُّ عليهم، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا خَالِدًا؛ فإنَّهُ سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ عز وجل صَبَّه الله على الكُفَّار.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الفَضْل يَحْيَى بن عَبْد اللهِ بن هاشِم بن الحُسَين الهاشِميّ الصَّالِحِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي عَبْد الله بن مُشَرَّف الحَلَبِيَّان بها، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ الأصْبَهَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّاد، قِراءَةً عليهِ وأنا حَاضِرٌ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن فَارِس، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا
(a) الأصل: الحزار، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 6: 375 - 376، وشذرات الذهب 3:149.
_________
(1)
مجمع الزوائد للهيثمي 9: 348، وانظر: المسند الجامع 5: 304 (رقم 3586)، 8: 27 - 28 (5502).
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 242.
(3)
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 15: 565 - 566 (رقم 7091)، كنز العمال 14: 72 (رقم 37968).
الجُعْفِيّ، عن زَائِدَة، عن عَاصِم، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيْرَة، قال
(1)
: كان بين خَالِد بن الوَلِيدِ وبين عبد الرَّحْمن بن عَوْف بعضُ ما يكون بين النَّاسِ، قال: فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ذَرُوا لي أصْحَابي - أو أُصَيْحَابِي - فإنَّ أحدَكُم لو أنْفَق مثل أُحُدٍ ذَهَبًا لَم يدْركُ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيْفَهُ.
أخْبَرَنا القَاضِي الإمَامُ أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد طَاهِر بن سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مَكِّيّ بن عُثْمان بن عَبْد الله الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَنِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن العبَّاسِ الإِخْمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قال: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عن أبي الزَّنَادِ، عن الأعْرَج، عن أبي هُرَيْرَة، قال
(2)
: بَعَثَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه سَاعِيًا على الصَّدَقَةِ، فمنع ابن جَمِيل، وخَالِد بن الوَلِيدِ، والعبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما يَنْقِمُ ابن جَمِيل إلَّا إنْ كان فَقِيْرًا فأغْناهُ اللهُ، وأمَّا خَالِد فإنَّكُم تظلمُون خَالِدًا؛ إنَّ خَالِدًا قد احْتَبس أدراعَهُ وأَعتادَهُ في سَبِيْل الله، وأمَّا العبَّاسُ عَمّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليَّ ومثْلُها معها، ثمّ قال: أمَا شَعَرتَ أنَّ عَمّ الرَّجُل صنْوُ أبيهِ.
أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عبد الرَّحْمن بن عليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إسْمَاعِيْل بن يَحْيَى الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى - هو ابن يَزِيد القَرَاطِيْسِيّ - قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن مُحَمَّد، عن أُسامَة بن زَيْدٍ، عن
(1)
كنز العمال 14: 73 - 74 (رقم 37973).
(2)
صحيح مسلم 2: 676 - 677 (رقم 983).
زَيْد بن أسْلَم، عن أبي صالح، وعَطَاء بن يَسَار، عن أبي هُرَيْرَة، قال
(1)
: كُنَّا مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فجَعَل النَّاسُ يَمرُّون، فيقُول رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا أبا هُرَيْرَة، مَنْ هذا؟ فأقُول: فُلَان، فيقُول: نِعْم عَبْد الله فُلَان، ويَمرُّ فيَقُول: مَنْ هذا يا أبا هُرَيْرَة؟ فأقُول: فُلَان، فيقُول: بِئْس عَبْد الله، حتَّى مَرَّ خَالِد بن الوَلِيدِ فقُلتُ: هذا خَالِد بن الوَلِيد يا رسُولَ اللهِ، فقال: نِعْم عَبْد الله، خَالِد سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ.
أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد اللهِ يَحْيَى ابْنَا الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن حَفْصٍ التَّمِيْمِيّ، قال: لمَّا كانت الهُدْنَةُ بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبين قُرَيْشٍ، ووُضِعَت الحَرْبُ، خَرَج عَمْرو بن العَاص إلى النَّجَاشِيّ يكيدُ أصْحَاب رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحيةٌ، فقال له: يا عَمْرو، تُكَلِّمني في رَجُلٍ يأتيه النَّامُوس كما كان يأتي مُوسَى بن عِمْران، قال: قُلْتُ: وكذاك هو أيُّها المَلِك؟! قال: نَعَم، قال: فأنا أبايعُكَ له، فبَايعَهُ على الإسْلَام، ثمّ قَدِمَ مَكَّة فلقي خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة، فقال له: ما رَأيُكَ؟ قال: قد اسْتَقَام المِيْسَمُ، والرَّجُل نَبيٌّ، قال: فأنا أرِيْدُه، قال: وأنا معَكَ، قال له عُثْمان بن أبي طَلْحَة: وأنا معَكَ، فقدمُوا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ.
قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال مُحَمَّد بن سَلَّام: قال لي أَبَان بن عُثْمان: فقال عَمْرو بن العَاص: فكُنت أسَنّ منهما، فقدَّمتُهما لأسْتَدبر أمرَهمُا، فبَايعا على أنَّ لهما ما تقدَّم من ذُنُوبهما، فأضمرْتُ أنْ أُبايعَهُ على أنَّ لي ما تقدَّم وما تأخَّر، فلمَّا
(1)
كنز العمال للمتقي الهندي 13: 370 (رقم 37023).
أخَذْتُ بيَدِهِ وبايعْتُه على ما تقدَّم نَسِيْتُ ما تأخَّر.
قال مُحَمَّد بن سَلَّام: قال مُحَمَّد بن حَفْص، فقال ابنُ الزِّبَعْرَى:[من الطويل]
أَنْشُد عُثْمان بن طَلْحَة حلْفَنَا
…
وملْقَى نعالِ القَوْم عند المُقَبَّلِ
وما عقَد الآباءُ من كُلّ حلْفَةٍ
…
وما خَالِدٌ من مثْلها بمُحَلَّلِ
أمِفتاحُ بَيْتٍ غير بيتكَ تَبْتَغِي
…
وما تَبْتَغي عن مَجْدِ بَيْتٍ مُؤَثَّلِ
قال: وأنْشَدَني عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْد اللهِ، ومُحَمَّدُ بن الضَّحَّاك هذا الشِّعْرَ مُخالَفًا به في الألْفَاظ.
قال: وقال عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْدِ الله: أقْبَل عَمْرُو بن العَاص من عند النَّجَاشِيّ فلقي عُثْمان بن طَلْحَة وخَالِد بن الوَلِيدِ بالهدَّة يُريْدَانِ الهِجْرَة، فمَضَى معهما إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن شُقَيْرَةَ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد الوَاسِطِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن عَمْرو، قال: أخْبَرَنا أبَو رَاشِد المُثَنَّى بن زُرْعَة بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَني يَزِيد بن أبي حَبِيْب، عن رَاشِد مَوْلَى حَبِيْب بن أَوْسٍ الثَّقَفِيّ، عن حَبِيْب بن أَوْسٍ، قال: حَدَّثَني عَمْرو بن العَاص من فيْهِ، قال
(1)
: لمَّا انْصَرَفنا من الأحْزَاب عند الخَنْدَقِ، جمعْتُ رجَالًا من قُرَيْش كانوا يَرُونَ رَأيي ويَسْمعُونَ منِّي، فقُلْتُ لهم: واللهِ إنِّي أرَى أمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلو الأمرَ علُوًا مُنْكَرًا، وإنِّي قد رأيت رأيًا فما تَرَونَ فيهِ؟ قالوا: وما ذاكَ الّذي رأيْت؟ قال: قُلْتُ: رَأيتُ أنْ نَلْحق بالنَّجَاشِيّ فنكُون معهُ، فإنْ ظَهَر
(1)
مجمع الزوائد للهيثمي 9: 350 - 351.
مُحَمَّد على قَوْمنا كُنَّا عند النَّجَاشِيّ، فإنَّا إنْ نكون تحت يديهِ أحَبُّ إلينا من أنْ نكُون تحت يَدَي مُحَمَّد، وإنْ ظَهَر قَوْمُنا فنحنُ مَنْ قد عَرفُوا، فلم يأتنا منهم إلَّا خَيْر، قالوا: هذا الرَّأي، قُلتُ: فاجْمعُوا له ما نُهْدِي له، وكان أحَبُّ ما يُهْدى إليه من أرْضنا الأدَم، فجَمَعنا له أدمًا كَثِيْرًا.
ثمّ خَرَجْنا حتَّى قَدِمْنا عليه، فواللهِ إنَّا لعندَهُ إذ جَاءَهُ عَمْرو بن أُمَيَّة الضَّمْرِيُّ، وقد كان رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إليهِ في شأنِ جَعْفَرٍ وأصْحَابهِ، قال: فدَخَلَ عليه ثمّ خَرَجَ من عنده، قال: فقُلْتُ لأصْحَابي: هذا عَمْرو بن أُمَيَّةَ، ولو قد دخَلْتُ على النَّجَاشِيّ فسَألْتُه إيَّاهُ فأعْطَانيهِ فضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فإذا فَعَلْتُ به ذلك رأَتْ قُرَيْشٌ أنْ قد أجْزَأتُ عنها حين قَتَلْتُ رَسُولَ مُحَمَّد، قال: فدَخَلْتُ عليه، فسَجَدْتُ له كما كُنْتُ أصْنَعُ، فقال: مَرْحَبًا بصَدِيْقي، أهْدَيْتَ لنا من بلادِكَ شيئًا؟ قُلتُ: نعم؛ أهْدَيتُ لك أدَمًا كَثِيْرًا، ثُمَّ قَرَّبتُهُ إليه فأعْجبَهُ واشْتَهاهُ.
ثمّ قُلْتُ لهُ: أيُّها المَلِكُ، قد رَأينا رَجُلًا خَرَجَ من عندك وهو رسُول رَجُلٍ عَدُوٍّ لنا فأعْطِنِيْهِ لأقْتُلَهُ، قد أصَاب من أشْرَافنا. قال: فغَضِبَ، ثمّ مَدَّ يَدَهُ فضَرَبَ بها أنْفَهُ ضَرْبةً ظَنَنْتُ أنَّهُ قد كَسَرَهُ، لو اتَّسَعتِ الأرْض لدخلْتُ فيها فَرقًا منهُ، ثمّ قُلتُ: أيُّها المَلِكُ، واللهِ لو ظَنَنْتُ أنَّكَ تَكْره هذا ما سَألتُكَ، قال: أتَسْألُني أنْ أُعْطِيَكَ رَسُول رَجُلٍ يأتيهِ النَّامُوس الأكْبَرُ الّذي كان يأتي مُوسَى عليه السلام؟! قال: قُلتُ: أيُّها المَلِكُ، أكذلكَ هو؟ قال: وَيْحَك يا عَمْرو، أطعْنِي واتَّبِعْهُ؛ فإنَّهُ والله على الحَقِّ وليَظْهَرَنَّ على مَنْ خالفَهُ كما ظَهَرَ موسَى على فِرْعَون وجُنُودهِ، قال: قُلتُ: أَتُبايعُني له على الإسْلَام؟ قال: نَعَم؛ فبَسَطَ يدَهُ، فبايَعْتُه على الإسْلَام.
ثمّ خَرَجْتُ إلى أصْحَابي، وقد حَال رَأيي وما كان عليه، فكَتَمْتُ إسْلَامي، فأتَيْتُ خَالِدَ بن الوَلِيدِ، وذلك قُبَيْل الفَتْحِ، وهو مُقْتَبلٌ من مَكَّة، فقُلتُ: أين يا أبا سُليْمان؟ فقال: والله لقد اسْتَقَام المُنِيْر وإنَّ الرَّجُل لنبيٌّ، أذْهَبُ واللهِ أُسْلم حتَّى
متى، قال: قُلتُ: فأنا والله ما جِئْتُ إلَّا للإسْلَام، فقَدِمْتُ على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فتقَدَّمَ خَالِد بن الوَلِيدِ فأسْلَم وبايَعَ، ثمّ دَنَوْتُ فقُلتُ: يا رسُولَ الله، إنِّي أُبايعُكَ على أنْ تَغْفرَ لي ما تقدَّم من ذَنْبي، قال: ولا أَذْكُرُ ما تأخَّر، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا عَمْرُو، بَايع فإنَّ الإسْلَام يَجُبُّ ما قَبلَهُ، وإنَّ الهِجْرَة تَجُبُّ ما كان قَبْلها، قال: فبايَعْتُ ثمّ انْصَرَفتُ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن شُجاعٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، قال: فحَدَّثَني يَحْيَى بن المُغِيرَة بن عبد الرَّحمن بن الحَارِث بن هِشَامٍ، قال: سَمِعْتُ أبي يُحَدِّث يَقُول: قال خَالِد بن الوَلِيدِ
(1)
: لمَّا أرادَ الله بي من الخَيْر ما أراد، قَذَفَ في قَلْبي حُبّ الإسْلَامِ، وحَضرني رُشْدي، وقُلتُ: قد شَهِدْتُ هذه المَواطِن كُلّها على مُحَمَّد، فليس مَوْطن أشْهَدُه إلَّا وَأنْصَرف، وإنِّي أرَى في نَفْسِي أنِّي مُوْضِعٌ في غير شيءٍ، وأنَّ مُحَمَّدًا سيَظْهَرُ.
فلمَّا خَرَج رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى الحُدَيْبِيَةِ، خَرَجْتُ في خَيْل المُشْرِكين، فلقيْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في أصْحَابه بعُسْفَان (a)، فقُمتُ بازائه وتعرَّضْتُ له، فصَلَّى بأصْحَابهِ الظُّهْرَ آمنًا منَّا، فهَمَمْنا أن نُغِيْر عليه ثُمَّ لم يعزم لنا، وكانت فيه خِبْرة، فاطَّلَعَ على ما في أنْفُسِنَا من الهُمُوم به، فصَلَّى بأصْحَابهِ العَصْرَ صَلَاة الخَوْف، فوقَع ذلك منِّي مَوْقعًا، وقُلتُ: الرَّجُل مَمْنُوعٌ وافْتَرَقنا، وعَدَل عن
(a) الأصل: يعسفان.
_________
(1)
دلائل النبوة للبيهقي 4: 349 - 353، ابن عساكر 16: 228، السيرة النبوية لابن كثير 3: 450 - 453، كنز العمال للهندي 13: 370 - 374 (رقم 37024).
سَنَن خَيْلِنا وأخَذَ ذات اليَمِيْن، فلمَّا صَالَح قُرَيْشًا بالحُدَيْبِيَةِ، ودافعَتْهُ قُرَيْشٌ بالرَّاح، قُلْتُ في نَفْسِي: أيّ شيءٍ بقي، أينَ المَذْهَبُ؟ إلى النَّجَاشِيّ؛ فقد اتَّبَعَ مُحَمَّدًا وأصْحَابُهُ آمنُون عندَهُ، فأخْرُجُ إلى هِرقْل، فأخْرُج من دِيْني إلى نَصْرَانِيَّةٍ أو يَهُودِيَّةٍ فأُقِيْم مع عَجَم تابِعٌ أو أُقِيم في داري، فمَن بَقي؟ فأنا على ذلك إذ دَخَل رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في عُمْرة القَضِيَّة، وتغيَّبْتُ فلم أشْهَد دُخُولَهُ، وكان أخي الوَلِيد بن الوَلِيد قد دَخَلَ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في عُمْرَة القَضِيَّة فطَلَبني فلم يَجِدْني، فكَتَبَ إليَّ كِتَابًا فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
أمَّا بَعْدُ؛
فإنِّي لم أرَ أعْجَبَ من ذَهَابِ رأيَك على الإسْلَام، وعَقْلُكَ عَقْلكَ، ومثل الإسْلَام جَهلَهُ أحَدٌ، وقد سَألَني رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: أينَ خَالِد؟ فقُلتُ: يأتي الله بهِ، فقال: ما مِثْل خَالِد جَهل الإسْلَام، ولو كان جَعَل نكَايته وحَدَّهُ مع المُسْلمِيْنَ على المُشْرِكين لكان خَيْرًا له، ولقدَّمْناهُ على غيره، فاسْتَدْرِك يا أخي ما فَاتَك منه، فقد فاتتكَ مَوَاطِن صَالِحةٌ.
قال: فلمَّا جاءَني كتابه نَشطت للخُرُوج، وزَادَني رَغْبةً في الإسْلَام، وسرَّني مَقَالَة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قال خَالِد: وأرى في النَّوْم كأنِّي في بلادٍ ضَيِّقة جَدِيْبَة، فخَرَجْتُ إلى بَلَدٍ أخْضَر وَاسِع، فقُلتُ: إنَّ هذه لرُؤْيا، فلمَّا قَدِمْتُ المَدِينَة قُلتُ: لأذْكرنَّها لأبي بَكْر، قال: فذَكَرتها، فقال: هو مَخْرجك الّذي هَدَاك اللهُ للإسْلَام، والضِّيْق الّذي كُنْتَ فيه: الشِّرْك.
فلمَّا أجْمَعْتُ الخُرُوجَ إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قُلتُ: مَنْ أصَاحِبُ إلى مُحَمَّدٍ؟ فلقيْتُ صَفْوَان بن أُمَيَّة، فقُلتُ: يا أبا وَهْبٍ، أمَا تَرَى ما نحنُ فيهِ إنَّما نحن أكَلَةُ رَأس، وقد ظَهَرَ مُحَمَّد على العَرَب والعَجَم، فلو قَدِمنا على مُحَمَّد فاتَّبَعْنَاهُ، فإنَّ شَرَف مُحَمَّدٍ لنا شَرَفٌ، فأبَى أشَدّ الإباءِ، وقال: لو لَم يَبْقَ غيري من قُرَيْشٍ ما اتَّبَعْته أبدًا فافْتَرَقنا، وقُلتُ: هذا رَجُل مَوْتُور يَطْلُبُ وِتْرًا؛ قُتِلَ أبُوه وأخُوه ببَدْر.
فلقيْتُ عِكْرِمَة بن أبي جَهْلٍ، فقُلْتُ لهُ ما قلْتُ لصَفْوَان، فقال لي مثْل ما قال صَفْوَان، قُلتُ: فاطْوِ ما ذَكَرْتُ لك، قال: لا أذْكُرُه.
وخَرَجْتُ إلى مَنْزِلي، فأمرتُ برَاحِلتي تَخْرج إليَّ إلى أنْ ألْقَى عُثْمان بن طَلْحَة، فقُلتُ: إنَّ هذا لي صَدِيْقٌ ولو ذَكَرتُ له ما أريد، وذَكَّرت مِن قَتْل أبائهِ، فكَرِهتُ أذكِرهُ، فقُلْتُ: وما عليَّ وأنا رَاحِلٌ من سَاعتي، فذَكَرتُ له ما صارَ الأمرُ إليهِ، وقلْتُ: إنَّما نحنُ بمَنْزِلة ثَعْلَب في جُحْر لو صُبَّ عليه ذَنُوبٌ من ماءٍ خَرَجَ، قال: فقُلتُ لَهُ: نَحْوًا ممَّا قُلْتُ لصَاحِبَيْهِ، فأسْرَع الإجَابَةَ، وقال: لقد غَدَوت اليَوْم وأنا أُرِيْدُ أنْ أَغْدُو، وهذه رَاحِلَتي بفجٍّ مُنَاخَةٌ، قال: فاتَّعدتُ (a) أنا وهو يَأْجَج (b)؛ إنْ سَبَقَني أقام وإنْ سَبَقتهُ أقَمْتُ عليهِ، قال: فأدْلَجنا سُحْرَةً، فلم يطلُع الفَجْر حتَّى الْتَقينا بيَأجَج، فغَدَونا حتَّى التَقَيْنا إلى الهدَّة، فنَجِد عَمْرو بن العَاصِ بها، فقال: مَرْحَبًا بالقَوْم، قلنا: وبك، قال: أين مَسِيْركم؟ قُلْنا: ما أخْرجكَ، قال: فاصْطَحبْنا جَمِيعًا حتَّى قَدِمْنا المَدِينَة فأنَخْنَا بِظَاهِر الحَرَّة رِكَابَنَا.
(a) الأصل: فأبعدت، والمثبت من البيهقي وابن عساكر وابن كثير والمتقي الهندي.
(b) في تاريخ ابن عساكر: بيأجج، وضبَطَهُ ابن العديم بتشديد الجيم الأولى، والضبط المثبت من ياقوت، وفيه: يأجج: اسم موضع على ثمانية أميال من مكة، معجم البلدان 5:424.
وأُخْبِر بنا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فسُرَّ بنا، فلَبسْتُ من صالح ثِيَابي، ثمّ عمَدتُ إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلَقيني أخي، فقال: أسْرِع؛ فإنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قد أُخْبِر بكَ فَسُرَّ بقدُومكَ وهو يَنْتَظركم، فأسْرَعْتُ المَشي، فطَلعْتُ فما زال يتبسَّم حتَّى وقفْتُ عليه، فسَلَّمْتُ عليه بالنُّبُوَّة فردَّ عليَّ السَّلام بوجهٍ طَلْقٍ، فقُلتُ: إنّي أشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا اللهُ، وأنَّك رسُول اللهِ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الحمدُ للهِ الّذي هَدَاكَ، قد كُنْت أرَى لك عَقْلًا ورَجوتُ أنْ لا يُسْلمك إلَّا إلى خَيْر.
قُلتُ: يا رسُولَ اللهِ، قد رأيت ما كُنْت أشْهَد من تلك المَوَاطِن عليك مُعَاندًا عن الحَقِّ، فادْعُ الله يَغْفِرها لي، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الإسْلَام يَجِبُّ ما قَبْله، قُلتُ: يا رسُول الله، على ذلك؟ فقال: اللَّهُمَّ اغْفِر لخَالِد بن الوَلِيد كُلّما وُضِع عنه من صَدٍّ عن سَبِيلكَ.
قال خَالِد: فقَدِمَ عَمْرو وعُثْمان فبايَعا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان قدُومنا في صَفَر من سنَة ثَمانٍ، فواللهِ ما كان رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم من يَوْم أسلْمتُ يعدل بي أحدًا من أصْحَابهِ فيما حزبَهُ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن زَبْر، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس في مُحَمَّد بن حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر - يعني ابن أبي الأسْوَد - قال: سَألْتُ الأصْمَعِيّ عن خَالِد بن الوَلِيد: مَتَى أسْلَم؟ قال: ما بين الحُدَيْبِيَةِ وخَيْبَر.
أخْبَرَنا أبو نَصْر القَاضِي، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال:
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 229.
أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(1)
، قال: وفيها - يعني سَنَة ستٍّ - أسْلَم عَمْرو بن العَاصِ وخَالِد بن الوَلِيد. وقال في سَنَة سَبْع
(2)
: فيها أسْلَم أبو هُرَيْرَة، وعِمْرَان بن حُصَيْن زمَن (a) خَيْبَر، وخَالِد بن الوَلِيد بين الحُدَيْبِيَة وخَيْبَر.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي ثَابِت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حَدَّثنا أبي، قال: قال الوَاقِدِيّ: لم يشهَد خَالِد بن الوَلِيد خَيْبَر إنَّما هَاجَر خَالِد بن الوَلِيد أوَّل يَوْم من صَفَر سَنَة ثَمانٍ من الهِجْرَة.
أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء في كتابِه، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلمَة، [قال]: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أَحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار
(3)
، قال: وولدَ الوَلِيدُ بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مَخْزُوم: خَالِدَ بن الوَلِيد الّذي يُقالُ له سَيْفُ اللهِ، وكان مُبَارَكًا، مَيْمُون النَّقِيْبَة.
قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال عَمِّي مُصْعَب
(4)
: هَاجَر - يعني خَالِدًا - بعد الحُدَيْبِيَة هو وعمرو بن العَاص وعُثْمان بن طَلْحَة، فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه
(a) تاريخ خليفة: زمان.
_________
(1)
ذكر خليفة في السنة المذكور إسلام عمرو بن العاص، ولم يذكر إسلام خالد بن الوليد إلا في سنة 107 هـ انظر تاريخه 79، 86.
(2)
تاريخ خليفة 86.
(3)
في كتاب عمه مصعب الزبيري: نسب قريش 320.
(4)
مصعب الزبيري: نسب قريش 320، وتاريخ الخميس للدياربكري 2:66.
وسلَّم حين رآهُم: رَمَتْكُم مَكَّة بأفْلَاذ كَبِدِها، ولَم يَزَل يُولِّيهِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم [أَعِنَّةَ](a) الخَيْل، ويكُون في مُقَدِّمته مُهاجرة (b) العَرَب، وشَهِدَ فتْحَ مكَّةَ، ودخَل في مهاجِرة العَرَب في مُقَدِّمة رسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة، ودخَل الزُّبَيْر بن العَوَّام
(1)
في مُقدِّمَة رسُول الله صلى الله عليه وسلم من المُهاجِرين والأنْصَار من أعْلَى مَكَّة.
أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ وأبو الفَضْل بن خَيْرون، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(2)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، أُمُّه لبُابَة الكُبْرَى - ويقال: عَصْمَاء - بنتُ الحَارِث بن حَزْن بن بُجَيْر بن الهُزَم (c) بن رُوَيْبَة بن عَبْد الله بن هِلال، هي خَالَةُ بني العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، يُكْنَى أبا سُليْمان، مات بالشَّام في خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب سَنَة إحْدَى وعشرين.
وقال الكِنْدِيّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِىّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمر بن حَيَّويَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(3)
، قال في الطَّبَقَةِ الثَّالثة: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، ويُكْنَى أبا سُليْمان، وأُمُّه عَصْمَاء، وهي لُبَابَة الصُّغْرَى بنت
(a) إضافة من كتاب نسب قريش.
(b) كذا في الأصل، في كتاب نسب قريش: ويكون في مقدمتها في محاربة العرب!.
(c) في الأصل - حيثما يرد بالراء المهملة: الهرم، وصوابه ما في طبقات خليفة، وتقدَّم صحيحًا في الجزء الأول من الكتاب عند الكلام على قبائل المنطقة، وانظر عن بني الهُزَم أيضًا: الاشتقاق لابن دريد 294، جمهرة ابن حزم 274.
_________
(1)
النص في كتاب نسب قريش يشير إلى دخول خالد بن والوليد وليس الزبير بن العوام.
(2)
طبقات خليفة 86، 299.
(3)
طبقات ابن سعد 7: 394.
الحَارِث بن حَزْن (a) بن بُجَيْر بن الهُزَم بن رُوَيْبَة بن عَبْد اللهِ بن هِلال بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن قَيْس عَيْلَان، وهي أُختُ أُمّ الفَضْل بنت الحَارِث أُمّ بني العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، يُكْنَى أبا سُليْمان، وأُمُّه لُبَابَة الصُّغْرَى بنت الحَارِث الهِلَالِيَّة، أُختُ مَيْمُونَة بنت الحَارِث زَوْج النبَّي صلى الله عليه وسلم، ماتَ بحِمْص سَنَة إحْدَى وعشرين، وأوْصَى إلى عُمَر بن الخَطَّاب، ودُفِنَ في قَرْيَةٍ على مِيْلٍ من حِمْص. قال الوَاقِدِيّ: فسَألتُ عن تلك القَرْيَة فقيل: قد دَثَرَتْ.
وقال عليّ بن أبي مُحَمَّد
(3)
: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة
(4)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مَخْزُوم المَخْزُوميّ، يُكْنَى أبا سُليْمان. قال عبد الرَّحمن (b) - يعني ابن إبرْاهيم -: ماتَ بالمَدِينَة.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا
(a) في طبقات ابن سعد: حرب. (b) الأصل: عبد الرحيم، والمثبت من تاريخ أبي زرعة الدمشقي وتاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 220.
(2)
طبقات ابن سعد 7: 394، 397.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 221.
(4)
لم أقف على سياقة اسمه في تاريخ أبي زرعة، وذكر بقية النص في تاريخه 1:594.
أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن عليّ المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الرَّحيم، قال: ومن بني مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَي: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، وأُمُّه لُبَابَة الصُّغْرَى بنت الحَارِث بن حَزْن بن بُجَيْر بن هُزَم بن رُوَيْبَة بن عَبْدِ الله بن هِلال بن عَامِر بن صَعْصَعَة، يُكْنَى أبا سُليْمان، أسْلَم يَوْم الأحْزَابِ، ويُقال: إنَّهُ أسْلَم مع عَمْرو بن العَاص في صَفَر سَنَة ثَمانٍ من الهِجْرَة، وقد جاءَ في الحَدِيْث أنَّهُ شَهِدَ خَيْبَر، وكانت خَيْبَر في أوَّل سَنَة سَبْعٍ، وقال مَالِك بن أنَس: سَنَة ستٍّ، وتُوفِّيَ في خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب فيما ذَكَرَ سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو بن دِيْنار، ويُقالُ إنَّهُ تُوفِّي بالمَدِينَة سَنَة اثْنَتَيْن وعِشْرين، ويُقالُ إنَّهُ تُوفِّي بحِمْص سَنَة إحْدَى وعشْرين.
أنْبَأنَا أبو عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة أبو سُليْمان القُرَشِيّ، ماتَ على عَهْدِ عُمَر، من المُهاجِرين، سمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيْف الله، قاله سُليْمان بن حَرْب، عن الأَسْوَد بن شَيْبَان، عن خَالِد بن سُمَيْر، عن عَبْد الله بن رِبَاحٍ، عن أبي قَتَادَة.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسمِ بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحْمَد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، قال: سَمِعْتُ
(1)
التاريخ الكبير 3: 136.
أبا الحَسَن بن سُمَيْع يقول في تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْق: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة، يُكْنَى أبا سُليْمان، كان أمِيْرًا على رُبُعٍ، قال عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم: تُوفِّي خَالِد بن الوَلِيدِ بالمَدِينَة.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام إذْنًا، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن منْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظ، قال: أبو سُليْمان خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، وأُمُّه لُبَابَة الكُبْرَى - ويُقال لها: عَصْمَاء - بنت الحَارِث بن حَزْن بن بُجَيْر بن الهُزَم بن رُوَيْبَة بن عَبْد اللهِ بن هِلال بن عامر، وهي خَالةُ بني العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، له صُحْبَةٌ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، سمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيْف اللهِ، ماتَ بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين، وأوْصَى إلى عُمَر بن الخَطَّاب، ودُفِنَ في قَرْيَةٍ على مِيْلٍ من حِمْصَ.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بشْكُوَال في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعِيد بن عُثْمان بن السَّكَنِ، قال: ومنهم - يعني مَن اسْمُه خَالِد من الصَّحَابَةِ - خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَي بن غَالِب، ويُكْنَى أبا سُليْمان القُرَشِيّ بابْنه سُليْمان، يقال: أسْلَم قبلَ فتح مَكَّة، وهَاجَر بعد الحُدَيْبِيَة هو وعمرو بن العَاص وعُثْمان بن طَلْحَة، فَلمَّا رَآهم رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: رَمَتْكُم مَكَّة بأفْلَاذ كَبدها.
(1)
بعضه في الاستيعاب 2: 427.
ورَوَى جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ عن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في فَضْل خَالِد بن الوَلِيد أحَادِيْث؛ منها قَوْل رسُول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
: إنَّ خَالِد بن الوَلِيد سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ اللهُ على المُشْرِكين، ولَم يَزَل خَالِد يُجَاهِدُ الكُفَّار حتَّى قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ، ثمّ اسْتعْمَلهُ أبو بَكْر الصِّدِّيْقُ في غَزْوة اليَمَامَة، فكان أميرهم يَوْمئذٍ وفَتَحَ اللهُ عليه، ثمّ اسْتعْمَلهُ عُمَرُ بعد ذلك فافْتَتَح دِمَشْقَ سَنَة أرْبَع عَشرة، ثمّ عزَلَهُ عُمَرُ ووَلَّى مكانَهُ أبا عُبَيْدَة بن الجَرَّاح.
وكان لخَالِد أَخَوَان: الوَلِيد وهِشَام أسْلمَا وحَسُنَ إسْلَامُهما، وأُمُّ خَالِد بن الوَلِيد لُبَابَةُ بنتُ الحَارِث بن حَزْن من بني عَبْدِ الله بن هِلَال.
وتُوفِّيَ خَالِدٌ بمَدِينَة حِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين، ويُقال: تُوفِّي بالمَدِينَة، واللهُ أعْلَمُ.
وهو مَعْدُودٌ فيمَن سَكَنَ الشَّامَ من الصَّحَابَةِ، وقد رَوَى عنهُ جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ؛ منهم: عَبْد الله بن عبَّاسٍ، والمِقْدَام بن مَعْد يكَرِب، وجَابِر بن عَبْد اللهِ، وأبو أُمَامَة وغيرهم، ورُوِي عن خَالِد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْثَ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ بن مَنْدَة، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مخَزُوم القُرَشِيّ، أبو سُليْمان، وأُمُّه لُبَابَة بنت الحَارِث بن حَزْن الهِلَالِيَّة، أُختُ مَيْمُونَة زَوْجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، سمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيْفُ الله عز وجل، هَاجَر بعد الحُدَيْبِيَةِ هو وعَمْرو بن العَاصِ وعُثْمان بن طَلْحَة، وماتَ بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين، ومات على عَهْدِ عُمَر.
(1)
فيض القدير للمناوي 3: 430 (رقم 3875)، كنز العمال للمتقي الهندي 5: 739 (رقم 14263).
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 222.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنَا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الكَلَابَاذِيّ، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد اللهِ بن عُمَر بن مَخْزُوم، أبو سُليْمان المَخْزُوميّ القُرَشِيّ المَدَنيّ، سمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيْفُ اللهِ، وأُمُّه لُبَابَة الكُبْرَى بنتُ الحَارِث أُخْتُ مَيْمُونَة بنت الحَارِث زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. كَذَا قال الوَاقِدِيّ، سَمِعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوى عَنْهُ ابنُ عبَّاسٍ، وقَيْسُ بن أبي حَازِم في الأطْعِمَةِ، ماتَ في عَهْدِ عُمَر بن الخَطَّابِ. وقال الوَاقِدِيُّ: مات بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين، وأوْصَى إلى عُمَر بن الخَطَّابِ، وقال ابنُ نُمَيْر مثله، ولَم يَذْكُر وَصِيّتَهُ.
أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كتابهِ من مَكَّة، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْدِ اللهِ بن عَبْد البَرِّ
(1)
، قال: خَالِد بن الوَلِيدِ بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر (a) بن مَخْزُوم القُرَشِيّ المَخْزُومِيّ، أبو سُليْمان وقيل: أبو الوَلِيد، أُمُّه لُبَابَة الصُّغْرَى، وقيل: بل هي لُبَابَة الكُبْرَى، والأكْثَر على أنَّ أُمَّهُ لُبَابَة الصُّغْرَى بنت الحَارِث بن الحَزْن الهِلَالِيَّة، أُختُ مَيْمُونَة زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولُبَابَة أُمُّه خالَةُ بني العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، لأنَّ لُبَابَة الكُبْرَى زَوْج العبَّاس وأُمّ بنيه.
كان خَالِد أحد أشْرَاف قُرَيْش في الجَاهِلِيَّةِ، وإليه كانت القُبَّةُ والأَعِنَّةُ، فإنَّهُ كان يكُون على خُيُول قُرَيْش في الحُرُوب، ذَكَرَ ذلك الزُّبَيْر
(2)
.
(a) الأصل: عمرو.
_________
(1)
الاستيعاب 3: 427 - 428.
(2)
انظر نسب قريش لمصعب الزبيري 320 وما بعدها، والنقل متتابع عن الاستيعاب.
واخْتُلف في وَقْت إسْلَامه وهِجْرته؛ فقيل: هَاجَر خَالِد بعد الحُدَيْبِيَة، وقيل: بل كان إسْلَامه بين الحُدَيْبِيَة وخَيْبَر، وقيل: بل كان إسْلَامهُ سَنَة خَمْسٍ بعد فَرَاغ رسُول الله صلى الله عليه وسلم من بنيِ قُرَيْظَة، وقيل: بل كان إسْلَامُه سَنَة ثَمانٍ مع عَمْرو بن العَاصِي وعُثْمان بن طَلْحَة.
وكان خَالِد على خَيْلِ رسُول الله صَلَّي اللهُ عليه وسلَّم يَوْم الحُدَيْبِيَة، وكانت الحُدَيبِيَة في ذي القعْدَة سنَة ستٍّ، وخَيْبَر بعدها في المُحَرَّم وصَفَر سَنَة سَبْع، وكانت هِجْرته مع عَمْرو بن العَاصِ وعُثْمان بن طَلْحَة، فلمَّا رآهم رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رَمَتْكُم مَكَّة بأفْلَاذ كَبدها، ولَم يَزَل من حين أسْلَم يُولِّيه رسُول الله صلى الله عليه وسلم أَعِنَّة الخَيْل فيكُون في مُقَدِّمتها في مُحَارَبة العَرَب.
وشَهِدَ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم فَتْح مَكَّة فأبْلَى فيها، وبَعَثَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى العُزَّى، وكان بَيْتًا عَظيْمًا لقُرَيْشْ وكِنَانَة ومُضَر بنخْلَة (a)، فهَدَمها، وجَعَل يقُول:[من الرجز]
كُفْرَانكِ (b) اليَوْمَ ولا سُبْحَانَكْ
…
إنِّي رَأيْتُ اللهَ قد أهَانَكْ
قال: أبو عُمَر
(1)
: لا يَصِحُّ لخَالِد بن الوَلِيد مَشْهَدٌ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم قَبْل الفَتْح.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان فيما أجَازَهُ لنا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ
(2)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن
(a) الأصل: "ومضى بنخلة"، وفي الاستيعاب:"ومضر تبجِّله"، وقال ابن حجر في فتح الباري:"كانت العزى أحدث من اللات، وكان اتخذها ظالم بن سعد بوادي نخلة فوق ذات عرق، فهدمها خالد بن الوليد عام الفتح". انظر: فتح الباري 8: 612، وأيضًا: تاريخ خليفة 88، والإكمال لابن ماكولا 3:311.
(b) الاستيعاب: يا عز كفرانك.
_________
(1)
الاستيعاب 2: 428.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 216.
عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم بن يَقَظَة بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَي بن غالب، أبو سُليْمان المَخْزُوميّ، سَيْفُ اللهِ، وصَاحِب رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، أسْلَم (a) في الهُدْنة طَوْعًا، واسْتَعْمَلهُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَعضِ مغَازِيهِ.
ورَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْثَ، رَوَى عَنْهُ ابنُ عبَّاسٍ، وجَابِر، والمِقْدَام بن مَعْدِي كَرِب، ومالك بن الحَارِث الأشْتَر، واليَسَع بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ، وأبو عَبْدِ اللهِ الأشْعرِيّ، واسْتَعْمَلهُ أبو بَكْرٍ على قِتَال مُسَيْلِمَة ومَنْ ارْتَدَّ من الأعْرَاب بنجْدٍ، ثمّ وجَّهَهُ إلى العِرَاق، ثمّ وَجَّههُ إلى الشَّام، وأمَّرَهُ على أُمَرَاءِ الشَّام، وهو أحَدُ الأُمَرَاء الّذين وُلّوا فَتْح دِمَشْق.
وقال الحافِظُ
(1)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا نِعْمَة الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا سُفْيان بن مُحَمَّد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَني الحَسَنِ بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن عُمَر، عن رَوَّاد بن الجَرَّاحِ (b)، عن مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: سَمِعْتُ أبا عُمَر الضَّرِيْر يَقُول: خَالِد بن الوَلِيدِ أبو وَهْبٍ.
قال الحافِظُ: كَذَا قال! والمَحْفُوظ: أبو سُليْمان.
وقال
(2)
: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر المَغْرِبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّي (c) بن عَبْدَان، قال: سَمِعْت مُسْلم بن الحَجَّاج
(3)
يَقُول: أبو سُليْمان خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ، له صُحْبَةٌ.
(a) ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.
(b) دمجه في مطبوعة ابن عساكر: "علي بن عمر بن رواد بن الجراح"، وهما اثنان.
(c) الأصل: علي، والصواب ما أثبت، ويوافق تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 223.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 224.
(3)
الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 370.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة، يُكْنَى أبا سُليْمان، سَيْفُ اللهِ.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنِي أبي، قال: أبو سُليْمان خَالِد بن المُغِيرَة المَخْزُومِيُّ.
أخْبَرَنا أبو نَصْر القَاضِي كتابةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِي، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، ح.
قال: وأخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبي أبو يَعْلَى، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الصَّيْدَلانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عَمْرو (a) الأنْصَاريّ: حَدَّثكم الهَيْثَم بن عَدِيٍّ، قال: قال ابنُ عيَّاشٍ، ح.
قال: وأخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْرُ الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا نَصْرُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أَيُّوبَ، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس
(3)
، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيّ يَقُول: خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة يُكْنَى أبا سُليْمان.
(a) ابن عساكر: عمر.
_________
(1)
المعرفة والتاريخ 1: 313، وهو في تاريخ ابن عساكر 16:224.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 223.
(3)
في كتابه طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب مفقود، ولم يذكره في كتابه تاريخ الموصل.
أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيْد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: خَالِد بن الوَلِيد أبو سُليْمان.
وقال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ بن البَقَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ نُوح بن حَبِيْب يَقُول: خَالِد بن الوَلِيدِ بن المُغِيرَة يُكْنَى أبا سُليْمان.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، وأبو مُحَمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبَّاس بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: وكُنْيَةُ خَالِد بن الوَلِيدِ أبو سُليْمان.
أخْبَرَنا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا رِضْوَان بن أحْمَد إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْد الجَبَّار، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن بُكَيْر، عن ابن إسْحاق، قال: وسَارَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى دَخَل مَكَّة، وبَعَثَ إلى خَالِد بن الوَلِيد أنْ لا يَقْتُلنَّ أحَدًا، وأتاهُ الرَّسُول فقال: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُكَ بقَتْل مَنْ لقيتَ، فقَتَل، وأرْسَل رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى قُرَيْشٍ: مَهْ، أَغُلِبْتُم؟ فقالوا: غُلِبْنَا والله، فقال: سَأقُول كما قال أخي يُوسُف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}
(1)
قالوا: وصلَتْك رَحم.
(1)
سورة يوسف، من الآية 92.
وقال: وبَعَثَ إلى خَالِد بن الوَلِيدِ: ما حَمَلَك على ذلك؟ فقال: يا رسُول اللهِ، أرأيت إنْ كُنْتَ أمرْتَني أنْ آمُرَه أنْ لا يَقْتل أحدًا، فذَهَب وَهْمي إلى أنْ أقُول له: اقْتُل مَنْ لقيت لشيءٍ أراده اللهُ، فكفَّ عنهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: حَدَّثَنَا يُونُس بن بُكَيْر، عن يُونُس بن عَمْرو، عن العَيْزَار بن حُرَيْث، قال: مَرَّ خَالِد بن الوَلِيدِ على اللَّات والعُزَّى فقال: [من الرجز]
كُفْرَانكِ [اليَوْمَ](a) لا سُبْحَانَكْ
…
إنِّي رَأيْتُ اللهَ قد أهَانَكْ
ثُمَّ مَضَى.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، إذْنًا إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن العَوَّام، عن سُفْيان بن حُسَين، عن قَتَادَة أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَالِد بن الوَلِيد إلى العُزَّى، وكانت لهَوَازِن، وكانت سَدَنَتُها بنُو سُلَمِ، فقال: انْطَلِق فإنَّهُ تَخْرج عليك امْرأةٌ شَدِيدةُ السَّوَادِ، طَوِيلَةُ الشَّعر، عَظِيمَةُ الثَّديين، قَصِيْرةٌ، قال: فقالوا يُحَرِّضُونها: [من الطويل]
يا عُزَّ شُدِّي شدَّةً لا سِوَى (b) لها
…
على خَالِدٍ ألْقي الخِمَارَ وشَمِّري
فإنَّك إنْ لَم تَقْتُلي اليَوْم خَالِدًا
…
تبُوئي بذَنْبٍ عَاجِل وتَنْصري
فشَدَّ عليها أبو سُليْمان فضَرَبَها فقَتَلَها، وجاءَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا خَالِد ما صَنَعْتَ؟ قال: قَتَلْتُها، قال: ذَهَبت العُزَّى ولا عُزَّى بعد اليَوْم.
(a) إضافة من الرواية المتقدمة ليستقيم الوزن.
(b) سيرة ابن هشام 2: 437، وتاريخ ابن عساكر: شوى.
_________
(1)
لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي، وهو في تاريخ ابن عساكر 16:231.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة (a)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن يَزِيد - يعني الهُذَلِيّ - عن سَعيد بن عَمْرو الهُذَلِيّ، قال
(1)
: قَدِمَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّة يَوْم الجُمعَة لعَشْرٍ ليالٍ بَقِينَ من رَمَضَان، فبَثَّ السَّرَايَا في كُلِّ وَجْهٍ، وأمَرَهم أنْ يُغِيرُوِا على مَنْ لَم يكن على الإسْلَام، فخَرَج هِشَام بن العَاص في مائتين قبل يَلَمْلَم، وخَرجَ خَالِدُ بن سَعيد بن العَاص في ثلاثمائة قَبْل عُرَنَة، وبَعَثَ خَالِد بن الوَلِيدِ إلى العُزَّى يَهْدِمُها، فخَرَج خَالِد بن الوَلِيدِ في ثلاثين فَارِسًا من أصْحَابهِ حتَّى انْتَهَى إليها فهَدَمَها، ثمّ رَجَعَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: هَدَمْتَ؟ قال: نَعَم يا رسُول الله، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هل رأيْتَ شيئًا؟ قال: لا، قال: فإنَّك لم تَهْدمها، فارْجع إليها فاهْدِمْها، فرَجَع خَالِد وهو مُتَغَيِّطٌ، فلمَّا انْتَهَى إليها جَرَّد سَيْفَهُ فَخَرَجَت إليه امرأةٌ سَوْداءُ عُرْيَانة نَاشِرَة الرَّأسِ فجَعَل السَّادِنُ يَصِيْح بها. قال خَالِد: وأخَذني اقْشِعْرَارٌ في ظَهْري، فجَعَل يَصِيح:[من الطويل]
أَعُزَّى شُدِّي شِدَّةً لا تكذبي
…
أَعُزَّى فالقي القِنَاع وشَمِّري
أَعُزَّى إنْ لَمَ تقْتُلي اليَوْم خَالِدًا
…
فبُوئي بذَنْبٍ عَاجِلٍ وتَنْصري
قال: وأقبل خَالِد بالسَّيْف إليها وهو يَقُول: [من الرجز]
كُفْرَانكِ [اليَوْم](a) لا سُبْحَانَكْ
…
إنِّي وَجَدْتُ اللهَ قد أهانَكْ
(a) مهملة في الأصل، وقيَّده الخطيب البغدادي والذهبي في ترجمتهما له بياء مثناة، واسمه: عبد الوهاب بن عيسى بن أبي حية، ورَّاق الجاحظ (ت 319 هـ). انظر تاريخ بغداد 12: 287، وتاريخ الإسلام 7:356.
(b) إضافة من الرواية الأولى للرجز ليستقيم الوزن.
_________
(1)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 231 - 232.
قال: فضَرَبَها بالسَّيْف فَجَزَلَها (a) باثْنَتَيْن، ثُمَّ رَجع إلى رسُول الله صلى الله عليه وسلم فأخْبَره، فقال: نَعَم؛ تلك العُزَّى قد أَيِسَت أنْ تُعْبَد ببلادِكُم أبدًا، ثمّ قال خَالِدٌ: إي رسُول اللهِ، الحَمْدُ للهِ الّذي أكْرَمنا بكَ وأنْقَذنا من الهَلَكَة، ولقد كُنْت أرَى أبي يأتي العُزَّى نَحيرة (b) مائة من الإِبِل والغَنَم فيَذْبَحُها للعُزَّى، ويُقيم عندها ثلاثًا ثُمَّ يَنْصرف إلينا مَسْرُورًا، فنَظَرْتُ إلى ما مات عليه أبي، وذلك الرَّأي الّذي كان يُعاش في فَضْلهِ كيف خُدِع حتَّى صَار يَذْبح لحَجَرٍ لا تَسْمَع ولا تُبْصِر، ولا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، فقال: رسُول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ هذا الأمر إلى اللهِ فمَن يَسَّره اللهُ للهُدَى تيسَّر ومَنْ يُسِّر للضَّلَالةِ كان فيها.
وكان هَدْمُها لخَمْسِ ليالٍ بَقِينَ من رَمَضَان سَنَة ثَمانٍ، وكان سَادنها أفْلَح بن النَّضْر الشَّيْبَانِيّ من بني سُلَيم، فلمَّا حَضَرته الوَفَاة دَخَل عليهِ وهو حَزِينٌ، فقال له أبو لَهَب: ما لي أراكَ حَزِينًا؟ قال: أخَافُ أنْ تَضِيْع العُزَّى من بَعْدي، قال أبو لَهَب: فلا تَحْزَن؛ فأنا أقُومُ عليها من بعدك فجَعَل كُلّ مَنْ لَقي قال: إنْ تظهر العُزَّى كنْتُ قد اتَّخذت يَدًا عندها بقيامي عليها، وإنْ يَظْهَر مُحَمَّد على العُزَّى، ولا أراهُ يَظْهَرُ فابن أخي، فأنْزَل الله عز وجل:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
(1)
، ويُقالُ إنَّهُ قال هذا في اللَّات.
أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحَدهما، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان،
(a) الأصل: فحزلها، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وانظر: لسان العرب، مادة: جزل، وفيه الاستشهاد بخبر خالد مع العزى.
(b) كذا في الأصل بمثناة تحتية، وفي تاريخ ابن عساكر: بحترة.
_________
(1)
سورة المسد، الآية 1.
قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني عَمِّي مُصْعَب بن عَبْد اللهِ
(1)
، قال: فكان خَالِدٌ يَوْمَ حُنَيْن في مُقدِّمَة رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في بني سُلَيم، وجُرِحَ، فأتاهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم بعدَما هُزِمَتْ هَوَازِن في رَحْلهِ، فنَفَث على جِرَاحهِ، فانْطَلق منها، وبعثَهُ إلى الغُمَيْصَاء، وكان بها قَوْمٌ من بني كِنَانَة يقال لهم بنو جَذِيْمَة، ومعه بنو سُلَيْم فاسْتَباحهم، فادَّعوا الإسْلَام، فوَدَاهُم رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ حَضَر مُؤْتَة، فلمَّا قُتِلَ زَيْد بن حَارِثَة، وجَعْفَر بن أبي طَالِب، وعبد الله بن رَوَاحَة، مالَ المُسْلمُونَ إلى خَالِدٍ، فانْحَازَ بهم، فعيَّرهم المُسْلمُون حين رَجَعُوا إلى المَدِينَة فقالُوا لهم: أنتُم الفَرَّارُونَ (a)، فشَكوا ذلك إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: بل أنتُم الكَرَّارُونَ، فكَفَّ النَّاس عنهم.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن الحُسَين بن الحَسَن الأسَدِيّ المَعْرُوف بابنِ البُنِّ، قِراءَةً عليهِ بدِمَشْق وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو القَاسِم الحُسَين بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ المَعْرُوف بابنِ أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نَصْر، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن الجَنَدِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب بن إبْراهيم بن شَاكِر المَعْرُوفُ بابنِ أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد المَلِك أحْمَد بن إبْراهيم القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَائِذ، قال: فأخْبَرَني الوَلِيد - يعني: ابن مُسْلِم - قال: فحَدَّثَني العَطَّاف بن خَالِد وغيره أنَّ خَالِد بن الوَلِيد يعني يَوْم مُؤْتَة باتَ لَم يصْبح غَادِيًا وقد جَعَل مُقَدِّمتَهُ سَاقةً، وسَاقَتهُ مُقَدِّمةً، ومَيْمَنَته مَيْسَرة، ومَيْسَرَته مَيْمَنَة، فأنْكَروا ما جاءَ بهِ من خِلَافِ ما كانوا يعرفونَ من رَاياتهم وهَيْئتهم، وقالوا: قد جَاءهم مَدَدٌ فانْهَزَمُوا وقُتلوا مَقْتَلَةً لم يقتَلْها قَوْمٌ.
(a) نسب قريش: الفارُّون.
_________
(1)
مصعب الزبيري: نسب قريش 320، وانظر شبيهه في طبقات ابن سعد 7:396.
قال الوَلِيد: وأمَّا السَّلَامِيّ فإنَّهُ أخْبَرَ عن غير واحدٍ أنَّ خَالِد بن الوَلِيد لمَّا أخَذَ الرَّايَة قاتلَهم قِتَالًا شَدِيْدًا، ثمّ انْحَاز الفَرِيْقان كُلّ عن كُلّ قَافلًا عن غير هَزِيمَةٍ، فقَفَلَ المُسْلمُونَ على طَرِيقهم الّتي أخَذوا منها حتَّى مرُّوا بتلك القَرْيَةِ والحِصْن الّذين كانوا شَدُّوا على سَاقتهم وقَتلُوا منهم رَجُلًا، فحاصرُوهم في حِصْنهم حتَّى فَتَحهُ اللهُ عليهم عَنْوَةً، فقَتَلَ خَالِد بن الوَلِيد مُقاتلتَهُم في بَقِيْعٍ إلى جانب حِصْنهم صَبْرًا فيها سُمِّي ذلك البَقِيْع بَقيع الدَّم إلى اليَوْم، وهَدَمُوا حِصْنَهُم هَدْمًا لم يعْمَر بعدَهُ إلى اليَوْم.
قال الوَلِيد: فحَدَّثَني عَبْدُ الله بن المُبارَك، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن قَيْس بن أبي حَازِم، قال: سَمِعْتُ خَالِد بن الوَلِيد يُخْبرُنا بالحِيْرَة فقال: لقد رَأيْتُني يَوْمَ مُؤْتَة وقد انْقَطع في يَدِي تِسْعَةُ أسْيَاف حتَّى وقعَتْ في يَدِي صَفِيْحَةٌ يَمَانيَّةٌ فصَبَرَتْ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بدِمَشْقَ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحسن مُحَمَّد بن أحمد من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء اللهُ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيُّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْلُ بن أبي خَالِد، عن قَيْس بن أبي حَازِم، قال: قال خَالِدُ بن الوَلِيدِ: لقد انْدَقَّ في يَدِي يَوْم مُؤْتَة تسْعَةُ أسْيَاف، فصَبَرَتْ في يَدِي صَفِيْحَةٌ يَمَانيَّةٌ.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 349.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 386.
أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْتِ عَبْد الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن خُرَيْم الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بن حُمَيْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن ابن عُمَر، قال: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بن الوَلِيد - أَحْسَبُه قال: إلى بني جَذِيْمَة - فدَعَاهُم إلى الإسْلَام، فلم يُحْسنُوا أنْ يقُولُوا أسْلَمْنا، فجَعَلوا يَقولُون: صَبَأْنَا، صَبَأْنا! وجَعَلَ خَالِد بهم قَتْلًا وأَسْرًا، قال: ثمّ دَفَع إلى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أسِيْرًا حتَّى إذا أصْبَح يَوْمًا أمَرَنا، فقال: ليقْتُل كُلّ رَجُل منَّا أَسيْرَهُ، قال ابنُ عُمَر: فقُلتُ: واللهِ لا أقْتُلُ أَسِيري، ولا يَقْتُل رَجُل من أصْحَابي أَسِيْرَهُ، قال: فقَدِمْنا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذُكِرَ له ما صَنَعَ خَالِد، فقال: فرَفَع يَدَيه، فقال: اللَّهُمَّ إنِّي أبْرأُ إليكَ ممَّا صَنَعَ خَالِدٌ؛ مَرَّتَين أو ثلاثًا.
(1)
المنتخب من مسند عبد بن حميد 239 (رقم 731).
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوفِيقِي
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة (a)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن شُجاع، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بن يَزِيد، عن إِيَاس بن سَلَمَةَ، عن أَبيِهِ، قال: لمَّا قَدِمَ خَالِدٌ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعني: بعدَما صَنَع ببني جَذِيْمَة - عابَ عبدُ الرَّحْمن بن عَوْف على خَالِد ما صَنَع، فقال: يا خَالِدُ، أخَذْت بأَمْر الجاَهِلِيَّةِ، قَتَلْتَهُم بعَمِّك الفَاكِه قاتلَكَ اللهُ، قال: وأعانَهُ عُمَرُ بن الخَطَّاب على خَالِد، فقال خَالِدٌ: أخَذْتُهُم بقَتْلِ أبيْكَ، فقال عبد الرَّحْمن: كذَبْتَ واللهِ لقد قتَلتُ قَاتِل أبي بيَدِي، وأشْهَدتُ على قَتْلِهِ عُثْمان بن عَفَّان، ثُمَّ الْتَفَتَ إلى عُثْمانَ، فقال: أُنْشدُكَ الله هل عَلِمْتَ أنِّي قتَلْتُ قَاتِل أبي؟ فقال عُثْمان: اللَّهُمَّ نَعَم، ثمّ قال عبد الرَّحْمن: وَيْحَك يا خَالِد، ولو لَم أقْتُل قَاتِل أبي كُنت تَقْتُل قَوْمًا مُسْلِميْنَ بأبي في الجَاهِلِيَّةِ؟! قال: ومَنْ أخْبَرَك أنهم أسْلَمُوا؟ قال: أهْل السَّرِيَّةِ كُلّهُم يُخْبرونا أنَّك وجَدْتهم قد بنوا المَسَاجِدَ، وأقرُّوا بالإسْلَام، ثُمَّ حَمَلتهُم على السَّيْفِ، قال: جاءَني رسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أُغِير عليهم فأَغَرْتُ بأمْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الرَّحْمن: كَذَبْتَ على رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وغالَظ عبد الرَّحْمن، وأعْرَض رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن خَالِد وغَضِبَ عليه، وبَلَغَهُ ما صَنَع بعَبْد الرَّحْمن، فقال: يا خَالِد، ذَرُوا لي أصْحَابي مَتى يُنْك أنْفُ المَرْءِ يُنْكى المَرْءُ، ولو كان أُحُدٌ ذَهَبًا تُنْفقه
(a) مهملة في الأصل. وتقدم التعليق عليه.
قِيْرَاطًا قِيْرَاطًا في سَبِيْل اللهِ لَم تُدْرك غَدْوةً أو رَوْحَةً من غَدَواتِ أو رَوحَاتِ عبد الرَّحْمن.
قال: وحَدَّثَنَا الوِاقِدِيّ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بن عُمَر، عن نَافِع، عن ابن عُمَر، قال: قال عُمَر رضي الله عنه لخَالِد: وَيْحَك يا خَالِد، أخَذْتَ بني جَذِيْمَة بالَّذي كان من أمْرِ الجَاهِلِيَّة، أوَليْسَ الإسْلَامُ قد مَحَا ما كان في الجَاهِلِيَّةِ؟ فقال: يا أبا حَفْصٍ، واللهِ ما أَخَذْتهُم إلَّا بالحَقِّ؛ أغَرْتُ على قَوْم مُشْرِكين فامتنَعُوا، فلم يكُن لي بُدٌّ إذ امْتَنعُوا من قِتَالهم فأسَرْتهم، ثمّ حَمَلتهُم على السَّيْفِ، فقال: أيّ رَجُل تَعلم عَبْد الله بن عُمَر؟ قال: أعْلمه واللهِ رجُلًا صَالِحًا، قال: فهو الّذي أخْبَرَني غير الّذي أخْبَرتني، وكان معكَ في ذلك الجَيْشِ، قال خَالِدٌ: فإنِّي أسْتَغْفِرُ الله وأتُوبُ إليهِ، قال: فانْكَسَر عنه عُمَرُ وقال: وَيْحَك إِئْت رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يستَغفِر لكَ.
وقال: وحَدَّثَنَا الوَاقِدِيّ، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن عَبْد الله بن أبي قَتَادَة، عن أهْلهِ، عن أبي قَتَادَة، وكان في القَوْم، قال: لمَّا نَادَى خَالِد في السَّحَر مَن كان مَعَهُ أسِيْرٌ فَلْيُدافِّه
(1)
، أرْسَلتُ أَسِيْري وقُلْتُ لخَالِد: اتَّقِ الله فإنَّكَ مَيِّتٌ، وإنَّ هؤلاء قَوْمٌ مُسْلِمُون، قال: رَحِمكَ اللهُ يا أبا قَتَادَة، إنَّهُ لا عِلْمَ لكَ بهؤلاء، قال أبو قَتَادَة: فإنَّما يُكلِّمُني خَالِد على ما في نَفْسه من التِّرَة عليهم.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد مُحَمَّد بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بن ظُهَيْر، عن السَّرِيّ، عن أبي صالح، عن ابن
(1)
يُدافِّه: يُجهز عليه. لسان العرب، مادة: دفف.
عبَّاسٍ، قال
(1)
: بَعَثَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ على سَرِيَّةٍ ومعه في السَّرِيَّةِ عَمَّار بن يَاسِرٍ، قال: فخَرَجُوا حتَّى إذا أَتَوا قَريبًا من القَوْمِ الّذين أرادوا أنْ يُصَبِّحوهُم، نزلُوا في بعض اللَّيْلِ، قال: وجاءَ القَوْمَ النَّذِيْرُ فهَرَبُوا حيثُ بَلَغَهُم، قال: فأقامَ رَجُلٌ منهم كان قد أسْلَم هو وأهْلُ بَيْتهِ فأمَر أهْلَهُ فتحمَّلُوا، ثُمَّ قال: قفُوا حتَّى أُسْلَم، ثمّ جاء حتَّى دَخَلَ على عَمَّار، فقال: يا أبا اليَقْظَانِ، إنِّي قد أسْلَمتُ وأهْلُ بَيْتي، فهَل ذلك نَافِعي إنْ أنا أقَمْتُ، فإنَّ قَوْمي قد هَربُوا حيثُ سَمِعُوا بكم؟ قال: فقال له عَمَّار: فأقِم؛ فأنْت آمنٌ، فانْصَرفَ الرَّجُلُ هو وأهْلُه.
قال: وصَبَّح خَالِدٌ القَوْم فوجَدَهم قد ذهَبُوا، فأخَذ الرَّجُل هو وأهْلِه، فقال له عَمَّار: لا سَبِيْلَ لك على الرَّجُل قد أسْلَم، قال: وما أنْتَ وذاك أَتُجِيرُ عليَّ وأنا الأَمِير؟ قال: نَعَم؛ أُجِيْرُ عليكَ وأنتَ الأَمِير! إنَّ الرَّجُلَ قد آمنَ، ولو شَاء أنْ يَذْهَب كما ذَهَب أصْحَابه، فأمرَهُ (a) بالمقام لإسْلَامِهِ، فتَنَازعا في ذلك حتَّى تَشَاتَما، فلمَّا قَدِمَا المَدِينَة اجْتَمَعا عند رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ عَمَّارٌ الرَّجُلَ وما صَنَعَ، فأجازَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أمَانَ عَمَّارٍ، ونَهَى يَوْمئذٍ أنْ يُجِير أحدٌ على أميرٍ، فتَشَاتَما عندَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خَالِدٌ: يا رسُول اللهِ، أَيَشْتُمني هذا العَبْدُ عندَكَ؟! أمَا واللهِ لولاكَ ما شَتَمَني! فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كُفَّ يا خَالِدُ عن عَمَّارٍ؛ فإنَّهُ مَنْ يُبْغض عَمَّارًا يُبْغِضْهُ اللهُ عز وجل، ومَنْ يَشْتم عَمَّارًا يَشْتمهُ الله عز وجل، ومَنْ يَلْعَن عَمَّارًا يَلْعَنْهُ اللهُ عز وجل.
(a) في كنز العمال: فأمرته.
_________
(1)
ينظر كنز العمال للمتقي الهندي 2: 394 - 395 (رقم 4343).
ثُمَّ قامَ عَمَّارٌ فوَلَّى، واتَّبَعَهُ خَالِدُ بن الوَلِيدِ حتَّى أخَذَ بثَوْبهِ، فلم يَزَلْ يترضَّاهُ حتَّى رَضِي، ونَزَلت هذه الآيةُ:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} : أُمَرَاءَ السَّرَايَا، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فيكُون اللهُ ورَسُولهُ هو الّذي يَحْكم فيه {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
(1)
يقُول خَيْرُ عاقبةٍ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّاز (a)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة (b)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب بن عُتْبَة، عن عُثْمان بن مُحَمَّد الأَخْنَسِيّ، عن عَبْدِ المَلك بن أبي بَكْر بن عبد الرَّحْمن بن الحَارِث، قال: أمَرَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الوَلِيد أنْ يُغِير على بني كِنَانَة إلَّا أنْ يَسْمَع آذانًا أو يَعْلم إسْلَامًا، فخَرَج حتَّى انْتَهَى إلى بني جَذِيْمَة، فامْتَنعُوا أشَدَّ الامْتِنَاعِ، وقامُوا وتلبَّسُوا السِّلاح، فانْتَظَرتُهم صَلَاة العَصْر والمَغْرب والعِشَاء لا نَسْمَعُ آذانًا، ثُمَّ حَمَل عليهم فقَتَل منْ قَتَل، وأَسَرَ مَنْ أَسَر، فادَّعَوا بَعْدُ الإسْلَام.
قال عَبْدُ المَلِك: وما عتَبَ عليه رسُول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولقد كان المُقَدَّمَ حتَّى ماتَ، ولقد خَرَج معه بعدَ ذلك إلى حُنَيْن على مُقَدِّمتهِ، وإلى تَبُوك، وبَعَثَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى أُكَيْدِر دُوْمَة الجَنْدَل فسَبَى مَنْ سَبى، ثمّ صالَحهم، ولقد بَعَثَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلحَارِث بن كَعْب إلى نَجْرَان أميرًا ودَاعِيًا إلى الله، ولقد خَرَج مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في حِجَّةِ الوَدَاع، فلمَّا حَلَق رسُول الله صلى الله عليه وسلم رأسَهُ أعْطاهُ ناصيَته، فكانت في مُقَدَّم قَلَنْسُوَته، فكان لا يَلْقى أحَدًا إلَّا هَزَمَهُ اللهُ تعالَى.
(a) الأصل: الخرار، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 4: 205 - 206.
(b) مهملة في الأصل، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
سورة النساء، من الآية 59.
ولقد قَاتَل يَوْم اليَرْمُوك فوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُه فجَعَل يَقُول: القَلَنْسُوَة، القَلَنْسُوَة! فقيل له بعد ذلك: يا أبا سُليْمان، عَجَبًا لطلبكَ القَلَنْسُوَة وأنْتَ في حَوْمَة القِتَالِ!؟ فقال: إنَّ فيها نَاصِيَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولَم ألْقَ بها أحدًا إلَّا وَلَّى.
ولقد تُوفِّي خَالِد يَوْمَ تُوفِّي وهو مُجَاهِدٌ في سَبِيْل الله وقَبْرُه بحِمْصَ؛ فأخْبَرَني مَنْ غَسَّلَهُ وحضَرَهُ ونَظَرَ إلى ما تحت ثِيَابهِ ما فيه مُصِحّ ما بين ضَرْبَة بسَيْفٍ أو طَعْنَة برُمْحٍ أو رَمْيَة بسَهْمٍ، ولقد كان عُمَر بن الخَطَّابِ الّذي بينَهُ وبينه ليس بذك، ثُمَّ يَذْكرهُ بعدُ فيَتَرحَّم عليه، ويتَنَدَّم على ما كان صَنَعَ في أمْره، ويقُول: سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ تعالَى، ولقد نَزَلَ رِسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم حين هَبَطَ من لِفْت (a) في حجَّتهِ ومعه رَجُلٌ، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ هذا؟ فقال الرَّجُل: فُلَان، قال: بئس عَبْد الله فُلَان، ثمّ طَلعَ آخر فقال: منْ الرَّجُل؟ فقال: فُلَان، فقال: بئس عَبْد الله فُلَان، ثُمَّ طَلعَ خَالِد بن الوَلِيد، فقال: مَنْ هذا؟ قال: خَالِد بن الوَلِيد، قال: نِعْم عَبْد الله خَالِد بن الوَلِيد.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود أحْمَدُ بن عليّ بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن النَّضْر الدِّيْبَاجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الله بن مُبَشِّر الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب أبو عَبْد اللهِ النَّسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مَرْوَان يَحْيَى بن أبي زَكَرِيَّاء الغَسَّانِيّ، عن هِشَام، عن عُرْوَة أنَّ أبا بَكْر بَعَثَ خَالِد بن الوَلِيد إلى بني سُلَيم حين ارْتَدُّوَا عن الإسْلَام، فقَتَلَ وحَرَق بالنَّارِ، فكلَّم عُمَر أبا بَكْر فقال: بَعثْتَ رَجُلًا يُعَذّب بعَذَاب اللهِ! انْزَعهُ، فقال أبو بَكْر: لا أَشِيم سَيْفًا سَلَّهُ اللهُ عز وجل على الكُفَّار، حتَّى يكُون اللهُ الّذي يَشِيمُهُ.
(a) مهملة في الأصل، وهي موضع وثنية بين مكة والمدينة، وفي ضبطها وجوه مختلفة. انظر: ياقوت: معجم البلدان 5: 20.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَيْن بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدٍ
(1)
، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الحَميْد بن جَعْفَر الأنْصَاريّ، عن أَبِيهِ، قال: لمَّا كان يَوْمُ اليَرْمُوك فَقَدَ خَالِدُ بن الوَلِيدِ قَلَنْسُوَةً له، فقال: اطْلُبوها، فطَلَبُوها! فلم يَجِدُوها، فقال: اطْلُبُوها، فطَلَبُوها! فوَجَدُوها؛ فإذا هي قَلَنْسُوَةٌ وسِخَةٌ فقال: اعْتَمر (a) رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فحَلَقَ رأسَهُ، فبَدَر النَّاس إلى شَعَره، فسَبَقْتُهم إلى نَاصِيَته، فجَعَلتُها في هذه القَلَنْسُوَة، فما شَهِدْتُ قِتَالًا وهي معي إلَّا رُزِقت النَّصْر.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة، عن عَاصِم بن كُلَيْب، قال: سَمِعْتُ شَيْخين في المَسْجِد ممَّن سَمِعَ خَالِد بن الوَلِيد، قال أحدُهما لصَاحِبهِ: أَتذْكُر ما لقيْنا يَوْم الكُمَّةِ بسُبَاطَةِ الحِيْرَة؟ قال: نعم، ما لَقِيْنا يَوْمًا قَطّ أشَدّ منهُ، وَقَعَتْ كُمَّة خَالِد بن الوَلِيد فقال: الْتَمسُوها وغَضِبَ، فوَجَدناها فوَضَعَها على رَأسِه، ثمّ اعْتَذر إلينا فقال: لا تَلومُوني فإنَّ نَبيّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ رَأسَهُ فانْتَهَبْنا شَعره، فوَقَعَتْ نَاصِيَتهُ بيَدِي، فجعَلتُها نَاصِيَةً في هذه الخِرْقَة، فإنَّما شَقَّ علىَّ حين وَقَعَتْ.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن سَيْفٍ، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْب بن إبْراهيم، قال:
(a) في الأصل: اعتم، والمثبت من تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
لم أقف عليه في ترجمته من طبقات ابن سعد، والخبر في تاريخ ابن عساكر 16:246.
(2)
لم أقف عليه في طبقاته والخبر في تاريخ ابن عساكر 16: 247.
حَدَّثَنَا سَيْفُ بن عُمَر، عن عَمْرو، عن الشَّعْبِيّ، قال: لمَّا فَتَح خَالِد الحِيْرَة صَلِّى صَلَاة الفَتْحِ ثَماني رَكَعاتٍ لا يُسَلِّم فيهنَّ ثمّ انْصَرَف، وقال: لقد قاتَلتُ يَوْم مُؤْتَة فانْقَطَعَ في يدِي تسْعَةُ أسْيَافٍ، وما لقيْتُ قَوْمًا كقَوْمٍ لقيْتُهم من أهْلِ فَارس، وما لقيْتُ من أهْلِ فَارِس قَوْمًا كأهْلِ أللُّيْس (a).
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُفَ الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن المُسَبِّح، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن بن مُنِير الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن إسْحاق البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ الوَلِيدُ بن حَمَّاد الرَّمْليّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن زِيَاد التَّمِيْمِيّ، عن أبي إسْمَاعِيْل مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأزْدِيّ البَصْرِيّ
(1)
، قال: وحَدَّثَني إسْمَاعِيْلُ بن أبي خَالِد، عن قَيْس بن أبي حَازِمٍ، قال: رأيْتُ خَالِد بن الوَلِيد وهو بالحِيْرَة آمنًا، ما يَخافُ أحدًا، وهو مُتَوشِّحٌ ثَوْبًا قد شَدّ طَرْفَيْهِ في عُنُقه. وقد سَمِعْتُه وهو يَقُول بالحِيْرَة: لقد اندَقَّ في يَدِي تِسْعَةُ أسْيَافٍ يَوْمَ مُؤْتَة وبَقي في يَدِي صَفِيْحَةٌ يَمَانيةٌ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبد اللهِ الدِّمَشقيّ بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْدِ الله بن مُحَمَّد بن كَادِشٍ العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء بن
(a) كذا في الأصل، ومثله في أصول تاريخ ابن عساكر 16: 248، وعند البلاذري (فتوح البلدان 339) وياقوت (معجم البلدان 1: 248): "أُلَّيْس"، وذكرها ياقوت في أرض العراق وليس بلاد فارس: في أول أرض العراق من ناحية البادية، كانت فيه وقعة بين الفرس والعرب.
_________
(1)
فتوح الشام 151.
يَحْيَى النَّهْرَوَانيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد، قال: أخْبَرَنا العُكْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب، عن عَوَانَة بن الحَكَم، وشَرْقيّ بن قُطَامِيّ، وأبي مِخْنَفٍ، قالوا: لمَّا انْصَرف خَالِد بن الوَلِيدِ من اليَمَامَةِ، ضَرَبَ عَسْكَرُه على الجَرْعَة (a) الّتي بين الحِيْرَة والنَّهْرِ، وتحَصَّنَ منه أهلُ الحِيْرَة في القَصْر الأبْيَضِ، وقَصْر ابن بُقَيْلَة، فجَعَلُوا يرمُونَه بالحِجَارَة حتَّى نَفِدَتْ، ثمّ رَمَوهُ بالخزَفِ من أبْنِيَتهم (b)، فقال له ضِرَارُ بن الأزْوَر: ما لهم مَكِيْدةٌ أعْظَمُ ممَّا تَرَى، فبَعَثَ إليهم: ابْعَثُوا إليَّ رَجُلًا من عُقَلائكم أُسَائله ويُخْبرُني عنكم، فبَعَثُوا إليه عَبْدَ المَسِيْح بن عَمْرو بن قَيْس بن حَيَّان بن بُقَيْلَة الغَسَّانِيّ، وهو يَوْمئذٍ ابنُ خَمْسِين وثَلاثِمائة سَنَة، فأقْبَل يَمْشِي إلى خَالِدٍ، فلمَّا رآهُ قال: ما لهم أخْزَاهُم الله بَعَثُوا إليَّ رَجُلًا لا يَفْقَهُ! فلمَّا دَنَا من خَالِد قال: أنْعَم صَبَاحًا أيُّها المَلِكُ، فقال خَالِدٌ: قد أكْرَمَنا اللهُ بغير هذه التَّحِيَّةِ؛ بالسَّلام.
ثمّ قال له خَالِد: من أين أقْصَى أثَرُك؟ قال: من ظَهْر أبي، قال: من أينَ خَرَجْتَ؟ قال: من بَطْن أُمِّي، قال: على ما أنْتَ؟ قال: على الأرْض، قال: فيم أنْتَ وَيْحَكَ؟ قال: في ثِيَابي، قال: أتَعْقل؟ قال: نَعَم وأُقَيِّد (c)، قال: ابنُ كم أنْتَ؟ قال: ابنُ رَجُلٍ واحدٍ، قال خَالِد: ما رَأيْتُ كاليَوْم قَطّ! أُسَائلُه عن شيءٍ ويَنْحو في غيره، قال: ما أجبْتُكَ إلَّا عمَّا سَألت عنه، فاسْأل عمَّا بَدَا لكَ، قال: كم أتى لك (d)؟ قال: خَمْسُون وثَلاثِمائة، قال: أَخْبرني ما أنْتُم؟ قال: عَرَبٌ اسْتَنْبَطْنا، ونَبَطٌ
(a) قيَّده ياقوت بفتح الجيم والراء، وذكر من وجوه ضبطه سكون الراء. معجم البلدان 2:127.
(b) الجريري: آنيتهم.
(c) الأزدي: وأربط.
(d) الجريري: عليك.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 1: 445 - 448، وانظر الخبر الأول منهما في: فتوح الشام للأزدي 148 - 149، والبلاذري: فتوح البلدان 340، والطبري: تاريخه 3: 345، وبعض كلام عبد المسيح في الديارات للشابشتي 239 - 240.
اسْتَعْرَبنا، قال: فحَرْبٌ أنتُم أم سِلْم؟ قال: بل سِلْمٌ، قال: فما بالُ هذه الحُصُون؟ قال: بنيناها لنَحْبِس السَّفِيْهَ حتَّى نَنهاهُ بالحَلِيم (a).
قال: ومعه سَمُّ سَاعَةٍ يُقَلِّبُهُ في يَدِه، فقال له: ما هذا معَكَ؟ قال: هذا السُّمُّ، قال: فما تَصْنَعُ بهِ؟ قال: أتَيتُكَ فإنْ رأيْتُ عندَكَ ما يَسُرُّني وأهْلَ بَلَدِي حَمَدتُ الله، وإنْ كانت الأُخْرى لم أكُن أوَّل مَنْ سَاقَ إليهم ضَيْمًا وبلاءً فآكُلُه وأسْتَريح، وإِنَّما بقي من عُمريَ يَسِيْرٌ، فقال: هَاتهِ فوَضَعَهُ في يَد خَالِدٍ، فقال: بسمِ الله وباللهِ رَبّ الأرْض ورَبّ السَّماء، الّذي لا يَضُرُّ مع اسْمهِ دَاءٌ، ثمّ أكَلَهُ فتَجَلَّتْهُ غَشْيَةٌ فضَرَبَ بذَقَنهِ على صَدْره، ثمّ عَرِق وأفاقَ.
فرجَع ابنُ بُقَيْلَة إلى قَوْمِهِ، فقال: جئتُ من [عند](b) شَيْطَانٍ أكَلَ سُمَّ سَاعةٍ فلَم يَضُرَّهُ! أخرجُوهُم عنكُم، فصَالَحُوهُم على مائةِ ألفٍ (c)، فقال له خَالِدٌ: ما أدْرَكْتَ؟ قال: أَدْرَكتُ سُفُنَ البَحْر تَرْقَأُ (d) إلينا في هذا الجُرْف، ورأيْتُ المَرْأةَ من أهْلِ الحِيْرَة تَخْرُج إلى الشَّام في قُرَى مُتَوَاترة ما تَزَوَّدُ رَغِيفًا، وقد أصْبَحَتْ خَرَابًا يَبَابًا، وكذلك دَأبُ اللهِ في العِبَادِ والبِلَادِ، وقال عَبْدُ المَسِيْح حين رجَعَ:[من الوافر]
أَبَعْدَ المُنْذِرَينِ أرَى سَوَامًا
…
يُرَوَّحُ (e) بالخَوَرْنَقِ والسَّديْرِ
تَحَامَاهَا فَوَارسُ كُلِّ حَيٍّ
…
مَخَافةَ ضَيْغَمٍ عالي الزَّئِيْرِ
وبَعْدَ فَوَارسِ النُّعْمانِ أرْعَى
…
رِيَاضًا بينَ ذرْوَةَ والحَفِيْرِ
فصِرْنا بعدَ هُلْكِ أبي قُبَيْسٍ
…
كَمِثْلِ الشَّاءِ في يَوْم المَطِيْرِ
تقَسَّمُهَا القَبَائِلُ مِن مَعَدٍّ
…
عَلَانِيةً كأيْسَارِ الجَزُورِ
وكُنَّا لا يُبَاحُ لنَا حَرِيْمٌ
…
فنَحْنُ كصَرَّة (f) النَّابِ الضَّجُورِ
كذَاكَ الدَّهْرُ دَوْلَتُهُ سِجَالٌ
…
يُصَرِّفُ بالمسَاءَةِ والسُّرُورِ
(a) الجريري: ينهاه الحليم.
(b) إضافة من كتاب الجريري.
(c) عند الأزدي: مائة ألف درهم.
(d) الجريري: ترفأ.
(e) الجريري: تَرَوَّحُ.
(f) الجريري: كضرة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا الفَضْل بن دُكَيْن ومُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله الأسدِيّ، قالا: حَدَّثَنَا يُونُس بن أبي إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أبو السَّفَر، قال: نَزَل خَالِد بن الوَلِيدِ الحِيْرَة، فنَزَلَ على قَوْم بني أُمّ المَرَازِبَة، فقال لهم: أئتوني بالسُّمِّ، فلمَّا أتوه به وَضَعهُ في رَاحَتهِ، ثُمَّ قال: بِسْمِ اللهِ فاقْتَحَمه (a) فلَم يَضُرُّه بإذن الله شيئًا.
وقال مُحَمَّد بن سَعْد: أخْبَرَنا عبد الله بن الزُّبَيْر الحُمَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن إسْمَاعيْل بن أبي خَالِدٍ، عن قَيْس بن أبي حَازِم، قال: رأيْتُ خَالِد بن الوَليِد أُتِيَ بسُمٍّ، فقال: ما هذا؟ قالوا: سُمّ، فقال: بسمِ اللهِ وشَرِبَهُ، وأشَار سُفْيان بيده إلى فيْهِ. قال عَبْد الله بن الزُّبَيْر وذلك بالحِيْرَة.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد المَقْدِسِيّ بنابُلُس، وأبو المُظَفَّر حَامِد بن [أبي] العَمِيْد (b) بن أَميْري القَاضِي القَزْوينيّ بحَلَب، قالا: أخْبَرَتنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، وَأخْبَرَنا مَحْفُوظ بن هِلال بن مَحْفُوِظ الرَّسْعنِيّ بها، قال: أخْبَرَتنا شُهْدَة إجَازَةً، قالت: أخْبَرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّادُ بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْحاق السَّهْمِيّ، عن أبي بَكْر بن عَيَّاش، عن الأَعْمَش، عن خَيْثَمَة، قال: أُتِي خَالِد بن الوَلِيد برَجُلٍ معه زِقُّ خَمْرٍ، فقال: اللَّهُمَّ اجْعَلهُ عَسَلًا، فصَارَ عَسَلًا.
(a) ابن عساكر: فافتتحه.
(b) في الأصل: "أبو المظفر حامد بن العميد أبي المظفر بن أميري. . ."، وقد تقدم اسمه في العديد من المواضع بما يوافق المثبت، وانظر الوافي بالوفيات 11:280.
_________
(1)
لم أقف عليه في طبقاته وهو عند ابن عساكر 16: 251.
(2)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة مجابي الدعوة) 1: 784.
قال
(1)
: وحَدَّثَنِي إبْراهيم بن عَبْد اللهِ بن حَاتِم الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْم، قال: أخْبَرَنَا العَوَّام بن حَوْشَب، قال: حَدَّثَنِي قَوْمي عن رَجُلٍ منهم يُقال له: صَعْصَعَةُ، قال: فَشَتِ الخَمْر في عَسْكَرِ خَالِد بن الوَلِيد، فجَعَلِ يَطُوف عليهم، وكان رَجُل منَّا بَعَثَ به أصْحَابَه، فاشْترَى زِقًّا من خَمْرٍ وحَمَلَهُ بين يَدَيْهِ، فاسْتَقبلَهُ خَالِدٌ كِفَّةً لكفَّةٍ، فقال: ما هذا؟ قال: خَلٌّ، قال: جَعَلَهُ اللهُ خلًّا! فانْطَلق به إلى أصْحَابه ففَتَحُوه فإذا خَلٌّ كأجْوَد ما يكُون من الخَلِّ.
أخْبَرَنا [
…
] (a)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ، قَال: أخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْن بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن عُمَر، عن أبي عُثْمان، عن أَبِيهِ أنَّ خَالِدًا أُتِي في قِنَّسْرِيْن برَجُلٍ معه زِقّ خَمْرٍ فقال: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ خَلًّا، وأفْلَت (b) منه فإذا هو خَلٌّ مُسْطَارٌ، وأقْبَل الرَّجُل يَعْدُو.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الباقي، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُبَيْد، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن زِيَادٍ، قال: قال خَالِد بن الوَلِيد عند مَوْتهِ: ما كان في
(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر أربع كلمات، أبقاه المؤلف لاستكمال سنده في الرواية عن أبي القاسم بن السمرقندي، ويتكرر هذا الفراغ المُسْتَبْقَى في عدد من الرِّوايات التالية في ترجمة خالد بن الوليد. وأغلب روايات ابن السمرقندي أخذها المصنف من عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد، وبدرجة أقل من عبد الصمد بن محمد القاضي، ومن غيرهما.
(b) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر 16:253.
_________
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة مجابي الدعوة) 1: 809.
(2)
لم أقف على هذا الخبر والخبرين بعده في طبقاته، وهي في تاريخ ابن عساكر 16: 249 - 250.
الأرْض لَيْلَة أحَبّ إليَّ من لَيْلَةٍ شَدِيدة الجَلِيْد في سَرِيَّةٍ من المُهاجِرين أُصَبّح بهم العَدُوّ، فعليكم بالجِهَادِ.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: أخْبَرَنَا الفَضْل بن دُكَيْن، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن عَبْد اللهِ بن جُمَيْع، قال: حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَثِقُ به أنَّ خَالِد بن الوَلِيد أَمَّ النَّاس بالحِيْرَة، فقَرَأَ من سُور شَتَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إلى النَّاسِ حين انْصَرَف، فقال: شَغَلني عن تَعْليم القُرْآن الجِهاد.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قَال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن نُمَيْر، قَال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ، عن قَيْس، قال: سَمِعْتُ خَالِد بن الوَلِيدِ يَقُول: لقد مَنَعني كَثِيْرًا من القراءةِ الجِهاد في سَبِيْل الله عز وجل.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن عُمَر العُمَريّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي شُرَيْح، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عَبْد الجَبَّارِ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْد بن زَنْجُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل، عن قَيْس بن أبي حَازِم، قال: طَلَّق خَالِد بن الوَلِيدِ امْرَأتَهُ، فقال: أمَا إِنِّي لم أُطَلِّقها لشيءٍ رَابَني منها، ولكن لَم يُصِبْها بَلَاءٌ مُذْ كانت عندي.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنَا أَحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار
(2)
، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن حَسَن المَخْزُومِيّ، عن نَصْر بن مُزَاحِم
(3)
، عن مَعْرُوف بن
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 253 - 254.
(2)
ابن بكار: جمهرة نسب قريش 1: 465.
(3)
لم يرد في كتابه وقعة صفين، وهو مثبت عن نصر في كتاب جمهرة نسب قريش، والعقد الفريد لابن عبد ربه 3: 313 - 314.
خَرَّبُوذ (a)، قال: مَنِ انْتَهَى إليهِ الشَّرَفُ من قُرَيْش ووصَلهُ الإسْلَام، عَشرةُ نَفَرٍ، من عَشر بُطُون: من هاشِمٍ، وأُميَّةَ، ونَوْفَل، وأَسَد، وعَبْد الدَّار، وتَيْمٍ، ومَخْزُومٍ، وعَدِيٍّ، وسَهْمٍ، وجُمَح.
قال: فكانت القُبَّة والأَعِنَّة إلى خَالِد بن الوَلِيد، فأمَّا الأَعِنَّةُ فإنَّهُ كان يكُون على خُيُول قُرَيْشٍ في الجَاهِلِيَّةِ في الحَرْب، وأمَّا القُبَّة فإنَّهُم كانُوا يَضْربُونها ثُمَّ يَجْمَعُون لها ما يُجهِّزون به الجَيْشَ.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنَا الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عُتْبَةُ بن جُبَيْرة، عن عَاصِم بن عُمَر، عن قَتَادَة. قال: وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عَبْد الله، عن الزُّهرِيّ، عن حَنْظَلَة بن عليّ الأَسْلَميّ. قال: وحَدَّثَني مَسْلَمَةُ بن عَبْد الله بن عُرْوَة، عن أَبِيهِ - دَخَل حَدِيثُهُم في حديثِ بَعضٍ - قال: لمَّا ارْتَدَّ مَن ارتَدَّ من العَرَب وامْتَنعُوا من الصَّدَقَةِ، شَاوَر أبو بَكْرٍ الصِّدِّيْق في غَزْوهم وقِتَالِهم، فأجْمَع البُعْثَة إليهم، وخَرَج هو بنفْسِه إلى قَناةٍ فعَسْكَر بها، وأظْهَرَ أنَّهُ يُريدُ غَزْوَهُم بنفْسه ليبلغَهُم ذلك فيكون أهْيَب لهم، ثمّ سَار من قَنَاة في مائة من المُهاجِرين، وخَالِد بن الوَلِيد يَحْمل لِوَاءهُ حتَّى نَزَلَ نَقْعًا وهو ذُو القُصَّة وأرادَ أنْ يَتَلاحقَ به النَّاس، ويكُون أسْرَعَ لخُرُوجهم، فلمَّا تَلَاحقُوا به اسْتَعْمَل خَالِد بن الوَلِيد عليهم، وأَمَرَهُ أنْ يَسيْرَ إلى أهْلِ الرِّدَّةِ فيُقَاتلهم على خَمْس خِصَالٍ: شَهَادة أن لا إلَه إلَّا الله، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه ورسُوله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكَاة، وصِيَام شَهْر رَمَضَان.
(a) في الأصل بالدال المهملة: خربود، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
لم أقف عليه في طبقاته.
ورَجَع أبو بَكْر إلى المَدِينَةِ، ومَضَى خَالِد بن الوَلِيد ومعه أهْلُ السَّابِقَة من المُهاجِرين والأنْصَارِ، فأوْقعَ بأَهْلِ الرِّدَّةِ من بَنِي تَمِيْم وغيرهم بالبِّطَاح وقَتَلَ مَالِك بن نُوَيْرَة، ثمّ أوْقَعَ بأهْلِ بُزَاخَةَ، وحَرقَهُم بالنَّارِ، وذلك أنَّهُ بلغَهُم عنهم مَقَالَةٌ سَيِّئةٌ، وشَتَمُوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وثَبتُوا على ردَّتِهِم، ثمّ مَضَى إلى اليَمَامَةِ، فقاتَل بها مُسَيْلِمَة وبَنِي حَنِيْفَة، حتَّى قتل مُسَيْلِمَة وصَالَح خَالِدٌ أهل اليَمَامَةِ على الصَّفْرَاءِ والبَيْضَاء والحَلْقَة (a) والكُرَاع ونصف السَّبْي، وكَتَبَ إلى أبي بَكْر: إنِّي لَم أُصَالحهم حتَّى قُتِلَ مَنْ كُنْت أقْوَى به، وحتَّى عَجِفَ الكُرَاع، ونَهك الخُفّ، ونَهك المُسْلمُونَ بالقَتْلِ والجرَاح.
وقَدِمَ خَالِد بن الوَلِيد المَدِينَة من اليَمَامَةِ ومعه سَبْعَة عَشر رَجُلًا من وَفْد بني حَنِيْفَة فيهم مُجَّاعَة بن مُرَارَة وإخوته، فلمَّا دَخَلَ خَالِد بن الوَلِيد المَدِينَة دَخَل المَسْجِدَ وعليه قَبَاءٌ عليه صَدَأُ الحَدِيْدِ، مُتَقَلِّدًا السَّيْفَ، مُعْتمًّا، في عِمَامَته أسْهَم، فمَرَّ بعُمَر فلم يُكَلِّمهُ، ودَخَلَ على أبي بَكْرٍ فَرَأى منه كُلّ ما يُحبُّ فَخَرَج مَسْرُورًا، فعَرِفَ عُمَرُ أنَّ أبا بَكْرٍ قد أرْضَاهُ، فأمْسَكَ عنِ كَلَامِهِ، وإنَّما كان وَجد عُمَرُ عليه فيما صَنَعَ بمالك بن نُوَيْرَة من قَتْلِهِ إيَّاهُ، وتَزَوُّج امْرَأته وما كان في نَفْسه قبل ذلك من أمْر بني جَذِيْمَة.
قال مُحَمَّد بن عُمَر فهذا أثْبَتُ عندنا أنَّ خَالِد بن الوَلِيد رجَعَ من اليَمَامَةِ إلى المَدِينَةِ، وقد رَوَى قَوْمٌ من أهْلِ العِلْم أنَّ أبا بَكْرٍ كَتَبَ إلى خَالِد حين فرغَ من أهْلِ اليَمَامَةِ أنْ يَسِيْر إلى العِرَاق ففَعَل.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الفَضْلِ، قال:
(a) الأصل: الحلفة، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16: 259، والحلقةُ: اسم لجملة السلاح والدروع وما أشبهها. لسان العرب، مادة: حلق.
أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(1)
، قال: ذَكَرَ حَسَّان بن عَبْد اللهِ، عن ابن لَهِيْعَة، قال: حَدَّثَنَا أبو الأسْوَد، عن عُرْوَة، قال: فلَمَّا فَرغَ خَالِد بن الوَلِيد من اليَمَامَةِ جاءهُ كتابٌ من أبي بَكْرٍ الصِّدِّيْق يأمرُه بالمَسِيْر إلى الشَّام فيُمِدَّ أهْلَ الإسْلَام، فَمَضَى خَالِدٌ على وَجْههِ فسَلَك عَيْن التَّمْر فمرَّ بدُوْمَة الجَنْدَل، فأغار عليهم فقَتَل بِها رجالًا وهزمَهُم اللهُ، وسَبَى بِنْتَ الجُوْدِيّ، ومَضَى حتَّى قَدِمَ الشَّامَ، وبها يَوْمئذٍ أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح على جُنْدٍ، ويَزِيْد بن أبي سُفْيان على جُنْدٍ، وعَمْرو بن العَاصِ على جُنْدٍ، فقَدِمَ عليهم خَالِد بن الوَلِيد بأَجْنَادِين، فهَزَمَ اللهُ عَدُوّهُ.
وقال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن عليّ القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو حُذَيْفَة إسْحَاقُ بن بِشْر، قال: وأخْبَرَنَا السُّدِّيّ، عن أَبِيهِ، عن أبي صَالِح، عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال عُمَر: أمَا واللهِ لئن صَيَّر اللهُ هذا الأمْرَ إليَّ لأعْزلنَ المُثَنَّى بن حَارِثَة عنِ العِرَاق، وخَالِد بن الوَلِيدِ عن الشَّام، حتَّى يَعْلما إنَّما نَصَر اللهُ دِينَهُ ليس إيَّاهُما نَصَر.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى التُّسْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ العُصْفُرِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بن مُعاذ، عن ابن عَوْن، قال: لمَّا وَلي عُمَر قال: لأنْزَعنَّ خَالِدًا حتَّى يَعْلم أنَّ الله إنَّما نَصَر (a) دينَهُ.
(a) خليفة وابن عساكر: ينصر.
_________
(1)
لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 261 - 262.
(3)
تاريخ خليفة 122.
قال
(1)
: وحَدَّثَنَا خَلِيفَة
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عليّ ومُوسَى، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن هِشَام بن عُرْوَة، عن أَبِيهِ، قال: لمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَر كَتَب إلى أبي عُبَيْدَة: إنِّي قد اسْتَعْمَلتُكَ وعَزَلتُ خَالِدًا.
قال خَلِيفَة
(3)
: وعَزَل - يعني: عُمَر - خَالِد بن الوَلِيد حين وَلي، وولَّى أبا عُبَيْدَة بن الجَرَّاح فولَّى أبو عُبَيْدة حينَ فَتَحَ الشَّامات يزِيد بن أبي سُفْيان على فِلَسْطين ونَاحيتها، وشُرَحْبِيل بن حَسَنَة على الأُرْدُنّ، وخَالِد بن الوَلِيد على دِمَشْق، وحَبِيْب بن مَسْلَمَة على حِمْص.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(4)
: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله الفَرَاوِيّ، وأبو المُظَفَّر القَشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد
(5)
، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن اللَّيْث، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن زَيْد (a)، قال: سَمِعْتُ الحَارِث بن يَزِيد الحَضْرَمِيّ يُحَدِّثُ عن عليّ بن رَبَاح، عن نَاشِرَة بن سُمَيّ اليَزَنِيّ، قال: سَمِعْتُ عُمَر بن الخَطَّاب يقول يَوْم الجابِيَة فذَكَرَ الحَدِيْث، وقال فيه: إنِّي أعْتَذر إليكم من خَالِد بن الوَلِيد، إنِّي أمرتُه أنْ يَحْبِسَ هذا المالَ على ضَعَفَة المُهاجِرين، فأعْطاهُ ذا البَأْس والشَّرَف وذا اللِّسَانِ، فَنَزَعتُه، وأمَّرْتُ أبا عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاح، فقال أبو عَمْرو بن حَفْص بن المُغِيرَة: ما أعْذَرتَ يا عُمَر بن الخَطَّاب، لقد نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأغْمَدت سَيْفًا سَلَّهُ رسُول اللهِ، ووَضَعْتَ لواءً نَصَبَهُ رَسُول اللهِ، ولقد قَطَعتَ
(a) ابن عساكر: يزيد.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 262.
(2)
تاريخ خليفة 122.
(3)
تاريخ خليفة 155.
(4)
تاريخ ابن عساكر 16: 264.
(5)
لم يرد هذا السند في نشرة تاريخ ابن عساكر.
الرَّحم، وحَسَدتَ ابن العَمّ، فقال: عُمَر بن الخَطَّابِ: إنَّك لقَرِيبُ (a) القَرَابَةِ، حَدِيْثُ السِّنّ، مُغضَبٌ في ابن عمِّكَ.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحمد، وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن مَسْلَمَة، عن مَالِك بن أنَسٍ، قال: قال عُمَر بن الخَطَّاب لأبي بَكْر الصِّدِّيْق: اكْتُب إلى خَالِد بن الوَلِيدِ أنْ لا يُعْطي شَاةً ولا بَعِيْرًا إلَّا بأمْركَ، قال: فكَتَبَ أبو بَكْر بذلك فكَتَبَ إليه خَالِد بن الوَلِيد: إمَّا أنْ تَدَعني وعَمَلي: وإلَّا فشَأنك بعَملكَ! قال: فأشَار عليه عُمَر بعَزْلهِ (b)، فقال أبو بَكْر: مَنْ يَجْزِي عنِّي جَزَاة خَالِد؟ قال عُمَر: أنا، قال: فأنْتَ.
قال مالكٌ: قال زَيْدُ بن أسْلَم: فتجهَّز عُمَرُ حتَّى أُنِيْخَت الظَّهْر في الدَّارِ، وحَضَر الخُرُوج، فَمَشَى أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي بَكْر، فقالوا: ما شَأنُكَ تُخْرج عُمَر من المَدِينَة وأنت إليه مُحْتاج، وعَزَلت خَالِدًا وقد كَفَاكَ؟ قال: فما أَصْنَعُ؟ قالوا: تَعْزم على عُمَر فيَجْلس، وتكتُب إلى خَالِدٍ فيُقيم على عَملهِ، ففَعَل.
فلمَّا وَلِيَ عُمَرُ كَتَبَ إلى خَالِد أنْ لا تُعْطي شَاةً ولا بَعِيْرًا إلَّا بأمْري، قال: فكَتَبَ إليهِ خَالِدٌ بمثْل ما كَتَبَ إلى أبي بَكْر، فقال عُمَر: ما صدقْتُ اللهَ إنْ كُنْتُ أشَرْتُ على أبي بَكْر بأمْرٍ ولم أُنْفِذهُ، فعَزَلَهُ، وكان يَدْعُوه إلى أنْ يَسْتعملَهُ فيأبَى إلَّا أنْ يُخْليه يَعْمل ما يشاءُ فيأبَى عُمَر.
أنْبَأنَا [
…
] (c)، قال أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين أحمد بن مُحَمَّد بن النَّقَّور، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّص،
(a) ابن عساكر: إنك قريب.
(b) ابن عساكر: فعزله.
(c) بياض قدر خمس كلمات، أبقاه لاستكمال مصدره في أخذ الرواية. وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 262.
قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى
(1)
، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بن عُمَر، عن أبي عُثْمان والرَّبِيْع وأبي حَارِثَة، قالوا: فما زال خَالِد على قِنَّسْرِيْن حتَّى غَزَا غَزْوتَهُ الّتي أصابَ فيها، وقَسم منها ما أصَابَ لنَفْسِه.
وعن أبي المُجَالِد مثْلُه. قالوا
(2)
: وبلَغَ عُمَر أنَّ خَالِدًا دَخَل الحَمَّام فتدلَّكَ بعد النُّورة بثَجِيْر (a) عُصْفُرٍ معَجُون بخَمْر، فكَتَبَ إليه: بَلَغَني أنَّك تدلَّكْتَ بخَمْرٍ، وإنَّ الله قد حرَّم ظَاهِرَ الخَمْر وبَاطنها، وحرَّم ظَاهر الإثْم وبَاطِنَهُ، وقد حرَّمَ مَسّ الخَمْر إلَّا أنْ يُغْسَل كما حرَّم شُرْبَها، فلا تُمِسُّوها أجْسَادَكم؛ فإنَّها نَجَسٌ، وإنْ فَعَلْتُم فلا تَعُودُوا، فكَتَبَ إليه خَالِد: إنا قتَلْناها فعادَتْ غسُولًا غير خَمْر. فكَتَبَ إليه عُمَر: إنِّي لأظُنُّ آل المُغِيرَة قد ابتُلوا بالجَفَاءِ فلا أَماتكُم الله عليهِ، فانْتَهى لذلك. وقال خَالِد في ذلك:[من الطويل]
سَهِّلْ أبا حَفْصٍ فإنَّ لدِيْنِنا
…
شَرَائَعَ لا يَشقَى بِهِنّ المُسَهِّلُ
أنجَّسْتَ في الخَمْرِ الغَسُولَ ولا يُرى
…
من الخَمْر بثَقِّيف المُحِيلُ المخلِّلُ
وهل يُشْبِهَنْ طَعمُ الغَسُولِ وذَوْقُهُ
…
حُميَّا الخُمُورِ والخُمورُ تَسلسَلُ
قال: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن الرَّبيْع، وأبي عُثْمان، وأبي حَارِثَة، قالوا
(3)
: وأدْرَبَ سَنَة سَبْع عَشرة خَالِدٌ وعِيَاضٌ، فسَارا، فأصَابا أمْرًا عَظيْمًا (b)، وكانا توجَّها من الجابِيَةِ، فرَجَع (c) عُمَر إلى المَدِينَة، وعلى حِمْص أبو عُبَيْدَة، وخَالِد تحت
(a) الطبري: بثخين، والثجير: العصارة من الشيء.
(b) الطبري: أموالًا عظيمة.
(c) كذا رسمها في الأصل بإهمال نقط الفاء، وعند الطبري وابن عساكر: مَرْجِعَ.
_________
(1)
انظر تاريخ الطبري 4: 66.
(2)
تاريخ الطبري 4: 66، وتاريخ ابن عساكر 16: 264 - 265.
(3)
تاريخ الطبري 4: 67، وتاريخ ابن عساكر 16:265.
يَديهِ على قِنَّسْرِيْن، وعلى دِمَشْق يَزِيد بن أبي سُفْيان، وعلى الأُرْدُنّ مُعاوِيَةُ، وعلى فِلَسْطين عَلْقَمَةُ بن مُحْرِز (a)، وعلى الأَهْرَاءِ عَمْرو بن عَبَسَة (b)، وعلى السَّواحل عَبْد الله بن قَيْسٍ، وعلى كُلّ عَمَلٍ عَامِل، فقامتْ مَسَالِح الشَّام ومِصْر والعِرَاق على ذلك إلى اليَوْم، ولم تُجَاز (c) أُمَّة إلى أُخرى خَلْفَها (d) بَعْدُ إلَّا أنْ يَقْتحمُوا عليهم بعد كُفرٍ منهم، فيقدِّمُوا مَسَالحَهُم، واعْتَدلَ ذلك سَنَة سَبْع عَشرة.
قال
(1)
: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي المُجَالِد، والرَّبِيْع وأبي عُثْمان وأبي حَارِثَة بإسْنَادِهِم، قالوا: لمَّا قَفَل خَالِدٌ وبلَغَ النَّاس ما أصَابَتْ تلك الصَّائِفَة انتَجَعَهُ رجال، فانْتَجَع خَالِدًا رجالٌ من أهْلِ الآفاق، وكان الأشْعَثُ انْتَجَع (e) خَالِدًا بقِنَّسْرِيْن فأجازَهُ بعَشرة آلافٍ، وكان عُمَرُ لا يَخْفَى عليه شيء في عَمَله؛ فكُتِبَ إليه من العِرَاق بخُرُوج مَنْ خَرَج منها، ومن الشَّام بجَائِزَة من أُجِيز فيها، فدَعَا البَرِيدَ وكَتَبَ معه إلى أبي عُبَيْدَة أنْ يُقيم خالِدًا ويعقلَهُ بعِمَامَتهِ، ويَنْزِعَ عنهُ قَلَنْسُوَتَهُ حتَّى يُعْلمَكُم من أين أجازَ (f) الأشْعَثَ؛ أَمِن مَالِ اللهِ عز وجل، أم من مَالِهِ، أو من إصَابةٍ أصَابَها، فإنْ زَعَم أنَّهُ أصَابَها (g) فقد أقرَّ بخِيَانةٍ، وإنْ زَعم أنَّها من مَالهِ فقد أسْرَفَ، واعْزله على كُلِّ حالٍ واضْمُم إليكَ عَملَهُ، فكَتَبَ أبو عُبَيْدَة إلى خَالِدٍ، فقَدِمَ عليه، ثُمَّ جَمَع النَّاسَ وجَلَس لهم على المِنْبَر، فقام البَرِيد فقال: يا خَالِد، أَمِن مَالكَ أجَزْتَ بعَشرة آلافٍ أم من إصَابةٍ؟ فلَم يُجبْهُ حتَّى أكْثَر عليه، وأبو عُبَيْدَة سَاكِتٌ لا يقُول شيئًا، فقام بِلَال إليه فقال: إنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن أمَرَ فيك بكذا وكذا، ثمّ تَنَاول عِمَامَتَهُ فنقَضَها؛ لا يَمنَعُه سَمْعًا وطَاعةً، ثم وَضَع قَلَنْسُوَتَهُ،
(a) الطبري: مجزّز، ابن عساكر: مجرز.
(b) مهملة في الأصل على رسم: عنبسة، والمثبت من تاريخ الطبري وابن عساكر.
(c) الطبري: تَجُز.
(d) الطبري: عملها.
(e) الطبري: ممن انتجع.
(f) الطبري: إجازة.
(g) الطبري: فإن زعم أنها من إصابة أصابها.
_________
(1)
انظر تاريخ الطبري 4: 67، وتاريخ ابن عساكر 16: 265 - 266.
ثمّ أقامَهُ فعقَلَهُ بعِمَامَته، وقال: ما تقُول: أمِن مالك، أو من إصَابةٍ؟ قال: لا بل منِ مالي، فأطلقَهُ وأعاد قَلَنْسُوَتَهُ، ثمّ عَمَّمَهُ بيَدِه وقال
(1)
: نَسْمَعُ ونُطِيْعُ لوُلَاتنا، ونُفَخِّم ونَخْدمُ مَوَالِينا.
قال
(2)
: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي عُثْمان، وأبي حَارِثَة، والرَّبِيْع، وأبي المُجَالِد، قالوا: وأقام خَالِد مُنْخَزلًا (a) لا يَدري أمَعْزُول أو غيرُ مَعْزُول وجَعَل أبو عُبَيْدَة يُكْرمُه ويَزيدُه تَفْخيمًا ولا يُخبره، حتَّى إذا طَالَ على عُمَرَ أنْ يَقدم، ظَنَّ الّذي قد كان، فكَتَبَ إليه بالإقْفَالِ (b)، فأتَى خَالِد أبا عُبَيْدَة، فقال: رَحِمكَ اللهُ، ما أردْتَ إلى الّذي صَنَعْتَ؛ تَكْتمني أمرًا كنتُ أُحبُّ أنْ أعْلَمه قبل اليَوْم! فقال أبو عُبَيْدَة: فإنِّي واللهِ ما كُنْتُ لأُرَوِّعكَ ما وَجدْتُ من ذلك بُدًّا، وقد عَلِمتُ أنَّ ذلك يَرُوعُك، قال فرجَع خَالِدٌ إلى قِنَّسْرِيْن، فَخطَبَ أهْل عَمَله ووَدَّعَهُم، وتَحمَّل، ثمّ أقْبَل إلى حِمْص فَخطَبَهُم ووَدَّعهُم، ثمّ خَرَج نحو المَدِينَة حتَّى قَدِمَ على عُمَر فشَكَاهُ، وقال: لقد شكَوْتُكَ إلى المُسْلمِيْن، وباللهِ إنَّك في أمْري غيرُ مُجِملٍ يا عُمَر، فقال عُمَر: من أين هذا الثَّرَاء (c)؟ قال: من الأنْفَالِ والسُّهْمَانِ، قال: ما زادَ على السِّتِّين ألفًا فلكَ، فقُوِّم عُرُوضهُ فَخَرَجَت عليه (d) عشْرُون ألفًا، فأدْخَلها بَيْتَ المَال، ثُمَّ قال: يا خَالِد، واللهِ إنَّك عليَّ لكَرِيمٌ، وإنَّكَ إليَّ لحَبِيْبٌ، ولن تُعَاتبَني بعدَ اليَوْم على شيء.
قال
(3)
: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي ضَمْرَة وأبي عُمَر، عن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبِيهِ، قال: عَزَلَ عُمَرُ خَالِد، فلم يُعلمه أبو عُبَيْدَة حتَّى عَلمَ خَالِد من قِبَل غيره، فأتاهُ
(a) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وعند الطبري وزبدة الحلب: متحيرًا، وهي أقرب للمراد لأن الانخزال: التثاقل والتراجع، وكسرة الظهر. لسان العرب، مادة: خزل.
(b) الطبري وابن عساكر: بالإقبال.
(c) الأصل: الثرى، والمثبت عبارة الطبري وابن عساكر.
(d) الطبري: إليه.
_________
(1)
القول لبلال كما في تاريخ الطبري.
(2)
انظر تاريخ الطبري 4: 67 - 68، وتاريخ ابن عساكر 16: 266، وزبدة الحلب 1:51.
(3)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 266 - 267.
فقال: يَرْحَمكَ اللهُ، ما دعَاكَ إلى أنْ لا تُعلمني؟ فقال: كرهْتُ أنْ أُرَوِّعك، وعَمِلَ فيما فَتَحَ اللهُ عز وجل، وصَالح فيما سنّ، وقال خَالِد في إدْرَابهِ:[من الطويل]
صَدَمْتَ جُمُوعَ الرُّومِ صَدْمَةَ صَادِقٍ
…
بجَيْشٍ تَرَاهُ في الفَضَاءِ مُفَضَّلُ (a)
ذَعَرْتَ به الكَلْبَينِ حتَّى تَحَصَّنا
…
وحَامى غَدَاةَ الرَّوْعِ حَيْثُ تَمَهَّلُوا
وما جبنُوا أَنْ حَلَّ جَيْشٌ بدَارِهِمْ
…
ولكِنْ لَقُوا نارًا سَنَاهَا مُكَمَّلُ
قال
(1)
: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن عَبْدِ الله بن المُسْتَورِد، عن أَبِيهِ، عن عَدِيّ بن سُهَيْل، قال: كَتَبَ عُمَر في (b) الأمْصَار: إنّي لَم أعْزِل خَالِد عن سُخْطة ولا خِيَانة، ولكن النَّاسَ فُتِنُوا به، فخَشِيْتُ (c) أنْ يُوكَّلُوا إليه ويُبْتَلَوا، فأحْبَبْتُ أنْ يَعْلَمُوا أنَّ اللهَ هو الصَّانِعُ، وأنْ لا يكُونُوا بعرَض فِتْنَةٍ.
قال
(2)
: وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن مُبَشِّر، عن سَالِم، قال: ولمَّا قَدِمَ خَالِدٌ على عُمَر قال عُمَرُ مُتَمَثِّلًا: [من الطويل]
صَنَعْتَ فلم يَصْنَعْ كصُنْعِكَ صَانِعٌ
…
وما يَصْنَعُ الأقْوَامُ فاللهُ أصْنَعُ
فأغرَمَهُ شَيئًا ثُمَّ عوَّضَهُ منه، وكَتَبَ فيهِ إلى النَّاسِ بهذا الكتاب ليعْذره عندَهُم ولينصُرَهم (d).
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْرٍ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن زَبْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان بن دَاوُد المِنْقَريّ
(a) ابن عساكر: معضل.
(b) الطبري: إلى.
(c) الطبري: فخفت.
(d) كذا في الأصل مجودًا، ومثله في تاريخ ابن عساكر، وفي تاريخ الطبري: وليبصِّرَهم.
_________
(1)
تاريخ الطبري 4: 68، وتاريخ ابن عساكر 16:268.
(2)
تاريخ الطبري 4: 68، وتاريخ ابن عساكر 16: 268، الوافي بالوفيات 13:268.
البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان المَازِنِيّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، عن سَلَمَة بن بِلَال، عن مُجَالِد بن سَعيد، عن الشَّعْبِيّ، قال: اصْطَرع عُمَر بن الخَطَّاب وخَالِد بن الوَلِيد وهما غُلَامانِ، وكان خَالِد ابن خَالِ عُمَر، فكَسَر خَالِدٌ سَاقَ عُمَر، فعُوْلِجَت وجُبِرَتْ، وكان ذلك سَبَب العَدَاوَة بينهما.
وقال ابنُ زَبْر، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن ابن عَوْنٍ، عن مُحَمَّد أنَّ خَالِد بن الوَلِيدِ دَخَلَ على عُمَر، وعلى خَالِد قَمِيْص حَرِيْر، فقال له عُمَر: ما هذا يا خَالِد؟ قال: وما بأسُهُ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أليسَ قد لبسَهُ ابن عَوْف! فقال: وأنتَ مثْل ابن عَوْف، ولك مثل ما لابن عَوْف!؟ عَزَمْتُ على مَنْ في البَيْت إلَّا أخَذَ كُلّ واحدٍ منهم طَائِفَةً ممَّا يليْهِ، قال: فمزَّقُوه حتَّى لَم يَبْقَ منهُ شيء.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُسْلِم بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْريَة بن أسْماء، عن نَافِعٍ، قال: لمَّا قَدِمَ خَالِد بن الوَلِيد من الشَّام، قَدِمَ وفي عِمَامَته أَسْهُم مُلَطَّخةٌ بالدَّم قد جَعَلها في عِمَامَته، فاسْتَقْبلهُ عُمَر لمَّا دَخَلَ المَسْجِد، فنزَعَها من عِمَامَته، وقال أتَدْخُل مَسْجِدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعَكَ أسْهُم فيها دَمٌ، وقد جاهَدْتَ وقاتلْتَ، وقد جاهَدَ المُسْلمُون قَبْلَكَ وقاتلُوا!؟.
أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الفَتْحِ الجِلِّيّ المِصِّيْصيُّ، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُفْيان [بن](a) مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان سَعِيدُ بن رَحْمَة بن نُعَيْم
(a) ساقطة من الأصل، وهو المعروف بأبي يوسف الصفار المصيصي. انظر: تاريخ الإسلام 7: 395.
_________
(1)
لم أقف عليه في طبقاته، وانظر الخبر في تاريخ ابن عساكر 16:268.
الأَصْبَحِيّ، قال: سَمِعْتُ ابنَ المُبارَك، عن حَمَّاد بن زَيْد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن المُخْتَار، عن عَاصِم بن بَهْدَلةَ، عن أبي وَائِل -ثُمَّ شَكَّ حَمَّاد في أبي وَائِل- قال: لمَّا حَضَرت خَالِد بن الوَلِيد الوَفَاة، قال: لقد طلبْتُ القَدَر مظَانَّهُ فلم يُقدَّر لي إلَّا أنْ أَمُوتَ علي فِرَاشي، وما من عَمل شيء يَعْدلُ عندي بعد لا إلهَ إلَّا الله من لَيْلَةٍ بِتُّها وأنا مُتَترِّسٌ، والسَّماء تَهُلنيِ نَنْتَظرُ الصُّبْح حتَّى نُغِير على الكُفَّارِ، ثُمَّ قال: إذا أنا متُّ فانظرُوا في سِلَاحي وفرَسي فاجْعَلُوه عُدَّةً في سَبِيْل الله، فلمَّا تُوفِّي خَرَج عُمَر على جنَازَته فذكَرَ قَوْله: ما علي نِسَاء آل الوَلِيد أنْ يَسفحن على خَالِدٍ من دُمُوعهنَّ ما لم يكن نَقْعًا أو لَقْلَقَةً.
قال ابنُ المُخْتَار: النّقْعُ: التُّراب على الرَّأسِ، واللَّقْلَقَةُ: الصَّوْت.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قراءةً عليه وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن علّي من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبوِ المَعَالِي ابن صابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(3)
، قال: حَدَّثَنَا الوَاقِدِيّ، عن عبد الرَّحْمن بن أبي الزَّنَادِ، عن أَبِيهِ أنَّ خَالِد بن الوَلِيد لمَّا حَضَرته
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 272 - 273.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 142.
(3)
لم أقف عليه في طبقاته.
الوَفَاةُ بَكَي وقال: لقيْتُ كَذَا وكَذَا زَحْفًا، وما في جَسَدِي شِبْرٌ إلَّا وفيه ضَرْبة بسَيْفٍ، أو رَمْيَة بسَهْمٍ، أو طَعْنَةٌ برُمْح، وها أنا أمُوت على فِرَاشي حَتْفَ أنْفِي كما يَمُوتُ العَيْر (a) فلا نامَتْ عَيْنُ الجَبَان.
أنْبَأنَا أبو [
…
] (b)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهِيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْف بن عُمَر، عن مُبَشِّر، عن سَالِم، قال: فأقام خَالِد بالمَدِينَة حتَّى إذا ظَنَّ عُمَر أنْ قد سَبَكَهُ وبَصَّر النَّاس حَجَّ وقد عَزَم تَوْليتَهُ، واشْتَكَي خَالِد بعدُ وهو خارج من المَدِينَة زَائِرًا لأمِّهِ، فقال: أحدِرُوني إلى مُهاجَري فقدمَت به المَدِينَة ومرَّضَتْهُ، فلمَّا ثَقُل، وأظَلّ عُمَر، لقيَهُ لاقٍ على مَسِيْره صَادِرًا عن جَحِّهِ، فقال له عُمَرُ: مَهْيَم؟ فقال: خَالِد بن الوَلِيد ثَقِيْل لِمَا بهِ، فطَوَى ثلاثًا في لَيْلَةٍ، فأدْرَكَهُ حين قَضَى، فرَقَّ عليه واسْتَرْجَعَ، وجَلَس ببابهِ حتَّى جُهِّزَ، وبَكتهُ البَوَاكي، فقيل لعُمَر: ألَا تَسْمَعُ، ألَا تَنْهاهُنَّ؟ فقال: وما علىِ نِسَاء قُرَيْشٍ أنْ يَبْكين أبا سُليْمان ما لَم يكُن نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ، فلمَّا أُخْرِج بجنَازَته رَأى عُمَر امْرأةً مُحْتَزمةً تَبْكيه وتقُول:[من الخفيف]
أَنْتَ خَيْرٌ مِن ألْفِ ألفٍ مِنَ النَّا
…
سِ إذا ما كَبَتْ وُجُوهُ الرِّجَالِ
أَشُجاعٌ فأنْتَ أَشْجَعُ من لَيْـ
…
ـثِ عَرِيْنٍ جَهْمٍ (c) أبي أَشْبَالِ
أَجَوادٌ فأنْتَ أجْوَدُ من سَيْـ
…
ـــلِ دِياسٍ يَسِيْلُ بينَ الجِبَالِ
فقال عُمَر: مَنْ هذه؟ فقيل: أُمُّهُ، فقال: أُمُّهُ! والإله ثلاثًا هل قامَتِ النِّسَاء
(a) في تاريخ ابن عساكر: البعير.
(b) بياض في الأصل قدر أربع كلمات. وانظر الخبر في تاريخ ابن عساكر 16: 270 - 271.
(c) ابن عساكر: حميم.
عن مثْل خَالِد؟! قال: فكان عُمَر يَتَمثَّل في طيِّهِ تلك الثَّلاث في ليْلةٍ، وبعدما قَدِمَ:[من الخفيف]
نُبَكِّي ما وصَلْت به النَّدَامى
…
ولا نَبْكِيْ (a) فَوَارِسَ كالجِبَالِ
أُولئكَ إنْ بَكَيتُ أَشَدُّ فَقْدًا
…
من الإذْهَاب والعَكَر الجلالِ
تمنَّى بعدَهُم قَوْمٌ مَدَاهُمْ
…
ولَم يَدْنُوا لأسْبَابِ الكَمَالِ
وقال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن المُنْذِر، قال: حَدَّثَني عُمَر بن عُثْمان التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَني إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْدِ اللهِ، عن عَمِّهِ مُوسَى بن طَلْحَة، قال: خَرَجْتُ مِع أبي طَلْحَة بن عُبَيْدِ اللهِ إلى مَكَّة مع عُمَر بن الخَطَّاب فلمَّا كُنَّا بعِرْق الظُّبْيَة
(2)
نَزَلَ عُمَر من هذا الجانب، ونَزَل أبي من هذا الجانب، فبَيْنا نحنُ نحطُّ روَاحلنا، أقْبَلِ رَاكِبٌ من المَدِينَة حتَّى أهْوَى إلى نَاحِيَةِ عُمَر، فما قُلْنا أَناخَ حتَّى إذا بعُمَر قد أقْبَل يَصِيْح: يا أبا مُحَمَّد، يا طَلْحَة، فقال أبي: ما لك يا أَمِير المُؤْمنِيْن؟ قال: هلكَ أبو سُليْمان، هلَكَ خَالِد بن الوَلِيد رحمه الله! فقال له أبي طَلْحَةُ:[من البسيط]
لأَعْرِفنَّكَ بعدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي
…
وفي حَيَاتيَ ما زَوَّدْتَني زَادَا
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الحُصْرِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ
(3)
، قال: وتُوفِّيَ خالِد بن الوَلِيد بحِمْصَ، وقيل: بل تُوفِّي بالمَدِينَة
(a) ابن عساكر: تبكي.
_________
(1)
لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ، والخبر في تاريخ ابن عساكر 16:272.
(2)
عرق الظبية: موضع بين مكة والمدينة. ياقوت: معجم البلدان 4: 108.
(3)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 430.
سَنَة إحْدَى وعشرين، وقيل: بل تُوفِّي بحِمْص، ودُفِنَ في قَرْيَةٍ على مِيْلٍ من حِمْص سَنَة إحْدَى وعشرين أو ثِنْتَيْن وعشْرين، في خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب، وأوْصَى إلى عُمَر بن الخَطَّاب.
ذَكَرَ البَلاذُرِيُّ في أخْبَار البُلْدانِ
(1)
، فيما حَكَاهُ عن مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، عن الوَاقِدِيّ، قال: أثْبَتُ ما سَمِعْنا في أمْر عِيَاض بن غَنْم أنَّ أبا عُبَيْدَة ماتَ في طَاعُون عَمْوَاس سَنَة ثَمان عَشرة، واسْتَخْلَفَ عِيَاضًا، فوردَ عليه كتابُ عُمَر بتَوْليته حِمْص وقِنَّسْرِيْن والجَزِيْرَة، فسَارَ إلى الجَزِيْرَة يَوْمِ الخَمِيْس للنِّصْف من شَعْبان سَنَة ثَمان عَشرة في خَمْسة آلاف، وعلى مُقَدِّمته مَيْسَرة بن مَسْرُوق العَبْسِيّ، وعلى مَيْمَنَته سَعِيد بن عَامِر بن حِذْيَم الجُمَحِيّ، وعلى مَيْسَرَته صَفْوَان بن المُعَطَّل السُّلَمِيّ، وكان خَالِد بن الوَلِيد على مَيْسَرَته ويقال: إنَّ خَالِدًا لَم يَسر تحت لِوَاء أحدٍ بعد أبي عُبَيْدَة، ولَزِمَ حِمْصَ حتَّى تُوفِّي بها سَنَة إحْدَى وعشرين، وأوْصَى إلى عُمَر، وبعضُم يَزْعُمُ أنَّهُ ماتَ بالمَدِينَةِ، ومَوْتُه بحِمْصَ أثْبَتُ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(3)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَبْدِ اللهِ بن عَنْبَسَة، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَرو بن عُثْمان يَقُول: لَم يَزَل خَالِد بن الوَلِيدِ مع أبي عُبَيْدَة حتَّى تُوفِّي أبو عُبَيْدَةَ، واسْتُخْلفَ عِيَاض بن غَنْم الفِهْريّ، فلم يَزَل خَالِد معه حتَّى ماتَ عِيَاضُ بن غَنْم، فاعْتَزَل خَالِدُ إلى ثَغْر حِمْص فكان فيه وحَبَس خَيْلًا وسِلَاحًا، فلم يَزَل مُقِيْمًا مُرَابِطًا بحِمْص حتَّى نُزِلَ بهِ، فدَخَلَ
(1)
فتوح البلدان 237.
(2)
لم أقف عليه في طبقاته.
(3)
لم أقف عليه في طبقات ابن سعد، وانظره في تاريخ ابن عساكر 16: 271 - 272.
عليه أبو الدَّرْدَاء عَائِدًا، فقال خَالِد بن الوَلِيد: إنَّ خَيْلي الّتي حَبَّسْت في الثَّغْر وسِلَاحي هو على ما جَعَلْتُه عليه؛ عُدَّةً في سَبِيْل الله قُوِّة يُغْزَى عليها، وتُعْلَفُ من مالي، ودَارِي بالمَدِينَة صَدَقَة حبْسٌ لا تُبَاع ولا تُوْرَث، وقد كُنْتُ أشهَدْتُ عليها عُمَر بن الخَطَّاب ليالي قَدِمَ الجابِيَة، وهو كان أمَرَني بها، ونِعْمَ العَوْنُ هو على الإسْلَام، والله يا أبا الدَّرْدَاء إنْ ماتَ عُمَر لتَرَين أُمُورًا تُنْكرها، قال: قال أبو الدَّرْدَاء: وأنا واللهِ أرَى ذلك، قال خَالِد: قد كُنْتُ وَجَدْتُ عليه في نَفْسِي في أُمُور لمَّا تَدَبَّرتها في مَرَضي هذا، وحَضَرني من الله حَاضِرٌ، عَرَفْتُ أنَّ عُمَر كان يُرِيدُ الله بكُلِّ ما فَعَلَ، كُنْتُ وجَدْتُ في نَفْسِي حين بَعَثَ إليَّ مَنْ يُقَاسمني مالي حتَّى أخَذَ فَرْد نَعْلٍ، وأخذتُ فَرْد نَعْل، فرأيتُه فَعَل ذلك بغيري من أهْلِ السَّابِقة (a)، ومَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وكان يُغْلظُ عليَّ، وكانت غِلظتهُ على غيري نَحْوًا من غِلْظته عليَّ، وكُنْتُ أُدِلُّ عليه بقَرَابتِهِ (b)، فرأيتُه لا يُبالي قَريبًا ولا لَوْم لَائم في غير الله، فذلك الّذي أَذْهَبَ ما كُنْتُ أجدُ عليهِ، وكان يكْثَرُ عليَّ عندَهُ، وما كان ذلكَ منِّي إلَّا على النَّظَر، كُنْتُ في حَرْب ومُكَابدَة، فكنتُ شَاهِدًا، وكان غَائبًا، فكُنْتُ أعْطي على ذلك فخالفه ذلك من أمْري، فقد جَعَلتُ وَصِيَّتي وتِرْكَتي وإنْفاذ عَهْدِي إلى عُمَر بن الخَطَّاب.
قال: فقُدِمَ بالوَصِيَّةِ على عُمَر فقَبلها وتَرَحَّم عليه، وأنْفَذَ ما فيها، وتزَوَّج عُمَرُ بَعْدُ امْرأتَهُ.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا الفَضْل بن دُكَيْن ومُحَمَّد بن عَبْد الله الأسدِيّ، قالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن أبي إسْحاقَ، عن أبي السَّفَر، قال: مرضَ
(a) ابن عساكر: السالفة.
(b) ابن عساكر: بقرابة.
_________
(1)
لم أقف عليه في طبقاته، وانظر تاريخ ابن عساكر 16:273.
خَالِد بن الوَلِيدِ بالشَّام فحَضَره أُنَاسٌ وهو يَسُوق، فقال بَعْضُهم: والله إنَّهُ ليَسُوق، فسَمِعَهُ فقال: أَجَل فأسْتَعِين الله على ذلك.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن ابن أبي الزَّنَادِ وغيره، قالوا: وقَدِمَ خَالِد بن الوَلِيد بعد أنْ عَزَلَهُ عُمَر بن الخَطَّابِ مُعْتَمِرًا، فمرَّ بالمَدِينَةِ، فلَقِيَ عُمَر، ثمّ رجَع إلى الشَّامِ فانْقَطَع إلى حِمْصَ، فلم يَزَل بها حتَّى تُوفِّي بها سَنَة إحْدَى وعشرين.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عُمَر بن عَبْد الله بن رَبَاح، عن أبي رَبَاح خَالِد بن رَبَاح، قال: سَمِعْتُ ثَعْلَبَة بن أبي مالكٍ يَقُول: رأيتُ ابن الخَطَّاب بقُبَاء يَوْم السَّبْتِ ومعه نَفَرٌ من المُهاجِرين والأنْصَارِ، فإذا أُنَاس من أهْلِ الشَّام يُصَلُّونَ في مَسْجِد قُبَاء حُجَّاجًا، فقال: مَن القَوْم؟ قالُوا: من اليَمَن، قال: أي مَدَائن الشَّام نَزَلتُمِ؟ قالوا: حِمْص، قال: هل كان من مُغرِّبةٍ خَبَر؟ قالوا: مَوْت خَالِد بن الوَلِيد يَوْم رَحَلْنا من حِمْص، قال: فاسْتَرْجَعِ عُمَر مِرَارًا ونَكَّس، وأكْثَر التَّرَحُّم عليه، وقال: كان والله سَدَادًا لنُحُور العَدُوّ، ميْمُون النَّقِيْبَةِ، فقال له عليّ بن أبي طَالِب: فِلمَ عَزلتَهُ؟ قال: عَزَلْتُه لبَذْلهِ المالَ لأهْلِ الشَّرَف وذوي اللِّسَانِ (a)، قال عليّ: فكُنْتَ تَعْزله عن التَّبْذِيْر في المالِ وتَتْركه على جُنْده؟ قال: لَم يكُن يَرْضى، قال: فهَلَّا بَلوتَهُ؟.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(3)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني يَزِيدُ بن عَبْد المَلِك، عن الحَارِث بن الحَكَم الضَّمْرِيّ، عن شَيْخٍ من بني غِفَار،
(a) كتب ابن العديم فوقها "صـ"، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.
_________
(1)
لم أجده في طبقاته، وانظر تاريخ ابن عساكر 16:275.
(2)
لم أجده في طبقاته، وانظر: تاريخ ابن عساكر 16: 275.
(3)
لم أقف عليه في طبقاته، وانظر تاريخ ابن عساكر 16: 275 - 276.
قال: سَمِعْتُ عُمَر بن الخَطَّاب بعد أنْ ماتَ خَالِد بن الوَلِيد، وعُمَر فيما بين قُدَيْد وعُسْفَان يقُول -وذَكَرَ خالِدًا ومَوْتَهُ- فقال: قد ثُلِمَ في الإسْلَام ثُلْمَةٌ لا تُوْثَق (a)، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، لَم يكُن رَأيك فيهِ في حَيَاتِهِ على هذا؟ قال: نَدمْتُ على ما كان منِّي إليهِ.
قال مُحَمَّد بن عُمَر: وحَدَّثَني غير يَزيد بن عَبْد المَلِك، قال: حَجَّ عُمَر بن الخَطَّاب ومعَهُ زُبَيْد بن الصَّلْت، وكان كَثِيْرًا ما يُسَايره، قال: فعَرَّسنا من اللَّيْلِ بأسْفَل ثنية غَزَال، فجَعَلت الرِّفَاق تَمُرّ من الشّام يَذْكرونَ خَالِد بن الوَلِيد بعدَ مَوْته، ويقُول رَاجِزُهم:[من الرجز]
إذا رَأيْتَ خالِدًا تجفَّفا
…
وكان بين الأعْجَمَين منْصفا
وهَبَّت الرّيْحُ شمالًا حَرْجَفا
قال: فجَعَل عُمَر يَتَرحَّم عليهِ، فقال له زُبَيْد: ما وَجَدْتُ مثلَكَ ومثلَهُ إلَّا كما قال الشَّاعر: [من البسيط]
لا أعْرِفنَّكَ بعدَ المَوْتِ تَنْدُبُني
…
وفي حَيَاتىَ ما زوَّدتني زَادِي
فقال عُمَر: لا تَقُل ذلك، فواللهِ ما نَقِمْتُ على خَالِد في شيءٍ إلَّا فِى اعْطَائه المال، والله لَيْتَهُ بَقِي ما بَقي بالحَمِى حَجَر.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حدَّثَني سَعْدُ (b) بن عَامِر، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْريَة ولا أعْلَمه إلَّا عن نَافِع، قال:
(a) تاريخ ابن عساكر: لا ترتق.
(b) تاريخ ابن عساكر 16: 276، 280: سعيد.
لمَّا مَاتَ خَالِد بن الوَلِيد لَم يُوجَد له إلَّا فَرَسُه وغُلَامُه وسِلَاحُه، فقال عُمَر: رَحِمَ اللهُ أبا سُليْمان، إنْ كُنَّا لنظنُّه على غير هذا.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَشْكُوَال في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَدَّثني أبو عِمْران مُوسَى بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَبْد اللهِ الحَدَّادُ، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن إسْمَاعِيْل، عن قَيْسٍ، قال: قال عُمَرُ لمَّا ماتَ خالِد بن الوَلِيد: رَحِمَ اللهُ أبا سُليْمان، كُنَّا نَظُنُّ به أشْيَاء، وقال مرَّةً: أُمُورًا ما كانت.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل الدِّمَشقيّ، قِراءَةً عليهِ في مَنْزِلي بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَدَ بن بَوْش الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْدِ الله بن كَادِشٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن العبَّاس العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي سَعْد، قال: حَدَّثني عبد الرَّحْمن بن حَمْزَة اللَّخْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحِرْمَازِيّ، قال: دَخَل هِشَام بن البَخْتَرِيّ في نَاسٍ من بني مَخْزُوم على عُمَر بن الخَطَّاب فقال له: يا هِشَام، أنْشِدني شِعْرَك في خَالِد بن الوَلِيد، فأنْشَدَه، فقال: قَصَّرْتَ في الثَّنَاءِ (a) على أبي سُليْمان رحمه الله، إنْ كان ليُحبُّ أنْ يُذلَّ الشِّرْكَ وأهْلَهُ، وإنْ كان الشَّامِتُ به لمُتَعرِّضًا لمَقْتِ اللهِ، ثُمَّ قال عُمَر: قَاتَل اللهُ أَخا بني تَمِيْم ما أشْعَرَهُ: [من الطويل]
فَقُلْ للَّذي يَبْقَى خِلَافَ الّذي مَضى
…
تَهَيَّأ لأُخْرَى قَبلها (b) فكأنْ قَدِ
(a) الجريري: البكاء.
(b) الجريري: مثلها.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 4: 94، وفي تاريخ ابن عساكر 16:279.
فما عَيْشُ مَنْ قد عَاش بَعْدِي بنافِعي
…
ولا مَوْتُ مَنْ قد مَاتَ يَوْمًا بمُخلدِي
ويُرْوَى:
ولا مَوْت مَنْ قد ماتَ قَبْلي
ثُمَّ قال: رَحِمَ اللهُ أبا سُليْمان، ما عند اللهِ خَيْرٌ له ممَّا كان فيه، ولقد ماتَ فَقِيدًا وعاش حَمِيْدًا، ولكن رَأيتُ الدَّهْر ليسَ بقَابل (a).
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن الحَسَن بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: قال مُحَمَّد بن سَلَّام: حَدَّثني أبَانُ بن عُثْمان، قال: لَم تَبْقَ امْرأةٌ من بني المُغِيرَة إلَّا وَضَعَتْ لمَّتها على قَبْر خَالِدٍ، يقُول: حَلَقَت رَأسَها.
قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: قال مُحَمَّد بن سَلَّام: وحَدَّثَني غير وَاحدٍ، قال: سَمِعْتُ يُونُس النَّحْوِيّ يسأل عنهُ غير مَرَّة أن عُمَر بن الخَطَّاب، قال: دَعَ نِسَاءَ بني المُغِيرَة يَبْكين أبا سُليْمان يُرِقْن من دُمُوعهنّ سَجْلًا
(1)
أو سَجْلَين ما لَم يكُن نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ.
قال يُونُس: النّفْعُ مَدّ الصَّوْتِ بالنَّحِيْب، واللَّقْلَقَةُ: حَرَكَة اللِّسَانِ نحو الوَلْوَلة.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر الخَزَّاز (b)، قال: أخْبَرَنا
(a) مهملة الأول في الأصل، والمثبت كما في تاريخ ابن عساكر، وفي الجليس الصالح: يقاتل.
(b) الأصل: الحزار، وانظر تاريخ ابن عساكر 16:276.
_________
(1)
السَّجْلُ: الدلو الضخمة. لسان العرب، مادة: سجل.
أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن الفَهمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَعْد
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُسْلِم بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بن أسْماء، عن نَافِعٍ، قال: لمَّا ماتَ خَالِد بن الوَلِيد لَم يَدَعْ إلَّا فَرَسه وسِلَاحه وغُلَامه، فبَلَغَ ذلك عُمَر بن الخَطَّاب، فقال: رَحِمَ الله أبا سُليْمان خَالِدًا، كان على غير ما ظَنَنَّاهُ بهِ.
قال: وأخْبَرَنَا ابنُ سَعْد
(2)
، قال: أخْبَرَنا كَثِيْر بن هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن بُرْقَان، قال: حَدَّثَنَا يَزيدُ بن الأصَمّ، قال: لمَّا تُوفِّي خَالِد بن الوَلِيدِ بَكَتْ عليه أُمّ خَالِد، فقال عُمَر: يا أُمَّ خَالِد، أخَالِدًا وأجْره تُؤثرين (a) جَمِيعًا، عَزَمْتُ عليكِ أنْ ألَّا تبيْتي حتَّى تُسَوِّدِي (b) يدَيْكِ من الخِضَابِ.
قال: وأخْبَرَنَا ابن سَعْد
(3)
، قال: أخْبَرَنا وَكِيعُ بن الجَرَّاح، وأبو مُعاوِيَة الضَّرِيْرُ، وعبد الله بن نُمَيْر، قالوا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عن شَقِيْق بن سَلَمَة، قال: لمَّا مَاتَ خَالِد في الوَلِيد اجْتَمَع نِسْوَةٌ من بني المُغِيرَة في دار خَالِدٍ يَبْكين عليهِ، قال: فقيل لعُمَر: انهُنَّ قد اجْتَمَعْنَ في دار خَالِد، وهُنَّ خُلَقاء أنْ يُسْمعنكَ بعضَ ما تَكْرَهُ، فأرْسِل إليهنَّ فانْهَهُنَّ، فقال عُمَر: وما عليهنَّ أنْ يُرِقن من دُمُوعهنَّ على أبي سُليْمان ما لَم يكُن نَقْعًا أو لَقْلَقةً.
قال وَكِيع: النَقْع: الشَّقُّ، واللَّقْلَقَةُ: الصَّوْتُ.
قال: وأخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(4)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عَبْد الله بن أبي سَبْرَة، عن عَبْدِ الله بن عِكْرِمَة، قال: عَجَبًا لقَول النَّاس إنَّ
(a) تاريخ ابن عساكر: ترزين.
(b) ابن عساكر: تسوَّد.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 7: 397 - 398، وانظره أيضًا في تاريخ ابن عساكر 16: 276 - 277.
(2)
لم أقف عليه في طبقاته، وفي تاريخ ابن عساكر 16:277.
(3)
لم أجده في الطبقات الكبرى، وهو في تاريخ ابن عساكر 16:277.
(4)
لم أجده في طبقاته، وانظره في تاريخ ابن عساكر 16:277.
عُمَر نَهَى عن النَّوْح، لقد بَكَى على خَالِد بن الوَلِيدِ بالمَدِينَةِ، ومعه نسَاءُ بَنِي المُغِيرَة شِيَعًا (a) يَشْقُقن الجُيُوبَ ويَضْربن الخُدُودَ (b)، وأَطْعَمُوا الطَّعَامَ تلك الأيَّام حتَّى مَضَتْ، ما يَنْهاهُنَّ عُمَر.
أخْبَرَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي الحُسَين المُزَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أبي طَاهِرٍ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنَا أبو المَيْمُون البَجَليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو زُرْعَة
(2)
، قال: سَألَ مَحْمُود -يعني: ابن سُمَيْعٍ- عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم عن مَوْت خَالِد بن الوَلِيدِ، فقال: بالمَدِينَةِ.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِمِ
(3)
: أنْبَأنَا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد، وأبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد، قالا: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْدِ الله، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بن غَسَّان الغَلَابِيّ، ح.
قال الحافِظُ: وأخْبَرَنَا أبو البَرَكَات، قال: أخْبَرَنَا ثَابِت بن بندَار، قال: حَدَّثَنَا أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنَا الأحْوَص بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حدَّثَنَا أبيّ، قال: حدَّثَنَا الوَاقِدِيّ، قال: ماتَ خَالِدُ بن الوَلِيدِ سَنَة إحْدَى وعشرين (c).
وقال الحافِظُ
(4)
: أنْبَأنَا جَدُّ أبَوَيَّ القَاضِي أبو المُفَضَّلِ القُرَشِيّ وغيره، عنِ عَبْدِ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عُبَيْد الله التَّيْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عبد
(a) ابن عساكر: سبعًا.
(b) ابن عساكر: الوجوه.
(c) بعده في تاريخ ابن عساكر: بحمص.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 282.
(2)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 594.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 280.
(4)
تاريخ ابن عساكر 16: 280 - 281.
الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله التَّمِيْمِيّ، قال: ماتَ خَالِدُ بن الوَلِيد بحِمْص سَنَة إحْدَى وعشرين.
وقال
(1)
: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنَا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن الحَسَن بن عُتْبَة الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذِر، قال: وخَالِد بن الوَلِيد يُكْنَى أبا سُليْمان، ماتَ بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين.
أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، فيما أجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن خُشَيْش، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة إحْدَى وعشرين أبو سُليْمان خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ وله ستُّونَ سَنَةً بحِمْصَ، يعني: ماتَ.
أنْبَأْنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القاضِي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنَا أبو سُليْمان بن أبي مُحَمَّد، قال: أبو سُليْمان خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْدِ الله بن عُمَر بن مَخْزُوم، ماتَ بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين.
أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل الجَنْزَوِيّ، قال: أخْبَرَنَا ابن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرنا المُسَدَّد بن عليّ بن عَبْدِ الله الحِمْصِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن سَعيد القَاضِي، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عُمَيْر، قال: أخْبَرَني عِمْرانُ بن مُوسَى بن أَيُّوبَ، قال: خَالِد بن الوَلِيد يُكْنَى أبا سُليْمان، ماتَ بحِمْصَ سَنَة إحْدَى وعشرين.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 281.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ الله أَحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى التُّسْتَرِيّ، قال: قال أبو عَمْرو العُصْفُرِيّ
(2)
: وفيها -يعني سَنَة إحْدى وعشرين- ماتَ خَالِد بن الوَلِيدِ رحمه الله بالشَّام.
وقال أبو القَاسِم
(3)
: وأنْبَأنَا أبو عليّ وأبو سَعْد، قالا: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن حُبَيْش، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُبْدُوْس بن كَامِل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن نُمَيْر، ح.
قال: وأنْبَأنَا أبو سَعْد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَضْرَميّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن نُمَيْر، قال: ماتَ خَالِد بن الوَلِيد سَنَة إحْدَى وعشرين. زاد الطَّبَرَانِيُّ: بحِمْص.
أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عبد الرَّحْمن السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرني أبو الحَسَن عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَني أبيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، قال: سَنَة إحْدَى وعشرين فيها تُوفِّي خَالِد بن الوَلِيد أبو سُليْمان بحِمْص، وكانت أُمُّهُ لبُابَة الصُّغْرَى بنتُ الحَارِث الهِلَالِيَّةُ.
سَمِعْتُ عَمِّي أبا غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة يَقُول: حَدَّثَني الشَّيْخُ رَبِيْع بن مَحْمُود المَارِدِيْنِيّ الزَّاهِد، قال: جِئْتُ قَبْر خَالِد بن الوَلِيد بحِمْصَ أزُوره،
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 281.
(2)
تاريخ خليفة 150.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 281.
فرأيتُ عندَهُ رَجُلًا من الأكْرَادِ، وهو يُكْثر البُكَاء والنَّحِيْب، ويَرْفَع صَوْتَهُ عند ذلك، فقُلتُ لَهُ: ما لك هكذا؟ فقال: جَرَى لي مع صَاحِب هذا القَبْر أمرٌ أوْجَبَ ما تَرَى، فسَألتُهُ عنه، فقال: جاءَ الفِرِنْج مُغِيْرين على حِمْص وأحْدَقُوا بالمَدِينَة، وغُلِّقت الأبْوَابُ بأسْرِها ولَم يَبْقَ غير بابٍ واحدٍ، فجِئْتُ إلى هذا القَبْر، وقُلتُ: اللَّهُمَّ بحُرْمَته عندَكَ هَبْ لي شَجَاعَتَهُ هذه السَّاعَة، ثمّ خَرَجْتُ لا أخاف من أحدٍ، فلَم يكُن للفِرِنْج في عَيْني من المِقْدَارِ شيءٌ، فحَمَلتُ فيهم وقَتَلْتُ فارسَيْن، وأَسَرْت فارسَيْن، وأخَذْتُهما وخَيْلهما، ودَخَلْتُ بذلكَ إلى المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُود، فهذا الّذي حَمَلني على ما تَرَى.
خَالِدُ بن الوَلِيد الأنْصَاريُّ
(1)
له ذِكْرٌ في وَقْعَة صِفِّيْن، شَهِدَها مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه.
خَالِد بن هِشَام بن إسْمَاعِيْل بن هِشَام بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم القُرَشِيّ المَخْزُوميّ
(2)
خَالُ هِشَام بن عَبْد المَلِك، كان بناحيةِ رُصَافَة هِشَام، وكان من أهْلِ المَدِينَة، فخَرَجَ مع سُليْمان بن هِشَام لقِتَال مَرْوَان بن مُحَمَّد، حين اقْتَتَلا، فقَبَضَ عليه مَرْوَان وقَتَلَهُ.
(1)
توفي بعد سنة 37 هـ، وترجمته في الكامل لابن الأثير 3: 326، وأسد الغابة 1: 586، والإصابة 2:100.
(2)
توفي سنة 127 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 7: 335، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 148، تاريخ ابن عساكر 16: 283 - 284، ابن الأثير الكامل 5: 332، الوافي بالوفيات 13: 269 - 270، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 117.
أنْبَأنا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن جَرِير
(2)
، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَني أبو هاشِم مَخْلَد بن مُحَمَّد بن صالح، قال: وأُتِيَ مَرْوَان بخالٍ لهِشَام بن عَبْد المَلِك، يقال له خَالِد بن هِشَام المَخْزُوميّ، وكان بَادِنًا كَثِيْر اللَّحْم، فأُدْنِي إليهِ وهو يَلْهَثُ، فقال: أيّ فَاسِق، أمَا كان لك في خَمْر المَدِينَة وقِيَانِها ما يَكفيك (a) عن الخُرُوج (b) تُقَاتلني؟ قال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أكْرَهَني -يعني سُليْمان بن هِشَام- فأنْشُدك الله والرَّحم، قال: وتَكْذب أيضًا! كيفَ أكْرَهَكَ وقد خَرَجْتَ بالقِيَانِ والزِّقَاقِ والبَرَابِط معك في عَسْكَره، فقَتَلَهُ.
قال: وكان هذا في سَنَة سَبْعٍ -أو: ثَمانٍ- وعشرين ومائة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن بن البَنَّاءِ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، فال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: ومن وَلدِ هِشَام بن إسْمَاعِيْل: خَالِد بن هِشَام بن إسْمَاعِيْل. حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَسْلَمَة، عن عَمِّهِ مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُحَمَّد بن هِشَامٍ، قال: سَابَق الوَلِيد بن عَبْد المَلِك بين الخَيْل فجاءَ فَرَسٌ لخَالِد بن هِشَام بن إسْماعِيْل سَابقًا، فقال الوَلِيد: لمَن هَذا الفَرَس؟ فقَال خَالِد: هذا فَرَسُ أَمِير المُؤْمنِيْن الّذي أَهْدَيْتُ إليه البَارِحَة، فقال: وَصَلَ الله رَحمكَ، قد قَبِلْنا هَدِيَّتَكَ وسَوَّغناك سَبْقك، وعَوَّضْنَاك منه ألف دِيْنارٍ. وفي رِوَايَةٍ أُخْرى: وكان الوَلِيدُ يَجْزع إذا سُبِقَ.
(a) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وعند الطبري: يكفُّك.
(b) الطبري: الخروج مع الخراء.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 283 - 284.
(2)
تاريخ الطبري 7: 325.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله
(1)
، قال: خَالِد بن هِشَام بن إسْمَاعِيْل بن هِشَام بن الوَلِيد بن المُغِيرَة بن عَبْد الله بن عُمَر بن مَخْزُوم القُرَشِيّ المَخْزُوميّ، وَفَدَ على الوَلِيد بن عَبْد المَلِك (a).
(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أرباع الصفحة، ثم بياض يستغرق الصفحة التي تليها، وكذا الورقة بعده، وأدرج ابن العديم في طيارتين ترجمة ألب أَرَسلَان بن محمُود بن مُحَمّد بن مَلِكْشاه بن ألْب أرسْلان بن جغْرِي بك التُّرْكِيّ، وكُتِبَ بموازاته بخط مختلف عن خط المتن، لعله خط ابن فهد المكي الهاشمي؛ متملك النسخة:"تقدم هذه الترجمة في أواخر حرف الألف [كذا] "، فأعدناها إلى موضعها من الترتيب على حروف المعجم في حرف الألف فيمن اسمه ألب أرسلان، ووقع إثباتها في الجزاء الرابع من هذا الكتاب.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 283.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوْفِيْقِي
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ يَزِيد ممَّن اسْمُه خَالِد
خَالِد بن يَزِيد بن حَمْدَان التَّمِيْمِيّ الخُرَاسَانيّ
له ذِكْرٌ، اجْتازَ بمَنْبِج وحَرَّان مع مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان، حين انْهَزَم من عَبْد الله بن عليّ إلى مِصْر، وقُتِلَ، ودَخَلَ خَالِد مع ابني مَرْوَان: عَبْد الله وعُبَيْد الله إلى بِلَادِ النُّوْبَةِ، قرأتُ ذلك بخَطِّ أبي سَعيدٍ السُّكَّرِيّ.
خَالِد بن يَزِيد بن خَالِد بن عَبْد الله بن يَزِيد بن أسَد بن كُرْز بن عَامِر البَجَليّ أبو الهَيْثَم القَسْرِيّ الدِّمَشقيّ
(1)
وجَدُّهُ خَالِد هو أمير مَكَّة والعِرَاقَيْن الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ
(2)
، قَدمَ الثُّغُور الشَّامِيَّةَ غَازِيًا.
وحَدَّثَ عن مُحَمَّد بن سُوْقَة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، وخَالِد بن صَفْوَان بن الأَهْتَم التَّمِيْمِيّ، وسُليْمان بن عليّ بن عَبْد الله بن عبَّاس، وعَبْد العَزِيْز بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأبي حَمْزَة ثَابِت بن أبي صَفِيَّة الثَّمَالِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن
(1)
توفي بعد سنة 200 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 5: 347، 389، 6: 147، ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 885 - 888، الجرح والتعديل 3: 359، تاريخ ابن عساكر 16: 285 - 288، تاريخ الإسلام 5: 67، ميزان الاعتدال 1: 647، سير أعلام النبلاء 9: 410 - 411، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 117 - 118.
(2)
فيما تقدم من هذا الجزء.
أبي ذِئْب، وحُرَيْث، ويَحْيَى بن عُبَيْدِ الله التَّيْمِيّ، ومُجَالِد بن سَعِيد (a)، وفِطْر بن خَلِيفَة، وأبي رَوْقٍ عَطِيَّة بن الحَارِث الوَادِعِيّ، وبُرَيْد بن عَبْد الله بن أبي بُرْدَة الكُوْفيّ، وعَمَّار بن أبي مُعاوِيَة الدُّهْنِيّ، وعَمْرو بن مَيْمُون، ويَحْيَى بن عُبَيْدِ الله
(1)
، وعَمْرو بن دِيْنار، وجَعْوَنَة بن قُرَّة، والكَلْبيّ، وأبي سَعْد البَقَّال، والصَّلْت بن بَهْرَام، ومُحَمَّد بن عَمْرو، وإبْراهيم بن يَزِيد الخُوزِيّ (b)، وِعَبْد الله بن عَوْن، وأبي حَيَّان يَحْيَى بن سَعيد بن حَيَّان التَّيْمِيّ، وهِشَام بن عُرْوَة، وسُهَيْل بن أبي صالِح.
رَوَى عنهُ من أهْلِ الثُّغُور والعَوَاصِم يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، وأبو الوَلِيد أحْمَدُ بن جَنَاب بن المُغِيرَة المِصِّيْصيَّان، وأبو سَعيد أحْمَد بن بَكْر البَالِسِيُّ، ومنِ غيرهم أبو الحَسَن أحْمَدُ بن إبْراهيم بن مُوِسَى المَصَاحِفِيّ، وهِشَام بن عَمَّار الدِّمَشقيّ، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن ابن بنت شُرَحْبِيل، ومُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله قَاضي أَذْرِعات، والوَلِيد بن مُسْلِم، وهِشَام بن خَالِد، وأبو عبدِ الرَّحْمن الطَّبَريّ، وعَبْد الرَّحمن بن إبْراهيم المَعْرُوف بدُحَيْم.
أخْبَرَنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن مُوسَى الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن [سَعيْد بن](c) مُسَلَّم المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن يَزِيد
(a) بعده في الأصل: "ومحمد بن سوقة"، وقد تقدم.
(b) الأصل: الخوري، ويأتي فيما بعد: الحوزي، وصوابه المثبت. انظر: الجرح والتعديل 2: 146، ميزان الاعتدال 1: 35، الوافي بالوفيات 6:169.
(c) ما بين الحاصرتين استكمال لاسمه، إلا أن يكون نسبه إلى جدّه تجوزًا، وتقدم ذكره فيمن روى عن صاحب الترجمة.
_________
(1)
لعله التيمي المقدَّم ذكره.
(2)
الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 338، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 16:286.
القَسْرِيّ، عن مُحَمَّد بن سُوْقَة، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن عائِشَة، قالت: نَهَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن أكْل الضَّبّ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرِّ بن الحَسَن بن أحْمَد العَطَّار الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن نَصْر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن يُوسُف السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيٍّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفَضْل البَزَّاز بحَلَب، قال: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن بَكْر البَالِسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن يَزِيد الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد البَقَّال، عن أبي الزُّبَيْر، عن جَابِر أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَجَع من غَزْوتهِ، قال: آيبُونَ تَائبُونَ إنْ شَاءَ الله لرَبِّنا حَامِدُونَ.
قال ابنُ عَدِيٍّ: وهذا الحَدِيْثُ لأبي سَعْدٍ البَقَّال عنِ أبي الزُّبَيْر لا أعْلَم رَوَاهُ غير أحْمَد بن بَكْرٍ، ولعل البَلَاءَ فيه من خَالِد بن يَزِيد الدِّمَشقيّ (a).
(a) بعده في الأصل حكاية تتَّصل بترجمة خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأمويّ، الآتية ترجمته قريبًا، وقد أورد الحكاية في موضعها من ترجمة الأموي، وكتب ابن العديم إزاء النصّ المدرج هنا:"كَتْبُ هذه الحكاية في هذا الموضع وقع سَهوًا، وإنما هي من ترجمة خالد بن يزيد بن معاوية، وستأتي في ترجمته إن شاء الله". ونصّ الحكاية: "أخْبَرَنَا أبو مُحَمُّد عبدُ الرَّحْمن بنُ عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أَخْبرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، ح. وأخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا يُوسُف بن آدَم، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر السَّمْعَانيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد المُؤذِّن، قال: أخْبَرَنَا أبو زَكَرِيَّاء، يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن السَّكُونِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَمَّاد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا أبو شُرَحْبِيلِ عِيسَى بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا أبو اليَمَان، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل، عن سَعيد بن عَبْد العَزِيْز أنَّ الحَجَّاج بن يُوسُف سَأل خَالِد بن يَزِيد عن الدُّنْيا فقال: مِيْرَاث، فقال: فالأيَّام، قال: دُوَل، قال: فالدَّهْر؟ قال: أطبَاق والمَوْت بكُلِّ سَبيل، فليحْذَر كُلّ عَزِيز الذُّلَّ، وكُلّ غَنِيّ الفَقْر، فكم من عَزِيز قَوْم قد ذَلّ، وكم من غَنِيٍّ افْتَقَر".
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 191، وحديث جابر في الجامع الكبير للترمذي 2: 274 (رقم 104)، ورواه مسلم في صحيحه 2: 978 (رقم 425)، وسنن أبي داود 3: 75 (رقم 2599)، من طريق أبي الزبير عن علي.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِمِ الخَطِيبُ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: خَالِد بن يَزِيد القَسْرِيّ، رَوَى عنهُ هِشَام بن خَالِد، سَألْتُ أبي عنهُ، فقال: ليس بقَوِيّ.
وقال ابنُ أبي حَاتِم
(2)
: خَالِد بن يَزِيد البَجَليّ، رَوَى عنهُ دُحَيْم.
هكذا ذكر ابنِ أبي حَاتِم وظنَّهما اثْنَين ففَرَّق بينهما، والقَسْرِيّ هو البَجَليّ بعَيْنه وهو واحدٌ، وَهِمَ فيهِ.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أبو الهَيْثَم خَالِد بن يَزِيد بن أسَد، عن أبي حَمْزَة الثُّمَالِيّ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي الفَتْحِ المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبِو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال في قَسْر: بفَتْحِ القَافِ والسِّيْن المُهْملَة، منهم خَالِد بن يَزِيد القَسْرِيّ، يُحَدِّثُ عن هِشَام بن عُرْوَة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد وغيرهما، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن بَكْر البَالِسِيّ وغيره.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(3)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر القُشَيْريّ: أخْبَرَنَا أبو بَكْرِ البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا عليٍّ يَقُول: خَالِد بن يَزِيد القَسْرِيّ مَعْرُوفٌ.
قُلتُ: يُريد أبا عليّ الحُسَين بن يَزِيد النَّيْسَابُوريّ الحافِظ.
(1)
الجرح والتعديل 3: 359.
(2)
الجرح والتعديل 3: 357.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 287 - 288.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن الحَسَن بن أحْمَد العَطَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن نَصْر (a) بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الحافِظ
(1)
، قال: خَالِد بن يَزِيد بن أسَد البَجَليّ القَسْرِيّ، وأحَادِيْثهُ كُلُّها لا يُتَابَعُ عليها؛ لا إسْنَادًا ولا مَتْنًا، ولم أرَ للمُتَقَدِّمين الّذين يَتَكلَّمُون في الرِّجال لهم فيه قَوْلًا، ولعَلَّهُم غَفَلُوا عنه، وقد رأيتُهم تكلَّموا فيمَنِ هو خَيْرٌ من خَالِد هذا، فلم أجد بُدًّا من ذِكْره، وأنْ أُبيِّن صُوْرته، وهو عندي ضَعِيْفٌ وأحَادِيْثُه افْرادَات، ومع ضَعْفه كان يُكْتَب حَدِيثُه.
كذا قال ابنُ عَدِيّ: خَالِد بن يَزِيد بن أسَد! فأسْقَط ثَلاثة من أجْدَاده بين يَزِيد وأَسَد، والصَّوَاب ما ذَكَرناهُ في تَرْجَمَتِهِ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أَخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنَا يُوسُفُ بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو (b) بن مُوسَى العُقَيْلِيّ
(2)
، قال: خَالِد بن يَزِيد القَسْرِيّ لا يُتَابَعُ على حَدِيثهِ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر عليّ بن هِبَة الله بن مَاكُولا
(3)
، قال: قَسْر -بفَتْح القَافِ وسُكُون السِّيْن المُهْملَةِ- فهو قَسْر بن عَبْقَر، قَبِيلٌ (c) من بَجِيْلَة، منها خَالِد بن يَزِيد
(a) الأصل: نصر الله، وضرب على الزيادة في اسمه.
(b) الأصل: عمر، وتكرر اسمه صحيحًا في كثير من المواضع.
(c) الأصل: قبيلة، والمثبت من الإكمال، وتقدم فيما مرّ من هذا الجزء على الوجه المثبت؛ في نقل المؤلف لكلام ابن ماكولا في ترجمة جد المترجم له: خالد بن عبد الله القسري.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 885 - 886.
(2)
العقيلي: الضعفاء الكبير 2: 15.
(3)
ابن ماكولا: الإكمال 7: 119 - 120.
القَسْرِيّ، يُحَدِّثُ عن هِشَام بن عُرْوَة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد وغيرهما، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن بَكْر البَالِسِيّ وغيره.
أخْبَرَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ
(1)
، قال: خَالِد بن يَزِيد بن خَالِد بن عَبْد الله بن يَزِيد بن أسَد بن كُرْز، أبو الهَيْثَم القَسْرِيّ، وجدُّه خَالِد أمير العِرَاق، من أهْلِ دِمَشْق.
حَدَّثَ عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، وعَمَّار الدُّهْنِيّ، وأبي حَمْزَة ثَابِت بن أبي صَفِيَّة الثُّمَالِيّ، وفِطْر بن خَلِيفَة، وأبي رَوْقٍ عَطِيَّة بن الحَارِث الهَمْدانِيّ الوَادِعِيّ، والكَلْبيّ صَاحِب التَّفْسِير، وبُرَيْد (a) بن عَبْد الله بن أبي بُرْدَة الكُوْفيّين، وخَالِد بن صَفْوَان بن الأَهْتَم التَّمِيْمِيّ، وجَعْوَنَة بن قُرَّة، ومُحَمَّد بن عَمْرو، وأبي سَعْد البَقَّال، وعَبْد العَزِيْز بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبي ذِئْب، والصَّلْت بن بَهْرَام، وسُليْمان بن عليّ بن عَبْد الله (b) بن عبَّاسٍ، وإبْراهيم بن يَزِيد الخُوزِيّ (c)، وأبي حَيَّان يَحْيَى بن سَعيد بن حَيَّان التَّيْمِيّ (d)، وهِشَام بن عُرْوَة، ومُحَمَّد بن سُوْقَة، وعبد الله بن عَوْن، ويَحْيَى بن عُبَيْدِ الله التَّيْمِيّ.
رَوَى عنهُ الوَلِيد بن مُسْلم، وهِشَامِ بن عَمَّار، وهِشَام بن خَالِد، ودُحَيْم، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن، ويوسُف بن سَعِيد بن مُسَلَّم، وأحمد بن بَكْرٍ البَالِسِيِّ، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله (e) قاضي أَذْرِعات، وأبو عبد الرَّحْمن الطَّبَريّ، وأبو الحَسَن أحْمَدُ بن إبْراهيم بن مُوسَى المَصَاحِفِيّ الرَّمْليّ، وأحمد بن جَنَاب المِصِّيْصيُّ.
(a) في نشرة تاريخ ابن عساكر: يزيد، محرف.
(b) ابن عساكر: عبيد الله. وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 6: 162 - 163.
(c) الأصل: الحوزي، وعند ابن عساكر: الجوزي، وتقدم التعليق عليه أول الترجمة.
(b) ابن عساكر: التميمي.
(e) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر، وتقدم في أول الترجمة تسمية: محمد بن عبيد الله.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 285.
خَالِد بن يَزِيد بنِ مُحَمَّد، أبو الهَيْثَم الخُزَاعِيِّ، ويُعْرفُ بابن مِخْبَط
سَمِعَ بالمِصِّيْصَة وبعَيْن زُرْبَة من إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ البَصْرِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بالمِصِّيْصَة، ورَوَى عن أبي سُليْمان دَاوُد بن مُعَاذ ابن أُخت مَخْلَد بن حُسَيْن، وعن قَزَعَة.
رَوَى عنهُ يَعْقُوب بن سُفْيان الفَسَوِيّ، وأبو حَفْص عُمَر بن دَاوُد بن سَلْمُون (a) الأَنْطَرسُوسيّ (b)، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن صالح الأبْهَرِيّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن الرَّشِيْدِيّ.
أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيمُ بن عُثْمان بن يُوسُف بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن سَلْمَان، وأبو المُظَفَّر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ الكَاغَدِيّ -قال أبو الفَتْحِ: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون. وقال أبو المُظَفَّر: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ- قالا: أخْبَرَنَا أبوِ عليّ الحُسَين بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن درَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن يَزِيد أبو الهَيْثمَ المِخْبَطيّ، قال: حَدَّثَنَا قَزَعَة، عن حُمَيْد، عن الأعْرَج، عن الزُّهْرِيّ، عن مَحْمُود بن لَبِيْد، عن شَدَّاد بن أَوْسٍ
(2)
: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا حَضَرتُم مَوْتاكُم فاغْمضُوا
(a) الأصل: سلبون، وانظر ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 45: 7 - 9، معجم البلدان 1: 270، لسان الميزان 4:302.
(b) نسبته إلى أنطرطوس، وتقدم التعريف بها في هذا الجزء، وابن العديم يذكرها حيثما ترد بالسين عوض الطاء الثانية.
_________
(1)
لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.
(2)
سنن ابن ماجه 1: 468 (رقم 1455)، المعجم الكبير للطبراني 7: 349 (رقم 7168)، فيض القدير للمناوي 1: 330 (رقم 564).
بَصَرهُ، فإنَّ البَصَر يَتْبَع الرُّوْحَ، وقولُوا خَيْرًا، فإنَّهُ يُؤَمِّنُ على ما قال أهْلُ المَيِّت.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن مَحْمُود بن الأخْضَر البَغْدَاديّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أَحْمَد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنَا الحَاجِب قَرَاتكيْن بن الأَسْعَد، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الأبْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الَهيْثَم خَالِد بن يَزِيد، ويُعْرَفُ بابن مِخْبَط من كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان دَاوُد بن مُعَاذ ابن أُخت مَخْلَد بن حُسَيْنَ منذ خَمْسٍ وثَمانين سَنَة، قال: حَدَّثَنَا مِسْمَع بن عَاصِم المِسْمَعِيّ، عن هِشَام الدُّسْتُوَائِيّ، عن قَتَادَة، عن أنَس بن مَالِك
(1)
، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا يكُون العَبْد مُؤْمِنًا حتَّى يُحبّ للمُسْلم ما يُحبّ لنَفْسِه من الخَيْر.
خَالِد بن يَزِيد بن مَزْيَد بن زَائِدَة بن عَبْد الله بن زَائِدَة بن عَبْد الله بن مَطَر بن شَرِيك، أبو يَزِيد ابن أبي خَالِد الشَّيْبَانِيّ
(2)
كان مَذْكُورًا مُمَدَّحًا، وله أشْعَار حَسَنة، وكان بقِنَّسْرِيْن، ومَدَحَهُ أبو تَمَّام الطَّائيّ بها بقَصِيْدَتهِ الّتي أوَّلها
(3)
: [من الطويل]
يقُول أُناسٌ في حَنِيْنَاء (a) وقد رَأوا (b)
…
عِمارَةَ رَحْلي من طَرِيفٍ وتَالِدِ
(a) في ديوان أبي تمام بالباء عوض النون الأولى: حَبِيْناء، وضبطه ابن العديم حيثما يرد تاليًا في هذه الترجمة بضم أوله ثم الفتح: حُنَيْنَاء، وضبطه فيما بعد (في الجزء العاشر الخاص بالكنى والألقاب: ترجمة الفرخ) على النحو المثبت أعلاه (بفتح أوله وكسر ثانيه: حَنِيْناء)، وهو ضبط موافق لما عند ياقوت: معجم البلدان 2: 313.
(b) ديوان أبي تمام: عاينوا.
_________
(1)
أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 4: 246 (رقم 1840).
(2)
توفي سنة 230 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 127، 198 - 200، أخبار أبي تمام للصولي 154 - 166، البيان والتبيين 1: 328، 342، 3: 100، 165، تاريخ الطبري 8: 603، المعارف 390، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 326 - 337، الزركلي: الأعلام 2: 301.
(3)
ديوان أبي تمام 2: 5.
قَرَأتُ في نُسْخَة من شِعْر أبي تَمَّام الطَّائيّ، ممَّا أخَذَ عن أبي النَّضْر بن أسْبَاط النَّحْوِيّ نَزِيلُ حَلَب، وأبي الحُرّ عُبَيْد الله بن حَفْص التَّغْلِبِيّ، قال: حَنِيْنَاء مَوضِعٌ بقِنَّسْرِيْن، وقيل: بنوَاحِي الثُّغُور والجَزِيْرَة.
قُلتُ: والصَّحيحُ أنَّ حَنِيْنَاء بناحيةِ قِنَّسْرِيْن بالقُرْبِ من رُصَافَة هِشَام، ودَيْر حَنِيْنَاء كان يَنْزله مُعاوِيَة بن هِشَام بن عَبْد المَلِك.
قَرَأتُ في كتاب الوَرَقَة في أخْبَار الشُّعَراء
(1)
، تأليفُ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن دَاوُد بن الجَرَّاح، قال: خَالِد بن يَزِيد بن مَزْيَد أبو يَزِيد الشَّيْبَانِيّ، شَاعِرٌ بَغْدَاديٌّ له أشْعَارٌ مِلَاحٌ، أنْشَدَ له أبو هَفَّان:[من الكامل]
قالُوا رُزِقْتَ منَ العِبَادِ مَوَدَّةً
…
فأجَبْتُ لو كانَتْ مَوَدَّةَ وَاحِدِ
فارْحَمْ تَضَرُّعَ خَالِدٍ يا مَن بهِ
…
ودَلَالِهِ قامَتْ قِيامَةُ خَالِدِ
قال
(2)
: ومن قَوْله: [من الطويل]
وقَائلةٍ حُزْنًا عليَّ من (a) الرَّدَى
…
وقد قُلْتُ هَاتِي نَاوليْني سِلَاحِيَا
لكَ الخَيْر لا تَعْجَلْ إلى قَتْل مَعْشَرٍ
…
فريدًا وَحِيْدًا وابْغِ نَفْسَكَ نَائِيَا (b)
فقُلْتُ أخي سَيْفي ورُمْحي نَاصِري
…
ودِرْعي لي حِصْنٌ ومُهْري بَلَاغِيا (c)
ستَتْلَفُ نَفْسِي أو سَأبلغُ هِمَّتي
…
فأُغْنِي وأُقْنِي من أَرَدْتُ بمَالِيَا
وتَقْصُر يُمْنَى مَن أرَادَ بي الرَّدَى
…
إذا أَوْمَأتْ يَوْمًا إليهِ شِمَاليا
فلا الفَقْرُ أضْنَاني ولا البُخْلُ عَاقَني
…
ولكنَّ مالي ضَاقَ بي عن فَعَالِيا
أخْبَرَنَا أبو الفَضْل مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللهِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنَا
(a) الوافي: مع.
(b) الوافي: ثانيا.
(c) الوافي: بلا عَنا.
_________
(1)
لم يرد في المطبوع من كتاب الورقة.
(2)
لم ترد الأبيات في المطبوع من كتاب الورقة، وانظرها في الوافي بالوفيات 13:278.
أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ الكَتَّانِيّ (a) إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبي أبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنِي مُحَمَّد بن الحَسَن -يعني: ابن المُظَفَّر الكِاتِب اللُّغَويّ المَعْرُوف بالحَاتِمي- قال: أخْبَرَنِي أبو بَكْرٍ الصُّوْلِيّ. قال التَّنُوخِيّ: وهو فيما أجَازَهُ لي أبو بَكْرٍ الصُّوْلِيّ، وقد ذَكَرَهُ في شِعْر أبي تَمَّامٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم بن خَلَّاد، قال: رَفعَ بعضُ العُمَّالِ إلى المُعْتَصِم، وكان يَلى الخَرَاج في مَوضِعٍ يَلي فيه خَالِد بن يَزِيد الحَرْبَ، أنَّ خَالِد بن يَزِيد اقْتَطَع الأمْوَال واحْتَجَز (b) بعضها، فغَضِبَ المُعْتَصِمُ وحَلَفَ ليأخُذَنَّ أمْوَالَ خَالِد ولينْفِيَنَّهُ ويُعَاقبنَّهُ، فلجأ خَالِدٌ إلى أحْمَد بن أبي دُؤَاد القَاضِي، فاحْتَال حتَّى جَمعَ بينه وبين خَصْمه فلَم تَقُمْ على خَالِدٍ حُجَّة، فعَرَّفَ المُعْتَصِمَ ابنُ أبي دُؤَادٍ ذلك، وشفَعَ إليهِ في خَالِد، فلم يُشَفِّعْهُ، وأُحْضِر خَالِدٌ وأُحْضرَتْ آلاتُ العُقُوبَةِ، وقد كان قَبْلَ ذلك قَبَضَ أمْوَالَهُ وضِيَاعَهُ وصَرَفَهُ عن العَملِ، وحَضر ابن أبي دُؤَادٍ المَجْلِس، فجلَسَ دون مَجْلسِه الّذي كان يَجْلِسُ فيه، فقال له المُعْتَصِم: ارْتَفعِ إلى مكانكَ، فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، ما أسْتَحقُّ إلَّا دُونَ هذا المَجْلِس، قال: وكيف؟ قال: النَّاسُ يَزْعُمُون أنَّهُ ليس مَحَلِّي مَحَلُّ مَنْ يُشَفَّعُ في رَجُلٍ قُرِفَ بما لَم يَصِحِّ، قال: فارْتَفع إلِى مَوضِعكَ، قال: مُشَفّعًا أو غير مُشَفّع؟ قال: بل مُشَفّعًا، قد وَهَبْتُ لك خَالِدًا ورَضِيْتُ عنه، قال: إنَّ النَّاس لا يَعْلَمُون بهذا، قال: قد رَدَدْتُ عليه أعْمَالَهُ وضِيَاعَهُ وأمْوَالَهُ، قال: ويُشَرِّفه أَمِير المُؤْمنِيْن بخِلَعٍ تَظْهر للعامَّة، فأمرَ أنْ تُفَكَّ قُيُودهُ، ويُخْلَعَ عليه،
(a) مهملة في الأصل، وتقدمت في العديد من المواضع.
(b) في النشوار والفرج بعد الشدة والمستجاد: احتجن.
_________
(1)
ذكر الحكاية في كتبه الثلاثة: نشوار المحاضرة 7: 191 - 192، والمستجاد من فعلات الأجواد 159 - 160، والفرج بعد الشدة 2: 60 - 62.
ففَعَل ذلك ورُدَّ إلى حَضْرتِه، فقال ابنُ أبي دُؤَاد: قد اسْتَحقَّ هو وأصْحَابه رِزْقَ ستَّة أشْهُر، فإنْ رَأى أَمِير المُؤْمنِيْن أنْ يَجْعلها صِلَة لَه؟ قال: ليحمل معه، فخَرَج خَالِد وعليه الخِلَعُ، وبينَ يَدَيْهِ المالُ، والنَّاسُ مُنْتَظرُونَ الإيْقَاع به، فلَّما رَأوهُ (a) على تلك الحال سرُّوا، وصَاح به رَجُلٌ: الحَمْدُ لله على خَلَاصِكَ يا سَيِّد العَرَب، فقال: كَذَبْتَ؛ سَيِّد العَرَب واللهِ ابن أبي دُؤَادٍ لا أنا.
وفي هذه القِصَّة يقول أبو تَمَّام الطَّائيّ
(1)
: [من الكامل]
يا سَائلي عَنْ خَالِد وفَعَالِهِ
…
رِدْ فاغْتَرفْ عِلْمًا بغَيْر رشاءِ
قد كان خَطْبٌ عَاثِرٌ فأَقَالَهُ
…
رَأيُ الخَلِيفَةِ كَوْكَب الخُلَفَاءِ
فخرجْتَ منهُ كالشِّهَابِ ولَم تَزَلْ
…
مُذْ كُنْتَ خرَّاجًا مِنَ الغَمَّاءِ
ما سَرَّني بخِدَاجِهَا من حُجَّةٍ
…
ما بينَ أَنْدَلُسٍ إلى صَنْعاءِ
خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان صَخْر بن حَرْب بن أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْس بن عَبْدِ مَنَاف، أبو هَاشِم الأُمَوِيّ
(2)
خَرَجَ مع عَبْد المَلِك بن مَرْوَان من دِمَشْق حين خَرَجَ لقِتَالِ مُصْعَب بن الزُّبَيْر، فلمَّا كان دونَ بُطْنَانِ حَبِيْبٍ بلَيْلة، فجلَسَ خَالِد بن يَزِيد وعَمْرو بن سَعيد
(a) الأصل: رآه، والتصويب من كتب التنوخي الثلاثة التي أوردت الحكاية.
_________
(1)
ديوان أبي تمام 1: 12 - 16.
(2)
توفي سنة 84 هـ، وقيل سنة 90 هـ فما دونها. وترجمته في: تاريخ خليفة 259، تاريخ البخاري الكبير 3: 181، مصعب الزبيري: نسب قريش 128 - 129، تاريخ أبي حفص الفلاس 550، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 328، 3: 100، 156، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 4: 359 - 367، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 285، 325، المحبر 59، 67، 445، المعارف لابن قتيبة 352، ولاة مصر للكندي 65، تاريخ الطبري 5: 461 - 462، 500، 532 - 537، 541، 610، 6: 148، 156، 164، 7: 263، 283، 421، المسعودي: مروج الذهب 3: 282 - 290، 310، 4: 13 =
فتَذَاكَرا أمْر عَبْدِ المَلك ومَسِيْرهُما معه، فرجَع عَمْرو بن سَعيدٍ إلى دِمَشْق وشجَّعهُ خَالِد بن يَزِيد. وقد ذُكِرَ ذلك في تَرْجَمَةِ عَمْرو بن سَعيد الأشْدَق
(1)
.
ورَوَى خَالِد بن يَزِيد عن دِحْيَة بن خَلِيفَة الكَلْبيّ، وأبيهِ يَزِيد بن مُعاوِيَة، وسَمِعَ أبا أُمَامَةَ البَاهِلِيّ.
رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، والعبَّاس بن عَبْد الله بن العبَّاس، ورَجَاء بن حَيْوَة، وعليّ بن رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ المِصْرِيّ، وإبْرَاهِيم بن أبي حُرَّة الحَرَّانيّ، وخَالِد بن عَامِر (a) الزِّيَادِيّ المِصْرِيّ، وأبو الأخْضَر مَوْلَى خَالِد بن يَزِيد المَذْكُور. وكان فَصِيحًا، بَلِيْغًا، شَاعِرًا (b).
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالبِ أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن
(a) في الأصل: عمر، ويأتي فيما بعد على الوجه المثبت، وكما هو في تاريخ ابن عساكر، وانظر: تاريخ ابن يونس 2: 72، وتوضيح المشتبه 4: 324، وعندهما: الزبادي: بموحدة، وهو بمثناة حيثما يرد تاليًا.
(b) بعده في الأصل بياض يستوفي نصف الصفحة وكامل التي تليها.
_________
= - 14، 5: 159، التنبيه والإشراف 210، 307 - 308، الفهرست للنديم 2/ 1: 139، 144، 448 - 449، تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 73، الجرح والتعديل 3: 357، 361، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 112، تاريخ ابن عساكر 16: 301 - 315، ابن الجوزي: المنتظم 6: 236 - 238 (أرخ وفاته سنة 82 هـ)، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1238 - 1241، ابن الأثير: الكامل 4: 87، 125، 146 - 154، 191، 337 (وانظر فهرس الأعلام 113:13)، أسد الغابة 3: 97، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 430 - 439، وفيات الأعيان 3: 224 - 226، تهذيب الكمال 8: 201 - 208، تاريخ الإسلام 2: 930 - 932، سير أعلام النبلاء 4: 382، 9: 411 - 412، العبر في خبر مَن غبر 1: 78، الكاشف 1: 276 (أرخ وفاته سنة 90 هـ)، الوافي بالوفيات 13: 270 - 373، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 80، تهذيب التهذيب 3: 128 - 129، تقريب التهذيب 1: 220، الإصابة 2: 157، المقريزي: المقفى الكبير 3: 774 - 783، النجوم الزاهرة 1: 221 (أرخ وفاته سنة 90 هـ)، شذرات الذهب 1: 349، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 119 - 123، معجم المؤلفين 4: 98، الزركلي: الأعلام 2: 300 - 301.
(1)
ترجمة عمرو بن سعيد الأشدق في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.
عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار
(1)
، قال: فولد يَزِيد بن مُعاوِيَة: مُعاوِيَةَ وخَالِدًا وأبا سُفْيان، وأُمُّهم أُمُّ هاشِم بنت [أبي](a) هاشِم بن عُتْبَة بن رَبِيْعَة، وكان خَالِد بن يَزِيد يُوْصَف بالعِلْم، ويقُول الشِّعْر. قال عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْد الله: زَعَمُوا أنَّهُ هو الّذي وَضَع ذِكْر السُّفْيَانِيّ وعَظَّمَهُ (b)، وأرادَ أنْ يكُون للنَّاس فيهم مَطْمعٌ حين غَلَبَهُ مَرْوَان بن الحَكَم على المُلْك، وتَزَوَّجَ أُمَّه أُمَّ هاشِم، وقد كانت أُمُّهُ تُكنَّى به، لها (c) يقُول أبُوه يَزِيد بن مُعاوِيَة:[من الطويل]
ما بِيَ (d) يَوْمَ اسْتَعْبَرَتْ أُمُّ خَالِدٍ
…
بمَرْضَي ذَوِي دَاءٍ ولا بصِحَاحِ
وقال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنَا أبو السُّعُود بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنَا عُبَيْد الله بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَفْص، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حَدَّثكَم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: قال ابنُ عَيَّاشٍ (e): خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة يُكْنَى أبا هاشِم.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَاتِ بن الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن الصَّوَّافِ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة أبو هاشِم.
(a) ساقطة من الأصل ومن نشرة ابن عساكر، والتعويض من نسب قريش والعقد الفريد 4:375.
(b) نسب قريش وتاريخ ابن عساكر: وكثَّره.
(c) نسب قريش: وفيها.
(d) نسب قريش وتاريخ ابن عساكر: وما نحن.
(e) في الأصل: عباس، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16: 304، وهو عبد اللهِ بن عياش الهمداني.
_________
(1)
انظره في كتاب عمه مصعب الزبيري: نسب قريش 128 - 129، ونقله ابن عساكر في تاريخ 16:303.
أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم نَصْر بن مُقَاتِلِ السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الرَّبعِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّاب بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عُمَيْر بن جَوْصَا، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيْع يَقُول: في الطَّبَقَةِ الثَّالثةِ خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، ثمّ ذَكَرهُ (a) مرَّةً أُخْرى فقال: وخَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، دَارُه دَار الحِجارَةِ باب الدّرج شَرْقيّ المَسْجِد.
أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد هِبَة الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا تَمَّامُ بن مُحَمَّد البَجَليّ، قال: أخْبَرَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو زُرْعَة، قال: ومن بني أُمَيَّةَ ممِّن يُحَدِّث خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة.
وقال أبو القَاسِم الحافِظ
(2)
: كَتَبَ إليَّ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، وحَدَّثني أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ عنه، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي أبوِ القَاسِم، عن أَبِيهِ أبي عَبْدِ الله، قال: قال لنا أبو سَعيد بنِ يُونُس
(3)
: خَالِد بنِ يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، دِمَشْقيٌّ، قَدِمَ مِصْر مع مَرْوَان بن الحَكَم، رَوَى عنهُ خَالِد بن عَامِر الزِّيَادِيّ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيُّ، قَال: أخْبَرَنَا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا
(a) الأصل: ذكر، وانظر ابن عساكر 16:304.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 303.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 304 - 305.
(3)
تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 73 وفيه اختلاف.
حَمْدُ بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد أبي حَاتِم، قال
(1)
: خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة أخُو عبد الرَّحْمن بن يَزِيد، شَامِيٌّ، رَوَى عنهُ الزُّهْرِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، ويقُول: هو من الطَّبَقَةِ الثَّانيَة من تَابِعي أهْلِ الشَّام.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام، عن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن منْجُوَيْه الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظ، قال: أبو هاشِم خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة القُرَشِيِّ، قَوْلَهُ سَمِعَ منه أبو بَكْر مُحَمَّد بن مُسْلِم الزُّهْرِيّ هو أخو عبد الرَّحْمن ومُعاوِيَة ابْنَي يَزِيد.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبرَنا أبو مُحمّد هِبَة الله بن أحْمد المُزَكِّي، قال: حدثنا عبدُ العَزيز بن أحمد التَّيْميّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ
(3)
، قال: حدَّثنا أبو مُسْهِر، قال: حَّدَّثَنَا سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، قال: قال أصْحَابُنا: كان خَالِد بن يَزِيد إذا لم يَجد أحدًا يُحدِّثهُ حدَّثَ جَوَارِيَهُ، ثمّ يَقُول: إنِّي لأعْلَم أنكُنَّ لسْتُنَّ له بأهْلٍ. قال
(4)
: فمُعاوِيَة وعَبْد الرَّحمن وخَالِد إخْوةٌ، وكانُوا من صَالحِي (a) القَوْم.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بنِ هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليُّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(5)
، قال: خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان صَخْر بن حَرْب بن أُمَيَّة بن
(a) تاريخ أبي زرعة: صالح.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 357.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 305 - 306.
(3)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 357 - 358.
(4)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 358.
(5)
تاريخ ابن عساكر 16: 301.
عَبْد شَمْس بن عَبْدِ مَنَاف، أبو هاشِم الأُمَوِيّ، رَوَى عن أَبِيهِ يَزِيد، ودِحْيَة بن خَلِيفَة الكَلْبيّ، رَوَى عنهُ الزُّهْرِيّ، ورَجَاء بن حَيْوَة، والعبَّاس بن عَبْد الله بن العَبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، وإبْراهيم بن أبي حُرَّة الحَرَّانيّ، وعليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ، وخَالِد بن عَامِر (a) الزِّيَادِيّ المِصْرِيَّان، وأبو الأخْضَر مَوْلاهُ.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الكَتَّانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر، [قال: حدَّثنا] (b) سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، عن أبي عَبْد رَبّ الزَّاهِد، قال: قُلْتُ لأبي الأخْضَر؛ مَوْلَى خَالِد بن يَزِيد: خالد قد عَلمَ عِلْمَ العَرَب والعَجَم ففي [أيّ](c) ذلك وجَد بناءَ هذه الدَّار؟ يعني: دَار الحِجَارَة.
قال -يعني أبا زُرْعَة
(3)
-: وحَدَّثَني هِشَام، عن مُغِيرَة بن مُغِيرَة، عن عُرْوَة بن رُوَيْم (d)، عن رَجَاء بن حَيْوَة قال: قال خَالِدُ بن يَزِيد: كُنْتُ مَعْنِيًّا بالكُتُبِ، وما أنا من العُلَمَاء ولا من الجُهَّال.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(4)
: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد بن الشَّرْقيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن
(a) الأصل: عمر، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.
(b) ساقطة من الأصل، والإضافة من أبي زرعة وابن عساكر.
(c) إضافة من تاريخ أبي زرعة وابن عساكر.
(d) في الأصل: زياد، ولم أقف على مَن اسمه عروة بن زياد، والمثبت من تاريخ أبي زرعة وابن عساكر، وهو اللخمي الأردني، ويأتي فيما بعد بهذا الاسم بالإسناد نفسه، ودمج اسمه مع الذي قبله في نشرة تاريخ ابن زرعة: مغيرة بن مغيرة بن عروة بن رويم.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 305.
(2)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 355.
(3)
تاريخ أبي زرعة 1: 356.
(4)
تاريخ ابن عساكر 16: 306.
أبي مَرْيَم، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن أَيُّوب، عن عُقَيْلٍ، عن ابن شِهَاب أنَّ خَالِد بن يَزِيد بن معاوِيَة كان يَصُوم الأعْيَاد كُلّها: السَّبْتَ والأَحَد والجُمُعَة.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن سَلَّام، عن بعضِ العُلَمَاء، قال: ثلاثَةُ أبياتٍ من قُرَيْشٍ تَوالَتْ خَمْسَة في الشَّرَف، كُلّ رَجُل منهم من أشْرَف أهْل زمانهِ: خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان بن حَرْب، وأبو بَكْر بن عبد الرَّحْمن بن الحَارِث بن هِشَام بن المُغِيرَة، وعَمْرو بن عَبْدِ الله بن صَفْوَان بن أُمَيَّة بن خَلَف.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ
(2)
، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن فَضَالةَ النَّحْوِيّ لرَجُلٍ في خَالِد بن يَزِيد، وذَكَرَ أنَّهُ أتاهُ، فقال: إنِّي قد قُلْتُ فيك بَيْتَيْن ولسَت أُنْشدُهما إلَّا بحُكْمِي، قال: قُلْ، فقال
(3)
: [من الطويل]
سَألتُ النَّدَى والجُوْد حُرَّان أنتما؟
…
فقالا جَمِيعًا: إنَّنا لعَبِيْدُ
فقُلْتُ: ومَنْ مَوْلاكُما؟ فتَطَاوَلا
…
عليَّ وقالا: خَالِدُ بن يزيدُ
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 310.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 381.
(3)
البيتان في معجم الأدباء 3: 1239، ومرآة الزمان 9: 434، وتاريخ الإسلام 2: 931، والوافي بالوفيات 13: 272، والبداية والنهاية 9:80.
فقال له: سَلْ؟ قال: مائة ألف دِرْهَم، فأمَرَ له بها.
نَقَلْتُ من فَوَائِد أبي الفَضْلِ جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَاتِ بخَطِّه أو بخَطِّ كاتبه، قال: وَقَفَ عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاسِ بباب عَبْد المَلِك بن مَرْوَان يَنْتظر الإذْنَ، فجاءَ خَالِدُ بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، فوقَف إلى جَانبِه، قال: فَجَرى بينهما كَلامٌ في بني هاشِم وي أُمَيَّة، فقال خَالِد لعليّ: ألَا تَعْجَبُ؟ فقال عليّ: أعْلَم فلا أعْجبُ، ولو كُنْت لا أعْلَم لعَجِبْتُ، فأغْلَظ له خَالِد في الجَوَاب، فقال له عليٌّ: أمَا واللهِ ما النَّهَار عن (a) اللَّيْل بنائم، ولا السَّيْفُ عن الظَّالِم بصَائم، وليعَضّن كَرِيم على نَاجِذِه حتَّى يُقِيْمَهُ الّذي أقْعَدَه.
قال: وخَرَج الإذْن إلى خَالِد، فلمَّا أرادَ الدُّخُول قال له: على السِّرُّ ما بيني وبينك يا أبا هاشِم، فلمَّا دَخَلَ على عَبْد المَلِك قال له: ما لي أراكَ مُغْضبًا يا أبا هاشِم؟ قال: أو مَحْجُوجًا يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: ومَنْ هذا الّذي يَغْلبُكَ بالحُجَّةِ؟ فواللهِ ما لسانُكَ إلَّا شَفْرَةٌ تُطْبَقُ على مَفَاصِل الكَلِم! قال: وَقَفْتُ بباب أَمِير المُؤْمنِيْن مع عليّ بن عَبْد اللهِ آنفًا فَمَتَّ برَحمٍ أعْرفُها، وذَكَر دَيْنًا لا أُنْكِرُه، وما مثْلُه ضاعَ ببابكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: فإنَّا قد أمرنا له بمائةِ ألف دِرْهَم صِلَة، قال: فَخَرج خَالِدٌ إلى عليّ بن عَبْدِ الله، وقال: يا أبا مُحَمَّد، قد تَخَطَّينا ما تَكْرَهُ إلى ما تُحبُّ، وقد أمَرَ لك أَمِير المُؤْمنِيْن بمائة ألف دِرْهَم صِلَةً، فقال له عليّ: وَصَلتْكَ رَحم؛ إذا ذَهَب آلُ حرْب ذَهَبَ الحِلْم.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر، قال:
(a) الأصل: عن.
أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن هَانئ النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عُفَيْر، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن أَيُّوبَ، عن خَالِد بن يَزِيد الجُمَحِيّ، عن خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، قال: إذا رأيتَ الرَّجُل لَجُوجًا مُمَارِيًا (a)، فقد تَمَّت خَسَارتُهُ.
أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِّي، وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ. قال عَتِيق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أَبي مُحَمَّد
(2)
. وقال أبو الحَسَن: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد اللهِ، قال: سَمِعْتُ سُفْيان بن عُيَيْنَة يَقُول: قيل لخَالِد بن يزيد: ما أقْرَبُ شيءٍ، وأبْعَدُ شيءٍ، وآنسُ شيءٍ، وأوْحَشُ شىِءٍ؟ فقال: أقْرَبُ شيءٍ الأجَلُ، وأبْعدُ شيءٍ الأمَلُ، وآنسُ شيءٍ الصَّاحِبُ، وأوْحشُ شيءٍ المَوْتُ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاء في كتابهِ، عن أبي إسْحاق الحَبَّالِ، وخَدِيجَة المُرَابِطَة -قال الحَبَّال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن بندَار. وقالت خَدِيجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الأَذَنيِّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي أبو الحَسَن بن بندَار- قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا ابن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا العُتْبِيّ، عن أَبيِهِ، قال: قال عَبْد المَلِك لخَالِد بن يَزِيْد: ما أقْبَحُ شيءٍ رأيْت قَطّ؟ قال: المَيِّت.
(a) بعده في كتاب الخرائطي: معجبًا بنفسه.
_________
(1)
الخرائطي: مساوئ الأخلاق 263.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 312.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 173.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن الحَدَّادِ، قال: أخْبَرَنا يُوسُفُ بن آدَم، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر السَّمْعَانيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَدَ المُؤذِّن، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن السَّكُونِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَمَّاد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا أبو شُرَحْبِيل عِيسَى بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا أبو اليَمَانِ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل، عن سَعيد بن عَبْد العَزِيْز أنَّ الحَجَّاجِ بن يُوسُفَ سَأل خَالِد بن يَزِيد عن الدُّنْيا؟ فقال: مِيْرَاثٌ، فقال: فالأيَّام؟ قال: دُوَلٌ، قال: فالدَّهْر؟ قال: أطبَاق والمَوْت بكُلِّ سَبِيْل، فليحْذَر كُلُّ عَزِيز الذُّلَّ، وكُلّ غَنِيّ الفَقْر، فكم من عَزيز قَوْم قد ذَلّ، وكم من غَنِيٍّ افْتَقَر.
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن نَظِيْف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَارِث، عن المَدَائِنِيّ، قال: كان بين خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة وبين عَبْد المَلِك بن مَرْوَان كَلامٌ، فجَعَل عَبْدُ المَلِك يَتهدَّدهُ، فقال له خَالِد: أتُهَدِّدُني ويَدُ الله فَوْقك مانعَة، وتَمْنَعني وعَطَاء الله دُونك مَبْذُول!؟.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو الوَحْش سُبَيْع بن المُسَلَّم بن قِيْرَاط قراءةً عليهما، قالا:
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 310.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 337.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 310 - 311، وانظر معجم الأدباء 3: 1239 - 1240.
أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: قَرَأتُ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو زَيْد عُمَر بن شَبَّة، قال: حَدَّثَنَا أبو غَسَّان المَدَنِيّ، قال: أجْرَى عَبْدُ الله بن يَزِيد بن مُعاوِيَة الخَيْل مع الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، فسَبَقَه عَبْدُ الله، فدَخَل الوَلِيد على خَيْل عَبْدِ الله فعَقَرها، فجاءَ عَبْدُ الله خَالِدًا أخاهُ، فقال: ألَم تَرَ أنِّي سَابقْت الوَلِيدَ فسَبَقْتُه فعَقَر خَيْلي، والله لهمَمْتُ بقَتْلِهِ (a)، قال: فدَخَل خَالِدٌ على عَبْد المَلِك فقال: يا أمِير المُؤْمنِيْن، أتاني عَبْدُ اللهِ فَحَلفَ لَهَمَّ بقَتْلِ الوَلِيدِ، فقال عَبْدُ المَلِك: ولِمَ يَقْتُلُه؟ قال: سَابقَهُ فسَبَقَهُ، فدَخَلَ على خَيْلِهِ فعَقَرها، فقال عَبْد المَلِك:{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}
(1)
، فقال خَالِد: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أقرأ الآية الأُخْرى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}
(2)
، فقال عَبْد المَلِك: أمَا والله لنِعْم المرءُ عَبْد الله على لَحْنٍ فيه، قال: أفعلى لَحْن ابْنك تُعَوِّل؟ قال: إنَّ أخا الوَلِيد سُليْمان، قال: وأخُو عَبْدِ الله خَالِد، قال: مَدَحت والله نَفسَكَ يا خَالِد! قال: وقَبْلي واللهِ مَدَحْتَ (b) نَفْسَكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: ومَتى؟ قال: حين قُلتَ: أنا قَاتِلُ عَمْرو بن سَعيد، قال: حَقٌّ والله لمَن قَتَلَ عَمْرًا أنْ يَفْخر بقَتْله، قال: أمَا والله لَمَرْوَان كان أطْوِلَهُما باعًا، قال: أمَا إنّي أرَى ثَأري فىِ مَرْوَان صَبَاح مَسَاء، ولو أشاءُ أنْ أُزيلَهُ لأزَلْتُه (c) - وعَني بقَوْلِه أنَّ أُمَّ خَالِد قَتَلَتْ مَرْوَان- قال: إذا شئْت أنْ تُطفيء نُوركَ فافْعَل! قال: ما جَرَّأك عليَّ يا خَالِدُ؟ خَلِّني عنك! قال: لا والله ما قال الشَّاعرُ: [من الخفيف]
ويَجُرُّ اللِّسَانُ من أسَلَاتِ الحَـ
…
رْبِ ما لا يَجُرُّ منها البَنَانُ
_________
(a) ابن عساكر: أن أقتله.
(b) ابن عساكر: ما مدحت.
(c) ياقوت: أن أديله لأدلته.
_________
(1)
سورة النمل، من الآية 34.
(2)
سورة الإسراء، الآية 16.
قال: فاسْتَحْيا عَبْدُ المَلِك وقال: يا وَليد، أكْرم أخاكَ وابن عَمِّك؛ فقد رأيْتُ أباهُ يُكْرم أبَاك، وجَدُّه يُكْرم جَدَّك.
قَرأتُ بخَطِّ أحْمَد بن أبي طَاهِر في جَوَاب التَّعْريض، قال: وقال الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن عَبْدِ الله بن عبَّاسٍ المَنْتُوف، قال: دَخَل خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان على عَبْد المَلِك بن مَرْوَان فقال: يا خَالِدُ، كأنَّك قد عَضضْتَ على صُوْفَة! فقال خَالِدُ: إنَّ النِّسَاءَ يَلْثَمْنَ فَايَ، ولا يَشْمَمْن قَفَاي! يُعَرِّض له بالبَخَر، وكان عَبْد المَلِك يُكْنَى أبا الذُّبَّان من شِدَّة بَخَره.
قال: ودَخَلَ خالد بن يَزِيد على عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، فتَلَقَّاهُ عبد الرَّحْمن بن الضَّحَّاك بن قَيْسٍ الفِهْريّ إعْظَامًا له، وكان خَالِد يسحَبُ ثِيَابَهُ، فقال له عبدُ الرَّحْمن: بأبي وأُمِّي أنْتَ لم تُطْعِمُ الأرْضَ فُضُولَ ثِيَابك؟ فقال: أكْرَهُ أنْ أكُون كما قال الشَّاعر وعَرَّضَ به: [من الطويل]
قَصِيْر القَمِيْص فَاحِش عند بَيْتهِ
…
وشَرّ قُرَيشٍ في قُرَيْشٍ مُرَكَّبا
والشِّعْر لعَدِيَ بن الغَدِير الغَنَويّ في الضَّحَّاك بن قَيْسٍ الفِهْريّ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِّي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب بن إبْراهيمِ، وأبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد بن عُبَيْد الله، قالا: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم، ح.
قال: وأخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن خُرَيْم، قالا: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا المُغِيرَة بن المُغِيْرة، قال: حَدَّثَنَا عُروَة بن رُوَيْم، عن رَجَاء بن حَيْوَة، عن خَالِد بن يَزِيد، قال: بينا أنا أَسِير
في أرض الجَزِيْرَة إذ مَرَرْتُ برُهْبَانٍ وقسِّيْسِين وأسَاقفَة، فسلَّمْتُ فردُّوا السَّلام، فقُلتُ: أين تُريدُونَ؟ قالوا: نُريدُ رَاهِبًا في هذا الدَّيْر نَأتيهِ فِى كُلِّ عام فيُخْبرنا بما يكُون في ذلك العام حتَّى لمثله من قَابِل، فقُلتُ: لآتينَّ هذا الرَّاهِبَ فلأنظُرنَّ ما عنده وكُنْتُ مَعْنِيًّا بالكُتُب، فأتَيْتُه وهو على باب دَيْره، فسلَّمْتُ فردَّ السَّلام، ثُمَّ قال: ممَّن أنتَ؟ فقُلْتُ: من المُسْلمِيْن، فقال: أمِن أمَّة أحمد؟ فقُلتُ: نعم، فقال: من عُلمَائهمِ أنت أم من جُهَّالهم؟ قُلتُ: ما أنا من عُلمَاءهم ولا أنا من جُهَّالهم. قال: فإنَّكُم تَزْعمُون أنَّكُم تدخلونَ الجَنَّة، وتَأكُلون من طَعَامها، وتَشْربون من شَرَابها، ولا تَبُولُون فيها، ولا تتغوَّطُون؟ قُلتُ: نحنُ نقُول ذلك، وهو كذلك، قال: فإنَّ له مثلًا في الدُّنْيا، فأخْبرني بما هو؟ قُلتُ: مثَلهُ كمثَل الجَنِين في بَطْن أُمِّهِ يأتيْه رِزْقُ الله في بَطْن أُمِّهِ ولا يَبُول ولا يَتَغوَّط، قال: فتَرَبَّدَ وَجْهُه، ثُمَّ قال لي: أمَا أخْبَرْتَني أنَّكَ لَسْتَ من عُلمَائهم؟ قُلْتُ: ما كذبتُكَ؛ ما أنا من عُلمَائهم ولا من جُهَّالهم!
قال: فإنَّكمُ تَزْعُمُون أنَّكُمُ تَدْخلُونَ الجَنَّة فتَأكُلونَ من طَعَامها، وتَشْربُونَ من شَرَابها، ولا يَنْقُص ذلك منها شيئًا؟ قُلتُ: نعم، نحنُ نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإنَّ له مثلًا في الدُّنْيا فأخْبرني ما هو؟ قُلت: مثَلُه في الدُّنْيا كَمثَل الحِكْمَة لو تَعَلَّم منها خلقُ الله أجْمَعُونَ لَم ينقُص ذلك منها شيئًا، قال: فتَرَبَّد وَجْهُهُ، ثُمَّ قال: أمَا أخْبَرْتَني أنَّك لسْتَ من عُلمَائهم؟ قلتُ: ما كَذبتُكَ؛ ما أنا من عُلمَائهم ولا من جُهَّالهم.
قال: وأنتُم تَزْعمُونَ أنَّ الحَسَنة بعَشْر أمْثَالها، قُلتُ: نحنُ نقُول ذلك وهو كذلك، قال: فإنَّ له مَثَلًا في الدُّنْيا فأخْبرني ما هو؟ قُلتُ: مثَلَهُ في الدُّنْيا كَمَثَل الرَّجُل يمَرُّ على المَلأ فيهِمِ العَشرة أو أكْثَر من ذلكَ، فيُسَلِّم عليهم فيردُّونَ عليه السلام أجْمَعُون، قال: فتَرَبَّد وَجْهُه، وقال: أمَا أخْبَرْتَني أنَّكَ لستَ من عُلمَائهم؟ قُلتُ: ما كَذبْتُكَ؛ ما أنا من عُلمَائهم ولا من جُهَّالهم.
قال: وأنتم تَرَونَ حَقًّا عليكم في صَلَاتكم أنْ تَسْتَغفروا للمُؤْمنِيْنَ والمُؤْمِنات؟ قلت نعم، قال: فالْتَفَتَ إلى أصْحَابِه، فقال: ما منهمِ منٍ أحَدٍ يَسْتَغْفِر للمُؤْمنِيْن والمُؤْمِناتِ إلَّا كَتَب الله له من كُلِّ مُؤْمِن ومُؤْمنَة حسَنةً.
قال: وأنتُم تَرَون حَقًّا عليكم أنْ تقُولوا: السَّلامُ علينا وعلى عِبَادِ الله الصَّالِحين؟ قُلتُ: نعم، فالْتَفَتَ إلى أصْحَابهِ فقال: ما منهم من أحدٍ يقُول ذلك إلَّا ردَّ الله عليه السلام من كُلِّ عَبْدٍ صَالحٍ من أهْلِ السَّماءِ والأرْض مَضَى أو هو كائن إلى يَوْم القِيامَة.
ثُمَّ قال: هل فيكم ذو القَرْن يقُوم إليه طِفْلٌ من أطْفَالهِ فيرد قولَهُ، ويَصْرفُ وَجْهَهُ؟ قُلتُ: قد كان ذلك، قال: هَيْهاتَ هلكَتْ هذه الأُمَّةُ لن تقُومَ السَّاعَةُ على دِيْنٍ أرقّ من هذا الدِّيْن، وأرجُو أنْ يكُون كذب إِنْ شَاءَ الله، فقُلْتُ لعُرْوَة: كم تَعدُّون القَرْن؟ قال: ابنُ ستِّين سَنَة. واللَّفْظُ لابن حَزْم.
أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو المُفَضَّل يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق بن عَبْدِ الله بن الحَسَن، ح.
قال الحافِظُ: وحَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن صَابِر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن عَبْد السَّلام، وعبد الله بن عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد الله، ح.
قال: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الجَزُور، قالوا: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَتِيْقِيّ، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن جَعْفَر بن مُلاعِب، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ قُتَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم، عن العُتْبِيّ، قال: لَزِمَ خَالِد بن يَزِيد بَيْته، فقيل له: كيف تَرَكْت
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 313.
مُجَالَسة النَّاسِ وقد عرفْتَ فَضْلها، ولَزِمْتَ بيتكَ؟ فقال: وهل بقي إلَّا حَاسِدٌ على نِعْمَة أو شَامِتٌ بنكْبَة.
أخْبَرَنا أبو البَرَكَات مُحَمَّد بن أبي الأَمَانَة جِبْرِيل بن المُغِيرَة بن سُلْطان في كِتَابِهِ إليْنَا من الدِّيَار المِصْرِيَّة، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أخْبَرَنا أبو الجُيُوش عَسَاكِر بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن نَصْر المُقْرِئ، قيل له: أنْبَأكم أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين المَعْرُوف بابنِ الطَّفَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين المُصْعَبيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو رِفَاعَة عُمَارَة بن وَثِيْمَة بن مُوسى بن الفُرَاتِ، قال: قال مُحَمَّد -يعني ابن عَبْدِ اللهِ بن عَبْد الحَكَم-: أوَّلُ مَنْ ضَرَب الدَّنَانِيْر في الإسْلَام عَبْدُ المَلِك بن مَرْوَان، وإنَّما كانت الدَّنَانِيْر تَأتي من بَلَد الرُّوم، ويُطْلَقُ لهم القَرَاطِيْس، وكان يُكْتبُ في رُؤوس الطَّوَامير {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}
(1)
إلى آخر الآيةِ، فلمَّا نَظَر مَلِك الرُّوم إلى الكتاب، قال: ما هذا؟ فقُرئ (a) له: شَتَمُوا إلهَكَ الّذي تَعْبُد، يَعْنُون عِيسَى، فغَضِبَ وكَتَبَ إلى عَبْد المَلِك يَقُول: والله لئن كَتَبْتَ بعد هذا في الطَّوَامير لأنْقُشَنَّ في الدَّنَانِيْر شَتْم نبيِّكَ، فاغْتَمَّ عَبْدُ المَلِكِ، فدَخَلَ عليه خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة وكان دَاهِيًا، فأخْبَره، فقال له خَالِد: لا تَغْتم؛ اجْعَل عندَكَ دَارًا للضَّرْب، واضْرب فيها وامْنَعْهُ القَرَاطِيْسَ فإنَّهُ سيَحْتَاجُ إليها فيأخُذُها على ما شَاء أو أبى (b)، ففَعَلَ، فكان أوَّلَ مَنْ ضَرَبَها في الإسْلَام.
(a) فوقه في الأصل "صـ"، ولعل صوابه: فقيل له.
(b) الأصل: على ما شاء وأبى.
_________
(1)
سورة النساء، من الآية 172.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشيِّ بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ نَصْرُ الله المُبارَك بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، والكَاتِبهُ شُهدَةُ بنت أحْمَد بن الإبَريّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد المُبَرَّدُ، قال: حَدَّثَنَا هِشَام، عِن أبي عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى، قال: حَجَّ عَبْدُ المَلِك بن مَرْوَان وحَجَّ معه خَالِدُ بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، وكان من رِجَالاتِ قُرَيْشٍ المَعْدُودِيْن وعُلَمائهم، وكان عَظِيم القَدْر عندَ عَبْد المَلِك، فبينا هو يَطُوف بالبَيْت إذ بَصُر برَمْلَة بنت الزُّبَيْر بن العَوَّام فعَشِقَها عِشْقًا شَدِيدًا، ووَقَعَتْ بقَلْبهِ وُقُوعًا مُتَمكِّنًا.
فلمَّا أرادَ عَبْدُ المَلِك القفُول هَمَّ خَالِدٌ بالتَّخَلُفِ عنه، فوَقَع بقَلْب عَبْدِ المَلِك تُهْمَة، فبَعَثَ إليه فسَألَهُ عن أمْره، فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، رَمْلَة بنت الزُّبَيْر رَأيتُها تَطُوفُ بالبَيْتِ، قد أذْهَلَتْ عَقْلي، والله ما أبْدَيتُ إليك ما بي حتَّى عِيْلَ صَبْري، ولقد عَرَضْتُ على عَيْني النَّوْمَ فلم تَقْبَلْهُ، والسُّلوَّ (a) على قَلْبي فامْتَنَع منه (b)، فأطالَ عَبْدُ المَلِك التَّعَجُّب من ذلك، وقال: ما كُنْتُ أقُولُ إنَّ الهَوَى يَسْتَأسِرُ مثْلَك، فقال: وإنِّي لأشَدُّ تَعجُّبًا من تَعَجُّبك منِّي، ولقد كُنْتُ أقُولُ: إنَّ الهَوَى لا يَتَمكَّنُ إلَّا من صنفَيْن من النَّاسِ: من الشُّعَراءِ والأعْرَابِ؛ فأمَّا الشُّعَراءُ فإنَّهُم ألْزَمُوا قُلُوبَهُم التَّفَكُّرَ في النِّسَاءَ والغَزَلِ، فمال طَبْعُهم (c) إلى النِّسَاء فضَعُفَتْ قُلُوبُهم عن
(a) الخرائطي: السلوى.
(b) ساقطة من كتاب الخرائطي.
(c) الخرائطي: طمعهم.
_________
(1)
الخرائطي: إعتلال القلوب 148 - 150.
دَفْعِ الهَوَى فأسْتَسْلمُوا إليه مُنْقَادِين. وأمَّا الأعْرَابُ؛ فإنَّ أحدَهُم يَخْلُو بامْرأتهِ فلا يكون الغالبُ عليه غير حُبَّهِ لها، ولا يَشْغَلُهُ شيءٌ عنه، فضَعُفُوا عن دَفْعِ الهَوَى، فتمكَّن منهم، وجُمْلَةُ أمْري فيما رأيتُ، نَظْرةٌ حالَتْ بيني وبين الحَزْم، وحسَّنَتْ عندي رُكُوبَ الإثْم، مثْل نَظْرَتي هذه.
فتَبَسَّم عَبْدُ المَلِك، وقال: أوَكُلّ هذا قد بلَغَ بكَ؟ فقال: واللهِ ما عَرَقَتْني هذه البَليَّةُ قبل وَقْتي هذا، فوَجَّه عَبْد المَلِك إلى آلِ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ رَمْلَة على خَالِد، فذَكَرُوا لها ذلك، فقالت: لا واللهِ أو يُطَلِّق نسَاءَهُ، فطَلَّق امْرَأتين كانتا عندَهُ أحدَيْهما من قُرَيْشٍ والأُخْرى من الأَزْدِ، وظَعَنَ بها إلى الشَّام، وفيها يقول
(1)
: [من الطويل]
أليْسَ يَزِيدُ الشَّوْق في كُلِّ لَيْلَةٍ
…
وفي كُلِّ يَوْم من حَبِيْبَتنا (a) قُرْبا
خَلِيلي ما من سَاعةٍ تذكُر أَنَّها
…
من الدَّهْرِ إلَّا فرَّجَت عنِّي الكَرْبَا
أُحبُّ بني العَوَّام طُرًّا لحُبِّها
…
ومن أجْلها (b) أحْبَبْتُ أخْوَالها كَلْبَا
تَجُول خَلَاخِيْلُ النِّسَاءِ ولا أرَى
…
لرَمْلَة خلْخَالًا يَجُولُ ولا قُلْبَا
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحّمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن كَرْتيلَا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ الخَيَّاط، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن الخَضِر السُّوسَنْجَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَدُ بن عليّ بن مُحَمَّد الكَاتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا
(a) ياقوت: أحبتنا.
(b) البلاذري وياقوت: حبها.
_________
(1)
الأبيات في أنساب الأشراف للبلاذري 1/ 4: 360، معجم الأدباء 3: 1241، ومرآة الزمان 9:437.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 313 - 314.
أبو عَمْرو مُحَمَّدُ بن مَرْوَان السَّعِيْدِيّ (a)، قال: وقال خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة يَرْثِي جدَّه وأباهُ: [من الوافر]
تجَلَّدْ للعُدَاةِ الشَّامِتِيْنا
…
ولا تُرَ للحَوَادِثِ مُسْتَكِيْنا
وعَزِّ النَّفْسَ إنْ سَخِطَتْ بصَبْرٍ
…
يُنَسِيِّها التَّشَكِّيَ والأَنِيْنَا
فقد صَكَّتْ قَنَاتَكَ بالمُرادِي
…
شَعُوبٌ صَدَّعَتْ منها متُونَا
وغالَتْ مِن بني حَرْبٍ رِجَالًا
…
هُمُ كانُوا الرِّجَالَ الكَامِلِيْنا
وهُمْ كانُوا الحُمَاةَ منَ المَخَازِي
…
وهُمُ كانُوا السُّقَاةَ المُطْعِمِيْنا
بإذْن الله والسَّاعِيْنَ فيْما
…
يُشَرِّفُ أمْرَ دِيْنِ المُؤْمِنِيْنا
فغَالَتْهُم شَعُوبُ غَيَّبَتْهُمْ
…
وهُمْ عَمَدٌ لأَمْرِ المُسْلَمِيْنا
فلو بَقِيَت (b) نُفُوسُهُمُ علَيْهِمْ
…
ولَم تجْرزْهُمُ الدُّنْيا المنُونَا
لأصْبَحَ ماءُ أهْلِ الأرْضِ عَدْنًا (c)
…
وأصْبَح لَحْمُ دُنْياهم سَمِيْنا
رَأيْتُ النَّاس لاقَوا بعدَ جَدِّي
…
مُعاوِيَةَ الّذي أبْكَى العُيُونا
وبعدَ أخي مُعاوِيَةَ ابنِ أَميِّ
…
وبَعْدَ أبي يَزِيدَ الأقْوَرِينا
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم الأسْدِيّ، قال: أنْبَأنَا مَسْعُودِ بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يَوَه (d)، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: أنْشَدَني أبي لخَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة
(1)
: [من المتقارب]
أتَعْجب أَنْ كُنْتَ ذا نِعْمَة
…
وأنَّكَ فيها شَرِيْفٌ مَهِيْبُ
(a) الأصل: السعدي، وصوابه المثبت كما تقدم في بعض المواضع.
(b) ابن عساكر: لقيت.
(c) ابن عساكر: عذبًا.
(d) مهملة في الأصل على هذا الرسم، وفوقها "صـ"، والإعجام من ابن عساكر ورواية الأبيات فيه 16: 314 - 315.
_________
(1)
الأبيات في معجم الأدباء 3: 1240.
فكم وَرَدَ المَوْتَ من نَاعِم
…
وحُبُّ الحَيَاةِ إليهِ عَجِيْبُ
أخَاف (a) المَنِيَّة لمَّا دَعَتْ
…
وكُرْها يُجِيْب لها مَنْ يُجِيْبُ
سَقَتْهُ ذَنُوبًا من أنْفَاسها
…
ويُذْخَرُ للحَيِّ منها ذَنُوبُ
قال: وأنْشَدَني أبي لخَالِد بن يزيد
(1)
: [من الكامل]
إنَّ سَرَّكَ الشَّرَفُ العَظِيْم مع التُّقَى (b)
…
وتكُون يَوْمَ أشَدَّ خَوْفٍ وَائِلَا
يَوْم الحِسَاب إذا النُّفُوس تَفَاضَلَتْ
…
في الوَزْن إذْ غبَطَ الأخَفُّ الثَّاقِلَا
فاعْمَل لِمَا بعدَ المَمَاتِ ولا تكُنْ
…
عن حَظِّ نَفْسكَ في حَيَاتكَ غَافِلَا
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله
(2)
، قال: بَلَغَني أنَّ خَالِد بن يَزِيد وأُمَيَّة بن خَالِد بن عَبْدِ اللهِ بن أسيْد (c)، ورَوْح بن زِنْبَاعِ ماتُوا بالصِّنَّبْرَة في عامٍ واحدٍ. وبلَغَني منِ وَجْهٍ آخر أنَّ رَوْح بن زِنْبَاع ماتَ في سَنَة أرْبَعٍ وثمَانين في خِلافَة عَبْد المَلِك بن مَرْوَان.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِمِ
(3)
: قَرأتُ بخَطِّ عَبدِ الوَهَّاب بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمن بن مَاهَان: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَني أبي عُفَيْر، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حدَّثَني يَزِيد الرَّقِّيّ، قال: تُوفِّي خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة سَنَة تِسْعين، فشَهِدَهُ الوَلِيد بن عَبْدِ المَلِك وهو يَوْمئذٍ خَلِيفَةٌ، فصَلَّى عليه، وقال: ليُلْق بنو (d) أُمَيَّة الأرْدِية على خَالِدٍ فلن يتحسَّرُوا على مثْلِهِ.
(a) ابن عساكر وياقوت: أجاب، وهو الأظهر.
(b) ابن عساكر: الفتى، ياقوت: الغنى.
(c) في الأصل: أسد، والمثبت من ابن عساكر وأسد الغابة 1: 116 والإصابة 1: 131 - 132.
(d) الأصل: بني، وفوقها "صـ".
_________
(1)
معجم الأدباء 3: 1241.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 315.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 315.
خَالِد بن يزيد، أبو عَبْد الله الأزْدِيّ
(1)
حَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ووَلِيَ شُرْطَتَهُ حين وَلي الخِلَافَة، وكان معهُ بِدَابِق وبخُنَاصِرَة، رَوَى عنهُ المَدَائِنِيُّ، واللَّيْث بن سَعْد.
قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه في مَجْلِسٍ أمْلاهُ عليه أبو عَبْدِ الله بن عَرَفَة نِفْطَوَيْه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، عن المَدَائِنِيّ، عن خَالِد بن يَزِيد الأزْدِيّ، وكان على شُرْطَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حينَ اسْتُخْلِف، قال: كان عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز مع أبيهِ بمِصْرَ، فضَرَبَهُ فَرَسٌ فأصَاب جَبْهَتَهُ، فغُشِي عليه، وقالوا: ماتَ. وجاءَ رَجُلٌ إلى عَبْد العَزِيْز فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، احْتَسِب ابنَكَ عُمَر؛ فإنَّ دَابَّةً ركضَتْهُ فماتَ، فقال الأَصْبَغُ بن عَبْد العَزِيْز: واللهِ ما ماتَ! وجاءَ رَجُلٌ آخرُ فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير؛ إنَّ عُمَر ركضَتْهُ دَابَّةُ فغُشِي عليه ثمّ أفاقَ وقد شجَّهُ على وَجْههِ، فقال الأَصْبَغُ: اللهُ أكْبَرُ، فقال عَبْد العَزِيْز: ما هذا قُلْتَ ما قُلتَ ثمّ قُلْتَ الآن، هل بلغَكَ في ذلك شيء؟ فقال: نَعَمِ هو أشجُّ بني مَرْوَان الّذي يَعْدلُ في النَّاسِ، قال: فما تقُول فيَّ؟ قال: لا تَلِي الخِلَافَةَ.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين ومائة: خَالِد بن يَزِيد أبو عَبْدِ اللهِ، رَوَى عنهُ اللَّيْثُ بن سَعْدٍ، يعني: ماتَ فيها.
(1)
توفي سنة 139 هـ، وترجمته في: الوافي بالوفيات 13: 278، تقريب التهذيب 1: 220 (وفيه: الجمحي ويقال: السكسكي)، شذرات الذهب 2:188.
خَالِدُ بن يَزيْد، أبو الهَيْثمَ التَّمِيْمِيُّ الكَاتِبُ
(1)
الخُرَاسَانيّ الأصْل، البَغْدَاديّ الدَّار.
كان كاتب الجَيْشِ ببَغْدَاد، ووَلَّاهُ مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الزَّيَّات الإعْطَاء بالثُّغُور الشَّامِيَّةِ، فخَرَجَ إليها، ثمّ عاد إلى بَغْدَاد، ووُسْوِسَ في آخرِ عُمُرِه.
حَدَّثَ عن أبي تَمَّام حَبِيْب بن أَوْسٍ الطَّائيّ بحَدِيثٍ ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَةِ حَبِيْب بن أَوْس
(2)
، رَوَى عنهُ أبو عليّ مُفَضَّل بن الفَضْل الشَّاعِر، وأبو القَاسِم بن أبي حَيَّة (a)، وأبو الحَسَن أحْمَد بن جَعْفَر الَبْرَمَكيِّ المَعْرُوف بجَحْظَة، وهِلَالُ بن العَلَاءِ، وأبو العبَّاس ثَعْلَب، والحُسَين بن إسْحاق. وكان كَاتبًا شَاعِرًا.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْشٍ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مُوسَى البَرْمَكيِّ حَجْظَة، قال: حَدَّثَني
(a) في الأصل بباء موحدة: حَبَّة، وتصحفت في المنتظم لابن الجوزي 12: 178 إلى: ابن أبي حسنة، وهو: عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب بن أبي حية، أبو القاسم وراق الجاحظ. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 12: 287، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 356، وهو يشتبه مع محدث آخر من أهل القرن السادس الهجري (ت 588 هـ) اسمه عبد الوهاب بن أبي حبَّة (بباء موحدة). انظر تاريخ الإسلام 12:855.
_________
(1)
توفي سنة 262 هـ، وقيل: 269 هـ، وترجمته في: ابن المعتز: طبقات الشعراء 369 - 370، الشابشتي: الديارات 15 - 23، الأغاني 20: 172 - 182، تاريخ بغداد 9: 250 - 256، ابن الجوزي: المنتظم 12: 176 - 180، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1243 - 1245، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 8 - 9، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 232 - 237، فوات الوفيات 1: 401 - 402، تاريخ الإسلام 6: 323 - 325، الوافي بالوفيات 13: 278 - 282، الزركشي: عقود الجمان ورقة 108 أ - 110 أ، النجوم الزاهرة 3: 36، معجم المؤلفين 4: 98، الزركلي: الأعلام 2: 301.
(2)
ترجمة أبي تمام في جزء ضائع من أجزاء الكتاب، وذكره أيضًا في الكنى (الجزء العاشر).
(3)
الجريري: الجليس الصالح 1: 271، والأغاني 20: 175 - 176، والمنتظم 12:177.
خَالِدٌ الكَاتِبُ، قال: قال لي عليُّ بن الجَهْم: هَبْ لي بَيْتَك
(1)
: [من مجزوء الرمل]
ليْتَ ما أصْبَحَ من رِقَّـ
…
ـــةِ خَدَّيْكَ بقَلْبِكْ
قال: فقُلْتُ: أرَأيْتَ أحدًا يَهَبُ وَلَدَهُ.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر إذْنًا، عن أبي طَالِب المُبارَك بن عليّ بن مُحَمَّد بن خُضَيْر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد أحْمَدُ بن عَبْد الجبَّار بن أحْمَد الصَّيْرَفِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن سَهْل النَّحْوِيّ ويُعْرَفُ بابن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مَنْصُور الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد الشِّمْشَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن جَعْفَر البَرْمَكيِّ، قال: حَدَّثَني خَالِد الكَاتِبُ، قال: خَرَجْتُ مُتَنَزِّهًا ذات يَوْم فرُفِعَ لي دَيْرٌ فأممْتُهُ، فإذا فيه شابٌّ لم أرَ أحْسَن وَجْهًا، ولا أفْصَح لسَانًا منه، مُكبَّلًا في الحَدِيْدِ، فسَلَّمْتُ، فردَّ السَّلام ورحَّبَ، ثُمَّ قال: مَنْ تكُونُ؟ فقُلْتُ: خَالِد الكَاتِبُ، فقال: أصَاحِب المُقَطَّعَاتِ؟ فقُلتُ: نَعَم، فقال: أنْشِدني من مُقَطَّعاتِكَ، فأنْشَدتُهُ
(2)
: [من المتقارب]
تَرَشَّفْتُ من مُقْلَتَيها العقارَا (a)
…
وقَبَّلْتُ منِ خَدِّها (b) جُلَّنَارا
وعانَقْتُ منها (c) كَثِيْبًا مَهِيْلًا
…
وغُصْنًا رَطِيْبًا وبَدْرًا أنَارَا
وأبْصَرتُ من نُورها (d) في الظَّلَام
…
بكُلِّ مكانٍ بلَيْلٍ نَهَارَا
فقال: أحْسَنْتَ واللهِ.
ثُمّ قال: ألَا أُنْشدكَ بَيْتَيْن لتُجيزَهُما لي؟ فقُلتُ: هَاتهما، فأنْشدَني
(3)
: [من الخفيف]
رُبَّ لَيْلٍ أشَفَّ (e) من نَفَسِ العَاشِـ
…
قِ طُوْلًا قطعْتُهُ بانْتِحَابِ
_________
(a) الديوان: شفتيه عقارا.
(b) الديوان: خده.
(c) الديوان: منه.
(d) الديوان: نوره.
(e) الديوان: أمدّ.
_________
(1)
ديوان خالد الكاتب 402.
(2)
ديوان خالد الكاتب 171.
(3)
ديوان خالد الكاتب 380.
وحَدِيث ألذُّ من نَظَر المَعْـ
…
ـــشُوق (a) بُدِّلتُه ببُؤسِ العِتَابِ
قال خَالِدٌ: فواللهِ ما قدَرْتُ على إجَازتها، وأنا مُذْ عشرُون سَنَةً أُفَكِّر في ذلك ولا أقْدرُ عليه.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخبرَنا أبو بَكْر بن عليّ
(1)
، قال: أخْبرَنا العَبَّاسُ بن عُمَر (b) الكَلْوَذَانيّ، فيما أذِنَ أن نَرْويه عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الزَّاهِد، قال: أخْبَرَنا ثَعْلَبُ، قال: ما أجِدُ (c) من الشُّعَراء تكلَّمَ في اللَّيْلِ إلَّا قَاربَ، إلَّا خَالِدٌ الكَاتِب فإنَّهُ أبْدَعَ في قَوْله
(2)
: [من المتقارب]
ولَيْل المُحبّ بلا آخِرِ
فإنَّهُ لَم يَجْعَل للَّيْل آخرًا، وأنْشَدنا:[من المتقارب]
رَقَدْتَ ولَم تَرثِ للسَّاهِرِ
…
ولَيْل المُحبّ بلا آخِرِ
ولَم تَدْر بعد ذَهَابِ الرُّقَادِ
…
ما صَنَعَ الدَّمْعُ بالنَّاظِرِ
أيا مَنْ تَعَّبدني طَرْفه
…
أَجِرْنِي من طَرْفكَ الجَائِرِ
وخُذْ للفُؤَادِ فذاكَ الفُؤَاد
…
من طرفكَ الفَاِتِنِ الفَاِتِرِ
فَمَضَيْتُ إلى خَالِد في سَنَة إحْدَى وسِتِّين فأنْشَدَني هذا الشِّعْرَ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَغْدَاديّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: قال
(a) الديوان: الوامق.
(b) في تاريخ بغداد: ابن محمد، وورد اسمه في ترجمته من التاريخ المذكور (14: 57) بما يوافق المثبت، كتب عنه الخطيب البغدادي.
(c) تاريخ بغداد والمنتظم: أحدٌ.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 253، ونقله ابن الجوزي في المنتظم 12: 177 - 178.
(2)
لم ترد الأبيات الرائية في ديوانه ولا في المستدرك.
(3)
تاريخ بغداد 9: 253.
أحْمَد بن كَامِل القَاضِي: حُدِّثْتُ عن خَالِدٍ الكَاتِب، قال: قيل له: من أين قُلْتَ في قَصِيْدَتكَ: [من المتقارب]
ولَيْل المُحبّ بلا آخِرِ؟
فقال: وَقَفْتُ على بابٍ، وسَائلٌ عليه مَكْفُوفٌ وهو يَقُول: اللَّيْلُ والنَّهَار عليَّ سواءٌ، فأخَذْتُ هذا منه.
قُلتُ: أنْشَدَني شَيْخُنا الحَسَن بن عَمْرو النَّحويّ المَعْرُوف بابنِ دُهْن الحَصَا هذا المَعْنَى: [من البسيط]
فالآن لَيْلي مُذ غَابُوا فَديتُهم
…
لَيْل الضَّرِيْر فصُبْحي غير مُنْتَظرِ
أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو حَامِد أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي عَمْرو الدِّلَّويّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن حَبِيْب النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِمِ عبد الرَّحْمن بن المُظَفَّر الأنْبارِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا القَاسِم بن أبي حَيَّة (b) يقُول: سَمِعْتُ خَالِد بن يَزِيد الكَاتِب يَقُول: بينا أنا مارٌّ ببابِ الطَّاق، إذا رَاكِبٌ خَلْفِي على بَغْلَةٍ، فلمَّا لَحقَني نَخَسَنِي بسَوْطِهِ، فقال: أأنْتَ القائلُ يا خُوَيْلِد: [من المتقارب]
ولَيْلُ المُحبّ بلا آخِر؟
قُلتُ: نعم، قال: للهِ أبُوك، وصَفَ امْرُؤ القَيْس اللَّيْل الطَّويلَ في ثلاثةِ أبْيَاتٍ، ووَصَفهُ النَّابِغَةُ في ثلاثة أبْيَاتٍ، ووصَفهُ بَشَّار بن بُرْد في ثلاثة أبْيَاتٍ،
(a) ضبطه في تاريخ بغداد بضم اللام المشددة، وما ها هنا ضبط ابن العديم.
(b) الأصل: حبَّة، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 253 - 255، وعنه في المنتظم 12:178.
وبرَّزْتَ عليهم بشَطْر كَلِمَة، فللَّه أبُوك! قُلتُ: وبِمَ وصفَهُ امْرُؤ القَيْس؟ فقال: بقَوْلِهِ
(1)
: [من الطويل]
ولَيْلٍ كَمَوْج البَحْر أرْخى سُدُولَهُ
…
عليَّ بأنْوَاع الهُمُوم ليَبْتَلي
فقُلْتُ له لمَّا تَمَطَّى بصُلْبِهِ
…
وأرْدَفَ أعجْازًا وناءَ بكَلْكَلِ
ألَا أيُّها اللَّيْل الطَّويلُ ألَا انْجَلي
…
بصُبْحٍ وما الإصْبَاحُ منْكَ بأمْثَلِ
قُلتُ: وبم وَصفَهُ النَّابِغَةُ؟ فقال: بقَولهِ
(2)
: [من الطويل]
كَليني لهَمٍّ يا أُمَيْمَة نَاصِبِ
…
ولَيْلٍ أُقَاسِيْهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ
وصَدْرٌ أرَاحَ (a) اللَّيْلُ عَازِبَ هَمِّهِ
…
فضاعَف فيه الهمَّ (b) من كُلِّ جَانِبِ
تقاعَسَ (c) حتَّى قُلْتُ: ليسَ بمُنْقَضٍ
…
وليس الّذي يَهْدِي (d) النُّجُوم بآيبِ
قُلتُ له: بِمَ وصَفَهُ بَشَّار؟ فقال: بقَوْلهِ
(3)
: [من الطويل]
خَلِيليَّ ما بالُ الدُّجى لا تَزَحْزَحُ
…
وما بالُ ضَوء الصُّبْح لا يَتَوَضَّحُ
أظنُّ الدُّجَى طالَت وما طالت (e) الدُّجَى
…
ولكن أطال اللَّيْلَ سقمٌ (f) مُبَرِّحُ
أضَلَّ النَّهَارُ المُسْتَنِيْرُ طَرِيقَهُ (g)
…
أم الدَّهْرُ لَيْلٌ كُلُّه ليس يَبْرَحُ
قُلتُ له: يا مَوْلاي، هل لك في شِعْرٍ قُلْتُه لم أُسْبَق إليهِ؟ قال: نعم، فقُلْتُ
(4)
: [من مجزوء الرمل]
كُلَّما اشْتَدَّ خُضُوْعِي
…
لجَوَىً بينَ ضُلُوعِي
رَكَضَتْ في حَلْبتي خَدَّ
…
يَّ خَيْلٌ من دُمُوعِي
(a) تاريخ بغداد: أزاح.
(b) ديوان النابغة: تضاعف فيه الحزن.
(c) ديوان النابغة: تطاول.
(d) ديوان النابغة: يرعى.
(e) الديوان: كأن الدجى زادت وما زادت.
(f) الديوان: همّ.
(g) الديوان: سبيله.
_________
(1)
ديوان امرئ القيس 48 - 49.
(2)
ديوان النابغة الذبياني 40 - 41.
(3)
ديوان بشار بن برد 2: 77.
(4)
ديوان خالد الكاتب 399.
قال: فثَنى رجْلَهُ عن بَغْلتِهِ، وقال: هَاكها فارْكَبها، فأنْتَ أحقُّ بها منِّي. فلمَّا مَضَى سألتُ عنه فقيل: هو أبو تَمَّام حَبِيْبُ بن أَوْسٍ الطَّائيُّ.
قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح أحْمَد بن عليّ المَدَائِنِيّ الحَلَبِيِّ في مَجْمُوع وَهَبْنيه وَالدِي رحمه الله، قال
(1)
: وحَدَّثَ أيْضًا حَجْظَة، قال: حَدَّثَنِي خَالِد الكَاتِبُ، قال: أُدْخلتُ على إبْراهيمَ ابن المَهْدِيّ، وأنا غُلَامٌ، فقال لي: أنتَ خَالِدٌ؟ قُلتُ: نَعَم، قال: أنْشدني شيئًا، قُلتُ: أعزَّ الله الأَمِيرَ، أنا حَدَثٌ أمْزَحُ وأقُول في شُجُون نَفْسِي، لا أمْدَحُ ولا أهْجُو، فإنْ رَأى الأَمِير أنْ يُعْفِيَني فَعَل، فقال: واللهِ لتقُولنَّ؛ فإنَّ الّذي تَقُوله في شُجُون نَفْسكَ أشَدُّ لدَوَاعي البَلَاءِ، فأنْشَدتُهُ
(2)
: [من مجزوء الكامل]
عَاتَبْتُ نَفْسِي في هَوَا
…
كَ فلَم أجِدْهَا تَقْبَلُ
وأطَعْتُ دَاعِيَها إليْـ
…
ــكَ ولم أُطِعْ من يَعْذُلُ
لا والّذي جَعَل الوُجُـ
…
ـــوهَ لحُسْن وَجْهِكَ تَمْثُلُ
لا قُلْتُ إنَّ الصَّبْر عنْـ
…
ــكَ من التَّصَابي أجْمَلُ
قال: فصَاحَ إبْراهيم: وَايْ عليك إبْراهيم! ثُمَّ أنْشَدَهُ: [من الخفيف]
لو تَرَى ما أراهُ مِنكَ إذا ما
…
جَالَ ماءُ الشَّبَاب في وَجْنَتَيْكَ
لتمَّنْيتَ أنْ تُقَبِّل خَدَّيْـ
…
ـــكَ وإنْ لم تَصِلْ إلى خَدَّيْكَ
كذا نَقَلتُهُ من خَطِّهِ (a).
ثُمَّ أنْشَدتُه
(3)
: [من الرمل]
عِشْ فَحُبِّيْكَ سَرِيعًا قَاتِلي
…
والضَّنَى (b) إنْ لم تَصِلْني وَاصِلي
(a) كتب ابن العديم هذه العبارة في الهامش، ولعل يريد: وجنتيكا، خدَّيكا.
(b) الفوات والوافي: والهوى.
_________
(1)
انظر الأغاني 20: 175.
(2)
ديوان خالد الكاتب 407.
(3)
ديوان خالد الكاتب 273، وانظرها أيضًا في الأغاني 20: 175، 177، والمنتظم 12: 180، وفوات الوفيات 1: 402 وتاريخ الإسلام 6: 324 والوافي بالوفيات 13: 280.
ظفرَ الحُبُّ (a) بقَلْبٍ دَنفٍ (b)
…
بكَ والسُّقَمُ بجِسْمٍ نَاحِلِ
فهُما بين اكتئَابٍ وبِلَىً (c)
…
تَرَكَاني كالقَضِيْب الذَّابِلِ
فبَكَى العَاذِلُ لي من رحْمَةٍ
…
فبُكَائي لبُكَاءِ العَاذِلِ
قال: أحْسَنْتَ واللهِ.
ثُمَّ قال: يا نَصْرُ، كم معَكَ من العَيْن؟ قال: ستمّائة وخَمْسُون دِيْنارًا، قال: ادْفَعِ إلى الفَتَى نِصْفَها واجْعَل الكَسْر له سَلِيْمًا، فأخَذْتُها وعُدت إلى مَنْزِلي، فاشْتَرَيْتُ المَنْزِل الّذي كُنْتُ فيه فسَتَرني وسَتَر عِيَالي.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي أحْمَد
(1)
، قال: أخْبرني عليِّ بن أَيُّوبَ القُمِّيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن إسْحاق، قال: حَدَّثَني أبو الهَيْثَم خَالِد بن يَزِيد الكَاتِب الشَّاعر، قال: لمَّا بُوْيِعَ إبْراهيم ابن المَهْدِيّ بالخِلَافَة، طَلَبني، وقد كان يَعْرفُني، وكُنْتُ مُتَّصِلًا ببعضِ أسْبَابهِ، فأُدْخلتُ إليه، فقال لي: يا خَالِد، أنْشِدني من شِعْركَ، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، ليسَ شِعْري من الشِّعْر الّذي قال فيهِ رسُول الله صَلَّى اللهُ عله وسلَّم: إنَّ من الشِّعْر حِكَمًا، وإنَّما أمْزَح وأَهْزل، وليسَ ممَّا يُنْشدُهُ أَمِير المُؤْمنِيْن! فقال: لا تَقُل هذا يا خَالِد؛ فإنَّ جِدَّ الأدَب وهَزْلَهُ جِدٌّ، أنْشدْني، فأنْشَدتُهُ
(2)
: [من الرمل]
عِشْ فَحُبِّيْكَ سَرِيِعًا قَاتِلي
…
والضَّنَى إنْ لي لَم تَصِلْني وَاصِلي
(a) الديوان والمنتظم وفوات الوفيات والوافي: الشوق.
(b) الديوان: مدنف.
(c) الديوان والمنتظم: وضنى، فوات الوفيات: ما بين وجد وضنى، الوافي: بين الثياب وظني.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 256، وانظر الأبيات في عقود الجمان للزركشي ورقة 109 أ.
(2)
ديوان خالد الكاتب 273.
ظَفَرَ الشَّوْقُ بقَلْبٍ كَمِدٍ
…
فيك والسُّقَم بجِسْمٍ نَاحِلِ
فهما بين اكْتِئابٍ وبَلىً
…
تَرَكَاني كالقَضِيْب الذَّابِلِ
وبَكَى العَاذِلُ لي من رَحْمَةٍ
…
فبُكَائي لبُكَاءِ العَاذِلِ
فاسْتَمْلَح ذلك، ووَصَلنِي.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي عليّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد بن سُلَيمان الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد المَعْرُوف بابنِ السَّقَّاء الوَاسِطيِّ بها، قال: حَدَّثَني حَجْظَة، قال: قال لي خَالِدٌ الكَاتِبُ: أضقْتُ حتَّى عدمْتُ القُوْتَ أيَّامًا، فلمَّا كان في بَعْضِ الأيَّام بين المَغْرب وعِشَاءِ الآخرة، فإذا بابي يُدَقُّ، فقُلتُ: مَنْ هذا؟ فقال: مَنْ إذا خَرَجْتَ إليه رَأيتَهُ! فَخَرَجْتُ فرأيتُ رَجُلًا رَاكبًا على حِمَارٍ، عليه طَيْلَسَانٌ أسْوَدُ، وعلى رَأسِه قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، ومعه خَادِمٌ، فقال لي: أنت الّذي تقُول
(2)
: [من المنسرح]
أقُولُ للسُّقْمِ عُدْ إليَّ بَدَني
…
حُبًّا لشيء يكُونُ من سَبَبك
قال: قُلتُ: نعم، قال: أُحبُّ أنْ تَنْزل لي عنه، فقُلتُ: وهل يَنْزلُ الرَّجُلُ عن ولدِه؟ فتَبَسَّم، ثُمَّ قال: يا غُلَام أعْطِهِ ما معَكَ، فأوْمَأ إليَّ بصُرَّةٍ في دِيْبَاجةٍ سَوْداء مَخْتُومَة، فقُلتُ: إنِّي لا أقْبَلُ عَطَاءَ مَنْ لا أعْرِفُهُ، فَمن أنتَ؟ قال: أنا إبْراهيمُ بن المَهْدِيّ.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود السَّاوِيّ الصُّوْفيّ السَّاوِيّ (a)، قال: أخْبَرَنا
(a) كذا في الأصل مكررًا.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 255 - 256.
(2)
ديوان خالد الكاتب 403 وانظره أيضًا في كتاب الديارات للشابشتي 16، ومرآة الزمان 16:8.
أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن البَرَدَانيّ الشَّيْخ الحافِظ، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أنْشَدَنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حَمْدَان العُكْبَرِيّ بعُكْبَرا، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن دُرَيْدٍ لخَالِدٍ الكَاتِب
(1)
: [من مجزوء الكامل]
هل أنْتَ مُنْتَفعٌ بعِلْـ
…
ــمكَ مرَّةً والعِلْمُ نَافِعْ
وَمَنِ المُشِيْرُ عليكَ بالـ
…
ـــرَّأي السَّدِيْدِ وأنْتَ سَامِعْ
فالمَوْتُ حَوْضٌ أنتَ فيـ
…
ـــهِ [و] لا مَحَالةَ مِنهُ كَارِعْ
فِمنَ التُّقَى فازْرَعْ فإنَّـ
…
ـــكَ حَاصِدٌ ما أنْتَ زَارِعْ
(1)
لم ترد الأبيات في ديوان خالد الكاتب ولا في المستدرك عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبهِ تَوفِيْقِى
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَلَّان الوَرَّاق، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الصَّامِتُ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن جَعفَر أبو الحَسَن البَرْمَكِيِّ حَجْظَةُ، قال: كُنَّا جُلُوسًا على بابِ عبدِ الصَّمَد بن عِليّ، ومَعنا رَجُلٌ يُنْشِدُنا أشْعَارَ عبد الصَّمَد بن المُعَذَّل، إذ أَقْبل أبو الهَيْثَم خَالِد بن يَزِيد الكَاتِب، فجلَسَ إلينا، فقال: فيمَ كُنْتم؟ فقُلْنا بجَهْلِنا: هذا يُنْشِدُنا شَيئًا من شِعْر (a) عبد الصَّمَد، فالْتَفَتَ إليه خَالِد فقال: يا فَتَى مَن الّذي يقُول
(2)
: [من الطويل]
تَنَاسَيْتَ ما أَوْعَيْت سَمْعَكَ يا سَمْعِي
…
كأنَّك بعد الضّرِّ خَالٍ من النَّفْعِ
ثم قال له: يا فَتَى، هل أحْسَنَ عبد الصَّمَد أنْ يَجْعَلَ للسَّمْع سَمْعًا؟ قال: لا، ثُمَّ أنْشَدَهُ:[من الطويل]
لئن كان أضْحَى فَوْق خَدَّيهِ (a) رَوْضَةً
…
فإنَّ على خَدِّي غَدِيرًا (a) من الدَّمْعِ
ثُمَّ نَهَضَ، فقال لنا المُنْشد: مَنْ هذا؟ فقُلْنا: خَالِد، فعَدَا خَلْفَهُ، وانْقَطَعَت نَعْلُهُ، وانْقَلَبت مَحْبرتُه حتَّى كَتَبَ البَيْتَيْن.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضل الهاشمِيّ الحَلَبِيّ بها، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قُلتُ: ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ السَّمْعَانيّ من أصْل سَمَاع شَيْخنا أبي هاشِم، قال: أنْشَدَنا
(a) تاريخ بغداد: أشعار.
(b) الديوان: أضحت فوق خدك.
(c) الديوان: نوءًا.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 250 - 251.
(2)
ديوان خالد الكاتب 202.
يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ البَغْدَاديّ بها، قال: أنْشَدَنا عبد الصَّمَد بن عليّ بن مُحَمَّد المَأْمُونيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن الحَسَن بن المَأْمُون الهاشمِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن بَشَّار الأنْبارِيُّ، قال: أنْشَدَني أبي هذه الأبْيَات يُخْبرُ أنَّها لخَالِد الكَاتِب
(1)
: [من البسيط]
السِّنُّ تَضْحَكُ والأحْشَاءُ تَحْتَرِقُ
…
وإنَّما ضِحْكُها زُوْرٌ ومُخْتَلَقُ
ليْتَ الّذينَ رَأَوْني ضَاحِكًا زَعمُوا
…
رَأَوْا بُكَائيْ إذا ما أظْلَمَ الأُفُقُ
لولا مُرَاقبَةُ الأعْدَاءِ لاسْتَبَقَتْ
…
منِّي الدُّمُوعُ كَما في السِّرِّ تَسْتَبِقُ
يا رُبَّ باكٍ بعَيْنٍ قَلْبُهُ فَرِحٌ
…
ورُبَّ ضَاحِكِ سِنٍّ ما بهِ رَمَقُ
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خِلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريُّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الفَضْل بن حَيَّان (a) الحُلْوَانِيّ، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر بن ضِبَاب، قال: سَمِعْتُ بعضَ أصْحَابنا بالرَّقَّةِ يَقُول: كَبِر خَالِد الكَاتِب حتَّى دقّ عَظْمُه، ورَقّ جِلْدُهُ، فوُسْوِسَ، فرَأيتُه ببَغْدَاد والصِّبْيَان يتبَعُونَهُ ويَصِيْحُون به: يا بَارِدُ، يا بَارِدُ! فأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إلى قَصْر المُعْتَصِم، فقال لهم: كيف أكُون بَارِدًا وأنا الّذي أقُولُ
(3)
: [من الطويل]
بَكَىِ عَاذِلي من رَحْمَتي فرحَمْتُه
…
وكم مُسْعِدٍ (b) من مثْلهِ ومُعِيْنِ
ورَقَّتْ دُمُوعُ العَيْن حتى كأنَّها
…
دُمُوعُ دُمُوعي لا دُمُوعُ جُفُوني
(a) مهملة في الأصل، وفي كتاب الجريري: حبان، والمثبت بمثناة تحتية من كتاب الكفاية في علم الرواية 277، وتاريخ بغداد 7: 65 والجامع لأخلاق الرواية 51 جميعها للخطيب البغدادي، وتاريخ الإسلام للذهبي 7:442.
(b) الجريري: مبعد.
_________
(1)
لم ترد الأبيات في ديوان خالد الكاتب ولا في المستدرك عليه.
(2)
الجريري: الجليس الصالح 1: 569، وتاريخ بغداد 9:252.
(3)
لم يرد في ديوان خالد ولا في المستدرك.
وكان خَالِد يتَعَمَّد في شِعْره مثْل هذا.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَغْدَاديّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن كَامِلٍ، فيما أجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنهُ، قال: أخْبرَني أبو الحسُين عليّ بن الحَسَن بن أحْمَد القُرَشِيّ؛ من أهْلِ حَرَّان، قال: سَمِعْتُ هِلالَ بن العَلَاءِ يقُول: رَأيتُ خَالِد الكَاتِبَ الشَّاعرَ بمَدِينَة السَّلام والنَّاسُ يَصِيْحُونَ به: يا بَارِدُ، يا بَاردُ! ويَرْمُونَهُ بالحِجَارَةِ، فتَسَانَدَ إلى حائطٍ، وقال: وَيْلكم! كيفَ أكُونُ بَارِدًا وأنا الّذي أقُول
(2)
: [من الطويل]
وَلَامَسَهُ قَلْبي (a) فآلَم كَفَّهُ
…
فمن لَمْسِ قَلْبي (b) في أنَامِلهِ عَقْرُ
ومَرَّ بفِكْرِي خاطِرًا فجرَحْتُه
…
ولَم أَرَ خَلْقًا (c) قَطُّ يَجْرَحُهُ الفِكْرُ
أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الحافِظ
(3)
، قال: أخْبَرَنا عليّ بن طَلْحَة المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا صَالِحِ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن سَهْلٍ، قال: مرَّ خَالِد الكَاتِبُ يَوْمًا بصِبْيَانٍ فجعَلُوا يَرْجُمُونَهُ ويُزَنُونَهُ (d)، ويقولون له: يا خَالِدُ، يا بَارِدُ! فقال لهم: وَيْلكمُ أنا بَارِدٌ؟ وأنا الّذي أَقُولُ
(4)
: [من الخفيف]
سَيِّدِي أنْتَ لَم أَقُلْ سَيِّدِي أنْـ
…
تَ لخَلْقٍ سِوَاكَ والصَّبُّ عَبْدُ
خُذْ فُؤادِي فقد أتاك بوُدٍّ
…
وهو بِكْرٌ ما اقْتَضَّه (e) قَطُّ وَجْدُ
_________
(a) الديوان والوافي: وصافحه كفي.
(b) الديوان والوافي: غمز كفي.
(c) الديوان: جسمًا.
(d) كذا في الأصل مجوَّدًا، ومثله في بعض أصول تاريخ بغداد، واعتمد في المطبوعة: يزمُّونه.
(e) الديوان: وهو بكرمه ما افتضه، تاريخ بغداد: افتضَّه.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 251.
(2)
ديوان خالد الكاتب 391، وفي الوافي بالوفيات 13:281.
(3)
تاريخ بغداد 9: 251 - 252، ونقله عنه سبط ابن الجوزي في المرآة 16:9.
(4)
ديوان خالد الكاتب 385.
كَبِدٌ رَطْبَةٌ يُفَتِّتُها الوَجْـ
…
ـدُ وخَدٌّ فيه من الدَّمْع خَدُّ
قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح أحْمَد بن عليّ بن النَّخَّاسِ المَدَائِنِيّ الحَلَبِيّ، في مَجْمُوعٍ وَهَبْنيه وَالدِي رحمه الله، قال: حَدَّثَني أبو الصَّقْرِ المُؤدِّبُ، قال
(1)
: أَخْبَرَني بعضُ تَلَامِذَة خَالِد بن يَزِيد الكَاتِب، قال: رَأيتُه يَوْمًا بعدَما كَبِر وهو رَاكبٌ قَصَبَةً والصِّبْيَانُ من حَوْلهِ، فقُلتُ لَهُ: يا أُسْتَاذُ، ما الّذي صَارَ بكَ إلى ما أرَى؟ فأنْشَأَ يَقُول
(2)
: [من مجزوء المقتضب]
الهُمُومُ والسَّهَرُ
…
والسُّهَادُ والفِكَرُ
سُلِّطَتْ على جَسَدٍ
…
فيه للهَوَى (a) أَثَرُ
لا ومَنْ كَلِفْتُ بهِ
…
ما يُطِيْقُ ذا بَشَرُ
فقُلتُ: يا أُسْتَاذُ، أُرِيْدُ أنْ تُنْشِدني أرَقَّ ما تَعْرفُ، فقال: اكْتُبْ
(3)
: [من السريع]
رَقَّ فلو مرَّت به ذرَّةٌ (b)
…
أرْجُلُها مُنْعَلَةٌ بالحَرِيْر
لأثَّرَتْ فيه كما أثَّرَت
…
مُدامَةٌ في العَارِضِ المُسْتَنِيْر (c)
فقُلتُ: يا أُسْتَاذُ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال لي: اكْتُب
(4)
: [من السريع]
أُضْمِرُ أنْ أُضْمِرَ حُبِّي له
…
فيَشْتَكي إضْمَارَ إضْمَارِي
رَقَّ فلو مرَّت به ذرَّةٌ (d)
…
لخَضَّبَتْهُ بدَمٍ جَارِ
(a) الديوان: للبلوى.
(b) الديوان والوافي: نملة.
(c) الديوان والوافي: سحابة في يوم دجن مطير.
(d) الديوان والوافي: نملة.
_________
(1)
انظر الحكاية والشعر المذكور في الوافي بالوفيات 13: 280 - 281.
(2)
ديوان خالد الكاتب 391، وفي تاريخ الإسلام 6:325.
(3)
ديوان خالد الكاتب 393.
(4)
ديوان خالد الكاتب 392.
فقُلتُ: يا أُسْتَاذُ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال: اكتُب
(1)
: [من المنسرح]
صَافَحْتُه فاشْتَكَتْ أنَامِلُهُ
…
وكادَ يَبْقَي (a) بنانُهُ بيَدِي
وكُنْتُ إذا صَافَحَتْ يَدَاهُ يَدي
…
كأنَّني قَابِضٌ على البَرَدِ
لو لَحَظتْهُ (b) العُيُون مُدْمِنَةً
…
لذَابَ من رقَّةٍ (c) فلم يُجَدِ
فقُلتُ: يا أُسْتَاذ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال لي: اكتُب
(2)
: [من السريع]
رِقَّتُهُ ما مِثْلُهَا رِقَّةٌ
…
فإنْ جَفَا فالوَيْلُ من صَدِّهِ
قُدْرَةُ عَيْنَيْه على مُهْجَتي
…
كقُدْرة المَوْلَى على عَبْدِه
قد جَالَ (d) ماءُ الحُسْنِ في خَدِّه
…
وضَجَّتِ الأغْصَانُ من قَدِّه
فانْقُش بما شئْتَ على خَاتمٍ
…
وشِرْ بهِ تَقْرَأه من (e) خَدِّهِ
فقُلتُ: يا أُسْتَاذ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال لي: اكْتُب
(3)
: [من الطويل]
تَوهَّمَهُ طَرْفي فأصْبَحَ خَدُّهُ
…
وفيهِ مكانَ الوَهْم (f) من نَظَري أَثْرُ
وصَافَحَهُ كَفِّي فآلَم كَفَّهُ
…
فمن غَمْز كَفِّي في أنَامِلهِ عَقْرُ
ومَرَّ بفِكْري خَاطِرًا فجرَحْتُه
…
ولَم أرَ جِسْمًا قَطُّ يَجْرحَهُ الفِكْرُ
فلو أنَّ كُتَّابَ العِرَاقِ أَكُفُّهُمْ
…
حَوْتْ قَصَبَ الآجَامِ أمْدَادُها (g) البَحْرُ
يَخُطُّونَ ما جاءَتْ بهِ الصِّيْنُ كَاغَدًا (h)
…
وما نَشَرَتْ (i) من طَيِّ قِرْطاسِها مصْرُ
لَمَا كَتَبُوا مِعْشَار (j) عُشْرِ عَشِير ما
…
تضمَّنَهُ من حُبِّكَ القَلْبُ والصَّدْرُ
(a) الديوان: يندى.
(b) الديوان: رمقته.
(c) الديوان: لحظها.
(d) الديوان: سال.
(e) الديوان: في.
(f) الديوان: الوسم.
(g) ديوان القاضي الفاضل: أنقاسها.
(h) ديوان القاضي الفاضل: كله.
(i) ديوان القاضي الفاضل: وما قد حوت.
(j) ديوان القاضي الفاضل: لما قدروا يحصون.
_________
(1)
ديوان خالد الكاتب 103.
(2)
ديوان خالد الكاتب 134.
(3)
الأبيات الثلاثة الأولى في ديوان خالد 391، والأبيات الثلاثة التي تليها تنسب للقاضي الفاضل، انظر ديوانه 2: 487 - 488.
فقُلتُ: يا أُسْتَاذُ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال لي: اكْتُب
(1)
: [من الطويل]
تكَوَّنَ من نُور الإله بلا مَسِّ
…
بقَول عَزِيْز: كُنْ من الرُّوْح بالقُدْسِ
فلمَّا رَأتْهُ الشَّمْسُ أُخْمِدَ نُورَها
…
وقالَتْ لهُ: بالله أنْتَ من الإنْسِ
فقال لها: إنِّي أظُنُّكِ ضرَّتي
…
وخَمَّسَ بالكَفِّ المَلِيْح على الشَّمْسِ
فقُلتُ: يا أُسْتَاذُ، أُرِيْدُ أَرَقَّ من هذا، فقال لي: قد تقَدَّمتُ إلى المَنْزل أنْ يُصْلحُوا عَدَسًا بسَلِيْق، وأنا ألْقاكَ غدًا بشيءٍ رَقِيقٍ، وتَرَكَني وانْصَرَفَ.
ونَقَلْتُ من خَطِّ أبي الفَتْح المَدَائِنِيّ المَذْكُور في هذا المَجْمُوعِ: حدَّثَ أبو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَني صَدِيْقٌ لي، قال
(2)
: كُنْتُ ببَغْدَاد فرأيْتُ خالِدَ الكاتِبَ يُخَاطِب غُلامًا وهو يَقُول له: [من السريع]
ما آنَ أنْ يَرْحَمَني قَلْبُك؟
فقال الغُلَامُ: لا.
فقَال خَالِدٌ: حتَّى مَتَى يَلْعَبُ بي حُبُّكَ؟
فقال الغُلَام: أبَدًا.
فقال خَالِدٌ: وكَم أُقَاسِي فيك جُهْدَ البَلَا؟
فقال الغُلَامُ: حتَّى تَمُوت.
فقال خَالِدٌ: لا كُلّ (a) ذا يا سَيِّدِي حَسْبُك (b)
فقال الغُلَامُ: بَلَى (c)
(a) الجواهر المضية: لأجل.
(b) الجواهر المضية: حبُّك.
(c) الجواهر المضية: بلا.
_________
(1)
ديوان خالد الكاتب 395.
(2)
انظر: الجواهر المضية للقرشي 2: 635 - 636.
فقال خَالِدٌ: لا أعْدَمَ الله فُؤادِي الهَوَى
فقال الغُلَامُ: آمين.
فقال خَالِدٌ: يَوْمًا ولا جَرَّبَهُ قَلْبُكَ
فقال الغُلَام: فَعَل الله ذاكَ.
فقال خَالِدٌ: إنْ كان رَبِّي قد قَضَى ذا (a) الهَوَى
فقال الغُلَامُ: فما عليَّ أنا؟
فقال خَالِدٌ: وشِدَّةَ الحُبِّ، فما ذَنْبُكَ؟
فقال الغُلَامُ: سَلْ نَفْسَكَ!
قال المُحَدِّثُ: فقُلتُ للغُلَام: أمَا تَسْتَحي من هذا الرَّجُل في جَلَالتهِ؟ فقال: فَدَيْتُكَ؛ كُلُّ مَنْ يَلْقَى يقُول له مِثْلَ هذا.
ذَكَرَ اليُوسُفِيّ صَاحِب الرَّسَائِل، وهو في غَالِب ظَنِّي أحْمَد بن يُوسُف، قال: وحَدَّثَني أبو الحَسَن الشَّهْرَيَاريّ أنَّ خَالِدًا وقَعَ بينَهُ وبين الحَلَبِيِّ الشَّاعر - الّذي يقُول فيه البُحْتُرِيّ
(1)
: [مجزوء الوافر]
سَل الحَلَبِيَّ عن حَلَبٍ
وهي قَصِيدَةٌ - خِلَافٌ في مَعنى شِعْره (b)، فقال له الحَلَبِيّ: لا تَعْدُ طَوْرَك فأُخرسَكَ، فقال له خَالِدٌ: لَسْتَ هُناكَ ولا فيْك مَوضِع للهِجَاءِ، ولكن ستَعْلَمُ أنِّي
(a) الجواهر المضية: ذاك.
(b) الأغاني: خلاف شعر.
_________
(1)
ديوان البحتري 1: 268، وعجز البيت: عن تِرْكانه حَلَبَا.
سأجْعَلُكَ ضُحْكة، وكان الحَلَبِيُّ أوْسَخَ (a) النَّاسِ، فجَعَل يَهْجُو جُبَّتَهُ وثِيَابَهُ وطَيْلَسَانَهُ، فمن ذلك قَولهُ
(1)
: [من السريع]
وشَاعِرٍ ذي مَنْطِقٍ رَائِقٍ
…
في جُبَّةٍ كالعَارِض البَارِقِ
قَطْعَاءُ شَلَّاءُ رباعيَّةٌ (b)
…
دُهْرِيَّةٌ مَرْقُوعَةُ (c) العَاتِقِ
قَدَّمَها العُرْيُ على نَفْسِه
…
تَفْصِيلُها في القَدَر السَّابِقِ
وقَوْلهُ
(2)
: [من السريع]
وشَاعِرٍ مُعْدِمٍ (d) له قَوْمُ
…
ليسَ عليهم في نَصْره لَوْمُ
قد سَاعَدُوه في الجُوْعِ كُلُّهُمُ
…
فَقْرًا فكُلُّ غذَاؤُه (e) الصَّوْمُ
يأتيْكَ في جُبَّةٍ مُرَقَّعَةٍ
…
أطْوَلُ أعْمَارِ مثْلها يَوْمُ
وطَيْلَسَانٍ كالآلِ يَلْبَسُهُ
…
على قَمِيْصٍ كأنَّهُ غَيْمُ
من حَلَبٍ في صَمِيْم سِفْلَتها
…
غِنَاهُ فَقْرٌ وعِزُّهُ ضَيْمُ
الآلُ: السَّرَابُ.
قال: وقال فيه أيضًا
(3)
: [من المنسرح]
تاهَ على رَبِّهِ فأفْقَرَهُ
…
حتَّى أرَاهُ (f) الغِنَى فأَنْكَرَهُ
فصَار من طُوْل حِرْفهِ عَلَمًا
…
يقْذفُه الرِّزْقُ حين يُبْصِرِهُ (g)
يا حَلَبيًّا قَضَى الإلهُ لهُ
…
بالتِّيْهِ والفَقْر حين صوَّرَهُ
لو خَلَطُوهُ بالمُلْكِ وَسَّخَهُ
…
ولو رَمَوه في البَحْر كَدَّرَهُ
(a) الأغاني: من أوسخ.
(b) الديوان والأغاني: رقاعية.
(c) الديوان: مفرقة.
(d) الديوان والأغاني: مقدم.
(e) الديوان: غداؤه.
(f) الديوان والأغاني: رآه.
(g) الديوان والأغاني: أبصره.
_________
(1)
البيتان الأول والثاني في ديوان خالد 402، وانظر الخبر والأبيات في الأغاني 20: 174 - 175.
(2)
ديوان خالد الكاتب 413.
(3)
ديوان خالد الكاتب 392.
أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن عَبد الوَهَّاب السَّبَّاكُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي في كتابهِ، عن أبي القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التَّنُوخِيّ، عن أَبيِهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال في ذِكْر خَالِدٍ الكَاتِب في كتاب الأغَانِي
(1)
: هو خَالِد بن يَزِيد، ويُكْنَى أبا الهَيْثَم، من أهْلِ بَغْدَاد، وأصْلُهُ من خُرَاسَان، وكان أحَدَ كُتَّابِ الجَيْشِ، ووُسْوِسَ في آخر عُمْرِه، وقيل: إنَّ السَّوْدَاءَ غَلَبَتْ عليه.
وقال قَوْمٌ: بل كان يَهْوَى جَارِيَةً لبعض المُلُوك
(2)
الوُجُوه ببَغْدَاد، فلم يَقْدِر عليها، ووَلَّاهُ مُحَمَّدُ بن عَبْد المَلِك الإعْطَاء بالثُّغُور، فخَرَج فسَمِعَ في طَرِيْقهِ مُنْشِدًا يُنْشد، ومُغَنِّيهً تُغَنِّي
(3)
: [من البسيط]
مَنْ كان ذا شَجَنٍ بالشَّام يَطْلبُه
…
ففي سِوَى الشَّام أمْسَى الأهْل والشَّجَنُ
فبَكَى حتَّى سَقَطَ على وَجْههِ مَغْشِيًّا عليه، ثمّ أفاقَ مُخْتَلِطًا، واتَّصَل ذلك حتَّى وُسْوِسَ وبَطَل.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(4)
، قال: خَالِدُ بن يَزِيد أبو الهَيْثَم التَّمِيْمِيُّ، خُرَاسَانِيُّ الأصْل، كان أحَدَ كُتَّابِ الجَيْشِ ببَغْدَادَ، وله شِعْرٌ مُدَوَّنٌ، وشِعْرُه كُلُّهُ في الغَزَل، وعَاشَ دَهْرًا طَوِيْلًا، واخْتَلَطَ في آخرِ عُمْرِه، ويُقالُ: إنَّهُ عاشَ إلى خِلَافَةِ المُعْتَمد.
(1)
الأصفهاني: الأغاني 20: 172.
(2)
لم ترد في نشرة كتاب الأغاني.
(3)
انظر بيت الشعر أيضًا في معجم الأدباء 3: 1244، ومرآة الزمان 16: 9، وفوات الوفيات 1: 401 والوافي بالوفيات 13: 279، وعقود الجمان للزركشي 108 أ، وورد عند سبط ابن الجوزي وابن شاكر والصفدي: الأهل والوطن.
(4)
تاريخ بغداد 9: 250.
خَالِدُ بن يُوسُفَ بن سَعْد بن الحَسَن بن المُفَرِّج بن بَكَّار، أبو البَقَاء النَّابُلُسيُّ
(1)
وُلد بنابُلُس، ونَشَأ بدِمَشْق، وسَمِعَ بها الحافِظ أبا مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن بن عَسَاكِر، وحَنْبَل بن عَبْد الله المُكَبِّر، وشُيُوخنا: أبا اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، وأبا حَفْص بن طَبَرْزَد، وأبا البَرَكَات بن مُلاعِب، والقَاضِي أبا القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، وتَاج الأُمَناء أبا الفَضْل أحْمَد، وأبا البَرَكَات الحَسَن ابْنَي مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَة الله، وجَمَاعَة غيرهم يَطُول ذِكْرهُم.
ورَحَلَ إلى بَغدَاد فسَمِعَ بها من الحافِظ أبي مُحَمَّد بن الأخْضرَ، وأبي عَبْد الله الحُسَين بن شُنَيْف، وأبي العبَّاس أحْمَد بن بَرَكَة بن الدَّبِيْقِيّ، وعَبْد العَزِيْز بن منيْنَا، وغيرهم.
ثُمَّ عادَ إلى دِمَشْق، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب، وسَمِعَ بها من أبي الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، ولَم يَسْمَع بها من غيره، وكَتَبْتُ عنهُ بدِمَشْق، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: سَنَة خَمْسٍ وثَماثين وخَمْسِمائَة تَخْمِيْنًا (a).
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير نصفها، وكذا كامل التي تليها.
_________
(1)
توفي سنة 663 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2: 519 - 520، ذيل مرآة الزمان 2: 326، ذيل الروضتين لأبي شامة 353، فوات الوفيات 1: 403 - 404، العبر في خبر مَن غبر 3: 308، الإعلام بوفيات الأعلام 277، تذكرة الحفاظ 4: 1447 - 1448، تاريخ الإسلام 15: 84 - 85، الوافي بالوفيات 13: 283 - 384، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 246، الأسنوي: طبقات الشافعية 2: 505، ابن تغري بردي: المنهل الصافي 5: 199 - 201، ابن تغري بردي: الدليل الشافي 1: 283، العيني: عقد الجمان (القسم الخاص بعصر سلاطين المماليك) 1: 411، الزركشي: عقود الجمان ورقة 110 أ - 110 ب، القنوجي: التاج المكلل 158 - 159، السيوطي: طبقات الحفاظ 507 - 508، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 19، 78 - 80، شذرات الذهب 7: 543، الزركلي: الأعلام 2: 301.
خَالِد بن أبي خَالِد
(1)
له ذِكْرٌ في وَقْعَة صِفِّيْن، وشَهِدَها مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها.
وهو في غَالِب ظَنِّي: خَالِد بن الحَارِث بن أبي خَالِد الأنْصَاريّ، الذّي قَدَّمْنا ذِكْرهُ
(2)
، واللهُ أعْلَمُ.
خَالِص بن أحْمَد بن خَالِص بن عَبْدِ الله بن خَالِص، أبو القَاسِم بن أبي العبَّاس الغَافِقِيُّ الإشْبِيلِيُّ ثُمَّ الشُّقْرِيّ
(3)
قَدِمَ حلَبَ، وصَحِبَ بها مُحَمَّد بن عليّ بن العَرَبيّ، وتوجَّه منها صُحْبتَهُ إلى بَلَدِ الرُّوم، ولم يَتَّفق لي به اجْتِمَاع حين وَرَدَ حَلَب.
وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، كَتَبَ عنهُ رَفِيْقُنا رَشِيْدُ الدِّين مُحَمَّد ابن الحافِظ عبد العَظِيْم المُنْذِريّ، وقرأتُ بخَطِّه: أنْشَدَني الشَّيْخُ الجَلِيْلُ الفَاضِلُ أبو القَاسِم خَالِصُ بن أبي العبَّاس أحْمَد بن خَالِصِ بن عَبْدِ الله بن خَالِص الغَافِقِيّ الإِدْرِيسِيّ الإشْبِيلِيّ الأصْلِ، الشُّقْرِيّ المَوْلد -مَوْلدُه بجَزِيْرَة شُقْر سَنَة تِسْعٍ وثمانين وخَمْسِمائَة ظَنًّا- بالقَاهِرَة في مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الآخرة سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وسِّتمائة، قال: أنْشَدَني الأدِيْبُ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن حَرِيْق لنَفْسِه بمُرْسِيَة فيما أظُنُّ، وقد سَمِعْتُ منه كَثِيْرًا من شِعْره:[من مجزوء البسيط]
يا لَيْلَةً جَادَتِ الأمَانِي
…
بها على رَغْمِ أَنْفِ دَهْرِي
أَسْبَلَ فيها عَلَيَّ نُعْمى
…
يَقْصُرُعنها طَويْلُ شُكْرِي
(1)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين لمزاحم 398 وفيه: خالد بن خالد الأنصاري، الفتوح لابن أعثم 3:301.
(2)
تقدمت ترجمته في أول هذا الجزء.
(3)
ضبطه ابن العديم حيثما يرد بضم الشين، ومثله في ضبط شقر؛ الجزيرة التي ولد فيها صاحب الترجمة في شرقي الأندلس، وعند ياقوت بالفتح. انظر معجم البلدان 3:354. وكان المترجم له حيًّا سنة 641 هـ.
إذْ باتَ في مَنْزِلي حَبِيْبي
…
وَقامَ في أَهْلِهِ بعُذْرِ
فبتُّ لا حَالةٌ كحَالي
…
ضَجْيْعَ بَدْرٍ صَرِيْعَ خَمْرِ
يا لَيْلَةَ القَدْرِ في اللَّيالِي
…
لأنْتِ خَيْرٌ مِنَ الْفِ شَهْرِ
ونَقَلْتُ من خَطِّه أيضًا: أنْشَدَني أبو القَاسِم خَالِصُ المَذْكُورُ لنَفْسِه في التَّاريخ أعْلَاهُ من قَصِيدَة: [من الطويل]
سَرَتْ عُطُلًا خَوْفَ العُيُونِ الرَّوَاصِدِ
…
وجَرْسِ حُلىِّ في الفَضِيْحةِ جَاهِدِ
وخَافَتْ تَفَرِّي اللَّيْل عنِ صُبْحِ وَجْهِها
…
فلاذَتْ فلَم تَحْفِلْ بإرْسَالِ وَارِدِ
ولولا نَسِيمُ الرِّيح عَرَّفَ عَرْفَها
…
لنَيْلِ وِصَالٍ دُونَ وَاشٍ وحَاسِدِ
وكم حِيْلَةٍ للهَائِمِ الصَّبِّ في الهَوَى
…
يَكِيْدُ بها والدَّهْرُ جَمُّ المَكَائِدِ
وما زَالَ هذا الدَّهْرُ يَعْتَاقُ بالمُنَىٍ
…
مُنَانا ويَسْقِيْنا سِمَامَ الأسَاوِدِ
يُرِيدُ بنا ما لا نُريدُ سَفَاهَةً
…
ويُوْرِدُنا لا كانَ شَرَّ المَوَارِدِ
ونَقَلْتُ من خَطِّه: وأنْشَدَنا لنَفْسِه في ذَمِّ دِمَشْق: [من الوافر]
لأهْلِ دِمَشْقَ في الدُّنْيا شَقَاء
…
بسُكْنَاهَا وَهُوْنٌ غيرُ هَيْنِ
مَسَاكِنُ مِن مَسَاكِنِهمْ وإنْ لَم
…
يُحِسُّوا وَهْيَ شَرُّ الشِّقْوَتَيْنِ
فإنْ لم تُغْتَفَر لَهم ذُنُوبٌ
…
بهِ دَخلُوا جَهَنَّمَ مَرَّتَينِ
تُوفِّي أبو القَاسِم خَالِص بن أحمد [
…
] (a).
خُبَيْقُ بن سَابِق، أبو عَبْدِ الله الكُوْفيُّ ثمّ الأنْطَاكِيُّ
كان من أهْلِ الكُوفَة وتحوَّل إلى أنْطَاكِيَة هو وابنُهُ عَبْد الله الزَّاهِدُ، وحَكَى عن يُوسُفَ بن أسْبَاط، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عَبْد الله بن خُبَيْق.
(a) بياض في الأصل قدر ست كلمات. ولم أقف على سنة وفاته، وقد كان حيًّا سنة 641 هـ حسبما نقله المؤلف عن المنذري في الإنشاد المتقدم.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ بدِمَشْقَ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عليّ الفَنَكيِّ، قال: أنْبَأْنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن حَفْصٍ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن خُبَيْقٍ، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: قال لي يُوسُف بن أسْبَاط في مَرَضِهِ الّذي ماتَ فيه: يا أبا عَبْدِ اللهَ، إذا أنا مُتُّ فصَيِّر إسْمَاعِيْل بن دَايَة فيمَن يُغَسِّلُني، قال: فقُلتُ لَهُ: يا أبا مُحَمَّد، إسْمَاعِيْل ليسَ من أصْحَابِكَ، وهو من أصْحَاب السُّلْطان، فأيّ شيءٍ مَذْهَبُكَ في هذا؟ قال: دَخَلْتُ الحَمَّام فَخَدَمني ولَم أُكَافِئْهُ، وأنا أعْلَم أنَّهُ يُسَرُّ أنْ يكُون فيمَن يُغَسِّلني فيكُون هذا مكافأةً لِمَا كان منه.
قال ابنُ خُبَيْق: قال أبي: دَعَوْنا سُليْمان الطَّبِيْبَ ليُدَاوِي يُوسُف وكان يَرْجع إليه عَقْلُه أحيانًا، فيقُول: إلَّا قليل، فلَم يَزَل به حتَّى دَاواهُ وصَحَّ، فلمَّا فَرَغ وأراد أنْ يَخْرج سُليْمان الطَّبِيْب، قال يُوسُف: أيّ شيء تُعْطُونَهُ؟ قُلنا: لا يُريد منكَ شيئًا، قال: يا سُبْحَان اللَّه، جئتُم بطَبِيْب المُلُوك ولا أُعْطِيهِ شيئًا! قُلتُ: أعْطهِ دِيْنارًا، فقال: خُذْ هذا فادفَعْهُ إليه وأَعْلِمْهُ أنِّي لا أمْلكُ غيره، لأنْ لا يتوَهَّمِ أنِّي أَقَلُّ مُرُوءَةً من المُلُوك، فدَفعَ إليَّ صُرَّة فيها خَمْسَة عَشر دِيْنارًا، قال: فأخَذْتُها فدَفَعْتُها إليه، وجَعَلَ يُوسُفُ يَعْمَلُ الخُوْصَ بيده حتَّى مات.
(1)
لم أقف على الرواية في تاريخ ابن عساكر.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 487 - 488.
خُتْلُغ آبَه
(1)
ويُقَال: قُتْلُغ آبَه، وهو اسْمٌ تُركيٌّ، ويُعَرَّب فيُقال: خُطْلُبَا.
وهو من مَمَالِيْك السُّلْطان مَحْمُود بن مَلِكْشاه، مَلَكَ حَلَب سَنَة إحْدَى وعشرين وخَمْسِمائَة؛ سَلَّمها إليهِ بتَوْقِيعْ إلى نَائبه مَسْعُودُ بن آقْ سُنْقُر البُرْسُقيِّ، فأقامَ بها ستَّة أشْهُر، ومدَّ يَدَهُ في ظُلْم الرَّعِيَّة، واجْتِيَاحِ أمْوَالهم والطَّمَع فيها، وِاتَّهَم أبا طَالِب عبد الرَّحْمن بن العَجَمِيّ بأنَّ المِجَنّ بَرَكات الفُوْعيِّ أوْدَعَهُ وَدِيْعَةً، وسَجَنه، وسَجَن عمّه أبا عَبْد الله ابن العَجَميِّ، وضيَّق على أبي طَالِب وعَذَّبَه وثَقَب كَعْبه
(2)
.
وكان بَدْر الدَّوْلةَ سُليْمان بن عَبْد الجَبَّار بن أُرْتُق بحَلَب، فصَاح أهْلُ حَلَب بشِعَاره، وقام فَضَائِل بن بَدِيْع رَئيس حَلَب مَعَهُ، واتَّفقُوا على أنْ حَصَرُوا خُتْلُغ آبَه وقَبَضُوا على أصْحَابهِ، ووَصَل إليهم إلى حَلَب إبْراهيم ابن المَلِك رِضْوَان بن تُتُش، وكان بَدْر الدَّوْلَة زَوْج أُخت إبْراهيم، فكانا يَجْبِيَان دَخْل حَلَب بينهما، وطَالَ الحِصَار بخُتْلُغ آبَه إلى نِصْف ذِي الحِجَّة، واتَفق الأمْرُ بينهم على أنْ اسْتَدعوا أتَابِك زَنْكِي، فوَصَل وتَسَلَّم حَلَب، وأَخَذَ خُتْلغُ آبَه وكَحَلَهُ، وانْتَقَم اللهُ منه لأهْلِ حَلَب.
قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن نِزَار التَّنُوخِيّ المَعْرُوف بابنِ العُظَيْميّ الحَلَبيِّ، في كتابهِ المُؤَصَّل على الأصْلِ المُوَصَّل؛ وهو
(1)
توفي سنة 522 هـ، وترجمته في: الكامل لابن الأثير 10: 649 - 650، زبدة الحلب 1: 430 - 431، 2: 437 - 438، ابن واصل: مفرج الكروب 1: 37 - 39، تاريخ ابن الوردي 2: 54 - 55، ابن خلدون: العبر 9: 216 - 217، 664 - 665، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 411 - 414.
(2)
تقدم ذكر اعتقال ختلغ لابن العجمي وابن أخيه، بسعاية بعض الشيعة بحلب، في الجزء السادس قبله في ترجمة الحسين بن عبد الرحمن بن طاهر بن العجمي.
التَّذْكِرَة من سِيَر الإسْلَام
(1)
، وأخْبَرَنا بذلك أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ إجَازَةً، قال: أجَازَ لنا أبو عَبْد الله ابن العُظَيْميّ وقال: سَنَة إحْدَى وعشرين وخَمْسِمائَة، ولمَّا شَرَّق عِزّ الدِّين مَسْعُود البُرْسُقِيّ وَلَّى بحَلَبَ والقَلْعَة الأَمِير تُوْمَان، فلمَّا اسْتَقَامَتْ أُمُوره بالشَّرْق، نفَّذَ سرِيَّةً مع أُمَرَاء منهم: يَنَال وسُنْقُر دراز (a) وغيرهما (b)، فلمَّا وَصَلُوا إلى حَلَب لَم يَدْخل معهم تُوْمَان في الطَّاعَة، فَحَالَفَه رَئيسُ حَلَب فَضَائِل بن بَدِيْع، وأدْخَلهم إلى حَلَب، وأنْزَلَهم قَلْعَة الشَّريف، ووقَعَ بين الوَالي وأهْل حَلَب.
وبعد ذلك بأيَّامٍ يَسِيْرة، وَصَل إلى حَلَب غُلَام السُّلْطان مَحْمُود؛ واسْمُه خُتْلُغ آبَه بتَوْقِيْع عِزّ الدِّين مَسْعُود بحَلَب، وصُحبَتُه عُمْدَة الدِّين سُنْقُر الطَّويل صَاحِب حَرَّان المَعْروف بدراز، وسَلَّم التَّوْقِيع إلى تُوْمَان بتَسْليم المَوضِع إلى خُطْلُبَا، فلم يَقْبَل، واحْتَجَّ بعلامَةٍ بَيْنهُ وبين عِزّ الدِّين لم يَتَضَمَّنها التَّوْقِيع، واعْتَرَف بالخَطِّ حَسْب، وكانت العَلَامَةُ بينهما صُوْرة غَزَال، لأنَّ عِّز الدِّين كان أحْسَن النَّاسِ نُقُوشًا وتَصَاوير، وكان من الذَّكَاء على أمرٍ عَظِيم.
وطالَ الأمرُ على خُطْلُبَا، وأشَارُوا عليه بِالعَوْدَةِ فعادَ. وكان عِّز الدِّين مُحَاصِرًا (c) الرَّحْبَة وِبها قَرَاقُش الأمِيْر حَسَن (d)؛ رَجُلٌ فَارِسيُّ الأصْل، فاسْتَأمَن وَنَزل، ونَزَل المَوضِعَ غيره، فماتَ عِزّ الدِّين، فوَصَل في خَمْسَةِ أيَّام فوجَدَ مَسْعُودًا
(a) في مفرج الكروب لابن واصل 1: 37: دران، وفي ص 39: دراز.
(b) الأصل: وغيره.
(c) الأصل: محاصر.
(d) في الأصل: حسين، ويأتي قريبًا على الوجه المثبت.
_________
(1)
ضبط عنوان الكتاب من ابن العديم في موضع غير هذا، وتقدم التعليق عليه لأول وروده في الجزء الأول. وانظر بعض أخبار ختلغ آبه وتومان بحلب ملخَّصةً في تاريخ العظيمي المختصر والمنشور باسم تاريخ حلب 377، وانظر: مفرج الكروب 1: 37 - وما بعدها، وفي أصوله "تومان" فغيرها المحقق "قومان" استنادًا إلى الكامل لابن الأثير 10: 649، تاريخ ابن خلدون: العبر 9: 216، 664 (وورد اسم تومان فيه: قرمان وقومان)، وزبدة الحلب 1: 430 (تومان).
قد مات، وهو مَطْرُوح على قِطْعَة بسَاطٍ والعَسْكَر مَشْغُولون عن دَفْنهِ؛ قد نَهَبَ بعضُهم بعضًا، فعاد خُطْلُبَا إلى حَلَب في ثلاثةِ أيَّام، وعرَّف النَّاس بمَوْتِهِ، فأدْخَلَهُ ابن بَدِيْع المَدِينَة إلى دَاره، واسْتَنْزلوا تُوْمَان من القَلْعَة بعدما صَحَّ عنده وَفَاةُ صَاحِبهِ، فصَانَعَهُم على ألف دِيْنارٍ، وسَلَّم القَلْعَةَ، ومَلَكَها خُطْلُبَا، واسْتَحْلَفَهُ الحَلَبِيُّونَ، واسْتَوثَقُوا منه.
وطلعَ المركْزَ (a) بتاريخ الخَمِيْس لستٍّ بَقِينَ من جُمَادَى الآخرة من هذه السَّنَة
(1)
، والقَمَر في الجَوْزَاءِ على قِرَان المِرِّيْخ، ولمَّا صَعدَ وبَقي أيَّامًا، ظَهَرَ أنَّهُ من أهْلِ الشَّرِّ والظُّلْم، فتَشَوَّشَت قُلُوبُ الرَّعِيَّة، وحَمَلَهُ قَوْمٌ من أهْلِ السُّوءِ على الطَّمَع، فتغَيّر وبَدَّل ما حَلَفَ عليه، وصَارَ يَخْتِم على تَرْكة مَنْ يَمُوت، ويُرْفَع مالَهُ إليه، ولا يكْشف: هل له وَارثٌ أم لا؟
وصَحَّ هذا عند الأَمِير بَدْر الدَّوْلَة، والرَّئِيس فَضَائِل بن بَدِيْعِ، وأنَّهُ قد عوَّل على قَبْضهما، فتحَالَفَا عليه، واتَّفق معهما أحْدَاثُ حَلَب، فقامُوا عليه لَيْلَة الثّلاثَاء ثاني شَوَّال ليلًا، والقَمَر في القَوْس في ستّ درجِ على تَسْديس زُحَل، وكان غِلْمَان خُطْلُبَا وحُجَّابه وأصْحَابه في قلَّةٍ، وكُلُّهم يَشْربُون في البَلَد -لأنَّهُ عَشِيَّة عيدِ الفِطْر- عند أصْدِقائهم ومَعَارِفهمِ، فقَبَضَهَم الحَلَبِيُّونَ، ومَلأوا بهم الحبُوسَ والمَسَاجِد ودَار ابن الإقْرِيْطِشِيّ، وقيَّدُوهُم وأصْبَحُوا مُعْتَقلين، وزحفَ النَّاسُ كافَّة إلى باب القَلْعَة، وحَصَرُوا القَلْعَةَ، فقَاتَلهم النَّهَار أجْمَع، ولمَّا كان اللَّيْل نَزَل [و] أحْرَقَ (b) القَصْرَ الّذي لَم يكُن في البِلادِ مثْلُه، وأتْلَفَ فيه من السُّقُوف والأبْوَاب والأخْشَاب والرُّخَام ودَار الذَّهَب حتَّى تَوَاقَع بعضُه على بعضٍ.
(a) في مفرج الكروب 1: 38: وطلع ختلغ إلى القلعة.
(b) الإضافة من مفرج الكروب لابن واصل 1: 38.
_________
(1)
أي في سنة 521 هـ.
وهَجَم النَّاسُ صَبِيْحَة تلك اللَّيْلة، فَنَهَبُوا منه كُلّ ما قَدرُوا عليه، وقُتِلَ من النَّاس جَمَاعَة، ووصَل إلى باب حَلَب الأَمِيران حَسَّان بن كُمُشْتُكِيْن البَعْلَبَكِّيّ وأخُوه حَسَن صَاحِبا مَنْبِج وبُزَاعَة (a) بتاريْخ السَّبْت سَابِع شَوَّال، وسَامَاهُ الخُرُوج معهما فأبَى ذلك على أنْ يُسَلِّم حَلَب إلى بَياض البَلَدِ وابن مَالِك ويتسَكع، فلمَّا أبى طال الحِصَارُ.
ووصَل بعد ذلك جُوِسْلِين إلى باب حَلَب في مائتي فَارِس، ونَزَل بَابلَّا، وتقَدَّم إلى بَانَقُوسَا، ونفَّذ رسُولَهُ إلى حَلَب بتاريْخ الأَحَدِ ثَامِن شَوَّال، وطَلَب خدمةً فصَانعُوه ودَفعُوه.
وفي آخر شَوَّال (b) وَصَلِ المَلِكُ إبْراهيم بن رِضْوَان، فأدْخَلُوه إلى حَلَب، وأكْرَمُوه ونَادوا بشِعَاره، وخَرجَ صَاحِبُ أنْطَاكِيَة البَيْمُنْد وَنَزَل صِلْدِع بتاريْخ الأرْبَعَاء حَادِي عَشر شَوَّال، والمُرَاسَلَة تَعْمل، ورَكبوا بُكْرة ذلك اليَوْمِ، وضَايقُوا حَلَبَ، ورَكِبَ المَلِكُ إبْراهيم بن رِضْوَان وبَدْر الدَّوْلَةِ، ونَفَر الحَلَبِيُّونَ والرَّئِيسُ ابن بَدِيْع في خَلْقٍ عظيم وتَرَاسلُوا، فاسْتَوتِ الهُدْنَة، ووَقَعت الأيْمانُ على المُدَّة المَعْلُومَة، وحُمِلَ إليه ما اقْتَرَحَهُ يَوْم الخَمِيْس ثاني عَشر شَوَّال، بعد أنْ أشْرَف النَّاسُ على الخَطَرِ العَظِيْم ودَخَل رَسُول الإفْرَنْج، [و] قبضَ من حَلَب ألف دِيْنار، وقرَّر ألفًا أُخْرى وعادَ إلى أنْطَاكِيَة، وصَار كُلّما غاب من الحَلَبِيِّين رَجُل قد قُتِلَ أو صُلِبَ.
(a) عند ابن واصل (مفرج الكروب 1: 38): صاحبا منبج من بزاعة، وعند ابن الأثير (الكامل 10: 650): حسان صاحب منبج، وحسن صاحب بزاعة.
(b) كذا في الأصل ومثله في مفرج الكروب، ولعل الأظهر "عاشر شوال"، ليتّسق مع تواريخ الأحداث والمتجددات اليومية المذكورة بعده، ويؤكده ما ورد في زبدة الحلب من قدوم الملك رضوان ومحاصرتهم لختلغ حتى منتصف شوال. انظر: زبدة الحلب 1: 431.
وطالَ الأمر على خُطْلُبَا، وحَفَرُوا خَنْدَقًا حَوْل القَلْعَة، فكُلّما خَرَجَ منها رَجُل أو دَخَل إليها أُخِذَ، إلى نِصْف ذِي الحِجَّة (a)، [و] وَصَل الأَمِير سُنْقُر دراز والأَمِير حَسَن قَرَاقُش وجَمَاعَة أُمَرَاء في عَسْكَر قَوِيّ إلى باب حَلَب، واتَّفَق الأمْرُ على أنْ يَسِيْر بَدْرُ الدَّوْلَةِ وخُطْلُبَا إلى باب المَوْصِل إلى المَوْلَى الأصْفَهْسَلار المَلِك عِمَاد الدِّين قَسِيم الدَّوْلةَ زَنْكِي ابن قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر إلى المَوْصِل، فلمَنْ وَلَّى عادَ إلى مَنْصِبهِ (b).
وأقَامَ بحَلَب الأَمِير حَسَن قَرَاقُش والرَّئِيس فَضَائِلِ بن بَدِيْعِ، فأصْلَح عِمَاد الدِّين بينهما، ولَم يُوقِّعِ لأحدٍ منهما، وطَمِعَ بمُلْكِ البَلَدِ، وسَيَّر سَرِيَّةً إلى حَلَبَ مع الأَمِير الحَاجِب صَلاح الدِّين العِمَادِيّ، فوَصَل إلى حَلَب، وأَطْلعَ إلى القَلْعَة وَاليًا من قِبَله، ورتَّب الأُمُور، وجَرَت على يَده على السَّدَاد.
وقال ابنُ العُظَيْميِّ
(1)
: سَنَة اثْنَتَيْن وعشرين وخَمْسِمائَة، في جُمَادَى الآخرة، وَصَل قَسِيم الدَّوْلَة أبو سَعيد زَنْكِي إلى حَلَب، ومَلَكها وصَعدَ القَلْعَة، وباتَ بها، وعادَ إلى نُقْرَة بني أَسَد، وقَبَضَ على خُطْلُبَا، وحَمَلَهُ إلى حَلَب وسَلَّمَهُ إلى عَدُوِّه ابن بَدِيْع، فكَحَلُوه (c) بدَاره في النِّصْف من رَجَب.
(a) كذا في الأصل وفي النص اضطراب، ولعل تقويمه بأن ينقل الكلام على الخندق إلى الفقرة قبله، ويصبح النص كما هو في كتاب مفرج الكروب لابن واصل 1: 39: "وطال الأمر على خطلبا إلى نصف ذي الحجة فوصل الأمير سنقر
…
".
(b) مفرج الكروب 1: 39: فلمن ولى استقرّ الأمر.
(c) العظيمي: تاريخ حلب: فكحله.
_________
(1)
تقدم لابن العديم الإشارة إلى كتاب العظيمي الذي ينقل عنه وهو المُؤصّل على الأصل الموصَّل، والنص المدرج أعلاه مثبت -باختلاف يسير- في كتاب العظيميّ الآخر تاريخ حلب 381.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خِدَاش
خِدَاشُ بن بِشْر بن خَالِد بن الحَارِث بن نُبَيْه
- وقيل: خِدَاش بن بِشْر بن عبد الحَارِث بن أبي خَالِد بن نُبَيْه، وقيل: خِدَاشُ بن بِشْر بن أبي خَالِد، وقيل: ابن خَالِد، بن نُبَيْه (a)- ابن قُرْط بن سُفْيان بن مُجَاشِع بن دَارِم بن مَالِك بن حَنْظَلَة بن مَالِك بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم بن مُرّ بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو يَزِيد، -وقيل: أبو مالك- التَّمِيْمِيّ المُجَاشِعِيّ، وهو المَعْرُوف بالبَعِيْث البَصْرِيّ
(1)
شَاعِرٌ إسْلَاميٌّ، قَدِمَ الشَّامَ، ونَزَل على آل القَعْقَاع العَبْسِيّ أخْوَال الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، ومَدَحَهُم، وكانت مَنَازِلهم بناحيةِ قِنَّسْرِيْن بالحِيَار وما وَالاها.
وقيل إنَّهُ كان أخْطَبَ بني تَمِيْم، وكانت أُمُّهُ أَمَة من أصْبَهَان يقال لها: بردَة (b). وقيل: أُمُّهُ سِجِسْتَانيَّة تُسَمَّى فَرْتَنا.
(a) مثله في أصول ابن حزم (الجمهرة 231)، واستبدلها المحقق: بيبه اعتمادًا على الاشتقاق لابن دريد 241.
(b) مهملة النقط في الأصل بالرسم المثبت، وعند ابن قتيبة: الشعر والشعراء 250: مردة.
_________
(1)
توفي سنة 134 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 2: 533، 535، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 45، 204، 374، 3: 10، 11، 54، 353، 4: 84، ابن قتيبة الدينوري: الشعر والشعراء 250، الاشتقاق لابن دريد 241، الآمدي: المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء 56، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 231، تاريخ ابن عساكر 16: 324 - 329، معجم الأدباء 3: 1246 - 1247، الوافي بالوفيات 13: 293 - 294، المقريزي: المقفى الكبير 2: 438 - 394، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 125 - 127، الزركلي: الأعلام 2: 302. وجمع شعره وحققه ناصر رشيد محمد حسين، (بغداد: دار الحرية، 1974 م).
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد، وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنا الحَسَن بن البَنَّاء إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ. وقال أبو غَالِب: أنْبَأنَا أبو الفَتْح عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: البَعِيْث الشَّاعر اسْمُهُ خِدَاشُ بن بِشْر بن أبي خَالِد بن نُبَيْه -بفَتْحِ البَاء- بن قُرْط بن سُفْيان بن مُجَاشِع بن دَارِم، يُكْنَى أبا يَزِيد، هو الّذي هَاجَاهُ جَرِيرٌ؛ وفيه يقُول جَرِيْرٌ
(1)
: [من الكامل]
لمَّا وَضَعْتُ على الفَرَزْدَقِ مِيْسَمي
…
وضَغَا (a) البَعِيْثُ جَدَعْتُ أَنْفَ الأَخْطَلِ
وقيل: هو خِدَاش بن بِشْر بن عَبْد الحَارِث بن أبي خَالِد بن نُبَيْه، وسُمِّي البَعِيْث بقَوْله
(2)
: [من الطويل]
تبَعَّثَ منِّي ما تبعَّث بَعْدَما
…
أَمرَّتْ قُوَاي واسْتَمرَّ عَزِيمتي
أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو نَصْر عليّ بن هِبَة اللَّه بن مَاكُولا
(3)
، قال: وأمَّا البَعِيْث واسْمُهُ خِدَاشُ بن بِشْرٍ بن أبي خَالِد -وقيل: ابن خَالِد- بن نُبَيْه (b) - بفَتْحِ الباءِ- ابن قُرْط بن سُفْيان بن مُجَاشِع بن دَارِم، يُكْنَى أبا يَزِيد، ويُقال: أبو مالك، هو الّذي كان يُهَاجي جَرِيْرًا.
وقيل: هو خِدَاشُ بن بِشْر بن عَبْد الحَارِث بن أبي خَالِد بن نُبَيْه، والأوَّل أصَحُّ.
(a) الوافي: وصغا.
(b) كذا في الأصل مجودًا، وعند ابن ماكولا في هذا الموضع: بَيبه، وقيَّده ابن ماكولا في باب خداش (2: 427) على النحو المثبت أعلاه.
_________
(1)
ديوان جرير 357، والوافي بالوفيات 13:293.
(2)
لم يرد في ديوان شعره، وانظره في الشعر والشعراء لابن قتيبة 250، والوافي بالوفيات 13: 293، وعند المقريزي (المقفي 2: 439) باختلاف في العجز والقافية.
(3)
ابن ماكولا: الإكمال 1: 334 - 335.
ثمّ قال ابنُ مَاكُولا
(1)
في باب خِدَاشٍ: بكَسْر الخَاءِ المُعْجَمة وبَعْدَها دالٌ مُهْملَة وآخره شين مُعْجَمة؛ خِدَاش بن بِشْر بن خَالِد، وذَكَرَهُ.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ
(2)
، قال: خِدَاشُ بن بِشْر بن خَالِد بن الحَارِث بن نُبَيْه (a) بن قُرْط بن سُفْيان بن مُجَاشِع بن دَارِم بن مَالِك بن حَنْظَلَة بن مَالِك بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم بن مُرّ بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو يَزِيد التَّمِيْمِيّ ثمّ المُجَاشِعِيّ، المَعْرُوف بالبَعِيْث، أحَدُ الشُّعَراءِ المُجِيْدين، بَصْرِيٌّ قَدِمَ الشَّامَ، وكان خَطِيْبًا شَاعِرًا.
أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ بن عَبد الوَهَّاب بن السُّكَّرِيّ البَزَّازُ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليِّ بن عَبْد العَزِيْز الطَّاهِريّ قِراءَةً عليهِ، قال: قُرئ على أبي بَكْر أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَلْم بن رَاشِد الجَبَليّ قال: أخْبَرَنا أبو خَلِيفَة الفَضْل بن الحُبَاب بن مُحَمَّد بن شُعَيْب الجُمَحِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن سَلَّام بن عُبَيْد الله بن زِيَاد الجُمَحيّ (b) في طَبَقَاتِ الشُّعَراءِ الإسْلَاميِّين
(3)
، قال: الطَّبَقَةُ الثَّانيَة من الإسْلَاميِّين أرْبعةٌ: البَعِيث واسْمُهُ خِدَاش بن بِشْر بن خَالِد بن الحَارِث بن نُبَيْه
(4)
بن قُرْط بن سُفْيان بن مُجَاشِع بن دَارِم بن مَالِك بن حَنْظَلَة، والقُطَامِيّ، وكُثَيِّر، وذُو الرُّمَّة.
(a) عند ابن عساكر حيثما يرد: بَيْبَة.
(b) الأصل: اللخمي.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 2: 427.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 324.
(3)
ابن سلام: طبقات فحول الشعراء 2: 533، ونقله ابن عساكر في تاريخه 16: 324 - 325.
(4)
في نشرة طبقات ابن سلام مستدركًا بين حاصرتين: بَيبة.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام
(1)
، قال: حَدَّثَني أبو الغَرَّاف، قال: وَرَدَ على غَسَّان السَّلِيْطيّ الأعْوَر النَّبْهَانِيّ من طَيِّء، فسَألَهُ فَقَرَنَ (a) له، وقال: ألَا تُغْن عنَّا جَرِيْرًا؟ فقال
(2)
: [من الوافر]
إذا طَلَع العيُّوق أوَّل كَوْكَب
…
كَفَى اللُّؤْمَ عند النَّازِلين (b) جَرِيرُ
ألسْت كُلَيْبيًا وأُمُّه كَلْبَة
…
لها بين أطْنَاب البُيُوت هَرِيْرُ
ولو عندَ غَسَّان السَّلِيْطيّ عرَّسَت
…
رعا قَرَنٌ منها وكاس عَفِيْرُ (c)
أتنسى نساءً باليَمَامَة منكُمُ
…
نَكَحْن عَبِيْدًا ما لهنَّ مُهُورُ
فقال جَرِيْرٌ
(3)
: [من الطويل]
وأعْوَرَ من نَبْهَان يَعْوي ودُوْنَهُ
…
من اللَّيْل بابا ظُلْمَةٍ وسُتُورُ
رفَعْتُ له مَشْبُوبةً يَهْتدِي بها
…
يكادُ سَنَاهَا في السَّماء يَطِيْرُ
وأعْوَر من نَبْهَان أمَّا نَهَارُهُ
…
فأعْمَى وأمَّا ليلُهُ فقَصِيْرُ (d)
تُسَاق من (e) المِعْزَى مُهُور نسَائهم
…
وفي شرط (f) المِعْزَى لهُنَّ مُهُورُ
قال: وحَدَّثَنَا ابن سَلَّام
(4)
، قال: حَدَّثَني أبو يَحْيَى الضَّبِّيّ، قال: كانوا كذلك حتَّى وَرَد البَعِيثُ المُجَاشِعِيّ عليهم، وكان وَلَدهم ووَلدُوه فيشكوا (g) إليه قَهْرَ جَرِير صَاحِبَهم، فقال البَعِيثُ
(5)
: [من الطويل]
(a) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن عساكر، أي أعطاه قِرانًا: بعيرًا، والقرن: البعير المقرون بآخر. لسان العرب، مادة: قرن.
(b) في ديوان البعيث ومعجم الأدباء: النازحين.
(c) الديوان ومعجم الأدباء: عقير.
(d) الديوان: فبصير.
(e) الديوان: ترى شرط.
(f) الديوان: قزم.
(g) ابن سلام: فشكوا.
_________
(1)
لم يرد في نشرة كتاب ابن سلام، وانظره عند: ابن عساكر 16: 326 - 327.
(2)
ديوان البعيث 10، والأبيات في معجم الأدباء 3:1246.
(3)
ديوان جرير 203.
(4)
ابن سلام: طبقات فحول الشعراء 2: 386، وابن عساكر 16:327.
(5)
ديوان البعيث 24، ومعجم الأدباء 3:1246.
إذا نُشرت (a) مِعْزَى عَطِيَّةَ وارْتَعَت
…
بلاغًا (b) من المَرُّوتِ أَحوَى (c) حَمِيْمها (d)
تعرضْتَ لي حتَّى صَكَكْتُكَ صَكَّةً (e)
…
على الوَجْهِ (f) يكبُو لليدَيْن أَمِيْمُها
أليسَت كُلَيْبٌ أَلْأمُ النَّاسِ كُلِّهم (g)
…
وأنت إذا عُدَّتْ كُلَيْبٌ لَئيمُها
وكانت أُمُّ البَعِيث أَمَةً حَمْرَاء سِجِسْتَانيَّةً تُسَمَّى فَرْتَنَا (h)، وكان يُقال له: ابن حَمْرَاءِ العِجَان، فهَجَاهُ جَرِيرٌ، فثَاورَهُ، فضَجَّ إلى الفَرَزْدَقِ، والفَرزْدق يَوْمئذٍ بالبَصْرَة؛ وقد قيَّد نَفْسَه وآلَى لا يَفُكُّ قَيْدَهُ حتَّى يقَرأ القُرْآنَ، فقال البَعِيثُ
(1)
: [من الطويل]
لعَمْري لئن (i) ألْهَى الفَرَزدقَ قَيْدُه
…
ودُرْجُ نَوارٍ ذُو الدِّهَان وذُو الغِسْلِ
ليَنْبَعِثَن منِّي غَدَاةَ مُجَاشِعٍ بَدِيْهَة
…
لا وَان الجَزَاءِ ولا وَغْلِ (j)
فقال جَرِيْر (k): [من الطويل]
جَزَعْتُ إلى دُرْجي نَوارَ وغِسْلِها
…
فأصبَحْتُ عَبْدًا ما يُمِرُّ وما يُحْلي
وعدَّهُ النَّاسُ مَغْلوبًا حينَ اسْتَغَاثَ.
قال
(2)
: وقال الفَرَزْدَقُ: إنِّي إنْ وَثَبْتُ على جَرِير الآن حَقَّقْتُ على البَعِيثِ الغَلَبَة، ولكن كأنَّني وَثَبْت عليهما فأَدَعُ البَعِيثَ وآخُذُ جَرِيرًا، فقال (l): الطَّبِيْبُ أطَبُّ، فقال الفَرَزْدَق
(3)
: [من الطويل]
(a) الديوان: إن أمرعت، ابن سلام: إذا يَسَّرت، ياقوت: إذا أيسرت.
(b) الديوان: تلاعًا.
(c) ياقوت: من الموت اجتواها.
(d) ابن سلام: جميعها.
(e) الديوان: ضربتك ضربةً.
(f) الديوان: الرأس.
(g) صدر البيت في ديوانه: كليب لئام الناس قد تعلمونه.
(h) ابن عساكر: قرتنا.
(i) الديوان: لقد.
(j) الديوان: لا داني الجراء ولا وعل.
(k) لم يرد البيت في ديوانه.
(l) ابن سلام: فقالوا.
_________
(1)
ديوان البعيث 19، 21.
(2)
ابن سلام: طبقات فحول الشعراء 2: 387 - 389.
(3)
البيتان الأول والثالث في ديوان الفرزدق 620.
لوَدَّ جَرِيرُ اللُّؤم لو كان غَائِبًا (a)
…
ولَم يَدْنُ من زَأر الأُسُود الضَّرَاغِمِ
وليسَ ابنُ حَمْرَاءِ العِجَان بمُفْلِتي
…
ولَم يَزْدَجِر طَيْر النّحُوسِ الأشَائمِ
وأنَّكُما (b) قد هجْتُماني عليكُما
…
فلا تَجْزَعا واستَسْمِعَا للمُرَاجِمِ
وقال
(1)
: [من الطويل]
فإنْ يَكُ قَيْدِىِ كان نَذْرًا نَذَرْتُهُ
…
فما بي عن أحْسَابِ قَوْميَ من شُغْلِ
وقال
(2)
: [من الطويل]
دَعَانِي ابنُ حَمْرَاءِ العِجَانِ فلَم يَجِدْ
…
لَهُ إذ دَعَا مُسْتَأخِرًا عن دُعَائِيَا
فنَفَّسْتُ عن سمَّيهِ (c) حتَّى تَنَفَّسَا
…
وقُلْتُ لهُ لا تَخْشَ شَيْئًا ورَائِيَا
فلمَّا اسْتَطَار كُلُّ واحدٍ منهما في صَاحِبهِ، قال البَعِيثُ
(3)
: [من الطويل]
أشَاركتَنِي في ثَعْلَبٍ قد أَكَلْتُهُ
…
فلَم يَبْقَ إلَّا رَأسُهُ وأكَارِعُهْ
فَدُونك خُصْيَيْه وما ضَمَّتِ اسْتُهُ
…
فإنَّك رمَّامٌ (d) خَبِيْثٌ مَرَاتِعُه
قال
(4)
: وسَقَط البَعِيثُ بينهما. ولَجَّ الهِجَاء نَحْوًا من أرْبَعيْن سَنَة، ولَم يُغَلَّبْ واحدٌ منهما على صَاحِبهِ، ولم يَتَهاجَ شَاعِران في العَرَب في جَاهِلِيَّةٍ ولا إسْلامٍ بمثْلِ ما تَهَاجَيا بهِ، وأشْعَارهمُا أكْثَر من أنْ نأتي عليها، ولكنَّما نَكْتُبُ منها النَّادِر.
أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا فيهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(5)
، قال: قَرَأتُ في كتاب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّيْنَارِيّ بخَطِّ بعض
(a) ديوان الفرزدق وابن سلام: عانيًا.
(b) الديوان: فإن كنتما.
(c) ابن سلام: عن أنفيه.
(d) الديوان: قمَّام.
_________
(1)
ديوان الفرزدق 488، ولم يرد البيت في كتاب ابن سلام.
(2)
لم أقف على البيتين في ديوان الفرزدق.
(3)
ديوان البعيث 16، ومعجم الأدباء 3:1247.
(4)
ابن سلام: طبقات فحول الشعراء 2: 389.
(5)
تاريخ ابن عساكر 16: 326.
أهل الأدَب: وَجَدْتُ بخَطِّ أبي الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ وأجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد -يعني: ابنَ إسْحاق المَوْصِلِيّ- عن أَبِيهِ، قال: حَدَّثَني مَرْوَان بن أبي حَفْصَة، قال: هَجَا البَعِيثُ بَطْنًا من بَاهِلَة يُقال لهم بنو صَحْبٍ، فاسْتَعْدَوا عليه إبْراهيم بن عَرَبيّ (a) في خِلَافَةِ الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، فضَرَبَهُ بالسِّيَاطِ، وأمرَ بهِ فطِيْفَ به في سُوق حُجْر مَجْلُودًا، فقال جَرِير يَهْجُوه
(1)
: [من البسيط]
لئن هَجوتَ بني صَحْبٍ لقد تَرَكُوا
…
للأصْبَحيَّةِ في جَنْبيكَ آثارَا
قَوْمٌ هُم القَوْم لو عَاذَ الزُّبَيْرُ بهم
…
لَم يُسْلِمُوهُ وزَادُوا الحَبْلَ إِمْرَارا
وكانت البَعِيث وجَريْرٌ والفَرَزْدَقُ يَوْمئذٍ أحَدّ ما كانُوا في الهِجَاءِ، فخَرَج البَعِيثُ مُرَاغمًا لإبْراهيم بن عَرَبيّ لِمَا صَنَعَ به، فلَحِقَ بالشَّام، ونَزَل البَادِيَةَ، فَجَاوَرَ بني القَعْقَاع أخْوَال الوَلِيد بن عَبْدِ المَلِك، ومَدَحَهم وهَجَا ابن عَربيّ، وجَعَل جَرِير والفَرَزْدَقُ يَهْجُوانهِ، فرَوتِ العَرَبُ أشْعَارهُما، وخَملَ شِعْره لاعْتِزَائهِ، فقال البَعِيث ممَّا كان يَهْجُو ابنَ عَرَبيّ
(2)
: [من الطويل]
تَرَى مِنْبَر العَبْد اللَّئيْم كأنَّما
…
ثلاثَةُ غِرْبَانٍ عليه وُقُوعُ
قال: فكان بعد ذلك ابنُ عَرَبيّ إذا صَعدَ المِنْبَرَ تغامزَ به النَّاسُ، وإذا رَأى ابنُ عَرَبيّ غُرَابًا سَاقطًا يَقُول: لَعْنَةُ اللهِ على البَعِيثِ.
قُلتُ: ومن مُخْتَار شِعْر البَعِيثِ قَوْلُه
(3)
: [من الطويل]
ألَا طَرَقَتْ لَيْلى الرِّفَاقَ بغَمْرةٍ
…
ومن دُوْن لَيْلَى يَذْبُلٌ فالقَعَاقِعُ (b)
(a) الوافي بالوفيات 13: 394: ابن عدي.
(b) صدره في الديوان من بيت والعجز من بيت آخر.
_________
(1)
لم يرد في ديوان جرير، وانظر: الوافي بالوفيات 13: 294.
(2)
ديوان البعيث 17.
(3)
ديوان البعيث 14 - 15.
على حين ضَمَّ اللَّيْلُ من كُلِّ جَانبٍ
…
جَنَاحَيْهِ وانصَبّ النُّجُومُ الخَواضِعُ (a)
طمعْتُ بلَيْلَي أنْ تِريْغَ (b) وإنَّما
…
تُقَطع أعْنَاقَ الرِّجال المَطَامِعُ
وتابعْتُ (c) لَيْلى في الخَلَاءِ ولَم يكُن
…
شُهُودٌ على لَيْلى عُدُولٌ (4) مُقَانِعُ
فما أنْتَ من شيءٍ إذ كُنْت كُلّما
…
تذكَّرت لَيْلَى ماءُ عَيْنِكَ دَامِعُ
خِدَاشٌ المَنْبِجِيُّ
حَكَى عنه أبو زُرْعَة أحْمَد بن مُوسَى.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْلِ الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة بن الخَضِر السُّلمَيِّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم تَمَّام بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني أبو زُرْعَة أحْمَدُ بن مُوسَى، قال: وقال خِدَاشٌ المَنْبِجِيّ: قيل لبَعضِ الرُّهْبَان: لِمَ لبسْتُمِ السَّوَاد وآثرتُموه على لباس البَيَاضِ؟ قال: هو مَحَلةُ الأحْزَانِ، ومَعْدِنُ الهُمُوم، ومَسْلكُ الصّيانَات.
خِرَاشُ بن بَحْدَل الكَلْبيّ
(1)
شَاعِرٌ فَارِسٌ تُرْوَى له هذه الأبْيَات يُخَاطِبُ بها عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، أنْبَأنَا بها أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
،
(a) الديوان: وانقَضَمت نجوم ضواجع.
(b) الديوان: تربع.
(c) الديوان: وبايعت.
(d) الأصل: عذول، والمثبت من الديوان.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 331 - 332، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 128.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 331.
قال: ذَكَرَ أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَزِيد المُبَرَّد، فيما حَكَاهُ عَبْد الله بن سَعْد القُطْرُبُّلِيّ عنه، وقَرَأتُهُ بخَطِّهِ، قال: حَدَّثني الرِّيَاشِيّ، قال: وقفَ خِرَاشُ بن بَحْدَل الكَلْبيّ على عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان بعد أنْ مَلَكَ فقال: [من الطويل]
أعَبْدَ المَلِيْك (a) ما شكَرْتَ بَلَاءَنا
…
فكُلْ في رَخَاءِ العَيْش ما أنتَ آكِلُ
بجَابِيَةِ الجَوْلَانِ لولا ابنُ بَحْدَلٍ
…
لكُنْتَ وما يُسْمَعْ لقيْلِكَ قَائِلُ
وكُنتَ إذا دارَتْ عليكَ عَظِيمَةٌ
…
تَضَاءَلْتَ إنَّ الخَاشِعَ المُتضَائِلُ
فلمَّا عَلَوتَ النَّاسَ في رَأسِ شَاهِقٍ
…
منَ المَجْدِ لا يَسْطيْعُكَ المُتَطَاوِلُ
قَلْبتَ لنا ظَهْرَ العَدَاوَةِ مُعْلِنًا
…
كأنَّكَ ممَّا يُحْدِثُ الدَّهْرُ جَاهِلُ
فقال عَبْد المَلِك: أراكَ احْتَجْتَ إلى المالِ؟ قال: أجَل، قال: فأيُّهُ أحبُّ إليك؟ قال الإِبِل، قال: يا أبا الزُّعَيْزِعَةِ، أعْطهِ مائةً برُعَاتها، ثُمَّ الْتَفَتَ إليهِ فقال: لا تَعُد فتُنْكرني.
وفي هذه الأبْيَات بَيْتٌ آخر وهو:
فلو طَاوعُوني يَوْم بُطْنَان
بُطْنَان: مَوضِع بين حَلَب ومَنْبِج، كان يَنْزله عَبْدُ المَلِك إذا توجَّه لحَرْب مُصْعَب بن الزُّبَيْر، فإنْ ثَبَتَ أنَّ هذه الأبْيَات له، فقد اجْتازَ بناحية حَلَب.
والأبْيَاتُ تُرْوى لأبي جَنْدَل عُبَيْد بن الحُصَيْن الرَّاعِيّ، وهي في دِيْوان شِعْره
(1)
، وَسَنَذْكُرها في تَرْجَمَتِهِ
(2)
فيما يأتي من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.
(a) ابن عساكر: المليكة.
_________
(1)
لم أقف عليها في ديوان الراعي النميري.
(2)
ترجمة عبيد بن الحصين الراعي في الضائع من أجزاء الكتاب.
خُرَيْم بن فَاتِك بن الأخْرَم
- وقيل: خُرَيْم بن أخْرَم- ابن شَدَّاد بن عَمْرو بن فَاتِك بن القُلَيْب بن عَمْرو -وقيل: القُلَيْب هو لَقَبُ فَاتِك بنِ عَمْرو- ابن أسَد بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار الأسَدِيّ، أبو أيْمَن، وقيل أبو يَحْيَى
(1)
وهو والد أيْمَن بن خُرَيْم، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ
(2)
، وهو أخُو سَبْرَة بن فَاتِك.
صَحِبَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ أحَادِيْثَ، وشَهِدَ معه بَدْرًا، وقيل: لم يَشْهَد بَدْرًا وإنَّما شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ.
ورَوَى عن كَعْب الأحْبَار، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ أيْمَن بن خُرَيْمِ الأسَدِيّ، وبِشْر أبو قَيْسٍ التَّغْلبيِّ القِنَّسْرِيْنيِّ، والمَعْرُور بن سُوَيْد، ووَابِصَةُ بن مَعْبد، وعبد الله بن عبَّاسٍ، وأبو هُرَيْرَة، وشَمِر بن عَطِيَّة، وأيُّوْبُ بن مَيْسَرة الخَوْلانِيّ (a)، وحَبِيْبُ بن
(a) كذا نسبه ابن العديم حيثما يرد، وعند السمعاني (الأنساب 3: 199 - 200) وابن عساكر (تاريخه 16: 340): الجبُلاني، وهو: أيوب بن ميسرة بن حلبس الدمشقي.
_________
(1)
توفي سنة 48 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 38 - 39 وأيضًا في الجزء السادس المتمم لطبقات ابن سعد (نشرة علي محمد عمر) 6: 159 - 160، طبقات خليفة 45 (وفيه: خريم بن فاتل)، تاريخ أبي حفص الفلاس 477، 511، تاريخ البخاري الكبير 3: 224، البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 48، المعارف لابن قتيبة 340، الفتوح لابن أعثم 4: 4، الجرح والتعديل 3: 400، الثقات لابن حبان 3: 113 - 114، مشاهير علماء الأمصار 81، حلية الأولياء 1: 363، ابن ماكولا: الإكمال 3: 132، الاستيعاب 2: 446 - 447، تاريخ ابن عساكر 16: 340 - 354، أسد الغابة 2: 112 - 113، تهذيب الكمال 8: 239 - 240، تاريخ الإسلام 2: 406، الكاشف 1: 279، الوافي بالوفيات 13: 307، الإصابة 2: 109، تهذيب التهذيب 3: 139، تقريب التهذيب 1: 233، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكره 5: 131 - 135، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 315 - 316.
(2)
في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.
النُّعْمان الأسَدِيّ، ويُسَيْر بن عُمَيْلَة الفَزَارِيّ، ودَخَلَ الشَّام ونَزَل الرَّقَّة، وماتَ بها، ففي طَرِيْقهِ ما بين الرَّقَّة والشَّام دَخَلَ حَلَب أو بعض عَملها. وعدَّهُ بعضُهم من أهْل الصُّفَّة.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم مَحْمود بن عَبْد الكَريم المَعْرُوف بفُوْرجَة، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن (a) بن مَاجَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن المَرْزُبَان الأبْهرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم بن يَحْيَى الجَزُورِيّ، قال: حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ، قال: حَدَّثَنَا خديْج بن مُعاوِيَة، عن أبي إسْحاق، عن شَمر بن عَطيَّة، عن خُرَيْم بن فَاتِك
(1)
، قال: قال لي رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: لولا أنَّ فيك اثْنتان كُنْتَ أنتَ أنتَ، قُلتُ: يا رسُول الله، تَكْفيني واحدة، قال: تُسْبِل إزَاركَ، وتُوَفِّر شَعْرَكَ.
قال: وحَدَّثَنَا لُوَيْن، قال: حَدَّثَنَا أبو المُعَطَّل الرنديّ (b)، عن أبي إسْحاق، عن شَمر بن عَطِيَّة، عن خُريْم بن فَاتِك عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثْله. وزادَ فيه: لا جَرم واللهِ لا أفْعَل.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن الخَلِيل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرنَا أبو المَكارِم أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظُ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَرْزَة الفَضْل بن مُحَمَّد الحَاسِب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بن صالح، عن أبي إسْحاق، عن شَمِر بن عَطِيَّة، عن
(a) الأصل: الحسين.
(b) في الأصل مهملة النقط إلا من إعجام النون، وفي تاريخ ابن عساكر 16: 343: الزهري.
_________
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 4: 207 (رقم 4156).
(2)
حلية الأولياء 1: 363.
خُرَيْم بن فَاتِكٍ، قال: نَظَر إليَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أيّ رَجُل أنتَ لولا أنَّ فيك خصْلتَين، قُلتُ: وما [همُا](a) يا رسُول اللهِ؛ إنَّ واحدة تَكْفي فما همُا؟ قال: تَسْبيل إزَاركَ، وتَوْفِير شَعرك، قال: فرَفَع إزَارَهُ وأخَذَ من شَعره. رَوَاهُ قَيْس بن الرَّبِيْع عن أبي إسْحاق، مثْله.
قال الحافِظُ أبو نُعَيْم
(1)
: فأمَّا أسَاميِ أهْل الصُّفَّة فقد رَأيْتُ لبعض المُتأخِّرِين تَتَبُّعًا على ذِكْرهم وجَمْعهم على حُرُوف المُعْجَم، وسَألَني بعضُ أصْحَابنا الاحْتِذَاء على كتابهِ، وذَكَرَ جَمَاعَةً، ثمّ قال أبو نُعَيْم
(2)
: وذَكَرَ خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ ونَسَبَهُ (b) من أهْلِ الصُّفَّة، ونسَبَهُ إلى أحْمَد بن سُلَيمان المَرْوَزيّ، قال: وخُرَيْم شَهِدَ بَدْرًا، وهو الّذي هَتَفَ به الهَاتِفُ حين جَنَّهُ اللَّيْلُ: بأَبْرَق العَزَّاف (c)، فقال:[من الرجز]
وَيْحَكَ عُذْ باللهِ ذي الجلَالِ
…
والمَجْدِ والنَّعْمَاءِ (d) والإفضَالِ
وَاقْتَرِ (e) آياتٍ منَ الأنْفَالِ
…
ووَحِّدِ اللهَ ولا تُبَالِ
فعَمَدَ إلى المَدِينَة، فقَدِمَها، فوافَق النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على مِنْبَره قائمًا يَخْطُبُ، فأسْلَم وشَهِدَ معَهُ بَدْرًا.
قُلتُ: الّذي أشَارَ أبو نُعَيْم إلى أنَّهُ جَمعَ أهْل الصُّفَّة على حُرُوف المُعْجَم هو أبو عَبْد الرَّحمن السُّلمَيِّ.
(a) إضافة من الحلية.
(b) لم ترد في الحلية.
(c) الأصل: أبرق الغراف، ويأتي بالعين والراء، وفي الحلية: بأبرق العراق، وصوابه بالعين والزاي: ماءٌ لبني أسد بن خزيمة بن مدركة؛ يقع في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة، سمي العزَّاف لأنهم يسمعون فيه عزيف الجن. انظر: المعجم الكبير للطبراني 4: 210، البكري: معجم ما استعجم 3: 940، ياقوت: معجم البلدان 1: 68، الحميري: الروض المعطار 7، كنز العمال 13:383.
(d) حلية الأولياء: والبقاء.
(e) حلية الأولياء: واقرأ.
_________
(1)
حلية الأولياء 1: 347.
(2)
حلية الأولياء 1: 363.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن أبي الحَسَن بن عليّ بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعيْل بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن عَبْد الله بن خَلَف الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَميِّ، قال: خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ من أهْلِ الصُّفَّة؛ قاله أحْمَد بن سُلَيمان البُوْشَنْجيّ المَرْوَزيّ، سَمِعْتُ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حَمْدان يَقُول: قال ابنُ مَنِيع: خُرَيْم بن فَاتِك، وفَاتِك جَدّ جَدّه، وهو خُرَيْم بن الأخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن الفَاتِك، شَهِدَ بَدْرًا.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمانُ بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل مُحَمَّد بن إبْراهِيم المُزَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عبدُ الرَّحْمن بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن عَبْدِ الله بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن هَارُون الرُّويَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم بن العَلَاء الشَّاميِّ بعَبَّادَان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله (a) بن يُونُس الإسْكَنْدَرَانِيّ، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، عن سَعيد بن أبي سَعيد المَقْبُريّ، عن أبي هُرَيْرَة، قال
(2)
: قال خُرَيْم بن فَاتِك لعُمَر بن الخَطَّابِ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، ألَا أُخْبركَ كيف كان بَدْو إسْلَاميِ؟ قال: بَلَى، قال: بينا أنا في طَلَب نعَم لي أنا منها على أثرٍ، إذْ جَنَّني اللَّيْلُ بأَبْرَق العَزَّاف (b)، فنَادَيْتُ بأعْلَى صَوْتي: أعوذُ بعَزيز هذا الوَادِي من سُفَهاءِ قَوْمهِ إذا هَاتِفٌ يَهْتفُ: [من الرجز]
وَيْحَكَ عُذْ باللهِ ذي الجَلَالِ
…
والمَجْدِ والنَّعْمَاءِ والإفْضَالِ
(a) ابن عساكر: عائذ الله، وفي موضع آخر من تاريخه (51: 224) ما يوافق المثبت، وانظر: تهذيب الكمال 24: 325.
(b) الأصل: الغراف، ابن عساكر: العذاب، وتقدم التعليق عليه في الرواية قبله.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 346 - 348.
(2)
المعجم الكبير للطبراني 4: 210 - 311، كنز العمال للمتقي 13: 382 - 384.
وَاقْتَرِ آياتٍ منَ الأنْفَالِ
…
ووَحِّدِ اللهَ ولا تُبَالِ
قال: فذُعرْتُ ذُعرًا شَدِيْدًا، فلمَّا رجَعَتْ إلي نَفْسِي قُلتُ:[من الرجز]
يا أيُّها الهَاتِفُ ما تَقُولُ
…
أرَشَدٌ عِندَكَ أم تَضْليلُ
بَيِّنْ لنَا هُدِيْتَ ما الحَوِيْلُ
قال: [من الرجز]
إنَّ رَسُولَ اللهِ ذُو الخَيْراتِ
…
بيَثْرِبٍ يَدْعُو إلى النَّجَاةِ
يأمُرُ بالصَّوْمِ وبالصَّلاةِ
…
ويَزَعُ النَّاسَ عن الهَنَاتِ
قال: فانْبَعَثت رَاحلَتي فقُلْتُ: [من الرجز]
أَرْشَدَنِي رُشْدًا بِهِ هُدِيْتْ (a)
…
لا جُعْتَ ولا عَرِيْتْ
ولا بَرِحْتُ سَيِّدًا مُقِيتْ
…
لا تؤثرني (b) علي الخَيْر الّذي أُتيْتْ
قال: فاتَّبَعنِي وهو يَقُول: [من الرجز]
صَاحَبَكَ اللهُ وسَلَّمْ نَفْسَكَا
…
وبَلَّغَ الأهْلَ وأدَّى رَحْلَكَا
آمِنْ به أفْلَجَ (c) رَبِّي حَقَّكا
…
وانصُرْهُ عَنْ ربِّي فقد أخْبرْتُكا (d)
قال: فدَخَلْتُ المَدِينَة وذلك يَوْم الجُمُعَة، فاطلَعْتُ في المَسْجِد، فخرَجَ إليَّ أبو بَكْر الصِّدِّيْق، فقال: ادْخُل رَحِمكَ اللهُ؛ فإنَّهُ قد بَلَغَنا إسْلَامُك، قُلتُ: لا أُحْسن الطَّهُور فعَلِّمْني، فدَخَلْتُ المَسْجِدَ، فرأيْتُ رسُوِلَ الله صلى الله عليه وسلم على المِنْبَر يَخْطُبُ كأنَّهُ البَدْرُ، وهو يَقُول: ما من مُسْلِم تَوضَّأ فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثمّ صَلَّى صَلَاةً
(a) مكررة في الأصل.
(b) الأصل: تورني، وفوقها "صـ"، وعند الطبراني: ولا تؤثرن، والمثبت من تاريخ
ابن عساكر، وفي الرجز اضطراب.
(c) الطبراني والمتقي الهندي: أفلح.
(d) الطبراني والمتقي الهندي: وانصره أعزَّ ربِّي نصركا.
يَحْفَظُها ويَعْقلها، إلَّا دَخَل الجنَّة. فقال لي عُمَر بن الخَطَّاب: لتَأتينَ على هذا بَبيِّنةٍ أو لأُنَكِّلَنَّ بكَ، فشَهِدَ لي شَيْخُ قُرَيْشٍ عُثْمانُ بن عَفَّان، فأجازَ شَهَادتَهُ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيُّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبدُ الوَهَّاب بن أَحْمَد الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ ابن الصَّوَّافِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عُثْمان بن أبي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا المِنْجَابُ بن الحَارِث، قال: أخْبَرَنا أبو عَامِر الأسَدِيّ، عن ابن سَمْعَان المَديْنِيّ، قال: قد أسْنَدَهُ. قال المِنْجَابُ: وأخْبَرَني به أيضًا بعضُ أصْحَابنا وهو خَلًّاد الأحْوَل، عن قَيْس بن الرَّبِيْع، قال: قال خُرَيْم بن الفَاتِك الأسَدِيُّ: كان بَدْو إسْلَامي أنِّي أضْلَلْتُ إبلًا لي، فَخَرجْتُ في طَلَبها، حتَّى إذا كُنْتُ بأَبْرق العَزَّافِ (a)، وهو وادٍ لا يتَوارى جنّهُ، وأجَنَّني اللَّيْل، أنَخْتُ رَاحلَتي وعَقَلْتُها، ثمّ قُلتُ: أعُوذُ بعَظِيم هذا الوَادِي، أَعُوذ بسَيِّدِ هذا الوَادِي. قال ابنُ سَمْعَان: وهو قَوْلُ الله عز وجل {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}
(1)
، قال: فإذا هاتِفٌ يَهْتِفُ بي لا أرَاهُ وهو يَقُول: [من الرجز]
وَيْحَكَ عُذ باللهِ ذي الجَلَالِ
…
والمَجْدِ والنَّعْمَاءِ والإفْضَالِ
ووَحِدِّ اللهَ ولا تُبَالِ
…
ما هَوَّلَ الجِنّ منَ الأهْوَالِ
قال: فاسْتَوَيْتُ جالِسًا، واقْشَعَرَّ جِلْدِي وأَفْزَعَني، فقُلْتُ:[من الرجز]
يا أيُّها الهَاتِفُ ما تَقُولُ
…
أرَشَدٌ عندَكَ أم تَضْلِيْلُ
ابِنْ لنا هُدِيْتَ ما الحَوِيْلُ
(a) الأصل: العراف.
_________
(1)
سورة الجن، الآية 6.
فقال: [من الرجز]
هذا رَسُولُ الله ذو الخَيْراتِ
…
بيَثْرِبٍ يَدْعُو إلى النَّجَاةِ
يأمُرُ بالصِّيَام والصَّلاةِ
…
ويَزَعُ النَّاسَ عَنِ الهَنَاتِ
قال: فقُلْتُ: واللهِ لا أرْجعُ إلى أهْلِي، ولا أطْلُبُ إبلي حتَّى آتي المَدِينَة فأعْلَم هذا الخَبَر. قال: فحَلْلتُ رَاحلَتي، ثمّ رَكِبْتُها وصحْتُ بها، فانْبَعَثَتْ، قال: فأنْشَأ الجِنِّيُّ يقُول: [من الرجز]
صَحِبَكَ اللهُ وسَلَّمْ رَحلْكَا
…
وأوْجَبَ الأجْرَ وأعْظَمْ حَقَّكَا
آمِنْ بهِ أفْلَجَ رَبُّكْ أمْرَكا
…
وانْصُرْهَ اعزَّ رَبِّي نَصْرَكا
قال: قُلتُ: مَنْ أنْتَ يَرْحَمكَ اللهُ؟ قال: أنا عَمْرو بن أثَال، وأنا عَامِلُه على جِنّ نَجْد المُسْلمِيْن، وكَفَيْتُ إبلَك حتَّى تَقْدَم على أهْلَك، قال: فَخَرَجْتُ حتَّي أتَيْتُ المَدِينَة، قال: فأقْدمها يَوْم جُمُعةٍ ورسُول الله صلى الله عليه وسلم في المَسْجِد، والنَّاس والمَسْحِد غاصٌّ بأهْلهِ، قال: قُلْتُ: أجْلِسُ حتَّى يَخْرُج النَّاسُ ويَقْضُوا حَاجتَهُم، ثمّ أدخُل عليه، فإنِّي لجالسٌ أَنْتَظِر إذ خَرَج إليَّ رَجُلٌ طَويْل آدَمُ كأنَّهُ من رِجَال أَزْد شَنُوءَة، فقال: إنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرئُكَ السَّلام، ويقُول: لقد بَلَغني إسْلَامُكَ، فادْخُل فصَلِّ مع النَّاسِ، قال: قُلتُ: مَنْ أنتَ يَرْحَمكَ اللهُ؟ قال: أنا جُنْدَب بن جُنَادَة الغِفَارِيّ -قال أبو عَامرٍ: وهو أبو ذَرٍّ- قال: فدَخَلْتُ معه فصَلَّيْتُ، فلمَّا فَرَغَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من صَلَاته دَنَوْتُ منه، فأخَذَ بيدِي، قال: فشَهِدْتُ شَهادَةَ الحَقِّ، وقُلتُ: يا رسُول الله، جَزَى الله صَاحِبي خَيْرًا، قال: فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ قد أدَّى إبلكَ إلي أهْلكَ؟ قال: قُلتُ: يا رسُول اللهِ، جَزَاهُ الله خَيْرًا، قال: فأسْلَمْتُ؛ فهو كان بَدْو إسْلَامي.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن تَسْنِيم أبو طَاهِر الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا ابنُ خَلِيفَة الأسَدِيُّ، عنِ رَجُلٍ من أهْلِ أَذْرِعات قد سمَّاهُ مُحمَّدُ بن تَسْنِيم بإسْنَادٍ أجْوَد منِ هذا، عن خُرَيْم بن فَاتِك، وفيه اخْتِلَافٌ في الشِّعْر، قال: قال خُرَيْم بن فَاتِكٍ: خَرَجْتُ في بغَاءِ إبلٍ لي فأصَبْتُها بأَبْرَق العَزَّاف، قال: وكُنَّا إذا نَزَلنا بوادٍ يقُول قُلْنا (a): نَعُوذ بعَزِيز هذا الوَادِي، نَعُوذ بسَيِّدِ هذا الوَادِي، فإذا بهاتفٍ يَهْتفُ بي وهو يَقُول:[من الرجز]
عُذْ باللهِ ذي الجَلَالِ
…
مُنَزِّلِ الحَرَامِ والحَلَالِ
ووَحِّدِ اللهَ ولا تُبَالي
…
ما كَيْدُ ذي الجِنِّ مِنَ الأهْوَالِ
إذ يذكُرُ اللهَ على الأمْيَالِ
…
وفي سُهُولِ الأرْض والجِبَالِ
وصَارَ كَيْدُ الجِنِّ في سِفَالِ
…
إلَّا التُّقَى وصَالِحُ الأعْمَالِ
قال: فقُلتُ لَهُ: [من الرجز]
يا أيُّها القَائِلُ ما تَقُولُ
…
أرَشَدٌ عندَكَ أَم تَضْلِيْلُ
فقال: [من الرجز]
هذا رسُولُ اللهِ ذو الخَيْراتِ
…
جَاءَ بيَاسِيْنَ وحَامِيْمَاتِ
وسُوَرٍ بَعْدُ مُفَصَّلَاتِ
…
يأمُرُ بالصَّلاة والزَّكَاةِ
ويَزْجُرَ الأقْوَامَ عن هَنَاتِ
…
قد كُنَّ في الأيَّامِ مُنْكَراتِ
قال: قُلْتُ له: مَنْ أنْتَ؟ قال: أنا مَلَك ابن مَلَك الجِنِّيّ، بَعَثني رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم على جِنّ نَجْد، قال: قُلتُ: أمَا لو كان من يُؤدِّي إبلي هذه إلى أهْلي لأتَيْتُه حتَّى أُسْلِم على يدَه، قال: فأنا أؤَدِّيها، قال: فرَكبْتُ بَعِيْرًا منها، ثمّ قَدِمْتُ فإذا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المِنْبَر، فلمَّا رآني، قال: ما فَعَل الرَّجُل
(a) كذا في الأصل، ولعل الأظهر إذا نزلنا بواد نقول، أو: قلنا.
الّذي ضمنَ لك أنْ يُؤدِّي إبلَكَ؛ أمَا إنَّهُ قد أدَّاها سَالمِةً، قال: قُلتُ: رحمه الله، قال: أجَل فرَحِمَهُ اللهُ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ القَاضِي في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيدٍ (a) الجَنْزَرُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد مُحَمَّد بن بِشْرٍ البَصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن إِدْرِيس السَّاميِّ، قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بن سَعيد، عن الأوْزَاعِيّ، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر أنَّ خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ أتَي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال
(1)
: يا نَبيّ اللهِ، إنِّي لأُحبُّ الجَمَال حتَّى إنِّي لأُحبُّهُ في شِرِاك نَعْلي وجِلَازِ (b) سَوْطي، وإنَّ قَوْمي زَعمُوا أنَّهُ من الكِبْر؟ قال: ليسَ الكِبْرُ أنْ يُحبَّ أحَدكم الجَمَالَ، ولكن الكِبْرَ إنْ يَسْفَه الحَقَّ ويَغْمَصَ النَّاس.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: كَتَبَ إلينا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة: خُرَيْم بن فَاتِك، والفَاتِكُ جَدّ جَدّه؛ وهو خُرَيْم بن الأخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن الفَاتِك -وهو القُلَيْبُ- ابنِ عَمْرو بن أسَد بن خُزَيْمَة، وخُرَيْم هو أبو أيْمَن بن خُرَيْم الشَّاعر، وكان الشَّعْبِيّ يَرْوي عن أيْمَن بن خُرَيْم، قال: إنَّ أبي وعَمِّي شَهِدَا بَدْرًا وعَهِدَا إليَّ أنْ لا أقاتِلَ. قال مُحَمَّد بن عُمَرَ: وهذا ممَّا لا يُعْرفُ عندنا، ولا عند أحدٍ ممَّن له عِلْم بالسِّيْرَة أنَّهما
(a) في الأصل: أبو سعد، وتقدم التعليق عليه في غير موضع.
(b) في الأصل بالحاء: حلاز، وانظر لسان العرب، مادة: جلز.
_________
(1)
كنز العمال للمتقي الهندي 3: 532 (رقم 7767).
(2)
الجزء السادس المتمم لطبقات ابن سعد 6: 159 - 160.
شَهِدَا بَدْرًا ولا أُحُدًا ولا الخَنْدَق، وإنَّما أسْلَما حين أسْلَمَتْ بنو أَسَد بعد فَتْحِ مَكَّةَ، وتحوَّلا إلى الكُوفَة فنَزَلاها بعد ذلك.
أنْبَأنَا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسيِّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ شَهِدَ بَدْرًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قال أبو إسْحاق: كُنْيَتُهُ أبو يَحْيَى، هو والد أيْمَن.
أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن مَنْدَة، قال: خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ، وهو ابن الأخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن فَاتِك من بني عَمْرو بن سَبْرَة بن فاتك، شَهِدَ بَدْرًا هو وأخوه، يُكْنَى أبا يَحْيَى، نَزَل الرَّقَّة ومات بها، له ذِكْرٌ في حَدِيث وَابِصَةَ، وأبي هُرَيْرَة، وسَهْل بن الحَنْظَلِيَّةِ، وأنَس بن مَالِكٍ.
هكذا قال البُخاريّ وأبو عَبْد الله بن مَنْدَة أنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، واعْتَمَدا في ذلك على ما أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ بن سُلَيمان إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح المَاهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المَصْقَلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن زِيَاد، قال: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن عَبْد الجَبَّار، عن أبي مُعاوِيَة، ح.
(1)
التاريخ الكبير 3: 224 - 225.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 345.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 351.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر بن حَفْص، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن عَبْدِ اللهِ، قال: حَدَّثَنَا يَعْلَى بن عُبَيْدٍ؛ جَمِيعًا عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن الشَّعْبِيّ، قال: أرْسَل مَرْوَان إلى أيْمَن بن خُرَيْم فقال: ألَا تُعِيننا؟ قال: إنَّ أبي وعَمِّي شَهِدَا بَدْرًا، ثمّ ذَكَرَ الحَدِيْث لَم يَزد على هذا.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: رَوَاهُ شُعْبَة، عن إسْمَاعِيْل، عن مُطَرِّف، عن الشَّعْبِيّ، وقال: إنَّ أبي وعَمِّي شَهِدَا الحُدَيْبِيَة، وهو الصَّوَابُ.
وقال الحافِظُ
(2)
: أخْبرَني أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحَارِث، ح.
قال أبو عَبْد الله: أخْبَرَنا خَيْثَمَة بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُكْرَم، قالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أبي بَكْر (a)، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن الشَّعْبِيّ أنَّ عَبْد المَلِك بن مَرْوَان قال لأيْمَن بن خُرَيْم: تُقَاتِل نَاسًا من المُسْلمِيْن؟ فقال: إنَّ أبي وعَمِّي شَهِدَا الحُدَيْبِيَةَ، وأنَّهما عَهِدَا إليَّ أنْ لا أُقَاتِل مُسْلمًا وقال أبْيَاتًا:[من الوافر]
ولَسْتُ بقاتلٍ رَجُلًا يُصَلِّي
…
على سُلْطانِ آخَرَ مِن قُرَيْشِ
لَهُ سُلْطانُهُ وعَلَيَّ إثْمي
…
مَعَاذَ الله من جَهْلٍ وطَيْشِ
أأَقْتُلُ مُسْلمًا في غيرِ شَيءٍ
…
فليْسَ بنافِعي ما عِشْتُ عَيْشى
وقد تَابَع البُخاريَّ أيضًا أبو عليّ سَعيْد بن عُثْمان بن السَّكَن في أنَّ خُرَيْمًا شَهِدَ بَدْرًا، فقال فيما أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ في كتابهِ، عن
(a) في تاريخ ابن عساكر: بكير.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 351.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 351 - 352.
أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنَا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ سَعيدُ بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: خُرَيْم بن فَاتِكٍ الأَسَدِيّ وهو خُرَيْمُ بن الأخْرم بن شَدَّاد بن عَمْرو من بَنِي أسَد بن خُزَيْمَة، شَهِدَ بَدْرًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنِ النَّبِيّ أحَادِيْث، وكُنْيَتُهُ أبو يَحْيَى، حَدِيثُه في الكُوْفيِّيْن. قال عليّ بن المَدِيْنِيّ: خُرَيْم بن فَاتِك وسَمُرة (a) أخَوانِ لهما صُحْبَةٌ، وقد مَضَى ذِكْر ابنه أيْمَن بن خُرَيْم في الصَّحَابَةِ، ويُقال ليس لأيْمَن صُحْبَة، والفَاتِك جَدّ جدّه، يُقال: هو ابن شَدَّاد بن عَمْرو بن الفَاتِك -وهو القُلَيْب- ابن عَمْرو بن أسَد بن خُزَيْمَة، أسْلَم خُرَيْم وابنُه أيْمَن بعد فَتْحِ مَكَّة.
قُلتُ: والعَجَبُ من أبي عليّ بن السَّكَن أنَّهُ يقُول شَهِدَ بَدْرًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ يَقُول: أسْلَم خُريْم وابنُه أيْمَن بعد فَتْح مَكَّة، وهذا وَهْمٌ فَاحِشٌ.
أَنْبَأْنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن بن البَنَّاء في كتابيهما، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسيِّ، عن أبي الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، ح.
وقال أبو غَالِب: أنْبَأنَا أبو الفَتْحِ عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، قال: خُرَيْم بن فَاتِك هو خُرَيْم بن أخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن فَاتِك، وفَاتِك جَدّ جَدّه، ولخُرَيْم صُحْبَةٌ ورِوَايَةٌ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، روَى عنهُ يُسَيْرُ بن عُمَيْلَة وغيرُه، وابنُهُ أيْمَن بن خُرَيْم بن الأخْرَم، رَوَى عنهُ الشّعْبِيّ، وعبد الله بن عُمَيْر. زاد المَحَامِليِّ: فَاتِك هو القُلَيْبُ بن عَمْرو بن أسَد بن خُزَيْمَة.
(a) كذا في الأصل مجودًا، ويرد اسم أخيه فيما بعد: سبرة.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر عليّ بن هِبَةِ الله بن مَاكُولا
(1)
، قال: خُرَيْم بن أخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن فَاتِك بن القُلَيْب بن عَمْرو بن أَسَد بن خُزَيْمَةَ بن مُدْرِكَة بن إلْيَاس بن مُضَر، له صُحْبَةٌ ورِوَايَةٌ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ يُسَيْرُ بن عُمَيْلَة وغيره، وأكْثر ما يُقال فيه خُرَيْم بن فَاتِك، وابنُه أيْمَن بن خُرَيْم له صُحْبَةٌ ورِوَايَةٌ أيضًا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ الشَّعْبِيّ، وعَبْدُ المَلِك بن عُمَيْر، وهو شَاعِرٌ.
وقَال في مَوضِعٍ آخر
(2)
: وأمَّا القُلَيْبُ -أوَّلهُ قافٌ مَضْمُومَةٌ وآخره باء (a) مُعْجَمة بواحدة- خُرَيْم بن أخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن فَاتِك، وهو القُلَيْبُ بن عَمْرو بن أسَد بن خُزَيْمَة.
أخْبَرَنَا أبو الفَتْح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ الحافِظ في كِتَابهِ إليْنَا من مَكَّةَ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنَا أبوِ عُمَر بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ
(3)
، قال: خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ، وهو خُرَيْم بن الأخْرَم بن شَدَّاد بن عَمْرو بن الفَاتِك بن القُلَيْب بن عَمْرو بن أسَد بن خُزَيْمَة، وأبوه الأخْرَم يُقال له فَاتِك، وقد قيل إنَّ فَاتِكًا هو ابن الأخْرَم، يُكْنَى خُرَيْم بن فَاتِك أبا يَحْيَى، وقد قيل: أبا أيْمَن بابنه أيْمن بن خُرَيْم، شَهِدَ بَدْرًا مع أخيه سَبْرَهَ بن فَاتِك، وقد قيل: إنَّ خُرَيْمًا هذا وابْنَه أيْمَن بن خُرَيْم أسْلَمَا جَمِيعًا يَوْم فَتْح مَكَّة، والأوَّل أصَحّ، وقد صَحَّح البُخاريّ وغيره أنَّ خُرَيْم بن فَاتِك وأخاه
(a) الأصل: ياء!.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 1: 38.
(2)
ابن ماكولا 7: 70.
(3)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 446.
سَبْرَة بن فَاتِك شَهِدَا بَدْرًا، وهو الصَّحيحُ إنْ شَاءَ الله، عدَادُهُ في الشَّامِيِّيْنَ. ورويْنا من وُجُوه عن أيْمَن بن خُرَيْم أنَّهُ قال لمَرْوَان حين سَأله أَنْ يُقاتِل معه بمَرْج رَاهِط: إنَّ أبي وعَمِّي شَهِدَا بَدْرًا وأوْصَياني (a) أنْ لا أُقاتِل مُسْلمًا.
ورَوَى إِسْرَائِيل، عن أبي إسْحَاق، عن شَمِر بن عَطِيَّة، عن خُرَيْم بن فَاتِك، قال: قال لي (b) رسُول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ رَجُل أنتَ لولا خَلَّتان فيك، قُلتُ: يا رِسُوِل الله، وما هُمَا؟ قال: تُسْبِل إزَارك، وتُرْخي شَعرك. قال: قُلتُ: لا جَرم، فَجَزَّ خُرَيْم شَعره، ورَفَع إزارَهُ.
وروينا مثل ذلك أيضًا من حَدِيث سَهْل بن الحَنْظَلِيَّة، قال: قال لي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نِعْم الرَّجُل خُرَيْم الأسَدِيّ لولا طُول جُمَّته وإسْبَال إزَاره، فبَلَغَ ذلك خُرَيْمًا، فقَطَع جُمَّته إلى أذُنيهِ، ورَفع إزارَهُ إلى نصْفِ سَاقه.
يُعَدُّ في الكُوْفيِّيْنَ، رَوَى عنهُ المَعْرُور بن سُوَيْد، وشَمِر بن عَطِيَّة، والرَّبِيْع بن عُمَيْلَة (c)، وحَبِيْب بن النُّعْمان الأسَدِيّ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بنٍ عَبْد الله، عن مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنَا أبِوِ مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: خُرَيْم بن فَاتِكٍ الأسَدِيّ، بَدْرِيٌّ لَه صُحْبَةٌ، كُوْفِيٌّ، رَوَى عنهُ المَعْرُور بن سُوَيْد، والرَّبِيْع بن عُمَيْلَة (d)، وحَبِيْب بن النُّعْمان الأسَدِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
(a) الاستيعاب: ونهياني.
(b) الأصل: قال له، والمثبت من الاستيعاب.
(c) كذا في الأصل وكتاب الجرح والتعديل والاستيعاب، ولعل مَن يروي عنه هو ابنه: يُسَير بن الربيع بن عميلة، كما تقدم في العديد من مواضع الترجمة.
(d) انظر التعليق قبله.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 400.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوْفِيْقِي
أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويه عنه، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: خُرَيْمُ بن فَاتِك بن الأخْرَم، أبو أيْمَن، ويقال: أبو يَحْيَى الأسَدِيُّ، صَاحِب رسُول الله صلى الله عليه وسلم (a)، وهو أخو سَبْرَة بن فَاتِك، وأبو أيْمَن بن خُرَيْم، وقيل إنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا.
رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعن كَعْب الأحْبَار. رَوَى عَنْهُ ابنُه أيْمَن، ووَابِصَة بن مَعْبد، وأبو هُرَيْرَة، وابن عبَّاسٍ، وشَمِرُ بن عَطِيَّة، ويُسَيْرُ بن عُمَيْلَة الفَزَارِيّ، وبِشْرٌ أبو قَيْس التَّغْلِبيِّ، وأيُّوْب بن مَيْسَرة الخَوْلانِيّ (b)، وحَبِيْبُ بن النُّعْمان الأسَدِيّ، والمَعْرُور بن سُوَيْد.
وقال: كَتَبَ إليَّ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن الآبِنُوسِيّ، ح.
وأخْبرَني أبو الفَضْل بن نَاصِر عنه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الرَّحيم بن البَرْقِيّ، قال: ومن بني أسَد بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكَة بن إلْيَاس بن مُضَر خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ لَهُ حَدِيثان، وكان بالشَّام.
وقال الحافِظُ
(2)
: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِرُ بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ،
(a) بعده في تاريخ ابن عساكر: سكن دمشق.
(b) تاريخ ابن عساكر: الجبلاني، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 340.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 353.
قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الكَارزيّ (a)، قال: حَدّثَنَا عليّ بن عَبْدِ العَزِيْز، قال: قال أبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ إسْمَاعِيْلَ يُحَدِّثُ عن أَيُّوبَ، قال: نُبِّئْتُ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أتَى على رَجُلٍ قد قُطِعَت يَدُه في سَرِقَةٍ وهو في فُسْطَاطٍ، فقال: مَن آوَى هذا العَبْدَ المُصَاب؟ فقالوا: فَاتِك أو خُرَيْم بن فَاتِك، فقال: اللَّهُمَّ بارك على آل فَاتِك كما آوى هذا العَبْدَ المُصَابَ.
أَنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أَنْبَأنَا أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد بن شَانْدى (b)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة الصَّيْدَلانِيّ، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن وَاصِل بن حَيَّان الأَحْدَب، عن المَعْرُور بن سُوَيْد، عن ابن فَاتِك -يعني: خُرَيْم بن فَاتِك- قال: قال لي كَعْبٌ: إنَّ أشَدَّ أحْيَاءِ العَرَب على الدَّجَّالِ لقَوْمُك.
أَنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبريّ، قال: أخبرنا أبو الحُسَيْن بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ -يعني: ابن عَبْد الوَاحِد- قال: سَمِعْتُ الأوْزَاعِيِّ، قال: دَخَلَ خُرَيْم بن فَاتِك على مُعاوِيَة ومِئْزَره مُشَمَّرٌ فقال مُعاوِيَةُ: لو كانت هَاتان السَّاقَان (c) لامْرأةٍ!؟ فقال خُرَيْم: في مثْل عَجَيْزتكَ.
(a) الأصل: الكازري، بتقديم الزاي، وصوابه المثبت، نسبة إلى قرية كارز قرب نيسابور، واسمه: محمد بن محمد بن الحسن بن الحارث الكارزيّ أبو الحسن. ابن عساكر 16: 353، السمعاني: الأنساب 11: 14، ياقوت: معجم البلدان 4: 428.
(b) في الأصل: ساندي، وتقدم في بعض المواضع من الكتاب: شاندة، والمثبت من ابن عساكر. وعند الذهبي (سير أعلام النبلاء 18: 607 - 608): ابن شاندُه.
(c) الأصل: هاتين الساقين، وفوقهما "صـ".
_________
(1)
تاريخ ابن أبي خيثمة 3: 23.
(2)
لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.
أخْبَرَنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، عن أبي مُحمّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عَبْد الله بن عبد الرَّحيِم بن البَرْقِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن أبي سَلَمَة، عن سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، قال: خَرَج خُرَيْمِ بن فَاتِكٍ بجَارِيَةٍ له من باب الجابِيَةِ إلى جنانٍ فوَطئها (a)، فبَصُر به رَجُلان، فأخَذَ بيَدِها حتَّى أتَى بها إلى حلقة قَرْيَةٍ، فقال: مَن هذه؟ قالوا: هذه جارِيَتُكَ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَنْصور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنَا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج
(2)
يَقُول: أبو يَحْيَى خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ له صُحْبَةٌ.
أنْبَأنَا ابنُ المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن نَاصِر في كتابهِ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنَا عُبَيْد الله بن سَعيد بن حَاتِم، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَنِي أبي، قال: أبو يَحْيَى خُرَيْم بن فَاتِك.
أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيدُ بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله بن صالح، قال: قال أبي أحْمَدُ بن عَبْد الله: [خُرَيْم بن فَاتِك الأسَدِيّ من أصحاب النَّبيّ صَلَّى الله عليه
(a) الأصل: فوَطِبها، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16:354.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 346.
(2)
الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 898.
وسَلَّم. وعن أبي سَعْد المُطَرّز وأبو عليّ الحدَّاد، قالا: قال لنا أبو نُعَيم الحافظ] (a): خُرَيْمُ بن فَاتِك، يُكْنَى أبا يَحْيَى، وقيل: أبا أيْمَن، نَزَل الرَّقَّة، وقيل إنَّهُ ماتَ في عَهْدِ مُعاوِيَة، وإمْرَتهِ.
ذِكْر مَن اسْمُهُ خَزْعَل
خَزْعَلُ بن عَاصِم
(1)
نَقِيْبُ طَيِّءٍ، له ذِكْرٌ في الفُتُوح، وشَهِدَ فَتْحَ حَلَب معِ أبي عُبَيْدَة بن الجَرَّاح رضي الله عنه، روَى عَنْهُ ابنُ ابْنهِ السَّدِيْدُ بن مَازِن بن خَزْعَل.
خَزْعَلُ بن عَسْكَر بن خَلِيل الشَّنَائِيّ، أبو مُحَمَّد المُقْرِئ النَّحْوِيّ
(2)
وقيل كُنْيَتُهُ أبو المَجْد الشَّفَاوِيّ، من أهْلِ شَفا وقروْن.
رَجُلٌ فَاضِلٌ، وَرِعٌ، صَالِحٌ، لهُ مَعْرفَةٌ تامَّةٌ بالقِرَاءَاتِ والنَّحو. تَأدَّب على عَمِّهِ، وعلى مَنُوجَهْر بن مُحَمَّد بن تُرْكَانْشَاه، وعلى عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الأنْبارِيّ،
(a) ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ ابن عساكر 16: 354.
_________
(1)
ذكره الواقدي في فتوح الشام 1: 275 (في خبر فتح عزاز).
(2)
توفي سنة 623 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 184 - 185، أبو شامة: ذيل الروضتين 225، القفطي: إنباه الرواه 1: 388 - 389، الذهبي: تاريخ الإسلام 13: 737 - 738، سير أعلام النبلاء 22: 181، الصفدي: الوافي بالوفيات 13: 309 - 310، ابن أبي عذيبة: إنسان العيون 341، العيني: عقد الجمان 4: 150، المقريزي: المقفي الكبير 3: 786، (وفيه: أبو المجد)، ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 6: 266، السيوطي: بغية الوعاة 1: 550 - 551، وفيه: الشناني، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 200، 2: 305 (وفيه: خزعل بن عساكر).
وقَرأ عليه عامَّة مُصَنَّفاته، وسَمعَ من أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، وكان لهُ شِعْرٌ حَسَنٌ.
اجْتَمَعْتُ به بالبَيْت المُقَدَّس، وكان مُتَصدَّرًا بها لإقْرِاءِ القُرْآن العَظيْم، وإفَادة عِلْم العَرَبِيَّة، وكان يَتَردَّد بها إلى عّمِي أبي غَانمِ، ولم يَتَّفق لي سَمّاع شيء منه، وأجازَ لي الرِّوَايَةَ عنه، ولمَّا خَرب البّيْت المُقَدَّس انْتَقَل إلى دِمَشْق وسَكَنَها إلى أنْ ماتَ.
رَوَى لنا عنْهُ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ العَطَّار بمِصْر، وأبو الفِدَاء إسْمَاعِيْل بن حَامِد بن عبد الرَّحْمن بن المُرَجَّى القُوصِيّ، وأبو الفَتْح نَصْرُ اللَّه بن أبي العِزّ بن أبي طَالِب الشَّيْبَانِيّ بدِمَشْق شَيئًا من شِعرْه.
وذَكَرَ لي ابن الصَّفَّار عنه أنَّهُ دَخَلَ حَلَب في سَفَره إلى بَغْدَاد.
أنْشَدَنا أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْل بن حَامِد، وأبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، وأبو الفَتْح نَصْر اللَّه بن أبي العِزّ بن أبي طَالِب الصَّفَّار، قالُوا كُلّهم: أنْشَدَنا تَقِيّ الدِّين أبو مُحَمَّد خَزْعَل بن عَسْكَر بن خَلِيل الشَّنَائِيِّ لنَفْسِه، وقد سَأله بعضُ الفُضَلَاء أنْ يُنْشِدَهُ من شِعرْه، فقال بَدِيْهًا، وأجازَ ذلك لنا فيما أجَازَهُ
(1)
: [من الطويل]
يقُولونَ أنْشِدْنا مِنَ الشِّعْرِ قِطْعَةً
…
فقُلْتُ أَمِثْلي يُنْشِدَ السَّادَةَ الشِّعْرَا
ومَنْ كانَ مثْلي في الحَضِيْض مَحلُّهُ
…
أُيْنشِدُ شِعْرًا مَنْ عَلَا قَدْرُهُ (a) الشِّعْرَى
أخْبَرَنا أبو الفِدَاء إسْمَاعِيْل بن حَامِد بن عبد الرَّحْمن بن المُرَجَّى القُوصِيّ، قال: أنْشَدَني الإمَامُ العالِمُ المُقْرِئ النَّحْوِيّ اللُّغَويّ العَرُوضِيّ تَقِيّ الدِّين أبو مُحَمَّد
(a) بغية الوعاة: قصره.
_________
(1)
البيتان في بغية الوعاة للسيوطي 1: 551.
خَزْعَلُ بن عَسْكَر، رحمه الله، لنَفْسِه في أقْسَام الوَاوَاتِ في العَرَبيَّةِ، وكنتُ سَألتُه أنْ ينْظِمها حَالةَ قراءتي عليهِ بقُوْص، عندَ قُدُومهِ إليها حَاجًّا في جُمَادَى الآخرة سَنَة تِسْعٍ وثمانينِ وخَمْسِمائَة. [من الطويل]
ومُمْتَحِنٍ يَوْمًا ليَهْضمَني هَضْما
…
عن الوَاو كَم قِسْمًا فقُلْتُ لَهُ نَظما
فَقِسْمَتُها عِشْرونَ ضَرْبًا تتابَعَتْ
…
فدُونَكَها إنِّي لأَرْسُمُها رَسْمَا
فأَصْلٌ وإضْمَارٌ وجَمْعٌ وزائدٌ
…
وعَطْفٌ ووَاوُ الرَّفْع السِّتَّة الأَسْمَا
ورُبَّ ومَعْ قد نابَتِ الوَاوُ عَنْهُما
…
ووَاوُكَ في الأَيْمَانِ فاسْتَمِعِ العِلْما
ووَاوُكَ للإطْلَاق والواوُ أُلْحِقَت
…
ووَاوٌ بمَعْنى إذْ فدُونَكَ والحَزْمَا
ووَاوٌ أتَتْ بعدَ الضَّمِيْرِ لغائبٍ
…
ووَاوُكَ في الجَمْعِ الّذي يُوْرِثُ السُّقْما
ووَاوُ الهِجَا والحالِ وَاسْمٌ لِمَا لَهُ
…
سِنامَانِ من دُوْنِ الجَمَالِ بِهِ يُسْمَى
ووَاو في تَكْسير دَارٍ ووَاوُ إذْ
…
وواوُ ابْتِدَاءٍ ثمّ عَدِّي بها تمَّا
قال أبو الفِدَاء: وهذا الإمَام تَقِيّ الدِّين رحمه الله أوَّل مَن اشْتَغَلْتُ عليه بعِلْم العَرَبِيَّةِ، ورَوَيْتُ عنه جُمْلَةً من الكُتُب الأدَبيَّةِ، فرَضِيَ اللَّهُ عنهُ رِضْوَانًا وَاسِعًا، فلقد كان للدِّين والفَضْل جَامِعًا، ولقد أقام في البيت المُقَدَّسِ، حَرَسَهُ اللَّهُ، مُدَّة سنين مُؤَهَّلًا لإقراء كتاب اللَّهِ تعالى، ولنَفْعِ المُسْلِميْن، ووَرَدَ إلى دِمَشْقَ، وأقامَ بها لمَّا غَلَبَ على القُدْس اسْتِيْلَاءُ المُشْرِكين، طَهَّرَهُ اللَّه منهم ببَرَكَةِ سَيِّدِ المُرْسَليْنَ، وأهْل بَيْته الطَّاهِرين، وأصْحَابهِ المُنْتَجبيْن. وتُوفِّي بدِمَشْقَ، وكانَ مَوْلدُهُ بالدِّيَار المِصْرِيَّةِ في بَلْدَةٍ يقال لها: شَفَا وقرون.
أخْبَرَني الحافِظ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ العَطَّارُ القُرَشِيُّ، قال: الشَّيْخُ أبو المَجْد خَزْعَلُ بن عَسْكَر بن خَلِيل الشَّنَائِيّ النَّحْوِيّ المُقْرِئ، هذا كان أحَد القُرَّاء المَشْهُورين، عَارِفًا بالعَرَبِيَّةِ، ذَكَرَ لنا أنَّهُ دَخَلَ بَغْدَاد، وقَرأ على الأنْبارِيّ أكْثَر
تَصَانِيْفه، وعند رُجُوعه من بغداد قُطِعَ عليه الطَّريق، وأُخِذَ جميعُ ما كان معه من الكُتُبِ، وأقام بعد ذلك بالبَيْت المُقَدَّس زَمانًا يُقْرئ النَّاسَ القُرْآن، ثمّ تحوَّل إلى دِمَشْقَ واسْتَوْطَنها إلى أنْ تُوفِّي بها، وكانت وَفاتُه في الثَّالث والعشْرين من شَهْر رجَب سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسِتمائة، وذَكَرَ لي غيرُه أنَّهُ دُفِنَ بمَقَابرِ باب الصَّغير.
أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذرِيّ، قال في ذِكْر مَنْ ماتَ سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وستمائة في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَات النَّقَلَة
(1)
: وفي الثَّالثِ أو الثَّاني والعشرين من رجَب تُوفّي الأدِيْبُ الفَاضِلُ أبو المَجْد خَزْعَلُ بن عَسْكَر بن خَلِيل الشَّنيُّ (a) المُقْرِئ النَّحْوِي اللُّغَويُّ، بدِمَشْق، ودُفِنَ من الغَدِ ببابِ الصَّغير. حدَّثَ بشيءٍ من شِعْره، وكان يَذْكُر أنَّهُ سَمِعَ من الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، وأنَّهُ دَخَلَ بَغْدَاد، وقَرَأ على الكَمَالِ أبي البَرَكَات عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الأنْبارِيّ أكْثر تَصَانِيْفه، وعند عَوْدِه من بَغْدَاد قُطعَ عليه الطَّريق، وأُخِذَ ما كان معَهُ من الكُتُب، أقْرأَ القُرآن الكريم بالبَيْتِ المُقَدَّس مُدَّةً، ثمّ تحوَّل إلى دِمَشْقَ، وسَكَنَها إلى أنْ ماتَ.
(a) كذا قيَّد نسبته في الأصل، وفي كتاب المنذري: الشنائي.
_________
(1)
التكملة لوفيات النقلة 3: 184 - 185.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خُزَيْمَة
خُزَيمةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدةَ بن عَامرِ بن عَنَان -ويُقال: عِنَان، ويُقال: غَيَّان- ابن عَامرِ في خَطْمَة -واسْمهُ عَبْد اللَّه- ابن جُشَمِ بن مَاِلك بن الأَوْس بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة ابن عَمْرو بن عَامرٍ بن حَارِثة بن ثعْلَبَة بن غَسَّان بن الأَزْد بن الغَوْث ابن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلَان بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان بن هُوْد، أبو عُمَارَةَ الأنْصَاريّ الخَطْمِيُّ، ذو الشَّهَادَتَين
(1)
صَاحِبُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الّذي جَعَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ بشَهَادةِ رَجُلَيْن. وقيل في نَسَبه: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن عَمْرو بن عَدِيّ بن وَائِل بن مُنَبِّه بن امْرئ القَيْس بن سلَمَى بن حَبِيْب بن عَدِيّ بن ثَعْلَبَة بن امْرئ القَيْس بن عَلْقَمَة بن مُعاوِيَة بن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْس.
(1)
توفي سنة 37 هـ، ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 93، 363، 365، 398، 448، طبقات ابن سعد 4: 378 - 381، 6: 51، طبقات خليفة 83، 135، 190، تاريخ البخاري الكبير 3: 205 - 206، التاريخ الصغير 1: 103، المحبر لابن حبيب 291، 420، المعارف لابن قتيبة 149، تاريخ الطبري 3: 173، 4: 447، الفتوح لابن أعثم 3: 300، الجرح والتعديل 3: 381 - 382، المسعودي: مروج الذهب 3: 104 - 105، 112، التنبيه والإشراف 214، الثقات لابن حبان 3: 107 - 108، مشاهير علماء الأمصار 77، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 53، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 334 - 335، الاستيعاب، 2: 448، الإكمالا لابن ماكولا 6: 383، تاريخ ابن عساكر 16: 357 - 372، ابن الجوزي: المنتظم 5: 139 - 140، صفة الصفوة 1: 702 - 703، ابن الأثير الكامل 2: 314، 3: 321، 325، أسد الغابة 2: 114 - 115، تهذيب الكامل 8: 243 - 245، تاريخ الإسلام 2: 318 - 319، الإعلام بوفيات الأعلام 32، سير أعلام النبلاء 3: 485 - 487، العبر في خبر مَن غبر 1: 38، 30، الكاشف 1: 379، الوافي بالوفيات 13: 310 - 312، ابن كثير البداية والنهاية 7: 310، تهذيب التهذيب 3: 140 - 141، تقريب التهذيب 1: 223، الإصابة 3: 111 - 112، شذرات الذهب 1: 213، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 135 - 137، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 317 - 320، الزركلي: الأعلام 2: 305.
وأُمُّه كُبَيْشَة (a) بنت أَوْس بن عَدِيّ بن أُمَيَّة بن عَامِر بن خَطْمَة.
شَهِدَ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غَزْوة فَتْح مَكَّة، وكان يَحْمل رَاية بني خَطْمَة، وشَهِدَ غَزْوةَ مُؤْتَة، وشَهِدَ صِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، وقُتِلَ بها لَيْلَة الهَرِير.
رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْث، رَوَى عنهُ جَابِر بن عَبْد اللَّه الأنْصَاريّ، وزَيْد بن ثَابِت، وابنُه عُمَارةُ بن خُزَيْمَة، وعَطَاء بن يَسَارٍ، وأبو عَبْد اللَّهِ عبدُ الرَّحمن بن عَبْد الجَدَلِيّ، وأبو غَطَفَان المُرِّيّ، وعُمَر بن أُحَيْحَة بن الجُلَاح، وهَرْمِيِّ بن عَبْد اللَّه.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن خُرَيمْ (b) الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ بن حُمَيْد بن نَصْر
(1)
، قال: حَدَّثَني ابنُ أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن هَارُون، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن أبي جَعْفَر الخَطْمِيّ، عن عُمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، عن أَبِيهِ: أنَّ خُزَيْمَة رَأى في المَنَام كأنَّهُ يَسْجُد على جبِيْن رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فذَكَرَ ذلك للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ الرُّوْحَ لا تلْقَى الرُّوْح، أو إنَّ الرُّوْح تَلْقَى الرُّوْح -شَكَّ يزِيد- فأقْنَعَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رأسَهُ وأمَرَهُ فسَجَد من خَلْفه على جَبِيْن رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(a) كذا في الأصل مصغرًا، ويأتي فيما بعد على الوجهين: كبشة وكبيشة.
(b) الأصل: خزيم، ويأتي فيما بعد بالراء. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 14:486.
_________
(1)
المنتخب من مسند ابن حميد 102 (رقم 316)، وينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 4: 380 - 381.
وأخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بالكَلَّاسَة من جامع دِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالحُ أبو عَبْد اللَّهِ المُبارَكُ بن عليّ بن عَبْد البَاقِي بن عليّ البَغْدَاديّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الحافِظُ أبو الغَنائِم مُحَمّدُ بن عليّ بن مَيْمُون الكُوْفيّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد الرَّزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن المُسْتَفَاض الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن هَارُون، عن حَمَّاد بن سَلَمَة عن أبي جَعْفَر الخَطْمِيّ، عن عُمارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، عن أَبِيهِ أنَّ خُزَيْمَة رَأى في المَنَامِ أنَّهُ يَسْجُد على جَبِيْن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ ذلك لرَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنَّ الرُّوْح لا تَلْقَى الرُّوْحَ، أو إنَّ الرُّوْحَ تَلْقى الرُّوْح، فأقْنعَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأسَهُ ثمّ أمرَهُ فسَجَدَ من خَلْفه على جَبِيْن رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن عُمَر القَوَارِيرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا يُونسُ بن يَزِيد، عن الزُّهْرِيّ، عن عُمَارة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، عن عَمِّه أنَّ خُزَيْمَة بن ثَابِت ذا الشَّهَادَتَين رَأى في المَنَام أنَّهُ يَسْجُد على جَبْهَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فأخْبرَهُ بذلك، فاضْطَجَعَ له رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقال: صَدِّق رُؤْياكَ، فسَجَدَ على جَبْهَة رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الحُسَين بن إبْراهيم الدَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد -هو الشَّافِعيّ- قال:
حَدَّثَني مُحَمَّد بن عليّ، قال جدِّي: أخبَرني عَبْدُ اللَّه بن عليّ بن السَّائِب أنَّهُ لقي عُمَر بن أُحَيْحَة بن الجُلَاح، فسَألَهُ
(1)
: هل سَمِعْتَ في إتْيان المَرْأة في دُبرها شَيئًا؟ قال: أشْهَدُ لسَمِعْتُ خُزَيْمَة بن ثَابِت الأنْصَاريَّ، الّذي جَعَل رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ شَهادَةَ رَجُلَيْن، أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي آتي امْرأتي من دُبُرِها، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَم، فقالها مرَّتَين أو ثلاثًا، ثمّ فطنَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: أمِنْ دُبُرها؟ في قُبُلها فنَعَم، فأمَّا في دُبُرها فإنَّ اللَّهَ يَنْهاكم أنْ تَأتُوا النِّسَاءَ في أدْبَارهنَّ.
أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ ثَابِتُ بن مُشَرَّف البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْتِ عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاقَ إبْراهيم بن خُرَيمْ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ بن حُمَيْد
(2)
، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيّ، عن خارِجَة بن زَيْدٍ: أنَّ زَيْد بن ثَابِتٍ قال: لمَّا كَتَبنا المَصَاحِف فقَدْتُ آيةً كُنْت أسْمَعُها من رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْليمًا، فوَجَدْتُها عند خُزَيْمَةَ بن ثَابِت الأنْصَاريّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} حتَّى {تَبْدِيلًا}
(3)
، قال: وكان خُزيْمَةُ يُدْعَى ذا الشَّهَادَتَين؛ أجازَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ بشَهَادةِ رَجُلَيْن، وقُتِلَ يوم صِفِّيْن مع عليٍّ رَحْمَةُ اللَّه عليهما.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم،
(1)
كنز العمال للمتقي الهندي 16: 566 (رقم 45891).
(2)
المنتخب من مسند عبد بن حميد 109 (رقم 346).
(3)
سورة الأحزاب، الآية 23.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَاصِمُ بن سُوَيْد، عن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن خُزيْمَة، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يا خُزَيْمَةُ، لِمَ (a) تَشْهَد ولم تكُن معنا؟ قال: يا رسُول اللَّهِ، أنا أُصدِّقُكَ بخَبَر السَّماءِ، ألَا أُصَدِّقُكَ بما تَقُول؟! فجَعَل رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ شَهَادةَ رَجُلَيْن.
قال مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
: وأخْبَرَنا هُشَيْم، قال: أخْبَرَنا زَكَرِيَّاء، عن الشَّعْبِيّ وجُوَيْبر، عن الضَّحَّاك أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَعَل شَهادَةَ خُزَيْمَة بن ثَابِت بشَهَادةِ رَجُلَيْن.
قال
(3)
: وأخْبَرَنا الفَضْلُ بن دُكَيْن، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء، قال: سَمِعْتُ عامرًا يَقُول: كان خُزَيْمَةُ بن ثَابتِ الّذي أجازَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ بشَهَادةِ رَجُلَيْن، قال: اشْتَرَى رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعضَ البَيْع من رَجُلٍ، فقال الرَّجُل: هلَّم شُهُودكَ على ما تَقُول، فقال خُزَيْمَة: أنا أشْهَدُ لك يا رسُولَ اللَّهِ، قال: وما عِلْمكَ؟ قال: أعْلَمُ أنَّك لا تَقُول إلَّا حَقًّا، قد أمنَّاكَ على أفْضَل من ذلك: على دِيْننا، فأجازَ شَهَادتَهُ.
قال
(4)
: وأخْبَرَنا عَمْرو بن عَاصِم الكِلَابيّ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّام بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أنَّ رَجُلًا طَلَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحقٍّ (b)، فأنْكَر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فشَهِدَ خُزَيْمَةُ بن ثَابتِ أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم صَادق عليه، وأنَّهُ ليسَ له عليه حَقٌّ، فأجازَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ، قال: فقال رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: أشَهِدتَنا؟ قال: لا؛ قد عَرفْتُ أنَّك لَم تَكْذِبْ. قال: فكانت شَهَادَة خُزَيْمَة بعد ذلك تَعْدلُ شَهادَةَ رَجُلَيْن.
(a) طبقات ابن سعد: بم تشهد.
(b) لم ترد في طبقات ابن سعد.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 4: 379.
(2)
طبقات ابن سعد 4: 380.
(3)
طبقات ابن سعد 4: 380.
(4)
طبقات ابن سعد 4: 380.
وقال أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن شُجاع الثَّلْجِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، قال: حَدَّثني بُكَيْر بن مِسْمَار، عن عُمَارَة بن خُزَيْمَة، عن أَبِيهِ، قال: حَضَرْتُ مُؤْتَةَ، فبارَزْتُ رَجُلًا يَوْمئذٍ فأصَبْتُه، وعليه بَيْضَةٌ له فيها يَاقُوتَةٌ، فلم يكُن هَمِّي إلَّا اليَاقُوتَة، فأخَذْتُها، فلمَّا انكشَفْنَا وانْهَزَمنا رَجَعْتُ بها إلى المَدِينَة، فأتَيْتُ بها رسُوِلَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فنَفَّلَنِيْها، فبعْتُها من عُمَر بن الخَطَّابِ بمائةِ دِيْنارٍ، فاشْتَرَيْتُ بها حَدِيقَة نَخْلٍ ببني خَطْمَةَ.
وقال أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه: قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّالثة من بني خَطْمَة بن جُشَم بن مَالِك (a) بن الأَوْس: خُزَيمة بن ثَابِت بن الفَاكِهِ بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن غَيَّان (b) بن خَطْمَة -واسمُ خَطْمَة عَبْد اللَّه- ابن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْس، وأُمُّ خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه: كُبَيْشَةُ بنتُ أَوْس بن عَدِيّ بن أُمَيَّة بن عَامِر بن خَطْمَة، وكان خُزَيْمَةُ بن ثَابِت، وعُمَيْر بن عَدِيٍّ بن خَرَشَة (c) يُكَسِّران أصْنَامَ بني خَطْمَة، وخُزَيْمَةُ بن ثَابِت هو ذو الشَّهَادَتَين.
قال مُحَمَّد بن عُمَرَ
(2)
: كانت رَايةُ بني خَطْمَة مع خُزَيْمَة بن ثَابِت في غَزْوة الفَتْحِ، وشَهادة خُزَيْمَةُ بن ثَابِتٍ صِفِّيْنَ مع عليّ بن أبي طَالِب، فقُتِلَ يَوْمئذٍ سنَة سَبْعٍ وثلاثين، وله عقبٌ، وكان يُكْنَى أبا عُمَارَة.
(a) ورد الاسم في الأصل مكررًا: مالك بن مالك، والمثبت من ابن سعد وابن عساكر.
(b) مهملة الأول في الأصل: حرشة، والمثبت من طبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر.
(c) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن سعد وابن عساكر.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 4: 378، وتاريخ ابن عساكر 16:360.
(2)
النقل متتابع عن ابن سعد 4: 381.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: وفي الطَّبَقَةِ الثَّالثة (a): خُزَيْمَة بن ثَابِت بن عُمَارَة بن الفَاكِه، أحَدُ بني خَطْمَة من الأَوْسِ، وَيُكْنَى أبا عُمَارَة، وهو ذو الشَّهَادَتَين، قُتِلَ بصِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِبٍ، له عَقِبٌ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(3)
، قال: ومن بني جُشَم بن مَالِك، ثُمَّ من بني خَطْمَة: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن فَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن عَنَان (b) بن عَامرِ بن خَطْمَة، وخَطْمَة هو عَبْدُ اللَّهِ بن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْس، أُمُّهُ كَبْشَةُ بنت أَوْس بن عَدِيّ بن أُمَيَّة بن عَامِر بن خَطْمَة.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْلِ البُخاريّ
(4)
، قال: خُزَيْمَةُ بن ثَابِت الأنْصَاريّ، قال عَبْد اللَّه بن صالح، عن اللَّيْث، عن يُونُس، عن
(a) الأصل: الثانية، والمثبت من ابن عساكر.
(b) كذا في الأصل، وفي نشرة طبقات خليفة: غَيَّان، وتقدم في طالع الترجمة الإشارة إلى وقوع الاختلاف في رسمه على وجوه مختلفة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 360.
(2)
طبقات ابن سعد 6: 51.
(3)
طبقات خليفة 83.
(4)
التاريخ الكبير 3: 205 - 206.
ابن شِهَاب، عن عُمَارَة بن خُزَيْمَة، عن عَمِّه، قال: خُزَيْمَة الّذي أجازَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ بشَهَادةِ رَجُلَيْن.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، عن أبي الفَتْح بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، قال: عَنَان هو من أجْدَاد خُزَيْمَة بن ثَابِت الأنْصَاريّ فيما حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن عُبَيْد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي خَيْثَمَة، قال: سَمِعْتُ سَعْد بن عَبْد الحَميْد بن جَعْفَر يَقُول: خُزَيْمَةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدَة بن عَامِر بن عَنَان بن عَامِر بن خَطْمَة، وهكذا نَسَبَهُ شَبَاب
(1)
أيضًا فيما أخْبَرَنا القَاضِي أبو الطَّاهِر، عن مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، عنه.
وذَكَرَ الطَّبَريُّ (a) نَسَب خُزَيْمَةَ بن ثَابِتٍ، فقال: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن عَنَان بن عَامِر بن خَطْمَة بن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْس.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّلِ المَقْدِسِيّ، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تِلَيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيدُ بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: ومن الصَّحَابَةِ ممَّن اسْمُه خُزَيْمَة، منهم: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن غَيَّان بن عَامِر بن خَطْمَة، ذو الشَّهَادَتَين، سَكَنَ الكُوفَة، وتُوفِّيَ في خِلَافَة عُمَر بالمَدِينَة.
(a) في الأصل: الطبراني، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16: 361، ويأتي فيما بعد على الوجه الصحيح، وأيضًا فيما ينقله تاليًا عن ابن ماكولا من أنه ابن جرير الطبري، وانظر تاريخ الطبري 4: 447، ذكره ولم يورد فيه سياقة النسب.
_________
(1)
طبقات خليفة 83، وفي سياقة اسمه: غيَّان.
وقال مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ: قُتِلَ خُزَيْمَة بن ثَابِت مع عليّ يَوْم صِفِّيْن سَنَة سَبْعٍ وثلاثين، يُكْنَى أبا عُمَارَة، رَوَى عنهُ من الصَّحَابَةِ جَابِرُ بن عَبْد اللَّه، يُقال: هو من بني خَطْمَة بن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْسِ، وكانت رَاية بني خَطْمَة مع خُزَيْمَةَ يَوْم الفَتْح وهو ممَّن افْتَخَرت به الأَوْسُ على الخَزْرَج، فقالوا: منَّا ذُو الشَّهَادَتَين، وأُمُّه كَبْشَةُ بنتُ أَوْس، رَوَى خُزَيْمَةُ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْثَ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ كتابةً، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ المَدَائِنِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد اللَّهِ بن عبد الرَّحيم، قال: ومن بني خَطْمَة -واسْمُه عَبْد اللَّه- ابن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْسِ: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن عِنَان بن عَامِر بن خَطْمَة، وهو ذُو الشَّهَادَتَين، وقُتِلَ يَوْم صِفِّيْن.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح يُوسُفُ بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه بن مَنْدَة، قال: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة الأنْصَاريّ، من بني خَطْمَة من الأَوْسِ، رَوَى عنه جَابِر بن عَبْد اللَّهِ، وانْباهُ: عَبْد اللَّه وعُمَارَة، وجَعَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ شَهادةَ رَجُلَيْن.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن في الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(2)
، قال: أنْبَأنَا أبو سَعْد المُطَرِّزُ، وأبو عليّ الحَدَّادُ، قالا: قال لنا أبو نُعَيْم الحافِظُ: خُزَيْمَةُ في ثَابِت بن الفَاكِهِ بن عَمْرو بن عَدِيّ بن وَائِل في مُنَبِّه بن امْرئ القَيْس بن سلْمَى في حَبِيْب بن عَدِيّ بن ثَعْلَبَة بن امْرئ القَيْس بن عَلْقَمَة بن مُعاوِيَة بن جُشَم بن
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 362.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 362.
مَالِك بن الأوْس بن حارثة بن ثَعْلَبة بن عَمْرو بن عَامِر بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن غَسَّان بن الأَزْد بن الغَوْث بن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلَان بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُبَ بن قحْطَان بن هُوْد، وقيل: خُزَيْمَة بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة الأنْصَاريّ، من بني خَطْمَة بن جُشَم (a) بن مَالِك بن الأَوْسِ.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَكَّة، شَرَّفَها اللَّهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيدِ يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمنِ بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ
(1)
، قال: خُزَيْمَةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة الخَطْمِيّ الأنْصَاريّ، من بني خَطْمَةَ من الأَوْسِ، يُعْرَفُ بذِي الشَّهَادَتَين، جَعَلَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادتَهُ كشَهادةِ رَجُلَيْن، يُكْنَى أبا عُمَارَة، شَهِدَ بَدْرًا وما بعدَها من المَشَاهِد، وكانت رَايةُ خَطْمَة بيَده يَوْم الفَتْح، وكان مع عليٍّ رضي الله عنه بصِفِّيْن، فلمَّا قُتِلَ عَمَّار جرَّد سَيْفَهُ فقَاتَل حتَّى قُتِل، وكانت صِفِّيْن سَنَة سَبَعٍ وثلاثين.
قال أبو عُمَر
(2)
: رُوِي عن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن خُزَيْمَة من وُجُوهٍ قد ذَكَرْتُها في كتاب الاسْتِظْهَار في طُرُق حَدِيث عَمَّارٍ، قال: ما زال جَدِّي خُزَيْمَة بن ثَابِت معِ عليّ بصِفِّيْن كَافًّا سِلَاحَهُ، كذلك فعل يَوْم الجَمَل، فلَّا قُتِل عَمَّار بصِفِّيْن قال خُزَيْمَةُ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: تَقْتُل عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ، ثمّ سَلَّ سَيْفه فقَاتَل حتَّى قُتِلَ.
(a) من قوله: "ابن هود. . . إلى هنا" ساقط من نشرة تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 448.
(2)
الاستيعاب 2: 448، وينظر الحديث في: المستدرك للحاكم 3: 397.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(1)
، قال: ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ -يعني جَدّ خُزيمَة بن ثَابِت- في التَّرْجَمَةِ بكَسْر العَيْن، وفي سِيَاقَة النَّسَب بفَتْحها، وكان يَنْبَغي أنْ يَنْسُبَ ما ذَكَره في التَّرْجَمَة من كَسْر العَيْن إلى قَائلهِ. وقد نَسَب خُزيْمَة كذلك أبو بَكْرٍ [ابن] البَرْقِيّ (a)، فأخْبَرَنا أبو القَاسِم الأزْهَريّ وأبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ بن الحَسَن المَدَائِنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن البَرْقِيّ، قال: خُزَيْمَة بن ثَابِت، ثمّ سَاقَ نَسَبَهُ مثل ما ذَكَرَ سَعْدُ بن عَبْدِ الحَميْدِ سَوَاء غير أنَّهُ قال: عِنَان بكَسْر العَيْن، وقال أيضًا: حَنْظَلَةُ بَدَل خَطْمَة، وقَوْله: حَنْظَلَة خَطأ والصَّوَابُ: خَطْمَة بغير شَكّ، وأمَّا ما حَكَاهُ عن الطَّبَريّ من قَوْله في نَسَب خُزَيْمَة غَيَّان بَدَل عِنَان، فقد ذَكَرهُ كذلك عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن القَدَّاح في نَسَب الأنْصَار.
أنْبَأنَا الحُسَين بن مُحَمَّد الرَّافِقِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن سَعيد بن شَاهين، قال: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بن عَبْد اللَّه، عن ابن القَدَّاح، قال: خُزَيْمَةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن غَيَّان بن عَامِر بن خَطْمَة، شَهِدَ أُحُدًا وما بعدَها من المَشَاهِد، وهو ذُو الشَّهَادَتَين. قال الخَطِيبُ: ولَم يَذْكُر بين سَاعِدةَ وبين غَيَّان عَامِرًا، فاللَّهُ أعْلَمُ بالصَّوَاب.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن قُشَام، عن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن منْجُوَيْه الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا
(a) تقدم ذكره في العديد من الروايات: ابن البرقي، ومنها مما يرد تلوه في ذات الرواية.
_________
(1)
لم يترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، ولم نجد كلامه في التاريخ المذكور، والخبر في تاريخ ابن عساكر 16: 362 - 363 معزوًّا للخطيب البغدادي.
الحاكِم أبو أحْمَد الحافِظ، قال: أبو عُمَارَة خُزَيْمَة بن ثَابِت بن عُمَارَة بن الفَاكِه بن سَاعِدة بن عَامِر بن عَنَان بن عَامِر بن خَطْمَة، وخَطْمَةُ هو عَبْدُ اللَّه بن جُشَم بن الأَوْسِ الأنْصَاريّ الخَطْمِيّ، وأُمُّه كَبْشَةُ بنتُ أَوْس بن عَدِيّ بن أُمَيَّة بن عَامِر بن خَطْمَة، له صُحْبَةٌ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهو الّذي كانت شَهَادتُهُ بشَهَادَتَيْن، قُتِلَ بصِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِب.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر عليّ بن هِبَةِ اللَّه بن مَاكُولا
(1)
، قال: وأمَّا عَنَان -بفَتْح العَيْن- فهو خُزَيْمَةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن عَنَان بن عَامِر بن خَطْمَة بن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْسِ، هكذا نَسَبَهُ سَعدُ بن عَبْد الحَميْد بن جَعْفر وشَبَاب، وقال أبو بَكْر بن البَرْقِيّ كما ذَكَرناهُ إلَّا أنَّهُ قال: عِنَان بكَسْر العَيْن، وقال عِوَض خَطْمَة: حَنْظَلَة، وهو غَلَطٌ بغير إشْكال. وقال الطَّبَريُّ في نَسَبه مثل ما ذَكَرَ شَبَاب وابنُ عَبْد الحَميْد إلِّا أنَّهُ قال: غَيَّان بغَين مُعْجَمة وياء مُشَدَّدَةٍ، وقال ابنُ القَدَّاح في نَسَبهِ: هو خُزَيْمَةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن غَيَّان بن عَامِر بن خَطْمَة، وأسْقَطَ عَامِرًا بين سَاعِدة وغَيَّان، ووَافَقَ ابن جَرِير في أنَّهُ بغين مُعْجَمة، والصَّحيحُ إثْبَاتُ عَامِر لاتِّفاق الجَمَاعَة عليه.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه كتابةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(2)
، قال: خُزَيمةُ بن ثَابِت بن الفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدة بن عَامِر بن كَيَّان -ويقال: عِنَان- ابن عَامِر بن خَطْمَة -واسْمُه عَبْدُ اللَّه- ابن جُشَم بن مَالِك بن الأَوْسِ بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامر، أبو (a) عُمَارَة
(a) في الأصل: ابن، وهو خطأ.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 6: 383.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 357.
الأنْصَاريّ الخَطْمِيّ، صَاحِبُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهو ذُو الشَّهَادَتَين، شَهِدَ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غَزْوة الفَتْح (a)، وكان يَحْمل رَايةَ بني خَطْمَة، رَوى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عُمَارَة بن خُزَيْمَة، وأبو عَبْد اللَّهِ عَبْدُ بن عَبْد، ويقالُ: عبد الرَّحْمن بن عَبْد (b) الجَدَلِيّ، وعَطَاء بن يَسَارٍ، وشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَة.
وقال الحافِظُ
(1)
: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّرَيْثيثيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ السَّعْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُنِير بن أحْمَد الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا جَعْفَرُ بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الهَيْثم، قال: قال أبو نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن في تَسْمِيَةِ منْ نَزَلَ الكُوفَة من الصَّحَابَةِ: خُزيمَةُ بن ثَابِتٍ الأنْصَاريّ، قُتِلَ بصِفِّيْن.
وقال
(2)
: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحُسَين (c)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(3)
، قال: حَدَّثَني مَحْمُود، قال: حَدَّثَني عَبد الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، قال: قال الأزْهَريّ: قُتِلَ خُزَيْمَة بن ثَابتِ يَوْم صِفِّيْن مع عليّ.
أخْبَرَنا جَعْفَر بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكَات الهَمْدانيّ في كِتَابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ وأبو مُحَمَّد بن أبي العَطَّاف في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، ح.
(a) في تاريخ ابن عساكر "شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا وما بعدها وشهد غزوة الفتح".
(b) ابن عساكر: عدي.
(c) تاريخ ابن عساكر: الحسن.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 371.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 371.
(3)
تاريخ البخاري الصغير 1: 103.
قال الهَمْدَانيّ: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَكِّيّ بن مُوَقَّا قِراءَةً عليهِ، قال: أنْبأني أبو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُفَسِّر، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح، قال: حَدَّثَنَا أبو مَعْشَر، عن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، قال
(1)
: ما زَالَ جَدِّي كَافًّا سِلَاحَهُ يَوْم الجَمَل، حتَّى إذا كان يَوْم صِفِّيْن، فقُتِلَ عَمَّار بن يَاسِرٍ بصِفِّيْن رحمه الله، سَلَّ سَيْفَهُ فقاتَلَ حتَّى قُتِلَ. وقال: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: تَقْتُل عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، وأبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد وأبو الغَنائِم ابْنا أبي عُثْمان، وعَاصِم بن الحَسَن، والحَسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة، قالوا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن مَهْدِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حَفْص -يعني: المَدَائِنِيّ- عن أبي مَعْشَر، عن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، قال
(2)
: كان جَدِّي كاَفًّا سِلَاحَهُ يَوْم الجَمَل ويَوْم صِفِّيْن حتَّى قُتِلَ عَمَّار، فلمَّا قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِرٍ، قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: تَقْتُل عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ، ثمّ سَلَّ سَيْفَهُ فقَاتَلَ حتَّى قُتِل.
قال: وحَدَّثَنَا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن دُكَيْن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار -يعني: ابن العبَّاس الهَمْدانِيّ، وهو عَبْد الجَبَّار الشَّامِيّ- عن أبي إسْحاق، قال: لمَّا قُتِلَ عَمَّار دَخَلَ خُزَيْمَة بن ثَابِت فُسْطَاطَهُ، وطَرَحَ عليه سِلَاحَهُ، ثمّ سَنَّ عليه من الماءِ، ثُمَّ قَاتَلَ حتَّى قُتِلَ.
(1)
المستدرك للحاكم 3: 397.
(2)
المستدرك للحاكم 3: 397.
أنْبَأنَا عليّ بن المُفَضَّل، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيدُ بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَنْصُور الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الزُّبَيْرِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن العبَّاسِ، عن أبي إسْحاق، قال: قيل لخُزَيْمَة بن ثَابِت: قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِرٍ، فدَخَل فُسْطَاطًا، فاغْتَسَل ثمّ خَرَجَ فقاتَلَ حتَّى قُتِلَ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّهِ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أبي زَيْد الكَرَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَحْمُود بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو مَعْشَر عن مُحَمَّد بن عُمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، قال: قَاتَلَ خُزَيْمَة بن ثَابِت يَوْم صِفِّيْن حتَّى قُتِلَ.
أنْبَأنَا أبو العَلَاء أحْمَد بن شَاكِر بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سليمان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الجَرَّاح، عن أبي يُوسُف، عن مُحَمَّد بن إسْحاق، عن صالح بن إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن عَوْف، قال: حَدَّثَني شَيْخٌ من أسْلَم شَهِدَ يَوْم صِفِيْن، قال: واللَّهِ إنَّ النَّاسَ لعلَى شَاكِلَتهم؛ رَجُلٌ يُصْلح سَرْجَه، وآخر يُصْلح لجامَهُ، وآخر يعْلفُ دابَّتَهُ، فما رَاعنا إلَّا صَوْت عَمَّارٍ: أيُّها النَّاسُ، مَن رَائحٌ إلى اللَّهِ عز وجل؟ الظَّمْآنُ يَرِدُ المَاءَ (a)، الجَنَّة تحت أطْرَاف العَوَالي.
(a) في الأصل: "الظمأ يردوا إنما"، وفوقه "صـ"، والتصويب من طبقات ابن سعد 3: 258، وتاريخ ابن عساكر 43:465.
وقال حين كادتِ الشَّمْسُ أنْ تَعْتَدِل، قال: فقُتِلَ عَمَّار يَوْمئذٍ وخُزَيْمَة بن ثَابِت الأنْصَاريّ وعَبْد الرَّحمن بن كَلَدَة، وكانت بيننا قَتْلَى مثل الجِبَال.
أنْبَأنَا أحْمَدُ بن أزْهَر، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْد اللَّه بن الحَارِث بن الفَضْل (a)، عن أَبِيهِ، عن عُمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابِت، قال: شَهِدَ خُزَيْمَةُ بن ثَابِت الجَمَلَ وهو لا يسُلّ سَيْفًا، وشَهِدَ صِفِّيْنَ، وقال: أنا لا أقْتُلُ (b) أحدًا حتَّى يُقْتَل عَمَّار فأَنْظُر مَنْ يَقْتلُهُ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: تَقْتُلُه الفِئَةُ البَاغِيَةُ، قال: فلمَّا قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِرٍ قال خُزَيْمَة: قد بانَتْ لي الضَّلَالةُ، ثُمَّ اقْتَرَب فقاتَلَ حتَّى قُتِلَ.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(2)
، قال: التقَوْا بصِفِّيْن في صَفَر سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين، فلم يزالُوا يَقْتتلُونَ بها أيَّامًا، وقُتِلَ بصِفيْن عَمَّار بن يَاسِر، وخُزَيْمَة بن ثَابِتٍ، وأبو عَمْرَة المَازِنِيّ، وكانوا مع عليٍّ رضي الله عنه.
أنْبَأنَا حَسَنُ بن أحْمَد الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن خُشَيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا ابن قَانِعٍ، قال: سَنَة سَبْعٍ وثلاثين، خُزَيْمَة بن ثَابِت الأنْصَاريّ بصِفِّيْن، يعني: قُتِلَ.
أخْبَرَنا [. . .](c)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْلُ بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ،
(a) طبقات ابن سعد: حدثني عبد الحارث بن الفضيل.
(b) طبقات ابن سعد: لا أصل.
(c) موضع ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر أربع كلمات، وتقدم التعليق فيما مرّ على ضياع بعض أسانيد المؤلف فيما أخذه عن ابن السمرقندي خاصة.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 3: 259.
(2)
لم أقف عليه في طبقاته.
قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد اللَّه بن سَعيد بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة السَّرِيُّ بن يَحْيَى
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سيف بن عُمَر، عن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، عن الحَكَم، قال: قيل له: أَشَهِدَ خُزَيْمَة بن ثَابِت ذو الشَّهَادَتَين الجَمَل؟ قال: ليس به، ولكنَّهُ غيره من الأنْصَارِ، ماتَ ذُو الشَّهَادَتَين في زَمَان عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنهما.
والصَّحيحُ أنَّ خُزَيْمَةُ عاش إلى زَمَن عليّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بصِفِّيْن.
خُزَيْمَةُ بن خَازِم بن خُزَيْمَةَ النَّهْشَلِيُّ القَائِدُ
(2)
كان له مكانةٌ ومَنْزِلةٌ عند الرَّشِيْد وابْنه الأَمِين، ولَّاهُ الرَّشِيْد حجابتَهُ وشُرْطَتَهُ، ثمّ عَزَلَهُ سنة اثنَتَيْن وسَبْعِين ومائة عن الشُّرَط، ووَلَّى مكانه المُسَيَّب بن زُهَيْر،
(1)
انظره في تاريخ الطبري 4: 447.
(2)
توفي سنة 203 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 86، 199، 273، اليعقوبي: تاريخ 2: 268، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 172، 385، الجاحظ: البيان والتبيين 4: 25، المحبر 375، الطبري: تاريخ 7: 462 - 464، 8: 373 - 374، المعارف 417 (ضمن ترجمة أبيه)، الأزدي: تاريخ الموصل 362، 369، 312، 318، 338، 353، المسعودي: مروج الذهب 4: 263 (استشارة الأمين له فى خلع المأمون)، التنبيه والإشراف 176، 251، 253، مجهول: العيون والحدائق 3: 315، 322، 358، تاريخ بغداد 9: 301 - 302، ابن ماكولا: الإكمال 2: 291، السمعاني: الأنساب 10: 313، ابن الجوزي: المنتظم 9: 224، 10: 45، 10: 118، ابن الأثير: الكامل 5: 361، 383، 396، 565 - 566، 6: 107، 163، 207، 215، 226 - 228، 264، 278 - 279، 284، 321 - 323، 348، 356، 7: 46، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 13: 387، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 73 - 74، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 24 - 25، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 53، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 68، العبر في خبر مَن غبر 1: 265، ابن كثير البداية والنهاية 10: 224، 240، ابن وادران: تاريخ العباسيين 243، النجوم الزاهرة 2: 102، 138، 145، شذرات الذهب 3: 13، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 157 - 158، 167.
ووَلَّاهُ الرَّشِيْدُ قِنَّسْرِيْن وحَلَب والعَوَاصِم في سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين ومائة، وقيل إنَّ ابنَهُ القَاسِم بن هَارُون كان معه.
ولمّا تُوفِّي الرَّشِيْد، وَلَّى الأَمِين أخاه القَاسِم على قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم، وولَّى خُزَيْمَة بن خَازِم الجَزِيْرَة وَحْدَها، ثمّ عَزَلَ أخاهُ عن قِنَّسْرِيْن سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين (a) ومائة ووَلَّاها خُزَيْمَة بن خَازِم.
ثمّ إنَّ الأَمِين وَلَّى عَبْد المَلِك بن صالح الجَزِيْرَة والشَّام بعد أنْ أخْرَجَهُ من حَبْسِ أبيهِ الرَّشِيْد بعدَ مَوْته، فلمَّا تُوفِّي عَبْد المَلِك بن صالِح ولَّى خُزَيْمَة بن خَازِم قِنَّسْرِيْن وحَلَب والعَوَاصِم سَنَة سَبْعٍ وتِسْعِين ومائة، وأظُنُّ أنَّهُ عُزِلَ عنها سَنَة ثمانٍ وتِسْعِين ووَلِيَها عَبْدُ اللَّه بن طَاهِر.
حدَّثَ خُزَيْمَة بن خَازِم عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبي ذِئْب، وأبي جَعْفَر المَنْصُور، والرَّبِيْع بن يُونُس الحَاجِب، وابنِهِ الفَضْل بن الرَّبِيْع، رَوَى عنهُ يَعْقُوب بن يُوسُف الأصَمُّ، وأبو بِلَال الأشْعَرِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد الحَاسِب.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو منْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن هَمَّام الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن عليّ بن النُّعْمان بن البُنْدَار، قال: حَدَّثَنَا الجَرَّاح بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن يُوسُف الأصَمُّ، قال: حَدَّثَنَا خُزَيْمَة بن خَازِم القَائِد، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن الحَارِث بن عبد الرَّحْمن، عن أبي
(a) الأصل: وسبعين، وهو خطأ ظاهر؛ فإن الأمين وقتها لم يبلغ الرابعة من عمره (ولد سنة 171 هـ)، ويرد صحيحًا فيما بعد.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 301.
سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرة
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قال إذا أصْبَحَ: رَضِيْتُ باللَّه رَبًّا، وبالإسْلَام دِيْنًا، وبمُحَمَّدٍ نَبيًّا، رضي الله عنه.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشميِّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم رِزْق اللَّه بن مُحَمَّد القُبَاوِيّ ببُخَارَى، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الزَّرَنْجَريّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا السَّيّدُ زَيْد بن حَمْزَة الحَسَنيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعيْلُ بن أحْمَد الفَضائِليّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى السَّمَرْقَنْديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، ح.
قال أبو سَعْد السَّمْعَانيّ: وأخْبَرناهُ عَاليًا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ ابن المُهْتَدي باللَّهِ الهاشِميِّ في دَاره بباب البَصْرَةِ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن البُسْرِيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عُثْمان بن بَكْرَان بن جَابِر العَطَّار قِراءَةً عليهِ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يُوسُف بن خَلَّاد أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن كَثِيْر بن الصَّلْتِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، عن أبي بِلَال، عن خُزَيْمَة بن خَازِم، عن الفَضْلِ بن الرَّبيعْ، عن المَهْدِيّ، عن المَنْصُور، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن ابن عبَّاسٍ
(2)
رضي الله عنهما، قال: كان رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان الصَّيْف خَرَجَ من البيت لَيْلَة الجُمُعَة، وإذا كان الشِّتَاء نَزَلَ ودخَلَ البَيْتَ لَيْلَة الجُمُعَة.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(3)
، قال: خُزَيْمَة بن خَازِم النَّهْشَلِيُّ القَائِدُ،
(1)
لم أقف عليه من هذا الطريق، وهو مشهور من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 4: 333، وابن الجوزي في العلل المتناهية 3: 697 (رقم 1164).
(3)
تاريخ بغداد 9: 301.
كان له تقدُّمٌ ومَنْزِلةٌ عند الخُلَفَاءِ، ودَرْب خُزَيْمَة ببَغْدَاد إليهِ يُنْسَبُ، وأظنُّ أصْلَهُ خُرَاسَانيًّا إلَّا أنَّهُ نَزلَ بَغْدَادَ وأقام بها إلى حين وَفاتهِ. وقد رُوِيَ عنه عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبي ذِئْب حَدِيثٌ مُسْنَدٌ؛ أخْبَرناهُ أَحْمَد بن أبي جَعْفَر القَطِيْعيّ، وذَكَرَ الحَدِيث الّذي بَدَأنا بذِكْره أوَّلًا.
قُلتُ: وقد وَقَعَ لنا -والحَمْدُ للَّهِ- عنهُ حَدِيثٌ آخر وهو الّذي ثَنَّينا بذِكْره.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة نِفْطَوَيْه، قال: كانت وَفَاة الرَّشِيْد بطُوْس، ودُفِنَ الرَّشِيْد هُنالكَ، وعلى حَجبتِهِ الفَضْل بن الرَّبيعْ، وذَكَرَ الوُلَاة، وقال: وعلى حَرْب الجَزِيْرة خُزَيْمَة بن خَازِم.
وقال: ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين -يعِني: ومائة- وعَزَلَ الأَمِينُ القَاسِم بن الرَّشِيْد، وهو المُؤْتَمَن عن قِنَّسْرِيْن والثُّغُور، وولَّى مَكَانَهُ خُزَيْمَة بن خَازِم.
أنْبَأْنَا زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَني الحَسَن بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيمِ الجُوْريّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن حَمْدَان بن الخَضِر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُونُسَ الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو حَسَّان الزِّيادِيّ، قال: سَنَة ثَلاثٍ ومَائتَيْن فيها ماتَ خُزَيْمَة بن خَازِم يَوْم الجُمُعَة لاثْنَتي عَشرهَ لَيْلَة خَلَتْ من شَعْبان.
قال الخَطِيبُ
(2)
: أخْبَرَني الأزْهَريّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: ماتَ خُزَيْمَةُ بن خَازِم سَنَة ثَلاثٍ ومَائتَيْن بعد أنْ عَمِيَ
(1)
تاريخ بغداد 9: 302.
(2)
تاريخ بغداد 9: 302.
خُسْر فَيْرُوز وقيل: خُرَّزَاد فَيْرُوز، وقيل: فَنَّاخُسْر بن فَيْرِوز خُسْره بن خُسْر فَيْرُوز بن فَنَّاخُسْرُو بن الحَسَن بن بُوَيْه بن فَنَّاخُسْرُو بن تَمام بن كُوهِيّ المَلِك ابن شِيرْزِيل الأصْغَر ابن شِيركذه (a) بِن شِيرزيل الأكْبَر ابن شِيْرَان شَاه بن شِيرْفنّه بن سِسْتَان شَاه بن سَسَنْ فَرّو بن شَرَوْزِيْل ابن سسْنَاذَر بن بَهْرَام جُوْر المَلِك ابن يَنْدَجِرْد المَلِك ابن هُرْمُز المَلِك كرْمَانْشَاه ابن سَابُور المَلِك ابن سَابُور ذي الأكْتَاَف بن هُرْمُز المَلِك ابن نَرْسِي (b) المَلِك ابن بَهْرَام المَلِك ابن بَهْرَام المَلِك (c) ابن هُرْمُز المَلِك ابن سَابُور المَلِك ابن أَرْدَشِيْر المَلِك الجَامع بن بَابَك بن سَاسَان الأصْغَر ابن بَابَك بن سَاسَان الأكْبر (d) ابن بَابَك ابن سَاسَان، أبو مَنْصُور المَلِكُ المُلَقَّب بالمَلِك العَزِيز ابن أبي طَاهِر جَلَال الدَّوْلَة ابن بَهَاء الدَّوْلَة ابن عَضُد الدَّولَة أبي شُجاع ابن رُكْن الدَّوْلَةِ أبي عليّ بن أبي شُجاع البُوَيْهيّ
(1)
كان عَالمًا فَاضِلًا، شَاعِرًا مُجِيْدًا، ذا رَأي وتَدْبِير وسِيَاسَة، وسِيْرة حَسَنة،
(a) ابن خلكن: وفيات الأعيان 1: 175: شيركوه، الوافي بالوفيات 24: 87: شيركده.
(b) قيَّده في الأصل بالباءة برسي، ويرد فيما بعد: برسا، وصوابه بالنون. انظر الثعالبي: خاص الخاص 124، الوزير المغربي: أدب الخواص 148، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 427، الوافي بالوفيات 24: 87، ابن خلدون: العبر 3: 409.
(c) كذا في الأصل مكررًا وفوق الثاني منهما "صح"، والأول هو بهرام الأوسط، والثاني: بهرام الأكبر. انظر أدب الخواص 148.
(d) الأصل: الأصغر، والتصويب من الوافي بالوفيات 24:87.
_________
(1)
توفي سنة 441 هـ وقيل في السنة التي تليها، ترجمته في: دمية القصر للباخرزي 1: 205 - 206، ابن الأثير: الكامل 9: 516 - 517، 561، تاريخ الإسلام 9: 624، العبر في خبر مَن غبر 2: 381، سير أعلام النبلاء 17: 633، الوافي بالوفيات 13: 315 - 316، شذرات الذهب 5: 187، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 320.
قَدِمَ مَنْبِج بعد زَوَال مُلكْه، وله إقَامَةٌ بها، وذَكَرَ ذلك في شِعْره، وزوَّج ابْنَتهُ من مَحْمُود بن نَصْر بن صالِح، فأوْلدها ابنه سَابِق، وصعدَ بَهَاءُ الدَّوْلَة ابنه إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة وعاد منها إلى حَلَب، فأقام بها مُدَّةً حين وَليها ابنُ أُخْته سَابِق بن نَصْر بن مَحْمُود المِرْدَاسِيّ الكِلَابيّ.
وكان المَلِك العَزِيز يُحبّ الأدَبَ وأهلَهُ، وصنَّف له أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب كتاب المُفَاوَضَة في نحو ثلاثين كُرَّاسَةً.
رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الكَاتِب، وأبو البَرَكَات المُظَفَّر بن سَعْد بن مُحَمَّد المَوْصِليِّ ووُلِد بالبَصْرَةِ في يَوْم الجُمُعَة التَّاسِع عَشر من صَفَر سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعِمائة.
واخْتَلفَ النَّسَّابُونَ في بني بُوَيْه؛ فقيل: إنَّهُم يَنْتَسِبُونَ إلى تَمَام بن كُوهِيّ، وبنو كُوهِيّ عَشِيرةَ تَرْجع إلى يَزْدَجِرْد المَلِك المَعْرُوف بالأثيم ابن المَلِك سَابُور الثَّاني ابن المَلِك سَابُور الأوَّل ذي الأكْتَاف ابن المَلِك هُرْمُز ابن المَلِك نَرْسي (a) بن بَهْرَام المَلِك الثَّاني ابن بَهْرَام المَلِك الأوَّل ابن هُرْمُز المَلِك ابن سَابُور الجنُود المَلِك ابن أَرْدَشِيْر المَلِك الجاَمع -مَلك فَارِس بعد الفرْقَة، وقَاتِل مُلُوك الطَّوَائف ووَاضِع أدَب الفُرْس- ابن بَابَك شَاه ابن سَامَان الأصْغَرِ الرَّاجعِ بنسَبهِ إلى كُيُومَرَت (b) ابن نقِّيس بن إسْحاق بن إبْراهيم، ويُقالُ إنَّهُم يَرْجعُون بنسَبهم إلى الدَّيْلَم بن بَاسِل بن ضَبَّة بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس وهو خِنْدِف.
وأبو إسْحاق الصَّابِئ الكَاتِب اعْتَمد على الأوَّل، وهو الّذي ذَكَرناهُ في نَسَب المَلِك العَزِيز في هذه التَّرْجَمَة.
(a) الأصل: برسا، وتقدم التعليق عليه.
(b) في أدب الخواص 148: جُيُومرَث.
أنْبَأنَا عَبْد العَزِيْز بن دُلَف المُقْرِئ الخَازِنُ، قال: أخْبَرَتنا الكَاتبِةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج بنت الإبَرِيّ، قالت: أخْبَرَني القَاضِي أبو المَعَالِي عُزَيْزِيّ شَيْذَلَة، قال: أنْشَدَني الرَّئِيسُ أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الكَاتِبُ بقَرْيَة بَشِيْلَى (a) من نَهْر ملكٍ، قال: أنْشَدَني المَلِك العَزِيزُ نَصِيْر أَمِير المُؤْمنِيْنَ ابن المَلِك جَلَال الدَّوْلَة لنَفْسِه: [من الكامل]
أَعَلِيْلَ أنْفَاسِ النَّسِيم تَرَفَّقِ
…
برُسُومِ مَنْبِجَ والرُّبَى من جِلّقِ
وإذا وَنِيْتَ وسِرْتَ في عرَصَاتِها
…
فاستَبْقِ جِدَّتَها الّتي لَم تَخْلَقِ
عَلَّ الزَّمانَ يُعيدُ مَنْبجَ كالَّذي
…
عَانيْتُ أو يُبْقيِ بَقِيَّةَ ما بَقِي
أرْضٌ إذا رقَّ النَّسِيمُ بِجَوِّها
…
سقَّيْتُها مِن دَمْعِي المُتَرَقْرِقِ
سُقْيَا لها ولمُسْعِفِيْنَ صُحبْتُهُمْ
…
زَمَنًا بمَنْبجَ في الزَّمانِ المُوْنِقِ
بَاكَرْتُهُم والصُّبْحُ يرفُلُ في الدُّجَى
…
وجُيُوبُ أقمْصَةِ الدُّجَى لم تُشْقَقِ
والطَّيْرُ بينَ مُصَفِّقٍ مُسْتَبْشِرٍ
…
فَرَحًا وبينَ مُهَوِّمٍ لم يَنْطِقِ
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبَاركُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو البَرَكَات المُظَفَّر بن سَعْد بن مُحَمَّد المَوْصِلِيّ، قال: أنْشَدنا خُرَّزَاد فَيْرُوز المَلِكُ العَزِيزُ لنَفْسِه
(1)
: [من البسيط]
ورَاقصٍ يَسْتَحثُّ الكَفَّ بالقَدَم
…
مُسُتَملَحُ الشَّكْل والأعْطَاف والشِّيَمِ
تَرَى له نَبراتٌ من أنَاملِهِ
…
كأنَّها نَبَضَاتُ البَرْق في الظُّلَمِ
(a) عند ياقوت: بشيلة؛ قرية من قرى نهر عيسى بينها وبين بغداد نحو أربعة أو خمسة أميال. معجم البلدان 1: 439.
_________
(1)
الأبيات الثلاثة في تاريخ الإسلام 9: 634 والوافي بالوفيات 13: 315.
يُرَاجعُ الحَثَّ في الإيْقَاعِ من طَرَب
…
تَرَاجُعَ الرَّجُل الفَأْفَاء في الكَلِمِ
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطيْف بن يُوسُف النَّحويّ في كتابهِ، عن أبي الفَتْح مُحَمَّد بن عبد البَاقِي بن سَلْمَان بن البَطِّيّ، قال: كتب إلينا أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بن أبي نَصْر الحُمَيْديّ، عن غَرْس النِّعْمَة مُحَمَّد بن هِلِّل بن المُحَسِّن بن الصَّابِئ
(1)
، قال: وحَدَّثَنى أَبو [. . .](a) ابن عَاصِم، قال: لمَّا انْحَدَرَ المَلِكُ العَزِيز ابن بُوَيْه قَاصِدًا البَصْرَة، مُحارِبًا لها، وطَامِعًا فيها، شَيَّعْتُه وخَدَمْتُه، وكُنْتُ في جُمْلَهِ الغِلْمَان دَائمًا (b) على رَأْسِه، فأنْشَدَ شَيئًا من شِعْره، وأخَذَ الحاضرُونَ يَصفُونَهُ ويَمْدَحونَهُ، وذَكَرَ فِى شيءٍ منه انْحدَارَهُ هذا وقَصْدهُ ورَجَاء النَّجَاح فيه والثِّقَة بِهِ، فأردْتُ أنْ أُدْخِل نَفْسِي في جُمْلَةِ مَنْ يَمْدَحُه ويَتَكَلَّم بينَ يَدَيْهِ، وكُنْتُ أَحْفَظُ له ثلاثة أبْيَاتٍ فيها ذِكْر الانْحِدَار، فقُلتُ: يا مَوْلَانا، لك في ذِكْر الانْحِدَار شيءٌ حَسَنُ، فقال: ما هو؟ فقُلْتُ
(2)
: [من البسيط]
وما شكرْتُ زَمَاني حين أصْعَدَنِي
…
فكيفَ أشْكرُهُ في حَالِ مُنْحَدَرِي
تَلاعَبَتْ بي أُمُورٌ لو رمينَ (c) بها
…
جَوَانِبَ الفلك الدَّوَّار لَم يَدُرِ
تَزيدُني قَسْوَة (d) الأيَّام طيْبَ ثنًا
…
كأنَّني المِسْكُ بين الفهْرِ والحَجَرِ
فتَطَيَّر من ذلك، وقال: إنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ، لا أحْسَنَ اللَّهُ تعالى جزاءَكَ! فرَجَعتُ إلى نَفْسِي وعَرفْتُ غَلَطِي (e)، وهَرَبْتُ على وَجْهي خَجَلًا، ولنَفْسِي مُعَنِّفًا، وكُسِرَ في هذا الوَجْهِ ورَجَع كما لا يُحبُّ.
(a) بياض في الأصل قدر كلمة، ولم أهتد لمعرفته، وفي كتاب الهفوات: حدثني ابن عاصم.
(b) كذا في الأصل، وفي كتاب غرس النعمة: قائمًا.
(c) غرس النعمة: رميت.
(d) الأصل: قسرة، والمثبت من كتاب غرس النعمة.
(e) غرس النعمة: وعرضت غلطي على نفسي فعرفته.
_________
(1)
غرس النعمة: الهفوات النادرة 133.
(2)
الأبيات لأبي عثمان الخالدي، انظرة التذكرة الحمدونية 5:67.
قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْحِ أحْمَد بن عليّ المَدَائِنِيّ الحَلَبِيِّ من مَجْمُوعهِ الّذي وَهَبْنيْه وَالدِي رحمه الله: تَعْلِيق من شِعْر المَلِك العَزِيز فَنَّاخُسْر ابن المَلِك الأعْظَم شَاهنْشَاه جَلَال الدَّوْلَةِ أبي طَاهِر: [من الكامل]
إنْ كان فَرْعُكَ ذا كَرِيْمَ المَغْرَسِ
…
فاترُكْ مُجَالَسَةَ الذَّليلِ المَعْطِسِ
وابْغِ العُلَى بفَوَارسٍ قد آثَرُوا
…
لَثْمَ الرِّمَاحَ على الظِّبَاءِ الكُنَّسِ
وإذا دَعُوتَهُمُ ليَوْمِ كَرِيهةٍ
…
والخَيْلُ بينَ مُقَعَّصٍ ومُدَعَّسِ
لَبسُوا القُلُوب على الدُّرُوعِ وأقْبَلُوا
…
يتَنازَعُونَ على ذَهَابِ الأنْفُسِ
قال: وله في إِيْوَان كِسْرَى، وأنْشَدَني وَالدِي هذين البَيْتَيْن:[من الكامل]
يا أيُّها المَغْرُور بالدُّنْيا اعْتَبِرْ
…
بدِيَارِ كِسْرَى فَهْيَ مُعْتَبَرُ الوَرِى
عَمَرَتْ زَمَانًا بالمُلُوكِ وأصْبَحَتْ
…
مِن بَعْدِ حَادِثَةِ الزَّمانِ كَمَا تَرَى
قال وله: [من البسيط]
وبالقَطِيْعَةِ مِن بَغْدَادَ لي قَمَرٌ
…
نَفْسِي تقطَّعُ مِن وَجدٍ بِهِ قِطَعَا
أُصَانِعُ القَلْبَ عنْهُ وَهْوَ في يَدِهِ
…
يَجْنِي علَيهِ ولا يُعْنى بما صَنَعَا
أَشْكُو إلى اللَّهِ قَلْبًا في تقَلُّبَهِ
…
فإنَّ قَلْبي وطَرْفي في دَمِي شَرِعَا
يا مَنْ فُؤادِي أَسِيْرٌ في بُيُوتِهِمْ
…
يُعَلُّ فيهِمْ بكَاسَاتِ الأَسَى جُرَعَا
إنِّي لأسْأَلكُمْ بُقْيَا على كَبِدِي
…
فلا تَظُنُّوا سُؤَالِيْها لكُمْ هَلَعَا
إلَّا مَخَافَة أنْ تسْتأصِلُوا بدَمِي
…
فتَهلِكُوا وفُؤادِي في الغَرَام مَعَا
أهْلَ القَطِيْعَةِ هُم أهْلُ القَطِيْعَةِ بل
…
أهْلُ الخِيَانَةِ لا أظْهَرُوا البِدَعَا
هُمُ تصَدَّوا فصَدُّوا بَعْدَ أنْ ملَكُوا
…
وأوْرَثُونا ولَم يَرْثُوا لنا جَزَعًا
إنِّي إذا سَمِحُوا يَوْمًا بقُرْبِهِمُ
…
فلَسْتُ أُفْكِرُ فيمَن شَحَّ أو مَنَعَا
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن عَبْد المَلِك بن الحُسَين الرَّازِيّ بأصْبَهَان بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُمَر بن عَبْد المَلِك بن عُمَر الفَقِيهُ الكَاتِبُ في كتابهِ للمَلِك العَزيز: [من الطويل]
خَلِيليَّ هذا الدَّهْرُ ما تَرَيانِهِ
…
خُمُولُ نَبِيْهٍ أو عُلُوُّ سَفِيْهِ
فإن تَسْأَلُوني ما الّذي قد لَقِيْتُهُ
…
فأيْسَرُ ما لاقيْتُ ما أنا فيْهِ
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحَسَنِ عليِّ بن مُقَلَّد بن عليّ بن مُنْقِذ في تَارِيْخهِ، وذَكَرَ أحْوَالَ سَابِق بن مَحْمُود بن نصْر بن صالح بن مِرْدَاس، وضَعْف أمْره، وقال في أثْناءِ كَلامه: والأَميرُ سَديْد المُلْكِ مُقيم بالجِسْر لعِلْمه أنَّ الدَّاءَ قد أَعْضَل، وكان سَبَب ذلك أَنَّ الأَمِيرَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ ابن المَلِك فَنَّاخُسْرُو، وهو خَاله، قد نَزَلَ قَالَ من مِصْر لمَّا تَوَلَّى ابن أُخْتهِ حَلَب، كانت جَارِيَتُه قد اعْتَقَلَها أميرُ الجُيُوش بَدْر بمِصْر، وأرَادَ يَضْرب رَقَبَهَا لأنَّها كانت أوْفَى طَبَقَةً في الغِنَاء، فكان الأُمَرَاءُ بمِصْر يتَقَاتلُونَ عليها، فقُتِلَ من أجْلها عدَّة من الأُمَرَاءِ، فقال لسَابِق: ما يَقْدر أحدُ يُخَلِّصُ جَارِيتي وأوْلَادِي إلَّا الأَمِيرِ سَدِيْد المُلْك، فإنَّني رأيْتُ له بمِصْر صِيْتًا وَافِيًا، وقال مَنْ بها: لو كان جَعَل مقرَّهُ بمِصْر عِوَض طَرابُلُس كانت الدَّوْلَة في قَبْضَته، فثَقُلَ على الأَمِير إلى أنْ كَتَبَ وسَيَّر إلى أمير الجُيُوش في أمْر الجَارِيَةِ، فقال: واللَّهِ ما أردتُ أُخْرجُها أبدًا من الحَبْس، ولكنِّي لا أردُّ مَسْألَةَ ذلك المُحْتَشم، فسَيَّرَها إلى طَرابُلُسِ إلى دَار جَدِّي، فأحْضِرَها إلى حَلَب ومعها ابناها: دَارَا، وبَهْمَن، فلمَّا حضَرت في مَجْلِس سَابِق أوَّل صوْتٍ غَنَّتْ:[من الكامل]
نَفْسِي فدَاؤكَ كيفَ تَصْبِرُ طَائِعًا
…
عن فِتْيةٍ مثْل البُدُور صِبَاحِ
حَنَّتْ نُفُوسُهُم إليكَ فأعلَنُوا
…
نَفَسًا يَغُلّ مَسَالكَ الأرْوَاحِ
وغَدَوْا لراحهم وذكركَ فيهم
…
أذْكَى وأطْيَبُ من نَسِيم الرَّاحِ
فإذا جَرَتْ خَبَبًا وذِكْرُك فيهم
…
جَعلُوكَ رَيْحَانًا على الأقْدَاحِ
ثُمَّ قامَتْ وقَبَّلت الأرْضَ، وقالت: يا أمير بو الحَسَن، أنا مُصْطنَعَتُكَ وكذلك أوْلَادِي، فتخيَّل مَوْلاها وخَاف أنْ يكُون الأَمِيرُ أبو الحَسَن يُخْرجه من مَنْزِله إذْ كان يَعْلم أنَّهُ من غير شَكلِه، ولا هو منِ رِجَالِ سَدِيد المُلْك، فاشْتَغَل عنهم بحِصْنه وبَلْده كَفَرْ طَاب، يَشْتُو بالجِسْر ويُصيِّفُ بكَفَرْ طَاب إلى أنْ غَلَبَ سَابِق واسْتَحْكم بأسهُ.
وهذه الحِكايَة لا تتعلَّق بالمَلِكِ العَزِيز بل بابْنهِ، وكُتِبَ سَهْوًا، وهي ممَّا يَنْبَغي أنْ يُكْتَبَ في تَرْجَمَةِ سَدِيد المُلْك عليّ بن مُنْقِذ
(1)
.
قَرَأتُ في بعض تَعَالِيْقي أنَّ المَلِك العَزِيز ابن بُوَيْه تُوفِّي في شَهْر رَبِيع الآخر بمَيَّافَارقِين سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة.
خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن -وقيل: ابن يَزِيد- أبو عَوْن الحَرَّانيّ الخِضْرمِيُّ الأُمَوِي مَوْلاهُم
(2)
قيل: هو مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، وقيل: مَوْلَى مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان.
حَدَّثَ عن أنسَ بن مَالِك، وقيل إنَّهُ رَأى أنَسًا ولَم يَسْمَع منهُ، ورَوَى عن مُجَاهِد بن جَبْر، وسَعِيْد بن جُبَيْر، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأبي عبيدة بن عَبْدِ اللَّه بن
(1)
ترجمة سديد الملك في جزء ضائع من أجزاء الكتاب، فأبقيت على الحكاية التي أشار المؤلف إلى غلطه في إدراجها هنا في موضعها.
(2)
توفي سنة 137 هـ، وقيل: 140 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 483، طبقات خليفة 319، تاريخ البخاري الكبير 3: 338، والتاريخ الصغير 1: 357، البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 105، الدولابي: الكنى والأسماء 2: 48، تاريخ الثقات للعجلي 143، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 940 - 943، الثقات لابن حبان 6: 377 (في ترجمة أخيه خصاف)، ابن حبان: كتاب المجروحين =
مَسْعُود، وعِكْرِمَة مَوْلَى ابن عبَّاسٍ، ونَافِع مَوْلَى ابن عُمَر، ومِقْسَم، وكَعْب بن مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ.
رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَسَار، وأبو حَنِيْفَة النُّعْمان بن ثَابِت، وعَطَاء الخُرَاسَانيّ، وسُفْيانُ بن سَعيد الثَّوْرِيّ، وشرِيك بن عَبْد اللَّه القَاضِي، وعبد اللَّه بن أبي نَجِيْح المَكِّيّ، وأبو صَخْر عَبْد الوَارِث بن صَخْر الحِمْصِيّ، وأبو جَعْفَرِ حَكِيم بن نَافِع، ومُعَمَّر بن سُلَيمان الرَّقِّيَّان، وإِسْرَائيِل بن يُونُسَ، وأبو الأَصْبغ عَبْدُ العَزِيْز بن عبد الرَّحْمن (a) البَالِسِيّ، ومُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، ومُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزْوَان، وهارُون بن حَيَّان الرَّقِّيّ، وعَبْدُ الوَاحِد بن زِيَاد، ومَرْوَانُ بن شُجاع، وعَبْد السَّلام بن حَرْبٍ المُلَائِيّ، وعُثْمانُ بن عبد الرَّحْمن، وأبو سَعيد مُحَمَّد بن مُسْلِم بن أبي الوَضَّاح المُؤدِّب، وعَتَّابُ بن بَشِير، وأبو بَدْر شُجاع بن الوَلِيد، وخَطَّاب بن القَاسِم، وعُثْمان بن ساج.
وقَدِمَ الرُّصَافَة على هِشَام بن عَبْدِ المَلِك، وحَدَّثَ بها.
أخْبرَنا الإمَامُ شِهَاب الدِّين أبو نَصْر عُمَر بن مُحَمَّد السُّهرَوَرْديّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُفَ بن مُحَمَّد، وأبو بَكْر عَبْدُ اللَّه بن عُمَر بن عليَّ القُرَشِيّ، وأبو
(a) في تاريخ ابن عساكر 16: 383: عبد اللَّه.
_________
= 1: 287، الجرح والتعديل 3: 403 - 404، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 129 (أرخ وفاته سنة 132 هـ)، الإكمال لابن ماكولا 3: 258، السمعاني: الأنساب 5: 154، تاريخ ابن عساكر 16: 381 - 397 (وفيه: الحضرمي بالحاء)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 463 - 464، تهذيب الكمال 8: 257 - 261، تاريخ الإِسلام 3: 638 - 639، ميزان الاعتدال 1: 653 - 654، سير أعلام النبلاء 6: 145 - 146، الكاشف 1: 280 (أرخ وفاته سنة 136 هـ)، العبر في خبر مَن غبر 1: 143 (أرخ وفاته سنة 137 هـ)، الوافي بالوفيات 13: 335 - 326 (ضبطه بفتح الخاء وكسر الصاد وأرخ وفاته سنة 140 هـ)، تهذب التهذيب 3: 143 - 144، تقريب التهذيب 1: 224 (وفيه: خصيب)، لسان الميزان 2: 397 - 398 (في ترجمة أخيه خصاف)، شذرات الذهب 2: 183، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 142 - 144.
سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديُّونَ، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف الكَاشْغَرِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُسَلَّمِ بن سَلْمَان الإرْيليّ، كُلّهُم بحَلَب، ومُوسَى بن عَبْد القَادر الجِيْلَانيّ البَغْدَاديّ بدمَشْق، وأبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن أبي القاسِم بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيُّ بها، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلْمَان، ح.
قال أبو سَعْد ثَابِتٌ: وأخْبِرَنا أبو بَكْرٍ يَحْيَى بن عَبْد البَاقِي الغَزَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن القَاسِم بن الصَّلْت، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عبدِ الصَّمَد الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأَشَجّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ السَّلام، عن خُصَيْفٍ، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ
(1)
: أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أهَلَّ في دُبُرِ الصَّلاةِ (a).
أخْبَرَنا قاضِي القُضَاةِ أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَينُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللَّهِ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد البَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن فُوْرَك، قال: أخْبَرَنا أبوِ العبَّاس أحْمَدُ بن عَمْرو بن أبي عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن كَاس، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن الرَّبِيْع، قال: حَدَّثَنَا حَامِد بن آدَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفَضْل أنَّهم دَخَلُوا على خُصَيْف مع أبي حَنِيْفَة، فنهَضَ إليهِ، واسْتَقبلهُ، وأقْبَلِ عليه وعَظَّمَهُ، فسَألَهُ أبو حَنِيْفَةَ عن حدِيثِ ابن مَسْعُود في بَيْضِ النَّعَام، فقال خُصَيْفٌ: حدَّثني أبو عُبَيدة، عن عبدِ اللَّه بن مَسْعُود في بَيْضَةِ النَّعَام يُصِيْبُها المُحْرم أنَّ فيه قِيْمَتَهُ.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل أزيد من نصفها، وبياض أيضًا قدر سطرين من الصفحة بعدها.
_________
(1)
الجامع الكبير للترمذي 3: 173 (رقم 819)، وسنن النسائي 5: 162 (رقم 2755).
أخْبَرَنا المُبارَك بن مَزْيَد الخَوَّاصُ ببَغْدَاد، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ نَصْرُ اللَّهِ بن عبد الرَّحْمن القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجبَار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الأبْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَرُوبَة الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَارِث البَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَلَمَةَ، عن خُصَيْفٍ، قال: رأيْتُ أنَسَ بن مَالِكٍ، ح.
قال أبو عَرُوبَة: وحَدَّثَنَا أحْمَدُ بن بَكَّار، وسُليْمان بن عُمَر بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا عَتَّابُ، عن خُصَيْفٍ، قال: كُنْتُ مع مُجَاهِد فرأيْتُ أنَسَ بن مَالِكٍ، فأردتُ أنْ آتيَهُ فَمنَعني مُجَاهِدٌ، فقال: لا تَذْهَبْ إليه فإنَّهُ يرخصُ في شُرْب الطّلَاء، فلَم ألْقَهُ ولم آتهِ.
قال عَتَّابٌ: قُلتُ لخُصَيْفٍ: ما كان أحوَجَكَ إلي أنْ تُضْرب كما يُضْربُ الصَّبِيّ الصَّبِيّ بالدِّرَّة؛ تَدَعُ أنَسَ بن مَالِك صَاحِب رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وتُقِيم على كَلَام مُجَاهِدٍ!.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام أنَّ الحافِظ أبا العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ كَتَبَ إليهم: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا عَطَاء الخُرَاسَانيّ، قال: أقبلتُ أنا ومَكْحُول نُريدُ هِشَام بن عَبْدِ المَلِك وهو بالرُّصَافَة يَوْمئذٍ، فانْتَهَيْنَا إلى وَاسِط الرَّقَّة، فإذا نحنُ بخُصَيْف بن عبد الرَّحْمن يُحَدِّثُ، فوَقَفْنَا عليه، فقُلْنا: حَدِّثنا يَرْحَمكَ اللَّهُ، فتأمَّلَنَا، ثُمَّ قال: العُلَمَاء إذا ما عُرِفُوا غَابُوا، وإذا ما غابُوا طُلِبُوا، وإذا ما طُلبُوا هَرَبُوا، قال: فالْتَفَتَ أحَدُنا إلى صَاحِبهِ، فقال: مَوْعِظَة، فأكْفَينا رُؤوسَ رَوَاحلِنا فرَجَعْنا إلى مَنَازِلنا، ولَم نَأْتِ هِشَامًا.
أخْبَرَنا سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي عَبْدُ الخَالِق بن عبد الصَّمَد بن عليّ بن الحُسَين بن مَسْعُود بن البَدَن، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمّد بن يُوسُف بن العَلَّاف الوَاعِظ، قال: أخْبَرَنا أبي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد، [قال: أخْبَرنا أبو عليِّ مُحمّد] (a) بن أحْمَد بن الحَسَن بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب إسْحاقُ بن إبْراهِم بن أبي حَسَّان الأنْمَاطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: حَدّثَني عليّ بن أبي الحُرّ (b) ومُحَمَّد بن مَنْصُور، قالا: خَرَجَ مَكْحُول وعَطَاء إلى هِشَام، فلمَّا دَخَلُوا الرُّصَافَة، أنَاخُوا رَوَاحلَهُم، ودَخَلُوا المَسْجِد يَرْكعُونَ، فإذا بخُصيْفٍ يُحَدِّثُ، فلمَّا رآهمُا قال: كان العُلَمَاء إذا عَلِمُوا عَمِلُوا، فإذا عَمِلُوا عُرِفُوا، فإذا عُرفُوا هَرَبُوا، قال: فقال أحدُهما لصَاحِبهِ: ما يَعْني إلَّا لنا، قال: فرَكبُوا رَوَاحلهُم ورجَعُوا ولَم يَدْخلُوا على هِشَامٍ.
قال أحمدُ: فَحَدَّثَني بعضُ مَشْيَخَتنا، قال: فبَلَغَ ذلك هِشَامًا، فبَعَثَ بالجَائِزَة في طَلَبهم.
(a) ما بين الحاصرتين استكمال من تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمته في: تاريخ الإِسلام 8: 138، وشذرات الذهب 4:307.
(b) في تاريخ ابن عساكر الحسن، وانظر ترجمته في حلية الأولياء لأبي نعيم 8:334.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 384.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخْبَرَنا المُبارَكُ بن مَزْيَد الخَوَّاصُ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات نَصْرُ اللَّه بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الحبار، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الأبْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَرُوبَة الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن يَحْيَى بن كَثِيْر، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن أبي شُعيْب، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَجَجْتُ أنا ومُوسَى بن أَعْيْنَ مع عَبْد الكَريم وخُصَيْف، فلمَّا وَصَلْنا إلى الكُوفَة، اجْتَمَع النَّاسُ على خُصَيْف وعَبْد الكَريم، فكانُوا على عَبْدِ الكَريم أكْثَر، فقال خُصَيْف: لقد طَلَبتُ العِلْم وإنَّ له لَجُمَّةً.
وقال: أخْبَرَنا أبو عَرُوبَة، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين -يعني أحْمَد بن سُلَيمان الرُّهَاوِيّ- وأبو فَرْوَةَ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد الرَّحْمن، قال: رأيْتُ على خُصَيْفٍ ثِيَاب سُود، قُلتُ: أيّ شيءٍ من ثِيَابهِ؟ قال: كُلّها. زادَ أبو فَرْوَة: وكان على بَيْت المَال.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَاقِدِيّ، قال: كان خُصَيْف وخِصَاف ومِخْصَف وعَبْد الكَريم الجَزَرِيّ مَوَالِي مُعاوِيَة، كانُوا من الخَضَارِمَةِ، قال أبي: كان خِصَاف أفْضَلَهُم وأعْبَدَهُم.
قال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبوِ مُحَمَّد يوسُف بن رَبَاح، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد المُهَنْدِس، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول في تَسْمِيَةِ أهْلِ الجَزِيْرَة: خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك المُؤذِّن، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبَّاس بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول: خُصَيْفٌ كُنْيَتُهُ أبو عَوْن.
كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاءِ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عِصْمَة، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن زِيَاد، قال: سَمِعْتُ أَحْمَد بن حَنْبَل يَقُول: سَالِم الأفْطَس، وعَبْد الكَريم الجَزَرِيّ، وعليّ بن بَذِيْمَة، وخُصَيْفٌ، كُلّهُم من أهْلِ حَرَّان. قال: وإنْ كُنَّا نُحبُّ خُصَيْفًا فإنَّ سَالِم أثْبَتُ حَدِيثًا، وكان سَالِم يقول بالإرْجَاء.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن البَقَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ نُوح بن حَبِيْب القُوْمسِيّ يَقُول: خُصَيْفُ الجَزَرِيّ، هو خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن
(1)
الكامل لابن عدي 3: 940.
مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن، أبو عَوْن، وقال بَعْضُهم: ابن يَزِيد الجَزَرِيّ، سَمِعَ سَعيد بن جُبَيْر، ومُجَاهِدًا، رَوَى عنهُ الثَّوْرِيّ، وإِسْرَائيِل، كَنَّاه مُحَمَّد بن عُبَيْد، عن عَتَّاب بن بَشِير، عن خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن: أبو عَوْن، يُقال مات سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة، مَوْلَى مُعاوِيَة.
أخْبَرَنا سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج
(3)
يَقُول: أبو عَوْن خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن الجَزَرِيّ، سَمعَ مُجَاهِدًا، وعِكْرِمَة، رَوَى عنهُ عَتَّاب، ومُحَمَّد بن سَلَمَة.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللَّه بن المُقَيِّر، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْد اللَّه الدَّقَّاق والمُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قالا: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ الطَّناجِيريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن السَّرِيّ الدَّارِمِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن بَدْر بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن هَارُون الحافِظ، قال في الطَّبَقَةِ الثَّالثة من الأسْماءِ المُنْفردَة
(4)
: خُصيْفُ الجَزَرِيّ، رَوَى عنهُ الثَّوْرِيّ، وإِسْرَائِيل، وعَتَّاب بن بَشِير، ومُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ.
وقال ابنُ نَاصِر: أنْبَأنَا أبو طَاهِر بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ اللَّه بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْرٍ مُحَمَّد بن
(1)
التاريخ الكبير 3: 228.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 386.
(3)
الكنى والأسماء 1: 605.
(4)
البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 105.
أحْمَد الدُّولَابِيّ
(1)
، قال: أبو عَوْن خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن الجَزَرِيّ.
حدَّثنا إبْراهيم بن يَعْقُوبَ، قال: حدَّثَني النُّفَيْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَتَّاب بن بَشِير، عن خُصَيْفٍ، قال: قال لي مُجَاهِد: أنا أُحبُّكَ يا أبا عَوْن في اللَّهِ عز وجل.
وقال ابنُ نَاصِر: أنْبَأنَا جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد اللَّه بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْب بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريمِ بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي أبو عبد الرَّحمن النَّسَائِيّ، قال: أبو عَوْن خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن، جَزَرِيٌّ صَالِحٌ، وقيل: ابن يَزِيد. أخْبَرَني سُليْمان بن أشْعَث، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: خُصَيْفٌ ثِقَةٌ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر رَوَاج بمَنْظَرة سَيْف الإسْلَام بين مِصْر والقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو صَادِق مُرْشِد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد الخَلَّال، قال: أَخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب بن علي النَّسَوِيّ، قال: خُصَيْفٌ ليسَ بالقَوِيّ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام، عن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم، قال: أبو عَوْن خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن -ويُقال: ابنُ يَزِيد- الخِضْرمِيّ القُرَشِيّ الجَزَرِيّ الحَرَّانيّ، مَوْلَى عُثْمان أو مُعاوِيَة، رَأى أنَس بن مَالِك، وسَمِعَ سَعيدَ بن جُبَيْر، وعِكْرِمَة، ليسَ بالقَوِيّ عندَهُم. روَى عنهُ عَبْد اللَّه بن أبي نَجِيْح الثَّقَفِيّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق بن يَسَار، وسُفْيان الثَّوْرِيّ.
(1)
الكنى للدولابي 2: 48.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعيد الحافِظ، قال: فأمَّا الخِضْرمِيُّ -بالخَاء المُعْجَمة المَجْرُورة، وضادٍ مُعْجَمةٍ- فهم عَدَدٌ يكُونُونَ بأرْض الجَزِيْرَة، منهم خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن أبو عَوْن، وأخُوه خِصَاف.
قال عَبْد الكَريم بن حَمْزَة: أنْبَأنَا أبو نَصْر عليّ بن هِبَةِ اللَّه بن مَاكُولا
(1)
، قال: أمَّا الخِضْرمِيُّ -بكَسْر الخَاء وسُكُون الضَّادِ المُعْجَمة- خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن، أبو عبد الرَّحْمن.
وقال غيره: أصْلُهم من قَرْيَةٍ من قُرَى اليَمَامَةِ يُقال لها: خِضْرمَة.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن -ويقال: ابنُ يَزِيد- أبو عَوْن الجَزَرِيّ الحَرَّانيّ الخِضْرمِيّ (a)، مَوْلَى بني أُمَيَّة، أخو خِصَاف، وكانا تَوْأمًا، وخُصَيْفُ أكْبَرهمُا.
حَدَّثَ عن أنَس بن مَالِك، وسَعِيْد بن جُبَيْر، ومُجَاهِد، وأبي عُبَيْدَة بن عَبْد اللَّه بن مَسْعُود، ومِقْسَم، وعِكْرِمَة مَوْلَى ابن عبَّاسٍ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز.
رَوَى عنهُ عَبْدُ اللَّه بن أبي نَجِيْح المَكِّيّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق صَاحِب المغَازِي، وابن جُرَيْج، وإِسْرَائِيل بن يُونُس، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وعَتَّاب بن بَشِير، ومُعَمَّر (b) بن سُلَيمان الرَّقِّيّ، وهَارُون بن حَيَّان الرَّقِّيّ، وشَرِيك بن عَبْد اللَّه القَاضِي، ومُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزْوَان، وأبو سَعيد مُحَمَّد بن مُسْلِم بن أبي الوَضَّاحَ المُؤدِّب، وعَبْد
(a) في نشرة ابن عساكر: الحضرمي؛ بالحاء!
(b) جوّده في نشرة ابن عساكر بالتخفيف، وصوابه بالتثقيل.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 3: 258.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 381 - 382.
الوَاحِد بن زِيَاد، ومَرْوَان بن شُجاعٍ، وعَبْد العَزِيْز بن عبد الرَّحْمن (a) أبو الأَصْبَغ البَالِسِيّ، ومُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، وغيرهم.
وقَدِمَ على عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، وقَدِمَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك الرُّصَافَة.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَتَنا أُمُّ البَهَاء فاطمَةُ بنتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن، قالت: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل عُبَيد اللَّه بن سَعْد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنا عَمِّي (b)، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن ابن إسْحاق، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللَّه بن أبي نَجِيْح المَكِّيّ أنَّهُ حدَّثَهُ خُصَيْفُ؛ رَجُلٌ من أهْلِ الجَزِيْرَة، قال ابن أبي نَجِيْح: وكان امْرءًا من صَالِحي النَّاسِ فيما يُعْلَم.
أنْبَأنَا أحْمَدُ بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود الثَّقَفِيّ كتابةً، عن أبي بَكْر الخَطِيب
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَمِيْروْيَه، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن إِدْرِيس، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن عَمَّار يقُول: خُصَيْف الجَزَرِيّ، وما سَمِعْتُ أحَدًا تَرَكه.
قال الخَطِيبُ
(3)
: خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن الخِضْرمِيّ، أبو عَوْن، رَأى أنَسَ بن مَالِك، وحَدَّثَ عمَّن بَعْدَهُ، رَوَى عنهُ مَرْوَان بن شُجاع الجَزَرِيّ.
(a) ابن عساكر عبد اللَّه، وتقدم لابن العديم تقييد اسمه على النحو المثبت.
(b) سقط هذا الإسناد عن عم عبيد اللَّه من نشرة تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 388.
(2)
لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي، وهو في تاريخ ابن عساكر بالسند المذكور 16:388.
(3)
لم أجده في كتب الخطيب البغدادي، ولم يترجم له في تاريخه، وتقله ابن عساكر عنه في تاريخه 16:387.
أنْبَأنَا عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم -يعني: صالح بن أحْمَد بن عَبْد اللَّه العِجْلِيّ- قال: حَدَّثَني أبي
(1)
، قال: وخُصَيْف الجَزَرِيّ ثِقَةٌ.
أنْبَأنَا سَعيدُ بن هاشِمِ الخَطِيبُ، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ حَمْدُ بن عَبْدِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: ذَكَرَ أبي، عن إسْحاق بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ قال: خُصَيْفٌ صالِحٌ.
قال
(3)
: وسَمِعْتُ أبي يَقُول: خُصَيْفٌ صالِحٌ يَحْفَظ (a)، وتُكُلِّم في سُوء حِفْظِه، وسُئل أبو زُرْعَة عن خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن فقال: ثِقَةٌ.
كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبرنا أبو المَحاسِن البَرْمكيّ، قال: أخبَرنا أبو القَاسِم الإسْماعِيليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن عَدِيّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن سَعيد، قال: قُلْتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن: فعَبْد الكَريم أحبُّ إليك أو خُصَيْف؟ قال: عَبْدُ الكَريم أحبّ إليَّ وخُصَيْفٌ ليسَ به بأسٌ.
قال أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(5)
: ولخُصَيْف نُسَخُ وأحَادِيْث كَثِيْرة، وإذا حَدَّثَ عن خُصَيْفٍ ثِقَةُ فلا بأسَ بحَدِيثهِ وبرِوَاياته إلَّا أنْ يَروى عنه (b) عَبْدُ العَزِيْز بن عبد
(a) كذا في الأصل، وفي الجرح والتعديل: يخلط!.
(b) ليست في كامل ابن عدي.
_________
(1)
العجلي: تاريخ الثقات 143.
(2)
الجرح والتعديل 3: 403.
(3)
الجرح والتعديل 3: 403 - 404.
(4)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 941.
(5)
ابن عدي: الكامل 3: 942.
الرَّحْمن البَالِسِيّ، يُكْنَى أبا الأَصْبغَ، فإنَّ رِوَاياته بَوَاطِيْل، والبَلَاءُ من عَبْد العَزِيْز (a) لا من خُصَيْف، وتُرْوى عنه نُسْخَة عن أنَس بن مَالِكٍ، وعن جَمَاعَة من التَّابِعِين، وقد ذكر (b) عن خُصَيْفٍ أنَّهُ تَرَكَ أنَس بن مَالِكٍ ولَم يَسْمَع منه، ولَزِمَ مُجَاهِد.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر، قال: حدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن خُصَيْف، جَزَرِيُّ، يُكْنَى أبا عَوْن، لا بَأْسَ بهِ.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزيْز، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الرَّبَعِيّ، ورشَاءُ بن نَظِيف، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسُف بن سعيد بن خِرَاشٍ، قال: خُصَيْف الجَزَرِيّ لا بَأْسَ بهِ.
وقال أبو القَاسِم
(3)
: قَرَأتُ على أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: قُرئ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن إسْحاق، وسُئِلَ عن خُصَيْفٍ الجَزَرِيّ، فقال: لا يُحْتجُّ بحَدِيثه.
وقال
(4)
: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن
(a) ابن عدي: من عند عبد العزيز.
(b) ابن عدي: ذكرت.
_________
(1)
المعرفة والتاريخ 3: 154.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 389.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 394.
(4)
تاريخ ابن عساكر 16: 394.
عَبْد اللَّه بن هَرِيْسَة، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد البَرْقَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ يقُول: خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن جَزَرِيٌّ، يُعْتبر به، يهم (a).
كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد اللَّه بن عَدِيّ
(1)
، قال: كَتَبَ إليَّ ابن أيُّوب: أخْبَرَنا ابن حُمَيْد، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، قال: كان خُصَيْف الجَزَرِيّ تكلَّم (b) في الإرْجَاءِ، رَوَى بآخرة أحَادِيْثَ مُنْكَرَةً، وما أرَى أَنَّها (c) من قِبَل خُصَيف. قيل له: فكيف حَدِيث خُصَيْف؟ قال: عند أصْحَاب الحَدِيْث عَبْد الكَريم أحْمَدُ منه، وهو أثْبَتُ من خُصَيْف في الحَدِيْثِ، وسَالَم الأفْطَس أقْوَى في الحَدِيْث من خُصَيْف، وعَبْد الكَريم صَاحِب سُنَّة وليس هو فَوْق خُصَيْف (d)، قال: وخُصَيْف أضْعَفُهم.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عِصْمَة، قال: حَدَّثَنَا أبو طَالِب، قال: سُئِلَ أحْمَد بن حَنْبَل عن عَتَّاب بن بَشِير، قال: أرْجُو أنْ لا يكُون بهِ بأس، رَوى بآخرة أحَادِيْثَ مُنْكَرَةً، ما أرَى أنَّها إلَّا من قِبَل خُصَيْف. قيل له: فكيف حَدِيث خُصَيْف؟ قال: عند أصْحَاب الحَدِيْث عَبْد الكَريم أحْمَدُ منه عندَهُم، وهو أَثْبَتُ من خُصَيْفٍ في الحَدِيْث، وسَالِم الأفْطَس أقْوَى من
(a) أشكل على المؤلف رسم قول الدارقطني في هذه الرواية، فرسمه حسبما وجده مهملًا، هكذا:"ىعىر ىه ىهم"، وأشَّر فوقه بحرف "صـ"، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16: 394، وتهذيب التهذيب 3:144.
(b) ابن عدي: يتكلم.
(c) ابن عدي: وما أرى إِلا أنها!.
(d) ابن عدي: فوق سالم. وانظر الرواية بعده.
_________
(1)
الكامل لابن عدي 3: 940.
(2)
الكامل لابن عدي 3: 940.
خُصَيْف، وعَبْدُ الكَريم صَاحِب سُنَّة، وليس هو فَوْق سَالِم. قال: خُصَيْف أضْعَفُهم؟ فشَنَّجَ بين عَيْنيه (a) يُضَعِّفَهُ.
قال أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(1)
: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه -يعني: ابن أحْمَد- عن أَبِيهِ، قال: خُصَيْفٌ ليسَ هو بقَوِيّ في الحَدِيْث.
وأخْبَرَنا به عَبْد البرّ بن أبي العَلَاء في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، فذَكَرهُ بإسْنَادهِ.
وأنْبَأنَا ابنُ طَبَرْزَد، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا إبْراهيم البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الدَّقَّاقُ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن هَانئ، عن أحْمَد بن حَنْبَل، وذَكَرنا خُصَيْفًا في حَدِيثٍ، فقال: خُصَيْف! كأنَّهُ يُضَعِّفُهُ.
أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنَا يُوسُفُ بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن عَمْرو العُقَيْلِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد، قال: سَألْتُ أبي عن خُصَيْف، فقال: ليسَ هو بقَوِيّ في الحَدِيْث، قال: وسَمِعْتُه مرَّةً أُخْرى يَقُول: خُصَيْفٌ ليسَ بذاكَ، قال: وسَمِعْتُ أبي يَقُول: خُصَيْفٌ شَدِيد الاضْطِرَاب في المُسْنَد.
وقال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر العُقَيْلِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المَدِيْنِيّ، قال: قُلْتُ ليَحْيَى: أيُّما أعْجَب إليكَ:
(a) عبارة ابن عدي في الكامل: فشيخ بَنِي عُيَينة يُضعِّفه!.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 940.
(2)
الضعفاء الكبير 2: 33، وتاريخ ابن عساكر 16:393.
(3)
الضعفاء الكبير 2: 31، وفي تاريخ ابن عساكر 16:391.
خُصَيْف عن مُجَاهِد عن ابن عبَّاس: الحَجُّ عَرَفَة، أو قَتَادَة عن زُرَارَة عن ابن عبَّاس؟ قال: قَتَادَة عن زُرَارَة. قُلْتُ ليَحْيَى: سَمِعَ زُرَارَة من ابن عبَّاس؟ قال: ليس فيها شيء، سَمِعْتُ، ولكنَّها إسْنَادٌ، قُلتُ: فمُجَاهِدٌ عن ابن عبَّاسٍ؟ قال: من دُون مُجَاهِد، قُلتُ: خُصَيْف؟ قال: لو كان دُونَهُ مَنْصُور، إنَّهُ خُصَيْفٌ. ثمّ قال يَحْيَى: ما كتبتُ عن سُفْيان عنِ خُصَيْفٍ بالكُوفَة شيئًا، إنَّما كَتبتُ عنه عن خُصيْفٍ بآخرةٍ، كأنَّ يَحْيَى ضَعَّف خُصَيْفًا.
قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو العُقَيْلِيِّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليِّ الأبَّارُ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن شُجاعٍ، قال: قُلْتُ لعليّ: كيف ذكرت (a) عن يَحْيَى؟ قال: قال لي يَحْيَى، وقُلْتُ لهُ: زرَارَة عن ابن عبَّاسٍ أحبّ إليك أو خُصَيْف، عن مُجَاهِد، عن ابن عبّاسٍ، قال: الحجُّ عَرَفَات (b)؟ فقال: زُرَارَة. قال: فقال له (c) يَحْيَى: لم نكُن نَكْتُب (d) حَدِيث خُصيْفٍ في ذلك الزَّمان.
قال: وحَدَّثَنَا العُقَيْلِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا صالِح، قال: حَدَّثَنَا عليّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: كُنَّا تلك الأيَّام نَجْتَنبُ خُصَيْفًا.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبْد اللَّه بن عَدِيّ
(3)
، قَال: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَني صالح، قال: حَدَّثَنَا عليّ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن سَعيد يَقُول: ما كَتَبْتُ عن خُصَيْفٍ (e)
(a) الضعفاء الكبير: كتبت.
(b) الضعفا، الكبير: الحج عرفة.
(c) الضعفاء الكبير: لي.
(d) الضعفاء الكبير: يكن يكتب.
(e) ابن عدي: ما كتبت عن سفيان عن خصيف.
_________
(1)
الضعفاء الكبير 2: 31، وتاريخ ابن عساكر 16:392.
(2)
الضعفاء الكبير 2: 32، تاريخ ابن عساكر 16:392.
(3)
الكامل لابن عدي 3: 940، وانظر تاريخ ابن عساكر 16:390.
بالكُوفَة شيئًا، إنَّما كَتبتُ عنهُ عن خُصَيْفٍ بآخرةٍ، كأنَّ يَحْيَى ضَعَّفَ (a) خُصَيْفًا.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنَا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: وحَدِيث خُصَيْف فيه ضَعْفٌ، وقد قاله القَطَّان فيما حُكي عنه.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْلُ بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل عُمَرُ بن عُبَيْدِ اللَّه، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا عليّ -هو ابن المَدِيْنِيّ- قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن سَعيد يقُول لنا تلك الأيَّام: نَجْتَنبُ حَدِيثَ خُصَيْف.
وقال إسْمَاعِيْل بن أحْمَد: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة (b)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن بَكَّار والشَّهِيْدِيّ -يعني: إسْحَاق بن إبْراهيم بن حَبيْب بن الشَّهِيْد- قالا: حَدَّثَنَا عَتَّاب بن بَشِير، عن خُصَيْف، قال: رأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المَنَام، فعَرَضْتُ عليه تَشَهُّدَ ابن مَسْعُود، فقال: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: نِعْم السُّنَّةُ سُنَّةُ عَبْدِ اللَّه، نِعْم السُّنَّة سُنَّةُ عَبْد اللَّه، يقُولِ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا قُلْتَ: أشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّه، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُه، فقُل: اللَّهُمّ إنِّي أسْألُكَ الجَنَّة وأعُوذ بكَ من النَّار.
وقال إسْمَاعِيْل بن أحْمَد: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو
(a) ابن عدي: كان يَحْيَى يضعِّف.
(b) في الكامل لابن عدي: أبو عروبة.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 941.
الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن المُثَنَّى النَّخَعِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ السَّلام بن حَرْب أنَّ خُصَيْفًا قال عند المَوْتِ: ليَجيء مَلَكُ المَوْت إذا شَاءَ! اللَّهُمَّ إنَّكَ لتَعْلَمُ أنِّي أُحبُّكَ وأُحبُّ رَسُولَكَ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن عَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنَا أبو سُليْمان بن أبي مُحَمَّد الرَّبَعِيَّ، قال: وفيها -يعني سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومائة- ماتَ خُصَيْف الجَزَرِيّ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الأزْهَريّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بِن العبَّاسِ الخَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُوسَى مُحَمَّد بن المُثَنَّى، قال: سَنَة ثِنْتَيْن وثَلاثين فيها ماتَ خُصَيْف.
وقال أبو بَكْر الخطيبُ
(3)
: أخْبَرَنَا ابن رِزْق، قال: أخْبَرَنَا ابن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد اللَّه، قال: بلَغَني عن أبي جَعْفَر السُّوَيْدِيّ، قال: ماتَ خُصَيْف سَنَة ستٍّ وثلاثين.
أخْبَرَنَا المُبارَكُ بن مَزْيَد البَغْدَاديُّ بها، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنَا أبو السَّعَادَاتِ بن عبد الرَّحْمن بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عِليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن صالح الأبْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَرُوبَة
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المحتضرين) 3: 823، باختلاف في الرواية.
(2)
لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب البغدادي، وهو في تاريخ ابن عساكر 16: 395 بالسند المذكور.
(3)
لم أقف عليه عد الخطيب البغدادي، وانظر تاريخ ابن عساكر 16:395.
الحُسَين بن مُحَمَّد بن مَوْدُود الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن يَحْيَى بن كَثِيْر، قال: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ يَقُول: كُنْيَتُهُ أبو عَوْن -يعني: خُصَيْفًا- وماتَ بالعِرَاق سَنَة ستٍّ وثَلاثينِ ومائة.
أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن، ويُكْنَى أبا عَوْن، من أهْلِ حَرَّان، مَوْلَى لعُثْمان بن عَفَّان أو لمُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، ماتَ سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة في أوَّل خِلَافَة أبي جَعْفَرٍ، وكانَ ثِقَةً.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد اللَّه يَحْيَى بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد، قال: أنْبَأنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن القَاسِم بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا عَتَّاب بن بَشِير، قال: ماتَ خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمنِ في سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة. قال ابنُ أبَي خَيْثَمَة: بَلَغَني أنَّ كُنْيَة خُصَيْفٍ أبو عَوْن.
أخْبَرَنَا أبو عليِّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، وسَمِعْتُ منه الكَثِيْرَ بِالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُبارَكُ بن عَبْد الجبار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن الجَزَرِيّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّة، يُكْنَى أبا عون، يعني: ماتَ فيها.
(1)
طبقات ابن سعد 7: 482، وتاريخ ابن عساكر 16: 395 - 396.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك، إجَازَهً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنَا أبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنَا الأحْوَص بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: وفيها -يعني: سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة- ماتَ أبو عَوْن خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن.
قُلتُ: والأكْثَرُونَ على هذا، وكذلك ذَكَرَ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ. ويُؤيِّد ذلك ما أنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم في بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، قال: قال الهَيْثَم: ماتَ خِصَاف الجُعْفِيّ زَمن أبي العبَّاس، ومات خُصيْف الحَنَفِيّ وبينهما قريبٌ.
وأظُنُّ أنَّه الجَزَرِيّ في المَوضِعَين وقد تَصَحَّفَ.
أنْبَأنَا سَعيدُ بن هاشِم، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَني الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: كَتَبَ إليَّ مُحَمَّد بن إبْراهيم الجُوْريّ من شيْرَاز أنَّ أحْمَد بن حَمْدَان بن الخَضر أخْبَرَهُم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ في يُونُس الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو حَسَّان الزِّيَاديَّ، قال: سنَة ثَمانٍ وثَلاثين ومائة، مات خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن من أهْلِ حَرَّان، مَوْلَى مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، يُكْنَى أبا عَوْن.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، [قال]: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّص
(1)
التاريخ الكبير 3: 228.
(2)
لم أقف عليه في تاريخ بغداد، وهو في تاريخ ابن عساكر 16: 396 - 397.
إجَازَةً، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: أخْبَرَني أبيّ، قال: حَدَّثَني أبو عُبَيْد القَاسِمِ بن سَلَّامٍ، قال: سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين ومائة، تُوفِّي فيها خُصَيْف بن عبد الرَّحْمن مَوْلَى آل أبي سُفْيان بالجَزِيْرَة.
أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن إسْحاق النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط
(2)
، قال: وفيها -يعني: سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين ومائة-، مات خُصَيْفٌ.
قُلتُ: وقد رَوَى أبو حَفْص الأهْوَازِيّ عن خَلِيفَة بن خَيَّاط أنَّهُ تُوفِّي سَنَة تِسْعٍ وثلاثين، وهو قَوْل لَم يُنْقَل عن غيره، وأظُنُّ أنَّهُ تَصَحَّفَ سَبعْ بتِسْع، وكيفما كان فقد اخْتلَف قَوْلُه.
أنْبَأنَا بذلك أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن الحَسَن، وأبو الفَضْل بن خَيْرون، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط
(3)
، قال: خُصَيْفُ بن عبد الرَّحْمن، مَوْلَى لبني أُمَيَّة، ماتَ سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين ومائة، حَرَّانيٌّ.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 396.
(2)
طبقات خليفة 319.
(3)
طبقات خليفة 319.
ذِكْرُ مِنَ اسْمُهُ الْخَضِر
الْخَضِرُ بن آدَمِ عليه السلام لصُلْبهِ، وَقِيلَ: هُوَ خَضِرُونَ بن قَابِيل بن آدَمِ، وَقِيلَ: خَضِرُونَ بن عَمْيَائل بن اليَفز بن العِيْص بن إسْحَاق بن إبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: هُوَ الْخَضِرُ بن مَلْكَانِ بن فَالَغ بن عَابِرُ بن شَالَخ بن شَالم بن أَرْفَخْشَد بن سَام بن نُوْح عليه السلام
(1)
وَعَنْ وَهْب بن مُنَبِّهٍ أَنَّ اسْمَ الْخَضِرِ بَلْيَا، وَقِيلَ: إِبليا (a) بن مَلْكَان بن فَالِغَ بن عَابَر بن شَالَخ بن أَرْفَخْشَد بن سَام بن نُوْحٍ عليه السلام، وَقِيلَ: اسْمُهُ إرْمَيا بن حَلْقِيَا.
وَذَكَرَ إسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْس، قَالَ: اسْمُ الْخَضِر -فِيمَا بَلَغَنَا واللَّهُ أَعْلَمُ- الْمُعَمَّرَ بن مَالِك بن عَبْدِ اللَّهِ بن نَصْر بن الْأَزْدِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الْخَضِر مِنْ وَلَدِ الْعِيصُ بن إسْحاق بن إبْرَاهِيم، وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَهُ إرْمَيا بن حَلِيْقَا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الْفَرَسِ.
(a) الباء مهملة في الأصلِ، وتأتي فيما بعد على الوجه المثبت، وفي تاريخ ابن عساکر 16: 399: إيليا، وعند سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 127: بليا.
_________
(1)
ترجمته في: المحبر لابن حبيب 388، 392، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 29، 258، المعارف لابن قتيبة 41 - 42، تاريخ الطبري 1: 365 - 376. المسعودي: مروج الذهب 1: 53، 69، 2: 193، التنبيه 200، تاريخ ابن عساكر 16: 399 - 434، ابن الجوزي: المنتظم 1: 357 - 365، ابن الأثير: الكامل: 1: 156 - 163، 263، 287، 2: 476، 4: 557 - 558، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 127 - 131، ابن كثير: البداية والنهاية 1: 295 - 299، 325 - 337، الإصابة 2: 114 - 137، المقريزي: المقفي الكبير 3: 787 - 790، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 75، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 144 - 164.
وانظر عن ضبط الأسماء الواردة في سياقة اسمه في المقفي 1: 13 - 15، 3: 787 - 788.
وهو صَاحِب مُوسَى عليه السلام، دَخَل معه أنْطَاكِيَة في قَوْل ابن عبَّاسٍ
(1)
رضي الله عنه في تَفْسِير قَوْلهِ تعالَى {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا}
(2)
قال: هي أنْطَاكِيَة، وقد ذَكَرنا ذلك في باب ذكْر أنْطَاكِيَة، وفي ذِكْر صَخْرة مُوسَى في مُقدِّمَةِ الكتاب
(3)
. وفي ظَاهِر حَلَب مَسْجِدٌ يُقالُ إنَّهُ مَسْجِد الخَضِر عليه السلام.
وقد نُقِلَ أنَّهُ اجْتَمَع بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ حَدِيثًا، رَوَاهُ عنه أبو المُظَفَّر الخَيَّام السَّمَرْقَنْديُّ يُكْتَبُ للتَّعَجُّب، وقيل: إنَّ اللَّه بَعَثَهُ نَبيًّا بعد أَيُّوب عليه السلام.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل السَّاوِيّ بنيْسَابُور، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن عبد الرَّحْمن القَاضِي بخَرَق، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الثَّابِتِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الفَزَارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الدَّنْدَانَقَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر الخَيَّام السَّمَرْقَنْديّ، قال: حَدَّثَني الخَضِرُ وإلْيَاس عليهما السلام، قالا: سَمِعْنا رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّ العَالِم بين ظَهْرَاني الجُهَّالِ كالحَيِّ يَمْشِي على ظُهُور الأمْوَات.
أخْبَرنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبوِ القَاسِمَ هِبَةُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن غَيْلان، قال: أَخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى
(1)
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس 316.
(2)
سورة الكهف، من الآية 77.
(3)
انظر الجزء الأول من الكتاب.
المُزَكِّي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسْحَاق بن خُزَيْمَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بنِ زَيْدٍ أَملَّهُ علينا بعَبَّادَان، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن رَزِيْن، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ، عن ابن عبَّاسٍ
(1)
، قال: ولا أعْلمُه إلَّا مَرْفُوعًا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: يَلْتقي الخَضِر وإلْيَاس في كُلِّ عامٍ في المَوْسِم، فيَحْلِق كُلّ واحدٍ منهما رأس صَاحِبهِ، ويتفرَّقان عن هؤلاء الكَلِمَاتِ: بِسْم اللَّهِ، مَا شَاء اللَّهُ لا يَسُوقُ الخَيْر إلَّا اللَّهُ، مَا شَاء اللَّهُ لا يَصْرفُ السُّوءَ إلَّا اللَّهُ، مَا شَاء اللَّهُ ما كان من نِعْمَةٍ فمن اللَّه، مَا شَاء اللَّهُ لا حَوْل ولا قُوَّة إلَّا باللَّه.
قال: وقال ابنُ عبَّاسٍ: من قالهنَّ حين يُصْبح وحين يُمْسِي ثلاثَ مَرَاتٍ آمنَهُ اللَّهُ من الغَرَق والحَرَقِ والسَّرَق، وأحْسِبُه قال: من الشَّيْطانِ والسُّلْطان، ومن الحَيَّةِ والعَقْرَب.
حديثٌ غَرِيْبٌ من حَدِيث ابن جُرَيْج لَم يُحَدِّث به غير هذا الشَّيْخ عنه.
أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن أبي مَنْصُور جَعْفَر بن عَبْد اللَّه الدَّامَغَانِيّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو مَنْصُور جَعْفَر بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُسْلم عبد الرَّحْمن بن عُمَر السِّمْنَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق بن خُزَيْمَة، فذَكَرهُ بالإسْنَادِ مثلَهُ.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُسلَّم بن سَلْمان الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَوَاهِب بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني الحَسَنُ -
(1)
أخرجه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات 1: 196.
يعني: ابن عَبْد العَزِيْز- عن ضَمْرَة، عن السَّرِيّ بن يَحْيَى، عن عَبْد العَزِيْز بن أبي رَوَّادٍ، قال: إلْيَاسُ والخَضِر رضي الله عنهما يَصُومَانِ شَهْر رَمَضان ببَيْت المَقْدِس، ويُوَافيانِ المَوْسِم في كُلِّ عامٍ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عد الغَنِيِّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد السِّبْييّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه المَعْرُوف بابنِ النَّخَّاس إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليِّ بن مُحَمَّد المَعْرُوف بالمُحَاسبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ فيما كَتَبَ إليَّ من صَيْدَا، قال: حدَّثنا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا أبو رَاشِد الرَّيَّان بن عَبْد اللَّه، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا بِشْر بن بَكْر، عن الأوْزَاعِيّ، عن وَاصِلٍ الأَحْدَب، عن أُمّ يَحْيَى
(1)
، قالت: كُنْتُ عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذ أقْبَلت رَيْدَةُ (a) جَارِيَة عُمَر بن الخَطَّاب، وكانت من المُجْتَهدات في العِبَادَة، وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُدْنيها لِمَا يَعْلَم منها، فقالت: السَّلام عَليْك ورَحْمَة اللَّه وبَرَكاتُه يا رسُول اللَّهِ، فردَّ عليها رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسُول اللَّه، كُنْتُ قد عَجنتُ لأهْلي عَجِينًا، فخَرَجْتُ لأحْتَطب، فإذا برجُل نَقيّ الثِّيَاب، طَيِّب الرِّيح، كأنَّ وَجْهَهُ دَارة القَمَر لَيْلَة البَدْر، على فَرَس أغرّ مُحَجَّل، فدَنَا منِّي فقال: السَّلام عَليْك يا رَيْدَة ورَحْمَة اللَّهِ، فقُلتُ: وعليك السَّلام ورَحْمَة اللَّه، فقال: هل أنْت مُبلغ مُحَمَّدًا ما أقُول؟ فقُلتُ: نعم إن شَاءَ اللَّهُ، فقال: إذا أتَيْت مُحَمَّدًا فقُولي له: إنِّي لَقِيْتُ الخَضِر وهو يُقرئكَ السَّلام ويقُول لك: يا مُحَمَّد، ما فَرحتُ بمَبْعَث نبيٍّ ما فَرِحتُ بمَبْعَثك، إنَّ اللَّه عز وجل أعْطَاكَ الأُمَّة المَرْحُومة، والدَّعْوَة المقبُولَة،
(a) سماها ابن حجر في ترجمتها من الإصابة: زائدة، وسماها في ثنايا الحديث: زَيْدة.
_________
(1)
أخرجه ابن حجر في الإصابة 12: 271 - 272، مختصرًا، في ترجمة زائدة مولاة عمر بن الخطاب، وعقب عليه بالقول:"قال الذهبي في الذيل: أظنه موضوعًا. قلت: وهو كما ظنّ".
يَدْخُل مُحْسِنهم بإحْسَانه الجَنَّة ومُسِيئُهم بشَفَاعتك. يا مُحَمَّد، ألَا وإِنَّ اللَّه أعْطَاك نَهرًا في الجَنَّة يُقال له الكَوْثَر، طُوله الجَنَّة، وعَرْضُه أرْبعُون عامًا، عدد آنيته نُجُوم السَّماء، مَنْ شَرِبَ منه لَم يَظْمأ بعدَها أبدًا، ألَا وإنَّ أنْهَار الجَنَّة لتفجَّر من ذلك النَّهْر، ارْفَعي جُرْزتكِ يا رَيْدَة، فرَفَعْتُها، فكعْتُ عنها، وذلك أنِّي كُنْتُ صَائِمةً يا رسُول اللَّه، فقال لي: ضَعِيْها يا رَيْدَةُ، وأوْمَأ بيده إلى كُمِّه فأخْرَج قَضِيْبًا أخْضَر كأنَّهُ قُطِعَ من سَاعته تلكَ، فنَقَر به الجُرْزةَ فمرَّت تخْطِر بين يَدِي حتَّى وَقَعَتْ على باب المَدِينَةِ، فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: تَعْرفي المَوضِع؟ قالت: نَعَم، فأخَذَ جَمَاعَة من أصْحَابه ومَضَى إلى المَوضِع، فإذا بمَمَرّ الحُزْمَة وبآثار قَوَائم الدَّابَّةِ ولَم نَرَ هناك أحدًا.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمانُ بن الفَضْل بن البَانِياسِيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليَّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أَبو عَبْد اللَّه الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد المَالِيْنِيّ، ح.
قال الحافِظُ: وأخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أَخْبَرَنا حَمْزَة بن يُوسُف، قالا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَاصِمِ -زَادَ ابنُ مَسْعَدَة: البُخاريّ- قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنا عبْدُ اللَّهِ بن نَافِعٍ، عن كَثِيْر بن عَبْد اللَّه، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه أنّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان في المَسْجِد، فسَمِعَ كَلَامًا من وَرَائهِ -وفي حديث المَالِيْنِيِّ: من زَاوِيَة- فإذا هو بقائل يَقُول: اللَّهُمَّ أَعِنِّي على ما يُنْجِيني ممَّا خَوَّفتني، فقَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين سَمِعَ ذلك: ألَا تَضُمّ
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 422، وانظره في الإصابة لابن حجر 2: 122 - 123.
(2)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 6: 2083، وانظر أيضًا دلائل النبوة للبيهقي 5: 423 - 424، وكتاب الموضوعات لابن الجوزي 1: 193 - 194.
إليها أُختها؟ فقال الرَّجُل: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَوْقَ الصَّالِحينِ (a) إلى ما شَوَّقْتَهُم إليهِ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأنَس بن مَالِك، وكان معه: اذْهَبْ يا أنَسٌ إليه فقُل له: يقُولُ لكَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اسْتَغفِر لي، فجاءَهُ أنَسٌ فبَلَّغَهُ، فقال له: يا أنسُ، أنتَ رسُول رَسُول اللَّه إليّ؟ فقال: كما أنْتَ، فرجعَ فاسْتَثَبتهُ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُلْ لهُ: نَعَم، فقال له: اذْهَبْ فقُل لرسُول اللَّه -وفي حديث المَالِيْنِيّ: فقل له-: إنَّ اللَّه فَضَّلكَ على الأنْبِياء بمثْل ما فَضَّل به رَمَضَان على الشُّهُور، وفضَّلَ أُمَّتكَ على الأُمَم بمثْل ما فَضَّل (b) يَوْم الجُمُعَة على سَائر الأيَّام، فذَهَبُوا يَنْظرُونَ فإذا هو الخَضِرُ عليه السلام.
قال الحافِظُ
(1)
: وقد رُوِي هذا الحَدِيْث عن أنَس، أخْبَرناهُ أبو القَاسِم تَمِيْم بن أبي سَعيْد (c) بن أبي العبَّاس، وأبو القَاسِم الشَّحَّامِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو سَعْد أحْمَد بن إبْراهيم بن مُوسَى المُقْرِئ، ال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن حَامِد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الحُسَين الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفَضْل بن جَابِر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام المَنْبِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَضَّاح بن عَبَّادٍ الكُوْفيّ، عن عَام الأحْوَل، عن أنَس -زادَ الشَّحَّامِيّ:[ابن مَالك](d) - قال: خَرَجْتُ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض اللَّيالِي أحْمل له الطَّهُور إذ سَمِعَ مُناديًا، فقال: يا أنَسُ، صَهْ، فقال: اللَّهمَّ أعنِّي على ما يُنْجيني ممَّا خوَّفتني منه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لو قال أُخْتها معها؟ فكانَّ الرَّجُل لَقِنَ ما أرادَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: وارْزُقْنِي شَوْق الصَّادِقين إلى ما شَوَّقْتَهُم إليهِ، فقال النَّبِيُّ
(a) في الكامل لابن عدي: شوقة الصادقين، البيهقي: شوق الصادقين، والمثبت موافق لرواية ابن الجوزي.
(b) ابن عدي: فضَّل به.
(c) الأصل: سعد، والمثبت كما في تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمة تميم في سير أعلام النبلاء 20: 20 - 23.
(d) إضافة من تاريخ ابن عساكر، وانظره في مجمع الزوائد للهيثمي 8: 211 - 212.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 422 - 423.
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: وَجَبَت يا أنَسُ، دَع -وقال تَميم: ضَعْ- هذا الطَّهُور وائت هذا المُنَادِيّ فسَلْهُ أنْ يَدْعُو لرسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ يُعيْنَه على ما ابتعثَهُ بهِ، ويدعُو لأُمَّتهِ، وأنْ يأخُذُوا ما أتاهم به نَبِيَّهم بالحَقِّ، فقال لي: مَنْ أرْسلكَ؟ فكَرهْتُ أنْ أُعْلمَهُ ولَم أسْتَأذِن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقُلتُ: وما عليك يَرْحَمكَ اللَّهُ تَدْعُو بما سَألتُكَ؟ فقال: لا، أَوْ تُخْبرنِي مَنْ أرْسَلَك، فأتيتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقُلتُ لَهُ: فقال: قُلْ لَهُ: أَنَا رَسُول رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: مَرْحَبًا بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبرَسُولِه، أنا كُنْتُ أحَقُّ أنْ آتيه، أقْر رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقُلْ لَهُ: الخَضِر يقرئكَ السَّلام، ويقُول -زادَ الشَّحَّامِيّ: لكَ، وقالا-: إنَّ اللَّه قد فَضَّلَكَ على النَّبيِّين كما فَضَّل شهر رَمَضَان على سَاِئر الشُّهور، وفضَّلَ أُمَّتَكَ على الجَمْعِ (a) كما فضَّلَ يَوْم الجُمُعَة على سَائِر الأيَّام، فلَمَّا ولَّيْتُ عنه سَمِعْتُه يقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلني مع هذه الأُمَّة المَرْحُومة المَرْشَدة المَتُوب عليها.
وقال الحافِظُ
(1)
: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ
(2)
، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن بَالُوَيْه (b)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بِشْر بن مَطَر، قال: حَدَّثَنَا كَامِل بن طَلْحَة، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن عبد الصَّمَد، عن أنسَ بن مَالِك، قال: لمَّا قُبِضَ رِسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أحْدَق به أصْحَابه، فبكَوا حَوْلَهُ واجْتَمَعُوا، فدَخَل رَجُلٌ أشْهَب اللِّحْيَة، جَسِيمٌ، صَبيحٌ، فتخَطَّى رِقَابَهُم، فبَكَى ثُمَّ الْتَفَتَ إلى أصْحَابِ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ في اللَّهِ تَعالَى عَزاءً من كُلِّ مُصِيْبةٍ، وعَوضًا من كُلِّ فَائت، وخَلَفًا
(a) ابن عساكر والهيثمي: الأمم.
(b) الأصل: باكويه، والتصويب من تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 15:419.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 424.
(2)
دلائل النبوة للبيهقي 7: 369.
من كُلِّ هَالكٍ، فإلى اللَّهِ فأنيبُوا، وإليه فارْغبُوا، ونَظره إليكُم في البَلَاء، فانْظُروا فإنَّ المُصَاب من لَم يُجْبَر، وانْصَرف. فقَال بَعْضُهم لبعضٍ: تَعْرفُونَ الرَّجُل؟ فقال أبو بَكْرٍ وعليٌّ: نَعم، هذا أخُو رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الخَضِر عليه السلام.
قال البَيْهَقِيّ: عُبَادَة بن عبد الصَّمَد ضَعِيْف وهذا مُنْكَرٌ بمرَّة.
أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن الدَّامَغَانِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبي، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعيد السِّيرافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر -يعني: ابن بَكَّار- قال: حَدَّثَنِي أبو الحَسَن عليِّ بِن المُغِيرَة، عن هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائب، عن أَبِيهِ، قال: أوَّل نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّه تبارك وتعالى في الأرْض إِدْرِيس، واسْمُه أَحْنُوخ (a)، ثُمَّ انْقَطَعتِ الرُّسُل حتَّى بَعَثَ اللَّهُ نُوح بن لَمَك بن مَتُوشَلَخ بن أَحْنُوخ، وكان سَام بن نُوح نَبيًّا، ثمّ انْقطَعَتِ الرُّسُل حتَّى بَعَثَ اللَّهُ إبْراهيم نَبيًّا، واتَّخذَهُ خَلِيلًا، وهو إبْراهيم بن تَارَح، واسْم تَارَح: آزَر. ثُمَّ بَعَث إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم فمَاتَ بمَكَّة، ودُفِنَ فيها، ثُمَّ إسْحَاق بن إبْراهِيم، ماتَ بالشَّام، ثمّ لوط بن هَارُون، وإبْراهيمِ عَمُّهُ، ثمّ يَعْقُوب، وهو إِسْرَائِيل بن إسْحَاق، ثمّ يُوسُف بن يعقُوب، ثمّ شعَيْب بن يَوْبَب، ثمّ هُوْد بن عَبْد اللَّهِ، ثمّ صَالِح بن آسَف، ثُمَّ مُوسَى وهارُون ابْنا عِمْرَان، ثمّ أَيُّوب، ثُمّ الخَضِر، وهو خَضِرُون، ثمّ دَاوُد بن إيْشَا، واقْتَصَّ بَقِيَّة الأنْبِياء على ما ذَكَرناهُ بهذا الإسْنَادِ في تَرْجَمَةِ إبْراهيم صلى الله عليه وسلم
(1)
.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء
(2)
، عن أبي الفَتْحِ المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفَتْحِ
(a) أكَّدها بحاء صغيرة تحت حرف الحاء.
_________
(1)
ترجمة إبراهيم عليه السلام في الضائع من أجزاء الكتاب.
(2)
من طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 16: 399 - 400، وانظر البداية والنهاية لابن كثير 1:336.
القَلَانِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن عَبْد اللَّهِ التَّرْقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا رَوَّادُ بن الجَرَّاح، قال: حَدَّثَنَا مُقَاتِل بن سُلَيمان، عن الضَّحَّاك، عن ابن عبَّاس، قال: الخَضِر بن آدَم لصُلْبهِ ونُسِئ
(1)
له في أَجَله حتَّى يُكَذِّبَ الدَّجَّال.
أخْبَرَنَا قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْمٍ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عليّ بن يَاسِر الجَيَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الجَبَّار بن مُحَمَّد بن أحْمَد الخُوَارِيّ، قال: قال لنا عليّ بن أَحْمَد الوَاحِدِيّ المُفَسِّر
(2)
: الخَضِر اسْمُه بَلْيَا بن مَلْكَان، وإنَّما سُمِّي الخَضِر لأنَّهُ إذا صَلَّى في مكانٍ اخْضَرَّ ما حَوْلَهُ.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْدِ اللَّه بن المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنَا الفَضْل بن سَهْل الحَلَبِيُّ في كتابهِ، عن أبي بَكْر الخَطِيب
(3)
، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عليّ بن إسْحَاق الكَاتبُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن بشْر بن سَعيد الخِرَقِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو رَوْقٍ أَحْمَدُ بن مُحَمَّد بن بَكْر الهِزَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمِ السِّجِستانِي سَهْل بن مُحَمَّد بن عُثْمان
(4)
إمْلاءً، قال: سَمِعْتُ مَشْيَخَتنا، منهم أبو عُبَيْدَة وغيره، وأبو اليَقْظَان؛ وهو عَامِر بن حَفْص ولقَبه سُحَيْم، وهو مَوْلَى بلعُجَيْف، ومُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ، قالوا: إنَّ أطْوَل بَنِي آدَم عُمْرًا الخَضِر صلى الله عليه وسلم، واسْمُه خَضِرُون بن قَابِيْل بن آدَم.
وذَكَرَ ابنُ إسْحَاق
(5)
، قال: حَدَّثَنَا أصْحَابُنَا أنَّ آدَم لمَّا حَضَرهُ المَوْتُ جَمَعَ بنيهِ، فقال: يا بَنِيّ، إنَّ اللَّه مُنْزِل على أهْل الأرْض عَذَابًا، فليكُن جَسَدي مَعَكُم في المَغَارة، حتَّى إذا هَبَطْتُم فابْعَثُوا بيّ، وادْفنُوني بأرْض الشَّام، فكان جَسَده معَهُم.
(1)
أي مُدَّ في عمره. لسان العرب، مادة: مدد.
(2)
الواحدي: الوسيط في تفسير القرآن المجيد 3: 157 - 158.
(3)
لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي، وهو في تاريخ ابن عساكر 16:400.
(4)
المعمرون والوصايا 3.
(5)
النقل متتابع عن السجستاني في كتابه، ونقله ابن عساكر في تاريخه 16: 400، وابن حجر في الإصابة 2:117.
فلمَّا بَعَثَ اللَّه تعالى نُوحًا ضَمَّ ذلك الجَسَد، وأرْسَل اللَّهُ تعالى الطُّوفَان على الأرْض، فغَرِقَت الأرْض زَمَانًا، فجاءَ نُوح حتَّى نَزَل ببَابِل، وأوْصَى بنيهِ الثَّلاثة وهم: سَام، ويَافِث، وحَام أنْ يَذْهَبُوا بجَسَده إلى المَغَارِ
(1)
الّذي أمَرَهُم أنْ يَدْفنُوه به، فقالوا: الأرْض (a) وَحْشَة لا أَنيْس بها، ولا نَهْتَدي الطَّريق، ولكن نكُفَّ حتَّى يأمن النَّاسُ، ويَكْثروا، وتَأنس البِلاد وتَجِفّ (b)، فقال لهم نُوح: إنَّ آدَم قد دَعَا اللَّه أنْ يُطِيلَ عُمر الّذي يَدْفِنَهُ إلى يَوْم القِيامَة، فلَم يَزَل جَسَد آدَم حتَّى كان الخَضِر هو الّذي تولَّى دَفْنَهُ، وأنْجزَ اللَّهُ ما وَعَدَهُ، فهو يَحْيَا إلى مَا شَاء اللَّه له أنْ يَحْيا.
أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْلَى عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي كَرِيْمَة، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن حَازِم بن عَبْد اللَّه بن مَاهَان البَغَويّ بأطْرَابُلُس، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُشْكَان، قال: حَدَّثَني حُسَيْن بن إسْحَاق الرَّافِقِيّ، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن عَمَّار القَاصُّ، قال: حَدَّثَنَا رِشْدين بن سَعْد، عن زُهْرة بن مَعْبَد، عن سَعيد بن جُبَيْر، قال: الخَضِرُ عليه السلام أُمُّه رُوميَّةٌ، وأبُوه فَارِسيّ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيِّ
(2)
، قال: الخَضِرُ، يُقالُ إنَّهُ ابن آدَمَ عليهما السلام لصُلْبهِ، وهو صَاحِبُ
(a) أشكلت الكلمة على ابن العديم فرسمها على التقريب هكذا: رس، وكتب فوقها "صـ"، والمثبت من السجستاني وابن عساكر.
(b) مهملة النقط في الأصل سوى الفاء، والإعجام من كتاب المعمرون وتاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
السجستاني: المكان.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 399.
مُوسَى عليه السلام. وذَكَرَ إسْمَاعِيْلُ بن أبي أُوَيسْ، قال: اسْمُ الخَضِر -فيما بَلَغنا واللَّهُ أعْلَمُ- المُعَمَّر بن مَالِك بن عَبْد اللَّه بن نَصْر بن الأَزْد، وقال غير إسْمَاعِيْل: الخَضِرُ من وَلدِ العِيْص بن إسْحَاق بن إبْرَاهيم. وذَكَرَ عن وَهْب بن مُنَبِّه أنَّ اسْم الخَضِر: بَلْيَا، وقيل ابَلْيَا (a) بن مَلْكَان بن فَالَغ بن عَابَر بن شَالخَ بن أَرْفَخْشَد بن سَام بن نُوح، ويُقال: إرْميا بن حَليْقَا (b)، ويُقالُ: إنَّهُ من الفُرْس، ويُقال: هو الخَضِر بن مَلْكَان بن فَالِغ بن عَابَر بن شَالخ (c) بن شَالم (d) بن أَرْفَخِشَذ بن سَام بن نوح.
وقال ابنُ قُتَيْبَة
(1)
: اسْمُ الخَضِر بَلْيَا بن مَلْكَان بن فَالَغ بن عَابَر بن شَالخ (e) بن أَرْفَخْشَد بن سَام بن نُوح.
ويُقالُ: هو خَضِرُون بن عَمْيَائل بن اليَفز (f) بن العِيْص بن إسْحَاق بن إبْراهيم.
أخْبَرَنَا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، وأبو حَامِد عَبْدُ اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن الحَسَن الحَلَبِيَّان، قالا (g): أخْبَرَنَا أبو الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود بن سَعْد الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّادُ، قِراءَةً عليهِ وأنا حَاضِرٌ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللَّه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ المُبَارَك، عن مَعْمَر، عن هَمَّام، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
(2)
، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الخَضِر: إنَّما سُمِّي خَضِرًا
(a) كذا في الأصل بالباء الموحدة، وفي تاريخ ابن عساكر بمثناة تحتية: إيليا.
(b) ابن عساكر: طنغا.
(c) في الأصل، في هذا الموضع وتاليه: شالح.
(d) ابن عساكر: شام.
(e) المعارف: شالح.
(f) المعارف وتاريخ ابن عساكر: الفن.
(g) الأصل: قالا.
_________
(1)
المعارف لابن قتيبة 43، وابن عساكر 16:399.
(2)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري 6: 433.
لأنَّهُ جَلَسَ على فَرْوَة بَيْضاء فإذا هي تَحْته تَهْتزُّ خَضْراء.
وقال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم، قال: وحَدَّثَنَا أبو أحْمَد -يعني: الغِطْرِيْفيّ- قال: حَدَّثَنَا ابن شِيْرَوُيه، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَم بهِ.
وقال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثناهُ أبو بَكْرٍ الطَّلْحِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن جَعْفَر القَتَّاتُ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الحَمِيْد بن صالح، عن ابن المُبارَك، عن مَعْمر، عن هَمَّام بن مُنَبِّهٍ، عن أبي هُرَيْرَة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثْلَهُ.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن رَوَاج الإسْكَنْدِريّ بالدِّيَار المِصْرِيَّة، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد بن الحُسَين السَّرَّاج، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن عُمَر الزَّاهِد أبو الفَتْحِ، قال: حَدَّثَنَا جَعفَر بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عَبْدِ الجَبَّار، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنَا مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّه، قال: سَمِعْتُ أبا هُرَيْرَة يقُولُ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّما سُمِّي خَضِرًا لأنَّهُ جَلَسَ على فَرْوَة بَيْضَاء فاهْتَزَّتْ تَحْتَهُ خَضْراءَ.
أخْبَرَنَا المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّدُ بن الفَضْلِ الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِر بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنَا أبو سُليْمان الخَطَّابيّ، قال: قال أبو عَمْرو الفَرْوَة: الأرْضُ البَيْضَاء لا نَبَاتَ فيها، وقال غيره: أرادَ بالأرْضِ: الهَشِيم اليَابس شَبَّهَهُ بالفَرْوَة، ومنه قيل: فَرْوَة الرَّأْسِ وهِي جلْدَتهُ بما عليها من الشَّعر. قال الرَّاعِي
(1)
: [من الكامل]
ولقد تَرَى الحَبَشِيَّ حَوْلَ بُيُوتنا
…
جذلًا (4) إذا ما نالَ يَوْمًا مَأْكَلَا
(a) الديوان: وهو يصكها أشرًا.
_________
(1)
البيت الأول في ديوان الراعي 350، وكلاهما في البداية والنهاية لابن كثير 1:337.
صَعْلًا أسَكَّ كأنَّ فَرْوَة رَأسهِ
…
بذرَتْ فأنْبَت جَانباهُ فُلْفُلَا
قال الخَطَّابيُّ: ويُقَال: إنّما سُمِّي الخَضِرُ خَضِرًا لحُسْنِه وإشْرَاقِ وَجْههِ.
أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، وعليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحَدِهما، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنَا جَدِّي، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن عليّ بن يَحْيَى الشَّعْرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ بن عُقْبَة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن مَنْصُور، عن مُجَاهِد، قال: إنّما سُمِّي الخَضِر لأنَّهُ إذا صَلَّى اخْضَرَّ ما حَوْلَهُ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ أحْمَدُ بن عَبْد اللَّه بن عبد الصَّمَد العَطَّار، وثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ، وأبو الحَسَن عليِّ بن أبي بَكْر بن رُوزْبَةَ البَغْدَاديُّونَ، قالوا: أخْبَرَنَا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَطَر الفَرَبْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عبدِ اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل البُخَاريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، عن صالح، عن ابن شِهَابٍ، أنَّ عُبَيْد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ أخْبرَهُ عن ابن عبَّاسٍ أنَّهُ تَمَارَى هو والحُرِّ بن قَيْس الفَزَارِيّ في صَاحِب مُوسَى، قال ابنُ عبَّاسٍ: هو خَضِر، فَمَرَّ بهما أُبَيّ بن كَعْب، فدَعاهُ ابن عبَّاسٍ، فقال: إنِّي ما رأيْتُ أنا وَصَاحِبي هذا في صَاحِب مُوسَى الّذي سَأل السَّبِيْل إلى لُقيِّهِ، هل سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَذْكُر شَأنَهُ؟ قال: نعم، سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: بينما مُوسَى في مَلأ من بَنِي إِسْرَائِيل
(1)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري 1: 168 (رقم 74)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه 1: 304 - 305 (رقم 103) وابن عساكر في تاريخه 16: 403 - 404.
جَاءه رَجُلٌ فقال: هل تَعْلم أحَدًا أعْلَم منكَ؟ قال: لا، فأوْحَى اللَّهُ إلى مُوسَى: بلى (a) عَبْدُنا خَضر، فسَأل موسَى السَّبِيْل إليهِ، فَجَعَل له الحُوْتَ آيةً، وقيل له: إذا فَقَدْتَ الحُوْتَ فارْجِع فإنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فكان يتبَع الحُوْتَ في البَحْر، فقال لمُوسَى فَتَاهُ:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}
(1)
، فقال مُوسَى:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}
(2)
، فوَجَدَا خَضِرًا، فكان من شَأنهما الّذي قَصَّ اللَّهُ في كِتَابهِ
(3)
.
أخْبَرَنَا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الأوَّل بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قالْ أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد الحَمُّوِيّ، قال: أخْبَرَنَا إبْراهيمُ بن خُرَيْم الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ بن حُمَيْد
(4)
، قال: أخْبَرَنَا عُبَيدُ اللَّه بن مُوسَى، عن إِسْرَائِيل بن يُونُسُ، عن أبي إسْحَاق، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ وكُنَّا عندَهُ، فقال القَوْمُ: إنَّ نَوْفَ الشَّامِيِّ يَزْعُمُ أنَّ الّذي ذَهَبَ يَطْلُبُ العِلْمَ ليسَ بمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل، قال: وكان ابنُ عبَّاسٍ مُتَّكِئًا فاسْتَوى جالِسًا، فقال: كذلك يا سَعيدُ بن جُبَيْر؟ قُلتُ: أنا سَمِعْتُه يقُول ذلك، قال ابنُ عبَّاسٍ: كَذَبَ نَوْفٌ، حَدَّثَني أُبَيُّ بن كَعْب أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يقُول: رَحْمَةُ اللَّه عَلينا وعلى مُوسى، لولا أنَّهُ عَجَل واسْتَحْيا وأَخَذَته دمَامةٌ من صَاحِبه، فقال له:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي}
(5)
لرَأى من صَاحِبهِ عَجَبًا.
قال: وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذَكَرَ شَيْئًا عن الأنْبِياء (b) بَدأ بنفْسِه، فقال: رَحْمَةُ اللَّه علينا وعلى صَالِح، رَحْمَةُ اللَّه علينا وعلى أخي عَادٍ، ثُمَّ قال: إنَّ
(a) ابن عساكر: بل.
(b) في مسند ابن حمد: إذا ذكر نبيًا من الأنبياء.
_________
(1)
سورة الكهف، من الآية 63.
(2)
سورة الكهف، الآية 64.
(3)
انظر بقية قصة العبد الصالح مع موسى عليه السلام في سورة الكهف، الآيات 65 - 82.
(4)
المنتخب من مسند عبد بن حميد 87 - 89 (رقم 169).
(5)
سورة الكهف، من الآية 76.
مُوسَى عليه السلام بَيْنا هو يَخْطبُ قَوْمَهُ ذات يَوْم إذ قال لهم: ما في الأرْض أحَدٌ أعْلَم منِّي! فأوْحَى اللَّهُ عز وجل إليه: إنَّ في الأرْضِ مَنْ هو أعْلَم منْكَ، وآيةُ ذلك أنْ تَزَوَّدَ حُوْتًا مَالِحًا فإذا فَقَدتَه فهو حيثُ تَفْقدهُ، فتزوَّدَ حوْتًا مَالِحًا فانْطَلَقَ هو وفَتاهُ حتَّى إذا بَلَغا (a) المكان الّذي أُمِرُوا به، فلمَّا انْتَهُوا إلى الصَّخْرَةِ انْطَلقَ مُوسَى يَطْلُبُ، ووضَعَ فَتَاهُ الحُوْتَ على الصَّخْرَةِ فاضْطَرَبَ {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا}
(1)
، قال فَتَاُه: إذا جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ حَدَّثْتُه، فأنْسَاهُ الشَّيْطانُ، فانْطَلَقا فأصَابَهُما ما يُصِيْبُ المُسَافِر من النَّصَب والكَلَال، ولم يكُنِ يُصِيْبُه ما يُصِيْبُ المُسَافِر من النَّصَب والكَلَال حتَّى جَاوَز ما أُمِرَ بهِ، فقال مُوسَى لفَتاهُ:{آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}
(2)
، فقال له فتاهُ: يا نَبِيَّ اللَّه، {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}
(3)
أَنْ أُحَدِّثَكَ {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}
(4)
، فرَجَعا {عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}
(5)
يُقَصَّان الأثَر حتَّى انْتَهيا إلى الصَّخْرَةِ، فأطافَ بها، فإذا هو مُسَجًّى بثَوْب، فسَلِّم (b) فرفَعَ رَأسَهُ، فقال له: مَنْ أنتَ؟ قال: مُوسَى، قال: مَنْ مُوسى؟ قال: مُوسى بَنِي إِسْرَائِيل، قال: فما لكَ؟ قال: أُخْبرتُ أنَّ عندكَ عِلْمًا فأرَدْتُ أنْ أَصْحَبَكَ، {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}
(6)
، {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}
(7)
، قال:
(a) ابن حميد: بلغ.
(b) ابن حميد: فسلم عليه.
_________
(1)
سورة الكهف، من الآية 61.
(2)
سورة الكهف، من الآية 62.
(3)
سورة الكهف، من الآية 63.
(4)
سورة الكهف، من الآية 63 - 64: ورد في الآية: "في البحر سربا"، وهي لفظة وردت في الآية 61 قبلها.
(5)
سورة الكهف، من الآية 64.
(6)
سورة الكهف، من الآية 67.
(7)
سورة الكهف، من الآية 69.
{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}
(1)
، قال: قد أُمِرتُ أنْ أفعَلَهُ {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا}
(2)
(3)
، فَخَرَجَ مَنْ كان فيها، وتَخَلَّف ليَخْرقها، فقال له مُوسَى: تَخْرقها {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى}
(4)
أتَوا على غِلْمَانٍ يَلْعَبُون على سَاحِل البَحْر وفيهم غُلَامٌ ليسَ في الغِلْمَان أحْسَنَ ولا أنْظَف منهُ، فأخَذَه فقَتَلَهُ، فنَفَر مُوسى عند ذلك و {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}
(5)
، قال: فأخذته دمَامةٌ من صَاحِبهِ، واسْتَحْيَى فـ {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ}
(6)
لئام، وقد أصَاب مُوسَى جَهْدٌ شَدِيدٌ فلم {يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ}
(7)
، فقال له مُوسَى ممَّا أنزل بهم من الجَهْد:{لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ}
(8)
، فأخَذَ مُوسَى بطَرف ثَوْبهِ فقال: حَدِّثني، فقال:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}
(9)
{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}
(10)
، فإذا مَرَّ عليها فرَآها مُنْخَرقةً تَرَكَها، ورقَعَها أهْلُها بقِطْعَة خَشَب فانْتَفَعُوا بها، {وَأَمَّا الْغُلَامُ}
(11)
فإنَّهُ كان طُبعَ يَوْمَ طُبعَ كَافرًا، وكان قد أُلْقِي عليه مَحَبَّةٌ من أبَوَيْهِ ولو عَصَياهُ شَيْئًا لأرْهَقَهُما طُغْيانًا وكُفْرًا، فأرَاد ربُّكَ أنْ يُبَدِّلَهُما {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً
(1)
سورة الكهف، من الآية 68.
(2)
سورة الكهف، من الآية 69.
(3)
سورة الكهف، من الآيتين 70 - 71.
(4)
سورة الكهف، من الآيات 71 - 74.
(5)
سورة الكهف، من الآيتين 74 - 75، وورد في الأصل:"نفسًا زاكية".
(6)
سورة الكهف، من الآيتين 75 - 76.
(7)
سورة الكهف، من الآية 77.
(8)
سورة الكهف، من الآيتين 77 - 78.
(9)
سورة الكهف، من الآية 79.
(10)
سورة الكهف، من الآية 79.
(11)
سورة الكهف، من الآية 80.
وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا}
(1)
إلى قَوْله {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}
(2)
.
رَوَاهُ مسلم
(3)
، عن عَبْدِ بن حُمَيْدٍ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحُسَينُ بن هِبَةِ اللَّه بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى الدِّمَشْقِيّ بها، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ الحُسَينُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدِيُّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي العَلَاء، قَال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِمِ بن مَعْرُوف، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أبوِ عُمَر هِلال بن العَلَاءَ الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَلَمَة، عن أبي عبد الرَّحيم، عن زَيْد، عن أبي إسْحَاق، عن سَعيد بن جُبَيْرِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، عن أُبَيِّ بن كَعْبٍ
(4)
، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: قام مُوسى عليه السلام يَوْمًا في قَوْمهِ فذَكَّرَهُم بأيَّام اللَّهِ، وأيَّامُه نعماه، ثُمَّ قال: ليسِ أحدٌ خَيْرًا منِّي ولا أعْلَم منِّي! فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: أمَّا خَيْر منْكَ فاللَّهُ أعْلَمُ مَنْ هو خَيْرٌ منكَ، وأمَّا أعْلَمِ منك فرَجُل على شَاطِئ البَحْر، فلمَّا أرادَ أنْ يطلبُهُ قيل له: تَزَوَّد معك حُوْتًا مالِحًا، فحيثُ تَفْقد الحُوْتَ ثَمَّ تَجِد الرَّجُل، قال: فَخَرَج هو وفَتاهُ حتَّى أَتَيا الصَّخْرَة وهو على شَاطِئ البَحْر، فقال مُوسَى لفتاهُ: مكَانكَ حتَّى آتيكَ، فانْطَلَقَ مُوسَى لحاجَتهِ، فَخَرَّ الحُوْت فوَقَعَ في البَحْر فاضْطَرَب فَجَعَل لا يُصِيْبُ شَيئًا من ذلك الماء إِلَّا جَمَدَ ذلك الماءُ، فاتَّخذ سَبِيْلَهُ في البَحْر شِبْه النَّقْب، فقال الفَتَى: لو جاءَ مُوسَى لأَخْبَرتهُ بما رأيْتُ من
(1)
سورة الكهف، من الآيتين 81 - 82.
(2)
سورة الكهف، من الآية 82، وورد الرسم في الأصل: تستطع.
(3)
صحيح مسلم 4: 1850 - 1852 (رقم 172).
(4)
صحيح مسلم 4: 1850 - 1852، مصنف ابن أبي شيبة 6: 29 (رقم 29217)، سنن أبي داود 4: 286 (رقم 3984)، صحيح ابن حبان 3: 267 - 268 (رقم 988).
العَجَب، فجاءَ مُوسَى، ونَسِي الفَتَى، قال: فانْطَلَقا فأصَابَهُما ما يُصِيبُ المُسَافِر من التَّعَب والنَّصَب، فقال مُوسَى {لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}
(1)
، قال: فذكر الفَتَى، فأخْبرهُ، فقال مُوسَى:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}
(2)
، يَقْتصَّان الأثَر حيثُ جاءا حتَّى أتَيا شطّ البَحْر، فإذا رَجُل نائمٌ مُسْتَغْشٍ ثَوْبَهُ، فسَلَّمَا عليه فردَّ عليهما، فقال: مَنْ أنتما؟ فقال: مُوسَى بني إِسْرَائيِل، قال: ما جَاءَ بك؟ قال: جئتُ لتُعَلَّمِنَي {مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}
(3)
، قال: فما كان فيما أنْزَل اللَّه عليكَ من التَّوْراة شِفاءٌ، إنَّك سَتَراني أعْل أشْيَاءَ أُمِرْتُ بها ولا تَسْطَيع عليها صَبْرًا، فقال:{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}
(4)
، فانْطَلَقا حتَّى أتيا سَفِيْنَةً، وكانت تلك السَّفِيْنَةُ لا يَرْكبها أحَدٌ حتِّى يُعْطي الكِرَاء، فَرَكِبَا ولم يُعْطِيا الكِرَاء، فلمَّا بَلَغَ شَطّ البَحْر خَرقَها، قال له مُوسَى: سُبْحَان اللَّه! {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}
(5)
، فانْطَلَقا حتَّى أتيا على غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ، فنَظَر إلى أنْضَرِهم وَجْهًا وأخْدرِهم فأخَذهُ فذبَحَهُ، فقال له مُوسَى: سُبْحَانَ اللَّه! {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا}
(6)
، والزَّكِيَّةُ: الّتي لم تُذْنبُ، قال: فكأنَّ مُوسَى تَذَمَّم ممَّا قال له، {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا}
(7)
فلم يُطْعمُوهما ويُضَيِّفُوهما، فوجَدَا فيها جِدَارًا مائلًا فنَقَضَهُ فأقامَهُ، فقال مُوسى عليه السلام: سُبْحَان اللَّهِ! واللَّه ما أبلُوك هذا البَلَاء، اسْتَطْعمْتُهم فلم يُطْعمُوكَ وتضيَّفْتهم فلم يُضِيْفُوك، فلو اتَّخَذْتَ عليه أجْرًا، قال: فقال له الخَضِر {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}
(8)
، قال: فأخَذَ مُوسَى بثَوْبهِ فقال: بَيِّن ليّ، فقال:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} إلى قَوْله
(1)
سورة الكهف، من الآية 62.
(2)
سورة الكهف، الآية 64.
(3)
سورة الكهف، من الآية 66.
(4)
سورة الكهف، من الآية 69.
(5)
سورة الكهف، من الآيتين 71 - 72.
(6)
سورة الكهف، من الآية 74.
(7)
سورة الكهف، من الآية 77.
(8)
سورة الكهف، من الآية 78.
{غَصْبًا}
(1)
إلَّا سَفِيْنَة يَرَى بها عَيْبًا، فَخَرَقها فإذا تَرَكها المَلِكُ رَقَعَها أَصْحَابُها خَشَبَةً وانْتَفَعُوا بها، {وَأَمَّا الْغُلَامُ}
(2)
فإنَّهُ طُبعَ على الكُفْر، وكان قد أُلْقي عليه من أبوَيهِ مَحَبَّةٌ منه، فتخوَّفنا {أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}
(3)
، فأرَادَ رَبُّكَ {أَنْ يُبْدِلَهُمَا}
(4)
الآية، فثقُلَتْ أُمُّهُ بغُلَامٍ هو {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} إلى قَوْله {صَبْرًا}
(5)
. فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: رَحْمَةُ اللَّه علينا وعلى مُوسَى، أمَا إنَّهُ لو صَبَر لرَأى الأعَاجِيْبَ.
أخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(6)
، ح.
وحَدَّثَنَا أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عليّ من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أَبُو المَعَالِي عَبْدُ اللَّه بن عبد الرَّحْمنِ بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا الشَّريفُ أبو القَاسِم عليُّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنَا رشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء اللَّهُ.
وأخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: حَدَّثَنَا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(7)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المُنْعِم، عن أَبِيهِ، عن وَهْبٍ أنَّ الخَضِر قال لمُوسَى عليهما السلام: يا مُوسَى، إنَّ النَّاس مُعَذَّبُونَ في الدُّنْيا على قَدْر هُمُومهم بها.
(1)
سورة الكهف، الآية 79.
(2)
سورة الكهف، من الآية 80.
(3)
سورة الكهف، من الآية 80.
(4)
سورة الكهف، من الآية 80.
(5)
سورة الكهف، من الآية 81 - 82.
(6)
تاريخ ابن عساكر 16: 416.
(7)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 305.
قال
(1)
: وأخْبَرَنَا ابنُ مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ خُبَيْق، قال: سَمِعْتُ يُوسُفَ بن أسْبَاطِ يَقُول: بَلَغَني أنَّ الخَضِر قال لمُوسَى عليهما السلام لمَّا أرادَ أنْ يُفَارقَهُ: يا مُوسَى تَعَلَّمَ العِلْم لتَعْمَلَ به ولا تعَلَّمهُ لتُحدِّث به.
قال
(3)
: وحَدَّثنا ابنُ مَرْوَان
(4)
، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنِ بن عليّ، عن مُوسَى بن طَرِيفٍ (a)، عن يُوسُفَ بن أسْبَاط، قال: بَلَغَنِي أنَّ مُوسَى قال للخَضِر ادْعُ لي، فقال له الخَضِرُ: يَسَّرَ اللَّهُ عليك طَاعتَهُ.
أخْبَرَنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم هِبَة اللَّه بن أحْمَد الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب العُشَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن سَمْعُون الوَاعِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر المَطيْرِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد بن حُبَيْش، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر المَخْزُومِيّ، عن المُغِيرَة بن زِيَاد، عن الشَّعْبِيّ، قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: الكَنْرُ الّذي ذَكَرهُ اللَّه في كتابه: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا}
(5)
ذلك الكَنْز: لوح من ذَهَب مَكْتُوب فيه: أشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّه وأنَّ مُحَمَّدًا رسُول اللَّهِ، عَجِبتُ لمَن أيْقَن بالقَدَر كيف يَنْصَبُ، وعَجِبتُ لمَنْ رَأى تقَلُّبَ الدُّنْيا بأهْلها كيفَ يَطْمئنَّ إليها.
أخْبَرَنَا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْد المُطَّلب بن الفَضْل الهَاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنَا الخَطِيب أبو طاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن حَمْد بن الحَسَن الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر أَحْمَدُ بن الحُسَين بن
(a) في هذا الموضع من تاريخ ابن عساكر ظريف، ويأتي في مواضع أخرى منه بما يوافق المثبت، انظر تاريخ ابن عساكر 43:398.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 416.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 475.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 416.
(4)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 343.
(5)
سورة الكهف، من الآية 83.
مُحَمَّد بن بُوَان الكَسَّارُ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق السُّنِّيّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَني أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الوَقَّارُ (a)، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن وَهْب، وأنا أسْمعُ على التَّوَّزِيّ (b): قال مُجَاهِدٌ: قال أبو الوَدَّاك: قال أبو سَعِيد: قال عُمَرُ
(1)
: قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قال أخي مُوسَى عليه السلام: يا رَبّ، أرني الّذي كُنْت أرَيْتَني في السَّفِيْنَةِ، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: يا مُوسَى، إنَّكَ سَتَراهُ، فلم يَلْبَث مُوسَى إلَّا يَسِيْرًا حتَّى أتاهُ الخَضِرُ عليهما السلام وهو فَتًى طَيِّبُ الرِّيح، حَسَنُ بَيَاضِ الثِّيَاب؛ مُشَمِّرها، فقال: السَّلامُ عَليْك ورَحْمَة اللَّهِ، يا مُوسَى بن عِمْران، إنَّ ربَّكَ عز وجل يُقْرئُكَ السَّلام، قال: ورَحْمَة اللَّهِ وبَرَكاته. قال مُوسَى عليه السلام: هو السَّلام، ومنهُ السَّلَام، والحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العالَمِين الّذي لا أُحْصِي نِعَمَهُ، ولا أَقْدرُ على آداءِ شُكْره إلَّا بمَعُونَته، ثمّ قال مُوسَى: أُرِيْدُ أنْ تُوصيني بوَصِيَّةٍ يَنْفعُني اللَّه بها بعدَكَ، قال الخَضِرُ:
يا طَالِبَ العِلْم إنَّ القائل أقلَّ ملَالةً من المُسْتَمع، فلا تُمِل جُلَسَاءك إذا حدَّثتَهُم.
واعْلَم أنَّ قَلبَكَ وعاءٌ فانْظُر ماذا تَحْشُو به وِعَاءَكَ، واعْزف عن الدُّنْيا وانْبذها وراءَكَ، فإنَّها ليسَتْ لك بدَارٍ ولا لك فيها مَحَلّ قَرَار، وإنَّما جُعِلَت بُلْغةً للعِبَادِ، وليَتَزوَّدُوا منها للمعَادِ.
(a) كذا ضبطه المصنف بالتشديد، وعند السمعاني بالتخفيف. أنساب السمعاني 13:352. وقيَّده ابن كثير (البداية والنهاية 1: 339، وقصص الأنبياء 470): الوقاد.
(b) كذا في الأصل مجودًا، ويأتي في الرواية التالية: الثوري، ومثله في رواية ابن كثير (قصص الأنبياء 470). والتَّوَّزيّ: منسوب إلى تَوَّز؛ مدينة بقرب كازرون من بلاد فارس قرب البَحْر الهنديّ، وهي التي يُقالُ لها أيضًا تَوَّج. والمشهور بهذا النسبة جماعة من المتقدمين منهم أبو يعلى محمد بن الصلت التوَّزي، رَوَى عن سفيان بن عينة، وروى عنه عنه البخاري وآخرين. انظر: توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1: 638 - 639.
_________
(1)
ابن كثير في البداية والنهاية 1: 329، قصص الأنبياء 470 - 471.
يا مُوسَى، وطِّن نَفْسَك على الصَّمْت تُلَقَّى الحِكْمَة، وأَشْعِر قَلْبكَ التَّقْوَى تَنَل العِلْم، ورُضْ نَفْسَكَ على الصَّبْر تَخلُصْ من الإثْم.
يا مُوسَى، تَفَرَّغْ للعِلْم أنْ كُنْتَ تُريدُه؛ فإنَّما العِلْمُ لمَنْ تَفَرَّغ له، ولا تَكُونَنَّ مُكَاثِرًا بالمَنْطِق مِهْذَارًا، فإنَّ كَثْرة المَنْطِق يَشِيْن العُلَمَاء، ويُبْدي مَسَاوِئ السّخَطِ، وليكن عليك بالاقْتِصادِ، فإنَّ ذلك من التَّوْفِيق والسَّدَاد. واعْرض عن الجَاهِل، واحْلُم عن السُّفَهاء، فإنَّ ذلك فَعَال الحُكَمَاءِ، وزَيْن العُلَمَاءِ، وإذا شَتَمكَ الجَاهِلُ فاسْكُت عنه حلْمًا، وجَانبْهُ حَزْمًا، فإنَّ ما بقي من جَهْلهِ عليكَ وشَتْمه إيَّاكَ أكْثَر وأعْظَم.
يا ابن عِمْرانَ، ولا ترى أنَّكَ أُوتيتَ من العِلْم إلَّا قَليلًا فإنَّ الانْكلافَ (a) والتَّعَسُّفَ من الاقْتِحام والتَّكَلُّف.
يا ابن عِمْرانَ، لا تَفْتَحنَّ بابًا لا تَدْري ما غَلْقُه، ولا تُغْلقنَّ بابًا لا تَدْرِي ما فَتْحُه.
يا ابن عِمْرانَ، مَنْ لا تَنْتَهي من الدُّنْيا نَهْمَتُه، ولا تَنْقَضي منها رَغْبَتُه، كيف يَكُون عَابِدًا!؟ ومَنْ يَحْقِر حَالَهُ، ويتَّهمُ اللَّهَ عز وجل فيما قَضَى له، كيف يكُون زَاهِدًا!؟ هل يكُفّ عن الشَّهَواتِ مَنْ قد غَلَبَ عليه هَوَاهُ؟ أو يَنْفَعُه طَلَب العِلْم والجَهْل قد حَوَاهُ؟ لأنَّ سَفَره إلى آخرته وهو مُقْبِلٌ على دُنْياه.
يا مُوسَى، تَعَلَّم ما تَعَلَّمْتَ لتَعْمَل بهِ، ولا تَعَلَّمه لتُحَدِّث بهِ، فيكُون عليك بُوره، ويكُون لغيركَ نُوره.
(a) كذا في الأصل، ولم أقف على معناه في معاجم اللغة، وترد فيما بعد -في رواية أخرى-: الاندلاث: ومعناه التقدُّم.
يا مُوسَى، اجْعَل الزُّهْدَ والتَّقْوَى لباسَك، والعِلْم والذِّكْرَ كَلَامَكَ، واسْتَكْثر من الحَسَناتِ؛ فإنَّك مُصِيْبُ السَّيِّئَاتِ، وزَعْزِع ما بالخَوْفِ قَلْبَك، فإنَّ ذلك يُرْضِي ربَّك، واعْمَل خَيْرًا فإنَّك لا بُدَّ عَامِلٌ شَرًّا. وقد وَعَظْتُ إنْ حَفِظْتَ. قال: فتَولَّى الخَضِر عليه السلام حَزِينًا مَكْبُوتًا يَنْظُر.
أخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي الحَلَبِيُّ، بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن نَصْر بن مَنْصُور بن عليّ بسَمَرْقَنْد، قال: أخْبَرَنا السَّيِّدُ أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَيْد الحُسَيْنيُّ البَغْدَاديُّ إمْلاءً بسَمَرْقَنْد، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوبَ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ اليَقْطِيْنيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُعَافَى الصَّيْدَاوِيّ بِصُوْر، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن يَحْيى الوَقَّار، قال: قُرئ على عَبْدِ اللَّه بن وَهْب، وأنا أسْمَعُ، قال الثَّوْرِيّ: قال مُجَالِد: قال أبو الوَدَّاكِ، قال أبو سَعيدٍ الخُدْرِيّ: قال عُمَرُ بن الخَطَّابِ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال أخي مُوسَى عليه السلام: يا رَبّ، وذَكَر كَلِمةً فأتاهُ الخَضِرُ، وهو فَتًى طَيِّبُ الرّيح، حَسَنُ بَيَاضِ الثِّيَابِ؛ مُشَمِّرُها، فقال: السَّلامُ عَليْك ورَحْمَة اللَّه يا مُوسَى بن عِمْران، إنَّ رَبّكَ يقرأُ عليكَ السَّلامَ، قال مُوسَى: هو السَّلامُ، وإليه السَّلَامِ، والحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العالَمِين الّذي لا أُحْصِي نِعَمَهُ، ولا أَقْدرُ على شُكْره إلَّا بمَعُونَته، ثمّ قال مُوسَى عليه السلام: أُرِيْدُ أنْ تُوصيني بوَصِيَّةٍ يَنْفَعُني اللَّهُ بها بعدَكَ، قال الخَضِرُ:
يا طَالِبَ العِلْم، إنَّ القَائِلَ أقلَّ ملَالةً من المُسْتَمِع، فلا تُمِل جُلَسَاءك إذا حَدَّثْتَهم، واعْلَم أنَّ قَلْبَكَ وِعَاءٌ فَارِغٌ، فانْظُر ماذا تَحْشُو به وِعَاءَكَ، وانْحَرف عن الدُّنْيا وانْبِذها؛ فإنَّها ليْسَت لك بدَارٍ، ولا لكَ فيها مَحَلّ قَرار، وإنَّما جُعِلَتْ بُلْغَةً للعِبَادِ، وتَزوَّد منها للمعَاد، ورُضْ نَفْسَك على الصَّبْر تَخْلص من الإثْم.
يا مُوسَى، تفرَّغ للعِلْم إنْ كُنْتَ تُريده؛ فإنَّ العِلْم لمَن تَفَرَّغ له، ولا تكُوننَّ مِكْثارًا بالمَنْطِق مِهْذَارًا، فإنَّ كَثْرة المَنْطِق تَشِيْن العُلَمَاء، وتُبْدي مَسَاوئ السُّخَفاءِ، ولكن عليكَ بالاقْتِصَادِ؛ فإنَّ ذلك من التَّوْفِيقِ والسَّدَاد، واعْرض عن الجُهَّالِ وبَاطِلهِم، واحْلُم عن السُّفَهاء، فإنَّ ذلك فِعْلُ الحُلَماءِ، وزَيْنُ العُلَمَاءِ، إذا شَتَمكَ الجَاهِل فاسْكُت عنه حلْمًا، وجَانبْهُ حَزْمًا، فإنَّ ما بَقي من جَهْلهِ عليك وسَبِّهِ إيَّاكَ أعْظَم.
يا ابن عِمْران، ولا ترى أنَّك أُوْتِيت من العِلْم إلَّا قَليلًا؛ فإنَّ الانْدِلاثَ والتَّعَسُّف من الاقْتحَام والتَّكَلُّف.
يا ابن عِمْران، لا تَفْتَحنَّ بابًا لا تَدْرِي ما غَلْقُهُ، ولا تُغْلقنَّ بابًا لا تَدْري ما فَتْحهُ.
أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ السِّنْجِيّ، وأبو مُحَمَّد بَخْتِيار بن عبد اللَّه الهِنْدِيُّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن إسْمَاعِيْل التَّكَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنَا عُثْمان بن أحْمَد السَّمَّاكُ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَمْرو، قال: سَمِعْتُ بِشْر بن الحَارِث يَقُول: قال مُوسَى للخَضِر عليهما السلام: أَوْصِنيّ، قال: سَتَرَ اللَّهُ عليكَ طَاعَتهُ.
أخْبَرَنَا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميُّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن منْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِرٍ الشَّاهِدُ بقِرَاءَتي عليه في دار أبيهِ الخَلِيل، ح.
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 416 - 417.
وأنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن عليّ التَّاجر، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن عُمَر بن رَوْح بن عليّ النَّهْرَوَانيّ بها، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن مَخْلَد العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ كَثِيْرَ بن الحَارِث يَقُول: لمَّا ودَّعَ الخَضِر دَاوُدَ عليهما السلام، قال: سَتَر اللَّهُ عليكَ طَاعَتَكَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبِهِ تَوْفِيقِي
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد صَقْرُ بن يَحْيَى بن صَقر الحَلَبِيُّ قاضي مَنْبِج، قال: أنْبَأنَا الخَطِيبُ أبو طَاهِر هاشِمُ بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن هاشِم الحَلَبِيُّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الأسْوَار عُمَر بن مُنَخَّل الدَّربَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي نصْر بن أبي بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عَبْد الغَفَّار، وتَمِيْم بن عَبْدِ الوَاحِد، وعُمَر بن أحْمَد بن عُمَر الأصْبَهَانِيُّونَ بها، قالوا: أخْبَرَنَا أبو سَعيد مُحَمَّدُ بن عليَّ بن عَمْرو بن مَهْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن المَحْمُودِيّ مُحَمَّدُ بن مَحْمُود بن عَبْد اللَّهِ الفَقِيهُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر بن هِشَام الرَّازِيّ بمَرْوَ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن العَلَاء بن هِلَالٍ القَاضِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن عَبْد اللَّهِ، ح.
قال أبو سَعِيد: وأخْبَرَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن الحَسَنِ بن أَيُّوب النَّقَّاشُ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر الضَّحَّاكُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن مَيْمُون العَطَّارُ، قال: حدَّثَنَا أبو الخَطَّابِ سَالِم بن عَبْد اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة بن الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن زِيَاد الأَلْهَانيّ (a)، عن أبي أُمَامَةَ
(1)
: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ذات يَوْمِ لأصْحَابهِ: ألَا أُحَدِّثكم عن الخَضِر؟ قالوا: بَلَى يا رسُول اللَّهِ، قال: بينا هو ذات يَوْم يَمْشِي في سُوق من أسْوَاقِ بَنِي إِسْرَائِيل، إذا أَبْصَرَهُ رَجُلٌ مُكَاتَبٌ، فقال: تَصَدَّق عليَّ بارك اللَّهُ فيك، فقال الخَضِرُ: آمَنْتُ باللَّهِ، ما يُرد اللَّهُ من أمْرٍ يكُن، ما عندي من شيء أُعْطيْكهُ، فقال المِسْكِينُ: أسألُكَ بوَجْهِ اللَّهِ أنْ
(a) الأصل: الأرهاني، وصوابه المثبت؛ المحدث الحمصي المشهور، انظر الإصابة 2:120.
_________
(1)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 16: 417، وابن كثير في البداية والنهاية 1: 330، وابن حجر في الإصابة 2:120.
تَتَصَدَّقَ عليَّ، إنِّي نَظَرتُ إلى سِيْماء الخَيْر في وَجْهِكَ، ورجَوْتُ البَرَكَة عندَكَ. فقال الخَضِرُ: آمنْتُ باللَّهِ، ما عندي شيء أُعْطيكَ إلَّا أنْ تأخُذني فتَبِيْعَني، قال المِسْكِين: فهل يَسْتَقيمِ هذا؟، قال: نعم. الحقُّ أقُول لك، لقد سَألتني بأمرٍ عَظيم، أمَا إنِّي لا أُخَيِّبُكَ بوَجْهِ رَبِّيّ، فبِعْني! فقَدَّمَهُ إلى السُّوق فباعَهُ بأرْبَعمائة دِرْهَم، قال: فمكُث عند المُشْتَري زَمَانًا لا يَسْتَعملُه في شيءٍ، فقال الخَضِرُ: إنَّما ابْتَعْتَني الْتِمَاس خَيْري؛ فاوْصِني بعَمَل، قال: أكْرَهُ أن أشُقّ عليك، قال: ليس يَشُقّ عليّ، فقال: اضْرب من اللِّبن لبَيْتِي حتَّى أقدَم عليكَ، ومَضَى الرَّجُل لسَفَره، فرجَع وقد شيَّدَ بناءَهُ، قال: أسْألكَ بوجْهِ اللَّه ما حَسْبُكَ
(1)
، وما أمرُكَ؟ قال: سَألتَني بوَجْهِ اللَّهِ، ووَجْهُ اللَّهِ أوْقَفني فِى العبُوديَّةِ، وقال الخَضِر: سَأُخبركَ مَنْ أنا، أنا الخَضِر الّذي سَمِعْتَ بهِ، سَألنيِ مِسْكِينٌ صَدَقَةً، فلم يكُن عندي شيء أُعْطيه، فسَألني بوَجْهِ اللَّه فأمْكَنْتُه من رَقَبتي فباعَنيّ، فأُخبرك أنَّهُ مَن سُئل بوَجْهِ اللَّهِ فردَّ سائلَهُ وهو يَقْدر، وَقَف يَوْم القِيامَة جلْد ولا لَحْم إلَّا عَظْم يتقَعْقَع، فقال الرَّجُل: آمنْتُ باللَّهِ، شقَقْتُ عليك يا رسُول اللَّهِ ولم أعْلَم!. فقال: لا بأس أبْقَيْتَ (a) وأحْسَنْتَ، فقَال الرَّجُل: بأبي أنتَ وأُمِّي يا رسُول اللَّهِ، أُحْكم في أهلي ومالي بما (b) أرَاكَ اللَّه، أو (a) أُخيِّركَ فأُخْلي سَبِيلك، فقَال: أُحبُّ أنْ تُخْلي سَبِيْلي فأعْبد اللَّه، فخَلَّي سَبِيلَهُ، فقال الخَضِر: الحَمْدُ للَّهِ الّذي أوْقَعَني في العبُودِيَّة وأنْجَاني منها.
وفي هذا دَلِيْل على أنَّ الخَضِر كان نَبيًّا مُرْسَلًا لقَوْله: يا رسُول اللَّه، في إخبار رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قَوْل القَائِل: يا رسُول اللَّه.
(a) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن عساكر وابن كثير وابن حجر.
(b) في المتن: ما، والمثبت مما كتبه ابن العديم تصويبًا في الهامش، وهو موافق لابن عساكر وابن كثير وابن حجر.
(c) في المتن: أن، والمثبت من الهامش، ومثله عند ابن عساكر وابن كثير وابن حجر.
_________
(1)
في تاريخ ابن عساكر 16: 417 والإصابة 2: 120: ما سببك، وفي البداية والنهاية 1: 330: ما سبيلك.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْدِ اللَّه بن كَادِشٍ العُكْبَرِيّ، قال: أخْبرنا مُحمّد بن الحُسَين الجَازِريّ، قال: أخْبرَنا المُعَافَى بن زَكَريَّاء الجَرِيْريّ القَاضي
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عليّ بن مِهْرَان، قال: حَدَّثَنَا عَامِرُ بن فُرَات، عن أسْبَاط، عن السُّدِّيّ، قال: كان مَلِكٌ، وكان له ابن يُقالُ له الخَفِرُ، وإلْيَاس أخُوه أو كما قال. قال: فقال النَّاسُ للمَلِكِ: إنَّك قد كَبرْتَ وابنُك الخَضر لا يَدخْل في مُلْكِكَ، فلو زَوَّجْتَهُ لكي يكُون وَلَدُه مَلِكًا بَعْدَك؟ فقال له: يا بنيّ، تَزَوَّج، قال: لا أُرَيد، قال: لا بُدَّ لك، قال: فزَوِّجْني، فزَوَّجَهُ امرأةً بِكْرًا، فقال لها الخَضِر: إنَّهُ لا حَاجَةَ لي في النِّسَاء، فإنْ شِئْت عَبدت اللَّهَ معي وأنت في طَعَام المَلِك ونَفَقته، وإنْ شِئْتِ طَلَقتُك؟ قالت: بل أعْبُدُ اللَّه مَعَكَ، [قال] (a): فلا تُظْهري سِرِّي فإنَّكِ إنْ حَفِظْتِ سِرِّي حَفظَكِ اللَّهُ، وإنْ أظْهَرْت عليه أهْلَكِ أهْلَكَكِ اللَّه، فكانت معه سَنَةً لَم تَلِدِ، فدَعَاها المَلكُ، فقال: أنْتِ شَابَّةٌ، وابني شَابّ، فأينَ الوَلَدُ، وأنْتِ من نسَاءٍ وُلَّدٍ؟ فقالت: إنَّما الوَلَدُ بأمْرِ اللَّهِ، ودَعَا الخَضر فقال له: أينَ الوَلَدُ يا بنيّ؟ قال: الوَلدُ بأمْرِ اللَّهِ، فقيل للمَلِكِ: فلعلَّ هذه المَرْأة عَقِيمُ لا تَلِدُ، فزَوِّجْهُ امرأةً قد ولدتْ، فقال للخَضِر: طَلِّق هذه، فقال: تُفَرِّق بيني وبينها وقد اغْتَبَطْت بها؟! قال: لا بُدَّ، فطَلَّقَها، ثُمَّ زوَّجَهُ ثَيِّبًا قد ولَدَتْ، فقال لها الخَفِرُ كما قال للأُوْلى، فقالت: بل أكُون معك.
فلمَّا كان الحَوْل دَعَاها فقال: إنَّك ثَيِّبٌ قد وَلَدْتِ قَبل ابني فأين وَلَدُكِ؟ فقالت: هل يكُون الوَلَدُ إلَّا من بَعْلٍ؟ وبَعْلي مُشْتَغِلٌ بالعِبَادَة لا حَاجَةَ له في
(a) إضافة من كتاب المعافى.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 1: 294 - 296، والحكاية عند ابن عساكر 16: 418 - 420، وابن كثير: البداية والنهاية 1: 331.
النِّسَاء. فغَضِبَ الملكُ وقال: اطْلُبُوهُ، فهَرَبَ، فطلَبَهُ ثلاثةٌ، فأصَابَهُ اثْنان منهم، فطَلَب إليهما أنْ يُطْلِقَاهُ، فأبيا، وجاءَ الثَّالثُ فقال: لا تَذْهَبا به فلعَلَّهُ يَضْربُه وهو وَلَدُه، فأطْلَقَاهُ، ثمّ جاؤُوا إلى المَلِك فأخْبَره الاثْنان أنَّهما أخَذَاهُ وأنَّ الثَّالثَ أَخذَهُ منهما. فَحَبسَ الثَّالثَ، ثمّ فَكَّرَ الَملِكُ فدَعَا الاثنين، فقال: أنتما خَوَّفْتُما ابني حتَّى ذَهَبَ، فأمَر بهما فقُتِلا، ودَعَا بالمَرْأةِ فقال لها: أنْتِ هرَّبْتِ ابني، وأفْشَيْتِ سِرَّهُ، لو كَتَمْتِ عليه لأقام عندي، فقَتَلها، وأطْلَق المَرْأةَ الأُوْلَى والرَّجُل. فذَهَبتِ المَرْأهُ فاتَّخَذَتْ عَرِيشًا على باب المَدِينَةِ، فكانت تَحْتَطبُ وتَبِيْعُه ونتقَوَّتُ بثَمنهِ، فخرَجَ رَجُلٌ من المَدِينَة فَقِيْرٌ، فقال: بِسْم اللَّه. فقالت المَرْأة: وأنْتَ تَعْرف اللَّه؟ قال: أنا صَاحِبُ الخَضِر، قالت: وأنا امْرأةُ الخَضِر، فتزوَّجَهَا ووَلدَتْ له، وكانت مَاشِطَة ابنةِ فِرْعَوْن.
فقال أسْبَاط، عن عَطَاء بن السَّائِب، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاسٍ: إنَّها بينا هي تمشُط ابْنَة فِرْعَون سَقَط المشْطُ من يَدها، فقالت: سُبْحان رَبِّي، فقالت ابنَةُ فِرْعَون: أبي؟ قالت: لا، رَبِّي ورَبُّ أبيكِ، فقالت: أُخْبِرُ أبي؟ قَالت: نَعَم، فأخْبَرتْهُ، فدَعَا بها فقالْ ارْجعي، فأبَتْ. فدَعا بنقْرةٍ (a) من نُحاسٍ وأخَذَ بعضَ وَلدها فرَمَى به في النُّقْرَة وهى تَغْلي، ثُمَّ قال: لها: تَرْجِعينَ؟ قالت: لا، فأخَذَ الوَلَد الآخر حتَّى ألْقَى أوْلادَها أجْمَعِين، ثُمَّ قال لها: تَرْجِعين، قال: لا، فأمَرَ بها، قالت: إنَّ لي حَاجَةً، فقال: وما هي؟ قالت: إذا ألْقَيْتَني في النُّقْرَة، تأمر بالنُّقرَهَ أنْ تُحْمَل ثُمّ تُكْفى (b) في بَيْتي الّذي على بابِ المَدِينَة، وتُنَحِّى النُّقْرة، ويُهْدم البَيْت عَلَينا حتَّى تكُون قُبُورنا، فقال: نَعَم، إنَّ لك علينا حَقًّا، قال: ففَعَل بها ذلك.
(a) في تاريخ ابن عساكر حيثما ترد: بقرة.
(b) الجليس الصاع: تطفأ.
قال ابنُ عبَّاسٍ
(1)
: قال النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسمَّ: مَرَرتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي فشَمَمْتُ رَائحةً طَيِّبةً. فقُلتُ: يا جِبْرِيل، ما هذا؟ فقال: هذا رِيْحُ مَاشِطَة [ابنَة](a) فِرْعَونَ ووُلدِها.
أخْبَرَنا سُليْمانُ بن الفَضْل في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أنْبَأنَا أبَوا مُحَمَّد عبد اللَّه بن أحْمَدُ بن عُمَر، وهِبَةُ اللَّه بن أحْمَدُ (b) بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد المَلِك القُرَشيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر أحمد بن السَّرْح، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن وَهْب، عمَّن حَدَّثَهُ، عن ابن عَجْلان، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، قال: بينما عُمَر بن الخطاب يُصَلِّي على جنَازةٍ، إذ بهَاتفِ يَهْتفُ من خَلْفه: لا تَسْبقنا بالصَّلاة يَرْحَمكَ اللَّهُ. فانْتَظرَهُ حتَّى لَحِقَ بالصَّفِّ، فكَبَّرَ عُمَرُ، وكَبَّر معه الرَّجُل، فقال الهَاتِفُ: إنْ تُعذِّبهُ فكَثِيْر (c) عَصَاك، وإنْ تَغْفِرِ له ففَقِيْر (d) إلى رَحْمتك، قال: فنَظَر عُمَر وأصْحَابُه إلى الرَّجُل، فلمَّا دُفِنَ المَيِّتُ وسَوَّى الرَّجُل عليه من تُرَاب القَبْر، قال: طُوْبَى لكَ يا صَاحِب القَبْر، إنْ لَم تكُن (e) عَريْفًا أو جَابيًا أو خَازِنًا أو كَاتبًا أو شُرْطِيًّا، فقال عُمَر خُذوا لي الرَّجُل نَسْألهُ عن صَلَاته وكَلَامه هذا عمَّن هو؟ قال: فتَوَارى عنهم، فنَظَرُوا فإذا أثَرُ قَدَمهِ ذِرَاعٌ، فقال عُمَر هذا واللَّه الخَضرُ الّذي حَدَّثَنَا عنه رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر أحْمَدُ بن
(a) إضافة من ابن حبان وكتاب المعافى.
(b) الأصل: محمد، والمثبت من ابن عساكر، وهو المشهور بابن الأكفاني.
(c) ابن عساكر: فبكثير.
(d) ابن عساكر: فقير.
(e) ابن عساكر: يكن.
_________
(1)
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 7: 163 - 164 (رقم 3903، 3904).
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 424 - 425.
عُمَر بن مُحَمَّد الحافِظ بأصْبَهَان بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عَبْد العَزيْز بن عليّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن رِزْقُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ حَامِدُ بن مُحَمَّد الرَّفَّاء الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن أحْمَد بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد في جَمِيل الهَرَويّ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد، عن يَزِيد الأصَمّ، عن عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، قال: بينا أطُوف بالكَعْبَة إذا رَجُل مُتَعَلِّقُ بأسْتَار الكَعْبَة وهو يَقُول: يا مَنْ لا يَشْغَلهُ سَمْعٌ عن سَمْعٍ، يا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ السَّائلُون، يا مَن لا يُبْرمُهُ إلْحَاحُ المُلِحِّين، أَذِقْنِي بردَ عَفْوِكَ وحَلَاوةَ رَحْمتكَ، فقال عليّ: أَعِدْ عليَّ الكَلَامَ يا عَبْدَ اللَّهِ، قال: وسَمِعْتَ؟ فقال: نَعم، قال: والّذي نفسُ الخَضِر بيَده -وكان هو الخَضِر- ما من عَبْدٍ يقُولهُنَّ فِي دُيُ الصَّلاة المَكْتُوبةِ إِلَّا غَفَر اللَّهُ له ذُنوبَهُ وإنْ كانت مثْلَ رَمْل عَالِج، أو مثْل زبَد البَحْر، أو مثْل عَدَدِ وَرَق الشَّجَر.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ بدِمَشْق وأنا أسْمَعُ، قال: أنْبَأْنَا عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبراهيم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء اللَّه، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد ابن شَيْخ الإسْلَام مَحْمُود بن المُلثَّم بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ (a)، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قالا (b): أنْبَأنَا أبو الحَسَنِ عليُّ بن الحُسَيْن الفَرَّاءُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن
(a) بعده في الأصل: "قال أخبرنا وأبو. . . "، ويتكرر كثيرًا اشتراك البوصيري والأرتاحي في الرواية عن الفراء.
(b) الأصل: قال.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 436.
إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْاوَان المالِكِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْمَاعِيل التِّرمِذيّ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن إسْماعِيْلِ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أبي الأسْوَد، عَنِ مَحْفُوظ بن عَبْدِ اللَّهِ الحَضْرَميّ، عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: بينما عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه يَطُوفُ بالكَعْبَة إذا هو برَجُلٍ مُتَعَلّقٌ بأسْتَار الكَعْبَة وهو يَقُول: يا مَنْ لا يَشْغَلُه سَمْعٌ عن سَمعٍ، ويا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ السَّائِلُونَ، يا مَنْ لا يتبرَّم بإلْحَاحِ المُلِحِّيْنَ، أَذِقْني بَرد عَفْوكَ وحَلَاوة رَحْمتكَ. قال: فقال له عليٌّ عليه السلام: يا عَبْد اللَّهِ، دُعاؤكَ هذا؟ قال: وقد سَمِعتَهُ؟ قال: نعَم، قال: فادْعُ به في دُبُر كُلّ صَلاةٍ، فوالّذي نَفْسُ الخَضِر بيَده لو كان عليكَ من الذُّنُوب عَدَد نُجُوم السَّماء ومطَرها، وحَصْبَاء الأرْضِ وتُرَابها، لغُفِرَ لك أسْرَع من طَرْفَة عَيْن.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ اللَّه بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زّكَرِيَّاء
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه (a) بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(3)
، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إبْراهيم البَاهِلِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن بَكْر السَّهْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بن فُرَافِصَة، قال: كان رجُلان يَتَبايَعان عند عَبْدِ اللَّه بن عُمَر، فكان أحَدُهما يُكْثر الحلِفَ، فَمَّر عليهم رَجُلٌ فقام عليهما، فقال للَّذي يُكْثر الحَلِفَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، اتَّق اللَّهَ ولا تُكْثر الحلَفَ، فإنَّهُ لا يَزِيدُ في رِزْقِكَ إنْ حَلفْتَ، ولا يُنْقِصُ من رِزْقك إنْ لَم تَحْلف،
(a) الجليس الصالح: عبد اللَّه، والمثبت كما عند ابن عساكر.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 23.
(2)
الجليس الصالح 2: 148 - 149، وتاريخ ابن عساكر 16: 428 - 429.
(3)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة مكارم الأخلاق) 1: 312 - 313.
قال: امْضِ لِمَا يَعْنِيكَ. قال: إنَّ ذا ممَّا يَعْنِيْني، فلمَّا أخَذ ينصَرف عنهما، قال: اعْلَم أنَّهُ من آيةِ الإيْمان أنْ تُؤثر الصِّدْقَ حيثُ يَضرُّك على الكَذِب حيثُ يَنْفَعُكَ، وأنْ لا يَكُون في قَوْلكَ فَضْل على عَملك، واحْذَرِ الكَذِبَ في حَدِيث غَيْرك، ثمّ انْصَرَفَ. فقال عَبْدُ اللَّه بن عُمَر لأحَدِ الرَّجُلَيْن: الْحقهُ فاسْتَكتبْهُ هؤلاء الكَلِمَات، فقام فأدْرَكَهُ، فقال: أكْتِبْني هؤلاءَ الكَلِمَات رَحِمكَ اللَّهُ، قال: ما يُقَدِّرُه اللَّهُ من أمرٍ يَكُن، قال: فأعادَهُنَّ عليَّ حتَّى حَفِظْتهُنَّ، ثمّ مَشَى معه حتَّى إذا وَضَع رِجْلَهُ في باب المَسْجِد فَقَدَهُ، قال: فكأنَّهُم كانُوا يَرَونَ أنَّهُ الخَضِر أو إلْيَاس.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ اللَّه بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْحِ الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل مَحْمُود بن عُمَر بن مَحْمُود العُكْبَرِيّ، قال: حَدَّثَنى أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن يَنَال البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن سُلَيمان المَاوَرْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن المُخَرِّميّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بن رَوْح، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن حَبِيْب الحَارِثِيّ، عن سَعْد بن سَعْد (a)، عن أبي طَيْبة (b)، عن كُرْز بن وَبْرَة، قال: أتَاني أخٌ لي من أهْلِ الشَّام فقال لي: يا كُرْز، اقْبَل منِي هذه الهَدِيَّة فإنَّ إبْراهيم التَّيْمِيّ (c) حَدَّثَني قال: كُنْتُ جالِسًا في فنَاءَ الكَعْبَة أُسَبّح وأُهَلِّل، فجاءني رَجُلٌ فسَلَّم عليَّ، وجَلَسَ عن يَميْني، فلَم أرَ رَجُلًا أحْسَن وَجْهًا منه، ولا أطْيَبَ منه رِيْحًا، فقُلتُ لَهُ: مَنْ أنتَ رَحِمكَ اللَّهُ؟ قال: أنا أخُوك الخَضِر، جِئْتُكَ لأُسَلِّم عليك، وأُعَرِّفُكَ أنَّ مَنْ قَرأ عند طُلُوع الشَّمْسِ وانْبِسَاطِها {الْحَمْدُ}
(1)
سَبْعَ
(a) في تاريخ ابن عساكر 16: 430: سعيد بن سعيد، وفي الإصابة 2: 135: سعد بن سعيد.
(b) مهملة في الأصل، وهو أحمد بن أبي طيبة عيسى الجرجاني (203 هـ). انظر ترجمته في تاريخ الطبري 3: 237، والثقات لابن حبان 8: 3، وتهذيب الكمال للمزي 1: 359 - 362، والمشتبه في الرجال 422.
(c) ابن عساكر: التميمي.
_________
(1)
سورة الفاتحة.
مَرَّاتٍ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(1)
سَبْع مَرَّات، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
(2)
سَبعَ مَرَّات، وآية الكُرْسيِّ سَبع مَرَّاتٍ، وقال: سُبْحَان اللَّه، والحَمْدُ للَّهِ، ولا إلَه إلَّا اللَّه، واللَّه أكْبَر، سَبْع مَرَّاتٍ، وصَلَّى على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْع مَرَّاتٍ، واسْتَغْفَر لنَفْسِه ولوَالدَيْهِ ولجميع المُسْلمِيْن والمُسْلمات والمُؤْمنِيْن والمُؤمِنات سَبْع مَرَّاتٍ، حازَ من الأجْرِ ما لا يَصفُه الوَاصفُونَ.
فقُلْتُ للخَضِر عَلِّمني شيئًا إنْ عَمِلتُه رَأيْتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في مَنَامي. فقال: أفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، إذا أنْتَ صَلَّيْتَ المَغْرب فوَاصِل الصَّلاةَ إلى عِشَاءِ الآخرة، ولا تُكلِّم أحدًا، وسَلِّم من كُلِّ رَكْعَتين، واقْرأ في كُلِّ رَكْعَةٍ ما تَيَسَّرَ من القُرآن، فإذا انْصَرفْتَ إلى مَنْزِلكَ، فصَلِّ فيه رَكْعَتين خَفِيْفَتَيْن ثمّ ارْفع يديكَ إلى رَبِّكَ وقُل: يا حَيُّ، يا قَيُّوم، يا ذا الجَلَالِ والإِكْرَام، يِا إله الأوَّلين والآخرين، يا رَحْمن الدُّنْيا والآخرة ورَحيمهما، يا رَبّ، يا رَبّ، يا ربّ، يا اللَّه، يا اللَّه، يا اللَّه، صَلِّ على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد، وافْعَل ذلك وأنتَ مُسْتَقْبل القِبْلَة، ونَم على شقّك الأيْمَن حتَّى تَغْرَق في نَومِكَ وأنْتَ تُصَلّي على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال: ففَعَلْتُ ذلك فذَهَبَ عِنِّي النَّوْم من شِدَّة الفَرَح، فأصْبَحْتُ على تلك الحال، حتَّى صَلَّيْتُ الضُّحَى، ثُمّ وَضَعْتُ رَأسِي فذَهَبَ بي النَّوْم، فأتَاني النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأخَذَ يدِي وأجْلسَني، فقُلتُ لَهُ: يا رسُول اللَّهِ، إنَّ الخَضِر عليه السلام أخْبَرَني بكذا وكذا، فقال: صَدَقَ الخَضِرُ، قالها ثلاثًا، وكُلّ ما يَحْكِيه الخَضِر حَقٌّ وهو عَالَم أهْل الأرْض، ورَأسُ الأبْدَال، وهو من جُنُودِ اللَّهِ في الأرْض.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَرُ بن أبي الحَسَن البِسْطَاميّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن،
(1)
سورة الإخلاص، الآية 1.
(2)
سورة الكافرون، الآية 1.
قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ
(1)
، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ الحِيْريُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قال: أَخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ المَيَانِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن المُطَرِّف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين العَسْقَلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: اشْتَكى مُحَمَّد بن السَّمَّاك، فأخَذْنا ماءَهُ، وانْطَلَقنا إلى طَبِيْب نَصْرَانِيّ، فبينا نحنُ بين الحِيْرَة والكُوفَة اسْتَقْبَلَنا رَجُلٌ حَسَنُ الوَجْهِ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، نِقيُّ الثَّوب، فقال لنا: إلى أينَ تَمرُّون؟ فقُلْنا: نُريد فُلَانَ الطَّبِيْبَ نُريهِ ماءَ ابن السَّمَّاكِ، فقال: سُبْحَان اللَّهِ، تَسْتَعِيْنُونَ بعَدُوِّ اللَّهِ على وَلِيّ اللَّهِ، اضْربُوه الأرْضَ، وارْجعُوا إلى ابن السَّمَّاكِ، وقُولوا له: ضَعْ يَدَكَ على مَوضِع الوَجَع وقُلْ: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}
(2)
، ثُمَّ غابَ ولَم نَرَهُ، فرجَعْنا إلى ابن السَّمَّاكِ، فأخْبَرناهُ بذلك، فوَضَع يدَهُ على مَوضِع الوَجَعِ، وقال ما قال الرَّجُلُ، فعُوفي في الوَقْتِ، وقال: ذاك الخَضِر عليه السلام.
نَقَلْتُ من خَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّه بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ قاضي مَعَرَّة النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَعيد بن الشَّفَق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بن كَعْب يَقُول: قَفَلْنا من غَزَاةٍ لنا فنَزَلنا تَلَّ سُوَيْدِ، قال: فنَام أصْحَابي وبَقِيْتُ أنا، قال: فإذا بهَاتفٍ يَهْتفُ من وَراءِ التَّلِّ وهو يَقُول: سُبْحَان خَالِق النُّور، سُبْحان مُدَبِّر الأُمُور، سُبْحان بَاعِثِ مَنْ في القُبُور، طُوْبَى لمَن يَسْكُن الثُّغُور، قال: فأيْقَظْتُ أصْحَابي فأخْبَرتهم، قال: فدُرْنا على التَّلِّ على أنْ نَرَى أحدًا فلَم نَرَ أحدًا، فظَنَنا أنَّهُ الخَضِرُ عليه السلام.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، فيما أجَازَهُ لنا، وسَمِعْتُ منه بعضَهُ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِمِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللَّهِ الحافِظُ، قال: سَمِعْتُ أبا
(1)
الرسالة القشيرية 173 (نشرة دار الكتاب اللبناني).
(2)
سورة الإسراء، من الآية 105.
الحَسَن بن مِقْسَمِ يَحْكِي عن أبي مُحَمَّد الجَرِيْريّ، قال: سَمِعْتُ أبا إسحاق المَارَسْتَانِيّ يَقُول: رأيْتُ الخَضِر عليه السلام فعلَّمَني عَشر كَلِمَات وأحْصَاهَا بيَدِه: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الإقْبَال عليك، والإصْغَاء إليكَ، والفَهْم عنك، والبَصِيْرة في أمركَ، والنَّفَاذ (a) في طَاعَتك، والمُوَاظَبة على إرَادتكَ، والمُبَادَرة في خِدْمتكَ، وحُسْنَ الأدَب في مُعَاملتكَ، والتَّسْلِم والتَّفْوِيض إليكَ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَد بن مُقَاتِل السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عبد الرَّحْمن بن الحُسَين بن مُحَمَّد العَطَّار، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا إسحاقُ بن إبْراهيم الأذْرَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن حُمَيْد العَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، قال: حدَّثني مُحَمَّد بن جَامِع، قال: بَلَغَنا أنَّ الخَضِر عليه السلام بينا هو يُسَاير رَجُلًا إذْ جَلَسا للغَدَاءِ، فإذا بينهما شَاةٌ مَشْوِيَّةٌ، فلَم يرَوا مَنْ وَضَعَها، ممَّا يَلي الخَضِرُ قد شُوِيَ، وممَّا يلي الرَّفِيق نِيًّا لَم يُشْوَ، فقال له الخَضِرُ: إنَّك زعَمْتَ أنَّك لا تَنالُ رِزْقك إلَّا بالنَّصَب والعَنَاءِ فيه، فقُم فأَعِن به واشْوِه، أَمَّا أنا فقد كُفِيْته لأنِّي زَعَمت أنَّهُ مَنْ يَتَوكَّل على اللَّهِ كَفَاهُ؛ فقد كُفِيْتهُ.
كَتَبَ إلينا المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، إجَازَةً إنْ لَم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان الصَّابُونِيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِرُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاكِ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، [قال: حدَّثنا أحْمدُ] بن إبْراهيم (b)، قال: حَدَّثَنَا مُحْرِز بن حَيَّان (c)، عن
(a) الأصل: النفاد.
(b) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 16: 431، فالأول هو: أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء العبدي (ت 291 هـ)، انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2: 104، وتاريخ الإسلام 6: 1008، وهو يروي عن الثاني: أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي العبدي (ت 246 هـ)، ترجمته في: تاريخ بغداد 5: 9، تهذيب الكمال 1: 249 - 252.
(c) في هواتف الجنان لابن أبي الدنيا 40: محرز بن أبي خديج.
سُفْيان بن عُيَيْنَة، قال: رأيْتُ رَجُلًا في الطَّوَاف، حَسَن الوَجْهِ، حَسَن الثِّيَاب، مُنِيْفًا على النَّاسِ، قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: يَنْبَغي أنْ يكُون عند هذا عِلْم، قال: فأتَيْتُه فقُلتُ: تُعَلِّمنا شيئًا، لعلَّ شَيئًا؟ قال: فلم يُكَلِّمني حتَّى فَرَغَ من طَوَافه، قال: فأتَى المَقَام فصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْن خفَّفَ فيهما، ثُمَّ قال: أتدرُونَ ماذا قال رَبّكم؟ قال: قُلْنا: وماذا قال رَبُّنا؟ قال: أنا المَلكُ الّذي لا أَزُول، فهَلمُّوا إليَّ أجْعَلكم مُلُوكًا لا تَزُولُونَ، ثُمَّ قال: أتدرُونَ ماذا قال رَبّكم؟ قال: قُلنا: ماذا قال ربُّنا؟ قال: أنا المَلِكُ الحَيُّ الّذي لا أَمُوت، فهَلمُّوا إليَّ أجْعَلكم أحْيَاءً لا تَمُوتُونَ، ثُمَّ قال: أتدرُونَ ماذا قال رَبِّكم؟ قال: قُلنا: ماذا قال [رَبُّنا](a)؟ قال: أنا الّذي إذا أرَدْتُ أمْرًا أقُول له كُن فيكُون، يعني فهَلمُّوا إليَّ أجْعَلكم إذا أردتُم أمْرًا قُلْتم له: كُن، فيكُون.
قال ابنُ عُيَيْنَة: فذَكَرْتُه لسُفْيان الثَّوْرِيّ فقال: أمَّا أنا فعندِي أنَّهُ كان ذاك الخَضِر عليه السلام ولكن لَم يَعْقلْهُ.
أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْلُ بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَاحِد بن إسْمَاعِيْل الرُّويَانِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَر الخَبَّازِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن النَّهَاوَنْدِيّ الزَّاهِد (b) في ديَار المَغْرب يَقُول: لَقِيَ رَجُلٌ خَضِرًا النَّبِيّ عليه السلام، فقال له: أفْضَل الأعْمَال اتِّبَاع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم والصَّلاة (c) عليه، قال الخَضِر وأفْضَل الصَّلَوَات عليه ما كان عند نَشْرِ حَدِيثهِ وإمْلَائهِ، يُذْكَر باللِّسَانِ، ويُكْتب في الكتاب، ويُرْغب فيهِ شَدِيْدًا، ويُفْرَح به كَثِيْرًا، وإذا اجْتَمَعُوا لذلك حَضَرتُ ذلك المَجْلِس معهم.
(a) ساقطة من الأصل، والإضافة من تاريخ ابن عساكر.
(b) ابن عساكر: الزاهدي.
(c) ابن عساكر: فالصلاة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 432.
وقال عليّ بن أبي مُحَمَّد
(1)
: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن المَزْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَأْمُون، [قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبَابَة] (a)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر التَّمَّارُ، قال: أخْبَرَنا مِسْكِين أبو فاطِمَة، عن مُوَرّع بن مُوسَى، عن عَمْرو بن قَيْس المُلَائِيّ، قال: بينما أنا أَطُوفُ بالكَعْبَة إذا أنا برَجُل بارز من النَّاسِ وهو يَقُول: مَنْ أتَى الجُمُعَة فصَلَّى قبل الإمَام، وصَلَّى مع الإمَام (b)، وصَلَّى بعد الإمَام، ومَنْ أتى الجُمُعَة فصَلَّى مع الإمَام وصَلَّى بعد الإمَام (c) كُتِبَ من العَابِدِين، ومَنْ أتى الجُمُعَة فلَم يُصَلِّ قبل الإمَام ولا بعد الإمَام كُتِبَ من الغَابِرين، ثمّ ذَهَبَ فلم أرَهُ، فخَرَجْتُ من الصَّفَا أطْلَبه بأَبْطَح مَكَّة، فاحْتَبستُ عن أصْحَابي، فسَألوني فأخْبرتهم، قالوا: الخَضِر؟ قُلتُ: الخَضِر صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قراءةً من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيْف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن خَالِد، عن عُمَرِ بن عَبْد العَزِيْز القُرَشِيّ، قال: رأيْتُ الخَضِر صلى الله عليه وسلم يَمْشِي (d) مَشْيًا سَرِيعًا وهو يَقُول: صَبْرًا يا نَفْس، صَبْرًا لأيَّام تَنْفَد (e) لتلكَ الأيَّام الأبد، صَبْرًا لأيَّامٍ قِصَار لتلك الأيَّام الطِّوَال.
(a) سقط إسناده من الأصل، والإضافة من تاريخ ابن عساكر.
(b) قوله: "وصلى مع الإمام" لم يرد عند ابن عساكر.
(c) قوله: "ومن أتى الجمعة فصلى مع الإمام وصلى بعد الإمام" لم يرد عند ابن عساكر.
(d) الدينوري وابن عساكر: وهو يمشي.
(e) الأصل: ينفد، والمثبت من الدينوري وابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 431.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 431 - 432.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 321.
أخْبَرَنا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن السَّرِيّ بن يَحْيَى، عن ريَاح بن عَبِيْدة، قال: رأيْتُ رَجُلًا يُمَاشِي عُمَر بن عَبْد العَزِيْز مُعْتَمدًا على يَديْه، فقُلْتُ في نَفْسِي: إنَّ هذا لرَجُل كَافِي (a)، فلمَّا انْصَرَفَ من الصَّلاةِ قُلتُ: مَنْ الرَّجُل الّذي كان مُعْتمدًا على يَدِك آنِفًا؟ قال: وهل رأيتَهُ يا ريَاح؟ قُلتُ: نعم، قال: ما أحسِبُكَ إلَّا رَجُلًا صَالِحًا! ذاك أخي الخَضِر بشَّرَني أنِّي سَألِي وأَعْدِل.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أبي نُعَيم النَّسَوِيّ البُوَيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو عليّ مُحَمَّد بن القَاسِم بن معْرُوف، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه بن خَالِد، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه المَلَطِيّ إمَام مَسْجد الجَامِع بمِصْر، قال: حَدَّثَني أبي، قال: كان سَعيد الأدم يُصَلِّي في اليَوْم واللَّيْلة أَلْف ومائتي رَكْعَة، وكان قَطُوبًا عَبُوسًا، فاتَّصَل به عن أبي عَمْرو إِدْرِيس الخَوْلانِيّ، وكان رجُلًا صَالِحًا حَسَنِ الخُلْق، ولَم يكُن له اجْتِهَاد مثل سَعيد الأدم في الاجْتِهَادِ والعِبَادَة، وكان الخَضِر يَزُور إِدْرِيس الخَوْلانِيّ، فجاء إليه سَعيد فسَألَهُ واسْتَشْفَع به إلى الخَضِر ليكُون له صَدِيْقًا، قال: فقال له إِدْرِيس لمَّا رَآهُ: إنَّ سَعيد الأدم سَألني مَسْأَلتك (b) لتكُون له صَدِيْقًا، وأنا أسْألك أنْ تكُون له صَدِيْقًا وتَلْقاهُ فتُسَلِّم عليه، قال: فلَقِيَهُ وهو دَاخِل من باب البَرَادِع، فأخَذَ يَده بكلتي يَدَيهِ، وقال له: يا مَرْحَبًا يا أَبا عُثْمان، كيفَ أنتَ،
(a) كذا في الأصل، وعند يعقوب الفسوي وابن عساكر: جافي.
(b) تاريخ ابن عساكر: مُساءلتك.
_________
(1)
المعرفة والتاريخ 1: 577، وهو في تاريخ ابن عساكر 16: 432، وابن حجر: الإصابة 2: 135.
وكيف حَالُكَ؟ قال: فقال له سَعيْد: ما بَقِيَ إلَّا أنْ تَدْخُل في حَلْقي! قال: فالْتَفَتَ فلَم يَرَهُ، فعَلِم أنَّهُ هو الخَضِر، فكان غَرضُه (a) أنَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فخرَجَ سَعيد يُريد إِدْرِيس، وكان سَعِيْد يَدْخُل مع النَّجْم ويَخْرج مع النَّجْم، فصَلَّى الغَدَاةَ وخَرَجَ إلى إِدْرِيس، فوَجَدَ الخَضِر قد سَبَقَهُ إليه، فقال له: يا أبا عَمْرو، كان حالي مع سَعيد كَذَا وكذا، واللَّهِ لا رَآني بَعْدَها أبدًا، إنْ حُدِّثْت أنَّ جَبَلًا زال عن مَوضِعه فصَدِّق، وإنْ حُدِّثْتَ عن رَجُل أنَّهُ زَال عن خُلقه فلا تُصَدِّق.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد بن الشَّرْقيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، قال: أخْبَرَني عُبَيْدُ اللَّهِ بن عَبْد اللَّه بن عُتْبَةَ أنَّ أبا سَعيد الخُدْرِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا طَوِيْلًا عن الدَّجَّالِ، فقال فيما حدَّثنا: يأتي الدَّجَّالُ وهو مُحَرَّمٌ عليه أنْ يَدْخُل نقابَ المَدِينَة، فيخَرج إليه يومئذٍ رَجُل وهو خَيْر النَّاسِ أو من خَيْرهم، فيقُول: أشْهَدُ أنَّك أنْتَ الدَّجَّال الّذي حَدَّثَنَا رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحَدِيثه، فيقُول الدَّجَّالُ: أرَأيتُم إنْ قَتَلْتُ هذا ثُمَّ أحَيْيتهُ أتشكُّون في الأمْر؟ فَيقُولُونَ: لا، فيَقْتله، ثمّ يُحْييه، فيقُول حين يَحْيَى: واللَّهِ ما كُنْت أشَدّ بَصِيْرةً فيك منِّي الآن، قال: فيُريد قَتْلَه الثَّانيَة فلا يُسَلَّطُ عليه.
قال مَعْمَر: بَلَغَني أنَّهُ يُجْعَل على حَلْقه صَفِيْحَة نُحاسٍ، وبَلَغَني أنَّهُ الخَضِر الّذي يَقْتله الدَّجَّال ثمّ يُحْييهِ.
(a) الأصل: عرضه، والمثبت موافق لابن عساكر 16:433.
_________
(1)
صحيح ابن حبان 15: 211 - 212 (رقم 6801)، فتح الباري 4: 95 - 96 (رقم 1882)، الفردوس للديلمي 5: 450 (رقم 8705)، كنز العمال للمتقي الهندي 14: 306 (رقم 38777).
الخَضِرُ بن أحْمَد، أبو ذَرّ الطَّبَريّ
نَزَلَ طَرَسُوسَ، ورَوَى عن قَاضِيها أبي العبَّاسِ أحْمَد بن أبي أحْمَد القَاصّ، رَوَى عنهُ أبو إسحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الفَتْح الجِلِّيّ.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد اللَّه بن المُقَيِّر، عن الفَضْل بن سَهْلٍ الحَلَبِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْرٍ الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عُمَرُ بن إبْراهيم بن سَعيد الفَقِيهُ، قال: أخْبَرَنا أبو إسحاق إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن الفَتْحِ الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو ذَرّ الخَضِر بن أحْمَد الطَّبَريّ، قال: قال لي (a) أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن أبي أحْمَد الطَّبَريّ المَعْرُوف بابنِ القَاصّ: لا خِلَاف بين أهْل الفِقْهِ في قَبُول خَبَر الآحَادِ إذا عَدَلَتْ (b) نَقَلَتهُ، وسَلِمَ من النَّسْخِ حُكْمُهُ.
الخَضِرُ بن التُّونْتَاش الأقْرعَ بن أسَن بن بَكْلَار، أبو البَرَكَات الخَاقَانِيّ الأَمِير
أميرٌ فَاضِل، شَاعِرٌ حَسَنُ الشِّعْر، كان مُقِيْمًا بحَمَاة، وكان يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا. وسَمِعَ من عليّ بن ثَرْوَان الكِنْدِيّ، ومُسَافِر بن مُخْتَار الشَّيْزَرِيّ.
ذَكَرهُ العِمَاد أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِبُ في كتاب ذَيْل الخَرِيْدَة وسَيْل الجَرِيْدَة
(2)
، بما أخْبَرَنا به أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، إجَازَةً عنه، قال: أبو البَرَكَات خَضِر بن التُّونْتَاش، مَدَح صَفِيّ الدِّين بن القَابِض وأنْفَذَها إليه من حَمَاة إلى دِمَشْق يُهَنِّيه بشَهْر رَمَضَان سَنَة ثمانين:[من الرمل]
(a) عند الخطيب: قال أبي!.
(b) ضبط المؤلف، وفي كتاب الخطيب البغدادي: عُدِّلَتْ
_________
(1)
الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 1: 281.
(2)
لم يرد ذكره في المنتخب المنتقى من كتاب السيل والذيل على الخريدة للعماد الكاتب.
حَيّ بالخَيْفِ خيالًا زارَ وَهْنا
…
أخَذَ الخَوْفَ وأَعْطى الصَّبَّ أَمْنَا
أَرْسَلَ النَّوْمَ غِرَارًا رَيْثَما
…
بَذَلَ الوَصْلَ غُرُورًا واسْتَسَنَّا
يا لَهُ مِن طَارِقٍ تَحتَ الدُّجَى
…
كِدْتُ أحْظَى بالتَّمَنِّي لو تَأنَّى
يا أُصَيْحَابي علي الحُبِّ أمَا
…
من مُعِيْنٍ لفَتًى أضْحَى مُعَنَّى
كُلَّما رَاوَحَ أرْوَاحَ الصَّبَا
…
رَاحَ ذا شَوْقٍ إلى الإلْفِ وَحَنَّا
يَتَسَلَّى بأكاذِيْبِ المُنَى
…
فإذا جَنَّ عَليهِ اللَّيْلُ جُنَّا
لَائمي في الحُبِّ حَسْبي كَلَفي
…
لا تَزِدْني بَعْدَهُمْ شَوْقًا وحُزْنا
مُقْلَتي عَبْرَى علَيهِمْ أسَفًا
…
لَم تَذُقْ طَعْمَ الكَرَى والجِسْمُ مُضْنَى
لا تُخوِّفني تَلَافي في الهَوَى
…
فإذا مُتُّ خَلِيًّا متُّ غَبْنَا
آهِ وَا لَهْفي على عَيْشٍ مَضَى
…
في الحَمِى ما كان أصْفَاهُ وأَهْنَا
حَيْثُ صرْفُ الدَّهْرِ في غَفْلَتِهٍ
…
صَارِفًا وجْه النَّوَى والبَيْنِ عنَّا
وقَضِيبٍ تَحْتَ بَدرٍ في دُجًى
…
يُخْجِلُ الأغْصَانَ حُسْنًا إنْ تَثَنَّى
ما جَنَى باللَّحْظِ من وَجْنَتهِ
…
لَحْظُ مَفْتُونٍ بِهِ إلَّا تَجَنَّى
تارةً ألْثَمُ منهُ قَمَرًا
…
وإذا مَاس صِبًا ألْزَمُ غُصْنَا
أَحْسَنَتْ حُسْنٌ وجُمْلٌ أجْملَتْ
…
وَرِضًى أرضَتْ ولبْنَايَ بلُبْنَى
بَذَلَتْ سِرَّ الهَوَى مَازحَةً
…
وكَتَمْنا الحُبَّ إجْلَالًا وَصُنَّا
وادَّعَتْ إنْصَافَنا ظَالِمةٌ
…
فسَقَى اللَّهُ الحَيَا الظَّالِمَ منَّا
كُلَّما جَارَتْ عَدَلْنَا طاعةً
…
أو دَعَتْنَا لتَبَارِيْحٍ أجَبْنَا
ودَلِيْلُ الصِّدْقِ في الحُبِّ لَها
…
كُلَّما عزَّتْ مَعَ الهِجْرانِ هُنَّا
أينَ قَلْبي ما أرَى قَلْبيْ مَعي
…
فَارَقَ الصَّدْرَ ضحًى لمَّا افْتَرَقْنا
أيُّها السَّارِي على عَيْرَانَةٍ
…
يَقْطَعُ الِبيْدَ بها سَهْلًا وَحَزْنا
زُرْ دِمَشْقًا إنْ تَرُمْ رِفْدًا فَما
…
بَعْدها للمُسْتَفِيْدِ الرَّفْدِ مَغْنَى
زُرْ صَفِيَّ الدِّينِ إنْ شِمْتَ الغِنَى
…
لِتُصِبْ صَوْبَ حيًا جَمًّا، وحُسْنَا
زر أبا الفَتْحِ تَرَى الفَتْحَ من الـ
…
ـلهِ والنَّصْرَ قرِيبًا مُطْمَئنَّا
شَرَعَتْ يُسْرَاهُ لِلوُرَّادِ يُسْرًا
…
ودعَتْ يُمْناهُ للقُصَّادِ يُمْنَا
ومنها:
فتَهَنَّ الصَّوْمَ يا خِدْنَ العُلَا
…
فَبِكَ الأشْهُرُ والصَّوْمُ يُهَنَّا
الخَضِرُ بن حَسَن بن عَامِرٍ البَابِيُّ
(1)
من أهْلِ باب بُزَاعَا، ونَشَأ بحَلَب، وتَوَلَّى بها في دِيْوَانِ السُّلْطان ثمّ في دِيْوَان القَاضِي بحَلَب، وأبُوه كان قاضي باب بُزَاعَا، وقد ذَكَرْناهُ فيمَن اسْمُه الحَسَن
(2)
.
وسَمِعَ الخَضِر هذا أبا الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بحَلَبَ، سَمِعَ منهُ رَفِيْقُنا مُحِبُّ الدِّين مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار وغيره.
وكان لي به اجْتِمَاعٌ وخُلْطةٌ، ولَم أسْمَعْ منه شيئًا. وتُوفِّيَ بحَلَب في سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وسِتّمائة.
الخَضِرُ بن الحَسَن بن يُوسُف الحَلَبِيِّ المُقْرِئ
سَمِعَ بحَلَب أبا عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه النَّحْوِيّ، وأبا الطَّيِّب مُحَمَّد بن الحُسَين الزُّعريّ (a) الفَقِيه المُقْرِئ، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن إبْراهيم بن مُحَمَّد المُقْرِئ الطَّرَسُوسِيّ.
(a) كذا قيَّده المصنف بالعين المهملة حيثما يرد، وتقدم التعليق على مَنْ قيَّده بالغين المعجمة في الجزء السادس قبله، وسماه هناك: محمد بن الحسن، وجاء في غاية النهاية لابن الجزري على الوجهين.
_________
(1)
توفي سنة 649 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 14: 617، وفيه:"يدعى عبد المجيد"، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 401.
(2)
انظر الجزء الخامس فيما تقدم.
وكان مُعْتَنيًا بالحَدِيْث، وأقرأ القُرْآن بحَلَب، وأظُنُّ أنَّه حدَّث، ولَم يقَع إليَّ شيءٌ من حَدِيثِه مُتَّصل الإسْنَادِ.
وقرأت بخَطِّه: حَدَّثَنَا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الزُّعرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَرَكَة القِنَّسْرِيّ أبو بَكْر سَنَة عشرينِ وثَلاثِمائة وقال: لفظ لي -يعني: بهذا الإسْنَاد- في دَارِه، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف -يعني: ابن سَعيد بن مُسَلِّم المِصِّيْصيّ- قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج، عن عُثْمان بن عَطَاء، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيْرَة
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّه عز وجل تَجَاوز لأُمَّتِي ما حدَّثتْ به أنْفُسَها ما لَم يَتَكلَمُّوا أو يَعْمَلُوا بهِ.
الخَضِر بن شِبْل بن الحَسَن (a) بن عليّ بن عَبْد الوَاحِد، أبو البَرَكَات بن أَبي طَاهِر الحَارِثِيّ الدِّمَشقيّ المَعْرُوف بابنِ عَبْد، خَطِيْبُ دِمَشْق
(2)
صَحِبَ الفَقِيه أبا الحَسَن أحْمَد بن عليّ بن قُبَيْس، وتَفَفَّهَ على الشَّيْخَين الفَقِيهَيْن جَمَال الإسْلَام أبي الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، وأبي الفَتْح نَصْر اللَّه بن
(a) كذا قيَّد المصنف اسم جده حيثما يريد، وفي بعض مصادر ترجمته التالية: الحسين، وفي تاريخ الإسلام وشذرات الذهب: عبد.
_________
(1)
صحيح مسلم 1: 116 - 117 (رقم 201 - 202).
(2)
توفي سنة 562 هـ، وقيل في السنة بعدها، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 436 - 437، مرآة الزمان سبط ابن الجوزي 21: 136، تاريخ الإسلام 12: 272 - 273، سير أعلام النبلاء 20: 592، العبر في خبر مَن غير 3: 37، الإعلام بوفيات الأعلام 231، الوافي بالوفيات 13: 340 (توفي سنة 563 هـ)، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 7: 83، الأسنوي: طبقات الشافعية 2: 109، اليافعي: مرآة الجنان 3: 278، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 270، ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 2: 8 - 9، النجوم الزاهرة 5: 375، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 78، 309، شذرات الذهب 6: 340، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 165 - 166.
مُحمّد المِصِّيْصيّ، وسَمِعَ أبا القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، وأبا الحَسَن بن المَوَازِينِيّ، وأبا طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ، وأبا القَاسِم عَبْد المُنْعِم بن عليّ بن الغَمْر الكِلَابيّ، وأبا الوَحْشِ سُبَيعْ بن المُسَلَّم المُقْرِئ.
وحَدَّثَ بحَلَب في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة عن أبي مُحَمَّد هِبَةِ اللَّه بن أحْمَد بن الأكْفانِيّ، سَمِعَ منه بحَلَب الأُسْتَاذ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن عُلْوَان بن عَبْد اللَّه الأسَدِيّ، وأبو نَصْر عَبْد الصَّمَد بن ظَفَر القُبَاتِيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عليِّ العُظَيْميِّ الأدِيْبُ، وأبو الجُيُوش عَسْكَر بن خَلِيفَهَ الحَنَفِيِّ الحَمَوِيّ، وأبو طَالِب مُحَمَّد بن سَعْد اللَّه بن إبْراهيم الكِلَابيِّ الدِّمَشقَيّ، ويُوسُف بن الخَضِر بن عَبْد اللَّه المَعْرُوف بالبَدْر الأبْيَضِ، والشَّريفُ أبو جَعْفر عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهاشِميّ الحَلَبِيّ.
وحَدَّثَ عنهُ جَمَاعَةٌ من الأئمَّةِ الكِبَار منهمِ: أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، وأبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ، وأبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللَّه بن عَسَاكِر، وابنُه أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ، وأبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة اللَّه الحُفَّاظ، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيِّ. وشُيُوخُنا: أبو القاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرْسْتَانِيّ، وأبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، وأبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَة اللَّه بن صَصْرَى، وزَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، وغيرهم.
ورَوَى لنا عنْهُ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان بإجَازته منهُ.
وكان فَقِيهًا مُتَميِّزًا من الفُقَهَاءِ الشَّافِعيَّةِ، كَتَبَ كَثِيْرًا من الفِقْهِ والحَدِيْث، ودَرَّس الفِقْه في جَامِع دِمَشْق، وبِالمَدْرَسَة المُجَاهِديَّةِ وبزَاوِيَة الفَقِيه نَصْر المَقْدِسِيّ، ووَقَف عليه نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي مَدْرَسَتَهُ الّتي دَاخِل باب الفَرَج ودرَّس
بها، وتولَّى الخَطَابَة بجامع دِمَشْق، وكان مُتَفَنِّنًا في عُلُوم شَتَّى، كَثِيْر المَحْفُوظ.
أخْبَرَنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميُّ
(1)
في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَات الخَضِر بن شِبْلِ بن الحَسَن الحَارِثِيّ بحَلَب يَوْم الجُمُعَة الرَّابِع والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد هِبَة اللَّه بن أحْمَد بن مُحمّد الأكْفانيّ سَنة اثْنَتَيْن وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين طَاهِر بن أحْمَد القَاينِيّ المَحْمُودِيَّ، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُمَر بن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عُمَر بن مُحَمَّد بن السُّوْسِيّ البَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بن عُمَر بن الحُسَين بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن دَاوُد القَنْطَريّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بن صالِح، قال: حَدَّثَنَا المُعَلَّى بن هِلال، عن لَيْث بن أبي سُلَيم، عن مُجَاهِد، عن ابن عبَّاسٍ
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لكُلِّ نبيّ أَمِيْنان ووَزِيرَان؛ فأَمِيْنايَّ ووَزِيرايَّ من أهْلِ السَّماءِ: جِبْرِيلُ ومِيْكائِيلُ، ووَزِيرايَّ وأَمِيْنايَّ من أهْل الأرْض: أبو بَكْر وعُمَر.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَاتِ الخَضِرُ بن شِبْل بن الحَسَنِ الحَارِثِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْرَاهيم بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن عليّ المَهْدَوِيّ، قال
(1)
لم يورده في كتابه تاريخ حلب، والنقل عن كتابه الكبير في التاريخ، الضائع، وعنوانه: المؤصل على الأصل الموصل.
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل 5: 1691، وينظر: تاريخ ابن عساكر 30: 121، تاريخ الإسلام للذهبي 2: 139، كنز العمال للمتقي الهندي 13: 15 (رقم 36120).
ووقع في لفظ الأصل لحن: "لكُلِّ نبيّ أميْنين ووزِيرَين، فأمِيْني ووزيري من أهل السماء. . . ووزِيري وأميْني من أهلِ الأرض"! ونبَّه عليه المؤلِّف بكتب حرف "صـ" فوق كل كلمة وقع فيها الخطأ، وقد أشار ابن العديم في نقله عن العظيمي في أثناء ترجمة سعد اللَّه بن محمد بن باقي (الجزء التاسع): أنه ينقل عن العظيمي على لفظه العامي ولحنه فيما يكتب.
شَيْخُنا أبو مُحَمَّد: وأخْبَرَنَا به إجَازَةً مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي بَكْر بن عليّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عَبْد اللَّه يَقُول: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن عَطِيَّة لابن عَطَاء هو أحْمَد بن سَهْل بن عَطَاءٍ: [من الطويل]
ومُسْتَحْسنٍ للهَجْرِ والوَصلُ أعْذَبُ
…
أُطَالِبُهُ وُدِّي فيأبَى ويَهْربُ
تَعَلَّمْتُ ألْوَان الرِّضَا خَوْفَ هَجْرِهِ
…
وعلَّمَهُ حُبِّي لَهُ كيفَ يَغْضَبُ
ولي ألْفٌ وَجْهٍ قد عَرَفتُ طَرِيقَهُ
…
ولكِنْ بلا قَلْبٍ إلى أينَ أذْهَبُ
أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ الصُّوْفيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أبو البَرَكَات هذا -يعني: الخَضِر بن شِبْل الحَارِثِيّ- أفادَني كَثِيْرًا عند قُدُومي دِمَشْق في أواخر سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِمائَة عن شُيُوخها: أبي طَاهِر الحِنَّائِيّ وابْنَي المَوَازِينِيّ وغيرهم، وكان يَتَوقَّد ذَكَاءً، وقَرأ الفِقْه على نَصْر اللَّه وابن الشَّهْرَزُورِيّ الشَّافِعيَّيْن، وابن قُبَيْس المالِكِيّ، وصار بعدَ مَوْتهم ممَّن يُفْتِي ويُدَرِّس مَذْهَبَ الشَّافِعيّ، وفُوِّضَتْ إليهِ الخَطَابَةُ في الجَامِع.
وكَتَبْتُ عن أَبِيهِ شِبْل حَدِيثًا أو أكْثَر. وسَمِعَ الخَضِر عليَّ شيئًا يَسِيْرًا في مَجْلِس أبي مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ. وبَلَغَني أنَّهُ تُوفِّي في أوَائِل شُهُور سنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين (a) وخَمْسِمائَة.
أنْبَأنَا عبد الرَّحْمن بن أبي مَنْصُور بن نَسِيم، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، قال فيما ألْحَقَهُ في تاريْخ أبيهِ
(1)
: الخَضِر بن شِبْل بن الحُسَين (b) بن عَبْد الوَاحِد أبو البَرَكَات بن أبي طَاهِر الحَارِثِيّ
(a) كذا في الأصل، ولعله صحف ستين بخمسين.
(b) تقدم لابن العديم تسمية جده باسم: الحسن.
_________
(1)
انظر تاريخ ابن عساكر 16: 436.
الفَقِيه الشَّافِعيّ المَعْرُوفُ بابنِ عَبْد. سَمِعَ أبا القَاسِم النَّسِيب، وأبا الحسن المَوَازِينِيّ، وأبا طَاهِر الحِنَّائِيّ، وأبا الوَحْش المُقْرِئ، وجَمَاعَة كَثِيْرة من أهْلِ دِمَشْق.
وتَفَقَّهَ على الفَقِيه أبي الحسن [السُّلَميّ، و](a) أبي الفَتْحِ المِصِّيْصيّ. وكَتَبَ كَثِيْرًا من الحَدِيْث والفِقْه، ودَرَس الفِقْه في سَنَة ثَمان عَشرة (b) في حَلْقَةِ ابن الفُرَاتِ، وأفْتَى، وكان سَدِيْد (c) الفَتْوَى، وَاسِع المَحْفُوظ، ثَبْتًا في رِوَايتهِ، نَزِه النَّفْسِ، ذا مُرُوءَةٍ ظَاهِرة، ودرَّس في المَدْرَسةِ المُجَاهِديَّة مُدَّةً، ثُمَّ تَوَلَّى (d) التَّدْرِيس بالزَّاويَة الغَرْبيَّةِ، ثمّ وَقَفَ عليه نُور الدِّين رحمه الله مَدْرَسَتَهُ الّتي تلي باب الفَرَجِ، وتولَّى الخَطَابَة بجَامِع دِمَشْق. سَمِعْتُ منه الحَدِيْثَ، ولَزِمْتُ دَرْسَهُ مُدَّةً، وعَلَّقْتُ عنه من مَسَائِل الخِلَاف، وكان عَالِمًا بالمَذْهَب؛ يَتَكلَّم في مَسَائِل الخِلَاف والأُصُول. سَألَهُ وَالدِي عن مَوْلدِه، فقال: في شَعْبان سَنَة ستٍّ وثَمانين وأرْبَعِمائة، ومات لَيْلَة الأرْبَعَاء، ودُفِنَ يَوْم الأرْبَعَاء الثَّاني عَشر من ذي القَعْدَة سَنَة اثنتَيْن وسِتِّين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ بمَقْبَرَة باب الفَرَادِيْس.
أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم سَالِم بن الحسن بن صَصْرَى إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبي أبو المَوَاهِب، قال: تُوفِّي الفَقِيه أبو البَرَكَات، رحمه الله، في لَيْلَة الأرْبَعَاء، ودُفِنَ صَبِيْحتها ثَاني عَشر ذي القَعْدَة سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين وخَمْسمائة، ودُفِنَ بمَقْبَرَة باب الفَرَادِيْس، حَضَرْتُ دَفْنَهُ والصَّلاة عليه، وحَضَرهُ خَلْقٌ عَظِيمٌ من الأعْيَانِ والعَوَامِّ، وكان، رحمه الله، مُتَحَرِّيًا في فَتَاويه وشَهَادَاته، ووَلي بآخرة الخَطَابَة، فكانَ، رحمه الله، لتَفَنُّنهِ وكَثْرة مَحْفُوظه لا يَعْتَمد على إيْرَاد المَعْهُود عند النَّاسِ،
(a) في الأصل: الفقيه أبي الحسن بن أبي الفتح المصيصي، وفوقه "صـ"، والتصويب من تاريخ ابن عساكر.
(b) زاد في تاريخ ابن عساكر: وخمسمائة.
(c) ابن عساكر شديد، وما ها هنا أظهر.
(d) تصحفت في نشرة تاريخ ابن عساكر: ترك.
بل يأتي من كُلِّ شيءٍ بطَرفٍ، فحصَل من السَّامِعين النِّكرَة له، ولَم يكُن ذلك بالعَائِب له ولا النَّاقِص من مَنْزِلته، رحمه الله وإيَّانا.
الخَضِرُ بي عَبْدِ اللَّهِ بن الخَضِر بن حُلْوَان
(1)
رَوَى عن أَبِيهِ عَبْد اللَّه بن الخَضِر، وأبي سَالَم وَاصِل بن مُحَمَّد بن وَاصِل المَعَرِّيّ التَّنُويِخيّ، والأصْفَهْسَلار عَبْد المَجِيْد الصُّوْفيّ الهَمَذَانيّ، وأبي الحسن عليّ بن مُقَلَّد الدِّمَشقيّ.
وقَدِمَ حلَبَ في سَنَة عشرين وخَمْسِمائَة، فإنَّني قَرأتُ بخَطِّه ما صَوْرَتُه: دَخَلْتُ مَعَرَّة النُّعْمَان في سَنَة عشرين وخَمْسِمائَة، فقرأتُ كتابةً على باب المَسْجِد الجَامِع بها، وهي: يقُول القَاضِي. . .، وتَمَام الحِكايَة مَذْكُورَة في تَرْجَمَةِ أخيه
(2)
.
وقَرأتُ بخَطّه: وأخْبَرَني الشَّيْخُ أبو سَالِمٍ وَاصِل بن مُحَمَّد بن وَاصِل المَعَرِّيّ التَّنُوخِيّ، رحمه الله، قال: دَخَلَ القَاضِي أبو المجد مُحمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن سُلَيمان مَعَرَّة النُّعْمَان بعدَما جَرَى عليها من الخَرَاب، وتَفَرّق الأصْحَاب، فوَقَفَ على دَار أخيهِ القَاضِي أبي مُسلِم وَادِع بن عَبْد اللَّهِ بن سُلَيمان، رحمه الله، فكَتَبَ على حَائطٍ منها:[من السريع]
مَرَرْتُ بالدَّار وقد عُطِّلَتْ
…
مَعَالِمٌ منها وآثَارُ
فقُلْتُ والقَلْبُ بهِ لَوْعَة
…
مُحْرِقَة والدَّمْعُ مِدرَارُ
أين زَمَانٌ بك قَضَّيْتُهُ
…
وأينَ سُكَّانُكِ يا دَارُ
(1)
كان حيًا سنة 568 هـ.
(2)
لم أهتد لمعرفة اسم أخيه المشار إليه، ولم يرد في المتبقي من كتاب ابن العديم أي ترجمة تتصل بأسرة المترجم له.
فأجابَهُ ابن عَمّه القَاضِي أبو سَهْلٍ مُدْرِكُ بن سُلَيمان، وكَتَبَ تحت الأبْيَاتِ:[من السريع]
أجابَتِ الدَّارُ على عيِّها
…
إنَّ سكُوتَ الدَّارِ إخْبَارُ
أَخْنَى على مَنْ كان بي سَاكِنًا
…
صُروفُ أزْمَانٍ وأقْدَارُ
وارْتَجَعَ العَيْشَ ولذَّاتِهِ
…
مُعِيْرة والدَّهْرُ دَوَّارُ
وها أنا اليَوْم كما قد تَرَى
…
مُقْفِرةٌ ما فيَّ دَيَّارُ
ومن خَطِّ الخَضِر أيضًا، قال: وحَدَّثَني الأسْفَهْسَلار عَبْد المَجِيْد الصُّوْفيّ الهَمَذَانيّ، وكان من مَشَايخ الصُّوْفيّة وظُرَّافهِم، سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، قال: خَرَجْتُ من الرَّيّ إلى مَزْدَغَان (a)، فَدخَلْتُ بعض مَسَاجِدها، فإذا على حَائطٍ مَكْتُوب:[من البسيط]
اقْنعَ بقُوتٍ فإنَّ المَرْءَ مُرْتَحِلٌ
…
مِن هذه الدَّارِ عُرْيانًا كما دَخَلَا
وتَحْتَهُ مَكْتُوب: كَتَبَهُ طَاهِر بن سَعْد بن عليّ.
ثُمَّ دَخَلْتُ دِمَشْق، واجْتَمَعْتُ بالوَزِير كَمَال الدِّين، رحمه الله، فأنْشَدتُهُ البَيْتَ، فقال: من أين سَمِعْتَ هذا البَيْت؟ فقُلْتُ: يا مَولَانا، قَرَأتهُ على مَسْجِد بمَزْدَغان، فقال الوَزِير هذا واللَّه خَطِّي، كَتَبْتُه وعُمري سَبْع سنين.
ونَقَلْتُ ذلك من خَطِّ الخَضِر، وقد أثْبَته في آخر آدَاب الغُرَبَاء لأبي الفَرَج الأصْبَهَانِيّ مع حِكَايَات غيرها جَعَلها ذَيْلًا على الكتاب
(1)
، تُوفّي سَنة ثَمانٍ وستِّين وخَمْسمَائة أو بعدَها، فإنَّني شَاهَدتُ بخَطِّهِ تاريْخ كتاب كَتَبَهُ في سَنَة ثمانٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة.
(a) عند ياقوت: مزدقان، وهي بليدة من نواحي الري. معجم البلدان 5:121.
_________
(1)
لم تستوعبه النشرة المطبوعة من الكتاب (تحقيق صلاح الدين المنجد، دار الكتاب اللبناني، 1972 م).
الخَضِر بن عَبْد اللَّه بن الهَيْثَمِ بن جَابِر الطَّرَسُوسِيّ المُقْرِئ، أبو القَاسِم
(a)
قَرأ القُرْآن برِوَايةِ الكِسَائِيّ على أبي شُبَيْل عُبَيْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن وَاقِد الوَاقِدِيّ، عن أَبِيهِ، وأبي عُمَر الدُّوْرِيّ، عن الكِسَائِيّ، قرأ عليه بها أبو الحُسَين أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن الحُسَين الجُبِيّ المُقْرِئ.
الخَضِرُ بن عَبْدِ اللَّهِ البَالِسِيُّ، أبو القَاسِم
سَمِعَ بحَلَب أبا القَاسِم بن بُرَيْه الرَّقِّيّ القَاضِي، رَوَى عنهُ أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الغَرَّاءَ المُقْرِئ.
أخْبَرَنا مُحِبّ الدِّين أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الحسن بن النَّجَّار البَغْدَاديّ، قال: أنْبأَني ذَاكِرُ بن كَامِل ويَحْيَى بن أَسْعَد، عن مُحَمَّد بن مَرْزُوقٍ الزَّعْفَرَانيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَني الشَّيْخ أبو الحسن مُحَمَّد بن مَرْزُوق الزَّعْفَرَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الغَرَّاء المُقْرِئ الرَّبَعِيِّ بالقُدْسِ، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِمِ الخَضِر بن عَبْدِ اللَّه البَالِسِيّ يَقُول: قال لنا القَاضِي أبو القَاسِم ابن بُرَيْه الرَّقِّيّ بحَلَب ونحنُ نَدْرسُ عليه الفَرَائِضَ والحِسَابَ وغير ذلك: العِلْمُ أشَدُّ المَعْشُوقينَ دَلَالًا، لا يُعْطِيك بعضَهُ حتَّى تُعْطِيَهُ كُلَّكَ، وأنتَ إذا أعْطَيتَهُ كُلَّك على غَرَر من إعْطَائه لك البعضَ.
(a) وردت ترجمته في الأصل بهامش الورقة [194 ب] وكتب المؤلف عنده: "تقدم إلى ما قبل الخضر بن عبد اللَّه البالسي"، فأعدناه حيث أشار.
الخَضِر بن عَبْد الوَاحِد بن علّي بن الخَضِر، أبو القَاسِم بن أبي المُنَى الحَلَبِيّ القَاضِي
(1)
هو وَلد شَيْخنا السَّابِق أبي المُنَى الشُّرُوطِيّ.
وُلد بحَلَبَ ونَشَأ بها، وسَارَ منها إلى خُرَاسَان وتَفَقَّهَ على أبي الخَطَّاب الطَّبَريّ، وسَمِعَ الحَدِيْث بنيْسَابُور من المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطَّرَسُوسِيّ.
ثُمَّ قَدِمَ علينا حَلَب، وَنَزَل بها عند أبيهِ، ولازَم دَرْسَ شَيْخنا قاضِي القُضَاةِ أبي المَحَاسِن يُوسُف في رَافِع بن تَمِيْم، وأعادَ دَرْسَه، وشَاهَدتهُ وسَمِعْتُ بَحْثهُ.
ثُمَّ سَار إلى مَكَّة، حَرَسَها اللَّهُ تعالى، واسْتَوْطَنها، وتولَّى بها التَّدْرِيس بالمَدْرَستَيْن المَعْرُوفة إحديْهُما بُزبَيْدَة والأُخْرى بمُظَفَّرِ الدِّين صَاحِب إرْبِل. وأقام بمَكَّة مُجَاوِرًا مُشْتَغلًا بالفَتْوَى وإفَادة المُسْلمِيْن. ثمّ تَوَلَّى قَضَاءَ مَكَّة سَنَة ستٍّ وعشرين وستِّمائة، وَلَّاه إيَّاهُ المَلِكُ المَسْعُود أقْسيس ابن المَلِك الكَامِل مُحَمَّد، فاسْتَمَرَّ على ذلك إلى أنْ هَجَم رَاجحِ مَكَّة، وانْهَزَم منه، وقَصَد أذاهُ وعَزَلَهُ عن القَضَاء، ودَامَ مُجَاوِرًا بمَكَّة إلى أنْ تُوفِّي.
وكُنْتُ اجْتَمَعْتُ به بمَكَّة في السَّنَة الّتي حَجْجتُ فيها، في سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وستمائة مِرَارًا، ولم أسْمَعْ منه شيئًا، ورَوَى لنا عنْهُ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القَسْطَلانِيّ.
أخْبَرَنا أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ العَطَّار بمِصْر، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الفَقِيهُ أبو القَاسِمِ الخَضِرُ بن عَبْدِ الوَاحِد بن عليّ بن الخَضر الشَّافِعيّ الحَلَبيِّ بقِرَاءَتي عليه بالحَرَم الشَّريفِ تجاه الكَعْبَة المُعَظَّمة، قال: أَخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحُسَين المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ بنيْسَابُور، ح.
(1)
توفي سنة 631 هـ.
وأجَازَهُ لنا المُؤيَّد غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن الفَضْل بن أحْمَد الصَّاعِدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْدُ الغَافِر بن مُحَمَّد الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَمْرُويَه الجُلُوديّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا مُسْلم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بن عبدِ الرَّحْمن بن بَهْرَام الدَّارِميّ، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَان -يعني: ابن مُحَمَّد الدِّمَشقِيّ- قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْد العَزِيْز، عن رَبِيْعَة بن يَزِيد، عن أبي إِدْرِيسَ الخَوْلانِيّ، عن أبي ذَرّ
(1)
، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يَرْوي عن اللَّهِ تبارك وتعالى أنَّهُ قال: يا عِبَادِي، إنِّي حرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي، وجَعَلْتُه بينَكُم مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا.
يا عِبَادِي، كُلُّكُم ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْتُه، فاسْتَهْدُوني أَهْدِكُم.
يا عِبَادِي، كُلُّكُم جَائِعٌ إلَّا مَن أطْعَمْتُه، فاسْتَطْعمُوني أُطْعمْكُم.
يا عِبَادِي، كُلُّكُم عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوتُهُ، فاسْتَكْسُوني أَكْسُكُم.
يا عِبَادِي، إنَّكُمُ تُخْطِئُونَ اللَّيْل والنَّهَارَ، وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فاسْتَغْفرُوني أغْفر لكم.
يا عِبَادِي، إنَّكُم لن تَبْلُغُوا ضَرّي فتَضُرُّوني، ولن تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُوني.
يا عِبَادِي، لو أنَّ أوَّلَكُمُ وآخِرَكم، وإنْسَكُم وجِنَّكُم، كانُوا على أَتْقَى قَلْب رَجُلٍ واحدٍ منكم، ما زادَ ذلك في مُلْكي شيئًا.
يا عِبَادِي، لو أنَّ أوَّلَكُمُ وآخِرَكم، وإنْسَكُمُ وجِنَّكُم، كانُوا على أفْجَر قَلْب رَجُلٍ واحدٍ، ما نقصَ ذلك من مُلْكي شيئًا
(1)
صحيح مسلم 4: 1994 (رقم 2577)، حلية الأولياء لأبي نعيم 5: 125 - 126، شرح السنة للبغوي 5: 73 - 74 (رقم 1291)، صحيح ابن حبان 2: 385 (رقم 619)، وانظر: المسند الجامع 16: 190 - 191 (رقم 12366).
يا عِبَادِي، لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِركُم، وإنْسَكُم وجِنَّكُم، قامُوا في صَعِيدٍ واحدٍ فسَألُوني، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ ما نَقَصَ ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البَحْر.
يا عِبَادِي، إنَّما هي أعْمَالُكُم أُحْصيها لكم، [ثُمَّ](a) أُوَفِّيكم إيَّاها، فَمن وَجَد خَيْرًا فليَحْمَدِ اللَّه، ومَنْ وجَدَ غير ذلك فلا يلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ.
قال سَعِيد: كان أبو إِدْرِيس الخَوْلانِيّ إذا حَدَّثَ بهذا الحَدِيْث جَثَا على رُكْبَتَيهِ.
قال مُسْلم
(1)
: حَدَّثنيه أبو بَكْر بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر، قال: حَدَّثَني سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، بهذا الإسْنَادِ، غير أنَّ مَرْوَان أتَمُّهُما حَدِيثًا.
أنْشَدَني قُطْبُ الدِّين مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القَسْطَلانِيّ المَكِّيّ، قال: أنْشَدَني الخَضِرُ بن عَبْد الوَاحِد قاضي مَكَّة ولم يُسَمِّ قَائلًا
(2)
: [من الطويل]
ولمَّا قَضَيْنا من مِنًى كُلّ حَاجَةٍ
…
ومَسَّحَ رُكْنَ البَيْتِ مَنْ هو مَاسِحُ
أخَذْنا (b) بأطْرَاف الأحَادِيْث بَيْننا
…
وسَالَتْ (c) بأَطْرَاف المطيِّ الأبَاطِحُ
وأنْشَدَني ابنُ القَسْطَلانِيّ، قال: أنْشَدَنا الخَضِرُ القَاضِي ولم يُسَمِّ قَائلًا، وذَكَرَ أنَّهُ كان في العَجَم، وكان عندهم في المَدْرَسَةِ إنْسَانُ غَرِيْبٌ وكان يُنْشِد هذين البَيْتَين فيُشَوِّق الغُرَبَاءَ:[من الطويل]
إذا ما الصَّبَا في آخِرِ اللَّيْل هَبَّتِ
…
فلَسْتُ ألُومُ النَّفْسَ إنْ هيَ صَبَّتِ
(a) إضافة من مصادر تخريج الحديث القدسي المتقدمة.
(b) ديوان كعب: نزعنا.
(c) ديوان كعب: ومالت.
_________
(1)
صحيح مسلم 4: 1995.
(2)
يُنسب البيتان لكعب بن زهير، انظر ديوانه 15، وأيضًا في أسرار البلاغة للجرجاني 21.
وما هيَ إلَّا أنَّها مَشْرِقيَّةٌ
…
إذا نسَمَت أدَّتْ نَسِيْمَ أَحبَّتِي
قال لي الحافِظ رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ العَطَّار، قال: القَاضِي أبو القَاسِم الحَلَبيِّ هذا من أعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعيَّة وأكَابِرهم ويُعْرَفُ بابن السَّابِق، اسْتَوْطَن مَكَّة، وجَاوَرَ بها إلى حين وَفَاتهِ، وكان يُدَرِّس بالحَرَم الشَّريفِ، ويُفْتي، واسْتُقْضِيَ في آخر وقْتٍ بها. قَرَأتُ عليهِ أحَادِيْث يَسِيْرة من صَحيح مُسْلِم، ولم أقِفْ على سَمَاعهِ، وإنَّما اعْتَمَدْتُ في ذلك على قَوْلهِ، وكان ممَّن يُعْتَمدُ عليهِ والحَمْدُ للَّهِ.
وسَألتُ الشَّيْخ أبا عَبْد اللَّه بن أبي الفَضْل الأنْدَلُسِيّ عنه فوثَّقَهُ. وأخْبَرَني الفَقِيهُ جَابِرُ بن أَسْعَد اليَمَانِيّ بمِصْر أنَّهُ تُوفِّي في ذِي الحِجَّة سَنَة إحْدَى وثَلاثين وسِتّمائة بعد الوَقْفَةِ، رضي الله عنه.
قُلتُ: أخْبَرَني القَاضِي زَيْن الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بحَلَب عند وُرُود أبي القَاسِمِ ابن السَّابِق أنَّهُ سَمِعَ صَحيح مُسْلِم بنيْسَابُور من المُؤيَّد الطُّوْسيّ، ووَاعَدَني على أنْ نَسْمَع منهُ شيئًا، فلَم يتَّفق وسَافَر ولم نَسْمع منه.
سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد القَسْطَلانِيّ المَكِّيّ يقُولْ إنَّ القَاضِي أبا القَاسِم دَامَ مُجَاوِرًا بمَكَّة إلى أنْ تُوفِّي بها في ذِي الحِجَّة سَنَة إحْدَى وثَلاثين وسِتّمائة بالمَعْلَاةِ.
الخَضِرُ بن عَبدِ الوَهَّاب بن يَحْيَى بن جَعْفَر بن مَنْصُور بن سَوَّار، أبو القَاسِم الحَرَّانيّ
(1)
سَمِعَ بأطْرَابُلُس خَيْثَمَة بن سُلَيمان الأطْرَابُلُسِيّ، وبالمَوْصِل أبا جَابِر عُرْس بن فَهْد بن أحْمَد الأزْدِيّ، رَوَى عنهُ أبو الفَتْح أحْمَدُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 440 - 442، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 167.
وَدْعَان المَوْصِلِيّ، ومُحَمَّدُ بن الحُسَين بن إبْراهيم الخَفَّافُ، وأبو مُحَمَّد هِشَام بن مُحَمَّد بن هِشَام الكُوْفيّ اليَمَانِيّ.
ونَزَل المَوْصِل، ودَخَلَ حَلَب أو بَعْضَ عَملها في طَرِيْقهِ ما بين حَرَّان وأطْرَابُلُس.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ اللَّه القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحسن عليِّ بن أحْمَد بن الحَسَن المُوَحِّد، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو المُظَفَّر هَنَّاد بن إبْراهيم بن نَصْرٍ النَّسَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ أحْمَدُ بن عُبَيْدِ اللَّه بن وَدْعَان الفَقِيه بالمَوْصِل، قال: حَدَّثَنَا الخَضِرُ بن عَبدِ الوَهَّابِ بن يَحْيَى الحَرَّانيّ، قال: حدّثنا خَيْثَمة بن سُليمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائيّ بحِمْصَ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مُهاجِر، عن الزُّبَيْديّ، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عائِشَة قالت
(2)
: رَحِمَ اللَّهُ لبِيْدًا إذ يقول
(3)
: [من الكامل]
ذَهَبَ الّذين يُعَاشُ في أكنافِهِم
…
وبَقِيْتُ في خَلْفٍ كجلْدِ الأَجْرَبِ
فقُلْتُ عائشَةُ: كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال عُرُوَة: رَحِمَ اللَّهُ عائِشَة، كيف (a) لو أدْرَكت زَماننا هذا؟ قال الزُّهْرِيّ: رَحِمَ اللَّهُ عُرْوَة، كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال الزُّبَيْدِيّ: رَحِمَ اللَّهُ الزُّهْرِيّ كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال ابنُ مهاجِر: رَحِمَ اللَّهُ الزُّبَيْديّ: كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال ابنُ عَوفٍ (b): رَحِم
(a) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.
(b) كذا في الأصل، خلط بالذي يليه، وصوابه: قال عثمان، وتقدم صحيحًا في الرواية المدرجة في الجزء الرابع، وهو عثمان بن سعيد، وقد أبقينا عليه في المتن لتعلقه. بكلام الحافظ عقب انتهاء الرواية وتنبيهه على الخطأ.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 441.
(2)
تقدمت هذه الرواية في ترجمة إسماعيل بن علي، أبو سعد السمان (الجزء الرابع)، بسند مختلف عن هذا السند، من طريق ابن ثوابة الحمصي عن محمد بن عوف.
(3)
شرح ديوان لبيد 157.
اللَّهُ ابن مُهاجِر، كيْف لو أدْركَ زمَاننا هذا؟ قال خَيْثَمَة: رَحِمَ اللَّهُ ابن عَوف، كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال الخَضِرُ: رَحِمَ اللَّهُ خَيْثَمَة، كيْفَ لو أدْركَ زمانَنا هذا؟ قال ابنُ وَدْعَان: رَحِمَ اللَّهُ الخَضِرِ، كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا؟ قال هَنَّاد: رَحِمَ اللَّهُ ابن وَدْعَان كيفَ لو أدْرَكَ زمَانَنا هذا؟
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: رَحِمَ اللَّهُ أبا الحَسَن كيفَ لو أدْرَكَ زَمَانَنا هذا.
وقال الحافِظُ
(2)
: كذَا وقع في هذه الرِّوَايَة، وقد سَقَط قول عُثْمان بن سَعيد.
الخَضِرُ بن عليّ بن الخَضِر بن أبي هِشَام (a)، أبو القَاسِم السِّمْسَار
(3)
وقيل: اسْمُه الحُسَين.
ذَكَرَ أنَّهُ شَهِدَ حِصَار أنْطَاكيَة في سَنَة تسْعين وأرْبَعمائة، وذلك حينَ حَصَرَها الفِرِنْج في أوَاخر شَوَّال، وحَصَرُوها ثَمانية أشْهُر وفَتَحُوها.
سَمِعَ أبا الفَتْح نَصْرَ بن إبْراهيم المقدِسِيّ، وأبا القَاسِم بن أبي العَلَاء، وأبا البَرَكَات بن طَاوُس، وأبا مُحَمَّد بن الحَسَن البَعْلَبَكّيّ، رَوَى عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ.
(a) في تاريخ ابن عساكر 16: 443: هاشم، والمثبت موافق لما عند الذهبي في كتابيه التاريخ والميزان.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 442.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 441.
(3)
توفي سنة 565 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 443 - 444، مختصر ابن منظور 8: 76، تاريخ الإسلام 13: 337، ميزان الاعتدال 1: 654، لسان الميزان 2: 399، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 167 - 168.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الخَضِر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن الحَسَن بن حَمْزَة العَطّار في شَوَّال سَنَة خَمْسٍ وثمانين وأرْبَعِمائة، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن يَاسِر، قِراءَةً عليهِ وأنا حَاضِرٌ أسْمَع، قال: أخْبَرَنا أبو مُوسَى هَارُون بن مُحَمَّد المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن أحْمد بن يَحْيى بن مُوسَى البَلْخيّ القَاضي، قال: حدّثنا عُثمان بن سَعِيْد الأنْمَاطيّ، وهو أبو القاسِم الفَقيْه، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا الشَّافِعيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُسْلم بن خَالِد، عن ابن جُرَيْج، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن أَبِيهِ: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بَكْر وعُمَر وعُثْمان كانُوا يَمْشُونَ أمامَ الجنَازَةِ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(2)
، قال: الخَضِر بن عليّ بن الخَضِر بن أبي هِشَام (a)، أبو القَاسِم السِّمْسَار، ويُسمَّى أيضًا: الحُسَين، سَمِعَ الفَقِيه أبا الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن الحَسَن بن حَمْزَة بن أبي مُحَمَّد (b) البَعْلَبَكِّيّ، وأبا البَرَكَات بن طَاوُس، وذَكَرَ لي أنَّهُ سَمِعَ أبا القَاسِم بن أبي العَلَاء، ولَم أظْفَر بسَمَاعِه منه، وسَمِعْتُ منه شيئًا يَسِيْرًا.
قال
(3)
: سَألتُ أبا القَاسِم عن مَوْلدِه، فقال: سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِينَ وأرْبَعِمائة، وشَهِدتُ حِصَار أنْطَاكِيَة سَنة تِسْعين وأنا بَالِغٌ، ماتَ لَيْلَة الأَحَد الثَّامن من رَبِيع الأوَّل سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، ودُفِن في مَقْبَرَة الباب الصَّغير، وكان يَتَرَفَّضُ.
(a) تاريخ ابن عساكر: هاشم.
(b) ابن عساكر ابن أبي فخر.
_________
(1)
مسند الإمام الشافي 360، وانظره في صحيح ابن حبان 7: 317 (3045) من طريق سريج بن يونس، عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وفيه عوض عثمان: عمر.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 443.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 444.
الخَضِرُ بن عليّ بن مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ، أبو القَاسِم البَزَّازُ الأُمَوِيّ مَوْلاهم
(1)
حَدَّثَ عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم بن الأنْبارِيّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن الحَسَن بن أحْمَد الطَّيَّان الغَسَّانِيّ.
أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديُّ، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَد بن مُقَاتِل، وأبو نَصْرٍ غَالِبُ بن أحْمَد بن المُسَلَّم، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن زُهَيْر التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد بن عُثْمان الطَّيَّانِ الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الخَضِرُ بن عليّ بن مُحَمَّد الأنْطاكِيّ البَزَّازُ؛ قَدِمَ علينا دِمَشْق، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن القَاسِم بن الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ نَاجِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر
(2)
، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ما أمْعَر حَاجٌّ قَطّ.
قال ابنُ الأنْبارِيّ: مَعْناهُ: ما افْتَقَر قَطّ، وأصْلُهُ من قَوْلهم: مكانٌ مَعْرٌ إذا ذَهَبَ نَبَاتُه.
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 445، ومختصره لابن منظور 8: 76 - 77، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 168.
(2)
المصنف لابن أبي شيبة 3: 431 (رقم 15744)، الفردوس للديلمي 4: 106 (رقم 6336)، مجمع الزوائد للهيثمي 3: 308، فيض القدير للمناوي 5: 427 (رقم 7837)، كنز العمال للمتقي الهندي 5: 138 (رقم 13380).
الخَضِرُ بن مُحَمَّد بن أزْهَر، أبو القَاسِم الجُمَاهِرِيّ
شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، أو من الطَّارِئين عليها، وَقَفْتُ له على أبْيَاتٍ في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المَعَرِّيِّيْن، يَرْثِي بها أبا عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن إسْمَاعِيْل بن المُهَذَّب، وقد تُوفِّي سَنَة سَبْع عَشرة وأرْبَعِمائة وهو صَغِيْرٌ، والأبْيَاتُ:[البسيط]
قد غَرَّ أكْثرَ هذا العالَم الأمَلُ
…
وكلُّهُمْ بسوافي روحِهِ أَجَلُ
وإنَّما المرءُ طَيْفٌ والحَيَاةُ له
…
كالآلِ والمَوْتُ وِرْدٌ شَرْبُهُ عَلَلُ
فلا تَغرنَكَ الدُّنْيا وزِيْنَتُها
…
فإنَّها زُخْرفٌ يا أيُّها الرَّجُلُ
هل أنتَ فيها مُقِيمٌ لا تُفَارِقُها
…
أم أنْتَ فيها مع الأيَّامِ مُرْتَحلُ
أينَ النَّبِيُّ الّذي القُرْآنُ آيَتُهُ
…
وأين من قَبْله الأحْبَارُ والرُّسُلُ
أينَ المُلُوكُ الأُلى اغْتَرُّوا بمُلْكِهم
…
وسَاكنُوا الأرْض قبلَ اليَوْم ما فَعَلُوا
لا شَكَّ أنَّهمُ في الأرْضِ قد دُفِنُوا
…
وأنَّهُم قد عَفَتْ آثارُهُم وبَلُوا
ونحنُ لا بُدَّ حَتْمًا أنْ نَمُوتَ كما
…
ماتُوا ونَنْهَلُ في الورْدِ الّذى نَهِلُوا
يا حَسْرَتا إن هذي الأرْضَ قد أكلَتْ
…
هَيَاكلًا كان فيها جَوْهرٌ صَقِلُ
مثل الحُسَين بن إسْمَاعِيْل حينَ ثَوَى
…
طِفْلًا يُقَصِّرُ عن عَليائِهِ زُحَلُ
ما كان إلَّا حُسَامًا مَاضِيًا فمَضَى
…
فيه القَضَاءُ وأسْبَابُ الدُّنا دُولُ
عَمَّ البَرِّيَّةَ هذا الخَطْبُ حين قَضَى
…
على الحُسَين وماتَ السَّهْلُ والجَبَلُ
فكُلُّ قلْبٍ بهِ ما حَازَ طَاقَتَهُ
…
حُزْنًا وقد دَمِيَتْ من دَمْعها المُقَلُ
يالَ المُهَذَّب صَبْرًا إن أُسْرَتَكُمُ
…
من أُسْرَةٍ عَرَفُوا الدُّنْيا فما جَهِلُوا
لا يَطْربُونَ إذا ما نالَهُم فَرَحٌ
…
ولا إذا نابَهُم صَرْفُ الرَّدَى نَكَلُوا
لكنَّهُمْ صُبُرٌ في كُلِّ فَادِحَةٍ
…
وكُلِّ أمرٍ عَظِيم خَطْبُهُ جَلَلُ
الفَضْلُ وصْفُهُمُ والحِلْمُ خلْقُهُمُ
…
والفَخْر ما فخروا والرَّفدُ ما بَذَلُوا
فاصْبِر على الحُزْن إسْمَاعيْلُ مُحْتَسِبًا
…
والْجَأ إلى اللَّهِ إنْ ضَاقَتْ بكَ السُّبُلُ
إنَّ الجَدِيدين سَارَا بالَّذين مَضَوْا
…
قَصْدَ الفَنَاءِ فلم يُدْرِكْهُما مَلَلُ
ونحنُ في إثْرهِم نَسْعَى كسَعْيهمُ
…
إلى النَّوَى دَائِبًا نَسْري ونَرْتَحِلُ
فاسْتَيْقِظُوا يا أُولي الأبْصَارِ واعْتَبِرُوا
…
بالغَابِرين ففي آثارهم مثَلُ
جِدُّوا إلى عَملٍ في الدَّار يُسْعِدُكْم
…
فلَيْسَ يُقْبَلُ في الأُخْرى لكم عَمَلُ
يا ربِّ عَفْوَكَ إنَّ النَّفْس تَأملُه
…
فلا يَخِيْبَنَّ منها عنْدَكَ الأمَلُ
الخَضِرُ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه المِصِّيْصيُّ ثُمَّ الحَلَبِيّ المَعْرُوف بابنِ أبي الرَّمَّاح
أصْلُهُ من المِصِّيْصَة، واسْتَوْطَن حَلَب، وحَدَّثَ بها عن أبي القَاسِم الحُسَيْن بن عليّ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وأبي عليّ مُحَسّن بن هِبَةِ اللَّهِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيّ الرَّمْليّ. رَوَى عَنْهُ ابنُهُ إبْراهيمُ بن الخَضِر الحَلَبِيّ.
ووقَعَ إليَّ جُزءٌ من حَدِيثه بخَطِّ ابْنهِ إبْراهيم المَذْكُور، وهو مُتَرجَمٌ بما صُوْرَتُه: جُزْءٌ فيه أخْبَار مُنْتَخبةٌ حسَانٌ عن الشُّيُوخ الثِّقَاتِ العَوَالي رضي الله عنهم، سَمَاع لإبْراهيم بن الخَضِر بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الحَلَبِيّ من أبيهِ الخَضِر بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه المِصِّيْصيّ، فَنَقَلْتُ منهُ: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عُبَيْد اللَّه بن الحُسَين الصَّابُونِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَبْد المُؤْمِن، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن هُبيرَة، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِر بن سُلَيمان، عن ليث، عن مُجَاهِد، عن ابن عبَّاسٍ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اثْنانِ يَوْم القِيامَة على مِنْبَرين: أنا على مِنْبَر من نُور، وعلى رَأسي تاجٌ من نُور، في يَدِي قَضِيْب من نُور، في رِجْلي نَعْلٌ من نُور، وأُمَّتِي بين يَدَيّ غُرّ مُحَجَّلُونَ، وأنا
(1)
لم أقف على تخريجه.
أخْطب على مِنْبَري وأقُول: الحَمْدُ للَّهِ الّذي صَيَّر مَصِيْري ومَصِير أُمَّتِي إلى الجَنَّة، لا مَوْتَ فيها أبدًا، وإبْلِيْس لَعَنَهُ اللَّهُ على مِنْبَر من نار، عليه ثِيَاب من نار، في رِجْلِه نَعْلٌ منِ نار، على رَأسِه تَاجٌ من نَارٍ، في يَده قَضِيْبٌ من نار، بينَ يَدَيْهِ اليَهُود والنَّصارَى والمَجُوس وأتْباعه، وهو يَقُول في خُطْبَتِهِ: الوَيْل لي ولكُم إذ صيِّر مَصِيْري ومَصِيْركم إلى النَّارِ لا مَوْتَ فيها أبدًا.
الخَضِرُ بن يُوسُفَ بن أيُّوبَ بن شَاذِي بن مَرْوَان، أبو الدَّوَام، وقيل: أبو العبَّاس ابن أبي المُظَفَّر، المُلَقَّب بالمَلِك الظَّافِر ابن المَلِك النَّاصِر
(1)
سَمِعَ بالإسْكَنْدَرِبَّة الحافِظَ أبا طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بحَرَّان، والفَقِيه أبا الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن إسْمَاعِيْل بن عَوْف، وحَدَّثَ عنهُ بدِمَشْق، وسَمِعَ بمِصْرَ أبا القَاسِم هِبَة اللَّه بن عليّ بن سُعُود البُوْصِيرِيّ، وأبا سَعيد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن البَنْجَدِيْهِيّ، وأبا الفَتْح مَحْمُود بن أحْمَد الصَّاعِدِيّ، وأبا القَبَائِل عَشِيْر بن أحْمَد المزَارِع، وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن بَرِّي النَّحْوِيّ.
سَمِعَ منه بعضُ أصْحَابنا شيئًا يَسِيْرًا، وخَرَّجَ عنهُ صَاحِبُنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف البِرْزَاليّ حَدِيثًا في مُعْجَم شُيُوخه، ورَوَى لنا عنْهُ أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْل بن حَامِد القُوصِيّ إنْشَادًا أخْرَجَهُ عنه في مُعْجَم شُيوخه.
(1)
توفي سنة 627 هـ، وترجمته في: البرق الشامي للعماد الأصفهاني 3: 77، التاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 12، 72، 138، 199 - 200، مفرج الكروب 2: 421 - 424، 3: 18 - 19، 60 - 67، وفيات الأعيان 7: 205، شفاء القلوب 366، تاريخ الإسلام 13: 835، الوافي بالوفيات 13: 329 - 331، تاريخ ابن الفرات 5/ 1: 200، المقريزي: السلوك 1/ 1: 177 - 178، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 2: 145، الزركلي: الأعلام 2: 308.
وكان يَزُور عَمِّي أبا غَانِم، وكُنْتُ اجْتَمع به عندَهُ في المَسْجِد المَعْرُوف بنا، فلم أتحقَّق ما سَمِعْتُه منه، فإنَّهُ كان يُورد أشْيَاء حَسَنةً، لَم أتحقَّق منها إلَّا مَنامًا ذَكَرهُ له، وكان حَضَرِ لوَدَاعه وهو يُريدُ الحَجّ، وذَكَره لعَمِّي وأنا أسْمَعُ، قال: رأيْتُ كأنَّ امْرأهً وابْنَتها حضَرتا، وقد وَطئتُ البنْتَ وعَزَمْتُ على وَطْء الأُمّ، وذَكَرَ ذلك لعَمِّي على وجْهِ أنَّ المَنَام قد تحقَّق لشرُوْعه (a) في التَّوَجُّه إلى الحجَّ.
فَمضَى إلى الحجَّ ودَخَلَ المَدِينَة، فسَيَّرَ المَلِكُ العادِل أبو بَكْر بن أيُّوب ورَدَّه من الطَّريق من بَدْر خَوْفًا أنْ يَدْخُل اليَمَن ويملكَها، فتوسَّل إلى مَنْ حضَر لردِّه أنْ يؤخَذ تحت الحَوْطَة والتَّضْييق حتَّى يَقْضي حجّه، فلَم يُجِيْبُوه إلى ذلك.
وعادَ إلى حَلَب واجْتَمَع بعَمِّي ووَالدي وأنا معهما، وذكَّرهما بالمَنَام الّذي قصَّهُ علينا لمَّا ودَّع عَمِّي، وقال: الأمُّ هى: مكَّة أُمّ القُرَى، والبنْتُ: المَدِينَة، ووَطئتُ المَدِينَة وهى البنتُ، ولَم يَتَهيَّأ لي وطء الأُمّ وهى مَكَّة، وكان هذا من أعْجَب المَنَامات الّتي (b) تحقَّقَ تَأويْلها.
وكان جَوَادًا، سَخِيًّا، شُجَاعًا، عَارِفًا بالتَّوَاريخ وأيَّام النَّاس، وكان من جِلَّة بني المَلِك النَّاصِر يُوسف بن أيُّوب، وكان يُنْبَزُ بالمَلِك المُشَمَّر، بحيث أنَّهُ غَلَبَ على لَقَبهِ المَلِك الظَّافِر، وبَلَغَني أنَّهُ إنَّما غَلَبَ عليه هذا اللَّقَب لأنَّ أباهُ قَسَّم البِلاد على أكَابِر إخْوَته، فقال: وأنا مُشَمَّرٌ!؟ فغَلَبَ عليهِ المُشَمَّر، وهُجِرَ ما سوَاهُ.
وأقَامَ بحَلَب عند أخيهِ المَلِك الظَّاهِر غَازِي سنين عدَّة، وسَكَنَ باليَارُوْقِيَّة ظَاهِر حَلَب، وابْتَنَى بها مَنَازِل وحَمَّامًا، فلمَّا مَرضِ المَلِكُ الظَّاهِر مَرْضَتهُ الّتي تُوفِّي فيها، خافَ منه على ابنه المَلِك العَزِيز مُحَمَّد، فأمَر برحِيْله من حَلَب، وأقْطَعَهُ إقْطاعًا حَسَنًا مُضَافًا إلى ما كان له عليه، فتَوَجَّه إلى منْبج، وماتَ المَلِكُ الظَّاهِر، فلَم يتمّ
(a) الأصل: لسروعه.
(b) الأصل: الذي.
له أمْر الإقْطَاع، فتَوَجَّه إلى أخيهِ وشَقِيْقه المَلِك الأفْضل عليّ إلى سُمَيْسَاط، وأقامَ بها إلى أنْ ماتَ المَلِكُ الأفْضَل، فانْتَقَل إلى حَرَّان، وأقامَ بها عند ابن عَمِّهِ المَلِك الأشْرَف مُوسَى بها إلى أنْ تُوفِّي بها رحمه الله.
وكانت أُمّهُ أُمّ وَلدٍ، وهي أُمِّ المَلِك الأفْضل عليّ، وأخْبَرَني أخُوه المَلِك المُحْسِن أحْمَد أنَّ مَوْلد أخيهِ الظَّافِر خضِر بمِصْر سَنَة ثمانٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بن يُوسُف البِرْزَاليّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا الأَمِير أبو الدَّوَام الخَضِر ابنُ السُّلْطانِ المَلِك النَّاصِرِ أبي المُظَفَّر يُوسف بن أَيُّوبَ بن شَاذِي بقِرَاءَتي عليه بجَبَلِ قَاسِيُون، بِظَاهِر دِمشْق، في يَوْم الأَحَد العشرين من شهر رَمَضَان سَنَة ستٍّ وعشرين وستمائة، قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن إِسْماعِيل بن عَوْف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ نزِيلُ الإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن عِيسَى الفَسَوِيّ الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن النَّاصِح بن شُجاع المُفَسِّرِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن سَعيد بن إبراهيم القَاضِي المَرْوزيّ في زُقَاق عَطَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو زّكَرِيَّاء يَحْيَى بن معِيْن بن عَوْن بن زِيَاد بن بسْطَام بن عبد الرَّحْمن البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن أبي إسْحَاقَ، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن الأشْعَث، عن إسْماعِيْل بن إِيَاس بن عَفِيف الكِنْدِيّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه
(1)
، قال: كُنْتُ امْرأً تَاجِرًا، فقَدِمتُ الحَجّ، فأتَيْتُ العبَّاسَ بن عَبْد المُطَّلِب أبْتَاع منهُ بعضَ التِّجَارَة، وكان امْرأً تَاجرًا، قال: فواللَّهِ إنِّي لعندَهُ إذ خَرَج رَجُلٌ من خِبَاءٍ قَربِ منه فنَظَر إلى الشَّمْسٍ، فلمَّا رآها مالَتْ قام يُصَلِّي، قال: ثُمَّ خَرجَت امْرأةٌ من ذلك الخِبَاءِ الّذي قد خَرَجَ منهُ ذلك الرَّجُل، فقَامت خَلْفَهُ، ثمّ خَرَج
(1)
انظر: تاريخ الطبري 2: 311، والمعجم الكبير للطبراني 18: 100 - 101 (رقم 181).
غُلَامٌ حين رَاهق الحُلُمَ من ذلك الخِبَاءَ فقام يُصَلِّي، فقُلْتُ للعبَّاسِ: ما هذا يا عبَّاس؟ قال: هذا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن عَبْد المُطَّلِب ابن أخي، قال: فقُلْتُ: مَنْ هذه المَرْأةُ؟ قال: هذه امْرأتهُ خَدِيجَةُ ابنَةُ خُوَيْلِد، قال: فقُلْتُ: مَنْ هذا؟ قال: هذا عِليّ بن أبي طَالِب ابن عَمّه، قال: فقُلْتُ: ما هذا الّذي يَصْنَع؟ قال: يُصَلِّي؛ وهو يْزعُمُ أنَّهُ نَبيٌّ ولَم يَتَّبعْهُ على أمْره إلَّا امْرأتهُ وابن عَمّه، وهو يَزْعُمُ أنَّهُ سَتُفْتَح عليه كنُوز كِسْرَى وقَيْصَر.
قال: وكان عَفِيف -وهو ابنُ عَمِّ الأشْعَث بن قَيْس- يقُول وأسْلَم بعد ذلك فحَسُنَ إسْلَامُهُ: لو كان اللَّهُ رَزَقني الإسْلَام يَوْمئذٍ فأكون ثانيًا مع عليّ بن أبي طَالِب.
أنْشَدَني أبو الفِدَاء إسْمَاعِيل بن حَامِد القُوصِيّ، قال: أنْشَدَني المَلِكُ الظَّافِر مُظَفَّر الدِّين أبو العبَّاسِ الخَضِر ابن السُّلْطان المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين أبي المُظَفَّر يُوسُف بن أيُّوب، رحمه الله، في طَريق مَكَّة، شرَّفَها اللَّهُ تعالى، وكان أمير الحَاجّ يَوْمئذٍ سَنَة عَشر وستمائة، لرَضي الدِّين يَحْيَى بن سَالَم بن أبي حَصِيْنَة المَعَرِّيّ يَمْدَح والدَهُ المَلِكَ النَّاصِرَ:[من البسيط]
قالُوا نَرَى نَاصِرَ الإسْلَام منذُ وَلى
…
لَم يَدَّخِرْ ذَهَبًا عن أهْلِ دَوْلَتِهِ
وكُلُّ مَنْ قد مَضى مِن قبل مِن مَلِكٍ
…
بالجَمْعِ للمَال أفْنَى طُول مُدَّتِهِ
أمَا تَرَى النَّحْلَ يَحْوي قُوْتَهُ سَنَةً
…
واللَّيْثُ لا يَقْتَني قُوْتًا للَيْلَتِهِ
فقُلْتُ للضَّعْفِ أضْحَى ذاك مُدَّخِرًا
…
وَتَرْكُ ذا الذُّخْرَ مِن إفْرَاطِ شِدَّتِهِ
قال لنا القُوصِيّ: وأنْشَدَني، رحمه الله، لرَجُلٍ من أُدَبَاءِ أهْل الأنْدَلُسِ، وَرَدَ على والدِه السُّلْطان المَلِك النَّاصِر رحمه الله، وأنْشَدَهُ هذه الأبيات الثَّلاثة، وأجازَهُ عليها جَاِئِزَة:[من البسيط]
يا مَلْكَ مِصْرَ ومَلْكَ الشَّامِ واليَمَنِ
…
ومَنْ عَسَاكِرُهُ في البَرِّ والسُّفُنِ
ومَنْ تَمَلَّكَ ما لَم يَحْوِهِ مَلِكٌ
…
ما يلحَقُ المَرْءُ مِن هذا سِوى الكَفَنِ
فاسْتَغنمِ الخَيْرَ فالدُّنْيا على أحَدٍ
…
ليسَتْ تَدُوم وهَذي عَادَهُ الزَّمَنِ
أخْبَرَنا أبو الفِدَاء القُوصِيّ، قال: هذا المَلِكُ الظَّافِر مُظَفَّر الدِّين الخَضِرُ بن يُوسُف، رحمه الله، كان كَرِيْمًا لطَالِب جَاهِهِ، ومُسْتَرفد رفْده، وجَمَعَ لي في طَرِيق مكَّة تلكَ السَّنَة بين تَلَطُّفه وحُسْن وُدّه إلى أنْ وَصَل عَسْكَرٌ من الدِّيَار المِصْرِيَّة برجُوْعهِ عن وِجْهَتهِ ورَدِّه، فصُدَّ ونحنُ ببَدْرٍ عن تَتْمِيم قَصْدِه، وكان يُخْشَى من دُخُوله إلى اليَمَن، وقَلَّمَا تَسْلَمَ المُلُوكُ أو الرَّعَايا من حَوَادِث الزَّمَن، وكان شَقِيْقَ أخيهِ المَلِك الأفْضَلِ نُور الدِّين أبي الحَسَن، وكانَ مَوْلدُهُ بالقَاهِرَة في خَامِس شَعْبان سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، أخْبَرَني بذلك شَيْخُنا الإمَام عِمَادُ الدِّين ذو البَلَاغتَيْن الأصْبَهَانِيُّ الكَاتِبُ.
بَلَغَني خَبَرُ وَفَاة المَلِك الظَّافِر خَضِر أنَّهُ تُوفِّي بحَرَّان في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة سَبْعٍ وعشرين وسِتّمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
خَضِر
رَجُلٌ كان بطَرَسُوس.
رَوَى عن إسْحاق بن رَاهَوَيْه، رَوَى عنهُ أبو بَكْر المَرُّوْذِيّ، وسَمِعَ منه بطَرَسُوس.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم الأزْهَريّ، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن عُمَر الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَخْلَدَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر المَرُّوذيُّ، قال: سَمِعْت خَضرًا بطَرَسُوس يَقُول: سَمِعْتُ إسْحَاقَ بن رَاهَوَيْه يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن آدَمَ يَقُول: أَحْمَدُ بن حَنْبَل إمَامُنَا.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَطَّاب
الخَطَّابُ بن سَعْد بن عُثْمان، أبو القَاسِم الخَيِّر الأزْدِيّ، وقيل: هو الخَطَّاب بن سَعْد الخَيْر بن عُثْمان بن يَحْيَى بن مَسْلَمَة بن عَبْدِ اللَّه بن قُرْط الحِمْصِيِّ الدِّمَشقيّ
(2)
سَمِعَ بحَلَب أبا نُعَيْم عُبَيْدَ بن هِشَام الحَلَبِيّ، وحَدَّثَ عنهُ، وعن المُؤَمَّل بن
(1)
تاريخ بغداد 6: 97 (في ترجمة أحمد بن محمد بن حنبل).
(2)
توفي بعد سنة 290 هـ ظنًّا، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 455 - 456، تاريخ الإسلام 6: 747، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 170 - 171.
إِهَاب، وهِشَام بن عَمَّار، والرَّبيِعِ بن سُلَيمان، وهاشِم بن القَاسِم الحَرَّانيّ، ومُحَمَّد بن رَجَاء السِّجِسْتَانِيّ، ومُحَمَّد بن سَمَاعَة الرَّمْليّ، وعَمْرو بن عُثْمان الحِمْصِيّ، ونَصْر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي ضَمْرَة، وأبي عَمْرو عبد الرَّحْمن بن أَيُّوبَ بن سَعيد الحِمْصِيّ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عُبَيْد الهاشِميّ، والفَتْح بن نَصْر بن عبدِ الرَّحْمن، وعبد اللَّه بن عَبدِ الوَهَّاب، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم.
رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد (a) بن أَيُّوب بن شَنَبُوذ، وأبو بَكْر يَحْيَى بن عَبْد اللَّه بن الحَارِث الزَّجَّاج، وأبو عليّ مُحَمَّد بن هَارُون بن شُعَيْب الأنْصَاريّ، وأبو عَمْرو سَعيد بن عُثْمان بن نَصْر الهَمَذَانيّ، وابنُ أخيهِ أحْمَدُ بن إبْراهيم بن سَعْد بن عُثْمان (b).
أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافظ
(1)
، قال: الخَطَّاب بن سَعْد الخَيْر بن عُثْمان بن يَحْيَى بن مَسْلَمَة بن عَبْدِ اللَّه بن قُرْط، أبو القَاسِم الأزْدِيّ، أصْلُهُ من حِمْصَ، وسَكَنَ دِمَشْقَ، وحَدَّثَ عن هِشَام بن عَمَّار، وهاشِم بن القَاسِم الحرَانيّ، ونَصْر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي ضَمْرَة، والمُؤَمَّل بن إِهَاب، ومُحَمَّد بن رَجَاء السِّجِسْتَانِيِّ (c)، وأبي عَمْرو عبد الرَّحْمن بن أَيُّوبَ بن سَعيد الحِمْصِيّ، وعبد اللَّه بن عَبد الوَهَّاب، وأبي نُعَيْم الحَلَبِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم، والرَّبيْع بن سُلَيمان، ومُحَمَّد بن سَمَاعَة الرَّمْلّي وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عُبَيْد الهاشِميّ، وعَمْرو بن عُثْمان الحِمْصِيِّ، والفَتْح بن نَصْر بن عبد الرَّحْمن.
(a) في الأصل: أحمد بن محمد، وقد تكرَّر وقوع الخطأ في اسمه في بعض المواضع، وتقدمت الإشارة إلى مصادر ترجمته لأول وقوع الخطأ.
(b) بعده في الأصل بياض قدره ثمانية أسطر.
(c) ابن عساكر: السختياني.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 455.
رَوَى عنهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد (a) بن أيُّوب بن شَنَبُوذ، وأبو عليّ بن شُعَيْب الأنْصَاريّ، وسُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وابن أخيهِ أبو عُمَر أحْمَدُ بن إبْراهيم بن سَعْد الخَيْر، وأبو عَمْرو سَعيد بن عُثْمان بن نَصْر الهَمَذَانيّ (b)، وأبو بَكْر يَحْيَى بن عَبْد اللَّهِ بن الحَارِث الزَّجَّاج.
خَطَّاب بن سِنَان الحَرَّانيُّ
(1)
أخُو حُسَيْن بن سِنَان.
نَزَلَ أنْطَاكِيَة، وحَدَّثَ عن بَقِيَّة بن الوَلِيدِ، ورَوَى عنهُ صالح بن زِيَاد بن شُعَيْب السُّوْسِيّ.
الخَطَّابُ، صَاحِبُ عُرْوَة بن مَرْوَان
غَزَا الصَّائِفَة إلى بلاد الرُّوِمِ مع عَبْد المَلِك بن صالح بن عليّ بن العبَّاس، حَكَى عن عَبْد اللَّه بن المُبارَك، روى عنهُ عُرْوَة بن مَرْوَان.
أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد القَاضِي، فيما أَذنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُنْذِر، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن إبْراهيم الحَدَثِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُرْوة بن مَرْوَان، قال: أخْبَرَني الخَطَّابُ؛ صَاحِبٌ لنا، قال: رأيْتُ الجفَانَ بأرْض
(a) في الأصل وابن عساكر: أحمد بن محمد، وتقدم التعليق عليه.
(b) ابن عساكر الهمداني، بالدال.
_________
(1)
ذكره المزي عرضًا فيمن روى عن إبراهيم بن سعد الزهري، وكناه: أبا عمر. انظر تهذيب الكمال 2: 89.
(2)
تاريخ ابن عساكر 37: 25.
الرُّوم على رُؤوس الشُّرَط فيها الكَعْكُ والسَّوِيْق والتَّمْر، فقُلتُ: لأتَّبِعَنَّها حتَّى أنْظُر إلى مَنْ يُذْهَبُ بها، قال: فجيء بها إلى رَحْلِ ابن المُبارَك، فقالوا: بَعَثَ بها عَبْدُ المَلِك، فسَمِعْتُه يقُول للشُّرَط: انْطَلقُوا لا حَاجَةَ لي فيها، فردَّها.
خُطْلُبَا بن عَبْد اللَّه
مَمْلُوك السُّلْطان مَحْمُود، مَلَكَ حَلَب، ويُقال له: خُتْلُغ آبَه أيضًا، ويُعَرَّب فيُقَال: خُطْلُبَا، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم
(1)
.
خُفَاف بن مَنْصُور التَّمِيْمِيّ المَرْوَرُّوذِيّ
(2)
كان من أهْلِ خُرَاسَان، وصَحِبَ عَبْد اللَّه بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن العبَّاس حين وَرَدَ حَلَب، وشَهِدَ معه حِصَار دِمَشْق، ولهُ ذِكْرٌ في التَّاريخ.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(3)
، قال: خُفَاف بن مَنْصُور التِّمِيْمِيّ المَرْوَرُّوذِيّ، شَهِدَ حِصَار دِمَشْق مع عَبْد اللَّه بن عليّ، تقَدَّم ذِكْر ذلك في تَرْجَمَةِ جِبْرِيل بن يَحْيَى
(4)
.
خَفِيْفُ بن عَبْد اللَّهِ، أبو عليّ الغَازِي الدِّيْنَورِيّ
(5)
غَزَا بلادَ الرُّوم فعُرِفَ بذلكَ، رَوَى عن هِشَام بن عَمَّار، وإبْراهيم بن
(1)
تقدمت ترجمته في هذا الجزء باسم ختلغ آبه.
(2)
كان حيًّا سنة 139 هـ، له أخبار متفرقة في تاريخ الطبري في أخبار الدعوة العباسية وأوليَّة دولتهم (7: 418، 440، 475، 501) وسماه الطبري: خفاف بن منصور الجرجاني، وترجمته أيضًا في: تاريخ ابن عساكر 16: 459، ابن الأثير الكامل 5: 464، 497.
(3)
تاريخ ابن عساكر 16: 459.
(4)
الإحالة من ابن عساكر.
(5)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 16: 459 - 460، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 171.
مُوسَى النَّجَّار الطَّرَسُوسِيّ، وحَمَّاد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، رَوَى عنهُ أبو أحْمَد القَاسِم بن الحَسَن بن القَاسِم الهَمَذَانيّ، وأبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الدِّيْنَورِيّ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضائِل نَاصِر بن مَحْمُود بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن شُجاع
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو إسحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن عَبْدِ اللَّه بن الهَيْثَم البَهْرَانِيّ (a) الخَطِيبُ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَعيد الخَزْرَجيّ الأنْصَاريّ البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين (b) بن عَبْد اللَّهِ بن الحُسَين بن الحَارِث بهَمَذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد القَاسِم بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ خَفِيْفُ بن عَبْد اللَّه الغَازِي، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عبدِ الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، قال: حَدَّثَنَا صالح (c) بن رُسْتُم أبو عَبْد السَّلام مَوْلَى بني هاشِم، عن عَبْدِ اللَّه بن حَوَالَةِ أنَّهُ قال: يا رسُول اللَّهِ، اكتُبْ لي بَلَدًا أكُون فيه، فلو أعْلَم أنَّك تبْقَى لم أخْتَر على قُرْبك، قال: عليك بالشَّام؛ ثلاثًا. فلمَّا رَأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَراهيتَهُ الشَّام، قال: هل تَدْرُونَ ما يقُول اللَّه عز وجل؟ يَقُول: يا شَام، يا شَام، [يَدي عليك يا شَام](d)، أنْتِ صَفْوَتي من بلادِي، أُدْخِل فيك خِيْرَتي من عِبَادي، أنت سَيْفُ نقْمَتي، وسَوْط عَذَابي، أنتِ الأنْدَرُ، وإليكِ المَحْشَر، ورأيتُ لَيْلَة أُسْرِي بي عَمُودًا أبيض كأنَّهُ لُؤْلُوٌ تَحْملُه المَلائِكَة، قُلتُ: ما تَحْملُونَ؟ قالوا: عَمُود الإسْلَام، أُمِرنا أنْ نَضَعَهُ بالشَّامِ، وبينا أنا نائمٌ رَأيتُ كِتَابًا أُخْتُلِس من تحتِ وسَادتي، فظَنَنْتُ أنَّ اللَّه تخلَّى من
(a) فضائل الشام: البهزاني.
(b) فضائل الشام: الحسن.
(c) الأصل: صلح، والمثبت من الربعي وابن عساكر، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال 13: 45 - 47، الكاشف 2: 20، ميزان الاعدال 2:295.
(d) إضافة من فضائل الربعي وتاريخ ابن عساكر (مصدر النقل).
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 459.
(2)
فضائل الشام للربعي 12 - 13.
أهل الأرْض فاتبعْتُ بَصَري، فإذا هو نُور سَاطعٌ بين يَديّ حتَّى وُضِعَ بالشَّام. فَمن أبَى أنْ يَلْحَق بالشَّامِ فليَلْحَق بَيَمنهِ، وليَسْقِ (a) من غُدُره، فإنَّ اللَّه قد تكفَّل لي بالشَّام وأهْله.
قال الحافِظُ
(1)
: رَوَى عنهُ عليّ بن مُحَمَّد بن شُجاع حَدِيثًا آخر فقال: خَفِيْف الرَّازِيّ بالرَّاء.
قال الحافِظُ
(2)
: خَفِيْفُ بن عَبْد اللَّهِ أبو عليّ الدِّيْنَورِيّ الغَازِي، سَمِعَ بدِمَشْق هِشَامِ بن عَمَّار، وحَمَّاد (b) بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وإبْراهيم بن مُوسَى النَّجَّار الطَّرَسُوسِيّ. رَوَى عنهُ أبو أحْمَد القَاسِمِ بن الحَسَن بن القَاسِم الهَمَذَانيّ، وأبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الدِّيْنَورِيّ، نَزِيلُ قيْنِيّة (c).
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَلَف
خَلَفُ بن تَمِيْم بن أبي عَتَّاب مَالِك التَّمِيْمِيُّ، أبو عبد الرَّحْمن الجَعْدِيُّ الدَّارِمِيُّ، وقيل: البَجَليّ، وقيل: المَخْزُوميُّ المِصِّيْصيُّ
(3)
مَوْلَى آل جَعْدَة بن هُبَيْرَة، كُوْفيٌّ نَزَلَ المِصِّيْصَة وأنْطَاكِيَة، وكان من العُبَّاد
(a) فضائل الشام: وليستق.
(b) ابن عساكر حامد، وهو يأتي في كتب الرجال على الوجهين.
(c) الضبط من ابن العديم، وعند ياقوت بفتح الياء الثانية مخففًا، وهي قرية قرب دمشق، كانت تقع مقابل باب الصغير، ثم أصبحت فيما بعد من بساتين دمشق. معجم البلدان 4:425.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 16: 460.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16: 459.
(3)
توفي سنة 206 هـ وقيل: 213 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 491، تاريخ البخاري الكبير 3: 197، التاريخ الصغير 2: 288، الدولابي: الكنى والأسماء 2: 65 - 66، الثقات لابن حبان 8: 228، الجرح والتعديل 3: 370، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 196، طبقات الصوفية للسلمي =
الخُشْن في العِبَادَة، وطَافَ بلاد الشَّامِ، وحَدَّثَ عن أَبِيهِ تَمِيْم بن مَالِك، وعبد اللَّه بن السَّرِيّ الأنْطَاكِيّ الزَّاهِد، وإبْراهيم بن أدْهَم، وإسْمَاعِيْل بن إبرَاهيْم بن مُهاجِر الكُوْفيّ، وسُفْيان بن سَعيد الثَّوْرِيّ، وأبي الأحْوَص سَلَّام بن سُلَيم، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن سَعْد الأنْصَاريّ، وعَاصِم بن مُحَمَّد بن زَيْد العُمَرِيّ، والمُفَضَّل بن يُونُس، وزَائِدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْمِيّ، وعُمَارَة بن شَبِيْب، وعَبْد الجَبَّار بن عُمَر الأيْلِيّ، وعبد اللَّه بن المُبارَك.
رَوَى عنهُ أبو إسحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد الفَزَارِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي المَضَاء وعبد اللَّه بن خُبَيْق، ومُحَمَّد بن غالب بن غُصْن (a)، والفَضْل بن سَهْل الأعْرَج الأنْطَاكِيُّونَ، وأبو حُمَيْد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن تَمِيْم، وأبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن صَفْوَة، ويوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيُّونَ، وأبو سَعيد أحْمَدُ بن بَكْر البَالِسِيُّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن عليّ الأنْصَاريّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، ويَعْقُوبُ بن شَيْبَة، والحَسَن بن الصَّبَّاح، ومُحَمَّد بن يَزِيد المُسْتَمْلِيّ، وعَبْد العَزِيْز بن المُبارَك الدِّيْنَورِيّ، وإسْمَاعِيْل بن أبي الحَارِث، ومُحَمَّد بن سَعْد كَاتِب الوَاقِدِيّ، وعبَّاسُ بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وهارون بن الحَسَن، وأحمد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن إشْكَاب، ومُحَمَّد بن الفَرَج الأزْرَق، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زَنْجُوَيْه، وأحمد بن الخَلِيل البَغْدَاديّ، ومُحَمَّد عليّ السَّرْخَسِيّ، ومُحَمَّدُ بن الحُسَين البُرْجُلَانِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحيم صَاعِقَة، والعَلَاء بن سَلَمَة، وسُرَيْج بن
(a) كذا في الأصل مجودًا، ومثله في تهذيب الكمال 8: 277، وورد عند ابن عساكر 17: 4: "حصن"، وفي موضع آخر منه (53: 121): "غصن".
_________
= 36 (ذكر عارض)، تاريخ ابن عساكر 17: 3 - 11، تهذيب الكمال 8: 276 - 279، تاريخ الإسلام 5: 68 - 69، سير أعلام النبلاء. 10: 212 - 213، تذكرة الحفاظ 1: 379، الكاشف 1: 281، الوافي بالوفيات 13: 356، تهذيب التهذيب 3: 148 - 149، تقريب التهذيب 1: 225، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 171 - 172.
يُونُس، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَعْفَر السِّمْنَانِيّ، وإسْحَاق بن بُهْلُول.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هبَةِ اللَّه بن صَصْرَى الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن كَرَوَّس السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيهُ نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر الأمْلُوكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ العَتَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَيْر عَدِيّ بن أحْمَد الأَذَنِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يوسُفُ بن سَعيد بن مُسَلَّم، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن إبْراهيم بن المُهاجِر، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن أبي خَالِد، عن قَيْس بن أبي حَازِم، عن جَرِير بن عَبْد اللَّه
(1)
: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللَّه عز وجل ليُعْطي على الرِّفْق ما لا يُعْطي على الخُرْق، وإذا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أعْطاهُ الرِّفْقَ، وما من أهْلِ بَيْت يُحرمونَ الرِّفقَ إلَّا وقد حرمُوا (a).
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللَّه
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيب، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: سَمِعْتُ خَلَفَ بن تَمِيْم يَقُول: رأيتُ إبْراهيم بن أدْهَم بجُبَيْل وسَألتُه: مُذ كم قَدِمْتَ الشَّام؟ قال: مُذْ أرْبَع وعشرين سَنَةً، فقُلْتُ: هَنِيئًا لك مُرَابط ومُجَاهِد، فقال: واللَّهِ ما قَدمْتُ مُرَابِطًا ولا مُجَاهِدًا؛ وإنَّما قَدِمتُ الشَّام لأشْبَع من خُبْز الحَلَالِ، تَرَاني أحْمِلُ هذا الحَطَبَ من الجَبَلِ فأبِيْعه فلا يَرَاني أحَدٌ إلَّا قال فَلَّاح أو حَمَّال.
(a) بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.
_________
(1)
اتحاف السادة المتقين لمرتضى الزبيدي 8: 49.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 7.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 478.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَم بن الشَّهْرَزُورِيّ إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن عَدِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن صَاعِد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم أبو يَحْيَى صَاحِب السَّابِرِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زَنْجُوَيْه، ومُحَمَّد بن إشْكيب (a)، ومُحَمَّد بن إسْحَاق، وعبَّاس بن مُحَمَّد، وغيرهم، قالُوا: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن السَّرِيّ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن جَابِر
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا لَعَنَتْ آخِرُ هذه الأُمَّة أوَّلها فَمنْ كان عندَهُ عِلْم يَوْمئذٍ فليُظْهره، فإنَّ كَاتِم العِلْم يَوْمئذٍ ككَاتِم ما أنْزَل اللَّهُ عز وجل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
قال ابنُ عَدِيّ
(3)
: قال لنا ابن صَاعِد: وقد رَوَاهُ سُرَيْج (b) بن يُونُس وقُدَمَاءُ شُيُوخنا عن خَلَف بن تَمِيْم هكذا، وكانُوا يَرون أنَّ عَبْد اللَّه بن السَّريّ هذا شَيْخٌ قديمٌ ممَّن لقي ابن المُنْكَدِر، وسَمِعَ منه، وممَّن صنَّفَ المُسْنَد، فقد رَسَمه باسْمِه في الشُّيُوخ الّذين رَوَوا عن ابن المُنْكَدِر، فحدّثنا بهِ عن شَيْخ خَلَف بن تَمِيْم، فإذا هو أصْغَر منه، وإذا خَلَف قد أسْقَط من الإسْنَادِ ثلاثة نَفَر.
قال ابنُ عَدِيّ
(4)
: حدَّثناهُ ابن صَاعِد، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن النُّعْمان أبو هَارُون بمِصْر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن السَّرِيّ بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنا سَعيد بن زَكَرِيَّاء، عن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمن القُرَشِيّ، عن مُحَمَّد بن زَاذَان، عن مُحَمَّد بن
(a) الكامل لابن عدي: ابن أشكاب، وهو المتقدم ذكره في تعداد تلاميذ المترجم له، يرد في بعض المصادر بهذا الرسم.
(b) مهملة في الأصل، وفي الكامل لابن عدي: شريح.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 4: 1528.
(2)
كتاب السنة لابن أبي عاصم 2: 481 (رقم 994)، والضعفاء الكبير للعقيلي 2: 264 - 265 (رقم 819).
(3)
الكامل لابن عدي 4: 1528.
(4)
ابن عدي: الكامل 4: 1528.
المُنْكَدِر، عن جَابِر، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا لَعَنَتْ آخرُ هذه الأُمَّة أوَّلَها فَمن كان عنده عِلْم فليُظْهره، فإنَّ كَاتم العِلْم يَوْمئذٍ كَكَاتم ما أنْزَل اللَّهُ عز وجل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
قال ابنُ عَدِيّ
(1)
: قال لنا ابنُ صَاعِد: وقد حَدَّثونا عن الشَّيْخ الّذي حدَّثَ بهِ عنه (a) شَيْخ خَلَف بن تَمِيْم، حَدَّثَنَا ابن صَاعِدٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُعاوِيَة الأنْمَاطِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن زَكَرِيَّاء، عن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمن، عن مُحَمَّد بن زَاذَان، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن جَابِر، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا لَعَنَتْ آخرُ هذه الأُمَّة أوَّلها فَمن كان عندَهُ عِلْم فليُظْهره؛ فإنَّ كَاتِم العِلْم يَوْمئذٍ كَكاتِم ما أنْزَل اللَّهُ عز وجل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
قال ابنُ عَدِيّ
(2)
: حدَّثناهُ الحُسَين بن الحَسَن بن سُفْيان ببُخَارَى، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن نَصْر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن السَّرِيّ الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن زَكَرِيَّاء المَدَائِنِيّ، عن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمن، عن مُحَمَّد بن زَاذَان، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدر، عن جَابِر، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا لَعَنَ آخِرُ هذه الأُمَّة أوَّلَها فمَن كان عندَهُ عِلْم فليُظْهره، فإنَّ كَاتِم العِلْم يَوْمئذٍ كَكَاتم ما أنْزَل اللَّهُ عز وجل على مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِقِ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن
(a) ابن عدي: عن.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 4: 1528.
(2)
ابن عدي: الكامل 4: 1528.
(3)
التاريخ الكبير 3: 197.
الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم أبو عبد الرَّحْمن الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن السَّرِيّ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن جَابِر بن عَبْد اللَّه، عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا لعَنَ آخرُ هذه الأُمَّة أوَّلَها، قال أبو عَبْد اللَّه: لا أعْرفُ عَبْد اللَّه ولا له سَمَاعًا من ابن المُنْكَدِر.
قلتُ: عَبْد اللَّه بن السَّرِيّ الأنْطَاكِيّ مَعْرُوفٌ وكان من الصَّالِحين، وسَتَأتي تَرْجمتُهُ في هذا الكتاب
(1)
، وإنَّما أنْكَرهُ البُخاريُّ لروَايته عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وعَصْرُه لا يَقْتَضي ذلك، وقد بيَّن ابنُ عَدِيّ في ذلك ما فيهِ كِفَايَة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر الشَّحَّاميّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح المُؤَذِّن، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الأصَمّ، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن المُبارَك، قال: سَمِعْتُه يقُول: مَنْ أرادَ الشَّهَادَة فليَدْخُل دَار البِطِّيْخِ بالكُوفَة ويَتَرحَّم على عُثْمان، قال خَلَفُ بن تَمِيْمٍ: فدَخَلْتُ دَار البِطِّيْخ بالكُوفة فرأيْتُ الأرْطَالَ والكَيَالِج، فكَرِهْتُ أنْ أقُول شيئًا.
قال يَحْيَى بن مَعِيْن: وكان الفَزَارِيّ يُحَدِّثُ عن خَلَف بن تَمِيْم، يَقُول: خَلَف مَوْلَى جَعْدَة بن هُبَيْرَة.
وأنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو أُمَيَّة الأحْوَص بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: قال أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مَعِيْن: خَلَفُ بن تَمِيْم مَوْلَى جَعْدَة بن هُبَيْرَة.
(1)
ترجمته في جزء من أجزاء الكتاب الضائعة.
أنْبَأنَا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(1)
، قال: خَلَفُ بن تَمِيْم أبو عبدِ الرَّحْمن، سَمِعَ إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن مُهاجِر، يُقال: مَوْلَى جَعْدَة بن هُبَيْرَة.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن علِيّ بن قُشَام، عن الحافِظ أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد الحاكمِ، قال: أبو عبد الرَّحْمن خَلَف بن تَمِيْم التِّمِيْمِيّ الدَّارِمِيِّ من أنَفُسهم، ويقال: مَوْلَى جَعْدَة بن هُبَيْرَة المِصِّيْصيُّ، سَمِعَ إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم، وزَائِدَة، رَوَى عنهُ إبْراهيم بن مُحَمَّد أبو إسْحاقَ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا جَدّي أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَرَائطِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلَف بن تَمِيْم البَجَليّ أَبو عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا إسْماعِيْل بن إبْراهيم بن المُهاجِر فأسْنَدَ حَدِيثًا.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ
(2)
، قال: خَلَفُ بن تَمِيْم بن مَالِك أبي عَتَّاب، أبو عبدِ الرَّحْمن التَّيْمِيّ الدَّارِمِيّ، ويقال: البَجَليّ، ويقال: المُخْزُوميّ، مَوْلَى آل جَعْدَة بن هُبَيْرَة، كُوْفيٌّ نَزَلَ المِصِّيْصَة، وطَافَ بالشَّام.
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3: 197.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 3 - 4.
سَمِعَ إبْراهيم بن أدْهَم بجُبَيْل من سَاحِل دِمَشْق، وحَدَّثَ عنهُ، وعن إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن مُهاجِر الكُوْفيّ، وعَبد اللَّه (a) بن مُحَمَّد بن سَعْد الأنْصَاريّ، وعبد اللَّه بن السَّرِيّ الزَّاهِد الأنْطَاكِيّ، وزَائِدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ، وأبي الأحوَصِ سَلَّام بن سُلَيم، ومُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز التَّيْمِيّ، والمُفَضَّل بن يُونُس، وعُمَارَة بن شَبِيْب (b)، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وعَاصِم بن مُحَمَّد بن زَيْد (c) العُمَرِيّ، وأبيهِ تَمِيْم بن مَالِكٍ.
رَوَى عنهُ أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد الفَزَارِيّ (d)، والحَسَن بن الصَّبَّاح، وعَبْدُ العَزِيْز بن المُبارَك الدِّيْنَورِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي المَضَاء، ومُحَمَّد بن سَعْد كَاتِب الوَاقِدِيّ، وعبد اللَّه بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، وهَارُون بن الحَسَن، والفَضْل بن سَهْل الأعْرَجُ، وأحمدُ بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، ومُحَمَّد بن الفَرَج الأزْرَق، وأحمد بن الخَلِيل البَغْدَاديّ نَزِيلُ نَيْسَابُور، وأبو حُمَيْد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن تَمِيْم المصِّيْصيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين البُرْجُلَانِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ السَّرْخَسِيّ، وسُرَيْج بن يُونُس، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحيمِ صَاعِقة، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زَنْجُوَيْه، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن إشْكَاب (e)، ومُحَمَّد بن غالب بن حِصْن (f) الأنْطَاكِيّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وعبَّاس بنِ مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وأحمد بن بَكْر البَالِسِيّ، وإسْمَاعِيْل بن أبي الحَارِث، ومُحَمَّد بن يَزِيد المُسْتَمْلِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن صَفْوَة المِصِّيْصيّ، ويَعْقُوب بن شَيْبَة، وغيرهم.
(a) الأصل: عبيد اللَّه، والمثبت موافق لابن عساكر وكما تقدم في أول الترجمة.
(b) في تاريخ ابن عساكر: عمار بن سيف، وانظر ترجمة عمارة بن شبيب السبأي في تهذيب الكمال للمزي 21: 247 - 248، الكاشف 2: 302، تهذيب التهذيب 7:418.
(c) ابن عساكر: يزيد، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 13: 542 - 544، الكاشف 2: 53، سير أعلام النبلاء 7: 180 - 181، تهذيب التهذيب 5:57.
(d) تصحف في نشرة تاريخ ابن عساكر: الفراوي.
(e) الأصل: بشران، والمثبت من تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، وتقدم صحيحًا في طالع الترجمة.
(f) نقله ابن العديم كما وجده عند ابن عساكر، وتقدم رسمه في طالع الترجمة: غصن.
وقال الحافِظُ
(1)
: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْت مُسْلم بن الحَجَّاج
(2)
يَقُول: أبو عبد الرَّحْمن خَلَفُ بن تَمِيْم المِصِّيْصيّ، سَمِعَ إسْمَاعِيْل بن إيْراهيم بن مُهاجِر، وعَمَّار بن مُحَمَّد.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن يَحْيَى بن إبْراهيم التَّمِيْمِيّ قراءةً، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عُبَيْدُ اللَّه بن سَعيد بن حَاتِم، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو عبد الرَّحْمن خَلَفُ بن تَمِيْم.
قال ابن نَاصِر أنْبَأنَا أبو طَاهِر بن الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا هبَةُ اللَّه بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُهْتَدِي، قال: أخْبَرَنا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ
(3)
، قال: أبو عبد الرَّحْمن خَلَفُ بن تَمِيْم.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُسَين بن رَوَاحَة، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد، عن المُبارك بن عَبْد الجَبَّار بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عُبَيْد اللَّه بن أحْمَد [لكُوفِيّ، قال: أخْبرنا عَبدُ الرَّحمن بن عُمَر بن أحمد](a) بن حُمَّة (b) الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ بن شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي، قال: وخَلَفُ بن تَمِيْم أبو عبد الرَّحْمن ثِقَةٌ صَدُوقٌ، أحدُ النُّسَّاك والمُجَاهِدين، صَحِبَ إبْراهيمَ بن أدْهَمَ.
(a) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، انتقال نظر لتكرر اسم أحمد، والمثبت من ابن عساكر 17:8.
(b) جوده في الأصل بضم الميم، وجاء بالفتح في تاريخ بغداد 11: 608، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 3:322.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 8.
(2)
الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 528.
(3)
الكنى والأسماء لدولابي 2: 65 - 66.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم الخَطِيب، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: خَلَفُ بن تَمِيْم بن أبي عَتَّاب أبو عبد الرَّحْمن، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. وسَألتُهُ عنه، فقال: ثِقَةً صالِحُ الحَدِيْثِ.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لي في رِوَايَته عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْماعيل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي القَاسِم بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن عَدِيّ الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمانُ بن سَعيد، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن [مَعِيْن](a) عن خَلَف بن تَمِيْم: أيِّ شيءٍ حَالُهُ؟ فقال: هو المِسْكِين شَيْخٌ صَدُوقٌ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي عِيَاضُ بن مُوسَى
(3)
إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِلَفَة الحافِظ، ح.
وأنْبَأنَا الحافِظُ أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّلِ المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الفَالِيّ، [قال: أخْبرنا القَاضِي ابن خَرْبَان] (b)، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي ابن خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا
(a) الأصل: ابن تميم، سهو صوابه ما في الكامل لابن عدي.
(b) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، وهو في كتاب القاضي عياض، ويأتي صحيحًا في تكرار المؤلف لهذه الرواية وبالإسناد نفسه في الجزء الثامن بعده، في ترجمة زائدة بن قدامة الكوفي.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 370.
(2)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 4: 1528.
(3)
القاضي عياض: الإلماع إلى معرفة أصول الرواية 136 - 137.
عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد الغَزَّاء، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن مُسَلّم، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم، قال: كَتبْتُ عن سُفْيان عَشرة آلاف حَديث أو نَحْوها، فكُنْتُ أسْتَفهم جَلِيْسي، فقُلْتُ لزَائِدَة: يا أبا الصَّلْت، إنِّي كَتَبْتُ عن سُفْيان عَشرة آلاف حَديث أو نَحْوها، فقال لي: لا تُحَدِّث إلَّا بما تَحْفَظ بقَلْبك، وتَسْمَع بأُذنكَ، قال: فألْقَيْتُها.
قال أبو الحَسَن المَقْدسِيّ: أخْبَرَنا الحافظ أبو طَاهِر، قال: حَدَّثَنَا المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الفَالِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إسْحاق النَّهَاوَنْدِي، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن مَعْدَان، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن مُسَلّم، قال: حَدَّثَنَا خَلَف بن تَمِيْم، قال: أتَيْتُ حَيْوَة بن شُرَيْح فسَألتُه، فأخْرَج إليَّ كِتَابًا، فقال: اذْهَب فانْسَخ هذا وارْوه عنِّي، قُلتُ: لا نَقْبلهُ إلَّا سَمَاعًا، قال: كَذَا أَفْعلُ بغَيْرك فإنْ أردتَهُ وإلَّا فَذَرْهُ، قال: فتَركتُهُ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، عن أبي القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مُقَاتِل، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا عِمْران بن الحَسَن بن يُوسُف الخَفَّاف، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن ضَوء الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس، قال: كُنْتُ [عند](a) يُوسُف بن أسْبَاط، وعندَهُ خَلَف بن تَمِيْم، فقال له خَلَفٌ: أوْصِني، قال أوْصِيك يا عَمّ بتَرْك الحَدِيْث! فقال له خَلَف: يا أبا مُحَمَّد، فِلمَ كَتَبْناهُ وأدْلَجنا فيه بالأسْحَار، ولِمَ رَحَلْنَا فيه؟ فقال له يُوسُف: يا أبا عبد الرَّحْمن، أليسَ قد أكلَ به الألِبَّاءُ العُقَلَاءُ، واسْتَزاروا بهِ الوُلَاة، واسْتَطَالُوا به على أهْلِ بلادهم، أيّنا جَلَسَ مَجْلِسًا فأحبّ أنْ يقُوم منه حتَّى يَعْرف مكانَهُ، فَمن سَلِم من هذا فما أخْشَى (b) ما هذا، أو كلام هذا مَعْناهُ.
(a) ساقطة من الأصل، والإضافة من تاريخ ابن عساكر 17:9.
(b) في تاريخ ابن عساكر 17: 9: أحسن.
أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: أنْبَأنَا أبو الفَرَج غَيْثُ بن عليّ الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم رَمَضَان بن عليّ بن عبد السَّاتِر الزِّيَادِيّ بتِّنِيْس (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر بن نُصَيْر، قال: أَخْبَرَنا أبو عَمْرو عُثْمانُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السَّمَرْقَنْديّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيمِ الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم المُسْتَمْلِيّ، قال: ومات حَجَّاج الأعْوَرُ سَنَة ستٍّ ومَائتَيْن، وفيها مات الهَيْثَم بن عَدِيّ، ويَزِيْد بن هَارُون، وشَبَابَة بن سَوَّار، ومُحَاضر، وعُمَر بن حَبِيْب، وخَلَف بن تَمِيْم، ومُحَمَّد بن جَعْفَر المَدَائِنيّ.
قال أبو القَاسِم
(2)
: وذَكَرَ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن سَعْد كاتب الوَاقِدِيّ، فيما سَقَطَ من رِوَايَةِ أحْمَد بن مَعْرُوف، عن الحُسَين بن الفَهْم عنه، قال: خَلَفُ بن تَمِيْم الكُوْفيّ، كان عَالِمًا، تُوفِّي بالمِصِّيْصَة سَنَة ثَلاث عَشرة ومَائتَيْن في خِلَافَة عَبْد اللَّه بن هَارُون.
قال أبو القَاسِم
(3)
: وبَلَغَني من وَجْهٍ آخرَ أنَّ خَلَفَ بن تَمِيْم تُوفِّي بدِمَشْق ودُفِنَ بباب الصَّغير، وأنَّ قَبْره إلى جانب مَقْبَرَة ابن المِصِّيْصيّ، وهي مَقْبَرَة البَهْجَة بن أبي عَقِيْل.
أخْبَرَنا أبو عليّ الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة ثلاث عَشْرة ومَائتَيْن: خَلَف بن تَمِيمْ، قالَهُ أبو عُبَيْدَة مَعْمَرُ بن المُثَنَّى؛ يعني: ماتَ فيها.
(a) قيَّدها في الأصل بفتح التاء، وتقدم التعليق على وجه ضبطها.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 10.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 10.
(3)
تاريخ ابن عساكر 17: 11.
خَلَفُ بن سَالِم، أبو مُحَمَّدٍ المُخُرِّمِيُّ السِّنْدِيُّ، مَوْلَى المَهَالبَة
(1)
دَخَلَ حَلَب صُحْبَة أحمَد بن حَنْبَل، وسَمِعَا بها من مُبَشِّر بن إسمَاعِيْل الحَلَبِيّ، ثمّ خَرَجَ معه إلى طَرَسُوسَ، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرَجَمَةِ أحْمَد بن حَنْبَل
(2)
.
رَوَى عن مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، ويَحْيَى بن آدَمَ، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، وهُشَيْم بن بَشِير، ومَعْن بن عِيسَى، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، وسَعْد ويَعْقُوب ابْنَي إبراهيمِ بن سَعْد، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، وإسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، ومَعْن بن عِيسَى، وعَبْد الرّحمن بن مَهدِي، وأبِي نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، ويَزِيْد بن هارُون، ومُحَمَّد بن جَعْفَر غُنْدَر، ووَهْب بن جَرِير.
رَوَى عنهُ أبو عليّ صالح بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، وأبو بَكْر يَعْقُوبُ بن يُوسُف المُطَّوّعيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه أحْمَدُ بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار الصُّوْفيّ، وإسْمَاعِيْل بن أبي الحَارِث، والحَسَن بن عليّ المَعْمَرِيّ، ويَعقُوب بن شَيْبَة، وعبَّاسُ الدُّوْرِيّ، وأحمدُ بن أبي خَيْثَمة، وحَاتِم بن اللَّيْث، وجَعْفَر الطَّيَالِسِيُّ، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد البَغَويّ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب العبَّاسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الخُلْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن خِدَام البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيهُ الصَّالحُ أبو إسحاق إبراهيم بن
(1)
توفي سنة 231 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 354، تاريخ خليفة 479، تاريخ البخاري الكبير 3: 196، التاريخ الصغير 2: 330، الجرح والتعديل 3: 371، الثقات لابن حبان 8: 228، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 216، تاريخ بغداد 9: 278 - 280، السمعاني: الأنساب 13: 132، ابن الجوزي: المنتظم 11: 170 - 171، المزي: تهذيب الكمال 8: 289 - 292، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 817، سير أعلام النبلاء 11: 148 - 150، تذكرة الحفاظ 2: 481، الكاشف 1: 282، ميزان الاعتدال 1: 660 - 661، تهذيب التهذيب 3: 152 - 154، تقريب التهذيب 1: 225 - 226، طبقات الحفاظ للسيوطي 211.
(2)
ترجمة الإمام ابن حنبل في الضائع من أجزاء الكتاب.
مُسْلِم الشِّكَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ أحْمَد بن أُحَيْد بن حُمْرَان، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ صالح بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا خَلَف بن سَالِم، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن ثَابِت، قال: حدَّثَني أبي ثَابِتٌ البُنَانِيّ، عن أنَس بن مَالِك
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا مَرَرْتُم برِيَاض الجَنَّةِ فارْتَعُوا، قالُوا: يا رسُول اللَّهِ، وما ريَاضُ الجَنَّة؟ قال: حِلَقُ الذِّكْر.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتبُ، فيما أَذنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أحمَد بن عليّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَدِيّ بن زَحْر البَصْرِيّ في كتابِه، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْد مُحَمَّد بن عليّ الآجُرِّيّ، قال: قال أبو دَاوُد سُليْمان بن الأَشْعَث: سَمِعْتُ من خَلَف بن سَالِم خَمسَة أحَادِيْثَ سَمِعتُها من أحْمَد بن حَنْبَل، وكان أبو دَاوُد لا يُحَدِّثُ عن خَلَف بن سَالِم.
وقال أحْمَد بن عليّ
(3)
: حُدِّثْتُ عن مُحَمَّد بن العبَّاس بن الفُرَاتِ، قال: أخبَرَني الحَسَن بن يُوسُف الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَلَّالُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن سَهْل بن المُغِيرَة البَزَّازُ، قال: سَمِعتُ أحْمَد بن حَنْبَل، وسُئِلَ عن خَلَف بن سَالَم، قال: لا يُشَكُّ في صِدْقهِ.
أنبَأنَا أبو اليُمن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحافِظُ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحُسَين بن عليّ التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة يَعْقُوب بن إسْحاق الإسْفَرَاينِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر المَرُّوذِيّ،
(1)
الجامع الكبير للترمذي 5: 488 (رقم 3510)، حلية الأولياء لأبي نعيم 6: 368، فيض القدير للمناوي 1: 443 (رقم 859)، وانظر: المسند الجامع 3: 247 (رقم 1152).
(2)
تاريخ بغداد 9: 278.
(3)
تاريخ بغداد 9: 278.
(4)
تاريخ بغداد 9: 278 - 279.
قال: سَألتُه -يعني: أحْمَد بن حَنْبَل- عن خَلَف المُخَرِّمِيّ، فقال: نقمُوا عليه تَتَبُّعَهُ هذه الأحَادِيْثَ، قُلتُ: هو صَدُوقٌ؟ قال: ما أعْرفه يَكْذِب مع أنَّهُ قد دَخَل مع الأنْصَاريّ في شيءٍ، يُحكى (a) عنه أمرُ بَغِيْضٌ، كان إذا أُمِرَ لإنسَانٍ بشيءٍ اشْتَراه! قُلتُ: كان يُعَيِّن؟ قال: العِيْنَةُ أحْسَنُ من ذا. ثُمَّ قال: كُنْتُ أعْرفُهُ عَفِيفَ البَطْن والفَرْج.
وقال الحافِظُ أبو بَكْر
(1)
: أخْبَرَنا عليّ بن الحُسَين صَاحِبُ العبَّاسيّ، [قال] (b): أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر الخَلَّالُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الفَارسِيّ، قال: حَدَّثَنَا بَكْر بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِق بن مَنْصُور، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن خَلَف المُخَرِّمِيّ، فقال: صَدُوقٌ، فقُلتُ لَهُ: يا أبا زَكَري (c)، إنَّهُ يُحَدِّثُ بمَسَاوئ أصحَاب رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قد كان يَجْمَعُها، وأمَّا أنْ يُحَدِّث بها فلا.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي أحْمَد
(2)
، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ الصَّيْمَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زُهَيْر، قال: سَمِعتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: ليس بخَلَف بن سَالِم المِسْكِين بأسٌ لولا أنَّهُ سَفِيهٌ. وقال أحْمَد بن زُهَيْر: أخْبَرَني مَنْ سَمِعَ أبا المُحَلَّم يَقُول: إنَّ أخانا خَلَف بن سَالَم ليْسَ عليه أحدٌ بسَالِم.
أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(3)
، قال: أخْبَرَني الأزْهَريّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر،
(a) تاريخ بغداد: حُكي.
(b) إضافة من تاريخ بغداد.
(c) كذا في الأصل، وفي تاريخ بغداد: زكرياء.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 279.
(2)
تاريخ بغداد 9: 279.
(3)
تاريخ بغداد 9: 279.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيبَة، قال: حَدَّثَنَا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن سَالِمٍ، وكانَ ثِقَةً ثَبتًا، قال: وذَكَر جَدِّي مُسَدَّدًا والحُمَيْدِيّ فقال: كان خَلَفُ بن سَالَم أثْبَتَ منهما.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْدِ اللَّه بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْلِ مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن مُحَمَّد بن إبراهيم التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عُبَيْدُ اللَّه بن سَعيد بن حَاتِم، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عَبْدِ الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو مُحَمَّد خَلَفُ بن سَالَم بَغْدَادِيٌّ مُخَرِّميٌّ ثِقَةٌ.
أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا مُحَّمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ
(1)
، قال: خَلَفُ بن سَالَم، أبو مُحَمَّد المُخُرِّميُّ، مَوْلَى المَهَالبَة، وكان سِنْديًّا، سَمعَ أبا بَكْر بن عَيَّاش، وهُشَيْم بن بَشير، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، وعَبْد الرَّحمن بن مَهدِي، وإسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، وسَعْد بن إبراهيم بن سَعْد، وأخاهُ يَعْقُوب بن إبراهيم، ومَعْن بن عِيسَى، وأبا نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، ومُحَمَّد بن جَعْفَر غُنْدَرًا، ويَزيْد بن هَارُون، ووَهْب بن جَرِير، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام.
رَوَى عنهُ إسْمَاعِيْل بن أبي الحَارِث، وحَاتِم بن اللَّيْث، ويَعْقُوب بن شَيْبَة، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة، وجَعْفَر الطَّيَالِسِيّ، وعبَّاسٌ الدُّوْرِيّ، ويَعْقُوبُ بن يُوسُفَ المُطَّوِّعيّ، والحَسَن بن عليّ المَعْمَريّ، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار الصُّوْفيّ.
أخْبَرَنا أبو الفَرَج حَمْزَة القُبَّيْطِيّ الحَرَّانيّ في كتابِه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن ابن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهمِيّ،
(1)
تاريخ بغداد 9: 278.
قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(1)
، قال: سَمِعتُ يَعْقُوبَ بن إسحاق بن إبْراهيم بن يَزِيد يَقُول: سَمِعت عبَّاسَ بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ يَقُول: سَمِعتُ خَلَفَ بن سَالمٍ يَقُول: سَمَاعُ الحَدِيث هَيِّنٌ والخُرُوجُ منه شَدِيدٌ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي أحْمَد
(2)
، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: كَتَبَ إليَّ مُحَمَّد بن إبْراهيم الجُورِيّ من شِيْرَاز يَذكُر أنَّ أحْمَد بن حَمْدَان بن الخَضر أخْبرَهُم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُونسُ الضَّبّيّ، قال: حَدَّثَني أبو حَسَّان الزِّيَادِيّ، قال: كان مَوْتُ خَلَف بن سَالِم ببَغْدَاد وهو ابنُ سَبْعِينَ سَنَةً.
أنْبَأنَا أبو اليُمن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُريقٍ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(3)
، قال: أخْبَرَنا ابن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا دَعْلَج بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الأبَّارُ، قال: ح.
قال الخَطِيبُ أبو بَكْر وأخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد البَغَويّ
(4)
: ماتَ خَلَفُ بن سَالِم سَنَة إحْدَى وثَلاثين ومَائتَيْن. زادَ البَغَويُّ: في آخر شَهْر رَمَضَان، قال: وقد رَأيتُه وسَمِعْتُ منهُ.
وقال الخَطِيبُ
(5)
: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحْمن بن عُثْمان التَّمِيْمِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْر المَيَانِجِيّ، قال: قال لنا الصُّوْفيُّ؛ وهو أحْمَدُ بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار: ماتَ خَلَفُ بن سَالِم يَوْم الأَحَدِ لسَبْعٍ بَقِينَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وثَلاثين ومَائتَيْن (a)، وهو ابنُ تسْعٍ وسِتِّين سنَةً.
(a) مكررة في الأصل.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 135.
(2)
تاريخ بغداد 9: 280.
(3)
تاريخ بغداد 9: 280.
(4)
تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغري 56، وفيه: خلف بن سالم المخرمي.
(5)
تاريخ بغداد 9: 280.
وقال الخَطِيبُ
(1)
: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق (a)، قال: أخْبَرَنا أحمد بن إسحاق بن وَهْب البُنْدَار، قال: حَدَّثَنَا أبو غَالِب عليّ بن أحْمَد بن النَّضْرِ، قال: وماتَ خَلَفُ بن سَالِم سَنَةَ ثِنْتَيْن وثلاثين. قال الخَطِيبُ: والقَوْل الأوَّلُ الصَّوَابُ، واللَّهُ أعْلَمُ.
خَلَفُ بن القَاسِم بن سَهْل -وقيل: ابن سَهلُون- ابن مُحَمَّد بن يُونُس بن الأَسْوَد، أبو القَاسِم الأزدِيّ القُرْطُبِيّ الحافِظ المعرُوفُ بابنِ الدَّبَّاغ
(2)
سَمِعَ بالأنْدَلُسِ أحْمَد بن يَحْيَى بن زَكَريَّاء ابن الشَّامة، ثمّ رَحَلَ إلى المَشْرِق، وحَجَّ، وسَمِعَ بمِصْر أبا الحَسَن مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي التَّمَّام إمَام الجَامِع، وأحمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الحَضْرَميّ، والحَسَن بن الخَضِر الأَسْيُوطِيّ، وأبا أحْمَد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن نَاصِح ابن المُفَسِّر، وحَمْزَة بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، والحَسَن بن رَشيْق، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن الحارِث الأُطْرُوش، وأبا بَكْر أحْمَد بن صالح بن عُمَرِ المُقْرِئ البَغْدَاديّ،
(a) قوله: "أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق" ورد مكررًا في الأصل.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 280.
(2)
توفي سنة 393 هـ، وترجمته في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1: 250 - 251، الحميدي: جذوة المقتبس 1: 326 - 329، تاريخ ابن عساكر 17: 13 - 15، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 144، الضبيّ: بغية الملتمس 1: 357 - 359، تاريخ الإسلام 8: 726 - 727، معرفة القراء الكبار 2: 694 - 695، تذكرة الحفاظ 3: 1025 - 1026، طبقات القراء 1: 464 - 465، سير أعلام النبلاء 17: 113 - 114، 241، الوافي بالوفيات 13: 364، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 272، ابن فرحون: الدياج المذهب 1: 355، النجوم الزاهرة 4: 211 (أرَّخ وفاته سنة 394 هـ)، السيوطي: طبقات الحفاظ 406 - 407، المقري: نفح الطيب 2: 105، شذرات الذهب 4: 500، القنوجي: التاج المكلل 317، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 173، معجم المؤلفين 4: 107، الزركلي: الأعلام 2: 311.
وأبا الفَضْل يَحْيَى بن الرَّبيعْ بن مُحَمَّد العَبْدِيّ، وأبا عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن الحافِظ.
وحَجَّ إلى بيتِ اللَّه الحَرَام، فسَمِعَ بمَكَّة أبا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَهْل الحَدَّاد، وأبا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي المَوْت، وسَمِعَ بدِمَشْقَ أبا القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب بن إبْراهيم بن أبي العَقَب، وأبا المَيْمُون عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن رَاشِد البَجَليّ، وبحَرَّان أبا عَرُوبَة الحُسَين بن أبي مَعشَر الحَرَّانيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عَلَّان، وجَمَاعَةً يَطُول ذِكْرهُم.
ففي طَرِيْقهِ ما بين دِمَشْق وحَرَّان اجْتازَ بحَلَب أو ببَعْض أعْمَالها.
رَوَى عنهُ أبو عُمَر يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَبْد البَرّ الحافِظ، وأبو عَمْرو عُثْمان بن سَعيد بن عُثْمان الدَّانِيّ، وأبو الوَلِيد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن الفَرَضِيّ، وأبو الفَتْح بن مَسْرُور البَلْخِيّ.
كَتَبَ إلينا الحافِظُ أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن عَبْد المَلِك بن بَشْكُوَال في كتابهِ، قال: أخبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن مَروَان الحَرَّانيّ، وبِشْر بن سَعيد أبو الطَّيِّب الرَّافِقِيّ، وسَلْم بن مُعَاذ الدِّمَشقيّ.
قال: وحَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه بن نَصْر ومُحَمَّد بن إبْراهيم الأنْمَاطِيّ، ومُحَمَّد بن سَعيد الحَرَّانيّ، قالُوا كُلّهم: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن المُفَضَّلِ الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا مِسْكِين بن بُكَيْر، قال: حَدَّثَنَا المَسْعُودِيّ، عن عَبْد
المَلِك بن عُمَيْر، عن أيْمَن بن خُرَيْم بن فَاتِك، عن أَبِيهِ
(1)
، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: نِعْم الفَتَى خُرَيْم بن فَاتِك لو قَصَّرَ من شَعره ورفَعَ من إزَاره، قال خُرَيْم: لا يُفَارق (a) شَعري أذُنِي ولا إزَاري كَعْبي!.
قال ابنُ السَّكَن: وليس يُرْوى عن خُرَيْم هذا الحَدِيْث بإسْنَادٍ مُتَّصل إلَّا من هذا الوَجْه.
أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو الحَسَن [. . .](b).
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم صَدَقَةُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أبي نَصْر الحُمَيْدِيّ
(3)
قراءةً، قال: قَرَأ لنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِتٍ الخَطِيبُ الحافِظُ
(4)
بلَفْظه، من كتابهِ بدِمَشْق، قال: قَرَأتُ في كتاب أبي الفَتْحِ عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن مَسْرُور البَلْخِيّ بخَطِّه، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم بن سَهْلُون الأنْدَلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء ابن الشَّامة، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَني خالي إبْراهيمُ بن قاسم بن هِلال، قال: حَدَّثَني فُطَيْس السَّبَائِيّ، قال: سَمِعْتُ مَالِكًا يقول في قَوْل اللَّهِ عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
(5)
، قال: يكْتَبُ عليه حتَّى الأنِيْنُ في مَرَضِهِ.
(a) عند الطبراني والهيثمي: لا يجاوز.
(b) موضع ما بين الحاصرتين بياض في الأصل يستغرق نصف هذه الصفحة وأربعة أسطر من التي تليها.
_________
(1)
الطبراني: المعجم الكبير 4: 308 (رقم 4158، 4161) والمعجم الصغير 164 (رقم 407)، ومجمع الزوائد 5: 122، وكنز العمال 15: 315 (رقم 41183).
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 13.
(3)
جذوة المقتبس 1: 328.
(4)
لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب البغدادي.
(5)
سورة ق، الآية 18.
قال
(1)
: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم صَدَقَة بن مُحَمَّد، قال: قال لنا أبو عَبْدِ اللَّه الحُمَيْدِيّ في كتاب تاريخ الأنْدَلُسِ
(2)
؛ تَصْنِيْفُه: خَلَفُ بن قاسم بن سَهْل -ويُقال له أيضًا: ابن سَهْلُون- ابن أَسْوَد، أبو القَاسِم المَعْرُوف بابنِ الدَّبَّاغِ، كان مُحَدِّثًا مُكْثِرًا حَافِظًا، سَمِعَ بالأنْدَلُسِ من يَحْيَى (a) بن زَكَرِيَّاء ابن الشَّامة، وغيره.
ورَحَل قبل الخَمْسِين وثَلاثِمائة إلى مِصْر ومَكَّة والشَّام، وسَمِعَ جَمَاعَةً؛ منهم: أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن عُثْمان بن أبي التَّمَّام، إمَام جَامع مِصْر، صَاحِب أبي عبد الرَّحْمنِ أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وأبو قُتَيْبَة سَلْم (b) بن الفَضْل البَغْدَاديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَارِث [بن](c) الأبْيَض القُرَشِيّ الأُطْرُوش، وأحمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عِيسَى الحَضْرَميّ، صَاحِب أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، والحَسَن بن الخَضِر الأَسْيُوطِيّ، وأبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن نَاصِح بن شُجاع المَعْرُوف بابنِ المُفَسِّر بمِصْرَ، وأبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي المَوْت المَكِّيّ، صَاحِب عليّ بن عَبْد العَزِيْز، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الوَرْد بن زَنْجُوَيْه البَغْدَاديّ، وعليّ بن يَعْقُوبَ بن إبْراهيم بن أبي العَقَب الدِّمَشقيّ، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق المِصْرِيّ المُعَدَّلُ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن المِسْوَر المَعْرُوف بابن أبي طُنَّة (d)، وأبو المَيْمُون عبد الرَّحْمن بن عُمَر (e) بن رَاشِد البَجَليّ، صَاحِب أبي زُرْعَة الدِّمَشقيّ، وأبو القَاسِم حَمْزَة بن مُحَمَّد بن عليّ بن مَحَمَّد بن العبَّاس الكِنَانِيّ (f)، وأبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن عَبْد الخَالِق الحَطَّاب -بالحَاء المُهْملَة- وأبو عَرُوبَة الحُسَين بن
(a) كذا في الأصل، ومثله عند ابن عساكر والحميدي، وأشَّر عليه ابن العديم برمز "صـ" لوقوع خطأ في اسمه، وهو -كما تقدم- أحمد بن يحيى بن زكرياء بن الشامة.
(b) ابن عساكر: سالم.
(c) ساقطة من الأصل، والتعويض من المصادر من الحميدي وابن عساكر.
(d) في الأصل: المعروف بأبي طنّة، والإعجام مع الزيادة من الصلة، وجذوة المقتبس، وعند ابن عساكر: طينة.
(e) كذا في الأصل، ومثله في أصول ابن عساكر، وعند الحميدي: عمرو.
(f) مهملة في الأصل، والإعجام من الحميدي وابن عساكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 13 - 15.
(2)
جذوة المقتبس 1: 326.
أبي مَعْشَر الحَرَّانيّ (a)، وأحمد بن مَحْبُوب بن سُلَيمان الفَقِيهُ، وأبو العبَّاسِ أحْمَد بن إبْراهيم بن عليّ الكِنْدِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عَلَّان صَاحِب تاريخ الجَزِيْرَة (b)، وأحمد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ المَعْرُوف بابنِ أشْتَة (c) صَاحِب كتاب المُحَبَّر في القِرَاءَات، والحَسَن بن أبي هِلال، صَاحِب النَّسَائِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن صالح بن عُمَر المُقْرِئ البَغْدَاديّ، صَاحِب ابن مُجَاهِد، لقيَهُ بمِصْرَ، وأبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن القَاسِم التِّنِّيْسِيّ (d)، صَاحِب بَكْر بن سَهْل الدِّمْياطِيّ، وأبو الفَضْل يَحْيَى بن الرَّبِيْع بن مُحَمَّد العَبْدِيّ (e)؛ لقيَهُ بمِصْرَ، وأبو الحَسَن عليّ بن العبَّاسِ بن مُحَمَّد بن عَبْد الغَفَّار المَعْرُوف بابنِ الوَنِّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن كَامِل بن الوَلِيد بن صالح بن خَرُوف، وأبو عليّ عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الخَصِيْب (f)، وأبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد (g) بن إبْراهيم المُعَلِّم الجَلَّاب (h)، وأبو عُمَر مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب (i)، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد (j) بن إسْحاق بن مَعْمَر الجَوْهَرِيّ، والحُسَينُ بن جَعْفَر الزَّيَّاتُ، وأحمدُ بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَدَّادِ، والسَّلِيْل بن أحْمَد بن السَّلِيْل، صَاحِب مُحَمَّد بن جَرِبر الطَّبَريّ، وأبو عليّ سَعيد بن السَّكَن الحافِظ. وذَكَرَ غيرهم.
ثُمَّ قال
(1)
: وجَمَعَ مُسْنَد حَدِيثِ مَالِك بن أنَس، ومُسْنَد حَديْث شُعْبَة بن الحَجَّاج، وأسْماء المَعْرُوفين بالكُنَى من الصَّحَابَةِ والتَّابِعِين وسَائِر المُحَدِّثِيْن، وكتاب
(a) سقط ذكر أبي عروبة الحراني من نشرة كتاب الحميدي.
(b) سقط ذكر ابن علان من كتاب الحميدي.
(c) في الأصل بالنون: أشنه، والمثبت عن الحميدي، وابن ماكولا 1: 91، وابن عساكر، وفي طبقات القراء للذهبي 2: 617: محمد بن عبد اللَّه بن أشته الأصفهاني، له كتاب المحبر في القراءات وكتاب المفيد في الشاذ!.
(d) زاد الحميدي: المعروف بالجرجيريّ.
(e) الحميدي: ابن العبدي.
(f) الحميدي: بن أبي الخطيب!.
(g) ساقطة من كتاب الحميدي.
(h) في الأصل بالحاء المهملة، والمثبت عن الحميدي وابن عساكر.
(i) زاد الحميدي: الكندي.
(j) الحميدي: عمر.
_________
(1)
جذوة المقتبس 1: 328.
الخَائِفين، وأقْضِيَة شُرَيْح، وزُهْد بِشْر بن الحَارِث، وغير ذلك.
رَوَى عنهُ شَيْخُنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ الحافِظُ، فأكْثَر، وكان لا يُقَدِّم عليه من شُيُوخه أحدًا، وذَكَرَهُ لنا فقال
(1)
: أمَّا خَلَفُ بن القَاسِم بن سَهْل الحافِظ، فشَيْخٌ لنا، وشَيْخٌ لشُيُوخنا أبي الوَلِيد بن الفَرَضِيّ وغيره، كَتَبَ بالمَشْرِق عن نحو الثَّلاثمائة رَجُل، وكان من أعْلَم النَّاسِ برجَال الحَدِيْث، وأكْتَبَهُم له، وأجْمَعَهُم لذلك، وللتَّوَاريْخ والتَّفاسِيْر، ولَم يكُن له بَصَرُ بالرَّأي، يُعْرَفُ بابن الدَّبَّاغِ، وهو مُحَدِّثُ الأنْدَلُسِ في وَقْته.
قال الحُمَيْدِيّ
(2)
: وقد كَتَبَ عنهُ أبو الفَتْحِ عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن مَسْرُور.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَة اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليَّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ
(3)
، قال: خَلَفُ بن القَاسِم بن سَهْل بن مُحَمَّد بن يُونُس بن الأَسْوَد، أبو القَاسِم المَعْرُوف بابنِ الدَّبَّاغِ الأزْدِيُّ القُرْطُبِيُّ الحافِظُ، سَمِعَ بدِمَشْق أبا المَيْمُون بن رَاشِد، وأبا القَاسِم بن أبي العَقَب، وبمَكَّة أَبا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَهْل بن رِزْقِ اللَّه، المَعْرُوف ببُكَيْر الحَدَّاد، وأبا بَكْر بن أبي المَوْت، وبمِصْر عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد ابن المُفَسِّر الدِّمَشقيّ، وحَمْزَة بن مُحَمَّد الكِنَانِيّ (a) الحافِظ، والحَسَن بن رَشِيْق، وغيرهم. رَوَى عنهُ أبو عُمَر يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَبْد البَرِّ الحافِظُ، وأبو الفَتْح بن مَسْرُور البَلْخِيّ، وأبو الوَلِيد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن الفَرَضِيّ، وأبو عَمْرو عُثْمان بن سَعيد بن عُثْمان الدَّانِيّ.
(a) مهملة في الأصل، والمثبت عن ابن عساكر وسير أعلام النبلاء 16: 179 - 181.
_________
(1)
النقل متتابع عن ابن عساكر وبضمنه النقل عن الحميدي.
(2)
جذوة المقتبس 1: 328.
(3)
تاريخ ابن عساكر 17: 13.
قال الحافِظُ
(1)
: ذَكَرَ أبو الوَلِيد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد الفَرَضِيّ
(2)
أنَّهُ قَرأ القُرْآن على جَمَاعَةٍ من أهْلِ القراءةِ، وكان حَافِظًا للحَدِيْث، عَالِمًا بطُرُقه، ألَّفَ كُتُبًا حسَانًا في الزُّهْدِ، ومَوْلدُه سَنَة خَمْسٍ وعشرين، وتُوفِّيَ لَيْلَة السَّبْت (a) لثلاث عَشْرة لَيْلَة بَقِيَتْ من شَهْر رَبيع الآخر سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين وثَلاثِمائة، ودُفِنَ يَوْم الأَحَدِ.
خَلَفُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْدُون الوَاسِطِيّ، أبو مُحَمَّد الحافِظُ
(3)
حدَّثَ بمَعَرَّة النُّعْمَان وغيرها عن أبي بَكْر أحْمَد بن إبْراهيم بن العبَّاسِ الإسْمَاعِيْليّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم العَبْدُوِيّ النَّيْسَابُوريّ، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عُثْمان المُزَنِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن جَعْفَر بن مَالِك القَطِيْعيّ، وأبو الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن خَمِيْروْيَه، والحُسَين بن أحْمَد المَدِينيّ، وأبي العبَّاسِ أحْمَد بن سَعيد بن مَعْدَان المَرْوَزيّ الفَقِيه، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عِيسَى بن بِشْر بن شِيْرَوُيه التُّسْتَريّ (b)، وأبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مَاسِي،
(a) ابن الفرضي: الأحد، وهو الأصوب.
(b) في الأصل: القشيري، وعند ابن عساكر (17: 16): الفسوي، والمثبت من تاريخ بغداد 9: 288، وجاء عندهما في سياقة اسمه إسقاط اسم يعقوب، وفيهما أيضًا: بشر بدل: بكر.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 15.
(2)
تاريخ علماء الأندلس 1: 251.
(3)
توفي بعد سنة 400 هـ، وترجمته في: تاريخ أصبهان لأبي نعيم 1: 364 - 365، تاريخ بغداد 9: 288 - 389، تاريخ ابن عساكر 17: 16 - 17، ابن الجوزي: المنتظم 15: 80 - 81 (أرخ وفاته سنة 401 هـ)، التقييد لابن نقطة 2: 503 - 504، ابن الأثير الكامل 9: 226، الذهبي: تاريخ الإسلام 9: 165 - 166، سير أعلام النبلاء 17: 260 - 262 (وكناه: أبا علي)، تذكرة الحفاظ 3: 1067 - 1068، الوافي بالوفيات 13: 366، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 344، طبقات الحفاظ 416 - 417، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 173 - 174، معجم المؤلفين 4: 107، الزركلي: الأعلام 2: 311.
وأبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب المُفِيد، وأبي سُليْمان مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن أحْمَد بن زَبْر الدِّمَشقيّ.
رَوَى عنهُ الحاكِم أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحافِظ، والحافِظ أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللَّه الأصْبَهَانِيّ، وأبو القَاسِم عُبَيْد اللَّه (a) بن أحْمَد بن عُثْمان الأزْهَريّ، وعَبْد الرَّحمن بن عليّ بن مُحَمَّد بن رَجَاء الأطْرَابُلُسِيّ، وأبو صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ التَّنُوخِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ الدِّمَشقيّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ الأهْوَازِيّ، وأبو زَكَرِيَّاء عبدُ الرَّحيم بن أَحْمَد البُخارِيّ، وأبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، فيما أذِنَ لي فيهِ غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن كَامِل بن دَيْسَم في كتابهِ، عن أبي صَالِح مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ المَعَرِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد خَلَف بن عليّ (b) الحافِظ الوَاسِطِيّ، رحمه الله، في المَسْجدِ الجَامِع بمَعَرَّة النُّعْمَان في صَفَر سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا أَبو بَكْر أحْمد بن إبْراهيم بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن حَمْدَان بن وَهْب الدِّيْنورِيّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، قال: كُنْتُ بمَكَّة فسَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِيّ رحمه الله (c) يَقُول: سَلُوني أُخْبركم من كتابِ اللَّهِ تعالَى وسُنَّة رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقام إليه رَجُلٌ فقال: يا أبا عَبْد اللَّه، ما تقُول في المُحْرم يَقْتُل الزُّنْبُور؟ فقال: بِسْمِ اللَّه الرَّحْمن الرَّحِيْم، قال اللَّهُ تبارك وتعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
(1)
.
(a) الأصل: عبد اللَّه، وصوابه بالتصغير، ترجم له الخطيب البغدادي وأخذ عنه كثيرًا. تاريخ بغداد 12: 120 - 121، وانظر أيضًا تاريخ ابن عساكر 17: 16، سير أعلام النبلاء 17:578.
(b) كذا في الأصل منسوبًا إلى جده.
(c) في الأصل: "رضي الله عنه"، وكتب فوقه المدرج أعلاه، وعليه، "صح".
_________
(1)
سورة الحشر، من الآية 7.
وحَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عبد المَلِك بن عُمَيْر، عن رِبْعِيّ بن حِرَاشٍ، عن حُذَيْفَة
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْتَدُوا باللَّذين من بَعْدِي: أبي بَكْرٍ وعُمَرَ.
وحَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن مِسْعَرٍ، عن قَيْس بن مُسْلِم، عن طَارِق بن شِهَابٍ، عن عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه
(2)
: أنَّ المُحْرِمَ يَقْتُل الزُّنْبُورَ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن عُمَر القُرَشِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر الغَزَّال في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِرُ بن طَاهِر أنَّ أبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ كَتَبُوا إليه، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الحافِظ، قال: خَلَفُ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، أبو مُحَمَّد، وكان من الحُفَّاظ، قَدِمَ نَيْسَابُور سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وثَلاثِمائة فسَمِعَ من مَشَايخنا، ثُمَّ دَخَلَ مَرْو وهَرَاة، وانْصَرَفَ إلينا مُدَّةً ولنا به أُنْسٌ، ثُمّ انْصرَفَ إلى العِرَاق وثَبَتَ على طَلَب الحَدِيْث، ودَخَلَ الشَّام ومِصْرَ، ووَرَدَ عليَّ كتابهُ وقد أخذَ لي جُمْلَةً من الإجَازَاتِ بأحَادِيْثَ اسْتَفَدْتُها، وكان حَافِظًا لحديثِ شُعْبَةَ وغيره.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، فيما أجَازَهُ لنا، وقَرَأتُ عليهِ إسْنَاده، قال: أخْبَرَنا [أبو المَكَارِم أحمد بن مُحَمّد اللَّبَان](a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه الحافِظ
(3)
، قال: خَلَفُ بن
(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر أربع كلمات، وسند أبي الحجاج في الرواية عن الحداد من طريق ابن اللبان، يظهر من عشرات الروايات التي تقدمت وتلك التي تأتي.
_________
(1)
مسند الحميدي 1: 32 (رقم 449)، والمصنف لابن أبي شيبة 6: 352 (رقم 31933)، والجامع الكبير للترمذي 6: 43 (رقم 3662)، وشرح السنة للبغوي 1: 208، وانظر المسند الجامع 5: 138 (رقم 3354).
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 347.
(3)
تاريخ أصبهان 1: 364 - 365.
مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْدُون الوَاسِطِيّ، قَدِمَ علينا قَدْمَتَيْن، وصَحِبْناهُ بنيْسَابُور وأصْبَهَان، من الكَتَبَةِ، آخرُ قَدْمَتهِ علينا سَنَة إحْدَى وثَمانين وثَلاثِمائة.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو منْصُور مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(1)
، قال: خَلَفُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْدُون، أبو مُحَمَّد الوَاسِطِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّه بن مُحَمَّد بن عُثْمان المُزَنِيّ، ووَرَدَ بَغْدَاد فسَمِعَ من ابن مَالِك القَطِيْعِيّ، وأبي مُحَمَّد بن مَاسِي، ورَافَق (a) أبا الفَتْح بن أبي الفَوَارِس في رِحْلَتِه، فكَتَبَ الكَثِيْر. وسَمِعَ من أبي بَكْر الإسْمَاعِيْليّ بجرجَان، ودَخَلَ بلاد خُرَاسَان، فكَتَبَ عن شُيُوخها، وعادَ إلى بَغْدَادَ فأقام بها مُدَّةً، ثمّ خَرَجَ إلى الشَّامِ فسَمعَ ممَّن أدْرَك بها، ودَخَل مِصْرَ، فانْتَقَى على شُيُوخها، وكَتَبَ النَّاسُ بانْتِخَابهِ، وخرَّج أطْرَاف الصَّحيحَيْن وكان له حِفْظٌ ومَعْرفَةٌ، ونَزَل بعد ذلك ناحية الرَّمْلَةِ، واشْتَغَل بالتِّجَارَة، وتَرَكَ النَّظَرَ في العِلْم، إلى أنْ ماتَ هُناك. وقد كان حَدَّث ببَغْدَاد شيئًا يَسِيْرًا. حَدَّثَني عنه الأزْهَريّ.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(2)
، قال: خَلَفُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْدُون، أبو مُحَمَّد الوَاسِطِيّ الحافِظُ، صَاحِبُ كتاب أطْرَافِ أحَادِيْثِ صَحيْحَي البُخاريّ ومُسْلِم، حَدَّثَ عن أحْمَد بن جَعْفَر القَطِيْعِيّ، والحُسَين بن أحْمَد المَدِيْنِيّ، وأبي بَكْر الإسْمَاعِيْليّ، وأبي العبَّاس أحْمَد بن سَعيد بن مَعْدَان المَرْوَزيّ الفَقِيه، وأبي الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم العَبْدُويّ النَّيْسَابُوريّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن خَمِيْرَوْيَه
(a) الأصل: ووافق، والتصويب من تاريخ بغداد.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 388.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 16.
الهَرَويّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب المُفِيد، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عِيسَى بن بِشْر بن شِيْرَوُيه التُّسْتَريّ (a).
رَوَى عنهُ الحاكِم أبو عَبْدِ اللَّه الحافِظُ، وأبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ الدِّمَشقيّ، وأبو نُعَيْم الأصْبَهَانِيّ، وأبو عليّ الأهْوَازِيّ، وأبو القَاسِم عُبَيْد اللَّه (b) بن أحْمَد بن عُثْمان الأزْهَريّ، وعَبْد الرَّحمن بن عليّ بن مُحَمَّد بن عُمَر بن رَجَاء بن أبي العَيْش الأطْرَابُلُسِيّ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ
(1)
، قال: وسَمِعْتُ الأزْهَريَّ يَقُول: كان خَلَف بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ حَافِظًا، وكان مُحَمَّد بن أبي الفَوَارِس أسْتَاذَهُ.
قال أحْمَد بن عليّ
(2)
: وقال لي مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ: ماتَ خَلَفٌ الوَاسِطِيّ بعد سَنَة أرْبَعمائة.
خَلَفُ بن مُلاعِب الأَشْهَبِيّ المُلَقَّب سَيْف الدَّوْلَة
(3)
كان كَرِيْمًا، شُجَاعًا، جَبَّارًا ظَالِمًا، يقطَعُ الطَّريق، ويُخِيْفُ السُّبُل، وإليه تُنْسَبُ قُبَّة ابن مُلاعِب، وهي حِصْن دَثر في طَرف بَلَد حَلَب، بينها وبين سَلَمْيَة.
(a) في الأصل: القشيري، وعند ابن عساكر الفسوي، وقد تقدم التعليق عليه في طالع الترجمة، والمثبت من الخطيب البغدادي.
(b) الأصل: عبد اللَّه، وتقدم في طالع الرجمة على هذا الوجه، وتقدم التعليق عليه هناك، والمثبت كما عند ابن عساكر (مصدر النقل).
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 389.
(2)
تاريخ بغداد 9: 389.
(3)
توفي سنة 499 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 115 - 116، 120 - 122، 149 - 150، الكامل لابن الأثير 10: 130، 202 - 203، 408 - 409 - (وفيه: الكلابي)، زبدة الحلب 1: 328 - 329، 338، ابن ميسر: المنتقى من أخبار مصر 79، 94، ابن خلدون: العبر 9: 467 - 469، 566 - 567، المقريزي: المقفى الكبير 3: 763 - 766، (وفيه: أبو منصور)، النجوم الزاهرة 5:192.
وكان في يَده حِمْص وأفَامِيَة، فكَتَبَ الوُلَاةُ بالشَّام إلى السُّلْطان مَلِك شَاه، وشَكوا إليهِ خَلَف بن مُلاعِب، فكتَبَ إلى أخيه تَاج الدَّوْلَة تُتُش صَاحِب دِمَشْقِ، وإلى قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر صَاحِب حَلَب، وإلى بُزَان صَاحِب الرُّهَا، وإلى يَغِي سغَان صَاحِب أنْطَاكِيَة؛ يأمُرهمِ بُمحَاصرته وانْتِزَاع مَعَاقله من يَده، وحَمْله إليهِ، فاجْتَمَعوا عليه وهو بِحمْص، وسَبقهم بُزَان فلَم يُمكِّنه من الخُرُوج من حِمْص، فافْتَتَحوا حِمْص، وسَيَّرُوا خَلَف بن مُلاعِب في قَفص حَدِيد إلى السُّلْطان مَلِك شَاه، فأطْلَق حِمْص لأَخِيهِ تُتُش، وحَبَسَ ابن مُلاعِب، وبَقِي في حَبْسه إلى أنْ أطْلَقَتْهُ خَاتُون امْرأة السُّلْطان مَلِك شَاه.
فمَضَى إلى مِصْر، إلى الأفْضَل أمير الجُيُوش، جَمَاعَةٌ من أهْل أفَامِيَة في سَنَة تِسْعٍ وثمانين، وقيل: سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وكان وُلاتهم فيها، والْتَمسُوا منه وَاليًا يكون عليهم، ووَقَع اقْتِرَاحهم على ابن مُلاعِب، فوصَل في ذي القَعْدَة من إحْدَى السَّنَتَيْن، ودَخَلَ أفَامِيَة ومَلَكَها.
وتجدَّدَت وَحْشَةٌ بينهُ وبين ابن مُنْقِذ، أظنُّهُ أبا المُرْهَف نَصْر بن عليّ بن مُنْقِذ، وكان قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر حين فَتَحَ أفَامِيَة جَعَلَهُ بها، واتَّصَلَت غاراتُ ابن مُلاعِب على شَيْزَر وكَفَرْ طَاب والجِسْر، وزَحَفَ ابنُ مُنْقِذ إليه ومعه خَلْقٌ ورجَّالةٌ فظَفر بهم ابن مُلاعِب وكان في نَفَرٍ يَسِيْر، فقَتَلَ جَمَاعَةً، وأسَرَ جَمَاعَةً وباعَهُم أنْفُسَهم، واسْتَقَرَّت الحال بينهم بعد ذلك.
ثُمّ عَمل البَاطِنِيَّة حِيْلَة على القَلْعَة وعليه حتَّى قَتلُوه في سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة.
قَرَأتُ في تاريخ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ الّذي ذَيَّلَ به تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ، قال: سَنَة ثَلاثٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة،
فيها كَتَبَ وُلَاةُ الشَّام إلى السُّلْطان مَلِك شَاه يَشْكُون فيها ما يَلقَونَهُ من خَلَف بن مُلاعِب بحِمْص؛ من قَطْع الطَّريق، وإخَافة السَّبِيْل، فأمَرَ السُّلْطان أنْ يَسِيْر إليه بُوزَان (a) وقَسِيم الدَّوْلَة وتَاج الدَّوْلَة ويَغِي سغَان، فسَبَق إليه بُزَان، فنَزَلَ قَريبًا من حِمْص فكَتَمه ما يُريد حتَّى بَلَغ منه غَرَضًا، ودَخَلَ إليه رَسُولُه فقال: عَاشَ لك مُلَاعِب، ثمّ حَصَر بُزَان المَدِينة، واجْتَمَع عليها كُلّ مَنْ في الشَّامِ فافْتُتِحَت، وكُلّ من الأُمَرَاء المَذْكُورين طَلَبها، فكَتَبوا جَمِيعًا إلى السُّلْطان، فأنْعم بها على أخيهِ تَاج الدَّوْلَةِ، وأمَرَ السُّلْطان بحَمْل خَلَف بن مُلاعِب في قَفَصٍ من حَدِيدٍ إلى قَلْعَة أصْبَهَان، فحُمِلَ وحُبِسَ بها حتَّى ماتَ السُّلْطان.
وقال: سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وأرْبَعمائة، وفيها نَزَلَ قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر على أفَامِيَة، ومَلَكَها، وسَلَّمَها إلى عَمِّي عِزّ الدَّولَة أبي المُرْهَف نَصْر ابن سَدِيد المُلْك، وذلك في شَعْبان.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الأسَدِيّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: كانت حِمْصُ في سَنَة اثْنَتَيْن وثَمانين وأرْبَعِمائة لسَيْف الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلاعِب الأَشْهَبيّ، فنَزَلَ على سَلَمْيَة، وأخَذَ الشَّريف إبْراهيم الهاشِميَّ فرَمَاهُ في المِنْجَنِيْق إلى بُرْج سَلَمْيَة، وأخَذَ قَوْمًا من بني عَمِّهِ مأسُورين، فَمضَى مَنْ بقي منهم واسْتَغاثُوا عليه بالخَلِيفَة والسُّلْطان مَلِك شَاه، فخرَجَ أمْرُ السُّلْطانِ إلى أُمَرَاءَ الشَّام: تَاج الدَّوْلَة تُتُش صَاحِب دِمَشْق، وقَسِيم الدَّوْلَةِ صَاحِب حَلَب، وبُزَان بن ألْب صَاحِب الرُّهَا، ويَغِي سغَان صَاحِب أنْطَاكِيَة، بالنُّزُول على حِمْصَ، والقَبْض على سَيْف الدَّوْلَة خَلَف بن مُلاعِب وتَسْييره إليه، فنَزَلُوا على حِمْص، وحَاصَرُوه، وأخَذُوه، وسَيَّروهُ إلى السُّلْطان، فأقامَ في الحَبْس
(a) تقدم ذكره بإسقاط الواو: بزان، وهو يرد على الوجهين، وانظر: زبدة الحلب 1: 328 - 334.
إلى أنْ تُوفِّي مَلِك شَاه في شَوَّال سَنَة خَمْسٍ وثمانين وأرْبَعِمائة، فأطْلَقتْهُ خَاتُون امْرأةُ السُّلْطان.
وتَسَلَّم قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر مَدِينَة حِمْص وقَلْعتها، فلمَّا قُتِلِ قَسِيم الدَّوْلَة، قَتَلَهُ تَاج الدَّوْلَةِ، وتَسَلَّم البِلادَ، وسَلَّم حِمْص إلى جَنَاح الدَّوْلَةِ حُسَيْن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: كَتَبَ إلينا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
، وقال: سَنَة ثَلاثٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وفيها سَارَ الأَمِيرُ قَسِيم الدَّوْلَة، وبُزَان، وغِسْيَان، وتَاج الدَّوْلَة، ونَزَلُوا حِمْص وفَتَحُوها من يَدِ ابن مُلاعِب، وحَمَلُوا ابن مُلاعِب في قَفَص حَدِيد إلى عند السُّلْطان، فلمَّا هَلَك السُّلْطان خَلص ابن مُلاعِب وصَعدَ إلى مِصْر، وعاد منها، [و] تَسَلَّم قَلْعَة أفَامِيَة، وأقام بها سَبْعَة عَشر سَنَةً وقُتِلَ.
وقال
(2)
: سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، فيها تَسَلَّم الأَمِيرُ قَسِيم الدَّوْلَة قَلْعَة أفَامِيَةِ مِن يَد ابن مُلاعِب، وتَرَكَ فيها بعض بني مُنْقِذ، وعادَ إلى حَلَب في العاشِر من رَجَب.
قلتُ: هكذا ذَكَرَ العُظَيْميّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه من كتابٍ في التَّاريخ جَمَعَهُ وسَمَّاهُ المُؤَصَّل على الأصْلِ المُوَصَّل
(3)
، وقال: وعَادَ منها -يعني من مِصْر-[و] تَسَلَّم قَلْعَة أفَامِيَة وأقام بها سَبْعَة عَشر سَنَة. وهذا وَهْمٌ؛ فإنَّ قَتْل ابن مُلاعِب سَنة تِسْعٍ وتِسْعِين، وعَوْدِه من مِصْر فيها، وإنْ كان أرادَ ولايته الأُوْلَى فالكَلَام غير مُسْتَقيم لأنَّهُ أخْبر أنَّهُ تَسَلَّم قَلْعَة أفَامِيَة وأقام بها سَبْعَة عَشر سَنَة وقُتِلَ! وقد
(1)
كلام العظيمي في كتابه المؤصل، المفقود أصله، كما يذكر ابن العديم بعده، وانظر الخبر ملخصًا في كتاب العظيمي: تاريخ حلب 355.
(2)
انظر شبيهه مختصرًا في تاريخ حلب للعظيمي 355.
(3)
تقدم العريف بالكتاب في هذا الجزء.
خَرَجَت عن يَده في سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وقُتِلَ سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين، فبَقِيَت خَارِجَة عن يَده قَبْل قَتْله أرْبَع سِنين وثلاثة أشْهُر.
وكانت أفَامِيَة في يَد ابن مُلَاعِب مع حِمْص في أيَّام أبي المَكَارِم مُسلِم بن قُرَيشْ، فإنَّني قَرأتُ في كتاب العُظَيْميّ
(1)
بخَطِّه، قال: سَنَهَ خَمْسٍ وسبْعِين وأرْبَعِمائة، وفيها في صَفَر حَاصَر شَرَفُ الدَّوْلَةِ ابن مُلاعِب بقَلْعَة حِمْص. وفيها عادَ شرَف الدَّوْلَة إلى حَلَب وقد صَالَح ابن مُلَاعِب.
قَرَأتُ في تاريخ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد الّذي ذَيَّلَ به تاريخ ابن المُهَذَّب، قال في سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة: وفيها طَلع قَوْمٌ من أهْلِ أفَامِيَة إلى الأفْضَل يَسْألُونَه أنْ يُولِّي عليهم سَيْف الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلاعِب فنَهَاهُم، وقال: لا تَفْعلُوا، وحَذَّرَهُم من فِسْقهِ، فقالوا: نحنُ نَجْعَل عيَالَاتنا لنا لَيْلَةً ولهُ ليْلَة، فسَيَّرَهُ معهم، ووَصَل أفَامِيَة لَيْلَة الأرْبَعَاء الثَّاني والعشرين من ذي القَعْدَة.
قُلتُ: هؤلاء أهْل تلك الجِبَال أكْثَرهُم دُهْرِيَّة دَرْزِيَّة؛ يَسْتَبيحُون ذَوَات الأرْحَام، ولا يَعْتقدُون تَحْريم الحَرَام.
قَرأتُ بخَطِّ عُمَر بن مُحَمَّد العُلَيْمِيّ المَعْرُوفُ بابنِ حَوَائِج كش (a) الحافِظ، وأخْبَرَنا به، إجَازَةً عنهُ، أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن النَّسَّابَة، وذَكَرَ العُلَيْمِيّ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ ابن زُرَيْقٍ -يعني: أبا الحَسَن يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّطِيْف بن زُرَيْق- وكان عَالمًا بالتَّاريخ، قال: وقَدِمَ إلى أفَامِيَة -يعني: خَلَف بن مُلاعِب- من مِصْر سَنَة تِسْعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، لأنَّ أهل أفَامِيَةَ
(a) قيَّده المقريزي (المقفى 8: 710): ابن حوائج كاش.
_________
(1)
انظر خبر المحاصرة دون خبر المصالحة مختصرًا في كتاب العظيمي: تاريخ حلب 352.
مَضَوا إلى مِصْر يَلْتَمسُونَ وَاليًا يكون عليهم، ووَقَعَ اقْتِرَاحهم عليه، فوَصَل في يَوْم الأرْبَعَاء الثَّامن من ذي القَعْدَة، ودَخَلَها ومَلَكَها.
قال
(1)
: ثمّ قُتِلَ في السَّادِس والعشْرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين، قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ وصَلُوا من حَلَب من أصْحاب أبي طَاهِرٍ الصَّائِغ القَائِم بمَذْهَب البَاطِنِيَّةِ بعدَ مَوْت المُنَجِّم المَعْرُوف بالحَكِيم بحَلَب، وكانُوا من أهْلِ سَرْمِيْن، وقامُوا فيها بمُوَافَقة رَجُلٍ دَاعٍ كان بأفَامِيَة يُقال له: ابن القِنْجِ (a)، أصْلُهُ من سَرْمِيْن وأقامَ بأفَامِيَة يَحْكُمُ بين أهْلها، وقرَّرَ ذلك مع أهْلها، وأحْضَر هؤلاء، ونَقَبَ أهْلُها نَقْبًا في سُورها حتَّى قَارب الوُصُول، فلمَّا وَصَل هؤلاء لقيهم ابن مُلَاعِب فأهْدَوا إليه فَرَسًا وبَغْلةً كانُوا أخَذُوها من إفْرِنْج لقُوهم في الطَّريق، فأعْلَمُوه أنَّهم جاؤُوا بنيَّة الغَزْو إلى بلدِ الرُّوم، وباتُوا بِظَاهِر الحِصْن إلى اللَّيْلِ، ودَخَلُوا من ذلك النَّقْب، ورَتَّبُوا بَعْضَهُم على دُور أوْلَادِهِ لئلا يَخْرجُوا يُنْجدُونَهُ، وصَعدُوا إليه، فَخَرَجَ إليهم فطُعِنَ في بَطْنهِ، فرَمَى بنفْسِهِ من القُلَّةِ يُريد دَار بعضِ أوْلَادِه، فطُعِنَ أُخرى وماتَ بعد سَاعةٍ.
وحين صَاحَ الصَّائِحُ على القُلَّةِ، ونَادَى بشِعَار رِضْوَان ابن تَاج الدَّوْلَةِ، تَرَامَى أوْلَادُه وخاصَّتُه من السُّور، فبَعْضُهِم قُتِل، وأُخِذَ أكْثَرهم فيما بين أفَامِيَة وشَيْزَر، وقُتِلُوا، وسَلَّم اللَّهُ مُصَبّح
(2)
، ووصَل إلى شَيْزَر، وأقامَ عند ابن مُنْقِذ مُدَّةً وأطْلَقَهُ.
ودَخَل طنْكَلِي
(3)
إلى أفَامِيَة عَقِيْب هذا الحَادِث طَمَعًا في الحِصْنِ، ومعه
(a) القلانسي 149 والمقفى 3: 765: يعرف بأبي الفتح السرميني.
_________
(1)
انظر الخبر بنصه في تاريخ القلانسي 149 - 150.
(2)
هو ولده مُصَبّح بن خلف بن ملاعب. القلانسي 150، والمقفى 3:766.
(3)
هو صاحب أنطاكية من الفرنج (ت 506 هـ)، وورد اسمه عند ابن القلانسي 150، وابن الأثير: الكامل 10: 493: طنكري، وفي زبدة الحلب 1: 363 - 367: طنكريد، وعند ابن خلدون: العبر 9: 174، 563، 571: تنكري.
أخٌ لهذا ابن القِنْجِ من سَرْمِيْن، كان مَأسُورًا، فقَرَّرُوا له شيئًا وعاد عنها، فوَصَل بعضُ أوْلَاد ابن مُلاعِب الّذين كانُوا بدِمَشْق والّذي كان بشَيْزَر، فذَكَرُوا لطنْكَلِي قِلَّةِ القُوْتِ بها، فعادَ في رَمَضَان [و] نَزَل عليها، فأقامَ إلى آخر السَّنَةِ وفتَحَها في الثَّالث عَشر من مُحَرَّم سَنَة خَمْسمائة، وأَسَرَ ابن القِنْجِ والصَّائِغ، وعَاقَبَ ابن القِنْجِ وقَتَلَهُ، وأطْلَقَ بعضَ أهْلِ أفَامِيَة.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ، قال: أخْبَرَنا مُؤَيَّد الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ في كتابهِ أنَّ قَوْمًا من أهْلِ أفَامِيَة من الإسْمَاعِيْليَّة عَملُوا على مَالِكها، وتحيَّلُوا عليه بأنْ جاءَ منهم ستَّة نَفَرٍ وقد حَصَّلُوا حِصَانًا وبَغْلةً وعُدَدًا إفْرنْجِيَّةً وتراسًا وزَرَدِيَّة، وخَرَجُوا من بَلَد حَلَب إلى أفَامِيَة بتلك العُدَّة والدَّوَابّ، وقالُوا لسَيْفِ الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلَاعِب، وكان رَجُلًا كَرِيْمًا شُجَاعًا: جِئْنا قَاصِدين خدمتَكَ فلَقِيْنا فَارِسًا من الإفْرَنْج فقَتَلْناهُ، وجئْنا إليك بحِصَانهِ وبَغْلَته وعُدَّتهِ، فأكْرَمَهُم وأنْزَلَهم في حِصْن أفَامِيَة في دار مُجَاورة السُّور، فنَقَبُوا السُّور، ووَاعَدُوا الفَامِيِّيْن إلى لَيْلَة الأَحَد الرَّابِع والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فطَلَعَ الفَامِيُّون من ذلك النَّقْب فقَتَلُوا خَلَف بن مُلاعِب ومَلَكُوا حِصْنَ أفَامِيَةَ.
قَرأتُ بخَطِّ العَضُد أبي الفَوَارِس مُرْهَف بن أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ: سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فيها قَفَز أهْلُ أفَامِيَة مع القَاضِي ابن القِبْج (a) على سَيْف الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلَاعِبٍ وقَتَلُوه وقَتَلُوا أوْلَادَهُ في الرَّابِع والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى.
(a) قيَّده في هذا الموضع الباء، وتقدم له بالنون، ولعل ابن العديم نقله كما وجده في كتاب ابن منقذ.
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عليّ ابن العُظَيْميّ في تَارِيْخهِ
(1)
، وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، والمُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسِيّ، وغيرهما عنهُ، قال: سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، وفيها عَمل البَاطِنِيَّةُ على قَلْعَةِ أفَامِيَة، وقَتَلُوا ابن مُلاعِب فيها غِيْلةً، ومَلَكُوا القَلْعَة، فعَاجَلهم الفِرِنْج، ونَزَلُوا عليهم، وحَصَرُوهُم بها إلى أنْ أخَذُوها.
(1)
النقل عن كتاب العظيمي المتقدم ذكره "كتاب المُؤصَّل"، وانظر الخبر مختصرًا في كتابه الآخر تاريخ حلب 363.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبِهِ تَوْفِيقِي
خَلَف بن هِشَام بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة الأُمَوِيّ
(1)
كان برُصَافَة هِشَام مع أبيهِ، له ذِكْرٌ.
خَلَفُ بن يَزِيد الأَفْقَم بن هِشَامِ بن عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم الأُمَوِيّ
(2)
ابن أخي المُتَقدِّم، كان برُصَافَة هِشَام، ولهُ ذِكْرٌ.
خُلَيْد بن دَعْلَجِ السَّدُوسِيّ، أبو عُبَيْد -وقيل: أبو حَلْبَس، وقيل: أبو عُمَر، وقيل: أبو عَمْرو- البَصْرِيُّ ثُمَّ الجَزَرِيُّ
(3)
نَزَلَ المَوْصِل ثمّ تَوَجَّه إلى الشَّام، وسَكَنَ بَيْت المَقْدِس، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 19 (ترجمة مقتضبة لا تزيد عما نقله ابن العديم أعلاه).
(2)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 19 (ترجمة مقتضبة).
(3)
توفي سنة 166 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 199، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 156، الأزدي: تاريخ الموصل 347 - 348، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 385 - 386، الجرح والتعديل 3: 384، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 917 - 919، تاريخ ابن عساكر 17: 20 - 26، تهذيب الكمال 8: 307 - 309، تاريخ الإسلام 4: 354، ميزان الاعتدال 1: 663 - 664، سير أعلام النبلاء 7: 195 - 196، الوافي بالوفيات 13: 379، تهذيب التهذيب 3: 158 - 159، تقريب التهذيب 1: 227، النجوم الزاهرة 2: 52، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 174 - 175.
رَوَى عن مَالِك بن دِيْنار، وعَطَاء بن أبي رَبَاح، وثَابِت البُنَانِيّ، والحَسَن البَصْرِيّ، ومُحَمَّد بن سِيْرِيْن، وقَتَادَة، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وكِلَاب بن أُمَيَّة، وسَعِيْد بن عبد الرَّحْمن، وسَعِيد بن المَرْزُبَان البَقَّال، ومَطَر الوَرَّاق.
رَوَى عنهُ أبو تَوْبَة الرَّبِيْعُ بن نَافِع الحَلَبِيّ، وأظنُّهُ سَمِعَ منهُ بحَلَب، ومُوسَى بن دَاوُد، والوَلِيد بن مُسْلِم، وأبو تَوْبَة جَرْوَل بن جَيْفَل النُّمَيْرِيّ، ورَوَّاد بن الجَرَّاح، وعليّ بن مَعْمَر القُرَشِيّ، ويَحْيَى بن يَمَان، وعُمَر بن حَفْصٍ العَسْقَلانِيّ، وزَيْد بن يَحْيَى بن عُبَيْد اللَّه بن الوَلِيد، وإسحاق بن سَعيد بن الأرْكُوْن، وأبو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ، ورَوْح بن عَبْد الوَاحِد الحَرَّانيّ، وسَلَمَة بن سُلَيمان المَوْصِلِيّ، ومُنَبِّه بن عُثْمان اللَّخْمِيّ، وعليّ بن الحَسَن القُرَشِيّ، وأبو الجُمَاهِر، ومَرْوَان المَوْصِلِيّ.
أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُسْلم بن الإخْوَة وزَوْجتُه نُور الشَّمْس (a)، قالا: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ -قالت: إجَازَةً- قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود، وأبو الفَتْح مَنْصُورُ بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن المُقْرِئ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن القَاسِم بن دُحَيْم الدِّمَشقيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُضَر، قال: حَدَّثَنَا مُنَبِّه بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنَا خُلَيْد بن دَعْلَج، عن الحَسَن، عن عبد الرَّحْمن بن سَمُرَة، قال: قال: يا حَسَن، سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول
(2)
: لا تَسْأل الإمارةَ فإنَّهُ مَنْ سَألَها وُكِّل إليها، ومَنْ ابْتُلي بها ولَم يَسْألْها أُعِيْنَ عليها. قال ابنُ دَعْلَج: وقال عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز: إنَّ هذا شيءٌ ما سَألتُ اللَّه عز وجل.
(a) كذا ورد اسمها في هذا الموضع فقط، وتكرر ذكرها في الكتاب باسم: عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن بن محمد بن محمد بن سليم.
_________
(1)
معجم ابن المقرئ 240.
(2)
إتحاف السادة المتقين لمرتضى الزبيدي 8: 314.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْزَةُ بن يُوسُفَ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عُمَر الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن يَزِيد القَرْدُوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا خُلَيْد بن دَعْلَج أبو عُمَرَ (a) البَصْرِيّ.
قال: وأخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُنِير، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن سَعيد الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا خُلَيْد بن دَعْلَج أبو عَمْرو السَّدُوسِيّ.
قال: وأخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(3)
، قال: خُلَيْد بن دَعْلَج يُكْنَى أبا عُمَرَ، ويقال: أبو عَمْرو السَّدُوسِيّ، جَزَرِيُّ، ويُقال: أصْله بَصْرِيّ. قال البُخاريّ
(4)
: حَدَّثَ عن قَتَادَة. رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَمَان.
كَتَبَ إلينا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبرنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحمّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(5)
، قال: خُلَيْد بن دَعْلَج، سَمِعَ الحَسَن، وعن ابن سِيْرِيْن، وسَمِعَ عَطَاء، وقَتَادَة. رَوَى عنهُ يَحْيَى بن اليَمَان، والنُّفَيْلِيّ.
(a) ابن عدي: أبو عمرو.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 917.
(2)
الكامل 3: 917.
(3)
الكامل 3: 917.
(4)
التاريخ الكبير 3: 199.
(5)
التاريخ الكبير 3: 199.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أنْبَأنَا عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَني أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هِشَامِ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن مُحَمَّد بن بَكَّار بن بِلَال، قال: حَدَّثَني أبو سَلَمَة إسْحَاق بن سَعيد بن الأرْكُوْن أنَّ خُلَيْد بن دَعْلَج كان يُكْنَى أبا عَمْرو، وكان سَدُوسيًّا.
أنْبَأنَا ابنُ طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْبَأنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصَّقْرِ، قال: أخْبَرَنَا هِبَة اللَّه بن إبْراهيم بن عُمَر الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن حَمَّاد الدُّولَابِيّ
(1)
، قال: أبو حَلْبَس خُلَيْد بن دَعْلَج.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن مَنْجُويْه، قال: أخْبَرَنَا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الحافِظ، قال: أبو عَمْرو خُلَيْد بن دَعْلَج السَّدُوسِيّ، بَصْرِيُّ الأصْل نَزَل المَوْصِل، وسَمِعَ الحَسَن بن أبي الحَسَن.
أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن البَانيِاسِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال: خُلَيْدُ بن دَعْلَج، أبو حَلْبَس، ويُقال: أبو عُبَيْد، ويقال: أبو عَمْرو، ويقال: أبو عُمَرَ السَّدُوسِيّ البَصْرِيّ، سَكَنَ المَوْصِل، ثمّ قَدِمَ الشَّامَ، فسَكَنَ بَيْتَ المَقْدِس، حَدَّثَ بدِمشْقَ عن عَطَاء بن أبي رَبَاحٍ، والحَسَن، وقَتَادَة، وابن سِيْرِيْن، وسَعِيْد بن عبد الرَّحْمن أخي أبي
(1)
الدولابي: الكنى والأسماء 1: 156.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 20.
حُرَّة (a)، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وأبي سَعْد سَعيد بن المَرْزُبَانِ البَقَّال، وكِلَاب بن أُمَيَّة، ومالك بن دِيْنار، وثَابِت البُنَانِيّ.
رَوَى عنهُ الوَلِيد بن مُسْلِم، وأبو الجُمَاهِر، وزَيْدُ بن يَحْيَى بن عُبَيْد اللَّه (b) بن الوَلِيد، ومُوسَى بن دَاوُد، ورَوَّاد بن الجَرَّاح، وإسْحَاق بن سَعيد بن الأرْكُوْن، وأبو تَوْبَة الرَّبِيْع بن نَافِع، وسَلَمَة بن سُلَيمان المَوْصِلِيّ، ورَوْح بن عَبْد الوَاحِد الحَرَّانِيّ، ومُنَبِّه بن عُثْمان اللَّخْمِيّ، ويَحْيَى بن اليَمَان، وأبو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ، وعليّ بن الحَسَن القُرَشِيّ، وجَرْوَل بن جَيْفَل أبو تَوْبَة النُّمَيْرِيّ، وعُمَر بن حَفْصٍ العَسْقَلانِيّ، وعليّ بن مَعْمَر القُرَشِيّ.
وقال: أخْبرنا أبو القَاسِم الحافِظُ
(1)
، قال: أنْبَأنا أبو مُحمّد بن الأكْفَانيّ، قال: حدّثنا عَبْدُ العَزيْز الكَتَّانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الرَّبَعِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحَسَن بن عَبْد اللَّهِ الكِنْدِيّ، قال: قَرَأتُ على عليّ بن جَعْفَر المالِكِيّ، قُلتُ: حَدَّثكُم أبو إسْحَاق مُحَمَّد بن القَاسِم بن شَعْبان أنَّ خُلَيْد بن دَعْلَج دِمَشْقيٌّ.
وقال الكَتَّانِيّ: أخْبَرَنَا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّه جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ
(2)
قال في تَسْمِيَةِ نَفَر قَدِمُوا الشَّام: خُلَيْد بن دَعْلَج.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن مُحَمَّد بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْرٍ الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أبو حَلْبَس خُلَيْدُ بن دَعْلَج ليسَ بثِقَةٍ.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبدُ الوَهَّاب بن ظَافِر إذْنًا، وقَرَأتُ عليهِ إسْنَادَهُ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو صَادِق مُرْشِد بن يَحْيَى
(a) تاريخ ابن عساكر: أخي حرة.
(b) ابن عساكر: عبيد.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 21.
(2)
انظر تاريخ أبي زرعة 2: 704.
المَدينِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَدُ بن شُعَيْب بن عليّ النَّسَوِيّ، قال: خُلَيْدُ بن دَعْلَج ليسَ بثِقَةٍ.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء إجَازَةً، عن أبي الفَتْح بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: خُلَيْدُ بن دَعْلَج، سَمِعَ الحَسَن، وابن سِيْرِيْن، وعَطَاء، وقَتَادَة، ومَطَر الوَرَّاق. رَوَى عنهُ يَحْيَى بن اليَمَان، وأبو الجُمَاهِر، ومُنَبِّه بن عُثْمان، وسَلَمَة بن سُلَيمان، وأبو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ، وغيرهم.
قال ابنُ طَبَرْزَد: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: وخُلَيْد بن دَعْلَج بَصْرِيُّ الأصْلِ تحوَّلَ إلى الشَّام، وهو أمْثَلُ من سَعيد بن بَشِير.
وقال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَني عَبْد اللَّه بن أحْمَد، قال: سَألْتُ أبي عن خُلَيْد بن دَعْلَج، فقال: ضَعِيْفٌ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إِنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا يُوسُفُ بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى
(3)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن حَنْبَل،
(1)
المعرفة والتاريخ 2: 457.
(2)
ابن عدي: الكامل 3: 917.
(3)
الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 19، وفيه: سئل أحمد.
قال: سُئِلَ أبي عن خُلَيْد بن دَعْلَج، فقال: ضَعِيْفُ الحَدِيْث. قال العُقَيْلِيُّ
(1)
: خُلَيْد بن دَعْلَج شَامِيٌّ.
وقال: أخْبَرَنا الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو أُمَيَّة الأحْوصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي أبو عبد الرَّحْمن، قال: وضَعَّفَ يَحْيَى بن مَعِيْن: سَعيد بن بَشِير وخُلَيْد بن دَعْلَج جَمِيعًا، وقال في مَوضِعٍ آخر: سَعيد بن بَشِير وخُلَيْد بن دَعْلَج ضَعِيْفان.
قال الأنْمَاطِيّ: وأخْبَرَنا ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: قال يَحْيَى بن مَعِيْن: خُلَيْد بن دَعْلَج، وسَعِيْد بن بَشِير، وعُثْمان بن عَطَاء يُضَعَّفُونَ.
أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، عن وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَدُ بن عَبْد المَلِك المُؤذِّن، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبَّاسَ بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول: خُلَيْد بن دَعْلَج ليسَ بشيءٍ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لنَا فيهِ، قال: كَتَبَ إلينا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ أنَّ أبا بَكْر الخَطِيب
(2)
أخْبرهم في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس، قال: سَمِعْتُ عُثْمان بن سَعيد الدَّارِمِيّ
(3)
يَقُول: قُلتُ: ليَحْيَى بن مَعِيْن: فخُلَيْد بن دَعْلَج؟ قال: ضَعِيْفٌ.
(1)
الضعفاء الكبير 2: 19.
(2)
لم أقف عليه في كتب الخطيب البغدادي.
(3)
تاريخ الدارمي 104.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن أبي طَاهِر الأسَدِيّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرِو عَبد الوَهَّاب بن مُحمّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ
(1)
، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: سَألتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن خُلَيْد بن دَعْلَج، فقال: ضَعِيْفُ الحَدِيْث، قُلْتُ لأبي: فما تَقُوله أنتَ في خُلَيْد؟ فقال: صَالِحٌ ليسَ بالمَتِين في الحَدِيْث، حَدَّثَ عن قَتَادَةَ أحَادِيْثَ بَعْضُها مُنْكَرَة.
أنْبَأنَا أبو نَصْرٍ مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ
(2)
، قال: وحَكَى أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ الأصْبَهَانِيّ أنَّهُ قال لأبي حَاتِم: ما تقُول في خُلَيْد بن دَعْلَجِ؟ فقال: كان بَصْرِيّ الأصْلِ سَكَنَ ببَيْت المَقْدِس، ليسَ بمَشْهُور بالبَصْرَةِ، وليس هو عندي بالمَتِين.
وقال الحافِظُ
(3)
: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن بِطْرِيْق، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن عليّ، وعليَّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كِتَابَيْهما، عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، ح.
قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو يَاسِر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن غَالِب إجَازَةً، قال: هذا ما وافَقْتُ عليه أبا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ من المَتْرُوكين: خُلَيْد بن دَعْلَج، شَامِيٌّ عن قَتَادَة والحَسَن (a).
قال الحافِظُ
(4)
: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ أيضًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ وقُلْتُ لهُ: خُلَيْد بن دَعْلَج ثِقَة؟ قال: لا.
(a) ابن عساكر: وأبي الحسن! وصوابه الحسن وهو ابن يسار البصري، ويكنى بأبي سعيد.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 384.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 24.
(3)
تاريخ ابن عساكر 17: 25.
(4)
تاريخ ابن عساكر 17: 25.
أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن عَدِيّ الحافِظُ
(1)
، قال: وعَامّة حَدِيثه -يعني خُلَيْدًا- تابعَهُ عليه غيرُهُ، وفي بَعْضِ حَدِيثهِ إنْكَار، وليسَ بالمُنْكَرِ الحَدِيْثِ جدًّا.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قِراءَةً عليهِ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْد اللَّه الوَهْبَانِيَّة، قالت: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه بن أحْمَد (a) بن مُحَمَّد النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عِليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا القُرَشِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أبي مَرْيَم، عن خَالِد بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (b) المَوْصِلِيّ، قال: قال لي خُلَيْدُ بن دَعْلَج: دَعْ من الكَلَام ما لكَ منهُ بُدٌّ، فعَسَى إنْ فَعَلْتَ ذلك تَسْلَمُ، ولا أرَاكَ.
أخْبَرَنا المُبارَكُ بن مَزْيَد الخَوَّاصُ البَغْدَاديُّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ نَصْرُ اللَّهِ بن عبدِ الرَّحْمن بن مُحمّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الأبْهَرِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَرُوبَة الحُسَين بن مُحَمَّد الحَرَّانيُّ، قال: خُلَيْد بن دَعْلَج بَصْرِيٌّ نَزَلَ المَوْصِل، وحَدَّثَ عنهُ أهْلُ حَرَّان وأهْل الشَّام، يُحَدِّثُ عن قَتَادَة.
وحَدَّثَني مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا خُلَيْد بن دَعْلَج أبو عَمْرو السَّدُوسِيّ من أهْلِ البَصْرَة.
قال: وحَدَّثَنَا إسْحاق بن زَيْد، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن كَثِيْر، قالا: سَمِعْنا أبا جَعْفَر بن نُفَيْل يَقُول: ماتَ خُلَيْد بن دَعْلَج سَنَةَ ستٍّ وسِتِّين ومائة.
(a) هو الحسين بن أحمد.
(b) رسائل ابن أبي الدنيا: مرزوق، ولم أقف على وجه الصواب فيه.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 919.
(2)
كتاب الصمت وآداب اللسان 222.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَلِيفَة
خَلِيفَةُ بن أحْمَد بن صَدَقَة، أبو المَاضِي الشَّيْزَرِيُّ التَّاجرُ
من أهْلِ شَيْزَر، تاجرٌ كَتَبَ عنهُ القَاضِي عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي المَعَرِّيّ المَعْرُوفُ بابنِ خُصَا البَغْل.
قَرَأتُ في كتاب نُزْهَة النَّاظِر، تأليف الكَمَال عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي قاضي مَعَرَّة مَصْرِيْن (a)، قال: وأنْشَدَني الشَّيْخُ أبو المَاضِي خَلِيفَة بن أحْمَد بن صَدَقَة الشَّيْزَرِيّ التَّاجر، قال: رَأى هذه الأبْيَات على فَصِّ خَاتم: [من الكامل]
جَعَلَتْ تَأَمَّلُ زُرْقَةً في خَاتمي
…
وتقُولُ فَصُّكَ ذا لباسُ المَأتَمِ
فأجَبْتُها: مُذْ غابَ وَصْلُكِ وانْقَضَى
…
بَكَّيْتُهُ بدَمٍ ودَمْعٍ سَاجِم
ورَغبْتُ في لبْسِ الحِدَادِ لأنَّهُ
…
لبْسُ الحَزِيْنةِ والحَزِينِ الهَائِمِ
وخَشِيْتُ إنْ أنا في الثِّيَابِ لَبِسْتُهُ
…
أنْ يَفْطُنُوا فلَبسْتُهُ في الخَاتمِ
خَلِيفَةُ بن بَرَكَة بن خَلِيفَة، أبو المَاضِي التَّاذِفيّ
شَاعِرٌ حَسَنٌ أدِيبٌ، من أهْلِ تَاذِف، قَرْيَة في وَادِي بُطْنَان بناحيةِ بُزَاعَا، كَثِيْرة الماءِ والأشْجَار، وهي الّتي ذَكَرَها امْرُؤ القَيْس بقَوْلهِ
(1)
: [من الطويل]
ألَا رُبَّ يَوْم صَالح قد شَهدْتُه
…
بتَاذِفَ ذات التَّلّ من فَوْق طَرْطَرَا
رَوَى خَلِيفَة هذا عن صَاعِد بن صَاعِد الرَّحبِيّ شَيئًا من شِعْره. رَوَى عنهُ الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحمد السِّلَفِيّ، وخَرَّجَ عنهُ إنْشَادًا في مُعْجَم السَّفَر
(2)
، واثْنَى عَليه.
(a) ضبطها في هذا الموضع بكسر الميم.
_________
(1)
ديوان امرئ القيس 97.
(2)
لم يرد له ذكر في مطبوعة معجم السفر.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدَني أبو المَاضِي خَلِيفَة بن بَرَكَة بن خَلِيفَة التَّمِيْمِيّ التَّاذِفيّ -وهي من قُرَى حَلَبَ- بالرَّحْبَةِ، قال: أَنْشَدَني صَاعِد بن صَاعِد الرَّحبِيّ لنَفْسِه من قَصِيدَةٍ: [من الطويل]
منَ القَاصِراتِ الطَّرْفَ شَاقَكَ نَعْتُها
…
بما افْتَنَّ فيهِ الحُسْنُ وَهْوَ أَفَانِيْنُ
فبالخَدِّ يَاقُوتٌ وبالثَّغْرِ لُؤْلُؤٌ
…
بمَعْدِنِ مُرْجَانٍ حَقيقٌ ومَوْضُونُ
وتَجْلُو رُضَابًا لم تَشُرْهُ مُعَسَّلٌ
…
وتَأْرَجُ طِيْبًا حيثُ لا الطِّيْبُ مَظْنُونُ
مُنَعَّمةٌ لَم تَدْر ما أرْضُ بَابِلٍ
…
وحَاجِبُها المَقْرُونُ بالسِّحْرِ مَقْرُونُ
كأنْ خَطَّ فيها اللَّهُ عُنْوَانَ حُسْنِها
…
فسِيْماهُ شَطْرُ الحَاءِ والسِّيْن والنُّونُ
وأوَّلُ القَصِيدَة:
أَعيْنُ المَهَا بالسِّجْفِ أم حُوْرُهَا العِيْنُ
…
أمِ الدُّرُّ واليَاقُوتُ فيهِنَّ مَكْنُونُ
قَرأتُ بخَطِّ رَجُلٍ أديبٍ يقال له ذُو النُّون بن سَعيد بن بُدَيْل بن مُوسَى المُوْقَانِيّ: قال الشَّيْخُ أبو المَاضِي خَلِيفَةُ بن بَرَكَة التَّمِيْميُّ التَّاذِفيّ، أدَامَ اللَّهُ تَوْفيقهُ، وقد كَتَبَها خَلِيفَة إليه:[من البسيط]
قُلْ للسَّحَابِ إذا وَافَى خُرَاسَانا
…
مُثْعَنْجِرًا لَجِبَ الأرْجَاءِ مَلْآنا
عجّ الرّعُودِ هَزِيمَ الوَدْقِ مُنْسَكِبًا
…
مُسْتَصْحِبًا مِن قَرَار البَحْرِ حِيْتَانا
يَحُطُّ أثْقَالَهُ في خَيْرِ مَنْزِلةٍ
…
ويَسْتَخِصُّ من البُلْدانِ مُوْقَانا
يَهْمِي على ربْعِها المأنُوسِ هَيْدَبُهُ
…
حتَّى يَصِيْرَ يَفَاعُ الأرْضِ غُدْرَانَا
وتَكْتَسِي جَنْزَةُ البَيْضَاءُ من حُلَلِ الـ
…
ـدِّيْبَاجِ والوَشْي ألْوَانًا وألْوَانا
منْ كان ذُو النُّونِ منها فَهْيَ أجْدَرُ أنْ
…
يَصُوْبَها الغَيْثُ أحْيانًا وأَحْيَانا
عَفُّ الضَّمَائِرِ مَحْمُودٌ طَرِيقَتُهُ
…
يُرْضِيكَ سِرًّا كما يُرْضِيْكَ إعْلَانا
صَفَا فأصْفَيْتُهُ وُدِّي وخَوَّلَني
…
وُدًّا فكُنَّا على المَعْرُوفِ إخْوَانا
لو سَامَحَتْني اللَّيالِي ما سَمِحْتُ بِهِ
…
حتَّى يَصِيرَ ببَطْنِ الأرْضِ مَثْوَانا
لا كانَ يَوْمٌ يُفاجِيْني بفُرْقَتهِ
…
لا كانَ مِن عَدَدِ الأيَّامِ لا كَانَا
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب السَّاوِيّ عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّ السِّلَفِيّ، قال: خَلِيفَة هذا من أهْلِ الأدَب وكان ظَاهِر الصَّلَاح مَحْمُودًا ببَلَدِه، مَمْدُوحًا بينَ أهْلِهِ.
خَلِيفَةُ بن سُلَيمان بن خَلِيفَة بن مُحَمَّد القُرَشِيُّ، أبو السَّرَايَا الحَنَفِيُّ، الحَوْرَانيّ الأصْل، الحَلَبِيّ المَوْلد والدَّار، الفَقِيهُ المُعَدَّل
(1)
فَقِيْهٌ حَسَنٌ، قرأ الفِقْه بحَلَب على عَلاء الدِّين أبي بَكْر بن مَسْعُود الكَاسَانِيّ، ورَحَلَ إلى بلادِ العَجَم، وتَفَقَّهَ بها على جَمَاعَة منهم الصَّفِيُّ الأصْبَهَانِيّ صَاحِب الطَّريقة، وسَمِعَ الحَدِيْث بدِمَشْق من أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانيّ، وحَدَّثَ عنهُ بعَوَالي الفَرَاوِيّ بحَلَب، وسَمِعْتُ منه أحَادِيْثَ منها.
وكان أبُوه من أهْلِ بُصْرَى، قَدِمَ منها مع الإمَام بُرْهَان الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن الحَسَن البَلْخِيّ، ووُلد له ابنُه خَلِيفَة بحَلَب، واشْتَغَل بالعِلْم، ومَهَرَ في الشُّرُوط، واسْتَكْتَبهُ وَالدِي، رحمه الله، حين وَلي القَضَاء كَاتبًا بينَ يَدَيْهِ، وكَتَبَ بعد ذلك بين يَدَي شَيْخنا قاضِي القُضَاة أبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وجَعَلَهُ من المُعَدّلين بحَلَبَ، وتَوَلَّى التَّدْرِيسَ بالمَدْرَسَة الحَنَفِيَّة المَعْرُوفة بالجَاوَليّ، ثُمَّ وَلَّاه الأتَابكُ طُغْرِل بن عَبْد اللَّهِ مَدْرَسَتَهُ الّتي وَقَفَها على أصْحَاب أبي حَنِيْفَة
(1)
توفي سنة 638 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 3: 176، الغزي: الطبقات السنية 3: 213 - 214، اللكنوي: الفوائد البهية 71.
رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، المجاوِرة لدَار صَاحِب شَيْزَر، مُضَافة إلى الجَاوَليَّة، وأُضِيْفَت كتابة الحُكْم إلى غيره، ودَام يُدَرِّس بالمَدْرَسَتيْن إلى أنْ ماتَ.
أخْبَرَنا أبو السَّرَايَا خَلِيفَةُ بن سُلَيمان بن خَلِيفَة القُرَشِيِّ الحَنَفِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن الفَضْل بن أحْمَد بن مُحَمَّد الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الأدِيْبُ رحمه الله، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحُسَين بن عليِّ التِّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عن ثَابِت، عن أبي رَافِع، عن أبي هُريرَة رضي الله عنه
(1)
: أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: كانت شَجَرَة تَضُرُّ بالطَّريق، فقَطَعَها رَجُلٌ، فنَحَّاها عن الطَّريق، فغُفِرَ له.
قال الفَرَاوِيّ: رَوَاهُ مُسْلِم
(2)
، عن مُحَمَّد بن حَاتِم، عن بَهْز بن أسَدٍ، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، فصَار كأنَّ شَيْخي سَمِعَهُ من مُسْلِم، رحمه الله.
أخْبَرَني خَلِيفَة بن سُلَيمان الحَنَفِيّ أنَّ مَوْلدَهُ بحَلَب في سَنَة ستٍّ وسِتِّين أو سَبْع وسِتِّين وخَمْسِمائَة. وأخْبَرَ غيري أنَّهُ وُلِد سَنَة خَمْسٍ وخَمْسينِ تَقْريبًا على ما ذَكَرهُ له وَالدُهُ، وكَتَبَ بخَطِّه في إجَازَةٍ أنَّ مَوْلدَهُ سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.
وتُوفِّيَ خَلِيفَة بن سُلَيمان سُحْرَة يَوْم الاثنين الثَّالث والعشرين من شَوَّال سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين وسِتّمائة بحَلَب، ودُفِنَ يَوْم الاثْنَين بتُرْبَتهِ بجَبَّانَة مَقَام إبْراهيم عليه السلام خارج باب العِرَاق، رحمه الله.
(1)
صحيح مسلم 8: 34 (رقم 130)، ومسند الإمام أحمد 2: 304، والذهبي في تاريخه 8: 412، وسير أعلام النبلاء 16:408.
(2)
صحيح مسلم، كتاب البر والصلة 8: 34 (رقم 130).
خَلِيفَةُ بن المُبارَك، أبو الأغَرَّ السُّلمَيّ
(1)
قَائِدٌ مَذْكُورٌ مَشْهُورٌ، وَلِيَ حَلَب في سَنَة تِسْعٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن، وَلَّاهُ إيَّاها المُكْتَفِي حين تَوَلَّى الخِلَافَة، وتوجَّهَ إليها لمُحَارَبة القِرْمِطِيّ صاحِب الخَال، وقَدِمَها في عَشرة آلاف فَارس، فأنْفَذَ القِرْمِطِيُّ سَرِيَّةً إليه إلا حَلَب في سَنَة تِسْعين ومَائَتيْن، فخَرَجَ أبو الأَغَرَّ فنَزَلَ وَادِي بُطْنَان، فلما اسْتَقَرَّ، وَافاهُم جَيْش القِرْمطيّ يقدُمُه المُطَوَّق غُلَامُه فكَبَسَهُم، وقَتَلَ منهم خَلْقًا عَظيْمًا فانتهَب العَسْكَر، وأفْلَتَ أبو الأغَرَّ، فدَخَلَ حَلَب ومعه ألف رَجُل لا غير، وصَار القِرْمِطِيّ إلى باب حَلَب، فحارَبَهُم أبو الأَغَرَّ فيمَن بَقِي معَهُ من أصْحَابهِ وأهْل البلَد فذهَبُوا وانْصَرَفُوا عنه، ثُمَّ عُزِلَ عن وِلَايَة حَلَب بعد ذلك.
ذَكَرَ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف في رِسَالته
(2)
إلى أخيهِ بخَبَر القِرْمِطِيّ أنَّ القِرْمِطِيَّ وجَّه بخَيْلٍ كَثِيْرةٍ ورجَّالة كَثِيْفةٍ مع المَعْرُوف بعَمَيْطَر، وهو أحَدُ دُعَاتهِ وثِقَاته، إلى نَاحِيَةِ حَلَب.
(1)
توفي سنة 302 هـ، وقيل: 303 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 10: 36، 74، 80، 94، 97، 103 - 104، 115، 143، الأزدي: تاريخ الموصل 217، 259، 295، المسعودي: التنبيه والإشراف 372، مروج الذهب 5: 165 - 166، مجهول، العيون والحدائق 4/ 1: 112، تاريخ ابن عساكر 17: 44، العظيمي، تاريخ حلب 274، ابن الأثير: الكامل 7: 526، 8: 54، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 94 - 95، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 69، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 74 - 75، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 67، المقريزي: اتعاظ الحنفا 1: 170 - 171، الوافي بالوفيات 13: 383، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 178 - 179، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 211 - 212.
وانظر بعض أخباره في ترجمة أحمد بن عبد اللَّه القرمطي، صاحب الخال المتقدمة في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(2)
تقدمت إشارة ابن العديم لرسالة الأنباري هذه التي كتبها لأخيه أبي علي الأنباري، في الجزء الثاني ضمن ترجمة القرمطي أحمد بن عبد اللَّه صاحب الخال.
فلمَّا كان يَوْم الأرْبَعَاء لعَشر ليالٍ بَقِينَ من شَهْر رَمَضَان -يعني: سَنَة تِسْعين- أوْقَعُوا بخَلِيفَة بن المُبارك المَعْرُوف بَأبي الأَغَرّ، وهو في عَسْكَره على غايةِ الطُّمَأنِيْنة، وما يُقدِّر أنْ خَيْل المَارِقَة تبلغُ إليه، لأنّهُ لَم يكُن وَصَل إلى حَلَب، وكان ابْنُه بها، فقَتَل القَرَامطَةُ عامَّةَ مَنْ كان في عَسْكَره من الأوْلِيَاء والتِّبَاع
(1)
والتُّجَّار، فأُبِيد خَلْقٌ من النَّاسِ، وسَلِمَ أبو الأَغَرَّ، فصَار إلى قَرْيَةٍ من قُرَى حَلَب، وخَرَجَ إليه ابنُه من المَدِينَة في جَمَاعةٍ من الأوْلِيَاءِ والرَّجَّالَةِ، فأقامُوا على مَدِينَةِ حَلَب على سَبِيْل المُحَاصَرة لأهْلها.
فلمَّا كان يَوْم الجُمُعَة سَلْخ شَهْر رَمَضَان، تَسَرَّع أهْلُ مَدِينَة حَلَب إلى الخُرُوج للقاءِ عَدُوِّهم، فُمنِعُوا من ذلك، فكَسَروا قُفْل الباب، وخَرَجُوا إلى الفَسَقَةِ، فدَامَت الحَرْب بين الفَرِيْقَين، ورَزَق اللَّهُ الرَّعِيَّة النَّصْر عليهم، وخَرَجَ السُّلْطان فأعانَهُم، فقُتِلَ من القَرَامِطَة جَمَاعَة كَثِيْرة.
ولمَّا كان يَوْم السَّبْت يَوْم العِيْدِ، خَرَجَ أبو الأَغرّ خَلِيفَة بن المُبارَك إلى المُصَلَّى، وعَيَّد المُسْلُمون، وخَطَب الخَاطِبُ، ثُمّ عَادَتِ الرَّعِيَّةُ على حالِ سَلامَة.
وأشْرَف خَلِيفَة بن المُبارَك على عَسْكَر الفَسَقَة، فما خَرَج إليه منهم أحدُ، وانْصَرَف عنهم. فلمَّا آيسُوا رحَلُوا في النِّصْف من لَيْلَة الأَحَد عن مُعَسْكَرهم، وصارُوا إلى صاحِبهم الحَائِن
(2)
.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(3)
، قال: سَنَة تِسْعين ومَائتَيْن، خُلعَ على أبي الأَغَرّ ووُجِّه
(1)
التِّبَاع: الموالي. لسان العرب، مادة: تبع.
(2)
الحائن: الهالك، والحَين: الهلاك. لسان العرب، مادة: حين.
(3)
النقل عن كأبه المُؤصَّل، وورد ذكره في كتابه تاريخ حلب 274 في أحداث السنة المذكورة (290 هـ)، وليس فيه سوى إشارة مقتضبة إلى أنه حارب القرامطة فهزم وقُتل من معه. ووردت كنيته في نشرة الكتاب: أبو الأعز!.
لحَرْب القِرْمِطِيّ بناحيةِ الشَّام، فَمضَى إلى حَلَب في عَشْرة آلاف.
قال
(1)
: وللنِّصْف من شَهْر رَمَضَان، مَضَى أبو الأغَرِّ إلى حَلَب، ونَزَل وَادِي بُطْنَان قَريبًا من حَلَب، ونَزَل معه جميع أصْحَابهِ، فنَزَع -فيما ذُكِر- جَمَاعَةُ من أصْحَابهِ ثِيَابهم ودَخَلُوا الوَادِي يتَبَرَّدُونَ بمائهِ؛ وكان يَوْمًا شَدِيد الحَرِّ، فبينا هُم كذلك، إذْ وَافاهُم جَيْش القِرْمِطِيّ المَعْرُوف بصَاحِب الشَّامَة، مُقَدَّمهم المَعْرُوف بالمُطَوَّق، فكَبَسَهُم على تلك الحالِ، فقَتَلَ منهم خلقًا كَثِيرًا، وانْتَهَب العَسْكَر، وأفْلَتَ أبو الأَغَرّ وجَمَاعَةٌ من أصْحَابهِ، فدَخَلَ حَلَب، وأفْلَتَ معه مِقْدَار ألْف رَجُلٍ، وكان في عَشرة آلاف رَجُل ما بين فَارِسٍ ورَاجِلٍ، وقد كان ضَمَّ إليهِ جَمَاعَةً ممَّن كان على باب السُّلْطان من قُوَّادِ الفَرَاغِنَةِ ورِجَالهم، فلَم يُفْلِت منهم إلَّا اليَسِيْر، ثُمَّ صَار أصْحَاب القِرْمِطِيِّ إلى باب حَلَب، فحارَبَهُم أبو الأَغَرَّ ومَن بَقِي معَهُ من أصْحَابهِ وأهْل البِلاد فانْصرفُوا عنه.
قَرَأتُ في حَوَادِث سَنَة سَبع وتِسْعِين ومَائتَيْن من تاريخ ثَابِت بن سِنَان بن ثَابِت بن قُرَّة، قال في أيَّامِ المُقْتَدِر: وفيها قَدِمَ أبو الأَغَرّ خَلِيفَة بن المُبارَك السُّلَمِيّ من الرَّقَّةِ بغير إذنٍ، فقُبِض عليه وعلى جَمَاعَةٍ من أهْلِهِ، وكُسِرَ سَيْفُه، وخُرقَ سَوَادُه وحُبِس.
وقال في حَوَادِث سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثِمائة: وفي يَوْم الأرْبَعَاء لليَلَتَيْن بَقِيَتا من رَجَب أُطْلقَ أبو الأَغَرّ خَلِيفَة بن المُبارَك السُّلَمِيّ من الاعْتِقَالِ في دار السُّلْطانِ، وخُلِعَ عليه خِلعَ الرِّضَا في يَوْم الخَميْس مُسْتَهَلّ شَعْبان.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا
(1)
انظر التعليق قبله.
الحَافِظُ أبو القاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيِّ
(1)
، قال: خِلِيفَة بن المُبارَك أبو الأَغَرِّ، وَلَّاهُ المُعْتَضِد قِتَال الأَعْرَاب بطَرِيق مَكَّة، فقَتَلَ منهم جَمَاعَةً، وأَسَرَ رَأسَهُم (a) صَالح بن مُدْرِك بالحِيْلَةِ، وقدِمَ بَغْدَاد في المُحَرَّم سَنَة سَبْعٍ وثمَانين ومائتَين، فخُلِعَ عليه وطُوِّق بطَوْق ذَهَبٍ.
ثُمَّ وَلي حَلَب، وقَدِمَ دِمَشْق مع مُحَمَّد بن سُلَيمان وغيرهِ من الأُمَرَاءِ الّذين وَجَّهَهُم المُكْتَفِي لحَرْبِ الطُّولُونيَّةِ بمِصْرَ، وغَزَا بلادَ الرُّوم مع مُؤْنِس الخَادِم في ذي القَعْدَة سَنَة ستٍّ وتِسْعِين ومَائتَيْن.
ثمّ خَالَفَ على السُّلْطان، فأُخِذَ وأُدْخِل بَغْدَاد هو وأوْلَادهُ، فقُيِّدُوا يَوْم الاثنين لأرْبعٍ بَقِينَ من شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن، ثمّ أُطْلِق يَوْم الخَمِيْسِ، وخُلِعَ عليه يَوْم الخَمِيْس مُسْتَهَلّ شَعْبان سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، فماتَ فجأةً يَوْم الأرْبَعَاءِ لثَمانٍ خَلَوْنَ من ذِي الحِجَّة من سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة.
قَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان بن ثَابِت الصَّابِئ، في كتابٍ وَقَعَ إليَّ، يَتَضَمَّن وَفَاءات مَنْ تُوفِّي في كُلِّ سَنَة، من سَنَة ثَلاثمائة إلى السَّنَة الّتي ماتَ فيها، قال: سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثِمائة، أبو الأَغَرّ خلِيفَة بن المُبارَك السُّلمِيّ، ماتَ لسَبْعٍ خَلَوْنَ من ذِي الحِجَّة فجأةً.
(a) في تاريخ ابن عساكر: "وأسروا منهم". وصالح بن مدرك هو كبير عرب طيئ، كان أغار على حاج العراق في تلك السنة. ابن كثير: البداية والنهاية 11: 78، والنجوم الزاهرة 3: 121 - 122.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 44.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَلِيل
الخَلِيل بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الخَلِيل بن مُوسَى بن عَبْد اللَّه بن عَاصِم بن جَنْك السِّجْزِيُّ، أبو سَعِيد القَاضِي الحَنَفِيّ
(1)
وقيل: إنَّ اسْمَهُ مُحَمَّد، والخلَيل لَقَب له، ويُعرفُ بشَيْخ الإسْلَامِ، وإليهِ يُنْسَبُ أبو القَاسِم أحْمَد بن مُحَمَّد الخَلِيْليّ الزِّيَادِيّ.
رحَلَ إلى العِرَاق والشَّام والجَزِيْرَة والحِجَاز وخُرَاسَان، وفي طَرِيْقهِ من حَرَّان إلى الشَّام دَخَلَ حَلَب أو بَعْض عَملها. وكان فَقِيهًا على رَأي أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه.
رَوَى عن أبي القَاسِم البَغَويّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة، وأبي العبَّاسِ السَّرَّاجِ، وأبي بَكْر عَبْد اللَّه بن أبي دَاوُد، وأحمد بن مَنِيع، وأبي العبَّاسِ أحْمَد بن جَعْفر بن نَصْر، وأبي مُحَمَّد يَحْيَى بن صَاعِد، وأبي سَعيد الحَسَن بن عليّ العَدَوِيّ، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن شُعَيْب الغَازِي، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن حَمْدُون بن خَالِد النِّيْلِيّ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهِيم بن عَبْد اللَّه الدَّيْبُلِيّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وأبي العبَّاس الأصَمّ.
(1)
توفي سنة 373 هـ، وقيل: 378 هـ، وترجمته في: يتيمة الدهر 4: 338 - 339، تتمة اليتيمة 399، ابن ماكولا: الإكمال 2: 567، النسفي: القند في ذكر علماء سمرقند 143، السمعاني: الأنساب 7: 83 - 84، تاريخ ابن عساكر 17: 31 - 36، ابن الجوزي: المنتظم 14: 330، معجم الأدباء 3: 1271 - 1273، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 31 - 32، ابن الساعي: الدر الثمين 367 - 368، تاريخ الإسلام 8: 450، سير أعلام النبلاء 16: 437 - 439، العبر في خبر من غبر 2: 151 (أرخ وفاته سنة 378 هـ)، الإعلام بوفيات الأعلام 160 (وفاته سنة 378 هـ)، الوافي بالوفيات 13: 393 - 393، ابن كثير البداية والنهاية 11: 306، القرشي: الجواهر المضية 2: 178 - 180، النجوم الزاهرة 4: 153، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 98 - 99، الغزي: الطبقات السنية 3: 216 - 219، شذرات الذهب 4: 413، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 175 - 177، معجم المؤلفين 4: 113، الزركلي: الأعلام 3: 314.
رَوَى عنهُ أبو مُضَر مُحَلَّم بن إسْمَاعِيْل بن مُضَر بن إِسْمَاعِيْل الضَّبِّيّ، وأبو العبَّاس جَعْفَر بن مُحَمَّد المُسْتَغْفِرِيّ، وأبو مَنْصور أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم البَلْخِيّ، والحاكمِ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحافِظ، وأبو ذَرّ عَبْد بن أحْمَد الهَرَويّ الحافِظ، وأبو عليّ عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن فَضَالَة الحافِظ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن جَعْفَر، وأبو الحَسَن عليّ بن بشرَى، وأبو سَهْل عبد الرَّحْمن بن يُوسُف بن دَاوُد السِّجْزِيّ، وأبو عُمَر النَّوْقانِيّ، وعَبد الوَهَّاب الخَطَّابيّ، وإسحاق بن إبْراهيم الحافِظ، وأبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الرَّشيْدِيّ، وأبو بَكْر عَقِيل بن مُحَمَّد الخَطِيبُ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن سَعيد بن عليّ الخَطَّابيّ، وابنُه أبو سَعْد عَبْد
اللَّه بن الخَلِيل بن أحمد، وإسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد المُفَسِّر، وكان شَاعِرًا وَاعِظًا (a).
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميّ أنَّ أبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ كَتَبُوا إليه: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه الحاكِم، قال: الخَلِيل بن أحْمَد القَاضِي، شَيْخُ أهْل الرَّأي في عَصْره، وكان من أحْسَن النَّاسِ كلامًا في الوَعْظ والذَّكْر، مع تَقدُّمِه في الفِقْه، وكان وَرَدَ نَيْسَابُور قَديْمًا.
سَمِعَ مُحَمَّد بن إسحاق بن خُزَيْمَة وأقْرَانه، وسَمِعَ بالرَّيّ أبا العبَّاس أحْمَد بن جَعْفَر بن نصْر وأقْرَانه، وسَمعَ بالعِرَاق أبا القَاسِم بن مَنِيع، وأبا مُحَمَّد بن صَاعِد وأقْرَانهما، وسَمِعَ بالحِجَاز مُحَمَّد بن إبْراهيم الدَّيْبُلِيّ وأقْرَانه.
وَرَدَ نَيْسَابُور مُحَدِّثًا ومُفِيْدًا سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة وأنا بُبَخَارَى، ثمّ جاء إلى بُخَارَى، فكَتَبْتُ عنه بها.
(a) في الصفحة بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن الأَمِير أبي نَصْر عليّ بن هِبَةِ اللَّه بن مَاكُولا
(1)
، قال: أمَّا جَنْك -أوَّله جيم مَفتُوحَة وبَعْدها نُون سَاكِنةُ- فهو أبو سَعيد الخَلِيل بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الخَلِيل بن مُوسَى بن عَبْدِ اللَّه بن عَاصِم بن جَنْك السِّجِسْتَانِيّ، حَدَّثَ عن ابن صَاعِد، ومُحَمَّد بن حَمْدَان بن خَالِد، وغيرهما. جَلِيْلٌ مُكْثرٌ.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الأشْرف الحُسَيْنيّ (a) المَرْوَزيّ بدِمَشْق، قال: قال لنا أبو نَصْر هِبَة اللَّه بن عَبْدِ الجَبَّار بن فَاخِرِ بن مُعَاذ بن أحْمَد السِّجْزِيّ بها: القَاضِي الخَلِيل بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الخَلِيل بن مُوسَى بن عَبْد اللَّهِ، كُنْيَتُهُ أبو سَعِيد، سَكَنَ سِجِسْتَان، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى بَلْخ وسَكَنَها، وسَمِعَ الكِبَار في البُلْدان.
رَوَى عن الأصَمّ، والثَّقَفِيّ، وابن خُزَيْمَة، والبَغَويّ وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ ابنُه القَاضِي أبو سَعْد، وأبو عُمَر النَّوْقانِيّ، وعَبْد الرَّحمن الطَّبَريّ الحافِظ، وأبو الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وعَبْد الرَّحمن بن يُوسُف، وغيرهم.
أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد [. . .](b).
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أجَازَ لي رِوَايتَهُ عنهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ
(3)
، قال: الخَلِيل بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الخَلِيل بن مُوسَى بن عَبْد اللَّه بن عَاصِم بن جَنْك، أبو سَعيد السِّجْزِيّ
(a) في الأصل: الحسني، والمثبت من ابن عساكر، وتقدمت ترجمته في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وساق ابن العديم هناك نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
(b) بياض في الأصل قدر ستة أسطر.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 2: 567. ولم يرد فيه قوله: حدث عن ابن صاعد. . . إلى أخر النقل.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 33.
(3)
تاريخ ابن عساكر 17: 31 - 32.
القَاضِي الحَنَفِيّ، سَمِعَ بدِمَشْق أبا الحَسَن بن جَوْصَا، وبنَيْسَابُور أبا العبَّاس السَّرَّاجَ، وأبا بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبا العبَّاس أحْمَد بن جَعْفَر بن نَصْر بالرَّيّ، وأبا القَاسِم البَغَويّ، وأبا مُحَمَّد بن صَاعِدٍ، وأبا بَكْر بن أبي دَاوُد، وأبا سَعيد الحَسَن بن عليّ العَدَوِيّ، وأبا جَعْفَر مُحَمَّد بن إبراهيم بن عَبْد اللَّهِ الدَّبْيُلِيّ، وأبا بكر مُحَمَّد بن حَمْدون بن خَالِد النِّيْلِيّ، وأبا الحَسَن (a) مُحَمَّد بن إبْراهيم بن شُعَيْب الغَازِي بطَبَرِسْتان.
رَوَى عنهُ أبو مَنْصُور أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم البَلْخِيّ، وأبو مُضَر مُحَلَّم بن إسْمَاعِيْل بن مُضَر الضَّبِّيّ، والحاكِمُ أبو عَبْدِ اللَّهِ، وأبو العبَّاسِ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن المُعْتَزّ المُسْتَغْفِرِيّ، وأبو ذَرّ عَبْد بن أحْمَد الهَرَويّ الحافِظُ، وأبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الرَّشِيْدِيّ اللُّوْكَرِيّ، وابنُه أبو سَعْد عَبْد اللَّه (b) بن الخَلِيل، وأبو الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وأبو عُمَر النَّوْقانِيّ، وأبو سَهْل عبد الرَّحْمن بن يُوسُف بن دَاوُد بن سُلَيمان السِّجْزِيُّون، وأبو عليّ عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن فَضَالَة النَّيْسَابُوريّ الحَافِظ. وقيل: إنَّ اسمه مُحَمَّد وخَلِيل لَقَبٌ.
وقال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن حَمْزَة بن إبْراهيم الزَّنْجَانِيّ بزَنْجَان، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو حَفْصٍ عُمَر بن أبي بَكْر البُخاريّ، قال: أنْشَدَنا أبو إبْراهيم إسْمَاعِيْلُ بن مُحَمَّد المُفَسِّر، قال: أنْشَدَنا القَاضِي الإمَام أبو سَعيد الخَلِيل بن أحْمَد لنَفْسِه
(2)
: [من الطويل]
سَأجْعَل لي النُّعْمان في الفِقْه قُدْوةً
…
وسُفْيان في نَقْل الأحَادِيْث سَيِّدَا
(a) ابن عساكر جعفر، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.
(b) ابن عساكر: عبيد اللَّه، وتقدم اسمه في طالع الترجمة على النحو المثبت.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 33 - 34، وانظر الأبيات في معجم الأدباء 3: 1273، والأبيات الأربعة الأولى في تاريخ الإسلام 8:450.
(2)
الأبيات في الجواهر المضية 3: 179 ومرآة الزمان 18: 31.
وفي تَرْك ما لَم يَعْنِني عن عَقِيْدَتي
…
سَأَتْبَعُ يَعْقُوبَ العُلَا ومُحَمَّدا
وأجْعَلُ دَرْسِي من قِرَاءةِ عَاصِم
…
وحَمْزة بالتَّحْقيق دَرْسًا مُؤَكَّدَا
وأجْعَلُ في النَّحو الكِسَائِيّ قُدْوةً
…
ومن بَعْدِه الفَرَّاءَ ما عِشْتُ سَرمَدَا
وإنْ عُدْتُ للحَجِّ المُبارَك مَرَّةً
…
جَعَلْتُ لنَفْسِي كُوْفَة الخَيْر مَشْهَدَا
فهذا اعْتِقَادي وهو دِيْني ومَذْهَبي
…
فَمن شَاءَ فليَبْرُز ليلْقَى مُوَحِّدَا
ويَلْقى لسَانًا مثْل سَيْفٍ مُهَنَّد
…
يَفُلّ إذا لاقَى الحُسَامَ المُهَنَّدا
أخْبَرَنا أبو الخَيْر بَدَلُ بن أبي المُعَمَّر التَّبْرِيْزِيّ مُشَافهةً، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ اللَّه بن عُمَر بن أحْمَد الصَّفَّارُ النَّيْسَابُوريُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عَبْدُ الغَافِر بن إسْمَاعِيْل بن عَبْد الغَافِر الفَارسِيّ، قال: أنْشَدَنا وَالدِي، قال: أنْشَدَنا أبو الفَوَارِس عَبْدُ الوَاحِد بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ، قال: أنْشَدَنا عُمَر بن أحْمَد بن إسحاق أبو القَاسِم المَعْمَرِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن جَعْفَر، قال: أنْشَدَني أبو سَعيد الخَلِيل بن أحْمَد القَاضِي السِّجْزِيّ لنَفْسِه
(1)
: [من الطويل]
رَضِيْتُ من الدُّنْيا بقُوْتِ يُقِيْمُني
…
ولا أبْتَغي من بَعْدِه أبدًا فَضْلَا
ولَسْتُ أَرُوم القُوْتَ إلَّا لأنَّهُ
…
يُعِينُ على عِلْمٍ أردُّ به جَهْلَا
فما هذه الدُّنْيا بطِيْب نَعِيْمها
…
لأيْسَرِ ما في العِلْم من لذَّةٍ (a) عِدْلَا
أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن عُمَر القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبَوَا بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوَا عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: تُوفِّي الخَلِيل بن أحْمَد بسَرْخَس، وهو قاضٍ بها، في جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة،
(a) ابن عساكر وياقوت والصفدي: لأصغر ما في العلم من نكتة.
_________
(1)
الأبيات الثلاثة في تاريخ ابن عساكر 17: 35، ومعجم الأدباء 3: 1273، والوافي بالوفيات 13: 393، والبيتان الأولان في الجواهر المضية 2:180.
وَرَدَ بذلك عليَّ كتابُ أبي مُحَمَّد التِّرْمِذيّ بخَطِّهِ. وقال غيرُه: ماتَ بفَرْغَانَة سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة.
أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن صَابِر، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا أبو رَجَاء هِبَةُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عليّ الشِّيْرَازيّ إجَازَةً، قال: أنْشَدَني أحْمَد بن أصْرَم أبو حَامِد السِّجْزِيّ بالبَصْرَة، وكان يَكْتُب معنا الحَديْثَ، قال: أنْشَدَني أبو بَكْرٍ عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد الطَّبَسِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن الضَّرِيْر، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر الخُوارَزْمِيّ في الخَلِيل بن أحْمَد في المَرْثِيَةِ
(2)
: [من الطويل]
ولمَّا رَأينا النَّاسَ حَيْرَى لهدَّةٍ
…
بَدَتْ بأسَاسِ الدِّين بَعْدَ تَأَطُّدِ
أفَضْنَا دُمُوعًا بالدِّمَاءَ مَشُوبةً
…
وقُلْنا عَسَى ماتَ الخَلِيلُ بن أحْمَدِ
خَلِيلُ بن إلْيَاس بن خَلِيل بن عَبْدِ اللَّه، أبو بَكْرٍ الدِّمَشقيُّ
(3)
حَدَّثَ بحَلَب عن أبي طَاهِر الخُشُوعِيّ.
وكانَ مَوْلدُهُ سَنَة تِسْعين وخَمْسِمائَة بدمَشْق، وتُوفِّيَ في يَوْم الأرْبَعَاء خَامِس وعِشْرين من شَهْر رَمَضَان سَنَة أرْبَعيْن وستمائة بحَلَب آخر النَّهَار.
خَلِيل بن خُمَرْتكِيْن الحَلَبِيُّ
(4)
كان فَقِيهًا من فُقَهَاء الشِّيْعَة.
رَحَلَ إلى خُرَاسَان، وقَرَأ على القُطْب الرَّاوَنْدِيّ، وصَنَّفَ كِتَابًا في الأُصُول،
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 35 - 36.
(2)
البيتان في معجم الأدباء 3: 1274 ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 18: 32.
(3)
توفي سنة 640 هـ.
(4)
توفي بعد سنة 590 هـ.
ورَوَى عن عَبْد العَزِيْز بن سَهْل الخُوارَزْمِيّ، وأبي الفَوَارِس سَعْد بن مُحَمَّد بن الصَّيْفِيّ المَعْرُوف بالحَيْص بَيْص.
رَوَى عنهُ يَحْيَى بن أبي طَيّ النَّجَّار، وقَرأتُ بخَطِّ يَحْيَى المَذْكُور في تَعْلِيقٍ له: خَلِيل بن خُمَرْتكِيْن من أهْل حَلَب، وهو فَقِيةُ من فُقَهَاء الإمامِيَّة، رَحَلَ إلى خُرَاسَان، ودَخَلَ إلى الرَّيّ، وتَفَقَّهَ وأجَادَ في عِلْمِ الأُصول، وعادَ إِلى حَلَب، وكانَ مُقَدَّمًا عند المُلُوك، ورَحَلَ إلى مِصْر إلى طلَائِع بن رُزَّيْك وَزِير مِصْر، فأعْطَاهُ ألف دِيْنارٍ، فعَاشَ بها إلى أنْ ماتَ.
ولَقِي القُطْب الرَّاوَنْدِيّ، ورَوَى عنهُ جميعَ مُؤلَّفاتهِ ورِوَاياته، ورَوَى عن المَلِك الصَّالِح طَلَائِع بن رُزَّيْك كتابهُ الّذي ألَّفَهُ
(1)
، ولَم يَخْرُج عنهُ شيء من التَّصْنِيف غير مُقدِّمةٍ في الأُصُول.
ولَقِيتُه، وقَرَأتُ عليهِ، وأذنَ لى فى الرِّوَايَةِ عنه، وكان يَرْوي دِيْوَان الطُّغْرَائِيّ عن عَبْد العَزِيْز بن سَهْل الخُوارَزْمِيّ، عن الطُّغْرَائِيّ، وقد رَوَى شِعْر الحَيْص بَيْص سَمَاعًا منه، ورَوَى الكتاب الّذي ألَّفَهُ الوَزِير ابن هُبَيْرَة عنهُ.
وأنْشَدَني بها -يعني بحَلَبَ- أبْيَاتًا، فسَألتُه: أهِيَ لكَ؟ فسَكَت، فلمَّا مَاتَ وجَدتُها بخَطِّه وقد عَزَاها لنَفْسِه، وهي:[من الخفيف]
ما أَحبّ النَّبِيُّ مَنْ مَالَ عن حُـ
…
ـبّ عليٍّ أخيْهِ خَيْرِ الأنَامِ
كيفَ لا والنَّبِيُّ قد قال: حُبِّي
…
حُبُّ صِنْوي المُهَذَّبِ القَمْقَامِ
وقَبِيْحٌ تَهْوى من النَّاسِ شَخْصًا
…
ثُمَّ تَرْمِي مَحْبُوبَهُ بانْصِرَامِ
قال ابنُ أبي طَيّ: وتُوفِّيَ في -وبَيَّضَ وكَتَبَ بَعْدَهُ- وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ بالتُّرْبَةِ المُسْتَجدَّة بمَشْهَد الحُسَين عليه السلام؛ يعني: بحَلَب.
(1)
عنوانه: الاجتهاد في الرد على أهل العناد. انظر: الوافي بالوفيات 16: 503.
الخَلِيلُ بن عَبْد الجَبَّار بن عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَدَ بن مُحَمَّد بن زُهَيْر بن أسَد بن يَزِيد بن عُبَيْدِ اللَّه، أبو إبْراهيم التَّمِيْمِيّ القُرَّائيّ
(1)
سَمِعَ بمَعَرَّة النُّعْمَان أبا العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان المَعَرِّيّ، وبِصُوْر سُلَيم بن أيُّوبَ الرَّازِيّ، وبمِصْر القَاضِي أبا الحَسَن الهَمَذَانيّ، وأبا القَاسِمِ بن الحُسَين بن الأَقْفَاصِيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن الطَّفَّال، وأبا القَاسِمِ عبد الرَّحْمن بن مُظَفَّر الكَحَّال، وغيرهم، وبتِنِّيْس أبا الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُثْمان بن جَابِر، وبقَزْوِين أبا يَعْلَى الخَلِيْليّ، وغيره.
رَوَى عنهُ الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، وخَرَّجَ عنهُ حَدِيثًا في مُعْجَم السَّفَرِ
(2)
، وأبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن البَرَدَانيّ، وأبو البَرَكَات بن السَّقَطِيّ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة بحَلَبَ، وأبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود الصُّوْفيّ بالقَاهِرَة، قالا: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو إبْراهيم الخَلِيل بن عَبْد الجَبَّار بن عَبْد اللَّهِ التَّمِيْمِيُّ القُرَّائيُّ بقَزْوِين، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُثْمان بن جَابِر القَاضِي بتِنِّيْس، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عليّ بن الحَسَن النَّقَّاشُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبدِ الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب بن عليّ النَّسَوِيّ، قال: أخْبَرَنا قُتيْبَة (a) بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن
(a) كذا في الأصل، وفي معجم السفر: عبد اللَّه.
_________
(1)
توفي بعد سنة 483 هـ، وأرخ الذهبي وفاته بعد الخمسمائة، وترجمته في: معجم السفر للسلفي 76، ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 3: 23، سير أعلام النبلاء 19: 248 (وفيه: الجليل بن عبد الجبار)، الوافي بالوفيات 13:395.
(2)
معجم السفر 76.
(3)
السلفي: معجم السفر 76.
سُلَيمان، عن ثَابِت، عن أنَسٍ
(1)
، قال: كان رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لغَدٍ.
وقال أبو طَاهِر بعد ذِكْر هذا الحَدِيْث: الخَلِيل بَيْتهُم بَيْتُ الحَدِيْث، وله رِحْلَةُ إلى العِرَاق والشَّام ومِصْر والحِجَاز وخُرَاسَان وغيرها، وكانَ ثِقَةً (a)، ورَوَى عن قَوْم لَم يَرْو لنا عنهم سِوَاهُ، وهوِ الخَلِيل (b) بن عَبْد الجَبَّار بن عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن زُهَيْر بن أسَد (c) التَّمِيْمِيّ، مُحَدِّثُ ابن مُحَدِّث ابن مُحَدِّث ابن مُحَدِّث ابن مُحَدِّث، وبَيْتُهم بيتٌ قَدِيم في العِلْم، والخَلِيلُ هذا فقد سَمِعَ أَبا يَعْلَى الخَلِيْليّ وآخرين بقَزْوِين، وبمِصْرَ ابن الطَّفَّالِ، والكَحَّال، وابن الأَقْفَاصِيّ، والقَاضِي أبا الحَسَن الهَمَذَانيّ ونُظَرَائهم، وبالشَّام سُلَيم بن أَيُّوبَ الرَّازِيّ، وأبا العَلَاءِ المَعَرِّيّ، وبالبَصْرَة وأَذْرَبِيْجَان وغيرها من المَوَاضِع، وكانَ ثِقَةً وأمَارةُ الصِّدْقِ على أجْزَائهِ -حين تأمَّلتُها وانْتَخَبْتُ منها- وَاضِحةٌ.
أنْبأنَا الحافِظُ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الحَسَن بن النَّجَّار، قال: الخَلِيل بن عَبْد الجَبَّار بن عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن زُهَيْر بن أسَد بن يَزِيد بن عُبَيْد اللَّه التَّمِيْمِيّ، أبو إبْراهيم القُرَّائيّ، من أهْلِ قَزْوِين، من بَيْت الحَدِيْث والرِّوَايَة.
رَحَلَ إلى خُرَاسَان والشَّام وديار مِصْر في طَلَب الحَدِيْث، ولَقِيَ المَشَايخ.
سَمِعَ بقَزْوِين عَمّه عليّ بن عَبْد اللَّه، وأبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْد اللَّه الخَلِيْليّ، وبالشَّام سُلَيم بن أَيُّوب الرَّازِيّ، وأبا العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان المَعَرِّيّ،
(a) تحرفت العبارة في معجم السفر بـ: وهي منه.
(b) مضطرب في نشرة معجم السفر، وفيه:"لم يرو لنا عنهم سوى الأهوازي عن عبد الجبار. . . ".
(c) معجم السفر: أسعد.
_________
(1)
الجامع الكبير للترمذي 4: 176 (رقم 2362)، صحيح ابن حبان 14: 370 (رقم 6356)، وانظر المسند الجامع 3: 13 (رقم 1570).
وبمِصْر أبا الحسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الطَّفَّال، وأبا الحَسَن عَبْد المَلِك في عَبْد اللَّه بن مَحْمُود بن مِسْكِين، وأبا الحَسَن عليّ بن عُبَيْد اللَّه الكَسَائيّ الهَمَذَانيّ، وأبا القَاسِم يَحْيَى بن الحُسَين بن مُوسَى الأَقْفَاصِيّ، وأبا القَاسِم عبد الرَّحْمن في المُظَفَّر الكَحَّال، والقَاضِي أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن سَلامَة بن جَعْفَر القُضاعيّ، وبتِنِّيْس القَاضِي أبا الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُثْمان بن جَابِر.
ودَخَلَ بَغْدَادَ، وسَمِعَ بها القَاضِي أبا الحُسَين مُحَمَّد بن عليّ ابن المُهْتَدي باللَّه، وأبا الغَنائِم عبد الصَّمَد بن عليّ بن المَأْمُون، وغيرهما. وحَدَّثَ باليَسِيْر. رَوَى عنهُ أبو عليّ البَرَدَانيّ، وأبو البَرَكَات بن السَّقَطِيّ.
خَلِيل بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، أبو عليّ الحَمَوِيُّ الحَنَفِيُّ القَاضِي
(1)
تَوَلَّى قَضَاءَ عَسْكَر المَلِك العادِلِ أبي بَكْر بن أَيُّوب بعد السِّتّمائة، وكان عَارِفًا بالفِقْهِ، وله حَظٌّ من الأدَب، ويَنْظِم شِعْرًا حَسَنًا، وكان يُدرِّس بدِمَشْق الفِقْه على مَذْهَب أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه بالمَدْرسَةِ الخَاتُونِيَّة بقُرْب بَاب البَرِيد وبالمَدْرَسَةِ الرَّيْحَانيِّة.
قَدِمَ علينا حَلَب مِرَارًا مُتَعدِّدةً في رَسَائِل من المَلِك العادِلِ ومَنْ بَعْده، واجْتَمَعْتُ به بحَلَب ودِمَشْق، ولم يَتَّفق لي سَمَاعُ شيءٍ منه، ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره رَفِيْقُنا أبو الفَتْح نَصْرُ اللَّه ابن الصَّفَّار المَعْرُوف بالنَّجِيْب.
(1)
توفي سنة 641 هـ، وترجمته في: التاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 121، 132، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 379، القرشي: الجواهر المضية 2: 180 - 181، تاريخ الإسلام 14: 380، وفيه: أبو النجم الحموي، الوافي بالوفيات 13: 397، العيني: عقد الجمان 3: 332، المقريزي: المقفى الكبير 3: 769، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 391، 402، الغزي: الطبقات السنية 3: 220.
أنشدَنا نَجِيْبُ الدِّين أبو الفَتْح ابن الصَّفَّار، قال: أنشدَنا القَاضِي نَجْم الدِّين أبو عليّ خَلِيل بن عليّ قاضي العَسْكَر لنَفْسِه
(1)
: [من الطويل]
إذا نَابَ خَطْبٌ فاسْتَشِرْ فيهِ صَاحِبًا
…
وإنْ كُنْتَ ذَا رَأي يشُيْر على الصَّحْب
فإنِّي رَأيْتُ العَيْن تَجْهَلُ نَفْسَها
…
وتُدْركُ ما قد حَلّ في مَوضِع الشُّهْب
وأنْشَدَني ابنُ الصَّفَّار، قال: أنْشَدَني خَلِيل بن عليّ لنَفْسِه: [من الوافر]
كأنَّ عِذارَهُ لامٌ وفاهُ
…
منَ الخَطِّ البَدِيْعِ الحُسْنِ صَادُ
وطرَّةَ شَعْرِهِ لَيْلٌ بهِيْمٌ
…
فلا عَجَبٌ إذا سُلِبَ الرُّقَادُ
يعني: لصٌ في اللَّيْل.
وأنْشَدَني ابنُ الصَّفَّار، قال: أنْشَدَني النَّجْم خَلِيل لنَفْسِه: [من الكامل]
ضَاهَى ابِنُ فيرُوزٍ مَدِينَةَ جِلّقٍ
…
وَكِلاهُما يَوْمَ الفَخَارِ فَرِيدُ
ألْفَاظُهُ بَرَدَى وصُوْرَة خَلْقِهِ
…
ثَوْرَا ونقْصُ العَقْلِ مِنهُ يزيدُ
تُوفِّي القَاضِي نَجْم الدِّين أبو عليّ خَلِيل قاضي العَسْكَر فجأةً يَوْم الثّلاثَاء بعد العَمْر سَلْخ صَفَر من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وستمائة، ودُفِنَ ضَحْوَةَ يَوْم الأرْبَعَاء، ووَصَلْتُ إلى عَذْرَاء
(2)
لَيْلَة السَّبْت الرَّابِع من شَهْر رَبيع الأوَّل مُتَوَجِّهًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة في رِسَالَةٍ، فَخَرجَ إليَّ من دِمَشْق مَنْ أخْبَرَني بوَفَاتهِ على الوَجْه المَذْكُور، وأُخْبرتُ بدِمَشْق أنَّهُ في اليَوْم الّذي تُوفِّي فيه كان يُحَدِّثُ بمَوْت جَمَاعَة ممَّن ماتَ فجأةً، فاتَّفقَ أنَّهُ ماتَ فجأة في ذلك اليَوْم، رحمه الله.
(1)
البيتان عبد ياقوت (معجم الأدباء 4: 1496) ونسبهما لعبد اللَّه بن أحمد بن أحمد بن الخشاب.
(2)
عذراء: قرية بغوطة دمشق، ينسب المرج إليها. ياقوت: معجم البلدان 4: 91.
الخَلِيل بن مُحَمَّد بن سَعيد، أبو الحَسَن الصَّيْمَرِيّ
(1)
حَدَّثَ بحَلَب عن [هِشَام بن عَمَّار بن نُصَيْر بن مَيْسَرة السُلَميّ](a)، سَمِعَ منه بها أبو الحَسَن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن أيُّوبَ البَالِسِيّ الخَيْزُرَانيّ.
الخَلِيل بن مُحَمَّد بن فَيْرُوز الحَلَبِيِّ
(2)
سَمِعَ مُحَمَّد بن سُلَيمان لُوَيْنًا، والمُسَيَّبَ بن وَاضِح السُّلميِّ التَّلْمَنَّسيَّ، وأبا سَعيد الأَشَجَّ، وهِشَام بن عَمَّار، وعَمْرو بن عُثْمان بن سَعيد الحِمْصِيّ.
رَوَى عنهُ أبو الحُسَين عليّ بن الحُسَين الفَرْغَانيّ.
خُمَارتَاش بن عَبْد اللَّه البَجَنِيُّ التُّرْكِيُّ
(3)
كان بحَلَبَ، وذَكَرَ أنَّهُ رأى بها مَنامًا، كان سَبَبًا لبناءَ المَشْهَد المجدَّد بدِمَشْق بالقُرْبِ من مَشْهَد صُهَيْب، رَوَى عنهُ الحَافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ.
(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سطر، واستكمال اسم شيخه في الرواية من ابن عساكر.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 38، وأورد له حديثًا مسندًا، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 177.
(2)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 39 (والترجمة بنصها نقلًا عنه).
(3)
ترجم الصفدي لثلاثة موالي يتفقون في الاسم واسم الأب، هم: خمارتاش بن عبد اللَّه بن صالح الرومي (ت 559 هـ)، وخمارتاش بن عبد اللَّه، أبو عبد اللَّه الرؤسائي (ت 577 هـ)، وخمارتاش بن عبد اللَّه التركي الهيتي، أبو عثمان (620 هـ). انظر: الوافي بالوفيات 13: 418 - 430. ويذكر ابن العديم في ترجمته أنه روى عن الحافظ السلفي، والذي ترجم له الحافظ السلفي في معجم السفر 80 - 81 اسمه: خمارتكين بن عبد اللَّه الجستاني، أبو منصور (ت 499 هـ)، أمير الحج، وخرَّج عنه حديثًا واحدًا، وذكر السلفي أنه قرأ عليه الحديث بالكوفة ومكة والمدينة.
قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا بهِ عنهُ إجَازَةً أبو القَاسِم عَبْد اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال: سَمِعْتُ خُمَارتَاش بن عَبْد اللَّه البَجَنِيّ التُّركِيِّ في المَشْهَد المُجَدَّدِ على باب دِمَشْقَ، وسَألتُهُ عن سَبَب بنائهِ، فقال: كُنْتُ من شِرَار الأجْنَادِ وأوْغَادِهم، فرأيْتُ ليلَةً، وأنا بحَلَبَ، فيما يرى النَّائمُ كأنَّ الخَضِرَ عليه السلام أتاني وأرَاني هذا المَوضع، وكان على الجَادَّةِ بين طَرِيْقَيْن، فقال: هذا مَوضِعٌ شَرِيفٌ، فاقْصِد فُلَانًا سَمَّاهُ خُمَارتَاش، وقُلْ له حتَّى يَبْني هذا مَشْهَدًا، وانْطُر (a) وتَنَبَّه فمن هَا هُنا إلى مَشْهَدِ القَدَم مثْل ما من هَا هُنا إلى البَلَدِ، وعلى أحَدِ جَانبَيْك مَغَارة، وعلى الآخر ثلاث شَجَرات حتَّى لا تَنْسَى، وغابَ عني، فانْتَبهتُ وأنا مَذْعُور، فقُلْتُ: ومَنْ أنا حتَّى أَرَى مثْل هذا المَنَام؟ وسَكَتُّ ولَم أُظْهِر شيئًا.
فَمَضَى على هذا زَمَانٌ، ثُمَّ رَأيْتُه في المَنَام فعَاتَبَني، وقال: لِمَ لَم تُبَلِّغ رِسَالتَنا؟ فلمَّا أصْبَحْتُ تأهَّبْتُ للسَّفَر، وجئتُ إلى دِمَشْق، وذَكَرْتُ للرَّجُل ما قالَهُ، فتَوَانَى في ذلك وسَكَتُّ أنا ولَم أُرَاجِعْهُ، فرأيتُه في المَنَام ثالثًا وقال: بَلِّغ الرِّسَالَةَ ولا بأسَ عليك، وقُلْ لهم: ها هُنا آبارٌ ثلاثٌ قد طُمَّتْ، وقُبُورٌ من قُبُور الصَّالِحين قد انْطَمَسَتْ، وأرَاني عَلامَاتٍ، فنحنُ في الحَدِيْث وإذا قد ظَهَرَ رَجُلٌ على فَرَسٍ أشْهَب، وعليه ثِيَابٌ بيْضٌ، وخَلْفه رَجُلَان على زيِّهِ، فقَصَدَهُ الخَضِرُ عليه السلام وسَلَّم عليه وعليهما، واسْتَقَى من إحْدَى الآبار وشَرِبَ وشَرِبُوا، فلمَّا وَلَّى الرَّجُل واللَّذان معه، قال: تَعْلَم مَنْ هذا؟ هذا خَاتم النَّبيِّيْنَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ومَعَهُ صَاحِبانِ له.
فلمَّا أصْبَحتُ، قُمْتُ وقُلتُ: ليسَ بعد هذا شَكّ، وقَصَدْتُ صَاحِبَ البَلَدِ، وذَكَرتُ له القصَّة، فرَكِبَ في عَسْكَره وجاءَ فدَللْتُهُ على البئْر الأوَّلَةِ، فضَحِكَ أميرٌ من أُمَرَاءِ الدَّوْلةِ، فصَاح عليه وزَبَرَهُ، وأمَر بحَفْر المَوضِعَين، فلَم يَحْفروا كَثِيْرًا
(a) كذا في الأصل بالطاء المهملة.
حتَّى ظَهَر حَجَرٌ عظيمٌ فنَحَّوه، وإذا البئر كما قيل لي، فكَبَّرُوا واسْتَقَوا وشَرِبُوا منها، وبَنَوا هذا المَشْهَدَ.
وقد تُبْتُ أنا، وقعَدْتُ في هذا المَوضِعِ، ولعلَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لي ذُنُوبي، وكان هُناك نَفَرٌ فشَهِدُوا له بأنَّ الأمْرَ كما ذَكَرَ، وأنَّ المَوضِع به ظَهَر، وقالُوا: تَعَجَّب من ذلك أهْلُ دِمَشْقَ كُلّهُم والأجْنَادُ.
خُمَار بن أحْمَد بن طُوْلُون، أبو الجَيْش، الأمِير المَعْرُوف بخُمَارَوَيْه ابن الأمِير أبي العبَّاس
(1)
وَلِيَ إمْرَة حَلَب والثُّغُور وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم ودِمَشْق ومِصْر بعد أبيهِ أحْمَد
(1)
توفي سنة 383 هـ، وقيل: 288 هـ، وترجمته في: ولاة مصر للكندي 343، 350، 354 - 258، 377، وأخباره كثيرة في تاريخ الطبري 10: 30، 39 - 43، 51، المسعودي: مروج الذهب 5: 118، 139، 151 - 152 (وأرخ المسعودي وفاته في سنة 383 هـ)، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 353، ابن ماكولا: الإكمال 3: 550، الهمذاني: قطع تاريخية من عنوان السير 135، العظيمي: تاريخ حلب 269 - 207، وترجم له ابن عساكر 17: 45 - 50، المنتظم 12: 350 - 351، ابن الأثير: الكامل 7: 408 - 415، 433، 425 - 431، 439، 449، 454، 459، 464، 467، 473 - 475، 498، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 183 - 184، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 87 - 92، ابن سعيد الأندلسي: المغرب في حلى المغرب 1: 134 - 140، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 65 - 66، 3/ 1: 30 - 31، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 249 - 251، اليافعي: مرآة الجنان 2: 145 - 146، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 67 - 72، المختصر في أخبار البشر 2: 57 - 58، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 747 - 749، سير أعلام النبلاء 13: 446 - 448، الإعلام بوفيات الأعلام 124 (وفاته 282 هـ)، العبر في خبر مَن غير 1: 406 (وفاته 383 هـ)، الوافي بالوفيات 13: 416 - 418، تاريخ ابن الوردي 1: 364، 368، البداية والنهاية 11: 51، 53، 57، 72 - 73، ابن خلدون: العبر 6: 139 - 130، 8: 33 - 49 (أرخ وفاته سنة 382 هـ)، المقريزي: المقفى الكبير 3: 811 - 833، المواعظ والاعتبار 2: 100 - 103، النجوم الزاهرة 3: 49 - 87، حسن المحاضرة 1: 596، شذرات الذهب 3: 335 - 337، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 179 - 181، الزركلي: الأعلام 2: 324.
وتقدَّمت بعض أخباره في ترجمة المعتضد باللَّه أحمد بن طلحة، وترجمة والده أحمد بن طولون في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
في سَنَة سَبْعِين ومَائتَيْن، وَنزَل بعَسَاكِره حتَّى هَزَم الخَزَرِيّ واتّبَعَهُ إلى بَالِس، فهَرَبَ الخَزَرِي إلى بَرِّبَّةِ سِنْجَار، فعَاد خُمَارَويْه إلى حَلَبَ.
وكاتَبَ المُوَفَّق بأنْ يُوَلَّى على سَائرِ أعْمَال جُنْد قِنَّسْرِيْن، والعَوَاصِم، وديار مُضَر والثُّغُور الشَّامِيَّة والجَزَرِيَّة، وعَمل الفُرَات، وديار رَبِيْعَة، والمَوْصِل، وأَرْمِينِيَة، وقَالِيْقَلا، فإنَّها كُلّها كانت قد صَارَتْ في يَده، ويُدْعَى له على مَنَابِرها، فلم يُجِبْهُ إلى ذلك.
وتَجدَّد بينَهُ وبين الأَفْشين مُحَمَّد بن دِيْودَاد مُوَاحَشة آلَتْ إلى أنْ اسْتَوْحَش من الموفّق أبي أحْمَد، فسَيَّرَ المُوَفَّق ابْنَهُ أبا العبَّاس -المُلَقَّب بالمُعْتَضِد بعد ذلك- في أيَّام أخيهِ المُعْتَمد على اللَّه في سَنَة إحْدَى وسَبْعِين ومَائتَيْن، ورَجَع خُمَارَويْه، ووَصَل أبو العبَّاس ابن المُوَفَّق إلى الرَّمْلَة، فلَقِيَ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُونِ، وجَرَت بينَهُ وبينَه وَقْعَة الطَّوَاحِين
(1)
من أرْض الرَّمْلَةِ، فهَزَم أبو العبَّاس خُمَارَوَيْه في شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِيِن ومَائتَيْن، واحْتَوَى على عَسْكَرِه، وَنَزَل فيِ مَضْربه، واشْتَغَل أصْحَابُ أبي العبَّاسِ بالنَّهْب، فكَرَّ عليهم عَسْكَرُ خُمَارَوَيْه، فانْهَزموا ونُهِبَ جميعُ ما في العَسْكَرين، وانْحازَ أبو العبَّاس إلى صُوْر بعد أنْ قُتِلَ من أصْحَابهِ وفُقِدَ خَلْقٌ، ثمّ مَضَى إلى طَرَسُوس، ثمّ إلى بَغْدَاد.
وأمَّا خُمَارَوَيْه، فإنَّهُ لمَّا كُسِرَ عَسْكَره، انْهَزَم إلى مِصْر، فلَحِقَهُ مَنْ رَدَّهُ، وأخْبَرَهُ بما تجدَّد لعَسْكَره من الظَّفَر والغَلَبَة، فعادَ ونَزَل إلى دِمَشْقَ، وقَدِمَها سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِينِ.
(1)
وثَّق أحمد بن الطيب السرخسي (ت 286 هـ) تفاصيل هذه الواقعة ومسير المعتضد لقتال خمارويه ابن طولون في وقعة الطواحين سنة 371 هـ، وأورد ابن العديم نصوصًا طويلة منها في ثنايا كتابه، خاصة ما يتصل بوصف المدن والقرى التي مرت الحملة بها، وانظر عن الوقعة أيضًا: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 65، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 261 - 262، ابن كثير البداية والنهاية 11: 49، ابن خلدون: العبر 6: 129 - 130، المقريزي: المقفى الكبير 3: 814 - 815.
ثُمَّ وَصَلَ خُمَارَوَيْه إلى حَلَب، وكاتَبَ ابن أبي السَّاج، فَخَطَب له ابنُ أبي السَّاجِ في جَميع عَمله، وقيل إنَّ خُمَارَوَيْه وجَّه لابن أبي السَّاج ولكُتَّابهِ ستمائة ألف دِيْنار، وفَسَدت الحال فيما بين ابن أبي السَّاج وبين إسْحاق بن كُنْدَاجيق، وسَيَّر ابنُ أبي السَّاج ابنهُ دِيْودَاد (a) إلى ابن طُوْلُون رَهِيْنة، وقَدَّمَ ابن طُوْلُون عَبْد اللَّه بن الفَتْح إلى ابن أبي السَّاج، ثمّ صَار هو إليه بنفْسه، فاجْتَمَعوا على مُحَارَبةِ إسْحاق بن كُنْدَاجيق، ووَاقعوهُ في مَوضِعٍ يُعْرفُ بقَطِيْعة سُلَيم على ثلاثة فَرَاسِخ من الرَّقَّة، فانْهَزَم إسْحاق، ودَخَلَ خُمَارَوَيْه بن طُوْلُون وابن أبي السَّاج الرَّافِقَة، فدَعوا بها للأمِيْر النَّاصِر أبي أحْمَد المُوَفَّق، وكَتَبُوا إليهِ بذلك.
فلمَّا وَرَدَت كُتُب ابن طُوْلُوِن وابن أبي السَّاج إلى المُوَفَّق، أنْفَذَ المُوَفَّقُ الحُسَينَ بن عَطَّاف إلى خُمَارَوَيه برسَائِل وكُتُب معه من المُوَفَّق ومن المُعْتَمد بتَجْدِيد العَقْد له على جميع أعْمَالِ المعَاون والخَرَاج والضِّيَاع والبَرِيْد: ببَرْقَة، ومِصْر، والإسْكَنْدَرِيَّة، وأُسْوَان، والمعَادِن، وطَريْق الحِجَاز، وفِلَسْطين، والأُرْدُنّ، وصُوْر، ودِمَشْق، وحِمْص، والثُّغُور، وقِنَّسْرِيْن، والعَوَاصِمِ، وديار مضَر وما يَتَّصل بها، وتَكْنِيته في كُتُب أَمِير المُؤْمنِيْن ووَلِيّ عَهْده، وحَمَل الحُسَينُ بن عَطَّاف معه الخلعَ والتَّاج والوِشَاح والبَدَنَة من الجَوْهَر، واسْتَقَامت وِلَايَةُ ابن طُوْلُون على حَلَب، ورَتَّب فيها نُوَّابَهُ، وعادَ إلى مِصْر.
وأمَّا ابن أبي السَّاج؛ فإنَّهُ فَسَد الحال فيما بينَهُ وبين خُمَارَوَيْه بعد اجْتِمَاعهما على مُحَارَبة إسْحاق، وذلك لأنَّهُ كان لابن أبي السَّاج خَادِمٌ يُقالُ له نقِيْطا، فطَلَبَهُ ابن طُوْلُون منه وأخَذَه شَبِيهًا بالقَهْر، فأوْحَش ذلك ابن أبي السَّاج، واعْتَقَد عَدَاوتَهُ، واحْتَال في مُفَارَقته بأنْ قال له: يَنْبَغي أنْ نتَوجَّهَ في طَلَب إسْحاق لئلَّا يَثْبُت، فعَقَدَ له على ديار مُضَر وكُلّ ما افْتَتَحهُ من البُلْدان، وأنْفَذَهُ في طَلَب
(a) قيَّده في هذا الموضع بالذال المعجمة في آخره.
إسْحاق، وقد حَصَل في نَفْسِهِ منه ما حَصَل، فأنْفَذَ ابنُ أبي السَّاج كَثِيْر بن سَلَمَة الكِلَابيّ، أحَدُ قُوَّادهِ، فسَرَق نقِيْطَا الخَادِمَ من ابن طُوْلُون ببَالِس وردَّهُ إليه، فصَارَت عَدَاوتُه لابن طُوْلُون مُسْتَحْكمة، وقَصَدَهُ خُمَارَوَيْه بعد ذلك، وجرَتْ بينَهُ وبينَه وَقْعات كَثِيْرة، ضَعُفَ ابن أبي السَّاج في آخرها عن مُقَاومَتهِ لقلَّةِ مَنْ كان معه، وكَثْرة مَنْ مع ابن طُوْلُون، فهَرَبَ ابنُ أبي السَّاج، ولَحِقَ بأبي أحْمَد المُوَفَّق في سَنَة ستٍّ وسَبْعِين ومَائتَيْن.
ولمَّا آل أمرُ الخِلَافَة إلى المُعْتَضِد، صالَح المُعْتَضِد على أنْ يَقْتَصِر خُمَارَوَيْه على أعْمَال حِمْصَ ودِمَشْق والأُرْدُنّ وفِلَسْطين ومِصْر وبَرْقَة وما وَالاها ممَّا كان في يَدِه، ويُخْلي عن ديار مُضَر وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم وطَرِيقِ الفُرَات والثُّغُور، واتَّفقا على ذلك، وتزوَّج المُعْتَضِد ابنتَهُ قَطْر النَّدَى، وأفْنَى خُمَارَوَيْه خَزَائنَهُ في جهَازها، وأظْهَرَ من التَّجَمُّل ما لا يُحَدُّ ولا يُحْصَى، وقيل: إنَّهُ دَخَل معها مائة هَاوُنِ ذَهَبٍ في جهَازها، فإنَّ المُعْتَضِد دَخَل خِزَانَتها وفيها من المَنَائر (a) والأبَارِيق والطَّاسَات وغير ذلك من الآنيةِ الذَّهَب، فقال: يا أهل مِصْر ما أكْثَر صُفْرِكُم، فقال له بَعْضُ القَوم: يا أمِيرَ المُؤْمنِيْن، إنَّما هو ذَهَبُ. وقد ذَكرنا في تَرْجَمَةِ المُعْتَضِد وتَرْجَمَة قطر النَّدَى
(1)
ما فيه كِفَايَةٌ.
قَرَأتُ في كتاب الغُرَبَاءِ ممَّن دَخَل مِصْر
(2)
، تأليفُ أبي القَاسِم يَحْيَى بن عليّ الحَضْرَميّ المَعْرُوف بابنِ الطَّحَّان، قال: خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، أبو الجَيْش،
(a) كذا في الأصل، ومثله في زبدة الحلب 1: 91، ونقله أبو الفداء عنه مثله (اليواقيت والضرب 70) والمنائر: جمع منارة؛ التي يؤذَّن عليها، ولعلها تحرفت من: المَبَاخر.
_________
(1)
تقدمت ترجمة المعتضد باللَّه أحمد بن طلحة في الجزء الثاني، أما ترجمة قطر الندى ففي الجزء الضام لتراجم النساء الضائع من أجزاء الكتاب.
(2)
ذيل وضعه الطحان على تاريخ ابن يونس المصري في تراجم المصريين والطارئين عليها، نقل عنه ابن العديم كثيرًا، وتقدم التعريف بالمؤلف وذيله في الجزء الثاني.
أمير مِصْرَ، قُتِلَ وهو ابنُ ثلاثين أو إحْدَى وثَلاثين سَنَةً، أخْبَرَني بذلك ابنُ رَشِيْق عن عَدْنَان بن أحْمَد بن طُوْلُون، قال: حَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل العَرُوضِيّ، قال: حَدَّثَني سَعيد بن نَفِيْس، قال: تَنَزَّهْنَا إلى دَيْر القُصَيْر
(1)
في عَقب نُزْهَة الأَمِير خُمَارَوَيْه بن أحْمَد إليهِ، قال: فقَرَأتُ في الحَائِط بخَطٍّ حَسَنٍ، ما رَأيْتُ أحْسَنَ منه ولا أتَمَّ حُرُوفًا
(2)
: [من الخفيف]
أيُّها العَاشِقُ المُعَذَّبُ أَبْشِر
…
فخَطَايا ذَوِي الهَوَى مَغْفُوره
زَفْرَةُ في الهَوَى أَحَطُّ لذَنْبٍ
…
من غَزَاةٍ وحِجَّة مَبْرُورَه
وتَحْتَ ذلك: وكتَب خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بخَطِّهِ. قال: وكان أبو الجَيْش من أحْسَنِ الخَطّ كاتب اليَدِ (a).
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ، قال: حُكي أنَّهُ مَرضَ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، فدَخَل إليه السُّلَمِيّ الشَّاعِرُ ويُعْرَفُ بالصَّيْرَفِيّ، فأنْشَدَهُ:[من الخفيف]
كيفَ أصْبَحْتَ قد عَدِمْنَا العُقُولا
…
عَمِيَتْ مُقْلَةٌ تَرَاك عَلِيْلا
جَعَلَ اللَّهُ صحَّتِي لك والأَجْـ
…
رَ ولا زال بي ضَنَاك نَزِيلا (b)
_________
(a) كتب ابن العديم في الهامش على اضطراب هذه العبارة: "كذا".
(b) كتب ابن العديم في الهامش: "أو بديلا". والذي أورده في المتن أصوب وأفصح وأكثر اتصالًا بمعنى البيتين. أما كلمة: بديلا، فهي أقرب أن تكون تصحيفًا إذا كانت في الأصل غير منقوطة، فالباء والرن واحد والدال إذا كانت غير محكمة الكتابة تشتبه بالراء أو الزاي.
_________
(1)
من أديرة مصر المقصودة للتنزه، يقع في أعلى جبل مطل على قرية تعرف بشهران، كان خمارويه يغشاه كثيرًا، وبنى في أعلى الدير غرفة لها طاقات في الجهات الأربع. انظر الشابشتي: الديارات 284، ياقوت: معجم 2: 526 - 528، الخزل والدأل لياقوت أيضًا 2: 150 - 158، الواعظ والاعتبار للمقريزي 4/ 2: 1028 - 1030.
(2)
البيتان للفتح بن خاقان، انظر: تاريخ ابن عساكر 48: 223، معجم الأدباء لياقوت 5: 2162، المقفى الكبير 3:826.
قال: وكان بينَ يَديْهِ سَفَط جَوْهَر فرَمَى إليه بجَوْهَرَةٍ لها قيْمَةٌ.
نَقَلْتُ من خَطِّ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِيّ، من جُزءٍ سَمِعَهُ من أبي مُحَمَّد عليّ بن أحْمَد المَادَرَائيّ، فيهِ أخْبَار ونَوَادر عن شُيُوخه، قال المَادَرَائيُّ: وحَدَّثَنِي جَدِّي أبو عُبَيْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن الأُطْرُوش المَادَرَائيُّ، قال: حَدَّثَني أبو عليّ زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن زَيُّوبه الكَاتِبُ، قال: دَعَاني الأَمِير أبو الجَيْشِ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُونَ في يَوْمٍ من الأيَّام لشيءٍ أرادَ أنْ يأمُرَ بهِ، فدَخَلْتُ إليهِ وبينَ يَدَيْهِ أسَدٌ غير مَشْدُود، فحين رَأيته أفْزَعَني، ووَثَبْتُ فصِرْتُ مع الأَمِير فَوْقَ السَّريْر! فقال لي: وَيْلَكَ، ما هذا؟ فقُلْتُ: ليسَ مع المَوْت لَعِبٌ، وكان الأسَدُ يَدُور حَوْلَهُ ويَنامِ بحَضْرته، وكانت معه لَبُؤة تَفْعَل مثْل فعْلِه، فصَاحَ على الأسَدِ فلم يَبْرح، فقبَضَ يَده ثمّ ضَرَبَ بها جَبْهَة الأسَدِ ضَرْبةً شَدِيدةً، فوَلَّى الأسَدُ هَارِبًا، ثمّ أتَى إلى باب المَجْلِس الّذي كان الأَمِير فيهِ فقَبَضَ على مِسْمَارٍ كبير مُقَبَّب كان فيه، وعَضَّه فاقْتَلعَهُ وطَرَحَه، ومَضَى وقد أَخْرج غَيْظَهُ عليه، فخاطَبَني الأَمِيرُ حينئذٍ بما أرادَ، وخَرَجْتُ.
ذَكَرَ عليّ بن أحْمَد المُتَطَبِّب في كتابِ الآرَاءَ والمُشَاوَرَاتِ
(1)
، قال: حدَّثَنِي أبو عِيسَى الدَّاعِيَةُ، قال: حَدَّثَنِي مُعَلِّمٌ لأبي الجَيْشِ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد (a)، قال: حَدَّثَني خَادِمٌ لأبي الجَيْشِ، قال: دَخَلْتُ في يَوْمٍ صَائفٍ على غَفْلَةٍ، فوَجَدْتُ مَوْلاي أبا الجَيْش وهو يُقَبِّلُ رِجْل ويَد جَارِيَته وهو يَقُول لها: وَيْلكِ، لو عَلِمَ
(a) قوله: "حدثني معلم لأبي الجيش خمارويه بن أحمد" ليس في مخطوطة كتاب الرأي والمشورة.
_________
(1)
توجد من الكتاب نسخة مصورة بمعهد المخطوطات العربية بعنوان: "كتاب الرأي والمشورة" برقم 398 معارف عامة، (وأصلها -كما في البطاقة التعريفية في أوله- محفوظ بمكتبة الشيخ عبد العزيز الحبيشي الخاصة بمدينة إب/ اليمن)، وانظر ما نقله عنه ابن العديم في [الورقة 247 ب] من هذه النسخة.
النَّاس بمَوضِعكِ منِّي لمَّا حَلَّفُوني إلَّا بكِ، وأَحَبّ إليَّ منْكِ أسوَد بعَشرة دَنَانِيْر يُقَاتِل عنِّي وعنْكِ!. قال الخَادِمُ: ولو الْتَفَتَ حتَّى يَرَاني لذَهَبَت نَفْسِي، فرَجَعْتُ القَهْقَرَى حتَّى غبْتُ عن عَيْنهما.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه القَاضِي إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم [. . .](a).
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحُسَين بن المُهَذَّب في تَعْلِيقٍ له في التَّاريخ، قال: وفيها -يعني سَنَة ثَمانٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن- قُتِلَ أبو الجَيْش خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون؛ قَتَلَهُ خَدَمُهُ على فراشِهِ بدِمَشْق بحَضْرَة دَيْر مُرَّان.
خُنَاصِرَة بن عَمْرو بن الحَارِث بن كَعْب بن الوَعاء بن عَمْرو، وقيل: خُنَاصِر بن الحَارِث بن كَعْب الوَكَّاء (b) ابن عَمْرو بن عَبْد وُدّ بن عَوْف بن كِنَانَة بن عَوف بن عُذْرَة بن زَيْد اللَّات ابن رُفيدَة بن زَيْد بن كَلْب بن وبْرَة بن تَغْلِب بن حُلْوَان
(1)
كان مَلِكًا مَذْكُورًا بالشَّام، وبه سُمِّيَت خُنَاصِرَة في نَاحيةِ الأحَصِّ من عَمَل حَلَب، وهي الّتي نَزَلَها عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَحْمَةُ اللَّه عليه، وقيل: بناها خُنَاصِرَة بن عَمْرو خَلِيفَة الأَثْرَم إبْراهيم صَاحِب الفِيْل، خَلَّفه بالمُثَمَّن بصَنْعاء إذ سَار إلى كِسْرَى أَنَوشَرْوان.
(a) أبقى ابن العديم فراغًا يستغرق ثلثي الصفحة لإدراج رواية عن ابن عساكر، ولم يفعل.
(b) في أنساب السمعاني 5: 200: كعب بن الوغا.
_________
(1)
ترجمته في: الأنساب للسمعاني 5: 200، معجم البلدان لياقوت 2:390.
الخَنْدَقُ
(1)
رَجُلٌ من أصْحَاب عليّ رضي الله عنه، كان شَدِيْدًا، شَهِدَ معه صِفِّيْن، وقيل: إنَّهُ قَاتِلُ ذي الكَلَاع الحِمْيَرِيّ، وسَيَأتي ذِكْر ذلك في تَرْجَمَةِ ذي الكَلَاع (a) إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى.
خُوَيْلِد بن خَالِد بن مُحَرِّب (b) بن زُبَيْد بن مَخْزُوم بن صَاهِلَة بن كَاهِل بن الحَارِث بن تمِيْم بن سَعْد بن هُذَيْل بن مُدْرِكَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو ذُؤَيْب الهُذَلِيّ
(2)
أحَدُ الشُّعَراء الهُذَلِيِّيْن، وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، أدْرَك زَمن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يَلْقَهُ، وتَوَجَّه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليُسْلِمَ على يَده، فقَدِمَ المَدِينَة
(a) موضع ترجمة ذي الكلاع بحسب ترتيب الحروف في الجزء التالي (الجزء الثامن) غير أن قسمًا منه ناله التلف وسلخ عنه، ويبتدأ الجزء الثامن من منتصف ترجمة شرف الدين الحلي.
(b) في الأغاني 6: 187 وأسد الغابة لابن الأثير 2: 128 وابن عساكر والصفدي: المحرث، وفي معجم الأدباء لياقوت: محرز.
_________
(1)
كان حيًا سنة 37 هـ، وذكره نصر بن مزاحم بالفاء: خندف، رجل من بكر بن وائل، وسماه في موضع آخر خندف بن بكر البكري، انظر: وقعة صفين 297، 303 - 304، ونقله عنه صاحب أعيان الشيعة 6: 358 وحماه: خندف (بالفاء) ابن بكر البكري.
(2)
توفي سنة 27 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 123، 131 - 132، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 17، 154 - 155، 378، الآمدي: المؤتلف والمختلف 119 - 130، ابن قتيبة الدينوري: الشعر والشعراء 330 - 332، الأغاني 6: 187 - 196، الاستيعاب 4: 1648، تاريخ ابن عساكر 17: 53 - 61، معجم الأدباء 3: 1275 - 1277، ابن الأثير الكامل 3: 94، أسد الغابة 2: 128، 5: 188 - 190، تاريخ الإسلام 2: 195، الوافي بالوفيات 13: 437 - 439، الإصابة 2: 146، 151، 7: 63 - 64، حسن المحاضرة 1: 245، خزانة الأدب 1: 422 - 423، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 172 - 185، معجم المؤلفين 4: 131، الزركلي: الأعلام 2: 325.
يَوْم ماتَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فدَخَلَ على أبي بَكْر الصِّدِّيْق رضي الله عنه، وهو في سَقِيْفَة بني سَاعِدَة، وغَزَا بلادَ الرُّوم، وماتَ عندَ قُفُوله معهم، واجْتازَ بحَلَب عند دُخُولهِ إلى الغَزَاةِ (a).
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ اللَّه بن عليّ بن سُعُود البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّدُ بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاء -قال الأرْتاحِيُّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب- قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعيْل الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيّ، عن الأصْمَعِيّ، قال: أبْرَعُ (b) بَيْتٍ قالَتْهُ العَرَبُ بَيْتُ أبي ذُؤَيْب
(3)
: [من الكامل]
[و] النَّفْسُ رَاغِبةٌ إذا رَغَّبْتها
…
وإذا تُرَدّ إلى قَلِيْلٍ تَقْنَعُ
(a) أبقى ابن العديم هنا فراغًا كبيرًا يستغرق ثلثي هذه الصفحة، وكامل الصفحتين بعدها.
(b) الدينوري: أبدع.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 57.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 50، 367.
(3)
ديوان أبي ذؤيب الهذلي 145، والمؤتلف للآمدي 130، ومعجم الأدباء 3:1277.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
قَرأتُ بخَطِّ تَوْفِيْق بن مُحَمَّد بن الحَسَن في مَجْمُوع
(1)
: رَوَت الرُّوَاةُ أنَّ أبا ذُؤَيْب غَزَا أرْضَ الرُّوم مع المُسْلمِيْن، فلمَّا قَفَلُوا أخذَهُ المَوْتُ، فأرَادَ ابنُهُ وابنُ أخيه أنْ يَتَخلَّفا عليه جَمِيعًا، فَمَنَعَهُما صَاحِبُ السَّاقَة، وقال ليَتَخلَّفْ عليهِ أحَدُكما، وليَعْلَمَ أنَّهُ مَقْتُولُ، فاقْتَرعا فطَارَتِ القُرْعَةُ لأبي عُبَيْد
(2)
، فتَخَلَّفَ عليه، ومَضَى ابْنُه مع النَّاسِ، فكان ابنُ أخيهِ يُحَدِّثُ، قال: قال لي: احْفِرْ ذلك الجُرْفَ برُمْحِكَ، ثمّ اعْضِد من الشَّجَرةِ بسَيْفكَ، واجْرُرْنِي إلى هذا النَّهْر، فإنَّك لا تَفْرُغ حتَّى أفْرُغ، فاغْسِلْني وكَفِّنِّي بكَفَني، واجْعَلْني في حُفْرتِكَ، وأَهِلْ (a) عليَّ الجُرَفَ برُمْحكَ، والْقِ عليَّ الغُصُون والحِجَارَة (b)، ثمّ اتبَعَ النَّاسَ؛ فإنَّ لهم رَهْجَةً تَرَاها في الأُفق إذا أَمْسَيْتَ (c) كأنَّها جَهَامَةٌ.
قال: فما أخْطَأ ممَّا قال شيئًا، ولولا نَعْتُهُ لَم أهْتَدِ لأمْرِ (d) الجَيْشِ.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَلَّاد
خَلَّاد بن رافِع
(3)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وله ذِكْرٌ.
(a) الأغاني ومعاهد التنصيص: وانثِل.
(b) الأغاني: الغصون والشجر.
(c) الأغاني: مشيت.
(d) الأغاني ومعاهد التنصيص: لأثر.
_________
(1)
انظر الخبر في الأغاني 6: 196، ومعاهد التنصيص للعباسي 2: 169 - 170.
(2)
هو ابن أخيه.
(3)
كان حيًا سنة 37 هـ، ويرد اسم خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري الزرقي ممن شهد بدرًا مع أخيه رفاعة بن رافع (المترجم له في الجزء الثامن من هذا الكتاب)، فلعله هو، انظر الجرح =
خَلَّادُ بن مُحَمَّد بن هَانِئ بن وَاقِد، أبو يَزِيْد الأسَدِيّ الخُنَاصِريّ
(1)
من أهْلِ خُنَاصِرَةَ من إقْلِيْم الأحَصّ، وكان إمَامَ مَسْجِدها.
حَدَّثَ بحَلَب وبدِمَشْقَ عن أَبِيهِ مُحَمَّد بن هَانئ الأسَدِيّ، والمُسَيَّب بن وَاضِح التَّلْمَنَّسيّ، وعبد اللّهَ بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، وأبي رِضْوَان يَمَان بن سَعيد المِصِّيْصيّ، وعُثْمان بن سِمَاك الحِمْصِيّ.
رَوَى عنهُ آباء بَكْر: مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعيّ، ومُحَمَّدُ بن الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهيم بن فِيْل الأنْطَاكِيّ، وأحمدُ بن إسْحاق المُلْحَمِيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّدُ بن إبْراهيمِ بن عَبْد الرَّحْمن بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وأبو عليّ حامِد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الهَرَويّ الرَّفَّاء.
أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، والحافِظ أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وابنُه القَاضِي أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَدُ بن عَبْدِ القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبِيّ، قال: أخْبرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: حدَّثَنِي الشَّيْخُ أبو الفَتْح عَبْدُ اللَّه بن إسمَاعِيْل بن أحْمَد بن الجِلِّيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو عُبَيْد اللَّه عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر الأسَدِيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعيُّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَزِيد خَلَّادُ بن مُحَمَّد بن هَانئ بن
= والتعديل 3: 365، الثقات لابن حبان 3: 111 - 112، الاستيعاب 2: 451، الوافي بالوفيات 13: 373، الإصابة 2:139.
(1)
ترجمته في: الأنساب للسمعاني 5: 201، تاريخ ابن عساكر 17: 62 - 63، اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير 1: 463، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 186، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 37 - 38.
وَاقِد الأسَدِيّ الخُنَاصِريّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا المُسَيَّبُ بن وَاضِح، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بن الوَلِيد، عن وَرْقَاء، عن عَبْدِ اللَّه بن ذَكْوَان، عن الأعْرَج، عن أبي هُرَيرَةَ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا صَلَّى الرَّجُلُ في العَلَانِيَةِ فأحْسَنَ، وصَلَّى في السِّرِّ فأحْسَنَ، قال اللَّهُ تبارك وتعالى: أنْتَ عَبْدِي حَقًّا.
خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن الحُرّ -ويُلَقَّب: حَيْدَرة- ابن سُلَيمان، وقيل: خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن الحُرّ بن حَيْدَرة بن سُلَيمان بن هِزَّان بن سُلَيمان بن حَيَّان بن وَبْرَة المُرِّيّ القُرَشِيّ، وأبو الحَسَن الأطْرَابُلُسِيّ
(2)
وقيل: خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة بن سُلَيمان بن دَاوُد بن خَيْثَمَة.
وقيل: خَيْثَمة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة بن سُلَيمان بن هِزَّان بن حَيَّان أبي النَّضْر. وقيل: ابن النَّضْر. والصَّحيحُ هو الأوَّل. وأبو النَّضْر حَيَّان بن وَبْرَة المُرِّيّ صَاحِب أبي بَكْر الصِّدِّيْق رضي الله عنه.
وقَرأتُ بخَطِّ بعض أحْفَادِ حَيْدَرة في نَسَبهِ: حَيْدَرة الحُرِّ بن سُلَيمان.
(1)
سنن ابن ماجة 3: 1405 (رقم 4200)، وانظر التدوين في أخبار قزوين للرافعي 3:260.
(2)
توفي سنة 343 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 379، السمعاني: الأنساب 1: 299 (أرخ وفاته في حدود سنة 350 هـ)، تاريخ ابن عساكر 17: 68 - 72، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 397 - 298، تاريخ الإسلام 7: 788 - 790، العبر في خبر مَن غبر 3: 66، تذكرة الحفاظ 3: 858 - 860، سير أعلام النبلاء 15: 412 - 416، الإعلام بوفيات الأعلام 145، الوافي بالوفيات 13: 442 - 443، لسان اليزان 2: 411 - 412، المقريزي: المقفى الكبير 3: 833 - 834، النجوم الزاهرة 3: 312، شذرات الذهب 4: 183، 332، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 187 - 188، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 361، مجم المؤلفين 4: 131، الزركلي: الأعلام 2: 326.
رَحَلَ خَيْثَمَة إلى البِلاد في طَلَب الحَدِيْث والإسْنَاد، وسَمِعَ بحَلَب من صالح بن عليّ النَّوْفَليّ، وأبي عَمْرو مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه السُّوْسِيّ، وبأنْطَاكِيَة من أبي عَمْرو عُثْمان بن خُرَّزَاد، وأبي الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم بن فِيْل، وأبي سُليْمان دَاوُد بن أحْمَد البُوْقِيّ، وأبي الوَلِيد بن بُرْد الأنْطَاكِيِّيْن، وبدِمَشْق من أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الحَميْد بن فَضَالَة، وبحِمْصَ من مُحَمَّد بن عَوْف الحْمصِيّ، وبَيْرُوت من العبَّاس بن الوَلِيد البَيْرُوتِيّ، وبجَبَلَة من يُوسُف بن بَحْر، وبِصُوْر من مُحَمَّد بن عليّ الطَّبَريّ، وبالرَّقَّة من أبي عليِّ الحُسَين بن مَنْصُور البَغْدَاديّ، وببَغْدَاد من عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، وعَبْد العَزِيْز بن مُعاوِيَة، وبوَاسِط من أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّه عَلَّان الوَاسِطِيّ، ومُحَمَّد بن مَسْلة الوَاسِطِيّ، وبالكُوفَة من أبي عُبَيْدَة السَّرِيّ بن يَحْيَى الكُوْفيّ، وباليَمَن من إسحاق بن إبْراهيم الدَّبَرِيّ، وجَمَاعَة يَطُول ذِكْرهُم.
رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وتَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، وأبو عليّ مُحَمَّد بن القَاسِم بن أبي نَصْر، وأبو مُحَمَّد عَبْد الرَّحمن بن عُثمان بن القَاسِم بن مَعْرُوف، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد الكَرَجيّ، وأبو أحْمَد عَبْد اللَّه بن بَكْر بن مُحَمَّد الطَّبَرَانِيّ، وأبو الحَسَن عليِّ بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَزيد الحَلَبِيّ، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد الغَفَّار البَعْلَبَكِّيّ، وأبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي كَامِل، وأبو حَفْص بن شَاهِين، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلامَة السّتِّيْنيّ، ومُحَمَّد بن يُوسُف الأَخْبَارِيّ، وجَمَاعَةٌ آخرونَ يَطُول ذِكْرهُم.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أبي المَعَالِي بن البَنَّاء الصُّوْفيّ بدِمَشْق، وأبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ بحَلَب، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عُبَيْدِ اللَّه بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر
الأنْبارِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم بن مَعْرُوف، قِراءَةً عليهِ في مَنْزِلهِ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى عَبْد اللَّه بن أبي مَسَرَّة المَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن الزُّبَيْر الحُمَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن شَابُور، عن أبي قَزَعَة، عن أبي الخَلِيل، عن أبي حَرْمَلَة، عن أبي قَتَادَةَ
(2)
: أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: صِيَامُ يَوْم عَرَفَة يُكَفِّر هذه السَّنَةَ والسَّنَةَ الّتي تليها، وصِيَامُ يوْم عَاشُوْراءَ يُكَفِّرُ سَنَةً.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ بدِمَشْق قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد طَاهِرُ بن سهل بن بشر الإسْفَرَاينِّي، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مَكِّيّ بن عُثْمان بن عَبْد اللَّهِ الأزْدِيّ المِصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحَسَن علي بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَزِيد الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحسَين بن مَنْصُور أبو علي البَغْدَاديّ بالرَّقَّة، قال: حَدَّثَنَا أبو الجَوَّاب، قال: حَدَّثَنَا عَمَّار بن رُزَيْق، عن مَنْصُور، عن الشَّعْبِّي، عن وَرَّادٍ كات المُغِيرَة
(3)
، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: إنَّ اللَّه يَنْهاكُم عن قِيْلٍ وقَال، وإضَاعة المالِ، وكَثْرة السُّؤَال.
قال أبو الحَسَن الحَلَبِيّ: تَفَرَّدَ بهِ عَمَّار بن رُزَيْق.
أخْبَرَنا زَيْن الأُمَناءِ أبو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّافِعيّ الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو العَشَاِئِر مُحَمَّد بن الخَلِيل القَيْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو
(1)
مشيخة أبي طاهر بن أبي الصقر 125 (رقم 51).
(2)
مسند الحافظ الحميدي 1: 205 (رقم 429)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 4:249.
(3)
مسند عبد بن حميد (المنتخب) 150 - 151 (رقم 391)، كتاب الأدب المفرد للبخاري 81 (رقم 297)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 11: 306 (رقم 6473).
القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي العَلَاء المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَنَا أَبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة، قال: حَدَّثَنَا صالح بن عليّ النَّوْفَليّ بحَلَب، قال: سَألْتُ النُّفَيْلِيّ عن تَفْضِيل أصْحَاب رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وجَرَى بينَهُ وبينَه كَلَامٌ، فقُلتُ: يا أبا جَعْفَر، فإنَّما أُريدُ أجْعَلك حُجَّةً بيني وبين اللَّهِ عز وجل، قال: ومَنْ أنا؟ قُلتُ: لَم أَرَ مثلك، قال: يا ابنَ أخي، فإنَّا نقُول: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبو بَكْر، ثمّ عُمَر، ثمّ عُثْمان، ثمّ عليّ. قُلتُ: يا أبا جَعْفَر، إنَّ أحْمَد بن حَنْبَل ويَعْقُوب بن كَعْب يقُولان: عُثْمان ويَقِفَان عن عليّ، قال: أخْطَآ جَمِيعًا، أدْرَكتُ النَّاسَ وأهْل السُّنَّة والجَمَاعَة على هذا.
أخْبَرَنا عَبْد اللَّه بن الحُسَين بن عَبْد اللَّهِ بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ
(1)
بانْتِخَابي عليه من أُصُول كُتُبه، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بن عليّ بن عَبْد اللَّهِ الصُّوْرِيّ الحافِظُ، قال: أَخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد القَيْسِيّ، قال: أخْبَرَنا خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة بن سُلَيمان بن هِزَّان بن سُلَيمان بن حَيَّان أبي النَّضْر، وسَمِعْتُه يَقُول: وُلدْتُ سَنَة خَمْسِين ومَائَتيْن. وسَمِعْتُه يَقُول: مَازِح عبَّاسُ بن الوَلِيدِ جَارِيَةً له، فدَفَعَتْهُ، فانْكَسَرَت رِجْلُهُ، فلم يُحَدِّثنا عشْرين يوْمًا، فكُنَّا نَلْقي الجَارِيَةَ ونقُولُ: حَسِيْبُك اللَّه كَما كَسَرْتِ رِجْل الشَّيْخ وأحْرَمتينا الحَدِيْثَ.
أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللَّهِ
(2)
، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة -ويُقال: خَيْثَمَةُ بن سُلَيمان بن الحُرّ بن حَيْدَرة- ابن سُلَيمان بن هِزَّان بن
(1)
الطيوريات 3: 1099.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 68 - 70.
سُلَيمان بن حَيَّان (a)، أبو الحَسَن القُرَشِيّ الأطْرَابُلُسِيّ، أحَدُ الثِّقَاتِ المُكْثِرين الرَّحَّالين في طَلَب الحَدِيْث. سَمِعَ بالشَّام واليَمَن وبَغْدَاد والكُوفَة ووَاسِط.
حَدَّثَ عن العبَّاسِ بن الوَلِيد بن الوَلِيد البَبْرُوتِيّ، ويَحْيَى بن أبي طَالِب جَعْفَر بن الزِّبْرَقَان، وأبي عُتْبَة الحَجِازِيّ، وأبي بَكْر الحُسَين بن مُحَمَّد بن أبي مَعْشَر، وإبْراهيم بن عَبْد اللَّه بن عُمَر القَصَّار، ومُحَمَّد بن عَبْد الحَكَم (b) القَنْطَرِيّ الرَّمْليّ، والحَسَن بن مُكْرَم، وأبي عُبَيْدَة السَّرِيّ بن يَحْيَى الكُوْفيّ، ومُحمَّد بن عَوْف الطَّائيّ، ومُحَمَّد بن عِيسَى بن حَيَّان المَدَائِنِيّ، وإسْحَاق بن سَيَّار النَّصِيْبِيّ، و [أبي] إسمَاعِيْل مُحَمَّد (c) بن إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ، وعُثْمان بن خُرَّزَاد، وعبد اللَّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، وعَبْد العَزِيْز بن مُعاوِيَة البَغْدَاديّ، وأبي عَبْد اللَّه أحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب، وأبي الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيمِ بن فِيْل، وأبي الحُسَين خَلَف بن مُحَمَّد بن عِيسَى كُرْدُوس، وأبي يَحْيَى بن أبي مسَرَّة، ومُحَمَّد بن مَسْلَمَة الوَاسِطِيّ، وأبي قِلَابَة الرَّقَاشِيّ، ويَعْقُوب بن يُوسُف القَزْوِينيّ، ومُحَمَّد بن غالب بن حَرْب تَمْتَام، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي العَوَّام الرِّياحِيّ، وعَبْد الكَريم بن الهَيْثَم، ومُحَمَّد بن سَعْد العَوْفِيّ، وأحْمَد بن حَازِم بن أبي غَرَزَة، وأبي عَوْف عبد الرَّحْمن بن مَرزُوق البُزُورِيّ، وعُبَيْد بن مُحَمَّد الكِشْوَرِيّ، وأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الحَميْد بن فَضَالَة؛ سَمِعَ منه بدِمَشْق، وأبي الوَلِيد بن بُرْد الأنْطَاكِيّ، وأحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الخنَاجِر، ومُحَمَّد بن عليّ بن زَيْد (d) الصَّائِغ، وأحمد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَمْزَة، وسُليْمان بن عَبْد الحَميْد (e) البَهْرَانِيّ، وأحمد بن المُعَلَّى بن يَزِيد، والحُسَين بن الحَكَم الحِيْرِيّ، وإسْحاق بن إبْراهيم الدَّبَرِيّ، وأبي قِرْصَافَة مُحَمَّد بن
(a) بعده في تاريخ ابن عساكر: ويقال: خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان بن دواد بن خيثمة.
(b) ابن عساكر: ابن الحكم.
(c) الأصل: وإسماعيل بن محمد.
(d) في نشرة ابن عساكر محرفًا: زبر.
(e) ابن عساكر: عبد الرحمن، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 12: 33 - 33، الكاشف 1: 397، ميزان الاعتدال 3: 313، تهذيب التهذيب 4: 205 - 206.
عَبدِ الوَهَّاب العَسْقَلانِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن مُوسَى القَرَاطِيْسِيّ عَلَّان الوَاسِطِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ الطَّبَريّ بِصُوْر، وأبي عليّ بن قِيْرَاط، ونَجِيْح بن إبْراهيم النَّخَعيّ، ومُوسَى بن عِيسَى بن المُنَذِر.
رَوَى عنهُ أبو عليّ مُحَمَّد بن القَاسِم بن أبي نَصْر، وأبو الحَسَن بن دَاوُد المُقْرِئ الدَّارَانِيّ، وعَبد الوَهَّاب الكِلَابيّ، وأبو بَكْر بن أبي الحَدِيْد، وأبو الحُسَين بن جُمَيْع، وتَمَّام بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، والحَسَن بن جُبَارَة الضَّرَّاب، وأبو عَبْد اللَّه بن أبي كَامِل، وأبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَلامَة السّتِّيْنيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إِدْرِيس الأنْمَاطِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن يُوسُف الأَخْبَارِيّ البَغْدَاديّ الأدِيْب، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الغَفَّار بن ذَكْوَان البَعْلَبَكِّيّ، وأحمدُ بن عَبْدِ اللَّه بن حُمَيْد بن زُرَيْق (a)، والقَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن يَزِيد الحَلَبِيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن لاو (b) الزّرَافِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عُبَيْد اللَّه الكَلاعِيّ، وأبو نَصْر عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن بندَار الهَمَذَانيّ (c)، وعبدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن أَيُّوبَ القَطَّان، وأبو حَفْص بن شَاهِين، وأبو بَكْر أحْمَد بن إبْراهيم بن تَمَّام بن حِبَّان (d) السَّكْسَكِيّ المُقْرِئ.
قال
(1)
: وذَكَرَ أبو عَبْد اللَّه بن أبي كَامِل أنَّ مَوْلدَهُ سَنَة خَمْسِين ومَائتَيْن.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُفُ بن مَحْمُود بن الحُسَين بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ
(2)
، قال: سَمِعْتُ النَّاهِضَ أبا الحَسَن عليّ بن يَحْيَى بن
(a) في تاريخ ابن عساكر: رزيق، بتقديم الراء، وانظر ترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 8:697.
(b) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر هنا، وفي ترجمته عند ابن عساكر 54: 123: لاوي.
(c) ابن عساكر: الهمداني، بالدال المهملة.
(d) كذا في الأصل بالموحدة، وكد ابن عساكر: حيَّان، وفي موضع آخر منه (32: 326) بالباء كالمثبت، وانظر ترجمته في تاريخ الإسلام 8:515.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 70.
(2)
السلفي: معجم السفر 260 - 261.
هِبَة اللَّه الكُتَامِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة يَقُول: حَكَى -يَعْني: أبا حَامِد المُفَضَّل بن عُبَيْد اللَّهِ بن المُرَطّلِ الطَّرابُلُسِيّ بها- أنَّ خَيْثَمَة كان يَشْهَد بطَرابُلُس، قال: ولمَّا عَلا سِنُّه امْتَنع من حُضُور مَجْلِسِ القَاضِي، فوَرَد أمْرُ السُّلْطانِ بأنْ يَحْضُر القَاضِي الجَامعَ، ويَحْضُر خَيْثَمَة عندَهُ هناكَ فيُؤدِّي شَهادَتَهُ، قال: وكان خَيْثَمَةُ يَقُول: إذا رأَيْت أصْحَابَ الخُلْقانِ الغُرَبَاءَ هِبْتُهم؛ فالعِلْمُ عندَهُم وتحتَ خُلْقَانهم.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَرَج غَيْث بن عليّ: سَألتُ أبا بَكْر الخَطِيبَ
(2)
عن خَيْثَمَة بن سُلَيمان الأطْرَابُلُسِيّ، فقال: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. قُلتُ: يُقالُ إنَّهُ كَان يَتَشَيَّعُ! قال: ما أدْري غير أنَّهُ جَمَعَ (a) فَضَائِل الصَّحَابَة؛ لَم يَخُصّ واحدًا عن الآخر.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ إجَازَةً، وأخْبَرَنا أبي عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل المَقْدِسِيّ، ح.
وأخْبَرَنا به عَاليًا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد اللَّه الرُّهَاوِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا أبو مَسْعُود عبد الرَّحيم بن أبي الوَفَاء بن أبي طَالِب الحَاجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ بن الحَسَن الشَّيْزَرِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن أبي كَامِل بأطْرَابُلُس الشَّام، قال: سَمِعْتُ خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرة يَقُول: رَكِبْتُ في البَحْر وقصَدْتْ جَبَلَة أسْمَعُ من يُوسُفَ بن
(a) ابن عساكر: قد جمع.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 73.
(2)
لم أقف عليه في كتب الخطيب البغدادي.
بَحْر، وخَرَجْتُ منها أُرِيْدُ أنْطَاكِيَة لأسْمَعَ من يُوسُفَ بن سَعيْد بن المُسَلَّم، فلَقِيَنا مَرْكبٌ من مَرَاكب العَدُوّ، فقَاتَلناهُم، وكُنْتُ ممَّن قَاتَل، فسَلَّم (a) المَرْكب قَوْمٌ من مُقَدَّمه، فأخذُوني فضَرَبُوني ضَرْبًا وجِيْعًا، وكَتَبُوا أسْماءَ الأسْرَى، فقالوا لي: اسْمُكَ؟ قُلْتُ: خَيْثَمَة، قالوا: ابن مَنْ؟ قُلتُ: ابن حَيْدَرة، فقال: اكتُب حِمَار ابن حِمَار. قال: فلمَّا ضَرَبُوني سَكِرْتُ ونمْتُ، فرَأيْتُ في النَّوْمِ كأنِّي في الآخرة، وكأنِّي أَنْظُر إلى الجَنَّة وعلى بابها حُور العِيْن جَمَاعَةٌ يَتَلَاعَبْن، فقالت إحْدَيهُنَّ لي: يا شَقيّ، أيْش فَاتَكَ؟ فقالت الأُخْرى: أيَّ شيءٍ فَاتَهُ؟ قالت: لو كان قُتِلَ مع أصْحَابهِ كان في الجَنَّة مع حُور العِيْن، قالت لها الأُخْرى: يا فُلَانَة، لئنْ يَرزقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ في عزٍّ من الإسْلَام وذُلٍّ من الشِّرْك خَيْرٌ من أنْ يَرْزقَهُ في ذُلٍّ من الإسْلَام وعِزٍّ من الشِّرْك، ثمّ انْتَبهتُ وجُعِلْت في الأَسْر، فرَأيْتُ في بَعْض اللَّيالِي في مَنَامي كأنَّ قَائلًا يقُول لي: إقْرأ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ، فقَرَأتُها إلى أنْ بَلَغْتُ:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}
(1)
، قال: فانْتَبَهْتُ فعَدَدْتُ من لَيْلَةِ الرُّؤْيا أرْبَعَة أشْهُر، ففَكَّ اللَّهُ تعالَى أَسْرِي (b).
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَيْر
خَيْرُ بن عليّ، أبو الفَرَج الطَّرَسُوسِيُّ المَعْرُوف بالرَّسُول
(2)
وعُرِفَ بالرَّسُول لأنَّهُ أُرْسِل من طَرَسُوس إلى خُرَاسَان مُسْتَنْفرًا.
(a) الأصل: فسلموا، وكتب ابن العديم فوقه:"صـ"، والمثبت من ابن عساكر 17:71.
(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر، وكامل الصفحة التي تليها.
_________
(1)
سورة التوبة، الآية 2.
(2)
توفي سنة 390 هـ، وترجمته في: القند في ذكر علماء سمرقند للنسفي 145، وساق نسبه: أبو الفرج خير بن علي بن إدريس بن الفضل بن محمد بن علي بن يحيى بن إدريس بن الحسن بن محمد الطرسوسي.
رَوَى عن مُحَمَّد بن هَارُون الطّزَرِيّ (a)، رَوَى عنهُ أبو سَعْد عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن إِدْرِيس الحافِظُ الإِسْتِرَابَاذِيّ، وذَكَرَهُ في تاريْخ سَمَرْقَنْد
(1)
، فقال: خَيْر بن عليّ، أبو الفَرَج الطَّرَسُوسِيّ، يُعْرَفُ بالرَّسُول، قَدِمَ علينا سَمَرْقَنْد مُسْتَنفرًا. كان أُمِّيًا سَاذِجًا، حَدَّثَنَا بحَدِيث
(2)
وحِكايَةٍ عن مُحَمَّد بن هَارُون بن القَاسِم الطَّزَرِيّ (b)، شَيْخ كَتَبَ عنهُ بطَرَسُوس. وماتَ خَيْرٌ هذا بسَمَرْقَنْد سَنَة تِسْعين وثَلاثِمائة
(3)
.
خَيْرُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَوَارِيّ، أبو بِشْر العَمِيْد المَعَرِّيُّ
شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، وقد ذَكَرْناهُ في الكُنَى
(4)
أيضًا لأنَّهُ مَشْهُور بالكُنْيَة.
قَرَأتُ في كتاب نُزْهَة النَّاظِر، تأليف الكَمَال عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي بن المُهَنَّا المَعَرِّيّ، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ الأجَلُّ أبو مَنْصُور المُؤيَّد بن أحْمَدَ بن الحَوَارِيّ لعَمِّه أبي بِشْر خَيْر بن مُحَمَّد بن الحَوَارِيّ المَعَرِّيّ، وقد وَقَفَ على دَاره بعد خَرَاب المَعَرَّة، فنَفَرَ منها ثَعْلَبٌ:[من البسيط]
أهذه بين إنْكَاري وعِرْفَانِي
…
مَسَاربُ الوَحْشِ أم دَارِي وأوْطَانِي
(a) كذا في الأصل مجودًا، في هذا الموضع وتاليه، وعد ابن ناصر الدين (توضيح المشتبه 6: 26) بتقديم الراء، وفيه:"بضم أوله وسكون الراء وكسر الزاي، نسبة إلى طرز: موضع بخراسان، منه محمد بن هارون الطرزي". ولم ترد هذه النسبة على الوجهين عند السمعاني.
(b) كذا في الأصل، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
تاريخ سمرقند للإدريسي في حكم الضائع، وانظر قريبًا من كلامه في كتاب القند للنسفي 145.
(2)
انظر الحديث في كتاب القند للنسفي.
(3)
أرخ النسفي وفاته بعد هذه السنة. القند 145.
(4)
لم يورده في كتاب الكنى، غير أنه ترجم له بمثل ترجمته هذه في اسم: الحواري بن محمد، انظر فيما تقدم الجزء السادس.
جَهِلْتُها ولقد أبْدَتْ مَلَاعِبُها
…
عَهْدَ الصِّبَا بين إِخْوَاني وخُلَّاني
فَعُجْتُ أَسْألُها والدَّمْعُ مُنْسَكبٌ
…
والقَلْبُ من لَوْعَةٍ وجْدًا بها عَانِ
يا دَارُ مالي وللأيّامِ قد حَكَمَتْ
…
فيْنا وفيكِ بحُكْم الجَائِرِ الجَانِي
فلو أجابَتْ لقالَتْ: هكذا فَعَلَتْ
…
قدمًا بجِيْرةِ نَعْمَان ونُعْمَانِ
وفي مَدَائن نُوشرْوَان مُعْتَبَرٌ
…
للسَّائليْنَ وفي سَيْفٍ وغُمْدَانِ
فاذْهَبْ لشَأنِكَ فالدُّنْيا لها دُوَلٌ
…
تَمْضِي وتَأتِي وكُلٌّ بينها فَانِ
حَرْفُ الدَّال
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ دَاوُد
دَاوُدُ بن إيْشَاي بن عُوبِذَ بن بَاعَزَ بن سَلْمُون بن نَحْشُون بن عويْنَادِب بن أرَمَ بن حَصْرون بن فَارِصَ بن يَهُوذا بن يَعْقُوبَ بن إسْحَاق بن إبْراهيم صلى الله عليه وسلم
(1)
وقيل: هو دَاوُد بن زَكَرِيَّاء بن بشوي.
وقَرأتُ بخَطِّ بعض العُلَمَاءِ بالنَّسَب أنَّهُ دَاوُد بن أشِي بن عُوبِذَ بن بَاعَزَ بن
(1)
ترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 17 - 20، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 200 - 201، 2: 65، 312، 3: 153، 156، 4: 31، المحبر لابن حبيب 1، 5، المعارف لابن قتيبة 45 - 46، تاريخ الطبري 1: 476 - 485، وله ذكر في خبر آدم عليه السلام 1: 156 وما بعدها، الأزدي: تاريخ الموصل 179، 233، المسعودي: مروج الذهب 1: 61 - 69، 2: 245، 387، 416، التنبيه 113، 128، 198 - 200، 208، 213، دلائل النبوة لأبي نعيم 519 - 521، تاريخ ابن عساكر 17: 80 - 109، ابن الأثير: الكامل 1: 50، 51، 219 - 339، 336، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 156 - 180، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 8: 105 - 142، ابن كثير: البداية والنهاية 2: 9 - 18، 6: 285 - 288، ابن خلدون: العبر 3: 225 - 229 (وفيه سياقة اسمه مضبوطًا على طريقته في ضبط رسم الأسماء غير العربية) وانظر مشجر نسب سليمان بن داود في العبر 3: 234 - 235، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 190 - 198.
سَلْمُون بن نُحْسُون بن عَمِّي نَادِب بن رَام بن حَضْرُون بن فَارِص بن يَهُوذا بن يَعْقُوب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
ودَفَعَ إليَّ شَيْخُنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الجَزَرِيّ المَوْصِلِيّ جُزْءًا بخَطِّ شَيْخه عُثْمان بن جَلْدَك المَوْصِلِيّ، ذَكَرَ فيه تَعَالِيْق كَتَبَها من أبي مُحَمَّد الفَارِس، وقال: كان قِسِّيْسًا وأسْلَم على يَد المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن أَيُّوب.
قال لي شَيْخُنا أبو الحَسَن: وقال لي عُثْمان بن جَلْدَك: كان أبو مُحَمَّد الفَارِس عَالِمًا بالكُتُب المُتَقدِّمة، وأخْبَارِ الأوَائِل، فقَرأتُ بخَطِّ عُثْمان بن جَلْدَك، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ الجلَيْل أبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ اللَّه النَّاصِرِيّ المَعْرُوف بالفَارِس، الّذي كان قِسِّيْسًا للفِرِنْج، بقِرَاءَتي عليه بدِمَشْق، يقُول وذَكَر فيما ذَكَر هذا النَّسَبَ لدَاوُد بهذا الضَّبْط: دَوُد بن إيْشَاي بن عُوبِيْذ -وضَبَطَهُ أيضًا عُوبِذ- ابن بُوْعَزَ بن سَلْمُون بن عَمِّيْنَاذَاب بن أرَم بن حَصْرُون بن فَارِصَ بن يَهُوذا بن يَعْقُوبَ بن إسْحَاقَ بن إبْراهيم عليهم السلام.
وذَكَرَ أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن القَاسِم التَّمِيْمِيّ النَّسَّابَةُ في كتاب القَرْعِ والشَّجْر
(1)
، وقد عَدَّ مُلُوك حِمْيَر والسَّوَادِ، أنَّهُ: دَاوُد بن إشِّي بن عَمِّيْنَانب بن حُصْرُون، وكان دَاوُد نَبيُّ اللَّه وخَليْفَتُه في أرْضهِ، ورَّثه اللَّهُ نُبُوَّة شَمْويل ومُلْكَ طَالُوتَ.
وقَرَأتُ في تاريخٍ وَقَعَ إليَّ لبعض الأوَائِل أنَّ دَاوُد صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مع طَالُوت في جَيْشهِ، وأنَّهم حَاصَرُوا مَدِينَة حَلَب حتَّى نَزَل إليهم المَلِكُ الّذي كان بها وأطَاع طَالُوتَ.
(1)
تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الرابع، وسبقت الإشارة إلى أن ابن العديم قيَّده بالقاف حيثما يرد بخلاف بقية المصادر التي ذكرته وورد فيها بالفاء: الفرع.
وقيل: إنَّ مَشْهَد بَرْصَايَا بأرْض كَفر شِيْغَال من ناحية عَزَاز، في الجَبَل المُطِلِّ على عَزَاز، هو مَوضِعُ مَقَامِ دَاوُد عليه السلام ومُتَعبَّدُه
(1)
.
أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن الدَّامَغَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد السِّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر -يعني: ابن بَكَّار- قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن عليّ بن المُغِيرَة، عن هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب، عن أَبِيهِ، قال: أوَّل نَبيّ بَعَثَهُ اللَّه تبارك وتعالى في الأَرْض إِدْرِيس، ثمّ ذَكَرَ الأنْبِياء إلى أيُّوب، قال: ثمّ الخَضِر وهو خَضِرُون ثمّ دَاوُد بن إيْشَا ثُمَّ [. . .](a). واقْتَصَّ بَقِيَّة الأنْبِياء على ما ذكرناه بهذا الإسْنَاد في تَرْجَمَةِ إبْراهيم صَلَّى اللَّهُ عليه
(2)
.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود السَّاوِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو العَلَاءُ بن عَبْد المَلِك بن مَنْصُور بن أحْمَد بن قَيْس بن نَصْرَان البَزَّار (b) بنهَاوَنْد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن خُرْجَة القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب المُفِيد بجَرْجَرَايا، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد عليّ بن الحُسَين بن مُحَمَّد الخَلَنْجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن صالح التَّمِيْمِيِّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن عَبْد الكَريم الصَّنْعانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن مَعْقِل، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: أنْزَلَ اللَّه تعالَى على دَاوُد عليه السلام الزَّبُور مائةَ مَزْمُور.
(a) موضع ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وتقدم لابن العديم إيراد هذه الرواية بأوسع مما هنا في ترجمته للخضر عليه السلام في هذا الجزء، لكنه وقف فيها عند هذا الموضع، أي عند ذكر داود بن إيشا.
(b) السلفي: البزاز، والمثبت موافق لما قيده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1:488.
_________
(1)
انظر كلام ابن العديم على مشهد برصايا وكفر شيغال عند ذكر جبل برصايا فيما تقدم (الجزء الأول).
(2)
ترجمة إبراهيم عليه السلام في الضائع من أجزاء الكتاب.
(3)
معجم السفر 312 - 313.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد اللَّه العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَمُّوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو -يعني: ابن دِيْنار- عن عَمْرو بن أَوْس، عن عَبْد اللَّه بن عَمْرو يَرْفعُه، قال: أَحَبّ الصِّيَام إلى اللَّه صِيَام دَاوُد، كان يَصُوم يوْمًا ويُفطِر يَوْمًا، وأحَبّ الصَّلاة إلى اللَّه صَلَاة دَاوُد كان يُصَلِّي نِصْفًا، ويَنَام ثُلثًا، ويُسَبّح سُدُسًا.
قال أبو مُحَمَّد
(2)
: هذا اللَّفْظ الأخير غَلَطٌ أو خَطأ؛ وإنَّما هو أنَّهُ كان ينَام نصْف اللَّيْل، ويُصَلِّي ثُلُثَهُ، ويُسَبّح تَسْبِيحَهُ.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحمّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ هِبَةُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا بِشْر بن مُعَاذ العَقَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن يَحْيَى الأَبَجّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مِيْنَا، عن عَبْدِ اللَّه بن عَمْرو بن العَاصِ
(3)
، قال: قُلتُ: يا رسُول اللَّهِ، إنِّي رَجُل أسْرُدُ الصَّوْم؛ أفأصُوم الدَّهْرَ؟ قال: لا، قُلتُ: فأصُوم يَوْمَيْن وأُفْطِرِ يَوْمًا؟ قال: لا، قال: فجعلْتُ أُناقِصُه حتَّى قال لي: صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ؛ كان يَصُوم يوْمًا ويُفْطِر يَوْمًا.
أخْبَرَنا أبو صَادِق الحَسَنُ بن يَحْيَى بن صَبَّاح بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن رِفَاعَة بن غَدِير، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الخِلْعِيّ، قال:
(1)
سنن الدارمي 2: 20، وأخرجه مسلم في صحيحه 2: 816 (رقم 189)، والبخاري (فتح الباري) 6: 455 (رقم 3420)، والنسائي في سننه 4: 198 (رقم 2344).
(2)
سنن الدارمي 2: 20.
(3)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري 6: 454 (رقم 3419).
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن مُحَمَّد بن سَعيد البَزَّاز (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَمْرو المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيانُ، عن عَمْرو بن دِيْنارٍ، عن عَمْرو بن أَوْس، عن عَبْد اللَّه بن عَمْرو بن العَاصِ
(1)
، قال: قال لي رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، وأحبُّ الصِّيَام إلى اللَّه صِيَامُ دَاوُد؛ كان يَنَامُ نصْفَ اللَّيْل، ويقُوم ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، قال: وكان يَصُوم يَوْمًا ويُفْطِرُ يَوْمًا.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سَعْدَان الفَنَاكتيّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحُسَين بن مَسْعُود البَغَويّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن أحْمَد المَلِيْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَمْعَان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الجَبَّار الرَّيَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْد بن زَنْجُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيانُ بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو بن دِيْنار، عن عَمْرو بن أَوْس، عن عَبْدِ اللَّه بن عَمْرو
(3)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أحبَّ الصِّيَام إلى اللَّهِ صِيَام دَاوُد، وأحبَّ الصَّلاة إلى اللَّهِ صَلاة دَاوُد، كان يَصُوم يَوْمًا ويُفْطِر يَوْمًا، وكان يَنام نصْفَ اللَّيْل، ويَقُوم ثُلُثَهُ، ويَنَام سُدُسَهُ.
(a) الأصل: البزار، وهو بزايين في الإكمال لابن ماكولا 7: 373، وتاريخ الإسلام 9: 270، وسير أعلام النبلاء 17: 313 - 314.
_________
(1)
صحيح مسلم 2: 816 (رقم 189)، فتح الباري 3: 16 (رقم 1131)، 6: 455 (رقم 3420)، سنن النسائي 4: 198 (رقم 2344)، صحيح ابن حبان 6: 325 (رقم 2590).
(2)
كذا نسبه في الأصل، ولم أقف على هذه النسبة، ولعل الصواب بدون التاء: الفناكي، وهي نسبة لم أقف على اشتقاقها، يُنسب إليها جماعة من الفقهاء والمحدثين.
(3)
تخريجه في الذي تقدم قبله.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل العبَّاسيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جَعْفَر الخُلْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن خِدَام البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر أحْمَد بن الحَسَن بن الحُسَين المَرَاجِليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ أحْمَد بن أَحْيَد بن حَمْدَان بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن غالب القَطَّانُ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عبد الرَّحْمن المَخْزُوميّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن عَمْرو بن دِيْنارٍ، عن عَمْرو بن أَوْس، عن عَبْد اللَّه بن عَمْرو بن العَاص رضي الله عنهما
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، كان يَنام نصْفَ اللَّيْل، ويقُومُ ثُلُثَهُ، ويَنَام سُدُسَهُ، وأحَبُّ الصِّيَام إلى اللَّهِ صيَام دَاوُد؛ كان يَصُوم يَوْمًا ويُفْطِر يَوْمًا.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عليّ بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن يَحْيَى السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن عَبْدِ اللَّه التَّرْقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَسَرَة (a) بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُسْلِم، عن عَمْرو بن دِيْنارٍ، قال: سَمِعْتُ عَمْرو بن أَوْس، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بن عَمْرو يقُول
(3)
: إنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ خَيْر الصِّيَام صِيَام دَاوُد، وكان يَصُومُ نصْفَ الدَّهْر، وخَيْر الصَّلاةِ صَلَاة دَاوُد، كان يَرْقُدُ نصْفَ اللَّيْل، ويُصَلِّي آخر اللَّيْل حتَّى إذا بقي سُدسُ اللَّيْل رَقَد.
(a) مهملة في الأصل، وتقدم في بعض المواضع بالباء الموحدة: بُسرة، وصوابه المثبت. انظر ابن ماكولا 7: 425، وابن عساكر 15: 32، تقريب التهذيب 2: 374، وتقدم التعليق عليه في الجزء السادس.
_________
(1)
وردت هذه الرواية في الأصل بعد التي تليها، فقُدِّمت بإشارة المؤلف.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
صحيح مسلم 2: 816 (رقم 190)، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 17:87.
أخْبَرَنا أبو صَادِق الحَسَن بن يَحْيَى بن صَبَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ اللَّه بن رِفَاعَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخِلْعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن مُحَمَّد بن سَعيدَ البَزَّازُ (a)، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَمْرو المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبو مُوسَى يُونُس بن عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْر، قال: حَدَّثَني اللَّيْثُ، عن خَالِد بن يَزِيد، عن سَعيد بن أبي هِلالٍ، عن ابن شِهَاب أنَّ سَعيد بن المُسَيَّب وأبا سَلَمَة بن عبد الرَّحْمن حَدَّثاهُ عن عَبْدِ اللَّه بن عَمْرو بن العَاص
(1)
، قال: أُخْبِر رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنِّي أقُول: لأصُوْمنَّ الدَّهْرَ، ولأقُومنَّ اللَّيْلَ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أنْتَ الّذي يقُول: لأصُومنَّ الدَّهْرَ، ولأقُومنَّ اللَّيْلَ؟ فقال: قد قُلتُ ذلك يا رسُول اللَّه، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّكَ لن تَسْتَطِيعَ ذلك، فأفطر، وقُم ونَم وصُم من الشَّهْرِ ثلاثة أيَّام؛ فإنَّ الحَسَنةَ بعَشْر أمْثَالها؛ ذلك مثل صِيَامِ الدَّهْر، قال: قُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ منِ ذلك؟ قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صُمْ يَوْمًا وأفطر يَوْمًا، ذلك صِيَام دَاوُدَ، وهو أعْدَلُ الصِّيَام، قُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ من ذلك، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا أفْضَلَ من ذلك.
قال مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ في هذا الحَدِيْث: الصَّوَابُ اللَّيْث، عن عُقَيْلٍ، عن الزُّهْرِيّ.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ في المَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر المُقْرِئ
(a) الأصل: البزار، وتقدم التعليق عليه ويرد صحيحًا فيما يلي.
_________
(1)
مسند ابن حنبل 11: 37 - 38 (رقم 6760).
الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسحاق إبْراهيم بن أحْمَد بن الحَسَن بن مِهْرَان القِرْمِيْسِينِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن أبي يَحْيَى، عن صَفْوَان بن سُلَيم، عن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عن عُمَر بن الخَطَّاب
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أفْضَلُ الصِّيَام صِيَام دَاوُد، ومَنْ صَامَ الدَّهْر كُلَّهُ فقد وَهَبَ نَفْسَهُ للَّه.
أخْبَرَنا أبو صَادِق بن صَبَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن رِفَاعَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخِلْعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن مُحَمَّد بن سَعيد المالِكِيّ البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَمْرو المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن عَبْد الأعْلَى، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بن عَيَّاشٍ القِتْبَانِيّ، عن يَزِيد بن قُوْدَر (a)، عن كَعْب، قال: كان دَاوُد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ يَوْمًا ويُفْطِرُ يَوْمًا، فإذا وافَق صَوْمه يَوْم الجُمُعَة أعْظَمَ فيه الصَّدَقَة، ويقُول: إنَّ صِيَامَهُ يَعْدلُ صيَام خَمْسِين ألفَ سَنَة كطُول يَوْم القِيامَة، قال: وكذلك سَائِرُ الأعْمَال تُضَاعف فيه.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن، وأبو العبَّاسِ أحْمَد ابْنَا عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيّانِ الحَلَبِيَّان، قالا: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي الحَسَن المَسْعُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَيْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر المُقَدِّر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إسحَاق، ح.
(a) في الأصل: قرذر، والمثبت من المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي 1: 408، الإكمال لابن ماكولا 4: 424، ونصَّا على أنه بدال مهملة، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1:520.
_________
(1)
كنز العمال للمتقي الهندي 8: 558 (رقم 24160).
قال المَسْعُودِيُّ: وأخْبَرَنا أبو المَحَاسِن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن غَانِم الغَانِميّ بهَرَاة، وأبو النَّجِيْب سَعْدُ بن عَبْدِ اللَّه بن الحُسَين المَرْو الرُّوْذي، وأبو مَنْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه بن شَهْرَدَار الدَّيْلَمِيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد المُوسِيَابَاذِيّ، بقِرَاءَتي عليهم بهَمَذَان، وأبو زُرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، بقِرَاءَتي عليهِ بخَيْبَر، قالُوا جَمِيعًا: أخْبرَنا الإمَامُ أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن خَلَف الشِّيْرَازيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أَبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَش الزِّيَادِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن الحَسَن بن الخَلِيل القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن يُوسُف السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق بن هَمَّام بن نَافِع الحِمْيَرِيّ، عن مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّهٍ، قال: هذا ما حَدَّثَنَا أبو هُرَيْرَة عن مُحَمَّد رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ أَحَادِيْث وقال: وقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: خُفِّفَ على دَاوُد القُرْآن، فكان يأمُر بدَوَابِّهِ تُسْرج، فكان يَقْرأ القُرْآن من قَبْل أنْ تُسْرَج دَابَّتهُ، وكان لا يَأكُلُ إلَّا من عَمل يَدَيهِ.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُكْرَم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة التَّاجرُ بدَارِيَّا، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد الشِّيْرَازيّ، وأُمُّ الفَضْل كَرِيْمَةُ بنتُ عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن الخَضِر القُرَشِيّ بدِمَشْق، قالُوا: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَهُ بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أَبو القَاسِم عليَّ بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو إسحاق مُحَمَّد بن أبي ثَابِت، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَمَّاد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّه، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: خُفِّف على دَاوُد القْرْآن، فكان يأمُر بدَوابِّهِ فتُسْرَج، فيَقْرأ القُرْآن قَبْل أنْ تُسْرَج، وكان لا يَأكُل إلَّا من عَمل يَدِه.
(1)
السنن الكبرى للبيهقي 6: 127، فتح الباري 6: 453 (رقم 3417)، كنز العمال 11: 493 (رقم 32321).
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتبِة شُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه الحُسَينُ بن أحْمَد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن أبي بِشْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالح، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: سَمِعْتُ أبي، قال: قال وَهْبُ بن مُنَبِّه: كان دَاوُد إذا قَرأ القُرْآن لَم يَسْمَعْهُ شيء إلَّا حَجَل كهَيْئَةِ الرَّقْص.
وقال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن أبي بِشْرٍ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْدِ اللَّه، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عُرْوَة، عن أَبِيهِ، قال: كان دَاوُد النَّبِيّ عليه السلام يَعْمل القُفَّة من الخُوْص ثمّ يَبْعثُ بها فيَبِيْعُها وهو على المِنْبَر ويَأكُلُ منها.
وقال: حَدَّثَنَا إسْحاق، قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: وحَدَّثَنَا أبو الأحْوَصِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن خَالِد الخَيَّاط، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن صالِح، عن أبي الزَّاهِرِيَّةِ، قال: كان دَاوُد يَعْمل القفَاف، ثمّ يَبيعُها، ويَأكُل ثَمَنها وهو مُوَسَّعٌ عليهِ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الشِّيْرُوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد القَاينِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الجَوْزَقيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل الجُلُودِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قالا: حَدَّثَنَا الأشْجَعِيُّ، عن سُفْيان، عن عَبْدِ اللَّه،
(a) الأصل: قال.
عن نَافِعٍ، عن ابن عُمَر
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كان النَّاسُ يَعُودُونَ دَاوُدَ يَظنُّونَ أنَّ به مَرَضًا وما به إلَّا شِدَّةُ الخَوْف من اللَّهِ عز وجل.
أخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا مَنْصُور بن مُحَمَّد المَسْعُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن أحْمَد الخُزَاعِيّ بمَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد الشِّيْرنَخْشِيْرِيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عُمَر بن مُحَمَّد بن أحْمَد الشَّعْرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد بن مُصْعَب، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نُعَيْم بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا ابن المُبارَك، قال: حَدَّثَنَا ابنُ لَهِيْعَة، عن خَالِد بن يَزِيد، عن سَعيد بن أبي هِلالٍ أنَّ دَاوُدَ النَّبِيّ عليه السلام كان يَعُودُهُ النَّاسُ ما يظنُّونَ إلَّا أنَّهُ مَرِيْضٌ، وما به إلَّا شِدَّة الفَرَق من اللَّه تعالَى.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ اللَّه بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن كَرَوَّس السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيهُ نَصْرُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد بن عليّ الأمْلُوكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ العَتَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن فِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو الجَارُوْد مَسْعُود بن مُحَمَّد الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا عِمْران بن هَارُون، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن لَهِيْعَة، عن عبد الرَّحْمن بن هُرْمُز الأعْرَج، عن أبي هُرَيْرَة
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لمَّا بنى دَاوُد عليه السلام بَيْتَ المَقْدِس، بنى المِحْرَابَ أعْلَى من المَسْجِد، وأوْحى اللَّهُ عز وجل إليه: يا دَاوُد، بنيْتَ لك بَيْتًا، وَلي بَيْتًا، فَجَعَلْتَ بيتَكَ فَوْق بَيْتي! ولكن مَنْ مَلَكَ اسْتَأثر يا دَاوُد.
(1)
حلية الأولياء لأبي نعيم 7: 137، الفردوس لشيرويه الديلمي 3: 270 (رقم 4808)، فيض القدير للمناوي 4: 544 (رقم 6206)، كنز العمال 11: 493 (رقم 32324).
(2)
لم أقف على تخريجه، وانظره من حديث رافع بن عمير في المعجم الكبير للطبراني 5: 24، وحلية الأولياء 5:246.
قُلْتُ: زُرْتُ بُرْج المِحْرَاب الّذي من بناء دَاوُد، وكان بُرْجًا عَظيْمًا بحِجَارَة عَظِيمَة هَائِلَة، وكان ثلاث طَبَقَات والمِحْرَاب في الطَّبَقَةِ الوُسْطَى، وكان شَاهِقًا، وكان عَاليًا على المَسْجِد وعلى جمِيعِ أبْنيةِ البَيْت المُقَدَّس، وهَدَمَهُ المَلِكُ النَّاصِر دَاوُد ابن المَلِك المُعَظَّم في سَنَة سِبْعٍ وثَلاثين وسِتّمائة، وحَصَرْتُ في البَيْت المُقَدَّس وَقْتَ هَدْمه
(1)
، وكُنْتُ مُتَوجِّهًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة في رِسَالَةٍ.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللَّه بن المُقَيَّر بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن عليّ إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بِن سَعيد الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق، قال حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ أبو يَعْقُوب النَّحْوِيّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ القَطَّانُ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ - هو ابنُ عِيسَى العَطَّارُ- قال: أخْبَرَنا إسْحاقُ -يعني ابن بِشْر- قال: وأخْبَرَنا سَعيد بن بَشِير، عن قَتَادَةَ، عن الحَسَن، قال: قال دَاوُد لبني إِسْرَائيِل حين مَلَكَ: واللَّه لأَعْدلنَّ عليكم، فلَم يَسْتَثْنِ فابْتُلي.
أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم، قال: أخْبرتْنا الكَاتبِةُ شُهْدَةُ بنت أحْمَد بن الفَرَج بن الإِبَرِيّ، قالت (a): أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا أَبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سَلْمَان النَّجَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشِير الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَجِيْد المَكِّيّ، عن أَبِيهِ، عن صَدَقَة بن يَسَارٍ، قال: بينا دَاوُد عليه السلام في مِحْرَابهِ، إذ مرَّت به دُرَّةٌ (b) فنَظَر إليها، وفَكَّر في خَلْقها، وعَجِبَ منها، وقال: ما يَعْبَأُ
(a) الأصل: قال.
(b) كذا في الأصل مجودًا، ومثله في كتاب ابن أبي الدنيا، ولعله: ذَرَّةٌ، واحدة الذَّرّ وهو النمل الأحمر الصغير.
_________
(1)
انظر في أسباب هدم محراب داود: السلوك للمقريزي 1/ 2: 291.
(2)
ابن أبي الدنيا: كتاب الشكر 22.
اللَّه بهذه، قال: فأنْطَقَها اللَّهُ عز وجل فقالت: يا دَاوُد، أَتُعجبُكَ نَفْسُكَ؟ فوالّذي نَفْسِي بيَدِهِ لأنا على ما آتاني اللَّهُ من فَضْلهِ أَشْكُر منكَ على ما آتاكَ اللَّه من فَضْلهِ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن مَحْمُود بن المُبارَك بن الأخْضَر إجَازَةً، وأخْبَرَنا عنه سَمَاعًا أبو المُظَفَّر يُوسُف بن زُغْلِي (a) بنِ عَبْد اللَّه الوَاعِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَدُ بن أحْمد بن عليّ الخَزَّازُ (b)، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا أبو هِشَام، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين -وهو زَيْدُ بن الحُبَابِ العُكْلِيّ- قال: حَدَّثَني أبو كَعْب، عن بَكْر بن عَبْدِ اللَّه المُزَنِيّ، قال: قال دَاوُد: يا رَبّ، اغْفِر لي ومَنْ أكْثَرُ ذِكْرًا للَّهِ منِّي، وقامَ على صَخْرة إلى جَنْب نَهْر حتَّى أصْبَح، فنادَاهُ ضِفْدعٌ: يا دَاوُد، أَتَمُنُّ على اللَّهِ وأنا ضِفْدَعٌ أُسَبّحُ اللَّه اللَّيْلَ والنَّهَار من خَشْيَته، فنَظَر فإذا هي قائمةٌ على الماء، قال: رَبّ، اغْفِر لي، فإنَّ نِعْمتكَ عليَّ أكْثَرُ من ذِكْري لك.
أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه بن إبْراهيم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ ابن الإِبَرِيّ، قالت: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن عَبْدِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حَدَّثَنى خَالِد بن مَحْدُوج أبو رَوْح، قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بن مَالِك يَقُول: إنَّ دَاوُدَ نَبيَّ اللَّه عليه السلام ظَنَّ في نَفْسِه أنَّ أحدًا لم يَمْدَح خَالِقَهُ أفْضَلَ ممَّا مَدَحَهُ، وإنَّ مَلَكًا نَزَل وهو قاعدٌ في المِحْرَابِ والبِرْكةُ إلى جَنْبهِ، فقال: يا دَاوُد،
(a) الأصل: زعلي، وتقدم التعليق عليه في الجزء الخامس، ولم ترد الرواية أعلاه في كتابه مرآة الزمان، وفيه رواية غير مسندة تتصل بتسبيحه وتسبيح الضفدع، انظر مرآة الزمان 2:159.
(b) كذا قيده في الأصل بزايين، وهو عند الذهبي: الخراز، انظر: تاريخ الإسلام 12: 41، سير أعلام النبلاء 20:327.
_________
(1)
كتاب الشكر لابن أبي الدنيا 22.
افْهَمْ إلى ما تُصَوِّتُ بهِ الضِّفْدَعُ، فأنْصَتَ دَاوُد، فإذا الضِّفْدَعُ تَمْدحُهُ بمِدْحَةٍ لم يَمْدَحْهُ بها دَاوُد، فقال له المَلَكُ: كيف تَرى يا دَاوُد، أَفَهِمْتَ ما قالت؟ قال: نعم، قال: ماذا؟ قال: قالت: سُبْحَانَكَ وبحَمْدكَ مُنْتَهى عِلْمكَ يا رَبّ، قال دَاوُد: لا والّذي جَعَلَني نبيُّهُ إنِّي لَم أَمْدَحْهُ بهذا.
أخْبَرَنا قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجَيَّانِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد بن أحْمَد الفَقِيهُ، قال: قال لنا عليّ بن أحْمَد الوَاحِدِيّ المُفَسِّر
(1)
في تَأوِيْل قَوْله تعالَى {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ}
(2)
، قال: وتَقْدِير الكَلَام: وسَخَّرنا الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ مع دَاوُد، وهو أنَّهُ كان إذا وَجَد فَتْرةً أمرَ الجِبَال فسبَّحت حتَّى يَشْاق هو فيُسَبِّح. وقال وَهْب: كانت الجِبَالُ تُجاوبه بالتَّسْبِيْح وكذلك الطَّيْر.
وقال الوَاحِدِيّ
(3)
في تَأوِيْل قَوْله تعالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ}
(4)
، قال: فَضْلًا يعني: النُّبُوَّة والكِتَاب، وما أُعْطي من المُلَك في الدُّنْيا. {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} مَعناهُ: وقُلْنا يا جِبَال أوَّبي معه، فكان إذا سَبَّح دَاوُد سَبَّحت الجِبَال معه والطَّيْر. قال ابنُ عبَّاسٍ
(5)
: وكانت الطَّيْر تُسَبِّح معهُ إذا سَبَّح.
وقال
(6)
في تَأوِيْل قَوْله تعالَى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ}
(7)
، اللَّبُوس: الدِّرْع لأنَّها تُلْبَسُ. قال قَتَادَة: أوَّلُ منْ صَنَعَ الدِّرْعَ دَاوُد، وإنَّما كانت صَفَائح، فهو أوَّلُ منْ سَردَها وحَلَّقها فَجَمَعتِ الخِفَّة والتَّحْصِين.
(1)
الواحدي: الوسيط في تفسير القرآن المجيد 3: 246، وانظره مختصرًا في كتابه الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 2:721.
(2)
سورة الأنبياء، من الآية 79.
(3)
الواحدي: الوسيط 3: 488، وفي النقل المثبت أعلاه بعض اختصار، وانظر أيضًا الوجيز 2:877.
(4)
سورة سبأ، من الآية 10.
(5)
النقل متتابع عن تفسير الواحدي، وانظر ابن عباس: تنوير المقباس 344، 452.
(6)
الإحالة على الواحدي في تفسيره الوسيط 3: 400.
(7)
سورة الأنبياء، من الآية 80.
وفي قَوْله تعالَى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}
(1)
، حتَّى صَارَ عندَهُ مثل الشَّمْعِ، فكان يأخُذه بيدِه فيَصِير كأنَّهُ عَجِين، فكان يَعْمل بهِ شَيئًا من غير نَار ولا قَرْع [وهو قَوْلهُ] (a):{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}
(2)
: دُرُوعًا كَوَامِلَ يجرُّها لابسُها على الأرْضِ.
وقال قَتَادَةُ (b): {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}
(3)
[والسَّرْدُ](c): نَسِيْج الدِّرْع (d)، والمَعْنَى: لا تَجْعَلِ المَسَامِيْر دِقَاقًا فتقْلَق (e) ولا غلاظًا فتَكْسر (f) الحلق، وهذا قَوْل جميع أهْلِ التَّأويْل.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن، قال: أخْبَرَنا الجَيَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا الوَاحِدِيّ، قال: أخْبَرَنا سَعيدُ بن العَاص القُرَشِيّ، فيما أجازَ لي، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن الفَضْل بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي نَجْدَة القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الوَهَّاب بن مُجَاهِد، عن أَبِيهِ، عن ابن عبَّاسٍ في قَوْله تعالَى:{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}
(4)
، قال (g): لا تُدَقِّق المَسَامِيْر وتُوسَّع الحَلَقة فتَسْلَس (h)، ولا تُغَلِّظ المَسَامِيْر وتُضيّق الحلَقَة فتَنْفَصم (i)، اجْعَلْهُ قَدرًا. قال مُقَاتِل: ثمّ قال اللَّه تعالى لآل دَاوُد {وَاعْمَلُوا صَالِحًا}
(5)
قال ابنُ عبَّاسٍ
(6)
: اشْكُروا اللَّه بما هو أهْلُه.
(a) إضافة من تفسير الواحدي.
(b) قوله: "قال قتادة" يتصل بالكلام قبله من أن داود هو أول
من اتَّخذ الدروع، فقدَّمه الناقل وأبقاه هنا خطأ، وأنما تفسير الآية {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} للواحدي لا قتادة.
(c) ما بين الحاصرتين من تفسير الواحدي.
(d) الواحدي: نسج الدروع.
(e) الواحدي: فتفلق.
(f) الواحدي: فتكثر.
(g) نص كلام ابن عباس في تفسيره للآية: "قدر المسمار في الحلق، لا تدقق المسمار فيمور فيه ويخرج منه، ولا تغلظه فيخرمه"، انظر: تنوير المقباس 452، والمثبت موافق لما عند الواحدي في تفسيره 3: 488، وانظر تفسير مجاهد 2:523.
(h) الواحدي: فتقسى، وفي تفسير مجاهد: فتسلسل، ولا تجلها [كذا] فتفصم.
(i) الواحدي: فتنقَصم.
_________
(1)
سورة سبأ، من الآية 10، وانظر تفسير الوسيط للواحدي 3:488.
(2)
سورة سبأ، من الآية 11،
(3)
سورة سبأ، من الآية 11.
(4)
سورة سبأ، من الآية 11.
(5)
سورة سبأ، من الآية 11.
(6)
لم يرد في تفسيره تنوير المقباس، وهو فيما نقله عنه الواحدي 3:488.
وقال الوَاحِدِيّ
(1)
في تَأوِيْل قَوْله تعالَى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ}
(2)
لكي تَتَقوَّى على الصَّبْر بذِكْر قُوَّته على العِبَادَةِ، وهو قَوْله {ذَا الْأَيْدِ} [أي] (a): ذا القُوَّةِ على العِبَادَةِ وفي طَاعَهَ اللَّهِ. قال الَزَّجَّاجُ: وكانت قُوَّهَ دَاوُد على العِبَادَةِ أتَمَّ قُوَّة؛ كان يَصُوم يَوْمًا ويُفْطِر يَوْمًا، وذلك أشَدّ الصَّوْم، وكان يُصَلِّي نصْفَ اللَّيْل. {إِنَّهُ أَوَّابٌ}
(3)
: رَاجع (b) عمَّا يَكْرهُ (c) اللَّه إلى ما يُحبّ.
وقَوْله تعالَى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}
(4)
قَوَّينا مُلْكَه بالحَرَس والجُنُود. قال سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ: كان يَحْرسهُ كُلّ لَيْلَة ستَّة وثَلاثُون ألف رَجُل، فإذا أصْبَح قيل: ارْجعُوا فقد رَضِي عنكم نَبيّ اللَّه، وهذا قَوْل جَمَاعَة المُفَسِّرين.
قال
(5)
: وقَوْلهُ: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ}
(6)
، قال ابنُ عبَّاسٍ: النُّبُوَّة والمَعْرفَة بكُلِّ ما حَكَم، وقال مُقَاتِل: الفَهْم والعِلْم {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} ، يَعْني: الشُّهُودَ والأَيْمان، البَيِّنَة على المُدَّعي واليَمِيْن على مَنْ أنْكَر، لأنَّ خِطَاب الخُصُوم إنَّما يَنْقَطع ويَنْفصِل بهذا، هذا قَوْل الأكْثَرين، وقال ابنُ مَسْعُود ومُقَاتِل وقَتَادَة: هو العِلْم بالقضَاءِ والفَهْم [فيه](d).
أخْبَرَنا قاضِي القُضَاةِ أبو المَحَاسِن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَيَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الجَبَّار الفَقِيهُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد
(7)
، قال: أخْبَرَني أبو عَمْرو مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، فيما أجازَ لي، أنّ أبا الفَضْل الحَدَّادِيّ أخْبَرَهُم عن أبي يَزِيد الخَالِديّ،
(a) إضافة من تفسير الواحدي.
(b) في الوسيط للواحدي: رجَّاع، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.
(c) الواحدي: عن كل ما.
(d) إضافة من تفسير الواحدي.
_________
(1)
الوسيط 3: 543 - 544.
(2)
سورة ص، من الآية 17.
(3)
سورة ص، من الآية 17.
(4)
سورة ص، من الآية 20.
(5)
الواحدي: الوسيط 3: 545.
(6)
سورة ص، من الآية 20.
(7)
هو الواحدي صاحب التفسير، وانظر حكاية داود هذه في الوسيط 3: 544 - 545.
قال: أخْبَرَنا إسْحاق بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن يَزِيد المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن أبي الفُرَاتِ، عن عِلْبَاءَ بن أحْمَر (a)، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ رَجُلًا من بني إِسْرَائِيل اسْتَعْدَى على رَجُلٍ من عُظَمائهم عند دَاوُد، فقال: إنَّ هذا غَصَبَنِي بَقَرًا لي، فسَألَ دَاوُد الرَّجُلَ عن ذلك فَجحَدهُ، فسَأل الآخرَ البَيِّنَة فلم تَكُن له بَيِّنة، فقال لهما دَاوُد: قُوْما حتَّى أنْظُر في أمْركما، فقامَا من عنده، فأوْحَى اللَّهُ إلى دَاوُد في مَنَامِهِ أنْ يَقْتُل الرَّجُلَ الّذي اسْتَعْدى عليهِ، فقال: هذه رُؤْيا ولسْتُ أعْجل حتَّى أَثَبَّت. فأوْحَى اللَّهُ إليه في مَنَامِهِ أنْ يَقْتُلَهُ، فلَم يَفْعَل، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ الثَّالثَة أنْ يَفْعَلَ (b) أو تَأتيه العُقُوبَة، فأرْسَل دَاوُد إليهِ فقال له: إنَّ اللَّه أوْحَى إليَّ أنْ أقتُلَكَ! فقال الرَّجُلُ: تَقْتُلني بغير بَيِّنةٍ؟ قال دَاوُد: نَعَم، واللَّهِ لأُنَفَّذنَّ أمْرَ اللَّهِ فيك. فلمَّا عَرِف الرَّجُل أنَّهُ قَاتله، قال: لا تَعْجل عليَّ حتَّى أُخبركَ، أَنِّي واللَّهِ ما أُخِذتُ بهذا الذَّنْب، ولكنِّي كُنْتُ اغْتَلْتُ أبا هذا فقَتَلْتُه، فبذَلكَ أُخِذتُ، فأَمَرَ به دَاوُد فقُتِلَ، فاشْتَدَّتْ هَيْبَةُ بني إِسْرَائِيل لدَاوُد عندَ ذلك، وشُدِّدَ به مُلْكهُ وهو قَوْله تعالَى {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}
(1)
.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْدِ اللَّه بن أبي الحَسَن بن المُقيِّر بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن عليّ السَّلَامِيِّ إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْدِ اللَّهِ الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن مَرْزُوق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الوَرْد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوب، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى -هو ابنُ عَبْدِ اللَّه بن بُكَيْر- قال:
(a) عند الواحدي: علي بن أحمد. والمثبت هو الصواب، وهو المعروف باليشكري البصري، يروي عن عكرمة وغيره. انظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 20: 293 - 294، الكاشف 2: 276، تهذيب التهذيب 7: 273 - 274.
(b) الواحدي: أن يقتله.
_________
(1)
سورة ص، من الآية 20.
حَدَّثَني اللَّيْثُ، عن أبي مَعْشَر، عن سَعيد بن أبي سَعيد أنَّهُ قال: إنَّ دَاوُد دَعا اللَّه فقال: يا رَبّ، أرني الحَقَّ كما تَرَاهُ، فأوْحَى اللَّهُ إليه: إنَّكَ لن تُطيقَ ذلك، فاقْضِ بينهم بالبَيِّناتِ، قال: يا رَبّ، أرني الحَقَّ كما تَرَاهُ، قال: اقْضِ، فجاءَهُ رَجُلٌ فقال: يا رسُولَ اللَّه، إنَّ فُلَانًا جاءَ ببَقَرهِ فأكَلَ حَرْثي، فقال لصَاحِب البَقَر: اذْهَبْ اقْتُلْهُ وخُذْ مالَهُ! فلمَّا خَرَج به ليَقْتُلَهُ، قال: يحلُّ لك أنْ تَقْتُلني عِوَض بَقَركَ، أكَلَت حَرْثي، وتَقْتُلني وتأخُذ مالي؟ فجاءه فقال: يا رسُول اللَّهِ، بَقَري أكَلَتْ حَرْثَهُ، قال: فاذْهَبْ فاقْتُلْهُ وخُذ مالَهُ، حتَّى إذا فَعَل ذلك ثلاث مَرَّاتٍ، فلمَّا جَلَس ليقْتُلَهُ، قال: إنَّهُ قَضَى بالحقِّ؛ إنِّي قَتَلْتُ أباهُ، وأخَذْتُ مالَهُ، فهو يَقْتُلني كما قَتَلْتُه، ويأخُذ مالي، فأوْحَى اللَّهُ عز وجل إلى دَاوُد: إنَّكَ لن تُطِيقَ ذلك فاقْضِ بينهم بالبَيِّنات.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن، عن ابن نَاصِر، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الوَرْدِ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى -هو ابنُ عَبْد اللَّه بن بُكَيْر- قال: حَدَّثَني اللَّيْثُ، عن أبي مَعْشَر، عن مُحَمَّد بن قَيْسٍ، عن عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه أنَّهُ قال: ما كان النَّاس قَطّ أحْوَج إلى السِّلْسِلَة منهم اليَوْم في زَمَانهم هذا، فقالُوا: وما السِّلْسلَة؟ قال: السِّلْسِلَةُ أُعْطِيها دَاوُد في فَصْلِ الخِطَاب، قال: لا يختَصَم إليه إلَّا كان أَولاهُما بالعُذْر يَنَالها وإنْ كان قَصِيْرًا، قال: فاسْتَخْبأ رَجُلٌ رَجُلًا لُؤْلُؤًا، فابْتَغاهُ منه فجَحَدَهُ، وقال: قد دَفَعْتُها إليك، قال: فجاءَ إلى دَاوُد، فقال: إنَّ هذا اسْتَخْبأتُه لُؤْلُؤًا فَجَحَدَنيهِ، قال: فاذْهَبا إلى السِّلْسِلَةِ، قال: فأخَذ الرَّجُل عَصًا فنَقَبها فَجَعَل فيها اللُّؤْلُؤ، قال: فجاءَ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤ، فقال: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلم إنِّي اسْتَخْبأتهُ اللُّؤْلُؤ ولم يَرُدَّه إليَّ فأسألُكَ أنْ أنالَها، قال: فنَالَ السِّلْسِلَة، وقال: الآخرُ كما أنْتَ أدْعُو أنا زِيَادَة، قال: أمْسِك هذه العَصَا فأخَذَها، قال: اللَّهُمَّ
إنْ كُنْتَ تَعْلم أنِّي قد دَفَعْتُ إليهِ اللُّؤْلُؤ، فأسْألُكَ أنْ أنالَها، قال: فنَالَها زِيادَة، قال دَاوُد: ما هذا؟ يَنَالُها الظَّالِم والمَظْلُوم! فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: إنَّ اللُّؤْلُؤَ في العَصَاة (a) ورُفِعَتِ السِّلْسِلَة.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ عَبْدُ الجَبَّار الخُوَارِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد الوَاحِدِيّ المُفَسِّرُ
(1)
، قال: قَوْلهُ: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ}
(2)
قال مُقَاتِل: بَعَثَ اللَّهُ إلى دَاوُد مَلَكَين جِبْرِبل [ومِيْكَائيل](b) ليُنَبِّهَهُ على التَّوْبَةِ، فأتَياهُ في المِحْرَاب، وهو قَوْلهُ {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}
(3)
.
قال مُحَمَّد بن إسْحَاق: بَعَثَ اللَّه إليهِ مَلَكين يَخْتَصمان إليهِ؛ مثلًا ضَرَبه اللَّهُ له ولصَاحِبهِ (c)، فلَم يُرَعْ دَاوُد إلَّا بهما وَاقفين على رَأسِهِ في مِحْرَابهِ، فقال لهما دَاوُد: ما أدْخَلكما عليَّ؟ فقالا: لا تَخَفْ، وهو قَوْلهُ:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ}
(4)
أي: نحنُ خَصْمَان {بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}
(5)
فجئناك لتَقْضِي بيننا، وهو قَوْلهُ:{فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}
(6)
، يُقال: شَطَّ الرَّجُلُ وأشَطَّ شَطَطًا وإشْطَاطًا إذا جَار في حُكْمه وقَضيّته. قال المُفَسِّرون: لا تَجُر علينا {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}
(7)
: احْملنا على الحَقِّ ولا تُخَالف بنا غيره، فقال دَاوُد: تكلَّما، فقال أحَدُ المَلَكَين:{إِنَّ هَذَا أَخِي}
(8)
، أي: على دِيْني {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}
(9)
يَعْني: امْرأة، والنَعْجَةُ: البَقَرةُ الوَحْشِيَّةُ، والنَعْجَة يُكْنَى (d) بها عن المَرْأةِ، وتُشَبَّه النِّسَاءُ
(a) كذا في الأصل، وفوق التاء آخر الحروف علامة "صـ".
(b) إضافة من تفسير الواحدي.
(c) الواحدي: له وأصحابه.
(d) الواحدي: والعرب تكني.
_________
(1)
الواحدي: الوسيط 3: 546 - 549.
(2)
سورة ص، من الآية 21.
(3)
سورة ص، من الآية 21.
(4)
سورة ص، من الآية 22.
(5)
سورة ص، من الآية 22.
(6)
سورة ص، من الآية 22.
(7)
سورة ص، من الآية 22.
(8)
سورة ص، من الآية 23.
(9)
سورة ص، من الآية 23.
بالنِّعَاج من البَقَر، وانَّما عنِّي بهذا دَاوُد لأنَّهُ كانت له تِسْعٌ وتسْعُون امْرأة، {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ}
(1)
: امْرأةٌ واحدةٌ، {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا}
(2)
: ضُمَّها (a) إليَّ واجْعَلنِي كَافلها، وهو الّذي يعُولها ويُنْفق عليها، والمَعْنَى: طَلِّقها لأتَزَوَّجها {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}
(3)
، قال عَطَاءٌ عن ابن عبَّاسٍ: كان أعزَّ منِّي وأقْوَى على مُخَاطبتي؛ لأنَّهُ كان المَلِك. والمَعْنَى: أنَّهُ كان أقْدَر على الخِطَاب لعزَّة (b) مُلْكه، وهذه القِصَّة تَمَثَّل لأمْر دَاوُد مع أُوْرِيَّا زَوْج المَرْأةِ الّتي أرادَ أنْ يتَزَوَّج بها، فقال دَاوُد:{لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}
(4)
أي: بسُؤَالِهِ نَعْجتكَ ليَضُمَّها إلى نعَاجِه، أي: إنْ كان الأمْرُ على ما تَقُول، فقد ظَلَمك أخُوكَ بما كَلَّفَكَ من تَحَوّلك عن امْرأتك ليتزَّوجها هو، {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ}
(5)
وهم الشُّرَكاءُ؛ يُريدُ أنَّ الشُّرَكاء كَثِيْرٌ منهم يَظْلِم بَعْضُهم بَعْضًا، وهو قَوْلهُ:{لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}
(6)
، وظَنَّ دَاوُد أنَّهما شَرِيكان، فلذلك قال:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ}
(7)
.
قال المُفَسِّرون: فلمَّا قَضَى بينهما دَاوُد، نَظَر أحَدُهما إلى صَاحِبه فضَحِكَ، وصَعدَ إلى السَّماء، فعَلم دَاوُد أنَّ اللَّه ابْتَلاهُ، وأنَّ ما ذَكَرا (c) من القِصَّة تَمْثِيل لقصَّته، وهو قَوْلهُ:{وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}
(8)
أي: أيْقَن وعَلِمَ أنَّا ابْتَلينَاهُ بما وَقَع له من القِصَّة ونَظره إلى المَرْأةِ وافْتِتَانه بهِا، وكان قد أُعْجبَ بعبَادته فلمَّا ابْتُلى بها هوِيَها وقال لزَوْجها: تحوَّل لي عنها، فعُوْتِبَ على مَحَبَّته امْرأةَ مَنْ له امْرأة واحدة وله تِسْعٌ وتسعُون امرأةً، فكان ذلك ذَنْبًا من ذُنُوب الأنْبِياءِ الّتي يُعَاتبُون عليها وذلك
(a) الواحدي: ضعها.
(b) الواحدي: بعزَّة.
(c) الواحدي: ذِكْر، وفي بعض نسخه: ذكراه.
_________
(1)
سورة ص، من الآية 23.
(2)
سورة ص، من الآية 23.
(3)
سورة ص، من الآية 23.
(4)
سورة ص، من الآية 24.
(5)
سورة ص، من الآية 24.
(6)
سورة ص، من الآية 24.
(7)
سورة ص، من الآية 24.
(8)
سورة ص، من الآية 24.
قوله: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ}
(1)
: سَألَ رَبَّهُ غُفْرَان ذلك الذَّنْب، {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}
(2)
، قال ابنُ عبَّاس: سَاجِدًا، وعَبَّر عن السُّجُود بالرُّكُوع، لأنَّ كلاهما بمعنى الانْحِنَاء. {وَأَنَابَ}: رَاجع ما (a) يُحبُّ اللَّه من التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَار.
وقال
(3)
في قَوْله تعالَى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ}
(4)
قال ابنُ عبَّاس: غَفَر له ذلك الذَّنْب، {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى}
(5)
، لقُرْبةً ومَكانةً ومَنْزِلةً حَسَنَةً.
وقال الوَاحِدِيّ
(6)
: أخْبَرَنَا سَعيد بن مُحَمَّد الزَّاهد، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الفَقِيه، قال: أخْبَرَنَا إبْراهيم بن عَبْد اللَّهِ العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالح، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور البَرَدانِيّ، عن جَعْفَر بن سُلَيمان، عن مَالِك بن دِيْنار في قَوْله:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى}
(7)
، قال: يقُول اللَّه لدَاوُد وهو قَائمٌ عند سَاق (b) العَرْش: يا دَاوُد، مَجِّدني بذلك [الصَّوْت](c) الرَّخِيْم، فيقُول: كيفَ وقد سَلَبْتَنيه في الدُّنْيا؟ فيقُول: إنِّي أردُّه إليكَ (d)، قال: فيرفَع دَاوُدُ صَوْته بالزَّبُور، فيَسْتَفْرغ نُعَيْم أهل الجَنَّة.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنت أحْمَد بن الفَرَج البَغْدَاديَّة، قالت: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن طَلْحَهَ النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن يُوسُف الحِنَّائيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم إسْحَاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا سَيَّار، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا
(a) الواحدي: راجع إلى ما، وفي بعض نسخه: بما.
(b) الواحدي: قائم بساق.
(c) إضافة من تفسير الواحدي، وفيه: الصوت الرخيم اللين.
(d) الواحدي: عليك.
_________
(1)
سورة ص، من الآية 24.
(2)
سورة ص، من الآية 24.
(3)
الواحدي: الوسيط 3: 549.
(4)
سورة ص، من الآية 25.
(5)
سورة ص، من الآية 25.
(6)
الواحدي: تفسير الوسيط 3: 549.
(7)
سورة ص، من الآية 25.
مَالِك بن دِيْنار في قَوْله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}
(1)
، قال: يُقِيم اللَّه دَاوُدَ عند سَاق العَرْش فيقُول: يا دَاوُد، مَجِّدني بذلك الصَّوْت الحَسَن الرَّخِيم. فيقُول: إلهيّ، وكيفَ أُمَجِّدُكَ به وقد سَلَبْتَنيهِ في دَار الدُّنْيا؟ فيقُول: فإنِّي رَادُّهُ عليك اليَوْم، فيُرَدّ عليه، فيرفعَ دَاوُد صَوْتَهُ فيَسْتَنزِع صَوْت دَاوُد نَعِيْمَ أهْل الجَنَّةِ.
أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُفَ الكَاشَغَرِيّ المَعْرُوف بوَالدِه بأُزُرْتُق، وأبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه الدِّمَشقيّ بحَلَب. قال أبو إسْحاق: أخْبَرَنَا أبو بَكْر عبد اللَّه بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن النَّقُّور البَزَّاز. وقال أبو الحَجَّاج: أخْبَرَنَا ذَاكِر بن كَامِل بن أبي غَالِب الخَفَّاف، وأبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قالوا: أخْبَرَنَا أبو طَالِب عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن عَبْدِ القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُمَر بن أحْمَد البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَنِ عليّ بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْدَك البَرْذَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد -يعني: ابن يَحْيَى بن عُمَر الوَاسِطِيّ- قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد -يعني: ابن الحُسَين البُرْجُلَانِيّ- قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أبي بحَيْر، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن كُلْثُوم اليَمَانِيّ، عن أَبِيهِ، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: كان لدَاوُد صلى الله عليه وسلم حَشِيَّة مَحْشُوَّة بالرَّمادِ يُصَلِّي عليها، وكان يَسْجُدُ فيَبْكي حتَّى يَبُلَّ مَوضِعَ سُجُودِهِ، ثمّ يُحَوِّل طَرْفَها الآخر فيُصَلِّي عليه، فيَسْجُد فيَبْكي حتَّى يَبُلّ مَوضِعَ سُجُودِه، ثُمَّ تَغْلبُه الدُّمُوعُ فتَجْري حتَّى يَبْتَلّ الحَشِيَّة (a) تَحْتَهُ. قال: وكان يُنَادي في سُجُودِه: قرحَ الجَبِيْنُ، وجَفَّت الدَّمْعَة، وخَطِيئَتي لَم تُغْفَر، فقيل له: يا دَاوُد، أظَمْآن فتُسْقَى؟ أجَائع فتُطْعَم؟ أعَارٍ فتُكْسَى؟ قال: فازْدَادَ بُكَاءً على بُكَائهِ وأخَذَ في الأنِيْن عندَ مُنْقَطع النَّحِيْب، قال: فعند ذلك رُحِم فغُفِرَ له.
(a) في متن الأصل: الحشيش، وكتب ابن العديم في الهامش:"صوابه: الحشية".
_________
(1)
سورة ص، الآية 25.
وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن -يعني: ابن أبي حَاتِم- قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بن حَكِيم أبو مَرْيَم الوَاعِظ وغيره، عن سَعيد (a) بن إبْرَاهيم الأُمَوِيّ، عن مُحَمَّد بن خَوَّات أنَّ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم لمَّا أطَالَ البُكَاءَ على نَفْسِه قيل له: اذهَبْ إلى قَبْر زَوْج المَرْأة، فاسْتَوْهِبْهُ ما صَنَعْتَ، قال: فأتَى القَبْرَ، فأذنَ اللَّه لصَاحِب القَبْر أنْ يَتَكلَّم فنادَاهُ: يا أُوْرِيَّا، أنا دَاوُد ولكَ عندي مَظْلمَةٌ، قال: قد غَفَرْتُها، فانْصَرَف وقد طابَتْ نَفْسُه، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: ارْجع فبَيِّن له ما صَنَعْتَ، فرجَع فأخْبَرَهُ، فنادَاهُ جِبريل: يا دَاوُد، هكذا يفعَل الأنْبِياء.
أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُسَلَّم بن سَلان الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج بن الإبَرِيّ، قالت (b): أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن يُوسُف الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِمِ إسْحَاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَني مَحْمُود بن أبي بِشْر الخُرَاسَانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالح، قال: حَدَّثَنَا الحسُينُ بن جَعْفَر، قال: سَمِعْتُ أبي قال: قال سُليْمان التَّيْمِيّ ومالك بن دِيْنار: لمَّا أصَابَ دَاوُد الخَطيْئَة (c) أكْثَر في الدُّعَاء فلم يُسْتَجب، فلمَّا رَأى أنَّهُ لا يُسْتَجاب له أخَذَ في نَحْوٍ من النِّيَاحَةِ، فرُحِمَ فغُفِرَ له.
أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو التُّقَى صالح ابن بنت أبي حدَار (d)، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الحَسَن بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُوسَى النَقَّاش، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن صالح الخَوْلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْرَاهِيم الخَوْلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيد بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا مُجَالِد بن
(a) في من الأصل: سعد، وصوبه المصنّف في الهامش.
(b) الأصل: قال.
(c) الأصل: الخطئة.
(d) كذا في الأصل، ولم أقف عليه.
عُبَيْد اللَّه، قال: حَدَّثَنَا مِسْمَعُ بن عَاصِم، عن عَبْد العَزِيْز الرَّاسِبِيّ، قال: كان دَاوُد عليه السلام يَبْكي حتَّى يَمْلأ حجْرَهُ، ثمّ يأخُذ دُمُوعَهُ بيدَيهِ فيَمْلأ كَفَّيْه، ثمّ يَقُول: ارْحَم دُمُوعيّ، فأوْحَى اللَّهُ عز وجل إليهِ: تَذْكُر دُمُوعَكَ وتَنْسَى ذُنُوبَكَ؟.
أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنَا أبوِ سَعْد عَبْد الكَريْم بن مُحَمَّد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل الطَّلْحِيّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن عليّ بن زَكري الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنَا دَعْلَجُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا المُخَوَّل بن عُمَر (a)، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن مَعْقِلٍ، عن وَهْبٍ، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى دَاوُد عليه السلام: يا دَاوُد، ارْفَع رأسَك فقد غَفَرْتُ لك غير أنَّهُ ليس عنْدَك ذاكَ الودّ الّذي كان.
أخْبَرَنَا حَسَن بن إبْراهيم بن هِبَةِ اللَّه بن دِيْنار بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّةِ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا دَعْلَج بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُخَوَّل (b) بن مُحمَّد، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيل بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَد بن مَعْقِل، عن وَهْبٍ، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى دَاوُد: يا دَاوُد، ارْفَع رأسَكَ فقد غَفَرْتُ لك غير أنَّهُ ليسَ عندي ذاكَ الوُدّ الّذي كان.
أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن
(a) قيَّده في الأصل بالحاء المهملة، ويأتي في الرواية بعده: المحول بن محمد، وذكره البيهقي في شعب الإيمان 2: 42: المخول بن محمد.
(b) في الأصل بالحاء المهملة: محول، وانظر شعب الإيمان للبيهقي 3:43.
عَسَاكِر بن المُرَحَّب البَطَائِحِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه الحُسَين بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الوَرَّاق المَعْرُوف بابن العَسْكَريّ، قال حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحُسَين الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن بِشْرٍ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن مُسْلِم، ح.
وقال شَيْخُنا أبو عَبْد اللَّه الإرْبِلِيِّ: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ بنتُ ابن الإِبَرِيّ، قالت: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن أحْمَد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن يُوسُف الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أَبو القَاسِم إسْحَاقَ بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَنَا إبْراهِيم بن عَبْد اللَّهِ الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيد بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَني عبدُ الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، عن عَطَاء الخُرَاسَانيّ. وقال القَاسِم بن بشر حَدَّثَني عَطَاء الخُرَاسَانيّ أنَّ دَاوُد النَّبِيّ عليه السلام نَقَشَ خَطِيْئَتَهُ في كَفِّهِ لكي لا يَنْساها، فكان إذا رآها اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ، أو قال: اضْطَربَ، وقَال الهَرَويُّ: كي لا يَنساها، فكان إذا رَآها اضْطَرَبَ أو اضْطَرَبت يَدُه.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحافِظ
(1)
، ح.
وحَدَّثنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنَا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ وأبو عَبْد اللَّه بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ. قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل
(1)
لم أجد هذه الرواية في نشرة تاريخ ابن عساكر.
الضَّرَّاب، قال: حدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحْرِز الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا ابن المُبارَك، عن شِبْل بن عَبَّاد، عن ابن أبي نَجِيْح، عن مُجَاهِد أنَّ دَاوُد عليه السلام جَعَل خَطِيئتَهُ في كَفِّهِ، فكان لا يَتَناوَل طَعَامًا ولا شَرَابًا ولا يمَدّ يدَهُ إلى شيءٍ إلَّا أبْصَر خَطِيئتَهُ، فأَبْكَاهُ.
وقال: حدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، عن الوَلِيد بن مُسْلِم، عن ابن جَابِر، عن عَطَاء الخُرَاسَانيّ أنَّ دَاوُدَ عليه السلام نَقَشَ خَطِيئتَهُ في كَفِّهِ لكي لا يَنْسَاها، فكان إذا رَآها اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوفَاء أحْمَد بن إبْراهيم بن عَبْد الوَاحِد الصَّالحَانِيّ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا السَّيِّدُ أبو طَالِب عليّ بن الحُسَين الحَسَنيّ الهَمَذَانيّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن عِيسَى بن إيْاهيم، قال: حدَّثَنَا الفَضْل بن الفَضْل بن العبَّاس الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أحْمَد بن عَبَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح السَّوَّاق، قال: حَدَّثَنَا بِشْر بن مُحَمَّد بن أَبَان اليَشْكُرِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عُبَيْدِ اللَّه، عن رَجُلٍ من الأنْصَار أنَّ دَاوُد عليه السلام لمَّا أصابَ الخَطِيَّةَ عَمَدَ إلى غارٍ يَنْتابُه العُبَّادُ، قال: فصَرَخ لصَاحِبهِ فلَم يُجِبْهُ، فلمَّا أطالَ عليه أجابَهُ، وقال: مَنْ هذا الّذي يَدْعُوني بصَوْتٍ عالٍ لم تُغيّره العِبَادَةُ، فقال: دَاوُدُ عليه السلام: أنا دَاوُد، قال: دَاوُد صَاحِبُ المَدَائِن الحَصِيْنَة، والخَيْل المُسَوَّمَة، والنِّسَاءِ، والشَّهَوات؟ لئن نلْتَ بهذا الجَنَّة لأَنْتَ أنْتَ، فقال له دَاوُد عليه السلام: فمَن أَنتَ؟ قال: رَاغِبٌ ورَاهِبٌ مُتَرقِّبُ، قال له دَاوُدُ: فَمن أنيْسُكَ ومَنْ جَلِيْسُكَ؟ قال الرَّجُلُ: ها هناكَ تَرَاهُ إنْ أردْتَ ذلك، قال: فتَخلَّل دَاوُد الجَبَلَ فإذا غارٌ قد حَاذَى رَأس الجَبَل، فإذا رَجُل مُسَجَّى، فقال: هذا أنيسُكَ وهذا جليْسُكَ؟ قال: نَعَم،
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 220.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 220.
قال: فَمن هذا؟ قال: ها تلكَ قصَّته مَكْتُوبةٌ عند رَأسِه في لَوْحٍ من نُحاسٍ، قال: فأخذَهُ دَاوُد فإذا فيه: أنا مَلَكُ الأمْلَاكِ، عِشْتُ ألفَ عامٍ، وهزمْتُ ألفَ جَيْشٍ، وفَتَحْتُ ألفَ مَدِينَة، واقتضَضْتُ ألفَ عَذْرَاء، وأحْصَنْتُ ألفَ امرأةٍ، قال: فبينا أنا في مُلْكِيِ إذ أتاني مَلَك المَوْتِ فأخْرَجني ممَّا أنا فيه، فها أنَذَا؛ التُّراب فِرَاشي، والدُّودُ جِيْرَانيّ، والنَّار أمَاميّ، قال: فخَرَّ دَاوُدُ عليه السلام مَغْشيًّا.
أخْبَرَنَا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن نَظِيْف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ وأبو عَبْدِ اللَّهِ الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الفَرَّاء. قال الأرْتاحِيّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بن الحَسَن، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن غالب، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بن خَالِد، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثَابِ البُنَانِيّ، عن صَفْوَان بن مُحْرِز، قال: كان دَاوُد عليه السلام يُنَادِي في جَوْف اللَّيْل: أَوَّه من عَذَاب اللَّهِ، أَوَّه من قَبْل أنْ لا تَنْفَع أوَّه.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَهُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، قالت: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَني عليّ بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيّ، قال: لَمْ يَشْرب دَاوُد شَرَابًا من بَعْد المَغْفِرَة إلَّا ونصْفُه مَمْزُوج بدُمُوع عَيْنه.
(1)
لم يرد في تاريخ ابن عساكر، وهو في مختصر ابن منظور 8:132.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 264.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبِهِ تَوْفِيقِي
أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان البَغْدَاديّ، وأبو الحَجَّاجِ يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه الدِّمَشقيّ. قال إبْراهيم: أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن أحْمَد، وقال يُوسُف: أخْبَرَنَا ذَاكِرُ بن كَامِل الخَفَّافُ، ويَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قالُوا: أخْبَرَنَا عَبْد القَادر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن البَرْذَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن -يعني: ابن أبي حَاتِم- قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني مُحمّدُ بن أبي زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن يُونُس، عن عِمْرِان بن أبي الهُذَيْل، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: لمَّا أصَابَ دَاوُد الخَطِيْئَةَ، قال: يا رَبّ، اغْفِر لي. قال: قد غَفَرْتُ لك وَألزمْتُ عارها بَنِي إِسْرَائِيِل، قال: كيف يا رَبّ وأنْتَ الحَكَمُ العَدْلُ لا تَظْلِم أحدًا، أعْمَل أنا بالخَطِيْئَة وتُلْزم عَارها غيري؟ فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: إنَّك لمَّا اجْتَرأتَ عليَّ بالمَعْصِيَةِ لم يَعْجلُوا عليك بالنَّكرة.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْلِ السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عبد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّدُ بن مَحْمُود بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّه بن عليّ بن سُعُود، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أَبو الحَسَن
(1)
لم ترد هذه الرواية في تاريخ ابن عساكر، وانظر مناجاة أخرى لداود عليه السلام قريبة من هذه المثبتة في تاريخ ابن عساكر 17:106.
عليّ بن الحُسَين بن عُمَر المَوْصِلِيّ -قال ابنُ حَمْدٍ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ- قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، عن الوَلِيد، عن عُثْمان بن أبي العَاتِكَة، قال: كان دَاوُد صلى الله عليه وسلم يقُول في مُنَاجَاته: إلهي، إذا ذَكَرت خَطِيْئتي ضَاقَتْ عليَّ الأرْضُ برحْبها، وإذا ذَكَرتُ رَحْمَتَكَ ارتَدَّت (a) إليَّ رُوحي، سُبْحَانك إلهي، أتيْتُ أطِبَّاءَ عبَادِكَ ليُدَاوُوا خَطِيئَتي فكُلّهُم عليك يَدُلُّني (b).
أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللَّه بن المُقَيِّر بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن نَاصِر إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق إبْراهيمُ بن سَعيدِ بن عَبْد اللَّه الحَبَّال، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن مَرْزُوق، قال: أَخْبَرَنا عليّ بن جَعْفَر بن أحْمَد الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالِح، قال: حَدَّثَني الحُسَين (c) بن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن يَزِيد الرَّقَاشِيّ، قال: كان في بَنِي إِسْرَائِيِل أرْبَعمائة جَارِيَة عذَارَى مُتَبَتِّلَات، قال (d): فلمَّا كان في يَوْم نَوْح دَاوُد عليه السلام قُمْنَ حيثُ يَسْمَعْنَ الصَّوْتَ، ولم يَرونَ (e) الشَّخْصَ، وفَتَحَ دَاوُد عليه السلام الزَّبُورَ، وأخَذَ في ضَرْبٍ من النِّيَاحَةِ، فصَعْقِنَ فَمُتْنَ فلم يُرَ يوْمًا كان أكْثَر ميِّتًا ولا باكِيًا من يَوْمئذٍ.
أخْبَرَنَا أبو نَصْر الزّبيْدِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْر بن السَّدَنْك
(2)
، قال: أخْبَرَنَا أَبُو العِزّ بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنَا أَبُو إسْحاق البَرْمَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل
(a) الأصل: ارتد، والمثبت من كتاب المجالسة.
(b) الدينوري: دلني.
(c) فوقه في الأصل: "صـ".
(d) مكررة في الأصل.
(e) كذا في الأصل وفوقه: "صـ"، ولعل الصواب: ولا يرين.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 52 - 53.
(2)
هو يحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك، أبو نصر المستعمل (ت 573 هـ). انظر ترجمته في تاريخ الإسلام 12:532.
عُبَيْد اللَّه بن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن، قال: سَمِعْتُ بِشْر بن الحَارِث يَقُول: أوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى دَاوُد: يا دَاوُد، إنِّي لَم أخْلُقِ الشَّهَواتِ إلَّا للضُعَفَاءَ من عِبَادِيّ، فأمَّا الأبْطَالُ فما لهم وللشَّهَواتِ!.
أخْبَرَنَا حَسَنُ بن إبْراهيم بن هِبَة اللَّه بن دِيْنارٍ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ: أَخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه القَاسِمُ بن الفَضْلِ بن أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين عليُّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا عُثْمانُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَمْرو، قال: سَمِعْتُ بِشْر بن الحَارِث يَقُول: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى دَاوُد عليه السلام: يا دَاوُد، إنِّي لَم أخْلُقِ الشَّهَواتِ إلَّا للضُعَفَاء من عِبَاديّ، فأمَّا الأبْطَالُ فما لَهم ولها!.
أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّهِ المُقْرِئ بمَرْو، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحُسَين الرَّبَعِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن نُصَيْر، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن عليِّ بن شَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: قال لي أبو سُليْمان: شَهِدْتُ مع أبي الأشْهَب جنازَةً بعَبَّادَان، فسَمِعْتُه يقُول: أوْحَى اللَّهُ عز وجل إلى دَاوُد عليه السلام: حَذِّر أو انْذر أصْحَابَكَ أكْلَ الشَّهَواتِ، فإنَّ القُلُوبَ المُعَلَّقة بشَهَوات الدُّنْيا عُقُولها مَحْجُوبةٌ عنِّي.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليُّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
(1)
لم يرد في تاريخ ابن عساكر، وهو في مختصره لابن منظور 8:122.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّه بن عليِّ بن سُعُود، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر المَوْصِلِيّ -قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ- قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنِ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المُتَعَال، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن مُعاوِيَة بن بُجَيْر (a)، قال: أوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إلى دَاوُد عليه السلام: يا دَاوُد، اتَّخذ نَعْلَين من حَدِيدٍ، وعَصًا من حَديدٍ، واطْلُب العِلْمَ حتَّى يتخَرَّقَ نَعْلَاك وتَنْكَسر عَصَاكَ.
أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، عن أَبِيهِ أبي العبَّاسِ الفَقِيه أنَّ أبا الحَسَن مُحَمَّد بن المُغَلِّس بن جَعْفَر البَزَّاز أخْبَرهم بمِصْر، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق المُعَدَّل، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن جَعْفَر بن سَهْل السُّكَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا مَهْدِي بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَة، عن أبي مُطِيع مُعاوِيَةُ بن يَحْيَى، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى دَاوُد: اتَّخذ نَعْلَين من حَدِيدٍ، وعَصًا من حَدِيدٍ، واطْلُب العِلْمَ حتَّى يَتَخرَّق النَّعْلان وتَنْكَسِر العَصَا.
(a) في الأصل: بحير، وفوقه "صـ"، والمثبت من المجالسة لأبي بكر الدينوري، وفي تقييد اسمه اختلاف في المصادر، منها ما يرد في سند الروايات التالية، وعند الخطيب البغدادي (الرحلة في طلب العلم 86): حمزة بن ربيعة، عن أبي مطيع معاوية بن يحيى، وعند ابن منظور (مختصر تاريخ دمشق 8: 122): عن أبي مطيع معاوية بن يحيى.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 56.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَقْت السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنَا الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحَمُّوِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عِمْرانَ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا نُعيْم بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة، عن عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن التُّسْتَرِيّ، قال: قال دَاوُد صلى الله عليه وسلم: قُل لصَاحِب العِلْم يتَّخذ عَصًا من حَدِيدٍ، ونَعْلَين من حَدِيدٍ، ويطْلُب العِلْمَ حتَّى تَنْكَسِر العَصَا، وتَخَرَّق (a) النَّعْلان.
أخْبَرَنَا أبو هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَوَارِس الأنْبارِيّ بها -يعني: خَلِيفَة بن مَحْفُوظ بن مُحَمَّد- قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَنِ مُحَمَّد بن المُغَلِّس بن جَعْفَر بن المُغَلِّس البَزَّاز بالفُسْطَاط في الجَامِع العَتِيق، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَهْلِ السّامريّ بالرَّمْلَةِ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا عهدِي بن جعْفَر، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن أبي مُطِيع مُعاوِيَة بن يَحْيَى، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى دَاوُد عليه السلام: اتَّخذ نَعْلَين من حَديدٍ، وعَصًا من حديْدٍ، واطْلُب العِلْمَ حتَّى يتَخرَّق النَّعْلان، وتَنْكَسِر العَصَا.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحافِظ
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القاسِم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن المَعَرِّيّ، ح.
(a) سنن الدارمي: وتنخرق، وجاءت مهملة في الأصل مع تشديد الراء.
_________
(1)
سنن الدارمي 1: 140.
(2)
لم ترد الرواية في تاريخ ابن عساكر، وهي عند ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق 8:121.
وأخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الضَّرَّاب، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين، عن صالح المُرِّيّ، قال: أوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إلى دَاوُد عليه السلام: يا دَاوُد، اسْمعَ منِّي الحَقّ أقُول لك: إنَّهُ مَنْ ذَكَر ذُنُوبه في الخَلاء فاسْتَحْيا عندَ ذِكْرها (a)، سَتَرتُها عن الحَفَظَة وغَفَرتُها له. يا دَاوُد، اسْمَع منِّي الحَقّ أقُول لك: إنَّهُ مَنْ عَمل من الذُّنُوب حَشو الأرْض من شَرْقها إلى غَرْبها، ثمّ نَدِمَ عليها حيثُ أسَاء (b)، سَتَرتُها عن الحَفَظة وغَفَرِتُها له. يا دَاوُد، اسْمَع منِّي الحَقّ أقُول لك: إنَّهُ مَنْ عَمل حَسَنةً واحدةً أدْخَلتُه جَنَّتي. قال دَاوُد: إلهي، فما تلك الحَسَنة؟ قال: تَكْشِف عن مَكْرُوب كَرْبًا ولو بشقِّ تَمْرَة.
وقال: حَدَّثَنَا ابن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا أبي ومُحَمَّد بن الحُسَين، عن صالح المُرِّيّ، قال: قال دَاوُد عليه السلام: يا رَبّ، دُلَّني على عَمْل يُدْخلني الجَنَّة، قال: آثِر هَوَاي على هَوَاك.
أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن فَضْل اللَّه بن جَهْبَل الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن الحَسَن بن أبي طَاهِر الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن صالح بن ذَرِيْح، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بن السَّرِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، عن سُفْيان، عن العَلَاء بن
(a) الأصل: ذكرتها، والمثبت من كتاب المجالسة.
(b) في كتاب المجالسة للدينوري ومختصر ابن منظور: حلب شاة!.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 300.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 301.
(3)
هناد: كتاب الزهد 3: 403.
المُسَيَّب، عنِ رَجُلٍ، عن مُجَاهِدٍ، قال: قال دَاوُد: يا رَبّ، طالَ عُمريّ، وكَبِرت سِنِّي، وضَعُف رُكْني، قال: فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: يا دَاوُد، طُوْبَى لمَنْ طالَ عُمْرُهُ وحَسُنَ عَمَلهُ.
أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَة اللَّه الوَاسِطِيّ التَّاجر، قال: أخْبَرَنا العَدْلُ أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن الكَتَّانِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن أحمَد بن عَبْدِ اللَّه العَجَمِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُثْمان بن سَمْعَان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أسْلَمِ بن سَهْل بن أسْلَم الوَاسِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن صالِح، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن دَاوُد الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا فَضَالَة بن حُسَيْن بن عبد الرَّحْمن، عن عَمِّه مُوسى بن عبد الرَّحْمن، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى دَاوُد: يا دَاوُد، مَنْ لقيَني بحَسَنةٍ وَاحدةٍ أدْخَلْتُه الجَنَّة، قال دَاوُد: إلهيّ، وما تلك الحَسَنةُ؟ قال: تُفَرِّج عن مَكْرُوب من المُسْلمِيْن، قال دَاوُدُ: إلهيّ، فَمن ثَمَّ لا يَنْبَغي لأحدٍ أنْ يَقْطَع رَجَاءَهُ منْكَ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الرَّحيم بن يُوسُف بن هِبَة اللَّه بن الطُّفَيْل الدِّمَشقيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن عَبْدِ الغَفَّار بن أحْمَد بن عليّ بن أَشْتَة (a)، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن عليّ بن عَمْرو النَّقَّاشُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن شِيْرَان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَطَّار الأُبُلِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا جَعْفرُ بن عُثمان، قال: بَلَغَني أنَّ دَاوُد
(a) في الأصل: أشنه، بالنون، والمثبت من: العبر للذهبي 2: 364، سير أعلام النبلاء 19: 183 - 184، شذرات الذهب 5:399.
_________
(1)
بحشل: تاريخ واسط 101.
عليه السَّلام قال: اللَّهُمَّ ما جَزَاءُ مَنْ فَاضَت عَيْناه من خَشْيَتكَ؟ قال: جَزَاؤهُ أنْ أُؤمِّنَهُ يَوْم الفَزع الأكْبَر.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْرَاهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنا هِبَة اللَّه بن عليّ بن سُعُود، وأبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر المَوْصِلِيّ - قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ أخو خَطَّابٍ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن خِدَاش، عن صالح المُرِّيّ، عن أبي عِمْرانَ الجَوْنِيّ، عن أبي الجَلْدِ، قال: قَرَأتُ في مُنَاجَاة دَاوُد صلى الله عليه وسلم: إلهي، ما جَزَاءُ مَنْ بَكى من خشْيَتكَ حتَّى تَسِيْلَ دُمُوعهُ على وَجْهِهِ؟ قال: جَزَاؤه أنْ أُحَرِّم وَجْهَهُ عن (a) النَّار، وأُومنُهُ يَوْم الفَزع الأكْبَر.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إبْرَاهيم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الإِبَرِيّ قالت: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سَلْمَان النَّجَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو
(a) الدينوري: على.
_________
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر، ووقع عنده سقط في آخر ترجمة نبي اللَّه داود عليه السلام.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 52.
بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن بَسَّام، قال: حَدَّثَني صالح المُرِّيّ، عنِ أبي عِمْرانَ الجَوْنِيّ، عن أبي الجَلْدِ، قال: قَرَأتُ في مَسْألَة دَاوُد أنَّهُ قال: أي رَبِّ، كيفَ لي أنْ أشْكُركَ وأنا لا أَصِل إلى شُكْركَ إلَّا بنعْمتكَ؟ قَال: فأتاهُ الوَحْيُ أنْ: يا دَاوُد، أليسَ تَعْلَمُ أنَّ الّذي بكَ من النِّعَم منّي؟ قال: بلى يا رَبّ، قال: فإنِّي أرْضَى بذلك منك شُكْرًا.
وقال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَني أبو أَيُّوبَ القُرَشِيّ مَوْلَى بني هاشِم، قال: قال دَاوُد: يا رَبّ، أخْبرني بأدْنَى نِعَمكَ عليَّ، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: يا دَاوُد، تَنَفَّس، فتَنَفَّس، فقال: هذا أدْنَى نِعَمي عليكَ.
أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن فَضْل اللَّه بن جَهْبَل الحَلَبِيِّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن الحَسَن بن أبي طَالِب الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عليّ بن الحُسَين بن قُرَيْش، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُمَر بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد في عَبْد اللَّه بن خَلَف بن بُخَيْت الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن صالِح بن ذَرِيْح، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بن السَّرِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أبو الأحْوَص، عن سَعيد بن مَسرُوق، عن عَمْرو بن مُرَّةَ، قال: كان دَاوُد عليه السلام يَقُول: يا رَبّ، كيفَ أُحْصِي نِعَمكَ (a) وأنا نِعْمَة كُلِّي.
أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ بنتُ ابن الإِبَرِيّ
(4)
، قالت: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو
(a) كتاب الزهد: نعمتك.
_________
(1)
الشكر لابن أبي الدنيا 11 - 12.
(2)
كتاب الشكر 59 - 60.
(3)
هناد: كتاب الزهد 2: 400.
(4)
هي شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الإبري.
بَكْر النَّجَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّه بن عُمَر الجُشَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قال: قال دَاوُدُ: إلهيّ، لو أنَّ لكُلِّ شَعَرة منِّي لسَانَيْن يُسَبِّحانِكَ اللَّيْل والنَّهَار ما قَضَيَا (a) نِعْمَةً من نِعَمكَ.
أخْبَرَنا أبو إسْحَاق بن أبي عَمْرو الزَّرْكَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا ابنُ شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك إجَازَة، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَمْرو السَّبِيْعِيّ، قال: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُول: أوْحَى اللَّهُ إلى دَاوُد: لا تَتَّخذ بَيْني وبَيْنك عَالِمًا مَفْتُونًا يَعْدِل بشُكْرِه عن طَرِيق مَحبَّتي، أُولئك قُطَّاع طَرِيق عِبَادِي.
أخْبَرَنا أبو نَصْر الزّبيْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن السَّدَنْك، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق البَرْمَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل عُبَيد اللَّه بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا ابنُ السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قال: سَمِعْتُ بِشْرًا، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى دَاوُد: يا دَاوُد، لا تَتَّخذ بَيْني وبينكَ عَالِمًا مقترنًا (b) فيَصُدُّك بشُكْره عن طَرِيق مَحبَّتي، أُولئكَ قُطَّاع طَرِيق عِبَادِي.
وقال: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُول: أوْحَى اللَّهُ تعالى إلى دَاوُد: اغْضَبْ لي أشَدَّ ممَّا تَغْضَب لنَفْسكَ.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه التَّاجر، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْدِ
(a) ابن أبي الدنيا: قضيت.
(b) كذا في الأصل بهذا الرسم مهملة النقط وفوقها "صـ"، وتقدمت في الرواية قبله: مفتونًا.
_________
(1)
كتاب الشكر 18.
اللَّهِ العَجَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُثْمان بن سَمْعَان، قال: حَدَّثَنَا أسْلمَ بن سَهْل بن أسْلَم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد المَلِك، قال: حَدَّثَنَا فُضَيْل بن عَبْدِ اللَّهِ التَّمَّار أبو مُعَاذٍ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو الرَّبِيْع الأعْرَج عَمْرو بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن إبْراهيم التُّسْتَرِيّ، عن الحَسَن، قال: أوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى دَاوُد: يا دَاوُد، ما لي أرَاكَ وحْدَانيًّا؟ قال: إلهيّ، فارقْتُ النَّاسَ فيكَ، قال: يا دَاوُد، خَالِط النَّاسَ، واصْبِر على أذَاهِم لعَلَّك تَرُد حَيْرَانًا عن حَيْرتهِ، أو سَكْرانًا عن سَكْرته، فأكتبُكَ عندي جَهْبَذًا، ومنْ كَتَبْتُه عندي جَهْبَذًا ضَمَّنْت السَّحَابَ رِزْقَهُ، لا يَخَاف إذا خَاف النَّاس.
أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح عَبد الوَهَّاب بن شَاه بن أحْمَد الشَّاذْيَاخِيّ، ح.
وأخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ في كتابها إلينا من نَيْسَابُور، قالت: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.
وأخْبَرَنَا أبو النَّجِيْب إسْمَاعِيْل بن عُثْمان بن إسْمَاعِيْل في كِتَابِهِ إليْنَا من هَرَاة، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَةُ الرَّحمن عَبْدِ الوَاحِد بن عَبْدِ الكَريم القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ
(2)
، قال: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أبا عليّ الدَّقَّاق رحمه الله يَقُول: خَرَجَ دَاوُد عليه السلام يَوْمًا إلى بَعْضِ الصَّحَارِي مُنْفَردًا، فأوْحَى اللَّهُ تعالَى إليهِ: ما لي أراكَ يا دَاوُد وَحْدَانيًّا؟ فقال: إلهيّ، اسْتأثَرَ
(a) دُمج في تاريخ بحشل: "حدثنا عد بن عبد الملك التمار أبو معاذ".
_________
(1)
بحشل: تاريخ واسط 193.
(2)
الرسالة القشيرية 219.
الشَّوْقُ إلى لقائكَ على قَلْبي، فَحَال بيني وبين صُحْبَةِ الخَلْقِ، فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: ارْجِعْ إليهم فإنَّك إن أتَيْتَني بعَبْدٍ آبقَ أَثْبَتُّكَ في اللَّوْح المَحْفُوظ شَهِيْدًا (a) .
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْرام بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي الوَهْبَانيِّةُ، قالت: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن عليّ بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني حَمْزَة بن العبَّاسِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُانُ بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا ابنُ لَهِيْعَة، قال: حَدَّثَني الحَارِث بن يَزِيد، عن عليّ بن رَبَاح، قال: سَمِعْتُ وَهْب الذِّمَاريَّ (b) يُحَدِّثُ عن فَضَالَة بن عُبَيْد أنَّ دَاوُدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَألَ رَبَّهُ أنْ يُخبرَه بأحَبِّ الأعْمَالِ إليهِ؟ فقال: عَشْر إذا فَعلتهُنَّ يا دَاوُد: لا تَذْكُرنَّ أحدًا من خَلْقي إلَّا بخَيْر، ولا تَغْتَابَنَّ أحدًا من خَلْقي، ولا تحسُدَنَّ أحدًا من خَلْقي، قال: يا ربّ، هؤلاء ثلاثٌ لا أسْتَطيع أنْ أعملَهُنَّ.
أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إبْراهيم الإرْبليّ، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، قالت: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن عَبْدِ اللَّه بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحمَدُ بن سَلْمَان النَّجَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الجَعْد، قال سَمِعْتُ سُفْيانَ بن سَعيد، وذَكَرَ دَاوُدَ النَّبِيّ عليه السلام، فقال: قال: الحَمْدُ للَّهِ حَمْدًا كما يَنْبَغي لكَرَم وَجْهِ رَبِّي تعالَى وعزَّ جَلَالُهُ، فأوْحى اللَّهُ إليهِ: يا دَاوُد، أتْعَبْتَ المَلائِكَةَ.
(a) الرسالة القشيرية: جهبذا!.
(b) الأصل: الرمادي، والمثبت من كتاب الصمت.
_________
(1)
كتاب الصمت وآداب اللسان 283 - 284.
(2)
كتاب الشكر 22 - 23.
أخْبَرَنا أبو صَادِق الحَسَنُ بن صَبَّاحٍ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن غَدِير، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الخِلْعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو النُّعْمان تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد بن مُحَمَّد بن عبَّاس الغَسَّالُ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر بن أحمد بن مَهْدِي الدَّارَقُطْنِيّ الحافِظ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عَبْدِ اللَّه الوَكِيل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن بُدَيْل، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن لَاحِق، عن ابن شِهَاب، قال: قال دَاوُدُ عليه السلام: الحَمْدُ للَّهِ كما يَنْبَغي لكَرَم وَجْهِهِ وعِزِّ جَلالِهِ، فأوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إليه: يا دَاوُدُ، قد أتْعَبْتَ الكَتَبَةَ.
أخْبَرَنا أبو طَاهِر الحَسَنُ بن أحْمَد بن الحَسَن التَّمْيْمِيُّ الدِّمَشقيُّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الوَاحِد بن عليّ بن حَمُّوْيَه الجُوَيِنْي الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد الدِّيْنَورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان الشَّاهِد ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْذَعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا بكتابهِ في ذِكْر الرَّاضِين بقَضَاء اللَّه
(1)
، قرَأهُ عليَّ الشَّيْخُ الحافِظُ أبو الحَجَّاج يُوسُف بن مُحَمَّد بن فِيْرّوا (a) الأنْصَاريّ الأنْدَلُسِيّ من أصْلِ الشَّيْخ أبي مَنْصُور عليّ بن مُحَمَّد الطُّرَيْثِيثِيّ بتاريخ السَّادِس من شَهْر رَبيع الآخر سنة ثلاثين وخَمْسِمائَة في أثناءِ هذا الكتابِ: يقُول اللَّهُ عز وجل لدَاوُد عليه السلام: بشِّرِ الرَّاضِي بالمَقْدُور بالسُّرُور والحبُور.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبيس الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن
(a) كذا قيَّده في هذا الموضع من الأصل، وقد تقدم ذكره في العديد من المواضع برسم: فِيْرُّة.
_________
(1)
لم أقف عليه في كتاب ابن أبي الدنيا: كتاب الرضا عن اللَّه بقضائه.
أحْمَد بن عَبْدِ الوَاحِد بن مُحَمَّد السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُثْمان
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الدُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَم، قال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسْحاق، عن عَبْد الرَّحْمن بن أَبْزَى، قال: كان دَاوُد عليه السلام يَقول: كُن لليَتِيْم كالأب الرَّحيم.
أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي المَحَاسِن القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، وشُهْدَة بنت أحْمَد الكَاتِبةُ، ح.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْلِ بن أحْمَد المَوْصِليّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن إبْراهيم الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الجُنَيْد، قال: حَدَّثَنَا مَحْفُوظ بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن خَالِد الصَّنْعانِيّ، قال: حَدَّثَني عُمَر بن عبد الرَّحْمن، قال: سَمِعْتُ وَهْبَ بن مُنَبِّه يَقُول: قال دَاوُد عليه السلام: أي رَبّ، أيِّ عِبَادِكَ أحَبُّ إليكَ؟ قال: مُؤْمِنٌ حَسَنُ الصُّورَة، قال: فأيّ عِبَادكَ أبْغَضُ إليك؟ قال: كَافِر حَسَنُ الصُّورَة، شَكَرَ هذا وكَفَرَ هذا.
أخْبَرَنا أبو طَالِب عبد الرَّحْمن بن فَضْل اللَّه بن جَهْبَل الحَلَبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن الحَسَن بن أبي طَاهِر الحَلَبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس بن قُرَيْش، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق البَرْمَكِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن
(1)
ورد سند أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان مكررًا في الأصل، وهو جد السلمي المتقدم، وانظر أسانيد مشابهة في الجزء الثالث (ترجمة أحمد بن محمد بن نصر الحداد)، والجزء الرابع (ترجمة أسعد بن الحسين المعري).
(2)
الخرائطي: مكارم الأخلاق 1518.
(3)
الخرائطي: اعتلال القلوب 168، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 4:55.
عَبْدِ اللَّه بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن صالح بن ذَرِيْح، قال: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بن السَّرِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، عن الفَزَارِيّ، عن الأَعْمَش، عن المِنْهَالِ، عن عَبْدِ اللَّه بن الحَارِث، عن ابن عبَّاسٍ، قال: أوْحَى اللَّهُ إلى دَاوُد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: قُلْ للظَّلَمَة ألَّا يَذُكرُوني فإنِّي أذْكُر مَنْ ذَكَرَني، وإنْ ذِكْرِي إيَّاهم أنْ ألْعَنَهُم.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر السَّامريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسْحاقَ، عن عبد الرَّحْمن بن أَبْزَى، قال: كان دَاوُد صَلَّى اللَّه عليه يَقول: نَعُوذُ باللَّهِ من صَاحِبٍ، إنْ أنت ذَكَرْتَ اللَّه جَلَّ وعَزَّ لَم يُعِنْكَ، وإنْ أنتَ نَسِيْتَ لَم يُذَكِّرْكَ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبد الوَهَّاب الوَهْبَانيِّةُ، قالت: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد النِّعَالِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَني أبو حَاتِم الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أصْبَغُ، قال: حَدَّثَني ابن وَهْبٍ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الحَميْد بن سَالِم المَهْرِيّ، عن عَبْدِ اللَّه بن حَبِيْب أنَّ دَاوُدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: رُب كَلَامٍ قد نَدِمْتُ عليه، ولَم أنْدَمْ على صَمْتٍ قَطُّ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، وشُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الإِبَرِيّ الكَاتِبة، ح.
(a) كرَّر اسمه في الأصل، وضرب على الثاني منهما، وانظر كتاب الزهد لهناد 2:406.
_________
(1)
الخرائطي: مكارم الأخلاق 1714.
(2)
كتاب الصمت وآداب اللسان 263.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعْيِشُ بن عليّ بن يَعْيِش النَّحْوِيّ العَدْل، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل بن أحْمَد المَوْصِليّ قالوا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّافِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الملَك بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن إبْراهيم الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن الحَسَن بن عَنْبَسَة الوَرَّاقُ، قال: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بن حَاتِم العَنَزِيُّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن سُلَيمان الضُّبَعيّ، قال: قال مَالِكُ بن دِيْنار قال دَاوُد عليه السلام: يا مَعْشَرَ الأنْبِياءِ (a)، تَعَالَوا حتَّى أُعلِمَكَمُ خَشْيَةَ اللَّه عز وجل، أيّما عَبْدٍ منكم أحَبَّ أنْ يَحْيا ويَرَى الأيَّام الصَّالِحة فليَحْفَظ عَيْنَيهِ أنْ يَنْظُر سُوءًا (b) ولِسَانَهُ أنْ ينطِقَ بالإفْكِ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي بَكْر، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء -قال ابن حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن- قالا: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا احمد بن مَرْوان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن عَمْرو، عن طَلْحَة بن زَيْد، عن الأحْوَص بن حَكِيم، قال: كان
(a) في كتابي الخرائطي (الاعتلال والمكارم): الأبناء، وكتب في هامش أحدى نسخ مكارم الأخلاق تصويبًا: الأنبياء.
(b) اعتلال القلوب: أسواء، مكارم الأخلاق: ينظر إلى سوء.
_________
(1)
الخرائطي: اعتلال القلوب 138، ومكارم الأخلاق 840، وانظر الحلية لأبي نعيم 2:359.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 107.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 234.
من دُعَاء دَاوُد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رَازِق (a) النَّعَّاب في عُشِّهِ، وذلك أنَّ الغُرَاب إذا فقسَ عن فَرْخه خَرَجت بَيْضًا، فإذا رآها كذلك نَفَرَ عنها، فتَفْتَح أَفْوَاهَها، ويُرْسِل اللَّه تعالَى لها ذُبَابًا فتَدْخُل في أَفوَاهها (b)، فيكُون ذلك غذاءها حتَّى تسْوَد، فإذا اسْوَدَّت عادَ الغُرَابُ فغَذَّاها، ويَرْفع اللَّه الذُّبَابَ عنها.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه التَّاجرُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن أحْمَد بن عَبْدِ اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الصِّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَمْعَان الحافظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الوَاسِطِيّ بَحْشَل
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن زِيَاد بن زُبَالَة (c) المَدَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد، عن هَيْثَم (d) الحَذَّاءِ، عن حُسَيْن بن قَيْسٍ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كان من دُعَاءِ أخي دَاوُد عليه السلام: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ من مالٍ يكُونُ عليَّ فِتْنَةً، ومن وَلدٍ يكُون عليَّ رِيَاءً (e)، ومن حَليْلَةٍ تُقَرِّبُ الشَّيْب قبل المَشِيْب.
وقال
(2)
: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَمْعَان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن أحْمَد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأَشَجُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَالِدٍ الأحْمَرُ، عن مُحَمَّد بن عَجْلان، عن سَعيدٍ المَقْبُريّ، قال: كان دَاوُد النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه يَدْعُو: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ من مالٍ يكُونُ عليَّ وبالًا، ومن وَلدٍ يكُون عليَّ رِيَاءً، وزَوْجَةٍ تُشَيِّبُني
(a) فوقها في الأصل: "خ: رزَّاق"، والمثبت موافق لنشرة كتاب المجالسة وجواهر العلم.
(b) الدينوري: أجوافها.
(c) كذا جوَّده المصنف بالضم، ويقال فيه الفتح أيضًا.
(d) في كتاب بحشل: هشيم، ولم أقف على اسمه على الوجهين، ولعل الصواب فيه: هشيم بن بشير عن خالد الحذاء.
(e) تاريخ واسط: وباء، وفي مجمع الزوائد: وبالًا.
_________
(1)
تاريخ واسط 130، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10:183.
(2)
تاريخ واسط 130.
قبل المَشِيْب، وجَارِ سَوْءٍ يراني وقَلْبُه يَرْعاني؛ إنْ رَأى حَسَنةً كَتَمَها، وإنْ رَأى سَيِّئةً أذَاعَها.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَاميّ، قال: أنْبَأنا أبو العبَّاسِ النَّيْسَابُوريّ أنَّ مُحَمَّد بن مُوسَى بن الفَضْل أخْبَرَهم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه، ح.
وأخْبَرَنا المُؤْتَمَن بن أبي السُّعُود بن قُمَيْرَة البَغْدَاديّ، بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، عن طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صفْوَان، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: قال أبو نَصْر التَّمَّار: حَدَّثَنَا سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، قال: قال دَاوُد: سُبْحَانَ مُسْتَخرج الدُّعَاءِ بالبَلَاءَ، سُبْحانَ مُسْتَخرج الشُّكْر بالرَّخَاءِ (a).
أخْبَرَنا عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا عَبْد الغَنِيّ بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللَّه الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء -قال الأرْتاحِيّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن- قالا: حَدَّثَنَا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر المالِكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا ابن خُبَيْق، قال: سَمِعْتُ يُوسُفَ بن أسْبَاط يَقُول: إنَّ دَاوُد عليه السلام أَتاهُ مَلَكُ المَوْت وهو يَرْقى في دَرجةٍ (b)، فقال:
(a) في تاريخ ابن عساكر 17: 98: الرجاء، وفي رسائل ابن أبي الدنيا: بالرضا، ولعله الصواب.
(b) في كتاب المجالسة: درجته.
_________
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة الفرج بعد الشدة) 2: 274.
(2)
لم يرد في تاريخ ابن عساكر، وانظره عند الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 317.
ما جَاءَ بكَ؟ قال: جئتُ لأقْبض رُوحكَ، قال: فدَعْني أرْقَى، قال: لا واللَّه! قال: فدَعْني أَنزل أُوْصي، قال: لا واللَّه! ثمّ قال له: يا دَاوُد، ما فَعَلَ فُلَان؟ قال: ماتَ، قال: فما فَعَل فُلَان؟ قال: ماتَ، فقال له: يا دَاوُد، فما كان لك فيهم عبْرَة. وقال عَبْدُ الغَنِيّ: أفَمَا كان.
دَاوُد بن إبْراهيم بن تَمِيْم بن جَابِر بن هَانئ بن زَيْد بن عُبَيْد بن مَالِك بن مُرَيْط (a)[بن سَرْح بن نزَار](b) بن عَمْرو بن الحَارِث بن عَمْرو بن فَهْم بن تَيْم اللَّه بن أسَد بن وَبْرَة بن مُضَر بن تَغْلِب بن حُلْوَان بن عِمْران بن الْحَاف بن قُضاعَة، أبو الفَهْم التَّنُوخِيّ الأنْطَاكِيّ
حَدَّثَ بأنْطاكِيَة (c). رَوَى عنهُ ولَدُه القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن دَاوُد (d).
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ أحْمَد ممَّن اسْمُه دَاوُد
دَاوُد بن أحْمَد بن حَيَّان الأنْطَاكِيّ
حَدَّثَ عن تَمِيْم بن تَمِيْم البَصْرِيّ. رَوَى عنهُ الحَسَنُ بن صَاحِب بن حُمَيْدٍ الشَّاشِيّ.
(a) في الأصل: مربط، والمثبت من الإيناس للوزير المغربي 255، وتاريخ بغداد 13: 55، السمعاني: الأنساب 3: 94، ومعجم الأدباء 4: 1845 (في ترجمة: علي بن المحسن التنوخي)، ووفيات الأعيان 3: 366 (ترجمة علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي)، وشذرات الذهب 4:227.
(b) ساقط من الأصل، واستكماله من المصادر المتقدمة جميعها، وجاء في معجم الأدباء: ابن شرح.
(c) بعده في الأصل بياض قدر خمس كلمات، أبقاه ليستكمل ذكر شيوخه، ولم أهتد لمعرفة أحد منهم.
(d) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ اللَّه بن عُمَر بن عليّ بن الخَضِر، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن أبي نَصْر الغَزَّال في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْرِ أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِرُ بن طَاهِر أنَّ أبا عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، وأبا بَكْر أحْمَد بن الحُسَين البَيْهَقِيّ، وأبا عُثْمان سَعيد بن مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ كَتَبُوا إليه، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن بندَار الزَّاهِد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن صَاحِب، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن أحْمَد بن حَيَّان الأَنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا تمِيْم بن تَمِيْم البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، عن ابن عَوْن، عن عليّ بن زَيْد بن جُدْعان، عن سَعيد بن المُسَيَّب، عن أبي ذَرّ
(1)
، قال: قال له أصْحَابه: إنَّا نَرَاكَ إذا صلَّيْتَ الفَرِيْضَة لَم تَطوَّع بعْدَها؟ قال: إنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لي: يا أبا ذَرّ، لئن تَعَلَّم بابًا من العِلْم خَيْرٌ لك من ألفِ رَكْعَة تَطوُّعًا، وإذا علَّمْتَ النَّاس بابًا من العِلْم يعْمل بها أو لم يعْمل بها خيرٌ لك من ألفِ رَكْعَةٍ تَطوُّعًا.
دَاوُد بن أحْمَد بن سَعيْد بن خَلَف بن دَاوُد بن عُثْمان بن عَزِيْزي الطِّيْبِيُّ الوَاسِطِيُّ التَّاجرُ
(2)
من أهْلِ الطِّيْب؛ مَدِينَة بين وَاسِط وخُوزسْتان، من أعْيَان التُّجَّار الأخْيَار، والنُّبَلَاء الكِبَار، الجَوَّالين في الآفاق، المَعْرُوفين بكَرَم الشَّمَائِل والأخْلَاق، كان شَيْخًا حَسَنًا، بَهيّ الخلْقَة، حُلو المَنْطِق، كَثِيْر البِشْر، حَسَن المُحاضَرَة، لهُ مَعْرفَةٌ تامَّةٌ بالتَّوَاريخ وأخْبَار المُلُوك والوُزَرَاء.
(1)
الفردوس لشيرويه الديلمي 1: 278 (رقم 1084)، كنز العمال 10: 163 (رقم 28848).
(2)
توفي سنة 617 هـ، نقل عنه ياقوت في كلامه على بلدة الطيب التي ينتسب إليها المترجَم له، وترحَّم عليه، معجم البلدان 4:53.
سَمِعَ ببُخَارَى أبا المُظَفَّر أحْمَد بن الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ الصَّفَّار، وصَدْر جَهَان عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد بن عُمَر بن مَازَه، وبسَمَرْقَنْد مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي سَعْد بن أبي الخَطَّاب، وبوَاسِط أبا الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن المُعَلِّم الهُرْثِيّ الشَّاعر، وجَمَاعَة سَوَاهُم.
كَتَبَ عنهُ الحافِظ حَمَّاد بن هِبَة اللَّه الحَرَّانيّ، وكَتَبْتُ عنهُ بحَلَب شيئًا يَسِيْرًا من الحَدِيْث، وعلَّقْتُ عنه مُقَطَّعات من الشِّعْر.
وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: وُلدْتُ في الطِّيْب في الثَّاني عَشر من رَجَب من سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وقَدِمَ حلَبَ مِرَارًا.
أخْبَرَنا دَاوُد بن أحْمَد بن سَعيد الطِّيْبِيّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا بُرْهان الملَّة والدِّين صَدْر جَهَان عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد بن عُمَر إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن مَنْصُور النَّسَفِيّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا الأُسْتَاذُ شَمْسُ الأئمَّة أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الحَلْوَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص عُمَر بن أحْمَد بن أَحْيَد بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن بُجَيْر، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن عبد العَظِيْم العَنْبَرِيّ، ح.
قال عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد: وأخْبَرَنا تاجُ الإِسْلَام أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد العُقَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد اللَّه بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد الجِلِّيّ بحلَب، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد اللَّه عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَضِر بن دَاوُد بن عَبْدِ اللَّه البَزَّار
بمَكَّة، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن أخْزَم (a)، قالا: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن مَسْعَدَهَ، واللَّفْظُ للإسْنَادِ الأوَّل، عنِ عِمْرَان العَمِّيّ، عن الحَسَن، عن أنَس بن مَالِك رضي الله عنه
(1)
، قال: قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ما زلْتُ أشْفَعُ إلى ربِّي ويُشَفِّعني، وأشْفَعُ ويُشَفِّعني حتَّى أقُول: أي ربِّي، شَفِّعْني فيمَن قال: لا إلَه إلَّا اللَّه، فيقُول عز وجل: هذه ليسْتَ لك يا مُحَمَّد، إنَّما هذه لي، فوعزَّتي وحِلْمِي ورَحْمَتي لا أدَعُ في النَّار أحَدًا قال: لا إلَه إلَّا اللَّه.
أخْبَرَنا بهذا الحَديْث أعْلَى دَرَجةً إلى أبي الحَسَنِ العُقَيْلِيّ عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، والشَّيْخِ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، وولدُه القَاضِي أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَد بن عَبْدِ القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة العُقَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد اللَّه بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد الجِلِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد اللَّه عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر الأسَدِيّ، فذَكَرَهُ.
أنْشَدَنا نَجِيْب الدِّين دَاوُد بن أحْمَد بن سَعيد الطِّيبِيّ التَّاجرُ، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: أنْشَدَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن المُعَلِّم بوَاسِط لنَفْسِه: [من مجزوء البسيط]
يا صَاحِبيَّ الهَوَى شَدِيْدُ
…
ووَعْدُ سُلْطَانِهِ وَعِيْدُ
فعَلِّلَا بالمُنَى فُؤَادًا
…
قَريْبُ أطْمَاعِهِ بَعِيْدُ
وخَلِّياني فَرْدًا وَحِيْدًا
…
أبْكِي عَسَى يُرْحَمُ الوَحِيْدُ
(a) في الأصل: أخرم، بالراء، وصوابه بمعجمتين كما عند ابن ماكولا: الإكمال 1: 37، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 1: 170.
_________
(1)
مسند أبي يعلى الموصلي 5: 172 (رقم 2786).
هَوَّنَ قَتْلِي عَلَيَّ عِلْمي
…
أنَّ قَتِيْل الهَوَى شَهِيْدُ
خُذَا دَمي مِن ظِبَاءِ نَجْد
…
فَلي علَيها بِهِ شُهُودُ
إنْ جَحَدَتْ سَفْكَهُ عُيُونٌ
…
فقَد أقرَّتْ بهِ خُدُودُ
غَوِيْتُ في الحُبِّ دُونَ صَحْبي
…
وَيْليَ مَنْ مِنهُمُ الرَّشِيْدُ
أهْلُ الهَوَى لا الشَّقِي مِنهُمْ
…
يَعْرِفُ أمنًا ولا السَّعِيْدُ
يا قَاسِيًا ما وَعَى اشْتِكائي
…
أَصَخْرةٌ أنْتَ أم حَدِيدُ
لانَ لكَ الصَّعْبُ مِن قيَادِي
…
وفي الهَوَى يَخْضَعُ الجَلِيدُ
يا مَنْ لَهُ عِزَّةُ المَوَالِي
…
رِفْقًا فقَدْ ذَلَّتِ العَبِيْدُ
وحَقِّ دِيْن الهَوَى يَمِيْنًا
…
آلَى بها المُدْنَفُ العَمِيْدُ
ما غَيَّرَتْ عَهْدِيَ اللَّيالِي
…
فيْكَ وَلا حالَتِ العُهُودُ
قالُوا: أتَى العِيْدُ، قُلْتُ: أهْلًا
…
إنْ جاءَ بالوَصْلِ فَهْوَ عِيْدُ
مَنْ ظَفَرتْ بالمُنَى يَدَاهُ
…
فكُلُّ أيَّامِهِ سُعُودُ
وأنْشَدَنا دَاوُد الطِّيْبِيّ أيضًا، وكَتَبهُ لي بخَطِّه، قال: أنْشَدَنا ابنُ المُعَلِّم لنَفْسِه: [من المنسرح]
كيف تُؤدِّي التَّحِيَّةَ الرُّسُلُ
…
ودُوْنَ لَيْلَى العَسَّالَةُ الذُّبُلُ
أم كيفَ يُلْحَى مَن بالغَرَام لهُ
…
دَمْعٌ وسَمْعٌ جَارٍ ومُعْتَقَلُ
هَانَ على العَاشِقِ الغَرَامُ فما
…
يُريدُ منهُ المَلَامُ والعَذَلُ
نَعَم، هيَ العَيْشُ للمُحبِّ وما
…
في ذاكَ لا مِرْيَةٌ ولا عَدَلُ
إنْ قَرُبَتْ فالسُّيُوفُ مُصْلَتَةٌ
…
تُبْطِلُ عنها ما يدَّعي البَطَلُ
أو سَمِحَتْ ضَنَّتِ الرِّمَاحُ بها
…
فجُودُها لامْتِناعِهَا بَخَلُ
عَزَّتْ فلَو جَاءَتِ الصَّبَا سَحَرًا
…
تَسْأَلُ عنها أَجَابَها الأسَلُ
تَعَافُها الأُسْدُ وَهْيَ آمِنةٌ
…
خَوْفًا فكَيفَ المُرَوَّعُ الوَجِلُ
بَلَغَني في سَنَة سَبْع عَشْرة وسِتّمائة أنَّ النَّجِيْبَ دَاوُد الطِّيبِيّ قُتِلَ ببُخَارَى شَهِيْدًا بأيْدي التَّتَار حين هَجَمُوها.
وأخْبرَني أبو الفَضْل المُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه بن غَزَال التَّاجرُ الوَاسِطِيُّ أنَّ دَاوُد الطِّيْبِيّ هَلَكَ في فِتْنَةِ التَّتَار بنيْسَابُور، هو وأوْلَاده، رحمهم الله.
دَاوُد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن بن عَشَائِر، أبو سَالِم الحَلَبِيُّ
(1)
حَدَّثَ عن جَدِّهِ لأُمِّهِ أبي طَالِب عَبْد الكَريم بن عَبْد المُنْعِم بن الطَّرَسُوسِيّ بحَلَب.
رَوَى لنا عنْهُ أبو طَالب عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم بن عَبْد المُنْعِم الحَلَبيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ.
أخْبَرَنا أبو طَالِب عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم بن عَبْد المُنْعِم بن الطَّرَسُوسِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد بن الطَّرَسُوسِيّ الحَلَبِيَّان، قالا: أخْبَرَنا أبو سَالِم دَاوُد بن أحْمَد بن عليّ بن عَشَائِر الحَلَبِيّ بحَلَب في ذي القَعْدَة من سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا جَدِّي لأُمِّي أبو طَالِب عَبْد الكَريم بن عَبْد المُنْعِم بن هِبَةِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبي عَبْد المُنْعِم، قال: أخْبَرَنا أبو صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنَا جَدِّي أبو الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هَارُون الدِّيْنَورِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد السَّعْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن الهَيْثَم بن الجَهْم المُؤذِّنُ،
(1)
توفي نحو سنة 580 هـ.
قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن حَسَّان، عن مُحَمَّد بن سِيْرِيْن، عنِ أبي هُرَيْرَة
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَبْعَةٌ في ظِلِّ العَرْش يَوْم لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه: رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه عز وجل ففاضَتْ دُمُوعهُ، ورَجُلٌ يُحبّ عَبْدًا لا يُحبُّه إلَّا لَهُ، ورَجُلٌ قَلْبُه في (a) المَسَاجِدِ من شِدَّة حُبِّهِ إيَّاها، ورَجُلٌ يُعْطي الصَّدَقَة بيَمِينه يكادُ أنْ يخْفِيها عن شمالهِ، ورَجُلٌ عرضَتْ عليه نَفْسَها ذاتُ جَمَالٍ وحَسَبٍ فقال: إنِّي أخافُ اللَّه رَبّ العالَمِين، فيَتركها لجَلالِ اللَّه عز وجل، ورَجُلٌ كان في سَرِيَّةٍ مع قَوْم فانْكَشَفُوا فحَمَى أدْبَارَهُم حتَّى نَجَا ونَجَوا أو اسْتُشهِد.
تُوفِّي دَاوُد بن أحْمَد بن عَشَائِر في حُدُود الثَّمانيْن وخَمْسِمائَة بحَلَب.
دَاوُد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن ثَابِت بن الحَارِث بن مُلَاعِب، أبو البَرَكَاتِ بن أبي عَبْد اللَّه البَغْدَاديّ الأَزَجِيّ الوَكِيل، ويُعْرَفُ بالرَّبِيْب
(2)
سَمِعَ ببَغْدَاد من أبي بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن عُمَر بن يُوسُف الأُرْمَوِيّ، والحَاجِب أبي مَنْصُور أَنُوشْتِكِيْن (b) بن
(a) عند ابن عساكر: معلق بالمساجد.
(b) قيَّده في هذا الوضع وتاليه بإسقاط الألف من أوله: "نوشتكين"، وتقدم في العديد من المواضع على النحو المثبت.
_________
(1)
أخرجه من هذا الطريق ابن عساكر في تاريخه 66: 234، وهو مشهور من طريق حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، انظر تخريجه في المسند الجامع 18: 455 (رقم 15270).
(2)
توفي سنة 616 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 3: 257 - 258، المنذري: التكملة 2: 471 - 472، التقييد لابن نقطة 2: 508، ذيل الروضتين لأبي شامة 179 - 180 (وفيه: الزبيب)، تاريخ الإسلام 13: 467 - 468، المختصر المحتاج إليه 2: 62 - 63، سير أعلام النبلاء 22: 90 - 91، الإعلام بوفيات الأعلام 253، العبر في خبر مَن غبر 3: 169، الوافي بالوفيات 13: 458، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 278، النجوم الزاهرة 6: 246، شذرات الذهب 7:120.
عَبْدِ اللَّهِ الرِّضْوَانِيّ، وأبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد العبَّاسيّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، وأبي القَاسِم نَصْر بن نَصْر العُكْبَرِيّ، وأبي الكَرَم المُبارَك بن الحَسَن (a) بن الشَّهْرَزُورِيّ، وأبي الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، وأبي العبَّاس بن المَنْدَائِيّ، وغيرهم.
قَدِمَ حلَبَ، وأقام بها مُدَّة يُوَرِّق بباب المَسْجِد الجاَمِع، ثمّ سَافَر عن حَلَب إلى دِمَشْق، وأقام بها، وصار فيها وَكِيْلًا بمَجْلِس الحُكْم، واجْتَمَعْتُ به بدِمَشْق، وسَمِعْتُ منه أجْزاء من الحَدِيْث.
وكان شَيْخًا حَسَنًا، صَحيحِ السَّمَاعِ، من بَيْت الحَدِيْث والرِّوَايَة، وسَمِعَ الكَثِيْر بإفَادة أبيهِ. وأخْبَرَني أنَّ مَوْلده في النِّصْف من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه.
أخْبَرَنا رَبِيْبُ الدِّين أبو البَرَكَات دَاوُد بن أحْمَد بن مُلاعِب، قراءةً منِّي عليه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عُمَر بن يُوسُف الأُرْمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عُبَيْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن الزُّهْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن الفِرْيَابِيّ [. . .](b).
أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن مُلاعِب، قال: أخْبَرَنا الحاَجِبُ الأجَلُّ خَطِيْر المُلْك أبِو مَنْصُور أَنُوشْتِكِيْن (c) بن عَبْدِ اللَّه الرِّضْوَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، في شَهْر رَمَضَان سَنَة ستٍّ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ في ذِي الحِجَّة سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وأرْبَعِمائة،
(a) في الأصل: ابن أبي الحسن، وصوبه بالضرب على كلمة "أبي".
(b) أبقى ابن العديم أربعة أسطر بياضًا لإدراج الرواية.
(c) الأصل: نوشتكين.
قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن العبَّاس المُخَلِّص، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، في رَبِيع الآخر سَنَة إحْدَى وتِسْعِين وثَلاثِمائة، ح.
وقال شَيْخُنا أبو البَرَكَات بن مُلاعِب: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه بن نَصْر بن عُبَيْد اللَّه بن سَهْل الزَّاغُونِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان: الشَّريفُ أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيني، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو القَاسِم عليّ بن البُسْرِيّ إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص
(1)
، قال: حدَّثَنا عَبْدُ اللَّه -هو ابن مُحَمَّدُ بن عبد العزِيْز البَغَويّ- قال: حَدَّثَنَا أبو عِمْران مُحَمَّدُ بن جَعْفَر الوَرْكَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مَيْسَرة البَكْرِيّ، عن أنسَ بن مَالِك رضي الله عنه: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على حَمْزَة رضي الله عنه سَبْعِين صَلَاةً.
أنْبَأنَا الحافِظُ عبد العَظِيْم المُنْذِريّ في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَاتِ النَّقَلَة
(2)
، قال: وفي رَجَب -يعني من سَنَة ستّ عَشرة وسِتِّمائة- تُوفِّي الشَّيْخ أبو البَرَكَات دَاوُد بن أبي عَبْد اللَّه أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن ثَابِت بن الحَارِث بن مُلَاعِب البَغْدَاديّ الأَزَجِيّ الوَكِيل المَعْرُوف بالرَّبِيْب، بدِمَشْقَ.
سَمِعَ ببَغْدَادَ بإفَادة أبيه (a) من أبَوَي الفَضْل: مُحَمَّد بن عُمَر (b) الفَقِيه، ومُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه بن الزَّاغُونِيّ، وأبي القَاسِم نَصْر بن نَصْر العُكْبَرِيّ، وأبي العبَّاس أحْمَد بن بَخْتِيار المَنْدائِيّ، وأبي الكَرَم المُبارَك بن الحَسَن بن الشَّهْرَزُورِيّ، وأبي الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى، وغيرهم.
(a) الأصل: ابنه، وتقدم صحيحًا، والمثبت موافق لتكملة المنذري.
(b) الأصل: عثمان، والمثبت من كتاب التكملة، وجاء صحيحًا في طالع الترجمة، وهو الملقب بالأرموي.
_________
(1)
المخلصيات 2: 83.
(2)
التكملة لوفيات النقلة 2: 471.
وحدَّثَ ببَغْدَاد ودِمَشْق؛ لَقِيتُه بدِمَشْق، وسَمِعْتُ منه، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: في نصْف المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.
هكذا قال عبد العَظِيْم إنَّهُ تُوفِّي في رَجَب، ووَجَدْتُ فيما علقْتُهُ من الفَوَائِد: تُوفِّي دَاوُد بن أحْمَد بن مُلاعِب بدِمَشْق يَوْم السَّبْتِ الخَامِس والعشرين من جُمَادَى الآخرة سَنَة ستّ عَشرة وسِتّمائة.
دَاوُد بن أحْمَد النَّاصِر ابن يَحْيَى الهَادِي ابن الحُسَين بن القَاسِم الرَّسِّيّ ابن إبْراهيم طَبَاطَبا ابن إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن الحَسَن ابن الحَسَن بن عليّ بن أبي طَالِب، أبو الحَمْد بن أبي الحَسَن الحَسَنيُّ
له ذِكْرٌ. قَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان، فأكْرَمهُ وحَبَاهُ.
قَرَأتُ في كتاب نُزْهَة عُيُون المُشْتاقِيْن
(1)
، تأليف أبي الغَنائِم الزَّيْدِيّ النَّسَّابَة، قال: وحَدَّثَني بعضُ بني عَمِّي أنَّ دَاوُد ابن النَّاصِر وَفَدَ إلى الأَمِير سَيْفِ الدَّوْلَة عليّ بن حَمْدَان بحَلَبَ وهو مُتَقلِّدٌ بسَيْفٍ ومُصْحَف، فقال له الأَمِيرُ سَيْف الدَّوْلَة: ما هذا يا شَرِيْفُ، أرَاكَ مُتَقلِّدًا بمُصْحَف وسَيْف؟ فقال: أيُّها الأَمِير، مَنْ خَالَفني عمَّا في هذا ضَرَبْتُ رأسَهُ بهذا، فأعْجَبَهُ وأكْرَمَهُ، وانْتَقَلَ الرَّشِيْدُ وأبو القَاسِم إلى حَلَب؛ يعني: أخَوَيْه: أبا الفَضْل الرَّشِيْد وأبا القَاسِم مُحَمَّد ابني النَّاصِر.
(1)
تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.
دَاوُد بن أحْمَد، أبو سُليْمان البُوْقِيُّ الأنْطَاكِيُّ
(1)
وبُوْقَة، ويُقال: بُوْقَا، هي قَرْيَةٌ من قُرَى أنْطَاكِيَة.
رَوَى عن عَبْد اللَّه بن جَعْفَر الرَّقِّيّ، ومَعْمَر بن مَخْلَد السَّرُوجِيّ، وسُليْمان بن سَلَمَة الخَبَائِرِيّ.
رَوَى عنهُ خَيْثَمَة بن سُلَيمان الأطْرَابُلُسِيُّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن حَمْدُون بن خَالِد.
أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العَشَائِر مُحَمَّد بن فَارِس القَيْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي العَلاءَ المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن خَيْثَمَةُ بن سُلَيمان بن حَيْدَرة، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان دَاوُد بن أحْمَد البُوْقِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن عَيَّاش، عن يَحْيَى بن سَعيدٍ الأنْصَاريّ، عنِ نَافِع، عن ابن عُمَر
(2)
، قال: كُنَّا نَقُول على عَهْد رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ هذه الأُمَّة بعدَ نَبيِّها صلى الله عليه وسلم أبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمان.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد اللَّه بن أبي الحَسَن البَغْدَاديّ في كتابهِ، عن الحافِظ أبي العَلَاءَ الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظُ
(3)
، قال: دَاوُد بن أحْمَد البُوقِيّ، أبو
(1)
ترجمته في: كتاب الأسامي والكنى للحاكم 5: 31، توضيح المشتبه 1:464.
(2)
فضائل الصحابة لابن حنبل 90، والسنة لابن أبي عاصم 2:567.
(3)
الأسامي والكنى 5: 31.
سُليمان، سَكَنَ أنْطَاكِيَةَ، سَمِعَ أبا عبد الرَّحْمن مَعْمَر بن مَخْلَد السَّرُوجِيّ، كَنَّاهُ لنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن حَمْدُون بن خَالِدٍ.
دَاوُد بن بِلَال بن مَالِك بن أُحَيْحَة بن الجُلَاح بن حَرِيْش بن جَحْبَا بن كُلْفَةَ بن عَوْف (a) بن عَمْرو بن عَوْف بن عَمْرو بن مَالِك بن أَوْس بن حارِثَة الأنْصَاريُّ الأوسِيُّ، أبو لَيْلَى
(1)
وقيل: اسْمُه يَسَار بن عبوة (b) بن بُلَيْل بن بِلَال بن أُحَيْحَة، وقيل: بِلَال أخوه، وقيل: لا اسْم له غير كُنْيَته، وهو والد عبد الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى.
صَحِبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ، وكان خَصِيْصًا بعليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، وشَهِدَ معه صِفِّيْن، وكان يَسْمُر معهُ ويَنْقَطع إليه.
وَسَنَذْكُره إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى في حَرْف اليَاءَ فيمَن اسْمُه يَسَار
(2)
.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِتٍ
(a) كذا في الأصل -حيثما يرد تاليًا ومنها ترجمته في الكنى- بالفاء: عوف، ومثله في أغلب مصادر ترجمته، وجاء في نسب قريش لمصعب الزبيري بالقاف: عوق.
(b) كذا في الأصل حيثما يرد، وقيده في تاريخ بغداد 1: 543: عبورة، وفي تاريخ ابن عساكر 35: 81: عتورة.
_________
(1)
ترجمته في: طبقات خليفة 85، 135، 150، طبقات ابن سعد 6: 54، 109 - 113، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 39، 82، 164، الاستيعاب 4: 1744، تهذيب الكمال 34: 238 - 239، أسد الغابة 2: 129 - 130، الوافي بالوفيات 13: 459، الإصابة 2: 161، 7: 166 - 167. ويأتي ذكره في المصادر في ثنايا ترجمة ابنه عد الرحمن، انظر: تاريخ بغداد 1: 542 - 543، تاريخ ابن عساكر 35: 75 - 107، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 367. وترجم له ابن العديم أيضًا في الكنى (الجزء العاشر).
(2)
تراجم حرف الباء في الضائع من أجزاء الكتاب، وترجم له في الكنى:"أبو ليلى الأنصاري".
الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو حَازِم العَبْدُويّ إمْلاءً بنيْسَابُور، قال: سَمعْتُ أحْمَد بن الحُسَين بن عليّ القَاضِي الهَمْدانيّ يَقُول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن أَحْمَد بن أَسِيْد بأصْبَهَان، قال: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّدُ بن شاكِر، قال: سَمِعتُ مُحَمَّدُ بن عِمْران بن أبي لَيْلَى يَقُول: اسْمُ أبي لَيْلَى: دَاوُد بن بِلَال، ولَقَبُه أَيْسَر.
قال أبو بَكْر الخَطِيب
(2)
: وزَعَم عَبْدُ اللَّه بن عُمَارَة بن القَدَّاح أنَّ اسْمَ أبي لَيْلَى يَسَار بن عبوة (a) بن بُلَيْل بن بِلَال بن أُحَيْحَة.
وقال الخَطِيبُ
(3)
: وأبو لَيْلَى الأنْصَاريّ وَالد عبد الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى واسْمُه يَسَار، ويُقال: دَاوُد.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي أحْمَد
(4)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد (b) بن حَسْنُوَيْه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أحْمَد الأهْوَازِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ
(5)
، قال: وأبو ليلَى اسْمُه يَسَار بن بِلَال بن مَالِك (c) بن أُحَيْحَة بن الجُلَاح بن حَرِيْش بن جَحْجَبَا بن كُلْفَة بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف بن مَالِك بن أَوْس بن حَارِثَة.
وقال خَلِيفَة في مَوضعٍ آخر
(6)
: اسْمُ أبي لَيْلَى بِلَال بن أُحَيْحَة، وسَاقَ نَسَبَهُ إلى أنْ قال: ابن كُلْفَة بن عَوْف بن عَمْرو بن عوْف بن عَمْرو بن مَالِك بن الأَوْس. قال: ويُقال ليسَ لأبي لَيْلَى اسْمٌ. ويُقال: بِلَالٌ هو أخو أبي لَيْلَى.
(a) في تاريخ بغداد: عبورة، وفي تاريخ ابن عساكر 35: 81: عتورة.
(b) الأصل: أبو سعد، وصوابه المثبت، واسمه: الحسن بن محمد بن عبد اللَّه بن حسنويه الأصبهاني، أكثر الخطيب البغدادي النقل عنه في كتبه.
(c) سقط اسمه من نشرة كتاب خليفة.
_________
(1)
تاريخ بغداد 1: 543.
(2)
تاريخ بغداد 1: 543.
(3)
تاريخ بغداد 1: 542.
(4)
تاريخ بغداد 1: 542.
(5)
طبقات خليفة 135.
(6)
طبقات خليفة 150.
دَاوُد بن رَسْلَان بن غَازِي الدِّمَشقيّ المُلَقَّب بالشَّرَف الحَنَفِيّ
(1)
كان فَقِيهًا فَاضِلًا مُتَميِّزًا صَالِحًا، يَنْظِم الشِّعْرَ، اشْتَغَل بالفِقْه على بُرْهَان الدِّين مَسْعُود بن شُجاعِ الحَنَفِيّ، ولَزِمَهُ بالمَدْرَسَةِ النُّورِيَّةِ إلى أنْ ماتَ وأعادَ عليهِ، وتولَّى نِيَابَة القَضَاءِ بدِمَشْق.
وقَدِمَ علينا حَلَب مِرَارًا، وكان يقدِمُ إليها لقَبْض مُغل وَقْف المَدْرَسَة الخاَتُونيَّة من الحصَّة المَوْقُوفة على المَدْرَسَة بالقَرْيَة المَعْرُوفة بمَعْرُسْتَا
(2)
من الأُرْتِيْق على مَقْرُبةٍ من حَلَب، واجْتَمَعْتُ به مِرِارًا، وكان يَحْضُر عند عَمِّي أبي غَانِم ويُكَاثرهُ، وكان قد خَرَج مع عمِّي أبي غَانِم إلى صُمُّع الفُوْقَا
(3)
في أيَّام البِطِّيْخ كما جرت عَادَةُ الحَلَبِيِّيْن، وكنتُ معهم، فشَاهدتُه وقد كَتَبَ أبْيَاتًا على حَائِط قبْلَة مَسْجِد صُمُّع، وهي:[من البسيط]
ياِ أهْلَ صُمُّعَ إنِّي حَاسِدٌ لَكُمُ
…
بقُرْبكُم من جَمالِ الدِّينِ ذِي الوَرَعِ
موْلًى عِبادَتُه للَّهِ منْذُ نَشَا
…
لَم يَطَّرِحْها ولَم يُهْمِلْ ولَم يَدَعِ
هَنَاكُمُ بل أُهَنّي النَّاسَ كُلَّهُمُ
…
بِهِ وأُفْدِيهِ من بُؤْسٍ ومِن وَجَعِ
وكان لعمِّي ملكٌ بهذه القَرْيَة، وكان يَخْرُجُ بأهْلهِ وأوْلَادِه في كُلِّ سَنَةٍ إليها، واتَّفق في هذه السَّنَة أنَّنا تَوَجَّهنا مع عَمِّي إلى زِيارة مَشْهَد رُوْحِين، والشَّرَف
(1)
توفي سنة 638 هـ، وقيل سنة: 639 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 578، القرشي: الجواهر المضية 2: 185 (وفيه: داود بن رسلان)، ابن أبي عذيبة: إنسان العيون 267، الوافي بالوفيات 13: 470 - 471، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 476، الغزي: الطبقات السنية 3: 222، اللكنوي: الفوائد البهية 73.
(2)
معرستا: ذكرها الفزي "معرسته" من قرى ناحية عزاز. نهر الذهب 1: 263.
(3)
صُمُّع: ذكرها ابن أبي أصيبمة قرية أقطعها نور الدين بن زنكي للطبيب سكرة الحلبي، ولم يحدد موضعها. عيون الأنباء 638.
دَاوُد مَعَنا، فكَتَبَ أبْيَاتًا حَسَنةً من نَظْمه على حَائِط المَشْهَد عند القُبُور الثَّلاثة، وأنشدناها وأنسِيْتُها.
وكان رحمه الله قد انْقَطَع في آخر عُمْرِه في مَدْرَسَةِ عِزّ الدِّين أَيْبَك المُعَظَّميّ يُدَرِّس بها الفِقْه، وهو مُنْجَذِبٌ عن النَّاسِ، قَليل المُخَالَطة لأرْبَاب الدُّنْيا. وكان قد تَولَّى تَرْبية أوْلَاد شَيْخه بُرْهَان الدِّين مَسْعُود بعدَ مَوْته، وأشْغَلهم بالفِقْه، وكان يَذكر الدَّرْس عنهم بمَدْرَسَة نور الدِّين بدِمَشْق إلى أنْ اسْتَقلَّ أحدُهُم بها، وبَلَغَني أنَّهُ تُوفِّي بدِمَشْق في أحدِ الجُمَاديَّيْن من سَنَة ثمانٍ وثَلاثين وستمائة.
وأنْبَأنَا الحافظُ أبو مُحَمَّد عبدُ العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ، قال في كتاب التَّكْملَة لوَفَيَات النَّقَلَةِ
(1)
، في ذِكْرِ مَنْ تُوفِّي سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وسِتّمائة: وفي الثَّامِن والعشْرين من جُمَادَى الأُوْلَى تُوفِّي الشَّيْخُ الفَقِيهُ الصَّالِحُ دَاوُد الحَنَفِيّ، مُدَرِّسُ الحَنَفِيَّة بدِمَشْق.
دَاوُد بن رُشَيْد، أبو الفَضْل الخُوارَزْمِيُّ الأصْل، البَغْدَاديّ الدَّار، مَوْلَى بني هاشِم
(2)
كان أبُوه رُشَيْد مَوْلَى المَنْصُور، وحَدَّثَ عن المَهْدِيّ، وكان خُوارَزْمِيًّا، وسَمِعَ دَاوُد ابنُهُ بحَلَبَ أبا سَعيد عُمَر بن حَفْصٍ، ورَوى عنهُ وعن مُجَّاعَة بن
(1)
التكملة لوفيات النقلة 3: 578.
(2)
توفي سنة 339 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 349، تاريخ البخاري الكبير 3: 244، التاريخ الصغير 2: 341، الطبري 8: 90، الجرح والتعديل 3: 412، الثقات لابن حبان 8: 236، حلية الأولياء 8: 335، تاريخ بغداد 9: 338 - 340، السمعاني: الأنساب 5: 213، تاريخ ابن عساكر 17: 135 - 141، ابن الجوزي: المنتظم 11: 267، تهذيب الكمال للمزي 8: 388 - 392، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 818 - 819، الإعلام بوفيات الأعلام 107، سير أعلام النبلاء 11: 133 - 135، العبر في خبر مَن غبر 1: 337، الكاشف 1: 288، الوافي بالوفيات 13: 470، القرشي: =
الزُّبَيْر، وأبيهِ رُشَيْدٍ، وزكرِيَّاء بن مَنْظُور، ومُعَمَّر بن سُلَيمان، وإسمَاعِيْل ابن عُليَّة، وإسْمَاعِيْل بن جَعْفَر المَدَنِيّ، وهُشَيْمِ بن بَشِير، وأبي حَفْصٍ الأبَّار، وصالح بن عُمَر الوَاسِطِيّ، وأبي المُلَيْح الرَّقِّيّ، وشُعيْب بن إسْحاق، والوَلِيد بن مُسْلِم، والوَلِيد بن صالح، ويَزِيْد بن هَارُون، ومُحَمَّد بن رَبِيْعَة، وحَفْص بن غِيَاثٍ، ومَرْوَان بن مُعاوِيَة، وعَبَّاد بن العَوَّام، وعُمَر بن أَيُّوب، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وسُوَيْد بن عَبْدِ العَزِيْز، وإسْمَاعِيْل بن عَيَّاشٍ، وجَمَاعَةٍ سوى هؤلاءِ.
رَوَى عنهُ أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن خَلَف المَعْرُوف بوَكِيع، وأبو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا، وأبو يَحْيَى صَاعقَة، وعُمَر بن أَيُّوبَ السَّقَطِيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن المُنَادِيّ، وعَبْد العَزِيز بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة، وإبراهيم بن عبدِ اللَّه بن الجُنَيْد، وإبْراهيم بن هَانئ النَّيْسَابُوريّ، وعَيَّاشُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى الجَوْهَرِيّ، وأبو عِيسَى مُوسَى بن عليّ بن مُوسَى الخُتَّلِيّ، وأبو القَاسِم عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه البَغَويّ، وأبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم المِنْجَنِيْقِيّ، وأبو مُحَمَّد بنان بن أحْمَدَ الدَّقَّاق، وأبو عَبْدِ اللَّه الحُسَين بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن الخَصِيْب الأبْزَارِيّ، وأحمد بن سَعيدٍ المَرْثَدِيّ، وأبو عليّ حَسْنُون بن الهَيْثَم الدُّوَيْرِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن إبْراهيم بن مَطَرٍ السُّكَّرِيّ، وغيرُهُم.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن الحُسَين بن عَبْدِ اللَّه بن هَارون الدّقِّاق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: حَدَّثَنَا داود بن رُشَيْد أبو الفَضْل الخُوارَزْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع بن الجَرَّاح، عن
= الجواهر المضية 2: 186، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 318، تهذيب التهذيب 3: 184 - 185، تقريب التهذيب 1: 231، شذرات الذهب 3: 177، اللكنوي: الفوائد البهية 72 - 73، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 202.
الأَعْمَش، عن سَالِم بن أبي الجَعْد، عن جَابِر بن عَبْد اللَّه رضي الله عنه
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تسَمَّوا باسْمَي، ولا تَكَنَّوا بكُنْيَتي؛ فإنِّي أنا أبو القَاسِم، أَقْسِم بيْنَكُم.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، وعُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، إجَازَةً منهما، وأخْبَرَنا عنهما سَمَاعًا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْدِ اللَّه، قالا: أخْبَرَنا عليّ بن هِبَةِ اللَّه بن عَبْد السَّلام، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَزَّاز، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن إبْراهيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه -هو ابن مُحَمَّد- قال: حَدَّثَنَا دَاوُد -هو ابنُ رُشَيْد- قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد عُمَرُ بن حَفْص، لَقِيتُه بحَلَب، عن أبي مُحَمَّد الأنْصَاريّ السَّاعِدِيّ، عن يَزِيد بن زَيْد، عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعدِيّ
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبْدِ المَوَدَّة لمَنْ وَادَدْتَ فإنَّها أثْبْتُ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيِّ بن سُلَيمان بن بنيْن الشَّافِيّ بالقَاهِرَة، قال: أنْبَانَا أبو القَاسِم عَبْدُ الرّحْمن بن مُحَمَّد السِّبْييّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن الحَسَن التِّنِّيْسِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر بن أبي الحَدِيْدِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه -يعني مُحَمَّد بن يُوسُف بن بِشْر
(3)
بن النَّضْر (a) بن مِرْدَاسٍ الهَرَويّ بدِمَشْق، قال:
(a) في الأصل مكررًا: النضر بن النضر، والتصويب من المصادر المذكورة في التعليق قبله.
_________
(1)
مصنف ابن أبي شيبة 5: 265 - 266 (رقم 25916، 25918)، مسند ابن حميد (المنتخب) 335) رقم (1112)، صحيح مسلم 3: 1682 - 1683 (رقم 3 - 6)، سنن ابن ماجة 3: 1230 (رقم 3736)، فتح الباري 6: 560 (رقم 3538).
(2)
الفردوس بمأثور الخطاب لشيرويه الديلمي 1: 434 (رقم 1766)، وروايته: إبدأ، مجمع الزوائد للهيثمي 10:282.
(3)
الأصل: بشير، والتصويب من ترجمته في: تاريخ بغداد 4: 641، وتاريخ ابن عساكر 56: 37، سير أعلام النبلاء 5: 252، الوافي بالوفيات 5:246.
سَمِعْتُ أحْمَد بن سَعيد المَرْثَدِيّ ببَغْدَاد يَقُول: سَمِعْتُ دَاوُد بن رُشَيْد يَقُول: كُنْتُ أَسْتَملي لإسْمَاعِيْل بن إبْراهيم ابن عُلَيَّة فأكْثَر النَّاسُ الرَّدَّ، فغَضِبَ، وتكَلَّمْتُ، فقال لي إسْمَاعِيْل: احْتَملْهُم فإنَّ أَوْلَى النَّاسِ بالاحْتِمَال أنا وأنتَ، الرِّئَاسَةُ لها مَؤُونَة.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ النَّسِيب عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيْمان بن بنيْن الشَّافِعيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال:[حدّثنا](a) إسْمَاعِيْلَ بن إسحاق السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن رُشَيْد، قال: كانُوا يَكْرهُونَ أنْ يَزِيدَ مَنْطِق الرَّجُل على عَقْلهِ.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الحافِظُ
(3)
، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم الضَّبِّيّ، قال: أخْبَرَني عليّ بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: وسَألتُه -يعني: صالح بن مُحَمَّد جزَرَة- عن دَاوُد بن رُشَيْد، فقال: كان يَحْيَى بن مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(4)
، قال: دَاوُدُ بن رُشَيْد، أبو الفَضْل، موْلَى بني هاشِم، خُوارَزمِيُّ الأصْلِ، بَغْدَاديُّ الدَّار. سَمِعَ أبا المُلَيْح الرَّقِّيّ،
(a) إضافة من كتاب المجالسة.
_________
(1)
لم يرد في تاريخ ابن عساكر.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 233.
(3)
تاريخ بغداد 9: 340.
(4)
تاريخ بغداد 9: 338 - 339.
وإسْمَاعِيْل بن جَعْفَر المَدَنِيّ، والوَلِيد بن مُسْلِم، وشُعَيْب بن إِسْحاق الدِّمَشقيَّيْن، وهُشَيْم بن بَشِير، وإسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، وأبا حَفْص الأبَّار، ومَرْوَان بن مُعاوِيَة، ومُحَمَّد بن رَبِيْعَة، وعَبَّاد بن العَوَّام، وصالح بن عُمَر الوَاسِطِيّ.
رَوَى عنهُ أبو يَحْيَى صَاعِقَة، وأبو جَعْفَر ابن المُنَادِيّ، وإبْراهيم بن هَانئ النَّيْسَابُوريّ، وإبْراهيم بن عَبْدِ اللَّه بن الجُنَيْد، وأبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، وعُمَر بن أيُّوبَ السَّقَطِيّ، وأبو القَاسِم البَغَويّ، وغيرهم.
أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المبُارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن دَاوُد بن رُشَيْد ببَغْدَادَ، يعني: ماتَ.
أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي أحْمَد
(1)
، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد البَغَويّ
(2)
: ماتَ دَاوُدُ بن رشَيْد سَنَةَ تِسْعٍ وثلاثين.
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ سُليْمان ممَّن اسْمُه دَاوُد
دَاوُد بن سُلَيمان بن حَفْص بن أبي دَاوُد، أبو بشْر الكُوْفيّ ثمّ الطَّرَسُوسِيّ
(3)
حَدَّثَ عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة القُرَظِيّ القَاضِي. رَوَى عنهُ أبو الطَّيِّب أحْمَد بن عُبَيْد اللَّه الدَّارِمِيّ.
(1)
تاريخ بغداد 9: 340.
(2)
تاريخ وفاة الشيوخ للبغوي 73.
(3)
ذكره عرضًا كل من ابن عساكر في تاريخه 19: 62، والمزي في تهذيب الكمال 9:370.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللَّه بن المُقَيِّر البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الحَسَنُ بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أْخبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ
(1)
، قال: أبو بِشْرٍ دَاوُد بن سُلَيمان بن حَفْص بن أبي دَاوُد الكُوْفيّ، كُتِبَ (a) عنهُ بطَرَسُوسَ عن زَكَرِيَّاءَ بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَةَ بن أبي مالكٍ القُرَظِيّ، كَنَّاه وسَمَّاهُ لنا أبو الطَّيِّب أحْمَدُ بن عُبَيْدِ اللَّه الدَّارِمِيّ بأنْطَاكِيَةَ، وأخْبَرنا عنهُ.
دَاوُد بن سُليَمان بن حُمَيْد، أبو سُليْمان الصُّوْفيّ البُلْبَيْسيّ الفَقِيهُ المَعْرُوف بابن كِسَاء
(2)
فَقِيْهٌ صوفيٌّ فَاضِلٌ، أدِيبٌ شَاعِرٌ، قَدِمَ حلَبَ، وأقامَ بها سنيْن في مَدْرَسَة شَيْخنا قاضِي القُضَاةِ أَبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم.
واجْتَمَعْتُ به مِرَارًا، وسَمِعْتُ منه شَيئًا من شِعْره لا أتَحَقَّقُه الآن، وأنْشَدَنا عنه شَيئًا من شِعْره الحافِظُ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ العَطَّار القُرَشِيّ، وكان سَمعَ بحَلَب من شُيُوخنا قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن، وأبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، وأبي مُحَمَّد عبد الرّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان، وغيرهم. وسَمِعَ معنا بدِمَشْق من أبي الفُتُوح البَكْرِيّ وغيرهِ، وهو الّذي جَدَّد بناء جَامِع بَلْدَته بُلْبَيْس، وكان رَاغِبًا في فعل الخَيْر.
(a) الأسامي والكنى للحاكم: كتبه.
_________
(1)
الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 3: 303.
(2)
توفي سنة 639 هـ، وترجمته في: توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 7: 330.
أنْشَدَنا رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ أبو سُليْمان دَاوُدُ بن سُلَيمان بن حُمَيْد الصُّوْفيّ البُلْبَيْسيّ لنَفْسِه: [من الطويل]
سَلَا هَلْ سَلَا عن بَانَةِ العَلَمِ الفَرْدِ
…
فَتًى بهَوَاها لا يُعِيْدُ ولا يُبْدي
وإلَّا فكُفَّا قد كَفَاهُ غَرَامُهُ
…
غَرِيْمًا وحَسْبُ المُسْتَهَامِ الهَوَى النَّجْدِي
سَألتُكُما باللَّهِ قِلَّا فقَلَّما
…
أَقَال الملَامُ العَاشِقِيْن منَ الوَجْدِ
ولا تَحْسِبَا أنِّي وإنْ كُنْتُ سَامعًا
…
كلامَكُما في حَقِّ قَاتلَتِي يُجْدِي
خَلِيليَّ خَافَا اللَّهَ فيَّ وحَقِّقَا
…
فما بكُما من لَاعِجِ الشَّوْقِ ما عِنْدِي
ألَمْ تَرَياني كُلّما هَبَّتِ الصَّبَا
…
صَبَوْتُ وأَعْدَاني الغَرَامُ إلى هِنْدِ
قال لي رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين: هذا من أهْلِ بُلْبَيْس، صُوْفيٌّ فَاضِلٌ، حَسَن الأخْلَاق، صَحِبَ جَمَاعَةً من المَشَايخ، وتَأدَّبَ بآدابهم، ورَحَلَ إلى بَغْدَاد، ولَقي بها جَمَاعَةً من شُيُوخ التَّصَوُّف، منهم عُمَر البَزَّار، والخَفَّاف، والشِّهَاب السُّهْرَوَرْديّ. وكان مُجْتَهدًا في عِمارَة بُيُوتِ اللَّهِ تعالَى، وما فيه نَفْع للمُسْلِمين، وله شِعْرُ جَيِّدُ، كَتَبْتُ عنهُ مُقَطَّعات من نَظْمه، ويُعْرَفُ بابن كِسَاء، وبَلَغَني أنّهُ تُوفِّي في جُمَادَى الآخرة سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وستمائة ببُلْبَيْس، غَفَرَ اللَّهُ لنا وله.
دَاوُد بن سُلَيمان بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْس الأُمَوِيّ
(1)
وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، غَزَا الصَّائِفَة في سَنَة ثَمانٍ وتِسْعِين، وكان في الجَيْش الّذي سَيَّرَهُ أبُوه سُليْمان بن عَبْد المَلِك من دَابِق لغَزْو القُسْطَنْطِينِيَّة، وتُوفِّيَ أبُوه وهو
(1)
كان حيًا سنة 98 هـ لمشاركته في غزو الروم في تلك السنة (تاريخ الطبري 6: 545، وتاريخ ابن عساكر 17: 155)، وذكر ابن عساكر أنه بلغه مقتل داود في يوم نهر فطرس، وكان في سنة 132 هـ، ولكنه استبعد بقاءه إلى ذلك الوقت، وترجمته في: تاريخ الطبري 6: 523، 545، 550، تاريخ ابن عساكر 17: 154 - 155، ابن الأثير: الكامل 5: 26، 36، 39، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 206.
بقُسْطَنْطِينِيَّة، وعَزم على أنْ يَعْهَدَ إليه في مَرض مَوْته، فصَدَفَهُ عن ذلك رَجَاءُ بن حَيْوَة، فعَهِدَ إلى عُمَر بن عَبْد العَزَيْز.
وقيل: إنَّ رَجَاء أشَار بهِ أوَّلًا، فامْتَنعَ سُليْمان لكَونه ابن أَمَةٍ، وكانت بنو أُمَيَّة يَتَجنَّبُون وِلَايَة الخِلَافَة لأوْلَاد الإمَاءِ، ويقُولون إنَّها تَخْرُج عنهم من يَدِ ابن أَمَةٍ، فَخَرجَت من يَد مَرْوَان بن مُحَمَّد، وهو آخرهم، وكان ابن أَمَةٍ.
وذكَرَ أبو حَاتِم سَهْل بن مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ في كتاب الوَصَايَا
(1)
، قال: وحدَّثُونا عن ابن عَيَّاش، قال: أخبَرَني حِصْنٌ، قال: كان ابنُ سُليَمان غَزَا مَعَنا الصَّائِفَة، قال: فما رَأينا رجلًا كان أَوْرَعَ، ولا أحْسَن صَلَاةً، ولا أكْثَر صَدَقَةً منه، قال: فواللَّهِ إنِّي لقائمٌ على رَأسِ سُليْمان أذُبُّ عنه، إذ تَشَمَّمَ، فذَكَرَ حَدِيث مَرض سُليْمان ووَصِيَّته، وطَلَبِه رَجَاء بن حَيْوَة إلى أنْ قال له: مَنْ تَرَى لهذا الأمر يا رَجَاء؟ قال: ابْنك دَاوُد، قال: كيفَ وهو ابن أُمّ ولدٍ، وأهْل بَيْتي لا يَرَوْنَ ذلك؟ وذَكَرَ تَمَام الحِكايَة
(2)
.
دَاوُد بن سُلَيمان، إمَام طَرَسُوس
رَوَى عنهُ حَفْص بن عُمَر الحَوْضِيّ. رَوَى عنهُ يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِدٍ أبو مُحَمَّد.
دَاوُد بن صالح بن علّي بن عَبْدِ اللَّه بن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميُّ
له ذِكْرٌ، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، يُقال لها جَوْهَر، ولا عَقِبَ له الآن من بني صالح بن عليّ، وكان من أكَابِر وَلد صالح، وُلِدَ بالرُّصَافَة، وماتَ بحَلَب.
(1)
المعمرون والوصايا 166.
(2)
انظر تمام الحكاية في ترجمة: حصن، في الجزء السادس من هذا الكتاب.
نَقَلتُ ذلك من خَطِّ القَاضِي أبي طَاهِر صالِح بن جَعْفَر الهاشِميّ قاضي حَلَب في نَسَب بَنِي صَالِح بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن العبَّاس
(1)
.
دَاوُد بن عَبْد اللَّه الحَلَبِيّ
وَجَدْتُ ذِكْرَهُ في تَعْلِيقٍ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنَا بهِ إجَازَةً عنهُ جَمَاعَةٌ منهم أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ.
قال السِّلَفِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه: دَاوُد بن عَبْدِ اللَّه الحَلَبِيّ، تَلَمَّذَ (a) على أبي الحَسَن الذَّمَارِيّ بسَرُوْج، وأبي أحْمَد بن الدُّقْم الرَّقِّيّ، وغيرهما من الصَّالِحين، وأرْبَاب الكَرَامَات، وحَكَى عنهم حِكَايَات.
وابنُ الدُّقْم هذا صَحِبَ أبا الحُسَين بن سَمْعُون البَغْدَاديَّ ومَنْ قبْلَهُ.
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ على ممَّن اسْمه دَاوُد
دَاوُد بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، أبو سُليْمان
(2)
عَمُّ السَّفَّاح والمَنْصُور.
(a) كذا في الأصل مجودًا، ويجوز بالتخفيف: تَلْمَذ.
_________
(1)
تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني.
(2)
توفي سنة 133 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 404، 409 - 414، البيان والتبيين 1: 310، 331، 335، تاريخ البخاري الكبير 3: 235، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 358، المحبر لابن حبيب 33، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 87 - 89، وأخباره كثيرة في تاريخ الطبري 5: 397، 7: 160 - 168، 188، 202، 426 - 431، 449 - 459، 8: 89، 93، 190، الفتوح لابن أعثم 8: 193، المعارف 216، 374، الأزدي: تاريخ الوصل 120، 124، 140 - 141، الجرح =
حَدَّثَ عن أَبيهِ عليّ بن عَبْد اللَّه. رَوَى عَنْهُ ابنُه مُحَمَّد، ومُحَمَّد بن أبي لَيْلَى، والأوْزَاعِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان، والحَسَن بن عُمَارَة، ومُحَمَّد بن شعَيْب، وسَعِيْد بن عَبْد العَزِيْز، وابن حَيّ، ومُحَمَّد بن أبي رَزِيْن الخُزَاعِيّ.
ووَلَّاهُ السَّفَّاح الحِجَازَ كُلّها، وهو أوَّلُ مَنْ حَجَّ بالنَّاس حين وَلِيَ بنُو العبَّاس، وقَدِمَ الرُّصافَة على هِشَام بن عَبْد المَلِك حين كَتَبَ يُوسُف بن عُمَر إلى هِشَام يَذكُرُ أنَّ خَالِدًا القَسْرِيّ ادَّعَى عليه، وعلى زَيْد بن عليّ بن الحُسَين، وسَعْد بن إبْراهيم الزُّهْرِيّ، أنَّهُ أوْدَعهم مَالًا.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن (a) ابن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر جَدِّيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْرِ مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عِمْران بن مُوسَى المُؤدِّب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِمْران بن أبي لَيْلَى، قال: حَدَثَني أبيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي ليلَى، عن دَاوُد بن عليّ، عن
(a) الأصل: أبو الحسين، وتكررت كنيته بالمثبت في عشرات المواضع من الكتاب.
_________
= والتعديل 3: 418 - 419، المسعودي: مروج الذهب 4: 41، 76، 95 - 115، 154، 164، 291، التنبيه والإشراف 70، 339، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 955 - 959، الجهشياري: الوزراء والكتاب 90، 95، الثقات لابن حبان 6: 281، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 130، تاريخ ابن عساكر 17: 156 - 167، ابن الجوزي: المنتظم 7: 322 - 333، ابن الأثير: الكامل 5: 229 - 335، 409 - 416، 445، 448، 6: 28، 89، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 13: 20 - 31، ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 8: 149 - 152، تهذيب الكمال 8: 421 - 425، تاريخ الإسلام 3: 642، سير أعلام النبلاء 5: 444 - 445، العبر في خبر من غبر 1: 138، الكاشف 1: 290، ميزان الاعتدال 2: 13 - 14، الوافي بالوفيات 13: 478 - 479، تاريخ ابن الوردي 1: 390، ابن خلدون: العبر 5: 324 - 337، 431 - 432، 439، 493، تهذيب التهذيب 3: 194، تقريب التهذيب 1: 333، شذرات الذهب 3: 151، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 206 - 209، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 373 - 374، الزركلي: الأعلام 3: 333.
(1)
الخرائطي: مكارم الأخلاق 1767.
أَبِيهِ، عن جَدِّه ابن عبَّاسٍ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا تجلِسُوا في المَجَالِس؛ فإنْ كُنتم لا بُدَّ فَاعِلين، فردُّوا السَّلامَ، وغُضُّوا الأبْصَار، واهْدُوا السَّبِيْل، وأعيْنُوا على الحُمُولة.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أبي المَعَالِي بن البَنَّاء البَغْدَاديّ بدِمَشْق، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَغْدَاديّ بحَلَب، قالا: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللَّه بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ
(2)
، قال: أخْبَرَنَا شَاذَانُ بن الحَسَن بن أحْمَد القَاسَانِيّ بالفُسْطَاطِ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حُمَيْد بن بَدْر القَاضِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن الجَهْم، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن أبي قَيْسٍ، عن ابن أبي لَيْلَى، عن دَاوُد بن عليّ، عن أَبِيهِ، عن ابن العبَّاسِ
(3)
، قال: قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صُومُوا عَاشوراء، وخَالفُوا فيهِ اليَهُودَ؛ صُوْمُوا يَوْمًا قبْلَهُ، وصُومُوا بعدَه يَوْمًا.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن سَعيد، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن دَاوُد بن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن عبَّاس، فقال: شَيْخ هاشِم (a)، فقُلتُ: كيفَ حَدِيثُهُ؟ قال: أرْجُو أنَّهُ ليسَ يَكْذب إنَّما يُحَدِّث بَحَدِيثٍ وَاحدٍ.
(a) ابن عدي: شيخٌ هاشميّ.
_________
(1)
الهيثميّ: مجمع الزوائد 8: 63، المتقي الهندي: كنز العمال 9: 146 (رقم 25445).
(2)
مشيخة أبي طاهر بن أبي الصقر 65 - 66.
(3)
مسند ابن حنبل 4: 21 (رقم 2154)، الفردوس للدميلي 2: 393 (رقم 3746).
(4)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 955.
وذَكَرَ ابنُ عَدِي الحَدِيْثَ الّذي سُقْناهُ في صَوْم عَاشُوْراء من طُرُق مُخْتَلفَة، وقال
(1)
: وهذا الحَدِيْث ذَكَرَ ابن مَعِيْن (a) إنَّما يُحَدِّث بحديثٍ واحدٍ أظنُّه -يعني: هذا الحَدِيْثَ- حديثَ عَاشُوْراء، ودَاوُد عن أَبيهِ عن جَدِّه قد رَوَى غير هذا الحَدِيْث بضْعَة عَشر حَدِيثًا، وذَكَرها ابن عَدِيٍّ بأَسَانيدها، وقال
(2)
: إنَّهُ لا بأسَ برِوَاياته، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه، فإنّ عامَّة ما يَرْويهِ عن أَبيهِ عن جَدِّه.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي الفَتْح نَصْر اللَّه بن مُحَمَّد، قال: أنْبَأنَا نَصْر بن إبْرَاهِيم القدِسِيّ، عن أبي خَازِم مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الفَرّاء، قال: أخْبَرَنَا منِير بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر أحْمَد بن مَرْوَان الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن طَلْحَة، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة بن ربيعَة، قال: إنَّما كان سَبَب زَيْد بالعِرَاق إنّهُ -يعني يُوسُف بن عُمَر- سَأل القَسْرِيّ وابنَهُ عن وَدَائِعهم، فقالوا: لنا عند دَاوُد بن عليّ وَدِيْعَة، وعند زَيْد بن عليّ ودِيْعَة، فكَتَب بذلك إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك، فكَتَبَ هِشَام إلى صَاحِب المَدِينَة في إشْخَاص زَيْد بن عليّ، وكَتَبَ إلى صَاحِب البَلْقَاء في إشْخَاص دَاوُد بن عليّ، فقَدِمَا على هِشَام، فأمّا دَاوُد بن عليّ فخلَفَ لهِشَام أنّهُ لا وَدِيْعَة لهم عنديّ، فصَدَّقَهُ وأَذِنَ له بالرّجُوع إلى أهْلِهِ، وأمّا زَيْد بن عليّ، فأبَى أنْ يقبل منه، وأنْكَر أنْ يكُون لهما عنده شيء، وذَكَرَ القِصَّةَ.
(a) ابن عدي: الذي ذكره ابن معين.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 956.
(2)
ابن عدي: الكامل 3: 959.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوْفِيقِي
أخْبَرَنَا جَعْفَر بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكَاتِ الهَمْدَانيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي الشَّريف أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه ابن القَاضِي أبي الفَضْل عبد الرَّحْمن بن يَحْيَى بن إسْمَاعِيْل العُثْمانيّ الدِّيْبَاجِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي بَكْرٍ يَحْيَى بن عُمَر بن شِبْل فأقَرَّ بهِ، ح.
قال: وأخْبَرَني السِّلَفِيّ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، فيما أجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنَا أبو الفِتْيَانِ عُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ في كِتَابِهِ إليَّ من خُرَاسَان، وأخْبَرَني عنهُ ابنُ شِبْل المَذْكُور أيضًا بقِرَاءَتي عليه، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ، قال: وسَمِعْتُه -يعني: أبا نَمْر عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ- يَقُول: سَمِعْتُ أبا مَكْتُوم الدًّاوُودِيّ الشِّيْرَازِيِّ بها، لَفْظًا، يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّهِ بن خَفِيْف الشِّيْرَازيّ يَقُول: سَمِعْتُ رُويْم بن أحْمَد الصُّوْفيّ يَقُول: سُئِلَ أبو سُليْمان دَاوُد بن عليِّ في جَامِع بَغْدَاد عن العَقْلِ، فقال: ما صَحَّت الرّبُوبيَّة إلَّا بإبْطَالِ العُقُول إيَّاها عز وجل.
قَرَأتُ في كِتَابِ نَسَبِ بَنِي العبَّاسي تأليف أبي مُوسَى هَارُون بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن مُوسَى بن عِيسَى بن مُوسَى بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن العبَّاس
(1)
: كانَ موْلدُ دَاوُد بن عليّ بالشَّرَاةِ سَنَة اثْنَتَين وثَمانين، وكان يُكْنَى بسُليْمان، وتُوفِّيَ بالمَدِينَة وهو وَالٍ عليها سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين ومائة، وله إحْدَى وخَمْسُون سَنَة، وحَجَّ بالنَّاسِ سَنَة اثنتَيْن وثَلاثين ومائة وهو عَامِل الحِجَاز كُلِّها.
(1)
تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الأول.
وقال أبو مُوسَى: أخْبَرَنَا أبو مُسْلم المُؤدِّب، عن المَدَائِنِيّ، قال: قَدِمَ دَاوُدُ بن عليّ وَاسطَ على خَالِد بن عَبْد اللَّهِ القَسْرِيّ، وكان جَمِيْلًا، جَهِيْرًا، طَويْل الصَّلاة، فكان النَّاس إذا رَأوه قالُوا: هذا ابنُ عَمّ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فشهَرُوه فوصلَهُ خَالِد بمائة ألفٍ، ورجَع إلى الشَّام.
وقال: حَدَّثَنَا أبو قِلَابَة عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بنِ عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ، قال: حدَّثَني جَارُوْد بن الجارُود، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي رَزِيْن الخُزَاعيّ، قال: سَمِعْتُ دَاوُد بن عليّ يَخْطبُ وهو مُسْندٌ ظَهْرَهُ إلى الكَعْبَةِ حين بُوْيِعَ لبني العبَّاس وهو يَقُول: شُكْرًا شُكْرًا، إنَّا واللَّهِ ما خَرَجْنا لنَحْفِر فيكم نَهْرًا، ولا لنَبْني قَصْرًا، ظَنَّ عَدُوُّ اللَّه أنْ لن نقدَر عليه، أُمْهِلَ له في طُغْيانهِ، وأُرْخي له من زِمَامِهِ حتَّى عَثَر في فَضْل خِطَامِهِ، الآن أخَذَ القَوْس بَارِيها، وعادَتِ النِّبَاُل إلى النَّزْعَة، وعَادَ المُلْكُ في نصَابِهِ في أهْلِ بيت نَبِيِّكُمِ؛ أهْل بيت الرَافَة والرَّحْمَة، واللَّهِ إنْ كُنّا لنَسْهَر لكُم ونحنُ على فُرْشِنَا، أَمِنَ الأسْودُ والأبيضُ، لكُم ذِمَّةُ اللَّهِ وذِمَّةُ رَسُولهِ وذِمَّةُ العبَّاس، لا وربّ هذه البَنِيَّة لا نُهِيْج أحدًا، ثمّ نَزَلَ.
وقال: قال الزُّبَيْر: ودَاوُد بن عليّ أوَّلُ مَنْ وَلِيَ المَدِينَة من بَنِي العبَّاسِ صَلَواتُ اللَّه عليهم، وأقام الحجَّ سَنَة اثنتَيْن وثَلاثين ومائة، وتُوفِّيَ بالمَدِينَة، واسْتَخْلف عليها ابنَهُ مُوسَى بن دَاوُد. وهو أوَّلُ مَنْ أقام الحَجّ للنَّاسِ حين وَلِيَ بنُو العبَّاس.
أنْبَأنَا عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبْد اللَّه بن عَدِيّ الحَافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن نَصْر بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد أبو قِلَابَة، عن جَارُوْد بن أبي
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 956.
[الجَارُود السُّلَميّ](a)، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن [أبي](b) رَزِين الخُزَاعِيّ، قال: سَمِعْتُ دَاوُدَ بن عليّ حين بُوْيِعَ لبني العبَّاس وهو مُسْندٌ ظَهْرَهُ إلى الكَعْبَة، فقال: شُكْرًا شُكْرًا، إنَّا واللَّهِ ما خَرَجْنا لنَحْتَفر فيكم نَهْرًا، ولا نَبْني قَصْرًا، فذَكَرَ حِكايَة تَرَكْتُها لأنَّهُ صَحَّف فيه.
أنْبَأَنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي القَاسِم البُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد القَارئ كتابةً، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن دِيْنار، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن جَعْفَر بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني مِنْهَال الطَّويل مَوْلَى دَاوُد بن عليّ، قال
(1)
: لمَّا ظَهَرَ أبو العبَّاس بالكُوفَة، صارَ إلى المَسْجِد الجَامِع، فصَعدَ المِنْبَر، وصَعدَ عَمُّه دَاوُد بن عليّ، فصَارَ دُونَهُ بمَرْقاةٍ، وابتدأ فَحمِدَ اللَّه وصَلَّى على نَبيِّهِ عليه السلام، ثمّ أراد الكَلَام فلَم يُوَاته، فقال لدَاوُد بن عليّ: تكلمَّ، فقال دَاوُد: شُكْرًا شُكْرًا، إنَّا واللَّهِ ما خَرَجنا لنَحْتَفر منكم نَهْرًا، ولا لنَبْتني فيم قَصْرًا، ولا لنَسِيْر سِيَر الجبابِرَة الّذين سَامُوكُم الخسْفَ ومَنَعُوم النّصفَ، أَظَنَّ عَدُوُّ اللَّه مَرْوَان أنْ لن يُقْدَر عليه؟ أُرْخِي له في زمَامِهِ حتَّى عَثَر بفَضْل خِطَامِهِ، فالآن عادَ الأمُر إلى نِصَابهِ، وطَلَعَت الشَّمْسُ من مَطْلِعَها، وأخَذَ القَوْسَ بَارِيْها، وصَارَ السَّهْمُ إلى النَّزْعَةِ، ورَجَع الحَقُّ إلى مُسْتَقرِّه؛ إلى أهْل بيت نَبيِّكُم ووَرثَتْهُ أهْل الرَّأفَةِ والرَّحْمَةِ، واللَّهِ لقد كُنَّا نتوجَّعُ لكم، ونَتألَّمُ لاسْتَمرَار الظُّلْم عليكم، ونحنُ على فُرْشِنا، وفي مُسْتَحقِّنا
(a) عوض ما بين الحاصرتين في الأصل: "السلمت"، وفوقه "صـ"، والمثبت من كتاب ابن عدي، ويأتي اسمه صحيحًا في رواية تالية بالإسناد ذاته.
(b) إضافة من ابن عدي راوي الخبر، وتقدم على هذا النحو فيما سلف، وانظر الخبر بنصه في الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار 164، وتاريخ ابن عساكر 17: 164، وتاريخ الإسلام 3:642.
_________
(1)
انظر البيان والتبيين للجاحظ 1: 331 - 332.
أَمِنَ الأبْيَضُ والأسْوَدُ بأمَان اللَّهِ وذمَّته وذمَّة رَسُوله صلى الله عليه وسلم، وذِمَّة العبَّاس. وتَكَلَّم بعد ذلك بما لا يُذكَرُ.
قال: وحَدَّثَنَا أبو قِلَابَة عَبد المَلِك بنِ مُحَمَّد، قال: حَدَّثنَي الجَارُود بن أبي الجَارُوْد السُّلميّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أبي رزِيْن الخُزَاعِيّ، قال: شَهِدْتُ دَاوُد بن عليّ، وذَكَرَ نَحْوَهُ.
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ: وتُوفِّيَ دَاوُد بن عليِّ عَمُّ السَّفَّاِح وعَاملُهُ على الحِجَاز والطَّائِف مُسْتَهَلّ ربيع الآخر سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثينِ، ودُفِن بالبَقِيع (a).
دَاوُد بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن هِبَة اللَّه، أبو أحْمَد بن أبي نَصْر بن أبي الفَرَج بن أبي الفُتُوح البَغْدَاديّ
(1)
وُلد ببَغْدَاد في يَوْم الثّلاثَاء خَامِس عشرين من صَفَر سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، وذُكِرَ لي عنهُ أنَّهُ قال: دَخَلتُ حَلَب عند مَسِيْرىِ إلى دِمشْق سَنَة إحْدَى وثَمانين وخَمْسِمائَة.
دَاوُد بن عليّ الحَلَبِيُّ
كَتَبَ عنهُ أبو بَكْر الخَرَائِطِيّ إنْشَادًا.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل، تقدير ثلثيها.
_________
(1)
توفي سنة 616 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 3: 261 - 262، المنذري: التكملة 2: 474 - 475، تاريخ الإسلام 13: 468، المشتبه في الرجال 246 (وزاد فيه وفي تاريخ الإسلام: الحمَامي، مخففًا)، الوافي بالوفيات 13: 472 - 473، وفيه:"المعروف بابن رئيس الرؤساء"، القرشي: الجواهر المضية 2: 188.
وأبقى المؤلف بعد إيراد اسمه في الأصل بياض قدر سطر ونصف.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد اللَّه بن عُمَر بن عليّ بن الخَضر التَّاجر، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، فأقَرَّ بهِ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات المُبارَكُ نَصْر اللَّهَ بن عبدِ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد القَزَّازُ، وشُهْدَةُ بنتُ أَحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد الطُّوْسيّ، قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن إبْراهيم بن عليّ الكِنْدِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سَهْل الخَرَئِطيِّ
(1)
، قال: أنْشَدَني دَاوُد بن عليّ الحَلَبِيُّ: [من الطويل]
وإنِّي لأهْوَاها وإنْ طَالَ هَجْرُها
…
وأمْنَحُها وُدِّي وإنْ صَرَمَت حَبْلي
إذا كُنْتُ أَجْزيها بسُوءِ صَنِيْعِها
…
إليَّ فقد صَارَت إذًا في الهَوَى مِثْلي
دَاوُدُ بن عليّ، أبو أَيُّوب الكَاتِبُ
كاَتِبُ وَصِيْف البَكْتَمُرِيّ. كان كَاتبًا بحَلَب في أيَّام ولايَته، وله ذِكْرٌ، ومَدَحَهُ أبو بَكْرٍ الصَّنَوْبَريّ
(2)
.
دَاوُدُ بن عُمَر بن حَفْص
(3)
سَمِعَ بطَرَسُوسِ أبا سَهْل أحْمَد بن عُمَر الهَمَذَانيّ، وأحمد بن مُحَمَّد الزَّنْجَانِيّ، نَزِيلَي طَرَسُوس، ورَوى عنهُما وعن عَمْرو بن عُثْمان الحِمْصِيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين القَاضِي بحُلْوان.
رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ الحَبَّالُ الحَلَبِيُّ الصُّوْفيُّ.
(1)
الخرائطي: اعتلال القلوب 347.
(2)
لم يرد ذكره في المتبقي من ديوان الصنوبري، ولا فيما استُدرك عليه.
(3)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 167 - 168، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 209.
دَاوُدُ بن عِيسَى بن أبي بَكْر مُحَمَّد بن أَيُّوب بن شَاذِي بن يَعْقُوب بن مَرْوَان، المُلقَب بالمَلِك النَّاصِر ابن المَلِك المُعَظَّم ابن المَلِك العادِل
(1)
اشْتَغَلَ بالفِقْه والأدَب، وحصَّلَ منهما طَرفًا صَالِحًا، وقَرأ المَنْطِق على شَمْس الدِّين الخُسْرُوشَاهيِّ -هو أبو الفَضْلِ عَبْد الحَميْد بن عِيْسَى بن عَمُّوَيه بن يُونُس بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه- ولازَمَهُ مُدَّة دَوْلته.
ومَلَكَ دِمَشْق حين تُوفِّي أبُوه المَلكُ المُعَظَّم عِيسَى في سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وسِتّمائة، فقَصَدَهُ عَمُّه المَلِك الكَامِل مُحَمَّد بن أبي بَكْرِ بن أيُّوب، فسَيَّرَ إلى عَمِّه المَلِك الأشْرَف مُوسَى يَعْتَضدُ بهِ إلى سِنْجَار، وكُنْتُ رسُولًا عند المَلِك الأشْرَف بسِنْجَار، فتَوجَّه إليه إلى دِمَشْق، وأقام عندَهُ بها والمَلِك الكَامِل على تَلِّ العجُول، فصَالَح الفِرِنْج، وتوجَّه المَلِكُ الأشْرَفُ إلى أخيهِ الكَامِل ليُصْلح أمْرَ ابن أخيهِ دَاوُد، فاسْتَمالَهُ المَلِك الكَامِل وجَعَل له دِمَشْق.
(1)
توفي سنة 656 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 382 - 383، ذيل الروضتين لأبي شامة 306، اليونيني: ذيل مرآة الزمان 1: 52 - 54، 126 - 184، ابن واصل: مفرج الكروب 4: 236 - 240، 256 - 257، 5: 100 - 102، فوات الوفيات 1: 419 - 428، الإعلام بوفيات الأعلام 274، تاريخ الإسلام 14: 804 - 814، سير أعلام النبلاء 23: 376 - 381، العبر في خبر مَن غبر 3: 280، تحفة ذوي الألباب للصفدي 3: 114 - 122، الوافي بالوفيات 13: 480 - 492، ابن حبيب: درة الأسلاك في دولة الأتراك (مخطوط آيا صوفيا)، ورقة 6 ب، 9 ب - 9 أ، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 198 (أرخ وفاته سنة 655 هـ)، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 3: 195 - 196، كتاب الحوادث لمجهول 106 - 107، 169 - 170، القرشي: الجواهر المضية 2: 188 - 189، العيني: عقد الجمان 4: 174، وأيضًا ضمن القسم الخاص بعصر سلاطين المماليك 1: 198 - 199، تاريخ ابن الوردي 2: 286، اليافعي: مرآة الجنان 4: 107، ابن دقاق: نزهة الأنام 235 - 236، المقريزي: السلوك 1/ 1: 224 - 226، 233 - 235، 1/ 2: 412، النجوم الزاهرة 7: 61 - 62، شذرات الذهب 7: 475 - 476، معجم المؤلفين 4: 141، الزركلي: الأعلام 2: 334. وله كتاب عنوانه "الفوائد الجليلة في الفرائد الناصرية"، وديوان شعره مطبوع (دار الهانئ، 1990 م).
وكان المَلِك الأشْرَف يُحبُّ دِمَشْق حُبًّا مُفْرِطًا، فاتَّفَقَا جَمِيعًا على قَصْد دِمَشْق وإخْرَاجها منِ يد دَاوُد، فقَصَدَاهُ وحَصَراهُ في دمَشْق إلى أنْ سَلَّمهما إليهما، ومَلَكَها المَلِك الأشْرَف في سَنَة ستٍّ وعشرين وسِتّمائة، وكُنْتُ نازِلًا بِظَاهِرها بالمِزَّة حينئذٍ، وأبْقَى في يَدِه من البِلاد: البَيْت المُقَدَّس سِوَى ما صُوْلِح الفِرِنْج عليه منهُ، ومَدِينَة نابُلُس، والكَرَك، والصَّلْت، وأخَذَ المَلِك الكَامِل من المَلِك الأشْرَف حَرَّان، والرُّهَا، وسَرُوج، والرَّقَّة، ورَأس عَيْن، ودَامَت البِلاد الّتي أُقرَّت في يَدِ المَلِك النَّاصِر دَاوُد في يَده إلى أنْ ماتَ المُلْك الأشْرَف، واسْتَولَى المَلِك الصَّالِح إسْماعِيْل بن أبي بَكْر بن أَيُّوب على دِمَشْق وانْتَزَعها المَلِك الكَامِل.
ثُمَّ ماتَ المَلِك الكَامِل، واسْتَولَى المَلِك الصَّالِح أيُّوب على البِلاد الشَّرْقيَّة، وأخُوه المَلِك العادِل أبو بَكْر على الدِّيَار المِصْرِيَّة، وحَصَلَت دِمشْق في يَدِ المَلِك الجَوَاد بن مَمْدُود (a)، فرَاسَلَهُ المَلِك الصَّالِح أَيُّوب، وعَوَّضَهُ عن دِمَشْق بِسْنجَار وعَانَة والرَّقَّة، وحَصَلَ المَلِك الصَّالِح أيُّوب بدِمشْق وعَمّه إسْمَاعِيْل ببَعْلَبَك، فطَمِع أَيُّوب بالدِّيَار المِصْرِيَّة، وسَار إلى نابُلُس فنَزَلها، وكاتَبَ أُمَرَاء بمِصْر، وعَمل عَمُّه المَلِك الصَّالِح إسْمَاعِيْل والمَلِك المُجَاهِد شِيرْكُوه على دِمَشْق، واسْتَوليا عليها، فقَبَض المَلِك النَّاصِر دَاوُد على ابن عَمّه المَلِك الصَّالِح أَيُّوب وسَجَنَهُ بالكَرَك.
وتَرَدَّدت رُسُله إلى المَلِك العادِل أبي بَكْر ابن المَلِك الكَامِل إلى مِصْر في أُمُور اقْتَرحها عليه، منها مُسَاعدته على أخْذِ دِمَشْق من عَمِّه إسْمَاعِيْل، فلم يُجِبْهُ
(a) كذا في الأصل ومثله في كتاب الحوادث الجامعة لمجهول 143، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 22: 379، وأعيان العصر 5: 501 في ترجمة ابنته نسب خاتون، والوافي بالوفيات 10: 247، نزهة الأنام لابن دقماق 98، واسمه يونس بن ممدود (أو: مردود) بن أبي بكر العادل بن أيوب (ت 641 هـ)، ويرد في بعض المصادر من بينها زبدة الحلب 3: 691: مودود، انظر: وفيات الأعيان 5: 83، التاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 113، 135، ابن واصل: مفرج الكروب 5: 171 وما بعدها، فوات الوفيات 4: 396 - 397، تاريخ ابن الوردي 2: 350، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 150 - 153، 163 - 164، المقريزي: السلوك 1/ 1: 191، النجوم الزاهرة 6: 173، 235، 348.
إلى ذلك، فكاتَبَ أُمَرَاء مِصْر في إخْرَاج المَلِك الصَّالِح أَيُّوب من سِجْنِ الكَرَك وتَمْلِيكه الدِّيَار المِصْرِيَّة، فأَجَابُوا إلى ذلك، وأخْرَجَهُ من السِّجْن، وسَار به إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، وقَبَض الأُمَرَاءُ على المَلِك العادِل ببُلْبَيْس، ودَخَلَ المَلِك النَّاصِرُ دَاوُد والمَلِك الصَّالِح أَيُّوب إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، ومَلَكَها، وأقامَ المَلِك النَّاصِر معه بها مُدَّة، وكان قد عاهدَهُ على أُمُور لَم يَف المَلِك الصَّالِح له بها، فنَزَل من الدِّيَار المِصْرِيَّة إلى بلادِهِ، ثمّ حَصَل بينهما وَحْشَة اقْتَضَت أنْ أخَذَ منه نابُلُس، وبَقِي في يَدِه الكَرَك، والصَّلْت، وعَجْلُون وفيها عليّ بن قِلْج من جِهَة المَلِك النَّاصِر.
ثُمّ نَزَلَ المَلِك الصَّالِح إلى الشَّام، وتَسَلَّم من المَلِك النَّاصِر الصَّلْت، ولَم يَبْقَ بيَده غير الكَرَك، ثمّ أرْسَل إلى الكَرَك عَسْكَرًا يَحْصُرها، فنَزَلَ المَلِك النَّاصِر دَاوُد منها، وقَصَدَ حَلَب وأبْقَى أوْلَاده بها، وقَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن مُحَمَّد بن غَازِي في يَوْم الأرْبَعَاء الرّابع والعشرين من شهر رَبيع الأوَّل من سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وسِتّمائة، وخَرَجَ المَلِك النَّاصِر يُوسُف وتَلَقَّاهُ إلى قَرَنْبِيَّا، وكُنْتُ معه، وأنْزَله في دار قَيْصَر الطَّاهِريّ بالحَاضِر، وأقام له الضِّيَافَة والرَّاتِب، ووَصَل إليه الخَبَر بحَلَب باسْتِيْلَاء عَسْكَر المَلِك الصَّالح أيُّوب على الكَرَك بتَسْليم أوْلَاده إليهم، وبقَي بحَلَب مُقِيْمًا في ضِيَافة المَلِك النَّاصِر إلى أنْ توجَّه المَلِك النَّاصِر يُوسُف إلى دِمَشْق بعد قَتْل المَلِك المُعَظّم تُوْرَانشَاه بن أَيُّوب
(1)
، وفَتَحَ دِمَشْق وهو معه، وبَدَتْ منه أحْوَال أُنْكِرت عليهِ.
وطَلَب من المَلِك النَّاصِر الأذِنَ في التَّوَجُّه إلى بَغْدَاد، فأذِنَ له، وزَوَّدَهُ، فأُبْلغَ عنه أنَّهُ رُبَّما خبَّطَ عليه، فاعْتَقَله وسَيَّرَهُ إلى حِمْص وسَجَنَهُ في قَلْعتها، وشَفع فيه الخلِيفَة المُسْتَعْصِم، فأُطْلِق من الاعْتِقَالِ، وعادَ إلى دِمَشْق في شَهْر شَوَّال من سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وسِتّمائة.
(1)
كان قتل الملك المعظم تورانشاه الأيوبي في سنة 649 هـ. المقريزي: المقفى الكبير 2: 631.
ثُمَّ تَوَجَّه إلى بَغْدَاد، وشَفَّع المُسْتَعْصِم (a) في أنْ يُرَتِّب له ولأوْلَاده ما يقُوم بهم، فأجَابَهُ المَلِك النَّاصِر إلى ذلك، وعاد إلى دِمَشْق وأقامَ بها، وأطْمَعَهُ جَمَاعَة من الأُمَرَاء البَحْرِيَّة بمُلْك دِمَشْق وتَحَدَّث معهم في ذلك.
وبَلغَ المَلِك النَّاصِر ذلك، فاسْتَشْعَر منه، وطَلَبَ الأذنَ في المَسِيْر إلى بَغْدَاد، وسَارَ إليها، فلم يُؤْذَن له بالدُّخُول إليها
(1)
، فَمضَى إلى الحِلَّة، وكان له بها جَوْهَر نَفِيْس أوْدَعه في الدِّيْوَان، فلم يَسْمَحُوا له به، وصَالَحُوه على أنْ أطْلقُوا له ذَهَبًا، وطَلَبَ العَوْد إلى الشَّام، وسَمَح المَلِك النَّاصِر له في ذلك، فعادَ إلى جِهَة الكَرَك، واتَّصَل بالعُرْبَان في تلك النَّاحِيَة، وتوهَّم منه المَلِكُ المُغِيْث صَاحِب الكَرَك، فعَمِل عليه حتَّى قَبَضَهُ وسَجَنَهُ.
واتَّفقَ وُصُول التَّتَار إلى بَغْدَاد، فسَيَّرَ المُسْتَعْصِم رَسُولًا في طَلَبه ليُقَدِّمهُ علِى العَسَاكِر ويَلْتَقي التَّتَار، فوَصَل الرَّسُولُ، وأخْرَجَهُ من السِّجْن، وقَدِمَ به إلى دِمَشْق، وأُنْزل بالبُوَيْضَا
(2)
من الغُوْطَة، ووَصَل الخبرُ باسْتِيْلَاء التَّتَار على بَغْدَاد، فأقام بالبُوَيْضَا، ووَكَّل المَلِكُ النَّاصِرُ بهِ بعض الأُمَرَاءِ وهو نازلٌ في دارٍ بالبُوَيْضَا كانت لعَمِّه مُجِيْر الدِّينِ يَعْقُوب ابن المَلِك العادِل، واجْتَمَعْتُ به فيها غير مَرَّة، ولَم يَزَل بها إلى أنْ ماتَ رحمه الله.
(a) الأصل: المعتصم.
_________
(1)
قال ابن حبيب في حوادث سنة 653 هـ: "فيها توجه الملك الناصر داود إلى العراق طالبًا ما جهَّزه إلى الخليفة المستعصم على سبيل الإيداع قبل هذه السنة، ليُحفظ في خزائنه، ويدخل في حرز أمانته، خوفًا عليه من الحوادث، وصيانة له من العابث والعايث، وهو جوهر جليل المقدار، قيمته مائة ألف دينار، فما وصل وطلب الوديعة، قوبل بالمطل وعومل بالخديعة". . . ثم توجه إلى المجاز وعاد إلى العراق فأنزله الخليفة بالحلة. انظر: درة الأسلاك في دولة الأتراك، ورقة 6 ب.
(2)
البويضا: تقع شرقي دمشق كما حددها اليونيني (ذيل مرآة الزمان 1: 174).
وكان فَاضِلًا، أَدِيْبًا، شَاعِرًا مُجِيْدًا، فَقِيهًا، مُتَكَلِّمًا، شُجَاعًا، حَسَن المُحاضَرَة، دَمِث الأخْلَاق، فَصِيحَ اللِّسَان، جَمِيل الصُّورَة.
أنْشَدَني مَقَاطِيعْ وقَصَائِد من شِعْرهِ بنابُلُس وبحَلَب وبدِمَشْقَ، وكان قَبْل ذلك قد اجْتازَ بناحية بُزَاعَا وبمَنْبِج مُتَوجِّهًا إلى البِلاد الشَّرْقيَّة إلى خِدْمَة عَمِّه المَلِك الكَامِل في سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين وسِتّمائة.
أنْشَدَني المَلِكُ النَّاصِر دَاوُد بن عِيسَى بنابُلُس في أرْض بَلَاطَة
(1)
، وقد خَرَجَ إلى لقائي، وقد توجَّهْتُ رَسُولًا إلى مِصْر
(2)
، لنَفْسِه يُخاطِبُ اللَّه سبحانه وتعالى:[من الكامل]
يا مَنْ تردى بالجَلَالِ جَمَالُهُ
…
وله من الأنْوَارِ حُجْبُ تبْهَرُ
مَا لي إليكَ وَسِيْلةٌ أنْجُو بها
…
يَوْم المعَادِ إذا أزَمّ المَحْشَرُ
إنِّي لمُعْتَذرٌ بذَنْبي غَافِل
…
فيما يُقَرَّبُني إليْكَ مُقَصِّر
لكنَّني أرْجُو لكُلِّ كَبِيرة
…
ثِقَتي بعَفْوك إنَّ عَفْوكَ أكْبَرُ
وإذا المُلُوك تكثَّرَتْ بعَدِيْدها
…
ألْفَيْتَني بسِوَاك لا أتَكَثَّرُ
وإذا طَغَتْ وبَغَتْ بما خَوَّلْتها
…
أقْبَلت نَحْوك خَاضِعًا اسْتَغْفِرُ
يا مَالِكًا رِقِّي وقَلْبي ذَائبٌ
…
في حُبِّهِ بين الأنَامِ مُشَهَّرُ
إنَّ النَّهَار بغير وَجْهِكَ مُظْلِم
…
عِنْدِي ولَيْلي من بَهَائك نَيِّرُ
أشْتَاقُ وَجْهَك لا سِوَاه إذا غَدَا
…
قَوْمٌ تَشُوقهم الجنان النُّضَّرُ
(1)
بلاطة: تقع شرقي نابلس على بعد نحو (1 كم) منها، وتعتبر حاليًا ضاحية من ضواحي نابلس، وهي المدخل الشرقي لها، وتشرف على سهل عسكر. انظر عنها: الإشارات إلى معرفة الزيارات 24، معجم البلدان 1:478.
(2)
سافر ابن العديم رسولًا إلى مصر عدة مرات، في سني: 637 هـ، 640 هـ، 641 هـ، وسافر أيضًا بعد وفاة صاحب الترجمة في سنة 658 هـ. انظر الدراسة في أول الكتاب.
ويَرُوق لي من ماء حُبِّكَ شَرْبة
…
تروي الصَّدَى إنْ رَاقَ غيري الكَوْثَرُ
ما لي رَجَاء في جنَانٍ زُخْرفتْ
…
كلَّا ولا أخْشَى حَمِيْمًا تسْعَرُ
لكنِ رَجَائي أنْ أرَاكَ وخَشْيَتي
…
من أنْ تَهِيْجني الذُّنُوب فأهجَرُ
يا مَنْ تفرَّدَ بالبَقَاء فما لهُ
…
ندٌّ يُضَاهِي أو شَرِيكٌ يُذْكَرُ
أنْتَ الجَوَادُ فما يُقَلِّل جُوْدَهُ
…
ذَنْبٌ ولا الحَسَنات فيهِ تُكَثِّرُ
كُنْ لي إذا الرُّسُل الكِرَامُ تَعَاظَمَتْ
…
ذَنْبٌ فظنَّتْ أنَّهُ لا يُغْفَر
فلأنْتَ أوْلَى بالتَّجَاوُزِ مُحْسِنًا
…
والعَفْو عن أهْلِ القُنُوط وأَجْدَرُ
وأنْشَدَني المَلِكُ النَّاصِر دَاوُد بن عِيسَى لنَفْسِه بحَلَب يَمْدَح الإمَام المُسْتَنْصِر باللَّه أَمِير المُؤْمنِيْن
(1)
: [من الطويل]
وَدَان ألَمَّتْ بالكَثِيْب ذَوَائبُهْ
…
وجُنْحُ الدُّجَى وَحفٌ (a) تَجُولُ غَيَاهبُه
تُقَهْقِهُ في تلك الرُّبوع رُعُودُه
…
وتَبْكِي على تلك الطُّلُول سَحَائبُه
أرقْتُ له لمَّا تَوَالَتْ برُوقُهُ
…
وحُلَّتْ عزَاليهِ وأَسْبَلَ سَاكبُه
إلى أنْ بَدَا من أَشْقَر الصُّبْح قَادِمٌ
…
يُرَاع لهُ من أدْهَمِ اللَّيْلِ هَارِبُه
وأصْبَحَ ثَغْرُ الأُقْحُوانَة ضَاحِكًا
…
تُدَغْدغُهُ رِيْح الصَّبَا وتُدَاعِبُه
تَمُرّ على نَبْتِ الرِّيَاضِ بليْلَةً
…
تُجَشِّمه (b) طَوْرًا وطَوْرًا تُلَاعِبُه
وأقْبَل وجْهُ الأرْضِ طَلْقًا وطَالَمَا
…
غَدَا مُكْفَهرًّا مُوْحشَاتٍ جَوَانبُه
كَسَاهُ الحيا وَشْيًا من الأرْض (c) فَاخرًا
…
فعَادَ قَشِيْبًا غَوْره وغَوَارِبُه
كما عَادَ بالمُسْتَنْصِر بن مُحَمَّد
…
نظَامُ المَعَالِي حينَ فُلَّتْ كَتَائِبُه
(a) تاريخ الإسلام: وجف.
(b) الوافي: تجمشه.
(c) الفوات والوافي: النبت.
_________
(1)
انظر القصيدة البائية في فوات الوفيات 1: 420 - 422، وذيل مرآة الزمان 1: 133 - 135، وسير أعلام النبلاء 23: 377 - 379، تاريخ الإسلام 14: 805 - 806 (أبيات منتقاة)، والوافي بالوفيات 13: 481 - 484، تحفة ذوي الألباب للصفدي 3: 117 - 118 (10 أبيات منها).
إمَامٌ تحلَّى الدِّينُ منهُ بمَاجِدٍ
…
تَحلَتْ بآثَارِ النَّبِيّ مَنَاكِبُه
هو العَارِضُ الهتَّانُ لا البَرْقُ مخلِفٌ (a)
…
لدَيْه ولا أنْوَاؤُهُ (b) وكَوَاكِبُه
إذا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ شَحَّتْ بطَلِّها
…
سَخَي وَابِلٌ منهُ وسَحَّت سَوَاكِبُه
فأحْيَى ضِيَاءَ البَرْق ضَوْءُ جَبِيْنهِ
…
كما تَجلَّتْ (c) جُوْدَ الغوَادِي مَوَاهِبُه
لهُ العزَماتُ اللَّاءِ لولا نِصَالُهُ (d)
…
لزُعْزِعَ (e) رُكْن الدِّينِ وانْهَدَّ جَانِبُه
بَصِيْرٌ بأحْوَالِ الزَّمان وأهْلِهِ
…
حَذُورٌ فما تُخْشَى عليهِ نَوَائبُه
بَدِيْهَتُهُ تُغْنِيه في كُلِّ مُشْكِلٍ
…
وإنْ حَنَّكَتْهُ في الأُمُور تَجَارِبُه
حَوَى قَصَباتِ السَّبْقِ مُذْ كان يَافِعًا
…
وأرْبَت على زُهْرِ النُّجُوم مَنَاقِبُه
تَزَيَّنَتِ الدُّنْيا به وتَشَرَّفَتْ
…
بَنُوها فأضْحَى خَافِضَ العَيْشِ نَاصِبُه
لئن نَوَّهَتْ باسْمِ الإمَامِ خِلَافَةٌ
…
ورفَّعَتِ الزَّاكِي النِّجَار (f) مَنَاسِبُه
فأنْتَ الإمَامُ العَدْل والمُعْزف (g) الّذي
…
به شَرُفَتْ أنْسَابُه ومَنَاصِبُه
جَمَعْتَ شَتِيتَ المَجْد بَعْدَ افْتِرِّاقهِ (h)
…
وفَرَّقتَ جَمْعَ المالِ فانْهَال كَاثِبُه
وأغْنَيْتَ حتَّى ليسَ في الأرْضِ مُعْدِمٌ
…
يَجُودُ (i) عليهِ دَهْرُهُ أو يُحَارِبُه (j)
ألَا يا أَمِيرَ المُؤمنيْن ومنْ غَدَتْ
…
على كَاهِلٍ الجَوْزَاءِ تَعْلُو مَرَاتِبُه
ومَنْ جَدّه عَمُّ النَّبِيّ وخِدْنُهُ
…
إذا صَارَمَتْهُ أَهْلُهُ وأقَارِبُه
أَيَحْسُنُ في شَرْع المَعَالِي ودِيْنها
…
وأنْتَ الّذي تُعْزَى إليهِ مَذَاهِبُه
وأنْتَ الّذي يَغْنَى (k) حَبِيْبٌ بقَوْلِه
…
ألَا هَكَذا فليَكْسب الحَمْدَ (l) كَاسِبُه
بأَنِّي أخُوْض الدَّوَّ والدَّوُّ مُقْفِرٌ
…
سَبَارِيْتُهُ مُغْبَرَّةٌ وسَبَاسِبُه
وأرْتكِبُ الهَوْل المَخُوفَ مُخَاطِرًا
…
بنَفْسِي ولا أَعْيَا (m) بما أنا رَاكِبُه
(a) الوافي: محلف.
(b) الفوات والوافي: أنواره.
(c) الفوات: نحلت، الوافي: نجّلَت.
(d) الوافي: نصالها.
(e) الفوات والوافي: تزعزع.
(f) الفوات: النار، الوافي: الراكي النار.
(g) الفوات والوافي: والعرق.
(h) الوافي: انفراقه.
(i) الفوات والوافي: يجور.
(j) الفوات والوافي: ويحاربه.
(k) الوافي: يعنى.
(l) الوافي: المجد.
(m) الفوات والوافي: أعبا.
وقد رَصَدَ الأعْدَاءُ لي كُلَّ مرْصَدٍ
…
فكُلُّهُم نَحْوي تَدِبُّ عَقَارِبُه
وآتيكَ والعَضْبُ المُهَنَّدُ مُصْلَتٌ
…
طَريرُ شَبَاهُ قَانياتٌ (a) ذَوَائبُه
وأُنْزِلُ آمالي ببَابكَ رَاجِيًا
…
فَوَاضِل (b) جَاهٍ يبْهرُ النَّجْم ثَاقِبُه
فتَقْبَلُ منِّي عَبْدَ رِقٍّ فيَغْتَدي
…
له الدَّهْرُ عَبْدًا طَائِعًا لا يُغَالِبُه
وتُنْعِمَ في حَقِّي بما أنْتَ أهلُهُ
…
وتُعْلِي مَحَلِّي فالسُّهَا لا يُقَارِبُه
وتلبِسُنِي من نَسْج ظِلِّك مَلْبَسًا (c)
…
تُشَرِّف قَدْرَ النَّيِّرَين جَلَابِبُه
وتُرْكبُني نُعْمي أيادِيْكَ مَرْكبًا
…
على الفَلَكِ الأعْلَى تَسِيْرُ مَوَاكِبُه
وتَسْمَحُ لي بالمالِ والجاَهُ بُغْيَتي
…
ومَا الجاهُ إلَّا بَعْضُ ما أنْتَ وَاهِبُه
ويأتيكَ غَيْري من بلادٍ قَرِيْبةٍ
…
له الأمْنُ فيها صَاحِبًا لا يُجانبُه
وما اغبرَّ منِ جَوْب الفَلَا حُرُّ وَجْهِهِ
…
ولا أُنْضِيت (d) بالسَّيْر فيها رَكَائبُه
فيلَقي دُنُوًّا منْكَ لَم ألْقَ مثْلَهُ
…
ويُحْظَى وما أَحْظَى بما هو (e) طَالِبُه
ويَنْظُرُ من لَألاءِ قدْسِكَ نَظْرةً
…
فيرجعُ والنُّور الإمَامِيُّ صَاحِبُه
يُشِيرُ بذلك إلى مُظَفَّر الدِّين كَوْكَبُوري بن زَيْن الدِّين بن عليّ صَاحِب إرْبِل، وكان قد قَدِمَ بَغْدَاد على المُسْتَنْصِر فأحْضَرَهُ إليه، واجْتَمَع به، وسَألَ المَلِك النَّاصِر دَاوُد لمَّا قَدِمَ بَغْدَاد أنْ يُعامَل بذلك، وأنْ يَجْتَمع بالخلَيفَة المُسْتَنْصِر كما فعلَ في إكْرَام مُظَفَّر الدِّين، فما أُجِيْبَ إلى ذلك.
ولو كان يَعْلُوني بنفْسٍ ورُتْبةٍ
…
وصِدْق وَلاءٍ لسْتُ فيه أُصَاقِبُه
لكُنْتُ أُسَلِّي النَّفْسَ عمَّا تَرُومُهُ (f)
…
وكُنْتُ أذُو العَيْن عمَّا تُرَاقِبُه
ولكنَّه مثْلي ولو قُلْتُ إنَّني
…
أَزِيْدُ عليه لم يَعِبْ ذَاكَ عَائِبُه
ولا أنا ممَّن يَمْلأُ المالُ عَيْنَهُ
…
ولا بسِوَى التَّقْريب تُقْضَى مَآرِبُه
(a) الفوات والوافي: فاتنات.
(b) الفوات والوافي: بواهر.
(c) الفوات والوافي: حلة.
(d) الفوات والوافي: اتصلت.
(e) الفوات والوافي: بما أنا.
(f) الفوات والوافي: أرومه.
ولا بالَّذي يُرْضيهِ دُوْن نَظِيرهِ
…
ولو أُنْعِلَتْ بالنَّيِّراتِ مَرَاكِبُه
وبي ظَمَأٌ، رؤْياكَ مَنْهَلُ ريِّهِ
…
ولا غَرْوَ أنْ تَصْفُو لوِرْدِي (a) مَشَارِبُه
ومن عَجَب أنِّي لدَى البَحْر وَاقِفٌ
…
وأشْكُو الظَّما والبَحْرُ جَمٌّ عَجَائِبُه
وغيرُ مَلُومٍ من يَؤمُّك (b) قَاصِدًا
…
إذا عَظُمَتْ أغْرَاضُهُ ومَطَالِبُه (c)
وقد رُضْتُ مَقْصُودِي فتَمَّتْ صُدُوره
…
ومنْكَ أُرَجِّي أنْ تَتِمَّ عَوَاقِبُه
وأنْشَدَني لنَفْسِه يَرْثِي الإمَام المُسْتَنْصِر رحمه الله: [من الطويل]
أيا رَنَّة النَّاعِي عبثْت بمَسْمَعي
…
فأَجَّجْتِ نَار الحُزْنِ ما بين أَضْلِعي
وأَخْرَسْتِ منّى مِقْوَلًا ذا بَرَاعَةٍ
…
يَصُوغُ أفَانِيْنَ القَرِيْضِ المُوَشَّعِ
نَعَيْتِ إليَّ الجُوْدَ والبَأْسَ والنَّدَى
…
فأوْقَفْتِ آمالي وأجْرِيْتِ أدْمُعي
رُوَيْدًا فقد فاجَأْتِني بقَطِيْعَةٍ
…
يَضِيْقُ بها صَدْرُ الفَضَاءِ المُوَسَّعِ
أبا جَعْفَر يا بَانِي المَجْد بَعْدَما
…
تَهَدَّم رُكْن المَجْدِ في كُلِّ مَوضِعِ
ويا كَافِلَ الإِسْلَام في كُلِّ مَوطنٍ
…
ورَاعِي رُعَاةِ الدِّيْن في كُلِّ مَجْمَعِ
ومنْ كُنْتُ أرْجُو أنَّني في زمَانهِ
…
أُبادِر أيَّام الزَّمانِ المُضَيِّعِ
فأَسْتَدْرِكُ المَاضِي بفَضْلِ تَضَرُّعٍ
…
واسْتقبلِ الآتِي بدِرْعِ تَوَرُّعِ
أحَقًّا طَوَتْكَ الحَادثَاتُ كما طَوَتْ
…
قُرُونًا مَضَتْ من عَهْدِ كِسْرَى وَتُبَّعِ
وغَالَكَ رَيْبُ الدَّهْر والدَّهْرُ جَائِرٌ
…
إذا صَالَ لا يُبْقِي وإنْ جَال لا يَعِي
فأيْأس أمالًا تَدَانَى لها الغِنَى
…
فَرَاحَتْ بفَقْرٍ من رجَائك مُدْقِع
دَعَا باسْمكَ النَّاعِي على حين غَفْلَةٍ
…
فأَصْمَى سُوَيْدَاءَ الفُؤَادِ المُصَدَّعِ
فقُلْتُ وإنِّي في الفَصَاحَةِ قُسُّها
…
مَقَالَة مَسْلُوب الرَّوَيَّةِ أَلْكَعِ
أيا دَهْرُ قد آمنْتني كُلِّ خِيْفَةٍ
…
فلَسْتُ لمَيْتٍ بَعْدَهُ بمُفَجِّعِ
فَغُلْ كُلَّ مَأْمُور وكُلَّ مُؤَمّرٍ
…
وخُذْ بعْدَهُ يا دَهْرُ مَنْ شِئْتَ أو دَعِ
(a) الوافي: لدي.
(b) الوافي: يؤمل.
(c) الوافي: ومآربه.
ولو كان خَطْبُ المَوْت يقبَلُ فِدْيَةً
…
ويَدْفَعُهُ سَعْي الكميّ المُدَرَّعِ
فَدَيتُكَ بالنَّفْسِ النَّفِيْسَة طَائِعًا
…
ودَافَعْتُ بالجَيْش اللُّهَام المُمَنَّعِ
بضَرْب طَليْقِ الكَفِّ حرَّان ثَائر
…
وطعْن رَبيْط الجأشِ في الرَّوْع أَرْوَعِ
ببِيْضٍ تَقُدَّ البِيْضَ من حَرِّ وَقْعِهَا
…
وسُمْر تردّ القِرن قَانِي المقنَّعِ
وكُلّ فَتًى يَلْقَى المَنَايا بصَدْرهِ
…
بقَلْبٍ ثَبوتٍ لا بقَلْبٍ مُزْعْزَعِ
يَفُضُّونَ بنيان المَقَانب في الوَغَى
…
بكَبَّاتِ آسَادٍ مَشَابِيْلَ جُوَّعِ
ولكنَّه مَنْ لا يُتَاقِي ويُلْتَقَى
…
ببَذْل فِدَاءٍ أو بأطْرَافِ شُرَّعِ
لقد كُنْتَ لي حِصْنًا حَصِيْنًا من العِدَى
…
إليه الْتِفَاتِي في الخُطُوب ومَفْزَعي
وعَارِض جُوْد منه أسْتَنْزل النَّدَى
…
فأُسْقَى بغَيْثٍ من عَطَايَاه مَرْبَعِي
فأضْحِي ومن بَحْرِ المَكَارِم مَشْرَبي
…
وأُمْسِي وفي رَوْض المَوَاهِب مَرْبَعِي
سَأبْكيهِ أيَّام الحياةِ وإنْ أَمُتْ
…
بَكَتْهُ عِظَامِي في قَرَارةِ مَضْجعِي
وأَشْكُرهُ شُكْرَ الثَّرَى لسَمَائهِ
…
بدُرٍّ من اللَّفْظ البَليْغ المُرَصَّعِ
وما كَلفٌ بالشَّيء مثلُ مكلَّفٍ
…
ولا دَاعيَاتُ الطَّبْعِ مثْلُ التَّطْبُّعِ
ولا كُلُّ مَن يُوْلَى جَميْلًا بشَاكِرٍ
…
ولا كُلُّ مَنْ يُدْعَى خَطِيْبًا بمصْقَعِ
هو المَرْءُ أدْنَانِي فأبعَدَ غَايَتي
…
ووَسَّعَ في ذَرْعِي وطوَّلَ أَذْرُعِي
فَتًى بَدَأَ الإِحْسانَ حَيًّا ومَيِّتًا
…
بفَرْط اصْطِنَاعٍ لا بفَرْط تَصَنُّعِ
بإسْدَاءِ مَعْرُوفٍ وإلْغاءِ مُنْكرٍ
…
يُسَكِّن مَسْلُوبَ الجنَان المُرَوَّعِ
وتَسْلِيمه تاجَ الخِلَافَة بَعْدَهُ
…
إلى خَيْرِ مَدْعُوٍّ وأوْثَق مُوْدَعِ
هَوَى قَمَرُ العَلْيَاءِ من بُرْج سَعْدِه
…
فأطْلعَ شَمْسَ المَجْد من خَيْر مَطْلِعِ
بفَرْعٍ نَمَا من دَوْحَةٍ طَاهِريَّةٍ
…
نَما عَرْفُها عن طَيِّها المُتَضَوِّعِ
بمُستعْصِم باللَّه مُنْتَصرٍ له
…
بحَزْمِ التَّأنِّي لا بحَزْم التَّسَرُّعِ
أقامَ مَنَارَ المُلْكِ بَعْدَ اعْوِجَاجهِ
…
وشيَّد وَاهِي الدِّين بعد التَّضَعْضُعِ
بإقْدَامِ مَنْصُور وعَزْمَة قَادِرٍ
…
وسِيْرَة مَهْدِيّ وإخْبَاتِ طَيِّعِ
بهِ رَجعَتْ شَمْسُ المَكَارِم والعُلَى
…
كما رَجَعَتْ شَمْسُ النَّهَار ليُوْشَعِ
ففَرَّق شَمْلَ المالِ بعد اجْتِمَاعهِ
…
وجَمَّع أشْتَاتَ العَلَاءِ المُوَزَّعِ
سَأَشْكُرُ للأيَّام حِيْلَة بُرْئِها
…
لإبْلَالِ قلبٍ بالرَّقِلَّةِ مُوجَعِ
بإقْبَالها تُزْهَى بأكْرَم مُوْدَعٍ
…
وإنْ تَكُ قد وَلَّتْ بخَيْر مُوَدَّعِ
ولائي لكُم يا آلَ أحْمَدَ صَادِقٌ
…
وإنْ مَانَ مَذَّاقٌ ونَمَّقَ مُدَّعِ
وإنِّي لشِيْعِيُّ المَحَبَّةِ فيْكمُ
…
وإنْ لَمْ يَشِنْ دِيْني غُلوُّ التَّشَيُّعِ
فَلي من نَدَاكُم خَفْضُ عَيْشٍ مُرَفَّهٍ
…
ولي في ذُرَاكُم عِزُّ قَدْرٍ مُرَفَّعِ
أخْبَرَني المَلِكُ الأمْجَد أبو عليّ الحَسَنُ بن دَاوُد بن عِيسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوبَ، قال
(1)
: سَيَّر الخَلِيفَة المُسْتَعْصِم إلى أبي رَسُولًا عندما قَصَدَ التَّتَارُ بَغْدَادَ، يَسْتَصْرخهُ ويَحُثُّه على سُرْعَةِ الوُصُول إليه ولو على الهُجْن، ويأمرُه أنْ يترُكَ أوْلَادَهُ، ويأمرُهُم أنْ يَسْتَصْحبُوا معهم مَنْ يَرى اسْتِصَحَابَهُ من أوْلادِ المُلُوك والأُمَرَاء والأجْنَاد، وكان أبي إذ ذاكَ مع العَرَب في أطْرَافِ تيْهِ بنِي إِسْرَائِيل، فَوَافاهُ الرَّسول وقد سَيَّرَ إليه المَلِكُ المُغِيْث ابن العادل ابن الكَامِل عَسْكَرًا فقَبَضَهُ، ثمّ سَيَّرَهُ إلى طُوْر هَارُون صَلَّى اللَّه على نَبِيِّنا وعليه وسَلَّم، وتَرَكَهُ هُنالكَ، فقَصَدَ الرَّسُول المَلِكَ المُغِيْث وقال له: الخَلِيفَة قد طَلَبَ هذا الرَّجُل لهذا المُهمّ العَظِيم، فسَيَّرَ إليهِ وأحْضَره، وجاء هو والرَّسُول حتَّى نَزَلا بالبُوَيْضَا خَارِج دِمَشْق على عَزْم التَّوَجُّه إلى الخَلِيفَة، فقال لي أبي: واللَّهِ يا وَلدِي ما أنا مُتَوَجِّهٌ إلى بَغْدَاد أرْجُو دُنْيا ولا تَقَدُّمًا على العَسَاكِر، وإنَّما أُرِيْدُ أنْ أبْذُل نفسِي في سَبِيْل اللَّهِ تعالَى، وأرْجُو أنْ أنْفَع المُسْلمِيْنَ، وأمُوتَ شَهِيدًا، فلعلَّ اللَّه أنْ يُكَفِّر عنِّي ما اقْتَرفتُه فيما
(1)
قارن بذيل مرآة الزمان 1: 174.
مَضَى من عُمري، وأقام على هذه النِّيَّةِ يَقْصُر الصَّلاةَ اعْتِقَادًا منه أنَّهُ يُقِيْم أيَّامًا يَسِيْرةً، مجهَّزُ فيها ثُمَّ يتَوَجَّه إلى وُجْهَته.
فلمَّا وَرَدَت الأخْبار بأنَّ التَّتَار قد ضَايقُوا بَغْدَاد، أشَارَ عليه جَمَاعَةٌ من أصْحَابهِ أنْ يتَثَبَّط رَيْثما تحقَّق أمْرها، فقال: أنا قد بعْتُ اللَّه نَفْسِي، فما أرْجع فيما بيني وبين اللَّهِ تعالَى، فلمَّا وَصَلتِ الأخْبارُ بأنَّ التَّتَار قد أخَذُوا بَغْدَادَ، وتَوَاتَر ذلك، أظْهَر بعضُ النَّاسِ أنَّ الخَلِيفَة قد نَجَا بنفْسه والْتَحَق بالعَرَب، فقال: لا بُدَّ لي من اللَّحَاقِ به، فإنَّ له بَيْعَةً في عُنُقي، وقد أمَرَني بأمْرٍ وما يُمْكنني مُخَالفَتُهُ، والّذي يَخْشَاهُ النَّاسُ في ذلك هو القَتْل، وأنا أتَمنَّاهُ، فإنَّ المَوْت لا بُدَّ منه وقد حَان حينُه، فإنَّ هذا الشَّيْب كما تَرَوه، فأحْسَنُ ما كان المَوْتُ بأيْدي المُشْرِكين في سَبِيْل اللَّه تعالَى، فلمَّا تحقَّق أنَّ الخَلِيفَة أُخِذَ فيمَن أُخِذَ، تَوَجَّع لفَوَاتِ ما أمَّله، وقال: ما كُنْتُ أرجُو إلَّا أنْ أكُون بين قَتْلَى المَعْرَكَة، ولكن ما يُريْدهُ اللَّه هو الكَائِنُ.
قال لي وَلدُه الحَسَن: فَجَزَاهُ اللَّه بنيَّته، وآتَاهُ الشَّهَادَة، فإنَّهُ ماتَ بالطَّاعُونِ، وقد صَحَّ عن رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما اتَّفَق عليه الإمَامان، عن أنسٍ رضي الله عنه
(1)
، قال: سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: الطَّاعُون شَهَادَةٌ لكُلِّ مُسْلِم.
قال لي وَلدُه: وحُدِّثْتُ أنَّهُ سَألَ اللَّه عز وجل ذلك قبلَ مَرَضِهِ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْن، فإنَّهُ حَدَّثَني الحَاجِيّ عَبْدُ اللَّه بن فَضْل بن رَدَّاد
(2)
وفَارِس بن آقْسُنْقُر بن
(1)
صحيح مسلم 3: 1522 (رقم 166)، فتح الباري 6: 42 (رقم 3830)، الفردوس لشيرويه الديلمي 2: 465 (رقم 3988)، فيض القدير للمناوي 4: 286 (رقم 5339)، كنز العمال 10: 77 (رقم 38433)، وانظر المسند الجامع 2: 153 (رقم 962).
(2)
انظر كلام ابن رداد في ذيل مرآة الزمان لليونيني 1: 174.
عَبْد اللَّه الأمْجَدِيّ، قالا: كُنَّا جالسَيْن عند وَالدِكَ، رحمه الله، أيَّام اشْتِدَادِ الوَبَاءِ عَقِيْبَ كَائِنة بَغْدَاد، فتَسَخَّطْنا بالوَبَاء، وقُلْنا: هذا سَخْطَةٌ أرْسَلها اللَّهُ على النَّاسِ، فقال: لا تقُولوا هذا، فإنَّ الطَّاعُونَ لمَّا وَقَعَ بعَمْوَاس قال بعضُ النَّاسِ هذا رِجْزٌ، هذا الطُّوفَانُ الّذي بُعِثَ على بني إِسْرَائيِل، وبَلَغَ ذلك مُعَاذًا فقال: يا أيُّها النَّاسُ، لِمَ تَجْعلُونَ دَعْوَةَ نَبِيِّكُم، ورَحْمَةَ ربِّكم عَذَابًا، وتَزْعمُونَ أنَّ الطَّاعُون هو الطُّوفَان الّذي بُعِثَ على بني إِسْرَائيِل، وإنَّ الطَّاعُون لرَحْمَةٌ من رَبِّكم رَحِمَكُم بها، ودَعْوَةٌ من نَبِيِّكُم لكم، وكِفْتُ (a) الصَّالِحين قَبْلكم، اللَّهُمَّ أَدْخِل على آل مُعَاذٍ منه نَصِيْبَهُم الأوْفَى، فطُعِنَ عبدُ الرَّحْمن بن مُعَاذٍ وامْرأته، ودَخَلَ عليهِ مُعَاذ يَعُودُه، فقال: يا بنيّ، كيف تجدُكَ؟ قال يا أبة، {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}
(1)
، فقال: يا بنيّ {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
(2)
، فماتَ الفَتَى وامْرأتُه، وطُعِنَتْ امْرَأتانِ لمُعَاذٍ فمَاتتا في يَوْمٍ واحدٍ، فأقْرَع بينهما فقدَّم أحْديهما قبل صَاحِبتها في القَبْر، وطُعِنَت خَادِمُه (b)، وأُمِّ وَلدِه فتُوفِّيتا فدَفَنهما، حتَّى إذا لَم يَبْقَ غيره طُعِنَ في كَفِّه ببَثْرة صَغيرَة كأنَّها عَدسَة، فَجَعَل يَنْظُر إليها ويقُول: إنَّك لصَغِيرَةٌ، وإنَّ اللَّه ليَجْعَل في الصَّغير الخَيْر الكَبِير، ثمّ يُقَبِّلُها ويقُول: ما أُحبُّ أنَّ لي بك حُمرَ النِّعَم، فلمَّا نَزَلَ بهِ المَوْتُ فجَعَل يُغَتّ به ثمّ يُغْمَى عليه، ثمّ يتنَفَّسُ عنه، فيقُول: غُمّ غمّك، فوَعِزَّتكَ إنَّكَ لتَعْلَم أنِّي أُحبُّكَ، ثمّ يَقُول: جَرِّعني ما أرْدت.
قال الحَسَنُ بن دَاوُد: قالا لي
(3)
: فلمَّا فَرَغَ وَالدكَ من هذه القِصَّة، رَفَعَ يَدَيهِ مُبْتَهلًا وقال: اللَّهُمَّ اجْعَلنا منهم، وارْزُقْنا ما رَزَقْتَهم، فأصْبَح من الغَدِ أو من
(a) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر 58: 444، والكِفْتُ: القبض والضم، كَفَتهُ اللَّه: قبضه، وجمعه كفات. لسان العرب، مادة: كفت.
(b) كذا في الأصل ومثله في رواية ابن عساكر، ولعلها: خادمته، لما سبقه وأيضًا لقوله فيما بعد "فتوفيتا".
_________
(1)
سورة البقرة، الآية 147.
(2)
سورة الصافات، من الآية 102.
(3)
انظر ذيل مرأة الزمان لليونيني 1: 175.
بَعْد الغَد مَرِيْضًا، وكُنْتُ أنا غَائِبًا عنه، فلمَّا بَلَغَني مَرضُه، جِئْتُ إليه، فإذا هو يَشْكُو ألَمًا شَدِيْدًا بجَنْبِه الأَيْسَر بحيثُ لا يَسْتَطيع الاضْطِجَاع، وكان يقُول: أُحِسُّ في جَنْبي مثْل الطَّعْنِ بالسَّيْفِ، ولم يَزَل كذلك أرْبَعَة أيَّام ولَيْلة الخَامِس إلى السَّحَر؛ لَم يَذُق النَّوْم إلَّا إغْفَاءًا نُسَنِّدُ رَأسَهُ بأيْدِينا، ثمّ وَجَدَ خِفًّا واضْطَجَع ونَام وأصْبَح بَارِئًا، وبَقِيَ على ذلك يَوْمَهُ ولَيْلَتَهُ، فلمَّا أصْبَح في اليَوْمِ السَّادِس شَكَا ألَمًا خَفِيْفًا بجَنْبِه الأيْمَن، وأخَذَ في التَّزايُدِ يَوْمَهُ ولَيْلَته، فتحَقَّق في اليَوْم السَّابِع أنَّهُ طَاعُون، واشْتَدّ الألَمُ وعَادَ كما كان في المَرَّة الأُوْلَى، وانْحَطَّت قُوَاهُ.
فلمَّا كان بين الصَّلَاتَيْن، كُنْتُ جالِسًا عندَهُ، وقد أَغْفَى، فانْتَبَه تُرْعَدُ فرائصُهُ، وأشَارَ إليَّ أنْ أَقْتَربَ منهُ، فقال: رأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والخَضِر عليه السلام، وقد جاءَا إليَّ يَعُودَاني، فجلَسَا عندي ثمّ انْصَرَفا، فلمَّا كان أواخر النَّهَار قال لي: ما بَقِيَ فيَّ رَجَاءٌ، فتَهَيَّأ في تَجْهِيزي، فبَكَيْتُ وبَكَى الحَاضِرُونَ من أوْلادِه وغيرهم، فقال لي: لا تكُن إلَّا رَجُلًا، ولا تَعْمل عَملَ النِّسَاءِ، ولا تُغَيِّر هَيْئتَكَ، وكُنْ على مُقْتَضَى طَرِيقتِكَ.
فلمَّا كان اللَّيْلُ، اشْتَدَّ به الضَّعْفُ، وانْصَرَفتُ في حَاجةٍ، فحدَّثني بَعْضُ مَنْ كان جالِسًا عندَهُ من أهْلِهِ أنَّهُ أفاقَ فَزِعًا مُرْتَعِبًا، فقال: باللَّهِ تقدَّمُوا إليَّ فإنِّي أجِدُ وَحْشَةً، فسُئِلَ: مِمَّ ذلك؟ فقال: أرَى صَفًّا عن يَمِيني فيهم أبو بَكْر وسَعْدٌ، صُوَرُهُم جَمِيلةٌ، وعليهم ثِيَابٌ بيْضٌ، وصَفًّا عن يَسَارِي صُوَرُهم قَبِيْحَةٌ، فيهم أبْدَان بلا رُؤوس وهؤلاء يَقُولونَ: تَعال إلينا، وهؤلاء يقُولون: تعال إلينا! وأنا أُرِيْدُ أنْ أروْحَ إلى أهْلِ اليَمِيْن، وكُلمَّا قال لي أهل الشَّمَال مَقَالَتَهُم قُلتُ: واللَّهِ ما أجيءُ إليكم، خَلُّوني من أيْدِيكُم، وقد ارتعَبْتُ منهم. ثمّ أغْفَى إغْفَاءَةً، ثُمَّ قال: الحَمْدُ للَّهِ خلَصْتُ منهم، وقال: رأيْتُ امرأةً جَمِيلةً لَم أرَ أحْسَنَ منها، قد جاءت إليَّ فأعْرَضْتُ عنها،
فكلَّمتني كالَّتي تَسْتَميلني، فقُلتُ: واللَّهِ ما لي بك من حَاجةٍ؛ هذه زَوْجَتي عندي وأنا عنها مَشْغُول، فرُوْحِي عنِّي؛ فإنَّ نَوْمَةً أحَبُّ إليَّ! فقالت: زَوْجتكَ ما تَدُومُ لكَ وما يَدْوم لك إلَّا نحنُ.
قال الحَسَنُ: وتُوفِّيَ، رحمه الله، صَبِيْحَة هذه اللَّيْلة حين تَنَفَّس الصُّبْح من يَوْم السَّبْتِ السَّادِس والعشْرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وستمائة بالبُوَيْضَا.
كَذا قال لي وَلدُه. ووَجَدْتُ تَاريْخ وفَاته بخَطِّي أنَّهُ تُوفِّي أوَّل طُلُوع الفَجْر من يَوْم السَّبْت الثَّامن والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وستمائة، وحَضَرَ المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن مُحَمَّد الصَّلاةَ عليه، واسْتَصْحَبَني معه إلى البُوَيْضَا، وقَدَّمني للصَّلَاةِ عليه، فصَلَّيْتُ عليه بإذن أوْلادِه، وكان قد أوْصَى أنْ يُغَسِّلَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّين عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَطَاءٍ الحَنَفِيّ قاضي دِمَشْق.
قال لي وَلدُه الحَسَن: فغَمضتُ عَيْنيه، وشَدَدت لحْيَيْه، وقَلَبْتُ الماءَ عليه، فرأيتُه كأحْسَنِ نائمٍ، فقُلْتُ للقَاضِي شَمْس الدِّين عَبْد اللَّه: ما تَرَى وَجْهَهُ؟ فقال: واللَّهِ هو الآن أحْسَنُ منه حَيًّا.
وحُمِلَتْ جنَازَته إلى جَبَل الصَّالِحين، فدُفِنَ في تُرْبَة أبيهِ المَلِك المُعَظَّم رَحِمَهما اللَّهُ، إلى جَانبه من الشّمال، ودَخَلَ المَلِكُ النَّاصِر (a) إلى وَالدَته بعد الصَّلاة عليه وعَزَّاها وسَلَّاها، ووَعَدها في مُخَلَّفِيهِ خَيْرًا، رحمه الله رَحْمَةً وَاسِعَةً.
(a) الأصل: الناصرية، وربما كان:"ودخل الملك الناصر به"، غير أن مؤدّى الكلام أنه وقع دفنه.
ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مُحَمَّد ممَّن اسْمُه دَاوُد
دَاوُد بن مُحَمَّد بن الجَرَّاح الكَاتِبُ
(1)
كاتبٌ مَذْكُورٌ مَشْهُورٌ، كان على مَظَالِم المُتَوَكِّلِ، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حين اجْتازَ بها إلى دِمَشْق في سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين
(2)
، ووَلي دِيْوَان الزِّمَام في أيَّام المُتَوَكِّل وفي أيَّام المُسْتَعِين.
دَاوُدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن خَالِد -وقيل: ابن أبي خَالِد- أبو سُليْمان الخَالِديّ القَاضِي الإرْبِلِيّ، ثمّ المَوْصِلِيّ، ثمّ الحَصْكَفِيّ الشَّافِعيّ الفَقِيهُ
(3)
أصْلُهُ من إرْبِل، ووُلد بالمَوْصِل، ثمّ تَوَلَّى القَضَاءَ بحِصْن كِيْفَا، وقَدِمَ حلَبَ رَسُولًا مُجْتَازًا إلى دِمشْق، وحَدَّثَ بها عن أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عليّ بن مَحْمُود الكُرَاعِيّ، وعن ابن بَيَان (a)، وأبي طَاهِر الفَضْل بن عُمَر النَّسَائِيّ.
كَتَبَ عنهُ الحافِظ أبو المَوَاهب الحَسَنُ بن هِبَةِ اللَّه بن صَصْرِى، وأخُوه شَيْخُنا أبو القَاسِم الحُسَين، وعبد اللَّهَ بن عِيسَى المُرَاديّ نَزِيلُ حَمَاة، وروَى لنا عنْهُ زَيْن الأُمَناءِ أبو البَرَكَاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه الدِّمَشقيّ.
(a) مهملة في الأصل، ويأتي فيما بعد معجمًا على هذا النحو.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 187 - 188.
(2)
أي: ومائتين.
(3)
توفي سنة 573 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 188، (وفيه: داود بن محمد بن الحسين الأصيلي ثم الموصلي)، السمعاني: الأنساب 1: 152، تاريخ الإسلام 13: 522 - 523، الأسنوي: طبقات الشافعية 1: 119 - 120، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 217.
أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي مَجْد الدِّين أبو سُليْمان دَاوُد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن أبي خَالِد المَوْصِلِيّ الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصور مُحَمَّدُ بن عليّ بن مَحْمُود الكُرَاعِيّ المَرْوَزيّ قِراءَةً عليهِ بمَرْو، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو غَانِم أحْمَدُ بن عليّ بن الحَسَن الكُرَاعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس عَبْد اللَّه بن الحُسَين بن الحَسَن النَّضْرِيّ القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَارِث بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن سَعيد، عن الأَعْمَش، عن إبْراهيم، عن الأسْوَد، عن عائِشَة
(1)
، قالت: قُبِضَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإنَّ دِرْعه لمَرْهُونَةٌ بثلاثين صَاعًا من شَعِيْر.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي مَنْصُور بن نَسِيم إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، فيما ألْحَقَهُ في تاريْخ وَالدِه
(2)
، قال: دَاوُدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن (a) بن أبي خَالِد، أبو سُليْمان الإرْبِلِيّ (b) ثمّ المَوْصِلِيّ الفَقِيه الشَّافِعيّ، قَدِمَ دِمَشْق غير مَرَّة.
وحَكَى لي بَعْضُ أصْحَابنا أنَّهُ وُلد بالمَوْصِل في سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين، وتَفَقَّهَ بالعِرَاق، سَمِعَ الحَدِيْث من جَمَاعَةٍ منهم أبو القَاسِم بن بَيَان الرَّزَّازُ، ودَخَلَ خُرَاسَان، وأقام بمَرْو مُدَّةً، وسَمِعَ بها من أبي مَنْصُور الكُرَاعِيّ، وأبي طَاهِر الفَضْل بن
(a) ابن عساكر: الحسين.
(b) في تاريخ ابن عساكر: الأصيلي.
_________
(1)
فتح الباري 6: 99 (رقم 2916)، صحيح ابن حبان 13: 262 (رقم 5936)، وعندهما زيادة:"مرهونة عند يهوديّ".
(2)
أُدرجت هذه الترجمة ضمن مطبوعة تاريخ ابن عساكر 17: 188، وهي -كما ذكر ابن العديم- مما ألحقه ابنه القاسم على تاريخ والده، ولم ينبه محقق الكتاب عليها وعلى مثيلاتها من التراجم التي أدخلت ضمن الكتاب، وكيف لابن عساكر أن يذكر سنة وفاة المترجَم له (وهي سنة 573 هـ)، وابن عساكر قد توفي قبلها بسنتين 571 هـ!!.
عُمَر بن أحْمَد النَّسَائِيّ المَعْرُوف بلَيْلَى (a) الصُّوْفيّ، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ والمَوْصِل وغيرهما من البِلادِ، ووَلِيَ القَضَاء بحِصْن كِيْفَا.
وذَكَرَ لي بعضُ أصْحَابنا أنَّهُ ذَاكرَهُ يَوْمًا فيما عندَهُ من مَسْمُوعَاتِ الكُتُب الكِبَارِ، فأخْبَر أنَّهُ سَمِعَ منها قِطْعَةً صَالِحةً، منها: الجَامِعُ الصَّحيح للبُخَارِيّ، وذَكَرَ أنَّ بينَهُ وبين البُخاريّ فيه ثلاث أنْفُسٍ، وسَمِعْتُ وَالدِي يَسْتَبعِدُ ذلك، ويقُول: الآفَةُ في ذلك من شُيُوخ القَاضِي؛ فإنَّ القَاضِي أبا سُليْمان لَم يَتَعمَّد ذلك، وإِنَّما دَخَلَ الوَهْمُ فيه على شَيْخه أو شَيْخ شَيْخه، ولا شَكَّ أنَّهُ سَقَطَ من الإسْنَاد رَجُل.
تُوفِّي رحمه الله بالمَوْصِل في يَوْم عِيْد الأضْحَى سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة.
وَقَفْتُ على مُعْجَم شُيُوخ الحافِظ أبي المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة اللَّه بن صَصْرَى بخَطِّه، وخَرَّجَ فيه حَدِيثًا عن دَاوُد بن مُحَمَّد الخَالِديّ، وقال بَعدَهُ: تُوفِّي هذا الشَّيْخ، رحمه الله، في يَوْم عِيْد الأضْحَى سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة بالمَوْصِل فيما حَكَاهُ لي أخي عن بعض أصْحَاب هذا الشَّيْخِ ولم يُسَمِّه، وكان قد حَدَّثَنَا أيضًا عن ابن بَيَانٍ، والكُرَاعِيّ في تلك المَرَّة، وقَدِم دِمَشْق قدمَةً أُخْرى وأنا بالعِرَاق، فسَمِعَ منه بعضُ أصْحَابنا، وعادَ إلى المَوْصِل فاسْتَوْطَنها، ورَوَى لهم هناك أشْيَاء منها جَامِعُ الصَّحيح للبُخَارِيّ رحمه الله، إلَّا أنَّهُ أسْقَطَ من عدَّة الشُّيُوخِ إليه رَجُلًا، فإمَّا أنْ يكُون الوَهْمُ مَضَى عليه أو على شَيْخه، وهو مَعْذُورُ، إذْ لَم يكُن هذا الشَّأْنُ من صنَاعَته.
أخْبَرَنا بذلك أبو الغَنائِم سَالِم بن أبي المَوَاهِب إجَازَةً، قال: أخْبَرَني أبي.
(a) لم يرد لقبه في هذا الموضع من رواية ابن عساكر، واستدركه المحقق عن ابن العديم، وقيده ابن عساكر في ترجمته المفردة لأبي طاهر النسائي (تاريخه 48: 349): "ليل".
دَاوُدُ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أحْمَد القُرَشِيُّ الأصْبَهَانِيُّ، أبو سَعيد الحَلَبِيّ
(1)
كان أبُوه صُوْفيًّا من أصْبَهَان، وكان شَيْخ خَانكَاه مَجْد الدِّين أبي بَكْر ابن الدَّايَة الّتي هي دَاخِل مَدِينَة حَلَب بالقُرْبِ من باب العِرَاق، ووُلد له دَاوُد هذا بحَلَب، وسَمَّعَهُ وَالدُهُ من أبي الفَتْحِ عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه الجُوَيْنِيّ شَيئًا من الحَدِيْث بحَلَب، وقَرأتُه عليه بها.
وكان رَجُلًا صَالِحًا، كَثِيْر العِبَادَةِ، خَشِن العَيْش، مُتنزِّهًا عن الدُّنْيا، شَدِيد الحِرْص على طَلَب الحَلَالِ، وكان يَقْتَاتُ ممَّا يَعْمل بيَدِه، ولا يُخالِطُ أحدًا من أرْبَاب الدُّنْيا.
أخْبَرَنا شِهَابُ الدِّين دَاوُد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن مَكِّي السَّاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُحمّد بن عُمَر بن مَسْرُور الزَّاهِدُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن حَمدِيَّة بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ، قال: حَدَّثَنا سَعْدُ بن سَعيد بن أبي سَعيد المَقْبُريّ، عن أخيهِ عَبْدِ الله بن سَعيدٍ، عن جَدِّه أبي سَعيدٍ أنَّهُ سَمِعَ عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه يَقُول: ما حَدَّثَني أحَدٌ حَدِيثًا لم أَسْمَعْهُ أنا من رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلَّا أمَرْتُه أنْ يُقْسِم باللهِ أنَّهُ سَمِعَهُ من رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، إلَّا أبو بَكْرٍ، فإنَّهُ كان لا يَكْذبُ، فحَدَّثَني أنَّهُ سَمِعَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
توفي سنة 617 هـ.
يَقُول: ما ذَكَرَ عَبْدٌ ذَنْبًا فقَام حين ذَكَرَهُ فتَوَضَّأ وأَحْسَن وُضُوءَهُ، ثمّ تقدَّمَ فصَلَّى رَكْعَتَيْن، ثمّ اسْتَغْفرَ لذَنْبهِ ذلك إلَّا غُفِرَ له.
تُوفِّي شَيْخنا أبو سَعيد دَاوُد بن مُحَمَّد بحَلَب في سَنَة سَبعْ عَشْرة وسِّتمائة، ودُفِنَ خارج بَابِ العِرَاق بالقُرْبِ من مَقَام إبْراهيم عليه السلام.
دَاوُد بن مُحَمَّد الإمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ
إمَامُ مَسْجِد طَرَسُوس، حَدَّثَ بها عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن العَلَّاف البَصْرِيّ، ومُحَمَّد بن دِيْنارٍ، ومُحَمَّد بن خَالِد، وأبي الرَّبِيْع، والقَوَايِرِيّ.
رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، وأبو عَوَانَة يَعْقُوبُ بن إسْحاق الإسْفَرَايِنيّ، وكانَ ثِقَةً.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن المُخَلِّص
(1)
، ح.
وأنْبَأنَا أبو الفَضْل عَبْد السَّلام بن عَبْد الله بن عِمْران، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أبي مَسْعُود الفَارسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن أبي شُرَيْح، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِدٍ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُحَمَّد الإمَامُ بطَرَسُوسَ، ومُحَمَّد بن بِشْر بن مَطَر الوَرَّاق، وجَعْفَر بن عُثْمان (a) صَاحِب الطَّيَالسَة، قالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن العَلَّاف البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ سَوَاءٍ، قال:
(a) المخلِّصيّات: بن أبي عثمان.
_________
(1)
المخلِّصيّات 1: 205.
حَدَّثَنَا ابنُ عَوْن، وهِشَام، عن ابن سِيْرِيْن، عن أبي هُرَيْرَة
(1)
: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ}
(2)
، وقال المُخَلِّص، قال:{نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}
(3)
، فيَضَعُ فيها قَدَمَهُ تبارك وتعالى حتَّى تقُول: قطٍّ قَطّ بكَرَمكَ وعَظَمتكَ.
أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن أبي سَعْد السَّمْعَانيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو بَكْر القَاسِم بن أبي سَعْد عَبْد الله بن عُمَر الصَّفَّار في كِتَابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان أبو الأَسْعَد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الوَاحِد بن أبي القَاسِم القُشَيْريّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو البَرَكَات الفَرَاوِيّ - قال أبو الأَسْعَد: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الحَميْد بن عبد الرَّحْمن البَحِيْرِيّ قِراءَةً عليهِ، وقال أبو البَرَكَات: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عُثْمان بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله المَحْمِيُّ- قالا: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن الإسْفَرَايِنِيّ، قال: أخْبَرَنا خالي الإمَامُ الحافِظُ أبو عَوَانَة يَعْقُوبُ بن إسْحاق الإسْفَرَاينِّي، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الرَّبِيْع، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن أبي الأسْوَد، عن عَبْد المَلِك بن أبي سُليْمان، عن عَطَاءٍ، عن أبي هُرَيْرَة
(4)
، عن النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، قال: تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُور بَرَكَة.
وقال أبو عَوَانَة: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُحَمَّد إمَام مَسْجِد طَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا القَوَارِيرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن عَبْد العَزِيْز بن صُهَيْب، عن أنَس، عن النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، بمثْله.
(1)
فتح الباري 8: 595 (رقم 4849).
(2)
سورة ق، من الآية 30.
(3)
سورة ق، الآية 30.
(4)
مصنف ابن أبي شيبة 2: 275 (رقم 8914)، مسند ابن حنبل 19: 7 (رقم 10188)، الجامع الكبير للترمذي 2: 80 (رقم 708) رواه من حديث أنس وفيه: وفي الباب عن أبي هريرة وغيره.
دَاوُد بن مُحَمَّد، أبو صالح الكَرْجِيُّ
رَوَى بطَرَسُوس عن عَبْد الله بن عليّ المُقْرِئ، وأبي صالح الفَرَّاء. رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو أحْمَد عَبْد الله بن دَاوُد الحَنَّاط الكَرْجِيّ. وكان دَاوُد وإخْوتُه من الغُزَاة المُرَابِطين بطَرَسُوس من الكَرْجِيِّيِنْ.
قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن دَاوُد أبو أحْمَد بن أبي صالح الحَنَّاط، قال: حَدَّثَنَا أبي وعُمومَتي، عن أبي صالح الفَرَّاء، عن أشْعَث، قال: كان إبْراهيم بن أدْهَم يقُول للرَّجُل: اكْتَسب؛ فإنْ لم تَفْعَل احْتَجْتَ فدَاهَنْتَ النَّاس للطَّمَع والحاجَة، فتُخَالف (a) حينئذٍ الحَقَّ وأهْلَهُ.
دَاوُد بن مُعَاذٍ البَصْرِيّ، أبو سُليْمان العَتَكِيُّ المِصِّيْصيُّ
(1)
ابن أُخْت مَخْلَد بن الحُسَين، أصْلُهُ من البَصْرَة، ونَزَل المِصِّيْصَة وسَكَنَها.
رَوَىِ عن عَبْد الوَارِث بن سَعيد، وسَوَّار بن مُجَشِّر، ومِسْمَع بن عَاصِم، وحَمَّاد بن زَيْد، وأبي عَوَانَة، وخَالهِ مَخْلَد بن الحُسَين، والحَسَن الجُفْرِيّ
(2)
.
(a) الأصل: فتحالف.
_________
(1)
توفي في حدود سنة 245 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 425، الثقات لابن حبان 8: 235، تهذيب الكمال 8: 451 - 452، وفيه:"ابن بنت مخلد بن الحسين، ويقال: ابن أخته"، تاريخ الإسلام 5: 820، الكاشف 1: 292 (أرخ وفاته سنة 232 هـ)، تهذيب التهذيب 3: 201 - 202 (وفيه: معاد، بالمهملة)، تقريب التهذيب 1:234.
(2)
في الأصل حيثما يرد بالحاء المهملة، وأكَّده في بعض المواضع بالحاء أسفله، وصوابه الإعجام، وهو الحسن بن أبي جعفر الجفري الأزدي العدوي البصري، منسوب إلى جفرة خالد بناحية البصرة، الكامل لابن عدي 2: 719، ابن ماكولا: الإكمال 2: 243، السمعاني: الأنساب 3: 296، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال 6: 73 - 78، وتاريخ الإسلام 4: 332، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 2:373.
رَوَى عنه جَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيِّ، ومُحَمَّد بن مُشْكان الأنْطَاكِيِّ، ويُوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، وأبو عَطَاء مُحَمَّد بن إبْراهيم بن الصَّلْتِ المِصِّيْصيَّيْن، وأبو الهَيْثَم خَالِد بن يَزيد المَعْرُوف بابنِ مِخْبَط، وهَارُون بن مُحَمَّد بن إسحاق أبو مُوسَى صَاحِب كتاب النَّسَب
(1)
، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ.
أخْبَرَنا زَيْن الأُمَناءِ أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أبو عَبْد اللهِ المُبارَكُ بن عليّ بن عَبْد البَاقِي بن عليّ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الحافِظُ أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن مَيْمُون الكُوْفيّ النَّرْسِيّ المَعْرُوف بأُبَيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد الرَّزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن المُسْتَفَاضِ الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُعَاذ المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِث بن سَعيد، عن شُعَيْب بن الحَبْحَاب، عن أنَس بن مَالِكٍ
(2)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: رُؤْيا المُؤْمِن جُزءٌ من ستّة وأرْبَعين جُزءًا من النُّبُوَّة.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الأخْضَر في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّابِ، قال: أخْبَرَنا الحَاجِبُ الأشْرَفُ قَرَاتكيْن بن الأَسْعَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبوِ بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن صالح الأبْهرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الهَيْثَم خَالِد بن يَزِيد ويُعْرَفُ بابن مِخْبَط، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان دَاوُد بن مُعَاذ ابن أُخْتِ مَخْلَد بن الحُسَينِ منذُ خَمْسٍ
(1)
هو كتاب نسب بني العباس، نقل عنه ابن العديم في العديد من المواضع، وتقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الأول.
(2)
الجامع الكبير للترمذي 4: 118 (رقم 2271)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 12: 373 (رقم 6987) من حديث أنس عن عبادة بن الصامت، وفيهما: وفي الباب عن أنس وغيره.
وثَمانين سَنَةً، قال: حَدَّثَنَا مِسْمَع بن عَاصِم المِسْمَعِيّ، عن سَعيد بن أبي عَرُوبَة، عن الأشْعَث، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أبي هُرَيْرَة
(1)
، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: فَضْلُ كَلَام الله على سَائِر الكَلَامِ كفَضْلِ الله على سَائِر خَلْقِهِ.
أنْبَأنَا عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُعَاذ المِصِّيْصيّ بالمِصِّيْصَة (a) في سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين، قال: حَدَّثنَا الحَسَن الجُفْرِيّ، عن أيُّوبَ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ
(3)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَفْتَخِرِوا بآبائكم الّذين مَاتُوا في الجَاهِلِيَّة، فوالّذي نَفَسِي بيَده لَمَا يُدَهْدِهُ الجُعْلُ بأَنْفها خَيْرٌ (b) من أبائكم الّذين مَاتُوا في الجَاهِلِيَّة.
تُوفِّي دَاوُد بن مُعَاذ في حُدُود سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومَائتيَنْ.
أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَهً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(4)
، قال: دَاوُد بن مُعَاذ العَتَكيِّ ابن ابْنة (c) مَخْلَد بن الحُسَين البَصْرِيّ، سَكَنَ المِصِّيْصَة، رَوَى عن عَبْد الوَارِث،
(a) لم ترد في نشرة كتاب الكامل.
(b) ابن عدي: لماء يد هذه الجعل خير.
(c) كذا في الأصل ومثله في كتاب الجرح والتعديل، وتقدم ذكره: ابن أخت مخلد، والمثبت قول فيه. انظر تهذيب الكمال 8:451.
_________
(1)
سنن الدارمي 2: 533 (رقم 3357)، والمراسيل للسجستاني 361 (رقم 537)، والكامل لابن عدي 5:1705.
(2)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 2: 719.
(3)
مسند ابن حنبل 4: 260 (رقم 2739)، المعجم الكبير للطبراني 11: 317 (رقم 11861)، صحيح ابن حبان 13: 91 (رقم 5775)، كنز العمال 1: 260 (رقم 1304).
(4)
الجرح والتعديل 3: 425.
والحَسَن بن أبي جَعْفَر، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن ابن أخي حُسَيْن الجُعْفِيّ، وسَمِعَ منه أبي، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
دَاوُد بن مَنْصُور بن أبي سُليْمان البَغْدَاديّ، أبو سُليْمان
(1)
قاضي المِصِّيْصَة، أصْلُهُ من نَسَا، وسَكَنَ بَغْدَاد، ثمّ تَحوَّل إلى الثَّغْر ووَلي قَضَاءَ المِصِّيْصَة، وحَدَّثَ بها عن مَالِك بن أنَس، وجَرِيْر بن حَازِم، وإلْيَاس بن مُطَرِّف، وقَيْس بن الرَّبِيْع، وعُمَر بن مُوسَى الوَجِيْهِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي الزَّنَاد، ومُحَمَّد بن رَاشِد المَكْحُوليّ، واللَّيْث بن سَعْد، وإبْراهيم بن طَهْمَان، وأيُّوْب بن خَوْط (a)، وعَبْد الرَّحمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان، ووُهَيْب (b) بن خَالِد، وأبي مَعْشَر المَدَنِيّ، وأبي السَّرِيّ مَنْصُور بن عَمَّار، وهَمَّام.
رَوَى عنهُ أبو حَاتِم الرَّازِيّ، وإبْراهِيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، ويُوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، والهَيْثَم بن خَالِدٍ، وجَعْفَر بن هَارُون المِصِّيْصيُّونَ، وأحمد بن هاشِم الأنْطَاكِيّ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ ببَلْخ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن
(a) الأصل: حوط، بالحاء المهملة، والمثبت من الكامل لابن عدي 1: 341 - 343، تهذيب الكمال 8: 453، وتاريخ الإسلام 4: 313، ولسان الميزان 1: 479، 7:13.
(b) في الأصل: وهب، وصوابه التصغير كما يأتي في آخر الترجمة، وهو وهيب بن خالد البصري الكرابيسي الحافظ، انظر: تاريخ بغداد 9: 330، تهذيب الكمال 8: 453، تاريخ الإسلام 4:537.
_________
(1)
توفي بعد سنة 223 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 426، الثقات لابن حبان 8: 234، تاريخ بغداد 9: 330 - 331، المزي: تهذيب الكمال 8: 453 - 454 (ونسبه: الثغري)، تاريخ الإسلام 5: 311، الكاشف 1: 292 (وفيه: النسائي)، ميزان الاعتدال 2: 21، تهذيب التهذيب 3: 202 - 203، تقريب التهذيب 1:234.
عَبْد البَاقِي بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن الشَّخِّيْر، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن يَحْيَى بن نَصْر ابن أخي سَعْدَان بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مَنْصُور قَاضِي المِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا عُمَر الوَجِيْهِيّ، عن أبي الزُّبَيْر بن جَابِر، عن عَبْدِ الله
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام اللَّيْل فإنَّ فيه قُرْبةً إلى اللهِ عز وجل، وتَكْفِيرًا للسَّيِّئاتِ، ومَطْردةً للدَّاءِ عن الجَسَدِ (a).
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: دَاوُد بن مَنْصُور، أبو سُليْمان، نَسَائِيُّ الأصْلِ، بَغْدَاديُّ الدَّارِ، وَلِيَ قَضَاءَ المِصِّيْصَةِ، وانْتَقَلَ عن بَغْدَاد إليها فسَكَنَها، وحَصَلَ حَدِيثُهُ عندَ أهْلها، فرَوَى عنهُ إبْراهيمُ بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيّ، والهَيْثَم بن خَالِد المِصِّيْصيّ. وقال ابنُ أبي حَاتِم
(3)
: سُئِلَ أبي عنه، فقال: صَدُوقٌ.
وقال الخَطِيبُ
(4)
: حُدِّثْتُ عن أبي الحَسَن بن الفُرَاتِ، قال: أخْبَرَني الحَسَنُ بن يُوسُفَ الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَلَّال، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُهَنَّى، قال: سَألْتُ أحْمَد عن دَاوُدَ بن مَنْصُور بن (b) أبي سُليْمان النَّسَائِيّ، فقال: جار أبي نَصْر التَّمَّار؟ قُلتُ: نَعَم، كان قَاضِي المِصِّيْصَة، قال: أعْرِفُهُ، قُلْتُ: كيفَ هو؟ قال: لا أدْرِي وكَرِهَهُ.
(a) الأصل: الحسد.
(b) ليست في تاريخ بغداد.
_________
(1)
لم أهتد لتخريجه من حديث جابر، وهو مشهور من حديث أبي إدريس الخولاني عن بلال. انظر الجامع الكبير للترمذي 5:444.
(2)
تاريخ بغداد 9: 330.
(3)
الجرح والتعديل 3: 426.
(4)
تاريخ بغداد 9: 331.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: دَاوُد بن مَنْصُور، قَاضي المِصِّيْصَة، بَغْدَاديٌّ سَكَنَ المِصِّيْصَة. رَوَى عن عبد الرَّحْمن بن ثَابتِ بن ثَوْبَان، ومُحمّد بن رَاشِد، وإبْراهيم بن طَهْمَان، وعَامِر بن يَسَاف، وأبي مَعْشَر، وجَرِيْر بن حَازِم، ووُهَيْب، سَمِعَ منه أبي في سَنَة عشْرين ومَائتَيْن، سُئِلَ أبي عنه، فقال: صَدُوقٌ.
دَاوُد بن الوُسَيْم بن أَيُّوب بن سُلَيمان، أبو سُليْمان البُوْشَنْجيّ
(2)
سَمِعَ بطَرَسُوس أبا بَكْر بن يَزِيد، ورَوَى عنهُ، وعن عبد الرَّحْمن ابن أخي الأصْمَعِيّ، وكَثِيْر بن عُبَيْد، ومُوسَى بن عَبْد الرَّحمن المَسْرُوقيّ، وإبْراهيم بن هَانِئ، ومُحَمَّد بن الوَلِيد القُرَشيّ، وعليّ، ومُوسَى ابْنَي سَهْل الرَّمْليَّيْن، ويَحْيَى بن عُثْمان الحِمْصِيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وإبْراهيم بن يَعْقُوب، ومُحَمَّد بن عَوْف، وأبي التُّقَى هِشَام بن عَبْد المَلِك، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زَنْجُوَيْه، وأبي سَعيد الأَشَجّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الأحْمَسِيّ، ومُحَمَّد بن خَلَف، وعُمَر بن شَبَّة، وأحمد بن سِنَان، ومُحَمَّد بن حَسَّان الأزْرَق، وعَمْرو بن عَبْد الله الأوْدِيّ، والحَسَن بن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، والعبَّاس بن الوَلِيد البَيْرُوتِيّ، وجَمِيل بن الحَسَن العَتَكِيّ، وغيرهم.
(1)
الجرح والتعديل 3: 426.
(2)
توفي بعد سنة 290 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 191 - 193، تاريخ الإسلام 6: 943، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 218.
رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن زِيَاد النَّقَّاشُ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحَسَن البَنْدَجَانيّ (a)، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحمّد البُوْشَنْجيّ، وأبو القَاسِم مَنْصُور بن العبَّاس الفَقِيه (b).
أخْبَرَنا مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ الله التَّاجرُ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عَبْدُ المُحْسِن بن مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد، فيما أَذنَ لَنا في الرِّوَايَةِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن زِيَاد النَّقَّاشُ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن وُسَيْم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن ابن أخي الأصْمَعِيّ، عن عَمِّه، قال: قال لي أبو عَمْرو بن العَلَاءِ: يا عَبْدَ المَلِك، كُنْ من الكَرِيمِ على حَذَرٍ إذا (c) أَهَنْتَهُ، ومن اللَّئيم على حَذَرٍ إذا أكْرَمْتَهُ، ومن العَاقِلِ إذا أحْرَجْتَهُ، ومن الأحْمَق إذا مَازَحْتَهُ، ومن الفَاجِر إذا عَاشَرْتَهُ، وليسَ من الأدَب أنْ تُجيْبَ مَنْ لا يَسْألُكَ (d)، أو تُحَدِّثَ مَنْ لا يُنْصِت لكَ.
دَاوُدُ بن يُوسُفَ بن أَيُّوبَ بن شَاذِي بن يَعْقُوب بن مَرْوَان، أبو سُليْمان، مُجِيْر الدِّين المَلِك الزَّاهِر ابن المَلِك النَّاصِر، صَاحِبُ البِيْرَة
(2)
وكان شَقِيْق الملَك الظَّاهِر غَازِي، وكان مُقِيْمًا عندَهُ بحَلَب، وعَهِدَ إليه
(a) مهملة في الأصل، والمثبت كما في تاريخ الإسلام، وتصحفت في تاريخ ابن عساكر: النيرجاني.
(b) بعده بياض في الأصل قدر ثلاثة أسطر.
(c) الجريري: إن.
(d) بعده في كتاب الجليس الصالح: ولا تسأل من لا يُجيبك.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 2: 128 - 129.
(2)
توفي سنة 632 هـ، وترجمته في: البرق الشامي للعماد الأصفهاني 3: 77، المنذري: التكملة 3: 383، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 257 - 258، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 3: 156، ابن الفوطي: مجمع الآداب 4: 569 - 570، الذهبي: تاريخ الإسلام 14: 69، العبر في خبر مَن غبر 3: =
بالمُلْكِ قَبْل أنْ يُوْلَد له وَلدٌ، ثمّ إنَّهُ أعْطاهُ البِيْرَة
(1)
والبَرْسَمان
(2)
إقْطَاعًا ونِيَابَةً عنهُ، وأقامَ بالبِيْرَة إلى أنْ تُوفِّي المَلِكُ الظَّاهِر، فاسْتَقَلَّ بها مع عدَّة مَوَاضِع غيرها.
وأخْبَرَني أخُوه المَلِك المُحْسِن أبو العبَّاس أحْمَد أنَّ مَوْلد المَلِك الزَّاهِر دَاوُد بمِصْر لسَبْعٍ بَقِينَ من ذِي الحِجَّةِ من سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة.
وكان قد سَمِعَ الحَدِيْث من الفَضْل بن سُلَيمان بن البَانيِاسِيّ بدِمَشْق، وأجازَ لهُ جَمَاعَة من الشُّيُوخ: أبو مُحَمَّد بن بَرِّي، وأبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ الحَرَّانيّ، وأبو الحُسَين أحْمَدُ بن حَمْزَة بن عليّ السُّلَمِيّ، ولا أعْلَمُ أنَّهُ حَدَّث بشيءٍ.
وتُوفِّيَ بقَلْعَة البِيْرَة في سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين وسِّتمائة، واسْتَولَى ابنُ أخيهِ المَلِك العَزِيز مُحَمَّد بن غَازِي صَاحِب حَلَب على ما كان بيَدِه من المعَاقِل والحُصُون، وخَرَجَ إلى البِيْرَة بنفْسه، ورَتَّبَ فيها الوُلَاة من قِبَلِهِ.
= 212، سير أعلام النبلاء 22: 377، 23: 18 (ذكر عارض في الموضعين)، الصفدي: الوافي 13: 500 - 501، ابن أبي عذيبة: إنسان العيون 276 - 277، كتاب الحوادث لمجهول 104، الزركشي: عقود الجمان ورقة 113 ب، ابن دقماق: نزهة الأنام 64 - 65، المقريزي: السلوك 1/ 1: 250، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 2: 146 (وفيه: مجد الدين)، ابن العماد: شذرات الذهب 7: 260، مرتضى الزبيدي: ترويح القلوب في ذكر الملوك بني أيوب 74 - 75، الطباخ: إعلام النبلاء 2: 206، الزركلي: الأعلام 2: 336.
(1)
البيرة: بلدة قرب الفرات في البر الشرقي، وفيها قلعة حصينة مرتفعة مبنية على الصخر، وهي إلى الشرق من قلعة الروم (جسر منبج)، وفي الجنوب والغرب عن سروج، وحدد ياقوت موضعها قرب سميساط بين حلب والثغور الرومية، وهذه غير البيرة التي تقدم ذكرها في الجزء الأول من نواحي تادف. ياقوت: معجم البلدان 1: 526، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 120 - 123، أبو الفداء: تقويم البلدان 268.
(2)
انظر كلام المؤلف على البرسمان في الجزء الأول.
دَاوُد بن المَغْرِبيّ القُرَشِيّ المُلَقَّب بالصَّفِيّ
شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، دَخَلَ حَلَبَ، وامْتَدَحَ بها المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب، وسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ لقيَهُ يُثْنِي عليه كَثِيْرًا، ويَصِفُهُ بالخَيْر والصَّلَاح، وحُسْن العِبَادَة، وخَرَجَ عن حَلَب وأقامَ بحَمَاة.
ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَيْن بن عَبْد الله بن رَوَاحَة، وأبو حَامِد أحْمَد بن المُفَضَّل بن رَوَاحَة الأنْصَاريَّان الحَمَوِيّان.
وقَرأتُ بخَطِّ يَحْيَى بن أبي طَيّ الحَلَبِيّ أنَّهُ وَرَدَ حَلَب سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، واتَّصَل بخِدْمَة أبي الفَتْح ابن المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين، وامْتَدَحه بقَصِيدَةٍ أوَّلُها:[من الطويل]
أَلَحْظُكِ أمْ ما تَطْبعُ الهِنْدُ يا هِنْدُ
أنْشَدَنا هذه الأبْيَات شَيْخُنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال: أنْشَدَني دَاوُد بن المَغْرِبيّ القُرَشِيّ لنَفْسِه:
أَلَحْظُكِ أم ما تَطْبَعُ الهِنْدُ يا هِنْدُ
…
وقَدُّكُ أم غُصْنٌ مِنَ البَانِ أم رَنْدُ
ووَجْهُكِ أم بَدْرٌ مِنَ النَّقْصِ آمِنٌ
…
وشَعْرُكِ أم قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُمْتَدُّ
ورِيْقُكِ أم صِرْفٌ منَ الرَّاحِ قرْقَفٌ
…
وخَدُّكِ أم وَرْدٌ وثَغْرُكِ أم عقْدُ
وجِسْمُكِ أم ماءٌ منَ المزْنِ جَامِدٌ
…
ولفْظُكِ أم سِحْرٌ وقَلْبُكِ أم صَلْدُ
وريَّاكِ أَم نَشْرٌ منَ المِسْكِ عَابِقٌ
…
تكَسَّبَ منهُ المنْدَلُ الطِّيْبَ والنَّدُّ
أَبِيْني لنا يا هِنْدُ كيف تَجَمَّعَت
…
صِفَاتُكِ يا مَنْ ما يَدُومُ لَها عَهْدُ
ومُنِّي على مَنْ شَفَّهُ الوَجْدُ والضَّنَى
…
بوَصْلٍ إلى كم ذا التَّهَاجُرُ والصَّدُّ
تَجَاوَزتِ حَدَّ الظُّلْم يا ابْنَةَ مَالكٍ
…
وجُرْتِ فمُنِّي بالوِصَالِ ولو وَعْدُ
يَقُول في مَدْحه (a):
إذا ما امْتَطَى طِرْفًا وجَرَّدَ صَارِمًا
…
صَقِيلًا فأعْنَاقُ المُلُوكِ لَهُ غِمْدُ
أوِ اعْتَقَلَ الرُّمْحَ الرُّدَيْنيَّ كَفُّهُ
…
غَدَاةَ هيَاجٍ فالكُمَاةِ بهِ عِقْدُ
أنْشَدَني شِهَابُ الدِّين أبو حَامِدٍ أحْمَدُ بن المُفَضَّل بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، وأمْلَاها عليَّ من لَفْظه بِظَاهِر حِمْصَ، قال: أنْشَدَني الصَّفِيّ دَاوُد بن المَغْرِبيّ القُرَشِيّ لنَفْسِه في هَوَىً له، ومَدَحَ بها المَلِك المَنْصُور مُحَمَّد بن تَقِيّ الدِّين عُمَر صَاحِب حَمَاة:[من الكامل]
هَاتَا الحَدِيْثَ عَنِ الغَزَالِ الأغْيَدِ
…
وتَغَنَّيَا قَوْلَ الغَرِيْضِ ومَعْبَدِ
ثُمَّ اسْقِيَاني قَهْوةً ذَهَبيَّةً
…
صَفْراءَ صِرْفًا كالسَّنَا المُتَوَقِّدِ
مِن كَفِّ مَمْشُوقِ القَوَام مُهَفْهفٍ
…
كالصَّعْدَةِ السَّمْرَاءِ أسْمَرَ أمْلَدِ
في خَدِّهِ وَرْدٌ وآسٌ نَاضِرٌ
…
عَطِرٌ ذَكيُّ النَّشْرِ ريَّانٌ نَدِ
فكأنَّما قَوْسُ السَّحَابِ بخَدِّهِ
…
يَبْدُو لَنا في أخْضَرٍ ومُوَرِّدِ
ذي مُقْلَةٍ سَحَّارَةٍ سَخَّارةٍ
…
كَحْلَاءَ ما كُحِلَت بكُحْلِ الإثْمِدِ
آهٌ على بَرْدٍ بفيْهِ مُنَضَّدٍ
…
كالدُّرِّ في اليَاقُوت تَحْتَ زَبَرْجَدِ
وَالَهْفَتَا مَنْ لي برَشْفِ رُضَابِهِ
…
فَهْوَ الشِّفَاءُ لغُلَّةِ الدّنفِ الصَّدي
جَانٍ على العُشَّاقِ فتكَةُ لحْظِهِ
…
يُخْشَى كبَأسِ مُحَمَّدٍ ومُحَمَّدِ
دَاوُد الحَرَّانيّ
له ذِكْرٌ، وَجَّههُ المُعْتَصِمُ رَسُولًا إلى الرُّوم، فاجْتازَ بحَلَبَ أو ببَعْضِ عَمَلها، وحَكَى عن مَلِكِ الرُّوم. رَوَى عنهُ أحْمَد بن عبدِ الصَّمَد.
(a) الأصل: مدحها، والمراد: مدح أبي الفتح ابن الملك الناصر صلاح الدين.
قَرأتُ بخَطِّ عليّ بن مُوسَى (a) بن إسْحاق الرَّزَّاز في نَوَادر أبي بَكْر مُحَمَّد بن المَرْزُبَان، سَمَاع الرَّزَّاز منهُ: حَدَّثَني مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَني أبو نَصْر أحْمَدُ بن عبد الصَّمَد، قال: أخْبَرَني دَاوُد الحَرَّانيّ، قال: وَجَّهَني المُعْتَصِم باللهِ إلى مَلِكِ الرُّوم، فتَغَدَّيْتُ معَهُ، فأتَوه من الأطْعِمَة بما لَم أرَ أكْثَر منها، ثمّ دَعَا بشيءٍ أوْمَأ إليهم، فأُتِيَ ببَرْنِيَّةٍ صَفْراءَ مُلَّمعَة بشَقَائِق النُّعْمان مَخْتُومة، ففَكَّ الخَاتمَ، ثمّ اسْتَخْرَج من جَوْفها بَرْنِيَّةً أُخْرى، فأخْرَج بيَدِه منها قَضِيْبَيْن من كَبَرٍ
(1)
فأكَلَهُ، ودَفَع إليَّ مثْلَ ذلك، ثُمَّ خَتَمَها بيَدِه وقال: عندَكُم من هذا شيءٌ؟ قُلتُ: عندنا يَأكُلُه الدَّوَابُّ كَثْرةً، فقال لي: فبلادُكُم إذًا أخْرَبُ بلادِ الله؛ لأنَّ هذا لا يَنْبُتُ إلَّا في الخَرَاب، وبلادنا ليسَ فيها منهُ شيء إلَّا العُود بعد العُود.
دَارَان بن كشيردَاد بن شَمِر بن قُيُوْمَرْت بن كَيْكَاوُس بن صمَاربخت بن كيَاردَشِيْر بن كيوسَا بن يَزْدَجِرْد بن سَابُور كَرمَانْشَاه بن هُرْمُز بن نَرْسِي بن بَهْرَام بن هُرْمُزان بن سَابُور بن أَرْدَشِيْر بن بَابَك بن سَاسَان بن بَابَه بن سَاسَان بن بلَاس بن شَهْرَآبَاد
(2)
ابن أوْلَاد مُلُوك الفُرْسِ، أسْلَم على يَدِ عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، وشَهِدَ معه صِفِّيْنَ، وقُتِلَ بها رحمه الله.
(a) الأصل: ابن أبي موسى، وصوابه المثبت كما تقدم في ترجمة الحكم بن المطلب القرشي (الجزء السادس)، وانظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13: 602.
_________
(1)
عند ابن منظور: الأكبر: شئٌ كأنه خبيص يابس فيه بعض اللبن ليس بشمع ولا عسل، وليس بشديد الحلاوة ولا عذب، مما يؤخذ من النحل. (لسان العرب، مادة: كبر). ومدلول الكلام أعلاه يشير إلى نبت تأكله الدواب.
(2)
توفي سنة 37 هـ.
دَارَا بن مَنْصُور بن دَارَا بن العَلَاء بن أحْمَد بن عليّ بن عبد الرَّحْمن بن عليّ بن عِيسَى بن يَزْدَجِرْد بن شَهْرَيَار الشِّيْرَازيّ، أبو الفَتْح الفَارسِيُّ الكَاتِبُ
(1)
رَوَى عن جَدِّه دَارَا إنْشَادًا، رَوَاهُ عنه القَاضِي أبو اليُسْر شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان الكَاتِب، وكان بحَلَب في صُحْبَةِ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر؛ يَكْتُب له بالعَرَبيّ والعَجَمِيّ، وتَولَّى دِيْوَان الأشْرَاف بحَمَاة، وأقام بحِمْص مُدَّةً مُرَابِطًا لحِصْن الأكْرَاد.
وكان جَدُّه أبو الفَتْحِ دَارَا كَاتبًا للسُّلْطَانِ أبي الفَتْح مَلِك شَاه، وكان من رُؤَسَاءِ فارس وفُرْسَانِهِم في الأدَبِ، وكان يَرْوي عن شُيُوخ خُرَاسَان، وأبي مُحَمَّد الأسْوَد الغُنْدجَانِيّ، ثمّ تَرَكَ الكتابة وانْقَطَعَ في مَنْزِله، وقال يَصِفُ حالَهُ أبْيَاتًا رَوَاها ابنُ ابْنهِ أبو الفَتْحِ هذا عنه.
أنْبَأنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، عن القَاضِي أبي اليُسْرِ شَاكِر بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان، قال: أنْشَدَنا أبو الفَتْح دَارَا، قال: أنْشَدَنا جَدِّي لنَفْسِه
(2)
: [من الكامل]
قالَتْ أُمَيْمَةُ إذ رَأَتْ مِن عطْلَتي
…
ما اسْتَنْكَرَتْهُ وَحَقَّ ذَا مِن شَاني
أَنَبَا بكَ الدِّيْوَانُ أم بِكَ نبْوَةٌ
…
عنهُ فتقْعُدَ خَارِجَ الدِّيْوَانِ
إذْ أنْتَ مَن شَهِدَ اليَرَاعَةُ أنَّهُ
…
في خلقَتَيْهَا (a) فَارِسُ الفُرْسَانِ
(a) ابن عساكر والصفدي: حلبتيها.
_________
(1)
توفي سنة 499 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 17: 78 - 79، مختصر ابن منظور 8: 104، تاريخ الإسلام 10: 814، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكره 5: 189 - 190.
(2)
انظر الأبيات في تاريخ ابن عساكر 17: 78، والوافي بالوفيات 13: 451 أ 452.
أو كُنتَ مَنْ أفْنَى ثُمَيْلَةَ عُمرِهِ
…
وشَبَابِهِ في خِدْمَةِ السُّلْطانِ
ولكَم مَقَامٍ قُمْتَ فيهِ ومَجْلِسٍ
…
رُفِّعْتَ فيهِ إلى أَعَزِّ مَكَانِ
وكتابةٍ سَيّرتَ مِن أبرادِهَا
…
ما سَيَّرَتْهُ البُرْدُ في البُلْدَانِ
فَلِمَ اطُّرِحْتَ ولِمَ جَفَتْكَ عِصَابَةٌ
…
لَهُمُ بحَقِّكَ أصْدَقُ العِرْفَانِ
فأجَبْتُها إنَّ الأحَاظِيَ (a) لَم تَزَلْ
…
مَقْدُورةً لِرجالِ كُلِّ زمَانِ
إن لَم أنَل فيها كفَاءَ فَضِيْلَتي
…
فالفَضْلُ ينْطِقُ لي بكُلِّ لِسَانِ
ولَوَ انَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَم أكُن
…
في نَيْلِ أسْبَاب الغِنَى بالوَانِي
ولرُبَّما لَحِقَ الجَوَاهِرَ بذلَةٌ
…
مِن بَعْدِ ما رُصِّعْنَ في التِّيْجَانِ
دَامِس أبو الهَوْل
(1)
من مَوَالِي طَرِيف من مُلُوك كِنْدَة، كان مع الجَيْشِ الّذي أمَدَّ بهِ عُمَرُ رضي الله عنه أبا عُبَيْدَة رضي الله عنه وهو على حَلَب، وتَسَوَّرَ قلْعَة حَلَب مع جَمَاعَةٍ وفَتَحُوها على ما نَقَلَهُ بعضُ الرُّوَاةِ.
وحُكي عن الوَاقِدِيّ
(2)
أنَّهُ قال: كان أبو الهَوْل دَامِسُ أسْوَد شَدِيدَ السَّوَادِ بَصَّاصًا، وكان إذا رَكِبَ البَعِيْرَ أو الفَرَسَ العَالِيَ من الخَيْلِ تَخُطّ رِجْلَاه الأرْض، وإذا رَكِبَ البَعِيْرَ العالي البَازلَ من الإِبِل تُقَارِبُ رِجْلاهُ رُكْبتَي البَعِير.
وكان فَارِسًا شُجَاعًا، قد شَاعَ ذِكْرُهُ ونَمَا أمْرُه، وعَلَا قَدْرُه في بلادِ كِنْدَة، وأوْدِيَة حَضْرَمَوْت وجِبَال مَهْرَة وأرْضِ الشِّحْر (b)، وقد أخافَ البَادِيَةَ، وانْتَهَبَ
(a) في الأصل بالطاء المهملة، والأحاظي جمع الحظ والحظوة، وعند ابن عساكر والصفدي: الأحاجي.
(b) الأصل: السحرة، والمثبت من كتاب الواقدي.
_________
(1)
أورد الواقدي أخباره في فتوح حلب 1: 262 - 271، وكناه: أبا الأهوال، وأبا الهول.
(2)
فتوح الشام 1: 262.
أمْوَال الحَاضِرَة، وكان مع ذلك لا تُدْركُه الخَيْلُ العِتَاق (a) حُصُونتها ولا حجورَتُها، وكان إذا ذكَرتْهُ العَرَبُ في أنْدِيتَها تَعْجَبُ من صَوْلته وشَجَاعتهِ وجُرْأتهِ (b) .
دَاوِدَاد، أبو السَّاج
(1)
قَائِدٌ مَذْكُورٌ مَشْهُورٌ من قُوَّاد بني العبَّاس، وَلِيَ ديار مُضَر وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم في أيَّام المُعْتَزّ، وكانت قِنَّسْرِيْن أيضًا في ولايته أيَّام المُعْتَمد.
قَرأتُ في تاريخ [الطَّبَرِيّ](c) في شَهْر رَبِيعِ الأوَّل سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن: عَقَدَ صالِح بن وَصِيْف لدَاوِدَاد على ديار مُضَر وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم.
ونَقَلْتُ من كتابٍ بخَطِّ أبي الفَوَارِس بن الخَازِن، جَمَعَ فيه أخْبَار الخُلفَاء من بني العبَّاسِ وأُمَرَائهم
(2)
، قال: وقال المُوَفَّق لصَاعِد -يعني: ابن مَخْلَد ذي الرِّيَاسَتَيْن-: هذه السَّنَةُ -يعني سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن- سَنَة الانْغِلَاق لا سَنَة الافْتِتَاح؛ مِصْر وسَائِر الشَّامات في يَدِ خُمَار بن طُوْلُونَ، والجَزِيْرَة مع إسْحاق
(a) الواقدي: الخيل العتاة.
(b) عوضه في نشرة كتاب الواقدي: وبراعته.
(c) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر كلمة، وهو في تاريخ الطبري 9: 381، وفيه: عقد لديوداد.
_________
(1)
توفي سنة 266 هـ، وتقدم ذكره في العديد من المواضع برسم: ديوداد، ديواداذ، وترجمته في: تاريخ اليعقوبي 2: 349 - 350، 356، وأخباره كثيرة في تاريخ الطبري، (وسماه: ديوداد بن ديورست أبو الساج)، انظر 9: 47، 51، 85، 206، 314 - 371، 381، 513 - 549، ابن الأثير: الكامل 7: 85، 151 - 152، 157، 168، 176، 189، 276 - 292، 333، 362، 372، 396 (وفيه: ديوداد بن ديودست)، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 82، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 28، 30، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 62، ابن كثير: البداية والنهاية 51، 53.
وانظر بعض أخباره في ترجمة خمارويه فيما مرّ من هذا الجزء.
(2)
لم أقف على ذكر هذا الكتاب، والخازن هو: الحسين بن علي بن الحسين (ت 502 هـ)، مشهور بجودة الخط، ولعل الكتاب بخطه من تأليف آخر غيره. انظر ترجمة الخازن في: وفيات الأعيان 2: 191، الوافي بالوفيات 12:440.
لا فَضْل فيِها عنهُ، وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم مع أبي السَّاج، وخُرَاسَان ومَا وَرَاء النَّهْر في يَدِ نصْر بن أحْمَد، وطَخَارَسْتان وبَلْخ وسَمَرْقَنْد في يَدِ دَاوُد بن هاشِم بن كَنْجُور، ونَيْسَابُور في يَدِ رَافِعِ، [و] سِجِسْتَان وكَرْمَان والسِّنْد وفَارِس وأصْفَهَان في يَدِ عَمْرو بن اللَّيْث، وذَكَرَ البِلادَ بأسْرِها وأسْماء مَنْ هي في يَدِه، وقال: ليس في الدُّنْيا غير سَقِي الفُرَات.
أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي القَاسِم البُنْدَارِ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد القَارئ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال في كتاب الأوْرَاق: وانْصَرَفَ أبو السَّاج عن عَسْكَر عَمْرو بن اللَّيْث يُرِيدُ بَغْدَاد، فماتَ بجُنْدَيسَابُور في شَهْر رَبِيع الآخر؛ يعني: من سَنَة ستٍّ وسِتِّين ومَائتَيْن.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوْفِيْقِي
دُبَيْسُ بن صَدَقَة بن مَنْصُور بن دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد بن مَرْثَد بن زَنْجِي بن رَيَّان (a) بن عَدَنِيّ بن عَذَوَّر (b) - وقيل: رَيَّان بن عَذَوَّر بن عَدِيّ (c)- ابن جِلْد بن حَيّ بن عَمْرو بن أبي المظْفَارِ مَالِك بن عَوْف بن مُعاوِيَة بن كِسْر بن نَاشِرَة بن سَعْد بن سُوَاءَةَ بن مَالِك بن سَعْد بن ثَعْلَبَة بن ذُوْدَان بن أسَد بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكَة بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، الأَميرُ أبو الأَغرّ ابن الأَمير سَيْف الدَّوْلَة صَدَقَة ابن الأَمِير بَهَاءِ الدَّوْلَة مَنْصُور ابن الأمِير أبي الأَغرّ دُبَيْس ابن الأَمير سَنَد الدَّوْلَة عليّ الأسَدِيّ، صاحِب الحِلَّة المَزْيَدَيَّة
(1)
هَكَذَا ذكَرَ نَسَبَهُ أبو السَّعَادَاتِ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، فيما أخْبَرَنا به أبو العبَّاس
(a) في المناقب المزيدية 1: 365: الديان.
(b) المناقب الزيدية: غدوّر.
(c) المناقب المزيدية: عدلي!.
_________
(1)
توفي سنة 529 هـ أو 530 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم العراق) 1: 336 - 339 (مرثية الحيص بيص)، 5: 170 - 174، الحسيني: أخبار الدولة السلجوقية 104، 108، قطع تاريخية من كتاب عنوان السير للهمذاني 295، تاريخ ابن القلانسي 202، 205 - 210، 230، 251، (وأرخ ابن القلانسي وفاته في سنة 530 هـ)، ابن الجوزي: المنتظم 17: 207 - 210، 219 - 220، 228 - 229، 250، 253 - 254، 263، 303، ابن الأثير: التاريخ الباهر 25 - 47، ابن الأثير: الكامل 10: 305 وما بعدها (في مواضع كثيرة، انظر فهرس الأعلام 13: 121)، 11: 24، 30، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 216 - 217، 231 - 232، 265 - 266، 274 - 277، زبدة =
أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، إجَازَةً عنهُ؛ ذكَرَهُ في شَرْح المقامات
(1)
.
وذَكَرَ الأَبِيْوَرْدِيّ أنَّهُ أبو الأَغرّ دُبَيْس مَلِكُ العَرَب ابن سَيْفِ الدَّوْلَة صَدَقَة بن مَنْصُور بَهَاء الدَّوْلَةِ ابن دُبَيْس نُوْر الدَّوْلَة ابن عليّ الأَمِير ابن مَزْيَد الأَمِير ابن مَرْثَد الأَمِير ابن الرَّيَّان بن عَدَنِيّ بن خَالِد بن مَالِك بن حَيّ بن عُبَادَة بن مَالِك بن عَوْف بن مُعاوِيَة بن كِسْر بن نَاشِرَة بن نَصْرِ بن سُوَاءَة بن مَالِك بن مَالك (a) بن ثَعْلَبَة بن ذُوْدَان بن أسَد بن خُزَيْمَة.
قَدِمَ حلَبَ، ونَزَلَ على ظَاهِرها في نصْف شَعْبان سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، وحَاصَرها مع إبْراهيم ابن المَلِك رِضْوَان، ومع الملك بَغْدَوين الرُّوَيْس الفِرِنْجيّ فطَالَ حِصَارهم لها، واجْتَمَع عليها ثلاثُ رَاياتٍ لهؤلاء المُلُوك الثَّلاثة إلى أنْ تَدَاركها الله بآقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ، فوَصَل إلى حَلَب، ورَحَلوا عنها.
(a) كذا في الأصل مكررة، وكتب ابن العديم عند الثانية:"صح".
_________
= الحلب 1: 398 - 401، 2: 418 - 445، وفيات الأعيان 2: 263 - 265، ابن واصل: مفرج الكروب 1: 43 - 46، مرآة الجنان لليافعي 3: 196، تاريخ الإسلام 11: 486 - 488، العبر في خبر مَن غبر 2: 435، سير أعلام النبلاء 19: 612 - 613، الإعلام بوفيات الأعلام 217 (وفاته سنة 529 هـ)، الوافي بالوفيات 13: 507 - 510، (وفيه: أبو الأعز؛ بالزاي)، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 197 - 204، 209، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 3: 10، تاريخ ابن الوردي 2: 40، 43، 51 - 52، 55، 58، 63، ابن خلدون: العبر 7: 852 (نسبه)، 7: 871 - 892، 9: 481، سبط ابن العجمي: كنوز الذهب 1: 196 - 197، النجوم الزاهرة 5: 256، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 473 - 474، شذرات الذهب 6: 149، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 386 - 393.
وانظر أخبار أسرة بني مزيد في الحلة عند أبي البقاء الحلي: المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية.
(1)
شرح مقامات الحريري لمحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنجديهي (ت 584 هـ)، كتاب لم يصلنا يقع في مجلدين، انظر عن الكتاب ومؤلفه: الدر الثمين لابن الساعي 230، وأدرج ابن العديم في آوخر الترجمة نصّ كلامه.
وقَدِمَ دُبَيْس مرَّةً ثانيَةً إلى حَلَب حين أُسِرَ بنوَاحي صَرْخَد؛ أسَرَهُ ابنُ طُغْتِكِين فبَاعَهُ علِى زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر صَاحِب حَلَب بخَمْسِين ألف دِيْنار، وخَافَ من زَنْكِي، فلمَّا وَصَلَ إلَى حَلَب أطْلَقَهُ وأكْرَمَهُ واحْتَرَمَهُ، وأنْزَله في دار لاجِيْن بحَلَبَ، وأعْطَاهُ مائة ألف دِيْنارٍ، وخلَع عليه خِلَعًا سَنيَّة.
فأمَّا مُنَازَلة دُبَيْس حَلَب، فكان سَبَبُها أنّ دُبَيْسًا نَهب بَلَد بَغْدَاد في سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة، وسَارَ بنفْسه إلى بَغْدَاد، وضَرَبَ خِيَمَهُ بإزاء دَار الخَلِيفَة المُسْتَرْشِد، وأظْهَرَ ما فىِ نَفْسه منه، وتهدَّد المُسْتَرْشِد، وذَكَرَ له أنَّهُ طِيْفَ برَأسِ أبيهِ صَدَقَة، فأنْفَذَ المُسْتَرْشِد إليه شَيْخ الشُّيُوخ إسْمَاعِيْل برسالةٍ ضَمِنَ فيها أنْ يُصْلح بينَهُ وبين السُّلْطان مَحْمُود، فكَفَّ عن الأذَى، وسارَ إلى الحِلَّة في رَجَب.
ووَصَل السُّلْطان مَحْمُود إلى بَغْدَاد، فأَنْفَذَ دُبَيْس زوجَتَهُ بنت عَميدِ الدَّوْلَة ابن جَهِيْر ومعها أمْوَالٌ عَظِيمَة وهَدَايا سَنِيَّة، وسَألَ العَفْو، فأجَابَهُ السُّلْطانُ إلى ذلك على قَاعدةٍ لَم يَرْضَ بها، ولَم يُجب إليها، ثمّ إنَّهُ نَهَب جَشِيْر
(1)
السُّلْطان، فسَارَ السُّلْطانُ إلى الحِلَّة لمُحَارَبتهِ، فأرْسَل دُبَيْسٌ نِسَاءَهُ وأمْوَالهُ على البَطائِح، وسَارَ إلى إيلْغَازِي بن أُرْتُق، والْتَجَأ إليه، وأقامَ إلى سَنَة خَمْس عَشرة وخَمْسِمائَة.
ووَصَل السُّلْطان إلى الحِلَّة ولم يَرَ بها أحدًا، فعادَ وعاد دُبَيْس من مُسْتَقرِّه عند إيلْغَازِي إلى الحِلَّة، ودَخَلَها ومَلَكها.
وسَيَّر دُبَيْس إلى المُسْتَرشِدِ والسُّلْطانِ يَعْتَذر إليهما، فلَم يَقْبلا عُذْرَهُ، وسَيَّرا عَسْكَرًا عَظيْمًا إليه، ففَارَق الحِلَّة وقَصَد الأزيْزَ
(2)
، فوَصَل العَسْكَر الحِلَّة، وحَفظُوا
(1)
الجشيرُ: الجُوالق الضخمة، توضع فيها الحبوب ونحوها. لسان العرب، مادة: جشر.
(2)
الأزيز: أرض بالعراق قرب النيل على نهر سنداد كما هو مذكور في أصول كتاب مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري 1: 294 واستبدلها محققه بـ: "أرض العذيب" اعتمادًا على ياقوت.
الطَّريق على دُبَيْس، فسَيَّرَ إلى مُقَدَّمِ العَسْكَر يَرَنْقُش (a) يَسْتَعْطفُهُ، وشَرَط أنْ يُنْفِذ أخَاهُ مَنْصُورًا على سَبِيْل الرَّهْن ويَدْخُل في الطَّاعَة فأجابَهُ، وعادَ بالعَسْكَر في سَنَة ستّ عَشْرة.
وكان دُبَيْس قد تزوَّج ببنْتِ إيلْغَازِي بمَارِدِين حين كان بها، وحَمَلَها إلى الحِلَّةِ، فسَيَّرَ المُسْتَرْشِد إلى إيلْغَازِي يأمُره بفَسْخِ نكَاح ابْنته من دُبَيْس، وذَكرَ أنَّهُ كان لها زَوْج من السَّلْجُوقِيَّةِ، وقد دَخَل بها، فقبضَ عليه السُّلْطان واعْتَقَلَهُ. وكان الرَّسُول إلى إيلْغَازِي القَاضِي الهِيْتِيّ، فعَرَّفَهُ أنَّ النِّكَاح فَاسِدٌ فأجابَهُ بجَوَابٍ أرْضَاهُ.
وأمَّا دُبَيْس؛ فكاتَبَ المُسْتَرْشِد يَسْتَميله، فَعِلمَ أنَّ ذلك خَدِيعَة، وكان السُّلْطان ببَغْدَاد، فحَثَّهُ المُسْتَرْشدُ على قِتَال دُبَيْس، فسَيَّرَ إليه جَيْشًا، فأحْرَق دَار أبيهِ بالحِلَّة، وخَرَجَ منها إلى النِّيْل فأخَذَ ما فيها من المِيْرَة، ودَخَلَ الأزيْز، فدخَل العَسْكَر الحِلَّة، فرأوهَا خَاليةً، فقَصَدُوه إلى الأزِيْز وحَصَرُوه، فسَيَّر أخاهُ مَنْصُور إلى خِدْمَة السُّلْطان، وخَرَجِ بعَسْكَره ووَقَف بإزاءِ العَسْكَر وتحَالَفَ العَسْكَران، وعاد عَسْكَر بَغْدَاد ومعهم منْصُور.
ثُمَّ إنَّ دُبَيْسَ واقَع آقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ على الفُرَات، فهَزَم البُرْسُقِيّ، وتَبعَهُ إلى بَغْدَاد، وسَألَ المُسْتَرْشِد الأمَانَ وأنْ يكُون على الطَّاعَة بشَرْط القَبْض على الوَزِير أبي عليّ بن صَدَقَة، فقبض عليه.
وسَمِعَ السُّلْطان مَحْمُود بالوَقْعَة معِ البُرْسُقِيّ، فقَبَضَ على مَنْصُور ووَلده وحَبَسَهما ببعض القِلَاع، فجَزَّ دُبَيْسٌ شَعرَهُ ولبسَ السَّوَاد، وآذَى الرَّعِيَّة، ونَهَبَ البِلادَ، وأغارَ على كُلِّ ما كان للمُسْتَرْشِدِ، فأمَرَ المُسْتَرْشِد العَسْكَر بالخُرُوج،
(a) عند ابن خلدون: العبر 7: 881: برنقش الزكوي.
وخَرَجَ بنفْسه، وعبَّأ البُرْسُقِيّ عَسْكَر بَغْدَاد، ووَقَفَ المُسْتَرْشِد، ورَاءه وبينَ يَدَيْهِ الدُّعَاةُ والمُقْرِئُونَ، وبين يَدي دُبَيْس الإمَاءُ والمَخَانِيْثُ بالدُّفُوف والمَلَاهي، فحَمَلَ العَسْكَر الدُّبَيْسيُّ على عَسْكَر الخَلِيفَة فكَشَفَهُ مَرَّتَين، فحَمَل زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر فهَزَم عَسْكَر دُبَيْس، وأسَرَ أميرَيْن من عَسْكَره، وانْهَزَم دُبَيْس بعَسْكَره وألْقَوا أنْفُسَهم في الماء، وكان ما نَذْكُره.
ودَخَلَ المُسْتَرْشِد ظَافِرًا يَوْم عَاشُوْراء، وطَلَب دُبَيْس غَزِيَّة والمُنْتَفِق
(1)
، واتَّفق معهم، وتَوَجَّه إلى البَصْرَة، فدَخَلَها وقَتَلَ أميرها، ثمّ خافَ فخَرَجِ عنها وسار على البَرِّيَّة، وحَمل ما قَدر عليه من أمْوَالهِ، ووَفَدَ على مَالِك بن سَالِم بن مَالِك بقَلْعَة جَعْبَر فاسْتَجَارَ به، فأجَارَهُ وقَبِلَهُ، وأغْضَبَ المُسْتَرْشِدَ والسُّلْطان
(2)
.
ثُمَّ إنَّ دُبَيْسًا صَادَقَ جُوسْلِين وبَغْدَوين الفِرِنْجيَّيْن وصَافَاهمُا بوَسَاطَة مَالك له معهما، واتَّفق مع الفِرِنْجِ على حِصَار حَلَب، وكاتَبَ قَوْمًا من أهْلِ حَلَبَ، وأنْفَذَ لهم جُمْلَةَ دَنَانِيْر، وسَامَهُم تَسْليمها إليه، فكشَفَ ذلك رَئيسُها أبو الفَضائِل بن بَدِيْع، فأَطْلعَ عليه تَمُرْتاش بن إيلْغَازِي صَاحِب حَلَب، فأخَذَهُم وعذَّبَهم كُلّ عَذَابٍ أمْكَنَهُ، وشَنَق بعضَهم، وصَادَرَ بعضًا، وأحْرَق بعضًا.
وطَمع دُبَيْس بحَلَب لغَيْبَة تَمُرْتاش بمَارِدِين، واشْتِغَاله بمَمْلَكتها، بعد أنْ خَرَج تَمُرْتاش من حَلَب في الخامِس والعشْرين من رَجَب سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، وأخْرَج بَغْدَوين من السِّجْن، وقرَّر عليه ثَمانين ألف دِيْنار، وأنْ يُسَلِّم قَلْعَة عَزَاز (a)
(1)
قبيلتان من عرب نجد؛ فغزية هم بنو غزية بن أفلت بن ثعل، بطن من طئ. (قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان للقلقشندي 87 - 88) والمنتفق: قبيلة من بني عقيل، ومنازلهم: الآجام والقصب التي بين البصرة والكوفة من العراق. (قلائد الجمان 121)، وانظر أيضًا: تاريخ ابن الوردي 2: 51، وفيه أنه طلب معونة غزية فلم يطيعوه، فاتفق مع المنتفق.
(2)
انظر تاريخ ابن القلانسي 202 - 203، وابن الأثير: الكامل 10: 598، وابن خلدون: العبر 7: 884، 9:205.
إليه، وحَلَّفَهُ على ذلك، ورَهَن جَمَاعَةً من الفِرِنْج اثْنَى عَشر نَفْسًا أحدهم ابن الجُوسْلِين، وعَجَّل من المال عِشْرين ألف دِيْنار، فلمَّا أنْ خَرَجَ، غَدَر ونَكَثَ، وعَزَم على قَصْد حَلَب وحِصَارها، ورَحَلَ إلى نَهْر قُوَيْق وأفْسَد كُلّ ما عليه، وضَايَق حَلَب، وكان دُبَيْس قد مَضَى إلى تَلّ بَاشِر إلى الجُوسْلِين، فبَرَزا من تَلّ بَاشِر، وقَصَدَا ناحيَة الوَادِي وأفْسَدا كُلّ ما فيه بما قِيْمتُه مائة ألف دِيْنارٍ.
وأخْبَرَني وَالدِي، رحمه الله، عن أَبِيهِ أنَّ دُبَيْسَ بن صَدَقَة عَاهَد الفِرِنْج على أنَّهُم يُحاصرُونَ حَلَب، وتكون الأنْفُس والأمْوَال للفِرِنْج، والبِلاد لدُبَيْس.
قال لي وَالدِي عن أبيهِ: ولمَّا طَالَ الحِصَار بهم، وقلَّت أزْوَادهم، وَقَع فيهم المَرَض، فكان يَمُرّ المارُّ في الأسْوَاق فيجد المَرْضَى على الدَّكَاكيْن، فإذا قَارَب الفِرِنْج والعَسْكَر البَلَد لقِتَال ووَقَع الصَّائح، قَامَ المَرْضَى مع شِدَّة مَرضهم وقَاتلُوا أشَدَّ قِتَالٍ وردُّوا العَدُوّ.
قال لي وَالدِي: وبَلَغَني أنَّ عَوَامَّ حَلَب كانوا يَصْعدُون أسْوارَ المَدِينَة عند حِصَار دُبَيْسٍ ويَضْربُون بطَبْلٍ صَغِير ويَصِيحُون: يا دُبَيْس، يا نُحَيْس!
وتوجَّه جَدُّ أبي القَاضِي أبو غَانِم والشَّريفُ النَّقِيْب وابن الجِلِّيّ يَسْتَغيثُون إلى تَمُرْتاش فما أغَاثَهُم، فهَرَبُوِا إلى المَوْصِل من مَارِدِين، وحَضَرُوا عند البُرْسُقِيّ، وطَلَبُوا مَعُونتهم فأجَابَهم، ووَصَل إلى حَلَب، ورَحلَّهم عنها، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ البُرْسُقيِّ
(1)
.
ثُمَّ إنَّ دُبَيْسًا مَضَى إلى سَنْجَر السُّلْطان، فسَلَّمَهُ سَنْجَر إلى السُّلْطان مَحْمُود في سَنَة ثَلاثٍ وعشرين (b)، وأوْصَاهُ به، فأخَذَهُ صُحْبتَه، فأخَذ دُبَيْس ولدَه، في
(a) الأصل: قلعة عزار.
(b) بعده في الأصل كلمتان مطموستان، وفوقهما بخطٍ دقيق:"سنجرًا".
_________
(1)
ترجمة آق سنقر بن عبد الله البرسقي في الجزء الرابع من هذا الكتاب.
السَّنَة المَذْكُورَة حين مرضَ السُّلْطان مَحْمُود، وسَارَ إلى العِرَاق، وكان مُجَاهِد الدِّين قد أُقْطِعَ الحِلَّة مُضافَةً إلى شِحْنَكِيَّة بَغْدَاد، فلمَّا سَمِعَ بِهْرُوز نَائبه بحَركَةَ دُبَيْسٍ هَرَبَ عن الحِلَّةِ، فدخلَها دُبَيْس في شَهْر رَمَضَان، وقَصَدَ عَسْكَر المُسْتَرْشِد، وسَارَ مَحْمُود إلى العِرَاق وقد عُوفي لأجل قِتَال دُبَيْس، ففَارَق دُبَيْس العِرَاق، وقَصَدَ البَصْرَةَ ومعه جَمْعٌ كَثِيْرٌ فاسْتَوْلَى على البَصْرَة، فأَنْفَذَ السُّلْطانُ مَحْمُود إليه عَسْكَرًا ففَارَق البَصْرَة، وطَلَبَ البَرِّيَّة، ووَصَلَ بعد ذلك إلى الشَّام خَوْفًا من أنْ يُسَلِّمُوه إلى المُسْتَرْشِد، فوَصَلَ إلى أرض سَرْمِيْن هَارِبًا على نَجَائب في نَفَرٍ يَسِيْر، فالْتَجأ إلى الفِرِنْج فأكْرَمُوه، وانْقَلَبَ إلى عَزَاز، واجْتَمَع بجُوسْلِين، وكان صَدِيْقَهُ، فأكْرَمهُ ودفعَهُ عند هَرَبهِ إلى قَلْعَة ابن مَالِك.
وسَيَّرَت صَاحِبَةُ قَلْعَة صَلْخَد بعد فَقْد زَوْجها إلى الأَمِير دُبَيْس تَطْلبهُ لتتَزَوَّجَهُ
(1)
، فسَارَ نحو حِلَّة مِرَى بن رَبِيْعَة، ثُمَّ إنَّها تزوَّجَت أمِيْنَ الدَّولَةِ صَاحِب بُصْرَى، وسار دُبَيْس للأمْر الّذي طلبَتْهُ، فوَجَدَ الأمر بخلاف ذلك، فنَزَلَ بحِلَّة أخي مِرَى، وكان بدِمَشْقَ عند تاج المُلُوك فوَصَلَ إليه رَسُول نَائبهِ بالحِلَّة يُخْبرُه بدُبَيْس، وكانت الحِلَّةُ (a) نازلةً بمَوضِعٍ اسْمُه قُصَم
(2)
، فسَألَهُ تاج المُلُوك فأعْلَمَهُ، فقال: تَخرُج (b) إليه السَّاعَة وتَشْغله عن المَسِيْر بحُجَّةِ الضِّيَافَة، فخَرَجَ إليه وشَغَلَهُ بالضِّيَافَة، ووَصَلَ عَسْكَر دِمَشْق فقَبضُوه وكُلّ مَنْ معه، فسَيَّر زَنْكِي وطَلَبه، فسُيِّرَ إليه إلى حَلَب.
وقَرأتُ بخَطِّ الوَزِير جَمال الدِّين عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن
(3)
، وأنْبَأنَا به إجَازَةً عنه أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: في سَنَة أرْبَعٍ
(a) كذا في الأصل.
(b) الأصل: نخرج.
_________
(1)
انظر العبر لابن خلدون 7: 886 - 889، 9:481.
(2)
قُصَم: موضع بالبادية قرب الشام من نواحي العراق. معجم البلدان 4: 365.
(3)
النقل عن كتابه في التاريخ المرتب على السنين، الذي جعله ذيلًا على تاريخ الطبري، ومضى التعريف به في الجزء الثالث.
وعشرين وخَمْسِمائَة وُجِدَ دُبَيْس بن صَدَقَة ضَالًّا بحِلَّةِ حَسَّان بن مَكْتُوم بأعْمَال صَرْخَد، فأسَرَهُ ابنُ طُغْتِدْكِيْن
(1)
صَاحِب دِمَشْق، وباعَهُ على زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر صَاحِب حَلَب بخَمْسِين أَلف دِيْنار، وكان زَنْكِي عَدُوّه فما شَكَّ دُبَيْس أنَّهُ ابْتَاعه ليُهْلكَهُ، فلمَّا حَصَل دُبَيْس في قَبْضَة زَنْكِي، أكْرَمَهُ وخَوَّله وأطْلَقَهُ، ورُوْسِل زَنْكِي من دَار الخِلَافَة بتَسْليم دُبَيْس، فقُبِضَ على الرَّسُول وهو سَدِيْدُ الدَّوْلَةِ مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الأنْبارِيّ كاتب الإنْشَاء.
وقيل: بأنَّ زَنْكِي اشْتَرَاهُ بمائة ألف دِيْنار، على ما سَنَذكرُه إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إجَازَةً، عن الأُسْتَاذ مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميِّ
(2)
، ونَقَلْتُه من خَطِّ العُظَيْميّ، قال: وفي هذه السَّنَة -يعني: سَنَة أرْبَع عَشرة وخَمْسِمائَة- أظْهَرَ العِصْيَان دُبَيْس بن صَدَقَة الأسَدِيّ مَلِكُ العَرَب على الخَلِيفَة المُسْتَرْشِدِ بالله ببَغْدَاد، وعلى السُّلْطان مَحْمُود، فسَارَ إليه مَحْمُود وكَسَرَهُ ونَهَبَ الحِلَّة، وهربَ دُبَيْس إلى الشَّامِ، فأجارَهُ شِهَاب الدِّين ابن مَالِك بالدَّوْسرِيَّة
(3)
، وأكْرَمَهُ، وسَيَّرَهُ إلى نَجْم الدِّين ابن أُرْتُق إلى مَارِدِين، فأكْرَمهُ وصَارت بينهما زِيْجَةٌ، وأعادَهُ إلى الحِلَّةِ.
(1)
هو تاج الملوك بُوري بن طُغْتكِين (ت 526 هـ)، انظر: ابن الأثير الكامل. 10: 668 - 669، والتاريخ الباهر 46 - 47؛ ذيل تاريخ دمشق 230 - 232؛ مفرج الكروب 1: 43 - 45، مرآة الزمان 20: 231، 244 - 245، تاريخ الإسلام 12: 625، ابن خلدون: العبر 9: 669.
(2)
الإشارة إلى كتاب العظيمي: المؤصل على الأصل المُوَصَّل، وهو في حكم المفقود، وللعظيمي إشارة عابرة في كتابه: تاريخ حلب 370 ونصه: "وأوقع السلطان محمود بدبيس بن صدقة ونهب الحلة وهرب دبيس إلى الشام مستجيرًا بمالك، وصاهر نجم الدين وأصلح أمره وأعاده إلى الحلة".
(3)
كذا في الأصل، ودوسر: قرية قرب صفين على الفرات، منسوبة لدوسر غلام النعمان بن المنذر وسميت فيما بعد قلعة جعبر، وأكد ابن العديم ذلك فيما ينقله عن حمدان الأثاربي، من كون الدوسرية (دوسر) هي ذاتها قلعة جعبر في ثنايا ترجمة سالم بن مالك العقيلي (في الجزء التاسع)، وانظر: الطبري: تاريخ 10: 81، التطيلي: رحلة 282، ياقوت: معجم البلدان 2: 484، الوطواط: مناهج الفكر 1: 360، طلاس: المعجم الجغرافي 2: 676.
وقال
(1)
: وفي جُمَادَى الأُوْلَى -يعني: من سَنَة خَمْس عَشرة- كانت كَسْرَة المُسْلمِيْن ببلاد الكُرْج، وذلك أنَّ دَاوُد مَلِك الكُرْج كان قد ظَهَرَ على المَلِك طُغْرِل من الدُّرُوب، فاسْتَنْجَدَ بنجْم الدِّين ابن أُرْتُق وجُمُوع التُّرْكُمان، وصُحْبَتهُم دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد، فانْكَفَت الكُرْج في الدُّرُوب الضَّيِّقة، وتَبِعَهم خَلْقٌ من المُسْلمِيْن، فأخَذَ الكُرْج عليهم الدُّرُوب ورَضَخُوهم بالصَّخْر، فانْكَسَرُوا
(2)
.
قال العُظَيْميّ
(3)
: وفي يَوْم الأرْبَعَاء سادس عَشر جُمَادَى الآخرة -يعني: من سَنَة ثَماني عَشْرة وخَمْسِمائَة- عَبَرَ الأَمِير دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد من قلْعَة مَنْبِج ونَزَل بِظَاهِر مَنْبِجِ، وكان له عَمَلٌ في حَلَب ومُكَاتَبة، فانْكَشَفتْ على يد فَضَائِل بن صَاعِد بن بَدِيْع، وقَتَلَ بعضَ القَوْم، ونَفَى بعضًا، وكان بها التَمُرْتاشُ حُسَام الدِّين ابن نَجْم الدِّين إيلْغَازِي بن أُرْتُق.
قال
(4)
: وفي يَوْم الجُمُعَة سَابِع عَشر رَجَب، كان خَلَاصُ البَغْدَوين -يعني: مَلِك الفِرِنْج- من شَيْزَر، وكان اسْتَقرَّ عليه ثَمانُون ألف دِيْنار وقَلْعَة عَزَاز، وحَلَفَ على ذلك، ورَهَنَ جَمَاعَةً من الفِرِنْج؛ اثْنى عَشر نَفْسًا أَحَدهم (a) ابن الجُوسْلِين، وعَجَّل من المالِ عشرين ألفَ دِيْنار، فما هو إلَّا أنْ خَرَجَ حتَّى غَدَرَ ونَكَثَ، ونفَّذَ يَعْتَذرُ إلى الأَمِير حُسَام الدِّين ابن نَجْم الدِّين بأنَّ البَطريرك لَم يُوَافقْهُ على تَسْليم عَزَاز، وأنَّ خَطِيْئَة اليَمِيْن تَلْزَمُه، وترَدَّدت الرُّسُل بينَهُم إلى يَوْم الأَحَد ثَامن عَشر شَعْبان، وعَادت بنقْض الهُدْنَة.
(a) الأصل: أخَذَهم، وتقدم صحيحًا في رواية سبقت.
_________
(1)
النقل عن كتابه المُؤصَّل، وانظره مختصرًا في تاريخ حلب للعظيمي 370 - 271، وانظر أيضًا: تاريخ ابن القلانسي 204 - 205.
(2)
الذين انكسروا هم الكرج.
(3)
النقل متتابع عن كتاب العظيمي: المؤصَّل، وانظر بعضه في تاريخ حلب للعظيمي 374.
(4)
النقل عن كتاب العظيمي "المؤصَّل"، وانظر بعضه في تاريخ حلب له 374.
وخَرَجَ المَلِكُ إلى أرْتَاح وعَزْمُهُ على حَلَب، فخَرَجَ التَمُرْتاش منِ حَلَب بتاريخ الخَامِس والعشْرِين من رَجب نحو مَارِدِين، ووَعَدَ بجَمْع العَسَاكِر، ورَحَل بَغْدَوين من أَرْتاح إلى نَهْر قُوَيْق، وأفْسَد كُلّ ما عليه، وضَايَق حَلَب؛ فاجْتَمَع على باب حَلَب ثلاثة ألْوِيَة: لِوَاءُ المَلِك إبْراهيم بن رِضْوَان، ولِوَاءُ الأَمِير دُبَيْس بن صَدَقَة، ولِوَاءُ المَلِك بَغْدَوين.
وكان الجُوسْلِين ودُبَيْس قد بَرَزا من تَلّ بَاشِر، وقَصَدَا ناحية الوَادِي، وأفْسَدَا كُلّ ما فيه ما قِيْمَتُه مائة ألف دِيْنار، ثمّ نَزَلا على باب حَلَب، وكان نُزُولهم على حَلَب على مضيّ سَاعةٍ وكسر من نَهَار يَوْم الاثْنَين سَادس عشرين شَعْبان، والطَّالعِ من العَقْرَب عَشر درج، والمرِّيْخ في الطَّالع في دَرجةٍ واحدةٍ، وقَبْل نُزُولهم بسَاعتَيْن عند اتِّسَاعِ الفَجْر انْفَتَح من السَّماء من نحو المَشْرِق بابٌ من نُور، ودَامَ حتَّى هَالَ النَّاس، ولمَّا كان في اليَوْم الثَّاني في ذلك الوَقْت، عاد انْفَتَح ذلك البَاب، ولكن كان أضْيَق من الأوَّل، وخَرَجَ منه شيءٌ كاللِّسَانِ، يَنْعَطف ويتطوَّق.
ونَزَل الفِرِنْج غَرْبيّ البَلَد وغَرْبي قُوَيْق، ومعهم عليّ بن سَالِم بن مَالِك، وصَاحِب بَالِس أخو بَدْر الدَّوْلَة، فقَطَعُوا الشَّجَر، وأخْرَبُوا المَشَاهِد الظَّاهِرَة، وكان عدد الخِيَم ثَلاثمائة خَيْمَة؛ مائة للمُسْلِمين، ونَبَشَ الفِرِنْج القُبُور وأخْرَجُوا (a) المَوْتى بأكْفَانهم، وعَمَدُوا إلى مَنْ كان طَرِيًّا فشَدُّوا الحِبَال في أرْجُلهم وسَحَبُوهم مُقَابل المُسْلمِيْن.
أخْبَرَني القَاضِي عِزّ الدِّين أبو عليّ حَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ، قال: حَدَّثَني وَالدِي، قال: أخْبَرَني الشَّيْخُ أبو سَعْد بن النُّعْمانيّ، قال: كان المُسْتَرْشِدُ قد
(a) الأصل: وأخربوا.
جَمَعَ أرْبَابَ دَوْلته وسَيَّرَهُم في الصُّلْح بينَهُ وبين دُبَيْس، واتَّفَق أنَّ ابنَ العُوْدِيّ الشَّاعِر دَخَلَ على دُبَيْس في ذلك اليَوْم، وكُنْتُ حَاضِرًا المَجْلِس، فأنْشَدَهُ قَصِيدَةً أوَّلُها:[من الرجز]
جَدُّكَ يا تاجَ المُلُوك قد عَلَا
حتَّى بَلَغ إلى قَوْله:
دُوْنَكَ صِفِّيْن فهَذي قد أتَتْ
…
آل زِيَادٍ والحُقُوقُ تُقْتَضَى
قال: فتَغَيَّرت وُجُوه الجَمَاعَة أصْحَابِ المُسْتَرْشِدِ، وتَغَيَّر وَجْهُ دُبَيْسٍ، وأمَرَ بصَفْعِه فصُفِعَ، وأُخْرِج من بينَ يَدَيْهِ وحُبِسَ، وَأمَرَ بالجَمَاعَة فأُنْزلوا في الدُّور، وأُكْرِمُوا غَايةَ الإكْرَام، وحُمِلَ إليهم كُلّ ما يَحْتاجُونَ إليه، فلمَّا أتَى اللَّيْل، أخْرَجَهُ من الحَبْس خْلوةً، وقال له: وَيْحَكَ! أنا قد اجْتَهدتُ حتَّى يَنْتَظم الصُّلْحُ بيني وبين الخَلِيفَة، وقد أرْسَلَ أرْبَابَ دَوْلَته لإتْمامِ هذا الأمْر، فجئتَ أنْتَ وقُلْتَ ما قُلْتَ لتُفْسد الحال! فأنْشَدَهُ:[من الوافر]
هُمُ زَرَعُوا العَدَاوَةَ لا لجُرْمٍ
…
فدُوْنَكَ واصْطَلِمْهُمْ بالحَصَادِ
ولا ترهَبْ قَعَاقِعَهُم فلَيْسَت
…
قَعَاقِعُهُمْ سِوَى لبْسِ السَّوَادِ
إذا لَمْ تَشْفِ في الدُّنْيا غَلِيْلًا
…
فَتَذْخَرَهُ إلى يَوْمِ المَعَادِ
فقال: أنْشِدْني بَقِيَّة القَصِيدَة، فأنْشَدَهُ:[من الرجز]
فهذِهِ يا ذَا الفَخَار دُوَلٌ
…
يَنْزِعُها اللهُ إلى حَيْثُ يَشَا
فانْتَهزِ الفُرْصَةَ قَبْلَ فَوْتِها
…
ونَادِ بالثَّأرِ فَقَد آنَ النِّدَا
ولا تكُن في النَّائِباتِ هَلِعًا
…
ولا جَبَانًا ذَرِعًا يَخْشَى الوَغَى
إمَّا يُقَالُ أدرَكَ العِزَّ الّذي
…
ما مِثْلُهُ أو خَانَهُ صَرْفُ الرَّدَى
فالدَّاءُ لو يَحْسِمُهُ صَاحِبُهُ
…
إذا بَدَا أغْنَاهُ عن شُرْب الدَّوَا
فهَل تُرَى السُّلْطانَ إلَّا رَجُلًا
…
يُدْرِكُهُ المَوْتُ ويُرْدِيهِ البَلَى
لَحْمٌ وعَظْمٌ ودَمٌ مُرَكَّبٌ
…
في صُوْرةٍ كبعضِ أبْنَاءِ الوَرَى
تُنِتنُهُ العَرْقَةُ أو تُؤلمُهُ
…
في قَرْصِها البَقَّةُ شَاءَ أو أبَى
لا يَسْتَطِيعُ مَعْ حِمَى سُلْطانِهِ
…
دَفْعَ الأذَى عَنهُ إذا هَمَّ القَضَا
فَهْوَ وإنْ عَزَّ حِمَى سُلْطانِهِ
…
يَخْشَى المَنَايا في الصَّبَاحِ والمَسَا
قال: فأمَرَ له بمائة دِيْنارٍ، وصَرَفَهُ في تلك اللَّيْلةِ إلى بَلْدَةِ النِّيْل.
وجَرَت بين دُبَيْسٍ والرُّسُل أرْبَابِ دَوْلةِ المُسْتَرْشِد مُقَاولاتٌ، واحْتَجُّوا بمُرَاجَعة الخَلِيفَة في ذلك، ومَضَوا ولَم تُقْضَ لهم حاجَةٌ.
وخَرَج المُسْتَرْشِد بعد ذلك لقِتالِ دُبَيْس في سَنَة ستّ عَشْرة، ولَم يَنْتَظم بينَهُ وبين دُبَيْس صُلْح، وخَرَج دُبَيْسٌ بأصْحَابهِ إلى لقائهِ، فنَزَلَ على شَطِّ النِّيْل تحت مُطَيْر آبَاذ، وأتاهُ الخَلِيفَة من جَانب البَرِّيَّةِ وأقامَ المَصَافَّ، فكانت الكَسْرَة على أصْحَاب دُبَيْسٍ، فما نَجَا منهم إلَّا القليل، وقُتِلَ البَعْضُ، وغَرِقَ البَاقُونَ في الماء، ونَجَا بحُشَاشَة نَفْسه، ووَصَلَ إِلى فَوْق مُطَيْر آبَاذ إلى قَرْيَةٍ يُقال لها قَرْيَة أُمِّ الأَمِين، وكانت أُمّ الأَمِين المَذْكُورَة فَوْق سَطْحٍ من أسْطِحَة القَرْيَة، فقالت له حين رَأته: دُبَيْرُ جئْتَ؟ فقال لها: وَيْلَكِ دُبَيْرٌ مَنْ لَم يَجِيء، أين المَخَاضُ؟ فقالت: هَا هُنا، فخَاضَ وعَبَرَ ووَقَفَ يشُقّ خُفَّه حتَّى نَزَلَ منه الماءُ، وقد تَبِعَهُ مَمَالِيْكُ المُسْتَرْشِد إلى ذلك المَوضِع، فسَألوا العَجُوزَ فضَيَّعَتْهُم عنهُ إلى مَوضِعٍ آخر فلم يَقْدِرُوا عليه، وانْحَدَر إلى أنْ لَحِقَ بالعَرَب والْتَفَّ بهم.
وظَهَرَ بالبَصْرَة بعد سَنَةٍ، فدَخَلَها، وهَرَبَ أميرُ البَصْرَة، ودَخَلَ دارَ الإمَارة وحَكم وقال: تَدْرُونَ مَنْ نَصَحَني؟ والله ما نَصَحَني غير ابن العُوْدِيّ الشَّاعر؛ فإنِّي لو قَبِلْتُ منه ذلك اليَوْم وقَتَلْتُ الّذين سَيَّرَهُم المُسْتَرْشِد للصُّلْح لبَقي المُسْتَرْشِدُ مُدَّةً
حتَّى يُحَصِّلَ رجالًا مثل أُولئكَ الرِّجالِ يَعْتَضِد بهم. ولمَّا رَجَعَ دُبَيْسٌ إلى العِرَاق مَلَّكَ العَجُوز أُمَّ الأَمِين القَرْيَة، وهي تُعْرف الآن بها.
أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الشَّريفُ الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: دُبَيْس بن صَدَقَة في مَنْصُور بن دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسَدِيّ أبو الأَغَرَّ، من مُلُوك العَرَب، وكان فَاضِلًا، مَهِيْبًا، كَريْم الأَخْلَاقِ، ولعَلَّ ما أنْجَبت عَرَبُ البَادِيَةِ بَعْدَهُ بمثْله، وقد تَرامَتْ به الأَسْفَار إلى أكْنَاف الأمْصَارِ، وتقلَّبت به الأحْوَالُ إلى ارْتِكَاب الأهْوَالِ، وَرَدَ بلادَ خُرَاسَانَ، وجَالَ في أطْرَافِها مُدَّة في ظِلِّ السُّلْطان سَنْجَر بن مَلِكْشاه، وكانت خَاتمة أمْره أنْ فُتِكَ به في قَصْر السُّلْطان، وخُتِمَ بهِ شَرَفُ بَيْتِهِ.
قُلتُ: هذا قَوْل أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، ولعَلَّهُ رحمه الله لَم يَبْلُغْهُ خَبَر دُبَيْسٍ واتِّفاقه مع الفِرِنْج على حِصَار حَلَب، وبَذْله أمْوَالَ المُسْلِمِيْن وأنْفُسَهم لأعْدَاءِ الدِّين على ما ذَكَرناهُ وبيَّناهُ، ولوٍ بَلَغَهُ هذا الفِعْل المُسْتَهْجَن القَبِيْح، الّذي لا يَصْدرُ عن مَنْ خَلُصَ إيْمانُه، وإنْ جَرَى بلَفْظ الشَّهَادَةِ لِسَانُه، ولا يَقَعِ إلَّا من سَخِيْف الرَّأي، سيِّيء التَّدْبِير، لَمَا قال: ولعَلَّ ما أنْجَبَت عَرَبُ البَادِيَةِ بعْدَهُ بمثْلهِ، وقال: وخُتِمِ بهِ شَرفُ بَيْتِه، هذا مع عِلْم دُبَيْس بأنَّ البَغْدَوين مَلِكُ الفِرِنْج كان مَأسُورًا في حَبْسِ بَلَك بن أُرْتُق، وأنَّ تَمُرْتاش أطْلَقَهُ من الأسْرِ وهَادَنهُ على أنْ لا يَخْرُج عليه، فغَدَرَ بالهُدْنَة مع تَمُرْتاش والمُسْلِمِيْن، ولَمْ يَفِ له بِمَا اسْتَقَرَّ معه في اليَمِيْن، ولعلَّ البَغْدَوينَ لو تَسَلَّط على حَلَب لَمَا وَفى لدُبَيْس بما كان قرَّره معه من مُلْك المَدِينَة، ولعَمْرِي لقد مَحَا دُبَيْس شَرَفَ أبيهِ صَدَقَة، ومَكَارِمَهُ المُحَقَّقة، ومآثر آبائهِ وأجْدَادهِ المَذْكُورة، ومَنَاقِبهم المَشْهُورة المَسْطُورة، بهذه الفعْلَة الدَّنِيِّة الَّتي فَعَلها، والقَضيَّة الشَّنْعَاءِ الّتي سَطَّرها المُؤرِّخ ونَقَلها.
ومن قَبِيْح فِعْله، خُرُوجُه على الإمَام المُسْتَرْشِد، وجَمعْ العَرَب لمُحَارَبته ومُطَاولته مع قيامهِ بأعْبَاءِ الخِلَافَة ومُسَاجَلَته.
ومن قَبِيْح أفْعَالِه، وعَدَم وَفَائهِ، ما أخْبَرَنَا بهِ شَيْخُنا افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِمِيِّ، قال: أخْبَرَنَا الإمَامُ أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: كَتَبْتُ من كتاب سِرّ السُّرُور لأبي العَلَاءِ مُحَمَّد بن مَحْمُود النَّيْسَابُوريّ قَاضِي غَزْنَة، قال: لمَّا قَامَ المُسْتَرْشِد بأعْبَاء الخِلَافَة، واسْتَتَبَّ أمْرُه، خَالَفَهُ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد المُلَقَّبُ بالذَّخِيْرة، أخُو المُسْتَرْشِد بالله، وانْحَدَر إلى وَاسِط، ثمّ اتَّصَل بدُبَيْس بن صَدَقَة، ولَم تَطُلِ الأيَّام حتَّى خَاسَ بعَهْدِه وأَخْفَر ذِمَّتَهُ على ما قيل، ومَكَّن أخاهُ من رِبْقَته، فعندَ ذلك كَتَبَ إليه:[من الطويل]
أأَشْمَتَّ أعْدَائي وأذْهَبْتَ (a) قُوَّتي
…
وهُضْتَ جَنَاحًا أنبتَتْهُ يَدُ الفَخْرِ
وما أنْتَ عِندي بالمَلُومِ وإنَّما
…
ليَ الذَّنْبُ هذا سُوءُ حَظِّي مِنَ الدَّهْرِ
فأين فعلهُ هذا من فعْل الأَمير أبي العِزّ مَالِك بن سَالِم بن مَالِك العُقَيْلِيّ صَاحِب قَلْعَة جَعْبَر معه، وقد وَفَدَ عليه دُبَيْس هذا مُنْهَزِمًا من المُسْتَرْشِد إلى قَلْعَة جَعْبَر، فأجَارَهُ منه، وكَاتَبَه المُسْتَرْشِد في مَعْناه ليُسَلِّمه إليهِ، فَمَنَعَهُ منه ولَم يُخْفِر ذِمَّتَهُ.
وَسَمِعْتُ الأَمِير شَرَف الدَّوْلَة بَدْرَان بن حُسَيْن بن مَالِك يَقُول: سَمِعْتُ أبي يَقُول: نُقِلَ إلى دُبَيْس وهو عند أبي بقَلْعَة جَعْبَر أنَّ أبي يُريدُ أنْ يُسَلِّمَهُ إلى المُسْتَرشِد، وأنَّهُ قد كَاتَبَه فى مَعْناه ليُسَلِّمَهُ إليهِ، قال: فَجَلَسَا يَوْمًا، فبَكَى دُبَيْسٌ، فقال له أبي: أيُّها الأخ ما يُبْكِيْك؟ فقال: بَلَغَني كَذَا وكذا، قال: فأمَرَ غُلَامَهُ فأحْضَر لَهُ خَرِيْطَةً فيها كُتُب المُسْتَرْشِد إليهِ، وأحْضَر إليهِ نُسَخ الكُتُب الّتي
(a) كتب ابن العديم في الهامش: "أظنه: وأوهنت".
كَتَبَها في جَوَابِه، وهو يَقُول: أنا والله لا أُسَلِّمهُ أبدًا، فطَابَ قَلْبُ دُبَيْس عند ذلك واطْمأنَّ.
وقد ذَكَرَ الفَقِيهُ مَعْدَانُ بن كَثِيْر البَالِسِيّ فِعْل مَالِك بن سالم في قَصِيدَةٍ مَدَحَهُ بها، قَرأتها بخَطِّ الشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة. أخْبَرَنا بها شَيْخُنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ إجَازَةً، عن أبي الحَسَن المَذْكُور، قال: أَنْشَدَني الفَقِيهُ الأدِيْبُ أبو المَجْد مَعْدَانُ بن كَثِيْر في الأَمِير أبي العِزّ مَالِك بن سَالِم بن مَالِك، يَذْكُر وُفُود الأَمِير مَلِكُ العَرَب دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد عليه، أوَّلُها:[من المديد]
سَنَحَتْ بالغَيْلٍ آجَالُ
…
لِلُّيُوثِ الغِيْلِ تَغْتَالُ
قال فيها:
ودُبَيْسٌ حِينَ مَالَ بهِ
…
دَهْرُهُ والدَّهْرُ مَيَّالُ
واشْمَأزَّ النَّاسُ قَاطِبَةً
…
مِنهُ أجْوَادٌ وبُخَّالُ
غيرُ قَيْلِ أَرْوَعٍ نَدُس
…
لَمْ يرُعْهُ القِيْلُ والقَالُ
بَلْ تفَدُّاهُ وَقَالَ لَهُ:
…
اُدْنُ وَلْيَنْعَمْ لَكَ البَالُ
ثُمَّ لمَّا أنْ تَكَنَّفَهُ
…
وَاسِعُ الأرْجَاءِ مِحْلَالُ
آهِلٌ بالعِزِّ فاءَ لَهُ
…
مِنهُ إكْرَامٌ وإجْلَالُ
وحَبَاهُ بالصَّفَاءِ أخٌ
…
حَافِظٌ للوُدِّ وَصَّالُ
فَلَأدْنَى ما تَكَنَّفَهُ
…
رَغْبةً في وُدِّه المَالُ
وإذا نَفْسُ الفَتَى بُذِلَتْ
…
سَهُلَتْ خَيْلٌ وآبَالُ
فتُرى عَوْفٌ وإخْوَتُها
…
بالَّذي أوْلَيْتَ جُهَّالُ
ولَقْد نُبِّئْتُ أنَّهُمُ
…
شَكَرُوا والقَوْمُ قُفَّالُ
وتَأَلَّى مِن بَنِي أَسَدٍ
…
أُسُدٌ غُلْبٌ وأَشْبَالُ
إنَّهُ ما أنْ يَزَالُ لَهُمْ
…
أبدًا بالشُّكْرِ إهْلَالُ
ولنِعْمَ الفَاعِلُونَ هُمُ
…
ما عَلِمْنَاهُم لِمَا قالُوا
وأَخْبَرَنِي الأَمِير بَدْرَان ابن جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن بن مَالِكٍ، قال: حَكَى لي وَالدِي، قال: لمَّا قَدِمَ دُبَيْسٌ على وَالدِي إلى قَلْعَة جَعْبَر مُنْهزمًا من المُسْتَرْشِد أجَارَهُ وأقامَ عندَهُ، فكاتَبَهُ المُسْتَرْشِدُ في تَسْييره إليهِ، فَمَنَعَهُ منه.
قال: وقَدِمَ مع دُبَيْس أرْبَعمائة ألف دِيْنَارٍ عَيْنا، ومثْلُها جَوَاهِر، ومثْلُها عُرُوض، وأنْفَقَ في حَاشِيَة وَالدِي حتَّى بِيْعَ الدِيْنار بِثَلاثين قرْطِيسًا، قال: فقال له وَالدِي: يا أيُّها المَلِكُ، أَرْخَصْتَ علينا الذَّهَب!.
قُلتُ: وقد كان دُبَيْس، مع ما ذَكَرْنَاهُ من أفْعَالِه المُسْتَقْبَحة، على غَايةٍ من الجُوْد، ولَهُ خلَال مَحْمُودة مُسْتَملَحة؛ فمن ذلك ما أَخْبَرَنِي به بَدْرَانُ بن حُسَيْن بن مَالِك، قال: لمَّا قُبِضَ على دُبَيْس بنوَاحِي دِمَشْق، وقُيِّدَ وسُيِّر إلى أتَابِك زَنْكِي إلى حَلَب، وكان اشْتَرَاهُ بمائة ألف دِيْنَارٍ، جاءَهُ بعضُ الشُّعَرَاءِ وامْتَدَحَهُ في طَرِيْقِهِ وهو مَقْبُوضٌ عليه مُكَبَّلٌ، ولَم يكُن معه شيءٌ، فكَتَبَ له في رُقْعَةٍ هذين البَيْتَيْن ودَفَعهما إليهِ، وهمُا
(1)
: [من البسيط]
الجُوْدُ فِعْلي ولكن ليْسَ لي مالُ
…
فكيفَ يَفْعَلُ من بالفَرْض (a) يَحْتَالُ
خُذْ هَاك (b) خَطِّي إلى أيَّامِ مَيْسَرتي
…
دَيْنًا عليَّ فلي في الغَيْبِ آمَالُ
قال: فلمَّا قَدِمَ حلَبَ على أتَابِك زَنْكي، أكْرَمَهُ واحْتَرَمَهُ، وَأَنْزَله دَارَ لاجِيْن بحَلَب، وأعْطَاهُ مائةَ ألف دِيْنارٍ، وخَلَعَ عليه خِلَعًا سَنِيَّة، فَخَرَجَ دُبَيْس ذات يَوْم
(a) الوافي: بالقرض.
(b) الوافي: فهاك.
_________
(1)
البيتان في زبدة الحلب 2: 444، الوافي بالوفيات 13:509.
إلى مَيْدَان الحَصَا يَسِيْرُ، فعَرَضَ لَه ذلك الشَّاعر، وقال له: يا أمير، لي عليكَ دَيْن، فقال: والله ما أعْرِفُ لأحَدٍ عليَّ دَيْنًا! فقال: بَلَى وشَاهِدُهُ منكَ، وأخْرَج له خَطَّهُ، فلمَّا وقَفَ عليه، قال: أي والله، دَيْنٌ وأيّ دَيْنٍ، وأمرَهُ أنْ يأتي إليه إذا نَزَل، فجَاءَهُ فأعْطَاهُ ألفَ دِيْنارٍ والخلْعَة الّتي خَلَعَها عليه أتَابِك زنْكِي، وكانت جُبَّةَ أَطْلَس وعِمَامَةَ شَرْبٍ.
أَخْبرَني أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل النِّيْلِيّ
(1)
، قال: أُسِرَ دُبَيْس بناحيةِ الشَّام، فافْتَدَاهُ أتَابِك الشَّهِيْد بمالٍ جَزِيْل، ولمَّا حَصَل دُبَيْس عند السُّلْطان مَسْعُود، وكَتَب السُّلْطان يَسْتَدعِي أتَابِك الشَّهِيْد ليَفْتِكَ بهِ، واطَّلعَ دُبَيْسٌ على شيءٍ من ذلك، فكَتَبَ كِتَابًا إلى أتَابِك يُحَذِّرُه فيه من المجيء إليهِ، فامْتَنَع من ذلك، فعَلمَ بهِ السُّلْطانُ مَسْعُود، فكان ذلك سَبَب قَتْل دُبَيْس.
قال لي أبو عليّ النِّيلِيُّ: وأَخْبَرَني بعضُ أحْفَادِ أتَابِك الشَّهِيْد، قال: كان جَدِّي يَقُول: فَدَيْنَاهُ بالمال، وفَدَانا بالرُّوْحِ.
أخْبَرَنَا الشَّريفُ افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: ذَكَرَ صَدِيْقُنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن مَحْمُود النَّيْسَابُوريّ قاضي غَزْنَة في كتاب سِرّ السُّرُور، قال: حَدَّثَني مَنْ صَحِبَ مَلِك العَرَب أبا الأَغَرَّ دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَنْصُور بن دُبَيْس الأَسَدِيّ أنَّ هِجِّيْرَاهُ
(2)
كان إِنْشَاد هذين البَيْتَيْن
(3)
: [من الكامل]
إنَّ اللَّيالِي للأنَام مَنَاهِلٌ
…
تُطْوَى وتُبْسَط بَيْنَها الأعْمَارُ
فقصَارهُنَّ مع الهُمُوم طَوِيلَةٌ
…
وطِوَالُهُنَّ مع السُّرُور قِصَارُ
(1)
تقدم ذكره في مواضع عديدة أخذ فيها ابن العديم عنه باسم: القِيْلَويّ، منسوبًا إلى بلدته قيلوية؛ من قرى بغداد، ونسبته هذه أيضًا إلى النيل قرب بغداد.
(2)
أي: عادته ودأبه.
(3)
البيتان في خريدة القصر 5: 172 ومرآة الزمان 20: 276.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن، وأبو العبَّاس أحْمَد ابْنَا عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيَّان، قالا: أخْبَرَنَا أبو سَعيد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الفَنْجَدِيْهِيِّ في كتابهِ
(1)
، قال: سَمِعْتُ بعضَ الفُضَلَاءِ ببَغْدَاد يَقُول: لمَّا سَمِعَ الأَمِير دُبَيْس أنَّ الرَّئيِس أبا مُحَمَّد الحَرِيرِيّ ذَكَرَهُ في مَقَاماتهِ
(2)
، وأَوْرَدَ فيها بعضَ صِفَاتهِ، يَعْني بقَوْله: خُيِّلَ لي أنَّهُ القَرَنِيُّ أُوَيْسٌ، أو الأَمِير دُبَيْس (a)، نفَّذ إليهِ من الخلَعِ السَّنِيَّة، والجَوَائِز الهَنِيَّة (b)، بما عَجزَ عنهُ الوَصْف، وكَلَّ عنه الطَّرْفُ، واقتَضَاهُ علوُّ هِمَّته، وسُمُوُّ قُدْرتهِ.
أخْبَرَنَا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الكَريم بن أبي بَكْر المَرْوَزيّ، قال: قَرأتُ ببَلْخ في كتابِ وِشَاح دُمْيَة القَصْر
(3)
: كَتَبَ المَلِكُ بَدْرَان بن صَدَقَة إلى إخْوَانهِ منهم المَلِكُ دُبَيْس
(4)
: [من الطويل]
ألَا قُلْ لمَنْصُور وقُلْ لمُسَيِّبٍ
…
وقُلْ لدُبَيْسٍ إنَّني لغَرِيْبُ
هَنِيئًا لكُم مَاءَ الفُرَاتِ وطيْبُهُ
…
إذا لَم يكُن لي في الفُرَات نَصِيْبُ
فأجَابَهُ دُبَيْسٌ: [من الطويل]
ألَا قُلْ لبَدْرَانَ الّذي حَنَّ نَازِعًا (c)
…
إلى أرْضِهِ والحُرَّ ليس يَخِيْبُ
(a) مقامات الحريري: أو الأسدي دبيس.
(b) عندها إشارة مخرج إلى ناحية اليمين لا يتصل بنص.
(c) الوافي: نازحًا.
_________
(1)
كتابه في شرح مقامات الحريري، وتقدمت الإشارة له.
(2)
مقامات الحريري 342.
(3)
كتاب وشاح دمية القصر وضعه علي بن زيد البيهقي (ت 565 هـ)، كالذيل على دمية القصر للباخرزي، جمع فيه أشعار عصره ممن جاء بعد زمن الباخرزي، وهو كتاب مخطوط، انظر دراسة محمد بهجة الأثري في مقدمة كتاب الخريدة 1: 86، وانظر عن البيهقي وكتابه الوشاح: خريدة القصر 8: 98 - 99، والنص المذكور أعلاه في خريدة القصر 5: 172 - 173، نقله العماد عن تاريخ السمعاني عن كتاب الوشاح.
(4)
البيتان وجواب صدقة عليهما في وفيات الأعيان 2: 264، ومرآة الزمان 20: 276، وتاريخ الإسلام 11: 487، والوافي بالوفيات 13:508.
تَمَتَّعْ بأيَّامِ السُّرُور فإنَّما
…
عِذَارُ الأمَانِي بالهُمُوم يَشِيْبُ
ولله في تلكَ الحَوَادِثِ حُكْمُه
…
وللأرْضِ من كأس الكِرَام نَصِيْبُ
وممَّا وَقَعَ إليَّ من شِعْر دُبَيْس بن صَدَقَة ما قَرأتُه بخَطِّ عُمَر بن الرَّبِيْب في مَجْمُوع: [من الطويل]
ألَا إنَّ إخْوَاني الّذين عَهِدْتُهمْ
…
أفَاعِي رمَالٍ لا تُقَصِّر في لَسْعِي
ظَنَنْتُ بهم خَيْرًا فلمَّا بَلَوتُهُمْ
…
حَلَلْتُ بوَادٍ مِنهُمُ غَيرِ ذي زَرْعِ
سَمِعْتُ بعض الأُدَبَاءِ من أهْلِ المَوْصِل يَحْكي أنَّ أبا الفَوَارِس الحَيْص بَيْص خَرَجَ من بَغْدَاد سِرًّا إلى الحِلَّة، وامْتَدَح دُبَيْسَ بن صَدَقَة، وعاد وقد أجازَهُ بألْف دِيْنارٍ، فبَلَغَ المُسْتَرْشِد ذلك، وعَلِمَ الحَيْص بَيْص فخَافَ على نَفْسِهِ فابْتَدأ وعَمل هذين البَيْتَيْن
(1)
: [من الخفيف]
ما دُبَيْسٌ إلَّا كجِيْفَةِ مَيْتٍ
…
والضَّرُورَاتُ ألْجَأتْنِي إليَهِ
ومَنِ اضْطُرَّ غير بَاغٍ ولا عَا
…
دٍ فلا إثْمَ في الكِتابِ علَيهِ
فبَلَغَتِ المُسْتَرْشِد، فسَيَّرَ له خَمْسِين دِيْنارًا، وزَادَ في مَعْلُومه وقَبِلَ عُذْرَهُ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن أبي سَعيدٍ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد البَنْدَهِيّ (a)، قال: قُتِلَ الأَمِيرُ دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد في سَنَة ثلاثين، أو في سَنَة تِسْعٍ وعشرين وخَمْسِمائَة، قَتَلَهُ السُّلْطان مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه لأُمُور أنْكَرها، وأسْبَابٍ امْتَعَضَ لها نُسِبَت إليه.
وكان دُبَيْسٌ قد عَصَى على الإمَام المُسْتَرْشِد باللهِ أَمِير المُؤْمنِيْن أبي مَنْصُور الفَضْل ابن المُسْتَظْهِر باللهِ، وسَعَى في إرَاقَةِ دَمِهِ، وجَمَعَ العَسْكَر، وحَشَدَ، وقَصَدَ
(a) تقدم: الفَنْجَديهيّ، ويقال أيضًا: البَنْجَدِيْهِيّ.
_________
(1)
لم ترد في ديوانه، ولا في المستدرك عليه.
بَغْدَاد في عَسْكَرٍ عظيم، وعَاثَ في أطْرَافها، وأفْسَدَ في أكْنَافها، فخَرَجَ الإمَامُ المُسْتَرْشِد باللهِ أَمِير المُؤْمِنيْن من دار الخِلَافَة، واجْتَمَعت إليه الأجْنَاد، وظَهَرَ إليهِ، وحَمَل عليه، فهَزَمَ دُبَيْسًا وعَسْكَره وتَمَّ إلى الحِلَّة المَزْيَديَّةِ فنَهَبَها، وذلك في المُحَرَّم سَنَة سَبْعِ عَشرة وخَمْسِمائَة، وانْهَزَم دُبَيْس من العِرَاق في خَوَاصِّ أصْحَابِه وغِلْمَانهِ خَوْفًا من الخَلِيفَة، وهَرَبَ نحو الشَّام.
قَرَأتُ في تاريخ أبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
بخَطِّه في حَوَادِث سَنَة تِسْعٍ وعِشْرين وخَمْسِمائَة. وأنْبَأنَا به عنه المُؤيَّد بن مُحَمَّد النَّيْسَابُوريّ وغيره، قال: تَوَاقَع على باب مَرَاغَة السُّلْطان مَسْعُود والمُسْتَرْشِد بالله، فانْكَسَر المُسْتَرْشِد وأُسِر، فوَثَبَ عليه قَوْمٌ بالسَّكاكيْن فقَتَلُوهُ، واضْطَرَبَ العَسْكَر، فأوْجَبَ التَّدْبِير أَنْ قُتِلَ دُبَيْس بن صَدَقَة بحَضْرَة السُّلْطان مَسْعُود.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: قَرأتُ بخَطِّ الإمَامِ أبي نَصْر مُحَمَّد بن مَحْمُود (a) السَّرَهْ مَرْد الشُّجَاعِيّ على جلْدِ كتاب السُّنَن لأبي دَاوُد: قُتِلَ دُبَيْسٌ بالمَرَاغَةِ يَوْم الأرْبَعَاء الرَّابِع عَشر من ذِي الحِجَّةِ سَنَة تِسْعٍ وعشْرين وخَمْسِمائَة.
نَقَلْتُ من تاريْخٍ جَمَعَهُ الرَّئِيسُ أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن الفَضْل الدَّارِيُّ
(2)
، وَقَعَ إليَّ بمَارِدِين، قال في حَوَادِث سَنَة تِسْعٍ وعشْرين وخَمْسِمائَة: وفيها قُتِلَ دُبَيْس بن صَدَقَة في ذِي الحِجَّةِ.
(a) في الأصل: محمد، والمثبت من طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6: 395، وتاريخ الإسلام 10: 502، 531، وسير أعلام النبلاء 20:65.
_________
(1)
العظيمي: تاريخ حلب 387.
(2)
لم أقف على ذكر للمؤلف ولا على تاريخه، وينقل عنه ابن العديم في موضعين تاليين من الجزء الثامن (ترجمة رضوان بن تتش، وترجمة زائدة بن نعمة القشيري).
حَدَّثَني فَرَّاشٌ كان يُقال له حَسَنٌ التَّمْريّ، قال: كان الأَمِير المَذْكُور قد اسْتَشْعَر الأمْرَ الرَّدِيءَ من قِبَلِ السُّلْطان، وكان في تلك اللَّيْلة تقدَّمَ إلى خَوَاصِّهِ أنْ ارْحَلُوا، فرَحَلُوا وتَرَكُوا الخِيَام بآلاتها، وسَارَ مُقَدَّر (a) ثلاث فَرَاسِخ، فردَّهُ القَدَرُ الّذي لا بُدّ منه، وقال الصُّحْبَة (b): قد ضَجِرت من الشَّتَاتِ في أقْطَارِ الجِهَاتِ، وما قَضَاهُ اللهُ فقد أمْضَاهُ، وعاد ولَم يَشْعُر به غير مَنْ كان مَعَهُ، فلمَّا أصْبَحَ، رَكِبَ مع السُّلْطان على عَادَته، ونَزَل السُّلْطانُ في النَّوبتيَّةِ
(1)
والأُمَرَاء معه على العَادَةِ المألُوفَة، وأُحْضِر الطَّعَامُ، فأكَلُوا، وأخَذَ النَّاسُ في الانْصِرَاف، وكان السُّلْطان قد دَخَل إلى خِرْكَاهٍ في جَانِب النَّوبتيَّةِ، فأرادَ الأَمِير دُبَيْسٌ الانْصِرَاف، فتقدَّم إليه رَجُلٌ مُعَمَّم بزيّ الكُتَّاب وقال له: السُّلْطانُ يَقُول لك: قد وَرَدَ علينا كُتُبٌ ونَشْتَهي تَسْمَعها، فجلَسَ واسْتَدْعَى منِّي خلالًا، وجَعَل يتَخَلَّلُ والكَاتِبُ بينَ يَدَيْهِ، فرَأيتُ تُرْكيًّا قد خَرَجَ من الخِرْكَاه وبيَده صَمْصَامةٌ مُجَرَّدَة، فَمشَى حتَّى صَارَ على رَأسِ الأَمِير فلم يلتَفت إليه، وعادَ دَخَل الخِرْكَاه وليسَ في النَّوبتيَّةِ جالسٌ غيره والكَاتِبُ بن يَديهِ، ثُمَّ عاد الغُلَامِ التُّرْكِيّ خَرَجَ حتَّى حَاذَى الأَمِير وضَرَبَهُ على رَقَبَته، فرَأيْتُ رَأسَهُ مُعَلَّقًا بجلْدَةِ رَقَبَتهِ، فهَرَبْتُ من سَاعَتي وكان بباب خُوَيّ، وحُمِلَ بعد ذلك ودُفِنَ بالمَشْهَد بمَارِدِين.
قُلتُ: شَاهَدْتُ المَشْهَد المَدْفُون بهِ دُبَيْس، وهو من غَرْبيّ مَدِينَة مَارِدِين وقِبْليّها دَاخِل البَلَدِ؛ بنتْهُ بنتُ إيلْغَازِي بن أُرْتُق زَوْج دُبَيْس، ونَقَلَتْهُ من خُوَيّ فدَفَنتهُ بهِ.
(a) كذا في الأصل.
(b) كذا في الأصل، ولعله: وقال لصحبه.
_________
(1)
يفهم من ذكرها في المصادر أنها كالخركاه أو الخيمة التي تنصب للسلطان في نزوله. انظر البرق الشامي للعماد الأصفهاني 3: 158، 5: 107، ومختصَره: سنا البرق الشامي للبنداري 222، 253، وابن واصل: مفرج الكروب 2: 172، 3: 32، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 27: 284.
دُبَيَّة بن عَدِيّ بن زَيْد بن عَامِر بن لَوْذَان بن خَطْمَة بن الأَوْس الأنْصَاريُّ الأَوْسِيُّ
(1)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ عليه السلام، ولهُ ذِكْرٌ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَهَ، قال: أخْبَرَنا الأَمِير أبو نَصْر عليّ بن هِبَة الله بن مَاكُولا
(2)
، قال: دُبَيَّة بن عَدِيّ بن زَيْد بن عَامِر بن لَوْذَان بن خَطْمَة بن مَالِك بن الأَوْس الأنْصَاريّ، قُتِلَ مع عليّ بصِفِّيْن.
دُخَيْن بن عَامِرٍ، أبو لَيْلىَ الحَجْرِيّ
(3)
غَزَا بلاد الرُّوم، واجْتازَ في طَرِيْقَهِ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.
رَوَى عن عُقْبَة بن عَامر. رَوَى عنهُ كَعْبُ بن عَلْقَمَة، وَيَزِيْد بن أبي مَنْصُور، وبَكْر بن سَوَادَة.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا
(4)
، قال: وأمَّا دُخَيْن -بخَاءٍ مُعْجَمة- فهو دُخَيْن بن عَامِر
(1)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: الإكمال لابن ماكولا 3: 392.
(2)
ابن ماكولا: الإكمال 3: 392.
(3)
توفي سنة 100 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 3: 256، والمعرفة والتاريخ 2: 503 - 504 (وكناه أبا الهيثم، وذكر أنه كاتب عقبة)، والجرح والتعديل 3: 442، تاريخ ابن يونس المصري 1: 161، وإكمال ابن ماكولا: 3: 313، تهذيب الكمال للمزي 8: 476 (وزاد فيه: المصري)، وتاريخ الإسلام 2: 1091، الكاشف 1: 293، الوافي بالوفيات 14: 6، تهذيب التهذيب 3: 207، تقريب التهذيب 1: 235، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 258.
(4)
ابن ماكولا: الإكمال 3: 313.
الحَجْريّ، يُكْنَى أبا لَيْلَى، [كان](a) كَاتبًا لعُقْبَة بن عَامرٍ، يرَوَى عن عُقْبَة بن عَامِر.
رَوَى عنهُ يَزِيد بن أبي منْصُور، وبَكْر بن سَوَادَة، وكَعْب بن عَامِر وغيرهم. يُقال: قَتَلَتْهُ الرُّوم سَنَة مَائة.
دَحْمَان بن الجَمَّال
(1)
واسْمُه عبد الرَّحْمن بن عُمَر، أبو عُمَر مَوْلَى بني لَيْث بن كِنَانَة، ودَحْمَان لَقَبٌ اشْتَهر به، وَسَنَذْكُره إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى فيمَن اسْمه عبد الرَّحْمن
(2)
.
دِرْبَاسُ بن مُحَمَّد الكُرْدِيُّ المُؤذِّنُ
(3)
كان شَيْخًا صَالِحًا، كَبِير السِّنّ، كَثِيْر التَّسْبِيْح والذِّكْر، صَحِبَ عَمِّي أبا غَانِم، ولَازَم المَسْجِد المَعْرُوف بنا، وكان يُؤذِّن به، وكان عَمِّي يَعْتَقد فيهِ، ويُثْنِي عليه، وتَأهَّل بحَلَب. وكان يَسْكُن في جِوَارنا مع أنَّ أعْظَم أوْقَاته كان بالمَسْجِد.
وأخْبَرَني وَالدِي، رحمه الله، قال: لَم يكُن لي وَلد ذَكَر، وكان لي ولدٌ صَغِيرٌ من وَالدتك فماتَ، وحَزنتُ أنا ووَالدتُكَ عليه حُزْنًا عَظيْمًا، وكُنْتُ أتَمنَّى وَلدًا ذَكَرًا، وبَقِيَت وَالدتُكَ سنين لا تَحْمل، ثُمَّ إنَّها حَملَت بك، فجاءَني الشَّيْخ دِرْبَاس وقال لي: رَأيْتُ في النَّوْم قَائلًا يقُول لي: قُلْ لنَجْم الدِّين، يعني وَالدِي: يُولَد لكَ ولدٌ ذَكَرٌ، فإذا وُلِدَ فسَمِّهِ عُمَر، فلمَّا وُلدتَ لي سَمَّيْتُكَ عُمَر.
(a) إضافة لازمة من ابن ماكولا.
_________
(1)
كان حيًا في حدود سنة 169 هـ لاتصاله بالخليفة المهدي، وترجمته في: الأغاني 6: 19 - 26، التذكرة الحمدونية 9: 24 - 26، الوافي بالوفيات 13: 513، 18: 168، النويري: نهاية الأرب 4: 230.
(2)
الإحالة على جزء ضائع من أجزاء الكتاب.
(3)
توفي بعد سنة 600 هـ.
وكان سَمِعَ الحَدِيْث معنا من شُيُوخنا بحَلَب من: يَحْيَى بن عَقِيل السَّعْدِيّ، وعَمِّي أبي غَانِم، وشَيْخنا عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وغيرهم.
وتُوفِّيَ بحَلَب بعد السِّتّمائة وصَلَّى عليه عَمِّي أبو غَانِم، وحَضَرْتُ دَفْنَهُ والصَّلاةَ عليهِ، رحمه الله.
دُرَيْع بن كَامِل بن عبد الرَّحْمن الجَمَّال البَابِيُّ الحَلَبِيُّ
(1)
أظنُّهُ من أهْلِ باب بُزَاعَا، أو من أهْلِ بابلَّا، والعَامَّةُ تُسَمِّيها: باب الله.
رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، وذَكَرهُ في شُيُوخه في مُعْجَم السَّفَر
(2)
.
أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود السَّاوِيّ الصُّوْفيّ بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ
(3)
، قال: سَمِعْتُ دُرَيْع بن كَامِل بن عبد الرَّحْمن الجَمَّال البَابِيَّ، من ضَيْعَةٍ على باب حَلَب يُقال لها بابُ الرَّحْمَة، وهو يَحْدُو في طَرِيق دِمَشْق خَلْفَ الجِمَال بصَوْتٍ شَجٍ (a) وهي تَسِيْر سَيْرًا عَنِيْفًا:[من الرجز]
ما للمَطَايَا يا خَلِيلي ما لها
…
تَشْكو إلى جَمَّالها مَلَالَها
وشِدَّةَ السَّيْر وما قد نَالَها
…
ولو دَرَى بحَالِهَا رَثَى لَها
ويُكَرِّر: رَثَى لَها، رَثَى لها.
(a) معجم السفر: أبَحّ.
_________
(1)
ذكره السلفي في معجم السفر 84، وعليه مدار الترجمة أعلاه، ونقله عن السلفي ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1:296.
(2)
معجم السفر 84.
(3)
السلفي: معجم السفر 84.
دِزْبَر بن أُوْنيم الدَّيْلَمِيّ
(1)
كان قَائِدًا كبيرًا مَشْهُورًا، وكان من جُمْلَةِ الدَّيْلَم الّذين يُنْسَب إليهم دَرْب الدَّيْلَم بحَلَب، وكان سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان قد تَوَجَّه إلى دِيَار بَكْر واشْتَغَل بالفِدَاء مع الرُّوم، واسْتَنَاب بحَلَب الحَاجِب قرغُوَيْه، فاسْتَأمَن دِزْبَر بن أوْنيم وجَمَاعَة من الدَّيْلَم وأطْمَعُوا رَشِيْقًا النَّسِيمِيّ في حَلَب، وتَأمِيْره عليهم، وكان قد ضَعُف أمرُ سَيْف الدَّوْلَة، وكان رَشِيْق بأنْطَاكِيَة، وطَمع بحَلَب، فسَيَّرَ قرغُوَيْه غُلَامَهُ يُمْن في عَسْكرٍ، فخَرَجَ إليه رَشِيْق من أنْطَاكِيَة، فالتقَوا بناحية أرْتاح، فاسْتَأمَن يُمْن إلى رَشِيْق، فسَارَ رَشِيْق إلى حَلَب وهَجَمَها، فنَزَلَ غِلْمَان الحَاجِب بعد اسْتِيْلَاء رَشِيْق علىِ البَلَد وقَتَلوا رَشِيْق على ما سَنَذكرُه إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في تَرْجَمَةِ رَشِيْق
(2)
. ومَلَك دِزْبَر بن أونيم أنْطَاكِيَة بعد رَشِيْق، واسْتَقَرَّ قرغُوَيْه في حَلَب.
ثمّ إنَّ قرغُوَيْه خَرَجَ إلى دِزْبَر إلى أنْطَاكِيَة، فخَرَجَ إليه دِزْبَر فكَسَرَهُ وتبعَهُ إلى حَلَب، فمَلَكَ حَلَب في جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وسَارَ سَيْف الدَّوْلَة وخرَجَ دِزْبَر إليه، فالْتَقَيا بالضَّيْعَة المَعْرُوفة بسَبْعِين، فأوْقَع بهِ سَيْف الدَّوْلَة وأسَرَهُ في ذِي الحِجَّة من سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وقَتَلَهُ.
(1)
كان حيًا سنة 355 هـ، وترجمته في: الكامل لابن الأثير 8: 562، وانظر أخباره في زبدة الحلب 1: 141 - 144، وفيات الأعيان 2: 487، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 90 (دزبر بن أوينم)، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 118 (دزبر بن أوينم)، تاريخ ابن الوردي 1: 434 (دزير)، ابن خلدون: العبر 7: 753 (وتحرف فيه إلى: وزير)، المقريزي: المقفى الكبير 2: 302، 306 (ضمن ترجمة أنوشتكين الدزبري)، وورد اسمه عند ابن خلكان والمقريزي: دزبر بن أويتم.
(2)
ترجمة رشيق بن عبد الله النسيمي تأتي في الجزء الثامن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن الأُسْتَاذ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
، ونَقَلْتُه من خَطِّ العُظَيْمىِّ، قال: وفىِ هذه السَّنَة؛ يعني: سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، مَلَكَ مَدِينَة حَلَب -دُونَ القَلْعَة- رَشِيْق النَّسِيمِيّ وَالي أنْطَاكِيَة، وكَسَر عَسْكَر قرغُوَيْه الحَاجِب، وحَاصَر القَلْعَة فقُتِلَ [وهو](a) مُحَاصِرٌ القَلْعَة، وعادَ قرغُوَيْه مَلَك حَلَب، ومَلَك أنْطَاكِيَةَ دِزْبَر الدَّيْلَميّ عند قَتْل رَشِيْق، فسَارَ إليه قرغُوَيْه، فَخَرَجَ دِزْبَر فكسَر قرغُوَيْه، وانْهَزَم إلى حَلَب، وتَبَعَهُ دِزْبَر فَمَلك البَلَد وحَصَره بالقَلْعَة ومَلَكَها وتَسلَّمها منه، وسار إليهِ سَيْفُ الدَّوْلَة، وخَرَجَ إليه دِزْبَر، فالْتَقَيا على نَهْر سَبْعِين، فانْكَسر دِزْبَرُ وأسَرَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة ووَزِيرَهُ أبا عليّ الأهْوَازِيّ، ومَلَكَ حَلَب فىِ ذِي الحِجَّة سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.
قَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان الصَّابِئ، في جُزءٍ ذَكَرَ فيه مَنْ ماتَ من الأعْيَان من سَنَة ثلاثمائة إلى أَنْ ماتَ، قَال: دِزْبَر الدَّيْلَميِّ المُتَغلِّب على حَلَب قُتِلَ في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.
(a) الإضافة من النص المكرر لذات النقل والمدرج في ترجمة رشيق النسيمي.
_________
(1)
النقل عن كتاب العظيمي: المؤصَّل على الأصل المُوَصَّل، وانظره مختصرًا في كتاب العظيمي المختصر: تاريخ حلب 303.
دِعْبِل بنِ عليّ بن رَزِيْن بن عُثْمان بن عَبْد الله بن بُدَيْل بنِ وَرْقَاء. وقيل: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن سُلَيمان بن تَمِيْم بن بَهْز بنِ جَوَّاس بن خَلَف بن عبد بن دِعْبِل ابن أنَس بن مَالِك بن خُزيْمَة بن مَالِك بن مَازِن بن الحَارِث بن سَلَامَان بن أسْلَم بن أفْصَى بن عَامِر بن قَمَعَة بن إلْيَاس بن مُضَر. ويقال في جَدّ جدِّه: تَمِيْم بن نَهْشَل، وقيل بَهْنَس بن خِرَاش بن خَالِد بن عبد بن دِعْبِل بن أَنَس بن خُزَيْمَة بن سَلَامَان بن أسْلَم بن أفْصَى بن حَارِثَة بن عَمْرو بن عَامِر مُزَيْقِيَا، أبو عليّ الخُزَاعِيّ الشَّاعر المَشْهُور
(1)
.
وقيل: إنَّ اسْمَهُ الحَسَن، وكُنْيَتُهُ أبو عليّ، وقيل: إنَّ اسْمَهُ مُحَمَّد وكُنْيَتُهُ أبو جَعْفَر، وقيل: اسْمُهُ عبد الرَّحْمن، ودِعْبِل لَقَبٌ لهُ.
(1)
توفي سنة 246 هـ في أكثر الأقوال، وقيل: سنة 244 و 245 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 133، 154، 169، 194، 204 - 205، 208، الجاحظ: البيان والتبيين 3: 250 - 251، الشعر والشعراء لابن قتيبة 441 - 442، ابن المعتز: طبقات الشعراء 242 - 246، الموشح للمرزباني 339 - 340، تاريخ الطبري 8: 660، الأزدي: تاريخ الموصل 397 - 398، 401 - 402، المسعودي: مروج الذهب 1: 187 - 188، 2: 336، 4: 69، النديم: الفهرست 1/ 2: 507، الأغاني 20: 59 - 108، تاريخ ابن يونس المصري (قسم الغرباء) 3: 78 - 79، الثعالبي: يرد الأكباد 49، 58، الإكمال لابن ماكولا 1: 377، 4: 80، تاريخ بغداد 9: 360 - 364، تاريخ ابن عساكر 17: 245 - 277، ابن الجوزي: المنتظم 11: 342 - 344، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1284 - 1287، ابن الأثير: الكامل 7: 94، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 176 - 183، وفيات الأعيان 2: 266 - 270، تاريخ الإسلامِ 5: 1132 - 1136، الإعلام بوفيات الأعلام 110، سير أعلام النبلاء 11: 519، العبر في خبر من غبر 1: 352، ميزان الاعتدال 2: 27، الوافي بالوفيات 14: 12 - 17، لسان الميزان 2: 430 - 432، تاريخ ابن الوردي 1: 343، ابن كثير: البداية والنهاية =
والدِّعْبِلُ: البَعِير المُسنّ، وقيل: إنَّ دَايَتَهُ لقَّبَتْهُ ذِعْبِلًا لدُعَابَةٍ كانت فيه، فأُقْلِبت الذَّالُ المُعْجَمة بالدَّالِ.
وكان به طَرَشٌ، وقَدِمَ الثَّغْر، وحَضَر الجِهَاد، وقَدِمَ حلَبَ أو بعض عَملها، وقيل: هو وَاسطيُّ، وقيل: إنَّ أصْلهُ من قَرْقِسِيا، وقيل: من الكُوفَة، وله شِعْرٌ مَجْمُوعٌ
(1)
ومُصَنَّفٌ في طَبَقَاتِ الشُّعَراء.
رَوَى عن مَالِك بن أنَسٍ، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، وهارون بن مُحَمَّد الرَّشيْد، وعبد الله بن هَارُون المَأْمُون، ويَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وسَالِم بن نُوح الطًّائيّ، والحَكَم بن عَبْد المَلِك البَصْرِيّ، وجَرِيْربن عَبْد الحَميْد، وشَرِيك بن عَبْد الله النَّخَعيِّ، ومُوسَى بن جَعْفَر بن عليّ بن الحُسَين، وعُبَيد الله بن كُلْثُوم البَصْرِيّ الخُزَاعِيّ، وشُعْبَة بن الوَرْد الوَاسِطِيّ، وأبي سُفْيان بن العَلَاء أخي أبي عَمْرِو بن العَلَاء، وخَالِد بن شُعْبَة، ومُجَمَّعَ بن يَحْيَى، وعبد الله بن عَبْد اللهِ بن حَسن بن حَسَن بن عليّ، ومُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، وخُزَيْمَة بن خَازِم الأسدِيّ، والحَسَن بن قُتَيْبَة الخُزَاعِيِّ، وأبي نُوَاسٍ الحَسَن بن هَانئ، ونَصْر بن مُزَاحِم، وحَفْص بن غِيَاث، ومُوسَى بن سَهْل الرُّاسِبِيّ، وسُلَيم بن سُفْيان السَّعْدِيّ، وأبي خَالِدٍ القُرَشِيّ.
رَوَى عنهُ أخوهُ عليّ بن علىِّ بن رَزِيْن الوَاسِطيِّ، والقَاضِي أحْمَد بن أبي دُؤَادٍ، ومُحَمَّد بن مُوسَى بن حَمَّادٍ البَرْبَرِيّ، وعَبْد السَّلام بن رَغْبَان الحِمْصيِّ دِيْك الجِنّ، وأبو عَبْد اللهِ بن أسْبَاط، ومُحَمَّد بن مَيْمُون المِصِّيْصيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن
= 10: 348، النجوم الزاهرة 2: 322 - 323، شذرات الذهب 3: 213 - 214، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 230 - 245، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 400 - 425.
وجُمع شعره باعتناء عبد الصاحب عمران الدّجيلي (دار الكتاب اللبناني، 1989 م).
(1)
ذكر النديم أن شعره يقع في ثلاثمائة ورقة، عمله الصولي، وذكر من كتبه: كتاب طبقات الشعراء، وكتاب الواحدة. انظر: الفهرست 1/ 2: 507.
القَاسِم بن نَصْر بن زِياد النَّيْسَابُوريّ أخو أبي اللَّيْث الفَرَائِضِيّ، والحَسَن بن عَبْد السَّلام الخَطِيبُ، وعَوْن بن مُحَمَّد، وأبو هَفَّان، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة، وأبو العبَّاس المُبَرَّد، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي المُغِيرَة، وهارون بن عَبْدِ الله المُهَلَّبيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، وأبو القَاسِم بن مَهْرُوَيْه، وابنه الحُسَيْن بن دِعْبِل.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الخَطِيبُ بمَرْو، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا الفَرَجُ بن إبْراهيم المُرْجئ بفَيْد، قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن عبدُ الرَّحْمن بن الحُسَين الحِنَّائيِّ بمِصْرَ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر عَبد الوَهَّاب بن عَبْدِ الله بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن زَبْر الرَّبَعِيُّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد الرَّحْمن البَزَّاز ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم الشَّاعِر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَفْص الصَّفَّار الشَّاعِر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ السَّلام بن رَغْبَان ديْكُ الجِنّ الشَّاعِر، قال: حَدَّثَنَا دِعْبِل بن عليّ الشَّاعِر، قال: حدَّثَنَا أبو نُوَاسٍ الحَسَن بن هَانئ، قال: حَدَّثَنَا وَالِبَةُ بن الحُبَاب الشَّاعر، قال: حَدَّثَنَا الكُمَيْتُ بن زَيْد الشَّاعر، قال: حَدَّثَني خالي هَمَّام بن غالب أبو فِرَاس الفَرَزْدَقُ الشَّاعِر، قال: حَدَّثَنَا الطِّرِمَّاح بن عَدِيّ الشَّاعر، قال: لقيْتُ نَابِغَة بني جَعْدَة الشَّاعِر فقُلتُ: لَقِيْتَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَم، وأنْشَدْتُه قَصِيْدَتي الّتي أقُول فيها
(1)
: [من الطويل]
بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدَنا وجُدُودَنا
…
وإِنَّا لنَرْجُو فَوْق ذلك مَظْهَرَا
فقال: إلى أينَ يا أبا لَيْلَى؟ قُلتُ: إلى الجَنَّة يا رسُولَ اللهِ، قال: إلى الجَنَّةِ إنْ شَاءَ اللهُ.
(1)
ديوان النابغة الجعدي 85، وروايته: بلغنا السما مجدًا وجودًا وسؤددًا.
أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِبُ كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الحَمَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن بَدْر بن عَبْدِ الله السَّلَاميِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم بن سُلَيمان البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن عليّ بن رَزِيْنْ الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَني أخي دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيِّ، قال: حَدَّثَنَا هَارُون الرَّشِيْد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاء، عن يَعْلَى بن مُنَبِّه
(1)
: أنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسمَّ مُتَلطِّخٌ بزَعْفَرَان، فقال: إنِّي أَهْلَلْتُ بعُمْرَة فكيفَ أصْنعُ فيها؟ فأُوْحيَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حتَّى رُؤِيَ البِشْر في وَجْهِهِ، ثُمَّ قال: أين السَّائِل، اطْرَح عنك هذه الجُبَّة، واغْسِل عنكَ هذا الزَّعْفَران، واصْنَعْ فيها كما تَصْنعُ في الحَجِّ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفيِّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكيِّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْدِ الله بن أحْمَد الخَلِيْليّ الحافِظ يَقُول
(2)
: صَدَقَة بن يَسَار الجَزَرِيّ يُكْنَى أَبا مُحَمَّد، رَوَى عنهُ مالكُ، عن سَعيد بن المُسَيَّب أنّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان يَتَخَتَّمُ في يَمِيْنهِ. وكَذَا في المُوطَّأ (a)، يعني مُرْسَلًا، وقد روَاهُ غيرُ مُعْتَمدٍ وهو دِعْبِل بن عليّ الشَّاعر عن مَالكٍ مَوْصُولًا (a) عن أبي هُرَيْرَة.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عليّ
(3)
، قال: أخْبَرَني الأزْهَري، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن
(a) في الأصل: العطاء، والمثبت من كتاب الإرشاد.
(b) الإرشاد: موصلًا.
_________
(1)
رواه الطبراني في المعجم الكبير 22: 259 (رقم 669).
(2)
الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1: 219 - 220.
(3)
تاريخ بغداد 9: 361.
إبْراهيم بن الحَسَن، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَدَ بن القَاسِم أخا أبي اللَّيْث، يقُول: كان دِعْبِل بن عليّ أطْرُوشًا (a)، وكان في قَفَاه سَلْعَة، وكان يَجِيءُ إلى عَلَوِيٍّ كان بالقُرْبِ منَّا قد سَمَّاهُ، وعندَهُ كان يُنْشِدُنا وأَسْمَعُ منه.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ التَّاجرُ، قال: أخْبَرَنا نَصْرُ اللهِ بن عبدِ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، والكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج بن الإِبَرِيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْلِ عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن إبْراهيم بن عليّ الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن أَيُّوبَ العُكْبَرائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن أسْبَاط، قال: حَدَّثَني دِعْبِل، قال: كُنْتُ بالثَّغْر، فنُودِي بالنَّفِيْر، فَخَرجْتُ مع النَّاس، فإذا أنا بفَتَىً يَجُرُّ رُمْحَهُ بين يَديّ، فالْتَفَتُ فنَظَر إليَّ، فقال لي: أنْتَ دِعْبِل؟ قُلتُ: نَعَم، قال: اسْمعَ منِّي بَيْتَيْن، فأنْشَدَني:[من مجزوء الرمل]
أنا في أَمْري رشَادِ
…
بين غَزْوٍ وجِهَادِ
بَدَنِي يَغْزُو عَدُوِّي
…
والهَوَى يَغْزُو فُؤادِي
ثُمَّ قال: كيفَ تَرَى؟ قُلتُ: جَيِّد، قال: واللهِ ما خَرَجْتُ إلَّا هَارِبًا من الحُبِّ، ثمّ الْتَقَينا فكان أوَّلَ قَتِيْلٍ.
(a) الأصل: أطروش.
_________
(1)
الخرائطي: اعتلال القلوب 234.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن عَبْدِ المَلِك، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَني عُبَيْدُ الله بن أبي الفَتْح، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَانِ المُحَوَّليّ، قال: حَدَّثَني إسْحَاقُ بن مُحَمَّد بن أَبَان، قال: كُنْتُ قاعدًا مع دِعْبِل بن عليّ بالبَصْرَة، وعلى رَأسِهِ غُلَام يُقال له نَفْنَف، فمرَّ به أعْرَابيٌّ يَرْفُل في ثِيَاب خَزٍّ، فقال لغُلَامِهِ: ادْعُ هذا الأعْرَابيِّ إلينا، فأوْمَأ الغُلَام إليهِ فجاءَ، فقال له دِعْبِل: ممَّن الرَّجُل؟ قال: رَجُلٌ من بني كِلَابٍ، قال: من أيّ بني كِلَاب؟ قال: من وَلد أبي بَكْر، قال: أتَعْرِف الّذي يقُول
(2)
: [من الطويل]
ونُبِّئْت كَلْبًا من كِلَابٍ يَسُبُّنِي (a)
…
ومَحْضُ كِلَابٍ يَقْطعُ الصَّلَوَاتِ
فإنْ أنا لَم أُعْلمِ كِلَابًا بأنَّها
…
كِلَابٌ وأنِّي باسِلُ النَّقِمَاتِ
فكان إذًا من قَيْسِ عَيْلَان وَالدِي
…
وكانَتْ إذًا أُميِّ من الحَبْطَاتِ
يعني: بني تَمِيْم، وهُم أعْدَى النَّاسِ لليَمَنِ.
قال أبو يَعْقُوب: وهذا الشِّعْرُ لدِعْبِل في بني (b) عَمْرو بن عَاصِم الكِلَابيِّ، فقال له الأعْرَابيِّ: ممَّن أنْتَ؟ فكَرِه أنْ يقُول له من خُزَاعَة فيَهْجُوه، فقال: أنا أنْتَمي إلى القَوْم الّذين يقُول فيهم الشَّاعر
(3)
: [من الطويل]
أُنَاسٌ عليُّ الخَيْر منهُم وجَعْفَرٌ
…
وحَمْزَةُ والسَّجَّادُ ذُو الثَّفِنَاتِ
إذا افْتَخَرُوا يَوْمًا أتَوا بمُحَمَّدٍ
…
وجِبْرِيل والقُرْآن والسُّورَاتِ
وهذا الشِّعْر أيضًا له.
(a) الأصل: تسبني، والمثبت رواية الديوان والأصفهاني والخطيب البغدادي.
(b) ساقطة من تاريخ بغداد.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 361 - 362.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 154، والأغاني 20:75.
(3)
البيت الأول في ديوان دعبل 131، وصدره: ديار علي والحسين وجعفر، والبيت الثاني في الديوان 139 باختلاف في الرواية، وكلاهما في الأغاني مجتمعين 20:75.
قال: فوَثَبَ الأعْرَابِيُّ وهو يَقُول: مُحَمَّدٌ وجِبْرِيل والقُرْآن والسُّورَاتِ! ما إلى هؤلاء مُرْتَقىً، ما إلى هؤلاء مُرْتَقَىً.!
أخْبَرَنا أبو الفَضْل المُرَجَّا بن أبي الحَسَن مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن شُقَيْرَة الوَاسِطِيّ، قراءةً منِّي عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو طَالِب مُحَمِّدُ بن عليّ الكَتَّانِيّ الوَاسِطِيّ، عن أَبي مَنْصُور عَبْد المُحْسِن بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْرٍ أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن شَاذَان من لَفْظه، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن القَاسِم بن نَصْر بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ أخُو أبي اللَّيْثِ الفَرَائِضِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ الخُزَاعِيّ دِعْبِل لنَفْسِه
(1)
: [من الطويل]
مَدَارِسُ آياتٍ خَلَتْ من تَلَاوَةٍ
…
ومَنْزل وَحْيٍ مُقْفِرُ العَرَصَاتِ
لآلِ رسُول اللهِ بالخَيْفِ من منِىً
…
وبالبَيْت (a) والتَّعْرِيْفِ والجَمَرَاتِ
دِيَارُ عليٍّ والحُسَين وجَعْفَرٍ
…
وحَمْزَة والسَّجَّاد ذِي الثَّفِنَاتِ
قِفَا نَسْأل الدَّارَ الّتي خَفَّ أهْلُها
…
مَتَى عَهْدُها بالصَّوْمِ والصَّلَوَاتِ
وأينَ الأُلَى شَطَّتْ بهم غُرْبَةُ النَّوَى
…
أفَانِيْنَ في الأطْرَافِ مُخْتلفَاتِ (b)
هُمُ أهْلُ مِيْرَاثِ النَّبِيّ إذا اعْتَزَوا
…
وهم خَيْرُ سَادَاتٍ وخَيْرُ حُمَاةِ
وما النَّاسُ إلَّا غَاصِبٌ (c) ومُكَذِّبُ
…
ومُضْطَغنٌ ذو إحْنَةٍ وَتِرَاتِ
إذا ذَكَرُوا قَتْلَى ببَدْرٍ وخَيْبَر
…
ويَوْم حُنَيْن أسْبَلُوا العَبَرَاتِ
وكيف يُحبُّونَ النَّبِيّ ورَهْطَهُ
…
وقد تَرَكُوا أحْشَاءَهُمْ وَغِرَاتِ
لقد لَايَنُوهُ في المَقَالِ وأضْمَرُوا
…
قُلُوبًا على الأحْقَادِ مُشْتَمِلَاتِ (d)
(a) الديوان: وبالركن.
(b) الديوان: في الآفاق مفترقات.
(c) الديوان: حاسد.
(d) الديوان: منطويات.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 131 - 145، وأبيات القصيدة في الديوان تبلغ 115 بيتًا.
قُبُور بكُوْفَانٍ وأُخْرى بطَيْبَةٍ
…
وأُخْرَى بفَخٍّ نَالَها صَلَوَاتي
وأُخْرى (a) بأرْض الجَوْزَجَانِ مَحَلُّها (b)
…
وأُخْرى ببَاخَمْرَى لدَى الغُرُبَاتِ
وقَبْرٌ ببَغْدَادٍ لنَفْسٍ زَكيَّةٍ
…
تَضَمَّنها الرَّحمنُ في الغُرَفَاتِ
فأمَّا المُصِيْبَاتُ (c) الّتي لسْتُ بَالغًا
…
مَبَالِغَها منِّي بكُنهِ صفَاتي
قُبُور (d) لَدَى النَّهْرَين من بَطْن كَرْبَلَا
…
مُعَرَّسُهُم منها بشَطِّ فُرَاتِ
أخَافُ بأنْ أزدَارَهُم ويَشُوقُني
…
مُعَرَّسُهُمِ بالجَزْع ذِي النَّخْلَاتِ (e)
تَقَسَّمَهُم رَيْبُ المَنُون (f) فما تَرَى
…
لهم عَقْوةً مَغْشيَّةَ الحُجُرَاتِ
خَلَا (g) أنَّ منهم بالمَدِينَة عُصْبَةً
…
مَذُودُوْن (h) أنْضَاءٌ من الأزَماتِ
قَلِيْلةُ زُوَّارٍ خَلَا أنَّ زوَّرٍ (i)
…
من الضَّبْع والعِقْبَانِ والرَّخَماتِ
لها كُلّ حين نَوْبةٌ (j) بمَضَاجِع
…
لها في نَوَاحِي الأرْض مُخْتَلفَاتِ
وقد كان منهم بالحِجَاز وأرْضها (k)
…
مَغَاوِير نحَّارُونَ في الشَّتَواتِ (l)
تَنكَّب لَأوَاء السِّنِيْن جِوارَهُم
…
فما تَصْطَلِيهم جَمْرَة الجَمَرَاتِ
حِمَىً لمِ تَطُرْه المنْدَيات (m) وأوْجُه
…
تُضِيء من (n) الأسْتَارِ في الظُّلمَاتِ
إذا أوْردوا خَيْلًا تمَطَّر (o) بالقَنَا
…
مَشَارِع مَوْتٍ أفْرَجُوا الغَمَراتِ (p)
وإنْ فَخَرُوا يَوْمًا أتَوا بمُحَمَّدٍ
…
وجِبْرِيل والقُرْآن والسُّوَراتِ (q)
أولئكَ لا منْتُوج هِنْدٍ وخِدْنها (r)
…
سُمَيَّة من نَوْكَى ومن قَذَراتِ
مَلَامَكَ فىِ أهْلِ النَّبِيّ فإنَّهُم
…
أحبَّايَ ما زَالُوا (s) وأَهْلُ ثقَاتِي
(a) الديوان: وقبر.
(b) الديوان: محله.
(c) الديوان: الممضات.
(d) الديوان: نفوس.
(e) الديوان: فالنخلات.
(f) الديوان: الزمان.
(g) الديوان: سوى.
(h) الديوان: مدى الدهر.
(i) الأصل: زورًا، وفوقها "صـ"، والمثبت من الديوان، وفيه: سوى بعض زوَّر.
(j) الديوان: نومة.
(k) الديوان: وأهلها.
(l) الديوان: يختارون في السروات.
(m) الديوان: حمى لم تزره المذنبات.
(n) الديوان: لدى.
(o) الديوان: تسَّعر.
(p) الديوان: مساعر جمر الموت والغمرات.
(q) الديوان: والفرقان ذي السورات.
(r) الديوان: لا أشياخ هند وتربها.
(s) كتب ابن العديم في الهامش: "عاشوا"، وهي رواية الديوان.
تَخَيَّرتهُم رُشْدًا لأمْرِي لأنَّهم (a)
…
على كُلِّ حَالٍ خِيْرةُ الخِيْرَاتِ
نبَذتُ إليهم بالمَوَدَّةِ طَائِعًا (b)
…
وسَلَّمْتُ نَفْسِي طَائِعًا لوُلاتِي
فيا رَبّ زدْنِي في يَقِيْني بَصِيْرةً
…
وزدْ حُبَّهم يا رَبّ في حَسَناتِي
بنَفْسِي أنتُم من كُهُول وفتْيةٍ
…
لفَكِّ عُنَاةٍ أو لحَمْلِ دِيَاتِ
وللخَيْل لمَّا قيَّد المَوْت خَطْوَها
…
فأطلقْتُهم منهُنَّ بالذّربات (c)
أحبّ قَصِيَّ الرَّحْم من أجْل حُبِّكم
…
وأهْجرُ فيكم زَوْجَتِي (d) وبَنَاتِي
وأكْتُم حُبَّيكم مَخَافَةَ كَاشِحٍ
…
عَنِيْف بأهْل (e) الحَقَّ غير مُوَاتِ
وكيفَ أُدَاوِي من جَوَىً وبي الجَوَى (f)
…
أُميَّة أهْل الكُفْر واللَّعَنَاتِ (g)
وآل زِيَادٍ في الحَرِيْر (h) مصُونَة
…
وآلُ رسُول الله في الفَلَواتِ
وآلُ رسُول الله نحْفٌ جُسُومُها
…
وآلُ زِيَادٍ غُلَّظُ الرَّقَباتِ (i)
أَلَم تر أنِّي مُذْ ثَلاثُون (j) حِجَّةً
…
أرُوْحُ وأغْدُو دَائِمَ الحَسَرَاتِ
أرَى فَيْئَهُم في غيرهِم مُتَقَسِّمًا
…
وأَيْدِيَهُم من فَيْئهمْ صَفِرَاتِ
إذا وُتِرُوا مَدُّوا إلى وَاتِريهِمِ
…
أَكُفًّا عن الأوْتَارِ مُنْقَبضَاتِ
فلَوْلَا الّذي أرْجُوهُ في اليَوْم أو غَدٍ
…
تَقَطَّع نَفْسِي دُوْنَهم قطَعَاتِ (k)
خُرُوج إمامٍ لا مَحَالَة خَارِجٌ
…
يَقُوم على اسْمِ اللهِ والبَرَكَاتِ
يُبَيِّنُ (l) فينا كُلّ حَقٍّ وبَاطِلٍ
…
ويَجْزي على الإحْسانِ (m) والنَّقِمَاتِ
فيا نَفْسُ طِيْبي ثمّ يا نَفْسُ أَبْشِري
…
فغَيْرُ بَعِيْدٍ كُلّ ما هوَ آتِ
ولا تَجْزَعي عن مُدَّةِ الجَوْر إنَّني
…
كأنِّي بها قد آذنَتْ ببَتَاتِ (n)
(a) الديوان: فإنهم.
(b) الديوان: صادقًا.
(c) الديوان: فظا طلقتم منهم بالذريات.
(d) الديوان: أسرتي.
(e) الديوان: عنيد لأهل.
(f) الديوان: لي والجوى.
(g) الديوان: الفسق والتبعات.
(h) الديوان: بنات زياد في القصور.
(i) الديوان: القصرات.
(j) الديوان: من ثلاثين.
(k) كتب ابن العديم في الهامش: "ح: حسرات"، وهذه موافقة لرواية الديوان، وفيه: تقطع قلبي إثرهم حسرات.
(l) الديوان: يميِّز.
(m) الديوان: النعماء.
(n) الديوان: أرى قوتي قد آذنت بشتات.
ويُرْوَى: ولا تَسْتَطِيلي مُدَّة الجَوْر.
فإنْ قَرَّبَ الرَّحمنُ من تلك مُدَّتي
…
وأخَّرَ من عُمْري ووقْتِ وَفَاتِي
شفَيْتُ ولَم أترُك لنَفْسِي ريْبةً
…
ورَوَّيْتُ منهم مقْصَلي (a) وقَنَاتي
عَسَى اللهُ أنْ يَرْتَاحَ للخَلْقِ إنَّهُ
…
إلى كُلِّ نفسٍ دَائِمُ اللَّحَظَاتِ
سأقْصرُ نَفْسِي جَاهِدًا عن جِدَالهم
…
كَفَاني ما ألْقَى من العَبَراتِ (b)
أُحَاولُ نَقْلَ الشُّمِّ عن مُسْتَقَرِّها
…
وإسْمَاع أحْجَار من الصَّلَدَاتِ
فمن عَارِفٍ لَم يَنْتَفع أو مُعَاندٍ
…
تَمِيْلُ بهِ الأهْوَاءُ في الشَّهَواتِ
فإنْ قُلْتُ عُرْفًا أنْكَرُوه ببَاطِلٍ
…
وغَطَّوا على التَّحْقِيق بالشُّبُهاتِ
ويُرْوَى: بمِثْلِهِ
فقَصْرِيَ (c) منهم أنْ أَؤُوبَ بغُصَّةٍ
…
ترَدَّدُ بين الصَّدْر واللَّهَواتِ
كأنَّكَ بالأضْلَاعِ قد ضَاقَ رَحْبُها
…
لِمَا ضُمِّنَتْ من شِدَّة الحَسَراتِ
لقد خِفْتُ في الدُّنْيا وأيَّامِ سَعْيها
…
وإنِّي لأرْجُو الأمْنَ بعدَ وفَاتِي
أخْبَرَنا أبو الفَضْل المُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَة الله بن غَزَال قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد الكَتَّانِيّ في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ المَعْرُوف بابنِ الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَني أبي أبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَني عليّ بن شِيْرَان (d) بن سَهْلٍ القَاضِي بعَسْكَر مُكْرَم، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد الخَصِيْبيّ ابن بنت المُدَبِّر
(a) كتب ابن العديم في الهامش: "مُنصلي"، وهي توافق رواية الديوان.
(b) كتب ابن العديم في الهامش: "ح: الغمرات"، والمثبت موافق رواية الديوان.
(c) كتب ابن العديم في الهامش: "ح: فحسبي"، ورواية الديوان: قُصَارَاي.
(d) كذا في الأصل، وفي كتاب التنوخي: شيراز، ولم أتحقّقه على الصحيح.
_________
(1)
التنوخي: الفرج بعد الشدة 4: 227 - 230.
ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن عليّ قَوْس (a)، قال: حَدَّثَني الحُسَينُ بن دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ الشَّاعر، قال: حَدَّثَني أبي، قال: لمَّا قُلتُ: [من الطويل]
مَدَارِسُ آياتٍ خَلَتْ من تِلَاوةٍ
قَصَدْتُ بها أبا الحَسَن عليّ بن مُوسَى الرِّضَا سَلَامُ الله عليهما، وهو بخُرَاسَان، وَليّ عَهْد المَأْمُون، فوصَلْتُ إليه فأنْشَدتُهُ إيَّاها، فاسْتَحْسَنَها، وقال لي: لا تُنْشِدْها أحدًا حتَّى آمُرك، واتَّصَل خَبَرىِ بالمَأْمُون، فأحْضَرَني وسَائلَني عن خَبَري، ثُمَّ قال لي: يا دِعْبِل، أنْشِدْني مَدَارِس آياتٍ، فقُلتُ: لا أعْرِفُها يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فقال: يا غُلَامُ، أحْضِر أبا الحَسَن عليّ بن مُوسَى، قال: فلَم يكُن بأسْرَع من أنْ أُحْضِر، فقال: يا أبا الحَسَن، سَألتُ دِعْبِلًا عن مَدَارِس آياتٍ فذَكَرَ أنَّهُ لا يَعْرفُهَا، قال: فالْتَفَتَ إليَّ أبو الحَسَن وقال: أنْشِدنا [يا](b) دِعْبِل، فأنْشَدتُ القَصِيدَةَ، ولَم يُنْكِر ذلك المَأْمُون إلى أنْ بَلَغْتُ إلى بيتٍ منها
(1)
: [من الطويل]
فآل رسُول اللهِ هُلْبٌ رِقَابُهُمْ
…
وآل زِيَادٌ غُلَّظُ القَصَراتِ
فقال: والله لأُهِيْنَنَّها.
ثُمَّ تَمَّمتُها إلى آخرها فاسْتَحْسَنَها، وأمَر لي بخَمْسِين ألف دِرْهَمٍ، وأمرَ لي عليّ بن مُوسَى بقَريبٍ منها، فقُلتُ لَهُ: يا سَيِّدِي، أُرِيْدُ أنْ تَهَبَ لي ثَوْبًا يلي بدنكَ أتَبرَّكُ به وأجْعَلهُ كَفَنًا، فوَهَبَ لي ثَوْبًا قد ابْتَذَلَهُ ومنْشَفَة، وأظُنُّه قال: وسَرَاوِيل. قال: ووَصَلَني ذو الرِّيَاسَتَيْن، وحَمَلَني على بِرْذَوْن أصْفَر خُرَاسانِيّ عَجِيْب.
(a) لم يرد لقبه في كتاب التنوخي: الفرج بعد الشدة.
(b) إضافة من كتاب من التنوخي، وفيه: أنشده يا دعبل.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 143، ورواية الصدر في الديوان: وآل رسول الله نحف جسومهم.
وكُنْتُ أُسَايرُه في يَوْم مَطِيْر وعليه مِمْطَر
(1)
خَزٍّ وبُرْنُس منه، فأمَرَ لي به، ودَعا بغَيره جَدِيدٍ فلبسَهُ، وقال: إنَّما آثرتكَ باللَّبيْسِ لأنَّهُ خَيْرُ المِمْطَرين، قال: فأُعْطِيْت بهِ ثَمانين دِيْنارًا فلَم تَطب نَفْسِي ببَيْعهِ، وقَضَيْتُ حَاجَاتي وكَرَرْتُ رَاجِعًا إلى العِرَاقِ، فلمَّا صِرْتُ ببعضِ الطَّريق خَرَج علينا أكْرَادٌ يُعْرفُون بالهَاونجان (a) فسَلَبُوني وسَلَبُوا القَافِلَة، وكان ذلك في يَوْمٍ مَطِيْر، فاعْتَزلتُ في قَمِيْص خَلقٍ قد بَقي عليَّ، وأنا مُتأسِّفٌ من جَميع ما كان معي على القَمِيْص والمنْشَفَة اللَّذين وَهَبَهُما لي عليّ بن مُوسَى الرِّضَا، إذ مَرَّ بي وَاحدٌ من الأكْرَاد تَحْتهُ الأصْفَر الّذي حَمَلني عليهِ ذو الرِّيَاسَتَيْن وعليه المِمْطَر الخَزُّ، ثُمَّ وقَفَ بالقُرْبِ منِّي وابْتَدأ يُنْشد: مَدَارِسُ آياتٍ، ويَبْكي!
فلمَّا رأيتُ ذلك عَجِبتُ من لصٍّ يَتَشَيَّع، ثمّ طَمعتُ فيِ القَمِيْص والمنْشَفَة، فقُلتُ: يا سَيِّدِي، لمَن هذه القَصِيدَهُ؟ فقال: ما أنتَ وذاكَ وَيْلكَ؟ فقُلْتُ: لي فيه سَبَبٌ أُخْبرك بهِ، فقال: هي أشْهَر بصَاحِبها من أنْ يُجْهَلَ، فقُلتُ: مَنْ هو؟ قال: دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيِّ، شَاعِر آل مُحَمَّد جَزَاهُ الله خَيْرًا، فقُلتُ لَهُ: يا سَيِّدِي، فأنا واللهِ دِعْبِل وهذه قَصِيْدَتي، فقال: وَيْلَك ما تقُول؟ قُلتُ: الأمْرُ أشْهَرُ من ذلك، فاسْأل أهْلَ القَافِلَة تُخْبَر بصِحَّةِ ما أخْبَرتُكَ بهِ، قال: لا جَرم واللهِ لا يذهَبُ لأحدٍ من أهْلِ القَافِلَة خلالَةٌ فما فَوْقها، ثمّ نَادَى في النَّاس: مَنْ أخَذَ شيئًا فليرُدَّه على صَاحِبه، فرَدَّ على النَّاسِ أمْتعَتهم وعلى جَميع مَنْ كان معي حتَّى ما فَقَدَ أحَدٌ عقَالًا، ثمّ بَذْرَقَ بنا إلى مَأمَنِنَا، فقال لي قَوْس: فحَدَّثْتُ بهذا الحَدِيْثِ عليَّ بن بَهْرَام الكُرْدِيّ فقال: ذاكَ واللهِ أبي الّذي فَعَلَ هذا.
(a) كذا رسمها في الأصل بإهمال النقط سوى الحرف الأخير، وفي كتاب التنوخي: الماريخان، ويذكر زرار صديق توفيق أن اللفظة تصحفت عند التنوخي، وأن الصواب: المازنجان -أو: البازنجان، كما في كتب الجغرافيين- وهي قبيلة كردية كبيرة، ونَسَب إليها قطع الطريق على الشاعر دعبل. انظر: توفيق: القبائل والزعامات القبلية الكردية في العصر الوسيط (أربيل: مؤسسة موكرياني، 2007 م)، ص 138.
_________
(1)
المِمطر والمِمْطرة: ثوب من صوف أو خز يلبس في الشتاء يُتوقّى به من المطر. لسان العرب، مادة: مطر.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، فيما أذِنَ لي في رِوَايته عنهُ، قال: أنْبَأنَا الأَثِيْر أبو المَعَالِي الفَضْل بن سَهْل، عن الخَطِيب أبي بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن عَبْد الله المُقْرِئ العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّمِيْمِيّ الكُوْفيّ المَعْرُوف بابنِ النَّجَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الأنْبارِيّ قراءةً، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قَرَأتُ على أبي جَعْفَر أحْمَد بن عُبَيْد، قال: قال صِيْنِيّ (a) - وهو أحْمَدُ بن عَبْدِ الله، رِوَايَةُ كُلْثُوم بن عَمْرو العَتَّابِيّ- وكان سَميرًا لعبد الله بن طَاهِر أنَّ عَبْد الله بن طَاهِر بينا هو معه ذات لَيْلَة إذْ تَذَاكرا الأدَبَ وأهْله، وشُعَرَاءَ الجَاهِلِيَّة والإسْلَام إلى أنْ صارَا إلى المُحْدَثيْن، فذكَرَا دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ، فقال له عَبْد الله بن طَاهِر: وَيْحَك يا صِيْنِيّ، إنِّي أُرِيْدُ أنْ أُوْعِز إليكَ بشيِءٍ تَسْتُره عليَّ أيَّام حَيَاتي، قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِير، أنا عَبْدُكَ وأنا عندك في مَوضِع تُهْمَة؟ فقال: لا، ولكن أَطْيَب لنَفْسِي أنْ تُوَثِّق لي بالأيْمان لأرْكن إليها ويَسْكُن قَلْبي؛ عندها فأُخْبرك، قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِير، إنْ كُنْتُ عندَك في هذه الحال فلا حَاجَة بكَ إلى إفْشَاءِ سرِّكَ إليَّ، واسْتَعْفَيتُهُ مِرَارًا فلَم يُعْفِني، فاسْتَحْييتُ من مُرَاجَعَته، فقُلتُ: ليرَى الأَمِيرُ رَأيهُ، فقال: يا صِيْنيّ، قُلْ: والله، فقُلتُ: واللهِ، فأمَرَّهَا عليَّ غَمُوسًا ووكَّدَها بالبَيْعَةِ والطَّلَاق وكُلَّ ما يَحْلفُ به مُسْلمٌ، ثُمَّ قال: وَيْلَكَ يا صِيْنِيّ، أشَعَرت أنِّي أَظُنُّ أنَّ دِعْبِلًا مَدْخُول النَّسَب، وأمْسَكَ! قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِيرَ، أفي هذا أخذْتَ عليَّ الأيْمَانَ والعُهُودَ والمَوَاثِيْقَ!؟ قال: إي واللهِ، قُلتُ: ولِمَ ذاك؟ قال: لأنِّي رَجُلٌ لي في نَفْسِي حاجَةٌ، ودِعْبِل رَجُل قد حَمَل جِذْعَهُ (b) على عُنُقه، ولا يَجِدُ من يَصْلبُه
(a) في تاريخ ابن عساكر حيثما يرد: ضبي، وفي الأغاني: محمد بن موسى الضبي راوية العتابي.
(b) في طبقات الشعراء لابن المعتز 243: "أن دعبلًا نحت خشبة وجعلها على عنقه يدور بها، يطلب من يصلبه
…
".
_________
(1)
لم يضمن الخطيب البغدادي الحكاية في ترجمته لدعبل في تاريخ بغداد، وانظرها بطولها في التذكرة الحمدونية 5: 135 - 142، والأغاني 20: 102 - 103، وتاريخ ابن عساكر 17: 258 - 271.
عليه، فأتَخَوَّفُ إنْ بَلَغَهُ أنْ يُلْقي عليَّ من الخِزْي ما يَبْقَى عليَّ الدَّهْرَ، وقصَارَاي -إنْ أنا ظَفِرْتُ به وأمْكَنني ذلك وأسْلَمَهُ (a) اليَمَنُ، وما أرَاها تُسْلمُه لأنَّهُ لِسَانُها، وشَاعِرُها، والذَّابُّ عنها، والمُحَامي دُونها- أنْ أضْربَهُ مائةَ سَوْط، وأُثَقِّلَهُ حَدِيدًا، وأُصَيِّرَهُ في مُطْبِق باب الشَّامِ، وليس فيَّ ذلك عِوَضًا ممَّا سَارَ فيَّ من الهِجَاءِ، وفي عَقِبي من بَعْدي، وقُلتُ: أَتُراه كان يَفْعَل ويُقْدِم على ذلك؟ قال: يا عَاجِزُ، أهْوَنُ عليه ممَّا لَم يكُن! أتَرَاهُ أقْدَم على سَيِّدِي هَارُونَ، ومَوْلاي المَأْمُون، وعلى أبي نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ، ولَم يكُن يُقْدِم علَيَّ؟ قال: قُلتُ: إذا كان الأمْرُ على ما وَصَف الأَمِيرُ فقد وُفِّق فيما أخَذَ عليَّ.
قال: وكان دِعْبِلُ لي صَدِيْقًا، فقُلتُ: هذا قد عَرفْتُه، ولكن من أينَ قال الأَمِيرُ إنَّهُ مَدْخُول النَّسَب؟ فواللهِ لعَلِمتُه في البَيْت الرَّفِيْع من خُزَاعَة، وما أعْلَم فيها بَيْتًا أكْرَم من بَيْتهِ إلَّا بيْت أُهْبَان مُكَلِّم الذِّئْب؛ وهُم بنو عَمِّه دِنْيَةً.
آخر الجزُء الثَّامن والتِّسْعِين والمائة من كتاب بُغْيَة الطَّلَب في تَاريْخ حَلَب، ويَتْلُوه في أوَّل الجُزءِ التَّاسِع والتِّسْعِين والمائة تَمَام الحِكايَة، قال: وَيْحَك كان دِعْبِل غُلامًا خَامِلًا أيَّام تَرَعرع لا يُؤْبَهُ له.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالِمَين كَثِيْرًا، وصَلَّى الله على سَيِّدنا مُحَمَّد نَبيّه المُصْطَفَى، وعلى آله الطَّاهِرين وصَحْبه أجْمَعِين، وسَلّم تَسْليمًا دَائمًا إلى يَوْم الدِّين.
(a) الأصفهاني وابن حمدون وابن عساكر: وأسلمته.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبَهِ تَوفِيْقِي
قال: وَيْحَك، كان دِعْبِل غُلامًا خَامِلًا أيَّام تَرَعْرع لا يُؤْبَهُ لهُ، وكان خَله لا يدركُ بَقْلَهُ (a)، وكان بينَهُ وبين مُسْلم بن الوَلِيد إزَار لا يَمْلكان غيره شيئًا، فإذا أرادَ دِعْبِل الخُرُوج جَلَسَ مُسْلمِ بن الوَلِيد في البَيْت عَارِيًا، وإذا أرادَ الخُرُوج فَعَل دِعْبِل مثْل ذلك، وكانا إذا اجْتَمَعا لدَعْوَةٍ يَتَلاصَقان، يَطْرَحُ هذا شَيئًا منه عليه والآخر الباقي، وكانا يَعْبَثان بالشِّعْر إلى أنْ قال دِعْبِلُ بن عليّ هذا الشِّعْرَ
(1)
: [من الكامل]
أينَ الشَّبَابُ وأيَّةً سَلَكَا
…
لا أين يُطْلَبُ ضَلَّ بل هَلَكا
لا تَعْجَبيِ يا سَلْمُ من رَجُلٍ
…
ضَحِكَ المَشِيْب برَأسِهِ فبَكَى
قَصَر الغَوايةَ عن هَوَى قَمَرٍ
…
وجَدَ السَّبِيْل إليه مُشْتَرِكا
وغَدَا (b) بأُخْرى عَزَّ مَطْلَبُها
…
صبًّا يَطَا من دُوْنها الحَسَكَا
يا لَيْتَ شِعْري كيفَ يَوْمكُما (c)
…
يا صَاحِبيَّ إذا دَمِيْ سُفِكَا
لا تأخُذَا بظُلَامَتي أحدًا
…
قَلْبي وطَرْفي في دَمِيْ اشْتَرَكا
إلى آخرها.
قال: فثَقِفَ أوَّلَهُ بعضُ المُغَنِّيين فغَنَّى به هَارُونَ الرَّشِيْد فاسْتَحْسَنَه جدًّا واسْتَجَادَ قَوْله:
ضَحِكَ المَشِيْبُ برَأسِهِ فبَكَى
(a) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر، ولم ترد العبارة عند ابن حمدون، ولعله من الأمثال السائرة في التقليل من الشأن.
(b) الديوان: وعدا.
(c) الديوان وابن عساكر وابن خلكان: نومكما.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 249، والأغاني 20: 64، ومعجم الأدباء 3: 1287، وثلاثة أبيات منها في وفيات الأعيان 2: 268، وشذرات الذهب 3:214.
فقال للمُغَنِّي: لمَن هَذا الشِّعْرُ وَيْحَكَ؟ قال: لبعضِ أحْدَاثِ خُزَاعَة ممَّن لا يُؤْبَهُ له يا أَمِير المُؤْمنِيْن. قال: ومَنْ هو؟ قال: دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ، قال: يا غُلَام، أحْضِرني عَشرة آلاف دِرْهم، وحُلَّةً من حُلَلِي، ومَرْكبًا من مَرَاكبي خَاصَّةً يُشبهُ هذا، فأحْضَرَ ما أمرَهُ، قال: ادْعُ لي فُلَانًا فدَعَاهُ له، فقال له: اذْهَب بهذا حتَّى تُوصلَهُ إلى دِعْبِل، وأجَازَ المُغَنِّي بجَاِئِزَةٍ عَظِيمَةٍ، وتقَدَّم إلى الرَّجُل الّذي بَعَثَهُ إلى دِعْبِل أنْ يَعْرض عليه المَصِيْر إلى هَارُون، فإنْ صار وإلَّا أعْفَاهُ من ذلك.
فانْطَلَق الرَّسُولُ حتَّى أتَى دِعْبِلًا في مَنْزِلهِ، وخبَّرهُ كيف كان السَّبَب في ذِكْرهِ، وأشَارَ عليه بالمَصِيْر إليهِ، فانْطَلَق دِعْبِل معه، فلمَّا مَثُل بينَ يَدَيْهِ، سَلَّم، فرَدَّ عليه هَارُون السَّلام، وقرَّبه ورَحَّب به حتَّى سَكَن رعْبُهُ، واسْتَنْشَده الشِّعْر فأنْشَدَه، وأُعْجْبَ به، وأقام عندَهُ يمتَدِحُه، وأجْرَى عليه الرَّشِيْدُ أجْزَل جرَايةٍ وأسْنَاها.
وكان الرَّشِيْدُ أوَّلَ مَنْ ضَرَّاهُ على قَوْل الشِّعْر وبَعَثَهُ عليه، فواللهِ ما كان إلَّا بعد ما غُيِّب هَارُون في حُفْرته إذْ أَنْشَأ يَمْتَدِح آل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ويَهْجُو الرَّشِيْدَ، فمن ذلك قَوْله
(1)
: [من البسيط]
وليسَ حَيٌّ من الأحْيَاء نَعْرفُه (a)
…
من ذي يَمَانٍ ولا بَكْرٍ ولا مُضَرِ
إلَّا وهُم شُرَكاءٌ في دِمَائهم
…
كما تَشَارَكَ أيْسَارٌ على جُزُرِ
قَتْلٌ وأسْرٌ وتَحْريقٌ ومنْهَبَةٌ
…
فعْلَ الغُزَاةِ بأهْلِ (b) الرُّوم والخَزَرِ
أرَى أُمَيَّة مَعْذُورين إنْ قَتَلُوا
…
ولا أرَى لبَني العبَّاسِ من عُذُرِ
أبناءُ حَرْبٍ ومَرْوَان وأُسْرتُهم
…
بنُو مُعَيْطٍ ولاةُ الحِقْدِ والوَغَرِ
قَوْمٌ قَتَلتُم طما الإسْلَام أَوَّلَهم
…
حتى إذا اسْتَمْسَكُوا جَازَوا (c) على الكُفْرِ
(a) الديوان والأغاني والتذكرة الحمدونية: نعلمه، تاريخ ابن عساكر: يعرفه.
(b) الديوان والأغاني والتذكرة: بأرض.
(c) الأصل: حازوا، والمثبت رواية الديوان، وفيه: استمكنوا.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 197 - 198، والأغاني 20: 103 والتذكرة الحمدونية 5: 137.
أربَعْ بطُوْسٍ على القَبْر الزَّكيِّ بهِ
…
إنْ كُنْت تربَعُ من دِيْنٍ على وَطَرِ
قَبْران في طُوْسَ خَيْرُ النَّاسِ كُلِّهِمُ
…
وقَبْر شَرِّهم هذا من العِبَرِ
ما ينفَعُ النَّحْس (a) من قُرْب الزَّكِيّ ولا
…
على الزَّكيَّ بقُرْب النَّحْسِ (b) من ضَرَرِ
هَيْهات كُلّ امْرِئٍ رهنٌ بما كَسَبَت
…
يَدَاه حَقًّا فخُذْ (c) ما شِئْتَ أو فَذَرِ
قال العبَّاس: والقَبْران اللَّذان ذَكَرهُما بطُوْس: قَبْر هَارُون، والآخر قَبْر الرِّضَا عليّ بن مُوسَى، فواللهِ ما كَافأهُ، وكان سَبَب نِعْمته بَعْدَ اللهِ عز وجل، فهذه واحدةٌ يا صِيْنِيّ.
وأمَّا الثَّانيَةُ؛ فإنَّهُ لمَّا اسْتُخلفَ المَأْمُون جَعَل يَطْلبُ دِعْبِلًا إلى أنْ كان من أمْره مع إبْراهيم ابن شَكْلَة، وخُرُوجه مع أهْلِ العِرَاق يَطْلب الخِلَافَة، فأرْسَل إليه دِعْبِلٌ شِعْرًا يقُول فيه
(1)
: [من الكامل]
عِلْمٌ وتَحْلِيم (d) وشَيْبُ مَفَارِقِ
…
طَلَّسْنَ رَيْعَانَ الشَّبَابِ الرَّائقِ
وإمارةٌ من (e) دَوْلةٍ مَيْمُونَة
…
كانت على اللَّذَّاتِ أشْغَبَ عَائِقِ
فالآن لا أغْدُو ولسْت برَائحٍ
…
في كِبْر مَعْشُوق وذِلَّةِ عَاشِقِ
أَنَّى يكُون وليسَ ذاكَ بكَائنٍ
…
يَرِثُ الخِلَافَةَ فَاسِقُ عن فَاسِقِ
نَفَر
(2)
ابنُ شَكْلَة بالعِرَاق وأهْلَها (f)
…
فهَفَا إليه كُلُّ أَطْلَسَ مَائِقِ
إنْ كان إبْراهيم مُضْطَلعًا بها
…
فلتَصْلُحَنْ من بَعْدِه لمُخَارِقِ
(a) الديوان والتذكرة: الرجس، ابن عساكر: النَّجس.
(b) الديوان والأغاني والتذكرة: الرجس، ابن عساكر: النجس.
(c) الديوان: له يده فخذ، الأغاني والتذكرة: له يداه فخذ.
(d) الديوان والأصفهاني وابن عساكر وتاريخ الإسلام: وتحكيم.
(e) الديوان والأغاني والتذكرة: في.
(f) الديوان ووفيات الأعيان وتاريخ الإسلام: وأهله.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 244، والأغاني 20: 104، والتذكرة الحمدونية 5: 138، وتاريخ الإسلام 5:1135.
(2)
الديوان ووفيات الأعيان 2: 266 والتذكرة الحمدونية وتاريخ الإسلام: نعر.
فضَحِكَ المَأْمُون وقال: قد غَفَرنا لدِعْبِل ما كان هَجَانا به بهذا البَيْت:
إنْ كان إبْراهيم مُضْطَلعًا بها
…
فلتَصْلُحَنْ من بعْدِه لمُخَارِقِ
قال: فكَتَبَ إلى أبي طَاهِرٍ أنْ يطلُبَ له دِعْبِلًا حيثُ كان، يُعْطيَهُ الأمَان، قال: فكَتَبَ أبي إليه وكان وَاثقًا بناحيَته، فأقْرأه كتاب أَمِير المُؤْمنِيْن، وحَمَلَهُ وخَلَع عليه، وأجازَهُ بالكَثِيْر، وأشَارَ عليه بالمَصِير إِلى المَأْمُون، قال: فتجمَّل دِعْبِل إلى المَأْمُون، قال: وثبتَ في الخِلَافَة المَأْمُون وضَربَ الدَّنَانِيْر باسْمه، وأقْبَل يَجْمعِ الآثارَفي فَضَائِل آل رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فتَنَاهَى إليه فيما تَنَاهَي من فَضَائِلهم قَوْل دِعْبِل
(1)
: [من الطويل]
مَدَارِسُ آياتٍ خَلَتْ من تلاوةٍ
…
ومَنْزل وَحْيٍ مُقْفِرُ العَرَصَاتِ
لآلِ رسُول اللهِ بالخَيْفِ من مِنىً
…
وبالرُّكْن والتَّعْرِيْفِ والجَمَرَاتِ
قال: فما زالتْ تردَّدُ في صَدْرِ المَأْمُون حتَّى قَدِمَ عليه دِعْبِل، فقال: أنْشِدْني ولا بأس عليكَ، ولكَ الأمَان من كلِّ شيءٍ فيها؛ فإنِّي أعْرِفها وقد رويْتُها إلَّا أنِّي أُحبُّ أنْ أسْمَعَها من فيْكَ، قال: فأنْشَدَهُ حتَّى إذا صَارَ إلى هذا المَوضِع
(2)
: [من الطويل]
أَلَم تَرَ أنِّي مُذْ ثَلاثُونَ (a) حِجَّةً
…
أرُوْحِ وأغْدُو دَائِمَ الحَسَرَاتِ
أرَى فَيْئَهُم فىِ غيرهم مُتَقَسِّمًا
…
وأيديَهُم من فَيْئهم صَفِرَاتِ
وآل رسُول اللهِ نحْفٌ جُسُومُها
…
وآل زِيَادٍ غُلَّظُ القصَرَاتِ
بناتُ زِيَادٍ في الخُدُور (b) مَصُوْنَة
…
وبنت (c) رسُولِ اللهِ في الفَلَوَاتِ
(a) الديوان: من ثلاثين.
(b) الديوان: القصور.
(c) الديوان: وآل، التذكرة الحمدونية: وبيت.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 131، والتذكرة الحمدونية 5:139.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 141 - 143، والتذكرة الحمدونية 5:139.
إذا وُتِرُوا مَدُّوا إلى وَاتِريهم
…
أكُفًّا عن الأوِتارِ مُنْقَبضَاتِ
فلَوْلَا الّذي أرْجُوه في اليَوْم أو غَدٍ
…
تقَطَّعَ قَلْبي إثْرَهُم حَسَرَاتِ
قال: فبَكي المَأْمُون حتَّى اخْضَلَّت لِحْيَتُه، وجَرَتْ دُمُوعه على نَحْره، وكان دِعْبِل أوَّلَ دَاخِل إليه وآخر خَارِج من عنده، فواللهِ إنْ شَعَرنا بشيءٍ إلَّا وقد عتَب على المَأْمُون، وأرْسَل إليه بشِعْرٍ يقُول فيه
(1)
: [من الكامل]
وَيَسُومني (a) المَأْمُونُ خِطَّةَ ظَالِمٍ (b)
…
أو ما رَأى بالأَمْسِ رَأسَ مُحَمَّدِ
يُوفى (c) على هَامِ الخَلَائِق (d) مثْلما
…
تُوفى الجِبَالُ على رُؤوسِ القَرددِ
لا تَحْسِبَنْ جَهْلِي كحِلْمِ أبي [فما](e)
…
حِلْمُ المَشَايخ مثل جَهْلِ الأمْرَدِ
إنِّي من القَوْم الّذين سُيُوفُهم
…
قَتَلَتْ أخاكَ وشرَّفتْكَ بمَقْعَدِ
شَادُوا بذِكْركَ بعدَ طُول خُمُولهِ
…
واسْتَنْقذُوكَ من الحَضِيْض الأبْعَدِ (f)
فلمَّا سَمِعَ بهذا المَأْمُون قال: كَذَبَ عليَّ، مَتى كُنْتُ خَامِلًا؛ وإنِّي لخَلِيفَة وابن خَلِيفَة وأخو خَلِيفَة، ومَتى كُنْتُ خَامِلًا فرَفَعني دِعْبِل، فواللهِ ما كافَأهُ ولا كَافأ أبي ما أسْدَى إليهِ وذلك أنَّهُ لمَّا تُوفِّي أنْشَأ يَقُول
(2)
: [من الوافر]
وأبْقَى طَاهِرٌ فينا خلَالاً (g)
…
عَجَائِبَ تَسْتَخفُّ لها الحلُومُ
ثلاثةَ أخوةٍ (h) لأبٍ وأُمٍّ
…
تَمايز (i) عن ثَلَاثتهم أرُوْمُ
(a) الديوان ووفيات الأعيان: أيسومني.
(b) الديوان ووفيات الأعيان والوافي: جاهل، التذكرة الحمدونية: عاجز، الشعر والشعراء لابن قتيبة: عارف.
(c) الديوان وابن قتيبة: نوفي.
(d) الديوان: الخلائف.
(e) إضافة من ديوانه والتذكرة وابن عساكر.
(f) الديوان والتذكرة ووفيات الأعيان: الأوهد.
(g) الديوان والأغاني: ثلاثًا.
(h) الديوان والأغاني: أعبد.
(i) الديوان والأغاني: تميّز.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 175 - 176، والشعر والشعراء لابن قتيبة 441، وتاريخ الموصل للأزدي 401، والتذكرة الحمدونية 5: 140، وتاريخ الإسلام 5: 1135، والوافي بالوفيات 14: 16، وثلاثة أبيات منها في وفيات الأعيان 2:267.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 273، والأغاني 20: 86، والتذكرة الحمدونية 5:140.
فبَعْضُهم يَقُول قُرَيْشُ قَوْمي
…
وِيدفَعُه المَوَالِي والصَّمِيْمُ
وبعضٌ في خُزَاعَةَ مُنْتَماهُ
…
ولاهُ (a) غير مَجْهُول قَدِيْمُ
وبعضُهُم يَهَشُّ لآل كِسْرَى
…
ويَزْعَمُ أنَّهُ عِلْجٌ لَئِيمُ
لقد كَثُرت مَناسِبُهُم علينا
…
فكُلّهُم على حَالٍ زَنِيْمُ
فهذه الثَّالثةُ يا صِيْنِيّ.
وأمَّا الرَّابِعةُ؛ فإنَّهُ لمَّا اسْتُخلفَ المُعْتَصِم بالله دَخَلَ عليهِ دِعْبِل ذات يَوْم، فأنْشَدَهُ قَصِيدَةً، فقال: أحْسَنْتَ واللهِ يا دِعْبِل، فاسْألني ما أحْبَبْت، قال: مائة بَدْرَة، قال: نَعَمِ على أنْ تُمْهلنِي مائة سَنَة وتَضْمَن لي أجَلي معها، قال: قد أمْهَلْتُك ما شئتَ، وخَرَجَ مُغْضَبًا من عنده، فلَقِي خَصِيًّا كان عَوَّدَهُ أنْ يُدْخِل مَدَائِحَهُ إلى أَمِير المُؤْمنِيْن، ويَجْعَلَ له سَهْمًا منٍ الخلوَةِ إذا قَبَضَها، فقال: وَيْحَكَ؛ إنِّي كُنْتُ عندَ أَمِير المُؤْمنِيْن وأغْفَلْتُ حاجةً لي أنْ أذْكُرها له، فأَذْكُرُها في أبْيَاتٍ وتُدْخِلها إليه، قال: نَعَم ولي نصْفُ الجَائِزَة، فمَاكَسَهُ ساعةً ثمّ أجابَهُ إلى أنْ يَجْعَل له نصْفَ الجَائِزَة، فأخَذَ الرُّقْعَة فكَتَبَ فيها
(1)
: [من مخلع البسيط]
بَغْدَادُ دَارَ المُلُوكِ كانت
…
حتَّى دَهَاهَا الّذي دَهَاها
ما غَابَ عنها سُرُورُ مُلكٍ
…
أعَارَهُ بَلْدَةً (b) سِوَاهَا
وما سُرِ مَرَّى بسُر مَرَّى (c)
…
بل هي بُؤسٌ لمَنْ يَرَاهَا
عَجَّل رَبِّي لها خَرَابًا
…
برَغْمِ أَنْفِ الّذي بناهَا
وخَتَمَها ودَفَعها إلى الخَصِيّ، فأدْخَلَها إلى المُعْتَصِم، فلمَّا نَظَر إليها قال للخَصِيّ: مَنْ صَاحِبُ هذه الرُّقْعَة؟ قال: دِعْبِل يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وقد جَعَل لي يا
(a) الديوان والتذكرة وابن عساكر: ولاءٌ.
(b) الديوان: عاد إلى بلدة.
(c) الديوان: ليس سرور بسرَّ من را.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 307، والتذكرة الحمدونية 5:141.
أَمِير المُؤْمنِيْن نصْفَ الجَائِزَة، فطُلِبَ فكأنَّ الأرْض انْطَوَتْ عليه فلَم يُعْرف له خَبَرٌ، قال: فقال المُعْتَصِم: أخرجُوا الخَصِيِّ فأجِيْزُوه بألف سَوْطٍ فإنَّهُ زَعَم أنَّ له نصْف الجَائِزَة، فقد أرَدْنا أنْ نُجِيْزَ دِعْبِلًا بألْفي سَوْط، قال ثمّ لَم يَلْبَثْ أنْ كَتَبَ إليه من قُمّ أبْيَاتًا، وهي هذه
(1)
: [من الطويل]
مُلُوكُ بني العبَّاسِ في الكُتُبِ سَبْعَةٌ
…
ولَم تَأْتِنا في ثَامِنٍ منهُم (a) الكُتبُ
كذلكَ أهْلُ الكَهْف في الكُتْب (b) سَبْعةٌ
…
غَدَاة ثَوَوا فيه (c) وثَامِنُهم كَلْبُ
وإنِّى لأُزْهي (d) كَلْبهم عنْك رَغْبةً (e)
…
لأنَّك ذو ذَنْبٍ وليس له ذَنْبُ
كأنَّكَ إذ مُلِّكْتَنا لشَقَائنا
…
عَجُوزٌ عليها التَّاجُ والعِقْدُ والإتْبُ
فقد ضاعُ أمرُ النَّاسِ حين يَسُوسُهُم (f)
…
وَصِيْفٌ وأَشْنَاسٌ وقد عظُمَ الخَطْبُ
وإنِّي لأرجُو أنْ يُرَى من مَغِيْبها
…
مَطَالِعُ شَمْسٍ قد يَغُصُّ بها السِّربُ (g)
وهَمُّكَ تُرْكيٌّ عليهِ مَهَانةٌ
…
فأنت له أُمٌّ وأنتَ له أَبٌ
وأمَّا الخَامِسَةُ؛ فإنَّ ابن أبي دُؤَاد كان يُعْطيه الجَزِيْل من ماله، ويَقْسم له على أهْل عَملهِ، فعَتَب عليه فقال فيهِ
(2)
: [من الوافر]
أبا عَبْدِ الإلَهِ أَصِخْ لقَوْلي
…
وبعضُ القَوْلِ يَصْحَبُهُ السَّدَادُ
تَرَى طَسْمًا تَعُودُ بها اللَّيالِي
…
إلى الدُّنْيا كما رجَعَتْ إيَادُ
قَبَائِل جُذَّ أصْلُهُم فبَادُوا
…
وأوْدَى ذِكْرُهُم زمَنًا فعَادُوا
(a) الديوان والأغاني والتذكرة الحمدونية: عن ثامن لهم.
(b) الديوان والأصفهاني وابن حمدون وابن عساكر وتاريخ الإسلام: الكهف.
(c) الديوان: كرام إذا عُدُّوا، الأغاني: خيار إذا عدوا.
(d) الديوان والأغاني: لأُعلي.
(e) الديوان والأغاني: رفعة.
(f) الديوان: ضاع ملك إذ ساس ملكهم.
(g) الديوان والتذكرة وابن عساكر وتاريخ الإسلام: الشَّرب.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 102 - 103، والأغاني 20: 76 - 77، والتذكرة الحمدونية 5: 141، وتاريخ الإسلام 5:1133.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 166 - 167، والتذكرة الحمدونية 5:142.
وكانُوا أغرزُوا (a) في الرَّمْل بَيْضًا
…
فأمْسَكه كما غَرزَ الجَرَادُ
فلمَّا أنْ سُقُوا دَرَجُوا ودَبُّوا
…
وزَادُوا حين جَادَهُم العِهَادُ
هُمُ بَيْضُ الرّمادِ يَشُقُّ عنهمُ
…
وبَعْضُ البَيْضِ يُشْبهُه الرَّمادُ
غَدًا تأتيكَ إخوَتُهم جدِيسٌ
…
وجُرْهم قُصّرًا وتعُودُ عَادُ
فتَعجِزُ عنهم الأمْصَارُ ضيْقًا
…
وتَمْتليءُ المَنَازِلُ والبِلَادُ
فلم أرَ مثلَهُم بادُوا فعادُوا
…
ولم أرَ مثلهُم قَلُّوا فزَادُوا
تَوغَّلَ فيهم سِفَل وخُوزٌ (b)
…
وأَوْباشٌ فهم لهُمُ مِدَادُ
وأنْباطُ السَّوَادِ قد اسْتَحالُوا
…
بها عَرَبًا فقد خَرِبَ السَّوَادُ
فلو شَاءَ الإمَامُ أقامَ سُوْقًا
…
فباعَهُم كما بِيَعَ السَّمَادُ
وقال فيه وقد تَزَوَّج في بَنِي عِجْلٍ
(1)
: [من الوافر]
أيا للنَّاسِ من خَبَرٍ طَرِيفِ
…
تفرَّد (c) ذِكْرُه في الخَافِقَيْنِ
أعِجْلٌ أنْكحُوا ابن أبي دُؤَادٍ
…
ولَم يتأثَّموا (d) فيهِ ابْنَتَيْنِ
أرادُوا نقْدَ عَاجِلِهِ فبَاعُوا
…
رَخِيْصًا عَاجِلًا نَقْدًا بدَيْنِ
بضَاعةُ خَاسِرٍ بَارَتْ عليهِ
…
فباعَكَ بالنَّوَاةِ التَّمْرَتَيْنِ
ولو غَلطُوا بواحدَةٍ لقُلْنا
…
يكُون الوَهْم بين العَاقِلَيْنِ (e)
ولكن شَفْعُ واحدةٍ بأُخْرى
…
يَدُلُّ على فَسَادِ المَنْصِبَيْنِ
لحَي الله المَعَاشَ بفَرْجِ أنْثى
…
ولو زَوَّجْتَها من ذي رُعَيْنِ
ولمَّا أنْ أفادَ طَرِيفَ مالٍ
…
وأصْبَحَ رَافِلًا في الحُلَّتَيْنِ
تَكَنَّى وانْتَمَى لأبي دُؤَادٍ
…
وقد كان اسْمُهُ ابنَ الفَاعِلَيْنِ
(a) الديوان والتذكرة وابن عساكر: غرَّزوا.
(b) الأصل: وخور، وفي الديوان وابن عساكر: سفك وخوز.
(c) الديوان: يغرد، التذكرة الحمدونية: تفرق.
(d) الديوان والتذكرة: يتأملوا.
(e) ابن عساكر: الغافلين.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 297 - 298، والتذكرة الحمدونية 5:142.
فردُّوه إلى فَرْج أبيهِ
…
وزِرْيَابٍ فأَلْأَمُ وَالدَيْنِ
وهَجَاهُ بغير قَصِيدَةٍ.
وقال في الحَسَن بن وَهْب، وكان على بُرُدِ الآفَاق
(1)
: [من الطويل]
ألَا أبْلغا عنِّي الإمَامَ رِسَالةً (a)
…
رِسَالةَ نَاءٍ عن جَنَابَيْهِ شَاحِطِ
بأنَّ ابن وَهْبٍ حين يَسْجحُ سَاجِحٌ (b)
…
يُمرُّ على القِرْطاسِ أقْلَامَ غَالطِ
أَحبَّ بِغَالَ البُردِ حُبًّا مُداخلًا
…
دَعَاهُ إلى غِشْيَانها في المَرَابطِ
ولولا أَمِير المُؤْمنِيْن لأصْبَحَتْ
…
أُيُور (c) بِغَال البُردِ حَشْوَ الخَرَائطِ
وقال فيهِ أيضًا
(2)
: [من السريع]
مَنْ مُبْلغٌ عنِّي إمام الهُدَى
…
قَافِيةً للسِّتْر (d) هَتَّاكَهْ
هذا جَنَاحُ المُسْلمِيْنَ الّذي
…
قد قصَّهُ توْليَةُ الحَاكَهْ
أَضْحَتْ بِغَالُ البُرْد مَنْظُومةً
…
إلى ابن وَهْبٍ تَحْمِلُ النَّاكَهْ
وهؤلاءِ أهْل قُمّ كانوا يُعْطُونَهُ الكَثِيْر من أمْوَالهم ويَمْنَعُون الخُلَفَاء منه، فكافأهُم بأنْ قال فيهم
(3)
: [من الوافر]
تَلاشَى أهْلُ قُمٍّ فاضْمَحلُّوا
…
تَحُلُّ المُخْزيَاتُ بحيث حَلُّوا
وكانُوا شَيَّدُوا في الفَقْر مَجْدًا
…
فلمَّا جَاءتِ الأمْوَالُ مَلُّوا
(a) الديوان: ألا أبلغ أمير المؤمنين محمدًا.
(b) كذا في الأصل بالسين المهملة ومؤكد الحاء في آخر كل منهما، وفي الديوان وابن عساكر: يشحج شاحج.
(c) في الأصل: لعول، مهملة وفوقها "صـ"، والمثبت رواية الديوان.
(d) الديوان: للعرض.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 223.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 250.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 257.
وقال فيهم أيضًا
(1)
: [من الكامل]
ظَلَّتْ بقُمَّ مطَيَّتي يَعْتادُها
…
هَمَّانِ غُرْبَتُها وبُعْدُ المُدْلِجِ
ما بينَ عِلْج قد تَعرَّبَ فانْتَمَى
…
أو بين آخَر مُعْربٍ مُسْتَعْلجِ
وقال: وهَجَاهُم بغير قَصِيدَة.
وقال في الحَسَن بن رَجَاء بعدما وَلِيَ المال يَهْجُوهُ
(2)
: [من الكامل]
ما زلتَ تركَبُ كُلَّ شيءٍ قَائمٍ
…
حتَّى اجْتَرَأتَ على رُكُوب المِنْبَرِ
فلأنْظُرنَّ إِلى الجبَالِ وأهْلِها
…
وإلى المَنَابِر باحْتِقَارِ المَنْظَرِ
ما زَالَ مِنْبَرُكَ الّذي خلَّفْته
…
بالأمْسِ منْك كحَائضٍ لَم تَطْهُرِ
وقال فيه أيضًا
(3)
: [من البسيط]
يا مَنْ يُقَلِّبُ طُوْمَارًا ويَلْثُمهُ
…
ماذا بقَلْبكَ من حُبِّ الطَّوَامِيرِ
شبَّهْتَ شَيئًا بشيءٍ أنت وَامِقُه (a)
…
طُولًا بطُوْلٍ وتَدْوِيرًا بتَدْويرِ
لو كُنْتَ تَجْمَعُ مالًا مثل جَمْعكها
…
إذًا جَمَعْتَ بُيُوتًا من دَنَانِيْرِ
قال: وهذا عليّ بن عِيسَى الأشْعَرِيّ قد دَلَّ بعضُ شِعْره على أنَّهُ قد أخَذَ منه ألُوفًا؛ وذلك في قَوْله لعليّ بن عِيسَى
(4)
: [من الطويل]
فلا تُفْسِدَنْ خَمْسِينَ ألفًا وَهَبْتَها
…
وعِشْرةُ أحْوَالٍ وحَقَّ تَنَاسُبِ
(a) الديوان: فيه مشابه من شيءٍ تسر به.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 160.
(2)
لم ترد الأبيات في ديوان دعبل ولا في تاريخ ابن عساكر، وهي في البيان والتبيين 1: 296 (منسوبة لبعض شعراء العسكر)، وبيتان منها في التذكرة الحمدونية 5: 117 منسوبة لأبي الأسد التميمي.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 205، والأغاني 20: 73 وفيهما: قالها في محمد بن عبد الملك الزيات.
(4)
ديوان دعبل الخزاعي 117.
وشُكْرًا تَهَادَاهُ الرِّجالُ تَهَادِيًا
…
إلى كُلِّ مِصْرٍ بين جَاءٍ وذَاهِبِ
بلا زَلَّةٍ كانت وإنْ تَكُ زَلَّةٌ
…
فإنَّ عليكَ العَفْوَ ضَرْبَةُ لَازِبِ
فما كان بين هذا القَوْل وبين أنْ هَجَاهُ إلَّا أيَّامًا قَلَائِل حتَّى قال فيه هذه الأبْيَات
(1)
: [من مجزوء الرمل]
كُنْت من أرْفَضِ خَلْقِ الـ
…
ـلّهِ إذ كُنْتَ صَبِيَّا
فتَوَاليتَ (a) أبا بَكْـ
…
ـرٍ وأرْجَأت الوَلِيَّا
وتَجَنَّبْتَ عليًّا
…
إذ تَسَمَّيْتَ عَلِيَّا
قال: وهذه خُزَاعَة هَجَاهُم وهي قَبِيْلتُه؛ فقال فيهم
(2)
: [من الكامل]
أخَزَاعَ غيركم (b) الكِرَامُ فاقْصرُوا
…
وَضَعُوا أكفَّكُمُ (c) على الأَفْوَاهِ
الرَّاتِقيْنَ وَلاتَ حينَ مَراتقٍ
…
والفَاتِقيْنَ شَرَائِعَ (d) الأسْتَاهِ
فَدَعَوا الفَخَارَ فلَسْتُم من أهْلِهِ
…
يَوْم الفَخَار ففَخْركم بِسياهِ (e)
قال: وهذا المُطَّلِب بن عَبْدِ الله الخُزَاعِيّ قال فيهِ يَمْتدحُه، وكان يُعْطيه الجَزِيْل، فقال
(3)
: [من المنسرح]
إنْ كَاثرُونا جِئْنا بأُسْرَتهِ
…
أو وَاحَدُونا (f) جئنا بمُطَّلبِ
أَبَعْد مِصْرَ وبَعْدَ مُطَّلِبِ
…
تَرْجُو الغِنَى إنَّ ذا من العَجَبِ
(a) الديوان: فتوَّليت.
(b) الديوان: أخزاعة غير، ابن عساكر: أخزاع غير.
(c) الديوان: عمائمكم، ابن عساكر: القلم.
(d) كذا في الأصل، ومثله عند ابن عساكر والصفدي: الوافي بالوفيات 14: 16، وفي الديوان: شرائج.
(e) الديوان: بشياه.
(f) الأصل: وواحدونا.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 309.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 361 - 362، وتاريخ الإسلام 5:1134.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 119.
وقال فيه يَهْجُوه
(1)
: [من المتقارب]
شعَارك في الحَرْب يَوْم الوَغَى
…
بفُرْسَانِكَ الأوَّل الأوَّلُ (a)
فأنْتَ إذا أقبَلُوا آخرٌ
…
وأنْتَ إذا أدْبَروا أوَّلُ (b)
فمنكَ الرُّؤُوسُ غَدَاة الوَغَى (c)
…
وممَّن يُحَارِبُكَ المِقْصَلُ (d)
فذلك دَأبُكُما أو يَمُوت
…
من القَوْم بينكما الأعْجَلُ (e)
قال: وهذا الحَسَن بن رَجَاءٍ وابْنَا هِشَامٍ ودِيْنار بن عَبْدِ الله ويَحْيَى بن أكْثَم، وكانُوا يَنْزلُونَ المُخَرِّم ببَغْدَاد، فقال فيهم يَهْجُوهم كُلَّهُم
(2)
: [من الطويل]
ألَا فاشْتَرُوا منِّي مُلُوكَ المُخَرِّمِ
…
أَبِعْ حَسَنًا وابْنَي هِشَام بدِرْهَمِ
وأَعْطِي رَجَاءً بعدَ (f) ذاكَ زِيَادَةً
…
واغْلَط (g) بدِيْنارٍ بغير تَنَدُّمِ
فإنْ رُدَّ من عَيْبٍ عليَّ جَمِيْعُهم
…
فَلَيْسَ يَردُّ العَيْبُ (h) يَحْيَى بن أكْثَمِ
وقال أيضًا في يَحْيَى بن أكْثَم يَهْجُوه
(3)
: [من مجزوء الخفيف]
رُفِعَ الكَلْبُ فاتَّضَعْ
…
لَيْسَ في الكَلْبِ مُصْطَنعَ
بَلَغَ الغَايَةَ الّتي
…
دُوْنها كُلُّ مُرْتَفَعْ
إنَّما قصْر كُلّ شَـ
…
ـيءٍ إذا طَارَ أنْ يَقَع
قُلْ ليَحْيَى بن أكْثَم
…
إنَّ ما خفْتَ قد وَقَع
لَعَنَ الله نَخْوةً
…
كان من بَعْدِها ضَرَع
(a) عجزه في الديوان: إذا انهزموا عجلوا عجوا.
(b) الديوان: فأنت لأولهم آخر وأنت لآخرهم أوَّل.
(c) الديوان وابن عساكر: اللقا.
(d) الديوان: المنصل، وكلاهما لغة في السيف.
(e) لم يرد هذا البيت في ديوانه.
(f) الديوان: فوق.
(g) الديوان: وأسمح.
(h) الديوان: الغيب.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 254 - 255.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 353، وتاريخ الإسلام 5:1134.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 233 - 234.
قال: وهؤلاء بنُو أُهْبَان مُكَلِّم الذِّئْب، وهم بنو عَمِّه دِنْيَةً، هَجَاهُم فقال فيهم
(1)
: [من البسيط]
تِهْتُم عَلْينا بأنَّ الذِّئْبَ كَلَّمَكُم
…
فقد لعَمْرِي أبوكم كَلَّم الذِّئْبَا
فكيفَ لو كَلَّمِ اللَّيْثَ الهَصُورَ إذًا
…
جَعَلْتُم النَّاسَ مَاكُولًا ومَشْرُوبا
هذا السُّنَيْدِيُّ لا يسْوَى أتاوتَهُ
…
يُكَلِّم الفِيْل تَصْعِيْدًا وتَصْوِيْبا
فاذهَبْ إليكَ فإنِّي لا أرَى أبدًا
…
بباب دَاركَ طلابًا ومَطْلُوبا
قال: وهذا الهَيْثَمُ بن عُثْمان الغَنَويّ قد دَلَّ شِعْرُه على أنَّهُ قد كان إليهِ مُحْسِنًا إذ يقُول فيهِ
(2)
: [من البسيط]
يا هَيْثَمًا يا ابنَ عُثْمان الّذي افْتَخَرَتْ
…
به المَكَارِمُ والأيَّامُ تَفْتَخِرُ
أضْحَتْ رَبِيْعَةُ والأحْيَاءُ من يَمَنٍ
…
تِيْهًا (a) بنجْدتِهِ لا وَحْدها مُضَرُ
وقال فيه يَهْجُوه
(3)
: [من الوافر]
سَألْتُ أبي وكانَ أبي عَلِيْمًا
…
بسَاكنَةِ الجَزِيْرَةِ والسَّوَادِ
فقُلْتُ: أهَيْثَم من حَيّ قَيْسٍ (b)
…
فقال: نَعَم كأحْمَد من دُؤَادِ (c)
فإنْ يَكُ هَيْثَمٌ من حَيّ قَيْسٍ
…
فأحْمَدُ غيرُ شَكٍّ من إيَادِ
وقال في أخيهِ رَزِيْن بن عليّ الخُزَاعِيّ يَهْجُوه
(4)
: [من الطويل]
مَهَدتُ له وُدِّي صَغِيرًا ونُصْرتي
…
وقاسَمْتُهُ مالي وبَوَّأتُه حجْري
وقد كان يَكْفيه من العَيْشِ كُلِّهِ
…
رَجَاءٌ ويأسٌ يَرجِعَانِ إلى فَقْرِ
(a) الديوان: تبهي.
(b) الديوان: غَنيّ.
(c) الديوان: فقال كأحمد بن أبي دواد.
_________
(1)
لم ترد الأبيات في ديوان دعبل، وثلاثة منها في الأغاني 30: 72 منسوبة إليه.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 187.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 330، وفيه زيادة بيت.
(4)
ديوان دعبل الخزاعي 201، وتاريخ الإسلام 5:1134.
وفيهِ عُيُوبٌ ليسَ يُحْصَى عِدَادُها
…
فأصْغَرُها عَيْبًا يَجِلُّ عن الفِكْرِ
ولو أنَّني أبدَيْتُ للنَّاسِ بَعْضَها
…
لأصْبَح من بَصْقِ الأحِبَّةِ في بَحْرِ
فدُونكَ عِرْضي فاهجٌ حيًّا وإنْ أَمُتْ
…
فأُقْسِمْ إلَّا ما خَرِيْتَ على قَبْري
وقال في امْرَأته يَهْجُوها
(1)
: [من الكامل]
يا رُكْبَتَي جزُر (a) وسَاقَ نَعَامةٍ
…
ونَثِيْل (b) كنَّاسٍ ورَأس بَعِيْرِ
يا مَنْ أُشَبِّهُها بحُمَّى نَافِضٍ
…
قطَّاعةٍ للظَّهْرِ ذاتِ زَئِيْرِ
صُدْغَاك قد شَمِطا ونحرُك يابسٌ
…
والصَّدْرُ منكِ كجُؤجؤ الطُّنْبُورِ
يا مَنْ مُعَانقُها يَبيْتُ كأنَّهُ
…
في مَحبِسٍ قَملٍ وفي سَاجُورِ
قَبَّلتها فوجَدْتُ طَعْم لثاتها (c)
…
فَوْق اللِّثَام (d) كلَسْعَة الزُّنْبُورِ
وله هِجَاءٌ قَبِيْحٌ في امْرَأته عاليَة.
وله في جَارِيتهِ غَزَال يَهْجُوها
(2)
: [من المتقارب]
رَأيْتُ غَزَالًا وقد أقْبَلتْ
…
فأبدَتْ لعَيْنيَّ عن مِبْصَقَهْ
قُصَيِّرةُ الخَلْقِ دَحْدَاحَةٌ
…
تَدَحْرَجُ في المَشْي كالبنْدُقَهْ
كأنَّ ذِرَاعًا على كَفِّها
…
إذا حَسَرت ذَنَب المَلْعَقَه
تُخَطِّطُ حَاجبَها بالمِدَاد
…
وتَرْبُطُ في عَجْزِها مِرْفَقَهْ
وأنْفٌ على وَجْهها مُلْصَقٌ
…
قَصِيْرُ المَنَاخِر كالفُسْتُقَهْ
وثَدْيانِ: ثديٌ كبَلُّوطةٍ
…
وآخر كالقِرْبَةِ المُفْهَقَه
(a) الديوان وابن عساكر: خزز، وتاريخ الإسلام: جمل.
(b) الديوان: وزبيل، تاريخ الإسلام: وزنبيل.
(c) الديوان: لدغة ريقها.
(d) الديوان: اللسان.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 202، وتاريخ الإسلام 5:1134.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 240 - 241.
وصَدْرٌ نَحِيْفٌ كَثِيْرُ العِظَامِ
…
تُقَعْقِع من فَوْقه المِخْنَقهْ
وثَغْرٌ إذا كَشَفت (a) خِلْتَهُ
…
نحانِح فاميَةٍ مُغْلَقَه (b)
وقال في جَاريَتهِ بُرْهَان يَهْجُوها
(1)
: [من المتقارب]
بُرْهَانُ بَارِدةُ المَطْبَخِ
…
وحَمَّامُها وَاسِعُ المسْلَخِ
وإنَّكَ لو نِلْتَها نَيْلة (c)
…
لأفضَيْتَ منها إلى بَرْبَخِ
ولو كَشَفَتْ لك عن فَعْلها (d)
…
لأبْصَرْتَ مِيْلَينِ في فَرْسَخِ
وقال فيها أيضًا
(2)
: [من السريع]
بُرْهَان لا تُطْرِبُ جُلَّاسَها
…
حتَّى تُريكَ الصَّدْرَ مَكْشُوْفا
شَبَّهْتُها لمَّا تغنَّت لهم
…
بنَعْجَةٍ قد مَضَغَتْ صُوْفا
ثُمَّ قال عَبْدُ الله بن طَاهِر لصِيْنِيّ: فعلى مَنْ بَقَّى هذا؟ وَيْحَك يا صِيْنِيّ، لا أحْسبُه إلَّا كما قُلْت. ثمّ حُثَّت علينا الكَاسَاتُ، وبَقِيْتُ من حِفْظِه لهذه الأشْيَاء مُتَعَجِّبًا.
قال: فلَقِيْتُ دِعْبِلًا بعد ذلك، فخِفْتُ أنْ أذْكُر له شيئًا فضَحِكتُ، فقال لي: وَيْلي عليك؛ قد تَحَامَاني النَّاسُ، وضرَّطْتُ الخُلَفَاءَ، وأنا عندَك مَوضِع مَطْنَزَةٍ وسُخْرية!؟ قُلتُ: لا ولكنِّي إنَّما ضَحِكتُ اسْتِبْشَارًا بالنَّظَر إليكَ.
قال: ثُمَّ لَقيْتُهُ من بَعْدُ فضَحِكتُ، فقال: وَيْلكَ أنْتَ على ذاكَ الّذي عَهِدْت! فالْتَفَتَ إلى غُلَامِهِ نَفْنَف، فقال: خُذ برِجْلِه ابن كَذَا وكذا، قال: قُلتُ: يا أبا عليّ، إنْ هَجَرتني وَصَلْتُكَ، وإنْ وَصَلْتَني وَددتُكَ، وإنْ جَفَوتني
(a) الديوان: كشَّرت، ابن عساكر: كسرت خلجته.
(b) الديوان: تخالج فانية معلقة.
(c) الديوان: نكتها نيكة.
(d) الديوان: فرجها.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 160.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 238.
زُرْتك، ولا سَبِيل إلى إخْباركَ بهذا الّذي أنا فيهِ، فلَم نَزَل كذلك حِيْنًا حتَّى تُوفِّي عَبْد الله بن طَاهِر.
قال: فلَقِيتُ دِعْبِلًا يَوْمًا بكَرْخ بَغْدَاد، فضَحِكتُ، فقال: ليس لضِحْككَ هذا آخرٌ يا ابن الفَاعِلة؟! قال: فقُلْتُ له: امْضِ بنا فقد فَرَّجَ الله عنِّي وعنك، فذَهَبْتُ بهِ إلى مَنْزِلي، فطَعِمْنا وأخَذْنا في الشَّرْب، وأخْبَرته الخَبَرَ على جِهَتهِ، فقال: وَيْلي على ابن العَوْراءِ الفَاعِلةِ! واللهِ لو أعْلَمْتَني قَبْلَ وَفَاته لأعْلمتُكَ كيف كانت تكُون حَالُه، قال: قُلتُ: هو واللهِ كان أبْصَرَ منكَ، وأعْرَفَ بكَ إذ أخَذَ عليَّ في أمْركَ ما أخَذ، ثمَّ أخَذْنا في لَهْونا وأمْسَك مُتَعجِّبًا.
أخْبَرَنا عَتِيْقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ
(2)
، قال: سَمِعْتُ ابن قُتَيْبَة يقُول: [سَمِعْتُ دِعْبلًا يَقُول:](a) أُدْخِلْتُ على المُعْتَصِم فقال لي: يا عَدُوَّ الله، أنْتَ الّذي تَقُول في بني العبَّاسِ: إنَّكُم في الكُتُب سَبْعَة؟ وأمَرَ بضَرْب عُنقي، وما كان في المَجْلِس إلَّا منْ كان عَدُوًّا لي، وأشَدّهم عليَّ ابن شَكْلَة، فقام قائمًا فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أنا الّذي قُلْتُ هذا، ونَميْتُه إلى دِعْبِل! فقال له: وما أردْتَ بهذا؟ قال: لِمَا تَعْلَم بيني وبينَهُ من العَدَاوَة فأردتُ أن أشيْط بدَمِه، قال: فقال: أطْلقُوه، فلمَّا
(a) ما بين الحاصرتين إضافة من كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر، وتاريخ الإسلام للذهبي 5:1133.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 257 - 258.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 531.
كان بعد مُدَّةٍ قال لابن شَكْلَة: سَألتُك باللهِ أنتَ الّذىِ قُلْتَهُ؟ فقال: لا والله يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، وما نَظْرةٌ أنظُر أبْغَض إليَّ من دِعْبِل، فقال له: فما الّذي أردْتَ بهذا؟ قال: عَلِمَ (a) أنَّ ما لهُ في المَجْلِس عَدُوٌّ أعْدَى منِّي، فنَظَر إليَّ بعَيْن العَدَاوَة، ونَظَرْتُ إليه بعَيْن الرَّحْمَة. قال: فجَزَاهُ خَيْرًا أو نحو ذلك.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن يَحْيَى بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْدِ الله بن كَادِش العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَوْن (b) بن مُحَمَّد، قال: قال دِعْبِل لإبْراهيم بن العبَّاسِ: أُرِيْدُ أنْ أصْحَبكَ إلى خُرَاسَانَ، فقال له إبْراهيمُ: حبَّذا أنتَ صَاحِبًا مَصْحُوبًا إنْ كُنَّا على شَرِيْطة بَشَّار، قال وما شَرِيطَة بَشَّار؟ قال: قَوْلُه
(2)
: [من الطويل]
أخٌ خَيْرَ مَن آخَيْتُ (c) أحْمِلُ ثِقْلَهُ
…
ويَحْمِلُ عنِّي حين يَفْدَحُني ثِقْلِي
أخٌ إنْ نَبَا دَهْرٌ بِهِ كُنْتُ دُوْنَهُ
…
وإنْ كانَ كَوْنٌ كانَ لي ثِقَةً مِثْلي
أخٌ مالُهُ لي لسْتُ أرْهَبُ بُخْلَهُ
…
ومالي لَهُ لا يرهَبُ الدَّهْرَ مِن بُخْلي
قال: ذلك لك ومَزِيَّة، فاصْطَحَبا.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عليّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن يَعْقُوب بن يُوسُفَ الأصْبَهَانيِّ، قال: أنْشَدَنا أبو طَالِب الدِّعْبِليُّ، قال:
(a) الدينوري: علمتُ.
(b) الجريري: عوف.
(c) الأصل: أحببت، والمثبت من المعافى وابن عساكر.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 2: 365، وابن عساكر 17:254.
(2)
لم ترد الأبيات في ديوان بشار.
(3)
تاريخ بغداد 9: 362 - 363.
أنْشَدَنا عليّ بن الجَهْم، وليسَتْ له، وجَعَلَ يُعِيْدُها ويَسْتَحْسنُها:[من الكامل]
لمَّا رَأتْ شَيْبًا يَلُوح بمَفْرِقي
…
صَدَّتْ صُدُودَ مُفَارقٍ مُتَجَمِّلِ
فظَلَلْتُ أطْلُب وَصْلَها بتَذَلُّلِ
…
والشَّيْبُ يَغْمِزُها بأنْ لا تَفْعَلِ
قال أبو طَالِب: ومن أحْسَن (a) ما قيل في هذا المَعْنَى قَوْل جَدِّي
(1)
: [من الكامل]
لا تَعْجَبي يا سَلْمَ من رَجُلٍ
…
ضَحِكَ المَشِيْبُ برَأسِهِ فبَكَى
أينَ الشَّبَابُ وأيَّةً سَلَكَا
…
لا أينَ يُطْلَبُ ضَلَّ بل هَلَكَا
لا تَأْخُذِي (b) بظُلَامَتي أحَدًا
…
طَرْفي وقَلْبي في دَمِي اشْتَرَكا
أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ
(2)
، قال: قَرَأتُ على الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُبَيْدِ اللهِ المَرْزُبَانيِّ، قال: أخْبَرني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَني مَنْ سَمِعَ دِعْبِلًا يَقُول: أنْشَدتُ أبا نُوَاسٍ شِعْرِي
(3)
: [من الكامل]
أينَ الشَّبَابُ وأيَّةً سَلَكَا
…
لا أينَ يُطْلَبُ ضَلَّ بل هَلَكَا
لا تَعْجَبي يا سَلْمَ من رَجُلٍ
…
ضَحِكَ المَشِيْبُ برَأسِهِ فبَكَى
فقال: أحْسَنْتَ مِلءَ فيْكَ وأَسْمَاعِنَا، قال: وكان واللهِ فَصِيحًا.
كَتَبَ إلينا أحْمَد بن الأزْهَر بن عَبد الوَهَّاب السَّبَّاك من بَغْدَاد، قال: أجازَ لي أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ، وأبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم بن
(a) الأصل: حسن، والمثبت من تاريخ بغداد.
(b) الديوان: تأخذا.
_________
(1)
ديوان دعبل 249، وتاريخ الإسلام 5:1134.
(2)
تاريخ بغداد 9: 363.
(3)
ديوان دعبل 249.
مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: حُكي لي عن عَمْرو بن مَسْعَدَة، قال: كُنْتُ عند أَمِير المُؤْمنِيْن، فدَخَلَ عليه أبو دُلَف القَاسِم بن عِيسَى العِجْلِيّ، فقال له المَأْمُون: فهل اسْتَحْسَنْتَ من شِعْر أخي خُزَاعَة شيئًا؟ قال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أيّ إخْوَة خُزَاعَة؛ المُحْسِنُونَ كَثِيْر فأيّهم هو من مُحْسنِيهم؟ قال: ومَنْ عندَكَ مُحْسِنُوهم؟ سَمِّهم لي حتَّى أُنبِّئْكَ به منهم، قال: يا أَمير المُؤْمنِيْن، طَاهِر بن الحُسَين، [و] عَبْد الله بن طَاهِر، ودِعْبِل بن عليّ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن رُزَيْن (a) خال دِعْبِل يعني أبا الشِّيْص، قال: دِعْبِل بن عليّ؟! قال: قابَلَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن إحْسَانًا بإسَاءَةٍ، وبَخَّلَ مَنْ مَنَعَهُ، وجَوَّدَ مَنْ أعْطَاهُ، فعَدَلَ بالصَّحيح المُعْوَجّ، وبالضَّيِّقِ المُنْفَرِج، قال: حيثُ يقُول ماذا؟ قال: حيثُ يقُول فِي المُطَّلِب بن عَبْدِ الله بن مَالِك، وقد وَفَدَ إليه إلى مِصْر، ومَدَحَهُ على أنَّهُ من رَهْطهِ وقَوْمِهِ، فألْصَقَ ذَمَّه بإحْسَان طَلْحَة الطَّلَحَات من قَوْمِهِ، فقوَّم ذلك فاعْتَدَل الحِمْلُ، ولَم يَجْعَل بينهما علاوةً، وهو قَوْلهُ
(1)
: [من البسيط]
اضربْ نَدَى طَلْحَةَ الطَّلْحاتِ مُبْتدِئًا
…
ببُخْل (b) مُطَّلِبٍ فينا وكُنْ حَكَما
تسلم (c) خُزَاعَةُ من لُؤْمٍ ومن كَرَمٍ
…
فلا تَعدُّ (d) لها لُؤْمًا ولا كَرَما
فقال المَأْمُون: لله دَرُّه ما أغْوَصَهُ وأنْصَفَهُ وأوْصَلَهُ.
ثُمّ قال المَأْمُون لعَبْدِ الله بن طَاهِر: ما تَحْفَظُ لدِعْبِل؟ قال: يا أَمِير المُؤْمنِيْنَ، أبْيَاتُه في أهْلِ بَيْتِ أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: هَاتها، فأنْشَدَه
(2)
: [من البسيط]
(a) الأصل: رزيق، وصوابه المثبت. انظر: ابن المعتز: طبقات الشعراء 64 (وفيه: ابن عم دعبل)، ابن قتيبة: الشعر والشعراء 437، فوات الوفيات 3: 402، الوافي بالوفيات 3:302.
(b) الديوان والأغاني: بلؤم.
(c) الديوان والأغاني: تخرج.
(d) عن الديوان، وفي الأصل: نعدُّ، ورواية الأصفهاني: تحسُّ، وفي موضع آخر منه 20: 89: تعدّ.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 278، والأغاني 20:83.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 146، والأغاني 20:83.
سَقيًا ورعْيًا لأيَّامِ الصَّبَاباتِ
…
أيَّامَ أرْفُلُ في أثْوَابِ لَذَّاتي
أيَّامَ غُصْني رَطِيْبٌ من لدُونَتهِ
…
أَصْبُو إلى غير كنَّاتي وجَارَاتي
دَعْ عنكَ ذِكْرَ زَمَانٍ فاتَ مطْلَبُهُ
…
واقْذِفْ برِجْلِكَ عن مَتْنِ الجَهَالاتِ
واقْصِدْ بكُلِّ مَدِيْحٍ أنْتَ قائلُهُ
…
نحوَ الهُدَاةِ بني بَيْتِ الكَرَامَاتِ
فقال المَأْمُون: إنَّهُ وجَد واللهِ مَقَالًا، فقال: ونالَ من بَعِيْد ذِكْرهم ما مِن غيرهم لا يُنَال.
قال: ثُمَّ أنْشَد له المَأْمُون في بَعْضِ غُنَيَّاتِهِ (a): [من الطويل]
وقَائلةٍ لمَّا اسْتَمَرَّت بي (b) النَّوَى
…
ومَحْجِرُها فيه دَمٌ ودُمُوعُ
تُرَى بعد هذا (c) اللَّذين تحمَّلُوا
…
إلى بَلَدٍ فيه الشَّجيُّ رُجُوعُ (d)
فقُلْتُ: ولم أمْلِك سَوَابقَ عَبْرَةٍ
…
نَطَقْنَ بما ضَمَّت لهنَّ (e) ضُلُوعُ
تألَّ (f)، فكم دَارٍ تَفَرَّقَ شَمْلُها
…
وشَمْلُ شَتِيْتٍ عَادَ وهو جَمِيْعُ
كذاكَ اللَّيالِي صَفْوهُنَّ (g) كما تَرَى
…
لكُلِّ أُنَاسٍ جَدْبَةٌ (h) ورَبِيعُ
يا قَاسِمُ، ما عُرِضْتُ على سَفَرٍ إلَّا هيَّأتُ هذه الأبْيَات مُخاطِبَةً لي، ونَصْبًا بين عَيْنيَّ، ومُحَدِّثةً لي في أوْبَتي، ومُسَلِّيةً عن فُرْقتي، إنَّ الفَهِمَ إذا فَهِمَ المَعْنَى اسْتَحْسَنَهُ، وإنَّ المُسْتَغْلِقَ إذا لَم يَفْهَمْهُ اسْتَبْرَمَهُ.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا المُبارَكُ بن عليّ
(a) عند ابن عساكر 17: 250: عبثاته، وانظر الأبيات في ديوان دعبل الخزاعي 226 - 227، وتاريخ الإسلام 5:1133.
(b) الديوان وتاريخ الإسلام: بها.
(c) الديوان: ألم يأنِ للسفر.
(d) الديوان: إلى وطن قبل الممات رجوع.
(e) الديوان وتاريخ الإسلام: عليه.
(f) الديوان: تبيَّن، تاريخ الإسلام: تأن.
(g) الديوان وتاريخ الإسلام: صرفهن.
(h) الأصل: جذبة.
السِّمَّذِيّ (a) بقِرَاءَتي عليه، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ البُنْدَار إمْلاءً بجَامِع المَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عُبَيْد الله بن أحْمَدُ بن أبي مُسْلِم الفَرَضِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو طَاهِر بن أبي هاشِم، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا أبي يُونُس بن يَاسِيْن، قال: سَمِعْت المُعْتَصِم يقُول لابن أبي دُؤَاد: ما لي أرَاكَ مُنْحَرفًا عن دِعْبِل، هو ابن عليّ الخُزَاعيِّ الشَّاعر، إنِّي ليُعْجبُني من شِعْره أشْيَاء حَسَنَة من ذلك قوله
(1)
: [من البسيط]
إنَّ القليلَ الّذي يأتيكَ في دَعَةٍ
…
هو الكَثِيْر فأَعْفِ النَّفْسَ من تَعَبِ
لا قِسِمَ أوْفَر (b) من قسْمٍ تَنَال بهِ
…
وقاية الدِّين والأعْرَاضِ والحَسَبِ
أنْبَأْنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَني القَاضِي أبو الطَّيِّب طَاهِرُ بن عَبْد الله الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم الطَّبَريُّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن يَحْيَى الحَنَفيِّ، قال: حَدَّثَني أبوِ كَعْب الخُزَاعيِّ، قال: وَفَدَ دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيِّ إلى عَبْد الله بن طَاهِر، فلمَّا وصَلَ إليه، قامَ تِلْقاءَ وَجْهِه، ثُمَّ أنْشأ يَقُول
(4)
: [من المنسرح]
أتَيْتُ مُسْتَشْفعًا بلا سَبَبِ
…
إليكَ إلَّا بحُرْمَةِ الأدَب
فاقْضِ ذِمَاي فإنَّني رَجُلٌ
…
غيرُ مُلحٍّ عليكَ في الطَّلَبِ
(a) الأصل: السمري، ونسبته إلى السِّمَّذ؛ نوع من الخبز الأبيض يُعمل لخواصّ الناس. انظر: السمعاني: الأنساب 7: 216 - 217، ابن الجوزي: المنتظم 18: 47، ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 2: 137، العبر في خبر مَن غبر 2: 458، سير أعلام النبلاء 20: 183، شذرات الذهب 6:204.
(b) الديوان: أوفد.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 118.
(2)
تاريخ بغداد 9: 362.
(3)
لم يرد في كتاب الجريري: الجليس الصالح.
(4)
ديوان دعبل الخزاعي 119، والأغاني 20:106.
فانْتَعَل عَبْدُ الله ودَخَلَ، ووجَّه إليه برُقْعَةٍ معها سِتُّونَ ألف دِرْهَم، وفي الرُّقْعَة بيتان؛ فكانا:[من الكامل]
أَعْجلْتَنا فأتاكَ أوَّلُ بِرّنا
…
قلًّا ولو أخَّرْتَهُ لَم يَقْلُل
فخُذ القَلِيْلَ وكُنْ كَمَن لَم يَقْبَل
…
ونكُون نحنُ كأنَّنا لَم نَفْعَل
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بَوْشٍ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيدِ الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء القَاضِي الجَرِيْرِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني عَوْن بن مُحَمَّد، قال: لمَّا هَجَا دِعْبِلُ المُطَّلِبَ بن عَبْدِ الله بن مَالِك الخُزَاعيِّ، فقال
(2)
: [من البسيط]
اضْرب نَدَى طَلْحَة الطَّلْحَات مُتَّئدًا (a)
…
ببُخْل (b) مُطَّلبٍ فينا وكُن حَكَما
تُخْرِجْ خُزَاعَةُ من لُؤمٍ ومن كَرَم
…
فلا تَعُدُّ لها لُؤمًا ولا كَرَمَا
ويُرْوى: تُسْلِمْ خُزَاعَةَ.
فدَعَاهُ بعد ذلك المُطَّلِبُ، فلمَّا دَخَلَ عليهِ قال: والله لأقتُلَنَّكَ لهِجَاكَ لي، فقال له: فأَشْبِعْني إذًا ولا تَقْتُلنِي جَائِعًا، فقال: قَبَّحكَ اللهُ، هذا أهْجَى من الأوَّلِ! فوَصَلَهُ، فحَلَفَ أنَّهُ يَمْدَحُهُ ما عاشَ، فقال فيه
(3)
: [من المتقارب]
سَألْتُ النَّدَى لا عَدمْتُ النَّدَى
…
وقد كان منَّا زَمَانًا عَزَبْ
فقُلْتُ له: طَالَ عَهْدُ اللِّقَاءِ
…
فهَل غبْتَ باللهِ أم لَمْ تَغِبْ
فقال: بَلَى؛ لَم أزَلْ غَائِبًا
…
ولكن قَدِمْتُ مع المُطَّلِبْ
(a) الديوان: مبتدئًا.
(b) الديوان: بلؤم.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 3: 154 - 155.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 278.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 121.
قال القَاضِي أبو الفَرَج
(1)
: وفي هذا الخَبَر ما دَلَّ على دَهَاءَ دِعْبِل ولُطْف حِيْلَته، وأنْبأ عن ذَكَاءِ المُطَّلِب ودِقَّة فِطْنَته.
وقد رُوِي مثل هذا عن مَعْن بن زَائِدَة، وأُتِي بِجَمَاعَةٍ قد عاثُوا في عَملِهِ فأمَرَ بقَتْلهم، فقال له أحدُهُم: أعيذكَ باللهِ أَنْ تقتُلنا عِطَاشًا، فأمَرَ بإحْضَارِ ماءٍ يسقُونهم، فأُحْضِر، فلمَّا شَرِبُوا قال: أيُّها الأَمِيرُ، لا تَقْتُلْ أضْيَافك! فقال: أوْلَى لك، وأمَرَ بتَخْليتهم.
قال: وأخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج المُعَافَى
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَوْن، قال: أنْشَدَني دِعْبِل لنَفْسِه يَرْثِي المُطَّلِب
(3)
: [من البسيط]
مَاتَ الثَّلاثةُ لمَّا مَاتَ مُطَّلِبٌ
…
ماتَ الحَيَاءُ (a) وماتَ الرُّعْب (b) والرَّهَبُ
للهِ أرْبَعَةٌ قد ضمَّها كَفَنٌ
…
أضْحَى يُعزَّى بها الإسْلَامُ والعَرَبُ
يا يَوْم مُطَّلِبٍ أصْبَحْتَ أَعْيُنَنا
…
دَمْعًا يَدُوم لها ما دَامَتِ الحقَبُ
هذي خُدُودُ بني قَحْطَانَ قد لَصِقَتْ
…
بالتُّرب منذُ اسْتَوى من فَوْقكَ التُّربُ
قال القَاضِي
(4)
: قَوْل دِعْبِل في شِعْره الأوَّل في الخَبَر المُتَقدِّم: اضْرب نَدَى طَلْحَة الطَّلْحَات؛ أسْكَنَ اللَّام في قَوْله: الطَّلَحَات للضَّرُورة وحَقُّه (c) التَّحْريكُ، والعَرَبُ تَقُول: طَلْحَةُ الطَّلَحَات، وحَمْزَةٌ وحَمَزَات، وتَمْرَة وتَمَرَات وجَمْرة وجَمَرَات، ومثْلُه (d): الرَّكَعَات والسَّجَدَات، بفَتْحِ عَيْن الفعْل من فَعَلات في الأسْماءِ من هذا الباب، ما لَم تكن العَيْن وَاوًا أو ياءً أو ألفًا، وقد أسْكَن الرَّاجِزُ العَيْن من الاسْم
(a) الأصل: الحياة، والمثبت عن الديوان وكتاب المعافى.
(b) الجريري: الرغب.
(c) الجريري: وحقها.
(d) مكررة في الأصل.
_________
(1)
الجليس الصالح 3: 155.
(2)
الجليس الصالح 3: 155.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 320.
(4)
الجريري: الجليس الصالح 3: 155 - 156.
في الباب الّذىِ وَصَفْتُ، فقال:[من الرَّجز]
علَّ صرُوف الدَّهْر أو دُولاتِها
…
تُدِيلُنَا اللَّمةَ من لَمَّاتها
فتَسْتَريْحَ النَّفْسُ من زَفَرَاتها
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ بن مُحَمَّد المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَغْدَاديّ
(1)
، قال: أخْبرَني أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَان، قال: أحْمَد (a) بن مَنْصُور، قال: أهْدَى بعضُ العُمَّال إلى دِعْبِل بن عليّ بِرْذَونًا، فوَجَدَهُ زَمِنًا، فردَّهُ، وكَتَبَ إليهِ
(2)
: [من المتقارب]
وأَهدَيْتَهُ زَمِنًا فَانِيًا
…
فلا للرُّكُوب ولا للثَّمَنْ
حَمَلْتَ عِلى زَمِنٍ شَاعِرًا
…
فسَوْف تُكَافأ بشِعْرٍ زَمِنْ
وقال مُحَمَّد بن خَلَف: أخْبَرَني عَبْدُ الرَّحْمن بن حَبِيْب، قال: قَدِمَ صَدِيْقٌ لدِعْبِل من الحَجٍّ، فوعَدَهُ أنْ يُهْدِي له [نَعْلًا](b) فأبْطَأت عليه، فكَتَبَ إليه
(3)
: [من الوافر]
وَعَدْتَ النَّعْلَ ثُمَّ صَدَفْتَ عنها
…
كأنَّكَ تَبْتَغي (c) شَتْمًا وقَذْفَا
فإنْ لم تُهْدِ لي نَعْلًا فَكُنْها
…
إذا أَعْجَمتَ بعدَ النُّونِ حَرْفا
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن البَانيِاسِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(4)
، قال: أخْبَرَنا خالي أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى
(a) في الأصل: محمد، وأُصلحت بإلحاق ألفٍ في أولها.
(b) إضافة من تاريخ بغداد، مصدر النقل.
(c) الديوان: تشتهي.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 363.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 305.
(3)
ديوان دعبل الخزاعي 238.
(4)
تاريخ ابن عساكر 17: 252 - 253.
القَاضِىِ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن أحْمَد بن السَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا يَمُوْت بن المُزَرِّع، قال: حَدَّثَنَا أبو هَفَّان، قال: أنْشَدَنا دِعْبِل لنَفْسِه
(1)
: [من المتقارب]
وَدَاعُكَ مثْلُ وَدَاعِ الحَيَاة (a)
…
وفَقْدُكَ مثْلُ افْتِقَادِ الدِّيَمْ
علَيكَ السَّلامُ فكَمْ مِن وَفَاءٍ
…
أُفَارِقُ منْكَ وكَمَ مِنْ كَرَمْ
فقُلتُ لَهُ: قد أحْسَنْتَ غير أنَّكَ سَرَقْتَ البَيْتَ الأوَّل من الرَّبَعِيَّيْن: النِّصْف الأوَّل من القُطَامِيّ
(2)
: [من البسيط]
ما للكَوَاعِب وَدَّعْن الحَيَاةَ بأنْ (b)
…
ودَّعْنَنِي واتَّخَذْنَ الشَّيْبَ مِيْعَادِي
والنِّصْف الثَّاني من ابن بَجَرَة حيثُ يقُول: [من الطويل]
عليكَ سَلَامُ اللهِ وَقْفًا فإنَّني
…
أرَى المَوْتَ وَقَّاعًا بكُلِّ شَرِيف
فقال لي: بل الطَّائيّ واللهِ سَرَق هذا البَيْت بأسْره من ابن بَجَرَة فىِ قَصِيْدَتهِ الّتي تُعْرف بالمَسْرُوقة؛ رَثَى بها مُحَمَّد بن حُمَيْد الطُّوْسيّ، وأوَّلُها
(3)
: [من الطويل]
كذا فليَجِلَّ الخَطْبُ أو يَفْدَح (c) الأمْرُ
…
وليسَ لعَيْنٍ لم يَفِضْ ماؤُها عُذْرُ
إلى قَوْله:
عَلَيكَ سَلَامُ الله وَقْفًا فإنَّني
…
رَأيْتُ الكَرِيمَ الحُرَّ ليسَ لهُ عُمْرُ
أنْبَأنَا القاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(4)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور
(a) الديوان: الربيع.
(b) ديوانه: كما.
(c) ديوان أبي تمام: وليفدح.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 286.
(2)
ديوان القطامي 79.
(3)
ديوان أبي تمام 4: 79 - 85، وأبيات القصيدة ثلاثون بيتًا.
(4)
تاريخ ابن عساكر 17: 253 - 254.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الصَّلْت، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن يَزِيد، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيِّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: بينا أنا جَالِسٌ على باب دارٍ كُنْتُ أَنْزلُها في الكَرْخ، إذْ مرَّت بي غُصْن جَارِيَة ابن الأَحْدَب، وكانت شَاعِرةً مُغَنِّية؛ بَلَغَني خَبَرُها ولَم أكُن شَاهدْتُها، فرَأيْتُ وَجْهًا جَمِيْلًا، وقَدًّا حَسَنًا، وقَوَامًا وشَكْلًا، وهى تَخْطُر في مَشْيَتها، وتَنْظر في أعْطَافها، فقُلْتُ لها (a):[من مخلع البسيط]
دُمُوعُ عَيْني بها (b) انْبِساطٌ
…
ونَوْم عَيْني بهِ انْقِبَاضُ
فقالت مُسْرعةً:
ذاكَ قَلِيلٌ لمَنْ دَهَتْهُ
…
بحُسْنها (c) الأعْيُنُ المِرَاضُ
فقُلتُ:
فهَل لمَوْلاتي (d) عَطْفُ قَلْبٍ
…
أم للَّذي في الحَشَا انْقِرَاضُ
فقالت:
إنْ كُنْتَ تَهْوى الوِدَادَ منَّا
…
فالوُدُّ في دِيْننا (e) قِرَاضُ
فما دَخَلَ أذُني كَلامٌ أحْلَى من كَلَامها، ولا رَأتْ عَيْني أنْضَرَ وَجْهًا منها، فعَدَلْتُ بها عن ذلك الرَّوِيّ، فقُلْتُ:[من الكامل]
أَتُرى الزَّمانُ يَسُرُّنا بتَلَاقِ
…
ويَضُمُّ مُشْتَاقًا إلى مُشْتَاقِ
(a) لم ترد في ديوان دعبل.
(b) الإماء الشواعر: لها.
(c) الإماء الشواعر والأغاني: بلحظها.
(d) الإماء الشواعر: لمولاي.
(e) الإماء الشواعر: دوننا.
_________
(1)
الأصفهاني: الإماء الشواعر 221 - 222، والأغاني 19: 36 - 37.
فقالت:
ما للزَّمَانِ يُقال فيهِ وإنَّما
…
أنْتَ الزَّمانُ فَسُرَّنا بتَلَاقِ
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيلِ بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الخَالِق بن عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن الحُسَين الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْد الله بن كَادِش، ح.
قال أبو الحَجَّاج: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن يَحْيَى بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد أحْمَد بن عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الصَّيْرَفِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا ابوِ عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَانِ إجَازةً، وقد سَمِعْتُهُ منهُ وضَاع أصْل السَّمَاع، قال: وأُنْشِدَ لدِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيِّ
(1)
: [من الوافر]
عَدُوٌّ رَاحَ في ثَوْب الصَّدِيْق
…
شَرِيكٌ في الصَّبُوح وفي الغَبُوق
له وَجْهان ظَاهِرُهُ ابنُ عَمٍّ
…
وبَاطِنُهُ ابن زَانِيةٍ عَتِيقِ
يَسُرُّكَ مُقْبلًا ويَسُؤكَ (a) غَيْبًا
…
كذَاكَ يكُون أبْنَاءُ الطَّريق
أنْبَأْنَا أبو المَحَاسِن بن البَانيِاسيِّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الشَّافعيِّ
(2)
، قال: قَرَأتُ على أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْر البَيْهَقيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مُحَمَّد العَنْبَرِيّ، قال: كان عليّ (b) بن القَاسِم الخَوَافِيّ مَدَحَ أبا عَمْرو أحْمَد بن نَصْر، وتَردَّد إليه بَعْدَ أنْ مَدَحَهُ، ولم يَخْرُج الجَوَاب كما أَحبَّهُ، فكَتَبَ إليه رُقْعَةً يقُول فيها: قال عليّ بن الجَهْم في
(a) الديوان: ويسوء.
(b) في الأصل: أبو عمرو علي، وضرب على الكنية.
_________
(1)
ديوان دعبل الخزاعي 347.
(2)
تاريخ ابن عساكر 17: 255.
مثل ما نحنُ فيه
(1)
: [من البسيط]
يا مَنْ يُوَقِّعُ لا في قِصَّتي أبدًا
…
ماذا يَضُرُّكَ لو وقَّعْت لي نَعَمَا
وَقِّعْ نَعَمْ ثمَّ لا تَنْوي الوَفَاء بها
…
إنْ كُنْتَ مِن قَوْلِهِ باللَّفْظِ مُحْتَشِما
أوْ لا فوَقِّع عَسَى كيما تُعلِّلَني
…
فإنَّ قَوْلكَ لا يُبْكي العُيُونَ دَمَا
قال: وكَتَبَ في رُقْعَةٍ (a): ومن أحْسَن ما يُذْكَر لعبد الله بن طَاهِر: [من الخفيف]
افْعَلِ الخَيْرَ ما اسْتَطْعتَ وإنْ كا
…
نَ قَليلًا فلَسْتَ مُدْرِكَ (b) كُلِّهْ
ومَتَى تَفْعلُ الكَثِيْرَ منَ الخَيْـ
…
ـر إذا كُنْتَ تَارِكًا لأقَلِّهْ
قال: وكَتَبَ في رُقْعَةٍ (c): أنَّ دِعْبِل بن عليّ كَتَبَ في رُقْعَةٍ إلى عَبْدِ الله بن طَاهِرٍ
(2)
: [من الكامل]
ماذا أقُول إذا انْصَرَفتُ وقيل لي:
…
ماذا أخذْتَ من الجَوَادِ المُفْضِلِ (d)
إنْ قُلْتُ: أعْطَانِي كَذَبْتُ، وإنْ أَقُل:
…
ضنَّ الجَوَادُ (e) بمالِهِ لم يَجْمُلِ
فاحْتَل لنَفْسكَ كيف شِئْت (f) فإنَّني
…
لا بُدَّ أُخْبرهم (g) وإنْ لَم أُسْألِ
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله في كتَابهِ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أبي مُحَمَّد
(3)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، وحَدَّثَني أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ عنه، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو القَاسِم، عن أَبِيهِ أبي عَبْدِ الله، قال: قال لنا
(a) ابن عساكر: رقعته.
(b) ابن عساكر: فلن تحيط.
(c) ابن عساكر: رقعته.
(d) في الديوان: ما أقول إذا أتيت معاشري
…
صفرًا يداي من الجواد المجزل.
(e) الديوان: الأمير.
(f) الديوان: فاختر لنفسك ما أقول.
(g) الديوان وابن عساكر: مخبرهم.
_________
(1)
لم أجد الأبيات في ديوان علي بن الجهم، ولا في المستدرك على الديوان الذي صنعه خليل مراد.
(2)
ديوان دعبل الخزاعي 267، باختلافٍ بيِّن في الرواية، والمثبت موافق لرواية ابن عساكر.
(3)
تاريخ ابن عساكر 17: 248.
أبو سَعيد بن يُونُس
(1)
: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن عُثْمان بن عَبْدِ الله بن بُدَيْل بن وَرْقَاءَ الخُزَاعِيّ، من أهْلِ قَرْقِيسِيا، قَدِمَ مِصْر هَارِبًا من المُعْتَصِم لهَجْوٍ هَجَاهُ بهِ، وخَرَجَ منها إلى المَغْرب إلى الأغْلَب، وكان يُجَالسُ بمِصْر جَمَاعَةً من أَهْلِ الأدَب، منهم مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي المُغِيرَة، وكان مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي المُغِيرَة يَحْكي عنه حِكَايَات وإنْشَادات.
أَنْبَأْنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر عليّ بن هِبَة الله بن مَاكُولا الحافِظ
(2)
، قال: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن سُلَيمان بن نَهْشَل -وقيل: بَهْنَس- بن خِرَاش بن خَالِد بن عَبْد بن خَزْعَل بن أنسَ بن خُزَيْمَة بن سَلَامَان بن أسْلَم بن أفْصَى بن حَارِثَة بن عَمْرو بن عَامِر مُزَيْقيا، شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، واسْمُه مُحَمَّد، وكُنْيَتُهُ أبو جَعْفَر، ودِعْبِل لَقَبٌ؛ وهو: البَعِيْر المُسنّ.
ثُمَّ قال في مَوضِعٍ آخر
(3)
: وأمَّا دِعْبِل -أوَّلهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ، ثمّ عينٌ سَاكنةٌ، وباءٌ مُعْجَمةُ بواحدة مَكْسُورَة- فهو دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ الشَّاعر المَشْهُور، رَوَى عن مَالِك بن أَنَس وغيره، رَوَى عنهُ أخُوه عليّ بن عليّ، ولَهُ كتابٌ في الشُّعَراءِ، تقدَّم نَسَبه في حَرْف الباءِ.
أخْبَرَنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أجازَ لي رِوَايتَهُ عنهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُورعبد الرَّحْمن بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب
(4)
، قال: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن عُثْمان بن عَبْد الله بن بُدَيْل بن
(1)
تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 78 - 79، وفيه: بعض اختلاف.
(2)
ابن ماكولا: الإكمال 1: 377.
(3)
ابن ماكولا: الإكمال 4: 80.
(4)
تاريخ بغداد 9: 360 - 361.
وَرْقَاء، أبو عليّ الخُزَاعِيُّ الشَّاعرُ، أصْلُهُ منِ الكُوفَة، ويُقال: من قَرْقِيسِيا، وكان يَتَنقَّلُ في البِلادِ، وأقامَ ببَغْدَادَ مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجَ منها هَارِبًا من المُعْتَصِم لمَّا هَجَاهُ، وعادَ إليها بعدَ ذلك. وكان خَبِيْث اللِّسَان، قَبِيْحَ الهِجَاءِ.
وقد رُوِي عنه أحَادِيْث مُسْنَدة عن مَالِك بن أنَس وعن غيره، وكُلُّها بَاطِلة، نَرَاها من وَضْع ابن أخيهِ إسْمَاعِيْل بن عليّ الدِّعْبِليّ؛ فإنَّها لا تُعْرف إلَّا من جِهَته. وقد رَوَى عنهُ قَصِيْدَته الّتي أوَّلُها: مَدَارِسُ آياتٍ، وغيرَها من شِعْره (a) أحْمَدُ بن القَاسِم أخُو أبي اللَّيْث الفَرَائِضِيّ، وزَعَم أحْمَدُ بن القَاسِم أنَّ دِعْبِلًا لَقَبٌ، واسْمُهُ الحَسَن. وقال ابنُ أخيهِ: اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمن، وقال غيرهما: اسْمُهُ مُحَمَّد وكُنْيَتُهُ أبو جَعْفَر، فالله أعْلَمُ.
قُلتُ: هكذا قال الخَطِيبُ: فإنَّها لا تُعْرف إلَّا من جِهَته، وقد ذَكَرْنا في أوَّل التَّرْجَمَة حَدِيثًا رَوَاهُ عنهُ دِيْكُ الجِنّ عَبْد السَّلام بن رَغْبَان، وليسَ من جِهَة ابن أخيه.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم علىِّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن عُثْمان بن عَبْد الله بن بُدَيْل بن وَرْقَاء، ويُقَال: دِعْبِل بن عليّ بن رَزِيْن بن سُلَيمان بن تَمِيْمِ بن بَهْز بن جوَّاس (b) بن خَلَف بن عَبْد بن خَزْعَل (c) بن أنَس بن مَالِك بن خُزَيْمَة بن مَالِك بن مَازِن بن الحَارِث بن سَلَامَان بن أسْلَم بن أفْصَى بن عَامِر بن قَمَعَة بن إلْيَاس بن مُضَر، ويُقال: ابنُ تَمِيْم بن نَهْشَل -وقيل:
(a) تاريخ بغداد: من شعر.
(b) ابن عساكر: دوَّاس.
(c) ابن عساكر: دعبل.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 245 - 246.
بَهْنَس- بن خِرَاش (a) بن خَالِد بن خَزْعَل (b) بن أنَس بن خُزَيْمَة بن سَلَامَان بن أسْلَم بن أفْصَى بن حَارِثَة بن عَمْرو بن عَامِر مُزَيْقياء، أبو عليّ الخُزَاعِيِّ، الشَّاعرُ المَشْهُور، له شِعْرٌ رَائِقٌ، ودِيْوَان مَجْمُوع، وصَنَّفَ كِتَابًا في طَبَقَاتِ الشُّعَراء. يُقال: إنَّ أصْلَهُ من الكُوفَة، ويُقال: من قَرْقِيسِيا، وكان أكْثَر مَقامِه ببَغْدَاد، وسافَرَ إلى غيرها من البِلادِ.
قَدِمَ دِمَشْقَ، ومَدَحَ بها نُوح بن عَمْرو بن حُوَيّ السَّكْسَكِيّ بعدَّة قَصَائِد، وذَكَرَ في بَعْضها قَصْدَه (c) إليهِ ورِحْلَته نحوه، وخَرَجَ منها إلى مِصْر، ومَدَحَ بها.
ويُقال: إنَّ اسْمُهُ مُحَمَّد، وكُنْيَتُهُ أبو جَعْفَر، ودِعْبِل لَقَبٌ. ويُقالُ: الدِّعْبِلُ: البَعِيْر المُسنُّ. ويُقَال: الشَّيءُ القَدِيم.
حَدَّثَ عن المَأْمُون، ومَالِك بن أنَس، ويُقالُ إنَّهُ حَدَّثَ عن يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، وسُفْيان الثَّوْرِيِّ، وسَالِم بن نُوح العَطَّار (d)، وخُزَيْمَة بن خَازِم (e) الأزْدِيّ، والحَكَم بن عَبْد المَلِك البَصْرِيّ، ومُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، ومُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، وعُبَيْد الله بن كُلْثُوم الخُزَاعِيّ البَصْرِيّ، وأبي سُفْيان بن العَلَاء أخي أبي عَمْرو المُقْرِئ، وشَرِيك بن عَبْد الله النَّخَعيِّ.
رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن أبي دُؤَاد، ومُحَمَّد بن مُوسَى بن حَمَّاد البَرْبَرِيّ، وأخُوه عليّ (f) بن عليّ بن رَزِيْن.
(a) ابن عساكر: حراس.
(b) ابن عساكر: خالد بن عبد بن دعبل.
(c) ابن عساكر: قصيدة.
(d) الأصل: الطائي، والمثبت من ابن عساكر، وانظر ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي 10: 172 - 175، سير أعلام النبلاء 9: 325، الكاشف 1:345.
(e) ابن عساكر: حازم، وهو القائد النهشلي، تقدمت ترجمته في هذا الجزء.
(f) ابن عساكر: إسماعيل.
قال الحافِظُ
(1)
: وبَلَغَني أنَّ سَبَب وَفَاتهِ أنَّهُ هَجَا مَالِك بن طَوْق التَّغْلِبِيّ، فبَعَثَ إليهِ رِجُلًا ضَمِنَ له عَشرة آلاف دِرْهَم، وأعْطَاهُ سُمًّا، فلم يَزَل يَطْلبُه حتَّى وَجَدَهُ قد نَزَل في قَرْيَةٍ بنوَاحِي السُّوْس، فاغْتَاله في وَقْتٍ من الأَوْقَاتِ بعد صَلَاةِ العَتَمَة فضَرَب ظَهْر قَدَمه بعُكَّازٍ لهُ زُجّ مَسْمُوم، فماتَ من غَدٍ، ودُفِنَ في تلك القَرْيَةِ، وقيل: بل حُمِلَ إلى السُّوْس فدُفِنَ بها.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا بُشْرَى بن عَبْدِ الله الرُّوميّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أَحْمَد بن يُوسُف الوَكِيل، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن القَاسِمِ المَعْرُوف بابنِ أخي السُّوْس، قال: قال أبو القَاسِم إسْمْاعِيْل بن عليّ الخُزَاعِيِّ: وُلِدَ دِعْبِل سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعين ومائة، وماتَ سَنَة ستٍّ وأرْبَعين ومَائتَيْن بالطِّيْب، فعاشَ سَبْعًا وتِسْعين سَنَةً وشُهورًا من سَنَة ثَمانٍ، ويُكْنَى بأبي عليٍّ، واسْمُه عبْد الرَّحْمن بن عليّ، وإنَّمَا لقَّبَتْهُ دَايَتُهُ لدُعَابَةٍ كانت فيهِ، فأرادَتْ ذِعْبلًا فأقْلَبَت (a) الذَّال دَالًا.
قَرَأتُ في تاريخٍ جَمَعهُ أبو غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، ممَّا نَقَلَهُ من خَطِّ جَدّ أبيهِ عليّ بن المُهَذَّب ومن غيره
(3)
، قال فيه: سَنَة عشْرين ومَائتَيْن، فيها قَتَلَ المُعْتَصِمُ دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ لهِجَائه له، وكان قد اسْتَجار بقَبْر الرَّشِيْدِ بطُوْس فلَم يُجِره.
هكذا ذَكَرَ! والصَّحيحُ ما نُقِلَ عن ابن أخيه إسْمَاعِيْل بن عليّ.
(a) تاريخ بغداد: فقلبت.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 277.
(2)
تاريخ بغداد 9: 363 - 364.
(3)
تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.
دَعْلَج بن أحْمَد بن دَعْلَج بن عبد الرَّحْمن، أبو مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ
(1)
دَخَلَ الشَّام، ومَرَّ بالثُّغُور الشَّامِيَّة، ووَقَفَ بطَرَسُوس دَارًا على المُجَاهِدين في سَبِيْل الله تعالَى، ووَقَفَ عليها وَقْفًا، وكان كَثِيْر المَعْرُوف والصَّدَقَات، من أُولي اليَسَار والمال الكَثِيْر، مَوْصُوفًا بالعَدَالَة والأمَانَة.
رَوَى عن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وعبد الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، وآباءِ بَكْر: ابن خُزَيْمَة، وابن أبي دَاوُد (a)، وعبد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، والحَسَن بن سُفْيان، وعليّ بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، وأبي القَاسِم البَغَويّ، والعبَّاس بن الفَضْل الأسْفَاطِيّ، وأحمد بن عليّ الأبَّار، ومُحَمَّد بن غَالب التَّمْتَام، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن التّرك
(2)
، وعبد الله بن مُحَمَّد بن شِيْرَوُيه، وأحمد بن خَالِد الدَّامَغَانيِّ، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار الصُّوْفِيّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن مَهْدِي الهَرَويّ، وأحمد بن إبْراهِيم بن مِلْحَان، ومُوسَى بن هَارُون الحَمَّال، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن الفِرْيَابِيِّ، وعبد الله بن أحْمَد بن الحَسَن الحَرَّانِيّ، وأبي مُسْلِم الكجِّيّ، وبِشْر بن مُوسَى، ومُحَمَّد بن سُلَيمان البَاغَنْدِيّ، وابنه
(a) الأصل: دواود.
_________
(1)
توفي سنة 350 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 9: 366 - 372، تاريخ ابن عساكر 17: 277 - 285 وفيه: "السختياني"، ابن الجوزي: المنتظم 14: 143 - 147، التقييد لابن نقطة 2: 505 - 506، ابن الأثير: الكامل 8: 545، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 341 - 345، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 271 - 272، الذهبي: الإعلام بوفيات الأعلام 149، تاريخ الإسلام 8: 30 - 32، العبر في خبر مَن غبر 2: 87، سير أعلام النبلاء 16: 30 - 35، تذكرة الحفاظ 3: 881 - 882 (أرخ وفاته سنة 351 هـ)، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3: 291 - 293، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 241 - 242، الوافي بالوفيات 14: 17، النجوم الزاهرة 3: 333 - 334، شذرات الذهب 4: 270، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 245.
(2)
كذا سماه، ولم أقف عليه، وليس هو الفريابي، فإنه مذكور بعده.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد، وأبي المُثَنَّى مُعَاذ بن المُثَنَّى بن مُعَاذ العَنَزِيّ، ويُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي، وعَبْد العَزِيْز بن مُعاوِيَة، ومُحَمَّد بن إبْرَاهِيم البُوْشَنْجيّ، وهِشَام بن عليّ السَّدُوسِيّ، ومُحَمَّد بن عَمْرو الحَرَشِيّ، وعليّ بن الحُسَنِن بن الجُنَيْد، ومُحَمَّد بن النَّضْر الجَارُودِيّ، ومُحَمَّد بن أَيُّوب الرَّازِيّ، وعُثْمان بن سَعِيد الدَّارِمِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى الهَرَويّ، وإبْراهيم بن زُهَيْر الحُلْوَانيِّ، ومُحَمَّد بن شَاذَان الجَوْهَرِيّ، وعليّ بن الحَسَن بن بنان (a) البَاقِلَّانِيّ، وعُبَيْد الله بن مُوسَى الإصْطَخْرِيّ، وإسْحَاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ، ومُحَمَّد بن رُمْح البَزَّاز، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن المُنْذِر القَزَّاز، ومُحَمَّد بن عليّ بن زَيْد الصَّائِغ المَكِّيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله الحَضْرَمِيِّ، وجَمَاعَة غيرهم.
رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ الحافِظ، والحافِظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الحاكِم، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وأبو عُمَر بن حَيَّوْيَه الخَزَّاز، وأبو أحْمَد عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد الفَرَضِيّ، وأحمد بن عليّ البَادَا، وأبو عليّ بن شَاذَان، وأحمد بن عَبْدِ الله بن المَحَامِلِيِّ، وأبو الحُسَين ابن الفَضْلِ القَطَّان، وأبو الحَسَن بن رِزْقَويه، وأبو الفَضْل أحْمَدُ بن أبي عِمْران الهَرَويّ، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، وعليّ وعَبْد المَلِك ابْنَا بِشْرَان، وأبو عَبْد الله أحْمَد بن عُمَر بن مُحَمَّد الحِيْريّ، وعليّ بن أحْمَد الرَّزَّاز، ومُحَمَّد بن أَحْمَد بن رِزْق البَزَّاز، وعليّ بن عَبْد المَلِك بن بِشْرَان، وغَيْلان بن مُحَمَّد السِّمْسَار، وغيرهم.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن جُمَيْع
(1)
، قال: حَدَّثَنَا دَعْلَج بن مُحَمَّد بن دَعْلَج أبو مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ بمَكَّة في المَسْجِد الحَرَام، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن عَمْرو بن النَّضْر
(a) مهملة في الأصل، والإعجام عن الخطيب البغدادي 9:367.
_________
(1)
ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 275 - 277.
قَشْمَرْد (a) النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا حَفْص -يعني: ابن عَبْد الله- قال: حَدَّثنا إبْراهيمُ بن طَهْمَان، عنِ مَالِك بن أنَس، عن الزُّهْريّ، عن سَالِم بن عَبْد الله بن عُمر، أنَّه حدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا من أهْلِ الشَّام وهو يَسْأل عَبْد الله بن عُمَر عن التَّمتُّع بالعُمْرة إلى الحَجِّ، فقال عَبْد الله: فهي الحَلَال، فقال الشَّاميِّ: إنَّ أباكَ قد نَهَىَ عنها! فقال عَبْد الله: أَرَأيتَ إنْ كان أبي نَهَى عنها وقد صَنَعها رسُول الله صلى الله عليه وسلم أتَتَّبع أمرَ أبي أم أمرَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرَّجُلُ: بل أمْرُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد صَنَعها رسُول الله صلى الله عليه وسلم.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر بن القُشَيْريّ، أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظُ، قال: سَمِعْتُ عليِّ بن عُمَرِ الحافِظ يَقُول: صَنَّفْتُ (b) لدَعْلَج المُسْنَد الكَبِير، فكان إذا شَكَّ في حدِيثٍ ضَربَ عليه، ولَم أَرَ في مَشَايخنا أثْبَتَ منهُ.
قال: وسَمِعْتُ عُمَر بن جَعْفَر البَصْرِيّ يَقُول: ما رَأيْتُ ببَغْدَاد فيمَن انتَخَبْتُ عليهم أصَحَّ كُتُبًا، ولا أحْسَن سَمَاعًا، من دَعْلَج بن أحمد.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر الدَّارْقَزِّيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِي، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن المُجْلِيّ وغيرهما، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهم أو من أحَدِهم، قالُوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن يُوسُف السَّهْمِيّ، قال: سُئِلَ أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ عن
(a) ابن جميع الصيداوي: قشمر.
(b) في الأصل: صُنِّف، والإشارة إلى مسند الدراقطني كما عند الخطيب البغدادي (9: 367) وابن عساكر (17: 281).
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 281.
دَعْلَج بن أحْمَد، فقال: كانَ ثِقَةً مَأْمُونًا، وذَكَرَ له قِصَّةً في أمَانَتِه وفَضْلِهِ ونُبْلِهِ. أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحمّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ في كتابهِ، عن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَميِّ، قال: وسَألتُه -يعني: الدَّارَقُطْنِيّ- عن دَعْلَج بن أحْمَد، فقال: الثِّقَةُ المَأْمُونُ مُلَازمٌ (a) لأُصُوله وكُتُبه.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَميِّ، ح.
وأنْبَأنَا أبو القَاسِم القَاضِي، عن أبي مُحَمَّد السُّلَميِّ، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيْميِّ، قال: كَتَبَ إليَّ أبو ذَرّ عَبْدُ بن أحْمَد، وحَدَّثَني عَبْد الغَفَّار بن عَبْد الوَاحِد عنه، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عُمَر، وذَكَرَ حِكايَةً عن دَعْلَج، ثُمَّ قال: كان أبو مُحَمَّد قليل الهُزُؤ، سَمِعْتُ أنَّ مُعِزّ الدَّولةَ اسْتَرجَع من غُلَامهِ جَاشْتِكيْن (b)، وأَشْهَدَ عليه العُدُولَ وهو من وَرَاءِ السِّتْر فشَهِدُوا، فلمَّا شَهِدَ النَّاسُ قالُوا لدَعْلَج: اشْهَد، قال: أين المَشْهُود عليه؟ لعَلَّهُ مُقَيِّدٌ، لعَلَّهُ مُكْرهٌ! أَبْرزُوهُ لي حتَّى أرَاهُ وأشْهَد عليه (c)، وكان خَلْف السِّتْر، فقال مُعِزّ الدَّولَة: ما كان فيهم مُسْلِم غيره.
قال أبو ذَرّ: وسَمِعْتُ أنَّ أوَّل ما أخَذَهُ مُعِزُّ الدَّولَة من المَوَارِيْث مال دَعْلَج، خَلَّف ثَلاثمائة ألف مِثْقَال ذَهَب، فقال مُعِزُّ الدَّولةَ دَغرًا (d): ما أُريدُ. فقالُوا: إنَّهُ كَثِيْر، فأخَذَهُ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ
(2)
، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم الأزْهَريّ، عن أبي عُمَر
(a) في الأصل: ملازمًا
(b) ابن عساكر: جاشتبكين.
(c) قوله: "وأشهد عليه" ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.
(d) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر، ولعله بالذال: ذعرًا.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 17: 281.
(2)
تاريخ بغداد 9: 368.
مُحَمَّد بن العبَّاس بن حَيَّوْيَه، قال: أدْخَلنِي دَعْلَجُ إلى دَارِه، وأرَاني بِدَرًا من المالِ مُعبَّأةً في مَنْزِلِه، وقال لي: يا أبا عُمَر، خُذْ من هذه ما شِئْتَ، فشَكَرتُ له، وقُلتُ: أنا في كِفَايَةٍ وغَنَاءٍ (a) عنها، ولا حَاجَةَ لي فيها.
قال الخَطِيبُ
(1)
: وحَدَّثَني أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد (b) بن أحْمَد العُكْبَرِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين أحْمَدُ بن الحُسَين الوَاعِظ، قال: أُوْدِعَ أبو عَبْدِ الله بن أبي مُوسَى الهاشِميّ عَشرةَ آلاف دِيْنار ليَتِيْمٍ، فضَاقَتْ يَدهُ، وامْتَدَّت إليها، فأنْفَقَها، فلمَّا بَلغَ الغُلَامُ مَبْلغَ الرِّجال، أمرَ السُّلْطانُ بفَكِّ الحَجْر عنهُ، وتَسْليم مالِهِ إليه، وتُقُدِّم إلى ابن أبي مُوسى بحَمْل المالِ ليُسَلَّم إلى الغُلَام.
قال ابنُ أبي مُوسَى: فلمَّا تُقُدِّم إِليَّ بذلك، ضاقَتْ عليَّ الأرْض بما رَحُبَتْ، وتحيَّرتُ في أمْري؛ لا أعْلَمُ من أيِّ وجْهٍ أغرَمِ المالَ، فبَكَّرتُ من دَاري، ورَكِبتُ بَغْلَتي، وقَصَدْتُ الكَرْخ لا أعْلَمُ أينَ أتوجَّه، فانْتَهَتْ بي البَغْلة (c) إلى دَرْب السَّلُوليِّ، ووَقَفَتْ بي على باب مَسْجِد دَعْلَج بن أحْمَد، فثَنَيْتُ رِجْلي، ودَخَلْتُ المَسْجِدَ، وصَلَّيتُ خَلْفَهُ صَلَاة الفَجْر، فلمَّا سَلَّم انْفَتَل إليَّ، ورَحَّب بي، وقامَ وقُمْتُ معهُ، ودَخَلَ إلى دَاره، فلمَّا جَلَسْنا، جاءَتْهُ الجَارِيَةُ بمَائِدَةٍ لَطِيْفةٍ وعليها هرِيْسَةٌ، فقال: يَأكُل الشَّريفُ، فأكلتُ وأنا لا أُحَصِّل أمْري، فلمَّا رَأى تَقْصِيري، قال: أراكَ مُنْقَبضًا، فما الخَبَرُ؟ فقصَصْتُ عليه القِصَّةَ، وأنَّني (d) أنْفَقتُ المالَ، فقال: كُلْ فإنَّ حاجَتَكَ تُقْضَى، ثمّ أحْضَرِ حَلْوى فأكَلْنا، فلمَّا رُفِعَ الطَّعَام، وغَسَلنا أيْدِينا، قال: يا جَارِيَة، افْتَحي ذلك البابَ، فإذا خِزَانَة مَمْلوءةٌ زُبُلًا
(2)
مُجَلَّدةً، فأخْرَج إليَّ بعضَها، وفَتَحَها إلى أنْ أخْرَج النَّقْد الّذي كانت الدَّنَانِيْر منه، واسْتَدْعَى الغُلَامَ والتَّخْتَ
(a) تاريخ بغداد: وغنى.
(b) ساقطة من تاريخ الخطيب البغدادي.
(c) تاريخ بغداد: بغلتي، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.
(d) تاريخ بغداد: إنِّي.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 369 - 371، ونقله سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 342 - 344.
(2)
الزُّبُل: واحدتها: زبيل، وهي الوعاء أو الجراب. لسان العرب، مادة: زبل.
والطَّيَّار، فوَزَن عَشرة آلاف دِيْنار وبَدَّرها (a)، وقال: يأخُذُ الشَّريفُ هذه، فقُلتُ: يُثبتُها الشَّيْخُ عليَّ، فقال: أفْعَلُ، وقُمْتُ وقد كاد عَقْلي يَطِيرُ فَرَحًا، فرَكِبْتُ بَغْلتي وتَرَكتُ الكيسَ على القربُوسِ وغَطَّيْتُهُ بطَيْلَسَاني، وعُدْتُ إلى دَاري، وانْحَدَرتُ إلى دار السُّلْطان بقَلْبٍ قَوِيٍّ، وجنَانٍ ثَابِتٍ، فقُلتُ: ما أظُنُّ إلَّا أنَّهُ قد اسْتَشْعَرَ فيَّ أنِّي قد أكْلتُ مالَ اليَتِيْم واسْتَبْدَدْتُ بهِ، والمالَ فقد أخرجْتُه، فأحْضَرَ قاضِي القُضَاة والشُّهُود والنُّقَبَاءَ ووُلَاة العُهُود، وأُحْضر الغُلَامَ ففُكَّ حَجْرهُ، وسُلِّم المال إليه، وعَظُم الشُّكْرُ لي والثَّنَاء عليَّ.
فلمَّا عُدْتُ إلى مَنْزِلي، اسْتَدْعاني أحَدُ الأُمَرَاءِ من أوْلادِ الخَلِيفَة (b)، وكان عَظِيمَ الحالِ، فقال:[قد](c) رَغبْتُ في مُعَاملَتِكَ وتَضْمِينكَ أمْلَاكي ببَادُورَيَا ونَهْر المَلِك، فضَمِنتُ ذلك بما تقرَّرَ بيني وبينه من المالِ، وجاءتِ السَّنَة ووفَّيْتُهُ، وحَصَل في يَدي من الرّبْح ما له قَدْرٌ كَثِيْرٌ.
وكان ضَمَاني لهذه [الضّيَاع ثَلاث](d) سِنيْن، فلمَّا مَضَتْ حَسَبْتُ حِسَابي وقد تحصَّلَ في يدي ثَلاثُون أَلف دِيْنار، فعَزَلتُ عِوَضَ العَشرة آلاف دِيْنار الّتي أخَذْتُها من دَعْلَج، وحَمَلتُها إليه، وصَلَّيْتُ معه الغَدَاة، فلمَّا انْفَتَلَ من صَلَاتِه ورآني، نَهَضَ معي إلى دَاره، وقَدَّم المَائِدَة والهَرِيْسة، فأكَلْتُ بجأشٍ ثَابتٍ، وقَلْبٍ طَيِّبٍ، فلمَّا قَضَينا الأكْل، قال: خَبَرك وحَالَكَ؟ فقُلتُ: بفَضْلِ الله وبفَضْلِكَ قد أفدتُ بما فَعَلته معي ثَلاثين ألف دِيْنارٍ، وهذه منها (e) عَشرة آلاف عِوَض الدَّنَانِيْر الّتي أخَذْتُها منك، فقال: يا سُبْحَان الله، واللهِ ما خَرَجَت الدَّنَانِيْرُ عن يَدي ونَوَيْتُ أخْذَ عِوَضَها، حَلِّ بها الصِّبْيَان!
فقُلتُ لَهُ: أيُّها الشَّيْخ، أيْش أصْلُ هذا المال حتَّى تَهَبَ لي عَشرة آلاف دِيْنار؟
(a) الأصل: وبذرها، والمثبت من الخطيب البغدادي.
(b) تاريخ بغداد: الخلافة.
(c) إضافة من تاريخ بغداد.
(d) إضافة من تاريخ بغداد.
(e) ساقطة من تاريخ بغداد.
فقال: نَشَأتُ وحَفِظتُ القُرآنَ، وسَمِعْتُ الحَدِيْثَ، وكُنْتُ أتَبَزَّز
(1)
، فوَافَاني رَجُلٌ من تُجَّار البَحْر، فقال لي: أنتَ دَعْلَج بن أحمد؟ فقُلتُ: نعم، فقال: قد رَغبْتُ في تَسْليم مالي إليك للتِّجَارَةِ (a) لتَتَّجِرَ به، فما سهَّل الله من فَائِدَةٍ كانت بيننا، وما كان من جَائِحةٍ كانت في أصْلِ مالي، وسَلَّم إليَّ بارنامَجات
(2)
بألف ألف دِرْهَم، وقال لي: ابسُط يدَكَ، ولا تَعْلَم مَوضِعًا يَنْفُقُ فيهِ هذا المَتَاعُ إلَّا حَملَتَهُ إليه، واسْتَنْبِت (b) فيه الكُفَاةَ، ولَم يَزَل يَتَردَّدُ إليَّ سَنَةً بعدَ سَنَةٍ يَحْملُ إليَّ مثل هذا والبضَاعَةُ تَنْمَى، فلمَّا كان في آخِر سَنَةٍ اجْتَمَعنا فيها، قال لي: أنا كَثِيْرُ الأَسْفَار في البَحْر، فإنْ قَضَى اللهُ عليَّ بما قَضَاهُ على خَلْقهِ فهذا المالُ لك على أنْ تَصَّدَّقَ منه، وتَبْني المَسَاجِدَ، وتَفْعَلَ الخَيْر.
فأنا أفْعَلُ مثل هذا، وقد ثَمَّرَ اللهُ المالَ في يَدِي، فأسْألكَ أنْ تَطْوِي هذا الحَدِيْثَ أيَّامَ حَيَاتي.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر البَغْدَاديّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ
(3)
، قال: وحَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عليّ بن عَبْدِ الله الحَدَّاد، وكان من أهْلِ الدِّين والقُرْآن والصَّلَاح، عن شَيْخٍ سَمَّاهُ، فذَهَبَ عنِّي حِفْظُ اسْمِهِ، قال: حَضَرتُ يَوْم الجُمُعَة (c) مَسْجِد الجَامِع بمَدِينَة المَنْصُور، فرَأيتُ رَجُلًا بين يَديّ في الصَّفِّ، حَسَنَ الوَقَار، ظَاهِرَ الخشُوع، دَائِمَ الصَّلاةِ، لم يَزَل يَتَنفَّل مُذْ دَخَلَ المَسْجِدَ إلى قُرْب قيَام الصَّلاةِ، قال: ثمّ جَلَسَ، قال: فعَلَتْني هَيْبَتُهُ ودَخَلَ قَلْبي مَحَبَّتُهُ، ثمّ
(a) ساقطة من تاريخ بغداد.
(b) في الأصل مجودًا: واسْتَبَنْتَ، والمثبت من تاريخ بغداد.
(c) تاريخ بغداد: يوم جمعة.
_________
(1)
أي يعمل في تجارة البز وهي الأمتعة والثياب.
(2)
فارسية معربة، واحدتها: البرنامج، وهي الورقة الجامعة للحساب، أو زمام يرسم فيه متاع التجار وسلعهم. الزبيدي: تاج العروس، مادة: برنمج.
(3)
تاريخ بغداد 9: 368 - 369، ونقله عنه سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 341 - 342.
أُقِيْمَتْ الصَّلاةُ فلَم يُصَلِّ مع النَّاسِ الجُمُعَة، فكَبُرَ ذلك عليَّ من أمْره، وتَعَجَّبْتُ من حَالهِ، وغَاظَنِي فعْلُهُ.
فلمَّا قَضيْتُ الصَّلاةَ تَقَدَّمْتُ إليهِ، وقُلْتُ لهُ: أيُّها الرَّجُل، ما رَأيْتُ أعْجَبَ من أمْركَ! أطَلْتَ النَّافلَةَ وأحْسَنْتها، وتَرَكتَ الفَرِيْضَة وضَيَّعْتَها؟ فقال: يا هذا، إنَّ لي عُذرًا وبي علَّةٌ مَنَعتني من (a) الصَّلاةِ، قُلتُ: وما هي؟ قال: أنا رَجُلٌ عليَّ دَيْنٌ، اخْتفَيْتُ في مَنْزِلي مُدَّةً بسَبَبهِ، ثُمَّ حَضَرْتُ اليَوْم الجَامِع للصَّلَاةِ، فقَبْلَ أنْ تُقام الْتفَتُّ فرَأيْتُ صَاحِبي الّذي له عليَّ الدَّيْن، ورآني (b) فمن خَوْفه أحْدَثتُ في ثِيَابي! فهذا خَبَري، فأسْألك بالله (c) إلَّا سَتَرْتَ عليَّ وكَتَمتَ أمْري، قال: فقُلْتُ: ومَنْ الّذي له عليكَ الدَّيْن؟ قال: دَعْلَج بن أحْمَد، قال: وكان إلى جَانبِهِ صَاحِبٌ لدَعْلَج قد صَلَّى وهو لا يَعْرفُه، فسَمِعَ هذا القَوْل، فَمَضَى في الوَقْتِ إلى دَعْلَج فذَكَرَ له القِصَّةَ، فقال له دَعْلَجِ: امْضِ إلى الرَّجُل واحْمِلْهُ إلى الحَمَّام، واطْرَح عليه خِلْعةً من ثِيَابي، وأجلِسْهُ في مَنْزِلي حتَّى انْصَرفَ من الجَامِع، ففَعَل الرَّجُلُ ذلك، فلمَّا انْصَرَفَ دَعْلَجُ إلى مَنْزِلهِ، أمَرَ بالطَّعَام فأُحْضِر، وأكَلَ هو والرَّجُل، ثُمَّ أخْرَج حِسَابَهُ فنَظَر فيه، وإذا له عليه خَمْسَة آلاف دِرْهَم، فقال: له انْظُر لا يكون عليكَ في الحِسَاب غَلَط أو نُسِي لك نَقْده؟ فقال الرَّجُل: لا، فضَرَبَ دَعْلَج على حِسَابهِ، وكَتَبَ تحتَهُ عَلَامةَ الوَفَاء، ثُمَّ أحْضَرَ المِيْزَان ووَزن خَمْسَة آلاف دِرْهَم، وقال له: أمَّا الحِسَابُ الأوَّلُ فقد حَلَلْناكَ فيما بيننا وبينَك فيه، وأسْألُكَ أنْ تَقْبَل هذه الخَمْسَة آلاف دِرْهَم، وتَجْعَلَنا في حِلٍّ من الرَّوْعةِ الّتي دَخَلَت قَلْبَك برُؤيَتِكَ إيَّانا في مَسْجِد الجَامِع، أو كما قال
(1)
.
(a) تاريخ بغداد: عن.
(b) تاريخ بغداد: الذي له الدين عليَّ ورائي.
(c) الأصل: به.
_________
(1)
تقف ترجمة دعلج بن أحمد عند هذا القدر، وتتمتها -كما هى عادة المؤلف في استيفاء تاريخ وفاة المترجَم له- في الجزء بعده، وقد سقط أول الجزء الثامن فضاعت بقية الترجمة.