الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِه تَوفِيْقِي
[رَاجِح بن إسْمَاعِيْل بن أبي القَاسِم الأسَدِيُّ الحِلِّيّ الشَّاعِر، الأَمِير شَرف الدِّين، أبو الوَفَاء]
(1)
سَمِعْتُ رَاجحِ بن إسْمَاعِيْل الحِليِّ يُنْشد المَلِكَ الظَّاهِرَ قَصِيدَةً يَرْثِي بها الأَمِير أبا الحَسَن عليّ ابن الإمَام النَّاصِر لدين اللهِ أَمِيرِ المُؤْمنِيْن، وقد وَرَدَ الخَبَرُ إلى حَلَبَ بوفاته، وجَلَسَ السُّلْطان المَلِكُ الظَّاهِر للعَزَاء، فأنْشَدَه
(2)
: [من الكامل]
أَكَذَا يَهُدُّ الدَّهْرُ أطْوَادَ الهُدَى
…
ويَرُدُّ [بالنَّكبَات] شَارِدَةَ الرَّدَى
(1)
وقع في أول هذا الجزء سقط، يتضمن بقية ترجمة دعلج بن أحمد السجستاني، التي وقف في منتصفها آخر الجزء قبله، ثم تراجم حرف الذال-وفيها ترجمة ذي الكلاع التي أحال عليها ابن العديم في أحد المواضع من كتابه- ثم أول تراجم
حرف الراء
حتى منتصف هذه الترجمة، وقد أدرجنا اسم صاحبها بين حاصرتين لعدم وروده في الأصل. ويبدو أن المفقود من أول هذا الجزء هو ضياع قديم بإشارة السخاوي وهو يميّز الأجزاء التي كانت بين يدي صاحبه محمد بن محمد بن السابق الحموي (ت 778 هـ)، إذ يبتدئ الجزء من "أثناء" راجح بن إسماعيل. انظر: الإعلان بالتوبيخ 822.
وكانت وفاة شرف الدين الحلي سنة 627 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 268، وفيات الأعيان 4: 7 - 10، ابن واصل: مفرج الكروب 3: 243 - 248، فوات الوفيات 2: 7 - 15، الإعلام بوفيات الأعلام 259، تاريخ الإسلام 13: 835، العبر للذهبي 3: 199، الوافي بالوفيات 14: 53 - 58، الزركشي: عقود الجمان ورقة 114 أ - 116 أ، تاريخ ابن الفرات 5/ 1: 196 - 198، 204 - 207، النجوم الزاهرة 6: 275، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 566، شذرات الذهب 7: 217، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 437 - 440، الزركلي: الأعلام 3: 10، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6)57.
(2)
ديوان شرف الدين الحلي 348 - 350، وأصابت الرطوبة مواضع من الصفحة الأولى، فأفسدت بعض كلمات القصيدة، واسْتُدرك ذلك بالمدرج بين الحاصرتين عن الديوان.
[أكَذا] تَغِيْبُ النِّيِّرَاتُ ويَنْطَفي
…
ما كان من [أنْوَارها] مُتَوَقِّدَا
يا للرِّجَال لنَكْبَةٍ نَبَويَّةٍ طَوَتِ
…
العُلَى [قَلْبًا] عليها مُكْمَدَا
[ولخطَّةٍ شَنْعاء] لَاحَظها الهُدَى
…
دَامِي [الجفُوف] فغَضَّ طَرْفًا أرْمَدَا
[لو كُنتَ] بالشَّهْبَاءِ [يَوْم] تَوَاتَرت
…
أنْبَاؤُها (a) لرَأيتَ يَوْمًا أسْوَدَا
[يوم] تَزَاحَمَت المَلائِكَةُ العُلَي
…
[فيه فعزَّت] عن عَليٍّ أحْمَدَا
قَصَدَتْ أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ رزيَّةٌ
…
عادات وَقْع [سِهَامها] أن تَقْصِدَا
[هي ضَعْـ]ـضَعَتْ شُمَّ الجِبَال وأخْضَعَتْ
…
مَنْ لَمْ يكُن لمَذَلَّة مَتَعوِّدَا
[شَنَّت على] حرَم الخِلَافَة غَارَةً
…
شَعْواء غادَرتِ [الفَخَار] مُطَّرَدَا
فسقَتْ أبا حَسَنٍ ثَرَاك صَنائع
…
لك ليس تبرحُ [باديات عُوَّدا]
يا طُودُ زُلْتَ فزُلْزِلَتْ أرْض [رَجَت]
…
[حيْنًا بَعْدل منك] أنْ تَتَمَهَّدَا
يا لَيْثُ (b) مَن يُغْني غَنَاءَكَ والظُّبَا
…
تَبْكي دَمًا يا غَيْث مَنْ يَرْوي الصّدَا
يا وَحْشَةَ المِحْرَابِ منْكَ إذا دَجَى
…
غسَقُ الظَّلَام ولم يَجِدْ مُتَعبَّدَا
هذا كتابُ اللهِ لِم غَادرْتَهُ
…
من بَعْدِ إحْكَامِ الّذي فيهِ سُدَى
أسَفي لمُنْتَجع وعَافٍ معيلِ (c)
…
عَدِمَا سَحَابًا (d) منْكَ تَمْطُر عَسْجَدَا
تاللهِ ما ظَفِرَ الحِمَام بمثْلها
…
يَوْمًا ولَم يَمْدُد إلى أَحَدٍ يَدَا
يا دَهْرُ لَسْتَ وإنْ عُرفْتَ بعَبْدِه
…
في البَغْي أوَّلَ من طَغَى (e) وتَمَرَّدَا
أحْيَا بنِيْكَ وما عَدَاكَ تَعَطُّفٌ
…
منهُ ففيم عليه صَرْفكَ قد عَدَا
تَعْسًا لجَدِّك إذ كَفَفْتَ أنَامِلًا
…
يا طَالمَا وَكَفَتْ نَدَىً وَكَفَتْ رَدَى
قال فيها:
ما للإمَامةِ (f) أصْبَحَتْ مَفْجُوعةً
…
بأعزِّها حَسَبًا وأزْكَى مَحْتِدَا
(a) الديوان: أبناؤه.
(b) الديوان: يا ليت.
(c) الديوان: مُغَيَّل.
(d) الديوان: سجايا، وما هنا أوفق.
(e) الديوان: سطا.
(f) الديوان: للأماني.
وَرِث الخَلَائفُ عِلْمَ يَوْم مُصَابه
…
فلأجْله اتَّخَذُوا الشِّعَار الأسْوَدَا
منها:
يا خَابطَ البَيْدَاءِ يحمي نَوْمَهُ
…
أرَقٌ فيَرْمِي بالمَطيِّ الفَدْفَدَا
لا تَحْدُوَنَّ اليَعْمَلَات (a) وخَلِّها
…
تَسْرِي سيُغْنِيها الزَّفِيْر عن الحُدَا
ميْعَاد طَرْفكَ بالبُكَاء مَتَى بَدَا
…
عَلَمُ الحِجَاز ولَاح مُعْتليًا كُدَا
فهُنَاكَ صِحْ: يا آل هاشِم دَعْوَةً
…
تُذْكي غَلِيْلًا أسى وتُبكي جلدَا (b)
واقْر السَّلامَ على المَشَاعِر والصَّفَا
…
واحْبس هُنالك النَّعيِّ (c) مُرَدِّدا
واكْتُم عن الوَفْدِ الحلُولِ مُصَابَهُ
…
فالقَوْمُ صَرْعَى السّير من بُعْد المَدَا (d)
وَصِل (e) السُّرَى حتَّى تَحُلّ بيَثْرِبٍ
…
لَيْلًا فعَزِّ بهِ النَّبيِّ مُحَمَّدا
وقُلْ ابن عَمّكَ يَوْمُهُ أدْنَاهُ من
…
أجلٍ فكُن جار الجِنَان لهُ غَدَا
واعْدِلْ إلى العبَّاسِ عَمِّ المُصْطَفَى
…
إنْ أنت عَاينْتَ البَقِيْعَ الغَرْقَدَا
وصفِ المُصَابَ وقُلْ فُجعْت بدَوْحَةٍ
…
نَبَويَّةٍ كادَتْ تَطُول الفَرْقَدا
وتَرَكْت بالزَّوْرَاءِ أهْلَ قيامةٍ
…
كان النَّعِيْم عليهم قَدْ خُلِدَا
صَلَّى الإلَهُ على قُبور أئمَّةٍ
…
مُلِئت مع الحِلْم الشَّجَاعَة والنَّدَى
صَبْرًا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ فلَم تَزَل
…
في كُلِّ حَادِثَةٍ بصَبْرك يُقْتَدَى
إنَّ السَّماءَ تَكَادُ عندَ مُصَابكُم
…
تَهْوي وعِقْدُ الشُّهْب أنْ يَتَبدَّدَا
وامْنَح غِيَاثَ الدِّين صَبْرًا منكَ لو
…
أرْشَدْتَهُ يَوْمًا إليهِ لاهْتَدَى
فهو الضَّعِيْفُ إذا تُلمّ مُلمَّةٌ
…
بكُمُ وما زال القَوِيَّ تَجَلُّدَا
واسْلَم فلا سعَتِ اللَّيالِي بَعْدَهَا
…
أبدًا إليْكَ بما يُسَرُّ به العِدَا
(a) الديوان: اليعملان.
(b) الديوان: أسير يبكي جلمدا.
(c) الديوان: للنّعيّ.
(d) الديوان: الحدا.
(e) الديوان: واصِل.
أنْشَدَني الأَمِيرُ شَرَف الدِّين رَاجِح بن إسْمَاعيْل بن أبي القَاسِم الحِلّيِّ لنَفْسِه بحَرَّان في المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوب، وذَكَرَ لي أنَّهُ كان مَرضَ مَرْضَة عَظِيمَة، وكان هو أيضًا مَرِيْضًا، فلمَّا أبَلَّ المَلِكُ الأشْرَفُ من مَرَضِهِ عُوْفي الحِلِّيّ أيضًا، فأنْشَدَهُ مُهَنِّئًا
(1)
: [من البسيط]
هَاجَتْ فُنُونَ الهَوَى وَرْقَاءُ في فَنَن
…
ناهيكَ من شَجَر [أَثْـ]ـمَرن بالشَّجَنِ
نَاحَتْ وأفياؤُها خضْرٌ مَرَاتعُها
…
وإلْفُها عن فُروع البَان لَم يَبنِ
شَدَتْ فأصْغَيْتُ مُلْتذًّا بنَغمتها
…
جَهْلًا فماذا لقَلْبي هِجْتِ أُذُنِي
وَقَفْتُ ما بين مُلتفِّ الأرَاك وبي
…
من سَجْعها أنَّهُ النَّائي (a) عن الوَطَنِ
أَبْكي وتَبْكي (b) فلَوْلَا أنْ عَلَا نَفْسِي
…
فاسْتَيْقظ الرَّكْبُ لَم يُدْر الجَوَى بمَنِ
فبَعْدَها لا أُرى بالجِزْع ذا جَزع
…
على الدِّيَار ولا بالحَزْن ذا حَزَنِ
وأنْتَ يا حَامِل الخَطيّ مُعْتَرِضًا
…
لقَتْل عُشَّاقِهِ (c) خَفَّفْ عن البَدَنِ
صُلْ بالقَوَام ودَعْ ما أنْتَ حَاملُهُ
…
فأين من لَدنه فِعْلُ القَنَا اللُّدُنِ
يا مَنْ ثَنَتْهُ شَمُولٌ من شَمَائِلهِ
…
فاهْتَزَّ مثْل اهْتِزَاز الذَّابِل (d) اليَزَنِي
في فَتْرة الطَّرْف أَرْسَلْتَ العِذَارَ فما
…
هذا التَّثَنِّي الّذي يَدْعُو إلى الوَثَنِ
عَلمَتُ إذ قُمْتَ للعُشَّاق مُنْتَصِبًا
…
أَنْ سَوْفَ تَظْهَرُ فيها دَوْلَة الفتَنِ
سَلْ خَدّكَ الأحْمَر القَانِي أَيَشْعُرُ ما
…
شِعَارهُ فهو خَوْفَ الثَّأر (e) في جَنَنِ
مَنْ صَرَّف الخَمْر في عنقُود عَارضهِ
…
وأطْلَعَ البَدْر تَحْت اللَّيْل في غُصنِ
واسْتَبْقِ أسَرَاكَ من أهْلِ الغَرَامِ فقد
…
طاحَتْ نفوسُهُم نَهْبًا بلا ثَمَنِ
وهَات قُلْ لي أزَيْدُ الخَيْل في دَمِهِم
…
أفْنَاكَ بالفَتْكِ أم سَيْف بن ذِي يَزَنِ
(a) الديوان: الشاكي.
(b) الأصل: ونبكي.
(c) الديوان: عاشقة.
(d) الديوان: النابل.
(e) الديوان: سعاره فهو جوف النار.
_________
(1)
ديوان شرف الدين الحلي 731 - 733.
فَمِل إلى السِّلْم فالأيَّامُ خَاليةٌ
…
بصَفْو مُلْكِ بني أَيُّوبَ من إحَنِ
واشْرَبْ على بُرْءَ مُوسَى من مشَعْشَعَةٍ
…
مَشْمُولة عُتِّقَت في الدَّنِّ زَمَنِ
واطْرَبْ على الدَّوْلَةِ الغَرَّاء مُقْبلَةً
…
تَجُر ثَوْب (a) التَّهَاني مُعْلَمَ الرُّدُنِ
حَسْبُ الهُدَى بُرْءُ فَيَّاضِ النَّدَى كَلفٍ
…
بالمَكْرُمَاتِ نَقيّ العَرض من دَرَنِ
لاحَتْ بَوَارقُ بُشْرَاهُ فأطْرَبَني
…
ما خَلْفَها من عُمُوم العَارِضِ الهَتنِ
بُشْرَى عرفْتُ شَذَاهَا الشَّاذَوِي وقد
…
خفِيْتُ عن عَيْن عُوَّادِي فلَم تَرَني
جَاءَتْ ورُوْحِيَ قد راحَتْ تُقَسمُها
…
أيْدي الرَّدَى فأعَادَتْها إلى بَدَني
منها:
ما بَعْدَكُمْ يا بَني أَيُّوبَ مُنْتَجَعٌ
…
لطَالِبِ الرِّزْق يَسْتَعْدِي على الزَّمَنِ
وكَّلْتُمِ بالرَّعَايا عَيْنَ عَدْلكم فما
…
درَتْ بَعْدَكُم ما (b) لذَّةُ الوَسَنِ
تَلَاعَبَتْ بصُرُوف الدَّهْرِ سَطْوتُكم
…
تَلَاعُبَ الرِّيْح في الآذِيّ بالسُّفُنِ (c)
فالمُلْكُ بالشَّرْقِ مُمْتَدُّ الرِّوَاقِ إلى
…
فُسْطَاط مِصْر فأقْصَى (d) الهِنْد فاليَمَنِ
وقُل [المُفْتَخر](e) بالبَأْسِ من مُضَر
…
وبالسَّمَاحَةِ من قَيْسٍ ومن يَمَنِ
دَعُوا العُلَى أو فَعُدُّوا مثْلَ سُؤْدَدِهم
…
هذي المَنَاقِبُ لا قعْبَان من لَبَنِ (f)
ما كُلّ رَوْنق وَجْه تَحْتَه كَرَمٌ
…
هَيْهات قد يَنْبُتُ المَرْعَى على الدِّمَنِ
ما يَسْتَوي العوْدُ مُشْتَدًّا عَريْكتُه
…
وابنُ اللَّبُون إذا ما لُزَّ في قَرَنِ (g)
يا مَنْ يَطُوفُ بهِ وَفْدُ العُفَاةِ كما
…
طَافَ الحَجِيْجُ ببَيْت اللهِ والرُّكُنِ
أَجَرْتَني حين جَار الدَّهْرُ مُعْتَمدًا
…
جَبْري فكم مِنَحِ عوّضْتَ من (h) مِحَنِ
وجُدْتَ لي بالَّذي صرْتُ الغَنِيّ بهِ
…
وكُنْتُ أحْوَجَ من مَيْتٍ إلى كَفَنِ
(a) الديوان: ذيل.
(b) الديوان: حتى جفت وتناست.
(c) لم يرد هذا البيت في ديوانه.
(d) الديوان: وأرض.
(e) كلمة أفسدتها الرطوبة، والتعويض من الديوان.
(f) لم يرد البيت في ديوانه.
(g) لم يرد البيت في ديوانه.
(h) الديوان: عن.
أنْشَدَني رَاجِحِ بن إسْمَاعِيْل الحِلِّيّ لنَفْسِه بحَرَّان يَمْدَحُ المَلِك المُعَظَّم عِيْسَى ابن المَلِك العادِل، وأنْشَدَهُ إيَّاها بحَضْرَة أخيه المَلِك الأشْرَف مُوسَى، وكان قد جَرَتْ بينهما وَحْشَةٌ أوْجَبَتْ أنَّ المَلِكَ المُعَظَّم أغرَى خُوَارَزْم شَاه جَلَال الدِّين ببلَادِ أخْلَاط، وهي بلاد أخيه المَلِك الأشْرَف، وأوْجَبَ ذلك أنْ سارَ المَلِكُ الأشْرَف من الجَزِيْرَة إلى دِمَشْقَ واجْتَمَع بأخيهِ طَمَعًا في أنْ تَزُول الوَحْشَة بينهما، فاتَّفَقَ أنْ وَرَدَ الخَبَرُ إلى دِمَشْق بنُزُول خُوارَزْم شَاه على أخْلَاط مُحَاصِرًا لها، فأنْشَدَه هذه القَصِيدَة يُعَرِّضُ فيها بتَقْرِيعهِ على ما فَعَل، ويُحَذِّره عَاقبة الخِلَاف وذلك في سَنَة أرْبَعٍ وعشْرين وستِّمائة
(1)
: [من الطويل]
مَلَكْتَ كما شَاءَ الهَوَى فتَحكَّمِ
…
وإلَّا ففِيْمَ الهَجْرُ لي وإِلى كَمِ
أخَذْتَ تُوَرِّي عن دَمِي أوَ مَا
…
تَرَى بخَدَّيْكَ من أثَاره لَوْنَ عَنْدَمِ
ولو جحدَتْ عَيْنَاك قَتْلِي وأنْكَرَت
…
أقرَّ بهِ خَطُّ العَذَار المُنَمْنَمِ
أيَحْسُنُ أنْ تُمْسِي من الحُسْنِ مُثْرِيًا
…
وتَمْنَعُ من مَاعُوْنه فَقْرَ مُعْدِمِ
وفَوْقَ يَوَاقِيْت الشِّفَاهِ زَبَرْجَدٌ
…
نقَشْت به أفراد دُرٍّ مُنَظَّمِ (a)
فما لي إذا حَاوَلْتُ منْكَ الْتِفَاتةً
…
أحَلْتَ على تَمْويهِ طَيْفٍ مُسَلّمِ
وَهَبْني أرْضَى بالخيالِ وزُوره
…
فَمن لي إذْ تَجْفُو بجَفْنٍ مُهَوّمِ
وبي حُرَقٌ بين الجَوَانِح كُلَّما
…
خلَتْ منك عيْدَان الأراكِ بمَبْسمِ
تُحدّث عن [برد](b) الثَّنَايَا نَسِيْمُها
…
فيا طِيْبَ ما أَدَّاهُ عن ذلك الفَمِ
فظلَّتْ نَشَاوَى مُورقاتٍ غُصُونها
…
تثنَّى وباتَتْ وُرْقُها في تَرَنُّمِ
لي اللهُ من غُصْنٍ وَريقٍ ومَبْسِم
…
وريقٍ حَماه اللَّحْظُ عن وِرْد حوَّمِ
فيا شُغُلي بالفَارِغ القَلْب والحَشَا
…
أطلْتَ شَقَائي بالغَزَال المُنَعَّمِ
(a) لم يرد البيت في ديوانه.
(b) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت عن الديوان.
_________
(1)
ديوان شرف الدين الحلي 703 - 707.
وعيسٍ رَحلناها قِسيًّا فأرْقَلَتْ
…
إلى غَرض الآمَالِ منَّا بأسْهُمِ
تَظلُّ الثّنَايَا مُدْميَاتٍ نُحُورَها
…
فتَقْتَصُّ (a) أيديهنَّ من (b) أَنْفِ محرمِ
وزَنْجيُّ لَيْلٍ بَاتَ رُوِميُّ ثَلْجه
…
أغَرَّ يريْني منْهُ تَحْجِيْلَ أَدْهَمِ
تَدَرَّعْتُه لمَّا دَجَى فضَرَبتهُ (c)
…
إذا ضَرَبْتُه الرِّيحُ لَم أتلَثَّمِ
وفي شُعَب الأكْوَار أبناءُ مطْلَبٍ
…
شِعَارُهُم تَوْشيعُ شعرٍ مُنَمْنَم (d)
هَدَاهُم غُلَامٌ من خُزَيْمَةَ عَالِمٌ
…
مَلِيءٌ بأعْمَالِ المَطيّ (e) المُخَزَّمِ
جَنَبْنا المَذَاكي وامْتَطَينا إلى العُلَى
…
نَجَائبَ من نَسْلِ الجَدِيْل وشَدْقَمِ
فكم من هِلالٍ فَوْقَ بَدْرٍ تريكَهُ
…
إذا هي ألْقَتْ حَافِرًا فَوْق مَنْسِمِ
تَيَمَّمْنَ أرْضَ الغُوْطَتَيْن فلَم تمل
…
بنا العِيْسُ عن أبْوَاب عِيسَى المُعَظَّمِ
إلى شَرَف الدِّين انْبَرَت في بُرِينها
…
حَرَاجِيْجُ قد أُدْمَيْن كُلّ مُخَدَّمِ
إلى مَلِكٍ من دَوْحَةٍ شَاذويَّةٍ
…
تَفِيءُ (f) على وردٍ من الجُوْدِ مُفْعَمِ
إلى طَود حلم ثَابِت الهَضْب شَامِخٍ
…
إلى بَحْر عِلْم زَاخِر اللُّجِّ خضْرمِ
إلى مَنْ كأنَّ اللَّائِذِيْن بظِلِّهِ
…
من الأمْنِ ما بين الحَطِيْم وزَمْزَمِ
إلى مُخْبتٍ يُغْضِي حَيَاءً وسَمْعه (g)
…
يَصِيْخُ فيرضَى دَعْوَةَ المُتَظَلِّمِ
إلى كَعْبَةٍ تَدْعُو بحَيّ على الهُدَى (h)
…
وتُلْبِسُ أثْوَاب النَّدَى كُلّ مُحْرِمِ
تُريهِ وُجُوهَ الغَيْب مِرْآةُ فِكْرِه
…
فتُؤمنُه (i) من كُلّ ظَنٍّ مرجّمِ
ويَغْشَى غِمَار المَوْت في كُلِّ معْركٍ
…
يُرَاع لهُ قَلْب الخَمِيْس العَرَمْرَمِ
ويُطْربُه خَلْعُ النُّفُوس على القَنَا
…
إذا رَنَّحَتْ أعْطَافَها حُمْرَةُ الدَّمِ
له نَشْوَةٌ في الجُوْد ليسَت لحَاتِم
…
وشِنْشَنَةٌ في المَجْدِ لَيْسَتْ لأخْزَمِ
(a) الديوان: فتقبض.
(b) الديوان: عن.
(c) الأصل: وضريبة، والمثبت عن الديوان.
(d) الديوان: ترصيع شعر متمم.
(e) الديوان: بقطع الفيافي بالمطي.
(f) الديوان: تضيئ.
(g) الأصل: ودمعه والمثبت رواية الديوان.
(h) الديوان: تدعو الوفود إلى.
(i) الأصل: فنؤمنه، والمثبت من الديوان.
فيا مَنْ له يَوْم النّوالِ أنَامِلٌ
…
إليها الغُيُوث المُسْتَهلَّة تَنْتَمِي (a)
سَحَبْنَ النَّدَى في كُلِّ قُطْرٍ كأنَّما
…
أغَرْنَ على نَوْأَيْ سِمَاكِ ومرْزَمِ
أُعِيْذ عُلَاكُم أنْ يُبَاحَ لمُلْكِكم
…
حِمَىً وبكم غُرُّ المَمَالِكِ تَحْتَمِي
فسَفْحُ خلَاطٍ قَاسِيُون وتَرْكُها
…
تقلّد طوْق العَار جيْدَ المُقَطَّمِ
فَقْد أَنِفَ الجَفْنِيُّ من عَار لطْمَةٍ
…
فبَاع بعزّ الكُفْر ذلَّةَ مُسْلمِ
وجرَّ على عَبْسٍ وأَشْجَعَ حَتْفَها
…
مُغَار دُرَيْدٍ بعد طَعْنَةِ زَهْدَمِ
وصَبَّح في جَوِّ اليَمَامةِ حَاجِبٌ
…
بأَشْأم يَوْمٍ عَابسٍ حَيَّ أَشْأمِ
وما مَاتَ من نجَّى الضَّغَائن هُلْكُهُ
…
وأَبْقَى جَمِيل الذِّكْرِ كابن مُكَدَّمِ
أبَتْ لكُمُ آباءُ صدْقٍ نَمَتكُم (b)
…
تخيُّلَ ضغْنٍ يَقْتَضِي نَقْضَ مُبْرَمِ
فقد جرَّ قبح الغَدرِ مصْرَعَ مَالكٍ
…
فما ردَّه تَرْصِيْع شعر [مُتَمَّمِ](c)
نَصِيْحة عَبْدٍ عَاشَ في ظِلِّ مُلْكِكم
…
تُقَابلُه بالنُّجْحِ أوْجُهُ أَنْعُمِ
نَدَاكَ به نَادَى فجاءَ مُزَحَّمًا
…
وإنْ كان أصْلُ الوَضْع غيرَ مُرَخَّمِ
يعني أنَّ رَاجحِ إذا رَخَّمْتَهُ حذفْت الحَاء فصَارَ: رَاج.
فَدُونكها أحْلَى من الأمْنِ مَوْقعًا
…
وأطْيَبَ من شَوْقٍ (d) إلى قَلْب مُغْرَمِ
إذا حَدَّثَتْ أبْيَاتُها عن عُلَاكُم
…
غَدَتْ أُمَّ أوْفَى دمنَةً لَم تكَلَّمِ
قال رَاجِح: فسُرَّ المَلِك الأشْرَف بهذه، وحَنِقَ عليَّ المَلِكُ المُعَظَّم بسَبَبها، فلمَّا خَرَجنا من المَجْلِسِ، اسْتَدْعاني المَلِكُ الأشْرَفُ، وقال لي: والله شفيْتَ قَلْبي في هذا اليَوْم، وأمَّا المَلِكُ المُعَظَّم فإنَّهُ أسَرَّ ذلك في نَفْسِه حتَّى خَرَجَ المَلِك الأشْرَف من دِمَشْق وخَرَجْتُ عَقِيْبَ خُرُوجهِ، فقَبَضَ على أخي، وجَعَل حُجَّةً وحَبَسَهُ، فبَقي في السِّجْن سَنَة.
(a) لم يرد البيت في ديوانه.
(b) الديوان: نموكم.
(c) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت من الديوان.
(d) الديوان: وصل.
أخْبَرَني بعضُ الأصْدِقَاء أنَّ رَاجِح الحِلِّيّ تُوفِّي بدِمَشْق في يَوْم الخَمِيْس الخَامِس والعشْرين من شَعْبان سَنَة سَبْعٍ وعشْرين وستِّمائة.
وأنْبَأنَا الحافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ
(1)
، قال: وفي لَيْلَةِ السَّابِع والعشرين من شَعْبان -يعني من سَنَة سَبْعٍ وعشرين وستِّمائة- تُوفِّي الشَّيْخُ الأدِيْبُ أبو الوَفَاء رَاجِحُ بن إسْمَاعِيْل بن أبي القَاسِم الأسَدِيُّ الحِلِّيُّ الشَّاعرُ المَنْعُوتُ بالشَّرَف، بدِمَشْق، مَدَحَ جَمَاعَةً من المُلُوك وغيرهم بمِصْر والشَّام والجَزِيْرَة، وحَدَّثَ بشيءٍ من شِعْره بحَلَب وحَرَّان وغيرهما.
رَاجِح بن الحُسَين -وقيل: الحَسَن- ابن عَتَّاب بن عَتَّاب، أبو الحَسَنِ النَّشَائيُّ
مَنْسُوبٌ إلى النَّشَاءَ المَعْمُول من الحِنْطَة.
حَدَّثَ بحَلَب عن مُحَمَّد بن خَلَف بن صالح التَّيْمِيّ، ومُحَمَّد بن كَثِيْر البَصْرِيّ. رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن صالح السَّبِيْعيِّ، وأبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الطُّوْسيّ.
أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحمّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، والشَّيْخ أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيُّ، وابنُه القَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد ابن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِىِّ الحَلَبِيُّونَ بها، قالُوا: أخْبَرَنا أبو سَالِم أحْمَد بنُ عَبْدِ القَاهِر بن المَوْصُول الحَلَبيِّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبيِّ بها، قال: حَدَّثَني أبو الفَتْح عَبْدُ اللهِ بن إسْمَاعِيْل بن الجِلِّيّ الحَلَبيِّ بها، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو عُبَيْدِ
(1)
التكملة لوفيات النقلة 3: 268.
الله عَبدُ الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْرٍ العَابِد الحَلَبيِّ بها، قال: أخْبَرنا مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن صَالحِ السَّبِيْعيّ الحَلَبيِّ بها، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الرّاجِح بن الحُسَين بن عَتَّاب بن عَتَّاب النَّشَائيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن خَلَف بن صالح التَّيْمِيّ بكُنَاسَة الكُوفَة، قال: حَدَّثَني سُليْمان الأَعْمَشُ، قال: بَعَثَ إليَّ أبو جَعْفَر المَنْصُور في اللَّيْل، فقُلْتُ في نَفْسِي: ما وَجَّه إليَّ في هذا الوَقْت إلَّا وهو يُريدُ أنْ يَسْألني عن فَضَائِل عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، وذَكَرَ الحَدِيْثَ، وقال فيه عن المَنْصُور، قال: حَدَّثَني أبي، عن جدِّي
(1)
، قال: كُنَّا جُلُوسًا عند رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أقبلَتْ فاطِمَةُ باكيةً، فقال لها رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ما يُبْكِيْك يا بُنَيَّة؟ قالت: يا رَسُول اللهِ، عَيَّرْنني نِسَاءُ قُرَيْشٍ وزَعَمن أنَّكَ زَوَّجْتَنِي مُعْدَمًا لا مال لهُ، فقال لها رسُول اللهِ: والّذي بَعَثني بالحَقِّ نَبِيًّا، يا بُنَيَّة، ما زَوَّجْتُك حتَّى زَوَّجَكِ اللهُ من فَوْق عَرْشِهِ، وأشْهَدَ على ذلك جِبْرِيل ومِيْكائِيل.
رَاجِح بن أبي بَكْر بن إبْراهيم بن مُحَمَّد، أبو الوَفَاء العَبْدَرِيُّ القُرَشِيُّ المَيُّورْقِيُّ
(2)
شَيْخٌ حَسَن صَالِحٌ من أهْل مَيُّورْقَة، قَدِمَ الشَّامَ ونَزَل حَمَاة، فاتَّفَقَ يَوْمًا أنْ رَأى صَاحِبها المَلِكَ المُظَفَّر مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عُمَر بن شَاهَانْشَاه بن أَيُّوب وهو يَشْرب في مَرْكَب في العَاصِي، فنادَاهُ: أمَّا تَخَاف من اللهِ؟ فنَزَلَ إليه وضَرَبَهُ وهو سَكْران ضَرْبًا مُبَرِّحًا، فلمَّا أفَاق نَدِم على ذلك واعْتَذَر.
(1)
لم أهتد لتخريجه.
(2)
توفي سنة 643 هـ، وترجمته في: التكملة لابن الأبار 1: 262 وفيه: "من أهل منرقة؛ بالنون"، الحسيني: صلة التكملة لوفيات النقلة 1: 152 وزاد فيه: "ابن منجال"، تاريخ الإسلام 14: 440 - 441 وفيه: "أبو محمد ابن منجال المنورقي"، ونصّ على أنها بالنون.
وخَرَج رَاجِح من حَمَاة، وقَدِمَ علينا حَلَب وأقام بها مُدَّةً، وتأهَّل بها، وصَار له بها حُرْمَةٌ وَافِرةٌ، ورُتِّبَ شَيْخًا في الخاَنقَاه الّتي وَقَفَها قاضِي القُضَاةِ أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم.
ثمّ إنَّهُ رُتِّب بعد ذلك شَيْخًا في خَانقَاه ابن المُقَدَّم بحَلَب، ثمّ عُزِلَ عنها، ورُتِّبَ له مَعْلُوم على مَصَالِح المُسْلمِيْن إلى أنْ كَسَرَ التَّتَار مَلِكَ الرُّوم غِيَاثَ الدِّين فخَاف من التَّتَار، وخَرَجَ من حَلَب في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وستِّمائة، وتَوَجَّه إلى الدِّيَارِ المِصْرِيَّة، ورَافَقْتُهُ من دِمَشْق إلى مِصْر، وكُنْتُ إذ ذاكَ قد سُيِّرت رَسُولًا إلى مِصْر، فَحدَّثَني ببَيْسَان بشيءٍ من الحَدِيْث عن أبي زَكَريَّاء يَحْيَى بن عليّ بن مُوسَى المَغِيْليّ بعد مُشَاهدة سَمَاعِهِ عليه بمُوَطَّأ يَحْيَى بن يَحْيَى، وأخْبرَني أنَّهُ سَمِعَ من مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُبَيْر.
وسَألتُهُ عن مَوْلدِه فقال: بمَيُّورْقَة في سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين في آخرها أو أوَائِل سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ولَم يَبْقَ صَاحِب حَمَاة الملك المُظَفَّر بعد ضَرْبه إلَّا مُدَّة يَسِيْرة، وفُلجَ وبَطلت حَرَكته، ودَام مَفْلُوجًا إلى أنْ ماتَ.
أخْبَرَنا مُخْلص الدِّين أبو الوَفَاء رَاجِح بن أبي بَكْر بن إبْراهيم بن مُحَمَّد العَبْدَرِيّ القُرَشِيّ المَيُّورقِيَّ بَبيْسَان، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عليّ بن مُوسَى المَغِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عليّ القَيْسِيّ عُرفَ بابن الرِّمَامَةِ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَحْرٍ سُفْيان بن العَاصِي الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَر يُوسُفُ بن عَبْد البَرّ
(1)
، قال: حَدَّثَني أبو عُثْمان سَعِيْد بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا قَاسِم بن أصْبَغ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وَضَّاح، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى، عن مالكٍ. قال أبو عُمَر ابن عَبْد البَرّ: وحَدَّثَني أبو الفَضْلِ أحْمَد بن قَاسِم بن عبدِ الرَّحْمن التَّاهَرْتيُّ البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ المَلِك مُحَمَّد بنُ عَبْدِ الله بن أبي دُلَيْم، عن أبي الحَرَم وَهْب بن مَيْسَرة،
(1)
التمهيد لابن عبد البر 4: 239، 23: 385 - 395.
قال: حَدَّثَنَا ابن وَضَّاح، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، عن مالك، عن يَحْيَى بن سَعيدٍ، عن عَمْرَة بنت عبدِ الرَّحْمن، عن عائِشَة زَوْج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت
(1)
: إنْ كانَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّي الصُّبْحَ فيَنْصَرفُ النِّسَاءُ مُتَلفِّفاتٍ بمُرُوطِهنَّ ما يُعْرَفْنَ من الغَلَسِ.
تُوفِّي الشَّيْخ رَاجِح بن أبي بَكْر المَيُّورْقِيّ في شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وستِّمائة بمَكَّة، شَرَّفَها اللهُ، ودُفِنَ بالمَعْلَا [ة]؛ أخْبَرَني بذلك عَبْد المُؤْمِن بن خَلَف الدِّمْياطِيّ.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَاشِد
رَاشِدُ بن سَعْد المُقْرَائيُّ (a)، ويُقال: الحُبْرَانيّ الحْمِصِيُّ
(2)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وحَدَّثَ عنهُ وعن ثَوْبَان مَوْلَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي أُمَامَة البَاهِلِيّ، وعَمْرو بن العَاص، وأبي
(a) مهملة في الأصل، ويأتي فيما بعد بالنون: المقراني، وأنها نسبة إلى بطن من حمير، والذي عليه مصادر ترجمته التالية: المقرائي، بالضم -كما جوّده المؤلف والذهبي في المشتبه في الرجال 609 - وقيل بالفتح، نسبة إلى مقرى، قرية بدمشق.
_________
(1)
صحيح مسلم 1: 446 (رقم 232)، وفيه:"متلفعات"، الجامع الكبير للترمذي 1: 200 (رقم 153)، وانظر: المسند الجامع 19: 396 (رقم 16211).
(2)
توفي سنة 108 هـ، وقيل سنة 113 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 456، 457، طبقات خليفة 310، تاريخ البخاري الكبير 3: 292، العجلي: تاريخ الثقات 151، المعرفة والتاريخ 2: 332، الجرح والتعديل 3: 483، الثقات لابن حبان 4: 233، مشاهير علماء الأمصار 183، حلية الأولياء 6: 117 - 119، الإكمال لابن ماكولا 7: 319 - 320 (وفيه: المُقرءي)، تاريخ ابن عساكر 17: 450 - 455، تهذيب الكمال 9: 8 - 11، تاريخ الإسلام 3: 43، 232 - 233، الإعلام بوفيات الأعلام 57 (وفاته 108 هـ)، سير أعلام النبلاء 4: 490 - 491، المشتبه في الرجال 610 (وفيه: المقرئي)، الكاشف 1: 299، ميزان الاعتدال 2: 35، تهذيب التهذيب 3: 225 - 226، تقريب التهذيب 1: 240، الوافي بالوفيات 14: 62، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 292 - 293.
الدَّرْدَاء، ويَعْلَى بن مُرَّة، وعبد الله بن بُسْر المَازِنِيّ، والمِقْدَام بن مَعْد يكَرِب، وعبد الله بن نُجَيّ الهَمْدانِيّ، وعُتْبَة بن عَبْد السُّلَميِّ، وعَبْد الرَّحمن بن عَائِذ الثُّمَاليِّ، وجَبَلَة بن الأزْرَق، وعَبْد الرَّحمن بن قَتَادَة، وحَمْزَة بن عَبْدِ كُلَال.
رَوَى عنهُ حَرِيْز بن عُثْمان الرَّحَبيِّ، وثَوْر بن يَزِيد الكَلاعيِّ، ومُحَمَّد بن الوَلِيد الزُّبَيْدِيّ، ومُعاوِيَة بن صالح الحَضْرَميِّ، وأبو ضَمْرَة مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي ضَمْرَة السُّلَميِّ، وبُكَيْر بن عَبْد الله بن أبي مَرْيَم.
والمُقْرَائيّ (a): مَنْسُوبٌ إلى بَطْنٍ بن حِمْيَر، وكذلك الحُبْرَانيّ أيضًا. أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء الطُّرَيْثِيثيِّ، وأبو سَعْد مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن خُشَيْش، ح.
وأخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيِم بن عُثْمان بن يُوسُف الكَاشْغَرِيّ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن صالح الكَاغَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن الحُسَين، ح.
قال أبو إسْحاق الكَاشْغَرِيّ: وأخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقى بن سَلْمَان المَعْرُوف بابنِ البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو رَوْح الرَّبِيْع الحْمِصِيّ مُحَمَّد بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيديّ، عن رَاشِد بن سَعْد المُقْرَائيّ، عن أبي عَامِر الهَوْزَنِيّ، عن أبي كَبْشَة الأَنْمَارِيّ أنَّهُ أتى رَجُلًا
(a) الأصل: المقراني، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
لم أقف عليه في المتبقي من كتابه المعرفة والتاريخ.
فقال له
(1)
: أطْرِقْني من فَرَسك فإنِّي سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ أطْرَقَ مُسْلمًا فعَقب لهُ الفَرَس كان له كأجْر ستِّين فَرَسًا يُحْمل عليها في سَبِيْل الله عز وجل، فإنْ لَم تعقب كان له كأجْر فَرَس [يُحمل](a) عليها في سَبِيْل الله عز وجل.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بنُ الحُسَين الأنْصَاريّ إذْنًا، عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجْليِّ، قال: حَدَّثَني أبي
(2)
، قال: رَاشِد بن سَعْدٍ شَاميٌّ ثِقَةٌ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بنُ نَاصِر السَّلَاميِّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحسُين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عُمَر بن أحْمَد الفَقِيهُ البَرْمَكِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الدَّقَّاق، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن عِيسَى الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن هَانِئ الطَّائيّ الأَثْرَمُ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يَقُول: رَاشِدُ بن سَعْدٍ لا بَأْسَ بهِ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان إذْنًا، قال: أنْبَأنَا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(3)
، قال:
(a) إضافة من معجم الطبراني.
_________
(1)
المعجم الكبير للطبراني 22: 341 (رقم 853).
(2)
العجلي: تاريخ الثقات 151، وفيه:"شامي تابعي ثقة".
(3)
الجرح والتعديل 3: 483.
رَاشِد بن سَعْد المُقْرَائيِّ، رَوَى عن ثَوْبَان، وأبِي أُمَامَة، ويَعْلَى بن مُرَّة، وجَبَلَة بن الأزْرَق، ومُعاوِيَة. رَوَى عنهُ ثَوْر بن يَزِيد، وحَرِيْز بن عُثْمان، ومُعاوِيَة بن صالِح، ومُحَمَّد بن سُلَيمان أبو ضَمْرَة، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. سُئِلَ أبي عنه فقال: ثِقَةٌ.
وقال ابنُ أبىِ حَاتِم
(1)
: حَدَّثَنَا صالح بنُ أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المَدِيْنيّ، قال: قُلْتُ ليَحْيَى القَطَّان: تَرْوي عن رَاشِد بن سَعْد؟ قال: ما شَأنه؟! هو أَحبّ إليَّ من مَكْحُول.
وقال ابنُ أبي حَاتِم: أخْبَرَنا يَعْقُوب بن إسْحاق الهَرَويّ في كتابهِ إليَّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمانُ بن سَعيد الدَّارِمِيّ
(2)
، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن رَاشِد بن سَعْدٍ، فقال: ثِقَةٌ.
ذَكَرَ الحافِظُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر الجِعَابِيّ في كتاب الإخْوَة الّذين رُوِيَ عنهم الحَدِيْث: رَاشِد بن سَعْد الحِمْصِيّ، وأخُوه هو خَالِدُ بن سَعْدٍ. وقال: حَدَّثَني إسْحاقُ بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عَبْد الحَميْد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَعْقُوب الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بنُ عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قال: حَدَّثَني صَفْوَان، عن رَاشِدِ بن سَعْدٍ، قال: سَألني طَاوُوس: من أين أنتَ؟ فأخْبَرتُهُ فبَسَطَ إليَّ يَدَهُ وقال: رَاشِد الحِمْصِيّ؟ قُلتُ: نعم، قال: إنَّ هذا لوَجْهٌ كُنْتُ أتمنَّى -أو قال: أشْتَهِي- أرَاهُ.
وقال أبو بَكْر الجِعَابيِّ: حَدَّثَنَي أحْمَد بن مُوسَى بن عِمْران الدُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفِيْريَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي السَّرِيّ، قال: حَدَّثَنا [
…
] (a)، قال: حَدَّثَنَا حَرِيْز بن عُثْمان، عن رَاشِد بن سَعْد أنَّهُ حضَرَ يَوْم صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ وكان يُجِيزُ على الجَرْحَى.
(a) ما بين الحاصرتين كلمة أفسدتها الرطوبة.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 483.
(2)
تاريخ الدارمي 110.
وقال: حَدَّثَني إسْحاقُ بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن عَبْد الحَميْد، قال: حَدَّثَنَا ابنُ مُصَفَّي، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عن صَفْوَان، قال: شَهِدَ رَاشِدُ بن سَعْدٍ صَفِّيْن وذَهَبَتْ عيْنُهُ فيها (a).
أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الحَرْبيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة ثلاث عَشْرة ومائة رَاشِد بن سَعْد المُقْرَائيّ -بَطْن من حِمْيَر- يعني: ماتَ.
رَاشِد
غير مَنْسُوب، غُلَامٌ كان لعَمَّار بن يَاسِر، لهُ ذِكْرٌ، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عَمَّار رضي الله عنه.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود المَحْمُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن السُّدِّيّ، عن ابن حُرَيْث، قال: أقْبَل غُلَامٌ لعَمَّار بن يَاسِر يَوْمئذٍ، اسْمُه رَاشِد، وهو يَحْمْل شَربةً من لَبن ليَسْقي عَمَّارًا، فقال عَمَّار: أمَا إنِّي سَمِعْتُ خَلِيلي رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّ آخر زَادكَ من الدُّنْيا شَرْبة من لبنٍ، ثُمَّ شَرِب.
(a) بعده في الأصل بياض يشغل نصف الصفحة التالية.
_________
(1)
وقعة صفين 342.
رَاغِب الخَادِم
(1)
مَوْلَى المُوَفَّق أبي أحْمَد بن جَعْفَر المُتَوَكِّل.
كان قَائِدًا مَعْرُوفًا جَلِيْلًا، وكان فَاضِلًا، فَصِيحًا، حَسَن المُجَالسة، وله مال وَافِر، وغِلْمَان مُتَوافرُونَ، ولمَّا مَاتَ مَوْلاه انْتَقَل إلى ثَغْر طَرَسُوس وأقام بها، وابْتَنى بها دُورًا ومَسَاكن له ولمَوَالِيه، وكان حين وصَلَ إلى حَلَب سَيَّر مالَهُ وثَقَلهُ إلى طَرَسُوس، وتَوَجَّه إلى خُمَارَويْه بن أحْمَد بن طُوْلُون فأقامَ عنده مُدَّة، وفَرح أهْلُ الثَّغْر بكَثْرة غِلْمَانه ومقامه بهم عنده، وتوهَّم أهْل طَرَسُوس أنَّ خُمَارَوَيْه قَبَض عليه، فعَمَدُوا إلى وَالي طَرَسُوس، وهو ابنُ عَمّ خُمَارَوَيْه، فقَبَضُوا عليهِ، ونَهَبُوه وسَجَنُوه إلى أنْ [أطْلَق](a) لهم رَاغِب، وهَمَّ خُمَارَوَيْه بعد ذلك بالقَبْضِ عليه فعَصَمهُ الله منه، وكان له ولمَوَالِيه نِكَايَة في العَدُوِّ، وآثارٌ حَسَنةٌ في الجِهَادِ.
وقيل: إنَّهُ لمَّا وَصَلَ حَلَب اجْتَمَع بطُغْج بن جُفّ لِمَا لقيه بحَلَب، ووَعَدَهُ بأشْيَاء عن خُمَارَوَيْه، فصَعدَ إلى مِصْر في سَنة تِسْعٍ وسِتِّين ومَائتَينْ، ورَدَّ رَاغِب خَادِمَهُ مَكْنُون مع سَائِر أمْوَاله وسِلَاحهِ إلى طَرَسُوس، ومَضَى إلى خُمَارَوَيْه إلى مِصْر في خَمْسَة (b) غِلْمَان، وكَتَبَ طُغْج إلى مُحَمَّد بن مُوِسَى الأعْرَج بالقَبْضِ على مَكْنُوِن وما معَهُ، ففَعَلَ، ووَثَب عليه أهْل طَرَسُوس ومَنعُوه من ذلك، وكَتَبُوا إلى خُمَارَوَيْه وقالُوا: اطْلِق لنا رَاغِبًا حتَّى نُطْلِق الأعْرَج، وأنْفَذَ معَهُ أحْمَدَ بن طُغَان
(a) مطموسة في الأصل، والمثبت على التقريب.
(b) الأصل: خمس.
_________
(1)
توفي سنة 286 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 9: 337، 10: 28 - 29، 51 - 53، 68، المسعودي: مروج الذهب 5: 228، ابن الأثير: الكامل 7: 450، 484 - 486، 491، 496، ابن العبري: تاريخ الزمان 49، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 66 - 67، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 656، ابن خلدون: العبر 6: 139 - 140، 184، 188، 8: 37 - 38، 40.
وَاليًا على الثُّغُور، وعَزَلَ عنهم الأعْرَج. ذَكَرَ ذلك ابنُ أبي الأزْهَر والقُطْرُبُّلِيّ في تَارِيْخهِما الّذي اجْتَمَعا على تأليْفه.
وذَكَرَ أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إبْرَاهيم بن زُوْلَاق فيما قَرأتُه في سِيْرَة أبي الجَيْشِ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون
(1)
، قال: وفي هذه السَّنَة في صَفَر منها -يعني سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن- ماتَ أبو أحْمَد المُوَفَّق، وعُقِدَ العَهْد لابنه أبي العبَّاس، وكان للمُوَفَّق غُلَام خَادِم من جِلَّةِ غِلْمَانه يُعْرَفُ بَراغِب، فلمَّا مَاتَ مَوْلاهُ أحْزَنه مَوْتُه، فأحبَّ أنْ يَسْكُن طَرَسُوس، فاسْتَأذن في ذلك، فأُذِنَ له، فَخَرجَ قَاصِدًا يُريد الثَّغْر، وكان خُمَارَوَيْه يَوْمئذٍ بدِمَشْق، فلمَّا بَلَغَ رَاغِب إلى حَلَبَ، وهمَّ بالدُّخُول إل طَرَسُوس قيلِ له: طَرَسُوس من عَمَل أبي الجَيْش، وهو بالقُرْبِ منك، فلو صرْت إليهِ زَائِرًا وقَضَيْتَ حَقّهُ، وعَرَّفتَهُ ما عزمْتَ عليه من المقام بالثَّغْر ما ضرَّك ذلك، وكان أجَلَّ لمَحلِّك، وأقْوَى لك على ما تُريدُه، فبَعَثَ بثَقَله وجميع ما كان معه معِ غُلَام له يُعْرَفُ بمَكْنُون وأمَرَهُ أنْ يتقدَّمَهُ إلى طَرَسُوس، ورحَلِ هو مُخفًّا إلى دِمَشْق، فلقي أبا الجَيْش، فأحْسَن أبو الجَيْش تَلقِّيه، وسُرَّ بنَظره، ووَصَلَهُ وأحْسَن إليه، وكان يُكثر عنده ويُحَادثهُ، وكانت لرَاغِب عَارِضَةٌ وبَيَان وحُسْن عِبَارَة، وكان قد رَأى الخُلَفَاءَ، وعَرِفَ كَثِيْرًا من أخْبَارهم، فكان يَصِلُ مَجْلسَهُ بشيءٍ من أخْبَارهِم وسِيَرهمِ، فأَنِسَ به خُمَارَوَيْه، وكان يَسْتَريح إلى حَدِيثهِ ومُذْاكرته، فلمَّا رَأى رَاغِبُ ما يَخُصُّه بهِ خُمَارَوَيْه من التَّكْرِمَة والأُنْسِ بهِ والاسْتِدْعَاء إذا تأخَّر اسْتَحْيَا أَنْ يَذْكُر له الخُرُوج إلى طَرَسُوس.
فلمَّا طَالَ مقامه بدِمَشْق، ظَنَّ مَكْنُون غُلَامه أنَّ أبا الجَيْشِ قد قَبَضَ عليه ومَنَعَهُ من الخُرُوج إلى الثَّغْر، فأذَاعَ ما ظَنَّهُ عند المُطَّوِّعَة وشَكَاهُ إليهم، وأكْثَرُ
(1)
لم يذكر ابن الساعي هذا الكتاب ضمن مؤلفات ابن زولاق، وهو كتاب مفقود. الدر الثمين في أسماء المصنفين 317 - 318.
هؤلاءِ المُطَّوِّعَة من أهْلِ الجَبَل وخُرَاسَان، معهم (a) غِلَظ الأعْجَميَّةِ، وسُوء أدَبِ الصُّوْفيَّة، فأحْفَظَهم هذا القَوْل وظَنُّوه حَقًّا، فقالُوا: تَعْمد إلى رَجُلٍ قد خَرَجَ إلى سَبِيْل الله مُحْتَسِبًا نَفْسَهُ لله عز وجل؛ وفي مقَام مثْلهِ في الثَّغْر قُوَّة للمُسْلِمين، وكَبْتٌ لأعْدَائهمِ من الكَافِرين، فتَقْبض عليه وتَمْنَعُه من ذلك جُرَأة على الله، ولَفَّفُوا وتَجَمَّعُوا ومشَى بعضُهم إلى بعضٍ، وأقْبَلُوا إلى وَاليهم، وهو ابنُ عَمِّ خُمَارَوَيْه، فشَغَبُوا عليه، فأدْخَلَهُم إليهِ ليُسَكِّن منهم، [ويُجيبهم لِمَا](b) يُحبُّون، فقَبَضُوا عليه وقالُوا: لا تَزَال في اعْتِقَالنا أو يُطْلقِ [خُمَارَوَيه](c) صَاحِبَنا، فإنْ قَتَلَهُ قَتَلْناك به، وتَسَرَّعَ سِفَلُهُم إلى دَاره فنُهِبَت وهُتكت حَريمُهُ، ولحَقَهُ كل ما يَكْره، وجَاءتِ الكُتُب إلى أبي الجَيْشِ بذلك، فأحْضَرَ رَاغِبًا وأقْرَأهُ الكُتُبَ، وقال له: واللَّهِ ما مَنَعناكَ ولا حَظَرْنا عليك الخُرُوج، ولقد سُرِرنا بقُرْبك وما أَوْلَيْتَ وأوليْناكَ إلَّا جَمِيْلًا، وقد جَنَى علينا سُوء ظَنِّ غُلَامكَ ما لَم نَجْنهِ، فإذا شئْتَ فارْحَل مُصَاحبًا، وقُلْ لأهْلِ طَرَسُوس: يا جَهَلَة، ما يَوْمنا فيم بواحدٍ؛ تَتَسَرَّعُونَ إلى ما نَكْره مَرَّةً بعد أُخْرى، ونُغْضِي عنكم، ويَحْكم (d) الله عز وجل، ولولا المُحَافَظة على ثَغْرِ المُسْلمِيْن وعِزّ الإسْلَام لا خَشْيَةً منكم ولا من كَثْرتِكُم، وإلى الله الشَّكْوَى، ولولا الخَوْفُ من غَضَبه عز وجل، لجَازَيْناكُم على أفْعَالكُم.
فوَدَّعَهُ رَاغِب، ورَحَلِ إلى طَرَسُوس، فلمَّا صَحَّ عند أهْل طَرَسُوس خَبَر رَاغِب أطْلَقُوا عن مُحَمَّد بن مُوسَى بن طُوْلُون، فلمَّا أُطْلقِ قال:[قَبَّح الله جوَاركُم](e)، ورَحَلَ عنهم فسَكَنَ بَيْت المَقْدِس، وكان له دِيْنٌ، وفيه خَيْرٌ كَثِيْرٌ.
(a) كذا في الأصل، ولعل الأظهر: فيهم.
(b) طمست الرطوبة ما بين الحاصرتين، والمثبت على التقريب.
(c) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت على التقريب.
(d) الأصل: ويحلم!.
(e) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة، وانظر: ابن الأثير: الكامل 7: 450، ابن خلدون: العبر 6: 139 - 140.
وقَرَأتُ في سِيْرَة الإخْشِيْذ، تأليفُ أبي مُحَمَّد بن زُوْلَاق
(1)
، قال: وحَدَّثَني أحْمَدُ بن عُبَيْد الله، عن أَبِيهِ، قال: قال طُغْج: كُنْتُ بدِمَشْق أخلُفُ أبا الجَيْشِ، فجاءَني كتابُه يأمُرُني بالمَسِيْر إلى طَرَسُوس، وأقْبض على رَاغب وأقْتُله، فسرْتُ إلى طَرَسُوس، وكان شِتَاءً عَظيْمًا، فما أمْكَن أحدٌ أنْ يَتَلقَّاني، فلَقِيَنِي رَاغِبٌ وحْدَهُ في غِلْمَانه، وكان له مائتا غُلَام قد أَشْجَوا العَدُوّ، فأنْزَلَني وخَدَمني وقَضَى حَقِّي فأمْسَكْتُ (a) عنه، وحَضَرْتُ معه غَزَاةً أشْجَى فيها العَدُوّ، فقال لي جَمَاعَة [من أهْلِ] طَرَسُوس: بالله إلَّا صُنْتَ هذا الرَّجُل (c) وأحْسَنْتَ إليهِ، ففَعَلْتُ [وآثرتُ](d) رضَى الله عز وجل، فانْصَرَفْتُ إلى دِمَشْق، وكَتَبْتُ إلى أبي الجَيْشِ أعْتَذرُ، [وأذْكُر](e) أشْيَاء مَنَعَتْني من القَبْضِ على رَاغِب.
قال طُغج: فما شَعَرْتُ وأنا بدِمَشْقَ حتَّى وَافَى أبو الجَيْشِ، فلَقِيتُه وخَدَمتُه، وجَلَسْتُ معه لَيْلَةً [للشُّرْب](f)، فلمَّا تَمَكَّن منه الشَّرَاب قال لي: يا طُغْج، شَعَرت (g) بأنَّهُ ما جاءَ بي إلى دِمَشْقَ سِوَاك؟ فاضْطَربْتُ، فلمَّا رَآني قد تغيَّرتُ أَقْلَب (h) الحَدِيْث، وانْصَرَفتُ وأنا خائفٌ منهُ، وعلمْتُ أنَّهُ يَقْتُلني كما قَتَل صَافِيًا (i) غُلَامَ أبيهِ بدمَشْقَ؛ لأنَّهُ سَارَ إليهِ من مِصْر وقَتَلَهُ، فقُتِلَ أبو الجَيْش تلك اللَّيْلة، وكَفَاني الله أمْرَهُ لأنِّي عَملتُ مع رَاغِب لله (j) فكُفِيْت.
قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب
(a) طمس بعضها، والمثبت من كتاب ابن سعيد المغربي.
(b) طمست الرطوبة ما بين الحاصرتين، والمثبت من ابن سعيد.
(c) زيد في المغرب لابن سعيد: عن القتل.
(d) مطموسة في الأصل، والمثبت من ابن سعيد.
(e) مطموسة في الأصل والمثبت من ابن سعيد.
(f) غير مقروءة في الأصل، والمثبت من ابن سعيد.
(g) المغرب لابن سعيد: أشعرت.
(h) المغرب لابن سعيد: قلب.
(i) الأصل: صافي.
(j) المغرب لابن سعيد: له.
_________
(1)
تقدم التعريف بهذا الكتاب في الجزء الخامس، وحفظ لنا ابن سعيد المغربي نصوصًا طويلة من هذا الكتاب، بما في ذلك مقدمته، وانظر كلام ابن زولاق أعلاه في كتاب المغرب لابن سعيد 1:150.
سِيَر الثُّغُور الّذي وَضَعَهُ للوَزِير أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَات، قال في ذِكْر طَرَسُوس ومَنَازِلها: ويُلَاصِق شَارِع البَرَامِكَة إلى جِهَة الغَرْب دَار رَاغِب مَوْلَى المُوَفَّق بالله، وهي الدَّار الصَّغيرة، فيها مَوَالِيه وموالياتهِ وأوْلَادُهم في حُجرٍ مَفْرُوزة، وكانت الرِّئَاسَة فيهم إلى بُشْرَى الرَّاغِبِيّ، ثمّ انْتَقَلت إلى أحْمَد بن بُشْرَى، ووقُوفهم بنقَابلُس وغيرها، وضِيَاع في أعْمَال طَرَسُوس بنَوَاحِي باب قَلَمْيَة، منها ما يُضمن، ومنها ما يقوم به المَوَالِي (a).
وذَكَرَ من المَوَالِي جَمَاعَة من أهْلِ العِلْم ومن أهْلِ النَّجْدَهَ والشَّجَاعَة، قد ذَكَرْنا بعضهم في كتابنا هذا.
ثُمّ قال بعد ذلك: ثمّ تَسِيرُ فتَجِد عجاليْن وبيَاطِرة (b) حتَّى تصل إلى بابٍ (c) يَسَارك إلى دَار رَاغِب الكُبْرَى وهي على مثال دار السَّيِّدة، غير أنَّ تلك أعْلَى فناءً، وفي هذه الدَّار خَدَمٌ وشُيُوخٌ من الفُرْسَان المُقَدَّمِين، منهم أبو هِلالِ الرَّاغِبيِّ، وذَكَرَ حاله، وقد ذَكَرْناهُ أيضًا في هذا الكتاب
(1)
.
قال: وما زال الجِهادُ بأهْلِ هذه الدَّار حتَّى قَلَّ عَدَدُهم، ونَفد مَدَدُهم، وتَفَانَوا مَوْتًا وقَتْلًا وأسْرًا، واخْتَلَّت جَوَانِبهُا، حتَّي رأيتُ عَبْد الله بن أشْكَام الخُرَاسَانيّ قد نَزَلها، ثمّ رَأيتُ عليّ بن عَسْكَر بَعْدُ نَزَلَها، وخَرَجْنا عن طَرَسُوس وهي مَعْمُورةُ.
وقرأت بخَطِّه في هذا الكتاب: وحَدَّثَني أبو بَكْر أحْمَد بن أفْلَح الرَّاغِبيّ، قال: سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ عن [مَوْلاه](d) رَاغِب موْلَى الرَّاضِي بالله أنَّ قَبْرَ المَأْمُون هو هذا الّذي يَظْهر في دَار المُقَبَّبة صَحِيحٌ نَعْلمه حَقًّا يَقِيْنًا.
(a) غير مقروءة في الأصل، وربما كانت: الوالي.
(b) غير واضحة في الأصل، والمثبت على التقريب.
(c) غير واضحة في الأصل لإفساد الرطوبة والمثبت على التقريب.
(d) كلمة مطموسة في الأصل، ويأتي في تعقيب المصنف على النصّ عقبه ما يؤكد المثبت.
_________
(1)
ترجمته تأتي في الجزء العاشر (الكنى): أبو هلال أبي الراغبي الخادم.
قُلتُ: إنَّما قال: مَوْلَى الرَّاضِي؛ لأنَّ وَلاءه في بَنِي العبَّاس، وقد ذكرَ أوَّلًا أنَّ رَاغِب مَوْلَى المُوَفَّق، وذكر أنَّ أحْمَد بن أفْلَح من مَوَالِي رَاغِب.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَافِع
رَافِعُ بن خَدِيْج بن رَافِع بن عَدِيّ بن زَيْد بن عَمْرو بن يَزِيْد (a) بن جُشَم بن حَارِثَة بن الحَارِث بن الخَزْرَج بن عَمْرو بن مَالِك بن أَوْسٍ، أبو عَبْد الله الحَارِثِيّ الأَوْسِيِّ الأنْصَاريّ
(1)
صَحِبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ، وشَهِدَ معه أُحُدًا والخَنْدَق وأكْثَر مَشَاهِده.
(a) مهملة الأول في الأصل، ويرد فيما بعد، في كل المواضع، بالياء، وجاء في بعض المصادر بالتاء المفتوحة: تزيد، حسبما قيَّده سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 101، والمزي في تهذيب الكمال 9: 23، والذهبي: تاريخ الإسلام 2: 811، والصفدي: الوافي بالوفيات 14: 64.
_________
(1)
توفي سنة 73 هـ وقيل في السنة التي تليها، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 507 (في شهود وثيقة التحكيم)، تاريخ خليفة 271، طبقات خليفة 79، تاريخ أبي حفص الفلاس 277 - 278، 487، تاريخ البخاري الكبير 3: 299 - 302، التاريخ الصغير 1: 131 - 132، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 196 (ذكره فيمن شهد التحكيم)، المحبر 411 - 412، تاريخ الطبري 2: 477، 481، 505 - 506، 4: 285، 308، 430، المعارف لابن قتيبة 306 - 307، الجرح والتعديل 3: 479، المسعودي: مروج الذهب 3: 97، الإشتقاق 445، الثقات لابن حبان 3: 121، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 31، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 78، الاستيعاب 2: 479، ابن الجوزي: المنتظم 6: 143 - 144، ابن الأثير: الكامل 2: 136، 151، 115: 3، 191، 4: 364، أسد الغابة 2: 151، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 101 - 104، تهذيب الكمال 9: 22 - 25، تاريخ الإسلام 2: 811 - 812، سير أعلام النبلاء 3: 181 - 183، الإعلام بوفيات الأعلام 46 (وفاته سنة 74 هـ)، العبر في خبر مَن غبر 1: 61 (وفاته 74 هـ)، الكاشف 1: 300، الوافي بالوفيات 14: 64، ابن كثير: البداية والنهاية 4: 15، 9: 3، تهذيب التهذيب 3: 229 - 230، تقريب التهذيب 1: 241، الإصابة 2: 186 - 187، النجوم الزاهرة 1: 192، شذرات الذَّهب 1: 312، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 447 - 448.
رَوَى عنهُ عَبْد الله بن عُمَر، وابن عَمّه أُسَيْد بن ظُهَيْر بن رَافِع الأنْصَاريّ، والسَّائِب بن يَزِيد، ومَحْمُود بن لَبِيْد من الصَّحَابَةِ، ومن التَّابِعِين ابن ابنهِ عَبَايَة بن رِفَاعَة بن رَافِع، وعَامِر الشَّعْبِيّ، ومُجَاهِد بن جَبْر، وعَطَاء بن أبي رَبَاح، وأبو النَّجَاشِيّ، وعَمْرَة بنتُ عبد الرَّحْمن، وقيل: ابن ابنه عِيسَى بن سَهْل بن رَافِع بن خَدِيْج.
وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ورَوَى زَيْد بنُ حَسَن أنَّهُ شَهِدَ بصِفِّيْن على كتاب الحَكَمَيْن بين عليٍّ ومُعاوِيَة.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر بن العبَّاس السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن [عبد الرَّحْمن](a) بن بَهْرَام الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يُوسُف، عن سُفْيان، عن أَبِيهِ، عن عَبَايَة بن رِفَاعَة، عن جَدِّه رَافِع بن خَدِيْج أنَّ بَعِيْرًا نَدَّ وليس في القَوْم إلَّا خَيْل يَسِيْرة، فرَمَاهُ رَجُل بسَهْمٍ فحَبَسَهُ، فقال له رسُول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لهذه البَهَائِم أوَابدَ كأوَابدِ الوَحْش فما غَلَبَكُم منها فاصْنَعُوا به هكذا.
أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف الكَاشْغَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ الكَاغَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن الحُسَين الطُّرَيْثِيثِيّ، ح.
(a) مطموسة في الأصل، ومثبتة في الهامش بخطّ مغاير لخط المتن.
_________
(1)
سنن الدارمي 2: 84، وانظر الحديث من طريق رافع ابن خديج في: سنن النسائي 7: 191 - 192 (رقم 4297)، وسنن أبي داود 3: 247 - 248 (رقم 2821)، والجامع الكبير للترمذي 3: 156 - 157 (رقم 1492)، والمعجم الكبير للطبراني 4: 270 (رقم 4383)، وفتح الباري 5: 131 (رقم 2488)، وانظر: المسند الجامع 5: 394 (رقم 3697).
قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن طَلْحَة، عن حُسَيْن بن ثَابِت بن أنس بن ظُهَيْر، وأُخْته سُعْدَى بنت ثَابِت، عن أبيهما، عن جَدِّهما، قال: لمَّا كان يَوْم أُحُد حَضَرَ رَافِع بن خَدِيْج مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَصْغَرَهُ، فقال: هذا غُلَامٌ صَغِيرٌ وهَمَّ بردِّهِ، فقال [عَمُّ] (a) رَافِع بن خَدِيْج ظُهَيْر: رَافِع يا رسُولَ الله ابن أخي رَجُلٌ رَامٍ، فأجازَهُ، فأُصِيْبَ يَوْم أُحُدٍ بسَهْمٍ في لبَّتِهِ -أو في صَدْرِه؛ شَكَّ مُحَمَّد بن طَلْحَة- قال: فانْتَضَل النَصْل، فجاءَ بهِ عَمُّه ظُهَيْرُ بن رَافِع إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسُول الله، ابن أخي أُصِيْب بسَهْمٍ، قال: ما شِئْتَ؟ إنْ شِئْتَ أنْ تُخْرجَهُ أخْرجناه، وإنْ أحبَّ أنْ نَدَعهُ؛ فإنْ ماتَ وهو فيه ماتَ شَهِيْدًا، قال: أَدَعُه يا رسولَ الله. قال إبْراهيم: قال لي مُحَمَّد بن طَلْحَة: فكان الحُسَين والمَرْأةُ يُحَدِّثان عن أبيهما عن جَدِّهما أنَّهُ كان يقُول: كان إذا سَعَلَ رَافِعٌ شَخَصَ النَصْل من وراءِ اللَّحْم حتَّى ينظرَ إليه.
قال لي مُحَمَّد بن طَلْحَة: هَلَكَ رَافِع بن خَدِيْج في زَمَن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان (b).
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن عَبْدِ المَلِك بن بَشْكُوَال في كتابهِ إليَّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بنُ عَتَّاب،
(a) مطموسة في الأصل، وفي كنز العمال: عمه ظهير بن رافع.
(b) بعده في الأصل بياض قدر نصف هذه الصفحة، وكامل التي تليها.
_________
(1)
لم أجده في المتبقي من كتابه المعرفة والتاريخ، وانظر الحديث في كنز العمال للمتقي الهندي 10: 442 (رقم 30076).
وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: ومن الصَّحَابَةِ مَن اسْمُه رَافِع جَمَاعَة منهم: رَافِع بن خَدِيْج بن رَافِع بن عَدِيّ بن زَيْد بن جُشَم بن حَارِثَة بن الحَارِث بن الخَزْرَج، أبو عَبْدِ الله الأنْصَاريّ الحَارِثِيّ، مَدِيْنِيٌّ ماتَ قبل ابن عُمَر في سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين، وماتَ وهو ابنُ ستٍّ وثمانين، أجَازَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْم أُحُدٍ، ويُقالُ إنَّهُ رُمِي يَوْم أُحُدٍ بسَهْمٍ فانتقضَتْ في زَمنِ مُعاوِيَة، وأُمُّه [حَلِيْمَة](a) بنتُ عُرْوَة بن مَسْعُود بن سِنَان بن عَامِر بن الخَزْرَج، وروى رَافِع [عن] رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْثَ يَسِيْرةً، وهو ابنُ أخي ظُهَيْر [ومُظَهَّر] ابني رَافِع بن عَدِيٍّ.
وشَهِدَ رَافِعٌ أُحُدًا والخَنْدَق والمَشَاهِد كُلّها، وكان أصَابَهُ يَوْم أُحُدٍ سَهْمٌ في تَرْقُوتهِ، فقال له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1)
: إنْ شِئْتَ نَزعْت السَّهْمَ وتركت القُطْبَة (b)، وشَهِدْتُ يَوْم القِيامَة أنَّكَ شَهِيْد فتَرَكَها. وكان إذا ضَحِكَ واسْتَغْرب بَدَا ذلك السَّهْم.
أسْقَطَ ابنُ السَّكَن في نَسَبه بين زَيْدِ وجُشَم: عَمْرو بن يَزِيد، واللهُ أعْلَمُ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن أبي عَبْد الله بن مَنْدَة إذْنًا، قال: أخْبَرَنا [حَمْد](c) بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(2)
، قال:
(a) ما بين الحاصرتين هنا وفي تاليه مطموس في الأصل، والاستكمال من الاستيعاب لابن عبد البر 2: 479، ويُعيد ذكرها فيما بعد في روايات أخرى.
(b) في المستدرك للحاكم: القطيفة.
(c) مطموسة في الأصل، وتكرر بهذا الاسم المثبت في العديد من الأسانيد.
_________
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3: 561.
(2)
الجرح والتعديل 3: 479.
رَافِعُ بنِ خَدِيْج الحَارِثِيّ الأَوْسِيّ البَصْرِيّ
(1)
المَدِيْنِيّ أبو عَبْد الله الأنْصَاريّ، له صُحْبةٌ، رَوَى عنهُ السَّائِب بن يَزِيد، ومُجَاهِدٌ، وعَطَاء، والشَّعْبِيّ، وابن ابنهِ عَبَايَةُ بن رِفَاعَة؛ سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، ورَوَى عَنْهُ ابنُ عُمَرَ، ومَحْمُود بن لَبِيْد، وعَمْرَةُ بنتُ عبد الرَّحْمن.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِىِّ، فيما كَتَبَ به إلينا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد البَرِّ
(2)
، قال: رَافِع بن خَدِيْج بن رَافِع بن عَدِيّ بن زَيْد بن عَمْرو بن يَزِيد (a) بن جُشَم الأنْصَاريّ الحَارِثِيّ (b) الخَزْرَجيّ، يُكْنَى أبا عَبْدِ الله، وقيل: أبا خَدِيْج، رُوِي [عن ابن عُمَر] أنَّهُ قال له: يا أبا خَدِيْج، وأُمُّه حَلِيمة بنتُ مَسْعُود (c) بن سِنَان بن [عَامِر بن عَدِيّ بن أُمَيَّة] بن بَيَاضَة الأنْصَاريّ، هو ابن أخي ظُهَيْر ومُظَهَّر [ابْنَي رَافِع بن عَدِيّ]، رَدَّهُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْم بَدْرٍ لأنَّهُ [اسْتَصْغَرَهُ]، وأجَازَهُ يَوْم أُحُدٍ، شَهِدَ أُحُدًا والخَنْدَقَ وأكْثَر المَشَاهِد، [وأصَابَهُ] يَوْم أُحُدٍ سَهْمٌ، فقال له رسُول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أشْهَدُ لك يَوْم القِيامَة، وانتقضَتْ جراحتُهُ في زَمَن عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان، فمات قبل ابن عُمَر [بيَسِيْر](d) سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وهو ابنُ ستٍّ وثَمانين.
(a) الاستيعاب: زيد.
(b) الاستيعاب: النجاري.
(c) الاستيعاب: حليمة بنت عروة بن مسعود.
(d) غير مقروءة في الأصل، والمثبت عن الاستيعاب.
_________
(1)
لم ترد نسبته إلى البصرة في كتاب الجرح والتعديل.
(2)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 479، وما بين الحاصرتين من الرواية أذهبته الرطوبة، والاستكمال من كتاب الاستيعاب.
قال الوَاقِدِيّ: ماتَ في أوَّل سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وهو بالمَدِينَة.
قال أبو عُمَر
(1)
رحمه الله: رَوَى عَنْهُ ابنُ عُمَر، ومَحْمُود بن لَبِيْد، والسَّائِب بن يَزِيد، وأُسَيْد بن ظُهَيْر. ورَوَى عنهُ من التَّابِعِين من دُون هؤلاء: مُجَاهِد، وعَطَاء، والشَّعْبِيّ، وابنُ ابنهِ عَبَايَةُ بن رِفَاعَة بن رَافِع، وعَمْرَةُ بنتُ عبد الرَّحْمن. شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.
قُلتُ: وهكذا نَسَب ابن عَمّه أُسَيْد بن ظُهَيْر بن رَافِع بن عَدِيّ بن زَيْد بن عَمْرو بن يَزِيد بنِ جُشَم، وكان ابن عَمّه لَحًّا، وزَادَ بعد جُشَم بن حَارِثَة بن الحَارِث بن الخَزْرَج بن عَمْرو بن مَالِك بن أَوْسٍ الأنْصَاريّ الحَارِثِيّ.
وقال في تَرْجَمَةِ عَمِّه
(2)
: ظُهَيْرُ بن رَافِع بن عَدِيّ بن زَيْد بن جُشَم بن حَارِثَة بن الحَارِث بن الخَزْرَج بن عَمْرو، [وهو] النَّبِيْتُ بن مَالِك بن الأَوْس (a)، وشَهِدَ أُحُدًا وما بعدها من المَشَاهِد، هو وأخُوه مُظَهَّر بن رَافِع، وهو عَمُّ رَافِع بن خَدِيْج ووالدُ أُسَيْد [بن ظُهَيْر].
فذَكَرَ نَسَب أُسَيْد بن ظُهَيْر مُوَافقًا لنَسَب رَافِع بن خَدِيْج، [وأدْخَل في] نسْبَته ظُهَيْرًا: عَمْروًا ويَزِيْد فيما بين زَيْد وجُشَم كما فَعل [ابن السَّائِب]، وقال في ذِكْر رَافِع بن خَدِيْج: الحَارِثِيّ الخَزْرَجيّ، وليس بخَزْرَجيّ! [إنَّما هو] أَوْسِيّ من وَلد أَوْس أخي الخَزْرَج الأكْبَر الّذي هو أصْل الخَزْرَج، [وقال في] نَسَب رَافِع: الخَزْرَج، وهو الخَزْرَج الأصْغَر بن عَمْرو بن مَالِك [بن الأَوْس] ولا يُنْسَب إليه الخَزْرَجيّ، ورُبَّما تُوهُّم أنَّهُ من أوْلادِ الخَزْرَج [الأكْبَر] أصْلُ الفَخذ الثَّاني، وليس به.
(a) بعده في الاستيعاب: "شهد العقبة الثانية، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم بها، ولم يشهد بدرًا".
_________
(1)
الاستيعاب 2: 480.
(2)
الاستيعاب 2: 778، وما بين الحاصرتين أذهبته الرطوبة في الأصل، والمثبت عن الاستيعاب لابن عبد البر.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن [المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبو](a) القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُعاوِيَة، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
يَقُول: ماتَ رَافِع بن خَدِيْج في زَمَن مُعاوِيَة. رَوَى عنهُ عَبْد الله بن عُمَر، وقال ابنُ نُمَيْر: ماتَ سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين بالمَدِينَةِ (b).
أنْبَأنَا أبو الحَسَن المَقْدِسِيّ، عن ابن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا ابن عَتَّاب، وابن أبي تَلِيْدٍ إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن السَّكَن، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا غَسَّان بن مُضَر، عن أبي مَسْلَمَة، عن أبي نَضْرَة، قال: لمَّا مَاتَ رَافِع بن خَدِيْج جَعَلن النِّسَاء يَصْرخنَ، أو يَبْكِين، فقال ابنُ عُمَر: وَيْحَكُنَّ؛ إنَّهُ شَيْخٌ لا طَاقَةَ له بعَذَاب الله.
رَافِعُ بن عَبْدِ الله بن نَصْر بن سُلَيمان القَاضِي، أبو المَعَالِي الفَايَانيّ
(2)
من الفَايَا؛ قَرْيَة كَبيرة من أعْمَال مَنْبِج، وَلِيَ القَضَاءَ بمَنْبِج، وكان فَقِيهًا حَنَفيًّا وَرِعًا، دَرَّس الفِقْه بمَنْبِج، وكان تَفَقَّهَ على الإمَام بُرْهَان الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن الحَسَن البَلْخِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بأمَاليهِ الّتي أمْلَاها بحَلَب.
(a) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة.
(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أرباع الصفحة.
_________
(1)
بعضه في التاريخ الكبير 3: 299.
(2)
توفي سنة 602 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 2: 198 - 199، الغزي: الطبقات السنية 3: 243 - 244.
رَوَى عنهُ الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ، وحَدَّثَنَا عنهُ الفَقِيهان: إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن عبد الرَّحيم، وأبو بَكْر بن عُثْمان بن قَجْمَك (a) المَنْبِجِيَّان.
أخْبَرَنا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من حَرَّان، وأخْبرناهُ عنه سَمَاعًا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن الأزْهَر الصَّرِيفِيْنِيّ، ح.
وأخْبَرَنا الفَقِيهُ بَدْر الدِّين أبو بَكْر بن عُثْمان بن قَجْمَك السَّلُّورِيّ الحَنَفِيّ المَنْبِجِيّ بحَلَب، قالا: حَدَّثنا القَاضِي أبو المَعَالِي رَافِعُ بن عَبْدِ اللهِ بن نَصْر بن سُلَيمان الفَايَانِيّ، قال عَبْدُ القَادِر: إمْلاءً في مَدْرَسَته بمَنْبِج، قال: حَدَّثنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر البَلْخِيّ الفَقِيه بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا الأُسْتَاذُ أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الحَلْوَائيّ، قال: حَدَّثَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن إسْمَاعِيْل القَفَّال، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حَكِيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَفْصٍ، قال: حَدَّثَنَا عَوْف، عن زُرَارَة بن أوْفَى، عن عَبْد الله بن سَلَّام، قال
(1)
: لمَّا قَدِمَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَة، انْجَفَلَ إليهِ النَّاسُ، وقيل: قَدِمَ رسُول اللهِ، وكُنْتُ فيمَن جَاء، فلمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عرفتُ أنَّ وَجْههُ ليسَ بوَجْهِ كَذَّاب، قال: فكان أوَّل ما قال أنْ قال: أيُّها النَّاسُ، أفْشُوا
(a) في الأصل: قَحمك، بالحاء، ويأتي فيما بعد بالمعجمة، وانظر ترجمته في الجزء العشر (الكنى).
_________
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه 5: 218 (رقم 25380)، 7: 257 (رقم 35836)، وسنن الدارمي 1: 340 - 341، وسنن ابن ماجه 1: 423 (رقم 1334)، 2: 1083 (رقم 3251)، ومسند الشهاب للقضاعي 1: 418 (رقم 472)، الجامع الكبير للترمذي 4: 264 (رقم 2485)، المستدرك للحاكم 4: 159 - 160، دلائل النبوة للبيهقي 2: 531 - 532، شرح السنة للبغوي: 4: 39 - 40 (رقم 926).
السَّلامَ، وأطْعِمُوا الطَّعَام، وصِلُوا الأرْحَام، وصَلُّوا باللَّيْلِ والنَّاسُ نيَام تَدْخُلوا الجَنَّة بسَلَامٍ.
أخْبَرَنَا إبْراهِيمُ بن عبد الرَّحْمن بن عبد الرَّحيم المَنْبِجِيّ الحَنَفِيّ، قِراءَةً عليهِ بباب بُزَاعَا، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي أبو المَعَالِي رَافِع بن عَبْدِ الله بن نَصْر بن سُلَيمان بمَنْبِج، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الإمَامُ بُرْهَان الدِّين أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن البَلْخِيّ، إمْلاءً بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو المُعِيْن مَيْمُون بن مُحَمَّد بن مُعْتَمد المَكْحُوليّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي الحَسَن الفَضْليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن مُحَمَّد، عن إبْراهيمِ بن عَبْدِ الله المُخَرِّمِيّ، عن أبي الفَضْل عَاصِم، عن مَالِك بن أنَسٍ رحمه الله، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن أَبيِهِ الحُسَين بن عليّ، عن أَبِيهِ عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه
(1)
، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ قال في كُلِّ يَوْمٍ مائة مرَّة: لا إلَه إلَّا الله، المَلِكُ الحَقُّ المُبِينُ، كان له أمَانًا من الفَقْر، وأمِنَ من وَحْشَة القَبْر، واسْتَجْلَب به الغِنَى، واسْتَقْرَعَ بهِ باب الجَنَّة (a).
تُوفِّي القَاضِي رَافِع بن عَبْد الله بمَنْبِج في سَنَة اثْنَتَيْن وستِّمائة، أخْبَرَني بذلك إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّد بن الأزْهَر الصَّرِيفِيْنيِّ عن بعضِ أهْلِ مَنْبِج.
(a) بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.
_________
(1)
أخرجه الشجري في أماليه الخميسية 1: 12، والخطيب البغدادي في تاريخه 14: 322، والرافعي في كتابه التدوين 4:65.
رَافِع بن عُمَيْرة (a) الطَّائيّ
(1)
كان دَلِيْلًا بَصِيْرًا بالطَّريق حَاذِ [قًا]، دَلَّ بخَالِد بن الوَلِيدِ على طَرِيق السَّمَاوَة حين سَيَّرَهُ إلى الشَّام، وسَلَك به المَفَازَة حتَّى وَصَلَ به إلى البِشْر؛ جَبَلٌ بالقُرْبِ من بَالِس من أَعْمَال حَلَب، ولهُ ذِكْرٌ
(2)
.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله الحافِظ
(3)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنَا الشَّريف النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاء بن نَظِيف المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْلِ الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكيِّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسى بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَارِث، عن المَدَائِنِيِّ، والهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: لمَّا مَاتَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيْق رضي الله عنه، أَمَرَ عُمَرُ بن
(a) كذا جوَّده المؤلف بالتصغير، ومثله في تاريخ الطبري 3: 409، 416، وابن الأثير: الكامل 2: 408، وجاء في الإشتقاق لابن دريد 389، والمجالسة للدينوري 178، وتاريخ ابن عساكر 18: 7، والوافي بالوفيات 14: 67: عَمِيرة.
_________
(1)
ترجمته في: المحبر لابن حبيب 190، الإشتقاق 389، تاريخ الطبري 3: 409 - 410، 415 - 416 (في خبر دلالته لخالد بن الوليد)، الفتوح لابن أعثم 1: 136 - 138، (ولقبه بابن مُكلِّم الذئب بإذن الله)، الاستيعاب 2: 482 - 483، تاريخ ابن عساكر 18: 7 - 19، (وفيه: رافع بن عمرو ويقال رافع بن عمير)، ابن الأثير: الكامل 2: 408، أسد الغابة 2: 156، الوافي بالوفيات 14: 67 - 68، الإصابة 2: 189، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 295 - 297.
(2)
انظر كلام المؤلف عليه والتعريف به في الجزء الأول.
(3)
تاريخ ابن عساكر 18: 16 - 17، وانظره -باختلاف في الرواية- في تاريخ الطبري 3: 415 - 416، والفتوح لابن أعثم 1: 136 - 138.
(4)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 178 - 179.
الخَطَّاب خَالِدًا بالمَسِيْر إلى الشَّام وَاليًا من سَاعته، فأخَذَ على السَّمَاوَة حتَّى انْتَهَى إلى قُرَاقِر، وبين قُرَاقِر وبين سُوَى خَمْسُ ليالٍ في مَفَازَة، فلم يَعْرف الطَّريق، فدُلَّ على رَافِع بن عُمَيْرة (a) الطَّائيِّ، وكان دَلِيْلًا بَصِيْرًا، فقال لخَالِد: خَلِّف الأَثْقَال واسْلك هذه المَفَازَة وَحْدَكَ إنْ كُنْتَ فاعِلًا، فكَرِه خَالِدٌ أنْ يُخَلِّف أحدًا، فقال له رَافِع: والله إنَّ الرَّاكِب المُنْفَرد يَخْشَى فيها (b) على نَفْسِه، وما يَسْلكها إلَّا مُغَرَّرٌ (c) ؛ فكيفَ أنتَ بمَن معك؟ فقال: لا بُدَّ! وأحبَّ خَالِد أنْ يُوافي المَفَازَة ويأتي القَوْم بغتةً، فقال له الطَّائيُّ: إنْ كان لا بُدَّ من ذلك فابْغِ لي عشرين جَزُوِرًا سِمَانًا عِظَامًا، ففَعَل، فظَمَّأهُنَّ ثُمَّ سَقَاهنَّ حتَّى رَوَين، ثمّ قَطَع مَشَافِرهُنَّ، وشَرط شَيئًا من ألْسِنتِهُنَّ، وكَمَعَهُنَّ (d) لئلَّا تَجْتَرَّ، لأنَّ الإِبِل إذا اجْتَرَّت تغيَّر الماءُ في أجْوَافهنَّ، وإذا لَم تَجْتَرَّ بقي الماء صَافِيًا في بُطُونهنَّ، ففَعَل خَالِد ذلك، وتَزَوَّدُوا من الماءِ ما يَكْفي الرَّكْب، وسَارَ خَالِدٌ، فكُلَّمَا نَزَل مَنْزِلًا نَحَرَ من تلك الجُزُر أَرْبعًا، ثُمَّ أَخَذَ ما في بُطُونها من الماءِ فسقيَتَهُ الخَيْل، وشَرِبَ النَّاسُ ما معهم، فلَّمَا سَارَ إلى آخر المَفَازَة انْقَطَع ذلك عنهم، وجَهِدَ النَّاسُ وعَطشَتْ دَوابّهم، فقال خَالِدٌ للطَّائيّ: وَيْحَك ما عندك؟ فقال: أدركْتَ الرَّيّ إنْ شَاءَ الله، انظرُوا هل تَجِدُونَ عَوْسَجَة على الطَّريق؟ فوجَدُوها فقال: احفُروا في أسْفَلِها (e)، فاحْتَفَروا فوجَدُوا عَيْنًا غَزِيرةً، فشَرِبُوا منها وتزوَّدُوا، فقال رَافِع: ما وَرَدْتُ هذا الماء قَطّ إلَّا مرَّةً وَاحدَةً وأنا غُلَامٌ! فقال رَاجِزُ المُسْلِمِيْن
(1)
: [من الرجز]
لله دَرُّ رَافِعٍ أَنَّى اهْتَدَى
…
فَوَّزَ مِن قُرَاقِرِ إلى سُوَى
(a) ضبطه في كتاب المجالسة بفتح أوله.
(b) المجالسة وتاريخ ابن عساكر: الراكب المنفرد ليخافها.
(c) المجالسة: مغرور.
(d) كذا في الأصل ومثله في كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر، وعند الطبري: وكعمهن، وفي فتوح ابن أعثم: فكمعت لكيلا تحبر!.
(e) الطبري: في أصلها، وفي كتاب المجالسة وتاريخ ابن عساكر: احتفروا في أصلها.
_________
(1)
البيتان في تاريخ الطبري 3: 416، والأول منهما في الإشتقاق لابن دريد 389.
أَرْضٌ إذا سَارَ بها الجَيْشُ (a) بَكَى
…
ما سَارَها قَبْلكَ من إنْسٍ أُرَى
قال: فخَرَجَ خَالِد من المَفَازَة في بعضِ اللَّيْل فأشرَفَ على البِشْر، وذَكَرَ تَمَام الحِكَاية وقد ذَكَرْناها في آخر الكتاب في المَجْهُولة أسْمَاؤهم
(1)
.
ذِكْرُ مَنْ اسْمُهُ الرَّبِيْع
الرَّبِيْع بن خُثَيْم، أبو عَبْد الله -وقيل: أبو يَزِيد- الكُوْفيُّ الثَّوْرِيُّ
(2)
من ثَوْر بن عَبْدِ مَنَاة بن أُدّ بن طَابِخَة بن إلْيَاس بن مُضَر.
رَوَى عن عَمْرو بن مَيْمُون، وعَبْد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى، وأبي عبد الرَّحْمن عَبْد الله بن مَسْعُود الهُذَلِيّ.
(a) ورد في هامش الأصل: الحبْسُ، وفي المجالسة: الجنيّ.
_________
(1)
هذا الجزء من أجزاء الكتاب الضائعة، وانظر تتمة الحكاية في تاريخ الطبري 3: 416 - 417، والفتوح لابن أعثم 1: 138، وكتاب المجالسة للدينوري 179، وتاريخ ابن عساكر 18:17.
(2)
توفي سنة 61 هـ، وقيل في حدود سنة 70 هـ وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 115، طبقات ابن سعد 6: 182 - 193، طبقات خليفة 141، تاريخ أبي حفص الفلاس 426، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 363، 2: 105، 3: 146، 158، 160، 174، 193، 4: 39، تاريخ البخاري الكبير 3: 269، العجلي: تاريخ الثقات 154 - 156، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 165، المعارف لابن قتيبة 497، المسعودي: التنبيه والإشراف 211، الجرح والتعديل 3: 459، الإشتقاق لابن دريد 182، الثقات لابن حبان 4: 224 - 225، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 160، حلية الأولياء 2: 105 - 118 (وفيه حيثما يرد: خيثم)، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 201، ابن الجوزي: المنتظم 6: 8 - 9، صفة الصفوة 3: 59 - 68، الرافعي: التدوين في أخبار قزوين 98 - 100، تهذيب الكمال 9: 70 - 76، ابن الأثير: الكامل 4: 122، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 197 - 199، تاريخ الإسلام 2: 640 - 641، سير أعلام النبلاء 4: 258 - 262، تذكرة الحفاظ 1: 57 - 58، الكاشف 1: 304 (مات قبل السبعين)، الوافي بالوفيات 14: 80، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 217، تهذيب التهذيب 3: 243 - 243، تقريب التهذيب 1: 244، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 283، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 453 - 457.
رَوَى عنهُ هِلال بن يسَاف، وأبو عَمْرو عَامِر بن شَرَاحِيْل الشَّعْبِيّ، وأبو عِمْران إبْراهيم بن زَيْد النَّخَعِيِّ، والمُنْذِر الثَّوْرِيّ أبو يَعْلَى، وكَثِيْر بن مُرَّة، وبَكْر بن مَاعِز، وسَعِيْد بن مَسْرُوق، وِهِلَال بن مِيْنَا، وإبْراهيم النَّخَعِيِّ
(1)
، ونُسَيْر بن ذُعْلُوق. وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.
أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن قُبَيْسٍ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بن يَزِيد البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَاصِم، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن عَامِر، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، عن أبي أَيُّوبَ
(3)
، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ قالَ في أوَّل النَّهَار: لا إلَه إلَّا الله وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قَدِير، عَشْر مَرَّاتٍ كان معْدَال أرْبَع رِقَاب من وَلَدِ إسْمَاعِيْل.
قال عَامِرٌ: قُلْتُ للرَّبِيْع بن خُثَيْم: مَنْ حَدَّثَكَ هذا عن أبي أيُّوب؟ قال: عَبدُ الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى، قال عَامِر: فلَقِيتُ عبدَ الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى فَحَدَّثَني به.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أَخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحيم بن وَاقِد، قال: حَدَّثَنَا مَسْعَدَة بن صَدَقَة أبو الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أَبِيهِ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، عن عَبْدِ الله بن مَسْعُود، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: سَيَأْتي
(1)
لعله ذاته المتقدم باسم: إبراهيم بن زيد النخعي.
(2)
الخرائطي: مكارم الأخلاق 1863.
(3)
النسائي: عمل اليوم والليلة 53 - 55 (رقم 114، 118).
(4)
حلية الأولياء 2: 118.
على النَّاسِ زَمَان تحلّ فيه العُزْلَة، ولا يَسْلم لذي دِيْن دِيْنُه إلَّا مَنْ فَرَّ بدِيْنِه من شَاهِقٍ إلى شَاهِق، ومن جُحْرٍ إلى جُحْر، كالطَّيْر بفرَاخِهِ، وكالثَّعْلَب بأشْبَالهِ، ثُمَّ قال: ما أبْقَاه (a) ما أتْقاهُ في ذلك الزَّمان رَاعِيِ غَنَم أقامَ الصَّلاة بعِلْم (b)، ويُؤْتي الزَّكَاة، ويَعْتَزل النَّاس إلَّا من خَيْر، ولشَاةٌ عَفْرَاء أرْعَاهَا بسَلعٍ أحَبُّ إليَّ من مُلْك بني النَّضِيْر، وذلك إذا كان كَذَا وكذا.
قال أبو نُعَيْم: هذا حَدِيثٌ غَرِيْبٌ من حَدِيث الرَّبِيْع ومن حَدِيث الثَّوْرِيّ؛ لَم يَرْوه إلَّا [مَسْعَدة، ولا كَتَبناهُ إلَّا من حَدِيث عَبْد الرَّحيم بن](c) وَاقِد.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَقْتِ عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُظَفَّر الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن خُزَيْم الشَّاشِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد بن حُمَيْد الكَشِّيُّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عليّ الجُعْفِيّ، عن زَائِدَة، عن مَنْصُور، عن هِلال بن يسَاف، عن رَبِيع بن خُثَيْم، عن عَمْرو بن مَيْمُون، عن عبد الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى، عن امْرَأة من الأنْصَار، قالت: قال أبو أَيُّوب: قال رَسُوِلُ الله صلى الله عليه وسلم: "أيَعْجِزُ أحدُكم أنْ يَقْرأ في لَيْلَة ثُلُثَ القُرْآن؟ فإنَّهُ منْ قَرأ في لَيْلة: الله الوَاحِد الصَّمَد فَقَد قَرَأ الثُّلُث أو قَرَأ ثُلُثَ القُرْآن.
قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح مُحَمَّد بن الحُسَين الأزْدِيّ الحافِظ: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا فُضَيْل بن عَبد الوَهَّاب،
(a) قوله: "ما أبقاه"، لم يرد في كتاب الحلية.
(b) الحلية: يعلم.
(c) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة، واستكماله من كتاب حلية الأولياء، مصدر النقل.
_________
(1)
المنتخب من مسند عبد بن حميد 103 (رقم 222). وانظر: حلية الأولياء لأبي نعيم 2: 117.
قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن أرْقَم، عن هَارُون بن سَعْد، قال: قُلْتُ لمُنْذرٍ الثَّوْرِيّ: أَشَهِدَ الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم مع عليٍّ شَيئًا من مَشَاهِده؟ قال: أمَّا صِفِّيْن فقد شَهِدَها.
أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيمُ بن عُثْمان بن يُوسُف بن أَيُّوب الكَاشْغَرِيّ، وأبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيِّ، قراءةً عليهما بحَلَب في مَنْزِلي، قال أبو إسْحَاق: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن النَّقُّور البَزَّاز، وقال أبو الحَجَّاج: أخْبَرَنَا الشَّيْخ ذَاكِر بن كَامِل بن أبي غَالِب الخَفَّاف، وأبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش الأَزَجِيّ، قالُوا: أخْبَرَنَا أبو طَالِبِ عَبْدُ القَادِر بن مُحَمَّد بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْرَاهيمُ بن عُمَر البَرْمَكِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْدَك بن أحْمَد البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِمِ، قال: حَدَّثَنَا أبو حُمَيْد أحْمَدُ بن سِنَان الحِمْصِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن عَطَاء، عن عَلْقَمَة بن [مَرْثَد](a)، قال: انْتَهَى الزُّهْد إلى ثَمانية من التَّابِعِين: عَامِر بن عَبْد الله، وأُوَيْس القَرَنِيّ، وهَرِم بن حَيَّان، والرَّبِيْع بن خُثَيْم، وأبو مُسْلم الخَوْلانِيّ، والأَسْوَدُ بن يَزِيد، ومَسْرُوق بن الأَجْدَع، والحَسَن بن أبي الحَسَن.
فذَكَرَهُم وقال: وأمَّا الرَّبِيْع بي خُثَيْم فقيل له حينِ أصَابَهُ الفَالِجُ: لو تَداويْتَ؟ فقال: قد عَرفتُ أنَّ الدَّوَاء حَقٌّ، ولكن ذَكَرتُ {وَعَادًا وَثَمُودَ} {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}
(1)
كانت فيهم الأوْجَاعِ وكانت لهم الأطِبَّاءُ، فمَا بَقي المُدَاوِي ولا المُدَاوَى. وقال غيرُهُ: ولا النَّاعِتُ بَقي ولا المَنْعُوت له، قال: وقيل له: لا تَذْكُرِ النَّاس؟ قال: ما أنا عن نَفْسِي رَاضٍ فأتَفَرَّغ من ذَمِّها إلى ذَمّ النَّاس، إنَّ النَّاس خافوا الله في ذُنُوب النَّاس وأمنُوا على ذُنُوبهم.
(a) كلمة أفسدتها الرطوبة، ويأتي اسمه فيما بعد متصلًا بسند بعض الروايات.
_________
(1)
الآية الكريمة 38 من سور الفرقان {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} .
قال: وقيل له: كيفَ أصْبَحْت؟ قال: أَصْبَحْنا ضُعَفَاء مُذْنِبيْن نأكُل أرْزَاقَنا، ونَنْتَظر آجالنَا.
قال: وكان عَبْدُ الله بن مَسْعُود إذا رآهُ قال: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}
(1)
، أمَا إنَّ مُحَمَّدًا لو رآك لأحبَّكَ.
قال: وكان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم يَقُول: أمَّا بَعْدُ، فأعِدَّ زَادَكَ، وخُذْ في جهَازكَ، وكُنْ وصِيّ نَفْسكَ.
وقال يُوسُف بن خَلِيل: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أَبو نُعَيْم الحافِظُ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبي رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أبو حُمَيْد أحْمَد بن مُحَمَّد الحِمْصِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعيد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن عَطَاء، عن عَلْقَمَة بن مَرْثَد، قال: انْتَهَي الزُّهْد إلى ثمَانية من التَّابِعِين، وأمَّا الرَّبِيْع بن خُثَيْم فقيل له حين أصَابَهُ الفَالِج:
…
، وذكَرَ جَمِيعَ ما ذَكَرناهُ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَرُ بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَامِيّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو سَعْد مُحَمَّد بن أبي عَبْد الله المُطَرِّز أنَّ أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ
(3)
أخْبَرَهُم قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حدثنا أبو حُمَيْد أحْمَد بن مُحمّد الحِمْصيّ، قال: حدَّثنا يَحْيى بن سَعِيْد، قال: حَدَّثَنَا يزَيدُ بن عَطَاء، عن عَلْقَمَة بن مَرْثَد، قال: انْتَهَى الزُّهْدُ إلى ثَمانية من التَّابِعِين: فأمَّا الرَّبِيْع بن خُثَيْم فقيل له حين أصَابَهُ الفَالِجُ: لو تَدَاوَيْتَ؟ فقال: لقد عَلِمتُ أنَّ الدَّوَاءَ حَقٌّ،
(1)
سورة الحج، من الآية 34.
(2)
حلية الأولياء 2: 106.
(3)
حلية الأولياء 2: 106.
ولكن ذَكَرتُ {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}
(1)
؛ كانت فيهم الأوْجَاع، وكانت لهم الأطِبَّاءُ، فما بَقِي المُدَاوِي ولا المُدَاوَي.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَليِل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّادُ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو نُعَيْم أحْمَد بنُ عَبْد الله الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أزْهَر بن مَرْوَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَاحِد بن زِيَاد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة بن عَبْدِ الله بن مَسْعُود، قال: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم إذا دخَلَ على عَبْدِ الله بن مَسْعُود لَم يكُن عليه إذن لأحدٍ حتَّى يَفْرِغ كُلّ واحدٍ من صَاحبه، قال: فقال عَبْدُ الله: يا أبا يَزيد، لو رآكَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لأحبَّكَ، وما رَأيتُكَ إلَّا ذَكَرتُ المُخْبِتينَ.
وقال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْمِ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، عن إسْمَاعِيْل، عن حَمَّاد بن أبي سُليْمان، قال: كان ابنُ مَسْعُود إذا رَأي رَبِيع بن خُثَيْم، قال: مَرْحَبًا يا أبا يَزِيد، ويُجْلسه إلى جَنْبهِ، ويقُول: لو رآك رسُول الله صلى الله عليه وسلم لأحَبَّكَ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة، وعبدُ الرَّحيم بنُ يُوسُف بن الطُّفَيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بنُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ كتّابةً، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر الأنْدَلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد الهاشمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن
(1)
سورة الفرقان، من الآية 38.
(2)
حلية الأولياء 2: 105 - 106.
(3)
حلية الأولياء 2: 106.
أحْمَد بن عَبدِ الله العِجْليِّ، قال: حَدَّثَني أبي
(1)
، قال: الرَّبِيْع بنُ خُثَيْم، يُكْنَي أبا يَزِيد، كُوْفيٌّ، تَابعيٌّ، ثِقَةٌ، من أصْحَاب عَبْدِ الله، وكان خِيَارًا، وكان ابن مَسْعُود إذا نَظَر إليه (a) قال:{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}
(2)
، أمَا لو رآكَ نَبِيُّكَ لأحبَّكَ.
وكان الرَّبِيْعُ إذا جاء باب ابن مَسْعُود يَسْتَأذنُ، قالت له الجَارِيَة: ذاك الأعْمَى بالباب! فيقُول ابن مَسْعُود: ليس هذا أعْمَى؛ ذاك الرَّبِيْع بن خُثَيْم.
(a) العجلي: إذا رآه قال.
_________
(1)
العجلي: تاريخ الثقات 154.
(2)
سورة الحج، من الآية 34.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبَهِ تَوفِيْقِيْ
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ ألله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة إذْنًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: الرَّبِيْع بن خُثَيْم أبو يَزيد الثَّوْرِيّ، رَوَى عن ابنِ مَسْعُود، رَوَى عنه إبْراهيم النَّخَعيِّ، والشّعْبِيّ، ومُنْذِر أبو يَعْلَى، وبَكْر بن مَاعِز، وسُرِّيتَّه، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
قال أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
: أخْبَرَنا ابنُ أبي خَيْثَمَة في كتابهِ إليَّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي النَّضْر، قال: حَدَّثَنَا أبو النَّضْر قال: حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيِّ، عن مِسْعَر بن كِدَام، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن الشَّعْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بن خُثَيُم، وكان من مَعَادن الصِّدْق. ذَكَرهُ أبي عن إسْحاق بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ قال: الرَّبِيْع بن خُثَيْم ثِقَةٌ لا يُسْأل عنهُ.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خلَيِل الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ
(3)
، قال في الطَّبَقَةِ الأُوْلَى من التَّابِعِين: ومنهم المُخْبِتُ الوَرِعُ، [المُتَثبِّتُ](a) القَنِعُ، [الحافِظُ](b) لسِرِّه، الضَّابِطُ لجَهْره، المُعْتَرف بذَنْبه، المُفْتَقرُ إلى رَبِّه، أبو يَزِيد الرَّبِيْع بن خُثَيْم، أحَدُ الثَّمانية من الزُّهَّادِ. وقيل: إنَّ التَّصَوُّف مُشَارَفة السَّرَائر، ومُصَارَفة الظَّوَاهر.
(a) غير مقروءة في الأصل، والمثبت من الحلية.
(b) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت من الحلية.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 459.
(2)
الجرح والتعديل 3: 459.
(3)
حلية الأولياء 2: 105.
قال أبو نُعَيْم
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنُ أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا خَلَّاد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثنَا سُفْيان، قال: أخْبَرَتْنيِ سُرِّية الرَّبِيْع بن خُثَيْم قالت: كان عَمَل الرَّبِيْع كُلّه سِرًّا، إنْ كان ليَجيء الرَّجُل وقد نَشَرَ [المُصْحَف](a) فيُغَطِّيه بثَوْبهِ.
قال أبو نُعَيْم: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي سَهْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، عن سُفْيان، عن رَجُلٍ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ كان يَجْهر بالقِرَاءةِ فإذا سَمِعَ وقْعًا خَافَتَ.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا أبو مَعْمَر، قال: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بن سَعيد، عن أَبِيهِ، قال: قيل لأبي وَائِل: أنْتَ أكْبَرُ أم الرَّبِيْع بن خُثَيْمٍ؟ قال: أنا أكْبَر منه سِنًّا، وهو أكْبَرُ منِّي عَقْلًا.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا الفَتْحِ إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ، يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْدِ الله بن أَحْمَد الخَلِيْليّ يَقُول
(3)
: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن مَهْرُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن حَنْبَل، عن عبد الرَّحْمن، عن سُفْيان (b)، عن أَبِيهِ، عن أبي وَائِل، وقيل له: أيُّكُما أكْبَرُ؛ أنْتَ أو الرَّبِيْع بن خُثَيْم؟ قال: أنا أكْبَرُ منه سِنًّا، وهو أكْبَرُ منِّي عَقْلًا.
(a) كلمة غير مقروءة، والمثبت من الحلية.
(b) الأصل: عن عبد الرحمن بن سفيان. وصوابه المثبت كما في الإرشاد، والأول هو عبد الرحمن بن مهدي، والثاني هو سفيان الثوري.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 107.
(2)
حلية الأولياء 2: 115.
(3)
الإرشاد في معرفة علماء الحديث 2: 543 - 544.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج الأَدَميِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ الله، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا مَالِك بن مِغْوَل، عنِ الشَّعْبِيّ، قال: ما جَلَس الرَّبِيْع في مَجْلِسٍ منذ تأزَّر، وقال: أخَافُ أنْ يُظْلم رجُل فلا أنْصُره، أو يَفْتري رَجُلٌ على رَجُلٍ فأُكَلَّف عليه الشَّهَادَة، ولا أغضّ البَصَر، ولا أهْدِي السَّبِيْل، أو يَقع لحَامِل فلا أَحْمِل عليه.
أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَرِ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء -قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن- قالا: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَرْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو قِلَابَة، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن مَسْعُود، [قال: سَمِعْتُ] (a) سُفْيان الثَّوْرِيّ يَقُول: قيل للرَّبِيْع بن خُثَيْم: لو أرَحْتَ نَفْسكَ؟ قال: رَاحَتَها أُريد.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، عن أبي مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر
(a) كلمتان أفسدتهما الرطوبة.
_________
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر، ولم يفرد له ترجمة في تاريخه.
عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني الحَسَنُ بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن حَرْبٍ، عن مَالِك بن مِغْوَل، عن الشَّعْبيِّ، قال: لَم يَجْلِس الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم في طَرِيقٍ منذُ تَأزَّر، قال: أَخَافُ أنْ يَفْتَري رَجُلٌ على رَجُلٍ، فأتَكَّلف الشَّهَادَة، أو تَقَع حمُولُة، وغَضّ البَصَر.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مَحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأْنْصَاريّ بقِرَاءَتي عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحَسَن (a) بن مُحَمَّد الخَلَّالُ، قال حدَّثنا عُمَر بن أحْمَد الكَتَّانيّ، قال: حدثنا القاضي أبو عُمَر بن مُحّمد بن يُوِسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عليّ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنا عَبُد الله، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر، قال: سَمِعْتُ مالكًا يَقُول: قالت ابْنَةُ الرَّبِيْع لأبيها: ما لي أرَى النَّاسَ يَنَامُونَ وأنْتَ لا تَنَام؟ قال: جَهَنَّم لا تَدَعَني أنَام.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن رُسْتة، قال: حَدَّثَنَا أبو أَيُّوب، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بنُ سُلَيمان (b)، قال: سَمِعْتُ مَالِك بن دِيْنار يَقُول: قالت ابْنَةُ الرَّبِيْع للرَّبِيْع: يا أبَة، ما لك لا تَنَام والنَّاسُ يَنَامُونَ؟ فقال: إنَّ النَّار لا تَدَعُ أباك يَنَام.
قال أبو نُعَيْم
(3)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد بن خُنَيْس، عن سُفْيان،
(a) غير مقروءة في الأصل، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 18: 368 - 369.
(b) في الحلية: حدثنا سليمان.
_________
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة العزلة والانفراد) 3: 1286.
(2)
حلية الأولياء 2: 114، وفيه اختلاف يسير.
(3)
حلية الأولياء 2: 114.
قال: بَلَغَنا أنَّ أُمّ الرَّبِيْع بن خُثَيْمِ كانت تُنادي ابْنها الرَّبِيْع فتقُول: يا بُنَيّ، يا رَبِيع؛ ألَا تَنَام؟ فيقُول: يا أُمَّةَ، مَنْ جنَّ عليهِ اللَّيْل وهو يَخافُ (a) البَيَاتَ حُقَّ له أنْ لا ينام! قال: فلمَّا بَلَغَ ورَأتْ ما يَلْقى من البُكَاءِ والسَّهَر نَادَتْهُ فقالت: يا بُنيّ، لعَلَّك قَتَلْتَ قَتِيْلًا؟ فقال: نَعَم يا وَالدَة، قد قَتَلتُ قَتِيْلًا! فقالت: ومَنْ هذا القَتِيْل يا بُني حتَّى نَتَحَمَّل على أهْلهِ فيُعْفُوك، واللهِ لو يَعْلمُونَ ما تَلْقى من البُكَاءِ والسَّهَر بَعْدُ لقد رَحمُوك، فيقُول: يا وَالدَةُ، هي نَفْسِي.
قال أبو نُعَيْم
(1)
: حدَّثنا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُسَاوِر، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْدِ الله بن الرَّبِيْع، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِزِ، قال: انْطَلق الرَّبِيْعُ بن خُثَيْمِ وابن مَسْعُود إلى شَاطِئ الفُرَات فَمَرَّ بتلك (b) الحَدَّادِين، فلمَّا رَأى تلك النِّيْرَان خَرَّ مَغْشيًّا عليه، فجاءَ بهِ ابنُ مَسْعُود يَحْملُهُ إلى دَاره، فانْطَلق فصَلَّى بالنَّاسِ الظُّهْرَ، فرَجعِ إليه: يا رَبِيْعُ، يا رَبِيعُ، فلَم يُجِبْهُ، فرجَع وصلَّى بالنَّاسِ العَصْرَ، ثمّ رَجَع إليه: يا رَبِيعُ، يا رَبِيعُ، فلَم يُجِبْهُ، فانْطَلَق فصَلَّى بالنَّاس المَغْربَ، ثُمَّ رجعَ: يا رَبِيعُ، يا رَبِيع، فلَم يُجِبْهُ، ثِمّ رجعَ فصَلَّى بالنَّاسِ العِشَاء الآخرة، [ثمّ] (c) رجَع إليه: يا رَبِيعُ، فلَم يُجِبْه حتَّي ضَرَبَهُ بَرْد السَّحَر.
قال أبو نُعَيْم
(2)
: رَوَاهُ أبو وَائِل، عن عَبْد الله؛ حدَّثناهُ أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عَيَّاش، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن سُلَيْمِ، عن أبي وَائِل، قال: خَرَجنا مع عَبْدِ الله بن مَسْعُود ومعنا الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم، فَمرَرنا على حدَّادٍ، فقامَ
(a) الحلية: يحالف.
(b) كذا في الأصل، ومثله في الحلية.
(c) أفسدتها الرطوبة، والإضافة من الحلية.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 110، ورواية الحلية فيها سقط كثير.
(2)
حلية الأولياء 2: 110.
عَبْدُ اللهِ يَنْظرُ حَدِيْدَة في النَّار، فنَظَر رَبِيعُ إليها فتَمايل يَسْقُط، فمَضَى عَبْدُ الله حتَّى أتينا على أتونٍ على شَاطِئ الفُرَات، فلمَّا رآهُ عَبْدُ اللهِ والنَّار تَلْتَهب في جَوْفهِ قَرأ هذه الآية:{إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} إلى قَوْله: {ثُبُورًا}
(1)
، فصعِقَ الرَّبِيْعُ، فاحْتَملناهُ فجِئنا بهِ إلى أهْلِه، قال: ثمّ رابَطهُ عَبْدُ الله إلى الظُّهْر فلم يُفِق، ثُمّ رَابطهُ إلى العَصْر فلم يُفِق، ثمّ رابَطهُ إلى المَغْرب فلَم يُفِق، ثمّ إنَّهُ أفاقَ فرجعَ عَبْدُ الله إلى أهْلهِ.
[قال أبو](a) نُعَيْم
(2)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عليّ، عن مُحَمَّد، عن رَجُلٍ من أسْلَم من المُبَكِّرين إلى المَسْجِد، قال: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم إذا سَجَدَ فكأنَّهُ ثَوْبٌ مَطْرُوح فتَجيءُ العَصَافِيْر فتَقَع عليهِ.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد
(4)
، قال: حَدَّثَنَا ابن فُضَيْل، عن أَبِيهِ، عن سَعيد بن مَسْرُوق، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ لَبسَ قَمِيْصًا سُنْبُلانيًّا أرَاهُ ثَمن ثَلاثة دَرَاهِم أو أرْبعة، فإذا مَدَّ كُمّه بلغَ أظْفَاره، وإذا أرْسَلَهُ بَلغَ سَاعدَهُ، فإذا رأى بَيَاض القَمِيْص، قال: أي عُبَيْدُ؛ تواضَع لرَبِّك! ثُمَّ يَقُول: أي لُحَيْمَة، أي دُمَيَّة، كيف تَصْنعان إذا {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ}
(5)
(6)
.
(a) أفسدته الرطوبة.
_________
(1)
سورة الفرقان، الآيتان 12 - 13.
(2)
حلية الأولياء 2: 114.
(3)
حلية الأولياء 2: 113.
(4)
هناد: كتاب الزهد 2: 371 - 372.
(5)
سورة النبأ، من الآية 20.
(6)
سورة الفجر، من الآيات 21 - 23.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبو حَيَّان، قال: حَدَّثَني أبي، قال: كان رَبِيع بعدَما سَقَطَ شقُّهُ يُهَادَى بين رَجُلَين إلى مَسْجِد قَوْمه، فكان أصْحَابُ عَبْدِ الله يقولُون: يا أبا يَزِيد، لقد رخَّصَ اللهُ لك، لو صلَّيْتَ في بَيْتكَ؟ فيقُول: إنَّهُ كما تَقُولُونَ، ولكنِّي سَمِعْتُهُ يُنَادِي: حَيّ على الفَلَاح، فَمن سَمِعَ منكُمُ يُنَادِي: حَيّ على الفَلَاح فليُجِبْه ولو زَحْفًا، ولو حَبْوًا.
قال
(2)
: رَوَاهُ جَرِيرٌ، عن أبي حَيَّان نحوه، حدَّثناهُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، عن أبي حَيَّان التَّيْمِيّ، عن أَبِيهِ، قال: أصَابَ الرَّبِيْعَ الفَالِجُ، فكان يُحْمَل إلى الصَّلاةِ، فقيل له: إنَّهُ قد رُخِّصَ لك؟ فقال: لقد عَلمِتُ، ولكنِّي أسْمَعُ النِّدَاء بالفَلَاح.
قُلتُ: وقد رَوَاهُ [عَبْد الله بن المُبارَك](a) ، عن سُفْيان، عن أبي حَيَّان مثله؛ أخْبَرناهُ الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن أبي المَعَالِي الصَّالِحِيّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أبي الحَسَن، قال: قَرَأتُ على مُحَمَّد بن الحُسَين الإمَام: أخْبَركُم مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا حَمَّاد بن أحْمَد، وعبد الله بن مَحْمُود، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا سُفْيان، عنِ أبي حَيَّان، عن أَبِيِهِ، قال: عَرَض لرَبيْع بن خُثَيْمِ الفَالجِ، فكان يُهَادَى بين رَجُلَين، فقيل له: يا أبا يَزِيد، لو جَلَسْتَ فإنَّ لك رُخْصَةٌ، فقال: إنِّي أسْمَعُ: حَيّ علي الفَلَاح؛ فإذا سَمِعَ أحَدكم: حَيّ على الفَلَاح فليُجِب ولو حَبْوًا.
(a) مطموسة بفعل الرطوبة، والتعويض من سند الحديث.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 113.
(2)
حلية الأولياء 2: 113.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد في حَنْبَل، قال: حَدَّثَنى زِيَاد بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا علىِّ بن يَزِيد الصُّدَائِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَجْلان، عن نُسَيْر، قال: بتُّ بالرَّبِيْع بن خُثَيْم ذات لَيْلَةٍ، فقام يُصَلِّي، فمَرَّ بهذه الآيةِ:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ}
(2)
الآية، فمكُثَ لَيْلَتَهُ حتَّي أصْبَح ما يَجُوزُ هذه الآية إلى غيرها ببُكَاءٍ شَدِيدٍ.
قال أبو نُعَيْم
(3)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد الأصَمّ الحِمَّانيّ عمَّن حَدَّثَهُ -بعضُ [أصْحَاب](a) الرَّبِيْع- قال: رُبَّما عَلَّمْنَا شَعرَهُ عند المَسَاءَ، وكان ذا وَفْرة، ثُمَّ يُصْبح والعَلَامَةُ كما هي، فنَعْرف أنَّ الرَّبِيْع لَم يَضَع جَنْبه لَيْلَهُ على فِرَاشهِ.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أبو النَّضْرِ العِجْليِّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، قال: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم يَبْكي حتَّى تَبُلّ لِحْيَتَهُ دُمُوعُهُ، فيقُول: أدْرَكنا أقْوَامًا كُنَّا فىِ جَنْبهم لصُوصًا.
وقال
(5)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عَيَّاش، عن عَاصِمٍ، قال: قيل
(a) مطموسة في الأصل، والتعويض من الحلية.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 112.
(2)
سورة الجاثية، من الآية 21.
(3)
حلية الأولياء 2: 112.
(4)
حلية الأولياء 2: 108 - 109.
(5)
حلية الأولياء 2: 113.
للرَّبِيْع بن خُثَيْم: ألَا تَمَثَّل ببَيْت شِعْرٍ؛ فقد كان أصْحَابك يَتَمثَّلُون؟ قال: ما من شيءٍ يُتَكَلَّم به إلَّا كُتِبَ، وأنا أكْرَهُ أنْ أَقرأ في إمَاميِ بَيْتَ شِعْرٍ يَوْم القِيامَةِ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد الحَنْبَليِّ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْدِ الله، قالت (a): أخْبَرَنا الحُسَينُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَن بن الحَسَنِ بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني العبَّاس بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعيد، عن أبي بَكْر بن عَيَّاش، عن عَاصِم، قال: قال رَجُلٌ للرَّبِيْع بن خُثَيْم: ما يَمْنَعُكَ أنْ تَمَثَّلَ بَيْتًا من شِعْرٍ؛ فإنَّ أصْحَابكَ كانوا يَفْعلُون ذلك؟ قال: إنَّهُ ليس أحدٌ يَتَكلَّم بكَلَامٍ إلَّا كُتِبَ، ثُمَّ يُعْرض عليه يَوْم القِيامَة، وإنِّي والله أكْرَهُ أنْ أقْرأَ في إمَامي يَوْم القِيامَة بَيْتَ شِعْرٍ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا غَسَّان بن المُفَضَّل الغَلَابِيّ، قال: سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُر أنَّ الرَّبِيْع بن خُثَيْم كان بالأهْوَاز ومعَهُ صَاحِب له، فنَظَرت إليه امرأةٌ فتَعرَّضَتْ له، ودَعَتْه إلى نَفْسها، فبَكَى الشَّيْخُ، فقال له صَاحِبُه: ما يُبْكِيْكَ؟ قال: إنَّها لَم تَطْمَعْ في شَيْخَيْن إلَّا ورَأتْ شُيُوخًا مثْلَنا!.
أخْبَرَنا أبوِ بَكْر عَبْد الله بن أبي المَحَاسِن القُرَشِيّ التَّاجر، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات بن زُرَيْق، وشُهْدَة بنت الإِبَرِيّ الكَاتِبة، ح.
(a) الأصل: قال.
_________
(1)
كتاب الصمت وآداب اللسان 308.
(2)
حلية الأولياء 2: 116.
وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِب أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَرَائِطِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عبد الجَبَّار العُطَارِدِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن غِيَاث، عن الأَعْمَش، عن إبْراهيم، قال: جاء الرَّبِيْع بن خُثَيْم إلى عَلْقَمَة، فدَخَل المَسْجِد وكان في جَانب المَسْجِد جَمَاعَة من النِّسَاء، فجَعَلْنَ يَمْررن عليه في المَسْجِد، فغَضَّ بَصَرَهُ فلا يَلْتفتُ يَمِينًا ولا شمالًا.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلة، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا أبو هَمَّام، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان
(3)
، عن مَنْصُور، عن إبْراهيم، قال: قال فُلَان: ما أرَى رَبِيْعًا تَكَلَّم كَلَامًا منذُ عشرين عامًا إلَّا بكلمِةِ تصْعَدُ (a).
وقال أبو نُعَيْم
(4)
: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، قالْ حَدَّثَنَا سُفْيان (b)، قال: قال رَجُلٌ: صَحِبْنا رَبِيعَ بن خُثَيْم عشرين سَنَةً فما تكَلَّم إلَّا بكَلِمَة: نَصْعَدُ، وقال آخر: صَحِبْتُه سَنَتَين فما كَلَّمني إلَّا كَلِمَتَين.
وقال أبو نُعَيْم
(5)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن
(a) مهملة في الإصل والإعجام من كتاب المعرفة والتاريخ والحلية.
(b) بعده في الأصل: "عن منصور عن إبراهيم"، وضرب عليه، وليس هو في كتاب الحلية.
_________
(1)
الخرائطي: اعتلال القلوب 143.
(2)
حلية الأولياء 2: 109.
(3)
المعرفة والتاريخ 2: 563.
(4)
حلية الأولياء 2: 109 - 110.
(5)
حلية الأولياء 2: 110.
أحْمَد بن حَنْبَلِ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا شُجاع بن الوَلِيد، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن رَجُل من بني تَيْم اللهِ، قال: جالسْتُ الرَّبِيْع عَشر سِنِين، فما سَمِعْتُهُ يَسْأل عن شيءٍ من أمْر الدُّنْيا إلَّا مَرَّتَين؛ قال مرَّةً: حيَّةٌ وَالدِتُكَ؟ وقال مرَّة: كم لكم مَسْجِد؟.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز العبَّاسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بن الحَسَن المَكِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم العَبْقَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهيم الدَّيْبُلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح مُحَمَّد بن أبي الأزْهَر المَعْرُوف بابنِ زُنْبُور، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عن مُنْذِرٍ الثَّوْرِيّ، قال: كان الرَّبِيْع يَكْنس الحُشّ
(1)
مِرَارًا، فيقال له، فيقُول: إنِّي أُرِيْدُ أنْ آخُذ نَصِيْبي منهُ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بن أحْمَد المَقْدِسِيِّ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْدِ الله الوَهْبَانِيَّة، قالت: أخْبَرَنا الحُسَين بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَن بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْذَعِيِّ، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن عَمْرو الضَّبّيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَنِ الأسَدِيُّ، عن مُفَضَّل، عن رَجُلٍ، عن إبْراهيم -يعني التَّيْمِيّ- قال: أخْبَرَني مَنْ سَمِعَ الرَّبِيْع بن خُثَيْم عشرين سَنَةً لَم يَتَكلَّم بكَلَامٍ لا (a) نَصْعَد.
(a) كذا في الأصل، ومثله في كتاب ابن أبي الدنيا.
_________
(1)
الحُش والحَشّ: المتوضأ، سمي به لأنهم يذهبون عند قضاء الحاجة إلى البساتين أو إلى النخل المجتمع يتغوَّطون فيها. لسان العرب، مادة: حشش.
(2)
كتاب الصمت وآداب اللسان 217.
وقال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو حَيَّان التَّيْمِيّ، عن أَبِيهِ، قال: ما سَمِعْتُ الرَّبِيْع بن خُثَيْم يَذْكُر شَيئًا من أمْرِ الدُّنْيا قَطّ.
أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنَا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عن الأَعْمَش، عن مُنْذِر، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ كان يَكْنس الحُشّ بنَفْسه، فقيل له: إنَّك تُكْفى هذا، قال: إنِّي أُحبّ أنْ آخُذَ بنَصِيْبي من المهْنَة.
وقال أبو نُعَيْم
(3)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، قال: حَدَّثَني أبيّ، عن مَالِك بن مِغْوَل، عن الحَسَن، قال: قيلٍ للرَّبِيْع بن خُثَيْم: يا أبا عَبْدِ الله، لو جالَسْتَنا؟ فقال: لو فارَقَ ذِكْر المَوْت قَلْبِي سَاعةً فَسد علَيَّ.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الغِطْرِيْفيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا غالبُ بن الوَزِير الغُزِّيّ، قال: حدَّثنا ضَمْرَة، قال: حَدَّثَنَا حَفْص بن عُمَر، قال: كان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم لا يُعْطِي السَّائِلِ أقَلَّ من رَغِيفٍ، ويقُول: إنِّي لأسْتَحي من رَبِّي أنْ أرَى غَدًا في المِيْزَان نصْفَ رَغِيفٍ.
وقال
(5)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بنُ السَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عن عبد الرَّحْمن بن عَجْلان،
(1)
كتاب الصمت 217 - 218.
(2)
حلية الأولياء 2: 116، وانظر: كتاب الزهد لهناد 2: 408.
(3)
حلية الأولياء 2: 116.
(4)
حلية الأولياء 2: 116.
(5)
حلية الأولياء 2: 115.
عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، قال: كان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم إذا جاءَهُ سَائِلٌ قال: أطْعمُوه سُكَّرًا فإنَّ الرَّبِيْعَ يُحبُّ السُّكَّر.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد
(2)
، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، عن الأَعْمَش، عن مُنْذِر الثَّوْرِيّ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ قال لأهْلِه: اصْنَعوا لنا خَبِيْصًا، فصَنَعُوه (a) له، فدَعَا رَجُلًا به خَبَلٌ، فَجَعَل يلقمُهُ ولُعَابه يَسِيْل، فلّمَّا ذَهَب قال أهْلُهُ: تَكَلَّفْنا وصَنَعْنا، ما يَدْري هذا ما أكَلَ! قال الرَّبِيْعُ: لكن الله يَدْري.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد
(4)
، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة، عن الأَعْمَش، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن بَكْر بن مَاعِز، قال: كان بالرَّبِيْع بن خُثَيْم خَبَلٌ من الفَالِج، فكان يَسِيل من فيْهِ لُعَابٌ، قال: فمسَحْتُهُ يَوْمًا، فرَآني كَرِهْتُ ذلك، قال: والله ما أُحبّ أنَّهُ بأَعتَى (b) الدَّيْلَم على الله عز وجل.
أخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ
(5)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا الشَّريفُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيبُ، قال: أَخْبَرَنَا رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، ح.
(a) كتاب الزهد: فصنع، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت، وفي الحلية: فصنعوا.
(b) في الحلية: ما غنى.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 107.
(2)
هناد: كتاب الزهد 1: 343.
(3)
حلية الأولياء 2: 115.
(4)
هناد: كتاب الزهد 1: 231.
(5)
لم أقف عليه عند ابن عساكر.
وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّمِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الأرْتاحِيّ، عن أبي الحَسَن بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا هاشِمُ بن الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بنُ عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنَا عَاصِم، قال: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم يُصَلِّي، فسُرِقَ فَرَسُه، فقال له غُلَامُهُ: يُسْرَق (a) فَرَسُكَ وأنت تَنْظُر إليه، هذا عَمَلُ النَّاسِ!؟ قال: كُنْتُ بين يَدَي الله عز وجل ولَم أكُن أصْرفُ (b) وَجْهي عن الله تعالَى.
أخْبَرَنَا يُوسُف الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن شُجاع، قال: حَدَّثَنَا عَطَاء بن مُسْلِم، قال: سَمِعْتُ العَلَاءَ بن المُسَيَّب يَقُول: سُرِقَ للرَّبِيْع بن خُثَيْم فَرَسٌ، فقال أهْلُ مَجْلسه: ادْعُ الله عليهِ، قال: بل أدْعُ الله له؛ اللَّهُمَّ إنْ كان غَنِيًّا فاقْبِل بقَلْبه، وإنْ كان فَقِيْرًا فأَغْنِهِ.
وقال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَني أبي وعَمِّي أبو بَكْر، قالا: حَدَّثَنا عَبْد الله بنِ إِدْرِيس، عن عَمِّه، عن الشَّعْبِيّ، وذَكَرَ أصْحَاب عَبْد الله، فقَال: أمَّا الرَّبِيْعُ فأوْرَعُهُم وَرَعًا.
وقال: أخْبَرَنا أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بن يَعِيْش، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَم، قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن
(a) في الإشراف: سُرق.
(b) الإشراف: لأصرف.
_________
(1)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 97.
(2)
الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا 106.
مِغْوَل، قال: قال الشَّعْبِيّ: أَصِفهُم لك -يعني: أصْحَاب عَبْدِ الله- كأنَّك شَهِدتَهُم: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم أشَدّهم وَرَعًا.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي سَعْد بن الحُسَين الحَلَبِيَّان (a) بحَلَبَ، والقَاضِي حَسَن بن عَامِر العبَّاسيّ الكِلَابيّ البَابِيّ بباب بُزَاعَا، قالُوا: أخْبَرَنا أبو الفَرَجِ الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ بن أحْمَد الحَدَّاد، قِراءَةً عليهِ وأنا حَاضِرٌ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عَبْد الله بن عليّ المَعْرُوف بابنِ أبي العَزَائِم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو أحْمَد بن حَازِم بن أبي غَرَزَة، قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ الله -يعني ابن مُوسَى- قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع بن مُنْذِر، عن أَبِيهِ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم في قَوْله:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}
(1)
، قال: من كُلِّ أمرٍ ضَاقَ على النَّاس.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْرَاهيم المَقْدِسِيّ بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْد الله الوَهْبَانِيَّة، قالت: أخْبَرَنا الحُسَين بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْدَعيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بنُ أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن [صالحِ](b)، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْد الله بن الرَّبِيْع بن خُثَيْمِ، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِزٍ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْمٍ، قال: يا بَكْر بنَ مَاعِز، اخْزِن لسَانَكَ إلَّا فيما لك ولا عليكَ (c).
(a) بعدها في الأصل إشارة مخرج إلى ناحية اليمين ولا يتصل بنصّ.
(b) كلمة أخفتها الرطوبة، والمثبت من كتاب الصمت.
(c) عند ابن أبي الدنيا: إلا مما لك ومما عليك، وفي موضع آخر من كتابه بالإسناد ذاته 217: إلا مما لك ولا عليك.
_________
(1)
سورة الطلاق، من الآية 2.
(2)
ابن أبي الدنيا: كتاب الصمت وآداب اللسان 59 - 60، 217.
وقال: حدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني سُرَيْج (a) بن يُونُس، قال: حدَّثَنَا المُبارَك بن سَعيد، عن رَجُلٍ، عن بَكْر بن مَاعِز، قال: كان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم يَقُول: يا بَكْر بن مَاعِز، اخْزِن لسَانَكَ إلَّا فيما (b) لك، فإنِّي اتَّهَمْتُ النَّاس على دِيْني.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(2)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد العَبْسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حدَّثَنَا سُفْيان، عن أَبِيهِ، عن بَكْر بن مَاعِز، قال: قال لي الرَّبِيْع بن خُثَيْم: يا بَكْر بن مَاعِز اخْزِن عليك لسَانَكَ إلَّا ممَّا لك ولا عليك، فإنِّي اتَّهَمْتُ النَّاسَ على دِيْني، أطع الله فيما علمتَ، وما اسْتُؤثر بهِ عليك فكِلْهُ إلى عَالمِهِ؛ لأنا عليكم في العَمْدِ أَخْوف منِّي عليكم في الخَطَأ.
وقال أبو نُعَيْم
(3)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بن السَّرِيّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا أبو الأحْوَص، عن سَعيد -يعني ابن مَسْرُوق- عن مُنْذِرٍ الثَّوْرِيّ، قال: كان الرَّبِيْع إذا أتاهُ الرَّجُل يَسْألهُ، قال: اتَّقِ الله فيما عَلمتَ، ومَا اسْتُؤثر بهِ عليك فكِلْهُ إلى عَالمِهِ، لأنا عليكُم في العَمْدِ أَخْوَفُ منِّي عليكم في الخَطَأ، وما خِيْرَتَكم اليَوْم بخَيْر، ولكنَّه خَيْرٌ من آخر شَرّ منه، وما تَتَّبعُونَ الخَيْرَ حَقَّ اتِّباعهِ، وما تفرُّون من الشَّرِّ حَقَّ فرارة، ولا كُلّ ما أُنْزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أدْرَكتُم، ولا كُلّ ما تقرؤُونَ تَدْرُون ما هو، ثمّ يَقُول: السَّرَائر السَّرائرِ اللَّاتي يُخْفيْنَ من النَّاسِ وهُنَّ للّهِ تعالَى بَوَادٍ، والْتَمِسُوا دَوَاءَهُنَّ، ثمّ يَقُول: وما دَواؤُهنَّ إلَّا أنْ تَتُوب ثُمَّ لا تَعُود.
(a) الأصل: سريج.
(b) ابن أبي الدنيا: مما.
_________
(1)
كتاب الصمت وآداب اللسان 266.
(2)
حلية الأولياء 2: 108.
(3)
حلية الأولياء 2: 108.
(4)
هناد: كتاب الزهد 2: 459 - 460.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِك بن الأصْبَهَانِيّ، عمَّن حَدَّثَهُ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ قال لأصْحَابهِ: تَدْرُونَ ما الدَّاءُ والدَّوَاءُ والشِّفَاء؟ قالوا: لا، قال: الدَّاءُ: الذُّنُوبُ، والدَّوَاءُ: الاسْتِغْفَار، والشِّفَاءُ: أنْ تَتُوب ثُمَّ لا تعُود.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أَنْبَأنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنَا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بِن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله بن حَمْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنَا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن نَصْرٍ، قال: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، قال: قال الرَّبِيْع بن خُثَيْم: دَاءُ البَدَن: الذُّنُوب، ودَوَاؤُها: الاسْتِغْفَار، وشِفَاؤُها: أَلَّا [تَعُودَ](a) في الذَّنْبِ.
أَخْبَرنا أبو الحَجَّاج الأَدَمِيّ، قال: أخْبرنا أبو المكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(4)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنِ مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عليّ بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن يَزِيد، قال: سَمِعْتُ
(a) مطموسة في الأصل بفعل الرطوبة، والمثبت عن كتاب المجالسة.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 108.
(2)
لم أقف عليه عند ابن عساكر.
(3)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 159.
(4)
حلية الأولياء 2: 109.
فُضَيْل بن عِيَاضٍ يَقُول: كان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم يقُول في دُعَائهِ: أشْكُو إليكَ حَاجَةً لا يَحْسُن بَثُّها إلَّا إليكَ، فاسْتَغْفرك منها وأتُوبُ إليكَ.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن سُلَيمان الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَمْرو بن عُبَيْدة العُصْفُرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن زُفَر، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بن المُنْذِر، عن أَبِيهِ، قال: قال الرَّبِيْع بن خُثَيْم: مَنْ اسْتَغْفر الله كتبَ في رَاحتِه: آمنٌ من العَذَاب.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي سَهْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد العَبْسِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَفْص بن غَيَّاثٍ، عن أشْعَث، عن ابن سِيْرِيْن، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: أَقِلُّوا الكَلَامَ إلَّا بتِسْع: تَسْبِيح، وتَكْبير، وتَهْليل، وتَحْمِيد، وسُؤالك الخَيْر، وتعَوُّذك من الشَّرِّ، وأمْرُك بالمَعْرُوفِ، ونَهِيْك عن المُنْكَرِ، وقِرَاءة القُرْآن.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنت عَبْد الله، قالت: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ الله النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي الدُّنْيا
(3)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن صالح، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْد الله بن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِزٍ، قال: كان الرَّبِيْع بن خُثَيْم يَقُول: لا خَيْر في الكَلَام إلَّا في تِسْعٍ: تَهْليل الله، وتَكْبير (a)، وتَسْبِيح، وتَحْميد، وسُؤالك من الخَيْرِ، وتَعَوُّذك من الشَّرِّ، وأمْرُك بالمَعْرُوف، ونَهِيْك عن المُنْكَرِ، وقِرَاءتك القُرْآن (b).
(a) ابن أبي الدنيا: تهليل وتكبير.
(b) ابن أبي الدنيا: للقرآن.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 109.
(2)
حلية الأولياء 2: 109.
(3)
كتاب الصمت وآداب اللسان 84.
أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَة الله بن أحْمَد بن عَبْدِ الله بن طَاوُوس الشَّامِيّ، إمَام جَامِع دِمَشْق بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحمّد الخَطِيبُ بالأنْبَارِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عُبَيْد القُرَشِيّ (a)، [قال] (b): حَدَّثَنا [عَبْدُ الرَّحْمن بن صالحِ](c) الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْدِ الله بن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِز، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم أنَّهُ كان إذا قيل له: كيفَ أصْبَحْتَ؟ قال: أَصْبَحْنا ضُعَفَاءَ مُذْنبينَ؛ نَأكُلُ أرْزَاقَنا، ونَنْتَظِر [آجالَنا](d).
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم بن مُحَمَّد اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِنَانٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عُمَر بن ذَرّ، قال: قيل للرَّبْيِع بن خُثَيْم: كيفَ أصْبَحْتَ يا أبا يَزيد؟ قال: أَصْبَحْنا ضُعَفَاءَ مُذْنبِين؛ نَأكُلُ أرْزَاقَنا، ونَنْتَظِرُ آجالَنا.
وقال أبو نُعَيْم
(2)
: حَدَّثَنا عَبْد الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْلٍ (e)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَهْدِي، قال: حَدَّثَنَا
(a) لم أجده في كتب ابن أبي الدنيا ورسائله.
(b) مطموسة في الأصل.
(c) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة، وتقدم اسمه في العديد من الروايات.
(d) كلمة غير مقروءة في الأصل، وتتكرر فيما يلي في العديد من الروايات.
(e) الأصل: ابن أبي شبل، وضرب على كلمة "أبي"، والمثبت موافق للحلية في عشرات المواضع منه.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 109.
(2)
حلية الأولياء 2: 109.
سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أَبِيهِ، عن أبي يَعْلَى، قال: كان الرَّبِيْع إذا قيل له: كيفَ أصْبَحْتُم؟ يَقُول: ضُعَفَاء مُذْنبين؛ نَأكلُ أرْزاقَنا، ونَنْتظِر آجَالَنا.
قال أبو نُعَيْم
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثنَا سُرَيْج (a) بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن جَعْفَر، عن حَبِيْب بن حَسَّان، عن مُسْلمِ البَطِيْن أنَّ الرَّبِيْع بن خُثَيْم جاءَتْهُ ابْنَتُهُ فقالت: يا أبَتاهُ، أذْهَبُ ألْعَبُ؟ قال: اذْهبي فقُولي خَيْرًا.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدسِيّ، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْد الله الوَهْبَانِيَّة، قالت: أخْبَرَنا الحُسَين بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بنُ صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران الأَخْنَسِيّ، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن فُضَيْلٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَيَّان التَّيْمِيّ، عن أَبِيهِ، قال: رأيْتُ لبنْت الرَّبِيْع بن خُثَيْم ابْنَةً (b) فقالت: يا أبَتَاهُ، أذْهَبُ ألْعَبُ؟ فقال: يا بُنَيَّة، اذْهَبي قَوْلي خَيْرًا.
وقال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الأسَديّ، قال: حَدَّثَنَا قَيْس بن سُلَيم العَنْبَرِيّ، عن جَوَّاب (c) التَّيْمِيّ، قال: جاءت أُخْتُ الرَّبِيْع بن خُثَيْمٍ عَائِدةً إلى بُنيّ له، فانْكَبَّتْ عليه، فقالت: كيفَ أنْتَ يا بُنيّ؟ فَجَلسَ رَبِيْع فقال: أرْضَعْتِيه؟ قالت: لا، قال: ما عليك لو قُلْتِ: يا ابنَ أخي؟ فصَدَقْتِ.
(a) الأصل: سريح.
(b) ابن أبي الدنيا: رأيت ابنة الربيع
…
أتته.
(c) في الأصل: حوات؛ بإهمال أوله، ومثناة فوقية في آخره، والمثبت كما في كتاب ابن أبي الدنيا، وهو جراب بن عبيد الله التيمي الأحمر الكوفي. انظر في ترجمته في: تاريخ الإسلام 3: 220، وتهذيب الكمال 5:159.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 115.
(2)
كتاب الصمت وآداب اللسان 218.
(3)
كتاب الصمت وآداب اللسان 254 - 255.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن مَحْمُود، قال: حَدَّثَنَا مُبَارَك بن سَعِيْد، عن يَاسِيْن الزَّيَّاتِ، قال: جاءَ ابنُ الكَوَّاء إلى الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: دُلَّني على مَنْ هو خَيْر منكَ، قال: نَعَم، مَنْ كان مَنْطِقهُ ذِكْرًا، وصَمْتهُ تَفَكُّرًا، ومَسِيْرهُ تَدَبُّرًا، فهو خَيْرٌ منِّي.
قال أبو نُعَيْم
(1)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن المُسَاوِر، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن عُثْمان، قال: حَدَّثنا سَعيد بن عَبْد الله، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِزٍ، قال: قال ابنُ الكَوَّاء للرَّبِيْع بن خُثَيْم: ما نَرَاك تَعِيْبُ أحدًا ولا تَذمُّه؟ فقال: وَيْلَكَ يا ابنَ الكَوَّاءِ، ما أنا عن نَفْسِي برَاضٍ فأتَفرَّغ من ذَنْبي إلى حَدِيثِ النَّاسِ، إنَّ النَّاسَ خَافوا الله على ذُنُوب النَّاسِ وأمنُوهُ على نفُوسهم.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثنا أبو العبَّاس السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا أبو هَمَّام، قال: حَدَّثنا سَعيدُ بن عَبْد الله بن الرَّبِيْع، عن أبي طُعْمَة نُسَيْر بن ذُعْلُوق، عن بَكْر بن مَاعِز، قال: قال الرَّبِيْع بن خُثَيْم: النَّاس رَجُلَان: مُؤْمِنٌ وجَاهِلٌ؛ فأمَّا المُؤْمِنُ فلا تُودّه (a)، وأمَّا الجَاهِل فلا تُجَاهِلْهُ.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن شُجاعٍ، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن خَلِيفَة، عن سَيَّارٍ أبي الحَكَم، عن أبي وَائِل، قال: أتَينا الرَّبْيِع بن خُثَيْم، فقال: ما جاءَ بكُم؟ قُلْنا: جِئْنا لتَحْمَدَ
==
(a) الحلية: تؤذه.
(1)
حلية الأولياء 2: 110.
(2)
حلية الأولياء 2: 110 - 111.
(3)
حلية الأولياء 2: 111.
الله ونَحْمَدهُ معك، وتَذْكُرَ الله ونَذْكُرَهُ معك، قال: الحَمْدُ للّهِ الّذي لَم تَأتُوني تقُولُون: جئنا تَشْرَبُ فنَشْرب معك، وتَزْني فنَزْني معكَ.
أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْد الله، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الدُّنْيا
(1)
، قال: حَدَّثَني عليّ بن الحَسَن (b)، عن زَيْد بن الحُبَاب، عن صالحِ بن مُوسَى، عن أَبِيهِ، قال: سَمِعَ الرَّبِيْع بن خُثَيْم رَجُلًا يُلَاحِي رَجُلًا، فقال: مَهْ! لا تَلفْظ إلَّا بخَيْر، ولا تَقُل لأخيك إلَّا ما تُحِبُّ أنْ تَسْمَعَهُ من غيرك؛ فإنَّ العَبْدَ مَسْؤُولٌ عن لَفْظه مُحْصَىً عليه ذلك {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}
(2)
.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا أبو قُدَامَة عُبَيْد الله بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن سَالِم بن أبي حَفْصَة، عن مُنْذِر الثَّوْرِىِّ، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: حَرْف وأيّما حَرْف! مَنْ يُطع الرَّسُولَ فقد أطَاعَ الله.
وقال أبو نُعَيْم
(4)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بنُ السَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الأحْوَص، عن سَعيد بن مَسْرُوق، عن مُنْذِر الثَّوْرِيّ، قال: قال الرَّبِيْع بن خُثَيْم: سُوْرةٌ يَرَاها النَّاس قَصِيْرة، وأنا أرَاها طَوِيلَةً عَظيِمة، لله تعالَى بَحْتًا ليسَ لها خِلْطٌ، فأيُّكم قَرَأها فلا يَجْمعنَّ إليها شيئًا، اسْتِقْلالًا لها، وليَعْلَم أنَّها مُجْزئة؛ يعني: سُوْرة الإخْلَاصِ.
(a) الأصل: قال.
(b) عند ابن أبي الدنيا: الحسين، ولم أقف عليه فمن أخذ عن ابن الحباب.
_________
(1)
كتاب الصمت وآداب اللسان 100 - 101.
(2)
سورة المجادلة، من الآية 6.
(3)
حلية الأولياء 2: 115.
(4)
حلية الأولياء 2: 107 - 108.
وقال
(1)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم الحَرِبيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُقَاتِل، قال: حَدَّثَنَا ابنُ المُبارَك، عن سُفْيان، ح.
قال: وحَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَنَا الأشْجَعيِّ، قال: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُول: قال الرَّبِيْع بن خُثَيْم: أريدُوا هذا الخَيْر بالله (a) تَنَالُوه لا بغَيْره، وأكْثِروا ذِكْرَ هذا المَوْت الّذي لَم تَذُوقُوا قَبْله مثْلَهُ، فإنَّ الغَائِب إذا طالَتْ غَيْبَتُه رُجِيَتْ جَيْئَتُهُ (b)، وانْتَظَرهُ أهْلُه، وأوْشَك أنْ يَقْدم عليهم.
وقال
(2)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن عَبْدِ الله، عن نُسَيْر، عن بَكْر بن مَاعِزٍ، قال: كان الرَّبِيْع يَقُول: أكْثِرُوا ذِكْرَ هذا المَوْت الّذي لَم تَذُوقُوا قَبْلَهُ مثْلَهُ.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ شِبْل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، عن سُفْيان، عن أَبيِهِ، عن أبي يَعْلَى، عن الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: ما غائبٌ يَنْتَظرهُ المُؤْمِن خَيْرٌ من المَوْت.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُبَيْد، عن حُصَيْن، قال: قال الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم: عَجِبْتُ لمَلَك المَوْت ولثَلاثةٍ: لمَلِك مُمَنَّعٍ (c) في حُصُونه يأتيهِ مَلَكُ المَوْت فيَنْزِع نَفْسَهُ ويدَعُ مُلْكَه خَلْفَهُ، ومِسْكِين مَنْبُوذ بالطَّريق يقْذَره النَّاسُ أنْ يَدنُوا منه لا يَقْذَرهُ مَلَكُ المَوْتِ أنْ يأتِيَهُ فيَنْزِع نَفْسَه، ولطَبِيْبٍ نِحْرير يَأتيهِ مَلَكُ المَوْت فيَنْزِع نَفْسَه، ويَدَعُ طِبَّهُ خَلْفَهُ.
(a) الحلية: الله.
(b) الحلية: وجبت محبته.
(c) الحلية: يمنع.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 112.
(2)
حلية الأولياء 2: 114.
(3)
حلية الأولياء 2: 114.
(4)
حلية الأولياء 2: 115، وسقط من نشرة الكتاب ذكر الطبيب.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مُصْعَب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَان بن مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع بن المُنْذِر، عن أَبِيهِ، قال: قال الرَّبِيْع: يا مُنْذِر، قُلتُ: لَبَّيْكَ، قال: لا يَغُرُنَّكَ كَثْرة اليَأس (a) من نَفْسكَ فإنَّهُ خَالِصٌ إليك عَملُكَ.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن [إبْراهيم](b)، قال: حَدَّثَني عُثْمان بن زُفَر، قال: حَدَّثَنَا رَبِيْعُ بن مُنْذِر، عن أَبِيهِ الرَّبِيْع بن خُثَيْم، قال: كُلّ ما لا تَبْتَغي بهِ وَجْه الله يَضْمَحلّ.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَهْدِي، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن النَّضْرِ الحَارِثِيّ، قال: كان الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم يَقُول: تَفَقَّه ثُمَّ اعْتَزِل.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ عليّ بن أحْمَد بن الحَسَن المُوَحِّد، قال: أخْبَرَنا أَبو المُظَفَّر هَنَّادُ بن إبْراهيمَ النَّسَفِيّ القَاضِي، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عُمَر بن بِلَال، قال: سَمِعْتُ عليّ بن أحْمَد بن عليّ الوَرَّاق، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحَسَن الزَّاهِد يَقُول: أصَابَ ابن خُثَيْم فَالِجٌ، فقيل له: لو تَدَاوَيْتَ؟ فقال: قد هَمَمْتُ ثمّ ذكرْتُ {وَعَادًا وَثَمُودَ} {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}
(3)
كانت
(a) في الحلية: ثناء الناس، وكلمة "ثناء" ليست في أصوله، أضيفت على النص بين حاصرتين.
(b) مطموسة في الأصل بفعل الرطوبة، والمثبت عن الحلية في سند الرواية قبلها.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 112.
(2)
حلية الأولياء 2: 107.
(3)
سورة الفرقان، من الآية 38.
فيهم الأوْجَاع، وكان فيهم الأطِبَّاء، فهَلَكَ المُدَاوِي والمُدَاوَى، ولَم يغنِ الدَّوَاء شيئًا.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو عبد الرَّحْمن مُحمّد بن مُحمَّد الكُشْمَيْهَنِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد بن الحُسَين القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحمد بن شَاذَان، قال: أخْبَرنا عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيل الهَاشِميّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عُبَيْدٍ القُرَشِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَني أبي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن شَقِيْق، عن عَبْد الله بن المُبارَك، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، قال: كَتَبَ الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم إلى بَعْضِ إخْوَانه: أنْ زُمَّ (a) جهَازَك، وكُن وَصِيّ نَفْسِك، ولا تَجْعَل أوْصيَاءَك الرِّجَال.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ، قال: أخْبَرَنا أبوِ المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن سَلْم، قال: حَدَّثَنَا هَنَّاد بن السَّرِيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا المُحَارِبِيّ، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: قيل للرَّبِيْع بن خُثَيْم: ألَا نَدْعُو لك طَبِيْبًا؟ قال: أَنْظِرُوني، قال: فتَفَكَّر، ثُمَّ قال:{وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}
(4)
، قال: فذَكَرَ من حرْصهم على الدُّنْيا، ورَغْبَتهم كانت فيها، وقال: قد كانت فيهم أطِبَّاء وكان فيهم مَرْضَى، فلا أرَى المُدَاوِي بَقِي ولا المُدَاوَى، وأُهْلِك (b) النَّاعِت والمَنْعُوت (c)، لا حَاجَة لي فيه.
(a) كذا في الأصل بالزاي، وفي رسالة ابن أبي الدنيا: رم؛ بالراء.
(b) كتاب الزهد: هلك.
(c) كتاب الزهد: والمنعوت له.
_________
(1)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة قصر الأمل) 3: 703.
(2)
حلية الأولياء 2: 106.
(3)
هناد: كتاب الزهد 1: 230.
(4)
سورة الفرقان، من الآية 38.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بن أبي بَكْر، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّم بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتَاحيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين -قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب- قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن علي الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا الحِمَّانيُّ، عن المُحَارِبِيّ، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: قيل للرَّبِيْع بن خُثَيْم في مَرَضِه الّذي ماتَ فيه: ألَا نَدْعُو لك طَبِيْبًا؟ قال: أَنْظِرُوني أَتَفَكَّر (a)، ثُمَّ تَفّكَّر فقال: إنَّ {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}
(3)
قد كانت فيهم أطِبَّاءُ، فما أَرَى المُدَاوِي بَقي ولا المُدَاوَى.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَمُّويّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيِّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن عَوْن، قال: حَدَّثَنَا أبو حَيَّان التَّيْمِيِّ، عن أَبِيهِ، قال: كَتَبَ
(a) الدينوري: حتى أتفكر.
_________
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 37.
(3)
سورة الفرقان، من الآية 38.
(4)
سنن الدارمي 2: 405.
الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم وَصِيَّتَهُ: بِسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحِيْم، هذا ما أوْصَى به الرَّبِيْعُ بن خُثَيْم، وأشْهَد اللهَ عليه، وكَفَى به شَهِيْدًا، وجَازِيًا لعِبَاده الصَّالِحين ومُثِيْبًا، بأنْ رَضِيتُ بالله رَبًّا، وبالإسْلَام دِيْنًا، وبمُحَمَّد نَبيًّا، وأنْ آمُر نَفْسِي ومَنْ أطَاعَني أنْ نَعْبُد الله في العَابِدِين، ونَحْمَدَهُ في الحَامِدِين، وأنْ نَنْصَح لجَمَاعَةِ المُسْلمِيْن.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُوسَى بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، عن أبي حَيَّان التَّيْمِيّ، عن أَبِيهِ، قال: كانت وَصِيَّة الرَّبِيْع: هذا ما أوْصَى بهِ الرَّبِيْعُ، ح.
قال: وحَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن أَبِيهِ، عن مُنْذِرٍ الثَّوْرِيّ، عن الرَّبِيْع أنَّهُ أوْصَى عند مَوْتهِ، فقال: هذا ما أوْصَى به الرَّبِيْعُ على نَفْسه، وأشْهَدَ الله عليهِ، وكَفَى بهِ شَهِيْدًا، وجَازِيًا لعبَادِهِ الصَّالِحينَ ومُثِيْبًا، بأنِّي رَضِيْتُ باللهِ رَبًّا، وبمُحَمَّدٍ نَبيًّا، وبالإسْلَام دِيْنًا، ورَضِيتُ لنَفْسِي ومَنْ أطَاعَني بأنْ أعبُدَهُ في العَابِدِين، وأحْمَدَهُ في الحَامِدِين، وأنْصَح لجَمَاعَةِ المُسْلمِيْنَ.
قال أبو نُعَيْم
(2)
: رَوَاهُ شُعْبَةُ، عن سَعيد بن مَسْرُوق، عن الرَّبِيْع. قال شُعْبَة: فقُلْتُ لسَعيْد: مَنْ حَدَّثك بهذا؟ قال: حَدَّثنيهِ الحَسَنُ عن الرَّبِيْع مثْلَهُ.
قال أبو نُعَيْم
(3)
: حَدَّثَنَا عَبْد الله بنُ مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ أبي سَهْلٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا ابن مَهْدِي، عن سُفْيان، عن سُرِّيةِ
(1)
حلية الأولياء 2: 111 - 112.
(2)
حلية الأولياء 2: 112.
(3)
حلية الأولياء 2: 114.
الرَّبِيْع، قالت (a): لمَّا حُضِرَ الرَّبِيْع بَكَت ابْنَتُه، فقال: يا بُنَيَّة، لِمَ تَبْكِين، قُوْلي: يا بُشْرَاي؛ لَقِي أبي الخَيْرَ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن حَمْد بن حَمَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاء في كتابهِ، عن أبي إسْحاق الحَبَّالِ وخَدِيجَة المُرَابِطَة -قال الحَبَّال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّرَسُوسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحُسَين، وقالت خَدِيجَةُ: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الأَذَنيِّ، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن بن الحُسَين - قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا الفِرْيَابيِّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن أبي حَيَّان أنَّ الرَّبِيْع بن خُثَيْم قال عند مَوْته: لا تُعْلِمُوا بي أحدًا، وسُلُّوني إلى رَبِّي سَلًّا.
أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة إحْدَى وسِتِّين: الرَّبِيْع بن خُثَيْم، يَعْني ماتَ فيها (b).
الرَّبِيْعُ بن زِيَاد بن سَابُور -ويُقال: ابن سُلَيم بن سَابُور- الحَرَشِيّ مَوْلاهُم الكَاتِبُ
(1)
كان بالرُّصَافَة كَاتبًا لهِشَام بن عَبْد المَلِك على الرَّسَائِل، ووَلِيَ خَاتمهُ وحِجَابَهُ وحَرَسَهُ، وحَكَي عن هِشَام بن عَبْد المَلِك، وحَكَي عنه عليّ بن مُحَمَّد المَدَائنيّ (c).
(a) الأصل: قال.
(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.
(c) في الأصل: المداري، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وهو الأخباري صاحب التآليف.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ خليفة 362، تاريخ الطبري 7: 148، 201 (وسماه: الربيع بن سابور)، تاريخ ابن عساكر 72: 222 (في المستدرك).
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط
(2)
قال في تَسْمِيَةِ عُمَّال هِشَام: الخَاتم: الرَّبِيْع بن زِيَاد بن سَابُور (a) مَوْلَى بني الحَرِيْشِ الحَرَشِيّ، [الحَرَسُ](b) نُصَيْر مَوْلاهُ، ثُمَّ عَزَلَهُ ووَلَّى الرَّبِيْع بن زِيَاد مع الخَاتم الصَّغير والخَاصَّة (c).
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(3)
، قال: الرَّبِيْع بن زِيَاد بن سَابُور -ويُقال: ابن سُلَيم بن سَابُور- الحَرَشِيّ مَوْلاهُم الكَاتِبُ، كان حَاجِبًا لهِشَام بن عَبْد المَلِك، وكان على خَاتمِهِ وحَرَسِهِ، وحَكَي عن هِشَام، حَكَي عنه عليّ بن مُحَمَّد المَدَائنيّ (d) وأظُنُّه لَم يَلْقَهُ.
وذَكَرَ أبو الحُسَين الرَّازِيّ أنَّ الرَّبِيْع بن زِيَاد كان كَاتبًا لهِشَام بن عَبْد المَلِك على الرَّسَائِل والخَاتم.
رَبِيْع بنُ عَبْدِ الله الحَمَوِيُّ الشَّامِيُّ
كان من أهْلِ الحَدِيْث، من أهْلِ حَمَاة.
رَوَى عنهُ الشَّريف النَّسَّابَة أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أَسْعَد بن عليّ الجَوَّانِيّ،
(a) في تاريخ خليفة: الربيع بن شابور.
(b) كلمة أخفتها الرطوبة، والمثبت من تاريخ خليفة، وابن عساكر.
(c) في تاريخ خليفة: ولاة الخاتم، وولى الخاتم الصغير والخاصة: أصطخر أبو الزبير مولاه.
(d) الأصل: المداري، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 72: 222.
(2)
تاريخ خليفة 362.
(3)
تاريخ ابن عساكر 72: 222.
ونَقَلْتُ من خَطِّه في كتابهِ المُسَمَّى بالجَوْهَر المَكْنُون في النَّسَب
(1)
، قال مُؤلِّفُ هذا الكتاب الشَّريفُ النَّسَّابَة: وكان أحَدَ شُيُوخي في الحَدِيْث، ويُسَمَّى رَبِيْع بن عَبْد اللهِ الحَمَوِيّ الشَّافِعيّ، يَرْقِي العَقْرَبَ ويأخُذُها بعد أَنْ يَتْفل عليها قُدَّامِي، ويقُول شيئًا لا أفْهَمُه، فسَألتُه: ما تَقُول عليها؟ فقال لي: رُقْيَةٌ من بعضِ شُيُوخي يُسْندُها عن بَعْضِ مَنْ هَاجَرَ إلى الحَبَشَة أنَّهُ سَمِعَها من الحَبَشَة، يَقُولونَها ويأخُذُونَ العَقْرَبَ بها، وهي: هَلْسَا بَلْسَا بَكْفَى فَيْنَا، بَرْزَاثَا بدَهْدُوْ، هَدُّو، دَارَ بَكَزْ بالشّيْزَزْ بَكَزْ بَكَزْ مِمَّا رَكَزَ مُوْنِسَه سَمَنْكَرَه كَزَنْكَرَه، أَرَهْ. ثُمَّ قالها عليها قُدَامِى بَعْدَ أنْ تَفَلَ عليها من رِيْقِهِ، وأخَذَها، وقال لي: خُذْها أنت أيضًا، فقُلتُ: يا شَيْخ، غُرُّ غَيْري! واللهِ لا مَسَسْتُها أبَدًا، ولا دَنَوتُ منها إلَّا أنْ تكُون مَيِّتَةً، وإذا كانت مَيِّتةً ما أُمْسكُها اسْتِقْذارًا لها.
رَبِيع بن مَحْمُود بن هِبَةِ الله، أبو الفَضْل المَارِدِيْنِيّ
(2)
أحَدُ الأوْلِيَاء المَعْرُوفين بالكَرَامَات، وَرَدَ حَلَب مِرَارًا عِدَّة.
وكان له مع عَمِّي أبي غَانِم ووَالدِي صُحْبَة، وكان إذا قَدِمَ حلَبَ نَزَل بالمَسْجِد المَعْرُوف بنا، الّذي أنْشَأهُ جَدُّ أبي أبو غَانِم مُحَمَّد، وعَمر له وَالدِي زَاوِيَةً إلى جانب هذا المَسْجِد كان يَنْزلها إذا قَدِمَ حلَبَ.
وآخر قَدْمةٍ قَدِمَ حلَبَ قبل السِّتّمائة أو فيها، وخَرَجَ وَالدِي وعَمِّي إلى لقائه وأنا معهما، فالْتَقَيناهُ خَارج باب الأرْبَعِين بالقُرْبِ من خَان مَجْد الدِّين، وكُنْتُ
(1)
تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(2)
توفي سنة 602 هـ، وأورد له ابن العديم حكاية حكاها في تذكرته 218 - 219، وانظر ترجمته في: لسان الميزان 2: 446 - 448 (وأرخ وفاته سنة 652 هـ، وهو بعيد)، الإصابة 2: 223 وأورد فيه رواية عن ابن العديم نقلها من خط تقي الدين بن دقيق العيد، وقيَّد وفاته على الصحيح سنة 602 هـ.
إذْ ذاك صَبِيًّا لَم أبْلغ الحُلُم، وسَمِعَ المَلِكُ الظَّاهِر غَازِي بقُدُومه فخَرَجَ إلى لقائه، فوَصَلِ طَارِدًا فَرَسَهُ، فَوَصَلَ إلينا ونحنُ معه شَرْقي مَسْجِد السبرير (a)، فتَرَجَّل له عن فَرَسه، ومَشَى إليهِ وتبَرَّك بهِ، ودَخَلَ ونحنُ معه إلى الشَّيْخ عليّ بن الصَّكاكَّ (b) أبي الحَسَن الفَاسِيّ، وأحضَرَني وَالدِي بينَ يَدَيْهِ بحَضْرَة الشَّيْخ أبي الحَسَن، واسْتَقْرَأني شَيئًا من القُرْآن العَظِيْم فقَرَأتُه، ودَعا لي رحمه الله.
وسَمِعْتُه في ذلك اليَوْم يقول للشَّيْخِ أبي الحَسَن: يا شَيْخ، مُتْ حتَّى نَمُوتَ! فاتَّفَقَ أنَّ الشَّيْخ أبا الحَسَن تُوفِّي سَنَة إحْدَى وستِّمائة، ثمّ تُوفِّي رَبِيْع في أوَائِل سَنَة اثْنَتَيْن وستِّمائة، ثمّ إنَّ الشَّيْخ رَبِيْع انْفَصَل منِ زَاوِيَة الشَّيْخ عليّ الفَاسِيّ ودَخَلَ معنا إلى المَسْجِد، فأقام به عندنا مُدَّة، ثمّ سَافَر.
وكان الشَّيْخ رَبِيْع حَنَفيِّ المَذْهَب، وسَمِعَ الحَدِيْث من الحافِظ أبي مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، ورَوَى عنهُ وعن ابن أبي الصَّيْف المَكّيِّ، رَوَى لنا عنْهُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أحْمَد بنِ قُرْنَاص، وعَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، وحَكَي لي عنه أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة الحَضْرَميّ، وَأبو الحَجَّاج يُوسُف بن أبي طَاهِر الجَزَرِيّ الكُرْدِيّ، والأَمِير عليّ بن سُلَيمان بن أَيْدَاش أمير الحَاجّ الشَّاميِّ، والقَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد ابن شَيْخنا أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن ابن الأُسْتَاذ، وعَمِّي أبو المَعَالِي عبد الصَّمَد بن هِبَة الله، والشَّيْخ أبو القَاسِم الإسْعِرْديّ نَزِيلُ البَيْت المُقَدَّس، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي سَعْد.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أحْمَد بن قُرْنَاص بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أبو الفَضْل رَبِيْع بن مَحْمُود بن هِبَة اللهِ المَارِدِيْنِيّ بحَمَاة، وقد قَدِمَ علينا
(a) كذا قيَّد اسمه، وصورته مسجد المسبرئر ولم أهتد لمعرفته، ولم أجد ما يُقارب رسمه ضمن تعداد ابن شداد للمساجد التي بداخل حلب والتي خارجها.
(b) يذكره في الجزء التاسع بعده (في ترجمة سعد الله المنبجي): السكاك، بالسين.
سَنَة إحْدَى وتِسْعِين وخَمْسِمائَة؛ قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الإمَام أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الشَّافِعيّ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم بن مُحَمَّد بن الفَتْحِ السُّلَمِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن طَلَّاب الخَطِيب، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الغَسَّانيِّ
(1)
بصَيْدَا، قراءةً منهُ علينا في دَارِه، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأَذَنِيّ، قال: مَكْتُوبٌ على حَاشِيَة التَّوْراة اثْنين وعشرين حَرْفًا يَجْتَمعُ (a) إليها عُلمَاءُ بني إِسْرَائِيل يَقْرؤُونها كُلّ يَوْم، أَوَّلها: لا كَنْز أنْفَعِ من العِلْم، ولا مَال أرْبَح من الحِلْم، ولا حَسَب أرْبَح من الأدَب، ولا نَسَب أوْضَع من الغَضَب، ولا قَدر أزْيَن من العَقْلِ، ولا قَرِين أشْيَن من الجَهْلِ، ولا شَرف أكْبَر من التَّقوَى، ولا كَرَم أجْوَد من تَرْك الشَّهَوات، ولا عَقْل أفْضَل من التُقَى (b)، ولا حَسَنة أعْلَىِ من الصَّبْر، ولا سَيِّئة أسْوَأ من الفَقْر، ولا دَوَاء ألْيَن من الرِّفْق، ولا دَاء أوْجَع من الحُزْن، ولا دَلِيْل أوْضَح من الصِّدْقِ، ولا غِنَى أَسْمَي من الحَقِّ، ولا فَقْر أذَلّ من الطَّمَع، ولا عِبَادة أحْسَن من الخشُوع، ولا زُهْد خَيْر من القنُوع، ولا حَيَاة أطْيَب من الصِّحَّة، ولا حَارِس أحْرَس من الصَّمْت، ولا مَعِيْشَة أهْنأ من العَافِيَةِ، ولا غَائِب أَقْرَب من المَوْتِ.
حَدَّثَني عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: قال لي الشَّيْخُ رَبِيْع بن مَحْمُود: كُنْتُ مع فُقَراءٍ فىِ البَرِّيَّةِ في طَريق مَكَّة، فتَمَشَّيْتُ معهم وأبْعَدْنا أمَام الحَاجّ، فقال بعضُنا: واللهِ كُنَّا نَشْتَهي في هذا المَوضِع رُطبًا،
(a) في الأصل: يجتمعون، ومثله في أصول معجم الشيوخ لابن جميع، والمثبت حسبما يأتي فيما بعد عند إعادته الرواية في ترجمة أبي سعيد الأذني.
(b) في معجم الشيوخ: التفكَّر، ومثله ما يرد في ترجمة أبي سعيد الأذني.
_________
(1)
ابن جُميع: معجم الشيوخ 385، وأعاد ابن العديم الرواية في ترجمة أبي سعيد الأذني في الكنى.
فقال فَقِيْرٌ من الجَمَاعَة: وتريدُون ذلك؟ فقُلْنا: نعم، فمَضَى وتَوَارَى عنَّا، فجاءَنا برُطب رَطْبٍ وما على الأرْض رُطْبَةٌ واحدةٌ، فأكَلْنا (a).
أنْشَدَني أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن أبي طَاهِر بن عليّ الجَزَرِيّ الكُرْديُّ، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ رَبِيْع يُنْشد هذين البَيْتَيْن ونحنُ سَائرُونَ من مَكَّة إلى المَدِينَةِ، ولَم نَسَمعْهُ يُنْشدُ غيرهما، وكان لا يَرَى إنْشَاد الشِّعْر ولا سَمَاعَهُ، وإذا سَمِعَ أحدَنا يُنْشِد بَيْتًا يُنْكِر عليه، والبَيْتان:[من الطويل]
لَيَالٍ وأيَّامٌ تَمُرُّ خَوَاليًا
…
من الوَصْلِ ما فيها لِقاءٌ ولا وَعْدُ
إذا قُلْتُ هذي مُدَّةٌ قد تَصَرَّمَتْ
…
أتَتْ مُدَّةٌ أُخْرى تَطُولُ وتَمْتدٌ
أخْبَرَني الشَّيْخ أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن أبي سَعْد الحَلَبِيّ، قال: كان الشَّيْخ رَبِيْع من أهْلِ مَارِدِين، وحَكَى لي أنَّهُ مَضَى إلى البَيْت المُقَدَّس ليزُورَهُ، وهو إذ ذاكَ في يَدِ الفِرِنْج، قال: وكنت أعيْشُ من عَمل الفَاعِل، وكُنْتُ أعْرف بمَارِدِين جَمَاعَةً من النَّصارَى، فنَزْلْتُ عندَهُم في القُدْس، وكُنْتُ أعْملُ عند الرُّهْبَان لأنَّهم لا يَمْنعُوني الصَّلاةَ، وكُنْتُ أقْتَاتُ ممَّا يَحْصُل لي من الأُجْرَة، وآخُذ ما يَفْضُل لي من الأُجْرَة وأزُور به الصَّخْرَةَ، وأَزِنُ للَّذي يَجْلِسُ على باب الصَّخْرَة لأخْذ الجُعْل من المُسْلمِيْن قَرْطيسًا في كُلِّ مرَّة، وكُلَّما فَضَل لي شيء فَعَلْتُ به هكذا، ودَخَلْتُ إلى الصَّخْرَة وزُرْتُ وصَلَّيْتُ، فكُنْتُ في بعضِ الأوْقَات لا أجِدُ شيئًا فجئتُ إليه يَوْمًا وليسَ معي شيء، فقال: هَاتِ، فقُلتُ: ما معي شيء، فقال: ادخُل، فأنْكَر عليه النَّصارَى، وقالُوا له: كيفَ تَتْرك هذا الرَّجُل يَدْخُل ولا تأخُذُ منه شيئًا؟ قال: فقال: إنَّهُ كان يُؤدِّي الّذي يُؤدِّيهِ من وَسْط قَلْبه، فلو كان معه شيء لأدَّاهُ؛ فلهذا تَرَكتُهُ.
(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة، وقدر سطرين من الصفحة بعدها.
أخْبرَني أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة بن سُلَيم بن عَبْد الوَارِث الحَضْرَميّ الحِمْيَرِيّ، قال: كُنْتُ سَمِعْتُ أنَّ الشَّيْخ رَبِيْع بن مَحْمُود أُمِّيٌّ لا يَعْرِفُ الخَطَّ، وأنَّهُ يَقْرأ القُرْآن في المُصْحَفِ، فجِئتُ يَوْمًا إلى موضِعهِ الّذي يَقْرأ فيه القُرْآن، فتَوَارَيْتُ عنه، فسَمِعْتُهُ يَقْرأ سُوْرة الفَتْحِ ويُؤدِّىِ أداءً حَسَنًا كأنَّهُ مارَسَ القراءَةَ ومَهَرَ فيها! فسَلَّمْتُ عليه، وقُلتُ: على مَنْ قرأتَ؟ فقال لي: على الّذي أنْزَلَهُ، فقُلتُ: هذا أجْدَرُ أنْ تُخْبرني به، فأطْبَقَ المُصْحفَ، وقال لي: كُنتُ بالمَدِينَة، على سَاكنها السَّلام، أعْمَل بالفَاعِل وأسْقي بالقِرْبَة، وما يَحْصُل لي في النَّهَار أعْمَل به جَفْنَة للفُقَراءِ مُدَّة اثْنَتي عَشرة سَنَةً، ولمَّا كان بعد ذلك جَعَلتُ أرَى كُلّ مَنْ ألْقَاهُ يُكَلِّمُني بكَلَام حِكْمَة من الطَّيْر والدَّوَابّ والجَمَاد والحِيْطَان وغيرها، فشَقّ عليَّ ذلك، وقُلْتُ: لا أُطِيْقُ حَملَ هذا لأنَّني لا أُحْسِن الكتابةَ، فوَقَع لي أنْ آتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأشْكُو إليهِ ما نَزَل بي، فجِئْتهُ وشَكَوتُ إليهِ، ونمْتُ فرَأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المَنَام، وقال لي: يا رَبِيْع، ادْعُ الله تعالَى أنْ يُسَهِّلَ عليك قراءةَ القُرْآن في المُصْحَفِ فهي أفْضَل العِبَادَة، فقُمْتُ وتَوَضَّأتُ وجِئْتُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وصَلَّيْتُ رَكْعَتَين عنده، ودَعَوتُ الله بما أمَرَني به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ونمْتُ فرَأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال لي: يا رَبِيْعُ، افْتَح المُصْحَفَ واقْرأ، فأخَذْتُ مُصْحَفًا كان عندي ففَتَحْتُه، وجَعَلْتُ أتَتبَّع سُوَرَهُ، ويَقَع لي أنَّ هذه الكَلِمَة: الحَمْدُ، والأُخْرى: لله، وما بَعْدها كذلك إلى أنْ خَتَمْتُ القُرْآن جَمِيْعَهُ. قال: وصَارَت عبادتَهُ بعدَ ذلك إلى أنْ ماتَ رحمه الله.
حدَّثَني الشَّيْخُ أبو الحَجَّاج يُوسُف بن أبي طَاهِر بن عليّ الجَزَرِيّ المَعْرُوف بالمُلَقِّن، قال: كان الشَّيْخُ رَبِيْع بن مَحْمُود المَارِديْنيّ (a)، قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، لا يَدَّخِر لغَدَاءٍ من عَشَاءٍ، ولا لعَشاءٍ من غَداءٍ، وكان لا يُفْطِر في كُلِّ شَهْر غير يَوْم أو
(a) الأصل: الماردي.
يَوْمَيْن، ويُؤْثر أصْحَابَهُ على نَفْسهِ، ولا يَأكُل من مالِ سُلْطانٍ، ولا جُنْدي، ولا من له قَطِيعةٌ (a) على وَقْفٍ، وصَحِبْناهُ مُدَّةً طَوِيلَةً في البِلَادِ مثل مَكَّة، والمَدِينَة، ودِمَشْق، وغيرها.
قال: وصَلَّيْتُ معه لَيْلَةً العشَاء الآخرة في الحَرَم الشَّريف بمَكَّة، فلمَّا فَرَغ من الصَّلاة قال لنا: قُومُوا بنا إلى العُمْرَة، وكُنَّا معه أرْبَعة نَفَرٍ وهو، فلمَّا وَصَلْنا إلى التَّنْعِيم وأحْرَمْنا بالعُمْرَة، وأقْبَلْنا إلى مَكَّة، ووَصَلْنا إلى مُتَّكأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وجَلَسْنا سَاعةً نتبرَّك بأثر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُمْنا مُتَوَجِّهين إلى مَكَّة، فلمَّا قَرُبْنا من مَوضِعٍ يُقال له: الشُّبَيْكَة، قال لنا الشَّيْخُ رَبِيْع: قفُوا مَكانكم، فوَقَفْنا، ثُمَّ أخَذَ على يَسارِ الطَّريق ومَشَى مُتَياسِرًا إلى أنَّنا ما بَقِينا نَرَى منه في ظَلَام اللَّيْل إلَّا شَبَحهُ، فسَمِعْنَاهُ يَقُول: سَلَام عليكم ورَحْمَة الله وبَرَكاته، فتأمَّلْنا وإذا بإنْسَان وَاقِفٌ معه، فصَافَحه ووَقَف معه ساعة ثمّ عاد إلينا، فقال لنا: امضُوا فصَافِحُوه، فجئنا فسَلَّمنا عليه وصَافَحْناهُ، فوَجَدنا يَده على غَايةٍ من اللِّين والتَّرف، وقُلْنا له: ادْعُ لنا، فقال لنا: غَفَر الله لكُم، ثُمَّ جَذَب يَدَهُ منَّا، ومَشَى على حالهِ مُتَوَجِّهًا إلى العُمْرَةِ، فلمَّا جئنا إلى الشَّيْخ رَبِيْع سَألْنَاهُ عنه، فقال: هذا اسْمُهُ عَبْد المَجِيْد اليَمَنِيّ، من أهْلِ اليَمَن، يُصَلِّي الخَمْس الصَّلَوَات في الحَرَمِ ولا يَرَاهُ أحدٌ.
قال لي يُوسُف المُلَقِّنُ: ومَضَيْتُ مع الشَّيْخ رَبِيْع لَيْلَةً إلى عُمْرة الحُدَيْبِيَة، وصَلَّينا بها المَغْربَ، فلمَّا أفْطَرنا أحْرَمنا وتوجَّهنا إلى مَكَّة، وكان الطَّريق وَعْرًا، فتُهْنَا عن الطَّريق، [فقال] (b) لنا الشَّيْخُ رَبِيْع: قفُوا؛ فإنَّ الطَّريق قد اشْتَبَهُ علينا في ظَلَام [اللَّيْل](c)، فوَقَفْنا على عزير (d) أنْ نَقفَ مكاننا إلى الصَّبَاح، ثُمَّ نَمْضي، ثُمَّ بَدَا للشَّيْخ رَأيٌ، فقال: سِيْرُوا بنا، فما أحْسَسْنَا بأنْفُسنا إلَّا في مَكَّة، حرَسَها اللهُ،
(a) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت على التقريب.
(b) كلمة أفسدتها الرطوبة.
(c) كلمة أفسدتها الرطوبة.
(d) كذا في الأصل!.
فسَألْنَاهُ -بعدَ أنْ طُفْنا بالبَيْت وسَعيْنا- عن ذلك، وقُلْنا: إنَّ هذا لعَجَبٌ؛ قُلْتَ لنا: بَيِّتُوا فقد تُهْنَا، ثمّ بَدَا لكَ فسرْت بنا فجئنا على العَادَة ولَم نَتُه عن الطَّريق؟! فقال: لمَّا قُلْتُ لكم: قفُوا، اشْتَبَه عليَّ الطَّريق فقُلْتُ لكم ذلك، فبعدَ سَاعةٍ رَفَع اللهُ البَيْتَ لي حتَّى علا على جَمِيع الجِبَال فوَقَع نَظَري عليه فقَصَدْتُه ولَم أزَل أؤُمّه حتَّى وَصَلْنا.
أخْبَرَني عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، والأَمِير عليّ بن سُلَيمان بن أَيْدَاش بن السَّلَّار، قالا: قال لنا الشَّيْخُ رَبِيْع: كُنْتُ بمَسْجِد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا وجَاء رَجُلٌ تُرْكيٌّ من أتْرَاك المَدِينَة إلى فَقِيْر فىِ المَسْجِد يَسْتَفْتيه، فقال له ذلك الفَقِيْر: امْضِ إلى الشَّيْخ رَبِيْع فهو علي مَذْهَبك، يُريدُ أنَّهُ حَنَفِيّ المَذْهَب، فجاءَ إليَّ، فقال: إنَّ رجُلًا من الزَّيْدِيَّةِ له بنْتٌ، وقد سَافَر عنها زَوْجها أو غَاب، وهم يُريدُون يَفْسَخُون النِّكَاح ويُزوِّجُوني بها، فهلِ يَجُوز ذلك لي؟ فقال له الشَّيخ رَبِيْع: قد ذَكَرَ أبوِ الحُسَين القُدُورِيّ فيِ مُخْتَصَره أنَّهُ لا يَحلّ ذلك حتَّى يَبْلغ مائةً وعشرين سَنَةً من يَوْم وُلد وبعد ذلك تُزَوَّج. فقال: فأنا أفْعَل ذلك.
قال الشَّيْخُ رَبِيْع: فلمَّا انْفَصَل عنِّي أخَذَني حَيَاءٌ وخَجَلٌ من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقُلتُ: مَنْ أنا حتَّى أفْتي بمَحْضَرٍ من رسُول الله صلى الله عليه وسلم، أمِنَ الفُقَهَاء أنا أم من المُفْتِين؟ والله ما هذا إلَّا جُرْأةٌ عَظِيمَةٌ، وأخَذَني حَياءٌ عَظِيم وخَجَلٌ، فنمتُ وأنا قَاعِدٌ، فرَأيْتُه صلى الله عليه وسلم وهو يَقُول لي: أفْلَحْتَ دُنيا وآخرة، لو لَم تَعْرف من العِلْم إلَّا هذه المَسْألَهَ لكفَتْكَ، قال: فاسْتَيْقَظتُ فسَمِعْتُه يقُول لي وأنا مُسْتَيقظٌ: أفْلَحْتَ دُنْيا وآخرة، لو لَم تَعْرف من العِلْم إلَّا هذه المَسْألَة لكفَتْكَ، قال: فطَابَ قَلْبي، وزَال عنِّي ما كُنْتُ أجِدُه.
قال لي عَمِّي أبو غَانِم: قال لي الشَّيْخُ رَبِيْع: كُنْتُ في طَرِيق مَكَّة ولَحِق النَّاسَ عَطشٌ شَديدٌ، وكان معي إدْوَاةٌ مَلأى من الماء، فرَأيْتُ اثْنين من الصُّوْفيَّة
وهمُا مَاشِيان وقد اسودَّت وُجُوههما من شِدَّة العَطَش، فقُلْتُ لهما: تُريدان الماءَ؟ فقالا: نَعَم، فنَاولتهما الإدْوَاةَ وقُلتُ: اشْرَبا منها وخَلِّيَا لي منها، فأخَذَاهَا فشَرِبا ما كان فيها جَمِيعَهُ، ثُمَّ دَفَعاها إليَّ فأخَذْتُها وربَطتُها على الجَمَلِ، فلمَّا نَزَل الحَاجُّ أخَذْتُها وحَلَلْتُها فإذا هي مَلْأى من الماءِ.
أخْبرَني أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة الحَضْرَميّ، قال: سَافَرْتُ سَنَة سَبْعٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَةٍ إلى بلاد المَغْرب، فأقَمتُ بها سَنَةً، ثمّ خَرَجْتُ إلى الإسْكَنْدَرِيَّة، فلمَّا قَرُبْتُ من الإسْكَنْدَرِيَّة، رَأيْتُ في المَنَام كأنَّ الشَّيْخ رَبِيْع في الإسْكَنْدَرِيَّة، وقد فَتَح طَاقًا على البَحْر فدَعَا وقال في أثْناء دُعَائهِ: كَتَبَ اللهُ سَلامَتك يا عِيسَى، فبعدَ يَوْمَيْن أو ثلاثةٍ وَصَلْتُ إلى الإسْكَنْدَرِيَّة، وسَمِعْتُ أنَّ الشَّيْخ رَبْيِع فيها، فخَرَجْتُ إليه، وسَلَّمْتُ عليه، وقُلْتُ لهُ: رَأيتُكَ في المَنَام البَارِحَة الأُولَى وقد فَتَحْتَ الطَّاق ودَعَوْتَ بكَذَا وكَذا؟ فقال لي: نَعَم؛ كَذَا جَرَى! ثمّ قَدَّم لنا طَعَامًا فيه سَمَكٌ، ولَم يكُن له عادة بأكْل السَّمَك، فقُلتُ لَهُ: أرَاك تَأكُل السَّمَك ولَم يكُن لك بذلك عادةٌ؟ فقال لي: كُنْتُ في هذا العام بالبَيْت المُقَدَّس، فخَرَجَ على قَلْبي طُلُوعٌ، ولم يَزَل يَكْبُر إلى أنْ صَارَ قَدْر الأُتْرُجّةِ الصَّغيرة، فضيَّق عليَّ فنمتُ، فرَأيْتُ قَائلًا يقُول لي: إنْ أرَدْتَ أنْ يَزُول هذا عن قَلْبك فكُل السَّمَك؛ رَأيت ذلك مَرَّتَين أو ثلاثة، فعزمتُ على أكْلِ السَّمَك، وقُلتُ: لا أسْأل أحدًا فيهِ، إنْ قُدِّمِ بين يَدي أكَلْتُه وإلَّا فلا أسْأله، فأقَمْتُ شَهْرَين بالبَيْت المُقَدَّسِ إلى أنْ وصَلَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فعَزَم عليَّ بالتَّوَجُّهِ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، فرَحَلْتُ معه إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، ونَزَلتُ عند ابن السُّكَّرِيّ، ومن عَادَتهم أَنْ يَعْملُوا لي طَعَامًا ليس فيه سَمَكٌ ولا لَحْمٌ، فصَنَعُوا لي أرُزًّا بلَبَن، فلمَّا جاء صَاحِب المَنْزل بعد العِشَاءِ الآخرة، طَلَب الأرُزّ، وكان قد جَاء إلى المَرْأهَ هَدِيَّة زِبْدِيَّة فيها سَمَكٌ مَطْبُوخِ، فوَضَعَتْها إلى جَانب زِبْدِيَّة الشَّيْخ الّتي فيها الأَرُز، فَطَفِئ السِّرَاج، فأرَادَت أنْ تدْفعَ إليه الأَرُزَّ
فدَفَعت إليهِ زِبْدِيَّة السَّمَكِ، فلمَّا دَخَلَ إلى الشَّيْخ وَضَعها بينَ يَدَيْهِ، فكَشَفها فإذا فيها السَّمَك، فخَجَل صَاحِبُ البَيْت، وقال: واللهِ ما تَعَمَّدتُ ذلك، ولا عَلِمتُ أنَّ في الدَّار سَمَكًا، وأرادَ أنْ يأخُذ زِبْديَّة السَّمَك ويَرْفَعَها، فقال له الشَّيْخ: دَعْها وامْضِ وارْفَع الخُبْز، ووَجَد فيها السَّمَك، فأكَلَهُ وشَرِب مَرَقتَهُ ونَام. قال الشَّيْخُ: فرَأيْتُ ذلك الشَّخْصَ الّذي رَأيتُه فيِ بَيْت المَقْدِس في النَّوْم وقال: يا شَيْخ رَبِيْع، ألَم أقُل لك إنَّك إذا أكَلْتَ السَّمَك برِئ هذا الدَّاء، فانْتَبَهْتُ فأمْرَرتُ يَدي على صَدْري فلم أجد شيئًا.
قال لي أبو مُوسَى الحَضْرَميّ: ثُمَّ سَألتُ الشَّيْخِ رَبِيْع: ما رأيتَ فىِ خَلْوَتك هذه؛ وكان فىِ الخَلْوة خَارِج الإسْكَنْدَرِيَّة أربَعيْن يوْمًا؟ فقال لي: كُنْتُ يَوْمًا جالِسًا اقْرأُ القُرْآن فىِ المُصْحَفِ وإذا بغُلَام صَاحِب المَوضِع قد دَخَل عليَّ بِطَبَقٍ فيه مَشْمُوم نَارَنْج وليَمْوُن ورَيْحَان، فنَظَرتُ إليه، وتَرَكْتُ النَّظَر في المُصْحَف فعميتُ ولَم أرَ شيئًا! وكان زمَن الصَّيْف، فبَقِيتُ كذلك من بُكْرة ذلك اليَوْم إلى الزَّوَال، وما عَلِمْتُ من أين أتيتُ. فلمَّا كان عند الزَّوَال وَقَعَ لي أنَّ ذلك عُقُوبَة تَرْك النَّظر إلى المُصْحَف والنَّظَر إلى ذلك الطَّبَق، فكَشَفْتُ رَأسِي وسَجَدْتُ وجَعَلْتُ أتضرَّعُ إلى الله تعالَى، فأبْصَرتُ ورَفَعْتُ رَأسي، فرَأيْتُ الشَّمْس زَالت، فتَوضَّأتُ وصَلَّيْتُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ تَوفِيْقِيْ
سَمِعْتُ القَاضِي جَمال الدِّين أبا عَبْد الله مُحَمَّد ابن شَيْخنا الإمَام عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان يَقُول: سَمِعْتُ الشَّيْخ رَبِيْع يقُول لي: لا شَكَّ أنَّ طَبْع البَشَرِيَّة يَغْلبُ الإنْسَانَ في كَثِيْرٍ من الأحْوَالِ؛ فإنَّني أحْكي لك أنَّني كُنْتُ نائِمًا بمَكَّة، فرَأيْتُ كأنَّني رَاكِبٌ في البَحْر على سَاحِل الشَّام، أقصدُ زيارةَ بعضِ الَأمَاكن، وكأنَّ المَرْكَب الّذي كُنَّا بهِ قد انْكَسَرت رِجْلُه، ولم يكُن معنا رِجْلٌ، فخِفْنا وكِدْنا نَغْرَق، ودَعَونا الله تعالَى، وغَلَب اليَأسُ علينا، وإذا بمَرْكَبٍ قد لَاح لنا وأقْبل، وجاء نَحونا يَمْشِي مُسْرِعًا حتَّى وَصَلَ إلينا، فأخْرَجُوا لنا رِجْلًا فعَمِلْناها لمَرْكَبنا، فسَلِمْنا.
قال: فانْتَبَهْتُ وقُلتُ: لأرْكَبنَّ البَحْرَ حتَّى أنْظُر ما يكُون من هذه الرُّؤْيا، قال: فجئتُ إلى سَاحِل جُدَّة، وطَلَبْتُ الرُّكُوبَ في بعضِ المَرَاكِب، فجَعَل أصْحَاب المَرَاكِب يَطْلبُونني، وكُلّ منهم يَطْلب أنْ أرْكَبَ معهم لحُسْن عَقِيْدتهم فيَّ، فرَكِبْتُ في بعض المَرَاكِب، وإذا به ذلك المَرْكَب الّذي عايَنْتُه في المَنَام بعَيْنهِ! قال: فسِرْنا في البَحْر، فانْكَسَرَت رِجْل المَرْكَب على [ما رَأيتُه](a) في النَّوْم، ودَخَلَ الماءُ في المَرْكَب، وخِفْنا من الغَرَق، واسْتَولَى اليَأسُ عَلينا، وكُنْتُ كأحدهم، ولحقَني من الجُبْن والخَوْف كما لَحِقَ الباقين، مع ما ظَهَر لي من أوَائِل الأمر الّذي شَاهدتُه في المَنَام، قال: وجَعَلْتُ أَصِيح لصَاحِب المَرْكَب وهو على الصَّاري: انْظُر إلى هذه الجِهَة، وأنا أنْتَظر الفَرَج كما شَاهَدْتُ في النَّوْم، قال: فجَعَل
(a) ما بين الحاصرتين لم أتبيّنه في الأصل لفساده بالرطوبة، والمثبت على التقريب.
يَنْظُر إلى تلك الجِهَة ثُمَّ صَاحَ بعد سَاعةٍ: جاءَ الفَرَجُ، قد لَاح لنا مَرْكَبٌ، قال: فجاء المَرْكَبُ الّذي شَاهدْتُه في النَّوْم على الصِّفَة الّتي شَاهدتُها، وسَاقَ نَحْونا حتَّى وَصَلَ إلينا، وقد كدْنا نَهْلِكُ، وكان معهم رِجْلٌ دَفَعُوها إلينا فأصْلَحْنا بها مَرْكَبنا، وسَلِمْنا، وللهِ الحَمْدُ.
أخْبَرَني يُوسُف بن أبي طَاهِر المَنْبِجِيّ، قال: وَرَدَ الشَّيْخ رَبِيْع بن مَحْمُود من مَكَّة إلى حَلَب، وأقام بمَسْجِد جَمال الدِّين عمِّك أيَّامًا، ثُمَّ خَطَر للشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ الفَاسِيّ والشَّيْخ رَبِيْع وعَمّك أبي غَانِم أنْ يمضُوا لزيَارة الشَّيْخ أبي زَكَرِيَّاء إلى دَيْر النَّقِيْرَة، فقَامُوا وخَرَجُوا، وخَرَجْتُ معهم ونحنُ أربعةٌ نَمْشي حتَّى بتْنَا بأقْذَار
(1)
؛ قَرْيَةُ وَالدِكَ، ثمّ قُمْنا منها وصَلَّينا الظُّهْر بحَاضِر طَيّءٍ، وأقَمْنا بها إلى العَصْر، ثُمَّ جِئنا إلى تَلّ بَاجر
(2)
وَقْت المَغْرب، وكُنْتُ أَنا والشَّيْخِ رَبِيْع صَائِمَيْن؛ لأنِّي كُنتُ قد آلَيْتُ على نَفْسِي أنْ لا أُفْطِر حتَّى أخْتم القُرْآن، ولَم أكُن خَتَمْته بعد، فأتَانَا الفَلَّاحُونَ بطَعَامٍ، وجَاؤُوا في جُمْلَته بصَحْنٍ كَبير فيه بَطَّة وهم فَرحُونَ كيفَ قدَّمُوا لنا البَطَّة حتَّى نَأكُلها، فقال الشَّيْخُ رَبِيْع: كُلُوا ولا تَأكُلوا من هذه البَطَّة شَيْئًا! فامْتَثَلنا أمْرَهُ ولَم نَأكُل منها، وأنْفُسنا تَشْتَهيها، فقال الفَلَّاحُون: يا مَشَايخِ، كُلُوا فما هو لمَنْ خُبي (a) بل هو لمَن رُزِق، والْتَفَتَ الفَلَّاحُ الّذي جاء بها إلى رفِيْقه وقال: يا فُلَان، انْظُر إلى فعل ذلك الظَّالم، كيفَ ألْزَمَنا وكَلَّفَنا عمَل هذه البَطَّة وأحْوَجنا إلى أنْ نَحْتال في ثَمنها فلَم يَجْعَلَها الله في رِزْقه،
(a) كذا مجودًا في الأصل.
_________
(1)
تقدم لابن العديم التعريف بهذه القرية الجارية في ملكه وملك أبيه من قبله، وذكر أنها كانت تسمى أقذاران، ثم أصبحت تعرف بأقذار؛ قرية من قرى حلب من ناحيتها القبلية. انظر الجزء الرابع فيما تقدم.
(2)
تل باجر: قرية في جنوب مدينة حلب، في سهول المتخ تتبع ناحية الزرية بمنطقة جبل سمعان من محافظة حلب، وتقع على بعد 15 كم جنوب بلدة الزرية. طلاس 2: 476 - 477.
وكانت في رِزْق هؤلاء السَّادَةِ، فلمَّا سَمِعْنا ذلك منهُ نَظَرَ كُلٌّ منَّا إلى صَاحِبه، وسَكَتَ، وحَمَدْنا الله تعالَى على ذلك، وعَلِمْنا أنَّ الشَّيْخ رَبِيْع كُوْشِفَ بذلك.
قال لي يُوسُف المَنْبِجِيّ: وحَجَجْتُ في بعض السِّنِيْن قَبْل أنْ يُفْتَح البَيْت المُقَدَّس بسَنةٍ، وكُنْتُ قد حَجَجْتُ مَاشِيًا في ذلك العامِ، واجْتَمَعْتُ بالشَّيْخ رَبِيْع بمَكَّة، ولَم يَشْعُر بي إلَّا وأنا نائم على باب قُبَّة الشَّرَاب، وكُنْتُ قد قيل لي إنَّهُ سَاكِنٌ بها، فرحَّب بي، وقال لي: أنْتَ رَفِيْقي إلى الشَّام بعد الوَقْفَة في هذه السَّنَة، فإنَّ في هذه السَّنَة الآتية يَفْتَحُ اللهُ البَيْت المُقَدَّس وبلاد الفِرِنْج! ولا تُعْلِم بذلك أحدًا.
فَخَرَجْتُ بعد قَضَاء الحَجِّ في صُحْبَتهِ، فلمَّا أشْرَفنا على دِمَشْق، نَزَلنا من
المَحَارة، وقال للجَمَّال: أنْتَ في حِلٍّ ممَّا فيها، وكان فيها أشْيَاء ممَّا يَحْتاج إليهِ،
وأقَمنا في دِمَشْق أيَّامًا، ثمّ صَعدْنا إلى طَبَرِيَّة، وقَدَّرَ اللهُ أنْ فُتِحَت القُدْس
والسَّاحِل في تلك السَّنَة، وحَضَرْتُ معه فُتُوح البِلَادِ كُلّها.
قال لي يُوسُف المَنْبِجِيّ: وكُنْتُ مُجَاوِرًا مع الشَّيْخ رَبِيْع في بعضِ السِّنِيْن، وأنا إذْ ذاك صَبِيٌّ، فاشْتَقْتُ إلى أهْلي، وقُلتُ: هذه السَّنَة أخْرُج إلى أهْلي إنْ جاءَني مَنْ أعْرف منهم، فلمَّا قُضِيَ الحَجّ ولَم أرَ أحدًا من أهلي ولا ممَّن أعْرفهُ من البِلاد، جئتُ في بعض الأيَّامِ وطُفْتُ بالبَيْتِ، وتقدَّمْتُ إلى الرُّكْن اليَمَانِيّ، وأنا آيسٌ من العَوْدِ إلى البِلَادِ في تلك السَّنَة، ففَتَح اللهُ عليَّ أنْ قُلتُ: يا رَبّ، إنْ رَزَقْتَني جَمَلًا أرْكَب، وخُبْزًا آكُل، وماءً أشْرَب، عُدْتُ إلى أهْلي في هذه السَّنَة وإلَّا أقَمْتُ بمَكَّة، وكان ذلك ضَحْوَة ذلك النَّهَار، وصَلَّيْتُ الظُّهْر في ذلك النَّهَار عند الشَّيْخ رَبِيْع، فالْتَفَتَ إليَّ، وقال لي: يا يُوسُف، قد حَصَّلْتُ لكِ جَمَلًا تَرْكب، وخُبْزًا تَأكُل، وماءً تَشْرَب، ولَم أُعْلِمْهُ بقَوْلي، والْتَفَتَ إلى بعضِ الجَمَّالين،
وقال له: هذا الصَّبيِّ الّذي قُلْتُ لك في مَعْناه، واكْتَرَى لي معه بأربعة دَنَانِيْر مُكَفًّا (a) والخُبْزُ والماءُ عليهِ.
أخْبَرَني عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: قال لي الشَّيْخ رَبِيْع: حَجَجْتُ في بعض السّنِيْن ورجَعتُ إلى البِلادِ، فلمَّا كُنْتُ في بعضِ الطَّريق، نَفَدَ ما كان معي، ولَم يَبْقَ إلَّا النَّاقَة فقُلْتُ لبعض الجَمَّالين: احْملني إلى الكُوفَة وخُذْ النَّاقَة، ففَعَل، فلمَّا وصَلْتُ إلى الكُوفَة قُلتُ لصَاحِبٍ لي: أيْشٍ قعُودُنا؟ نَمْضي إلى بَغْدَاد؛ فَمَضَيْتُ أنا وصَاحِبي إلى بَغْدَاد، وما أقَمْنا بها، ومَضَينا منها على البَوَازِيْج، ووَصَلْنا إلى المَوْصِل، وما وَصَلَ خَبَرُ الحَاجّ إلى المَوْصِل، فوَجَدْنا قَضِيْب البَان على باب المَوْصِل، فقُلْنا له: ادْعُ لنا، فقال: أنتم دُعاؤكم مُسْتَجاب إلى أرْبَعيْن يَوْمًا، وكُنَّا إذا قُلْنا إنَّنا جِئْنا من الحَجّ لَم نُصَدِّق.
قال لي عَمِّي: قال لي الشَّيْخُ رَبِيْع: كُنْتُ مرَّةً مَع الحَاجِّ من المَوْصِل إلى بَغْدَاد، فنَزَلْتُ وتَمَشَّيْتُ أمام القَافِلَة، فرأيْتُ رَجُلًا، فَمشَيْتُ معه قَليلًا، فقال لي: امْشٍ معي، فَمَشيتُ معه سَاعةً، فقال لي: تَدْري أينَ أنْتَ؟ قُلتُ: نَعَم، فودَّعَني ومَضى، فبَقِيْتُ قي ذلكَ المَوضِع تلك اللَّيْلة وذلك اليَوْم إلى العِشَاءَ الآخرة من الغَدِ حتَّى وَصَلَتْ إليَّ قَافِلَة الحَاجّ.
أخْبرَني أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة صاحِب الشَّيْخ رَبِيْع، قال: كُنْتُ مُجَاوِرًا بمَكَّة في سَنَة إحْدَى وستِّمّائة في صُحْبَة الشَّيْخ رَبِيْع، فقال لي: أُرِيْدُ أنْ أنْفَرد في هذه الأشْهُر -يعني: شَهْر رَجَب، وشَعْبان، وشَهر رمَضَان- بنَفْسِي ولا يَقْربني أحدٌ، ففَعَلَ ذلك.
فلمَّا كان يَوْم العِيْد، جئتُ إلى بابهِ، فأرَدْتُ الدُّخُول إليهِ للسَّلَام عليه، فضَرَبْتُ البابَ، فَخَرَجَ إليَّ، وسَلَّم عليَّ وسَلَّمْتُ عليه، وجاءَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عليه،
(a) كذا في الأصل مجودًا.
فقال لي: ماتَ الشَّيْخ أبو الحَسَن الفَاسِيُّ؟ فقُلتُ لَهُ: نَعَم، مَنْ أَخْبرك بهذا!؟ وكُنْتُ قد سَمِعْتُ بمَوْتِه من مَرَاكِب جَاءت في البَحْر، فقال لي: رَأيْتُ في المَنَام كأنَّ ثَنيَّتي العُلْيا قد سَقَطَتْ، فقُلتُ لَهُ: يُؤَوَّلُ هذا بالإخْوَة والآباءِ! فقال: أيّ أب أو أخٍ أعْظَم من الشَّيْخ أبي الحَسَن؟! ثمّ قال لي: قد قَرُبَ المَوْتُ يا أصْحَابنا، ما بَقِيْنا نَجْتَمع بعدَ هذه الوَقْفَة إلَّا في الدَّار الآخرة إنْ شَاءَ اللهُ.
ثمّ قال لي: كُنْتُ قد عزمْتُ على أنِّي لا أخْرُجِ وأنْ أصُوم السِّتَّة أيَّام أُتْبع شَهْر رَمَضَان، وما كُنْتُ فَعَلْتُ هذا قبل ذلك لأنَّ مَذْهَبي -وهو مَذْهَب أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه أنَّهُ يُكْره صَوْمُها مُتَتابِعًا، فرَأيْتُ الشَّيْخَ أبا الحَسَن الفَاسِيَّ في المَنَامِ، وقال: لأيِّ شيءٍ رجَعْتَ عن مَذْهَبك وعَادَتكَ، قُمْ فاخْرُج إلى النَّاسِ، فقُمْتُ وخَرَجْتُ لمَّا سَمِعْتُ ضَرْبَكَ الباب.
قال لي عَمِّي أبو غَانِم: سَمِعْتُ الشَّيْخ رَبِيْع يَقُول: رَأيْتُ الشَّيْخ أبا زَكَرِيَّاء رحمه الله في المَنَامِ، فقال لي: يا رَبِيْع، أوَّل مَنْ يَمُوت منَّا: أنا، ثُمَّ الشَّيْخِ عليّ الفَاسِيّ، ثمّ أنْتَ! فَمَضَى لذلك قليل فمَاتَ الشَّيْخ أبو زَكَرِيَّاء، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخ رَبِيْع قَدِمَ حلَبَ فوَجَد الشَّيْخ أبا الحَسَن مَرِيْضًا، فكان يقُول له: يا شَيْخِ، مُتْ حتَّى أمُوتَ أنا، فبَقِي الشَّيْخ عليّ بعد ذلك مُدَّةً ثمّ ماتَ بحَلَب، ثمّ ماتَ بعدَهُ الشَّيْخ رَبِيْع بعد مُدَّةٍ قريبةٍ بالبَيْت المُقَدَّس، رَحِمَهُم اللهُ تعالى.
حدَّثني عَمِّي أبو المَعَالِي عبد الصَّمَد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، وكان قد حَجَّ سَنَة إحْدَى وستِّمائة، قال: لمَّا وَصَلْتُ مَكَّةَ، حَرَسَها اللهُ، وجَدْتُ الشَّيْخ رَبِيْع في أواخر مَرض أشْفَى فيه على المَوْت، وأيس منهُ أصْحَابه، فرآهم مُنْزعجين بسَبَبهِ، وبَكوا حَوْله، فقال لهم: لا تشغلُوا قُلُوبكم فإنِّي لا أمُوت إلَّا في البَيْت المُقَدَّس، فلمَّا قَضَيْنا حَجَّنا، وكُنْتُ قد حَجَجْتُ على العِرَاق، عَرضْتُ على الشَّيْخ رَبِيْع أنْ أحْملَهُ إلى الشَّام، وعُدْتُ على طَرِيق أَيْلَة، وكان أكْثَر رَغْبتي في العَوْد على طَرِيق
أَيْلَة صُحْبَة الشَّيْخ رَبِيْع، فصَحِبْتُه، وأصَابَهُ الذَّرَبُ، وقَوِيَ عليه في الطَّريق، وجِئْنا إلى عَقَبَةِ أَيْلَة؛ وهي عَقَبةٌ مُشقّةٌ لا يَرْكب فيها أحدٌ، فلَم يمُكن الشَّيْخ رَبِيْع النُّزُول، وصَعدَ رَاكبًا على الجَمَل، والجَمَل الّذي تَحْته في العَقَبَة يَصْعَدُ به كأنَّه يَمْشِي في أرْضٍ سَهْلَةٍ! قال: ووَصَلْنا إلى قَبْر الخَلِيل عليه السلام وزُرْناهُ، ووَصَلْنا إلى البَيْت المُقَدَّسِ، واشْتَدَّ بهِ المَرَضُ وفَارقْتُه منه، فلمَّا وَصَلْتُ دِمَشْق وَصَلَني خَبَرُ وَفَاتهِ أنَّهُ تُوفِّي بالبَيْت المُقَدَّس في أواخر صَفَر أو أوَائل شَهْر رَبِيْع من سَنَة اثْنَتَيْن وستِّمائة.
قال لي عَمِّي أبو غَانِم: وبَلَغَني أنَّ الشَّيْخ رَبِيْع أوْصَى بأنْ يَتَولَّى غَسْله عليّ بن السَّلَّار، وكان ابن السَّلَّار بدِمَشْق، فتعَجَّب أصْحَابُه، وقالُوا: ابن السَّلَّار بدِمَشْق، فكيف يُغَسِّلُه!؟ فبينا هُم على ذلك وَصَلَ ابن السَّلَّار من دِمَشْق قُبَيْل مَوْته، فوَليَ غسْلهُ.
قال: ولمَّا احْتضر خَرَج أصْحَابُه من عنده فسَمعُوه من دَاخِل وهو يَقُول بانْزِعاجٍ: ألمِثْلي يُقال هذا، أَلمِثْلي يُقَال هذا؟ ثُمَّ سَكَت، ثُمَّ قال:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}
(1)
، فدَخَلُوا إليه، فوَجَدُوهُ قد قَضَى نَحْبَهُ.
وقال لي الأَمِير عليّ بن سُلَيمان بن أَيْدَاش بن السَّلَّار، أمير الحَاجِّ الشَّامِيِّ: أوْصىَ الشَّيْخ رَبِيْع إليَّ في غَسْله وتَجْهيزه ودَفْنه، وكُنْتُ بدِمَشْق ولَمِ أعْلَم بذلك، فبَلَغَني خَبْرُ وُصُوله إلى البَيْت المُقَدَّس، فعَزَمْتُ على قَصْدِه، وجذَبني إليه جَاذِبٌ، فرَكِبتُ من دِمَشْق إلى البَيْت المُقَدَّس، واجْتَهدتُ في السَّيْر -وأظُنُّه قال لي: وَصَلْتُ في ثلاثة أيَّام- فلَحقْتُه قَبْل أنْ يَمُوت، فتَوَلَّيْتُ غَسْلَه وتَجْهيزَهُ ودَفْنَهُ، رحمه الله.
(1)
سورة الصافات، الآية 61.
أخْبَرَني الشَّيْخ أبو القَاسِم الإسْعِرْديّ بالمُنْحَنَى في طَرِيق الحَجِّ، وكان حَجَّ في الِسَّنَةِ التّي حَجَجْتُ فيها على طَرِيق تَبُوك في سَنَةِ ثَلاثٍ وعشرِين وستِّمائة، وكان رَجُلًا صَالِحًا خِيَارًا، قد صَحِبَ المَشَايخ، وتَأدَّب بهم، وجَاورَ بالبَيْت المُقَدَّس مُدَّة، وكان له زَاويَة بالحَرَمِ ممَّا يلي باب الرَّحْمَةِ، قال: دَخَلَ الشَّيْخُ رَبِيْع البَيْتَ المُقَدَّس وهو مَرِيْضٌ، وقَوِي مَرَضُه، فسَألْنَاهُ مَن يُغَسِّلهُ؟ فقال لنا: السَّاعَة يَقْدم من دِمَشْق مَنْ يتولَّى ذلك! فقَدِمَ هذا شُجاع الدِّين عليّ بن سُلَيمان بن السَّلَّار أمير الحَاجّ، وأشَار إليهِ. قال أبو القَاسِم: وسَمِعْتُه يقُول وَقْت مَوْتهِ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}
(1)
.
قُلتُ: ودُفِنَ بمَقْبَرَة البَيْت المُقَدَّس الغَرْبيَّة المَعْروفة بمَامِلَّى، وزُرْتُ قَبْره مِرَارًا عندَ مُرُوري بالبَيْت المُقَدَّس، وقَبْره ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ في تُرْبَةٍ فيها جَماعةٌ من الصَّالِحين، رحمه الله.
الرَّبِيْعُ بن نَافعِ، أبو تَوْبَة الحَلَبيِّ
(2)
نَزِيلُ طَرَسُوس، أحَدُ الثِّقَات الأثْبَات.
حَدَّثَ عن عَطَاء بن مُسْلِم الخَفَّاف الحَلْبِيّ، وأبي عُثْمان سَعيد بن شَبِيْب
(1)
سورة الصافات، الآية 61.
(2)
توفي سنة 241 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 279، تاريخ الطبري 8: 90، الفسوي: المعرفة والتاريخ 1: 212، الجرح والتعديل 3: 470، ابن حبان: الثقات 8: 239 (أرخ وفاته بعد سنة 220 هـ)، تاريخ ابن عساكر 18: 80 - 84، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 156، تهذيب الكمال 9: 103 - 106، تاريخ الإسلام 5: 1140 - 1141، الإعلام بوفيات الأعلام 108، سير أعلام النبلاء 10: 653 - 655، العبر في خبر مَن غبر 1: 342 - 343، تذكرة الحفاظ 2: 472 - 473، الكاشف 1: 305، الوافي بالوفيات 14: 83 - 84، تهذيب التهذيب 3: 251 - 252، تقريب التهذيب 1: 246، السيوطي: طبقات الحفاظ 208 - 209، شذرات الذهب 3: 189، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 310 - 311، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 11.
وذكره المؤلف أيضًا في الكنى وأحال على ترجمته هذه.
الطَّرَسُوسِيّ، وعبد الله بن المُبارَك، وسُفْيان، وعِيسَى بن يُونُس، وأيُّوْب بن النَّجَّار اليَمَامِيِّ، وإسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، وشَرِيك بن عَبْدِ الله، وأبي سُليْمان عبد الرَّحْمن بن سُلَيمان بن أبي الجَوْن العَنْسِيّ، وأبي كَامِل يَزِيد بن رَبِيْعَة الرَّحبِيّ الصَّنْعانِيّ، وعُبَيدِ الله بن عَمْرو الرَّقِّيّ، ويَحْيَى بن حَمْزَة، ومُحَمَّد بن الفُرَات الجَرْميّ، ومُعاوِيَة بن سَلَّام، وسَعِيد بن عَبْد العَزِيْز، والهَيْثَم بن حُمَيْد، وشِهَاب بن خِرَاشٍ، وأبي الأحْوَصِ، ومُحَمَّد بن المُهاجِر الأنْصَاريّ، وهِشَام بن يَحْيَى بن يَحْيَى، وأبو الخَطَّاب مَسْلَمَةُ بن عليِّ، وعليّ بن سُلَيمان الكِسَائِيّ، والحَكَم بن ظُهَيْر، والرَّبِيْع بن بَدْر عُلَيْلَة، ومُصْعَب بن مَاهَان الخُرَاسَانيّ، وشُعْبَة، وعُمَر بن المُغِيرَة مُفْتِي المَسَاكين، وسُليْمان بن حَيَّان الكُوْفيّ، والمُعْتَمِر بن سُلَيمان، وأبي عُمَر الصَّنْعانِيّ، والوَلِيد بن صالِح.
رَوَى عنهُ أبو اللَّيْث يَزِيد بن جَهْوَر، وعبْد الله بن أبي مُسْلمِ الطَّرَسُوسِيَّان، وأحمدُ بن خُليَدْ الكِنْدِيّ الحَلَبيِّ، وأحمد بن إبْراهيم بن فِيْل الأنْطَاكيِّ، وإبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدَة المِصِّيْصيّ، وأبو دَاوُد سُليْمان بن الأشْعَث السِّجِسْتَانِيّ، وأبو سَعيد عُثْمان بن سَعيد بن خَالِد، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن الدَّارِمِيَّان، وفَهْد بن سُلَيمان، ومُوسَى بن سَعيد بن النُّعْمان، والعبَّاس بن أحْمَد بن الأزْهَر المُسْتَمْلِيّ اليَمَامِيّ، وأحمد بن إبْراهيم المُقْرِئ، وعَبْد الكَريم بن الهَيْثَم القَطَّان، وأحمدُ بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، والحَسَن بن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، ومُحَمَّد بن عَامرِ الأنْطَاكيِّ، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن المُنْذِر الحَنْظَلِيّ، ورَجَاء بن عبد الرَّحيم، ويَحْيَى بن أكْثَمِ القَاضِي، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن بَكْر، وإبْراهيم بن الحُسَين بن دِيْزِيْل، وأبو بَكْر مُحمَّد بن عبد الرَّحْمن بن الأشْعَث الدِّمَشقيّ، وعليّ بن زَيْد الفَرَائِضِيّ، وزهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر، وأبو الأحْوَص مُحَمَّد بن الهَيْثَم قَاضِي عُكْبَرا، وأبو القَاسِم عَقِيل بن الفَضْل
التَّمِيْمِيِّ، وأحمد بن الحُسَين بن جُنْدَب التِّرْمِذيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَعْفَر السِّمْنَانِيّ، وأبو إسْمَاعِيْل مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ.
ورَوَى أبو عَبْد الله البُخاريّ عنهُ تَعْلِيقًا، ورَوَى أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وأبو الحُسَين مُسْلم بن الحَجَّاج، وأحمد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يَزِيد بن مَاجَه القَزْوِينيّ، عن رَجُلٍ، عنهُ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ الحَمَوِيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، وأبو طَالِب بَارسْطُغان بن مَحْمُود بن أبي الفُتُوح القَاضِي، قالُوا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا الرَّئِيسُ أبو عَبْد الله القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد الثَّقَفِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى النَّيْسَابُوريّ المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا حَمْزَةُ بن العبَّاس بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الكَريم بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا أبو تَوْبَة الرَّبِيْع بن نَافِعِ الحَلَبِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة -يعني ابن سَلَّام- عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن عبد الرَّحْمن بن أبي بَكْرَة، عن أبي بَكْرَة، قال
(1)
: نَهَانا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نَبِيْعَ الفِضَّة بالفِضَّة إلَّا عَيْنًا بعَيْن، سَوَاءً بسَواء، وأنْ لا نَبِيعِ الذَّهَبَ بالذَّهَب إلَّا عَيْنًا بعَيْن. وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: تَبَايَعُوا الذَّهبَ بالفِضَّةِ كيف شِئْتُم، والفِضَّة بالذَّهَب كيف شِئتُم.
حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِم
(2)
، عن إسْحَاق بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن صالِح، عن مُعاوِيَة (a).
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير نصفها.
_________
(1)
سنن النسائي 7: 282 (رقم 4579).
(2)
صحيح مسلم 3: 1213 (رقم 1590).
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن دَازِيْل، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بن نَافِع، قال: قال بعضُ الحُكَمَاء: مَنْ أخْطَأتهُ سِهَامُ المَنَايا قيَّدتْهُ اللَّيالِي والسُّنُونُ (a).
أَنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كِتَابِهِ إليْنَا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدَجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(3)
، قال: رَبِيْع بن نَافِع أبو تَوْبَة، سَكَنَ طَرَسُوس، حَلَبِيُّ الأصْلِ، سَمِعَ مُعاوِيَةَ بن سَلَّامٍ، وعَطَاءَ بن مُسْلِم.
أَنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن بن القَاسِم الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن أبي عَبْد الله بن مَنْدَة، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قَال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(4)
، قال: رَبِيْع بن نَافِعٍ أبو تَوْبَة، رَوَى عن مُعاوِيَة بن سَلَّام، ومُحَمَّد بن المُهاجِر، وعَطَاء بن مُسْلم، رَوَى عنهُ أبي، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
(a) بعده في الأصل بياض يشغل ثلثي الصفحة، وكامل التي تليها، وثلثي الصفحة بعدهما.
_________
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر، ولا في معجم شيوخه.
(2)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 454.
(3)
التاريخ الكبير 3: 279.
(4)
الجرح والتعديل 4: 470.
قال أبو مُحَمَّد
(1)
: أَخْبَرَنَا عليّ بن أبي طَاهِر في كتَابهِ إليَّ، قال: حَدَّثَنَا الأَثْرَم، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله، وذَكَرَ أبا تَوْبَة، فأثْنَى عليه، وقال: لا أعْلَم إلَّا خَيْرًا. سُئِلَ أبي عنه، فقال: ثِقَةٌ، صَدُوقٌ، حُجَّةٌ (a) .
ذَكَرَ أبو حَاتِم مُحَمَّد بن حِبَّان البُسْتِيّ في الطَّبَقَةِ الرَّابِعةِ من تاريخ الثِّقَات
(2)
، قال: الرَّبِيْع بن نَافِعٍ، أبو تَوْبَة الحَلَبِيّ، سَكَنَ طَرَسُوس، يَرْوي عن مُعاوِيَة بن سَلَّام، وعَطَاء بن مُسْلِم الحَلَبِيّ، رَوَى عنهُ إبْراهيمُ بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، ماتَ بعد سَنَةِ ثَلاثٍ وعشرين (b) ومَائتَيْن.
الرَّبِيْعُ بن يُونُس بن مُحَمَّد بن كَيْسَان أبي فَرْوَة، أبو الفَضْل الحَاجِبُ
(3)
وقيل: الرَّبِيْع بن يُونُس بنِ عَبْد الله بن أبي فَرْوَة الأُمَوِيّ، مَوْلَى الحَارِث الحَفَّار، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه. وقيل: هو مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان.
(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة، وكذا كامل التي تليها.
(b) في نشرة كتاب الثقات: بعد سنة عشرين ومائتين، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.
_________
(1)
الجرح والتعديل 4: 470 - 471.
(2)
الثقات لابن حبان 8: 239.
(3)
توفي سنة 169 هـ، وقيل في السنة التي بعدها، ترجمته في: كتاب أسماء المغتالين لابن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) 2: 196 - 197، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 112، 328 - 329، 3: 352، 373، وذكره الطبري في تاريخه في مواضع عديدة 6: 183، 7: 506 وما بعدها، 8: 13 - (انظر فهرس الأعلام 10: 247)، الأزدي: تاريخ الموصل 212، 241، 253، 257، المسعودي: مروج الذهب 4: 130، 148، 152، 156، 164 - 165، 180، 185، الصابئ: الهفوات النادرة 100 - 101، 123، تاريخ بغداد 9: 403 - 404، تاريخ ابن عساكر 18: 85 - 91، الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقا 177 - 178، ابن الجوزي: المنتظم 8: 332 - 333 (أرخ وفاته سنة 170 هـ)، ابن الأثير: الكامل 5: 503 وما بعدها، 6: 21 - 95، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 385 - 389، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 294 - 299، الذهبي: تاريخ الإسلام 4: 363 - 364، العبر في خبر مَن غبر 1: 199 (وفاته 170 هـ)، سير أعلام النبلاء 7: 335 - 336، الوافي بالوفيات 14: 84 - 85، شذرات الذهب 2: 320، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 460 - 461، الزركلي: الأعلام 3: 15.
تولَّى الحِجْبَة لأبي جَعْفَرِ المَنْصُور، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حينَ قَدِمَهَا مُجْتَازًا لزيَارَة البَيْتِ المُقَدَّس في سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين ومائة، ثُمَّ صَارَ وَزِيرًا له، ثمّ تولَّى الحِجْبَة للمَهْدِي، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حِينَ قَدِمَها في سَنَة ثَلاثٍ وِسِتِّين ومائة، وأغْزَى ابْنَهُ هَارُون، وجَعَلَ الرَّبِيْع معه مُدَبِّر جَيْشهِ. وقيل: إنَّهُ وَزَر بعد ذلك للهَادِي.
حدَّثَ الرَّبِيْع عن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق رضي الله عنه، وعن أبي جَعْفَر عَبْد الله بن مُحَمَّد المَنْصُور.
رَوَى عنهُ ابنُه الفَضْل بن الرَّبِيْع، ومُوسَى بن سُهيْل، وعبد الله بن عَامِر التَّمِيْمِيّ، وسُليْمان بن بَشِير، وخُزَيْمَة بن خَازِم، ومُحَمَّد بن عائِشَة القُرَشِيّ.
أَنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، وأخْبَرَنا أبو هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الشَّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن ثَابِت الخَطِيب
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ، قال: حَدَّثَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن شَاذَان البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن سَهْل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عَامِر التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع الحَاجِب، قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر المَنْصُور، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن أبي جَدِّه رضي الله عنه، قال
(2)
: كان رسُولُ الله صَلَّي الله عليه وسلَّم إذا دَخَلَ (a) الشِّتَاء دَخَلَ البَيْتَ لَيْلَةَ الجُمُعَة، وإذا جاءَ الصَّيْفُ خرَجَ لَيْلَةَ الجُمُعَة، وإذا لَبسَ ثَوْبًا جَدِيدًا حَمِدَ الله، وَصَلَّى رَكْعَتَين، وكَسَا الخَلِقَ.
(a) تاريخ بغداد: جاء.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 404.
(2)
أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2: 697 (رقم 1164)، وابن عساكر في تاريخه 18:86.
هكذا جاء في رِوَايَة أبي بَكْر الخَطِيب وقد سَقَطَ من الإِسْنَاد رَجُلَان، والله أعْلَمُ.
وقد رَوَاهُ أبو عَبْد الله الحُسَين بن هَارُون الضَّبِّيِ، عن أبي الحُسَين عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن شَاذَان، عن مُحَمَّد بن سَهْل بن الحَسَن، عن عَبْد الله بن عَامِر الأنْصاريّ، عن أبي بِلَالٍ الأشْعَرِيّ، عن خُزَيْمَة بن خَازِم، عن الرَّبِيْع الحَاجِب، وهو أقْرَبُ إلى الصَّوَاب، والله أعْلَمُ.
أخْبَرَنا بذلك الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَدْر إبْراهيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور القَطِيْعِيِّ بكَرْخ بَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن هَارُون الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين عَبْد الله بن مُحَمَّد بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَهْل بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عَامِر بن سَعْد الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِلَالٍ الأشْعَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا خُزَيْمَةُ بن خَازِم التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْع الحَاجِبُ، قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر المَنْصُور، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن أبي جَدِّه رضي الله عنهم، قال: كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا جَاءَ الشِّتَاء دَخَل البَيْت يَوْم الجُمُعَة، وإذا جاءَ الصَّيْف خَرَجَ لَيْلَةَ الجُمُعَة، وإذا لَبسَ ثَوْبًا جَدِيدًا حَمِدَ الله تعالَى، وصَلَّى رَكْعَتَين، وكَسَا الخَلِق.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَني الحَسَن بن أبي بَكْر، قال: ذَكَرَ أحْمَد بن كَامِل القَاضِي أنَّ الرَّبِيْع حَاجِبَ المَنْصُور، هو الرَّبِيْعِ بن يُونُس بن مُحَمَّد بن أبي فَرْوَة، قال: واسْمُ أبي فَرْوَة كَيْسَان، مَوْلَى
(1)
تاريخ بغداد 9: 403 - 404.
الحَارِث الحَفَّار، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، قال: وكان ابنُ عيَّاش (a) المَنْتُوف يَطْعَنُ في نَسَب الرَّبِيْع طَعْنًا قَبِيْحًا، ويقُول للرَّبِيْع: فيك شَبَه من المَسِيْح؛ يَخْدَعُهُ بذلك، فكان يُكْرمُهُ لذلك حتَّى أخْبَرَ المَنْصُورَ بما قال له، فقال إنَّهُ يَقُول: لا أبَ لك! فتَنَكَّر له بعد ذلك.
وفي الرَّبِيْع يقُول الحَارِثُ بن الدَّيْلَمِيّ: [من الطويل]
شَهِدْتُ بإذن الله أنَّ مُحَمَّدًا
…
رِسُولٌ من الرَّحْمن غير مُكَذَّبِ
وأنَّ ولاء كَيْسَانَ للحَارِث الّذي
…
وَلِيَ زَمَنًا حَفْر القُبُور بيَثْرِبِ
قَرأتُ بخَطِّ بعضِ عُلَمَاءِ النَّسَب أنَّ الرَّبِيْع الحَاجِب هو الرَّبِيْع بن يُونُس بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، واسْمُ أبي فَرْوَة: فَريذُون بن نَرْسِي بن بَهْرَام بن توزل بن مَاهشْرَاد، وكان من أبْنَاءِ مَرَازِبَة عُمَان، وأُمُّ أبي فَرْوَة من بَلِيّ قُضَاعَة، فهَلكَ أبُوه فباعَهُ أخْوَاله في أَزْمةٍ، فسَقَطَ إلى عُثْمان بن عَفَّان في أيَّامِهِ، فأعْتَقهُ حينَ عَرف شَرَفهُ، ووَلي عَبْد الله بن أبي فَرْوَة خَرَاج العِرَاق لابن الزُّبَيْر، وإلى الرَّبِيْع تُنْسَبُ قَطِيْعَة الرَّبِيْع، وعَمُّ االرَّبِيْع إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة أَحَدُ فُقَهَاء المَدِينَةِ.
أَنْبَأَنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبوِ بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: الرَّبِيْع بن يُونُس، أبو الفَضْل، حَاجِبُ أبي جَعْفَر المَنْصُور ومَوْلاهُ.
قَرَأتُ في كتاب الوُزَرَاءِ والكُتَّاب صَنْعَةُ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الجَهْشِيَارِيّ
(2)
، قال: وقلَّدَ المَنْصُورُ الرَّبِيْعَ مَوْلاهُ نَفَقَاتِه والعَرْضَ عليه، وهو الرَّبِيْعُ بن
(a) الأصل: عباس، وصوابه بالمثناة والشين المعجمة، كما في تاريخ الخطيب، وهو عبد الله بن عياش المنتوف الهمداني الكوفي. انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 2: 470، الوافي بالوفيات 17: 393 - 394.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 403.
(2)
كتاب الوزراء للجهشياري 125.
يُونُس بن أبي فَرْوَة (a) ، واسْمُ أبي فَرْوَة كَيْسَان، مَوْلَى الحَارِث الحَفَّار، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان. وكان عَبْد الله بن أبي فَرْوة كاتب مُصْعَب بن الزُّبَيْر على العِرَاق (b) ، وكان يُونُس بن مُحَمَّد شَارِيًّا شَاطِرًا بالمَدِينَةِ، فَعَلِقَ أَمَةً لقَوْمٍ بالمَدِينَة؛ غَلَبَها على نَفْسها (c) فجاءَت بالرَّبِيْع فاسْتُعْبِد، ولَم يكُن ليُونُس حَالٌ (d) أيَّام أبي العبَّاسِ وأهْدَاه إليهِ فخَدَمَهُ، وخَفَّ على قَلْبه، ثُمَّ خَدَمَ أبا جَعْفَر بعدَهُ، فخُصَّ بهِ، واسْتَولَى على أمْره.
قال
(1)
: ولمَّا عَزم على تَقْلِيد الرَّبِيْع العَرْضَ عليه، قال له: اجْلِسْ في بَيْتكَ حتَّى يأتيك رَسُولي، فاغْتَمَّ لذلك، فصَارَ إليهِ الرَّسُول بدُرَّاعَة وطَيْلَسَانٍ وشَاشِيَّة، فقال له: الْبَسْ هذا وارْكَب بهذا الزِّيّ، فرَكِبَ، وأمَرَ الفَرَّاشَ أنْ يَطْرح له مِرْفقةً تحْتَ البِسَاطِ تَقْصِيرًا به عِن مَنْزِلة المَهْدِيّ وعِيسَي بن عليّ؛ لأنَّهُ كان يُطْرَحُ لهما مِرْفقَتَان ظَاهِرَتَان (e)، فلمَّا وَصَلَ إليهِ قال له: قد وَلَّيْتُكَ الوِزَارَة والعَرْضَ عليَّ (f)، ووَلَّيْتَ ابْنكَ الفَضْلَ الحِجَابَةَ. فدَخَلَ عليه الرَّبِيْعُ يَوْمًا والفَضْلُ يَمْشِي خَلْفَهُ، فأخَذَ الرَّبِيْعُ بيده وقال: إنَّ الحَاجِب لا يَمْشِي خَلْفَ إنْسَانٍ، فقال له المَنْصُور: بَلَى يا رَبِيْعُ، هذا معَكَ أنْتَ وَحْدَكَ.
قال
(2)
: ولمَّا قلَّد أبو جَعْفَر الرَّبِيْعَ العَرْضَ عليه، حَسُنَ مَذْهَبُهُ، وآثَر الخَيْريَّة حتَّى عُرِفَ بذلكَ، فكان أبو جَعْفَر إذا أراد لإِنْسَانٍ خَيْرًا أمرَ بتَسْلِيمهِ إلى الرَّبِيْع،
(a) كتاب الوزراء: ابن محمد بن أبي فروة.
(b) من قوله "وكان عبد الله
…
إلى هنا" لم يرد في نشرة كتاب الجهشياري.
(c) عوضه في كتاب الجهشياري: "فوقع عليها فجاءت
…
".
(d) الجهشياري: خال، وبقية النقل مخالف لما جاء به ابن العديم، ففي نشرة الجهشياري:"ولم يكن ليونس خالُ فيبتاعه، فابتاعه زيادُ بن عبد الله الحارثي، خال أبي العباس، وأهداه إليه، فخدّمه وخفَّ على قلبه، ثم خدم أبا جعفر بعده، فخُصَّ به".
(e) الأصل: مرفقتين ظاهرتين، وفوق كل كلمة علامة "صـ".
(f) ساقطة من كتاب الوزراء.
_________
(1)
كتاب الوزراء للجهشياري 125.
(2)
كتاب الوزراء للجهشياري 134 - 135، وانظر: الهفوات النادرة للصابئ 100 - 101، ووفيات الأعيان 2:295.
وإذا أرَادَ شَرًّا أمَرَ بتَسْليْمهِ إلى المُسَيَّب. فكَتَبَ العَامِلُ بفِلَسْطين يَذْكُر أنَّ بَعْض أهْلها وَثَبَ عليه، واسْتَغْوَى جَمَاعَةً منهم، فعَاثَ في العَمَل. فكَتَبَ إليه أبو جَعْفَر: دَمُكَ مُرْتَهَنٌ إنْ لَم تُوجِّه بهِ!. فصَمَدَ له العَامِلُ فأخَذَهُ، ووجَّه بهِ، فلمَّا مَثُل بينَ يَدي أبي جَعْفَر، قال: أنت المُتَوَثّبِ على عَامِلِ أَمِير المُؤْمنِيْن؟ لأنْثُرنَّ من لْحَمكَ أكْثَر ممَّا يَبْقَى على عَظْمكَ! فقال -وكان شَيْخًا كَبيرًا- بصَوْتٍ ضَئيل: [من الكامل]
أَتَرُوضُ عِرْسَكَ بعدَما كبرَت (a)
…
ومن العَناءِ رِيَاضَةُ الهَرَمِ
فقال يا رَبِيْعُ: ما يقُول؟ قال: يَقُول: [من البسيط]
العَبْدُ عَبْدُكُم والمالُ مالكُم
…
فهل عَذَابُكَ عنِّي اليَوْمَ مَصْروفُ
فقال أبو جَعْفَر: يا رَبِيْع، قد عَفَوتُ عنه، فَخلِّ سَبِيلَهُ، واحْتَفِظ بهِ، واحْسِن إليهِ.
قال
(1)
: وهذا الشِّعْرُ لعَبْد بني الحَسْحَاسِ، كان مَوْلاهُ اتَّهَمَهُ بابْنَتهِ، فعَزَم على قَتْله، فقال هذا الشِّعْر، وأوَّلُهُ:[من البسيط]
أَمِنْ سُمَيَّةَ دَمْعُ العَيْن مَذْرُوفُ
…
لو أنَّ ذا منْكَ قَبْل اليَوْم مَعْرُوفُ
كأنَّها حين تبكى ما تكلِّمُنِي
…
ظَبْيٌ بعَلْيَاء سَاجِي الطَّرْف مَطْروفُ
لا تَبْكِ عَيْنُك إنَّ الدَّهْر ذو غِيَر
…
فيه يفرَّقُ (b) ذُو إلْفٍ ومَألُوفُ
العَبْدُ عَبْدُكُم والمالُ مالكُم
…
فهل عَذَابُك عنِّي اليَوْم مَصْرُوفُ
قال
(2)
: ولمَّا استَوْزَرَ المَنْصُورُ الرَّبِيْعَ، تركَ أنْ يَسْأله حاجةً تَخْفِيفًا؛ فقال له المَنْصُور يَوْمًا: قد انْقَبَضْتَ عن مُسَاءلتي حَوَائجِكَ حتَّى أوْحَشْتَني، فقال: ما
(a) الجهشياري وابن خلكان: هرمت.
(b) كتاب الوزراء: تَفَرَّقُ.
_________
(1)
كتاب الوزراء للجهشياري 135.
(2)
كتاب الوزراء للجهشياري 135 - 136، وانظر المسعودي: مروج الذهب 4: 156.
تَرَكتُ ذاك؛ أنَّى وَجَدْتُ لها غير أَمِير المُؤْمنِيْن! ولكنِّي مِلْتُ إلى التَّخْفيف، قال: فاعْرض عليَّ ما تُحبّ من حَوَائِجكَ، قال: حاجَتي يا أَمِير المُؤْمنِيْن أنْ تُحبّ الفَضْلَ ابني، قال: وَيْحَك! إنَّ المَحَبَّة لا تَقَعُ ابْتداءً، وإنَّما تَقَعُ بأسْبَابٍ، قال: قد أوْجَدَك اللهُ السَّبِيْلَ إليها، قال: وما ذاك؟ قال: تُنْعِم عليه، فإذا أنْعَمْتَ عليه أحبَّكَ، فإذا أحبَّكَ أحْبَبْتَهُ، قال: فقد والله حَبَّبتَهُ إليَّ قبل أن يَقَعَ من هذا شيء، ولكن كيف اخترتَ له المَحَبَّة من بين سَائِر الأشْيَاء؟ قال: لأنَّكَ إذا أحْبَبْتَهُ كَبُرَ عندَكَ صَغِيرُ إحْسَانهِ، وصَغُرَ عندَكَ كَبير إسَاءآتهِ، وكانت حَاجَاتهُ عندَك مَقْضيَّةً، وذُنُوبه عندكَ مَغْفُورةً.
قال الجَهْشِيَارِيّ
(1)
: وكانت وَفاهُ المَهْدِيّ، والهَادِي مُقِيمٌ بجُرْجَان، وهَارُون مع المَهْدِيّ في عَسْكَره. وقد كان الرَّبِيْع قام بأمْرِ البَيْعَة ببَغْدَاد، وشَغَب الجُنْدُ عليهِ وأحْرَقُوا بابَهُ، ولَقي منهم شَرًّا إلى أنْ أعْطَاهُم أرْزَاق ثَمانية عَشَر شَهْرًا، وسَكَّنَهُم إلى أنْ وَرَدَ مُوسَى الهَادِي، وقد كان مُوسَى عتَبَ على الرَّبِيْع من أجْل ما أطْلقَهُ من المالِ واسْتَكْثَرَهُ، ولأنَّ الخَيْزُرَان وجَّهَتْ إليه وإلى يَحْيَى بن خَالِد، فأمَّا الرَّبِيْع فدَخَل إليها، وأمَّا يَحْيَى فامتنعَ من ذلك، وقال: أعرفُ الهَادِي غيُورًا وأكْرَهُ الإقْدَام على الدُّخُول إلى وَالدته، فعَتَبَ على الرَّبِيْع في دُخُوله، وأحْمَدَ من يَحْيَى امْتِنَاعَهُ، فوجَّه الرَّبِيْع بابنه الفَضْل مُتلَقِّيًا له إلى هَمَذَان، وحَمَلَ معه ألْطَافًا وهَدَايا، وأمْرَهُ بالاعْتِذَار إليهِ ممَّا أنْكَرهُ، وتَعْريفه السَّبَب الدَّاعِي إليه، فقَبِلَ هَدَاياهُ، ورجع له وتَجاوَزَ عن زلَّتهِ (a)، وقلَّدَهُ وِزَارتَهُ، وتَدْبِير أُمُوره وما كان عُمَرُ بن بَزِيع يَتَولَّاه من دَوَاوِيْن (b) الأزِمَّةِ.
(a) من قوله "وشغب الجند .. إلى هنا" لم يرد في نشرة كتاب الوزراء.
(b) الأصل: دَوَاين!.
_________
(1)
كتاب الوزراء للجهشياري 167.
قال
(1)
: وحُكِيَ أنَّ الرَّبِيْع لمَّا لَقِيَهُ، شَرَع في الاعْتِذَار إليه ممَّا أنْكَرَهُ، فقال: لا حاجَة بكَ إلى الاعْتِذَار؛ قد كَفَاكَ الصَّفْحُ منَّا مَؤُونَتَهُ، ثُمَّ صَرَفَ الرَّبِيْعَ عن الوِزَارَة وقلَّدها إبْراهيمِ بن ذَكْوَان الحَرَّانيّ الأعْوَر، صَاحِب طَاق الحَرَّانيّ (a)، وأقَرَّ الرَّبِيْع على دَوَاوِيْن الأزِمَّةِ، فلَم يَزَل عليها إلى أنْ تُوفِّي في سَنَة تِسْعٍ وسِتِّين ومائة، وكانت وَفَاتُه وسِنُّهُ ثَمان وخَمْسُون سَنَةً، وصَلَّى عليه الرَّشِيْدُ وهو وليّ عَهْدٍ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ وغيرُه، قالُوا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي إذْنًا، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشيِّ، وأبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: وكان المَهْدِيّ يَوْم تُوفِّي ابنُ ثلاثٍ وأرْبَعين سَنَةً، وكان على رَسَائِلهِ الرَّبِيْع مَوْلاه، وعلى حِجَابَته الفَضْل بن الرَّبِيْع، وكان على حِجَابَتِهِ قَبْل الفَضْل بن الرَّبِيْع: الرَّبِيْع.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا الحُسَين علي الصَّيْمَريّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ الصَّيْرَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر بن سَلْم الحافِظ، قال: ذَكَرُوا أنَّهُ لُم يُرَ في الحِجَابَةِ أعْرَق من رَبِيْع ووَلده، وكان رَبِيْع حَاجِبَ أبي جَعْفَر ومَوْلاهُ ثُمَّ صَارَ وَزِيرَهُ، ثمّ حَجَبَ المَهْدِيّ، وهو الّذي بَايَعَ المَهْدِيّ وخلع عِيسَى بن مُوسَى، ومن وَلَده الفَضْل حَجَبَ هَارُون ومُحَمَّدًا المَخْلُوع، وابْنه عبَّاس بن الفَضْلِ حَجَبَ مُحَمَّدًا الأَمِين، فعبَّاس حَاجِبٌ ابن حَاجِب ابن حَاجِب. وقيل: إنَّ الرَّبِيْع بن يُونُس وَزَرَ للمَنْصُور وللهَادِي، ولَم يَزر للمَهْدِي، وأنَّهُ ماتَ في أوَّل سَنَة سَبْعِين ومائة.
(a) قوله: "صاحب طاق الحراني" لم يرد في كتاب الجهشياري.
_________
(1)
كتاب الوزراء للجهشياري 167، ولم يرد في نشرة الكتاب خبر اعتذار الربيع للهادي، والنص عنده يبدأ من قوله: "ثم صرف الربيع
…
".
(2)
تاريخ بغداد 9: 404.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَبِيْعَة
رَبِيْعَةُ بن شُرَحْبِيل
(1)
له ذِكْرٌ في وَقْعَة صِفِّيْن، وشَهِدَها مع عليٍّ رضي الله عنه، وقيل: إنَّهُ شَهِدَ على كتاب الحَكَمَين بين عليّ ومُعاوِيَة.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود بن أحْمَد بن الصَّابُونِيّ، عن أبي مُحَمَّد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الجَعْد، قال: أخْبَرَنا عَمْرو بن شَمِرٍ، عن جَابِر، قال: سَمِعْتُ زَيْد بن حَسَنٍ يَذْكُر كتاب الحَكَمَيْن، وزَادَ فيهِ شيئًا على ما ذَكَرَ مُحَمَّد بن عليّ والشَّعْبيِّ في كَثْرة الشُّهُود وفي زِيَادَةٍ في الحُرُوف ونُقْصَان، أملاهُ عليَّ من كتاب عنده وذَكَرَهُ، وقال: شَهِدَ على ما في هذا الكتاب من أصْحَاب عليّ عليه السلام: الأشْعَث بن قَيْسٍ، وعبد الله بن العبَّاس، والأشْتَر مَالِك بن الحَارِث، وِسَعِيْد بن قَيْسٍ الهَمْدانِيّ، وحُصَيْن، والطُّفَيْل ابْنا الحَارِث، وأبو أُسَيْد ابن رَبِيْعَة الأنْصَاريّ، ورِفَاعَة بن رَافِعٍ الأنْصَاريّ، وعَوْف بن مَالِك بن المُطَّلِب القُرَشِيّ، وبُرَيْدَةُ بن الحُصَيْب الأَسْلميّ، وعُقْبَةُ بن عَامِرِ الجُهَنِيّ، ورَافِع بن خَدِيْج الأنْصَاريّ، وعَمْرو بن الحَمِق الخُزَاعيّ، والحَسَن والحُسَين ابْنا عليّ، وعَبْد الله بن جَعْفر الهاشِميّ، والنُّعْمان بن عَجْلَان الأنْصَاريّ، وحُجْر بن عَدِيّ الكِنْدِيّ، ووَفَاء بن سُمَيّ البَجَليّ، وعبد الله بن الطُّفَيْل العَامِريّ، وعبد الله بن جَحْل العِجْليِّ، وعُقْبَة بن زِيَاد الأنْصَاريّ،
(1)
كان حيًا سنة 37 هـ، ذكره نصر بن مزاحم في شهود الحكمين: وقعة صفين 507، والأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 196 (ذكره في شهود وثيقة التحكيم)، الجرح والتعديل 3:473.
ويَزِيْد بن حُجَيَّة (a) الكِنْدِيّ، ومَالك بن كَعْب الهَمْدانيِّ، ورَبِيْعَةُ بن شُرَحْبِيل، والحَارِث بن مَالِك، وحُجْر بن يَزِيد، وعُقْبَة بن حُجَيَّة (b).
رَبِيْعَة بن عَاصِم العُقَيْلِيُّ
(1)
قَدِمَ مع زُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ وسَيَابَة (c) السُّلَميِّ على مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، وكان طَرِيقهِم على الجَزِيْرَة فاجْتَازوا بقِنَّسْرِيْن، أو ببَعْضِ عَمَلها في طَرِيْقهِم ما بين الجَزِيْرَة ودِمَشْق، ولهُ ذِكْرٌ في الأخْبار.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن صَابِر، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْرٍ قراءةً عن أبي نَصْر عُبَيْد الله بن سَعيد بن حَاتِم الوَائِليِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا علىِّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد، قال: وأخْبَرَني حَبَشُ بن مُوسَى، عن الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن ابن عَيَّاشٍ أنَّ قَيْسًا أقْبَلَتْ حين قُتِلَ عُثْمان من الكُوفَة والبَصْرَة يريدُونَ الشَّام، قال ابنُ عَيَّاشٍ: أخْبَرَني أبي، قال: أخْبَرَني زُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ، قال: أَتْبَعَنا عليٌّ خَيْلًا تَبِعَتْنَا حتَّى وَرَدْنا عَانَات، قال: فمَرَرنا بالجَزِيْرَة، فإذا بلادٌ خِصْبَةٌ رِيْفِيَّةٌ، ومُزْدَرَعٌ، وسَعَة، وقِلَّة أهْلٍ، وإنَّما كان الفَرْضُ والجُنْدُ بحِمْصَ والجَزِيْرَة -وقِنَّسْرِيْن يَوْمئذٍ
(a) قيَّده ابن العديم في الأصل بتقديم الجيم على الحاء، وأكَّده بحاء أسفل الحرف الثاني، وصوابه المثبت كما في تاريخ الطبري 5: 54، 273، وثقات ابن حبان 2: 298، وتاريخ ابن عساكر 65: 147، والكامل لابن الأثير 3:287.
(b) الأصل: حجيَّة، والمثبت من كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 507.
(c) في تاريخ ابن عساكر: شبابة، وهو سيابة بن عاصم السلمي. انظر ترجمته في الوافي بالوفيات 16: 60 - 61.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 18: 65 - 66، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 307.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 65 - 66.
من حِمْصَ- فقالُوا: مَنْ لنا بالمقَام بهذه البِلادِ، ولكن مُهاجرنا إلى غيرها، فلمَّا قَدِمُوا على مُعاوِيَة، قال: في الرَّحْب والسَّعَة، إنَّما هَاجَرْتُم إلى دِينْكم (a)، وقد سَبَقَكم إخْوَانكم من أهْلِ الشَّام إلى الرِّيْفِ والحَدَائق، ولكن عليكم بالجَزِيْرَة، فانْزِلُوها (b)، فَوَافق قَوْله هَوَاهُم، فرجعُوا فنَزَلُوا على أثْناءِ الفُرَات والمُدَيْبَر والمَازحين وفيهم رَبِيْعَة بن عَاصِم العُقَيْلِيّ، وزُفَر بن الحَارِث، وسَيَابَة (c) السُّلَميِّ.
رَبْيْعَةُ بنُ عِبَادٍ -ويُقال: عَبَّاد، وقال بَعْضُهم: عُبَادَة- الدِّئَليُّ الحِجَازِيُّ
(1)
ويُقال فيه: الدُّؤَليِّ والدُّئَليّ.
رَأى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورَوَى عنهُ، وكان ممَّن شَهِدَ اليَرْمُوك في خِلَافَة عُمَر رضي الله عنه، وغَزَا الرُّوم في خِلَافَة عُثْمان رضي الله عنه، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.
رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وسَعِيْد بن خَالِد القارِظيِّ، وأبو الزَّنَادِ، وهِشَام بن عُرْوَة، وعبد الله بن يَزيد، وزَيْد بن أسْلَم، وأبَان بن صَالِح، وبُكَيْر بن الأَشَجّ، وحُسَيْن بن عَبْدِ الله بن عُبَيْدِ الله بن عبَّاسٍ.
(a) ابن عساكر: إليَّ بدينكم.
(b) ابن عساكر: فما نزلوها، تحريفٌ بيِّن.
(c) ابن عساكر: شبابة.
_________
(1)
توفي بعد سنة 90 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 3: 280، الاستيعاب 2: 492 - 493، الثقات لابن حبان 3: 128 - 130، 4: 230، مشاهير علماء الأمصار 126، الجرح والتعديل 3: 472، تاريخ ابن عساكر 18: 68 (ورد اسمه دون ترجمته التي ضاعت من الكتاب، وانظر ترجمته في مختصر ابن منظور 8: 279 - 280)، أسد الغابة 2: 169 - 170، الدباغ: معالم الإيمان 1: 147 - 148، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 121، تاريخ الإسلام 2: 1091 - 1092، سير أعلام النبلاء 3: 516 - 517، الوافي بالوفيات 14: 89، 30: 186، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 198.
أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد البَغْدَاديّ، قراءةً منِّي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن الشّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الشَّافِعيّ
(1)
إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن الحَسَن بن مَيْمُون الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن رجَاء، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن سَلَمَة بن أبي الحُسَامِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُنْكَدر أنَّهُ سَمِعَ رَبِيْعَةَ بن عِبَاد الدُّؤَلِيّ -أو: عَبَّاد الدُّؤَليِّ- يَقُول: رأيْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَطُوف على النَّاسِ في مَنَازِلهم قَبْل أنْ يُهَاجر إلى المَدِينَة فيقُول: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ الله يأمرُكُم أنْ تَعْبُدُوه ولا تُشْرِكُوا بهِ شيئًا، قال: وورَاءه رَجُل يَقُول: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ هذا يأمرُكم أنْ تَتْرُكوا دِيْن آبائكم، فسَألتُ: مَنْ هذا الرَّجُل؟ فقيل: أبو لَهَبٍ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ
(2)
.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيب، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا عَبْد الغَنِيّ بن سُليَمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، ومُحَمَّد بن حَمَد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء -قال ابنُ حَمْد: إجَازَةً- قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا عبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الزَّنَادِ، عن أَبِيهِ، عن رَبِيْعَة بن عِبَاد؛ رَجُل من بني الدِّئَل، قال: رَأيْتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بسُوق ذِي المَجَاز وهو يَقُول: يا أيُّها النَّاس،
(1)
الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)257.
(2)
لم يرد في نشرة تاريخ ابن عساكر، وانظره في مختصر ابن منظور 8:279.
(3)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 226، وانظره بسنده عن سليمان بن داود الهاشمي في تاريخ ابن معين 3: 228، والبداية والنهاية لابن كثير 3: 139، وأيضًا في معالم الإيمان للدباغ 1:147.
قُولُوا: لا إلَه إلَّا الله تُفلِحُوا، ورَجُلٌ يتبعُهُ يَرْميهِ يَقُول: يا أيُّها النَّاس، إنَّهُ صَابئ، [إنَّهُ كَذَّاب](a)، فقُلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: هذا عَمّه أبو لَهَب.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، وسَمِعْتُ منهُ غيره بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد ابن البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن خُرَّشِيْد قَوْلَة، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي رَجَاء، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي الزَّنَادِ، عن هِشَام بن عُرْوَة، قال: رأيْتُ رَبِيْعَةَ بن عِبَاد وهو يُحَدِّثُ وأبي يَسْأله، فقال: إنَّ ابن عَفَّان كان أغْزَانا في مَغْزاةٍ فَمرَرنا فيها على مُعاوِيَة، وكان قد وَجَدَ علينا في شيءٍ قد بَلَغَهُ من أمْرنا في غَزاتنا تلك، فدَخَلْنا عليهِ، فجعَلْنا نعْتَذرإليهِ ونُكَذِّب ما بلَغَهُ عنَّا، وجَعَل يُوْقفنا على بعض ذلك ويُؤَنِّبُنا فيه، ثُمَّ قام رَجُلٌ منَّا فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، إنَّا مَكْذُوبٌ علينا، فليَنْظُر الأَمِير في أمْرِنا؛ فإنْ كُنَّا أثَّرنا عَرِفَ ذلك لنا، وإنْ كان لنا ذَنْبٌ عَفَا عنَّا، فقال مُعاوِيَة: فذاك إذًا، ثُمَّ قال الرَّجُل:[من الطويل]
لئن كُنْتُ لَم أُذنبْ فلا تظْلِمَنَّني
…
وإنْ كُنْتُ ذا ذَنْبٍ فسَوْفَ أَتُوبُ
قال: ثُمَّ الْتَفَتَ فىِ وُجُوه القَوْم جُلَساءِ مُعاوِيَة فقال: [من الطويل]
ولا ينْسَى قربان الأَمِير شَفَاعةً
…
لكُلِّ امْرئٍ ممَّا أفادَ نَصِيْبُ
قال: فقَبِلَ منَّا مُعاوِيَة، وصَنَعَ بنا مَعْرُوفًا.
(a) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة، والمدرج من كتاب المجالسة وتاريخ ابن معين والبداية لابن كثير وفيه:"صابئ كاذب".
_________
(1)
في الضائع من تاريخ ابن عساكر.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله البُخاريّ
(1)
، قال: رَبِيْعَة بن عَبَّاد الدُّؤَليِّ حِجَازِيٌّ، ويُقالُ: عِبَادٌ؛ ولا يَصِحُّ عِبَادٌ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل بن عَبْد الوَاحِد المَعْرُوف برَجل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: رَبِيْعَة بن عِبَادٍ الدُّؤَلِيّ، رَأى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عله وسلَّم بذي المَجَاز يَتَّبِعُ النَّاسَ في رِحَالهم يَدْعُوهم إلى الله. رَوى عَنْهُ ابنُ المُنْكَدِر، وأبو الزَّنَاد، وبُكَيْر بن الأَشَجّ، وسَعِيْد بن خَالِد، وحُسَيْن بن عَبْدِ الله بن عُبَيْدِ الله بن عبَّاسٍ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن عَبْد البَرِّ
(3)
، قال: رَبِيْعَةُ بن عِبَادٍ الدُّؤَلِيّ من بَني الدُّؤَل (a) بن بَكْر بن كِنَانَة، مَدَنِيٌّ، رَوَى عَنْهُ ابنُ المُنْكَدِر، وأبو الزَّنَادِ، وزَيْد بن أسْلَم وغيرهم، يُعَدُّ في أهْلِ المَدِينَة، وعُمِّر عُمرًا طَوِيْلًا، لا أًقِفُ على وَفَاته وسِنِّهِ، ويُقال: رَبِيْعَةُ بن عَبَّاد، والصَّوَاب عندَهُم بالكَسْر.
(a) الاستيعاب: الديلي من بني الديل.
_________
(1)
التاريخ الكبير 3: 280، وفيه:"ويقال ابن عبَّاد ولا يصح عبَّاد! ".
(2)
الجرح والتعديل 4: 472.
(3)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 492.
من حَدِيثِ أبي الزَّنَادِ، عن رَبِيْعَة بن عِبَاد أنَّهُ رَأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بذِي المَجَاز وهو يَقُول: يا أيُّها النَّاسُ، قولُوا: لا إلَه إلَّا الله تُفْلِحُوا، ووَراءَهُ رجُلٌ أحْوَل ذو غَدِيرتَيْن وهو يَقُول: إنَّهُ صَابِئٌ، إنَّهُ صَابِئٌ (a)، إنَّهُ كَذَّابٌ. فسَألتُ عنه فقالُوا: هذا عَمُّهُ أبو لَهَب، قال: رَبِيْعَةُ بن عِبَادٍ: وأنا يَوْمئذٍ أُزَفِّرُ القِرَبَ لأهْلِي (b).
قُلتُ: وَقَع لي نُسْخَة من كتاب الاسْتِيْعاب لأبي عُمَر وهي أصْلٌ يُعْتَمدُ عليه مُصَحَّح، وعليه حَوَاشٍ بخَطِّ بعض العُلَمَاء وأهل الدِّرَايَةِ من المَغارِبَة، فقَرَأتُ في حَاشِيَة الكتاب بخَطِّه عند هذه التَّرْجَمَة ما صُوْرته: قال عبَّاسٌ عن ابن مَعِيْن: وفي حَدِيثِ ابن أبي الزَّنَادِ، عن أَبِيهِ، عن رَبِيْعَة بن عُبَادَةَ وهو الصَّوَابُ، ومَنْ قال: عِبَادٌ فقد أخْطَأ.
رَبِيْعَة بن عَمْرو الجُرَشِيُّ الشَّامِيُّ
(1)
قيل: إنَّ له صُحْبَةً وسَمَاعًا من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عن سَعْد، رَوَى عنهُ خَالِد بن مَعْدَان، وعليّ بن رَبَاحٍ، وأبو المُتَوَكِّل النَّاجِيّ.
(a) لم يكرره في كتاب الاستيعاب.
(b) الاستيعاب: أريد القوت لأهلي، وفي بعض نسخه: أرفو القرب لأهلى، والزفر: حمل الماء لسقاية الناس، انظر: لسان العرب، مادة: زفر.
_________
(1)
توفي بحدود سنة 64 هـ مقتولًا في يوم مرج راهط، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 438، تاريخ ابن معين 3: 120، طبقات خليفة 308 (وفيه: الحرشي)، تاريخ البخاري الكبير 3: 281، المعرفة والتاريخ 2: 318، 384 - 385، الجرح والتعديل 3: 472 - 473، الثقات لابن حبان 3: 130، مشاهير علماء الأمصار 186، حلية الأولياء 6: 105 - 106، الاستيعاب 2: 493 - 494، الإكمال لابن ماكولا 7: 4، أسد الغابة 2: 170 - 171، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 280، تهذيب الكمال 9: 137 - 139، تاريخ الإسلام 2: 640، الكاشف 1: 307، العبر في خبر مَن غبر 1: 52، الوافي بالوفيات 14: 89 - 90، 30: 186 - 187، اليافعي: مرآة الجنان 1: 113، تهذيب التهذيب 3: 261، تقريب التهذيب 1: 247، الإصابة 2: 201 - 202، شذرات الذهب 1:287.
ويُقالُ: إنَّهُ جَدّ هِشَام بن الغَاز، وكان فَقِيهًا، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ رضي الله عنه، وفُقِئَتْ عَيْنه يَوْمئذٍ
(1)
.
نَقَلْتُ من كتاب القُضَاة، تأليف الحافِظ عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد
(2)
، من نُسْخَةٍ مَنْقُولَة من خَطِّهِ: حَدَّثَنا عَبْد الله بن جَعْفَر بن الوَرْد إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن حَبُّون، قال: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْب، قال: حَدَّثَني ابن لَهِيْعَة، عن الحَارِث بن يَزِيد، قال: لمَّا كان يَوْم صِفِّيْن، اجْتَمَع أبو مُسْلم الخَوْلانِيّ وحَابِس - يعني الطَّائيّ - ورَبِيْعَة الجُرَشِيّ، وكانوا مع مُعاوِيَةَ، فقالُوا: ليَدْعُ كُلّ إنْسَانٍ منكم بدَعْوَةٍ، فقال حَابِس الطَّائيّ: اللَّهُمَّ اجْمَع بيننا وبينَهُم، ثُمَّ احْكُم بيننا وبينهم، وقال رَبِيْعَة الجُرَشِيّ: اللَّهُمَّ اجْمَع بيننا وبينهم، ثُمّ ابْلُنَا بهم وابْلُهُم بنا، وقال أبو مُسْلم الخَوْلانِيّ: اللَّهُمَّ اكْفِنَا وعَافِنا.
فلمَّا الْتَقُوا قُتِلَ حَابِس الطَّائيّ، وفُقِئَتْ عَيْن رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، وعُوفي أبو مُسْلم.
وقال في ذلك شَاعِر أهْلِ العِرَاق
(3)
: [من الطويل]
[و] نحنُ قَتَلْنا حَابِسًا في عِصَابَةٍ
…
كِرَامٍ ولَمْ نَتْرُكْ بصِفِّيْنَ مُغْضَبا
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(4)
، قال: رَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ، قال بعضُ النَّاسِ: إنَّ له صُحْبَةً وليسَ له صُحْبَةٌ، هو شَامِيٌّ، جَدُّ هِشَام بن الغَاز، رَوَى عنهُ خَالِد بن مَعْدَان، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا قُرَّة بن حَبِيْب، قال: أخْبَرَنا أبو عَقِيْل
(1)
بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير نصفها.
(2)
تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني.
(3)
لعله أبو الطفيل الكناني، عامر بن واثلة، صاحب الإمام علي كرَّم الله وجهه، أو قيس بن عمرو النجاشي الحارثي، فكلاهما دُعي بشاعر أهل العراق، ولم يرد البيت في ديوان كل منهما، (صنعة الطيب العشاش، بيروت: دار المواهب، 1999 م).
(4)
الجرح والتعديل 3: 472.
الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو المُتَوَكِّل النَّاجِيّ، قال: سَألْتُ رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، وكان يُفَقِّهُ (a) النَّاس في زَمَن مُعاوِيَة.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد بن الدَّبَّاغِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرِّ
(1)
، قال: رَبِيْعَةُ بن عَمْرو الجُرَشِيّ، يُعَدُّ في أهْلِ الشَّام، رَوَى عنهُ عليّ بن رَبَاحٍ وغيره، يُقالُ: إنَّهُ جَدّ هِشَام بن الغَازِي. قال الوَاقِدِيُّ: قُتِلَ رَبِيْعَة بن عَمْرو الجُرَشِيّ يوْم مَرْج رَاهِط، وقد سَمِعَ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عُمَر رحمه الله
(2)
: له أحَادِيْثُ منها أنَّهُ قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: في أُمَّتِي خَسْفٌ ومَسْخٌ وقَذْفٌ، قالُوا: بِمَ ذَا يا رسُولَ الله؟ قال: باتِّخَاذهِم القَيْنات وشُرْبهم الخُمُور. ومنها قَوْله عليه السلام: اسْتَقِيْمُوا وبالحَري إنْ اسْتَقَمْتُم، الحَدِيْث.
قال أبو عُمَر
(3)
: حَدَّثَنَا خَلَف بن قاسم، قال: حَدَّثَنَا أبو المَيْمُون، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة
(4)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن الشَّيْبَانِيّ، قال: لمَّا وَقَعتِ الفِتْنَةُ قال النَّاسُ: اقْتَدُوا (b) بهؤلاءِ الثَّلاثة: رَبِيْعَة بن عَمْرو الجُرَشِيّ، ومَرْوَان الأرْحَبِيّ (c)، ويَزِيْد (d) بن نِمْرَان.
قال الشَّيْبَانِيُّ: وقُتِلَ رَبِيْعَة بن عَمْرو الجُرَشِيّ بمَرْج رَاهِط (e).
(a) الجرح والتعديل: فقيه.
(b) تاريخ أبي زرعة: نقتدي.
(c) في تاريخ أبي زرعة: يزيد بن الأسود الجرشي.
(d) الاستيعاب: مرثد.
(e) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 493.
(2)
الاستيعاب 2: 493، وانظر الحديث وتخريجه في كتاب تاريخ بغداد 11:560.
(3)
الاستيعاب 2: 493.
(4)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 234 - 235.
رَبِيْعَةُ بن كَعْب القَصِيْر
(1)
حَكَى عن سَالِم بن عَبْدِ الله بن عُمَر، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وغَزَا معهما بلاد الرُّوم، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها، روَى عنهُ أبو خَالِد يَزِيد بن يَحْيَى القُرَشِيّ الدِّمَشقيّ.
رَبِيْعَةُ بن لَقِيْط بن حَارِثَة بن عَمِيْرة التُّجِيْبِيُّ القَرْدَمِيُّ المِصْرِيُّ
(2)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وحَدَّثَ عنهُ، وعن عَمْرو بن العَاصِ، وعبد الله بن حَوَالَة الأزْدِيّ، ومُطْعِم بنِ عُبَيْدَة البَلَوِيّ، وعبد الله بن سَنْدَر، ومَالك بن زَهْدَم. رَوى عَنْهُ ابنُهُ إسْحَاق بن رَبِيْعَة، ويَزِيْد بن أبي حَبِيْب (a).
أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود بن أحْمَد الصَّابُونِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بنُ أحْمد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهِيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني ابن وَهْب، قال: حَدَّثَني اللَّيثُ بن سَعْد، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب أنَّهُ أخْبرَهُ مَنْ حَضَرَ صِفِّيْن مع عليٍّ ومُعاوِيَة، قال ابنُ وَهْبٍ: وأخْبَرَني ابنُ لَهِيْعَة، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب، عن رَبِيْعَة بن لَقِيْط،
(a) بعده بياض أزيد من نصف الصفحة.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 18: 69.
(2)
توفي سنة 90 هـ أو قبلها، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 475، الثقات لابن حبان 4: 230، تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 175، تاريخ ابن عساكر 18: 69 - 70، تاريخ الإسلام 2: 933، سير أعلام النبلاء 4: 509 - 510، الوافي بالوفيات 14: 87، الإصابة 2: 224، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 267.
أخْبَرهُ، قال: شَهِدْنا صِفِّيْن مع عليٍّ ومُعاوِيَة، قال: فمَطرت السَّماءُ علينا دَمًا عَبِيْطًا. قال اللَّيْثُ في حَدِيثِهِ: إنْ كانُوا ليأخُذُونه بالصِّحَاف والآنيَةِ، وقال ابنُ لَهِيْعَة في حَديثِهِ: حتَّى إنَّ الصِّحَاف والآنية لتَمْتَلئ ونُهَرِيْقها (a).
أخْبَرَنا سَعيد بن هاشِم الأسَدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال. أنْبَأنَا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل بن عَبْد الوَاحِد، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أَخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: رَبِيْعَة بن لَقِيْط التُّجِيْبِيّ، رَوَى عن عَبْد اللهِ بن حَوَالَة، ومَالِك بن زَهْدَم، رَوَى عنهُ يَزِيد بن أبي حَبِيْب، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك (b).
رَبِيْعَةُ بن نَجْوَان - وقيل: اسْمُهُ النُّعْمان بن نَجْوَان - ابن مُعاوِيَة المَعْرُوف بأَعْشَى بني تَغْلِب
(2)
أحَدُ بني مُعاوِيَة بن جُشَم بن بَكْر بن حُبَيْب
(3)
بن عَمْرو بن غَنْم بن تَغْلِب بن وَائِل بن قَاسِط بن هِنْب بن أفْصَى بن دُعْمِي بن جَدِيْلَة بن أسَد بن رَبِيْعَة بن نِزَار التَّغْلِبِيّ النَّصْرانِيّ.
شَاعِرٌ مَشْهُورٌ من أهْلِ الجَزِيْرَة، قَدِمَ دَابِق وَافِدًا على عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز حين وَلِيَ الخِلَافَة، ومَدَحَهُ فلَم يُعْطِه شيئًا، وكان في غَزْوة الطُّوَانَةِ مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك.
(a) بعده بياض قدر ستة أسطر.
(b) بعده بياض قدر ثلثي الصفحة.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 475.
(2)
توفي سنة 93 هـ، وترجمته في: الأغاني 11: 189 - 191، الزركلي: الأعلام 3: 17 (ربيعة بن يحيى).
(3)
لم يجوّده المصنّف في هذا الموضع، وتقدم التعليق على وجه ضبطه بالتصغير في الجزء الأول من الكتاب.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن دِيْنارٍ اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَجِ عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ الكَاتِبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنِي عليّ بن سُلَيمان الأخْفشُ، قال: حدَّثَنَا أبو سَعيدٍ الحُسَين بن الحَسَن السُّكَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَبِيْب، عن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، قال: كان الوَلِيدُ بن عَبْدِ المَلِك مُحْسِنًا إلى أَعْشَى تَغْلِب (a)، فلمَّا وَلِي عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز الخِلَافَة، وَفَدَ إليهِ ومَدَحَهُ فلَم يُعْطِه شيئًا، وقال: ما أرَى للشُّعَراء في بَيْتِ المَال حَقًّا، ولو كان لهم فيه حَقٌّ لَمَا كان لك لأنَّك امْرُؤٌ نَصْرَانِيٌّ، فانْصَرَف الأَعْشَى وهو يقول:[من الطّويل]
لعَمْري لقد عاشَ الوَلِيدُ حَيَاتهُ
…
إمَامَ هُدَىً لا مُسْتَزادٌ ولا نَزْرُ
كأنَّ بَنِي مَرْوَانَ بعدَ وَفَاتهِ
…
جَلامِيْدُ ما تندَى وإنْ بَلَّها القَطْرُ
وذَكَرَ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن سَعيد القَنْطَريّ عن الوَاقِدِيّ - يعني في غَرْوة الطُّوَانَةِ - قال: قيل لمَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك إنَّ القعْقَاع بن خُلَيْدٍ العَبْسِيَّ هو الّذي مَنعَ العبَّاسَ بن الوَلِيدِ بن عَبْد المَلِك من تَعْظِيمه، فقال لأَعْشَى تَغْلِب، وكان معَهُ: اهجٌ بني عَبْس ببَيْتَيْن لا تزد عليهما، فقال:[من الطّويل]
تَعَلَّمُ عَبْسٌ مِشيَةً قُرَشِيَّةً
…
تُلوَى بها أسْتَاهُها ما تُجِيْدُها
فآخِرُ عَبْسٍ في الحَدِيث نِسَاؤُها
…
وأوَّلُ عَبْسٍ في القَدِم عَبِيْدُها (b)
(a) الأغاني: أعشى بَنِي تَغْلِب.
(b) بعده بياض في الأصل أزيد من نصف الصفحة.
_________
(1)
الأغاني 11: 190.
رَبيعَة الشَّعُوذِيّ
(1)
قَدِمَ خُنَاصِرَة من الأحَصّ من عَمَل حَلَب، وَافِدًا على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وحَكَى عنه. رَوَى عنهُ سَهْل بن شُعَيْب النَّخَعِيِّ الكُوْفيّ (a).
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَجَاء
رَجَاء بن أَيُّوبَ الحَضَارِيُّ
(2)
قَدمَ حَلَبَ صُحْبَة المُتَوَكِّل، وكان على حَرَسِه، ووَلَّاهُ الوَاثِق قِتَال أبي حَرْب المُبَرْقعَ الَّذي خَرَج بفِلَسْطين، ووَلَّاهُ حَرْب قَوْم من ذُعار (b) أهْلِ الغُوْطَة والمَرْج، وكان بالرَّقَّة فنَفَذ منها إلى دِمَشْق (c) .
ذَكَرَ أبو الحَسَن محمد بن أحْمَد بن القَوَّاسِ أنَّ رَجَاء بن أيُوب الحَضَارِيّ ماتَ في آخر جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن مُنْصَرفًا من دِمَشْق.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل، جلّها إِلَّا من هذين السطرين.
(b) كذا في الأصل بالذال.
(c) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير ثلاثة أرباعها.
_________
(1)
تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن عساكر 73: 200 (المستدرك).
(2)
توفي سنة 344 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبريّ 9: 28، 117 - 188 (في خبر خروج المبرقع اليماني بفلسطين)، المسعودي: مُروج الذَّهب 5: 33، تاريخ ابن عساكر 18: 94 - 96 وفيه: "رجاء بن أبي أيُّوب"، الكامل 6: 460، 522، 528.
رَجَاء بن حَيْوَة بن حَنْزَل - وقيل: جَرْوَل، وقيل: جَنْدَل - ابن الأحْنَف بن السِّمْط بن امْرئ القَيْسِ بن عَمْرو بن مُعاوِيَة بَنِي (a) الحارِث الأكْبَر بن مُعاوِيَة بن ثَوْر بن مُرْتِع بن مُعاويَة بن كِنْدَة، وهو ثَوْر بن عُفَيْر بن عَدِيّ بن الحارِث بن مُرَّة بن أُدَد، أبو المِقْدَام - وقيل: أبو نَصْر - ابن أبي رجَاءٍ الكِنْدِيّ السَّكْسَكِيّ الفَقِيه
(1)
قيلِ: إِنَّهُ من أهْل الأُرْدُنّ، وقيل: من فِلَسْطين، وقيل: من حِمْص. وقيل: إنَّ جَدّه جرْول بن الأحْنَف له صُحْبَة.
(a) كذا في الأصل.
_________
(1)
توفي سنة 112 هـ، وترجمته في: نسب معد واليمن الكبير للكلبي 177 (وفيه: ابن خنزل)، طبقات ابن سعد 7: 454 - 455، تاريخ ابن معين 3: 164، 3: 351، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 397، 2: 107، 333، تاريخ خليفة 343، طبقات خليفة 310، تاريخ أبي حفص الفلاس 566، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 313، التاريخ الصغير 1: 293، العجلي: تاريخ الثّقات 160، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 229، 330، المعرفة والتاريخ 2: 339، تاريخ الطبريّ 3: 611، 4: 100، 258، 343، 6: 156، 181، 466، 550 - 553، المعارف 473 - 473، الأزدي: تاريخ الموصل 15، 32، الجرح والتعديل 3: 501، المسعودي: مُروج الذَّهب 4: 16، الثقات لابن حبَّان 4: 337 - 338، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 189، حلية الأولياء 5: 170 - 177، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 439، السمعاني: الأنساب 11: 162 - 163، تاريخ ابن عساكر 18: 96 - 116، صفة الصفوة لابن الجوزي 4: 213 - 314، ابن الأثير: الكامل 4: 555، 5: 39 - 41، 172، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 13 - 15، وفيات الأعيان 3: 301 - 303، تهذيب الكمال 9: 151 - 157، تاريخ الإسلام 3: 334 - 336، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 58، سير أعلام النبلاء 4: 557 - 561، تذكرة الحفاظ 1: 118، الكاشف 1: 308، العبر في خبر من غبر 1: 106، الوافي بالوفيات 14: 103، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 304، تهذيب التهذيب 3: 365 - 366، تقرب التهذيب 1: 248، النجوم الزاهرة 1: 271، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 53 - 53، شذرات الذَّهب 2: 64، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 315 - 318.
وكان صَحِبَ سُليْمان بن عَبْد المَلِك بِدَابِق إلى أنْ تُوفِّيّ، وكان كَبِير الصُّحْبَة لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وهو الَّذي أشَار على سُليْمان بتَوْلية عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وتولَّى أمْرَهُ وَقْتَ ولايتهِ الخِلَافَة بِدَابِق، ودَامَ في صُحْبتَهِ بها وبخُنَاصِرَة.
رَوَى عن أَبيِهِ حَيْوَة، وعن عِمْرانَ بن حُصَيْن، ومُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، ومُعَاذ بن جَبَلٍ، وعبد اللّه بن عَمْرو بن العَاصِ، وأبي أُمَامَة البَاهِلِيّ، ومَحْمُود بن الرَّبِيْع الأنْصَاريّ، وعَبْد الرَّحمن بن غَنْم الأشْعرِيّ، وعُبَادَة بن الصَّامِت، وأبي سَعيد الخُدْرِيّ، وجابر بن عَبْد اللّه الأنْصَاريّ، وجُنَادَة بن أبي أُمَيَّة الدَّوْسِيّ، وأبي الدَّرْدَاءِ، وأُمّ الدَّرْدَاءِ، والنَّوَّاس بن سَمْعَان، ويَعْلَى بن عُقْبَة، ووَرَّاد كَاتب المُغِيرَة، وعَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وعَمَر بن عَبْد العَزِيْز، وخَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، ونُعَيْم بن سَلامَة، والحَارِث بن حَرْمَل بن تَغْلِب بن رَبِيعَة الحَضْرَيّ الرُّهَاوِيّ، وأبي صالح السَّمَّان، وقَبِيْصَة بن ذُؤَيْب.
رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عَاصِم بن رَجَاء، ومَكْحُول، وقَتَادَة بن دِعَامَة، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وحُمَيْد الطَّويلِ، وأبو مُجَالِد جَرَاد بن مُجَالِد، وعبدُ اللّه بن عَوْن، وعَبْد الكَريم بن الحَارِث، ومُحمَّد بن عَبْد اللّه بن أبي يَعْقُوب، وأبو سِنَان عِيسَى بن سِنَان، وأشْعَث بن أبي الشَّعْثَاء، وعبد اللّه بن أبي زَكَرِيَّاء، وعُمَر بن سَعيد الفَدَكِيّ، وسُليْمان بن أبي دَاوُد، والوَلِيد بن سُلَيمان بن أبي السَّائِب، وأبو عُبَيْد حَاجِب سُليْمان بن عَبْد المَلك، وعَديّ بن عَديّ، ومُحَمَّد بن جُحَادَة، وعُرْوَة بن رُوَيْم، ومُحَمَّد بن عَجْلان، ورَجَاء بن مِهران بن أبي سلَمَة، ومُحَمَّد بن الزُّبَيْر، وثَوْر بن يَزِيد الكَلاعِيّ، وإبْراهيم بن أبي عَبْلَة، وعَبْد الرَّحمن بن حَسَّان الكِنَانِيّ، ومَطَر الوَرَّاق.
أخْبَرَنَا أبو حَفْصِ عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرزَد، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم هِبَة اللهَ بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللّه الشَّافِعيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن شَاكِر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن حَفْص، قال: حَدَّثَني أبي، عن إبْرام، عن مَطَر، عن رَجَاء بن حَيْوَة، عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْن أنَّهُ قال
(2)
: نَهَى رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم عن الجَلَبِ والجَنَبِ، ونَهَى عن النَّجَشِ والمَسِّ (a) في البَيْع، ونَهَى أنْ يَبْتَاع الرَّجُل على بَيْع أخيهِ، ويَخْطُبَ على خِطْبَةِ أخيهِ.
وقال: أخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ الشَّافِعيّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ الأعْرَج (b)، قال: حَدَّثَنَا قَطَن - يعني ابن إبْرَاهيم - قال: حَدَّثَنَا حَفْص بن عَبْدِ اللّه، قال: حَدَّثَني إبْرَاهِيمِ، عن مَطَر، عن رَجَاء بن حَيْوَة، عن عِمْران بن حُصَيْن، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: لا جَلَب ولا جَنَب.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إبْرَام بن مُسَلَّم بن سَلْمَان الإرْبليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو العِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَوَاهِب بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتَار بن مُحَمَّد بن المُؤيَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر القَطِيْعِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني الحَسَنُ بن عَبْد العَزِيْز، قال: كَتَبَ إلينا ضَمْرَةُ، عن يَحْيَى بن أبي عَمْرو السِّيْبَانيّ، قال: كان رَجَاء يَرَى تَأخير العَصْر، وكان يُصَلِّي ما بين الظّهْر والعَصْر.
(a) كذا في الأصل، وفي الغيلانيات ومجمع الزوائد: اللمس.
(b) لقَّبه أبو بَكْر الشافعي في هذا الموضع: السُّكَّريّ، وهو لقب له أيضًا، ويرد عنده على الوجهين وهو مُحَمَّد بن عليّ بن إسماعيل الأعرج السّكَّريّ، أبو عليّ، في ترجم له الخطيب البَغْدَادي في تاريخه 4:119.
_________
(1)
الغيلانيات (فوائد أبي بَكْر الشافعي)248.
(2)
مصنف ابن أبي شيبة 6: 429 - 430 (رقم 33612 - 32615)، سنن النسائيّ 5: 227 (رقم 3590)، سسن الدَّارقطنيّ 3: 303 (رقم 17)، المعجم الكبير للطبراني 18: 148 (رقم 316) 18: 175 (رقم 401)، صحيح ابن حبَّان 8: 61 - 62 (رقم 3267)، مجمع الزوائد 4:82.
(3)
الغيلانيات 248 - 249.
أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن بَكْرَان الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْص العَطَّار في ذِكْرِ الأسَامِي والكُنَى، قال: رَجَاء بن حَيْوَةَ يُكْنَى بأبي المِقْدَام، حَدَّثَني بذلك أبو الحَسَن بن أبي قَيْسٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو الأَصْبَغِ مُحَمَّد بن سَمَاعَة، قَال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عن رَجَاء بن أبي سَلَمَة، قال: ودَّع رَجُلٌ رجَاء بن حَيْوَة، فقال: حَفِظَك اللّهُ يا أبا المِقْدَام.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن عَبْدِ اللّه بن عبد الصَّمَد العَطَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بنُ أحْمَدَ بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أبو عِمْرانَ عِيسَى بن عُمَر، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بنُ عبد الرَّحْمن الدَّارِمِيِّ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيد بن شُجاع، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيد بن سُلَيمان بن أبي السَّائِب، عن رَجَاء بن حَيْوَة أنَّهُ حدَّثَهُ، قال: كَتَبَ هِشَام بن عَبْدِ المَلِك إلى عَامِلِهِ أنْ يَسْألني عن حَدِيثٍ، قال رَجَاء: فكُنْت قد نَسِيْتُه لولا أنَّهُ كان عندِي مَكْتُوبًا.
(1)
سنن الدَّارميّ 1: 129.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبَهِ تَوْفِيقِي
أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن عليّ الدَّامَغَانِيّ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنَا أبي أبو مَنْصُور جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن سَوَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعيد الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللّهِ السِّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُزْيَد، أبو حدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن سَلَّامٍ، قال: قال ابنُ عَوْن: أدْرَكتُ ستَّةً: ثلاثةٌ يُؤدُّون الحَدِث بلَفْظه، وثلاثةٌ إذا حدَّثوا بالمَعْنَى لَم يبُالوا كيفَ قالُوا؛ فأمَّا الثَّلاثة المُؤدُّون فابن سِيْريْن، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر، ورَجَاء بن حَيْوَة، وأمَّا الثَّلاثة الّذين يجيئُونَ بالمَعْنَى: فالحَسَنُ، وإبْراهيم، والشَّعْبِيّ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا ثَابِتُ بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيد بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليِّ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْد اللّهِ العِجليّ
(1)
، قال: رَجَاء بن حَسوَة السَّكْسَكِيّ شَامِيٌّ ثِقَةٌ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بنُ عَبْد اللّه، قَال: أخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد بن أبي حاتِم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا
(1)
قال أبوه في كتاب تاريخ الثّقات 160: رجاء بن حيرة الكندي شامي ثقة.
(2)
الجرح والتعديل 3: 501.
حَيْوَةُ بن شُرَيْح، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عن ابن شَوْذَب، عن مَطَر، قال: ما رَأيْتُ شَامِيًّا أَفْقَه من رَجَاء بن حَيْوَة (a).
أنْبَأنَا أبو الفَضْل عَبْد الوَاحِد بن هاشِم الأسَدِيّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن عَبْد اللّهِ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: رَجَاءُ بن حَيْوَة الشَّامِيِّ الكِنْدِيّ، أبو المِقْدَام، رَوَى عن عَبْد اللّه بن عَمْرو، ومُعاوِيَة، ومَحْمُود بن الرَّبِيْع، رَوَى عَنْهُ ابنُ عَوْن، وجَرَاد بن مُجَالِد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك (b) .
أخْبَرَنَا أبو عليّ الأَوَقِيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الحَرْبِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة اثْنَتي عَشرة ومائة رَجَاء بن حَيْوَةَ مَوْلَى كِنْدَة، نَزَل الشَّام؛ يعني: ماتَ فيها.
رَجَاء بن سِرَاج
(2)
لَه ذِكْر في التَّاريخ، وقَدِمَ مع عَبْد المَلِك بن مَرْوَان إلى حَلَب سَنَة سَبْعِين حينَ قَدِمَهَا لقِتَالِ مُصْعب بن الزُّبيرِ، فلَمَّا رجَع عَمْرُو بن سَعيد الأشْدَق خَالِعًا لعَبْد المَلِك ومُتَوَجِّهًا إلى دِمَشْق، مَضَى معه حُمَيْد بن حُرَيْث بن بَحْدَل، ورَجَاء بن
(a) الصفحة بعده بياض في الأصل.
(b) بعده بياض في الأصل قدر ثلاثة أرباع الصفحة.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 501.
(2)
ترجمته في: تاريخ الطبريّ 6: 141، تاريخ ابن عساكر 18: 116 (ونسَبَهُ في كلب)، لسان الميزان 2:456.
سِرَاج، وجَمَاعَةٌ من أهْل الشَّام إلى دِمَشْق، وفَتَحُوها وملكها عَمْرو، ذَكَرَ ذلك مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي في تَارِيْخهِ
(1)
.
رَجَاءُ بن عبد الرَّحيم، أبو المَضَاءِ القُرَشِيُّ الهَرَويُّ
(2)
رَحَلَ إلى الشَّام، وسَمِعَ بطَرَسُوس أبا تَوْبَةَ الرَّبِيْع بن نَافِع الحَلَبِيِّ نَزِيلُ طَرَسُوس، وبِحِمْص أبا اليَمَان الحَكَم بن نَاِفع، وبدِمَشْق أبا مُسْهِر عَبْد الأعْلَى بن مُسْهِر الدِّمَشْقِيَّ، وحَدَّثَ عنهُم، وعن أبي نُعَيم الفَضْل بن دُكَيْن، وعليّ بن عَيَّاش، وأبي الوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وعَبْد الرّحمن بن عَمْرو بن جَبَلَة، وبَشَّار بن مُوسَى الخَفَّاف، ومُحَمَّد بن المِنْهَال الضَّرِيْر، ويَحْيَى بن عَبْد الله بن الضَّحَّاك، وسَعِيْد بن أبي مَرْيَم، والقَعْنَي.
رَوَى عنهُ أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن الأزْهَر ومُحَمَّد بن عليّ بن عُمَر المُذَكِّر، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن سُفْيان، ومُحَمَّد بن سُلَيمان بن فَارِس، وأبو يَحْيَى زَكِريَّاء بن دَاوُد الخَفَّاف، وزَنْجُوَيْه بن مُحَمَّد اللَّبَّاد، وأبو يَحْيَى البَزَّاز.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَادِر بن عَبْدِ اللّه الرُّهَاوِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنَا أبو الخَيْر القَزْوِينِيّ، قال: أخْبَرَنَا زَاهِر بن طَاهِر، ح.
وأَنْبَأْنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر، قال: أخْبَرَنَا أبَوَا عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَا بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، إجَازَةً منهم، قالُوا: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه مُحمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا أبو
(1)
لم أقف على ذكر لتاريخه، وتقدم لابن العديم النقل عنه في أكثر من موضع، وذكر أنَّه ممَّا كَتَبه ابن مَهْدي لخزانة أمير المُؤمنين القَادر (ت 381 هـ).
(2)
توفي بعد سنة 250 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 18: 124 - 126 (وكناه فيه بأبي الضياء)، تاريخ الإسلام 6: 80، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 320.
يَحْيَى زَكَرِيَّاء بنُ دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا رَجَاء بن عبدِ الرَّحيم الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو تَوْبَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفُرَاتِ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق، عن الحَارِث، عن عليّ
(1)
، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْن، احْذَرُوا البَغْيَ، فإنَّهُ ليسَ عُقُوبَةٌ أشَدّ من عُقُوبَةِ البَغْيّ، وصِلُوا أرْحَامَكُمُ؛ فإنَّهُ ليسَ من ثَوابٍ هو أَعْجَلُ من ثَوَابِ صِلَة الرَّحِم، وإيَّاكُم واليَمِيْن الفَاجِرَة؛ فإنَّها تَدَعُ الدِّيَار بَلَاقِع.
قال الحاكِم أبو عَبْد اللّه الحافِظ
(2)
: رَجَاء بن عبد الرَّحيم أبو المَضَاءِ القُرَشِيّ الهَرَويّ، أكْثَر حَدِيثه عن الشَّاميِّيْن: أبي اليَمَان، وأبي تَوْبَة، وعليّ بن عَيَّاش، وأبي مُسْهِر، وهو كَثِيْرُ المَنَاكيْر، حَدَّث بنَيْسَابُور بالكَثِيْر، وسَمِعَ منه أبو يَحْيَى البَزَّاز، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن سُفْيان، وأبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن دَاوُد الخَفَّاف، ومُحَمَّد بن سُلَيمان بن فَارِس، وغيرهم. حدَّثَ بنَيْسَابور بعد الخَمْسِين (a).
رَجَاءُ بن مَعْبَد بن عُلْوَان بن زِيَاد بن غَالِب بن قَيْس بن المُنْذِر بن حَرْب بن حَسَّان بن هِشَام بن مُغِيْث بن الحارِث بن زَيْد مَنَاة بن تميْم التَّمِيْمِيّ
(3)
كان مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلك حين دَخَل بلاد الرُّوم غَازِيًا، واسْتَولَى على بَلَد من بلاد الرُّوم يُقالُ له بَلْعَم، وهو من أجْدَادِ الوزِير أبي الفَضْل مُحَمَّد بن عُبَيْد اللّه بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عِيسَى بن رَجَاء بن مَعْبَد.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل، كلها باستثناء هذين السطرين.
_________
(1)
أخرجه ابن عدي في الكامل 6: 2149.
(2)
النقل عن تاريخ نَيسَابُور للحاكم، ولم يرد في تلخيص تاريخه ص 23 سوى الاسم.
(3)
ترجمته في: الإكمال لابن ماكولا 7: 278.
أَنْبَأْنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيِّ إجَازَةً، عن أبي نَصْر عليّ بن هِبَةِ اللّه بن مَاكُولا
(1)
، قال: وكان رَجَاءُ بن مَعْبَد اسْتَولى على بَلْعَم، وهو بَلَدٌ من ديار الرُّوم حين دَخَلَها مَسْلَمَةُ بن عَبْد المَلِك، وأقام بها، وكَثُر نَسْلُه فيها فنُسِبَ ولدُه إليها.
رَجَاء بن مِهْرَان بن أبي سلَمَة، أبو المِقْدَام الفِلَسْطِيْنيّ الرَّمْليّ
(2)
وكان أَصْلهُ من البَصْرَة، وتحوَّل إلى الشَّام، وسَكَنَ الرَّمْلَة، وكان بِدَابِق ورَأى بها الوَضِيْن بن عَطَاءٍ.
ورَوَى عن رَجَاء بن حَيْوَة، وعَبْدَة بن أبي لبُابَةَ، وإسْمَاعِيْل بن عُبَيْدِ اللّه بن أبي المُهاجِر، وسُليْمان بن مُوسَى، ويُونُس بن عُبَيْد، وعُقْبَة بن أبي زَيْنَب، والزُّهْرِيّ، ونُعَيْم بن سَلامَة، وإبْراهيم بن يزِيد البَصْرِيّ، وعُبَادَة بن نُسَيّ، وعَمْرو بن شُعَيْب، وَيَزِيْد بن عَبْد اللّه بن مَوْهب، ومُقْبِل بن عَبْد اللّه الفِلَسْطِيْنيّ.
رَوَى عنهُ زَيْد بن الحُبَاب، والحَمَّادَان: ابن سَلَمَة وابن زَيْدٍ، ويَحْيَى بن العَلَاءِ، وعبد اللّه بن عَوْن، ومُحَمَّد بن يُوسُف، وضَمْرَة بن رَبيعَة، وبِشْر بن المُفَضَّل (a).
(a) بعده في الأصل: وضمرة بن رَبِيعَة، وضرب عليه لتقدم ذكره. وبقية الصفحة بعده بياض تقدير نصفها.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 7: 278.
(2)
توفي سنة 161 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاريّ الكبير 3: 313، التاريخ الصغير 3: 139، المعرفة والتاريخ 1: 149، الثّقات لابن حبَّان 6: 305 (وفيه: رجاء بن أبي سلمة)، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 287، الجرح والتعديل 3: 502، حلية الأولياء 6: 91 - 93، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 159 (رجاء بن أبي سلمة)، تاريخ ابن عساكر 18: 116 - 120 (وسماه: رجاء بن أبي سلمة)، تهذيب الكمال 9: 161 - 163، تاريخ الإسلام 4: 364 - 365، الكاشف 1: 308، الوافي بالوفيات 14: 105، (وفيه: رجاء بن أبي سلمة الفلسطيني)، تهذيب التهذيب 3: 267، تقريب التهذيب 1: 248، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 318.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم أحْمَدُ بن عَبْد اللّه بن عبد الصَّمَد العَطَّار البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عِمْران مُوسَى بن عُمَر بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بنُ عبد الرَّحْمن الدَّارِمِيِّ
(1)
، قال: أخْبَرَنِي العبَّاسُ بن سُفْيان، عن زَيْد بن حُبَاب، قال: أخْبَرَنِي رَجَاءُ بن أبي سَلَمَة، قال: سَمِعْتُ عَبْدَة بن أبي لبُابَة يَقُول: قد رَضِيْتُ من أهْلِ زَماني هؤلاء أنْ لا يَسْألوني ولا أسْألهم، إنَّما يقُول أحَدُهم: أرَأيْت، أرَأيْتَ.
أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، فيما أذِنَ لي في رِوَايتِهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي القَاسِم عَبْد اللّه بن أحْمَد بن عليّ السُّلَمِيِّ: وَجَدْتُ بخَطِّ أبي الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن جَعْفَر الرَّازِيّ الحَافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّدُ بن يُوسُف بن بشْر (a) الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنِي سَمَاعَةُ بن مُحَمَّد بن سَمَاعَة الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ - يعني ابن رَبِيْعَة - عن رَجَاء - يعني ابن أبي سَلَمَة - قال: رأيْتُ الوَضِيْنَ بن عَطَاء بِدَابِق وعليه هَيْئَةٌ رثَّةٌ، ثُمَّ رأيتُهُ بدِمَشْقَ [و] عليه (b) هَيْئَةٌ حَسَنَةٌ! فقُلتُ لَهُ: قد رَأيْتُكَ بغير (c) هذه الهَيْئَةِ؟ قال: رَأيْتَنِي وأنا مُسَافِر.
أنْبَأنَا عَبْدُ القَادِر بن عَبْد اللّه الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا رَجَاء بن حَامِد المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ (d)، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب
(a) في الأصل: بسر، والمثبت عن ابن عساكر (مصدر النقل)، وهو المعروف بغندر، انظر ترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 4: 641، تاريخ الإسلام 7:598.
(b) الإضافة عن ابن عساكر.
(c) ساقطة من مطبوعة ابن عساكر.
(d) جوده في الأصل حيثما يرد: العَمِيْريّ، وصوابه المثبت، وتقدم التعليق عليه في الجزء السادس من هذا الكتاب.
_________
(1)
سنن الدارمي 1: 67.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 118.
القَرَّاب، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا شَكر، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَةَ
(1)
، قال: حُدِّثْتُ عن ضَمْرَة بن رَبيعَة، قال: وُلِدَ رَجَاءُ بن أبي سَلَمَة سَنَةَ إحْدَى وتسعِينَ (a)، وماتَ سَنَة إحْدَى وسِتِّين.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَينُ بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّد بنُ إسْمَاعِيْلِ البُخارِيّ
(2)
، قال: رَجَاء بن أبي سَلَمَة، أبو المِقْدَام الفِلَسْطِينِيّ، عن رَجَاء بن حيْوَة، رَوى عَنْهُ ابنُ عَوْن، وحَمَّاد بن زَيْدٍ (b)، ومُحَمَّد بن يُوسُف، وزيْد بن حُبَابٍ، وقال الحَسَن عن ضَمْرَة: ماتَ سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة (c) .
أَنْبَأْنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل المعرُوف برَجُل، قال: أَنْبَأْنَا عَبدُ الوَهَّاب بن أبي عَبْد اللّه بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(3)
، قال: رَجَاءُ بن أبي سَلَمَة، أبو المِقْدَام الفِلَسْطِيْنيّ الرَّمْليّ، كان يَنْزل البَصْرَة، ثُمَّ تحوَّل إلى الشَّام.
رَوَى عن رَجَاء بن حَيْوَة، ونُعَيْمِ بن سَلامَة، ويَزِيْد بن عَبْد اللّه بن مَوْهَب، وإسْمَاعِيْل بن عُبَيْد اللّه، وعُبَادَة بن نسُيّ. رَوَى عَنْهُ ابن عَوْن، وحَمَّادُ بن سَلَمَة،
(a) كذا رسمها في الأصل مهملة الأوّل: تسعين، ومثله في كتاب تاريخ مولد العلماء ومشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 287، وتهذيب الكمال 9: 163، وجاء في تاريخ أبي زرعة: إحدى وسبعين.
(b) في تاريخ البخاري ومثله في رواية تأتي: حمّاد بن سلمة وحماد بن زيد.
(c) الصفحتان بعده بياض في الأصل.
_________
(1)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 272.
(2)
التاريخ الكبير 3: 313.
(3)
الجرح والتعديل 3: 502.
وحَمَّاد بن زَيْدٍ، وبِشْر بن المُفَضَّل، ويَحْيَى بن العَلَاء، ومُحَمَّدُ بن يُوسُف، وضَمْرَة، وزَيْد بن الحُبَابِ، سَمِعْتُ أبي يَقول ذلك.
وقال
(1)
: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بن أحْمَد في كتابهِ إليَّ، قال: سَألْتُ أبي عن رَجَاء بن أبي سَلَمَة، فقال: ثِقَةٌ. وقال: ذَكَرَهُ أبي عن إسْحَاق بن مَنْصُور، عن يحيى بن مَعِين، قال: رَجَاءٌ أبو المِقْدَام ثِقَةٌ (a).
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَادِر بن عَبْد اللّهِ الحافِظ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ (b)، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب إسْحاقُ بن إبْرَاهِيم القَرَّاب، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ
(2)
، قال: حَدَّثَنا الحَسَنُ بن وَاقِع (c)، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، قال: ماتَ رَجَاء بن أبي سَلَمَة سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة، وكُنْيَتُهُ أبو المِقْدَام الفِلَسْطِيْنيِّ (d)، رَوَى عَنْهُ ابنُ عَوْن، وحَمَّاد بن زَيْدٍ، وحَمَّادُ بن سَلَمَة، ومُحَمَّد بن يُوسُف، وزيْد بن حُبَاب.
أنْبَأنَا أبو عَلِيّ الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُبارَكُ بن عَبْدِ الجَبَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِعٍ، قال: سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائه رَجَاء بن أبي سَلَمَة، أبو المِقْدَام؛ يعني: ماتَ فيها.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر نصفها، وكذا كامل التي تليها.
(b) جوده في الأصل: العَمِيريّ، وتقدم التعليق عليه.
(c) في الأصل: ابن رافع، وصوابه المثبت، ينقل عنه البخاري في كثير من المواضع في تواريخه (الكبير والأوسط والصغير)، وترجم له ابن سعد في طبقاته 7: 473، والذهبي في تاريخ الإسلام 5:298.
(d) زيد في تاريخ البخاري: الرملي.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 502.
(2)
تاريخ البخاري الصغير 2: 139.
رَجَبُ بن إبْراهيم بن مُحَمَّد الحنفِيُّ الفَقِيهُ
(1)
تَفَقَّهَ بحَلَب، وسَمِعَ أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانِيّ.
قال لي الفَقِيه خَلِيفَة بن سُلَيمان بن خَلِيفَة الحَنَفِيّ: كان رَجَبُ هذا من الفُقَهَاءِ الحَنَفِيَّة بحَلَب، ثمّ إنَّهُ انْتَقَل إلى دِمَشْق، ودَرَّس بها في مَسْجِدٍ من مَسَاجِدِها، وأثْنَى عليه خَيْرًا.
رِزَام المَجْنُون
كان مُقِيْمًا بطَرَسُوس مُجَاهِدًا، يُعَدُّ في عُقَلَاءِ المَجَانِيْن.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن، وأبو العبَّاس أحْمَد ابنا عَبْدِ اللّه بن عُلْوَان الأسَدِيَّان، فيما أَذِنا لي في رِوَايتهِ عنهما، قالا: أخْبَرَنَا عَبْد اللّه بن عبد الرَّحْمن في كتابِهِ، قال: أخْبَرَني عليّ بن المُؤَمَّلِ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه بن سَعيد، قال: أخْبَرَنَا أَبو الفَتْح مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الفَارسِيِّ، قَال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحَسَن بن مُحَمَّد بن حَبِيْب
(2)
، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عَبْد المَلِك بن دَهْثَم القَاضِي يَقُول: كان بطَرَسُوس مَجْنُون يُقال لهُ: رِزَامٌ، وكان مَدْهُوشًا يَهْذِي ويُسْمِعُ ويُؤْذِيّ، فإذا خَرَجَ العَسْكَر إلى أرض العَدُوّ خَرَجَ لخُرُوجهم (a)، وحَمَل دَرَقَةً وسَيْفًا، فكُلَّا لَقِي العَدُوّ أفاق كإنْ لَم يَكُن بهِ جُنُونٌ! وكان من أَجْسَر (b) النَّاس عليهم، ورُبَّما قَتَلَ في اليَوْم جُمْلَةً من العَدُوّ، فإذا عادَ إلى أَرْضِ الإسْلَام عاد إلى جُنونهِ.
(a) ابن حبيب: بخروجهم.
(b) ابن حبيب: أخشن.
_________
(1)
ترجمته في: الجواهر للمضية القرشي 2: 199.
(2)
عقلاء المجانين 266.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رِزْق الله
رِزْق الله بن عَبدِ الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز بن الحَارِث بن أسَد بن اللَّيْث بن سُليَمان بن الأَسْوَد بن سُفْيان بن يَزِيد بن أُكَيْنَة بن الهَيْثَم بن عَبْد الله، أبو مُحَمَّد بن أبي الفَرَج بن أبي الفَضْل التَّمِيْمِيّ الحَنْبَلِيِّ
(1)
قيل: إنَّ جَدّه الأَعْلَى عَبْد اللّه له صُحْبة، وكان اسْمُه عَبْد اللَّات فسمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْد اللّه، وعَلَمَّه الوَحْي، وأَرْسَلَهُ إلى اليَمَامَة والبَحْرَين ليُعَلِّمَهُم أمْر دِيْنهم، ومَسَحَ بيَدِه على صَدْرِه، وقال: نَزَع (a) اللّه من صَدْر وَلدك الغِلّ والغِشّ إلى يَوْم القيامة. وابنُه الهَيْثَم رَوَى عن عليّ رضي الله عنه، وما بين الهَيْثَم وبين رِزْقِ اللّه كُلَّهم رُوَاة، رَوَى كُلّ واحدٍ منهم عن أَبيه.
وكان رِزْق اللّه إمَام الحَنَابِلَة في وَقْتِهِ في الفِقْه، وكان عَارِفًا بالقِرَاءَات، تَصَدَّرَ لإفَادة القُرْآن وعُلُومه والفِقْه والحَدِيْث، قَرأ القُرْآن العَظِيْم على أبي الحَسَن عليّ بن عُمَر الحَمَّامِيِّ، وتَفَقَّهَ على أبيهِ أبي الفَرَج عَبد الوَهَّاب، وعَمِّه أبي الفَضْل عَبْد الوَاحِد، والقَاضِي أبي عليّ بن أبي مُوسَى الهَاشِمِيّ.
(a) الأصل: نزغ.
_________
(1)
توفي سنة 488 هـ، وترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الفراء 2: 250 - 251، المنتظم لابن الجوزي 17: 19 - 21، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1304، ابن الأثير: الكامل 10: 253، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 470 - 471، المستفاد من ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن النجار 231 - 234، الذهبي: تاريخ الإسلام 10: 595 - 598، طبقات القراء 2: 670 - 671، العبر في خبر مَن غبر 2: 357 - 358، معرفة القراء الكبار 2: 842 - 843، سير أعلام النبلاء 18: 609 - 616، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 150، الوافي بالوفيات 14: 112 - 113، ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 1: 77 - 85، طبقات المفسرين للداوودي 1: 177 - 178، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 284، شذرات الذَّهب 5: 380، القنوجي: التاج المكلل 189 - 190، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 470.
وَسَمِعَ الحَدِيْث من أبيه وعَمِّهِ المَذْكُورَيْن، وأبي عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن مَهْدِي الفارِسِي، وأبي عليّ أحمد بن مُحَمَّد البَرَدَانِيّ، وأبي الحُسَيْن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن بِشْرَان، وأبي الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُتَيَّم الوَاعِظ، وأبي الحُسَين مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَضْل القَطَّان، وأبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد الحَمَّامِيِّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن عليّ بن البَادَا، وأبي عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن إبْرَاهيم بن شَاذَان البَزَّاز، وأبي الفَرَج أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر بن المُسْلِمَة، وأبي القَاسِمِ عبد الرَّحْمن بن عُبيدِ اللّهِ الحُرْفِيّ، وأبي الفَضْل عُمَر بن إبْرَاهيم بن إسْمَاعِيْل الهَرَويّ، وأبي الفَرَج مُحَمَّد بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الجَصَّاصِ، وأبي القَاسِم عَبْد المَلِك، وأبي الحُسَين عليّ ابْنَي مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن بِشْرَان، وأبي عَبْد اللّه أحْمَد بن عَبْدِ اللّه بن الحُسَين المَحَامِلِيِّ، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد البَزَّاز، وأبي عَمْرُو عُثْمان بن مُحمَّد بن يُوسُف بن دوْست، وأبي مُحمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد بن عَبْد اللّه بن حَمَدِيَّة
(1)
، وأبي القَاسِمِ الفَضْل بن مُحمَّد بن الفَضْل، وأبي الحَسَن عليّ بن المُظَفَّر الأصْبَهَانِيّ المُقْرئ، وأبي بَكْر مُحمَّد بن عُمَر العَنْبَرِيّ.
رَوَى عنهُ أبو مَسْعُود سُلَيمان بن إبْرَاهيْم الحافِظ، وأبو بَكْر مُحمَّد بن عبد البَاقي الأنْصَاريّ، وأبو الفَتْح مُحمَّد بن عبد الباقي بن سَلْمَان بن البَطِّيّ، وأبو الفَضْل مُحمَّد بن نَاصِر، وأبو الحَسَن عليّ وأبو بَكْر مُحمَّد ابْنَا عَبْد اللّه بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، والحافِظ إسْمَاعِيل بن مُحمَّد بن الفَضْل، وأبو سَعْد أحْمَد بن مُحمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن البَغْدَادِيّ، وأبو الكَرَم المُبَارَك بن الحَسَن بن الشَّهْرَزُورِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن يُوسُف القُرَشيّ، المَعْرُوف بشَيْخ الإسْلَام، وأبو عَبْد اللّه عُثْمان بن أبي نَصْر الصَّالِح، وأبو غالب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، وأبو الفَضْل
(1)
انظر ترجمة ابن حمدية في تاريخ بَغْدَاد 11: 45، وتاريخ الإسلام 9:365.
عبد المَلِك بن عليّ [بن](a) يُوسُف، وأحمد بن مُحمَّد بن الإخْوَة، وثَابِت بن مَنْصُور الكَيْلِيِّ، وأبو عليّ أحْمَد بن مُحمَّد بن البَرَدَانِيّ، وأبو مَنْصُور مَسْعُود بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، وصَدَقَةُ بن الحُسَيْن بن مُحمَّد بن السَّيَّاف، وأبو الحُسَيْن وأبو خَازم ابْنَا أبي يَعْلَى بن الفَرَّاء، وأبو الحُسَيْن مُحمَّد بن مُحمَّد بن بَادَوبه السّهْلكِيِّ، وأبو مَسْعُود بن كُوْتَاه، والبَدِيْعِ أحْمَد بن سَعْدٍ العِجْليّ، وأبو غَالب المُبَارَك بن عبد الوَهَّاب الفَرَّاء، وأبو الحَسَن عَبْد الرَّحيم بن عَبْد الرَّحمن الصُّوفيّ، وأبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن عبدِ الوَاحِد المَغَازِليّ، وآمنَة بنْتُ إسْمَاعِيل بن أحْمَد الصُّوفِيّ، وجَمَاعَة غيرهم يَطُول ذِكْرُهم، وسَيأتي في ذِكْر الحَدِيث عنهُ أسْمَاء جَمَاعَة من الرُّوَاة عنه، لَم نَذْكُرهم ها هُنا عدُوْلًا عن التَّطْويل.
وكان قَدِمَ إلى حَلَب رَسُولًا من بَغْدَاد، ولا أعْلَمُ أنَّهُ حدَّثَ بها.
أَخْبَرَنَا أبو الفَضَائِل عبد الرَّزَّاق بن عبد الوَهَّاب بن عليّ بن عليّ بن سُكَيْنَة بظَاهِر مَدِينة حَلَب، قال: أَخْبَرَنَا أبو الفَتْحِ مُحمَّد بن عبْد البَاقي بن أحْمَد بن سَلْمَان المَعْرُوف بابن البَطِّيّ، قِرَاءةً عليه وأنا حَاضِرٌ، قال: أَخْبَرَنَا أبو مُحمَّد رِزْق اللّهِ بنُ عبدِ الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْمِيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن عليّ بن مُحمَّد بن عَبْد اللّه بن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحمَّد بن عَمُرو بن البَخْتَرِيّ الرَّزَّاز، قال: حَدَّثَنَا سَعْدَان بن نَصْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عَبْدَة بن أبي لُبَابَةَ، وعَاصِم، عن زِرّ بن حُبَيْش، قال: سَأَلتُ أُبَيّ بن كَعْب عن لَيْلَةِ القَدْر فَحَلَفَ لا يَسْتَثْنِي أَنَّها لَيْلة سَبْع وعشْرين، قُلْتُ: بِمَ تَقُول ذلك أبا المُنْذِر؟ فقال: بالآيةِ أو بالعَلَامةِ الَّتي قال رسُول صلى الله عليه وسلم إنَّها تُصْبح في ذلك اليَوْم، تَطْلع الشَّمْسُ ليسَ لها شُعَاع.
(a) ساقطة من الأصل.
أَخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهَاشِمِّيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيل بن مُحمَّد بن الفَضْلِ الحَافِظُ، وأبو سَعْد أحمدُ بن مُحمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن البَغْدَادِيّ، وأبو نَصْر أحْمَد بن عُمَر بن مُحمَّد بن عَبْدِ اللّه الغَازِيّ، وأبو بَكْر مُحمَّد بنُ شُجَاع بن مُحمَّد اللَّفْتُوَانِيّ، وأبو الخَيْر شُعْبَةُ بن أبي شُكْر الصَّبَّاغ، وأبو أحْمَد مُحمَّد بن أبي عليّ المُوْريّ، وأبو العِزّ الخَلِيل بن تَميم القَصَّارُ، وأبو الوَفَاء مَحْمُود بن عَبْد الوَاحِد القُرَشِيّ، وأبُو الفُتُوح مَحْمُود بن غَانِم الحَدَّاد، وأبُو الفَضْلِ عُبَيْد اللّه بن مُحَمَّد بن إبْرَاهِيْم السَّعْدويّ، وأبو مُحمَّد عَبْد الرَّحيم بن مُحمَّد بن الفَضْلِ الحدَادُ، وأبو الحُسَيْن جَابِر بن مُحمَّد اللَّاذَانيّ، وأبو بَكْر جَابِر بن مُحمَّد بن أحْمَد الرُّنَانِيّ، وأبو الوَفَاء عُمَر بن الفَضْل المُمَيّز، وآمنَةُ بنْت عباد بن طَبَاطَبا العَلَوِيَّةُ، وأبو الَرَّوح مُحمَّد بن مَعْمَر بن أحْمد العَبْديّ، وأبو إسْمَاعِيل مُحمَّد بن مُحمَّد بن عَبْدِ اللّه الأكَّاف، وأبو الفَضْل ظَفَر بن مُحمَّد بن أحْمَد الحَاجِي المُعَلّم، وأبو مُحمَّد محمُود بن أحْمَد بن عَبْدِ اللّهِ الخانِيَّان، وأبو الوَفَاء مُحمَّد بن الفَضْل بن جلَّة القَاضِيّ، وأبو مُحمَّد سُفْيان بن إبْراهيْم بن عبد الوَهَّاب بن مَنْدَة التَّكَكِيِّ، وأبو الفَتْح محمُود بنُ الحُسَيْن بن مُحمَّد الصَّافِيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن الفَضْلِ بن الحَسَن الأَدَمِيِّ، وأبو عَبْدِ اللّه مُحمَّد بن غَانِم بن أحْمد البَيِّع، وأبو الفَضَائِل مُوسَى بن المُفَضَّل الكَاتِب، وأبو الفَتْح خَالِد بن عُمَر بن مُحمَّد بن عَبْدِ اللّه الغَازِيّ، وأبو حَامد مُحمَّد بن ظَفَر الخَطِيْبُ، وأبو عَبْد اللّه الحُسَيْن بن عبدِ المَلِك الخَلَّال، وأبو القَاسِم عَبْد الرَّحمن بن مُحمَّد بن الفَضْل الحَدَّاد، وأبو مَنْصُور عبد المَلك بن مُحمَّد بن عبد المَلِك السَّربِيّ، وأبو الفَضَائِل دَاوُد بن مُحمَّد بن حَمْد الخَبَّاز، وأبَو الفَتْح عبد الرَّزَّاق بن مُحَّمد بن سَهْل الشَّرَابِيّ، وأبو مَسْعُود عبدُ الجَلِيْل بن مُحمَّد بن عَبْدِ الوَاحِد بن كُوْتَاه الحافِظُ، وأبو الفَضْل عَبْد الرَّحيم بن غَانِم العَدْلُ، وأبو المُرَجَّا الحُسَيْن بن مُحمَّد بن الفَضْل العَسَّال، وأبو عَبْد اللّه مُحمَّد بن
أبي الفَتْح القَطَّان، وأبو جَعْفَر مُحمَّد بن عَبْد الوَاحِد الدَّلَّالُ، وأبو الوَفَاء أحمدُ بن ظَفَر الشَّاهِد، وأبو الفُتُوح مُبَشِّر بن أبي سَعْد الزَّاهد، وأبو نَصْر إسْمَاعِيل بن عَبْدِ الرَّزَّاق الطَّرْقيّ، وأبو سَعِيْد عَبْدُ الجبَّار بن مُحمَّد الهَرَّاسُ، وأبو الفَضْل مُحمَّد بن عَبْد الوَاحِد المَغَازليّ، وأبو رُشَيْد مُحمَّد بن الفَضْل الصَّيْدَلانيّ، وعَبْدُ اللّه بنُ أحْمَد بن القَاسِم الخَابُوطِيّ، وأبو العَبَّاسِ أحْمَد بن مُحمَّد الكِسَائيُّ، وأبو الرِّضا حَيْدَر بن أبي طَالِب العَلَوِيّ، وأبو الخير محود بن حَمْد بن أحْمَد الجِيْرَانيّ، وأبو تُرَاب طَاهِر بن أبي طَالب العَلَويّ، وأبو المَعَالي طَاهر بن أبي الحُسَيْن بن أبي غَالِب بن سلَّة الأصْبَهَانيّ، وأبو سَعِيْد شَيْبان بن عَبْدِ اللّه المُحْتَسِبُ، وأبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحمَّد بن جَعْفَر المِهْرَانيّ، وأبو القَاسِم إبْراهيْمُ بن مُحمَّد بن إبْراهيْمِ الدّوَاتِيّ، وأُمّ البَهَاء شهرَازرميَّة بنْتُ عَبْد الوَاحِد بن الفَاخِر العَبْشمِيّ، وأبو الرِّضا مَحْمُود بن عبدِ الرَّزَّاق الخَابُوطِيّ، وأبو المَكَارِم حَامِد بن عَبْدِ الرَّزَّاق البَيِّع، وأبو سَعْد مُحمَّد بن هِبَةِ اللّهِ الهَارُونِيّ، وأبو عليّ سَهْل بن مُحمَّد بن أحْمَد الحَاجِيّ، وأبو الفُتُوح عبد الرَّزَّاق مُحمَّد القَصْرِيّ، وأبو المَعَالي طَاهِر بن المُفَضَّل الكَاتِب، وأبو المَعَالي اللَّيثُ بن أبي الفَارِس الرَّازِيّ، وأبو شُكْر حَمْد بن طَاهِر بن حَمْد الشَّيْبَانيّ بأصْبَهان، وأبو عليّ أحمدُ بن سَعْد بن عليّ العِجليّ بهَمَذَان، وأبو الجَوَائِز سَعْد بنُ عَبْد الكَريْم بن الحَسَن الغَنْدجَانِيّ (a) بوَاسِط، وأبو الفَتْح نَصْرُ اللّه بن مُحمَّد بن عَبْد القَوِيّ المِصِّيْصِيّ، وأبو مُحمَّد هِبَةُ اللّه بن أحْمَد بن عَبْدِ اللّه بن طَاوُوس الإمَام بدِمَشْق، وأبو غَالِب المُبَاركُ بن عَبْدِ الوَهَّاب القَزَّاز بعُكْبَرا، وأبو الحَسَن عَبْد الرَّحيم بن عَبْد الرَّحمن الفُوْشَنْجيّ بإشْكِيْذَبَان، وأبو البَرَكات عبد الوَهَّاب بن المُبَارَك بن أحْمد الأنْمَاطِيّ، وأبو القَاسِم إسْمَاعِيل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البَرَكاتِ إسْمَاعِيل بن أحْمَد بن مُحَمَّد النَّيْسَابوريّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن هِبَةِ اللّه بن عبد السّلام الكَاتِب، وابنُه أبو الفَتْحِ مُحمَّد بن عليّ بن هِبَةِ الله الكَاتِبُ، وأبو العَبَّاس أحْمَد بن مُحمَّد بن
(a) كذا جوده المؤلِّف، وتقدم له بضم الغين.
مُحمَّد بن الإخْوَة العَطَّار، وأبو القَاسِم ظَاهِرُ بن أبي غالب المَسَامِيريّ، وأبو الوَفَاء مُحمَّد بن هِبَةِ اللّهِ الكَاتبُ، وأبو القَاسِمِ عليّ بن طَرَّاد بن مُحمَّد الوَزِيرُ الزَّيْنَيُّ ببَغْدَاد وجَمَاعَة سِوَاهُم، قالُوا: أَخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد رِزْق اللّه بن عَبْدِ الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْميّ، قِرَاءةً عليه، وبعضُهم قال: إمْلاءً من لَفْظِه، قال: أَخْبَرَنَا أبو عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحمَّد بن عَبْد اللّه بن مَهْدِي الفَارِسيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه مُحمَّد بن مَخْلَد العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن عُثْمان بن كَرَامَة، قال: حَدَّثَنَا خَالد بن مَخْلَد، عن سُلَيمان بن بِلَال، عن شَرِيك بن أبي نَمْرٍ، عن عَطَاء، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
(1)
، قال: قال رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللّه تعالَى قال: مَنْ عَادَى لي وَليًّا فقد آذَنَنِي (a) بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إليَّ عبْدِي بشِيءٍ أحبّ إليَّ ممَّا افْتَرضْتُ عليه، وما يَزَال عَبْدي يتقرَّب إليَّ بالنَوَافِل حتَّى أُحبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُه كُنْتُ سَمْعَهُ الّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الّذي يُبْصِرُ بهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، ورِجْلَهُ الّتي يَمْشِي عليها، ولئن سَأَلَنِي عَبْدِي لأُعْطِينَّهُ، ولئن اسْتَعَاذَني لأُعِيذنَّهُ، وما تَردَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه تَرَدُّدِي عن نَفْس المُؤْمِن يَكْرَهُ المَوْتَ، وأكْرَهُ مسَاءَتَهُ ولا بُدَّ له منه.
قال السَّمْعَانِيّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ أخْرَجه الإمَامُ مُحمَّد بن إسْمَاعِيل البُخَاريّ في جَامِعه الصَّحِيْح
(2)
عن مُحَمَّد بن عُثْمان بن كَرِامَةَ، هو العِجْليّ الكُوفِيّ، عن خَالد بن مَخْلَدٍ، عن سُليَمان بن بِلَالٍ أَبِي أيُّوبَ موْلى عَبْدِ اللَّه بن عَتِيْق القُرَشيّ المَدَنيّ، عن شَرِيك بن عَبْد اللّه بن أبي نَمْرٍ أبي عَبْدِ اللّه القُرَشيّ اللَّيْثِيّ المَدَنِيّ، عن عَطَاء، هو ابن يَسَار أبو مُحمَّد، عن أبي هُرَيْرة.
(a) فتح الباري: آذنته.
_________
(1)
فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ 11: 340 - 341 (رقم 6502).
(2)
التخريج المتقدم.
كما أخْرَجناهُ ووَقع إلينا عاليًا ومُوَافَقَة، ولَم يُخْرجهُ البُخَاريّ إلَّا عن أبي كَرَامَة حَسْب من هذا الطَّرِيق، وخالِد بن مَخْلَد هو أبو القَاسِم القَطَوَانيّ كُوفِيٌّ، رَوى عنه البُخَاريّ في صَحِيْحه، وأخْرَج هذا الحَدِيثَ عن ابن كَرامَة عنه، ومن جَلَالة الرَّجُل عندَهُ يُحَدِّث عنه ثُمَّ يُحدِّث عن رَجُلٍ عنهُ.
قال السَّمْعَانيّ: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن سَعْد بن عليّ العِجْلِيّ بهَمَذَان يقُول: كان شَيْخُنا أبو مُحَّمَّد التَّمِيْميّ إذا رَوَى هذا الحَدِيث أو قُرئ عليه، قال:{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ}
(1)
. وسَمِعْتُ شَيْخ الشُّيُوخ إسْمَاعِيل بن أبي سَعْد مُذَاكَرةً يقُول: كان أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ شَيْخُنا إذا قَرَأ عليه أبو بَكْرٍ بن الخَاضِبَةِ هذا الحَدِيث - يعني: حَدِيثَ عَطَاء عن أبي هُرَيْرة - أخَذَ خَدَّهُ وقَرَصَهُ! وقال: يا أبا بَكْر، يَنْبُت تحتَ حُبّكُم من ذَا شيءٌ.
أَنْبأنَا أبو مُحمَّد عَبْد الرَّحمن وأبو العَبَّاسِ أحْمَدُ ابْنَا عَبْد الله بن عُلْوَان الأسدِيَّان، عن أبي الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن بن القَاسِم الثَّقَفِيّ، قال: أخبَرنا رِزق الله بن عبْد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز بن الحَارِث بن أسَد بن اللَّيْث بن سُلَيمان بن الأسْوَد بن سُفْيان بن يَزِيْد بن أُكَيْنَة بن الهَيْثَم التَّمِيْميّ يقُول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقول: سَمِعْتُ أبي يقُول: سَمِعْتُ عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه في خُطْبَتهِ يقُول: هتَفَ العِلْمُ بالعَمل فإنْ أجابَهُ وإلَّا ارْتَحل.
أخْبَرنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرنا عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد المَرْوَزِيّ، قال: أخْبَرنا أبو الحَسَن عَبْد الرَّحيم بن عَبْد الرَّحمن اليَعْقُوبيّ
(1)
سورة الطور، الآية 15.
مَولاهُم، بقرَاءتي عليه بجَامع إشْكِيْذَبَان، قال: أخْبَرنا أبو مُحمَّد رِزْق الله بن عَبْد الوَهَّاب التَّمِيْميّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحمد بن إبْراهيْم بن شَاذَان الدَّوْرَقيّ، قال: أخْبَرنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمد بن عَبْد الله بن السَّمّاك الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا يَحْيى بن جعْفَر، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَبْد الغَفَّار، قال: حدَّثنا الأعْمَشُ، عن شَقِيق، عن عَبْد الله رضي الله عنه، قال: تَعَلَّمُوا العِلْم فإنَّ أحَدَكم لا يَدْري مَتَى يَحْتَاج إليه.
أخْبَرنا أبو هَاشِم، قال: أخْبَرنا أبو سَعْد، قال: أنْشَدَنا إسْمَاعِيل بن أحمد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ إمْلاءً، قال: أنْشَدَنا أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ، قال: أنْشَدَني أبو بَكْر مُحمَّد بن عُمَر العَنْبَرِيّ لنَفْسهِ: [من الخفيف]
خَبَّرُوها بأنِّني أرْقُدُ اللَّيْـ
…
فقالَتْ: ما ذَا مِنَ العُشَّاقِ
قُلْتُ: إنِّي رَقَدْتُ أرْتَقبُ الطَّيْـ
…
فَ، فإنِّي إلَيهِ بالأشْوَاقِ
فاعْذُريْني فلَسْتُ أرقُدُ ما عشْـ
…
_________
ت ولَوْ كانَ في الرُّقَادِ التَّلَاقي
أخْبَرنا الشَّريفُ عَبْد المُطَّلِب، قال: أخْبَرنا عَبْدُ الكَريْم بن مُحمَّد، قال: أنْشَدَنا أبو مُحمَّد هِبَة الله بن أحمد بن طَاوُوس الإمَام المُقْرئ، إمْلاءً من حِفْظه بدِمَشْقَ في مَنْزلهِ ببَاب جَيْرُون، قال: أنْشَدَنا أبو مُحمَّد رِزق الله بن عبْدِ الوَهَّاب التَّمِيْميّ لنَفْسه ببَغْدَاد
(1)
: [من الطويل]
وما شَنآنُ الشَّيْب من أجْل لَوْنه
…
ولكنَّه حادٍ إلى البَيْن مُسْرِعُ
إذا ما بَدَتْ منه الطَّلِيْعَةُ آذَنَتْ
…
بأنَّ المَنَايَا خَلْفَها تتَطَلَّعُ
فإنْ قَصَّها المِقْرَاضُ صاحَت بأُخْتها
…
فتَظْهَر يتلُوها ثَلَاثٌ وأرْبَعُ
وإنْ خُضِبَتْ حال الخِضَابُ لأنَّهُ
…
يُغَالِبُ صُنعْ الله والله أصْنَعُ
_________
(1)
الأبيات - باستثناء البيت الخامس - في تاريخ الإسلام 10: 597، والأبيات جميعها في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1: 80 - 81.
فيَضْحى كَرِيْشِ الدِّيْكِ فيه تَلَمُّعٌ
…
وأفْظَع ما تكساهُ ثَوبٌ مُلَمَّعُ
إذا ما بلغْتَ الأرْبَعين فقُلْ لمَنْ
…
يَودُّكَ فيما تَشْتَهيْهِ ويُسْرعُ
هَلُمُّوا لنَبْكي قَبْل فُرْقَة بيننا
…
فما بعْدَها عَيْشٌ لَذِيْذٌ ومَجْمَعُ
وخلِّ التَّصَابي والخَلَاعَة والهَوَى
…
وأُمَّ طَرِيق الحَقِّ فالحَقُّ أنْفَعُ
وخُذْ جنَّةً تُنْجي وزَادًا من التُّقَى
…
وصحْبَة مأمُوم فقَصْدك مفزعُ
وقال عَبْد الكَريْم: أنْشَدَنا إسْمَاعِيل بن أبي بَكْر الحَافِظُ الدِّمَشْقيّ إمْلاءً، قال: أنْشَدَني أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ لنفَسهِ
(1)
: [من الطويل]
مَرَرْنا على رَسْمِ الدِّيارِ فسَلَّمْنا
…
وقُلْنا لَهُ: يا رَبْعُ أينَ نَأَوْا عَنَّا
وجُدْنا بدَمْعٍ كالرَّذَاذِ على الثَّرَى
…
فصَمَّ المُنَادى فانْصَرَفنا كما كُنَّا
وما ذاكَ إلا أنَّ رسْمَ دِيَارِهِمْ
…
بهِ كالّذي نلقَى فقَدْ زادَنَا حُزْنَا
فلمَّا أَيِسْنا مِن جَوَابِ رُسُومِهِمْ
…
نَزَلْنا فقبَّلْنا الثَّرَى قَبْلَ أنْ رُحْنا
قَرأتُ بخَطِّ عِمَاد الدِّين أبي عَبْد الله مُحمَّد بن مُحمَّد الكاتبِ الأصْبَهَانيّ لأبي مُحمَّد رِزْق الله بن عبد الوَهَّاب التَّمِيْميّ البَغْدَادِيّ: [من الخفيف]
وقَفَتْ للسَّلَام يَوْم الْتَقَيْنَا
…
ثُمَّ قالَتْ بِطَرْفِهَا الفَتَّانِ
تَدَّعي حُبَّنا وتَصْبِرُ عنَّا
…
ليسَ هذا مِنْ عَادَةِ الفِتْيَانِ
مُدَّعي حُبِّنا يَمُوتُ قَتِيلًا
…
وَلِصَعْبِ الأمُورِ فينا يُعَاني
أخْبَرنا أبو هَاشِم الهَاشِميّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ إمْلاءً من كتابهِ، قال: أنْشَدَنا أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ لنَفْسه: [من الطويل]
ولمَّا رأتْ فَصِّي يَلُوحُ سَوَادُهُ
…
بكَت ثُمَّ قالَتْ كُلَّ يَوْمٍ إلى نقصِ
(1)
الأبيات في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1: 81.
شَكَوْتُ هَوَىً ياليتَهُ لَم يكُن قُضِي
…
وأبديْتُ هِجرانًا وأقسَمْتُ أنْ نعْصِي
ولكنَّني وَقْتَ الصُّدُود كطَائرٍ
…
غَرِيبٍ يَنُوحُ الدَّهْرَ مِن أَلَمِ القَصِّ
لَبِسْتُ سَوَادِي ثُمَّ خِفْتُ فَضِيْحَتي
…
فصَارَ حِدَادِي ما تَسَوَّدَ مِن فَصِّي
أخْبَرنا أبو هَاشِم، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليٍّ بن هِبَة اللهِ بن عبد السَّلام الكاتب، قال: أنْشَدَني أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ ولَم يُسَمّ قَائلًا، وأظُنُّه من قِيْلِهِ:[من الطويل]
وما وَطَني إلا الّذي تَسْكُنِيْنَهُ
…
ولا مَنْزلي إلَّا الّذي فيهِ أحْبَابي
بِذِكْرَاكِ أدْعُو في صَلَاتي لأنَّني
…
أراكِ إذا صَلَّيْتُ في صَدْرِ مِحْرَابي
أخْبَرنا أبو هَاشِم، قال: أخْبَرنا أبو سَعْد، قال: أخْبَرنا أبو زَكريَّاء يَحْيَى بن عَبْد الوَهَّاب الحافِظ في كتابهِ إليَّ، قال: سَمِعْتُ أبا مُحمَّد رِزْق الله بن عبدِ الوَهَّاب الحَنْبَليّ بأصْبَهان يقُول: أدرَكتُ من أصْحَاب أبي بَكْر بن مُجَاهِد واحدًا يُقال له: أبو القَاسِم عُبَيْد الله بن مُحمَّد النَّقِيْب الخَفَّاف، وقَرأتُ عليه سُورةَ البَقَرةِ، وقَرَأها على أبي بَكْر ابن مُجَاهِد، وقال أَيضًا: وأدْرَكتُ من أصْحَاب الشِّبْليّ أيضًا واحدًا وهو أبو القَاسِم عُمَر بن تَعْويْذ، وسَمِعْتُ أبا القَاسِم يقُول: رَأيْتُ أبا بَكْرِ الشِّبْليّ في دَرْب سُلَيمانَ بن عليّ ببَغْدَاد في شَهْر رَمَضان في عشيَّة يَوْم، وقد اجْتَازَ على البَقْلِيِّ يُنَادِي على البَقْلِ: يا صَائمًا من كُلِّ الألْوَان! فلَم يَزَل يُكَرِّر هذا اللَّفْظ ويَبْكي. ثُمَّ أنْشَأ يقُول
(1)
: [من المتقارب]
خَلِيْليَّ إنْ دَامَ هَمُّ النُّفُوسِ
…
على ما أرَاهُ سَرِيعًا قَتَلْ
فيا سَاقي القَوْم لا تنسَني
…
ويا رَبَّةِ الخِدْر عنِّي رَمَلْ
لقد كان شيءٌ يُسَمَّى السُّرُورُ
…
قَدِيمًا سَمِعْنا به ما فَعَلْ
(1)
الأبيات الثلاثة في تاريخ الإسلام 10: 597.
قَرأتُ في مَشْيَخَة أبي عليِّ الحُسَيْن بن مُحمَّد الصَّدَفيّ الأندَلُسِيّ، قال: قَدِمْتُ مَدِينة السَّلام فلَقِيتُ فيها جَمَاعَةً منهم الشَّيْخ الإمَام أَبو مُحمَّد رِزْق الله بن عَبْد الوَهَّاب التَّمِيْميّ، ما لقيتُ في بَغْدَاد مثْلَهُ، قَرأتُ عليه كَثِيرًا، وإنَّما لَم أُطِل ذِكْره لعَجْزي عن وَصْفه لكَمَاله وفَضْلهِ.
أخْبَرنا الشَّريفُ أبو مُحمَّد عَبْد الله بن عَبْد الجبَّارِ بن عَبْد اللهِ العُثْمانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحمدُ بن مُحمَّد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن مُحمَّد بن سَلَامَة المُقْرئ الرَّوْحَانِيّ بمِصْرَ يقول: سَمِعْتُ أبا مُحمَّد رِزْق الله بن عَبْد الوَهَّاب التَّمِيْميّ ببَغْدَاد يقُول: مَوْلدِي سَنَة سِتّ وتِسْعين وثَلاثمائة، وقَرأتُ القُرآنَ على أبي الحَسَن الحَمَّامِيّ سَنَة سَبعْ عَشْرة. وفيها تُوفِّي الحَمَّامِيّ.
قال الحَافِظ أبو طَاهر السِّلَفِيّ: وقد أجَازَ لي رِزْق الله.
قَرأتُ بخَطِّ الإمَام أبي سَعْد عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد السَّمْعَانيّ، وأخْبَرنا به الشَّريفُ أبو هَاشِم الصَالِحيّ، قال: أخْبَرنا أبو سَعْد، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَيْن مُحمَّد بن مُحمَّد بن الحُسَيْن بن الفَرَّاءَ، قال: مَوْلدُ أبي مُحمَّد بن أبي الفَرَج التَّمِيْميُّ سَنَة أرْبَعمائة، وقيل: سَنَة إحْدَى وأرْبَعمائة.
قال السَّمْعَانيّ: وسَمعْتُ أبا البَرَكات عبْد الوَهَّاب بن المبُارَك بن أحمد الحافِظ يقُول: مَوْلد أبي مُحمَّد التَّمِيْميّ سَنَة أرْبَعمائة.
وقال السَّمْعَانيّ: قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَضْل مُحمَّد بن مُحمَّد بن مُحمَّد بن عَطَّاف المَوْصِليّ في جُزءٍ خَرَّجهُ عن شُيُوخه، ورَوَى فيه أحَاديث عن الإمَام أبي مُحمَّد بن أبي الفَرَجِ التَّمِيْميّ الوَاعِظ، ثُمَّ قال عَقِيْبها: كان شَيْخُنا هذا، رحمه الله، من أحْسَن منْ لَقِيتهُ ببَغْدَاد لسَانًا، وأوْضَحهم بيانًا، عَالِمٌ بالكَلَام والأُصُول، لَم أعْرف منهُ غير الخَيْر والصِّدْق.
وقال السَّمْعَانيّ: سَمِعْتُ أبا البَرَكات إسمَاعيلِ بن أبي سَعْد الصُّوفيّ يقُول: كان أبو مُحمَّد التَّمِيْميّ يَجْلسُ في الوَعْظ كُلّ سَنَة أَرْبَع مَرَّات، نَوْبة منها في رَجَب عند قَبْر أحْمَدَ، وكان يَحْضُر عندَهُ عَالَم لا يَعْلَمُ عَدَدهُم إلا الله كَثْرةً.
وقال أبو سَعْد السَّمْعَانيّ: سَمِعْتُ أبا زَبْر مُحمَّد بن الفَضْل القَزَّازِيّ بآمُل يقُول: أنْشَدَني المُقْرئ أبو العِزّ المُبَارَك بن أبي شَيْبَة البَغْدَادِيّ في وَسط الفُرَات عندَ قفُولنا من الحَجِّ في السّفينة بقُرْب قَرْية يُقال لها قزَاقَنْد على شَطِّ النَّهْر، قال: كان الشَّيْخُ أبو مُحمَّد التَّمِيْميّ إذا طَابَ المَجْلسُ يَذْكُر هذه الأبْيَاتَ: [من الكامل]
لو كُنْتُ أعْلَم أنَّ يَوْمَ فِرَاقكُمْ
…
يَقْضي عليَّ لَمَا ذَكَرْتُ فِراقا
حتَّى مَتَى نَلْقَى الرَّدَى لِفِراقِكُمْ
…
وتَمُرُّ أيَّامي ولا نتلَاقى
واللهِ إنْ وَعَدَ الزَّمان لقاءَكُمْ
…
يَوْمَ التَّلَاقِ لَقِيتُكُمْ مُشْتَاقا
أخْبَرنا جَعْفَر بن عليّ في كتابهِ، قال: أخْبَرنا أبو طَاهر السّلَفِيّ، قال: سَألتُ أبا غَالِب شُجَاع بن فَارِس الذُّهْليّ، عن أبي مُحمَّد التَّمِيْميّ رِزْق الله بن عبد الوَهَّاب فقال: كان له لسَان، وعَارضَة، وحَلَاوة مَنْطِقٍ، وهو أحَدُ الوُعَّاظ المَذْكُورين والشُّيُوخ المتُقدِّمين، حدَّث عن جَمَاعَة من الشُّيُوخ، وقد سَمِعْتُ منه.
أَنْبأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن أبي طَاهر السِّلَفِيّ، قال: سَألتُ أبا نَصْر المُؤْتَمن بن أحمد السَّاجِيّ عن أبي مُحمَّد التَّمِيْميّ، فقال: هو الإمَام عِلْمًا ونَفْسًا وأبُوَّةً؛ وما يُذكَر عنهُ فتَحَامُل من أعْدَائه.
أَنْبأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصر، قال: أخْبَرنا أبو مُحمَّد رِزْق الله بن عَبْد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيز بن الحَارِث التَّمِيْميُّ، وما رَأيْتُ شَيْخًا ابن سَبعْ وثَمانين سَنَةً أحْسَن سَمْتًا وهَدْيَا واسْتِقَامة قَامَة منهُ، ولا أحْسَن كَلَامًا، وأظْرْف وَعْظًا، وأسْرَع جَوَابًا منه، فلقد كان جَمَالًا للإسْلام كما لُقِّب، وفَخْرًا
لأهْل العِرَاق خَاصَّة ولجمَيع بلادِ الإسْلَام عامَّة، وما رَأينا مثلَهُ، وكان مُقَدَّمًا على الشُّيُوخ الفُقَهاء، وشُهُود الحَضْرة، وهو شَابٌّ ابنُ عِشْرين سَنَة، فكيفَ به وقد نَاهَزَ التِّسْعين سَنَة، وكان مُكَرَّمًا، وذا قَدْر رَفِيع عند الخلفاء منذ زَمَن القَادِر ومَنْ بعْدَهُ من الخُلَفاء إلى خِلَافة المُسْتَظْهِر.
أخْبَرنا أبو هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهَاشِميّ، قال: أخْبَرنا أبو سَعْد عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد بن منْصُور السّمْعَانيّ، قال: رِزْق الله بنِ عبد الوَهَّاب بِن عَبْد العَزِيْز بن الحَارث بن أسَد بن اللَّيْث بن سُلَيمان بن الأسْود بن سُفْيان بن يَزِيْد بن أُكَيْنَة بن الهَيْثَم بن عَبْدِ اللهِ التَّمِيْميُّ، أبو مُحمَّد بن أبي الفَرَج بن أبي الفَضْل.
كان يَسْكُن باب المَرَاتِب، فَقِيْهُ الحَنَابلَة وإمَامهم في عَصْره، قَرَأ القُرآن والحَدِيث والفقْه والأُصُول والتَّفْسِير والفَرَائضَ واللُّغَة والعَرَبيَّة، وعُمِّر حتَّى صارَ يُقْصَد من كُلَّ جَانِب.
وكان حَسَنَ الأخْلَاق، مَلِيْح المحاوَرة، كَثِير المَحْفُوظ، مَجْلِسهُ كان جَمَّ الفَوَائد، وكان يُنْشِد الأشْعَارَ الرَّائِقَة لغيره ولنَفْسهِ، حُمِلَ عنهُ ونُقِلَ عنه الكَثِير، وانْتفَع النَّاسُ بهِ، وكان يَجْلِسُ في حَلْقَةِ أبيهِ بجَامع المَنْصُور للوَعْظ والفَتْوى، وكان حَسَنَ العِبَارة، مَلِيْح الإشَارة، فَصِيْح اللِّسَان إلى سَنَة خَمْسين وأرْبَعمائة، ثُمَّ انْقَطَع عن المُضِيّ إلى جَامِع المَنْصُور، وانتقَل إلى دَار الخِلَافة ببَاب المَرَاتِب، وكان يمضِي في السَنة أرْبَع دفعَاتٍ؛ في رَجَب وشَعْبان، إلى مَقْبَرة أحْمَد بن حَنْبَل، رحمه الله، ويَعْقد مَجْلِسَ الوَعْظ ثَمَّ، ويَجْتَمع عليهِ الخَلْقُ الكَثِيرُ والجَمُّ الغَفِير لاسْتِماع كَلَامهِ.
قَرَأ القُرآن على أبي الحَسَن بن الحَمَّامِيّ، وسَمِعَ الحَدِيثَ من أبيهِ أبي الفَرَج عبد الوَهَّاب، وأبي عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحمَّد بن مَهْدِي الفَارِسيّ، وأبي الحُسَيْن أحمد بن
مُحمَّد بن المُتَيَّمِ الوَاعِظ، وأبي الحَسَن عليّ بن أحْمد بن عُمَر الحَمَّامِيّ، وأبي الحُسَيْن مُحمَّد بن الحُسيْن بن الفَضْل القَطَّان، وأبي عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهيْم بن شَاذَان البَزَّاز، وأبي القَاسِم عَبْد الرَّحمن بن عُبَيْد الله الحُرَفِيّ، وأبي الفَرَج مُحمَّد بن عُمَر بن مُحمَّد بن الجَصَّاص، وأبي عَبْدِ الله أحمد بن عَبْد الله بن الحُسَيْن المَحَامِلِيّ، وأبي الفَضْل عُمَر بن إبْراهيْم بن إسْمَاعِيل الهَرَويّ، وأبي الحَسَن مُحمَّد بن مُحمَّد بن مُحمَّد بن مَخْلَد البَزَّاز، وأبي الحُسَيْن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن بِشْرَان السُّكَّريّ، وأخيْهِ أبي القَاسِم عَبْد المَلِك بن مُحمَّد بن عَبْدِ الله القَنْدِيّ، وجَمَاعَة سِوَاهُم.
رَوَى لنا عنهُ بأصْبَهان جَمَاعَةٌ كَثيرةٌ؛ أكْثَر من سِتِّين نَفْسًا، فإنَّهُ وَرَدَها رَسُولًا في سَنَة ثلاثٍ وثَمانين وأرْبَعمائة، وأكْثَر عنهُ أَهْل أصْبَهان، رَوَى لنا عنه بأصْبَهان الحُفَّاظ: إسْمَاعِيل بن مُحمَّد بن الفَضْل، وأبو نَصْر أحْمَدُ بن عُمَر الغَازِي، ومُحمَّد بن أبي نَصْر اللَّفْتُوَانِيّ، وأبو سَعْد بن أبي الفَضْل بن البَغْدَادِيّ، وأبو مَسْعُود بن كُوْتَاه، وبهَمَذَان أحمد بنُ سَعْد العِجْلِيّ البَدِيْع، وببِسْطَام أبو الحُسَيْن مُحمَّد بن مُحمَّد بن بَادَوَيْه السّهْلَكيّ، وببَغْدَاد أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوَهَّاب بن المُبَارَك الأنْمَاطيّ، وإسْمَاعِيل بن أبي سَعْد النَّيْسَابُوريّ، وأبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد الوَزِير الزَّيْنَبيّ، وبدِمَشْق أبو الفَتْحِ نَصْرُ الله بن مُحمَّد بن عَبْد القَوِيّ المِصِّيْصيّ، وأبو مُحمَّد هِبَة الله بن أحْمَد بن عَبْد اللهِ بن طَاوُوس إمَام جَامِع دِمَشْق، وبمَكَّة آمنَة بنتُ إسْمَاعِيل بن أحمد الصُّوفيّ، وبعُكْبَرا أبو غَالِب المُبَاركُ بن عبد الوَهَّاب الفَرَّاءُ، وبوَاسِط أبو الجَوَائِز سَعْد بن عَبْد الكَريْم الغُنْدجَانِيّ، وبإشْكِيْذَبَان أبو الحَسَن عَبْدُ الرَّحيم بن عَبْد الرَّحمن الصُّوفيّ، وبمَرْو أبو الفَضْل مُحمَّد بن عَبْد الوَاحِد المَغَازليّ، وجَمَاعة كَثيرة.
أَنْبأنَا أبو عَبْد الله مُحمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: رِزْق الله بن عَبْدِ الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز بن الحَارِث بن أسَد بن اللَّيْث بن سُلَيمان بن الأسْوَد بن
سُفْيان بن أُكَيْنَة بن الهَيْثَم بن عَبْدِ الله التَّمِيْمِيُّ، أبو مُحمَّد بن أبي الفَرَج بن أبي الحَسَن، من سَاكني باب المَرَاتِب، فَقِيْهُ الحَنَابلَة وشَيْخهم في وَقْته.
قَرَأ القُرآن بالرِّوَاياتِ على أبي الحَسَن عليّ بن عُمَر الحَمَّامِيّ، وقَرَأ عليه جَمَاعَةٌ من القُرَّاء، وأقْرَؤُوا عنهُ. وتَفَقَّهَ على أبيهِ، وعلى عَمِّهِ أبي الفَضْل عَبْدِ الوَاحِد، ثُمَّ على القَاضِي أبي عليّ بن أبي مُوسَى الهَاشِميّ.
وسَمِعَ الحَدِيثَ من أبيهِ، وعَمّه، وأبي عُمَرَ عَبْد الوَاحِد بن مُحمَّد بن مَهْدِي، وأبي الحُسَيْن أحمد بن مُحمَّد بن المُتَيَّم الوَاعِظ، وأبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر الحَمَّامِيّ، وأبي الحُسَيْن مُحمَّد بن الحُسَيْن بن الفَضْل القَطَّان، وأبي الحُسَيْن عليّ وأبي القَاسِم عَبْد المَلِك ابْنَي مُحمَّد بن عَبْد الله بن بِشْرَان، وأبي الحَسَن أحمد بن عليّ بن البَادَا، وأبي عَبْد اللهِ أحْمَد بن عَبْد اللهِ بن الحُسَيْن المَحَامِلِيّ، وأبي الحَسَن مُحمَّد بن مُحمَّد بن مُحمَّد بن إبْراهيْم بن مَخْلَد البَزَّاز، وأبي القَاسِم عَبْد الرَّحمن بن عُبَيْدِ اللهِ الحُرْفِيّ، وأبي عليّ الحَسَن بن إبْراهيْم بن شَاذَان، وأبي الفَرَج مُحمَّد بن عُمَر بن مُحمَّد بن الجَصَّاص، وأبي الفَضْل عُمَر بن إبْراهيْم بن إسْمَاعِيل الهَرَويّ، وأبي الفَرَج أحمد بن مُحمَّد بن عُمَر بن المُسْلِمَة، وغيرهم.
رَوَى عنهُ أبو مَسْعُود سُلَيمان بن إبْراهيْم الحَافِظ الأصْبَهَانيّ في مُعْجَم شُيُوخه، وأبو الحَسَن عليّ بن أحْمد بن يُوسُف القُرَشيّ الهَكَّارِيّ، وأبو عليّ أحمدُ بن مُحمَّد بن البَرَدَانيّ، وأبو الحُسَيْن وأبو خَازم (a) ابْنا أبي يَعْلَى بن الفَرَّاء، وأبو غَالِب أحمد بن الحَسَن بن البَنَّاء، ومُحمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، وأبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنَديّ، وعبد الوَهَّاب بن المُبَارَك الأنْمَاطيّ، وأبو الحَسَن عليّ، وأبو بَكْر مُحمَّد ابْنَا عُبَيْدِ الله بن نَصْر الزَّاغُونِيّ، وأبو الفَضْلِ عبد المَلِك بن عليّ بن يُوسف،
(a) الأصل: حازم، وتقدم صحيحًا في أول الترجمة، وانظر ترجمته ومصادرها في سير أعلام النبلاء 19:604.
وثَابِت بن مَنْصُور الكَيْلِيّ، وأبو مَنْصُور مَسْعُود بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، ومُحمَّد بن نَاصِر الحَافِظ، وأبو الكَرَم المُبَارَك بن الحَسَن بن الشَّهْرَزُورِيّ، وأحمد بن مُحمَّد بن الإخْوَة، وصَدَقَة بن الحُسَيْن بن مُحمَّد بن السَّيَّاف، وأبو الفَتْح مُحمَّد بن عَبْد البَاقي بن البَطِّيّ، وسَلَامَة بن أحْمَد بن الصَّدْر، وعليّ بن مُحمَّد بن أبي عُمَر البَزَّاز، وشَاذِي فَتى الأنْصَاريّ، وجَمَاعَة غيرهم.
وكان فَقِيهًا فَاضِلًا في المَذْهَب والخِلَاف والأُصُول، وله في ذلك مُصَنَّفاتٌ حسَنَةٌ.
وكان وَاعِظًا مَلِيْحَ العِبَارةِ، لَطِيْفَ الإشَارةِ، فَصِيْحَ اللِّسَان، طَرِيْفَ المَعَاني، يَجْلِسُ في حَلْقَةِ أبيهِ بجَامِع المَنْصُور للوَعْظ والفُتْيا إلى سَنَةِ خَمْسين وأرْبَعمائة، ثُمَّ انْقَطَع عن المُضِيّ إلى جَامع المَنْصُور، وكان يَمْضِي في السَّنَة أرْبَع دفعَاتٍ؛ في رَجَب وشَعْبَان، إلى مَقْبرة أبي عَبْدِ الله أحْمَد بن حَنْبَل، ويَعْقد مَجْلِس الوَعْظ، ويَجْتَمع عليه الخَلْقُ الكَثيرُ.
وكان جَمِيْل الصُّوْرة، له القَبُول التَّام والحُرْمَة الكَامِلةُ عند الخُلَفاء والمُلُوك والأعْيَان وخَوَاصِّ النَّاسِ وعَوَامِّهِم، وقد رُوْسِل من دَار الخِلَافة إلى مُلُوك العِرَاق وخُرَاسان وما وَرَاء النَّهْر، وحدَّث هُناك، وروَى عنه خَلْق كَثِير من أهْل أصْبَهان يَجُوزُون المائة.
وكان له شِعْرٌ أرَقّ من النِّسِيْم، وأعْذَب من النَّعِيْم.
وشَهِدَ عند قَاضِي القُضَاةِ أبي عَبْد الله الحُسَيْن بن عليّ بن مَاكُولا في النِّصْف من شَعْبان سَنَة ثَلاثين وأرْبَعمائة فقَبِلَ شَهَادتَهُ، ولَم يَزَل يَشْهَدُ إلى أنْ وَلِيَ أبو عَبْد اللهِ الدَّامَغَانيّ قَضَاء القُضَاة، فلم يَشْهَد عندَهُ وتَرَك الشَّهادَة.
قال ابنُ النَّجَّار: أَنْبأنَا أحمد بن طَارق، ونَقَلتُه من خَطِّه، قال: سَمِعْتُ أبا الكَرَم المُبَارك بن الحَسَن بن أحمد بن عليّ بن فَتْحَان العِجْلِيّ يقُول: سَمِعْتُ أبا مُحمَّد رِزْق الله بن عبد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْميّ يقول: سَافَرتُ من بَغْدَاد ودَخَلتُ سَمَرْقَنْد، وكان السُّلْطان أبو الفَتْح مَلِك شَاه يومئذٍ بها، وأتيْتُ برِسَالةِ الإمَام المُقْتَدِي بأمْرِ الله أمير المُؤْمِنين إلى السُّلْطان مَلك شَاه إلّا أنَّني رَأيْتُ أهْل البَلَد هُوذا
(1)
يَرْوونَ النَّاسِخ والمَنْسُوخ لهِبَةِ اللهِ المُفَسِّر عن خَمْسة (a) رِجَالٍ إليه، فقُلتُ لهم: الكِتَابُ معي، وهذا المُصَنِّفُ جَدِّي لأُمِّي ومنه سَمِعْتُه، ولكن ما أُسْمِع (b) كُلّ واحدٍ منكم إلّا بمائة دِيْنارٍ! فما كان الظُّهْر حتَّى جَاءني كيْسٌ فيه خَمْسمائة دِيْنَار والجَمَاعَة، فسَمِعُوهُ عليَّ، وسَلَّمُوا إليَّ الذَّهَب.
قال: فلمَّا عُدْنا من سَمَرْقَنْد، دَخَلْنا أصْبَهان، وأمْلَيْتُ فيها الحَدِيث في يَوْم الجُمُعة، فقَامُوا إلى الجَمَاعَة، ومَدَحُوني على ما ذَكَرْتُ، وقالُوا: ما سَمِعْنا أحْسَن من هذا، فقُلْتُ لهم: أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حفص الحَمَّامِيّ المُقْرئ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن الحَسَن المُقْرئ، قال: أنْشَدَنا أبو العَبَّاس أحمد بن يَحْيَى ثَعْلَبُ: [من الطويل]
وما تَنْفَعُ الآدَاب والعِلْم والنُّهَى
…
وصَاحِبُها عند الكَمَال يَمُوتُ
كما مَاتَ لُقْمان الحَكِيْم وغيره
…
وكُلّهُم تَحْت التُّرَاب صُمُوتُ
فقالوا: ما أحْسَن هذا! لسَاننا أعْجَميٌّ وما نَقْدر نُعَبِّر الدُّعاء كما يَجِب، فقُلْتُ لهم: أنْشَدَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحمد الحَمَّامِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن الحَسَن
(a) الأصل: خمس.
(b) الأصل: أسمعكم، والتصويب عن الذهبي (في التاريخ والسير) وابن رجب في ذيله.
_________
(1)
نقل الذهبي (سير أعلام النبلاء 18: 613) وابن رجب (ذيل طبقات الحنابلة 1: 80) كلام أحمد بن طارق الكركي، ولم ترد هذه الكلمة عندهما، ولعل المراد: هؤلاء.
المُقْرئ، قال: أنْشَدَنا أحمد بن يَحْيَى ثَعْلَب: [من الطويل]
سَبِيْلي لسَانٌ كانَ يُعْرِبُ لَفْظَهُ
…
فيا لَيْتَهُ مِن وَقْفَةِ العَرضِ يَسْلَمُ
وما تَنْفَعُ الآدَابُ إذ لَم يكُنْ تُقَىً
…
وما ضَرَّ ذا تَقْوَى لسَانٌ معجَّمُ
قال: فحَضَرَ جَمَاعَة وقد فَاتَهم المَجْلِس، فتَحَسَّرُوا ونَدِمُوا على فَوَاتهم، فقُلْتُ لهم: أخْبَرنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرنا مُحمَّد بن الحَسَن المُقْرئ، قال: أخْبَرنا إدْرِيس بن عَبْد الكَريْم المُقْرئ، قال: مَنْ غَابَ خابَ، وأكَلَ نَصِيْبَهُ الأصْحَاب.
أَنْبأنَا ابنُ النَّجَّار، قال: كَتَبَ إليَّ عبدُ السَّلام بن شُعَيْب بن طَاهِر الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرنا شَهْرَدَار بن شِيْرَوَيه بن شَهْرَدار، قال: أخْبَرنا أبي، قال: رِزْق الله بن عَبْد الوَهَّاب، أبو مُحمَّد التَّمِيْميُّ، شَيْخُ الحَنَابِلَة ومُقَدَّمهم، قَدِمَ علينا رَسُولًا سَنَة ثَمانٍ وخَمْسين، سَمِعْتُ منه، وكان ثِقَةً، صَدُوقًا، فَاضِلًا، ذا حِشْمة.
أَنْبأنَا ابنُ النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ الحَافِظ أبي عَامِر مُحمَّد بن سَعْدون العَبْدَرِيّ، وأَنْبأنيه عنهُ القَاضِي عَبْد الرَّحمن بن أحْمد، قال: رِزْق الله التَّمِيْميُّ، كان شَيْخًا تَقِيًّا، ظَريِفًا لَطِيْفًا، كَثِير الحِكَايات والمُلَح، ما أعْلَم منهُ إلّا خَيْرًا، مَوْلدُه سَنَة أرْبَعمائة.
أخْبَرنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهَاشِميّ، قِرَاءةً عليه وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرنا تَاجُ الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الفَضْل مُحمَّد بن نَاصِر بن مُحمَّد بن عليّ السَّلَامِيّ يقُول: تُوفِّي شَيْخُنا أبو مُحمَّد التَّمِيْميّ في اللَّيلة الّتي صَبِيْحَتُها يَوْم الثُّلاثاء النِّصْف من جُمَادى الأُوْلى سَنَة ثَمان وثَمانين وأرْبَعمائة، ودُفِنَ بُكْرة يَوْم الأرْبعاءِ سَادِس عَشر جُمَادَى الأُوْلَى في دَاره ببَاب المَرَاتِب، وصَلَّى عليه ابنُه الأكْبَر عبد الوَهَّاب، ثُمَّ نُقِلَ بعد ذلك في
يَوْم الأرْبعاء لليلَتَيْن بَقِيَتا من جُمادَى الآخرة سَنَة إحْدَى وتِسْعين وأرْبَعمائة، فحُمِلَ إلى مَقْبرة باب حَرْب، ودُفِنَ إلى جَنْب قَبْر أحْمَد بن حَنْبَل، وهو اليوم الّذي تُوفِّي فيهِ ابنُهُ عبد الوَهَّاب رَحِمَهما اللهُ.
رِزْق الله بن عُبَيْدٍ الجَزرِيّ السِّنْجَارِيّ
(1)
كان رَجُلًا صَالِحًا، فَقِيرًا، حَسَنًا، وكان قد صَحِبَ عَمِّي أبا غَانمٍ مُدَّةً طَويلةً بسِنْجَار، وقَدِمَ علينا حَلَب، ونَزَلَ عند عَمِّي بالمَسْجد المَعْرُوف بنا، وبَقِي فيه مُدَّةً.
وكان له صَوْتٌ حَسَنٌ، وكان يَغْلبُ عليه الوجْدُ والحال في بَعْضِ الأوْقَاتِ، فيُنْشِدُ البَيْتَين والثَّلاثة إنْشَادًا طَيِّبًا، ويَتَرنَّم بصَوْتٍ حَسَنٍ من قَلْب مُشْتاقٍ، وعلَّقْتُ عنه أبْياتًا من الشِّعْر لا يَحْضُرني ذِكْرُها.
وأَمْلَى عليَّ يَوْمًا من الأيَّام
(2)
، قال: رُوِي أنَّ بعْضَهم عُزِلَ عن وِلَايةٍ، فكَتَبَ إليه صَدِيق له يتَغَمَّم لذلك، فأجابَهُ بأنْ قال: أوْزَارٌ خَفَّت، وأقْلَامٌ بالسَّيِّئات جَفَّت، والجَنَّةُ بالمَكَارِه حُفَّت.
قال لي يُوسُف بن أبي طَاهِر الكُرْديّ المَنْبجِيّ المُلَقِّنُ: كان رِزْق الله من الأوْلِيَاءِ.
وحَكَى لي الشَّيْخ عَبْد الله الكُردِيّ المُحَدِّث نَزِيل حَلَب، قال: كان رِزْقُ الله بن عُبَيْد رَجُلًا صَالِحًا، من الأسْخِيَاء الأجْوَادِ، وكان ذا مالٍ وثَرْوةٍ، وكان أبُوه عُبْيْد من أهْلِ الجَزِيرة، وماتَ عن مَالٍ جَزِيل مقْدَاره مائة ألْف دِرْهمٍ، وكان لرِزْق الله أخٌ، فدَفَع إليه رِزْقُ الله ما يَخُصّ أخاهُ من التَّرِكَةِ، وأنْفَقَ رِزْق الله قِسْمَهُ على الفُقَراءِ، وتجرَّد عن الدُّنيا.
(1)
توفي نحو سنة 600 هـ.
(2)
أورده ابن العديم أيضًا في تذكرته 13.
قال لي عَبْدُ الله: وكان من سِيْرة رِزْق الله أنَّهُ يكُون له دَيْنٌ على إنْسَانٍ، فإذا لقيَهُ في الطَّريق رجَعَ واخْتَفَى عن المَدِيْن ولا يَلْقاهُ، ويُسَيِّرُ إليه الحُجَّة الّتي لهُ عليهِ، ويقُول: واللهِ تعمَّدْتُ أنْ لا ألْقَاكَ لكي لا تَخْجل من دَيْني عليْكَ، وأنْتَ في حلٍّ من المالِ الّذي لي عليك، وهذه الحُجَّةُ الّتي لي عليك فخَرِّقها.
خَرَجَ رِزْقُ الله بن عُبَيْد من عندنا من حَلَب في سَنَة ثَمان وتسْعين وخَمْسمائة، وتوجَّه إلى سِنْجَار، وكان له بها زَاوِية، فأقامَ بها إلى أنْ مَات في حُدُود السِّتِّمائة، رحمه الله.
رِزْق الله بنُ يَحْيَى بن رِزْق الله بن يَحْيَى بن خَلِيْفَة بن سُلْطَان بن رِزْقِ الله بن غَنَائم (a) بن غَنَّام، أبو الطَّيِّب البَاجَبَّارِيُّ ثم الدُّنَيْسَرِيُّ
(1)
سَافَرَ في طَلَب الحَدِيث، واجْتَهَد في سَمَاعه وتَحْصِيله، وقَدِمَ علينا حَلَب، وسَمِعَ معنا من جَمَاعَة من شُيُوخنا بها؛ سَمِعَ قَاضِي القُضَاة أَبا المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَميْم، والشَّريف أبا هَاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهَاشِميّ، وعَمِّي أبا غَانِمِ مُحمَّد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، وأبا مُحمَّد عَبْد الرَّحمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، والخَطِيْب أبا البَرَكات سَعِيْد بن هَاشِم، وأبا حَامد عَبْد الله بن عَبْد الرَّحمن بن العَجَمِيّ، وغيرهم.
ثُمَّ توجَّه من حَلَب إلى دِمَشْق، واجْتَمَعْتُ به بها، وسَمِعَ بها معنا من شَيْخنا قَاضِيها أبي القَاسِم عَبْد الصَّمَد بن مُحمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتانيّ، وأبي
(a) ابن اللمش: تاريخ دنيسر 192: غانم.
_________
(1)
توفي سنة 615 هـ، وترجمته في: تاريخ دنيسر لابن اللمش 192 - 194، ابن المستوفي: تاريخ إربل (نشرة سامي الصقار) 1: 219 - 220، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 82، العيني: عقد الجمان 3: 353.
البَرَكات الحَسَن، وأبي مَنْصُور عَبْد الرَّحمنِ ابْنَي مُحمَّد بن الحَسَن بن عَسَاكِر، وأبي الفُتُوح مُحمَّد بن مُحمَّد البَكْريّ، وأبي نَصْر مُحمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ وغيرهم، ثُمَّ عادَ إلى العِرَاق، وسَمِعَ في طَرِيقه بحَرَّان والمَوْصِل وإرْبل وغيرها من البِلَادِ.
كَتَبَ عنه أبو البَرَكات ابن المُسْتَوفِيّ، وذِكَرَهُ في تاريْخ [إرْبل](a).
وكان يَنْظِم شِعْرًا لا بأسَ به، فمن شِعْره يَهْجُو رَجُلًا يُدْعَى بالعَفِيْف، وأظُنُّني سَمِعْتُها منه:[من مجزوء الخفيف]
يا عَفِيْفًا أخَفَّ مِن
…
ريشَة الطَّير عَقْلُهُ
وثَقِيلًا على النُّفُو
…
سِ كثهْلان ثقْلُهُ
وفَقِيْهًا شُرْبُ المُثَلَّـ
…
ـثِ ممَّا يُحلُّهُ
فلَقد خَابَ مَنْزِلٌ
…
أنْتَ فيهِ تَحُلُّهُ
ومن شِعْره ما ذَكَرهُ أبو البَرَكات بن المُسْتَوفِيّ في تَرْجَمته من تَارِيْخ إرْبل
(1)
، وشَاهدْتُه بخَطِّه، وقال: أنْشَدَني لنَفْسهِ: [من الطويل]
تَوَهَّمْتُ أنَّ العِلْم آفَة حِفْظهِ
…
لقلَّةِ تكرارٍ وكَثْرة بَلْغَمِ
وما ذَاكَ وَهْمٌ صَادِقٌ غير أنَّ مَنْ
…
يَخَاف المَعَاصِي واتَّقَى الله يَعْلَم
تَوَجَّه رِزْق الله البَاجَبَّارِيّ في رِحْلته إلى هَرَاة، وبَلَغَني أنَّهُ تُوفِّي بها في شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة خَمْس عَشرة وسِتِّمائة.
(a) ساقطة من الأصل والنص متصل، وانظر تاريخ إربل لابن المستوفي 1: 219 - 220.
_________
(1)
ابن المستوفي 1: 219.
رُزَيْق بن حَيَّان - وقيل: زُرَيْق بتَقْدِيم الزَّاي - أبو المِقْدَام الفَزَاوِيّ
(1)
مَوْلى لهم، رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ومُسْلمِ بن قَرَظَة، رَوَى عنهُ عَبْد الرَّحمن ويَزِيْد انْبَا يَزِيْد بن جابر، ويَحْيَى بن سَعِيْد الأنْصَاريّ، ودَخَل بِلَادَ الرُّوم غازيًا في إمارة يَزِيْد بن عَبْد المَلِك، فاجْتازَ في طَرِيقه بحَلَب أو ببَعْض عَملها، وكان أحَد الكُتَّاب من أهْلِ دِمَشْق، ووَلَّاهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، والوَليد وسُلَيمان ابْنا عَبْد المَلِك جواز مِصْر وأخْذ عُشر أمْوَال التِّجَارة بها.
وقيل: إنَّ اسْمه سَعيد بن حَيَّان، ورُزَيْق لَقَبٌ (a).
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن الخَضِر بن الفَضْل، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: رُزَيْق بن حَيَّان، أبو المِقْدَام، مَوْلَى بني فَزَارَة، كان على جوَاز مِصْر زَمَن الوَلِيد وسُليْمان وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز.
رَوَى عن مُسْلِم بن قَرَظَة، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وعَبْد الرَّحمن بن يَزِيد بن جَابِر، ويَزِيْد بن يَزِيد بن جَابِر، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. ويقال: زُرْيْق بن حَيَّان، وسَمِعْتُ أبا زُرْعَة يَقُول: رُزيْق بن حَيَّان أصَحُّ.
(a) بعده في الأصل بياض قدر تسعة أسطر.
_________
(1)
توفي بحدود سنة 105 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 318، تاريخ أبي زرعة الدمشقي 2: 694 (وفيه: زريق؛ بتقديم الزاي)، الجرح والتعديل 3: 505، الثقات لابن حبان 4: 270 - 271، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 185، تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 81 - 82، الإكمال لابن ماكولا 4: 47، تاريخ ابن عساكر 18: 138 - 144، تهذيب الكمال 9: 181 - 183، تاريخ الإسلام 3: 45 - 48، الكاشف 1: 310، المشتبه في الرجال 313 (وفيه: شيخ ليحيى بن حمزة)، الوافي بالوفيات 14: 116، تهذيب التهذيب 3: 273 - 274، تقريب التهذيب 1: 250، 261، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 324.
(2)
الجرح والتعديل 3: 505.
رُسْتُم بن تَرْذُوا الفَرْغَانيّ
(1)
كان قَائِدًا جَلِيْلًا، من كِبَارِ القُوَّاد في أيَّام المُكْتَفِي، وَلِيَ طَرَسُوس والثُّغُور الشَّامِيَّة سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن، فكان له نِكايَةٌ وغَنَاءٌ في حَرْب الرُّوم، وغَزَا الصَّائِفَة في سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين، وغَزَا أيضًا في سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن، وأحْرَقَ رَبَض ذِي الكَلَاع، وأظُنُّه عُزِلَ عن وِلَايَة الثُّغُور أو ماتَ سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثِمائة.
وذَكَرَ أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، فيما قرأتُه بخَطِّه، أنَّ رُسْتُم كان قد قَدِمَ حلَبَ مع مُحَمَّد بن سُلَيمان حين تجهَّزَ إلى حَرْب الطُّولُونَيَّة، وعادَ معَهُ إلى حَلَبَ، وقد أُمِر بالعَوْد إلى طَرَسُوس للغَزْو، فوَرَدَ (a) مُبَارَك القُمِّيّ إلى مُحَمَّد - يعني: ابن سُلَيمان - يأمُره أنْ يُقَلِّد رُسْتُم بن تَرْذُوا طَرَسُوس، ففَعَل ذلك، وضَمَّ إليهِ ألف رَجُل وذلك في سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن.
وقَرأتُ بخَطِّ أبي بَكْر الصُّوْلِيّ أيضًا: وكان الفِدَاءُ بين المُسْلمِيْن والرُّوم في شَوَّال من سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين، فبَلَغَتْ عدَّة مَنْ خَرَجَ من بلادِ الرُّوم ألفَيْن وثَمانمائة إنسان، منهم ستمائة امرأةٍ على يَدَي رُسْتُم بن تَرْذُوا الفَرْغَانيّ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ
(a) في الأصل: فورَّد، ولعله: "فورَّد الخليفة المكتفي مبارك
…
"، وفي زبدة الحلب: "أن محمد بن سليمان عند عودته إلى حلب وافاه مبارك القمي بكتب يؤمر فيها بتسليم الأموال
…
". انظر زبدة الحلب 1: 97 - 98.
_________
(1)
توفي سنة 302 هـ ظنًّا، وقيَّد ابن العديم اسم والده بالتاء في أوله والذال المعجمة، وأحيانًا بالدال بالمهملة، ويرد في العديد من الصادر مثل الطبري والمسعودي وابن الأثير وابن خلدون: بردوا، وابن شداد: بردو، وترجمته في: تاريخ الطبري 10: 118 - 120، 130، 134، 145، المسعودي: مروج الذهب 5: 181، والتنبيه 192 - 193 (وفيه: رُسْتَم؛ بفتح التاء)، العظيمي: تاريخ حلب 276، ابن الأثير: الكامل 7: 537، 552، 8: 65، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 68 - 69، الصفدي: تحفة ذوي الألباب 1: 338، ابن خلدون: العبر 6: 196، 257.
العُظَيْميّ
(1)
، ونَقَلْتُه من خَطِّ العُظَيْميّ، قال: سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن، وفي النِّصْف من شَوَّال، دَخَلَ مَدِينَة طَرَسُوس رُسْتُم بن تَرْذُوا وَاليًا عليها وعلى الثُّغُور الشَّامِيَّة، وكان الفِدَاءُ بين المُسْلمِيْن والرُّوم لستٍّ بَقِينَ من ذي القَعْدَة، فكان الفِدَاء ألف ومَائتَيْن، ثُمّ غَدَرَ الرُّوم فانْصَرَفُوا، ورَجع المُسْلمُونَ بمَن بَقِى معهم من الأسْرَى من الرُّوم، وكان عَقد الفِدَاءِ والهُدْنَةِ مع أبي العَشَاِئِر والقَاضِي ابن مُكْرَم، فلمَّا أغار أنْدُرُونقَس (a) على مَرْعَش، وقتل أبا الرِّجال، عُزِلَ أبو العَشَائِر ووَلي رُسْتُم، وكان الفِدَاء وتَمَامُه على يَديهِ، وكان المُتَوَلِّي لفِدَاء الرُّوم مُقَدَّمُ اسْمُه اسكَانه (b).
وقال
(2)
: سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين، فيها دَخَلَ ابن كَيْغلَغ (c) طَرَسُوس غَازِيًا في أوَّل المُحَرَّم، وخَرَجَ معه رُسْتُم، وهي غَزَاةُ رُسْتمُ الثَّانيَة، فبَلَغُوا اسلنْدُو (d)، ففَتَحَ اللهُ عليهم، وصَارُوا إلى [آلِس فحَصَل](e) في أيْدِيهم نَحْوًا من خَمْسَة آلاف رَأسٍ، وقَتَلُوا من الرُّوم مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وانْصَرَفوا سَالمِين.
(a) في الأصل: أنذربقس، ورسمه في الذي يليه: أنذروبقش، أندرويقش، وعند العظيمي: تاريخ حلب 267، 276: إندرياس، أندراوس، وقيَّده المؤلف في الجزء الثالث (في ترجمة أحمد بن نصر أبو العشائر) على النحو المثبت، وهو يوافق تقييد الطبري في تاريخه 10: 118، 120، 134، 136، والمسعودي: التنبيه 174، وابن الأثير: الكامل 7: 552، وذكره ابن خلدون (العبر 6: 196) البطريق دون أن يسميه.
(b) في تاريخ الطبري 10: 120: أسطانة. وكان ملك الروم الذي أبرم في عهده هذا الفداء هو أليون بن بسيل. انظر: المسعودي: مروج الذهب 5: 181، التنبيه 192، العظيمي: تاريخ حلب 275، ابن الأثير الكامل 7:537.
(c) الأصل: كيغلع.
(d) كذا في الأصل، وفوقها "ص"، والمثبت موافق لرسم ابن الأثير (الكامل 7: 552)، وعند الطبري والمسعودي: سلندو، بإسقاط الألف في أولها، ولم ترد في كتاب العظيمي. انظر تاريخ الطبري 10: 27، 69، 130، التنبيه والإشراف 178.
(e) في الأصل: "فصاروا إلى السبي في أيديهم"، والتصويب من: تاريخ الطبري 10: 130، ابن الأثير: الكامل 7: 552، (وعدد الأسرى فيه: 50 ألف؟!).
_________
(1)
نقل ابن العديم هذا النص والنصوص التي تليه من كتاب العظيمي: المُؤصَّل على الأصل الموصَّل، وهو كتاب بحكم المفقود، وانظر بعضه كلامه في كتابه الملخص المرسوم بتاريخ حلب 275.
(2)
انظره مختصرًا في كتاب العظيمي: تاريخ حلب 276.
قال
(1)
: وفيها كَاتب أنْدُرُونقَس (a) السُّلْطانَ يَطْلبُ الأمَانَ، وكان على حَرْب أهْل الثُّغُور من قِبَل الرُّوم، فأمنُوه وخَلص معَهُ أسْرَى من المُسْلمِيْن، وكان مَلِك الرُّوم بَعَثَ إليه مَنْ يَقْبضُه، فرجَع إلى ذلك البِطْرِيْق المُوَجَّه إليهِ، فأوْقَعَ بهِ وبمَن معه، وكان رُسْتُم قد خَفَّ إليه في جُمَادَى الأُوْلَى ليُخَلِّصَهُ فوَجَدَهُ قد ظَفر فتَسَلَّم الحِصْنَ منه، وانْهَزَم بَقِيَّة الرُّوم، وحَمَلَ أنْدُرونقَس (b) كُلّ ماله إلى بلادِ المُسْلمِيْن وخَلَّى سِلَاحه.
وقال
(2)
: سَنَة تِسْعٍ وتسْعِين ومَائتَيْن، فيها غَزَاة رُسْتُم بن تَرْذُوا الصَّائِفَة من طَرَسُوس وهو وَالي الثُّغُور، حَصَر حِصْن مَلِيْح (c) وأحْرَق رَبَض ذى الكَلَاع.
رَشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاءَ الله، أبو الحَسَن المُقْرِئ المَعَرِّيّ
(3)
من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمان، وسَكَنَ دِمَشْقَ، وحَدَّثَ بها عن مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ، المَعْرُوف بالضَّرَّاب، وسَمِعَهُ بمِصْر، وعن أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان المَعَرِّيّ، ولَقِيَهُ بمَعَرَّة النُّعْمَان (d).
(a) الأصل: أنذروبقش.
(b) الأصل: أندرويقش.
(c) لم ترد في تاريخ حلب للعظيمي، وفي تاريخ الطبري 10: 145: حصن مليح الأرمني.
(d) بعده بياض في الأصل قدر سطر.
_________
(1)
ملخصه في تاريخ حلب للعظيمي 276: "واستأمن أندراوس [كذا] الرومي إلى الثغور ثم إلى بغداد".
(2)
انظره مختصرًا في تاريخ حلب للعظيمي 278.
(3)
توفي سنة 444 هـ، ترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر الربعي (ذيوله) 316، 349، تاريخ ابن عساكر 18: 148 - 149، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 483 - 484، الذهبي: تاريخ الإسلامِ 9: 654 - 655، الإعلام بوفيات الأعلام 184، طبقات الفراء 2: 610 - 611، العبر في خبر من غبر 2: 285، معرفة القراء، الكبار 2: 764 - 765، الوافي بالوفيات 14: 122، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 284، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 9 - 10، شذرات الذهب 5: 194، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 324 - 325.
رَوَى عنهُ الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم بن العبَّاس الحُسَيْنيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ الحافِظ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الشَّافِعيّ
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر السُّلَمِيُّ، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم بن العبَّاسِ الحُسَيْنيّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أبو الحَسَنِ رشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء الله في شُهُور سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ الدِّيْنَورِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بن أُسامَة التَّمِيْمِيّ، قالْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْد الحَميْد الِحَّمِانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ أَبَان، عن أبي إسْحاق، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}
(3)
قال: بنِعَم الله عز وجل.
(1)
لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 9.
(3)
سورة إبراهيم، من الآية 5.
الرَّشِيْدُ بن عليّ بن المُهَنَّا بن صَدَقَة، أبو اليُمْن المَعَرِّيّ
من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره ابنُ أخيهِ عَلَوِي بن عَبْد القَاهِر بن المُهَنَّا.
وهذا الرَّشِيْد هو أخُو النَّاظِر المَعَرِّيّ.
قَرَأتُ في كتاب نُزْهَةِ النَّاظِر، تأليف الكَمَال عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي بن عَبْد القَاهِر بن المُهَنَّا: للشَّيْخ أبي اليُمْن الرَّشِيْد بن عليّ بن المُهَنَّا بن صَدَقَة يَهْجُو أبا جَعْفَر بن الشُّوَيْهَةِ: [من السريع]
رَأيْتُ في النَّوْم أبي آدمًا
…
فقُلْتُ والقَلْبُ بهِ وَامِقُ
أَتعْرفُ الشَّيْخَ أبا جَعْفَرٍ
…
صَلَّى عليكَ المَلِكُ الخالِقُ
فقال: إنْ كان أبو جَعْفَرٍ
…
منِّي فَحَّواء أُمُّكُمْ طَالِقُ
وقَرَأتُ في هذا الكتاب: حَدَّثَني وَالدِي - يعني عَلَوِي بن عَبْد القَاهِر بن عليّ - قال: حَدّثَني عَمِّي أبو اليُمْن الرَّشِيْد بن عليّ بن المُهَنَّا بن صَدَقَة، فذَكَرَ حَكايَةً سَنَذْكرها في مَوضِعها
(1)
إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.
أنْبَأنَا الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله الهاشِميّ، قال: أنْشَدَنا عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي المَعَرِّيّ لأبي اليُمْن الرَّشِيْد بن عليّ بن المُهَنَّا في القَطَائِف: [من السريع]
شِفَاءُ نَفْسِي لو بهِ أُسْعِفَتْ
…
قَطَائِفٌ تَعْذُبُ في اللَّقْمِ
(1)
لم ترد الحكاية المشار إليها في المتبقي من أجزاء الكتاب.
يشْهَدُ بالشُّهْدِ لنا ظَاهِرٌ
…
وبَاطِنٌ في اللَّوْنِ والطَّعْمِ
كأنَّها الإسْفَنْجُ في مَائِهِ
…
غَرِيْقَةٌ في دُهْنِها الجَمِّ
قَرَأتُ في جَمُوعٍ لبَعْض الشَّاميِّيْن لأبي اليُمْن الرَّشِيْدِ المَعَرِّيّ: [من السريع]
ونَائمٍ عن سَهَري قال لي
…
وَقَدْ طَوَاني حُبُّهُ طَيَّا
أأَنت حَيٌّ بَعْدُ؟ قُلْتُ: انْتَبِهْ
…
فالمَيْتُ في النَّوْمِ (a) يُرَى حَيَّا
رُشَيْدُ الخادِم
(1)
من خَوَاصِّ الرَّشِيْد، وكان لهُ ذِكْرٌ، وكان مع الرَّشِيْد في غَرَاتهِ، ودَخَلَ معَهُ الدَّربَ حين غَزَا الرُّوم، وحَكَى عنه.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَشِيْق
رَشِيْقُ بن عَبْد الله، أبو الحَسَن الرَّقّيِّ المِصِّيْصيّ
(2)
مَوْلَى رِزْق اللهِ بن الحَسَن، أَظُنُّ أنَّ مَوْلاهُ من أهْل الرَّقَّة، ونَزَل رَشِيْق المِصِّيْصَة فَنُسِبَ إليها، وحَدَّثَ بها، وببَغْدَاد، وغيرهما عن أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْن الدِّمَشقيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن سَعيْد الوَرَّاق، وعبد الله بن إبْراهيم بن أَيُّوب المُخرِّميِّ، ومَحْمُود بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، وَأبي يَعْلَى المَوْصلِيّ، وأبي خَلِيفَة الفَضْل بن الحُبَاب الجُمَحِيّ، [وجُمَاهِر](b) بن مُحَمَّد الزَّمْلَكَانِيّ، وَأبي الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن
(a) في متن الأصل: القوم، وصوبه في الهامش بالمثبت.
(b) كلمة طمستها الرطوبة، والمثبت عن ابن عساكر.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ الطبري 8: 296، 353، 511، ابن الأثير: الكامل 6: 214.
(2)
ترجمته في: تاريخ بغداد 9: 440 - 441، تاريخ ابن عساكر 18: 150 - 151، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 325.
جَوْصَا، ومُحَمَّد بن الرَّبِيْع بن سُلَيمان الجِيْزيّ، ومُحَمَّد بن الحَسَن العَسْقَلانِيّ، وأبي القَاسِم عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، وأبى حَفْصٍ عُمَر بن عبد الرَّحْمن، وأبى يزِيد خَالِد بن النَّضْر القُرَشِيّ البَصْرِيِّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن سَعيد بن مُحَمَّد القَطَّان، قاضي عَسْقَلان، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن قَحْطَبَة، وأبى يَعْقُوبَ إسْحاقَ بن أحْمَد الإمَام.
رَوَى عنهُ تَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن عِيسَى بن عَبْد العَزِيْز، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عُبَيْد اللهِ المُكْتِب، وسَمِعَ منه بالمِصِّيْصَةِ.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلميِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أَحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن رَشِيْق بن عَبْد الله المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن أَيُّوب المُخَرِّميِّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مُحَمَّد الجَرْميّ، قال: حَدّثَنَا أبو تُمَيْلَة، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن عُبَيْدِ الله بن عُمَر، عن نَافعٍ، عن ابن عُمَر
(1)
: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم [كان يَكْرَه](a) أنْ يَقْعُد الرَّجُل مكان أخيهِ أو يُقِيْمَهُ، وقال: تفسَّحُوا.
وذَكَرَ تمام بن مُحَمَّد هذا الحَدِيْث في جزء آخر فقال فيه: أخْبَرَني رَشِيْق بن عَبْد الله المِصيْصيّ مَوْلَى رِزْقِ الله بن الحَسَن.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف البَنَّاء البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أخْبَرنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن عَبْدِ السَّلام الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّدُ بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عُبَيْدِ الله بن صالح بن إبْراهيم بن عَبْدِ
(a) ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 18: 150 من طريق صاحب الترجمة.
الله المُكْتِب بطَرابُلُس في مَكْتَبهِ، قُلتُ: حَدَّثكم أبو الحَسَن رَشِيْقُ بن عَبْدِ اللهِ المِصِّيْصيِّ بالمِصِّيْصَة في شَعْبان سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْن الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عن جَابِر، عن ابن [أبي](a) عائِشَة، قال: إذا أرادَ المُتَكلِمِّ بكَلَامِهِ غير اللهِ عز وجل، زَلَّ عن قُلُوب جُلَسَائهِ كما يَزلّ الماءُ عن الصَّفَا (b).
رَشِيْقُ بن عَبْد الله، أبو الحَسَن النَّسِيْمِيّ
(1)
مَوْلَى نَسِيم الشَّرَابِيّ مَوْلَى المُقْتَدِر.
كان قد حَصَل في الثَّغْرِ الشَّاميِّ مع مُحَمَّد بن الزَّيَّاتِ وَالي الثُّغُور، وكان له أثَرٌ صَالِحٌ في الجِهَاد، ولمَّا جَرَى من ابن الزَّيَّات ما جَرَى، وعَزَم على تَغْريق نَفْسهِ، على ما نَذْكُرُه في تَرْجَمَتِهِ
(2)
، كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وتقَدَّم إلى أخيهِ وإلى أبي الحَسَن رشِيْق النَّسِيْمِيّ أنْ يَطُوفُوا لَيْلَتهم في طَرَسُوس ويَحْفظُوا البَلَد، ثُمَّ غَرَّقَ مُحَمَّد بن الزَّيَّات نَفْسَهُ، فوَقَع الاتِّفاق من بَعْده على أبي الحَسَن رَشِيْق النَّسِيْمِيّ لأنَّهُ كان يُظْهرُ المَيْل إلى سَيْف الدَّوْلَة، فأهَّلَهُ أهْلُ طَرَسُوس للإمْرَة بها ووِلَايَة الثُّغُور الشَّامِيَّة، فكان رَشِيْق يَغْزُو بأهْل الثُّغُور، ويُنْكي في العَدُوّ نِكَايَات يَظْهر أثَرُها ويُتَناقَل خَبَرها، فمنها غَزَاتهُ في سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وثَلاثِمائة الّتي سَارَ فيها
(a) مطموسة في الأصل، والإضافة من تاريخ ابن عساكر، وهو محمد بن أبي عائشة.
(b) بقية الصفحة بياض في الأصل، كلها سوى هذين السطرين.
_________
(1)
توفي سنة 355 هـ، وترجمته في: تاريخ حلب للعظيمي 301، 310 - 311، ابن الأثير: الكامل 8: 563، زبدة الحلب 1: 141 وما بعدها، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 90، اليواقيت والضرب 117 - 120، ابن خلدون: العبر 7: 753.
(2)
ترجمة محمد بن الحسين الزيات في الضائع من أجزاء الكتاب، وانظر خبر ابن الزيات أمير الثغور الشامية في الكامل لابن الأثير 8: 539، والعبر لابن خلدون 7: 745 - 746.
بأهْلِ النَّجْدَة والبأسِ ودَخَلَ إلى قُرَّة، وقَلُونِية، وسَمَنْدُو، فسَبَى أهْلَها، ونَهَبَ وقَتَل وأحْرقَ، وغَنم غَنَائِم كَثِيْرة، ومنها غَزَاتهُ في سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة الّتي غَزَا من طَرَسُوس بأهْلها إلى قيسارِيَّة وهِرَقْلَة، فدوَّخَ تلك البِلاد، وغَنِم غَنَائِم كَثِيْرة.
فلمَّا ضَعُفَ أمْر الثُّغُور، وتَراجَع أمْرُ سَيْف الدَّوْلَةِ، وكَرِهَهُ أهْلُ الثُّغُور، واسْتَولَى الرُّوم على المِصِّيْصَة وعَيْن زُرْبة وطَرَسُوس، والْتَجأ أكْثَر أهْل الثَّغْر إلى أنْطَاكِيَة، حَصَلَ رَشْيْق النَّسِيمِي في أنْطَاكِيَةَ، وقَطَعَ خُطْبَةَ سَيْف الدَّوْلَة، وكان سَيْف الدَّوْلَة قد تَوَجَّه إلى دِيَار بَكْر لإقَامَةِ الفِدَاءِ في سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، واسْتَنَاب الحَاجِب قرغُويْه في حَلَب، فاسْتَأمَن أبو يَزِيد (a) الشَّيْبَانِيّ ودِزْبَر بن أُوْنيم الدَّيْلَميِّ وجَمَاعَة من الدَّيْلَم الّذين كانُوا مع الحَاجِب بحَلَب إلى رَشيْق، وَأطْمَعوا رَشِيْقًا في حَلَب، وحَمَلَهم على ذلك رَجُل سَاقط يُقال له ابن الأَهْوَازِيّ؛ كان يَتَضَمَّن الأرْحَاء بأنْطَاكِيَة، وأدْخَلُوا معهم في الرَّأْي رَجُلًا عَلَويًّا يُعْرَفُ بالأفْطَسِيّ، كان مُنْحَرفًا عن سَيْف الدَّوْلَة، فجَبَى ابن الأهْوَازِيّ الأمْوَال.
فلمَّا أظْهَر رَشِيْق مُبَايَنة سَيْف الدَّوْلَة، وحَصَل عندَهُ مَنْ حَصَل، سَيَّرَ الحاجِب قرغُوَيْه غُلَامَهُ يُمْن في عَسْكَر إلى رَشِيْق، فخَرَجَ إليهِ رَشِيْق من أنْطَاكِيَة، والْتَقَوا بناحية أرْتاح، فاسْتَأمَن يُمْن إلى رَشِيْق، وخَلَّى عَسْكَره، فعَادُوا إلى حَلَب، وسَار رَشِيْق، وحَصَل على باب حَلَب وحَصَل على باب اليَهُود؛ وهو المَعْرُوف الآن بباب النَّصْر، وزَحَفَ على باب اليَهُود، فَخَرَجَ إليه بشَارة (b) الخادِم الإخْشِيْذيّ، خَادِم سَيْفِ الدَّوْلَةِ في جَمَاعَةٍ معه، فقَاتَل إلى وقْتِ الظُّهْر، فانْهَزَم
(a) في زبدة الحلب 1: 142: ابن يزيد، وسماه ابن شداد (الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 90) سلامة بن يزيد الشيباني.
(b) الأصل: نشارة، ويأتي قريبًا بالباء، والمثبت كما في زبدة الحلب 1: 142، اليواقيت والضرب 119، ابن خلدون: العبر 7: 753، المقريزى: المواعظ والاعتبار 3: 24.
بشَارة ودَخَلَ من باب اليَهُود، ودَخَلَتْ خَيْلُ رَشِيْق خَلْفَهُ، وحَصَلَتْ في المَدِينَةِ في اليَوْم الأوَّل من ذي القَعْدَة من سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين، وكان الحاجِب قرغُوَيْه (a) في القَلْعَة، فأقام رشِيْق يُقَاتِل القَلْعَةَ ثلاثة أشْهُر وعَشرة أيَّام، وفَتَحَ باب الفَرَج، ونَزَل غِلْمَانُ الحاجِب من القَلْعَةِ، فحَمَلُوا على أصْحَاب رَشِيْق، فهزمُوهم وأخْرَجُوهم من المَدِينَةِ، فرَكِبَ رَشِيْق ودَخَلَ من باب أنْطَاكِيَة فبَلَغَ إلى القَلَانِسِيِّيْن، وخَرَجَ من باب قِنَّسْرِيْن ومَضَى إلى باب العِرَاق، فنَزَلَ غِلْمَان الحاجِب من القَلْعَةِ، وخرَجُوا من باب الفَرَج، ووَقَعَ القِتَال بينهم وبين أصْحَاب رَشِيْق، فطَعَنَ أبو يَزِيد الشَّيْبَانِيّ رَشِيْقًا، فرَمَاهُ، وأخَذَ رَأسَهُ، ومَضى بهِ إلى الحاجِب قرغُوَيْه.
وكان أبو يَزِيد الشَّيْبَانِيّ ممَّن اسْتأمَن إلى رَشِيْق من عَسْكَر سَيْف الدَّوْلَة. وقيل: إنَّ أبا يَزِيد طَعَنَ رَشِيْقًا فوقَع إلى الأرْض وضَرَبَهُ حَسْنش الدَّيْلَميّ واحْتزَّ رَأسَهُ عَبْدُ اللهِ التَّغْلِبيّ.
أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
، قال: وفي هذه السَّنَة - يعني: سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة - مَلَكَ مَدِينَة حَلَب دُون القَلْعَة رَشِيْق النَّسِيْمِيّ وَالي أنْطَاكِيَة، وكَسَر عَسْكَر قرغُوَيْه الحاجِب، وحَاصَر القَلْعَة، فقُتِلَ وهو مُحَاصِر القَلْعَة، وعَادَ قرغُوَيْه مَلَكَ حَلَب، ومَلَكَ أنْطَاكِيَة دِزْبَر الدَّيْلَمِيّ عند قَتْل رَشِيْق.
وقَراتُ في تاريْخِ أبي غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ
(2)
: سَنَة أرْبَعٍ وخمْسِين وثَلاثِمائة، قال: وفيها خَرَجَ ابنُ الأهْوَازِيّ بأنْطَاكِيَة،
(a) الأصل: قرعوية، وتقدم بالغين المعجمة.
_________
(1)
النقل عن كتاب العظيمي: المؤصَّل على الأصل المُوَصَّل، وانظره مختصرًا في كتاب العظيمي المختصر: تاريخ حلب 303.
(2)
تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.
وكان يَتَضَمَّن بها المُسْتَغَلَّات لسَيْف الدَّوْلَةِ، وكان قد حَصَل في أنْطَاكِيَة رَجُلٌ من وُجُوه أهْلِ الثَّغْر اسْمُه رَشِيْق يُعْرَفُ بالنَّسِيْمِيّ، فعَمل له ابن الأهْوَازِيّ كِتَابًا ذَكَرَ أنَّهُ من الخلَيفَة ببَغْدَاد بتَقْلِيدِهِ أعْمَال سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فقُرئ على مِنْبَر أنْطَاكِيَة، وكان قد اجْتَمَع لابن الأهْوَازِيّ جُمْلَةٌ من مال المُسْتَغلِّ، وطَالَبَ قَوْمًا بوَدَائِع ذَكَرَ أنَّها عندَهُم، فعَرَض الرِّجَال، وقبَّضَهم من أمْوَالِ أنْطَاكِيَة، وفَرَضَ لجَمَاعة فُرْسَان ورجَّالة؛ أكْثَرهم من أهْلِ الثَّغْرِ، وسَار بهم إلى حَلَب في عَسْكَرٍ كَبرٍ، فحَاصَرُوا قرغُوَيْه الحاجِب في القَلْعَة بحَلَب، وكان القِتَال يَجْري بينهم كُلّ يَوْم مُدَّة شُهُور، وقُتِلَ رَشِيْق النَّسِيْمِيّ في الحَرْب، وكان فيما قيل مُتَوجِّعًا، وعَقَدَ ابنُ الأهْوَازِيّ الإمَارة بعد رَشِيْق النَّسِيمِيّ لرَجُلٍ دَيْلَميّ كان من رِجَالِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ يُقالُ له: دِزْبَر
(1)
، وعادَ بالعَسْكَر إلى أنْطَاكِيَة.
هكذا ذَكَرَ العُظَيْميّ وابن المُهَذَّب كما حَكَينا عن كُلِّ واحدٍ منهُما؛ والصَّحيحُ أنَّ اسْتِيْلَاء رَشِيْق على مَدِينَة حَلَب دُون القَلْعَة في ذي القَعْدَة من سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين، وقتلَ رَشِيْق على باب حَلَب في صَفَر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.
قَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان بن قُرَّة المُؤرِّخ في جُزءٍ كَتَبَ فيه وَفَيَات مَنْ تُوفِّي من الأعْيَان من سَنَة ثَلاثمائة إلى السَّنَة الّتي تُوفِّي فيها، قال ثَابِتٌ: رَشِيْق النَّسِيْمِيّ المُتَغلِّب على حَلَب، قُتِلَ في اليَوْم الرَّابِع من صَفَر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.
(1)
دزبر بن أونيم، تقدمت ترجمته في الجزء قبله.
ذِكْر مَن اسْمُهُ رِضْوَان
رِضْوَانُ بن إسْحاق القُرَشِيّ، أبو زُفَر السَّاميِّ
(1)
من بني سَامَة بن لُؤَي من أهْلِ دِمَشْق، سَكَنَ أذَنَة؛ بَلْدَة من الثُّغُور الشَّامِيَّة، وحَدَّثَ بها عن أبي يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، وأبي عَبْد اللهِ مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيِّ القَاضِي بالثَّغْر، وعُثْمان بن سَعيد الحْمِصِيّ، وأبى العَلَاء كَثِيْر بن الأَسْوَد الحبشيّ.
رَوَى عنهُ أبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ (a).
أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد الخَطِيب، عن أبي طَاهِر الخَضِر [بن المُفَضَّل، قال](b): أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: رِضْوَان بن إسْحاق القُرَشِيّ، أبو زُفَر الدِّمَشقيِّ، من بني سَامَةَ بن لُؤَي، رَوَى عن إسْحاق بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، وعُثْمان بن سَعيد بن كَثِيْر بن دِيْنار، ومُوسَى بن دَاوُد، كَتَبَ عنهُ أبي بأذَنَة عند ابن الطَّبَّاعِ في رِحْلَته الأُوْلَى، سُئِلَ أبي عنه، فقال: صَدُوقٌ.
(a) الصفحة بياض في الأصل إلا من هذه الثلاث كلمات.
(b) ما بين الحاصرتين أخفته الرطوبة، وتكرر الاسم المثبت في غيره من الأسانيد.
_________
(1)
ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 534، تاريخ ابن عساكر 18: 152 - 153 (وفيه: الشامي)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 325.
(2)
الجرح والتعديل 3: 524.
رِضْوَانُ بن تُتُش بن ألْب أَرَسْلَان بن جَغْرِي بَك بن سَلْجُوق بن دُقَاق، أبو المُظَفَّر التُّرْكِّي السَّلْجُوقِيّ
(1)
وُلِدَ سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، ونَشَأ في دِمَشْقَ في حَجْر أبيهِ، وكانت أمُّهُ أُمّ وَلد فزوَّجها أبُوه من جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن، وجَعَلَهُ أتَابِكًا له ومُرَبِّيًا، ولمَّا توجَّه أبُوه تُتُش لمُحَارَبة بَرْكْيَارُق ووَصَلَ إلى هَمَذَان، كَتَبَ إلى وَلده رِضْوَان إلى دِمَشْق، وكان قد تَرَكَهُ بها، يَسْتَدعيهِ إليه من دِمَشْق، وأمَرَهُ أنْ يُحْضِر معَهُ مَنْ تَخَلَّف بالشَّام من العَسْكَر، فامْتَثَل أمْر أبيه، وخَرَجَ من دِمَشْق بالعَسْكَر مُتَوَجِّهًا إلى أبيهِ، ووَصَلَ إلى عَانَة - وقيل: إلى الأنْبَار - فبَلَغَهُ قَتْل أبيهِ تُتُش، فحَطَّ خِيَمَهُ وسَارَ مُجِدًّا عَائدًا، فوَصَلَ إلى حَلَبَ، وتَسَلَّمَها من وَزِير أبيهِ أبي القَاسِم بن بَدِيْع في سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وتَوَلَّى حُسَيْن، زَوْجُ أُمِّه، تَدْبِير مُلكْه.
ووَصَلَ أخُوه دُقَاق إلى حَلَب، ومَضَى سِرًّا من رِضْوَان إلى دِمَشْق فمَلَكَها، وقَدِمَ يَغِي سغَان، ويُوسُف بن أَبَق بعَسْكَرهما من أنْطَاكِيَة إلى خِدْمَة رِضْوَان، وسَارَا معه إلى الرُّهَا ليتَسَلَّمها من نُوَّاب وَالده، فأرَادَا القَبْض على حُسَيْن
(1)
توفي سنة 507 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 18: 153، الهمذاني: قطع تاريخية من عنوان السير 130، العظيمي: تاريخ حلب 357 - 366، ابن القلانسي 127، 130 - 135، 142، 148 - 163، 170 - 177، 182 - 189، ابن منقذ: الاعتبار 87 - 88، ابن الأثير 10: 499، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 66 - 68، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 336 - 372، ابن الفوطي: مجمع الآداب 3: 19 - 20، ابن ميسر: المنتقى من أخبار مصر 79 - 80، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 51، تاريخ الإسلام 11: 87، سير أعلام النبلاء 19: 315 - 316، العبر في خبر مَن غبر 2: 389، الوافي بالوفيات 14: 129 - 130، تاريخ ابن الوردي 2: 15، 28، 36 - 37، اليافعي: مرآة الجنان 3: 147، تاريخ ابن خلدون 7: 201، 9: 458 - 475، 563 - 564، النجوم الزاهرة 5: 205 - 206، شذرات الذهب 6: 27، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 325 - 326، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 334 - 366.
ليَنْفَردَا بتَدْبِير رِضْوَان، فبَلغَ حُسَيْن ذلك، فهَرَبَ إلى حَلَب، وتَبِعَهُ رِضْوَان إليها، واسْتَوْحَش رِضْوَان منهما، فرَجَعا إلى أنْطَاكِيَة.
وسَارَ رِضْوَان إلى دِمَشْق ليأخُذها من أخيه دُقَاق، ونَزَل جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن بحَلَب، وسارَ معه سُكْمَان بن أُرْتُق، فلمَّا وَصَلَ رِضْوَان إلى دِمَشْق اعْتَقَل دُقَاق نَجْم الدِّين إيلْغَازِي بن أُرْتُق، ولَم يَسْتَتبَّ لرِضْوَان أمر دِمَشْق فرَجع إلى حَلَب، وتوجَّه سُكْمَان إلى البَيْت المُقَدَّس، وتَسَلَّمه من نُوَّاب أخيهِ إيلْغَازِي.
ووَصَلَ يُوسُف بن أَبَق إلى رِضْوَان إلى حَلَب وسَكَنها، فخَافَ منه رِضْوَان وحُسَيْن، فتَقَدَّما إلى المِجَنّ الفُوْعِيِّ فهَجَم عليه فقَتَلَهُ.
وخَرَجَ رِضْوَان وحُسَيْن فتَسَلَّما تَلّ بَاشِر وشيْح الدَّيْر من نُوَّاب يَغِي سغَان، وأغَارَا على بَلَد أنْطَاكِيَة، ثُمَّ توجَّها إلى دِمَشْق، وسارَ يَغِي سغَان إليها مُنْجِدًا دُقَاق، فضعُفَت نَفْس (a) رِضْوَان عن دِمَشْق، فسَارَ إلى البَيْت المُقَدَّس، فتَبِعَهُ دُقَاق وطُغْتِكِين ويَغِي سغَان، وأشْرَف عَسْكَر رِضْوَان على التَّلَف، فهَرَبَ حُسَيْن على البَرِّيَّة، واتَّبَعَهُ رضْوَان، ثُمَّ وَصَلَ سُكْمَان أيضًا على البَرَّيَّة إلى حَلَب، ووَصَلَ دُقَاق وطُغْتِكِين إلى نَاحِيَةِ حَلَب، واسْتَنْجَدَ رِضْوَان بسُليْمان بن إيلْغَازِي صَاحِب سُمَيْسَاط، فوَصَلَ إلى حَلَب بعَسْكَرٍ كَبيرٍ، واجْتَمَع العَسْكَران بقِنَّسْرِين على نَهْر قُوَيْق، وتَحَارَبا، فهَرَبَ دُقَاق وطُغْتِكِين إلى دِمَشْق، ويَغِي سغَان إلى أنْطَاكِيَة.
وتغيَّرت نِيَّةُ رِضْوَان على حُسَيْن، فهَرَبَ من حَلَب إلى حِمْص ومعَهُ زَوْجَتهُ أُمّ رِضْوَان.
ثُمَّ تجدَّدَ بعد ذلك خُرُوج الفِرِنْج إلى أنْطَاكِيَة، ووَصَلَ يَغِي سغَان إلى المَلِك رِضْوَان إلى حَلَب إلى خِدْمَة رِضْوَان، وتزوَّج رِضْوَان بابْنَته خَاتُون
(a) كلمتان مهملتان في الأصل، والإعجام من زبدة الحلب 1:341.
جِيْجِك (a)، ونَزَل الفِرِنْج على أنْطَاكِيَة، وشَنُّوا الغَارَات على بَلَد حَلَب، ووَصَلَ ابن يَغِي سغَان إلى حَلَب مُسْتَنْجِدًا على الفِرِنْج، فسَيَّرَ رِضْوَان معَهُ عَسْكَر حَلَب وسُكْمَان، فلَقِيَهُم من الفِرِنْج دُون عُدَّتهم، فانْهَزَم المُسْلُمون إلى حَارِم، وغَلَبَ أهْلُ حَارِم من الأرْمن عليها، وعاد سُكْمَان بن أُرْتُق مُفَارِقًا رِضْوَان، وصار مع دُقَاق.
واسْتَولَى الفِرِنْج على أنْطَاكِيَة، وضَعُفَ أمْر رِضْوَان، واسْتَمال البَاطِنِيَّة وظَهَرَ مَذْهَبهُم بحَلَب، وشَايَعهم رِضْوَان، واتَّخَذُوا دَارَ دَعْوة بحَلَب، وكَاتَبه مُلُوك الإسْلَام في أمْرهم، فلم يَلْتَفتْ، ولَم يَرْجع عنهم، ودامَ على مُشَايعتهم.
وقَوي الفِرِنْج عليهِ، فباعَ من أمْلَاك بَيْت المَال عدَّة مواضع للحَلَبيِّيْن، وقَصَدَ بذلك اسْتِمَالتهم، وأنْ يَتَعلَّقُوا بحَلَب بسَبَب أمْلَاكهم فيها، حتَّى أنَّهُ بَاعَ في سَاعةٍ واحدةٍ ستِّين خِرْبَة من مَزَارِع حَلَب لجَمَاعَةٍ من أهْلها، وكُتِبَ بها كتابٌ واحدٌ، يَذْكُر حُدُود كُلّ خِرْبَة ومُشْتريها وثَمَنها. وكان الكِتَاب عندي في جُمْلَة الكُتُب الّتي كانت لوالدي رحمه الله.
وكان المَلِك رِضْوَان بَخِيْلًا شَحِيْحًا يُحبُّ المال، ولا تَسْمَح نَفْسَه بإخْرَاجهِ، حتَّى أنَّ أُمَرَاءه وكُتَّابه كانُوا يَنْبزُونَهُ بأبي حَبَّة، وذلك هو الّذي أضْعَفَ أمْرَهُ، وأفْسَدَ حالَهُ مع الفِرِنْج والبَاطِنِيَّة، وجَدَّد في حَلَب مُكُوسًا وضَرَائب لَم تكُن، ومع هذا كُلّه كان فيه لُطْفٌ ومُحَاسَنَةٌ للحَلَبيِّيْنَ حتَّى أنَّهُ بَلَغَني أنَّهُ مَرَّ يَوْمًا رَاكِبًا ليَخْرُج من باب العِرَاق، فلمَّا وَصَلَ إلى المَرْمَى، وهو دَاخِل السُّور بالقُرْبِ من باب العِرَاق، سَمِعَ امرأةً تُنَادي أُخْرى: يا زَلِيْخَا، تعالي أبْصِري المَلِك، فأمْسَك رَأس فَرَسهِ ووَقَف سَاعةً، ثُمَّ نَظَر فلم يَرَ أحدًا، فقال: أين هي زَلِيْخَا؟ قُولُوا لها تأتي تُبْصرنا أو نَمْشي! وهذا من أبْلَغ اللَّطَافة من مَلِكٍ مثْله.
(a) مهملة في الأصل والمثبت عن العظيمي: تاريخ حلب 359 (وأرخ زواجه سنة 490 هـ)، وابن العديم: زبدة الحلب 1: 343.
وحَدَّثَني وَالدِي، قال: أخْبَرَني أبي، قال: وقَعَ بين وَالدِي أبي غَانِم وبين القَاضِي أبي الفَضْل بن الخَشَّاب مُشَاجَرة في التَّخْم الّذي بين قَرْيَة وَالدِي أقْذَار
(1)
وبين قَرْيَة ابن الخَشَّاب عبْطِين
(2)
، وآلَ الأمرُ في ذلك إلى مُوَاحَشة وغِلْظَة، فبَلَغَ المَلِك رِضْوَان، فقال: أنَا أخْرُج بنفْسِي وأقفُ معكما على التَّخْم، فخَرَجَا مع المَلِك ووَقَف معهما، وقال لأحدهما: إلى أين تَدَّعي؟ فقال: إلى هَا هُنا، وقال للآخر: إلى أين تَدَّعي؟ فقال: إلى هَا هُنا، فقال لكُلِّ واحدٍ منهما: أُرِيْدُ أنْ تَهَبَ لي نِصْفَ ما تَدَّعي بهِ على صَاحِبك، فأجَابَاهُ جَمِيعًا إلى ذلك، وأصْلَح بينهما على أنْ نَزَل كُلّ واحدٍ عن نِصْف المُدَّعي به، وجَعَل بينهما تَخْمًا اتَّفقا عليهِ، ورَجَع إلى المَدينَة، وهذا أيضًا من المآثر الّتى يَنْبَغي أنْ تُكْتَب وتُسَطَّر، وتُنْقَل في التَّوَاريخ وتُذْكَر.
قَرأتُ بخَطِّ الشَّريف إِدْرِيس بن الحَسَن الإِدْرِيسِيّ الإسْكَنْدَرَانِيّ: قال الشَّيْخ أبو الحَسَن بن المَوْصُول، وأمْلَانيه بدَار الشَّريف أَمِينْ الدِّين أبي طَالِب أحْمَد بن مُحَمَّد النَّقِيْب الحُسَيْنيّ الإسْحَاقِيّ من تَعْلِيقٍ لبَعْضِ أسْلَافه، قال: وفي شَهْر رَبِيع الأوَّل سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِمائَة وَصَلَ إلى حَلَب رجُلٌ كبيرٌ فَقِيْهٌ تاجرٌ، يُقال له: أبو حَرْب عِيسَى بن زَيْد بن مُحَمَّد الخُجَنْدِيّ، ومعه خَمْسُمائة حِمْل (a) عليها أحْمَال أصْنَاف التِّجَارَات، وكان شَدِيْدًا على الإسْمَاعِيْليَّةِ مُسْعِدًا لمَن يَقْصدُهم، مُبَالغًا في بَابهم، أَنْفَق في المُجَاهِدين لهم بسَبَبهم أمْوَالًا جَلِيْلَةً، فقام في غِلْمَان له يَسْتَعرضُ أحْمَالَهُ وحَوْله جَمَاعَة من مَمَالِيْكهِ وخَدَمه، وكان قد أصْحَب من خُرَاسَان
(a) كذا في الأصل مؤكدة بحرف الحاء أسفلها، وفي زبدة الحلب 1: 371: جمل.
_________
(1)
تقدم التعريف بها.
(2)
عبطين: قرية في الجزء الجنوبي من هضبة حلب، تتبع منطقة جبل سمعان بمحافظة حلب، وتقع جنوب مدينة حلب على بعد نحو 18 كم. طلاس: المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري 4: 261.
بَاطِنيًّا يُقالُ لهُ: أحْمَد بن نَصْرٍ الرَّازِيّ، وكان أخُوه قَتَلَهُ رجال هذا الخُجَنْدِيّ، فدَخَلَ إلى حَلَب، واسْتَدَلَّ على أبي الفَتْحِ الصَّائِغ رَئيس المَلَاحِدَة بها، وكان مُتَمكِّنًا من رِضْوَان، فصَعدَ إلى المَلِك رِضْوَان، وعَرَّفَهُ ما جَرَى بينهم وبين الفَقِيه أبي حَرْب، وأطْمَعَهُ في مالهِ، وأرَاهُ أنَّهُ بَريء من التُّهْمَة في بَابهِ إذْ كان مَعْرُوفًا بعَدَاوَة المُلْحِدة.
فطَمِعَ رِضْوانُ وانْتَهَزَ الفُرْصَة فيه، وطَارَ فَرَحًا، فبَعَثَ بغِلْمَان له يَتَوكَّلُون بهِ، فبَرَز إلى أبي حَرْب عِيسَى الفَقِيهِ أحْمَدُ بن نَصْر الرَّازِيِّ وهَجَمَ عليه، فقال لغِلْمَانهِ وأصْحَابهِ: أليسَ هذا رَفِيْقُنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعُوا عليه فقَتَلُوه، وهَجَم جَمَاعَةُ من أصْحَاب أبي الفَتْح البَاطِنيّ الحَلَبِيّ على أبي حَرْب، فقُتِلُوا عن آخرهم، ثمّ قال أبو حَرْب: الغيَاثُ باللهِ من هذا البَاطِنيّ الغَادِر، أمنَّا المَخَاوفَ وَرَاءنا وجِئْنا إلى الأمَنَة، فبعَثَ علينا مَنْ يَقْتُلنا، فرجَعُوا إلى رِضْوَان، فأخْبَرُوه بما قال، فأبْلَسَ.
وصارَ السُّنَّةُ والشِّيْعَةُ إلى هذا الرَّجُل، وأظْهَرُوا إنْكَار ما تَمَّ عليهِ، وعَبَثَ أحْدَاثُهم بجَمَاعَةٍ من أحْدَاث البَاطِنِيَّة فقَتَلُوهم، وأُنْهِي ذلك إلى المَلِك رِضْوَان فلَم يَتَجَاسَر على إنْكَاره.
وأقام الرَّجُل بحَلَب، وكاتَب أتَابِك ظَهِيْر الدِّيْن وغيره من مُلُوك الشَّام، فتَوَافَتْ رُسُلُهم عند رِضْوَان بكُتُبهم يُنْكرون عليهِ ما جاءَهُ في بَابهِ، فأنْكَرَ وحَلَفَ أنَّهُ لَم يكُن له في هذا الرَّجُل نِيَّة.
وخَرَجَ الرَّجُل عن حَلَب مع الرُّسُلِ، فخَيَّرُوه في التَّوَجُّهِ فتَوجَّه نحو الرَّقَّة، وعادَ إلى بَلَدِه، ومَكُثَ النَّاسُ يَتَحدَّثُون بما جَرَى على الرَّجُل، ونَقَص في أعْيُن النَّاسِ، فتَوَثَّبوا على البَاطِنِيَّة من ذلك اليَوْم.
أنْبَأنَا زَيْدُ بن الحَسَن، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
في حَوَادِثِ سَنَة إحْدَى وخَمْسِمائَة، قال: وفي هذه السَّنَة بَلَغَ فَخْر المُلُوك رِضْوَان ما ذُكِرَ به عن مُشَايَعَة البَاطِنِيَّة واصْطِنَاعِهم، وحِفْظ جَانِبهم، وأنَّهُ لُعِنَ بذلك في مَجْلِس السُّلْطان، فلمَّا بَلَغَهُ الخَبَر أمَرَ أبا الغَنائِم ابن أخي أبي الفَتْح البَاطِنيّ بالخُرُوج عن حَلَب فيمَن معه، فانْسَلَّ القَوْم بعد أنْ تُخِطِّف جَانبهم، وقُتِل منهم أفْرادٌ.
قلتُ: ولمَّا ملك رِضوان حَلَب قَتَلَ أخوَين له كانا من أبيهِ، فلمَّا مَاتَ رِضْوَان ومَلَكَ ابْنُه ألْب أَرَسْلَان قَتَلَ أخوَين له كانا من أحْسَن النَّاس صُوْرة، فانْظُر إلى هذه المُوَاحَدَة
(2)
العَجِيْبَة!.
أنْبَأنَا المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(3)
، قال: وفيها - يعني سَنة تِسْعين وأرْبَعِمائة - عَصَى المِجَنّ المُوَفَّق على المَلِك رضْوان، وتَعَصَّب معه الحَلَبِيُّون، ثُمَّ تَخَاذلُوا عنه، واخْتَفَى، فقَبَضَ عليه المَلِكُ رِضْوَان، وعلى ذَويهِ وبَنِيه، واسْتَصْفَى أمْوَالَهُ في ذي القَعْدَة، وعَذَّبهم بأنْوَاع العَذَاب، ثُمّ قَتَلَهُ بعد ذلك، وقَتَلَهم حَوْله.
قال
(4)
: وفيها وَصَلَ رَسُول مِصْر إلى المَلِك رِضْوَان - يعني: من المُسْتَعْليّ - بالتَّشْرِيْفِ والخلَعِ، وخَطَبَ للمِصْرِيِّيْن شَهْرًا، ثمّ عَادَ عن ذلك.
وقال
(5)
: سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين، وفيها كَسَرَت الإفْرَنْج المَلِك (a) رِضْوَان على مَوضعٍ يُقال له: كَلَّا، وكان المُسْلُمون في خَلْقٍ، وكان الإفْرَنْج في مائة فَارِس،
(a) في الأصل: للملك، والمثبت من كتاب العظيمي، إلا أن يكون ما قبله: "كَسْرة الإفرنج
…
".
_________
(1)
النقل عن كتاب العظيمي "المؤصَّل على الأصل الموَصَّل"، وكذا مثله في النصوص التي ترد في الرواية بعدها، ولم يذكر الملك رضوان في كتابه المختصر "تاريخ حلب" في حوادث السنة المذكورة.
(2)
المواحدة: الاتفاق والمناسبة.
(3)
انظره ملخصًا في تاريخ حلب للعظيمي 359.
(4)
انظره ملخصًا في تاريخ حلب 359.
(5)
تاريخ حلب 360، ملخصًا.
فَقَتَلُوا خَلْقًا من النَّاسِ، وأسَروا خَلْقًا، وكانت الكَسْرَة يَوْم الجُمُعَة خامِس شَعْبان.
وقال
(1)
: سَنَة ثَمانٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فيها كَسَر الفِرِنْج المَلِك رِضْوَان على عَيْن تسيلُوا
(2)
من أرض أرْتاح؛ وكان سَبَب ذلك حِصْن أرْتاح؛ خَرَجُوا إليه ليأخُذُوه، وجَمَعَ المَلِك رضْوان الخَلْق العَظِيم، وخَرَجَ لنَجْدَة الحِصْن، ومعه من الرَّجَّالَة الخَلْق العَظِيْم، وكان المَصَافُّ يَوْم الخَمِيْس، فانْهَزَمَت الخَيْل وأسْلَموا الرَّجَّالَة، فقُتِلَ منهم الخَلْق العَظيْم، وفُقِدَ من الحَلَبِيِّيْن جَمَاعَة كَثِيْرة غُزَاة، رحمهم الله، وانْهَزَم أكْثَر مَنْ بهِ.
قُلتُ
(3)
: بَلَغَني أنَّهُ قُتِلَ من المُسْلمِيْن مِقْدَار ثلاثة آلاف ما بين فَارِس ورَاجِل، وهَرَبَ مَنْ بأرْتاحِ من المُسْلمِيْن، وقَصَدَ الفِرِنْج بَلَد حَلَب، فأجْفَل أهْلُهُ، ونُهِبَ مَنْ نُهِبَ، وسُبِيَ مَنْ سُبي، واضْطَرَبت أحْوَال بَلَد حَلَب من جَبَل لَيْلُون إلى شَيْزَر، وتَبَدَّل الخَوْف بعد الأمْن والسُّكُون، وهَرَب أهْل الجَزْر ولَيْلُون إلى حَلَب، فأدْرَكَتهم خَيْل الفِرِنْج، فسَبَوا أكْثَرهُم وقَتَلُوا جَمَاعَة، وكانت هذه النَّكْبَة على أعْمَال حَلَب أعْظَم من النَّكْبَة الأُوْلَى على كلَّا.
ونَزَل طَنْكرِيد الفِرِنْجيّ على تَلّ أعْذَى
(4)
من عَمل لَيْلُون وأخَذَهُ، وأخَذَ بَقِيَّة الحُصُون الّتي في عَمَل حَلَب.
ولَم يَبْقَ في يَد المَلِك رِضْوَان من الأعْمَال القِبْليَّة إلَّا حَمَاة، وليس في يَده من الأعْمَال الغَرْبيَّة شيء، وبَقِي في يَدهِ الأعْمَال الشَّرْقيَّة والشَّماليَّة وهي غير آمنَة.
(1)
انظر بعضه في تاريخ حلب 362، وفيه أن قتلى المسلمين بلغ 10 آلاف.
(2)
لم أهتد للتعريف بعين تسيلوا، ولم يرد لها ذكر في الزبدة ولا عند العظيمي في تاريخه المختصر.
(3)
قارن بما بسطه المؤلف في زبدة الحلب 1: 362 - 372.
(4)
لم أهتد للتعريف بتل أعذى.
وضَاقَ الأمْرُ بأهْلِ حَلَب، ومَضَى بعضُهُم إلى بَغْدَاد، واسْتَغاثُوا في أيَّام الجُمَع، ومَنَعُوا الخُطَبَاء من الخُطْبَة مُسْتَصْرِخين بالعَسَاكِر الإسْلَاميَّة على الفِرِنْج، وكَسَرُوا بعض المَنَابِر، فجهَّز السُّلْطان مُحَمَّد بن مَلِكْشاه: مَوْدُود (a) صَاحِب المَوْصِل، وأحْمَدِيْل الكُرْدِيّ، وسُكْمَان القُطْبِيّ في عَسَاكِر عَظِيمَة ضَخمة، وماتَ سُكْمَان قَبْل وُصُوله إلى حَلَب.
ووَصَلت العَسَاكِر إلى حَلَب، فأغْلَق رِضْوَان أبْوَاب حَلَب في وُجُوههم، وأخَذَ إلى القَلْعَة رهائن عنده (b) من أهْلها لئلَّا يُسَلِّمُوها، ورتَّبَ قَوْمًا من الجُنْد والبَاطنِيَّةِ الّذين في خِدْمته لحِفْظ السُّوِر، ومَنَعَ الحَلَبِيِّيْن من الصُّعُود إِليه، وضَبَرَ
(1)
إنْسَانٌ من السُّور، فأمَرَ به، فضُرِبت عُنُقه، ونَزَع رَجُلٌ ثَوْبَهُ ورمَاهُ إلى آخر، فأمَرَ بهِ فأُلْقي من السُّور إلى أسْفَل!
وبَقِيَت أبْوَابُ حَلَب مُغْلَقةً سَبعْ عَشرة ليلةً، وأقام النَّاسُ ثلاثَ ليالٍ لا يَجِدُونَ ما يَقْتَاتونَهُ، وكَثُرت اللُّصُوصُ، وضَافَ الأعْيَانُ على أنْفُسهم، وسَاءَ تَدْبِير المَلِك رِضْوَان، فأطْلَق العَوَامُّ ألْسِنَتَهم بسَبِّه وتَعْييبه، وتحدَّثُوا بذلك فيما بينَهُم، فاشْتَدَّ خَوْفُهُ من الرَّعِيَّةِ أنْ يُسَلِّمُوا البلَد، وتَرَكَ الرُّكُوبَ بينَهُم، وبَثَّ الحَرَاميَّة تَتَخَطَّفُ مَنْ يَنْفرِدُ من العَسَاكِر فيأخُذُونَهُ، وعاثَ العَسْكَرُ فيما بَقِي سَالِمًا ببَلَد حَلَب بعد نَهْب الفِرِنْج له.
ورَحَل العَسْكَر إلى مَعَرَّة النُّعْمَان بعد اسْتيْلَاء الفِرِنْج عليها في آخر صَفَر من سَنَةِ خَمسٍ وخَمْسِمائَة، وأقامُوا عليها أيَّامًا، وقدَّم عليهم أتَابِك طُغْتِكِين، فرَاسَل رِضْوَان بعْضَهم حتَّى أفْسَد ما بينهم، وظَهَرَ لأتَابِك طُغْتِكِين منهم الوَحْشَة،
(a) يذكره قريبًا باسم: ممدود، ويرد مثله - على الوجهين - في العديد من المصادر.
(b) الأصل: عند.
_________
(1)
ضَبَر: وثب، يقال ضَبَرَ الفرس إذا جمع قوائمه ووثب وعدا. لسان العرب، مادة: ضبر.
فصارَ في جُمْلَة مَمْدُود، وثَبَتَ له مَمْدُود، ووَفَى له، وحَمَلَ لهم أتَابِك هَدَايًا وتُحَفًا، وعَرَضَ عليهم المَسِيْر إلى طَرابُلُس، والمَعُونَة لهم بالأمْوَال، فلَم يُعَرِّجُوا، وسارَ أحْمَدِيْل وبُرْسُق بن بُرْسُق، وعَسْكَر سُكْمَان إلى الفُرَات، وبقي موْدُود مع أتَابِك، فرَحَلا من المَعَرَّة إلى العَاصِي، فنَزَلَا على الجَلَالي (a)، ونَزَل الفِرِنْج أفَامِيَة: بَغْدَوين، وطَنْكرِيد، وابن صَنْجِيْل، وسَارُوا لقَصْد المُسْلمِيْن، فَخَرَجَ أبو العَسَاكِر سُلْطان بن مُنْقِذ من شَيْزَر بأهْلهِ وعَسْكَره، واجْتَمَعوا بمَوْدُود وأتَابِك، وسَارُوا إلى الفِرِنْج، ودَارَتْ خُيُول المُسْلمِيْن حَوْلهم ومَنَعُوهُم الماءَ، والأتْرَاكُ حَوْل الشَّرَائع بالقِسِيّ تَمْنعهُم الوِرْدَ، فأصْبَحُوا هَارِبين سَائرين يَحْمي بَعْضُهم بَعْضًا.
ونَزَل طَنْكرِيد على قَلْعَة عَزَاز، وبَذَل له رِضْوَان مُقاطَعة عن حَلَب (b) عشرين ألف دِيْنار وخَيْلًا وغير ذلك، فامْتَنِعَ طَنْكِريد من ذلك، ورَأى رِضْوَانُ أنْ يَسْتَميل طُغْتِكِين أتَابِك إليهِ، فاسْتدعاهُ إلى حَلَب، فوَصَلَ إليها، وتَعَاهَدا على مُساعَدة كُلّ منهما لصَاحِبهِ بالمالِ والرِّجَال، واسْتَقَرَّ الأمرُ على أنْ أقام طُغْتِكِين الدَّعْوَة والسِّكَّة لرِضْوَان بدِمَشْق، فلم يَظْهَر من رِضْوَان الوَفَاء بما تَعَاهَدا عليه.
ووَصَلَ مَوْدُود إلى الشَّام، واتَّفق مع طُغْتِكِين على الجِهادِ، وطَلَبَ نَجْدَة من المَلِك رِضْوَان، فتأخَّرَت إلى أنْ اتَّفق للمُسْلِمين وقْعَة اسْتَظْهرُوا فيها على الفِرِنْج، ووَصَلَ عَقِيْبَها نَجْدَة للمُسْلِمين من رِضْوَان دُون المائة فَارِس، وخَالَف فيما كان قرَّره ووَعَدَ به، فأنْكَر أتَابِك ذلك، وتقدَّم بإبْطَالِ الدَّعْوَة والسِّكَّة باسْم رِضْوَان من دِمَشْق في أَوَّلِ شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِمائَة.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم
(a) الأصل: الحلالي، والمثبت من زبدة الحلب 1:370.
(b) زبدة الحلب 1: 372: مقاطعة حلب.
عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: رِضْوَان بن تُتُش بن ألْب أَرَسْلَان بن جَغْرِي بَك بن سَلْجُوق بن تُقَاق التُّرْكِيّ (a)، كان بدمَشْق عند توَجُّه أبيهِ إلى نَاحِيَةِ الرَّيّ، فكَتَبَ إليه يَسْتَدعيهِ، فَخَرَجَ إليه، فلمَّا كان بالأنْبَارِ بَلَغَهُ قَتْلُه، فرَجَع إلى حَلَب، فتَسَلَّمها من الوَزِير أبي القَاسِم، وكان المُسْتَولِي على أمْرها جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن في سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة.
ثُمّ قَدِمَ دِمَشْق بعدَ مَوْت أخيهِ دُقَاق، فحاصَرهِا، وقرَّر له الخُطْبَة والسِّكَّة، فلَم تَسْتَتِبَّ أُمُوره (b)، وعادَ إلى حَلَب، وأقام بها، وجرَتْ منه أُمُورٌ غير مَحْمُودةٍ (c) في قِتَال الفِرِنْج، وظَهَرَ منهُ المَيْلُ إلى البَاطِنِيَّة، واسْتَعانَ بهم بحَلَب، ثمّ اسْتَدْعَى طُغْتِكِين أتَابَك إلى حَلَب، وَلاطَفَهُ، وأرَادَ اسْتِصْلَاحَهُ، وقرَّر بينهما أمُورًا، وأقامَ له طُغْتِكِين الدَّعْوَة والسِّكَّة بدِمَشْق، فلم يَظْهَر منهُ الوَفَاء بما وعَد، فأُبْطِلَت دَعْوته.
وكان؛ لمَّا ملك حَلَب، قد قَتَلَ أخوَيهِ: أبا طَالِب وبَهْرَام ابْنَي تُتُش، وماتَ في الثَّامن والعِشْرين من جُمَادَى الآخرة سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِمائَة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(2)
، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِمائَة، فيها ماتَ المَلِك رِضْوَان ابن تَاج الدَّوْلَة صَاحِب حَلَب بحَلَب، وجَلَسَ مَوضِعَهُ وَلده تَاج الدَّوْلَة ألْب أَرَسْلَان (d). وفيها قَتَلَ تَاجُ الدَّوْلَة ابن المَلِك رِضْوَان أخوَيه مَلِك شَاه وإبْراهيم؛ صَبِيَّيْن أحْسَن النَّاس صُوْرًا.
(a) من قوله: "ابن جغري
…
إلى هنا" لم يد في مطبوعة تاريخ ابن عساكر.
(b) ابن عساكر: فلم يستتب أمره.
(c) ابن عساكر: غير محدودة.
(d) الأصل: ألب رسلان.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 153.
(2)
النقل عن كتابه الضائع: المؤصَّل على الأصل الموصَّل، وانظر بعضه في كتابه المختصر: تاريخ حلب 366.
كَذا وَجَدْتُه! وإبْراهيم بَقِي زَمَانًا، ورَأيْتُ وَلده بحَلَب؛ وأظُنُّه مُبَارَك، واللهُ أعْلَمُ.
وقَرَأتُ في كتاب تاريْخ وَقَعَ إليَّ بمَارِدِين جَمَعَهُ الرَّئِيسُ أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن الفَضْل الدَّارِيّ، وشَاهدْتُه بخَطِّه، قال: وفيها - يعني: سَنَة ثَمانٍ وخَمْسِمائَة - ماتَ المَلِك رِضوَان بن تُتُش بحَلَب، وتَوَلَّى وَلده الأخْرَس.
وقَرَأتُ في بَعْضِ ما عَلَّقْتُه من الفَوَائِد: مَرضَ رِضْوَان بحَلَب مَرَضًا حادًّا، وتُوفِّي في الثَّامِن والعشْرين من جُمَادَى الآخرة سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ بمَشْهَد المَلِكِ، فاضْطَرَبَ أمْرُ حَلَب لوَفَاته، وتأسَّفَ أصْحَابُهُ لفَقْدِه، وقيل: إنَّهُ خَلَّفَ في خِزَانَته من العَيْن، والآلات، والعُرُوض، والأوَاني ما يَبْلغُ مِقْدَارُه ستِّمائة ألف دِيْنار.
قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السِّيَر، تأليف مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ
(1)
، قال: ومَلَكَها - يعني: حَلَب - بعدَهُ - يَعْني: بعْدَ قَتْلِ أبيهِ تُتُش - في سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة أبو المُظَفَّر رِضْوَان بن تُتُش تِسْعِ عَشرة سَنَة وشُهُورًا، وتُوفِّيَ في سُحْرَة يَوْم الأرْبَعَاءِ آخر يَوْم من جُمَادَى الآخرة سنة سَبع وخَمْسِمائَة، وعُمرُه اثْنان وثَلاثُون سَنَةً، وخَلَّفَ عَيْنًا وعُرُوضًا تُقَارِبُ ألفَ ألفِ دِيْنار.
رِضْوَانُ بن سَعيد المِصِّيْصيّ
ذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَات الخَطِيب
(2)
في تَرْجَمَةِ أبي العبَّاس مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الكَريم البَزَّاز المُخَرِّمِيِّ، أَنَّهُ رَوَى عن رِضْوَان بن سَعيد المِصِّيْصيّ.
وأظُنُّه، واللهُ أعْلَمُ، وَهْمًا وَقَعَ في الرِّوَايَة، وأنَّهُ أبو رِضْوَان بن سَعيد المِصِّيْصيُّ واسْمُهُ اليَمَان.
(1)
قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 130.
(2)
تاريخ بغداد 2: 157.
رِضْوَان بن عليّ الرَّقِّيُّ الطَّبِيْبُ
(1)
من أهْلِ الرَّقَّة، سَافَرَ إلى بلَادِ الرُّوم، وصارَ بها طَبِيْبًا في خِدْمَةِ كَيْخُسْرُو بن كَيْقُبَاذ، ولمَّا دَخَلَ التَّتَار بلاد الرُّوم، وكَسَرُوا كَيْخُسْرُو، أَسَرُو الحَكِيم رِضْوَان ثُمَّ أطْلقُوه حين عَرفُوِا أنَّهُ يَعْرف الطِّبَّ، وسَيَّرَهُ التَّتَار رَسُولًا إلى حَلَب إلى المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن مُحَمَّد مَرَّتَين.
واجْتَمَعْتُ به بحَلَب، وأنْشَدَني لنَفْسِه بحَلَب من أبْيَاتٍ:[من الكامل]
من كُلِّ أرْوَعَ يَستَلذُّ بطَبْعِهِ
…
طعْمَ الشّفَار حَدِيدُها من صَالِبِ
شَكَتِ القَنَا منهُ الصُّدَاعَ وَحَاوَلْت
…
منهُ العِلَاج فشَدَّها بعَصَائِبِ
بَلَغَني أنَّ رِضْوَان الحَكِيم تُوفِّى بمُوْغَان، ووَصَلَ إلينا خَبَرُ وَفَاتهِ في جُمَادَى الآخرة من سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين وستِّمائة.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رِفَاعَة
رِفَاعَةُ بن رَافِع بن مَالِك بن العَجْلَان بن عَمْرو بن عَامِر بن زُرَيْق، أبو مُعَاذ الأنْصَاريّ الزُّرَقِيّ
(2)
وأُمُّهُ أُمُّ مَالِك بنتُ أُبَيّ بن سَلُول.
(1)
توفي سنة 645 هـ.
(2)
توفي سنة 40 هـ وقيل: في أول خلافة معاوية سنة 43 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 506، طبقات ابن سعد 3: 596 - 597، طبقات خليفة 100، تاريخ خليفة 205 (أرخ وفاته سنة 42 هـ)، تاريخ أبي حفص الفلاس 487، تاريخ البخاري الكبير 3: 319 - 321، التاريخ الصغير 1: 50، المحبر لابن حبيب 74، 271، 273، 425، تاريخ الطبري 4: 382، 479، المعرفة والتاريخ 1: 317 - 318، الجرح والتعديل 3: 492، الثقات لابن حبان 3: 125، 4: 240، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 43، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 56، ابن حزم: جمهرة أنساب =
صَحِبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ، وشَهِدَ معه بَدْرًا وأُحُدًا وسَائِر المَشَاهِد بعدَهُما، وشَهِدَ مع عليٍّ رضي الله عنه الجَمَل وصِفِّيْن. وقيل: إنَّهُ شَهِدَ على كتاب التَّحْكِيْم بين عليٍّ ومُعاوِية، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَة رَبِيْعَة بن شُرَحْبِيل
(1)
.
ورَوَى عن أنَسِ بن مَالِك. رَوَى عنهُ عُبَيْد الله بن عُمَر، وابنُ أخيهِ يَحْيَى بن خَلّاد بن رَافِع، وابنُهُ مُعَاذ بن رِفَاعَة.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللهِ بن أحمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران عِيسَى بن عُمَر بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عَبْدِ الرَّحْمن الدّارِمِيِّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن عَبْدِ الله، عن عليّ بن يَحْيَى بن خَلَّاد، عن أَبِيهِ، عن عَمِّه رِفَاعَة بن رافِعٍ، وكان رِفَاعَةُ ومَالِكُ بن رَافِعٍ أخَوَيْنِ من أهْلِ بَدْر، قال: بينما نحنُ جُلُوسُ حَوْلَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أو رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ ونحنُ حَوْلَهُ؛ شَكَّ هَمَّام
(3)
- إذْ دَخَل رَجُلٌ فاسْتَقْبل القِبْلَة فصَلَّى، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ، جَاءَ فسَلَّم على رسُول الله
= العرب 358 (في بني زريق بن عامر)، الاستيعاب 2: 497 - 499، الإكمال لابن ماكولا 3: 363، ابن الجوزي: المنتظم 5: 188، ابن الأثير: الكامل 2: 72، 3: 224، 4: 44، أسد الغابة 2: 178 - 179، تهذيب الكمال 9: 203 - 204، تاريخ الإسلام 2: 377، الكاشف 1: 311، العبر في خبر مَن غبر 1: 30، تهذيب التهذيب 3: 281، تقريب التهذيب 1: 251، الإصابة 2: 189 - 190، 209، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 30.
(1)
فيما مرّ من هذا الجزء.
(2)
سنن الدارمي 1: 350 - 351، وانظر الحديث في السنن الكبرى للبيهقي 2:345.
(3)
هو همام بن يحيى، ولم يرد في سند الرواية، والحديث أيضًا يرويه حجاج بن المنهال، عن همام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله، انظر: المتفق والمفترق للخطيب البغدادي 2: 936.
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى القَوْمِ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وعليك، ارْجع فصَلِّ؛ فإنَّك لم تُصِلّ، فرجع الرَّجُل فصَلَّى، وجَعَلْنا نَرْمُقُ صَلَاتُه لا نَدْري ما يعيبُ منها، فلمَّا قَضَى صَلاتَهُ جَاءَ فسَلَّم على رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وعلى القَوْم، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ارْجع فصَلِّ؛ فإنَّكَ لَم تُصلِّ - قال هَمَّام: فلا أدْرِي أمَرَهُ بذلك مَرَّتَينِ أو ثلاثًا - قال الرَّجُل: ما ألَوْتُ؛ فلا أدْرِي ما عبْتَ عليَّ من صَلَاتي؟ فقال رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّها لا تَتمُّ صَلَاةُ أحَدِكم حتَّى يُسْبِغَ الوُضُوءَ كما أمَرَهُ الله، فيَغْسل وَجْهَهُ ويَدَيهِ إلى المرفقَيْن، ويَمْسَح برَأسهِ ورِجْلَيهِ إلى الكَعْبَيْن، ثمِّ يُكَبِّر الله ويَحْمدَهُ، ثُمَّ يَقْرأ من القُرْآنِ ما أذِنَ اللهُ له فيهِ، ثُمَّ يُكَبِّر فَيْركَع، فيضَعَ كفَّيه على رُكْبَتَيْه حتَّى تطمئنَّ مفاصِلُهُ، وتَسْتَرخي، ويقُول: سَمِعَ الله لمَن حَمدهُ، فيَسْتَوي قائمًا حتَّى يُقِيْمُ صُلْبَهُ، فيأَخُذَ كُلُّ عَظْمٍ مأخَذَهُ، ثمّ يُكَبِّر فيَسْجد فيُمكِّن وَجْهَهُ - قال هَمَّام: ورُبَّما قال: جَبْهَتَهُ من الأرْض - حتَّى تَطْمئنّ مفاصِلُهُ وتَسْتَرخي، ثمّ يُكَبِّر فيَسْتَوي قَاعِدًا على مَقْعَدِه ويُقيم صُلْبَهُ، فوَصَفَ الصَّلاةَ هكذا أرْبَع رَكَعاتٍ حتَّى فَرَغ، لا تَتمّ صَلَاهُ أحَدِكم حتَّى يَفْعل ذلك.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي المَعَالِي بن البَنَّاء، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ القَاهِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد [بن](a) عَتْرَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنا إسْمَاعِيْل - يعني: ابن إسحاق - قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن أبي أُوَيْس، قال: حَدَّثَني أخي، عن سُليْمان بن بِلَال، عن عُبَيد الله (b) بن عُمَر، عن رِفَاعَة بن رَافِع
(a) إضافة من ترجمته في تاريخ بغداد 12: 455، وتاريخ الإسلام 9: 120، وتوضيح المشتبه 6:413.
(b) الأصل: عبد الله وفوقه: "صـ"، وتقدم ذكره في طالع الترجمة فيمن يروي عنه، وانظر ترجمة البخاري الآتية.
الزُّرَقِيّ، عن أنسَ بن مَالِك
(1)
: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: لي حَوْضٌ بين صَنْعاء وأَيْلَة، وإنَّ آنِيَته عَدَد نُجُوم السَّماء.
أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(2)
، قال: رِفَاعَة بن رَافِع الأنْصَاريِّ الزُّرَقِيّ، ابن عَفْرَاء، شَهِدَ بَدْرًا، نسبَهُ قُتيبَةُ، عن رِفَاعَة بن يَحْيَى، مَدِيْنِيّ.
ثُمّ قال البُخاريّ
(3)
: رِفَاعَة بن رَافِع الزُّرَقِيّ (a) الأنْصَاريّ المَدْينِيّ. قال إسْمَاعِيْل: حَدَّثَني به أبو بَكْر بن أبي أُوَيْس، عن سُليْمان، عن عُبَيْد اللَّه بن عُمَر، عن رِفَاعَة بن رَافِع الزُّرَقِيِّ، عن أنَس بن مَالِك، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَوْضي ما بين صَنْعاء وأيْلَة.
قُلتُ: هكذا فرَّق البُخاريّ بينهما وجعلهما اثْنَين، والّذي يَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهما واحدٌ، وأنَّهُ رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعن أنسِ بن مَالِك فظنَّهما اثْنَين، وقد تَابعَهُ أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم ففرَّق بينهما، وجَعَلهما اثْنين أيضًا.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(4)
، قال: رِفَاعَة بن رَافِع الأنْصَاريِّ الزُّرَقِيّ البَدْرِيّ، وهو ابنُ عَفْرَاء. رَوَى
(a) الأصل: الرزقيّ، بتقديم الراء، والمثبت من البخاريّ.
_________
(1)
كتاب السنة لابن أبي عاصم الشيباني 2: 328 (رقم 713).
(2)
تاريخ البخاريّ الكبير 3: 319 - 321.
(3)
تاريخ البخاريّ الكبير 3: 323.
(4)
الجرح والتعديل 3: 492.
عليّ بن يَحْيَى بن خَلَّاد، عن أَبِيهِ، عن عَمِّه، وهو رِفَاعَة بن رَافِع هذا، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
ثُمَّ قال ابنُ أبي حَاتِم
(1)
: رِفَاعَة بن رَافِع الزُّرَقِيّ الأنْصَاريِّ، رَوَى عن أنَسِ بن مَالِك، رَوَى عنهُ عُبَيْدُ اللّه بن عُمَر، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. فجَعَلهُما اثنين أيضًا كما تَرَى.
أنْبَأنَا أبو الفُتُوح بن أبي الفَرَج، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ
(2)
، قال: رِفَاعَة بن رَافِع بن مَالِك بن العَجْلَان بن عَمْرو بن عَامِر بن زُريْق الأنْصَاريّ الزُّرَقِيّ، أُمّهُ أُمّ مَالِك بنتُ أُبَيِّ بن سَلُول، يُكْنَى أبا مُعَاذ، شَهِدَ بَدْرًا وأُحُدًا وسَائِر المَشَاهِد مع رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ معه بَدْرًا أخوَاه خَلَّاد ومَالِك ابْنَا رَافِع، شَهِدُوا ثلاثتهم بَدْرًا، واخْتُلف في شُهُود أبيهم رَافِع بن مَالِك بَدْرًا، وشَهِدَ رِفَاعة بن رَافِع مَوْلَى عليّ الجَمَل وصِفِّيْن، وتُوفِّيَ في أوَّل إمارة مُعاوِيَة.
وذَكَرِ عُمَر بن شَبَّة، عن المَدَائِنِيّ، عن أبي مِخْنَف، عن جَابِر، عن الشَّعْبِيِّ، قال: لمَّا خَرَجَ طَلْحَة والزُّبَيْر كَتَبَت أُمّ الفَضْل بنت الحَارِث إلى عليِّ بخُرُوجهم، فقال عليّ: العَجَب لطَلْحَة والزُّبَيْر؛ إنَّ اللّه عز وجل لمَّا قَبَضَ رَسُوله صلى الله عليه وسلم قُلْنا: نحنُ أهْلُه وأولياؤُه، لا يُنَازعُنا سُلْطانَه أحدٌ، فأبَى علينا قَوْمُنا فوَلَّوْا غيرنا، وأيمُ اللّه لولَا مَخَافَة الفُرْقَة وأنْ يَعُودَ الكُفْرِ، ويَبُور (a) الدِّين لغَيَّرنا، فصَبرنا على بَعْض الألَم، ثُمَّ لَم نَرَ بحَمْد اللّهِ إلَّا خَيْرًا، ثُمَّ وَثَبَ النَّاسُ على عُثْمان فقَتَلُوه، ثُمِّ بايعُوني ولَم أسْتَكْره أحَدًا، وبَايعَنى طَلْحَهُ والزُّبير، ولَم يَصْبِرَا شَهْرًا كَامِلًا حتَّى خَرَجا إلى العِرَاق نَاكِثَيْن، اللَّهُمَّ فخُذْهمُا بفِتْنَتِهما للمُسْلِمين.
(a) الاستيعاب: ويبوء، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 493.
(2)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 497.
فقال رِفَاعَة بن رَافِع الزُّرَقِيّ: إنَّ اللّه لمَّا قَبَضَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، ظَنَنَّا أنَّا أحَقّ النَّاس بهذا الأمْر لنُصْرتنا الرَّسُول، ومكاننا من الدِّين، فقُلْتُم: نحنُ المُهاجِرون الأوَّلُون وأوْلِيَاءُ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم الأقْرَبُون، وإنَّا نُذكِّركُم اللّه أن تُنازعُونا مقامَهُ في النَّاسِ فخلَّيناكم والأمْرَ، فأنتُم أعْلَم وما كان بينَكُم، غير أنَّا لمَّا رَأينا الحَقّ مَعْمُولًا بهِ، والكتابَ مُتَّبعًا، والسُّنَّةَ قَائمةً، رَضِيْنا، ولَم يكُن لنا إلَّا ذلك، فلمَّا رَأينا الأُثْرَةَ أنْكَرْنا لنُرْضِيَ (a) اللّه عز وجل، ثُمَّ بَايعناك ولم نَألُ، وقد خَالفكَ مَنْ أنْتَ في أنفُسنا خَيْر منهُ وأرْضَى، فمُرْنا بأمْركَ.
وقَدِمَ الحَجَّاجُ بن غَزِيَّة الأنْصَاريّ فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن: [من الرجز]
دراكِهَا دراكِها قَبْل الفَوْتْ
…
لا وَأَلَتْ نَفْسِيَ إنْ خفْتُ المَوْتْ
يا مَعْشَرَ الأنْصَار، انْصرُوا أَمِير المُؤْمنِيْن أُخْرى كما نَصَرتُم رسُول اللّهِ أُوْلَى، واللّه إنَّ الآخرة لشَبِيْهَةٌ بالأُوْلَى؛ إلَّا أنْ الأُوْلَى أفْضَلهُما (b).
رِفَاعَةُ بن شَدَّادٍ، أبو عَاصِم، وقيل: رِفَاعَة بن عَامِر الفِتْيَانِيّ (c) البَجَليّ
(1)
وفِتْيان (d) بَطْنٌ من بَجِيْلَة شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وكان أمِيْرًا
(a) الاستيعاب: لرضا، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.
(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر، ثمّ بياض في الصفحة بعده بأكملها.
(c) في الأصل: القتبانيّ، بقاف في أوله، ثمّ باء موحدة عوض المثناة التحتية، وصوابه المثبت كما في مصادر تَرْجَمَتِه التالية، باستثناء الكاشف للذهبي 1: 311 والتقريب للحافظ ابن حجر 1: 251 فتصحفت نسبته فيهما: القتباني. ونسبته إلى فتيان: بَطْن من بجيلة.
(d) الأصل: قتبان، متابعة لما وهم فيه في نسبته أول الاسم.
_________
(1)
توفي سنة 67 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 205، 488، طبقات خليفة 152، تاريخ خليفة 195، 263، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 172، الإشتقاق لابن دريد 466، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 322 - 323، تاريخ الطبريّ 4: 522، 5: 265، 352، 552 - 553، 587 - =
على بَجِيْلَة، ونَزَل المَوْصِل وكان رَفِيْق عَمْرو بن الحَمِقَ، ورَوَى عنهُ، رَوَى عنهُ السُّدِّيّ وعَبْدُ المَلِك بن عُمَيْر (a).
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْماعِيْل بن الحُسَين بن أبي السِّنَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم بن أحْمَد المُؤدِّب المَوْصِلِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم نَصْر بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضائِل الحَسَنُ بن هِبَةِ اللّهِ الخَطِيبُ، وأبو البَرَكَات سَعْدُ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قالا: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ الأزْدِيّ في كتاب طَبَقَات مُحَدِّثي أهْل المَوْصِل وفُقَهائهم
(1)
، قال: ومنهم، يعني من الطَّبَقَة الأُوْلَى: رِفَاعَة بن شَدَّاد، وكان رفِيْق عَمْرو بن الحَمِق، أخْبَرَني عليّ بن إبْراهيم بن عِيسَى، عن سُليْمان بن أبي شَيْخ، قَال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَكَم الشَّيْبَانِيّ، قَال: حَدَّثَنَا أبو مِخْنَف لُوْط بن يَحْيَى بن سَعيد، قال: وحَدَّثَني المُجَالِد بن سَعيد، عن الشَّعْبِيّ وابن أبي زَائِدَة، عن أبي إسْحاقَ أنَّ حُجْر بن عَدِيّ، لمَّا قُفِّيَ بهِ من عند زيَادٍ، نَادَى بأعْلَى صَوْتهِ: اللَّهُمَّ إنِّي على بَيْعتي
(a) بعده في الأصل بياض قدر تسعة أسطر.
_________
= 606، 6: 7 - 9، 47، 50، الفتوح لابن أعثم 2: 255، 3: 310 - 312، المسعودي: مُروج الذَّهب 3: 293، 295 (في خبر التوابين)، المعرفة والتاريخ 3: 73، 192 - 193، الجرح والتعديل 3: 493، الثّقات لابن حبَّان 4: 240، مشاهير علماء الأمصار 172، السمعاني: الأنساب 10: 147، تهذيب الكمال للمزي 9: 204 - 206، ابن الأثير: الكامل 3: 477، 4: 20، 159، 181 - 185، 211، 233 - 234، ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 3: 411، الكاشف 1: 311، الذّهبيّ: المشبه في الرجال 499 (وفيه: رفاعة بن شداء!)، النويري: نهاية الأرب 20: 334، 529 - 539، 21: 12، 26، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 7: 45 - 46، ابن منظور: لسان العَرَب، مادة: فتا، تهذيب التهذيب 3: 281 - 283، تقريب التهذيب 1: 251، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 30 - 31.
(1)
من الكتب المفقودة، نقل عنه في هذا الكتاب الخطيب البَغْدَادي والحافظ ابن عساكر وياقوت الحَمَوِيّ وابن الأثير إضافة للمؤرخ ابن العديم، ولمؤلفه كتاب تاريخ الموصل، مطبوع.
لا أُقِيلها ولا أَسْتَقِيلها، سَماع اللّهِ والنَّاس، وكان عليه بُرْنُس في غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فحُبِسَ عَشر ليالٍ، وزِيَاد يطلُبُ رُؤوس أصْحَاب حُجْرٍ.
فخَرَجَ عَمْرو بن الحَمِق ورِفَاعَة بن شَدَّاد حتَّى نَزَلا المَدَائِنَ، ثمّ ارْتَحلَا حتَّى أتيا أرْض المَوْصِلِ، فأتَيَا جَبَلًا فكَمِنَا فيه.
وبَلَغَ عَامِل ذلك الرُّسْتَاق أنَّ رَجُلَين قد كَمِنا في جانِب الجَبَل، فاسْتَنْكَر شَأنهما، وهو رَجُلٌ من هَمْدَان يُقال له عَبْد الله بن أبي تَلْعَة، فسَارَ إليهما في الخَيْل ومعَهُ أهْل البَلَدِ، فلمَّا انْتَهَى إليهما خَرَجا، فأمَّا عَمْرو بن الحَمِق؛ فكان مَرِيْضًا، وكان بَطْنُه قد اسْتَسْقَى، فلَم يكُن عندَهُ امْتِناع، وأمَّا رِفَاعَة بن شدَّاد فكان شابًّا قَوِيًّا فوَثَبَ على فَرَسه، فقال: أُقاتِل عنك، فقال: وما يَنْفعُني أنْ تُقْتَل، انْجُ بنفْسِك إنْ اسْتَطَعْتَ، فحَمَلَ على القَوْمِ فأفرجُوا له، وخَرَجَ يعَدَّى به فَرَسهُ، وخَرَجَت الخَيْلُ في طَلَبِه، وكان رَامِيًا، فأخَذَ لا يَلْحقُ بهِ فَارِس إلَّا رَمَاهُ فجرحَهُ أو عَقَرهُ، فانْصَرفُوا عنه.
وأُخِذَ عَمْرو بن الحَمِق، فسَألُوه: مَنْ أنتَ؟ قال: إنْ تَرَكْتُمُوه كان أَسْلم لكم، وإنْ قَتَلْتُموه كان أضَرَّ عليم، فبَعَثَ به ابن أبي تَلْعَة إلى عَامِل المَوْصِل وهو عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان الثَّقَفِيّ، وهو ابنُ أُمِّ الحَكَم، فلمَّا رَأى عَمْرًا عَرفَهُ، فكَتَبَ إلى مُعاوِيَة يُخْبرُه، فكَتَبَ إليهِ: إنَّهُ زَعَم أنَّهُ طَعَنَ عُثْمان تِسْعَ طَعناتٍ، وإنَّا لا نَزِيْدُ عليهِ، فاطْعَنْهُ تِسْع طَعناتٍ، فأُخْرج فطُعِنَ تِسْع طَعناتٍ، فماتَ في الأُوْلَى أو في الثَّانيَة، فبُعِثَ برَأسهِ إلى مُعاوِيَة، وكان أوَّل رَأسٍ حُمِلَ في الإسْلَام.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللّهِ بن عُلْوَان الأسَدِيُّ، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن عَبْدِ اللّه،
قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، قال
(1)
: رِفَاعَة بن شَدَّاد الفِتْيانِيّ (a)، أبو عَاصِم، ويُقال: رِفَاعَة بن عَامِر، وفِتْيَان (b) بَطْن من بَجِيْلَة، رَوَى عن عَمْرو بن الحَمِق، رَوَى عنهُ السُّدِّيّ، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر. سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
رِفَاعَةُ بن ظَالَم الحِمْيَرِيّ
(2)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ولهُ ذِكْرٌ فِي الوَقْعَة؛ ذَكَرهُ المَدَائِنِيّ.
رِفْق بن عَبْد الله الخَادِم، أبو الفَضْل المُسْتَنْصِرِيّ
(3)
كان من خَدَم المُسْتَنْصِر، وكان على المَطَالب بمِصْر، وقَدَّمه مَوْلاه المُسْتَنْصِرُ ووَلَّاهُ دِمَشْق، ووجَّههُ إلى حَلَب فِي سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة في الجُيُوش الكَثِيْفة المِصْرِيَّة، وقيل: في سَنَة اثْنتين وأرْبَعين، وجَعَلَهُ المُسْتَنْصِر أميرَ الأُمَرَاء، وأخْرَجَهُ في التَّجمُّل العَظِيْم، وشَيَّعه بنفْسه عند خُرُوجهِ.
ووَصَلَ رِفْق إلى حَلَب، ونَزَل عند مَشْهَد الجُفِّ، وثِمَال بن صالح في حَلَب، وقد فَسَد ما بينَهُ وبين المُسْتَنْصِر، وعَصَى عليه، وجَرَى بين الحَلَبِيِّيْن وبينه قِتَال، فانْكَسَر رِفْق، وخَرَجَ، وقُبِضَ وهو مَجْرُوح، فماتَ في قَلْعَة حَلَب في الأَسْر،
(a) الأصل: القتبانيّ، والمثبت من كتاب الجرح والتعديل، وتقدم التعليق عليه.
(b) الأصل: وقتبان.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 493.
(2)
وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 244.
(3)
توفي سنة 441 هـ وقيل في السنة بعدها، ؤوجمته في: أخبار مصر للمسبحي 4، 22، 68، 71، 81، 113، العظيمي: تاريخ حَلَب 339، القلانسي: ذيل تاريخ دِمَشْقَ 85، تاريخ ابن عساكر 18: 158، ابن الأثير: الكامل 9: 232 زبدة الحلب 1: 225 - 226، ابن ميسر: المنتقى من أخبار مصر 11، 19، تاريخ الإسلام 9: 625، تحفة ذوي الألباب للصفدي 2: 43 - 44، الوافي بالوفيات 14: 138، المقريزي: المواعظ والاعتبار 2: 195، اتعاظ الحنفا 2: 133، 137 - 139، 158 - 163، 198 - 209.
ودُفِنَ في مَسْجِد اتَّخَذَهُ لنَفْسِه حين نَزَلَ على حَلَب إلى جانب مَشْهَد الجُفّ من شَرْقيِّهِ، وكان قَبْره ظَاهِرًا في القُبَّة الشَّرْقيَّة الّتي من قِبْليّ الرِّوَاق الشَّرْقيّ، وخُلِط ذلك المَسْجِد بمَشْهَد الجُفّ، وكُنْتُ شَاهدْتُ القَبْر وأنا صَبِيٌّ فعفِّي أثَره.
وقال الأَمِيرُ أبو الفَتْح بن أبي حَصِيْنَة حين جَرَى على رِفْق ما جَرَى
(1)
: [من الكامل]
يا رفْقُ رِفْقًا رُبَّ فَحْلٍ غَرَّهُ
…
ذَا المَشْرَبُ الأهْنَى وهذا المَطْعَمُ
حَلَبٌ هي الدُّنْيا تَلَذُّ (a) وطَعْمُها
…
طَعْمانِ شهدٌ (b) في المَذَاقِ وعَلْقَمُ
قد رَامَهَا صِيْدُ المُلُوك فما انْثَنَوا
…
إلَّا ونار في الحَشَا تَتَضَرَّمُ (c)
ونُهِبَ من العَسْكَر المِصْرِيّ شيءٌ عَظِيم من المال والقُمَاش والآلات.
قَرأتُ بخَطِّ بعض الحَلَبِيِّيْن في قَصِيدَةٍ كَتَبَها أبو نَصْر مَنْصُور بن تَمِيْم بن زَنْكَل السَّرمِيْنِيّ عن أبي زَائِدَة مُحمَّد بن زَائدة الكِلَابيّ إلى أبي الفَضائِل سَابِق بن مَحْمُود بن نَصْر بن صالح صَاحِب حَلَب، يُذَكِّره فيها ويُعَرِّفه ما لبني كِلَاب من الوَقَائِع والأيَّام المَعْرُوفة في نُصْرة صالح بن مِرْدَاس وبَنِيْهِ قال فيها:[من الطّويل]
أليسَ هُمُ أحْيَوا بِذا اليَوْم مَيِّتًا
…
مِنَ الفَخْرِ وارْتَدُّوا مِنَ المُلْكِ ذَاهِبَا
ومِن قَبلِهِ لمَّا أتَى الخَادِمُ التقَوا
…
عَسَاكِرَهُ كالأُسْدِ لاقَتْ ثَعَالِبا
فكانُوا لنا مِثْلَ الهَشِيْمِ لموْقِدٍ
…
فأيْسَرُ زادٍ ليْسَ يُشْبِعُ سَاغِبَا
(a) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "تُحَبُّ". وهي رواية الديوان.
(b) الديوان: حلو.
(c) رواية الديوان:
قد رامها صيد الملوك وعاودوا
…
عنها وما غَنِمُوا ولكن غنِّموا
_________
(1)
ديوان ابن أبي حصينة 1: 247 من قصيدة جوابية طويلة على الشَّاعِر ابن حيوس شاعر الدزبري.
ثُمَّ كَتَبَ كَاتِب القَصيدَة تحت هذه الأبيَات شَرْحَها، وقال: هذا الخادِمُ هو أميرُ الأُمَرَاءِ رِفْق، أجَلَّ أُمَرَاءِ مِصْرَ، وَصَلَ في عَسَاكِر عَظِيمَةٍ بعد انْهِزَام الشَّيْخ ناصِر الدَّوْلَة ابن حَمْدَان عن حَلَب. وكان وُصُوله في سَنَة اثْنتين وأرْبعين وأرْبَعِمائة، ونَزَلَ على حَلَب، وعَمل عليه أصحَابُه، فظَفرَ به مُعِزُّ الدَّولةَ ثِمَال في صالح وأسَرَهُ مَجْرُوجًا، وانْهَزَمَت عَسَاكِرُه، وقَعَد ثَلاثة أيَّامٍ وماتَ.
قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ في تَارِيْخه: سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، فيها وَصَلَ أمير الأُمَرَاءِ أبو الفَضْل رِفْق؛ خَادم كان على المطَالب بمِصْر، في عَسْكَر عظيم، ومَضَى إلى حَلَب، ونزل مَسْجِدَ الجُفّ، فقيل: إنَّ الكَلْبيِّيْن دَاهنُوا عليه فأُشيْر عليه أنْ يَرْحل عنها إلى صِلْدع فلم يَفعَل، فأُشيْر عليه أن يقبض على أمَرَاءِ، طيءٍ فلم يَفعَل، فأشِير عليه أن يُنشِئ سجلًّا عن السُّلْطان بإقْطَاعَ مُعِزّ الدَّولَة الشَّام فما فَعَل، فلمَّا رآهُ أُمَرَاءُ العَسْكَرِ لا يقبل منهم انْهَزَمُوا مع العَسْكَر، وانْهَزَم العَسْكَر لمَّا رَأى رَحِيل أكْثره، وأتَوه أهْل حَلَب وبنو كلابٍ فأخذُوه، وضُرِبَ على رأسه فشُجَّ (a)، فماتَ بعد مُدَّة في القَلْعَة.
قال: وحَدَّثَني أبي، قال: سَمِعْتُ أنَّ هذا الخادم لمَّا أُطْلعَ إلى قلعَة حَلَب اسْتَعْظَموا خلقتَهُ وطُوْلَه، فكان بعض الفَرَّاشين يَخْدمهُ ويُكْرمه، فوَهَبَ له يَوْمًا سَرَاويلًا من سرَاويلاتهِ دَبِيْقِيَّة، ففصَّلَها الفَرَّاشُ له ثَوْبَيْن وسَرَاويل، أو سَرَاويليَن وثَوبًا (b) كما قال، وماتَ فدُفِنَ في مَسْجِد الجُفِّ، وأُخِذَ من العَسْكَر شيءٌ عظيمٌ من الأمْوَالِ والآلات والدَّوَابِّ وغير ذلك.
قال: ومَضَيْتُ أنا إلى حَلَب في سَنَة سَبعٍ وعشرين وخَمْسِمائَة، فَرأيْتُ مَسْجِدًا غير مَسْجِد الجُفِّ، فشَرِبنا منه، فقُلْنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مَسْجِد الخادِم رِفْق.
(a) في الأصل: فشجَّه! وقد بُني على مجهول.
(b) الأصل: وثوب، وفوقها "صـ".
أنْبَأنَا أبو اليُمن زَيدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
في كتابه، ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ العُظَيْميّ، قال: سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، فيها كان السَّيْل الّذي أهْلَكَ عَسْكَر المِصْرِيِّيْن على السَّعْدى وصِلْدِي
(2)
قِبْلي حَلَب، وفيها كان قَتْلُ جَعْفَر بن كِلِّيْد.
وفيها انْهَزَم ناصِر الدَّوْلَة، وسُيِّرت العَسَاكرِ مع رِفْق الخَادِم وهو كَارهٌ لذلك، ولقَّبُوه أمير الأُمَرَاء المُظَفَّر، عُدَّة الدَّوْلَة وعِمَادها
(3)
، وكان عُمْرُهُ فَوْق الثمَّانيْن، ثَامِن عَشر ذي القَعْدَة من السَّنَة، وشَيَّعَهُ المُسْتَنصِرُ، وسَيَّر معه التَّجمُّل العَظِيم، والعَدَد الكَثِيْر من المَشَارقَةِ والمَغارِبَةِ والعَرَب، وكَاتَب كُلّ مَنْ يلقاهُ من المُقَدَّمِين بأنْ يَتَرجَّلُوا له إذا لَقُوه.
وتوسَّل ثمَال بن صالح إلى الملك قُسْطُنْطِيْن أنْ يُنجدَهُ، فكَتَبَ قُسْطُنْطِيْن إلى المُسْتَنصِر في الصَّفْحِ عن ابن صالح، وقال: إنْ لَم تَقْبَل فيه الشَّفَاعَة اضْطَرُّ إلى نَجْدَته عليك! فوَصَلَ رَسُول المَلِك إلى الرَّملةِ، يَوْم وُصُول رِفْق الخَادِم إليها، فأوْصَلَهُ رِفْقٌ إلى مِصْر، وأعاد الرِّسَالَةَ، وتوقَّفَ الوَزير عن الجَوَاب طَمَعًا أنْ تملكُوا حَلَب، ويستأَنف الجَوَاب، وتَحقَّق المَلِكُ قُسْطُنْطِيْن [من](a) تَوجُّه العَسَاكِر المِصْرِيَّة، فبَعَثَ إلى أنْطَاكِيَة عَسْكَرًا لحِفْظ الأطْرَاف من نحو حَلَب، وبَعَثَ لثمال بن صالح مالًا عَيْنًا وخلِعًا.
(a) إضافة ليستقيم الكلام.
_________
(1)
النقل عن كتاب العظيمي: المؤصل على الأصل المُوَصَّل، الضائع أصله، ولم يرد في كتاب العظيمي المختصر تاريخ حلب (339) من كلامه الطويل - الذي نقله ابن العديم - سوى سطر ونصف!.
(2)
تقدم التعريف بهذه القرية الواقعة على نهر قويق في الجزء الأول من هذا الكتاب، وهي ترد أيضًا برسم صلدع، كما يأتي قريبًا في هذه الترجمة، ولم أهتد للتعريف بالسعدى المذكورة قبلها.
(3)
لقَّبه المسبحي في تاريخه 22: "عدة الدولة وعمادها متولي السيارات بأسفل الأرض".
وسَارَ مُقَلَّد بن كَامِل بن مِردَاسٍ إلى حِمْصَ، واعْتَصَم عليه وَاليها حِصْن الدَّوْلةَ حَيْدَرة بن مَنزُو الكُتَاميِّ، فحاصَرَهُ، ثمّ طَلَبَ الأمَان فآمنَهُ وأنزَله من القَلْعَة، وخَرَّبها وخَرَّب السُّور، وعاد إلى حَمَاةَ ففَتَحَها وأخْرَب حِصْنَها، وانتَقَل إلى مَعَرَّة النُّعْمَان، وأخْرَبَ سُوْرها أيْضًا، وظَهَرَ من فَشَل رِفْقٍ الخادِم ما أطْمَعَ الجندَ والكافَّة فيه، فعَاثت السَّنَابسَة وهو بالرَّمْلَة في طَرف العَسْكَرِ، وهَرَبُوا إلى البَرِّيَّةِ، فاتبعَهُم رِفْق بسَريَّةٍ من العَسْكَر، فعادَت العَرَبُ عليهم وهَزَمُوهُم، وأسَرُوا الأَمِير مُرَاد، ونَهبُوهُم، فسَيَّرَ إليهم رِفْق جَعْفَر بن حَسَّان بن جَرَّاح، فاسْتَرَجع منهم بعض ما نهَبوهُ، وردَّهُم إلى الدِّيْوَان، فعَرَضَهم وعليهم أكْثَرُ عُدَد العَسْكَريَّة.
ورَحَل رِفْق إلى دِمَشْقَ، وأثْبَتَ خلقًا من قبَائِل العَرَب الكَلْبيّيْنَ والطَّائيِّيْن، وانْصَرفَ منِ العَسْكَرِ فِرْقةٌ من العَبِيْد والمَشَارقَةِ، ومن البَحَاتِرَة فِرْقَةٌ، والفَزَاريِّيْن، وتَحَاربُوا لأربَعٍ بَقِيِنَ من المُحَرَّم من السَّنَةِ، وذلك يَوْم الجُمُعَة، فقُتِلَ من الكُتَامِيِّيْنَ نحوٌ من مائة رجُلٍ، ونَهَبُوا بعض الخِيَم، ثمّ تميَّزُوا من ذلك المكان ونَزَلوا على بابِ تُومَا، وبقُوا ثلاثة أيَّامٍ مُتَصَافِّيْن، ولَم يَجْرِ بينهم قِتَال، وخَاف رِفْق فدَخَلَ بالخِيَام القَصْر، وتَرَكَ مَضَارِبَهُ الخاصَّةَ على حالها، وأصلَح بين الطَّوَائف، فتوقَّفَ الكُتَامِيُّونَ حتَّى وصلَهُم من ماله بألُوف دَنَانيِر دِيَّة القَتْلَى وعِوَض الخِيَام، ونَهَبَتِ العَرَبُ أكْثَرَ غُوْطَةِ دِمشْق، وهَرَبَ أهْل القُرَى إلى دِمشْق.
ثُمَّ سَار رِفْق إلى حِمْص، وعَرَضَ العَسَاكِر بها، وأثبتَ من العَرَب الكَلْبيِّيْن ألفَ فارس أُخرى، وبَلَغَهُ أنَّ رَاشِدَ بن سِنَان بن عُلَيَّان هَرَب من الاعْتقَالِ بِصُوْر، وحَصَل بِظَاهِر دِمَشْق، واحْتَوى على أكْثر أعْمَالها، وتسَرَّعتِ العَسَاكِرَّية عند حصُول رِفْق بحماة إلى نَهْب أعْمَال شَيْزَر إذْ هي على أعْمَال حَلَب، ووَصَلَ إلى صِلْدِي يَوْم الثّلاثَاءِ الحادِي والعِشْرين من ربيع الأوَّلِ، وخَيَّم على جَبَل جوْشَن يَوْم الأرْبَعَاء الثَّاني والعشْرين منه، ووَقَعَ الطِّرَادُ، واسْتَأمَن سُلْطانُ
القِرْمِطِيُّ في خسمائة فارس من الكَلبيِّيْن، وكان أخوهُ نَبهَان مُعْتَقَلًا في قلعَة حَلَب منذُ أُسِرَ من كَفَرْ طَاب، واقْتَتَلُوا يَوم الجُمُعَة واسْتَراحُوا السَّبْتَ والأَحَد، وردَّ رِفْق الخِزَانَةَ السُّلْطانيَّة إلى وَرَائه لَيلَة الاثنين سَابِع عشْرين رَبيع، وأمرَ العَسْكَر أنْ يدفَعُوا أثْقَالهم إلى مَعَرَّة مَصْرِيْن، فاسْتَشْعَرُوا الهَزِيمةَ، وأخَذَ العَسْكَر من نصف اللَّيْل يرحلُونَ، وانْتهَى ذلك إلى رِفْق، فأتبعَهُم برُسله يَرْسُم لهم العَودَةَ فلم يرجع أحدٌ، وانْهَزَموا.
وأسْفَرَ الصُّبْح، وخَرَجَ من حَلَب خَيْلٌ، وظنُّوا أنَّها مَكِيْدَةٌ، فلما تحقَّقُوا هَزِيمَةَ العَسْكَر، نَهَبُوا وأسرُوا، ونَهَبَ العَرَبُ بعُضهُم بَعْضًا والعَسْكَر، وخَرَجَ الحَلَبِيُّون [و] نَهَبُوا آثار العَسْكَرِ من غَلَّاتٍ وغيرها، ولحقُوا رِفْقَ الخَادِم وجَرَحُوه ثلاث جرَاح، ودَاخلوه إلى حَلَبَ أسِيْرًا مَكْشُوف الرَّأسِ، واخْتَلَط عَقَلُ رِفْق لأجل الجِرَاح الّتي في رَأسه، وماتَ في القَلْعَة بعد ثلاثةِ أيَّامٍ، ودُفِنٍ فِي مَسْجِدٍ بِظَاهِر حَلَب، وأَسَرت الرُّومُ؛ أصْحَابُ الأطْرَاف، من العَسْكَر جَمَاعَةً، فأنْكَر قُسْطُنْطِيْن ذلك عليهم وردَّهُم إلى بَلَدِ الإسْلَام، وكَسَاهُم.
قَراتُ في تاريخ جَمَعهُ أبو غَالب هَمَّام بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب المَعرِّيّ، سَيَّرَهُ إليَّ بعضُ الشِّرَاف الهاشِميِّيْن بحَلَب
(1)
، قال: سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، فيها وَصَل الأَمِيرُ أبو الفَضْل رِفْق؛ خَادِمٌ كان على المَطَالِب بمِصْر فِي عَسْكَرٍ عَظِيمٍ، فانْهزَمتْ منه بنو كِلَاب عن حِمْص، وتَبِعَها مَنْزِلًا مَنْزِلًا، حتَّى نَزَلَ على مَعَرَّة النُّعْمَان، فلمَّا رَأى خَرابَ السُّور، سَأل: كمَ يَحْتاج إلى أنْ يَعُودَ إلى ما كان؟ فقُدِّر له فكان ألْفي دِيْنارٍ، فقال: أنا أُعمرُه من عندِي بمالي، ولا أحْوجُكم إلى غيري.
(1)
تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.
ثمّ إنَّهُ مَضَى إلى حَلَبَ، ونَزَلَ على مَسْجِد الجُفّ، فقيل إنَّ الكَلْبيّيْن دَاهنُوا عليه، فأُشِيْر عليه أنْ يَرْحل عنها إلى صِلْدِع، فلم يَفعل، فأُشِيْر عليه أَنْ يقبضَ على أُمَرَاء طَيّء وكَلْب فلَم يَفعَل، فقيل له أنْ يُنشئ مِجَلًّا عن السُّلْطانِ بأنَّهُ قد أقْطَعَ الشَّام لمعِزِّ الدَّولَةِ ويعود بهَيْبَته، فلم يفعل، فلمَّا رَآهُ أمَرَاءُ العَسْكَرِ لا يلتَفت إليهم، ولا يقبل مَشُورتهم، انْهزمُوا مع العرَب، وانْهَزَمَ العَسْكَر لمَّا رَأى العَرَب قد انْهَزَمت، فأُخِذَ وضُرِبَ رأسُهُ فمات في القَلْعَة، ودُفِن في مَسْجِد الجُفِّ، ونُهِبَ من العَسْكَرِ شيء عَظِيم من الأمْوَالِ والقُمَاش والدَّوَابِّ وغير ذلك.
[أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد](a) بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أجازَ لي رِوَايته عنهُ، قال:[أخْبَرَنا](b) الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ في تَسمِيَةِ أمَرَاء دِمَشْق: الأَمِيرُ، أمير الأمَرَاءِ، عُدَّة الدَّوْلَةِ (c) رِفْق، وَصَلَ إلى دِمَشْق آخر نَهار يَوْم الخمِيْس الثَّاني عَشر من المُحَرَّم من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة في حالٍ عَظِيمَة، وعُدَد وأمْوَال وأثْقَال، وسَار من دِمَشْقَ مُتَوَجِّهًا إلى حَلَب غَدَاةَ يَوْم الخَمِيْس السَّادِس من صفَر من السَّنَة المَذْكُورَة.
(a) ما بين الحاصرتين طمسته الرطوبة، وتكرر اسمه عشرات المرات فيما أخذه عن ابن عساكر.
(B) كلمة أفسدتها الرطوبة.
(C) حولها محقق كتاب ابن عساكر: عز الدولة استنادًا لما في الوافي بالوفيات!.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 158.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
رفيع، أبو العَاليَةِ الرِّياحيِّ البَصْرِيّ
(1)
مَوْلى امرأة من بني يَربُوع، أدْرَك الجاهِلِيَّة وأُعْتِق سائبةً.
رَوَى عن أبي بَكْر الصِّدِّيْق، وعُمَر بن الخَطَّاب، وعليّ بن أبي طَالِب، وأُبَيّ بن كَعْب، وعبد الله بن عبَّاس، وأبي هُرَيرَة، وأبي مُوسىَ الأشْعَرِيّ، وسهْل بن الحنظَلِيَّة.
رَوَى عنهُ دَاوُد بن أبي هِنْد، وقَتَادَة، وأبو خَلدَة، وعَنْبَسَة بن سَعيد بن عُثْمان الطَّويل، وعَاصم الأحْوَلُ، وزِيَاد بن حُصَيْن، والربَّيع بن أنَس، وخَالِد بن
(1)
توفي سنة 90 هـ، وقيل: 93 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 112 - 117، تاريخ يحيى بن معين 2: 166، طبقات خليفة 303، الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 631، تاريخ البخاري الكبير 3: 326 - 337، التاريخ الصغير 1: 259 - 260، العجلي: تاريخ الثقات 161، 503، المعارف 454، الجرح والتعديل 3: 510، الثقات لابن حبان 4: 239، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 153، أبو نعيم: تاريخ أصبهان 1: 369، حلية الأولياء 3: 217 - 224، ابن زير الربعي: تاريخ مولد العلاء ووفياتهم 89، تاريخ ابن عساكر 18: 159 - 191، ابن الجوزي: المنتظم 6: 297، صفة الصفوة 3: 211 - 212، أسد الغابة 2: 186 - 187، سبط ابن الجوزي: مرآه الزمان 9: 439 - 443، تهذيب الكمال 9: 214 - 218 (وفيه: رفيع بن مهران) تاريخ الإسلام 2: 1202، طبقات القراء 1: 37 - 38 (رفيع بن مهران)، ميزان الاعتدال 2: 54، العبر في خبر مَن غبر 1: 81 (وفيه: على الصحيح سنة 93 هـ)، تذكرة الحفاظ 1: 61 (رفيع بن مهران)، سير أعلام النبلاء 4: 207 - 212، الكاشف 1: 312، الإعلام بوفيات الأعلام 51، معرفة القراء الكبار 1: 155 - 158، الوافي بالوفيات 14: 138 - 139 (رفيع بن مهران)، تهذيب التهذيب 3: 284 - 286، تقريب التهذيب 1: 352، الإصابة 2: 221، طبقات المفسرين للداوودي 1: 178 - 179، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 284 - 285، السيوطي: طبقات الحفاظ 29، شذرات الذهب 1: 367، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 326 - 329.
دِيْنار، وجَعْفَر بن مَيْمُون، وأبو المِنْهَال، وحَفْصَةُ بنتُ سِيْرِيْن. وحَضَر صِفِّيْن، ورَأى الصَّفَّين وعَاد ولَم يُقاتِل.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن المُبارَكُ بن أبي بَكْر بن مَزْيَد الخَوَّاصُ الحنَفِيُّ، وأبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن نَصْر بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْرِيّ البَغْدَاديّان ببَغْدَاد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ ابن الحافِظ أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ - قال عبد الله: وأنا حَاضِرٌ - قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أَحْمَد بن مُحَمَّد بن النُّعْمان، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْحاق بن أحْمَد بن نَافع الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، قال: وحَدَّثَنَا وَكِيع، عن سُفْيان، عن عَوْف الأعرَابِيّ، عن زِيَاد بن حُصَيْن، عن أبي العَاليَة، عن ابن عبَّاسٍ
(1)
: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أتَى جَمْرة العَقَبَة، فقال: القُطه لي، قال: فنَاولتُه مثل حَصَا الخَذفِ، فقال: مثْل هذا فارْمُوا، وإيَّاكمُ والغُلُوَّ في الدِّين.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن حَمْد الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحاق السُّنِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبُو عروبَة، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَة بن شَبِيْب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا الثَّوْرِيُّ، عن الأَعمش، عن زِيَاد بن الحُصَيْن، عن أبي العَاليَة، عن ابن عبَّاس، قال
(2)
: مَرَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقَومٍ يَرمُونَ، فقال: رَمْيًا بني إسْمَاعِيْلَ فإنَّ أباكمُ كان رَامِيًا.
(1)
مصنف ابن أبي شببة 3: 239 (رقم 13907)، سنن ابن ماجة 2: 1008 (رقم 3029)، وانظر: المسند الجامع 9: 94 (رقم 6331).
(2)
مسند أحمد 5: 149 (رقم 3444)، سنن ابن ماجة 2: 941 (رقم 2815)، المعجم الكبير للطبراني 12: 156 (رقم 12746)، شعب الإيمان للبيهقي 4: 44 (رقم 4300).
أخْبَرَنا أبو القَاسِم [أحْمَد](a) بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت، قال: أخْبَرَنا الدَّاوُوديّ، قال:[أخْبَرَنا الحَمُّوِيّ](b)، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن العَوَّام، عن عَوْف، عن أبي العَاليَة، قال: سَألْتُ ابن عبَّاس عن شيء، فقال: يا أبا العَاليَةِ، أُتريدُ أنْ تكُون مُفْتِيًا؟ فقُلتُ: لا، ولكن لا آمنُ أنْ تَذْهبُوا ونَبْقى، فقال: صَدَقَ أبو العَالِيَةِ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْدِ اللهِ الحافِظُ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا سَوَّار بن عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلْدَة، عن أبي العَاليَة، قال: لمَّا كان قِتَال عليّ ومُعاوِيَة رضي الله عنهما، كُنْتُ رجُلًا شَابًّا، فتهيَّأتُ ولبسْتُ سِلَاحي، ثُمَّ أتيْتُ القَوْم، فإذا صَفَّانِ لا يُرَى طَرفاهمُا، قال: فتلَوْتُ هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}
(3)
، قال: فرَجعْتُ وتَركتُهُم.
وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(4)
، قال: ومنهم، يعني من العُبَّاد والصُّوْفيَّةِ، ذو الأحْوَالِ السَّامِيَة، والأعْمَال الخَافِيَة، رُفَيْع أبو العَالِيَة، كان وَصَايَاهُ في لُزُوم الإتباعِ، وعُهُوده في مُجَانَبة الأحْدَاثِ والابْتِدَاع، رَوَى أبو العَاليَةِ عن أبي بَكْر
(a) هذه الرواية كتبها ابن العديم في الهامش، وأفسدت الرطوبة بعض كلماتها، وسنده فيها عن أبي القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار البغدادي.
(b) كلمتان أخفتهما الرطوبة، وتكرر كثيرًا فيما رواه الداوودي عن السمرقندي.
_________
(1)
سنن الدارمي 1: 137.
(2)
حلية الأولياء 2: 219.
(3)
سورة النساء، من الآية 93.
(4)
حلية الأولياء 2: 217، 222.
الصِّدِّيْق، وعليّ بن أبي طَالِب، وأُبَيّ بن كَعْب، وابن عبَّاسٍ، وأبي هُرَيْرَة، وأبي مُوسَى الأشْعرِيّ، وسَهْل بن الحَنْظَلِيَّةِ (a)، وغيرهم من الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.
أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، فيما أَذنَ لنَا فيه، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل المَعْرُوف برَجُل، قال: أنْبَأنَا أَبو عَمْرو بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَبا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: رُفَيْع أبو العَاليَة الرِّياحِيّ، من بني تَمِيْم، بَصْرِيٌّ أدْرَك الجَاهِلِيَّة، وكان أُعْتِق سَائَبةً، مَوْلَى امْرأة، رَوَى عن أبي بَكْر وهو غير مَحْفُوظ، ويَثْبُت له عن عُمَر، وعليّ، وابن مَسْعُود، وأبي أَيُّوبَ، وابن عبَّاسٍ. رَوَى عنهُ قَتَادَة، وعَاصِم الأحْوَل، والرَّبيْع بن أَنَس، ودَاوُدُ بن أبي هِنْد، وأبو خَلْدَة، وحَفْصَةُ بنتُ سِيْرِيْن، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، روَى عنهُ زِيَاد بن حُصَيْن، ذَكَرَ أبي عن إسْحاق بن مَنْصُور عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: رُفيع أبو العَاليَة ثِقَةٌ.
قال عبد الرَّحْمن
(2)
: سُئِلَ أبو زُرْعَة عن أبي العَاليَة رُفَيْع، فقال: بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا البُخاريّ
(3)
، قال: رُفَيْع أبو العَاليَة الرِّياحِيّ، بَصْرِيٌّ، مَوْلَى امْرأة، أُعْتِق سَائبةً.
وقال الأنْصَاريُّ وزَائِدَة عن هِشَام عن حَفْصَة عن أبي العَاليَة سَمعَ عليًّا. وقال مُعَاذ بن أسَد: حَدَّثَنَا الفُضَيْل بن مُوسَى، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن
(a) حلية الأولياء: حنظلة، ولم يرد في نشرته قوله:"وابن عباس وأبي هريرة وأبي مرسى الأشعري".
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 510.
(2)
الجرح والتعديل 3: 510.
(3)
التاريخ الكبير 3: 326.
وَاقِد، عن رَبيع بن أنسٍ، عن أبي العَاليَة، قال: دَخَلْتُ على أبي بَكْر فأكَل لَحْمًا ولَم يتَوَضَّأ.
وقال مُحَمَّد: حَدَّثَنَا سَلْم بن قُتَيْبَة، عن أبي خَلْدَة، قال: سَألْتُ أبا العَاليَة: هل رأيْتَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: أسْلَمت في عامَيْن من بعدَ مَوْته.
وقال النَّضْر اعْتَقتْهُ امْرأةٌ من بني يَرْبُوع.
وقال آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن قَتَادَة، قال: لَحِقْتُ أبا العَالِيَة، وكان أدْرَك عليًّا، قال: قال عليّ: القُضَاة ثلاثةٌ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ الله، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أنسَ العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة الحَدَّادُ، عن سَعيد بن زَيْد أخي حَمَّاد، قال: قال مُهاجِر أبو خَالِد مَوْلَى ثَقِيف: كان أبو العَاليَة جَارِي، وكان يُقول لي: سَلْني واكْتُب عنِّي قبل أنْ تَلْتَمسَ العِلْم عند غيري فلا تَجِدهُ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بدِمشْق، قال أبو بَكْرٍ: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ
(1)
، وقال أبو الحَسَن: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن عليّ بن سُعُود البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ،
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 177.
قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاء - قال الأرْتاحِيُّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل - قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن خِرَاش، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَارِث المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا العَلَاء بن عَمْرو الحَنَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي زِائِدَة، عن أبي خَلْدَة، عن أبي العَاليَةِ، قال: كُنْتُ آتي ابن عبَّاسٍ وقُرَيْش حوْلَه فيأخُذ بيَدي فيُجْلسني معه على السَّريْر، فتَغَامَزَتْ (a) قُرَيْش، ففَطن بهم (b) ابن عبَّاسٍ فقال: هكذا هذا العِلْم، يزيد الشَّريفُ شَرفًا، ويُجْلِسُ المَمْلُوك على الأسِرَّة، قال: ثُمَّ أنْشَدَ مُحَمَّد بن الحارِث في إثْره: [من الطويل]
رأيتُ رَفيْعَ النَّاسِ مَنْ كان عَالمًا
…
وإنْ لم يَكُن في قَوْمِهِ بحَسِيْب
إذا حلَّ أرْضًا عاش فيها بعِلْمهِ
…
وما عَالَم في بلدةٍ بغَرِيْب
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع بن مُحَمَّد الحافِظ، إمْلاءً من لَفْظه بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُمَر التَّاجر، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن مُوسَى بن الفَضْل الصَّيْرَفِيّ بنيْسَابُور، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصَمّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق - هو الصَّغَانِيّ - قال: أخْبَرَنا أبو نُوح قُرَاد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبيْع بن أنس، عن أبي العَاليَة، قال: كُنْتُ أرْحَل إلى الرَّجُل مَسِيْرة أيَّام لأسْمَعَ منهُ، فأوَّل ما أتفقَّد منه صَلَاته، فإنْ أجدْهُ يُقيمها أقَمْتُ وسَمِعْتُ منه، وإنْ أجدْهُ يُضَيِّعُها رَجَعْتُ ولَم أسْمَعْ منه، وقُلتُ: هو لغير الصَّلاة أضْيَعُ.
(a) الدينوري: فتغامزت بي.
(b) الدينوري: لهم.
_________
(1)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 55.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا الدَاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَمُّوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو مَعْمَر إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عن أَبيِهِ، عن الرَّبيْع، عن أبي العَاليَةِ، قال: كُنَّا نأتي الرَّجُل لنأخُذَ عنه، فنَنْظُر إذا صَلَّى، فإنْ أحْسَنَها جَلَسْنا إليه، وقُلْنا: هو لغيرها أحْسَن، وإن أسَاءها قُمْنا عنه وقُلْنا: هو لغيرها أسْوَأ. قال أبو مَعْمَر: لَفْظه نحو هذا.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُوسَى بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا قُرَاد أبو نُوح (a)، عن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبيْع بن أنَسٍ، عن أبي العَاليَة، قال: كُنْتُ أرْحَل إلى الرَّجُلِ مَسِيْرة أيَّام، فأوَّل ما اتفقَّد من أمْره صَلَاتَهُ، فإنْ أجدْهُ (c) يُقيْمُها ويُتمُّها، أقَمْتُ وسَمِعْتُ منه، وإنْ وجدْتُه يُضِيْعُها رجعْتُ ولَم أسْمع منه، وقُلتُ:[هو](d) لغَيْر الصَّلاة أضْيَع.
وقال أبو نُعَيْم
(2)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا حَاجِب بن أَرْكِيْن (ح)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الأحْمَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَني خَالِد بن دِيْنار، عن أبي العَاليَةِ، قال: تَعَلَّمْتُ الكتابَ والقُرْآن فما شَعَر بي أهْلي ولا رُئي في ثَوْبي مِدَادٌ قَطّ.
(a) أجرى ابن العديم تقديمًا وتأخيرًا في روايتي أبي نعيم التاليتين. وانظر حلية الأولياء 2: 220.
(b) حلية الأولياء: قراد بن نوح، والصواب هو المثبت؛ واسمه: عبد الرحمن بن غزوان، مشهور بلقبه وكنيته، انظر طبقات ابن سعد 7:335.
(c) حلية الأولاء: وجدته.
(d) إضافة من الحلية.
(e) حلية الأولياء: "حاجب بن أبي كثير"، وهو حاجب بن مالك بن أركين الفرغاني الضرير، ترجمته في تاريخ بغداد 9: 191، تاريخ ابن عساكر 11، 383.
_________
(1)
سنن الدارمي 1: 113.
(2)
حلية الأولياء 2: 217.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا جَرِبر، قال: أخْبَرَني مَنْ سَمعَ أبا العَاليَة يَقُول: لا يتعَلَّم مُسْتَحي ولا مُسْتكْبر (b).
وقال أبو نُعَيْم
(2)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن مَعْبَد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مُطَرِّف، قال: حَدَّثَنَا مُسْلِم بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلْدَة، قال: سَمِعْتُ أبا العَاليَة يَقُول: تَعَلَّمُوا القُرْآن خَمْس آياتٍ، خَمْس آياتٍ (c)، فإنَّهُ أحْفَظ لكُم، فإنَّ جِبْرِبل عليه السلام كان يَنْزل بهِ خَمْس آياتٍ، خَمس آياتٍ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت، قال: أخْبَرَنا الدَّاوُودِيّ قال أخْبَرَنا الحَمُّوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ
(3)
، قال: أخْبَرَنا عَمْرو بن زَائِدَة، قال: حَدًّثَنَا أبو قَطَن عَمْرو بن الهَيْثَم، عن أبي خَلْدَة، عن أبي العَاليَة، قال: كُنَّا نَسْمَع الرِّوَايَة [بالبَصْرَة](d) عن أصْحَاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نَرْضَ حتَّى رَكبنا إلى المَدِينَة فسَمِعْناها من أَفْوَاههم.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن حَمْد الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر أحْمَدُ بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن بُوَان الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن بَكَّار،
(a) حلية الأولياء: أحمد بن الحسين.
(b) حلية الأولياء: متكبر.
(c) لم ترد مكررة في الحلية.
(d) كلمة أخفتها الرطوبة، والمثبت عن سنن الدارمي وتاريخ ابن عساكر 18:175.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 220.
(2)
حلية الأولياء 2: 219 - 220.
(3)
سنن الدارمي 1: 140.
عن أبي خَلْدَة، عن أبي العَالِيَة - قال يُوسُف: ثُمَّ جَعَلَهُ عن عُمَر بن الخَطَّاب، وهكذا حَدَّثناهُ قَديْمًا - قال: تَعَلَّمُوا القُرآن خمْسًا خَمْسًا، كذلك نَزَل به جِبْرِيل عليه السلام على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف الأدَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، ح.
قال: وحَدّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أبو هَمَّام، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن المُبارَك، قالا: عن عَاصِم الأحْوَل، عن أبي العَاليَةِ، قال: تعَلَّمُوا الإسْلَام، فإذا عَلمِتُمُوه فلا تَرْغبُوا عنه، وعليكُم بالصِّرَاط المُسْتَقِيْم فإنَّهُ الإسْلَامُ، ولا تَحْرفُوا الصِّرَاط يَميِنًا وشمالًا، وعليكم بسُنَّةِ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم وأصْحَابه قبلَ أنْ يقْتُلِوا صَاحِبَهُم وقَبْل أنْ يَفْعلُوا الّذي فَعَلُوا؛ فإنِّي قرأتُ القُرْآن قبل أنْ يقتلُوا صَاحِبَهم وقَبْل أنْ يفعلُوا الّذي فَعَلُوا بخَمْس عَشرة سَنَةً، وإِيَّاكم وهذه الأهْوَاء المُتَفرِّقة؛ فإنَّها تُوْرث بينَكم العَدَاوَةَ والبَغْضَاء. زادَ ابن المُبارك فِي حَدِيثه، قال (a): فحدَّثْتُ به الحَسَنَ فقال: صَدَقَ أبو العَاليَةِ ونَصَح. قال ابنُ المُبارَك: فذكَرتُه للرَّبِيْع بن أنَس، قال: أخْبرَني أبو العَاليَة أنَّهُ قرأهُ بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعشْر سِنين.
قال أبو نُعَيْم الحافظ
(2)
: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قال: حَدثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، قال: سَمِعْتُ عَاصِم الأحْول يُحَدِّثُ عن أبي العَاليَةِ، قال: تعَمَلُّوا القُرْآن، فإذا تَعَلَّمْتُوه فلا
(a) في الحلية: قال عاصم.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 218، وفيه روايته بعض السقط.
(2)
حلية الأولياء 2: 218.
تَرْغبُوا عنهُ، وإيَّاكُم وهذه الأهْوَاءَ؛ فإنَّها تُوقع بينكم العَدَاوَةَ والبَغْضَاء، وعليكم بالأمْر الأوَّل الذي كانوا عليه قَبْل أنْ يتفرَّقُوا، فإنَّا قد قَرأنا القُرْآن قبل أنْ يُقْتَل صَاحِبُهُم - يعني عُثْمان - بخَمسة عَشر سَنَةً. قال عَاصِم: فحدَّثْتُ به الحَسَنَ، فقال: قد نَصَحكَ واللهِ وصَدَقَكَ.
وقال أبو نعَيْم
(1)
: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم، فيما أَذِنَ لي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب، قال: حَدَّثنَا مُسْلِم بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلْدَة (a)، قال: سَمِعْتُ أبا العَاليَة يَقُول: إنَّ خَيْر الصَّدَقَة أنْ تُعْطِي بيَمينك وتُخْفيها من شمَالك.
قال
(2)
: وسَمِعْتُ أبا العَاليَة يَقُول: زَارَني عَبْد الكَريم أبو أُمَيَّة وعليه ثِيَاب صُوْف، فقُلتُ: هذا زِيُّ الرُّهْبَان! إنَّ المُسْلِميْن إذا تَزَاوَرُوا تَجَمَّلُوا.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن مَعْبَد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن النُّعْمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَعيد بن سَابِق، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبِيْع بن أنَسٍ (b)، عن أبي العَاليَةِ، قال: اعْمل بالطَّاعَةِ، وأَحبّ عليها مَنْ عَمِلَ بها، واجْتَنب المَعْصِيَةَ، وعَادِ عليها مَنْ عَمِلَ بها، فإنْ شَاءَ اللهُ عذَّب أهْل مَعْصِيَته، وإنْ شَاءَ غَفَرَ لهم.
وقال
(4)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد (c) بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد بن سَوَّار، قال: حَدَّثَنَا العَلَاءُ بن عَمْرو الحَنَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن غِيَاثٍ، عن عَاصِم، عن أبي العَاليَةِ، قال: ما أدْري أيّ النِّعْمَتَين أفْضَل، أنْ هَدَاني للإسْلَام، أو عَافَاني من هذه الأهْوَاءِ؟.
(a) حلية الأولياء: أبو خالدة، وجاء صحيحًا عنده في أسانيد أخرى.
(b) الحلية: عن الربيع عن أنس.
(c) حلية الأولياء: علي.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 217.
(2)
حلية الأولياء 2: 217.
(3)
حلية الأولياء 2: 218.
(4)
حلية الأولياء 2: 218.
وقال
(1)
: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَان، قال: حَدَّثَنا أحْمَد بن علي الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن كَثِيْر، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثَابِت أنَّ أبا العَاليَة قال: إنِّي لأرْجُو أنْ لا يَهْلِك عَبْدٌ بين نِعْمَتين، نِعْمَة يَحْمد الله عليها، وذَنْب يَسْتَغفر الله منه.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلْدَة، عن أبي العَاليَةِ، قال: ما مَسَسْتُ ذَكَري بيمَيْني منذُ ستِّين سَنَةً أو سَبْعِين سَنَة.
وقال
(3)
: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبَّار بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، قال: حدَّثَني نُعَيْم، عن عَاصِم، قال: كان أبو العَاليَةِ إذا جَلَس إليه أكْثَر من أرْبعةٍ قام.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْدِ الله، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا جَرِير، عن مُغِيرَة، قال: أوَّلُ مَنْ أذَّن وَرَاء النَّهْر أبو العَاليَة الرِّياحِيّ.
وقال
(5)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد، عن التَّيْمِيّ، عن رَجُلٍ، عن أبي العَالِيَةِ: أنَّهُ كان إذا أرادَ أنْ يَخْتم القُرْآن من آخر النَّهَار أخَّره إلى أنْ يُمْسي، وإذا أرادَ أنْ يَخْتمه من آخر اللَّيْل أخّره إلى أنْ يُصْبحَ.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(6)
، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أحْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، ح.
(1)
حلية الأولياء 2: 219.
(2)
حلية الأولياء 2: 219.
(3)
حلية الأولياء 2: 217 - 218.
(4)
حلية الأولياء 2: 221.
(5)
حلية الأولياء 2: 220.
(6)
لم ترد الرواية في تاريخ ابن عساكر، وجاء في الأصل بعده مكررًا:"قال: أخْبرنا أبو القاسم عليّ بن الحَسَن".
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله الأرْتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ - قال الأرْتاحِيُّ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أَبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن - قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان
(1)
، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْد الحَميْد، قال: حدَّثَنَا المُحَارِبِيّ وأبو خَالِد، عن دَاوُد، قال: سَألْتُ أبا العَاليَة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
(2)
، قال: الشَّطْرُ: النِّصْفُ؛ وهي بلُغَة تَغْلِب، ولكنَّه: فوَلِّ وَجْهكَ تلْقَاءَ المَسْحِد الحَرَام.
أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم
(3)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن إسْحاق المَوْصِلِيّ، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن عَوْن، قال: حَدَّثَنا أبو جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبِيْع بن أنَسٍ (a)، عن أبي العَاليَة في قَوْله تعالَى:{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(4)
، قال: الجِنُّ عَالَمٌ، والإنْسُ عالَمٌ، وسِوَى ذلك ثَمانية عَشر ألف عَالَم من المَلائِكَة على الأرْض، والأرْضُ لها أرْبَعُ (b) زَوَايا، كُلّ زَاوِيَةٍ أرْبَعَة آلاف عَالَم وخَمْسِمائَة عَالَم، خَلَقهُم الله لعبَادتهِ.
وقال أبو نُعَيْم
(5)
: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ وجَمَاعَة، قالُوا: حَدَّثَنا عَبْد الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الجَعْد، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبِيْع بن أنَسٍ، ح.
(a) حلية الأولياء: عن الربيع عن أنس.
(b) الأصل: أربعة.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 255.
(2)
سورة البقرة، من الآيات 144، 149، 150.
(3)
حلية الأولياء 2: 219.
(4)
سورة الجاثية، الآية 36.
(5)
حلية الأولياء 2: 220.
قال: وأخبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْد اللهِ بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن أَبِيهِ، عن الرَّبيْع بن أنَسٍ، عن أبي العَاليَة في قَوْله {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}
(1)
، قال: لا تأخُذ على ما عَلَّمْتَ أجْرًا، فإنَّما أجْرُ العُلَمَاءِ والحُكَمَاءِ والحُلَماءِ على الله عز وجل، وهُم يَجدُونَهُ مَكْتُوبًا عندَهُم في التَّوْراة: يا ابن آدَم، عَلِّم مَجَّانًا كما عُلِّمْتَ مَجَّانًا.
قال: لَفْظُ مُحَمَّد بن أيُّوب. ولَفْظُ عليّ بن الجَعْد، قال: مَكْتُوبٌ في الكتاب الأوَّلِ: ابن آدَمَ، عَلِّم مَجَّانًا كما عُلِّمْتَ مَجّانًا.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(3)
، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا رَوْح بن عُبَادَةَ، عن هِشَام بن أبِي عَبْدِ الله، عن جَعْفَر بن مَيْمُون، عن أبي العَاليَةِ، قال: سَيَأتي على النَّاسِ زمَانُ تَخْرب صُدُورهم من القُرآن، وتَبْلَى كمَ تَبْلَى ثِيابُهُم، ثمّ لا يَجِدُونَ له حَلَاوةً ولا لذاذَةً، إنْ قَصَّروا عمَّا أُمِرُوا به قالُوا:{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(4)
لنا، وإنْ عَمِلُوا ما نُهوا عنه قالُوا:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}
(5)
، أمْرُهم كُلُّه طَمَعٌ ليسَ معه خَوْفٌ، لَبسُوا جُلودَ الضَّأْن على قُلُوبِ الذِّئَابِ، أفْضَلُهُم في أَنْفُسِهم المُدَاهِنُ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا
(1)
سورة البقرة، من الآية 41، وسورة المائدة، من الآية 44، وورد في الأصل وفي الحلية: بآيات الله.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 181.
(3)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 474.
(4)
سورة الممتحنة، من الآية 12.
(5)
سورة النساء، من الآيتين 48، 116.
أبو نُعَيْم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة، عن لَيْث، عن عُثْمان، عن أبي العَاليَة، قال: قال لي أصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: لا تَعْمَل لغَير الله فيَكِلك اللهُ إلى مَنْ عَمِلْتَ له.
وقال أبو نُعَيْم
(2)
: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا رَوْح، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلْدَة، قال: كان أبو العَاليَة إذا دَخَلَ عليهِ أصْحَابه يُرحِّب بهم ثُمّ يَقْرأ {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}
(3)
؛ الآية.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن سَعيد بن الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُصْعب، عن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عن الرَّبِيْع بن أنَس، عن أبي العَاليَةِ، قال: إنَّ الله تعالَى قَضَى على نَفْسِهِ أنَّ مَنْ آمن به هَدَاهُ، وتَصْدِيقُ ذلك في كتاب اللهِ {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}
(5)
، ومَنْ تَوَكَّل على اللهِ كَفَاهُ، وتَصْدِيقُ ذلك من (a) كتاب اللهِ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
(6)
، ومَنْ أقْرَضَهُ جازَاهُ؛ وتَصْدِيقُ ذلك في كتاب اللهِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ}
(7)
، ومَنْ اسْتَجارَهُ من عَذَابهِ أجارَهُ؛ وتَصْدِيقُ ذلك في كتاب الله عز وجل {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}
(8)
، والاعْتِصَام: الثِّقَةُ باللهِ، ومَنْ دَعَاهُ
(a) حلية الأولياء: في.
_________
(1)
حلية الأولياء 2: 220.
(2)
حلية الأولياء 2: 221.
(3)
سورة الأنعام، من الآية 54.
(4)
حلية الأولياء 2: 221 - 222.
(5)
سورة التغابن، من الآية 11.
(6)
سورة الطلاق، من الآية 3.
(7)
سورة البقرة، من الآية 245، وسورة الحديد، من الآية 11.
(8)
سورة آل عمران، من الآية 103.
أجابَهُ، وتَصْدِيقُ ذلك في كتاب اللهِ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
(1)
.
وقال
(2)
: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَة بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بن زَيْدٍ (a)، عن سَيَّارٍ أبي المِنْهَال (b)، قال: رأيْتُ أبا العَاليَةِ يتَوَضَّأ، فقُلتُ:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
(3)
، قال: ليسَ المُتَطهِّرين من الماء ولكن المُتَطهِّرين من الذُّنُوب (c).
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(4)
، قال: قال أحْمَد بن مَنِيع: حدَّثَنَا أبو قَطَن، قال: حَدَّثَنا أبو خَلْدَة، عن أبي العَاليَة أنَّهُ ماتَ في شَوَّال يَوْم الاثْنَين سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين.
رَمَضَانُ بن صَاعِد بن أحْمَد بن عليّ، أبوْ الفَضْل بن أبي الفَتْح بن أبي الفَضْل الضَّرِيْرُ القُرَشِيُّ الآمِدِيُّ، ويُلَقَّب بالضِّيَاء
(5)
شَاعرٌ مُحْسنٌ، عالِمٌ بالطِّبِّ والعَرَبِيَّة واللُّغَة والحِسَاب والمَنْطِق. قَدِمَ حلَبَ مِرَارًا مُمْتَدِحًا المُلُوك بني أَيُّوب، وكانَ مَوْلدُهُ بمَارِدِين، رَوَى شيئًا من شِعْر أبيه عنهُ.
(a) الأصل: ابن زيد، والمثبت من الحلية، وانظر ترجمته في الجرح والتعديل 3: 455، تاريخ بغداد 9: 404، تهذيب الكمال 9:63.
(b) الأصل: عن سيار عن أبي المنهال، والصواب المثبت كما في الحلية، فسيار بن سلامة الرياحي كنيته: أبو المنهال، ترجمته في الجرح والتعديل 4: 254، تهذيب الكمال 12: 308، تاريخ الإسلام 3:246.
(c) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أسطر، وكذا ثلثي الصفحة بعده.
_________
(1)
سورة البقرة، من الآية 186.
(2)
حلية الأولياء 2: 222.
(3)
سورة البقرة، من الآية 222.
(4)
التاريخ الكبير 3: 326.
(5)
توفي سنة 601 هـ.
رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة الله بن صَصْرَى، وخَرَّجَ عنهُ أبْيَاتًا من شِعْره في مُعْجَم شُيُوخه، ورَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الأصْبَهَانِيّ الكَاتِب، وذَكَرهُ في كتاب السَّيْل والذَّيْل الّذي ذَيَّلَ به كتابَ الخَرِيْدَة
(1)
.
وممَّا وَقَعَ إليَّ من شِعْره المُخْتَار: [من البسيط]
لولا اعْتِرَاضُ الهَوَى كَرْها لَمَا وُقَذا
…
ومنهُ في الطَّرْف دَمْعُ طَارِفُ وقَذَى
يا للرِّجَال ألذُّ الحُبّ أقْتَلُه إذًا
…
ومن عَجبَ أنْ يُسْتَلَذَّ أذَى
فيا عَذُوليَّ كُفَّا إنَّ أمْركُما
…
للعَاشِقين بما لا يُسْتَطَاعُ بَذَا
وإنَّما الحُبُّ دَاءُ لا دَوَاءَ لهُ
…
يعْطى الجنُونَ مَتَى عَقْلَ الفَتَى أَخَذَا
وأَسْعَدُ النَّاسِ جَدًّا من تجنَّبَهُ
…
ومَنْ عَلَائقَهُ عن قَلْبهِ نَبَذَا
قَرَأتُ في مُعْجَم أبي المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَةِ الله بن صَصْرَى الحافِظ، وشَاهدْتُه بخَطِّه، وأجَازَهُ لنا وَلَدُه أبو الغَنائِم سَالِم عنهُ، قال: رَمَضَان بن أبي المَعَالِي صَاعِد بن أبي الفَضْل الدِّيَار بَكْرِيّ الأدِيْبُ، أنْشَدَنا الشَّيْخُ الفَاضِل أبو الفَضْل لنَفَسِه من مَرْثِيَّةٍ:[من الطويل]
قُلُوبُ الوَرَى من خِيْفَةِ البَيْنِ تَخْفِقُ
…
وآمَالُهُمْ أنْ يَحْيَوا الدَّهْرَ تُخْفِقُ
وإنَّ اغْتِرَارَ المَرْءَ بالعَيْشِ بَعْدَما
…
تيقَّن أنَّ المَوْتَ لاقيهِ مُوْبق
وما العُمْرُ إلَّا سَاعةُ ثُمَّ تَنْقَضِي
…
فكُلُّ جَدِيدٍ بالجدَيدَيْنِ يَخْلَقُ
وعَيْشُ الفَتَى كالطَّرفِ يَطْرفُ مرَّةً
…
وَمَرْآهُ في دُنْياهُ كالطَّيْفِ يَطْرفُ
وشِيْمَةُ هذا الدَّهْرِ إشْمَاتُ حَاسِدٍ
…
وتَشْتِيْتُ مَلمُومٍ ونَأيٌ مُمَزِّقُ
أَجَل كُلُّ حَيٍّ ما خَلَا الله حَائِنٌ
…
لَهُ أجَلُ عاداتُهُ ليْسَ تَخْرَقُ
(1)
السيل والذيل، ورقة 80 أ - 80 ب.
وكُلُّ أَليْفٍ سَوْفَ يُحْزِنُ فَقْدُهُ
…
وكُلُّ اجْتِمَاعٍ يَعْتَرِيهِ التَّفَرُّقُ
قال ابنُ صَصْرَى: والقَصِيدَةُ أطْوَل من هذا أنْشَدناها بَتَمامِها.
قَرأتُ بخَطِّ عِمَاد الدِّين أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِب الأصْبَهَانِيّ في كتاب سَيْل الجَرِيْدَة وذَيْل الَخَرِيْدَة
(1)
، وأخْبَرَنَا به إجَازَةً عنه أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر القُرْطُبيِّ وغيرُه، قال: رَمَضَانُ بن صَاعِد بن أحْمَد القُرَشِيّ، ذِكْر أنَّ مَوْلدَهُ بمَارِدِين، ويُنْعَت بضِيَاءَ الدِّين الضَّرِيْرِ، الآمِدِيّ الدَّار والمَنْشَأ، شَبَابٌ من أهْلِ الأدَب، مَكْفُوف البَصَر، كافي البَصِيْرَة، عَدِيم النَّظِير والنَّظَر، إنْ غاضَ قليْبُ عَيْنِه، فقد فاضَتْ عَيْن قَلْبهِ، أو كَبَا طِرْف طَرْفه، فقد جَرَى قَارِح قَرِيْحتِه بطَرَائف تَفُوق في الأفق لَمائع شُهْبِه (a).
وَفَدَ إلى دِمَشْق في آخر ذِي الحِجِّةِ سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وحَضَرتُ إِنْشَادَهُ قَصِيْدَتَيْن للمَلِك النَّاصِر في دفْعَتنِ (b) ، وَأببَتُّ منها ما فيه رُوْح ورَوْح، وضوَّعتُ عَرْصَةَ كتابي الفَيْحَاءَ من عِطْره ممَّا له فَوْحٌ، فالقَصِيدَةُ الأُوْلَى من نَظْمه قَصَدَ بها أُسْلُوبَ أبي نُوَاسٍ في كَلِمَته
(2)
: [من الطّويل]
أجَارَةَ بَيْتَيْنا أبُوكِ غَيُورُ
وما تعرَّضَ لمُعَارضَةِ الفُحُول إلَّا من عَرَّض نَفْسَهُ لمُحَاولةِ الوحُول، وعارضَ السِّمْنَ بالنُّحُول، والمُخْصِب بالمُحول، ومَطْلعُها:[من الطّويل]
تَذَكَّرَ نَجْدًا والمُحبُّ ذَكُورُ
…
فللشَّوقِ في الأحْشَاءِ منهُ زَفِيْرُ
(a) قوله: "بطرائف تفوق في الأفق لمائع شهبه" لم يرد في مخطوطة السيل.
(b) من هنا حتَّى مطلع القصيدة التي أولها: "وقائلة" لم يرد في مخطوطة السيل، ولم يورد من هذه القصيدة سوى الأبيات الثلاثة الأوّلى وسقط منه بقية النقل إلى آخره.
_________
(1)
السيل والذيل 80 أ.
(2)
ديوان أبي نواس 373، وعجزه: وميسور ما يُرْجى لديك عَسيرُ.
غَرِيمُ غَرَامٍ مُنْجدِ القَلْبِ مُتْهمٍ
…
عَزِيزُ الهَوَى فالدَّمْعُ منْهُ غَزِيْرُ
إذا ما رَجَا بَرْدَ الصَّبَابَةِ بالصَّبَا
…
تَضَرَّم منها في الفُؤَادِ سَعِيْرُ
كَئيْبٌ كأنَّ العِشَقَ يعْشَقُ قَلْبَهُ
…
فلا هَجْرَ إلَّا أنْ يكُونَ نُشُورُ
أبَى سَمْعُه لَوْمَ اللَّوَائمِ في الهَوَى
…
فما يُضْمِرُ السّلوانَ منهُ ضَمِيرُ
ومنها:
وقَائِلَةٍ والعِيْسُ تُرْحَلُ للسُّرَى
…
أما دونَ مِصْرٍ للرَّجَاءِ مَصِيْرُ
فقُلْتُ لها والعَيْن (a) تَسْبِق دَمْعُها
…
مَقَالِيَ إنِّي بالرَّحِيْل جَدِيرُ
إلى مَلِكٍ لَم يُنْتِج الدَّهْرُ مثلَهُ
…
وتُعْقَمُ (b) من بَعْدِ الدُّهور دُهُورُ
أَغَيْرُ صَلاحِ الدِّين في الأرْضِ يُرْتَجَى
…
جَوادٌ وهل يُغْني غَنَاهُ أميرُ
إلى النَّاصِر المَلكِ المَكَارِمُ تُعْتَزَى
…
فَتًى ما لَهُ في الأكْرَمِيْن نَظِيرُ
فَتَى مالُهُ للمُعْتَفين وما لَهُ
…
بِهِ غير ذِكْرٍ في البِلادِ يسَيْرُ
ومنها؛ ويَذْكُر البِلاد الّتي في طَرِيْقهِ:
إليكَ قَطَعْنَا كُلَّ أرْضٍ كأنَّها
…
صَحَائفُ تُطْوَى والرِّكابُ سُطُورُ
أخَذَهُ من قَوْل ابن صُرْدُر
(1)
: [من الطّويل]
صَحَائفُ مُلْقاةٌ ونحنُ سُطُورها
على ضُمَّرٍ قُوْدٍ كأنَّ رُؤُوسَهَا
…
عُلُوًّا على هامِ الرِّجالِ قصورُ
رَحَلْنَ بنا من مَارِدِين وقد بَدَا
…
من الصُّبْحِ مثل الوَجْهِ منْكَ مُنِيْرُ
(a) الأصل: والعيس، والمثبت عن مخطوطة السيل.
(b) السيل: ويعقم.
_________
(1)
هكذا سماه ابن العديم وجود اسمه، ويرد في بعض المصادر أنَّه: صَرَّدُر؛ لقب لا وليس لأبيه، وانظر بيت الشعر في ديوان صردر (القاهرة: مكتبة الخانجيّ، 2008 م)، 78، وصدره: وقفنا صفوفًا في الديار كأنها.
فمَا وَاجَهَتْنا الشَّمْسُ حتَّى أحَلَّنَا
…
سُمَيْسَاطَ من شَطِّ الفُرَاتِ عُبُورُ
ولمَّا أتَتْ رعْبَانَ أفْرَخَ رُعْبُنا
…
وهُنَّ بنا عن تلِّ باشَرَ زُوْر
إلى حَلَبٍ أُوْرثْتَ كُرْسِيَّ مُلْكها
…
وقد أصبحَتْ شَوْقًا إليك تَمُورُ
فلم نَسْقِها نَشْحًا إلى أنْ رعتْ حِمَى
…
حَمَاةَ ونِيْرانُ الشِّهَاب تنيرُ
يعني: شِهَاب الدِّين الحَارِمِيِّ.
فأصْبَحْن بالعَاصِي يَرِدْنَ زُلَالَهُ
…
وأمْسَيْن في حِمْصٍ لهُنَّ نفُورُ
تَيَمِّمْنَ بالرُّكبَانِ جنَّةَ جِلّقٍ
…
ونحنُ إلى المَلِكِ المُعَظَّمِ صُورُ
إليكَ صَلاح الدِّين سَارَتْ رَكَائبي
…
ولَوْلَاكَ لم يعْلُ الرَّكائب كُورُ
فدونَك بنتَ الفِكر عَذْرَاء دُوْنَها
…
أجارَةَ بَيْتَيْنَا أبُوك غَيُورُ
وإنَّ ابن هَانِئ دُوْنَ نَاظِمِ درّها
…
بَصِيْرٌ بنظْم الدُّرِّ وهو ضَرِيرُ
قال: ومَطلع القَصِيدَة الأُخْرى من نَظْمه: [من البسيط]
أَهْدَتْ إلى الصَّبِّ أنفاسَ الصَّبَا وصَبَا
…
فحنَّ شَوْقًا إلى عَصْر الصِّبَا وَصَبَا
وعَادَهُ في نَسِيْم الرِّيحِ رَائحةٌ
…
للغَوْرِ رَائحةً هَاجَتْ له طَرَبًا
فغَاض من صَبْره ما فاضَ تَسْليةً
…
وفَاضَ من دَمْعِهِ ما غاضَ وانْسَكَبا
وكاد يقْضِي لذكرِ الجزعِ من جَزَعٍ
…
أيَّامَ لم يقضِ من أحْبَابِهِ أَرَبا
إذ شام برقًا لذكرِ بالشَّام حين خَبَا
…
أبْدَى من الوَجْدِ ما كان الضَّميرُ خَبَا
وفي كَئِيْبِ الحِمَى لو أنَّهُ كَثَبٌ
…
لعَاشِقٍ شِعْبُ شَملٍ باتَ مُنْشَعِبَا
سَقَى الحَيَا عَهْدَ ذاك الحِيِّ إن لَهْ
…
عندِي عهُودَ هَوَى لم أَنْسَهَا حِقَبَا
أيَّامَ أشْرَبُ كأسَ الحُبِّ تُمْثِلُنيٍ
…
عِشْقًا وألْثَمُ من كأس اللَّهَا الحَبَبا
وأجْتَني ثَمراتِ الوَصْلِ يَانعةً
…
ولا أُراقبُ إذا أَجْنِي على الرُّقَبَا
وللظّبَاءِ بذاكَ الرَّبعِ مُرْتَبِعٌ
…
وللهَوَى من فُنُون اللَّهْو ما طُلِبَا
حيثُ البدُورُ بهِ تَلْقاكَ بَادِرةً
…
إليكَ سَاحبةً من خُمْرِها سُحُبَا
من كُلِّ بَيْضاءَ كالبَيْضَاءِ تُشْرقُ أو
…
سَمْرَاء كالصَّعْدةِ السَّمْرَاء مُنْتَصَبا
هِيْفُ القدُودِ لها يَهْفُو الحَلِيمُ إذا
…
أبْدَتْ نَقائبَ تُخْفي نورُها النُّقُبَا
ومنها في المَخْلَص:
فَدَعْ هَوَى دَعْدٍ المَهْوي فلَسْتَ ترى
…
منه نَصِيبَكَ إلَّا الذُّلّ والنَّصَبا (a)
وحَاوِلِ الشَّرَفَ الأعْلَى فشَرُّ فَتَىً
…
رَاضٍ يدون عَلاءٍ نَيلُهُ صَعُبَا
إنَّ العُلَا في العَوَالي السُّمْرِ مُشرَعَةً
…
والعِزُّ في البيْضي تفْرِي البَيْضَ واليلَبَا
صُيَّرن للنَّصْر أسْبَابًا وصُيَّر للأ
…
رْزَاق كفُّ المَلِيْك النَّاصِر السَّبَبَا
لا مُلْكَ في الأرْض إلَّا مُلْكُ مِصْرَ ولا
…
سُلْطانَ إلَّا صَلاحُ الدِّين مُنْتَدِبا
النَّاصِرُ الحَقَّ لمَّا قَلَّ ناصِرُه
…
والضَّابِطُ الأمرَ لمَّا مَاجَ واضْطَرَبا
هو الّذي ظَهَرتْ بالعَدْلِ آيتُهُ
…
فاخْتَاره اللّهُ للإسْلَام وانْتَخَبَا
ذو الزُّهْدِ في الذَّهَب المَرْغوب فيه وفي
…
غير الّذي يَرْتضِي الرَّحْمن ما رَغِبَا
إذْهَابُهُ لاقْتنَاءِ المَجْد شِيْمَتُهُ
…
لا يَقْتَنِي المَجْدَ من لا يُذْهِبُ الذَّهَبا
ومنها:
مَلِكٌ يَرَى أنَّ جَمْعَ المالِ يُفْقرُه
…
وأنَّ تَفْرِيقَهُ يُغْنِيهِ لا النَّشَبَا
كأنَّ سَائلَهُ يَوْمَ العَطَاءِ وقَد
…
أغْنَاهُ وَاهِبُهُ المالَ الّذي وَهَبَا
مَحْضُ الضَّرِيبةِ مَيْمُونُ النَّقِيْبةِ مَنْصُـ
…
ــورُ الكَتِيْبَةِ يُرْضِي اللّهَ إنْ غَضِبَا
مَاضِي العَزِيْمَةِ فرَّاج العَظِيمَة وَهَّا
…
ب الغَنِيْمَة جُوْدًا يَفْضَحُ السُّحَبَا
صافِي السَّريْرة مَصْقولُ البَصِيْرة مَمْـ
…
ــدُوحُ العَشِيْرَة بَادِي الفَخْرِ إنْ نُسِبَا
يا مُخْجِلَ البَدْرِ حُسْنًا والحَيَا كَرَمًا
…
والطَّوْدِ حلمًا ولَيْثِ الغَابِ إنْ قَطَبَا
(a) في الأصل: الحربا، وضرب عليه، وأدرج المثبت.
مُذْ غبْتَ زُلْزِلَتِ الأمْصَارُ واضْطَرَبت
…
خَلْفًا وقد مُلِئَتْ أقْطَارُها رُعُبا
فُمذْ قَدِمْتَ مَلأتَ الأرْضَ من كَرَمٍ
…
وهَيْبَةٍ كشَفا عن أهْلِها الكُرَبا
كم حَمْلةٍ في أهْلِ الصَّلِيب بها
…
صَارَتْ رِمَاحُكَ فيهم تُشْبِهُ الصُّلُبا
لن يَكْمُلَ الملْك أو تَجْتَثَّ دَابرَهُمْ
…
ويأذنَ اللّهُ أنْ تُسْتَأنِفَ الغَلَبَا
وتَفْتَحَ المَسْجِدَ الأقْصَى بمعشَرك الأَدْ
…
نَى ونَصْرٌ وفتحٌ منه قد قَرُبَا
فاجْعَل مَفَاتِيْحَه البِيْضَ الصَّوَارِمَ
…
والزُّرقَ اللّهاذمَ والخَطِّيَّةَ السُّلُبا
ونَاجِه بمَجَانِيْقٍ مُخَاطِبَةً
…
تَتْلُو على سُوْرِهِ من فَتْحِه خُطَبَا
لا تَعْزِمَنَّ بغيرِ السَّيْف خطيَتَهُ
…
فالمُلْكُ بالسَّيْفِ والدُّنْيا لمَنْ غَلَبَا
فجرِّد البِيْضَ واجْعَل أهْلَهُ جزُرًا
…
وأوْقدِ النَّار واجْعَلُهمْ لها حَطَبَا
واسْمَع غَرِيْبَ مَديْحٍ غير مُنْتَحلٍ
…
من مُعْرِبٍ غير مَعْدُودٍ من الغُرَبا
صِفَاتُ مَجْدك لا تَفْنَى فإنْ تَكُ قد
…
أَعْيَتْ على خَاطِري حَصْرًا فلا عَجَبَا
قال العِمَادُ الكَاتِبُ
(1)
- وذَكَرَ وَالدهُ أبا المَعَالِي صَاعِد بن أحْمَد بن عليّ الكَاتِب -: أنْشَدَني رَمَضَان - وَلَدُه - قال: كَتَبَ إليَّ [وَالدِي](a) وأنا بحَلَب: [من الكامل]
يا أيُّها الوَلَدُ المُهَذَّبُ دَعْوَةً
…
من وَالدٍ أوْدَتْ بهِ أشْوَاقُهُ
أَفديكَ من وَلدٍ لنا مُتَطِلِّبٍ
…
عَقًّا وأمْرَضَ وَالِدَيْهِ فِرَاقُهُ
قال
(2)
: فكَتبتُ إليهِ في جوابه: [من الكامل]
أَفْدي الّذي أهْدَى إليَّ كتَابَهُ
…
مَوْصُوفَةً في ضِمْنِه أشْوَاقُهُ
فكأنَّ بَهْجَةَ خطِّهِ صَفَحاتُهُ
…
وكأنَّ رقَّةَ لَفْظِه أخْلَاقُهُ
(a) إضافة من كتاب السيل.
_________
(1)
السيل والذيل ورقة 80 ب.
(2)
لم يرد في مخطوطة السيل.
وكأنَّنِي لمَّا فَضَضْتُ لطيمَتَيْ
…
نَظْمٌ ونَثْرٌ شَابَهَا إشْفَاقُهُ
يَعْقُوبُ حين أتتْهُ حُلَّةُ يُوسُفٍ
…
أو كالسَّلِيم أبَلَّهُ تُرْيَاقُهُ
قَرَأتُ في بَعْضِ تَعَالِيْقي من الفَوَائِد: أنَّ رِضْوَان بن صَاعِدٍ قيل إنَّهُ تُوفِّي سَنَة إحْدَى وستِّمائة بآمِد.
رُؤْبَةُ بن العَجَّاج - واسْمُ العَجَّاج: عَبْد اللهِ - ابن رُؤْبَة بن صَخْر
(1)
بن كُنَيْف بن عُمَيْرة بن حُنَيّ (a) بن رَبِيْعَة بن سَعْد بن مَالِك بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم، أبو الحَجَّاف - وقيل: أبو العَجَّاج - ابن أبي الشَّعْثَاءِ التَّمِيْمِيّ، الرَّاجِز ابن الرَّاجِز
(2)
وكان رُؤْبَة من أعْرَاب البَصْرَة من المُخَضْرَمِين، وكان بَلِيْغًا فَصِيحًا، سَمِعَ أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه، وأباهُ العَجَّاج، ودَغْفَل بن حَنْظَلَة النَّسَّاب البَكْرِيّ.
(a) مهملة في الأصل، وإعجامه بالنون من جمهرة أنساب العرب لابن حزم 215 وتاريخ ابن عساكر 18: 212 والعبر لابن خلدون 4: 175، وجاء في بعض نسخ جمهرة ابن حزم بالياء: حُيي.
_________
(1)
ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 215، والوافي 14: 147 والعبر لابن خلدون 4: 175: رؤبة بن لبيد بن صخر، تاريخ ابن عساكر 18: 212، ومعجم الأدباء 3: 1311 ابن أسد بن صخر.
(2)
توفي سنة 145 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 2: 738، 761 - 767، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 37 وما بعدها (وانظر فهرس الأعلام 4: 295، وفيه الإحالة على مواضع كَثِيْرة)، الشعر والشعراء لابن قُتَيبة 297 - 300، تاريخ الطبريّ 6: 547، الآمدي: المؤتلف والمختلف 121، البيان والتبيين 1: 37 وفي غيرها (انظر فهرس الأعلام)، البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 92، المسعودي: مروج الذَّهب 2: 274 (شعر في الجنّ)، العقيلي: الضعفاء الكبير 2: 64 - 65، الثّقات لابن حبَّان 6: 310، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1040 - 1043، النديم: الفهرست 1/ 2: 495، 509، الجرح والتعديل 3: 521، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 215، الأغاني 20: 220 - 227، الموشح للمرزباني 256 - 257، الخطيب البَغْدَادي: المتفق والمفترق 2: 952 - 954، تاريخ ابن عساكر 18: 212 - 228، ابن الجوزي: المنتظم 8: 188 (أرخ وفاته سنة 156 هـ)، مُعْجَم الأدباء 3: 1311 - 1312، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 156، وفيات الأعيان 2: 303 =
رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عَبْدُ اللّه، والنَّضْر بن شُمَيْل، وأبو عُبَيْدَة مَعْمَرُ بن المُثَنَّى، وأبو زَيْد الأنْصَاريِّ، وأبو عَمْرو بن العَلَاء، وأبو زَيْد الأنْصَاريّ، وعُثْمان بن الهَيْثَم، وخَلَف الأحْمَر، ويُونُس بن حَبِيْب، والعَلَاءُ بن أسْلَم ابن أخي العَلَاء بن زِيَاد، والكُمَيْتُ بن زَيْد، والطِّرِمَّاح بن حَكِيم، وأبو عُبَيْدَة الحَدَّادُ، وأبو الضَّحَّاك العُقَيْلِيّ، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان.
وكان في عَسْكَر سُليْمان بن عَبْد المَلِك في بعضِ غَزَواته الرُّوم.
أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن قُشَام، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن الحَافِظ أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن العَطَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنَا أَبُو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بن مَنْجوَيْه، قال: أخْبَرَنَا الحَاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفر بن رُمَيْسِ القَصْريّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مُحَمَّد بن أَعْيَن المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة معْمَر بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا رُؤْبَةُ بن العَجَّاج أنَّ أباهُ لَقِيَ أبا هُرَيْرَة - قال أبو عُبَيْدَة: وأظُنُّه كان شَهِدَ لذلك، يعني رُؤْبَة أنَّهُ كان شَهِدَهُمَا - فقال له: هل تَرَى بهذا بأسًا
(2)
: [من الرجز]
طَافَ الخيالَان فهَاجَا سَقَمَا
خَيال تُكْنى وخَيال تُكْتَمَا
= 305، تاريخ الإسلام 3: 861 - 862، سير أعلام النبلاء 6: 162، ميزان الاعتدال 2: 56، الوافي بالوفيات 14: 147 - 149، ابن خلدون: العبر 4: 175، تهذيب التهذيب 3: 290 - 291، تقريب التهذيب 1: 253، لسان الميزان 2: 464 - 465، شذرات الذَّهب 2: 221، خزانة الأدب 1: 89 - 92، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 334 - 338.
(1)
الأسامي والكنى لأبي أحْمَد الحاكم 3: 151 - 152.
(2)
ديوان رؤبة 3: 57، ووردت الأبيات فيه ضمن أراجيز والده العجاج، ونسبها الأصفهاني لرؤبة (الأغاني 20: 221).
قامت تُريكَ رهبة أنْ تُصْرَما
سَاقَ بخَنْداة وكَعْبًا أدْرَما
فقال أبو هُرَيْرَة: كُنَّا نُسَافِر مع رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فنُحْدَى بمثل هذا.
هكذا رَوَاهُ يَحْيَى بن أَعْيَن عن أبي عُبَيْدَة.
وقد رَوَاهُ أبو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ، ومُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ، عن أبي عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى، عن رُؤْبة، عن أَبيِهِ، عن أبي هُرَيْرَة، ولَم يَذْكُر أبو عُبَيْدَة في هاتين الرِّوَايتَيْن أنَّ رُؤْبَة يَهِدَ أبا هُرَيْرَة.
فأمَّا رِوَايَة أبي حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ عن أبي عُبَيْدَة؛ فأخْبَرَنا بها أبو الفَضْل ذَاكِرُ بن إسْحَاق بن المُؤيَّدِ الهَمَذَانيِّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّةِ، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل عَبْدُ السَّلامِ بن أبي الفَرَج بن مَكِّيّ الهَمَذَانيِّ بأبَرْقُوة، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه بن شَهْرَدَار الدَّيْلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر البَيِّعُ، قال: أخْبَرَنا أبو غَانِم حُمَيْد بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عبد الرَّحْمن أبو بَكر الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحمّد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن المُسَيَّب بن إسْحَاق، قال: حدَّثَنَا أبو حَاتِم المُقْرِئ سَهْل بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا ابن المُثَنَّى أبو عُبَيْدَة وهو مَعْمَر، قال: حَدَّثَني رُؤْبَةُ بن العَجَّاج، عن أَبِيهِ، قال: أنشَدْتُ أبا هُرَيْرَة
(1)
: [من الرجز]
طَافَ الخَيالَانِ فهَاجَا سَقَمَا
خَيالُ تُكْنَى وخَيالُ تُكْتَمَا
بَاتَا يَجُوسَان أُناسًا نُوَّما (a)
سَاقًا بخَنْداةً وكَعْبًا أدْرَمَا
(a) الديوان: وقد تجرَّما.
_________
(1)
ديوان العجاج 1: 399، 402.
قال: فقال أبو هُرَيْرَة: كُنَّا نُنْشِد على عَهْد رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مثْلَ هذا فلا يُنْكِر علينا.
وأخْبَرناهُ عَاليًا أبو مُحَمَّد عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاءِ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم حَمْزَة بن يُوسُفَ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيٍّ الحَافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا ابن صَاعِد وابن حَمَّاد، قالا: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم سَهْل بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَةَ مَعْمَر بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا رُؤْبَة بن العَجَّاج، عن أَبِيهِ، قال: أنْشَدتُ أبا هُرَيْرَة
(2)
: [من الرجز]
طَافَ الخَيالَان فهَاجَا سَقَمَا
خَيالُ تُكْنَى وخَيالُ تُكْتَمَا
قامت تُريكَ رهبةً أنْ تُصْرما
سَاقًا حفْنَداةً (a) وكَعْبًا أدْرَمَا
فقال أبو هُرَيْرَة: كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُنْشَدُ بينَ يَدَيْهِ مثْلُ هذا فلا يُنْكرُهُ.
وأمَّا رِوَايَة مُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ
(3)
، عن أبي عُبَيْدَة؛ فأخْبَرَنا بها الشَّريفُ افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْدِ المُطَّلِب الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنَا تاجُ الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن كَامِل بن دَيْسَم بن مُجَاهِد المَقْدِسِيّ الأَمِينُ، بقِرَاءَتي عليه بدِمَشْق، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن
(a) الديوان وابن عدي: بخنداة.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1040.
(2)
ديوان العجاج 1: 399، 402.
(3)
لم ترد في تَرْجَمَتِه من كتاب طبقات فحول الشعراء.
عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ الحافِظُ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللّه بن أحْمَد بن إسْحَاق الحافِظ بأصْبَهَان، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أَيُّوب الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يَحْيَى ثَعْلَب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَلَّام الجُمَحِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثَني رُؤْبَة بن العَجَّاج، عن أَبِيهِ، قال: أنْشَدتُ أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه
(2)
: [من الرجز]
طَافَ (a) الخيَالَان فهَاجَا سَقَمَا
خَيالُ تُكْنَى وخَيالُ تُكْتَما
قَامت تُريكَ خَشْيَةً أنْ تُصْرما
سَاقًا بخَنْداةً وكَعْبًا أدْرَمَا
فقال - يعني أبا هُرَيْرَة -: كُنَّا نُنْشِدُ مثل هذا على عَهْد رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فلا يُعابُ علينا.
وتَابَع عُثْمان بن الهَيْثَم أبا عُبَيْدَة فرَوَاهُ عن رُؤْبَة، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيْرَة مثْلَهُ؛ أخْبرناهُ أبو هاشِم الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنَا السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد ظَفَر بن عليّ بن حَمْد بن العبَّاسِ الهَمَذَانيّ بها، قال: أخْبَرَنَا فَيْدُ بن عبد الرَّحْمن بن شَاذِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن شُعيْب بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو زُرْعَة أحْمَد بن الحُسَين بن عليّ الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر حَفْص بن عُمَر بن يَزِيد الحَبَطِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا رُؤْبَة بن العَجَّاج، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: دَخَلْتُ
(a) في الأصل: طافا، وفوقه "صـ".
_________
(1)
أخرجه الحَافِظ البَغْدَادي في تاريخه 14: 197 من طريق عبد الله بن حرب الليثي عن أبي عُبَيْدَة، وفي كتابه المتفق 2: 952 من طريق المروزي عن أبي عُبَيْدَة، وقول أبي هريرة عقبه فيهما:"كان يحدى بنا بنحو هذا".
(2)
ديوان العجاج 1: 399، 402.
مَسْجِد المَدِيْنة (a) فإذا أبو هُرَيْرَة عليهِ فئَامٌ
(1)
من النَّاس، فقُلْتُ: هكذا أفْرِجُوا (b) عن وَجْههِ، قُلتُ: أصْلَحك اللّهُ، إنِّي أقُول مثل هذا: طَافَ الخيَالَان، وذَكَرَ مثْلَهُ.
وقد تَابَعهما يُونُس بن حَبِيْب؛ فرَوَاهُ عن رُؤْبَة، عن أَبِيِه، عن أبي هُرَيْرَة، إلَّا أنَّهُ خَالَفهما في أنَّ حَاديًا حَدَا بهذا الشِّعْر بين يَدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أخْبَرَنَا بذلك عَبْدُ البَرّ بن أَبي العَلَاء في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن عَبْد اللّه بن عليّ بن إبْرَاهيم بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن عَبْدِ اللّه بن عُبَيْدِ اللّه (c) بن عُمَر بن الخَطَّاب المَوْصِلِيّ، قال: حدَّثَنَا عُمَر بن شَبَّة أبو زَيْد، قال: حَدَّثَنِي أبو حَرْب البُنَانِيّ؛ رَجُلٌ من حِمْيَر من آل حَجَّاج بن بابٍ (d)، قال: حَدَّثَنَا يُونسُ بن حَبِيْب، عن رُؤْبَة بن العَجَّاج، عن أَبيِهِ، [عن](e) أبي الشَّعْثَاء، عن أبي هُرَيْرَة، قال: كُنَّا مع رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ وحَادٍ يَحدُو
(3)
: [من الرجز].
طَافَ الخيَالَان فهَاجَا سَقَمَا
خَيالُ تُكْنَى وخَيال تُكْتَما
قَامت تُريكَ خَشْيَةً أنْ تُصْرَما
سَاقًا بخَنْداةً وكَعْبًا أدْرَمَا
(a) الأصل: الحديقة، والتصويب من كتاب المتفق والمفترق للخطيب البَغْدَادي 2:953.
(b) الأصل: أفرخوا، ولا معنى له في هذا السياق.
(c) ابن عدي: عبد اللّه.
(d) مهملة الأوّل في الأصل، والإعجام من ابن عديّ، وفي تاريخ ابن عساكر: ثابت.
(e) إضافة من كتاب الكامل لابن عديّ، وأبو الشعثاء هو جابر بن زيد الأزدي.
_________
(1)
الفئام: الجماعة من النَّاس، والعامة تقول: فِيام. لسان العَرَب، مادة: فام.
(2)
الكامل لابن عدي 3: 1040 - 1041، وانظر تاريخ ابن عساكر 18:214.
(3)
ديوان العجاج: 399، 402.
والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يُنْكِرُ ذلك.
قال ابنُ عَدِيّ
(1)
: قال أبو زَيْد: وهذا خَطَأٌ لأنَّ الشِّعْر للعَجَّاج، والعَجَّاجُ إنَّما قال الشِّعْر بعدَ مَوْت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بدَهْرٍ طَوِيْل، إلَّا أنَّ أبا عُبَيْدَة قال: قد قال العَجَّاجُ من رَجَزهُ في الجَاهِلِيَّة.
وقال ابنُ عَدِيّ
(2)
: حَدَّثَنَا ابن حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنِي صَالِح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنِي عليّ، قال: قال يَحْيَى بن سَعِيد: دَعْ رُؤْبَة بن العَجَّاج، قُلتُ: كيف كان (a)؟ قال: أمَا إنَّهُ لَم يَكْذب، إنَّمَا أراد به رِوَايتَهُ عن أَبِيهِ، قال: أنْشَدتُ أبا هُرَيْرَة
(3)
: [من الرجز]
طَافَ الخيَالان فهَاجَا سَقَمَا
لأنَّهُ لا يَرْويهِ عن رُؤْبَة إلَّا أبو عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى؛ تَفَرَّدَ بهذا الحَدِيْث، ولا يُعْرف هذا من غير رُؤْبَة (b).
وقد بيَنا رِوَايَة عُثْمان بن الهَيْثَم ويُونُس بن حَبِيْب لهذا عن رُؤْبَة، والعَجَب من ابن عَدِيّ أنْ يقُول ذلك، ثمّ يُوْرد حَدِيث يُونُس بعدَهُ.
أنْبَأنَا عَبْد البَرِّ، قال: أخْبَرَنَا البَرْمَكِيُّ، قَال: أخْبَرَنَا الإسْمَاعِيْلِيّ، قال: أخْبَرَنَا السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا ابن عَدِيّ
(4)
، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن إسْحَاق بن إبْراهيم بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن أبي سَعْد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق السَّهْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَة الحَدَّاد، قال: حَدَّثَنَا رُؤْبَة بن العَجَّاج، عن أَبِيهِ، عن أَبِي هُرَيْرَة، قال: السِّوَاكُ بعد الطَّعَام يُذْهب وضَر (c) الأسْنَان.
(a) لم ترد في نشرة كتاب الكامل لابن عدي.
(b) ابن عدي: لأن رؤبة يعرف بهذا الحَديث ولا يعرف سندًا غيره.
(c) ابن عدي: وظر.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 1041.
(2)
الكامل 1040:3.
(3)
ديوان العجاج 1: 399.
(4)
ابن عدي: الكامل 3: 1042.
قال ابنُ عَدِيِّ
(1)
: كَذَا قال في الإسْنَادِ: أبو عُبَيْدَة الحَدَّاد! وعندي أنَّهُ مَعْمَر بن المُثَنَّى كما روَى (a) حَدِيث طَافَ الخيَالَان أبو عُبَيْدَة مَعْمَر، وأبو عُبَيْدَة الحَدَّادُ اسْمُه: عَبْد الوَاحِد بن وَاصِل.
قال ابنُ عَدِيٍّ
(2)
: ولا يُعْلم (b) لرُؤْبَة مُسْنَدًا إلَّا ما ذَكَرتُ، والّذي أشَار يَحْيَى القَطَّان فقال: أمَا إنَّهُ لم يَكْذب، يعني: في هذا الحَدِيْث، وإذا لَم يكُن له إلَّا حَدِيثٌ واحدٌ، والحَدِيْثُ مُحْتَمل فيما كان يُحْدَى بين رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم بالشِّعْر، لم يكُن بِرِوَايتِهِ بأس.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(3)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر القُرْطُبِيّ، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْرَاهِيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاء بن نَظِيفٍ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(4)
، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْرَاهِيم بن إسْحَاق الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ، قالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ: أنَّ أعْرَابِيًا لَقِى رُؤْبَةَ بن العَجَّاج فقال: ما اسْمُكَ؟ قال: رُؤْبَة مَهْمُوزة، فقال الأعْرَابِيُّ: واللّه لولا أنَّكَ هَمَزْتَ نفسَكَ لنَخَسْتُكَ (c). قال الحَرْبِيّ: وسَمِعْتُ الرِّيَاشِيّ يَقُول: الرُّوْبَة غير مَهْمُوزَة: النَّاسِبُ (d).
أنْبَأنَا أبُو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديُّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأَنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ إجَازَةً، عن أَبِي عُبَيْدِ اللّه
(a) ابن عدي: رواه.
(b) ابن عدي: أعلم.
(c) الدينوري: لتحسَّيتك، وجاءت في الأصل بإهمال الحرف الثاني، والمثبت من تاريخ ابن عساكر.
(d) ابن عساكر: الناسبة.
_________
(1)
الكامل 3: 1042.
(2)
الكامل 3: 1042.
(3)
تاريخ ابن عساكر 18: 215.
(4)
الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 395.
مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثَنِي أبو الحُسَين العبَّاس بن العبَّاس الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أبي سَعْدٍ الوَرَّاقُ، قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بن مُحَمَّد بن أَعْيَن المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبيدَة، قال: شَهِدْتُ شُبَيْلَ بن عَزْرَة الضُّبَعِيِّ أتَى أبا عَمْرو بن العَلَاء وعنْدَهُ يُونُس، فقال: إنِّي سَألتُ رُؤْبَة عن اسْمُه فلَم يَدْر من أين أُخِذَ، فغَضِبَ يُونُس، وقال: واللّهِ إنِّي لأظُنُّه أعْلَمُ بذلك من مَعَدّ بن عَدْنَان! فأنا أُخْبرك فيه بسَبْعِ (a) لُغَاتٍ: أوَّلهُنَّ مَهْمُوزةٌ، وهي من رَأبْتُ، من القِطْعَة الّتي يُرْأَبُ بها القدَحُ، والبَقِيَّةُ غير مَهْمُوزة، فمنهُنَّ: رُوْبَة، خَمِيرَة اللَّبَن، ورُوْبَة من النَّوْم، قال الشَّاعرُ
(1)
: [من المتقارب]
فألْفَاهُمُ القَوْمُ رُوْبَى نِيَامَا
وأعْطِني رُوْبَةَ فَرَسكَ وهو جَمَامُهُ، فإنَّهُ كان يَضْرِبه قبل ذلك، وتَقُول: بَقِيَتْ علينا رُوْبَة من اللَّيْل، وفُلَان لا يَقُوم برُوْبَتِهِ، أي بما هو فيه، كُلّ ذلك غير مَهْمُوز؛ غَيْرَ الأوَّل، قال: فغَضِبَ شُبَيْل (c) وقام، فقال أبو عَمْرو ليُونُس: ما أرَدْتَ إليهِ؟.
قال المَرْزُبانيّ: وأخْبَرَني عَبْدُ اللّه بن يَحْيَى العَسْكَريّ، عن أبي إسْحَاق الطَّلْحِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سُهَيْل عَبْدُ الله بن يَاسِيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو عُبيدَة أنَّ شُبَيْل بن عَزْرَة أتَى أبا عَمْرو بن العَلَاء وهو جَالِسٌ في دَاره وعندَهُ يُونُس، فقال: سَألْتُ رُؤْبَتكم هذا عن اسْمُه فلَم يَدْر ما مَعْناهُ! فقال له يُونُس: أأنْتَ سَألتَ رُؤْبَة (d) عن
(a) كذا في الأصل، ولعل صوابه: بست لغات، ليوافق ما بسطه بعده، ويوافق الرواية التالية أيضًا.
(b) الأصل: برويته.
(c) الأصل: شميل، وتقدم صحيحًا بالباء، ويأتي في السطر بعده على النحو الصَّحيح، وانظر الاشتقاق لابن دريد 119، 318، ومعجم الأدباء 3: 1412، وتهذيب الكمال 12:373.
(d) في الأصل: يونس، وضرب عليه، وأدرج بعده المثبت.
_________
(1)
هو بشر بن أبي خازم، انظر ديوانه 135 والأغاني 20: 220، وصدر البيت: فأما تميم تميم بن مرّ.
اسْمِه فلم يَدْر ما هو؟ واللّهِ ما كان مَعَدُّ بن عَدْنَان بأفْصَح من رُؤْبَة! وإنِّي لسْتُ كرُؤْبَة، أفَتَدْري ما رُؤْبَة ورُوْبَة حتَّى عدَّ ستًّا، فقام شُبَيْل فانْصَرَف، فقُلْنا: يا أبا عبد الرَّحْمن، فَسِّرْ لنا، قال: أمَّا رُؤْبَةُ مَهْمُورٌ فقِطْعَةُ الخشَب يُرْأَب بها القدَح إذا انْصَدَع، قال: أَعْطِنِي رُؤْبَةً أشْعَبُ بها قَدَحِي، وبهذه سُمِّي رُؤْبَة بن العَجَّاج، وكان إذا لَم يُهْمَز اسْمُه غَضِبَ، ويُقال: مَضَت رُوْبَةٌ من اللَّيْلِ، غير مَهْمُوز، وهي سَاعات اللَّيْل، ومنه قَوْل بِشْر بن أبي خَازِم
(1)
: [من المتقارب]
وأمَا تَمِيْمٌ، تَميْمُ بن مُرٍّ
البَيْت.
ويُقالُ: طَرِّقْني رُوْبَة فَرَسِكَ، غير مَهْمُوز، وهي جَمَامُهُ، ورُوْبَة اللَّبَنِ، غير مَهْمُوز، خَمِيرَتهُ الّتي تُطْرح فيهِ، ويُقال: إنَّ فُلَانًا لا يَقُوم بُروْبَتهِ إذا لَم يَقُم برباعَتهِ ورئاسَتِهِ، ويُقالُ: ما زَال على رُوْبَةٍ واحدة، غير مَهْمُوز.
قال المَرْزُبانيُّ: وحَدَّثَني عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر النَّحْوِيّ، قال: رُوِيَ عن يُونُس أنَّهُ قال: قلتُ لرُؤْبَة: لِمَ سَمَّاكَ أبُوكَ رُوْبَة؛ أرُوْبَة اللَّيْل، أم رُوْبَة الفَرَسِ، أم ورُؤْبَة القَدح، أم رُوْبَة اللَّبَن؟ قال: وهذا يَدُلُّ على صِحَّة قَوْل شُبَيْل (a) بن عَزْرَة في رُؤْبَة.
قال: وقد حُكِي أنَّ رُؤْبَةَ قال لشُبَيْل: واللّهِ ما أدْري لأيّها سَمَّاني؟ فهذا الّذي عَناهُ شُبَيْل في قَوْله: لَم يَدْر ما اسْمُهُ.
وقال المَرْزُبانيُّ: أخْبَرَني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاسِ الرِّيَاشِيّ، عن أَبيِهِ، عن الأصْمَعِيّ، قال: أقام رُؤْبَةُ بالبَصْرَة أرْبَعيْن سَنَةً لَم يتغيَّر لِسَانُه، فلمَّا ظَهَرَ إبْراهيم بالبَصْرَة، خَرَجَ إلى البَادِيَة هَرَبًا من الفِتْنَة، وقد كان تَأَلَّهَ فلم يَلْبَثْ
(a) الأصل: شُمَيل، تقدّم التعليق عليه.
_________
(1)
ديوان بشر بن أبي خازم 135، وعجزه: فألفاهم القرمُ روبى نياما.
أنْ جاءَ نَعِيُّه، قال: وكان آدَمَ، ضَخْمًا، أسْلَعَ
(1)
ليسَ في رَأسِهِ شَعرٌ إلَّا حِفَاف، وليسِ في فَمه إلَّا نابٌ واحدُ يَتَقْلقَلُ، وكان أبو مُسْلم حَمَلَهُ على بِرْذَوْن أشْهَب، فلم يَزَل يَهْنَؤُهُ بالهِنَاءِ حتَّى صارَ أدْهَم.
أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر بن عليّ المَعْرُوف بابنِ رَوَاج، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو صَادِق المَدِيْنِيّ، قال: أَنْبَأْنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير الخَلَّال، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب بن عليّ بن سِنَانٍ النَّسَوِيّ، قال: رُؤْبَةُ بن العَجَّاج ليسَ بالقَوِيّ.
أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَنُ بن أحْمَد بن الحَسَن العَطَّار في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليٍّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن مَنْجويْه، قال: أخْبَرَنَا الحاكِمُ أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ
(2)
، قال: أبو الحَجَّاف رُؤْبَة بن العَجَّاج بن رُؤْبَة التِّمِيْمِيّ، واسْمُ العَجَّاج عَبْد اللّه، عن أَبِيهِ العَجَّاج التِّمِيْمِيّ، حَدِيثُه في البَصْرِيِّيْن، ويُقال: شَهِدَ رُؤْبَةُ بن العَجَّاج أبا هُرَيْرَة مع أبيه العَجَّاج، روَى عنهُ أبو سَعيد يَحْيَى بن سَعيد القَطَّان البَصْرِيّ، وأبو الحَسَن النَّضْر بن شُمَيْل المَازِنِيّ، كَنَّاهُ لنا مُحَمَّد بن سُلَيمان.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتح مَسْعُود بن الحَسَن بن القَاسِم إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحَاق، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد ابن
(1)
الأسلعُ: الأبرص (لسان العَرَب، مادة: سلع)، ولعله بالصاد موافقة لما بعده.
(2)
الأسامي والكنى لأبي أحْمَد الحاكم 3: 151.
أبي حَاتِم
(1)
، قال: رُؤْبَةُ بن العَجَّاج، رَوَى عن أبي هُرَيْرَة (a)، واسْمُ العَجَّاج عَبْد اللّه أبو الحَجَّاف، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عَبْدُ اللّه (b) بن رُؤْبَة، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، والنَّضْر بن شُمَيْل، ومَعْمَر بن المُثَنَّى، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
قال ابنُ أبي حَاتِم
(2)
: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المَدِيْنِيّ، قال: قال لي يَحْيَى القَطَّان: دع رُؤْبَة بن العَجَّاج! قُلتُ: كيفَ كان؟ قال: أمَا إنَّهُ لَم يَكْذب.
أنْبَأنَا أحْمَد بن الأزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُبَيْد اللّه مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثَني إبْراهيم بن شِهَاب، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن الحبُاب، عن مُحَمَّد بن سَلَّام
(3)
، قال: رُؤْبَة بن العَجَّاج يُكْنَى أبا الحَجَّافِ، وهو أوَّلُ مَنْ قال في تَقْصِير الاسْم، وتَخْفِيف عَدَد النَّسَب، فقال
(4)
: [من الرجز]
قد رَفَع العَجَّاجُ ذِكْري فادْعُني
باسْمِي إذا الأنْسَاب (c) طالَتْ يَكْفنِي (d)
أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُبيد اللّه مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال: أخْبَرَنِي عَبْدُ اللّه بن يَحْيَى العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن بِشْر، عن المَازِنِيّ، قال: حَدَّثَني الأصْمَعِيُّ، عن خَلَفٍ، قال: سَمِعْتُ
(a) في كتاب الجرح والتعديل: رَوَى عن أبيه عن أبي هُرَيْرَة.
(b) الجرح والتعديل: عُبَيْد اللّه.
(c) ابن سلّام: الأسماء.
(d) بقية الصفحة تقدير نصفها، وكامل التي تليها بياض في الأصل.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 521.
(2)
الجرح والتعديل 3: 521.
(3)
طبقات فحول الشعراء 2: 761.
(4)
ديوان رؤبة 3: 160.
رُؤْبَة بن العَجَّاج يَقُول: لَقِيَني الكُيْت والطِّرِمَّاح، فسَألاني عن الغَرِيْب، ثُمَّ سَمِعْتُهُ في شِعْرهما.
أنْبَأنَا عَبْد البر بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ المَدَائِنِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَمْرو (a) بن خَالِد، قال: حَدَّثني يَحْيَى أبو زَكَرِيَّاء، عن الأصْفَر (b)، قال: سَمِعْتُ الأصْمَعِيَّ، عن أبي عَمْرو بن العَلَاء، قال: مَدَح رُؤْبَة بن العَجَّاج رَجُلًا كان وَاليًا على كَرْمَان من أشْرَاف العَرَب بهذه الكَلِمَة
(2)
: [من الرجز]
دَعَوْتُ رَبَّ العِزَّة القُدُّوْسَا
دُعَاءَ مَنْ لا يَقْرَعُ النَّاقُوسَا
حتَّى أرَانا وَجْهَكَ المَرْغُوسَا (c)
قال: فإذا الكُمَيْتُ عن يَمِينه، والطِّرِمَّاح عن يسَاره، قال: فجعَل أحدُهما يقُول لصَاحِبهِ: وَيْل أُمّكَ؛ افْسَح افْسَح (d)، قال: فلَّمَا فَرَغ جَعَلا يَسْألانهِ عن الغَرِيْب فجعَلَ يُخْبرهما.
وقال أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(3)
: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن سَالِم الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن ابنُ أخي الأصْمَعِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّيّ، عن أبي عَمْرو بن العَلَاء، قال: لَم
(a) ابن عدي: عمر.
(b) ابن عدي: يَحْيَى بن زكرياء أبو زكرياء الأصغر.
(c) في الأصل: المرعوسا، وفي الكامل لابن عدي: المروسا، والوجه المرغوس: الطلق المبارك الميمون. لسان العَرَب، مادة: رغس.
(d) كذا في الأصل بالفاء، ومثله لفظ ابن عساكر في تاريخه 18: 225، وجاء عند ابن عدي: انسخ انسخ، ولعله الأظهر.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1042.
(2)
ديوان رؤبة 3: 68.
(3)
ابن عدي الكامل 3: 1041، وفيه:"أخبرني ابن المرزبان، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن مسلم [كذا] الكُوْفِيُّ".
أرَ بَدَوِيًّا أقامَ بالحَضَر إلَّا أفْسَد (a) لِسَانُه غير رُؤْبَة بن العَجَّاج والفَرَزْدَق؛ فإنَّهُما زادَا في طُوْل الإقَامَة جِدَّةً وحِدَّةً.
أنْبَأنَا أبو حَفصٍ المُكْتِب، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُبَيْد اللّهِ المَرْزُبانيّ إجَازة، قال: وحَدَّثَنِي عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني يَحْيَى بن عليّ بن يَحْيَى، عن أَبِيهِ، قال: قال الأصْمَعِيُّ: كان كَلامُ رُؤْبَة يُشَبَّهُ بسَيْلٍ في صَخْرٍ، وكان كَلامُ الحَسَن البَصْرِيّ يُشَبَّهُ بكَلَام رُؤْبَة.
وقال المَرْزُبانيُّ: وأخْبَرَني مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن صالح بن النَّطَّاح، عن أبي عُبَيْدَة، قال: سَمِعْتُ أبا عَمْرو بن العَلَاء يَقُول: خُتِمَ الشِّعْر بذِي الرُّمَّة والرَّجز برؤبَة، فقيلِ له: إنَّ رُؤْبَة حَيٌّ؟ قال: هو حَيٌّ كمَيْتٍ قد ذَهَب شَعرُهُ كما ذَهَب مَطْعَمهُ ومشْرَبُه ونكَاحهُ. فقيل له: فهؤلاءَ الآخرُونَ الّذي يقُولون اليَوْم؟ قال: مُرَقِّعُونَ ومُهَنْدِمُونَ! إنَّما هُم كَلٌّ على غَيْرهم، إنْ قالُوا حَسَنًا سبقُوا إليهِ وإنْ قالوا سَيِّئًا فمن عندهم.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِيّ، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، عن أبي القَاسِمٍ بن بندَار، عن أبي أحْمَد القَارِئ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاس الرِّيَاشِيّ، عن أَبِيهِ أنَّ الأصْمَعِيّ قال: كان يُشَبَّه لسَان رُؤْبَة بسَيْلٍ في صَخْرٍ، وأقامَ بالبَصْرَة أرْبَعيْن سَنَةً لَم يتغيَّر لِسَانه.
أنْبَأنَا أبُو اليُمْن الكِنديّ، عن أبي بَكْر الفرضِيّ، قال: أنْبَأنَا أَبُو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُبَيْد اللّه المَرْزُبانيّ، قال: اختلَفُوا في الثَّلاثة من الرُّجَّاز، فقال بنُو تَمِيْم: العَجَّاج أوَّلُهُم، ثمّ حُمَيْد بن مَالِك الأرْقَط، ثمّ رُؤْبَة بن العَجَّاج.
(a) ابن عدي: فسد.
وقال المَرْزُبانيُّ: حَدَّثَني عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنِي يَحْيَى بن عليّ بن يَحْيَى، عن أَبِيهِ، قال: ذَكَرَ عَبْدُ اللّه بن رُؤْبَة أنَّ العَجَّاج قال لرُؤْبَة: من أين جِئْتَ أرْجز منِّي لا أبا لكَ؟ قال: قد واللّه علمْتُ ذاك يا أبَتَاهُ من أنَّ أبي أرْجَزُ من أبيْك، قال: أسَابٌّ أنْتَ أبي؟ قال: لا واللّه لا أَسُبُّ أباكَ، ولا أبُوك للسَّبِّ بأهْل.
وقال المَرْزُبانيُّ: أخْبَرَنِي الحُسَين بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سَعيد، قال: حدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: قال أبو العبَّاسِ - يعني السَّفَّاح - لرُؤْبَة: كيفَ باهُكَ؟ قال: يَمْتَدّ ولا يَشْتَدُّ، فإذا أكْرَهْتُه ارْتَدَّ.
قال: وحَدَّثَني عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنِي يَحْيَى بن عليّ بن يَحْيَى، عن أَبِيهِ، قال: حَدَّثَني النَّهْشَلِيّ، قال: قال عَبْدُ اللّهِ بن رُؤْبَة: دَخَل أبي على سُليْمان في عليَّ فشَكَا الباءَة، قال: يَمْتَدُّ ولا يَشْتَدُّ، وأُطِيْلُ الظِّمْأَ ثمّ أُوْرِدُ فلا أُرْوى.
قال عليّ بن يَحْيَى: وقال أبو عُبَيْدَة: سَمِعْتُ رُؤْبَةَ يُحدِّثُ يُونُس، قال: سَألني الأَمِير سُليْمان بن عليّ: ما بَقِي من باهِكَ؟ فقُلْتُ: يمتَدُّ ولا يَشْتَدُّ، وإذا أكْرَهْتُه ارْتَدّ.
قال: وحَدَّثَني أبو عَبْدِ الله الحَكيْمِيّ، قال: حَدَّثَني يَمُوْت في المُزَرِّع، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن عِيسَى بن عُمَر، قال: كان ذو الرُّمَّةِ الشَّاعرِ يَذْهَبُ إلى القَدر، وكان رُؤْبَةُ بن العَجَّاج يَذْهَبُ إلى الإثْبَاتِ والسُّنَّة، فاجْتَمَعا في يَوْمٍ من أيَّامهما عند بِلَال بن أبي بُردَة، وهو وَالي البَصْرَة، وعُرِّفَ بِلَال الخِلَاف بينهما، فحَضَّهُما على المُنَاظَرة، فقال رُؤبَة: واللّهِ ما تفحَّصَ طَائِرٌ أُفْحُوصًا، ولا تَقَرْمَصَ سَبعُ قُرْمُوْصًا (a) إلَّا كان ذلك بقَضاءِ من اللّهِ وقَدَره،
(a) الأصل: قربوصًا، وتقرمص السبع: دخل حفرة للاصطياد. لسان العَرَب، مادة: قرمص، وفيه خبر مناظرة رؤبة مع ذي الرمة.
فقال ذو الرُّمَّة: واللّهِ ما أذِنَ اللّهُ لذِّئْب أنْ يأخُذَ حَلوبَةَ عَالةٍ عَيائل ضَرَائِكَ (a)، فقال له: رُؤْبَة أفبمَشِيْئته أخَذَها أم بمَشِيْئَةِ اللّهِ؟ فقال ذُو الرُّمَّة: بل بمَشِيئته وإرَادتِه، فقال رُؤْبَة: هذا واللّهِ الكَذِبُ على الذِّئْب، فقال ذو الرُّمَّة: واللّه الكَذِبُ على الذِّئْب خَيْرٌ من الكَذِب على رَبِّ الذِّئب.
وقال المَرزُبانيُّ: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة النَّحويّ، قال: منِ كلام رُؤْبَة: مَنْ سَاء خُلُقُه عَذَّبَ نفسَهُ، ومَنْ كثُرَت فِكرتُه سَقُم جِسْمُه، ومنْ لَاحى الرِّجَال سَقَطت مُرُوءته وذَهَبَ كَرَمُهُ.
وقال: حَدَّثَني أبو عَبْدِ اللّه الحَكِيْمِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن عَبْدِ كَان الصَّيْمَرِيّ بإسْنَادٍ له قال: قيل لرُؤْبَة؛ وكان أفْصَحَ العَرَب: ما البَلَاغَةُ؟ قال لَمْحَةٌ دَالَّةٌ.
أخْبَرَنَا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قِراءَهً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ
(1)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَنِ مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر، قِراءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ عليّ بن إبْراهيم العَلَويِّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان
(2)
، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن عَبْدِ اللّهِ، قال: حَدَّثَنَا مُسلم، قال: قيل لذي الرُّمَّة: ما لك خَصَصْتَ فُلَانًا بمَدْحِكَ؟ قال: لأنَّهُ وَطّأ مَضْجعي، وأكْرَمَ مَجْلِسي، فحَقٌّ عليّ (b) أنْ يَسْتَولي على شُكْري.
(a) في الأصل: غلائل ضرا بك، وتقويم النص عن لسان العَرَب، وتاج العروس، مادة: عول. وفيهما خبر رؤبة وذي الرمة.
(b) الدينوري: فحق له.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 10: 514، في تَرْجَمَة بلال بن أبي بردة.
(2)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 460.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّب، عن أبِي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد الله المَرْزُبانيّ إجَازةً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُريْد، قال: أخْبَرَنا خَلَف بن أحمد، أبو مُعَاذ الضَّرِيْر، عن دِمَاذٍ، عن أبي عُبَيْدَة، عن يُونُس، قال: كان رُؤْبَةُ بن العَجَّاج يَرْعَى إبل أبيهِ ويَقُوم عليها حتَّى صار رَجُلًا كَامِلًا وهو لا يَرجُزُ ولا يَشْعُر، وتزَوَّج العَجَّاجُ امْرأةً شابَّةً يُقال لها: عَقْرَب، فوَلَدَتْ له أوْلَادًا وغَلَبَتْ عليهِ، فكان يَقْسِم إبلَهُ على أوْلَادِه فيقُول: الفُلَانَةُ لفُلَان، والفُلَانَةُ لفُلَانٍ، فقيل ذلك لرُؤْبَة، فقال: ما العَجَّاجُ بأَحَقّ بها منِّي لئن كان أفادَهَا، إنِّي لأُقَاتِلُ عنها السِّنِين، وأنْتَجَعُ بها الغَيْثَ، وأفْعَل وأفعَل، فقالت عَقْرَبُ للعَجَّاج: اسْمَعْ هذا وأنْتَ حَيٌّ فكيفَ بنا بعدَكَ؟ فَخَرَجَ إليه العَجَّاجُ فزَجَرهُ وصَاحَ بهِ، وقال: اتْبَع إبلَكَ، ورَجَز بهِ، وقال
(1)
: [من الرجز]
لطالَ ما أجْرَى أبو الحَجَّافِ
في فُرْقَةٍ (a) طَوِيلَةِ التَّجَافي
لمَّا رآني أُرْعِشَتْ أطْرَافي
اسْتَعْجَل الدَّهْر (b) وفيه كافِ
يَخْتَرِم الإلْفَ من الأُلَّافَ
سَرْهَفتُهُ ما شِئْتَ من سِرْهَافِ (c)
حتَّى إذا ما إذا ما آضَ ذا أعْرَاف
كالكَوْدنِ المَشْدُود بالإكَافِ
(a) ديوانه ومجموع أشعار العرب: لفرقة.
(b) الديوان: الموت.
(c) في الديوان ومجموع أشعار العرب: سرعفته
…
سرعاف.
_________
(1)
انظر قصيدة العجاج في معاتبة ابنه في ديوان العجاج 1: 155 - 172، وأيضًا في مجموع أشعار العرب 3: 39 - 40.
قال الذي عندَك (a) لي صَوَافي
من غير لا عَصْفٍ ولا اصْطِرَافِ
ليس كذاك (b) وَلَدُ الأشْرَاف
فخرَجَ رُؤْبَة يَجُرُّ رِجْليهِ فقال للرِّعَاءِ: مَوْعدكم مكان كَذَا وكذا، ورَمَي بنفْسه وبَاتَ يُهَمْهِمُ ليلَتَهُ، فلمَّا كان بأعْلَى سَحَرين جاءَ إلى أشْيَاخ من قَوْمِهِ، فقال: قد كان هذا الشَّيْخُ ما قد عَلِمْتُم، وأنتُم وإنْ لَم تكُونوا شُعَرَاء فقد تَرْونَ الشِّعْر وتَعْرفُونَهُ، وقد جَاشَ صَدْري بشيءٍ، لو كان شِعْرًا فعندي منه بَحْرُ لا يُغَضْغضُ، وإلَّا يَكُن شِعْرًا رجعْتُ إلى إبلي، فاصْدقُوني عن نفسِي، فقالُوا: هَاتِ، فأنْشَدَهُم
(1)
: [من الرجز]
إنْ أنْتَ لَم (c) تُنْصِفْ أبا الحَجَّافِ
وكان يَرْضى منْك بالإنْصَافِ
وهو عليكَ دَائم التَّعْطَاف (d)
فَمرَّ في أُرْجُوزَة، فقالُوا: والله لقد أخَذْتَ غَرْبَهُ، وسَلكْتَ مَنْهَجَهُ، ووَرَدْتَ بَحْرَهُ، ولأنْتَ أشْعَر منه، قال: فواللهِ لا أتبَعُ ذنَبَ بَعِيْر أبدًا!.
وسَمِعَ العَجَّاجُ بإنْشَادِه، فخَرَجَ إليهِ، فقال: أَلعِبَتْ بكَ جنُّ بَوى اللَّيْلة، يعني مَرْعىً لهم، فلَيْتكَ تقُولُ شِعْرًا، ولكنَّكَ أوْغَدُ من ذَاك! فأنْشَدَهُ، فقال: اشْهدوا أنَّ أمرَ عَقْرَبَ بيَده، فقَال: اشْهَدُوا أنَّها طَالِق سَبْعِين.
قال: وأخْبَرَني عَبْدُ الله بن يَحْيَى العَسْكَريّ، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن مُحَمَّد الأسَدِيّ، قال: حَدَّثنا أبو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ، قال: حَدَّثنا أبو عُبَيْدَة، قال: حَدَّثَنا
(a) الديوان ومجموع أشعار العرب: جمعت.
(b) الديوان ومجموع أشعار العرب، كذا كم.
(c) ديوانه: إنك لم.
(d) ديوانه: واسع العِطَاف.
_________
(1)
ديوان رؤبة 3: 99.
عَبْدُ الله بن رُؤْبَة [عن رُؤْبَة](a)، قال: أوَّل ما هَاجَني على قَوْل الشِّعْر أنَّ أُمِّي ماتَتْ، فخلَّفَت لي قَلَائِصَ أرْبَع عَشرة، فدَخَلْتُ حُجُر نَبَّاذَهٍ روِيَّةً، فدخَلْتُ بَيْتها، فجلَسْتُ (b) فيه، قال: وجَعَل أبي يَطْلبُني حتَّى دُلَّ عليَّ، فدخَلَ وقَد احْتَزَمَ لي بعِقَال فكَتَفنِي، ومَضَى بي فأدْخَلنَي بَيْتًا له، وأغْلَق عليَّ البابَ، وجَعَل يُصْلح قَتَبًا له وهو يَقُول
(1)
: [من الرجز]
سَرْهَفتهُ ما شِئْت من سِرْهَافِ
حتَّى إذا ما آضَ ذَا أعْرَافِ
كالكَوْدَن المَشدُودِ بالإكَافِ
يَقُول ما خلَّفْتُه صَوَافِ
ليسَ كَذَاك وَلَدُ الأشْرَافِ
فأخْرَجْتُ رَأسِي من خَلْف البَاب وقُلتُ
(2)
: [من الرجز]
إنَّكَ لم تُنْصِف أبا الحَجَّافِ
وكان يَرْضَى منْكَ بالإنْصَافِ
تالله لو كُنت مع الإلَّافِ
يُغْدَى عليَّ بنبِيْذٍ صَافِ
قال: فوَثَبَ بالقَتَب فضَرَبَ به رَأسي فشَجَّهُ، ثمّ أدْرَكَتْهُ رِقَّة الآباء، فاشْترَى لي لَحْمًا وشوَاءً، وأطْعَمَني وقال لي: يا بنيّ، إنَّ مالي لا يَقْوى على سَرَفكَ، فهل لكَ في أنْ تَخْرُج فتَمْتَدِح هؤلاءِ المُلُوكَ، وعليك صُدُورُ القَوَافي، وعليَّ أعْجَازُها،
(a) ما بين الحاصرتين طمسته الرطوبة.
(b) الأصل: فجلست بيتها، وضرب على الكلمة الأخيرة منهما.
_________
(1)
ديوان العحاج 1: 169 - 171، ومجموع أشعار العرب 3: 39 - 40.
(2)
ديوان رؤبة 3: 99.
أو عليكَ أعْجَازُها وعليَّ صُدُورها؟ قال فقُلتُ: اسْتَخر الله، فأنْشَأ في قَصِيْدَتهِ
(1)
: [من الرجز]
كَم قد رَحَلْنَا (a) من علاةٍ عَنْسِ
فاشْتَرَكْنا فيها، ومَدَحَ بها سُليْمان بن عَبْد المَلِك، فأمَرَ له بعَشرة آلاف، فقُلتُ: النّصْف والنّصْف يا أبَة، قال: تَعْدُو عليَّ وأنْتَ بَوْلي! قال: قُلتُ: امْدَح أنْتَ وَحْدك وأنا وَحْدِي، وفارقْتُهُ.
قال: وحَدَّثَني أحْمَدُ بن إبْراهيم البَزَّاز، وأحمدُ بن مُحَمَّد الجوهَرِي، قالا: حدَّثنا العَنَزِي، قال: حَدَّثَنَا قَعْنَبُ بن المُحَرَّز أبو عَمْرو البَاهِلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو زَيْد الأنْصَاريّ، عن رُؤْبَة بن العَجَّاج، قال: أوَّل رَجزٍ قُلتُه أنِّي خرجْتُ مع أبي نُريد سُليْمان بن عَبْد المَلِك حينَ قام، فجعَل يُهَمْهمُ بقَوْل الرَّجَز، فهَمْهَمْتُ، ثُمَّ قُلتُ: يا أبَة، قد قلتُ رَجزًا، قال: هَاتِه، فأنْشَدتُهُ
(2)
: [من الرجز]
كم قد رَحَلْنا (b) من عَلاةٍ عَنْسِ
كَبْدَاء كالقَوْس وأُخْرى جَلْسِ
إلى (c) ابن مَرْوَانَ قَريع الإنْسِ
ولابن (d) عبَّاسٍ قَرِيْع حَبْسِ
أكْرَم (e) عِرْسٍ جُبَلا وعِرْسِ
قال: حتَّى أتَيْتُ على آخرها، فقال: أعِد، فأعَدْتُها عليه، فحَفِظَها، ثُمَّ قال: اخْسَ، لا يَسْمعنَّ هذا منك أحَدُ فنَفْتَضِح، قال: ثمّ قَدِمْنا بَيْتَ المقدِس،
(a) ديوان العجاج: حسرنا.
(b) الديوان وشعر العجاج: حسرنا.
(c) الديوان وشعر العجاج: بين.
(d) الديوان وشعر العجاج: وابنه.
(e) شعر العجاج: أنجب.
_________
(1)
الرجز في ديوان العجاج 2: 195، وضمن شعر العجاج في مجمورع أشعار العرب 3:78.
(2)
ديوان العجاج 2: 195 - 208، ومجموع أشعار العرب 3: 78 - 79.
وجَلَسَ سُليْمان بن عَبْد المَلِكِ للنَّاسِ، وأذِنَ لأبي وقُدّم على الشُّعَراء، فابْتَدَأ في قَصِيْدَتي يُنْشدُها سُليْمان، وأردتُ أنْ أقُوْمَ فأقُول: الشِّعْرُ لي، فكَرِهْتُ أنْ أفْضَحَ أبي على رُؤوسِ النَّاسِ، فلمَّا فَرَغَ وأخَذَ الجَاِئزَة وخَرَجْنا قلتُ: يا أبَة، المُقَاسَمَة، قال: لا والله ولا فَلْس، أي بنيّ، أنْتَ أشْعَر النَّاسِ اذْهَب فاطلُب لنفسكَ، وأَخْرَجَني من عِيَالهِ.
قال: وحدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله إبْراهيم بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، عن المَدَائِنِيّ، قال: قال رُؤْبَة بن العَجَّاج: اشْتَركتُ أنا وأبي في أُرْجُوزَة
(1)
: [من الرجز]
إلى ابن مَرْوَان قَرِيع الإنْسِ
بين أبي العَاصِي وآل عَبْسِ
فأنْشَدْتُها رَجُلًا حتَّى انْتَهَيتُ إلى الكَلَام الآخر، قال: ليسَ هذا من الكَلَام الأوَّل، وجَعَل يُمَيِّز كَلامي وكَلَام أبي.
قال المَرْزُبانيُّ: وحُكِي أنَّ رُؤْبَة أنْشَدَ سُليْمان بن عَبْد المَلِك هذه الأُرْجُوزَة وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز حَاضِرٌ حتَّى بَلَغَ إلى قَوْله
(2)
: [من الرجز]
خَرَجْتَ من بين قَمَرٍ وشَمْسِ
من بين مَرْوَان وبين عَبْسِ
يا خَيْر نَفْسٍ خرَجت من نَفْسِ
فقال عُمَر: كَذَبْتَ، ذلك رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فسَكَت سُليْمان فلم يَرُدَّ عليه شيئًا.
(1)
ديوان العجاج 2: 208، وشعر العجاج ضمن مجموع أشعار العرب 3: 79، باختلاف في بعض الألفاظ، تقدمت الإشارة لها في الرواية السابقة.
(2)
بيت الرجز الأول في ديوان العجاج 2: 208.
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، عن إسْماعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن هَارُون الضَّبِّيّ إمْلاءً، قال: وَجَدْتُ في كِتَاب وَالدِي: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد، قال: حَدَّثَني أبو مُسْلم قُتيَبَة بن عُمَر الحَنَفِيّ، عن أَبِيهِ، قال: كُنْتُ في داري بني عُمَيْر إذْ أقْبَل رجُلٌ على حُجْرٍ دَهْمَاءَ، معه عَبْد أسْوَد، فوَسَّع القَوْم له، فسَألتُ عنه، فقالُوا: هذا رُؤْبَة، فقال لهم: أُنْشدُكم شِعْرًا قلتُ ما قُلْتُ غيره، ثُمَّ أنشَد
(1)
: [من الخفيف]
أيّها الشَّامِتُ المُعَيِّر بالشَّيـ
…
بِ أقِلَّنَّ بالشَّبَاب افْتِخَارَا
قد لبسْتُ الشَّبَابَ غضَّا طَريًّا
…
فوجَدْتُ الشَّبَابَ ثَوْبًا مُعَارَا
_________
(1)
لم أقف عليه في ديوانه ولا في المستدرك عليه، وانظر الخبر والبيتين في تاريخ ابن عساكر 18: 228، الوافي بالوفيات 14: 148، وانظر أيضًا: معجم الأدباء 3: 1312.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر الفَرَضِيّ، قال: أنبأنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدِ الله المَرْزُبَاني إجَازَةً، قال: حَدَّثنا ابن دُرَيْدٍ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم قُتيبَةُ بن عُمَر الحَنَفِيّ، عن أَبيهِ، قال: كُنْتُ يَوْمًا في مَجْلِس بني عُمَيْر باليَمَن، إذْ أقْبَل أعْرَابيٌّ على حُجْرٍ دَهْماءَ، إلى جَانبِه عَبْدٌ أسْوَدُ قد حَاذَى رَأسَهُ، فتَزَحْزَحَ القَوْمُ، وقالُوا: أبو الجَحَّاف، وإذا هو رُؤْبَةُ بن العَجَّاج، فقال له بعضُ القَوْم: يا أبا الحَجَّاف، هل قُلْتَ شِعْرًا قَطّ غير الرَّجزِ؟ قال: نَعَم، ثُمَّ أنْشَدنا:[من الخفيف]
أيَّها الشَّامتُ المُعَيِّر بالشَّيْـ
…
بِ أقِلَّنَّ بالشَّبَاب افْتِخَارَا
قد لبسْتُ الشَّبَابَ غَضًّا جَدِيدًا
…
فوَجَدْتُ الشَّبَابَ شيئًا مُعَارَا
قال المَرْزُبانيُّ
(1)
: كَتَبَ إليَّ أحْمَدُ بن عَبْد العَزِيْز: أخْبَرَنا عُمَر بن شَبَّة، قال: حَدَّثنا الأصْمعِيّ، قال: حَدَّثَنا عُبيدُ الله بن سَالِم، قال: أتاني رُؤْبَةُ فجَلَسَ في (a) قُبَّةٍ لي مَجْلِسًا لا يَرَاهُ مَنْ يَدْخُل، ودَخَلَ أبو نُخَيْلَة، فجَلَسَ خَارِجًا، فقيل له: أنْشِدنا يا أبا نُخَيْلَة، فافْتَتَح قَصِيدَةً لرُؤْبَةَ فجَعَل يُنْشدُها، ورُؤْبَةُ يَئطُّ كأنَّ السِّيَاطَ في ظَهْره، فلمَّا بلَغَ نِصْفَها، قال رُؤْبَة: كيفَ أنتَ يا أبا نُخَيْلَة؟ فقال أبو نُخَيْلَة: واسْوَأتاه! ولا أشْعُر أنَّك هَا هُنا، إنَّ هذا كَبِيرُنا وشَاعِرُنا الّذي نُعَوِّل (b) عليه، فقال رُؤْبَةُ: إيَّاكَ وإيَّاه ما كُنْتَ بالعِرَاق، فإذا أتَيْتَ الشَّام فخُذْ ما شِئْتَ.
وقال: حَدَّثَنَا عليّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا
_________
(a) المرزباني: إلى.
(b) المرزباني: نعول.
_________
(1)
المرزباني: الموشح 257.
البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الأَثْرَم، قال: حَدَّثَني أبو عُبَيْدَة، قال: قُلْتُ لرُؤْبَةَ: أي القُرْآن أفْصَح؟ قال: كُلّ القُرْآن فَصِيحٌ إلَّا أنِّي لم أقفْ على آيةٍ أفْصَح من قَوْله عز وجل: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}
(1)
.
كَتَبَ إلينا عَبْدُ البَرِّ بن أبي العَلَاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عَبْد الله بن صالح بن شَيْخ بن عُمَيْرة، قال: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيّ، قال: قال عَبْد الله بن رُؤْبَة: كانت لنا حَاجَةٌ إلى بعضِ السَّلَاطين فعَسُرَتْ علينا، فرَشَوْتُ دَرَاهِمَ فسَهُلت (a) الحاجَةُ، فقال رُؤْبَةُ بن العَجَّاج
(3)
: [من الرجز]
لمَّا رَأيْت الشُّفَعَاءَ بلَّدُوا
وسَألُوا أميرَهُم فأنْكَدُوا
أتَيْتُهم (b) برشْوَةٍ فأقْرَدُوا
وسَهَّلَ اللهُ بها ما شَدَّدُوا
ذَكَرَ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة في كتاب الشُّعَراءِ
(4)
، قال: حَدَّثَني الرِّيَاشِيُّ، عن مُحَمَّد بن سَلَّام، عن يونُسَ، قال: أتَيْتُ رُؤْبَةَ ومعي ابن نُوحٍ، وكُنَّا نُفَلِّسُ ابنَهُ عَبْد الله، أي نُعْطِيهِ الفُلُوسَ، فيُخْرِجه إلينا، فقال ابنُ نُوح: أصْبَحتُ كما قُلْتَ
(5)
: [من الرجز]
كالكُرَّزِ المَرْبُوط بين الأوْتَادْ
سَاقَطَ عنهُ الرِّيْش قَبْل الإبْرَاد
(a) ابن عدي: فحملت.
(b) ابن عدي: نامستهم.
_________
(1)
سورة الحجر، الآية 94.
(2)
ابن عدي: الكامل 3: 1042.
(3)
لم أقف على الرجز في ديوان رؤبة.
(4)
ابن قتيبة: الشعر والشعراء 297.
(5)
ديوان رؤبة 3: 38.
فقال: ما زلتُ لك مَاقِتًا! فقال يُونُس: فقُلتُ: بل أصْبَحْت كا قال ابنُ أبي سُلْمَى
(1)
: [من المتقارب]
فأَبْقَين منِّي وأبْقَى الطِّرَا
…
دُ بَطْنًا خَيْصًا وصُلْبًا سَمِيْنا
فقال: سَلْ عمَّا شِئْتَ.
وقال ابنُ قُتَيْبَة
(2)
: حَدَّثَني سَهْل، قال: حَدَّثَني أبو عُبَيْدَة، قال: دَخَلْنا على رُؤْبَة وهو يَمُلُّ جُرْذَانًا في النَّار، فقُلْنا له: أتَأكُلُها؟ فقال: نَعَم إنَّها خَيْر من دَجَاجكم، إنَّها تَأكُل البُرَّ والتَّمْر.
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي مُحَمَّدٍ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الخَفَاجِيّ الحَلَبِيّ: وزَعَم أبو زَيْد أنَّهُ دَخَلَ على رُؤْبَة وإذا قُدَّامهُ كانُون، وهو يَمُلّ في جَمْره جُرْذَانًا من جُرْذَانِ البَيْت؛ يُخْرِج الواحدَ بعد الواحدِ فيأكُلُهُ ويقُول: هذا أطْيَبُ من اليَرْبُوع؛ هذا يَأكُل التَّمْر والجُبْنَ ويَحْسُو الزَّيْتَ والسَّمْن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِندِي، عن أبي بَكْر الفَرَضِيّ، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ إجَازَةً، قال: وحَدَّثَني عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا المُبَرَّد، عن المَازِنِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا زَيْد يَقُول: دَخَلْتُ على رُؤْبَةَ وهو يصيْدُ الفَأر ويَشْويهنَّ ويَأكُلهنّ، فقال لي: هَلُمّ يا أبا زَيْدٍ، فقُلتُ لَهُ: سُبْحَان الله، آكُل الفَأر! فقال: إنَّما هي يَرَابيْع البَيْت.
قال المَازِنِيّ: وسَمِعْتُ أبا زَيْدٍ يَقُول: قُلْتُ لرُؤْبَة: أَتُهْمَزُ الفَأرة؟ فقال: الهِرَّةُ تَهْمزها.
وقال المَرْزُبانيّ: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد الكَاتِب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بن عَبْد الله الزُّبَيْرِيّ، قال: قال رَجُل: دَخَلْتُ على
(1)
بل بيت الشعر لكعب بن زهير في ديوانه 94.
(2)
كتاب الشعر والشعراء 297.
رُؤْبَة بن العَجَّاج فإذا معه قَوْسٌ وهو يَنْبِضُ بها ويَرْمي الفَأر بالشَّام (a)، فقُلتُ لَهُ: ما هذا؟ فقال آكُلها، والله لهي أطْيَبُ من اليَرْبُوع، وما تَأكُل إلَّا طَيِّب الطَّعَام.
وقال المَرْزُبانيّ: كَتَبَ إليَّ أحْمَدُ بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن شَبَّة، عن أبي عُبَيْدَة، قال: ماتَ رُؤْبَة سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومائة.
قال: وحَدَّثَني عليّ بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني يَحْيَى بن عليّ بن يَحْيَى، عن أَبيِهِ، قال: ذَكَرَ أبو عُبَيْدَة أنَّ رُؤْبَةَ ماتَ سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومائة بعد مَخْرَج إبْراهيم بأيَّامٍ.
قال: ورَوَى مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله اليَعْقُوبيّ، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه يَعْقُوب بن دَاوُد، قال: لَقِيْتُ الخَلِيل بن أحْمَد يَوْمًا بالبَصْرَة، فقال لي: يا أبا عَبْدِ الله، دفَّنا الشِّعْرَ اليومَ، جِئنا من جنَازَة رُؤْبَة.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَوْح
رَوْح بن إبْراهيم، أبو سَعْدَة الأنْصَاريُّ
حَدَّثَ بالمِصِّيْصَة عن عَبْد الله بن الحُسَين بن جَابِر المِصِّيْصيّ. رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن جُمَيْع الصَّيْدَاوِيّ حَدِيثًا في مُعْجَم شُيُوخه، سَمِعَهُ منهُ بالمِصِّيْصَة.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّابٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن جُمَيْع
(1)
، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بن إبْراهيم
(a) كذا في الأصل، ولعله: بالسهام.
_________
(1)
ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 278، وانظر تاريخ ابن عساكر 42:345.
بالمِصِّيْصَةِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن الحُسَين بن جَابِر، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن قَرْم، عن الأَعْمَشِ، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عبَّاسٍ
(1)
: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا يُؤَدِّي عنِّي إلَّا أنا أو عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه.
رَوْحُ بن حَاتِم بن قَبِيْصَة بن المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة، أبو حَاتِم - وقيل: أبو خَلَف - الأزْدِيّ
(2)
كان خَصِيْصًا بالمَنْصُور، أثِيْرًا عندَهُ، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حين مَرَّ بها لزيارة البَيْتِ المُقَدَّس، ووَلَّاهُ إفْرِيقِيَّة، ثمّ ولَّاهُ المَهْدِيّ البَصْرَة ثمّ الكُوفَة، وكان شُجَاعًا كَرِيْمًا (b).
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(3)
، ح.
(a) ابن جميع الصيداوي وابن عساكر: المروذي.
(b) بقية الصفحة بياض في الأصل، ليس فيها إلا هذه الثلاث كلمات.
_________
(1)
المعجم الكبير للطبراني 11: 400 (رقم 12127)، وانظره من حديث حبشي بن جنادة في: الجامح الكبير للترمذي 6: 83 (رقم 3719)، وكشف الخفاء. للعجلوني 1: 236، وانظر: المسند الجامع 5: 57 (رقم 3245).
(2)
توفي سنة 174 هـ وقيل في السنة بعدها، وترجمته في: البيان والتبيين لمجاحظ 2: 249، تاريخ الطبري 7: 452 - 456، 512 - 513، 8: 117 - 153، 163 - 166، 205، 235، 239، الأزدي: تاريخ الموصل 117، المسعودي: التنبيه والإشراف 252، 303، تاريخ ابن عساكر 18: 234 - 238، ابن الأثير: الكامل 5: 439، 510، 6: 41، 44، 48، 67، 73، 75، 108، 113 - 114، 121، 135، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 446، ابن الأبار: الحلة السيراء 2: 358 - 360، وفيات الأعيان 2: 305 - 307، تاريخ الإسلام 4: 620، سير أعلام النبلاء 7: 441، العبر في خبر من غبر 1: 205، الوافي بالوفيات 14: 149، ابن خلدون: العبر 7: 607، شذرات الذهب 2: 321، 338، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 339.
(3)
تاريخ ابن عساكر 18: 236.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أبي جَعْفَر، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو القَاسِم علي بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن نَظِيْف، ح.
وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيُّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَة، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: بَعَثَ رَوْحُ بن حَاتِم إلى كاتِبٍ له بثلاثينَ ألفَ دِرْهَم، وكَتَبَ إليه: قد بَعَثْتُ بها إليكَ، ولا أُقَلِّلها تَكَثُّرًا (a) ولا أُكَثِّرُها تَمنُّنًا، ولا أَطْلُب عليها ثناءً، ولا أَقْطَعُ بها عنك رَجَاءً.
رَوْحُ بن زِنْبَاع الجُذَامِيُّ
(2)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وجَعَلَهُ أمِيْرًا على جُذَام فِلَسْطين.
(a) ابن عساكر: تكبرًا.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 247.
(2)
توفي سنة 84 هـ، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 2: 168، البيان والتبيين 1: 346، 358، 392، 2: 81، تاريخ الطبري 5: 496، 531، 536، 6: 412، الفتوح لابن أعثم 7: 98 - 102، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 264، 286، الجرح والتعديل 3: 494، الثقات لابن حبان 4: 237، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 189، المسعودي: مروج الذهب 3: 281، 313 - 314، 326 - 327، 4: 110، التنبيه والإشراف 212، الجهشياري: الوزراء والكتاب 35 - 37، عيون الأخبار 1: 102 (خبر له مع معاوية)، الأغاني 19: 143، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 86، الاستيعاب 2: 502، تاريخ ابن عساكر 18: 340 - 251 (وفيه سياقة نسبه)، ابن الجوزي: المنتظم 6: 251، ابن الأثير: الكامل 4: 123،145 - 151، 338، 513، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 296 - 297، 9: 316 (سلكه في وفيات سنة 64 هـ وسنة 83 هـ)، تاريخ الإسلام 2: 933، =
رَوْحُ بن مَعْمَر، أبو وَائِل المَلَطِيّ
شَاعِرٌ من أهْلِ مَلَطْيَة، مَدَحَ يَحْيَى بن خَالِد البَرْمَكِيّ، وكان خَصِيْصًا به.
قَرَأتُ في كتاب الوُزَرَاءِ والكُتَّابِ للجَهْشِيَارِيّ
(1)
، قال: وكان يَحْيَى أحْسَنَ إلى رَوْح بن مَعْمَر المَلَطِيّ، ويُكْنَى أبا وَائِل حتَّى خُصَّ بهِ، فقال رَوحٌ:[من السريع]
قَرَّبَني يَحْيَى إلى نفسهِ
…
وليْسَ لي منْهُ مَكَانٌ قَرِيْبْ
فقُلْتُ للنَّفْسِ صِلِيْ شُكْرَهُ
…
بالشُّكْرِ للهِ فنِعْمَ المُجِيْبْ
وَقَرِّبي حَالكِ مِن حِفْظِهِ
…
بالصَّبْرِ في الدَّهْرِ على ما ينُوبْ
وإنَّ مَنْ يَحْفَظُ أَسْبَابَهُ
…
عِندَ الّذي قرَّبَهُ لا يَخِيْبْ
رُوْد بن الحارِث الكَلاعِيُّ
(2)
وقيل: وَرْقَاء بن الحَارِث.
فارسٌ لهُ ذِكْرٌ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان. وبارزَ عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه في بعضِ أيَّامِ صِفِّيْن فقَتَلَهُ عليُّ.
أخْبَرَنا أبو العَلَاء أحْمَد بن أبي اليُسْر بن سُلَيمان، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن أحْمَد الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء،
= الإعلام بوفيات الأعلام 49، سير أعلام النبلاء 4: 251 - 252، العبر في خبر مَن غبر 1: 72، الوافي بالوفيات 14: 150 - 151، (وفيه: عامل عبد الملك)، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 53 - 55، (وفيه: كان عبد الملك يستشيره)، الإصابة 2: 216 - 217، شذرات الذهب 1: 347، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 340 - 342.
(1)
لم يرد ذكر في نشرة كتاب الجهشياري.
(2)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 18: 253.
قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الطِّيبِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني نَصْرُ بن مُزَاحِم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، [عن الشَّعْبيّ](a)، عن صَعْصَعَة بن صُوْحَان العَبْدِيّ، أنَّ عليًّا عليه السلام كان صَافَّ (b) أهل الشَّام يَوْمًا بصِفِّيْن حتَّى بَدَرَ عليًّا رَجُلٌ من حِمْيَر من آل ذي يَزَن، اسْمُه كُرَيْب بن الصَّبَّاح، ليسَ في أهْلِ الشّام يَومئذٍ أشْهَر بشدَّة البَأْس منه، فبَدَرَ بين الصَّفَّين، ثمّ نَادَى: مَن يُبَارز؟ فبَرَز إليه شُرَحْبِيل
(2)
، فذَكَرَ في الحَدِيْث أنَّهُ قَتَلَهُ، وقَتَلَ اثْنَين بعده، ثُمَّ قال: هل بَقِي لي من مُبَارز؟ فخَرَجَ إليهِ عليّ بن أبي طَالِب، وذَكَرَ أنَّهُ قَتَلَهُ عليّ، ثُمَّ قِيل (c) بعدَهُ الحَارِث بن وَدَاعَة الحِمْيَرِيّ، فقَتَلَهُ عليٌّ، ثمَّ نَادَى على مَن يُبَارز، فبَرَزَ إليه رُوْد بن الحَارِث الكَلاعِيّ، فقَتَلَهُ عليّ بن أبي طَالِب أيضًا، وذَكَرَ تَمَام الحَدِيْث. وقد اسْتَقْصَينا خَبَرَهُ في تَرْجَمَةِ الحارِث بن الجُلَاح الحَكَمِيّ
(3)
.
هكذا في رِوَايَة ابن دِيْزِيْل، وذَكَرَ غيره أنَّهُ وَرْقَاء بن الحَارِث الكَلاعِيّ، واللهُ أعْلَمُ.
(a) أسقط ابن العديم السند المدرج بين حاصرتين في الأصل، والمثبت من ابن مزاحم، وهو يتكرر في الكثير من الروايات عنده.
(b) الأصل: مصاف، والمثبت من كتاب نصر.
(c) مهملة في الأصل، وترجيح المثبت لقوله بعده: فقتله عليّ.
_________
(1)
وقعة صفين 315.
(2)
تختلف أسماء المبارزين في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم عما هو مدرج أعلاه، وهم فيه على الترتيب: المرتفع بن الوَضَّاح الزبيدي، الحارث بن الجلاح، عائد بن مسروق الهمداني، ثم علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه فتقدم عنه كريب بن الصباح، الحارث بن وداعة الحميري، المطاع بن المطلب القيني.
(3)
ترجمة الحارث بن الجلاح في الضائع من أجزاء الكتاب.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رُوْزبَهَان
رُوْزبَهَان بن جَبْهُون الصُّوْفيّ
(1)
سَمِعَ الحافِظ أبا طَاهِر السّلَفِيّ وحَدَّثَ عنهُ بالدِّيَار المصْرِيَّة بالأرْبَعين البُلْدانيَّة، سَمِعَ منه رَفِيقُنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِي، وأخْبَرني أنَّه دخَل حَلَب ونزل بخَانقَاه القَصْر النُّورِيَّة، وأنَّهُ سَمِعَ منه سَنَة ثَلاثٍ وسِتّمائة بالدِّيَار المِصْرِيَّة.
رُوْزبَهَان - وقيل: رُوْزبَهَار - ابن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن أبي القَاسِم الفَارسِيّ الكّازَرُونِيّ الدَّيْلَمِيّ
(2)
شَيْخٌ صَالِحٌ منِ أصْحَاب الوَجْدِ والشَّوق، صَحِبَ أبا زَيْد الصُّوْفيّ، وكان مُقِيْمًا بالمَوْصِل ثمّ خَرجَ عنها إلى حَلَب، ونَزل بمَشْهَد عليّ خَارِج باب الجِنَان، وسَارَ إلى دِمَشْق، وأقام بها مُدَّةً، ثمّ خَرَجَ منها إلى مِصْر، فأقام بها إلى أنْ ماتَ، وكان له كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ.
وصَحِبَهُ بحَلَب الشَّيْخ يَحْيَى بن عَبْد اللهِ الصَّيَّاح، شَيْخ الرِّباط الّذي فيه تُرْبَة المَلِك الصَّالح إسْمَاعِيْل بن نُور الدِّين، وسَلَكَ طَرِيقَهُ في الصِّيَاح.
سَمِعْتُ الصَّاحِب قاضِي القُضَاة أبا المحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم يَقُول
(3)
: قَدِمَ علينا المَوْصِل رُوْزبَهَار، وكان يَدَّعِي أنَّهُ من المُشْتاقِيْن، ويَطْرأ عليه حَالٌ يذْهلهُ (a)، ويَصِيْح صيَاحًا عَظيْمًا، ورُبَّما عَرَضَ له ذلك وهو في الصَّلاة، فيَصِيْحُ
(a) غير واضحة في الأصل، والمثبت من التذكرة.
_________
(1)
كان حيًا سنة 603 هـ.
(2)
توفي سنة 578 هـ، وترجمته في: تاريخ الإِسلام 12: 614 (ترجمة مقتضبة جدًّا).
(3)
أورده ابن العديم في تذكرته 52 - 54.
في الصَّلاة فيُنْكِر عليه الفُقَهَاء ذلك لِمَا فيه من مُنافَاة مَذَاهِبهم (a)، ومُخالفة الشَّرْع.
وكان قد نَزَل مَسْجِدًا ظَاهِرَ المَوْصِل، وكان القَاضِي فَخْر الدِّين أبو الرِّضَا بن الشَّهْرَزُورِيّ يَزُور رُوْزبَهَار كَثِيْرًا، وكان إمام أهل المَوْصِل في الفِقْه، قال: فأنْكَرنا عليه ذلك، وقُلْنا له: أنْتَ سَيِّد الفُقَهَاء، وقُدْوة العُلَمَاء، وَتَزُور هذا الرَّجُل مع ما هو عليه من الأُمُور المُضَادَّة لقَاعدة الشَّريْعَة (b)، وانْتِمائه إلى ما ليس له قاعِدة؟ فقال لنا: اعْلموا أنَّني كُنْتُ ليلَة النِّصْف من شَعْبان - أوَ قال: لَيْلَة القَدْر، الشَّكُّ منِّي (c) مُسْتقبلٌ القِبْلَة وأنا قَاعِدٌ أُحْيي اللَّيْلة، فأغْفَيتُ وأنا جالسٌ، فرأيْتُ المَلائِكَة في النَّوْم قد نَزَلُوا من السَّماءِ ومعهم أنْوَار عَظِيمَة ومعهم عَلَمٌ، فسَألتُهم: إلى أين؟ فقالُوا: إلى زيارة رُوْزبَهَار، فقُلتُ: وأنا أصْحَبُهم، فَمشَيْتُ صُحبَتَهُم، فجاؤوا إلى المَسْجِد الذي هو فيه، فأضَاءَ المسْجدُ، وسَطَعَت الأنْوَار، فدَخلْنا فوَجدْنا رُوْزبَهَار مُسْتقبلٌ القِبْلَة وهو يَصِيْحُ على جَارِي عَادَته، فسَلَّم عليهِ المَلائِكَة، وصَالَحُوه وانْصَرَفُوا واسْتَيْقَظتُ، وقلتُ في نَفْسِي: لا بُدَّ من زيَارة هذا الرَّجُل.
فلمَّا أصْبَحْتُ، وفُتِحَت أبْوَابُ المَوْصِل، خَرَجْتُ إلى المَسْجِد الّذي هو نَازِل به، ودَخَلْتُ المَسْجِد، فوجَدْتُ رُوْزبَهَار مُسْتَقبل القِبْلَة على الحالِ الّتي رأيته عليها في النَّوْم وهو يَصِيْحُ، فَجَلَسْتُ في جانب المَسْجِد إلى أنْ سَكَن صيَاحُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إليَّ وقال: تَزُورنا في اللَّيْل وفي النَّهَار! فقُلْتُ: ما بَقي بعدَ هذا شيءٌ، فأنا أَزُوره لذلك.
سمعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن الحافِظ عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ يقُول لي: أخْبَرَني أَبي - ولي من أبيهِ إجَازَة - قال (d): أخْبَرَني جَدُّك لأُمِّكَ عَبْد الكافِي بن بَدْر بن حَسَّان الأنْصاريّ، قال: كان الشَّيْخ رُوْزبَهَان - يعني: ابن أبي بَكْر الفَارسِيِّ
(a) التذكرة: حالهم.
(b) التذكرة: الشرع.
(c) في التذكرة: ليلة القدر، دون تشكك.
(d) مكررة في الأصل.
رَضِىَ اللهُ عنهُ - إذا حَضَر يَوْم الجُمعَة إلى الجامع يَذْكُر بصَوْتٍ عالٍ جَهْوَرِيّ، فكنتُ في بعض أيَّام الجُمَعِ في جَامِع عَمْرو بن العَاص بمِصْر، والخَطِيبُ يخطُب على المِنْبَر، إذْ صَاحَ الشَّيْخُ رُوْزبَهَان صيَاحًا كَثِيرًا على عَادَته، فقال بعضُ الحاضِرين: لقد آذانا هذا الشَّيْخ بصيَاحِه وشَوَّش علينا في مثل هذا الوَقْت، وقام مُبَادرًا، ورفَع يَدُه ليَضْربه، فبقِيَتْ يَدُه مُعَلَّقة في الهَوَاءِ، ولَم يَسْتَطع أنْ يَصِل بها إليهِ.
كَتَبَ لي رَفيْقُنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمّد البَكْرِيّ بخَطِّه، وسَيَّرَهُ إليَّ، ويَغْلِبُ على ظنِّي أنَّني سَمِعْتُه من لَفْظه، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَنِ غُلَام الشَّيْخ رُوْزبَهَان الزَّاهِد يَقُول: دَخَلْنا حَلَب عند عَوْدنا من المَوْصِل، ونزلنا بمَشْهَد عليّ ظَاهِر حَلَب، ورَأينا من أهْلها إكْرَامًا عَظيْمًا، وانتقَلْنا منها إلى دِمَشْق، ثمّ إلى مِصْر، وتُوفِّيَ الشَّيْخ بها.
قَرأتُ بخَطِّ أبي البَرَكاتِ المُبارَك بن أحْمَد بن المُستَوفِيّ في تاريخ [إرْبل](a)، وأجَازَ لنا الرِّوَايَة عنهُ في كتَابِهِ إليْنَا من إرْبِل، قال: رُوْزبَهَان الدَّيْلَمِيَّ - ورَأيْتُهُ في مَوضعٍ رُوْزبَهَار بالرَّاءِ - وهو صَاحِبُ أبي زَيْدٍ الصُّوْفيّ، سَمِعْتُ الفَقِيْر إلى الله أبا سَعيد كَوْكَبُوري بن عِليّ بن بُكْتِكِيْن، سَامَحهُ الله، يَقُول: وَرَدَ إرْبِل من نحو خَمْسِين سَنَةً أو أكْثَر، ونزل بمَشْهَد الكَفِّ، فَزَارَهُ مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز، وكان رُوْزبَهَان يُريدُ السَّفَر إلى مِصْرَ، فقال: لو أقَمْتَ بهذا المَشْهَد، مَشْهَد الكَفّ، فهو مَشْهَدٌ حَسَنٌ، فقال: أنا أُريْد مَشْهَد القَلْب لا مَشْهَد الكَفّ.
قال أبو البَرَكَات
(1)
: وحدَّثَ بعضُ الإرْبِلِيِّيْن أنَّ رُوْزبَهَان كان بالمَوْصِل في يده سُبْحَة خَضْراءُ، وشَعره مَنْشُور كالدَّيْلَم، وفي يَده طَبَرْزين يَصِيْح دَائمًا
(a) ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصل، والنص متصل فيه، ولم يرد لروزبهان ذكر في المتبقي من كتاب ابن المستوفي.
_________
(1)
لم يرد في المتبقي من تاريخ إربل.
بصوْتٍ عالٍ ثَبج تَخْشَعُ له القُلُوب إلَّا في الأسْوَاق، لا يَأكُل إلّا من الدَّرْوَزة، هو وأصْحَابه، ومعه القَوَّالُونَ والشَّبَّاباتُ، وفي أصْحابهِ حَاجِبٌ، ومُدَرْوِزٌ، وخَادِمٌ؛ فإذا أرادَ المُدَرْوِز الخُرُوج سألَ الحاجِب أنْ يَسْتأذن له، فإن الحَاجِب يَقِف بين يَديه أكْثَر النَّهَار أو أكْثَر اللَّيْل قيامًا واحدًا.
قال ابنُ المُسْتَوفِيّ
(1)
: وحَدَّثني أبو المَعَالِي صَاعِد الوَاعِظُ، قال: كان رُوْزبَهَان يُصَفِّق ويَدْخُل في السَّمَاعَ من غيرِ دفٍّ ولا شَبَّابَة، ويرْقصُ هو وأصْحَابُه.
زُرْتُ قبر رُوْزبَهَان بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن أبي القَاسِم الفَارسِيّ بالقَرَافَة بسَفْح جَبَل المُقَطَّم بمِصْر، في بَعْضِ قَدْمَاتي إلى مِصْر، فقَرأتُ على عَمُود قَبْره مَكْتُوبًا أنَّهُ تُوفِّي صَبَاح يَوْم الأرْبَعَاء خامس ذي القَعْدَة من سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ورَأيْتُ قُبَيْرًا صَغِيرًا عند باب التُّرْبَة، ومعي بَعْضُ صُلَحَاء مِصْر، فقال لي: هذا قَبْر قِطٍّ كان لرُوْزبَهَار، كان لا يَأكُل في شْهر رَمَضَان شيئًا إلَّا وقت الإفْطَار، وكان يأنَس به ويَبِيْتُ عند رِجْليهِ، ولمّا مَاتَ الشَّيْخ ماتَ القِطّ يَوْم مَوْته فدُفِنَ عندَهُ في التُّرْبَة، والقُبير ظَاهِرٌ يَراهُ كُلّ مَنْ يَزُوره.
أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ
(2)
، قال: رُوْزبَهَان هو الشَّيْخ الصَّالِح رُوْزبَهَان بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن أبي القَاسِم الفَارسِيّ الكَازَرُونِيّ الصُّوْفيّ، تُوفِّي في يَوْم الأرْبَعَاء الخامِس من ذي القَعْدَة سَنَة ثَمانٍ وسبعِين وخمسِمائة، وقبره ظاهِرٌ يُزار ويُتَبَرَّكُ بهِ بجانِب بئر الحاجِب لُؤلُو.
(1)
لم يرد في تاريخ إربل.
(2)
لم يترجم له في التكملة لوفيات النقلة، والمطبوع من الكتاب يبتدئ بوفيات سنة 582 هـ.
رُوَيْمْ الشَّيْبَانِيّ
(1)
وقيل: يَزِيْد بن رُوَيْم.
أحَدُ وُجُوه أصْحَاب عليّ رضي الله عنه، وشَهِدَ معهُ صِفِّيْن، وكان على رجَّالة الذُّهْلِيِّيْن يوْمئذٍ، وقيل: على ذُهْل الكُوفَة.
رِئَاب بن حُنَيْف
(2)
قيل إنَّ له صُحْبَةً، وأنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ يَوْمئذٍ (a) .
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رِيَاح
رِيَاح بن الحارِث النَّخَعيِّ
(3)
شَهدَ صِفِّيْنَ مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، ورَوَى عن عليّ، وسَعِيْد بن زَيْد، وعَمَّار، وأبي أَيُّوب الأنْصَاريّ، ورَوَى عن عَمَّار بن يَاسِر قَوْلَهُ.
(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.
_________
(1)
كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين لنصر بن مزاحم 205، والأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 172، والاشتقاق لابن دريد 359.
(2)
توفي سنة 37 هـ، وترجم ابن حجر العسقلاني لعلَم اسمه: رئاب بن حنيف بن رئاب الأنصاري، وذكر أنه شهد بدرًا وقتل يوم بئر معونة. (الإصابة 2: 215): وكان يوم بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة، فلعله آخر.
(3)
توفي في حدود سنة 90 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 153، تاريخ البخاري الكبير 3: 328 - 329، الجرح والتعديل 3: 511 (ذكره غير منسوب)، تاريخ بغداد 9: 412، الإكمال لابن ماكولا 4: 14، تهذيب الكمال 9: 256 - 257، تاريخ الإِسلام 2: 933، الكاشف 1: 314 (كناه: أبا المثنى)، الوافي بالوفيات 14: 158، تهذيب التهذيب 3: 299، تقريب التهذيب 1: 254، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 38.
رَوَى عَنْهُ ابنُه عَبْدُ اللهِ بن رِيَاحٍ، وحَنَش بن الحَارِث بن لَقِيْط، وأبو الحَكَم الحَسَن بن الحَكَم النَّخَعِيُّ، وابنُ ابنه صَدَقَةُ بن المُثنَّى بن رِيَاح.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبْرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد وأبو الغَنائِم ابنا أبي عُثْمان، وأبو القَاسِمِ بن البُسْرِيّ، وأبو طَاهِر القَصَّارِيّ، وأبو الحَسَن الأنْبارِيّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن مَهْدِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي يَعْقُوبُ، قال: حَدَّثنا يَزِيد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن الحَكَم أبو الحَكَم، عن رِيَاح بن الحَارِث، قال: كُنْتُ إلى جَنْب عمَّار بن يَاسِرٍ بصِفِّيْن ورُكْبَتي تمَسُّ رُكْبَتَهُ، فقال رَجُلٌ: كَفَرَ أهْلُ الشَّام، فقال عمَّار: لا تَقُل ذلك، نَبِيُّنا ونبِيُّهم واحِدٌ، وقِبْلَتُنا وقِبْلَتُهم واحدةٌ، ولكنَّهم قَوْمٌ مَفْتُونونَ جَاروا عن الحَقِّ فحقّ علينا أنْ نُقَاتلهم حتَّى يَرْجعُوا إليه.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: رِيَاح بن الحارِث، سَمِع سَعيد بن زَيْد، وعليّ، يُعَدُّ في الكُوْفيِّين. قال عَبْدُ الرَّحْمن بن مَغْرَاء: حَدَّثنا صَدقَة بن المُثنَّى سَمِعَ جَدَّهُ رِيَاح أنَّهُ حجَّ مع عُمَر حجَّتَيْن.
أنْبَأنَا أبو مُحمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، قال: أنْبأنَا عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: رِيَاح بن
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3: 328.
(2)
الجرح والتعديل 3: 511.
الحارِث، رَوَى عن عليّ، وسَعِيْد بن زَيْد، وعمَّار بن يَاسِر، وأبي أيُّوبَ. رَوَى عنهُ الحَسَن بن الحَكَم، وحَنَشُ بن الحارِث، وابنُه جَرِير (a) بن رِيَاح، وابنُ ابنه صَدَقَة بن المُثنَّى بن رِيَاح، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
رِيَاح بن عَتِيْك الغَسَّانِيّ
(1)
كان فَارِسًا مَذْكورًا، شَاعِرًا مَعْرُوفًا له رَجَزٌ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وقَتَلَهُ الأشْتَر بصِفِّيْن يَوْم الماءِ.
أنْبأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد الأَمِين، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللهِ بن أحْمَد بن الخشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثنا أبو الحَسَن بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان الجعفِيّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم
(2)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، عن الشَّعْبِيّ، عن الحارِث بن أدْهَم، وصعْصَعَة بن صُوْحَان، وأحَدُهما يَزِيدُ على الآخر، قالا: فقَتَل الأشْتَر في تلك المَعْركَة بيَده سَبْعةً مُبَارَزَةً، منهم: صالح بن فيرُوز العَكِّيّ، ومَالِك بن أدْهَم السَّلَامَانيّ (b)، ورِيَاحَ بن عَتِيْك الغَسَّانِيّ، والأجْلَح بن مَنْصُور الكِنْدِيّ، وإبْراهيم بن الوَضَّاح الجُمَحِيّ، وزَامِلٍ بن عَتِيْك الجُذَامِيّ (c)، ومُحَمَّد بن رَوْضَة الجُمَحِيّ. قال: وقَتَلَ الأشْعَث فيها خَمْسَةً، وذَكَرَا قتْل جَمَاعَة.
(a) في الأصل برسم: حد ـر، مهملة النقط، وفوقها "صـ"، وتقدم اسم ابنه فيما مرّ: عبد الله، والمثبت من كتاب الجرح والتعديل وتهذيب الكمال 9:256.
(b) وقعة صفين: السلماني.
(c) وقعة صفين: الحِزَامِيّ.
_________
(1)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 174 - 175، تاريخ ابن عساكر 18: 264 - 265.
(2)
وقعة صفين 174 - 175.
قال في الخَبَرِ: فخَرَجَ إليه رِيَاح بن عَتِيْكٍ وهو يَقُول: [من الرجز]
إنِّي زَعِيمُ لكم (a) بضَرْبِ
بِذِي غرارَينِ جَمِيعُ القَلْبِ
عَبْلُ الذِّراعَين شَدِيْد الصُّلْبِ
فشَدَّ عليه الأشْتَرُ وهو يَقُول: [من الرجز]
رُوَيدَ لا تَجْزَعَ من جِلادِي
جِلادِ قرْن (b) جَامِعِ الفُؤادِ
يُجِيْبُ في الرَّوعِ دُعَا المُنَادِيّ
قال: فاضْطَرَبا هُوِيًّا، ثمّ قَتَلَهُ الأشْتَرُ.
ورُوِيَ في غير هذه الرِّوَايَة:
رِيَاح لا تَجْزَع من جلادِي
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ رَيَّان
رَيَّان بن صَبِرَة بن هَوْذَة الحَنَفِيّ
(1)
رَوَى عن عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، وقيل إنَّهُ شَهِدَ معه صِفِّيْن، رَوَى عنهُ عِيسَى بن حِطَّان، وإسْمَاعِيْل بن زَرْبِيّ (c).
(a) وقعة صفين: مالك.
(b) وقعة صفين: شخصٍ.
(c) بعده بياض في الأصل قدر ستة أسطر.
_________
(1)
كان حيًا سنة 39 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 230، تاريخ البخاري الكبير 3: 333، تاريخ الطبري 5: 88، الجرح والتعديل 3: 514، الثقات لابن حبان 4: 242 (وفيه: ابن صبيرة)، ابن الأثير: الكامل 3: 348 وسماه في موضع آخر (3: 378): الريان بن ضمرة بن هوذة بن علي الحنفي.
أخْبَرَنا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقِّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا البُخاريّ
(1)
، قال: رَيَّان بن صَبِرَة الحَنَفِيّ، سَمِعَ عليًّا، رَوَى عنهُ عِيسَى بن حِطَّان.
أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو البَرَكَات سَعيدُ بن هاشِم، فيما أجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنهُ، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل المَعْرُوف برَجُل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: رَيَّان بن صَبِرَة الحَنَفِيّ، رَوَى عن عليّ، رَوَى عنهُ عِيسَى بن حِطَّان، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، ورَوَى أبو أُسامَة عن إسْمَاعِيْل بن زَرْبِيّ عنه.
قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن أبي جَرَادَة في حَاشِيَة كَتَبَها في بعض الأجْزاءِ: رَيَّان بن صَبِرَة الحَنَفِيّ، له ذِكْرٌ في الغَارَاتِ على أهْلِ الشَّامِ.
الرَّيَّان المَعْرُوف بالمُدَلَّلِ
حَكَى عن مُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، حَكَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الفَرَج الحَلَبِيّ (a).
رَئيسُ بن عَبْد الله النُّمَيْرِيّ، أبو شِهَابٍ
كان بمَنْبِج، وأنْشَد بها أبْيَاتًا كَتَبَها عنه سَاعِدُ بن فَضَائِل بن سَاعِد أبو مُحَمَّد المَنْبِجِيّ، ورَواها عنهُ.
(a) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر ثلثيها.
_________
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3: 333.
(2)
الجرح والتعديل 3: 514.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميُّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني سَاعِدُ بن فَضَائِل المَنْبِجِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه بسَمَرْقَنْد، قال: أنْشَدَني أبو شِهَاب رَئِيسُ بن عَبْدِ الله النُّمَيْرِيّ بمَنْبِج لبَعْضهم: [من السريع]
قد لَزِمَ العَالَمُ ضِدَّ الصَّوَابْ
…
وانْتَدَبُوا لِلظُّلْمِ مِنْ كُلِّ بابْ
فأنتَ إنْ أحسَنْتَ ظَنًّا بِهِمْ
…
أصْبَحْتَ كالنَّعْجَةِ بينَ الذِّئَابْ
وإنْ ظَنَنْتَ الخَيْرَ مِنهُمْ فَقَدْ
…
طلَبْتَ ماءً مِن لَمِيْعِ السَّرَابْ
حَرْفُ الزَّاي
زَاكِي بن كَامِل بن المُسَلَّم القَطِيْعِيّ، أبو الفَضْل الهِيْتِيّ، ويُعْرفُ بأَسِيْر الهَوَى قَتِيْل الرِّيْم، ويُلَقَّب بالمُهَذَّب
(1)
شَاعِرٌ أدِيبٌ، حَسَن الشِّعْر، من أهْلِ هِيْت، وَصَلَ إلى المَوْصِل، وقَدِمَ منها إلى الشَّام، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها، كَتَبَ عنهُ أبو الخَطَّاب عُمَر بن مُحَمَّد بن عَبْد الله العُلَيْمِيّ المَعْرُوف بابنِ حَوَائِج كَش بالمَوْصِل، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر القُرَشيّ الدِّمَشقيّ، وخرَّجَ عنهُ بَيْتَيْن من شِعْره في مُعْجَم شُيُوخه.
أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر الدِّمَشقيّ إجَازَةً، قال: أنْشَدَني زَاكِي بن
(1)
توفي سنة 546 هـ (كما أرخه ياقوت في معجمه)، وترجمته في: معجم الأدباء 3: 1314 - 1315، فوات الوفيات 2: 27 - 28، الوافي بالوفيات 14: 163 - 164، الزركشي: عقود الجمان ورقة 119 ب، شذرات الذهب 6: 231، الزركلي: الأعلام 3: 40.
كَامِل بن المُسَلَّم القَطِيْعِيّ الهِيْتِيّ، أبو الفَضْل، ويُعْرَفُ بأَسِير الهَوَى قَتِيْل الرِّيم لنَفْسِه، ونَقَلْتُه من خَطِّ ابن أبي الصَّقْر في مُعْجَم شُيُوخه
(1)
: [من الكامل]
لي مُهْجَةٌ كادَتْ بحرّ كلُومها
…
للنَّاسِ من فَرْط الجَوَى تَتَكلَّمُ
لَم يَبْقَ منها غير أرْسُم أعْظمٍ
…
مُتَجرِّدات (a) في الهَوَى تتَظَلَّم
أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد النَّسَّابَة، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب عُمَر بن مُحَمَّد بن عَبْد الله العُلَيْمِيّ إجَازَةً، قال: أنْشَدَني الأدِيْبُ أبو الفَضْل زَاكِي بن كَامِل الهِيْتِيّ إمْلاءً من حِفْظِه لنَفْسِه بالمَوْصِل: [من الكامل]
نَارُ الجَوَى بينَ الحَشَا والأضْلُعِ
…
أمْطَرْتِ جَذْوَتَها سَحَائبُ أدْمُعي
يا نَاكِتَ الدَّاءِ القَدِيمِ بحُبِّهِ
…
ومُجَرِّعي غُصَصِي بكَأسٍ مُتْرَعِ
مَهْلًا عَلَيَّ مُعَذِّبي حَسْبُ الأَسَى
…
ما بيْ عَلَيكَ وبَعْضُ ما بي مُقْنِعي
قال العُلَيْمِيّ: وأنْشَدَني أيضًا لنَفْسِه
(2)
: [من المديد]
سَيِّدِي ما عنْك لي عِوَضُ
…
طالَ بي في حُبّكَ المَرَضُ
كم بلا ذَنْبٍ تُهَدِّدُني
…
فجُفُوني ليْسَ تَغْتَمِضُ
أبغَيْر الهَجْر تَقْتُلني
…
لا أُبالي هجرُك الغَرَضُ
ورضَائي في رضَاكَ فقُلْ
…
ما تَشَاءُ لسْتَ أعْتَرضُ
أنتَ لي داءٌ أمُوتُ به
…
كم أُدَاويهِ ويَنْتَقضُ
تُوفِّي زَاكِي بعد سَنَة ستٍّ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، فإنَّ أبا الخَطَّاب العُلَيْمِيّ سَمِعَ منه في شَهْر رَبِيع الأوَّل من هذه السَّنَة.
(a) الوافي: متجددات.
_________
(1)
البيتان في فوات الوفيات 2: 27 والوافي بالوفيات 14: 163، وعقود الجمان للزركشي 119 ب.
(2)
الأبيات في معجم الأدباء 3: 1315 وفوات الوفيات 2: 27 والوافي بالوفيات 14: 164، وعقود الجمان 119 ب.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زَامِل
زَامِلُ بن عَتِيْك الجُذَامِيّ
(1)
فَارِسٌ، شَاعِرٌ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وقُتِلَ في الوَقْعَة، قَتَلَهُ الأشْتَرُ النَّخَعِيّ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أَبو عَبْد الله البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن إسْحَاق بن نِيْخَاب الطِّيبِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين الكِسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم
(3)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمرٍ، قال: قال جَابِر الجُعْفِيّ: خَرَجَ إليه - يعني الأشْتَر (a) - زَامِل بن عَتِيْك الجُذَامِيّ، فشَدَّ عليه وهو يَقُول:[من الرجز]
يا صَاحِبَ السَّيْفِ الخَضِيْبِ المُضْرَبِ (b)
وصَاحِبَ الجَوْشَنِ ذاكَ المُذْهَبِ
هل لَكَ في طَعْنِ غُلَامٍ مِحْرَبِ (c)
يَحْمِلُ رُمْحًا مُسْتَقيمَ الثَّعْلَبِ
(a) ابن عساكر: إلى الأشتر.
(b) وقعة صفين: المِرْسب.
(c) وقعة صفين: مِحْرَبِ.
_________
(1)
توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 174، 176، (وفيه: زامل بن عبيد [ومرة: عتيك] الحزامي)، تاريخ ابن عساكر 18: 292 - 293، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 348 - 349.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 292.
(3)
وقعة صفين 176.
قال: وشَدَّ على الأشْتَر فطَعَنَهُ على الجَوْشَن، فصَرَعَهُ، وشَدَّ الأشْتَر بسَيْفه فنَسَفَ (a) قوائم الفَرَس، ثمّ ضَرَبهُ بالسَّيْفِ فقَتَلَهُ وهو يَقُول:[من الرجز]
لا بُدَّ مِن قَتْلِيَ أو مِنْ قَتْلِكا (b)
قَتَلْتُ مِنْهُمْ خَمْسةً مِن قَبْلِكا (c)
كُلُّهُمُ (d) كانُوا حُماةً مَثْلَكا
أنْبَأنَا أبو العَلَاء أحْمَد بن شَاكِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أحْمَد الأدِيْبُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، عن الشَّعْبِيّ، عن الحَارِث بن أدْهَم، وصَعْصَعَة بن صُوْحَان، وأحَدُهما يَزِيدُ على الآخر، قالا: فقَتَلَ الأشْتَرُ في تلك المَعْرَكَة بيَده سَبْعةً مُبَارَزَةً؛ منهُم: صالح بن فَيْرُوز العَكِّيّ، ومالك بن أدْهَم السَلَامَاني (e)، ورِيَاح بن عَتِيْك الغَسَّانِيّ، والأجْلَح بن مَنْصُور الكِنْدِيّ، وإبْراهيم بن الوَضَّاح الجُمَحِيّ، وزَامِل بن عَتِيك الجُذَامِيّ (f)، ومُحَمَّد بن رَوْضَة الجُمَحِيّ. قالا: وقَتَلَ الأشْعَثُ فيها خَمْسةً.
قال عَمْرو بن شَمِر: قال جَابِر: فخَرَجَ إليه زَامِل بن عَتِيْك الجُذَامِيّ (g)، فشدَّ عليه وهو يَقُول، فذَكَرَ كما ذَكَرَهُ الحافِظُ سواء.
(a) كذا في الأصل، وفي كتاب وقعة صفين وابن عساكر: فكَسَفَ.
(b) وقعة صفين: قتلكما.
(c) وقعة صفين: قبلكما.
(d) وقعة صفين: وكلهم.
(e) وقعة صفين: السلماني.
(f) وقعة صفين: زامل بن عبيد الحِزَامِيّ.
(g) وقعة صفين: الحِزَامِيّ.
_________
(1)
وقعة صفين 174.
زَامِلُ بن عَمْرو السَّكْسَكِيّ الحُبْرَانيّ الحِمْيَرِيّ الحِمْصِيّ
(1)
كان مع مَرْوَان بن مُحَمَّد بحَرَّان، ووَلَّاهُ مَرْوَان حين أفْضَت إليه الخِلَافَة دِمَشْق وحِمْص.
رَوَى عن أَبيِهِ، وعن ذي الكَلَاع الحِمْيَرِيّ، وعَرِيْب الحُبْرَانيّ، وشِهَاب بن عَبْد الله الخَوْلانِيّ. رَوى عنهُ سَعيد بن أبي هلال، وصَعْصَعَة بن صُوْحَان، وعُمَر بن مُحَمَّد بن صُهْبَان، والزُّبَيْديّ.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لَنا في رِوَايته، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بن إسْحاق بن مُحَمَّد بن يَزِيد قاضي حَلَب بدِمَشْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله أحْمَد بن عليّ بن سَهْل المَرْوَزيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الجَعْدِ، قال: أخْبَرَنا عَمْرو بن شَمرٍ، عن جَابِر، عن الشَّعْبِيّ، عن صَعْصَعَة بن صُوْحَان، قال: سَمِعْتُ زَامِل بن عَمْرو الجُذَامِيّ يُحَدِّثُ عن ذي الكَلَاع، قال
(2)
: سَمِعْتُ عُمَر بن الخَطَّاب يَقُول: سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّما يُبْعَث المُسْلمُون على النِّيَّاتِ.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحْمَد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الرَّبَعِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب الكِلَابيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن سُمَيْع يقُول
(1)
كان حيًّا سنة 127 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 3: 443، تاريخ الطبري 7: 312 - 313، الثقات لابن حبان 6: 345، الجرح والتعديل 3: 617، تاريخ ابن عساكر 18: 293 - 295، ابن الأثير: الكامل 5: 329، الوافي بالوفيات 14: 164، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 349.
(2)
أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه 18: 294، والمناوي في فيض القدير 3: 7 (رقم 2607).
في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة: زَامِل بن عَمْرو، من اليَمَن، حِمْصيٌّ، ولَّاهُ مَرْوَان بن مُحَمَّد دِمَشْق بعد قَتْلِ الوَلِيد؛ يعني: ابن يَزِيد.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(1)
، قال: زَامِلُ بن عَمْرو السَّكْسَكِيّ يُعَدُّ في الشَّامِيِّيْن، عن عَرِيْب الحُبْرَانيّ، رَوَى عنهُ سَعيد بن أبي هِلال، والزُّبَيْديّ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بِن أبي حَاتِم
(2)
، قال: زَامِل بن عَمْرو السَّكْسَكِيّ، رَوَى عن عَرِيْب الحُبْرَانيّ، رَوى عنهُ سَعيد بن أبي هِلال، والزُّبَيْديّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم علِيّ بن الحَسَن
(3)
، قال: زَامِلُ بن عَمْرو السَّكْسَكِيُّ الحُبْرَانيُّ الِحْمَيَرِيُّ الِحْمِصِيُّ، أمير دِمشْق وحِمْص من قبَل مَرْوَان بن مُحَمَّد، رَوَى عن أَبِيهِ عن جَدّه، وصُحْبَة، وعن عَرِيْب الحُبْرَانيّ، وشِهَاب بن عَبْدِ الله الخَوْلانِيّ. رَوَى عنهُ سَعيد بن أبي هِلالٍ، والزُّبَيْديّ، وعُمَر بن مُحَمَّد بن صْهبَان.
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3، 443.
(2)
الجرح والتعديل 3: 617.
(3)
تاريخ ابن عساكر 18: 293.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زَائِدَة
زَائِدَةُ بن قُدَامَة الكُوْفيُّ، أبو الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ
(1)
سَكَنَ الكُوفَة، وقَدِمَ حلَبَ غَازِيًا فماتَ بها.
رَوَى عن عَبْدِ الله بن عُمَر عن نَافِع، وعن سُليْمان بن مِهْرَان الأعْمَش، ومُحَمَّد بن عَمْرو، وأبي إسْحاق، ومَنْصُور، وعِمْران بن مُسْلِم، وعُمَر بن قَيْس، وسِمَاك بن حَرْب.
رَوَى عنهُ أبو إسْمَاعِيْل ثَابِت بن مُحَمَّد الزَّاهِدُ، والهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، ومُعاوِيَة بن عَمْرو، والحُسَين بن الوَلِيد، وأبو أُسامَة، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، ومُصْعَبُ بن المِقْدَام، والحُسَين بن الوَلِيد القُرَشِيّ، وخَلَف بن تَمِيْم، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، وعَبْثَر بن القَاسِم، وحُسَيْن الجُعْفِيّ.
(1)
توفي سنة 160 هـ، وقيل في السنتين بعدها، وترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد 6: 378، تاريخ ابن معين 2: 170، 3: 441، تاريخ خليفة 437، طبقات خليفة 169، تاريخ البخاري الكبير 3: 432، تاريخ الطبري 5: 310، 570 - 571، 6: 11 - 12، 22، 72، 159، 242 - 346، العجلي: تاريخ الثقات 163، النديم: الفهرست 2/ 1: 88، ابن أبى حاتم: الجرح والتعديل 3: 613، الثقات لابن حبان 6: 339 - 340، مشاهير علماء الأمصار 269، ابن زبير الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 159، ابن الأثير: الكامل 4: 213، 246، 328، 408 - 411، 6: 56، تهذيب الكمال 9: 273 - 277، تاريخ الإسلام 4: 365 - 366، سير أعلام النبلاء 7: 375 - 378، الإعلام بوفيات الأعلام 76، تذكرة الحفاظ 1: 215 - 216، العبر في خبر من غبر 1: 181، الكاشف 1: 317، الوافي بالوفيات 14: 169، القرشي: الجواهر المضية 2: 206، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 134، ابن حجر: تهذيب التهذيب 3: 306 - 307، تقريب التهذيب 1: 256، الداودي: طبقات المفسرين 1: 181 - 182، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 288، السيوطي: طبقات الحفاظ 98، الغزي: الطبقات السنية 3: 253 - 254، شذرات الذهب 2: 276، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 349 - 351، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 42.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين المُقَوِّمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَلْحَة القَاسِم بن أبي المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم بن سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يَزِيد بن مَاجَة
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَبْد الله الأوْدِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قالا: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا زَائِدَة بن قُدَامَة، قال: حَدَّثَنَا سِمَاك بن حَرْب، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ، قال: جاء أعْرَابيٌّ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أبْصَرتُ الهِلَال اللَّيْلة، فقال: أتَشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا الله وأنَّ مُحَمَّدًا رسُول الله؟ قال: نعم، قال: قُمْ يا فُلَان (a) فأذِّن في النَّاس أنْ يَصُومُوا غَدًا.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن الغَزَّال في كِتَابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ أنَّ أبَوَي عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ كَتَبُوا إليه، وقالُوا: أخْبَرَنا أبو عَبد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد القَبَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنَا زَائِدَة، عن عَبْد الله بن عُمَر، عن نَافِع، عن ابن عُمَر أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَرَّق على قُرَيْظَة والنَّضِيْر نَخْلًا لهم، فقال حَسَّانُ بن ثَابِتٍ
(2)
: [من الوافر]
وهَانَ على سَرَاةِ بني لُؤَيٍّ
…
حَرِيقٌ بالبُوَيْرَة مُسْتَطِيرُ
(a) كذا في الأصل، وفي مصادر تخريج الحديث المتقدمة: قُم يا بلال.
_________
(1)
سنن ابن ماجة 1: 529 (رقم 1652)، وانظر: سنن أبي داود 2: 754 (رقم 2340)، المعجم الكبير للطبراني 11: 295 (رقم 11786).
(2)
ديوان حسان بن ثابت 1: 210.
قال الهَيْثَم: كُنْتُ مع زَائِدَة بأرْض الرُّوم، فَحدَّثَني بهذا الحَدِيْثِ، وأمَرَني بالحَرِيق.
قال أبو بَكْر: فسَمِعْتُ عليَّ بن مُحَمَّد بن العَلَاءِ يَقُول: سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن بن خِرَاش على باب مُحَمَّد بن يَحْيَى يَقُول: ما دَخَلْتُ إلى نَيْسَابُور إلَّا لهذا الحَدِيْث.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عليّ الأشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي عِيَاضُ بن مُوسَى
(1)
إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سِلَفَة الحافِظ مُكاتَبَةً، ح.
قال شَيْخُنا أبو مُحَمَّد الأسَدِيّ، وأجَازَهُ لنا أبو طَاهِر، قال: حَدَّثَنَا المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الفَاليّ، قال: حَدَّثَنَا القَاضِى ابن خَرْبَان، قال: حدّثنا القَاضِي ابن خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد الغَزَّاء، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن مُسَلّم، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن تَمِيْم، قال: كَتَبْتُ عن سُفْيان عَشرة آلاف حَدِيثٍ أو نحوها، فكُنْتُ أسْتَفهمُ جَلِيسي، فقُلْتُ لزَائِدَةَ: يا أبا الصَّلْت، إنِّي كَتَبْتُ عن سُفْيان عَشرة آلاف حَدِيث أو نَحْوها، فقال لي: لا تُحَدِّث إلَّا بما يَحْفَظ قلبكَ، وتَسْمَع بأذُنكَ، قال: فألقَمْتُها.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله السَّلَمَاسيِّ، قال: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالِح بن أحْمَد بن عَبْد الله، قَال: حَدَّثني أبي أحْمَدُ
(2)
، قال: زَائِدَة بن قُدَامَة
(1)
القاضي عياض: الإلماع إلى معرفة أصول الرواية 136 - 137، وتقدمت الرواية بالسند المذكور في الجزء السابع قبله.
(2)
العجلي: تاريخ الثقات 163.
ثِقَةٌ (3)، يُكْنَى أبا الصَّلْت، لا يُحَدِّثُ أحَدًا حتَّى يَسْأل عنه، فإنْ كان صَاحِب سُنَّةٍ حَدَّثَهُ، وإلَّا لَم يُحَدِّثْهُ.
وقال: حَدَّثَني أبي
(1)
، قال: وزَائدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ يُكْنَى أبا الصَّلْت، كانَ ثِقَةً صَاحِب سُنَّة، لا يُحَدِّثُ أحدًا حتَّىَ يَسْأل عنه، وإنْ كان صَاحِب سُنَّهٍ حَدَّثه، وإلَّا لَم يُحَدِّثهُ، وكان قد عَرَضَ حَدِيثه على سُفْيان الثَّوْرِيّ ورَوَى عنهُ الثَّوْرِيّ.
أخْبَرَنا الحُسَنِ بن عُمَر بن بَاز المَوْصِليّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(2)
، قال: زَائِدَة بن قُدَامَةَ أبو الصَّلْتِ الكُوْفيّ، سَمِعَ عُمَر بن قَيْس، وأبا إسْحَاق، ومَنْصُور، وروَى عنهُ أبو أُسامَة.
قال ابنُ أبي الأسْوَد: حَدَّثَني مُوسَى بن دَاوُد، قال: حَدَّثَني عُثْمان بن زَائِدَة الرَّازِيّ، قال: قُلْتُ لسُفْيان: أُريدُ آتِي الكُوفَة؛ ممَّن أسْمعُ؟ قال: عليكَ بزَائِدَة وابن عُيَيْنَة، قال: قُلتُ: أبو بَكْر بن عَيَّاش؟ قال: إنْ أردْتَ التَّفْسِير فعِنْدَهُ.
أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(3)
، قال: زَائِدَة بن قُدَامَة أبو الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ الكُوْفيّ، رَوَى عن أبي إسْحَاق، وسِمَاك، ومَنْصُور، رَوَى عنهُ عَبْثَر بن القاسِم، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، وحُسَيْن الجُعْفِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
(a) في تاريخ الثقات: "ثقفي، يكنى
…
ثقة".
_________
(1)
العجلي: تاريخ الثقات 163.
(2)
تاريخ البخاري الكبير 3: 432.
(3)
الجرح والتعديل 3: 613.
وقال ابنُ أبي حَاتِم
(1)
: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن دَاوُد، قال: سَمِعْ عُثمان بن زَائِدَة الرَّازِيّ، قال: قَدِمْتُ الكُوفَة قَدمةً فقُلْتُ لسُفْيان الثَّوْرِيِّ: مَن تَرَى أنْ أسْمعَ منهُ؟ قال: عليك بزَائِدَةَ وسُفْيان بن عُيَيْنَة.
وقَال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن دَاوُد القَزَّاز، قال: سَمِعْتُ أبا دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر، قال: ولَم يكُن زَائِدَةُ بالأُسْتَاذ في حَدِيثِ أبي إسْحاق.
وقال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: زَائِدَةُ بن قُدَامَة ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّة، أحبُّ إليَّ من أبي عَوَانَة، وأحْفَظُ من شَرِيك ومن أبي بَكْر بن عَيَّاشٍ، وكان يَعْرضُ (a) حَدِيثَهُ على سُفْيان الثَّوْرِيِّ.
وقال: سَمِعتُ أبا زُرْعَة يَقُول: زَائِدَةُ صَدُوقٌ من أهْلِ العِلْم.
قَرأتُ بخَطِّ مُظَفَّر الفَارِقِيّ، ممَّا ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي إسْحاق النَّدِيْم في كتابهِ الفِهْرِسْت
(2)
: زَائِدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ، من أنْفُسِهم (b) ويُكْنَى أبا الصَّلْتِ، ماتَ بالرُّوم في غَزَاةِ الحَسَن بن قَحْطَبَة سَنَة إحْدَى وسِتِّين (c)، ولهُ من الكُتُب: كتابُ السُّنَن؛ يَحْتَوي على ما مثْل ما تَحْتوي عليه كُتُب السُّنَن، كتابُ القِرَاءَات، كتابُ التَّفْسِير، كتابُ الزُّهْد، كتابُ المَنَاقِب.
أخْبَرَنا أبو الجَاج يُوسُفُ بن خَلِيل الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا نَاصِر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عَبد الرَّزَّاق بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الخَطِيب، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا ابنُ رُسْتَةَ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن
(a) الجرح والتعديل: عرض.
(b) في الفهرست: من أنْفَسِهم. والمُراد هنا: أنه ليس من مواليهم.
(c) بعده في كتاب النديم: أو ستين ومائة.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 613.
(2)
النديم: الفهرست 2/ 1: 88.
مُصْعَب، قال: ماتَ زَائِدَةُ سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين ومائة، قال شَبَاب
(1)
: ماتَ زَائِدَة سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة، يُكْنَى أبا الصَّلْتِ.
قال أحْمَد بن يُونُس: سَمِعْتُ سُفْيان الثَّوْرِيّ يَقُول: زَائِدَة ثِقَةٌ - يُمَازحه - هذا زَائدَةُ بن قُدَامَة أبو الصَّلْت، سَلُوه، قالوا: ماتَ بحَلَب، وقال غيره: ماتَ بأرْض الرُّوم غَازِيًا.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور الجَمَّال، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن يَحْيَى بن مُعاوِيَة الطَّلْحِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحَضْرَميّ، قال: ماتَ أبو الصَّلْتِ زَائدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ بأرْض الرُّوم عام غَزَا الحَسَنُ بن قَحْطَبَة بالصَّائِفَة سَنَة ستِّين أو إحْدَى وسِتِّين ومائة.
أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحاكِم
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَمْرو الأحْمَسِيّ بالكُوفَة، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن حُمَيْد بن الرَّبيْع، قال: حَدَّثَني أبي، قال: ماتَ زَائِدَةُ بن قُدَامَة سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة.
أنْبَأنَا الحافِظُ عَبْدُ القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانيّ، عن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ، قال: أخْبَرَنا إسْحَاقُ بن أبي إسحاق أبو يَعْقُوب القَرَّابُ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد المَالِيْنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الجُرْجَانِيّ
(3)
، قال: حَدَّثني أحْمَد بن
(1)
تاريخ خليفة 437.
(2)
معرفة علوم الحديث للحاكم 560.
(3)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 5: 1856.
سَعيد بن فَرْضَخ (a)، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن الحَسَن، قال: قال لنا عليّ بن الجَعْد: مات زَائِدَة بأنْطَاكِيَة في السَّنَة الّتي ماتَ فيها الحَسَنُ بن قَحْطَبَة وهو وَالي الثَّغْر، وأظُنُّه كان في سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين.
وقال القَرَّابُ: وَجَدْتُ في كِتَاب أبي مَعْشَر الخَيَّاط بخَطِّه أنَّهُ سَمِعَ القَيْسِيّ يَقُول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
يَقُول: سَمِعْتُ الوَاقِدِيّ يَقُول: وزَائِدَة بن قُدَامَة الثَّقَفِيّ، من أنْفُسِهم، ويُكْنَى أبا الصَّلْت، ماتَ بالرُّوم عام غَزَا الحَسَنُ بن قَحْطَبَة الصَّائِفَة سَنَة ستِّين ومائة.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجبَار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة زَائِدَة بن قُدَامَة الثّقَفِيّ أبو الصَّلْت، سَكَنَ الكُوفَة، وماتَ غَازِيًا بالثَّغْر.
زَائِدَةُ بن مَزْيَدة بن زَائِدَة العُرْضِيُّ
شَاعِرٌ من أهْل عُرْض، كَتَبَ عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن شَيئًا من شِعْره بالسُّخْنَة، وخَرَّجَ عنهُ في مُعْجَم شُيُوخهِ
(2)
. وعرْض والسُّخْنَة من أعْمَال حَلَب من المَنَاظِر.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن عَبْد اللّه بن رَوَاحَة، عن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(3)
، قال: أنْشَدَني زَائِدَةُ بن مَزْيَدة بن زَائِدَة
(a) الأصل: موضح، وتقدم التعليق عليه في الجزء الخامس من هذا الكتاب.
_________
(1)
قارن بطبقات ابن سعد 6: 378.
(2)
لم يرد في مُعْجَمُ شيوخ ابن عساكر، ولم يذكر في باب زَائِدَة سوى اسم واحد ليس هو العرضي.
(3)
لم يذكره في تاريخه ولا في معجم شيوخه.
العُرْضِيّ لنفسِه بالسُّخْنَة من أبْيَات: [من السريع]
وَلِمْ قضَى بالبَيْنِ ما بَيْنَنا
…
لا درَّ درُّ الدَّهْرِ مِن حَاكِمِ
ما أقْتَلَ البَيْنَ لأهْلِ الهَوَى
…
وأصْعَبَ الحُبَّ على الكَاتِمِ
زَائِدَةُ بن نِعْمَةَ بن نُعَيْم بن نَجِيْح، أبو نِعْمَة القُشَيْريّ المعرُوف بالمُجَفْجَفِ
(1)
شَاعِرٌ بَنِي مَالِك، بَدَوِيٌّ حَسَن الشِّعْر، قَدِمَ حلَبَ، ومَدَحَ بها المَلِك رِضْوَان بن تُتُش وغيره، وكان يَتَردَّد إليها كَثِيْرًا.
رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، وأبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن المحسِّن بن المِلْحِيّ، وأبو البَدْر مُحَمَّد بن عليّ بن أبي البَدْر.
أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن المُحَسِّن بن أحْمَد السُّلَمِيِّ من لَفْظه، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: المُجْفَجَف (4)، شَاعِرٌ بَدَوِيٌّ، كَثِيْر الشِّعر، نَقِيّ الألْفَاظ مُخْتَارها، مُسْتَطرف المَعَانيّ، قليل اللَّحْن، حَسَن الفَنّ، يَمْدَح من العَرَب السَّادَات وأهْل البُيُوتات، وله في صَدَقَة بن مَزْيَد ما شِئْتَ من القَصَائِد النَّاصِعَة، والمَعَاني الرَّائعة (b).
(a) تصحف في ابن عساكر: المحفحف.
(b) مهملة في الأصل، ويمكن أن تكون: الرائقة.
_________
(1)
توفي سنة 586 هـ، وترجمته في: خريدة القصر 4: 439 - 442 وذكره العماد بلقبه ولم يُسمِّه، تاريخ ابن عساكر 18: 298 - 300 (وفيه: المحفحف)، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1315 - 1316 (ولقيه ياقوت بحَلَب)، الوافي بالوفيات 14: 168 - 169، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 351 - 353.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 298 - 299.
وَصَلَ إلى دِمَشْق وأنْشدَ أتَابِك قَصِيدَةً نُونيَّة، وخَلَعَ عليه خِلْعةً تامَّةً، وحَمَلَهُ على فَرَسٍ عَتِيق، ورَأيْتُه بحَلَب بِمَجْلِس المَلِك رِضْوَان وهو يُنْشِدُه قَصِدَةً منها قَوْله لنَاقَتهِ:[من البسيط]
لا راحةٌ لك يا زَيْدُ ولا سِنَةٌ
…
وَلا لَنا أو (a) نَرَى السُّلْطانَ في حَلَبا
أبا (a) المُظَفَّرِ رِضْوَانَ الّذي أَمِنَتْ
…
بهِ البِرَّيَّةُ لمَّا خَافَتِ العَطَبَا
الوَاهِب النِّعَمَ الخُضْرَ (c) الّتي (d) عَظُمَت
…
والجُرْدَ والمُرْدَ والهِنْدِيَّةَ القُضُبا
سَحابةٌ تُذهِبُ العُدْمَ المُضِرِّ بنا
…
وتُمطِرُ الفِضَّةَ البَيْضَاءَ والذَّهَبا
وتُوقِدُ الحَرْبَ في أعْدَائهِ فَتَرَى
…
عِظَامَهُمْ لا تَنِي في قَعْرِها حَطَبَا
فالدَّهْرُ يَخْدمُهُ والنَّصْر يَقْدُمُهُ
…
واللّهُ يُوْلي عِدَاهُ الوَيْلَ والحَرَبا
يا ابنَ الأُلى مَلَكُوا الدُّنْيا وعَمَّ
…
جميع ما خُوِّلُوهُ العُجْمَ والعَرَبا
قَوْمٌ مَنَاقِبُهُمْ لمَّا مضَوا بَقِيَت
…
تَخالُها في سَمَاءَ السُّؤْدَدِ الشُّهُبَا
لَهُمْ مِنَ اللّهِ نَصْرٌ لا يُغبُّهُمُ (e)
…
ومَدْحُهُمْ جَمَّلَ الأشْعَارَ والخُطَبَا
إنِّي أتَيْتُكَ لا أبْغِي سِوَاكَ حَيًا
…
ولا أرَى في بلادِ اللّهِ مُضْطَرَبا
ومَنْ أتاكَ طَلِيحًا طَالِبًا جِدَةً
…
فإنَّهُ بالغٌ مَمَّا بَن الأَرَبا
فأعْطَاهُ وخَوَّلَهُ وأجْزَل صِلَتَهُ وجَمَّلَهُ.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشْقيّ
(1)
، قال: زَائِدَةُ بن نِعْمَة بن نُعَيم بن نَجِيْح، أبو نِعْمَة القُشَيْريّ، المَعْرُوف بالمُجَفْجَف (f)، شَاعِرٌ قَدِمَ دِمَشْقَ ومَدَح بها أتَابك، ولَقِيتُه بالرَّافِقَةِ، وأَنْشَدَنِي شَيئًا من شِعْره.
(a) ابن عساكر: أن.
(b) ابن عساكر: أنا!.
(c) ابن عساكر: الحضر.
(d) الأصل: الذيّ، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وهي صفة للمنعم.
(e) ابن عساكرة: يُعبهم.
(f) ابن عساكر: المحفحف.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 298.
أنْبَأنَا سُليْمان، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم
(1)
، قال: أنْشَدَني أبو نِعْمَة زَائِدَةُ بن نِعْمَة بن نُعَيْم بن نَجِيْح القُشَيْريّ المَعْرُوف بالمُجَفْجَف لنفسِه بالرَّافِقَةِ: [من الطّويل]
أهنْدٌ على ما كُنْتَ تَعْهَدُها هِنْدُ
…
أم اسْتَبْدلَتْ بعدي وغيَّرها البُعْدُ
بَلى غير شَكٍّ إنَّها قد تَبدَّلَت
…
لأنَّ الغَوَانِي لا يَدُوم لها عَهْدُ
كما لَم يَدُم عَصْرُ الشَّبَاب ولا الصِّبَا
…
ولا ماكثٌ في غير أيَّامهِ الورْدُ
وعندي من الآراءِ والعَزْم صارِمٌ
…
متى أَنْتَضِيْهِ ليسَ يَنْبُو له حَدُّ
أتَيْتُكَ يا ابن الفَضْلِ من آلِ مَزْيَد
…
ويا ابن الأُلي ما فَوْق مَجْدِهم مَجْدُ
وقد حَكَمَت كُلّ المَلَاحِم أنَّهُ
…
على الجانب السَّعْدِيّ طالعُكَ السَّعْدُ
وقُلْنا بأرْض الجامعَيْن وبَابِلٍ
…
وقد أفْسَدَتْ فينا الأعَاريْبُ والكُرْدُ
ألَا فتَنَحُّوا عن دُبَيْسٍ ودَاره
…
فلا بُدَّ من أنْ يَظْهر المَلِك الجَعْدُ
ويَجْعَلَهُ يَوْمًا عَبُوسًا عَصَبْصَبًا
…
بقَتْل العِدَى حتَّي تشيْبَ له المُرْدُ
فلَم يقبَلُوا منَّا وكانَتْ ضلالةً
…
ومَنْ ضَلَّ في الدُّنْيا فليسَ له رُشْدُ
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(2)
: وأنْشَدَني أبو نِعْمَة لنَفْسِهِ أيضًا [من الخفيف]
أصْبَح الرّبْعُ مِن سُمَيَّةَ خالي
…
غيرَ هَيْقٍ ونَاشطٍ وغَزَالِ (a)
وثلاثِ كأنَّهُنَّ حَمَامٌ في
…
رَمَادٍ وأشْعَثِ الرَّأس بَالِ
هَلَّلَتْهُ (b) الرِّيَاح ممَّا تَوَاِلي
…
نَسْجَها بالغُدُوّ والآصَالِ
برحٌ غربلَتْ حصَاهُ فأمْسى
…
خَالِصًا وحْدَهُ بلا غِرْبالِ
من قَبُول ومن دَبُور نوجٍ (c)
…
وجَنُوب ومن صَبًا وشَمَالِ
(a) ابن عساكر: غير هين
…
وغوال.
(b) ياقوت: هلهلته.
(c) مُعْجَمُ الأدباء: سنوح.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 299.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 299 - 300، وانظر بعض الأبيات منها في مُعْجَم الأدباء 3: 1315 - 1316.
تَجلب الغَيْثُ غير ريث حَناه (a)
…
لرُسُوم الدِّيَارِ والأطْلَالِ
كل نَبْتٍ (b) من الرَّبِيْع وزهرٍ
…
مثل جيدٍ من العَرَائسِ حَالي
أو كزِيِّ (c) الّذي عُهِدْنَ لديْهِ
…
في ظِلَال الخِيَام أو في الحِجَالِ
كل بَرَّاقَة الثَّنايا ترايا
…
برَقيق الغُروب (d) عَذْبٍ زُلالِ
وكان الغَمام من بَعْد وَهْنٍ
…
مازَحَتْهُ بقَرْقفٍ جريالِ
تَطَّبى الشِّيْب بعد طُول مَشِيْبٍ
…
والكَرِيم الحلَمِ بعد اكْتِهَالِ
كنتُ في عَيْنها كمروَدِ كُحلٍ
…
صرتُ في عينها كشَوك السَّيَالِ (e)
حيثُ صَار السَّوَادُ منِّي بَيَاضًا
…
وتجدَّلتُ أرْذَل الإبْدَالِ
فإذا الخَيْل أصبحَتْ بي قيامًا
…
صَافناتٍ وأيْنُقي وجِمَالي
بجَنَاب ابن سَالِم وحِمَاهُ
…
أحْتَمِي (f) جَانبي وجَاهي ومَالي
مثل ما كنتُ في عِرَاق دُبَيْسٍ
…
لَم تكُن تَخْطُر الهُمُوم ببَالي
فإذا سَائَلَت قُشَيْرٌ بمِصْرٍ
…
ونُمَيْر بن عَامِرٍ كيفَ حَالي
وكِلَابٌ وفِتْيَةٌ من عُقَيلٍ
…
ورِجَالٌ ببرقَةٍ من هِلَالِ
كان رَدّ الجَوَاب: أَنِّي بخيرٍ
…
ما عَدَت مَال صروف اللَّيالِي
أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار، قال: كَتَبَ إليَّ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكاتب
(1)
، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أنْشَدَني أبو البَدْر مُحَمَّد بن عليّ بن أبي البَدْر الكاتب الوَاسِطِيِّ بها، قال: أَنْشَدَنِي المُجَفْجَف البَدَوِيّ لنَفْسِه في بعض أصْحَاب سَيْف الدَّوْلَة صَدقَة
(2)
: [من الطّويل]
تُرِيدُ الثَّنَا ما للثَّنا عنك مَعْزلٌ
…
تُريدُ مَزِيدًا ما عليك مَزِيدُ
(a) ابن عساكر وياقوت: حياة.
(b) ابن عساكر: بيت.
(c) ابن عساكر: كذا، ياقوت: كذاك.
(d) ابن عساكر: العروق.
(e) ياقوت وابن عساكر: السبال، والسَّيَال: شوك أبيض طويل إذا نزع خَرَجَ منه مثل اللبن. لسان العَرَب، مادة: سيل.
(f) كتب ابن العديم فوقها: يحتمي؛ أجود.
_________
(1)
خريدة القصر 4: 440.
(2)
البيتان في الوافي بالوفيات 14: 168.
تمَزَّقَ ثَوْبُ المَجْد عن كُلِّ لابس
…
وثَوْب سَعيد الأرْيَحيِّ جَدِيدُ
قال ابنُ النَّجَّار: زَائِدَةُ بن نعْمَة بن نُعَيْم بن نَجِيْح، أبو نِعْمَة القُشَيْريّ، المَعْرُوف بالمُجَفْجَف، الشَّاعر، بَدَوِيٌّ كَثيْر الشِّعْر، جَيِّد الألْفَاظ، حَسَن المَعَانيّ، يَمْدَح سَادَات العَرَب وأهْل البُيُوت والتَّقَدُّم، وله في سَيْف الدَّوْلَة صَدَقَة وابْنه دُبَيْس عدَّة قَصَائِد، وقد دَخَلَ الشَّام، ومَدَح مُلُوكها.
أخْبَرَني الأَمِير بَدْرَان ابن جَنَاح الدَّوْلَةِ حُسَيْن بن مَالِك بن سَالَمِ بن مَالِك العُقَيْلِيّ، قال: كان المُجَفْجَف شَاعِر جَدِّي مَالك صَاحِب قَلْعَة جَعبر، فقَصَدَ تَاج الدَّوْلَة ابن مُنْقِذ بشَيْزَر مُمْتدِحًا له، ونَزَل بمَسْجِدٍ بشَيْزَر، فلم يَرَ عند بني مُنْقِذ احْتِفَالًا بأمْره، فأمَرَ غُلَامَهُ أنْ يأتيَهُ بدَابَّتهِ فرَكِبَها وفَارَقهم، وسار عن شَيْزَر، وكَتَبَ على حَائِط المَسْجِد الّذي كان نَازِلًا به:[من مجزوء الرمل]
بتُّ ضَيْفًا ببني مُنْـ
…
ــقذِ كَهْفِ الفُقَرَاءِ
غيرَ أنِّي بتُّ في المَسْـ
…
جِدِ والماءُ غِذَائي
أشْتَكي الجُوْعَ إلى الفَجْـ
…
ــر وأجْتَرُّ خَرَائي
قال: فطَلَبَهُ تَاج الدَّوْلَة ابن مُنْقِذ بعد يَوْمَيْن فلم يَجدْهُ، فأُسْقِطَ في يَده، وقال: السَّاعَة يَمْضي المُجَفْجَف إلى قَلْعَةِ جَعْبَر (a) ويَشْتِم أعْرَاضَنا، قال: فأرْسَل في الحالِ إلى جَدّك القَاضِي ابن العَدِيْم قاضي حَلَب مائة دِيْنارٍ وعَشرة ثيِاب خَزٍّ، وقال له: ما أَعْرف خَلاصَ أعْرَاض نسَائنا إلَّا منْكَ، فَتَسْتَدعي المُجَفْجَف وتَسْتَطْلقنا منه وتَدْفع إليهِ هذه الدَّنَانِيْر وهذه الثِّيَاب.
قال: فسَيَّرَ جَدُّكَ وأحْضَر المُجَفْجَفَ، وقال: أسألُكَ في شيءٍ وهو أنَّك لا تتَعَرَّض بذِكْري مُنْقِذ بقَبِيْح، وتأخُذ هذه الدَّنَانِيْر وهذه الثِّيَاب وتُطْلقُهم ليّ،
(a) الأصل: جَعْفَر، وقَلْعَة جَعْبَر معروفهْ، تقدّم التعريف بها في الجزء الأوّل.
قال: فقال: أذَلَّهم اللّه، واللّه إنِّي كُنْتُ رَاضيًا منهم بثَوْبٍ واحدٍ من هذه الثِّيَابِ وعَشرة دَنَانِيْر! وأخَذَها ومَضَى، وأجابَ جَدّك إلى ما سَأل.
قَرَأتُ في تاريْخ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن الفَضْل الدَّارِيّ، ورَأيتُهُ بخَطِّهِ بِمَارِدين، وذَكَرَ فيه قَتْلَ سَيْفِ الدَّوْلَة صَدَقَة بن دُبَيْس بن مَزْيَد، وقال: فرَثَاهُ جَمَاعَةٌ من جُمْلَتهم رَجُلٌ يُقال له: المُجَفْجَف من العَرَب، وكان يَسْكُن قَلْعَة جَعْبَر، من جُمْلَةِ قَصِيدَتهِ:[من البسيط]
لَم يَدْرِ قاتلُهُ شُلَّتْ أنَاملُهُ
…
ما خوَّلتهُ يدُ الأيَّام مِن ظَفَرِ
كأنَّما كانَتِ الأعْرَابُ قَاطِبَةً
…
أرْوَاحُها بينَ ذاكَ القَوْسِ والوَتَرِ
زَائِدَةُ البَزَّاز
حَكَى حِكايَة شَاهَدَها بحَلَب؛ رَوَاها عنهُ الأصْمَعِيُّ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، عن عُمَر بن ظَفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو الوَفَاء مُحَمَّد بن تُرْكَانْشَاه، قال: أخْبَرَنَا السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنَا الأبْهرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن حَكِيم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن زَائِدَة البَزَّاز، قال: رأيْتُ بحَاضِر حَلَب شَيْخًا يَقُود شَيْخًا ويَعنف بهِ، فقُلتُ لَهُ: ارْفِق به فطالَما رَفقَ بكَ، قال: ومَنْ تَرَاه؟ قلتُ: أبُوك أو جَدُّك، قال: فإنَّهُ ابن ابْنيّ، قال: قُلتُ: وما بَلغَ بهِ ما أرَى؟ قال: كانت له امْرأةٌ سَيِّئة الخُلُق! وكان مَنْزِله على دَرَجةٍ.
زِبْرِج الثَّمِليّ الأسْوَد
(1)
من مَوَالِي ثَمل الخادِم أمير طَرَسُوس.
وكان زِبْرج من الصَّالِحين المُرَابِطين بطَرَسُوس، المُقِيْمِين بجَامِعها، المشتغلين بالعِبَادَة آناء اللَّيْلِ وأطْرَاف النَّهَارِ، لا يَشغَلُه عن ذلك إلَّا الجِهاد، أو تَشْييع جنَازَة، أو عيَادَة مَرِيْض.
قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسيِّ في كتابهِ الّذي وَسَمَهُ بسِيَرِ الثُّغُور، وذَكَرَ فيه جَامع طَرَسُوس، وقال: وفي هذا المَسْجِد زِبْرج الثَّمليِّ الأسْوَد، تَرَكَ اللَّذَّة وزِينة الدُّنْيا في أيَّام ثَمل، رحمه الله، وحَفِظ القُرآن، وبرَع فيه، وتَنَسَّك وجَعَل قُوْتَه من المُبَاح، وقَوامَ عَيْشه ممَّا يَجْمَعُه منه من سَنَةٍ إلى سَنَةٍ.
وكان يأوي إلى دُوَيَرة له بباب الصَّاف
(2)
، طَرِيقُه إليها على رَجُلٍ يُعْرَفُ بأبي الحَسَن بن العَلَاء الأَذَنِيّ، وكان ابن العَلَاءَ هذا من تُنَّاءِ مَدِينَة أَذَنَةَ، وأحَد وُجُوهها، ويُظْهرُ حُبَّ الصَّالِحين، ويُدَاخِل أهْلَ حِصْن أوْلاس ومَنْ يَجِري مَجْرَاهم، فوَشَى به إلى بني عَبْد البَاقي مَنْ أفسَد حالَهُ معهم، واقْتَضت الصُّورَةُ أنْ يَنْحازَ عن أَذَنَةَ إلى طَرَسُوس، لأنَّها كانت مَلْجأ كُلّ طَرِيد، وعِصْمَة كُلّ شَرِيْد، وكُنَّا ذا لسَانٍ وحالٍ.
فحدَّث زِبْرج الثَّمليِّ مَنْ يَأنسُ بهِ أنَّ ابن العَلَاءِ هذا سَألَهُ مِرَارًا، ورغبَ إليه أنْ يَجْعل إفْطَارهُ عنده، وأنَّهُ لمَّا أكْثَر عليه اسْتَحيى منهُ، فأجابَهُ فقَدَّم له
(1)
كان حيًا سنة 354 هـ.
(2)
هو باب الصفصاف، أحد أبواب مدينة طرسوس، تقدم ذكره في الجزء الأول من الكتاب، ووقع التنبيه هناك على أن القاضي الطرسوسي يذكره بهذا الرسم حيثما ورد في كتابه سير الثغور.
طَعَامًا، عَهْدُ زِبْرِج بمأ كلٍ مثْله بَعِيدٌ، فنالَ منهُ زِيَادَةً على العَادَةِ من قُوْته وما وَظَّفَهُ على نفسهِ، وجاء إلى مَنْزِله، فقام إلى وِرْده فلَم يُطِق القيام لغَلَبةِ النَّوْم عليه، فنَامَ فرأى في مَنَامهِ رَجُلًا أسْوَد قد تَنَاول عَصًا أطْول ما يَكُون يَضْرب بها زِبْرجًا ولا يقلعُ عنه، ويُكَرِّرُ عليه، قال زِبْرج: فقُلتُ لَهُ: يا هذا، كم تَضْربني ولأيّ ذَنْبٍ تَضْربني؟ قال: السَّاعَة أقُول لك! فما زالَ ينتَبهُ من مَنَامِهِ وتَغلبُه عَينه ويَعُود الأسوَد لضَرْبه، ويَسْأله زِبْرجُ عن ذَنْبهِ ليتنصَّلَ منه أو يَعْتَذر إليهِ، فلمَّا بلغَ فيه غايةَ ما يَكْره وكَدَّهُ وتَعَسَّفَهُ بالضَّرْب المُبَرّح، قال له: يا زِبْرج، أتَأكُل طَعَامَ ابن العَلَاء؟ هذا الضَّرْبُ لذلك! قال: فقُلْتُ: فإنِّي لا أعُودُ، قال: إنْ عُدْتَ عُدْنا، فأصْبَح كَئِيبًا مَهمُومًا، واجْتازَ بابن أبي العَلَاء لأنَّهُ على مَدْرَجةِ طَرِيقهِ، وقد اسْتَحكم طَمَعهُ فيه، فعَاودَهُ يسْأل أنْ يفطِر عندَهُ، فأبَى وعاوَدَهُ وسَألَهُ، ورَغَّب إليه، وقبَّل بين عَيْنَيهِ ويَدَيه ورِجْلَيهِ، فقال: يا هذا، ما يمكن بعدَها أنْ أذُوق لك طَعَامًا، فضيَّق عليه مَوضعَ الاعْتِذَار، فَحدَثَهُ بما رَأى في مَنَامهِ ففارقه ولَم يَعُدْ لمثلها.
وخَرَجَ زِبْرجُ عن طَرَسُوس، وخَوَاصُّ النَّاسِ ينظُرون إليه نَظَرَهُم إلى أبي الخير صَاحِب التِّيْنَات أو أفْضَل، لأنَّ زِبْرِجًا من القُرَّاءِ المجاهِدين، وحَصَل ببَيْتِ المقدِسِ، يُشَار إليه، وماتَ بها، رَحْمَةُ الله عليه.
قُلتُ: أَظُنُّ أنَّ زِبْرِجًا خَرَجَ من طَرَسُوس إلى بيت المقدِس لمَّا استَوْلَى نَقَفُور على طَرَسُوس في شَعْبان سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، واللهُ أعلم.
زُبيد بن عَبْد الخولانِيّ المِصْرِيّ
(1)
شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وكان معه رَايَةُ خَوْلان، فلمَّا قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِر لَحِقَ بعليّ بن أبي طَالِب.
أنْبَأْنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد (a) بن الحَسَن بن سُلَيم، ثمّ حَدَّثَني أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ عنه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَاطِرْقَانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ بن مَنْدَة، قال: قال لنا أبو سَعيد بن يُونُس
(3)
: زُبيد بن عَبْد الخَوْلانيِّ، من ي يَعْلَى، شَهِدَ الفَتْح بمِصْر، وكانت معه رَايةُ خَوْلان بصِفِّيْن، فلمَّا قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِرٍ انْكَفأ إلى عليّ بن أبي طَالِب.
أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: أنبأنَا أبو نصْر عليّ بن هِبَة الله بن مَاكُولا
(4)
، قال: أمَّا زُبيد - بضَمِّ الزَّاي وفَتْح الباءِ المُعْجَمة بوِاحدة وسُكُون اليَاء الّتى تَليها - فهو زُبيد بن عَبْد الخولانيِّ (b)، كانتَ معهُ رَايةُ خوْلان بصِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان؛ يعني فلمَّا قُتِلَ عَمَّار بن يَاسِر انْكَفأ إلى عليّ بن أبي طَالِب، قالهُ ابن يُونُس.
أنْبَأنَا أبو المحاسِن بن الفَضْل بن البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(5)
، قال: زُبيد بن عَبْد الخولانِيّ المِصْرِيّ، له ذِكْرٌ في كُتُب المِصْرِيِّيْن، ووَفَدَ على مُعاوِيَة، وشَهِدَ معه صِفِّيْن، ثُمَّ لَحِقَ بعليّ بن أبَي طَالِب.
(a) تاريخ ابن عساكر: يوسف.
(b) زيد في نشرة ابن ماكولا عن بعض نسخه: من بني يعلى شهد مصر.
_________
(1)
ترجمته في: تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 185 - 186، ابن ماكولا: الإكمال 4: 169 - 170، تاريخ ابن عساكر 18: 305، الإصابة 3: 38، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 43.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 305.
(3)
تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 185.
(4)
ابن ماكولا: الإكمال 4: 169 - 170.
(5)
تاريخ ابن عساكر 18: 305.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ الزُّبَيْر
الزُّبير بن بَكَّار بن عَبْد الله بن مُصْعَب بن ثَابت بن عَبْد الله بن الزُّبير بن العَوَّام بن خُوَيْلِد بن أسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيِّ القُرَشِيُّ الأسَدِيُّ الزُّبيرِيُّ، أبو عَبْد الله بن أبي بَكْر، قَاضِي مكَّة
(1)
قَدِمَ طَرَسُوس، وحَكَى عن بَعض الغُزَاة بها.
رَوَى عن أَبيِهِ أبي بَكْر، وعَمِّه مُصْعَب ابْنَي عَبْد الله بن مُصْعَب، وسُفْيان بن عُيينَة، وإسْمَاعِيْل بن أبي أُوَيْس، ومُحَمَّد بن ثَابتِ الأنْصَاريّ، وعَبْد المَلِك بن عَبْد العَزِيْز بن عَبْد الله بن أبي سَلمَة، والنَّضْر بن شُمَيْل، وعبد الله بن عُمَر، وعُبيد الله بن خَالِد بن أبي بَكْر بن عُبيدِ الله بن عَبْدِ الله بن عُمَر، وعبد الله بن نَافِع الصَّائغ، وأبي غَزِيَّة مُحَمَّد بن مُوسَى، وعليّ بن مُحَمَّد، وإبْراهيم بن عَبْدِ الله بن
(1)
توفي سنة 256 هـ، وترجمته في: القضاة الوكيع 1: 269، تاريخ الطبري 2: 271 - 273، 443، 4: 431، 8: 62، 71، 88، 431، الجرح والتعديل 3: 585، المسعودي: مروج الذهب (نقل عنه في مواضع عديدة من كتابه نسب قريش)، التنبيه والإشراف 60، 300، الثقات لابن حبان 8: 357، الفهرست للنديم 1/ 3: 340 - 343، ابن زي الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 336، تاريخ بغداد 9: 486 - 493، السمعاني: الأنساب 6: 266 - 267، ترتيب المدارك للقاضي عياض 3: 352، ابن الجوزي: المنتظم 12: 110 - 112، الحافظ اليغموري: نور القبس مختصر المقتبس 321 - 322، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1322 - 1326، ابن الأثير: الكامل 6: 14، 526، 7: 57، 217 (أرخ وفاته سنة 217 هـ)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 369 - 370، ابن الساي: الدر الثمين 371 - 372، وفيات الأعيان 2: 311 - 312 (وفيه: الزبير بن بكر بن بكار)، تهذيب الكمال 9: 293 - 299، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 82 - 83، سير أعلام النبلاء 12: 311 - 315، الذهبي: الكاشف 1: 318، الإعلام بوفيات الأعلام 114، تذكرة الحفافظ 2: 528، العبر في خبر مَن غبر 1: 367، ميزان الاعتدال 2: 66، اليافي: مرآة الجنان 2: 124، الوافي بالوفيات 14: 187 - 188، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 34، 65، ابن حجر: تهذيب التهذيب 3: 312 - 313، تقريب التهذيب 1: 257، النجوم الزاهرة 3: 25، السيوطي: طبقات الحفاظ 234 - 235، شذرات الذهب 3:252.
سَعْد، وإبْراهيم بن عبد الرَّحْمن، وعَبْد الجبَار بن سَعيد المُسَاحِقيِّ، ومُحَمَّد بن يَحْيَى، ومُحَمَّد بن إسْمَاعيْل الجعفَرِيّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد العُمَرِيّ، وعَتِيق بن يعْقُوب، وخَالِد بن وَضَّاح، وسَاعِدَة بن عُبَيْدِ اللهِ المُزَنِيّ، ومُحَمَّد بن الحسَين، ويُونس بن يَحْيَى بن نُبَاتَة، وحَمْزَة بن عُتْبَة، ويَحْيَى بن المِقْدَاد بن يَعْقُوبَ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد، ويَحْيَى بن الحَارِث بن عَبْدِ الله الأصْغَر، وعَمْرو بن أبي سُليْمان، وإِبْراهيم بن حَمْزَة، وذؤَيْب بن عِمَامَة، وإسْحَاق بن جَعْفَر، وعليّ بن صالح، ووَهْب بن زمْعَة، وأحمد بن عَبْد الله بن المُنْذِر، وأحمد بن أبي بَكْرِ الزُّهرِيّ، وهَارُون بن عَبْد اللهِ الزُّهْرِيّ، وعُمَر بن أبي بَكر المُؤَمَّليّ، وطَرِيف بن مورَق، وإبْراهيم بن المُنْذِر، وعبد الله بن عُمَر بن القَاسِمِ، وبَكَّار بن رَبَاح المَكِّيِّ، ومُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْدِيِّ، وعُمَر بن عُثْمان بن عُمَر التَّيْمِيّ، ومُحَمَّد بن الضَّحَّاك بن عُثْمان الحِزَاميِّ، وعَبْد الله بن عَنبَسَة بن عَبْدِ الله بن عَنْبَسَة بن عَمْرو بن عُثْمان بن عَفَّان، وأحمد في سَمان، ومُحَمَّد بن سَلَّام، وعبد الله بن كَثِيْر بن جَعْفَر، ومُوسَى بن جَعْفَر بن أبي كَثِيْر، وعليّ بن المُغِيرَة، وحُمَيْد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، وعُثْمان بن عَبْد الله بن عَبْد العَزِيْز، وسُليمان بن دَاوُد المُجَمَّعِيِّ، وجَمَاعَة غير هؤلاء يَطُول ذِكْرهُم، ويَكثُر تعدَادهم.
رَوَى عنهُ أبو حَاتمِ مُحَمَّد بن إِدْرِدس الرَّازِيّ، وجَعفَر بن أحْمَد الدِّمَشقيّ، وإبْراهيم بن عَبْد الصَّمَد الهاشميِّ، وأبو الحَسَن عليِّ بن عَبْد العَزِيْز بن يَحْيَى الوَرَّاق، وأبو عَبد الله أحْمَد بن سُلَيمان بن دَاوُد الطُّوْسيِّ، وعليِّ بن سَعيد البَصْريِّ، وأبو العبَّاسِ أحْمَد بن يَحْيَى ثَغلَب، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد الخُرِّمِيِّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يَزيد بن مَاجَة.
أخْبرَنا الإمَامُ أبو نَصْر عُمَر بن مُحَمَّد السُّهْرَوَرْدِيِّ، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف بن مُحَمَّد البَغدَاديّ، وأبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثمان بن يُوسُف بن أيُّوب الكَاشْغَرِيِّ، كُلّهم بحَلَب، وأبو بَكر عَبدُ الله بن عُمَر بن عليّ بن الخَضِر القُرَشِيِّ
بحَلَب ودمَشْقَ، ومُوسَى بن عَبْد القَادر الجيْلَانيّ بدِمَشْق، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي القاسِم بن تَيميَّة الحَرَّاني بحَرَّان، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفتح مُحَمَّد بن عبد الباقِي بن سَلْمَان بن البَطِّيّ، ح.
وأخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن البَطِّيّ، وأبو بَكْر يَحْيَى بن عَبْد البَاقِي الغَزَّالُ، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُسَلَّم بن سَلهان الإرْبِليّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا ابن البَطِّيّ، وأبو الحَسَن بن تاج القُرَّاءِ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مَالِك بن أحْمَد بن عليّ بن إبْراهيم البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن القَاسِم بن الصَّلْت، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الصَّمَد الهاشميِّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار قاضي مكَّةَ، قال: حَدَّثَنَا ساعِدة بن عبد الله المُزنِيِّ، عن دَاوُد بن عَطَاء المُزَنيِّ، عن زيْد بن أسْلَم، عن ابن عُمَر، قال: اسْتَسْقَى عُمَر بن الخَطَّاب عام الرَّمَادَة بالعبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، فقال: اللَّهُمَّ إنَّ هذا عَمّ نبيّكَ صلى الله عليه وسلم، نتَوَجَّه إليكَ بهِ، فاسْقِنَا، قال: فما بَرحُوا حتَّى سَقَاهُم اللهُ، قال: فَخَطَبَ عُمَر النَّاس، فقال: أيُّها النَّاسُ، إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كان يَرَى للعبَّاسِ ما يَرَى الوَلَدُ لوَالدِه، يُعَظِّمُه، ويُفَخِّمُه، ويبرّ قَسَمهُ، فاقْتَدُوا أيُّها النَّاسُ برسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في عَمِّه العبَّاسِ واتَّخذُوه وَسِيْلةً إلى الله فيما نَزَل بكم.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيِريِّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالب مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْح الحَرْبيِّ العشَارِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحسين مُحَمَّد بن أحْمَدُ بن إسْمَاعِيل المعروف بابنِ سَمْعُون، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلْم الخُرِّميِّ، قال:
حَدَّثَنَا الزُّبير بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني سَاعِدَةُ بن عُبَيْدِ اللهِ، قال: حَدَّثَني دَاوُد بن عَطَاء مَوْلَى الزُّبَيْر، عن زَيْد بن أسْلَم، عن عَبْد الله بن عُمَر
(1)
، قال: دَعَا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لعَبْدِ الله بن العبَّاسِ رضي الله عنه فقال: اللَّهُمَّ بَارك فيهِ، وانْشُرْ منهُ.
(1)
حلية الأولياء لأبي نعيم 1: 315.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف البَغْدَاديّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن ثَابتِ بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبي ثَابِتُ بن بندَار بن إبْراهيم البقَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتِيْقِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَنْصُور النُّوْشَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله أحْمَدُ بن سُلَيمان بن دَاوُد الطُّوْسيّ، قال (a): حَدَّثَنا أبو عَبْد الله الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مُحَمْد العُمَرِيّ، قال: رَأى إنْسَانٌ فيما يرى النَّائم قُبَيْل ظُهُور العبَّاسِ على بني أُمَيَّة كأنَّ عَاتِكَة بنتَ عَبْدِ الله بن يَزِيد بن مُعاوِيَة عُرْيانةً نَاشِرَة شَعرَها وهي تقُول
(1)
: [من الكامل]
إنَّ الشَّبَابَ وعَيْشَنا اللَّذُّ الّذي
…
كُنَّا به زَمَنًا نُسَرُّ ونَجْذَلُ
ذَهَبَتْ بَشَاشَتُهُ وأصْبَحَ ذِكْرُهُ
…
حَزَنًا يُعَلُّ به الفُؤَادُ ويُنْهَلُ
فتأوَّل ذلك النَّاسُ زَوَال دُنْيا بني أُمَيَّة، فكان كما أوَّلُوه.
وهذان البَيْتان للأحْوَص في قَصِيْدَتهِ الّتي يقُول فيها
(2)
: [من الكامل]
يا بَيْتَ عَاتِكَة الّذي أتعَزَّلُ
…
حَذَرَ العِدَى وبه الفُؤَادُ مُوَكَّلُ
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ قراءةً منّي عليه، قُلْتُ لهُ: أخْبَركم أبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور الجَمَّال فأقَرَّ بهِ، قال: أخْبَرَنا
(a) مكررة في الأصل، وانظر الخبر بإسناده عن ابن بكار في الأغاني 21:84.
_________
(1)
البيتان للأحوص الأنصاري في ديوانه 155، والأغاني 21: 84، ووفيات الأعيان 2:297.
(2)
ديوان الأحوص 152.
أبو مَنْصُور مَحْمُود بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أيُّوب الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا الزّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثني مُسلِم بن عَبْدِ الله بن جُنْدَب الهُذَلِيّ، قال: خَرَجْتُ أنا وزَبَّانُ السَّوَّاقُ إلى العَقِيْق، فلَقِيْنا نِسْوَةً نَازلاتٍ من العَقِيْق ذَوَاتِ جَمَالٍ وفيهنَّ جَارِيَةً حَسْناءُ العَيْنَيْن، فأنْشَدَ زَبَّانُ قَوْلَ أبي
(1)
: [من الطويل]
ألَا يا عِبَاد اللهِ هذا أخوكُم
…
قَتِيْلٌ، فهَلْ منكُم به (a) اليَوْمَ ثَائِرُ
خُذُوا بدَمِي إنْ متُّ كُلَّ خَرِيْدَة
…
مَرِيْضةِ جَفْن العَيْن والطَّرْفُ فَاتِرُ
قال: وأقْبَل عليّ وأشارَ إليها، فقال: يا ابن الكِرَام دَمُ أبيْكَ واللهِ في أثْوَابها، فلا تَطْلُب أثرًا بعد عَيْن، قال: وأقْبَلَتْ عليَّ امْرأةُ معها جَمِيلةٌ وهي أجْمَلُ من تيْك، فقالت: ابن جُنْدَب؟ قُلتُ: نعم، فقالت: إنَّ أَسِيرنا لا يُفَكُّ، وقَتِيْلنا لا يُودى، فاحْتَسبْ أباكَ واغْتَنِم نَفْسَكَ، ومَضَيْن.
قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا بهِ أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف إجَازَةً، وغيره عنه، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الطَّيِّب طَاهِر بن المُسَدَّد بن المُظَفَّر الجَنْزِيّ، من أصْلِ كُتُبه بثَغْر جَنْزَة، قال: سَمِعْتُ عليًّا - يعني أبا القَاسِم بن عبد الرَّحْمن بن الحَسَن النَّيْسَابُوريّ - يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللهِ - يعني مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حَمْدَوَيْه الحافِظ - يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد الفَارسِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن مَحْمُود قاضي الأهْوَاز يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن أحْمَد الدِّمَشقيّ
(a) ديوان ابن المعتز: له.
_________
(1)
ينسب الشعر لابن المعتز، انظر البيت الأول في ديوانه 205.
يَقُول: سَمِعْتُ الزُّبَيْر بن بَكَّار يَقُول: رأيْتُ بطَرَسُوس شَابًّا دَائِم التَّنَفُّسِ، وشَمَائِل الحُبِّ لا تَخْفى (a) وإنْ أَخْفيتَها، فاسْتَنْطَقتُه فأنْشَأَ يَقُول:[من مجزوء الرمل]
أنا في أمْري رَشَادِ
…
بين غَزْو وجِهَادِ
بَدَني يَغْزُو عَدُوِّي
…
والهَوَى يَغْزُو فُؤادِي
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن عَبْدِ المَلِك الخَلَّالُ الأدِيْبُ بأصْبَهَان، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم عُمَر بن عليّ بن أحْمَد اللَّيْثِيّ الحافِظُ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الطُّرْوَاحِيّ وعليّ بن سبَاشِي، قالا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحاكِم، قال: سَمِعْتُ عَبْد الله بن مُوسَى يَقُول: سَمِعْتُ هَارُون بن عِيسَى الحَنَفِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عليّ بن سَعيد البَصْرِيّ بمَكَّة يَقُول: أقَمْتُ مع الزُّبَيْر بن بَكَّار قاضي مَكَّة، وطال بنا الاجْتِمَاع والمُؤَانَسَة، ثُمَّ عَزَمْتُ على الخُرُوج، فودَّعتُه، فقُلتُ: إنْ كان للقَاضِي صَاجَةً بالبَصْرَةِ أو أمرٌ فليَأمرني أفْعَل أمْرَهُ، فقال: يا أبا الحَسَن، لقد بَلَغَ أُنْسِي بك أُنْسَ الرُّوْح بالبَدَن، وبَلَغتْ مُفَارقتي لك مُفَارَقة الرُّوْح للبَدَن، وحَاجَتي أنْ يُقَيِّضَ الله الاجْتِمَاع، ثُمَّ دَمَعَتْ عَيْناهُ، وأنْشَأ يَقُول:[من مجزوء الكامل]
ولقد بَكَيْتُ من الفرَا
…
قِ فهَل بَكَيْتَ كما بَكَيْتُ
وَلَطَمْتُ وَجْهي جَاهِدًا
…
وخَمَشْتُهُ حتَّى اشْتَفَيْتُ
ثُمَّ عَانقَني، وخَرَجْتُ من عنده.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن أبي الفَرَج
(a) مكررة في الأصل.
مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: الزُّبَيْرِ بن بَكَّار بن عَبْدِ الله بن مُصْعَب بن ثَابِت بن عَبْدِ الله بن الزُّبَيْر بن العَوَّام، أبو عَبْدِ الله، رَوَى عن عَبْد المَلِك بن عَبْد العَزِيْز المَاجُشُون، ومُحَمَّد بن الضَّحَّاك، وعَمّه مُصْعَب بن عَبْدِ الله، كَتَبَ عنهُ أبي بمَكَّة، ورَأيْتُه ولَم أكْتُبْ عنهُ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الطُّفَيْل إذْنًا، عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ البَرَدَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ، قال: قال أبو القَاسِم عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ
(2)
: وفيها ماتَ الزُّبَيْر بن بَكَّار، يعني سِتٍّ وخَمْسِين ومَائتَيْن.
أنْبَأنَا حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة ستٍّ وخَمْسِين ومَائتَيْن الزُّبَيْرِ بن بَكَّارٍ قاضي مَكَّة، ماتَ بها؛ وقَعَ من فَوْق بَيْتهِ في جُمَادَى.
(1)
الجرح والتعديل 3: 585.
(2)
تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 84.
الزُّبَيْر بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد الله بن عبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب بن هاشِم، أبو عَبْد الله بن أبي الفَضْل بن أبي إسْحاق بن أَبي جَعْفَر بن أبي عَبْد الله بن أبي جَعْفر، الْمُعَتْز بن المُتَوَكِّل بن المُعْتَصِم بن الرَّشِيْد بن المَهْدِيّ بن المَنْصُور الهاشِميّ
(1)
وقيل: إنَّ اسْمَهُ مُحَمَّد، وقيل: أحْمَد، وأُمُّه قَبِيْحَة أُمّ وَلَد.
قَدِمَ حلَبَ مع أبيهِ حينَ قَدمَها في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة، وكان المُتَوَكِّل اسْتَصْحَبَهُ معه مع أمِّه قَبِيْحَة لحُبِّهِ لهما، وضَنِّهِ بهما، وقيل إنَّهُ لَم يُر في زمَانه أصْبَح وَجْهًا منه ولا من أمِّه قَبِيْحَة.
ووَلِيَ الخِلَافَة وهو أمْرَد وعُمره تِسْعة عَشر سَنَة وشَهْر، بُوْيِعَ له بالخِلَافَة بسُرَّ مَنْ رَأى بعد المُسْتَعِين في آخر سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن، وقيل: في المُحَرَّم منها، ثمّ جُدِّدَت له البَيْعَة في مُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن.
(1)
توفي سنة 255 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 9: 223 - 390، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 233، 235، الأغاني 9: 236 - 239، الشابشتي: الديارات 164 - 170، الثقات لا بن حبان 2: 331، تاريخ بغداد 2: 487 - 492، تاريخ ابن عساكر 18: 307 - 323، ابن الجوزي: المنتظم 12: 43 - 49، 55، 79 - 80، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 318، ابن الساعي: المقابر المشهورة 71، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 280 - 291، 294 - 296، 355 - 358، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 169 - 170، سير أعلام النبلاء 12: 532 - 535، العبر في خبر مَن غير 1: 365 - 366، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 24: 247 - 249، الوافي بالوفيات 2: 291، 14: 184، النويري: نهاية الأرب 22: 308 - 320، تاريخ ابن الوردي 1: 346 - 349، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 10 - 12، 16 - 17، ابن خلدون: العبر 6: 16 - 30، النجوم الزاهرة 3: 23 - 24، السيوطي: تاريخ الخلفاء 573 - 575، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 353 - 357.
قَرَأ القُرْآن على مُحَمَّد بن عِمْران، مُؤَدِّبه، وتَأدَّب على يَعْقُوب بن السِّكِّيْت، وسَمِعَ الحَدِيْث من عليّ بن حَرْب الطَّائيّ، وأحمد بن بُدَيْلٍ الكُوْفيّ القَاضِي، ولا أعْلَم أنَّهُ حَدَّث بشيءٍ.
وحَكَى عن أَبيِهِ المُتَوَكِّل، حَكَى عنه ابنُهُ عَبْدُ الله بن المُعْتَزّ، ويَزِيْد بن أحْمَد المُهَلَّبِيّ، وعَبْدُ السَّمِيعْ الهاشِميِّ، والفَضْلُ بن العبَّاس بن المَأْمُون، والزُّبَيْر بن بَكَّار، وحَمْدُون بن إسْمَاعِيْل، وأحمد بن رَزِيْن القَاضِي. وكان لهُ شِعْرٌ حَسَنٌ.
أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو النَّجْم بَدْرُ بن عَبْدِ الله الشِّيْحِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ
(1)
، قال: كَتَبَ إليَّ أبو الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن مُحَمَّد المَوْصِلِيِّ يَذْكُر أنَّ أبا مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد الطُّوْسِيّ حدَّثَهُم، قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ الأزْديّ
(2)
، قال: وَفَدَ عليّ بن حَرْب الطَّائيّ على المُعْتَزّ بسُرَّ مَنْ رَأى، فكَتَبَ عنهُ المُعْتَزّ بخَطِّه ودَقَّق الكتاب، فقال عليّ: أخَذْتَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن في شُؤْم أصْحَاب الحَدِيْثِ، فضَحِكَ المُعْتَزّ أو نحو هذا.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضائِل الحَسَنُ بن هِبَة الله، وأبو البَرَكَاتِ سَعْدُ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ، قال: ووَفَدَ على المُعْتَزّ - يعني: عليّ بن حَرْب - في سَنَةِ أرْبَعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، فذَكَرَ مثله، وقال: أخْبَرَني
(1)
تاريخ بغداد 14: 365.
(2)
لم يرد في كتابه تاريخ الموصل، والذي وصلنا منه يقف عند سنة 224 هـ، ويرد في الرواية بعدها - عن الأزدي أيضًا - أن وفود علي في حرب على المعتز كان في سنة 254 هـ.
بهذا غير واحد من شُيُوخِنا، وأحْضرَه المُعْتَزّ للطَعَام فأكَلَ بحَضْرته، وأوْغَرَ (a) له ضِيَاع حَرْب كُلّها، فلَم يَزَل ذلك جَارِيًا له إلى أيَّامِ المُعْتَضِد.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الحافِظ
(1)
، قال: أَخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِيسَى الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بِن عُمْرُوسِ إمْلاءً، قال: سَمِعْت أحْمَد بن بُدَيْلٍ الكُوْفيّ قَاضِيْنا، قال: بَعَثَ إليَّ المُعْتَزُّ رَسُولًا بعد رَسُول، فلَبسْتُ كُمَّتي، ولبسْتُ نَعْلَ طَاقٍ، فأتَيْتُ بابَهُ، فقال الحَاجِبُ: يا شَيْخ نَعْليْكَ، فلم ألتَفتْ إليه، ودَخَلْتُ البابَ الثّاني، فقال الحَاجِبُ: نَعْلَيْكَ، فلم ألتَفتْ إليهِ، فدَخَلْتُ إلى الثَّالث، فقال: يا شُيْخ، نَعْلَيك! فقُلْتُ: أبالوَادِ المُقَدّس أنا فأخْلَع نَعْليّ؟! فدَخَلتُ بنعْلي فرفعَ مَجْلِسي، وجَلَسْتُ على مُصَلَّاهُ، فقال: أتْعَبْناكَ أبا جَعْفر، فقُلتُ: أتْعَبْتني وأذْعَرتني، فكيف بكَ إذا سئلتَ عنِّي؟ فقال: ما أرَدْنا إلَّا الخَيْر؛ أرَدْنا نَسْمَع العِلْم، فقُلتُ: وتَسْمَعُ العِلْم أيضًا؟ ألَا جِئْتَني؟ فإنَّ العِلْم يُؤْتَى ولا يَأتِي! فقال: تُعْتِبُ أبا جَعْفَر، فقُلتُ لَهُ: خَلَبْتني بحُسْن أَدبكَ، اكْتُب.
قال: فأخَذَ الكَاتِبُ القِرْطاس والدَّوَاةَ، فقُلتُ لَهُ: أتكتُب حَدِيثَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم في قِرْطاسٍ بمِدَادٍ؟ قال: فبما يْكْتَب؟ قُلتُ: في رَقٍّ بحِبْرٍ، فجاؤُوا برَقٍّ وحبْرٍ، فأخَذَ الكَاتِبُ يُريدُ أنْ يَكْتُب، فقُلتُ: اكْتُب بخَطِّكَ، فأوْمَأ إليَّ أنَّهُ لا يَكْتُب، فأمْلَيتُ عليه حَدِيْثَين أسْخَن اللهُ بهما عَيْنيهِ، فسَأله ابنُ البَنَّاءِ أو ابن النُّعْمان: أيّ حَدِيثين؟ فقال: قُلتُ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(2)
:
(a) في الأصل: وأوعز، وهو بالغين من الإيغار، أي جعلها له من غير خراج. انظر: لسان العرب، مادة: وغر.
_________
(1)
تاريخ بغداد 5: 83 - 84.
(2)
مصنف ابن أبي شيبة 7: 527 (رقم 37711)، المعجم الكبير للطبراني 20: 307 (رقم 473)، فتح الباري 13: 127 (رقم 7150).
مَنْ اسْترعي رَعِيَّةً فلَم يُحطْهَا بالنَّصِيحة حرَّم اللّه عليه الجنَّة. والثَّاني
(1)
: ما من أمير عَشرة إلَّا يُؤتَى به يَوْم القِيامَة مَغْلُولًا.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل ذَاكِر بن إسحاق بن مُحَمَّد بن المُؤيَّد بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل عَبْد السَّلام بن أبي الفَرَج بن مَكّيّ الهَمَذَانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه بن شَهْرَدَار الدَّيلمَيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر البَيِّع، قال: أخْبَرَنا أبو غَانِم حُمَيْد بن المأمُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عبد الرَّحْمن أبو بَكْرٍ الشِّيْرَازيّ في كتاب الألْقَاب، قال: المُعْتزُ باللّه أبو عَبْد اللّهِ، واخْتَلفوا في اسْمهِ، فقالوا: مُحَمَّد، وقالوا: الزُّبير بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن المتُوَكِّل، وَلِي في المحرَّم سَنَة اثنتَيْن وخَمْسِين ومَائتيْن، كان المُسْتَعِين خلَع نفسَهُ وسَلَّم الأمرَ إلى المعتزِّ، ثمّ خُلعَ المُعْتز في رَجَب سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، وقُتِلَ بعد الخلع بخَمْسةِ أيَّامٍ؛ أُدْخِل الحَمَّام فعُطِّشَ فيه حتَّى غُشِي عليه، وهو يَطْلُب الماءَ ويمنُعونه، ثُمَّ أُخْرجَ وهو يلهَثُ عَطَشًا، فدُفِع إليه كُوْزٌ مملُوءُ بالماءِ والثَّلج فشَرِبَهُ، ثُمَّ سَقَط مَيِّتًا، وهو يَقُول: احْتَلْتم على قَتْلي؛ اللّه حَسِيْبكُم.
سَمِعْتُ عَبْد اللّه بن مُوسَى الجوهَرِيّ يَقُول: حَدَّثنا مُحَمَّد بن الطَّيِّب الكَاتِب، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم بن إسْحاق الغَسِيْليّ يَقُول: سَمِعْتُ الحُسَين بن عِيسَى الدمشقيّ يَقُول: سَمِعْتُ الفَضْل بن العبَّاس بن سُلَيمان يَحكْي ذلك عن أبيهِ.
أنبأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ البَغْدَاديّ
(2)
، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن
(1)
مصنف ابن أبي شيبة 6: 423 (رقم 32543)، ومسند ابن حنبل 17: 164 (رقم 9570)، المعجم الكبير للطبراني 6: 22 - 23 (رقم 5388 - 5389).
(2)
تاريخ بغداد 2: 490.
عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحمد (a) المُفِيدُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: أخْبَرَني جَعْفَر بن علِيّ بن إبْراهيم، قال: كانت الجماعَة على أبي عَبْدِ اللّه المُعْتز باللّهِ، واسْمُه الزُّبير بن جَعْفر بن مُحَمَّد، وأُمُّه قَبِيْحَة، أُمِّ وَلدٍ رُوميَّة، في المُحَرَّم سَنَة اثنتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن. وإنَّما تُحْسَبُ أيَّام مُلكْه منذ يوْم خُلِعَ المُسْتَعِين.
وقال أبو بِشْر
(1)
: سَمعْتُ أبا الجعد يَقُول: اسْم المُعْتز باللّهِ الزُّبير، ويُقال: مُحَمَّد. وقال: أخْبَرَني جَعْفَرُ بن عليّ الهاشِميّ، قال: كان المُعْتّزُ باللّه رجُلًا طوِيلًا، جَسِيمًا، وسَيِمًا، أبيض مُشْربًا حُمْرَةً، أدْعِجَ العَيْنين حَسَنهما، أقْنَى الأَنْف، حسَن الوجْهِ، مَلِيْحًا، جَعْد الشَّعر، كثَّ اللحِيَة، مُدوَّر الوَجْهِ، حَسَن المَضْحَك، شَدِيد سَوَادِ الشَّعَرِ، أكْحَل العَيْنَين، مات وهو ابنُ أرْبَع وعشرين سَنَةً، وكان قاضيهِ الحَسَن بن أبي الشَّوَارب، ونَقْشُ خَاتمه: مُحَمَّد رسُول اللّه، وله خَاتم آخر نقشُهُ: المُعْتزُ باللّهِ.
أنبأنَا أبو اليُمْن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الخَطِيبُ
(2)
، قال: مُحَمَّد أَمِيرُ المُؤْمنِيْن المُعْتزُ باللّهِ بن جَعْفَر المتُوَكِّل على اللّه بن مُحَمَّد المُعْتَصِم باللّه، يُكْنَى أبا عَبْد اللّه، وقيل: إنَّ اسْمَهُ الزُّبَيْر، وكانَ موْلدُهُ بسُرَّ مَنْ رَأى؛ فأنبأني إبْراهيم مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا إسمَاعِيْل بن عليّ أنَّ المعتز باللّهِ ولد في شهر رَبيع الآخر سنة ثِنْتَيْن وثَلاثين ومَائتَيْن.
قال
(3)
: وأخْبَرَنا الحُسين بن عليّ الحنفِيِّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن هَارُون الضَّبِّيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر الحافِظ أنَّ موْلد المُعْتز يَوْم الخَمْيِس الحادِي عَشر
(a) في الأصل: أحمد بن محمد، وصوابه المثبث كما في تاريخ بغداد، وكما تكرر ذكره في العديد من الروايات المتقدمة واللاحقة.
_________
(1)
النقل متتابع عن تاريخ بغداد 2: 490.
(2)
تاريخ بغداد 2: 487.
(3)
تاريخ بغداد 2: 487.
من شَهرِ رَبيع الأوَّل سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين ومَائتيْن. قال: وكان مَنْزِلُه بسُرَّ مَنْ رَأى.
والقَوْل الأولُ عندنا أصحُّ. بُوْيِعَ المعتزُّ بسُرَّ مَنْ رَأى عند خَلِع المُسْتَعِين.
أنبأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: الزُّبيْر بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون (a) بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد اللّه بن عبَّاسِ بن عَبْد المُطَّلِب بن هاشِم بن عَبْد مَنَاف، أبو عَبْدِ اللّه المُعَتزّ باللّه بن المتُوَكِّل بن المعتَصِم بن الرَّشِيْد بن المَهْدِيِ بن المنصُور.
قَدِمَ دِمَشْق مع أبيه المتُوَكِّل، وبُويِعَ له بالخِلَافَة بعد المُسْتَعِين. حَكَى عن أَبيِهِ المُتَوَكِّل، حَكَى عنه ابنُهُ عَبْدُ اللّه بن المُعْتز، واخْتُلفَ في اسْمه، فقيل: مُحَمَّد، وقيل: أحْمد، وقيل: الزُّبير.
ذَكَر أبو العبَّاسِ أحْمَد بن يُونُس بن المُسَيَّب الضَّبِّيّ أنَّ اسْمَهُ أحمد. وقال: أخْبَرَني باسْمِه مُحَمَّد بن عِمْران مُؤَدِّبه، وبعضُ النَّاسِ يقُول: اسْمُه الزُّبير، وهو خَطَأ، مُحَمَّد بن عِمْران أعْلَم بهِ.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ السَّلام بن أبي الفَرَج، قال: أخبرَنا شَهرَدَار بن شِيْرَوُيه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيّع، قال: أخْبَرَنا حُمَيْد بن المأْمُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عبد الرَّحْمن، قال: أنْشَدَنا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد (b) الفَارسِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن الحُسَين بن عِيسَى بن رُسْتُم المَادَرَائِيّ الوَزِير بمِصر، قال: أنْشَدَني الأَمِير أبو العبَّاس عَبْد اللّه بن المُعْتز باللّه، واسْمُ المُعْتز الزُّبير بن جَعْفَر بن المُتَوَكِّل على اللّه بن المُعْتصِم.
(a) في تاريخ ابن عساكر: محمد هارون.
(b) مكررة في الأصل.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 307.
قُلتُ: وقد حُكي عن المُتَوَكِّل أنَّهُ قال: كُلُّ مَنْ غَلَبَتْ كُنْيَتُهُ على اسْمه من وَلدِي فاسْمُه مُحَمَّد.
أنبأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الآبِنوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ اللّه بن عُثْمان بن يَحْيَى الدَّقَّاقُ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إسْمَاعِيْل الخُطَبِي، قال: وقد كان المُتَوَكِّل على اللّه بايَع لابنهِ المُعْتز باللّه بالعَهْد والخِلَافَة بعد مُحَمَّد المنتَصر باللّه، وللمُؤيَّد باللّهِ إبْراهيم بن المُتَوَكِّل على اللّه بالعَهْد بعد المُعْتز باللّه، وكان المُؤيَّد مَحْبُوسًا مع المُعْتز فأُخْرج بخُرُوجهِ.
فلَّا بُوْيِعَ المُعْتز باللّه بالخِلَافَة وانتصَب للأمْر والنَّهي والتَّدْبِير، وجَّه أخاهُ أبا أحمد بن المُتَوَكِّل على اللّه إلى بَغْدَاد لحَرْب المُسْتَعِين باللّه، وأوْعَز معه بالجيُوش والكُرَاع والسِّلاح والعُدَّة والآلة، فصَارَ أبو أحْمَد بالجَيْش إلى أكْنَاف بَغْدَاد، وأخَذ مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن طَاهِر في الاسْتِعْداد للحَرْب ببَغْدَاد، وفَي سُور بَغْدَاد وأحْكَمهُ، وحَفَرَ خَنْدَقها وحَصَّنَها.
ونَزَل أبو أحْمَد بن المُتَوَكِّل على اللّه على بَغْدَاد، فَحَضَر المُسْتَعِين باللّه ومَنْ معه من النَّاسِ، ونَصَبَ لهم الحَرْب، وتجرَّد من ببَغْدَاد للقِتَال، فغَدَوا ورَاحوا على الحَرْب، ونُصِبَت المَناجَنيق والعَرَّادَاتُ حَول سُور بَغْدَاد، فلم يَزلِ القِتَال بينهم سَنَةً اثْنا عَشر شَهْرًا، وعَظُمَت الفِتْنَة، وكَثُر القَتْلُ، وغلَت الأسْعار ببَغْدَاد لشِدّة الحِصَارِ، وأضَرَّ ذلك بالنَّاسِ، وجهدُوا.
ودَاهن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن طَاهِر في نُصْرَة المُسْتَعِين، ومَالَ إلى المُعتز وكاتَبَ سِرًّا، فضَعُف أمْرُ المُسْتَعِين، ووَقَف أهْل بَغْدَاد على مُدَاهَنة ابن طَاهِر فصبَّحوا (a)
(a) مهملة في الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر 18: 309: فصيحوا.
به وكَاشَفُوه، فانْتَقل المُسْتَعِينُ باللّه من دَار مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه إلى الرُّصَافَة فنَزَلَها، وسَعَى في الصُّلْح على خَلْع المُستَعِين وتَسْليم الأمر للمُعْتزِّ حتَّى تقرَّر الأمرُ على ذلك، وسَعَى فيه رجال من الوجوه منهم: إسْمَاعِيل بن إسْحاق القَاضِي وغيره، ووُقِّعت فيه شَرَائط مُؤكَّدة، فخَلَع المُسْتعِينُ باللّهِ نفسَه ببَغْدَاد في الرُّصَافَة يَوْم الجُمُعَة لأرْبَع خِلَوْنَ من المحرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخمسِين ومَائتَيْن، وسَلَّم الأْمَر للمُعْتزّ باللّه، وبايع له، وأشْهَدَ على نفسهِ بذلك مَنْ حَضَرَهُ من الهاشِميِّيْن والقُضَاة وغيرهم، فكانت خِلَافة المُسْتَعِين باللّهِ، منذ يَوْم بُوْيِعَ له بسُرَّ منْ رَأى بعد وَفَاةِ المُنتصِر باللّه إلى يَوْم خُلِع ببَغْدَاد، ثلاث سِنين وتِسْعة أشْهُر.
وأُحْدرَ المُسْتَعِين بعد خَلْعه إلى وَاسِط مُوَكَّلًا به، فَخَرَجَ من مَدِينَة السَّلام لَيْلَة الجُمُعَة لإحْدَى عَشْرة خَلَتْ من المُحَرَّم بعد خَلْعه بثَمانية أيَّام، فوَصَلَ وَاسِط، وأقامَ بها تسْعة أشْهُر في التَّوْكيل به، ثُمَّ حُمِلَ إلى سُرَّ مَنْ رَأى، فقُتِلَ بقَادِسيَّةِ سُرَّ مَنْ رَأى لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَوَّال، وقيل: ليَوْميْن بَقِيا من شَهر رَمَضَان سَنَة ثِنْتَيْن وخَمْسِين ومَائَتيْن، فتُوفِّي وله من السِّنِّ أحد وثَلاثُون سَنَة وشَهرَان ونيف وعشرون يَوْمًا.
وكان المُسْتَعِينُ مَرْبُوعًا، أحْمَر الوَجْهِ، خَفِيْف العارِضَيْن، بمُقَدَّم رَأسِه طُول، حَسَن الجِسْم، بوَجْهه أثَر جُدَرِيّ، في لِسَانه لثْغَةُ على السِّيْن يَمِيْل بها إلى الثَّاءِ.
أنبأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد اللّه يَحْيَى ابْنا أبي عليّ، قالا: أخْبَرَنا أَبو الحُسين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُبَيْد إجَازَةً، قالا: وأخْبَرَنا أبو تَمَّام عليّ بن مُحَمَّد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن بِيْري قِرَاءَةً عليْنَا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، قال: بُوْيِعَ المُعْتز باللّهِ، واسْمُه الزُّبَيْر بن جَعْفَر، ويُكْنَى أبا عَبْد اللّه، في آخر سَنَة إحْدَى وخمسِين ومَائتَيْن،
وجُدِّدَتْ له البَيْعَة سَنَة اثْنَتَين وخَمْسِين ومَائتَيْن في المحرَّم، وفي هذه السَّنَة قُتِلَ المُسْتَعِين، وقُتِلَ المُعْتز في رَجَب سَنَة خمسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن.
أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُنْدَار إذْنًا، عن أبي أحْمَد القارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال في أخْبَار المُسْتَعِين حين انْحَدَر إلى بَغْدَاد حين قُتِلَ بَاغِر، وشَغَب الأتْرَاك عليه بسُرَّ مَنْ رَأى، قال: وبَقِي الأتْرَاكُ بسُرَّ مَنْ رَأى مُتَحيِّرين، فأجْمعَ رأيهم على أنْ يبايعوا المُعْتز، فبايعُوه، ومَنَعُوا القُوَّاد من الانْحِدَارِ بعد أنْ خرجُوا يَطلبُونَ رضَى المُسْتَعِين ورجُوعَهُ، وأقامُوا على فَرْسَخٍ من بَغْدَاد، فلَم يُجِبْهُم بما يحبُّون فرجعُوا، وكان بسُرَّ مَنْ رَأى ممَّن لَم يَبْرح: جَعْفر الخيَاط، وسُليْمان بن يَحْيَى بن مُعَاذ، فكان إخْرَاجهم للمُعْتزِ، ومُبايعَته بالخِلَافَة لاثنتي عَشرة ليلَة خَلَتْ من المحرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين، وبايعُوا أخاهُ إبْراهيم المُؤيَّد بالعَهْد بعدَهُ، وأعْطوا النَّاس رِزْق شَهرَين، فقَنعُوا بذلك لعَوز المالِ. وذَكَرَ خَلع المُسْتَعِين نفسه على نحو ما ذَكَرناهُ في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن طَاهِر
(1)
.
وقال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: بُوْيعَ المُعْتَزّ باللّهِ - وهو مُحَمَّد بن جَعْفَر المُتَوَكِّل على اللّه، ويُكْنَى أبا عَبْدِ اللّه، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رُوميَّة تُسميَّ قَبِيْحَة - البَيْعَة الثَّانيَة في الوَقْتِ الّذي خَلَعَ المُسْتَعِين نفسَهُ فيهِ، ومن هذا الوَقْت تُحْسَب خِلَافَته، وذلك يَوْم السَّبْت لستّ خَلَوْنَ من المحرَّم سنة اثنتَيْن وخَمْسين ومَائتَيْن، ووَصَلَ إليه القَضِيْب والبُرَد وجَوْهَر الخِلَافَة مع عُبيدِ اللّه بن عَبْد اللَّه وشَاهَك الخَادِم.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْديّ، فيما أذِنَ لي فيهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُريْق، قال: أخْبَرَنا أَبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ
(1)
ترجمة محمد بن عبد اللّه بن طاهر في الضائع من أجزاء الكتاب.
(2)
تاريخ بغداد 2: 488.
العَزِيْز بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد المُفِيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بشْر الدُّولَابِيّ، قال: أخْبَرَني جَعْفر بن عليّ الهاشِميّ، قال: خَرَجَ أَحْمَد الإمَام المُسْتَعِينُ باللّه أَمِيرُ المُؤْمنِيْن من سُرَّ مَنْ رَأى لَوْم الأحَد لَخْمسٍ خَلَوْنَ من المحرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن إلى بَغْدَاد، فوَثَبَ أهْلُ سُرَّ مَنْ رَأى فبايعُوا لأبي عَبْدِ اللّه المُعْتز باللّه.
قال أبو بِشْر: وأخْبرَني أبو مُوسَى العبَّاسيّ، قال: لمَّا أُنْزِل المُعْتز باللّه من لؤلُؤة، وبُوْيِعَ لهُ، رَكب إلى أُمِّه وهي في القَصْر المَعْرُوف بالهَارُونيّ، فلمَّا دَخَلَ عليها وسَألتْهُ عن خَبَره، قال لها: قد كنتُ كالمَرِيْضِ المُدْنَف، وأنا الآن كالّذي وَقَع في النَّزْع؛ يعني: أنَّهُ بُوْيعَ له بسُرَّ مَنْ رَأى والمُسْتَعِين خَلِيفَة مُجْتَمَعٌ عليه في الشَّرْق والغَرْب.
وقال أبو بِشْر: أخْبَرَنى عليّ بن الحَسَن بن عليّ، قال: لمَّا سَألَ الأتْرَاكُ المُسْتَعِين باللّه الرُّجُوعَ إلى سُرَّ مَنْ رَأى، فأبَى عليهم، قَدِمُوا سُرَّ مَنْ رَأى يَوْم الأرْبَعَاء لثَلاث عَشرة ليلَة خَلَتْ من المحرَّم، فاجْتَمَع المَوَالِي وكَسَرُوا بابَ لؤلُؤَة، وأنزلُوا المُعْتزَّ باللّه فبايَعُوه، وخَلَعُوا المُسْتَعِين، فرَكِبَ المُعْتزُّ باللّهِ إلى دار العامَّةِ يَوْم الخَمِيْس في المحرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسين ومَائتَيْن، فبَايَعه النَّاسُ، وعَقَدَ لنفسِه لِوَاءً أسْوَدَ، وخَلَع على إبْراهيم المُؤيَّد باللَّه، وعلى أحْمَد المُعْتَمد على اللّه، وعلى أبي أحمد المُوَفَّق، وأنْهَضَهُ إلى بَغْدَاد مُطَالِبًا ببَيْعَته الّتي أكَّدها له المُتَوَكِّل على اللّه في أعْنَاقهم، ومعه جَمَاعَةٌ من الفُقَهَاء، فشَخَصَ أبو أحْمَد يَوْم السَّبْت لسَبع بقِينَ من المحرَّم.
وحَصَّنَ مُحَمَّدُ بن عَبْد اللّه بن طَاهِر بَغْدَادَ، ورَمَّ سُورَها، وأصلَح أبْوَابها، وعَسْكَر أبو أحْمَد بالشَّمَّاسِيَّة، ووَقَع الحَرْبُ يَوْم السَّبْت للنِّصْفِ من صَفر واتَّصَلت الوَقَائِع.
قال أبو بِشْر: وسَمِعْتُ جَعْفَر بن عليّ الهاشِميّ يقُول: بُوْيِعَ المُعْتَزّ يَوْم الأرْبَعَاء لاثْنَتي عَشرة لَيْلَة خَلَتْ من المُحَرَّم، وتَوجَّه أبو أحْمَد بن المُتَوَكِّل على الله إلى بَغْدَاد في عَشرة آلاف من سُرَّ مَنْ رَأى، فواقعَ (a) أهْلَ بَغْدَاد، فقُتِلَ من الفَرِيْقَين خَلْقٌ عَظِيمٌ، وكانت هذه السَّنَة فِتْنَة المُعْتَزّ والمُسْتَعِين.
قال
(1)
: وأخْبرَني أبو مُوسَى العبَّاسيّ، قال: لمَّا وجَّه المُعْتَزّ بالله أخاهُ أبا أحْمَد المُوَفَّق فحَصَرَهم، وأقام المُسْتَعِينُ باللهِ ببَغْدَاد إلى أنْ خُلِعَ سَنَةً، واشْتَدّ الحِصَارُ على أهْلِ بَغْدَادَ، وقد كان أهْلُ بَغْدَاد لمَّا رحَلَ إليهم المُسْتَعِين أحبُّوهُ، ومَالوا نحوهُ غايةَ المَيْل حتَّى نَزَل بهم من الحِصَارِ ما نَزَل، فنسَبُوا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن طَاهِر إلى المُدَاهَنة في أمْر المُسْتَعِين بالله، وهَجَموا (b) مَنْزِله يُريدونَ نَفْسَهُ.
قال
(2)
: وأخْبرَني أبو مُوسَى العبَّاسيّ، قال: فدَسَّ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن طَاهِر إلى المُسْتَعِين باللهِ مَنْ يُعَرِّضِ له بالخلع على أنَّهُ يتَوثَّق له من المُعْتز باللّهِ، ويُسَلِّم إليهِ الأمْرَ، وكان المُسْتَعِينُ بالله رجُلًا صَالِحًا ضَعِيْفًا، فأجابَ المُسْتَعِينُ بالله إلى ذلك، وكَرِهَ الدِّماءَ بعد أنْ لَم يَجِد نَاصِرًا.
قال
(3)
: وأخْبَرَني جَعْفَر بن عليّ، قال: خَلَعَ المُسْتَعِينُ باللهِ (c) نَفْسَهُ من الخِلَافَة في المُحَرَّم أوَّل سَنَة اثْنَتَيْن وخمْسِين ومَائتَيْن.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي أحْمَد
(4)
، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن إبْراهيم الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن
(a) تاريخ بغداد: فوقع.
(b) تاريخ بغداد: وهاجموا.
(c) في تاريخ بغداد: أحمد المستعين بالله.
_________
(1)
تاريخ بغداد 2: 489.
(2)
تاريخ بغداد 2: 489.
(3)
تاريخ بغداد 2: 489.
(4)
تاريخ بغداد 2: 489 - 490.
حَفْص، قال: ودُعِي للمُعْتَزِّ ببَغْدَادَ يَوْم الجُمُعَة لثَلاثٍ خَلَتْ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ، وأبو العَلَاء عليّ بن عبد الرَّحيم الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: ولَم تَزَل الحَرْبُ دَائمةً بمَدينَة السَّلام إلى يَوْم الاثْنَين لثَمانٍ بَقِينَ من ذِي الحِجَّة، ثمّ تَبَدَّى مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن طَاهِر في الصُّلْح على أنْ يُبايع المُعْتَزّ ويُخْلَع المُسْتَعِين، فخلع المُستَعين يَوْم الخَمِيْس لثَلاثٍ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن، ودُعِي للمُعْتَزِّ بمَدِينَة السَّلام يَوْم الجُمُعَة لأرْبَع خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومِائتَيْن، ودُعِي له في المَسْجِدَيْن، وبايَع القُوّادُ وسَائر النَّاسِ، وأمَرَ للجُنْد برِزْق شَهْرَين.
قال أحْمَد بن البَنَّاء: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُثْمان بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عليّ، قال: خلَافة أبي عَبْد اللهِ المُعْتَزّ بالله، واسْمُه مُحَمَّد بن جَعْفَر المُتَوَكِّل على الله، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقال لها: قَبِيْحَة، أدْرَكتُ خلَافَته، ومَوْلدُه في شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة ثنْتَيْن وثَلاثين ومَائتَيْن، واجْتَمَع النَّاسُ على بَيْعَة أبي عَبْد الله المُعْتَزّ بالله بعد خَلْعِ المُسْتَعِين، وبُوْيِعَ له ببَغْدَاد يَوْم الجُمُعَة لأرْبَع خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن، فكانت خِلَافَته - منذ يَوْم بُوْيِعَ له ببَغْدَاد، واجْتَمَع النَّاس عليه إلى يَوْم خُلِعَ بسُرَّ مَنْ رَأى، وقبضَ عليه صالِح بن وَصِيْف فَحَبَسَهُ وذلك يَوْم الاثْنَين لثَلاثٍ بَقِينَ من رَجَب سَنَة خَمْسٍ وخمْسين ومَائَتَيْن - ثلاث سِنين وستَّة أشْهُر وثلاثة وعشرين يَوْمًا، وحُبِسَ خَمْسَة أيَّامٍ، ثمّ قُتِلَ يَوْم الجُمُعَة وَقْت العَصر مُسْتَهَلّ شَعْبان سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائَتَيْن، وهو ابنُ ثلاثٍ وعشْرين سَنَة وثلاثة أشْهُر
وعشرين يَوْمًا، ومَبْدأ الوَقْت الّذي بُوْيِعَ له فيه بسُرَّ مَنْ رَأى بالخِلَافَة إلى وَقْت قُتِل أرْبَع (a) سِنين وستَّة أشْهُر وخَمْسَة عَشر يَوْمًا، وكان أبيض شَدِيد البَيَاض، مُعْتَدل الخَلْق، جَمِيل الوَجْه، رَبْعَةً، حَسَن الجِسْم، على خَدِّه الأَيْسَر خال أسْوَد، وشَعره أسْوَد خَشِنُ.
كَتَبَ إِلينا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ منها: أنَّ أبا القَاسِم الشَّحَّامِيّ أخْبرَهم إجَازةً، عن أبي القَاسِمِ بن البُنْدَارِ، عن أبى أحْمَد القَارِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَهً، قال: وكانت البَيْعَةُ لولدِ المُتَوَكِّل بالعَهْد يَوْم الاثْنَين غُرَّة المُحَرَّم سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومَائتَيْن؛ بُوْيِعَ لمُحَمَّد وسُمِّي المُنْتَصر، ولأبي عَبْد الله وسُمِّي المُعْتَزّ، واسْمُه مُحَمَّد، وقيل: الزُّبَيْر، وبايعُوا لإبْراهيم وسمَّوه المُؤيَّد، وأعْطَى الجُنْد لأرْبَعة أشْهُر، وأمر للهاشِميِّين بخَمْسة آلاف دِرْهم لكُلِّ رَجُلٍ منهم، وأخْرج الشِّيْعة (b) إلى الآفاق ليأخذُوا البَيْعَة، وقُسِّمَت أعْمَال الدُّنْيا بين وُلَاةِ العُهُودِ، فكان إلى المُنْتَصر الغَرْب كُلّه إلَّا القليل إلى السَّوَادِ، والحَرَمَيْن، وِاليَمَن، واليَمَامَة، والبَحْرين، والسِّنْد، والهِنْد، وكُوَر الأهْوَاز (c)، والمُسْتغَلَّات بسُرَّ منْ رأى، وماه الكُوفَة، وماه البَصْرَة (d)، ومَاسَبَذَان (e)، ومِهْرِجانيَة، وأصْبَهَان، وشَهْرَزُور، وقُم، وقَاشَان، وقَزْوِين، وإلى المُعْتَزّ كُوَر خُرَاسَان وكُوَر فَارِس، وأَرْمِينِيَة، وأَذْرَبِيْجَان، ووَلِيَ بعد ذلك في سَنَة أرْبَعيْن حَوْز الأمْوَال في جَميع البُلْدان، ودوْر الضَّرْب، فضُرِبَ اسْمُه على الدَّرَاهِم، وإلى المُؤيَّد جُنْد حِمْص، وجُنْد دِمَشْق، وجُنْد الأُرْدُنّ، وجُنْد فِلَسْطين.
(a) الأصل: أربعة.
(b) مهملة في الأصل، والإعجام على التقريب والظن.
(c) الأصل: الأهوار.
(d) الأصل: ماءة الكوفة وماءة البصرة، مهموزًا، وماه البلد قصبته، وماه الكوفي هي الدينور، وماه
البصرة: نهاوند. انظر ابن خرداذبه: المسالك والمالك 20، ياقوت: معجم البلدان 5: 48.
(e) في الأصل بالدال المهملة: ماسبدان، والمثبت عن ابن خرداذبه: المسالك 41، ياقوت: معجم البلدان 5: 41.
قال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عليّ أبو عليّ الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَني ابن أبي فَنَن، قال: لمَّا بنى المُتَوَكِّل للمُعْتَزِّ دَارَهُ ببَرْكُوَارَا وطهَّرَهُ فيها، دَخَلَ الشُّعَراء فأطالُوا وذَهَبُوا كُلّ مَذْهَب، وعَرفتُ طَبْع المُتَوَكِّل فدَخَلْتُ وأنشَدْتُ:[من السرج]
قُل لأمينِ الله في خَلْقِهِ
…
عشتَ سَلِيمًا عاليَ الجَدِّ
بَنَيتَ للمُعْتَزِّ أعجوبةً
…
يَنْزلهما بالطَّائِرِ السَّعْدِ
دَارًا ترى العزَّ مُحِيطًا بها
…
مُخْتَارةً باليُمْن والرُّشْدِ
إذا رَأيْنَاها ذَكرنا بها
…
لِمَا رَأينا جَنَّةَ الخُلْدِ
أبْقَاكَ رَبُّ النَّاسِ حتَّى تَرَى
…
المُعْتَزَّ جدًّا وأبا جَدِّ
حَوْلك من أبناءِ أبنائِهِ
…
تسعُون من شِيْبٍ ومن مُرْدِ
كُلُّهمُ قد نال ما نالَهُ
…
آباؤُه الزّهْرُ من المَجْدِ
قال: فما بلَغَ أحدٌ ممَّن أطال ما بَلَغْتُ.
قال الصُّوْلِيُّ: ودَعْوَةُ المُتَوَكِّل هذه ببَرْكُوَارَا (a) لمَّا أعْذَر المُعْتَزّ دَعْوَة مَشْهُورة، يُقالُ إنَّها دَعْوَة الإسْلَام لَم يكُن قَبْلها ولا بعدها مثلها إلَّا ما يُحْكى في وَقْتِ بناءِ المَأمُون ببُوْرَان بنت الحَسَن بن سَهْلٍ. حدَّثني بها جَمَاعَةٌ قد شَاهدُوها وجَمَاعَةٌ من أوْلادِ الخُلَفَاءِ، والجُلَساءِ عن آبائهم: أنَّ المُتَوَكِّل جَلَسَ ومُدَّت بينَ يَدَيْهِ مَرَافع ذَهَب مُرَصَّعَة بالجَوْهَر، وعليها من العَنْبَر والنَّدّ والمِسْك المَعْجُون أمثلَةُ على جَمِيع الصُّوَر، ومنها ما قد رُصِّع بالجَوْهَر مُفْرَدًا، ومنها ما عليه ذَهَبٌ وجَوْهَر، وجُعِل بسَاطًا مَمْدُودًا.
فأحْضَر الجُلَساءَ وسَائر النَّاسِ، فوُضِعَت بين أيْدِيهم صَوَاني الذَّهَب مُرَصَّعةً بأنْوَاعِ الجَوْهَرِ، وجَعَل بين صَوَانيهم من الجانبين وبين طَرفَي هذا المُعَبَّئ فرجَة،
(a) في الأصل: ببركورا، وتقدمت بالرسم المثبت.
وجاءَ الفَرَّاشُونَ بزُبلٍ قد غُشِّيَت بالأدم مَمْلُوءة دَنَانِيْر ودَرَاهِم نصْفَيْن فصُبَّت في الفُرْجَتين حتَّى ارتَفَعَت على الصَّوَاني، وأمر النَّاس أنْ يَشْربُوا ويتَنقَّلِ مَنْ يَشْرب من تلك الدَّنَانِيْر ثلاث حَفناتٍ بكفِّه كأنها ما كانت، وكُلّما خفَّ مَوضِعٌ جيءَ بالزُّبل فرُدَّ إلى حالِهِ، ووقَفَ غِلْمَانُ في آخر المَجْلِس فصَاحُوا: إنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن يقُول لكم: ليأخُذ مَنْ شَاء ما شاء، فَمدَّ النَّاسُ أيْدِيهم إلى المالِ فأخَذُوه، وكان الرَّجُل منهم يُثْقلُه ما معه فيَخْرج فيُسَلِّمه إلى مَنْ معه ويَرْجعُ، وخَلَعَ على سَائر النَّاسِ بعد أنْ صُلِّيَت الظُّهْر خِلَعًا حسَانًا على مَرَاتبهم، وكذلك بعد العَصْر والمَغْرب، وأعْتَقَ ستَّة آلاف نسَمة، ولَم يتَخلَّف عن هذا الأمر أحدُ، وكان فيه جُلَسَاء المُتَوَكِّل كُلّهم.
قال: وكانت دَعْوَةُ المَأْمُون حين بنى بُوْرَان ابْنة الحَسَن بن سَهْل تُسَمَّى دَعْوَة الإسْلَام حتَّى جاءت دَعْوَة بَرْكُوَارَا، فقيل هي مثْلُها، وقيل أقلّ وأكْثَر.
قال الصُّوْلِيّ: وحدَّثَني ابن المُعْتَزّ
(1)
، قال: حدَّثَني العَنْبَرِيّ، قال: حَدَّثَني حَمَّاد بن مُحَمَّد، عن ابن السِّمْط، قال: لمَّا نُثِرَ على المُعْتَزّ يَوْم بَرْكُوَارَا لَم ألْتَقِط، فقال لي المُتَوَكِّل: لِمَ لا تَلْتَقط؟ وأنْكر ذلك! فقُلتُ: خفْتُ أنْ أُوَلِّيكَ ظَهْري، قال: أمَّا تَرَى الفَتْح يَلْتَقط؟ فالْتَقطتُ، وقُلتُ:[من الرجز]
هذي سَمَاءُ تُمطِرُ الدَّرَاهِما
عند إمامٍ يَعْمُرُ المَكَارِمَا
خَلِيفَةٌ قد ولَد الضَّرَاغِما
جاء بهم خلائفًا أكَارِما
لا زال مُلْكُ الأرْضِ فيهم دَائما
(1)
كلام ابن المعتز نقله الرشيد بن الزبير في كتابه التحف والذخائر 115 - 116.
فشَتَمني ابنُ الجَهْمِ! فقال لي المُتَوَكِّل: إنَّما شَتَمكَ غَيْظًا لأنَّهُ لا يُحْسن أنْ يقُولَ بَدِيْهًا كما تقُول.
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْد الله بن كَادِش العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثني أبو يُوسُف يَعْقُوب بن بيان (a) الكَاتِب، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسى بن الفُرَات، قال: حَدَّثَنَا أبي وجَمَاعَةٌ من شُيُوخنا، قال: لمَّا حَذقَ المُعْتَزُّ القُرْآنَ، دَعَا المُتَوَكِّلُ شَفِيْعًا الخَادِم بحَضْرَة الفَتْح بن خَاقَان، فقال: إنِّي قد عَزَمتُ على تَحْذيق أبي عَبْد اللهِ في يَوْم كذا، وتكُون خُطْبَتهُ على حذَاقهِ (b) ببَرْكُوَارَا، فأخْرج من خِزَانَةِ الجَوْهَر جَوْهَرًا بقيمة مائة ألف دِيْنارٍ في عَشر صَوَاني فِضَّة للنُّثَار على مَنْ يَقْرُبُ من القُوَّادِ، مثل: مُحَمَّد بن عَبْد الله، ووَصِيْف، وبُغَا، وجَعْفَر الخَيَّاط، ورَجَاء الحَضَارِيّ (c)، ونحو هؤلاء من قادةِ العَسْكَر، وأخْرَج مائةَ ألف دِيْنارٍ عَددًا للنُّثَارِ على القُوَّادِ الّذين دُون هؤلاء في الرِّوَاق الّذي بين يَدي الأبْوَاب، وأخْرَج ألفَ ألف دِرْهَم بيْضًا صِحَاصًا للنُّثَار على مَنْ في الصَّحْن من خُلَفاءَ القُوَّادِ والنُّقَبَاء.
قال شَفِيع: فوَجَّهْتُ إلى أحْمَد بن حُبَاب (d) الجَوْهَرِيّ، فأقام معنا حتَّى صنَّفْنَا في عَشْرِ صَوَاني من الجَوْهَر الأبْيَضِ والأحْمَر والأخْضَر والأزْرَق بقيمة
(a) مهملة في الأصل، وفي كتاب المعافى بن زكرياء: بنان، والمثبت بمثناة تحتية من تاريخ بغداد 11: 430، وتاريخ ابن عساكر 18:315.
(b) الجريري: خطبته عليَّ وحذاقه، الرشيد بن الزبير: حذقته.
(c) الجريري: الحصاري، وهو رجاء بن أيوب الحضاري؛ تقدمت ترجمته في هذا الجزء.
(d) مهملة في الأصل، ويأتي بعده بالنون عوض الباء الأولى: حناب! والإعجام مع الضبط من كتاب المعافي وكتاب الرشيد بن الزبير وتاريخ ابن عساكر 18: 315.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 3: 103 - 105، وانظره في التحف والذخائر للرشيد بن الزبير 119 - 121.
مائة ألف دِيْنارٍ، ووَزْن كُلِّ صِيْنِيَّة ثلاثة آلاف دِرْهَمٍ، وقال شَفِيعُ لابن حُبَاب: اجْعَل في صِيْنِيَّةٍ من هذه الصَّوَانى جَوْهَرًا يكُون قيمتهُ خَمْسَةَ آلاف دِيْنار (a)، وانْتَقصْهُ من باقي الصَّوَاني حتَّى يكونَ في كُلِّ واحدة تِسْعَة آلاف وخَمْسِمائَة دِيْنارٍ، فإنَّ أَمِير المُؤمنِيْن أمَرَني أنْ أَدفعَ هذه الصِّيْنيَّةَ إلى مُحَمَّد بن عِمْران (b) مُؤَدِّب الأَمِير أبي عَبْد الله إذا فَرَغَ من خُطْبته، ففَعَل ذلك، وشَدُّوا كُلَّ صِيْنِيَّة في مِنْدِيلٍ، وخُتِمَت بخاتم شَفِيْع، وتقدَّم شَفِيْع إلى كُلّ مَنْ كان معَهُ من الخَدَم أنْ يَنْثروا العَيْنَ في الرِّوَاق، والوَرقَ في الصَّحْن، ووَعَّزَ (c) إلى النَّاسِ من الأكَابِر ووُجُوه المَوَالِي والشَّاكِريَّةِ بحُضُور بَرْكُوَارَا في يوْمٍ سُمِّيَ لهم ليَشْهَدُوا خُطْبَة الأَمِير المُعْتَزّ، وكُتِبَ إلى مُحَمَّد بن عَبْدِ الله وهو بمَدِينَة السَّلام بالقُدُوم إلى سرَّ مَنْ رَأى لحُضُور الحِذَاق.
قال: فتوَافَى النَّاس إلى بَرْكُوَارَا قبل ذلك بثلاثة أيَّام، وضُرِبَت المضَاربُ، وانْحَدَر المُتَوَكِّلِ غدَاةَ ذلك اليَوْم ومعه قَبِيْحَة ومَنْ اختصَّت مَنْ حُرم المُتَوَكِّلِ وحَشَمها إلى بَرْكُوَارَا، وجَلَسَ المُتَوَكِّل في الإِيْوَان على مَنَصَّتِهِ، وأخرج مِنْبَر آبنُوس مُضَبَّبٍ بالذَّهَب، مُرصَّعٍ بالجَوْهَر مَقَانِعه (d) عَاج، وقال بَعْضُهم: عُوْدُ هِنْديّ، فنُصِبَ تجاهَ المنصَّةِ وسط الإِيْوَان، ثمّ أمر بإدْخالِ مُحَمَّد بن عِمْران المُؤدِّب، فدَخل فسَلَّم على أَمِير المُؤْمنِيْن بالخِلَافَة ودَعَا له، فجَعَل أَمِير المُؤْمنِيْن يَسْتَدنيهِ حتَّى جَلَسَ بين يَدي المِنْبَر، وخَرَج المُعْتَزّ منِ بابٍ في حَنِيَّة (e) الإيْوَان حتَّى صَعدَ المِنْبَر (f)، فسَلَّم على أَمِير المُؤمنِيْن وعلى مَنْ حَضَر، ثُمّ خَطَبَ، فلمَّا فرغ من خُطْبَته دُفِعَت الصِّيْنيَّةُ إلى مُحَمَّد بن عِمْران، ونَثَر شَفِيْعُ صَوَاني الجَوْهَر على
(a) في كتاب التحف والذخائر: خمسة عشر ألف دينار.
(b) في التحف والذخائر حيثما يرد اسمه فيه: محمد بن عمر، واسمه: محمد بن عمران بن زياد الضبي النحوي، أبو جعفر (ت 261 هـ)، ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه 4: 223، والذهبي في تاريخه 6:419.
(c) الجريري: وأوعز.
(d) الجريري: مقابضه.
(e) الجريري: جنبة.
(f) الأصل: الإيوان المنبر، وضرب على الأولى منهما.
مَنْ في الإِيْوَان، ونَثَرَ الخَدَمُ الّذين كانوا في الرِّواق والصَّحْن ما كان معَهُم من العَيْن والورق.
وأقامَ المتُوَكِّل ببركُوَارَا أيَّامًا، في يَوْمٍ منها دَعَتْه قَبِيْحَة، فيُقالُ: إنَّهُ لَم يُر يَوْم مثْلُه سُرُورًا وحُسْنًا وكَثْرة نَفَقةٍ، وأنَّ الشَّمْع كُلَّه كان عَنْبَرًا، إلَّا الشَّمْعَة الّتي في الصَّحْن فإنَّهُ كان وَزْنها ألف مَنٍّ (a)، فكادتْ تَحْرق القَصْر، ووجَدَ حَرَّها مَنْ كان في الجانب الغَرْبيّ من دِجْلَة.
وقد كان أمَرَ المُتَوَكِّلُ أنْ يُصَاغَ له سَرِيران أحدُهما ذَهَبٌ والآخر فِضَّة، ويُفرشُ السَّريْر الفِضَّة ببسَاط حَبّ وبرْذَعة حَبّ ووسَادى حَبٍّ ومخَدَّتي حَبٍّ ومَسْند حَبٍّ مَنْظُوم على دِيباج أسْوَد، وكان طُول السَّريْر تِسْعَة أذْرُعٍ.
قال: فأُخْرِج من خِزَانَةِ الجوهَر حَبٌّ عُمِلَ منه ذلك، فكان أرْفَعُ قَيمة الحَبَّةِ دِيْنارًا، وأقلُّ القيْمة دِرْهَمًا، فاتُّخذ له ذلك، وأمَرَ بفَرشِ السَّريْر الذَّهَب بمثل فَرْشِ السَّريْر الفِضَّة، منْقُوشًا بأنْوَاع الجَوْهَر الأحْمَر والأخْضَر والأصْفَر والأنْوَاع، ففُرِشَا فقَعَد عليهما هو وقَبِيْحَة، ثُمّ وَهَبَهما لها.
أنْبَأنَا أبو رَوْح الهَرَويّ، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي القَاسِم [بن](b) البُنْدَار، قال: أنْبَأنَا أبو أحْمَد القارئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يَحْيَى إجَازةً، قال: حَدَّثَني عَوْن بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: لمَّا بَلَغَ المُعْتَزُّ مَبْلغَ الرِّجال، جَلَسَ المُتَوَكِّل للتَّهْنئة، فجاءَ النَّاسُ على طَبَقَاتهم، ودَخَلَ البُحْتُرِيّ فأنْشَدَهُ
(1)
: [من الكامل]
رُدِّي على المُشتَاقِ بعضَ رُقَادِهِ
…
أو فاشْركيهِ في اتِّصَالِ سُهادِهِ
(a) الأصل: منًا.
(b) إضافة على جاري تسميتة له في الكثير من المواضع.
_________
(1)
ديوان البحتري 2: 702 - 704.
حتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ:
يَهْنِيْك (a) في المُعْتَزّ بُشْرَى بيّنَتْ
…
فينا فَضِيْلَة هَدْيهِ ورَشَادهِ
قد أدْرَك الحُلُمَ الّذي أبْدَى لنا
…
عن حِلْمهِ ووَقَارِه وسَدَادِهِ
ومُبَارَكٌ مِيْلادُ مَلْكٍ (b) مُخْبر
…
بقَريب عَهْد كان من مِيْلادِهِ
تمَّتْ لك النّعْمَاءُ فيه مُمَتَّعًا
…
بعُلُوِّ هِمَّتهِ ووَرْي زنَادِهِ
وبَقِيْتَ حتَّى تَسْتَضِيء برأيهِ
…
وتَرَى الكُهُولَ الشِّيْبَ من أوْلادِهِ
فأمَرَ بإعادةِ هذا فأعادَهُ، فقال: آمين، وأمَرَ للبُحْتُريّ بألفِ دِيْنار.
قال الصُّوْلِيّ: وعُزِلَ أحْمَد بن وَزِير البَصْري عن قضاء سُرَّ مَنْ رَأى إلَّا أنَّهُ لَم يكُن إليه قَضَاء القُضَاةِ؛ فحَدَّثَني يَحْيَى بن أحْمَد بن وَزِير، عن أَبيِهِ، قال: ما رَأيْتُ أحْسَن وَجْهًا من المُعْتَزّ ولا أبْلغَ خطَابًا، قال لي لمَّا وَلَّاني القَضَاء: يا أحْمَدُ، قد وَلَيتكَ القَضَاءَ، وإنَّما هي الدِّماءُ والفُرُوج والأمْوَال ينفُذُ فيها حُكْمُكَ، ولا يُرَدُّ أمرُكَ، فاتَّقِ الله وانْظُر ما أنتَ صَانِعٌ. قال: فما قرعَ قَلْبي كلامٌ قَطُّ مثْلَهُ.
قال، يعني أحْمَد بن وَزِير: وحَضَرتُ عندَهُ وقد عُرِضَ عليه أُسَارَى من عامَّةِ أهْل بَغْدَاد أُخِذُوا في الحَرْب، فأمَرَ بقَتْلِهم، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قَصَّابٌ وهَرَّاسٌ اسْتَفَزَّهُم الجَهْل، وأرْدَاهُم الطَّمَعُ، فإنْ قَتَلتهم فلَيسُوا بثَأرٍ، وفي إطْلَاقهم نَجاةٌ لك من النَّار، فأمَرَ بإطْلاقهِم وأن يُدْفع إلى كُلِّ واحدٍ منهم ثَوْبُ ودِيْنارٌ.
وقال الصُّوْلِيّ: حَدَّثَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسحاق، قال: سَمِعْتُ الفَضْل بن العبَّاس يَقُول: كان المُعْتز حَسَن الأخْلَاق، جَمِيل المَذْهَب، لولا أنَّهُ حُمِلَ على قَتْل أخيهِ المُؤيَّد وخُوِّفَ ما جَسَر على ما فَعَلَهُ به، وما زال نَادِمًا على ذلك،
(a) الديوان: تهنيك.
(b) الديوان: ملكك.
وكانت له فعْلَة أُخرى: أطْعَم المُضْحِكين حَيَّات على أنَّها سَمَك مَرْمَاهِي فماتُوا كُلُّهُم، وأعْطَى وَرَثَتهُم الدِّيات، وتابَ إلى اللهِ عز وجل من ذلك، وتَصَدَّق بمائة ألفِ دِرْهَم.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَغْدَاديّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن عليّ بن الحُسين السَّمَّانُ لَفْظًا بالرَّيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى الشَّافِعيّ بسَامَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ بن يَحْيَى بن حَسَّان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حَرْب الطَّائيّ، قال: دَخَلْتُ على المُعْتَزّ باللهِ، فما رَأيتُ خَلِيفَةً كان أحْسَنَ وَجْهًا منه، فلمَّا رأيتُه سَجَدْتُ، فقال: يا شَيْخ، يُسْجدُ لأحَدٍ من دُون الله؟ قُلتُ: حَدَّثَنَا أبو عَاصِم الضَّحَّاكُ بن مَخْلَد النَّبِيْل، قال: حَدَّثَنَا بَكَّار بن عَبْد العَزِيْز بن أبي بَكْرَة، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَأى ما يَفْرَحُ بهِ، أو بُشِّر بما يَسُرُّهُ، سَجَدَ شُكْرًا للهِ عز وجل.
أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبرَني أبو القَاسِم الأزْهَريّ، قال (a): حَدَّثَنا عُبَيْد الله (b) بن مُحَمَّد المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الغَوْث بن البُحْتُرِيّ (c)، قال: حَدَّثَني أبي، قال: نَظَرَ إليَّ المُعْتَزُ وأنا أنْظُر إلى (d) وَجْههِ، فقال: إلى أيّ شيءٍ تنظُر؟ فقُلتُ: إلى كمال أَمِير المُؤْمنِيْن في جَمَالِ وَجْههِ، وجَمِيل أفْعَالهِ.
(a) مكررة في الأصل.
(b) الأصل: عبد الله، والمثبت من تاريخ بغداد، وتاريخ ابن عساكر 18:317.
(c) في تاريخ بغداد هنا في هذه الرواية: البختري، وجاء صحيحا في ترجمته من التاريخ ذاته 16: 337، وهو يحيى بن أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري، أبو الغوث، وانظر: سير أعلام النبلاء 18: 46.
(d) تاريخ بغداد: في.
_________
(1)
تاريخ بغداد 2: 490 - 491، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 18: 317، وينظر: معجم الصدفي لابن الأبار 198.
(2)
تاريخ بغداد 2: 491.
أخْبَرَنا أبو حَفْص المُؤدِّبُ في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب بن البَنَّاءِ، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ وأبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله نِفْطَوَيْه، قال: ولَم يتَوَلَّ الخِلَافَة قَبْله أحدٌ أصْغَر منه سِنًّا - يعني المُعْتَزّ - وكان جَمِيْلًا، أبْيَض مُشْرَبًا حُمْرَةً، حَسَن الجِسْم، ولا أعْرِفُ له شِعْرًا ولا تَمَثُّلًا غير أنَّهُ حُكِي لي عن الزُّبَيْر بن بَكَّار أنَّهُ قال: أجْلَسَني المُتَوَكِّل أُمْلي على بنيهِ فأقْبَل المُعْتزُّ فعَثَر، فَجَزِعْتُ لعَثْرتهِ، فقال: يا زُبير، أقْبِل على إمْلَائك، ثُمَّ تَمَثَّل:[من الطويل]
يَمُوتُ الفَتَى من عَثْرةٍ بلِسَانِهِ
…
وليسَ يَمُوتُ المرءُ من عَثْرةِ الرِّجْلِ
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: حَدَّثَني الحَسَن بن أبي طَالِب، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن أحْمَد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا يَزْدَاد بن عبد الرَّحْمن، قال: قال لي الزُّبير بن بَكَّار: صِرْتُ إلى أبي عَبْد الله المُعْتز بالله وهو أميرٌ، فلمَّا عَلِمَ بمكاني خَرَج مُسْتَعجلًا فعَثَر، فأنْشَأَ يَقُول:[من الطويل]
يَمُوتُ الفَتَى من عَثْرةٍ بلِسَانِهِ
…
وليسَ يَمُوتُ المَرْءُ من عَثْرةِ الرِّجْلِ
وقد رُوِيَ عن الزُّبَيْر أنَّهُ حَكَى عن الرَّشيْد أنَّهُ قَدِمَ إليه ليُحَدِّثَهُ بالأخْبار الّتي صنَّفها، فأعْجَل المُعْتَصِم فعَثَر فقام وتَمَثَّل بهذا البَيْت، رَوَاهُ ثَعْلَب عن الزُّبَيْر، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ المُعْتَصِم
(2)
.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(3)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، وأَنْبَأنيه أبو
(1)
تاريخ بغداد 2: 491.
(2)
ترجمة محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد في الضائع من أجزاء الكتاب.
(3)
تاريخ ابن عساكر 18: 318.
القَاسِم العَلَويّ، وأبو الوَحْش المُقْرِئ عنه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح إبْراهيم بن عليِّ بن إبْراهيم بن الحُسَيْن (a) بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العَيْنَاء، قال: دَخَلَ ابنُ السِّكِّيْت على المُعْتَزِّ، وكان يُؤدِّبُه وله عَشْرُ سِنين، فقال: بأيّ شيء يُحبّ أنْ أبْتدئ الأَمِير من العُلُوم؟ قال: بالانْصِرَاف، قال: أنا أخَفّ نُهوضًا منك (b)، فوَثَب فعَثَر بسَرَاويلهِ، فالْتَفَتَ فقال
(1)
: [من الطويل]
يَمُوتُ الفَتَى من عَثْرةٍ بلِسَانِهِ
…
وليسَ يَمُوتُ المرءُ من عَثْرةِ الرِّجْلِ
فخُبِّر بها المُتَوَكِّل، فأمَرَ لابن السِّكِّيْت بخَمسِين ألف دِرْهَم. قال أبو العَيْنَاءِ: وإنَّما فَعَل ذلك المُتَوَكِّل ليَسْتُر عَوارَ ابْنهِ في سُوءِ أدَبهِ على مُعَلِّمهِ.
قُلتُ: قال أبو عَبْد الله نِفْطَوَيْه: ولا أعْرف له شِعْرًا! وقد رُوِي له مَقَاطِيْع عدَّة، فمن ذلك ما ذَكَرَهُ أبو بَكْر الصُّوْلِيّ في كتاب الأوْرَاق
(2)
، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن يَزِيد المُهَلَّبيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: كان المُعْتَزُّ يَشْربُ على بُسْتَانٍ مَمْلُوء بالنَّمَّام
(3)
، وبين النَّمَّام شَقَائِق النُّعْمان، فدَخَل يُونُسُ بن بُغَا وعليه قَبَاءٌ أخْضَرُ وقد شَرِب فاشْتَدَّت حُمْرَةُ وَجَناتِهِ، فقال المُعْتَزّ:[من الكامل]
شَبَّهْتُ حُمْرَة خدِّه في ثَوْبهِ
…
بشَقَائِقِ النُّعْمان في النَّمَّامِ
(a) الأصل: الحسن، والمثبت من ابن عساكر، وهو المعروف بابن سيبخت البغدادي (ت 394 هـ). انظر ترجمته في تاريخ بغداد 7: 54 - 55، (وفيه: إبراهيم بن علي بن الحسين بن سيبخت أبو الفتح)، وتاريخ الإسلام 8:737.
(b) تحرفت العبارة في نشرة ابن عساكر: قال أحب فهو مبارك، ولا معنى له.
_________
(1)
ينسب البيت للإمام علي بن أبي طالب، انظر ديوانه 160.
(2)
أقف عليه في المطبوع من كتاب الأوراق، وانظر الخبر في الديارات للشابشتي 166 - 167، وبدائع البدائة لابن ظافر 51، والأغاني 9:236.
(3)
النَّمَّام: نبتٌ طيب الريح. لسان العرب، مادة: نمم.
ثُمَّ قال: أجيْزُوا، فبَدَر بنان المُغَنِّي، فقال: وكان رُبّما عبثَ بالبيت والبيتَيْن: [من الكامل]
والقَدُّ منه إذا بَدَا في قُرْطُقٍ
…
كالغُصْنِ في ليْنٍ وحُسْنِ قوَام
فقال له المُعْتَزّ: غنّ الآن فيهِ، فعَمل لَحْنًا وتغنَّى فيه.
قال الصُّوْلِيّ
(1)
: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّمِيع، قال: حَدَّثَني أبي، قال: لمَّا قُتِلَ بُغَا، دَخَلْنا فهنَّأنا المُعْتَزّ بالظّفَر، فاصْطَبح ومعه يُونُس بن بُغَا، وما رَأينا وَجْهَيْن قَطّ اجْتَمَعا أحْسَن من وَجْهَيْهما، فما مَضَتْ ثلاث سَاعات حتَّى سَكِرا، ثُمَّ خَرَجَ علينا المُعْتَزّ فقال:[من البسيط]
ما إنْ تَرَى مَنْظرًا إنْ شئتَهُ حسنًا
…
إلَّا صَرِيعًا تهادَى بين سُكْرَين
سُكْرِ الشَّبَابِ وسُكْرٍ من هوى رَشَأٍ
…
تَخالُهُ والّذي تَهْوَاه غُصْنين
ثُمَّ أمرَ بعض المُغَنِّين فغنَّى فيهما.
قال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: ومن شِعْر المُعْتَزّ قَولهُ في يُونُس بن بُغَا، وفيه ألْحانٌ عَملها المُعْتَزّ في طَرِيْقة الرَّمَل الثَّاني:[من الرَّمل المجزوء]
عَلَّمُوني كيفَ أجْفُو
…
ك على رَغمٍ من أَنْفِي
وجَفَائي لك يا يُونُـ
…
ـــس مَقْرونٌ بحَتْفِي
غيرِ أنَّ الله قد يَعْلَـ
…
ــمُ ما أُبْدِي وأُخْفِي
فوَقَاني فيكَ ريْبَ الدَّ
…
هْرِ أنْ يأتي بصرْفِ
أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَدُ بن عُبَيْد الله بن كَادِش العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء
(1)
نقله الأصفهاني في الأغاني 9: 237 - 238 والشابشتي في الديارات 168.
الجَريْريّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي عَبَّاد، قال: حَدَّثَني عُمَر بن مُحَمَّد بن عَبد المَلِك، قال: قَعَدَ (a) المُعْتزُّ ويُونُس بن بُغَا بينَ يَدَيْهِ (b)، والجُلسَاءُ والمُغنُّون حُضُور، وقد أعَدَّ الخِلَع والجَوَائِز، إذْ دَخَل بُغَا فقال: يا سَيِّدِي، والدةُ عَبْدِك يُونُس في المَوْت، وهى تُحِبُّ أنْ تَرَاهُ، فأذِنَ له فخَرَجَ، ففَتَرَ المُعْتَزُّ بعدَهُ ونَعِسَ، وقامَ الجُلَسَاءُ (c) إلى أنْ صُلِّيَت المَغْرب، وعاد المُعْتَزُّ إلى مَجْلسه، ودَخَلَ يُونُس بينَ يَدَيْهِ الشُّمُوع، فلمَّا رآه المُعْتَزُّ دَعا برِطْلٍ فشَربهُ، وسَقَى يُونُس رِطْلًا، وغنَّى المُغَنُّونَ، وعاد المَجْلِسُ أحْسَن ما كان، فقال المُعْتَزُّ:[من مجزوء المتقارب]
تَغِيْبُ فلا أفْرَحُ
…
فَليتَكَ لا تَبْرَحُ
وإنْ جئْتَ عذَّبتَنِي
…
بأنَّكَ (d) لا تَسْمَحُ
فأصبَحتُ ما بين ذَيْـ
…
ـــن لي كَبِدٌ تُجْرَحُ
على ذاكَ يا سَيِّدِي
…
دُنُوُّكَ لي أَصْلَحُ
ثُمَّ قال: غَنُّوا فيه، فغَنّوا فيه فجعَلُوا يُفَكِّرون، فقال المُعْتزُ لابن الفَضْل (e) الطُّنْبُورِيّ: وَيْلك ألْحانُ الطُّنْبُور أمْلَحُ وأخفُّ فغَنِّ لنا، فغنَّى فيه لَحْنًا، فقال: دَنَانِيْر الخَرِيْطَة؟ وهي مائة دينْارٍ فيها مائتان، مَكْتُوبٌ على كُلِّ دِيْنار: ضُرِبَ هذا الدِيْنار بالحَسَنيّ (f) لخَرِيْطَة أَمِير المُؤْمنِيْن، ثُمَّ دُعِي بالخِلَع والجَوَائِز لسَائر النَّاس، فإن ذلك المَجْلِس من أحْسَن المَجَالِس.
(a) الجريري: شرب.
(b) زيد بعده في كتاب الجليس الصالح: يسقيه.
(c) بعده في كتاب الجليس الصالح: وتفرق المغنون.
(d) الجريري: فإنك.
(e) الجريري والشابشتي: لابن القصار.
(f) الجريري: الدينار الحسنيّ.
_________
(1)
الجريري: الجليس الصالح 1: 365 - 366، وانظره أيضًا في الأغاني 9: 237 والديارات للشابشتي 167 - 168.
قُلتُ: وهذا يُونُس بن بُغَا الكَبِير، لا يُونُس الصَّغير المَعْرُوف بالشَّرَابِيّ.
أخْبَرَنا أبو الفَضْل ذَاكِر بن إسحاق الهَمَذَانيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل عَبْد السَّلام بن أبي الفَرَج، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه الدَّيْلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عُمَر البَيِّع، قال: أخْبَرَنا أبو غَانِم حُمَيْد بن المَأْمُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عبد الرّحْمن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيُّ مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن العبَّاس بن المَأْمُون، قال
(1)
: كُنْتُ مع المُعْتَزّ في الصَّيْدِ، فانْقَطَعنا في المَوْكِب هو وأنا ويُونُسُ بن بُغَا، ونَظَرنا إلى دَيْرٍ فيه دَيْرَانيٌّ يَعْرفني وأعْرفُه، ظَريْفُ مَلِيْحٌ، فشَكَا المُعْتزُّ العَطَشَ، فقُلتُ: هَا هُنا دَيْرَانيٌّ ظَرِيفٌ مَلِيْحٌ، فقال: مُرْ بنا، فجِئْنا، فخَرَجَ إلينا وأخْرَج لنا ماءً باردًا، وسَألَني عن المُعْتز ويُونُس، فقُلْتُ: فِتْيَان من أبناء الجُنْدِ (a)، فقال لي: تَأكُلون شيئًا؟ قلنا: نعَم، فأخْرَج لنا أَلْطَف (a) شَيءٍ في الدُّنْيا، فأكَلْنا أطْيَبَ أكْلٍ، وجَاءنا بأطْيَب أُشْنَانٍ وأحْسَن آلةٍ، فاسْتَظْرَفهُ المُعْتَزُّ، وقال لي: قل له بينَك وبَيْنه: مَنْ تُحبّ أنْ يكُون معك من هذين لا يُفَارِقك؟ فقُلتُ لَهُ، فقال: كلَاهمُا وتَمْرًا! فضَحِكَ المُعْتَزّ حتَّى مال على الحائط، فقُلْتُ للدَّيْرانيّ: لا بُدّ من أنْ تَخْتار، فقال: الاخْتِيَارُ واللّه في هذا دَمَارٌ، ما خَلَق اللّهُ عَقْلًا يُمَيِّز بين هذين!
(a) بعده في رواية الشابشتي والأصفهاني وابن فضل الله: "فقال [أي الديراني]: بل مفلتان من أزواج الحور! فقلت: هذا ليس من دينك ولا اعتقادك، قال: هو الآن من ديني واعتقادي! فضحك المعتز"، وعبارة الأصفهاني في الأغاني:"مفلتان من حور الجنّة".
(b) في الأصل: أطلف! ولم ترد عند الشابشتي ولا الأصفهانيّ، وعند ابن فضل اللّه:"وكان من أنظف طعام في أنظف آنية"، والمثبت على التقريب.
_________
(1)
انظر الحكاية في الديارات للشابشتي 164 - 165، والأغاني 9: 338، ومسالك الأبصار لابن فضل اللّه العمري 1:358.
ولَحِقَنا المَوْكِب، فارْتَاع الدَّيْرَانِيّ، فقال له المُعْتَزُّ: بحَياتي لا تَنْقَطِع عمَّا كُنَّا فيه، ففَرحنا سَاعةً، ثُمَّ أمَرَ له بخَمْسمائة ألف دِرْهَم، فقال: واللّه لا قَبِلتُها إلَّا على شَرِيطةٍ، قال: وما هي؟ قال: يُجِيْب أَمِير المُؤْمنِيْن دَعْوتي مع مَنْ أرَادَ، فوعَدْناهُ ليَوْمٍ، فجئناهُ، فأنْفَقَ علينا المال كُلَّه، فوَصَلَهُ المُعْتَزُّ بمثْله وانْصَرَفنا.
أخْبَرَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه القَاضِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللّه
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسم الحُسَين بن الحَسَن (a) بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج سَهْلُ بن بِشْر، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عُبَيْدِ اللّه الهَمَذَانيّ (b) إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعيدٍ عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن خَيْرَان، قال: أخْبَرَنَا ابنُ الأنْبارِيّ، قال: دَخَل الزُّبَيْرُ بن أبي بَكْر على المُعْتَزّ باللّه وهو مَحْمُوم، فقال له: يا أبا عَبْدِ اللّه، إنِّي قد قُلْتُ في لَيْلَتي هذه أبْيَاتًا، وقد أعْيَا عليّ إجَازَةُ بَعْضها فأَنْشَدَنِي:[من البسيط]
إنِّي عَرَفْتُ عِلَاجَ القَلْبِ مِن وَجَعِ
…
وما عَرفتُ عِلَاجِ الحُبِّ والجَزِعِ
جَزِعْت للحُبِّ والحُمَّى صَبَرْتُ لها
…
إنِّي لأعْجَبُ مِن صَبْري ومِن جَزعي
مَنْ كانَ يَشغَلُهُ عن حُبِّهِ وَجَعٌ
…
فلَيْسَ يَشْغلُنِي عن حُبِّكُم وَجَعي
قال أبو عَبْد اللّه: [من البسيط]
وما أَمَلُّ حَبِيْبي ليتَني أبدًا
…
مَعَ الحبَيْبِ ويا ليْتَ الحبَيْبَ مَعِي
فأمَرَ لي على البَيْتِ بألفِ دِيْنار.
أخْبَرَنَا أبو القَاسم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، فيما أَذِنَ لَنا فيه،
(a) ابن عساكر: الحُسَيْن.
(b) ابن عساكر: الهَمْدانيّ، وقيده بالذال في تَرْجَمَتِه من التاريخ 43: 84، وهو المَعْرُوف بالكسائيّ، انظر تَرْجَمَتِه في سير أعلام النبلاء 17:652.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 320.
قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عليّ
(1)
، قال: أخْبَرَني عُبَيْدُ اللّه بن أبي الفَتْح، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن العبَّاس الخَزَّاز (a)، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَان، قال: أُنْشِدْتُ للمُعْتزِ باللّهِ: [من الكامل]
اللّهُ يَعْلَم يا حَبِيْبي أنَّني
…
مُذْ غِبْتُ عنك مُدَلَّةٌ مَكْرُوبُ
يَدْنُو السُّرُورُ إذا دَنَا بكَ مَنْزِلٌ
…
ويَغِيْبُ صَفْوُ العَيْشِ حينَ تَغِيْبُ
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: كَتَبَ إلينا أبو القَاسِم الشَّحَّامِيِّ أنَّ أبا القَاسِم بن البُنْدَار أجازَ لهم عن أبي أحْمَد القارئ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَني عَمَّار بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني حَمْدُون بن إسْمَاعِيْل، قال
(2)
: اصْطَبَح المُعْتَزُّ في يَوْم ثُلاثاء ونحنُ بينَ يَدَيْهِ، ثمِّ وَثَبَ فدَخَل، فاعْتَرضَتْهُ جَارِيَةٌ كان يُحبُّها، وما كان ذلك اليَوْمُ من أيَّامها، فقبَّلها وخَرَج، فحَدَّثَني بما كان، وأنْشَدَني:[من البسيط]
إنِّي قَمَرتُكَ يا هَمِّي ويا أمَلي
…
أمْرًا مُطَاعًا بلا مَطلٍ ولا عِلَلِ
حتَّى متى يا حَبِيْب النَّفْس تمطُلنِي
…
وقد قَمَرتُك مَرَّاتٍ فلم تَفِ لي
يَوْمُ الثّلاثَاء يَوْمٌ سَوْف أشْكُره
…
إذ زَارني فيهِ مَن أهْوَى على عَجَلِ
فلم أنَلْ منه شَيئًا غيرَ قُبْلَته
…
وكان ذلك عندي أعظمَ النَّفَلِ
قال: فأمَرَ أنْ يُعْمَل فيه لَحْنٌ خَفِيْفٌ، فشَرِبنا عليه سَائر يَوْمِنا.
قال الصُّوْلِيّ: وأنْشَدَني عَبْدُ اللّه بن المُعْتَزّ لأبيه
(3)
: [من المنسرح]
بَيْضاءُ رُؤْدَ الشَّبَابِ قد غُمِسَتْ
…
في خَجَلٍ دَائبٍ يُعَصْفِرُها
(a) الأصل: الخراز، والمثبت من تاريخ بَغْدَاد، وانظر تَرْجَمَتِه أيضًا في تاريخ الخطيب 4:205.
_________
(1)
تاريخ بَغْدَاد 2: 491، وانظر الديارات للشابشتي 169.
(2)
انظر الخبر والأبيات في الأغاني 9: 236.
(3)
تُنْسَب الأبيات أيضًا للبحتري في مدح المعتز باللّه، انظر ديوانه 2:1074.
مَجْدُولَةٌ هزَّهَا الصِّبَا وغَدَتْ
…
يَشْغَلُ لَحْظَ العُيُون مَنْظَرُها (a)
اللّهُ جارٌ لها فما امْتَلأتْ
…
عَيْنيَّ إلَّا من حَيْثُ أُبْصِرُها
وعَملَتْ عَرِيْبُ فيه لَحْنًا.
قال: وحَدَّثَني عَبْد اللهِ بنُ المُعْتَزّ، قال: أنْشَدَنا أحْمَدُ بن حَمْدُون للمُعْتَزِّ في يُونُس بن بُغَا، وقد خَرَجَ من عنده ثمّ عادَ
(1)
: [من الكامل]
اللّهُ يَعْلَمُ يا حَبِيْبي أنَّني
…
مُذْ غِبْتَ عنِّي هَائِمٌ مَكْرُوبُ
يَدْنُو السُّرُورُ إذا دَنَا بكَ مَنْزِلٌ
…
ويَغِيْبُ صَفْوُ العَيْشِ حينَ تَغِيبُ
وقال الصُّوْلِيّ: حَدَّثَني عَبْدُ اللّه بن المُعْتَزّ، قال: بُوْيِعَ المُعْتَزّ بالخِلَافَة وله سَبْع (b) عَشرة سَنَة كَامِلة وشَهْرٌ، فلمَّا انْقَضَت البَيْعة قال
(2)
: [من الطّويل]
تفرَّد لي الرَّحمنُ (c) بالعزِّ والعُلَا
…
فأصْبَحتُ فَوْق العَالَميْن أَمِيْرَا
وقال الصُّوْلِيّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّه بن المُعْتَزّ، قال: حَدَّثَتني امْرأةٌ من مُوَالِيَاتنا، قالت (d): خَرَجَتْ قَبِيْحَةُ أمّ المُعْتَزّ على الأتْرَاك، وأخْرَجَت إليهِ قَمِيْصَ المُتَوَكِّل مُخَضَّبًا بدِمَائهِ، وقالت: اقْتُلهُم في كُلِّ مَكانٍ، فقال لها: ارْفَعِيهِ وإلَّا صارَ القَمِيْصُ قَمِيْصَيْن.
قال الصُّوْلِيّ: وفيها - يعني سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن - خُلِعَ المُعْتَزُّ
(3)
، وقُتِلَ بعد خَلْعه بأيَّام، حَدَّثَني الحُسَين بن عَبْدِ اللّه بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عليّ بن
(a) الديوان: فشفى قلبك مسموعها ومنظرها.
(b) كذا في الأصل، ومثله في رواية الأغانيّ، والصواب ما تقدّم في طالع الترْجَمَة: تسع عشرة سنة، إذ كان مولده سنة 232 هـ، وبويع سنة 251 هـ.
(c) الأغاني: توحدني الرحمنُ.
(d) الأصل: قال.
_________
(1)
تقدمت الأبيات في رواية الخطيب البغدادي.
(2)
انظر الأغاني 9: 238.
(3)
انظر خبر خلع المعتز وقتله في تاريخ الطبريّ 9: 389 - 390، والعبر لابن خلدون 6: 41 - 44.
الحُسَين بن عَبْد الأعْلَى، قال: لمَّا قبضَ صالح بن وَصِيْف على الكُتَّاب
(1)
، شَغَب الأتْرَاكُ على المُعْتَزِّ يَوْم الاثْنَين لثَلاثٍ بَقِينَ من رَجَب، فرَكِبَ صَالِح وبَاكبَاك (a) ومُحَمَّد بن بُغَا المَعْرُوف بأبي نَصْر حتَّى وَافَوا بابَ المُعْتَزّ، فقالُوا: أُخْرُج إلينا، فوجَّه إليهم: إنِّي أخَذْتُ دَوَاءً، فعَاودُوه مَرَّات، فوجَّه إليهم: إنْ كان ما لا بُدَّ منه فادْخلُوا، وهو يُرَى أنَّ أمْرَهُ وَاقفٌ بعدُ، فدَخَلُوا، فجَرُّوا برِجْلِهِ وضَربُوهُ، وأقامُوه في الشَّمْسِ، ثمّ قالُوا له: اخْلَع نَفْسَكَ، قال: نعم، فأُدْخِل حُجْرَةً ووُجِّه إلى ابن أبي الشَّوَارب والفُقَهَاء، فكُتِبَ كتاب الخَلْعِ
(2)
، وشَهِدُوا عليه على أنَّ لهُ الأمَانَ ولأُخْتهِ وابْنهِ ولأمِّه.
وكان لقَبِيْحَة سَرَبٌ في الدَّار فَنَجَتْ منه، وفرَّت أُخْتُ
(3)
المُعْتَزّ، وكان المُعْتَزّ طلبَ منها مالًا وَقْتَ شَغَبهم عليه، فقالت: ليسَ عنديّ، فقال: إنِّي مَقْتُولٌ! قال: لا يَجْسرُون عليهِ، ووَجَّهُوا بخَلِيفَة سَاتكِيْن إلى بَغْدَاد، فهَجَم على مُحَمَّد بن الوَاثِق، وكان يَنْزل في الجانب الشَّرْقيِّ فأخَذَهُ وحَملَهُ، فوَافَى بهِ سُرَّ مَنْ رَأى لَيْلَة الأرْبَعَاء لليْلةٍ بَقِيَتْ من رَجَب، فبُوْيِعَ من سَاعته وسُمِّي المُهْتَدِي باللّه.
وأُدْخِل المُعْتَزّ إلى المُهْتَدِي يَوْم السَّبْت لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَعْبان، فقال له المُهْتَدي: أَخَلَعْتَ أم خُلِعْتَ؟ قال: خُلِعْتُ، فوُجِيءَ في عُنُقه حتَّى سَقَط، ثُمَّ أُقِيم، فقال: خَلَعْتُ وسَلَّمْتُ ورَضِيْتُ، وسَلَّم على المُهْتَدِي بالخِلَافَة، وأُخْرِج فسَلَّمه صالح إلى نُوشِري بن طَاجبك، فمُشِّي في الحَرِّ، فطَلَبَ نَعْلًا فلَم يُعْطَ، فأرْخَى سَرَاويْلَهُ
(a) تاريخ الطبريّ 9: 389: بايكباك.
_________
(1)
أُطلق عليهم الكُتَّاب الخونة، وهم: أحْمَد بن إسرائيل والحسن بن مخلد وأبو نوح عِيسَى بن إبْرَاهِيم. انظر خبرهم مع صالح بن وصيف في تاريخ الطبريّ 9: 387، البداية والنهاية لابن كثير 11:16.
(2)
نص نسخة كتاب الخلع في تاريخ الطبريّ 9: 391.
(3)
في تاريخ الطبريّ 9: 390: أن قبيحة احتالت في الهرب هي وقُرْب وأخت المعتز.
فمَشَى عليه، وأُخِذَ من مال أُخْته ثَلاثمائة ألف دِيْنارٍ، ونَادَى المُهْتَدي: مَنْ دَلَّ على مالٍ من مالهم فلَهُ نصْفُ العُشْر، فدَلَّ النَّاسُ على أمْوَال كَثِيْرة نحو ألف ألف دِيْنارٍ، فوَفى لهم المُهْتَدي بنصْف العُشْر.
وعُذِّبَ المُعْتَزّ بألْوَان العَذَاب فلم يكُن عنده مال، فأُدْخِل حَمَّامًا ومَنَعُوهُ الماءَ حتَّى اشْتَدّ في الحَمَّام عَطَشُه وقارَبَ التَّلَف، ثمّ أُخْرِج فأُعْطِي ماءً فيه ثَلْجٌ كَثِيْرٌ، فحين جَرعَ منه جُرعًا مات، وذلك يَوْم السَّبْت لعَشْرٍ خَلَوْنَ من شَعْبان، فكانت خِلَافَتُه - مُذْ بَايعُوهُ قَبْلِ خَلْعِ المُسْتَعِين نَفْسَهُ، وذلك يَوْم الجُمُعَة لأرْبَعٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن - ثلاث سِنيْن وستَّة أشْهُر وثلاثةٌ وعشرُون يَوْمًا، وقُتِلَ بعد الخَلْع بأيَّامٍ.
وكانَ مَوْلدُهُ في شَهْر رَمَضَان سَنَة اثْنَتَيْن وثلاثين ومَائتَيْن قبل خِلَافَة أبيهِ. وكان المُهْتَدِي يَقُول قَبْل قَتْلِ المُعْتَزّ: لا يَجْتَمع سَيْفانِ في غِمْدٍ، ولا فَحْلَان في شَوْلٍ.
أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أجَازَ لنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ وأِبو العَلَاء عليّ بن عبدِ الرَّحيم الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة الأزْدِيّ، قال: وفي هذه السَّنَة - يعني سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن - هَاجَ المَوَالِي فخلعُوا المُعْتَزّ بحَضْرَة القُضَاةِ والفُقَهَاء بعد أنْ قَرَّعُوه ووَبَّخُوه، فكانت خِلَافَتُه أرْبَع سِنين وستَّة أشْهُر وأرْبَعة عَشر يَوْمًا، منها بعد خَلْع المُسْتَعِين ثلاث سِنين وستَّة أشْهُر وثلاثة وعِشْرُون يوْمًا، وماتَ عن أرْبَعٍ وعشرين سَنَةً.
ووَافَى مُحَمَّد بن الوَاثِق يَوْم الأرْبَعَاء لليْلةٍ بَقِيَتْ من رَجَب، وهو أبو عَبْد اللّه، وسُمِّي المُهْتَدِيّ، وتَتَبَّع أمْوَال المُعْتَزّ وأخَذَ له مالًا وجَوْهَرًا وطِيْبًا ومَتَاعًا كَثِيْرًا.
أخْبَرَنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أَحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن عُمَر المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن أحْمَد بن أبي قَيْسٍ، قال: حَدَّثَنا ابنُ أبي الدُّنْيا، قال: بُوْيِعَ المُعْتَزُّ باللّهِ في المُحَرَّم سَنَة ثِنْتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن عند خَلْع المُسْتَعِين باللّه، وماتَ يَوْم الثَّاني من شَهر رَمَضَان، بسُرَّ مَنْ رَأى، ودُفِنَ بمَوضِعٍ يُقال له باب السَّمَيْدَع
(2)
سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، وله ثلاثٌ وعشرُونَ سَنَةً، وكانت خِلَافَةُ المُعْتَزّ باللّهِ من يَوْم دُعي له بالخِلَافَة ببَغْدَاد إلى يَوْم دُفِنَ ثلاث سِنين وسَبْعة أشْهُر إلَّا ثلاثة أيَّامٍ.
قال أبو بَكْر الخطيبُ
(3)
: هكذا ذَكَرَ ابن أبي الدُّنْيا أنَّ وَفَاة المُعْتَزّ كانت في شَهْرِ رَمَضَان! وأخْبَرَنَا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنَا الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنَا عُمَر بن حَفْص أنَّ المُعْتَزّ قُتِلَ يوْم السَّبْت ليَوْمَيْن من شَعْبان.
وأخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا المُفِيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْرٍ الدُّولَابِيّ، قال: أخْبَرَني جَعْفَرُ بن عليّ الهاشِميّ أنَّ المُعْتَزّ باللهِ صَلَّى عليه مُحَمَّد بن الوَاثِق المُهْتَدِي (a)، ودُفِنَ عند قَبْر المُنْتَصر باللّهِ يَوْم السَّبْت لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن.
وقال الخَطِيبُ
(4)
: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنَا عُثْمان بن أحْمَد، قال: قال ابنُ البَرَاء: كانت خِلَافَة المُعْتَزّ إلى أنْ خُلِعَ يَوْم الاثْنَين لثَلاثٍ بَقِينَ من رَجَب سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن؛ أرْبَع سِنين وستَّة أشْهُر وأرْبَعة عَشر
(a) تاريخ بَغْدَاد: المهتدي باللّه.
_________
(1)
تاريخ بَغْدَاد 2: 492.
(2)
ذكر ابن الساعي مدفنه بموضع يُقالُ السميدع، دون إضافة الباب. انظر: المقابر المشهورة 71.
(3)
تاريخ بَغْدَاد 2: 492.
(4)
تاريخ بَغْدَاد 2: 491 - 492.
يَوْمًا، وعُمرُهُ ثلاثًا وعشْرين سَنَةً، وأظْهَر قَبْره، وبقي الأَمْر (a) يَوْمَيْن - يعني: بعد قَتْله - حتَّى اسْتُخِلف المُهْتَدِي (b).
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ
(1)
، قال: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَمِيّ، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ، ح.
وأنْبَأنَا به أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن السُّلَمِيّ، عن التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر
(2)
، قال: وفيها - يعني سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن - بُوْيِعَ أبو عَبْدِ الله الزُّبَيْر بن جَعْفَر، وهو المُعْتَزُّ باللهِ، لثَلاثٍ خَلَوْنَ من المُحَرَّم.
قال
(3)
: وفيها - يعني سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين - خُلِعَ المُعْتَزُّ باللهِ، وتُوفِّيَ المُعْتَزّ يَوْم السَّبْت للَيْلَتَيْن خَلَتا من شَعْبان.
الزُّبَيْرُ بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد - وقيل: أحْمَد - ابن زَكَرِيَّاء بن صالح بن إبْراهيم، أبو عَبْدِ الله الهَمَذَانيّ الأسَدَابَاذِيّ الحافِظ
(4)
رَحَلَ وطَوَّف البِلاد، ودَخَلَ الشَّام، وكان في الرِّحْلَة مع أبي الحَسَن الآبُرِيّ، ودَخَلَ معَهُ حَلَب وغيرها من بلاد الشَّام.
(a) في تاريخ بغداد: الأمير.
(b) تاريخ بغداد: المهتدي بالله.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 323.
(2)
مولد العلماء ووفياتهم 233.
(3)
مولد العلماء ووفياتهم 235.
(4)
توفي سنة 347 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 9: 494 - 495، تاريخ ابن عساكر 18: 328 - 332، السمعاني: الأنساب 1: 210، ابن الجوزي: المنتظم 14: 115، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 850 - 851، سير أعلام النبلاء 15: 570 - 571، تذكرة الحفاظ 3: 900 - 901، الوافي بالوفيات 14: 187، شذرات الذهب 4: 248، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 358.
حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن عَبْد الله القَزْوِينيّ قاضي مِصْر، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة العَسْقَلانيّ، ومُحَمَّد بن عُمَر الدِّيْمَاسِيّ، ومُحَمَّد بن نُصَيْر بن أبَان، ومُحَمَّد بن إسْحَاق السَّرَّاج، ومُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة، وأبي الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وأبي بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ، وإبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، والحَسَن بن حَبِيْب، والحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ، وأبي خَلِيفَة الفَضْل بن الحُبَاب البَصْرِيّ، وسَعِيْد بن عَبْد الله بن سَهْل بن يَزِيد بن مَرْوَان، وعبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة البَغْدَاديَّيْن، وأبي الدَّحْدَاح، وزَكَرِيَّاء بن أحْمَد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وأبي الحَسَن يَعْقُوب بن إسْحاق بن إبْراهِيْم بن حُجْر، ويُوسُف بن عبد الأَحَد القُمِّيِّ، وأبي عُثْمان عَبْد الحَكَم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَّام، وعبد الله بن أحْمَد بن مُوسَى بن عَبْدَان، والعبَّاس بن الفَضْل الأُرْسُوفِيّ، وعَلَّان المِصْرِيّ، وأبي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وعَبْد الله بن شِيْرَوُيه النَّيْسَابُوريّ، وأبي عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد السَّرْخَسِيّ، وعَبْدَان الأهْوَازِيّ، وعِمْرَان بن مُوسَى السَّخْتِيَانيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن المُغِيْرَة البَزَّار، وعليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان المِصْرِيّ، وأبي بَكْر بن خُرَيْم.
رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله النَّيْسَابُوريّ، ومُحَمَّد بن مَخْلَد الدُّوْرِيّ العَطَّار، وأبو الحَسَن الآبُرِيّ، وصالح بن أحْمَد الحافِظ، وأبو حَفْص بن شَاهِين، وقاضِي القُضَاةِ عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، وأَبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، وأبو عليّ الحَسَنُ بن الحُسَين بن حَمْكَان الفَقِيه، وأبو العبَّاس أحْمَد بن إبْراهيم بن تُرْكَان الهَمَذَانيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الجَوْزَقيّ، وأبو الحُسَين الرَّازِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن سَهْلٍ المَاسَرْجِسِيّ، وأبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، وعليّ بن الحَسَن بن حَيَّوْيَه (a).
(a) بعده في الأصل: "وأبو العبَّاس أحمد بن إبراهيم بن تُرْكان الهمذانيّ"، وهو تكرار وتقدم ذكره.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الحافِظُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِيسَى الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد الحافِظُ، قال: الزُّبَيْر بن عَبْد الوَاحِد الأسَدَابَاذِيّ عُنِيَ بهذا الشَّأْن، وجَمَعَ، وعَاجَلَهُ المَوْتُ، كَتَبْتُ عنهُ، وهو صَدُوقٌ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايَتِهِ عنهُ، عن أبي الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الهَمَذَانيّ بمِصْر، قال: سَمِعْتُ أبا نَصْر عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن الحُسَين الأنْمَاطِيّ يَقُول: الزُّبَيْر بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء أبو عَبْدِ الله الأسَدَابَاذِيّ. رَوَى عن الحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ، وعِمْران بن مُوسَى السَّخْتِيَانيّ، وعبد الله بن شِيْرَوُيه، ومُحَمَّد بن إسْحَاق السَّرَّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبي خَلِيفَة، وعَبْدَان، وأبي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وعامَّة مَشَايخ الشَّام ومِصْر، وعاجَلَهُ المَوْتُ، وكان وَرِعًا حَافِظًا، وهو صَدُوقٌ.
أنْبَأنَا عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أنْبَأنَا أبَوَا بَكْرٍ البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوَا عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْريّ (a)، قالُوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الحاكِم
(2)
، قال: زُبَيْر بن عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء بن
(a) الأصل: الحيري.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 495.
(2)
اقتصر في تلخيص تاريخ نيسابور للحاكم 88 على ذكر اسمه.
صالح بن إبْراهيم الحافِظ، أبو عَبْد الله الأسَدَابَاذِيّ قَدِمَ نَيْسَابُور بعد مُنْصَرَفه من الحَسَن بن سُفْيان سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، فسَمِعَ المُسْنَدَ من عَبْد اللهِ بن شِيْرَوُيه، وكَتَبَ عن جَعْفَر الحافِظ وأقْرَانهما، وكان أقام بنيْسَابُور سِنيْنَ، فأمَّا رِحْلَتُه إلى آفاقِ الدُّنْيا فمَشْهُورةٌ.
سَمِعَ أبا خَلِيفَة، وعَبْدَان، وعبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة، وعليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان بمِصْر ومَشَايخ الشَّام.
وكان الزُّبَيْر من الصَّالِحين المَذْكُورين المَشْهُورين، الثِّقَات من الحُفَّاظِ، صَنَّفَ الشُّيُوخَ والأبْوَابَ، كَتَبْتُ عنهُ بأَسَدَابَاذ في سَنَة إحْدَى واثْنَتَيْن وأرْبَعين وثَلاثِمائة، ثمّ دَخَلْتُ أَسَدَابَاذ سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة، فحَضَرَني أخُوه أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الوَاحِد، كَتَبْتُ عنهُ وسَألتُهُ عن وَفَاةِ الزُّبَيْر، فذَكَرَ أنَّهُ تُوفِّي بأَسَدَابَاذ غُرَّة ذِي الحِجَّة من سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين، رحمه الله، فإنَّهُ كان أحد أرْكَان الحَدِيْثِ.
وكان الزُّبَيْر، رحمه الله، من عُمَّال الله (a)، ومن أصْحَاب الحَقَائق، كَتَبَ معي كِتَابًا إلى أبي عليّ الحافِظ يَعظُه فيه، فأوْصَلْتُ الكتابَ واسْتَرجعتُه، وهو عندي بخَطِّه؛ مَنْ نَظَرَ فيهِ عَرِفَ مَحَلّ الزُّبَيْر من الدِّين.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب
(1)
، قال: الزُّبَيْر بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن صالِح بن إبْراهيم، أبو عَبْد الله الأسَدَابَاذِيُّ، أحَدُ مَنْ رَحَلَ في الحَدِيْثِ، وطَوَّف في البِلادِ شَرْقًا وغَرْبًا؛ فسَمِعَ أبا خَلِيفَة
(a) الأصل: عمال الدنيا، ولا يستقيم بما بعده، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 18:331.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 494.
الفَضْل بن الحُبَاب البَصْرِيّ، والحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ، وعِمْران بن مُوسَى السَّخْتِيَانيّ، ومُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة، ومُحَمَّد بن إسْحَاق السَّرَّاج، وعبد الله بن شِيْرَوُيه النَّيْسَابُوريّين، وعَبْدَان الأهْوَازِيّ، وأبا يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة البَغْدَاديّ، وعَلَّان المِصْرِيّ، وغيرهم من أهْلِ هذه الطَّبَقَة بالشَّام ومِصْر، وكان حَافِظًا، مُتْقِنًا، مُكْثِرًا. سَمِعَ منه ببَغْدَاد مُحَمَّد بن مَخْلَد الدُّوْرِيُّ، وكان الزُّبَيْر إذ ذاك حَدَثًا.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيُّ
(1)
، قال: الزُّبَيْر بن عَبْدِ الوَاحِد بن أحمد - ويُقال: ابنُ مُحَمَّد - ابن زَكَرِيَّاء بن صالح بن إبْراهيم الأسَدَابَاذِيّ الحافِظ، سَمِعَ بدِمَشْق أبا الحَسَن بن جَوْصَا، وأبا بَكْر بن خُرَيْم، وزَكَرِيَّاء بن أحْمَد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وأبا الدَّحْدَاح، وإبْراهيم بن عبدِ الرَّحْمن بن عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان، والحَسَن بن حَبِيْب، وبعَسْقَلان مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، وأبا الحَسَن يَعْقُوبَ (a) بن إسْحَاق بن إبْراهيم بن حُجْر، ومُحَمَّد بن عُمَر الدِّيْمَاسِيّ، وبمِصْر يُوسُف بن عبد الأَحَد (b) القُمِّيّ، وأبا عُثمان عَبْد الحَكَم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَّام الصَّدَفيّ، ومُحَمَّد بن نُصَيْر بن أَبَان. وحَدَّثَ عن عَبْد الله بن أحْمَد بن مُوسَى بن عَبْدَان (c)، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة البَزَّار (d).
رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن مَخْلَد الدُّوْرِيّ، وهو أكْبَر منه، وأبو حَفْص بن شَاهِين، والحاكِم أبو عَبْدِ الله، وقاضِي القُضَاةِ أبو الحَسَن عَبْد الجَبَّارِ بن أحْمَد بن عَبْد
(a) ابن عساكر: أبو الحسن بن يعقوب، وتقدم ذكره في أول الترجمة على النحو المثبت.
(b) ابن عساكر: عبد الواحد.
(c) ابن عساكر: موسى عبدان.
(d) الأصل: البزاز، وتقدم في طالع الترجمة بالراء، والمثبت موفق لما عند ابن عساكر (مصدر النقل).
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 328 - 329.
الجَبَّار الهَمَذَانيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن الحُسَين بن حَمْكَان الفَقِيه الشَّافِعيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الجَوْزَقيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن سَهْل المَاسَرْجِسِيّ النَّيْسَابُوريّان، وعليّ بن الحَسَن بن حَيَّوْيَه الدَّامَغَانِيّ، وأبو عَبْدِ اللهِ بن مَنْدَة، وأبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، وأبو الحُسَين الرَّازِيّ، وسَمِعَ منه بِحمْصَ، وأبو العبَّاسِ أحْمَد بن إبْراهيم بن تُرْكَان الهَمَذَانيّ.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الحافِظ (a)، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله النَّيْسَابوريّ الحافِظ، قال: زُبَيْر بن عَبْد الوَاحِد الأسَدَابَاذِيّ، كان من الصَّالِحين المَسْتُورين الثِّقَات الحُفَّاظ، صَنَّفَ الشُّيُوخَ والأبْوَابَ، كَتَبْتُ عنهُ في سَنَة إحْدَى واثْنَتَيْن (b) وَأرْبَعين وثَلاثِمائة، ثمّ دَخَلْتُ أَسَدَابَاذ في سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة، فحَضَرني أخُوه عُثْمان بن عَبْد الوَاحِد، فسَألتُهُ عن وَفَاةِ الزُّبَيْر، فذَكَرَ أنَّهُ تُوفِّي بأَسَدَابَاذ في ذِي الحِجَّة سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة.
الزُّبَيْر بن المُنْذِر بن عَمْرو
(1)
وقيل فيه: أبو الزُّبَيْر بن المُنْذِر.
(a) في الأصل: علي بن أحمد الحافظ، وصوابه المثبت، وهو الخطيب البغدادي. وانظر الرواية في تاريخ بغداد 9:395.
(b) في تاريخ بغداد: أو اثنتين.
_________
(1)
في الأصل: ابن عمر، والمثبت من تاريخ الطبري والأغاني والتذكرة الحمدونية ونهاية الأرب، ولعل الصواب في اسمه هو المنذر لا أنه اسمٌ لأبيه حسبما ذكره الطبري والأصفهاني وابن حمدون والنويري، ومصدر الوهم فيه من ابن عساكر الذي ترجم له استنادًا إلى حكاية الأصفهاني في كتابه الأغاني، وتابعه ابن العديم على هذا الخطأ، وحقّ هذه الترجمة أن تُنقل إلى حرف الميم لم كان الجزء الضام لتراجم هذا الحرف بين أيدينا، وقد أبقينا على الاسم كما أورده في طالع الترجمة لمراعاة الترتيب وصححناه في المتن على مظانه. =
وكان كَاتِبًا للوَلِيْد بن يَزِيد بن عَبْد المَلِك، وكان في صُحْبَتهِ حين أتَتْه الخِلَافَةُ عند مَوْت هِشَام، ووَصَلَ معه إلى رُصَافَة هِشَام.
حَكَى عن الوَلِيدِ، رَوَى عنهُ المِنْهَال بن عَبْد المَلِك، وإسْحَاق بن أَيُّوب، وجُوَيْرِيَة بن أسْماء.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ إذْنًا، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر، عن أبي غَالِب أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن دِيْنار اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الكَاتِب الأصْبَهَانِيّ
(1)
، قال: أخْبَرَني الحَسَن (a) بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَارِث الخَرَّاز (b)، قال: وأخْبَرَني أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن شَبَّة، عن المَدَائِنِيّ، عن جُوَيْرِيَة بن أسْماءَ، وعن المِنْهَالِ بن عَبْد المَلِك، وعن إسْحاق بن أَيُّوبَ، كُلّهم عن [أبي] الزُّبَيْر المُنْذِر بن عَمْرو (c)، قال: وكان كَاتبًا للوَلِيْد بن يَزِيد، قال: أرْسَل إليَّ الوَلِيدُ صَبِيْحَةَ اليَوْم الّذي أتَتْهُ فيه الخِلَافَةُ، فأتَيْتُه، فقال لي: يا أبا الزُّبَيْر، ما أتَتْ عليَّ لَيْلَةٌ أطْوَلُ من
(a) الأصل: الحسين، والمثبت من الأغاني، واسمه: الحسن بن علي الخفاف، أخذ عنه أبو الفرج الأصفهاني في أكثر من ستين موضعًا في كتابه الأغاني.
(b) مهملة في الأصل، والإعجام من الأغاني 7: 14 ومعجم الأدباء لياقوت 1: 228 وتاريخ ابن عساكر 18: 442 وتاريخ بغداد 5: 198 - 199.
(c) في الأصل: الزبير بن المنذر بن عُمر، ومثله في تاريخ ابن عساكر، والتصويب من تاريخ الطبري والأغاني والتذكرة الحمدونية والنويري، ويرد في النص بعده تكنيته بأبي الزبير.
_________
= وترجمته في: تاريخ الطبري 7: 215 (وفيه: المنذر بن أبي عمرو)، الفرج بعد الشدة 3: 403 - 404، الأغاني 7: 14 - 16، التذكرة الحمدونية 8: 45، تاريخ ابن عساكر 18: 441 - 443، النويري: نهاية الأرب 21: 465، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 371 - 372. وأفرد له ابن العديم ترجمة أوردها في الكنى (الجزء العاشر) استخلصها من خبر الأغاني المثبت.
(1)
الأغاني 7: 14 - 16، وانظر الحكاية بنصها في كتاب الفرج بعد الشدة 2: 403 - 404، التذكرة الحمدونية 8: 45 - 46، تاريخ ابن عساكر 18: 442 - 443، والنويري: نهاية الأرب 21: 465 - 466.
هذه، عَرَضَت لي (a) أُمُورٌ، وحَدَّثتُ نَفْسِي فيها بأُمُور، وهذا الرَّجُل قد أُوْلِع بي، فارْكَبْ بنا نتَنَفَّسُ.
فرَكِبَ وسرْتُ معه، فسار مِيْلَين، ووَقَفَ على تَلٍّ، فجَعَل يَشْكُو هِشَامًا، إذ نَظَر إلى رَهجَ (b) قد أقْبَل - قال عُمَر بن شَبَّة في حَدِيثه: وسَمِعَ قَعْقَعَةَ البَرِيد فتَعَوَّذ بالله من شَرِّ هِشَام، وقال: هذا البَرِيدُ قد أقْبَل بمَوْتٍ وحَيٍّ أو بمُلْكٍ عَاجِل! فقُلْتُ: لا يسُوءكَ اللهُ أيُّها الأَمِيرُ بل يسرُّك ويُبْقيك، إذْ بدا رَجُلان على البَرِيد مُقْبِلان (c) ؛ أحدُهما مَوْلَى لأبي سُفْيان بن حَرْب، فلمَّا قَرُبا أتيا (d) الوَلِيدَ فنَزِلَا يَعْدُوان حتَّى دَنَوَا فسَلمَّا عليه بالخِلَافَة، فوَجَم، فجَعَلا يُكَرِّران عليه التَّسْلِيمَ بالخِلَافَة، فقال: ويْحَكُما؛ ما الخَبَر، أماتَ هِشَام؟ قالا: نعم، قال: مَرْحَبًا بكما، ما معكما؟ قالا: كتاب مَوْلاك سَالِم بن عبد الرَّحْمن، فقرأ الكتابَ وانْصَرفا (e).
وسَأل عن عِيَاضِ بن مُسْلِم؛ كاتِبه الّذي كان هِشَام ضَرَبَهُ وحَبَسَهُ، فقالا: يا أَمِير المُؤْمنِين، لَم يَزَل مَحْبُوسًا حتَّى نَزَل بهِشَام أمرُ الله عز وجل، فلمَّا صار إلى حالٍ لا تُرْجَى الحيَاةُ لمثْلهِ معها، أرْسَل عِيَاضٌ إلى الخُزَّان: احْتَفظُوا بما في أيْديكم، ولا يَصلنَّ أحدٌ إلى شيءٍ، وأفاقَ هِشَام إفاقةً، فطَلَب شيئًا فُمنِعَهُ، فقال: أُرانا كُنَّا خُزَّانًا للوَلِيْدِ، وقَضَى من سَاعته.
فَخَرَجَ عِيَاضٌ من السِّجْن سَاعَةَ قَضَى هِشَامٌ، فخَتم الأبْوَابَ والخَزَائن، وأمَرَ بهِشَام فأُنْزل عن فراشِهِ، ومنعَهُم أنْ يُكفِّنوه من الخَزَائن، فكَفَّنَهُ غالبٌ مَوْلَى هِشَام بن إسْمَاعِيْل، ولَم يجدُوا قُمْقُمًا حتَّى اسْتَعارُوه.
(a) الأغاني: عرضتني.
(b) كلمة غير مقروءة في الأصل، والمثبت عن تاريخ الطبري والفرج بعد الشدة والأغاني والتذكرة الحمدونية ونهاية الأرب، والرَّهج والرَّهجْ: الغبار. لسان العرب، مادة: رهج.
(c) الأغاني: يقبلان. وذكرهما الطبري: أحدهما مولى لأبي محمد السفياني، والآخر اسمه: جَرْدبة.
(d) الفرج بعد الشدة والأغاني: رأيا.
(e) الفرج بعد الشدة والأغاني والتذكرة الحمدونية: وانصرفنا.
وأمرَ الوَلِيدُ بأخْذ ابن هِشَام بن إسْمَاعِيْل، فأُخِذَا بعد أنْ عاذ إبْراهيم بن هِشَام بقَبْر يَزِيد بن عَبْد المَلِكِ، فقال الوَلِيدُ: ما أُراهُ إلَّا قد نَجَا، فقال يَحْيَى بن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وأخوه عَبْد الله: إنَّ الله لَم يَجْعل قَبْر أبيك مَعَاذًا للظَّالمين، فخُذْهُ بردِّ ما في يَده من مال الله، فقال: صَدَقتَ، وأخذَهما، فبعَثَ بهما إلى يُوسُف بن عُمَر، وكَتَبَ إليه أنْ يَبْسُط عليهما العَذَابَ حتَّى يَتْلَفا، ففَعَل ذلك بهما، وماتا جَمِيعًا في العَذَاب بعد أنْ أُقيم إبْراهيم بن هِشَام للنَّاسِ حتَّى اقتَصُّوا (a) منه المَظَالِمَ.
وقال عُمَرُ بن شَبَّة في خَبَره: إنَّهُ لمَّا نُعِيَ له هِشَام قال: والله لأتَلقَّينَ هذه النّعْمَة بسَكْرة قبل الظُّهْر، ثمّ أنْشَأ يَقُول:[من الخفيف]
طَابَ نَوْمي ولذّ شربُ السُّلَافه
…
إذ أتانا نَعِي مَنْ بالرُّصَافَهْ
وأتانا البَرِيدُ يَنْعي هِشَامًا
…
وأتَانا بخَاتَمِ للخِلَافَه
فأَصْطَبَحْنا من خَمْر عَانَةَ صِرْفًا
…
ولَهَوْنا بقَيْنةٍ عَزَّافَه
قال: ثُمَّ خَلَفَ أنْ لا يَبْرحَ مَوضِعَهُ حتَّى يُغَنَّى في هذا الشِّعْر ويَشْربَ عليه، فغُنِّي له، وشَرِبَ حتَّى سَكِرَ، ثمّ دَخَل فبُوْيِعَ له.
زَحْرُ بن قيس الجُعْفِيُّ البَدَّائِيُّ
(1)
الكُوْفيُّ
(2)
من بني بَدَّاء الجُعْفِيِّيْن، كان فَارِسًا، شَرِيْفًا، خَطِيْبًا بَلِيْغًا.
(a) كذا في الأصل مجودًا، وفي الأغاني: اقتضَوا.
_________
(1)
كذا نسبة في الأصل وذكر عقبه أنه من بني بداء الجعفيين، وعد السمعاني أن البدَّائي والبدَّائية جماعة من غلاة الروافض ممن أجازوا البداء على الله عز وجل وزعموا أنه يريد الشيء ثم يبدو له، (الأنساب 2: 110)، ونص السمعاني أن النسبة إلى بني بدا (غير مهموز) هو: البَدِّيّ، انظر: أنساب السمعاني 2: 118 - 119.
(2)
كان حيًا سنة 76 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 15 - 30، 137، 408، 467، 503، تاريخ البخاري الكبير 3: 445، الجاحظ: البيان والتبيين 3: 81، العجلي: تاريخ الثقات 165،=
شَهِدَ مع عليٍّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه صفِّيْن وحَكَى عنه، وعن الحَسَن بن عليّ رضي الله عنه. رَوَى عنهُ عَامِر الشَّعْبيِّ.
وهو الّذي سَيَّرَهُ عليّ من صفِّيْن إلى القُطْقُطَانَة ليَقْطَع المِيْرَة عن مُعاوِيَة، فبَلَغ مُعاوِيَة، فسَيَّرَ مُعاوِيَة الضَّحَّاك بن قَيْس إليه فهَزَمَهُ زحْر، فلامَه مُعاوِيَة، فلَحِقَ الضَّحَّاك بعليّ رضي الله عنه. ويُقالُ: إنَّهُ هو الّذي قَدِمَ برَأس الحُسَين رضي الله عنه إلى يَزِيد بن مُعاوِيَة، وليس به.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الصَّغير، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن المُغَلِّس، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، قال: حَدَّثني عَبْدُ الله، يعني: ابن سَعيد عَمّه، عن زِيَادٍ، وهو البَكَّائيّ، قال: حَدَّثَنَا المجالِد بن سَعيد، قال: حَدَّثَني الشَّعْبيِّ، قال: أخْبَرَني زَحْر بن قَيْسٍ الجُعْفِيّ، قال: بَعَثَني عليٌّ علي أرْبعمائةٍ من أهْل العِرَاق، وأمَرَنا أنْ ننَزل المَدَائِن رَابطةً، قال: فواللهِ إنَّا لجُلُوسٌ عند غُروب الشَّمْس على الطَّريق، إذ جاءنا رَجُلٌ قد أعْرَق دَابَّتَهُ، قال: فقُلْنا: من أينَ أقْبَلتَ؟ قال: من الكُوفَة، فقُلْنا: مَتَى خَرَجتَ؟ قال: اليَوْم، قُلْنا: فما الخَبَر؟ قال: خَرَجَ أَمِيرُ المُؤْمنِيْن إلى الصَّلاة، صَلاة الفَجْر، فابْتَدَرَهُ ابنُ بَجَرَة وابن مُلْجَم،
= الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 156، 260، 292، تاريخ الطبري 5: 270، 459، 6: 18، 21، 45 - 51، 105 - 106، 153، 156، 197 - 198، 243 - 244، 543، الفتوح لابن أعثم 2: 363 - 365، 5: 236، الجرح والتعديل 3: 619، الاشتقاق لابن دريد 407، تاريخ بغداد 9: 516 - 517، تاريخ ابن عساكر 18: 443 - 446، ابن الأثير: الكامل 4: 83، 217 - 218، 235، 307، 366 - 367، 408، الوافي بالوفيات 14: 189 - 190، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 372 - 373، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 45 - 46.
(1)
تاريخ بغداد 9: 516 - 517.
فضَرَبه أحَدُهما ضَرْبةً، إنَّ الرَّجُلَ ليَعِيْشُ ممَّا هو أشَدُّ منها، ويَمُوتُ ممَّا هو أهْوَنُ منها، قال: ثمّ ذَهَب.
فقال عَبد الله بن وَهْبٍ السَّبَأيّ ورَفَع يَدَهُ إلى السَّماءَ: الله أكْبَر، اللهُ أكْبَر! قال: قُلْتُ له: ما شَأنُكَ؟ قال: لو أخْبرنا هذا أنَّهُ نَظَر إلى دِمَاغهِ قد خَرَج، عَرفْتُ أنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن لا يَمُوت حتَّى يسُوقَ العَرَبَ بعَصَاهُ، قال: فوالله ما مَكَثنا إلَّا تلكَ اللَّيْلة حتَّى جاءنا كتابُ الحَسَن بن عليّ: من عَبد الله حَسَن أَمِير المُؤْمنِيْن إلى زَحْر بن قَيْس، أمَّا بَعْدُ، فخُذْ البَيْعَة ممَّن قِبَلَكَ. قال فقُلْنا: أين ما قُلْتَ؟ قال: ما كُنْتُ أراهُ يَمُوتُ!.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: قَرآتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن الغَسَّانِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب الميدانيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْرٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ
(2)
، قال: قال هِشَام بن مُحَمَّد: قال أبو مخْنَف: ثُمَّ إنَّ عُبَيْد الله بن زِيَادٍ نَصَبَ رَأسَ الحُسَين في الكُوفَة، فجعَل يُدَار به (b)، ثمّ دَعَا زَحْر بن قَيْسٍ، فسرّح معه برَأسِ الحُسَين ورُؤوس أصْحَابهِ إلى يَزِيد بن مُعاوِيَة، وكان مع زَحْر أبو بُرْدَة بن عَوْف الأزْدِيّ، وطَارِق بن أبي ظَبْيَان الأزْدِيّ، فخرجُوا حتَّى قَدِمُوا بها الشَّام على يَزِيد.
قال هِشَام: فحَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بن يَزِيد بن رَوْح بن زِنْبَاع الجُذَاميِّ، عن أَبيِهِ، عن الغَاز بن رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، من حِمْيَر، قال: والله إنَّا لعند يَزِيدَ بن مُعاوِيَة
(a) ابن عساكر: المدائني. وهو أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني الدمشقي (ت 418 هـ)، انظر ترجمته ومصادرها في سير أعلام النبلاء 17: 499 - 500.
(b) تاريخ الطبري: يدار به في الكوفة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 444 - 445، وتقدمت هذا ارواية في خبر طويل نقله المؤلف عن الدينوري في مقتل الحسين بن علي في الجزء السادس.
(2)
تاريخ الطبري 5: 459.
بدِمَشْق، إذْ أقْبَل زَحْر بن قَيْسٍ حتَّى دَخَلَ على يَزِيد بن مُعاوِيَة، فقال له يَزِيد: وِيْلكَ! ما وَرَاءك، وما عندك؟ فقال: أَبْشِر يا أَمِير المؤمنِيْن بفَتْح الله وبنَصْره (a)، ورَدَ علينا الحُسَينُ بن عليّ بن أبي طَالِب، في ثَمانية عَشر من أهْلِ بَيْتهِ، وسِتّين من شِيْعَتهِ، قال: فسِرْنا إليهم، فسَألْنَاهُم أنْ يَسْتَسْلمُوا ويَنْزلوا على حُكْم الأَمِير عُبَيْدِ الله بن زِيَاد أو القِتَال، فاخْتَارُوا القتَال على الاسْتِسْلَام، فعدَوْنا (b) عليهم مع شرُوق الشَّمْسِ، فأَحَطْنا بهم من كُلِّ نَاحيةٍ، حتَّى إذا أخَذَتِ السُّيُوفُ مأْخَذَها من هَام القَوْم، جَعَلُوا يَهْربُونَ إلى غير وَزَر، ويَلُوذُون منَّا بالآكَام والحُفَر، لواذًا كما لاذ الحَمَائِم (c) من صَقْر، فواللهِ يا أَمِير المُؤْمنِيْن ما هو إلَّا جَزْرَ [جَزُور](d)، أو نَوْمَةَ قائِل، حتَّى أتَيْنا على آخرهم، فهاتيكَ أجْسَادُهُم مُجَزَّرَة (e)، وثيَابُهم مُرمَّلة (f)، وخُدُودهم مُعَفَّرَة، تَصْهَرهُم الشَّمْس، وتَسْفِي عليهم الريح، زُوَّارهم العِقْبان والرَّخَم، بِقِيٍّ سَبْسَبٍ، قال: فدمعَتْ عَيْنُ يَزِيد، وقال: كُنْتُ أرْضَى من طَاعَتكم بدُون قَتْل الحُسَين، لَعَنَ اللهُ ابن سُمَيَّة! أمَا والله لو أنِّي صَاحِبُه لعَفَوتُ عنه، ورحِمَ اللهُ الحُسَين، ولَم يَصِلْهُ بشئٍ.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: اخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل
(1)
، قال زَحْر بن قَيْسٍ: خَرَجْتُ
(a) الطبري وابن عساكر: ونصره.
(b) ابن عساكر: فغدونا، وما ها هنا موافق للطبري.
(c) ابن عساكر: الحمام.
(d) إضافة من الطبري وابن عساكر.
(e) كذا رسمها في الأصل بإهمال الجيم، والضبط على سجعه، وقد تقدمت في ترجمة الحسين بن علي (الجزء السادس): مجردة، وفي أصول ابن عساكر (مصدر النقل): محررة، واعتمد محققه ما في تاريخ الطبري: مجرَّدة.
(f) الأصل: مزملة، والمثبت عن الطبري وابن عساكر، والثياب المرملة: الملطخة بالدم. لسان العرب، مادة: رمل.
_________
(1)
التاريخ الكبير 3: 445.
حينَ أُصِيْبَ عليّ إلى المَدَائِن، وكانَ أهْله بها، قاله مُحَمَّد بن أبي بَكْر، عن أبي مِحْصَن، عن حُصَيْن، عن الشَّعْبيِّ.
أنْبَأنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين الطّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، ح.
قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بندَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قالا: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال أخْبَرنا صالِح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي
(2)
، قال: زَحْرُ بن قَيْسٍ الجُعْفِيّ كُوْفيٌّ تابِعيٌّ (a) ثِقَةٌ، من كِبَار التَّابِعِين.
أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان إذْنًا، عن مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إذْنًا أوِ سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(3)
، قال: زَحْر بن قَيْسٍ، قال: خَرَجْتُ حين أُصِيْب عليّ إلى المَدَائِن، رَوَى عنهُ الشَّعْبيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطيبُ
(4)
، قال: زَحْر بن قَيْسٍ الجُعْفِيُّ الكُوْفيُّ، تَابعيٌّ ثِقَةٌ (b)، أحَدُ أصْحَاب عليّ بن أَبي طَالِب، أنْزَلَهُ عليٌّ المَدَائِن في جَمَاعَةٍ جَعَلهم هُناك رَابِطة، رَوَى عنهُ عَامِرٌ الشَّعْبيِّ، وحُصَيْن بن عبد الرَّحْمن.
(a) ساقطة من نشرة ابن عساكر، وهي عند العجلي في ثقاته.
(b) قوله: "تابعي ثقة" لم يرد في مطبوعة تاريخ بغداد.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 18: 446.
(2)
الجرح والتعديل 3: 619.
(3)
العجلي: تاريخ الثقات 165.
(4)
تاريخ بغداد 9: 516.
هكذا قال الخَطِيب، وقد قال البُخاريّ
(1)
: عن حُصَيْن عن الشَّعْبِيّ.
أنْبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: زَحْر بن قَيْسٍ الجُعْفِيُّ الكُوْفيُّ، أدْرَكَ عليًّا وشَهِدَ معه صِفِّيْن، وكان شَرِيْفًا فَارِسًا، وله وَلد أشْرَاف. حَكَى عن عليّ بن أبي طَالِب، والحَسَن بن عليّ. رَوى عنهُ الشَّعْبِيّ، وكان خَطِيْبًا بَلِيْغًا، ووفَدَ على يَزِيد بن مُعاوِيَة.
هكذا قال الحافظُ أبو القَاسِم! والّذي يَقَع لي أنَّ الّذي قَدِمَ برأس الحُسَين على يَزِيد هو غير زَحْر بن قَيْس الجُعْفِيّ، فإن الجُعْفِيّ شَهِد صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقدَّمه على أرْبَعمائةٍ من أهْل العِرَاق، وبَقِي بعدَهُ مُؤَمَّرًا، وأمَرَهُ الحَسَن رضي الله عنه بأخْذ البَيْعَة له، وقال فيه أحْمَد بن عَبْد الله العِجليِّ: تَابعيّ ثِقَةٌ من كبار التَّابِعِين، وكان شَرِيْفًا في قَوْمه، فيَبْعدُ عندي أنْ يُقَاتل الحُسَين ويَخْرج برَأسهِ ويَحْضُر بين يَدي يَزِيد، ويقُول ما قال؛ قَوْل مُتَشَفٍّ! وقد وَافق الجُعْفِيّ في اسْمه واسْم أبيهِ وفي كَوْنه من الكُوفَة، فظَنَّ الحافِظُ أبو القَاسِم أنَّهُ الجُعْفِيّ وليس به، واللّهُ أعْلَمُ.
زَحْوَل
من سَاكني حَلَب وتُنَّائها وعُمَّال السُّلْطان، وكان لهُ مَحَلٌّ ومِقْدَارٌ، وفيه ظَرْفٌ ومُجُون، حَكَى عنه يَحْيَى بن أبي عُبَادَة البُحْتُرِيّ.
قَرَأتُ في أخْبَار أبي عُبَادَة الوَلِيد بن يَحْيَى البُحْتُرِيّ، تأليفُ أحْمَد بن فَارِس الأدِيْب المَنْبجيّ، قال: وحَدَّثَني أبو أحْمَد - يعني عُبَيْد الله بن يَحْيَى بن الوَلِيد البُحْتُرِيّ - قال: حَدَّثَني أبي، قال: خَرَجنا إلى حَلَب في وَقْتٍ من الأوْقَاتِ، وكنا جَمَاعَةً من أهْل مَنْبج، للقاءِ بعض السَّلَاطين، فقيل لنا: إنَّ هَا هُنا رَجُلًا من
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3: 445.
(2)
تاريخ ابن عساكر 18: 443.
التُّنَّاء والعُمَّالِ، لَهُ مَحلٌّ ومِقْدَارٌ، يُقال لَهُ: زَحْوَل، والصَّوَاب أنْ تلقَوهُ، فلَقينا منه رَجُلًا مَاجِنًا خَلِيْعًا، جَعَل يَسْأل كُلّ واحدٍ منَّا عن خَبَره، وبمَنْ يُعْرفُ سُؤالًا حفيًّا، وكان أخي أبو سَعيد في الجَمَاعَة، فسَألنا كما سَأل الجَمَاعَةَ، فقُلْنا: نحنُ بنُو البُحْتُرِيّ، فقال: أنا ما أُحْسِنُ أقُول الشِّعْر، ولكن يا بني الفَاعِلة الصَّانِعة! وجَعَل يَشتمنا بأقْبَح الشَّتْم، فقُلْنا له: وما يَحْدُوكَ على هذا؟ قال: يَحْدُوني عليه قَوْل أبيْكُما فيَّ على إكْرَامِي له
(1)
: [من الخفيف]
قد مَرَرْنا بزَحْوَلٍ يَوْمَ دَجْنٍ
…
فأتانا بعِدْلِ فَحْمٍ يُغَنِّي
خُنفُسَاءٌ، أَعْمَتْ من القُبْح عَيْني
…
وأَصَمَّتْ من سَيِّئ (a) القَوْل أُذْني
لَسْتُ تَدْري (b) إذا أشَارَت بلَحْنٍ (c)
…
أَتُغَنِّي جَلِيْسَها أم تُزَنِّي
يعني: مَرْأةٌ سَوْداء (e).
فقال: مَنْ أَهْجَا أنا أو أبوكما؟ قُلْنا له: أنْتَ أهْجَا منه ومن جَرِيْر!.
زُرَافَة، حَاجِب المُتَوَكِّل
(2)
قَدِمَ مع المتُوَكِّل حَلَب سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائَتَيْن، حينَ قَدِمَهَا، وتوجَّه منها إلى دِمشْق، وحَكَى عن المتُوَكِّل وعن ذي النُّون المِصْرِيّ، حَكَى عنه عِيسَى البَغْدَاديّ.
(a) الديوان: بسيئ.
(b) الديوان: أدري.
(c) الديوان: بصوت.
(4)
كتب ابن العديم هذه الجملة في الهامش بموازة البيت الأوّل.
_________
(1)
ديوان البُحْتُرِيّ 4: 2215.
(2)
توفي سنة 252 هـ، وله ذكر في تاريخ الطبريّ، في خِلَافَة المُتَوكِّل والمنتصر والمستعين 9: 225 - 228، 239، 262، المسعودي: مروج الذَّهب 2: 45، 5: 87 (أرخ لوفاته)، التنبيه 362، قطع تاريخية من كتاب عنوان السير للهمذاني 195، تاريخ ابن عساكر 18: 450 - 451، ابن الأثير: الكامل 7: 97، 99، 105، ابن شدَّاد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 68، (وسمّاه: أحْمَد بن نَصْر).
وجاء في فِتْنَة المُعْتَزّ والمُسْتَعِين إلى نَاحِيَةِ حَلَب ومَنْبِج ومعه الشَّاربَامْيَان ومُظَفَّر بن كُنْدُر، وأقامُوا على بَيْعَة المُسْتَعِين، وجَرَت لهم أحْوَال بتلك النَّاحِيَة.
أَنْبَأْنَا أبو الجَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنَا أبو المَكَارِم اللَّبَّانُ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن مُحَمَّد - هو العُثْمانيّ - قال (a): أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عيسَى، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد الحَذَّاء، قال: سَمِعْتُ هَارُون بن عِيسَى البَغْدَاديّ يَقول: حَدَّثَنِي أبيّ، عن زُرَافَة صَاحِب المُتَوَكِّل، قال: لمَّا انْصَرفَ ذُو النُّون من عند أَمِير المُؤْمنِيْن، دَخَل عليَّ ليُودّعَنيّ، فقُلتُ لَهُ: اكْتُب لي دَعْوَةً؛ ففَعَل، فقرَّبْتُ إليهِ جَام لَوْزِيْنَج، فقُلتُ لَهُ: كُلْ من هذا؛ فإنَّهُ يُرَزِّن الدِّمَاغ ويَنْفَع العَقْل، فقال: العَقْل يَنْفَعُه غيرُ هذا، قُلتُ: وما ينفَعُه؟ قال: اتِّبَاع أَمْر اللّه والانْتهاء عن نَهْيهِ، أمَا عَلِمْتَ أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّما العَاقِل مَنْ عقَل عن اللّهِ أَمْرَهُ ونَهْيَهُ، فقُلتُ لَهُ: أكْرمني بأكلهِ، فقَال: أريدُ ألذّ من هذا (b)، فقُلتُ لَهُ: وأي شيء ألذّ من هذا (c)؟ فقَال: هذا لمَنْ لا يَعْرف الحَلْوَاء ولا يَعْرف أكْلَهُ، وإنَّ أهْلَ معْرفَةِ اللّه يتَّخِذُون (d) خلَافَ هذا اللَّوزِيْنَج، قُلْتُ: لا أظُنُّ أحَدًا في الدُّنْيا يُحْسنُ أنْ يَتَّخِذ أجْودَ من هذا، وإنَّ هذا من مَطْبخ أَمِير المُؤْمنِيْن المُتَوَكِّل على اللّه، فقال: أنا أصفُ لك لَوْزِيْنَج المُتَوَكِّل على اللّه، فقُلتُ: هاتِ للّه أبُوك، فقال: خُذْ لبُابَ مَكْنُون مَحْض طَعَام المَعْرفَة، واعْجنْهُ بماء الاجْتِهَادِ، وانصِبْ أُثْفيَّه الانْكِمَاد، وطَابق صَفُو الودَاد، ثمّ اخْبز خُبْزَ لَوْزِيْنَج العُبَّادِ بحَرِّ نيْران نَفَسِ الزُّهَّادِ، وأوْقدْهُ بحَطَب الأَسَى، حتَّى تَرْمِي نِيْران وَقُودها بشَرَر الضَّنَا، ثمّ احْشُ ذلك بقَنْد (e) الرِّضَى، ولَوْز الشَّجا،
(a) مكررة في الأصل.
(b) حلية الأولياء: أريد غير هذا.
(c) حلية الأولياء: يتحذرون.
(d) حلية الأولياء: بقيد.
(e) حلية الأولياء: وأي شيء تريد.
_________
(1)
حلية الأولياء 9: 387 - 388، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 18:450.
مَرْضُوضَان (a) بمِهْرَاسِ الوَفَا، مُطَيَّبان بطِيْبَة رقَّة عِشْق الهَوَى، ثمّ اطْوِه طَيّ الأكياس للأيَّام بالعَزَى (c)، وقَطِّعه بسَكَاكِين السَّهر جَوْف الدُّجَى، ورَفْضِ لَذيْد الكَرَى، ونَضِّده على جَاماتِ القَلَق والشَّهق (d)، وانْثُر عليه سُكَّرًا يُعمل (e) من زَفَرَات الحُرَق، ثُمَّ كُلْ بأنَامِل التَّفْويض في وَلائم المُنَاجَاةِ، بوجْدَان خَوَاطِر القُلُوب، فعند ذلك تَفْريجُ كُرَب القُلُوب، ومَحلُّ سُرُور المُحبّ بالمَلك المَحْبُوب. ثُمّ وَدَّعني وخَرَجَ، رحمه الله.
أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد في كِتَابِهِ إليْنَا من هَرَاة، عن زَاهِر بن طَاهِر، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن البُنْدَار، عن أَبي أحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: وفيها - يعني سَنَة اثنتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن - ماتَ زُرَافَة بمِصْر.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زُرْعَة
زُرْعَة بن مُوسَى، أبو العَلَاء الكَاتِبُ الطَّبَرَانِيُّ النَّصْرانِيُّ
(1)
شَاعِرٌ مُجيْدٌ، وكاتبٌ بَلِيْغٌ، لَهُ شِعْر حَسَن، وحَظٌّ وَافِر من الأدَب، وكان كَاتِبًا للأمِيْر مَكِين الدَّوْلَةِ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن مُلْهَم، وقَدِمَ معَهُ من طَبِريَّة إلى حَلَب، وكَتَبَ لَه أيَّام وِلَايتهِ، فلَّمَا انْقَضَى أمْرُ ابن مُلْهَم، وتَسَلَّم حَلَب الأَمِير أبو سَلامَة مَحْمُود بن نَصْر بن صالح بن مِرْدَاس، قَصَدَ مَحْمُود واتَّصَل بِخِدْمَتِه، وكَتَبَ لَهُ وحَظِي عنده، وصَار عندَهُ في مَحلِّ الوِزَارَة، فلمَّا نَزل السُّلْطان ألْب
(a) حلية الأولياء: من ضوضان، تحريفٌ.
(b) الحلية وابن عساكر: بطينة.
(c) حلية الأولياء: بالعرا.
(d) حلية الأولياء: والسهر.
(e) حلية الأولياء: بعسل.
_________
(1)
كان حيًّا سنة 463 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 12 - 13، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 376 - 377.
أَرَسْلَان على حَلَب ورَحَلَ عنها، وتَنَكَّر مَحْمُود على أَصْحَابهِ، قَبَضَ على أبي العَلَاءِ، وتغيَّر له ممَّا كان عليه.
وذَكَرَ أبو غَالِب هَمَّام بن الفَضْل المَعَرِّيّ
(1)
: أنَّهُ كان وَزِيرًا لمحمُود، وقبضَ عليه في سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة، حين عادَ إلى حَلَب بعد رَحِيْل السُّلْطان عنها وتَوجُّهه مع السُّليمَانِيّ إلى نَاحِيَةِ دِمَشْق.
أخْبَرَنَا الخَطِيبُ أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّدُ بن هاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن هاشِم، قال: أخْبَرَنِي أبي هاشِم، قال: أخْبَرَنِي أبي أحْمَد، قال: أَخْبرَني أَبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد سَعيد بن سِنَان، قال، ح.
وأَنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الشَّاعر: كَتَبَ إليّ الشَّيْخُ أبو العَلَاءَ زُرْعَة بن مُوسَى الكَاتِب
(3)
: [من الطويل]
وكُنت على الأيَّام دُوني طَلِيْعةً
…
وَرِدْءًا إذا كَرَّتْ عليَّ جُيُوشُها
فما أنا إلَّا كالطَّريْدَة غرَّها
…
الفِرَارُ فأضحت كُلُّ كفٍّ تَنُوشُها
فَكَتَبْتُ إليهِ
(4)
: [من الطّويل]
كتبْتَ فهَجَّنتَ الّذين تَقَدَّمُوا
…
وأَعْلَمْتَنا أنَّ التَّأخُّرَ في السَّبْق
وأَغْضَيْتَ عن نَظْم القَرِيْض سَمَاحَةً
…
به فظَننَّا أنَّ ذلك عن حَقِّ (a)
(a) ابن عساكر: بالحق، وكتب ابن العديم في الهامش عنده:"وقال الحافظُ: بالحق".
_________
(1)
الإشارة إلى تاريخه الَّذي ينقل عنه ابن العديم في العديد من التراجم، ومضى التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الأوّل.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 12 - 13.
(3)
البيتان في ديوان ابن شان الخفاجي 649، تقدمة لجوابه عليها.
(4)
ديوان ابن سنان الخفاجي 650.
فإنْ عُدْتَ تُهْدِي (a) منهُ كُلَّ عجَيْبَةٍ
…
إلينا فكَلْ من مُعْجز (b) لك في النُّطْقِ
ومَنْ لي (c) بأنْ ألْقَى بعَيْنيَّ كُلَّمَا
…
شَكوتَ وما يَرْتَابُ مِثْلُكَ في صِدْقي
وواللّهِ لو شَاطَرْتُك (d) العُمْرَ ما وَفَتْ
…
حَيَاتِي بأدْنَى منَّةٍ لكَ في عُنقي
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: وذَكَرَ أبو الحَسَن الكَفْرطَابِيّ أنَّ زُرْعَة كَتَبَ بَيْتَيهِ هذين إلى الأَمِير أبي الحَسَن بن مُنْقِذ، فاللّهُ أعْلَمُ.
أَنْبَأْنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: ومن شُعَرَاءِ الشَّام الشَّيْخُ أبو العَلَاء صَاعِد بن سُمَّان، ومن شِعْره يَرْثِي أبا المُتَوَّج مُقَلَّد، رحمه الله، فذَكَرَ البَيْتَيْن.
وقَرَأتُ في بعض مَجْمُوعات أُسامَة أنَّ أبا العَلَاء صَاعِد بن عِيسَى بن سُمَّان الكَاتِب كَتَبهما إلى جَدِّه أبي الحَسَن عليّ بن مُنْقِذ.
فأمَّا نِسْبة أُسامَة البَيْتَيْن إلى أبي العَلَاء صَاعِد بن عِيسَى بن سُمَّان الكَاتِب فوَهْمٌ وَقَعَ من أُسامَة، وأظنُّه - واللّهُ أعْلَمُ - وَقَفَ علىْ رُقْعَةٍ مُتْرجَمة باسْم أبي العَلَاء، أو وَقَفَ على كتابٍ ذكر فيه البَيْتَيْن أو أُنْشِدهمُا (e).
[من البسيط]
والحَاضرُون بمَرْج السُّوْس إذْ لأُمَتْ
…
فيْكَ الكِرَامُ وذلَّتْ حَوْلَكَ النُّجبُ
والقَائِمونَ بأمْرِ الحَرْبِ في حَلَبٍ
…
أَمَامَ طِرْفِكَ والأرْوَاحُ تُسْتَلَبُ
(a) ابن عساكر: تهذي.
(b) ابن عساكر: آية، وكتب ابن العديم في الهامش:"وقال الحَافِظ: من آية".
(c) ابن عساكر: ما لي.
(d) ابن عساكر: شارطتك.
(e) تبتدئ الصفحة بعده بالأبيات المدرجة دون تقديم على جاري عادته، ولعله وقع في نسخة الأصل خرم في ورقة.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 13.
وسَائل هِيَ في حُكمِ العُلَى
…
ذِمَمٌ مَرْعيَّة وَهْيَ فيما بينَنا نَسَبُ
فارْجعْ لعَادَتكَ الحُسْنَى الّتي سَلَفَتْ
…
عَوْدَ الكِرَاِم فَقَدْ زادَتْ بنا الرِّيَبُ
ما يَحْمِلُ القَلْبُ يَوْمًا أنْ يرُوَّعَ من
…
أحْبَابهِ وهْوَ مِن أعْدَائهِ يَجبُ
لعَلَّها عطْفَةٌ تُفْضِي عَوَاقِبُها
…
إلى عَوَاطِفَ مِن جَدْواكَ تَرْتَقَبُ
فرُبَّما كان مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إلى
…
مَحْبُوبِها سَبَبًا ما مثْلُهُ سَبَبُ
نَقَلْتُ من مَجْمُوع وَقَعَ إليَّ بخَطِّ بعض أهْل شَيْزَر في غَالِب ظَنِّيّ، ذَكَرَ أنَّهُ نقلَهُ من خَطِّ أبي عَبْد اللّه الحَسَن بن عليّ بن عَبْد اللّه بن أبي جَرَادَة: من كَلَامِ زُرْعَة بن مُوسَى الكَاتِب، عن الأَمِير مَحْمُود بن صالح (a) إلى مَلِك الرُّوم وقد بَلَغَهُ سُؤَاله عنه، بعد أنْ مَلَكَ حَلَب:
أمَّا خَادِمُ الحَضْرة العَاليَة المَلكِيَّة، أدَامَ اللّهُ بَسْطها، فحَقِيقٌ عليهِ المُثَابَرة على عبُوديَّتها بجَمِعِ جَوَارِحِهِ، وأنْ يكُون التَّذكُّر لقُرْبها، والحَنِيْن إلى عَوَاطفها ملء جَوَانحِهِ، وأمَّا، فإذا أهَمَّها أمْرُهُ، وخَطَر ببَالها ذِكْرُهُ، فقد تَكَلَّفَتْ غير لَازبٍ، وأَوْجَبَتْ على مَكَارِها ما ليسَ بوَاجب، لولا ما تَتَقاضَاهُ الحَمِيَّةُ من الرَّبّ، والحُرْمَة من المُحَاماةِ والذَّبِّ، ولِمَا كان (b) اللّهُ عز وجل قد خصَّها بمَكَارِم الأَخْلَاق، وبَثَّ محَامِدها في الآفَاق، فهي لا تَسْتَبْعِد مَسْرَى النِّعْمَة إلى مُسْتَحقّ، ولا تَرَى في الحفاظ بين بَعِيْدِ الدَّار وقَرِيبها من فَرْق، فلا جرَم أنَّها سَألتْ عن خَادِمها سُؤَالًا جَدَّدَ لَمّيِتهِ رَمَقًا، وكَسَا عُوْدَ مَسَرَّته وَرَقًا، وأكْسَبَهُ على مُقَارعةِ الخُطُوب ثَبَاتًا، وإلى عِصْمَة الجَنَاب الأجَلِّي تَطلُّعًا والْتِفَاتًا. والسَّلام.
(a) أشَّر المؤلف فوقه بكتب "صـ"، ومراده التنبيه على وقوع سقط في اسم أبيه:"نَصْر".
(b) قوله: "ولما كان" جاء مكررًا في الأصل.
ونَقَلْتُ من هذا المَجْمُوع، ممَّا نَقَلَهُ من الرُّوزنَاج الّذي بخَطِّ أبي عَبْد اللّه الحَسَن بن عليِّ بن أبي جَرَادَة: وقال زُرْعَةُ: [من الطّويل]
وإنَّ امْرَأً أمْسَى ودُونَ حَبِيْبِهِ
…
عُرَيضُ فوَادِي الرَّسِّ فالسَّبُعَانِ
لمُعْتَرِفٌ بالنَّأي مِمَّن يُحبُّهُ
…
ومَعْذُورةٌ عَيْناهُ في الهَمَلَانِ
أَنْبَأْنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيِّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظ أبو القَاسِم الدِّمَشْقِيّ
(1)
، قال: زُرْعَة بن مُوسَى، أبو العَلَاء الطَّبَرَاِنِيّ النَّصْرانِيّ، كاتبُ الأُمرَاء بَنِي مُلْهَم، له شِعْرٌ حَسَنٌ، ذَكَرَهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الكَفْرطَابِيِّ الدِّمَشقِيِّ الشَّاعِر.
زُرْعَةُ، أبو عبد الرَّحْمن
(2)
رَوَى عن ابنِ عبَّاسٍ، وعن أبي أيُّوبَ الأنْصَاريِّ، وكان معه في الغَزَاةِ الّتي غَزَاها، رَوى عنهُ يَزِيد بن خُمَيْر، ومَالك بن مِغْوَل.
أخْبَرَنَا أبو الخَيْر بَدَل بن أبي المُعَمَّر بن إسْمَاعِيْل التَّبرْيزِيّ مُشَافهةً، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج يَحْيَى بن أبي الرَّجَاء مَحْمُود بن سَعيد الثَّقَفِيّ الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قراءةَ عليه وأنا حَاضِرٌ، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللّه الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن جَعْفَر بن أحْمَد بن فَارِس، قال: حَدَّثَنَا أبو مَسْعُود أحْمَدُ بن الفُرَات، قال: أخْبَرَنِي أبو دَاوُد - يعني الحَفْرِيّ - قال: حَدَّثَنَا
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 12.
(2)
ويُقالُ فيه: زرعة بن عَبْد الرَّحْمَن، وترجمته في: تاريخ البخاريّ الكبير 3: 440، الجرح والتعديل 3: 605، تهذيب الكمال 9: 349 - 350، الكاشف 1: 322، تهذيب التهذيب 3: 326، تقريب التهذيب 1:260.
شُعْبَة، عن يَزِيد بن خُمَيْر (a)، قال: سَمِعْتُ زُرْعَة أبا عبد الرَّحْمن، قال: كُنَّا مع أبي أيُّوبَ في غَزَاةٍ، فرَأى إنْسَانًا مرِيْضًا قد وُطِّئ له على دَابَّةٍ، فقال: أَبْشِر فما من مُسْلِم يَمرَضُ في سَبِيْل الله إلَّا حُطَّتْ خَطَاياه ولو بلغَتْ قُنْزعَةَ رَأسِهِ.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتَابِه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: زُرْعَةُ أبو عبد الرَّحْمن عن ابن عبَّاسٍ: من المَذْي والوَدْي الوُضُوء، قالَهُ مُحَمَّد بن يُوسُف عن مَالِك بن مِغوَل.
أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن أبي عَبْد الله، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: زُرْعَة أبو عبد الرَّحْمن كُوفيٌّ، رَوَى عَنْهُ ابنُ عبَّاسٍ في المَذْي والوَدْي، رَوَى عنهُ مَالِك بن مِغْوَل، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
زُرْقَان
(3)
رَجُلٌ كان بطَرَسُوس، وسَمِعَ بها عَبْد الله بن المُبارَك، ورَوَى عنهُ. رَوَى عَنْهُ ابنُ بَسَّام، أو: ابن سَام.
(a) في الأصل: حمير، بالحاء، وتقدم في طالع الترجمة بالخاء المعجمة، وهو يزيد بن خمير بن يزيد الرحبي الهمداني. انظر ترجمته في تهذيب الكمال 32: 116 - 119، ميزان الاعتدال 4: 421، تهذيب التهذيب 11: 323 - 324، وترجمة أبيه خمير في الثقات لابن حبان 6:277.
_________
(1)
تاريخ البخاري الكبير 3: 440.
(2)
الجرح والتعديل 3: 605.
(3)
ترجم ابن عساكر لصوفي اسمه زرقان بن محمد، صاحب سياحة كان بجبل لبنان، فلعله هو، انظر: تاريخ ابن عساكر 19: 15 - 16، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 377، وانظر أيضًا 32:468.
أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشرَّف البَنَّاءُ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، ح.
وأخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الخَضِر بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن البَطِّيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الخَطِيب الأنْبارِيّ، قال ابنُ الزَّاغُونِيّ: وأخْبَرَنا ابن البُسْرِيّ إجَازَةً، ح.
وأخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ بالقَاهِرَة، قال أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ
(1)
، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو صالح عبد الصَّمَد بن عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الحَنَوِيّ بالمَدِينَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الخَطِيب ببَغْدَاد، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُخْلَد العَطَّار، قال: حَدَّثني ابن بَسَّام - وقال أبو صالح: ابن سَام، وقالُوا كُلّهم: أبو الّذي تقَلَّدَ القَضَاءَ - قال: سَمِعْتُ زُرْقان يَقُول: سَمِعْتُ ابنَ المُبارَك يقُول على سُور طَرَسُوس: [من الكامل]
ومن البَلَاء وللبَلَاءِ عَلَامةٌ
…
أنْ لا يُرَى لك عن هَوَاك نُزُوعُ
العَبْدُ عَبْدُ النَّفْس في شَهَواتها
…
والحُرُّ يَشْبَعُ تارةً ويَجُوعُ
(1)
معجم السفر 237 - 238.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زُرَيْق
زُرَيْق بن أبَان، أبو عَمْرو الحَلَبِيّ
حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، رَوَى عنهُ يَعْقُوب بن سُفْيان.
زُرَيْق بن حَيَّان، أبو المِقْدَام الفَزَارِيّ
(1)
وقيل فيه: رُزَيْق - بتَقْدِيم الرَّاء - وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم
(2)
، وقيل: إنَّ اسْمَهُ سَعيد بن حَيَّان، وزُرَيْق لَقَبٌ.
وقال أبو زُرْعَة الرَّازِيّ: رُزَيْق بن حَيَّان أصَحُّ.
أنْبَأنَا عَبْد الجلَيْل بن أبي غَالِب، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: زُرَيْق [
…
] (a) .
(a) يقف النص في هذه الترجمة عند هذا الحد بضياع ورقة أو أكثر من الكتاب، وتبتدئ الصفحة بعده في ثنايا ترجمة زفر بن الحارث الكلابي التي سقطت بدايتها.
_________
(1)
توفي بحدود سنة 105 هـ، وتقدمت ترجمته في باب رزيق - بتقديم الراء - وانظر ترجمته في: تاريخ أبي زرعة الدمشقي 2: 694، تاريخ البخاري الكبير 3: 318، الثقات لابن حبان 4: 270 - 271، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 185، تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 81 - 83، تاريخ ابن عساكر 18: 138 - 144، تاريخ الإسلام 3: 45، 408، الوافي بالوفيات 14: 116، تهذيب التهذيب 4: 327، (وسماه زريق بن حبان، وأحال على ترجمته المتقدمة فيمن اسمه رزيق)، تقريب التهذيب 1: 250، 261، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 324.
(2)
فيما تقدم من هذا الجزء.
[زُفَر بن الحارِث بن عَبْد عَمْرو بن مُعَاز (a) بن يَزِيد بن عَمْرو بن الصَّعِق - واسْمُه خُوَيْلِد - ابن نُفَيْل بن عَمْرو بن كِلَاب بن رَبْيعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن مُعاوِيَة بن بَكْر بن هَوَازِن أبو الهُذَيْل - ويُقال: أبو عَبْد الله - الكِلَابيّ الشَّامِيّ
(1)
سَمعَ عَائشة] (b) ومُعاوِيَهَ رضي الله عنهما، وكان رَسُول مُعاوِيَة إلى عائِشَة بوَقْعَة صِفِّيْن. رَوَى عنهُ ثَابِت بن الحَجَّاج، وحَجْشَنَة بن العَلَاء.
(a) آخره زاي، كما في المحبر لابن حبيب 255 والإكمال لابن ماكولا 7: 273، وتاريخ الذهبي 2: 813، وكما يأتي في ثنايا الترجمة، ومثله في شعر الأخطل (ديوانه 194) مخاطبًا له:"ولقد نجاك جد بني مُعاز"، وعند ابن حزم: جمهرة أنساب 286: معاذ، وعند ابن عساكر 19: 34: معاوية، وانظر الزركلي: الأعلام 3: 45.
(b) ما بين الحاصرتين إضافة على نهج المؤلف في إيراده لاسم المترجَم له، وقد سقطت أول الترجمة من الأصل، فاستكملنا هذا النقص من تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
توفي في حدود سنة 65 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 78، 206، 226، ابن سلام الجمحي: طبقات فحول الشعراء 2: 535 - 537، تاريخ ابن خياط 195، 245، 260، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 137، 3: 216، 4: 56، تاريخ اليعقوبي 2: 175، ولاة مصر للكندي 65، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 172، 180، اللاذري: أنساب الأشراف 7: 42 - 52 (وترجمته طويلة فيه، وأورد أبياتًا من شعره)، تاريخ الطبري 8: 147 - 148، ابن أعثم: الفتوح 6: 261 - 263، 7: 102 - 104، تاريخ البخاري الكبير 3: 430، الجرح والتعديل 3: 607، المسعودي: مروج 3: 287 - 288، 307، التنبيه والإشراف 211، 304، 307، 309 - 310، الثقات لابن حبان 4: 264، الحراني: تاريخ الرقة 36، ابن ماكولا: الإكمال 7: 273، تاريخ ابن عساكر 19: 34 - 40، تاريخ مارميخائيل 2: 366، ابن الأثير: الكامل 3: 241، 253، 4: 145 وما بعدها (انظر فهرس الأعلام 13: 137)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 262 - 263، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 57، تاريخ الإسلام 2: 813، الصفدي: تحفة ذوي الألباب 1: 106، الوافي بالوفيات 14: 199 - 200، ابن خلدون: العبر 5: 85 - 87، 126 - 127، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 379 - 380.
وقد جمع شعره ضوان النجار، ونشره في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، السنة الحادية عشرة، العدد 33، (ذو القعدة 1407 هـ/ تموز 1987 م)، ص 215 - 282.
أخْبَرَنا بذلك أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم بن جَامع الدَّهَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم القُشَيْريّ الحافِظ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا هِلال بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن (a) بن عَيَّاش، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ، قال: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بن الحَجَّاج، عن زُفَر بن الحَارِث، قال: كُنْتُ رَسُولَ مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان إلى عائِشَة أُمِّ المُؤْمِنِيْن بوَقْعَةِ صِفِّيْن.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات المُبارَكُ بن عَبدِ الوَهَّاب الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن حَيَّان، عن جَعْفَر بن بُرْقَان، عن ثَابِت بن الحَجَّاج، عن زُفَر بن الحَارِث، قال: كُنْتُ رسُول مُعاوِيَة إلى عائِشَة بوَقْعَة صِفِّيْن، فلمَّا قَدِمْت عليها، قالت: مَنْ قُتِلَ من النَّاسِ؟ قُلتُ: عَمَّار بن يَاسِر قالت: ذاك رَجُلٌ يتبعهُ النَّاسِ في دِيْنهِ، قالت: ومَنْ؟ قُلتُ: هاشِم الأعْوَر، قالت: ذاك رَجُلٌ ما كادَتْ أنْ تُردّ رايتُهُ، قال: ثمّ نمْتُ عن صَلَاةِ العِشَاءَ، فأرادَ بعضُ أهْلها أنْ يُوقظني، فقالت: دَعوهُ
(a) الأصل: حسن، والمثبت من تاريخ الحراني وتاريخ ابن عساكر، وورد اسمه عند ابن عساكر: حسين بن عباس، وهو الحسين بن عياش بن حازم السلمي الباجدائي الرقي، انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 62، تاريخ الإسلام 5: 55، تهذيب الكمال 6:459.
_________
(1)
الحراني: تاريخ الرقة 36.
فإنَّهُ رَجُل قد أدْأب السَّير ولا يضرُّه أنْ يُؤخِّر هذه الصَّلاة إلى ثُلُث اللَّيْل، أو: نصف اللَّيْل، خَالِد يَشُكّ.
أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كِتَابِهِ إليْنَا من المَوْصِل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْدِ الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعيْل البُخاريّ
(1)
، قال: قال لى مُحَمَّد بن مُقَاتِل، عن ابن المبُارَك، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عُمَر، سَمعَ حَجْشَنَة (a) بن العَلَاء، عن زُفَر بن الحارِث، قال: بَعَثني مُعاوِيَة إلى عائِشَة، فقالت: لا فَوْت عليكَ إلى نصْف اللَّيْل في العِشَاءِ.
قال البُخاريُّ
(2)
: زُفَر بن الحارِث الكِلَابيّ الشَّامِيِّ الجَعْفَرِيّ، سَمِعَ عائِشَةَ ومُعاوِيَة، رَوَى عنهُ ثَابِت بن الحَجَّاج وحَجْشَنَة (b)، قال قُتَيْبَةُ: وهو وَالِدُ مُزَاحِم بن زُفَر العَامِرِي.
قُلتُ: هكذا قال البُخاريّ: الجَعْفَرِيّ! وليس زُفَر من بني جَعْفَر بن كِلاب، وإنَّما هو من بني عَمْرو بن كِلَاب.
أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أِبي حَاتِم
(3)
، قال: زُفَرُ بن الحارِث الكِلَابيِّ الشَّامِيِّ، رَوَى عن عائِشَة ومُعاوِيَة، رَوى عنه ثَابِتُ بن الحَجَّاج وحَجْشَنَة. سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
(a) في تاريخ البخاري: حجشة.
(b) في تاريخ البخاري: حجيشة.
_________
(1)
تاريخ البخاري الكبير 2: 254.
(2)
التاريخ الكبير 3: 430.
(3)
الجرج والتعديل 3: 607.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن قُشَام، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظُ، قال: أبو عَبْد الله زُفَرُ بن الحارِث الكِلَابيّ العَامِرِيّ الشَّامِيِّ، وَالد مُزَاحِم بن زُفَر، سَمِعَ عائِشَةَ زَوْج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبا عبد الرَّحْمن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان القُرَشيّ، روى عنهُ ثَابِتُ بن الحَجَّاج الكِلَابيّ، وحَجْشَنَة بن العَلَاءِ.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدِي، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عُمَر: حَدَّثكم الهَيْثَمُ بن عَدِيٍّ، قال: قال ابنُ عَيَّاش: زُفَر بن الحَارِث يُكْنَى أبا عَبْد الله.
وأنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن دِيْنارٍ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الآمِدِيّ، قال: زُفَر بن الحَارِث بن مُعَاز الكِلَابيّ، سَيِّد قَيْسٍ في زَمَانِهِ، يُكْنَى أبا الهُذَيْل، وكان على قَيْس يَوْم مَرْج رَاهِطٍ، وهو القائلُ
(1)
: [من الطويل]
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى
…
وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوس كما هِيَا
أرِيِني (a) سِلَاحي لا أَبا لكِ إنَّني
…
أرَى الحَرْبَ لا تزدَادُ إلَّا تَمَادِيَا
أيَذْهَب يَوْمٌ واحدٌ إنْ أسَأتهُ
…
بصَالِح أعْمَالي وحُسْن بَلائِيَا
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْدِ الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عليّ بن هِبَةِ الله بن مَاكُولا
(2)
، قال:
(a) في متن الأصل: أيدني، وكتب المؤلف في الهامش:"الصواب: أريني".
_________
(1)
انظر الأبيات في ديوانه 258 - 259.
(2)
ابن ماكولا: الإكمال 7: 273.
وأمَّا مُعَاز - آخره زَاي - فهو زُفَر بن الحَارِث بن مُعَاز الكِلَابيّ أبو الهُذَيْل، سَيِّدُ قَيْسٍ في زَمَانهِ، وكان على قَيْسٍ يَوْم مَرْج رَاهِطٍ، له أخْبَارٌ كَثِيْرة، وله شِعْرٌ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّهِ بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن أحْمَد الدَّهَّانُ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد القُشَيْريّ
(1)
، قال: ومن التَّابِعِين زُفَر بن الحَارِث الكِلابِيّ، قال: سَمِعْتُ هلالًا يَقُول: إنَّما سُمِّي تَلّ زُفَر
(2)
لأنَّ زفَر بن الحارِث نَزَلَ عليهِ.
أخْبَرَنَا أبو الحَسَن المُبارَك بن مُحَمَّد بن مَزْيَد بن هِلَال الخَوَّاص، قال: أخْبَرَنَا أبو السَّعَادَات نَصْرُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الأبْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَرُوبَة الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن مَوْدُود، قال: في الطَّبَقَةِ الأُوْلَى من التَّابِعِين من أهْلِ الجَزِيْرَة: زُفَر بن الحَارِثِ الكِلَابيّ، حَدَّثَ عن عائِشَة، وكان رَسُول مُعاوِيَة إليها بوَقْعَة صِفِّيْن، وكان نَزَل البَصْرَة، ثمّ خَرَجَ عنها بعد وَقْعَة الجَمَل، فشَهِدَ وَقْعَة المَرْج مع الضَّحَّاك بن قَيْسٍ، وذكرَ أنَّهُ ماتَ في أيَّام عَبْد المَلِك بن مَرْوَان.
أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(3)
، قال: زُفَر بن الحَارِث بن عَبْد عَمْرو بن مُعَاز (a) بن
(a) تاريخ ابن عساكر: مُعَاوِيَة. وتقدم في طالع التَرْجَمَة الكلام عليه.
_________
(1)
الحراني: تاريخ الرقة 36.
(2)
تل زفر: بالرُّهَا، ذكره ياقوت وعيَّن موضعه في مقابلة دير زَكَّى. مُعْجَمُ البلدان 2:512.
(3)
تاريخ ابن عساكر 19: 34.
يَزِيد بن عَمْرو بن الصَّعِق - واسْمُه خُوَيْلِد - ابن نُفَيْل بن عَمْرو بن كِلَاب بن رَبِيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن مُعاوِيَة بن بَكْر بن هَوَازِن، أبو الهُذَيْل، ويُقال: أبو عَبْدِ اللّه الكِلَابيّ.
سَمِعَ عائِشَة، ومُعاوِيَة، رَوَى عنهُ ثَابِت بن الحَجَّاج، وجَحْشَنَة بن العَلَاءِ.
سَكَنَ البَصْرَة، ثُمَّ انتقَلَ إلى الشَّام، وكان في جَيْش البَصْرَة الّذي خَرَجَ لإغاثةِ عُثْمان بن عَفَّان في الحَصْرِ. وشَهِدَ وَقْعَة صِفِّيْن، وكان فيها أمِيْرًا على أهْلِ قِنَّسْرِيْن، وهم في المَيْمَنَة. وشَهِدَ وقْعَة مَرْج رَاهِط زُبَيريًّا مع الضَّحَّاك بن قَيْس، ثمّ هَرَبَ ولَحِقَ بقَرْقِيسِيا من أرْض الجَزِيْرة، فتحصَّن بها.
وقال
(1)
: ذَكَرَ أبو مُحَمَّد بن زَبْر (a) في كتاب الدَّوْلَتين، فيما نَقَلْتُهُ من كتاب ابْنه (b) أبي سُليْمان الحافِظ عنهُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْد اللّه، عن أبي زَيْد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَلَمَة الغِفَارِيّ أَيُّوب بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْد اللّه بن مُصْعَب، قال: قال زُفَر بن الحَارِث: إنِّي لعند عَبْد المَلِك يَوْمًا إذ أخْلَانيّ، فأنا إلى جَانبه قد مَدَّ رِجْلَيْه، إذْ دَخَل الأَخْطَلُ، فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أَتُدْني هذا منكَ وهو أعْدَى النَّاسِ لكَ، وأوْثَبهم عليك، وهو الّذي يقُول
(2)
: [من الطّويل]
فإنِّي زُبَيْريُّ الحَيَاة فإنْ أَمُتْ
…
فإنِّي لمُوصٍ هَامتِي بالتَّزَبُّر
(a) ابن عساكر: ابن زفر، ونقل عنه ابن عساكر في عدة مواضع من كتابه، ويرد فيه باسم: ابن زبر (تاريخه 59: 313)، وابن وَبَر (تاريخه 31: 26). واسمه: عبد اللّه بن أحْمَد بن رَبِيعَة بن سُلَيمان بن زي الربعيّ، أبو مُحَمَّد (ت 329 هـ)، وكتابه المَذْكُور لم يصلنا، نقل عنه ابن عساكر، ويرد اسْمُه في بعض المصادر باسم: سيرة الدولتين، أو: السيرة في الدولتين، وله كتاب عنوانه: تشريف الغنى على الفقر. انظر: تاريخ الإسلام 7: 575، سير أعلام النبلاء 15: 316، الأعلام للزركلي 4:66.
(b) ابن عساكر: ابن.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 36.
(2)
ديوان زفر بن الحَارِث 242.
قال: فجَلَسَ عَبْدُ المَلِك، وأحْمَرَّت عَيْناهُ، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّ هذا ابنُ النَّصْرانيَّة إنّما رَبَّى لَحْمَهُ على شُرْب الخَمْر ولَحْم الخِنْزِيْر، وأَنا أطْوعُ النَّاسِ لك، وأسْعَاهم (a) في مَرْضاتك، قال: فما زلتُ به حتَّى هَدَأ، ولقد خِفْتُه.
وقال الحافِظُ
(1)
: أخْبَرَنَا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن إسْحَاق النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْرانَ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء التُّسْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة العُصْفُرِيّ
(2)
، قال: وقال أبو عُبَيْدَة: كان على أهل قِنَّسرِيْن المَيْمَنَة زُفَر بن الحَارِث؛ يعني: يَوْم صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ.
قال
(3)
: وكان عليها؛ يعني: الجَزِيْرَة، في أيَّام يَزِيد بن مُعاوِيَة سَعيد بن مَالِك بن بَحْدَل، فأخْرَجَهُ زُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ حين وقَعَت الفِتْنَةُ.
وقال
(4)
: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاط
(5)
: وأُصِيْبَ يَوْمئذٍ؛ يعني: يَوْم المَرْج، ثلاثة بنين لزُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ، وفيه يقول زُفَر
(6)
: [من الطّويل]
لعَمْري لقد أبقَتْ وَقِيْعَةُ رَاهطٍ
…
لمَرْوَانَ صَدْعًا بينَنا مُتَنائيا
أَريني سِلَاحي لا أبا لكِ إنَّني
…
أرَى الحَرْبَ لا تَزْدادُ إلَّا تَمَادِيَا
أبعْدَ ابن عَمْرو وابن مَعْنٍ تبايعا (b)
…
ومَقْتَل هَمَّام أُمنَّى الأمَانِيا
أتَذْهَب كَلْبٌ لم تَنلها رِمَاحُنا
…
وتُتْرَكُ قَتْلَى رَاهطٍ هيَ مَا هيا
فلم تُر منِّي نَبْوةٌ قبلَ هذه
…
فرَاري وتَرْكي صَاحِبيَّ وَرَائِيا
(a) ابن عساكر: وابتغاؤهم.
(b) تاريخ خليفة: تتابعا.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 37.
(2)
تاريخ خليفة 195.
(3)
لم أقف عليه في تاريخه ولا في طبقاته.
(4)
انظر تاريخ ابن عساكر 19: 39 بالسند المتقدم أول النقل عن خليفة.
(5)
تاريخ خليفة 260.
(6)
ديوانه 258 - 260، والفتوح لابن أعثم 6:261.
عَشِيَّةَ أخْزى (a) بالقَرْيتَيْن
…
فلا أرَى من النَّاسِ إلَّا مَن عَلَيَّ ولا ليا
أيَذْهَبُ يَوْمٌ واحدٌ إنْ أسَأتُهُ
…
بصَالح أيَّامي وحُسن بَلائِيا
فلا صُلْح حتَّى تنحط (b) الخَيْل بالقَنَا
…
وتَثْأر من نسْوَان كَلْبٍ نسَائِيَا
فقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَن الثَّرَى
…
وتَبْقى حزَازَات النُّفُوس كما هيَا
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن النَّقُّور وأبو مَنْصُور بن العَطَّار، قالا: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا عُبَيد اللّه بن عبد الرَّحْمن السُّكَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى المِنْقَريّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن أبي عَمْرو بن العَلَاء، قال: فَرَّ زُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ عن ابْنهِ ومَوْلى له فقُتِلا، فأنْشَأَ يَقول
(1)
: [من الطّويل]
ولم تُر منِّي نَبْوةٌ غير هذه
…
فرَاري وتَرْكي صَاحِبِيَّ وَرَائِيَا
عَشِيَّة أخزى بالفرار ولا أرى
…
من النَّاسِ إلَّا مَن عَلَيّ ولا ليا
أيَذْهَبُ يَوْمٌ واحدٌ إنْ أسَأتهُ
…
بصَالح أيَّامي وحُسْن بَلائِيَا
فقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَن الثَّرَى
…
وتَبْقَى حزَازَات النُّفُوس كما هِيَا
فلا صُلْح حتَّى تحط (c) الخَيْل بالقَنَا
…
وتَثْأر من نسْوان كَلْب نسَائِيَا
أَرِيني سِلَاحي لا أبا لكِ إنَّني
…
أرَى الحَرْبَ لا تَزْدَادُ إِلَّا تَمَادِيَا
ذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن جَابِر البَلاذُرِيّ في كتاب أنْسَاب الأشْرَاف
(2)
، قال: وهَرَبَ زُفَرُ بن الحَارِث الكِلَابيّ - يعني: يَوْم المَرْجِ - إلى قَرْقِيسِيا، وبها عِيَاض، فمَنَعَهُ من دُخُولها، فقال له زُفَر بن الحَارِث: أوثقُ لك بالطَّلَاق والعَتَاق إذا أنا
(a) تاريخ خليفة: أجرى.
(b) ابن عساكر: يحبط، وفي ديوانه: تشحط، والمثبت موافق لما عند خليفة العصفري.
(c) ديوانه: تشحط.
_________
(1)
ديوان زفر 258 - 260.
(2)
أنساب الأشراف (نشرة زكار) 7: 44.
دخلْتُ الحَمَّام بها أنْ أخْرَج منها، فأذِنَ فدَخَلها، فلَم يَدْخُل الحَمَّام، وأقام بها، وأخْرَج عِيَاضًا عنها، وتحصَّنَ بها، وثَابَت إليهِ قَيْس.
أخْبَرَنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن سُلَيمان الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: وفي ذلك يقُول زُفَر بن الحَارِث الكِلَابيّ
(1)
: [من الطّويل]
أفي اللّهِ أمَّا بَحْدَلٌ وابنُ بَحْدَل
…
فيَحْيَا وأمَّا ابنُ الزُّبَيْر فيُقْتَلُ
كَذَبتُم وبَيْتِ اللّهِ لا تَقْتلونَهُ
…
ولمَّا يكُن يَوْمٌ أَغرُّ مُحَجَّلُ
ولمَّا يكُن للمشرفيَّةِ بيننا (a)
…
وَمِيْض كضَوْءِ (b) الشَّمْس حينَ تَرحلُ
قال الزُّبَيْر: يُريد بَجْدَلٍ وابن بَحْدَلٍ يَزِيد بن مُعاوِيَة.
يعني الزُّبَيْر أنَّ يَزِيد ابن بنت بَحْدَل، لأنَّ أُمَّهُ مَيْسُون بنت بَحْدَل الكَلْبيَّة.
أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر البَغْدَاديِّ إجَازَةً، قال: أنْبَأنَا أبو إِسْحاق إبْراهيم بن سَعيد الحَبَّال، قال: أخْبَرَنَا أَبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن مَرْزُوق، قال: أخْبَرَنَا الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا يَمُوْت بن المُزَرِّع، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن حُمَيْد، عن عَمِّه، قال: لمَّا أنْشَد القُطَامِيّ
(2)
زُفَر بن الحَارِث: [من البسيط]
فإنْ قدَرْتُ على يَوْم (c) جَزَيْتُ بهِ
…
واللّهُ يَجْعلُ أقْوَامًا بمِرْصَادِ
فقال له زُفَر: لا أقْدَرك اللّهُ على ذلكَ.
(a) ديوانه: فوقكم.
(b) ديوانه: شعاع كقرن.
(c) ديوان: شيء.
_________
(1)
ديوان زفر بن الحَارِث 248.
(2)
ديوان القطامي 87، وانظر الشعر في أبيات أخر عند ابن سلّام: طبقات فحول الشعراء 2: 537.
زُفَر بن عَاصِم بن عَبْد الله بن بُرَيْد بن عَبْدِ الله بن الأصْرَم بن شُعَيْثَة بن الهُزَم بن رُوَيْبَة (a) بن عَبْدِ الله بن هِلال، أبو عَبْدِ اللهِ الهِلَالِيّ
(1)
كان يَنْزل ناحية حَلَب، ولمَّا أفْضَى الأمْرُ إلى أبي العبَّاسِ السَّفَّاح وَلَّاهُ عَبْد اللّه بن عليّ بن عَبْد اللّه بن العبَّاس حَلَب، فأقام فيها من قِبَله إلى أنْ اسْتَولى أبو مُسْلم الخُرَاسَانيّ على الشَّامِ في أيَّام أبي جَعْفَر المَنْصُور، وأقامَ فيها وُلَاةً من قِبَلهِ، وكان إذْ ذاك زُفَر وَاليًا بحَلَب في سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومائة، فعَزَلَهُ أبو مُسْلم، وكان لزُفَر آثار مَحْمُودة، وجِهاد في الرُّوم، وغَزَا الصَّائِفَة غير مَرَّة.
وحَدَّثَ عن عُرْوَة بن رُوَيْم، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ مَالِك بن أنَس، ويَحْيَى بن حَمْزَة الخِضْرمِيّ.
أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(2)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن
(a) الأصل: رويب، وتقدم صحيحًا عند الكلام على بَنِي الهزم في الجزء الأوّل من الكتاب.
_________
(1)
كان حيًا سنة 156 هـ، وانظر تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن خياط 427، 428، 448، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 431، تاريخ اليعقوبي 2: 373، البَلاذُرِيّ: أنساب الأشراف 1/ 3: 105 - 106، 4: 145 - 146، تاريخ الطبريّ 7: 475، 8: 44، 50، 53، 132، 147، 149، الثّقات لابن حبَّان 6: 338، الجرح والتعديل 3: 608، الجهشياري: الوزراء والكتاب 141، الأزدي: تاريخ الموصل 225، 243 - 244، تاريخ ابن عساكر 19: 40 - 42، 33: 384، ابن الجوزي: المنتظم 8: 174، 187، 264، ابن الأثير: الكامل 5: 465، 612، 6: 11، 13، 48، 61، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 67، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 47، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 4: 51، ابن خلدون: العبر 5: 450، 502، 554، ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 2: 45، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 380 - 381، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 133 - 138.
وتقدمت إشارة ابن العديم إليه في الجزء الأوّل عند الحَدِيْث على قَبَائِل بَنِي هِلَال بن عَامِر بن صَعْصَعَة.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 40 - 41.
عليّ بن صَابِر، فيما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه الرَّازِيّ، قال: أخْبرَني أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أحْمَد بن مُحَمَّد (a) بن يَحْيَى بن حَمْزَة الحَضْرَميّ الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا جَدِّي أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، عن أَبِيهِ، قال: حَدَّثَني زُفَر بن عَاصِم بن بُرَيْدٍ (b) الهِلَالِيّ، عن عُرْوَة بن رُوَيْم، قال: حَدَّثَني خُبَيْب (c) بن عبد الرَّحْمن، عن حَفْص بن عَاصِم بن عُمَر بن الخَطَّابِ، وسَألني عن دِمَشْق وما حَوْلها فأخْبَرْتُه، فقال: حَرْلَانُ مُهاجَرُ إبْراهيم عليه السلام، ثمّ أُمِرَ بالتَّحْويل عنها.
قال أبو الحُسين الرَّازِيّ: حَرْلَان هذه قَرْيَة في غُوْطَة دِمَشْق، بينها وبين دِمَشْق اثْنا عَشر مِيْلًا، وهي حَرْلَان بلام ألف من أرض دِمَشْق، وليس هي حَرَّان بألف، الّتي في أرْض الجَزِيْرَة، كَذَا قال: وإنَّما هاجَرَ إبْراهيم من أرض بَابِل إلى حَرَّان الّتي بأرض الجَزِيْرَة، واللّهُ أعْلَمُ.
أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: زُفَرُ بن عَاصِم، عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، مُنْقَطع، سَمِعَ منه مَالِك بن أنَس.
(a) في الأصل: أبو العبَّاس مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد
…
"، والتصويب من تاريخ ابن عساكر، ويؤكده ما يأتي في الرواية، وهو قوله: "حَدَّثَنِي جَدِّي أحْمَد
…
"، وانظر تَرْجَمَتِه في تاريخ الإسلام 7:539.
(b) ابن عساكر: يزيد، تصحيف.
(c) في الأصل وابن عساكر: حبيب، وصوابه بالخاء كما تقدّم في العديد من المواضع، وهو خبيب بن عَبْد الرَّحْمَن بن خبيب بن يساف الأَنْصَارِيّ الخزرجيّ، أبو الحَارِث (ت 35 هـ)، تَرْجَمَتِه في: تاريخ الإسلام 2: 187، سير أعلام النبلاء 1: 501، تهذيب الكمال 8:227.
_________
(1)
التاريخ الكبير 3: 431.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: كَتَبَ إلينا أبو الفَرَج بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(1)
، قال: زُفَرُ بن عَاصِم، رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، مُنْقَطع، رَوَى عنهُ مَالِك بن أنَسٍ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخِلَيل بن عَبْد الله بن أحْمَد الخلَيْليّ الحافِظ يَقُول
(2)
: زُفر بن عَاصِم يَرْوي عنه مالكٌ أحَادِيْثَ.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(3)
، قال: زُفَر بن عَاصِم بن عَبْد الله بن بُرَيْد (a)، أبو عَبْد الله الهِلَالِيّ، حَدَّثَ عن عُرْوَة بن رُوَيْم، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ يَحْيَى بن حَمْزَة، ومَالِك بن أنَس.
أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظُ
(4)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاطٍ
(5)
، قال: ووَلَّى أبو جَعْفَر الصَّائِفَة
(a) ابن عساكر: يزيد.
_________
(1)
الجرح والتعديل 3: 608.
(2)
الإرشاد في معرفة علماء الحدث 1: 219.
(3)
تاريخ ابن عساكر 19: 40.
(4)
تاريخ ابن عساكر 19: 41.
(5)
تاريخ خليفة 427، 428.
- يعني: سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين - زُفَر بن عَاصِم بن عَبْدِ الله بن بُرَيْد (a) الهِلَالِيّ، فدَخَل من المِصِّيْصَة حتَّى أتَى أَنْقِرَة (b)، فبثَّ السَّرَايَا، فغَنِم وسَلمَ، وخَرَجَ من دَرْبِ مَرْعَش.
وغَزَا - يعني سَنَة ستٍّ وخَمْسِين - زُفَر بن عَاصِم الهِلَالِيّ بلاد الرُّوم فأغار على قينة (c) وقُوْنِيَة.
قُلْتُ: هذا كان في سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين ومائة، وستٍّ وخَمْسِين ومائة.
أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن الأُسْتَاذ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ
(1)
، قال: سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسين ومائة: وغَزَا الصَّائِفَة زُفَر بن عَاصِم الهِلَالِيّ؛ من أهْل قِنَّسْرِيْن، فدَخَل أَرْضَ الرُّوم من ناحيةِ المِصِّيْصَة حتَّى بلَغ أَنْقِرَةَ، فأصَابهم بَرْدٌ، وأصَحابَ ظَهْرَهم القرحَةُ، وجَهد النَّاس، وتَقَطَّع عامّتُهُم، ولَقُوا الجهْد.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن البَانيِاسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم وغيرُه، قالُوا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عَائِذ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الأعْلَى بن مُسْهِر، قال:
(a) مهملة في الأصل، وفي تاريخي خليفة وابن عساكر: يزيد، وقدم صحيحًا في العديد من المواضع.
(b) تاريخ خليفة: القزة!، ولعل المراد: قُرة، حصن من نواحي عمورية في بند القباذق. المسعودي: التنبيه والإشراف 178.
(c) كذا في الأصل، وفي تاريخ ابن خياط: قنبة، ومهملة في أصول ابن عساكر فاعتمد محققه ما عند خليفة.
_________
(1)
نفل ابن العديم هذا عن كتاب العظيمي المسمى بالمُؤصَّل على الأصل المُوَصَّل، وهو في حكم المفقود، وانظر إشارة عابرة لصائفة زفر في السنة المذكررة في تاريخ العظيمي المختصر: تاريخ حلب 226.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 42.
كان على الصَّائِفَة سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين زُفَر بن عَاصِم، وفي سَنَة ستٍّ وخَمْسِين ومائة: زُفَر بن عَاصِم.
زُفَر بن عَبْد الله، أبو مَنْصُور الضَّرِيْر البَصْرِيُّ
(1)
نَزَل أَذَنَة؛ إحْدَى بلاد الثَّغْر الشَّامِيّ.
وحَدَّث بأَذَنَة عن جَعْفَر بن سُلَيمان، ومُعاوِيَة بن عَبْد الكَريم، وحَمَّاد بن زَيْد، وأبي أُمَيَّة بن يَعْلَى، رَوَى عنهُ أبو حَاتِم مُحَمَّدُ بن إِدْرِيس الرَّازِيّ.
أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم الخَطِيبُ، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل رَجُل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ
(2)
، قال: زُفَر بن عَبْدِ الله البَصْرِيُّ الضَّرِيْر، نَزِيلُ أَذَنَة، أبو مَنْصُور، رَوَى عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، وجَعْفَر بن سُلَيمان، وأبي أُمَيَّة بن يَعْلَى، ومُعاوِيَة بن عَبْدِ الكَريم، سَمِعَ منهُ أبي بأَذَنَة سَنَة عشْرين ومَائَتيْن، ورَوَى عنهُ.
زُفَر، مَوْلَى مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان
(3)
كان مع مَوْلاه مَسْلَمَة بنوَاحِي حَلَب، وهو أخو فاطِمَة بنت عَبْد المَلِكِ من الرِّضَاعة، وحَكَي عنها، رَوَى عَنْهُ ابنُه رَاشِدُ بن زُفَر.
(1)
كان حيًا سنة 320 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 609، تاريخ الإسلام 5: 314 - 315.
(2)
الجرح والتعديل 3: 609.
(3)
ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 46 - 47، مختصر ابن منظور 9: 45، الوافي بالوفيات 14: 200 وفيه: "وهو أبو راشد بن زفر".
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَزْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(1)
، قال: أخْبَرَنا أَبو مُحَمَّد بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن أبي عُثْمان (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(2)
، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين (b) يُحدِّثُ بهذا الحَدِيْث، فلَم أحْفَظْهُ، فَحَدَّثَني عليّ بن أبي مَرْيَم عنه، قال: حَدَّثَني يُوسُف بن الحَكَم، قال: حَدَّثني رَاشِدُ بنِ زُفَر موْلَى مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، عن أَبِيهِ، قال: تَناوَل الوَلِيد بن عَبْد المَلِك يوْمًا عُمَر بن عَبْد العَزِيْز (c)، فردَّ عليه عُمَر، فغَضِبَ الوَلِيد من ذلك غَضَبًا شَدِيْدًا، وأمَرَ بعُمَر فعُدِلَ بهِ إلى بَيْتٍ، فُحبِسَ فيه.
قال رَاشِدٌ: فَحدَّثَني أبي زُفَر، مَوْلَى مَسْلَمَة، وكانت فاطِمَةُ أرْضَعتها أُمّ زُفَر، قال: قالت لي فاطِمَةُ: يا زُفَر، فمَكُث ثلاثًا لا يدخُل عليه أحَدٌ، ثُمَّ أمَر بإخْرَاجهِ إنْ وُجِدَ حيًّا، قال: فأدْرَكناهُ، وقد زالَت رَقَبتُه شَيئًا، فلم نَزَل نُعالجُه، حتَّى صارَ إلى العَافِيَةِ. قالت: فقُلْتُ له يَوْمًا إنَّكَ قد عَرفتَ الوَلِيد وعَجَلَتَهُ وخُلْقَهُ، فلو دَاريْتُهُ بعض المُدَاراة؟ قالت: فقال لي: أُحَدِّثُك يا فاطِمَةُ حَدِيثًا فاكْتُميه ما دمْتُ حيًّا، قُلتُ: نعم، قال: لمَّا حَبَسني أتَاني تلك اللَّيْلة آتٍ في مَنَامي، فقال لي:[من الخفيف]
ليسَ للعِلْم في الجَهَالة حَظٌّ
…
إنَّما العِلْم طَرْفُهُ الإغْضَاءُ (d)
فرَفَعتُ إلى القائل رَأسِي، فإذا هو عُبَيْد الله بن عَبْد الله بن عُتْبَة، قال: فسَلَّمْتُ عليه في مَنَامي، فقال: إنَّ الوَلِيد جَاهِلٌ بأمْرِ اللهِ، قليل الرِّعاية لحُرَماتِ (c)
(a) كرر السند في الأصل ثم ضرب عليه.
(b) ابن عساكر: الحسن.
(c) زيد بعده في رسالة ابن أبي الدنيا: بلسانه.
(d) ابن عساكر: طرفة الأعضاء.
(e) ابن عساكر: بين حرمات.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 46.
(2)
رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المنام) 3: 592.
اللهِ، ولا تَجْمع بين ما وَهْب اللهُ لك من العِلْم بأمْرِ الله، مع ما حُرِمهُ من ذلك ليُبَيِّن فَضْل نِعْمَة الله عليك في العِلْمِ بأمْرِ الله على كَثِيْر من جهلِهِ بأمْرِ الله أحْرَى وأجْدَر أنْ لا يتركا جَمِيعًا، قال عُمَر: فواللهِ يا فاطِمَةُ ما أكادُ أغْضَبُ إلَّا كأنِّي أنْظُر إلى عُبَيْدِ الله بن عَبْدِ الله قائمًا يُخَاطبني تلك المُخَاطَبة.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زَكَرِيَّاءُ
زَكَرِيَّاء بن بشْوَى بن بَجْزائل بن شلمُوث بن أرْحيبا بن شمْويل بن اليعَازر بن مُوسَى بن عِمْرَان بن بَصِيْر بن قاهُثْ بن لَاوي بن يَعْقُوبَ، وقيل: زَكَرِيَّاء بن حيا، وقيل: زَكَرِيَّاء بن دَان، وقيل: زَكَرِيَّاء بن لَدُن بن مُسْلِم بن صَدُوق بن بَخشَان بن دَاوُد بن سَلْمَان بن مُسلم بن صَدِيْقَة بن بِرْحِيَة بن مَلْقاطْيَةَ بن أحُور بن سَلُوم بن بَهَفَانْيَا بن حاشَ بن أَنِيا بن خَثْعَم بن سُلَيمان بن دَاوُد، أبو يَحْيَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
(1)
قيل إنَّهُ كان بحَلَب، وأنَّهُ لمَّا ألْقَى قَلَمه مع حَمَلة الأقْلَام الّتي كانُوا يَكْتبُون بها التَّوْراة، حين تَنَافسُوا في كَفَالَة مَرْيَم، كان ذلك على نَهْر قُوَيْق بحَلَبَ، وقد ذَكَرْنا ذلك في مُقدِمَة الكتاب
(2)
في ذِكْر نَهْر قُوَيْق بالإسْنَاد إلى عَبْد المَلِك بن دَلِيْل الفَزَارِيّ، إمَام مَسْجِد حَلَب، عن عبَّاس الحَذَّاء، عن سَعيد بن إسْحاق الدِّمَشقيّ
(1)
ترجمته في: المحبر لابن حبيب 131، 387، ابن قتيبة المعارف 52، تاريخ الطبري 1: 585 وما بعدها (في خبر أيام ملوك الطوائف وخراب بيت المقدس)، الأزدي: تاريخ الموصل 179، 233، المسعودي: مروج الذهب 1: 69 - 70، تاريخ ابن عساكر 19: 48 - 56، البداية والنهاية 2: 56 - 64، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 381 - 384.
(2)
انظر الجزء الأول فيما تقدم.
في قَوْل اللهِ عز وجل: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}
(1)
، قال: على نَهْر بحَلَب يُقال له: قُوَيْق.
وقيل في القِصَّة إنَّ زَكَرِيَّاء صلى الله عليه وسلم لمَّا وُلِدَت مَرْيَم ولفَّتْها أُمُّها في خِرْقَةٍ، تلَقَّاها أَحْبَار بني إِسْرَائيل أيّهم يَكْفل مَرْيَم، فتَنَافسُوا في كفالتها، فقال زَكَرِيَّاء: أنا أحَقُّ بها لأنَّ أخْتها عندي - وقيل: خالَتُها - فلمَّا تنافسُوا في ذلك، قالُوا: تَعالَوا حتَّى نُلْقي أقْلَامنا على الماءِ، وهي الأقْلَام الّتي كانُوا يَكْتُبون بها التَّوْراة في بَيْت مَدَارِسِهم، وكانُوا نَيف وعِشْرين رَجُلًا، فذَهَبُوا إلى نَهْرٍ لهم، فألْقَوا أقْلَامَهُم، فجَرَى الماء بأقْلَامهم، واسْتَقَرَّ قَلَم زَكَرِيَّاء عليه السلام على قُبَّة كأنَّهُ رَسَب في الطِّيْن، فقَرعهُم بذلك، وأخَذَ مَرْيَم وكَفلها.
أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْقُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سِنْدي بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ القَطَّانِيُّ (a)، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا سَعيدٌ، عن قَتَادَة، عن الحَسَنِ ومُقَاتِلٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عبَّاسٍ وعبدِ الله بن إسْمَاعِيْل، عن أَبيِهِ، عن مُجَاهِد، عن ابن عبَّاسٍ، وقُرَيْشٍ المُكْتِب، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، وإِدْرِيس، عن جَدِّه وَهْب بن مُنبِّهٍ. قال إسْحاق: قالُوا: إنَّ زَكَرِيَّاء بن دَان أبا يَحْيَى كان من أبْناءِ الأنْبِياءِ الّذين كانُوا يَكْتبُونَ الوَحْي ببَيْتِ المَقْدِس، وكان عِمْرانُ بن مَاتارا (b) أبو مَرْيَم من أبْناءِ
(a) هكذا نسبه في الأصل، وعند ابن عساكر: القطان، ويأتي قريبًا في رواية أخرى للخطيب البغدادي: القطان.
(b) ابن عساكر: قاتار، ابن كثير: البداية والنهاية 2: 56: مائان.
_________
(1)
سورة آل عمران، من الآية 44.
(2)
لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب، وهو في تاريخ ابن عساكر 19: 48 - 49.
مُلُوك بني إِسْرَائِيل من وَلدِ سُليْمان. قال ابنُ عبَّاسٍ: ولم يكُن أحَدٌ من أنْباءِ الأنْبِياءِ إلَّا ومن نَسْلهِ أو جِنْسهِ مُحَرِّر لبَيْتِ المَقْدِس، والمُحَرِّر الّذي يكُون حَبِيْسًا لبَيْت المقَدِس.
قال
(1)
: وأخْبَرَنا إسْحاقُ، عن ابن سَمْعَان، عن بعض مَنْ أسْلَم من أهْلِ الكتاب أنَّ مَرْيَم بنت عِمْرَان كانت من بَيْتِ آل دَاوُد؛ من سِبْط يَهُوذا بن يَعْقُوِبَ بن إسْحَاق بن إبْراهيم عليهم السلام، وكان زَكَرِيَّاء بن دَان تزوَّج أُخْتَ مَرْيَم بنت عِمْرَان، فهي أُمُّ يحْيَى.
قال
(2)
: وأخْبَرَنا إسْحاق، قال: أخْبَرَنا جُوَيْبر، عن أبي سَهْلٍ، وابن سَمْعَان، عن مَكْحُول، قالا: كان زَكَرِيَّاءُ وعِمْرَان تزوَّجا أُخْتَين، فكانت أُمُّ يَحْيَى عند زَكَرِيَّاء، وكانت أُمُّ مَرْيَم عند عِمْرَان، وكان اللهُ تعالَى أمْسَكَ عنها الوَلَدَ حتَّى أيسَتْ، وكانُوا أهْل بَيْتٍ من اللهِ بمكان.
(1)
انظر تاريخ ابن عساكر 19: 49.
(2)
انظر تاريخ ابن عساكر 19: 49.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيُّ بها، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْلٍ غَانِم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحيم الكَاتِبُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إبْراهيم بن شَاذَان البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَة بن خَالِد، قال: حَدّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثَابِت، عن أبي رَافِع، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال
(1)
: كان زَكَرِيَّاء عليه السلام نَجَّارًا.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حُذَيْفَة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن سَلمَة بن نُبَيْط، عن الضَّحَّاك:{ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}
(2)
، قال: الرَّمْز: الإشَارة.
أخْبَرَنا أبو الحَجَاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَرِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْدِ الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الفَضْلِ بن
(1)
صحيح مسلم 4: 1847 (رقم 169)، مسند ابن حنبل 17: 42 (رقم 9246)، سنن ابن ماجة 2: 727 (رقم 2150)، المستدرك للحاكم 2: 590، صحيح ابن حبان 11: 542 (رقم 5142)، وانظر: المسند الجامع 18: 188 - 189 (رقم 14716).
(2)
سورة آل عمران، من الآية 41.
مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَكَّار، قال: حَدّثَنا أبو مَعْشَر، عن مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ، قال: لو رُخِّصَ لأحدٍ في تَرْك الذِّكْرِ لرُخِّصَ لزِكَرِيَّاء؛ قال اللهُ تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}
(1)
، ولو رُخِّصَ لأحدٍ في تَرْك الذِّكْر، لرُخِّص للَّذين يُقَاتلُون في سَبِيْل اللهِ، قال اللهُ تعالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}
(2)
.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليِّ الخَطِيبُ
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن رِزْقُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سِنْدي الحَدَّاد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا مُقَاتِل وجُوَيْبر، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عبَّاسٍ، في قَوْله تعالَى:{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ}
(4)
، قال: ذِكْره الله منه برَحْمَة عَبْده زَكَرِيَّاء حيثُ دَعَاهُ، فذلك قَوْله {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}
(5)
، يعني دَعَا ربَّه دُعَاء خفيًّا في اللَّيْلِ لا يَسْمَعُه أحدً وتُسْمِع أُذنَيْه (a) فقال:{رَبِّ إِنِّي وَهَنَ}
(6)
أي ضَعُف {الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ}
(7)
يَعْني غلَبَ البَيَاضُ السَّوَادَ {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}
(8)
أي: رَبّ إِنِّي لَم أَدْعُكَ قَطّ فخيَّبْتَني فيما مَضَى فتُخَيِّبني فيما بَقي، فكما لَم أشْقَ بدُعائي فيما مَضَى، فكذلك لا أشْقَى (b) فيما بَقِي، عَوَّدَتني الإجَابَةَ من
(a) ابن عساكر: وتسمع أحد أذنية.
(b) بعدها في الأصل: بدعائي، وضرب عليها.
_________
(1)
سورة آل عمران، من الآية 41.
(2)
سورة الأنفال، من الآية 45.
(3)
لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب البغدادي، وانظره نقلًا عن الخطيب - في تاريخ ابن عساكر 19: 50 - 51.
(4)
سورة مريم، من الآية 2.
(5)
سورة مريم، الآيتان 2 - 3.
(6)
سورة مريم، من الآية 4.
(7)
سورة مريم، من الآية 4.
(8)
سورة مريم، من الآية 4.
نَفْسكَ، {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي}
(1)
فلَم يَبْقَ لي وِارثٌ، وخفْتُ العصَبَةَ أنْ تَرثني {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}
(2)
يعني من عندكَ ولدًا {يَرِثُنِي}
(3)
، يعني يرَثُ مِحْرَابي وعَصَاي وبُرْنُس القُرْبان وقَلَمي الّذي أكْتُب به الوَحْي، {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}
(4)
النُّبُوَّة، {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}
(5)
يعني: مَرْضِيًّا عندك.
قَوْله: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا}
(6)
قال ابنُ عبَّاسٍ: خَافَ أنَّها لا تَلد فقال: {امْرَأَتِي عَاقِرًا}
(7)
وأنْتَ تَفْعَل ما تشَاء، فهَب لي وَلدًا، فإذا وَهَبَتَهُ فاجْعَله رَضِيًّا (a) زَاكِيًا بالعَمل، فاسْتَجَاب اللهُ له، وكانا قد دخَلا في السِّنِّ هو وامْرأته، فبينا هو {قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}
(8)
، حيثُ يذبَحُ القُرْبان، إذا هو برَجُلٍ عليه البَيَاضُ حيَاله وهو جِبْرِيل، فقال: يا زَكَرِيَّاء إنَّ الله يُبَشِّرك وهو قَوْلهُ: {نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى}
(9)
، واسْم يَحْيَى هو اسْم من أسْماء اللهِ، اشْتُقَّ من يا حَيّ، سَمَّاهُ اللهُ [من](b) فَوْق عَرْشه {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}
(10)
، قال ابنُ عبَّاسٍ: لم يَجْعَلِ لزَكَرِيَّاء من قَبل يَحْيَى وَلدًا نَظيْرها؛ {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}
(11)
، يعني هل تَعْلم له ولدًا، ولَم يكُن لزَكَرِيَّاء قَبْله وَلد، ولَم يكُن قَبْل يَحْيَى أحَدً يُسَمَّى يَحْيَى، قال: وكان اسْمُه حَيّ، فلمَّا وَهَب الله لسَارَة إسْحاق، فكان اسْمُها يسَارة، ويسَارة من النِّسَاء الّتي لا تَلدُ، وسَارَة من النِّسَاءِ الطَّالقة الرَّحم الّتي تَلدُ، فسَمَّاها الله سَارَة، وحوَّل اليَاء من يَسَارَة إلى حَيّ، فسمَّاهُ يَحْيَى. ثُمَّ قال:{مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ}
(12)
يعني
(a) ابن عساكر: فاجعله رب رضيا.
(b) إضافة من تاريخ ابن عساكر.
_________
(1)
سورة مريم، من الآية 5.
(2)
سورة مريم، من الآية 5.
(3)
سورة مريم، من الآية 6.
(4)
سورة مريم، من الآية 6.
(5)
سورة مريم، من الآية 6.
(6)
سورة مريم، من الآية 5.
(7)
سورة آل عمران، من الآية 40.
(8)
سورة آل عمران، من الآية 39.
(9)
سورة مريم من الآية 7.
(10)
سورة مريم، من الآية 7.
(11)
سورة مريم، من الآية 65.
(12)
سورة آل عمران، من الآية 39.
عِيسَى {مِنَ اللَّهِ}
(1)
وكان يَحْيَى أوَّل مَنْ صَدَّق بعِيسَى وهو ابنُ ثلاثِ سِنين، وبين يَحْيَى وعِيسى ثلاث سِنين، وهُما ابْنا خالة، ثمّ قال تعالَى {وَسَيِّدًا}
(2)
يعني: حَلِيمًا، {وَحَصُورًا}
(3)
يعني: لا ماءَ له ولا يَحْتاجُ إلى النِّسَاءِ.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم الفَقِيه المَقْدِسِيِّ قِراءَةً عليهِ بنابُلُس، قال: أخْبَرتنا (a) تَجَنِّي بنتُ عَبْد الله الوَهْبَانيَّة، قالت: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَن بن الحَسَن بن عليّ بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان البَرْذَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا
(4)
، قال: حَدَّثني الفَضْل بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا أبو عِصَام العَسْقَلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن طَلْحَة، عن عَطَاءٍ:{وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}
(5)
، قال: كان في لِسَانِها طُولٌ (b).
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله
(6)
، ح.
وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قِرَاءَة عليْنَا من لَفْظه بدِمشْق، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمنِ بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رشَاءُ بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، ح.
وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَبْدِ الله بن المُلَثَّم بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن عليّ البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاجِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاءُ المَوْصِلِيّ - قال
(a) الأصل: أخبرنا.
(b) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر ثلاثة أرباعها، وكذا الصفحة بعدها بأكملها.
_________
(1)
سورة آل عمران، من الآية 39.
(2)
سورة آل عمران، من الآية 39.
(3)
سورة آل عمران، من الآية 39.
(4)
كتاب الصمت وآداب اللسان 89 - 90.
(5)
سورة الأنبياء، من الآية 90.
(6)
تاريخ ابن عساكر 19: 54 - 55.
ابنُ حَمْدٍ: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل - قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ (a)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُنْعِم، عن أَبِيهِ، عن وَهْب بن مُنَبِّهٍ أنَّ زَكَرِيَّاء عليه السلام هَرَبَ ودَخَلَ جَوْف شَجَرَة، فوُضِعَ على الشَّجَرة المِنْشَار وقُطِع بنصْفَين، فلمَّا وَقَعَ المِنْشَارُ على ظَهْرِه أَنَّ، فأوْحَى اللهُ إليه: يا زَكَرِيَّاءُ، إمَّا أَنْ تكُفّ عن أنيْنكَ، أو أقْلب الأرْض ومَنْ عليها، قال: فسَكَت حتَّى قُطِعَ صلى الله عليه وسلم بنصْفَين.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو التُّقَى صالح بن حُمَيْد بن مُلْهَم اللَّبَّان المالِكِّي بمِصْر، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد المَحَامِلِيّ ابن بنت أبي جِدَار، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحْمَّد بن الحَسَن بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُوسَى النَّقَّاشُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن صالح الخَوْلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم الخَوْلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن نُصَيْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ؛ وكان من خِيَار عِبَادِ الله، قال: لمَّا قُتِلَ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاءَ، قالُوا: اطلبُوا زَكَرِيَّاء وإلَّا دَعَا عليكم فتَهْلَكوا، فهَرَبَ منهم زَكَرِيَّاء، وتَبعُوه، فنادتْهُ شَجَرَةً: تَعالَ إلى هَا هُنا، فانْفَرجَت له، فدَخَل فيها، ثمّ انضمَّت عليه، فلم يَقْدروا عليه، فقال لهم المَلْعُون إبْلِيْس: مَنْ تُريدونَ؟ قالوا: نُريدُ زَكَرِيَّاء، قال: هو في هذه الشَّجَرة، قالوا: كيفَ علمْتَ؟ قال: هذا طَرَفُ ثَوْبه فقالُوا: كيف نَقْدِرُ عليه؟ قال: هاتُوا المِنْشَار، فجاؤوا بهِ، فنشَروا الشَّجَرة، فلمَّا بلَغ أضْلَاعَهُ أوْجَعَهُ فصَاح، فأوْحَى
(a) في كتاب المجالسة: محمد بن أحمد البغدادي.
_________
(1)
الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 15.
اللهُ عز وجل إليه: إمَّا أنْ تَكُفّ صَوْتكَ، وإمَّا أنْ أُخرِّب الأرْضَ فلا تَعْمُر إلى يَوْم القِيامَة، قال: فصَبَرَ.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن رِزْقُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سِنْدي الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب الكُوْفيّ، عن عَمْرو بن مَيْمُون، عن أَبِيهِ، عن ابن عبَّاسٍ، قال: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة أُسري به رَأى زَكَرِيَّاء عليه السلام في السَّماء فسَلَّم عليهِ، فقال له: يا أبا يَحْيَى، خَبِّرني عن قَتْلك كيف كان، ولِمَ قتلَكَ بنو إِسْرَائِيل؟ قال: يا مُحَمَّد، أُخْبركَ أنَّ يَحْيَى كان خَيْر أهْل زَمَانه، وكان أجْمَلَهم وأصْبَحَهُم وَجْهًا، وكان كما قال اللهُ:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا}
(2)
وكان لا يَحْتَاج إلى النِّسَاء، فهويته (a) امْرأة مَلِك بني إِسْرَائِيل، وكانت بغيَّة، فأرْسَلَتْ إليه وعَصَمهُ الله، وامْتَنَعَ يَحْيَى، وأبَى عليها، وأجْمَعَتْ على قَتْل يَحْيَى، ولهم عيد يَجْتَمعُونَ في كُلِّ عام، وكانت سُنَّة المَلِك أنْ يُوعِدَ ولا يُخْلِف ولا يَكْذب، قال: فَخَرَجَ المَلِكُ إلى العِيْدِ، فقامَت امْرأتُه تُشَيِّعُه، وكان بها مُعْجبًا، ولَم تكُن تفعَلُه فيما مَضَى، فما أنْ شَيَّعَته قال المَلِكُ: سَلِيْني؛ فما سَألْتِني شَيْئًا إلَّا أعطَيْتُكِ، قالت: أُريدُ دَم يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء، قال: سَليْني غيره، قالت: هو ذاك، قال: هو لك، قال: فبعَثَتْ جلاوِزَتَها إلى يَحْيَى وهو في مِحْرَابهِ يُصَلِّي، وأنا إلى جَانبهِ أُصَلِّي، قال: فذُبِحَ في طَسْتٍ وحُمِل رَأسهُ ودَمُهُ إليها، قال: فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
(a) الأصل: فهويه، وعند ابن كثير: فهوته، والمثبت عن ابن عساكر.
_________
(1)
لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي في كتبه، ونقله عن الخطيب الحافظ ابن عساكر 19: 55 - 56، والحديث بإسناده في البداية والنهاية لابن كثير 1:54.
(2)
سورة آل عمران، من الآية 39.
عليه وسلَّم: فما بلَغَ من صَبْرك؟ قال: ما انْفَتَلتُ من صَلَاتي! قال: فلمَّا حُمِلَ رَأسُه إليها، فوُضِع بينَ يَدَيْها، فلمَّا أمْسَوا خَسَفَ الله بالمَلِك وبأهْل بَيْته وحَشَمه، فلمَّا أصبَحُوا قالت بنو إِسْرَائِيِل: قد غَضِب إله زَكَرِيَّاء لزَكَرِيَّاء فتَعالوا حتَّى نَغْضبَ لمَلِكنا، فنَقْتُل زَكَرِيَّاء. قال: فَخَرَجُوا في طَلَبي ليقتُلوني، فجاءني النَّذِيْر فهَرَبْتُ منهم، وإبْلِيْسُ أمَامَهُم يَدُلّهم عليَّ، فلمَّا تخَوَّفتُ أنْ لا أُعْجْزهم، عَرَضت لي شَجَرة فنَادَتني، فقالت: إليَّ، إليَّ، وانْصَدَعتْ لي، فدَخَلْتُ فيها، قال: وجَاء إبْلِيْسُ حتَّى أخَذَ بطَرف (a) ردائي، والْتَأمت الشَّجَرةُ، وبَقِي طَرَفُ ردَائي خَارجًا من الشَّجَرة، وجاءت بنو إِسْرَائِيل، فقال إبْلِيْسُ: أمَا رَأيتُموه دَخَلَ هذه الشَّجَرة، وهذا طَرف رِدَائه، دَخَلَها بسِحْره، فقالوا: نَحْرق هذه الشَّجَرة، فقال إبْلِيْس: شُقُّوه بالمِنْشَار شَقًّا، قال فشُققت مع الشَّجَرة بالمِنْشَار، فقال له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يا زَكَرِيَّاء، هل وجَدْتَّ له مسًّا أو وَجَعًا؟ قال: لا، إنَّما وَجَدَتْ ذلك الشَّجَرةُ، وجَعَل الله رُوحِي فيها.
قال: وحَدَّثَنَا إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ، عن وَهْبٍ، قال: إنَّ الّذي انصَدَعَتْ له الشَّجَرةُ ودَخَلَ فيها كان أشَعْيَا قبل عِيسَى، وأنَّ زَكَرِيَّاء ماتَ مَوْتًا، فاللهُ أعْلَمُ.
زَكَرِيَّاء بن إِدْرِيس الأنْطَاكيّ
حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكيّ، رَوَى عنهُ أحْمَد بن جَعْفَر بن سَهْل أبو العبَّاس السَّامَرِّيّ (b).
(a) ابن عساكر: طرف.
(b) بعده في الأصل: "موسى بن العباس الجويني وأبو .... "، ثم ضرب عليه لاتصاله بالترجمة بعده، وربما كانت نيته أن يجعلها ترجمة واحدة لاتفاقهما في الشيخ وفي الانتساب إلى أنطاكية، ثم أفرد كل منهما في ترجمة مستقلة.
أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُفَ الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم، عن أَبيِهِ أبي العبَّاس الفَقِيه أنَّ أبا الحَسَن مُحَمَّد بن المُغَلِّس بن جَعْفَر البَزَّاز أخْبَرهم بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن جَعْفَر بن سَهْل السَّامَرِّيّ بالرَّمْلَة، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن إِدْرِيس الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن خَالِد، عن عِكْرِمَة:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}
(1)
، قال: ذاكَ الله عز وجل.
زَكَرِيَّاء بن أيُّوبَ، أبو يَحْيَى الأنْطَاكِيّ
(2)
حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، رَوَى عنهُ أحْمَد بن مَسْعُود بن عَمْرو بن يَحْيَى الزَّنْبَرِيّ، وأبو عِمْران مُوسَى بن العبَّاسِ الجُوَيْنِيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحُسَين بن زَيْد.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الهَيْثم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد الدُّلَيْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر محَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ بن عَاصِم بن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَسْعُود بن عَمْرو بن يَحْيَى بن إِدْرِيس الزَّنْبَرِيّ المِصْرِيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن أَيُّوب الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنَا مالك، عن عَمْرو بن يَحْيَى، عن أَبيِهِ، عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
(3)
، قال: قال رَسُولُ اللهِ
(1)
سورة يوسف، من الآية 76.
(2)
توفي سنة 180 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 84.
(3)
مسند الشهاب 1: 166 (رقم 235) من حديث مالك، ورواه ابن ماجة في سننه 1: 240 من حديث معاوية بن أبي سفيان، والطبراني في المعجم الكبير 17: 282 (رقم 777) من حديث عقبة بن عامر.
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أطْول النَّاسِ أعْنَاقًا يَوْم القِيامَة المُؤذِّنونَ.
ذَكَرَ أبو سَعيد بن يُونُس في تاريْخ مِصْر
(1)
، قال: زَكَرِيَّاء بن أَيُّوبَ، يُكْنَى أبا يَحْيَى، من أهْلِ أنْطَاكِيَة، قَدِمَ إلى مِصْر وحَدَّث بها، وكانَ ثِقَةً، فتُوفِّي فيما حَدَّثَني به حَمْزَة بن زَكَرِيَّاء أبو يَعْلَى يَوْم الخَمِيْس من أوَّل يَوْم من شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَمانين ومائة.
زَكَرِيَّاء بن عبد الرَّحْمن المَلَطِيّ، أبو يَحْيَى
رَوَى عنهُ إبْراهيم بن صَدَقَة المَدَائِنِيّ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن البَرَاء، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن صَدَقَة، صَدِيْقُ شُعَيْب بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن عبد الرَّحْمن أبو يَحْيَى المَلَطِيّ، قال: لَمَّا فُتِحَتْ الشَّام على عَهْد عُمَر بن الخَطَّاب أُصِيْبَ جَبَلٌ فيه غَار، فإذا على الغَار قُفْلٌ فكُسِرَ القُفْل، فوُجِدَ في الغَارِ لَوْحٌ من حَدِيدٍ فيه مَكْتُوب بماءِ الذَّهَب:[من المنسرح]
ما اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهَارُ ولا
…
دَارَتْ نُجُوم السَّماءِ في الفَلَكِ
إلَّا تَنَقَّلَ النَّعيمُ من مَلِكٍ
…
قد انْقَضَى مُلْكُه إلى مَلكِ
ومُلْك ذي العَرْش دَائم أبدًا
…
ليسَ بفَانٍ ولا بمُشْتَرَكِ
قال: فبُعِثَ باللَّوْح إِلى عُمَر فقَرَأهُ، ثُمَّ بَكَى، وقال: رَحِمَ اللهُ كَاتِبَ هذا، هذا مُؤْمِنٌ لَم يَجد لإيْمانه مَوضِعًا يَسْتُره فيه إلَّا هذا الغَار.
(1)
تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 84.
(2)
تاريخ بغداد 7: 12 (في ترجمة إبراهيم بن صدقة).
زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة - وقيل: ابن عُقْبَة بن ثَعْلَبَة - ابن أبي مَالك. وقيل: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مَالِك، أبو يَحْيَى القُرَظِيّ (a) المَدَنِيّ القَاضِي حَلِيْف الأنْصَار
(1)
قَدِمَ حلَبَ غَازِيًا، وحَدَّثَ بها وبغيرها عن أَبِيهِ مَنْظُور، وأبي حَازِم سَلَمَة بن دِيْنار الأَعْرَج، وجَدِّه لأُمِّهِ مُحَمَّد بن عُقْبَة بن أبي مالك الأنْصَاريّ، وعَطَّاف بن خَالِد القُرَشِيّ، وعُمَر مَوْلَى غُفْرَة، وهِشَام بن عُرْوَة، وزَيْد بن أسْلَم وثَابِت بن يَزِيد الحِجَازِيّ، وأبي سَلَمَة بن عبد الرَّحْمن، ونَافِع مَوْلَى عَبْد الله بن عُمَر.
رَوَى عنهُ هِشَام بن عَمَّار، ودَاوُد بن سُلَيمان بن حَفْص بن أبي دَاوُد الطَّرَسُوسِيّ، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن زَبَالَة (b)، وهَارُون بن مَعْرُوف البَغْدَاديّ، وعبد الله بن عَبد الوَهَّاب الحَجَبِيّ، وعَتِيق بن يَعْقُوب الزُّبَيْرِيّ، وأبو ثَابِت مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن المُنْذِر الحِزامِيّ المَدَنيِونَ، وعَبْد الله بن الزُّبَيْر الحُمَيْدِيّ
(a) ضبطه المصنف - حيثما يرد في الترجمة - بفتح القاف والراء: القَرَظيّ، ولم أجده على هذا الوجه عند غيره، والضبط المثبت موافق لضبط الخطيب البغدادي (تاريخه 9: 464) وابن عساكر (تاريخه 19: 61) ضبط قلم، والمزي (تهذب الكمال 9: 370) وضبطه السمعاني (الأنساب 10: 379)، وقال: بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة.
(b) ضبطه المؤلف بضم أوله: زُباله، والضبط المثبت بالفتح من: أنساب السمعاني 6: 251، وتاريخ بغداد 9: 464، وتاريخ ابن عساكر 19: 65، وتهذيب الكمال 9:371.
_________
(1)
توفي بعد سنة 180 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن معين 2: 174، طبقات ابن سعد 5: 437، تاريخ البخاري الكبير 3: 424، التاريخ الصغير 2: 232، الدولابي: الكنى والأسماء 2: 165، المعرفة والتاريخ 3: 43، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 314، ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 3: 597، الكامل لابن عدي 3: 1067 - 1069، تاريخ بغداد 9: 464 - 467، السمعاني: الأنساب 10: 381، تاريخ ابن عساكر 19: 61: 69، المزي: تهذيب الكمال 9: 369 - 373، الذهبي: تاريخ الإسلام 4: 851 - 852، ميزان الاعتدال 2: 74 - 75، الكاشف 1: 323 - 324، تهذيب التهذيب 3: 332 - 333، تقريب التهذيب 1: 261، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 385.
المَكِّيّ وأبو إبْراهيم إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم التُّرْجُمانيّ، ودَاوُد بن رُشَيْد الخُوارَزْمِيّ، وعَبَّاد بن مُوسَى الخُتَّلِيّ، وإسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، ويَعْقُوب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وسُرَيْج بن يُونُس، وأبو مُسْلم عبدُ الرَّحْمن بن وَاقِد، وعَبْد العَزِيْز بن عَبْدِ الله الأُويْسِيّ، ومُحَمَّد بن الصَّبَّاح الدُّولَابِيّ، وإبْراهيم بن عَبْد الله الهَرَويّ، ومُوسَى بن مَرْوَان الرَّقِّيّ، ويَعْقُوب بن كَعْب الحَلَبِيّ، وسَمِعَا منه بحَلَبَ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيُّ، قِراءَةً عليهِ بمَنْزِله بدِمَشْق، وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحُسَين ابن أخي مِيْمِي، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن رُشَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، عن أبي حَازِم، عن نَافِع، عن ابن عُمَر
(1)
، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: القَدريَّة مَجُوسُ هذه الأُمَّة، فإنْ مَرضُوا فلا تَعُودُوهم، وإنْ ماتُوا فلا تَشْهَدُوهُم.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرِّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْلُ بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَة بن يُوسُفَ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن اللَّيْث، قال: حَدَّثَنَا مُوسى بن مَرْوَان، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، وكُنْتُ لَقِيتُه بحَلَب، وكان غَازِيًا.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، عن أبيِ بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال:
(1)
سنن أبي داود 5: 66 (رقم 4691)، والسنة لابن أبي عاصم الشيباني 149 (رقم 338)، وشرح السنة للبغوي 1: 152 (رقم 82)، وانظر: المسند الجامع 10: 819 - 820 (رقم 8268).
(2)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1067.
أخْبَرَنا أبو أَيُّوبَ سُليْمان بن إسْحاق بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا الحارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال في الطَّبَقَةِ السَّابِعة من أهْلِ المَدِينَة: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور القُرَظِيّ، ويُكْنَى أبا يَحْيَى، وكان أعْوَر، قد لَقِى أبا حَازِم وعُمَر مَوْلَى غُفْرَة (a).
أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن شُجاعٍ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(3)
، قال في الطَّبَقَةِ الثَّامنة من أهْلِ المَدِينَة: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور القُرَظِيّ، ويُكْنَى أبا يَحْيَى.
أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ البَغْدَاديَّ
(4)
، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد الله (b) بن عُمَر الوَاعِظ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: وفي كتاب جَدِّي: حَدّثَنَا ابن رِشْدِين، قال: سَألْتُ أحْمَد بن صالح عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، شَيْخ رَوَى عنهُ الحِزَامِيّ (c) والتُرْجُمانيّ، فقال: ليس به بأسٌ، قُلتُ لأحْمد: هو من وَلَدِ ثَعْلَبَة بن أبي مالك القُرَظِيّ فلم يَحْفظ ذاكَ. قال أبو جَعْفَر بن رِشْدِين: هو زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن عُقْبَة بن ثَعْلَبَة بن أبي مَالكِ.
(a) الأصل: عفرة، وتقدم صحيحًا.
(b) الأصل: عبد الله، والمثبت عن الخطيب البغدادي، وهو من شيوخه، وترجم له في تاريخ 12: 122، واسمه: عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ المعروف بابن شاهين.
(c) في تاريخ الخطيب: الحراني، وصوابه المثبت وهو أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر الحزامي، مدني لا حراني. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2: 139، تاريخ الإسلام 5: 776، تهذيب الكمال 2:207.
_________
(1)
طبقات ابن سعد 5: 437.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 63.
(3)
لم أقف عليه في الطبقة الثامنة من أهل المدينة في طبقات ابن سعد، وإنما ذكره في الطبقة السابعة 5:437.
(4)
تاريخ بغداد 9: 465.
وقال أبو بَكْر
(1)
: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأَدَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ الإيَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ السَّاجِيّ، قال: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن أبي ثَعْلَبَة الأنْصَاريّ فيه ضَعْفٌ.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز المَوْصِلِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن [سَهْل](a)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(2)
، قال: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك أبو يَحْيَى القُرَظِيّ، [لَيْسَ بذلك](b).
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاسِ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج
(4)
يَقُول: أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك القُرَظِيّ المَدَنِيّ، عن أبي حَازِم، رَوَى عنهُ إبْراهيم بن المُنْذِر.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن أبي مالك.
(a) كلمة أفسدتها الرطوبة، وانظر تاريخ ابن عساكر 19:63.
(b) عوض ما بين الحاصرتين في الأصل: "أبو مالك"، تصحف عنده بالمثبت.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 467.
(2)
التاريخ الكبير 3: 424.
(3)
تاريخ ابن عساكر 19: 64.
(4)
الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 902.
أنْبَأنَا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد اللَّاذِقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ نَصْرُ بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس
(1)
، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد المُقَدَّمِيّ يَقُول: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك القُرَظِيّ من أهْل المَدِينَةِ، يُكْنَى أبا يَحْيَى.
أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قالي: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد
(2)
، قال: أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور القُرَظِيّ مَدِيْنِيٌّ ليس بثِقَةٍ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ البَرّ بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ
(3)
، قالي: زَكَرِيّاء بن يَحْيَى بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة (a) بن أبي مَالِك القُرَظِيّ الأنْصَاريّ، مَدَنِيّ، يُكْنَى أبا يَحْيَى، وذَكَرَ له أحَادِيْث، ثُمَّ قال
(4)
: وزَكَرِيَّاء بن مَنْظُور ليسَ له أحَادِيْث أنْكَر ممَّا ذَكَرتُه، وله غير ما ذَكَرتُ من أحَادِيْث (b) غَرَائِب، وهو ضَعِيْفٌ كما ذُكِر (c) إلَّا أنَّهُ يُكْتب حَدِيثهُ.
(a) لم يرد في نشرة كتاب الكامل لابن عدي.
(b) ابن عدي: من الحديث.
(c) ابن عدي: كما ذكروه.
_________
(1)
من كتاب الأزدي: طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب مفقود، ولم يذكره في كتابه الآخر: تاريخ الموصل.
(2)
الدولابي: الكنى والأسماء 2: 165.
(3)
ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1067.
(4)
ابن عدي: الكامل 3: 1069.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام فيما أجَازَهُ لنا، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَار، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الحافِظُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم، قال: أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاءُ بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك القُرَظِيّ المَدِيْنِيّ الأنْصَاريّ، وكان قد ولِيَ القَضَاءَ، فحَمَلهُ هَارُون إلى الرَّقَّة في قَضِيَّةٍ قَضَاها، رَوَى عن أبي حَازِم سَلَمَة في دِيْنارٍ، ليسَ بالقَوِيّ عندهم، رَوَى عنهُ إبْراهيم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ، وإبْراهيم بن عَبْد اللهِ الهَرَويّ.
أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد
(2)
، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر (a)، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن زَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد العَسْكَريّ، قال: ومَنْظُور بن ثَعْلَبَة - بالظَّاءِ فَوْقها نُقْطَة - رَوَى عن أَبِيهِ ثَعْلَبَة، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْحاق، وابنُهُ زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، وزَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك الأنْصَاريّ رَوَى عن أبي سَلَمَة، ونَافِع، تكلَّمُوا فيه.
أخْبَرَنا أبو عليّ الأَوَقِيّ مُشَافهةً، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظُ، قال: أخْبرَني أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَار بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِي، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الّهِ مُحَمَّد بن بَكْرَان بن عِمْران الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْص العَطَّار، قال: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور
(a) في الأصل: ابن أبي جعفر، وفوقه "صـ"، والمثبت من تاريخ ابن عساكر وكما تقدم في العديد من المواضع، وهو: أبو صادق الأصبهاني (ت بعد 491 هـ)، ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 2: 340، تاريخ الإسلام 10:845.
_________
(1)
لم يذكره في ترجمته في تاريخ بغداد، ونقله عنه ابن عساكر 19:64.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 65.
أبو يَحْيَى القُرَظِيّ، حَدَّثَنَا بذلك أحْمَد بن إبْراهيم القُهُسْتَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَتِيق بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَني أبو يَحْيَى القُرَظِيّ زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور، ذَكَرهُ ابن مَخْلَد في كتاب الأسَامِي والكُنَى.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ
(1)
، قال: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور بن عُقْبَة بن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك، أبو يَحْيَى القُرَظِيُّ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَ عن أبي حَازِم سَلَمَة بن دِيْنار، وعن هِشَام بن عُرْوَة، وعَطَّاف بن خَالِد، وثَابِت بن يَزِيد الحَجِازِيّ.
رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن الحَسَن بن زَبَالَة (a)، وعَتيْق بن يَعْقُوب الزُّبَيْرِيّ، وإبْراهيم بن المُنْذِر المَدَنُّيِونَ، وعبد الله بن الزُّبْيْر الحُمَيْدِيّ المَكِّيّ، وأبو إبْراهيم التُّرْجُمانيّ، وإسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيِل، وعَبَّاد بن مُوسَى الخُتَّلِيّ، وغيرهم. وذَكَرَ يَحْيَى بن مَعِيْنْ أنَّهُ كان يَسْكُن بَغْدَاد.
أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(2)
، قال: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالِك، أبو يَحْيَى القُرَظِيّ المَدَنِيّ القَاضِي، حَلِيْفُ الأنْصَار، حدَّثَ عن أَبِيهِ، وأبي سَمَلَة بن عبد الرَّحْمن، ونَافع، وأبي حَازِم الأعْرَج، وزَيْد بن أسْلَم، وجَدّه لأُمِّه مُحَمَّد بن عُقْبَة بن أبي مَالك الأنْصَاريّ، وهِشَام بن عُرْوَة، وعُمَرَ مَولَى غُفْرَة (b)، وعَطَّاف بن خَالِد القُرَشِي.
(a) جوده المؤلف بضم أوله، وتقدم التعليق عليه.
(b) تحرفت في نشرة تاريخ ابن عساكر: عروة.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 464.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 61 - 62.
رَوَى عنهُ هَارُون بن مَعْرُوف البَغْدَاديّ، وعَبْد العَزِيْز بن عَبْد الله الأُوَيْسِيّ، وإبْراهيم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ، وأبو ثَابِت مُحَمَّد بن عبيد الله، وعتِيق بن يَعْقُوب الزُّبَيْرِيّ (a) المَدَنِيُّونَ، وعبد الله بن عَبد الوَهَّاب الحَجَبِيّ، ومُوسَى بن مَرْوَان (b) الرَّقِّيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وأظُنُّ هِشَامًا سَمِعَ منه بدِمَشْق لأنَّهُ اجْتازَ بها حينَ تَوَجَّه إلى الغَزْو، وقد حَدَّثَ بحَلَبَ، وأبو مُسْلم عبدُ الرَّحْمن بن وَاقِد، وإسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن إسْمَاعِيْل التُّرْجُمانيّ، ويَعْقُوب بن كَعْب الحَلَبِيّ، ويَعْقُوب بن حُمَيْد بن كَاسِب، ودَاوُد بن سُلَيمان بن حَفْص بن أبي دَاوُد الطَّرَسُوسِيّ، وعَبَّاد بن مُوسَى الخُتَّلِيّ، ومُحَمَّد بن الصَّبَّاح الدُّولَابِيّ، وسُرَيْج (c) بن يُونُس، وإسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، ودَاوُد بن رُشَيْد.
قُلتُ: ذَكَرَ الحافِظ أبو القَاسِمِ: زَكِريَّاء بن مَنْظُور فيمَن دَخَل دِمَشْق بناءً على الظَّنِّ، وقال: لأنَّهُ اجْتاز بها حين تَوَجَّه إلى الغَزْو، وقد حَدَّثَ بحَلَب! بل غَلَبةُ الظَّنِّ تَشْهدُ بخِلَاف ما زَعَم، لأنَّ زَكَرَيَّاء كان ساكنًا ببَغْدَاد، والظَّاهر من حال من يغْزو من بَغْدَاد أنْ يتَوَجَّه إلى الثُّغُور لا على دِمَشْق، وقد حَمَلَهُ هَارُون إلى الرَّقَّة لأنَّهُ قَضَى على حَمَّاد البَرْبَرِيّ، فأحْضَرَهُ إلى الرَّقَّة من بَغْدَاد، فيُحْتَمل أنه توجَّه من الرَّقَّة إلى الغَزْو، وطَرِيقهُ على حَلَب، فحَدَثَ بها.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد الرّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين المَعْرُوف بابن الطَّفَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن
(a) تاريخ ابن عساكر: الزهري، تحريف.
(b) في تاريخ ابن عساكر: هارون، والصواب المثبت كما تقدم في غير موضع، وهو المكنى بأبي عمران الرقي البغدادي، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 15: 33، تاريخ ابن عساكر 61: 311، تاريخ الإسلام 5:945.
(c) مهملة في الأصل، وتصحفت في نشرة تاريخ ابن عساكر: شريح.
حَمَّاد الدُّولَابِيّ
(1)
، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُعاوِيَةُ بن صالح في تَسْمِيَةِ مَنْ سَأل عنهُ يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى
(2)
يَقُول: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور ليس بِثِقَة.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(3)
، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد الصَّيْرَفِيّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصَمَّ يَقُول: سَمِعْتُ العبَّاس الدُّوْرِيّ يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى
(4)
يَقُول: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور ليسَ بشيءٍ، فرَاجَعتُه فيه مِرَارًا، فزَعَم أنَّهُ ليسَ بشَيءٍ، قال: وكان طُفَيْليًّا.
وقال الخَطِيبُ
(5)
: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَرٍ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَدِيٍّ البَصْرِيّ في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْد مُحَمَّد بن عليّ الآجُرِّيّ، قال: سُئِلَ أبو دَاوُد عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يُضعِّفهُ.
وقال
(6)
: أخْبَرَنا يُوسُفُ بن رَبَاح البَصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل المُهَنْدِس بمِصْرَ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْرٍ الدُّولَابِيّ
(7)
، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور القُرَظِيّ ليس بثِقَةٍ.
كَتَبَ إلينا عَبْد البَرّ بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِّي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ السهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(8)
، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عِصْمَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي يَحْيَى، قال: سُئِلَ يَحْيَى بن مَعِيْن
(9)
عن زَكِريَّاء بن مَنْظُور، فقال: ليسَ بشيءٍ.
(1)
الدولابي: الكنى والأسماء 2: 165.
(2)
تاريخ يحيى بن معين 2: 174.
(3)
تاريخ بغداد 9: 465.
(4)
تاريخ يحيى بن معين 2: 174، 3:160.
(5)
تاريخ بغداد 9: 466.
(6)
تاريخ بغداد 9: 466.
(7)
الدولابي: الكنى والأسماء 2: 165.
(8)
ابن عدي: الكامل 3: 1067.
(9)
تاريخ يحيى بن معين 2: 174.
أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي أحْمَد
(1)
، قال: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة يَعْقُوبُ بن إسْحاق الإسْفَرَاينِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر المَرُّوذِيّ، قال: قال أبو عَبْدِ الله أحْمَد بن حَنْبَل: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور ضَعِيْفُ (a).
قال أبو بَكْر بن أبي أحمد
(2)
: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن أحْمَد الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عَمرو بن عليّ، قال: وزَكَرِيَّاء بن مَنْظُور فيه ضَعْفُ.
وقال
(3)
: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن مُوسَى الأرْدُبِيْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن طَاهِر بن النَّجْم، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن عَمْرو البَرْذَعِيّ، قال: قُلْتُ لأبي زُرْعَة: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور؟ قال: وَاهِي الحَدِيْث، مُنْكَرُ الحَدِيْث.
وقال
(4)
: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأَدَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ الإيَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ السَّاجِيّ، قال: زَكَريَّاء بن مَنْظُور بن أبي ثَعْلَبَة الأنْصَاريّ فيه ضَعْفٌ.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَدَ بن عَدِيٍّ
(5)
، قال: حَدَّثَنَا الجُنَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ
(6)
، قال:
(a) في تاريخ بغداد: "زكرياء بن منظور شيخٌ وليَّنه".
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 466.
(2)
تاريخ بغداد 9: 466.
(3)
تاريخ بغداد 9: 466.
(4)
تاريخ بغداد 9: 467، وقد تقدمت رواية الخطيب هذه فيما مرّ، وكُتب عند أولها هنا بخط دقيق صغير:"مكرر"، ولم يضبب عليها المؤلف، فأبقيناه.
(5)
الكامل لابن عدي 3: 1067.
(6)
تاريخ البخاري الصغير 2: 232.
زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالِك أبو يَحْيَى القُرَظِيّ المَدَنِيّ مُنْكَر الحَدِيْث.
قال ابنُ عَدِيّ
(1)
: وسمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال البُخاريُّ: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك القُرَظِيّ، رَوَى عنهُ اللَّيْثُ، مُنْكَرُ الحَدِيْث.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر الإسْكَنْدَرانيّ المَعْرُوف برَوَاج، قِراءَة عليهِ بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادق مُرَشِد بن يَحْيَى المَدِيْنِيُّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرحْمن أحْمَدُ بن شُعَيْب بن عليّ بن سِنَان النَّسَوِيّ، قال: زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور ضَعِيْفٌ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُوِر بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطيبُ
(2)
، قال: قَرَأتُ على البَرْقَانِيّ، عن مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّاز (a)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَسْعَدَة الفَزَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن دَرَسْتُويْه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن مُحْرِز، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عن زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور، فقال: شَيْخٌ ضَعِيْفٌ كان هَا هُنا ببَغْدَاد.
وقال الخَطِيبُ
(3)
: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الأُشْنانِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الطَّرَائفِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عُثْمان بن سَعيد الدَّارِمِيّ
(4)
يَقُول: قُلْتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن: فزَكَرِيَّاء بن مَنْظُور؛ كيفَ حَدِيثُهُ؟ قال: ليسَ به بأسٌ.
(a) الأصل: الخزار، والمثبت عن تاريخ بغداد، وانظر ترجمته أيضًا عند الخطيب البغدادي 4: 205، وشذرات الذهب 4:432.
_________
(1)
ابن عدي: الكامل 3: 1067.
(2)
تاريخ بغداد 9: 464 - 465.
(3)
تاريخ بغداد 9: 465.
(4)
تاريخ الدارمي 113.
قال أبو بَكْر الخطيبُ
(1)
: قد اختَلَفَ قَوْلُ يَحْيَى فيهِ، وقال أحْمَد بن صالح بن زَكَرِيَّاء مثل ما حَكَى الدَّارِمِيّ عن يَحْيَى.
وقال الخَطِيبُ
(2)
: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن مُوسَى الصَّيْرَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصَمّ يَقُول: سَمِعْتُ العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ يَقُول: سَمعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن
(3)
يَقُول: كان زَكَرَيَّاء بن مَنْظُور قد وَلِيَ القَضَاءَ، فقَضَى على حَمَّادٍ البَرْبَرِيّ، فلذلك حَمَلَهُ هَارُون إلى الرَّقَّة بذلك السَّبَب، وليس بثِقَةٍ.
وقال في مَوضعٍ آخر
(4)
: سُئِلَ يَحْيَى عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، فقال: ليسَ به بأسُ، فقُلتُ لَهُ: قد سَألتُكَ مرَّةً فلم أركَ تُجِيد الرَّأي (a) أو نحو هذا من الكَلَام؟ فقال: ليس به بأسُ، وإنَّما كان فيه شيءُ، زَعَموا أنَّهُ كان طُفَيْليًّا.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي العَلَاء في كتابهِ إلينا من هَمَذَان، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ
(5)
، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ، قال: سُئِلَ يَحْيَى
(6)
عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، فقال: ليسَ به بأسُ، فقُلتُ: قد سَألتُكَ عنه مرَّةً فلم أركَ تُجيد الرَّأي فيه، فذَكَرَ نحو هذا الكَلَام فقال: ليس به بأسٌ.
وقال ابنُ عَدِيٍّ
(7)
: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثنَا عُثْمان بن سَعيد: قُلتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن: فزكَرَيَّاء بن مَنْظُور كيفَ حَدِيثُهُ؟ قال: ليسَ به بأسُ.
(a) تاريخ ابن معين: لم أرك فيه جيد الرأي.
_________
(1)
تاريخ بغداد 9: 465.
(2)
تاريخ بغداد 9: 465.
(3)
تاريخ يحيى بن معين 2: 174، 3:177.
(4)
تاريخ يحيى بن معين 3: 219.
(5)
الكامل 3: 1067.
(6)
تاريخ يحيى بن معين 3: 219.
(7)
الكامل 3: 1067.
وقال ابنُ عَدِيٍّ
(1)
: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن وابن حَمَّادٍ، قالا: حَدَّثَنَا عبَّاسٌ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور ليسَ بشيءٍ، فرَاجعتُه فيه مِرَارًا، فزَعَم أنَّهُ ليسَ بشيءٍ وأنَّهُ طُفَيْليّ (a)، زادَ ابن حَمَّادٍ: وقال مرَّةً أُخْرى: ليس به بأسٌ، وإنَّما كان فيه شيءٌ زَعَموا أنَّهُ طُفَيْليّ (b).
أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِمٍ
(2)
، قال: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور بن ثَعْلَبَة بن أبي مالك، أبو يَحْيَى القُرَظِيّ الأنْصَاريّ، رَوَى عن أبي حَازِم، وزَيْد بن أسْلَم، وجَدِّه مُحَمَّد بن عُقْبَة، رَوَى عنهُ عَبْد العَزِيْز الأُوَيْسِيّ، وهَارُون بن مَعْرُوف، وأبو ثَابِتٍ المَدِيْنِيّ، والحَجَبِيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وإبْراهيم بن المُنْذِر، وعَتِيق بن يَعْقُوب، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
وقال: قُرئ على العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ عن يَحْيَى بن مَعِيْن
(3)
أنَّهُ قال: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور ليسَ بشيءٍ، وُلِّيَ القَضَاء فقَضَى على حَمَّادٍ البَرْبَرِيّ، فلذلك حَمَلهُ هَارُون إلى الرَّقَّة بذلك السَّبَب، وليس بثِقَةٍ. فرَاجَعتُه مِرَارًا، فزَعَم أنَّهُ ليس بشيءٍ؛ كان طُفَيْليًّا.
سَألتُ أبي عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، فقال: ليسَ بالقَوِيّ، ضَعِيْف الحَدِيْثِ، مُنْكَرُ الحَدِيْث، يُكْتَب حَدِيثُهُ.
وقال: سَألتُ أبا زُرْعَة عن زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، فقال: ليسَ بالقَوِيّ (c).
(a) ابن عدي: وأنه كان طفيليًا.
(b) ابن عدي: أنه كان طفيليًا.
(c) الجرح والتعديل: ليس بقوي.
_________
(1)
الكامل 3: 1067.
(2)
الجرح والتعديل 3: 597.
(3)
تاريخ يحيى بن معين 2: 174.
أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبرَنا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن غَالِب، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ يَقُول: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور أبو يَحْيَى القُرَظِيّ، مَدَنِيٌّ مَتْرُوكٌ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب
(2)
، قال: في باب مَنْ يُرْغَبُ عن الرِّوَايَةِ عنهم، وكُنْتُ أسْمَعُ أصْحَابنا يُضَعِّفونَهم منهم: زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور، مَدِيْنِيٌّ.
زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن إِيَاس بن سَلَمَة بن حَنْظَلَة بن قُرَّة، أبو عبد الرَّحْمن السِّجْزِيّ، ويُعْرَفُ بخَيَّاط السُّنَّة
(3)
دَخَلَ الشَّام، وسَمِعَ بحَلَب أبا نُعَيْم عُبَيْد بن هِشَام الحَلَبِيّ، وحَدَّثَ عنهُ، وعن نُصَيْر بن أبي عُلَيَّة
(4)
الدَّقَّاق البَالِسِيّ، وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وأحمد بن السَّكَن الأيْلِيّ المُكْتِب، وإبْراهيم بن المُسْتَمِرّ، وأبي مَسْعُود إسْمَاعِيْل بن مَسْعُود الجَحْدَرِيّ، وإبْراهيم بن إسْحاق بن أبي الحَجِيْم، والجَرَّاح بن مَخْلَد، وحُسَيْن بن الحَسَن المَرْوَزيّ، وبَكْر بن خَلَف، وإبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوزْجَانِيّ، وإبْراهيم بن
(1)
تاريخ بغداد 9: 467.
(2)
المعرفة والتاريخ 3: 43.
(3)
توفي سنة 287 هـ وقيل: 289 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر الربعي 256، تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 2: 84، ابن ماكولا: الإكمال 4: 550، السمعاني: الأنساب 7: 81، تاريخ ابن عساكر 19: 69 - 73، تهذيب الكمال 9: 374 - 378، تاريخ الإسلام 6: 751 - 752، سير أعلام النبلاء 13: 507 - 508، الإعلام بوفيات الأعلام 125 (وفاته سنة 387 هـ)، الكاشف 1: 324، العبر في خبر مَن غبر 1: 414، تذكرة الحفاظ 2: 650، تهذيب التهذيب 3: 334، تقريب التهذيب 1: 262، السيوطي: طبقات الحفاظ 288، شذرات الذهب 3: 365، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 385 - 386.
(4)
سماه ابن حجر في لسان الميزان 6: 158: نصير بن أبي عقبة.
يُوسُف البَلْخِيّ وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن الفُضَيْل (a) الرَّسْعَنِيّ، والحَسَن بن أبي الرَّبِيْع الجُرْجَانِيّ، وأزْهَر بن جَمِيل، وأحمد بن عليّ بن يُوسُف الخَرَّاز (b)، وسَلَمَة بن شَبِيْب، والسَّرِيّ بن يَحْيَى بن السَّرِيّ، وبِشْر بن الوَلِيد القَاضِي، وسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وسُوَيْد بن سعيد، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّار، ودَاوُد بن رُشَيْد الخُوارَزْمِيّ، ودُحَيْم، ومُحَمَّد بن المُصَفَّى الحِمْصِيّ، ومُحَمَّد بن مُوسَى الحَرَشِيّ، ومُحَمَّد بن بَشَّار، ومُحَمَّد بن حُمَيْد الرَّازِيّ، وعَبَّاد بن الوَلِيد، وأبي بَكْر عَبْد السَّلام بن عُمَر الجِنّيّ (c)، وعبد الله بن مُطِيع، وعَمْرو بن عليّ، وقُتَيْبَة بن سَعيد، وشَيْبَان بن فَرُّوخ، وعُثْمان بن أبي شَيْبَة، والفَتْح بن نَصْر بن عبد الرَّحْمن الفَارسِيّ، وعبَّاس بن عُثْمان المُعَلِّم، وصَفْوَان بن صالح، وشُعَيْب بن شُعَيْب بن إسْحاق، وعَمْرو بن عُثْمان، وعَبد الوَهَّاب بن الضَّحَّاك، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَمَّار، وأبي أُمَيَّة عَمْرو بن هِشَام الحَرَّانيّ، ومُحَمَّد بن عُمَر بن هَيَّاج، وعَبْد الأعْلَى بن حَمَّاد النَّرْسِيِّ، ووَهْب بن بَقِيَّة، وهَنَّاد بن السَّرِيّ، ومُجَاهِد بن مُوسَى، وهِشَام بن عَمَّار، ونَصْرُ بن عليّ الجَهْضَمِيّ، ويُوسُف بن سَلْمَان البَاهِلِيّ، وأبي قُدَامَةَ عُبَيْد الله بن سَعِيد.
رَوَى عنهُ أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن الحَدَّاد، وإسْحَاق بن إبْراهيم المِنْجَنِيْقِيّ، وأبو الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وأبو الحَارِث أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَارَة، وأبو
(a) الأصل: الفضل، وإنما كنيته: أبو الفضل واسم جده: فضيل. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 8: 62 - 64، المزي: تهذيب الكمال 5: 99 - 101، وانظر أيضًا تاريخ ابن عساكر 19:70.
(b) في تاريخ ابن عساكر 19: 70، وتهذيب الكمال 9: 374: الخزاز، والمثبت بالراء كما في الإكمال لابن ماكولا 2: 186، وتاريخ الإسلام 6: 274، توضيح المشتبه 2:346.
(c) أقرب لأن تكون في الأصل: الجنبي، وعند ابن عساكر 19: 70: الحيني؛ بمهملة ومثناة تحتية. ونسبته إلى الجن كما عند ابن ماكولا: الإكمال 2: 231، والسمعاني: الأنساب 3: 360 - 361، وتهذيب الكمال 9:375.
الطَّيِّب أحْمَد بن إبْراهيم بن عَبَادِل، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن زُوْزَان الأنْطَاكِيّ، وأبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، ومُحَمَّد بن المُنْذِر المَعْرُوف بشَكر، وأبو القَاسِم بن أبي العَقَب، وأبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، ويَحْيَى بن عَبْد الله بن الحَارِث، وأبو طَاهِر مُحَمَّدُ بن سُلَيمان بن ذَكْوَان، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَرْوَان، وأبو عليّ بن شُعَيْب، وأبو المَيْمُون بن رَاشِد، وأبو عليّ الحَصَائريّ (a)، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن سَهْل القَطَّان، وأبو عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي ثَابِت، وأبو إسْحاق بن سِنَان.
أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن الأسَدِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب بن أبي العَقَب، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السِّجْزِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَلَفَ، وابن أبي عُمَر، وعُثْمان، قالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عائِشَة أنَّ صَفِيَّة ابْنَة حُيَيّ حَاضَتْ، فذَكَرت ذلك عائِشَةُ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أحابِسَتُنا هي؟ قالت: إنَّها قد أفاضَتْ ثُمَّ حاضَتْ بعد ذلك، قال: تَنْفِرُ، وقال ابنُ أبي عُمَر: تَنْفِرُ إذًا (b).
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو زَكَرِيَّاء البُخاريّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السِّجْزِيّ خَيَّاط السُّنَّة، به يُلَقَّب.
(a) الأصل: الحضائري، بضاد منقوطة، وهو خطأ وقع فيه المصنف في كل المواضع التي ذكره فيها، وتقدم التعليق على وجه الصواب فيه؛ في ترجمته المتقدمة في الجزء الخامس:"الحسن بن حبيب الحصائري"، وانظر كذلك تهذيب الكمال للمزي 9:377.
(b) بعده في الأصل بياض قدر خمسة أسطر.
وقال أبو مُحَمَّد السِّلَفِيّ: أنْبَأنَا أبو نَصْر بن مَاكُولا
(1)
، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السِّجْزِيّ خَيَّاط السُّنَّة.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد بن أبي الحُسَين
(2)
، قال: قَرأتُ بخَطِّ عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد الحافِظ المِصْرِيّ، وأَنْبَأنيه أبو طَاهِر الحِنَّائِيّ، ح.
قال أبو القَاسِم: وأخْبرَني أبو التَّمَّام كَامِل بن أحْمَد بن أبي جَمِيل عنه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعيد، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن إِيَاس السِّجْزِيّ، أبو عبد الرَّحْمن، كان بدِمَشْق، حافظٌ ثِقَةٌ، حَدَّثَ عنهُ أبو عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، وأبو يَعْقُوب المِنْجَنِيْقِيّ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، حَدَّثَنَا عنهُ أحمد، وإسْحَاق ابْنَا إبْراهيم بن الحَدَّاد، ذَكَرَ لي عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حَكِيم أنَّ أبا عبدِ الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب أخْرَج إليهم كتاب شُيُوخه، فيه: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى أبو عبد الرَّحْمن السِّجِسْتَانِيّ ثِقَة.
وقال أبو القَاسِم
(3)
: كَتَبَ إليَّ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، وحَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع عنه، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم، عن أَبيِهِ أبي عَبْد الله (a)، قال: قال لنا أبو سَعيد بن يُونُس
(4)
: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن إِيَاس، يُكْنَى أبا عبد الرَّحْمن، يُعْرَفُ بخَيَّاط السُّنَّة، من أهْلِ سِجِسْتَان، يُقال إنَّهُ حَنْظَليٌّ، قَدِمَ مِصْر وكُتِبَ عنهُ، وخَرَجَ، وتُوفِّيَ بدِمَشْق بعد الثَمانِيْن ومَائتَيْن.
(a) تاريخ ابن عساكر: عبد الرحمن.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 4: 550.
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 72.
(3)
تاريخ ابن عساكر 19: 73.
(4)
تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 84 وفيه بعض اختلاف.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أَبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن إِيَاس بن سَلَمَة بن حَنْظَلَة بن قُرَّة، أبو عبد الرَّحْمن السِّجْزِيّ، المَعْرُوف بخَيَّاط السُّنَّة، سَكَنَ دِمَشْقَ، وحَدَّثَ بها عن دُحَيْم، وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه، ونَصْر بن عليّ الجَهْضَمِيّ، وعَبَّاد بن الوَلِيد، ومُحَمَّد بن حُمَيْد الرَّازِيّ، وأحمد بن السَّكَن (a) الأيْلِيّ المُكْتِب، وأبي بَكْر عَبْد السَّلام بن عُمَر الجنِّيّ (b)، وقُتَيْبَة بن سَعِيد، وعَبْد الله بن مُطِيع، وحُسَيْن بن حَسَن المَرْوَزيّ، ومُحَمَّد بن بشَّار، وعَمْرو بن عليّ، والجَرَّاح بن مَخْلَد، وإبْراهيم بن المُسْتَمِرّ، وأبي مَسْعُود إسْمَاعِيْل بن مَسْعُود الحَجْدَرِيّ، وشَيْبَان بن فَرُّوخ، ومُحَمَّد بن مُوسَى الحَرَشِيّ
(2)
، وعُثْمان بن أبي شَيْبَة، ونُصَيْر بن أبي عُلَيَّة البَالِسِيّ الدَّقَّاق، والفَتْح بن نَصْر بن عبد الرَّحْمن الفَارسِيّ نَزِيلُ مِصْر، وإبْراهيم بن إسْحاق بن أبي الحَجِيْم، وبَكْر بن خَلَف، وعبَّاس بن عُثْمان المُعَلِّم، وهِشَام بن عَمَّار، ومُحَمَّد بن مُصَفَّى، وصَفْوَان بن صالح، وإبْراهيم بن يُوسُف البَلْخِيِّ، وإبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوزْجَانِيّ، وشُعَيْب بن شُعَيْب بن إسْحاق، ومُجَاهِد بن مُوسى، وجَعْفر بن مُحَمَّد بن الفُضَيْل (c) الرَّسْعَنِيّ، وعَمْرو بن عُثْمان، ودَاوُد بن رُشَيْد، وعَبد الوَهَّاب بن الضَّحَّاك، وأبي أُمَيَّة عَمْرو بن هِشَام الحَرَّانيّ، وأحمد بن عليّ بن يُوسُف الخَرَّاز (d)، والحَسَن بن أبي الرَّبِيْع الجُرْجَانِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّار، وسُوَيْد بن سَعِيْد، ومُحَمَّد بن عُمَر بن هَيَّاج، وسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وعَبْد الأعْلَى بن حَمَّاد النَّرْسِيّ، وهَنَّاد بن
(a) ابن عساكر: الشبلي.
(b) الأصل وابن عساكر: الحيني، وتقدم التعليق عليه.
(c) الأصل: الفضل، وتقدم التعليق عليه.
(d) الأصل: الحزار، ابن عساكر: الخزاز، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 69 - 70.
(2)
ابن عساكر: الجرشي، بجيم معجمة، وانظر الإكمال لابن ماكولا 2:237.
السَّرِيّ، وبِشْر بن الوَلِيدِ القَاضِي، ووَهْب بن بَقِيَّة، والسَّرِيّ بن يَحْيَى بن السَّرِيّ، وأزْهَر بن جَمِيل، وسَلَمَة بن شَبِيْب، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى.
رَوَى عنهُ أبو عبد الرَّحْمن في سُنَنه، وإسْحَاق بن إبْراهيم المِنْجَنِيْقِيّ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَرْوَان، ويَحْيَى بن عَبْد الله بن الحَارِث، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن سَهْل القَطَّان، وأبو القَاسِم بن أبي العَقَب، وأبو عليّ بن شُعَيْب وهو بسِنِّه (a)، وأبو عَبْد الله الحُسَين (b) بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي ثَابِت، وأبو إسْحاق بن سِنَان، وأبو عليّ الحَصَائِريّ (c)، وأبو الحَسَن بن جَوْصَا، وأبو الحَارِث أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَارَة، وأبو المَيْمُون بن رَاشِد، وأبو طَاهِر مُحَمَّد بن سُلَيمان بن ذَكْوَان، وأبو بَكْر أحْمَد بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن الحَدَّاد، وأبو الطَّيِّب أحْمَد بن إبْراهيم بن عَبَادِل، وأبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، ومُحَمَّد بن المُنْذِر شَكر، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن زُوْزَان (d) الأنْطَاكِيّ، وغيرهُم.
وقال (e): ذَكَرَ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الرَّازِيّ، قال: أخْبرَني أبو المَيْمُون أحْمَد بن مُحَمَّد بن بِشْر القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: سَمِعْتُ بِشْر بن مُحَمَّد بن بِشْر بن نَهِيْك الطَّائيّ صَاحِب طَاحُونَة الشَّقْراء (f) يَقُول: كان عُثْمان بن أبي شَيْبَة يُسَمِّي أبا عبد الرَّحْمن السِّجْزِيّ: السُّفْيَانِيّ.
(a) عند ابن عساكر: نسيبه، وفي تهذيب الكمال 9: 377: "وهو الذي نسبه"، وجاء في هامش أصوله تعليق للمزي نصه:"كان فيه: وهو نسيبه، وذلك وهم".
(b) ابن عساكر: الحسن.
(c) الأصل: الحضائري، والمثبت كما عند ابن عساكر والمزي، وتقدم التعليق عليه فيما مر أول الترجمة.
(d) ضبطه في هذا الموضع بفتح الزاي والواو، وتقدَّم له بالضم والسكون، وعند ابن عساكر: روران، والمزي 9: 377: زوران! والضبط المثبت موافق لما قيده ابن ماكولا في الإكمال 4: 195، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 4:315.
(e) تاريخ ابن عساكر 19: 72.
(f) ابن عساكر: طاحونة الشعراء، وجاءت في ترجمة بشر بن محمد من تاريخ ابن عساكر 10: 252: طاحونة السفر، وهي موضع بالغوطة بدمشق.
قال أبي: وسَمِعْتُ أبا طَالِب الخَيَّاط يقُول لأبي عبد الرَّحْمن السِّجْزِيّ: أنتَ من لَدُن خُرَاسَان إلى الشَّام تُعْرفُ بخَيَّاطِ السُّنَّة، صِرْتَ اليَوْم تَتَشيَّع!.
قال الحافِظُ أبو القَاسِم
(1)
: قَرأتُ بخَطِّ أبي القَاسِم بن صَابِر، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: قال عُبيد بن أحْمَد بن فُطَيْس: حَدَّثَني أبو عليّ الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَني زَكَرِيَّاء السِّجْزِيّ، وكانَ مَوْلدُهُ سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين ومائة، وكانت وَفَاتُه سَنَة سَبْعٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن، وكان عُمْرُهُ خَمْسًا وتِسْعِين سَنَة.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن حَمْزَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر
(2)
، قال: قال لنا الهَرَويّ: فيها - يعني سَنَة تِسْعٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن - ماتَ زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السِّجْزِيّ.
زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الحِمْيَرِيُّ الكِنْدِيُّ الكُوْفيُّ الأعْمَى
(3)
قَدِمَ خُنَاصِرَة على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ورَوَى عنهُ، وعن عَامِر الشَّعْبِيّ، وِعِكْرِمَة موْلَى ابن عبَّاس، وعبد اللّه بن يَزِيد، وحَبِيْب بن يَسَارٍ، وأُنَيْسَة بنت زَيْد بن أرْقَم.
رَوَى عنهُ حَمَّاد بن أُسامَة، وجَعْفَر بن عَوْن العَمْريّ، وحَاتِم بن إسْمَاعِيْل المَدَنِيّ، وعَبْد الحَميْد، ومُحَمَّد بن بِشْر العَبْدِيّ.
(1)
لم يرد في مطبوعة تاريخ ابن عساكر.
(2)
تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 256.
(3)
توفي بعد سنة 140 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاريّ الكبير 3: 418 - 415، الجرح والتعديل 3: 600 - 601، مختصر تاريخ دِمَشْق لابن منظور 9: 54، تاريخ الإسلام 3: 865 - 866.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو الفَتْح نَصْرُ اللّه بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنَا نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن الوَلِيد الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّدُ بن أحْمَد فيما كَتَبَ إليَّ، قال: أخْبَرَني جَدِّي عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ اللَّخْمِيّ البَاجِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن يُونُس، قال: أخْبَرَنَا بَقِيّ بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَني سَهْل بن مَحْمُود - وهو أبو السَّرِيّ - قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بِشْر العَبْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، قال: أقَمْنا عندَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بخُنَاصِرَة أرْبَعيْن يَوْمًا، قال: فأُتِي برَجُلٍ قد نَقَشَ على خَاتم الخِلَافَة، فقال: وَيْحَك! ما حَمَلَك على هذا؟ قال: الطَّمَع والشَّيْطان، فقال لجُلَسَائهِ من قُرَيْشٍ وأهْل الشَّام: ما تَرَون في هذا؟ قالوا: الرَّأي فيه مُسْتَقِيْم؛ تُقْطَع يَدُه، قال: لكنِّي أُرَى غير ذلك، هذا رَجُل هَمَّ بسَرِقَةٍ، ولَم يَسْرق، قال: فاسْتَحْلَفَهُ أنْ لا يَعُود، وأمَرَ بعضَ مَنْ عنده فعزَّرَهُ سَوْطَيْن أو ثلاثةً، وخَلَّى سَبِيلَهُ.
أخْبَرَنَا سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(2)
، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس، قال: سَمِعْتُ عُثْمان بن سَعيد الدَّارِيِّ
(3)
يَقُول: قُلْتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن: مجرَيّاء بن يَحْيَى (a) الكُوْفيّ، عن الشَّعْبِيّ، من زَكَرِيَّاء هذا؟ قال: ليسَ بشيءٍ، قُلتُ: ابنُ مَن هو؟ قال: ابن يَحْيَى.
(a) في تاريخ الدَّارميّ: زكرياء أبي يَحْيَى الكُوْفِيّ.
_________
(1)
سقطت تَرْجَمَتِه من تاريخ ابن عساكر لوقوع خرم فيه، ولم يتبقَ من التَرْجَمَة سوى آخرها مدمجة مع الترجمة التي قبلها "تَرْجَمَة خياط السنة"، انظر: تاريخ ابن عساكر 19: 73.
(2)
لم ترد له تَرْجَمَة في تاريخ بَغْدَاد، ولم أقف عليه في مؤلفاته الأخرى.
(3)
تاريخ الدَّارميّ 114.
أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابه، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيِّ، قال: أَخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ
(1)
، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الكِنْدِيّ الحِمْيَرِيّ الأعْمَى، سَمِعَ حَبِيْب بن يَسَارٍ، وأُنَيْسَةَ، والشَّعْبِيّ، وعِكْرِمَة، رَوَى عنهُ أبو أُسامَة، وجَعْفَر بن عَوْن.
أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ اللّه بن عُلْوَان، قال: كَتَبَ إلينا الرَّئِيس مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إن لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم
(2)
، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الكِنْدِيّ الحِمْيَرِيّ الأعَمى، رَوَى عن الشَّعْبِيّ، وأُنَيْسَة (a)، وحَبِيْب بن يَسَارٍ، وعبد اللّه بن يَزِيد، وعِكْرِمَة، روَى عنهُ عَبْدُ الحَميْد (b)، وحَاتِم بن إسْمَاعِيْل، وأبو أُسامَة، وجَعْفَر بن عَوْن، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.
أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في رِوَايته عنه، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللّهِ الشَّافِعيّ
(3)
، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الحِمْيَرِيَّ الكِنْدِيّ الكُوْفيّ، حَدَّثَ عن الشَّعْبِيّ، وحَبِيْب بن يَسَارٍ، وعبد اللّه بن يَزِيد، وعِكْرِمَة، وعُر بن عَبْد العَزِيْز، وأُنَيْسَة بنت بن أرْقَم. رَوَى عنهُ عَبْد الحَميْد، وحَاتِم بن إسْمَاعِيْل المَدَنِيّ، وأبو أُسامَة حَمَّاد بن أُسامَة، ومُحَمَّد بن بِشْر العَبْدِيّ، وجَعْفَر بن عَوْن العَمْريّ (c) الكُوْفيُّونَ، ووَفَدَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز.
(a) في كتاب الجرح والتعديل: أبيه، والصواب المثبت: أُنَيسة بنت زيد بن أرقم.
(b) الجرح والتعديل: جرير بن عبد الحميد.
(c) جوَّده في هذا الموضع بالضم والفتح، وتقدم له بالفتح والسكون على النحو المثبت، ولعله الأصح، نسبة إلى الجد عَمْرو بن جريث.
_________
(1)
التاريخ الكبير 3: 418 - 419.
(2)
الجرح والتعديل 3: 600.
(3)
سقطت تَرْجَمته من تاريخ ابن عساكر.
زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، أبو يَحْيَى الأنْطَاكِيُّ، صَاحِبُ الأَكْسِيَةِ
(1)
حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، والحارِث بن عِمْران الجعفِيّ، رَوَى عنهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن خرَّزَاد الأنْطَاكِيّ.
أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن المُسَلَّم، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن جُمَيْع
(2)
، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن خُرَّزَاد، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى صَاحِبُ الأَكْسِيَة، قال: أخْبَرَنَا الحارِث بن عِمْرانَ الجعفَرِيّ (a)، عن مُحَمَّد بن سوْقَة، عن سَعيد بن جُبيَر، عن ابن عبَّاسيّ، قال: بينا أنا مع رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ سَمعَ رَجُلًا يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لفُلَان بن فُلَان، فقال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقال: حَمَلَّني رَجُل أنْ أدْعُوَ له بين الباب والممَام، أو بين الرُّكْن والمقام، فقال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: غُفِرَ لصَاحِبكَ.
أخْبَرَنَا عَبْد الجلَيْل بن أبي غَالِب، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، وقد سَمِعْتُ منهُ غيرَهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا أبي أبو عَبْدِ اللّه، قال: زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الأنْطَاكِيّ، حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل، تُوفِّي سَنَة نَيف وثَمانِيْن ومَائتَيْن.
(a) كتب فوقه في الأصل: "صـ"، وتقدم الجعفيّ، والمثبت موافق لما في كتاب ابن جميع الصيداويّ، وترد نسبته في المصادر على الوجهين. انظر: الجرح والتعديل 3: 84، الكامل لابن عدي 2: 466، المجروحين لابن حبَّان 1: 335، تاريخ بَغْدَاد 3: 80، تهذيب الكمال 5:267.
_________
(1)
توفي بحدود سنة 380 هـ، ذكره المزي في تهذيب الكمال 5: 268 فيمن رَوَى عن الحَارِث بن عمران.
(2)
ابن جميع الصيداوي: مُعْجَمُ الشيوخ 213 - 214.
قَرَأتُ في تاريخ مختَار المُلْك المُسَبِّحيّ
(1)
، قال: سَنَة ثَمانِيْن ومَائتَيْن فيها مات أبو يَحْيَى زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى الأنْطَاكِيّ.
زكَرى المَعْدِنيُّ
(2)
من أهْل المَعْدِن، رَجُلٌ صَالِحٌ من أوْلِيَاء اللّه تعالَى، كان عندنا بحَلَب، وكان كَثِيْر الصُّحْبَة لعمِّي ووَالدِيّ، وكان يأنسُ بي، وتَظْهر له كَرَامَات كَثِيْرة، ويَخْرجُها مَخْرج التَّبَالُهِ، واتَّخذ له كِعَاب غُزْلَان مُصَبَّغة، وجَعَلها في كيسٍ، وكان إذا أُخْبر بوقُوع شيءٍ يَقُول: أَخْبَرَتني الكُعَيْبَات، وكان لازمًا للوَقَار، ولا يَخْرج إذا ما يُخَالف بهِ الشَّرْع، وإذا قُرئ بحَضْرته شيء من أخْبَار الصَّالِحين أو الرَّقَائِق غَلَبَ عليه الحالُ، وتَسْبقه الدُّمُوع، فيقُوم من المَجْلِس أو يُشِير إلى القَارِئ بالسُّكُوت، وكان يُخْبرُنا بأُمُورِ أَنَّها تَقَعُ، فتَقَع على ما أَخْبرَ بهِ! وكان رحمه الله مَحْبُوبًا إلى النَّاسِ، قَريبًا إلى القلُوبِ، خَفِيْف الرُّوْحَ.
وكان عَمِّي أبو غَانِم يَمِيْل إليهِ، ويَعْتَقد فيه، وكان له عَادة في أنْ يَخْرُج بأهْلِه وأوْلَادِهِ ومَنْ يعزّ عليه إلى صُمَّعُّ الفُوْقا؛ قَرْيَةٌ من قُرَى حَلَب، كان له فيها حصَّة في أيَّام البِطِّيْخ، فطلَبهُ عمِّي أنْ يَخْرُج معه، وسَبقتُ الجَماعَة، وخَرَجْتُ والشَّيْخ زَكرى معي رَاكبٌ على حِمَارٍ، فكُنْتُ معه في بعض الطَّريق فأنشد:[من البسيط]
قَلْبي بحَرِّ سِهَامِ الدِّبسْ مَجْرُوِحُ
…
بينَ العصَائِدِ والأحْمَانِ مَطْرُوحُ
قد قَدَّمُوا السَّمْنَ والأعْسَالَ في قَدحٍ
…
فالقَلْبُ في قَلَقٍ والدَّمْعُ مَسْفُوحُ
ثُمَّ جَعَل يَبْكي بُكَاءً شَدِيْدًا، حتَّى رَقَّ قلي لكَثْرة بُكَائهِ، ووَصَلْنا إلى القَرْيَةِ وعمِّي بها، وكان ولد عمِّي الأكْبَر أبو الفَضْل هِبَة اللّه قد تَرَكناهُ ليَخْرُج بعدَنا
(1)
تقدّم التعريف بتاريخ المسبحي في الجزء الثاني.
(2)
توفي سنة 609 هـ.
بزَوْجَته، وهي أُخْتي الكُبْرَى، فصَلَّينا المَغْرب مع عَمِّي، وقامَ عمِّي لوِرْدِه بين المَغْرب والعِشَاء، وجَلَسْتُ أنا وزَكّرى فأبْطَأ وُصول النِّسَاء عنَّا، فسَلَّم عمِّي من بَعْض أوْرَادِه، وقال: قد أبْطَأ الجَمَاعَة، فالْتَفَتَ الشَّيْخ زَكرى إليَّ وقال: قد تَاهُوا عن الطَّريق، ثُمَّ أبْطأوا سَاعةً، فقال لي زَكرى: قد سَقَطَتْ أخْتك عن الدَّابَّةِ ولكنَّها سَلِمَتْ، ثمّ قال لي: السَّاعَة يَصِلُون، وكُنَّا نَنتَظرُ وُصُولهم من جِهَة القِبْلَة؛ من جِهَة حَلَب، فوَصَلُوا بعد سَاعة من جِهة الشَّمَال من جهَة عَزَاز، فقُمْتُ إليهم، فأخْبَرُوني أنَّهم تَاهُوا عن الطَّريق، وتَعَدّوا المَوضع الّذي يُسَامت صُمُّع، وأخْبَرُوني أنَّ أُخْتي سَقَطَت عن الدَّابَّةِ واشْتَغلُوا به سَاعةً! وكان يَتَّفِق له معنا وقَائِع كَثِيْرة من هذا النَّوع.
وممَّا أعْرِفه من كَرَامَاته، أنَّ عمِّي أبا غَانِم عَزَمَ علي زيارة البَيْت المُقَدَّس في سَنَة سَبعٍ وسِتِّمائة أو سَنَة ثَمان، فتَوجَّه وأهْله معه، وبَرَز إلى تُرْبَةِ مَجْد الدِّين ابن الدَّايَة، بالقُرْبِ من مَقَامِ إبْراهِيم عليه السلام وباتَ بها، وبِتْنا معه لنُودِّعَهُ، وخَرَجَ معنا الشَّيْخ زَكرى فيمن خَرَجَ، فلمَّا ودَّعْناهُ أخَذَني الشَّيْخ زَكرى مُنْعَزلًا عن الجَمَاعَة، وقال لي: ما أعُود ألْتَقِي عمَّكَ بعدَ اليَوْم إلَّا في القِيامَة! فحَكَيْتُ ذلك لوَالدِي فتألَّم لذلك، وخَافَ على عَمِّي لعِله أنَّ الشَّيْخ زَكرى لا يُخْبر بشيءٍ إلَّا ويَقَع، وأقامَ عَمِّي بالبيت المُقَدَّس، واشْتَاق إلى أخيهِ، وتوجَّه إليهِ وإلى الزِّيَارَة وأنا معه، ووصَلْنا إلى البَيْت المُقَدَّس وأقنا بهِ مُدَّةً، وعُدْنا جَمِيعًا مع عَمِّي إلى حَلَب، ووَصَلْنا قَول الشَّيْخ زَكرى الّذي قال لي وَقْتَ وَدَاع عَمِّي، فلَّمَا وصَلْنا إلى حِمْص، لقيَنا رَجُلٌ قد خرجَ من حَلَب؛ وكان من أصْحَاب الشَّيْخِ أبي الحَسَن الفَاسِيّ، فأخْبَرَنا أنَّ الشَّيْخ زَكرى تُوفِّي بحَلَب من أرْبَعة أيَّام أو خَمْسة.
وكانت وَفَاتُه في سَنَة تِسْعٍ وسِتِّمائة، ودُفِنَ بالجُبَيْل خارج باب الأرْبَعِين في تُرْبَة الشَّيْخ عليّ الفَاسِيّ عند رِجْليهِ، رَحِمَهُما اللّهُ.
زكِي بن عَبْد الله، أبو الفَهْم الحَلَبِيُّ
كَتَبَ عنهُ شَيْخُنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الفَهْم بن عبد الرَّحْمن اليَلَدَانِيّ، وخَرَّجَ عنهُ إنْشَادًا.
كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن اليَلَدَانِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أنْشَدَنا أبو الفَهْم زَكي بن عَبْد اللّه الحَلَبِيِّ: [من المتقارب]
وطَائِرةٍ أبَدًا تُتَّبَعْ
…
فَطَورًا تَطِيرُ وطَوْرًا تِقَعْ
تَموتُ إذا تَرَكَتْها الكُمَاة
…
وتَحْيا إذا الضَّرْبُ فيهما وقَعْ
قُلتُ: وهي الكُرَة.
زَمَّاخُ بن يَحْيَى بن صَافِي الأعْسَرُ الشَّيْزَرِيُّ
(1)
شَاعِر مُتَوسِّط الشِّعْر، من أهْلِ شَيْزَر، وكان أبُوه يَحْيَى فَارِسًا مَذْكُورًا بها، مَوْصُوفًا بالشَّجَاعَة، وجَدُّه صَافِي منِ أتْبَاع بني مُنْقِذ بها. وانْقَطَعَ زَمَّاخ إلى سَابِق الدِّين عُثْمان بن الدَّايَة صَاحِب شَيْزَر.
أنْشَدَني أبو السَّعَادَات المُبارَك بن أبي بَكْر بن حَمْدَان المَوْصِلِيّ لزَمَّاخ بن يَحْيَى بن صَافِي الشَّيْزَرِيّ، وذَكَرَ لي أَنَّها من جُمْلَةِ قَصيدَة مَدَح بها نَاصِر الدِّين أبا سَعيد مُحَمَّد بن شِيرْكُوه المَعْرُوف بالمَلِك القَاهِر، وَأنَّهُ شَاهَدها في مَدَائِحه:[من البسيط]
يَوي نَدَاهُ الصَّدَى مع عُظْمِ صَوْلَتِهِ
…
كصَفْحةِ السَّيْفِ مِن ماءٍ ومِن نَارِ
الطَّيّبُ الخِيْمِ والأصْلُ القَدِيمُ لَهُ الـ
…
ــمَجْدُ الموثَّلُ والعَارِي مِنَ العَارِ
(1)
توفي سنة 610 حر أو سنة 611 هـ، ووردت ترجمته في طيارة مفردة، عيَّن المصنف موضعها هنا.
ولو جَرَى في نَداهُ النَّاسُ أغْرَقَهُمْ
…
ما كُلُّ ماءٍ على شَاطٍ بزَخَّارِ
فاقَ الوَرَى بأيَاديهِ الّتي هَطَلَتْ
…
مِنَ النَّدَى سُحُبًا من بَحْرهِ الجارِي
اجْتزَتُ في بعضِ السِّنِيْن بشَيْزَر، فسَألتُ بعضَ مَنْ حَضَر عندِي من أمَاثِلها، عن شُعَرَاء شَيْزر، فذَكَرَ لي زَمَّاخ بن صَافِي الأعْسَر، ومَضَى إلى مَنْزِله وسَيَّر لي رُقْعَةً فيها أبْيَاتٌ كَتَبَها زَمَّاخ المَذْكُور عن سَابِق الدِّين عُثْمان بن الدَّايَة إلى سِنَان صَاحِب الدَّعْوَة النِّزَارِيَّة، جَوَابًا عن أبْيَاتٍ كَتَبَها سِنَان إلى سَابِق الدِّين عُثْمان يتَهَدَّده، وهي
(1)
: [من البسيط]
يا ذَا الّذي بقِرَاع السَّيْف هَدَّدني (a)
…
لا قامَ مَصْرع جَنْبي حين تصْرَعُه
قام الغُرَابُ (b) إلى البَازِي يُهَدِّدُه
…
واسْتأسَدَت للقاء الأسد (c) أَضْبُعُه
يا منْ يفكُّ (d) فَم الأفْعى بإصْبَعِهِ
…
يَكْفِيْه ممَّا تلاقي منه إصْبَعُه
قال: فأجَابَهُ زَمَّاخ الأعْسَرُ عن سَابِق الدِّين عُثْمان بهذه الأبْيَات: [من البسيط]
يا مَنْ يقُول مَقَالًا ليس تَسْمَعَهُ
…
أُذْني ولا هو ذو قَدْرٍ فيَرفَعُه
وظَنَّني بقِرَاع السَّيفِ أُوعدُه
…
والرُّعْب في قلبهِ والخوف يَقْطَعُه
وما دَرَى أنَّني البَازِيُّ تَرْهَبُه
…
نَفْسُ الغُرَابِ الّذي في الكَهْف مَوضِعُه
وأنَّني أسَدٌ والأُسْدُ تَرْهَبُني
…
هذا وكم أسَدٍ بي حَانَ مَصْرَعُهُ
والضَّبع أنْتَ ورِجْلاكَ العُراج بها
…
والضَّبْع أعْرَج والمَيْتَاتُ مَرْتَعُه
ما يَسْتَحي ثَعْلَبٌ مع ضَعْف أسْرَتهِ
…
يَمُرّ بالأسَد الضَّارِي يُفَزِّعُهُ
(a) ابن خلكان: هددنا.
(b) ابن خلكان: الحمام.
(c) ابن خلكان: واستيقظت لأسود البر.
(d) ابن خلكان: أضحى يسدُّ.
_________
(1)
الأبيات الثلاثة في وفيات الأعيان 5: 186، والوافي بالوفيات 15:468.
وقد فَككتُ فَم الأفْعَى فما قَدَرت
…
يَوْمًا على إصْبَع منِّي فتلسَعه
والسَّمُّ ليسَ يَضُرُّ الآن جِسْم فَتَىً
…
اللهُ يَحْفَظه ممَّا يُرَوِّعُه
فالعَيْر لا يرْهَبُ الأفْعَى ويَأكُلُها
…
قَسْرًا ومن خَالِص الدِّرْيَاق مدْمَعُه
فكمَ تغطي الهُدَى جَهْلًا وتَسْتره
…
بأسْوَد الكُفْر والإيْمانُ يقشَعُهُ
هَدّد بذلك غَيْري كي تُخوِّفُه
…
ما يَجْزَعُ الطّودُ من شَنٍّ يُقَعْقعُه
تُوفِّي زَمَّاخ الأعْسَرُ هذا في سَنَة عَشر أو إحْدَى عَشْرة وستِّمائة، فإنَّني سَألتُ ابن أخيهِ عن وَفَاة عَمِّه، فقال: ماتَ قبل مَوْت السُّلْطان الظَّاهرِ بسَنَتين.
زِمْلُ بن عَمْرو بن العِتْر بن خَشَّاف - وقيل: خُشَاف، وقيل: حَشَّاف - ابن خَدِيْج بن وَاثِلَة بن حَارِثَة بن هِنْد بن حَرَام (a) بن ضِنَّة بن عَبْدِ بن كَبِيْر (b) بن عُذْرَةَ بن سَعْد بن زَيْد بن لَيْث بن سُود بن أسْلَم بن الْحاف بن قُضَاعَة العُذْرِيُّ الحَرَامِيُّ (c) الضِّنِّيُّ
(1)
وقيل هو: زِمْل بن رَبِيْعَة، وقيل: زُمَيْل بن عَمْرو، وقيل: زَامِل بن عَمْرو
(a) في الأصل: حزام، بالزاي المنقوطة، ويتكرر نحوه فيما بعد، والتصويب من نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي 718، ونسب قريش لمصعب الزبيري 14، وأنساب الأشراف (حميد الله) 1: 48، وجمهرة ابن حزم 448 - 449، 479، والإيناس للوزير المغربي 199، وتاريخ ابن عساكر 19: 76، وأسد الغابة لابن الأثير 2: 205، والإصابة 3:11.
(b) الأصل: كثير، ومثله في الإصابة لابن حجر 3: 11، والمثبت من نسب معد لابن الكلبي 716، ونسب قريش لمصعب الزبيري 14، والبلاذري: أنساب الأشراف (حميد الله) 1: 48، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب 315، 449، 479، والوزير المغربي: الإيناس 198، وابن الأثير: أسد الغابة 2: 205.
(c) الأصل: الحزامي، متابعة لنسبته إياه في بني حزام، وتقدم التعليق عليه.
_________
(1)
توفي سنة 64 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 374 (وفي: زامل)، المحبر لابن حبيب 293، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 4: 308، تاريخ الطبري 5: 54، المسعودي: التنبيه والإشراف 306 - 307، الاستيعاب 2: 564 - 565، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 449، (وفي: ابن العنز)، تاريخ ابن =
العُذْرِيّ من بني هِنْد بن حَرَام (a).
وَفَدَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، وكَتَبَ له كِتَابًا، وعَقَدَ له لِوَاءً، فشَهِدَ بلوَائهِ ذلك صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وسَكَنَ الشَّامَ، واسْتَعْمَلهُ مُعاوِيَةُ على شُرْطَته، وهو أحَدُ شُهُود مُعاوِيَة في أمْر الحَكَمَيْن، رَوَى عَنْهُ ابنُه المِقْدَاد بن زِمْل، وصَعْصَعَة بن صُوْحَان.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَهً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْروف بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا الحارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد
(1)
، قال: أخْبَرَنا هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب، قال: حَدَّثّنّا شَرْقيّ بن القُطَامِيِّ، عن مُدْلِج بن المِقْدَاد بن زِمْل العُذْرِيّ، قال: وحَدّثَني ببَعْضِه أبو زُفَر الكَلْبيِّ، قالا: وَفَدَ زِمْل بن عَمْرو العُذْرِيّ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرَهُ بما سَمعَ من صَنَمِهم، فقال: ذلك مُؤْمِنُ الجِنّ، فأسْلَم، وعَقَدَ له رسُول الله صلى الله عليه وسلم لِوَاءً على قَوْمه، فشَهِدَ به بعدَ ذلك صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ، ثمّ شَهِدَ بهِ المَرْج فقُتِلَ، وأنْشَأ يَقُولُ حين وَفَدَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم:[من الطويل]
(a) الأصل: حزام، وتقدم التعليق عليه.
_________
= عساكر 19: 76 - 79، ابن الأثير: الكامل 3: 321، 4: 11، أسد الغابة 2: 205 - 206، الإصابة 3: 11 - 12 وفيه: زمل بن عمرو بن عنز بن خساف، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 280 - 281، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 386 - 387.
وجوّد ابن العديم اسمه - حيثما يرد - بكسر الزاي وسكون الميم ومثله في تاريخ الطبري، وعند ابن عساكر بفتح الزاي.
(1)
طبقات ابن سعد 1: 332، ونقله ابن عساكر في تاريخه 19:77.
إليكَ رسُولَ اللهِ أَعْملتُ نَصَّها
…
أُكَلِّفُها حَزْنًا وَقُوْرًا (a) منَ الرَّمْل
لأنْصُرَ خَيْرَ النَّاسِ نَصْرًا مُؤزَّرًا
…
وأَعْقدَ حَبْلًا مِن حِبَالكَ في حَبْلي
وأشْهَدُ أنَّ اللّهَ لا شيءَ غَيرُهُ
…
أَدِينُ لَهُ ما أثْقَلَتْ قَدَمي نَعْلي
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافعيّ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن غَانِم الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا سَهْلُ بن السَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن شَاذَوَيْه (b)، عن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي بلج (c)، عن مُحَمَّد بن خَاقَان، عن هِشَام بن الكَلْبي، عن شَرْقيّ بن القُطَامِيِّ، عن مُدْلِج بن المِقْدَادِ العُذْرِيّ، عن أبيهِ، قال: وحَدَّثَني بَبعْضِه الحَارِث بن عَمْرو بن جُزَيّ، عن عَمِّه عُمَارَة بن جُزَيّ، قال: قال زِمْلُ بن عَمْرو: سَمِعْتُ صَوْتًا من صَنَم، ثُمَّ ذَكَرَ الحَدِيْثَ.
قال
(2)
: وأخْبَرَنا أبي، قال: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن دِيْنار، قال: حَّدَّثَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن سَوَّار، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حَرْب، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يَحْيَى العُذْرِيّ، عن أبي المنذِر - وهو هِشَام بن السَّائبِ - عن الشَّرْقيّ، عن مُدْلِج العُذْرِيّ، عن أبيه، ثُمَّ ذَكَرَ الحَدِيْث بطُولِه.
(a) طبقات ابن سعد: وقوزًا.
(b) ابن عساكر: مادونة، تحريف.
(c) ابن عساكر: بلح.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 77:19.
(2)
النقل مُتتابع عن ابن عساكر 19: 77.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَنِ بن البنَّاء إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن فَهْم، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن سَعْدٍ، قال: في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة من بني عُذْرَة بن سَعْد بن زَيْد بن سُود بن أسْلَم بن الحْاف بن قُضاعَة: زِمْلُ بن عَمْرو بن العِتْر بن خَشَّاف بن خَدِيْج بن وَائِل بن حَارِثَة بن هِنْد بن حَرَام (a) بن ضِنَّة بن عَبْد (b) بن كَبِير (c) بن عُذْرة، وَفَدَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، وكَتَبَ لهُ كِتَابًا، وعَقَدَ له لِوَاءً، وشَهِدَ بلوَائهِ ذلك يَوْم صِفِّيْن مع مُعاويَةَ، من وَلده مُدْلِج بن المِقْدَاد بن زِمْل، كان شَرِيْفًا بالشَّام، وكانت عندَهُ آمنةُ أُخْت خَالِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ.
أخْبَرَنا ابن طَبرزَد إذْنًا، عن أبي غَالِب بن البنَاء، عن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، قال: زِمْل بن عرو بن العِتْر بن خَشَّاف بن خَدِيْج بن وَاثِلَة بن حَارِثَة بن هِنْد بن حَرَام (d) بن ضِنَّة العُذْرِيّ، وَفَدَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، وكَتَبَ لهُ كِتَابًا، وعَقَدَ له لِوَاءً، فشَهِدَ بلوَائهِ ذلك صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ، قال ذلكَ ابن الكَلْبيّ
(1)
.
أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظ
(2)
، قال:
(a) الأصل: حزام، وتقدم التعليق عليه.
(b) الأصل: عمرو، وأصلح فوقه.
(c) الأصل: كثير، وتقدم التعليق عليه.
(d) الأصل: حزام.
_________
(1)
نسب معد واليمن الكبير 718، وفيه اختلاف في رسم كثير من الأسماء: "زمل بن عمرو بن المغيرة بن حسَّان بن خُديج
…
".
(2)
تاريخ ابن عساكر 19: 78.
أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن غَانِم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: زِمْل بن عَمْرو العُذْرِيّ، وقيل: ابن رَبيعَة، ويقال: زُمَيْل بن عَمْرو مِن بني هِنْد بن حَرَامٍ (a)، أتَى النَّبي صلى الله عليه وسلم وأخْبَره بصَوْتٍ سُمِعَ من صنم.
أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، فيما كَتَبَ بهِ إلينا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبَو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْدِ الله بن عَبْد البَرّ النَّمرِيّ
(1)
، قال: زُمَيْل - ويُقال: زِمْل - ابن رَبيعَة الضِّنِّيّ ثُمَّ العُذْرِيّ، له خَبَرٌ في إعْلَام النُّبُوَّةِ من رِوَايَةِ أهْلِ الأخْبار، قَدِمَ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وآمنَ به، وعَقَدَ له رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِوَاءً على قَوْمِهِ، وكَتَبَ له كِتَابا، ولَم يَزَل معه ذلك اللِّوَاءُ حتَّى شَهَدَ بهِ صِفِّيْن مع معاوِيَةَ، وقُتِلَ يَوْم مَرْج رَاهِط.
وقال ابنُ الكَلْبي
(2)
: هو زِمْلُ بن عَمْرو بن العِتْر (b) بن خَشَّاف بن خَدِيْج (c) بن وَاثِلَة بن حَارِثَة بن عَبْد بن حَرَام (d) بن ضِنَّة العُذْرِيّ. وذَكَرَ خَبَرهُ كما ذكَرنا سَواء، وكذلك ذكَرهُ الطَّبَريّ
(3)
ومن كتابِهِ أخَذَهُ، واللهُ أعْلَمُ.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلمَيّ، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا
(4)
، قال: ومن ولد حَارِثَة بن هِنْد بن حَرَام (e) بن
(a) الأصل: حزام.
(b) الاستيعاب: العنز، ابن الكلبي: المغيرة.
(c) ابن الكلبي: بن حسان بن حُديج.
(d) الأصل: حزام، والمثبت من الاستيعاب.
(e) الأصل: حزام.
_________
(1)
الاستيعاب لابن عبد البر 2: 564.
(2)
نسب معد واليمن الكبير 718.
(3)
ذكره الطبري في تاريخه 5: 54 عرضًا ولم يورد له خبر الصنم من رواية ابن الكلبي.
(4)
ابن ماكولا: الإكمال 3: 158.
ضِنَّة: زِمْل بن عَمْرو بن العِتْر بن خَشَّاف بن خَدِيْج بن وَاثِلَة بن حَارِثَة بن هِنْد، وَفَدَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، وكَتَبَ لهُ كِتَابًا، وعَقَدَ لهُ لِوَاءً، وشَهِدَ بلوَائهِ صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ.
وقال
(1)
: وأمَّا خَشَّاف - بفَتْح الخاء المُعْجَمة - زِمْلُ بن عَمْرو، وسَاقَ نَسَبَهُ كما تقدَّم، وشُهُوده صِفِّيْن. ثُمَّ قال: قال ذلك ابنُ الكَلْبي، والطَّبَريّ.
ثُمَّ قال
(2)
: وأمَّا عِتْر - بكَسْر العَيْن المُهْملَة وسُكُون التَّاءِ المعجَمة باثْنَتَيْن من فَوْقها - زِمْلُ بن عَمْرو بن العِتْر.
أخْبَرَنا أبو نَصر مُحَمَّد بن هِبَة الله الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله
(3)
، قال: زِمْلُ بن عَمْرو بن العِتْر (a) بن خَشَّاف بن خَدِيْج بن وَاثِلَة بن حَارِثَة بن هِنْد بن حَرَام (b) بن ضِنَّة (c) بن عَبْد بن كَبيْر (d) بن عُذْرَة، وقيل: زمْل بن ربيعَة، وقيل: زُمَيْل بن عَمْرو العُذْرِيّ، من بني هِنْد بن حَرَام (e)، له وِفَادَة على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وسَكَنَ الشَّامَ، رَوَى عَنْهُ ابنُه المِقْدَام (f) بن زِمْل، وكان عند مُعاوِيَة بدِمَشْق، واسْتَعْمَلهُ على شُرْطَته، وهو أحَدُ شُهُوده في التَّحْكِيْم، وَسَنَذْكُر ذلك في تَرْجَمَةِ نَاتِل بن قَيْس الجُذَامِيِّ
(4)
. وأقْطَعَهُ مُعاوِيَةُ دَارًا عند باب تُوْمَا، وشَهِدَ بيعَة مَرْوَان بن الحَكَمِ بالجابِيَة فيما ذَكَرَه البَلاذُرِيّ.
(a) تصحفت في نشرة تاريخ ابن عساكر حيثما ترد: عنز.
(b) الأصل: حزام.
(c) ابن عساكر: ضبة.
(d) الأصل وابن عساكر: كثير، وتقدم التعليق على وجه الصواب فيه.
(e) الأصل: حزام.
(f) ابن عساكر: المنكدر.
_________
(1)
ابن ماكولا: الإكمال 3: 158.
(2)
ابن ماكولا: الإكمال 6: 291، 293.
(3)
تاريخ ابن عساكر 19: 76.
(4)
الإحالة من ابن عساكر، لا ابن العديم.
وقال: أخْبَرَنا الحافِظ
(1)
، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ
(2)
، قال في تَسْمِيَةِ عُمَّال يَزِيِد بن مُعاوِيَة: وعلى خَاتمه زِمْل بن عَمْرو، قال: وفي سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين وَقْعَة مَرْج رَاهِط بالشَّامِ، قال أبو الحَسَن؛ يعني المَدَائِنِيّ: وقُتِلَ يَوْمئذٍ رَبِيْعَة بن عَمْرو الجُرَشِيّ، وزِمْل بن عَمْرو العُذْرِيّ.
زَنْكَل بن عليّ العُقَيْلِيُّ الرِّقِّيُّ
(3)
مولى لبني عُقَيْل، من أهْلِ الرَّقَّة، صَحِبَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز ووَزر له، وكان في صُحْبَتهِ بخُنَاصِرَة.
حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وأيُّوْب السَّخْتِيَانيّ، وأُمّ الدَّرْدَاءِ. رَوَى عنهُ جَعْفَرُ بن بُرْقَان، وأبو المُلَيْح الحَسَن بن عُمَر الرَّقِّيّ، وإسْحَاق بن نَجِيْح.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة بدَار الوِزَارَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: خَدَّثَنَا أبو عَبْد الله بن السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم بن جامِع الدَّهَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو عِليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن القُشَيْريّ الحافِظ
(4)
، قال: حَدَّثني جَعْفَر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ حَسَنُ بن أبي مَنْصُور الحِمْصِيّ، قال:
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 79.
(2)
لم أقف عليه في تاريخه ولا في الطبقات.
(3)
توفي بعد سنة 130 هـ، ترجمته في: الحراني: تاريخ الرقة 142 - 143، تاريخ ابن عساكر 19: 82 - 84، تاريخ الإسلام 3: 654، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 387 - 388.
(4)
الحراني: تاريخ الرقة 143.
حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن عَبْد الحَميْد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَي سَلَمَة بن كُلْثُوم، عن جَعْفَر، عن زنْكَل، عن أَيُّوب السَّخْتِيَانيّ، عن شُعَيْب بن عَبْد الله بن عَمْرو بن العَاص، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه
(1)
، قال: نَهَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ السَّلَف (a)، وعن شَرْطين في بَيْعٍ، وعن بَيْعِ ما لم يمُلك، وعن ربْح ما لَم يُضْمَن.
وقال: وحَدَّثَثَا أبو عليّ القُشَيْريّ الحافِظ
(2)
، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الخَضِر بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن زَنْكَل بن عليّ، قال: سَألْتُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانيّ فقُلتُ: ما تَرَى فيمَن يُبَايع ويُقْرض؟ قال: سَمِعْتُ عَمْرو بن شُعَيْب يَذْكرُ حَدِيثًا يَرْفعُهُ، قال: نَهَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن سَلَفٍ وبَيْعٍ، وعن شَرْطين في بَيْع، وعن بَيْع ما لا يُمْلكُ، وعن رِبْح ما لا يُضْمَن.
وقال: حَدَّثَنَا أبو عليّ
(3)
، قال: حَدَّثَنَا هِلال بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا فِهْر (b)، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن بُرْقَان، عن زَنْكَل بن عليّ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، قال: ما أسْكَرَ كَثِيْرُهُ فقليْلُهُ حَرَامٌ.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ
(4)
، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن
(a) الحراني: عن سلف وبيع.
(b) في الأصل: مُحَمَّد، والمثبت من تاريخ الحراني، وهو فهر بن بشر الداماني الرقي السلمي شيخ هلال بن العلاء.
_________
(1)
سنن ابن ماجة 2: 737 - 738 (رقم 2188)، سنن البيهقي الكبرى 5: 339 - 340، كنز العمال 4: 77 (رقم 9610).
(2)
الحراني: تاريخ الرقة 143.
(3)
الحراني: تاريخ الرقة 142.
(4)
تاريخ بغداد 12: 372 (في ترجمة عبد الرحيم بن حبيب الأنصاري)، وفيه تخريج الحديث، ورواه مسلم 2: 644 (رقم 934) والطبراني في المعجم الكبير 3: 323 (رقم 3425) من حديث أبي مالك الأشعري، والبخاري: فتح الباري 7: 156 (رقم 3850) من حديث ابن عباس.
أحْمَد بن جَعْفَر النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ بن رَزِيْن الهَرَويّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحيم بن حَبِيْب البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيِّ، عن زَنْكَل بن عليّ السُّلَمِيّ (a)، عن أُمّ الدَّرْدَاء، عن أبي الدَّرْدَاء، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ لا يَتْركهنَّ العَرَبُ وهي بهم كُفْرٌ: الاسْتِسْقاء بالأنْوَاءِ، والطَّعْن في النَّسَب، والنَّوْح.
وبإسْنَادِه، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
: إذا كَبَّر العَبْدُ سَرَت تَكْبيرتُهُ ما بين السَّماء والأرْض من شيء.
أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديِّ إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد عِيْسَى بن سَالِم الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو المُلَيْح، عن زَنْكَل بن عليّ - قال أبو سَعِيد: زنْكَل بن عليّ وَزِير لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز - قال: قال حُذَيْفَة بن اليَمَان: يا طَاعُون خُذْني إليك - ثلاث مَرَّاتٍ - قَبْل سَفْك دَم حَرَام، وقَبل جَوْر في الحُكْم، وإمارَة الصِّبْيَان، وكَثْرة الرِّئَاسَة.
أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الطُّفَيْل، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله بن السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعيد القُشَيْريّ الحافِظ
(2)
، قال: الأعْشَى الشَّاعر الرَّقِّيّ، ذَكَرُوا أنَّهُ من وَلد زَنْكَل بن عليّ، زَنْكَلُ بن عليّ يتَوَلَّى بني عُقَيْل.
(a) كتب ابن العديم فوقه: "صـ"، وهو كذلك في تاريخ الخطيب، ولعله تصحف عند الخطيب عن العقيلي.
_________
(1)
الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 12: 372، وكنز العمال 7: 430 (رقم 19637).
(2)
الحراني: تاريخ الرقة 142 - 143.
أنْبَأنَا أبو نَصْرِ مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: زَنْكَلُ بن عليّ العُقَيْلِيُّ الرَّقّيّ، كان من صَحَابِةِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وأيُّوْب السَّخْتِيَانيّ، وأمّ الدَّرْدَاءِ، رَوَى عنهُ أبو المُلَيْح الحَسَنُ بن عُمَر الرَّقِّيّ، وجَعْفَر بن بُرْقَان.
ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زَنْكِي
زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، أبو المُظَفَّر التُّرْكِيّ
(2)
وقيل: آق سُنْقُر بن التُّرْغَان من قَبِيلَة سَاب يُوْ، وقيل إنَّ آقْ سُنْقُر كان مَمْلُوكًا للسُّلْطَان مَلِك شَاه، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمَتِهِ
(3)
، ويُعْرف زَنْكِي بأتَابك ابن قَسِيم الدَّوْلَة، لأنَّهُ كان عندَهُ وَلدان للسُّلْطَان مَحْمُود بالمَوْصِل يُرَبِّيهما.
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 82 - 83.
(2)
توفي سنة 541 هـ، وترجمته في: تاريخ دولة آل سلجوق للعماد الكتاتب 186 - 191، العظيمي: تاريخ حلب 14، 23 - 24، 386 - 407، ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق 284 - 288، تاريخ ابن عساكر 19: 85، ابن الجوزي: المنتظم 18: 51، الروضتين 1: 146 - 190، الحسيني: أخبار الدولة السلجوقية 108، 196، ابن الأثير: التاريخ الباهر 15 - 84، الكامل 10: 232 وما بعدها، 11: 5 وما بعدها (انظر فهرس الأعلام 13: 138)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 363 - 370، زبدة الحلب 2: 437 - 473، وفيات الأعيان 2: 327 - 329، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 167، 221 - 222، ابن واصل: مفرج الكروب 1: 28 - 106، تاريخ الإسلام 11: 779 - 781، العبر في خبر مَن غبر 2: 459 - 460، الإعلام بوفيات الأعلام 222، سير أعلام النبلاء 20: 189 - 191، الوافي بالوفيات 14: 221 - 223، النويري: نهاية الأرب 27: 117 - 148، تاريخ ابن الوردي 2: 53، 56، 60 - 73، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 218 - 221، ابن خلدون: العبر 9: 206 - 208، 213، 487 - 490، 659 - 699، النجوم الزاهرة 5: 278 - 279، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 473:1 - 475، شذرات الذهب 6: 209 - 210، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 388، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 412 - 450.
(3)
انظر ترجمة قسيم الدولة آق سنقر بن عبد الله في الجزء الرابع.
وكانَ مَوْلدُهُ بحَلَب في أيَّام وِلَايَة أبيهِ في سَنَة ثَمانين وأرْبَعِمائة، ورَبي بها، وكان في أوَّل أمْره مُضَافًا إلى آقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ، والبُرْسُقِيّ شِحْنَة بَغْدَاد، ووَلَّاهُ البَصْرَة، فلمَّا عُزِلَ البُرْسُقِيّ عن شِحْنَكِيَّة بَغْدَاد، فارَق البَصْرَة، وقَصَدَ السُّلْطان مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه، فأكْرَمَهُ وأقْطَعَهُ البَصْرَةَ، وأعادَهُ إليها في سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، ثُمَّ تَرَقَّت به الحالُ إلى أنْ مَنَكَ المَوْصِل في سَنَة إحْدَى وعِشْرين وخَمْسمائة.
وكان خُتْلُغ آبَه بحَلَب، وأسَاءَ السِّيْرَة مع أهْلها، فحَصَرُوه، وبالمَدِينَة بَدْر الدَّوْلَة سُليْمان بن عَبْد الجَبَّار بن أُرْتُق، فأجْمَع رَأي خُتْلغُ آبَه وسُليْمان على أنْ سَارَا إلى أتَابِك زَنْكِي ويُحَكِّماهُ فيما يَفْعل، فلَم يُوقِّع لواحدٍ منهما بحَلَب، وتوجَّه إليها فقَدِمَها، وكان له أتْرَابٌ بحَلَب من الحَلَبِيِّيْن، قد تَرَبَّى بينهم، فكانُوا يَمِيلُون إليه لذلك، فسَلَّمُوا إلى نائبه حَلَب في شَهْر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وعشْرين وخَمْسِمائَة، وتوجَّه إليها فتَسَلَّمها في سَنَة اثْنَتَيْن وعِشْرين وخَمْسِمائَة في جُمَادَى الآخرة.
وتوجَّه بعد ذلك إلى السُّلْطان مَحْمُود، وعاد في سَنَة ثَلاثٍ وعشرين ومعه تَوْقِيْع مُجَدَّدٌ بوِلَايَة الجَزِيرتَيْن والشَّام وحَلَب والشَّطِّ، ومَلَكَ حِمْصَ، وحَمَاة، وبَعْلَبَك، والرَّقَّة، ودَارَا، وحَرَّان، ورَأس عَيْن. واشْتَغَل بمُحَارَبةِ الفِرِنْج، ففَتَح من أيْدِيهم مَعَرَّة النُّعْمَان، وكَفَرْ طَاب، وبَارِين، والأثَارِب، وزَرَدْنَا، وتَلّ أعْذَى، وبُزَاعَا، وسَرُوْج، والرُّهَا.
وكان له أثر عَظِيم في نُصْرَة الإسْلَام، وكَفِّ عَاديةِ الفِرِنْج، ومَهَّدَ لمَن بعْدَه فَتْح البِلَادِ، بعد أنْ كان الفِرِنْج قد ضَايقوا مَدِينَة حَلَب واسْتَولَوا على حُصُوِنها، وأخَذُوا المُنَاصفَة من المُسْلمين إلى بابها، فأَغاثَهم الله بزَنْكِي وبوَلده من بَعْده.
وكان زَنْكِي مَلِكًا عَظيْمًا، شُجَاعًا، جَبَّارًا، كَثِيْر العَظَمة والتَّجبُّر، وهو مع ذلك يُرَاعي أحْوَال الشَّرْع ويَنْقاد إليهِ، ويُكْرم أهْل العِلْم، وبَلَغَني أنَّهُ كان إذا قيل له: أمَا تَخَاف الله، خافَ من ذلك، ويتَصَاغَرُ في نَفْسه، فأظْهَر اللهُ تعالَى سرَّه المَحْمُود في وَلدِه مَحْمُود.
أنَبْأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن الأُسْتَاذ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ، ونَقَلْتُه من خَطِّ العُظَيْميّ
(1)
، قال في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وعِشْرين وخَمْسِمائَة، قال بعد ذِكْر حِصَار الحَلَبِيِّيْنَ وبَدْر الدَّوْلَة ابن أُرْتُق وإبْراهيم ابن المَلِك رِضْوَان خُتْلُغ آبَه
(2)
غُلَام السُّلْطان مَحْمُود: وطال الأمرُ على خُتْلُغ آبَه، وحَفَرُوا خَنْدَقًا حَوْل القَلْعَة، فكُلّما خَرَجَ منها رَجُل أو دَخَل إليها أُخِذَ إلى نصْف ذِي الحِجَّة، [و] وَصَلَ الأَمِير سُنْقُر دَراز (a)، والأَمِير حَسَن قَرَاقُش، وجَمَاعَة أُمَرَاء في عَسْكَرٍ قَوِيّ إلى باب حَلَب، واتَّفَق الأمرُ على أنْ يَسِيْر بَدْر الدَّوْلَة وخُتْلُغ آبَه إلى باب المَوْصِل إلى عِمَاد الدِّين قَسِيم الدَّوْلَة ابن قَسِيم الدَّوْلَة زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، إلى المَوْصِل، فلِمَنْ وَلَّى عَادَ إلى مَنْصِبهِ.
وأقَامَ بحَلَب الأَمِير حَسَن قَرَاقُش والرَّئِيس ابن بَدِيْع، فأصْلَح عِمَاد الدِّين بينهما، ولَم يُوقِّع لأحدٍ منهما، وطَمِع بمُلْك البَلَدِ، وسَيَّر سَريَّةً إلى حَلَب مع الأَمِير الحَاجِب صَلاح الدِّين العِمَادِيّ، فوَصَل إلى حَلَب، وأطْلعَ إلى القَلْعَة وَاليًا
(a) في مفرج الكروب لابن واصل 1: 39: "وطال الأمر على خطلبا إلى نصف ذي الحجة فوصل الأمير سنقر
…
".
_________
(1)
تقدم لابن العديم الإشارة إلى مصدر نقله وهو كتاب المُؤَصَّل على الأصل المُوَصَّل للعظيمي، وهو كتاب بحكم المفقود، وبعض نقوله هذه تجدها ملخصة مختصرة في نشرة تاريخه: تاريخ حلب 377، وقد سبق لابن العديم إدراج هذا النقل عن العظيمي في ترجمته لختلغ آبه (الجزء السابع).
(2)
المُراد حصار بدر الدولة ومَن معه لختلغ آبه، وانظره موسَّعا عند ابن واصل: مفرج الكروب 1: 38.
من قِبَلِه، ورتَّب الأُمُور، وجَرَت على يَده على السَّدَادِ، وهو الّذي تَوَلَّى إنْزَاله وإليهِ اطْمَأنَّ.
وقال العُظَيْميّ
(1)
: سَنَة اثْنَتَيْن وعِشْرين وخَمْسِمائَة، في جُمَادَى الآخرة منها وَصَلَ الأَمِير عِمَاد الدِّين قَسِيم الدَّوْلَة أبو سَعيد زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر قَسِيم الدَّوْلَة إلى حَلَب ومَلَكَها، وصَعدَ القَلْعَة، وباتَ بها، وعادَ إلى نُقْرَة بني أَسَد، وقبضَ على خُتْلُغُ آبَهْ، وحَمَلَهُ إلى حَلَب وسَلَّمَهُ إلى عَدُوِّه ابن بَدِيْع، فكحَلُوهُ بدَاره في النِّصْف من رَجَب.
وقال العُظَيْميّ
(2)
: وفي جُمَادَى الآخرة - يعني من سَنَة ثَلاثٍ وعشْرين وخَمْسِمائَة - عادَ الأَمِيرُ عِمَاد الدِّين قَسِيم الدَّوْلَة زنْكِي من عند السُّلْطان إلى المَوْصِلِ ومعه طُغْرَاء بَتْجدِيد الجَزِيرتَين والشَّام وحَلَب والشَّطِّ، وما اتَّصَل بذلك، بعدَما خَرَجَ عن يَده بالدَّرْكَاةِ مائة وعِشْرُون ألف دِيْنار.
قال
(3)
: وفي مُسْتَهَلّ رَجَب - يعني من سَنَة أرْبَعٍ وعشْرين - وَصَلَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر إلى أكْنَاف الفُرَات وفَتَح قَلْعَة السِّنِّ، وسَيَّر سَرِيَّة تقدَّمت مع الثَّقَل إلى باب حَلَب، ونهضَت الخَيْل أغارَت على بَلَد عَزاز، وعَاثُوا في بَلَدِ جُوسْلِين مُقابَلة (a) له على قَدِيم قَبِيْحَة في غَيْبَة الأَمِير قَسِيم الدَّوْلَةِ.
(a) موضع الباء مهمل في الأصل، ويمكن أن تكون: مقاتلة.
_________
(1)
النقل عن كتاب العظيمي الكبير في التاريخ، والنصّ أعلاه مثبت - باختلاف يسير - في كتابه الآخر "تاريخ حلب"381.
(2)
لم يورد العظيمي في كتابه "تاريخ حلب" ذكر أتابك زنكي في حوادث السنة المذكورة، والنقل - كسابقه - عن كتاب العظيمي: المُؤصَّل على الأصل الموَصَّل.
(3)
النقل عن كتاب العظيمي الكبير، وانظر إشارات عابرة لكلامه في كتابه الآخر "تاريخ حلب"383.
ثمّ عَبَرَ الأَمِيرُ قَسيم الدَّوْلَة بتاريخ الأَحَدِ ثَامن عِشْرين رَجَب، فخيَّم بِظَاهِر حَلَب، وتكرَّرت الرُّسُل في الصُّلْح، فاصطَلحُوا مُدَّة سَنَة، وكان الأَمِيرُ قد رَعَى زَرْعَ الرُّهَا في طَرِيْقهِ، وظَفِرَ بالتُّرْكُمَان أيضًا وكَسَرَهُم.
قال
(1)
: وفي هذه المُدَّة تزوَّج أتَابِك قَسِيم الدَّوْلَة بخَاتُون بنت المَلِك رِضْوَان، ودَخَلَ بها ليلَة الاثنين في عشْرين من شَعْبان.
قال
(2)
: وفي يَوْم الاثنين عَاشِر شَوَّال تَسلَّم أتَابِك عِمَاد الدِّين حَمَاة، وقبضَ على خَيْر خَان (a) صَاحِب حِمْص، وأنْهَبَ عَسْكَره وخَفَّ إلى حِمْص، فنَزَلَ رَبَضها، وطَلَب من أوْلادِ خَير خَان التَّسْلِيم، فامْتَنَعُوا، وشبَّت الحَرْبُ بينَهُم، وشُنِّع على الأَمِير أَطْسِيْس بن ترك (b) فقَتَلُوه، ورُميَ برَأسه، ونقبُوا القَلْعَة فبَطل النَّقْب، ونُصِبَت المَجَانِيْق فبطلَت، وطال الشَّرْح، وهَجَم الشِّتَاء، فعاد العَسْكَرُ إلى حَلَب ثاني ذِى الحِجَّة.
وقال
(3)
: فيها يَعنى - سَنَة خَمْسٍ وعِشْرين وخَمْسِمائَة - في المُحَرَّم، سار أتَابِك عِمَاد الدِّين مُشَرِّقًا يَوْم الخَمِيْس غُرَّته، وكان السُّلْطان مَحْمُّود شَتَّى ببَغْدَاد، فلمَّا كان في ثالث عَشر ربيع الآخر شَرَّق نحو أصْبَهَان، وبَلَغَهُ أنَّ أخاهُ بايَنَ بالعَدَاوَة، فردَّ أمْر العِرَاق إلى عِمَادِ الدِّين قَسِيم الدَّوْلَة زَنْكِي مُضَافًا إلى ما كان في يَدِه من
(a) في الأصل قيرخان، ويأتي بعده على هذا الرسم المثبت الموافق لما في زبدة الحلب 1: 380، 384، ولما في تاريخ العظيمي 383 وبهامش أصوله:"ابن جراجا الجناحي الملاعبي"، وجاء اسمه عند ابن القلانسي على وجوه مختلفة: خير خان بن قراجة، ختر خان، قرخان (ذيل تاريخ دمشق 182 وما بعدها)، وفي الكامل لابن الأثير 10: 659: قرجان قراجة، وفي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 20: 221 وفي مفرج الكروب لابن واصل 1: 41 - 42: صمصام الدولة خترخان بن قرَّاجا، والعبر لابن خلدون 9: 666: خيرخان.
(b) مهملة في الأصل، ولم يذكره العظيمي في تاريخ حلب، ولم أقف على ذكره في المتاح من المصادر.
_________
(1)
انظر: تاريخ حلب 383.
(2)
انظر بعضه ملخصًا في كتاب العظيمي تاريخ حلب 382 - 383.
(3)
النقل عن كتاب المُؤصَّل على الأصل الموَصَّل، وانظره ملخصًا في تاريخ حلب 383 - 384.
الجَزِيْرَة والشَّام، هذا كُلُّه ودُبيس مُقيمٌ بفَم البَّرِّيةِ يتَواعَدُ بَغْدَاد بالَخرَاب، وبلغَ أتَابِك عِمَاد الدِّين وَفَاة السُّلْطان مَحْمُّود بن [مُحَمَّد](a) وهو على القَرْيتَيْن، فسَارَ نحو المَوْصِل ليلَة الخَمِيْس سَادس عَشر شَوَّال ومعه دُبَيْس.
وكان لهذا السُّلْطانِ عند الأَمِير وَلدان؛ أحَدُهما الّذي كانت أُمُّهُ عند سُنْقُر البرسُقِيّ وماتَتْ، اسْمُه ألْب أَرَسْلَان أبو طَالِب، والآخر الّذي كان عند دُبيس، فبَعَثَ عِمَاد الدِّين يَسُوم المُسْترشِد أنْ يَخْطب لأبي طَالِب وَلد السُّلْطان، فاعْتَذَر المُسْترشِدُ إليه بأنَّهُ صَبيٌّ، وأنَّ المنقُول رَسْم لوَلدِه دَاوُد وهو بأصْبَهَان، وقد وَصَلَتْ رُسُل البِلادِ كُلها تقُول: اخْطُب لدَاوُد فنحنُ له طَائعُون، وأنا مُنْتَظرٌ جَوَاب كتاب سَنْجَر عَمّ القَوْمِ، وكان أتَابِك عِمَاد الدِّين قد أخَذَ خَبَر عَوْدةِ ابن الأنْبارِيّ رَسُول الخلَيفَة من دِمشْق؛ كان المُسْترشِد نفَّذَهُ في مَعْنَى دُبيس إلى تاج المُلُوك، فوجدَهُ قد صَار إلى عِمَاد الدِّين، فعاد وكانت في صُحْبَتهِ قَافِلَة عَظِيمَة فيها أمْوَالٌ، فبَعَثَ عِمَاد الدِّين إليهِ سريَّةً للقَبْض عليه، فقبضُوا عليه، ونَهَبُوا القَافِلَة في كيَادِ الخَلِيفَة، وفكّ القيُود عن دُبَيْس وخَلَعَ عليهِ، وحَمَل له من المالِ والجوهَر والخيْل والعُدَد ما لا حَدّ عليه، وخَرَجَ من الدَّار الّتي كان يشرب فيها وسَلَّمها إليهِ بآلاتها وكُلِّ ما فيها.
قُلتُ: وبعد ذلك وَصَلَ دَاوُد بن مَحْمُّود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه إلى زَنْكِي، فأَخذَهُ وسَارَ بهِ إلى بَغْدَاد، وأنْزَله في دَار السَّلْطَنَة ببَغْدَاد، وزنْكِي في الجانب الغَرْبيِّ، والخَلِيفَةُ إذ ذاكَ الرَّاشِد بعد قتل المُسْترشِد، فوَصَلَ السُّلْطان مَسْعُود إلى بَغْدَاد فَحَصَرهم بها، فوقَع الوَبَاء في عَسْكَره، فسَار إلى أرْض وَاسِط ليعبُرَ إلى الجانِب الغَرْبيِّ، فاغْتَنَم زَنْكِي غَيبته، وسار إلى الموصِل، وسار داود إلى مرَاغة، وبلغ الخبر
(a) الأصل: تر، ولم أجده في سياقة اسمه ولا في ألقابه، ولم يذكر العظيمي وفاته في كتابه تاريخ حلب.
إلى السُّلْطان مَسْعُود، فعَاد فهَرَبَ الرَّاشِد ولَحِقَ أتَابِك زَنْكِي بالمَوْصِل، ودَخَلَ مسْعُود بَغْدَاد، فبايعَ مُحَمَّدًا المقتَفِي، وخُطِبَ له ببَغْدَاد وعْمَال السُّلْطان، وبَقِيت الخُطْبَةُ بالشَّام والمَوْصِل على حالها إلى أنْ اتَّفقَ زَنْكِي والسُّلْطان مَسْعُود واصْطَلَحا، وخُطِبَ بالشَّام والمَوْصِل للمُقْتَفِي ولمَسْعُود، وفارَق الرَّاشِدُ إذ ذاك زَنْكِي، وسار عن المَوْصِل إلى خُرَاسَان، وذلك في سَنَة إحْدَى وثَلاثين وخَمْسِمائَة.
قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي بَهِاء الدِّين أبي مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخشَّاب، في تاريخ مُخْتَصَر عَمِلهُ أبو شُجاع مُحَمَّد بن عليّ بن شُعَيْب الفَرَضِيّ البَغْدَاذيّ المَعْرُوف بابن الدَّهَّان
(1)
، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّه، قال في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وعشرِين: واتَّفَقَ الأمرُ على أنْ يَسِيْر بَدْرُ الدَّوْلَةِ وخُطْلُبَا إلى باب المَوْصِل إلى عِمَاد الدِّين زنْكِي، فلمنَ وَلّى عاد إلى مَنْصِبهِ، وأقَامَ بحَلَب الأَمِير قَرَاقُش والرَّئِيس فَضَائِل بن بَدِح، فأصْلَح عِمَاد الدِّين بينهما، ولَم يُوقِّع لأحدٍ منهما، وسيَّرَ سريَّةً إلى حَلَب صُحْبَة الحَاجِب صَلاح الدِّين العِمَادِيّ، فوَصَلَ إلى حَلَب وطَلعَ إلى القَلْعَة، وأقام فيها وَاليًا من جَانبهِ.
وقال: وفي هذه السَّنَة - يعني سَنَة اثْنَتَيْن وعِشْرين وخَمْسِمائَة - دَخَلَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر إلى حَلَب في يَوْم الاثْنين رَابع عَشر جُمَادَى الآخرة، والطَّالع السُّنْبُلة أرْبَع عَشرة دَرَجة، وطَالعُه الأصْليّ المِيَزان، كَذَا حَكَى لي البرهانُ (a)، وقبضَ على خُطْلُبَا وسَلَّمَهُ إلى ابن بَدِيْع فكحَلهُ في مُنْتَصَف رَجَب سَنَة [اثنتَيْن وعشرين](b) وخَمْسِمائَة.
(a) كلمة غير واضحة في الأصل، والمثبت على التقريب.
(b) كلمتان أفسدتهما الرطوبة، وانظر عن قتل ختلغ آبه ترجمته المتقدمة في الجزء السابع قبله، وابن الأثير: الكامل 10: 650.
_________
(1)
تاريخ ابن الدهان (ت 592 هـ) من الكتب التي لم تصلنا، ذكره أبو شامة (الذيل على الروضتين 11) وحدد الحقبة التي تناولها وهى من سنة 510 هـ حتى سنة 592 هـ وهى السنة التي توفي فيها مؤلفه. انظر: وفيات الأعيان 5: 12 - 13، ابن كثير 13: 13 (وفيه بدل شعيب: مغيث).
قال: وانْحَازَ قاضِي القُضَاة الزَّيْنَبي إلى المَوْصِل في وِلَايَةِ الرَّاشِد والآن عاد وسَمِعَ البَيِّنَة في خَلْع الرَّاشِد، وانْضَافَ إلى الرَّاشِد لمَّا أصعَد إلى المَوْصِل أبو الفُتُوح الوَاعِظ الإسْفَرَايني وجَلَال الدِّين بن صَدَقَة الّذي كان وَزِيره، وقَوَام الدِّين بن صَدَقَة، وأكَابر بَيْت صَدَقَة، وحَصَل الجَمَاعَةُ عند زَنْكِي بالمَوْصِل.
ولمَّا اتَّفقَت الكَلِمَةُ على المقتَفِي لأمْر اللهِ وعلى السُّلْطان مَسْعُود، اسْتَشْعَر الرَّاشِد من زَنْكِي، وطلبَ منه أنْ يَعْبُر إلى الجانب الغَرْبيّ ليَمضِي إلى هَمَذَان، فمشَى بينَ يَدَيْهِ إلى أنْ حَصَل في الشَّبَّارَة وعَبَر، وتخلَّفَ عند زَنْكِي جَلَال الدَّوْلَة صَدَقَة وجَمَاعَة من بيتهِ.
وسَمِعْتُ قَوَام الدِّين [ابن](a) صَدَقَة يَحْكي أنَّ الرَّاشِدَ لمَّا حَصَل على شَاطِئ دِجْلَة بالمَوْصِل يُريدُ العبُورَ وزنْكِي بينَ يَديْه، قال لأبي الرِّضَا بن صَدَقَة: أُريدُ أَقْتُل زَنْكِي، فقال أبو الرِّضَا لابن عَمِّه قَوَام الدِّين: قُل لزَنْكِي يُسْرِع خَطْوَهُ بحيث يبعُد عن الرَّاشِدِ، ففَعَل، وعرَف زَنْكِي ذلك لأبي الرِّضَا، فاسْتوْزرَهُ، ومَضَى الرَّاشِدُ إلى أصْفَهَان وصُحْبته أبو الفُتُوح الإسْفَرَايني، وأقام عليها إلى أنْ قُتِلَ.
وقال: في خَامِس عَشْريّ جُمَادَى الآخرة - يعني سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة - فَتَحَ زَنْكِي الرُّهَا؛ كان نَازِلًا على آمِد فكَتَبَ إليه رِئيسُ حَرَّان يُخْبره أنَّ صَاحِب الرُّهَا قد تَوجَّه إِلى الشَّام، فأغَذَّ زنْكِي السَّير حتَّى نَزَلَ على الرُّهَا، وحال بينها وبين صَاحِبها، وحاصرها أشَدّ الحِصَارِ، وفَتَحَها بالسَّيْف فغَنم المُسْلمُون منها.
قرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة بن الحرَّاني لحَرَّان، دَفَعهُ إليَّ الخَطِيبُ سَيْف الدِين أبو مُحَمَّد عبد الغنِي ابن شيخنا فَخْر الدِين أبي عبدِ الله مُحَمَّد بن
(a) إضافة حسبما تقدم في أول النقل، وهو علي بن صدقة بن علي بن صدقة، الوزير أبو القاسم قوام الدين (ت 552 هـ)، انظر ترجمته في تاريخ الإسلام 12:15.
الخَضِر بن تَيْمِيَّة، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ شَيْخه المؤلِّف أبي المحاسِن، قال: وفي سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة نَزَل - يعني أَتَابِك زَنْكِي - على الرُّهَا وفيها الإفْرنج، فَحَصَرها وأخَذَها بالسَّيْفِ في يَوْم السَّبْت سادِس عَشر جُمَادَى الآخر، وكانت أيَّام الشِّتَاءِ والبرد، قال الشَّاعر:[من الوافر]
إذا كانَتْ جُمَادَى في جُمَادَى
…
فذَاكَ القُرُّ والبَرْدُ الشَّدِيدُ
ولمَّا فَتَحَها أوْصَى بأهْلها خَيْرًا، ولَم يَسْبِ أهْلها، ونَوَى عِمَارتها، ووجَدُوا على عِضَادةِ المحْرَاب مَكْتُوبًا
(1)
: [من السرج]
أَصْبَحْتُ صِفْرًا من بني الأصْفَرِ
…
أخْتَال بالأعْلَام والمِنْبَرِ
دَان من المَعْرُوف حَالٍ بهِ
…
نَاءٍ عن الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ
مُطَهَّر الرّحْبِ على أنَّني
…
لولا جَمَالُ الدِّين لم أَطْهُرِ
فبَلغَ ذلك رَئيس حَرّان جَمال الدِّين فَضْلَ الله أبا المَعَالِي، فقال: امْحوا جَمال الدِّين واكْتُبُوا عِمَاد الدِّين، فبَلغَ ذلك أتَابك عِمَاد الدِّين، فقال: صَدَقَ الشَّاعِر، لولاك ما طَمعْنا فيها، وأمر عُمَّالَهُ إذا جاءت جَائِحَةٌ في الغَلَّةِ أنْ يأخذُوا الخَرَاج على قَدْرها، فكانُوا يأخذُون خَرَاجًا، وتارةً نصْف خَرَاج، وتارةً ثُلْث خرَاج، وتارةً رُبْعَ خَراج، وتارة لا يأخذُونَ شَيئًا إذا أمْحَلَت البِلادُ، وقسّمَ الماءَ الّذي لحَرَّان ثلاثة أقْسَامٍ: قسْمًا للسُّلْطَان، وقِسْمًا للشّنايات (a) وقسْمًا لآبَار حَرَّان ولخَنْدَق القَلْعَة.
فلمَّا أخَذَ الرُّهَا، نَزَلَ على البِيْرَة وفيها الإفْرنج، وذلك في سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين
(a) كذا في الأصل، ولم أقف على مراده، ولعل الصواب: السواني، جمع سانية، وهى كل ما يُسقى عليه الزرع والحيوان من بعير وغيره. لسان العرب، مادة: سنا.
_________
(1)
الأبيات الثلاثة في زبدة الحلب 2: 468، واثنان منها في مرآة الزمان 20:350.
وخَمْسِمائَة، وجاءه الخبرُ من المَوْصِل أنَّ نَصِيْر الدِّين نائبَهُ بالمَوْصِل قُتِلَ
(1)
، فخافَ عليها، وسار حتَّى دخَلَ المَوْصِل، وأخَذَ فرخَافشَاه ابن السُّلْطان الّذي قَتَلَ نَصِيْر الدِّين جَقَر بن يعْقُوب، فقتَلَه بدَم نَصِيْر الدِّين.
سَمِعْتُ شَيْخَنا قاضِي القُضَاةِ أبا المحاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قاضي حَلَب، رحمه الله يَقُول: كان عندنا بالمَوْصِل رَجُلٌ يُقال له مُولى يُؤذِّنُ بالمَدْرَسَة، وكان أشْقَر، شَكْلهُ شَكْل الأرْمَن، وكان جَهْوَريّ الصَّوْت، وكان له قَرْيَةٌ مَلَّكَهُ إيَّاها أتَابِك زَنكِي، فسَألتُهُ عن السَّبَب في تَمْليْكه القَرْيَة، فقال: إنِّي كُنْتُ مع أتَابِك لمَّا نَزَل مُحَاصِرًا للرُّهَا، فنَزلتُ إلى السُّوق واشْتَريْتُ لباسًا من لباسِ الأرْمَن، وتزيَّيْتُ في زيِّهِم، ووصَلْتُ إلى البَلَدِ لأنظُرَهُ وأكْشفَ حَالَهُ، فَجئْتُ إلى الجَامع فدَخَلْتُه ورَأيْتُ المَنَارَة، فقُلْتُ في نَفْسِي: أصْعَدُ إلى المَنَارَة وأُؤَذِّن وحتَّى يَجْري ما جَرَى! فصَعَدْتُ ونادَيْتُ: الله أكْبَر، الله أكْبر، وأذَّنْتُ والكُفَّار على الأسْوَار، فوَقَع الصِّيَاح في البَلَدِ: أنَّ المُسْلمِيْن قد هَجَمُوا البَلَدَ من الجِهَةِ الأُخْرى، فَتَرَك الكُفَّارُ القِتَال وَنزَلُوا عن السُّور، فصَعدَ المُسْلمُون وهَجَمُوا المَدِينَة، فأعْطَاني أتَابِكُ هذه القَرْيَة لذلك.
قَرَأتُ في تاريخ حَرَّان، جَمْعُ أبي المَحَاسِن بن سَلامَة الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَني أبي رحمه الله، قال: كان أتَابك زنْكِي بن قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر رحمه الله إذا رَكبَ مَشَى العَسْكَر خَلْفَه كأنَّهُم بين حَيْطَين مَخَافَة أنْ يَدُوسَ العَسْكَر شَيئًا من الزَّرْعِ، ولا يَجْسُر أحدٌ من هَيْبَته يَدُوس عِرْقًا من الزَّرْع، ولا يَمْشي فَرَسُه فيهِ، ولا يقدر أحدٌ من الأجْنَادِ يأخُذُ لفلَّاح عِلَاقَة تبْن إلَّا [بثَمنها](a) أو بخَطٍّ من
(a) كلمة أفسدتها الرطوبة، والمثبت من زبدة الحلب 2:471.
_________
(1)
خبر مقتل نصير الدين جقر عند الأصفهاني: تاريخ دولة آل سلجوق 187 - 188، والتاريخ الباهر لابن الأثير 71 - 72، ومفرج الكروب 1: 95 - 96، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 350 - 351، والنويري: نهاية الأرب 27: 145 - 147، وابن خلدون: العبر 9: 696 - 697.
الدِّيْوَان إلى رَئيسِ القَرْيَة، وإنْ تعَدَّى أحدٌ صَلَبَه عليها، وكان إذا بَلَغهُ عن جُنْدِيٍ أنَّهُ تعدَّى على فلَّاحٍ قَطَع خُبْزَهُ وطَرَدهُ، حتَّى عمَّر البِلَاد بعد خَرَابها، وأحْسَن إلِى أهْلِ مَمْلَكَته، وكان لا يُبْقي على مُفْسِد، وأوْصَى وُلاتَهُ بأهْلِ حَرَّان وعُمَّاله، ونَهَى عن الكُلَف والمَغَارم والسُّخَر والتَّثْقِيل على الرَّعِيَّةِ، وأقام الحُدُودَ في بلادِهِ رضي الله عنه. هذا ما حَكَاهُ أبو المحاسِن عنه (a).
وسَمِعْتُ من جَمَاعَةٍ من فَلَّاحي حَلَب أنَّهُ كان عليهم منه جَوْر وظُلْم في أيَّام ولايته، وأكْثَر ما كان يُذْكر عنهُ من الظُّلْم ما يلزم النَّاس به من جَمْع الرَّجَّالَة للقِتَال والحِصَار، فإنْ كان ذلك في جِهاد الكُفَّار، فقد كان يجبُ عليهم ذلك، وله إلْزَامهم به، وبَلَغَني أنَّهُ كان لا يَتَجَاسَر أحدٌ من رَعيَّته كائنًا مَنْ كان أنْ يَظْلم أحدًا من خَلْقِ الله، ويقُول: لا يتَّفق ظالمِان، يعني نفسَهُ وغَيْره (b).
وبَلَغَني أنَّ أتَابِك زَنْكِي تَزَوَّج خَاتُون بنت المَلِك رِضْوَان [وبَني بها في](c) دَيْر الزَّبِيْب خَارِج مَدِينَة حَلَب، وكان إذْ ذاك فيه بقايا عِمارَة، ودَامَتْ معه بحَلَبَ إلى أنْ دَخَل يوْمًا إلى الخِزَانَة بحَلَب [ليَعْتَبر](d) ما فيها، فرَأى الكِبْر الّذي كان على أبيهِ آقْ سُنْقُر حين أسَرهُ تَاج الدَّوْلَة تُتُش وقَتَلَهُ بينَ يَدَيْه صَبْرًا، وهو مُلوَّث بالدَّم، فقيل له: هذا كِبْر أبيك الّذي قُتِلَ فيه، فانْزَعَج لذلك وَأخَذَهُ بيَده، ودَخَلَ على زَوْجته بنت المَلِك رِضْوَان، وألْقَى الكِبْر بينَ يديْها وهو مُضَمَّخٌ بالدَّم، وقال لها: أمَا هذا فعْل مَنْ لا رحمه الله؟ يعني: جَدَّها تَاج الدَّوْلَة تُتُش، ثمّ هَجَرها من ذلك اليَوْم، وانْقَطَعَ عن الدخُول إليها، ودَامَ على ذلك.
فَحدَّثني عَمِّي أبو غَانِم، عن أَبيِهِ أبي الفَضْل، قال: كان أتَابِك زَنْكِي
(a) في زبدة الحلب 2: 471: هذا ما حكاه أهل حران عنه.
(b) في زبدة الحلب 2: 471: ظالم واحد، يعني: نفسه.
(c) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة والمثبت من زبدة الحلب 2: 439.
(d) أفسدتها الرطوبة وانظر: زبدة الحلب 2: 439.
مُتزوِّجًا بنت المَلِك رِضْوَان فهَجَرَها، وبَقىَ مُهاجِرًا لها مُدَّة من الزَّمان، فجاءت إلى وَالدِي القَاضِي أبي غَانِم وهو قاضي حَلَب إذ ذاك، وقالت له: أيُّها القَاضِي، قد جئتُكَ مُتَمسِّكةً بذَيْلك، ومُسْتَجيْرة بالشَّريْعَة المُطَهَّرة، فإنِّي مع أتَابِك لا أعْلَم حالي معه، أمُطَلَّقة أم مُعَلَّقة، وأنا مَهْجُورة من مُدَّة طَوِيلَة، فوَعَدها الاجْتِمَاع بهِ في ذلك، ثمّ صَعدَ إليهِ إلى القَلْعَة ولَقِيَهُ وهو رَاكبٌ على الباب، فقال له: يا مَوْلاي، قد جاءت إليَّ خَاتُون وذَكَرَت لي كَذَا وكذا، قال: فسَاقَ أتَابِك فَرَسَهُ ولَم يُجِبْهُ بشيءٍ، قال: فأمْسَك وَالدِي بلِجَام الدَّابَّة ومَنَعَهُ من المَسِيْر، وقال: يا مَوْلايّ، هذه الشَّريْعَة المُطَهَّرة لا يَنْبَغي الخُرُوج عنها، فقال أتَابِك: اشْهَد على أنَّها طالقٌ، قال: فأرْسَل وَالدِي حينئذٍ لِجَام الدَّابَّة من يَدِه، وقال: أمَّا السَّاعَة فنَعَم.
وسَمِعْتُ عَمِّي أبا غَانِم يَقُول: قال لي وَالدِي أبو الفَضْل: لمَّا مَاتَ أبي القَاضِي أبو غَانِم، وولَّاني أتَابِك زَنْكِي القُضَاءَ بعدَهُ على أهْلِ حَلَب وأعْمَالها، وأحْضَرَني مَجْلسَهُ، وقال لي: يا قَاضي، هذا أمرٌ قد نَزَعتُه من عُنُقي وقَلَّدتُكَ إيَّاهُ، فانْظُر كيف تكُون، واتَّق اللّه، سَاوِ بين الخَصْمَين هكذا؛ وجَمَع بين سَبَّابته ووُسْطاه، ولا تَمِل على أحد الخَصمَيْن، ولا تُحاب أحدًا، ومَنْ امْتَنَع عليك فها أنا من وَرَائك.
أخْبرَني أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن مُحَمَّد بن أبي الكَرَم بن المُعَلَّى السِّنْجَارِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: كان بالمَوْصِل رَجُلٌ من أهْلِ الصَّلَاح يُنْكر المُنْكَر أين رَآهُ، فإنْ رَأى خَمْرًا أرَاقهُ، أو رَأى جَنْكًا أو عُوْدًا كَسَرهُ، فيُضْرَب على ذلك، فيَجْلِس في بَيْته ويُدَاوي أثرَ الضَّرْب، ثمّ يَخْرُج، فإنْ رَأى مُنْكَرًا أنْكَرَهُ على عَادَته، فيُضْرب ضَرْبًا عَنِيفًا، فيَجْلِس في البيت على العَادَة ويُدَاوي نفسَهُ إلى أنْ يَبْرئ، ويَخْرُج ويُنْكِر على عَادَتِهِ.
فاتَّفقَ يَوْمًا من الأيَّامِ أنْ خَرَجَ فنَظَر إلى دِجْلَة، وزَنْكِي بن آقْ سُنْقُر رَاكبٌ في شَبَّارة وعندَهُ مُغَنِّية تُغَنِّي وهو يَشْرَبُ، وعنده جَمَاعَة، فنَزَع ذلك
الرَّجُل ثِيَابَهُ وسَبَح وجاء إلى الشَّبَّارَة الّتي فيها زَنْكِيّ، فعَلَّق يَدهُ فيها ليَصْعَد، فقال بعضُ مَن مع زَنْكِي: أأضْربُ يَدَهُ بالسَّيْف؟ فقال: لا اتْركهُ، فتَعَلَّق وصَعدَ فجَلَس، فأشَارَ ذلك الشَّخْصُ إلى زَنْكِي: أأضْربه؟ فقال: لا اتْركهُ، فقَعَدَ في الشَّبَّارة وأخَذَ الجَنْكَ وقَطَعَ أوْتارَهُ، ثمّ أخَذَ الأقْدَاح وصَبَّها في دِجْلَة، وغَسَّلها بالماءِ، وتَرَكها في الشَّبَّارة، وألْقَى جَمِيع ما ثَمَّ مِن الخَمْر في الماء، وغَسَّل الآنيَة وتَرَكها، ثمّ مَدَّ يده إلى إزَار المُغَنِّية فأخَذَهُ وسَتَرَها به، ثمَّ ألْقَى بنفْسه في دِجْلَة وسَبَح وعَبَر، ولَم يُكَلِّمه زَنْكِي بكَلمة، وأمَّا زَنْكِي فإنَّهُ لمَّا سَبَح ذلك الرَّجُل وعَبَرَ، قال: نَرْجع ونَدْخُل إلى دُورنا، فليسَ لنا في هذا اليَوْم اشْتِغَالٌ بما كُنَّا فيه، وأمَرَ الملَّاحِيْن فأتَوا بالشَّبَّارَة إلى دَاره فنَزَلَ فيها.
قال: وأمَّا الرَّجُل الّذي كان يُنْكر [المُنْكَر](a)، فكان بعد ذلك إذا أنْكَر المُنْكَر لا يَتَجاسَر أحدٌ على ضَرْبه، وإذا رَأوه مُقْبلًا ليُنْكر عليهم انْهزمُوا منه، واخْتَفوا من طَرِيقه، ولمَّا مَاتَ غُلِّقَت أسْوَاقُ المَوْصِل لحُضُور جنَازَته، رحمه الله.
أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ
(1)
، قال: زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، أبو المُظَفَّر التُّرْكِيّ المَعْرُوف بابنِ قَسِيم الدَّوْلَةِ، دَخَل دِمَشْقَ في صُحْبَةِ الأَمِير مَمْدُود (b) صَاحِب المَوْصِل الّذي قُتِلَ بدِمَشْق (c)، وكان من خَوَاصِّهِ، ثمّ تَرَقَّت بهِ الحالُ إلى أنْ مَلَك المَوْصِل وحَلَب وحَمَاة وحِمْصَ، وحَصَر دِمَشْقَ، ثُمَّ اسْتَقرَّت الحال على أنْ يُخْطب (d) له على مِنْبَرها، ومَلَك بَعْلَبَك وغيرها من بلَادِ الشَّام والجَزِيْرَة،
(a) إضافة ليست في الأصل.
(b) ابن عساكر: مودود، وقدمت الإشارة إلى اختلاف المصادر في تسميته على الوجهين.
(c) في تاريخ ابن عساكر والنجوم الزاهرة: بجامع دِمَشْق، وكان قتله في صلاة جمعة بالجامع سنة 507 هـ. انظر: النجوم الزاهرة 5: 207.
(d) ابن عساكر: خطب.
_________
(1)
تاريخ ابن عساكر 19: 85.
واسْتَرْجَع عدَّةً من حُصُون الفِرِنْج وبلادِهم، مثل: المَعَرَّة، وكَفَرْ طَاب، وتَلِّ بَارِين، وفَتَحَ مَدِينَة الرُّهَا، وكان له أثرٌ حَسَنٌ في مُقَاومة مُتَمَلِّك الرُّوم لمَّا حَصَر شَيْزَر، وأسَر عدَّةً من أبْطَالِ العَدُوّ، وكان شَهْمًا صَارِمًا، قُتِلَ وهو مُحَاصِرٌ لقَلْعَة ابن مَالِك في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة [ودُفِنَ](a) بالرَّقَّة، رحمه الله.
قَرَأتُ في تاريْخ أبي شُجاع مُحَمَّد بن عليّ بن الدَّهَّان الفَرَضِيّ
(1)
، في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، قال: وفي هذه السَّنَة قُتِلَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي لَيْلَة الأَحَد سَادِس شَهْر رَبيع الآخر على قَلْعَة جَعْبَر، قَتَلَهُ خَادِمٌ له اسْمُه يَرَنْقُش، وانْهَزَم إلى قَلْعَة جَعْبَر.
قُلتُ: وفي تَعْليقي من الفَوَائِد أنَّ أتَابِك زَنْكل سارَ من الرُّهَا، ونَزَلَ على قلَعَة جَعْبَر بالمَرْج الشَّرْقيّ تحت القَلْعَة يَوْم الثّلاثَاء ثالث ذِي الحِجَّة من سَنَة أرْبَعيْن وخَمْسِمائَة، فأقامَ عليها إلى لَيْلَة الأَحَد سَادِس شَهْر رَبيع الآخر نصْف اللَّيْل من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، فقَتَلَهُ يَرْنْقُش الخَادِم؛ كان تهَدَّدَهُ في النَّهَارِ، فخافَ منه، فقَتَلَهُ في اللَّيْلِ في فِرَاشهِ. وقيل: إنَّهُ شَرِبَ ونامَ فانْتَبَه فوَجَدَ يَرَنْقُش الخَادِمَ وجَمَاعَة من غِلْمَانه يَشْربُون فَضْل شَرَابه، فتوعَّدَهُم ونام، فأجْمَعُوا على قَتْله، فقَتَلَهُ يَرَنْقُش المَذْكُور.
سَمِعْتُ وَالدِيّ، رحمه الله، يَقُول: إنَّ حَارِس أتَابِك كان يَحْرسُه في اللَّيْلة الّتي قُتِلَ فيها بهذين البَيْتَيْن
(2)
: [من البسيط]
يا رَاقِدَ اللَّيْل مَسْرُورًا بأوَّلهِ
…
إنَّ الحَوَادِثَ قد يَطْرُقْنَ أسْحَارا
لا تأَمَننَّ بلَيْلٍ طابَ أوَّلُهُ
…
فرُبَّ آخر لَيْلٍ أجَّجَ النَّارَا
(a) إضافة لازمة من ابن عساكر، فإن قتله في قَلْعَة جَعْبَر، ونُقل شلوه إلى الرقة ودفن فيها.
_________
(1)
تقدّم التعريف بالكتاب في هذا الجزء.
(2)
البيتان في زبدة الحلب 2: 471.
قَرَأتُ في تاريْخ حَرَّان، تأليف أبي المَحَاسِن بن سَلامَة الحَرَّانيّ، قال: فلمَّا كان في سَنَة أرْبَعيْن وخَمْسِمائَة نَزَل - يعني أتَابِك زَنْكِي - على قَلْعَة جَعْبَر بالمَرْجِ الشَّرْقيّ تحت القَلْعَة يَوْم الثّلاثَاء ثالث ذِي الحِجَّة، فأقام عليها إلى لَيْلَة الأَحَد سَادِس رَبِيع الآخر نصْف اللَّيْل من سَنَة إحْدَى وأرْبعين وخَمْسِمائَة، فقَتَلَهُ يَرَنْقُش الخَادِم؛ كان تهَدَّدَهُ في النَّهَار، فخافَ منه، فقَتَلَهُ في اللَّيْل في فراشِهِ، وجاءَ إلى تحت القَلْعَة فنَادَى أهْلَ القَلْعَة: شِيْلُونيّ، فقد قَتَلْتُ السُّلْطانَ، فقالوا له: إذْهَبْ إلى لَعْنَة اللّه؛ قد قَتَلْتَ المُسْلمِيْن كُلَّهُم بقَتْله!.
وافْتَرَقت العَسَاكِرُ، فأخَذَ أوْلَادُ الدَّايَة نُور الدِّين مَحْمُود المَلِك العادِل ابن عِمَاد الدِّين زَنْكِي وطلبُوا حَلَب والشَّام فمَلَكها (a)، وسَارَ أجْنَادُ المَوْصِل بسَيْف الدِّين غَازِي إلى المَوْصِل وأعْمَالها فمَلَكَها ومَلَكَ الجَزِيْرَة، وبقي عِمَاد الدِّين أتَابِك زَنْكِي وَحْدَهُ، فخَرَج إليهِ أهْلُ الرَّافِقَة فغَسَّلُوه بقِحْفِ جرَّة، ودَفَنُوهُ على باب مَشْهَد الإمَام عليّ عليه السلام في جِوَار الشُّهَدَاء من الصَّحَابَة، وبَني بنوه عليه قُبَّةً فهي باقية إلى الآن.
كذا قال أبو المَحَاسِن، وإنَّما دُفِنَ أوَّلًا دَاخِل مَشْهَد عليّ رضي الله عنه، قريبًا من الباب، ثمّ نُقِلَ من ذلك المَوضِع إلى جوار الشُّهَدَاء لِمَا نَذْكُره بعد هذا، وبَنى عليه وَلده نُور الدِّين مَحْمُود حائطًا يَقْصُر عن القامة، ولَم يُبْن عليه قُبَّة.
أخْبَرَني الأَمِير بَدْرَان ابن جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن بن مَالِك بن سَالِم بن مَالِك العُقَيْلِيّ، قال: لمَّا طَالَ حِصَار أتَابِك زَنْكِي لعمِّي عليّ بن مَالِك على قَلْعَة (b) جَعْبَر، تقدَّم حَسَّان البَعْلَبَكِّيّ صَاحِب مَنْبِج إلى عمِّيّ، وقال له من تحت القَلْعَة: يا أمير عليّ، أيْشٍ بَقي يُخَلِّصُكَ من أتَابِك؟ فقال له: يا عَاقِل، يُخَلِّصُني الّذي خَلَّصَكَ من جُبِّ خَرْتَبِرْت، فذُبِحَ أتَابِكُ في تلك اللَّيْلة.
(a) في زبدة الحلب 2: 472: فملكوه إياها.
(b) غير واضحة، ويمكن أن تقرأ: قلعته.
وكان حَسَّان قد قَبَضَ عليه بَلَك بن بَهْرَامِ بن أُرْتُق، وطَلَبَ منه أنْ يُسَلِّم إليهِ مَنْبِج فلم يَفْعَل، فسَيَّرَهُ إلى خَرْتَبِرْت وحَبَسَهُ في جُبٍّ بها، وحَاصَر مَنْبِج، فجاءَهُ سَهْمٌ فقَتَلَهُ عليها وخلصَ حَسَّان، وعاد إلى مَنْبِج
(1)
.
وقال لي بَدْرَان: ومن عَجِيْب ما اتَّفَق في حِصَار القَلْعَة ما حَكاهُ لي جَمَاعَةٌ من عَبِيْدنا وشُيُوخ أصْحَابنا أنَّ أَتَابِك زَنْكِي لمَّا قَصَدَ القَلْعَة وحَاصَرها، وبها عَمِّي عليٌّ، أقامَ [مُضَايقًا لها](a) حتَّى عَدِمُوا الماءَ، فبَذَلَ له عَمِّي ثلاثين ألف دِيْنارٍ ليَرْحل عنها، فأجابَهُ إلى ذلك، ونَزَل رسُول عمِّي إليهِ وقد جَمَع الذَّهَبَ حتَّى قَلَع الحَلَق من آذانِ عَمَّاتي؛ أخَواته، على ما حَكَى لي المَشَايخُ.
قال: فلمَّا نَزَل الرَّسُول إليهِ، قال لبعض خَوَاصِّهِ: امْضِ بفَرَسه وقَرِّبه إلى قِدْر اليَخْنِيّ؛ فإنْ شَرِبَ منه فأعْلِمنيّ، قال: فمَضَى بهِ إلى قِدْر اليَخْنِي وجَعَلَ مَرَقَة اليَخْنِي بينَ يَدَيْهِ، فشَرِبَها الفَرَسُ، فأخْبَرهُ بذلك، فقال: إنَّ الماءَ عندَهُم قليل جدًّا، فقال للرَّسُول: ارْجع إليهم فلا سَبِيل إلى الصُّلْح إلَّا على القَلْعَة، فقال له الرَّسُول: لا تَفْعَل، فقال: قد فَعَلتُ وأنتُم فما بقي عندكم ماءٌ يَكْفيْكم، قال: فصَعدَ الرَّسُول إلى القَلْعَةِ، وأخْبر عمِّي بذلك، فأُسْقِطَ في يَده.
قال: وكان في القَلْعَة بقَرَةُ وَحْشٍ، وقد أجْهَدَها العَطَشُ، فصَعَدَت في دَرَجة المئْذَنة حتَّى عَلَتْ عليها، ورَفَعَتْ رَأسَها إلى السَّماءِ، وصَاحَت صَيْحَةً عَظِيمَة مَلأت الوَادِيّ، قال: فأرْسَل اللّه سُبْحَانهُ سَحَابةً ظلَّلَتْ القَلْعَةَ وأُمْطِرُوا حتَّى رَوُوا، ولمَّا كان عَشِيَّة ذلك اليَوْم، باتوا تلكَ اللَّيْلهَ فقُتِلَ أتَابِك في جَوْف اللَّيْل، وفَرَّج اللّه عنهم.
(a) كلمتان أخفتهما الرطوبة، وفي زبدة الحلب 2: 470: قد ضايق القَلْعَة.
_________
(1)
انظره موسعًا في تَرْجَمَة حسان بن كمشتكين (الجزء الخامس).
قُلتُ: وكان القَاضِي أبو مُسْلم قاضي الرَّقَّة هو الّذي خَرَجَ من الرَّقَّة مع جَمَاعَةٍ من أهْلها، وتَوَلَّى تَجْهيز زَنْكِي ونَقْله إلى الرَّقَّة ودَفْنه، فكان ثَوَابه من نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي أنْ وَقَف عليه وعلى ذُرِّيَّته من بَعْدهْ قَرْيَة عَامِرة ببَلَدِ حَلَب.
أخْبَرَني شِهَاب الدِّين أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ بن أبي مُسْلِم قاضي الرَّقَّة، بالرَّقَّة، قال: كان أتَابِك زَنْكِي حين قُتِلَ وحُمِلَ إلى الرَّقَّة قد دُفِنَ في مَشْهَد عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، داخل الباب على يَميْن الدَّاخِل، والمكان مَعْرُوف وأرَانيهِ حين حَكَى لي هذه الحِكَايَةَ، قال: وكان بالمَشْهَد قَيِّمٌ أعْجَميٌّ يُقال له: بِبْنَار، وكان رَجُلًا صَالِحًا، فاتَّفَقَ ليلَةَ النّصْف من شَعْبان أنْ رَأى في المَنَام كأنَّهُ خَرَجَ من البَلَدِ، وجاءَ إلى المشهَد، فرَأى على بابهِ ثلاثة أفْرَاسٍ يُمْسكُها عَبْدٌ أسْوَد، قال: فدَخَلْتُ المَشْهَد، فرَأيْتُ ثلاثة رجالٍ، فقُلتُ: مَنْ أنتُم؟ فقال أحدُهم: أنا عليّ بن أبي طَالِب وهذان الحَسَن والحُسَين، ثمّ سَألني عن القَبْر، فقُلْتُ: هذا قَبْر سُلْطانٍ عَظِيم، فقال لي: مَهْ! السُّلْطانُ العَظِيْمُ هو اللّهُ. فقُلْتُ: هذا قبر أتَابِك زَنْكِي الشَّهِيْد، فقال لي: تَمْضِي إلى وَلده مَحْمُود وتقُول له: نحنُ جَعَلنا هذا المكان مَعْبَدًا لَم نَجْعَله مَدْفنًا، فقُل له: يَنْقله من هَا هُنا، قال: ثمّ مَشَوا إلى المكان الّذي يُقال فيه الكَفُّ، ودَعَوا، ثمّ قال لي: يا بِبْنَار، أنتَ ما تقُول له، نحنُ نقُول له!
قال: فأصْبَح بِبْنَار ودَخَلَ إلى جَدِّي القَاضِي مُوَفَّق الدِّين أبي مُسْلِم، فحَكَى له ما رَأى وعنده جَمَاعَة، فأخَذَ جَدِّي وكَتَبَ كِتَابًا إلى نُور الدِّين مَحْمُود يُخْبره فيه بصُورة المَنَام، قال: فلَم يَصِل إليهِ الكتاب حتَّى سيَّر نُور الدِّين محمُود كِتَابًا إلى القَاضِي أبي مُسلم يقُول له: إنِّي رَأيتُ ليلَة نصْف شَعْبان عليّ بن أبي طَالِب ووَلديه الحَسَن والحُسَين عليهم السلام، وقالوا لي: تَنْقُل أباك من المَشْهَد؛ فنحنُ جَعَلْناهُ مَعْبَدًا لَم نَجْعَله مَدْفنًا، وقد سَيَّرتُ إليك أرْبَعةَ آلاف قرْطِيْس فتَبْني بها تُرْبَةً مثل تُرَب الفُقَرَاءِ والمَسَاكِيْن، لا مثل تُرَب المُلُوك والسَّلَاطين، وتَنْقُله إليها، قال:
فبَنى له حَظِيْرة مُخْتَصَرة بالقُرْبِ من باب المَشْهَد، ونَقَلَهُ إليها، ورَأيْتُها بالرَّقَّة، وهي قَصِيْرة البُنْيان.
سَمِعتُ قاضِي القُضَاة أبا المَحَاسِن يُوسُفَ بن رَافِع تَمِيْم يَقُول: قد رُؤي أتَابِك زَنْكِي بعدَ مَوْته في المَنَام، فقيل له: ما فَعَلَ اللّهُ بكَ؟ قال: غَفَرَ لي بفَتْحي الرُّهَا.
زَنْكِي بن مَوْدُود بن زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، أبو سَعيد المُلَقَّب عِمَاد الدِّين، صَاحِبُ سِنْجَار
(1)
وهو حَفِيْد المُقَدَّم ذِكْره، ويُلَقَّب: المَلِك العادِل.
وكان عَادِلًا يَمِيْل إلى الدِّين وأهْله، وكان أخُوه عِزّ الدِّين مَسْعُود بن مَوْدُود بعدَ مَوْت المَلِك الصَّالِح ابن عَمّه قد مَلَك حَلَب، فسَيَّرَ إليهِ عِمَاد الدِّين زَنْكل وقال: كيف تَخْتصّ أنْتَ ببلاد عمِّي وابْنه وأمْوَاله، وأنا لا أصْبِرُ على ذلك، وطَلَب منه حَلَب، ويَدْفع إليهِ سنْجَار عِوَضًا عنها، فأجابَهُ إلى ذلك، وأخَذَ جميع ما كان بحَلَب من الأمْوَال والذَّخَائِر، واتَّفقا على تَسْلِيم حَلَب إلى زَنْكِيّ، وتَسْليم سِنْجَار إلى عِزّ الدِّين.
(1)
توفي سنة 594 هـ، وترجمته في: مضمار الحقائق للأيوبي 141 - 144، ابن الأثير: الكامل 12: 132، ابن شدَّاد: النوادر السلطانية 100 - 106، 187، 222، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 60، عز الدين بن شدَّاد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 167 - 185، وفيات الأعيان 2: 330 - 331، ذيل الروضتين لأبي شامة 19، ابن واصل: مفرج الكروب 2: 109 - 110، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 3: 93، تاريخ الإسلام 12: 1016 - 1017، العبر في خبر مَن غبر 3: 109، الإعلام بوفيات الأعلام 244، الوافي بالوفيات 14: 223 - 224، تاريخ ابن الوردي 2: 168، تاريخ ابن الفرات 4/ 1: 102 - 104، 4/ 2: 139 - 140، العيني: عقد الجمان 3: 140، 3: 70، النجوم الزاهرة 6: 144، النعيمي: الدارس في تاريخ الدارس 1: 474، شذرات الذَّهب 6: 518، الطباخ: إعلام النبلاء 2: 101 - 102.
فسَيَّرَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي وَلده قُطْب الدِّين إلى حَلَب فتَسَلَّمها، ثمّ وَرَد بعده بأهْله وأمْوَاله وزَوْجَته بنت عمِّه نُور الدِّين وأجْنَاده، ووَصَلَ إلى حَلَب على البَرِّيَّة من جِهَة الأحَصِّ، والْتَقاه أكَابِرُ الحَلَبِيِّيْن، وصَعدَ إلى قَلْعَة حَلَب في ثالث عَشر المُحَرَّم من سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وقيل: في مُسْتَهَلِّه.
ووَصَلَ المَلِك النَّاصر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوبَ إلى حَلَب، ونَزَل عليها ثلاثة أيَّام، فقال له زَنْكِي: مُرْ إلى سِنْجَار وافْتَحها وادْفَعِها إليَّ وأنا أدْفعَ إليك حَلَب، فرَحَل المَلِك النَّاصر عن حَلَب ومَضَى إلى المَوْصِلِ، ثمّ رَحَلَ عنها إلى سِنْجَار، وفَتَحها في ثَاني عَشر شَعْبان من السَّنَة وعاد عنها، وعَزَم على مُنَازلة حَلَب.
وبَلَغ عِمَاد الدِّين زَنْكِي ذلك فخرَّب عَزَاز وِحِصْن بُزَاعَا وحِصْن بَالِس وحِصْنِ كَفر لَاثَا بعد أخْذه من بكْمش
(1)
، وأخَذَ رهائن الحلبِيِّيْن خَوْفًا من تَسْليم البَلَد، ونَزَل المَلِكُ النَّاصِر على حَلَب وَقْت الضُّحَى من يَوْم السَّبْت لأرْبَع بَقِينَ من المحرَّم من سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وأقام عليها شَهْرًا يَجِدُّ في القِتَال، فرَأى عِمَاد الدِّين زَنْكِي أنَّهُ لا طَاقة له به، وأنَّ أخاهُ عِزّ الدِّين قد جَعَلها خاليةً من الأمْوَال والذَّخَائِر، فأحْضَر إليهِ الأَمِير طُمَان، واتَّفَق معه على أنْ يَخْرُج في السِّرِّ ليلًا، ويتحدَّث في تَقْرير الأمْر بينهما على تَسْليم حَلَب وأعْمَالها إلى المَلِك النَّاصِر، وأنْ يُعوِّضَهُ عنها بسِنْجَار ونَصِيبِيْن والخَابُور والرَّقَّة وسَرُوْج، وأنْ تكُون بُصْرَى لطُمَان، ويكُون في خِدْمَةِ زَنْكِي، وكَتَم ذلك عن الحَلَبِيِّيْن والأجْنَاد، وكان يَخْرُج إلى إصْطَبْله ودَاره بالحَاضِر ويُظْهِر أنَّهُ يخرج لحِفْظِ أَخْشَابَه بَهْما، ويَجْتِمع بالسُّلْطان إلى أنْ قرَّر ما قرَّرَهُ، ولَم يَشْعُر أحدٌ من الجانبين إلَّا وأعْلَامُه قد رُفِعت على قَلْعَة حَلَب، واسْتَقَرَّ الأمرُ على إجْرَاء الأُمَرَاء وأعْيَان المَدِينَة على عَادَتهم في مَعَايشهم وأمْلَاكهم.
(1)
بكمش بن عين الدَّوْلَة الباروقي. انظر: السلوك للمقريزي 1/ 1: 83.
وكان الحَلَبِيُّونَ يَجِدُّون في قِتَال عَسْكَر المَلِك، ويَخْرُج منهم في كُلِّ يَوْم عَشرة آلاف مُقَاتِل أو أَكْثَر يَجِدُّون في القِتَال، فخَافُوا على أنْفُسهم لِمَا تكرَّر منهم في قِتَال المَلِك النَّاصِر مَرَّةً بعد أُخرى: في أيَّام المَلِك الصَّالِح إسْمَاعِيْل بن نور الدِّين، وفي أيَّام عِمَاد الدِّين زَنْكِيّ، وصَرَّح العَوَامُّ بسَبِّه، ونَزَل عِمَاد الدِّين زَنْكِي من قَلْعَة حَلَب يَوْم الخَمِيْس ثالث وعشْرِين من صَفَر من سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ورَتَّب فيها طُمَان إلى أنْ يتَسَلَّم نُوَّاب عِمَاد الدِّين ما اعْتَاض به عن حَلَب واسْتَنابه في بَيْع جميع ما كان في قَلْعَة حَلَب حتَّى باع الأغْلَاقَ والخَوَابِيّ، واشْترَى المَلِك النَّاصِر منها شيئًا كَثِيْرًا، ونَزَل عِمَاد الدِّين في ذلك اليَوْم إلى السُّلْطان المَلِك النَّاصِر، وعَمِلَ المَلِكُ له وَلِيْمَةً واحْتَفَل، وقدَّم لعِمَاد الدِّين أشْيَاء فَاخِرة من الخَيْل والعُدَد والمَتَاع الفَاخِر، وسارَ عِمَاد الدِّين نحو بلاده حتَّى نزَل مَرْج قَرَاحِصَار، وسارَ المَلِكُ النَّاصِر وشَيَّعَهُ ورَجَع.
سَمِعْتُ عمِّي أبا المَعَالِي عبد الصَّمَد بن هِبَةِ اللّه بن أبي جَرَادَة
(1)
، قال: نَقَلَ عِزُّ الدِّين صَاحِب المَوْصِل من حَلَب، حين مَلَكَها، جميعَ ما في قَلْعَة حَلَب من الذَّخَائِر والسِّلاح والأمْوَال إلى الرَّقَّة، وصَانَع عِمَاد الدِّين على أنْ يأخُذَ منه سِنْجَار وأعْطاهُ حَلَب، فقَدِمَ عِمَاد الدِّين إلى حَلَب مُجِدًّا في السَّير على البَرِّيَّةِ.
قال لي عَمِّي: فخَرَجْتُ أنا ووَالدك والْتَقَيْناهُ، وقد قَدِمَ من نَاحيةِ الأحَصِّ، ودَخَلَ حَلَب، وأقامَ بها فلَم يَجِد في قَلْعتها من الذَّخَائِر والأمْوَال إلَّا القليل، فبَلغَ المَلِك النَّاصِر، فقال: أخَذْنا واللّه حَلَب، وكان لمَّا بَلَغَهُ تَسلُّم عِزّ الدِّين حَلَب قال: خَرَجَت حَلَب من أيْدِينا! فقيل له: كيفَ قُلْتَ في عِزّ الدِّين لمَّا أخَذَها: خَرَجَت حَلَب عن أيْدِينا، وقُلْتَ في عِمَاد الدِّين: أخَذْنا حَلَب؟! فقال: لأنَّ عِزَّ الدِّين مَلِكٌ صَاحِب رجالٍ ومال، وعِمَاد الدِّين لا رجَال ولا مَال.
(1)
انظره في تذكرة ابن العديم 177 - 180.
وجاءَ المَلِك النَّاصِر ونازَلَ حَلَب، فقال له عِمَاد الدِّين: امْضِ إلى سِنْجَار وخُذْها وأنا أدْفَع إليك حَلَب وتُعْطِيني سِنْجَارِ، فرَحَلَ عنها المَلِكُ النَّاصِر بعَسَاكِره ونَازَل سِنْجَار وفَتَحَها، وعاد المَلِكُ النَّاصِر، ونَزَلَ على حَلَب وبها الأُمَرَاءُ اليَارُوْقِيَّة في قُوَّتهم وعُدَّتهم، فسَعَى الأَمِير طُمَان بين عِمَاد الدِّين والمَلِك النَّاصِر وصَالحَهُ على أنْ يُعْطِيه سنْجَار ويأخُذ حَلَب، ولَم يَعْلَم أحدٌ من الأُمَرَاءَ وأهْل البَلَد إلَّا وأعْلَام المَلِك النَّاصِر على قَلْعَة حَلَب، فشَقّ عليهم ذلك، وجَرَى على اليَارُوْقِيَّة أمرٌ عَظِيم، وخَافُوا على أخْبَازهم، وكذلك على أهْلِ البَلَدِ؛ لأنَّ المَلِك النَّاصِر كان قد حَاصَرها في أيَّام المَلِك الصَّالِح ورَأى من قِتَالهم ونُصْحهم ما لم يُشَاهده من غيرهم، وصَعدَ الرَّئِيس بحَلَب مُقَدَّم الأَحْدَاث إلى عِمَاد الدِّين ووَبَّخَهُ على ذلك، فقال له وهو في القَلْعَة: لَم نَخْرُج منها بعدُ فما فات شيء، فاسْتَهْزَأ به الرَّئِيس، وجَمَعَ له الحَلَبِيُّيونَ والأجْنَاد إجَّانَات الغَسَّالين إلى تحت القَلْعَة يُشِيْرون بذلك إلى أنَّه يُغْسل فيها كالمَخَانِيْث، وعَمِلَ عَوَام حَلَبَ فيه شِعْرًا مَلْحُونًا من نَظْم العامَّة الجُهَّال، وكانوا يُغَنُّون بها، ويَدُقُّون على طَبْل لهم منها
(1)
:
يا حْبَابْ قَلْبي لا تلُومُوْني
…
هذا عِمَادُ الدِّين مَجْنُونِ
قايَضْ بسِنْجَارْ لقَلْعَةْ حَلَبْ
…
وزَادَهُ المَوْلَى نَصِيبِيْن
قال: وضَرَب آخر من العَوَامّ السَّفِلَة على طَبْلِهِ، وقال مُشِيْرًا إلى عِمَاد الدِّين
(2)
: [من المتقارب]
وبِعْتَ بسِنْجَارْ قَلْعَةْ حَلَبْ
…
عَدِمْتُكَ من بَايِعٍ مُشْتَري
خَريْتَ على حَلَبٍ خَرْيةً
…
نسخْتَ بها خَرْيَةَ الأشْعَرِي
(1)
البيت الأوّل في زبدة الحلب 2: 555. وانظر مزيدًا من كلام عوامّ حَلَب في حقّ عماد الدين لدى ابن واصل: مفرج الكروب 2: 142 - 143.
(2)
البيتان في زبدة الحلب 2: 555، وتذكرة ابن العديم 180، وانظر: عقد الجمان للعيني 2: 13 ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 21: 294.
وقَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، فيما كَتَبَهُ بخَطِّه، عن القَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ في دُسْتُوره الّذي جَعَلَهُ تَاريْخًا للمَاجَرَايَات
(1)
في كُلِّ يَوْمٍ، بعضُه بخَطِّ الفَاضِل وبعضُه بخَطِّ [ابن](a) الحُصَيْن، قال: يَوْم الجُمُعَة سَابِع عَشر صَفَر - يعني من سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة - في لَيْلَته خَرَجَ الحُسَام طُمَان، واجْتَمَع بالسُّلْطان، وتقرَّر الأمْرُ في تَسْليم حَلَب إلى السُّلْطان وقَلْعتها، وأخْذِ العَوَض عنها سِنْجَار، ونَصِيبِيْن، والخَابُور، والرَّقَّة، وسَرُوْج، وعَقَدَ المُصَافاة مع العِمَاد على المُسَاعدة في الغَزْو بَعْسَكرِ سَرُوْج والرَّقَّة متى اسْتُدْعوا للجِهَادِ، وأنْ يُسَاعِد بنفْسهِ وباقي رجالهِ متى خفَّ رِكَابه لذلك، وأنْ يُتابع السُّلْطِان في حَالَتَي سِلْمهِ وحَرْبهِ، ويُخْلِص في طَاعته في بُعْدِه وقُرْبهِ، وحُرِّرت من الجانبَيْن نُسْخَة يَمِين يُسْتَحلف بأَحديْهما العِمَاد ويَحْلف هو بالأُخْرى.
وقال: خَرَجَ في آخر نَهار هذا اليَوْم حُسَام الدِّين طُمَان وجُورْديك وجَمَاعَةٌ من أُمَرَاءَ اليَارُوْقِيَّةِ، وحَضَرُوا خِدْمَة السُّلْطان المَلِك النَّاصِر، ولخصَّوا من نُسْخَة اليَمِيْن فُصُولًا مختَصَرةً اسْتَوْفَوا أقْسَام الحِلْفِ بها على السُّلْطان، وباتُوا تلك اللَّيْلة بالمُعَسْكر التَّقَوِيّ خَوفًا من تَشْغِيب العَوَامّ.
(a) إضافة حسب ما قيَّده في أول النقل.
_________
(1)
تقدّم لابن العديم النقل عن تاريخ القاضي الفاضل (ت 596 هـ) في تضاعيف تَرْجَمَة حطان بن كامل بن منقذ (الجزء السادس)، وفيه تفسير لفظة الماجرايات بما يقابل: الحوادث، قال: "وقرأتُ في تاريخ القاضِي الفاضل عبد الرَّحيم بن عليّ الَّذي علَّق فيه الحوادث في كلّ يوم
…
"، ولعل نسخة الكتاب ذاتها التي نقل عنها ابن خلكان، وسماه تاريخ القاضي الفاضل "الَّذي رتبه على الأيام، وهو بخطه، يذكر فيه ما يتجدَّد في كل يوم"، (وفيات الأعيان 1: 258)، واستخدم بدر الدين العيني لفظة: "الماجريات"، في عناوين الفصول والأبواب من كتابه عقد الجمان، مُولَّدة من عبارة: ما جَرَى؛ أي "الحوادث الواقعة"، ويرى روزنثال أن هذا النمط من التأليف القائم على توثيق الأحداث اليومية موروث فارسي وتركي لوجود أمثلة مشابهة في تراثهما. انظر: علم التاريخ عند المُسْلِمين 240.
وقال: يَوْم السَّبْت ثامن عَشر صَفَر، خَرَج الأُمَرَاءُ الحَلَبِيُّونَ كافَّة من اليَارُوْقِيَّة والمَمَالِيْك النُّوريَّة وحَضَرُوا خِدْمَة السُّلْطان، وجاء أعْيَانُ المَدِينَة وبياضُها، وشَمِلَهُم إنْعَام السُّلْطان في رَدِّ الأَمْلَاك على أرْبَابها، وإقْرَار الأجْنَادِ على مَعَايشهم وإقْطَاعاتِهم، وإجْرَاء الرَّعَايا على عَوَائدِهم.
وقال؛ يعني في هذا اليَوْم: أعْلَن أهْلُ حَلَب بسَبِّ عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود، وذَمِّه وتَسْخِيف رَأيه، ووَصْف ذُلِّهِ وجُبْنه فيما اعْتَمده من السِّلْم والتَّسْلِيم حتَّى حَمَلُوا إلى باب القَلْعَة مِغزَلًا وقُطْنًا وإجَّانَة، يَعْنُونَ: إنَّكَ شَأنك شَأن النِّسَاء من الغَزْلِ والغَسْل.
وقال: يَوْم الأَحَد تاسع عَشر صَفَر، خَرَجَ في أوَّله الأُمَرَاءُ الحَلَبِيُّونَ إلى الخِدْمَة بأَسْرهم، وسَارُوا في الخِدْمَة إلى الميدَان الأخْضَر، وفُتِحَت أبْوَاب حَلَب بأسَرها، وجَلَسَ أهْلها في مَعَايشهم.
وقال؛ يعني في هذا اليَوْم: أنْعَم السُّلْطانُ على ابْنَة نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي زَوجة عِماد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود بإقْطَاعٍ من أعْمَال حَلَب، وعِبْرته في كُلِّ سَنَة عشرُون ألف دِيْنارٍ.
وقال: يَوْم الخَمِيْس ثالث عَشْرِيّ صَفَر، خَرَجَ عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود من قَلْعَة حَلَب، ورَكب السُّلْطان فتَلَقَّاهُ واعْتَنَقا رَاكبَيْن، وتَسَايرا، فلَّمَا قَارَبا مُخَيَّم السُّلْطان تقدَّم عِمَاد الدِّين أمَامَهُ، فترجَّل عن فَرَسهِ قَرِيب أطْنَاب الدِّهْلِيْز حيث يَنْزل الأُمَرَاء في خِدْمَة السُّلْطان، فأمْسَكَ السُّلْطانُ رأس فَرَسه حتَّى دَخَل عِمَاد الدِّين إلى دِهْلِيْز سُرَادِقه ثمّ سَارَ السُّلْطانُ ونَزَلَ حيثُ جَرَت عَادَتُه ودَخَلَ، وفُرِشَ تحت قَدَمي عِمَاد الدِّين عِدَّة ثِيَاب أَطْلَس.
ودَخَلَ السُّلْطان فجَلَسا معًا، وجَلَسَ الأُمَرَاء الحَلَبِيُّونَ كُلّهم على مَرَاتبهم، ومُدَّ الخِوَانُ، ولَم يَزَل السُّلْطانُ يبْسُط العِمَاد ويُؤَانسه ويُشُغل الوَقْت بالأَخْبار المِصْرِيَّة والغَزَوات وغيرها، والعِمَاد مُلَازمٌ للصَّمْت والتَّثَاقُل حتَّى حَضَرَ سُليْمان بن جَنْدَر بحُكْم التَّحَجُّب عن السُّلْطانِ، وخَدَم عِمَاد الدِّين وقَدَّم بينَ يَدَيْهِ ما حُمِلَ من الخِزَانَة النَّاصِرِيَّة في عِشْرين بوُقْجَة: مائة ثَوْب، وسِكِّين بنصَاب نَاب، وأصْنَاف الثِّيَاب؛ أَطْلَس ورُوْميّ وخُوارَزْمِيّ وأنْطَالي وخَطَايّ، وسَقْلَاطُون وعتابِيّ، وغير ذلك، وقَدَّم له المَلِك العَزِين عُثْمان تِسْعَة أثْوَاب خُوْنَجِيّ ومُشَجَّر وآمِدِيّ وسِكِّين ومِنْدِيل. وقَدَّم له المَلِكُ الظَّاهر غَازِي مثل ذلك، وقدَّم له من إصْطَبْل السُّلْطان عَشرة أَرْؤُس (a) خَيْلًا عِرَابًا، وخَمْس حجُور، وخسة أحْصِنَة، وقدَّمَ له المَلِكُ العَزِين عُثْمان ثلاثة أحْصِنَة، والمَلِك الظَّاهِر مثل ذلك.
ونَهَضَ عِمَاد الدِّين وخَدَمَ وانْفَصَل، وسار على حالهِ إلى مَنْزِلٍ يُعْرَفُ بقَرَاحِصَار؛ وهو على نحو فَرْسَخين من حَلَب في جهة المَشْرِق، ويُقال: قَرَاحِصَا.
أخْبَرَنَا القَاضِي بَهَاء الدِّين أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم
(1)
، قال: رَحَل عِزُّ الدِّين - يعني مَسْعُود بن مَوْدُود - من قَلْعَة حَلَب في سَادِس عشر شَوَّال - يعني من سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة - طَالِبًا للرَّقَّةِ، وسَارَ حتَّى أتَى الرَّقَّةَ، ولَقِيَهُ أخُوه عِمَاد الدِّين عن قَرَار بينهما، واسْتَقَرَّ مُقَايَضَة حَلَب بسِنْجَار، وحَلَف عِزُّ الدِّين لأَخِيهِ عِمَاد الدِّين على ذلك في حَادِي عِشْرين شَوَّال، وسار من جانِب عِمَاد الدِّين مَنْ تَسَلَّم حَلَب، ومن جانب عِزّ الدِّين مَنْ تَسَلَّم سِنْجَار.
وفي ثالث عَشر المُحَرَّم سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين صَعدَ عِمَاد الدِّين إلى قَلْعَة حَلَب.
(a) الأصل: أرس.
_________
(1)
بهاء الدين بن شدَّاد: النوادر السلطانية 100.
وقال
(1)
: وسار - يعنيِ السُّلْطان المَلِك النَّاصِر - طَالِبًا حَلَب، فنَزَلَ عَلَيْهَا فِي سَادِس عشرين (a) مُحَرَّم سَنة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وكان أوَّل نُزُوله بالمَيْدَان الأخْضَر، وسَيَّر المُقاتِلَة يُقاتلُونَ، ويُباسطُونَ عَسكَر حَلَب ببَانَقُوسَا وباب الجنَان غُدْوةً وعَشيَّةً، ولمَّا نَزَلَ على حَلَب اسْتَدْعَى العَسَاكِر من الجَوَانِب، واجْتَمَع خَلْقٌ عظيمٌ، وقَاتَلها قِتَالًا شَدِيْدًا، وتحقَّق عِمَادُ الدِّين أنَّهُ ليسَ له به قِبَل، وكان قد ضرسَ من اقْتِرَاح الأُمَرَاء عليه، وجَبْههم، فأشَارَ إلى حُسَام الدِّين طُمَان، رحمه الله، أنْ يَسْفُر لَهُ مع السُّلْطان، قَدَّسَ اللّهُ رُوحَهُ، في إعادةِ بِلَادِه وتَسْليم حَلَب إليهِ.
واسْتَقَرَّت القَاعِدةُ، ولَم يَشْعُر أحدٌ من الرَّعِيَّة ولا من العَسْكَر حتَّى تَمَّ الأمرُ، وانْحْكَمت القَاعدةُ، واسْتَفَاضَ ذلك، واسْتَعْلم العَسْكَر منه ذلك، فأعْلَمَهُم، وأَذِنَ لهم في تَدْبِير أَنْفُسهم، فأنفذُوا عنهم وعن الرَّعِيَّةِ جُوْرديْك (b) النُّوْرِيّ وبلَك (c) اليَارُوْقِيّ، فقَعَدُوا عنه إلى اللّيْلِ، واسْتَحْلفُوه على العَسْكَرِ وعلى أهْل البَلَدِ، وذلك في سَابِع عَشر صَفَر سَنَة تِسْعٍ وسبْعِين.
وخَرَجَتِ العَسَاكِر إلى خِدْمَته إلى المَيْدَانِ الأخْضَر ومُقَدَّموا حَلَب، وخَلَع عليهم، وطَيَّب قُلُوبَهُم، وأقام عِمَاد الدِّين بالقَلْعَة يقضي أشْغَالَهُ، ويَنْقُل (d) أقْمَشَته وخزَانتَهُ، والسُّلْطانُ مُقيمٌ بالمَيْدَان الأخْضَر إلى يَوْم الخَمِيْس ثالث وعَشرين (e) صَفَر.
(a) في النوادر السلطانية: سادس عشر، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.
(b) النوادر السلطانية والتاريخ المَنْصُوري لابن نظيف الحَمَوِيّ 143: جُرْديك، وذكره ابن الأثير على الوجهين، انظر: التاريخ الباهر 139 - 140، 193.
(c) النوادر السلطانية: زين بلك.
(d) النوادر السلطانية: ونقل.
(e) الأصل: ثالث عشر، والتصوب من كتاب النوادر السلطانية، ويوافقه حساب التاريخ الآتي بعده.
_________
(1)
النوادر السلطانية 104 - 106.
وفي ذلك اليَوْم نزل عِمَاد الدِّين إلى خِدْمته، وسَيَّر (a) معهُ بالمَيْدَان الأخْضَر، وتقرَّرت (b) بينهما قَوَاعِد، وأنْزَلَه (c) عنده في الخَيْمَة، وقدَّم له تقدِمةً سَنِيَّةً وخَيْلًا جَمِيلةً، وخَلَعَ على جَمَاعَة من أصْحَابه.
وسَار عِمَادُ الدِّين من يَوْمِهِ إلى قَرَاحِصَار سَائرًا إلى سِنْجَار، فأقام السُّلْطان بالمُخَيَّم بعد مَسِيْر (4) عِمَاد الدِّين إلى يَوْم الاثنين سَابِع وعِشْرين صَفَر، ثمّ في ذلك اليَوْم صَعدَ، قَدَّسَ اللّهُ رُوحَهُ، قلعَة حَلَب مَسْرُورًا مَنْصُورًا.
أُنْشِدْتُ لزَنْكي بن مَوْدُود صَاحِب سِنْجَار دُوْبيت
(1)
: [من الدُّوبيت]
[السُّكَّر](e) صَارَ كَاسِدًا من شَفَتيه
…
والبَدْرُ تراهُ سَاجِدًا بينَ يَدَيْهِ
والحَسَنُ عليه كُلّ شيء وَافِر
…
إلَّا فَمُهُ فإنَّهُ ضَاقَ علَيْهِ
تُوفِّي عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود بسِنْجَار [سَنَة أَرْبَعٍ وتِسْعِين وخَمْسمائة](f)، ودُفِنَ بالمَدْرَسَة الّتي أنْشَأها ظَاهِر مَدِينَة سِنْجَار، رحمه الله.
سَمِعْتُ تَاج الدِّين مُحَمَّد بن خَيْر اللّه النُّفَيْعِي الفَقِيه الحَنَفِيّ بسِنْجَار يقُول لي: رَأيتُ عِمَاد الدِّين زَنْكي بن مَوْدُود بن زَنْكِي صَاحِب سِنْجَار في النَّوْم وهو في هَيْئَةٍ حَسَنةٍ، وثِيَابٍ جَمِيلة، وهو رَاكِبٌ خارج سِنْجَار، سَائرٌ نحو القِبْلَة، فقُلْتُ له: إلى أين؟ فقال: إلى الغَزَاةِ.
(a) النوادر السلطانية: وعزاه وسار معه.
(b) الأصل: وتقرر، والمثبت عن كتاب النوادر السلطانية.
(c) في النوادر السلطانية: وأنزله السلطان.
(d) النوادر السلطانية: سير.
(e) كلمة أخفتها الرطوبة، والمثبت عن ابن سعيد والصفدي.
(f) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سطر، واستكماله من مصادر ترجمته المتقدمة.
_________
(1)
البيتان في المقتطف من أزاهر الطرف لابن سعيد 722، والوافي بالوفيات 41:422.
قال لي ابن خَيْر الله: وكان له غَزَواتٌ مُتَعدِّدة رحمه الله، وكان قد جَمَعَ الغُبَار الّذي صَارَ على دِرْعه في غَزَواتهِ، وادَّخَرها لتُجْعَل في أكْفَانهِ، فجُعِلَتْ في أكْفَانهِ حينَ ماتَ، رحمه الله.
قال: وكان كَثِيْر الخَيْر والمَعْرُوف، وبَنى بسِنْجَار مَدْرِسَةً، هو مَدْفُونٌ بِهَا، وبِيْمَارِسْتانًا، وبَنى بنصِيبِيْن مَدْرسَةً لأصْحَاب أبي حَنِيْفَة، ووقَفَ على ذلك وُقُوفًا كَثِيْرة.