المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وَبَهِ تَوْفِيقِي (a)   ‌ ‌زَهْدَمُ بن الحارِث (1) كان بِدَابِق - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ط الفرقان - جـ ٩

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبَهِ تَوْفِيقِي (a)

‌زَهْدَمُ بن الحارِث

(1)

كان بِدَابِق حين وَلي عُمَر بن عَبْد العَزِيْز الخِلَافَة، وسَمِعَ خُطْبَتَهُ، ورَوَاها عنه، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عُثْمان.

أخْبَرَنَا أبو نَصْر [مُحَمَّد](b) بنُ هِبَةِ الله (c) بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَتْنا أُمُّ البَهَاء فاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّد، قالت: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر بن محمُود، [قال: أخْبَرَنَا أبو] (d) بَكْر بن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن جَعْفَر الزَّرَّاد المَنْبجِيّ [بمَنْبج](e)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْل عُبَيْد الله بن سَعْد الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبيد الله [بن عُمَر](f)، قال: حَدَّثَنَا [مُحَمَّد](g) بنُ عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا زَهْدَم (h) بن الحارِث، قال: سَمِعْتُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حينَ وَلِيَ الخِلَافَة خَطَبَنا، فقال: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَم أنِّي لَم [أسْألكَها](i) في سِرٍّ ولا عَلَانيِةٍ فسَلِّمنِي منها.

(a) في ق: وبه نستعين.

(b) من ق، ومطموسة في الأصل.

(c) الأصل: عَبْد الله، وأصلحها.

(d) ما بين الحاصرتين أفسدته الرطوبة، والمثبت من ق وتاريخ ابن عساكر.

(e) من ق وابن عساكر، ومطموسة في الأصل.

(f) من ق وابن عساكر، ومطموسة في الأصل.

(g) من ق وابن عساكر، ومطموسة في الأصل.

(h) الأصل: زهذم، بالذال العجمة.

(i) من ق، ومطموسة في الأصل، وانظر تاريخ ابن عساكر 19:86.

_________

(1)

قيَّده ابن العديم حيثما يرد في الأصل بالذال المعجمة: زهذم، والمثبت من ق ومن مصادر تَرْجَمَتِه وهي: الجرح والتعديل 3: 618، العُقَيْلِيّ: الضعفاء الكبير 2: 92، الخطيب البَغْدَادي: المتفق والمفترق 1: 1002 - 1004، تاريخ ابن عساكر 19: 86، ميزان الاعتدال 2: 82، لسان الميزان 2: 490 - 491، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 388.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 86.

ص: 17

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: زَهْدَم (a) بن الحَارِث شَهِدَ خُطْبَة عُمَرا بن عَبْد العَزِيْز حينَ اسْتُخْلِف، ورَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عُثْمان.

‌زَهْرُون بن حَسْنُون الحمَّال (b) المُتَعَبِّد الإفْرِيْقِيّ الأطْرَابُلْسِيّ

(2)

كان من العُبَّاد المُجْتَهدين في العِبَادَةِ، ودَخَلَ إلى الشَّام، وسَاحَ في جَبَل اللُّكَام، وقَدِمَ [التِّيْنَات](c) على أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ.

ذَكَرَهُ أبو بَكْر عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد المالِكِيّ في كتابه رِيَاض النُّفُوس في طَبَقَاتِ عُبَّاد إفْرِيقِيَّة، فقال - ونَقَلْتُ ذلك من [نُسْخَة مَنْقُولة](d) من خَطِّ عليّ بن عَبْد اللّه بن إبْراهيم بن مَحْبُوب الطَّرابُلُسِيّ؛ نَقَلَها من خَطِّ أبي بَكْر المالِكِيّ من مُسوَّدَة الكتاب - فقال في ذِكْره

(3)

: كان شَيْخًا صَالِحًا فَاضِلًا، مُتَعَبِّدًا مُجْتَهدًا نَاسِكًا، كَثِيْر التَّقَفُّر والسِّيَاحَة والانْفِراد (e)، ظَهَرَت له بَرَاهين وكَرَامَات.

وكان أصْلُه، رحمه الله، من أهْل القَيْرَوان، وكان مَسْكَنُه بالجَلُوديَّة (f)، جَرَت له في شَبِيْبَته صَبْوَةٌ وفتوَّةٌ، واتِّبِاع للشَّهَواتِ، ثُمَّ رَجعَ عن ذلك فتَابَ وأنَاب. وسَبَب رجُوعه ما حَدَّثَني أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن هَيْبُون الحريريّ (g)، قال:

(a) الأصل: زهذم.

(b) الأصل: الجمال، والمثبت من ق ورياض النفوس للمالكي.

(c) من ق، ومطموسة في الأصل.

(d) من ق، ومطموسة في الأصل.

(e) قوله: "كثير التقفر والسياحة والانفراد" لم يرد في كتاب رياض النفوس.

(f) عند البكري وياقوت: الجَلُود؛ بلدة بإفريقية. مُعْجَمُ ما استعجم 2: 390، مُعْجَمُ البلدان 2: 156، ومن قوله وكان مسكنه" حتَّى قوله "العبادة والتبتل" لم يرد في كتاب الرياض.

(g) كذا مهملًا في الأصل، وذكره المالكي في رياض النفوس 3: 383 و لم ينسبه.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 86.

(2)

توفي سنة 350 هـ، وترجمته في: رياض النفوس للمالكي 2: 383 - 388، وبالرغم من اقتباس ابن العديم للتَرْجَمَة منه إِلَّا أن أغلب ما ذكره هنا لم يرد في مطبوعة كتاب المالكي.

(3)

بعضه في رياض النفوس 2: 383.

ص: 18

حَدَّثَني بعضُ شُيُوخِيّ، قال: كان سَبَبُ تَوْبَةِ زَهْرُون الأطْرَابُلُسِيّ أنَّهُ شَقَّ سُوقَ العَطَّارينَ بالقَيْرَوان، فرَأى فيه حَدَثًا جَمِيْلًا، فوقَع في نَفْسِه منهُ شيءٌ، فدَخَل السُّوق فبَاع بدَرَاهِم كَثِيْرة، وكان رَبَّاعًا بباب الغَنَم، يجْلبُ الغَنَم إلى البُلْدَان، فأتَى بالدَّرَاهِم نصْف النَّهَار، وَقْت خلاءِ الأسْوَاق، فالْتَمس هو تلك الخَلْوَة، فأتَي فوَجَد الحَدَثَ جالِسًا وَحْدهُ في الدُّكَّان، فصَبَّ الدَّرَاهِم في حجره، قال: فنَفَضَهَا الحَدَثُ من حَجره إلى الزُّقَاقِ، قال: فأقْبَل زَهْرُون يَجْمَعُها من الأرْض، وهو يَقُول: هذه حيرَةُ الذُّنوب، قال: فأحْدَث تَوْبَةً في الوَقْت، وتَرَكَ الدُّنْيا، وأقْبَل على العِبَادَة والتَّبتُّل.

وحَجَّ حِجَجًا كَثِيْرة، ذَكَرَ عنهُ أبو بَكْر بن سَعْدُوس (a) المُتَعَبِّد، وكان من أصْحَابهِ، أنَّهُ حَجَّ سَبْعًا وعشرين حِجَّة، وكان يأَخُذُ طَريق تَبُوك بلا زادٍ ولا رَاحلةٍ على طَرِيق الفَقْر [والتَّوكُّل](b)، وهِي طَريْقَةٌ مَعْرُوفة عند أهْل الفَقْر يأخذُها منهم أهل الصِّحَّة والأكَابرِ من الفُقَرَاء، كان بنُو أُمَيَّة يأخذُونها من دِمَشْقَ إلى مدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، عَفَتْ آثارُها، وخَرِبت دِيَارُها، وغَارَت ميَاهُها.

قال (c): وقال أبو بَكْر بن سَعْدُوس: قُلْتُ لزَهْرُون: أخْبرني بأعْجَب شيءٍ رَأيته بجَبَل اللُّكَام؟ قال: بينا أنا أمْشِي فيه إذ أصَابني العَطَشُ فإذا مَجَرُّ (d) حَيَّةٍ، فرَأَيْتُ شَيئًا هَالَنِيّ، فقسْتُ في عَرْضه ستّة أشْبَارٍ، فقُلْتُ: هذه حَيَّةٌ وَارِدةٌ الماء فتَبعْتُ الأثَر إلى هَبْطٍ من الأرْض، فإذا بماءٍ في فوَّاره عليهِ تلك الحيَّةُ برأسٍ كرَأس البَقَرة وقَرْنان كقَرْنيها وعَيْنان كعَيْنَيها، فأفْزَعَني ذلك، فقُلْتُ لنَفْسِي: أينَ

(a) كذا في الأصل وق حيثما يرد تاليًا، وفي كتاب رياض النفوس ونفح الطيب للمقري 2: 139: سعدون، واسمه: مُحَمَّد بن سعدون الجزيري التميمي أبو بَكْر، وتوفي سنة 344 هـ.

(b) من ق، ومطموسة في الأصل، وفي رياض النفوس: على طريق الوحدة.

(c) لم يرد في كتاب رياض النفوس.

(d) في الأصل: محَرّ.

ص: 19

ما تَدَّعين من حَالِ التَّسْلِيم؟ فقُلتُ: لا بُدَّ من التَّمَسُّحِ بها، فقالت لي نَفْسِي: من جِهَة ذَنَبها، فقُلتُ: لا من جِهَة رَأسها، فأقْبَلتُ فوضَعْتُ مِرْفَقِي عليها، وألصَقْتُ خَدِّي بِخَدِّها فإذا كالتُّرُس، وهي تُقَلِّب عَيْنيها وتَنْظُر إليَّ، ثُمَّ مِلْتُ إلى الماءِ فوضَّأتُ وشَرِبْتُ وقُمْتُ.

قال

(1)

: وحَدَّثَنِي أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى القُرَشِيُّ المُتَعَبِّدُ، قال: حَدَّثَنِي أبو الحَسَن عليّ بن مَيْمُون المُؤدِّبُ الفَقِيْرُ، وكان [من أَصْحَاب الإبْيَانِيّ](a)، قال: قال أبو بَكْر بن سَعْدُوس: قُلْتُ لزَهْرُون: حَدَّثَنِي كيفَ (b) قِصَّتُكَ مع الأسَد؟ قال: انْحَدَرتُ مَرَّةً من الثّغْرِ [أُريْدُ زِيَارَة](c) أَبي الخَيْر الأقْطَع، فأخَذْتني السَّماء بمَطَرٍ وَابِلٍ حتَّى كِدْتُ أهْلَكُ وأنا في الصَّحْرَاء، فآوَيْت إلى كَهْفٍ في سَنَد جَبَل فلَم ألْبَث إلَّا قَليلًا، فإذا بأسَدٍ عَظِيم يَزْأرُ، قد سَدّ عليَّ باب المَغَارة، ودَخَلَ فمدَّ يدَهُ، وجَعَل يُحرِّكُ أُذنَيهِ ويُبَصْبصُ إليَّ ويَلْعَقُني بِلِسَانه، فكان في ناحيةٍ من المَغَارهَ وأنا في ناحيةٍ، حتَّى أتَيْتُ على جُزْئي (d) من اللَّيلِ وتَهَجُّديّ، فلا واللّه ما عَدا عليَّ بمَكْرُوهٍ وإنَّهُ معي في المَغَارة كالخَرُوف.

فلمَّا كان في اليَوْم الثَّانيّ، مَرَرتُ ببعض القُرَى، فإذا بامْرأةٍ ما رَأيْتُ قَطّ أجْمَلَ منها ولا أبْهَى، وقد خَرَجَت من دَارٍ، فجَعَلْتُ أنظُر إلى شَكْلِها ومَشْيَتها (e)، حتَّى حَاذَيْتُ كَلْبًا فهَرَّ نَحْوي ونَبَح عليَّ (f)، وقام كالأسَد العَظِيْم وكَبَس (g) عليَّ،

(a) من ق، ومطموسة في الأصل، والإبياني هو: أبو العبَّاس عبد اللّه بن أحْمَد (ت 361 هـ)، انظر: رياض النفوس 2: 121 (تعليق المحقق في الهامش 49)، والأعلام للزركلي 4:66.

(b) ساقطة من ق.

(c) من ق، ومطموسة في الأصل.

(d) رياض النفوس: حزبي.

(e) لم ترد اللفظة في رياض النفوس.

(f) ساقطة من ق.

(g) مهملة في الأصل، وفي رياض النفوس: وكبش، وهو في أصوله بدون إعجام.

_________

(1)

رياض النفوس 2: 387 دون إسناد، وفيه: "وذُكر عنه أنَّه أصابه المطر يومًا فآوى إلى كهف في سند جبل

".

ص: 20

فَحرَّق لَحْمِي ومَزَّقَهُ، فرجَعت على نَفْسِي باللَّوْم والعتَاب، وقُلْتُ في نَفْسِي: البارِحَة مع الأسَد ولَم يَعْدُ عليَّ، وقد أنِسَ بيّ، فلَّمَا عَصَيتُ اللّه عز وجل في يَوْمِي هذا، ورَمَيتُ بَصَري (a) إلى ما نَهَاني عنه، سَلَّطَ عليَّ هذا الكَلْب! اللّهُمَّ إنِّي تائبٌ إليكَ، وبَكَيْتُ على نَظَري إليها زَمانًا.

ذَكَرَ أبو بَكْر المالِكِيّ أنَّهُ تُوفِّي سَنَة خَمْسِين وثَلاثِمائة

(1)

.

‌زُهْرَة بن جُوَيَّة السَّعْدِيُّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقيل إنَّهُ قَتَلَ حَابِس بن سَعْد الطَّائِيِ، وكان قد شَهِدَ القَادِسيَّة، وقَتَلَ رُسْتُم يَوْمئذ، وأدْرَك صِفِّيْن شَيْخًا كَبِيرًا، فشَهِدَها مع عليّ، لهُ ذِكرٌ (d).

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زُهَيْر

‌زُهَيْر بن أحْمَد البَغْدَاديّ

(3)

صَحِبَ أحْمَد بن حَنْبَل، ورَوَى عن عَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، والحُسَين بن مُحَمَّد المَرُّوذِيّ، وتوجَّه من بغدَاد إلى طَرَسوس.

(a) رياض النفوس: ببصري.

(d) قوله: "له ذكر"، ساقط من ق.

_________

(1)

بل قيَّده المالكي في وفيات سنة 339 هـ.

(2)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبَّان 4: 269 (وفي: ابن حوية)، الاستيعاب 2: 565، (وانظر فيه اختلاف العلماء، في اسم أبيه: جويه، حوية)، ابن ماكولا: الإكمال 2: 171 (وفيه: زهرة بن حوية)، الوافي بالوفيات 14: 225 (وفي: زهرة بن جوية التميمي)، الإصابة 3: 13 وفيه: (زهرة بن حوية بفتح الحاء المهملة).

(3)

هو المترجم له فيما يلي باسم زُهَيْر بن محمد بن قمير البَغْدَاديّ، توفي سنة 257 هـ، ولم ينبّه عليه المصنِّف، وانظر هناك مصادر ترجمته.

ص: 21

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، قال

(1)

: زُهَيْر بن أحْمَد البَغْدَاديّ صَاحِب أحْمَد بن حَنْبَل، رَوَى عن عَبد الرَّزَّاق، والحُسَين بن مُحَمَّد المَرُّوذِيّ، أدْرَكتُه ولَم أكْتُب عنه، وكان صَدُوقًا، قَدِمنا بَغْدَاد سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، وكان قد خَرَجَ إلى طَرَسُوس.

‌زُهَيْر بن الحارِث

كان [بثَغْر](a) طَرَسُوس، وله ذِكْرٌ، وإليه تُنْسَبُ دار السَّبِيْل بطَرَسُوس وتُعْرف بدَار زُهَيْر بن الحارِث، وكان ينْزلها الغُزَاة بثَغْر طَرَسُوس، وأظُنُّه جَدّ زُهَيْر بن هَارُون بن مُوسَى بن أبي جَرَادَة؛ جَدُّ جَدّ جدّ أبي - وسَيَأتي ذِكْرهُ

(2)

إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى - لأُمِّه، لأنَّ أُمّه فاطِمَة بنت عَبْد الله بن زُهَيْر.

ووَقَفَ زُهَيْر بن أبي جَرَادَة شَيئًا من مُلْكه بحَلَب على فارِسٍ وفَرَسهِ، يكُون مُقِيْمًا بطَرَسُوس في دار السَّبِيْل المَعْرُوفة بزُهَيْر بن الحَارِث؛ يُجَاهِد عن زُهَيْر بن هارُون.

‌زُهَيْرُ بن حَرْب بن شَدَّاد، أبو خَيْثَمَة النَّسَائِيُّ

(3)

حَدَّثَ عن الوَلِيد بن مُسْلم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ووَكِيع بن الجَرَّاح،

(a) عن ق، ومطموسة في الأصل.

_________

(1)

الجرح والتعديل 3: 591، وفيه: أحْمَد بن مُحَمَّد.

(2)

يأتي قريبًا في هذا الجزء.

(3)

توفي سنة 234 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 354، ابن طيفور: كتاب بَغْدَاد 234 (ضمن الممتحنين)، تاريخ البخاريّ الكبير 3: 429، التاريخ الصغير 2: 332، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 166، تاريخ الطبريّ 4: 417 - 419، 429، 452، 469، 508، 5: 237 - 238، 288، =

ص: 22

وحُمَيْد بن تِيْرَوَيْه، وأبي النَّضْر هاشِم بن القَاسِم، وبِشْر بن السَّرِيّ، وأبي مُعاوِيَة الضَّرِيْر، وغُنْدَر، وهُشَيْم بن بَشِير، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِيّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن إِدْرِيس الأوْدِيّ، وإسْماعيلِ ابن عُلَيَّة، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، وجَرِيْر بن عَبْد الحَميْد، ووَهْب بن جَرِير، ومُحَمَّد بن فُضَيْل، ويَعْقُوب بن إبْراهيم بن سَعْد، وعليّ بن الحُسين بن شَقِيْق، ويَزِيْد بن هَارُون.

رَوَى عَنْهُ ابنُه أحْمَد بن زُهَيْر، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وأبو الحُسَين مُسْلم بن الحَجَّاج القُشَيْريّ، وأبو إبْراهيم أحْمَد بنُ سَعْد الزُّهْرِيّ، وأبو زُرْعَة الرَّازِيّ، وأبو القَاسِم عَبْد الله بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، ويَعْقُوب بنُ شَيْبَة، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، وجَعْفَر بن عُمَر بن عُبَيْد، وعبَّاس الدُّوْرِيّ، وأبو بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا، وإبْراهيم الحَرْبِيّ، ومُوسَى بن هَارُون، وجَعْفَر الطَّيَالِسِيّ، وأبو شُعَيب عَبْد الله بن الحَسَن (a) بن أحْمَد بن أبي شُعَيْب الحَرَّانيّ، وغيرهم.

وكان أشْخَصَهُ إسْحَاق بن إبْراهيم بن مُصْعَب سَابع سَبْعة إلى الرَّقَّة ليَمْتَحنهم المَأْمُونُ في القَوْل بخَلْقِ القُرآن، فأجابُوه إلى ذلك، وأَذِنَ لهم في العَوْد إلى بَغْدَاد،

(a) ق: الحُسَيْن.

_________

= 312 - 313، 505 - 521، 612 - 613، الأزدي: تاريخ الموصل 361، 412، المعرفة والتاريخ 1: 209، الجرح والتعديل 3: 591، الثقات لابن حبَّان 8: 256، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 219، تاريخ بَغْدَاد 9: 509 - 511، السمعاني: الأنساب 13: 90 - 91، ابن الجوزي: المنتظم 11: 211 - 212، المزي: تهذيب الكمال 9: 402 - 406، ابن الأثير الكامل 6: 423،7: 45، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 11، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 823 - 824، الإعلام بوفيات الأعلام 105، تذكرة الحفاظ 2: 437، العبر في خبر من غبر 1: 327 - 328، سير أعلام النبلاء 11: 489 - 492، الكاشف 1: 326، الوافي بالوفيات 14: 227 - 228، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 312، تهذيب التهذيب 3: 342 - 344، تقريب التهذيب 1: 264، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 295، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 194، شذرات الذَّهب 3:157.

ص: 23

ثُمَّ اسْتَدْعاهُم بعدَما رَحَلَ من الرَّقَّةِ إلى الشَّام، فلحقُوه في الشَّام في نَوَاحِي حَلَب وسَارُوا معه إلى أنْ ردَّهم إلى بَغْدَاد.

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو شُجاع عُمَر بن مُحَمَّد البِسْطَامِيّ، وأبو حَفْصٍ عُمَرُ بن عليّ المَعْرُوف بشَيْخ، وأبو عليّ بن بَشِير النَّقَّاش، وعبد الرَّشِيْد بن النُّعْمان الوَلْوَالِجِيّ، قَالوا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الخلَيْليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الخُزَاعِيّ، قال: أخْبَرَنَا الهَيْثَم بن كُلَيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو عِيسَى التِّرْمِذيّ، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنَا جَعْفَر بن عُمَر بن عُبَيْد، قال: أخْبَرَنَا زُهَيْرٌ أبو خَيْثَمَة، عن حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ

(1)

، قال: كان خَاتم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من فِضَّةٍ، فَصُّه منهُ.

أخْبَرَنَا أبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف (a) بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديُّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن المُقَرَّب بن الحُسَين النَّسَّاج الكَرْخِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَوَارِس طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، ح.

قال أبو سَعْد: وأخْبَرَتْنا ستُّ الإخْوَة بنتُ مُحَمَّد بن أبي مَنْصُور، قالت: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين عَاصِمُ بن الحَسَن بن عَاصِم، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْدَعِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرٍ عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا القُرَشِيّ

(2)

، قال: وحَدَّثنا أبو خَيْثَمَة، قَال: حَدَّثنا جَرِبر، عن رَقَبَة بن مَصْقَلَة، عن عَبْدِ الله الإفْرِيْقِيِّ، عن القَاسِم الشَّامِيّ،

(a) الأصل: مشرق.

_________

(1)

سنن أبي داود 4: 424 (رقم 4217)، سنن النسائي 7: 174 (رقم 5200).

(2)

رسائل ابن أبي الدُّنيا (رسالة ذم الملاهي) 1: 1167.

ص: 24

عن أبي أُمَامَة

(1)

، ال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا يَحلّ بَيْع المُغَنِّيات، ولا تَعْليمهنَّ، ولا تجَارَة فيهنَّ. وال: ثَمنهُنَّ حَرَامٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْنِ زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنَا يُوسُف بن رَبَاح البَصْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل المُهَنْدِس بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قَال: قال يَحْيَى بنُ مَعِيْن: وزُهَيْر ثِقَةٌ، يعني: أبا خَيْثَمَة.

وقال: أخْبَرَنَا أحْمَد

(3)

، قال: أخْبَرَنَا البَرْقَانِيّ، قال: قُرئ على أبي عليّ بن الصَّوَّاف وأنا أسْمَعُ: حدَّثكم جَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، قال: وسَألتُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن نُمَيْر قُلْتُ لهُ: أيمُّا أحبُّ إليكَ، أبو خَيْثَمَة، أو أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة؟ فقال: أبو خَيْثَمَة، وجَعَل يُطْري أبا خَيْثَمَة، ويضَعُ من أبي بَكْر.

أخْبَرَنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد فيما أجَازَهُ (a) لنا، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن عليّ بن ثَابِت البَغْدَاديّ

(4)

، قال: أخْبَرَنَا هِبَة الله بن الحَسَن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنا جَدِّيّ، قال: زُهَيْر بن حَرْب

(a) ق: أجاز.

_________

(1)

مسند الحيدي 2: 405 (رقم 910)، سنن ابن ماجة 1: 733 (رقم 2168)، الجامع الكبير للترمذي 2: 558 (رقم 1282)، 5: 255 - 256 (رقم 3195)، المعجم الكبير للطبراني 8: 233 (رقم 7805، 7862)، السنن الكبرى للبيهقي 6: 14 - 15، كنز العمال للمتقي الهندي 4: 39 (رقم 9394)، وانظر: المسند الجامع 7: 418 - 419 (رقم 5267).

(2)

تاريخ بَغْدَاد 9: 509.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 9: 509.

(4)

تاريخ بَغْدَاد 9: 509 - 510.

ص: 25

أثْبَتُ من عَبْد الله بن مُحَمَّد - يعني ابن أبي شَيْبَة - وكان في عَبْدِ اللّه تَهَاونٌ بالحَدِيْث، لَم يكُن يَفْصِلُ هذه الأشْيَاء يَعْني: بين الألْفَاظ.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبو الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الجَبَّار المَاكِيّ يَقُول: سَمعتُ أبا يَعْلَى الخلَيْلِ بن عبدِ الله بن أحْمَد الحَافِظ يقُول

(1)

: حَدَّثَني جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مَهْرُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ، قال: سَمِعْتُ مُعَاذ بنَ مُعَاذ العَنْبَرِيّ يَقُول: إذا سَمِعْتَ الحَدِيْثَ من زُهيْر لَم أُبالِ أنْ لا أسْمَعه من سُفْيان الثَّوْرِيّ.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الخَطِيب

(2)

، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن عليّ الجوَهَرِيّ، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَعْرُوف الخَشَّابُ، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن فَهْم، قال: زُهَيْر بن حَرْب ثِقَةٌ ثَبْتٌ.

أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم الخَطِيب، عن أبي طَاهِر بن الفَضْل، قال: أنْبَأنَا عَبد الوَهَّاب بن أبي عَبْد الله، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بنُ عَبْد الله، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحُسَين، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: أبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب يَكْفي قَبِيلَةً.

أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا

(1)

الإرشاد في معرفة علماء الحديث 2: 567 - 568.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510.

ص: 26

مُحَمَّد بن إسمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زُهَيْر بن حَرْب، أبو خَيْثَمَة، أصْلُهُ من نَسَا، ماتَ ببَغْدَاد في رَبيع الآخر سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، سَمعَ ابنَ عُيَيْنَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَدِيّ البَصْرِيّ في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْد مُحَمَّد بن عليّ الآجُرِّيّ، قال: قلتُ لأبي دَاوُد سُليْمانَ بن الأشْعَث: أبو خَيْثَمَة حُجَّةُ في الرِّجَالِ؟ قال: ما كان أحْسَنَ عِلْمَهُ.

وقال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الحافِظ

(3)

، قال: حَدَّثَني الصُّوْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الكَريم بن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَنِي أبيّ، قال: أبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب بن شَدَّاد ثِقَةٌ مَأْمُون.

أنْبَأَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله الأسَدِيّ، عن أبي الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ

(4)

، قال: زُهَيْر بن حَرْب أبو خَيْثَمَة، رَوَى عن هُشَيْم، وإسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، وجَرِيْر، ويَحْيَى بن سَعيدٍ القَطَّان، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِيّ، وبِشْر بن السَّرِيّ. رَوَى عنهُ أبيّ، وأبو زُرْعَةً. سُئِلَ أبي عن زُهَيْر بن حَرْب، فقال: صَدُوقٌ.

أخْبَرَنَا أبُو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(5)

، قال: زُهَيْر بن حَرْب بن شَدَّاد، أبو خَيْثَمَة النَّسَائِيّ، كان اسْم جَدّه أشْتَال فعُرِّب وجُعِلَ شَدَّادًا، سَكَنَ أبو خَيْثَمَة بَغْدَاد، وحَدَّثَ بها عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وهُشَيْم بن بَشِير، وإسْمَاعِيْل ابن

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 429.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510.

(4)

الجرح والتعديل 3: 591.

(5)

تاريخ بَغْدَاد 9: 509.

ص: 27

عُلَيَّة، وجَرِيْر بن عَبْد الحَمْيد، ويَحْيَى بن سَعيدٍ القَطَّان، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِيّ، وعبد الله بن إِدْرِيس، وبِشْر بن السَّرِيّ، والوَلِيد بن مُسْلم، وأبي مُعاوِيَة الضَّرِيْر، ووَكِيع.

رَوَى عَنْهُ ابنُه أحْمَد، ويعقُوب بن شَيْبَة، وأبو إبْراهيم أحْمَد بن سَعْد الزُّهْرِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، ومُسْلم بن الحَجَّاج، وأبو زُرْعَة، وأبو حَاتِم الرَّازِيَّان، وعبَّاسُ الدُّوْرِيّ، وإبْراهيم الِحَرْبِيّ، وجَعْفَر الطَّيَالِسِيِّ، وموسَى بن هَارُون، وأبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، وخَلْقٌ يتَّسع ذِكْرهُم. وكان أبو خَيْثَمَة ثِقَةً ثَبْتًا حَافِظًا مُتْقِنًا.

أنْبَأنَا أبُو اليُمْن، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنَا مَسعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن الكَازَرُونِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو نَصْر أحْمَد بن مُحَمَّد الكَلَابَاذِيّ، قال: زُهَيْرُ بن حَرْب بن شَدَّاد، أبو خَيْثَمَة النَّسَائِيّ، سَكَنَ بَغْدَاد، سَمعَ جَرِير بن عَبْد الحَمْيد، ومُحَمَّد بن فُضَيْلٍ، ووهْب بن جَرِيْر، ويَعْقُوب بن إبْراهيم بن سَعْدٍ.

رَوَى عنهُ البُخاريّ في الحَجِّ والبُيُوع، وغير مَوضِع، ماتَ ببَغْدَاد في شَهْرِ رَبيعٍ الآخر سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، قالَهُ البُخاريّ. ويُقال: ماتَ لثَلاثٍ مَضَيْن من شَعْبان. وذَكَرَ أبو دَاوُد عن ابن عُبَيْدٍ أنَّهُ ماتَ في شَعْبان من هذه السَّنَة (a).

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن إسْحَاق بن وَهْب البندَارُ، قال: حَدَّثَنَا أبو غَالِب عليّ بن أحْمَد بن النَّضْر، قال: سَنَة ثِنْتَيْن وثَلاثين فيها ماتَ أبو خَيْثَمَة.

(a) بعده في ق: "والله أعلم".

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510.

ص: 28

قال الخَطِيبُ

(1)

: هذا القَوْل وَهْمٌ، والصَّوَابُ ما أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قالِ: أخْبَرَنا أحْمَد بن عِيسَى بن الهَيْثَم التَّمَّارُ، قال: حَدَّثَنَا عُبيد بن مُحَمَّد بن خَلَف البَزَّاز، ح.

قال: وأخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن الفَضْل القَطَّان، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخُلْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللّه بن سلَيمان الحَضْرَميّ، قالا: ماتَ أبو خَيْثَمَة في سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وأخْبَرَنَا الحُسَين بن عليّ الصَّيْمَرِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَيْن الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زُهَيْر، قال: وُلِد أبي زُهَيْر بن حَرْب سَنَة ستِّين ومائة، وماتَ لَيْلَة الخَمِيْس لسَبْع ليالٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن في خِلَافَة جَعْفَر المُتَوَكِّل، وهو ابنُ أرْبَع وسَبْعِين سَنَةً.

أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شَهْرِيَار في كتَابهِ، قال: أخْبَرَتْنا أُمُّ البَهَاء فاطِمَةُ بنتُ أبي الفَضْل البَغْدَاديّ، قالت (a): أخْبَرَنا أبو طَاهِر الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: وأبو خَيْثَمَة - يعني مات - في شَعْبان يَوْم الخَمِيْس لخَمْسٍ بَقِينَ من سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليِّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيِّ، عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ البَرَدَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ، قال: قال أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ

(3)

: مال أبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب

(a) ق: الضيمري.

(b) الأصل، ق: قال.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 9: 510 - 511.

(3)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 64.

ص: 29

يَوْم الخَمِيْسِ لثمَانٍ مَضَتْ من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، وكَتَبْتُ عنهُ.

أخْبَرَنَا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيِّ، عن أبي عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ (a)، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب إسْحَاق بن إبْراهيم القَرَّاب، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن خَمِيْروْيَه، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بن عُرْوَة، قال: أبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب بن أشْتَال (a) ماتَ سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

قال القَرَّاب: وأخْبَرَنَا أبو عليِّ الشَّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: ماتَ مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللّه بن نُمَيْر مع أبي في شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر بن السَّبَّاك، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ، وأبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال ثُمَّ (c) دَخَلْتُ سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، قال: وفي هذه السَّنة مات جَمَاعَةٌ من الحُفَّاظِ وحَمَلَة العِلْم، منهم يَحْيَى بن أَيُّوبَ، وأبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، وسُليْمان الشَّاذَكُونيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن نُفَيْل الحَرَّانيّ، وعليّ بن جَعْفَر المَدِيْنِيّ، وأبو الرَّبِيْعْ الزَّهْرَانِيّ، ومُحَمَّد بن أبي بَكْر المُقَدَّمِيِّ.

أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُباركُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَنِ الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن أبو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب في شَعْبان ببَغْدَاد، ثِقَةٌ ثَبْتُ، يعني: ماتَ فيها.

(a) ضبطه في الأصل وق بفتح العين، والمثبت من السمعاني (الأنساب 9: 377)، وفيه: نسبته إلى الجد عُمَيْر.

(b) الأصل، ق: أشتاك، وتقدم باللام كما عند ابن سعد في طبقاته 7: 354 والسمعاني 13: 90 وتاريخ الخطيب البَغْدَادي.

(c) ساقطة من ق.

ص: 30

‌زُهَيْر بن الحَسَن بن الفُرَاتِ، أبو الحَسَن البُطْنانيّ

(1)

من قَرْيَة يُقال لها بُطْنان حَبِيْب، وإليها يُنْسَب الوَادِيّ؛ وَادِي بُطْنان.

حدَّث ببُزَاعَا سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة عن عُمَر بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الطَّبَريّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر عَبْد اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن رُوزْبَة.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأنْبَأنَا به إجَازَةً عنه أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، وابن الطُّفَيْل وغيرهما، قال: أبو الحَسَن زُهَيْر بن الحَسَن بن الفُرَات البُطْنَانيّ، رَوَى عن عُمَر بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الطَّبَريّ، وقال: حَدَّثَنَا بمَكَّة، عن مُحَمَّد بن القَاسِم الصَّدَفِيّ، عن أحْمَد بن عَبد الوَهَّاب بن خَالِد الوَاسِطِيّ، عن أَبِيهِ، عن إسْحَاق بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ حَدَّثَ عنهُ أبو بَكْر عَبْدُ اللّهِ بن أحْمَد بن رُوزْبَة الهَمَذَانيّ بمِصْر، وقد سَمِعَ عليه ببُزَاعَة.

‌زُهَيْر بن عَبَّاد بن مُلَيْح بن زُهَيْر - وقيل: عَبَّاد بن زُهَيْر - ابن عَبَّاد بن فَضَالةَ بن حَكِيم بن الحَارِث بن قَيْس بن عَامِر بن عَمْرو بن عُبَيْد بن رُوَاس بن كِلَاب، أبو مُحَمَّد الرُّواسِيّ الكِلَابيّ

(2)

وقيل: يُكْنَى أبا نُعَيم، وهو ابنُ عَمّ وَكِيع بن الجَرَّاح، كُوفيّ الأصْل.

(1)

كان حيًا سنة 349 هـ.

(2)

توفي سنة 236 هـ، وقيل: 238 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبَّان 8: 256 - 257، الجرح والتعديل 3: 591، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 221، الإكمال لابن ماكولا 4: 150، تاريخ ابن عساكر 19: 108 - 110، تاريخ الإسلام 5: 824، ميزان الاعتدال 2: 83، سير أعلام النبلاء 11: 383 (ذكر عارض)، تهذيب التهذيب 3: 344 - 345، لسان الميزان 2: 492، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 395.

ونسبته لرُواس وهو الحَارِث بن رَبِيعَة الكلابيّ، انظر سياقة نسبه عند ابن حزم: الجمهرة 270، 282، 287.

ص: 31

سَمِعَ بحَلَب عَطَاء بن مُسْلِم الخَفَّاف الحَلَبِيِّ. وحَدَّثَ بحَلَب وغيرها عنهُ، وعن مَالِك بن أنَس، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد اللّه بن المُبارَك، وفُضَيْل بن عِيَاضٍ، ومُصْعَب بن مَاهَان، ومُحَمَّد بن أَيُّوبَ، وحَفْص بن مَيْسَرة، وعَبْد اللّه بن المُغِيرَة، والصَّلْت بن حَكِيم، وأبي عبد الرَّحْمن المِصِّيْصيّ، وأبي إسْحَاق إبْراهيم بن [

] (a) المِصِّيْصيّ، ويَحْيَى بن حَسَّان، وأبي بَكْرٍ الدَّاهِرِيّ، ودَاوُد في هِلالٍ النّصِيْبِيّ، والمُسَيَّب بن شَرِيك، وإِدْرِيس بن يَحْيَى الخَوْلانِيّ، وأبي عِصَام رَوَّاد بن الجَرَّاحِ، وأبي حَفْص عَمْرو بن سَلَمَة التِّنِيْسِيّ، ودَاوُد بن أبِي شُعَيْب البَصْرِيّ، وأبي عَمْرو الصَّنْعانِيّ، ورِشْدِين (b) بن سَعْد، وعبد اللّه بن وَهْب، ويَزِيْد بن عَطَاء، وأحمد بن مُحَمَّد البَصْرِيّ، وأسَدَ بن حَمْدَان، والفَضْل بن عُثْمان، وعَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيّ، وشِهَاب بن خِرَاش، ويُوسُف بن أسْبَاط، ومُحَمَّد بن فُضَيْل، ورُدَيْح بن عَطِيَّة، وهَارُون بن هِلال النَّصِيْبِيّ، وعِيسَى بن يُونُس، وصَدَقَة بن المُغِيرَة، وعَتَّاب بن بَشِير.

رَوَى عنهُ طَاهِر بن عِيسَى (c) التَّمِيْمِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد العُرَينيّ (d)، ويَحْيَى بن عَلْقَمَة، والحُسَين بن حُمَيْد العَكِّيّ، وأحمد بن عَبْد الأعْلَى البَغْدَاذيّ (e)، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيِّ، ومُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن عَمَّار المَوْصِلِيّ، ومُحَمَّد بن يَعْقُوب بن حَبِيْب، ومُحَمَّد بن خَلَف الحَدَّادِيّ، وأحمد بن يَحْيَى بن خَالِد الرَّقِّيّ، وأحمد بن أبي الحَوَارِيّ، وأبو قُصَيّ العُذْرِيّ، وأبو زُرْعَة

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، والنص متصل في ق، والمعاصرون له مِمَّن يوافق هذا الاسم ثلاثة، هم: إبْرَاهِيم بن مهدي المصيصي (ت 225 هـ)، وإبْرَاهِيم بن عبد اللّه المصيصي (ت بعد 240 هـ)، وإبْرَاهِيم بن الحَسَن المصيصي المَعْرُوف بالمقسمي (ت بعد 250 هـ)، وليس من بينهم من يكنى بأبي إسْحَاق إِلَّا المقسميّ، فلعله هو.

(b) ق: ورشد.

(c) ساقطة من ق.

(d) الأصل وق: العُرَنيّ، ويأتي فيما بعد - نقلًا عن ابن عساكر - على الوجه المثبت، وانظر: تاريخ الإسلام للذهبي 5: 824، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 6:246.

(e) ساقطة من ق.

ص: 32

الدِّمَشقيّ، وأبو عَبْد الملَك البُسْرِيّ، وخَالِد بن رَوْح بن أبي حُجَيْر (a)، والحَسَن بن الفَرَج العُرَنِيّ، وحَرْب بن بَيَان المَقْدِسِيّ، ويَزِيْد بن أحْمَد السُّلَمِيِّ، وأبو بَكْر عبد الرَّحْمن بن القَاسِم بن (b) الرَّوَّاس.

أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن أبي بَكْر بن المُبارَك الزَّبيدِيّ بمَكَّة، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد بحَلَب، قالا: أخْبَرَنَا أبو الوَقْت عَبْدُ الأوَّل بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَاصِم الفُضَيْل بن يَحْيَى بن الفُضَيْل الفُضَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي شُرَيْح، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللّه عُبيد اللّه بن عبد الصَّمَد الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا طَاهِرُ بنُ عِيسَى التَّمِيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، قال: حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ - يعني ابن مَاهَان - عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن مَنْصُور والأَعْمَش، عن سَالِم بن أبي الجَعْد، عن ثَوْبَان مَوْلَى رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اسْتَقيْمُوا ولن تُحْصُوا، واعْلَموا أنَّ خَيْر أعْمَالكم الصَّلاةُ، ولا يُحَافِظُ على الوُضُوءَ إلَّا مُؤْمنٌ. قال: وقال أحدُهما: من خَير دينكُم (c).

أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر إذْنًا، عن الفَضْل بن سَهْلٍ، عن أبي بَكْر الخَطِيب

(2)

، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن غالب البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الكَرَابِيْسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ

(a) الأصل، ق: حجر، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 19: 109، وفي تَرْجَمَتِه في تهذيب الكمال 8: 63 - 64: خَالِد بن روح بن السري بن أبي حجير الثقفي.

(b) ساقطة من ق. ط

(c) بعده في الأصل بياض قدر تسعة أسطر.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 1: 101 - 103 (رقم 377)، المعجم الصغير للطبراني 44 - 45 (رقم 8)، تاريخ بَغْدَاد للخطيب البَغْدَادي 2: 122، كنز العمال للمتقي الهندي 3: 57 (رقم 5474)، وانظر: المسند الجامع 3: 316.

(2)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب، ولم يترجم له في تاريخ بَغْدَاد.

ص: 33

الحُسَين بن إِدْرِيس بن المُبارَك الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن عَمَّار المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّادٍ الرُّوَاسِيّ - ابنُ عَمٍّ كان لوَكِيع. قال ابنُ عَمَّار: وكانَ ثِقَةً - قال: سَمِعْتُ شِهَاب بن خِرَاش، قال: سَمِعْتُ قَتَادَة يقول في قَوْله: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}

(1)

قال: من صَخْرة بيت المَقْدِس.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: قَرَأتُ على أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنَا أَبُو (a) عبد اللّه الحافِظ، قال: أخْبَرَنِي عليّ بن مُحَمَّد الحُبِّينيّ (b)، قال: سَألتُه - يَعْني صالح بن مُحَمَّد جَزَرَة - عن زُهَيْر بن عَبَّاد ابن أُخْت وَكِيع، فقال: صَدُوقٌ.

أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللّه الأسَدِيّ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: زُهَيْر بن عَبَّاد الرُّوَاسِيّ، ابنُ عَمِّ وَكِيع بن الجَرَّاح، رَوَى عن عَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعَتَّاب بن بشِير، ويَزِيْد بن عَطَاء اليَشْكُرِيّ، وفُضَيْل بن عِيَاض، وابن عُيَيْنَة، وابن وَهْب، كَتَبَ أبي عنه بدِمَشْق وبمِصْر في الرِّحْلَة الأُوْلَى، ورَوَى عنهُ، سُئِلَ أبي عنه، فقال: أصْلُه كُوفيّ، ثِقَةٌ.

أخْبَرَنَا الفَقِيه (a) أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام إذْنًا، قال: [أخْبَرَنَا

(a) ساقطة من كتاب ابن عساكر.

(b) في الأصل: الحينيّ، ووردت في مواضع متقدمة: الحنينيّ، ق:

الحبي، وتحرفت في نشرة تاريخ ابن عساكر: الحسني، والمثبت من تاريخ بَغْدَاد 9: 131؛ منسوب إلى سكة معروفة بمَدِينَة مرو تعرف بسكة حبين، انظر: الأنساب للسمعاني 4: 56.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

سورة ق، الآية 41.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 110.

(3)

الجرح والتعديل 3: 591، وفيه: الرؤاسي.

ص: 34

أبو] (a) العَلَاءِ الحَسَن بن أحْمَد الحَافِظ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليِّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنَا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: وأبو مُحَمَّد زُهيْر بن عَبَّادٍ الرُّوَاسِيّ، سَكَنَ مِصْر، سَمِعَ أبا عُمَر حَفْص بن مَيْسَرة الصَّنْعانِيّ، ويَزِيْد بن عَطَاء الوَاسِطِيّ.

حدَّثني عليّ بن مُحَمَّد بن سَخْتُوَيْه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد - يعني [ابن](b) أحْمَد بن نَصْر التِّرْمِذيّ - قال: حَدَّثَنَا زهَيْر بن عَبَّاد الرُّوَاسِيّ بمِصْر أبو مُحَمَّد (c).

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا

(1)

، قال: أمَّا الرُّوَاسِيّ فجَمَاعَة يُنْسَبُون إلى رُوَاس بن كِلَاب بن رَبِيْعَة، واسم رُوَاسٍ الحَارِث، منهم: زُهَيْر بن عَبَّادٍ الرُّوَاسِيّ.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل الدِّمَشقيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، قال: زُهَيْر بن عَبَّاد بن مُلَيْح بن زُهَيْر، أبو مُحَمَّد الرُّوَاسِيّ، ابنُ عَمِّ وَكِيع بن الجَرَّاحِ، أصْلُهُ من الكُوفَة، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ ومِصْر عن مَالِك بن أنَس، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وابن المُبارَك، ورِشْدِين (d) بن سَعْد، وعَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعَتَّاب بن بَشِير (e)، وفُضَيْل بن عِيَاض، ويَزِيْد بن عَطَاء، وعَطَاء بن مُسْلم، وابن وَهْب، وعبد اللّه بن المُغِيرَة، وأسَد بن حَمْدَان، وصَدَقَة بن المُغِيرَة، ويُوسف بن أسْبَاط، وعِيسَى بن يُونُس، وحَفْص بن مَيْسَرة، وهَارُون بن هِلال النَّصِيْبِيِّ،

(a) من ق، ومطموس في الأصل.

(b) ساقطة من الأصل و ق، وصوابه المثبت وهو أبو جَعْفَر الترمذيّ (ت 295 هـ)، انظر: تاريخ بَغْدَاد 2: 233، تاريخ ابن عساكر 19: 110، تاريخ الإسلام 6:1010.

(c) ق: أبو أحْمَد.

(d) ق: ورشد.

(e) ابن عساكر: يسير.

_________

(1)

ابن ماكولا: الإكمال 4: 150، وفيه مهموزًا:"الرؤاسي .. ينسبون إلى رؤاس".

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 108 - 109.

ص: 35

ورُدَيْح بن عَطِيَّة، والصَّلْت بن حَكِيم، ومُحَمَّد بن فُضَيْل، وإِدْرِيس بن يَحْيَى الخَوْلَانِيّ، وأبي بَكْر عَبْد اللّه بن حَكِيم الدَّاهِرِيِّ، وشِهَاب بن خِرَاش الحَوْشَبيّ، ويَحْيَى بن حَسَّان، والمُسَيَّب بن شَرِيك، ومُصْعب بن مَاهَان، ورَوّاد بن الجَرَّاح، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن عَمَّار المَوْصِلِيّ وأبو عَبْد المَلِك البُسْريّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيّ، وأبو عليّ الحُسَين بن حُمَيْدٍ العَكِّيّ، وأبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ، وأبو قُصَيّ العُذْرِيّ، وأحمد بن أبي الحَوَارِيّ، وخَالِد بن روْح بن أبي حُجَيْر (a)، وأبو بَكْر عبد الرَّحْمن بن القَاسِم بن الرّوَّاس، وأبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد العُرَيْنيّ، والحَسَن بن الفَرَج العُرَنِيّ، ومُحَمَّد بن يَعْقُوب بن حَبِيْب، ويزِيْد بن أحْمَد السُّلَمِيِّ، وأحمد بن يَحْيَى الرَّقِّيّ، وحَرْب بن بَيَان المقدِسِيّ، وأبو الزِّنْبَاع رَوْح بن الفَرَج المِصْرِيّ، وقاسم بن عُثْمان الجُوْعيّ، ومُحَمَّد بن خَلَف الحَدَّادِيّ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: كَتَبَ إليَّ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَبدِ الوَهَّاب بن مَنْدَة، ثمّ حَدَّثَني أبو بَكْر اللَّفْتوانيّ عنه، قال: أخْبَرَنا عَمِّي عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن إسْحَاق، عن أبِيهِ، قال: قال لنا أبو سَعيد بن يُونُس

(2)

: زُهَيْر بن عَبَّاد بن زُهَيْر بن عَبَّاد بن فَضَالَة بن حَكِيم بن الحَارِث بن قَيْس بن عَامِر بن عَمْرو بن عُبَيْد بن رُوَاس بن كِلَاب الرُّوَاسِيّ، يُكْنَى أبا مُحَمَّد الكُوْفيّ، قَدِمَ مِصْر وقَطَنَها، وحَدَّثَ بها، تُوفِّي بمِصْر في شَوَّال سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي مُحَمَّد بن حَمْزَهَ السُّلَمِيِّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكَّيِّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر،

(a) الأصل، ق: حجر، وتقدم التعليق عليه، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 110.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ ابن يونس الصدفي.

ص: 36

قال: أخْبَرَنَا أبو سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: قال الحَسَنُ بن عليّ: فيها - يعني سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومَائتَيْن - ماتَ زُهَيْر بن عَبَّاد.

‌زُهَيْر بن عَبد الرَّزَّاق بن بَقَاء بن عُثْمان بن الأزْهَر، أبو الأزْهَر الحَرْبِيّ

سَمعَ عَبْد اللّه بن أحْمَد بن أبي المجد الحربِيّ، وحَدَّثَ عنهُ، وسَافَرَ إلى حَلَب.

ذكَرَهُ لي عُمَر بن عليّ بن دَهْجَان البَصْرِيّ فيمَن أفَادَنيهِ ممَّن دَخَلَ حَلَب من أهْل الحَدِيْث، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، وقال لي: زُهَيْرُ بن عَبد الرَّزَّاق بن بَقَاء بن عُثْمان بن الأزْهَر الحَرْبِيّ أبو الأزْهَر، سَمعَ المجلَدة الأُوْلَى من مُسْنَدِ العَشرة رضي الله عنهم من مُسْنَد أبي عَبْد اللّه أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل من عَبْد اللّه بن أحْمَد بن أبي المَجْد الحَرْبِيّ، وسَمعَ غير ذلك، وحدَّث وسَافَرَ إلى البِلادِ، ودَخَلَ حَلَب، وهو شَيْخٌ حَسَنٌ خَيِّرٌ لا بَأسَ بهِ.

‌زُهَيْرُ بن عَوْف الكِنْدِيُّ

(2)

هو الشَّاهِدُ على الوَلِيد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيْط أنَّهُ رآهُ يَقيءُ الخَمْرَ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها.

(1)

تاريخ مولد العلماء 221.

(2)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 100 - 101، 263، الفتوح لابن أعثم 3: 446، أسد الغابة 5: 205، الإصابة 3:16. وترجم له المصنف في الكنى (الجزء العاشر): أبو زينب بن عَوْف.

ص: 37

‌زُهَيْر بن مُحَمَّد بن عليّ بن يَحْيَى بن حَسَن بن جَعْفَر بن عَاصِم، أبو الفَضْل الأزْدِيّ الكَاتِب المُهَلَّبيّ المَكِّيّ - ولدَ بمَكَّة، ونَشَأَ بالصَّعِيْد - الصَّعِيْدِيّ

(1)

رَجُلٌ فَاضِلٌ، فَقِيْهٌ، مُقْرئٌ، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، تَوَلَّى كِتَابة المَلِك الصَّالِح (a) أَيُّوب ابن المَلِك الكَامِل مُحَمَّد بن أَيُّوب، وحَظِي عندَهُ وتقدَّم.

وقَدِمَ حلَبَ مُجْتَازًا إلى البِلَادِ الشَّرْقيَّةِ مُتَوَجِّهًا إلى مَخْدُومهِ المَلِك الصَّالِح أيُّوب المَذكُور.

ثُمَّ قدِمَ حَلَب رَسُولًا من المَلِكِ الصَّالِح إلى المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن مُحَمَّد من مِصْر، فأكْرَمهُ، واحْتَرَمَهُ، وأوْسَعَ له في العَطَاءِ، وأقام بها مُدَّةً تزيدُ على ثلاثة أشْهُر.

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

توفي سنة 656 هـ، وترجمته في: التذكرة لابن العديم 352 - 358، الحسيني: صلة التكملة لوفيات النقلة 1: 395 - 396، ذيل الروضتين 308، وفيات الأعيان 2: 332 - 338، اليونيني: ذيل مرآة الزمان 1: 184 - 240، تاريخ الإسلام 14: 814 - 816، العبر في خبر مَن غبر 3: 280، الإعلام بوفيات الأعلام 374، سير أعلام النبلاء 23: 323، 355 - 356، الوافي بالوفيات 14: 231 - 243، ابن حبيب: درة الأسلاك في دولة الأتراك (مخطوط آيا صوفيا)، ورقة 9 ب - 10 أ، تاريخ ابن الوردي 2: 287 - 288، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 311 - 313، كتاب الحوادث لمجهول 314، اليافعي: مرآة الجنان 4: 106، العيني: عقد الجمان (القسم الخاص بعصر سلاطين المماليك) 1: 186 - 188، الزركشي: عقود الجمان ورقة 118 ب - 119 ب، ابن دقاق: نُزهة الأنام 236 - 237، المقريزي: السلوك 1/ 2: 413، ابن تغري بردي: المنهل الصافي 5: 369 - 377، النجرم الزاهرة 7: 62 - 63، 68، ابن تغري بردي: الدليل الشافي 1: 309، حسن المحاضرة 1: 567، 2: 233، شذرات الذَّهب 7: 476، بروكلمان: تاريخ الأدب العربيّ، القسم الثالث (5 - 6) 83 - 84.

ووردت تَرْجَمَة البهاء زُهَيْر في الأصل بعد التَرْجَمَة التالية، وأجرى ابن العديم التقديم والأخير، فكتب إزاء هذه التَرْجَمَة:"تقدّم قبل تَرْجَمَة ابن قُمير"، وأبقينا على الترقيم كيفما اتفق.

ص: 38

ثمّ قَدِمَ في ذي القَعْدَة من سَنَة سَبع وأرْبَعين وسِتِّمائة رَسُولًا عن الملَك المُعَظَّم تُوْرَان شَاه (a) بن أَيُّوب إلى المَلِك النَّاصِر يُوسُف مُعَزِّيًا في المَلِك الصَّالِح أَيُّوب، ومُقَرِّرًا لأُمُور مُرْسِله.

وكُنْتُ اجْتَمَعْتُ به بنابُلُس في سَنَة سَبْعٍ (b) وثَلاثين وسِتّمائة، بعد أنْ قَبَضَ المَلِكُ النَّاصِر دَاوُد صَاحِب الكَرَك على مَخْدُومه وسَجَنَه في الكَرَك، وأنْشَدَني مَقَاطِيع من شِعْره وشِعْر غيره، وكان كَيِّسًا قَاضِيًا لحَوَائِج النَّاس.

ولمَّا مَلَكَ المَلِكُ النَّاصِر يُوسُف ابن المَلِك العَزِيز مُحَمَّد دِمَشْق، وكان زُهَيْر بن مُحَمَّد بها، فأجْرَى له مَعْلُومًا حَسَنًا، فأقام مُدَّة سِنين (c)، وكَتَبَ إليَّ عدَّة أبْيَاتٍ في أُمُور عرضَتْ له، وصَارَ بيني وبينَهُ موَدَّة، ثُمَّ تَوَجَّه إلى مِصْر وأقام بها إلى أنْ مات.

وكان يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا.

وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال لي: في سَنَة اثْنَتَيْن وثَمانين - يعني وخَمْسِمائَة - بمَكَّة.

أنْشَدَني بَهَاء الدِّين أبو الفَضْلٍ زُهَيْر بن مُحَمَّد لابن الذَّرَوِيّ في ابن بَدْرٍ الكَاتِب بمِصْر، قال لي زُهَيْر وعليه حَرَّرت الخَطّ

(1)

: [من الخفيف]

يا ابن بَدْرٍ عَلَوْتَ في الخَطِّ قَدْرًا

عندما قايسُوك بابنِ هِلَالِ

رَاح يَحْكي أباهُ في النَّقْصِ لمَّا

جئْتَ تَحْكِي أبَاكَ عندَ الكَمَالِ

(a) الأصل: تورالشاه، والمثبت من ق.

(b) ساقطة من ق.

(c) كذا في الأصل، ومطموسة في ق، ولم أقف على مدة إقامته بدمشق في عهد الملك الناصر؛ أهي: سنين أم سنتين!.

_________

(1)

البيتان في مُعْجَم الأدباء 5: 2000.

ص: 39

أنْشَدَنا أبو الفَضْل زُهَيْر بن مُحَمَّد بن عليّ الكَاتِب بنابُلُس لنَفْسِه من لَفْظه

(1)

: [من الطّويل]

وحَقِّكُمُ ما غيَّرَ البُعْدُ عَهْدَكُمْ

وإنْ حَالَ حَالٌ أو تَغَيَّر شَانُ

فلا تَسْمَعُوا فيْنا بحقِّكُمُ الّذي

يقُول فُلَانٌ عندَكُمْ وفُلَانُ

لدَيَّ لكم ذاكَ الوَفَاءُ بحالِهِ (a)

وعندي لكُم ذاكَ الوِدَادُ يُصَانُ

وما حَلّ عندي غَيْرُكُمْ في مَحَلِّكُمْ

لكل حَبِيْبٍ في الفُؤَادِ مَكَانُ

هبُوا لي (b) أمانًا من عِتابكُمُ عَسَى

تَقَرُّ جفُونٌ (c) أو يَقِرُّ جَنَانُ

ومن شَغَفِي فيكم ووَجْدِيَ أنَّني

أُهوِّن ما ألْقَاهُ وهو هَوَانُ

ويَحْسُنُ قبحُ الفِعْلِ إنْ جاءَ منكُمُ

كما طابَ رِيْحُ العُودِ وهو دُخَانُ

رعَى اللّهُ قَوْمًا شَطَّ عنِّي مَزَارهُم

وكُنْتُ لهم ذاك الوفيَّ وكانُوا

وكم عَزْمَةٍ (d) لي عاقَها الدَّهْرُ عنهم

وللدَّهْر في بعض الأُمُور حِرَانُ

على أنَّني أَنْوِي وللمَرْءِ ما نَوَى

إلى أنْ يُوَاتي (e) قدرَةٌ وزمَانُ

وأَنْشَدَنِي زُهَيْر بن مُحَمَّد الكَاتِب المُهَلَّبِيّ لنَفْسِه

(2)

: [من مجزوء الرمل]

يا مَلِيْحًا لي مِنْهُ

شُهْرَةٌ بين البَرَايَا

غِبْتَ عنِّي وجَرَتْ

بَعْدَكَ واللهِ قَضَايا

سَوْف تَلْقَى لك في

قَلْبي إذا جئْتَ خَبَايَا (f)

فلقد جُرِّعْتُ من

بَعْدك كاسَاتِ المَنَايا

ولئن متُّ سَيَبْقَى (g)

لكَ في قَلْبي بَقَايَا

(a) الديوان: بعينه.

(b) الديوان: هبوني.

(c) الديوان: عيون.

(d) ق: عزة.

(e) ق: تواتي، الديوان: توافي.

(f) الديوان: حنايا، وفي نسخة منه كالمثبت.

(g) ق: ستبقى.

_________

(1)

ديوان البهاء زُهَيْر 351، وتذكرة ابن العديم 352 - 353، وبعض الأبيات في الوافي بالوفيات 14:238.

(2)

ديوان البهاء زُهَيْر 294، وتذكرة ابن العديم 353.

ص: 40

وأنْشَدَني زُهَيْر بن مُحَمَّد بن عليِّ لنَفْسِه

(1)

: [من السريع]

أقُول إذا أبصَرْتُه مُقْبِلًا

(a) مُعْتَدلَ القَامَةِ والشَّكْلِ

يا أَلفًا من قدِّه أقْبَلَتْ

باللّهِ كُوْني أَلِفَ الوَصْلِ

وأنْشَدَني زُهَيْرٌ لنَفْسِه

(2)

: [من مجزوء الدوبيت]

يا مَنْ لعبَتْ به شَمُولٌ

ما ألْطَفَ هذه الشَّمَائِلْ

نشْوَان يَهُزُّه دَلَالٌ

كالغُصْنِ مع النَّسِيم مَائِل

لا يُمْكِنُه الكَلَامُ لكنْ

قد حَمَّل (b) طَرْفَهُ رَسَائِل

ما أَطْيَبَ وَقْتًا وأَهْنَى

والعَاذِلُ غائبٌ وغَافِل

عِشْقٌ ومسرَّةٌ وسُكْرٌ

العَقْلُ (c) ببَعْضِ ذاكَ زَائِل (d)

والبَدْرُ يلوحُ في قِنَاعٍ

والغُصْنُ يَمِيْس (e) في غَلَائِل

والوَرْدُ على الخُدُود غَضٌّ

والنَّرْجِسُ في الجُفُون (f) ذَابِل

والعَيْشُ كما أُحبّ (g) صَافٍ

والأُنسُ بمَن أُحبُّ (h) كَامِل

مَوْلاي يَحقُّ لي بأنِّي

عن مثلك في الهَوَى أُقَاتِل

لي فيكَ وقد عَلمتَ عِشْقٌ

لا يَفْهَمُ سِرَّه العَوَاذِل

في حُبِّكَ قد بذَلتُ رُوْحِي

إنْ كُنْتَ لِمَا بذلْتُ قَابِل

لي عندكَ حاجةٌ فقُلْ لي

هل أنْتَ إذا سَألتُ بَاذِل

(a) الأصل: مقيلًا، وغير واضحة في ق، والمثبت من الديوان والتذكرة والوافي.

(b) ق: جمل، ومؤكدة في الأصل بحرف حاء أسفلها.

(c) الديوان: والعقل.

(d) الديوان: ذاهل، وفي نسخة منه كالمثبت.

(e) الديوان: يميل، وفي نسخة منه كالمثبت.

(f) الديوان: العيون.

(g) الديوان: نحبّ.

(h) الديوان: نحب.

_________

(1)

ديوان البهاء زُهَيْر 211، وفي تذكرة ابن العديم 355 والوافي بالوفيات 14:240.

(2)

ديوان البهاء زُهَيْر 214 - 215، وتذكرة ابن العديم 355 - 357.

ص: 41

في وَجْهكَ للرِّضَى دَلِيْلٌ

ما تكذِبُ هَذه المَخَايل

لا أطْلبُ في الهَوَى شَفِيْعًا

لي فيكَ غنىً عن الوَسَائِل

ذَا العام مَضَى ولَيْتَ شِعْري

هل يَحْصُل (a) لي رضَاك قَابِل

ها عَبْدُكَ وَاقِفًا ذَليلًا

بالباب يَمُدَّ كفَّ سَائِل

مِن وَصْلكَ بالقَليلِ يَرْضَى

الطَّلُّ من الحَبِيْب وَابِل

وأَنْشَدَنِي لنَفْسِه على الوَزْن والقَافِيَةِ

(1)

: [من مجزوء الدوبيت]

ما لي (b) وإلى مَتَى التَّمَادِي

قد آنَ بأنْ يُفيْقَ غَافِلْ

ما أعْظَم حَسْرتي لعُمْر

قد ضَاع ولَم أَفُزْ بطَائِلْ

قد عزَّ عليَّ سُوءُ حَالي

ما يَفْعلُ ما فَعَلْتُ عَاقِل

ما أعْلَمُ ما يكُونُ منِّي

والأمْر كما عَلِمْتَ هَائِل

يا رَبِّ وأنتَ بي رَحِيْمٌ

قد جئتُكَ رَاجِيًا وآمِل

حَاشَاكَ بأنْ تَرُدَّ ضَيْفًا (c)

قد أصْبَح في ذُرَاكَ نَازِل (d)

يا أكْرَم من رجَاهُ رَاجٍ

عن بابِكَ لا يُرَدُّ سَائِل

أخْبرَني أبو الفَضْل زُهَيْر بن مُحَمَّد، قال: كَتَبَ إليَّ جَمال الدِّين يَحْيَى (e) بن مَطْرُوح يَطْلبُ منِّي دَرْج وَرَقٍ ومِدَادًا، قُلتُ: وأَنْشَدَنيها ابن مَطْرُوح لنَفْسِه بدِمَشْق

(2)

: [من المنسرح]

أَفلسْتُ يا سَيِّدِي من الوَرَقِ

فابْعَث بدَرْج كعِرْضِكَ اليَقَق

وإنْ أتَى بالمِدَاد مُقْترنًا

فمَرْحَبًا بالخُدُودِ والحَدَق

(a) الديوان: يرجع.

(b) الديوان: تأبَى.

(c) الديوان: ضعيفًا.

(d) الديوان: باذل.

(e) ساقطة من ق.

_________

(1)

ديوان البهاء زُهَيْر 215.

(2)

ديوان ابن مطروح 68، وأيضًا في ديوان البهاء زُهَيْر 183، وتذكرة ابن العديم 354 - 355، 373، ووفيات الأعيان 2:336.

ص: 42

قال لي زُهَيْر ومن طرفه أنَّهُ في البَيْت الأوَّل فَتَح الرَّاءَ من الورَق وكَسَرها، وكَتَبَ عليها معًا، قال: فسيَّرت إليه دَرْجًا ويَسِيْر مِدَادٍ كان عندي، وكَتَبْتُ إليه

(1)

: [من المنسرح]

مَوْلاي سَيَّرتُ ما أمْرتَ بهِ

وهو يَسِيْرُ المِدَادِ والوَرَق

وعَزَّ عندي تَسْييرُ ذاكَ وقد

شبَّهتهُ بالخُدُودِ والحَدَقِ

وأنْشَدَني أبو الفَضْل زُهَيْر لنَفْسِه

(2)

: [من مجزوء الرمل]

لَيْتَ شِعْرِي لَيْتَ شِعْري

أيُّ أرْضٍ هي قَبْري

ومَتَى يَوْم وَفَاتي

لَيْتَني لو كُنْتُ أدْرِي

ضَاعَ عُمْري في اغْتِرَابٍ

ورَحِيل مُسْتَمِرِّ

ليسَ لي في كُلِّ أرْض

جِئْتُها من مُسْتَقَرِّ

بعدَ هذا لَيْتَني أَعْـ

ـرِفُ ما آخِرُ أمْرِي (a)

ومَتَى أخْلُصُ ممَّا

أنا فيه لَيْتَ شِعْري

فلقد آنَ بأنْ أصْحُو

فما لي طَالَ سُكْرِي

أتَرَى يُسْتَدْركُ الفائتُ (b)

في تَضْييْع عُمْترِي

أخْبَرَني الحافِظُ رَشِيْد الدِّين يَحْيَى بن عليّ العَطَّار، قال: تُوفِّي زُهَيْر بن مُحَمَّد في اليَوْم الرَّابِع أو الخَامِس من ذي القَعْدَة من سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وسِتمائة بالقَاهِرَة.

وأخْبرَني أبو عَبْد الله مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سُرَاقَة بالكَبْش بين مِصْر والقَاهِرَة، قال: تُوفِّي بَهَاء الدِّين زُهَيْر بن مُحَمَّد بن عليّ الكَاتِب بعد صَلَاةِ المَغْرب

(a) الديوان: عمري.

(b) الديوان: الفارط.

_________

(1)

ديوان البهاء زهير 182، وتذكرة ابن العديم 355، ووفيات الأعيان 2:337.

(2)

ديوان البهاء زهير 119، وتذكرة ابن العديم 358.

ص: 43

من لَيْلَة الاثْنَين، ودُفِنَ صَبِيحتها يَوْم الاثْنَين السَّادِس من شهر ذي قَعْدَة سَنَة ستٍّ وخَمْسِين، ودُفِنَ بمَقْرُبةٍ (a) من تُرْبَةِ الإمَام الشَّافِعيّ رحمه الله، ومَوْلده بالحِجَاز سَنَة إحْدَى وثَمانين وخَمْسِمائَة في الخامس من ذِي الحِجَّة، هكذا ذَكَرَ لي ابن سُرَاقَة.

‌زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر بن شُعْبَة، أبو مُحَمَّد المَرْوَزيّ ثمّ البَغْدَاديّ

(1)

أصْلُهُ من مَرْو، وسَكَنَ بَغْدَاد، ثُمَّ انتقَلَ عنها إلى طَرَسُوس، وأقام بها مُرَابِطًا إلى أنْ ماتَ.

حَدَّثَ عن زَكَريَّاء بن عَديّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام الصَّنْعانِيّ، وعُبَيْد بن عُبَيْدة، والحَسَن بن مُوسَى الأشْيَب، و [عُبَيْد الله](a) بن مُوسَى العَبْسِيّ، وأبي صالِح مَحْبُوب بن مُوسَى الأنْطَاكِيّ الفَرَّاء، وعبد الله بن

(a) ق: بمقبرة.

(b) الأصل، ق: الحسين، وصوابه المثبت. وسببه في هذا الخطأ ما نقله المؤلف عن الخطيب البغدادي - ويأتي قريبًا - وأسقط منه بعض الكلمات، ونص كلام الخطيب والذي بين الحاصرتين ما أسقطه ابن العديم:"سمع الحسين [بن محمد المرُّوذي، وعبيد الله] بن موسى العبسي". انظر: تاريخ بغداد 9: 511، وأيضا تهذيب الكمال 9: 412، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 86، سير أعلام النبلاء 9: 553 - 557.

_________

(1)

توفي سنة 257 هـ، وقيل في السنة قبلها وبعدها، وترجمته في: تاريخ الثقات للعجلي 166، الجرح والتعديل 3: 591 - 592، الثقات لابن حبان 8: 257، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 236، تاريخ بغداد 9: 511 - 514، ابن ماكولا: الإكمال 7: 127، السمعاني: الأنساب 10: 484، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 159، ابن الجوزي: المنتظم 12: 130 - 131، صفة الصفوة 2: 400 - 401، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 389 - 390، المزي: تهذيب الكمال 9: 411 - 414، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 86 - 87، تذكرة الحفاظ 2: 551 - 552، العبر في خبر مَن غير 1: 368 - 369، الكاشف 1: 337، سير أعلام النبلاء 12: 360 - 361، الوافي بالوفيات 14: 228، تهذيب التهذيب لابن حجر 3: 347 - 348، تقريب التهذيب 1: 264، السيوطي: طبقات الحفاظ 249 - 250، شذرات الذهب 3:257.

ص: 44

مَسْلَمَة، ويَعْلَى بن عُبَيْد، وأبي الجَوَّاب أحْوَص بن جَوَّاب، والحُسَين بن مُحَمَّد المَرُّوذِيِّ، والضَّحَّاك بن مَخْلَد، وصَدَقَة بن سَابِق، وأبي تَوْبَة الرَّبيْع بن نَافِع الحَلَبِيّ.

رَوَى عنهُ عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن يَزِيد بن مَاجَة القَزْوِينيّ، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن حَفْص بن عُمَر العَسْكَريّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَابِر بن عَبْدِ الله الطَّرَسُوسِيِّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد (a) بن مُغَلِّس، وأبو عَبْدِ الله الحُسَين بن يَحْيَى بن عَيَّاش الأعْوَر، وأحمد بن عَبْد الله النِّيْرِيّ (b)، وأبو الحَسَن علِيِّ بن أحْمَد الرَّافِقِيّ، وأبو القَاسِم عَبْد الله بنُ مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، وأبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، وأحمدُ بن إسْحاق بن البُهْلُول، وأحمد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الأَدَميِّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن نَيْرُوز الأنْمَاطِيّ، والقَاضِي أبو عَبْدِ اللهِ المَحَامِليّ، وإسْحَاق بن بيان الأنْمَاطِيّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّنْدَليِّ، وابنُهُ مُحَمَّد بن زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر بن شُعْبَة، وآخرُون غَيْرهُم.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَليل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّدُ بن عبد الرَّحيم بن الإخْوَة، وصَاحِبتُهُ عَيْن الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد بن الحَسَن (c)، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ - قالت: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وأبو الفَتح مَنْصُور بن الحُسَين - قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله حُسَيْن بن يَحْيَى بن عَيَّاش القَطَّانُ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بن مُحَمَّد بن قُمَيْر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق

(2)

، عن سُفْيان، عن سِمَاك بن حَرْب، عن مُوسَى بن طَلْحَهَ، عن أَبِيهِ،

(a) ساقطة من ق.

(b) جوده في الأصل بتشديد المثناة التحتية، والمثبت بسكون الياء نسبة إلى النير؛ قرية بنواحي بغداد، عن الإكمال لابن ماكولا 7: 382، والسمعاني: الأنساب 13: 233، وتهذيب الكمال 9: 412 (وزاد في نسبته: البزاز).

(c) ق: الحسين.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 246.

(2)

المصنف لعبد الرزاق 2: 13 (رقم 2292).

ص: 45

قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا كان بين يدَيْك مثل مؤخّرة الرَّحْل، لَم يَقْطع عليك ما مرَّ بين يدَيْك.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن مُحَمَّد الدَّقَّاق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِمِ بن مَنيع يَقُول: ما رَأيْتُ بعد أبي عَبْدِ الله أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل أزْهَد من زُهيْر بن قُمَيْر.

وقال أبو بَكْر

(2)

: حَدَّثَني الأزْهَري، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن الصَّيْرَفِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: ما رَأيْتُ بعد أحْمَد بن حَنْبَل أفْضَلَ من زُهَيْر، سَمِعْتُه يقُول: أشْتَهِي لَحْمًا من أرْبَعيْن سَنَة ولا آكُلُهُ حتَّى أدْخُلَ الرُّوم فآكُلهُ من مَغَانِمِ (a) الرُّوم.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(3)

، قال: أخْبَرَني الحَسَنُ بن عليّ التَّميْمِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أحْمَد الوَاعظ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن زُهَيْر بن مُحَمَّد، قال: كان أبي يَجْمعُنا في وقتِ خَتْمَته القُرْآن في شَهْر رَمَضَان، في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلةٍ ثلاث مَرَّات تِسْعين خَتْمَةً في شَهْر رَمَضَان.

وقال أحْمَد بن عليّ

(4)

: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافظ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاج، قال: زُهَيْرُ بن مُحَمَّد بن قُمَيْر بن شُعْبَة مَأْمون ثِقَةٌ.

(a) ق: إقليم.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 512.

(2)

تاريخ بغداد 9: 513.

(3)

تاريخ بغداد 9: 513.

(4)

تاريخ بغداد 9: 513.

ص: 46

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر بن شُعْبَة، أبو مُحَمَّد، مَرْوَزيُّ الأصْلِ، سَمِعَ الحُسَين [بن مُحَمَّد المَرُّوذيّ، وعُبَد الله](a) بن مُوسَى العَبْسِيِّ (b)، والحَسَن بن مُوسَى الأشْيَب، ويَعْلَى بن عُبَيْد، وأبا صالح الفَرَّاء، وأبا الجَوَّاب أحْوَص بن جَوَّاب، وعبد الله بن مَسْلَمَة القَعْنَبِيِّ، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام.

رَوَى عنهُ عَبْد الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، ومُوسَى بن هَارُون، وأبو القَاسِم البَغَويّ، وأحْمد بن إسْحاق بن (c) البُهْلُول، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، وأحمد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الأَدَميِّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّنْدَليّ، وابنُ عَيَّاش القَطَّان.

وكانَ ثِقَةً، صَادِقًا، وَرِعًا، زَاهِدًا، وانْتَقَلَ في آخر عُمْرِه عن بَغْدَاد إلى طَرَسُوس، فرَابَط بها إلى أنْ ماتَ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ: زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر بن شُعْبَة المَرْوَزيّ، رَوَى (d) عن عَبد الرَّزَّاق بن هَمَّامٍ الصَّنْعانِيّ، والضَّحَّاك بن مَخْلَد البَصْرِيّ أبي عَاصِم، وأبي صالح الفَرَّاء، وصَدَقَة بن سَابِق، وآخرين.

حَدَّثَ عنهُ أبو القَاسم البَغَويّ، وابنُ صَاعِد، وابنُ سُرُور (e) الأنْمَاطِيّ، وابن بُهْلُول القَاضِي، والقَاضِي أبو عَبْد الله المَحَامِلِيِّ، وأحمد بن عَبْد الله النِّيْرِيّ (f)، وابن عَيَّاش (g) المتُّوْثِيّ، وإبْراهيم بن حَفْص بن عُمَر الحَلَبِيّ، وآخرون.

(a) ساقط من الأصل، والمثبت عن تاريخ بغداد، مصدر النقل.

(b) ق: العنسي.

(c) ساقطة من ق.

(d) ساقطة من ق.

(e) ق: مسرور.

(f) في الأصل بتشديد المثناة التحتية، وتقدم التعليق عليه.

(g) مهملة في الأصل، وفي ق: عباس، واسمه: الحسين بن يحيى بن عياش المتوفي القطان، أبو عبد الله (ت 334 هـ)، انظر ترجمته في تاريخ الإسلام 7: 678 وسير أعلام النبلاء 15: 319 - 320.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 511.

ص: 47

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر (a) الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا الجَوْهَرِيُّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله المُنَادِيّ، قال: وزُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر المَرْوَزِيّ (b) من أفَاضِلِ النَّاسِ، وقد كَتَبَ النَّاسُ عنه حَدِيثًا كَثِيْرًا، ودُفِنَ حينَ مات في مَقَابِر بَاب حَرْب.

قال أبو بَكْر الخَطيبُ

(2)

: وهذا القَوْل في مَدْفَنه وَهْمٌ؛ والصَّحيحُ أنَّهُ ماتَ بطَرَسُوس ودُفِنَ بها.

قال الخَطِيبُ

(3)

: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَويّ

(4)

: ماتَ زُهَيْر بن مُحَمَّد بطَرَسُوس في سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين في آخرها.

أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الحافظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليَّ بن مُحَمَّد بن خُشَيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللهِ بن عُثْمان بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد البَاقِي بن قَانِع (c)، قال: سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن زُهَيْر بن مُحَمَّد في ذِي الحِجِّة بطَرَسُوس، وقيل: سَنَة ستٍّ؛ يعني: ماتَ.

كَتَبَ إلينا الحافِظ عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ من حَرَّان، قال: أخْبَرَنا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد العُمَيْريّ (d)، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم القَرَّاب، إجَازَةً إنْ لم يَكُن

(a) ساقطة من ق.

(b) الأصل: المرُّوذي، وفوقه علامة التصحيف "ص"، وساقطة من ق، والمثبت موافق لما في تاريخ الخطيب.

(c) الأصل: قابع!.

(d) ضبطه في الأصل وق بفتح العين، وتقدم التعليق عليه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 513.

(2)

تاريخ بغداد 9: 513.

(3)

تاريخ بغداد 9: 513.

(4)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 84.

ص: 48

سَمَاعًا، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الفُضَيْلِ بن مُحَمَّد الفَقِيه، قال: حدَّثَنا أبي، قال: سَمِعْتُ مُوسَى بن هَارُون يَقُول: ماتَ زُهَيْرُ بن مُحَمَّد بن قُمَيْر في ذِي الحِجَّة سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدّب، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(1)

، قال: أَخْبَرَني الحُسَين (a) بن عليِّ الطَّناجِيريّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أحْمَد الوَاعِظ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن يزِيد الزَّعْفَرَانيّ يَقُول: وماتَ زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر في سَنَة ثَمانٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، كَذَا بَلَغَنا عنه، ماتَ في الثَّغْر.

‌زُهَيْر بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب، أبو الخَيْر المَوْصِليّ

(2)

سَمِعَ بمَلَطْيَة (b) أبا يَعْلَى مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبَيْد الأقْطَع السُّلَمَيّ المَلَطِيّ، ورَوَى عنهُ، وعن أبي عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، وأبِي الطَّيِّب مُحَمَّد بن أحْمَد المَرُّوذِيّ (c)، وأبي عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن أبي الأحْوَص، رَوَى عنهُ تَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمَيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا تمَام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الخَيْر زُهَيْر بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب المَوْصِليِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْلَى مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبَيْد الأقْطَع السُّلَمِيّ بمَلَطْيَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن

(a) من قوله: "قال أخبرنا أبو منصور

" إلى هنا ساقط من ق.

(b) قيَّدها في الأصل وق، في هذا الموضع وتاليه بتشديد المثناة التحتية، وأشار المؤلف في مقدمة الكتاب إلى أوجه الضبط فيها.

(c) ق: المروزي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 9: 513 - 514.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 115 - 116، مختصر ابن منظور 9: 61 - 62، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 396 - 397.

ص: 49

ضُرَيْس العَبْدِيّ، قال: حَدَّثنا يَعْقُوب بن مُوسَى، قال: حَدَّثنا مَسْلَمَة، عن رَاشِدٍ أبي مُحَمَّد، عن أنَس

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَام في شَهْر حرام الخَميْس والجُمُعَة والسَّبْت كُتِبَ له عِبَادة سَبْعمائة سَنَةٍ.

أنْبَأنَا أبو نَصْرِ مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب، أبو الخَيْر المَوْصِلِيّ، حَدَّثَ بدِمشْقَ عن أبي عَبْد اللهِ الحُسَين بن عُمَر (a) بن أبي الأحْوَص، وأبي يَعْلَى مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبَيْد الأقْطَع المَلَطِيّ، وأبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وأبي الطَّيِّب مُحَمَّد بن أحْمَد المَرُّوذِيّ، رَوَى عنهُ تمَّام بن مُحَمَّد.

‌زُهَيْرُ بن مُحَمَّد، أبو المُنْذِر التِّميْمِي ثُمَّ العَنْبَرِيّ الخُرَاسَانيّ المَرْوَزيّ الخَرْقِيّ

(3)

من خَرْق؛ قَرْيَة من قُرَى مَرْو، وقيل: إنَّهُ نَيْسَابُوريّ، وقيل: إنَّهُ هَرَويّ، ويُقال فيه: المَكّي لأنَّهُ سَكَنَ مَكَّة، ويُقال فيه: المَدِيْني أيضًا لأنَّهُ سَكَنَها.

(a) تاريخ ابن عساكر: عمرو.

_________

(1)

أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه 19: 116، وينظر: إتحاف السادة المتقين للزبيدي 4: 256.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 115.

(3)

توفي سنة 162 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 427 - 428، التاريخ الصغير 2: 137، المعرفة والتاريخ 1: 347، 2: 757، الجرح والتعديل 3: 589 - 590، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1073 - 1078، الثقات لابن حبان 6: 337، مشاهير علماء الأمصار 293، تاريخ ابن عساكر 19: 116 - 125، المزي: تهذيب الكمال 9: 414 - 418، الإعلام بوفيات الأعلام 76، سير أعلام النبلاء 8: 167 - 170، العبر في خبر مَن غبر 1: 183، الكاشف 1: 327، ميزان الاعتدال 2: 84 - 85، الوافي بالوفيات 14: 227، تهذيب التهذيب 3: 348 - 350، تقريب التهذيب 1: 264، شذرات الذهب 2: 284، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 397 - 398، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 72 - 73.

ص: 50

حَدَّثَ عن مُوسَى بن وَرْدَان، ومُحَمَّد بن المُنْكَدر، وجَعْفَر بن مُحَمَّد، وأبي إسحاق السَّبِيْعيِّ، وزَيْد بن أسْلَم، والوَضِيْن بن عَطَاءٍ، وحُمَيْد الطَّويل، وإسْمَاعِيْل بن ورْدَان، وأبَان بن [أبي عَيّاش](a)، وشُرَحْبِيل بن سَعْد، ويَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وهِشَام بن عُرْوَة، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وصالح بن كَيْسَان، وسُهَيْل بن أبي صالح، وعَبْد الرَّحمن بن القَاسِم، والمُطَّلِب بن عَبْد الله بن حَنْطَب، وابن جُرَيْج، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، وعَبْد العَزِيْز (b) بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن حَرْمَلَة، وصالح مَوْلَى التَّوْأمَة، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حَزْم، وصَفْوَان بن سُلَيْم، وأبي حَازِم (c) سَلهًة بن دِيْنار الأعْرَج، ومُحَمَّد بن عَمْرو بن حَلْحَلَة.

رَوَى عنهُ يَحيَى بن حَمْزَة، والوَلِيد بن مُسْلم، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، واليَمان بن عَدِيّ الحمْصِيّ، وسُويْد بن عَبْد العَزِيْز، وعُثْمان بن الحَكَم الجُذَاميِّ (d)، وعَبْد المَلِك بن مُحَمَّد (e) الصَّنْعانِيّ، وعليّ بن أبي حَمَلَة، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة، ومُحَمَّد بن سُلَيمان الحرَّانيّ بُوْمَة، وعَبْد المَلِك بن عبد الرَّحْمن الذَّمَارِيّ، ومُعَاذ بن خَالِد المَرْوَزيّ، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وعَبْد المَلِك بن عَمْرو العَقَديّ، ومَعْن (f) بن عِيسَى القَزَّاز، وأبو حُذَيْفَة مُوسَى بن مَسْعُود، وصَدَقَة بن عَبْد اللهَ السَّمِين.

وقَدِمَ الثُّغُور الشَّامِيَّة غَازِيًا.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، وسقطت من ق مع اتصال النص، والتعويض من تهذيب الكمال للمزي.

(b) ق: وعبد.

(c) قيَّده في الأصل بالخاء المعجمة، وجاء صحيحًا في ق، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 6: 96 - 103.

(d) ق: الجذايي!.

(e) الأصل، ق: ابن أبي محمد، والمثبت كما في تاريخ ابن عساكر 19: 117، وهو المشهور بالبرسمي، من صنعاء دمشق، وانظر ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي 18: 405 - 407، الذهبي: الكاشف 3: 314، ابن حجر: تهذيب التهذيب 6: 421، وتقريب التهذيب 1:522.

(f) ق: ومعان.

ص: 51

بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ الإمَامُ أبو طَاهِر مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله السِّنْجِيّ ببَلْخ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن حَمْد (a) بن الحَسَن الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر أحْمَدُ بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن بُوَان الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحاق السُّنِّيِّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى - يعني المَوْصِليّ - قال: أخْبَرَنا أبو خَيْثَمَة، قال: حَدَّثنا أبو عَامِر العَقَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، عن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، عن مُحمَّد بن جُبَيْر بن مُطْعِم، عن أَبيهِ

(1)

: أنَّ رجُلًا أتَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسُول الله، أيُّ البُلْدانِ شَرٌّ؟ قال: لا أدْرِي، فلمَّا جاءه جبريلُ عليه السلام، قال: يا جِبْريل، أيُّ البُلْدان (b) شرٌّ؟ قال: لا أدْرِي حتَّى أسأل رَبِّي عز وجل، فانْطَلق جِبْريلُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ الله [أنْ يَمْكث](c)، ثمّ جاءَ، فقال: يا مُحَمَّد، إنَّكَ سَألتَنِي أيّ البُلْدان (d) شرّ؟ فقُلْتُ: لا أدْرِي، وإنِّي سَألتُ رَبِّي عز وجل: أيُّ البُلْدان شَرٌّ؟ فقال: أسْوَاقُها.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحاكِم

(3)

، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحمَّد بن سَعيد يَقُول: سَمِعْتُ صالح بن مُحَمَّد الحافِظ يَقول: زُهَيْر بن مُحَمَّد نيسَابُوريٌّ كان يكُون بمَكَّة، وكان يكُون في الثُّغُور غَازِيًا، قُلتُ: ويُقال له هَرَويّ، قال: يُقال، وهو ثِقَةٌ صَدُوق.

(a) ق: أحمد.

(b) ق: البلاد.

(c) إضافة من مصادر تخريج الحديث المتقدمة.

(d) ق: البلاد.

_________

(1)

المستدرك على الصحيحين للحاكم 1: 89 - 90، مجمع الزوائد للهيثمي 4: 76، وانظر: المسند الجامع 4: 473 - 474 (رقم 3115).

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 123.

(3)

انظره مختصرًا في تلخيص تاريخ نيسابور للحاكم 15.

ص: 52

أنْبأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن نَصْرُ بن المُظَفَّر البرمَكيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَفْصٍ (a) السَّعْدِيّ يَقُول: قيل لأحمد بن حَنْبَل وهو حَاضِر: حَدِيث أبي هُريرة: إِذا كان النِّصْف من شَعْبان فلا يَصُوم أحَد حتَّى يَصُوم رَمَضَان؟ قال: ذَاكَ خبَرٌ ضَعِيْفٌ (b). ثُمَّ قال: حديثُ العَلَاء كان يَرْويهِ وَكِيعٌ، عن (c) أبي العُمَيْس، عن العَلَاء وابن مَهْدِى، وكان يَرْويه ثُمَّ تَرَكَهُ. قيل: عن منْ كان يَرْويه؟ قال: عن زُهَيْر، ثُمَّ قال: إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم (4) كان يَصُوم شَعْبان؛ يَصِلُه برمَضَان.

أنْبأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البيَهَقِيّ، قال: بَلَغني عن أبي عِيسَى التِّرْمِذيّ أنَّهُ قال: سَألْتُ مُحَمَّدًا - يعني البُخاريّ - عن حَدِيث زُهَيْر، فقال: أنا أتَّقي هذا الشَّيْخ، كأنَّ (e) حَدِيثهُ مَوْضُوع، وليس هذا عندِي بزُهَيْر بن مُحَمَّد، وكان أحْمَدُ بن حَنْبَل يُضَعِّفُ هذا الشَّيْخ، يَقُول: هذا شَيْخٌ ينْبَغي أن يكُون قَلَبوا اسْمَهُ.

وقال أبو القاسِم الحافِظ

(3)

: أنْبأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن المَزْرَفِيِّ، عن أبي جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد بن

(a) في الأصل، ق: جعفر، وصوَّبه المؤلف بهامش الأصل كما هو في الكامل لابن عدي.

(b) ابن عدي: ذاك أي ضعيف!.

(c) ابن عدي: عنه.

(d) قوله: "قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد مكررًا في الأصل.

(e) ابن عساكر: فإنَّ.

_________

(1)

الكامل لابن عدي 3: 1073.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 124.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 123.

ص: 53

حمَّة (a) الخلَّال إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن القَاسِم بن عَبْد العَزِيْز الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا حنْبَل بن إسْحاق بن حَنْبَل، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد خُرَاسَانيٌّ ثِقَةٌ.

أنْبَأنَا عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن البَرْمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: حدّثنا الحَسَنُ بن سُفْيان، قال: حَدَّثنا إبْراهيم بن يَعْقُوبَ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ مُسْتَقِيْم الحَدِيْث.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيِّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا قاضِى القُضَاةِ أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا يَعْقُوب بن يُوسُف بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبرَنا مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى

(2)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن البَغْدَاديِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك الميمُونيِّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد مُقارب الحَدِيْث.

أنْبَأَنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْدِ الله بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَنِ المُبارَكُ بن عَبْد الجبَار الصَّيْرَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهِيم بن عُمَر البَرْمَكِيِّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن خَلف بن تُجِيْب الدَّقَّاق، قال: حدّثنا عُمَر بن مُحَمَّد (b) الجَوْهَرِي، قال: حَدَّثَنا أحمد بن مُحَمَّد بن هانئ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله ذَكَرَ رِوَايَةَ الشَّامِّيِّيْن عن زُهَيْر بن مُحَمَّد، قال: يَرْوُونَ عن

(a) الأصل، ق: حميد، وعند ابن عساكر: حمد، وتقدم ذكره والتعليق عليه في الجزء السابع من هذا الكتاب.

(b) من قوله: "البرمكي

" إلى هنا ساقط من ق.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1074.

(2)

الضعفاء الكبير 2: 92.

ص: 54

زُهَيْر بن مُحَمَّد (a) أحادِيث مَنَاكيْر هؤلاء! ثمّ قال لي: ترى هذا زُهَيْر بن مُحَمَّد ذاكَ الّذي يَرْوي عنه أصْحَابُنا؟ ثُمَّ قال: أمَّا رِوَايَة أصْحَابنا عنه فمُسْتَقيْمة: عبد الرَّحْمن بن مَهْدِي، وأبو عَامِر أحادِيث مُستَقِيْمة صِحَاح، قال أبو عَبْدِ الله: وأمَّا أحادِيث أبي حَفْصٍ ذاكَ التِّنِّيْسِيّ عنه، فتلك بَوَاطِيْل مَوْضُوعَةٌ أو نحو هذا، فأمّا: بَوَاطِيْل، فقد قاله.

وقال أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَجَّاج المَرْوَزيّ: سَألتُ أحْمَد بن حَنْبَل عن زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُراسَانيّ، قال: ليسَ به بأسٌ.

فهذا قَوْل أحْمَد بن حَنْبَل قد اضْطَرَب في زُهَيْر بن مُحَمَّد كما تَرَاه، وكذلك اضْطَرَب فيه قَوْل يَحْيَى بن مَعِين أيضًا.

أنْبَأنَا عَبْد البَرّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن البَرْمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثنا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثنا مُعاوِيَة، عن يَحْيَى، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد خُرَاسَانيٌّ ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ العَزِيْز بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال أخْبَرَنا مُعاوِيَةُ بن صالح، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: زُهَيْر بن مُعاوِيَة (b) خُرَاسَانيٌّ ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا

(a) قوله: "قال: يروون عن زهير بن مُحَمَّد" ساقط من ق.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

ص: 55

مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثنا أبي، قال: قال أبو زَكَرِيَّاء: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُراسَانيّ التَّمِيْمِيّ ليسَ به بأسٌ وليسَ بالقَوِيّ.

قال: وأخْبَرَنا ثَابِت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد (a)، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص، قال: حَدَّثَنا أبي، قال: قال يَحْيَى: زُهَيْر بن مُحَمَّد المَكِّيّ، نَزَل مَكَّة، ثِقَةٌ.

أنْبَأَنَا عُمَر بن طَبْرَزَد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن البنَّاء إجَازَةً، عن أبي تمَّام عليّ بن مُحَمَّد بن الحسَن، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا مُحَمّد بن القَاسِم بن جَعْفَر، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(1)

يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ ثِقَةٌ، وسُئِلَ يَحْيَى بن مَعِيْن: الخُرَاسَانيّ مرَّةً أُخْرى؟ فقال: صالِحٌ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانيّ، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد، عن أبي الحسَين المُبَارك بن عبد الجبار الصَّيْرفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن القَاسِم بن جَعْفَر قال: حَدَّثنا إبْراهيم بن الجُنَيْد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يُسْئَل عن زُهَيْر بن مُحَمَّد، فقال: ليسَ به بأسٌ، فقُلْتُ ليَحْيَى: مَكّيٌّ؟ قال: كان خُرَاسَانيًّا، وكان بمَكَّة.

أنْبَأنَا أبو المحاسِن بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح المُؤذِّنُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحسن بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العباس مُحَمَّد بن يعقوب، قال: حَدَّثَنَا عباس بن مُحَمَّد،

(a) قوله: "قال أخبرنا مُحَمَّد" ساقط من ق.

_________

(1)

تاريخ يحيى بن معين 2: 176.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 120.

ص: 56

قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(1)

يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ ثِقَةٌ. حدَّثنا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر الخُرَاسَانيّ.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: أنْبَأنَا أبو نَصْر الحَسَن بن مُحَمَّد بن إبْراهيم اليُوْنَارتيّ (a)، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن عَبْد الكَريم بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن شُعَيْب، قال: قُرئ على يَحْيَى بن مَعِيْن: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ صَالِحٌ لا بَأْسَ بهِ.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

: أنْبَأنَا أبو نَصْر القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن إبْراهيم المَرُّوذِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زُهَيْر، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ صَالِحٌ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي العَلَاءِ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ (c)، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الحافِظُ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن سَعيد، قال: قُلتُ ليَحْيَى: فزُهَيْر (d) أبو المُنْذِر؟ قال: ليسَ به بأسٌ، فقُلتُ: فزُهَيْر بن مُحَمَّد ما حَالهُ؟ قال: ثِقَةٌ.

(a) مهملة في الأصل وق، والإعجام عن تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمته في: تاريخ الإسلام 11: 459، وسير أعلام النبلاء 19: 621 - 622، وطبقات الحفاظ للسيوطي 465 - 466.

(b) كذا في الأصل وق، وعند ابن عساكر: المؤذن.

(c) ورد إسناده مكررًا في الأصل.

(d) ابن عدي: فمن زهير.

_________

(1)

تاريخ يحيى بن معين 2: 176.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 121.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 121.

(4)

ابن عدي: الكامل 3: 1074.

ص: 57

قُلتُ: هذا الكَلَام يُشْعِر بأنَّ المَسْؤُول عنه أوَّلًا غير المَسْؤول عنه ثانيًا، والظَّاهر أنَّهُ هو، وقد سَألَهُ عنه مَرَّتَين، ويُحْتَمل أنَّ المَسْؤول عنه ثانيًا هو زُهَيْر بن مُحَمَّد بن قُمَيْر الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ، وقد كان في زَمَن يَحْيَى وبين مَوْتَيْهِما نَيف وعشرون سَنَةً، واللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الجُنَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ

(2)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر التَّمِيْمِيّ الخُرَاسَانيّ كَنَّاه آدَمُ، سَمِعَ عَبْد الله بن أبي بَكْر بن حَزْم، وابن عَقِيلٍ، وزَيْد بن أسْلَم، ومُوسَى بن وَرْدَان. رَوَى عَنْهُ ابنُ مَهْدِي، والعَقَدِيّ، ومُوسَى بن مَسْعُود، وروى عنهُ أهْل الشَّام أحَادِيْثَ مَنَاكيْر. قال أحمدُ: كأنَّ الّذي رَوَى عنهُ أهل الشَّام زُهَيْرٌ (a) آخرُ.

وزَادَ الجُنَيْدِيُّ: رَوَى عنهُ الوَلِيد، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة مَنَاكيْر عن ابن المُنْكَدِر، وهِشَام بن عُرْوَة، وأبو حازِم (b).

قال أحمد: كأنَّ الّذي رَوَى عنهُ أهل الشَّام زُهَيْرٌ (c) آخرُ فقُلِبَ اسْمُه.

قال ابنُ عَدِيٍّ

(3)

: وسَمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال البُخاريُّ، فذَكَرَ هذا الكَلَام.

قُلتُ: قَوْله: وزاد الجُنَيْدِيّ؛ يعنى من قَوْله: رَوَى عنهُ الوَلِيد إلى قَوْله: فقُلِبَ اسْمُه، يُريد أنَّها من قَوْل الجُنَيْدِيّ، لا من قَول البُخاريّ، وقَوْله: قال البُخاريّ: فذكر هذا الكَلَام يعني كَلَام البُخاريّ وقعَ له بإسْنَادٍ آخر عن ابن حَمَّادٍ، واللهُ أعْلَمُ.

(a) في نشرة كتاب الكامل: كان

زهيرًا.

(b) الأصل: خازم، وفوقها "صـ"، والمثبت عن ق والكامل وتاريخ ابن عساكر 19: 118، وفي الكامل لابن عدي: وأبي حزام.

(c) ابن عدي: كان

زهيرًا.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

(2)

التاريخ الكبير 3: 427، والتاريخ الصغير 2:139.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

ص: 58

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(2)

يَقُول: أبو المُنْذِر زُهَيْر بن مُحَمَّد العَنْبَرِيّ، عن عَبْد الله بن (a) أبي بَكْر، وابن عَقِيل، وزَيْد بن أسْلَم، رَوَى عَنْهُ ابنُ مَهْدِي، والعَقَدِيّ.

أخْبَرَنا ابن المُقَيِّر إذْنًا، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبدِ الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو المُنْذِر زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ وليس بالقَوِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد، أبو المُنْذِر (b) التَّمِيْمِيُّ العَنْبِريُّ الخُرَاسَانيُّ، سَكَنَ مَكَّة، سَمِعَ زَيْد بن أسْلَم، ومُحَمَّد بن عَمْرو بن حَلْحَلَة. رَوَى عنهُ أبو عَامِر العَقَدِيّ في كتاب المَرَض والاسْتِئْذَان. قال البُخاريُّ في التَّاريخ الصَّغير

(3)

: ما رَوَى زُهَيْر عن أهْلِ الشَّام فإنَّهُ مَنَاكيْرُ، وما رَوَى عنهُ أهْل البَصْرَة فإنَّهُ صَحِيْح الحَدِيْث.

أنْبَأنَا ابن المُقَيِّر، عن مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن أبي الصَّقْر الأنْبارِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إبْراهيمُ بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرٍ

(a) ق: عن.

(b) ق: أبو الوليد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 118.

(2)

الكنى والأسماء 2: 773.

(3)

لم أقف عليه في التاريخ الصغير.

ص: 59

المُهَنْدِس، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْرٍ الدُّولَابِيّ

(1)

، قال: أبو المُنْذِر زُهَيْرُ بن مُحَمَّد.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الوَلِيد بن مَزْيَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي

(2)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد جَائِزُ الحَدِيْث.

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 2: 131 (وفيه: ظهير بدل زهير؛ ولعله من أخطاء الطبع).

(2)

العجلي: تاريخ الثقات 166، وزيد فيه بعده: مكيّ.

ص: 60

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن نَصر (a) بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعيليّ، قال: أخْبرنا أبو القاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن كَاسِب، قال: حَدَّثَنَا مَعْنُ (b) بن عِيسَى، عن زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو (c) المُنْذِر التَّمِيْمِيّ.

قال ابنُ عَدِيّ

(2)

: سَمِعْتُ الحُسَين بن أبي مَعْشَر يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد (d) خُرَاسَانيّ الأصْل، سَكَنَ مَكَّة، وكان حَدِيثُه فَوَائِد.

وقال ابنُ عَدِيّ

(3)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين (e) المَرْوَزيّ إجَازَةً مُشَافهةً، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن مُصْعَب، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر العَنْبَرِيّ من أهْلِ مَرْو (f) أصْلُهُ من خَرْق (g)، سَكَنَ مَكَّة، لَم يَرْو عنه ابن المُبارَك ولا ذكر عنه شيء.

قال يَحْيَى بن مَعِيْن: زُهَيْر بن مُحَمَّد المَكِّيّ الخُرَاسَانيّ ثِقَةٌ، وقال إسْحاق بن مُحَمَّد رَاهَوَيْه: زُهَيْر بن مُحَمَّد العَنْبَرِيّ، من أهْلِ مَرْو، من أهْلِ خَرْق.

(a) الأصل: نسير، ق: بشر، وتقدم ذكره في العديد من المواضع كالمثبت.

(b) ق: معان.

(c) فوقها فِي الأصل "صـ"، وسقط من ق قوله:"أبو المنذر"، وفي الكامل لابن عدي: ابن المنذر.

(d) بعده في كتاب الكامل: ابن المنذر.

(e) ابن عدي: عيسى.

(f) ابن عدي: أهل خرق.

(g) في الأصل: أهل خرق، وضرب على كلمة:"أهل"، ولم ترد في ق، وهي مثبته في الكامل لابن عدي.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

(2)

الكامل لابن عدي 3: 1073.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

ص: 61

قال ابنُ عَدِيّ

(1)

: وقال النَّسَائِيّ فيما أخْبَرَني مُحَمَّد بن العبَّاس عنه، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد ليسَ بالقَوِيّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن رَوَاج، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُرْشِد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد (a) بن شُعَيْب بن عليّ بن سِنَان النَّسَوِيّ، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر الخُرَاسَانيّ ليسَ بالقَوِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان فيما أجَازَهُ لي، قال: أنْبَأنَا الرَّئِيس مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، عن أبي عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ التَّمِيْمِيّ العَنْبَرِيّ أبو المُنْذِر، كان يكُون بمَكَّة والمَدِينَة، روَى عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وصَفْوَان بن سُلَيم، وزَيْد بن أسْلَم، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وابن عَقِيل.

رَوَى عَنْهُ ابنُ مَهْدِي، وعَامِرٌ العَقَدِيّ، والوَلِيد بن مُسْلم، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة، وأبو حُذَيْفَة، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

سَألتُ أبي عن زُهَيْر بن مُحَمَّد، فقال: مَحَلُّه الصِّدْقُ، وفي حِفْظه سُوء، كان حَدِيثه بالشَّام أنْكَر من حَدِيثه بالعِرَاق لسُوءِ حِفْظه، وكان من أهْلِ خُرَاسَان، سَكَنَ المَدِينَة، وقَدِمَ الشَّامَ (b) فما حدَّثَ من كُتُبه فهو صَالِح وما حدَّث من حِفْظِه ففيه أغَاليْط (c).

(a) ساقطة من ق.

(b) من قوله: "حفظه وكان من أهل

" إلى هنا ساقط من ق.

(c) ق: أغاليظ.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1073.

(2)

الجرح والتعديل 3: 589.

ص: 62

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم مَحْمُود بن سَعَادَة بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْد الله القَزْوِينيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن سَلَمَة القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن هَانِئ الأَثْرَم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللهِ بحَدِيث زُهَيْر بن مُحَمَّد، عن صالِح بن كَيْسَان، عن عَبْدِ الله بن أبي أُمَامَة، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(1)

: البَذاذَة من الإيْمان. فقال: هذا ليس هو أبو أُمَامَة البَاهِلِيّ، هذا يقولون أبو أُمَامَة بن ثَعْلَبَة الأنْصَاريّ. وقال: حَدَّثَنَا عَبَّاد، عن مُحَمَّد بن عَمْرو، عن عَبْد الله بن أبي أُمَامَة الأنْصَاريّ لَم يقُل: عن أبيه.

أنْبَأنا أبو مُحَمَّد بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَديّ

(2)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد العَنْبَرِيّ الخُرَاسَانيّ، مَرْوَزيٌّ سَكَنَ مَكَّة، يُكْنَى أبا المُنْذِر، وهذه الأحَادِيْث لزُهَيْر بن مُحَمَّد - يعني أحَادِيْث ذَكَرَها في كتابهِ - فيه بعضُ النُّكْرة، ورِوَايَة الشَّامِيِّيْن (a) عنه أصحُّ من رِوَايَة غيرهم، وله غير هذه الأحَادِيْث، ولعلَّ الشَّامِيِّيْن حيث رَووا عنه خلَّطُوا عليه، فإنَّهُ إذا حَدَّثَ عنهُ أهل العِرَاق فرِوَاياتهم عنه شبْه المُسْتَقِيْم، وأرجُو أنَّهُ لا بَأْسَ بهِ.

(a) كذا في الأصل وق وفوقه في الأصل "صـ"، ومثله في كتاب الكامل لابن عدي؛ وصوابه: العراقيين، كما يُبيِّنه المؤلف بعد انتهاء النقل.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 2: 1379 (رقم 4118)، سنن أبي داود 4: 393 (رقم 4161)، المعجم الكبير للطبراني 1: 271 - 272 (رقم 788)، مسند الشهاب القضاعي 1: 125 - 126 (رقم 157)، شرح السنة للبغوي 12: 45، فتح الباري 10:368.

(2)

ابن عدي: الكامل 3: 1073، 1078.

ص: 63

قُلتُ: كَذَا وَقَعَ في النُّسَخ: ورِوَايَة الشَّامِيِّين! وهو طُغْيان من القَلَم والصَّوَابُ: ورِوَايَة العِرَاقِيِّيْن.

أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ فيما أجازَ لي رِوَايته عنهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الجبَّان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن القَاسِم المَيَانِجِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثني أحْمَد بن طَاهِر بن النَّجْم، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن عَمْرو البَرْدَعيّ فيما نَسَخَهُ من كتاب أبي زُرْعَة الرَّازِيّ بخَطّه في أسَامِي الضُّعَفَاء ومَنْ تُكُلِّم فيهم من المحدِّثِيْن: زُهَيْرُ بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر التَّيْمِيّ كَنَّاه آدَمُ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِمِ

(2)

: أخْبَرَنا أبو نَصْر القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر (a) أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحاكم، قال: وسَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله الضَّبِّيّ يَقُول: سَمعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد يَقُول: سَمعْتُ مُوسىَ بن هَارُون يَقُول: زهَيْر بن مُحَمَّد أبو المُنْذِر الخُرَاسَانيّ قالوا (b): إنَّهُ من أهْلِ نَيْسَابُور، وقالوا من غيره، أرْجُو أنَّهُ صَدُوق، كَثِيْر الخَطَأ.

وقال الحافِظُ

(3)

: أخْبَرَنا (c) أبو الفَتْح نَصْرُ الله بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أيُّوبَ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر طَاهِر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس (d)، قال: سَمِعْتُ أحْمد بن مُحَمَّد (e) المُقَدَّميِّ يَقُول: زُهَيْر بن مُحَمَّد المَدِيْنِيّ أبو المُنْذِر.

(a) ساقطة من ق.

(b) تاريخ ابن عساكر: قال.

(c) ساقطة من ق.

(d) في كتاب الأزدي الضائع: طبقات محدثي الموصل، ولم يذكره في كتابه: تاريخ الموصل.

(e) كذا في الأصل وق وتاريخ ابن عساكر، وتقدم في العديد من المواضع: محمد بن أحمد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 124.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 123.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 119.

ص: 64

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: كَذَا قال! وهو مَرْوَزيٌّ (a).

قُلتُ: إنَّما نَسَبَهُ إلى المَدِينَة لأنَّهُ سَكَنَها كما نَسَبَهُ غيرهُ إلى مكَّة لأنَّهُ يَسْكنها (b)، فقد ذَكَرَ أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

أنَّهُ سَكَنَ المَدِينَة.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود أحْمَد بن عليّ المُجْليّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: قال جَدِّي يَعْقُوب: زُهَيْر بن مُحَمَّد الخُرَاسَانيّ صَدُوقٌ، صَالِحُ الحَدِيْث.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام إذْنًا، عن الحافِظ أبي (c) العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أبو المُنْذر زُهَيْر بن مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ العَنْبَرِيّ الخُرَاسَانيّ المَرْوَزيّ، رَوَى عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حَزْم الأنْصَاريّ، وأبي أسامَةَ زَيْد بن أسْلَم العَدَوِيّ، في حَدِيثه بعض المَنَاكيْر، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن مَهْدِي، وأبو يَحْيَى معْنُ بن عِيسَى القَزَّازُ الأشْجَعِيُّ، وأبو عَامِر عَبْد المَلِك بن عَمْرو العَقَدِيّ.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن أبي سَعْد البَكْرِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(3)

، قال: زُهَيْر بن مُحَمَّد أبو المنذِر التَّمِيْمِيّ ثمَّ العَنْبَرِيّ الخُرَاسانيّ المَرْوَزيّ الخَرْقِيّ، من أهْلِ قَرْيَةٍ من قُرَى مَرْو

(a) في تاريخ ابن عساكر: مروي! والنسبة إلى مرو: مروزي.

(b) ق: سكنها.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 119.

(2)

الجرح والتعديل 3: 589.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 116 - 117.

ص: 65

تُسَمِّي خَرْق، سَمِعْتُ (a) بها الحَدِيْث، ويُقالُ: إنَّهُ هَرَويُّ (b)، ويُقال: نيسَابُوريّ، سَكَنَ مَكَّة، وسَكَنَ (c) الشَّامَ.

وحَدَّثَ عن يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزْم، وزَيْد بن أسْلَم، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، ومُوسَى بن وَرْدَان، وصَفْوَان بن سُلَيم، وهِشَام بن عُرْوَة، وأبي حَازِم الأعْرَج، ومُحَمَّد بن المُنْكَدِر، وعَبْد الرَّحمن بن حَرْمَلَة، وعَبْد الرَّحمن بن القَاسِم، وسُهَيْل بن أبي صالح، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وصالح مَوْلَى التَّوْأَمة (b)، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق، وأبي إسْحاق السّبِيْعِيِّ، وحُمَيْد الطَّويل، والوَضِيْن بن عَطَاء، وإسْمَاعِيْل بن وَرْدَان، والمُطَّلِب بن عَبْد اللهِ بن حَنْطَب.

رَوَى عَنْهُ ابنُ مَهْدِي، وعَبْد المَلِك بن عَمْرو العَقَدِيّ، وأبو حُذَيْفَة مُوسَى بن مَسْعُود، ومَعْن بن عِيسَى القَزَّاز، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ومُعَاذ بن خَالِد المَرْوَزيّ، وعَبْد المَلِك بن عبد الرّحْمن الذّمَارِيّ، ومُحَمَّد بن سُلَيمان الحرَانيّ بُوْمَة، وعُثْمان بن الحَكَم الجُذَامِيِّ المِصْرِيّ، واليَمَان بن عَدِيٍّ الحْمِصِيّ.

واجْتازَ بدِمَشقَ، فرَوَى عنهُ من أهْلها: الوَلِيدُ بن مُسلم، ويَحْيَى بن حَمْزَة، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة، وأبو الزَّرْقَاء عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد (e) الصَّنْعانِيّ، وسُوَيْد بن عَبْدِ العَزِيْز، وعليّ بن أبي حَمَلَة، وصَدَقَة بن عَبْدِ الله السَّمِين.

(a) تاريخ ابن عساكر: سمع.

(b) ق: مروي.

(c) ساقطة من ق.

(d) تاريخ ابن عساكر: مولى ابن التوأمة.

(e) الأصل، ق: ابن أبي محمد، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.

ص: 66

‌زُهَيْر بن مُضَرِّس بن مَنْظُور بن زَبَّان بن سَيَّار بن عَمْرو بن جَابِر (a) بن عَقِلِ بن هِلال بن سُمَي بن مَازِن بن فَزَارَة بن ذُبْيَان بن بَغِيْض بن رَيْث بن غَطَفَان بن سَعْد بن قَيْس بن عَيْلَان بن مُضَر بن نِزَار الفَزَارِيّ

(1)

شَهِدَ وَفاةَ مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، وحَكَى عن هِشَام والوَلِيد بن يَزِيد، وتُوفِّيَ مَسْلَمَة في قَريَةٍ يُقال لها الحانُوت من عَمَل حَلَب، وتُعْرف الآن بالحَانُوتَة

(2)

. روى عَنْهُ ابنُه مُوسى بن زُهَيْر.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ في كتابهِ عن أبي إسْحاق الحَبَّال، وخَدِيجَة المُرَابِطَة - قال الحَبَّالُ: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عَبْد الجبار بن أحْمَد بن عُمَر المقرِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسين بن بندار، وقالت خَديجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي عليّ - قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن أبي طَاهِر، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثني موسَى بن زُهَيْر بن مضَرِّس بن مَنْظُور بن زَبَّان بن سَيَّار بن عَمْرو بن جَابِر، عن أَبِيهِ، قال: رأيْتُ هِشَامًا في معَسْكَره يَوْم ماتَ مَسْلَمَةُ، وقد وقَفَ عليه الوَلِيدُ بن يَزِيد، فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِينَ، إنَّ عُقْبَى مَنْ بَقي لحُوق مَنْ مَضَى، وقد أقْفَر بعد مَسْلَمَة الصَّيْدُ لمَن رَمَى، واخْتَلَّ الثَّغْرُ فوَهَى، وعلى أثَر مَنْ سَلَف يَمْضِي مَنْ خَلَف، ثمّ مَضَى.

(a) الأصل: جاير، ويأتي فيما بعد بالباء الموحدة كما في ق.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 125 - 126.

(2)

تعرف الآن بتلّ الحواصيد، وتقدم التعريف بها في الجزء الأول.

ص: 67

‌زُهَيْر بن هَارُون بن مُوسَى بن عِيسَى بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَامر أبي جَرَادَة العُقَيْلِيُّ الحَلَبِيّ

(1)

جَدُّ جَدِّ جَدِّ أبي، وبنُوا العَدِيْم كُلّهم من نَسْلهِ، وأكْثَر الأمْلَاك الّتي كانت لسَلَفنا بحَلَب: أُوْرَم الكُبْرَى، ويَحْمُول، وأقْذَار، ولؤلُؤة، والسِّبْن، هو الّذي اشْتَرَاها.

وكان حَافِظًا لكتاب الله تعالَى، عنده فَضْلٌ وأدَبٌ ووَرعٌ ودِيَانةٌ.

ووَقفَتُ على كتاب في رقٍّ يَتَضَمَّن وَقْفًا وَقَفَهُ زُهَيْرُ بن هَارُون بن مُوسَى أنَّهُ وَقَفَ أربَع حِقَالٍ بأُوْرَم الكُبْرَى من قُرَى حَلَب، تصدَّقَ بها على أنْ تُسْتَغلّ بوُجُوه غَلَّاتها في كُلِّ سَنَةٍ وحين وزمَانٍ، فما فَضَل بعد النَّفَقَة على هذه الصَّدَقَة، في مَصْلحتها وعِمَارتها، وما فيه صَلَاحُها، أُشْتُري منه فَرَسٌ بعشْرين دِيْنارًا، وأُقِيم بثَغْر طَرَسُوس في دَار السَّبِيْل المَعْرُوفة بزُهَيْر بن الحارِث، ودُفِعَ إلى رَجُلٍ من المُجَاهِدين يَغْزُو عليه عن زُهَيْر بن هَارُون، وأُجْرِي عليه في كُلِّ سَنَة خَمْسة عَشر (a) دِيْنارًا، وما فَضَل بعد ذلك في كُلِّ سَنَةٍ كان مُدَّخرًا لنَائبةٍ إنْ لَحِقَتْ هذا الفَرَس من هَرَمٍ أو عَطَبٍ أو زِمَانَةٍ، فيُقَام مكان الفَرَس (b) العَاطِب أو النَّافِق أو الزَّمِن، ويُجْرَى عليه هذا الرِّزْق المَذْكُور في هذا الكتاب في كُلّ سَنَة من السِّنِيْن في المُسْتأنَفِ أبدًا حتَّى يَرثَ الله الأرْضَ ومَنْ عليها وهو خَيْر الوَارِثين، ومَنْ ضَعُفَ ممَّن يكُون في يَدَيهِ هذا الفَرَس عن الغَزْو أو النَّفِيْر، دفع هذا الفَرَس إلى غيره من أهْل الجِهاد والرَّدِّ والغَناءِ (ح) من أهْلِ ثَغْر طَرَسُوس، ودُغَ إليه رِزْق هذا الفَرَس في كُلّ سَنَةٍ أبدًا حتَّى يَرث الله الأرْضَ ومَنْ عليها وهو خَيْر الوَارِثين.

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: الفرق!.

(c) قوله: "من أهل الجهاد والرد والغناء" جاء مكررًا في الأصل.

_________

(1)

توفي نحو سنة 340 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء 2075:5.

ص: 68

وجَعَل وِلَايَة هذه الصَّدَقَة بعدَ مَوْتهِ إلى ابن عَمِّه عَبْد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن أبي جَرَادَة، وإلى أخيهِ أحْمَد بن هَارُون بن مُوسَى بن أبي جَرَادَة، وإلى أُمِّه فاطِمَة ابنَة عَبْد الله بن زُهَيْر.

والكتاب مُؤَرِّخٌ بشَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة تِسْع عَشرة وثَلاثِمائة، ويَغْلِبُ على ظَنِّى أنَّ زُهَيْر بن الحارِث المنسُوب إليه دَار السَّبِيْل بطَرَسُوس جَدّه لأُمِّه، وقد ذكَرْناهُ

(1)

، وتُوفِّيَ زُهَيْر بن هَارُون بحَلَب في حُدُود سَنَة أرْبَعيْن وثَلاثِمائة.

‌زُهَيْر المجنُون الأنْطَاكِيّ

مَذْكُور من عُقَلَاء المجانِيْن، حكى عنه الحَسَنُ بن يَزِيد الأنْطَاكِيّ حِكايَةً وشِعْرًا.

قَرَأتُ في كتابٍ وَقَعَ إليَّ من عُقَلَاء المَجَانِيْن لَم يذكر اسْم مُصَنِّفه، قال فيهِ: وحدَّث الحَسَنُ (a) / بن يزِيد الأنْطَاكِيّ، قال: كان عندنا مَجْنُون يُقال له زُهَيْر، وكان من أحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، وأجْوَدهم شِعْرًا، وكانَ يألَفُ جَارِيَةً من بعضِ بناتِ القاسِم بن الحَسَن، فعبرت يوما وهو جَالِسٌ ومعه جَوْزَةٌ يُدَوِّمُ بها في الأرْضِ، فسَلَّمْتُ، فردَّ السَّلام، وقال لي: يا حَسَنُ، أتلعَبُ معي؟ قُلتُ: نَعَم إنْ أنْشَدْتَني شيئًا، فقال: اسْمَعْ، فقُلتُ: هَاتِ، فأنْشَدْني هذه الأبْيَات:[من الخفيف]

طَلعَ البَدْرُ ليلَةً فرِآهَا

ولقد كانَ لا يَرَاها حِجَابَا

فبقِيْ مُطْرِقًا وقالَ حَيَاءً

لَم يكُنْ مَطْلعِي عَلَيكِ صَوَابا

أَنْتَ بَدْرُ السَّماءِ لا شَكَّ فيهِ

فاعْلَمِي ذاكَ واعْذُرِيْني وَغَابَا

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

فيما سلف أول هذا الجزء.

ص: 69

فلمَّا هَمَمْتُ بالقيام قال لي: يا حَسَن، سَألتَ ما لا ينفَعُكَ فاسْمَع ما ينفَعُكَ، قُلْتُ: هَاتِ، فأنْشَد هذه الأبيات:[من السريع]

ما أعْجَلَ الأيَّام في الشَّهْرِ

وأعْجَلَ الأشْهُر في العُمْر (a)

ليسَ لمَنْ ليسَت لَهُ حِيْلَةٌ

مَوْجودٌ خَيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ

فاخْطُ مَعَ الدَّهْرِ إذا ما خَطَا

وَاجْرِ مَعَ الدَّهْرِ كما يَجْري

ثُمَّ زَعَقَ زَعْقَةً، ونَزعَ جُبَّتَهُ ورَمَى بها، وهَرْوَلَ وتَرَكني.

‌زِيَادَةُ الله بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الأغْلَب بن إبْراهيم بن الأغْلَب بن سَالم بن عِقَال بن حُذَافَة بن عَبَّاد بن عَبْد الله بن مُحارِب بن سَعْد بن حَرَام بن سَعْد بن مَالِك بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تميْم التِّمِيْمِيُّ ثمّ السَّعْدِيّ، أبو مُضَر (b) بن أبي العبَّاس بن أبي إسْحَاق بن أبي إبْراهيم بن أبي عَبْد الله بن أبي عِقَال

(1)

مَلك ابن مَلِك ابن مَلِك ابن مَلِك ابن مَلِك ابن مَلِك ابن مَلِك ابن مَلك (c)، مَلكُوا إفْرِيقِيَّةَ والقَيْرَوان.

(a) ق: الدهر.

(b) كذا كناه ابن العديم حيثما يرد في الأصل وق، ومثله عند السعودي (مروج الذهب 1: 196، 5: 191) وابن الأثير (الكامل 8: 20)، وابن الأبار وابن خلدون (العبر 7: 642)، وجاء في تاريخ ابن عساكر: منصور، وفي مرآة الزمان 16: 442 والنجرم الزاهرة 3: 191: أبو نصر، وقيل: منصور، وفي تاريخ ابن الوردي 1: 374: أبو نصر.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

توفي سنة 304 هـ، ترجمته في: ولاة مصر للكندي 286، تاريخ الطبري 10: 138، المسعودي: مروج الذهب 1: 196، 5: 191، التنبيه والإشراف 347، 349، تاريخ ابن عساكر 19: 127 - 129، ابن الأثير: الكامل 7: 521، 8: 20، 22، 35 - 53، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 442 - 443، ابن الأبار: الحلة السيراء 1: 175 - 178، فوات الوفيات 2: 33 - 35، تاريخ =

ص: 70

وكان أبو مُضَر هذا آخرَهم مُلْكًا، وظَهَرَ في أيَّامِهِ أبو عَبْدِ الله الشِّيْعِيّ، فهَزَم الشِّيْعِيُّ جُيُوشَهُ، وأخَذَ بلادَهُ، فأسْلَم إفْرِيقِيَّة حين عَجِزَ عنها، وفرَّ بما خَفّ معه من الأمْوَالِ والذَّخَائِر، واجْتازَ بطَرابُلُس المَغْرب، فأقام بها تسْعَة عَشر يَوْمًا، وأطْلَق أبا العبَّاس أخا أبي عَبْد الله الشِّيْعِيّ من الحَبْس لإظْهاره البَرَاءةَ من أبي عَبْدِ الله، وأنَّهُ ليس بأخٍ له، ثمّ نَدِمَ على إطْلَاقه.

ولمَّا خَرَجَ أبو مُضَر، ورَقا خَطِيْبُ القَيْرَوان المِنْبَر وخَطَبَ ودَعا للمَهْدِي، فقال: أبو مُحَمَّد عُبَيْد الله

(1)

المَهْدِيّ بالله أَمِير المُؤْمنِيْن، قام جَبَلَةُ بنُ حَمُّود الصَّدَفِيّ قائمًا وكَشَفَ رأسَهُ حتَّى رآهُ النَّاسُ، ومَشَى من عند المِنْبَر إلى آخرِ الجَامِع، وهو يَقُول: قَطَعُوها قَطَعهم الله، وقام الفُقَهَاءُ ووُجُوهُ البَلَدِ معه، فما حَضَر الجامع أحَدٌ من الأمَاثِلِ بعد ذلك اليَوْم، وأخَذُوا النَّاس بالعُنْف فَمن أجابَ أُكْرِم، ومَنْ أبَى أُهِين وحُبِسَ.

= الإسلام 7: 79، العبر في خبر مَن غبر 1: 447، سير أعلام النبلاء 14: 197 (ذكر عارض أرخ فيه لوفاته)، الوافي بالوفيات 15: 19 - 21، تاريخ ابن الوردي 1: 374، ابن خلدون: العبر 6: 208 - 210، 7: 632 - 646 وانظر مشجر نسبه في أمراء الأغالبة (العبر 7: 647)، النجوم الزاهرة 3: 191، شذرات الذهب 4: 22، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 398 - 399. وانظر قصيدتان للصنوبري يمدحه فيهما، ديوانه 269 - 271، 345 - 346.

(1)

تقدمت تسميته بعبد الله فيما مرَّ من هذه الترجمة، وجاء اسمه في بعض المصادر (كأخبار ملوك بني عبيد لابن حماد 17، ورحلة التّجانيّ 320، والمواعظ للقريني 3: 178، والعبر لابن خَلدون 6: 208، 7: 64): عُبيد الله، سمّوه بذلك تصغيرًا له للتحقير وإنكار نسبه، ويخالف ذلك ما ورد على بعض اللّقى من النقود والصّنوج والكتب والتوقيعات التي سُمِّيَ فيها "عبد الله"، ومثله أيضًا ما ذكره الدّاعي إدريس، وهو: من ولد جعفر الصادق، وجد العبيدين الفاطميين أصحاب مصر، ومؤسس دولتهم في المغرب، توفي سنة 322 هـ. انظر: سيرة الأستاذ جوذر 34 وما بعدها، القاضي النعمان: افتتاح الدعوة 149 - ، 293، ابن حمّاد: أخبار ملوك 17 - 27، الداعي إدريس: تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار) 143، الزِّركليّ: الأعلام 4: 197.

ص: 71

وأمَّا أبو مُضَر؛ فإنَّهُ رَحَلَ من طَرابُلُس، ووَصَلَ إلى مِصْرَ وعليها النُّوْشَرِيّ، فوقَعَ بينَهُ وبينه خُلْفُ ووَحْشَةُ، ثُمَّ أصْلَح بينهما ابنُ بِسْطَام.

ثُمَّ رَحَل أبو مُضَر من مِصْر وتَوَجَّه إلى الشَّام، ونفَذَ منها إلى الرَّقَّة، وكَتَبَ إلى الوَزِير ابن الفُرَاتِ يَسْتأذنُه في القُدُوم على الخلَيفَة المُقْتَدِر، فلم يُؤْذَن له في الوُصُول إلى بَغْدَاد، وأمَرَهُ ابن الفُرَات بالمقام بالرَّقَّة، فأقام بها سنةً مُعْتَكفًا (a) على شُرْب الخَمْر والفِسْق.

وسَعَىَ بهِ قومٌ إلى المُقْتَدِر وأشَارُوا بردِّهِ إلى المَغْرب وكان قد تفرَّق عنه أصْحَابه عند مقامهِ بالرَّقَّة واشْتِغَاله باللَّهْو، فكَتَبَ المُقْتَدِر إلى النُّوْشَرِيّ كتَابًا، وإلى ابن بسْطَام كتَابًا، إلى مِصْر يأمرُهما بمَعُونَة أبي مُضَر بالرِّجالِ والعُدَد، وأنْ يُعْطَى من خَرَاجِ مِصْر ما يُقيم به عَسْكَره، وكَتَبَ إليه من بَغْدَاد بالعَوْد إلى المَغْرب ليُدْركَ ثأرَهُ، فعاد زِيَادَةُ اللهِ إلي مِصْرَ، ومَشَى بها مُتَقلِّدًا بسَيْفَين، فأخْرَجَهُ النُّوْشَرِيُّ إلى ذات الحَمَام، وهو مَوضِعٌ، وقال له: تكُون هناك حتَّى تأتيكَ الرِّجالُ والمال. ومَطَلَهُ بذلك حتَّى أنْفَق جميعَ ما كان معَهُ، وباعَ السِّلاحَ والعُدَدَ، وكَثُرَت به العِلَل، وقيل: إنَّ بعض خَدَمه سمَّتْهُ في طَعَامهِ فوقع شَعر لِحْيَتهِ، ثمّ رجَع إلى مِصْر، وخَرجَ منها إلى بَيْت القدِس فماتَ هناك، فدُفِن بها. وقيل: ماتَ بالرَّمْلَة ودُفِنَ بها (b).

وفي نفُوذه من الشَّام إلى الرَّقَّة وعَوْده مرَّ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.

وكان لهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، وعنده أدبٌ وفَضْلٌ، وكان آباؤُه يَذْهبُونَ إلى مَذْهَب الإمَام أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، فرجَع عنه واسْتَهْتَر بشُرْب الخَمْر واللَّهْو والانْهِماك في المَعَاصِي، وآلَ به الأمرُ إلى ما آل.

(a) الأصل: معكفًا، بإهمال ثانيه، والمثبت من ق.

(b) ق: وقيل دفن بالرملة.

ص: 72

أنْبَأنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظيف، وأَنْبَأنيهِ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو الوَحْش سُبَيْع بن المُسَلَّم عنه، قال: أَخْبَرَنا أبو الفَتْح إبْراهيمُ بن عليّ بن إبْراهيم البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن جَعْفَر الكَاتِب، قال: حَدَّثَني أبي، قال: كان لزِيَادَةِ الله بن عَبْد الله بن إبْراهيم بن أحمد - وهو زِيَادَة الله الأصْغَر، وكان أميرًا بإفْرِيقِيَّة - غُلَامٌ فَحْلٌ صِيْنِيّ (a) يُدْعَى خَطَّاب، وهو الّذي اسْمه في السِّكَك، فسَخِطَ عليه وقيَّده بقَيْدٍ من ذَهَب، فدَخَل يَوْمًا من الأيَّام صَاحِبُهُ على البَرِيد وهو عَبْد الله بن الصَّائِع، فلمَّا رأى الغُلَام مُقَيِّدًا تأخَّر قَليلًا وعَمَل بَيْتَيْن، وكَتَبَ بهما إلى زِيَادَةِ الله، وهما

(2)

: [من البسيط]

يا أيُّها المَلِكُ المَأْمُون طَائِرُهُ

رِفْقًا فإنَّ يدَ المَعْشُوق فَوْق يدك

كم ذا التَّجلُّد والأحْشَاءُ رَاجِفَةٌ (b)

أُعِيْذُ قَلْبَك أنْ يَسْطُو على كَبدك

فأطْلَق الغُلَامَ ورَضِي عنه، ووَصَلَ عَبْد الله بن الصَّائِغ بالقَيْدِ الذَّهَب.

كَتَبَ إلينا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ منها، قال: أنْبَأنَا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، عن أبي القَاسِم بن البُنْدَار، عن أبي أحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: كان العبَّاسُ بن الحَسَن يُحبُّ أنْ يُرِي

(a) كذا في الأصل، ومهملة في ق، وعند ابن عساكر والصفدي: صبيّ.

(b) مرآة الزمان: واجفة، الوافي: زاحفة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 127 - 128، ونقله الصفدي عن الحافظ ابن عساكر في الوافي بالوفيات 20:15.

(2)

البيتان في مرآة الزمان 16: 443 والحلة السيراء 1: 177 وفوات الوفيات 2: 34 والوافي بالوفيات 20:15.

ص: 73

المُكْتَفِي أنَّهُ فَوْقَ القَاسِم بن عُبَيْدِ الله تَدْبِيرًا، فقال للُمكْتَفِى (a): إنَّ ابن الأغْلَب في دُنْيا عَظِيمَة، ونِعَم خَطِيْرة، وأُرِيْدُ أنْ أُكَاتبَهُ وأُرَغِّبه في الطّاعَة، وأُخَوِّفَهُ المَعْصِيَة، ففَعَل، فأنْجح الكتابُ ووجَّه ابن الأغْلَب برَسُول له؛ شَيْخٌ، ومعه هَدَايا

(1)

، ومائتا خَادِم وخَيْل، وبزّ كَثِيْر، وطِيْب، ومن اللّبُود المَغْرِبيَّة، ومائتان وعَشرة آلاف دِرْهَم، في كُلِّ دِرْهَم عَشرة دَرَاهِم، وألف دِيْنارٍ في كُلِّ دِيْنار عَشرةُ دَنَانِيْر، وكَتَبَ على الدَّرَاهِم من وَجْهين على كُلِّ وَجْهٍ منها

(2)

: [من الكامل]

يا سَائِرًا نحو الخلَيفَةِ قُلْ له

أنْ قد كَفَاكَ اللهُ أمْرَكَ كُلَّهُ

بزِيَادَة الله بن عَبْدِ الله سَيْـ

ف الله من دُوْنِ الخَلِيفَةِ سَلَّهُ

وفي الجانب الآخر: [من الكامل]

ما يَنْبَري لك بالشِّقَاق مُنَافقٌ (b)

إلَّا اسْتَبَاح حَريمَهُ وأذَلَّهُ

مَنْ لا يرَى لك طاعةً فاللَّهُ قد

أعْمَاهُ عن سُبُلِ الهُدَى وأضَلَّهُ

ووجَّه إلى العبَّاسِ بهَدَايا جَلِيْلَةٍ كَثِيْرة، وعَرَّفَهُ أنَّهُ لم يَزَلْ وآباؤُه قبلَهُ في طَاعة الخُلَفَاءِ.

قال الصُّوْلِيُّ: وقد رَأيتُ الشَّيْخ القَادِم بالهَدَايا من قِبَلِهِ، وكان عَظِيم اللِّحْيَةِ، وكان معه مالٌ عَظِيمٌ، فاشْترَى مُغَنِّيات بنحو ثلاثين ألف دِيْنْار لابن الأغْلَب تُسَاوي عَشرة آلاف دِيْنار، ولعبَ النَّاسُ عليه فيهنَّ وغَبَنُوه، وكان قليل العِلْم بالغِنَاءِ، ثمّ اعْتَلَّ فمات، فأخَذ العبَّاسُ بن الحَسَن جميع ما كان معه.

_________

(a) ق: المكتفي.

(b) الفوات والوافي: مخالف.

_________

(1)

تعداد الهدايا عند المسعودي: مروج الذهب 5: 191، وكان إرسالها في سنة 295 هـ.

(2)

البيتان على وجهي الدراهم في مرآة الزمان 16: 443 والحلة السيراء 1: 178 وفوات الوفيات 2: 34 والوافي بالوفيات 15: 20.

ص: 74

ووَرَدَ الخبَرُ بعَقب ذلك بَمَجيء ابن الأغْلَب مُنْهزمًا إلى مِصْر، فكَتَبَ العبَّاسُ يتعرَّفُ مِقْدَار ابن الأغْلَب وجَيْشه وما وَرَد به مِصْر معه، فوَرَدت كُتُب أصْحَابه بأنَّهُ في غايةِ التَّرَفُّهِ والتَّشَاغُل بلذَّته، وأنَّهُ لا رَأي له ولا حَزْم عنده، فكَتَبَ إلى النُّوْشَرِيّ في إخْرَاجهِ من مِصْر إلى الحَفْرة، فلمَّا صَار بدِيَار مُضَر أشَارَ على المُكْتَفِي أنْ لا يُقْدِمه الحَضْرة إذ كان مَؤُونَة لا مَعُونَة، وكَتَبَ إلى ابن بِسْطَام وهو يَلَي ديار مُضَر أنْ يُقيْمَهُ عندَهُ ويُقِيم له انْزَالًا بألف دِيْنارٍ في كُلِّ شَهْرٍ، فأقام شُهُورًا ثمّ تُوفِّي.

وابنُ الأغْلَب هذا من وَلدِ الأغْلَب بن عَمْرو المَازِنِيّ، وكان عَمْرو من أهْلِ البَصْرَهَ، ووَلَّاهُ الرَّشِيْدُ المَغْرب بعد أنْ مات إِدْرِيس بن عَبْد الله بن حَسَن بن حَسَن، فما زَال بالمَغْرب إلى أنْ تُوفِّي، وحَلَفَهُ ابنُه الأغْلَب بن عَمْرو، ثمّ أوْلَادهُ إلى أنْ صَار الأمرُ إلى زِيَادَة الله هذا (a).

أخْبَرَنا سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: زِيَادَةُ الله بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الأغْلَب بن إبْراهيم بن سَالِم بن عِقَال بن حُذَافَة بن عَبَّاد بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن حَرَام بن سَعْد بن مَالِك بن سَعْدِ بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم، أبو مُضَر (b) بن أبي العبَّاسِ التَّمِيْمِيّ، صَاحِب القَيْرَوان، قَدِمَ دِمَشْقَ في سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثِمائة مُجْتَازًا إلى بَغْدَاد حين غُلِبَ على مُلكْه

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل، كلها باستثناء هذا السطر، وكذا كامل التي تليها.

(b) تاريخ ابن عساكر: أبو منصور.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 127.

ص: 75

بإفْرِيقِيَّة، وكان أبُوه وجدُّه، ومُحَمَّد أخُو جَدّ جَدّه، وجَدّ أبيهِ، وأخُو جَدّ أبيهِ، واسْمُه زِيَادَةُ الله، كُلّهُم قد وَلِيَ إفْرِيفِيَّة.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: بَلَغَني أنَّ زِيَادَة الله تُوفِّي بالرَّمْلَةِ في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة أرْبَعٍ وئَلاثِمائة، ودُفِنَ بالرَّمْلَةِ فسَاخَ به (a) قَبْره، فسُقِّفَ عليه، وتُرَكَ مكانَهُ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُه زِيَاد

‌زِيَادُ بن الأشْهَب بن وَرْد بن عَمْرو بن رَبِيْعَة بن جَعْدَة بن كَعْب بن رَبيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة الجَعْدِيّ

(2)

قَدِمَ صِفِّيْن ليُصْلح بين عليٍّ ومُعاوِيَة، ولهُ ذِكْرٌ.

قال ابنُ الكَلْبيّ

(3)

: وكان زِيَادُ بن الأشْهَب قد أَتَى عليّ (b) بن أبي طَالِب يُصْلح بينَهُ وبين مُعاوِيَةَ، فقال النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ يَعْتَدُّ ذلك على بني أُمَيَّةَ

(4)

: [من الطويل]

مَقَامَ زِيَادٍ عندَ باب ابن هَاشِم

يُرِيدُ الصَّلَاحَ بينَكُم ويُقَرِّبُ

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: على علي، وزاد بعده: رضي الله عنه.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 129.

(2)

ترجمته في: جمهرة النسب لابن الكلبي 355 - 356، الإصابة 2:526.

(3)

جمهرة النسب 355 - 356.

(4)

ديوان النابغة الجعدي 28.

ص: 76

‌زِيَادُ بن أيُّوبَ، أبو هاشِم - وقيل: أبو هُشَيْم - المِصِّيْصيُّ البَغْدَاديُّ، ويُعْرَفُ بدَلُّوَيْه

(1)

حَدَّثَ عن مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيّ، وهُشَيْم بن بَشير الوَاسِطِيّ، وأبي بَكْرِ بن عَيَّاش، وعَبَّاد بن العَوَّام، ويَحْيَى بن يَمَان، وزِيَاد البَكَّائيّ، وإسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، ومُحَمَّد بن يَزيد الوَاسِطِيّ، وعليّ بن مُجَاهِد الرَّازِيّ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ (a)، والقَاضِي أبو عَبْد اللهِ المَحَامِلِيّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيّ، وأبو بَكْر عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الفَضْل الصَّيْدَاوِيّ، وأحمد بن عليّ بن العَلَاء الجُوزْجَانِيّ، وأبو يُوسُف يَعْقُوبُ بن سُفْيان الفَسَوِيّ، ومُحَمَّدُ بن إبْراهيم بن فَضَّال.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الطُّرَيْثِيثِيّ وأبو سَعْد بن خُشَيْش، ح.

وأخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان الزَّرْكَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح ابن (b) البَطِّيّ وأبو المُظَفَّر الكَاغَدِيّ - قال ابنُ البَطِّيّ: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن

(a) ق: الغوي.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

توفي سنة 252 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 345، التاريخ الصغير 2: 365، تاريخ الطبري 3: 216، 4: 396، 418، 490، المعرفة والتاريخ (في كثير من مواضع الكتاب، وأخذ عنه الفسوي روايات عديدة)، الجرح والتعديل 3: 525، الثقات لابن حبان 8: 249، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 233، تاريخ بغداد 9: 504 - 506، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 156 - 158، ابن الجوزي: المنتظم 12: 59، المزي: تهذيب الكمال 9: 432 - 436، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 85، الإعلام بوفيات الأعلام 113، سير أعلام النبلاء 12: 120 - 123، تذكرة الحفاظ 3: 508 - 509، العبر في خبر مَن غبر 1: 362، الكاشف 1: 328، الوافي بالوفيات 15: 17، تهذيب التهذيب 3: 355، تقريب التهذيب 1: 265، السيوطي: طبقات الحفاظ 224، شذرات الذهب 3:238.

ص: 77

خَيْرُون، وقال الكَاغَدِيّ: أخْبَرَنا الطُّرَيْثِيثِيّ - قالُوا: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا ابن درَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثنا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثنا أبو هاشِم زِيَاد بن أيُّوب، قال: حَدَّثَنا مُبَشِّرَ بن إسْمَاعِيل الحلَبِيُّ، عن تمَّام بن نَجِيْح، عن الحَسَن، عن أنَسٍ

(2)

، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما من حَافظَيْنِ رَفَعَا إلى اللهِ عز وجل ما حَفِظا من لَيْلٍ أو نَهارٍ، فيَجدُ اللهُ في أوَّل الصَّحِيْفَة خَيْرًا، وفي الآخرة خَيْرًا، إلَّا قال اللهُ (a) للملائِكَة: أُشْهِدُكمُ أنِّي قد غَفَرْتُ لعَبْدِي ما بين طَرَفَي الصَّحِيْفَة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أنْبَأنَا مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر الأسَدِيّ عبد الله (b) بن مُحَمَّد بن الفَضْل الصَّيْدَاوِيّ، وكان من أجلَّةِ أصْحَاب أحْمَد بن حَنْبَل ممَّن كَتَبَ عنهُ أبي وأبو زُرْعَة، قال: سَمِعْتُ زِيَاد بن أيُّوبَ وكانَ ثِقَةً، قال عبد الرَّحْمن: سُئِل أبي عن زِيَاد بن أيُّوبَ، فقال: صَدُوقٌ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكات سَعيد بن هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل رَجُل في كتابه، قال: أنْبَأنَا عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حاتِم

(4)

، قال: زِياد بن أيُّوب دَلُّوَيْه، أبو هاشِم،

(a) ق: الله تعالى.

(b) الأصل: عبد الرحمن، والمثبت من الجرح والتعديل، وانظر أيضًا تاريخ ابن عساكر 32: 364، تاريخ الإسلام 6: 563، تهذيب الكمال 9:384.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(2)

الجامع الكبير للترمذي 2: 300 (رقم 981)، مسند أبي يعلى الموصلي 5: 162 (رقم 2775)، وانظر: المسند الجامع 3: 23 - 24 (رقم 1593).

(3)

الجرح والتعديل 3: 525.

(4)

الجرح والتعديل 3: 525.

ص: 78

بَغْدَاديٌّ، رَوَى عن هُشَيْم، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، وإسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، وعَبَّاد بن العَوَّام، وزِيَاد البكَّائيّ، ومُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ (a)، ومُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل، ويَحْيى بن يَمَان، رَوَى عنهُ أبي وكَتَبَ عنهُ بطَرَسُوس.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ، قال [

] (b) .

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زِيَاد بن أيُّوبَ أبو هاشِم الطُّوْسيّ (c)، سَكَنَ بَغْدَاد، سَمِعَ هُشَيْم، ومُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل، مات ببَغْدَاد سَنَة ثنْتَيْن وخَمْسِين ومَائتَيْن، يُقال له: دَلُّوَيه.

‌زِيَادُ بن حَبِيْب الجُهَنِيّ

(2)

رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ورَجَاء بن حَيْوَة، رَوَى عنهُ عَبْد الحَميْد بن عَدِيّ الجُهَنِيّ الرَّمْليّ أبو سِنَان، وكان على حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بخُنَاصِرَة.

أنْبَأنا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي الحسَن عليّ بن

(a) زيد بعده في كتاب الجرح والتعديل: ومعتمر.

(b) بياض في الأصل قدر نصف الصفحة، والنص متصل في ق وكتب ناسخها إزاءه:"من هنا بياض مقدار عشرة أسطر"، وترجمته عند الخطيب البغدادي تشتمل على ذكر مشايخه وتلاميذه، إضافة إلى ما قيل في جرحه وتعديله، وحديثًا مسندًا، ولم أتبيَّن ما أراد إدارجه المصنف من كلام الخطيب.

(c) فوقه في الأصل: "صـ"، ولعل ابن العديم قدّر أن يكون قد وقع فيه تصحيف، وعند الخطيب البغدادي أنه طوسيّ الأصل. انظر: تاريخ بغداد 9: 504.

_________

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 345.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 136 - 137.

ص: 79

المُسَلَّم السُّلمِيّ، قال: حَدَّثنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانيّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَوْف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن موسى، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن خُرَيْم، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عمَّار، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَميْدِ بنُ عَدِيّ، قال: حَدَّثنا زِيَاد بن حَبِيْب، قال: أمَرَنا عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز - مَنْ كان مِن الحَرَس - إذا دَخَلَ عليهِ رَجُلٌ من العَجَم أنْ يتحفَّظ منه الحَرَسُ الّذين معه أنْ لا يَسْجُد لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فإنْ غَفَل الحَرَسُ حتَّى سجَدَ نَحَّاهُ من الحَرَس، ويقُول: إنَّما السُّجُود لله عز وجل.

قال: وحدَّثَنَا عَبْد الحَميْد بنُ عَدِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا زِيَادُ بن حَبِيْب، قال: جاءت جَارِيَةٌ لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز إلى قَصَّابٍ وعليه جَمَاعَةٌ، فقالت: وَيْحَك رَوّحْنِي، فإنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن صَائِمٌ، ومعها دِرْهَم تَشْتَري به لَحْمًا.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي الفَضْل بن نَاصِرٍ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائلي، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أخْبَرَنا مُعاوِيَةُ بن صالح، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَميْد بن عَديّ أبو سِنَان الجُهَنِيّ، عن زِيَاد الجُهَنِيّ، وكان من حَرَس عُمر بن عَبْد العَزِيْز أنّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز كان يأمُرُ حَرَسَهُ إذا دَخَل رَجُل من أهْل الذِّمَّة أنْ يَحْتَفظ (a) منه أنْ لا يَسْجُد لَهُ، وربَّما أغْفَل حَرَسيّ فسَجَدَ، فنَحَّاهُ من الحَرَسِ، وألْحقَهُ بأهْلهِ، وقال: إنَّما السَّجْدَة لله عز وجل.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحّمَّد بن هِبَةِ الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايته عنْهُ (b)، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: زِيَادة بن

(a) كذا في الأصل، وق، وتقدم في الرواية قبله: يتحفظ.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 136.

ص: 80

حَبِيْب الجُهَنِيّ، كان من حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عن عُمَر ورَجَاء بن حَيْوَة قَوْلَهما، رَوَى عنهُ عَبْد الحَميْد بن عَدِيٍّ الجُهَنِيّ الرَّمْليّ أبو سِنَان.

‌زِيَادُ بن حَفْصٍ (a) التَّيْمِيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها، وكان لهُ ذِكْرٌ.

أنْبَأنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْدِ الله بن المُقَيِّر، عن أبي مُحَمَّد عَبْدِ الله بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب الطِّيبي، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بنُ الحُسَين، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نصْر بن مُزاحِم

(2)

، قال: حَدَّثنا عُمَر بن سَعْد، قال: حَدَّثَني أبو الصَّلْتِ التَّيْمِيّ أنَّ زِيَاد بن حَفْصٍ (b) التَّيْمِيّ قُتِلَ مُبارَزةً؛ يعني: يَوْم صِفِّيْن.

‌زِيَادُ بن حَنْظَلَة التَّمِيْمِيّ

(3)

حَلِيْفُ بَني عَبْد بن قُصَيّ (c) ، له من رسُول الله صلى الله عليه وسلم صُحْبَةٌ، ولا يُعْلَم له رِوَايَةٌ.

(a) في كتاب وقعة صفين لنصر حيثما يرد: خَصَفة، وترجم ابن العديم لزياد بن خصفة فيما يأتي في موضعه من هذا الجزء!.

(b) وقعة صفين: خَصَفة.

(c) ق: محمد قصي، وفي الإصابة: حليف بني عدي.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين 261، أعيان الشيعة لمحسن الأمين 7: 75 (وفيه: التميمي).

(2)

وقعة صفين 261.

(3)

كان حيًا سنة 36 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 3: 187، 246، 396، 602، 612، 4: 138 - 139، 156، 445، 448، الاستيعاب 2: 531، تاريخ ابن عساكر 19: 142 - 145، ابن الأثير: الكامل 2: 494، 3: 18، 28، 204، 221، أسد الغابة 2: 213، الوافى بالوفيات 15: 9 - 10، الإصابة 3: 18، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 75.

ص: 81

رَوَى عَنْهُ ابنُه حَنْظَلَة بن زِيَاد، والعَاص بن تَمَّام، وقِيل إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إلى قيس بن عَاصِم المِنْقَريِّ والزِّبْرَقَان بن بَدْر ليَتعاونُوا على مُسَيْلَمَة وطُلَيْحَة والأسْوَد، وعَمِلَ لرسُول الله صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ فَتْحَ قنَّسْرِيْن وذَكَر ذلك في شِعْرهِ، وشَهِدَ مع عليٍّ رَضِىَ اللهُ عنهُ صِفِّين وغيرها، وله أَشْعَارٌ مَرْويَّةٌ.

أخْبَرَنا [

] (a)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن بن النَّقُّور، قال: أخْبرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْدِ الله بن سَعيد، قال: حَدَّثنا السَّرِيّ بن يحْيَى، قال: حَدَّثنا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثنا سَيْفُ بن عُر، عن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله، عن حَنْظَلَة بن زِيَاد بن حَنْظَلَة، عن أَبيِه، قال: مرضَ أبو بَكْر فَخرَجَ خَالِد من العِرَاق إلى الشَّام، وهو في ذلك مُتَماسكٌ أَشْهُرًا، ثُمَّ ثَقُل وجَعَل يَزْدَادُ ثقلًا.

قال: وحَدَّثنا سَيْفٌ

(1)

، عن أبي الزَّهْرَاءَ القُشَيْريّ، عن رجالٍ من بني قُشَيْر، قالُوا: لمَّا خَرَجَ هِرَقْل من الرُّهَا، واسْتَتْبعَ أهْلَها، قالُوا: نحنُ لك هَا هُنا خَيْرٌ منَّا معك، وأبَوا أنْ يتبعُوه، وتَفرَّقُوا عنه وعن المُسْلميْنَ، وكان أوَّل مَنْ أَنْبَح كِلَابَها، وأَنْفَر دَجَاجها زِيَاد بن حَنْظَلَة، وكان من الصَّحَابَةِ، وكان مع عُمَر بن مَالِك مُسانِدَهُ، وكان حَلِيْفًا لبني عَبْد بن قصَيّ، وقبل ذلك ما قد خَرَج هِرَقْل حين يَنْزل بشِمْشَاط، فلمَّا نزل القَوْم الرُّهَا أدْربَ فنَفَذَ نحو قُسْطَنْطِينِيَّة،

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل وق قدر ثمان كلمات، أبقاه المؤلف لتعميره باستكمال سنده في الرواية عن أبي القاسم بن السمرقندي، وقد تكرر هذا الفراغ المُستَبْقَى في العديد من الرِّوايات المتقدمة. وأغلب روايات ابن السمرقندي أخذها من عمر بن مُحَمَّد بن معمر بن طبرزد، ومن عبد الصمد بن مُحَمَّد القاضي، ومن غيرهما.

_________

(1)

رواية سيف عند الطبري 3: 602 - 603.

ص: 82

ولحَقَهُ (4) رَجُلٌ من الرُّوم قد كان أسِيْرًا في أيْدي المُسْلِميْن فأفْلتَ، فقال له: أخْبرني عن هؤلاءَ القَوْم، قال: أُحَدِّثُكَ كأنَّك تَنْظُر إليهم: فُرْسَانٌ بالنَّهارِ، رُهْبَانٌ باللَّيْلِ، ما يَأكُلونَ في ذمَّتهَم إلَّا بثمن، ولا يَدْخلُونَ إلَّا بسَلَامٍ، يَقفُون على مَنْ حَاربَهم حتَّى يأتوا عليهم، فقال: لئن كُنْتَ صَدَقْتَني لتَرثُنَّ ما تحت قَدَميَّ هاتَين.

قال: وحَدَّثنا سَيْفٌ، قال: وقال زِيَاد بن حَنْظَلَة

(1)

: [من الطويل]

سَائِل هِرَقْلًا حيثُ شبَّتْ وَقُودُهُ

شَبَبْنا لَهُ حَرْبًا تَهُزُّ القَنَابلَا (b)

ثَنينا لَهُ مِن صَدْرِ جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ

يَهزُّونَ في المَشْتَى الرِّمَاحَ النَّوَاهِلَا

وكُنَّا لحبَّاشٍ (c) ورُوْمٍ وسُقْلبٍ (d)

نِكَالًا وأفْرَاسًا تَسُلُّ القَبَائِلا

قَتَلْناهُمُ في كُلِّ دارٍ وَقِيْعَةٍ

وأُبْنَا بأسْرَاهُم تُعَاني السَّلَاسِلا

قال: وقال: زِيَاد بن حَنْظَلَة

(2)

: [من الطويل]

نحنُ بقِنَّسْرِيْن كُنَّا وُلَاتها

عَشِيَّة مِيْنَاسٌ نكُوس ويَعْتِبُ

يَنُوءُ وتَثْنِيه (e) جَوَارِحُ جَمَّةٌ

وحَالَفَهُ (f) منَّا سِنَانٌ وثَعْلَبُ

وقد هَرَبَتْ (g) منَّا تَنُوخ وخاطَرَتْ

بحَاضِرها والسَّمْهَريَّة تَضربُ

فلمَّا اتقَونا بالجَزاءِ وهدَّمُوا

مَدِينَتَهُم عُدْنَا هُنالكَ نَعْجَبُ

قال: وقال أيضًا

(3)

: [من الطويل]

ومِيْنَاس قتْلًا (h) يَوْم جَاءَ بجَمْعهِ

فصَادَفَهُ منَّا قِرَاعٌ مُؤزَّرُ

(a) ساقطة من ق.

(b) تاريخ ابن عساكر والإصابة: القبائلا.

(c) ابن عساكر: كناس.

(d) ق: وصقلب.

(e) ابن عساكر: بنوء وتثنيه.

(f) ابن عساكر: وخالفه.

(g) ابن عساكر: هويت.

(h) ابن عساكر: قتلنا.

_________

(1)

الأبيات في تاريخ ابن عساكر 19: 142 - 143، والبيت الأول والأخير في الإصابة 3:18.

(2)

الأبيات في تاريخ ابن عساكر 19: 143، وتقدم ذكرها في آخر الجزء الأول، في باب فتح حلب وقنسرين.

(3)

الأبيات في تاريخ ابن عساكر 19: 144، وتقدم ذكرها في الجزء الأول في خبر فتح حلب.

ص: 83

فولَّتْ فُلُولًا بالفَضَاءِ جُمُوعُه

ونَازعَهُ منَّا سِنَانٌ مُذكَّرُ

تَضَمَّنه لمَّا تَرَاخَتْ خُيُولُهُ

مناخٌ لديهِ عَسْكَرٌ ثُمَّ عَسْكَرُ

وغُودر ذاكَ الجَمْعُ تَعْلُو وُجُوهَهُم

دُقاق الحَصَا والسَّافيَاء المُغَبَّرُ

قُلتُ: هذا مِيْنَاسٌ الّذي ذَكَرهُ في هاتَين المَقْطُوعتَيْن هو مَلِكُ الرُّوم، وكان رأسَ الرُّوم وأعْظَمَهُم فيهم بعد هِرَقْل، فالتَقَى الرُّومُ والمُسْلمون وعليهم مِيْنَاسٌ، فقُتِلَ مِيْنَاسٌ ومَنْ معه مَقْتَلةً لَم يُقْتلُوا مثلها، وماتَ الرُّوم على دَمه حتَّى لَم يَبْقَ منهم أحدٌ وذلك حين نَزَل المُسْلمُون (a) بقِنَّسْرِيْن.

وقال: أخْبَرَنا ابنُ السَّمَرْقنَديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين (b) بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخُلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن سَعْدٍ، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثنا سَيْف بن عُمَرَ، قال: وقال زِيَادُ بن حَنْظَلَة في أَجْنَادِين ويَوْمِها

(1)

: [من الطويل]

ونَحنُ تَرَكْنا أرْطَبُونَ مُطَرَّدًا

إلى المَسْجِدِ الأقْصَى وَفيهِ حُسُورُ

عَشِيَّةَ أَجْنَادِينَ لمَّا تتابَعُوا (c)

وقامَتْ عَلَيْهِمْ بالعَزَاءَ سُتُورُ (d)

عَطَفْنا لَهُ تحتَ الغُبَارِ بطَعْنَةٍ

لها نَشَجٌ نَائي (e) الشَّهِيْقِ غَزِيرُ

فطَمْنَا بِهِ الرُّومَ العَرِيْضَةَ بعدَهُ

عن الشَّام ما أرْسَى هناكَ سَنِيْرُ

فوَلَّتْ جُمُوعُ الرُّوم تَتْبَعُ إثْرَهُ

تَكادُ منَ الذُّعْر الشَّدِيدِ تَطِيْرُ

وغُوْدِرَ صَرْعَى في المِكرِّ كَثِيْرُهُ

وآبَ إلَيهِ الفَلُّ وَهْوَ حَسِيْرُ

(a) ق: المسلمين.

(b) ق: أبو الحسن.

(c) ق: تبايعوا، ابن عساكر: تتابعت.

(d) ابن عساكر: بالعراء نسور.

(e) مهملة في الأصل، وفي ق: بأي.

_________

(1)

الأبيات في تاريخ ابن عساكر 19: 144.

ص: 84

وقال أيضًا

(1)

: [من الكامل]

ولقد شَفَى نفسِي وأبرَأَ سُقْمَها

شَدُّ الخُيُولِ على جُمُوعِ الرُّوْمِ

يَضْرِبنَ سيِّدَهُم ولَم يُمْهِلْنَهُ

وَفَتَكْنَ (a) فلَّهُمُ إلى أدْرُوْمِ

وحَويْنَ أَجْنَادِين في رَيْعَانها

ولَحِقنَ النَّاعل (b) شُؤون القَوْمِ

فحَصَرْتُ جَمْعَهُمُ ولَم يَحْفِلْنَهُ

ونَكَحْتُ فيهِمْ كُلَّ ذاتِ أَرُومِ

وقال زِيَاد بن حَنْظَلَة

(2)

: [من الطويل]

تَذكَّرْتُ حَرْبَ الشَّامِ لمَّا تَطَاوَلَتْ

وإذْ نحنُ في عامٍ كَثيرٍ تَزَايُلُهْ (c)

وإذْ نحنُ في أرْضِ الحِجَازِ وبَيْنَنا

مَسِيْرةُ شَهْرٍ بينَهُنَّ بَلابِلُهْ

وإذا أرْطَبُونُ الروم يَحْمِي بِلادَهُ

يُجَاوِلُهُ قِرْنٌ (4) هُناكَ يُسَاجِلُهْ

فلمَّا رَأى الفَارُوقُ أزْمَانَ فَتْحِها

سَمَا بِجُنُودِ اللهِ كَيْمَا يُصَاوِلُهْ

فلمَّا أحَسُّوهُ وخَافُوا صُوَالَهُ

أَتَوهُ وقالُوا: أنْتَ ممَّن يُواصِلُهْ

وألقَتْ إليَهِ الشَّامُ أفْلَاذَ كِبْدِها (e)

وعَيْشًا خَصِيْبًا ما تُعَدُّ مَآكِلُهْ

أباحَ لَنا ما بين شَرْقٍ ومَغْرِبٍ

مَوَارِيْثَ أعْقَابٍ بَنَتْها قَرَامِلُهْ (f)

وكم مُثْقَلٍ لَم نَضْطلعْ باحْتِمَالِهِ

تحمَّلَ عنَّا (g) حِينَ شَالَتْ شَوَائِلُهْ

وقال أيضًا

(3)

: [من الطويل]

سَمَا عُمَر لمَّا أتَتْهُ رَسَائِل

كأصْيَدَ يَحْمي صَرْعةَ (h) الحيِّ أغْيَدَا

(a) ابن عساكر: وقتلنا.

(b) كتب ابن العديم فوقها في الأصل: "صـ"، ولا يستقيم بها الوزن، وفي ق: الناعا!.

(c) الطبري وابن عساكر: نزايله.

(d) الطبري وابن عساكر: يحاوله قرم.

(e) الطبري: بطنها.

(f) ق: قدابله.

(g) الطبري: عبئًا.

(h) الطبري: صرمة، ابن عساكر: ضربة.

_________

(1)

الأبيات - باستثناء الثالث - في تاريخ ابن عساكر 19: 144.

(2)

الأبيات في تاريخ الطبري 6: 612 - 613، وتاريخ ابن عساكر 19:145.

(3)

الأبيات في تاريخ الطبري 3: 613، وتاريخ ابن عساكر 19:145.

ص: 85

وقَدْ عَضَّلَتْ بالشَّام أرْضُ بأهْلِها

يُريدُ مِنَ الأقوَام مَنْ كانَ أنْجَدَا

فلمَّا أتَاهُ ما أتاهُ أجابَهُمْ

بجَيْشٍ تَرَى مِنهُ النَّيَازكَ (a) سُجَّدَا

وأقْبَلتِ الشَّامُ العَريْضَةُ بالَّذي

أرادَ أبو حَفْصٍ وأزْكَى وأزْيَدَا

فقسَّطَ فيما بَيْنَهُمْ كُلَّ جِزْيَةٍ

وكُلُّ رقادٍ (b) كان أَهْنَى وأحْمَدَا

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَجِ الحُصْرِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيدِ يُوسُفُ بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْدِ الله بن عَبْد البَرّ

(1)

، قال: زِيَاد بنُ حَنْظَلّة التَّيْمِيُّ، له صُحْبَةٌ، ولا أعْلَم له رِوَايَةً، وهو الّذي بَعَثَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى قَيْس بن عَاصِم والزِّبْرَقَان بن بَدْر ليَتَعاونُوا على مُسَيْلِمَة، وطُلَيْحَة، والأسْوَد، وقد عَمِلَ لرسُول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مُنْقَطِعًا إلى عليّ رحمه الله (c)، وشَهِدَ معه مَشَاهِدَهُ كُلّها.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: زِيَادُ بن حَنْظَلَة حَلِيْفُ بَني عَبْدِ بن قُصَيٍّ، له صُحْبَة من رسُول الله صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ اليَرْمُوكَ، وكان أمِيْرًا على كردوْسٍ، رَوَى عَنْهُ ابنُه حَنْظَلة بن زِيَاد، والعَاص بن تَمَّام.

(a) الطبري: الشبائك.

(b) الطبري: رفاد.

(c) ق والاستيعاب: علي رضي الله عنه.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 2: 531.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 142.

ص: 86

‌زِيَادُ بن خَصَفَة (a) التَّيْمِيُّ البَكْرِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وكان على رَبِيْعَة الكُوفَة، ووجَّهَهُ عليُّ إلى مُعاوِيَة مع عَدِيّ بن حَاتِم، وشَبث بن رِبْعيٍّ، ويَزيْد بن قيس يَدْعُونَهُ إلى الجَمَاعَة.

أخْبَرَنا أبو البَرَكات الحَسَنُ بن مُحَمَّد الأَمين كتابةً، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أَخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالبِ البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنا أبو إسْحاق بن نيْخَاب، قال: حَدَّثَنا إبْراهيم بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنا نَصْر بن مُزَاحِم، قال

(2)

: حَدَّثَنا عُمَر بن سَعْد، قال: حَدَّثَني رَجُل، عن سَعْد أبي المجاهِد الطَّائيّ، عن المُحلِّ بن خَلِيفَة، قال: فتَوَادعَ عليّ ومُعاوِيَة - يعني في المُحَرَّم - بصِفِّيْن فاخْتَلَف الرُّسُل بينهم رَجَاءَ الصُّلْح، فأرْسَل عليّ (b) عَدِيَّ بن حَاتِم، ويَزِيْد بن قَيْس، وشَبَثَ بن رِبْعِيّ، وزِيَاد بن خَصَفَة البَكْرِيّ، فدَخَلُوا على مُعاوِيَةَ، فبَدَأهُم عَدِيّ فَحمِدَ الله وأثْنَى (c) عليه، وقال: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّا أَتَيْناك نَدْعُوَ (d) إلى أمرٍ يجمعُ اللهُ به كَلِمتَنا، ويَحْقن به دِمَاءَ المُسْلِميْن، إلى أفْضَلها سَابقَةً، وأحْسَنها في الإسْلَام أثَرًا، وقد اجْتَمَع له النَّاسُ، وأرْشَدهُم - يعني الله - بالدِّين، ولو أَتيْتَه (e) يا مُعاوِيَة قَبْل أنْ يُصِيبَكَ اللهُ بمثل يَوْم الجَمَلِ.

(a) ق: حفصة.

(b) ق: علي رضي الله عنه.

(c) الأصل: وأبني.

(d) ساقطة من ق.

(e) وقعة صفين وتاريخ الطبري: "فانْتهِ يا

".

_________

(1)

كان حيًّا سنة 38 هـ، وله أخبار متفرقة في كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 197، 199، 261، 288، 297، تاريخ الطبري (في أحداث صفين) 5: 5 - 6، 36، 79 - 80، 87، 116، 121، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 291، المحبر 304 (في تعداد العرجان الأشراف)، المعارف 583، المسعودي: مروج الذهب 3: 157، التنبيه والإشراف 222، ابن الأثير: الكامل 3: 287، 289 - 290، 340، 346، 365 - 366، محسن الأمين: أعيان الشيعة 1: 490، 7:75.

(2)

وقعة صفين 197 - 200، وانظر: تاريخ الطبري 5: 5 - 7.

ص: 87

فقال له مُعاوِيَة: كأنَّكَ إنَّما جئتَ مُتهدِّدًا ولَم تأْتِ مُصْلِحًا، هَيْهاتَ يا

عَدِيُّ واللّه إنِّي لابنُ الحَرْب (a) ما يُقَعْقع لي بالشِّنانِ، أمَا واللهِ إنَّك لمَن المُجْلبين

على ابن عَفَّان، وإنَّكَ لمن قَتَلَتِه، وأنِّي لأرجُو أنْ تكُون ممَّن يقتُلُه الله، هَيْهاتَ يا

عَدِيُّ!.

فقَال شَبَثُ بن رِبْعيِّ وزِيَادُ بن خَصَفَة: أتَيْناكَ لِمَا يُصْلحنا، وأقْبَلتَ تَضْربُ لنا الأمْثَال، دَعْ عنكَ ما لا ينتفَعُ به، وأجِبْنا بما يَغْنِينا (b) وإيَّاك نفْعُه.

وتكلَّم يَزيد بن قيْسٍ، وذَكَرَ تَمَام الحِكايَة إلى أنْ قال: وخَرَجَ القَوْمُ عنه لينصَرفُوا إلى عليّ، فبَعَثَ (c) إلى زِيَاد بن خَصَفَة التَّيْمِيّ فردَّهُ (d) فدَخَلَ عليه، فقال مُعاوِيَة: يا أخا رَبيعَة؛ إنَّ عليًّا قطَع أرْحَامَنا، وقتَل إمَامَنا، وآوَى قَتَلَةَ صَاحِبنا، وإنِّي أسْأَلك النُّصْرةَ عليه بأُسْرتكَ وعَشِيرتك، ثمّ إنَّ لك عَهْدُ الله أنِّي أُوَلِّيك إذا ظَهرْتُ أحبّ المِصْرَيْن أحْبَبت: الكُوفَة أو البَصْرَة.

قال أبو المُجَاهِد الطَّائيّ: فسَمِعتُ زِيَاد بن خَصَفَة يُحَدِّث بهذا الحَدِيْث، قال: قال زِيَاد: فلمَّا قضَى مُعاوِيَة كَلَامَهُ، حَمدتُ الله وأثْنَيتُ عليه، ثمّ قُلتُ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي على بيِّنةٍ من ربِّي بما أنعَمَ عليَّ، فَلِمَ (e) أكونَ ظَهِيرًا للمُجْرمين؟ ثمّ قُمْتُ من عنده، فقال مُعاوِيَة لعَمْرو إلى جَنْبهِ: ما لهم عَضَبَهُم الله (f)، ما في قُلُوبهم، ما قَلْبُهم إلَّا قَلْب رَجُلٍ واحدٍ.

(a) وقعة صفين وتاريخ الطبري: "لابن حرب".

(b) وقعة صفين: يعمُّنا، الطبري: فيما يعمّنا.

(c) أي معاوية بن أبي سفيان.

(d) ليست عند نصر.

(e) تاريخ الطبري: فلن.

(f) تاريخ الطبري: عضبهم الله بشر.

ص: 88

‌زِيَادُ بن الخَضِر بن زِيَاد بن المُغِيرَة بن زِيَاد البَجَليّ المَوْصِلِيّ

(1)

سَمِعَ بالمِصِّيْصَة مُحَمَّد بن كَثِيْر المِصِّيْصيِّ، وحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، ورَوَى عنهُما وعن آدَم بن أبي إِيَاس، وهَوْذَة بن خَلِيفَة، وعبد الله بن يُوسُف التِّنِّيْسِيّ، وأبي اليَمَان الحَكَم بن نَافع الحِمْصِيّ، وسَلْم بن إبْراهيم. رَوَى عنهُ أخوه مُغِيرَة بن الخَضِر بن زِيَاد.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسمَاعِيْل بن الحُسَين بن أبي السِّنَان، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم بن أحْمَد المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد (a) بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضائِل الحَسَنُ بن هِبَة الله الخَطِيبُ، وأبو البَرَكَات سَعْد بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّدُ بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاسٍ الأزْدِيُّ

(2)

، قال: حَدَّثَني مُغِيرَةُ بن الخَضِر بن زِيَاد، قال: حَدَّثَني أخي زِيَاد بن الخَضِر، قال: حَدَّثَنَا آدَمُ (b)، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن سِمَاك، قال: سَمِعْتُ مُرَيَّ بنَ قَطَريّ (c) يُحَدِّثُ عن عَدِيّ بن حَاتِم، قال

(3)

: قُلتُ: يا رسُول اللهِ، إنَّ أبي كان يَصِل الرَّحِم، ويُقْري الضَّيْفَ، ويَفْعَل كَذَا؛

(a) ساقطة من ق.

(b) قوله: "قال حدثنا آدم" ساقط من ق.

(c) في الأصل وق: ابن قطن، وصوابه المثبت كما في مصادر تخريج الحديث، وانظر ترجمته في الطبقات الكبير لابن سعد 6: 294، والجرح والتعديل 8: 428، تهذيب الكمال 27:414.

_________

(1)

توفي سنة 247 هـ.

(2)

رواية الأزدي هذه والتي تليها من كتابه طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب ضائع.

(3)

المعجم الكبير للطبراني 17: 104 (رقم 251)، صحيح ابن حبان 2: 41 - 42 (رقم 332).

ص: 89

فهل ذلك نَافِعهُ؟ قال: إنَّ أباك أرادَ أمرًا فأدْرَكَهُ؛ يعني: الذِّكْر. قُلتُ: إنِّي سَائلك عن طَعَام لا أدَعُه إلَّا تَحرُّجًا، قال: لا تَدَعْ شيئًا ضارَعْت فيه النَّصْرانيَّة.

وقال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء الأزْدِيّ، قال: ومنهم؛ يعني من الطَّبَقَة الثَّامنَةِ من مُحَدِّثي المَوْصِل: زِيَاد بن الخَضِر بن زِيَاد بن المُغِيرَة بن زِيَادٍ البَجَليّ، رَوَى عن آدَمِ بن أبي إِيَاس، وأبي اليَمَان الحَكَم بن نَافع، وعبد الله بن يُوسُف التِّنِّيْسيِّ، ومُحَمَّد بن كَثِيْر المِصِّيْصيّ، وغيرهم من الشَّامِيِّيْن: الحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، وعن هَوْذَة بن خَلِيفَة، وسَلْم بن إبْراهيم، ونُظَرَائهم من البَصْرِيِّيْن، وتُوفِّيَ قَديْمًا سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن.

‌زِيَاد بن سُلَيمان - وقيل: ابن سُلَيم، وقيل: ابن سَلْمى، وقيل: زِيَاد بن جَابِر - ابن عَمَرو، أبو أمَامَةَ المَعْرُوف بِزيَاد الأعْجَم العَبْدِيّ

(1)

مَوْلَى عَبْد القَيْس، أحد بني عَامِر بن الحَارِث، ثمّ أحد بني مَالِك بن عامِر، وإنَّما عُرِفَ بزِيَاد الأعْجَم لأنَّهُ كان في لِسَانهِ عُجْمة وكان يَنْزل إصْطَخْر، فغَلَبَت العُجْمة على لِسَانهِ. وقيل: إنَّ مَوْلدَهُ بأصْبَهَان وانْتَقَلَ إلى خُرَاسَان.

(1)

توفي بعد سنة 125 هـ وترجمته في: طبقات فحول الشعراء 2: 681، 693 - 699، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 71، 323، 2: 250، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 272 (شعر له في حروب المهلب للخوارج سنة 80 هـ)، ابن قتيبة: الشعر والشعراء 211 - 212، المسعودي: التنبيه والإشراف 211، الأغاني 15: 260 - 269، تاريخ ابن عساكر 19: 146 - 151، معجم الأدباء 3: 1329 - 1330 (وفيه: زياد بن سلمى، وأرَّخ وفاته في حدود المائة)، وفيات الأعيان 2: 235 - 236، 486، 5: 354 - 356، تهذيب الكمال 9: 476 - 480، فوات الوفيات 2: 29 - 31، تاريخ الإسلام 3: 46 - 47، سير أعلام النبلاء 4: 597، الكاشف 1: 331، الوافي بالوفيات 14: 244 - 245، تهذيب التهذيب 3: 370 - 373، تقريب التهذيب 1: 368، شذرات الذهب 2: 16، خزانة الأدب 10: 7 - 9، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 404 - 406. وجمع يوسف بكار شعره (دار المسيرة، 1983 م).

ص: 90

وذَكَرَ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عُثْمان في تَارِيْخهِ

(1)

: أنَّ أبا أُبَامَة زِيَاد الأعْلَم لا الأعْجَم، والصَّحيح أنَّ أبا أُمَامَة كُنْيَة زِيَاد الأعْجَم، ويُحْتَمل أنْ تكُون كُنْيَة لهما جَمِيعًا.

حَكَى زِيَاد الأعْجَم عن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ، وعُثْمان بن أبي العَاص، وعبد الله بن عَبْد الأعْلَى، حَكَى عنه هِشَام ومُجَبِّر ابْنَا فَخْذَم بن سُلَيمان بن ذَكْوَان البَصْرِيّان، وقَدِمَ الرُّصَافة على هِشَام بن عَبْد المَلِك، وشَهِدَ وفَاتَهُ بها. وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا فَصِيحًا في الشِّعْر مع لُكْنَته.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالبِ المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن عْمران، قال: حَدَّثَنا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنا خَليفَة بن خَيَّاط

(3)

، قال: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بن هِشَامٍ القَحْذَمِيِّ، قال: حَدَّثَني أبي وعَمِّي، قال: حَدَّثَنا زِيَاد الأعْجَم، قال: قَدِمَ علينا - يعني (a) بإصطَخْر - أبو مُوسى بكتاب عُمَرَ (b) فقُرئ علينا: من عَبْد الله عُمر أَمِير المُؤْمنِيْن إلى عُثْمان بن أبي العاص: سَلامٌ عليك، أمَّا بَعْدُ: فقد أمْدَدتك بعَبْدِ الله بن قَيْس، فإذا التَقَيْتما فعُثْمانُ الأَمِير، وتَطَاوَعا، والسَّلام.

قال زِيَادٌ: فلمَّا طال حِصَار إصطَخْر قال عُثْمان لأبي مُوسَى: إنِّي أُرِيْدُ أنْ أبعَثَ أُمرَاءَ إلى هذه الرَّسَاتِيْق حَوْلنا يغيرونَ عليها، فما ظَفِروا به من شيء قاسَمُوه

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: عمر رضي الله عنه.

_________

(1)

تاريخ ابن أبي شيبة: محمد بن عثمان في محمد العبسي (ت 297 هـ) من الكتب التي لم تصلنا، ذكر الخطيب البغدادي والذهبي أن له مصنفات وتآليف، منها تاريخ كبير. انظر: تاريخ بغداد 4: 68 - 75، ميزان الاعتدال 3:101.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 146 - 147.

(3)

تاريخ خليفة 150.

ص: 91

أَهْل العَسْكَر المُقِيْمِين على المَدِينَةِ، فقال أبو مُوسَى: لا أرى ذلك أنْ يُقَاسِموهم، ولكن يكون لهم، فقال عُثْمان: إنْ فَعَلت هذا لَم يَبْقَ على المَدِينَة أحَد؛ خَفُّوا كُلّهم ورجَوا الغَنِيْمَةَ، فاجْتَمَع المُسْلمُونَ على رَأي عُثْمان، قال: فإن يُسَمِّي لنا نَيف وثَلاثين عَامِلًا إلى نَيف وثَلاثين رُسْتَاقًا.

* * *

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: اخْبرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد الصَّيْدَلانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْص، قال: قَرأتُ على عَبْد اللهِ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حدَّثكُم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: زِيَاد الأعْجَم، يُكْنَى أبا أُمَامَة.

وقال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن عليّ بن عَبد الوَهَّاب السُّكَّريّ قراءةً، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد العَزِيْز الطَّاهِريّ (a)، قال: قُرئ على أبي بَكْر أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سالِم الخُتَّلِيّ، قال: أخْبرَنا أبو خَليفَة الفَضْل بن الحُبَاب (b) الجُمَحِيّ، [قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحمَّد بن سَلَّام الجُمَحيّ] (c)، قال: في الطَّبَقَةِ السَّابِعة من شُعَرَاءِ الإسْلَام زِيَاد الأعْجَم، وهو زِيَادُ بن سُلَيم العَبْدِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أسْعَد بن بَوْش الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْد الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين الجازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء

(a) ق: الظاهري، ونسبته إلى طاهر بن الحسين، انظر: أنساب السمعاني 9: 15.

(b) ق: الجناب.

(c) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وق، انتقال نظر سببه تكرار كلمة الجمحي، وانظر النقل عن ابن سلام في كتابه طبقات فحول الشعراء 2:681.

ص: 92

الجَرِيْريّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن العبَّاس بن إسْحاق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي سَعْدٍ، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن عُمَر الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَني أبو بَرَكَة الأشجَعِيّ، قال: حَضَرت امْرأةً من بَني نُمير الوَفَاةُ، فقيل لها: أوْصِي، فقالت: نَعَم، خَبِّرُوني مَنْ القَائل

(2)

: [من الوافر]

لعَمْرُكَ ما رِمَاحُ بَني نُمَيْرٍ

بطَائشَةِ الصُّدُور (a) ولا قِصَار

قال: فقيل لها: زِيَاد الأعْجَم، فقالت: أُشْهِدُكم أنَّ له ثُلثَ مالي، قال: فحُمِلَ له من ثُلثها أرْبَعة آلاف دِرْهَم.

أخْبَرَنا أبو عليِّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الصُّوْفيّ بالمَسْجِد الأقْصَي، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عَبْدِ اللهِ بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الشُّوَيْخ الأُرْمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن سَنْبَك (a) ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عليِّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا

(3)

، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن عبد الرَّحْمن، قال: دَخَلَ زِيَاد الأعْجَم على عَبْدِ الله بن عَامِر بن كُرَيز فأنْشَدَهُ

(4)

: [من الوافر]

أخٌ لكَ لا تَرَاهُ الدَّهْرَ إلَّا

على العِلَّاتِ بَسَّامًا جَوَادا

أخٌ لكَ ما موَدَّتُه (c) بمَذْقٍ

إذا ما عَادَ فقَرُ أَخِيْهِ عادَا

(a) شعر الأعجم: الكعوب.

(b) كذا قيَّده في الأصل مجودًا، وتقدم ضبط المؤلف له بالضم سُنْبُك.

(c) شعر الأعجم: خُلَّته.

_________

(1)

الجريري: الجليس الصالح 2: 236 - 237.

(2)

شعر الأعجم 74، والوافي بالوفيات 14:244.

(3)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة اصطناع المعروف) 3: 696.

(4)

شعر الأعجم 65 - 66، وثلاثة أبيات منه في معجم الأدباء 3:1329.

ص: 93

سَألْنَاهُ الجَزيْل فما تَلكَّا (a)

وأعْطَى فَوْق مُنْيَتِنا وزَادَا

وأَحْسَنَ ثمّ أحْسَنَ ثمّ عُدْنا

فأحْسَنَ ثمّ عدْتُ له فعَادَا

مِرَارًا لا أعُودُ (b) إليهِ إلَّا

تبَسَّم ضَاحِكًا وثَنى الوِسَادَا

وقد رُوِي أنَّ زيَادًا الأعْجَم قال هذه الأبيات في عَبْد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالِب (c).

أنْبَأنَا أبو المحاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَد بن مُقَاتِل، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو مُحَمَّد المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو (d) القَاسِم تَمَّامِ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن جَعْفَر الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا مُزَاحِم بن عَبدِ الوَهَّاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الغَلَابِيّ (e)، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عائِشَةَ، قال: دَخَل زِيَاد الأعْجَم على عَبْدِ الله بن جَعْفَر فسَأله في خَمْس دِيَاتٍ فأعْطَاهُ، ثُمَّ عادَ فسَألَهُ في خَمْس دِيَاتٍ أُخَر فأعْطَاهُ، ثمّ عاد فسألَهُ في عَشرِ دِياتٍ فأعْطَاهُ، فأنْشَأَ يَقُول

(2)

: [من الوافر]

سَألْنَاهُ الجَزِيْل فما تلكَّا (f)

وأعْطَى فَوْق مُنْيَتنا وزَادَا

وأحْسَنَ ثمّ أحْسَنَ ثمّ عُدْنا

فأحْسن ثمّ عدْتُ له فعَادَا

مِرَارًا لا أعُودُ إليه إلَّا

تَبَسَّم ضَاحِكًا ورَمَى الوِسَادَا

قال أبو القَاسِم الحافِظ

(3)

: كَذَا قال، والصَّوَاب: مُزَاحِم بن عَبْد الوَارِث بن إسْمْاعِيْل، بَصْرِيٌّ.

(a) شعر الأعجم: تأبَّى.

(b) شعر الأعجم: دنوت.

(c) ق: رضي الله عنهم جميعًا.

(d) ساقطة من ق.

(e) في تاريخ ابن عساكر: حدثنا محمد بن ذكرياء، حدثنا الغلابي، وصوابه المثبت، وهو محمد بن زكرياء بن دينار الغلابي البصري الأخباريّ أبو جعفر، ويعرف باللؤلؤي (ت 289 هـ). ابن الساعي: الدر الثمين 215 - 216.

(f) شعر الأعجم: تأبَّى.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 148.

(2)

شعر الأعجم 66، وفوات الرفيات 2:30.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 148.

ص: 94

قَرأتُ بخَطِّ بعض الفُضَلَاء (a)، في مَجْمُوع وَقَعَ إليَّ، فيه: وقال زِيَاد بن سُلَيمان الأعْجَم، ويُكْنَى أبا أُمَامَة، وهو رَجُلٌ من عَبْدِ القَيْس أحد بني عَامِر بن الحَارِث ثمّ أحد بني الخارِجَة يَرْثِى المُغِيرَة بن المُهَلَّب

(1)

: [من الكامل]

قُل للقَوَافِل والغَزيّ إذا غَزَوا

والبَاكِرين وللمُجِدِّ الرَّائِح

إنَّ السَّمَاحَةَ والشَّجَاعَةَ (b) ضُمِّنا

قَبْرًا بمَرْو على الطَّريق الوَاضِح

فإذا مَرَرْتَ بقَبْره فاعْقِرْ بهِ

كُوْمَ (c) الهجَان وكُلَّ طَرفٍ سَابِح

قال: فلمَّا أنشد زِيَادٌ الأعْجَمُ المُهَلَّبَ هذا المَوضع من القَصِيدَة، قال: أعقَرْتَ يا أبا أُمَامَة؟ قال: لا والله أصْلَحكَ اللهُ، قال: ولم؟ قال: لأنِّي كُنْتُ على ابنة الأَتَان، قال: أمَا إنَّكَ لو عقَرْت ما بقي بالبَصْرَة طِرْفٌ عَتِيق، ولا جَمَلٌ نَجِيبٌ إلَّا شُدّ بمَرْبطك أو أُنيخ بفِنَائكَ

(2)

: [من الكامل]

وانْضَحْ جَوَانِبَ قبره بدِمَائها

فلقد يَكُون أخَا دِمٍ وذَبَائِح

وأظهَرْ ببِزَّتهِ وعَقْدِ لوَائهِ (d)

واهْتِف بدَعْوَةِ مُصْلِتينَ شَرَامح

شَرَامح: طِوَال.

آبَ الجُنُودَ مُعَقَّلًا (e) أو قَافِلًا

وأقام رَهْنَ حَفِيْرَةٍ وضَرَائح

وأرَى المَكَارِم حين زِيْلَ بنَعْشِه

زَالَتْ بفَضْل فَضَائِلٍ ومَدَائِح

(a) ق: رحمهم الله.

(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "خ: المروءة"، ونقله في الهامش ناسخ ق، وهى رواية موافقة لما في شعر الأعجم ولرواية اللأصفهاني وياقوت.

(c) كتب ابن العديم في الهامش: "خ: وأدْمَ"، وهى رواية لم أجدها عند غيره.

(d) ق: ولائه.

(e) شعر الأعجم: مُعقّبًا، ولعله الأظهر، وفيات الأعيان: معاقبًا.

_________

(1)

شعر الأعجم 53 - 54، وانظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة 211، الأغاني 15: 260، ومعجم الأدباء 3: 1330، ووفيات الأعيان 5:354.

(2)

شعر الأعجم 54 - 63، والأغاني 15:261.

ص: 95

كَذا وَجَدْتُه، وأظُنُّه: بفَصْلِ (a) قَصَائِد.

وخَلَتْ مَنَابِرُهُ وحُطَّ سرُوجُه

عن كُلِّ سَلْهَبةٍ وطِرْفٍ طَامِح

وكَفَى لنا حَزَنًا ببَيْتٍ حَلَّهُ

أُخْرى المنُون فليس عنه ببَارِح (b)

رجَفَتْ لمَصْرَعه البِلادُ فأصْبَحَتْ

منَّا القُلُوبُ لذاكَ غير صَحَائح

فإذا يُناحُ على امْرئٍ فتَعَلَّما (c)

أنَّ المُغِيرَة فَوق نَوْح النَّائِح

يَبْكي المُغِيرَةَ دِيْنُنا وزَمَانُنا

والمُعْوِلَاتُ برَنَّةٍ وتَصَايح (d)

يا من بمَغْدَى الشَّمْس من حَيٍّ إلى

ما بين مسْقَط قَرْنها المُتَنَازِح

ماتَ المُغِيرَةُ بعد طُول تعَرُّضٍ

للقَتْل بين أسنَّةٍ وصَفَائِح

وهى طَويْلةٌ، قال فيها:

يا عَيْن فابْكي ذا الفَعَالِ وذا النَّدَى

بمَدَامِعٍ سُكُبٍ تجيءُ سَوَافِح

وابْكِيهِ في الزَّمَن العَثُور لكَلِّنا

ولكُلِّ أرْمَلةٍ ورَهْب رَازِح

فلقد فُقدتَ مُسَوَّدًا ذا نَجْدَةٍ

كالبَدْر أزْهَرَ ذا جَدًا ونَوَافِح

كان المِلَاكَ لدِيْنِنا ورَجَائنا

ومَلاذَنا في كُلِّ خَطْبٍ فَادِح

فَمضَى وظَّفنا لكُلِّ عَظِيمَةٍ

ولكُلِّ أعْصٍ ذي زَلازلَ جَامِح

ما قُلْتُ فيكَ فأنْتَ أهْلُ مَقَالتي

بل قد يُقَصِّرُ عنك مَدْحُ المَادِح

كَذا وَجَدْتُه فيما نَقَلْتُهُ من المَجْمُوع أنَّهُ لمَّا أنْشَدَها المُهَلَّب قال له ما قال.

ورُوي أنَّ ذلك كان بين زِيَاد الأعْجَم وَيَزِيْد بن المُهَلَّب، أخي المُغِيرَة، وهو الصَّحيحُ.

(a) كذا مؤكدة بحرف صاد أسفلها.

(b) ق: بنازح.

(c) شعر الأعجم ووفيات الأعيان: فتعلَّمَنْ.

(d) ق: ونصائح.

ص: 96

أخْبَرَنا بذلك أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أنْبَأنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن كَامِل بن دَيْسَم، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدِ الله مُحَمَّد بن عِمْران بن مُوسَى المَرْزُبانيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الجوهَرِيّ ومُحَمَّد بن أحْمَد البزَاز، قالا: حَدَّثَنَا العَنَزِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الذَّارع، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عائِشَة، قال: كان المُغِيرَة بن المُهَلَّب أبْرَع وَلده وأوْفَاهم (a) وأعفَّهُم وأنْحَاهُم، فلمَّا مَاتَ رَثَاهُ زِيَاد الأعْجَم بقَصِيْدَتهِ تلك

(1)

: [من الكامل]

ماتَ المُغِيرَةُ بعد طُول تَعَرُّضٍ

للمَوْتِ بين أسَنَّةٍ وصَفَائِح

قال ابنُ عائِشَةَ: فسَمِعْتُ أبي يَقُول: فأنْشَدَها يَزِيدُ بن المُهَلَّب، فلمَّا انْتَهَى إلى قَوْله:[من الكامل]

وإذا مَرَرْتَ بقَبْره فاعْقِرْ بهِ

أُدْمَ (b) الهجَان وكُلَّ طِرْفٍ سَابِح

وانْضَح جَوَانِبَ قَبْره بدِمَائها

فلقد يَكُون أخَا دَمٍ وذَبَائِح

فقال له يَزيدُ: هَل عَقَرْتَ؟ قال: لا، قال: وما مَنَعَكَ؟ قال: كُنْتُ على بنت الهِمَارَة - يريد الحِمَارَةَ - فقال: أمَّا والله لو فَعَلْتَ ما أصْبَحَ في آل المُهَلَّب صَاهِل إلَّا على مِذْوَدك (c).

قال المَرْزُبانيُّ: وحَدَّثني أحْمَد بنُ مُحَمَّد الجوهَرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عُلَيْل العَنَزِيّ وأحمد بن مُحَمَّد بن أبي الذَّيَّال، قالا: حَدَّثَنَا القَاسِم بن مُحَمَّد بن عَبَّاد المُهَلَّبيّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قال المَأمُون: أي قَصِيدَة أرْثَى؟ قُلتُ: أَمِير المُؤْمنِيْن

(a) الأصل: وأوقاهم، والمثبت من ق.

(b) شعر الأعجم: كوم.

(c) ق: مذلول.

_________

(1)

شعر الأعجم 56.

ص: 97

أعْلَم، قال لي: القَصِيدَة الّتي قالها زِيَاد الأعَجَم في المُغيرَة بن المُهَلَّب، ثُمَّ قال: أتَحْفَظها؟ قُلتُ: نَعَم، قال: فخُذْها عليَّ، فأنْشَدَنيها حتَّى أتى على آخرها، وتَرَك منها بَيْتًا، قُلْتُ: يا أَمِير المُؤْمنِين، تَرَكْتَ منها بَيْتًا، قال: وما هو؟ قُلْتُ

(1)

: [من الكامل]

هَلَّا ليالي فَوْقَه بِزَّاتُهُ (a)

يغْشَى الأَسِنَّة فَوْق نَهْدٍ قَارِح

قال: هَاه هاه؛ يتَهدَّد المَنِيَّة إلَّا أَتَتك ذلك الوَقْتَ، هذا أجْوَدُ بَيْتٍ فيها، ثمّ اسْتَعادنيهِ حتَّى حَفِظَهُ (b) .

أنْبَأنَا مُحَمَّد بن هِبةِ الله، قال: اخْبرَنا أبو القاسِم الحافِظ

(2)

، قال: أنْبَأنَا خالي أبو المَعَالِي القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله (c) بن عَبد الرَّزَّاق بن عَبْدِ الله الكَلاعِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُغَلِّس، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا يَمُوْتُ بن المُزَرِّع، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن سُفْيان الزِّيَادِيّ، قال: سَمِعْتُ الأصْمَعِيَّ يَقُول: لقد بُلي هؤلاء القَوْم من زِيَاد الأعْجَم بثلاثة لم يمُتَحَن بها أحَدٌ من نُظَرائهم - يعني الأشَاقِر؛ بَطْن من الأزد فمن ذلك قَوْله فيهم

(3)

: [من البسيط]

قالوا: الأشَاقِر تَهْجُوهم (d) فقُلْت لهم:

ما كُنْتُ أحْسَبهم كانُوا ولا خُلقُوا

قَوْمٌ من الحَسَب الزَّاكِي بمَنْزِلةٍ

كالوَدِّ بِالقَاعِ (e) لا أصْلٌ ولا وَرَقُ

لا يكثرُونَ وإنْ طَالَ الزَّمان بهم (f)

ولو يَبُولُ عليهم ثَعْلَبٌ غَرِقُوا

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(4)

: قَرأتُ بخَطِّ أبي عُبَيْد الله مُحَمَّد بن عِمْران

(a) شعر الأعجم: هلا أتته وفوقه بزاته.

(b) الأصل: حفظته، وعليها أثر إصلاح.

(c) ابن عساكر: عبيد الله.

(d) شعر الأعجم: تهجوكم.

(e) شعر الأعجم: كطحلب الماء.

(f) شعر الأعجم: وأن طالت حياتهم.

_________

(1)

شعر الأعجم 56.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 151.

(3)

شعر الأعجم 85.

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 150.

ص: 98

المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي سَعيد البزَار، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن القَاسِم بن خَلَّاد اليَمَاميِّ (a)، قال: حَدَّثَنَا جَنَاب (b) بن الخَشْخَاش (c)، عن أَبيِهِ، قال: سَمِعْتُ زِيَاد الأعْجَم يَقُول

(1)

:

ألَم تَرَ أنَّني وتَّرْتُ كَوسْى (d)

لأنْقَع (e) من كِلَاب بني تميْم

يُريدُ القَافَ في قَوْسِي وأنْقَع.

قال مُحَمَّد: حَدثَنَا القَحْذَمِيّ، عن بَعْضِ أشْياخِهِ، قال: قال جَرِيرٌ لزِيَادٍ الأعْجَم: يا [أبا] أُبَامَة، إنَّهُ عَسَى أنْ تُبَلَّغَ عنِّي، فلا تَعْجَلْ حتَّى تتَبَّينَ، قال: ما شئْتَ إذا كُلْتَ كُلنا.

قال: وحَكَى المَدَائِنيّ أنَّ زِيَادًا دَعَا غُلامًا أرْسَلَهُ في حَاجةٍ، فأبْطَأ عليه، فلمَّا جَاءه قال له: ما لَدُن دَعاك إلى أنْ قُلتَ: لَبَّى ما كُنْتَ تَسْنَا؟ يُريدُ: من لَدُن دَعَوْتُكَ إلى أنْ قُلتَ: لَبَّيْكَ، ما كُنت تَصْنعُ؟

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي القَاسِم البُنْدَار، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد القَارِئ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّهِ الحَزَنْبَل، عن ابن الأعرَابِيّ، قال: قال زِيَاد الأعْجَمُ: حَضَرْتُ جنَازة هِشَامٍ فسَمِعْتُ أبا عَبْد الأعْلَى ينشدُ

(2)

: [الطويل]

وما سَالِم عمَّا قَلِيْل بسَالِمٍ

وإنْ كَثُرَت أحْرَاسُهُ ومَوَاكبُه

(a) تاريخ ابن عساكر: اليماني، وهو الشاعر أبو العيناء اليمامي.

(b) ابن عساكر: خباب.

(c) مهملة في الأصل إلا من الشين المعجمة في آخرها، والمثبت من ق وتاريخ ابن عساكر، وعند

الزبيدي: الحسحاس. انظر: تاج العروس، مادة: جنب.

(d) شعر الأعجم: قوسي.

(ح) شعر الأعجم: لأبقع.

(f) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

شعر الأعجم 100.

(2)

انظر الأبيات في الوافي بالوفيات 15: 86.

ص: 99

وإنْ كان ذا بَابٍ شَدِيدٍ وحَاجِبٍ

فعمَّا قَلِيلٍ يَهْجر البابَ حَاجِبُه

ويُصْبحُ بعد الحَجْبِ للنَّاسِ مُفْردًا

رَهِيْنَة بَيْتٍ لم تُسْتَّرْ جَوَانِبهُ

فَنَفْسَكَ أَكْسِبها السَّعَادَة جَاهِدًا

فكُلُّ امْرِئٍ رَهْنٌ بما هو كَاسِبُه

قُلتُ: وهذه الأبيات تَمثَّل بها ابنُ عَبْد الأعْلَى عند مَوْت هِشَامٍ، قد رُويت عن زِيَاد الأعْجَم

(1)

عنه كما تَرَى، ورُويت عن زَيْد العَمِّيّ عنه، ورُويت عن أبي زَيْد الأعْمَى عنه، وسَيأتي ذِكْر ذلك

(2)

في كتابنا هذا إنْ شَاء اللّهُ تعالَى.

أنبأنَا أبو المحاسِن بن الفَضْل بن البَانِياسِيِّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: زِيَادُ بن سُلَيم - ويُقال: ابن سُلَيمان، ويُقال: ابنُ سَلْمى - أبو أُمَامَة العَبْدِيّ المَعرُوف بزِيَاد الأعْجَم، موْلَى عَبْدِ القَيْس، ولُقِّب بالأعْجَمِ لعُجْمة كانت في لِسَانه، أدْرَكَ أبا مُوسَى الأشْعرِيّ وعُثْمان بن أبي العَاصِ، وشَهِد معهما فَتْحَ إصْطَخْر، وحَكَى عنهما، حَكَى عنه هِشَام ومُجَبِّر (a) ابنا قَحذَم بن سُلَيمان بن ذَكْوَان البَصْرِيّان، ووفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك، وشَهِدَ وَفَاتَهُ بالرُّصَافَةِ.

قَرأتُ بخَطِّ عليّ بن مُوسَى بن إسْحَاق الرَّزَّاز في نَوَادر أبي بَكْرٍ الصُّوْلِيّ، سَمَاع الرَّزَّاز منه، وأنبأنَا به أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي وغيرُه، عن زَاهر بن طَاهِرٍ، عن أبي القَاسِم البندَار، عن أبي أحْمَد القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازةً، قال: وَجَدْتُ بخَطِّ مُصْعَب الزبيرِيّ: قالت ابنَةُ زِيَاد الأعْجَم تَرْثيهِ، ويُقال قَدِيمٌ:[من الكامل]

قد كُنْتَ لي جَبَلًا أَلُوذ بظلِّهِ

فتَرَكتني أمْشِي بأدْرَدَ ضَاحِي

(a) ابن عساكر: مخبر.

_________

(1)

لم ترد في مجموع شعر الأعجم.

(2)

في ترجمة زيد بن الحواري البصري العمي الآتية في هذا الجزء.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 146.

ص: 100

قد كُنْتُ ذَاتَ حَمِيَّةٍ أَمْشِي بها

ما دُمْتَ لي حَيًّا وكُنْتَ جَنَاحِي

فاليَوْمَ أخْضَعُ للذَّليْل وأتَّقي

منه وأدْفَعُ ظَالمِي بالرَّاحِ

وإذا دَعَتْ قُمْريَّةٌ شَجَنًا لها

صُبْحًا على فَتَنٍ دَعَوْتُ مَنَاحِي

وأغضُّ من بَصَرِي وأعْلَم أنَّهُ

قد بانَ حَدُّ فَوَارسِي وسِلَاحِي

ص: 101

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌زِيَادُ بن عَبْد الله الأُسْوَار بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان صَخْر بن حَرْب بن أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْس، أبو مُحَمَّد الأُموِيّ

(1)

وكان يُقال له: البَيْطَار؛ لأنَّهُ كان صَاحِب صَيْدٍ، وقيل: هو زِيَاد بن عَبْدِ اللّه بن خَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة.

من فُرْسَان بني أُمَيَّةَ ومُقَدَّميها، وكان مُقِيْمًا في قَرْيَةٍ من قُرَى قِنَّسْرِيْن، وخَرج في أيَّام أبي العبَّاس السَّفَّاح بقِنَّسْرين وحَلَب، ودَعَا إلى نفسه، فبَايَعه ألُوفٌ من النَّاس، وصَار معه أبو الوَرْد مَجْزأة الكِلابيّ، وصَارَ مُدَبِّر جَيْشه، فبَلَغَ ذلك عَبْد اللّه بن عليّ بن عَبْد اللّه بن العبَّاس، وهو بدِمَشْق، فوجَّه إليه أخاهُ عبد الصَّمَد بن عليّ في زُهَاءِ عَشرة آلاف فَارِس، ومعه ذُؤَيْبُ بن الأشْعَث على حَرَسه، والمُخَارِق بن عَفَّان على شُرَطه، فسَار أبو مُحَمَّد وأبو الوَرْد، والتقوا،

(1)

توفي سنة 133 هـ أو في التي تليها، وترجمته في: نسب قريش لمصعب الزبيري 131، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 169 - 171، تاريخ الطبري 7: 215، 243، 251، 263 - 266، 302، 311، 436، 444 - 445، 9: 116، 118، وذكره الطبري ومن نقل عنه بكنيته:"أبو محمد بن عبد اللّه"، ولم يسمِّه، المقدسي: البدء والتاريخ (وينسب للبلخي) 6: 73 - 74، الأزدي: تاريخ الموصل 58 - 64، 142، مسكويه: تجارب الأمم 3: 19، تاريخ ابن عساكر 19: 153 - 155، ابن الجوزي: المنتظم 7: 310 - 311، ابن الأثير: الكامل 5: 433، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 65، الذهبي: تاريخ الإسلام 3: 867، الوافي بالوفيات 15: 14، ابن خلدون: العبر 5: 433 - 434 وفيه: أبو محمد بن عبد الله، النويري: نهاية الأرب 22: 53، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 406.

وأعاد ابن العديم الترجمة له ثانية في الكنى باسم: "أبو محمد بن عبد اللّه

"، أثبت فيها القطعة الأولى من طالع الترجمة فقط.

ص: 102

فكُسِرَ عبد الصَّمَد ومَنْ معه، فتوجَّه عَبْد الله بن عليّ إلى أبي مُحَمَّد فاقْتَتَلُوا بمَرْج الأخْرَم (a) من ناحية قِنَّسْرِيْن، وكان مع عَبْد اللّه بن عليِّ حُمَيْد (b) بن قَحْطَبَة، فثَبَتَ عَبْد اللّه وحُمَيْد، فهُزِمَ زِيَاد، وقُتِلَ أبو الوَرْدِ، وهَرَب زِيَاد ومَنْ معه من الكَلْبيَّة إلى تَدْمُر، ثمّ خَرَجَ إلى الحِجَاز، وظُفِرَ به هناك، وقُتِلَ بالمَدِينَة.

ذَكَرَ البلخِيّ فِي كتاب البَدْءِ

(1)

، في خُرُوج السُّفْيَانِيّ، قال: وقد قال بعضُ النَّاسِ أنَّ هذا قد مَضَى - يَعْني أمْر السُّفْيَانِيّ - وذلك خُرُوج زِيَاد بن عَبْد اللّه بن خَالِد بن يزيدِ بن مُعاويَة بن أبي سُفْيان بحَلَبَ، وبيَّضُوا (c) ثيِابَهُم وأعلَامُهم، وادَّعَوا الخِلَافَة، فبَعَثَ أبو العبَّاسِ عَبْد اللّه بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عبَّاسٍ أبا جَعْفَر إليهم فاصطَلمُوهُم عن آخرهم.

وذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ في كتاب جُمَل أنْسَاب الأشْرَاف

(2)

أنَّ أبي أبي مُحَمَّد زِيَاد بن عَبْد اللّه بن يزِيد بن مُعاوِيةَ. وذَكَرَ غيره أنَّهُ كان يُقال له البَيْطَار، لأنَّهُ كان صاحِب صَيْدٍ.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد اللّه يَحْيَى ابنا الحَسَن بن البنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سُلَيمان الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِ بن بَكَّار

(3)

، قال:

(a) ق: الأحرم، وتقدم ذكره في ترجمة حميد بن قحطبة: مرج الأجمّ، والمثبت أعلاه موافق لما عند البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 168، تاريخ الطبري 7: 444، وتاريخ ابن عساكر 57: 47، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 45، ونبه ابن العديم في ترجمته للسفياني هذا في الكنى (الجزء العاشر) إلى أنه وجده في كتب التاريخ هكذا "مرج الأخرم" وأن صوابه: مرج الأجمّ، بناحية قنسرين بالمطخ.

(b) ق: عبد اللّه بن حميد، خطأ.

(c) الأصل، ق: ونصبوا، والمثبت من كتاب البدء.

_________

(1)

كتاب البدء والتاريخ (نشُر منسوبًا للمطهر بن طاهر المقدسي) 2: 177، وتقدم التعليق على كتاب البلخي في الجزء الأول من هذا الكتاب.

(2)

أنساب الأشراف 1/ 3: 170.

(3)

انظره في كتاب عمه مصعب الزبيري: نسب قريش 131، وفي آخر النقل اختلاف بيِّن.

ص: 103

فولد عَبْدُ الله الّذي يُقال له الأُسْوَار بنَ يزِيد بن مُعاوِيَة أبا مُحَمَّد، قُتِلَ بالمَدِينَة في خِلَافَة أَمِير المُؤْمنِيْن المنصُورِ، وكان مُخْتَفيًا بقَنَاةَ (a) ناحية أحُدٍ، فدُلَّ عليه زِيَادُ بن عُبَيْد اللّه (b) الحَارِثِيُّ، وهو يَوْمئذٍ أميرُ المَدِينَة، فخَرَجَ إليه النَّاسُ (c)، فخَرَجَ عليهم أبو مُحَمَّد، فقَاتلَهُم، وكان من أرْمَى النَّاسِ، فكثَرُوهُ فقَتَلُوهُ.

وأُمُّهُ وأُمُّ أخيهِ أبي مُعاويَة، وأُمّ أُخْته أُمّ يزَيد بنت عَبْدِ الله، تزوَّجها سُليْمان بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، فوَلَدَتْ له، وأُخْتُهُم أُمّ خَالِد بنت عَبْد اللّه بن يَزِيد، تزوَّجها مُحَمَّد بن الوَلِيد بن عُتْبَةَ بن أبي سُفْيان، فولدت لهُ عبد الرَّحْمن وهِنْد ابني مُحَمَّد بن الوَليد، وأُمُّهم جَمِيعًا عائشَةُ بنت زِيَاد (d) بن أُنيف (e) بن عُتْبَة (f) بن مَصَاد بن كَعْب (g) بن عُلَيْم من كَلْب.

قَرأتُ في كتاب الدَّوْلَة العبَّاسيّة

(1)

: عن الهَيْثَم بن عَدِيٍّ، قال: وكان عَبْد اللّه بن عليّ قد وَلَّى على بَالِس رَجُلًا من أهْلِ خُرَاسَان عَجَميًّا، وكانت ببَالِس امْرأةٌ من وَلد أبي سُفْيان، ذَات جَمَالٍ ويَسَارٍ، فوجَّه الخُرَاسَانيّ يَخْطبُها إلى

(a) الأصل وق: بقناةٍ، وهو اسم واد قرب المدينة، وعند الصفدي: الوافي 15: 14: بقباء ناحية أحد.

(b) الأصل، ق: عبد اللّه، وصوابه المثبت كما في نسب قريش، وانظر: المحبر لابن حبيب 34، 263، وتاريخ الطبري 7: 445، وتاريخ ابن عساكر 57:48.

(c) نسب قريش: بالناس.

(d) نسب قريش: زبَّان.

(e) ق: نيف.

(f) نسب قريش: عبيد.

(g) نسب قريش: مصاد بن حصن بن كعب.

_________

(1)

لعله كتاب علي بن محمد المدائني، ذكره بهذا الاسم ياقوت: معجم الأدباء 4: 1856، وذكر أنه اطلع على بعضه، الصفدي: الوافي بالوفيات 22: 45.

وانظر خبر القائد الخراساني مع المرأة الأموية والذي كان السبب في ثورة أبي الورد الكلابي وتبييضه مفصَّلًا عند البلاذري (أنساب الأشراف 1/ 3: 169 - 171). واكتفي الطبري في تاريخه (7: 433، 443) ومن نقل عنه بالإشارة إلى العبث الذي قام به القائد الخراساني، وانظر أيضًا مسكويه: تجارب الأمم 3: 18، تاريخ ابن عساكر 34: 66، 57: 47 وابن الأثير: الكامل 5: 433، وابن العديم: زبدة الحلب 1: 64، وأبو الفداء: اليواقيت والضرب 44 - 45، ابن خلدون: العبر 5: 433، والنويري: نهاية الأرب 22: 52.

ص: 104

نَفْسها، فعَظُم ذلك عليها، فوجَّهَتْ إلى ابْنَي أخيْها فأخبرتْهُما بما كان، وقالت: أنا إنْ مَنَعْتُهُ فهو القَتْل، وإنْ أَجَبْتُه فهي الفَضِيْحَةُ، فما الّذي تَرَيانِ؟ فقال لها أحَدُهما: قد رأيتُ رأيًا أعرضُهُ عليك، قالت: قُلْ، قال لها: إنَّ بالقُرْبِ منَّا أبو الوَرْدِ وبِشْرٌ ابْنَا الهُذَيْل بن زُفَر بن الحارِث وهُما في عدَّة من بني كِلَابٍ، ولن يتأخَّر عنهما أحَدُ من قَيْسٍ لو قد احْتَاجا إليهم، فأصير إليهما وأسْتَغِيْثُ بهما، فلعلَّ اللّهَ أنْ (a) يَجْعَل عندَهمُا بعضَ ما نُحبّ، فقالت له: افْعَل وعَجِّلْ عليَّ، قال: فخرَجَ الفَتَى حتَّى أتاهمُا، فشَكا إليهما ما كان من أمرِ الخُرَاسَانِيّ، وسَألهما النَّصْر والمَعُونَة، فقال أحَدُهُما: وما نحن وهذا؟ واللّه لقد كُنْتُ آتي قَوْمَها في الحاجَةِ فأقُوم حتَّى تَشْتَكي رِجْلي، وإنَّ كَلْبًا ليتَمرَّغ على فُرُشِهِم! فقال له أخُوه: دع هذا عنكَ، فوالله لئن تحدَّثِت العَرَبُ بأنَّ هذه المَرْأةَ استغَاثتْ بنا فلم نُغِثْها إنَّهُ للعَارُ الّذى لا نَغْسِل رُؤوسنا منه، قال: فانْطَلِقْ إذًا أنتَ إلى بَالِس واخْفِ أمْرَك، فإنِّي مُصَبِّحكم بمَن تَسرَّع معي من بني كِلاب وغيرِهم، قال: ووجَّهَ إلى مَنْ يليه من قَوْمِه، فما أصْبَح إلَّا في أرْبَعمائة فَارِس، فرَكبُوا حتَّى أتَوا بَالِس فدَخَلُوها ضَحْوَة النَّهَار، فأتَوا دَار الخُرَاسَانيّ، فقيل لهم إنَّهُ في الحَمَّام، فدَخَلُوا عليه الحَمَّام، وقَتَلُوه، وقَتلُوا كُلّ مَنْ وجَدُوا من أصْحَابهِ، وضَبَطُوا بَالِسَ، ووجَّهُوا إلى مَنْ كان حَوْلَهم من وُجُوه قيسٍ فوجَدُوهُم سِرَاعًا، فما أقامُوا إلَّا ثلاث حتَّى صَاروا في نحو من أرْبعة آلافٍ.

قال: وكان زيَادُ بن عَبْدِ الله السُّفْيَانيّ من وَلد أبي سُفْيان، وهو أبو مُحَمَّد زِيَاد بن عَبْد اللّه بن يَزِيد بن مُعاويِة بن أَبي سُفْيان مُقِيم في قَرْيَة من عَمَل قِنَّسْرِيْن، فكَتَبُوا إليه: إنْ يكُن لك بهذا حاجَةُ فأَقْبل إلينا. فلما أتَاهُ كتابهُم دَعَا كُلّ مَنْ كان يليهِ فاتَّبَعَهُ ناسٌ كَثِيرٌ، وكان ذا بأسٍ وذِكْرٍ فيهم، فأتى بَالِس، فخرجُوا

(a) ساقطة من ق.

ص: 105

فلَقُوهُ وبايَعُوهُ، وانْتَشَر الخَبَر في ديار مُضَر وجُنْدَي حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، فجَعَلَتْ قَيْسٌ وغيرها تَقْصدُهم من كُلِّ ناحيةٍ حتَّى صَاروا في قَريبٍ من عَشَرة آلافٍ.

وكان عَبْد الله بن عليّ قد بلَغَ إلى نَهْر أبي فُطرس، فلمَّا أتاهُ خَبَرُ السُّفْيَانِيّ، وما كان من خِلَافِ أهْلِ حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، أمَرَ حينئذٍ بقَتْل كُلّ مَنْ كان معه من بني أُمَيَّة.

وكَتَبَ أبو العبَّاس إلى عَبْدِ الله بن عليّ يأمرُه أنْ يَرْجع إلى حِمْص وقِنَّسْرِيْن لحَرْب السُّفْيَانِيّ وأصْحَابهِ، وكَتَبَ إلى صالح بن عليّ يأمرُه أنْ يتولَّى طَلَب مَرْوَان ففَعَل، وجَعَل على مُقَدِّمته أبا عَوْن.

قال: ورَحَل عَبْد الله بن عليّ راجعًا وقد بيَّضَ أهْل حِمْصَ وأهلُ قِنَّسْرِيْن، ودَعَوا إلى السُّفْيَانِيّ، فأَنْفَذَ إليهم أخاهُ عبد الصَّمَد بن عليّ في ستّة آلاف فلَقُوه، فحارَبَهُم، فهُزِمَ عبدُ الصَّمَد بن عليّ، ورجَع (a) ذلك الجَيْش مَفْلُولًا بعد أنْ قُتِلَ منهم خَلْق كَثِيْر، فسَارَ عَبْدُ الله بن عليّ في جميع عَسْكَره من أهْلِ خُرَاسَان ومَنْ تَبِعَهُ من قَبَائِل اليَمَن حتَّى لقيهم بين حِمْصَ وقِنَّسْرِيْن، فثَبَتُوا، واشْتَدَّ القِتَال، وكَثُر القَتْلُ بين الفَرِيْقَين، وانْحازَ عَبْد الله بن عليّ وأصْحَابُه إلى سَفْح جَبَلٍ كان قَريبًا منهم، فجعلُوهُ ورَاء ظُهُورهم، فكانُوا يَحْملونَ فيقاتلُونَ ثمّ يَرْجعونَ إلى ذلك السَّفْح، فما زالت الحَرْبُ بينهم إلى غرُوب الشَّمْس. ثمّ حَمل عليهم عَبْدُ الله بن عليّ بنَفْسه في خَاصَّة أصْحَابهِ، فولّوا مُنْهَزمين وأخذَهُم السَّيْفُ، فقُتِلَ منهم مَنْ لا يُحْصَى، وانفَضَّ مَنْ أفْلَتَ إلى كُلِّ ناحيةٍ، وقُتِلَ السُّفْيَانِيّ.

قُلتُ: قَوْله: قُتِلَ السُّفْيَانِيّ، يُوْهم أنَّهُ قُتِلَ في هذه الوَقْعَة، ولَم يُقْتَل فيها؛ بل هَرَبَ إلى المَدِينَة، فقُبِضَ عليه وقُتِلَ على ما نُبَيِّنهُ (b).

(a) ساقطة من ق.

(b) بعده في ق: إن شاء الله.

ص: 106

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقِيّ

(1)

، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسَين، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَرِير

(2)

، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد، عن عَمْرو بن مَرْوان (a) الكَلْبيّ، قال: حَدَّثَني يَعْقُوبُ بن إبْراهيم بن الوَلِيد أنَّ مَوْلَىً للوَلِيْد لمَّا خَرَج يَزِيد بن الوَلِيد، خَرَجَ على فَرَسٍ له، فأتَى الوَلِيد من يَوْمِه، فنَفق فَرَسُهُ حين بلَغَهُ، فأُخْبر الوَلِيد، فضَرَبَهُ مائة سَوْط ثمّ حَبَسَهُ، ثمّ دعا أبا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن يَزِيد بن مُعاوِيَة فأجازهُ، ووَجَّهَهُ إلى دِمَشْق، فخَرَجَ أبو مُحَمَّد، فلمَّا أتَى إلى ذَنَبَةَ أقام، فوجَّه يَزِيد بن الوَلِيد إليه (b) عبد الرَّحْمن بن مَصَاد، فسَالَمه أبو مُحَمَّد، وبايَع ليَزِيْد بن الوَلِيد، وأتَى الوَلِيد الخَبَرُ وهو بالأغْدَف (c).

قال ابنُ جَرِيْر

(3)

: وحَدَّثَني أحْمَد بن ثَابِت، عن عليّ بن مُحَمَّد، عن عَمْرو (d) بن مَرْوَان الكَلْبيّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُعَاذ (e)، عن عبد الرَّحْمن بن مَصَاد، قال: بَعَثَني يَزِيد بن الوَلِيد إلى أبي مُحَمَّد السُّفْيَانِيّ - وكان الوَلِيد وجَّهَهُ حين بلغَهُ خَبْر يَزِيد بن الوَلِيد (f) وَاليًا على دِمَشْق فأتَى ذَنَبَةَ، فبلغَ يَزِيد خَبَره - فوجَّهَني إليه، فأتَيْتُه فسَالَمني (g) وبَايع ليَزِيْد. قال: فلَم نرِمْ (h) حتَّى رُفِعَ لنا شَخْصٌ مُقْبِلٌ من ناحيةِ

(a) الأصل: عمر بن مرزوق، وفي ق: حدثنا علي بن محمد بن مرزوق، والتصويب من تاريخ الطبري وتاريخ ابن عساكر، ويأتي صحيحًا في الرواية بعده.

(b) الأصل، ق: إلى، والمثبت من الطبري وابن عساكر.

(c) زاد الطبري: الأغدف من عَمَّان، وهو واد في المشارق الأردنية بين الأزرق وقصر الطوبة، يسمّى اليوم وادي الغَدَف، وذكره الطبري في موضع آخر (تاريخه 7: 211) وأن الوليد بن يزيد كان ينزل الأزرق على ماء يقال له الأغدف.

(d) الأصل، ق: عمر.

(e) الطبري: مصاد.

(f) من قوله: "إلى أبي محمد السفياني

" إلى هنا ساقط من ق.

(g) الطبري وابن عساكر: فسالم.

(h) ابن عساكر: يرم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 153 - 154.

(2)

تاريخ الطبري 7: 243.

(3)

تاريخ الطبري 7: 251.

ص: 107

البَرِّيَّةِ، فبَعَثْتُ إليه، فأُتِيْت به، فإذا هو الغُزَيَّل أبو كَامِل المُغَنِّي، على بَغْلةٍ للوَلِيْدِ تُدْعَى مَرْيَم، فأخْبَرَنا أنَّ الوَلِيدَ قد قُتِلَ، فانْصرفت إلى يَزِيد، فوجَدْتُ الخَبَر قد أتاهُ قَبْل أنْ آتيَهُ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الفَقِيه، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، وسَمِعْتُ منه بعض الكتاب، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرَأتُ على أبي القَاسِم الخَضِر بن الحُسَين بن عَبْدَان، عن (a) عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بنُ أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَرِير

(2)

، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَني عَبد الوَهَّاب بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَني أبو هاشِم مَخْلَد بن مُحَمَّد بن صالح، قال: كان أبو الوَرْد، وذَكَرَ مُبَايعتَهُ عَبْد الله بن عليّ وتَبْييضَهُ بعد ذلك على ما سَنُوردهُ في تَرْجَمَتِهِ

(3)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

قال: فلمَّا بلَغَ عَبْد الله بن عليّ تَبْييض أهل قِنَّسْرِيْن، خَرَجَ مُتَوَجِّهًا للقاءِ أبي الوَرْد، وقد كان تجمَّع مع أبي الوَرْد جَمَاعَةٌ من أهْلِ قِنَّسرِيْن، وكاتَبُوا مَنْ يَليهم من أهْلِ حِمْصَ وتَدْمُر، فقَدِمَ منهم (c) ألوفٌ وعليهم أبو مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، فرَأَّسُوا عليهم أبا مُحَمَّد، ودَعَوا إليه وقالوا: هو السُّفْيَانِيّ الّذي كان يُذكَر، وهُم في نحو من أرْبَعيْن ألفًا، فلمَّا دَنَا منهم عَبْد الله بنُ عليّ، وأبو مُحَمَّد مُعَسْكِرٌ في جَمَاعتهم بمَرْج يُقال له مَرْج الأخْرَم، - وأبو الوَرْد المُتَولِّى

(a) ق: ابن.

(b) ابن عساكر: المدائني.

(c) الطبري: وقدمهم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 57: 47 - 48.

(2)

الطبري 7: 443 - 445، وفيه زيادة على ما أخذه ابن عساكر، وما نقله عنه ابن العديم.

(3)

ترجمة أبي الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر الكلابي في الضائع من أجزاء الكتاب، ويذكره المؤلف في الكنى (الجزء العاشر)، وأوردتُ هناك مصادر ترجمته.

ص: 108

لأمْر العَسْكَر والمُدَبِّر له، وهو صَاحِبُ القِتَال والوَقَائِع - وجَّه (a) عَبْد الله بنُ عليّ أخاهُ عبد الصَّمَد بن عليّ في عَشرة آلافٍ من فُرْسَان مَنْ معه، فناهَضَهم أبو الوَرْدِ، ولَقِيَهُم فيما بين العَسْكَرين، واسْتَحَرَّ (b) القَتْل في الفَرِيْقَين، وثَبَتَ القَوْم، وانْكَشفَ عبد الصَّمَد ومَنْ معه، وقُتِلَ منهم يَوْمئذٍ ألُوف.

وأقْبَلَ عَبْد الله حيثُ أتاهُ عبدُ الصَّمَد ومعه حُمَيْد بن قَحْطَبَة وجَمَاعَة مَنْ (c) معه من القُوَّاد، فالْتَقَوا ثانيةً بمَرْج الأخْرَم، فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، فانْكَشَفَ جَمَاعَةٌ ممَّن كان مع عَبْدِ الله، ثمّ ثَابُوا، وثَبَتَ لهم عَبْد الله وحُمَيْد بن قَحْطَبَة فهَزَمُوهُم (d)، وهَرَبَ أبو مُحَمَّد ومَنْ معه من الكَلْبيَّة حتَّى لحقُوا بتَدْمُر، وآمن عَبْدُ الله أهلَ قِنَّسْرِيْن، وسَوَّدُوا، وبايَعُوه، ودَخَلُوا في طَاعَته، ثُمَّ انْصَرف رَاجِعًا إلى أهْلِ دِمَشْق.

قال: ولَم يَزَل أبو مُحَمَّد مُتَغِّيبًا هَارِبًا، ولَحِقَ بأرْضِ الحِجَاز، وبَلَغَ زِيَاد بن عُبَيْدِ الله الحَارِثِيّ، عَامِل أبي جَعْفَر على المَدِينَة، مَكانَهُ الّذي تَغيَّبَ فيهِ، فوجَّه إليه خَيْلًا، فقاتلُوه حتَّى قُتِلَ، وأخَذُوا ابْنَيْن له أَسِيْرين، فبَعَثَ زِيَادٌ برَأسِ أبي مُحَمَّد وبابنَيْهِ إلى أبي جَعْفَر، فأمرَ بتَخْلية سَبِيلهما وآمنهُما.

أنْبأنا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: زِيَاد بن عَبْد الله الأُسْوَار بن يَزِيد بن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان صَخْر بن حَرْب بن أُمَيَّة بن عَبْد شَمْس، أبو مُحَمَّد القُرَشِيّ الأُمَوِيّ، كان من وُجُوه بني حَرْبٍ، وكانت له دَارٌ بدِمَشْقَ في رَبَضِ باب الجابِيَةِ، ووجَّهه الوَلِيد بن يَزِيد إلى دِمَشْقَ حين بلَغَهُ خُرُوج يَزِيد بن الوَلِيد، فأقام بذَنَبَة، ولَم يَصْنعَ شيئًا.

(a) الأصل وق وابن عساكر: ووجه، والمثبت عن الطبري.

(b) مهملة في الأصل، وفي ق: واستجر، وعند الطبري: واشتجر.

(c) ساقطة من ق.

(d) بعده في تاريخ الطبري وابن عساكر: "وثبت أبو الورد في نحو من خمسمائة من أهل بيته وقومه، فقتلوا جميعًا".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 153.

ص: 109

ثمّ مَضَى إلى حِمْص، وخَرَجَ منها في الجَيْش إلى دِمَشْق للطَّلَب بدَمِ الوَلِيدِ، فأُخِذَ وحُبِسَ في الخَضْرَاء إلى أنْ بُوْيِعَ مَرْوَان بن مُحَمَّد، فأطْلَقَهُ ثمّ حَبَسَهُ بحَرَّان بعد ذلك، ثمّ أطْلَقَهُ.

ثمّ خَرَجَ بقِنَّسْرِيْن، ودَعا إلى نَفْسِه فبايَعه ألُوفٌ، وزَعَمُوا أنَّهُ السُّفْيانيّ، ثمّ لقيَهُ عَبْد الله بن عليّ فكَسَرَهُ، وهَرَبَ، ولَم يَزَل مُسْتَخْفيًا حتَّى قُتِلَ بالمَدِينَةِ.

هَرَبَ أبو مُحَمَّد في أوَّل سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين ومائة، فقد قُتِلَ في هذه السَّنَة أو في الّتي بَعْدَها (a).

‌زِيَادُ بن كَعْب بن مَرْحَب البَجَليُّ، وقيل: الهَمْدَانيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ذَكَرهُ المَدَائِنِيُّ في خَبَر صِفِّيْن، وذَكَرَ أبو مِخْنَف أنَّهُ كان على رجَّالَةً هَمْدَان (b).

‌زِيَادُ بنُ عُثْمان بن زِيَاد، ويُعْرَفُ بابن أبي سُفْيان (c) النَّصْرِيّ

(2)

رَوَى عن عَبَّاد بن زِيَادٍ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي بَكْرَة، رَوَى عنهُ حَجَّاجُ بن الحَجَّاج البَاهِلِيّ، وأبو عُمَر بن المُبارَك.

(a) بعده في ق: والله أعلم.

(b) الصفحة بعده بياض في الأصل بأكملها.

(c) ق: ويعرف بأبي سفيان.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: الفتوح لابن أعثم 3: 163، الجرح والتعديل 3: 539، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 80، وحقّ هذه الترجمة أن يكون موضعها بعد التي تليها، على ترتيبها من الحروف، ولم يشر المؤلف بتأخيرها.

(2)

ترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 365، تاريخ ابن عساكر 19: 209 - 210 وفيه: "البصري"، الذهبي: ميزان الاعتدال 2: 92، لسان الميزان 2: 495 - 496، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 426.

ص: 110

وكان بِدَابِق مع سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وعزَّاهُ بابْنهِ أَيُّوب حين ماتَ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، فيما أجَازَهُ لنا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا مَحْمُود بن عُمَر العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن شِهَابٍ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ بن المُتَوَكِّل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد المَدَائِنِيّ، قال: قال أبو عُمَر بن المُبارَك: دَخَلَ زِيَاد بن عُثْمان بن زِيَادٍ على سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وقد تُوفِّي ابْنُهُ أَيُّوب، فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّ عبد الرَّحْمن بن أبي بَكْرَة كان يَقُول: مَنْ أَحبَّ البَقَاء فليُوطِّنْ نَفْسَهُ على المَصَائِب.

أنْبَأنَا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زِيَاد بن عُثْمان، عن عَبَّاد بن زِيَاد، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَل، رَوَى عنهُ حَجَّاج بن الحَجَّاج.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أنْبَأنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إنْ لم يَكُن سَمِعْتُه منه، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْدِ الله، قال: زِيَاد بن عُثْمان، رَوَى عن عَبَّاد بن زِيَاد، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَل، رَوَى عنهُ حَجَّاج بن حَجَّاج، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، ويقُول: هو مَجْهُولٌ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: زِيَاد بن عُثْمان بن زيَاد المَعْرُوف بابنِ أبي

(1)

التاريخ الكبير 3: 365.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 209.

ص: 111

سُفْيان النَّصْرِيّ (a)، حَدَّثَ عن عَمِّه عَبَّاد بن زِيَاد، وعَبْد الرَّحمن بن أبي بَكْرَة، ابن عَمّ أبيهِ لأُمِّه. رَوَى عنهُ الحَجَّاج بن الحَجَّاج البَاهِلِيّ البَصْرِيّ، وأبو عُمَر بن المُبارَك.

‌زِيَاد بن مَيْسَرة - ويُكْنَى مَيْسَرةُ أبا زِيَادٍ - المَدِيْنِيّ

(1)

مَوْلَى عَبْدِ الله بن عَيَّاش بن أبي رَبِيْعَة المَخْزُوميّ.

حَدَّثَ عن عَبْدِ اللهِ مَوْلَاهُ، وأنَس بن مَالِك، وعِرَاك بن مَالِك، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأبي بَحْرِيَّة.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْحاق، ومَالِك بن أنَس، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن عَبْد القَارِّيّ، وعَمْرو بن يَحْيَى، وعُمَر بن مُحَمَّد العُمَرِيّ المَدَنِيّ، ومُعاوِيَة بن أبي مُزَرِّد، وأبو النَّضْر سَالِم مَوْلَى [عُمَر بن](b) عُبَيْدِ الله، وبَكْر بن أبي الفُرَات، ويقال: دَاوُد بن بَكْر بن أبي الفُرَاتِ، وأُسامَة بن زَيْد، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، ويَزِيْد بن أُسامَة بن الهَادِ.

وقَدِمَ دَابِق أو خُنَاصِرَة على عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز بعدَما تولَّى الخِلَافَة، وكان عُمَر يَحْترمهُ، وله عنده مكانة ومَنْزِلة، وإيَّاهُ عَنَى الفَرَزْدَق بقَوْله حين حَجَب عُمَرُ

(a) ابن عساكر: البصري.

(b) إضافة من تاريخ ابن عساكر 19: 235، ويأتي صحيحًا فيما بعد.

_________

(1)

توفي سنة 104 هـ، وترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد 5: 305 - 306، البخاري: التاريخ الكبير 3: 354 - 355، المعرفة والتاريخ 1: 667 - 668، الثقات لابن حبان 4: 254، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 123، الجرح والتعديل 3: 545، تاريخ ابن عساكر 19: 235 - 242، ابن الجوزي: المنتظم 7: 91، صفة الصفوة 2: 105 - 106، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 379، تاريخ الإسلام 3: 413 - 414، الكاشف 1: 330 - 331، سير أعلام النبلاء 5: 456 - 458، الوافي بالوفيات 15: 15، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9: 98 - 100، تهذيب التهذيب 3: 367 - 368، تقريب التهذيب 1: 267، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 433 - 435.

ص: 112

الشُّعَراء وغيرهم، ورَأى زِيَادًا دَاخِلًا إليه

(1)

: [من البسيط]

يا أيُّها القَارِئُ المُرْخي عِمَامَتَهُ

هذا زَمَانُكَ إنِّي قد خَلَا زَمَني

وإنَّما وقَعَ الشَّكّ في الرَّاوِي عنه بَكْر بن أبي الفُرَات، أو دَاوُد بن بَكْر بن أبي الفُرَات، لأنَّ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ ذَكَرَهُ في التَّاريخ الكَبِير

(2)

، وقال في ذِكْره: وقال إبْراهيم بن المُنْذِر: حَدَّثنا نَافِع (a)، عن عُمَر بن ذَكْوَان، عن دَاوُد بن بَكْر، عن زِيَاد بن أبي زِيَاد، عن أنَس، قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: تكون فسقَة يُصَلُّونها لغَير وَقْتها.

قال

(3)

: وقال أحْمَد: حَدَّثَنَا إبراهيم بن المنذِر، قال: حَدَّثَنَا معن، قال: حَدَّثَنَا الذَّكْوَانِيّ عُمَر، عن بَكْر بن أبي الفُرَات، عن زِيَاد بن أبي زِيَاد، عن أنَس بن مَالِك (b)، قال: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم مثلَهُ (c).

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(4)

، قال: حَدَّثَني عَبْد العَزِيْز - وهو ابن عِمْران - قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْب، قال: حَدَّثَني يعقُوب، قال: أراه عن أَبيِهِ، قال: أَذِنَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز لزِيَاد بن أبي زِيَاد، والأُمَوِيُّونَ هناك يَنْتظرُونَ الدُّخُول عليه، فقال هِشَام: أمَا رَضِي ابن عَبْد العَزِيْز أنْ يَصْنع ما يَصْنعُ حتَّى أَذِنَ لعَبْدِ (d) ابن عَيَّاش يتَخَطَّى رِقَابنا! فقال الفَرَزْدَق: منْ هذا؟ قالُوا: رَجُلٌ

(a) تاريخ البخاري: ابن نافع.

(b) ق: رضي الله عنه.

(c) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر ثلاثة أرباعها.

(d) المعرفة والتاريخ: لعبد عبد الله.

_________

(1)

بيت الشعر لجرير لا الفرزدق، انظر ديوان جرير 486.

(2)

التاريخ الكبير 3: 354.

(3)

التاريخ الكبير 3: 354.

(4)

المعرفة والتاريخ 1: 596.

ص: 113

من أهْل المَدِينَهَ من القُرَّاء، عَبْدٌ مملُوكٌ، فقال الفَرَزْدَق

(1)

: [من البسيط]

إنَّهُ (a) القارِئ المقضي حَاجَتُه

هذا زَمَانُكَ إنِّي قد خَلَا زَمَني

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَيْن بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقِّ بن عَبْدِ الخالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليِّ (b) النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريِّ

(2)

: قال الأُوَيْسِيِّ، عن مالك: كان عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يُكْرم زِيَادًا، وكان عَبْدًا، فدَخَل عليه يَوْمًا وذلك حين يقُول الشَّاعر

(3)

: [من البسيط]

يا أيُّها القَارِئُ المُرْخي عِمَامَتَهُ

هذا زَمَانُكَ إنِّي قد خَلَا زَمَني

أنْبَأنَا أبو حَفْص الكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن (c) السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَهَ الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(4)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أبي زُكَيْر، قال: أخْبَرَنا ابن وَهْب، قال: حَدَّثِني مَالِكٌ أنَّ زِيَادًا مَوْلَى ابن عَيَّاش قَدِمَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وهو خَليفَةٌ، فقُلْتُ لمالكٍ: وزِيَاد يَوْمئذٍ عَبْدٌ؟ فقال: نَعَم، فعرَضَ عليه عُمَر بن عَبْد العَزِيْز (d) أنْ يَشْتَريه من الفَيءِ فيُعْتقه، فأبَى ذلك زِيَاد، قال مَالكٌ: فلا أدْرِي لأيّ شيءٍ تركَ ذلك زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش.

أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد في كتابهِ، عن زَاهِر بن طَاهِر، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر البيهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن سَهْلٍ،

(a) المعرفة والتاريخ: أيها.

(b) ساقطة من ق.

(c) ساقطة من ق.

(d) ق: رحمه الله.

_________

(1)

هو جرير، انظر ديوانه 486.

(2)

التاريخ الكبير 3: 354.

(3)

ديوان جرير 486.

(4)

المعرفة والتاريخ 1: 667.

ص: 114

قال: حَدَّثَنا إبْراهيم بن مَعْقِل، قال: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنَا مالك، قال: كان زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاشٍ قد أعانَهُ النَّاسُ في فكَاك رَقَبَتهِ، وأسْرَع النَّاسُ في ذلك، ففَضَلَ بعد الّذي قُوْطِع عليه مالٌ كَثِيْرٌ، فردَّهُ زِيَاد إلى مَنْ كان أعانَهُ بالحصصِ، وكَتَبَهم (a) عنده، فلم يَزَل يَدْعُو لهم حتَّى مات (b).

قال: وكان زِيَاد مُعْتَزِلًا، لا يكاد يَجْلسُ مع كُلِّ أحدٍ، إنَّما هو أبدًا يَخْلُو وَحْدَهُ بعد العَصْر وبعد الصُّبْح.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل بن عليّ المقدِسِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عَبْدِ الله بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسينُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد (c)، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سَلْمَان النَّجَّادُ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد، قال: أخْبَرَنا جَرِيرُ بن عَارِم، قال: أخْبَرَنا زِيَاد بن أبي زِيَاد المَدَنِيّ، مَوْلَى عَبْدِ الله بن عَيَّاشٍ بن أبي ربيعَة، أنَّهُ بَعَثَهُ إلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز في حَوَائِج له، قال: فدَخَلَ عليه وعندَهُ كاتب يَكْتُب، فقال: السَّلام عَليكم، فقال: وعليكم السَّلام، ثمّ انْتَبْهتُ (d)، فقُلتُ: السَّلام عَليْكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن ورَحْمَة الله، قال: يا ابن أبي زِيَاد، إنَّا لسْنَا نُنْكر الأُوْلَى الّتي قُلْتَ، والكَاتِبُ يَقرأ عليه مَظَالِم جاءت من البَصْرَة، فقال لي: اجْلِس، فجلَسْتُ على أُسْكُفَّة الباب وهو يقرأ عليه، وعُمَر (e) يتنفَّسُ الصُّعَدَاء، فلمَّا فَرغَ أخْرَج مَنْ كان في البَيْت حتَّى وَصِيْفًا كان فيه، ثمّ قام يَمْشِي إليَّ حتَّى جلَسَ بين يَدَيّ، ووَضَع يَدَهُ على رُكْبتي، ثُمَّ قال: يا ابن أبي زِيَاد، اسْتَدْفأتَ في مِدْرعَتكَ هذه - قال: وعليَّ مِدْرعَةٌ (f) - واسْتَرحْتَ ممَّا نحنُ

(a) ق: وكتبه.

(b) الأصل: مال، ويأتي صحيحًا فيما يلي.

(c) ساقطة من ق.

(d) الأصل: انتهت، مهملة الحروف.

(e) ق: وعمر رحمه الله.

(f) ق: مذرعتك

وعليَّ مذرعة.

ص: 115

فيه؟ ثُمَّ سَألني عن صُلَحَاء أهل المَدِينَة: رِجَالهم ونِسَائهم، فما تَرَك منهم أحدًا إلَّا سَألني عنه، وسَألني عن أُمُور كان أمَرَ بها بالمَدِينَةِ، فأخْبَرتُه، ثمّ قال لي: يا ابن أبي زِيَادٍ، ألَا تَرَى ما وقَعْتُ فيهِ؟ قال: قال (a): أَبْشِر يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنِّي لأرْجُو لك خَبْرًا، قال: هَيْهات هَيْهات، قال: ثمّ بَكَى حتَّى جَعَلتُ أرْثي له، قال: قُلتُ: يا أَمِير المؤمنِيْنَ، بعضَ ما تَصْنعُ فإنِّي أرْجُو لك خَيْرًا، قال: هَيْهات هَيْهات، أَشْتِم ولا أُشْتَم، وأَضْرِبُ ولا أُضْرَبُ، وأُوْذِي ولا أُوْذَى، قال: ثم بَكَى حتَّى جَعَلْتُ أرْثي له، قال: فما قُمْتُ حتَّى قَضَى حَوَائِجي، وكَتَبَ إلى مَوْلاي يَسْأله أنْ يَبِيْعَني منه، ثمّ أخْرَج من تحت فِرَاشِه عِشْرين دِيْنارًا فقال: اسْتَعِنْ بهذه (b)؛ فإنَّهُ لو كان لك في الفَيءَ حَقٌّ أعْطَيْناكَ حَقّكَ، إنَّما أنتَ عَبْدٌ، فأبيتُ أنْ آخُذها فقال: إنَّما هي نَفَقَتي، فلم يَزَل بي حتَّى أخَذتُها، وكَتَبَ إلى مَوْلاي يَسْأله أنْ يَبِيْعَني منه، فأبَى وأعْتَقَني.

أنْبَأنَا أبو حفص بن طَبَرْزَد، عن أبي غالِب بن البناء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّويه إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن إسْحَاق بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا (c) حَارِثُ بن أبي أُسامَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّانيَة من أهْلِ المَدِينَة زِيَاد بن أبي زِيَاد، مَوْلَى عَبْد الله بن عَيَّاش بن أبي رَبِيْعَة بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ، ولزِيَاد عَقِبٌ وبَقِيَّةٌ بدِمَشْق، ورَوَى عنهُ إسْمَاعِيْل بن أَبي خَالِد وغيره.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَينُ بن عُمَر بن بَاز المَوْصِليّ، قال: أخْبَرَنا (d) عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ (e)، قال: أخْبَرَنا

(a) كذا مكررة في الأصل وق.

(b) ق: بها، وأصلحه في الهامش.

(c) ساقطة من ق.

(d) ق: حدثنا.

(e) ق: أخبرنا ابن النرسي.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 305، 306.

ص: 116

أبو أحْمَد عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد (a) الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زِيَاد بن أبي زِيَادٍ، واسْم أبي زِيَادٍ مَيْسَرة، مَوْلَى عَبْدِ الله بن عَيَّاش بن أبي رَبِيْعَة القُرَشِيّ المَدَنِيّ. وقال مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله: حَدَّثَنَا ابن وَهْبٍ، سَمِعَ مالكًا: قال لي زِيَاد، وكان عَابِدًا وأنا يَوْمئذٍ حَدِيث السِّنِّ: إنِّي أرَاكَ تَجْلسُ مع رَبِيْعَة؛ عليكَ بالحَذَر!. وقال ابنُ أبي أُوَيْس: حَدَّثَني مَالِكٌ: كان زِيَاد بن أبي زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش يَلْبس الصُّوفَ، ويكُون وَحْده ولا (b) يُجَالسُ أحدًا، وفيه لُكْنَةٌ.

أنْبأنَا ابن طَبرزَد، عن أبي (c) غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن إسْحاق الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا حَارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الله بن أبي أُوَيْس، قال: قال مَالِك بن أنَس: كان زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاشٍ رَجُلًا عَابِدًا مُعْتَزِلًا لا يزال يكُون وحدَهُ يَدْعُو الله (4)، وكات فيه لُكْنَة، وكان يلبَسُ الصُّوفَ، ولا يَأكُل اللَّحْم، وكانت له دُرَيْهماتٌ يُعالج له فيها. وقال غيرُ إسْمَاعِيْل: وكان صَدِيْقًا لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وقَدِمَ عليه وهو خَليفَةٌ، فوَعَظَهُ، وقَرَّبه عُمَر وخَلا بهِ، وكان بينهما كلامٌ كَثِيْر.

وأنبأنَا ابن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(3)

، قال:

(a) ساقطة من ق.

(b) تاريخ البخاري الكبير: ولا يكاد.

(c) ق: عن أبي، عن أبي غالب .. ، مكررة.

(d) طبقات ابن سعد: يذكر الله.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 354.

(2)

طبقات ابن سعد 5: 305.

(3)

المعرفة والتاريخ 1: 667.

ص: 117

حَدَّثَني مُحَمَّد بن أبي زُكَيْر (a)، قال: أخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنَا مالك، قال: كان زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش يَمرُّ بي وأنا جَالِسٌ، فرُبّما أفْزَعني حسُّه من خَلْفي، فيَضَع يَدهُ بين كَتفي فيقُول لي: عليكَ بالجدِّ؛ فإنْ كان ما يقُول أصْحَابكَ هؤلاء من الرُّخَصِ حَقًّا لم يضرُّك (b)، وإنْ كان الأمْرُ على غير ذلك كُنت قد أخَذت بالحَذَر؛ يُريد ما يقُول رَبِيْعَة وزَيْد بن أسْلَم.

قال مالكٌ: وكان زِيَاد قد أعَانَهُ النَّاسُ على فكَاك رَقَبَتهِ، وأسْرع إليه في ذلك، ففَضَلَ بعد الّذي قُوْطِع عليه مالٌ كَثِيْرٌ، فردَّهُ زِيَاد إلى مَنْ كان أعانَهُ بالحصصِ، وكَتَبَهُم زِيَاد عندهُ، فلَم يَزَل يَدْعُو لهم حتَّى ماتَ. قال: وكان زِيَاد رجُلًا مُعْتَزِلًا لا يكادُ يَجْلسُ معه أحدٌ؛ إنَّما هو أبدًا يَخْلو وَحْدَهُ بعد العَصْر وبعد الصُّبْح.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مَمِّيْل، فيما أجَازَهُ لنا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيِّ

(1)

، قال: زِيَاد بن مَيْسَرة، وهو زِيَاد بن أبي زِيَاد المَدِيْنيِّ، مَوْلَى عَبْد الله بن عَيَّاش بن أبي رَبِيْعَة المَخْزُوميّ، روَى عن مَوْلاهُ ابن عَيَّاش، وأنَسَ بن مَالِك، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأبي بَحْرِيَّة، وعِرَاك بن مَالِك.

رَوَى عنهُ مَالِكُ بن أنَس، وعَمْرو بن يَحْيَى، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن عبد القَارِّيّ (ح)، ومُحَمَّد بن إسْحاق، وعُمَر بن مُحَمَّد العُمَريّ المَدَنِيّ (d)، وبَكْر بن أبي الفُرَات، ويُقال: دَاوُد بن بَكْر بن أبي الفُرَات، ومُعاوِيَة بن أبي مُزَرِّد، وأُسامَة بن

(a) ق: مُحَمَّد بن زكير.

(b) المعرفة والتاريخ: لم يضر.

(c) سماه ابن عساكر في هذا الموضع من تاريخه: ابن عبد القادر، وفي ترجمته المفردة من التاريخ (35: 371): عبد الرحمن بن عبد بن عبد الله بن عبد القارِّيّ.

(d) ابن عساكر: المازني.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 235.

ص: 118

زَيْد، ويَزِيْد بن أُسامَة بن الهَادِ، وأبو النَّضْر سَالَم مَوْلَى عُمَر بن عُبيد الله (a)، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالدٍ. وقَدِمَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكانت له منه مَنْزِلة، وكانت له بدِمَشْق دارٌ بناحيةِ القَلَانِسِيِّيْن.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الغَسَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان المالكِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عليّ (b) التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحارِث، قال: سَمِعْت المَدَائِنِيّ يَقُول: قال عُمَر بن عَبْد العَزِيز لعَبْد بني مَخْزُوم: إنّي أخَاف الله فيما دَخَلتُ فيه، فقال له: لستُ أخافُ عليكَ أنْ تَخَاف، ولكن أَخَافُ عليك أنْ لا تَخاف.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات المُبارَك بن عبد الرَّحْمن بن زُرَيْق، والكَاتِبة شُهْدَة بنت أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءَ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد الطُّوْسيّ، قالا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِكِ بن مُحَمَّد بن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح، قال: حَدَّثَني يعقوب بن إبْراهيم الزُّهْرِيّ، عن أبيِهِ،

(a) الأصل، ق: عبد الله، والتصويب عن ابن عساكر.

(b) في كتاب المجالسة: عباد.

_________

(1)

لم يرد في تاريخ ابن عساكر، وهو في مختصر ابن منظور 9:100.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 262.

(3)

الخرائطي: اعتلال القلوب 44.

ص: 119

قال: جلسَ إليَّ (a) يَوْمًا زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش (b)، قال: يا عَبْد الله، قلتُ (c): ما تَشاء؟ قال: ما هي إلَّا الجنَّة والنَّار، قُلتُ: واللهِ ما هي إلَّا الجنَّة والنَّار، قال: وما بينهما مَنْزِلٌ يَنزِله العُبَّادُ (d)، قإل: فوالله إنَّ نفْسِي لنَفْسٌ أضُنُّ بها عن النَّار، والصَّبْر اليَوْم عن مَعَاصِي الله خَيْرٌ من الصَّبْر على الأغْلَالِ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم بن سَلْمَان الإرْيليِّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيّ، قالت: أخْبرَنا أبو الفَوَارِس طَرَّادُ بنُ مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن الزَّيْنَبيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسين بن بشْرَان، قال: أخْبرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي الدَّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو صالِح عَبْدُ الله بنُ صالح، قال: حَدَّثَني يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمن القَارِّيُّ، قال: قال مُحَمَّد بن النكَدِر: إنِّي خَلَّفْتُ زِيَاد بن أبي زِيَاد مَوْلَى ابن عيَّاش وهو يُخَاصِم نفسَهُ في المَسْجِد، يَقُول: اجْلِسي، أينَ تُريدين أنْ تَذْهبين، أتَخْرجينَ إلى أحْسَن من هذا المَسْجِد، انْظُري ما فيه، تُريدين أنْ تُبْصري دار فُلَانٍ ودار فُلَان.

قال: وكان يقُول لنَفْسِه: ما لك من الطَّعَام يا نفس إلَّا هذا الخُبْز والزَّيْت، ومَا لك من الثِّيَاب إلَّا هذين الثَّوبَيْن، وما لك من النِّسَاء إلَّا هذه العَجُوز، أفتُحِبِّين أنْ تَمُوتي؟ فقالت: أنا أصْبِرُ على هذا العَيْش.

أخْبَرَنا أبو المحاسِن بن الفَضْل إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مَرْزُوق (e)، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن

(a) ساقطة من ق.

(b) الخرائطي: ابن عباس، وصوابه المثبت، بمثناة تحتية.

(c) الأصل، ق: قال، والمثبت عن كتاب الخرائطي.

(d) كذا مجوَّدًا في الأصل، وق.

(e) زيد في تاريخ ابن عساكر: في كتابه.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة محاسبة النفس) 2: 1150.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 241.

ص: 120

مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن بن شَقِيق (a)، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الأشْعَث، قال: سَمِعْتُ فُضَيْل بن عِيَاض، قال: قال زِيَاد بن أبي زِيَاد: إنَّما قُوَّتي في الدُّنْيا نصْف مُدٍّ في اليَوْمِ، وإنَّما لباسِي ما سَتَر عَوْرَتي، وإنَّما بَيتْي ما أكَنَّ رَأسِي، والله لودَدتُ أنَّهُ حَمَاني من الآخرة ولا أُعذَّب بالنَّار!.

وقال الحافِظُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، ح.

قال وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن طاووس، قال: أخْبَرَنا علي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قالا (b): أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدنْيا

(4)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بنُ عَبْد المجيْد التَّمِيْميِّ، قال: سَمِعْتُ سُفْيان بن عُيينَة يَقُول: قال زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش لمُحَمَّد بن المنَكَدِر، وصَفْوَان بن سُلَيم: الجدَّ الجدّ، والحَذَر الحَذَر، فإنْ يكُن الأمْر على ما نرجُوه كان ما عَمِلتُما فَضْلًا، وإلَّا لَم تَلومَا أنْفُسَكُما.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بنُ أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(5)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرّحْمن بن صَابِر، قالا (c): أخْبَرَنا أبو القاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا (d)

(a) الأصل، ق: سفيان، والتصويب من ابن أبي الدنيا وابن عساكر.

(b) ق: قال.

(c) ق: قال.

(d) ق: حَدَّثَنَا.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المتمنيين) 3: 899.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 240.

(3)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي.

(4)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة محاسبة النفس) 2: 1130.

(5)

تاريخ ابن عساكر 19: 241 - 242.

ص: 121

رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو غَسَّان، قال: قال زِيَاد بنُ أبي زِيَاد مَوْلَى عَبْدِ الله بن عَيَّاش بن أبي رَبيعَة: أنا مِن أنْ أُمْنَع الدُّعَاءَ أخْوَف من أنْ أُمْنعَ الإجَابَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم إسْماعيْل بن أحْمَد إذْنًا أو سَماعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَرِ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(2)

، قال: حَدَّثَني عَبْدُ العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا ابن وهْبٍ، قال: حَدَّثَني يَعْقُوبُ بن عبد الرَّحْمن، عن أَبِيهِ، عن زِيَادٍ مَوْلَى ابن عَيَّاش، قال: لو رَأيتَني ودَخَلْتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز في ليلَةٍ شاتَيةٍ وفي بيته كانُون، وعُمَر على كتابه، فَجعَلْتُ أصْطَلي على الكَانُون، فلمَّا فَرَغَ من كتابهِ مَشَى إليَّ عُمَر حتّى جَلَس معي على الكانُون، وهو خَلِيفَة، فقال: زِيَاد بن أبي زِيَاد؟ فقُلتُ: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: قصّ عليَّ، قُلت يا أَمِير المُؤْمنِيْن، ما أنا بقَاصٍّ، قال: فتكلَّم، قُلتُ: زِيَاد، قال: وما لَهُ، قال: لا ينفَعُه مَنْ دَخَل الجنَّة غدًا إذا دَخَل النَّار، ولا يَضُرُّه مَن دَخَل النَّار غدًا إذا دَخَل الجنَّة، قال: صَدَقْتَ والله، ما ينْفَعُكَ مَنْ دَخلَ الجنَّة إذا دَخَلْتَ النَّار، ولا يضرُّكَ مَنْ دخَلَ النَّار إذا أنْتَ دَخَلْتَ الجنَةَ، قال: فلقد رَأيتُ عُمَر يَبْكي حتَّى طَفئ بعض ذلك الجَمْر الّذي (a) على الكَانُون.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكاتِ مَحْفُوظ بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن صَصْرى،

(a) ق: الذي كان.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 270.

(2)

المعرفة والتاريخ 1: 583 - 583.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 239.

ص: 122

قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن أبي الفَتْح الهَمَذانيِّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخلَيلِ بن هِبَة الله بن الخَليل، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن دَرسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل أبو الدَّحَدَاح، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوْزجانيِّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن صالح، قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بن عَرَبيّ، قال: بَيْنا عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يتَغَدَّى إذ بَصُر بزِيَاد (b) مَوْلَى ابن عَيَّاشٍ، فأمَر حَرَسيًّا أنْ يكُون معه، فلمَّا خَرَجَ النَّاسُ وبَقِي زِيَاد قام إليهِ عُمَر فَجلَسَ إليهِ، ثُمَّ قال: يا فاطِمَةُ، هذا زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش فاخْرُجي فسَلِّمي عليه، ثُمَّ قال: يا فاطِمَةُ، هذا زِيَاد مَوْلَى ابن عَيَّاش عليه جُبَّة صُوْفٍ، وعُمَر قد وَلي أمْرَ الأُمَّة، فحاسَب نفسَهُ حتَّى قام إلى البَيْت فقَضَى عَبْرتَهُ، ثمّ خَرَجَ ففَعَل ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ، فقالت فاطِمَةُ: يا زِيَاد، هذا أمْرنا وأمْرُه، ما فَرِحْنا به ولا قرَّت أَعيُنُنا منذُ ولي.

أنْبَأنَا ابن طَبرزَد، عن أبي غَالب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجوهَريِّ، قال: أخْبَرنا مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي دَاوُد، قال: قُرئَ على الحارِث بن مِسْكِين وأنا أسْمَعُ عن بعض أصْحَابهِ عن مَالكٍ: قال مُزَاحِم مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيز اشْتَريت لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز وهو أميرُ المَدِينَة للوَلِيْدِ كسَاء خَزٍّ بستِّمائة دِيْنارٍ أو بسَبْعمائة دِيْنارٍ، فَجُعِل بجَنْبه ويقُول: إنَّهُ لخشِنٌ!. فلمَّا وَلي الخِلَافَة، قال: إنِّي لأجدُ البَرْدَ باللَّيْلِ، فاشْتَريْتُ له كسَاءٌ بعَشْرة درَاهِم، فلمَّا أتيْتُه به جُعِلَ بجَنْبه ويقُول: إنَّهُ للَيِّنٌ، فضَحِكْتُ، فقال: مِمَّ تَضْحَك؟ فقُلتُ: أمَا تَذْكُر حين اشْتَريْتُ لك كسَاءً بسِتِّمائة دِيْنار أو بسَبْعمائة، فَجَعلْتَ تقُول: إنَّهُ

(a) في الأصل بالدال المهملة، وضبطه في ق بفتحتين، فيكون الهمذاني كما في نشرة تاريخ ابن عساكر في هذا الموضع، وهو في أصول ابن عساكر بالمهملة أيضًا، وفي ترجمته من تاريخ ابن عساكر (62: 12) بالدال المهملة، والمثبت موافق لما في تاريخ الإسلام 11:882.

(b) ق: بزياد بن زيلاد.

ص: 123

لخشِنٌ، وتقُول لهذا: إنَّهُ للَيِّنٌ فقال: يا مُزَاحِم، والله لئن كان عَيْشُ سُليْمان بن عَبْد المَلِك وعَيْشُ زِيَادٍ مَوْلَى ابن عَيَّاشٍ واحدًا، لأنْ أعيْشَ في الدُّنْيا بعَيْش سُليْمان أحبُّ إليَّ، ولئن كان زِيَادًا مَوْلَى ابن عَيَّاشٍ صَبَر في الدُّنْيا على العَيْش الّذي يَعيْشُه ليطِيْبَ له العَيْشُ في الآخرة، فوالله لأنْ أصْبر على مثْل عَيشِ زِيَاد هذه الأَيَّام القَلَائِل ليطِيْب لي العَيْشُ في الآخِرة في تلك الأيَّام الكَثِيْرة أحبُّ إليَّ (a)، أو كما قال الحارِث.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبْيِهِ النَّضْر ممَّن اسْمُه زِيَاد

‌زِيَادُ بن النَّضْر، أبو عَمْرو - ويُقال: أبو الأَوْبَر، ويُقَال: أبو عائِشَة - الحارِثيُّ الكُوْفيُّ

(1)

رَوَى عن أبي هُريرَة. رَوَى عنهُ الشَّعْبيِّ، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر.

وهو أحَدُ مَن حَصَر (b) عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه (c)، وأمَّرَهُ على مَذْحج والأَشْعَريِّيْن، وسَيَّرَهُ على مُقَدِّمته عندَ توجُّهه إلى صِفِّيْن.

أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ المُبارَكُ بن مُحَمَّد بن مَزْيَد بن هِلال الأنْصَاريّ الخَوَّاص، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن نصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، قراءةً عليهما وأنا أسْمَعُ ببَغْدَاد،

(a) قوله: "أحب إليّ" ساقط من ق.

(b) ق: حضر.

(c) ق: علي رضي الله عنه.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 3: 579، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 146، 166 - 167، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 117، تاريخ الطبري 4: 349، 565 - 567، 574، 5: 12، 21، 64 - 67، الثقات لابن حبان 4: 257، تاريخ ابن عساكر 19: 242 - 246، ابن الأثير: الكامل 3: 158 - 159، 280 - 282، 287، 295، 301، 327 - 328، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 435 - 436، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 85 - 87.

ص: 124

قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذانيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بنُ أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن النُّعْمان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ المقرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد إسْحاق بن أحْمَد بن نَافِع الخُزَاعيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يحيَى بن أبي عُمَرَ العَدَنيِّ، قال: حَدَّثَنَا سفيان، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، عن أبي الأَوْبَر، عن أبي هُرَيْرَة (b)، قال

(1)

: رأيْتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي قَائِمًا وقَاعِدًا، وحَافِيًا ومُنْتَعلًا، ويَتْفُل عن يَمِينهِ وعن شمالهِ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنا في روَايه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مَنْصُور بن قُبَيْس، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن زَبْر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عُبَيْد بن نَاصِح، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعيِّ، عن أبي عَوَانَة، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَني الشَّعْبيُّ أنَّ زِيَاد بن النَّضْر الحارِثيّ حَدَّثَهُ، قال: كُنَّا عند غَدير لنا في الجاهِلِيَّة ومعنا رَجُل من الحيَّ يُقال له عَمْرو بن مَالِك، معه بُنيَّةٌ له شَابَّةٌ على ظَهْرها ذُؤَابَة، فقال لها أبوها: خُذي هذه الصَّحْفَة وآتي الغَدِيْر فجِيْئينا بشَيءٍ من مائهِ، فانْطَلَقتْ، فوَاقَفَها (c) عليه جَانٌ فاخْتَطَفها، فذَهَبَ بها، فلمَّا فقَدْناها، نَادَى أبُوها في الحيِّ، فَخَرَجْنا على كُلّ صَعْبٍ وذَلُول، وقَصَدْنا كُلّ شِعْبٍ ونقبٍ، فَلِم نَجِد لها أثرًا.

ومَضَتْ على ذلك السُّنُونَ حتَّى كان زمَن عُمَر بن الخَطَّاب (d)، فإذا هي قد جاءتْ وقد عَفَا شَعرُها وأظْفَارُها وتغيَّرتْ حالُها، فقال لها أبُوها: أي بُنيَة،

(a) مهملة في الأصل، والمثبت من ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 4: 262، وفيه: همذاني الدار الوفاة.

(b) ق: رضي الله عنه.

(c) الأصل، ق: فوافقها، ولعل الأظهر بتقديم القاف.

(d) ق: رضي الله عنه.

_________

(1)

أخرجه الحافظ الهيثمي في جمع الزوائد 2: 54.

ص: 125

أينَ كُنْت؟ وقام إليها يُقَبِّلها ويشَمُّ ريْحها، فقالت: يا أبَة، أتَذكُر ليلَة الغَدِير؟ قال: نَعَم، قالت: فإنَّهُ وَاقَفَني (a) عليه جَان، فاخْتَطَفني فذَهَبَ بي، فلم أزَل فيهم حتَّى إذا كان الآن غَزَا هو وأهْلُه قَوْمًا مُشْرِكين، أو غَزَاهم قَوْم مُشْركونَ، فَجَعل لله عليه نَذْرًا إنْ هم ظَفِرُوا بعَدُوِّهم أنْ يُعْتقني ويَردَّني إلى أهْلي، فظَفِرُوا، فَحمَلَني فأصْبَحْتُ عندَكُم، وقد جَعَل بيني وبينه أمَارَةٌ إنْ احْتَجْتُ إليه أنْ أُوَلْول بصَوْتي، فإنَّهُ يَحْضُرُني، قال: فأخَذَ أبُوها من شَعرها وأظْفَارها، وأصْلَح من شَأنِها، وزوَّجها رَجُلًا من أهْلِهِ، فوَقَع بينها وبينَهُ ذات يَوْمٍ ما يقَع بين المَرْأة وبَعْلها فعيَّرها وقال: يا مَجْنُونة، إنْ نَشَأت إلّا في الجِنِّ! فصَاحتْ وولْوَلَتْ بأعْلَى صوْتها، فإذا هَاتِفٌ يَهْتف: يا مَعْشَرَ بني الحَارِث، اجْتَمِعُوا وكونُوا حَيًّا كِرَامًا، فاجْتَمَعْنا، فقُلْنا: ما أنت رَحِمكَ اللهُ، فإنَّا نَسْمَع صَوْتًا ولا نَرَى شَخْصًا؟ فقال: أنا رَابٌّ (b) فُلَانة، رَعَيتُها في الجَاهِلِيَّة بحَسبي، وصُنْتُها في الإسْلَام بدِيني، والله إنْ نِلْتُ منها مُحرمًا قَطّ، واسْتَغاثَتْ في هذا الوَقْت فَحضَرْتُها، فسَألتُها عن أمْرها، فزَعَمَتْ أنَّ زَوْجها عيَّرها بأنْ كانت فينا، والله لو كُنْت تقَدَّمتُ إليه لفَقَأْتُ عَيْنَهُ، قال: فقُلْنا: يا عَبْدَ اللهِ، لك الحِبَاءُ والجَزَاءُ والمُكَافأة، فقال: ذلك إليه، يَعْني الزَّوْج.

قال: فقامَتْ إليه عَجُوز من الحَيِّ، فقالت: أسْألك عن شيءٍ؟ قال: سَلي، قالت: إنَّ لي بُنَيَّةً عُرَيِّسًا أصَابها حصْبَة فتَمزَّق رَأسُها وقد أخَذَتها حُمَّى الرِّبْع، فهل لها من دَوَاءٍ؟ قال: نَعَم؛ اعْمَدِي إلى ذُبَّان الماء الطَّويل القَوَائم، الّذي يكُون على أَفْوَاهِ الأنْهَار، فَخُذي منها واحدةً فاجْعَليه في سَبْعة ألْوَان عِهْن، أصْفَرها وأحْمَرها وأخْضَرها وَأسْوَدها وأحْمَرها (c) وأبْيَضها وأكْحلَها وأزْرَقها، ثمّ

(a) ق: وافقني، وتحتمل الوجهين في الأصل.

(b) في الأصل، ق: رات، والمثبت من ابن عساكر 19: 346، والرَّابُّ: الكافل، زوج أم اليتيم لأنه يكفل تربيته (لسان العرب، مادة: كفل)، والرَّأبُ، مهموز: السيد الضخم (تاج العروس، مادة: راب).

(c) كذا في الأصل مكررة، وفوقها علامة الخطأ" "صـ" ولم ترد مكررة في ق ولا في رواية ابن عساكر.

ص: 126

افْتلي (a) ذلك الصُّوفَ بأطْرَاف أصَابعكِ، ثمّ اعْقدِيه على عَضُدها اليُسْرى، ففَعَلَتْ أُمُّها ذلك فكأنَّما نُشِطَتْ من عِقَال.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ: أخْبَرَنا أَحْمَد بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: حَدَّثَني عَبْد الغَفَّار بن إسْمَاعِيْل بن مُعاوِيَة، عن أَبِيهِ، عن أبي يَعْفُور الثَّقَفِيِّ، عن عَبْد المَلِك بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَني زِيَاد بن النَّضْرِ الحَارِثِيّ، قال: كُنْتُ صَدِيْقًا ليَزِيْد بن مُعاوِيَة قبل أنْ تُفْضِي الخِلَافَة إليه، فلمَّا أفْضَتْ إليه أتَيْتُه، فأكْرَمَنى وأنْزَلني في الدَّار معه، فلمَّا كان ذات يَوْم، اسْتَحمَّ ثمّ جاءَ يَخْطر في مَشْيَته، عليه سَبَنِيَّةٌ مُضَلَّعةٌ كأنَّ جلْدَهُ يَقْطُر دَمًا، فما رأيتُ مَنْظرًا أحْسَن منه، فأُلْقي له كُرْسِيّ فجلَسَ عليه، ثُمَّ قال: يا أبا عُمَرَ، قُمْ فاسْتَحِمَّ، ففكَّرْتُ في نَفْسِي وفي غضُون جلدِي، فقُلْتُ: لا يَرَاها منِّي أبدًا! فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إذا أفَضْتُ عليَّ الماءَ أخذَتْني قَشْعَرِيرةٌ، قال: فقال: لا عليك، يا جَارِيَة اسْقيني، قال: فأتَتْه جَارِيَةٌ حَسْناء في يَدِها إناءٌ فيه شَرَابٌ، ما رَأيْتُ شَرَابًا أحْسَنَ منه، قال: فشَرِبَ حتَّى أتى عليه، فقال: يا جَارِيَة، اسْقي أبا عُمَر، قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ، الخَمْر ورَبّ الكَعْبَة! قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: شرْبَةٌ وأتُوب، قال: فجاءتني بالقَدَح، فشَرِبْتُ فوالله ما سَلْسَلْتُ شَرَابًا قَطّ مثْلَهُ، قال: فلمَّا فرَغْتُ قال: أبا عُمَر؟ قُلتُ: لَبَّيْكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: أتَدْري ما هذا الشَّرَابُ؟ قال: قُلتُ: لا والله يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إلَّا أنِّي لم أُسَلْسِل شَرَابًا مِثْلَهُ، قال: هذا رُمَّان حُلْوَان بعَسَل أصْبَهَان، بزَبِيْب الطَّائِف، بسُكَّرِ الأهْوَاز، بماءِ بَرَدَى.

(a) ق: اقتلي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 243 - 244.

ص: 127

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الأصَمّ، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(2)

يَقُول: أبو الأَوْبَر اسْمُه زِيَاد الحَارِثِيّ.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ

(3)

، قال: أخْبَرنا أبو بَكْر الشَّقَّانيّ، قال: أخبَرنا أبو بَكْر أحمدُ بن مَنْصُور، قال: أخبَرَنا أبو سَعِيْد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(4)

يَقُول: أبو الأَوْبَر زِيَاد الحَارِثِيّ، عن أبي هُرَيْرَة، رَوَى عنهُ عَبْد المَلِك بن عُمَيْر.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، وأبو القَاسِم بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحدهما، قال ابنُ نَاصِر أنْبَأنَا جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي أحمد، ح.

وقال ابنُ السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن أبي الصَّقْر (b) الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ

(5)

، قالا: أبو الأَوْبَر زِيَاد الحارِثِيّ.

(a) تاريخ ابن عساكر: صالح بن عبد الملك، والصواب هو المثبت.

(b) ق: ابن الصقر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 244.

(2)

تاريخ يحيى بن معين 3: 579.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 244.

(4)

الكنى والأسماء 1: 110.

(5)

الدولابي: الكنى والأسماء 1: 117.

ص: 128

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم

(1)

، قال: أبو الأَوْبَر زِيَاد الحَارِثيّ الكُوْفيّ، عن أبي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمن بن صَخْر الدَّوْسِيّ، يَرْوي عنه عَبْدُ المَلِك بن عُمَيْر أبو عُمَر القُرَشِيّ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُودِ أحْمَدُ بن عليّ بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد بن المُهْتَدي باللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُبَيْدُ الله بن أحْمَد بن عليّ الصَّيْدَلانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله (a) مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْصٍ العَطَّار، قال: قَرَأتُ على أبي الحَسَن عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: قُلْتُ لهُ: حدَّثَكُم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: زِيَاد بن النَّضْر الحَارِثِيّ، يُكْنَى أبا عائِشَة.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله

(2)

، قال: زِيَاد بن النَّضْر أبو الأَوْبَر - ويُقال: أبو عائِشَة، ويُقال: أبو عُمَرَ - الحَارِثِيّ، من أهْلِ الكُوفَة، حَدَّثَ عن أبي هُرَيْرَة، رَوَى عنهُ عَامِر بن شَرَاحِيْل الشَّعْبِيّ، وعَبْد المَلِك بن عُمَيْر، ووَفَدَ على يَزِيد بن مُعاوِيَة.

أنْبَأنَا ابنُ طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال:

(a) ق: أبو عبيد الله.

_________

(1)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 71.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 242 - 243.

ص: 129

أخْبَرَنا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: أخْبَرَنا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا شُعَيْبُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سَيْف بن عُمَر، عن مُحَمَّد وطَلْحَة وأبي عُثْمان وأبي حَارِثَة، قالُوا: خَرَج أهْلُ الكُوفَة في أرْبع رفاق، وعلى الرِّفاق زَيْد بن صُوْحَان العَبْدِيّ، والأشْتَر النَّخَعِيّ، وزِيَاد بن النَّضْر الحَارِثِيّ، وعبدُ الله بن الأصَمِّ؛ أحد بني عَامِر بن صَعْصَعَة، فذَكَرَ الحَدِيْثَ، وذَكَرَ خُرُوجهم إلى عُثْمان وحَصْره.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله (a) بن المُقَيِّر، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّابِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن بن أَحْمَد بن الحَسَن البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم

(1)

، قال: أَخْبَرَنا عُمَر بن سَعْد، عن خَالِد بن قَطَن، قال: لمَّا قَطع عليٌّ الفُرَاتَ دَعَا زِيَادَ بن النَّضْر الحَارِثِيّ وشُرَيْح بن هَانئ، فسرَّحهُما أمامَهُ نحو مُعاوِيَةَ على حالهما الّتي (b) كانا عليه حين خَرَجا من الكُوفَة، في اثْنَى عَشر ألفًا. وقد كانا حيثُ (c) سَرَّحهُما عليّ من الكُوفَة أَخَذَا على شَاطِئ الفُرَات من قِبَل البَرِّ ممَّا يلي الكُوفَة، حتَّى بَلَغَا عَانَات، فبلغَهما أنَّهُ أخَذ (d) عليّ على طَرِيق الجَزِيْرَةِ، وبَلَغهما أنَّ مُعاوِيَة قد أقْبَل في جُنُود من الشَّام لاسْتِقبال عليّ، فقالا (e): والله ما هذا لنا برَأي؛ أنْ نَسِيرَ وبَيننا وبين أَمِير المُؤْمنِيْن هذا البَحْر، وما لنا خَيْرٌ في أنْ نَلْقى جُمُوع الشَّام بقلَّة مَن معنا، وذهبُوا ليَعْبُروا من عَانَات، فمَنَعَهم أهْلُ عَانَات، وحبسُوا عنهم (f) السُّفُنَ،

(a) ق: ابن أبي عبيد الله.

(b) وقعة صفين: الذي.

(c) وقعة صفين: حين.

(d) وقعة صفين: فبلغهما أخْذُ عليٍّ.

(e) في الأصل، ق: فقال، والمثبت من كتاب وقعة صفين.

(f) وقعة صفين: عندهم.

_________

(1)

وقعة صفين 152 - 153.

ص: 130

فأقْبلُوا رَاجعين حتّى عَبَرُوا من هِيْت، ثمّ لَحِقُوا عليًّا دونَ قَرْقِيسِيا، وأرادُوا أهلَ عَانات، فلمَّا لحقَتْ عليًّا مُقدِّمتُهُ قال: مُقدِّمتي تأْتي من وَرَائي؟ فأخْبَرُوهُ بالَّذي رَأَيا، فقال: أصَبْتُما، فلمَّا عَبَر الفُرَاتَ قدَّمهُما أمامَهُ نحو مُعاوِيَة.

أنْبَأنَا عليّ بن مَحْمُود بن أحْمَد الصَّابُونِيّ، عن أبي مُحَمَّد الأدِيْب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بنُ الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني نَصْر

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْدٍ، عن خَالِد بن قَطَن أنَّ عليًّا قدَّم زِيَاد بن النَّضْر وشُرَيْح بن هَانِئ أمامَهُ نحو مُعاوِيَة في اثْنَى عَشر ألفًا، فلمَّا انْتَهوا إلى مُعاوِيَة، وهو بصِفِّيْن، لقيَهم أبو الأعْوَر السُّلَمِيّ في جُنْدٍ من أهْلِ الشَّام، فدَعَياهم (a) إلى الدُّخُول في طاعةِ عليّ فأَبَوا، فبعثُوا إلى عليّ عليه السلام: إنَّا قد لقينا أبا الأعْوَر السُّلَمِيّ في جُنْدٍ من أهْلِ الشَّام فدَعَوناهُ وأصْحَابَهُ إلى الدُّخُول في طَاعتك فأَبَوا علينا، فمُرْنا بأَمْرك. فأرْسَل عليٌّ إلى الأشتَر فقال له: يا (b) مَالِكٌ؛ إنَّ زِيَاد بن النَّضْر وشُرَيْحًا أرْسَلا إليَّ بكذا وكذا، ونبَّأَني الرَّسُول أنَّه تركهُم مُتواقِفين. فالنَّجاءَ النَّجاءَ إلى أصْحَابكَ، فإذا أتيتَهُم فأنت عليهم، وإيَّاك أنْ تَبْدَأَ القَوْمَ بقتالٍ حتَّى يَبْدأُوك حتَّى تَلْقَاهم فتَدْعُوهم، فتَسْمَع منهم، ولا يَجْرِمَنَّكمُ شَنَئآنُهم على قِتَالهم قبل دُعائهم والإعْذَار إليهم مَرَّةً بعد مرَّة، واجْعَلْ على مَيْمَنَتك زِيَادَ بن النَّضْرِ، وعلى مَيْسَرتك شُرَيْحَ بن هَانِئ، وقَدِّم (c) أصْحَابكَ وَسَطًا، ولا تَدْنُوا (d) منهم دُنُوَّ مَنْ يُريدُ أنْ يُنْشِبَ الحَرْبَ، ولا تَبَاعَدْ عنهم بُعْدَ مَن يَهابُ البَأْسَ، حتَّى أَقْدَم عليك، فإنِّي حَثِيْثُ السَّير إليك إنْ شَاءَ اللهُ.

(a) الأصل، ق: فدعاهم، وصححه في هامش الأصل.

(b) ساقطة من ق.

(c) وقعة صفين: وقف

(d) وقعة صفين: تدنُ.

_________

(1)

وقعة صفين 153 - 154.

ص: 131

‌زِيَادُ بن النَّضْر الطَّرَسُوسِيّ

(1)

حدَّثَ بطَرَسُوس عن يَزِيد بن أبي حَكِيم العَدَنِيّ. سَمِعَ منه أبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ.

أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: زِيَاد بن النَّضْر الطَّرَسُوسِيّ، رَوَى عن يَزِيد بن أبي حَكِيم العَدَنِيّ، كَتَبَ عنهُ أبي بطَرَسُوسَ.

‌زِيَادُ بن أبي حَسَّان النَّبَطِيّ، أبو عَمَّار البَصْرِيّ

(3)

رَوَى عن أنَسِ بن مَالِك، وأبي عُثْمان النَّهْدِيّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

رَوَى عنهُ إسْمَاعِيْلُ ابن عُلَيَّة، ومَسْلَمَة بن الصَّلْت، وعَبْد العَزِيْز بن عبد الصَّمَد العَمِّيّ، ومُعَلَّى (a) بن الفَضْل الأزْدِيّ، وقُرَّة بن حَبِيْب، وعَبْد الحَكَم بن مَنْصُور الوَاسِطِيّ، وعوْن بن عُمَارَة، وأبو عُبَيْدَة عَبْد المُؤْمِن بن عَبْد الله السَّدُوسِيّ.

وقَدِمَ خُنَاصِرَة على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وشَهِدَ دَفْن ابنِهِ عَبْد المَلِك (b).

(a) الأصل، ق: معد، والتصويب من الكامل لابن عدي 3: 1052، 6: 2371، وتاريخ ابن عساكر 19:137.

(b) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.

_________

(1)

ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 548.

(2)

الجرح والتعديل 3: 548.

(3)

ترجمته في: البيان والتبيين للجاحظ 2: 213، الكامل لابن عدي 3: 1051 - 1052، تاريخ البخاري الكبير 3: 350، التاريخ الصغير 2: 101، الضعفاء للعقيلي 2: 76 - 77، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 305 - 306، الجرح والتعديل 3: 530، تاريخ ابن عساكر 19: 137 - 141، الذهبي: ميزان الاعتدال 2: 88، لسان الميزان 2: 492 (وفيه: الواسطي)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 402.

ص: 132

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان (a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد - يعني ابن جَعْفَر بن حَمْدَان - قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله - يعني ابن أحْمَد بن حَنْبَل - قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَني زِيَاد بن أبي حَسَّان أنَّهُ شَهِدَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حيثُ دَفَن ابنَهُ عَبْد المَلِك، قال: لمَّا دَفَنَهُ وسَوَّى عليه، وقَبَرَهُ بالأرْض، وضَعُوا عندَهُ خشَبَتَين من زَيْتُون؛ إحْدَيهما عند رَأسه والأُخْرى عند رِجْليهِ، ثمّ جَعَل قَبْرَهُ بينَهُ وبين القِبْلَة، واسْتَوى قائمًا وأحاط بهِ النَّاسُ، فقال: رَحِمكَ اللهُ يا بُنَيّ، لقد كُنْتَ بارًّا بأبيْكَ، والله ما زلْتُ منذ وهَبَك الله لي مَسْرُورًا بكَ، ولا والله ما كُنْت قَطّ أشَدّ بكَ سُرُورًا، أو لأرْجَى لحظِّي من اللهِ فيك منذُ وضَعتُكَ في هذا المَنْزل الّذي صَيَّركَ اللهُ إليهِ، فرَحِمكَ اللهُ وغَفَر لك ذَنْبك، وجَزَاكَ بأحْسَن عَملك، ورَحِمَ اللهُ كُلّ شَافِع يَشْفَع لك بخَيْرٍ من شَاهِدٍ أو غائبٍ، رَضِينا بقَضاءِ الله، وسَلَّمْنا لأمْره، والحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِين، ثُمَّ انْصَرَفَ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ بوَاسِط، قال: حَدَّثَنَا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: قال يَحْيَى بن مَعِيْن: ويُذْكر عن شُعْبَة أنَّهُ قال: كان زِيَاد بن أبي حسَّان النَّبَطِيّ نَصْرَانِيًّا في حَيَاة أنَس بن مَالِك.

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن أبي سَعْد التَّيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد بن هِبَة الله

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز (b) الكَتَّانِيّ،

(a) تكرر ذكره في العديد من المواضع: ابن اللبان.

(b) ق: عبد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 140.

ص: 133

قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الجَبَّان إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن القَاسِم بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن طَاهِر بن النَّجْم، قال: حَدَّثَني سَعيد بن عَمْرو البَرْذَعِيّ، قال: قال لي أبو زُرْعَة: ذكرتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن حَدِيثَ زِيَاد - يعني ابن أبي حَسَّان - عن أبي عُثْمان، عن أُسامَة (a) فأنْكَرَهُ، وقال: مَنْ روَاهُ؟ قُلتُ: مُحَمَّد بن عَبْد الله الزَّرِّيّ (b)، قال: ما حَدَّثَنَا ابن عُلَيَّة، عن زِيَاد بن أبي حَسَّان إلَّا حَدِيثًا واحدًا عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز ثمّ قال له: الزَّرِّيّ (c) لا نَدْري (d) هو بالنِّيْل أو بالكُوفَة، قال أبو زُرْعَة: قُلْتُ: يُقال إنَّ مَنْصُور بن أبي مُزَاحِم رَوَاهُ؟ فقال: لو ثَبَت!

قال

(1)

: وحَدَّثَني أبو عُثْمان البَرْذَعِيّ، قال: وقال لي أبو حَاتِم وكان حَاضِرًا: هذا زِيَاد الجَصَّاص، رَوَى هذا الحَدِيْث مُحَمَّد بن خَالِد الوَهْبِيّ، عن زِيَاد الجَصَّاص.

قال

(2)

: وحَدَّثَنَا أحْمَد بن القَاسِم إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن طَاهِر، قال: حَدَّثني سَعيد بن عَمْرو، قال: أخْرَج إليَّ أبو زُرْعَة كتَابَهُ بخَطِّه، فدَفَعَهُ إليَّ من يَده (e)، فيهِ أسَامي الضُّعَفَاء ومَنْ تُكُلِّم فيهم من المُحَدِّثِيْن، فنَسَخْتُ هذه الأسَامِي من كتابهِ الّذي نَاوَلني من يَده بخَطِّه، ولَم أسْمَعْهُ منه، فكان منهم زِيَاد بن أبي حَسَّان.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا

(a) ابن عساكر: عن أبي زرعة.

(b) مهملة في الأصل، ق، وعند ابن عساكر: الروي، ولعل نسبته إلى زرّ، اسم في أجداده.

(c) مهملة في الأصل، ق، وعند ابن عساكر: البدي، وانظر التعيق قبله.

(d) ابن عساكر: ألا تدري.

(e) ابن عساكر: فدفعه إلى مزيدة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 140.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 140.

ص: 134

مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا (a) مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زِيَاد بن أبي حَسَّان، سَمِعَ عُمَر بن عَبْد العَزيز قَوْلَهُ، رَوَى عنهُ ابنُ عُلَيَّة، كان شُعْبَة يَتَكلَّم في زِيَاد بن [أبي](b) حَسَّان النَّبَطِيّ.

وقال عَوْن بن عُمَارة: حدَّثنا زِيَاد بن أبي حَسَّان حَمعَ أنَسًا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(2)

: مَنْ أغَاثَ مَلْهُوفًا غُفِرَ له سَبْعِين مَغْفِرَة، لا يُتَابَع عليه.

ورَوَاهُ عَبْدُ العَزِيْز بن عبد الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بن أبي حَسَّان، عن أنَس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

وقال مُحَمَّد بن عُقْبَة: حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بن الصَّلْت، قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بن أبي زِيَاد (c) حَمعَ أنَسًا بالمَدِينَة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أغَاثَ مَلْهُوفًا.

هكذا وَقْع في غير نُسْخَة من كتاب البُخاريّ: زِيَاد بن أبي زِيَادَ! وكأنَّهُ ابن أبي حَسَّان، واللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكات سَعيد بن هاشِم، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل، قال: أنْبَأنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: زِيَادُ بن أبي حَسَّان النَّبَطِيّ، رَوَى عن أنسٍ، وأبي عُثْمان النَّهْدِيّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز. رَوَى عَنْهُ ابنُ عُلَيَّة، وعَبْد العَزِيْز العَمِّيّ، وقُرَّة بن

(a) ساقطة من ق.

(b) ساقطة من الأصل وق، والمثبت عن البخاري.

(c) أشَّر فوقه بحرف "صـ"، وانظر تعليق المصنف عقبه.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 350.

(2)

الضعفاء الكبير للعقلى 2: 76 - 77 (رقم 524)، مسند أبي يعلى الموصلي 7: 255 (رقم 1511)، مجمع الزوائد للهيثمي 8: 191، المطالب العالية لابن حجر العسقلاني 1: 263 (رقم 901)، كنز العمال للمتقي الهندي 6: 445 - 446 (رقم 16470).

(3)

الجرح والتعديل 3: 530.

ص: 135

حَبِيْب، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. وسَمِعْتُه يقُول: كان شُعْبَة يَتَكلَّم فيه، فقُلْتُ لأبي: ما تقُول فيه؟ فقال: شَيْخٌ مُنْكَر الحَدِيْثِ، يُكْتَب حَدِيثُه ولا يُحْتَجّ به.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ من كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن بِطْرِيْق بن بُشْرَى، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الوَاسِطِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن عليّ الدَّجَاجِيّ (a) في كِتَابَيْهما عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، ح.

قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَاسِر (b) مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن عَبْد الله الخَيَّاط (c)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ إجَازَةً، قال: هذا ما وَافقْتُ عليه أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ: زِيَاد بن أبي حَسَّان، أبو عَمَّار، بَصْرِيّ عن أنسَ، زادَ ابنُ بِطْرِيْق: وعن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، مَتْرُوكٌ.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: أنْبَأنَا أبو سَعْد المُطَرِّزُ، وأبو عليّ الحَدَّادُ، قالا: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: زِيَاد بن أبي حَسَّان، رَوَى عن أنَسٍ وغيره بالمَنَاكيْر، حَدّثَ عنهُ ابن عُلَيَّة، وعَبْد العَزِيْز العَمِّيّ، لا شيء.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(3)

، قال: زِيَاد بنُ أبي حَسَّان النَّبَطِيّ، سَمعَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز قَوْلَهُ. رَوَى عَنْهُ ابن عُلَيَّةَ، كان شُعْبَة يَتَكلَّم فيه، سَمِعْتُ ابنَ حَمَّادٍ يَذْكرُه عن البُخاريّ.

(a) تقدم في أسانيد عديدة: ابن الدجاجي.

(b) تاريخ ابن عساكر: أبو ناشر.

(c) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر وتاريخ الإسلام 10: 773 (وفيه ترجمته).

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 140 - 141.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 141.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1051.

ص: 136

قال ابنُ عَديٍّ

(1)

: وحَدَّثَنَا الجُنَيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ

(2)

، قال: زِيَاد بن أبي حَسَّان النَّبَطِيّ، كان شُعْبَة يَتَكلَّم فيه، لا يُتَابَع في حَدِيثهِ.

قال أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(3)

: زِيَاد بن أبي حَسَّان هذا قليل الحَدِيْث، ولَم أرَ له عن أنسٍ إلّا ما ذَكَره (a)، وما لَم أذْكرهُ لعلَّ (b) إلى تَمامِ خَمْسَة أحَادِث، والبُخاريّ إنَّما أنْكَرَ عليه، سَمعَ (c) عُمَر بن عَبْد العَزِيْز قَوْلَه، قال: رَوَى عَنْهُ ابن عُليَّة، وكأنَّ البُخاريّ لَم يَعْرف له حَدِيثًا مُسْنَدًا.

قُلتُ: ليسَ الأمر كما ظَنَّهُ ابنُ عَدِيّ، فإنَّ البُخاريّ قد حَكَي عن عَوْن بن عُمَارَة، وعَبْد العَزِيْز بن عبد الصَّمَد، ومَسْلَمَة بن الصَّلْت أنَّهم رَووا عن زِيَاد بن أبي حَسَّان أنَّهُ سَمِعَ أنَسًا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أغاثَ مَلْهُوفًا، وقال: لا يُتابَع عليه، فكيف يَجْعله ابن عَدِيّ فيما رَوَاهُ عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز من قَوْله خَاصَّة، ويقُول: كأنَّ البُخاريّ لَم يَعْرف له حَدِيثًا مُسْنَدًا؟!

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عِلِيّ بن الحَسَن

(4)

، قال: زِيَاد بن أبي حَسَّان، أبو عَمَّارٍ النَّبَطِيُّ، من أَهْل البَصْرَة، روى عن أنسَ بن مَالِك، وأبي عُثْمان النَّهْدِيّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وقَدِمَ عليه، وشَهِدَ دَفْن ابْنهِ (d) عَبْد المَلِك بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز. رَوى عَنْهُ ابنُ عُليَّةَ، وعَبْد العَزِيْز بن عبد الصَّمَد العَمِّيّ (e)، وقُرَّة بن حَبِيْب، وعَوْن بن عُمَارَة، ومَسْلَمَة بن الصَّلْت، وعَبْد الحَكَم (f) بن مَنْصُور الوَاسِطِيّ، وأبو عُبَيْدَة عَبْد المُؤْمِن بن عَبْد الله السَّدُوسِيّ، ومُعَلَّى (g) بن الفَضْل الأزْدِيّ.

(a) ابن عدي: إلا ما ذكرته.

(b) ابن عدي: لعل له.

(c) ابن عدي: أنكر أنه سمع.

(d) ابن عساكر: وشهد فراسة عبد الملك!.

(e) ابن عساكر: العتبي، تصحيف.

(f) ابن عساكر: عبد الحليم.

(g) الأصل، ق: معدّ، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1051.

(2)

تاريخ البخاري الصغير 2: 101.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1052.

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 137.

ص: 137

‌زِيَاد بن أبي الوَرْد الكَاتِبُ المُشجَعيُّ

(1)

لهُ ذِكْرٌ، ووَلَّاهُ مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بُنْيان مَرْعَش بعد أنْ خَرَّبها الروم.

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إبْراهيم القُرَشِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَائِذ، قال: قال الوَلِيد بنِ مُسْلِم، قال: اخْتَلَف النَّاسُ على مَرْوَان بن مُحَمَّد وبَلغَ طَاغِية الرُّوم، فنَزَلَ على مَرْعَش، وبلَغَ مَرْوَان وهو نَازِلٌ على حِمْصَ، فكَتَب إلى أهْل مَرْعَش يُعْلمهُم ما بَلَغَهُ من نُزُوله عليهم، وبأمرُهم بالصَّبْر، وأنَّهُ قد وجَّه إليهم فُلَانًا في كذا، وفُلَانًا في كذا، وأنْ قد أتَوكم، وبَعَثَ بكتابهِ رجُلًا من الطَّلَائعِ، وأمَرَهُ أنْ يتصَدَّى لأهْلِ مَرْعَش حيثُ يَرَاهُ الرُّومُ، وتَطْمَع فيه، فإذا رآها خارِجَةً إليه، وَلَّى عنها وألْقَى الكتابَ، ففَعَل، وأخَذَتْهُ الرُّوم، وأتَتْ به طَاغِيَتها، فكان سَبَبًا لإجَابته أهْل مَرْعَش على أمَانه على دِمَائهم وأمْوَالهم وأَهْلِيْهم، فكاتُبوه على ذلك، وفتَحُوا مَدِينتَهُم وقد اسْتَوَوا على دَوَابِّهِم وحملُوا أهْلجهم، وقد أوْقَفَ طَاغِيَةُ الرُّوم صَفَّيْن قد سَلُّوا سُيُوفهم، وقرَّبُوا بعضَها إلى بعضٍ، ومرَّ المُسْلمُونَ تحتها حتَّى نفَذُوا، يَقُول: إنَّا قَدرْنا ووفيْنا، ثُمَّ خلّوا عن المُسْلمِيْن وخَرَّبُوا حِصْن مَرْعَش، وقَفَلُوا إلى بلادهم.

ولمَّا فَرَغ مَرْوَان من أهْل حِمْصَ، قَطَعَ بَعْثًا على أهْلِ الشَّام إلى بُنْيان مَرْعَشَ، ووَلَّى عليهم الوَلِيد بن هِشَام المُعَيْطِيّ، ووَلَّى بناءَها زِيَاد بن أبي الوَرْد الدِّمَشقيّ.

(1)

كان حيًا في عهد أبي جعفر المنصور، وكانت وفاة المنصور سنة 158 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 6: 183، (ذكره في كُتَّاب مروان)، الجهشياري: الوزراء والكتاب 80 (وسماه: زياد بن أبي الورد الأشجعي)، تاريخ ابن عساكر 19: 246 - 247، بدران: تهذب تاريخ ابن عساكر 5: 437.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 247.

ص: 138

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِى، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم عليِّ بن الحَسَن الحافِظُ

(1)

، قال: زِيَاد بن أبي الوَرْد المُشجيُّ الكَاتِبُ، ذكَرَهُ أبو الحُسَين الرَّازِيِّ في تسْمِيَةِ كُتَّاب أُمَرَاء دِمَشْق، وذَكَرَ أنَّهُ عَمِلَ لمَرْوَان بن مُحَمَّد، ولأبي جَعْفَر المنصُور.

‌زِيَاد، أبو عَبْد الله

(2)

من حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ويُحْتَمل أنْ يكونَ زِيَاد بن حَبِيْب الجُهَنِيّ الّذى قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(3)

.

وجَّهَهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز إلى الرَّقَّة بمالٍ حَمَلَهُ إلى سَالِم بن وَابِصَة الرَّقِّيّ ليقْسمَهُ على الفُقَرِاءِ، فقد كان معه بخُنَاصِرَةَ أو بغَيْرها من أعْمَال حَلَب، وإنْ لَم يَكُن، فقد اجْتازَ بها أو ببَعْضِ عَمَلها في طَريْقَة إلى الرَّقَّة.

حَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ عُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقِّيِّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي الفَتْحِ نَصْر الله بن مُحَمَّد بن عَبْد القَوِيّ الفَقِيه اللَّاذقِيّ، قال: أنْبَأنَا الفَقِيه نَصْرُ بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ الزَّاهِدُ، قال: أخْبَرَني عبد الله بن الوَلِيد الأنْدَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد فيما كَتَبَ إليَّ، قال: أخْبَرَني جَدِّي عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الَّخْمِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن يُونُس، قال: أخْبَرَنا بَقِيّ بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر الرَّقِّيّ والوَلِيد بن صالح، قالا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عَمْرو، ح.

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 246.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 248 - 250، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9: 103 - 104.

(3)

تقدمت ترجمته في هذا الجزء.

ص: 139

قال: وحَدَّثَني الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَني عُبَيْد الله بن عَمْرو - يَزِيْدُ بعضُهم على بعضٍ - قال: حَدَّثَني زِيَاد أبو عَبْد الله، رَجُلٌ من حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، قال: بَعَثَ إليَّ عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز ذات ليلةٍ، فدَخَلْتُ عليه وعنده شَمْعَة وتَحْته شَاذَكُونَة وَسخَة، لا أدْرِي أوَسَخُها أغْلَظ أو ثَوْبُها (a)، بسَاطُها من عباءة من مُشَاقَة الصُّوف في لَيْلَة قُرَّة، وعليه كسَاءٌ أَنَجَبَانيٌّ سَمِلٌ، وعليه قَلَنْسُوَةٌ بَيْضاء مُضَرَّبة غَسِيْل قد تنخَّى قُطْنُها في نَاحِيتها (b)، فنَظَرتُ إلى جَسَده فكأنِّي لَم أرَ بين عَظْمِه وجلْدِه شَيئًا من الَّلْحم. قال: ومالٌ مُعَبَّأ، وكتابٌ مَخْتُوم، فقال لي: خُذْ هذا المال وهذا الكتاب، فانْطَلِقْ به إلى سَالِم بن وَابِصَة، وكان على الرَّقَّة، فُمرْهُ فليَقْسمه على فُقَراءِ المُسْلمِيْن، ومُرْهُ أنْ لا يَقْسمَهُ إلَّا على نَهْر جَارٍ، أو سُوق جَامِعةٍ، فإنِّي أخَافُ أنْ يعطَشُوا.

قال: وكَتَبَ إلى ابن وَابِصَة: نأمُركَ بأشرَاطٍ تذبّ النَّاس بعضُهم عن بعضٍ، لا يَزْدحمُوا فيُصِيْبهم شيء.

قال: فأخَذْتهُ، ثمّ خَرَجْتُ ورَجَعتُ، فقُلْتُ لغُلَامِهِ: اسْتأذِن لي، فقال: قد دَخَل إلى أهْلِهِ وليس هَا هُنا أحدٌ يَسْتَأذنُ لك.

قال: فقام على البابِ، ثُمَّ قال: الرَّجُل الّذي خَرَجَ من عند أَمِير المُؤْمنِيْن آنفًا يُريد (c) الدُّخُول، قال: فسَمِعْتُه يَقُول: ادْخُل، فإذا الشَّمْعَةُ قد رُفعَتْ وإذا عنده سِرَاجٌ، قُلتُ: قَلَّ مَنْ وَلي هذا الأمرَ إلَّا حَضَرَهُ المُحقُّ وغير المُحقّ، فتَرَى أنْ نَسْتَقْصِي حتَّى نُوْصلَهُ إلى أهْلِهِ أو نُعطيَهُ منْ حَضَرنا، وقد يَحْضُر الغَنِيّ والفَقِيْر؟ قال: فنكتَ بشيءٍ في يَده مَلِيًّا، ثمّ رفَع رَأسَهُ فقال: مَنْ مَدّ يَده إليك فأعْطِه.

(a) تاريخ ابن عساكر 19: 249: بؤولتها.

(d) ابن عساكر: جانبيها.

(c) ق: بعد.

ص: 140

فلمَّا خَرَجْتُ قُلتُ لغُلَامِه: ما بال تلك السَّاعَة شَمْعَة والسَّاعَة سِرَاِج؟ فقال: تلك السَّاعَة كان في شيءٍ من أَمْرِ المُسْلمِيْن فكانت عندَهُ شَمْعَة، والسَّاعة قد صَارَ إلى بَيْتِه فيَكفيْه سِرَاج.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مَمِّيْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيِّ

(1)

، قال: زِيَاد أبو عَبْد الله، من حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، إنْ لم يَكُن ابن حَبِيْب فهو غَيْرُهُ، حَكَى عن عُمَرَ، حَكَى عنهُ عُبَيْدُ الله بن عَمْرو الرَّقِّيّ.

‌زِيَاد الصَّقْلَبِيُّ

أحَدُ الصَّقَالِبَة الّذين رتَّبهم مَرْوَان بن مُحَمَّد بالثُّغُور، وإليهِ يُنْسَبُ حِصْن زِيَاد من حُصُون الثُّغُور

(2)

، له ذِكْرٌ وجِهادٌ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ زَيْد

‌زَيْد بن إبْراهيم بن عَبْد المَلِك بن زَيْد الخُلْقَانيُّ، أبو الحَسَن المَلَطِيُّ

(3)

من أهْل مَلَطْيَة (a)، وسَكَنَ حَرَّان، حَدَّثَ عن الحَسَن بن عَرَفَة، والحَسَن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، وسُليْمان بن سَيْف، ومُحَمَّد بن يَزيد أخي كَرْخُوَيْه.

(a) قيدها المصنف في هذا الموضع بتشديد المثناة التحتية.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 248.

(2)

تقدم التعريف بهذا الحصن في الجزء الأول، وفيه الإشارة إلى نسبته إلى الصقلبي.

(3)

ترجم له الحاكم له في كتاب الأسامي والكنى 3: 369، وفيه: الفرائضي الحراني، وذكره المزي عرضًا في تهذيب الكمال 11:452.

ص: 141

رَوَى عنهُ الحفاظ: أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعِيّ الحَلَبِيّ، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن المُظَفَّر، وأبو أحْمَد عَبْدُ الله بنُ عَدِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم المُقْرِئ، وغيرهم.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، وأبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وابنُه أبو عَبْد الله مُحَمَّد (a) بن عبد الرَّحْمن، وأبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو سَالَمِ أحْمَدُ بن عَبْد القَاهِر بن المَوْصُول، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن الجِلِّيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد الله (b) عَبدُ الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمير القُطْبِيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السَّبِيْعِيّ الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن زَيْد بن إبراهِيم بن عَبْدِ المَلِك بن زَيْد المَلَطِيّ الخُلْقَانيّ بحَرَّان، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَرَفَة العَبْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن اليَمَان العِجْليّ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن المُنْتَشِر، عن أَبِيهِ، عن مَسْرُوق، عن عَبْد الله بن عُمَر

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: منْ قال لا إلَه إلَّا الله، لَم تَضُرُّه معها خَطِيْئَة، كما لو أشْرَك بالله، لم تَنْفعه معها حَسَنة.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبدِ الرَّحيم بن الإخْوَة وصَاحِبَتُهُ عَيْن الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ - قالت: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ وأبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين - قالا:

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: أبو عبد الله.

_________

(1)

أخرجه الديلمي في كتاب الفردوس 3: 473 (رقم 5463) من حديث ابن مسعود، والمتقي الهندي: كنز العمال 1: 61 (رقم 209) من حديث ابن عمرو.

ص: 142

أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن زَيْد بن عَبْد المَلِك بن زَيْد المَلَطِيّ الخُلْقَانيّ، جَليْسُ أبي عَرُوبَة (a)، بحَرَّان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد أخو كَرْخُويْه

(2)

، قال: لا أَقُول لكم إلَّا ما (b) كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ من الفَقْر والكَسَل والجُبْن والبُخْل والهَرَم، وعَذَاب القَبْر، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْواها (c)، أنتَ خَيْر مَنْ زَكَّاها، أنْتَ وليُّها ومَوْلاها، اللَّهُمَّ إنِّي (d) أَعُوذُ بكَ من عِلْمٍ لا يَنْفَع، ومن قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، ومن نفسٍ لا تَشْبَعُ، ومن دَعْوَة لا تُسْتَجابُ.

أسْقَط ابنُ المُقْرِئ ذِكْر أبيه إبْراهيم، ونَسَبهُ إلى جَدِّه.

وقال

(3)

: حَدَّثَنَا زَيْد، قال: حَدَّثَنَا ابن عَرَفَة، قال: قال ابنُ المُبارَك: نَظَر الثَّوْرِيّ بمَكَّة إلى السُّوْدَانِ، فقال: إنَّ ذنُوبًا سلّط علينا بها هؤلاءَ لذنُوبٌ عِظَامٌ.

(a) ق: ابن عروبة.

(b) ق: إلا كما.

(c) ق: هداها.

(d) ساقطة من ق.

_________

(1)

المعجم لابن المقرئ 266.

(2)

في المعجم لابن المقرئ: كرحويه، ولم أقف عليه بهذ الإسناد سوى عند ابن المقرئ، وهو مشهور من حديث أنس وحديث زيد بن أرقم، فرواه من حديث أنس بن مالك: النسائي في السنن 8: 257 (رقم 5449، 5453)، وأبو داود في سننه 3: 189 (رقم 1540)، وأبو يعلى في مسنده 5: 403 - 403 (رقم 319)، وابن حبان في صحيحه 3: 389 (رقم 1009)، وفتح الباري 6: 306 (رقم 3833).

وأخرجه من حديث زيد بن أرقم: ابن أبي شيبة: المصنف 6: 17 (رقم 29115)، والمنتخب من مسند عبد بن حميد 114 - 115 (رقم 267)، والمعجم الكبير للطبراني 5: 201 (رقم 5086).

(3)

المعجم لابن المقرئ 266.

ص: 143

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبهِ تَوفِيقي

‌زَيْدُ بن أحْمَد بن عُبيدِ الله بن فَضَّال الحَلَبِيّ، أبو القَاسِم بن أبي الفَتْح المَاهِر

(1)

من أهْل حَلَب، وسَكَنَ مع أبيه دِمَشْق فعُرِفَ بالدِّمَشقيّ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى طَرابُلُس، وأقام بها.

وهو شَاعِرٌ؛ في شِعْره تكلُّف ويَعْتمد فيه التَّجْنِيْس. رَوَى عن أَبِيهِ شَيئًا من شِعْره، رَوَى عنهُ الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، وأبو الحَسَن عليّ بن يَحْيَى بن هِبَةِ الله الكُتَامِيّ.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد وغيره، قالوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أنْشَدَنا أبو القَاسِم زَيْدُ بن أحْمَد بن المَاهِر، قال: أنْشَدَنا أبي أبو الفَتْح لنَفْسِه: [من الطويل]

لهُ مَوضِعٌ في القَلْب لَيسَ بمُشْتَرَكْ

وإنْ كانَ منهُ آخِذًا فَوْقَ ما تَرَكْ

غَريرٌ (a) يَصِيْدُ القَلْبَ قَبْلَ يَصِيدُهُ

مِنَ اللَّحْظ مَنْصُوبُ الحَبَائِلِ (b) والشَّرَكْ

أقُولُ لطَرْفي فِيْه عرَّضْتَني لِمَنْ

أذَابَ فُؤادِي في هَوَاهُ وأسْهَرَكْ

(a) ابن عساكر: عزيز.

(b) ابن عساكر: الحمائل.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 251، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 437 - 438.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 251.

ص: 144

وقُلْتُ لِلَيْلٍ مُؤْنِسٍ مِن صَبَاحِهِ

أطالَكَ مَنْ لو شَاء عِنْديْ لَقَصَّرَكْ

وحتَّى مَتَى أرْعَى نجُومَكَ لابِسًا

دُجَاكَ إذا ما صرَّع النَّوْمُ (a) سُمَّرَكْ

وما ذاكَ مِن حَالي عَنِ (b) النَّجْمِ خَافِيًا

ولَوْ قد سَألْتَ النَّجْم عنِّي لأخْبَركْ

وللدَّمْع في جَفْني مَجَالٌ وللِجَوَى

وللصَّبْرِ ما بَيْنَ الجَوَانِحِ مُعْتَرَكْ

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، وأجَازَ لنا جَمَاعَة من شُيُوخنا عنه، قال: أنْشَدَني النَّاهِض أبو الحَسَن عليّ بن يَحْيَى بن هبَةِ الله الكُتَامِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّةِ، قال: أنْشَدَني أبو القَاسِم زَيْد بن أحْمَد بن عُبيد الله الدَّمَشقيِّ بطَرابُلُس الشَّام، قال: أنْشَدَنِي أبي أبو الفَتْح أحْمَد بن عُبيدِ الله المُلَقَّبُ بالمَاهِر بدِمَشْق في عليّ بن أحْمَد الجرجَرَائيّ وزِير مِصْرَ

(1)

: [من مجزوء الكامل]

يا جَرْجَرائيُ اسْتَمِعْ

وأَفِقْ ودع عنكَ المَخَارِقْ (c)

قَدَّمتَ نَفْسَكَ في الثِّقَا

تِ وهَبْكَ فيما قُلْتَ صَادِقْ

أَعَلَى الأمَانَةِ والتُّقَى

قُطِعَتْ يَدَاكَ (d) من المَرَافِق

قال: وأنْشَدَني زَيْد، قال: أنْشَدَني أبي لنَفْسِه بدِمَشْقَ في عليّ بن أحْمَد الجَرْجَرَائيّ وَزِير مِصْر بعد أنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ: [من الخفيف]

لَعَنَ اللهُ جَرْجَرَايا ومَنْ قَدْ

ضَرَرًا طَوَّحَتْ بِهِ في البِلَادِ

تُرْبَةٌ تُنْبِتُ الخَبِيْثَ بأيْدٍ

رُبَّما قُطِّعَتْ منَ الأزْنَادِ

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايَته عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ في كتابهِ، قال: وقال لي أبو

(a) ابن عساكر: الهوم.

(b) ابن عساكر: وما ذاك إليّ من حال على.

(c) النويري: التحامق.

(d) الأصل، ق: يديك، والمثبت من نهاية الأرب، وهو نائب فاعل.

_________

(1)

الأبيات في نهاية الأرب للنويري 28: 215 ونسبها لأبي الحسن علي بن عبد العزيز الحلبي المعروف بالفكيك أو جاسوس الفلك.

ص: 145

عَبْد الله؛ يعني ابن الخَيَّاط: رَأيتُ ابنَ المَاهِر بطَرابُلُسَ وهو يَعْمَل أشْعَارًا ضَعِيْفةً رَكيْكَةً، وكان يَعْتَمد الجِنَاسَ المُرَكَّبَ فلا يأتي بشيءٍ، فعَمل أبْيَاتًا يُهَنِّئ بها إنْسَانًا تولَّى الخَطَابَة، فقال بعد ذِكْر (a) المِنْبَر

(1)

: [من مجزوء الرمل]

أتَرُى ضَمَّ خَطِيْبًا

مِنْكَ أم ضُمِّخ طِيْبَا

فأَحْسَن واللهِ وأتَى بالعَجَب، قال أبو عَبْد اللهِ؛ يعني ابن الخَيَّاط: فلمَّا لَقِيتُ أبا الفِتْيَان بحَلَب حَكيتُ له الحِكايَة وأنْشَدتُهُ هذا البَيْتَ، فقال لي: والله إنَّ عُمْري أسْلك هذه الطَّريقَةَ ما وقعَ لي مثْلُهُ.

قُلتُ: البَيْتُ الّذي فيه ذِكْرُ المِنْبَر: [من مجزوء الرمل]

قد زَهَا المِنْبَرُ عُجْبًا

إذْ تَرَقَّيْتَ خَطِيْبا

أخْبَرني أبو عَبْد الرَّحمن مُحمَّد بن الخَطِيب هَاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد الخَطِيبُ، قال: أخْبَرِني وَالدِي الخطيبُ هَاشم، قال: لمَّا وُلِّيت الخطَابَة بجَامِع حَلَب، وخَطَبْتُ وَنَزَلْتُ، أنْشَدَني أبو عَبْد الله مُحمَّد بن نَصْر القَيْسرانيّ

(2)

: [من مجزوء الرمل]

قد زَهَا المِنْبَرُ عُجْبًا

إذْ تَرَقَّيْتَ خَطِيْبا

أَتُرَى ضَمَّ خَطِيْبًا

منْكَ أَمْ ضُمِّخَ طِيْبا

وَقَعَ إليَّ كُرَّاسَة بخَطِّ أبي النَّجْم بن (b) بَدِيْع الوَزِير الأصْبَهَانيّ، وَزِير رِضْوَان بن تُتُش، من كتابٍ جَمَعَهُ في الشُّعَراءِ، فذَكَرَ في الشُّعَراءِ الحَلَبِيِّينَ فيه

(a) ق: بعد أن ذكر.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

ورد البيت في ديوان القيسراني 92 منسوبًا إليه، وذكره ابن خلكان ونبه على أن القيسراني قاله في مدح خطيب فُنسب إليه. وفيات الأعيان 4:459.

(2)

ديوان ابن القيسراني 92، ورواية البيت الأول فيه: شُرِحَ المنبرُ صدرًا لتلقِّيك رَحيبا.

ص: 146

زَيْد بن أحْمَدِ بن المَاهِر، وقال: إنَّهُ تُوفِّي بطَرابلُس، وشِعْره من جُمْلَةِ السَّفْسَاف، وماتَ وقد نَيَّفَ على السَّبْعين، وأوْردَ لهُ:[من الطويل]

نَعِيٌّ أَتَى مِن كَفْرطَابٍ تَخَبَّثا

بِه العَيْشُ ليْتَ العِيْس كُنَّ تربَّثَا

فيا لَيْتَ في في فاجئٍ فَاجِعٍ بِهِ

طَرابُلُسًا بُلْسًا وكِلْسًا وكِثْكِثا

البُلْس: غَرَائر من مُسوحٍ يُجْعل فيها التِّبْن، والكِثْكِث: فُتَات الحَجارَة والتُّراب.

قال أبو النَّجْم: وشِعْره من هذا النَّمط، وله:[من المتقارب]

شَرِيفٌ طَرَا طَرابُلُسا

وطُرْبِلُ إذ طَرا بُلِسَا

وطُرْبلُ: اسْم جَبَل.

قال: ومن جَيِّد شِعْره قَوْله وضمَّن البَيْتَ الأخيرَ: [من مجزوء الكامل]

فَارقتُهُمْ فأَرِقْتُ هَمَّا

ورَمَى الهَوَى قَلْبي فأَصْمَى

وذَكَرْتُ أُنْسَهُمُ ولمَّـ

ا أنْسَهُمْ وشَدَوْتُ (a) نَظْمَا

أتُرَاكَ تحْسبُ أنَّني

يا بَيْنُ مِن حَجَرٍ أصَمَّا

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم

(1)

، قال: زَيْدُ بن أحْمَد بن عُبَيْد الله بن فَضَّال (b) أبو القَاسِم بن أبي الفَتْح المَاهِر، شَاعِرٌ وابن شَاعِرٌ، رَوَى عن أَبيِهِ شَيئًا من شِعْره. روى عنهُ شَيْخُنا أبو القَاسِم النَّسِيْبُ.

_________

(a) ق: وشذوت.

(b) ابن عساكر: عبيد بن فضالة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 251.

ص: 147

‌زَيْدُ بن أحْمَد بن عِجْل، أبو الغَنائِم الكَاتِبُ الحلَبِيُّ

كَاتِبُ الأَمِير نَاصِر الدَّوْلَة ابن ناصِر الدَّوْلَة بن حَمْدَان.

كان شَاعِرًا مُمَدَّحًا، ذَكَرهُ الوَزِير أبو النَّجْم بن بَدِيع في كابهِ الَّذي جَمَعَهُ في الشُّعَراء، وقرأتُ ذِكْره في الكُرَّاسَة الّتي وَقَعَتْ إليَّ بخَطِّهِ من هذا الكتاب.

قال في ذِكْره: أبو الغَنائِم زَيْد بن أحْمَد بن مِجْل الكَاتِب الحَلَبيِّ من أعْمَال حَلَب، وكَتَبَ للأمِيْر ناصِر الدَّوْلَة بن حَمْدَان، ومَدَحَهُ ابن حَيُّوس بقَصِيدَة أوَّلُها

(1)

: [من الطويل]

دَعُوا القَوْلَ فيمَن جَادَ منَّا ومَنْ ضَنَّا

وقال: قَدِمَ دِمَشْق مع ناصِر الدَّوْلَة لمَّا وَلِيَها، وله أشْعَار سَهْلَة الكَلَام من خَسِيْس أشْعَار الكتابِ. وله وقَد وُلد له ابنُه أبو المَعَالِي هِبَةُ الله:[من السريع]

أبو المَعَالِي هِبَةُ اللهِ

قد زَادَ لمَّا جَاءَ في جَاهِي

ونحْمَدُ اللهَ على أنَّهُ

هوَ الّذي قد جَاءَنا لَا هِي

قال: وكانت عِمَامَتُه عَظِيمَةً جدًّا، فكان يَتَنادَرُ على نفسه وينشِد:[من السريع].

عِمَامَةُ الشَّيْخ أبي الفَضْل

عِامَةٌ تَصْلُحُ للحَلِّ

من غير ما سُوءٍ ولكِنْ لِكَيْ

تُخَفِّفَ الحِمْلَ عن البَغْلِ

ظَفِرْتُ لأبي الغَنائِم الكَاتِب هذا بأبْيَات في مجْمُوعٍ لبعض الحلبِيِّيْن، وهي:[من الطويل]

(1)

ديوان ابن حيوس 2: 633، وعجز البيت: فليس ببِدعٍ أنْ أسَأْتم وأحسَنَّا.

ص: 148

لَقِيْتُ منَ الأيَّام ما لو بَثَثْتُهُ

لشَارَكَ فيهِ كُلُّ خَلْقٍ عَرَفْتُهُ

ولم أشْكُ والشَّكْوَى تُذِلُّ ونَفْعُها

قَليلٌ وَقَدْ جَرَّبُتهُ وعِلْمْتُهُ

وَلِلهَمِّ وَقْتٌ والمَسَرَّةِ مِثْلُهُ

فخُذ مِنْهُما بالشُّكْرِ ما جَاءَ وَقْتُهُ

فيا لَائمي في أنْ صَبَرْتُ على أذَىً

قدَرْتُ على إلْقائه وحَبَسْتُهُ

ويا عَاذِلي في أنْ قعَدْتُ عن العُلَى

ولو شئْتُ منها ما أَرَدْتُ بَلَغْتُهُ

دَعَاني ورَأيي في اليَقِيْنِ فإنَّهُ (a)

مَتَى كانَ لي في الغَيْبِ شَيءٌ أخَذْتُهُ

نَقَلْتُ من كتاب جَامع الفُنُون وسَلْوة المحزُون، تأليفُ أبي الحُسَين بن الطَّحَّان

(1)

، وهو كتابٌ في ذِكْر الغِنَاءِ والمُغَنِّين، ذَكَرَ فيه في باب ما مُدِح به المُغَنُّون في زَمَاننا هذا؛ يعني زَمَانَهُ، قال: وكَتَبَ إليَّ الشَّيْخ أبو الغَنائِم زَيْد بن أحْمَد من قِطْعَةٍ طَوِيلَةٍ. [من مجزوء الكامل]

ذَاكَ البَنانُ إذا كَتَبْ

كَتَبَ الغَرَائبَ أو ضَرَبْ

ما إنْ رَأينا قبلَ (b) رُؤْ

يَتهِ خَطِيْبًا مِنْ خَشَبْ

ونَقَلْتُ من هذا الكتاب المَذْكُور

(2)

، قال: وكَتَبَ إليَّ الشَّيْخُ أبو الغَنائِم زَيْد بن أحْمَد كاتب الأَمِير ناصِر الدَّوْلَة وسَيْفِها: [من الكامل]

يا أَوْحَدَ الفُضَلَاءِ إنْ شَفَّعْتَنِي

فيمن تُهذِّبُه غَدَا بكَ أوْحَدَا

لَجَمَعْتَ بَيْنَ فَصَاحَةٍ ومَلَاحَةٍ

فرَأى الوَرَى بِكَ في زَمَانِكَ مَعْبَدا

(a) ق: فإنني.

(b) جامع الفنون: مثل.

_________

(1)

نشر كتاب ابن الطحان بعنوان: "حاوي الفنون"، وانظر النقل أعلاه في ص 88.

(2)

لم أقف عليه في كتاب جامع الفنون.

ص: 149

‌زَيْدُ بن أحْمَد، أبو الحُسَين الحَلَبيِّ

رَوَى عن الأُسْتَاذ الأديْب هِبَة الله بن جَعْفَر المُؤدِّب الحَلَبيِّ بعض شِعْره، رَوَى عنهُ الأُسْتَاذ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله العُظَيْميّ

(1)

، وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيِّ، والمُؤيَّد بن عليّ بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قالا: أجَازَ لنا العُظَيْميّ، وقال: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو الحُسَين زَيْدُ بن أحْمَد الحَلَبيِّ، قال: كُنْتُ صَغِيْرًا بمَكْتبِ الأُسْتَاذ الأدِيْب هِبةِ الله بن جَعْفَر، في هذه السَّنَة، يعني سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة قَبْل مَقْتَل نَصْر بن مَحْمُود، وكان هذا الأُسْتَاذ شَاعِرًا مَلِيْحًا، فَمَدَحَ نَصْر بن مَحْمُّود قَبْل قتله بقَصِيدةٍ أوَّلُها

(2)

: [من البسيط]

أمَّا الأنامُ فَمرْزُوقٌ ومَحْرُومُ

كذا المُحبُّونَ مَوْصُولٌ ومَحْرُومُ

وأنْبَانَا الكِنْدِيّ والطُّوْسيّ عن العُظَيْميِّ

(3)

، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أنْشَدَني أبو الحُسَين زَيْدُ بن أحْمَد الحَلَبيِّ لابن مُقْلَة؛ يعني: لمَّا قُطِعَت يَدُه: [من الخفيف]

قد تحرَّجْتُ ما اسْتَطَعْتُ بجُهْدِي

حفْظَ أمْوَالهم فما حَفِظُوني

ليسَ بعدَا اليَمِيْنِ لذَّةُ عَيْشٍ

يا حَيَاتي بانتْ يَمِيْني فَبِيْني

(1)

الإشارة إلى كتاب العظيمي "المُؤصَّل على الأصل المُوَصَّل"، المفقرد، ولم يذكره العظيمي في مختصره:"تاريخ حلب".

(2)

لم ترد في ديوان ابن سناء الملك، هبة الله بن جعفر.

(3)

انظر التعليق على الرواية قبله.

ص: 150

‌زَيْدُ بن أرْقَم بن زَيْد بن قَيْس بن النعْمان بن مَالِك الأغرِّ (a) بن ثَعْلَبَة بن كَعْب بن الخَزْرَج بن الحارِث (b) بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ، أبو كَعْب - وقيل: أبو عَامِر، وقيل: أبو عَمْرو، وقيل: أبو برزَة، وقيل: أبو سَعْد، وقيل: أبو سَعِيد، وقيل: أبو أُنَيْسَة - الخَزْرَجيّ

(1)

صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ وعن أبي بَكْر الصِّدِّيْق (c). رَوَى عنهُ أبو إسْحاق السَّبِيْعيِّ، وأبو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى، والنَّضْر بن أنَس بن مَالِك، وثُمَامَة بن عُقْبَة، ويَزِيْد بن حَيَّان (d) التَّيْميّ، وأبو سَعِيْد الأزْدِيّ،

(a) مهملة في الأصل وق، وتأتي في بعض الموضع تاليًا بالزاي: الأعز، والمثبت من طبقات خليفة 94، 136، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 362 - 365، (وذكر زيد بن أرقم في عقبه)، وتاريخ ابن عساكر 19: 256، وتهذيب الكمال 10: 101، وتهذيب التهذيب 3:394.

(b) ساقطة من ق.

(c) ق: رضي الله عنه.

(d) كذا في الأصل وتاريخ ابن عساكر وسير أعلام البلاء، وورد في ق وتهذيب الكمال: حبان.

_________

(1)

توفي سنة 66 هـ، وقيل: 68 هـ، وترجمته في: كتب وقعة صفين لابن مزاحم 218، 448، طبقات ابن سعد 6: 18، تاريخ خليفة 264، طبقات خليفة 94، 136، تاريخ البخاري الكبير 3: 385، التاريخ الصغير 1: 146، 190، 193، تاريخ الطبري 1: 42، 2: 310، 605، 607، 3: 38، 158 - 159، 5: 425، 456، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 259، الاشتقاق 453، المعرفة والتاريخ 1: 303، المسعودي: التنبيه والإشراف 231، الجرح والتعديل 3: 554، الثقات لابن حبان 3: 139 - 140، مشاهير علماء الأمصار 80، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 73، 76، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 365، الاستيعاب 2: 535 - 536، وتاريخ ابن عساكر 19: 256 - 274، ابن الأثير: الكامل 2: 57، 192، 235، 303:4: 62، 81، أسد الغابة 2: 219 - 220، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 437 - 439، تهذيب الكمال 10: 9 - 12، تاريخ الإسلام 2: 641 - 642، العبر في خبر مَن غبر 1: 54، 55، الإعلام بوفيات الأعلام 43، الكشاف 1: 336، سير أعلام البلاء 3: 165 - 168، الوافي بالوفيات 15: 22، الإصابة 3: 21، تهذيب التهذيب 3: 394 - 395، تقريب التهذيب 1: 272، شذرات الذهب 1: 291، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 439 - 442، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 87 - 90.

ص: 151

وأبو مُسْلِم البَجَليّ، وأبو المنْهَال عَبْد الرَّحمن بن مُطْعِم (a)، وحَبِيْب بن يَسَارٍ، وأبو وَقَّاصٍ، وأبو الخلِيل (b)، وأبو سُليْمان، وطَاوُوس، وأبو حَمْزَة طَلْحَة بن يَزِيد، ومُحَمَّد بن كَعْب، وابْنته أُنيسَة بنْتُ زَيْد.

وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه وغيرها.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوحِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَعيد البَكْرِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحمَّد بن خَمِيْس، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، وأبو عَبْد الله (c) مُحَمَّد بنُ دَاوُد الدَّربَنْدِيّ بمَسْجِد الخَليل صَلَّى اللهُ عليه [وسَلَّم](d)، وأبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة بحَلَب، قالُوا: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب نَصْر بن أحْمَد بن البَطِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بنُ عُبَيْدِ الله بن البيِّع، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْدِ الله الحُسَينُ بن إسْمَاعِيْل المحامِلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَنا مَرْوَانُ الفَزَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن الحارِث بن أبي شُبَيْل (e)، عن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عن زَيْد بن أرْقَم

(1)

، قال: كُنَّا نتكلَّم في الصَّلاةِ على عَهْدِ النَّبيِّ

(a) ق: المطعم.

(b) مهملة في الأصل، وفي ق: الجليل، والمثبت من ابن عساكر.

(c) ق: وأبو عبد.

(d) إضافة من ق.

(e) كذا ورد اسمه في الأصل وق، وصوابه: الحارث بن شبيل، كما نبَّه عليه المصنف عقب الرواية، وكما جاء في مصادر تخريج الحديث جميعها، وانظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3: 76، وتهذيب الكمال 5: 237 - 239.

_________

(1)

مسند أحمد 32: 28 (رقم 19278)، ومسند عبد بن حميد (المنتخب) 113 (رقم 260)، صحيح مسلم 1: 383 (رقم 539)، فتح الباري 3: 72 - 73 (رقم 1200)، سنن أبي داود 1: 583 (رقم 949)، الجامع الكبير للترمذي 1: 430 (رقم 405)، سنن النسائي 3: 18 (رقم 1219).

ص: 152

صَلَّى الله عليه وسَلَّم، يُكلِّم أحَدُنا صَاحِبَهُ في الحاجَةِ فيما بينَهُ وبينَه، فلمَّا نَزلَتْ:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}

(1)

أُمِرْنا بالسُّكُوتِ.

هكذا قال في هذه الرِّوَايَة: عن الحارِث بن أبي شُبَيْل! وقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن عُبَيْد، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، عن الحارِث بن شُبَيْل، عن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عن زَيْد.

أخْبَرَنا بذلك أبو الحَسَن عليِّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الجَزَرِيّ، وأبو البَقَاء يَعِيْش بن عليّ بن يَعِيْش النَّحْوِيّ جَمِيعًا بحَلَب، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الخَطِيبُ عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحمد بن الحُسين السَّرَّاج، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُبَيْد، قَال: حَدَّثَنَا إسْمَاعيْل بن أبي خَالِدٍ، عن الحَارِث بن شُبَيْل، عن أبي عَمْرو الشَّيبَانِيّ، عن زَيْد بن أَرْقَم، قال: كُنَّا في عَهْد رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا كُنَّا في الصَّلاة فأراد أحَدُنا صاجةً إلى أحدٍ منَّا سَارَّهُ، فنَزلت هذه الآية:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}

(2)

فأُمِرْنا بالسُّكُوتِ.

قال أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد السَّرَّاج، فيما خَرَّجَهُ له الخَطِيبُ أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت

(3)

: هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ من حَديث أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ واسْمُه سَعْد بن إِيَاس، عن أبي عَمْرو زَيْد بن أرْقَم الأنْصَاريّ، ومن رِوَايَة الحَارِث بن شُبَيْل، عن أبي عَمْرو.

(1)

سورة البقرة، من الآية 238.

(2)

سورة البقرة، الآية 238.

(3)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي.

ص: 153

ورَوَاهُ البُخاريّ

(1)

عن إبْراهيم بن مُوسَى، عن عِيسَىَ بن يُونُس، وعن مُسَدَّد عن يَحْيَى. ورَوَاهُ مُسْلِم

(2)

عن يَحْيَى بن يَحْيَى، عن هشَيْم، وعن أبي بَكْر عن ابن نُمَيْر ووَكِيع، وعن إسْحاق بن إبْراهيم، عن عِيسَى بن يُونسُ، خَمْسَتهم عن إسْمَاعِيْل، فكأنَّ شَيْخنا سَمِعَهُ من البُخاريّ ومُسْلِم.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلب الهاشميِّ، قال: أخْبَرَنا الشّيْخ الخَطِيب أبو بكر مُحَمَّد بن نَصْر بن مَنْصُور بن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد العَامرِي، قال: أخْبَرَنا السَّيِّدُ الإمَامُ أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَيْد الحُسَيْنيّ، إمْلاءً بسَمَرْقند، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد العَدْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل بن زِيَاد القَطَّانُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين الحُنَيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن رجَاء، قال: حَدَّثَنَا إِسرَائيِل، عن أَبِيهِ، عن أبي إسْحاق، عن زَيْد بن أرْقَم، قال

(3)

: أصَابني رَمَدٌ، فعَادَني رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيْتَ لو أنَّ عَيْنَيك لِمَا بهما ما كُنْتَ صَانعًا؟ قال: كُنْتُ أَصْبرُ وأحْتَسبُ، قال: أمَا والله لو كانت عَيْناكَ لِمَا بهما ثمّ صَبْرتَ واحْتَسَبْتَ، ثمّ مُتَّ لَقِيتَ الله ولا ذَنْبَ لك.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُربن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبرزَد البَغْدَاديّ، بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ، قال (a): أخْبَرَنا أبو طَالب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهِيم بن غَيلان (b)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللهَ الشَّافعيِّ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن

(a) وردت مكررة في الأصل.

(b) ق: علان.

_________

(1)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري 3: 72 - 73 (رقم 1200).

(2)

صحيح الإمام مسلم 1: 383 (رقم 539).

(3)

كنز العمال للمتقي الهندي 3: 764 - 765 (رقم 8688).

(4)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)78.

ص: 154

سُلَيمان بن الحارِث، قال: حدَّثَنَا عُبَيد الله بن مُوسى، قال: حدَّثَنَا أبو إِسْرَائيِل المُلَائِيّ، عن الحَكَم، عن أبي سُليْمان المُؤذِّن، عن زَيد بن أرْقَم

(1)

: أنَّ عليًا أنشَدَ النَّاسَ: مَنْ سَمعَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعليٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وعَادِ مَن عَادَاهُ. فقام ستَّة عَشَر رَجُلًا فشَهِدُوا بذلك، وكُنتُ فيهم.

أخبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الجَزَرِيّ، وأبو البَقَاء يَعِيْش بن عليّ بن يَعِيْش الحلَبِيّ بحَلَب، قراءةً عليهما، قالا: أخبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد بن الحُسَين السَّرَّاج، قال: أخبَرَنا القَاضي أبو الحَسَن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر بن مُحمّد بن إبْراهيم بن سَنْبَك، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن أحْمَد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن عُمَر القَوَارِيرِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد - يعني القَطَّان - ويُوسُف بن سَعيد، قالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد - يعني أبا حَبَّان التَّيْمِيّ - عن يَزيد بن حَبَّان، عن زَيْد بن أرْقَم، قال: بعَثَ إليَّ عُبيدُ الله بن زِيَاد فقال: ما أحَادِيْث تُحَدِّثُ بها لا نَجِدُها في كتاب الله؟ - قال يُوسُف: نُحَدّثُ بها - قال يَحْيَى: تزعم أنَّ له حَوْضًا في الجنَّةِ، قال: قد حَدَّثناهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم ووعَدَناهُ، قال: كَذَبْت ولكنَّك شَيْخ قد خرفْتَ، قال: أمَا إنَّهُ سَمِعَتْهُ أُذناي ووَعَاهُ قَلبي يَقُول: مَنْ كَذبَ عليَّ مُتَعمِّدًا، قال يُوسُف: فليَتَبوَّأ مَقْعَدَهُ من جَهَنَّم. وقال يَحْيَى: من النَّارِ، وما كَذَبْت على رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف بن عليّ البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: أخبَرَنا أبو زُرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر المقدِسِيّ الصُّوْفيّ، قال: أخبَرَنا أبو مَنْصُور

(1)

المعجم الكبير للطبراني 5: 175 (رقم 4996)، تهذيب الكمال للمزي 33:368.

ص: 155

مُحَمَّد بن الحُسَين المُقَوِّيِّ، قال: أخبَرَنا أبو طَلْحَة القَاسِم بن أبي المُنذِر الخَطِيبُ، قال: أخبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن إبراهيم بن سَلَمَة بن بَحْر الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الله مُحَمَّد بن يَزِيد بن ماجة، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَر، عن شُعْبَة، ح.

قال ابنُ مَاجَة

(1)

: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ بشَّار (a)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرّحْمن بن مَهدِي، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن عبد الرَّحْمن بن أبي لَيلَى، قال: قلنا لزَيْد بن أرْقَم: حَدِّثْنا عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: كَبِرْنا ونَسِيْنا، والحَدِيْثُ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ.

أخبَرَنا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (b)، قال: أخبَرَنا أبو القَاسم بن الحُصَيْن، قال: أخبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهب، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن جَعْفر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أَبي، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن الحَكَم، عن مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ، عن زَيْد بن أرْقَم، قال: كُنْتُ مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزوةٍ فقال عَبْد الله بن أبَيّ: لئن رَجعنا إلى المَدينَة ليخْرِجن الأعَزُّ منها الأذَلَّ، قال: فأتيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم فأَخْبَرتُه، قال: فَحلفَ عَبْد الله بن أُبَيّ أنَّهُ لَم يكُن شيء من ذلك، قال: فلامَني قوْي، وقالوا: ما أردتَ إلى هذا؟ فانْطَلقْتُ فَنمتُ كَئيبًا أو حَزينًا، قال: فأرْسَل إليَّ رسُول الله

(a) الأصل: يسار، والمثبت من سنن ابن ماجة، وهو: محمد بن بشار بن عثمان بن كيسان، أبو بكر البصري، ويعرف ببندار، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 3:458.

(b) ق: الحسين، وانظر: تاريخ ابن عساكر 19: 270.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 1: 11 (رقم 25)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5: 295 (26216)، والطبراني في المعجم الكبير 5: 169 (رقم 4978)، والمتقي الهندي: كنز العمال 10: 293 - 294 (رقم 29483)، وانظر المسند الجامع 5: 501 (رقم 3821).

ص: 156

صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أو أَتَيتُ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ الله قد أنزلَ عُذرَكَ وصَدَّقك، قال: فنَزَلَت هذه الآيةَ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}

(1)

حتَّى بَلَغَ {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}

(2)

.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

: ورَوَاهُ أبو سَعيد الأزْدِيّ عن زَيْدٍ بمَعْناه.

أخْبَرناهُ أبو عَبْدِ الله الخَلَّالُ، قال: أخبَرَنا إبراهيم بن مَنصُور، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر بن المُقرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعلَى، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا عبيد الله (a) بن مُوسى، قال: حَدَّثَنَا إِسرائيل، عن السُّدِّيّ، عن أبي سَعيد الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن أرْقَم، قال: غزونا مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومعنا ناسٌ من العَرَب، وكُنَّا نَبتدِرُ الماء، وكان الأَعْرَابُ يَسبقُوننا، ويَسبق الأعْرَابِيّ أصْحَابَهُ فيَمْلأ الحوض، ويَجْعل حَوْله حِجَارَةً ويَجْعلُ عليه نطَعًا حتَّى يَجِيء أَصحابُه، قال: فجاء رَجُلٌ من الأنْصَار فأرْخَى زمَام نَاقَته لتَشْربَ فأبَى أنْ يدعَهُ فانْتَزع حَجَرًا، ففَاضَ الماءُ، فرَفع الأعرَابِيّ خَشَبةً فضَربَ بها رأس الأنْصَاريّ، فشَجَّهُ، فأتَى عَبْد الله بن أُبَيّ، رأسُ المنُافِفين، وكان من أصحَابهِ، فغَضِبَ عَبْدُ الله بن أُبَيّ، وقال:{لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}

(4)

، يَقُول (a): مَن حَوْله من الأعْرَاب، وكانوا يَحْضُرون رسُول الله صلى الله عليه وسلم عند الطَّعَام، فقال عَبْد الله لأصحابه: إذا انْفَضُّوا من عند مُحَمَّدٍ فائتُوا مُحَمَّدَا بالطّعَام فليَأكُل هو ومِن عندَهُ، ثُمَّ قال لأَصْحَابه: إذا رَجَعتمُ إلى المَدِينَة فليُخْرِج الأعَزُّ منها الأذَلَّ. قال زيْد: وأنا رَدِيْف عمِّي، قال: فسَمِعْتُ عَبْد اللهِ،

(a) ابن عساكر: عبد الله.

(b) ليست في تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

سورة المنافقون، من الآية 7.

(2)

سورة المنافقون، من الآية 8.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 270 - 271.

(4)

سورة المنافقون، من الآية 7.

ص: 157

وكُنَّا أخْوَاله، فأخْبَرت (a) عَمِّي، فانْطَلقَ فأخْبَر رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأرْسَل رسُول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فَخَلفَ وجَحَد، قال: فصَدَّقه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكَذَّبني، قال فجاء عَمِّي فقال: ما أردْتَ إلى أنْ مَقَتَكَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وكذَّبك وكذَّبك المُسلمُون؟ قال: فوقعَ عليَّ من الهَمِّ ما لَم يقَع على أحدٍ قَطُّ. قال: فبَينما أنا أسِيْرُ مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ إذ خفَقْتُ برَأسِي من الهَمِّ، إذْ أتَاني رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فعَرَك أُذُني وضحكَ في وَجْهي، فما كان يسُرُّني أنَّ لي به الخلد أُقيم في الدُّنْيا، ثُمَّ إنّ أبا بَكْر لَحقَني فقال: ما قال لك رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قُلتُ: ما قال لي شيئًا إلَّا أنَّهُ عَرَكَ أُذُني وضَحكَ في وَجْهي، قال: أَبشِرْ، قال: ولَحِقَني عُمَرُ، فقُلْتُ له قَوْلي لأبي بَكْرٍ (b)، فلمَّا أصْبَحْنا قَرأ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم سُوْرة المُنَافِقين (c).

أنبأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُور، قال: أخبرَنا عِيسَى بنُ عليّ، قال: أخبَرَنا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: حَدَّثني سَعيد بن يَحْيَى الأمَوِيّ، قال: حَدَّثني أبي، عن ابن إسْحَاق

(1)

، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن أبي بَكْرٍ، عن بعض قَوْمهِ، عن زيد بن أرْقَم، قال: كُنْتُ يَتِيْمًا لعبد الله بن رَوَاحَة (d) فخرَج بي معه - يعني إلى مُؤْتَة - مُردِفِي على حَقِيبَة (e) رَحْلِهِ، فقال ليلةً

(2)

: [من الوافر]

إذا أدَّيْتَنِي وحَمَلْتِ رَحْلي

مَسِيْرةَ أرْبعٍ بعدَ الحِسَاءِ

(a) الأصل: فاخترت، والمثبت من ق وابن عساكر.

(b) ق: رضي الله عنه.

(c) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير النصف.

(d) زيد في السيرة: في حجره.

(e) في الأصل: حدسه، مهملة، ق: حديثه، والمثبت من السيرة لابن هشام.

_________

(1)

انظره في سيرة ابن هشام 2: 376 - 377.

(2)

ديوان عبد الله بن رواحة 151.

ص: 158

وجاءَ المُؤْمنُونَ (4) وغَادَرُوني

بأرْض الرُّوم مَشهُور (b) الثَّوَاءِ

ورَدَّكِ كُلُّ ذي نَسَبٍ قَرِيبٍ

إلى الرَّحْمَن مُنْقَطع (c) الإخَاءِ

هُنالك لا أُبَالي سَقَي (d) بَعْلٍ

ولا نَخْلٍ بسَاقيه (e) روَاءِ

فشَأنك أَنْعُم وخَلَاكِ ذمًّ

ولا أرْجعْ إلى أهْلي وَرَائي

فلمَّا سَمِعْتُه يتَمثَّلُ بهذه الأبيَات بَكَيْتُ فخفَقَني بالدِّرَّة، فقال: ما يضرُّكَ أنْ يَرْزقني الله الشَّهَادَةَ، فأسْتَريح من الدُّنْيا وأهْلها، وتَرجع بين شُعْبَتي رَحْلي!.

أخبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر اللَّفتُوانيّ (f)، قال: أخبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: زيْدُ بن أرْقَم بن زَيْد (g)، أحَدُ بني الحارِث بن الخَزْرَج، يُكْنَى أبا سَعِيد، وقال الهَيْثَم بن عَدِيٍّ: يكنَى أبا أُنيسَة، توفِّي زَمَن المُختَار بالكُوفَة سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين، وله بَقِيَّة وعَقِبٌ، وأوَّلُ مَشَاهِدِه المُرَيسيع.

أنبَأنَا أبو اليمن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا (h) الحَسَن بن عليّ، قال: أخبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن

(a) الديوان وسيرة ابن هشام: المسلمون.

(b) الديوان وسيرة ابن هشام: بأرض الشام مُشتهى.

(c) في متن الأصل: وانقطع، وصوبه في الهامش بما يوافق الديوان وسيرة ابن هشام.

(d) الديوان وسيرة ابن هشام: طلع.

(e) الديوان وسيرة ابن هشام: أسافلها.

(f) ق: ابن اللفتواني.

(g) الأصل، ق: بكر، ولم ترد في نشرة الطبقات والمثبت من تاريخ ابن عساكر، ومثله ما تقدم في سياقة نسبه.

(h) ق: أخبرني.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 259.

(2)

بعضه في طبقات ابن سعد 6: 18.

ص: 159

الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد (a)، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّالثة زَيد بن أرقَم بن زَيد بن قَيس بن النُّعْمان بن مَالك الأغرّ (b) بن ثَعْلَبَةَ بن كَعْب بن الخَزْرِج بن الحارِث بن الخزرج، ولَم يُسَمِّ لنا أَمَّه. قال: أخبَرَنا عُمَر بن عُمَر، قال: كان زَيد بن أرْقَم يُكْنَى أبا سَعْد، وقال غيره: يُكنَى أبا أُنيسَة، وتُوفِّيَ بالكُوفَة زَمَن المُختَار بن أبي عُبَيْد سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين.

أنبَأنَا أبو اليُمن، عن أبي البَرَكَات الأنمَاطِيّ، قال: أخبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن بن أحمد، وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أحْمَد الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا خلَيفَةُ بن خَيَّاط

(1)

، قال: زَيْد بن أرْقَم بن زَيد بن قيس بن النُّعْمان بن مَالِك الأَغرّ (c) بن ثعلَبَة، يُكنَى أبا عَامر، مات بالكُوفَة أيَّام المُختَار سَنَة ستٍّ وسِتِّين.

أنبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن عَبْد الله في كتابهِ، ثمّ أخبَرَنا أبو الفَضْل بن نَاصِر عنه، قال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخبَرَنا أبو الحُسين بن المُظَفَّر، قال: أخبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن عليّ المَدَاِئِنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْد الله بن البرقِيّ قال: ومن بني الحارِث بن الخَزْرجِ - يعني ابن الحَارث (d) - ابن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عامر: زَيد بن أرْقَم بن زيد بن قيس بن النّعْمان بن مَالِك بن ثَعْلَبَة بن كَعْب (e) بن الخَزرَج بن الحارِث بن الخزرج، يُكنَى أبا عَامِر، مات بالكُوفَة أيَّام المُختَار سَنَة ستٍّ وسِتِّين.

(a) لم يرد في طبقاته.

(b) الأصلا، ق: الأعز، والمثبت من ابن عساكر، وتقدم التعليق عليه.

(c) الأصل، ق: الأعز.

(d) الأصل، ق: حارثة، والمثبت من ابن عساكر، وكما هو في سياقة نسبه أول الترجمة.

(e) ساقطة من ابن عساكر.

_________

(1)

طبقات خليفة 94.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 259 - 260.

ص: 160

أنبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق، قال: أخبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخبَرَنا مُحَمَّد بن إسْماعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زَيْد بن أرْقَم من بني الحارِث بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ، سَكَنَ الكُوفَة، أبو عَمْرو، نَسَبَهُ ابن إسْحاق. قال أبو نُعَيْم: حَدَّثَنَا زُهَيْر، عن أبي (a) إسْحاق، قال

(2)

: سَألْتُ زَيْد بن أرْقَم: كمَ غزوْت مع النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سَبعْ عَشرهَ غَزْوةً، وغَزَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم تسْع عَشرة.

وقال ابن أبي أُوَبْس، عن إسمَاعِيْل بن إبْراهيم بن عُقْبَة، عن مُوسَى ما بن عُقْبَة، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن الفَضْل، سَمعَ أنَس بن مَالِك

(3)

: سُئِلَ عن زيْد، فقال: هو الّذي يقُول له رسُول الله صَلَّى اللهُ عله وسلَّم: هذا الّذي أوْفَى الله بأُذْنِهِ (b).

وقال لي قيس بن حَفْص: حَدَّثَنَا مُعْتَمِر، قال: سَمِعْتُ ثَابِتَ بن زَيْد، عن أزْهَر، عن أُنيسِةَ أنَّ زَيدًا دَخَلَ على المُختَار فقال له: يا أبا عَامِر، قال: وسَمِعْتُ ثَابِتَ بن زيد، عن رَجُلٍ، عن ابن أبي ليلَى أنَّ عليًا قال لزَيْدٍ: يا أبا عَامِر.

أنبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخبَرَنا

(a) الأصل: ابن، وأصلحه، وهو: أبو إسحاق السبيعي.

(b) كذا مجودًا في الأصل ومثله في كنز العمال، وفي تاريخ البخاري الكبير 3: 385: بأذنيه، وعند ابن عساكر 19: 257: بإذْنه.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 385.

(2)

صحيح مسلم 2: 916 (رقم 218)، ودلائل النبوة للبيهقى 5: 453، فتح الباري 8: 107 (رقم 4404).

(3)

تاريخ البخاري الكبير 3: 385، وتاريخ ابن عساكر 19: 357، وكنز العمال 2: 435 (رقم 4413).

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 262.

ص: 161

أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(1)

يَقُول: أبو عمرو زَيْد بن أرْقَم الخزَرَجيّ له صُحْبَة.

وقال الحافِظُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْرُ الله (a) بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُليْمان (b) بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن مُحَمَّد بن إيَّاس (c)، قال: سَمِعْتُ مُحّمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيِّ يَقُول: زَيْد بن أرْقَم الأنْصَاريّ يكني أبا عَمْرو.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد، فيما أَذنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم (d) إسمْاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقندِيَّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حدثني إسْمَاعِيْل بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّد، قال: حَدَّثَنَا يحَيْىَ، عن شُعْبَة، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الرَّحْمن بن أبي ليْلَى، قال: قلنا لزَيْد بن أرْقَم: يا أبا عَمْرو.

قال ابنُ السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن البَقَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الحَمَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن أحْمَد بِن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ نُوح بن حَبِيبٍ يَقُول: زَيْد بن أرْقَم الأنْصَاريّ، يُكْنَى أبا عَامِر.

(a) ق: نصر.

(b) ابن عساكر: سُليم، وذكره ابن العديم فيما تقدم على الوجهين.

(c) الأصل، ق: إسحاق، والمثبت من ابن عساكر، وهو صاحب كتاب طبقات محدثي الموصل (وهو كتاب مفقود، والنقل عنه) وكتاب تاريخ الموصل.

(d) ساقطة من ق.

_________

(1)

الكنى والأسماء 1: 562.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 262.

ص: 162

وقال ابنُ السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(1)

، قال: زَيْد بن أرْقَم أبو عَمْرو.

قال ابنُ السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: في كتاب عَمِّي، ممَّا سَمِعْنا منه في المُسْنَد: زَيْد بن أرْقَم بن زَيْد بن قيس بن النُّعْمان بن مَالِك بن ثَعْلَبَة بن الخَزْرَج، قال عَبْد الله بن مُحَمَّد: زَيْد بن أرْقَم أبو عَمْرو الأنْصَاريّ، سَكَنَ الكُوفَة، وشَهِدَ مع عليٍّ (a) المَشَاهِد.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله كتابةً، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائليّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرني عَبْدُ الكَريْم (b) بن أبي عَبْد الرَّحمن النَّسَويّ، قال: أخْبَرني أبي، قال: [

] (c).

أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَجِ مَسْعُود بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، إجَازةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: زَيْد بن أرْقَم من بني الحارِث بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ أبو عَمْرو، سَكَنَ الكُوفَة ومات بها، رَوَى عنهُ أبو إسْحاق، ومُحَمَّد بن كَعْب، وأبو حَمْزَة مَوْلَى الأنْصَار. سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

(a) ق: رضي الله عنه.

(b) في الأصل: محمد بن عبد الكريم، وضرب على الاسم الأول.

(c) بياض في الأصل وق قدر سطر، ولم أقف على كلام النسائي في المصادر التي ترجمت لزيد بن أرقم.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 303.

(2)

الجرح والتعديل 3: 554.

ص: 163

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمر بن عليّ بن قُشَام، عن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحمّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحاكم

(1)

، قال: أبو عَمْرو (a)، ويُقال: أبو عَامرِ، ويُقال: أبو سَعيد، ويُقال: أبو أُنيْسَة، زَيْد بن أرْقَم بن زيْد بن قيس بن النُّعْمان بن مَالِك الأغَرّ (b) بن ثَعْلَبَة الأنْصَاريّ أخُو بني الحَارِث بن الخَزْرج، له صُحْبَة من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وغَزَا معه سَبْع عَشرة غَزْوةً، وسَكَنَ الكُوفَة، وماتَ بها. ويُقال: أوَّل مَشَاهِده مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم المُرَيْسِيْع، ابْتَنى دارًا بالكُوفَة في كِنْدَة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المقدِسِيِّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسين الكَلَابَاذِيّ، قال: زيد بن أرْقَم، أبو عمرو، ويُقال: أبو عامر. وقال الوَاقِدِيّ: يُكْنَى أبا سعيد، وقال الهَيْثَم: لُكْنَى أبا أُنَيْسَة الأنْصَاريّ الخزرَجيّ الكُوْفيّ، سَكَنَ الكُوفَة، سَمعَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ أبو إسْحاق السَّبِيْعِيِّ، وأبو عَمْرو الشَّلبَانِيِّ، ومُحَمَّد بن كَعْب، وأبو حَمْزة طَلْحَة بن يَزِيد في المغَازِي وغير مَوضع. قال الهَيْثمَ بن عَدِيٍّ: تُوفِّي سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين زَمَن المختَار بالكُوفَة.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن غَانِم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن

(a) الأسامي للحاكم: عمر.

(b) ق: الأعز.

_________

(1)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 65.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 260.

ص: 164

مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو عَبْدِ اللهِ، قال: زَيْدُ بن أرْقَم بن قَيْس بن النُّعْمان بن مَالِك الأعَزِّ (a) من بَني الحَارِث بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ، سَكَنَ الكُوفَة، يُكْنَى أبا عَمْرو، وقيل: أبو عَامر، رَوَى عنهُ ابنُ عبَّاسٍ، وأنَسُ بن مَالِكٍ، وأبو إسْحاق السَّبِيْعِيِّ، وابن أبي لَيْلَى، ويزيْد بن حَيَّان (b).

[وقال (c): أنْبأنا أبو سعد المُطَرِّزُ و](4) أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن جَبَلَة، قال (e): حَدَّثنا مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبرَني أبو يُونُس المَدَنيِّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذِر، قال: زَيْدُ بنُ أرْقَم من بلحَارِث (f) بن الخَزَرج، توفِّي سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين بالكُوفَة.

وقال

(1)

: وحَدَّثنا أبو حَامِد بن جَبَلَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثتا مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، قال: حَدَّثَنا الأَعْمَشُ، عن عَمْرو بن مُرَّة، قال: حَدَّثني طَلْحَة مَوْلَى آل قَرَظَة بن كَعْب، قال: قُلْتُ لزَيْد بن أرْقَم: يا أبا عَمْرو.

وقال

(2)

: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْد الله الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المُنْذِر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عن الأعمش، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن يَحْيَى بن جَعْفَر، قال: قُلْتُ لزَيْدٍ: يا أبا عَامِر.

(a) الأصل، ق: الأعز، والمثبت من ابن عساكر وكما تقدم في سياقة نسبه.

(b) مهملة في الأصل، وفي ق: حبان، وفي تاريخ ابن عساكر: زيد بن حيَّان، وتقدم ذكره في أول الترجمة على النحو المثبت.

(c) تاريخ ابن عساكر 19: 260.

(d) ما بين الحاصرتين يباض في الأصل قدر أربع كلمات، ويليه في الأصل وق: "قال: أخبرنا أبو علي

"، والرواية بالإسناد المذكور عند ابن عساكر، فاستكملنا النقص منه، ويؤكده الرواية التي تليها، المستفتحة بـ: قال.

(e) مكررة في الأصل.

(f) ق: من بني الحارث.

_________

(1)

انظر: تاريخ ابن عساكر 19: 261.

(2)

انظر: تاريخ ابن عساكر 19: 261.

ص: 165

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَجِ الحُصْرِيّ، فيما كَتَبَ إليَّ من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد البَرِّ

(1)

، قال: زَيْدُ بن أرقَم بن زَيْد بن قيس بن النُّعْمان بن مَالِك الأَغر (a) بن ثَعْلَبَة الأنْصَاريّ الخَزْرجيّ من بني الحارِث بن الخَزْرَج، اخْتُلفَ في كُنْيَته اخْتِلَافًا كَثِيْرًا فقيل: أبو عَمْرو (b)، وقيل: أبو عَامر، وقيل: أبو سَعْدٍ، وقيل: أبو سَعِيد، وقيل: أبو أُنيسَة، قالَهُ الوَاقِدِيُّ والهَيْثَم بن عَدِيٍّ.

ورُوينا عنه من وُجُوهٍ أنَّهُ قال: غَزَا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسْع عَشرة غزْوةً، غَزَوتُ منها معه سَبع عَشرة غَزْوة، ويُقال: إنَّ أوَّل مَشَاهِده المُرَيْسِيع، يُعَدُّ في الكُوْفيِّيْن، نَزَل الكُوفَة وسَكَنَها، وابْتَنى بها دارًا في كِنْدَة، وبالكُوفة كانت وفَاتُه في سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين.

وزَيْد بن أرْقَم هو الّذي رُفع إلى رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن عَبْدِ الله بن أُبَيّ بن سَلُول (c) قَوْله: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}

(2)

، فأكْذَبهُ (d) عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيّ، وحَلَفَ، فأنْزَل اللهُ تَصْدِيقَ زَيْد بن أرْقَم، فتَبَادَر (e) أبو بَكْر وعُمَرُ إلى زَيْد ليُبَشِّراه فسَبَقَ أبو بَكْر، فأقْسَم عُمَرُ أَلَّا يبادرَهُ بعدَها إلى شئٍ، وجاءَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخَذَ بأذن زَيْدٍ وقال: وَفَتْ (f) أُذُنكَ يا غُلَامُ.

(a) الأصل، ق: الأعز، وفي الاستيعاب: مالك بن الأغر، وتقدم التعليق عليه.

(b) الاستيعاب: أبو عمر.

(c) ق: ابن أبي سلول.

(d) الاستيعاب: فكذَّبه.

(e) ق: فبادر.

(f) الاستيعاب: وعت، وفي بعض نسخه كالمثبت، وانظر فتح الباري لابن حجر العسقلاني 8:646.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 2: 535.

(2)

سورة المنافقون، من الآية 8.

ص: 166

من تفسِير ابن جُرَيْج، ومن تفسِير الحَسَن من رِوَايَةِ مَعْمَر وغيره، قيل كان ذلك في غَزْوة بني المُصْطَلقِ، وقيل في تَبُوك.

ولشَهِدَ زَيْدُ بن أرْقَم مع عليٍّ رحمه الله صِفِّيْن، وهو مَعْدُودٌ في خَاصَّةِ أصحابهِ.

ذَكَرَ ابنُ إسْحاق

(1)

، عن عَبْدِ الله بن أبي بَكْر بن مُحّمَّد بن عَمْرو بن حَزْمِ، قال: كان زَيْد بن أرْقَم يَتِيْمًا في حَجْر عَبْد الله بن رَوَاحَة، فَخَرَج به معه إلى مؤْتةَ يَحْملُهُ على حقيْبةِ رَحْلِهِ، فسَمِعَهُ زَيْدُ بن أرْقَم من اللَّيل وهو يَتَمَثَّلُ أبْيَاتَهُ الّتي يقُولُ فها

(2)

: [من الوافر]

إذا أَدَّيتني وحَملتِ رَحْلي

مَسِيرةَ أرْبَعٍ بعدَ الحِسَاء

فشَأنكِ فأنعمي وخَلَاك ذَمِّي

ولا أرْجع إلى أهْلِي وَرَائِي

وجَاءَ المُؤْمنونَ (a) وغَادَرُوني

بأرْضِ الشَّام مُسْتلهَى (b) الثَّوَاءِ

فبَكى زَيْد بن أرْقَم، فخَفَقهُ بالدِّرَّة عَبْد الله بن رَوَاحَة، وقال: ما عليك يا لُكَعُ أنْ يرْزُقَني اللهُ الشَّهَادَةَ، وتَرْجع بين شُعْبتي الرَّحْلِ.

ولزَيْدِ بن أرْقَم يقُولُ عَبْدُ الله بن رَوَاحَة

(3)

: [من مشطور الرجز]

يا زَيْدُ زَيْدَ اليَعْمَلَات الذُّبَّلِ

تَطَاوَلَ اللَّيْلُ هُدِيْتَ فانْزلِ

وقيل: بل قال ذلك في غَزْوة مُؤْتَة لزَيْدِ بن حَارِثَة.

رَوَى عن زَيْد بن أرْقَم جَمَاعَةٌ منهم أبو إسْحَاق السَّبِيْعِيُّ (c)، ومُحَمَّد بن كَعْب، وأبو حَمْزَهَ مَوْلَى الأنْصَارِ.

(a) الديوان: المسلمون.

(b) الديوان: مشهى.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

السيرة النبوية لابن هشام 2: 376 - 377، والنقل متتابع عن الاستيعاب.

(2)

ديوان عبد الله بن رواحة 151.

(3)

ديوان عد الله بن رواحة 152.

ص: 167

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إِجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثنا الحُسين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحّمَّد بن سَمَاعَة، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوبُ بن إِبْراهيم القَاضِي، عن عُثْمان بن عَبْدِ الله بن زَيْد بن جَارِيَة (b)، عن عَّمِّه عُمَر بن زيْد بن جَارِيَة، عن أبيهِ زَيد بن جَارِيَة، قال: اسْتَصْغَر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْم أُحُد سَبْعة فردَّهم: عَبْد الله بن عُمَر، وزَيْد بن أرْقَم، والبَرَاء بن عَازِب، وأبا سَعيد الخدرِيّ، وجَابِر بن عَبْد الله، وليس بالَّذى يُرْوى عنهُ الحَدِيْث، وزَيْد بن جَارِيَة، وسَعْد بن حَبْتَة.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثني جَدِّي، قال: حَدَّثنا عَمْرو بن الهَيْثَم أبو قَطَن، قال: حَدَّثنا شُعْبَة، عن أبي إسْحَاق، قال: سَألْتُ زَيْد بن أرْقَم: كم غَزَا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: تِسْع عَشرة غَزْوة، قُلتُ: فما أوَّل ما غَزَا؟ قال: ذو العُشَير أو ذا العشَر، قلت: كم غزَوتَ معه؟ قال: سَبعْ عَشرة غَزْوة.

أنبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد (c) بن غَانِم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن

(a) قوله: "أخبرنا الحسن في علي" ساقط من ق.

(b) عند ابن عساكر وحيثما يرد بعده: حارثة، وهو وجه قيل فيه، ونبه ابن العديم - في ترجمة زيد في جارية التالية - على أن الصواب فيه: جارية.

(c) من قوله: "ابن الحسن قال

" إلى هنا ساقط من ق.

_________

(1)

لم أقف عليه في طبقات ابن سعد، وانظره عند ابن عساكر 19:263.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 265.

ص: 168

مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا خَيْثَمَة بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أبو قِلَابَة عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد الرَّقَاشِيّ، قال: حَدَّثَنَا بِشْر بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن أبي إسْحاق، قال: خَرَجْتُ بين البَرَاء وزَيْد بن أرْقَم، فكُنْتُ بينهما، فقُلْتُ لزَيْد بن أرْقَم: يا أبا عَمْرو، كَم غَزَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم من غَزْوة؟ قال: تِسْع عَشرة، قُلتُ: ما أوَّلهنَّ؟ قال: ذات العُشَير أو العشَر (a)، قُلتُ: كم كُنْتَ معهُ؟ قال: سَبع عَشرة غَزْوة.

قال الحافظُ

(1)

: أخْبَرناهُ عَاليًا أبو عَبْد اللهِ الخَلَّالُ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مَنْصُور، قال: أَخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا مَسْرُوق بن المَرْزُبَان أبو سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عَيَّاش، عن أبي إسْحاق، عن زَيْد بن أرْقَم، قال: غَزَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم تِسْع عَشرة غَزْوةً، غَزَوتُ منها معه خَمْس عَشرة غَزْوةً.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: وقد أنْكَر هذا الخَبَر عَبْدُ الله بن جَعْفَر المُخَرِّمِيّ، وقال: أوَّلُ غَزَاةٍ غَزَاها زَيْدُ بنُ أرْقَم المُرَيْسِيْع وهو غُلَامٌ صَغيرٌ، ما غَزَا مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا ثَلاث غَزَواتٍ أو أرْبَعًا، وشَهِدَ مُؤْتَة رَدِيفَ عَبْد الله بن روَاحَةَ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: زَيْد بن أرْقَم بن

(a) ق: ذات العشير أو العشير.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 265.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 256.

ص: 169

زَيد بن قَيْس بن النُّعْمان بن مَالِك الأغرّ بن ثَعْلَبَة (a) بن كَعْب بن الخَزْرَج بن الحَارِث بن الخَزْرَج، أبو عَمْرو - ويُقال: أبو عامر، ويُقَال: أبو سَعْد، ويُقال: أبو سَعيد، ويُقال: أبو أُنَيْسَة - الأنْصَاريّ، له صُحْبَةٌ، سَكَنَ الكُوفَة، رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحَادِيْثَ، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن أبي لَيْلَى، وأبو إسْحاق السَّبِيْعِيّ، ويَزِيْد بن حَيَّان التَّيْمِيّ (b)، وطَاوُوس، وأبو الخَلِيل (c)، وحَبِيْبُ بن يَسَار، وأبو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، وأبو سَلَمَة (d)، وأبو وَقَّاصٍ، وأبو المِنْهَالِ عبد الرَّحْمن بن مُطْعِم، والنَّضْر بن أنَس بن مَالِك، وأبو مُسْلم البَجَليّ، وأبو سَعيد الأزْدِيّ (e)، وثُمَامة بن عُقْبَة. وشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ.

نَقَلْتُ من تَاريْخ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي

(1)

، من نُسْخَةٍ كُتِبَت للقَادِر أَمِير المُؤْمنِيْن، قال في حَوَادِث سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين: وماتَ أبو كَعْب زَيْد بن أرْقَم بن زَيْد بن قَيْس بن النُّعْمان بن مَالِك الأَغَرّ بن ثَعْلَبَة بن كَعْب بن الخَزْرَج بن الحَارِث بن الخَزْرَج. وقد قيل: إنَّ وَفَاة زَيْدٍ سَنَة ستٍّ وسِتِّين بالكُوفَة، زَمَن المُخْتَار بن أبي عُبَيْد، وأنَّ عَقِبَهُ بها، ويُقال: إنَّ كُنْيَته أبو أُنَيسٍ، ويُقال: أبو عَمْرو، ويُقال: أبو عَامر.

وقال: رُوي عن أبي إسْحاق، قال: قُلْتُ لزَيْد بن أرْقَم يَوْم فطْرٍ وهو إلى جَنْبي: كم غَزَوتَ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سَبْع عَشرة غَزْوة، قُلتُ: كم غَزَا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: تِسْع عَشرة غَزْوةً.

(a) ابن عساكر: تغلب.

(b) ابن عساكر: التميمي.

(c) مهملة في الأصل، وفي ق: الجليل، والمثبت من ابن عساكر.

(d) كذا في الأصل، وتقدم في طالع الترجمة: أبو سليمان، وعند ابن عساكر: أبو سلمان.

(e) ابن عساكر: أبو سعد الأزدي.

_________

(1)

كتاب ضائع لمؤلف من أهل القرن الرابع الهجري، تقدم الكلام عليه في الجزء الثالث.

ص: 170

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح البَكْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحمد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنا الحَسَن بن البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُبَيْد بن الفَضْل بن بِيْري إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، قال: ذُكِرَ لي أنَّ زَيْد بن أرْقَم ماتَ بعد الحَسَن بن عليّ بقليلٍ وقيل (a): الحُسَين.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: وهذا وَهْمٌ.

وقال الحافِظُ

(3)

: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن غَانِم الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي؛ مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن عُتْبَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عِيسَى المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذِر، قال: وزَيْد بن أرْقَم من بلحَارِث بن الخَزْرج، تُوفِّيَ سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين بالكُوفَة.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، إذْنًا مُشَافهةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن (b) عليّ بن مُحَمَّد بن قَشِيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عُثْمان بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْدُ البَاقِي بن قَانِعٍ، قال: سَنَة ستٍّ وسِتِّين زَيْد بن أرْقَم أبو عَامِر الأنْصَاريّ، ويُقال: سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين؛ يعني: ماتَ.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن

(a) تاريخ ابن عساكر: قبل.

(b) ق: أبو الحسين.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 273.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 273.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 274، وسقط من رجال إسناده: ابن إسحاق وابن عتبة.

ص: 171

مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: قال المَدَائِنِيّ: وفيها - يعني سَنَة ستٍّ وسِتِّين - ماتَ زَيْدُ بن أرْقَم. وقال ابنُ زَبْر (a): قال الوَاقِدِيّ: وفي سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين مات زَيْد بن أرْقَم بن ثَابِتٍ (b)، ويُكْنَى أبا سَعْد (c). قال الهَيْثَم: يُكْنَى أبا أُنَيْسَة، وذَكَرَ ابنُ زَبْر أنَّ أباهُ أخْبرَهُ عن أحْمَد بن عُبَيْد بن نَاصِح عن المَدَائِنِيّ بذلك.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاطٍ

(3)

، قال: وفيها - يعني سَنَة ستٍّ وسِتِّين - مات زَيْد بن أرْقَم الأنْصَاريّ من أصْحَاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم.

‌زَيْدُ بن أسْلَم الأسْوَدِ، أبو أُسامَة - وقيل: أبو عَبْد الله - ابن أبي خَالِد العَدَوِيّ المَدَنِيّ

(4)

مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه.

(a) قوله: "قال: قال المدائني

" إلى هنا ساقط من ق، وانظر تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 76.

(b) كذا في الأصل، وفوقه "صـ"، وصوابه: زيد كما تقدم في سياقة نسبه أول الترجمة.

(c) ق: أبا سعيد.

_________

(1)

تاريخ مولد العلماء 73.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 273.

(3)

تاريخ خليفة 264، ولم يرد فيه ذكر صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم.

(4)

مختلف في سنة وفاته، قيل: سنة 130 هـ، 131 هـ، 136 هـ، 143 هـ، 145 هـ، وترجمته في: طبقات خليفة 263، تاريخ أبي حفص الفلاس 261، تاريخ البخاري الكبير 3: 387، التاريخ الصغير 1: 164، 358، 2: 11، 38، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 105، تاريخ الطبري 4: 197 - 213، 221، 244، 290، المعرفة والتاريخ 1: 675، المعارف 189، الجرح والتعديل 3: 555، المسعودي: مروج الذهب 2: 67، 4: 163 (أرخ وفاته في سنة 136 هـ)، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1064، الثقات لابن حبان 4: 246، مشاهير علماء الأمصار 130، حلية الأولياء 3: 221 =

ص: 172

رَوَى عن عَبْد الله بن عُمَر، وجَابِر بن عَبْد الله السَّلَمِيّ، وأنَس بن مَالِك، وأبيهِ أسْلَم الأسْوَد، وعَطَاء بن يَسَار، وأبي صالح السَّمَّان، وعَبْد الرَّحمن بن عَطَاء، وعُبَيْد بن جُرَيْج، وعبد الله بن أبي قَتَادَة، وعليّ بن الحُسَين بن عليّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي سَعيد، ومَالِك بن أنَس، وزِيَاد بن سَهْل، وأبي النَّوَّاس، وأبي سِنَان يَزِيد بن أُمَيَّة الدُّؤَلِيّ.

رَوَى عنهُ مَالِكُ بن أنَسٍ، وهو شَيْخُهُ، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، والزُّهْرِيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وأيُّوب السَّخْتِيَانيّ، وعُبَيْد الله بن عُمَر، وعبدُ الله بن جَعْفَر المَدِيْنِيّ، وهِشَام بن سَعْد، ومُحَمَّد بن عَجْلان، ومُحَمَّد بن إسْحاق، وسَعِيْد بن أبي هِلَال، وحَفْص بن عُمَر، ورَوْح بن القَاسِم، وسُليْمان بن بِلَال، ودَاوُد بن عَطَاء مَوْلَى الزُّبَيْر، ومُحَمَّد بن مُطَرِّف، وزَيْد بن أبي أُنَيْسَةَ، والسَّرِيّ بن يَحْيَى، وفُلَيْح بن سُلَيمان، وحَفْص بن مَيْسَرة، وعَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيّ، وأبو خَالدٍ الدَّالانيّ، وابن أبي الزَّنَادِ، وعِيسَى بن عبد الرَّحْمن، وإسْمَاعِيْل بن جَعْفَر، ودَاوُد بن قَيْس الفَرَّاء، وعَبْد الرَّحمن بن عَبْد الله بن يَسَار، ومَعْمَر، ومُقَاتِل بن سُلَيمان، وزُهَيْر بن مُحَمَّد، ويَعْقُوب بن زَيْد بن طَلْحَة، والقَاسِم بن عَبْدِ الله العُمَريّ، وأوْلَادُه: عَبْدُ الله، وعَبْد الرَّحمن، وأُسامَة بنو زَيْد بن أسْلَم.

= - 229، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 133، السمعاني: الأنساب 9: 252، تاريخ ابن عساكر 19: 274 - 295، ابن الأثير: الكامل 1: 116، 159، 5: 459، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 156 - 157، تهذيب الكمال 10: 12 - 18، تاريخ الإسلام 3: 656 - 658، الإعلام بوفيات الأعلام 67 (وفاته 136 هـ)، تذكرة الحفاظ 1: 132 - 133 (وفيه: مولى عبد الله بن عمر)، العبر في خبر مَن غبر 1: 141، سيرر أعلام النبلاء 5: 316 - 317، الكاشف 1: 336، ميزان الاعتدال 2: 98، الوافي بالوفيات 15: 23 - 24، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 32 - 33، تهذيب التهذيب 3: 395 - 397، تقريب التهذيب 1: 272، طبقات المفسرين للداوودي 1: 182 - 183، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 296، السيوطي: طبقات الحفاظ 60، شذرات الذهب 2: 159، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 5: 442 - 446، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 91 - 93.

ص: 173

وغَزَا الصَّائِفَة مع عبد الرَّحْمن بن خَالِد - وليس بابن الوَلِيدِ - وكان معه في الغَزَاة أبو حَازِم سَلَمَة بن دِيْنار.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد بقِرَاءَتي عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبَو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن غَيْلان البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن إبْراهيم الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الهَيْثَم (a) البَلَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ مُطَرِّف، عن زَيْد بن أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، عن عائِشَةَ

(2)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: طهُور كُلِّ أَدِيم دبَاغُهُ.

أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن نَصْر بن عليّ بن يُونُس العُكْبَرِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، قالا: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد البُسْرِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن العبَّاس البَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد مُحَمَّد بن هَارُون الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم بن أبي إِسْرَائِيل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنُ جَعْفَر المَدِيْنِيّ، قال: أخْبَرَني زَيْد بنُ أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، عن أبي هُرَيْرَة

(3)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بينما رَجُل مُسْتَلقٍ يَنْظُر في النُّجُوم وإلى السَّماءِ، فقال: والله إنِّي لأعْلَم لذلك خَالقًا ورَبًّا، اللَّهُمَّ اغْفِر لي. قال: فنَظَرَ اللهُ تعالَى إليه فغَفَرَ لهُ.

(a) الغيلانيات: إبراهيم بن إبراهيم.

(b) مضى ذكره في العديد من المواضع: ابن البسري.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)284.

(2)

أخرجه الدارقطني في سننه 1: 49 (رقم 27)، والزيلعي في نصب الراية لأحاديث الهداية 1: 118 (رقم 485)، والمتقي الهندي في كنز العمال 9: 418 (رقم 26765).

(3)

ذكره البيضاوي غير مسند في تفسيره: أنوار التنزيل 2: 131 (طبعة دار الفكر).

ص: 174

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله الحافِظُ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، عن مَعْمَرٍ، عن زَيْد بن أسْلَم أنَّ رَجُلًا كان في الأُمَمِ المَاضِيةِ يَجْتَهد في العِبَادَةِ، ويُشَدِّد على نَفْسِه، ويُقَنِّطُ النَّاسَ من رَحْمَة الله، ثمّ ماتَ، فقال: أيّ ربّ ما لي عندَك؟ قال: النَّار! قال: يا رَبّ، فأين عِبَادَتي واجْتِهَادي؟ فقيل له: إنَّك كُنْتَ تُقَنِّط النَّاس من رَحْمَتي في الدُّنْيا، وأنا أُقَنِّطُكَ اليَوْم من رَحْمتي.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف بن عليّ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن ثَابِت بن بُنْدَار بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور النُّوْشَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله أحْمَد بنُ سُلَيمان بن دَاوُد الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: وحَدَّثَني مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، عن أبي زَيْد مُحَمَّد بن زَيْد الأنْصَاريّ، عن مُجَمَّع بن يَعْقُوبَ، قال: أدْنَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز زَيْد بن أسْلَم دون الأحْوَصِ، فقال الأحْوَصُ

(2)

: [من الطويل]

خَلِيلي أبا حَفْص هل أنْتَ (a) مُخَبِّري

أفي الحَقِّ أنْ أُقْصَى ويُدْنَى ابنُ أسْلمَا؟

فقال عُمَرٌ: نَعَم ذلك الحَقّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بن العَجَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو

(a) الديوان: ألست أبا حفص هُديتَ.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 222.

(2)

ديوان الأحوص الأنصاري 200، وفي الوافي بالوفيات 15:23.

ص: 175

الغَنائِم مُحَمَّد بن عليِّ بن النَّرْسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا الشَّريفُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّدِ بن عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عليّ بن مُحَمَّد المُرْهَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا علي بن الحَسَن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الأزدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسى بن عَبْدِ اللّه، عن سُليْمان بن بلَال، قال: كان عليّ بن الحُسَين يَدْخُل المَسْجد فلا تَبْقَى حَلْقَةُ من حلَق قُرَيْشٍ إَلَّا أوْسَعَتْ له، فلا يَجْلس إليهم حتَّى يَجْلسَ إلى زَيْد بن أسْلَم! فيُقال له: أَيْ أبا الحَسَن، مَرَرْتَ فأوْسَعْنا لك فلم تَجْلس إلينا وجَلَسْتَ إلى زَيْد بن أسْلَم الأسْوَد؟ فيقُول لهم: إنِّي وجَدْتُه أنْفَع لي في دِيْني.

أخْبَرَنَا أبو سَعْد ثَابتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البنَاءُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عبد الباقِي بن سَلْمَان بن البَطِّيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عبيدِ الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، ح.

وأخْبَرَنَا الخَطِيبُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أبي القَاسِم بن تَيْمِيَّة الحَرَّانيّ بها، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن سَلْمَان، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بنُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الخَطِيب الأنْبارِيّ، ح.

قال ابنُ الزّاغُونيّ: وأخْبَرَنَا ابنُ البُسْرِيّ إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنَا أبو عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبدِ اللّه بن مَهْدِي الفارسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أَبُو عبدِ اللّه مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْص العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو إبْراهيم الزُّهْرِيّ - يعني أحْمَد بن سَعْد - قال: ذَكَرَ عليّ بن بَحْر القَطَّان، قال: سَمِعْتُ ابنَ أبي حَازِم يَقُول: رَأيْتُ زَيْد بن أسْلَم قَائمًا على رأس مَالِك بن أنَسٍ يسأَله.

أنْبَأَنَا أبو حَفصٍ مصر بن مُحَمَّد بن طبرزد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا

ص: 176

عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدّثَني مُحَمَّد بن أبي زُكَيْر، قال: أخْبَرَنَا ابن وَهْب، قال: حَدَّثَني مَالك، قال: سَمِعْتُه وسُئِلَ: هل كنتم تَقايسُونَ في مَجْلِس رَبيعَة ويَحْيَى بن سَعيد، أو يَكْسِر بعضٌ على بعضٍ؟ قال: لا واللّهِ، قال مَالكٌ: وأمَّا مَجْلِسُ زيْد بن أَسْلَم فلم يكُن فيه شئ من هذا إلَّا أنْ يكُونَ يَبْتدِئ هو شَيئًا يَذْكره.

قال ابنُ وهبٍ: حَدَّثَني مَالد، قال: كان ابن عَجْلان يَقُول: ما هبْتُ أحَدًا هَيْبَتي زَيْد بن أسْلَم.

وقال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنَا أبو بَكْر الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَني زَيْد بن بِشْر، قال: أخْبَرَنِي ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَني ابن زَيْد، قال: قال لي أبو حازِم: لقد رَأيتنا في مَجْلِس أبيكَ أرْبَعيْن حبْرًا فَقِيهًا أدْنَى خصْلَة منَّا التَّواسي بما في أيدينا، فما رُؤي فيها مُتَماريَين ولا مُتَنازعَيْن في حَدِث لا يَنْفعهما قَطّ.

قال أبو حازِم: كم بين قَوْم كانوا يَفْتحُوني وأنا مُنْغَلق، وبين قَوْم يغلقُوني وأنا مُنْفَتح.

قال: وحَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن بِشْر، قال: أخْبَرَنِي ابنُ وَهْبٍ - يعني - حَدَّثَنَا ابن زَيْد بن أسْلَم، قال: كان أبو حازِم يقول لهم: لا يريني اللّه يَوْم زَيْد، وقدَّمني بين يَدي زَيْد بن أسْلَم، اللَّهُمَّ إنَّهُ لَم يَبْقَ أحدٌ أرْضَى لنَفْسِي ودِيْني غير ذلك، قال: فأتاه نَعِيُّ زَيْد فعَقِر فما قام وما شَهِدَهُ فيمَن شَهِدَهُ.

قال: وكان أبو حازِم يقول: اللَّهُمَّ إنَّك تَعْلم أنِّي أنْظُر إلى زَيْد فأذْكُر بالنَّظر إليهِ القُوَّة على عِبَادَتك، فكيف بمُلَاقاتِه وبمُحَادثَتِهِ.

ص: 177

قال: وحَدَّثنا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا زَيْد، قال: أخْبَرَني ابن وَهْب، قال: حَدَّثَني ابنُ زيْد، قال: كان أبي له جُلَساء، فرُبَّما أرْسَلني إلى الرَّجُل منهم، قال: فيُقَبِّل رَأسِي ويَمْسَحهُ، ويقُول: واللّه لأبُوك أحبّ إليَّ من وَلدِي وأهْليّ، واللّهِ لو خيِّرني اللّهُ عز وجل أنْ يذهَبَ به أو بهم لاخْتَرت أنْ يَذْهبَ بهم ويَبْقَى لي زَيْدٌ.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أَخْبَرَنَا أبو مُحّمّد بنُ طَاوُوس، قال: أخبَرنا أبو الغَنَائم بن أبي عُثمان، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن مَهْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي يَعْقُوبُ، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْب، قال: قال عَبْدُ الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم: قال يَعْقُوبُ بن عَبْدِ اللّه بن الأَشَجّ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَم أنَّهُ ليسَ من الخَلْق أحدٌ أمَن عليَّ من زيْد بن أسْلَم، اللَّهُمَّ فزِدْ في عُمر زَيْد من أعَمَار النَّاس، وابْدَأ بي وبأهْل بيتي وبأعْمَارِنا، فرُبَّما قال له زيْد بن أسْلَم: أرأيْتَ الّذي طلَبْتَ من حَياتي؛ لي أو لنَفْسكَ؟ قال: لنَفْسِي، قال: فأيّ شيء تُمنّ عليَّ في شيءٍ طَلبْتَهُ (a) لنفسكَ.

وقال: حَدَّثَنا جَدِّيّ، قال: حَدَّثَنَا الحارِث بن مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْبٍ، قال: وحَدَّثنِي عبد الرَّحْمن بن زَيْد، قال: قال لي جَدِّي: قال لي عَبْد اللّه بن عُمَر لمَّا وُلد زَيْد بن أسْلَم: ما سَمَّيْتَ ابنكَ يا أبا خَالِد؟ قال: قُلْتُ: زَيْدٌ، قال: بأي الزَّيْدَيْن: زَيْد بن حَارِثَة أم زَيد بن ثَابت؟ قال: قُلْتُ: زَيْد بن حَارِثَة وكَنَّيْتُهُ بكُنْيَته، قال: أصبْتَ. وكانت كُنْيَتُهُ أبو أسامَة.

(a) ق: تطلبته.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 284.

ص: 178

أنْبَأنَا أبُو اليُمْن زَيْد بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو البَرَكَاتِ عَبد الوَهَّاب بن [المُبارَك](6) الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد بن يوسف، قال: أخْبَرَنَا يوسف بن رَبَاح، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن صالِح، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول في تَسْمِيةِ تَابِعِي أهْل المَدِينَة ومُحَدِّثهم: زَيْد بن أسْلَم.

وقال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَمِ بن عَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن حَيَّان وغيره: في الطبَقَةِ الثَّالثة زَيْد بن أسْلَم، موْلَى عُمَر بن الخَطَّاب (b) ، وأهْل بَيْته يَزْعُمُونَ أنَّهُ من الأشْعَريِّيْنَ.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن عليّ الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا سُليْمانُ بن إسْحَاق بن إبْرَاهِيم، قال: حَدَّثَنَا الحارِث بن أبي أُسامَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سَعْد، قال: في الطَّبَقَةِ الرَّابِعة من أهْل المَدِينَة زَيْد بن أسْمَ، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّابِ، ويُكْنَى أبا أُسامَة.

أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: سَمعْتُ مَالِك بن أنس يَقُول: كانت لزَيْد بن أسْلَم حَلْقَةٌ في مَسْجِد رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقد روَى عن ابنِ عُمَرَ، وعن أبيهِ، وعَطَاء بن يَسَار، وعَبْد الرَّحمن بن أبي سَعيد الخُدْرِيّ، وكانَ ثِقَةً كَثِيْر الحَدِيثِ.

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، والمثبت من ق.

(b) ق: رضي الله عنه.

ص: 179

قال مُحَمَّد بن عُمَر ماتَ زَيْد بن أسْلَمِ بالمَدِينَة قبل خُرُوج (a) مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن حَسَنٍ بسَنَتين، وخرجَ مُحَمَّد بن عَبْد اللّه سنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومائة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر وَجِيْه بن طَاهر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن السَّقَّاء وعَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أَبُو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ عبَّاسَ بن مُحَمَّد يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(1)

يَقُول: قد سَمعَ زَيْد بن أسْلَم من ابن عُمَر، ولَم يَسْمَع زَيْد بن أسْلَم من جَابِر بن عَبْد اللّه، ولم يَسْمع من أبي هُريرَةَ.

قُلتُ: يُريدُ يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ لم يَسْمَع من جَابِر بن عَبْد اللّه بن عَمْرو (b) الأنْصَاريّ، وقد سَمعَ من جَابِر بن عَبْد اللّه بن رِئَاب بن النُّعْمان السَّلَمِيّ حَدِيثًا أخْرَجَهُ النَّسَائِيّ في حَدِيث مَالك، عن قُتيَبَة، وعن هَارُون الحَمَّال، عن معْرُوف، عن مَالِك، عن زَيْد بن أسْلَم، عن جَابِر بن عَبْد الله.

أخْبَرَنَا به المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ النَّيْسَابُوريّ، في كِتَابِهِ إليْنَا من نيسَابُور، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد هِبَةُ اللّه بن سَهْل بن عُمَر السَّيِّدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُثْمان البَحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنَا زَاهِر بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا إبْراهيم بن عبد الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مَالِك

(2)

، عن زيْد بن أسْلَم، عن جَابِر بن عَبْدِ اللّهِ السَّلميّ، قال: خَرَجْنا مع رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوة بَنِي أَنْمَار. قال جَابرٌ: فبينا أنا نَازِلٌ تحت شَجَرَةٍ إذا رسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عليه

(a) ق: بالمَدِينَة فخرج.

(b) ق: عمر.

_________

(1)

تاريخ يَحْيَى بن معين 2: 182، 3: 219، 244.

(2)

الموطأ 2: 910 - 911، وينظر: صحيح ابن حبَّان 12: 236 (رقم 5418)، جمع الزوائد للهيثمي 5:134.

ص: 180

وسلَّم. قال: فقُلتُ: يا رسُول الله، هَلُمَّ إلى الظِّلِّ، قال: فنَزَلَ رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، قال جَابِرٌ فقُمْتُ إلى غِزَارةٍ لنا، فالْتَمسْتُ فيها فوَجَدْتُ جِرْوَ قِثَّاء، فكَسَرتُهُ ثمّ قرَّبتُه إلى رسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: من أينَ لكُم هذا؟ فقُلتُ: خَرجْنا بهِ يا رسُول اللّه من المَدِينَة.

قال جابرٌ: وعندَنا صَاحِبٌ لنا نُجهِّزُهُ يَذْهَبُ يَرْعى ظَهْرَنا، قال فجَّهرتُهُ ثمّ أدْبَرَ يَذْهَبُ إلى الظَّهْرِ وعليه ثَوْبَان قد خَلُقا، قال: فنَظَر إليهِ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: أمَا له ثَوْبَان غير هذَين؟ قال: قُلتُ: بَلَى يا رسُول اللّه، له ثَوْبَان في العَيْبَةِ، كَسَوتُهُ إيَّاهمُا، قال: فادْعُهُ فأمُرْهُ بلُبْسِهما. قال: فدَعَوْتُه فلَبِسَهُما (a)، ثمّ وَلَّى يَذْهَبُ، فقال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ما ضَرَبَ اللّهُ عُنُقَهُ أليسَ هذا خَيْر؟ قال: فسَمِعَهُ الرَّجُلُ فقال: يا رسُولَ اللّهِ، في سَبِيْل اللّه. فقال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: في سَبِيْل اللّه. فقُتِلَ الرَّجُلُ في سَبِيْل اللّه.

أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ شفَاهًا، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن الحَسَن بن عليّ الرَّبَعِيِّ، ورَشَاء بنُ نَظِيْف، قالا: أخْبَرَنَا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسف بن سَعيد بن خِرَاش، قال: زَيْد بن أسْلَم ثِقَة لَم يَسْمَع من سَعْدٍ شَيئًا.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن طَاوُس، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم بن أبي عُثْمان (a)، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن مهدِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن

(a) قوله: "فدعوته فلبسهما" ساقط من ق.

(b) تاريخ ابن عساكر: ابن عثمان، وتقدم ذكره على الوجه المثبت في إسناد سابق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 281.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 280 - 281.

ص: 181

أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن زَيْد (a)، قال: أدْرَك أبي نَفَرًا من أصْحَاب رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم.

وقال

(1)

: حَدَّثَنا جَدّي يَعْقُوب، قال: وزَيْد بن أسْلَم ثِقَة من أهْلِ الفِقْه والعِلْم، وكان عَالِمًا بتفسِير القُرْآن؛ له كتابٌ فيه تفسِير القُرْآن.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: زَيْد بن أسْلَم أبو أُسامَة، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب العَدَوِيّ القُرَشِيّ، سَمعَ ابن عُمَرَ. وقال زَكَرِيَّاء بن عَدِيّ: حَدَّثَنَا هُشَيْم، عن مُحَّمَّد بن عبدِ الرَّحْمن القُرَشِيّ، قال: كان عليّ بن الحُسَين يَجْلسُ إلى زَيْد بن أسْلَم ويَتَخَطَّى مَجَالِسَ قَوْمه، فقال له نَافِع بن جُبَيْر بن مُطْعِم: تَخَطَّى مَجَالِس قَوْمكَ إلى عَبْد (b) عُمَر بن الخَطَّاب؟ فقال: إنَّما يَجْلسُ الرَّجُل إلى مَنْ ينفَعُه في دِيْنهِ.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أَبُو القاسِم بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن منْصُور، قال: أخبَرنا أبو سَعِيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنَا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاجِ

(4)

يَقُول: أبو أُسامَةَ زَيْد بن أسْلَم، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، سَمعَ ابنَ عُمَر، وأباهُ. رَوى عنهُ الثَّوْرِيّ، وأيُّوْب السَّخْتِيَانيّ، ومالك، وابن عُيَيْنَة.

(a) ق: يزيد.

(b) في الأصل: عند، ومهملة في ق، والمثبت من تاريخ البخاريّ.

_________

(1)

انظر: تاريخ ابن عساكر 19: 282.

(2)

التاريخ الكبير 3: 387.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 278.

(4)

الكنى والأسماء 1: 104.

ص: 182

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر في كتابهِ، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائليّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبرَني أبو مُوسَى عَبْد الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو أسامَةَ زيْد بن أسْلَم مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ. أخْبَرَنا مُعاوِيَة بن صالح، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: زَيْد بن أسْلَم مَدَنِيٌّ ثِقَةُ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أيُّوبَ، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي بَكْر المُقَدَّمِيّ يقُول: زَيْد بن أسْلَم يُكْنَى أبا أُسامَة.

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُكْتِب مُشَافهةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَة الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن (a) إسْمَاعِيْل المُهَنْدِس، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد

(2)

، قال: أبو أُسامَة زَيْد بن أسْلَم.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم، عن مَسْعُود بن الحَسَن، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: زَيْد بن أسْلَم، أبو أُسامَة، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، رَوَى عن ابنِ عُمَر، وأنَس، وأبيهِ، رَوَى عنهُ يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وعُبَيْد الله بن عُمَر،

(a) من قوله: "ابن أبي الصقر

" إلى هنا ساقط من ق.

_________

(1)

في كتابه المفقود: طبقات محدثي الموصل، ولم يذكره في كتابه تاريخ الموصل.

(2)

الدولابي: الكنى والأسماء 1: 105.

(3)

الجرح والتعديل 3: 555.

ص: 183

والثَّوْرِيّ، ومالك، ومَعْمَر، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. وقال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد فيما كَتَبَ إليَّ، قال: سُئِل أبي عن زَيْد بن أسْلَم، فقال: ثِقَةٌ. وقال: وسَمِعْتُ أبي يَقُول: زَيْد بن أسْلَم ثِقَة، وقال: سُئِلَ (a) أبو زُرْعة عن عبد الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم، فقال: أبوهُ زَيْد بن أسْلَم ثِقَةٌ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام، فيما أَذِنَ لي أنْ أرْويَهُ عنهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحمد بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظُ

(1)

، قال: أبو أُسامَة زَيْد بن أسْلَم القُرَشِيّ العَدَوِيّ، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، المَدِيْنِيّ، سَمِعَ أبا عبد الرَّحْمن عبد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب العَدَوِيّ، وأبا حَمْزَة أنَس بن مَالك الأنْصَاريّ، وعن أبي عَبْد الله جَابِر بن عَبْد الله السَّلَمِيّ، ورَبِيْعَة بن عَبَّاد الدُّؤَلِيّ، وسَلمَة بن الأَكْوَع أبي إِيَاسٍ الأَسْلمِيّ.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر أيُّوب بن أبي تَمِيْمَة السَّخْتِيَانيّ، وأبو عُثْمان عُبَيْد الله بن عُمَر بن حَفْص العَدَوِيّ، ومُحَمَّد بن مجلان القُرَشِيّ، ويَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، ومَالِك بن أنَس، وأبو عبد الرَّحْمن زِيَاد بن أسَد (b) الخُرَاسَانيّ، وأبو الوَلِيد عَبْد المَلِك بن عَبْد العَزِيز بن جُرَيْج القُرَشيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إسْحَاق بن يَسَار (c) المُخَرِّمِيّ، وأبو مُحَمَّد سَعيد بنُ عَبْد العَزِيْز التَّنُوخِيّ، وأبو عَتَّاب (d) رَوْح بن القَاسِم العَنْبَرِيّ، وأبو عَبْد العَزِيْز مُوسَى بن عُبَيْدة الرَّبَذِيّ، وأبو بشر وَرْقَاء بن عُمَر اليَشْكُرِيّ،

(a) ساقطة من ق.

(b) الأسامي للحاكم: سعد الخرساني (؟).

(c) الأسامي للحاكم: سيار.

(d) الأسامي للحاكم: أبو غياث.

_________

(1)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 21 - 22.

ص: 184

وأبو عَبْد الله يَزِيد بن عَبْد الله بن أُسامَة بن الهَاد اللَّيْثِيّ، وأبو أيُّوب عَبْد الله بن عليّ الإفْرِيْقِيّ، وأبو الهَيْثَم السَّرِيّ بن يَحْيَى المُحَلَّميّ، ويُرْوَى عن الزُّهْريّ مُحَمَّد بن مُسْلِم بن شِهَابٍ عنه إنْ كان مَحْفُوظًا.

قال: وأخْبَرَنا أبو أحْمَد الحاكِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الضَّبِّيّ، قال: قَرَأتُ على أحْمَد - يعني ابن مُحَمَّد بن الحَجَّاج - قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن بُكَيْر يَقُول: كُنْيَةُ زَيْد بن أسْلَم أبو أُسامَة.

(1)

الأسامي والكنى لأبى أحمد الحاكم 2: 22.

ص: 185

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرزَد إذْنًا، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن المَأمُون، قال: قال أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ: أبو أُسامَة، ويُقال: أبو عَبْدِ الله زيْد بن أسْلَم.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن البرمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن الطَّبَّاعِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بنُ زَيْد، قال: قَدِمْتُ المَدِينَة وأهْلُ المَدِينَة يَتَكلَّمُون في زَيْد بن أسْلَم، فقُلْتُ لعُبَيْدِ الله (a): ما تقُول في مَوْلاكم هذا؟ قال: ما يُعْلَم (b) به بأسٌ إلَّا أنّهُ يُفَسِّر القُرْآنَ برَأيهِ.

قال ابنُ عَدِيّ

(2)

: وزَاد بن أسْلَم هذا (c) من الثِّقَاتِ، ولَم يَمْتنِع أحَدٌ من الأئمَّةِ من أنْ يَرْوي عنه (d).

وقال ابنُ عَدِيّ

(3)

: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى البُسْتِيّ ببَيْت المقَدِس، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو بن هَانئ، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، قال: حَدَّثَنَا عَطَّاف بن خَالِد، قال:

(a) ابن عدي: لعبد الله.

(b) ابن عدي: ما نعلم.

(c) ابن عدي: هو.

(d) ابن عدي: ولم يمتنع أحد من الرواية عنه، حدث عنه الأئمة.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1064.

(2)

ابن عدي: الكامل 3: 1064.

(3)

ابن عدي: الكامل في الضعفاء 1: 165.

ص: 186

حدّث زَيْد بن أسْلَم بحَدِيثٍ، فقال له رَجُلٌ: يا أبا أُسامَةَ، عن مَنْ هذا؟ قال: يا ابن أخي، ما كُنَّا نُجَالِسُ السُّفَهاء.

أنبأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكات الأنْمَاطِيّ، إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين الكَلَابَاذِيّ، قال: زَيْد بن أسْلَم أبو أُسامَة المَدَنِيّ مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب القُرَشِيّ العَدَوِيّ، سَمِعَ ابن عُمَر، وأباه، وعَطَاء بن يَسَار، والأعْرَج.

رَوَى عنهُ مَالِك بن أنَس، وسُليْمان بن بِلَالٍ، والثّوْرِيّ، وأبو غَسَّان في النِّكَاح، وغير مَوضِع، ماتَ سَنَة اسْتُخْلف أبو جَعْفَر في العَشْر الأُوَلِ من ذِي الحِجَّة سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة، وقال عَمْرو بن عليِّ

(1)

: ماتَ سَنَة ستٍ وثَلاثين ومائة.

قال الوَاقِدِيّ: تُوفِّي في خِلَافَة أبي جَعْفَر قبل خُرُوج مُحَمَّد بن عَبْد الله بسَنَتين، وخَرَجَ مُحَمَّد بن عَبْد الله سَنَهَ خَمْسٍ وأرْبَعين ومائة. وقال أبو عِيسَى مثْل عَمْرو.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قِراءَة عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد اللَّبَّانُ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْدِ الله الأصْبَهَانِيّ، قال في حُلْيَةِ الأوْلِيَاء

(2)

: ومنهم الحَلِيم الأحْلَم، والسَّليْم الأسْلَمُ، أبو أُسامَةَ زَيْد بن أسْلَم، كان بالعَدْل قَائلًا، وبالفَضْل عَامِلًا، وعن الجَهْلِ عَادِلًا.

أدْرَك زَيْد بن أسْلَم جَمَاعَةً من الصَّحَابَة، وسَمِعَ من عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب، وأنَس بن مَالِك، ورَوَى عنهُ من التَّابِعِين والأئمَّة والأعْلَام: الزُّهْرِيّ،

(a) ق: ابن اللبان، وهو يرد في العديد من المواضع على الوجهين.

_________

(1)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 261.

(2)

حلية الأولياء 3: 221، 224.

ص: 187

وأيُّوْب السَّخْتِيَانيّ، وعُبيد الله بن عُمَر، ومُحَمَّد بن عَجْلان، ورَوْح بن القَاسِم، ومُحَمَّد بن إسْحَاق، والثَّوْرِيّ، ومَالِك بن أنَس، وابن عُيَيْنَة، وسُليْمان بن بِلَال، وأوْلَادُه: عَبْد الله، وعَبْد الرَّحمن، وأُسامَة؛ بنو زَيْدٍ.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحمدُ، وأبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن ابْنا مُحَمَّد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا عَمُّنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله

(1)

، قال: زَيْد بن أسْلَم أبو أُسامَةَ - ويُقال: أبو عَبْد الله - العَدَوِيّ، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب المَدَنِيّ (a). رَوَى عن ابنِ عُمَر، وأنَس بن مَالِك، وأبِيه أسْلَم، وأبي صالح ذَكْوَان السَّمَّان، وعليّ بن الحُسَين بن عليّ، وعُبَيْد بن جُرَيْج، وعَطَاء بن يَسَارٍ المَدَنِيِّيْن.

رَوَى عنهُ الزُّهْرِيّ، وخارِجَة بن مُصْعَب، وايُّوْب السَّخْتِيَانيّ، ويَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، ومَالِك بن أنَسٍ، وعُبيد الله بن عُمَر، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، ومَعْمَر بن رَاشِد، وسُليْمان بن بِلَال، وسُفْيان بن عُيينَة، وبنُوه: عبد الله، وعبدُ الرَّحْمن، وأُسامَة، وهِشَام بنُ سَعْدٍ، وعَبْد الرَّحمن بن عَبْد الله بن دِيْنارٍ، وأبو غَسَّان مُحَمَّدُ بن مُطَرِّف، وعُبيدُ الله (b) بن أبي جَعْفَر، والحَارِث بن يَعْقُوب، ومُحَمَّد بن عَجْلان، ورَوْح بن القَاسِم.

وكان مع عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز في خِلَافَتِهِ، واسْتَقْدَمَهُ الوَلِيد بن يَزِيد في جَمَاعَةٍ من فُقَهَاءِ المَدِينَة، مُسْتَفْتيًا لهم في الطَّلَاق قبْل النِّكَاح.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: قَرأتُ على أبي القَاسِم بن عَبْدَان، عن أبي عَبْد اللهِ مُحمّد بن عليّ بن أحْمد بن المُبارَك، قال: أخْبرنا رَشاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا

(a) ابن عساكر: الفقيه المدني.

(b) ابن عساكر: عبد الله.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 274.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 282.

ص: 188

مُحمّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد (a) بن دَاوُد، وقال: حَدَّثّنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسف بن سَعيد بن خِرَاش، قال: زَيْدُ بن أسْلَم صَدُوقٌ ثِقَةٌ.

وقال الحافِظُ

(1)

: أنْبَأنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبدُ الوَهَّاب بن أبي الحَسَن بن وَهْب، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن جَعْفَر السِّنَانِيّ (b) المُقْرِئ، قالا: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْرٍ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُنِير بن أحْمَد، قالا: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْدِ الله الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثنا مُوسَى بن هَارُون، قال: سَمِعْتُ مُصْعَبًا يَقُولُ: حَدَّثَني رَجُلٌ عن عبدِ الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم، قال مُصْعَبُ: وقد جالَسْتُ عبد الرَّحْمن بن زيْدٍ، قال: أَصبَحْنا ذات يَوْم فقالت أُمِّي لأبي: والله ما في بيتكَ شيءٌ يَأكُلُهُ ذو كَبد، فقام فتَوَضَّأ، ثمّ لَبِسَ ثيِابَهُ ثمّ صَلَّى في بَيْتهِ، فأَقْبَلَتْ عليَّ أُمِّي فقالت: إنَّ أباكَ ليسَ يَزِيدُ على ما تَرَى! فلَبسْتُ ثِيَابي، وخَرَجْتُ، فخَطَر ببالي صَدِيْقٌ لي أو لأبي، تَمَّارٌ، فجئتُ أتَخَطَّى حتَّى آتي حَانُوْتَ الرَّجُل، فصاحَ بي إنْسَانٌ فإذا أنا بصَاحِبي، فقال: تعال أعِنِّي على هذا التَّمْر، فجَعَلْنا نَحْمل ونُفَرِّغ ونعَبِّيهِ، قال: اذْهَب بنا إلى المَنْزل، فدخَل فإذا مَائِدَةٌ عليها أقْرَاصٌ ولَحْمٌ، فأكلْتُ حتَّى إذا فَرَغ ومَسَح يَدَهُ، فأخْرَج إليَّ صُرَّةً فقال: أقْر أبَاكَ السَّلام، وقُلْ له: إنَّا جَعَلْنَا لك شِرْكًا وهذا نَصِيْبُكَ، فطَرَح لي صُرَّةً فإذا فيها ثَلاثُون دِيْنارًا، ثمّ أخْرَجَ أُخْرى فقال: اذهَبْ بها إلى أبي حَازِم، ثمّ أخْرَج أُخْرى فقال: اذهَبْ بها إلى مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، فحَرَجْتُ فأجدُ أبي في مُصَلَّاهُ، فسَلمتُ وجَلَسْتُ فأخْبَرته، فأخْرَج عَشرةً، فقال: اذْهَب بها إلى أبي

(a) ابن عساكر: مخلد، تحريف، وهو المشهور بالكرجي.

(b) ابن عساكر: محمد بن إبراهيم بن جعفر النسائي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 285 - 286.

ص: 189

حَازِم، وأخْرَج عَشرةً، فقال: اذْهَب بها إلى مُحَمَّد بن المُنْكدِر، فقُلتُ: قد أتاهُما مثل ما آتَاكَ، فقال: إذًا ادْفَعْها إلى أُمّك، فذَهَبْتُ إلى أبي حَازِم فكأنَّهُ سَمعَ قَوْل أبي، وذَهَبْتُ إلى ابن المُنْكَدِر فكأنَّهُ سَمعَ قول أبي، [أي](a) أنَّهما فَعَلَا مثْلَ ما فَعَل أبُوه.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بن شَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا سَهْلُ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا أبو تَوْبَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَرِ الصَّنْعانِيّ، عن زَيْد بن أسْلَم، قال: منْ يُكْرم اللّه بطَاعَته، يُكْرِمُه اللّهُ عز وجل بجَنَّته، ومَنْ يُكْرِم اللّه بتَرْك مَعْصِيَته، أكْرَمَهُ اللّه بأنْ لا يُدْخله النَّارَ، وقال: اسْتَعن باللّهِ يُغْنكَ عمَّن سواهُ، ولا يكُوننَّ أحدُ أغْنَى باللّه منكَ، ولا يكُوننَّ أحَذُ أفْقَر إلى اللّه منْكَ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحمد بن يُوسُف الأَوَقِّي بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ الرَّحبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق المَديْنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ أحْمَد الوَكِيْعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا الفَضْل بن دُكَيْن، قال: حَدَّثَنا هشَام بن سَعْد، عن زيْد بن أسْلَم، قال: لا بُدَّ لأهْلِ هذا الدِّين من أرْبَعٍ: دخُول في دَعْوَة الإسْلَام، ولا بُدَّ من الإيْمان، وتَصْدِيق بالله وبالمُرْسَليْن أوَّلهم وآخرهم، وبالجنَّة وبالنَّار، وبالبَعْث بعدَ المَوْت، ولا بُدَّ من أنْ تَعْمل عَمَلًا

(a) إضافة من تاريخ ابن عساكر، ق: أيهما فعلا.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 221.

ص: 190

تُصَدِّق به إيمْانكَ، ولا بُدَّ من أنْ تَعْلَم عِلْمًا يحسُن بهِ عَملُكَ، ثُمَّ قرأ:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}

(1)

.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر القُرْطُبِيّ من لَفْظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ الفَرَّاءُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عَامِر بن عَبْدِ اللّه الزُّبيرِيّ، قال: حدثنا أبي، قال: كان زَيْد بنُ أسْلَم يَقُول؛ وكان من الخاشِعينَ: يا ابن آدَمَ، أمَرَك رَبُّكَ أنْ تكُون كَرِيْمًا، وتَدخل الجنَّة، ونَهَاكَ أنْ تكُون لئَيمًا وتَدْخُل النَّار.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكارِم بن اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافظ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو زرعة، قال: حَدَّثَنَا زيد بن بِشْر الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثنا ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنَي عبدُ الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم، قال: كان أبي يَقُول: أي بُنَيّ، وكيف تُعْجبكَ نفسُك وأنتَ لا تشاء أنْ تَرَى من عِبَاد اللّه مَنْ هو خَيْرٌ منْك إلَّا رأيتَهُ، يا بُنَيّ، لا تَرَى أنَّك خَيْرٌ من أحدٍ يقُول:

(1)

سورة طه، الآية 82.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 305.

(3)

حلية الأولياء 3: 222.

ص: 191

لا إلَه إلَّا الله حتَّى تَدخُل الجنة ويَدخُل النَّار، فإذا دخَلْتَ الجنَّة ودخَلَ النَّار، تَبَيَّن لك أنَّكَ خَيْر منهُ.

وقال: أخْبَرَنا أبو نعَيْم

(1)

، قال: حّدَّثَنَا مُحَمَّد بن علّي، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس بن قُتيبَة، ومُحَمَّد بن زَبَّان (a)، قالا: حَدَّثَنَا أبو الطَّاهِر، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْبٍ، قال: أخْبَرَنا مَالِك بنُ أنَسٍ، عن زَيْد بن أسْلَم، قال: يُقال: مَنْ اتَّقى اللّه أحبَه النَّاسُ وإنْ كَرهُوا.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال أبو بَكْر أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ

(2)

، وقال أبو الحَسَن (b): أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان

(3)

، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن خَالِد (c) الآجُرِّيّ، قال: حَدَّثَنَا مُصْعَب بن عَبْد الله، عن أبيهِ، عن جَدِّه، قال: سَمِعْتُ زَيْد بن أسْلَم يَقُول: انْظُر مَنْ كان رضاهُ عنك في إحْسَانِكَ إلى نَفْسك، وكان سَخَطُه عليك في إسَاءتِك إلى نفسِكَ، فكَيف تكُون مُكافأتك (d).

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافظ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْد اللّه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا

(a) حلية الأولياء: أبان، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت، وسقط من نشرة الكتاب بعده إسناده عن أبي الطاهر.

(b) من قوله: "محمد بن أحمد بن علي

" إلى هنا ساقط من ق.

(c) ابن عساكر: مخلد، والمثبت موافق لكتاب المجالسة.

(d) الدينوري وابن عساكر: مكافأتك إياه.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 222.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 288.

(3)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 474.

(4)

حلية الأولياء 3: 223.

ص: 192

اللَّيْثُ بن سَعْد (a)، قال: حَدَّثنَا هِشَام بن سَعْد، عن زَيْد بن أسْلمَ، قال: يُقال إنَّ للّه عِبَادًا مَفَاتْيح للخَيْر، مَغَاليْق للشَّرِّ، وللّه عِبَاد مَغَالِيق للخَيْرِ، مَفَاتْيح للشَّرِّ.

وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(1)

، قال: حَدَّثنَا إبْراهيِمُ بن عَبْد اللّه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ إسْحَاق، قال: حدَّثَنَا قُتَيْبَة بن سَعيْد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بنُ عَبْد الرَّحْمن القارِّيّ، قال: سَألْتُ زَيْد بن أسْلمَ عن "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ"

(2)

؟ قال: هُم الّذين يَحْضرُون للصُّبْح.

وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ بن المثُنَّى، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن عَبْد الجبَار، قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن أنسٍ، عن زَيْد بن أسْلَم في قَوْله:"سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا"

(4)

، قال: جَزِعُوا مائة سَنَةٍ، وصَبَرُوا مائة سَنَة.

وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(5)

، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان (b)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سَهْل الأُشْنانِيّ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن رُشَيْد، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة، عن مُبَشِّر بن عُبَيْد، عن زَيْد بن أسْلمَ في قَوْله:"وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا"

(6)

، قال: قالُوا لفُرُوجهم: لمَ شَهِدتُم علينا.

قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(7)

، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن

(a) من قوله: "قال حدثنا محمد بن إسحاق

" إلى هنا ساقط من ق.

(b) الأصل: أبو محمد بن حمدان، والمثبت - على الصحيح - من حلية الأولياء، وهو: عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيان الأصفهاني، أبو محمد، روى عنه أبو نعيم الأصفهاني مئات المرات في كتبه: أخبار أصفهان، ومعرفة الصحابة، والحلية.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 223.

(2)

سورة آل عمران، من الآية 17.

(3)

حلية الأولياء 3: 223.

(4)

سورة إبراهيم، من الآية 21.

(5)

حلية الأولياء 3: 223.

(6)

سورة فصلت، من الآية 21.

(7)

حلية الأولياء 3: 223.

ص: 193

الحَسَن بن مُوسَى، قال: حَدَّثنَا الحارِث بن مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا ابن القَاسِم (a)، عن مالك، عن زَيْد بن أسْلَم، قال: سَكَنَ رَجُلُ المَقَابِرَ، فعُوْتِبَ في ذلك، فقال: جيْرَان صِدْقٍ ولي فيهم عِبْرةٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخبَرَنا عليّ بن الحُسَين بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد، قال: قَرَأتُ على مُحَمَّد بن أحْمَد بن هَارُون قلت له: أخْبرك إِبْراهيم بن الجُنَيْد، قال: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بن مَسْعُود الحَجْدَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زَيْد، قال: قلتُ لعَبْد اللّه بن عُمَر: زَيْد بن أسْلَم؟ فأثْنَى عليه خَيْرًا، قال: وقال: غير أنهُ يُفَسِّر القُرْآن برَأيهِ.

وقال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد البابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَص بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن سُلَيمان، عن اللَّيْث، قال: قال بُكيَرْ بن الأَشَجّ في زَيْد بن أسْلَم: بينا هو مُعَلّم كتابٍ إذ صَارَ يُفَسِّر القُرآن.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه الخلَّال، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المقرِئ، قال: أخْبَرَنا المُفَضَّل بن مُحَمَّد بن إبْراهيِم، قال: حَدَّثَنَا صَامت بن مُعَاذ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المجيْد (b)، عن عبد الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبِيهِ، قال: ألَا أُحَدِّثك حَدِيثًا

(a) حلية الأولياء: أبو القاسم، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.

(b) ابن عساكر: عبد الحميد، وهو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى روَّاد المكيّ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 9: 434 - 436.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 290.

ص: 194

تُسَرُّ بهِ ويُسَرُّ بهِ صَدِيْقُكَ؟ قال: قُلتُ: بَلَى، قال: غَزَوتُ الإسْكَنْدَرِيَّة فأصَابَتْني فيها شَكَاةٌ (a)، فأخَذْتُ قِرْطاسًا ودوَاةً لأنْ أكْتُبَ وَصِيَّتي، فوَجَدْتُ في يَدِي وصَبًا شَدِيْدًا، فقُلْتُ: لو أنِّي اسْتَرحْتُ قَليلًا، قال: فَجَعَلْتُ القِرْطاسَ تحتَ رَأسي والدَّوَاة تحت رِجْلي، ثمّ نمْتُ، فرأيْتُ في مَنَامي كأنَّ معي في البيت رَجُلًا مُبيَّضًا، فقُلتُ لَهُ: مَنْ أنْتَ يَرحَمُكَ اللّه: قال: أنا مَلَك المَوْت، قال: فذَكَرتُ الجنَّة والنَّار وما أعدَّ اللّهُ فيها، فأدْرَكَتْني رقَّة فبَكَيْتُ، فقال: ما يُبْكيْك يا عَبْد اللّه؟ إنِّي لَم أُوْمَر بقَبْض رُوحِكَ، فقُلتُ: أي رَحِمكَ اللّهُ، إنِّي ذكَرْتُ الجَنَّةَ والنَّار وما أعدَّ اللّه فيها، فأدْرَكَتْني رقَّة، فبَكَيْتُ، فقال لي: أفلا أكْتُب لك براءةً من النَّارِ؟ فقُلتُ: بَلَى، قال: فدَفَعْتُ إليه القِرْطاس من تحت رَأسي والدَّوَاةَ من تحت رِجْلى، واسْتَمدَّ وكَتَبَ حتَّى مَلأ القِرْطاس، ثمَّ دَفَعَهُ إليَّ فإذا فيه مَكْتُوبُ: بِسْمٍ اللّه الرَّحْمن الرَّحِم، اسْتَغْفِرُ اللّه، اسْتَغْفِرُ اللّه، حتَّى مَلأ القِرْطاس. فقُلتُ: أي رحِمكَ اللّهُ، أين بَرَاءتي (b) من النَّارِ؟ قال: فقال لي: فأيّ برَاءة تُريد أوْثَق من بَرَاءتك هذه؟ ثُمَّ اسْتَيْقَظتُ من نَوْمي فعَمَدتُ إلى القِرْطاسِ الّذي جَعَلْتُه تحتَ رَأسِي في اليَقَظَة، فنَظَرتُ فيه، فإذا فيه كتابُ مَلَك المَوْت عليه السلام الّذي رَأيْتُ في المَنَام، فإذا فيه: بِسْمِ اللّه الرَّحْمن الرَّحِيْم، اسْتَغْفِرُ اللّه، اسْتَغْفِرُ اللّه، حتَّى مَلأ القِرْطاس.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: وقد رُويَت من وَجْهٍ آخر عن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبيِهِ، وهي عن زَيْدٍ أصَحَّ.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو القاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل إمْلاءً، قالْ أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي عليّ،

(a) ابن عساكر: شكاة شديدة.

(b) الأصل، ق: تراني، والمثبت من ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 291.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 292 - 293.

ص: 195

قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا بَكْر بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا أصْبغَ بن الفَرَج، قال: سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم يَقُول: رَأيتُ أبي في المَنَام وعليه قَلنسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، فقُلتُ: يا أبَة، مَنْ أنْت (a)، ما فَعَلَ اللّهُ بكَ؟ قال: زَيَّنَني بِزيْنَة العِلْمِ، قُلتُ: فأين مَالِك بن أنسَ؟ فقال: مالكٌ فَوْق، فَوْق! فلم يَزَل يقُول: فَوْق، ويَرْفَع رَأسَهُ حتَّى سَقَطَت القَلنسُوَة عن رَأسِه.

أنْبَأنَا ابن طَبرزَد، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه الطَّبَريّ، قال: أخْبرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حدَّثنا يَعقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حدَّثنا زَيْد بن بشْر، قال: أخْبَرنا ابنُ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَني ابنُ زَيْد، قال: قال رجُلُ: رَأيتُ النَّاسَ في أزقَّةٍ ضَيِّقة وغُبَارٍ، ورَأيْتُ قَصْرًا مَرْشُوشًا حَوْله، لا يقربه من الغُبَارِ قليل ولا كَثِيْر، فقُلتُ: ما مَنعَ النَّاسَ أنْ يَمرَّوا في تلك الطَّريق؟ فقيل لي: ليسَت لهم، فقُلتُ: لمَنْ هي؟ قالوا: لذلك الرَّجُل الّذي يُصَلِّي إلى جانب القَبْر (a)، قُلتُ: مَنْ ذاك؟ قال: زَيْد بن أسْلَم، قُلتُ: بأي شيء أُعْطي ذلك؟ قال: لأنَّ النَّاسَ سَلُمِوا منه وسَلِمَ منهم.

أنْبَأنَا أبو المحاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليِّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: حَدَّثَنَا وأبو (c) النَّجْم بَدْر بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، ح.

(a) كذا في الأصل وق، وكتب ابن العديم في هامش الأصل:"أظنّه: من أن أتيت"، ولم ترد هذه العبارة في نشرة ابن عساكر.

(b) المعرفة والتاريخ: القصر.

(c) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 677، ونقله ابن عساكر 19: 291 - 292.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 292.

(3)

تاريخ بغداد 9: 111 (في ترجمة الحارث بن مسكين المصريّ).

ص: 196

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن أبي عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَني الحَسَن بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَني الحَارِث بن مِسْكِين، قال: أخْبَرَنا ابن وَهْب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن زَيْد، قال: جاءَ رَجُلٌ من الأنْصَار إلى أبي، فقال: يا أبا أُسامَة، إنِّي رَأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأبا بَكْرٍ، وعُمَر، خَرَجُوا من هذا الباب، فأرَى - وفي حَدِيث الحَارِث: فإذا - النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: انْطَلِقُوا بنا إلى زَيْد - زادَ الحَارِث: ابن أسْلَم - نُجَالسُهُ ونَسْمَعُ من حَدِيثه، فجاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى جَلَسَ إلى جَنْبكَ، فأخَذَ بيدك، قال: فلم يكُن بَقَاء أبي بعد هذا إلَّا قَليلًا.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، وحَدَّثَني أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ عنه، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم، عن أَبيِهِ أبي عَبْد الله، قال: قال لنا أبو سَعيد بن يُونُس

(2)

: زَيْد بن أسْلَم مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، يُكْنَى أبا أُسامَة، قَدِمَ الإسْكَنْدَرِيَّة، رَوَى عنهُ من أهْلِ مِصْرَ عُبَيْدُ الله بن أبي جَعْفَر، والحَارِث بن يَعْقُوب، تُوفِّي بالمَدِينَة في ذِي الحِجَّة سَنَة ستٍّ ومائة.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(3)

: وهذا وَهْمٌ، وقد أسْقَط منه: وثَلاثين.

وقال الحافِظُ

(4)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(5)

، ح.

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 293.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ ابن يونس الصدفي.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 293.

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 293.

(5)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي، ولم يترجم له في تاريخ بغداد.

ص: 197

قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: سَمِعْتُ ابنَ بُكَيْر يَقُول: ماتَ زَيْد بن أسْلَم سَنَة ثلاثين أو إحْدَى وثَلاثين ومائة.

قال الحافِظُ: وهذا وَهْمٌ.

قُلتُ: وقد ذَكَرْنا عن مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ أنَّهُ ماتَ قبل خُرُوج مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حسَن بسَنَتين، وخَرَجَ مُحَمَّد سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومائة فتكُون وَفاته على ما ذَكَرَ سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين ومائة وهذا وَهْمٌ أيضًا.

وذَكَرَ أبو عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام أنَّهُ تُوفِّي سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين ومائة.

أخْبَرَنا بذلك أبو حَفْص المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن (a) السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: أخْبَرَني أبي، قال: حَدَّثَني أبو عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، قال: سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين ومائة فيها تُوفِّي زَيْدُ بن أسْلَم.

والصَّحيح أنَّهُ تُوفِّي سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ سَهْلٍ، قال: أخْبَرَنا

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

لم أقف على هذه الرواية في كتابه المعرفة والتاريخ، وأرخ الفسوي وفاته في سنة 136 هـ، انظر المعرفة والتاريخ 1:116.

ص: 198

أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: قال ابنُ المُنْذِر، عن زَيْد بن عبد الرَّحْمن: تُوفِّي - يعني زَيْد بن أسْلَم - سَنَة اسْتُخلفَ أبو جَعْفَر في ذِي الحِجَّة في العَشْر الأُوَل سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثِمَ بن عَدِيٍّ، قال: ماتَ زَيْد بن أسْلَم، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، في خِلَافَة أبي جَعْفَر في أوَّلها.

وقال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن بن أحمد، وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن الحَسَن (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد الأهْوَازِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بن خَيَّاطٍ

(2)

، قال: وزَيْد بن أسْلَم، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، تُوفِّي سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة أو نَحْوها، يُكْنَى أبا أُسامَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن اللَّالِكَائِيّ، قال: أخْبرنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(3)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن المُنْذِر، قال: حَدَّثَنَا زيد بن عبد الرَّحْمن بن زَيْد بن أسْلَم أنَّ

(a) الأصل: الحسين، وصوابه المثبت قياسًا على العديد من الأسانيد المتقدمة، وكما هو عند ابن عساكر 19:294.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 387.

(2)

طبقات خليفة 263.

(3)

المعرفة والتاريخ 1: 116.

ص: 199

جدَّهُ زَيْد بن أسْلَم تُوفِّي سَنَة اسْتُخلفَ أبو جَعْفَر في ذِي الحِجَّة في العَشْر الأُوَل سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة.

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَكْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الأعَزّ قَرَاتكيْن بن الأَسْعَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن لُؤْلُؤ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن شَهْرَيَار، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ الفَلَّاسُ، قال

(2)

: وماتَ زَيْد بن أسْلَم سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة، ويُكْنَى أبا أُسامَة مَوْلىً لعُمَر بن الخَطَّاب.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِعٍ، قال: سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة زَيْد بن أسْلَم مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب؛ يعني: ماتَ فيها.

‌زَيْدُ بن جَارِيَة بن عَامِر بن مُجَمَّع بن العَطَّاف الأنْصَاريُّ العَمْرِيُّ الأَوْسِيُّ

(3)

وقيل فيه: زَيْد بن حَارِثَة، والصَّحيح بالجِيْم واليَاء.

له صُحْبَةٌ من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعُرِضَ عليه يَوْم أُحُدٍ فاسْتَصغَرَهُ وردَّهُ، وكان أبُوه أحدَ المُنَافِقين.

(a) ق: أذن لنا في روايته عنه.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 294.

(2)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 261.

(3)

ترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 389 - 390، التاريخ الصغير 1: 189 - 190، المحبر لابن حبيب 468، تاريخ الطبري 3: 111، الجرح والتعديل 3: 558، الثقات لابن حبان 3: 140، 4: 246، الاستيعاب 2: 540 - 541، أسد الغابة 2: 223 - 224، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 93.

ص: 200

رَوَى عن زَيْد ابْناهُ: عُمَر، ومُجَمَّع ابْنا زَيْد، وأبو الطُّفَيْل، ومُوسَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله، وقيل إنَّ مُوسَى بن طَلْحَة رَوَى عن أَبِيهِ عنهُ، وشَهِدَ زَيْد بنُ جَارِيَة صِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ الحُسَين النَّهَاوَنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن (a)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن آدَم، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن سَلَمَة الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمانُ بنُ عُبَيْد الله بن زَيْد بن جَارِيَة (b) الأنْصَاريّ، عن عُمَر بن زَيْد بن جَارِيَة، قال: حَدَّثَني أبي أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَصْغَرَ ناسًا يَوْم أُحُدٍ منهم زَيْدُ بن جَارِيَة - يَعْني نَفْسَهُ (c) - والبَرَاء بن عَازِب، وزَيْد بن أرْقَم، وسَعْد بن حَبْتَة (d)، وأبو سَعيد الخُدْرِيّ، وعبد الله بن عُمَرَ، وجَابِر بن عَبْد الله، قال: مَنْصُور أخَاف أنْ لا يكُون حَفظ جَابِرًا.

قُلتُ: ظَنَّ مَنْصُور بن سَلَمَة أنَّ المُرَاد جَابِر بن عَبْد اللهِ الأنْصَاريّ ولم يُرده؛ وإنَّما هو جَابِر بن عَبْدِ الله السَّلَمِيّ.

أنْبَأنَا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ (e) بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ

(a) ابن عساكر: عبد الله.

(b) عند ابن عساكر؛ حيثما يرد الاسم في الإسناد: حارثة.

(c) ابن عساكر: لسنِّه.

(d) تاريخ البخاري الصغير: خيثمة.

(e) ق: أبو أحمد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 263.

(2)

تاريخ البخاري الصغير 1: 189 - 190.

ص: 201

الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زَيْدُ بن جَارِيَةَ العَمْرِيُّ الأَوْسِيُّ. قال عُبَيْد: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بُكَيْر، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن إسْمَاعِيْل بن مُجَمَّع، عن عَمِّه يَعْقُوب بن مُجَمَّع، عن أَبيِهِ مُجَمَّع بن زَيْد، عن جَدِّه زَيْد بن جَارِيَة: بِعْنا سِهَامنا من خَيْبَر بحُلّةٍ حُلَّة.

أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن أبي الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، قال: في بابِ الحَاء في بابِ مَن اسْمُه زَيْد من كتاب الجَرْح والتَّعْدِيل

(2)

: زَيْد بن حَارِثَة العَمْرِيُّ الأَوْسِيُّ، له صُحْبَةٌ، مَدِيْنِيٌّ، رَوى عنهُ زَيْد، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك وسَمِعْتُه يَقُول: لا أعْرِفُه.

وهذا وَهْمٌ وتَصْحِيفٌ وقَعَ من أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم.

أخْبَرَنا بَرَكات بن ظَافِر بن عَسَاكِر بن عَبْدِ الله الأنْصَاريّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتَاحِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء عبدُ الرَّحيم بن أحْمَد البُخاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد بن عليّ الأزْدِيّ الحافِظ، قال في باب جَارِيَة - بالجِيْم - وحَارِثَة، من كتاب المُؤْتَلِفِ والمُخْتَلِف

(3)

: زَيْد بن جَارِيَة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ فيما كَتَبَ إلينا به من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد، يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ

(4)

، قال:

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 386 - 387.

(2)

الجرح والتعديل 3: 560.

(3)

الأزدي: المؤتلف والمختلف 1: 184.

(4)

الاستيعاب لابن عبد البر 2: 540.

ص: 202

زَيْد بن جَارِيَة الأنْصَاريّ العَمْرِيّ، وقد قيل فيه: زَيْد بن حَارِثَة، كان ممَّن اسْتُصْغِرَ يَوْم أُحُدٍ، وهو من بني عَمْرو بن عَوْف. كان زَيْدُ بن جَارِيَةَ، وأبو سَعيدٍ الخُدْرِيّ، والبَرَاءُ بن عَازِب، وزَيْد بن أرْقَم، وسَعْد بن حَبْتَة ممَّن اسْتُصْغِرَ يَوْم أُحُدٍ.

ورَوَى (a) أبو سَلَمَة مَنْصُور بن سَلَمَة الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عُبَيْدِ اللهِ (b) بن زَيْد بن جَارِيَة الأنْصَاريّ، عن عُمَر بن زَيْد بن جَارِيَةَ الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَني زَيْد بن جَارِيَة (c) أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَصْغَرَهُ يَوْم أُحُدٍ، والبَرَاء بن عَازِب، وزَيْدَ بن أرْقَم، وسَعْدَ بن حَبَتَة (d)، وأبا سَعيد الخُدْرِيّ.

قال أبو عُمَر

(1)

: هو زَيْدُ بن جَارِيَة بن عَامِر بن مُجَمَّع بن العَطَّاف الأنْصَاريّ من الأَوْس، وكان أبُوه جَارِيَةُ من المُنَافقين أهْل مَسْجِد الضِّرَار، كان يُقالُ له: حِمَارُ الدَّار، شَهِدَ زَيْد بن جَارِيَة هذا صِفَّيْن مع عليٍّ رضي الله عنه، وهو أخُو (e) مُجَمَّع بن جَارِيَة. رَوَى عنهُ أبو الطُّفَيْل حَدِيثَهُ عنهُ أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال

(2)

: إنَّ أخاكُم النَّجَاشِيّ قد ماتَ فصَلُّوا عليه، قال: فصَفَّنا (f) صَفَّيْن.

قال أبو عُمَر

(3)

رحمه الله: وذَكَرَهُ أبو حَاتِم الرَّازِيّ في باب مَن اسْمُ أبيْهِ على حَاء من باب زَيْدٍ، وقال

(4)

: زَيْد بن حَارِثَة (g) العَمْرِيّ الأَوْسِيّ، له صُحْبَةٌ، وقال: سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، وقال: لا أعْرِفُه.

(a) الاستيعاب: رواه.

(b) الاستيعاب: عبد الله، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

(c) قيَّده في هذا الموضع بالحاء والثاء المثلثة، والمثبت من الاستيعاب، وليوافق الإسناد فيه.

(d) كذا جوده في هذا الموضع بفتحات.

(e) الأصل: وهو وأخو.

(f) الاستيعاب: فصففنا.

(g) الاستيعاب: جارية، والرواية تشير إلى كونه ورد بالحاء كما في كتاب الجرح والتعديل.

_________

(1)

الاستيعاب 2: 541.

(2)

سنن ابن ماجة 1: 491 (رقم 1536)، وتاريخ بغداد للخطيب 3:123.

(3)

الاستيعاب 2: 541.

(4)

الجرح والتعديل 3: 560.

ص: 203

وذَكَرَ أبو يَحْيَى السَّاجِيّ، قال: حَدَّثَني زِيَاد بن عُبَيْد الله المُزَنِيّ، قال: حَدّثَني مَرْوَان بن مُعاوِيَة، قال: حَدّثَنَا عُثْمان بن حَكِيم، عن خَالِد بن سَلَمَة القُرَشِيّ، عن مُوسىِ بن طَلْحَة بن عُبيدِ الله، قال: حَدَّثَني زَيْد بن حَارِثَة (a) أخُو بني الحَارِث بن الخَزْرج، قال: قلتُ: يا رسُول اللهِ، قد عَلمِنْا كيف السَّلامُ عَليْك، فكيفَ نُصَلِّي عليك؟ قال: صَلُّوا عليَّ وقولُوا: اللَّهُمَّ بَارِك على مُحَمَّد وعلى آلِ مُحَمَّد كما بَارَكْتَ على إبْراهيم وآلِ إبْراهيم، إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيدٌ.

هكذا رَوَاهُ خَالِد بن سَلَمَة، عن مُوسَى بن طَلْحَة. ورَوَاهُ إِسْرائِيلُ عن عُثْمان بن عَبْدِ الله بن مَوْهَب، عن مُوسَى بن طَلْحَة، عن أبيهِ، ورُبَّما قال فيه: أراهُ عن أبيهِ، قال: قلتُ: يا رسُول اللهِ، قد عَلمِنْا السَّلام عَليْك، فذَكَرَهُ.

زَيْدُ بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بنِ سَعيد بن عِصْمَة (b) بن حِمْيَر بن الحاَرِث ذي رُعَين الأصْغَر، أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، اللُّغَويّ النَّحْوِيّ، القَارِئ، البَغْدَاديّ

(1)

تِلْمِيْذ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ البَغْدَاديّ وخِرِّيْجُهُ.

(a) الاستيعاب: جارية.

(b) معجم الأدباء 3: 1330: عضيهة.

_________

(1)

توفي سنة 613 هـ، وترجمته في: خريدة القصر 3: 219 - 227، ابن الدبيئي: ذيل تاريخ بغداد 3: 290 - 291، معجم الأدباء 3: 1330 - 1334، النذري: التكملة 2: 383 - 385، التقييد لابن نقطة 2: 520 - 521، ابن الأثير: الكامل 12: 315، القفطي: إنباه الرواة 2: 10 - 14، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 208 - 211، ذيل الروضتين لأبي شامة 146 - 151، ابن الساعي: الدر الثمين 372 - 374، وفيات الأعيان 2: 339 - 342، مرآة الجنان لليافعي 4: 22 - 23، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 3: 117، الذهبي: الإعلام بوفيات الأعلام 252، المختصر المحتاج إليه 2: 71 - 72، طبقات القراء 2: 908 - 910، تاريخ الإسلام 13: 364 - 370، معرفة القراء الكبار 3: 1140 - 1144، سير أعلام النبلاء 22: 34 - 41، العبر في خبر مَن غبر 3: 159، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 7: 157 - 170، الوافي بالوفيات 15: 50 - 57، القرشي: الجواهر المضية =

ص: 204

هكذا (a) رَأيتُ نَسَبَهُ في غير مَوضعٍ، وقد سَقَطَ من نَسَبه ذِكْر جَمَاعَةٍ؛ فإنّهُ لا يُتَصوَّر أنْ يكُون بينه وبين حِمْيَر بن ذِي رُعَيْن سَبْعَةٌ لا غير.

حَمَلَهُ وَالده إلى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد المُقْرِئ سِبْط أبي مَنْصُور الخَيَّاط، فلَقَّنَهُ القُرْآن، وجوَّدهُ عليه، وقرأ عليهِ بالرِّوَايَات وله عَشر سِنين، وكان سَألني وأنا أقْرأ عليه: كم كان عُمْرُك حين خَتَمْتَ القُرْآن؟ فقُلتُ لَهُ: تِسْع سِنين، فتَعَجَّب من ذلك وقال: كذلك أنا خَتَمْتُه ولي تِسْعْ سِنِين، وأخْرج إليَّ مُفْردات للشَّيْخ أبي مُحَمَّد وعليها خَطّه بقرَاءته عليها، وأرَاني خَطّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد له على بَعْضِها أنَّهُ خَتَم القُرآنَ عليه وهو ابنُ تِسْعٍ، وجَمَعهُ بالعَشْر وهو ابنُ عَشْرٍ، فذَكَرْتُ له أنِّي جَمَعتُه بالعَشْرِ ولي عَشْر سِنيْن، وشَاهدتُ بخَطِّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الدُّعَاء له بطُول العُمر، فاسْتَجابَ الله دُعَاءه له، فعاشَ أرْبَعًا وتِسْعِين سَنَةً.

وكان الشَّيْخ أبو مُحَمَّد اعْتَنى به؛ فأقْرَأهُ القُرْآن على أبي القَاسِم هِبَة الله بن أحْمَد المعرُوف بابنِ الطَّبَر، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن الخَضِرِ خَطِيْب المُحَوَّل، وأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، وأبي الفَضْلِ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بن المُهْتَدي، وأقْرأهُ اللُّغَة والنَّحو على الشَّيْخ أبي مَنْصُور موْهُوب بن أحْمَد بن الجَوَالِيْقِيّ، والشَّريف أبي السَّعَادَات هبَة الله بن عليّ الحَسَنيّ المَعْرُوف بابنِ الشَّجَرِيّ، فلازَمَهُما حتَّى برَعَ في عِلْم النَّحو واللُّغَة، وقرأ عليهما وعلى أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، وعلى مَجْد الإسْلَام عُبَيْد الله بن القَاسِم الحَرِيرِيّ

(a) الأصل: هذا.

_________

= 2: 216 - 217، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 71 - 74، الزركشي: عقود الجمان ورقة 117 ب - 118 ب، تاريخ ابن الوردي 2: 199، البلغة للفيروزابادي 102، تاريخ ابن الفرات 5/ 1: 215 - 216، الدلجي: الفلاكة والمفلكون 92، العيني: عقد الجمان 3: 307 - 309، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 297 - 298، النجوم الزاهرة 6: 216 - 217، بغية الوعاة 1: 570 - 573، الغزي: الطبقات السنية 3: 270 - 274، شذرات الذهب 7:100.

ص: 205

كُتُبًا كَثِيْرة من كُتُب الأدَب، وأسْمَعَهُ الحَدِيْث فسَمعَ بإفَادته وبنَفْسه من هؤلاء، ومن القَاضِي أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، وأبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، وأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّاز، وأبي البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، وأبي الفَتْح عَبْد المَلِك بن أبي القَاسِم الكَرُوخِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن هِبَة الله بن عَبْد السَّلام، وأبي عَبْد الله الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد المقرِئ أخي شَيْخه أبي مُحَمَّد، وأبي مَنْصُور عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد بن مُحّمد الأسَدِيّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الجَبَّار العُكْبَرِيّ، وأبي الفَتْح عَبْد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَيْضَاويّ، وأبي مُحَمَّد يَحْيَى بن عليّ بن الطَّرَّاح، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن تَوْبَة، وشَيْخ الشُّيُوخ أبي البَرَكَات إسْمَاعِيْل بن أبي سَعْد الصُّوْفيّ، وأبي مُحَمَّد طَلْحَة بن أبي طَالِب الرُّمَّانِيّ، وأبي السَّعَادَاتِ المُبارَك بن الحُسَين بن عَبد الوَهَّاب بن نَغُوبا الوَاسِطِيّ، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الصَّائِغ، وأبي القَاسِم عليِّ بن أبي نَصْر عَبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الصَّبَّاغِ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن عُمَر بن يُوسُف الأُرْمَوِيّ، وأبي الفَضْل أحْمَد بن طَاهِر بن سَعيد المِيْهَنِيّ، وأبي الحَسَن سَعْد الخَيْر بن مُحَمَّد بن سَهْل الأنْدَلُسِيّ، وأبي القَاسِم عَبْد الله بن أحْمَد بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، وأبي الفَرَج عَبْد الخَالِق بن أحمد، وأبي الحَسَن عليّ بن مُحمَّد بن أبي عَمْرو البَزَّار، وأبي إسْحَاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن نَبْهَان الرَّقِّيّ، والحافِظ أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، وأبي عَبْدِ الله عِيسَى بن هِبَة الله بن النَّقَّاش، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن الزَّاغُونِيّ، وأبي المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ، وأبي مَنْصُور أَنُوشْتِكِيْن بن عَبْد الله الرِّضْوَانِيّ، وأبي بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن النَّقُّور.

ص: 206

سِمَعَ من هؤلاء كُلّهم ببَغْدَاد ما خَلَا الحافِظ أبا العَلَاء فإنَّهُ سَمِعَهُ بهَمَذَان، وكان رحَلَ إليها وتَفَقَّهَ بها على مَذْهَب الإمَام أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه على سَعْد الرَّازِيّ رحمه الله.

وسَمعَ بدِمَشْق من الخَطِيب أبي الحُسَين عبد الرَّحْمنِ بن عَبْد الله بن الحَسَن بن أبي الحَدِيْد، وأبي العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الله بن مرْزُوق الأصْبَهَانِيّ. واجْتَمَع بمِصْر مع أَبي مُحَمَّد عَبْد الله بن بَرِّي، وتَكَلَّم معه، وأعْجَبَهُ كَلَام ابن بَرِّي، واعْتَرف بعِلْمه.

وكان شَيْخه أبو مُحَمَّد قد رَبَّاهُ تَرْبية الأوْلَاد، وكان يُكْرمُهُ، ونَفَعَهُ الله ببَرَكته، ووَهَب له كَثِيْرًا من كُتُبه الّتي قَرأها عليه، وتفرَّد برِوَايَة كُتُب كَثِيْرهَ.

ورَحَل إليه النَّاسُ من البِلادِ لقراءة القُرآن واللُّغَة والنَّحو والحَدِيْث والأشْعَار، وقرِأ عليه المَلِك المُعَظَّم عِيسىَ ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، وانْتَفَع بهِ، ومَهَر في النَّحو، وكان يَنْزل مَاشِيًا إليه من قَلْعَة دِمَشْق إلى دَاره، وقرأ عليه جَمَاعَة من الشُّيُوخ العُلَمَاءَ.

وكان قَدِمَ حلَبَ وسَكَنَها مُدَّةً، واتَّصَل بها بالأَمِير حَسَن ابن الدَّايَة، ثمّ سَافَر عن حَلَب إلى دِمَشْق، وخَدَم بها عِزّ الدِّين فَرُّخْشَاه بن شَاهَنْشَاه (a) بن أَيُّوب بن شَاذِي، فنَفَق عليه واسْتَوْزَرَهُ، وكان يُقَارضُه بالشِّعْر، ثمّ اتَّصَل بأخيه تَقِيّ الدِّين عُمَر بن شَاهَنْشَاه بعدَ مَوته بالدِّيَار المِصْرِيَّة، ثمّ عاد إلى دِمَشْق، فأقام بها، واتَّخَذَ بها دَارًا وبُسْتَانًا وملكًا يَعُود عليه نفعُه.

وكان حَسَن الأخْلَاق، جَمِيل الصُّورَة، تَامّ الخَلْق والخُلق. وكان يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا.

(a) في الأصل في هذا الوضع وتاليه: شاهانشاه.

ص: 207

دَخَلْتُ إليه دَاره بدِمَشْق في سَنَة ثَلاثٍ وسِتمائة مع وَالدِي، وقَرَأتُ عليهِ المَقَامَات الحَرِيرِيَّة وغيرها من كُتُب الأدَب، ولمَّا شَرَعتُ في قرَاءة المقَامَات عليه أعْجَبته قراءتي، وسَألني: أتَحْفَظُها؟ فقُلتُ لَهُ: لا، فمال إليَّ واعْتَنى بأمْري، وكان يأذن لي كُلَّما جئتُ إليه.

ولمَّا عَزَمتُ على العَوْد إلى حَلَب قال لي: اجْعَل في نَفْسك أنْ تَعُودَ إلينا، فأثَّر كَلَامُه عندي، وآثرتُ الرِّحْلَة إليه، وكان وَالدِي، رحمه الله، لا يَسْمَح بمُفَارقَتِي، إلى أنْ سَمح بأنْ يَزُور البَيْت المُقَدَّس فاسْتَصْحَبني معه، ووَصَلْتُ معه إلى دِمشْق، ودَخَلْتُ إلى الشَّيْخ، رحمه الله، فقَرأتُ عليه عدَّة من كُتُب الأدَب والحَدِيث في سَنَة ثَمانٍ وسِّتمائة، ثُمَّ عُدتُ من البَيْت المُقَدَّس، وكُنْتُ أتردَّدُ إليه وأسْمعُ منه بقِرَاءَتي وقراءة غيري في سَنَة تِسْعٍ وسِّتمائة. وسَألتُهُ عن مَوْلدِه فقال؛ وكَتَبَهُ لي بخَطِّه: في سَنَة عشرين وخَمْسِمائَة في شَعْبانها.

وقال لي أبو الحُسَين يَحْيَى العَطَّار إنَّهُ قال له: في الخَامِس والعشْرين منه.

أخْبرَنا الإمَامُ العَلَّامَة أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ علِيّ بن إبْراهيم بن عِيسَى البَاقِلَّانِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن جعْفر بن حَمْدَان بن مَالِك القَطيْعيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن إسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، قال: سَمِعْتُ قَيْس بن أبي حَازِم يُحَدِّثُ عن جَرِير رضي الله عنه، قال

(1)

: كُنَّا عند رسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة البَدْر، فقال: إنَّكُم سَتَرونَ رَبّكم عز وجل كما تَرونَ القَمَر، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتهِ، فإنْ اسْتَطعتُمْ أنْ لا

(1)

كتاب السنة للشبياني 1: 196 (رقم 451)، وكتاب الإيمان لابن مندة 3: 761 (رقم 797)، صحيح ابن حبان 16: 475 - 476 (رقم 7443)، فتح الباري 2: 52 (رقم 573).

ص: 208

تُغْلَبُوا على هاتين الصَّلَاتَيْن قبْلَ طُلُوع الشَّمْسِ وقبلَ غُرُوبها، ثمّ تلا هذه الآية {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}

(1)

. قال شُعْبَة: لا أدْرِي قال: فإنْ اسْتَطَعتُم أو لم يَقُل.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ بقِرَاءَتي عليه في مَنْزِله بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن أحْمَد بن الطَّبَر، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد في عليّ بن الفَتْح العُشَارِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن سَمْعُون، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد في أبي حُذَيْفَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحّمد بن أبىِ الخَنَاجِر (a)، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن الوَلِيد البَصْرِي، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ، عن عَاصِم، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ

(2)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إنَّ العَبْد لتُرْفَعُ له الدَّرجَةُ فيقُول: أي رَبّ، أَنَّي لي هذه؟ فيقُول: باسْتِغْفَارِ وَلد وَلدك مِن بَعْدِك.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الإمَامُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن أحْمَد المُقَرِئ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بنُ أحمد بن خَلَف بن خَاقَان البَيِّع، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد الأزْدِي، ح.

(a) في الأصل وق بالحاء المهملة الحناجر، وأكدها في ق بحرف الحاء أسفلها، وصوابه بالمعحمة، وتقدمت ترجمته في الجزء الثالث من هذا الكتاب.

_________

(1)

سورة ق، من الآية 39. وطالع الآية في الأصل: فسبح.

(2)

سنن ابن ماجة 2: 1207 (رقم 3660)، وفيه:"باستغفار ولدك"، شرح السنة للبغوي 5: 197 (رقم 1396)، ولفظه:"بدعاء ولدك".

ص: 209

قال: وقال أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد: وحَدَّثَنَا القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن أَيُّوبَ الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الجَرَّاح الخَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْدٍ، واللَّفْظ للقَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، عن الأصْمَعِيّ، قال: كان أبو بَكْر إذا مُدِحَ قال: اللَّهُمَّ أنْتَ أعْلَم بي من نَفْسِي، وأنا أعْلَم بنَفْسِي منهم، اللَّهُمَّ اجْعَلني خَيْرًا ممَّا يحسبُون، واغْفِر لي، واجْعَلني خَيْرًا ممّا يَعْلَمُون، ولا تُؤاخذني بما يقُولُون.

وقالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدٌ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، عن الأصْمَعِيّ، عن العبَّاس بن بَكَّار الضَّبِّيّ، عن عُقْبَة الأصَمّ، عن عَطَاء بن أبي رِبَاح، عن ابن عبَّاسٍ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ يقول

(1)

: [من البسيط]

إذا أرَدْتَ شَرِيْفَ النَّاس كُلِّهِمِ

فانْظُر إلى مَلِكٍ في زيّ مِسْكين

ذاكَ الّذي حَسُنتْ في النَّاسِ سِيْرَته

وذاكَ يَصْلُحُ للدُّنْيا وللدِّيْن

ولشَيْخنا أبي اليُمْن، رحمه الله، أشْعَار لَم أسْمعَ منه شَيئًا لاشْتِغَالي عليه بما هو أهمُّ بها، وقد أجَازَ لنا رِوَايتها عنه، فمنها ما أنْشَدَهُ لنفَسِه في أرْمَدٍ مَلِيْح

(2)

: [من الطويل]

بكُلِّ صَبَاحٍ لي وكُلّ عَشِيَّةٍ

وقُوْفٌ على أبْوَابِكُم وسَلَامُ

وقَدْ (a) قيل لي يَشْكُو سَقَامًا بجَفْنِه (b)

تغَيَّض (c) بي وَجْدٌ وخَفَّ غَرَام

فغيرُ غَرِيْبٍ في المنَاصِل (d) حمرَةٌ

وغيرُ بَدِيْعٍ في الجُفُون سَقَامُ

وقِدْمًا شَكَونا (e) وضِيْمت قُلُوبنُا

فها أنْتَ منها تَشْتَكي وتُضَامُ

(a) ديوان أبي اليمن الكندي: مذ.

(b) الديوان: سقام جفونه.

(c) الديوان: تغيظ.

(d) الديوان: المفاصل.

(e) الديوان: شكوناها.

_________

(1)

البيتان لأبى العتاهية: ديوانه 439.

(2)

ديوان أبي اليمن الكندي 54.

ص: 210

ومن ذلك ما أنْشَدَهُ لنَفْسِه، وكان قد شَرِبَ دَوَاءً فَمرضَ منهُ

(1)

: [من الطويل]

تَدَاوَيْتُ لا مِن علّةٍ خَوْفَ علَّةٍ

فأصْبَحَ داءً في حَشَاي دَوَائي

فيا عجبَ الأقْدَار من مُتَحذلقٍ

يُحَاولُ بالتَّدْبِر رَدَّ قَضَاءَ

ومن ذلك ما قَرأته بخَطِّه، قال: هذه قَصِيدَةٌ الْتَمَسَ وَزْنَها ورَوِيّها المَوْلَى معِزّ الدّين فَرُّخْشَاه رحمه الله، ونحنُ إذ ذاكَ بمِصْر، وأنْشَدَنيها رَفِيْقُنا أبو الفَتْح نَصْرُ اللهَ بنِ أبي العِزّ بن أبي طَالِب الشَّيْبَانيّ الصَّفَّار، من لَفْظه بدِمَشْقَ، قال: أنْشَدَنا أبو اليُمْن زيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ لنَفْسِه وأثبْتُّها بكَمَالها، وهي

(2)

: [من الكامل]

هل أنْتَ رَاحِمٌ عَبْرَةٍ وتَولُّهِ

ومُجِيْرُ صَبٍّ عند مَأمَنهِ دُهي

هَيْهات يَرْحَمُ قَاتِلٌ مَقْتُولَهُ

وسنَانُهُ في القَلْب غَيْر مُنَهْنِهِ

مَن بَلَّ من دَاءِ الغَرَام فإنَّني

مُذْ حَلَّ بي مرضُ الهَوَى لَم أَنْقَهِ (a)

إنِّي بُلِيْتُ بحُبّ أغْيَدَ سَاحر

بلحَاظهِ رَخْصِ البَنان بزَهْرِه

أَبْغِي شِفَاءَ تَدلُّهِي من دَلِّهِ

ومَتَى يرقّ مُدَلّل لمُدَلَّهَ

كم آهَةٍ لي في هَوَاهُ وأَنَّةٍ

لو كان يَنْفَعُنِي عليه تَأَوُّهي

ومآرِبٍ في (b) وَصْلِه لو أنَّها

تُقْضَى لكانَتْ عند مَبْسِمِه الشَّهِي

يا مُفْرَدًا بالحُسْنِ إنّكَ مُنْتَهٍ

فيه كما أنا في الصَّبَابَة مُنْتَهى

قد لام فيك مَعَاشِرٌ أفَأَنْتَهي

باللَّوْم عن حُبّ الحَيَاةِ وأنْتَ هي

(a) الخريدة: داء الهزى لم أنقه، الوافي: لم أنته.

(b) الخريدة: من.

_________

(1)

ديوان أبي ابن الكندي 47.

(2)

ديوان أبي اليمن الكندي 40 - 43، وعدد أبياتها 49 بيتًا، والقصيدة أثبتها العماد في الخريدة 10: 129 - 133، وفي كتابه البرق الشامي 5: 65 - 69، وأثبت الصفدي أول 17 بيتًا منها في الوافي 15: 55، و 13 بيتًا منها في البداية والنهاية 13: 73 - 74.

ص: 211

أَبْكي لدَيْهِ فإن أحَسَّ بلَوْعَة

وتَشَوُّقٍ (3) أوْمَا بطَرْفِ مقْهْقِهِ

أنا من مَحَاسِنه وحَالىِ عندَهُ

حَيْرَانَ بينَ تفكُّهٍ (b) وتَفَكُّهِ

ضدَّانِ قد جُمِعَا بلفظ واحدٍ

لي في هَوَاهُ بمعْنيَيْن موَجَّهِ

لأُجَرِّدنَّ منِ اصْطِبَاري [عَزْمَةً](c)

ما رَبُّها في مَحْفلٍ بمُسَفَّهِ

أوَلَسْتُ رَبَّ فَضَائِل لو حَاز أدْ

نَاهَا وما أزْهَي بها غيري زُهي

شهدَتْ لها (d) الأعْدَاءُ واسْتَشْفَتْ بها

عَيْنا حَسُود بالغَبَاوَة أكْمَهِ

أنا عَبْدُ مَن عِلم (e) الزَّمانُ بعَجْزه

عن أنْ يَجيء لهُ بنِدٍّ مُشْبِهِ

عَبْدٌ لعِزّ الدِّين ذي الشَّرَف الّذي

ذلّ المُلُوك لعِزَّه فُرُّخْشِهِ

المُوْقد الحَرْب العَوَانَ ببَأسِهِ

والأُسْدُ بين مُغَرّد (f) ومُوَهْوِهِ

المُفْحم الفُصَحَاءَ فَصْلُ خطَابِهِ

من ذي الرَّويَّةِ فيهم والمِبْدَهِ

فكأنَّ قِرْنًا يُبْتَلَى بنزَالهِ

يُرمَى بطَوْدٍ فَوْقَهُ مُتَدَهْدِهِ

وكَذَا البَليْغُ مُلَجْلَجٌ في نُطْقه

حَصَرًا كألكَنَ في الحوَار مُنهنِهِ (g)

فلَتَبجحَ العَلْيَاءُ منه بمْجرِبٍ

عند الجلَادِ وفي الجِدَالِ بمِدْرَهِ

هو غرَّةُ الزَّمَن البَهِيْم وعِصْمَةُ

المكِ العَقِيم وغَوْثُ كل مُؤَيَّهِ

مَلِكٌ هُمام حَازِمٌ يَقِظٌ رضىً

بَحْرٌ غَمامٌ عَالِم ندُسٌ نَهِ

فَطِنٌ لأخْذ محَامِدٍ خَفِيَتْ على

فِطَنِ الأُلَى (h) فلمِثْلها لَم يُؤْبَهِ

مُتَنَبِّه للمَكْرُمات ولَم يَكُن

عنها يَنام فيَبْتَدى (i) بتَنَبُّهِ

يُعْدى على جَور الزَّمانِ بعَدْلهِ

ويُجِيْزُ بالنَّعْماءَ كُلَّ مُوَلَّهِ

وإذا اسْتَغَاثَ إليه منْهُ مالُهُ

كانَتْ إغاثَتُه له: صَهْ أَوْ مَهِ

(a) الديوان: وبشهقة، البرق الشامي: وتشهّق.

(b) الوافي: تفكري.

(c) من الديوان والخريدة والبرق الشامي والوافي.

(d) الديوان: له.

(e) الخريدة والبرق الشامي: شهد.

(f) الديوان والخريدة: معرد.

(g) الديوان والخريدة: في الكلام متهته، وفي البرق الشامي: في الحوار متهته.

(h) الأصل، وق: الأولى، وكتب ابن العديم في الهامش:"بخطه: الأولى، مقلوب الأول، وبخطه: الورى".

(i) الخريدة: فيهتدي.

ص: 212

وعلي شَمَائِل مَجْده ورُوَائه

للمَجْد (a) أُبَّهَةٌ بغير تَأبُّهِ

ما اللَّيْثُ أوْغَلَ في التَّرَائبِ نَابُهُ

سَغِبًا يَصُولُ بأَهْرَتٍ مُتَكَهْكِهِ

يَوْمًا بأسْفَك للدِّمَاءَ لَدَى الوَغَي

منهُ وأقْتَلَ للعدَاةِ وأعْضَهِ

تَعِبَتْ أَسِنَّتُهُ عِلى عَلْيَائهِ

حتي تَفَرَّدَ بالمَحَلِّ الأنْوَهِ

فغَدَا ورَاح به رَعَايا مُلكه

فىِ رَاحَةٍ تَبْهُو (b) بسؤدَدهِ البَهِي

كم في غَنَاءِ (c) المتْعَبينَ على العُلَا

من مُتْرَفٍ بعَنَائهم مُتَرَفّهِ

أنْظُر إذا ازدحَمَ الوُفُودُ ببَابهِ

من كُلِّ ذىِ أَمَلٍ به مُتَوَجِّهِ

إنْ شَطّ لَم يَشْطُطْ رِضَاهُ وإنْ جَفَا (d)

فيما يُحاوَل عندَهُ لَم يُنْجَهِ

طابَتْ مَواردُه فغَصَّ فِنَاؤُه

وشَدَا الحُدَاةُ بذِكْره في المَهْمَهِ

كالماءِ عندَ ورُوده ما لَم يكُن

عَذْبًا نَمِيْرًا سَائِغًا لَم يُشْفَهِ

يا خَيْرَ بَانٍ بالشَّجَاعَة والنَّدَى

مَجْدًا يَهِي عُمُر الزَّمان ولا يَهِي

يَفْديكَ كُلُّ مُمَّلكٍ مُتَتَايهٍ

أبدًا بألْسَنة الرِّعَاعِ مُمَدَّهِ

لا يَفقَهُ النَّجْوى إذا حدَّثْتَهُ

وإذا بَدَا (e) بحَدِيْثِه لَم يُفْقِهِ

إنِّي على شَرَف القَرِيْضِ لهَاجر

للنَّظْم هِجْرَةَ آنفٍ مُتَنَرِّهِ

أضْحَى وأهْلُوه (f) كَمَدُوحيهِم

في جَهْل قيْمَة ذي الحَجى والأوْرَهِ

أبدًا عَرَائسُ مَدحِهِ تُجلى على

دَنِسِ الخَبِيئَة بالعُيُوب مُشَوَّه

قَلَّ المُمَيِّزُ (g) سَامِعًا أو مُنْشدًا

في النَّاس بين مفَهَّه ومُفَوَّهِ

آليْتُ لا أَوْلَيتُ غَيْرك مِدْحَةً

شِعرًا وإنْ أفْعَل فمِدْحَةُ مُكْرَهِ

أَصْبَحْتُ من نُعْماكَ صَاحِبَ أنْعُم

تُرْجَى نَوَافِلُها وعَيْشٍ أَبْلَهِ

(a) الديوان والخريدة: للملك.

(b) الديوان والخريدة: تتهو.

(c) الديوان والخريدة والبرق الشامي: عناء.

(d) الديوان والخريدة والبرق الشامي: وإن سطا.

(e) الديوان والخريدة: أتى.

(f) الديوان والخريدة: وعصبته.

(g) الديوان والخريدة والبرق لشامي: للمميز.

ص: 213

وبَدَا لديْكَ صَرِيح فَضْلي مثْلمَا

لا يَسْتَسِرُّ لدَيْكَ نَقْصُ مُمَوَّهِ

حُزْتَ السَّعَادَةَ من إلهكَ ما سَرَتْ

في اللَّيْل دَعْوَةُ عَابِدٍ مُتألِّهِ

أنْشَدَني أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد الله العَطَّار بمِصْر، قال: أنْشَدَنا الشَّيْخُ أبو اليُمْن الكِنْدِيّ لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

أرَى المرءَ يَهْوَى أنْ تَطُول حَيَاتَهُ

وفي طُوْلها إرْهَاقُ نفسٍ (a) وإزْهَاقُ

تَمَنَّيْتُ في شَرْخ (b) الشَّبِيْبَة أنَّني

أعمَّر والأعْمَار لا شَكَّ أرْزَاقُ

فلمَّا أتَاني ما تَمَنَّيت سَاءَني

من العُمْرِ ما قد كُنْتُ أهْوَى وأشْتَاقُ

عَرَتْني أعْرَاضٌ شَدِيدٌ مراسُهَا

عليَّ وهَمٌّ ليسَ لي منهُ إفْرَاقُ

وها أنا في إحْدَى وتِسْعِين حِجَّة

لها فيَّ إرْعادٌ مَخُوفٌ وإبْرَاقُ

يُخَيّل لي فِكْري إذا كُنْتُ خَاليًا

رُكُوبي على الأعْنَاقِ والسَّيْرُ إعْنَاقُ

ويَذْكُرني بعد (c) النَّسِيم ورُوْحه

حَفَائِر يَعْلُوها من التُّربِ أطْبَاقُ

يَقُولونَ دِرْيَاقٌ لمثلكَ نَافِعٌ

وما لي إلَّا رَحْمَة الله دِرْياقُ (d)

وكان لشَيْخنا أبي اليُمْن نَوَادر مُسْتَحْسَنة، ومُلَح مُسْتَطرَفَة؛ منها مِا حَكَاهُ لي الشَّيْخُ الفَقِيهُ أبو الحَسَن عليّ بن هِبَة الله بن سَلامَة المَعْرُوف بابنِ الجُمَّيْزِيّ، قال: كان تَاج الأُمَناء وزَيْن الُأمَناء أخوَين من بني عَسَاكِر، وكان تَاج الُأمَناء يُلقَب خرابدبس (e)، وكان أكْبَر من زيْن الُأمَناء في السِّنِّ، فحَضَر جَمَاعَة عند الشَّيْخ تَاج الدِّين الكِنْدِيّ، وتَنازعُوا في تَاج الأُمَناء وزَيْن الأُمَناء أيُّهما أَسَنّ من صَاحِبه،

(a) الديوان وابن خلكان والذهبي والزركشي والسيوطي: ذل.

(b) الديوان وابن خلكان والذهبي والزركشي: عصر.

(c) الديوان وابن خلكان والذهبي والزركشي: مرّ.

(d) الديوان وابن خلكان والذهبي: يقولون ترياق

ترياق.

(e) ق: حرانديس.

_________

(1)

ديوان أبي اليمن الكندي 70 - 71، ووفيات الأعيان 2: 341 - 342، وتاريخ الإسلام 13: 368، وعقود الجمان للزركشي 118 أ، وبغية الوعاة 1:571.

ص: 214

وكان يَظْهر للرَّائي أنَّ زَيْن الأُمَناء أسَنّ، فابتَدَر الكِنْدِيّ من غير رَويَّةٍ وقال: تَاج الأُمَناءِ في سَنِّ زَيْن الأُمَناء، وهذا من أحْسَن النَّوَادر والتَّورية.

وسَمِعْتُ رَفِيْقَنا النَّجِيْبُ أبو الفَتْح ابن الصَّفَّار، قال: كان الشَّيْخ تَاج الدِّين الكِنْدِيّ يَجْلس في اللَّبَّادِين بدِمَشْق على حَانُوْت بالقُرْبِ من دَاره يَجْلِس فيها بعضُ الكَحَّالين، فاتَّفَقَ يَوْمًا أنْ جاءت امرأةٌ إلى الكَحَّال والشَّيْخ تَاج الدِّين جالسٌ عندَهُ، فذَكَرَت للكَحَّال مَرَضًا بعَيْنها، وأطَالَت الكَلَام معه إلى أنْ أضْجَرَتْهُ، فقال لها: والله قد أخَذتِ مُخِّي، فقال له تَاج الدِّين الكِنْدِيّ في الحالِ: نَعَم لتُطْعِمَهُ زَوْجَها!.

وحُكِي لي من نَوَادره أنَّهُ أُهْدِي له جَدْيَان، فدَخَل بهما عَتِيقه يَاقُوت، الّذي سُمِّي بعد ذلك يَعْقُوب، وقد وَضَع أحدهما تحتَ إبْطَه الأيْمَن، والآخر تحتَ إبْطه الَأيْسَر، وعند الشَّيْخ جَمَاعَة، فقال له حين رآهُ: يَعِيْشُون لك.

وبَلَغَني أنَّهُ دَخَل إليه طَبِيْبان: أحدهمُا كَحَّال، والآخر طَبَائِيّ، فقال للكَحَّال: كم فرقْتَ اليَوْم عَصًا؟ فقال الطَّبَائِعيّ (a): كَثِيْرٌ، فقال للطَّبَائِعيّ: أنْتَ مُسْتَريْحُ؛ خُصُومُك المَوْتى!.

ومن مُهَاتَرَاته المُسْتَملحَة أنَّهُ حَضَر بدِمَشْق في مَجْلِس الوَزِير ابن شُكْر، وفي المَجْلِس أبو الخَطَّاب بن دِحْيَة، وهو يَنْتَسب إلى كَلْب، فأوْرَد ابن دِحْيَة حَدِيث الشَّفَاعَة وقال فيه: ولكنِّي كُنْتُ من وَراءَ وراءَ؛ بالفَتْح، فأنْكَره الكِنْدِيّ وقال: هو بالضَّمِّ من: ورَاءُ وراءُ لا غير، فجَرَى بينهما كَلامٌ آلَ بهما أنْ سَفه عليه ابنُ دِحْيَةَ، فقال له الشَّيْخُ الكِنْدِيُّ: نُسِبْتَ إلى كَلْبٍ فنَبحْتَ.

(a) كذا في الأصل، وسياق الكلام يقتضي أن يكون: الكَحَّال.

ص: 215

قَرَأتُ في التَّاريْخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام، الّذي ذَيَّلَ به رَفِيْقنا الحافِظ أبو عَبْد الله تاريخ بَغْدَاد للخَطِيْب

(1)

، وأجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنهُ، قال: زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن سَعيد بن عِصْمَة بن حِمْيَر بن الحَارِث ذي رُعَيْن الأصْغَر، أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، من سَاكِني دَار الخِلَافَة، أسْلَمهُ والدُه في صِغَره إلى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ المُقْرِئ سِبْط الشَّيْخ أبي مَنْصُور الخَيَّاط، فَلقَّنَهُ القُرْآن، وجوَّد عليهِ قراءتَهُ، ثمّ حَفَّظه القِرَاءَات؛ فقَرأ عليهِ بالرِّوَايَات العَشر وعُمره عَشْر سِنين، ثُمَّ إنَّهُ أقْرأهُ أيضًا على مَشَايخ أقْدَم إسْنَادًا منه كأبي القَاسِمِ هِبَة الله بن أَحْمَد الحَرِيرِيّ، وأبي الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد الله بن المُهْتَدي، وأبي منْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن خَيْرُون، وأبيِ بَكْر مُحَمَّد بن الخَضِر خَطِيْب المُحَوَّل، ثمّ إنَّهُ أشْغَلَهُ بالنَّحو واللُّغَة، وأَمَرَهُ بمُلَازمة الشَّريف أبي السَّعَادَات بن الشَّجَرِيّ، وأبي مَنْصُور بن الجَوَالِيْقِيّ، لقراءة الأدَب، فقرأ عليهما حتَّى بَرَعَ في النَّحو ومَعْرفَة العَرَبِيَّةِ.

وأسْمَعَهُ الحَدِيْث الكَثِيْر من الشُّيُوخ الكِبَار كأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الأنْصَاريّ، وأبي القَاسِم هِبَة الله بن أحْمَد الحَرِيرِيّ، وأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد القَزَّاز، وأبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، وأبى البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن هِبَة الله بن عَبْد السَّلام، وأبي الفَتْح عَبْد الله بن مُحَمَّد بن البَيْضَاويّ، وأبي مُحَمَّد يَحْيَى بن عليّ بن الطَّرَّاح، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن تَوْبَة، وأبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد الخَيَّاط، ومن جَمَاعَة غيرهم.

وقَرِأ بنَفْسه على المَشَايخ كَثِيْرًا، وكان الشَّيْخ أبو مُحَمَّد المُقْرِئ يعزّهُ ويُقْرِئهُ كَثِيْرًا، وربَّاهُ أحْسَن تَرْبيةٍ، ووَهَب لهُ كَثِيْرًا من الكُتُب والأُصُول الّتي قَرَأها

(1)

تقدم التعريف بالكتاب فيما سلف.

ص: 216

عليه، وكانت هِمَّتُه إليه مَصْرُوفة، فعادَتْ بَرَكتُه عليه فعُمِّر عُمْرًا طَوِيْلًا، وانْتَشَرت عنه الرِّوَايَةُ، ورَحَل إليه طُلَّابُ العِلْم من الأقْطَارِ لقِرَاءةِ القُرآن عليهِ والحَدِيْث والأدَب، وتَفَرَّد بأكْثَر مَرْوياتِهِ، وكان يَرْوِي كَثِيْرًا من كُتُب الأدَب ودَوَاوِين الشِّعْر، ويَكْتُب خَطًّا مَلِيْحًا.

ولمَّا مَاتَ شَيْخُه أبو مُحَمَّد قَام مَقَامَهُ في مَسْجِده، وأَمَّ النَّاسَ فيه أيَّامًا، وله نيّفٌ وعشْرون سَنَةً، ثُمَّ إنَّهُ سَافر عن بَغْدَادَ في سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين، ودَخَلَ هَمَذَان، وأقام بها سِنِينَ يتفَقَّهُ على مَذْهَب أبي حَنِيْفَة (a) على سَعْد الرَّازِيّ بمَدْرَسَةِ السُّلْطان طُغْرِل، ثمّ إنَّ وَالدَهُ (b) حَجَّ في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين فماتَ في الطَّريق، فلمَّا بَلَغَهُ خَبَرُه عاد إلى بَغْدَاد وأقام بها مُدَيْدَة.

ثُمَّ تَوَجَّهَ إلى الشَّام، واتَّصَل بالمَلِك عِزّ الدِّين فَرُّخْ شَاه بن أَيُّوب (c)، أخي صَلاح الدِّين مَلِك الشَّامِ ومِصْر، ونال منه مَنْزِلةً رَفِيعةً واسْتَوْزَرَهُ، فلمَّا تُوفِّي فَرُّخْ شَاه اتَّصَل بأخيه تَقِيّ الدِّين عُمر صَاحِب حَمَاة، واخْتصَّ به، ودَخَلَ ديار مِصْر، ورَأى من الجاهِ والتَّعْظِيم ما لَم يَرَهُ أحدٌ، وكَثُرت أمْوَالهُ، ثمّ إنَّهُ سَكَنَ في آخر عُمْرِه بدِمَشْقَ إلى حين وَفَاته، وكان المَلِكُ المُعَظَّم عِيسَى ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب صَاحِب دِمَشْق يَقْرأ عليه الأدَب ويَقْصدُه في مَنزله، ويُعَظِّمه ويُبَجِّلُه.

رَحَلْتُ إليه قَاصِدًا من مَكَّة، وكُنْتُ بها مُجَاوِرًا، وقَرآتُ عليهِ كَثِيْرًا من الحَدِيثِ والأدَب، وكان يُوَاصِلُني بما أُنْفقُه، ويَجْلِسُ لي خَاليًا للقِراءَةً عليهِ، وكانت هذه عادتُهُ في إكْرَام الغُرَبَاءَ.

(a) ق: رحمة الله عليه.

(b) ق: ولده.

(c) أشَّر عليه ابن العديم في الأصل بكتب علامة "صـ" فوقه، لأنه أسقط اسم أبيه: شاهنشاه ونسبه تجوّزا إلى جِدِّه.

ص: 217

وما رأيتُ شَيْخًا أكْمَل منه فَضْلًا، ولا أتَمَّ منه عَقْلًا ونُبلًا، وثِقَةً وصِدْقًا، وتَحْقِيقًا وتَثْبِيتًا، ورَزَانَةً، مع دَمَاثةِ أخْلَاقهِ، ولُطْف عِشْرته، وكَرَم تَوَاضُعِه، وطِيْب مُجَالسَتِه، وحُسْن نِشْوَاره.

وكان مَهِيْبًا وَقُورًا؛ أشْبَه بالوُزَرَاءِ من العُلَمَاء لجَلَالته، وعُلوِّ مَنْزِلته عند المُلُوك والأعْيَان وسَائر النَّاس.

وكان أعْلَم أهْل زَمَانه بالنَّحو، وأظُنُّه كان يَحْفظ كتابَ سِيْبَوَيْه، لأنِّي ما دَخَلْتُ عليه قَطّ إلَّا وهو في يَدِه يُطَالعُهُ، وكانت له بهِ نُسْخَة في مُجَلَّدةٍ واحدةٍ بخَطِّ الدَّقَّاق النَّحْوِيّ، دَقِيْقة الخَطّ، فكان يَرَاها بلا كُلْفَة وقد بَلَغَ التِّسْعِين، وكان قد مَتَّعَهُ الله بسَمْعِه وبَصَره وقُوَّتهِ، فكان مَلِيْح الصُّورَة طَرِيفًا، إذا تَكَلَّم ازْدَاد حَلاوة، وله النَّظْم والنَّثْر المَلِيْح والبَلَاغَة الكَامِلة.

تُوفِّي شَيْخُنا أبُو اليُمْنِ الكِنْدِيّ في ضَحْوَة نَهَار الاثْنَين سَادِس شَوَّال سَنَة ثلاث عَشْرة وسِتّمائة، ووصَلَ إلينا الخَبَرُ بذلك في ذي القَعْدَة من السَّنَةِ إلى حَلَب، ثمّ أخْبَرَنِي بوَفاتِهِ جَمَاعَة على ما ذَكَرْتُه. ودُفِنَ بجَبَل قَاسِيُون.

سَمِعْتُ أبا [عَبْد الله](a) الحُسَين بن إبْراهيم الإرْبِلِيّ بدِمَشْق يقُول لي عَشِيَّة لَيلَة الاثنين الرَّابِعة من شهر رَبيع الآخر من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وسِتِّمائة، قال: رأيْتُ لَيْلَة الأَحَدِ الثَّالثة من الشَّهر المَذْكُور الشَّيْخ تَاج الدِّين أبا اليُمْن الكِنْدِيّ وهو على أحْسَن هَيْئَةٍ، وقد جاءه إنْسَان يَطْلبُ منه الدُّعَاءَ لوَلَدِه، فقال قائل: وأينَ بَلَدُك (b)؟ فقال. في بَلَدِ الرُّوم، فاسْتَدَار الشَّيْخُ رحمه الله إلى جِهَة الشَّمَال ودَعَا لوَلد ذلك الإنْسَانِ، فقال قائلٌ: أفْلَح جميعُ منْ في بَلَد الرُّوم بدُعَاءَ الشَّيْخ،

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، وفي ق: أبا الحسين بن إبراهيم، وتقدمت إشارة ابن العديم له في غير موضع بالكنية المثبتة، وهو شرف الدين الحسين بن إبراهيم بن الحسين الأربلي، توفي سنة 656 هـ، انظر ترجمته في العبر للذهبي 3:279.

(b) كذا في الأصل، ولعل الأظهر ولدك.

ص: 218

وكان هذا بعد أنْ طَرَقَ التَّتَار بلاد الرُّوم، فوقَع الصُّلْح وسَكَنت البِلادُ بعد ذلك ببلادِ الرُّوم.

‌زَيد بن حِصْن الطَّائيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ولهُ ذِكْرٌ.

ذِكْر المَدَائِنِيّ في كِتاب صفِّين أنَّهُ شَهِدَها مع عليّ، وقيل إنَّهُ أَمَّرَهُ على طَيِّءٍ.

‌زَيْدُ بن الحَوَارِيّ البَصْرِيّ، أبو الحَوَارِيّ العَمِّيّ القَاضِي

(2)

ويُقالُ إنَّهُ مَوْلَى زِيَاد ابن سُمَيَّة، وقبل إنَّ مَوْلَى زِيَاد غيره.

رَوَى عن أنَسِ بن مَالِك، وأبي الصِّدِّيق النَّاجِيّ، والحَسَن البَصْرِيّ، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وأبي العَاليَة الرِّياحِيّ، ويَزِيْد بن أَبَان، وسَعِيْد بن المُسَيَّب، وقَتَادَة، ونَافِع مَوْلَى عَبْد اللهَ بن عُمَر، وجَعْفَر بن زَيْد العَبْدِيّ، وأبي وَائِل شَقِيْق بن سَلَمَة (a)، وعبد الله بن عَبْد الأعْلَى.

(a) بعده في الأصل: "ومعاوية بن قرة"، وضرب عليه لتقدم ذكره.

_________

(1)

توفي سنة 38 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 99 - 100، 489 - 499 (وفيه: زيد بن حصين)، تاريخ الطبري 5: 49 - 51، 75 - 77، 85، 87، 131، 175 (وفيه: زيد بن حصين الطائي السنبسي)، المسعودي: مروج الذهب 3: 157، ابن الأثير: الكامل 3: 317 - 318، 336 - 339، 345 - 346، 431، (وفيه: زيد بن حصين)، الإصابة في تمييز الصحابة 3: 26 - 27، (وزاد في ألقابه: السنبسي).

(2)

ترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 240، تاريخ البخاري الكبير 3: 392، المعرفة والتاريخ 2: 127، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 309، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1055 - 1058، الجرح والتعديل 3: 560، ابن ماكولا: الإكمال 7: 153، تاريخ ابن عساكر 19: 382 - 391، تهذيب الكمال 10: 56 - 60، تاريخ الإسلام 3: 658 - 659، الكاشف 1: 338، ميزان الاعتدال 2: 102، تهذيب التهذيب 3: 407 - 747، تقرب التهذيب 1: 274، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 5 - 6، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 97.

ص: 219

رَوَى عنهُ سُفْيان الثَّوْرِيّ، وسُليْمان بن مِهْرَان الأَعْمَشُ، وشُعْبَةُ، ومِسْعَر بن كِدَامٍ، ووَكِيع بن مُحْرِز بن وكِيع النَّبَّال، وأبو إسْحَاق السَّبِيْيّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن عَطِيَّة، وسَلَّام بن سُلَيم الطَّويل، وأبو إسْحَاق الفَزَارِيّ، وأيّوْبِ بن مُوِسَى المَكِّيّ، وعُمَارَة بن أبي حَفْصَة، ومُطَرِّف بن طَرِيف، وعِمْران بن زَيْد، ومُوسِي بن عَبْدِ الله الجُهَنِيّ، ويَحْيَى بن العَلَاءِ الرَّازِيّ، وهُشَيْم بن بَشِير، ونُوح بن أبي مَرْيَم، وابْناهُ عَبْدُ الرَّحيم وعَبْد الرَّحمن ابْنَا زَيْد.

ووَلِيَ القَضَاءَ بهَرَاةَ، ووَفَدَ على سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وشَهِدَ وَفَاتَهُ بمَرْجِ دَابِق. وقيل: إنَّهُ وَفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَة وشَهِدَ وَفَاته أيضًا، وعُرِفَ بالعَمِّيّ، لأنَّهُ كان إذا سُئِلَ عن شيءٍ قال: حتَّى أسْأل عَمِّيّ، فَلُقِّبَ بالعَمِّيّ.

أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم هِبَة الله بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالب بنُ غَيْلان، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبَوِ عليّ بِشْرِ بن مُولىَ بن صالح الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلَّاد بن يَحْيَى، عن مِسْعر، عن زَيْد العَمِّيّ، عن أبي الصّدِّيق النَّاجِيّ -أرَاهُ عن أبي سَعيدٍ الدرِيّ- أنَّ رَجُلًا ضُرِبَ على عَهْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في شَرَابٍ بنَعْلَين (a).

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحُسَين بن هبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن الحَسَن بن صَصْرَى بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليَّ بن عَسَاكِر بن سُرُور المَقْدِسِيّ الخشَّاب، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله الحَسَنُ بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنَا أبو المُعَمَّر الأمْلُوكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل

(a) في الغيلانيات وتاريخ ابن عساكر 19: 383: بنعلين أربعين.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)225.

ص: 220

الحَلَبيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَاِئِريُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحيم بن زَيْد العَمِّيّ، عن أَبيِهِ، عن أنَسٍ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صَلَّي اللهُ عليه وسلَّم: مَنْ مَشَى لأَخِيهِ المُسْلم في حَاجةٍ، كَتَبَ الله له بكُلِّ خَطْوَةٍ سبْعِين حَسَنةً، ومَحَا عنهُ بكُلِّ خَطْوَة سَبْعِين سَيِّئةً، يَبْتدئُ في الحاَجِ إلى أنْ تُقْضَى، فإنْ قُضِيَت الحاجَةُ خَرج من ذنُوبهِ كيَوْم وَلدَتْهُ أُمُّه، فإنْ مات قَبْل ذلك دَخَلَ الجَنَّة.

قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بن عبدِ الله بن عُلوَان بحَلَب، قُلْتُ لهُ: أخْبَركُم أبو الفَضْل بن بُنَيْمان في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا جَدِّي لأُمِيِّ أبو العَلَاء حَمْدُ (d) بن نَصْر الحافِظ، قال: حَدِّثَنَا عليّ بن أبي الفَتْح الحاَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَامِد، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن شَاذَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن مُوسَى، عن مُحَمَّد، عن زَيْد العَمِّيّ، قال: وَفَدْتُ إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك فشَهِدْتُ وفاتَهُ ودَفْنَهُ، قال: فسَمِعْتُ عَبْدَ الله بن عَبْد الأعْلَى النَّوْفَليّ يَتَمَثَّلُ بهذه الأبْيَات وهي: [من الطّويل]

وما سَالِمٌ عمَّا قَلِيلٍ بسَالِمٍ

ولو كَثُرت حُرَّاسُهُ وكَتَائِبُه

ومَنْ يَكُ ذا بابٍ شَدِيدٍ وصَاحِبٍ

فعمَّا قَلِيْلٍ يَهْجُر البابَ صَاحِبُه

ويُصْبح مَسْرُورًا به كُلّ شَامِتٍ

وأسْلَمَهُ أحْبَابُهُ وحَبَايبُه

فنَفْسَك فأكْسِبْها السَّعَادَة جَاهِدًا

فكُلِّ امْرِئ رَهْن بما هو كاَسِبُه

وقد رَوَى ابن الأعْرَابِيّ هذه القِصَّة لزِيَاد الأعْجَم، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمَتِهِ

(2)

، ورواها غيره عن أبي زَيْد الأعْمَى.

(d) ق: مُحَمَّد.

_________

(1)

تاريخ أصبهاني لأبي نعيم الأصبهاني 3: 190 (رقم 1438).

(2)

فيما مرّ من هذا الجزء.

ص: 221

ويُرْوَى أنَّ زَيْدًا العَمِّيّ سَمِعَ باكيةً تُنْشدُ هذه الأبيَات عند دَفْن سُليْمان بن عَبْد المَلِك.

أخْبَرَنَا بذلك أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد اللَّاذِقِيّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن إبْراهيم إمْلاءً، قال: قَرَأتُ على أبي سَعيد عَبْد الكَريم بن عليّ القَزْوِينيّ، عن أبي أُسامَة مُحَمَّد بن أحْمَد المِنقَريّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن سَعيد بن بِشْرَان الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن سِنَان، قال: حَدَّثَني عَمْرو بن الحُصَيْن، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن العَلَاءَ الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَيْد العَمِّيّ، قال: شَهِدْتُ سُليْمان بن عَبْد المَلِك، فلمَّا فَرغُوا من دَفْنهِ سَمِعْتُ بَاكيةً تقُول:[من الطّويل]

وما سَالِمٌ عمَّا قليل بسَالِمٍ

ولو كَثرَتْ أحْرَاسهُ وكَتَائبُه

ومَنْ يَكُ ذا بابٍ شَدِيدٍ وحَاجِبٍ

فعن ما قَلِيل يَهْجُر الباب حَاجِبُه

ويُصْبح بعد الحَجْب للنَّاَسِ مقْصَيًا

رَهِيْنَة بيتٍ لَم تسدّ جَوَانِبُه

فما كان إلَّا الدَّفْن حتَّى تَفَرَّقَتْ

إلى غَيره أجْنَادُهُ ومَوَاكِبُه

وأصْبَح مَسْرُورًا به كُلّ كَاشِحٍ

وأسْلَمَهُ أحْبَابُهُ وأقَارِبُه

فنَفْسَك فأكسِبْها السَّعَادَة جَاهِدًا

فكُلِّ امْرِئٍ رَهْن بما هو كَاسِبُه

أَنْبَأْنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله

(1)

، قال: أنْبَأْنَا أبو الفَرَج غَيْث بن عليّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سْهل بن بشر بن أحْمَد الإسْفَرَاينِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الجُرْجَانِيّ، والقَاضِي أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 384 - 385.

ص: 222

عِيسَى بن عَبْد اللّه السَّعْدِيّ، [قالا: حدَّثنا القَاضِي أبو العبَّاس أحْمَد بن عِيْسَى بن عَبْد اللّه السَّعْديّ] (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الجَرْجَرَائيّ (b)، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الجَاج المَهْرِيّ بمِصْر، ومُحَمَّد بن عُبَيْد الأزْدِيّ بعَكَّا، قالا: حَدَّثَنَا يَزِيد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن الحُصَيْن، قال: حَدَّثَنَا يَحيىَ بن العَلَاء الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَيْد العَمِّيّ، قال: شَهِدْتُ جنَازَة سُليْمان بن عَبْد المَلِك، فسَمِعْتُ كاتبةً (c) لم تقول:[من الطّويل]

وما سَالِم عمَّا قليل بسَالِم

لو كَثُرَت أحْرَاسُهُ وكَتَائِبُه

ومَنْ يَكُ ذا بابٍ شَدِيدٍ وحَاجِبٍ .. فعَمَّا قليلٍ يَهْجُر الباب حَاجِبُه

ويُصْبح بعد الحَجْب للنَّاسِ مُوبقًا

رَهِيْنَة بَيتٍ لم تُسَتَّر جَوَانبُه

فما كان إلَّا الدَّفْن حَتَّي تفَرَّقَتْ

إلى غيره أجْنَادُه ومَوَاكِبُه

وأصْبَحَ مَسْرُورًا به كُلّ كاشِحٍ

وأسْلَمَهُ أحْبَابُه وأقَارِبُه

فنَفْسَك فأكْسِبها السَّعَادَةَ جَاهِدًا

فكُلّ امْرِئٍ رَهْن بما هو كَاسِبُه

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، عن أبي البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المبُارَك الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبرنا أبو طَاهِر أحْمَد بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا يُوسُف بن رَبَاح، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن صالح، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول في تَسْمِيَةِ أهل البَصْرَة: زَيْد العَمِّيّ.

وقال أبو البَرَكاَت الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنَا أبو المَعَالِي ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ (d)، حال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو أُمَيَّة

(a) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وق، والإضافة من تاريخ ابن عساكر، مصدر النقل.

(b) ابن عساكر: الجرجاني، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 2: 204 - 207، وهو المَعْرُوف بالشيخ المفيد.

(c) كذا في الأصل، ومثله في أصول ابن عساكر، وكتب ابن العديم وكتب ابن العديم في هامش الأصل:"والصواب: باكية".

(d) ساقطة من ق.

ص: 223

الأحْوَصُ بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قال يَحْيَى: أبو الحَوَارِيّ زَيْد العَمِّيّ، وقال في مَوضعٍ آخر: زَيْد العَمِّيّ صَالِحٌ، عن ابن المُبارَك.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاءَ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا ابن العَرَّادِ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، عن أبي دَاوُد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: زَيْد العَمِّيّ هو زَيْد بن الحَوَارِيّ، أبو الحَوَارِيّ.

وقال: أخْبَرَنا ابن عَديّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى يقُول: سُئِلَ يَحْيَى بن مَعِيْن، وهو حاضِرٌ، عن زَيْد العَمِّيّ، فضَعَّفَهُ (a).

وقال: أخبَرَنا ابن عَدِيّ

(3)

، [قال] (b): حَدَّثَنَا ابنُ العَرَّاد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن شُعَيْب، قال: قَرأ عليَّ يَحْيَى بن مَعِيْن: زَيْد العَمِّيّ، فضَعَّفَهُ (c) .

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبوِ الحَسَنِ بن السَّقَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن معِيْن يقُول: قد رَوَى شُعْبَة عن زَيْد بن الحَوَارِيّ، وهو زَيْد العَمِّيّ، قيل ليَحْيَى: زَيد العَمِّيّ هو زَيْد أبو الحَوَارِيّ؟ فقال: ما أشْبَهَ أنْ تكُونَ هذه كُنْيَته. ثُمَّ قال في مَوضِعٍ آخر: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: زَيْد بن الحَوَارِيّ، هو زَيْدٌ أبو الحَوَارِيّ، وهو زَيْد العَمِّي.

(a) في الكامل لابن عدي: "فقال: ليس بشيء".

(b) ساقطة من الأصل، ق.

(c) ابن عدي: زيد العمي يضعف.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1055.

(2)

ابن عدي: الكامل 3: 1055.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1055.

ص: 224

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْرِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْرِ أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل بن يُوسُف الطَّالَقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمنِ الصَّابُونِيّ، وأبو بَكْر أحْمَدُ بن الحُسَين بن عليّ البَيْهَقِيّ، وأبو عُثْمان سَعيد بن مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ، إجَازَةً منهم، قالُوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد الله مُحَمَّد بنُ عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: قُلْتُ لأبي: زَيْدٌ العَمِّيّ؟ قال: صَالِحٌ، رَوَى عنهُ الثَّورِيّ، وشُعْبَة، وهو فَوْق يَزِد الرَّقَاشِيّ، وفَضْل بن عِيسَى، وقد جَرَّحَهُ يَحْيَى بن معِيْن وغيره.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر بن بُكَيْر أبو بَكْر النَّجَّار (a) المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد بن سَمْعَان الرَّزَّاز، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن خَلَف بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن غَيْلان، قال: سَمِعْتُ حُسَيْن الجُعْفِيّ يَقُول: زَيْد العَمِّيّ أبو الحَوَارِيّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا ابنِ أبي عِصْمَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي يَحيَي، قال: سَمِعْتُ عليّ بن المَدِيْنِىّ يَقُول: زَيد العَمِّيّ، زَيْد بن الحَوَارِيّ، وهو أبو الحَوَارِيّ.

(a) في الأصل، ق: البخاري، والمثبت عن تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4: 63، تاريخ الإسلام 9: 530، سير أعلام النبلاء 17: 472 - 473.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 385.

(2)

ابن عدي: الكامل 3: 1055.

ص: 225

وقال: أخْبَرَنا ابن عَدِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال السَّعْدِيّ: زيد العَمِّيّ مُتَماسِكٌ.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: في الطَّبَقَةِ الثَّالثة من أهْل البَصْرَة زَيْد بن الحَوَارِيّ العَمِّيّ، ويُكْنَى أبا الحَوَارِيّ، وكان ضَعِيْفًا في الحَدِيْثِ.

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1055.

(2)

طبقات ابن سعد 7: 240.

ص: 226

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحمد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَة الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن مُحَمَّد المُهَنْدِسُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ -يعني الدُّوْرِيّ - قال: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُول: أبو الحَوَارِيّ مَوْلَى لوَلد زِيَاد بن أبي سُفْيان.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال:[أخْبَرَنا](a) أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زَيْد بن الحَوَارِيّ أبو الحَوَارِيّ العَمِّيّ البَصْرِيّ، عن أنَس، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وأبي الصِّدِّيق. رَوَى عنهُ الثَّوْرِيُّ، وشُعْبَة.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ منْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعِيْد (b) بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّىّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاجِ

(3)

يَقُول: أبو الحَوَارِيّ زَيْد بن الحَوَارِيّ العَمِّيّ، عن أنَسٍ، ومُعاوِيَة بن قُرَّة. رَوَى عنهُ هُشَيْم، وشُعْبَة.

(a) إضافة على مقتضى أسانيده المتقدمة.

(b) الأصل: سعد، والمثبت من ق، وكما تقدم في الكثير من الأسانيد، وكما هو عند ابن عساكر، واسمه: عبد بن عبد الله بن حمدون التاجر.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 392.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 386.

(3)

الكنى والأسماء 1: 269.

ص: 227

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: وزَيْد بن الحَوَارِيّ وهو العَمِّيّ، رَوَى عنهُ الأَعْمَش.

قال ابنُ السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَة الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد

(2)

، قال: أبو الحَوَارِيّ زَيْد بن الحَوَارِيّ، عن أبي الصِّدِّيق.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي الفتح نَصْر الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا نَصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُليْمان (a) بن أَيُّوب، قال: حَدَّثَنَا أبو نصر طاهِر بن مُحَمَّد بن سليمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس

(3)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيّ، قال: زَيْد العَمِّيّ هو ابن الحَوَارِي أبو الحَوَارِيّ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ إجَازةً، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو الحَوَارِيّ زَيْد بن الحَوَارِيّ، بَصْرِيٌّ.

قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد بن رَوَاج الإسْكنْدَرَانِيّ قُلْتُ لهُ: أخْبَركم أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق المَدِيْنِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن

(a) الأصل: سليم، وأصلحه بالمثبت، وتقدم رسمه في الكثير من الأسانيد على الوجهين: سليم وسليمان.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 3: 127.

(2)

الكنى للدولابي 1: 160.

(3)

من كتاب الأزدي طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب مفقود، ولم يذكره في كتابه تاريخ الوصل.

ص: 228

أحْمَد الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن النَّسَوِيّ، قال: زَيْد العَمِّىّ ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد (a) بن هاشِم الخَطِيبُ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِىّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ (b) بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(1)

، قال: زَيْد بن الحَوَارِيّ أبو الحَوَارِيّ العَمِّيّ البَصْرِيّ، قاضي هَرَاةَ، رَوَى عن أنَسٍ، مُرْسَل، وعن مُعاوِيَة بن قُرَّة، رَوَى عنهُ الأَعْمَش، ومِسْعَر، والثَّوْرِيّ، وشُعْبَة، ومُوسَى الجُهَنِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. ذَكَرهُ أبي، عن إسْحَاق (c) بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن مَعِين أنَّهُ قال: زيْد العَمِّيّ لا شيء.

وقال: سَمِعْتُ أبى يَقُول: زَيْد العَمِّيّ ضَعِيْف الحَدِيْث، يُكْتَبُ حَدِيثُه ولا يُحْتجّ بهِ، وكان شُعْبَة لا يَحْمَدُ حِفْظهُ.

وقال: سَمِعْتُ أبا زُرْعَة يَقُول: زَيْد العَمِّيّ ليس بقَوِىّ، وَاهِي الحَدِيْث، ضَعِيْفٌ.

وقال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل الهَرَويّ مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن إبْراهيم الهَرَوىّ، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: قال عليّ بن مُصْعَب: سُمِّي زَيْد العَمِّىّ لأنَّهُ كُلَّما سُئِلَ عن شيءٍ، قال: حتَّى أسْألَ عَمِّي.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن قُشَام إذْنًا، عن الحافِظ أبي العَلَاءِ الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه الحافِظ، قال:

(a) ق: سعد.

(b) ق: حميد.

(c) ق: أبي إسحاق.

_________

(1)

الجرح والتعديل 3: 560.

ص: 229

أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم

(1)

، قال: أبو الحَوَارِيّ زَيْد بن الحَوَارِيّ العَمِّيّ البَصْرِيّ، عن أنَس بن مَالِك، رَوَى عنهُ هِشَام بنُ حَسَّان، والثَّوْرِيّ، وشُعْبَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُكْتِبُ، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي الفَتْحِ بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: وزَيْد بن الحَوِارِيّ العَمِّيّ يَرْوي عن أنَس بن مَالِك، والحَسَن، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وغيرهم. رَوَى عنهُ الأَعْمَشُ، وابْناهُ: عبد الرَّحْمن وعبد الرَّحيم ابْنَا زَيْد، وأبو إسْحَاق السَّبِيْعِيّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن عَطِيَّة، وسَلَّام الطَّويلُ، وغيرهُم.

كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ

(2)

، قال: زَيْدُ بن الحَوَارِيّ العَمِّيّ، بَصْرِيٌّ، ثُمَّ ذَكَرَ له أحَادِيْث لا يُتَابَع عليها، وقال

(3)

: ولزَيْدٍ العَمِّيّ غير ما ذَكَرتُ أحَادِيْث كَثِيرة، فبَعْضُها يَرْويها (a) عنه قَوْمٌ ضُعَفَاء مثل سَلاَّم الطَّويل، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن عَطِيَّة، وابْنه عبد الرَّحيم وغيرهم، فيكون البَلَاءُ منهم لا منْهُ، وهو في جُمْلَة الضُّعَفَاء، ويُكْتَبُ حَدِيْثُه على ضَعْفه، وقد حَدَّثَ عنهُ شُعْبَةُ، والثَّوْرِيّ، على أنَّ ما يَرْويهِ عنه الضُّعَفَاء هو وهْمٌ، على أنَّ شُعْبَة لَم يَرْوِ عن أَضْعَف منهُ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد تَاج الأُمَناء، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: أخْبَرَتْنا أُمُّ الخَيْر فاطِمَة بنتُ عليّ بن المُظَفَّر بن الحَسَن بن زَعْبَل البَغْدَاديَّة بنَيْسَابُور، قالت: أخْبَرَنا

(a) ابن عدي: يرويه.

_________

(1)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 4: 150.

(2)

الكامل 3: 1055.

(3)

الكامل 3: 1058.

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 388.

ص: 230

عَبْد الغَافِر (a) بن مُحَمَّد بن عَبْد الغَافِر الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن حَمْدَان، قال: قال أبو العبَّاسِ الحَسَن بن سُفْيان: عَبد الوَهَّاب بن عَطَاء ثِقَةٌ، وزَيْد العَمِّيّ ثِقَةٌ، وعَبْد الرَّحيم ابْنه لَيّنٌ.

وقال أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيمِ الأصْبَهَانِيّ الكِنَانِيّ (b): قُلتُ لأبي حَاتِم: ما تقُول في زَيْدٍ العَمِّيّ؟ قال: كان شُعْبة يُحَدِّثُ عنهُ ويَبْخَسُه قَليلًا.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، عن أبي البَرَكَاتِ عَبد الوَهَّاب (c) بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبرنا أحْمَد بن مُحمّد العَتِيْقيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بن أيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ وَكِيع يَقُول: حَدِيثُ زَيْد العَمِّيّ عن أبي الصِّدِّيق النَّاجِيّ ليس بشيءٍ.

قال: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَمْرو

(2)

، قال: حَدَّثَني جَعْفَر بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، عن كتاب أبي الوَلِيد بن أبي الجاَرُوْد، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: زَيْد العَمِّيّ وأبو الصِّدِّيق النَّاجِيّ يُكْتَب حَدِيثهما، وهما ضَعِيْفان.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن الفَضْل بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ

(3)

إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن

(a) الأصل: عبد القادر وأصلح عليه.

(b) مهملة في الأصل وق، وفي تاريخ ابن عساكر في هذا المرضع: الكتاني، ويرد في مواضع أخرى منه على الوجهين: الكناني والكتاني، وانظر: تهذيب الكمال 18: 471.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

الضعفاء الكبير 2: 74.

(2)

الضعفاء الكبير 2: 74.

(3)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب، ونقله عنه ابن عساكر في تاريخه 19:390.

ص: 231

خَمِيْرويَه، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّار، قال: زيْد العَمِّيّ ضَعِيْفٌ إلَّا أنَّهُ قد رُوِىِ عنه وهو ضَعِيْفٌ.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن بِطْرِيْقِ بن بُشْرَى، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن عليّ [بن](a) الدَّجَاجِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كِتَابَيْهما، عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، ح.

قال الحافظُ: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله البَلخيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَاسِر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال:[أنْبَأنا](b) أحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب، قال: هذا ما وافَقْتُ عليه أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ من المَتْرُوكين: عبد الرَّحيم بن زَيْد العَمِّيّ؛ بَصْرِيٌّ. زَادَ ابنُ بِطْرِيْق: ضَعِيْفٌ، وقالا عن أبيهِ: وأبُوه صَالِحٌ، زَادَ ابنُ بِطْرِيْق: الحَدِيْث.

وقال الحافِظُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الأكْفَانيُّ شفَاهًا، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن جَعْفَر، قالا: أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ الجبَّار بن عبدِ الصَّمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ القَاسِمُ بن عِيسَى العصَّار، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمِ بن يَعْقُوبَ الجُوزْجَانِيّ السَّعْدِيّ، قال: عبد الرَّحيم بن زَيْدٍ العَمِّيّ غير ثِقَةٍ، وأبُوه زيْد العَمِّيّ مُتَماسِكٌ.

أنْبَأنَا القَاضِي جَمال الدِّين أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو نَصْر عِليّ بن هِبَةِ الله بن مَاكُولا

(3)

، قال: وأمَّا الحَوَارِيّ -بحاءٍ مُهْملَة- فذَكَرَهُم، وقال: وزَيْدُ بن الحَوَارِيّ العَمِّيّ، يرَوَى

(a) إضافة من ابن عساكر، وكما تقدم رحمه في الكثير من الأسانيد.

(b) إضافة من ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 390.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 390.

(3)

الإكمال 3: 216.

ص: 232

عنِ أنَسٍ، والحَسَن، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، وغيرهم. رَوَى عنهُ الأَعْمَشُ، والسَّبِيْعِيِّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن عَطِيَّة، وسَلَام الطَّويل، وغيرهُم.

وقال ابنُ مَاكُولا

(1)

: أبو الحَوَارِيّ مَوْلَى ابن أبي سُفْيان، رَوَى عن أنَسِ بن مَالِك، رَوَى عنهُ المِنْهَال بن بَحْرٍ.

هكذا ذكَر ابنُ مَاكُولا وفرَّقَ بينهما.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَةِ الله بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أَبو القَاسِمِ الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: زِيْد بن الحَوَارِيّ، أبو الحَوَارِيّ العَمِّيّ البَصْرِيّ، يُقالُ: إنَّهُ مَوْلَى زِيَاد بن أبيْهِ، رَوَى عن أنَسِ بن مَالِك، وأبي الصِّدِّيق النَّاجِيّ، ومُعاوِيَة بن قُرَّة، ويَزِيْد بن أَبَان الرَّقَاشِيّ، والحَسَن البَصْرِيّ، وقَتَادَة، وأبي العَاليَةِ الرِّياحِيّ، وسَعِيْد بن المُسَيَّب، ونَافِعٍ مَوْلَى ابن عُمَر، وشَقِيق بن سَلَمَة، وجَعْفَر بن زَيْد العَبْدِيّ.

رَوَى عنهُ الأَعْمَشُ، ومِسْعَر بن كِدَام، وشُعْبَةُ، والثَّوْرِيّ، وأيُّوْب بن مُوسَى المَكِّيّ، ووَكِيعِ بن مُحْرِز بن وَكِيع النَّبَّال، وسَلَّام بن سُلَيِم الطَّويل، وأبو إسْحَاق الفَزَارِيّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن عَطِيَّة، وعَمَارَة بن أبي حَفْصة، ومُطَرِّف بن طَرِيف، ويَحْيَى بن العَلَاء الرَّازِيّ، ومُوِسَى بن عَبْدِ الله الجُهَنِيّ، وهُشَيْم بن بَشِير، وعِمْران بن زَيْدٍ، وابْنه عَبْد الرَّحيم بن زيْد بن الحَوَارِيّ.

ووَفَدَ على سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وشَهِدَ وَفَاته بمَرْج دَابِق، وكان قَاضِيًا بهَرَاة في وِلَايَةِ قُتَيْبَة بن مُسلِم.

وقال الحافِظُ أبو القَاسِمِ

(3)

: وفَرَّق ابن مَاكُولا بينَهُ وبين أبي الحَوَارِيّ مَوْلَى

(1)

ابن ماكولا: الإكمال 3: 216.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 382 - 383.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 387.

ص: 233

زِيَاد بن أبي سُفْيان، وقال: رَوَى عن أنَسِ بن مَالِكٍ، رَوَى عنهُ المِنْهَال بنُ بَحْرٍ، وجَمَعَ بينهما أبو بشر -يعني الدُّولَابِيّ

(1)

- وعندي أنَّهما وَاحِدٌ، واللهُ أعْلَمُ.

‌زَيْدُ بن شُجاعٍ، أبو أحْمَد الحَمَوِيّ القَاضِي

حدَّث بشيءٍ من حَدِيثه، وكان من أهْلِ حَمَاة، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الحسُين بن إبْراهيم بن هِبَةِ الله بن مَسْلَمَة التَّنُوخِيّ الدِّمَشقيّ.

‌زَيْدُ بنُ عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الله بن سُلَيمان بن مُحَمَّد بن سُلَيمان (a) بن أحمد، أبو نَصْر بن أبي الهَيْثَم بن أبي مُحَمَّد بن أبي الحَسَن بن أبي بَكْر بن أبي الحَسَن التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ

(2)

ابنُ أخي أبي العَلَاءَ، وتَمَامُ نَسَبه ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَةِ أبي العَلَاء

(3)

.

وكان أبُوه شَاعِرًا، وابْنه شَاكِر بن زَيْد شَاعِرًا، وله ذِكْرٌ وفَضِيلةٌ، والظَّاهِرُ أنَّهُ كان يقُول الشِّعْر؛ فإنَّ أباهُ أبا الهَيْثَم تُوفِّي فكَفِله عَمُّه، وقَرأ على عَمِّهِ، وتَخَرَّج بهِ، وجَمَعَ له عَمُّه شِعْرَ أبيهِ أبي الهَيْثَم (b)، وكان أبو العَلَاء (c) يُنْشدُه شِعْر وَالدِه.

(a) سقط من اسمه في ق: ابن محمد بن سليمان.

(b) قولا: "أبي الهيثم" ساقط من ق.

(c) ق: رحمه الله.

_________

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 1: 160 - 161.

(2)

توفي سنة 442 هـ، وانظر ترجمته ونماذج من شعره في كتاب الإنصاف والتحري لابن العديم (ضمن كتاب إعلام النبلاء للطباخ) 4:87.

(3)

فيما تقدم في الجزه الثاني من الكتاب، وسياقة نسبه هناك من حيث توقّف فيه هنا: "

ابن سُلَيمان بن دَاوُد بن المُطَهَّر بن زِيَاد بن رَبِيْعَة بن الحَارِث بن رَبِيْعَة بن أنْوَر بن أرقَم بن أسْحَم -وقيل: أنْوَر بن أسْحَم- بن النُّعْمان، وهو السَّاطعِ بِن عَدِيّ بن عبد غَطَفَان بن عَمْرو بن بَريحْ بن جَذِيْمَة بن تَيْم اللَّات- وهو مُجتمع تَنُوخ- بن أسَد بن وَبْرَة بن تَغْلِب بن حُلْوَان بن عِمْران بن الْحَاف بن قُضاعَة بن مَالِك بن عَمْرو بن مُرَّة بن زَيْد بن مَالِك بن حِمْيَر وهو العَرَنْجَج بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان بن عَابَر، وهو هُوْد عليه السلام".

ص: 234

أنْشَدَني أبو إسْحَاق إبْراهيم بن شَاكِر بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سُلَيمان، قال: أنْشَدَني أبي شَاكِر، قال: أنْشَدَني جَدِّي أبو المَجْد، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا العَلَاء يُنْشد زَيْد بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الله بن سُلَيمان من شِعْر وَالده؛ أخيهِ أبي الهَيْثَم، وكان جَمَع له شِعْر وَالدِه؛ أخيْهِ، وكان أخُوه مرَّ على سِيَاثٍ، وهب قَرْيَة إلى جَانِب مَعَرَّة النُّعْمَان خَرَابٌ، فوَجَد بها رَجُلًا يَهْدمُ أبْنيَة بها ويَسْتَخرج منها حِجَارَةً، فكَتَبَ على حَائطٍ من حِيْطَانِها بمِعْوَل

(1)

: [من الطويل]

مَرَرْتُ برَبْع في سِيَاثٍ فرَاعَني

به زَجَلُ الأحْجَار تحتَ المعَاولِ

تناوَلها عبْلُ الذِّرَاعِ كأنَّما

جَنَى الدَّهْرُ فيما بينهم حَرْبَ وَائِلِ

أَمُتْلفَهَا (a) شلَّتْ يَمِيْنُكَ خَلِّها

لمُعْتَبَر أو زَائرٍ (b) أو مُسَائِل

مَنَازِل قَوْمٍ حَدَّثَتْنَا حَدِيثَهُمْ

فلَم أَرَ أَحْلَى من حَدِيثِ المَنَازِل

قَرأتُ بخَطِّ بعض المَعَرِّيِّيْنَ على ظَهْر كتابٍ: وُلد الشَّيْخُ أبو نَصْرٍ زَيْد بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان سَنَة ثمَان وتِسْعِين وثَلاثِمائة، وتُوفِّيَ سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، فيكُون عُمرهُ أرْبَعًا وأرْبَعين سَنَةً.

(a) الخريدة: فقك له، وفي جم البلدان: أتتلفها؟.

(b) الخريدة: زاهد.

_________

(1)

الأبيات الأربعة أوردها العماد في الخريدة (12: 70) ونسبها لعبد الواحد بن الفرج بن التوت المعري، بنحوه عبد سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 422، وفيها ياقوت (معجم البلدان 3: 393) للقاضي عبد الباقي بن أبي حصن [كذا] المعري، وذكرها أيضًا أسامة بن منقذ (المنازل والديار 13) ونسبها لبعض أهل المعرة دون أن يسميه كان قد شاهد علوجًا من الإفرنج يهدمون من جدرانها. وفي الكل اختلاف يسير في الرواية. وذكرها ابن العديم في كتابه الإنصاف والتحري (ضمن كتاب إعلام النبلاء) 4:87.

ص: 235

‌زَيْدُ بن عَتَاهِيَة الفُقَيْمِيّ

(1)

شَاعِرٌ كان مع عليّ رضي الله عنه بصِفِّيْن، فانْهَزَمَ عنها.

قال ابنُ الكَلْبي: لمَّا عَظُم البَلَاءُ بصِفِّيْن، انْهَزَمَ زَيْدُ بن عَتَاهِيَةَ الفُقَيْمِيّ، وكان قد قَدِمَ على عليّ رضي الله عنه وأرْضَاهُ، وسَمِعَ أنَّهُ يُعْطي أصْحَابَهُ كُلّ رَجُلٍ خَمْسمائة دِرْهم من بيت مالِ البَصْرَة، فلمَّا قَدِمَ على أهْلِهِ قالت له ابنَتُهُ: أينَ خَمْسُ المائةِ؟ قال

(2)

: [من الرجز]

إنَّ أباكِ فرَّ يَوْم صِفّيْن

لمَّا رَأى عَكَّا والآشْعَريِّين

وقَيْس عَيْلَان الهَوَازِنيَّيْن

وذَا الكَلَاعِ سَيِّد اليَمَانِيِّيْن

وحَابِسًا يَسْتَنُّ في الطَّائيِّيْن

قال لنَفْسِ السّوْءِ: هل تَقَرِّين

لا خَمْسَ إلَّا جَنْدَل الأحَرَّين

والخَمْس قد جشّمَكِ الأمَرِّين

‌زَيْدُ بنُ عَدِيّ بن حَاتِمِ الجَوَاد ابن عَبْد الله بن سَعْد بن الحَشْرَج بن امْرِئِ القَيْسِ بن عَدِيّ بن أخْزَم (a) بن أبي أخْزَم بن رَبيعَة بن جرْوَل بن ثُعَل بن عَمْرو بن الغَوْث بن طَيِّء الطَّائيّ

(3)

شَهِدَ صِفِّيْنَ معِ عليٍّ رضي الله عنه، وقيل إنَّهُ أمَّرَهُ على طَيِّءٍ، ثمّ إنَّهُ تحوَّل بعد ذلك إلى مُعاوِية، له ذِكْرٌ. وذَكَرهُ المَدَائِنِيّ.

(a) ق: أخرم، وسقط منه اسم: ابن أبي أخرم.

_________

(1)

ترجمته في: الفتوح لابن أعثم 3: 227 - 229.

(2)

تقدم ذكر الأبيات في الجزء الأول من الكتاب (باب في ذكر صفين)، وانظرها في الاشتقاق لابن دريد 136.

(3)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 522 - 524، تهذيب الكمال 3: 265 (في ثنايا ترجمة حابس بن سعد).

ص: 236

ويُرْوَى لزَيدٍ شِعْر قَرَأته في كِتاب صِفِّين، من نُسْخَةٍ قَدِيْمَةٍ لِمَ أظْفَر باسْم جَامِعها، قال في اليَوْمِ السَّادِس من صِفِّيْن: واخْتَلط القَوْم، فَحَمَلَ رَجُلٌ من بني حَنْظَلَة، ثمّ أحَد بني يَرْبُوع، على حَابِس بن سَعْد فقَتَلَهُ، وقال بَعْضُهم: بل قتلَهُ زُهْرَةُ بن جُويَّة السَّعْدِيّ وهو الّذي قَتَلَ رُسْتمُ يَوْم القَادِسيَّةِ، وأدْرَك صِفِّيْن شَيْخًا كبيرًا، فمرَّ زَيْدُ بن عَدِيٍ بن حَاتِم بحَابِسٍ قَتِيْلًا مَسْلُوبًا، فقال: مَنْ قَتَلَ هذا؟ وهو ابنُ عَمّه لَحَّا، فقال: مَن قَتَلَ هذا عَدُوّ الله، قال الحَنْظَلِيُّ: اللهُ قَتَلَهُ ثُمَّ أنا! فعَلَاهُ زيْد بالسَّيْف فىِ العَجَاجَةِ فقَتَلَهُ، ولحِقَ بمُعاوِيَة، ففَرِحَ به وقَرَّبه، ثُمَّ نَدِمَ زَيْدٌ على فَعْله فقال في ذلك

(1)

: [من الطويل]

تَطَاوَلَ لَيْلي لِاعْترَاكِ الوَسَاوسِ (a)

ويَبْغي (b) الهُدَى بالتُّرَّهَاتِ البَسَابسِ

وتَرْكي عَدِيًّا في جَمَاعَةِ مَذْحجِ (c)

وقَتْلِي أخَا مُرٍّ (d) بمَصْرَعَ حَابسٍ

أَنِفْتُ لَهُ لمَّا رَأيْتُ سِلَاحَهُ

يُبَزُّ فيا لَهْفَا لسَوْأةِ تَاعِسِ

فيا لَيْتَ شِعْري هَلْ لىَ اليَوْمِ تَوْبَةٌ

أُنَاصِحُ فيها اللهَ لَسْتُ بآيِسِ (e)

فإنْ تُطْمِعُوني أرْجعِ اليَوْم تائبًا

وإلَّا ففي الإصْرَارِ إحْدَى (f) الدَّهَارسِ

قال: فأجَابَهُ أبُوه عَدِيّ بهذه الأبْيَاتِ، وبَعَثَ بها إليه، وهي

(2)

: [من الطويل]

أيا زَيْدُ قد عَصَّبْتَني بعِصَابَة (g)

وما كُنْتُ للثَّوبِ المُدَنِّسِ لابِسَا

فلَيْتَكَ لم تُخْلَقْ وَلَيْتَكَ لَم تكُنْ (h)

وَلَيْتَكَ إذ قد كُنْتَ لَم تَلْقَ (i) حَابِسَا

أَأَلآنَ إذْ أَحْيَا (j) عَدِيُّ بن حَاتِمٍ

أباهُ وأمْسَى بالعِرَاقَيْنِ رَائِسَا (k)

(a) ابن أعثم: واعتراني وسواسي.

(b) مهملة في الأص إلا من إعجام حرف الغين، وعند ابن أعثم: ببيعي.

(c) ابن أعثم: فتركي عليًا في صحاب محمد.

(d) ابن أعثم: أخا معن.

(e) ابن أعثم: وهو آنسي.

(f) ابن أعثم: ولا أتقي إلا جدار.

(g) ابن أعثم: قد جرعتني منك غصة.

(h) ابن أعثم: وكنت كمن مضى.

(i) ابن أعثم: إذ لم تمض لم تر.

(j) ابن أعثم: أغنى.

(k) ابن أعثم: دانسا.

_________

(1)

الأبيات -سوى الثالث- في فتوح ابن أعثم 3: 228.

(2)

الأبيات في الفتوح لابن أعثم 3: 229.

ص: 237

وصَامَتْ عليه طَيِّئُ ابنَةُ مَذْحِجٍ (a)

وأصْبَحَتِ الأعْدَاءُ فينا فَرَائِسَا (b)

نكَصْتَ على العَقْبَيْن يا زَيْدُ رِدَّةً

فأصْبَحْتَ قد جَدَّعتَ منّا المَعَاطِسَا

قتَلْتَ امْرأً من خَيْر حَيٍّ (c) بحَابسٍ

وأصْبَحْتُ ممَّا كُنْتُ آمُلُ (d) آيسًا

فلمَّا انْتَهَتْ هذه الأبْيَاتُ إلى زَيْدٍ من أبيهِ، قال: لا أرَى لي مَقَامًا مع مُعاوِيَةَ، ولا طَاقَة لي، فلَحِقَ بالجَبَلَيْن من طَيِّءٍ.

‌زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب بن عَبْد المُطَّلِب، أبو الحُسَين القُرشِيّ الهاشمِيّ العَلَويّ الحُسَيْنيّ المَدَنِيّ

(1)

وإليه تُنْسَبُ الزَّيْدِيَّة نَسَبًا ومَذْهَبًا.

(a) ابن أعثم: جرول وحماتها.

(b) ابن أعثم: وأصبح في الأعداه تفرى الفوانسا.

(c) ابن أعثم: مرء.

(d) ابن أعثم: ترجوه.

_________

(1)

توفي مقتولًا سنة 120 هـ، وقيل: 121 هـ أو 122 هـ، والأكثرون على أنه قتل سنة 122 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 325 - 326، طبقات خليفة 258، تاريخ خليفة 193، 353، مصعب الزبيري: نسب قريش 60 - 61، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 344، تاريخ البخاري الكبير 3: 403، المحبر 483، المعارف 215 - 216، 365، تاريخ الطبري 6: 212، 7: 160 - 191، 255، 93:8، الفتوح لابن أعثم 8: 108 - 126، الجرح والتعديل 3: 568 - 569، المسعودي: مروج الذهب 4: 41 - 45، 89، 101، 154، الصابئ: الهفوات النادرة 188، 273، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 104 - 105، الأصفهاني: مقاتل الطالبيين 127 - 151، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 117، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 56 - 57 (وفيه ذكر أولاده)، تاريخ ابن عساكر 19: 450 - 480، ابن الجوزي: المنتظم 7: 218 - 219، ابن الأثير: الكامل 4: 389، 5: 229 - 236، 242 - 247، 276، 428، 7: 206، 8: 690، سبط ابن الجرزي: مرآة الزمان 11: 132 - 140، 157 - 168، تهذيب الكمال 10: 95 - 98، فوات الوفيات 2: 35 - 38، تاريخ الإسلام 3: 415 - 417، الإعلام بوفيات الأعلام 61، الكاشف 1: 341، سير أعلام النبلاء 5: 389 - 391، الوافي بالوفيات 15: 33 - 36، ابن كثير البداية والنهاية 9: 327 - 331، ابن خلدون: العبر 5: 256 - 261، تهذب التهذيب 3: 419 - 420، تقرب التهذيب 1: 276، شذرات الذهب 2: 92 - 93، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 17 - 27، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 107 - 125.

ص: 238

رَوَى عن أَبِيهِ زَيْن العَابِدِين عليّ بن الحُسَين، وأخيه مُحَمَّد بن عليّ البَاقِر، وأبَان بن عُثْمان بن عَفَّان، وعُرْوَةَ بن الزُّبَير.

رَوَى عنه ابنُ أخيْهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق، ومُحَمَّد بن مُسْلِم بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن الحاَرِث بن عَيَّاش، وسَعِيْد بن مَنْصُور المَشْرِقِيّ الكُوْفيّ، وهاشِم بن البَرِيْد (a)، وبَسَّام الصَّيْرَفِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي الزَّنادِ، وعَبْد الحَميْد بن الحَارِث، وعبد الله بن مَرْوَان، وأبو خَالِد عَمْرو بن خَالِد الوَاسِطِىّ، ومُحَمَّد بن سَالِم، وأبو بِسْطَام شُعْبَة إلى الحَجَّاج، وآدَم بن عبد اللهِ الخَثْعَمِيّ، وأبو سَلَمَة رَاشِد بن سَعْد الصَّائِغ الكُوْفيّ، وأبو إسْمَاعِيْل كَثِيْر النَّوَّاء، وسَوَّار بن مُصْعَب، وعُبَيْد بن اصْطَفَى، وأبو الزَّنَادِ مَوْجُ بن عليّ، والأجْلَح بن عَبْد اللهِ، والسُّدِّيّ، ومَوْلاه سَالَم مَوْلَى زَيْد بن عليّ.

وكان قَدِمَ الرُّصَافَة على هِشَام بن عَبْد المَلِك، ومعه مُحَمَّد بن عُمَر بن عليّ يخُاصِم الحَسَن بن الحَسَن بن عليّ فىِ صَدَقَهَ رسُوِل اللهِ صلى الله عليه وسلم، فوَصَلَتْ كُتُب يُوسُف بن عُمَر إلى هِشَام بأنَّ يَزِيد بن خَالِدٍ القَسْرِيّ ادَّعَى مالًا قِبَلَ زَيْد بن عليّ، ومُحَمَّد بن عُمَرَ، ودَاوُد بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس، وإبْراهيم بن سَعْد بن عبد الرَّحْمن، وقِيل: سَعْد بن إبْراهيم والد إبْراهيم بن سَعْد الزُّهْرِيّ، وأيُّوْب بن سَلَمَة بن عَبْد الله بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ، وكان زيْد بن علىّ بالرُّصَافَة إذ ذاك.

وقيل إنَّ هِشَامًا أحْضَره من المَدِينَة بسَبَب كتاب يُوسُف بن عُمَر، فجَفَا هِشَامٌ عليه وتَجهَّمه، فكان ذلك سَبَبًا لخُرُوج زَيْدٍ بالكُوفَة، وطلَبه الخِلَافَة، فقَتَلَهُ

(a) قيَّده في الأصل حيثما يرد: البرند، ولعله اشتبه عليه بأولاد عَرْعرة في البِرِنْد، وصَوابه المثبت كما في الإكمال لابن ماكولا 1: 251، وتاريخ بغداد في العديد من المواضع (انظر مثلًا 2: 438)، وتاريخ ابن عساكر 19: 462، وابن الجوزي: المنتظم 9: 64، وتهذيب الكمال 10:96.

ص: 239

يُوسُف بن عُمَر وصَلَبَهُ، وسَيّر برَأسِه إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك، وقد ذَكَرْنا قِصَّة دُخُوله الرُّصَافَة في تَرْجَمَةِ إبراهيم بن سَعْد من هذا الكتاب

(1)

.

أخْبَرَنا ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء بحَلَب، وأبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن المُبارَك بن مُحَمَّد بن يَحْيَى الزَّبيديّ البَغْدَاديّ بمَكَّة، قالا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبد الله مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن أبي شُرَيْح، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الجَهْم العَلَاءُ بن مُوسَىِ، قال: حَدَّثَنَا سَوَّار بن مُصْعَب، عن زَيد بن عليّ، عن آبَائهِ

(2)

، قال: قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: القَلَسُ حدَثٌ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ، [قال] (a): أخْبَرَنا أِبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن علىٍّ بن الحُسَين بن الحسَن بن مُحَمَّد بن القَاسِم؛ قَدِمَ علينا، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن مُحَمَّد بن عَامِرٍ النَّهَاوَنْدِيّ، وأنا سَألتُه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَيَّان الرَّقِّيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمن بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم

(3)

، عن شَرِيك بن عبد الله النَّخَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُخَارِق، عن طَارِق بن شِهَاب، عن حُذَيْفَة بن اليَمَان أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ يَوْمًا

(a) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

ترجمة إبراهيم بن سعد في الضائع من أجزاء الكتاب، وذكر ابن العديم في ترجمة حميد بن عبد الرحمن الرواسي (الجزء السادس) أن حميد هو الذي حمل رأس زيد بن علي بن الحسين إلى هشام بن عبد الملك وهو بالرصافة. وبعده في الأصل بياض يستغرق ثلاثة أسطر من هذه الصفحة، ونصف التي تليها.

(2)

سنن الدارقطني (1: 155)(رقم 20)، الخلافيات للبيهقي (2: 352) (رقم 663)، نصب الراية للزيلعي 1: 43، كنز العمال 9: 331 (رقم 26279)، فيض القدير للمناوي 4: 539 (رقم 6192).

(3)

لم أجده في كتاب نصر وقعة صفين، وهو في تاريخ ابن عساكر 19: 458 من رواية نصر.

ص: 240

إلى زَيْد بن حَارِثَة وبَكَى وقال: المَظْلُوم من أهْل بيتي سَمِيّ هذا، والمَقْتُول في اللهِ والمَصْلُوب من أُمَّتِي سَمِيّ هذا، وأشارَ إلى زَيْد بن حَارِثَة، ثُمَّ قال: أُدْن منِّي يا زَيْدُ، زَادَكَ اللهُ حُبًّا عندي، فإنَّك سَمِيّ الحبَيْب من وَلدي زَيد.

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أبو الفضل أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخَبْرنَا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن عَبْدِ الله بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بنُ الحسُين القَطَّانُ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر الخُلْدِيُّ، قال حَدَّثنا قَاسِم بن مُحَمَّد الدَّلَّالُ، قال: حَدَّثنا إبْراهيم بن الحَسَن التَّغْلبِيّ، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن رَاشِد، عن مُحَمَّد بن سَالِم، عن جَعْفَر أنَّهُ ذَكَرَ زَيْدًا فقال: رَحِمَ اللهُ عَمِّي؛ كان والله سَيِّدًا، لا واللّهِ ما ترك فينا لدُنيَا ولا آخِرَة مثْلَهُ.

وقال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عِليّ بن مَيْمُون في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبَيْدِ الله بن بُزَّة (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن الحُسَين بن جَعْفَر بن النَّحَّاس التَّيْمُلِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا: أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحُسَين بن حَفْص بن عُمَر الخَثعَمِيّ الأُشْنانِيّ، قال: حَدَّثنا أبو سَعيد عَبَّاد بن يَعْقُوب الأسَديّ، قال: أخْبَرَنا عَمْرو بن القَاسِم، قال: دَخَلْتُ على جَعْفَر بن مُحَمَّد وعنده أُناسٌ من الرَّافِضَة، فقُلتُ: إنَّ هؤلاء يبْرَؤُونَ من عَمِّكَ زَيْد" قال: يَبرَؤون من عَمِّي زَيْدٍ؟ قُلتُ: نَعَم، قال: بَرئ الله

(a) مهملة في الأصل، وق، وعند ابن عساكر: ابن عبد اللّه بن بَرَّة، والتصويب من توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1: 405، وزاد فيه، ابن بُزَّة الثُماليّ.

(b) مهملة الأول في الأصل، وق، وفي تاريخ ابن عساكر: ابن النحاس البيملي، والمثبث من تاريخ بغداد 3: 38، وفيه ترجمته، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1:405.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 458.

(2)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 458.

ص: 241

ممَّن تَبَرَّأ (a) منه، كان واللهِ أقْرأَنا لكتابِ الله، وأفْقَهَنَا في دِيْن اللهِ، وأوْصَلَنَا للرَّحم، واللهِ ما تَرَكَ فينا لدُنْيا ولا آخِرَة مثْلَهُ.

أنبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم العَلَويّ، وأبو الوَحْش المُقرِئ، عن رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا أبو شُعَيْبٍ عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن رَشِيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بِشر الدُّولَابِيّ، قال: حَدَّثَني أبو دَاوُد -وهو السِّجِستَانِيّ- قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن بَهْرَام، قال: حَدَّثَني رَجُل أنَّ زَيد بن عليّ ولد سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين.

أنبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الحَسن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن إسْحَاق الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا حَارِثُ بن أبي أُسامَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: فولد عَليٌّ الأصْغَر ابن حُسَيْن بن عليّ: عُمَرُ، وزَيْد المقَتُول بالكُوفَة، وقتَلَهُ يُوسُف بن عُمَر الثَّقَفِيّ في خِلَافَة هِشَام بن عَبْدِ المَلِك، وصَلَبَهُ، وعليّ بن عليّ، وخَدِيجَة، وأُمُّهم أُمُ وَلدٍ.

قال: وأخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا سُليْمان، قال: حَدَّثَنَا حَارِث، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد

(3)

، قال في الطَّبَقَةِ الثَّالثة: زَيد بن عليّ بن حُسَيْن بن علىِّ بن أبي طَالِب بن عَبْد المُطَّلِب، وأمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، وقُتِلَ زَيْدُ بن عليّ يَوْم الاثنَين للَيلَتَيْن خَلَتا من صَفَر سَنَة عشْرين ومائة، ويُقال: اثْنَتَيْن وعِشْرِين ومائة، وكان له يَوْم قُتِلَ اثْنتان وأرْبَعُون سَنَةً، وسَمِعَ زَيد بنُ عليّ من أبيهِ، ورَوَى عن زَيْد عبدُ الرَّحْمن بن

(a) ابن عساكر: يبرأ.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 455.

(2)

طبقات ابن سعد 5: 211.

(3)

طبقات ابن سعد 5: 325، 326.

ص: 242

الحاَرِث بن عَبْد الله بن عَيَّاش (a) بن أبي رَبيعَةَ، ورَوَى عنهُ بَسَّام الصَّيْرَفِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن أبي الزَّنَادِ، وغيرهما.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخاَلِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ سهل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زَيْد بن عليّ بن حُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب الهاشمِيّ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه (b)، رَوَى عنهُ عبدُ الرَّحْمن بن الحاَرِث، ويُقال: كُنْيَتُهُ أبو الحُسَين، أخُو مُحَمَّد بن عليّ، وحُسَيْن بن عليّ. قُتِلَ سَنَة ثِنْتَيْن وعشْرين ومائة.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُونَ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم مَكي بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(3)

يَقُول: أبو الحُسَين زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، عن أبيه، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن الحَارِث، والأجلَح.

وقال أبو القَاسِم

(4)

: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ شفَاهًا، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الرَّبَعِيِّ، ورَشَاء بن نَظِيف، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا

(a) مهملة في الأصل، وق، والمثبت من طبقات ابن سعد، ويأتي فيما بعد على النحو المثبت.

(b) قوله: "عن جده" لم يرد في نشرة كتاب البخاري.

_________

(1)

التاريخ الكبير 3: 403.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 456.

(3)

الكنى والأسماء 1: 251.

(4)

تاريخ ابن عساكر 19: 457.

ص: 243

عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسُف بن سَعيد بن خِرَاش، قال: زَيْد بن عليّ بن حُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب، وهو الّذي صُلِبَ؛ رَحْمَةُ الله عليهِ.

وقال أبو القَاسِم

(1)

: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة، قال في ذِكْرِ الإخْوَة من وَلد عليّ بن الحُسَين، قال: وزَيْد بن عليّ بن الحسُين المقتُول في خِلَافَة هِشَام، يُحَدِّثُ عنهُ عبدُ الرَّحْمن بن الحَارِث بن عَيَّاش (a) بن أبي رَبِيعَة.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ سَعيدُ بن هَاشِمِ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أنْبَأنَا مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا (b) عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، رَوَى عن أبيهِ، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن (c) بن الحَارِث، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك. قال ابنُ أبي حَاتِم: رَوَى عنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهر مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَة الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَمَّاد، قال: أبو الحُسَين زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب.

أنْبَأنَا ابن طَبرزَد، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال:

(a) مهملة في الأصل، وق، وتقدم التعليق عليه.

(b) قوله: "عبد الله قال أخبرنا" ساقط من ق، وورد الاسم متصلًا بما بعده.

(c) الجرح والتعديل: عبد الحميد. وتقدم على النحو المثبت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 456 - 457.

(2)

الجرح والتعديل 3: 568.

ص: 244

أخْبَرَني (a) عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، قال: أخْبَرَني أبي أبو عبد الرَّحْمن أحمد بن شُعَيْب، قال: أبو الحُسَين زَيْدُ بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحمد (b) بنُ عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد النَّيسَابُوريّ

(1)

، قال: أبو الحُسَين زَيْدُ بنُ عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، وأُمُّهُ فتاةٌ، أخو مُحَمَّد، وعُمَرَ، وعَبْد الله، والحُسَين. سَمعَ أباهُ، وعُروَة بن الزُّبير، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن الحارِث أبو الحاَرِث، وأبو حُجَيَّة (c) الأجْلَح بن عَبْد الله الكِنْدِيّ.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: زَيْد بن عليِّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالب، أبو الحُسَين الهاشمِيّ، منِ أهْل المَدِينَة، وفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك، فرَأى منهُ جَفْوَةً، فكان ذلك سبَبَ خُرُوجهِ وطَلب (d) الخلَافَة، وخَرَج بالكُوفَهَ، فكان من أمره ما سَنَذكُره.

رَوَى عن أَبيِهِ، وأخيهِ، وأبَان بن عُثْمان بن عَفَّان. رَوَىِ عنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق، وعبد الرَّحْمن بن الحاَرِث بن عَيَّاش بن أبي رَبِيعَة، ومُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وسَعِيْد بن مَنْصُور المَشْرقيِّ (e) الكُوْفىِّ، وأبو خَالِد عَمْرو بن خَالِد

(a) ق: أخبرنا.

(b) في الأصل وتاريخ ابن عساكر 19: 457: مُحَمَّد، وصوابه المثبت، وهو الإمام الحافظ الأصبهاني مؤلف كتاب رجال صحيح الإمام مسلم، وتكرر ذكره في الكثير من المواضع من هذا الكتاب.

(c) الأسامي للحاكم: أبو جحيفة.

(d) ابن عساكر: وطلبه.

(e) الأصل، ق: الشرقي، وتقدم صحيحًا في طالع الترجمة.

_________

(1)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 303.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 450 - 451.

ص: 245

الوَاسِطِيّ، ومُحَمَّد بن سَالِم، وأبو سَلَمَة رَاشِدُ بن سَعْد الصَّائِغ الكُوْفيّ، وأبو الزَّنَادِ مَوْج بن عليّ، وعُبَيْد بن اصْطَفَي، وعَبْد الرَّحْمَن بن أبي الزَّنَادِ، وبَسَّام (a) الصَّيْرَفِيّ، والأجْلَح بن عَبْد الله، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، وسَالِم مَوْلَى زَيْد بن عليّ.

وقال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح نَصْر بن أحْمَد بن مُحَمَّد الفَابقابَاذِيّ (b) الطُّوْسيّ بطَابَرَان، قال: أخْبَرَنَا أبوتُرَاب عَبْدُ البَاقِي بن يُوسُف المَرَاغيّ إمْلاءً بنَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن بِشْرَان ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ (c)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر الأشْجَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن أبي يَعْفُور، عن الزُّهْرِيّ، قال: كُنْتُ على باب هِشَام بن عَبْد المَلِك، قال: فَخَرَج من عنده زَيْد بن عليّ وهو يَقُول: والله ما كَرِهَ قَوْمُ الجِهاد في سَبِيْل الله إلَّا ضَرَبهم الله تعالَى بالذُّلِّ.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أسَد بن عَمَّار، عن عَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدَانيّ، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن سُلَيمان بن يُوسُف الرَّبَعِيّ السِّمْسَارفي سَنَة ستِّين وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر بن حَفْص الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُسَبّح بن حَاتِم العُكْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّار بن عَبْد الله، عن عَبْد الأعْلَى بن عَبْد الله الشَّامِيّ، قال: لمَّا قَدِمَ زَيْد بن عليّ إلى الشَّام، كان حَسَن الخُلُق، حُلو اللِّسَان، فبَلَغَ ذلك هِشَام بن عَبْد المَلِكِ، فاشْتَدَّ عليه، فشَكَا ذلك إلى مَوْلَى له، فقال له: إئذن للنَّاسِ إذْنًا عَامَّاً، واحْجُب زَيْدًا، ثُمَّ إئذَن له في آخرِ النَّاس، فإذا دَخَل عليكَ فسَلَّمَ فلا تردَّ

(a) عند ابن عساكر: مسلم، تحريف.

(b) كذا في الأصل وق بباء موحدة، وعند ابن عساكر بالمثناة التحية: الفايقاباذي، ولم اقف على نسبته هذه.

(c) بعده في الأصل: "قال: حدثنا محمد بن الظفر الحافظ"، وضرب عليه لوقوع التكرار.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 455.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 470 - 471.

ص: 246

عليه، ولا تأمرهُ بالجُلُوس، فإذا رَأى أهْل الشَّام هذا سَقَطَ من أعْيُنهم، ففَعَل، فأَذِنَ للنَّاسِ إذْنًا عامًّا، وحَجَبَ زَيْدًا وأَذِنَ له في آخر النَّاسِ، فدَخَل فقال: السَّلام عَليْك يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فلَم يردّ عليه، فقال: السَّلام عَليْك يا أحْوَلُ إذْ لَم تَرَ نفسَكَ أهْلًا لهذا الاسْم!؟ فقال له هِشَام: أنْتَ الطَّامعُ في الخِلَافَة وأُمُّكَ أمَةُ؟ فقال: إنَّ لكَلامِكَ جَوَابًا (a)، قال: وما جَوَابكَ؟ قال: لو كان في أُمِّ الوَلد تَقْصيرُ لَمَا بَعَثَ الله إسْمَاعِيْل نَبيًّا وأُمُّه هَاجر، فالخِلَافَة أعْظَم أم النُّبُوَّة؟ فأُفْحِم هِشَام، فلمَّا خَرَج قال لجلُسَائهِ: أنتُم القَائلُون إنَّ رِجَالات هاشِمِ هَلَكَت، والله ما هَلَكَ قَوْمُ هذا منهم! فردَّه، وقال: يا زَيْد، ما كانت أُمّكَ تَصْنع بالزَّوْج ولها ابن مثْلُك؟ قال: أرادَتْ آخرَ مثْلي، قال: ارفَعْ إليَّ حَوَائِجكَ، فقال: أمَا وأنتَ النَّاظِر في أُمُور المُسْلمِيْن فلا حاجَةَ ليّ، ثمّ قام فَخَرَجَ، فأتْبَعه رَسُولًا وقال: اسْمعَ ما يَقُول، فتَبِعَه فسَمِعَهُ يَقول: مَنْ أحبّ الحَيَاة ذَلّ، ثمّ أنْشَأ يَقُول:[من البسيط]

مَهْلًا بَني عَمِّنا عن نحْتِ أَثْلَتنَا

سِيْروا رُوَيْدًا كما كُنْتُمْ تَسِيرُونا

لا تطْمَعُوا أنْ تُهينُونا ونُكْرِمكُمْ

وَأنْ نكُفَّ الأذَى عَنْكُمْ وتُؤذُونا

الله يَعْلَمُ أنَّا لا نُحِبُّكُمُ

ولا نَلومُكُمُ أنْ لا تُحبُّوْنَا

كُلُ امْرِئٍ مُوْلَعٌ في بُغْضِ صَاحِبِهِ

فنَحنُ واللهِ (b) نَقْلُوكُمْ وتَقْلُونا

ثُمَّ حَلَفَ أنْ لا يَلْقَى هِشَامًا، ولا يَسْألَهُ صَفْرِاءَ ولا بَيْضاءَ، فخَرَجَ في أرْبَعة آلاف بالكُوفَة، فاحْتَال عليه بعضُ مَنْ كان يَهْوَى هِشَامًا ودَخَلُوا (c) عليه، فقالُوا: ما تقُول في أبي بَكْرٍ وعُمَر؟ فقال: رحِمَ اللهُ أبا بَكْرٍ وعُمَر صَاحِبَي رسُول الله صلى الله عليه وسلم، أين كُنْتم قَبْل اليَوْم؟ قالوا: ما نَخْرُج معك أو تَتَبرَّأ منهما، قال: لا أفْعَل؛ همُا إمَاما عَدْلٍ، فتفرَّقُوا عنه، وبَحَثَ هِشَامُ إليهِ فقَتَلُوهُ، فقال

(a) زيد بعده في تاريخ ابن عساكر: "فإن شئتَ أجَبتُ".

(b) ابن عساكر: نحمد الله.

(c) الأصل: ورحلوا، والمثبت من ابن عساكر.

ص: 247

المُوَكَّل بخَشَبَته: رأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْم وقد وقفَ على الخَشَبَةِ وقال: هكذا تَصْنَعُوِنَ بوَلدِي من بَعْدي. يا بُنَيّ، يا زَيْد، قَتَلُوك قَتَلَهُم الله، سَلبُوكَ سَلَبهُم (a) الله، فخَرَج هذا في النَّاسِ، وكَتَبَ يُوسُف بن عُمَر إلى هِشَامٍ أنْ عَجِّلْ إلى العِرَاق فقد فَتَنَهُم، فكَتَبَ إليهِ: احْرِقْهُ بالنَّار، فأحْرَقَهُ، رَحْمَةُ الله عليهِ.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا سُليْمان بن إسْحَاق الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا حَارِثُ بنُ أبي أسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عُمَر، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: دَخَل زَيْد بنُ عليٍّ على هِشَام بن عَبْد المَلِك فرفَع دَيْنًا كَثِيْرًا وحَوَائِج، فلَم يَقْضِ له هِشَام حاجةً، وتَجَهَّمَهُ وأسْمَعَهُ كَلَامًا شَديْدًا. قال عَبْد الله بن جَعْفَر: فأخْبَرَني سَالِم مَوْلَى هِشَام وحَاجِبُهُ أنَّ زَيْد بن عليَّ خَرَجَ من عند هِشَام وهو يأخُذ شَاربَهُ (b) ويَفْتِلهُ ويقُول: ما أَحبّ الحَيَاة أحدُ قَطّ إلَّا ذَلّ، ثمّ مَضَى فكان وَجْهه إلى الكُوفَة، فخَرَجَ بها، ويُوسُف بن عُمَر الثَّقَفِيّ عَامِل لهِشَام بن عَبْد المَلِك على العِرَاق، فوجَّه إلى زَيْد بن عليّ مَن يُقاتله، فاقْتَتَلُوا، وتفرَّق عن زَيْد مَنْ خَرَجَ معَهُ، ثُمَّ قُتِلَ وصُلِبَ.

قال سَالِم: فأخْبَرتُ هِشَامًا بعد ذلك بما كان قال زَيْد يَوْم خَرَجَ من عندِه، فقال: ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ ألَا كُنْتَ أخْبَرتَني بذلك قبل اليَوْم! وما كان يُرضِيْه، إنَّما كانت خَمْسمائة ألفٍ، فكان ذلك أهْوَن ممَّا صَار إليهِ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْرُ الله بن مُحَمَّد الفَقِيه اللَّاذِقِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي الفَتْح

(a) ابن عساكر: "صلبوك صلبهم"، وهو الأظهر.

(b) طبقات ابن سعد: يأخذ شاربه بيده.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 325، وانظره في تاريخ ابن عساكر 19:470.

ص: 248

نَصْر بن إبْراهيم الزَّاهِد، عن أبي الحَسَن السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن يُوسُف البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن رَشِيق، قال: حَدَّثَنَا يَمُوت بن المُزَرِّع، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حُمَيْد اليَشْكُريّ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي مُعَاذ بن أسَدٍ، قال: أقَرَّ ابنُ لخاَلِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ على زَيْدٍ بن عليّ، ودَاوُد بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس، وأيُّوْب بن سَلَمَة المَخْزُوميّ، ومُحَمَّد بن عُمَر بن عليّ، وسَعْد بن إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن عَوْف أنَّهم قد أزْمَعُوا على خَلْعْ هِشَام بن عَبْد المَلِك، فقال هِشَام لزَيْدٍ: قد بَلَغني كَذَا وكذا؟ قال: ليسَ كما بَلَغكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: بلى قد صَحَّ عندي ذلك، قال: أحْلفُ لك؟ فقال: وإنْ حَلَفْتَ فأنتَ غيرُ مُصَدَّق، فقال زَيْد: إنَّ الله لَم يَرْفَع من قَدْر أحدٍ أنْ يُحْلَفَ له باللهِ فلا يُصَدِّق، ولا وَضَعَ من قَدْر أحدٍ أنْ يَحْلِفَ بالله فلا يُصَدَّق، فقال له هِشَامُ: أخْرُج عنِّي، قال إذًا لا تَرَاني إلَّا حيثُ تَكْره، فمَّا خَرَجَ من بين يَدَي هِشَام، قال: منْ أَحبَّ الحَيَاة ذَلَّ. فقال له الحاَجِبُ: أبا الحُسَين، لا يَسْمَعَنَّ هذا منك أحَد، فقال مُحَمَّد بن عُمَر: إنَّ أبا الحُسَين لمَّا رَأى الأرْض قد أطْرَقَت جَورًا ورَأى قلَّة (a) الأعْوَان وتَخَاذُل النَّاس كانت الشَّهَادَةُ أَحبَّ الميْتَاتِ إليهِ، فخَرَجَ وهو يَتَمَثَّلُ بهذَيْن البَيْتَيْن:[من البسيط]

إنِّ المُحَكَّمَ (b) ما لَم يَرْتَقِبْ حَسَدًا

أو يرْهب السَّيْفَ أو وَخْزَ القَنَا هتَفَا

مَنْ عَاذَ بالسَّيْفِ لاقَى فرجةً عجبًا

مَوتًا على عَجَلٍ أو عَاشَ فانْتَصَفا

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أَبُو غالِب وأبو عَبْد الله ابْنَا البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن

(a) الأصل: قبله، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 19:467.

(b) الأصل: المحلم، وانظر ابن عساكر 19: 467، وتاريخ الإسلام 3:417.

ص: 249

سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبيرُ بن بَكَّار، قال: قال عَمِّي مُصْعَبُ بن عَبْد الله

(1)

: كان هِشَاُم بَعَثَ إليهِ فأُخِذَ بمَكَّة هو ودَاوُد بن عليّ، واتَّهَمَهُما أنْ يكونَ عندَهُما مال لخَالِد بن عَبْدِ الله القَسْرِيّ حين عزل خَالِدًا، فقال كَثِيْر بن كَثِيْر بن المُطَّلِب بن أبي وَدَاعَة السَّهْمِيُّ حين أُخِذَ دَاوُد بن عليّ وزَيْد بن عليّ بمَكَّة [من الخفيف]

يَأمَنُ الظَّبْيُ والحَمَامُ ولا يَأْ

مَنُ آلُ النَّبِيِّ (a) عندَ المَقَام

طِبْتَ بَيْتًا وطَابَ أهْلُكَ أهْلًا

أهْلُ بَيتِ النَّبِيّ والإسْلَامِ

رحْمَةُ اللهِ والسَّلامُ عَليْكُم

كُلَّما قَامَ قَائم بسَلَامِ

حَفِظُوا خَاتَمًا وجَرّوا (b) رِدَاءً

وأضَاعُوا قَرَابَةَ الأرْحَامِ

قال

(2)

: ويُقال إنِّ زَيْدًا بينما هو على باب هِشَام في خُصُومَة عَبْد الله بن حَسَن (c) في الصَّدَقَة، وَرَدَ كتابُ يُوسُف بن عُمَر زَيْدٍ، ودَاوُد بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس (d)، ومُحَمَّد بن عُمَر بن عليّ بن أبي طَالِب، وأيُّوْبَ بن سَلَمَة، فَحُبِسَ زَيْد، وبُعِثَ إلى أُولئك فقُدمَ بهم، ثمّ حملَهُم إلى يُوسُفَ بن عُمَر غير أيُوبَ بن سَلَمَة؛ فإنَّهُ أطْلَقه لأنَّةُ من أخْوَالهِ.

قال: وبَعَثَ بزَيْدٍ إلى يُوسُفَ بن عُمَر بالكُوفَة، فاسْتَحْلَفَهُ ما عندَهُ لخَالِدٍ مال، وخَلَّى سَبِيلَهُ، حتَّى إذا كان بالقَادِسيَّهَ لَحقَتْهُ الشِّيْعَةُ وسَألُوه الرُّجُوِعَ معهم والخُرُوج، ففَعَل، ثمّ تفرَّقُوا عنه إلَّا نَفَرُ يَسِيْرُ فنُسِبُوا إلى الزَّيْديَّةِ، ونُسِبَ منْ تَفَرَّق عنه إلى الرَّافِضَة، قال: يَزْعُمُون أنَهم سَألُوه عن أبي بَكْر وعُمَر فتَولَّاهُما فرَفَضَهُ (e) الرَّافِضَةُ، وثبتَ معه قَوْم فسُمُّوا الزَّيْدِيَّة، فقُتِلَ زَيْد، وانْهَزَم أصْحَابُه، وفي ذلك

(a) الزُّبيري: الرسول.

(b) الزُّبيري: وسحق.

(c) كذا في الأصل، ويكرره بعد انتهاء النقل، وفي كتاب الزبيري: عبد الله بن حسين.

(d) الزبيري: في زيد وداود ابني عليّ!.

(e) الزبيري: فرفضته.

_________

(1)

نسب قريش 60.

(2)

مصعب الزبيري: نسب قريش 61.

ص: 250

يقُول سَلَمَةُ (a) بن الحُرِّ بن يُوسُفَ بن الحَكَم: [من الوافر]

رَامَتنا (b) جَحَاجِحُ مِنْ قُرَيشٍ

فأمْسَى ذِكْرُهُم كحَدِيثِ أمْسِ

وكُنَّا أُسَّ مُلْكِهِمُ قَديْمًا

وما مُلْك يقُومُ بغَيْرِ أُسِّ

ضَمِنَّا منهُمُ ثُكلاً (c) وحُزْنًا

ولكِنْ لا مَحالَةَ مِن تَأسِّ

هكذا قال: في خُصُومة عَبْد الله بن حَسَن! وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةُ إبْراهيم بن سَعْد

(1)

أنَّ زَيْدًا كان يُخَاصِم الحَسَن بن الحَسَن في الصَّدَقَة.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد اللَّاذِقِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، عن أبي خَازِم مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر أحْمَد بن مَرْوَان الرَّمْليِّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بن طَلْحَة، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة بن رَبِيْعَة، قال: إنَّما كان سَبَب زيْدٍ بالعِرَاق أنَّهُ -يعني يُوسُف بن عُمَر- سَألَ القَسْرِيّ وابنَهُ عن وَدَائِعهم، فقالُوا لنا: عند دَاوُد بن علىِّ وَدِيْعَة، وعند زَيْد بن عليّ ودِيْعَة، فكَتَبَ بذلك إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك، فكَتَبَ هِشَام إلى صَاحِب المَدينَة في إشْخَاصِ زَيْد بن عليّ، وكَتَبَ إلى صَاحِب البَلْقَاءِ فِى إِشْخَاصِ دَاوُد بن عليَّ، فقَدِمَا على هِشَام، فأمَّا دَاوُد بن عليّ فخَلَفَ لهِشَام أنَّهُ لا ودِيْعَةَ لهم عندي فصَدَّقَهُ، وأَذِنَ بالرُّجُوع إلى أهْلِهِ، وأمَّا زَيْد بن عليّ فأبَى أنْ يَقْبل منه، وأنْكَر أنْ يكُون لهما عندَهُ شيءُ، فقال: أقْدم على يُوسُفَ، فقَدِمَ على يوسُف فجَمَعَ

(a) ليست عند الزبيري، وفيه: يقول الحرّ بن يوسف بن الحكم.

(b) الزبيري: وأمَّتْنا.

(c) الأصل: ثكلًا، ولا يستقيم، والمثبت من كتاب الزبيري.

_________

(1)

ترجمة إبراهيم بن سعد في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 251

بينه وِبين يَزِيد وخَالِد، فقال: إنَّما هو شيءٌ تبردْتُ به، ما لي عندَهُ شيءٌ، فصَدَّقَهُ وأجازَهُ يُوسُفُ، وخَرَجَ يُريد المَدِينَة، فلَحِقَهُ رِجَال من الشِّيْعَةِ، فقالُوا له: ارْجع فإنَّ لك عندنا الرِّجال والأمْوَال، فرجَعَ وبَلَغَ ذلك يُوسُف.

قال ضَمْرَة: فسَمِعْتُ مُهَلَّبًا يَقُول: أمرَ يُوسُف بالصَّلاةِ جَامِعةً فمَن لَم يَحْضُرِ المَسْجِد فقد حَلَّتْ عليه العُقُوبَة، قال: فاجْتَمَع النَّاس وقالُوا: نَنظُر ما هذا الأمْر ثُمَّ نَرْجع، قال: فاجْتَمَع النَّاسُ فأمرَ بالأبْوَابِ فأخذَ بها فبَنى عليهم. قال: وأمَرَ الخَيْل فجالَتْ في أَزقَّةِ الكُوفَة، قال: فمَكُث النَّاسُ ثلاثة أيَّام وثلاث ليال في المَسْجِدِ يُؤْتَى النَّاس من مَنَازِلهم بالطَّعَام ويتناوبُهُم الشُّرَط والحَرَسُ.

قال: فخَرَجَ زَيْد على تلك الحالِ، فلَمَ يلبَثْ أنْ تَرْتفع الشَّمْس حتَّى قُتِلَ من يَوْمِهِ، لَم يَخْرج معه إلَّا جُمَيع، فأخَذَهُ رجُلُ في بُسْتَانٍ له و صَرَفَ الماءَ عن السَّاقِيَةِ، وحفَرَ له تحت السَّاقِيَةِ ودَفَنَهُ، وأجْرَى عليهِ الماءَ، قال: وغُلَام له سِنْديّ في بُسْتَانٍ له يَنْظُر، فذَهَب إلى يُوسُفَ فأخْبَره، فبعَثَ فاسْتَخْرجه ثمّ صَلَبَهُ.

قال ضَمْرَة: فمن يَوْمئذٍ سُمِّيَت الرَّافِضَة؛ أتَوا إلى زِيْدٍ فقالُوا: سُبَّ أبا بَكْرٍ وعُمَر نَقُوم معَكَ ونَنصُرك فأبَى فرَفَضُوا ذلك فسُمُّوا يَوْمئذٍ رَوَافِض، فالزَّيْدِيَّةُ لا تَسْتَحِلّ الصَّلاةَ خلْفَ الشِّيْعَةِ.

قَرَأتُ على أبي اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قُلْتُ له: أخْبَركم أبو القَاسِم هبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، فأقَرَّ به، قال: أَخْبَرَنا أبو طَالب مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْح العُشَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَمْعُون، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن عليّ بن مَالِك، قال: أخْبَرَنِي مُحَمَّد بن سُلَيمان بن الحاَرِث، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا أسْبَاطُ بن نَصْر، عنِ السُّدِّيّ، قال: قال زَيْد بنِ عليّ: الرَّافِضَة حَرْبي وحَرْبُ أبي في الدُّنْيا والآخرة، مَرَقَتِ الرَّافِضَةُ علينا كما مَرَقَت الخَوَارِجُ على عليّ عليه السلام.

ص: 252

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحمّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الصَّلْت، وأبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عليّ بن النَّضْر الدِّيْبَاجِيّ -فرَّقهما- قالا: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد بن عُقْدَة، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ بن عَفَّان، قال: حَدَّثَنَا أسْبَاط، قال: حَدَّثَنَا كَثِيْر النَّوَّاءُ أبو إسْمَاعِيْل، قال: سَألْتُ زَيْد بن عليّ عن أبي بَكْرٍ وعُمَر (a)، فقال: تَوَلَّهُما، قال: قُلْتُ كيف تقُول فيمَن تَبَرَّأ منهما؟ قال: أبْرَأ منه حتَّى يَمُوتَ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أَبو عَبْد الله مُحَمَّد بنُ إبْراهيم النُّشَابِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن عَبْد المُنْعِم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحمد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عَبْدِ الله الوَكِيل، قال: حَدَّثنا عَبَّاد بن الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عُيَيْنَة، ح.

قال العَتِيْقِيّ: وأخْبَرَنا أبو بِشْر عِيسَى بن إبْراهيم التُّسْتَرِيّ بالبَصْرَة، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف القُلُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعيد البَاهِلِيّ، قالا: حَدَّثَنَا عليّ بن هاشِم، عن أَبِيهِ، قال: سَمِعْتُ زَيْد بن عليّ يَقُول: البَرَاءةُ (c) من أبي بَكْر وعُمَر، البَرَاءة من عليّ، فإنْ شِئْتَ فتقدَّم، وإنْ شِئْتَ فتأخَّر.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن مُوسَى بن الفَضْلِ بن

(a) ق: رضي الله عنهما.

(b) مهملة في الأصل، وفي ق بالسين: النسابي، والإعجام من ابن عساكر، وهو محمد بن إبراهيم بن جعفر المقرئ الكردي، ويتكرر الإسناد عنه في مواضع أخرى من تاريخ دمشق 45: 303، 51: 187، 67: 61، وانظر: ترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 11: 639.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 463.

(2)

تاريخ بغداد 2: 438.

ص: 253

شَاذَان الصَّيْرَفِيّ بنَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الصَّفَّار الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مِهْرَان الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بِشْر بن مَرْوَان ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن هاشِم بن البَرِيد (a)، عن أَبيِهِ، عن زَيْد بن عليّ، قال: البَرَاءةُ من أبي بَكْر وعمر وعُثْمان، البَرَاءةُ من عليّ، والبَرَاءةُ من عليّ البَرَاءة من أبي بَكْر وعُمَر وعُثْمان.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن بن البَنَّاءِ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عُبَيْد بن الفَضْل، عن مُحَمَّد بن مُحمّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا المُطَّلِب بن زِيَاد، عن السُّدِّيّ، قال: أتيْتُ زَيْد بن عليّ، وهو في بَارق، حَيٌّ من أحْيَاءِ الكُوفَة، فقُلتُ: أنتُم سَادَتُنا، وأنتُم وُلَاةُ أمْرِنا، ما تقُول في أبي بَكْر وعُمَر؟ قال: تولَّهُما.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم النُّشَابِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن عَبْد المُنْعِم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل السَّوْطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُلَاعِب، قال: حَدَّثَنَا عَمْرِو بن حَمَّاد بن طَلْحَة، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن عِيسَى بن زَيْد، عن أَبيِهِ، قال: قال زَيْدُ بن عليّ: انْطَلقت الخَوَارِج فبرئُوا (c) ممَّن دُون أبي بَكْر

(a) الأصل: البرند، تقدم التعليق على وجه الصواب فيه.

(b) مهملة في الأصل، والإعجام من ابن عساكر، وقد تقدم.

(c) ابن عساكر: فبرئت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 462 - 463.

ص: 254

وعُمَر، ولَم يَسْتَطيعُوا أنْ يقولُوا فيهما شيئًا، وانْطَلقتُم أنتم فطَفَرْتُم فَوْق ذلك؛ فبرئتم منهما! فَمن بَقِي؟ فوالله ما بَقِي أحَدٌ إلَّا برئتُم منهُ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الفَقِيه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن بن إبْراهيم الدَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد الفَارسِيُّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد بن عُبْدُوْس، قال (a): حَدَّثَنَا هَارُون بن حَاتِم البَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا ابن فُضَيْل، عن عَمَّار بن رُزَيْق (b)، عن هِشَام بن البرنَد (c) عن زَيْد بن عليّ في قَوْله:{وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}

(1)

، قال: كان أبو بَكْرٍ رضي الله عنه إمامَ الشَّاكِرين.

هكذا وَقَعَ، وهو من طُغْيان القَلَم، والصَّوَاب: هاشِم بن البَرِيْد (d).

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب وأبو عَبْد الله ابْنَا البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن الحُسَين بن عَبْد الله بن أبي عَلَّانَة (e)، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن حَمَّاد (f) بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنا عَمِّي إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق، ح.

قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ،

(a) مكررة في الأصل.

(b) مهملة في الأصل، وهو بتقديم الراء على الزاي كما في تاريخ ابن عساكر.

(c) الأصل: هشام بن البرند، وفوق الاسم الأول علامة التصحيف "صـ"، وأبقينا عليه لتعلقه بما نبَّه عليه المؤلف بعد انتهاء الرواية، وتقدم التعليق على تسمية أبيه في طالع الترجمة.

(d) الأصل: البرند.

(e) قيَّده في الأصل بالثاء المثلثة: علاثة، وصوابه بالنون كما في أنساب السمعاني 9: 419 - 420، والخطيب البغدادي 3: 56؛ ترجم له وقال: "كتبت عنه"، فهو عارفٌ به، وابن عساكر 19: 463، وسير أعلام النبلاء 18: 237 - 238.

(f) الأصل: محمد، والتصويب من تاريخ ابن عساكر، وانظر ترجمة ابن حماد الأزدي في تاريخ بغداد 6: 570 - 571، سير أعلام النبلاء 15:35.

_________

(1)

سورة آل عمران، من الآية 144.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 463.

ص: 255

قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الصَّفَّار، قال: حَدَّثنا إسْمَاعِيْلُ بن إسْحَاق، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا ابن دَاوُد، عن فُضَيْل بن مَرْزُوق، قال: قال زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ: أمَّا أنا فلو كُنْتُ بمَكان أبي بَكْر حَكَمْتُ -وقال الفَرَاوِيّ: لحَكَمْتُ- بمثْل ما حَكَم به أبو بَكْر في فَدَك.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحمّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ عُمَر بن مُحَمَّد بن عُمَر بن عِلْكُوَيْه البَقَّال، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحمد بن عبْد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عُمَر المُزَكِيّ، قال: حدَّثنا أبو بَكْر بنُ عُمَر الجِعَابيّ، قال: حدَّثني مُحمّد بن القَاسم بن زَكَريَّاء، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن نَصْر بن مُزَاحِم، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن أبي خَالِد -وهو عَمْرو بن خَالِد- قال: كان في خَاتم زَيْد بن عليّ: اصْبر تُؤْجَر، اصْدق تَنْجُ.

أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن مَسْعُود بن شَدَّادٍ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر أحْمَد بنُ أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز بن القَاصّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن بَدْرَان بن عليّ الحُلْوَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن الجَوْهَرِيّ رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن لُؤلُؤ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْن بن الحَسَن الأَشْقَر، قال: حَدَّثَنَا صَبَّاح بن يَحْيَى، قال: سَمِعْتُ زَيْدَ بن عليّ يَقُول: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا}

(1)

قال: الزُهْرَة.

(1)

سورة الأنعام، من الآية 76.

ص: 256

أظُنُّه سَقَطَ من الإسْنَاد شيءٌ

(1)

.

أنْبَأنَا سُليْمان بنُ الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بنُ طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرِ البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّبَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بنُ عُبْدُوْسٍ؛ نَيْسَابُوريٌّ، قال: حَدَّثَنَا قَطَنُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ عَوْن الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بنُ عَبْدِ الله، عن عُبَيْدِ الله بن مُحَمَّد بن عُمَر بن عليّ، قال: قال زَيْد بن عليّ: إنِّي لأسْتَحيي من عَظَمَته أنْ أُفْضِي إليه بشيءٍ اسْتَخْفيه من غَيره.

أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد كتابةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن رِضْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَان، قال: حَدَّثَني الحُسَين بن عُمَر المَازِنِيّ، قال: حَدَّثَني سَعيد بن مُقَاتِل الكُوْفيّ، قال: كان زَيْد بن عليّ يَقُول: المُرُوءَة إنْصَاف مَن دُوْنك، والسَّمع إلى مَنْ فَوْقك، والجَزَاءُ بما أُتي إليكَ من خَيْر أو شَرّ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قراءةً عليه وأنا أسْمَعُ

بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ من لَفْظه بدِمَشْق، قال: أنْبَأنا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليُّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن

(1)

الذي سقط في إسناده يقع بين علي بن أحمد بن لؤلؤ والأشقر، فإن في إسناد الحافظ ابن عساكر بعد ابن لؤلؤ:"حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الصالحي، قال: حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا حسين بن حسن الأشقر .. " انظر تاريخ ابن عساكر 6: 228.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 464.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 465.

ص: 257

إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد البِرْتيّ، قال: سَمِعْتُ الِحمَّانِيّ يَقُول: قال زَيْد بنُ عليّ بن الحُسَين لابْنِه يَحْيَى: إنَّ الله تعالَى لَم يَرْضَكَ لي فأوْصَاك بي، ورَضِيَني لك فلَم يُوصِني بكَ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو الوَحْش سُبَيْع بن المُسَلَّم، عن أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا إبْراهيمُ بن عليّ بن إبْراهيم بن سِيْبَخْت، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَني جَعْفَر بن علَيّ العَلَويّ، قال: حَدَّثَني عليّ بن العبَّاسِ الكُوْفيّ، عن سَعيد بن خُثَيْم الهِلَالِيّ، قال: قال زَيْدُ بن عليّ بن الحُسَين: [من البسيط]

لو يَعْلَمُ النَّاسُ مافي العُرْفِ مِن شَرَفٍ

لشَرَّفُوا العُرْفَ في الدُّنْيا على الشَّرَفِ

وبادَرُوا بالَّذي تحْوي أكفُّهُمُ

مِنَ الخَطِيْرِ ولو أشْفَوا على التَّلَفِ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُليَمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاء في كتابهِ، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق الحَبَّالُ وخَدِيجَة المُرَابِطَة -قال الحَبَّال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم (a) الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الحُسَين بن بُنْدَار. وقالت خَدِيجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الأَذَنِيّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار -قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا حَبَش، قال: أخْبَرَنا المَدَائِنِيُّ، قال: لمَّا رُمي زَيْدُ بن عليّ بن حُسَيْن قال لابْنِه عِيسَى بن زَيْد: [من الكامل]

أَبُنيَّ إمَّا أهْلَكَنَّ فَلا تكُنْ

دَنِسَ الفعَالِ مُبَيَّضَ الأثْوَابِ

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 191.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 466.

ص: 258

وَاحْذَرْ مُصَاحَبةَ اللِّئَامِ فإنَّما

يُرْدِي الكِرَامَ فُسُوْلَةُ الأصْحَابِ

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أبو الفَضْل بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ في كتابهِ، عن أبي نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ المَعْمَرِيّ، قال: حَدَّثَني زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء (a) بن أبي زَائِدَةَ، قال: سَمِعْتُ عَمَّتي عزوَة (b) بنتَ زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، قالت: سَمِعْتُ أبي يَقُول: لمَّا حَججْتُ مَرَرتُ بالمَدِينَة، فقُلْتُ: لو دَخَلْتُ على زَيْد بن عليّ بن الحُسَين فسَلَّمْتُ عليه، فدَخَلْتُ عليه، فسَمِعْتُه يتَمَثَّل بأبياتٍ وهو يَقُول:[من الطويل]

ومَنْ يَطْلبِ المالَ المُمَنَّع (c) بالقَنَا

يَعِشْ مَاجِدًا أو تَخْتَرِمْهُ المَخَارِمُ

مَتَى تجمَعِ القَلْبَ الذَّكِيَّ وصَارِمًا

وَأَنْفًا حَميًّا تَجْتَنِبْكَ المَظَالِمُ

وكُنْتُ إذا قَوْمٌ غَزَوْني غَزَوْتُهُمْ

فهَل أنا في ذا يالَ هَمْدَانَ ظَالِمُ

فخَرَجْتُ من عنده فَمَضَيْتُ، فقَضِيتُ حَجِّي (d)، ثُمَّ انْصَرفتُ إلى الكُوفَة، فبَلَغَني قدُومهُ، فأتْيْتُه فسَلَّمْتُ عليه، وسَألتُه عمَّا قَدِمَ له، فأخْبَرني بكُتُب مَنْ كَتَبَ إليه يَسْألهُ القُدُومَ عليه، فأشَرْتُ عليه بالانْصِرَاف، فلَحِقَهُ القَوْمُ فردُّوه.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب وأبي عَبْد الله ابْنَي البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: وحَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن عَبْد

(a) ساقطة من ق.

(b) كذا في الأصل وق، وعند ابن عساكر: عزيزة.

(c) ق: الممتع.

(d) ابن عساكر: حجتي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 468 - 469.

ص: 259

الله الزُّهْرِيِّ، قال: دَخَل زَيْد بن عليّ مَسْجِدَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم نصْف النَّهَارِ في يوْمٍ حَارٍّ من باب السُّوق، فرَأى سَعْدَ بن إبْراهيم في جَمَاعَةٍ من القُرَشِيِّيْن قد حان قيَامهم، فقَامُوا فأشَارَ إليهم، فقال لهم سَعْد بن إبْرَاهيم: هذا زَيْد يُشِير إليكم فقُوموا له، فقامُوا، فجاءهمِ فقال: أي قَوْم، أنتُم أضْعَفُ من أهْل الحَرَّة؟ فقالوا: لا، فقال: فأنا أشْهَدُ أنَّ يزِيدًا ليس شَرًّا من هِشَامِ بن عَبْد المَلِك فما لكم؟ فقال سَعْدٌ لأصْحَابهِ: مُدَّةُ هذا قَصِيرةٌ، فلم يثبُتْ أنْ خَرَج فقُتِلَ.

قال: وحَدَّثنا الزُّبيرُ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن يَحْيى، عن عَبْد الكَريم بن شُعَيْب الحَجَبِيّ، قال: أقْبَل زَيْد بن عليّ بن حسَيْن فدَخَل المَسْجِدَ وفيه نَفَرٌ من قُرَيْشٍ قد لَحقَتهمِ الشَّمْسُ في مَجْلِسهم، فقامُوا يُريدُونَ التَّحَوُّل، فلمَّا توسَّط زَيْد المَسْجدَ خاف أنْ يفُوتُوه فحصَبَهمِ فوقَفُوا، فقال لهم: أقَتَل يَزِيد بن مُعاوِيَةَ حُسَيْن بن عليَّ؟ قالوا: نَعَم، قال: ثمّ ماتَ يَزِيد؟ قالوا: نَعم، قال: فكأنَّ حَيَاة ما بينَهما لَم تكُن. قال: فعِلمَ القَوْم أنَّ زَيْدًا يُريد أمْرًا.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثَنا ابن إِدْرِيس، عنِ القَاسِم بن مَعْنٍ، قال: خَرَج أبو حَصِين -وفي نُسْخَة أُخْرى: أبو كَبِير- وهو يضْربُ بَغْله (a) وهو يَقُول: الحمدُ للهِ الّذي سَار بي تحتَ رَايات الهُدَى.

قال: وحَدَّثَنا يعقوب (b)، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا

(a) المعرفة والتاريخ: نعله.

(b) في كتاب المعرفة والتاريخ 3: 796: من أشد الناس قولًا في نهي علي!.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 2: 807.

ص: 260

جَرِير، عن مُغِيرَة، قال: كان سَلَمَة بن كُهَيْل من أشَدِّ النّاسِ قَوْلًا لزَيْد بن عليّ؛ يَنْهاهُ عن الخُرُوج.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمد (a) بن عِيسَى السَّعْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَرَفَة السِّمْسَار، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب المُقْرِئ الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثنا الكُدَيْمِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن دَاوُد، عن أُمّ دَاوُد الوَابِشيَّة (b)، قالت: مرَّ زَيْدُ بن عليّ بن الحُسَين على حِمَارٍ قد خُولفَ بوَجْهه على شُيُوخ كِنْدَة، فقامُوا إليه يَبْكُونَ، فقال: يا أخَابِث خَلِيقَة الله؛ أسْلَمتُموني للقَتْل ثمّ تبكُونَ عليَّ؟!

أنبَأنَا ابن طَبرزَد، عن ابن السّمَرقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّرِيفِيْنِيّ، قال: أخْبرنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: حَدّثَنَا أبو عَبْد الله أحْمَد بن سُلَيمان بن دَاوُد الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثنا الزُّبير بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني صَدَقَة بن بِشْر، قال: سَمِعْتُ حُسَيْن بن زَيْد يمزَحُ مع جَعْفَر بن مُحَمَّد فيقُول له: خَذَلَتْ شِيْعَتُكَ أبي حتَّى قُتِل، فقال له جَعْفَر: إنَّ أباكَ اشْتَهى البِطِّيْخ بالسُّكَّر!.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سُليمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبير بن بَكَّار، قال: وكان مَقْتَل زَيْد بن عليّ يَوْم الاثْنَين للَيْلَتَيْن خَلَتا

(a) في الأصل، ق: أحمد بن محمد، وصوابه المثبت كما عند ابن عساكر، وهو أبو الفضل القاضي السعدي البغدادي، نزيل مصر، راوي معجم الصحابة للبغوي، ت 441 هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 18: 5 - 6، الوافي بالوفيات 2:65.

(b) ابن عساكر: الواشية، تحريف.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 474.

ص: 261

من صَفَر سَنَة عشرين ومائة، وهو يَوْمئذٍ ابنُ اثنتَيْن وأرْبَعين سَنَة، وسَمِعَ زَيْد بن عليّ من أبيهِ، ورُوِيَ عنهُ.

أنبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن عَبْد الكَريِم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد، قال: حَدَّثنا أبو بَكْرِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن يعْقُوب، قال: حَدَّثَنا جَدّي، قال: واخْتَلفُوا علينا في مَقْتَل زيْد بن عليّ، قال مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ

(1)

: فبَلَغَنيِ عن الواقِدِيّ أنَّه قال مثلهُ: كان مقتل زَيْد بن علي يومِ الاثْنَين للَيْلَتَيْن خَلَتا من صفَر سَنَة عشْرين ومائة، وقُتِلَ وهو ابنُ ثِنْتَيْن وأرْبَعين سَنةَ: وقال غيرهُما: قُتِلَ في سَنَةِ اثنتَيْنْ وعشرين ومائة.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أِبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْلٍ بن نَاصِر، عن مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا علىِّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي خَيْثَمَهَ، قال: أخْبَرَنا مُصْعَب

(2)

، قال: زَيْد بن عليّ قُتِلَ بالكُوفَة، قَتَلَهُ يُوسُفُ بن عُمَر في زَمَن هِشَام بن عَبْد المَلِك، وقُتِلَ يَوْم الاثْنَين للَيْلَتَيْن خَلَتا مِن صَفَر من سَنَة عشرين ومائة، وهو يَوْم قُتِلَ ابنُ ثِنْتَيْنْ وأرْبَعين سَنَة، وقد سَمعَ زيْد بن عليّ من أبِيهِ، ورُوِيَ عنهُ.

أنْبأنا عُمَر بن طَبرزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر ابن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب

(3)

، قال: وفي هذه السَّنَة -يعني سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة -قُتِلَ زَيْد بن عليّ بن الحُسَين، دَخَلَ على هِشَام بن عَبْد المَلِكِ فكَلَّمَهُ في دَيْنٍ عليهِ ومَعُونَة، فأبَى أنْ يَفْعَل ذلك، وغَلُظَ في الجَوَاب، فَخَرَجَ زَيْد وهو يَقُولُ:

(1)

الزبيري: نسب قريش 61.

(2)

الزبيري: نسب قريش 60 - 61.

(3)

لم أقف عليه في المتبقي من كتاب المعرفة والتاريخ.

ص: 262

لا يُحبّ الحَيَاةَ أحَدٌ إلَّا ذَلَّ، فقَدِمَ الكُوفَةَ، وخَرَجَ، فقُتِلَ في صَفَر، وهَرَبَ يَحْيَى بن زَيْد فلَحِقَ بخُرَاسَان، وكانوا صَلَبُوا زَيْدًا بالكُنَاسَةِ ثمّ أحْرَقُوهُ، وذلك في وِلَايَةِ يُوسُف بن عُمَر.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكاَت عَبدُ الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحسَن وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ الحسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن إسْحَاق، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثنا خَلِيفَة بنُ خَيَّاط

(1)

، قال: زَيْد وعُمَر ابْنا عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، أَمُّهما فَتاة، زَيْدٌ يُكْنَى أبا الحُسَين، قُتِلَ بالكُوفَة سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيِّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر

(2)

، قال: وفيها -يعني سَنَة إحْدَى وعشريِن ومائة - قُتِلَ زَيْد بن عليّ بن حُسَيْن بن عليّ بن أبي طَالِب بالكُوفَة في صَفَر، رحْمَةُ الله عليه. وهكذا قال الوَاقِدِيّ.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: قَرَأتُ في كتابٍ أظُنُّه من تَصْنِيف الصُّوْلِيّ: وفي سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة قُتِلَ زَيْد بن عليّ بن الحُسَين في صَفَر بالكُوفَة، وصُلِبَ في الكُنَاسِ، وكان الّذي ظَفر به يُوسُف بن عُمَر، ثُمَّ أحْرَقَهُ بالنَّار، وسُّمِّي زَيْد النَّار، وإنَّما سُمِّيَت الرَّافِضَةُ ذلك اليَوْم.

(1)

طبقات خليفة 258.

(2)

تاريخ مولد العلماء 117.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 477.

ص: 263

أخْبَرَنا أبو عليّ بن أحْمَد الصُّوْفيّ، فيما أذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة إحْدَى وعشْريِن ومائة، أبو الحُسَيْن زيْد بن عليّ بن الحُسَن، قُتِلَ بالكُوفَة في صَفَر، ويُقال: سَنة ثِنْتَيْن وعشرين في صَفَر، ولزَيْدٍ اثْنَتان وأرْبَعُون سَنَةً. أخْبَرَني حَسنٌ، عن أَبيِهِ، عن جَدِّهِ، عن الحَسَن بن يَحْيَى بن الحَسَن بن زَيْد بن مَالِك.

أنبأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبدُ الوَهّاب بنُ المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بنُ عليّ، قال: أخْبَرنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل، قال: حَدّثنا أبي، قال: حَدَّثنا أحْمَد، قال: وقُتِلَ زَيْد بن عليّ سَنَة اثنتَيْن أو إحْدَى وعشْرين ومائة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتبُ، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين ابن الآبنُوسِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو القَاسِم بن جُنَبْقَاء، قال: حَدّثنا إسْمَاعِيْل بن عل الخُطَبِيُّ، قال: وقد كان زَيْد بنُ عليّ بن الحُسَين بن عليّ، وكُنْيَتُهُ أبو الحُسَين، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يقال لها جَيْدَاءُ، ظَهَرَ بالكُوفَة في خِلَافَة هِشَام بن عَبْد المَلِك في سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة، وقُتِلِ ليَوْمَيْن خَلَوَا من صَفَر من سَنَة اثنتَيْن وعِشْرين ومائة، وهو ابنُ اثنَتَيْن وأرْبَعين سنَةً، وصُلبَ بالكُوفَة، وفي تَاريْخ قتلهِ خِلَافٌ، ولَم يَزَل مَصْلُوبًا إلى سَنَة ستٍّ وعشرين ثُمَّ أنْزل بعد أرْبَع سنين من صَلْبه.

قُلتُ: والأكْثَرُون على أنَّهُ قُتِلَ سَنَة اثْنَتَيْن وعشرين ومائة، وقد ذكَرَ ذلك البُخاريّ

(1)

.

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 403.

ص: 264

ونُقِلَ عن سُفْيان بن عُيينَة أَنَّهُ قُتِلَ سَنَة ثَلاثٍ وعشرين.

أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، وأبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المبُارَك، إجَازَةً إنْ لِم يكُن سَمَاعًا منهما أو من أحَدِهما، قال ابنُ السَّمَرْقنديّ: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نصْر بن أحْمَد بن نَصْر، قال: أخْبَرَنا أحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، ح.

وقال الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجبَّار الطُّيُورِيّ، وأبو طَاهِر أحْمَدُ بن عليّ بن سَوَّار، قالُوا: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ بن عُبيد الله، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن زيد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عقبة، قال: حَدَّثَنَا هارُون بن حَاتِم، قال: حَدَّثنا ربَاح -يعني ابن خَالِد- قال: سَألْتُ سُفْيان بن عُيينَة: متى مات الزُّهْرِيّ؟ قال: سَنَة ثَلاثٍ وعشْرين ومائة، وفيها قُتِلَ زَيْد بن عليّ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو غالِب أحمد، وأبو عبد الله يَحْيَى ابْنَا البَنَّاءَ في كتَابَيْهما، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّصُ، قال: حَدَّثَنا أحْمَد بن سُليَمان، قال: حَدَّثنا الزُّبير بن بَكَّار، قال: وقال مُحَمَّد بن الحَسَن: قُتِلَ زَيْد بن عليّ بن الحُسَين بالكُوفَة في زَمَن هِشَام بن عَبْد المَلِك يَوْم الاثْنين لَيَوْمَيْن خَلَوَا من صفَر سَنَة اثْنَتَيْن وعشْرين ومائة، وهو ابنُ اثْنَتَيْن وأرْبَعين سَنَة.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: قال ابنُ بُكيْر: قال اللَّيْثُ بن سَعْد: وفي سَنَة اثْنتَيْن وعشرين ومائة قُتِلَ زَيْد بن عليّ الهاشمِيّ.

أنْبَأَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور

(1)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 478.

ص: 265

مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحمَّد بن عَبْد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: قال يَحْيَى بن بُكَيْر، عن اللَّيْث، قال: في سَنَة ثنْتَيْن وعشرين ومائة قُتلَ زَيْد بن عليّ الهاشمِيّ، وفيها قُتِل عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهَ الغَافِقِيّ أمير الأنْدَلُسِ.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظ

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد، وأبو عليّ الحَسَن بن أحمد، وأبو القَاسِم غَانِم بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله، ثمّ أخْبَرَنا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن أحمد بن الحسن، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا هاشِم بن مُحَمَّد، قال: حدَّثَنَا الهَيْثَم بن عدِيّ، قال: ومات سَلَمَةُ بن كُهَيْل الحَضْرَميّ سنة ثِنْتَيْن وعشْرين ومائة أيَّام قُتِلَ زَيْد بن عليّ.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن علىّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حدَّثَنَا موسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حدَّثَنَا خلِيفَةُ بن خَيَّاط

(3)

، قال: فَحَدَّثَني ابو اليَقْظَان، عنِ جُوَيْريَة بن أسْماء وغيره أنَّ زَيْد بن عليّ قَدِمَ على يُوسُف بن عُمَر الحِيْرَة، فأجازهُ وأحْسَن إليه، ثمّ شَخَصَ إلى المَدينَة، فأتاهُ ناسٌ من أهْل الكُوفَة، فقالُوا له: ارجع فليسَ يُوِسُف بشيءٍ، ونحنُ نأَخُذ لك الكُوِفَة، فرَجع (a) فبايعَهُ ناسٌ كَثِيْر، فخرَجَ وخرَج معه ناس كَثِيْر، فاقْتَتَلُوا، فقُتِلَ زيْدٌ فيها؛ يعني: سَنَة اثْنَتَيْن وعشرين ومائة.

(a) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 478.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 478.

(3)

لم أقف عليه في تاريخه ولا طبقاته.

ص: 266

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنَبأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، وأَنبَأنيه أبو القَاسِم العَلَويّ، وأبو الوَحْش المُقرِئ عنه، قال: أخْبَرَنا إبرهيمِ بن عليّ بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبوِ العبَّاس أحْمَد بن بَكْرَان بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن عليّ، قال: حَدّثَني مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل، عنِ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُعاوِيَة البَجَليّ، قال: كان زَيْد بن عليّ -حيثُ صُلِب- يُوجَّه وجْهه ناحية الفُرَاتِ فيُصْبحُ وقد دَارَتْ خَشَبَتُه ناحية القِبْلَةِ مرَرًا، وغَدَت (a) العَنْكَبُوتُ حتَّى نَسَج على عَوْرته، وقد كانُوا صَلَبُوه عُريَانًا.

أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ على بِركة الفِيْل بين مِصْر والقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَرَدَانيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف -يعني ابن مُحَمَّد الصُّوْفيّ- قال: أخْبَرَنا ابن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا الحسُين بن صَفْوان، قال: حَدَّثَنَا ابن عُبَيْد-يعني أبا بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(2)

- قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أبي بَكْر بن الفَضْل العَتَكيّ، قال: حَدَّثَنَا جَرِير بن حَازِم أنَّهُ رَأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُتَسَانِدًا (b) إلى جِذْع زَيْد بن عليّ وهو مَصْلُوبُ، وهو يَقُولُ للنَّاسِ: هكذا تَفعلُونَ بوَلَدي!.

(a) ابن عساكر: وعمدت.

(b) رسالة ابن أبي الدنيا: مسندًا.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 479.

(2)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المنام) 3: 589.

ص: 267

أخبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن كُلَيب، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن نَبهَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحسن بن مِقسَم المُقرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحمَدِ بن يحييَ ثَعلَب

(1)

، قال: وسَمعِ هِشَامُ بن عَبْدِ المَلِك زَيْدَ بن عليٍّ يَقُول: ما أحَبَّ الحَيَاةَ أحَدُ قَطُّ إلَّا ذَلَّ. قال: فخافَهُ منذُ سَمِعَ ذلك منه. قال: وكان الحُسَين بن زَيْد بن عليّ يُلقَب ذا الدَّمْعَة، وذلك لكَثْرة بُكَائهِ، فقيل له في ذلك، فقال: وهل تركَتِ النَّار والسَّهمان فيَّ (a) مَضْحكًا؛ يُريد السَّهمَيْن اللَّذين أصَابَا زَيد بن عليّ ويَحْيَى بن زَيْد، وقُتِلَ بخُرَاسَان.

أنبَأنَا زَيدُ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِرٍ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَدُ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، وأبو مُحَمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعقُوبَ، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: حَدَّثَنَا جَرِيرُ، عن مُغِيرَة، قال: كُنْتُ أُكْثِر الضَّحكَ فما قَطَعَهُ عنِّي إلَّا قتل زَيد بن عليّ.

‌زَيْدُ بنُ عليّ بن عَبْدِ الله الفَارسِيُّ، أبو القَاسِم الفَسَوِيّ النَّحْوِيّ اللُّغَويّ

(2)

كان فَاضِلًا، عَالِمًا، عَارِفًا بعُلُوم كَثيْرة، وِشرَحَ إيْضَاح أبي عليّ الفَارسِيِّ، وحَمَاسَة أبي تمَام الطَّائيّ، وأقرأ النَّحو بحَلَب، ورَوى بها الإيْضَاح عن أبي الحُسَين ابن أُخْت أبي عليّ الفَارسِيِّ عن خَاله أبي عليّ، قرأهُ عليه بحَلَب الشَّريف أبو

(a) مجالس ثعلب: لي.

_________

(1)

مجالس ثعلب 2: 348.

(2)

توفي سنة 467 هـ حسبما أثبته ابن العديم في ثلاث روايات مدرجة في الترجمة، وفي بعض مصادر ترجمته 497 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زير الربعي (ذيوله) 380، تاريخ ابن عساكر 19: 481 - 483، معجم الأدباء 3: 1337، إنباه الرواة 3: 17 (وأرخ القفطي وفاته =

ص: 268

البَرَكَات عُمَر بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحُسَيْنيّ الزَّيْدِيّ الكُوْفيّ في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة.

ورَوَى الحَدِيْث عن أبي الحَسَن بن أبي الحَدِيْد الدِّمَشقيّ، وأحمد بن أبي الفَضْل السُّلمِيّ، وأبي عُبَيد نُعَيْم بن مَسْعُود الهَرَويّ، سَمعَ منه القَاضِي أبو المُفَضَّل القُرَشِيِّ، وعُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن طَاهِر النَّحويّ بدِمَشْق، وأبو مُحمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الخَفَاجِيّ الحَلَبِيّ بميَّافَارقِين.

قَرأتُ بخَطِّ عُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ الحافِظ، في جزء ذَكَرَ فيه شُيُوخَهُ الذّين أخَذَ عنهم بدِمَشق على حُرُوف المُعجَم، وأنبَأنَا به أبو مُحَمَّد عبد الرَّحمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، عن أِبي الفِتْيَان، قال: أخْبَرَنا زَيْد بن عليّ بن عَبْد الله الفَسَوِيّ أبو القَاسِم الفَارِسيّ بدِمشْق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي الفَضْل السُّلمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن الوَلِيد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يُوسُف بن بِشْر الهَرَويّ الإمَام بدِمَشق، قال: حَدَّثَنَا النَّجَاحِيّ بمَكَّة، وهو يُوسُف بن يَعْقُوِب، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيينَة، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُريرَة

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَامَ

= سنة 497 هـ)، ابن الساعي: الدر الثمين 374 - 375، الذهبي: تاريخ الإسلام 10: 790 - 791، الوافي بالوفيات 15: 48 (زيد بن عبد الله بن علي، وبعضهم قال فيه: زيد بن علي بن عبد الله، وأرخ الصفدي وفاته سنة 497 هـ ولعله تصحف عنده)، بغية الوعاة 1: 573، (واقتبس السيوطي ترجمته من تاريخ ابن عساكر وبغية الطلب لابن العديم)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 27.

(1)

مسند الحميدي 2: 440 (رقم 1007)، مسند ابن حنبل 13: 5 (رقم 7278)، صحيح مسلم 1: 524 (رقم 175)، سنن ابن ماجة 1: 526 (رقم 1641)، سنن أبي داود 2: 103 (رقم 1327)، سنن النسائي 4: 156 - 157 (رقم 2202 - 2205)، الجامع الكبير للترمذي 2: 62 (رقم 683)، مسند أبي يعلى الموصلي 10: 371 (رقم 120)، صحيح ابن حبان 8: 218 - 219 (رقم 3432)، فتح الباري 4: 255 (رقم 2014)، كنز العمال 8: 465 (رقم 23678)، وانظر: المسند الجامع 17: 206 (رقم 13519).

ص: 269

رَمَضَان إيْمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبهِ، ومَنْ قام ليلَة النِّصْف إيْمانًا واحتِسَابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبهِ وما تأخَّر.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: ذَكَرَ غَيْثُ بن عليّ الأرْمَنازِيّ الصُّوْرِيّ، ونَقَلْتُهُ من كتَابهِ، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضّل المقدِسيُّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، ح.

قال أبو الحَسَن المقدِسِيِّ: وأخْبَرَنا أبو الحَسَن (a) بن حَمْزَة المَوَازِينِيّ كتابةٌ، قال: أجَازَ لنا غَيْثٌ الأرْمَنازِي، ح.

وأخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أنبَانَا أبو الفَرَج غَيْثُ بن عليّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن (b) عليّ بن طَاهِر الأدِيب -زادَ الحافظ أبو القَاسِم: بَمقرَى من عَملِ دِمَشْق، ثُمَّ اتَّفقُوا وقالُوا:- قال: أنْشدَني زَيْد بن عليَّ - وقال السِّلَفِيّ: أبو القَاسِم زيْدُ بن عليّ الفَارسِي النَّحويّ - وقالُوا: لأَبزُون (c) الفَارسِيِّ: [من الكامل]

إلْزَم جَفَاءَك لي ولَو فيهِ الضَّنَا

وارْفعَ حَدِيثَ البَيْن عمَّا بَيننا

فسُمُوم هَجرك في هَواجره الأذَى

ونسَيم وَصلك في أصَائِلهِ المُنَى

ما لي إذا ما رُمْتُ عتْبًا رُمْتَ لي

ذَنْبًا جَدِيدًا من هُناكَ ومن هُنَا

مُثْنٍ عليكَ وما اسْتَفَاد رَغِيْبَةً

عَجَبًا ومُعْتَذرُ إليكَ وما جَنَى

(a) الأصل: أبو الحسين، وهو أحمد بن حمزة الموازيني، والمثبت كما كناه المصنف في العديد من الأسانيد.

(b) كناه في تاريخ ابن عساكر في هذا الوضع: أبا الحسين، وجاء صحيحًا في الرواية بعده، وصحيحًا كذلك في ترجمته من التاريخ نفسه (43: 4)، وانظر أيضًا: الوافي بالوفيات 21: 154.

(c) معجم الأدباء: لأبرون، وأورد ياقوت أول بيتين من شعره المدرج.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 481.

ص: 270

ليسَ التَّلَوُّنُ من أمَارَاتِ الرِّضَا

لكن إذا مَلَّ الحبَيبُ تَلَوَّنَا

ما جَرَّ هذا الخَطْبَ غير تَغَرُّبي

لُعِنَ التَّغرُّب ما أذلَّ وأهْوَنا

أنبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَّمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن طَاهِرِ، قال: سَمِعتُ من شَيْخنا في العَرَبيَّة أبي القَاسِم الفَارسِيّ النَّحْوِيّ غير مَرَّة الإنْكَارَ لصِحَّة أحكاَم المُنَجِّميْنَ، واسْتِسْخَاف عَقْل المُصَدِّق بها، وكان زَيْد [قد](a) اطَّلَعَ على كُلِّ عِلْمٍ ومَقَالَةٍ، رحمه الله.

وقال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: زَيْدُ بن عليّ بن عَبْد الله أبو القَاسِم الفَسَوِيّ الفَارسِيّ النَّحْوِيّ اللُّغَويّ، سَكَنَ دِمَشْقَ مُدَّةً، وأقْرأ بها النَّحو واللُّغَة، وأمْلَى بها شَرْح إيْضَاحِ أبي عليّ الفَارسِيّ، وشَرْح الحَمَاسَة. وحَدَّثَ عن أبي الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ الدِّمشقيّ، وسَمِعَ منه جَدِّي القَاضِي أبو المُفَضَّل، وعُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ، وأبو الحَسَن بن طَاهِر النَّحْويّ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمعَانيّ، قال في ذِكر أبي البَرَكَاتِ عُمَر بن إبراهيم بن مُحَمَّد الحُسَينيّ: قَرَأ بحَلَب في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة على زَيْد بن عليّ الفارسِيّ كتاب الإيْضَاح لأبي عليٍّ، وكان يرْويه عن أبي الحُسَين ابن أُخْت أبي عليّ الفَارسِيّ عن خَالهِ أبي عليّ.

أنبَأنَا أبو المَحَاسِن بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(3)

، قال: قال لنا أبو مُحَمَّد بن الأكفانِيّ: سَنَة سَبعٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة، فيها تُوفِّي أبو القَاسِم

(a) إضافة من ابن عساكر، وفيه: "وكان رفد [كذا] قد

".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 19: 482.

(2)

تاريخ ابن عساكر 19: 481.

(3)

تاريخ ابن عساكر 19: 482.

ص: 271

زَيْد بن علىّ الفَارسِيّ النَّحويّ بطَرابُلُس، على ما بَلَغَني في ذِي الحِجَّة، وكان فَهِمًا عَالمًا بعِلْم اللّغَة والنَّحو.

وقَعَ إليَّ كتاب بخَطِّ بعض العُلَمَاء من الدِّمَشْقيِّيْن؛ وأظُنُّه ابن عَبْدَان، ذَكَرَ فيه وَفَاءات جَمَاعة من العُلَمَاء على السِّنِيْن، فذَكَرَ في سَنَة سَبعٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة، قال: وفي هذه السَّنَة تُوفِّي أبو القَاسِم زَيْد بن عليّ الفَارسِيّ النَّحْوِيّ بطَرابُلُس في ذِي الحِجَّة.

قَرأتُ بخَطِّ الحافظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا بهِ الحافِظُ أبو الحَسَن المَقدِسِيّ في كتابهِ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر، قال: ذَكَرَ غَيْثُ بن عليّ الأرْمَنازِيّ الصُّوْرِيّ، ونَقَلْتُهُ من كتابهِ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد السُّمَيْسير أنَّ أبا القَاسِم زَيْد بن عليّ الفَارسِيّ النَّحويّ تُوفِّي بطَرابُلُس في ذي القعْدَة سَنَة سَبعٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة.

‌زَيْدُ بن عليّ بن أبي خِدَاش بن يَزيد (a) الأسَدِيّ الموصِليّ

(1)

حَدَّثَ عن المُعَافَى بن عِمْران، وعِيسَى بن يُونسُ، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ ابنُ أخيه عَبْدُ الله بن عبد الصَّمَد بن أبي خِدَاش، وقَدِمَ مَلَطْيَة وتُوفِّيَ بها.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسماعِيْل بن الحُسَين بن أبي السِّنَان، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم بن أحْمَد المُؤدِّبُ المَوصِلِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ نَصْرُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضائِل الحَسَن بن هِبةِ

(a) في المتفق لخطيب البغدادي 3: 967: زيد.

_________

(1)

توفي سنة 207 هـ، وترجمته في: تاريخ الموصل للأزدي 363، الخطيب البغدادي: المتفق والمفترق 2: 967 - 968، (وفيه: أبو هاشم)، ابن الأثير: الكامل 6: 385.

ص: 272

الله الخَطِيبُ، وأبو البَرَكَات سَعْدُ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطَّوسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زكرِيَّاء يَزيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن جَابِر الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عبد الصَّمَد بن أبي خِدَاش، قال: حَدَّثَنا عَمِّي زَيْد، قال: حَدَّثَنَا المُعَافَى، عن أبي سَعيد، عن هاشِم بن كُلَيب، عن أَبِيهِ، عن ابن عبَّاسٍ، قال

(2)

: جاءَ رَجُلُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد رَمَى امرأتَهُ فتَنزَّلَتْ آيةُ اللِّعَان، فأرْسَل إلى الرَّجُل فقال: إنَّ اللهَ قد أنزَلَ فيك آيةً من كتابهِ أنْ تَشهَدَ أرْبَعُ شَهاداتٍ باللهِ أنَّكَ لمَن الصَّادِقين، فشَهِدَ وشَهِدَت المَرْأةُ أرْبَع شَهَاداتٍ بالله إنَّهُ لمَن الكاذِبيْنَ، ثمّ أُمِرَ بها فأخَذ بَنِيها وقال: وَيْحَك إنَّ كُلّ شيء أهْوَن من غَضَب الله تبارك وتعالى.

وقال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس الأزْدِيّ

(3)

، قال: ومنهِم- يعني من الطَّبَقَة الرَّابِعة من أهْل المَوْصِل -زَيْد بن عليّ بن أبي خِدَاش بن يَزِيد الأسَدِيّ، رَوَى عن المُعَافَى بن عِمْران، وعِيسَى بن يُونسُ، وأكْثَر عنهُما، ورَوَى عن غيرهما، وكان رَجُلًا من أهْل المَعْرُوف، ومن ذَوي الثَّبَات، وبَلَغَني أنَّ المُعَافَى كان يَقُول: ليسَ بابُ خَيْر إلَّا ولزَيدٍ فيه حَظُّ، وكان من أصحَاب المُعَافَى، وتُوفِّيَ بمَلَطْيَة (a) سَنَة سَبعٍ ومَائتَينْ.

(a) قيّدها في هذا الموضع. لتشديد المثناة التحتية.

_________

(1)

هذه الرواية والتي تليها من كتاب الأزدي: طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب مفقود، واقتصر في ذكره لابن أبي خداش في كتابه تاريخ الموصل 363 على التأريخ لوفاته.

(2)

لم أهتد لتخريجه.

(3)

نقله عن ابن إياس الخطيب البغدادي في المتفق 2: 967.

ص: 273

‌زَيْد بن عَمْرو بن نُفَيْل بن عَبْد العُزَّى بن رِيَاح بن قُرْط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب القُرَشِيُّ العَدَوِي

(1)

كان قد طَلَبَ دِيْن إبْراهيم صلى الله عليه وسلم قَبْل مَبْعَث النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وتَرَكَ عِبَادةَ الأوْثَان، وأكْل ما ذُبِح على النُّصُب، وتَرَك الاسْتِقْسَام بالأزْلَامِ.

وخَرَجَ من مَكَّة إلى الشَّام، ثمّ أتَى المَوْصِل والجَزِيْرَة كُلّها، ثمّ عادَ إلى الشَّام، وجَالَ في بلادها جميعها؛ يَسْأل الأحْبَار والرُّهْبَان عن دِيْن إبْراهيمِ عليه السلام، ودَخَلَ حَلَب وعَمَلها، وآمنَ بالنَّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أنْ يُبْعَث، ورَأى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل نُبُوَّته، ونَهَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الأصْنَام والذَّبْح لها، فامْتَنع عنها إلى أنْ نُبِّئ.

حَكَى عنه صلى الله عليه وسلم وقال فيه: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ.

وحَكَى عنه عَبْد الله بن عُمَر، وعَامِر بن رَبِيْعَة العَنَزِيّ، وزَيْد بن حَارِثَة، وحُجَيْر بن أبي إِهَاب، وأسْماء بنت أبي بَكْر الصِّدِّيْق.

(1)

ترجمته في: نسب قريش لمصعب الزبيري 364 - 365، ابن هشام: السيرة النبوية 1: 224 - 232، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 5: 520 - 529، المحبر لابن حبيب 170 - 171، المعارف لابن قتيبة 59، تاريخ الطبري 2: 295، المسعودي: مروج الذهب 1: 78 (وكناه: أبا سعيد)، الأغاني 3: 84 - 87، تاريخ ابن عساكر 19: 493 - 516، ابن الأثير: الكامل 1: 593، 616، 2:46، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 598، ابن سعيد الأندلسي: نشوة الطرب 1: 363 - 364، االوافي بالوفيات 15: 38 - 39، ابن كثير: البداية والنهاية 2: 237 - 243، تهذيب التهذيب 3: 421 - 423، الإصابة 3: 31 - 32، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 30 - 36.

ص: 274

‌زَيْدُ بن مُحَمَّد بن زَيْد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله، أبو عَبْد الله بن أبي مَنْصُور بن أبي طَاهِر الحُسَيْنيّ

(1)

النَّقِيْب بالمَوْصِل، ابن النَّقِيْب بها.

وَرَدَ حَلَب مُجْتَازًا رَسُولًا من المَوْصِل، وهو من أكَابِر أهْلِ المَوْصِل وأعْيَانها (a).

‌زَيْدُ بن نَصْر بن تَمِيْم بن شُجاع الحَمَوِيُّ، أبو أحْمَد القَاضِي الفَقِيه الأدِيْب الشَّافِعيّ

(2)

من أهْلِ حَمَاة، وَلِيَ الحِسْبَة بدِمَشْق وبمِصْر.

وحَدَّثَ عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، وأبي الحَسَن بن أبي الفَضْل السُّلَمِيّ.

رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَةِ الله بن صَصْرَى، وخَرَّجَ عنهُ حَدِيثَيْن في مُعْجَمه؛ قال في أحدهما: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو أحْمَد النَّاظِر، وقال في الآخر: وأخْبَرَنا القَاضِي أبو أحْمد.

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير ثلاثة أرباعها.

_________

(1)

كان حيًا سنة 543 هـ وكان كهلًا وقتها برؤية العماد الكاتب له، وترجمته في: خريدة القصر للعماد الكاتب (قسم الشام) 12: 249 - 252، (وسماه: النقيب ضياء الدين، أبو طاهر زيد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسيني)، كتاب السيل، مخطوط ورقة 84 ب -85 أ، (وفيه: الشريف النقيب ضياء الدين زيد بن محمد بن عيد الله العلوي الحسيني)، وأورد العماد في الخريدة وفي السيل نماذج من أشعاره، واطلَعَ بدمشق على مجلدة ضخمة بخطة مشتملة على نظمه ونثره، تاريخ ابن الفرات 4/ 1: 16 (وسلَكه في وفيات سنة 563 هـ).

(2)

توفي سنة 574 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 12: 548، (وفيه: أنه أحمد بن نصر)، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 7: 88.

ص: 275

وشَاهَدْتُ التَّرْجَمَة بخَطِّ أبي المَوَاهِب في مُعْجَمه، وقال: تُوفِّي القَاضِي، رحمه الله، يَوْمٍ الجُمُعَة، ودُفِنَ بعدَ الصَّلاةِ للنِّصْف من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة بمَقْبَرَة باب الفَرَادِيْس، شَهِدْتُ دَفْنَهُ والصَّلاةَ عليهِ، وماتَ وقد جَاوَز السَّبْعِين، وكانت لدَيْه فُنُونً من العُلُوم الدِّيْنِيَّةِ والرِّيَاضِيَّةِ، ووَلي الحِسْبَةَ بدِمَشْق وبمِصْر بعدَما افْتَتَحَها التُّرْك، وكان فيها حَاذِقًا حَسَن الَتَّدْبِير لها، رحمه الله وإيَّانا.

‌زَيْدُ بن وَهْبٍ، أبو سُليْمان الجُهَنِيّ

(1)

أسْلَم على عَهْدِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وتوجَّه إليه، فأدْرَكتْهُ وَفَاتهُ في الطَّريق، وشَهِدَ مع علي رضي الله عنه صِفِّيْن، ورَوَى عنهُ، وعن عُمَر بن الخَطَّاب، وعبد الله بن مَسْعُود، وعن عَبْد الله بن بُدَيْل، وعَمَّار بن يَاسِر.

رَوَى عنهُ حَبِيْب بن أبي ثَابِت، ومَنْصُور بن المُعْتَمِر، وسُليْمان الأَعْمَشُ، ومَالِك بنُ أَعْيَن، وأبَو جَعْفَر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ المَنْصُور، ويَحْيَى بن مُسْلِم، والحَكَم بن عُتَيْبَة، وعَدِيّ بن ثَابِت.

(1)

توفي سنة 80 هـ، وقيل: 84 هـ، و 96 هـ وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 232 - 234، 242، 249، 256، 326، 391، 450، طبقات ابن سعد 6: 102 - 103، طبقات خليفة 158، تاريخ خليفة 288، تاريخ البخاري الكبير 3: 407، تاريخ الطبري 5: 13 - 45، 84، 90، تاريخ الثقات للعجلي 171، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 182، المعرفة والتاريخ 2: 683، 3: 118، الجرح والتعديل 3: 574، الثقات لابن حبان 4: 250، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 163، حلية الأولياء 4: 171 - 174، الاستيعاب 2: 559، السمعاني: الأنساب 3: 439، ابن الجوزي: المنتظم 6: 251، صفة الصفوة 3: 30، أسد الغابة 2: 242، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 248، تهذيب الكمال 10: 111 - 115، تاريخ الإسلام 2: 937، 1097، سير أعلام النبلاء 4: 196، الكاشف 1: 342، ميزان الاعتدال 2: 107، تذكرة الحفاظ 1: 66 - 67، الوافي بالوفيات 15: 41، تهذيب التهذيب 3: 427، تقريب التهذيب 1: 277، الإصابة 3: 46 - 47، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 299، النجوم الزاهرة 1: 201، السيوطي: طبقات الحفاظ 32، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 130 - 131.

ص: 276

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز المَوْصِلِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: زَيْد بن وَهْب، أبو سُليْمان الهَمْدانِيّ (a) الجُهَنِيّ، سَمِعَ عُمَر، وعبْدَ الله. رَوَى عنهُ مَنْصُور، والأَعْمَشُ، وعَدِيّ بن ثَابِت، والحَكَم بن عُتَيْبَة. وقال أبو حَفْص بن عليّ: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن دَاوُد، عن يَحْيَى بن مُسْلِم، عن زَيْد بن وَهْب: رَحَلْتُ إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقُبِضَ وأنا في الطَّريق.

أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحمدُ بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد اللهِ قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: زَيْد بن وَهْب أبو سُليْمان الهَمْدانِيّ ثمّ الجُهَنِيِّ، جَاهِليُّ، قال: رَحَلْتُ إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُبِضَ وأنا في الطَّريق، رَوَى عن عُمَر، وعليّ، وابن مَسْعُود. رَوَى عنهُ حَبِيْبُ بن أبي ثَابِت، ومَنْصُور، والأَعْمَشُ؛ سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

وقال: أخْبَرَنا ابن أبي حَاتِم

(3)

، قال: حَدّثَنَا عليّ بن الحَسَن الهِسِنْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن خَالِد - يعني الحَرَّانيّ - قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَش، قال: كُنْتَ إذا حدَّثَك زَيْدُ بن وَهْبٍ عن أحدٍ فكأنَّكَ سَمِعتَ من الّذي يُحَدِّثكَ عنهُ. ذَكَرَهُ أبي، عن إسْحَاق بن مَنْصُور، عن يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ قال: زَيْد بن وَهْبٍ ثِقَةً.

(a) في ق حيثما يرد تاليًا: الهمذاني، وصوابه المثبت.

_________

(1)

تاريخ البخاري الكبير 3: 407.

(2)

الجرح والتعديل 3: 574.

(3)

الجرح والتعديل 3: 574.

ص: 277

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَجِ الحُصْرِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَكَّة،

قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ

(1)

، قال زَيْد بن وَهْب الجُهَنِيّ، أدْرَك الجَاهِلِيَّة، يُكْنَى أبا سُليْمان، وكان مُسْلمًا على عَهْدِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ورَحَل إليه في طَائِفَةٍ من قَوْمه فتَلَقَّته (a) وَفَاتهُ في الطَّريق، وهو مَعْدُودٌ في كِبَارِ التَّابِعِين.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، قال: حَدَّثني مَالِك بن أَعْيَن، عن زَيد بن وَهْبٍ الجُهَنِيّ أنَّ عليًّا عليه السلام خَرَجَ إليهم، فلمَّا اسْتَقْبلهم (b) قال: اللَّهُمَّ رَبَّ هذا السَّقْف المَحْفُوظ المَكْفُوف، الّذي جَعَلتَهُ مَغِيْضاً للَّيْل والنَّهَار، وجَعَلْتَ فيه مَجْرَى الشَّمْسِ والقَمَر، ومَنَازِلَ الكَوَاكِب والنُّجُوم، وجَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطًا من المَلائِكَة لا يَسْأَمُونَ من عِبَادَتك (c)، ورَبَّ هذه الأرْضِ الّتي جَعَلْتَها قَرَارًا للأنَام والهَوَامِّ والأنْعَام، وما لا يُحْصَى ممَّا يُرَى وممَّا لايُرَى من خَلْقِك العَظِيْم، ورَبَّ الفُلْكِ الّتي تَجْري في البَحْر بما يَنْفَعُ النَّاسَ، ورَبَّ السَّحَابِ المُسَخَّر بين السَّماءِ والأرْض، ورَبَّ البَحْر المَسْجُور المُحِيْط بالعَالَميْنَ، ورَبَّ الجِبَال الرَّوَاسيِ الّتي جَعَلْتَها للأرْضِ

(a) الاستيعاب: فبلغته.

(b) وقعة صفين: فاستقبلوه.

(c) وقعة صفين: لا يسأمون العبادة.

_________

(1)

الاستيعاب لابن عبد البر 2: 559.

(2)

وقعة صفين 232 - 234.

ص: 278

أوْتَادًا وللخَلْقِ منْعًا (a)، إنْ أَظْهَرْتَنا على عَدُوِّنا فَجّنِبْنا البَغْيَ، وسَدِّدْنا للَحقِّ، وإنْ أظْهَرْتَهُم علينا فارْزُقْنا الشَّهَادَةَ، واعْصِم باقي (b) أصْحَابي من الفِتْنَة.

فلمَّا رَأوه أهْلُ الشَّام قد أقْبَل خَرَجُوا إليه بزُخْرُفِهم (c)، وجَعَلَ عليّ على مَيْمَنَته يَوْمئذٍ عَبْد الله بن بُدَيْل بن وَرْقَاءَ، وعلى مَيْسَرَته عَبْدَ اللهِ بن عبَّاسٍ، وجَعَلَ قُرَّاء أهْلِ العِرَاق مع ثلاثة نَفَرٍ: عَمَّار بن يَاسِر، وقَيْس بن سَعْد بن عُبَادَة مع ابن بُديْل والنَّاسُ على رَاياتهِم، وعليٌّ في القَلْب في أهْلِ المَدِينَةِ وأهْل الكُوفَة وأهلِ البَصْرة، وكان عُظْم مَنْ معه من أهْلِ المَدِينَة الأنْصَار، وكان معه من خُزَاعَة عَدَدٌ حَسَنٌ، ومن كِنَانَة وغيرهم خَلْق كَثِيْر. وكان عليٌّ رَجُلًا دَحْدَاحًا رَبْعَةً (d).

قال: فزَحَفَ عليٌّ بالنَّاسِ إليهم، ورفع مُعاوِيَة على قُبَّةٍ (e) له عَظِيمَة قد ألْقَى عليها الكَرَابِيس (f)، فزَحفَ عَبْد الله بن بُدَيْل في المَيْمَنَة نحو حَبِيْب بن مَسْلَمَة، فلَم يَزَل نَحْوهُ (g) ويَكْشف خَيْلَهُ من المَيْسَرة حتَّى اضْطَرَّهم إلى قُبَّةِ مُعاوِيَة عند الظُّهْر.

وقال زَيْد بنُ وَهْب الجُهَنِيّ: إنَّ عَبْد الله بن بُدَيْل قام يَوْمئذٍ في أصْحَابهِ فَخَطَبَهم، فَحمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثُمَّ قال: ألَا إنَّ مُعاوِيَةَ ادَّعَى ما ليسَ له، ونازَعَ الأمْرَ أهلَهُ، ومَنْ ليس هوِ مثلَهُ، وجَادَلَ بالبَاطِلٍ ليُدْحِضَ به الحَقّ، ومال (h) عليكم بالأعْرَابِ والأحْزَاب، وزَيَّن لهم الضَّلَالةَ، وزَرَعَ في قُلُوبهم حُبَّ الفِتْنَة، ولَبَّسَ عليهم الأمْرَ، وزَادَهُم رِجْسًا إلى رِجْسِهم، وأنتُم واللهِ على الحَقِّ (i)، وعلى نُورٍ من رَبَّكم وبُرْهانٍ مُبِيْن، فقاتِلُوا الطُّغَاةَ (j) الجُفَاةَ، قاتلُوْهُم ولا تَخْشوهم، {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ

(a) وقعة صفين: متاعًا.

(b) وقعة صفين: بقية.

(c) وقعة صفين: بزحوفهم.

(d) في كتاب وقعة صفين زيادة متابعة في وصف علي كرَّم الله وجهه.

(e) وقعة صفين: ورفع معاويةُ قبة.

(f) زيد في وقعة صفين: وجلس تحتها.

(g) وقعة صفين: فلم يزل يحُوزُه.

(h) وقعة صفين: وصال.

(i) قوله: "وأنتم والله على الحق" ليس في وقعة صفين.

(j) وقعة صفين: الطغام.

ص: 279

تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

(1)

، وقد قاتلْتُهم مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فواللهِ ما هُمْ في هذه بأزْكَى ولا أبَرّ، قُومُوا إلى عَدُوِّ الله وعَدُوِّكُم.

‌زَيْد بنُ يَزِيد بن أبي الزَّوْقَاءِ التَّغْلِبِيُّ المَوْصِليُّ

(2)

حَدَّثَ عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، وإبْراهيم بن نَافِع، ومِسْعَر بن كِدَام، وهِشَام بن سَعْد، وشَرِيك بن عَبْد الله، وبَحْر السَّقَّاء، وعبد الله بن لَهِيْعَة، واللَّيْث بن سَعْد، وفَتْح المَوْصِلِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان، والأوْزَاعِيِّ، وأبي المُوَرّع المَوْصِلِيّ.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمَّار المَوْصِلِيّ، وسَعِيْد بن أسَد، وبِشْرُ بن الحاَرِث، وعليّ بن حَرْب، وإبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، وأبو حُفَيْص عُمَرِ بن الحَسَن الحَلَبِيُّ، ويَحْيَى بن عُثْمان العَابِد، وإبْراهيم بن مُوسى، وقاسم بن يَزِيد الجَرْميّ، وابنُه هَارُون بن زَيْد.

وكان بينه وبين المُعَافَى بن عِمْراِن أُنْسٌ ومُخَالطة وِوُدّ واتِّحَاد، رَحَلَ من المَوْصِل إلى الشَّام في طَلَب العِلْم، وخَرَجَ إلى الجِهاد فأسَرَتْهُ الرُّوم، وماتَ في الأسْرِ واجْتازَ بحَلَب أو ببعض عَمَلها في طَرِيْقهِ إلى الشَّام وفي غَزْوِهِ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْمَاعِيْل بن الحُسَين، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ،

(1)

سورة التوبة، من الآية 13.

(2)

توفي سنة 193 هـ، وقيل في السنة بعدها، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 3: 388 - 389 (وفيه: زيد بن بريد أو يزيد)، الأزدي: تاريخ الموصل 321 - 322، المعرفة والتاريخ 2: 461، الجرح والتعديل 3: 575، الثقات لابن حبان 8: 249 - 250، تهذيب الكمال 10: 70 - 75، 120، تاريخ الإسلام 4: 1105، سير أعلام النبلاء 9: 316 - 317 (وفيه: زيد بن أبي الزرقاء)، الكاشف 1: 339 (وفيه: زيد بن أبي الزرقاء)، ميزان الاعتدال 2: 103 (وفيه: زيد بن أبي الزرقاء)، الوافي بالوفيات 15: 44 - 45، (وفيه: زيد بن أبي الزرقاء)، تهذيب التهذيب 3: 413 - 414، تقريب التهذيب 1: 274، 277.

ص: 280

قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم نَصْر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن هِبَة الله الخَطِيبُ، وأبو البَرَكَات سَعْد بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أَخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس الأزْدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عِمْرِان بن أبي عِمْران، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عُثْمان -وكان من العُبَّاد- قال: حَدَّثَنَا زيْد بن أبي الزَّرْقَاء، عن أبي ثَابتِ بن ثَوْبَان، عن أبِيِهِ، عن جُبير بن نُفَيْر، عن مَالك بن يُخَامِر، عن مُعَاذ بن جَبَل، قال: إنَّ آخرَ كَلمة فارقْتُ عليها رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلتُ: يا رسُول الله، ما خَيْر ما تقرَّب بهِ العَبْدُ إلى الله عز وجل؟ قال: يَمُوت ولِسَانهُ رَطبٌ من ذِكْرِ الله عز وجل.

وقال: أخْبَرَنا أبو زَكَريَّاء الأزْدِيّ

(2)

، قال: أنْبأني (a) عَبْدُ الله بن أبي دَاوُد الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْت عليّ بن حَرْب، قال: كان زَيْدُ بن أبي الزَّرْقَاء ينتَميِ إلى بَني تَغْلِب، كان جَدُّه نبطِيًّا (b) وأضَاف عليّ بن أبي طَالِب رَحْمَةُ الله عليه مسِيْره إلى صِفِّين.

وقال: أخْبَرِنا أبو زّكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أَبَان، عن أحْمَد بن أبي قال: كان زيْد يُلْقي ما في الحَدِيْث من غَلطٍ وشَكٍّ ويُحَدِّث بما لا شَكَّ فيهِ.

وقال: أخْبَرنا أبو زَكَرِيَّاء

(3)

، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن المُغِيرَة مَوْلَى بني عن بِشْر بن الحَارِث، قال: سَمِعْتُ زَيْدُ بن أبي الزَّرْقَاء يَقُول: ما سَألتُ إنْسَانًا شَيئًا منذُ خَمْسِين سَنَةً.

(a) ق: أنبأنا.

(b) الأصل، ق: نبطي.

_________

(1)

هذه الرواية وبعض الروايات التالية عن الأزدي هى من كتابه طبقات محدثي الموصل، وهو كتاب مفقود.

(2)

تاريخ الموصل 194.

(3)

تاريخ الموصل 194، والإسناد فيه: حدثني ابن مغيرة، عن عبد بن مثني، عن بشر بن الحارث.

ص: 281

وقال: أخْبَرَنا الأزْدِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن المُغِيرَة، عن بِشْرٍ، قال: سَمِعْتُ زيْد بن أبي الزَّرْقَاء يَقُول: إذا كان للرَّجُل عِيَال (a) فخَافَ على دِيْنه فليَهْرُب.

وقال: أخْبَرَنا الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أَبَان، قال: حَدَّثَنَا ابن مُثَنَّى، قال: سَمِعْتُ بِشْر بن الحاَرِث يَقُول: حَدَّثَني ابنُ زَيْد، قال: كان المُعَافَى يأتي زَيْدًا فيُصَلِّي معه المَغربَ بلا أنْ يَدْعُوَه، ثمّ يَدْخُل دارَهُ فيتعَشَّى عندَهُ أُنْسًا منه بهِ وسُرُورًا يُدْخله عليه، ويحبّ أنْ يُؤْجَر، وكان زَيْدٌ أيضًا يفعَل مثل ذلك.

وقال: أخْبَرَنا أبو زّكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن المُغِيرَة، مَوْلَى بني هاشِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ بشر بن الحاَرِث يَقُول: سَألْتُ زَيْدُ بن أبي الزّرْقَاء، قُلتُ: المحرَاب يكونُ فيهِ الكتاب فأقْرأهُ؟ قال: إذا تمَّتْ حَرْفًا فاسْتقبل الصَّلاةَ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللهِ بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن الحَسَنِ في كتابهِ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ

(2)

، قال: زَيْدُ بن يَزيد، وهو زَيْدُ بن أبي الزَّرْقَاء الموصِلِيّ، رَوَى عن سُفْيان الثَّوْرِيِّ، وإبْراهيم بن نَافِع، وِهِشَام بن سَعْد، رَوَى عنه سَعيد بن أسَد، وإبْراهيم بن موسَى، وابنُه هَارون بن زَيْد، سَمِعْتُ أبي يَقول ذلك.

وقال: أخبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: قال أبي: زَيْد بنُ أبي الزَّرْقَاء المَوْصِلِيّ صَالِحٌ، ليسَ بهِ بأسٌ.

وقال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد

(4)

، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: زَيْدُ بن أبي الزَّرْقَاء ثِقَةٌ.

(a) في كتاب الأزدي: علم.

_________

(1)

تاريخ الموصل 194.

(2)

الجرح والتعديل 3: 575.

(3)

الجرح والتعديل 3: 575.

(4)

الجرح والتعديل 3: 575.

ص: 282

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الحَدَوْس، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبوِ القَاسِم بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن هبَةِ الله، وسَعْدُ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنا مَنْصُور بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو زّكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس الأزْدِيّ

(1)

، قال: ومنهم- يعني من الطَّبَقَة الثَّالثة من أهْل المَوْصِل - زَيْد بن يَزِيد بن أبي الزَّرْقَاء التَّغْلبيِّ من أهْل الفَضْل والنُّسْك، خَرج من المَوصِل إلى الرَّمْلَةِ مُهاجِرًا لفِتْنَةٍ كانت فيها سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين ومائة، وماتَ هناك، ورحَلَ في طَلَب العِلْم إلى الأمْصَارِ، ورَوَى عن سُفْيان بن سَعيد الثَّوْرِيّ، ومسْعَر بن كِدَام، وشَرِيك بن عَبْد الله، ونُظَرَائهم من الكُوْفيِّيْنَ، ورَوَى عن الشَّامِيِّين: ابن لَهِيْعَة، وعَبْد الرَّحمن بن ثَابِت بن ثَوْبَان وغيرهم، ورَوَى عن البَصْرِيِّيْن، وتُوفِّيَ سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين ومائة.

وقال أبو زَكَرِيَّاء

(2)

: أخْبَرَني عَبْدُ الله بن أَبَان، عن أحْمَد بن أبي نَافَعٍ أو غيره، قال: أُخِذَ زيْد بن أبي الزَّرقَاء أسِيْرًا في الجِهادِ، فماتَ في الأسرِ سَنَة ثلاثٍ أو أرْبَعٍ وتِسْعِين ومائة.

‌زَيْد المِصِّيْميُّ

حَدَّثَ عن عَبْد الوَاحِد بن زَيْد، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن يُوسُف.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن بن الأصْفَهْبُذ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الذَّكْوَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: سَمِعْتُ أبا صالح الخَطِيبَ غير مرَّة يَحْكى عن مُحَمَّد بن إبْراهيم الحافِظ، قال: حَدَّثَني حَفْصُ بن مَعْدَان، قال: حَدَّثَني عبد

(1)

في كتابه الضائع طبقات محدثي الموصل.

(2)

لم أقف عليه في كتابه تاريخ الموصل.

ص: 283

الرَّحْمن بن يُوسُف، قال: حَدَّثَني زَيد المِصِّيْصيّ، عن عَبد الوَاحِد بن زَيد في قَوْله تعالَى:{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}

(1)

، قال: يَابَذْ مرْدَ أمَانِ ونَاكَارَان أَزْمِيَان أنيْكَان بايَذْ.

‌زَيْدٌ العَابِدُ

(2)

رَجُلٌ من أهْل الدِّين والمكَاشَفات والزُّهْد والعِبَادَة، كان بحَلَبَ بعد الخمسمائة، وهو مَقْبُور إلى جانب أبي الحُسَين الزَّاهِد المقدِسِيّ منِ جِهْة القِبْلَة بمَقَابِر مَقَام إِبراهيم عليه السلام في تُرْبَة ابن الحَدَّادِ، وبَلَغَني أنَّ زيْدًا العَابِد لمَّا قَدِمَ حلَبَ نَزَل عند أبي الحُسَين الزَّاهِد.

أخْبرَني أبو الطَّيِّب أحْمَد بن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر، قال:

سَمِعْتُ أبي -ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنني سَمِعْتُ أباهُ رحمه الله يَقُول: كان زَيْد هذا من الزُّهَّاد، وكان له تِلْميْذ يَخْدمه، فرضَ الشّيْخ زَيْد، فلمَّا دَنَتْ وَفَاتُه رَأى تِلميْذَهُ ذلك وهو يَبْكي، فقال له: لا تَجْزع ولا تَحْزَنْ؛ فإنَّك تلحَقُني في الجُمُعَة الآتيَة! ففَرح تِلمِيْذه واسْتبشَر وأظْهَر السُّرُور، فلمَّا مَاتَ الشَّيْخ زَيْد أخَذَ تِلْميْذهُ المَذْكُور في تَجْهِيزه ودَفْنهِ وهو مُسْتبشِرٌ بما ذَكَرهُ له، فلم يَمُرّ عليه إِلَّا يَومان أو ثلاثةٌ حتَّى مَرضَ وماتَ في الجُمُعَة الآتيَة، ودُفِنَ إلى جانب الشَّيْخ زيْد، وقبراهُما إلى جَانِب قَبْر الشَّيْخ أبي الحسُن بحَلَب في تُرْبَة الشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن الحدَّاد، جُعِلَ عليهما حجِارَة شَبِيْهة بالحوض، وزُرْتُهُما غير مرَّة.

(1)

سورة يس، الآية 59.

(2)

توفي بعد سنة 500 هـ.

ص: 284

‌زَيْد الحَوَرانيّ الأسْوَد المعْتُوه

(1)

كان عندنا بحَلَب، وكان رَجُلًا كَهْلًا، وكان لا يُؤْذِي أحدًا، وكان أكْثَر مَقَامِهِ في أُتونَات الحَمَّامات، ويَنام في بَعْضِ الأوْقَات على قَارِعة الطَّريق، وكان يلعَبُ مع الصِّبْيَان ويمَيلُونَ إليه، وكُنْتُ ألْعَبُ معه وأنا صَبِيٌّ، وكان يَتَرنَّم ويقُول لنا ونحنُ صِبْيَان: يا زَيْد الدّقِيق، بالقَاف المَعْقُودة

(2)

.

وكان حَسَن الأخْلَاق، وكان عَمِّي أبو غَانِم يَعْتَقد فيه، فسَألتُهُ عن سَبَب اعْتِقَادِه فيه، فقال: كُنْتُ يَوْمًا عند الشَّيْخ عليّ الفَاسِيّ في زَاوِيته خَارج باب الأرْبَعِين، فتَجَارَيْنا حَدِيثَ المَلائِكَة والاخْتلَاف في المُفَاضَلَة بينهم وبين بني آدَم، فقُلْتُ أنا: قد ذَكَرَ الحَكِيم أبو عَبْد الله- يعني مُحَمَّد بن عليّ التِّرمِذيّ- أنَّ بني آدَم أفْضَل من المَلائِكَة، وجَعَلْتُ أُرَجِّحُ ذلك، وانْفَضَّ المجلِسِ، ودَخَلْتُ المَدِينَة بعد انْفِصَالي عن الشَّيْخ، فلمَّا صرْتُ تحتَ القَلْعَة من غَرْبيها وجَدْتُ زَيْدًا الحورَانيّ (a) جالِسًا على شَفِير الخندَق، فقَام ومَشَى إليَّ، وتَلقَّاني، وقال لي: أنتُم خَيْر منهم! فأنا أَعْتَقِدُ فيه من ذلك اليَوْم.

وتُوفِّيَ زَيْد الحورَانيّ في حُدُود السِّتّمائة، أو قَبْلها أو بَعْدها، وكان له جنَازَة مَشهُودة، رحمه الله (b).

(a) قيده في الأصل- في هذا الوضع- بالجيم "الجوراني"، وفي الذي يليه بالمهملة، وفي ق بالمهملة حيثما

يرد.

(b) ق: رحمه الله تعالى.

_________

(1)

توفي في حدود سنة 600 هـ.

(2)

أي بين القاف والكاف.

ص: 285

‌حَرْفُ السِّيْن

‌ذِكْرُ مَن اسْمُه سَابِق

‌سَابِقُ بن عَبْد الله، أبو المُهاجِر- وقيل: أبو أُمَيَّة، وقيل: أبو عَبْد الله، وقيل: أبو زَكَرِيَّاء، وقيل: أبو سَعيد- البرَبرِيّ الرَّقِّيّ

(1)

من أهْل حَرَّان، وسَكَنَ الرَّقَّة، ويُعْرَفُ بسَابِق البربَرِيّ.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، له أشْعَار حَسَنة في الزُّهْد والمَوَاعِظ، وله كَلامٌ في الحِكَمَ. وكان قَاضِيًا بالرَّقَّة، وكان بِدَابِق، وقَدِمَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأنْشَدَهُ أشْعَارًا في الزُّهْدِ، وغَزَا الصَّائِفَة.

رَوَى عن رَبيعَة بن أبي عبدِ الرَّحْمن، وعبد الله بن سَعيد بن أبي هِنْد، ومَكْحُول، ودَاوُد بن أبي هِنْدٍ، وأبي حَنِيْفَة النُّعْمان بن ثَابِت، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، وعَمْرو بن أبي عَمْرو، وأبي خَلَف حَازِم بن عَطَاء خَادِم أنَس بن مَالِك، ومُطَرِّف ابن طَرِيف، والعَلَاء بن عبد الرّحْمن، وعَاصِم بن كُلَيْب، وإسْمَاعِيْل بن أُمَيَّة،

(1)

توفي بعد سنة 133 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 4: 301 - 202، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 206، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 188، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1307 - 1308، الأزدي: تاريخ الموصل 307 - 308 (أرخ لوفاته في سنة 189 هـ)، الجرح والعديل 4: 307، الأغاني 6: 45، الحراني: تاريخ الرقة 144 - 146، الإكمال لابن ماكولا 1: 398، تاريخ ابن عساكر 20: 3 - 17، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9: 180 - 183، السمعاني: الأنساب 2: 130 - 131، تاريخ الإسلام 3: 869، الكاشف 1: 344 (وفيه: سالم بن عبد الله!)، ميزان الاعتدال 2: 109، الوافي بالوفيات 15: 69 - 71، لسان الميزان 3: 2 - 3، خزانة الأدب 9: 532 - 533، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 40 - 44.

ص: 286

وأبي يَحيَى عَمْرو بن عُمَارَة المَازِنِيِّ، ويَزِيْد بن خَصَفَة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، وعلىِّ بن بَذِيْمَة، وسَعِيد بن سَمْعَان، وخُصَيْف (a).

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن يَزِيد بن سِنَان الرُّهَاوِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عَمْرو الأوْزَاعِيّ، وأبو بَدْر شُجَاع بن الوَلِيد السَّكُونِيّ، وعُبَيد الله بن يَزِيد القَرْدُوَانيّ، ومُحَمَّد بن سُليَمان بن أبي دَاوُد القُرَشِيّ، ومُوسَى بن أَعْيَن، والمُعَافَى بن عِمْران المَوْصِليِّ، وعُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفيِّ، وفِهْر بن بِشْرٍ الدَّامَانيّ، وأبو كَامِل مَوْلَى الغَاز بن رَبيْعَة، ومَيْمُون بن مِهْرَان، وأبو الوَلِيد رَبَاح (b) بن الجَرَاّح الموصِليِّ، ومُحَمَّد بن عِيسَى، وأحمد بنُ شُبَّان المَوْصِليِّ.

قيل: هو مَوْلَى الوَلِيد، وقيل: مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحسُين بن مُحَمَّد بن طَلَّاب، قال: أخْبرَنا أبو الحسُيْن مُحمّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الغَسَّانيِّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِبْراهيم بن أبي الرِّجالِ الصِّلْحيِّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أحْمَد الحرَانيّ (c)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سليمان بن أبي داود القرشِي، قال: حَدَّثَنَا سابِق البربِري، عن رَبِيْعَة بن أبي عبد الرَّحْمن، عن أنَس بن مَالِك (d) أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان ربْعَةً من القَوْم، ليس بالقَصِيْر ولا بالطَّويل البَائِن، كان رَجِلَ الشَّعر، ليسَ بالسَّبْط ولا الجَعْد القَطَط، كان أزْهَرَ ليس بالأحْمَر ولا بالأبْيَض الأمْهَق، بُعِثَ

(a) في الأصل: حصيف بالحاء المهملة، ويأتي قريبًا بالمعجمة.

(b) الأصل: رياح، وعند ابن عساكر 20: 3: "زيد"، ويأتي فيما بعد النحو المثبت، وانظر: الكامل لابن عدي 3: 1307، تاريخ بغداد 9: 424 - 425.

(c) في الأصل: الحربي، والمثبت من ابن جميع الصيداوي، ويأتي قريبًا على الوجه المثبت، وانظر ترجمته في الأسامي والكنى للحاكم 1: 180، والضعفاء لابن الجوزي 1:21.

(d) ق: رضي الله عنه.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 80 - 81.

ص: 287

على رَأس أرْبَعيْنْ، فأقامَ بمَكَّة عَشرًا وبالمَدِينَة عَشرًا، وتُوفِّيَ وهو ابنُ ستِّين (a) سَنَةً، وليسَ في رَأسِه ولِحْيَته عشرُون شَعرةً بَيْضاء.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الرَّحيم بن يُوسُف الدِّمَشقيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله الدَّهَّانُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن القُشَيْريّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا هِلالُ بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ أَعْيَن، قال: حَدَّثَنَا سَابِقٌ أبو سعيد -قال عَمْرو: وكان إمام الرَّقَّة قَبْل أجْلَح- عن العَلَاء بن عبد الرَّحْمن، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيْرَة

(2)

: أنَّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا ماتَ الإنسْانُ انْقَطعَ عَمَلُهُ إلَّا من ثلاثٍ: إلَّا من الصَّدَقَة، وعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بهِ، ووَلَدٍ صالحٍ يَدْعُو له.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي عُثْمان، وعَاصِم بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم الحَسَنُ بن الحُسَين بن عليّ بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(3)

، قال:

(a) ابن جميع الصيداوي: ابن ثلاث وستين.

_________

(1)

الحراني: تاريخ الرقة 144.

(2)

سنن الدارمي 1: 148 (رقم 559)، سنن أبي داود 3: 300 (رقم 2880)، الجامع الكبير للترمذي 3: 53 (رقم 1376)، سنن النسائي 6: 251 (رقم 3651)، الأدب المفرد للبخاري 18 (رقم 38)، صحيح ابن حبان 7: 286 (رقم 3016)، الفردوس للديلمي 1: 283 (رقم 1109)، وانظر: المسند الجامع 18: 339 - 340 (رقم 15099).

(3)

كتاب الصمت وآداب اللسان 143 - 144.

ص: 288

حَدَّثَنَا رَبَاح (a) بن الجَرَّاح، قال: حَدَّثَنَا سَابِق بن عَبْدِ الله -وكان من البَكَّائِيْنَ- عن أبي خَلَفٍ، عن أنَس بن مَالِك

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا مُدِحَ الفَاسِقُ غَضِبَ الله عز وجل.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: سَابِق البَرْبَرِيّ رَوَى عنهُ الأوْزَاعِيّ مُرْسَل، يُعَدُّ في الشَّامِيِّيْن.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن جَعْفَر بن يَحْيَى، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَوِيّ، قال: أَخْبَرَني أبي، قال: أبو سَعِيْد سَابِق البَرْبَرِيّ. وقال في مَوضِعٍ آخر: أبو عَبْد الله سَابِق البَرْبَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الدَّهَّان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عليّ القُشَيْريّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم بن أحْمَد بن عَبْد الكَريم

(a) عند ابن أبي الدنيا: رياح، بالمثناة التحتية، وهو رباح بن الجراح بن عبَّاد، أبو الوليد العبدي الموصلي (توفي بعد 240 هـ)، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 9:424.

_________

(1)

ق: رضي الله عنه. وأخرجه ابن عدي في الكامل 3: 1307، وينظر: تاريخ أصبهان لأبي نعيم 2: 247 (رقم 1583)، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 9: 425، والفردوس للديلمي 1: 336 (رقم 1336)، وفتح الباري 10: 478، ولسان الميزان لابن حجر 3: 2، وفيض القدير للمناوي 1: 441 (رقم 856).

(2)

تاريخ البخاري الكبير 4: 201.

(3)

الحراني: تاريخ الرقة 144.

ص: 289

الحَرَّانيّ ابن أبي حُمَيْد يَقُول: سَألتُ مُحَمَّد بن سُلَيمان عن سَابِق البَرْبَرِيّ فقال: هذا كان قَاضِيًا بالرَّقَّة.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَابِق بن عَبْد الله الرَّقِّيّ، يُكْنَى أبا سعيدٍ، حَدَّثَ عنهُ من أَهْلِ حَرَّان عُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَابِق البَرْبَرِيّ، وحَدَّثَ عنهُ مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد، وحَدَّثَ عنهُ عُبَيْد الله بن يَزِيد بن إبْراهيم أبو ابنِ القُرْدُوَانيّ، وحَدَّثَ عنهُ مُحَمَّد بن يَزِيد (a) بن سِنَان الرُّهَاوِيّ نُسْخةً عن أبي حَنِيْفَة، وحَدَّثَ عنهُ شُجاع بن الوَلِيد فقال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الجَزَرِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن المُبارَك، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الأحْوَصُ بن المُفَضَّلِ بن غَسَّان، قال: أبو زَكَرِيَّاء، سَابِق البَرْبَرِيّ، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل عَبْد الوَاحِد بن هَاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ في كتابهِ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَة (b)، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: سَابِق البَرْبَرِيّ، رَوَى عن مَكْحُول، رَوَى عنهُ الأوْزَاعِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

قال أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم بعدَهُ

(3)

: سَابِق الرَّقِّيّ، رَوَى عن العَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وخُصَيْف، وأبي خَلَفَ، رَوَى عنهُ مُوسَى بن أَعْيَن، والمُعَافَى بن عِمْران المَوْصِلِيّ، وعُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

(a) مكررة في الأصل.

(b) من قوله: "قال أخبرنا أبو الفرج

" إلى هنا ساقط من ق.

_________

(1)

الحراني: تاريخ الرقة 144 - 145.

(2)

الجرح والتعديل 4: 307.

(3)

الجرح والتعديل 4: 307 - 308.

ص: 290

هكذا فرَّق أبو مُحَمَّد بينهما وهُما واحدٌ، وقد صرَّح عُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، فيما حَكَاهُ الحافِظ أبو عليّ القُشَيْريّ

(1)

عنه، فقال: حَدَّثَنَا سَابِق البَرْبَرِيّ. وأبو مُحَمَّد جَعَل الّذي يَرْوي عنه الطَّرَائِفِيّ غير البَرْبَرِيّ وهو وَهْمٌ، وقد تابعَهُ أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

فأشَار إلى الفَرْق بينهما بطَرِيق الظَّنّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد البَرّ بن الحَسَن العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ

(3)

، قال: سَابِق بن عَبْدِ الله الرَّقِّيّ، يُكْنَى أبا عَبْد الله، ويُقال: أبو سَعِيد، ويُقال: أبو المُهاجِر. أخْبَرَنا أبو يَعْلَى، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن بَدِيْنَاء، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن دُبَيْس، ومُحَمَّد بن أحْمَد البُوْرَانيّ، قالُوا: حَدَّثَنَا رَبَاح (a) بن الجَرَّاح بن عَبَّاد أبو الوَلِيد المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله سَابِق بن عَبْد الله، عن أبي خَلَف خَادِم أنَس، عن أنَسٍ

(4)

، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا مُدِحَ الفَاسِقُ اهْتَزَّ العَرْشُ، وغَضِبَ منهُ الرَّبُّ عز وجل.

وقال ابنُ عَدِيّ

(5)

: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن سُفْيان (b) المَوْصِلِيّ قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن شُبَّان (c) المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَابِق بن عَبْدِ الله الحَجَّام، عن أبي خَلَف، عن أنَس، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذا مُدِحَ الفَاسِقُ اهْتَزَّ العَرْشُ وغضِبَ منهُ الرَّبُّ.

وقال

(6)

: أخْبرناهُ ابنُ بَدِيْنَاء، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا مُعَافَى، عن سَابِق، عن أبي خَلَفٍ، عن أنَس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.

(a) الأصل: رياح، وتقدم التعليق عليه.

(b) ابن عدي: عبد الله بن أبي سفيان.

(c) ابن عدي: بشار.

_________

(1)

تاريخ الرقة 144.

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1308.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(6)

ابن عدي: الكامل 3: 1307، وفيه: حدثناه.

ص: 291

وقال ابنُ عَدِيّ

(1)

: وهذا يُعْرَفُ بسَابِق هذا، عن أبي خَلَف، عن أنَس.

وقال

(2)

: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن (a) بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أبو حُمَيْد (b) مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا سَابِق أبو سَعيد، عن رَبِيْعَة، عن أنَس (c) وأبي سَلَمَة أنَّهُما سَمِعَا أنَسًا (d) يَقُول: بُعِثَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم على رَأس أرْبَعيْن؛ الحَدِيْث.

قال

(3)

: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعيد الحَرَّانيّ، عن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله القَرْدُوَانِيّ، عن أَبِيهِ، عن سَابِق بنُسَخة مِقْدَار ثلاثين حَدِيثًا.

وقال

(4)

: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ القَرْدُوانِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا سَابِق بن عَبْدِ الله الرَّقِّيّ، وكُنْيَتُهُ أبو المُهاجِر.

قال ابنُ عَدِيّ

(5)

: أَظُنُّ أنّ سَابِق صَاحِب حَدِيث: إذا مُدِحَ الفَاسِقُ، ليسَ هو الرَّقِّيّ (e)؛ لأنَّ للرَّقِّيّ أحَادِيْث مُسْتَقِيْمة عن مُطَرِّف وأبي حَنِيْفَة، وكان يَرْوي عن غيرهما (f)، فلا أدْرِي سَابِق هذا الّذي ذُكِرَ في هذه النُّسْخَة هو الّذي رَوَى حَدِيث: إذا مُدِحَ الفَاسِق، أو غيره، واللهُ أعْلَمُ. وسَابِق الّذي يُذْكَر هو غير ما ذَكَرت، وهو سَابِق البَرْبَرِيّ إنَّما له كَلَامٌ في الحِكْمَة والزُّهْد وغيره.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(6)

قال بعد ذِكْر كَلَام ابن عَدِىَّ هذا: قُلتُ: هُما واحدٌ.

(a) ابن عدي: الحسين.

(b) ابن عدي: أبو حمَّة.

(c) كذا في الأصل وفوقه علامة التحريف "صـ"، ومثله في الكامل لابن عدي، ولعل صوابه:"خادم أنس، أو أبي خلف خادم أنس".

(d) ابن عدي: سمعا إنسانًا أو أنسًا.

(e) ابن عدي: بالرقي.

(f) في الكامل لابن عدي: "وكل من روى حديثًا عن مطرف وأبي حنيفة وغيرهما".

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(2)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(3)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(4)

ابن عدي: الكامل 3: 1307.

(5)

الكامل 3: 1308.

(6)

تاريخ ابن عساكر 20: 7.

ص: 292

قُلْتُ: وقَوْل ابن عَدِيّ: إنَّما له كَلام في الحِكْمَة والزُّهْد، يَعْني: سَابِق البَرْبَرِيّ ليس كما زَعَم بل له رِوَايَة، فإنَّ الحَدِيْث الّذي افْتَتَحنا به هذه التَّرْجَمَة قال فيه الرَّاوِي عنه، وهو مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد القُرَشِيّ: حَدَّثَنَا سَابِق البَرْبَرِيّ، وقال الحافِظُ أبو عليّ القُشَيْريّ، فيما حَكَاهُ عن عُثْمان بن عبد الرّحْمن الطَّرَائِفِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَابِق البَرْبَرِيّ. وفيما أوْرَدناهُ من كَلامِه وكَلَام غيره كِفَايَة في الدّلَالة على أنَّهما واحد.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن ابن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا هِبَة الله بن إبْراهيم بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد

(1)

، قال: أبو سَعيد سَابِق البَرْبَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحَاكِم أبو أحْمَد الحافِظ، قال: أبو سَعيد سَابِق بن عَبْد الله البَرْبَرِيّ، إمام مَسْجِد الرَّقَّة وقَاضِي أهْلها. سَمِعَ أبا عُثْمان رَبِيْعَة بن أبي عبد الرَّحْمن التَّيْمِيّ، وأبا شِبْل العَلَاء بن عبد الرَّحْمن بن يَعْقُوب الحُرَقيّ. رَوَى عنهُ أبو عُمَر عبد الرَّحْمن بن عَمْرو الأوْزَاعِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد الحَرَّانيّ، يُعَدُّ في الشَّامِيِّيْن.

هكذا قال: يُعَدُّ في الشَّامِيّين، وتابَع في هذا القَوْل أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

؛ وإنَّما قالا ذلك لأنَّهُ أقام بالشَّام كَثِيْرًا، وكان انْقَطَع إلى

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 1: 188.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 4: 201.

ص: 293

عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وله معه أخْبَار، وغَزَا في أيَّام سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وكان يكُون بِدَابِق.

قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: سَابِق بن عَبْد اللهِ الرَّقِّيّ المَعْرُوف بالبَرْبَرِيّ يُكْنَى أبا سَعِيد. حَدَّث عن عَمْرو بن أبي عَمْرو، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، ومُطَرِّف بن طَرِيف، وعَاصِم بن كُلَيْب، وَيَزِيْد بن خَصَفَة، وإسْمَاعِيْل بن أُمَيَّة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، وعَمْرو بن يَحْيَى المَازِنِيّ، وعليّ بن بَذِيْمَة، وخُصَيْف بن عبد الرَّحْمن، وأبي حَنِيْفَة الفَقِيه. رَوَى عنهُ مُوسَى بن أَعْيَن، وأبو بَدْر شُجاع بن الوَلِيد، وعُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، وغيرهم.

وقال أبو بَكْر الخطيبُ

(2)

: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ، دال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن سَعْد بن يَحْيَى القَاضِي الكُرَيْزِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفَتْح بن سَلُوْمَة، قال: حَدَّثَنَا فِهْر بن بِشْر الدَّامَانيّ (a)، قال: حَدَّثَني سَابِق أبو سَعيد البَرْبَرِيّ، إمامنا بالرَّقَّة، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو أبو يَحْيَى بن عُمَارَة المَازِنِيّ بحَدِيثٍ ذَكَرهُ.

(a) ق: الدماني.

_________

(1)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب، ولم يترجم له في تاريخ بغداد ولا في كتابه المتفق والمفترق: ونقله عنه ابن عساكر في تاريخه 20: 8.

(2)

لم أجده في مؤلفات الخطيب، ونقله عنه ابن عساكر 20:9.

ص: 294

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلمِيِّ، عن أبي نَصْر بن هِبَة الله بن مَاكُولا

(1)

، قال: سَابِق بن عَبْد الله (a)، أبو سَعيد المَعْرُوف بالبَرْبَرِيّ، حَدَّثَ عن عَمْرو بن أبي عَمْرو، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، ومُطَرِّف بن طَرِيف، وعَاصِم بن كُلَيَب، وَيَزيْد بن خَصَفَة (b)، وأبي حَنِيْفَة النُّعْمان بن ثَابِت، وإسْمَاعِيْل بن أُمَيَّة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد. رَوَى عنهُ مُوسَى بن أَعْيَن، وشُجاع بن الوَلِيد، وعُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، وغيره.

أخْبَرَنا تَاج الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: سَابِقُ بن عَبْدِ الله، أبو سَعيْد - ويُقال: أبو أُمَيَّة، ويُقال: أبو المُهاجِر- الرَّقِّيّ المَعْرُوف بالبرَبَرِيّ، الشَّاعِر، قَدِمَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وأنْشَدَهُ أشْعَارًا في الزُّهْدِ.

رَوَى عن (c) رَبِيْعَة بن [أبي](d) عبد الرَّحْمن، ودَاوُد بن أبي هِنْد، ومَكْحُول، وشُعْبَة، وعبد الله بن سَعيد بن أبي هِنْد، ومُطَرِّف بن طَرِيف، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وعَمْرو بن أبي عَمْرو، وعَاصِم بن كُلَيْب (e)، وَيَزيْد بن

(a) زيد بعده في كتاب الإكمال: الرقي.

(b) ابن ماكولا: خصيفة.

(c) الأصل: "عنه"، وصوابه المثبت.

(d) ساقطة من الأصل، والإضافة من ابن عساكر، وتقدم ذكره صحيحًا، وهو أبو عثمان التيمي.

(e) ابن عساكر: شبيب.

_________

(1)

ابن ماكولا: الإكمال 1: 398.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 3.

ص: 295

خَصَفَة (a)، وإسْمَاعيْل بن أُمَيَّة، وإسْمَاعِيْل بن أبي خَالِد، وعليّ بن بَذِيْمَة، وعبد الله بن سَعيد بن أَبي هِنْد (b) .

رَوَى عنهُ الأوْزَاعِيِّ، ومُحَمَّد بن يَزِيْد بن سِنَان الرُّهَاوِيّ، وعُبيد الله بن يَزِيْد القَرْدُوانيّ، ومُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد (c) ، وأبو بَدْر شُجاع بن الوَلِيدِ السَّكُونِيّ، ومُوسَى بن أَعْيَن، وعُثْمان بن عبد الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، وفِهْر بن بِشْرٍ الدَّامَانيّ، والمُعَافَى بن عِمْران، ورَبَاح (d) بن الجَرَّاح المَوْصِلِيَّان.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِي، قال: أجَازَ لنا أبو عُبيد الله مُحَمَّد بن عِمْران بن مُوسىَ المَرْزُبانيّ، قال: سَابِق البَرْبَرِيّ، مَوْلَى الوَلِيد، يُكْنَى أبا عَبْد الله، ويُقال: أبو أُمَيَّة، أحَدُ الزُّهَّاد المَشْهُورين، وله مع عُمَر بن عَبْد العَزِيْز أخْبَارٌ، وهو القَائلُ

(1)

: [من الطويل]

وللمَوْت تَغْذُو الوَالِداتُ سِخَالَها

كما لخَرَاب الدَّهْر تُبْنى المَنَازِل (e)

وله

(2)

: [من البسيط]

أمْوَالنُا لذَوي المِيْرَاث نجَمعُها

ودُوْرنا لخَرَابِ الدَّهْر نَبْنِيها

والنَّفْسُ تكْلَفُ بالدُّنْيا وقد عَلِمَتْ

أنَّ السَّلامَة منها تَرْكَ ما فيها

وله

(3)

: [من الطويل]

وكائن تَرَى من صَامِتٍ لكَ مُعْجب

زيادَتُه أو نَقْصُه في التَّكَلُّمِ

(a) ابن عساكر: حضرمة، تحريف.

(b) كذا في الأصل مكررًا، ومثله في تاريخ ابن عساكر!.

(c) سقط من تعداد تلاميذه في نشرة تاريخ ابن عساكر ذكر: الرهاوي والقردواني وابن أبي داود.

(d) الأصل، ق: رياح، ابن عساكر: زيد، وتقدم التعليق عليه في طالع الترجمة.

(e) ديوانه والوافي بالوفيات: المساكن.

_________

(1)

ديوان سابق البربري 130، والوافي بالوفيات 15:70.

(2)

ق: "وله رحمه الله تعالى"، وانظر البيتين في: ديوان سابق البربري 135، والوافي بالوفيات 15:70.

(3)

ليس في ديوان شعره، وهو في الوافي بالوفيات 15: 71، وينسب البيت لغيره: للأعور الشني، وزياد الأعجم، وغيرهما.

ص: 296

وله

(1)

: [من الطويل]

يُخَادِعُ ريْب الدَّهْر عن نَفْسه الفَتَى

سَفَاهًا وريبُ الدَّهْر عنها يُخَادِعُه

ويَطْمَعُ في سَوْفٍ ويَهْلك دُوْنَها

وكم من حَرِيْصٍ أهْلَكته مَطَامِعُه

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا سَعِيد بن رَحْمَة، قال: سَمِعْتُ ابنَ المُبارَك، عن الأوْزَاعيِّ، عن سَابِق البَرْبَرِيّ، قال: كَتَبَ مَكْحُول إلى حَسَن البَصْرِيّ فجاءَنا كِتابهُ ونحنُ بدَابِق: في الرَّجُل يَطْلُب عَدُوَّهُ وهم مَنْهزمُون، فحضَرت الصَّلاة، أَيُصَلِّي على ظَهْر فَرَسهِ؟ قال: بل يَنْزِل فيَسْتَقْبل القِبْلَة، وإنْ كان عَدُوُّهم يَطْلُبهم فليُصَلِّ على ظَهْرفَرَسه إيْماءً.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن هبَةِ الله بن الطُّفَيْل، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المبُارَك بنُ عَبْد الحبار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَينُ بن جَعْفَر بن السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد الدَّهَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّدُ بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عُثْمان النُّفَيْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْهِر، قال: حَدَّثَنَا أبو كَامِل مَوْلَى الغَاز بن رَبِيْعَة، قال: سَمِعْتُ سَابِقًا البَرْبَريَّ ينشدُ مَكْحُولًا، وهو في الغَزْوِ

(3)

: [من الرجز]

يا نَفْسُ كُلُّ قَابرٍ مَقْبورُ

ويَهْلِكُ الزَّائِرُ والمَزُورُ

(1)

ديوان سابق البربري 120.

(2)

الحراني: تاريخ الرقة 145 - 146.

(3)

ديوان سابق البربري 114.

ص: 297

ويَقبِضُ العَارِيَةَ المُعِيْرُ

ليسَ على صَرْفِ الدَّوَا (a) عُمُورُ

كَمْ مِن غَنِيٍّ مُكْثِرٍ فَقِيْرُ

حتَّى انْتَهى إلى قَوْلهِ:

والصّدْقُ برٌّ والتُّقَى نَظِيْرُ

والبِرُّ مَعْرُوفٌ بهِ المبْرُورُ

وذُو الهَوَى يَسُوقُهُ المَقْدُورُ

فقال مَكْحُولٌ: لا

(1)

.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الخَطِيبُ، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بنُ عَبْد المنعم بن عليّ المَنْبِجِيّ ثُمَّ الحَلَبِيّ بها، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدم المَرَاغِي، قال: أنْبَأنَا أبو بكرٍ مُحَمَّد بن منصور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبَو مُحَمَّد جَعْفَر بن أبي طَالِب، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن بُرَيْه، قال: حَدَّثنا ابنُ أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن الوَلِيدِ الحَنْظَلِيّ، قال: سَمِعْتُ عُمَر بن ذَرّ يَذْكُر أنَّهُ بلَغَهُ عن مَيْمُون بن مِهْرَان أنَّهُ قال: دَخَلْتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يَوْمًا وعندَهُ

(a) ديوانه: التوى.

_________

(1)

أعاد المصنف نقل هذا الخبر وأبيات سابق البربري في ترجمة أبي كامل الجرشي مولى الغاز (الجزء العاشر)، وأضاف بعده هناك:"وكان مكحول يقول أولًا بالقدر ثم رجع عن ذلك".

(2)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة قصر الأمل) 3: 738.

ص: 298

سابِق البَرْبَرِي الشاعِر، وهو يُنْشِدُهُ شِعْرًا، فانْتَهَى في شِعره إلى هذه الأبْيَات

(1)

: [من الطويل]

وكم من صَحيْح باتَ للمَوْت آمِنًا

أَتَتْهُ المَنَايا بَغْتَةً بَعْدَما هَجَعْ

فلم يَسْتَطِع إذ جَاءَهُ المَوْتُ بَغْتَةً

فِرَارًا ولا منْه بقُوَّتِهِ امْتِنعَ

فأصْبَحَ تَبْكيهِ النِّسَاءُ مُقَنَّعًا

ولا يَسْمَعُ الدَّاعِي وإنْ صَوْتَهُ رَفَع

وقُرِّب من لَحْد فصَار مَقِيْلَهُ

وفَارَق ما قد كان بالأمْسِ قد جَمع

فلا يَتْركُ المَوْتُ الغَنِيّ لمَالِهِ

ولا مُعْدَمًا في المالِ ذا حَاجَةٍ يَدَع

فلم يَزَل يَبْكي ويَضْطَرب حتَّى غُشِي (a) عليه.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلمَانيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن عليّ من لفظه، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبرنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخبَرنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحسُين الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان

(3)

، قال: أنْشدَنا إسْمَاعِيْلُ بن إسْحَاق السَّرَّاج، قال: أنْشَدَني أبو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ لسابِق

(4)

: [من الطويل]

(a) ابن أبي الدنيا: أغمي.

_________

(1)

ديوان سابق البربري 118.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 12 - 13.

(3)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 163.

(4)

ديوان سابق البربري 118.

ص: 299

وكم من صَحِيْح باتَ للمَوْتِ آمِنَا

أتَتْهُ المنَايا بَغْتَةً بعدَما هَجَعْ

فلم يستَطع إذْ جَاءَهُ المَوْتُ بَغْتَةً

فِرَارًا ولا منهُ بقُوَّته امْتَنَع

وأصْبَح تَبْكِيْهِ النِّسَاءُ مُقَنَّعًا

ولا يَسْمَع الدَّاعِي وإنْ صَوْتَهُ رَفَع

وقُرِّب من لَحْدٍ فصارَ مَقِيْلَهُ

وفَارَق ما قد كان بالأمْسِ قد جَمِع

ولا يَتْرُك المَوْتُ الغِنيَّ لمَالِهِ

ولا مُعْدَمًا في المال ذا حَاجَةٍ يَدع

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمىِّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا خلِيفَة بن مَحْفُوظ المُؤدِّب بالأنْبَار، في الرِّحْلَة الأُوْلَى إليها، قال: حَدَّثنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصّقْر العَدْل إمْلاءً من لفظهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُغَلِّس البَزَّاز (a)، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، عن أبيِهِ أبي العبَّاس الفَقِيه أنَّ أبا الحَسَن مُحَمَّد بنِ المُغَلِّس بن جَعْفَر البَزَّاز أخْبَرَهُم بِمَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رشيْق المُعَدَّل العَسْكَريّ. وقال ابنُ أبي الصَّقْر: الحَسَن بن رَشِيْق المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد السَّامَرِّيّ بالرَّمْلَة، قال: حَدّثنا العبَّاس بن مُحْتَاج، قال: قال سَابِق البَرْبَرِيّ

(1)

: [من البسيط]

العِلْمُ زَيْنٌ وتَشْريفٌ لصَاحِبهِ

فاطْلُب هُدِيْتَ فُنُونَ العِلْمِ والأدَبَا

يا جَامعَ العِلْم نِعْم الذُّخْر تَجْمَعُه

لا تَعْدلنَّ به دُرًّا ولا ذَهَبا

(a) الأصل: البزار، ويأتي بعده بالزاي.

_________

(1)

لم ترد الأبيات في ديوان شعره، وهي مما يُنسب أيضًا لأبي الأسود الدؤلي ولعبد الله بن المبارك.

ص: 300

قد يَجْمعُ المَرْءُ مَالًا ثمّ يُتْلِفُه

عمَّا قَلِيل فيَلقَى الذُّلَّ والحَرَبَا

وجَامِعُ العِلْم مَغْبُوط به بَهجٌ

ما إنْ يُحَاذرُ فوتًا لا ولا سَلَبَا

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عَمِّي

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَوَه، قال: أخبَرَنا أبو الحَسَن اللُّنْبَانِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حَدَّثني مُحَمَّد بن الحسين، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بن يَحْيَى العَبْدِيّ، قال: حَدَّثنا عُثْمان في عَبْد الحَميْد، قال: دَخَلَ سَابِق البربَرِيّ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فقال له عُمَرُ: عِظْنِي يا سَابِق وأوْجِز، قال: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وأبْلغُ إنْ شَاءَ اللهُ، فقال: هَاتِ (b)، فأنْشَدَه

(2)

: [من الطويل]

إذا أنْتَ لَم تَرْحَل بزَادٍ من التُّقَى

ووَافَيْتَ بعدَ المَوْتِ مَنْ قد تَزوَّدَا

نَدِمْتَ على أنْ لا تكُون شَرِكتَهُ

وأرْصَدْتَ قبلَ المَوْتِ ما كان أرْصَدَا

فبَكَى عُمَرُ حتّى سَقَط مَغْشيًّا عليه.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظ عمّي

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَة الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر في أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد

(a) في الأصل: اللبناني، بتقديم الباء، واسمه: أحمد بن محمد بن عمر، أبو الحسن اللنباني (ت 332 هـ)، منسوب إلى محلة كبيرة بأصبهان، لها باب يقال له: باب لُنبان. انظر: أخبار أصبهان لأبي نعيم 1: 173، أنساب السمعاني 11: 223، اللباب لابن الأثير 3: 133، تاريخ الإِسلام 7:658.

(b) قوله: "فقال هات" جاء مكررًا في الأصل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 13.

(2)

ديوان سابق البربري 106، والوافي بالوفيات 15:70.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 9 - 10.

(4)

لم أقف عليه عند الخطيب البغدادي في كتبه.

ص: 301

الله مُحَمَّد بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَني عَبْد الله بن حَمَّاد -وكانَ ثِقَةً- أنَّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز كَتَبَ إلى سَابِق البَرْبَرِيّ أنْ عِظْنِي، فكَتَبَ إليه بهذه

(1)

: [من البسيط]

بِسْم الّذي أُنْزلَتْ من عندِه السُّوَرُ

والحَمْدُ للهِ، أمَّا بَعْدُ يا عُمَرُ

إنْ كُنْتَ تَعْلَم ما تأتي وما تَذَرُ

فكُنْ على حَذَرٍ قد يَنْفَعُ الحَذَرُ

واصْبِر على القَدَر المَحْتُوم (a) وارْضَ بهِ

وإنْ أتاكَ بما لا تَشْتَهي القَدَرُ

فما صَفَا لامْرِئٍ عَيْشٌ يُسَرُّ بهِ

إلَّا سَيتْبعُ يَوْماً صَفْوَهُ (b) كَدَرُ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الخُلْمِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو المُعِيْن مَيْمُون بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُعْتَمد المَكْحُوليّ النَّسَفِيّ إمْلاءً، قال: أنْشَدوا لسَابِق البَرْبَرِيّ

(2)

: [من الطويل]

أَلَمِ تَرَ أنَّ الحِلْم زَيْنٌ مُسَوّدٌ

لصَاحِبِه والجَهْلُ للمَرءِ شَائِنُ

ومنْ لا يَزَلْ يَوْمًا مع الجَهْل مُذْعنًا

يَقُدْهُ إلى حين وذو الجَهْلِ حائِن

ومن هذه الأبْيَات ما أنْبَأنَا بهِ أو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، وأبو القَاسِم بن البُسْرِيّ، وأبو مُحَمَّد بن أبي عُثْمان، قالُوا: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن القَاسِم بن الصَّلْت المُجْبِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الأسَدِيّ، قال: أنْشَدَنا الرِّيَاشِيُّ لسَابِق البَرْبَرِيّ رحمه الله

(3)

: [من الطويل]

ألَا رُبَّما صَارَ البَغِيْضُ مُصَافيًا

وحَالَ عن العَهْدِ لصَّدِيْقُ المُتَاقِنُ

(a) ديوانه وابن عساكر والصفدي: المجلوب.

(b) ق: بعده.

_________

(1)

ديوان سابق البربري 109، والوافي بالوفيات 15:70.

(2)

ليس في ديوانه، وانظر البيت الأول منهما في العقد الفريد لابن عبد ربه 2:281.

(3)

ديوان سابق البربري 132.

ص: 302

فلا تَغْتَرِرْ ما عِشْتَ من مُتَجَمِّلٍ

بِظَاهِر وُدٍّ قد تُغَطَّى البَطَاِئِنُ

قال الرِّيَاشِيّ: المُتَاقِنُ: المُؤَانِس المُعَاشِر. وأنْشَد لابن مُقْبِلٍ

(1)

: [من الطويل]

يقُول الّذي أمْسَى إلى الحَزْن أهْلُه

بأيّ الحشَى أمْسَى الخَلِيْط المُتَاقِن

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(2)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ من لَفْظهِ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن في صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبَو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاءُ بن نَظِيف، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين الفَرَّاءُ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَرْوَان

(3)

، قال: أنْشَدَنا عَمْرو بن مُحَمَّد البَصْرِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل الرِّيَاشِيّ، قال: أنْشَدَني بعضُ أصْحَابنا لسَابِق البَرْبَرِيّ

(4)

: [من مجزوء الكامل]

إنْ كُنْتَ مُتَّخِذًا خَليلًا

فتَنَقَّ وانْتَقِدِ الخَلِيْلَا

منْ لَم يكُن لكَ مُنْصِفًا

في الوُّدِّ فابْغِ بهِ بَدِيْلا

وعليكَ نَفْسَكَ فارْعَها

واكْسَبْ لها عَملًا جَمِيْلا

ومَنْ اسْتَخَفَّ بنَفْسهِ

زرعَتْ له قالًا وقِيْلا

وأقَلّ ما تَجِدُ اللَّئَيـ

ــم عليك إلَّا مُسْتَطِيْلا

(1)

لم يرد في ديوان ابن مقبل.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 14 - 15.

(3)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 293.

(4)

ق: "رحمه الله"، وانظر ديوان سابق البربري 123.

ص: 303

وقال ابن بَنِيْن: ولقَلّ.

والمَرْءُ إنْ عَرِفَ الجَمِيْـ

لَ وَجَدْتَهُ يأتي الجَمِيلا

ولرُبَّما سُئِلَ البَخيْلُ

الشَّيءَ لا يَسْوَى فَتِيْلا

فيَقُول لا أجِدُ السَّبِيْلَ

إليه يَكْرَهُ أنْ يُنِيْلَا

فكَذاك لا جَعَل الإلَهُ لهُ

إلى خَيْرٍ (a) سَبِيْلَا

يا مُبْتَني الدَّار الّذي

هو (b) مُسْرِعٌ عنها الرَّحِيْلا

إنْ لَم تُنِلْ خَيْرًا أخَا

كَ فكُن له عَبْدًا ذَلِيْلَا

وتَجَنَّب الشَّهَوات واحْـ

ــذَر أنْ تكُون لها قَتِيْلا

فلَرُبَّ شَهْوَة سَاعةٍ

قد أوْرَثَت حُزْنًا طَوِيْلا

‌سَابِق بن مَحُمُود بن نَصْر بن صالِح بن مِرْدَاس بن إِدْرِيس بن نَصْر، أبو الفَضائِل الكِلَابيّ

(1)

وتَمَام نَسَبه نَذْكُره في تَرْجَمَةِ جَدِّ أبيه صَالِح بن مِرْدَاس

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى، وأُمُّه بنت الملك أبي طَاهِر بن فَنَّاخُسْرُو بن بُوَيْه.

مَلَكَ حَلَب في اللَّيْلة الثَّانيَة من شَوَّال سَنَة ثَمان وستّين وأرْبَعِمائة، وكان أخُوه قد قُتِلَ يَوْم عِيْد الفِطْر بعد العَصْر على ما ذَكَرناهُ في تَرْجَمَتِهِ

(3)

، وكان

_________

(a) ابن عساكر: خيره.

(b) الدينوري: التي هي.

_________

(1)

توفي بعد سنة 473 هـ، وترجمته في: تاريخ حلب للعظيمي 351، ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق 109، ابن الأثير: الكامل 9: 234، 10: 115، زبدة الحلب 1: 285 - 302، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 308.

(2)

ترجمة صالح بن مرداس في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمة نصر بن محمود بن نصر بن مرداس في الضائع من أجزاء الكتاب، وأورد أبو الفداء قطعة صغيرة من ترجمته نقلًا عن ابن العديم، انظر: المختصر في أخبار البشر 2: 193، وانظر أيضًا الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب.

ص: 304

قد فوَّض نَصْر أُمُوره إلى سَدِيد المُلْك أبي الحَسَن عليّ بن مُنْقِذ بعد عَوْده من طَرابُلُس، وفَوَّضَ إليه أُمُوره، وكان الوَزِير ابن النَّحَّاس بقَلْعَة حَلَب، وفي القَلْعَة وَالٍ يُقَال له: وَرْد، وعندهما جَمَاعَة من الخَوَّاص، فلمَّا عَلِمُوا بقَتْل نَصْر اسْتَدْعوا أخاهُ سَابِق بن مَحُمُود، وكان سَاكِنًا في العَقَبَة في الدَّار الّتي تُنْسَبُ إلى عَزِيز الدَّوْلَة فَاتِك، وكان قد شَرِبَ فيها وسَكِرَ، فحُمِلَ من العَقَبَة وهو سَكْران، ورُفِعَ من السُّور بحَبْل إلى القَلْعَة وهو سَكْران، ونادوا بشِعَاره، وأطَاعَهُ الأجْنَادُ، وأشَاروا عليه بإطْلاق أحْمَد شَاه من الاعْتِقَال؛ وكان نَصْر اعْتَقَله، فأطْلَقَهُ في الحَالِ، وخَلَعَ عليه، فنَزَلَ أحْمَد شَاه إلى العَسْكَر بالحاَضِر فسَكَّن الفِتْنَة.

واسْتَقَرَّتْ قَاعِدةُ سَابِق، ولُقِّبَ عِزّ المُلْك أبو الفَضائِل، ودَخَلَ عليهِ أبو الفِتْيَان ابن حَيُّوس، فمَدَحَهُ بقَصِيْدَتهِ الّتي أوَّلها

(1)

: [من الطويل]

عَلَيَّ لها أنْ أحْفَظَ العَهْدَ والوُدَّا

وإنْ لم يُفِدْ إلَّا القَطِيْعَةَ والصَّدَّا (a)

فأطْلَق له سَابِق ألف دِيْنار، وجَعَلَ له في كُلِّ شَهْرٍ ثلاثين دِيْنارًا.

وكان سَابِق من مُتَخَلِّفِي بني مِرْدَاس، وكان يَنْظم الشِّعْر، فإنَّني وَقَفْتُ في دِيْوان شِعْر ابن النَّحَّاس على أبْيَاتٍ يُخَاطب بها سَابِق بن مَحْمُود، وقد أنْشَده شِعْرًا لنَفْسِه فيه:[من الخفيف]

كُنْتَ أنْشَدْتَني مِنَ الشِّعْرِ نَظْمًا

بُحْتُريًّا يَفُوقُ لَفْظًا ومَعْنَى

ولمَّا مَلَك سَابِق، وعَرِفَ بنو كِلَاب تخلُّفه، اجْتَمَعوا إلى أخيهِ وَثَّاب، وحَسَّنُوا له أخْذَ حَلَب، وانْضَاف إليه أَخُوه شَبِيْب بن مَحْمُود، ومُبَارَك بن شِبْل؛ ابن خَالهما، فسَيَّرَ سَابِق واسْتَدْعَى أحْمَد شَاه أمير الأتْرَاك، وكان في ألْف فَارِس،

(a) الديوان: والبعدا.

_________

(1)

ديوان ابن حيُّوس 1: 144، وزبدة الحلب 1:286.

ص: 305

واسْتَعانَ بهِ، فأَنْفَذَ إلى رَجُل من الأتْرَاك يُعْرَفُ بمُحَمَّد بن دمْلَاج كان نَازِلًا في طَرِيق بَلَد الرُّوم في خَمْسمائة فارس، وضَمِنَ له مَالًا، فوَصَلَ ابن دمْلَاج في يَوْم الأرْبَعَاء مُستَهَلّ ذي القَعْدَة من سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وأربَعِمائة.

وتَحَالفُوا، وخَرَجُوا إلى وَثَّاب وبني كِلَاب في يَوْم الخَمِيْس مُسْتَهَلّ ذِي الحِجَّة، وكان بنو كِلَاب في جَمْعٍ يُقارب سَبْعِين ألف فارسٍ ورَاجِل، وكانوا بقِنَّسْرِيْن، فعندَما عَاينُوا الأتْرَاك، انْهَزَموا من غير قِتَال، وخَلَّفُوا حلَلَهم، وأمْوَالهم، ونسائهم، وأوْلَادهم (a)، فغَنِمَ أحْمَد شَاه وابنُ دمْلَاج وأصْحَابُهما جميعَ ذلك، فيُقالُ إنَّهُم أخَذُوا لهم مائةَ ألف جَمَلٍ، وأرْبَعِمائة ألف شَاةٍ، وسِبَوا من حُرَمهم الحَرَائِر، وإمَائهم وعَبِيْدهم ما لا يُحْصىِ كَثْرةً، وعَادوا بالأسْرَى إلى حَلَب، فأطْلَقهُم سَابِق، وأنْزَل أُخْته زَوْجَة مُبَارك بن شِبْل في دَارٍ وأكْرَمها.

فسَار وَثَّاب ومُبَارَك بن شِبْلِ إلى السُّلْطان مَلِك شَاه بن ألْب أَرَسْلَان، وشَكوا حالهم، وسَألوا منه أنْ يُعينَهم على سَابِق، فوَعَدَهُم وأقْطَعهِم في الشَّام، وأقْطَع الشَّام أخاه نُتُش، فسَار ومعه جُمُوع التُّرْك ووِثَّاب ومُبَارك بن شِبْل، ووَصَلَ إليه بنو كِلَاب، فنَزَلَ على حَلَب سَنَة إحْدَى وسبْعِين وأرْبَعِمائة، ووَصَلَ إليه أبو المَكَارِم مُسْلِمِ بن قُرَيْش، ونَزَل معه عليها، وكان هَوَاهُ مع سَابِق، فكان يُسَيَّر إليه بما يُقَوِّي نَفْسَه، ويُنْكِر على بني كِلَاب خلْطَتهم [بعَسْكَر التُّرْك](b)، ودَام الحِصَار ثلاثة أشْهُر (c).

وأحَسَّ أبو المَكَارِم بتَغيُّر النّيَّة فيه، وتَحْقِيقِ التُّهْمَة بهِ من مُرَاسَلَة سَابِق وأهْل حَلَب، فاسْتَأذَن تَاجَ الدَّوْلَة في الرَّحِيْل، ورَحَل، وجَعَل رحيْلَهُ وعبُورَهُ بعَسْكَره على باب حَلَب، وبَاع أصْحَابُهُ أهْلَ حَلَب كُلَّ ما كان في عَسْكَره

(a) في الأصل: وأموالهم، وهو تكرارٌ تجاوز عن إثباته ناسخ ق، والمثبت من زبدة الحلب 1:286.

(b) ما بين الحاصرتين إضافة من زبدة الحلب 1: 290.

(c) في زبدة الحلب 1: 289: ثلاثة أشهر وعشرين يومًا.

ص: 306

عَصَبِيَّةً وتَقْويةً لهم، وقَوَّى نفُوسَهُم ونَفْسَ سَابِق، وسَار بعد أنْ قَوِيَ أهْل حَلَب بما ابْتاعُوه من عَسْكَره بعد الضَّعْف الشَّدِيد إلى بلادِه.

ورَحَل مُعْظَم بني كِلَاب، وبَقي مع تَاج الدَّوْلةَ تُتُش من بني كِلَاب وَثَّابٌ وشَبِيْبٌ أخَوا سَابِق ومُبَارَك بن شِبْل فىِ عَدَدٍ يَسِيْر، فأشَار عليهم أبو المَكَارِم في قُرَيْشٍ بالاحْتِيَاط على أنْفُسهم أو الهَرَب إلى حَلَب، وكاتَبهم سَابِق، وَتألَّفَهُم، وقال لهم: إنَّما أَذبّ وأُحَامِي عن بلادكُم وعزِّكُم، ولو صار هذا البَلَدُ إلى تُتُش، أزالَ مُلْكَ العَرَب وذلُّوا، واسْتَوْحَشوا من الأتْرَاك، فهَرَبُوا إلى حَلَب، وصَاروا إلى سَابِق، وكَتَبَ سَابِق إلى الأَمِير أبي زَائِدَة مُحَمَّد بن زَائِدَهَ قَصِيدَةً من شِعْر وَزِيره أبىِ نَصْر بن النَّحَّاس؛ يُعَرِّفُه ما هو فيه من الضِّيْق، ويَسْألُه الإقْبَال عليهِ، والقيام بمَعُونَته، ويُحَذِّرُه من التَّخلُّف عنه، فيكُون ذلك سَبَبًا لزَوَال مُلْك العَرَب، ويَعِيْب عليه في التَّوَقُّف عنه، والقَصِيدَة

(1)

: [من الطويل]

دَعَوتُ لكَشْفِ الخَطْبِ والخَطْبُ مُعْضِلٌ

فَلَبَّيْتَنىِ لَمَّا دعَوْتُ مُجَاوِبَا

ووَفَّيْتَ بالعَهْدِ الّذىِ كانَ بَيْنَنا

وَفَاءَ كَرِيمٍ لَم يخُنْ قَطُّ صَاحِبَا

وما زلْتَ فَرَّاجًا لكُلِّ مُلِمَّةٍ

إذا المِحْرَبُ الصِّنْدِيْدُ ضَجَّعَ هَائبا

فشَمِّرْ لها وَانْهَضْ نُهُوضَ مُشَيَّعٍ

لَهُ غَمَرَاتٌ تَسْتَقِلُّ النَّوَائِبا

وقُلْ لكِلَابٍ: بدَّدَ اللهُ شَمْلكُمْ

أوَ يحْكُمُ ما تَتَّقُونَ المَعَايبا

أتَسْتَبْدلُونَ الذُّلَّ بالعِزِّ مَلْبَسًا

وتُمْسُونَ أذْنابًا وكُنتُمْ ذَوَائِبا

وما زلْتُمُ الآسَادَ تَفْترِسُ العِدَى

فما بالُكُمْ مَعْ هؤلاءَ ثَعَالِبَا

ثِبُوا وَثْبةً تَشْفِي الصُّدُورَ مِن الصَّدَى

ولا تُخْجِلُوا أحْسَابَنا والمَنَاقِبا

ولا بُدَّ من يَوْمٍ نُحَكِّمُ بَيْنَنَا

وبَينَ العِدَى فِيه القَنَا والقَوَاضِبَا

أرَى الثَّغْرَ رُوْحًا أنتُمُ جَسَدٌ لَهُ

إذا الرُّوْحُ زَالتْ أصْبَحَ الجِسْمُ عَاطِبَا

(1)

القصيدة في زبدة الحلب 1: 291 - 293.

ص: 307

وقَد ذُدْتُ عَنهُ طَالبًا حِفْظَ عِزِّكُمْ

إباءً ولاقَيْتُ المَنَايا الشَّوَاغبَا (a)

وها أنا لا أنْفَكُّ أَبْذُلُ في حِمَى

حِمَاكُمْ مُجِدًّا مُهْجَتي والرَّغَائِبا

أأَذخَرُ مالي عنكُمُ وذَخَائِري

إذًا بِتُّ عَن طُرْقِ المَكَارِم عَازِبَا

شَكَرْتُ صَنِيعَ ابنِ المُسَيَّبِ إذ أَتَى

يَجُرُّ مَغَاويرًا تَسُدُّ السَّبَاسِبَا

منها:

أيا رَاكِبًا يَطْوِي الفَلَاةَ بجَسْرَةٍ

هَمَلَّعَةٍ لُقِّيْتَ رُشْدَكَ رَاكِبا

ألَا ابْلغْ وأبا الرَّيَّان عنِّي ألُوكَةً

تُزيحُ مِنَ الإيْلَافِ ما كانَ وَاجِبَا

أخًا شَخْصُهُ لا يَبْرَحُ الدَّهْرَ حَاضِرًا

تُمثِلُهُ عَيْني وإنْ كانَ غَائِبَا

مَتَى تَجْمَعُ الأيَّامُ بَيْني وَبينَهُ

أَشُدُّ علَيهِ ما حَيِيْتُ الرَّوَاجِبَا

وأَهْدِ إلى شِبْلٍ سَلَامي وقُلْ لَهُ:

لَكَ الخَيْرُ دَعْ ما قَدْ تَقَدَّمَ جَانبِا

فَتِلكَ حُقُودٌ لو تَكَلَّمَ صَامِتٌ

لجاَءَ إليها الدَّهْرُ مِنْهُنَّ تَائِبَا

وقَد أمكَنَتْكُمْ فُرْصَةٌ فانْهَضُوا لَها

عِجَالًا وإلَّا أعْوَزَ الدُّرُّ جَالِبا

فإنِّي رَأيْتُ المَوْتَ أجْمَلَ بالفَتَى

وأهْوَنَ أنْ يلقَى المَنَايا مُجَاوِبَا

وكان قد بَلَغَ سَابِقًا أنَّ أميرًا من أُمَرَاء خُرَاسَان يُقال له تَركُمان (b) التُّرْكِيّ، قد توجَّهَ مُنْجِدًا تَاج الدَّوْلَة تُتُش ومعَهُ عَسْكر، فأخْرَج سَابِقٌ مَنْصُور بن كَامِل الكِلَابيّ، أحَد أُمَرَاء بني كِلَاب، من حَلَب لَيْلًا، وأعْطَاهُ كتابَهُ إلى أبي زَائِدَة، وفيه هذه الأبْيَات، ومعه بعض أصْحَاب سَابِق، ومعهم مالٌ، فاتَّفَقَ مع مَنْصُور ونائب سَابِق، وجَمَعُوا ما يَزِيد على ألف فَارِس وخَمْسِمائَة رَاجِل من بن نُمَيْر، وقُشَيْر، وكِلَاب، وعُقَيْل، بتَدْبِير أبي المكَارِم بن قُرَيْش، والْتَقوا تَرْكُمان التُّرْكِيّ (c) في أرْضِ الفَايَا، فكَبَسُوا عَسْكَرَهُ، وقَتَلُوه.

(a) في زبدة الحلب: السواغبا، وهو بالشين المعجمة اسم للمنية. انظر: لسان العرب، مادة: شعب.

(b) جوَّده المؤلف بفتح أوله في غير هذا الموضع.

(c) ق: التركماني.

ص: 308

وبلغَ ذلك تَاج الدَّوْلَة تُتُش، فرَحَلَ عن حَلَب إلى الفُرَات، وشَتَّى بدِيَار بَكْر، ثُمَّ عادَ إِلى حَلَب، وافْتَتَح مَنْبج في طَرِيْقهِ وبُزَاعَا وعَزَاز، وصبَّح حَلَب صبَاحًا، فَخَرَج عَسْكَر حَلَب، فالْتَقَوا على الخناقِيَّة

(1)

، وانْهَزَم عَسْكَر تُتُش بغير قِتَالٍ.

وكان أبو زَائِدَة وابن عَمّه شِبْل بن جَامِع بن زَائِدَة في قَدْر خَمْسِين فَارِسًا مُقَابلهم، فَحَمَلُوا عليه، واتَّفقتْ هَزِيمَتهم فقَتلُوا من الغُزِّ جَمَاعَةً وغَنِمُوا، وتقدَّم مُحَمَّد بن زَائدَة إلى الشّيْخ أبىِ نَصْر منْصُور بن تميْم السَّرْمِيْنِيّ المعرُوف بابنِ زَنْكَل أنْ يُجِيْبَ أَبا الفَضائِل سَابِق بن محمود عن القَصِيدَة الّتي أنْفَذَها إليه، ويُعَرِّفه ما لبني كِلاب من الأيَّام المَعْرُوفة، ويَذْكر هذه الوَقَائِع، فعَمِل

(2)

: [من الطويل]

دَعَوْتَ مجُيْبًا نَاصِحًا لكَ مُحْلِصًا

يَرَى ذاكَ فَرْضًا لا مَحَالَةَ وَاجِبَا

فلَبَّيتُ لا مُسْتَنْكِفًا جَزِعًا ولا

هِدَانًا إذا خَاضَ الكَرِيهةَ هَائبِا

قال فيها في ذِكْر هذه الوَقَائِع:

ولمَّا دَعَاني المُدْرِكيُّ ابنُ صَالِحٍ

شَقَقْتُ ولَم أرْهَبْ إليَهِ الكَرَائِبا

أسَابِقُ صَرْفَ الدَّهْرِ في نَصْرِ سَابِقٍ

إلى تَرْكُمانِ التركِ أُزْجِي النَّجَائِبا

فلمَّا الْتَقَيْنَاهُم غَدَا البَعْضُ سَالِبًا

لأنْفُسِهِمْ والبَعْضُ للمَالِ نَاهِبَا

فيا لَكَ مِن يَوْمٍ سَعيدٍ بِيُمْنِهِ

عَنٍ الثَّغْرِ أضْحَىِ عَسْكَرُ الضِّدِّ هَارِبَا

وَكانَ يَرَى في كَفِّهِ الشَّامَ حَاصِلًا

ويوْمَ بُزَاعَا ردَّ ما ظَنَّ خَائِبَا

(1)

الخنَّاقيَّة: كانت من متنزهات حلب التي يخرج إليها من باب حلب، ويجري أسفلها نهر قويق حسبما ذكر ابن العديم في زبدة الحلب 1: 295، وانظر: الدر المنتخب لابن الشحنة 256، وهي اليوم من أحياء حلب بقرب حي السريان، يقال في تسميتها بهذا الاسم أن سببه لأن كثيرين دخلوها فاختنقوا، الأسدي: أحياء حلب 194 - 196.

(2)

انظر القصيدة في زبدة الحلب 1: 196 - 397، وفيها زيادة بيت على المدرج هنا.

ص: 309

وفي يَوْم خُنَّاقِيَّةٍ قَدْ خَنَقْتُهُمْ

بِعِثْيَرِ (a) ذُلٍّ رَدَّ ذا الشَّرْخَ شَائبِا

عَطَفْتُ لَهُم إذْ خَامَ مَنْ خَامَ مِنهُمُ

بفِتْيَانَ كالعقْبانِ شَامَتْ تَوالِبَا

فَلِلّهِ قَوْمي الصَّادرُونَ لَوِ انثنَوا (b)

مَعِيْ أو فَرِيق كُنْتُ لِلجمْع نَاكِبَا

فوَلَّوْا وقُضْبانُ المَخَافَةِ فيهِمُ

مُسَابِقَةٌ أرْمَاحَنا والقَوَاضِبَا

فكَمْ فَارِسٍ منهُمْ تَرَكْنا مُجَدَّلًا

يُبَاشِرُ تُرْبُ القاعِ منهُ التَّرَائبا

وإذْ أَيْقَنُوا أنْ ليسَ لِلكَسْرِ جَابِرٌ

تَوَلَّوا وَعَنْ جِبْرِينَ حَثُّوا الرَّكَائِبا

وخَلَّوْا بها كَسْبًا حوَوْهُ وأبْصَرُوا

سَلامَتَهُمْ منَّا أجَلَّ مكَاسِبَا

ورَحَل تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُش من جِبْرِين، وكان نَازِلًا بعَسْكَره عليها إلى دِمشق. ولمَّا جَرَى هذا الحادثُ، طَمعَ شَرَفُ الدَّوْلَة أبو المَكَارِمِ مُسْلِم بن قُرَيْش في الشَّام، وكَاتَبهُ سَابِق بن مَحْمُود يَبْذُل له تَسْليم حَلَب إليهِ، ووفَدت عليه بنو كِلَاب بأَسرْها، فتَوَجَّه إلى حَلَب، ونَزَل عليها في السَّادِس عَشر من ذِي الحِجَّة من سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، فغُلِّقت أبْوَابُها في وَجْههِ، وكان عند سَابِق أخَواهُ شَبِيْب ووَثَّاب بحَلَب، فلم يُمَكِّناهُ من التَّسْلِيم، فلم يُقَاتلها، وأهْلها يَحْرصُون على التَّسْلِيم إليه لِمَا هُم فيه من الجُوع وعَدَم القُوْت، وسَلَّم البَلَد إليه وَلد الشَّريف الحُتَيْتيّ (c)، على ما نَذْكرهُ في ش تَرْجَمَةِ أبي المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيشْ

(1)

، فانْحَازَ سَابِق إلى القَلْعَة، وأخواهُ شَبِيب ووثَّاب في القَمْر لضِيْق القَلْعَة، وحَصَر (d) أبو المَكَارِم القَلْعَة إلى أنْ دَبَّر شَبِيْب ووَثَّاب وهُما في القَصْر على سَابِق، وقَفَزا في القَلْعَة، وصَاحَ الأجْنَاد بها: شَبِيْب يا مَنْصُور، وقُبِضَ سَابِق وحُبِسَ، وتَسَلَّم

(a) ق: تعثير.

(b) ق: أثبتوا.

(c) ق: الحبتي.

(d) ق: وحضر.

_________

(1)

ترجمة مسلم بن قريش في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 310

شَبِيْب ما كان بها من المالِ، وسَفَرَ سَدِيد الملك ابن مُنْقِذ بين مُسْلِم بن قُرَيْشْ وبين شَبِيْب إلى أنْ تَسَلَّم القَلْعَة في شهر رَبِيع الآخر من سَنَة ثَلاثٍ وسَبعِين وأرْبَعِمائة، وانْقَضَى أمْرُ سَابِق بعد حِصَار القَلْعَة أرْبَعة أشْهُر، وانْقَضَت دَولة آلِ مِرْدَاس.

دَفَعَ إليَّ القَاضِي أبو مُحَمَّد بن الخشَّاب جُزْءًا بخَطِّه، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة في ذِكْر مُلُوك حَلَب، وكَتَبَ إلينا المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ، عن أبي الحَسَن، قال بعد ذِكْر نَصْر بن مَحْمُود وقتله بِظَاهِر حَلَب ثَاني عِيْد الفِطْر من سَنَة ثَمانٍ وِسِتِّين:[ومَلَك](a) بَعْدَهُ (b) أخُوه سَابِق بن مَحْمُود؛ أقامَ أرْبَع سِنين، وسَلَّم البَلَد إلى شَرف الدَّوْلَة أبي المَكَارِم مُسلم بن قُرَيْش العُقَيْلِيّ سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِينِ وأرْبَعِمائة؛ يُريد: البَلَد دون القَلْعَة.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله العُظَيْميّ

(1)

، وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيّ وغيره عنه، قال: سَنَة ثَمان وسِتِّيِن وأرْبَعِمائة فيها قُتِلَ نَصْر بن مَحْمُود صَاحِب حَلَب يَوم الأَحَد، يَوْم عِيْد الفِطْر، وجَلَسَ سَابِق بن مَحْمُود مَكانَهُ.

قال

(2)

: وفي هذه السَّنَة -يعني: سَنَة اثنتَيْن وسَبْعِين وأرْبَعِمائة- وَصَلَ شَرَف الدَّوْلَة إلى حَلَب وتسلَّمها منِ سَابِق بن مَحْمُود، وامْتَنَعت القَلْعَهُ عليه، وكان بالقَلْعَة سَابِق وأخُوه شَبِيْب، فقَبَض شَبِيْب على سَابِق يَوْم السَّبْت ثَاني عَشر صَفَر، وتولَّى الأمْر بنَفْسه يَوْمًا واحدًا، ثمّ عاد سَابِق فقبضَ على أخيهِ شَبِيْب وتولَّى الأمر كان أوَّلًا، وبَقِي الحِصَار أرْبَعة أشْهُر، ثُمَّ سَلَّم القَلْعَةَ سَابِق إلى

(a) إضافة ليتَّسق الكلام.

(b) ق: بعد.

_________

(1)

نقل ابن العديم هذا النص والنصوص التي تليه من كتاب العظيمي المسمَّى: المُؤصَّل على الأصل المُوَصَّل، وهو كتاب لم يصلنا، وانظر بعض كلامه في كابه المختصر: تاريخ حلب 349.

(2)

انظر التعليق قبله، وبعض كلام العظيمي ملخصًا في كتابه: تاريخ حلب 350 - 351.

ص: 311

شَرَف الدَّوْلَة يَوْم الأَحَد عَاشِر رَبيع الآخر، وقيل: جُمَادَى الآخر، وهو الأصَحُّ؛ يعني: من سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليِّ بن مُنْقِذ في تَارِيْخه، قال: وأقام نَصْرٌ مَالِكًا إلى سَنَة ثَمانٍ وسِتّين، فلمَّا كان يوْم عِيْد الأضْحَى، عيًّدَ وخَرَجَ العَصْرَ لينهَبَ الأتْرَاك: ابن خَان وأَصْحَابه، ويأخُذ نسَاءَهُم فإنَّهُ قال: نُريد الوُجُوه المِلَاح، فضَرَبهُ واحِدٌ فقَتَلَهُ، واخْتَبَطَت حَلَبُ، وقُفِلَتْ أبْوَابُها، وقُفِلَ باب القَلْعَة، فجاء الأَمِير أبو الحَسَن سَدِيد المُلْك، وكان قد نَزَل لمَّا مَاتَ مَحْمُود، وقال له نَصْرٌ: ما يَرُبُّ هذه الدَّوْلَةَ غيرك، فلمَّا قُتِلَ نَصْر لَم يَجْسُر أنْ يَذْكُرَ للوَزِير ابن النَّحَّاس، وكان صَدِيْقَهُ، ذلك ظَاِهرًا، فقال له وهو في القَلْعَة من تحت السُّور: الأَمِير نصْر سَالِم تُحبّ، ولكن سَألتَني عن شيء قبل خُرُوجي وهو: القَيْل فَاد (a)، معناهُ: القَيْل: المَلِك، وفَاد: ماتَ.

فاحْتَفَظَ ابنُ النَّحَّاس من القَلْعَةِ، وأجْلَسُوا بعدَهُ أخاهُ سَابقًا، وكان سَابِق -كما قيل لي- من أحْسَن النَّاسِ مُحاضَرَةً، وأصْبَحهم وَجْهًا، وأَسْواهم فعْلًا في نفسهِ وأفْعَالِهِ.

حدَّثني مَوْلاي رحمه الله، قال: من طَرِيف عَملهِ أنَّهُ مَدَحَهُ الشَّرِيفُ أبو المجد بثلاثِ قَصَائِد، فتأخًّرت الجَائِزَة، فكَتَبَ إليه، وقد ضَاع له دَنَانِيْر ثُمَّ وَجَدَها:[من الكامل]

قُلْ للأمِيْر أبي الفَضائِل سَابِق

قَوْلًا يَفُوهُ بهِ لسَانُ النَّاطِقِ

بحَقِّ مَنْ رَدَّ الدَّنَانِيْر الّتي

ضَاعَتْ بتَقْدِير الإلَهِ الخاَلِقِ

ارْدُدْ عليَّ مَدَائِحًا أنْشَدْتُها

ذَهَبَتْ لدَيْك ذَهَابَ خُلَّبٍ بَارِقِ

(a) ق: القيل فاذ.

ص: 312

قال: فأَنْفَذَ له قَصِيدَةً وكَتَبَ إليه على ظَهْرها: نحنُ نَسْألُ عن الباقي ونُنْفذه إليك.

وأقَامَ بحَلَب مُسْتَضْعَفًا يُغِيرُ بنوِ كِلَاب على باب حَلَب، تأخُذُ منه الغَسَّالَات والقَوَافِل، ولا يَخْرُج أحَدٌ إلَّا بخِفَارة، ولا يَدْخُلُ إلَّا كذلك.

والأمِيرُ سَدِيدُ المُلْك مُقِيم بالجِسْر لعِلْمه أنَّ الدَّاءَ قد أعْضَل، قال: فاشْتَغَل عنهم بحِصْنه وبَلَدِه كَفَرْ طَاب، يَشْتُو بالجِسْرِ، ويُصِيِّف بكَفَرْ طَاب، إلى أنْ غُلِبَ سَابِق، واسْتَحْكم يَأسُه، أنْفَذَ إليه وقال: أشْتَهِي أنْ تَحْضُر تفصِل بيني وبين إخْوَتي، وما قد دَهِمَنا من شَرَف الدَّوْلَةِ، فَمضَى حينئذٍ وقد أمنَ غَائلتَهُم.

وقال: سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، فيها تَسَلَّم شَرَف الدَّوْلَة قلعَة حَلَب، شَهْر رَبي الآخر، ولَم يكُن فيها ما يُؤْكَل.

قلتُ: انْقَطَع ذكر سَابِق بعد أخْذ حَلَب منه، فلَم نَقَع له على ذِكْرٍ ولا خَبَرٍ، والظَّاهِرُ أنَّهُ لم تَطُل مُدَّتُه، وأنَّهُ تُوفِّي بعد ذلك بقليلٍ.

‌السَّابِق بن أبي مَهْزُول المَعَرِّيّ

(1)

واسْمُه مُحَمَّد بن الخَضِر، والسَّابِق لَقَبٌ اشْتَهر به، ورُبَّما يلتبس بأنَّهُ اسْمُه، وَسَنَذْكُره في المُحَمَّدين

(2)

فيما يأتي إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

أورد له ابن العديم في تذكرته 68 - 82 عدة قصائد ومقطوعات من شعره، وترجم له العماد في خريدة القصر (قسم الشام) 12: 125 - 127، 375، وذكر أبياتًا من شعره، وله ذكر عارض في وفيات الأعيان 2: 356، فوات الوفيات 3: 347 - 349، الوافي بالوفيات 3: 39 - 41.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 313

‌ذكْرُ مَن اسْمُهُ سَابُور

‌سَابُور بن أرْدَشِيْر بَابكَان المَلِك ابن سَاسَان بن بَابَك بن سَاسَان بن بَابَك بن سَاسَان بن بَهْمَن المَلِك، وهو سَابُور الجُنُود

(1)

مَلَكَ بعد أبيهِ أرْدَشيْر، مَلَكَ إحْدَى وثَلاثين سَنَة ونصْف وثَمانية عَشر يَوْمًا، هكذا نَقَلْتُ نَسَبَهُ من خَطِّ عَبْد السَّلام بن الحُسَين البَصْرِيّ المعرُوف بالوَاجْكَا في كتابٍ ذَكَرَ فيه فَضَائِل الفُرْس ومُلُوكهم وأنْسَابهم وأخْبَارهم.

ونَقَلْتُ من خَطّ المَذْكُور في هذا الكتاب: قال سَابُور بن أَرْدَشِيْر المَلِك يَوْم مَلَك: لا يَتَعَقَّبن أحدٌ أَمْرنا ونَهْيَنا ما لَم يَعْرف أسْبَابَهُما.

وقال: وبَنى سَابُور الجنود المَلِكُ: جُنْدَي سَابُور، وبَنى بفَارِس مَدِينَة سَابُور، وقد كان في موضع مَدِينَة سَابُور مَدِينَة بناها طَهْمُورث المَلِك، وبَنى سَابُور أيضًا بميسَان مَدِينَة سمَّاها شَاذ سَابُور (a) وبالنَّبَطِيّة تُسَمَّى: ويها.

قيل: إنَّ سَابُور بن أَرْدَشِيْر افْتَتَحَ الرَّقَّة، ودَخَلَ إلى بلاد الروم فقَتَلِ منهم وسَبَى وانْتَهى إلى القُسْطَنْطِينِيَّة، ففي دُخُوله من الرَّقَّة إلى بلادِ الرُّوم اجْتاز بحَلَب أو عَملها. وكان له كَلام حِكْمَة.

(a) عند ياقوت: شاذ شابور، ومعنى شاذ: الفرح. انظر: معجم البلدان 3: 304.

_________

(1)

ترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 43 - 49، المحبر لابن حبيب 361، العارف لابن قتيبة 654، تاريخ الطبري 1: 608، 3: 40 - 53، السعودي: مروج الذهب 1: 288 - 300، وسياقة نسبه في المروج 1: 325 - 336، 3: 47، 400 - 403، التنبيه والإشراف 100، 135، 139، 145 - 146، الحلي: المناقب المزيدية 1: 106 - 107، ابن الأثير: الكامل 1: 331، 351، 384 - 393، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 3: 435 - 436، تاريخ ابن الوردي 1: 66، النويري: نهاية الأرب 15: 168.

ص: 314

قَرآتُ في كتابٍ وَقَعَ إليَّ يتضَمَّن أخْبَار مُلُوك الفُرْس: ثمّ مَلَك من بَعْدِه - يعني أَرْدَشِيْر- سَابُور بن أَرْدَشِيْر، فعَقَدَ التَّاج على رَأسِه وهو ابنُ عشْرين سَنَةً، وقد كان النَّاسُ آنَسُوا منه فىِ حَيَاةِ أبيه فَضْلًا فىِ إصَابةِ رَأيهِ، وصِحَّة عَقْله، وعُمُوْرة حِلْمهِ، وشِدَّة بَطْشهِ، وبَلَاغَة مَنْطقهِ مع حَزْمهِ ورَأيهِ ويمن نَقِيْبَته، وعِظَم رَأفَته ورَحمَتهِ.

وأمرَ بما في الخَزَائن من الأمْوَال والجَوْهَرِ والأمْتَعهِ، ففرَّق أكْثَر ذلك فيمَن قبلَهُ من الجنُودِ والرَّعِيَّةِ، ووَصَلَ إلى كُلٍّ منهم بقَدْر ما هو أهْله ومُسْتحقّه، وقَدْر حَاجَته إليهِ، حتَّى وَصَلَ ذلك إلى الخاصِّ والعامّ، ونَالَتْ مَنْفَعَتُه القَريْب والبَعِيْدَ، والشَّريفَ والوَضِيْعَ، وسَاسَ مُلْكَهُ بأحْسَن السِّيَاسَةِ، ووَصَلَ إلى رَعِيَّتهِ من اللِّيْن والرَّفَاهَةِ في ولايِتهِ ما اشْتَدَّت مَودَّتُهم له، ورَغْبتهم فيهِ، وحُسْن سَمَاعهِ في النَّاسِ.

فلمَّا مَضَى من مُلْكه إحْدَى عَشْرَة سَنَةً، سَارَ بجُنُودهِ إلى الجَزِيْرَة، فنَزَلَ على نَصِيبِيْنَ فافْتَتَحَها، ثمّ افْتَتَح الرَّقَّة، وأوْغَل في بِلَادِ الرُّوم، فقَتَل منهم مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وسَبَى سَبَايا كَثِيْرهً، ثمّ انْصَرَفَ إلى مملَكَتِهِ بغَنائم كَثِيْرة، وقد كان انْتَهى في مَسِيْره إلى القُسْطَنْطينِيَّةِ، وفَي ثلاثَ مَدَائن؛ منهُنَّ جُنْدَي سَابُور، وسَابُور الّتي بفَارِس، وتُسْتَر بالأَهْوَاز.

واسْتَقْبل السِّيْرَة في مَمْلكَته ورَعيَّته بأحسَن ما كان عليه من الجُوْد (a) بالأمْوَال، والتَّخْفِيْف عن الخَرَاج والرَّحمَة للضُعَفَاء، والرَّقَّة عليهمِ، والشِّدَّة على أهْل الرّيْب، والتَّحَرِّي للعَدْلِ، وكان جميع ما مَلَكَ ثلاثين سنَةً وشهرًا إلَّا يومين.

(a) الأصل وق: الجور، ولا يوافق المراد.

ص: 315

‌سَابُور بنُ عليّ بن هِلَال بن حُبيش بن عَبْدِ العَزِيْز، أبو طَاهِر بن أبي الحُسَين بن أبي البَدْر الحَلَبيُّ المُؤدِّبُ المعرُوف بابنِ الجبْرِيّ

(1)

شَاعِرٌ ابن شَاعِر ابن شَاعِر ابن شَاعِر ابن شَاعِر، وقد ذَكَرْنا لكُلّ واحدٍ منهم في تَرْجَمَتِهِ شِعْرًا

(2)

. وأصْلُهم من جِبْرِين قُوْرَسْطَايَا من نَاحيَة عَزَاز، وسَكَنُوا حَلَب.

رَوَى عنه شَيئًا من شِعْره أبو عَبْد الله بن المِلْحِيِّ، وأبو نَصْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل تَاجُ الأُمَناءَ أحْمَد بنُ مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: سَابُور بن الجبْرِيّ المُعِلّم، شَاعِرٌ قَدِمَ دِمَشْق، ذَكَرَهُ لي أبو عَبْد الله بن الملحِيّ فيمَن لَقِيَهُ بدِمَشْق من أهْل (a) الأدَب؛ فَحدَّثنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن المحسِّن بن أحْمَد بن الملحِيّ، من لفظهِ وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: سَابُور بنُ الجُبْريِّ المُعَلمّ، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، وأبُوه كذلك، مُتَرَسِّلٌ (b)، له مَقَاماتٌ ورَسَائِل يُشْبه بَعْضُها بَعْضًا في الجودَة، وهو القائلُ في مُقَلَّد بن قُريْشْ وأُسامَة بن مُبَارَك:[من مجزوء الكامل]

كُنَّا نَعُدّ مُقَلَّدًا

في بُخْله (c) رَبَّ المَلَامَهْ

وإذا مُقَلَّدُ حينَ جَا

ءَ أُسامَةٌ كَعْبُ بنَ مَامَهْ

(a) ساقطة من ق.

(b) ابن عساكر: مرسل.

(c) ابن عساكر: نخله!.

_________

(1)

توفي سنة 531 هـ، وقيل: 533 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 19: 17، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 - 44.

(2)

ترجمة عليّ بن هلال، وهلال بن حُبَيش، وحُبيش بن عبد العزيز، وعبد العزيز الجُبْريّ في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 17.

ص: 316

رَأيتُه في رِوَايَةٍ أُخْرى:

وإذا بهِ كَعْبُ بنُ مَا

مَةَ حينَ عايَنَّا أُسَامَهْ

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر حَامِد بنُ أَمِيْري (a) القَزْوِينيِّ، فيما أجَازَ لنا رِوَايتَهُ عنه، قال: أجَازَ لنا خَطِيْبُ المَوْصَل أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي، قال: أنْشَدَنا أبو طَاهِر سَابُور لنفسِه في الكَذِب: [من الكامل]

المَيْنُ يَجمعُ كُلَّ شيءً طَالحٍ

مِن خَصْلَةٍ مَبْغُوضَةٍ لا تَحْسُنُ

فَتَوَقَّهُ إنْ كُنْتَ مَرأ صَالِحًا

قد يتَّقِيهِ على الصَّلَاحَ المُؤْمِنُ

وقال: أنْشَدَنا أبو طَاهِر، يَعْني لنفسِه:[من الكامل]

مَنْ كان يكذبُ ما يَقُوِلُ فلا تكُنْ

مِنهُ قَرِيبًا إنَّهُ لَكَ مُفْسدُ

هىَ خَصْلَة لا تُرتْضَى فَتوَقَّها

إنْ كُنْتَ مَرءأً في الدِّيانَةِ تُحْمَدُ

وقال: أنْشَدَنا أبو طَاهِر: [من الطويل]

وقد كُنْتُ حُرًّا غَيرَ أنَّ مَطَامِعي

تَرَكْنَ إِبائي عِندَ عِزَّتِهِ عَبْدَا

ومَنْ تَابَعَ الأطْمَاعَ ضَلَّ برَأيهِ

وحَلَّ مَريرًا كان أحْكَمهُ عَقْدَا

نَقَلْتُ من بعض تَعَالِيْقي، ممَّا نَقَلْتُهُ من خَطِّ بعض الحلبِيِّيْن لأبي طَاهِر الجُبْريِّ الحَلَبيِّ:[من الطويل]

مَدَحْنا كُمُ ظَنًّا بأنَّ مَدِيْحَنا

يُقَرِّبُنا منْكُمْ فنَظْفَرَ بالبَذْلِ

ولَمِ نَدْر أنَّ الجُودَ لَم يُلْقِ (b) عندَكُمْ

عَصَاهُ ولَم تَثْبُتْ لكُمْ قَدَمُ الفَضْل

فتَبًّا لنا مِن قَاصدِيْ غَيرِ أهْلِهِ

وَوَاهًا لكُم لمَّا عَكَفْتُمْ على البُخْل

(a) كذا في الأصل منسوبًا إلى جده، وتقدم اسمه: حامد بن أبي العميد بن أميري القزويني، وانظر ترجمته في الوافي بالوفيات 11:280.

(b) ق: لم نلق.

ص: 317

نَقَلْتُ من خَطِّ مُحَمَّد بن عليّ (a) العُظَيْميِّ في تَارِيْخهِ

(1)

، وأنْبَأنَا عنه أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْدِيّ، والمُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسي، قال: سَنَة إحْدَى وثَلاثين وخَمْسِمائَة، فيها ماتَ سَابُور بن عليّ الجبريِّ الشَّاعرُ، وعُمْره ثَمانون سَنَة.

ثُمَّ ذَكَرَ في سَنَة ثَلاث وثَلاثين وخَمْسِمائَة: ماتَ سَابُور أوَّل رَبيع الأوَّل في يَوْم مَطِيْر، وقد ذُكِرَ في السُّنَة الخاليةِ (b) مَوْتُه وهذا هو الصَّحيحُ.

‌سَابُوو بن هُرْمُز الملَكُ ابن نَرْسيِ المَلِك ابن بَهْرَام المَلِك، ويُقَال له شَاهانْشَاه بن بَهْرَام المَلِك ابن هُرْمُز البَطَل الملَك ابن سَابُور الجنُود المَلِك ابن أرْدَشِيْر المَلِك ابن بَابَك بن سَاسَان بن بَابَك بن سَاسَان بن بَابَك بن سَاسَان بن بَهْمَن الملَك، وهو سَابُور ذُو الأكْتَاف

(2)

هكذا نَقَلْتُ نَسبه من خَطِّ عَبْد السَّلام بن الحسُين بن مُحَمَّد البَصْريِّ في الكتاب المُتَضَمِّن ذِكْر فَضَائِل الفُرْس وذِكْر طَبَقَات مُلُوكهم.

(a) ساقطة من ق.

(b) الأصل: الحالية، والمثبت من ق.

_________

(1)

الإشارة -على جاري عادة المصنف- إلى كتاب العظيمي السمّي: المُؤصل على الأصل المُوَصَّل، ولم يرد ذكره في كتاب العظيمي المختصر"تاريخ حلب".

(2)

ترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 47 - 499، 88، المحبر لابن حبيب 361، المعارف لابن قتيبة 656 - 659، البلاذري: أنساب الأشراف (حميد الله) 1: 27، تاريخ الطبري 2: 55 - 65، المسعودي: مروج الذهب 1: 295 - 301، وانظر سياقة نسبه في المروج 1: 325 - 326، التنبيه والإشراف 100، 149، مسكويه: تجارب الأمم 1: 109 - 113، ابن الأثير: الكامل 1: 259، 331، 392 - 397، 2: 458، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 2: 427 - 429، تاريخ ابن الوردي 1: 66 - 68، ابن خلدون: العبر 3: 411 - 413.

ص: 318

وذَكَرَ غيره أنَّهُ سَابُور بن هُرْمُز بن نرسيِ بن بَهرام بن سَابُور، وأنَّ بَهْرَام شَاهَانْشَاه (a) أخُو نَرْسِي بن بَهْرَام. قيل: إنَّهُ دَخَلَ الشَّام وقَصَدَ مَلِك الرُّوم أبولْيَاس (b) إلى أنْطَاكِيَة فقَبَض عليه وحَبَسَهُ بأنْطَاكِيَة.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد السَّلام البَصْرِيّ (c): وكان سَابُور حَمْلًا يَوْم ماتَ أبُوه هُرْمُز المَلِكُ، فعُقِدَ التَّاجُ على بَطْن أُمِّه، وكان المَلِكُ يَوْم يمُلَكَ يَتَكلَّم بكَلامٍ يُرَغِّبُ النَّاس ويُرَهِّبهم، ويَعِدُهُم العَدْلَ، وحُسْنَ السِّيْرَة، إذا قَعَدَ على سَرِير المُلْك ووَضَع التَّاج على رَأسِه، يَحْمَدُ الله ثمّ يَتَكلَّم بذلك، فإنْ كان المَلِكُ صَغِيرًا لا يَحْتَمل أنْ يُعَلَّقَ التَّاج على رَأسِه، وُضعَ التَّاج على كُرْسِيِّ وتكلَّم عنه وَزِيره والمَوَابذَةُ والهَرَابذَةُ، فإذا كان صبِيْحَة اليَوْم الّذي يُدركُ فيهِ، وُضعَ التَّاجُ على رَأسهِ، وجَلَس مَجْلِسَ المُلُوك، ثُمَّ تكلَّم هو.

وإنَّما سُمِّي سَابُور ذو الأكْتاف لأنَّهُ كان يَخْلعُ أكْتَاف العَدُوّ

(1)

. وهو الّذي قَتَلِ إيَادًا، وإنَّما كان جُرْم إيَادٍ عندَهُ أنَّ شَاةً لرَجُل من أهْل السَّوَادِ سُرِقَت فاتّهِمِ بها رَجُلًا من إيَادٍ، كان دَخَل السَّوَاد في حاجةٍ له فقَتَل سَابُور إيَادًا، وهَربتْ بَقِيَّةُ منهم فدَخَلَتْ بلادَ الرُّوم، فَخلعَ سَابُور أكْتَاف مَنْ بقي منهم.

ومن خَطِّ عَبْد السَّلام: وبَلَغَنا أنَّ مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان كَتَبَ إلى بَني تميْم يأمرُهم بالوثُوب على عليّ بن أبي طَالب عليه السلام (d)، فأجَابَهُ إلى ذلك قَوْمٌ منهم، وعليّ عليه السلام يَوْمئذٍ بالبَصْرَة، فبلَغَه ذلك، فصَعدَ المنبَر فَخَطَبَ النَّاسَ، ثم قال

(2)

: [من الخفيف]

(a) ق: شاهنشاه.

(b) في العبر لابن خلدون 3: 411 - 413: لُلْيَانُوس.

(c) ق: رحمه الله.

(d) ق: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

_________

(1)

في تاريخ ابن الوردي 1: 67 والعبر لابن خلدون 3: 411: يخلع أكتاف العرب.

(2)

البيتان في مروج الذهب 1: 297، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 2:438.

ص: 319

إنَّ حيًّا يرَى الصَّلَاح فسَادًا

ويَرَى الغَيَّ للشَّقَاءِ رشَادَا

لقَرِيبٌ من الهَلَاكِ كما أهْلَكَ

سَابُور بالسَّوَادِ إيَادَا

قال: وبَلَغَنا أنَّ سَابُور ذا الأكْتَاف المَلكَ أقام بجندَي سَابُور ثلاثين سَنَة من مُلكه، ثمّ تحوَّل إلى المَدَائن، وهى دَارُ المَلكَ في القَدِيم، فتحوَّل عن جَانِب المَدَائِن الّتي كانت المُلُوك تنْزله، وبَنى الإِيْوَان الّذي بالمَدَائِن اليَوْم والقَصْرَ في الجانب الآخر.

فلَم تَزَل المُلُوك -بعد سَابُور ذي الأكْتَاف إلى أنْ خَرَج المُلْكُ من أيْدِيهم - ينْزلونَ الإِيْوَان الّذي بالمَدَئِن والقَمْر الّذي الإِيْوَان فيهِ، ومَلَكَ سَابُور اثنتَيْن وسَبْعِين سَنَةً، فحين حَضَرته الوَفَاةُ كان ابنُه سَابور بن سَابُور ذي الأكْتَاف صَغِيرًا، فأوْصَى بالمَلِك لأَخِيهِ أَرْدَشِيْر (a) في هُرْمُز المَلِك.

ومن خَطِّ عَبْد السَّلام: وبن سَابُور ذو الأكْتَاف الإِيْوَان الّذي بالمَدَائِن والقَصْرَ الّذي فيه الإِيْوَان، وبَنى الأنبار وسمَّاها فيرُوز سَابُور، وبَن مَدِينَة السُّوْس بالأهْوَاز، وفي مَدَائِن بسِجِسْتَان، وبنى مَدِينَة الكَرَج، وبَنى مَدِينَة بآجُرٍ وسمَّاها جُنْدَي سَابُور؛ أسْكَنَ فيها سَبْيًا سَبَاهُم من الرُّوم، وبنى مَدِينَة نَيْسَابُور بأرْض خُرَاسَان، وفي مَدَائنًا بالسِّنْد.

هذا ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ عَبْد السَّلام البَصْرِيّ المعرُوف بالوَاجْكَا.

وذُكِرَ في غير هذا الكتاب أنَّ أبولْيَاس مَلِكَ الرُّوم، وكان ينْزلي أنْطَاكِيَةَ، قَصَدَهُ سَابُور ذو الأكْتَاف فظَفر به أبولياس إمَّا في حَرْبه، وإِمَّا لأنّ سَابُور -كما يُقال- مَضَى إلى أرْض الرُّوم ليقتَصَّ أمْرَها، ففَطنَ له وقَبَض عليه، فكيفَ ما كان فقد دَخَلَ أنْطَاكِيَة.

(4) ق: أزدشير.

ص: 320

وقيل: إنَّ أبولياس سار (a) إلى أرْض العَجَم حتَّى بلَغَ جُنْدَي سَابُور فَحصَرَها فاسْتَصْعَبَ عليه فتحها، وكان سَابُور مَحْبُوسًا في قَصْر أبولياس، فعَشِقَتهُ ابنَةُ المَلِك، فَخلَّصَتْهُ، فطَوَى البِلَاد مُتَخفِيًا إلى أنْ وَصَلَ جُنْدَيْسَابُور، فدَخَلها وقويت نفُوس مَن بها من أصْحَابهِ، وخَرَجُوا من فَوْرهم، فأوْقَعُوا بالرُّوم تَفَاؤلًا بخَلَاصِ سَابور، فأسُروا أبولْيَاس فقَتَلَهُ سَابُور ذو الأكْتَاف، واخْتَلَفت الرُّوم فيمَنِ يُولُّونَه وضَعُفُوا عن مُقَاومته، وكان لسَابُور عناية بقُسْطُنْطِيْن فولَّاهُ على الرُّوم، ومنَّ عليهم بسَبَبهِ، وجَعَل لهم طَرِيقًا إلى الخُرُوج من بِلَادِه، وبعد أنْ شَرَط علِى قُسْطُنْطِيْن بأنْ يَغْرس بإزَاء كُلّ نَخْلة قُطِعَت من أرْض السَّوَادِ وبلَادِه شَجْرَةَ زَيْتُون، وأنْ يُنْفذ إليه مَنْ ببلادِ الرّوم فوَفى له.

وَقَعَ إليَّ كتاب يَتَضَمَّن أخْبَار الفُرْس لَم يُذكر اسْم مؤلِّفه، فَنَقَلْتُ منهُ

(1)

: فلمَّا بلغَ سَابُور ستّ عَشرة سَنَة، واشْتَدَّ عَظْمُه، وقَويَ عِلى حَمْل السِّلاح، جَمعَ إليه عُظَمَاء أهْل مملكته، ثُمَّ قام وخَطَبهم، وحَمدَ الله، ووعَظهُم، ثمّ أمرَهم أنْ يَخْتارُوا نُجَدَائهم وأهْل الَبأس منهم ألْفَ أسْوَار، ففَعَلُوا، وعُرِضُوا عليه بأسْلَحتهِم وكُرَاعِهم، فأقامِ لهم ما يَكْفيهم وأوْلَادهُم من الأرْزَاق والأطْعِمَةِ، ثمّ جَمع الألفَ إليه وحثَّهم على القيام بحِفْظ البِلاد، وكات الأحْوَال -بسَبَب صِغَر سِنِه- قد اخْتلَّت، فأجَابُوه بما يُؤثره، ثمّ سَار إلى النَّواحِي التي كانت العَرَبُ فيها، فقَتَل مَنْ قَدر عليه منهم، وهَرَب بَقِيَّتُهم حتَّى لحَقُوا ببلادهم، فقَطَع البَحْر حتَّى أتَى الخَطَّ، ثمّ غَزَا بلادَ البَحْرين، فَجَعَل لا يُبْقي على شيءٍ قَتْلًا وإخْرَابًا، غير أنَّهُ لَم يكُن يأخُذ لهم سَلْبًا ولا مَالًا، ثمّ مَضَى إلى هَجَر، فأعْظَم المَقْتَلَة فيهم، ثمّ أتَى عَبْد

(a) ق: دخل.

_________

(1)

قارن بالمعارف لابن قتيبة 657 - 658 وتاريخ الطبري 2: 56 - 57، وتجارب الأمم لمسكويه 1:110.

ص: 321

القَيْس ففَعَلِ بهم مثْلَ ذلك حتَّى أبادَهُم، وفعَل ذلك باليمَاَمَة وما يليها، وقَتَل بالمَدِينَة وخَيْبر، ثمّ هَبَطَ إلى ما يلي الشَّام من بلادِهم ففَعَل مثل ذلك بهم، وقال: هذا جَزَاؤكم بما كان من بَغْيكُم علينا وإفْسَادِكُم في بلادِنا بعدَما شَرَطْتُم لدَارَا بن دَارا المَلِك من الكَفِّ عن بلَاده والتَّشَبه بالنِّسَاء في إطَالة الشَّعر واتِّخَاذ الأُزُر، وكان دَارَا بن دارَا المَلِكُ ابن عَمِّ بَابك بن سَاسَان والد أَرْدَشِيْر.

فلمَّا بَلغَ سَابُور ما في نفسه، وأدْرَك منهم ثأره، قال لمَن معه من الجنُود: إنِّي أُريد دُخُولَ أرْض الرُّوم ومُسْتَخْفٍ فيها حتَّى أبْحَث عن أسْرَارهم وأعرْف عدَّة جُنُودِهم، ومَسَالكَ بلادهم، حتَّى إذا بَلَغْتُ نَهْمَتي من ذلك وحَاجَتي، انْصَرفتُ إلى مملكتي، فسِرتُ إليهم بمَن أحْتَاج إليه من الجنُود، فحذَّره الجنُود التَّغْرِيرَ بنَفْسه فلَم يَقْبل.

وانْصَرَف مُتَنكِّرًا حتَّى دَخَل أرْضَهُم، فمكُث فيها حيْنًا يَجُول فيها، فبينا هو كذلك إذْ بَلَغَهُ أنَّ ابن قَيْصَر أعْرَسَ فأوْلَم وِلِيمَةٌ لسَفِلَة النَّاسِ ومَسَاكِيْنهم، وأمرَ أنْ يُجمعُوا له ويحضرُوا طَعَامَهُ بعد فَرَاغهِ من طَعَام الأشْرَاف، فانْطَلق سَابُور مُتَهيِّئًا بهَيْئَةِ السُّؤَّال حتَّى شَهِدَ ذلك الجَمْعِ، ليَنْظُرَ إلى قيصَر ويَعْرِف هَيْئَتَهُ في مَجْلِسه وطَعَامه، فبينا هو كذلك إذ أُتي قيصرُ بإناءٍ يَشْرَبُ فيه من آنيةِ سَابُور مَنْقُوش فيهِ تِمْثَال سَابُور، فَجعَلوا يسْقُونَ بهِ قَيْصَر ومَنْ حَوْله، حتَّى انْتَهَىَ الإناءُ إلى حَكِيمٍ من حُكَمائهم الّذين يَنْظرُون في النُّجُوِم، ويعْرفونَ الفِرَاسَةَ، فنَظَر في التِّمْثالِ الّذي فيه، وقَبْل ذلك ما قد كان أبْصَر وجْهَ سَابُور وهو جالسٌ في رِفْقة المَسَاكِيْن، فأمْسَكَ الإناء وقال: إنِّي لأرَى أمرًا مُعجبًا! قال قَيْصَر وما ذلك؟ قال الحَكِيم: أرَى في الجلسَاءَ رَجُلًا شَبِيه الصُّوِرَة بهذا التِّمْثال، فإنْ لم يَكُن ذلك سَابُور فما في الأرْض أحَدٌ أشبَه منهُ بهِ! فأمرَ قيْصَر فدَعا سَابُور إليهِ فسَأله عن أمْره، فقال: أنا رَجُلٌ مِسْكِين من أهْل فارس، وكان سَابُور جَمِيل الوَجهِ،

ص: 322

حَسَن الصُّورَةِ، مُعْتَدل القَامَة، تَامّ الخَلْقِ، فازْدَاد قَيْصَر -لمَّا رَأى من حَالهِ في ذلك- ارْتيابًا في أَمْره وأحَسَّ بأنَّهُ لَمْ يَصْدُقه عن نفسه، فألَحَّ عليه في السُّؤَالِ، وقال: ما صَدَقْتَنا عن خَبَرك، فقال سَابُور: أمَّا إذا أَبَيْتُم إلّا التَّقَصِّي عن أمْرِي فإنِّي لا أجِدُ من صدْقكم بُدًّا، أنا من أَسَاورَة فَارِس، وكان وَالدِي قد أجْرَم إلى مَلِكنا جُرْمًا عَظيْمًا فقَتَلَهُ، واسْتَصْفَى مالَهُ، فتَخَوَّفْتُه على نَفْسِي، فلَحِقْتُ بكم وقد أصَابَنِي فَقْرٌ ومَسْكَنَةٌ، فأتَيْتُ هذا المَوضِعَ لِمَا بي من الجُوع والجهْد والفَاقَة، فَرَقُّوا له وظنُّوا أنْ قد صَدَقهُم عن نَفْسِه، فهمُّوا بتَخْلية سَبِيلِهِ، فأبَى ذلك العَالِم عليهم أنْ يُخَلُّوه، ونَظَر في حِسَابهِ فأتَاهُ في ذلك ما وَافَق ظَنَّهُ، وقال: اعْلمُوا أنَّ هذا سَابُور نَفْسُه، فاسْتَوْثِقُوا منه واشْتَدُّوا عليه حتَّى يُعْلمكم أمْرَهُ، فاشْتَدّ عليه قَيْصَر عند ذلك، وتَوَعَّدَهُ بالقَتْلِ، وجَعَل له الأمَان على أنْ يُحقِّق له الخَبَر عن أمْه، فقال لهم سَابُور: عَجَبًا لكم ومن طَمَعكم بي أنْ يُؤثر سَابُور الجهْدَ والحاجَةَ والجُوع في بلاكم على المَقَام في مُلكه ونِعْمته، فلَم يَقْبَلُوا ذلك منه، ولَم يُخلُّوا عنه حتَّى اعْتَرَفَ لهم سَابُور، فاشْتَدّ فَرحَ قَيْصَر وجُنُودِه وقالوا: قد أعْظَم اللّهُ علينا النّعْمَةَ فسَاق إلينا عَدُوّنا وأمْكَنَنا منه، فنحنُ مُنْتَقِمُون منه، ومُنْزلون به وبأرْضه ما أجْرَم إلينا سَابُور الأوَّل.

فأمَرَ قَيْصَر بسَابُور، فُجُعِلِ في نُقْرةٍ جَوْفاءَ من جُلُود البَقَرِ، ثمّ أطْبقَ عليه وألْزَمَهُ الرُّقَبَاءَ والحَفَظَة. وسار بِجُنُوده إلى أرْض فَارِس، ثُمّ أرْسَل إليهم: أنِّي قد أخَذَتُ مَلِكَكُمُ، فإمَّا أنْ تَفْتَدُوه، وإمّا أنْ أقتُلَهُ، وأمَرَ سَابُور أنْ كَتَبَ إلى أهْل أرْضه، فيُرسِل أهْلُ كُلّ مَدِينَةٍ بما يَسْألهم، فجَعَل لا يَنْزل بأرْضٍ إلّا أخْرَبها، وجَعَلَت الأعَاجِم تَتَّقِيهِ بكُلّ ما قَدَرت عليه، فكَثُر منه القَتْلُ والإخْرَاب في مَدَائنهم وقُرَاهم والعَقْر في نَخْلهم وشَجَرهم، وسَابُور معه يَسِيْر به حيثُ ما تَوجَّه،

ص: 323

حتَّى انْتَهَى إلى جُندَيْسَابُور، وكان قد تحصَّن جُنُود (a) فَارِس وعظماؤهم، فنَصَبَ عليهم المَجَانِيْق حتَّى هَدَم نِصْفَها، ولَم يَسْتَطِع دُخُولها.

فبَيْنا هو كذلك، إذ غَفَل حُرّاسُ سَابُور من الرُّوم ذات لَيْلَةٍ فلم يغلقُوا البابَ الّذي كان يلقَى إليهِ الطّعَام في النُّقْرة، وكانت لَيْلَة مُقْمِرَةً، وكان حَوْل النُّقْرة ممَّن غَنِمَت الرُّوم من سَبْي الأهْوَاز أناسٌ كَثِيْرٌ، فرَفَعَ سَابُور رأسَهُ، وقَبْل ذلك ما سَمِعَ كلامهم وعَرِفَ لُغَتَهم، وكان عندَهُم زِقَاق زَيْت، فدَعا سَابُور بعضَهُمِ فقال: خُذُوا من هذه الزِّقَاق فأفْرغُوه على رَأسِيِ، ففَعَل ذلك فابْتَلّ القَدّ وَلَان، وكان قد نَحلَ جِسْمُه فلَم يَلْبَث أنْ أسْبَل يَدَيهِ ورِجْليه من الوِثَاقِ، وخَرَجَ من النُّقْرة يَدُبُّ على قَوَائمِهِ شِبْه الدّابَّةِ، حتَّى إذا جاء من باب المَدِينَة رَآهُ الحَرَسُ فصَاحُوا به، فأشار إليهم أنْ اصْمِتُوا وأخْبَرَهم باسْمه، فعرفُوا صَوْتَهُ ففَتَحُوا باب المَدِينَة (b)، فلمَّا دَخَلَ على أهْلها اشْتَدَّ سُرُورهم به، ورَفَعُوا أصْوَاتَهم بحمدِ اللّهِ وتَسْبِيحه.

فاسْتَنْبه قَيْصَر وأصْحَابه بأصْوَاتهم (c)، وظنُّوا أنَّهُ أتاهم مَدَدٌ من وَرَائهم، ثمّ قال لهم سَابُور: اسْتَعدُّوا وتَعَبَّوا، فإذا سَمِعْتُم صَوْتَ نَاقُوس الرُّوم فارْكَبُوا خُيُولكم، فإذا ضُرِبَ بهِ الثَّانيَة فواقفُوهُم (d)، فإنِّي أرْجُو أنْ يَفْتَح اللّهُ لم عليهم، ويَفُلّ حَدَّهُم، ففَعَلُوا ذلك بهم، فقَتَلوا الرُّوم أبْرَحَ القَتْلِ، وأمْرَهم سَابُور أنْ يأخُذوا قَيْصَرًا أسِيْرًا ولا يَقْتُلوه، فأسَروا قَيْصَر، واسْتَباحُوا ما كان معه من أمْوَالِهِ وأمْتَعته ونِسَائهِ، فأمَرَ بكُلِّ ما كان معَهُ من السَّبْي فرُدَّ إلى بلادِهِم وأرْضِهم، وبما كانوا أصَابُوا أنْ يُدْفع إلى مَنْ كان له.

(a) ق: جنوده.

(b) قوله: "ففتحوا له باب المَدِينَة" ساقط من ق.

(c) ق: بأصواته.

(d) ق: فوافقوهم.

ص: 324

وأوْثق قَيْصَر حَدِيدًا وقال: إنِّي مُكَافئك بما أولَيْتَنِي كما أحْيَيتَني، وآخُذك بإصْلَاح ما أفْسَدْت، وعِمَارَة ما أخْرَبْتَ مِن أرْضي، فلَسْتَ بنَازِح (a) حتَّى تَغْرس مَكان كُلّ نَخْلة اقْتَلَعْتها أو شَجَرَة عقَرتها زَيْتُونة، وحتَّى تَبْنِي كُلّ مَدِينَة أخْرَبْتَها أو بناء هَدَمْته بنَفْقتكَ وعُمَّالك.

وكَتَبَ قيصَر إلى الرُّوم يَسْألهم أنْ يَفْدُوه بذلك، فحملُوا التُّراب من أرْض الشَّام حتَّى عَمَّروا به المَدَائِن، فبَنوا له المَدِينَة العَتِيقة، وبنَوا ما هَدَمُوا من جُنْدَيْسَابُور بالآجُر والجِصّ، فصَار (b) سُور تلك المَدِينَة نصفًا آجُر ونصفًا لِبْن، وغَرَسُوا الزَّيْتُون بأرض فَارِس والأهْوَاز والسَّوَاد، ولَم يكُن قبل ذلك بها زَيْتُون.

فلَّمَا قَضَى سَابُور حاجتَهُ من قَيْصَر، سَألَهُ أنْ يُخْلي سَبِيلَهُ، ورغبَ إليهِ في ذلك، فقَطع عَقِبَيه وكَفّه، وقال: هذا جَزاؤُك بما ابْتدأتَ به من الظُّلْم والعُدْوَان والبَغْيّ، ثُمَّ حَمَلَهُ على حِمَار وبَعَثَ بهِ إلى الرُّوم، فلذلك ما تَرَكت الرُّوم اتِّخَاذ الأعْقَاب للخفَاف ورُكُوب الدَّوَابّ (c).

ثُمَّ أقام سَابُور في مُلْكه، وأقْبَل على عِمارَة بلَادِهِ وإصْلَاحه مَمْلَكَته، ومَكُث بذلك حينًا، ثُمّ سَارَ إلى أرْض الرُّوم فقَتَل فيهم مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وسَبَى منهم سَبَايا كَثِيْرة، وبَني بالسُّوْس مَدِينَةً وسمَّاها أبرانحره سَابُور (d)، وعَمد إلى السَّبْي الّذين جاء بهم من الرُّوم فأسْكَنَهُم تلكَ المَدِينَةَ، ثُمَّ عَفَا عن العَرَب واسْتَصْلحهِم، وِأسْكَن ما أصَابَ من سَبَايا العَرَب من بَنِي تَغْلِب بَرَاري وسَمَاهِيْج والخَطّ، ومَنْ سَبَى من عَبْد القَيْسِ وأفْخَاذٍ من تَمِيْم بهَجَر، ومَنْ سَبَى من بَكْر بن وَائِل بكَرْمَان،

(a) مهملة في الأصل، والمثبت من ق.

(b) ق: فسار.

(c) العبارة عند الطبري في تاريخه 2: 61:

"فلذلك تركت الروم اتخاذ الأعقاب ورَتق الذُّؤاب". وعند المسعودي (مروج الذَّهب 1: 300): "وأن الروم لا ترتق دوابها ولا تلبس الخفاف المُعَقَّبة".

(d) كذا جاء رسمها في الأصل، وق، وعند ابن قتيبة: المعارف 658: فيروز سابور، والطبري 2: 61: إيرانشهر سابور، وتقدم في طالع الترجمة ذكر بناء سابور مدينة السوس بالأهواز.

ص: 325

ومَن سَبَى من بني حَنْظَلَة وتَنُوِخ بالأهْوَاز، وإنَّما كان يُسْكنُ كُلّ قَوْم ممَّن يَسْبِي في ما يُوافِق بلادهم من الأرَضيْنَ، وفَي مَدِينَة أُخرى بنَيْسَابُور، ومَدَائن أُخَر بالسِّنْد وسِجِسْتَان، وذلك سِوَى أنْهارٍ كَثِيْرة احْتَفَرها، وقَنَاطِر وجُسُور عَقَدَها، وقُرَىً أسَّسَها وعَمَّرَها.

قُلتُ: الّذي أظُنُّه أنَّ هذه الحِكَايَة عن سَابُور مَصْنُوعة، واللّهُ أعْلَمُ.

وإلى سَابُوِر هذا، أو إلى سَابُور الجُنُود جَدُّ جَدّ جَدّه الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ، أشَار عَدِيّ بن زيْدٍ العِبَادِيُّ بقَوْله

(1)

: [من الخفيف]

أينَ كِسْرَى، كِسْرَى المُلُوك أنُو

شِرْوَانَ أم أينَ قَبْلَهُ سَابُورُ

‌سَارِيَة بن مُحَمَّد -وقيل: سَارِيَة بن عَبْد- ابن سَارِيَة، أبو الحَسَن البَغْدَاديّ ثُمَّ الطَّرَسُوسِيّ الحافِظ

بغدَاديٌّ سَكَنَ طَرَسُوس، وحَدَّثَ بها عن أبي سَعيد الأَشَجّ، والحَسَن بن الصَّبَّاح الوَاسِطِيّ، وسَلْمَان بن تَوْبَة النَّهْرَوَانيّ.

رَوَى عنهُ سَدِد بن الفَتْح، وأبو حَفْص عُمَر بن جَعْفَر الطَّبَريّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل المِصِّيْصيُّ.

قَرأتُ بخَطِّ الحَافِظ أبي طَاهِرٍ أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ: أبو الحَسَن سَارِيَة بن مُحَمَّد بن سَارِيَة البَغْدَاديَ الحافِظ، رَوَى عن أبي عليّ الحَسَن بن الصَّبَّاح البَزَّار (a) الوَاسِطِيّ، وأبي سَعيد عَبْد الله بن سَعيد الأَشَجّ الكُوْفيّ وغيرهما. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل المُعَيْطِيّ المِصِّيْصيّ بمِصْر، وأبو حَفْصٍ عُمَر بن جَعْفَر بن

(a) الأصل: البزَّاز، وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس من هذا الكتاب.

_________

(1)

ديوان زيد بن عدي 87.

ص: 326

مُحَمَّد الطَّبَريّ بمَكّة، في حَرْف السِّيْن المُهْمَلَة من مُعْجَم شُيُوخه، وذَكَرَ أنّهُ كَتَبَ عنهُ سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن.

أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ من لَفْظهِ، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ الحَافِظ أبي الحَسَن علِيّ بن المُفَضَّل المَقْدِسيّ بالإسْكَندَريَّة، ونَقَلَهُ من خَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ رضي الله عنهما: أبو الحَسَن سَارِيَةُ بن عَبْد بن سَارِيَة الطَّرَسُوسِيّ، رَوَى عن سَلْمَان بن تَوْبَة بن زِيَاد النَّهْرَوَانِيّ سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن، وعن غيره، حَدَّثَ عنهُ سَعيدُ بن الفَتْح مَوْلَى مُحَمَّد بن العَلَاء بأنْطَاكِيَة، وكَتَبَ عن سَعيد هذا مُحَمَّد بن المحسِّن بن الحُسَين الأذَنِيّ بأنْطَاكِيَة، ورَوَى عنهُ بمِصْرَ.

‌سَاطعُ بن عَبْد البَاقِي بن المُحَسِّنِ بن عَبْد البَاقِي بن عَبْد الله بن المُحَسِّن بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن سَعيد بن أحْمَد بن دَاوُد، أبو [البَيَان](a) التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من بَنِي أبي حَصِين، بَيْت القَضَاءَ والفَضْل والعِلْم، وكان سَاطع هذا من أعْيَان أهل المَعَرّة، وكان يَتَردَّدُ إلى حَلَب، واجْتَمَعْتُ به مِرَارًا مُتَعدِّدةً بمَعَرَّة النُّعْمَان وبحَلَب، وسَمِعْتُ منه مَقَاطِيعْ منِ شِعْره، وقَصَائِد مَدَح بها المَلِكَ الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب، وِكان قد نَفق عليهِ ومالَ إليهِ، فمِمَّا سَمِعْتُه من لَفْظه قَصِيدَة أنْشَدَها بقَلْعَة حَلَب بين يَدَيْهِ، وذلك في بعض ليالي شَهْر رَمضَان من سَنَة اثْنَتي عَشرة وسِتُّمَائة، وذَكَرَ فيها وَلده المَلِك العَزِين مُحَمَّد بعد أنْ

(a) بياض في الأصل قدر كلمة، وتعويض كُنيته من قلائد الجمان لابن الشعار 2:100.

_________

(1)

توفي سنة 621 هـ، وترجمته في: قلائد الجمان لابن الشعار 2: 100 - 106، وسماه:"السَّاطِع بن عبد الباقي بن أبي حُصَيْن عبد اللّه بن المحسن .. ".

ص: 327

وُلد، فاسْتَحْسَنَها المَلِك الظَّاهِر، واسْتَعاد منه أبْيَاتًا منها، وذلك بِمَحْضَر رَسُول المَلِكِ الأشْرَف مُوسَى ابن المَلِكِ العادِل أبي بَكْر بن أيُّوب وهو المَجْد البَهْنَسِيّ، وأثبتُ هَا هُنا القَصِيدَة بكَمَالها.

سَمِعْتُ القَاضِي سَاطِع بن أبي حَصِيْن يُنْشِدُ المَلِك الظّاهِر لنَفْسِه

(1)

: [من البسيط]

أَمَا لحجّ تلَاقي الحَيّ [مِيقاتُ](a)

ولا لرَمْي جِمَار الهَجْرِ أوْقَاتُ

لعلَّ في عَرَفَاتٍ من عَوَارفكم

وصْلًا لصبٍّ له بالخَبْتِ إخْبَاتُ

وليتَ يَجْمَعُنا جَمْعٌ ويُشْعِرنا

سَعْيًا بمَشْعَر تلك الدَّار سَاعاتُ

كَيْمَا أَقُوم مقَامًا لا أخَافُ بهِ

نَوىً وتُشْرَحُ من حَالي مَقَاماتُ

فهمَّتي في إسَارِ الهَمِّ مُوْثقة

ما سرت عنكم سَرت عنِّي المَسَرَّاتُ

وَلي إليكُمُ ومن ظَماكمِ ظَمَأٌ

مُبَرّحٌ والي لُبْنَى لبُاناتُ

أحْنُو إليم حَنِيْنًا كُلَمَّا نَسَمَت

صَبًا ويَعْتادني منكم صَبَاباتُ

يا رَاحِلينَ وقَلْبِي في رِحَالِهم

تَحْدُوه إنْ غَفَل الحَادُونَ روْعَاتُ

عُودُوا وإلَّا عِدُوا حسْنًا (b) بقُرْبكُم

فللجَمِيل وللإحْسَانِ عَوْدَاتُ

عَسَى يَبيْنُ لعَيْني بعدَما بُنيَت

عليه أنْماطكُمُ للبَيْن بَانَاتُ

حَفِظتُكم وأضَعْتُم ما أمَنْتكُمُ

له ومن مثلكم تُرْعَى الأمَاناتُ

فيا عذولي أقِلِ اللَّوْمَ وابْق فما

يَفيدُ عذْلي ولا تُغْنى المَلَامَاتُ

عَهْدِي بنا قَبْلِ وشْكِ (c) البَيْن يَجْمعُنا

ظلٌّ ظَلِيلٌ ورَوضَاتٌ أُرِيضاتُ

في سَرحَةٍ (d) سَرَحَتْ أَنْهَارُها وزَهَتْ

أَزْهَارُها وبها للَّهْو لداتُ (e)

(a) ساقطة من الأصل وق، والإضافة من قلائد الجمان.

(b) ابن الشعار: وصلًا.

(c) الأصل: وشل، والمثبت من ابن الشعار.

(d) ابن الشعار: جنة.

(e) ابن الشعار: فلها باللهو لذات.

_________

(1)

بعض أبيات القصيدة في قلائد الجمان لابن الشعار 2: 101 - 102.

ص: 328

سَمَاؤها الدَّوْح تبْدِي الزُّهر من زَهْرٍ

وأرْضُها كيف سَارَ الطَّرْف رَوْضَاتُ

تُدير فيها شمُوسَ الرَّاحَ في فلكٍ

من الزُّجَاجَةِ أقْمَار مُنِيراتُ

يِاقُوتة تُجْتَلَى من دُرَّة ولها

لآلئٌ من حبَابٍ مُسْتَدِيراتُ

رقَّتْ وقد سَفَك الرَّاوُوْق من دَمهِا

الحَرَام ما حَلّلَتْ منه الإرَاقاتُ

من حيثُ حلَّتْ عِقَال العَقْل قَيَّدها

التَّحْرمِ وانْطَلَقَتْ عنها الإباحَاتُ

دَارَتْ عليِها رَحَى الأدْوَار جَاهِلةً

منها بما علمَتْ منها الدِّيَاراتُ

كَرميَّة كَرُمتْ صَوْنًا متَى فقَدت

حَشَا الأبَارِيق صَانَتْها الحُشَاشاتُ

لو أَنَّها كُنِيَت من حَيْثُ ما اعْتُصرت

أم العَنَاصِر لَم تُخْطِ الكِنَاياتُ

هَوَىً وماءٌ ونارٌ والآناءُ لها

من جَوْهَر التُّربِ فهي الاسْتُقُصَّاتُ

مَتَى أغَار عليها الماءُ غار لها

من سُخْطها زرَدٌ تَحْكِيه مِيْمَاتُ

تُجْلَا على الشَّرْب في شُرْبٍ تُمَزّقُه

الأَفْوَاهُ وهو بأعْلَى الجام جَامَاتُ

يُحْنَى عليها فَنُحْبَى من لذَاذتها

مَوْتًا ونَشْرًا فأحْيَاءٌ وأمْوَاتُ

ونحنُ في جَنَّةٍ ما فاتَ سَاكنها

فيها نَعِيمٌ ولا تَعْرُوهُ (a) آفاتُ

قد أبْدَعَ اللّهُ فبها كُلَّ رَائِقَةٌ

تَنَاوَحَت (b) فنَوَاحِيْها بَديْعاتُ

نَمارقٌ وزَرَابِيٌّ مُفَوَّقةٌ (c)

نَسْجُ الرَّبِيْع لرَائيها أَنَيْقَاتُ

حَيًا يَطِيْبُ ووَرْدٌ يَانِعٌ شَبِمٌ

وجَنَّة أُمِنَت فيها الجِنَايَاتُ

للعَيْن مِن عَيْنها مُسْتَوقَفٌ بَهج

وللمَسَامِع ألْحانٌ وأصْوَاتُ

ما أَعْرَبَتْ قَيْنَة إلَّا شَدَا (d) طَرَبًا

من أَعْجَم الوُرْق في الأوْرَاقِ (e) قَيْنَاتُ

وللنُّفُوس لما تَخْتارُ أَنْفَسُه

من صَالِحٍ لا تُدَانيهِ الدَّنيِّاتُ

كأنَّها دَوْلَهُ الغَازِي التّي كَمُلَتْ

وَصْفًا وعمَّت رَعَاياهُ (f) الرِّعَايَاتُ

(a) ابن الشعار: واتته.

(b) ابن الشعار: فأوحيت.

(c) ابن الشعار: ملفقة.

(d) ابن الشعار: شدت.

(e) ابن الشعار: الأغصان.

(f) ابن الشعار: رعاياها.

ص: 329

الظَّاهِرُ المَلِكُ (a) المخلُوق من مَلَكٍ

ومن أيادِيه أنْوَاءٌ مَطِيْراتُ

تَخَافُه الأُسْدُ في الأخْيَاسِ مُشْبلةً

وتَستَحِي من حَياهُ المُسْتَهلَّاتُ

تَاهَتْ بدَولَته الدُّنْيا وجَمَّلهَا

آثَارُهُ ومَسَاعِيهِ الأبِيَّاتُ

يَمحُو ويُثْبتُ أرزَاقَ الورى بيَدٍ

لا زَالَ فينا لها مَحْوٌ وإثْبَاتُ

عَدْلٌ وحلْمٌ ورَأيٌ ثَاقِبٌ وَسُطًا

تُغْنِي بتَدْبيرها في الرَّوْع رَاياتُ

وهمَّةٌ هامَةُ الجَوْزَاءَ تَحْسُدها

وعَزْمَةٌ تَتَوقَّاها المنيَّاتُ

مَنَاقِبٌ لوحَوَتْها الشُّهْبُ ما خَفِيَتْ

وأظْهَرَت ما أجَنَّتْهُ الظُّهَيْراتُ

وطِيْبُ نَشْرٍ به الأقْطَار في قُطُرٍ

تراوح الريحّ طِيْبًا منه فوْحَاتُ

لا غَرْو ويأسَفُ عصْرٌ قد خَلا أسفًا

عَصْرًا بنُوه الخِلَالُ اليُوسُفِيّاتُ

إذ بدا اللَّيْل نقْعًا والرّعُود صَهِيْلُ

الجُرْد والبَرْق بِيْضٌ مشْرَفيَّاتُ

والسَّمْهَريَّة كالأشْطَان وَارِدَة

خِرْصَانُها شُرَّعٌ والسُّحْب هَامَاتُ

أبدًا محيَّاهُ بَدْرًا والمُلُوكُ له

أهَلَّةٌ تُجْتَلَى واللَّثْمُ هَالَاتُ

من إخْوَة يتوخَّى أنْ يعودَ لهم

إشْرَاقُ مُلْكٍ له في الغَرْب عَادَاتُ

هُمُ المُلُوكُ وأبناءُ المليْكِ وإخْوَ

انُ المَلِيْلى وحَسْبي والتَّحِيَّاتُ

يَتَلوهُمُ أُمَرَاءٌ كالليُوث لها

في مَوْقفِ الرَّوع وَقْفَاتٌ ووَثْباتُ

أُسْدٌ لها السَّرْدُ لبْدٌ والظُّبَى عِوَضٌ

من البَرَاثِن والأرْمَاحُ غَاباتُ

عَلَامَ لا يُعْجزُ الوُصَّافَ وَصْفُهُم

وهُم بمُلْكك في الدُّنْيا عَلَاماتُ

ما يَمَّمَتْ بلِوَاءٍ منْك دار عِدَىً

إلَّا وسَامَ (b) لها التَّدْبِير شيمَاتُ

وما الشَّام الّذي جَمَّلْت بل لك من

حُسْنِ المَسَاعِي بوَجْهِ الأرْض شَامَاتُ

يا أيُّها المَلِكُ السُّلْطانُ لا برحَتْ

تُهْدَى إليكَ التَّهَاني والمَسَرَّاتُ

هُنِيتَ بالنَّاصِر الثَّاني ودُمْتَ له

ما دَامَتِ الأرْضُ تَسْمُوها (c) السَّمَوَاتُ

(a) ابن الشعار: الظاهر الظاهر، مكررة.

(b) ق: وسار.

(c) ابن الشعار: تعلوها.

ص: 330

يُرِيْدُ: ابنه المَلِك العَزِيز.

مُلكٌ أبَى اللهُ إلَّا أنْ يكُون لهُ

جَدٌّ كجَدَّيهِ تَتْلُوهُ السِّيَادَاتُ (a)

تَاهَتْ بمَوْلده التّيْجَان وابْتَهَجَتْ

أَسِرَّةُ المُلْكِ والجُرْد الصَّفِيَّاتُ

ماذا يقُول الّذي يَتْلُو مآثِرَه

في مَشْهَد الحَمْد ما تُبْنى (b) المَقَالَاتُ

جُدُودُه أم أَبُوه أم عُمُومَتُهُ

أم الخُؤولَةُ إنْ لَم تَسْمُ حَالاتُ (c)

اسْتَعادَهُ المَلِك الظَّاهِر هذا البَيْت تَنْبيهًا للبَهْنَسِيّ على ذِكر جَدّه لأُمِّه المَلِك العادِل، وذِكر أخْوَاله الّذين المَلِك الأشرَف أحَدُهم.

لا زلْتَ في دَوْلةٍ بالسَّعْد دَائِلَةٍ

جَدِيْد عُمْر تُوَاليكَ السَّعَادَاتُ

ما أَسْفَر الصبْحُ عن لَألاءِ دَاجِيَةٍ

وأظْلَمَتْ وتلَتْ ضوْءًا دُجُنَّاتُ

وسَمِعْتُ سَاطِع بن عَبْد البَاقِي يُنشدُ المَلِك الظَّاهِر لنَفْسِه، أوَّل يَوْم من شَهر رَمَضَان من سَنَة اثْنَتي عَشرة وسِّتمائة بدَارِ العَدْلِ قَصِيدَةً منها:[من الطويل]

تَحِيَّةُ مَمنُوعٍ لَذيذَ حَياتِهِ

مشُوْقٍ إلى حَيِّ الحَيَا وحَيَاتهِ

سَلِيم أسىً قد أسْلَمَتْهُ أُسَاتُهُ

فمَنْ لعَلِيْلٍ دَاؤُهُ مِن أُساتِهِ

أسَأتمْ بِهِ ظَنًّا وأحْسَنَ ظَنَهُ

بإحْسَانِكُمْ والعَفْوُ عن سَيِّئاتِهِ

لئنْ حَسَرتْ أيْدِي الملالِ قِنَاعَهُ

فقد نشَرَ المَطْويَّ مِن حَسَراتِهِ

يُواصِلُ بالشُّكْرِ الجَزِيْلِ صِلَاتِكُمْ

ويَدْعُو لكُمْ في صَوْمِهِ وصَلَاتِهِ

وفي فيهِ مِن ذِكْرَاكُمُ ما تَعَطَّرَتْ

فَيَافِي الفَلَا طِيْبًا لطِيْبِ شَذَاتِهِ

هُوَ الدَّهْرُ أصْمَاهُ بسَهْمِ بِعادِهِ

وأخْنَى عليهِ عَامِدًا بِهَنَاتِهِ

فحَيُّوهُ من إنْعَامِكُمْ لا عُدِمْتُمُ

حيًا مُنْبِتـ[

ًا] للحَمْدِ طُولَ حَيَاتِهِ

فَقَدْ فاءَ إذ كادَت تَفُوتُ حَيَاتُهُ

إلى مَلِكٍ يُحْييهِ بَعْدَ وَفَاتهِ

_________

(a) ابن الشعار: السعادات.

(b) ابن الشعار: لو تغني.

(c) ابن الشعار: حسبي والتحيات.

ص: 331

أنْشَدَنا سَاطعُ بن عَبد الرَّزَّاق (a) بن أبي حَصِيْن لنَفْسِه في الحَاضِر السُّليمَانِيّ بِظَاهِر حَلَب

(1)

: [من الطويل]

دَعَاهَا فبرق الأبرَقَيْن دَعَاهَا

أيا حَادِييَهْا والغَرَامُ دَعَاهَا

ذَراها تُبَاري الرِّيح نحوَ مَرَامها

فجَذبُ البُرى عمَّا تَرُومُ بَرَاهَا

ولا تَلْوِيَاها أنْ تُحاوِل باللِّوَى

دُيُونًا لها بعدُ المَزَار لَوَاهَا

ألَم تَرَياها كالحنَايا وفي السُّرَى

سِهَامًا ورَامٍ بالحَنِيْن رَمَاهَا

مَرَضَ سَاطع بن أبي حَصِيْن بحَلَب في بَعْض شُهُور سَنَة إحدَى وعِشْرين وسِّتمائة، وحُمِلَ إلى مَعَرَّة النُّعْمَان، فماتَ في الطَّريق بين مَعَرَّةَ النُّعْمَان وحَلَب في السَّنَة المَذْكُورة، رحمه الله (b).

(a) هكذا سمى والده: عبد الرزاق، وتقدم في طالع الترجمة وفي ثناياها: عبد الباقي، وتقدم ذكره عند ابن العديم في ترجمة أبي العلاء المعري (الجزء الثاني) باسم: ساطع بن عبد الرزاق ولقَّبه بالعماد، ونصّ كلامه:"سَمعتُ العِماد ساطع بن عبد الرَّزَّاق بن المُحَسِّن بن أبي حَصيْن المَعَرِّيّ يقول .. ". ولم يُنبه ابن العديم على هذا الاختلاف في اسم أبيه إلا أن يكونا اثنين، ولعلهما أَولاد عمّ؛ فإنَّ الصفدي ترجم لائنين من أولاد أبي حصين المعريّ، ترجم لأبي يعلي عبد الباقي بن أبي حصين المعري (الوافي بالوفيات 18: 21 - 23)، وترجم لأبي غانم عبد الرزاق بن عبد الله، القاضي أبو غانم بن أبي حصين المعري (الوافي بالوفيات 18: 407)، وذكر الصفدي أنهما أخوة، وورد اسم الثاني منهما في النجوم إلى الزاهرة لابن تغري بردي (5: 159)، وسماه: عبد الرزاق بن عبد الله بن المحسن، أبو غانم التنوخي المعري (ت 489 هـ).

(b) ق: رحمه الله تعالى.

_________

(1)

الأبيات في قلائد الجمان 2: 102 - 103.

ص: 332

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌سَاعد بن فَضَائِل بن سَاعد، أبو مُحَمَّد المَنْبِجِيّ

من بَيْتٍ مَعْرُوف بمَنْبج، رَوَى عن أبي الفَضْل يَحْيَى بن سَلامَة بن الحُسَين بن مُحَمَّد الحَصْكَفِيّ، والقَاضِي أبي أحْمَد بن الشَّهْرَزُورِيّ، ورَئيس بن عَبْدِ الله النُّمَيْرِيّ، وسَمِعَ من أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، وأبي المَعَالِي مُحَمَّد بن نَصْر بن مَنْصُور المَدِيْنِيّ. رَوَى عنهُ أبو سَعْد (a) عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني سَاعِد بن فَضَائِل التَّاجر إمْلاءً بسَمَرْقَنْد، قال: أنْشَدَني القَاضِي أبو أحْمَد بن الشَّهْرَزُورِيّ بالمَوْصِل، قال: أنْشَدَني وَالدِي لنَفْسِه:

حَسْبي ذُلِّي وعزُّكم يَكْفِيكم

رَبِّي ببَلَائِي قَطّ لا يُبلِيكُم

مَنْ يعرفكُم يَبْسُطُ عُذْري فيكم

أنْتُم ثَمَري فكيفَ لا أَجْنِيكم

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبوِ سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: سَاعِد بن فَضَائِل بن سَاعِد المَنْبِجِيّ، أبو مُحَمَّد، من أهْل منْبج؛ بَلْدَة بالشَّام، أحَدُ التُّجَّار المَعْرُوفين، كان يُسَافر إلى العِرَاق وخُرَاسَان والبِلاد البَعِيْدة، سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، وبسَمَرْقنْد أبا المَعَالِي مُحَمَّد بن نصْر بن مَنْصُور المَدِينِيّ وغيرهما.

(a) ق: أبو سعيد.

ص: 333

لَقِيْتُه أوَّلًا بنَيْسابُور سَنَة ثَلاثين، ثُمّ لقيتُه بسَمَرْقنْد في سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين، وكَتَبتُ عنهُ أقْطَاعًا من الشِّعْر بنَيْسَابُور وسَمَرقَنْد، وكانت ولادَتُهُ تَقْدِيرًا قَبْلَ سَنَة خَمْسمائة بمَنْبِج. وقال لي بنَيْسَابُور بيني وبين الإمَامِ أبي عليّ الحَسَن بن سَاعِد المَنْبِجِيّ قَرَابَةٌ قَرِيبةٌ.

نَقَلتُ ذلك من خَطِّ الإمَام أبي سَعْد السَّمْعَانيّ من المُذَيَّل.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَالِم

‌سَالمُ بن إسْحَاق بن الحُسَين البَزَّاز، أبو الغَنائِم المَعَرِّيّ ثمّ الدِّمَشقيّ ثمّ البَغْدَاديّ

(1)

من مَعَرَّة النُّعْمَان، وسَكَنَ دِمَشْقَ وبَغْدَاد فنُسِبَ إليهما.

رَوَى عن أنوشْتِكِيْن بن عَبْد الله الرِّضوَانِيّ، رَوَى عنهُ أبو المَوَاهِب الحَسَنُ بن هِبَة الله بن صَصْرَى الحافِظ، وخَرَّجَ عنهُ إنْشَادًا في مُعْجَم شُيُوخه.

قَرَأتُ في مُعْجَم شُيُوخِ أبي المَوَاهِب بن صَصْرَى، وشَاهَدتُه بخَطِّه: سَالَم بن إسْحَاق بن الحُسَين المَعَرِّيّ البَزَّاز ثُمّ الدِّمَشقيّ ثمّ البَغْدَاديّ، أنْشَدَنا أبو الغَنائِم رحمه الله، وكَتَبَه لي بخَطِّه، قال: أنْشَدَنا أبو مَنْصُور أَنُوشْتِكِيْن في عَبْد الله الرِّضْوَانِيّ، وأَذِنَ لنا فيه الرِّضْوَانِيّ، قال: أنْشَدَنا الإمَام أبو إسْحَاق إبْراهيم بنُ عليّ الشِّيْرَازيّ الفَيْروزابَاديّ (a) لنَفْسِه: [من الوافر]

سَألتُ النَّاسَ عن خِلٍّ وَفيٍّ

فقالُوا: ما إلى هَذا سَبِيْلُ

(a) الأصل: الفيروزباذي، ق: الفيروزبادي. والبيتان في ترجمته في: وفيات الأعيان 1: 29، والوافي بالوفيات 6: 66، النجوم الزاهرة 5:118.

_________

(1)

توفي سنة 576 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 12: 582، (وفيه: أبو المعالي).

ص: 334

تَمَتَّعَ ما اسْتَطَعْتَ (a) بوُدِّ حُرٍّ

فإنَّ الحُرَّ في الدُّنْيا قَلِيْلُ

قال أبو المَوَاهِب: تُوفِّي رحمه الله في شُهُورٍ من سَنَة ستٍّ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة بدِمَشْق، وقد جَازَ الخَمْسِين، وكان قد سَمِعَ قَبْل الخَمْسِين وبعدها بالعِرَاق.

‌سَالِم بن تَمِيْم الحَلَبِيّ

(1)

وهو سَالَم بن عليّ بن تَمِيْم، اشْتَهر بالنِّسْبَة إلى جَدِّه، وَسَنَذْكُره فيما يأتي فيمَنْ اسْمُ أبيهِ على حرْف العَيْن

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌سَالمُ بنُ الحَسَن بن عليّ، أبو الرِّضَا المُعَدَّلُ الحَلَبِيُّ

(3)

وهو ابنُ أُخْتِ الوَزِير أبي نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن النَّحَّاس الحَلَبِيّ.

رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن المُحَسِّن بن المِلْحِيّ، وعليّ بن أحْمَد بن عليّ الأسَدِيّ.

وكان أَدِيبًا فَاضِلًا، من أعْيَان الحلَبِيِّيْن المُعَدَّلين بها، وذَكَرَهُ أبو العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان في مُقدِّمَة شَرْح خُطْبَة أَدَب الكَاتِب، وله شِعْرٌ جَيِّدٌ، وقد ذَكَرْناهُ في الكُنَى لشُهْرته بالكُنْيَة

(4)

.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ بقِرَاءَتي عليه بجَامع القَصْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن

(a) وفيات الأعيان والوافي: تمسَّك إن ظفرت.

_________

(1)

توفي بعد سنة 465 هـ، ويترجم له المؤلف فيما بعد منسوبًا إلى أبيه عليّ، فانظر مصادر ترجمته هناك.

(2)

تأتي قريبًا في هذا الجزء، وشهره بابن الحَمَامي.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 232.

(4)

في الجزء العاشر بعده.

ص: 335

أحْمَد بن عليّ الأسَدِيّ إجَازَةً، قال: أنْشَدَني أبو الرِّضَا سَالِم بن الحَسَن بن عليّ الحَلَبَيُّ بها: [من الطويل]

أنا (a) مُقْبِلٌ والدَّهْرُ عنِّى مُعْرِض

تَقَسَّمَ لَحْمي بينَ نَابٍ وأظْفَارِ

ويا مُرْسِلَ النُّعْمى على كُلِّ حالةٍ

إليَّ قَرِيبًا كُنْتُ أو نَازِحَ الدَّارِ

ويا مَنْ تَرَاني حيثُ كُنْتُ بقَلْبِهِ

وكم مِن أُناسٍ لا يَرَوْني بإبْصَارِ

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ إذْنًا، وسَمِعْتُ منه إسْنَادَهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، ح.

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد القاسِم في الإجَازَة العامَّة، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن المُحَسِّن بن أحْمَد بن المِلْحِىّ السُّلَمِيّ، بلَفظه وكَتَبَهُ لأبي بخَطِّه وسَمِعْتُه منه معَهُ، قال: أبو الرِّضَا بن النَّحَّاس، شَيْخٌ حَلَبيٌّ هو ابنُ أُخْتِ أبي نَصْر الوَزِير العَالِم المُفِيد الكَاتِب الشَّاعر المُجِيْد، وكان أبو الرِّضَا وَصَلَ إلى دِمَشْق عند القَبْض على خَالهِ لأخْذ حَالهِ (b) فاجْتَمَعْتُ به، وتحدَّثتُ معه، وأنْشَدَني أبو الرِّضَا لخَالهِ:[من الكامل]

يا قلبُ أنْتَ أَذِنْتَ لي فى هَجْره

وزَعَمْتَ أنَّكَ قَاصِرٌ عن ذِكْرِهِ

وضَمِنْتَ إنْجادِي علَيهِ بسَلْوَةٍ

لا أتَّقِي فيها عَوَاقِبَ غَدْرِهِ

ورَجَعْتَ تَطْلُبُهُ وأنتَ أضَعْتَهُ

هَيْهاتَ فاتَ الحَزْمَ فَارِطُ أمْرِهِ

فاسْتُحْسِنَتْ هذه الأبْيَاتُ حتَّى غَنَّى بها القيَانُ، وهَام بها الشُّيُوخ والشُّبَّان، فعَمِل أبو الرِّضَا:[من الكامل]

يا طَرْفُ أنْتَ طَرَحْتَنىِ في حُبِّهِ

وزَعَمْتَ قلبَكَ في هَوَاهُ كقَلْبِهِ

حَتَّى إذا لَفَحَتْكَ نِيْرَانُ الجَوَى

فحُرِمْتَ ما أَمَّلْتَهُ مِن قُرْبِهِ

(a) الأصل، ق: أيا، ولو كانت كذلك فحق الذي يليه أن يكون: مقبلًا.

(b) كذا في الأصل مؤكّدًا بحرف الحاء تحته، ومثله في ترجمته له في الكنى (في الجزء العاشر بعده) وعند ابن عساكر 66: 232: خاله.

ص: 336

أنْشَأتَ تُنْكِرُ ما جَنَيْتَ وقُلْتَ خُذْ

قَلْبي المُعَنَّى في هَوَاهُ بذَنْبِهِ

ذُقْ مُرَّ ما اسْتَحْليْتَهُ وجَنَيْتَهُ

لا يُنْكِرُ المَغْرُورُ صَرْعَةَ عُجْبِهِ

واغْرَقْ بدَمْعِكَ في البُكَاءِ فرُبَّما

قَتَلَ المُتَيَّمُ نَفْسَهُ من كَرْبِهِ

وذَكَرَ ابنُ المِلْحِيّ له أبْيَاتًا أُخَر أثْبَتْناها في الكُنَى فيمَن كُنْيَته أبا الرِّضَا

(1)

، ولم يَعْرف ابن المِلْحِيّ ولا الحافِظ أبو القَاسِم ولا ابنُه اسْمَهُ.

قَرَأتُ في مُقدِّمَةِ شَرْح خُطْبَة أدَب الكَاتِب لابن قُتَيْبَة، تأليفُ أبي العَلَاء أحْمَدَ بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان المَعَرِّيّ

(2)

، قال: ذَكَرَ لي بعضُ الشُّبَّان أنَّهُ تَسْتَعْجم عليهِ مَوَاضِعُ في الكتاب المَعْرُوف بأدَب الكَاتِب، فلَم ألْتَفت إلى كَلامه، وبَلَغَني أنَّ مَوْلاي الشَّيْخ الجَلِيْل أبا الرِّضَا سَالِم بن الحَسَن بن عليّ، جَمَّل اللهُ الأدَبَ ببَقَائهِ، رَسَم لي إجَابَة تلكَ الطَّبَقَة، وعَلِمْتُ أنَّهُ غَنِيٌّ بأدَبهِ؛ لا يَرْغَبُ فيه لنَفْسِه، وإنَّما غَرَضُه أنْ يَنْتَفِع به سِوَاهُ، فأجَبْتُه إلى ما سَأل.

وتَكْفِيه شَهَادَةُ هذا الفَاضِل بما شَهِدَ لهُ بهِ.

‌سَالِم بن الحَسَن بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن صَصْرَى التَّغْلِبِيُّ الدِّمَشقيُّ، أبو المُرَجَّا، وأبو الغَنائِم ابن الحافِظ أبي المَوَاهِب بن أبي الغَنائِم

(3)

من بَيْت الحَدِيْث والعَدَالَة بدِمَشْق، شَيْخٌ حَسَنٌ من المُعَدَّلين، وأُمَناءِ القُضَاة بدِمَشْقَ.

(1)

في الجزء العاشر بعده.

(2)

من مؤلفات المعري التي لم تصلنا.

(3)

توفي سنة 637 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 533، تاريخ الإسلام 14: 238 - 239، سير أعلام النبلاء 23: 60 - 61، الإعلام بوفيات الأعلام 264، العبر في خبر مَن غبر 3: 229 - 230، الوافي بالوفيات 15: 79 - 80، ابن دقاق: نزهة الأنام 123، النجوم الزاهرة 6: 316، شذرات الذهب 7:322.

ص: 337

اجْتَمَعْتُ بهِ بدِمَشقَ، وسَمِعْتُ منه شَيئًا من الحَدِيْثِ، وقال لي: دَخَلتُ حَلَبَ مع وَالدِي في سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وسَمِعْتُ بها من جَمَاعَةٍ. ورَحَلْتُ معه إلى بَغْدَاد، وكانَ مَوْلدُهُ بدِمَشْقَ في أوَاخِر جُمَادَى الآخرة من شُهُور سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة.

سَمَّعَهُ أبُوه بدِمَشْق من أبي المَجْد الفَضْل بن الحُسَين بن إبْراهيم البَانيِاسِيّ، وأبي مُحَمَّد عَبد الرَّزَّاق بن نَصْر النَّجَّار، وأبي الحُسَين أحْمَد بن حَمْزة بن عليّ السُّلَمِيّ، وأبي الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، ومن نَفْسِه -أعْني: أباهُ؛ أبا المَوَاهِب - ورَحَل به إلى حَلَب وبَغْدَاد، فسَمِعَ بحَلَبَ من القَاضِي أبي الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ، والشَّريف أبي طَالِب النَّقِيْب أحْمَد بن مُحَمَّد الحُسَيْنيّ، وشَيْخنا أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن، وأخيه أبي بَكْر مُحَمَّد ابْنَي عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وببَغْدَاد من أبي الفَتْحِ عُبَيْد الله بن عَبْدِ الله بن نَجَا بن شَاتِيْل وغيرهم، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ عن جَمَاعَة من شُيُوخه.

سَمِعْتُ منه في سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسِّتمائة، وأجازَ لي رِوَايَةَ ما يَجُوزُ لهُ رِوَايتُه. وكان حَسَن الأخْلَاق، جَمِيل المَنْظَر، رحمه الله.

أخْبَرَنا أبو المُرَجَّا سَالِم بن الحَسَن بن هِبَة الله بن صَصْرَى، قِراءَةً عليهِ بدِمَشْق بحَانُوْت الأيْتَام بالسُّوق، قال: أخْبرَنا الشَّيْخُ الأمينُ أبو الحُسَين أحْمد بن حَمْزَة بن عليّ السُّلَميّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن الحُسَين السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بنُ عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْر يُوسُفُ بن فَارِس المَيَانِجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى أحْمَدُ بن عليّ بن المثُنَّى المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بن جَنَّاد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بن عَمْرو، عن زَيْد بن أبي أُنَيْسَة، عن زَيْد بن رُفَيْع، عن

ص: 338

حِزَام بن حَكِيم بن حِزَام، عن حَكِيم بن حِزَام

(1)

، قال: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذات يَوْم النِّسَاءَ، فوَعَظهُنَّ وأمَرهُنَّ بتَقْوَى اللهِ، والطَّاعَة لأزْوَاجهنَّ، وأنْ يَتَصَدَّقن، قال: وإنَّ منْكُنَّ مَن تَدْخُل الجَنَّةَ، وجَمَعَ بين أصَابعِهِ فكُلُّكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّم وفرَّق بين أصَابعِهِ، فقالت المَارِدَةُ -أو المَارِديَّة؛ شَكَّ أبو يَعْلَى-: وبِمَ ذاكَ يا رَسُول اللهِ؟ قال: تَكْفُرنَ العَشِير، وتُكْثِرنَ اللَّعْنَ، وتُسَوِّفْنَ الخَيْرَ.

أخْبَرَنا سَالِم بن الحَسَن بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ الحَلَبِيُّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عَبْد الكَريم بن عَبْد المُنْعِم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبي عَبْد المُنْعِم، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ، ح.

وأخْبَرناهُ عَاليًا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان وغيره، قالُوا: أخْبَرَنا أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: أخْبَرَني عليّ بن سَالِم بن الأَغَرّ، ح.

وقال لنا أبو إسْحَاق: حَدَّثَنَا أبي شَاكِر بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي أبو المَجْد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سُلَيمان، قالا: أخْبَرَنا أبو صَالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي أبو الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَنا جَدِّي أبو حَامِد مُحَمَّد بن هَمَّام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سُلَيم القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن هُدْبَة، عن أنَس بن مَالِكٍ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أقْوَامًا يُزَخرِفُونَ مَسَاجِدَهم، ويُطَوِّلُونَ مَنَائرهم، ويُمِيْتُون أفْئدَتَهم، واعَجَباهُ كيفَ ضَيَّعُوا دِيْنَهُم.

أخْبرَني أبو حَامِد مُحَمَّد بن عليّ بن الصَّابُونِيّ، قال: تُوفِّي سَالِم بن الحَسَن بن صَصْرَى يَوْم السَّبْت ثالث جُمَادَى الآخرة من سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِّتمائة، ودُفِنَ

(1)

المعجم الكبير للطبراني 3: 220 (رقم 3109)، صحيح ابن حبان 8: 113 (رقم 3320)، 16: 521 (رقم 7479)، مجمع الزوائد 4:314.

ص: 339

من الغَدِ بسَفْح قَاسِيُون ظاهر دِمَشْق، ثمّ أخْبَرَني وَلده [شَرْف الدِّين عَبْد الرَّحمن](a) بن سَالِم أنَّهُ تُوفِّي يَوْم السَّبْت ثالث جُمَادَى الآخرة من السَّنَة.

وأنْبَأنَا الحافِظُ عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ، قال في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَات النَّقَلَة

(1)

: وفي الثَّالث من جُمَادَى الآخرة -يعني من سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِّتمائة- تُوفِّي الشَّيْخُ الأجَلُّ الأصِيْلُ أبو الغَنائِم سَالِم ابن الشَّيْخ الحافِظ أبي المَوَاهِب الحَسَن ابن الشَّيْخ أبي الغَنائِم هِبَة الله ابن الشَّيْخ أبي البَرَكاَتِ مَحْفُوظ بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن (b) بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ، البَلَدِيُّ الأصْل، الدِّمَشقيُّ الدَّار، المَنْعُوت بالأَمِين، بدِمَشْق، ودُفِنَ من الغَدِ بتُرْبَتهِ بسَفْح قَاسِيُون.

سَمِعَ ببَغْدَاد من أبي الفَتْحِ عُبَيْدِ اللهِ بن عَبْد اللهِ بن نَجَا بن شَاتِيْل وغيره، وبدِمَشْق من أبي مُحَمَّد عَبدِ الرَّزَّاق بن نَصْر النَّجَّار، وأبي المَجْدِ الفَضْل بن الحُسَين بن إبْراهيم البَانِياسِيّ، وأبي الفَرَج يَحْيَى بن مَحمُود الثَّقَفِيّ وغيرهم. وحَدَّثَ، ولنا منهُ إجَازَةٌ، وهو من بَيْتِ الحَدِيْثِ.

‌سَالِم بنُ سَعَادَةَ بن عَبْدِ الله بن أحْمَد بن عليّ الحِمْصِيُّ

(2)

وقيل في أبيهِ سَعِيد

(3)

.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، ويُعْرَفُ بالمُهَذَّب، وكان عَارِفًا بالأدَبِ، يَكْتُب القَصِيدَة من

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر كلمتين، غاب عنه اسم المذكور فأبقاه غفلًا، وقد وقع له مثل هذا في الجزء السادس من الكتاب، فذَكره بلقبه شرف الدين وترك بعده بياضًا.

(b) المنذري: الحسين.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 533.

(2)

توفي سنة 618 هـ، ونقل عنه ابن العديم إنشادًا في تذكرته 269، وترجمته في: الوافي بالوفيات 15: 80 - 81، شذرات الذهب 7:148.

(3)

لأبيه سعادة (أو: سعيد) ترجمة تأتي في موضعها على حروف المعجم في هذا الجزء.

ص: 340

أوَّلها إلى آخرها ويُعْربُها فلا يُوجَد فيها لُحْنَة، فإذا أوْرَدَها لا يأتي بحَرْف منها صَحِيحًا، لأنَّهُ كان أقْلَفَ اللِّسَان؛ لا يَسْتَطِيع تَصْحيح الكَلَام بلِسَانهِ.

وكان قد أوْطَن حَلَب، وخَدَمَ المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب، وأجْرَى له مَعْلُومًا مع الشُّعَراءِ الّذين في خِدْمَته، وكان أمْثَل الشُّعَراءِ عنده بعدَ رَاجِح الحِلِّيّ.

رَوَى لنا عن أَبِيهِ شَيئًا من شِعْره، وعن قاضي حِمْص أبي البَيَان مُحَمَّد بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصِيْن، وعبد الله بن أَسْعَد المَوْصِلِيّ، نَزِيلُ حِمْص، وأنْشَدَنا من شِعْره عدَّة مَقَاطِيْع وقَصَائِد.

وكان وَعَدَني أنْ يَحْملَ مُسْوَّدَات شِعْره إليَّ جَمِيعها خَوْفًا أنْ يَمُوتَ وتَصِيْر في أيْدِي النَّاس فيَدَّعيها غيره، وماتَ ولَم يَحْمل شيئًا.

وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: يكُونُ لي إلى اليَوْم أرْبَعةٌ وخَمْسُون أو خَمْسةٌ وخَمْسُونَ سَنَةً، وكان سُؤالي إيَّاه في شَهْر رَبيِع الآخر من سَنَة أرْبَع عَشرة وسِّتمائة؛ فيكُون مَوْلدُهُ تقدِيرًا بحِمْص في سَنَة ستِّين أو في سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

أنْشَدَني سَالِم بنُ سَعَادَة الحِمْصِيُّ لنَفْسِه بحَلَب: [من الطويل]

هَلِ الطَّرْفُ من فَيْضِ الدُّمُوع جَرِيْحُ

أم النَّوْمُ ما بين الجُفُون ذَبِيْحُ

وهل نَارُ لَيْلَى أم تألّق بارقٍ

دُجَى اللَّيْلِ يَخْبُو تَارةً ويَلُوْحُ

فَتَاةٌ بها عُلِّقْتُ في كَبدي أسىً

تَسَرْبَلْتُ منه السُّقْمَ وهو صَحِيْحُ

وبَانَ فُؤادِي يَوْم بانَ فريْقُها

ودَمْعِي على سَفْح الكَثيْب سَفُوحُ

فأَنْشَدْتُ قَلْبي والدُّمُوعُ لدَى النَّوَى

أَفِي كُلِّ يَوْم غُرْبَةٌ ونُزُوحُ

وما أنا صَاحٍ من سُلَافِ صبَابةٍ

بها لي غَبُوقٌ دَائم وصَبُوحُ

ص: 341

وكم هَبَّ يُنْشِيء مُزْنَةً من مَدَامِعي

غَرَامٌ له بَيْنَ الجَوَانِح لُوْحُ

على دَارِسَاتٍ طَالَ في عرصَاتِها

بُكَاء جُفُوني والحَمَام تَنُوحُ

وَقَفْتُ بها إذْ ما لعَافي رُسُومها

كجِسْمِي منَ البَيْن المُشِتِّ وضُوحُ

ومن جَفْنِ عَيْني لا تُغِبُّ سَحَابَةٌ

ومِنْ زفَراتي لَيْسَ تَرْكُدُ رِيْحُ

وللهِ بَرْق فيهِ بُرْؤُ حشَاشَتِي

وريْحٌ لقَلْبي من جَوَاهُ تُرِيْحُ

فهل لصَبَا نَجْد على ذي صَبَابةٍ

هبُوبٌ وهل بَرْق الحِجَاز لَمُوحُ

ويا حَبَّذَا الرَّوْضُ الّذي نَفَحَاتُه

بِسِرِّ شَذَاهُ المنْدَلِيّ تَبُوحُ

وقد دَبَّجَتْهُ للغُيُوث أنَامِلٌ

فهل هُوَ في الغَازِي الغياث مَدِيْحُ

وأنْشَدَني سَالِم بن سَعَادَة أيضًا لنَفْسِه: [من السريع]

باحَ منَ الدَّمْعِ بأسْرَاري

مَاءٌ مرَتْهُ نَارُ أفْكَارِي

وطَارَ مِن جفْنِيَ مُحْمَرَّةٌ

شَرَارُ زَنْدِ الكَمَدِ الوَارِي

وشَادنٍ شيْمَةُ ألْحَاظِهِ

سَفْكُ دَمِ القَسْوَرَةِ الضَّارِي

عَزَّ وَلي ذُلٌّ فهَيْهاتَ أنْ

أُدْرِكَ يَوْمًا عِنْدَهُ ثَارِي

وكُلُّ ما عَاينْتُهُ خَاطِرًا

غَرِقْتُ في لُجِّةِ أَخْطَارِ

فَيا لَهُ مِن حَاكِم في الهَوَى

كم جَارَ في الحُبِّ على جَارِ

خَدَّ فُؤادِي خَدُّهُ واكْتَسَى

صِبْغَتَهُ مِن دَمِهِ الجَارِي

خَدٌّ يُرِيْنَا الصُّبْحَ تَحْتَ الدُّجَى

علَيهِ بينَ الماءِ والنَّارِ

وحبَّذَا مِسْكُ العِذَار الّذي

فيهِ تَمَسَّكْتُ بأعْذَاري

عِذَارُ مَنْ لَوْلَاهُ ما هُتِّكَتْ

بمُسْتَهِلِّ الدَّمْعِ أسْتَاري

لَمْ أَنْسَ لمَّا زَارَني والدُّجَى

قد حَارَ فيهِ النَّجْمُ يا حَارِ

وقد سَعَى بالبَدْرِ مَنْ قَدُّهُ

غُصْنٌ على دِعْصِ نَقًا هَارِ

ص: 342

وطَافَ بالصُّبْحِ الّذي في الدُّجَى

أطْلَعَهُ مِن غسَقِ القَارِ

بقَهْوَةٍ أنْجُمُ كاسَاتِها

دَائِرَةٌ ما بَينَ أقْمَارِ

في مُوْنقٍ يُنْثَرُ دُرَّ الحَيَا

عَلَيهِ في أصْدَافِ أزْهَارِ

أبْدَى مِنَ النَّوْر كنُوزًا بها

أَغْنَى الثَّرَى مِن بَعْدِ إقْتَارِ

سَمِعْتُ المُهِذَّب سَالِم بن سَعَادَةَ الحِمْصِيّ يُنْشِدُ المَلِك الظَّاهِر غَازِي قَصِيدَةً في مُسْتَهَلِّ شَهْر رَجَب من سَنَة اثْنَتي عَشرة وسِّتِمائة وهو واقفٌ بينَ يَدَيْهِ: [من الطويل]

عَسَى يَنْطَوِي بالوَصْلِ نَشْرُ صدُودِهِ

ويُفْضِي إلى ريٍّ أُوَامُ عَمِيْدِهِ

ويا لَيْتَ يَنْأى بالرِّضَا قُرْبُ سُخْطِهِ

وتُطْفَى بماءِ الوَعْدِ نَار وَعِيْدِهِ

ويُصْبحُ قَلْبي نَافِرًا مِن هُمُومِهِ

وقد باتَ جَفْنِي آنِسًا بهُجُودِهِ

وإنِّي لعَانٍ قيَّدَتْهُ صَبَابةٌ

سيَقْضِي ولا تَقْضِي بفَكِّ قُيُودِهِ

وعَقْدُ اصْطِبَاري حَلَّهُ بطُلُوعِهِ

هِلَالٌ بَدَا في هَالَةٍ مِن عُقُودِهِ

ومِنِ ثَغْرِهِ المَعْسُولِ تَظْما حُشَاشَتِي

إلى بَرَدٍ مَنْ لي برَشْفِ بَرُودِهِ

تَدَيَّرَ نَجْدًا بعْدَ مُنْعَرَجِ اللّوَى

وبُدِّلَ مِن وَادِيهِ سِقْطَ زرُودِهِ

فكَادَ إلى أَجْرَاعِ نَجْدٍ يَطِيرُ بي

هُبُوبُ نَسِيمِ الشَّوْق بَعْدَ ركُودِهِ

ولمَّا مَضَى أبْقَى لَهُ بجَوَانِحي

لَهيْبَ غَرَامٍ شَبَّ بَعْدَ خُمُودِهِ

وأَجْرَيْتُ نَفْسِي بالتَّنَفسِ أدْمُعًا

تُحَدِّرُها يَوْمَ النَّوَى بصُعُودِهِ

ويا حبَّذا لو عادَ عَيْشي كَما بَدَا

رَطِيْبًا ولَهْوي في نَضَارةِ عُودِهِ

ولَم يُرْدِ ضِرْغَامَ العَرِينِ على النَّقَا

سِوَى رَشَأٍ ما بينَ أسْرَابِ غِيْدِهِ

بذِي كَحَلٍ يُضْحِي السَّدِيْدُ مُجَدَّلًا

إذا ما رَمَى رِيْمُ النَّقَا بسَدِيْدِهِ

وما طَرَفُ الخَطِيِّ بالطَّعْنِ في الطُّلَا

بأفْتَكَ مِن طَرْفِ الغَزَالِ وَجِيدِهِ

ص: 343

وذي أمَلٍ أدْمَى مَنَا عَنْسِهِ

بجَوْبِ الفَلَا مِن نَصَّهِ ووَخِيْدِهِ

تَرَامى بها شرْقًا وغَرْبًا وقَد أبَى

تَرَجُّلُهُ حَطًّا لرَفْعِ قَتُودِهِ

وصَارَ منَ الغَازِي إلى المَلِك الّذي

تَخِرُّ المُلُوكُ الصِّيْدُ دُونَ وَصِيْدِهِ

فَتَىً شَامَ مِن دُون الشَّآمِ اعْتِزَامُهُ

فأغْنَاهُ عن تَجْريدِ ما في غُمُودِهِ

تَدَفَّقَ بَحْرًا إذ عَلَا أُفْقَ دَسْتِهِ

تألَّقَ بَدْرًا في سَمَاءَ سُعُودِهِ

يَقِيْسونَ بالبَحْرِ الغُطامِطِ جُوْدُهُ

وهَيْهاتَ أينَ البَحْرُمِن فَيْضِ جُوْدِهِ

أَبِيٌّ له الجدُ الّذي حَازَ إرْثَهُ

عَنِ الصِّيْدِ مِن آبائهِ وجُدُودِهِ

نَشَا ولِوَاءُ السَّمْهَرِيِّ قَمَاطُهُ

وليسَ ظُهُورُ الخَيْلِ غَيْرَ مُهُودِهِ

بهِ آلُ أَيّوبٍ حَلَلْنَ مِنَ العُلَى

ذَرَى باذِخٍ نائي المَحَلِّ بَعِيْدِهِ

وكُلُّ مُلُوك الخَافِقَينِ صُعُودُها

إلى الشَّرَفِ السَّايِ بلَثْمِ صَعِيْدِهِ

وما فَخْرُها إلَّا بغَازِي بن يُوسفٍ

إذا ما دَعَا أحْرَارَها مِن عَبِيْدِهِ

وأقْصَى مُنَاها لو تَكُونُ أمامَهُ

قِيامًا على الهَامَاتِ عِندَ قُعُودِهِ

لَهُ الجَيْشُ مهما جَاشَ في الرَّوْعَ بكرُهُ

تَلاطَمَ بالشُّجْعَانِ مَوْجُ حَدِيدِهِ

ومهما سَرَى في البَرِّ خِلْتَ رِعَالَهُ

رِعَانًا على أنْجَادِهِ وَوُهُودِهِ

يشُنُّ بهِ الغَارَاتِ يَقْظَانُ لَوْ بِهِ

يُصَادِمُ رضوَى هَدَّ رُكْنَ مشيْدِهِ

وأين غَدَا قُلْنا لصَدْرِ خَمِيْسِهِ

وقد نُشرَت بالنَّصْرِ حُمْرُ بنُودِهِ

تَرَى لِطُيُورِ الجَوّ فَوْقَ لِوَائهِ

علَيهِ ازْدِحَامٌ كازْدِحامِ وُفُودِهِ

وفَوْقَ متُون الفُتْخِ مِنْ مَقْرَباتِهِ

عَرينُ قَنًا آسَادُهُ مِن جنُودِهِ

خُيُولٌ إذا ما النَّقْع أبْرَقَ مزْنُهُ

سُيوفًا غَدَا تَصْهَالُها مِن رُعُودِهِ

هُنالِكَ يرْدِي اللَّيْثَ بالحَتْفِ صَادِيًا

وقد وَرَدَ الهِنْديُّ ماءَ وَرِيدِهِ

وقد أصْبَحَ الإيْمانُ للكُفْرِ صَادِعًا

كما صَدَعَ الصُّبْحُ الدُّجَى بعَمودِهِ

ص: 344

فيا مَلِكًا عَمَّ الأنامَ سَمَاحَةً

بطَارِفِهِ يَوْمَ النَّدَى وتلَيْذِهِ

وزَهَّدَ أبْناءَ القَرِيْض بقَصْدِها

إلى كُلِّ مَنْزُورِ النَّوَالِ زَهِيْدِهِ

سَلِمْتَ فأنْتَ الأرْيَحِيُّ الّذي بهِ

هَلَاكُ مُعَادِيْهِ وكَبْتُ حَسُودِهِ

وهُنِّيْتَ في الشهْرِ الأصمِّ بما ضَفَا

علَيكَ بأيْدي يُمْنِهِ مِن بُرُودِهِ

ودُمْتَ دَوَامَ المَدْح فِيْكَ فإنَّهُ

سَيَبْقَى ويُفْنِي الدَّهْرَ طُولُ خُلُودِهِ

وسَمِعْتُ سَالَم بن سَعَادَة يُنْشدُ المَلِك الظَّاهِرَ لنَفْسِه: [من الطويل]

غَزَانا بسَيْفِ المُقْلَتَينِ المُهَنَّدِ

غَزَالُ نقًا أعْيَا على المتُصَيِّدِ

مِنَ الغيْدِ لا يرْعَى الخُزَامَى تنزُّهًا

وأينَ الخُزَامَى مِن قُلُوبٍ وأكْبُدِ

نَصَبْتُ حبَالاتَ الكَرَى لِاقْتِنَاصِهِ

فعَاقَبَ جَفْني بالسُّهَادِ المُؤَبَّدِ

خَلِيليَّ عَقْلي يَوْمَ بُرْقَةِ عَاقِلٍ

علَيهِ كدَمْيِ يَوْمَ بُرْقَةِ ثَهْمَدِ

فهذا طَلِيقٌ مِن قُيُودِ شُؤُونِهِ

وهذا أسِيْرٌ في قُيُودِ التَّبَلُّدِ

فيا فَرْقَدَ الحيَّ الّذي مُذْ هَوِيْتُهُ

تكفَّلَ طَرْقي رَعْي نَسْرٍ وفَرْقَدِ

تأَنّ فلَو أرْسَلْتَ سَهْمَكَ في الصَّفَا

غَدَا مَارِقًا من كُلِّ صَمَّاءَ جَلْمَدِ

وبَادِيَةٍ باتَتْ سَمَاءُ بُيُوتِهِمْ

بكَاظِمَةٍ تُبْدِي كَوَاكِبَ خُرَّدِ

وأَقْمَارِ تَمٍّ في سَمَاءَ ذَوَائبٍ

تُطَالِعُنا مِنْ كُلِّ أُفْقٍ بأَسْعُدِ

وَقَفْنَ بنا في مَوْقِفِ البَيْنِ حُسَّرًا

يُنَثِّرْنَ رَيْحَانَ الأَثِيْث المُجَعَّدِ

ويَسْتُرنَ بالعُنَّابِ وَرْدًا يَصُونُهُ

حَيا لُؤْلُؤٍ يَرفَضُّ مِنِ نَرْجِسٍ نَدِ

ومَوْماةِ قفرٍ بِتُّ أجزَعُ مرْتَها

بلا جَزَعٍ في مَتْنِ وجْنَاءَ جَلْعَدِ

إذا نَسَمَتْ عِندَ الكلَالِ وقَد وَنَتْ

نَسِيمَ غِيَاث الدِّين قُلْتَ لَها خِدِي

إلى مَلِكٍ نِيْطَتْ حَمَائلُ سَيْفِهِ

تُعَانُق سَيْفٍ مُصْلَتٍ غَيرَ مُغْمَدِ

ص: 345

قال فيها:

وفي حَلَب لمَّا أفَاضَ على الوَرَى

غيُوثَ نَدَىً تَنْهلُّ مِن كَفِّه النَّدِي

دَعَا لِورودِ الجودِ كُلِّ مُفَوَّهٍ

بتَحْبيرِ ألْفَاظِ القَرِيْضِ المُجَوَّدِ

فَجُبْتُ إلَيهِ البِيْدَ فَوْقَ شِمِلَّةٍ

مُضَبَّرَةِ الضَّبْعَينِ مَفْتُولَةِ اليَدِ

وَجِئْتُ كما جاءَ ابنُ حَيُّوسَ مَادِحًا

لأعْظَمِ مَمْدُوحً وأكْرَمِ مُرفِدِ

وسَمِعْتُه يُنْشدهُ أيضًا لنفسِه: [من الطويل]

عَسَى ظبيةُ الوعْسَاء تُدني مَزَارَها

وتَطْوِي بنَشْرِ الأُنْسِ عنَّا نِفَارَها

مَضَى حَيُّها تحتَ الدُّجنَّةِ ظَاعِنًا

وأبْقَى لنَفْسِي وَجْدَها وادِّكَارَها

ولمَّا بِها شَطَّ الفَرِيقُ عن الحِمَى

وأبْعَدَ عَن إجْراعِهِ الميْثِ دَارَهَا

ولَم أَرَ منها جَوَّهُ وَهْوَ مُشْرِقٌ

بشَمْسِ ضُحَىً يَحْكِي الهِلَالُ سَوَارَها

أَطلْتُ وقُوفي في الطُّلُول ولَوْعَتي

يُفَرِّم ماءُ الدَّمْعِ في الصَّدْرِ نَارَها

دِيَارٌ على آثارِها ليْ تشوُّقٌ

أجَدَّ صَبَاباتي بها وأثارَهَا

عَهِدتُ بها الشَّمْسَ الّتي لو جَمَالُها

تُغِيرُ بهِ شَمْسَ الضُّحَى لأغَارَها

فَتَاةٌ فُتاتُ المِسْكِ يَهْتكُ في الدُّجَى

إذ زَارِتِ الصَّبَّ الكَئيْبَ اسْتِتارَها

تَشُدُّ على البَدْرِ المُنِيرِ نِقابَها

وتُرْخي على الغُصْنِ النَّضِيْرِ إزَارَها

ومِن بَعْدِ أيَّامٍ أطَالَ وِصَالُها

إليَّ بها رَوْحَاتِها وابْتِكَارَها

وجَدْتُ اللَّيالِي بالهُمُوم طَوِيلَةً

على مُهْجَتي لمَّا عَدِمْتُ قِصَارَهَا

ومَنْ لي بأنْ يَعْتادَ طَرْفيْ رُقادُهُ

عَسَى طَيْفُها في النَّوْم يُدْني مَزَارَها

ويا حبَّذا بالرَّقْمَتَيْنِ خَمَائِلٌ

هَمَى الغَيْثُ فيها لَيْلَها ونَهَارَها

وأضْحَى بها مَرَّ النَّسِيمِ مُرنَّحًا

بدُرِّ النَّدَى حَوْذَانَها وعَرَارَها

ص: 346

وخِلْنَا بها دَارِينَ إذ بهُبُوبِهِ

منَ الزَّهرِ المَطْلُولِ فَتَّقَ فَارَها

وضَوَّعَ فيها ذلِكَ الرَّوْحُ مَنْدَلًا

فهَل مِدَحُ الغَازِي الغِياثُ اسْتَعَارَها

تُوفِّي سَالَم بنُ سَعَادَةَ بحَلَبَ في سَادِس عَشر جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة ثَمان عَشرة وسِّتمائة.

‌سَالم بن سَلْمَان بن عَبْد الله الحَمَوِيّ، أبو المحاسِن الشَّافِعيّ

(1)

رَوَى عنهُ الحافِظ أبو المَوَاهِب الحَسَنُ بن صَصْرَى إنْشَادًا خرَّجَهُ في مُعْجَم شُيُوخه الّذي شَاهدتُه بخَطِّه، وقال: أنْشَدَنا أبو المحاسِن الشَّافِيّ رحمه الله وغيره لبَعْضِهم: [من الطويل]

أمرُّ على أبْوَابكُمُ أرْتَجي الشِّفَا

وأنْدُبُ رَبْعًا للطُّلُول وقد عَفَا

وأنْدبُ أيَّامًا لنا ولَيَاليًا

وأبْكي عليها حَسْرةً وتَلَهُّفا

وكانَ سِرَاجُ الوَصْلِ يَزْهَرُ بَيْنَنا

فهَبَّتْ بهِ رِيْحُ مِنَ البَيْنِ فانْطَفَا

قال أبوِ المَوَاهِبُ بن صَصْرَى: تُوفِّي أبو المحاسِن هذا رحمه الله بعد السِّتِّين وخسِمائَة بدِمشْقَ، وكان فَقِيْرًا، صَالِحًا، مُقْبِلًا على شَأنِهِ وعِيَالِهِ، وماتَ كَهْلًا.

‌سَالم بن صَالِح

شَاعِرٌ من شُعَرَاءِ حَلَبَ، أو مَعَرَّة النُّعْمَان، فإنَّ الرَّشِيْد بن الزُّبَيْر المِصْرِيّ ذَكَرَهُ في كتابِ جنَان الجِنَانِ ورِيَاض الأذْهَان بين شُعَرَاءِ حَلَب ومَعَرَّة النُّعْمَان، وأوْرَدَ له هذه الَأبْيَات الحسَان:[من الطويل]

(1)

توفي بعد سنة 560 هـ.

ص: 347

وما أنا إلَّا المسكُ ظَلَّ لدَيْكُمُ

يَضِيع وعِندَ الأكْرَمِيْنَ يَضُوعُ

وكالماءَ أمَّا في السِّبَاخِ فضَائعٌ

وَفي المَنْبَتِ الزَّاكِي حَيًا ورَبيْعُ

وكالدُّرِّ في التِّيْجَانِ يُعْرَفُ قَدْره

ويَدْفِنُهُ تحتَ التُّرابِ مُضيْعُ

وذُكِرَ لي أنَّ البَيْتَ الأوَّل يُرْوَى لمَسْكَوَيْه.

‌سَالَمُ بن ظَافِر بن إبْراهيم بن رَافِع، أبو الرَّجَاءِ السَّرُوجِيّ

كان مُقيمًا بحَلَب، وحَكَى بها حِكايَةً عن سُليْمان بن عبد الرّحْمن بن عَبْدِ المُنْعِم بن المُنْذِر الحَلَبِيِّ، رواها عنه أبو الخَطَّاب عُمَر بن مُحَمَّد العُلَيْمِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الخَطَّاب عُمَر بن مُحَمَّد العُليمِيّ، وأخْبَرَنا بهِ عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بدِمَشْق، قال: سَمِعْتُ أبا الرَّجَاء سَالِم بنُ ظَافِر بن إبْراهيم بن رَافِع السَّرُوجِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه في مَنْزِلي بحَلَب، يَقُول: عُدْنا أبا المَعَالِي سُليْمان بن عبد الرَّحْمن بن عَبْد المُنْعِم بن المُنْذِر في مَرَضِهِ الّذي ماتَ فيه، وقد اعْتُقِلَ لِسَانُه فأخَذَ طِرْسًا وقَلَمًا وكَتَبَ من قِيْلِهِ:[من السريع]

لَهْفِي على غُصنِ شَبَابٍ ذَوَتْ

أوْرَاقُهُ مِن أوَّلِ الغَرْسِ

ومَنْزِلٍ أمَّلْتُ بُنْيانَهُ

فَصَارَ في جَانِجِهِ رَمْسِي

كُلُّ يُسلي نَفْسَهُ جُهْدَهُ إلَّا أنا جُهْدِي على نَفْسِي

ثُمَّ فَاظَتْ نَفْسُه.

قُلتُ: وهذا سُليْمان كان أبُوه بَنى له دَارًا ليُزَوِّجهُ فيها فاخْتُرمَ قبْل ذلك، فأوْصَى أنْ يُدْفن بها، وقال هذه الأبْيَات، وَسَنَذْكُر قِصَّتَهُ في تَرْجَمَتِهِ

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

ترجمة سليمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن المنذر في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 348

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَالم بن عَبْدِ الله

‌سَالم بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب بن نُفَيْل بن عَبْد العُزَّى بن قُرْط بن رِيَاح بن عَبْد الله بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤَي بن غَالِب، أبو عُمَرَ -وقيل: أبو عَبْد الله، وقيل: أبو عُبد الله- القُرَشِيّ العَدَوِيّ المَدَنِيّ

(1)

كان بِدَابِق حين وَلِيَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وقيل إنَّ عُمَر أرْسَل إليه وأحْضَره إليه من المَدِينَة، وغَزَا الرُّوم مَرَّات؛ منها مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، ومنها في خِلَافَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ومنها غَزَاة غَزَاها هو وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز مع الوَلِيد بن هِشَام بن مُعاوِيَة بن هِشَام بن عُقْبَة.

(1)

توفي سنة 106 هـ، وقبل في سنة 107 هـ أو 108 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 195 - 201، طبقات خليفة 246، تاريخ خليفة 338، تاريخ أبي حفص الفلاس 199، 243، 261، 588، تاريخ البخاري الكبير 4: 115، التاريخ الصغير 1: 248 - 250، 278 - 279، 284، 286، الجاحظ: البيان والتبيين 2: 291، 3: 127، 280، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 5: 512 - 514، الدولابي: الكنى والأسماه 2: 40، تاريخ الطبري 3: 291، 391، 446، 607 - 616، 4: 58، 68، 202، 207، 289، تاريخ الثقات للعجلي 174، المعارف 186 - 187، المعرفة والتاريخ 1: 554 - 556، الجرح والتعديل 4: 184، الثقات لابن حبان 4: 305، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 108، حلية الأولياء 2: 193 - 198، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 104، تاريخ ابن عساكر 20: 49 - 74، ابن الجوزي: المنتظم 7: 113 - 115، صحفة الصفوة 2: 90 - 91، ابن الأثير: الكامل 3: 58، 181، 4: 526، 5: 114، 126، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 431 - 435، وفيات الأعيان 2: 349 - 350، تهذيب الكمال 10: 145 - 154، تاريخ الإسلام 3: 49 - 52، الكاشف 1: 344، الإعلام بوفيات الأعلام 55، تذكرة الحفاظ 1: 88 - 89، العبر في خبر مَن غبر 1: 99، سير أعلام النبلاء 4: 457 - 467، الوافي بالوفيات 15: 83 - 85، تهذيب التهذيب 3: 436 - 438، تقريب التهذيب 1: 280، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 301، السيوطي: طبقات الحفاظ 40 - 41، شذرات الذهب 2: 40، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 52 - 57.

ص: 349

رَوَى عن أَبيِهِ عَبْد الله بن عُمَر، وأبي أَيُّوب الأنْصَاريّ، وأبي هُرَيْرَة، وعائِشَة، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر الصِّدِّيْق، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر.

رَوَى عنهُ حُمَيْدُ بن تِيرويه الطَّويل، والفَضْل بن عَطِيّة، ومُحَمَّد وعَبْدُ الله ابْنَا مُسْلِم بن شِهَاب الزُّهْرِيَّيْن، ونَافِع مَوْلَى أبيه عَبْد الله بن عُمَر، وعَمْرو بن دِيْنار، وعبد الله بن إسْحَاق الزُّهْرِيّ، والعَلَاءُ بن عبد الرَّحْمن، وعُمَر بن مُحَمَّد بن زَيْد، وعُقْبَةُ بن أبي الصَّهْبَاءَ البَاهِلِيّ، وعبدُ الله بن عبد الرَّحْمنِ، وعليّ بن زَيْد، وإبْراهيم بن أبي عَبْلَة، ومُحَمَّد بن أبى حَرْمَلَة، وخَالد بن أبي عِمْران، ويزيد بن أبي مَرْيَم، ومُحَمَّد بن إسْحَاق، وعبد الله بن عِمْران بن أبي فَرْوَة، وموسَى بن عُقْبَة، ومُحَمَّد بن عَجْلان، وأبو سَلَمَة الدَّوْسِيّ (a)، وحَنْظَلَة بن أبي سُفْيان، وصالح بن مُحَمَّد بن أبي زَائِدَة الدَّرَاوَرْدِيّ، ويَحْيَى المَدِيْنيِّ، والوَضِيْن بن عَطَاء، ويَزِيْد بن عبد الرَّحْمن بن مَالِك، ومَرْوَان بن حَبْر البَزَّار (b)، وأبو بَكْر بن عُمَر بن عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُمَر، وأَشْعَب الطَّمعُ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن بن زَيْد الكنْدِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليَّ بن إبْراهيم بن عِيسَى البَاقِلَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان بن مَالِكٍ القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس بن مُوسَى القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بنُ عِيسَى الجُهَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَنْظَلَة بنُ أبي سُفْيان، عن سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه عُمَر بن الخَطَّاب، قال: كان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا دَعَا رَفَع يَدَيه وإذا فَرَغَ ردَّهُما على وَجْههِ.

(a) بعده في الأصل: "والفضل بن عطية"، وتقدم ذكره في أوائل مَنْ رَوَى عنه.

(b) كذا في الأصل، وفي طبقات ابن سعد 5: 199: البزاز، وعند ابن عساكر 30: 62: ابن جبر البزار.

_________

(1)

من طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه 20: 49، وينظر: كنز العمال للمتقي الهندي 2: 615 (رقم 4892).

ص: 350

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبْرزَد بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان، عن عُبَيْدِ الله بن عُمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن ابن عُمَر

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَأكُلوا بالشِّمالِ فإنَّ الشَّيْطان يَأكُل بشمالهِ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: حَدَّثَنا يُونُس بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا الحَكَم بنُ عَبْدِ الله الأيْلِيّ (a)، قال: قَدِمَ سُليْمانُ بن عَبْد المَلِك المَدِينَة، فدَخَلَ عليه القَاسِم وسَالِم بن عَبْد اللّهِ، قال: وإذا سَالِم أحْسَنُهما كِدْنَةً (b)، فقال: يا أبا عُمَر، [ما طَعَامك] (c)؟ قال: الخُبْزُ والزَّيْتُ، قال: وتَشْتَهيِهِ؟ قال: أدَعُهُ حتَّى أشْتَهِيَهُ، قال: ثُمَّ دَعَا لهما بغَاليةٍ، وجاءت جَارِيَةٌ وَضِيْئَةُ الوَجْهِ، مَدِيدةُ القَامةِ، فذَهَبَتْ تُغليهما فقال: تنحَّي عنَّا، ثُمَّ تَنَاولا المُدْهُن فلَعِقَا منه ثمّ أدَّهَنا، ثُمَّ قالا: إنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتِيَ بالدُّهْنِ الطَّيِّب لَعِقَ منهُ، ثمّ أدَّهَن.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من حلية الأولياء وتاريخ ابن عساكر.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: "الكِدْنَةُ: الشَّحم واللَّحم".

(c) ما بين الحاصرتين إضافة من الحلية وتاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)184.

(2)

صحيح مسلم 3: 1599 (رقم 106).

(3)

حلية الأولياء 2: 193، وانظره في تاريخ ابن عساكر 20:67.

ص: 351

أخْبَرَنا أبو الحَسَن المُبارَك بن مُحَمَّد بن مَزْيَد الخوَّاصُ، وأبو الفَتْح بن أبي الفَرَج بن أبي الفَرَج (a) الحُصْرِيّ البَغْدَاديّان، قراءةً على كُلِّ واحدٍ منهما بانْفِرَادِه وأنا أسْمَعُ ببَغْدَاد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن أبي العَلَاءِ الحَسَن بن أحْمَد بن العَطَّار الهَمَذَانيّ وقال أبو الفَرَج: وأنا حَاضِرٌ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن النُّعْمان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ بن المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْحاق بن أحْمد بن نَافِع الخُزَاعىّ بمَكَّة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي عُمَر العَدَنِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد، عن صالح بن مُحَمَّد بن زائِدة، قال: كُنْتُ مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك في الغَزْو، فوجَد إنسانًا قد غَلَّ، فدَعَا سَالِم بن عَبْد الله فسَأله عن أمْره، فقال سَالَم: حَدَّثنِي أبي، عن جدِّي عُمَر بن الخَطَّاب

(1)

: أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ وَجَدتُموه قد غَلَّ فاضْرِبُوه وأحْرقُوا مَتَاعَهُ، قال: فوُجِد في رَحْلِهِ مُصْحَفٌ، قال: فسَأل سَالِمًا عنه، فقال: بِعْهُ وتَصَدَّق بثَمَنهِ.

أخْبَرَنا أحْمَدُ بن شَاكِر بن عَبْد الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن أبي عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن مهدِي، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ بن شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن

(a) هكذا قيَّد ابن العديم اسمه بالكنى مكررًا، وذكره فيما تقدم من هذا الجزء، في ترجمة زياد بن النضر الكوفي: أبو عبد الله مُحَمَّد بن نصر بن أبي الفرج الحصري، ومثله في توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 3: 245، وكنية نصر: أبو الفتوح وليس: الفرج!.

_________

(1)

سنن سعيد بن منصور 3/ 2: 269 (رقم 2729)، سنن أبي داود 3: 157 (رقم 2713)، الجامع الكبير للترمذي 3: 128 (رقم 1416)، الكامل لابن عدي 4: 1376، المستدرك للحاكم 2: 127 - 128، فتح الباري 6: 187، كنز العمال 4: 393 (رقم 11078)، وانظر: المسند الجامع 14: 27 (رقم 10631).

(2)

تاريخ ابن عساكر 23: 374.

ص: 352

عَمْرو، عن أبي إسْحَاقَ، قال: أخْبَرَني صالِح بن مُحَمَّد، قال: غَزَونا مع الوَلِيد بن هِشَام، ومَعَنا سَالِم بن عَبْدِ اللّه، وعُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز، ومَكْحُول، فغَلّ رَجُلٌ منَّا مَتَاعًا، فأمَرَ الوَلِيدُ بمَتاعِهِ فحُرِقَ وضُرِبَ ولَم يُعْطَ سَهْمه.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن نَصْر بن الحَسَن البُوسَنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا حَنْبَل بن عليّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْدِ الله أحْمَد بن مُحَمَّد الشُّرُوطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم مُحَمَّد بن حِبَّان البُسْتِيّ، قال: أخْبَرَنا ابنُ جَوْصَا، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَيْر النَّحَّاس، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن إبْراهيم بن أبي عَبْلَة، قال: رأيْتُ سَالِم بن عَبْد اللهِ وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز يَتَسَايران بأرْض الرُّوم، فأبال أحدُهما دابَّتَهُ فأمْسَكَ عليه الآخَرُ حتَّى لَحِقَهُ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبْرزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، ح.

قال: وقُرئ على سُليْمان بن إسْحَاق بن الخَلِيل، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي أُسامَة، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدٍ

(1)

، قال: سَالِم بنُ عَبْدِ الله بن عُمَر بن الخَطَّاب بن نُفَيْل بن عَبْد العُزَّى بن رِيَاح بن قُرْط (a) بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤَي، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، ويُكْنَى سَالِم أبا عُمَر.

قال مُحَمَّد بن عُمَرَ

(2)

: ورَوَى سَالِم عن أبي أَيُّوب الأنْصَاريّ، وأبي هُرَيْرَة،

(a) كتب ابن العديم بهامش الأصل: "سقط منه رزاح"، وفي طبقات ابن سعد: ابن رياح بن عبد الله ابن قرط بن رزاح.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 195.

(2)

طبقات ابن سعد 5: 200.

ص: 353

وعن أبيهِ، وسَمِعَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر يُخْبر أباهُ عن عائِشَة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بناء الكَعْبَة، وكانَ ثِقَةً، كَثِيْر الحَدِيْث عَاليًا من الرِّجالٍ، وَرِعًا.

وقال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن بن البَنَّاء إذْنًا إنْ لَم يكُن سَمَاعًا، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيْدٍ إجَازةً، قال: حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة

(1)

، قال: سَمِعْتُ أَبي يَقُول: سَالِم بن عَبْد الله أبو عُمَر.

قال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن البَقَّالِ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الحَمَّاميِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن أحْمَد بن الحَسَنِ بن مِهْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ نُوح بن حَبِيْب (a) يَقُول: وسَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر يكْنَى أبا عُمَر.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنا عَمِّيِ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وجِيْهُ بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، وأبو مُحَمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا عبَّاس بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(3)

يَقُول: سَالِم بن عَبْد الله كُنْيَتُهُ أبو عُمَر.

وقال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ نَصْر اللّه بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا نَصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا سُلَيم بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا طَاهِر بن

(a) في الأصل: ابن أبي حبيب، وهو نوح بن حبيب البَذَشيّ القُومسي، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 15: 438 - 441، وتاريخ الإسلام 5: 1286، وتهذيب الكمال للمزي 30:39.

_________

(1)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 157.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 51.

(3)

تاريخ يحيى بن معين 3: 189.

(4)

تاريخ ابن عساكر 20: 53.

ص: 354

مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عِليّ بن إبْراهيم بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد بن مُحَمَّد بن إِيَاس

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد المُقَدَّمِيِّ يَقُول: سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب أبو عُمَر.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر أبو عُمَر.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخاَلِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبرَنا أبو أحْمد الغُنْدجَانيّ، قال: أخْبرنا أحمد بن عَبْدان، قال: أخْبَرنا مُحّمد بنُ سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب أبو عُمَر القُرَشِيّ العَدَوِيّ المَدِيْنِيّ. قال الحَسَن بن وَاقِع، عن ضَمْرَة بن رَبِيْعَة: مات سَنَة ستٍّ ومائة.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد (a) بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكّيِّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(4)

يَقُول: أبو عُمَر سَالِم بن عَبْدِ اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب، سَمِعَ أَباهُ، رَوَى عنهُ الزُّهْرِيّ، ونَافِع.

(a) الأصل: أبو سعد، وتقدم صحيحًا في كثير من المواضع، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.

_________

(1)

في كتاب الأزدي المفقود: طبقات مُحَدثي الموصل، ولم يذكره في كتابه تاريخ الموصل.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 4: 115.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 52.

(4)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 532.

ص: 355

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد الخَطِيب، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن الحَسَن في كتاَبهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازةً إنْ لَم يَكُن سَمَاعًا، فال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(1)

، قال: سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب، أبو عُمَر، رَوَى عن أَبيِهِ، وأبي هُرَيْرَة، وعائِشَهَ، رَوَى عنهُ الزُّهْرِىِّ، ونَافِع، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن (a)، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين الكَلَابَاذِيّ: قال سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب، أبو عُمَرِ القُرَشِيّ العَدَوِيّ المَدَنِيّ، سَمِعَ أباهُ، وأبا هُرَيْرَهَ، رَوَى عنهُ الزُّهْرِيّ، ونَافِع، ومُوسَى بن عُقْبَهَ، وحَنْظَلَة بن أبي سُفْيان فىِ الإيْمان وغير مَوضعٍ.

قال الوَاقِدِىِّ: قال أبو نُعَيْم: ماتَ سَنَة ستٍّ ومائة. قال الذُّهْلِيّ: وفيما كَتَبَ إليَّ أبو نُعَيْم: في آخِرها. وقال ابنُ أبي شَيْبَة، تُوفِّي سَنَة ستٍّ ومائة في آخرها. وقال عَمْرو بن عليّ

(2)

: مات سَنَة ستٍّ ومائة، بعَقِبِ ذِي الحِجَّة. وقال الوَاقِدِيّ مثل عَمْرو بن عليّ، قال: صلَّى عليهِ هِشَام بعد انْصِرَافهِ من الحَجَّ. وقال الذُّهْلِيّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْر، قال: ماتَ في ذي القَعْدَة سَنَة ستٍّ ومائة، وصلَّى عليه هِشَام بن عَبْد المَلِك، وقال الهَيْثَم: تُوفِّي سَنَة ثَمانٍ ومائة.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن قُشَام، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو العَلَاءِ الحَسَنُ بن أحْمَد الهَمَذَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبَي عليّ

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

الجرح والتعديل 4: 184.

(2)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 243.

ص: 356

الهَمَذَانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن منْجُوَيْه الحافِظ، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أبو عُمَر سَالَم بن عَبْد اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب القُرَشِيّ العَدَوِيّ المَدَنِيّ، وأُمُّهُ أُمِّ سَالِم، وهي أمُّ وَلد إِخْوَتهِ: عُبَيْد اللّه، وحَمْزَة، وزَيْد، ووَاقِد، وبِلَال، وعُمَر. سَمِعَ أبِاهُ، وأبا هُرَيْرَة، رَوَى عنهُ نَافِع مَوْلَى ابن عُمَر، وابن شِهَاب، وعُمَر بن مُحَمَّد بن زَيْد، وعَمْرو بن دِيْنار.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن نَاصِر، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، عن أبي الفَضْل المَكِّيّ، قال: أخْبَرَنا عُبَيْد اللّه بن سَعيد بن حَاتِم، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو عَبْدِ الله سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر، وقيل أبو عُمَر.

وقال أبو الفَضْل بن نَاصِر: أنْبَأنَا أبو الطَّاهِر بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الصَّوَّافُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر المُهَنْدِسُ، قال: حَدَّثتا أبو بِشْرٍ الدُّولَابِيّ

(1)

، قال: أبو عَبْدِ اللّه، ويُقال: أبو عُمَر، سَالِم بن عَبْد اللّه بن عُمَر بن الخَطَّاب.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمِّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن البَقَّالِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بن إسْحَاق، قال: قال عليّ بن المَدِيْنِيّ: سَالِم بنُ عَبْدِ اللّه أبو عُبَيْد اللّه (a).

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيُّ

(2)

، قال: سَالِم بن عَبْدِ اللَّه بن عُمَر بن الخَطَّاب بن

(a) كتب ابن العديم فوقه: "صـ"، وانظر الرواية في تاريخ ابن عساكر 20: 53، وفيه مثل المثبت.

_________

(1)

الكنى 3: 40.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 48.

ص: 357

نُفَيْل بن عَبْد العُزَّى بن قُرْط بن رِيَاح بن عَبْد الله بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤَي، أبو عَبْد اللهِ -ويقال: أبوِ عُبيدِ اللهَ، ويُقال: أبو عُمَرَ- العَدَوِيُّ المَدَنِيُّ الفَقِيهُ. رَوَى عن أَبِيهِ، وأبي هُريرة، وأبي أَيُّوبَ الأنْصَاريّ، وعائِشَةَ، والقَاسِمَ بن مُحَمَّد بن أبي بَكر الصِّدِّيق (a).

روَى عنهُ الزُّهْرِيّ، وحُمَيْد الطَّويل، ونَافِع مَوْلَى ابن عُمَر، ومُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة، والعَلَاء بن عبد الرَّحْمن، وخَالِد بن أبي عِمْران، وَيزيد بن أبي الوَليدِ الدِّمَشقيِّ، وعُقْبَةُ بن أبي الصَّهْبَاء البَاهِلِيّ، ويَحْيَى بن الحاَرِث، وعَمْرو بن الوَلِيدِ الدِّمَشقيِّ، والوَضِيْن بن عَطَاء، وَشِ يْد بن عبد الرَّحْمن بن أبي مالك. وقَدِمَ الشَّامَ على عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بكتَابِ أبيهِ بالبَيْعَةِ له، وعلى الوَليد (b) بن عَبْد المَلِك، وعلى عُمَر بن عَبْد العزِيْز.

أخْبَرَنا أبو الجَاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أْخبَرَنا أبو المكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد اللَّبْانُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله (c)، قال: ومنهم -يعني من الطَّبَقَة الأُوْلَى من التَّابِعِين- الفَقِيه المُتَخَشع الرَّهَّابُ أبو عُمَر سَالَم بن عَبْدِ الله بن عُمَر بن الخَطَّابِ، كان لله خَاشِعًا وفي نفسه خَاضِعًا، وبما يَدْفَع به وَقْتَهُ قَانِعًا، وقد قيل: إنَّ التَّصَوُّفَ لُزُوم الخُضُوع والقنُوع، والتَّبرُّؤ من الجَزُوع الهَلُوع. أسْنَد سَالَم ما لا يُعَد كَثْرةً عن أَبِيهِ وعن جلَّة الصَّحَابَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن طَبرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَةِ الله (d)، قال:

(a) زيد في شيوخه عند ابن عساكر: "وعبد الله بن عبد بن أبي بكر الصديق".

(b) زيد في نشرة ابن عساكر: "الوليد الفاسق"، أقحمت في بعض نسخه.

(c) بعده في الأصل: الحداد، ولم أجده في ألقابه عند مَن ترجم له، ولعله خلط عليه بأبي علي الحداد راوي كتاب الحلية، وانظر حلية الأولياء 2: 193، 195.

(d) ورد إسناده مكررًا في الأصل، وتجاوز ناسخ ق عن إثبات التكرار.

ص: 358

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعقُوبُ بن سُفْيان

(1)

، قال: حَدَّثَني يُونُس بن عَبْد الأعْلَى، قال: أخْبَرَني أشْهَبُ، عن مَالك، قال: قال سَعيدُ بن المُسَيَّب: كان عَبْد الله أشْبَه وَلد عُمَر بهِ (a)، وكان سَالَم بن عَبْدِ الله أشْبَه ولد عَبْد الله بهِ.

قال مَاللث: ولَم يكُن أحدٌ في زَمَن سَالَم بن عَبْد الله أشْبَه بمَن مَضَى من الصَّالِحين في الزُّهْد والقَصْد والعَيْش (b) منه، كان يفبس الثَّوبَ بدِرْهَمَين، ويَشْتَري السّمَاكَ (c) يَحْملُها. وقال سُليْمان بن عَبْد المَلِك لسَالَم، ورآهُ حَسَنَ السِّحْنَة: أيّ شيء تَأكُل؟ قال: الخُبْز والزَّيت، وإذا وَجَدْتُ اللَّحَم أكَلْته، فقال عُمَر له: أو تَشْتَهيه؟ قال: إذا لَم أشْتَهه تَرَكتُهُ حتَّى أشْتَهيَهُ.

هكذا قال هَا هُنا وفي الخبر الّذىِ رَوَاهُ الهَيْثَم بن عَدِيّ، وقد قيل إنَّ الّذي قال له ذلك الوَلِيد بن عَبْد المَلِك.

أخْبَرَنا بذلك أبو الحجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(2)

، وأخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قالْ أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَاميِّ، قال: أنْبَأْنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانيِّ أنَّ أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ أخْبَرَهم (d)، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي صَفْوَان، قال:[حدَّثَنَا](e) يَحْيَى بن كَثِيْر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ

(a) بعده في الأصل: "وكان سالم أشبه ولد عمر به"، ثم ضرب عليه، ولم بنقله في ق.

(b) المعرفة والتاريخ: القصد في العيش.

(c) كذا في الأصل، وق؛ جمع سمك، وفي كتاب المعرفة والتاريخ: الشمال؛ جمع شملة وهى الثوب أو الرداء، ووردت مهملة في أصول ابن عساكر 30: 55 فاعتمد المحقق إعجام يعقوب ابن سفيان.

(d) الإسناد عن أبي هاشم عبد المطلب أدرجه ابن العديم في الهامش، ووقع فيه زيادة بتكرار مع ما في المتن وهو قوله:"قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد"، وتجاوز عنه في ق.

(e) ساقطة من الأصل، ق.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 556.

(2)

حلية الأولياء 2: 193 - 194.

ص: 359

الله بن إسْحَاق الزُّهْرِيّ، قال: سَمِعْتُ سَالَم بن عَبْدِ الله يَقُول: دَخَلْتُ على الوَلِيد بن عَبْد المَلِك فقال: ما أحْسَنَ جِسْمك! فما طَعَامُكَ؟ قُلتُ: الكَعْكُ والزَّيْتُ، قال: وتَشْتَهيهِ؟ قُلتُ: أدَعُهُ حتَّى أشْتَهيَهُ، فإذا اشْتَهَيْته أكِلْتُهُ.

قال أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ

(1)

: ورَوَى مَالِك بن أنَس أنّ هِشَام بن عَبْد المَلِك قال لسَالَم فَذَكرَ نَحْوَهُ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع، قال: وقِصَّته ما ذَكَرَ الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا الغَلَابِيّ، ح.

وأنبأنَا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم البُنْدَار، عن أبي أحْمَد القَارِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عَيَّاشٍ، قال: لمَّا حَجَّ هِشَام بن عَبْد المَلِك فمرَّ بالمَدِينَة، قال لرَجُلٍ من أصْحَابهِ: انْظُر مَنْ تَرَى في المَسْجِد، قال: أرَى رَجُلًا طُوَالًا أَدْلَمَ، قال: هذا بَقِيَّةُ النَّاسِ، هذا سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر، عليَّ بهِ، فجاءَ في ثَوْبَيْن، فقال: أتَدْخُل على أَمِيرِ المُؤْمنِيْن في هذا الزِّيّ؟ فقال: ألَا أدْخُل عليهِ في زيٍّ أقُوْم في مثله بين يَدي ربّ العالَمِين!؟ فدَخَلَ فسَلَّم فرفَعَهُ وقَرَّبه، وقال: كم سِنُّك يا أبا عُمَر قال: ستُّون سَنَة، قال: ما رَأيْتُ ابنَ ستِّين أتَمَّ كِدْنَةً منكَ! ما أكْلُكَ؟ قال: الخُبْز والزَّيْتُ، قال: فإذا أُجِمْتَهُ؟ قال: أدَعُهُ حتّى أشْتَهِيَهُ. قال: فَخَرَجَ من بين يَديهِ فَحُمَّ، فقال: لَقِعَني الأحْوَلُ بعَمنهِ فَاعْتَلَّ ومات، فصَلَّى عليهِ. وكان هِشَام يَقُول: ما أدْرِي بأيهما أشَدّ فَرَحًا بحجَّتي أم بصَلَاتي على سَالِم؟.

(1)

حلية الأولياء 2: 194.

ص: 360

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتيِق بن أبي الفَضْل السَّلمَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن بن أبي الحَسَن (a)، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا عَبْد الله بن عَبْد الرَّحمن السُّلميِّ، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ، عن الأصْمَعيِّ، عن أبي الزَّنادِ (b)، قَال: كان أهلُ المَدِينَة يَكْرهُون اتِّخَاذ أُمَّهات الأولَادِ حتَّى نَشَأ فيهم الغُرُّ (c) السَّادَةُ: عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر الصِّدِّيْق، وسَالَم بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب (d)، فُقَهَاء، ففَاقوا أهْل المَدِينَهَ عِلْمًا وتُقَىً وعِبَادةً (e) ووَرَعًا، فرَغِبَ النَّاس حينئذٍ في السَّرَاري.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن رَوَاج، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر السِّلَفيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق المَدِيْنيِّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد الخلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن (f) بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن النَّسَوِىُّ، قال في تَسْمِيَةِ فُقَهَاء أهل المَدِينَة من التَّابعِين: سَعيد بن المُسَيَّب، وعُرْوَة بن الزُّبَيْر، وأبو سَلَمَة بن عبدِ الرَّحْمن، وعُبَيْد الله بن عَبْد الله بن عُتْبَة، وسُليْمان بن يَسَارٍ، وخارِجَة بن زَيْدُ، وأبو بَكْر بن عبد الرَّحْمن بن الحَارِث بن هِشَام، وعليّ بن

(a) في الأصل: الحسين، والمثبت من ق، فكنية جدّ الحافظ ابن عساكر واسمه هبة الله: أبو الحسن، وانظر الخبر في تاريخ ابن عساكر 30:57.

(b) كذا في الأصل وابن عساكر، وعند الدينوري في كتاب المجالسه: ابن أبي الزناد.

(c) المجالسة: الغرر، تاريخ ابن عساكر: القراء.

(d) في ق: رضي الله عنهم.

(e) ساقطة من ق.

(f) ساقطة من ق.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 339.

ص: 361

الحسُين، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر الصِّدِّيْق، وسَالَم بن عَبْد الله بن عُمَر، وأبو جَعْفَر محمد بن عليّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَد العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن حَمُّوْيَه السَّرْخَسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عران عيسَى بن عُمَر بن العبَّاس السّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبدِ الرَّحْمن الدَّارِميِّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عَفَّان، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعيد القَطَّانُ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن مَنْصُور، قال: قلتُ لإبْراهيم: إنَّ سَالما أَتَمّ منك حَديثًا؟ قال: إنَّ سَالمًا كان يكْتُبُ.

أنْبَأْنَا أبو عليّ حَسَن بنُ أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفيِّ، إجَازَةً إنْ لِم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابت بن بندَار البَقَّال، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زّكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجليّ، قال: حَدَّثَني أبي

(2)

، قال: سَالَم بن عَبْد الله بن عُمَر، مَدَنيِّ، تَابِعيُّ، ثِقَةٌ.

أنْبَأْنَا أبو نَصْر الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: أخْبَرَنا (a) أبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن أحمد، وأبو الحَسَن مَكّيِّ بن أبي طَالِب، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليِّ بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا الوَلِيد الفَقِيه غير مرَّة يَفُول: سَمِعْتُ سُليْمان بن مُحَمَّد بن خَلَف المَيدانيِّ يَقُول: سَمعْتُ إسْحَاق بن إبْراهيم الحنظَليِّ يَقُول: أصَحُّ الأسَانيد كُلّها: الزهْرِيّ، عن سَالَم، عن أَبيهِ.

(a) ق: أخبرني.

_________

(1)

سنن الدارمي 1: 123.

(2)

العجلي: تاريخ الثقات 174.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 58 - 59.

ص: 362

أنْبَأنَا أبو حَفْص المكْتِبُ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنا الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يكن سَمَاعًا منهما أو من أحَدهما، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبير بن بَكَّار، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد الرَّحْمن، عن أبي بَكْر بن عَبْدِ العَزِيْز بن عُبيد الله (a) بن عَبْد الله بن عُمَر، قال: جاء بَدَوِيُّ إلى عُبيد الله بن عَبْد اللهِ، وهو جالسٌ في مَجْلِسهم، حَوْله وَلدهُ وأصْحَابه، فاسْتفتَاهُ في مَسْأَلَةٍ، فقال: تُريد أبا عُمَرَ؟ وأقْبل على بَعْضِ بَنيهِ، فقال: اذْهَب إلى عَمِّكَ فقُل له: هذا مُسْتَرْشِدٌ، فدَخَلَ على سَالَم فوجَدَهُ جالِسًا في دار عَبْد الله بن عُمَر بين رِجْليه رَحَى ينْقشُهَا، فقال له: يقُول لك أخُوك: هذا مُسْتَرْشد، فسَأله عمَّا يريد، فدكَر ذلك، فأجابَه، فَخَرَجَ البَدَوِيّ وهو يَرَى شَرَف عَبْد اللهَ فقال: لَم أرَ كاليَوم فَقِيهًا ولا مَفْقُوهًا.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا (b) أبو بَكْر بن الطَّبَري، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(1)

، قال: قال ابنُ بُكَير وقَدِمَ مُقَدَّم بن عليّ وجَمَاعَهَ من المِصْرِيِّيْنِ المَدِينَة، فأتَوا باب سَالَم بن عَبْد الله، فسَمِعُوا رُغَاء بَعِيْر، فبينما هُم كذلك خرَج عليهم رَجُلٌ آدَم شَدِيد الأُدْمَة، مُتَّزِرٌ بكسَاءَ صُوْف إلى ثُنْدُوَته، فقالُوا له: مَوْلاك دَاخِل؟ فقال: مَنْ تُردون؟ قالوا: سَالَم بن عَبْد الله، قال ابن بحَير فلمَّا كَلَّمَهُم جاء شيء غير المنْظَر، قال: مَنْ أرَدْتُم؟ قالوا: سَالَم، قال: ها أنذا، فما جاء بكم؟ قالوا: أرَدْنا أنْ نَسْألك، قال: سَلوا عن ما شِئْتم، وجَلَسَ ولَده مُلَطَّخ بالدَّم والقَيْح الّذي أصَابه من البَعِيْر، فسَألُوه.

(a) ق: عبد الله.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

لم أقف عليه في المتبقي من كتابه المعرفة والتاريخ.

ص: 363

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل الأَدَميّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو علي الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نعيم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: حَدّثَنَا إبْراهيمُ بنُ مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن أبي صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن كَثِيْر، قال: حَدّثَنَا عَبْدُ الله بن إسْحَاق، قال: سَمِعْتُ سَالَم بن عَبْد الله يَقُول: إيَّاكم وإدَامةَ اللَّحْم، فإنَّ له ضرَاوةً كضَرَاوَة الشَّرَاب.

وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(2)

، قال: حَدّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْب، قال: حَدَّثَني حَنْظَلَةُ، قال: رأيْتُ سَالَم بن عَبْد الله بن عُمَر يَخْرُج إلى السُّوق فيَشْتري حَوَائِج نَفْسه.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج الدِّمَشقيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بنُ عُبَيْد الله بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجاَزِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِياء النَّهْرَوَانيّ القَاضِي

(3)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن القَاسِم الكَوْكَيِّ، قال: حَدّثَنَا أبو سَعيد الحاَرِثيِّ، قال: حَدَّثَنَا العُتْبيُّ، عن أَبِيهِ، قال: دَخَلَ سَالَمِ بن عَبْدِ الله بن عُمَر على سُليْمانَ بن عَبْد المَلِك وعلى سَالِمٍ ثِيَابٌ غَلِيْظَة رَثَّة، فلم يَزَل سُلَيمان يُرَحِّبُ بهِ ويَرْفَعُهُ حتَّى أقْعَدَهُ معه على سَرِيره، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز في المَجْلِس، فقال له رَجُلٌ من أُخْرَيَاتِ النَّاسِ: أمَّا اسْتَطاع خالكَ أنْ يَلْبَسَ ثِيَابًا فَاخرَةً أحْسَنَ من هذه فدَخَلَ (a) فيها على أَمِير المُؤْمنِيْن؟ وعلى المُتَكِّلم ثيَابُ سَرِيَّةٌ لها قِيْمة، فقال له عُمَر: ما رَأيْتُ هذه الثِّيَابَ الّتي على خَالي وَضَعتْهُ في مكانك هذا، ولا رَأيتُ ثيِابكَ هذه رَفَعَتْكَ إلى مكانِ خَالي ذلك.

(a) الجريري: فيدخل.

_________

(1)

حلية الأولياء 2: 194.

(2)

حلية الأولياء 2: 194.

(3)

الجريري: الجليس الصالح 4: 9.

ص: 364

قال القَاضِيِ

(1)

: لقد أَحْسَنَ عُمَرُ في جَوَابِه، وأجادَ في الذَّبِّ عن خَالِه. وقد أنْشَدَنا ابن دُرَيْد، في خَبَرٍ قد ذَكَرْتُهُ في غير هذا المَوضِع، لبَعْضِ الأعْرَاب:[من البسيط]

يُغَايظُونا بقُمْصَانٍ لهم جُدُدٍ

كأنَّنا لا نَرَى في السُّوقِ قُمْصَانَا

لَيْسَ القَمِيْصُ وإنْ جَدَّدْتُ رُقْعَتَهُ

بجَاعِلي رَجُلًا إلَّا كما كَانَا

وأنْشَدنا أيضًا لأعْرَابيٍّ قَصَدَ بابَ بَعْضِ المُلُوك، فحَجَبَهُ الآذِنُ وجَعَل يَسْتأذنُ لغيره ممَّن له بِزَّةٌ:[من البسيط]

رَأيْتُ آذِنَنَا يَسْتَامُ بِزَّتَنَا

وليْسَ للحَسَبِ الزَّاكِي بمُسْتَامِ

فلَو دُعِيْنا على الأحْسَابِ قَدَّمَنَا

مَجْدٌ تَلِيْدٌ وجَدٌّ رَاجِحٌ نَامِ

ولقد أحْسَنَ الّذي قال: [من الكامل]

قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى وإزَارُهُ

خَلَقٌ وجَيْبُ قَمِيْصِهِ مَرْقُوعُ

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن بن إبْراهيم الدَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا سَهْل بن بِشْر، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد في الحُسَين بن مُحَمَّد الطَّفَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد الله القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا جَرِير بن حَازِم، قال: أُتِيَ سَالِم بقَدح مُفَضَّضٍ، فلمَّا ذَهَبَ ليتَناوَلَهُ رَأى الفِضَّة الّتي فيهِ فتَرَكَهُ، فقال رَجُلٌ لنَافِعٍ: ما مَنَعَهُ أنْ يَشْربَ فيهِ؟ فقال: ما سَمِعَ في آنيَةِ الفِضَّة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات بن المبُارَك، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن

(1)

الجريري: الجليس الصالح 4: 10.

ص: 365

بَكْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَريَّاء، قال: أخْبَرَنا صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي أحْمَد

(1)

، قال: حَدَّثَني أبي عَبْدُ الله، قال: كان عَبْدُ الله بن عُمَر يُقَبِّل ابنَهُ سَالمًا ويقُول: شَيْخٌ يُقَبِّل شَيْخًا، ويقُول: إنِّي أُحبُّكَ حُبَّين: حُبُّ الإسْلَام، وحُبُّ القَرَابَة.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، عن أبي غَالِب وأبي عَبْد الله ابْنَي البَنَّاء، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: ولعَبْدِ الله بن عُمَر سِوَى هؤلاء سَالِم وكان من خِيَار النَّاس، ومن حَمَلَهِ العِلْم، وفيه يقُول عَبْد الله بن عُمَر:[من الطويل]

يديرُونَني عن سَالِمٍ وأُدِيرهُم

وجلَدةٌ بين العَيْن والأنْف سَالِمُ

أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن أبي عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن مَهْدِي، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الأسْوَدِ، قال: أخْبَرَنا الأصْمَعِيّ، قال: أوْصَى ابنُ عُمَرُ إلى عَبْدِ الله بن عَبْد الله (a)، وتَرَك سَالِمًا، وكان أسَنّ منه، فقيل له: أتدع سَالِمًا؟ فقال: أوَتَعْلمُونَ بعَبْدِ الله بأسًا؟ قال: فلمَّا وُضع على سَرِيره قال عَبْدُ الله لسَالِم: تقَدَّم، قال: ما كُنْتُ لأتقَدَّم وقد قدَّمك أبي.

(a) ق. عمر، وصححه في الهامش.

_________

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 174.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 60.

ص: 366

قال يَعْقُوبُ: وسَمِعْتُ في حَدِيثٍ أنّ ابن عُمَر قيل له في ذلك، فقال: إنِّي أكْرَهُ أنْ أُدَنِّس سَالِمًا بوَصِيَّةٍ (a)، وأشْغَلَهُ عمَّا هو فيه؛ يُرِيد العِبَادَةَ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن حُبَيْش، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن عُقْبَة أنَّهُ رَأى سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر لا يَمُرُّ بقَبْر بلَيْلٍ ولا نَهَارٍ إلَّا سَلَّم عليه، يَقُول: السَّلام عَليْكم، فقُلْتُ له في ذلك، فأخْبَرَني عن أَبِيهِ أنّهُ كان يَفْعَل ذلك.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أنْبَأنَا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرّحْمن الخَطِيبُ، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليّ المَنْبِجِيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الفَضْل بن عَبْد الوَاحِد بن الفَضْل التَّاجِر، وأبو عَبْد الله إسْمَاعِيْل بن عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن الخَشَّاب، قالا: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن مُوسَى الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبِو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الصَّفَّار الزَّاهِد، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بنُ حَرِيشْ الصَّامِت، قال: حَدَّثَنَا أبو سَهْل سَلم الخُرَاسَانيّ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن مُجَالِد، عن عَامِر الشَّعْبِيّ أنَّهُ قال: كان عَبْدُ الله بن عُمَر وابنُه سَالِم بن عَبْد الله جُلُوسًا عند الحَجَّاج إذْ جاؤوا برَجُلٍ يُريد أنْ يَقْتُلَهُ الحَجَّاجُ، فقال لسَالِمٍ: قُمْ إلى هذا الرَّجُل فاقْتُله،

(a) ابن عساكر: بالوصية.

_________

(1)

حلية الأولياء 2: 194 - 195.

ص: 367

قال: فقام سَالِم فسَلَّ سَيْفَهُ، ودَنَا منه، وابن عُمَر يَنْظُر إليه ويقُول: أَتُراه فَاعِلًا، فلمَّا دَنَا منه قال له: يا هذا، أصَلَّيْتَ اليَوْمَ الغَدَاة؟ قال: نَعَم؛ قد صلَّيْتُ الغَدَاة، فغَمَدَ سَيْفَهُ، ثمّ رجَعَ إلى الحَجَّاج، فقال له الحَجَّاجُ: ما لك لَم تَقْتلهُ؟ قال: سَمِعْتُ أبي هذا يُحَدِّثُ عن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول

(1)

: مَنْ صَلَّى الغَدَاة فهو في ذِمَّةِ الله حتَّى يُمْسِي، فلا يطْلُبنَّكمَ اللهُ بشيءٍ من ذِمَّتِهِ، قال: فسَكَتَ الحَجَّاجُ ولَم يَرُدّ عليه شيئًا.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد المعرُوف بالمُلَثَّم بالقَاهِرَةِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن عليّ بن سعُود البُوْصِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاء، ح.

قال شَيْخُنا أبو عَبْد الله: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الفَرَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الغَسَّانِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ من لَفْظه بدِمَشْق، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاء الله، قالا: أخْبَرَنا

(1)

المعجم الكبير للطبراني 12: 311 - 312 (رقم 13210)، الكامل لابن عدي 4: 1378، حلية الأولياء لأبي نعيم 6: 173، صحيح ابن حبان 5: 36 - 37 (رقم 1743)، كنز العمال للمتقي الهندي 7: 366 (رقم 19398)، كشف الخفاء للعجلوني 2: 337 (رقم 2515)، وانظر: المسند الجامع 16: 578 (رقم 12821).

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 64.

ص: 368

أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا (a) أبو بَكْر أحْمَد بنُ مَرْوَان المالِكِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَيْر بن مِرْدَاسٍ، قال: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيّ، قال: سَمِعْتُ سُفْيان بن عُيَيْنَة يَقُول: دَخَلَ هِشَام بن عَبْد المَلِك الكَعْبَة، فإذا هو بسَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب، فقال له: يا سَالِم، سَلْني حَاجَةً؟ فقال: إنِّي لأسْتَحيي من اللهِ تبارك وتعالى أنْ أسَأل في بَيْتِ اللهِ غير اللهِ، فلمَّا خَرَجَ، خَرَجَ في أَثَره فقال له: الآن قد خَرَجْتَ فسَلْني حَاجَةً؟ فقال له سَالِم: من حَوَائِج الدُّنْيا أم من حَوَائِج الآخرة؟ فقال: من حَوَائِج الدُّنْيا، فقال له سَالِم: أمَا واللهِ ما سَألْتُ الدُّنْيا مَنْ يَمْلكها، فكيفَ أسْألَ مَنْ لا يَمْلكها!.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ

(2)

، قال: حدّثنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحمّد بن أبي الدُّنيا، قال: حدَّثنا دَاوُد بن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا عَفِيف، قال: أخْبَرَني إبْراهيمُ بن أبي حَنِيْفَة اليَمَامِيّ، عن سَالِم بن عَبْد الله، قال: بَلَغَني أنَّ الرَّجُل يُسْأل يَوْم القِيامَة عن فَضْلِ عِلْمه كما يُسْأل عن فَضْلِ مَالهِ.

قُلتُ: عَفِيف هذا هو عَفِيفُ بن سَالِم.

أخْبرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب عبدُ الرَّحْمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بن العَجَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن مَيْمُون النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن عليّ المُرْهِبِيّ،

(a) ق: أخبرنا.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 20.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)160.

ص: 369

قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عبد الرَّحْمن بن يَحْيَى الصَّيدَاوِيّ، قال: حَدَّثنا المُفَضَّل - يعني: ابن غَسَّان- قال: أخْبَرَني عَبْدُ الله بن صالح، قال: قال سَالِم بن عَبْدِ اللهِ لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز: اجْعَل الدُّنْيا يَوْمًا واحدًا صُمْته عن شَهَواتك، كان آخر فِطْرك فيهِ المَوْت، فكأَنْ قَدْ.

ص: 370

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم أحْمَد بن مُحَمَّد اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا (a) أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظُ

(1)

، قال: حُدِّثْت عن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز (b)، قال: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ (c) بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ بن أبي سُفْيان، قال: كَتَبَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز إلى سَالِم بن عَبْد الله أنْ اكْتُب إليَّ بشيءٍ من رَسَائِل عُمَر بن الخَطّاب، فكَتَبَ: أنْ يا عُمَر اذْكر المُلُوك الّذينَ تفقَّأت أعْيُنُهم الّتي كانت لا تنْقَضي لذَّتهم، وانْفَقأتْ بُطُونُهم الّتي كانُوا لا يَشْبعُونَ بها، وصَارُوا جِيَفًا في الأرْض تحت أكْمَامِها (d) أنْ لو كانت إلى جَنْب مِسْكِين لأُذِي برِيْحهم.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ فيما أجَازَهُ لي، قال: أَنْبَأنَا أبو إسْحَاق الحَبَّال، وستُّ المُوَفَّق خَدِيجَة المُرَابِطَة -قال أبو إسْحَاق: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار، وقالت خَدِيجَةُ: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار- قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: ابن العزيز.

(c) ق والحلية: شريح، ومهملة في الأصل، انظر: تاريخ الإسلام 5: 825، وسير أعلام النبلاء 11:146.

(d) الحلية: أكنافها.

_________

(1)

حلية الأولياء 2: 194.

ص: 371

مَحْمُود بن مُحَمَّدُ الأدِيْب بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا ابن جَبَلَة وعُبَيْدُ الله، قالا: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، عن شُعَيْب بن صَفْوَان، قال: كَتَبَ سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر إلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز: أمَّا بَعْدُ يا عُمَر؛ فإنَّهُ قد وَلي قَبلك أقْوَامُ فماتُوا على ما قد رأيتَ، ولقُوا الله فُرَادَى بعد الجُوع والحَفَدَة والحَشَم، وعالَجُوا نَزْعَ المَوْتِ الّذي كانُوا منه يَفِرُّونَ، فانْفَقَأت أَعْيُنُهم الّتي كانت لا تَفْنَى لذاتُها، واندَقَّتْ رقابُهُم غير مُوَسَّدين بعدَ تَظاهُر الفُرش والمَرَافق والسُّرُر (a) والخَدَم، وانْشَقَّتْ بُطُونهُم الّتي كانُوا لا يَشْبَعُون فيها من كُلِّ نَوْع من الطَّعَام، وصَارُوا جِيَفًا حتَّى لو كانُوا إلى جَانِب (b) مِسْكِين ممَّن كانُوا يَحْقرُونَهُ وهُم أحْيَاء لتأذَّي بهم بعد إنْفَاق الأمْوَالِ على أغْرَاضِهم من الطَّيِّب والكُسْوَة الفَاخِرة اللَّيِّنَةِ، أنْفَقُوا الأمْوَالَ إسْرَافًا وفَتَروا (c) عن حَقِّ الله، فإنَّا للهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ ما أَعْظَمَ ما ابتُلِيْتَ به يا أَمِير المُؤْمنِيْن، فإنْ اسْتَطَعْتَ أنْ تَلْقاهم يَوْم القِيامَة وهم يحبَسُون بما عليهم ولا تُحْبَس بشيءٍ فافْعَل.

أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا ابن ناجِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عباد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن غِيَاث بن إبْرَاهيمِ، قال: حَدَّثَنَا أَشْعَب ابن أُمّ (d) حُمَبْدَة، قال: أتَيْتُ سَالِم بن عَبْدِ الله وهو يقْسِم صدَقَةَ عُمَر، فسَألتُهُ، فأَشْرَفَ عليَّ من خَوْخَة فقال: وَيْحَك يا أَشْعَب لا تَسْئَلْ.

وقال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله مَكْحُول، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن خُرَّزَاد، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَرْعَرَة،

(a) ق: والسرور.

(b) ق: جنب.

(c) كذا في الأصل، ولعله: وقَتَّروا.

(d) ساقطة من ق.

_________

(1)

حلية الأولياء 2: 194.

(2)

حلية الأولياء 2: 194.

ص: 372

قال: حَدّثَنَا أبو عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْريَةُ بن أسْمَاء، قال: حَدَّثَني أَشْعَبُ، قال: قال لي سَالِم بن عَبْد اللهِ: لا تَسَل أحَدًا غير الله.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن أبي غَالِب القَزَّاز، ح.

وأنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي عليّ البَصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن لؤلُؤ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله (a) بن سُلَيمان بن الأشْعَث، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد السِّنْجِيّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن أَشْعَب الطَّمعِ، قال: دَخَلْتُ على سَالِم بن عَبْدِ الله فقال لي: يا أَشْعَبُ، حُمِلَ إلينا جَفْنَةٌ من هرِيْسةٍ (b) وأنا صَائمٌ، فاقْعُد فكُلْ، قال: فحَمَلْتُ على نَفْسِيِ، فقال: لا تَحْمِل على نَفْسِكَ، ما يَبْقَى يُحْمل (c) مَعَكَ، قال: فلمَّا رجَعتُ إلى منْزِلي، قالت لي امْرَأتي: يا مَشُوم، بَعَثَ عَبْد الله بن عَمْرو بن عُثْمان يَطْلُبك، ولو ذَهَبْتَ إليه لحبَاكَ، قال: فما قُلْت لهُ؟ قالت (d): قُلْتُ له: إنَّك مَرِيْضٌ، قال: أحْسَنتِ، فأخَذْتُ قَارُورَةَ دُهْنٍ وشَيئًا من صُفْرة، فدَخَلْتُ الحَمَّام، ثم تَمَرَّخْتُ بهِ، فعَصَّبْتُ (e رَأسِي بعِصَابَةٍ، وأخَذْتُ قَصَبَةً فايَّكأتُ عليها (f)، فأتَيْتُه وهو في بَيْتٍ مُظْلمٍ، فقال لي: أَشْعَبُ؟ فقُلتُ: نَعَم، جَعَلَني الله فداءَكَ، ما رَفَعْتُ جَنْبي من الأرْض منذ شَهْرَين، قال: وسَالِم في البَيْتِ وأنا لا أعْلَمُ، فقال لي سَالَم: ويْحَك يا أَشْعَب! قال:

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: هريشة.

(c) تاريخ بغداد: ما تُبقي تحمل.

(d) في الأصل: قال، ومثله في أصول الخطيب البغدادي، والمثبت من ق.

(e) تاريخ بغداد: ثم خرجت فعَصَبْتُ.

(f) الأصل، ق: عليه، والمثبت من تاريخ بغداد.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 507 - 508 (ترجمة أشعب الطامع).

ص: 373

فقُلْتُ لسَالِم: نَعَم جَعَلَني اللهُ فداءَكَ، منذُ شَهْرَين ما رَفَعْثُ ظَهْري منِ الأرْض، قال: فقال سَالِم: وَيْحَك يا أَشْعَبُ، قال: فقُلتُ: نَعَم جُعِلْتُ فدَاءَك؛ مَرِيْضٌ منذُ شَهْرَين ما خَرَجْتُ، قال: فغَضِبَ سَالِم [وخَرَج](a). قال: فقال لي عَبْد الله بن عَمْرو: وَيْلَكَ يا أَشْعَبُ، ما غَضَبُ خالي إلَّا من شيءٍ، قال: قُلتُ: نَعم جُعِلْتُ فداءَك، غَضِبَ من أنِّي أكَلْتُ اليَوْم [عندَهُ](b) جَفْنَةً من هَرِيْسةٍ، قال: فضَحِكَ عَبْدُ الله وجُلَساؤهُ، وأعْطَاني ووَهَب لي، قال: فخَرَجْتُ وإذا سَالِم بالبابِ، فلمَّا رآني قال: وَيْحَك يا أَشْعَبُ، ألَم تَأكُل عندِي؟ قال: بَلَى جُعِلْتُ فدَاءَكَ، قال: فقال سَالِم: واللهِ لقد شَكَكْتني!

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّرِيفيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ سُلَيمان بن دَاود، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن حَسَن المَخْزُوميّ، عن القَاسِم بن عَبْد الله بن عُمَر بن حَفْصٍ، عن أبي بَكْر بن عُمَر بن عبدِ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُمَر بن الخَطَّاب، قال: حضَرتُ سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَرَ وأَشْعَب يسْأله باللهِ أنْ يُعْطيَهُ من صَدَقَة عَبْد الله بن عُمَر وهو يَجُذّها بالغَابةِ، وكان سَالِم لا يُعْطي أَشْعَبَ شيئًا، وكان سَالِم لمَّا سَألَهُ باللهِ قال له سَالِم: أَقِلّ ولا تُكْثر وَيْحَكَ، فلَم يسْأله شيئًا إلَّا أعْطَاهُ.

قال: وحَدَّثَنَا الزُّبَيْر، قال: حَدَّثَني أبو عَرُوبَة (c) مُحَمَّد بن مُوسَى الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَني عبد الرَّحْمن بن أبي الزَّنَاد، عن إبْراهيم بن عُقْبَة، قال: كان سَالِم بن عَبْدِ الله بن عُمَر إذا خَلا حَدَّثَنَا حَدِيث الفِتْيَان.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور مُحَمَّد بنُ الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مَحْمُود بن

(a) إضافة من تاريخ بغداد.

(b) إضافة من تاريخ بغداد.

(c) ق: أبو عمرويه.

ص: 374

إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أخمَد بنُ يَحْيَى ثَعْلَب، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِ بن بَكَّار، عن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، عن إسْحَاق بن عَبْدِ الله الفَرْوِيّ، قال: بينا سَالِم بن عَبدِ الله بن عُمَر يَرْمي الِجِمَار إذ نَظَر إلى امْرأة تَرْمي الجِمَارَ، فجاءت حَصَاةٌ فصَكَّت يَدَها فوَلْوَلَت وألْقَتِ الحَصَا، فقال سَالِم: تَعُودين صَاغِرةً فتأخُذين حَصَاك، فقالت: يا عَمّ إنّا واللهِ: [من الطويل]

مِنَ اللَّائي لَم يَحْجُجن يَبْغين حسْبَةً

ولكن ليَقْتُلن البريءَ المُسَلِّما

فقال: صَانَ اللهُ هذا الوَجْهَ عن النَّار.

وقد رَوَاهُ ابنُ شَاذَان، عن أبي عليّ الطُّوْمَارِيّ، عن ثَعْلَب بالإسْنَادِ، وقال: قال: قد قَبَّحك اللهُ.

أخْبَرَنا به أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر، قراءةً عليه بالقَاهِرَة وأنا أسْمَعُ، قال: أنْبَأنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن عليّ السَّلَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أَيُّوبَ البَزَّاز، وأبو الفَضْل أحْمَد بن الحَسَن بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ عِيسَى بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُمَر بن عَبْد المَلِك بن جُرَيْج المَعْرُوف بالطُّوْمَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن بَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا زُبَيْر، قال: حَدَّثَني يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن عِيسَى، عن إسْحَاق بن مُحَمَّد (a) الفَرْوِيّ، قال: أقْبَل سَالِم بنُ عَبْد الله بن عُمَر يَرْمي الجَمرة يَوْم النَّحْر، فأطلَعَتِ امْرأة كَفًّا خَضِيْبًا من خِدْرها لتَرْمي، فجاءَت حَصَاةٌ فصَكَّتْ كَفَّها، فوَلْوَلَتْ وطَرَحَتْ حَصَاها،

(a) كذا في الأصل وفوقه "صـ"، وتقدم في الرواية قبله:"عبد الله".

ص: 375

فقال لها سَالِم: تَرْجعين صَاغِرةً قَمِئَهً فتأخُذين حَصَاكِ من بَطْن الوَادِي فَتَرمين به حَصَاةً حَصاةً، فقالت: يا عَمّ إنَّا واللهِ: [من الطويل]

من اللَّائىِ لَم يَحْجُجْن يَبْغِينِ حسْبَةً

ولكن ليقْتُلنَ البَرِيءَ المُغَفَّلَا

قال: قد قَبَّحكِ اللهُ.

أخْبَرَنا أبو بَكر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليِّ بن الخَضِر القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ المُبارَك بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، والكَاتِبة شُهْدَة بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، ح.

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءَ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْلِ عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيِّ قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن إبْراهيم بن عليّ الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبَو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سَهْلِ، قال: حَدَّثَني يَمُوْت بن المُزَرَّع، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حُمَيْد شَجَن، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَسْلَمَة، قال: حَدَّثَني أبي، قال: أتَيْتُ عَبْدَ العَزِيْز بن عَبْد المُطَّلِب أسْألُه عن بَيْعَةِ الجِنِّ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بمَسْجِد الأحْزَاب ما بَدْؤُها، فوَجَدْتُه مُسْتَلْقيًا وقد رَحَّلَ رجْلَيْهِ برَادُوف بإصْبَعِهِ على صَدْره وهو يتَغَنَّى:[من الطويل]

فما رَوْضَةٌ بالحَزْنِ طَيِّبةُ الثَّرَى

يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُها وعَرَارُها

بأطْيَبَ من أرْدَانِ عزَّةَ مَوْهِنًا

وقد وَقَدَتْ بالمنْدَلِ الرَّطْبِ نَارُهَا

مِنَ الخَفِرِاتِ البِيْضِ لَم تَلْقَ شِقْوةً

وبالحَسَبِ المَكْنُون صَافٍ نِجارها

وإنْ بَرَزت كانَتْ لعَيْنَيكَ قُرَّةً

وإنْ غِبْتَ عنها لَم يَعُمَّكَ عارُها

ص: 376

فقُلتُ لهُ: أَتُغَنِّي أصْلَحَكَ اللهُ وأنْتَ في جَلالِكَ وشَرَفك؟! أمَا والله لأحْدُوَنَّ بها رُكْبان نَجْدٍ، قال: فوالله ما اكْتَرث بي وعَاوَدَ يتَغَنَّى: [من الطويل]

فما ظبيَةٌ أَدْمَاءُ خفَّاقَةُ الحَشَا

تَجُوبُ بظِلْفَيها مُتُونَ الخَمَائِلِ

بِأحْسَنَ منها إذْ تَقُولُ تَدلُّلًا

وأدْمُعُها يُذْرِيْنَ حَشْوَ المَكَاحِلِ

تَمَتَّعْ بذا اليَوْمِ القَصِيْرِ فإنَّهُ

رَهِيْنٌ بأيَّام الشُّهُورِ الأطَاوِلِ

قال: فنَدمْتُ على قَوْلي له، فقُلتُ: أصْلَحكَ اللهُ، تُحَدِّثني في هذا بشيِءٍ؟

فقال: نَعَم؛ حَدًّثَني أبي، قال: دَخَلْتُ على سَالِم بن عَبْدِ الله بن عُمَر وأَشْعَبُ يُغَنِّيهِ: [من الطويل]

مُغِيرِيَّةٌ كالبَدْرِ سُنَّةُ وَجْهِها

مُطَهَّرةُ الأثْوَابِ والعِرْضُ وَافِرُ

لها حسَبٌ زاكٍ وعِرْضٌ مُهَذَّبٌ

ومِن كُلِّ مَكْرُوهٍ منَ الأمْرِ زَاجِرُ

مِنَ الخَفِرَاتِ البِيْض لَم تلْقَ ريْبَةً

ولَم يَسْتَمِلْها عن تُقَى اللهِ شَاعِرُ

فقال له سَالِمَ: زِدْني، فغَنَّاهُ:[من الطويل]

ألَّمتْ بنا واللَّيْلُ دَاجٍ كأنَّهُ

جَنَاحُ غُرَابٍ عَنْهُ قد نَفَضَ القَطْرَا

فقُلْتُ أَعَطَّارٌ ثَوى في رِحَالِنا

وما احْتَمَلَتْ ليلي سِوَى طيْبِها عِطْرَا

فقال سَالِم: والله لولا أنْ تَدَاوَلهُ الرُّوَاة لأجْزَلت جَائزتكَ، فإَنَّك من هذا الأمْر بمَكَان.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرَأتُ على أبي غَالب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أَخْبَرَنا أبو أيُّوب سُليْمان بن إسْحَاق الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي أُسامة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 67.

ص: 377

سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْد الله (a) بن عُمَر بن حَفْص، قال: نَظَر هِشَام بن عَبْد المَلِك إلى سَالِم بن عَبْد الله يَوْم عَرَفَة في ثَوْبين مُتَجَرِّدًا، فرَأى كِدْنَةً حَسَنةً، فقال: يا أبا عُمَر، ما طَعَامُكَ؟ قال: الخُبْزُ والزَّيْتُ، فقال هِشَام: كيف تَسْتَطيع الخُبْز والزَّيْت؟ قال: أُخَمِّرهُ فإذا اشْتَهَيْته أكَلْتُه، قال: فوُعِكَ سَالَم ذلك اليَوْم، فلم يَزَل مَوْعُوكًا حتَّى قَدِمَ المَدِينَة.

وقال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب وأبو عَبْد الله ابْنا أبي عليّ (b)، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الذَّهَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: وقال أبو ضَمْرَة أنَسُ بن عِيَاض اللَّيْثِيّ: حَجَّ هِشَام بنُ عَبْد المَلِك فجاءهُ سَالِم بن عَبْد الله، فأَعْجَبَتْهُ سَحْنَتُه، فقال له: أيَّ شيءٍ تَأكُلِ؟ قال: الخُبْزُ والزَّيْتُ، قال: فإذا لَم تَشْتَهيهِ؟ قال: أُخَمِّره حتَّى اشْتَهيهِ، فعَانَهُ هِشَام فَمرِض وماتَ، فشهِدَهُ هِشَام، وأجْفَل النَّاس في جنَازَته فرآهُم هِشَام، فقال: إنَّ أهْلَ المَدينَة لكَثِيْرٌ! فضَرَبَ عليهِم بَعْثًا أخْرج فيه جَمَاعَةً منهم فلَم يَرْجع منهم أحدٌ، فتَشَاءم (c) أَهل المَدِينَة؛ وقالوا: عَان فَقِيهنا، وعَانَ أهْل بَلَدنا.

قال الزُّبَيْر: ولَم أسْمَعْهُ من أبي ضَمْرَة؛ حَدَّثَنيه عنه إبْراهيم بن المُنْذِر الحِزَامِيِّ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: قَرَأتُ على ابي غالِب، عن أبي مُحَمَّدُ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْبَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، ح.

قال: وقُرئ على سُليْمان بن إسْحَاق بن الخَلِيل، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي

(a) طبقات ابن سعد: عبيد الله.

(b) ق: ابنا البناء أبي علي، وهو صحيح أيضًا.

(c) ابن عساكر: فتشاءم به.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 200.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 68.

(3)

تاريخ ابن عساكر 20: 68 - 69.

ص: 378

أُسامَة، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: ماتَ سَالِم بن عَبْد الله سَنَة ستٍّ ومائة في آخر ذي الحِجَّة، وهِشَام بن عَبْد المَلِلك يَوْمئذٍ بالمَدِينَة، وكان حَجَّ بالنَّاس تلك السَّنَة، ثمَّ قَدِمَ المَدِينَة فوَافَق مَوْت سَالِم بن عَبْدِ الله، فصَلَّى عليه.

قالا (a): وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، عن أفْلَح وخَالِد بن القَاسِم، قالا: صَلَّى هِشَام بن عَبْد المَلِك على سَالَم بن عَبْد الله بالبَقِيعْ لكَثْرة النَّاس، فلمَّا رَأى هِشَام كَثْرتَهم بالبَقِيْع قال لإبْراهيم بن هِشَام المَخْزُوميّ: اضْرب على النَّاس بَعْث أربَعة آلاف، فسُمِّي عام أرْبَعة (b) آلاف، قال: فكان النَّاسُ إذا دَخَلُوا الصَّائِفَة خَرَج ألفٌ (c) من المَدِيَنة إلى السَّواحلِ، فكانُوا هناك إلى انْصِرَاف النَّاس وخُرُوجهم من الصَّائِفَة.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبْرزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ بن السَّمَرْقَنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(3)

، قال: حَدَّثَني حَيْوَة، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن ابن شَوْذَب، قال: مات سَالِم بن عَبْد الله سَنَة ستٍّ ومائة، فصَلَّى عليه هِشَام، وِصَلَّى هِشَام على/ طَاوُوس بين الرُّكْن والمَقَام في هذه السَّنَة قبل الَّتْروِيَة بَيومٍ أو يوْمَينْ.

قال: وحَدَّثَثَا يَعْقُوب

(4)

، قال: حَدَّثَنَا ابنُ بُكَيْر، قال: حَدَّثَني عَطَّاف بن خَالِد أنَّ سَالَم بن عَبْد الله تُوفِّي وهِشَام بالمَدِينَةِ، فلمَّا صُلِّي عليه ورَأى كَثْرة مَنْ

(a) الأصل: قال، وفوقها "ص"، وكتب ابن العديم في الهامش:"الصواب". قالا".

(b) ابن سعد وابن عساكر: الأربعة.

(c) كذا في الأصل، وعند ابن سعد وابئ عساكر: أربعة آلاف.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 201.

(2)

طبقات ابن سعد 5: 201.

(3)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(4)

لم أقف على هذا الخبر والذي يليه في كتاب المعرفة والتاريخ.

ص: 379

شَهِدَ جنَازَة سَالِم، ضَرَبَ على أهْل المَدِينَة البَعْث، وقال: ما كُنْتُ أظُنُّ أنّ بالمَدِينَة كُلّ هذا النَّاس.

قال: وحَدَّثنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا سَعِيد بن أسَد (a)، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن ابن شَوْذَبٍ، قال: حَجًّ هِشَام بنِ عَبْد المَلِك سَنَهَ سِتّ ومَائة، فَمرّ بالمَدِينَة، فعَاَد سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر وكان مَرِيْضًا، ثمّ انْصَرَف فوجدَهُ حين ماتَ فصَلَّى عليه، وماتَ سَنَة ستٍّ ومائة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَاتِ بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبَو طَاهِر أحْمَد بن عليّ المُقْرِئ، قالا: أخْبَرَنَا الحُسَين بن علىّ الطَّناجيريّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الله الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُقْبَة، قال: حدّثَنَا هَاُرون بن حاَتِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كَثِيْر القُرشِيّ، عن لَيْثٍ، قال: ماتَ طَاوُوسٌ وسَالِم بن عَبْد الله سَنَة ستٍّ ومائة، وصَلَّى عليهما هِشَام بنُ عَبْدالمَلِك.

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا (b) عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَتْنا أمُّ البَهَاء فاطِمَة بنت مُحَمَّد، قالت: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحُمود، قال: أخْبَرَنا (c) أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن سَعْد الزُّهْرِيّ، ح.

قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو بَكْر بن المَزْرَفيّ (d)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخبْرَنَا أبو الحَسَن بن رِزْقُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن

(a) الأصل وق: راشد، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 30: 70، وهو من مصادر الفسوي في كثير من الروايات التي ضمنها كتابه المعرفة والتاريخ.

(b) ق: أخبرني.

(c) ساقطة من ق.

(d) ق: المرزقي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 70 - 71.

(2)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب البغدادي.

ص: 380

السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحَاق، قالا: حَدَّثنَا هَارُون بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عن ابن شَوْذَبٍ، قال: ماتَ سَالِم بن عَبْد الله سَنَهَ ستٍّ ومائة - زَادَ عَبْد الله، قال: عَادَهُ هِشَام في بَدْءتِهِ - قال: وعادَ من الحَجِّ إلى المَدِينَةِ، فماتَ سَالِم فصَلَّى عليه هِشَامٌ.

وقال الحافِظُ

(1)

: أخْبَرَنا اْبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن اْبىِ الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي، قال: أخبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن زَبْر، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عليِّ، قال: أخْبَرَنا الأصْمَعيِّ، قال: تُوفِّىِ سَالِم بن عَبْد الله في سَنَهَ خمسٍ ومائة،

قُلتُ: تَفَرَّد الأصْمَعىٍّ بهذا القَوْل، وقد رُوِيَ أنَّهُ تُوفِّىِ سَنَهَ سَبْع، وقيل: سَنَهَ ثَمانٍ، والأكْثَرُونَ على أنَّهُ تُوفِّي سَنَة ستٍّ ومائة.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعاً منهما أو من أحَدهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن مَخْلَد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة، قال: أخبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسُين الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثنَا ابن أبي خَيْثَمَهَ

(2)

، قال: حَدَّثنَا أحْمَدُ بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني حَمَّاد بن خَالِد الخيَّاط (a)، قال: زَعَم عَبْد الله العُمَرِيّ أنَّ القَاسمِ وسَالمًا ماتَ أحَدُهما في سَنَة ستٍّ، والآخر في سَنَة خَمْسٍ ومائة. قال أحْمَد

(3)

: سَالِم سَنَة ستٍّ ومائة؛ يعني: مات.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن أبي خيثمة، وانظر ترجمه الخياط في: تاريخ بغداد 9: 5، تاريخ الإسلام 4: 1099، تهذيب الكمال 7:233.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 68.

(2)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 159.

(3)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 159.

ص: 381

ولعلَّ كَلَام العُمَريّ هو الّذي أوْجَب أنَّ الأصْمَعِيّ قال إنَّهُ تُوفِّي سَنَة خَمْسٍ ومائة، لأنَّهُ بَدَأ بذِكْر القَاسمِ، ثم بسَالَمِ وقال: أحَدُهما في سَنَة ستٍّ، والآخر في سَنَة خَمْسٍ، فظَنَّ أنَّ الّذي قدَّمَهُ في الذِكّرْ هو الّذي قدَّمَهُ في الوَفَاة، واللهُ أعْلَمُ.

وقال ابنُ طَبرْزَد: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا ثَابت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا أبوالعَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبوبَكْرِ البَابَسِيْريّ، قال: أَخْبَرَنَا الأحْوَص بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثنَا أبو نُعَيْم، قال: وسَالِم بن عَبْد الله سَنَة ستٍّ ومائة، قال الأحْوَصُ: قال أبي: قال الوَاقِدِيّ: ماتَ سَالِم سَنَة ستٍّ ومائة.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم في كِتَاِبِه إليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الفَرَاوِيّ، ح.

وأنْبَأنَا القَاسِم بنُ عَبْد الله، قال: أخْبَرَتْنا عَمَّةُ أبي عائشَة، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن خَلَف، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله الحاكِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الصَّفَّارُ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْمَاعِيْل السُّلَيِّ، قال: سَمِعْتُ أبا نُعَيْم الفَضْل بئ دُكَيْن يَقُول: وسَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر سَنَة ستٍّ ومائة، يعني: ماتَ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الأعَزّ قَرَاتكيْن بن الأسْعَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن لُؤْلُؤ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن شَهْريَار، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص الفَلَّاسُ

(3)

، قال: وماتَ سَالِم بن عَبْد الله بن عُمَر سَنَة ستٍّ ومائة بعَقِبِ ذِي الحِجَّة، ويُكْنَى أبا عُمَرَ.

(1)

معرفة علوم الحديث لمحاكم 558 - 559.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 72.

(3)

تاريخ أبي حفص الفلّاس 243.

ص: 382

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي مُحمَّد عَبْد الكَريمِ بن حَمْزَهَ السُّلَمِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان الرَّبَعِيّ

(1)

، قال (a): فيها- يعني سَنَهَ ستٍّ ومائة- ماتَ سَالِم بن عَبْد الله في ذِي الِحجَّة، يُكْنَى أبا عُمَر.

قال: وأخْبَرَنا أبو سُليْمان

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبي أبو مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن زَيْد، قال: حَدّثَنَا إبْراهيمِ بن المُنْذِر، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن الضَّحَّاك بن عُثْمان، عن مَالِك بن أنَسٍ، قال: هَلَكَ سَالِم سَنَهَ ستٍ ومائة، وصَلَّى عليه هِشَام بن عَبْد المَلِك.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم أيضًا، عن أبي المُظَفَّر بن القُشَيْرىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد الله -فيما بَلَغَهُ- قال: ماتَ سَالَم بن عَبْد الله سَنَة ستٍّ ومائة.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو علي بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: قال أبي وعَمِّي أبو بَكْرٍ (b): ماتَ سَالِم بن عَبْدِ الله سَنَة سِتٍّ ومائة في آخِرِها.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِرّ إذْنَاً، قال أنْبَانَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ ابن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن الجرَّاحِيّ، ح.

(a) مكررة في الأصل وق.

(b) ساقطة من ق.

_________

(1)

ابن زير الربعي: تاريخ مولد العلماء 104.

(2)

ابن زير الربعي: تاريخ مولد العلماء 104.

ص: 383

قال ابنُ خَبْرُون: وأخْبَرَنا الحَسَنُ بن الحُسَين بن العبَّاسِ بن دُوْمَا، قال: أخْبَرَنا جَدِّي لأُمّيِ إسْحَاق بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن إسْحَاق المَدَائنّي، قال: حَدَّثَنَا قَعْنَبُ بن المُحرَّز البَاهِلِيّ، قال: وماتَ سَالَم بنُ عَبدِ الله بن عُمَر بالمَدِينَة، وطَاوُوس سَنَة ستٍّ ومَائتَيْن في آخرها.

أنْبَأنَا ابن طَبرْزَد، عن أبي القَاسم إسْمَاعِىْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر إجَازَةً، قال: حَدَّثَنا عُبَيْد الله بن عبدِ الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: أخْبَرَني أبي مُحَمَّد بن المُغِيرَة، قال: حَدَّثَني أبو عُبَيْدٍ القَاسِم بن سَلَّام، قال: سَنَة ستٍّ ومائة فيها ماتَ سَالِم بن عَبْد الله (a) بن عُمَر بالمَدِينَة، ويُقال: سَنَة سَبعْ، وبُكْنَى أبا عُمَرَ.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِرٍ أحْمَدُ بن الحَسَن، وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا [أبو] الحُسَين (b) مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بئ إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(1)

، قال: سَالِم بن عَبْدِ اللهِ بن عُمَر بن الخَطَّاب بن نُفَيْل، أُمُّهُ أُمّ وَلدٍ، يُكْنَى أبا عُمَرَ، تُوفِّي سَنَة سَبْعٍ ومائة.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عَمّيِ الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن رَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا

(a) ساقطة من ق.

(b) الأصل، ق: الحسين بن محمد، والمثبت قياساً على غيره من الأسانيد المتقدمة، وكما هو عند ابن عساكر 20: 73، واسمه: محمد بن الحسن بن أحمد بن مرسى، أبو الحسين الأهوازي الأصفهاني (ت 438 هـ)، ترجمته في: تاريخ بغداد 3: 625، تاريخ الإسلام 9:452.

_________

(1)

طبقات خليفة 246.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 73.

ص: 384

خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(1)

، قال: سَنَة سَبعٍ ومائة ماتَ سَالَم بن عَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ في أوَّل السَّنَةِ، وصَلَّى عليه هِشَامُ بن عَبْد المَلِك.

وقال: أخْبَرَنا عَمّيِ الحافظُ

(2)

، قال: أخْبرنا أبو الحَسَن الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور النَّهَاوَنْدِيّ، قال: أَخْبَرَنا أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(3)

، قال: وكُنْيَةُ إسْمَاعِبْل بن يَعْلَى الثَّقَفِيّ أبو أُمَيَّة، قال زَيْد بن حُبَاب: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن يَعْلَى، قال: شَهِدْتُ جنَازَة سَالِم بن عَبْدِ الله سَنَة سَبع ومائة.

وقال: أخْبَرَني عَمِيّ الحافِظ

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَّد بنُ شُجاع، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحمَّد بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الدّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بنُ سَعْد

(5)

، قال: سَالَم بن عَبْدِ الله بن عُمَر بن الخَطَّاب، أحَدُ بَني عَدِيّ بن كَعْب، وبُكْنَى أبا عُمَر، قال الهَيْثَم بن عَدِيّ: تُوفِّي سَنَة ثَمانٍ ومائة، وقال الوَاقِدِيّ: حَدَّثَني عَبْدُ الحَكَم بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، قال: ماتَ سالَم سَنَة ستٍّ ومائة في عَقِبِ ذي الِحجَّة، وصَلَّىَ عليه هِشَامُ بن عَبْد المَلِك بالبَقِيعْ، وقد كان حَجَّ تلك السَّنَة، ورَوَى عن أبي أيُّوب.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف فيما أجَازَهُ لنا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجبَّار الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَاِنعٍ، قال: سَنَة ستٍّ ومائة سَالِم بنُ عَبْدِ الله بن عُمَر في ذِي الحِجَّة، ويُقال: سَنَة

(1)

تاريخ خليفة 338، ولم يرد فيه ذكر لصلاة هشام عليه.

(2)

تاريخ ابن عساكر 73:20.

(3)

تاريخ البخاري الصغير 1: 286.

(4)

تاريخ ابن عساكر 72:20.

(5)

طبقات ابن سعد 5: 195، 201.

ص: 385

ثَمانٍ أيضًا، مَدِيْنِيٌّ، يعني ماتَ. قال ابنُ قَانِعٍ: سَنَة سَبْعٍ، ويقُولُون: سَالِم بن عَبْدِ الله، يعني ماتَ فيها.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِي، إجَازَةً إنْ لم يَكْن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بنُ أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: قَرَأتُ على عليِّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حَدَّثكم الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: وماتَ سَالِم بن عَبْدِ الله بن عُمَر سنَة ثَمانٍ ومائة (a).

أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ فيما أجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، فال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر يَحْيَى بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا نِعْمَة الله بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحّمد بن عَبْدِ الله، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدّثَنَا سُفْيانُ بن مُحَمَّد بن سُفْيان، قال: حَدَّثَني عَمِّي الحَسَن بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، عن مُحَمَّد بن إسْحَاق، قال: سَمِعْتُ أبا عُمَر الضَّرِيْرَ، قال: تُوفِّي سَالِم بن عَبْد اللهِ سَنَة ثَمانٍ ومائة.

وقال: أخْبرَنا عَمِّي

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن البَقَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن أبي أُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ نُوح بن حَبِيْب، قال: وماتَ القَاسِم بن مُحَمَّد، وسَالِم سَنَة حَجَّ هِشَام بن عَبْد المَلِك، وأظُنُّه سَنَة سَبْع

(3)

عَشرة ومائة.

(a) الأصل: ثمان وستمائة! وهو طغيان قلم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 74.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 74.

(3)

ليست في نشرة ابن عساكر في هذا الموضع، وجاءت على نحو المثبت بالإسناد نفسه في رواية أوردها ابن عساكر (تاريخه 49: 193) في ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وانظر مثله في تهذيب الكمال 23:435.

ص: 386

قال الحافِظُ: هذا وَهْمٌ والصَّوَاب ما تقدَّم.

وقال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم تَمَّام بنُ عَبْدِ اللهِ بن المُظَفَّر (a) المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن الحَسَن بن حَمْزَة بن أبي فَجَّة (b) البَعْلَبَكِّيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الجَبَّان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ عُبَيْد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بنُ عَدِيّ، عن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، عن عبد الرَّحْمن بن القَاسِم، قال: كان أبي لا يَدْخُل مَنْزِلَهُ إلَّا تأَوَّه، فقُلتُ: يا أَبَة، إنَّكَ لتَصْنَع شيئًا ما كُنْتَ تَصْنَعُه، وما (c) كُنْتُ أسْمَعُه منك، وما أخْرَج ذلك منك إلَّا جَوَىً! قال: أي بُنَيّ، ما انْتَفَعْتُ بنَفْسِي منذُ ماتَ سَالِم.

قال الهَيْثَمُ: الجَوَى: دَاءٌ باطِنٌ يُقال منه: رَجُل جَوٍ، وامْرأةٌ جَوِيةٌ.

‌سَالِم بن عَبْدِ الله المَدَنِيّ

(2)

مَوْلى مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ، كان عُمَر بن عَبْد العَزِيْز قد وَاخَاهُ في الله، وحَضَرِ عندَه (d) حينَ اسْتُخْلِفَ ووَعَظَهُ، وأظُنُّه كان مع مَوْلاه مُحَمَّد بن كَعْب بخُنَاصِرَة (e) عند عُمَر.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم في مُحَمَّد اللَّبَّان،

(a) ابن عساكر: عبد الله المظفر.

(b) رسمها في الأصل: مجربه، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، مصدر

النقل، وانظر ترجمته عند ابن عساكر 27: 391 - 392، وتاريخ الإسلام 10:598.

(c) ابن عساكر: ولا.

(d) ساقطة من ق.

(e) ق: بحاضرة، وأكده بحرف حاء أسفله، وهو خطأ.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 69.

(2)

ترجمته في: حلية الأوليا. 5: 329 (في ترجمة عمر بن عبد العزير)، تاريخ ابن عساكر 20: 78، الوافي بالوفيات 15: 86، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 57.

ص: 387

قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عَبْد الله وأحمد بن مُحَمَّد بن سِنَان، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ السَّرَّاجُ، قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بن زُرَارَة، عن الثِّقَة، قال: كان لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز أخٌ، وَاخَاه في اللهِ، عَنْذٌ مَمْلُوكٌ يُقال له سَالِم، فلما اسْتُخْلِفَ دَعاهُ ذاتَ يَوْمٍ فأتاهُ، فقال له: يا سَالِم، إنِّي أخَاف أنْ لا أنْجُو؟ قال: إنْ كُنْتَ تَخَافُ فنعما، ولكنِّي أخَاف أنْ لا تَخاف، قال سَالِم: إنّ الله أسْكَن عَبْدًا دَارًا فأذْنَبَ فيها ذَنْبًا واحدًا فأخْرَجَهُ من تلك الدَّار، ونحنُ أصْحَاب ذنُوب كَثِيْرة نُريد أنْ نَسْكُن تلك الدَّار!.

وأخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ (a)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، قال: حَدثَنَا إبْراهيمُ بن هِشَام بن يَحْيىَ الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، عن جدِّى، قال: كَتَبَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز إلى مُحَمَّد بن كَعْب يَسْأله أنْ يَبِيْعه غُلَامَهُ سَالمًا، وكان عَابِدًا خَيِّرًا، فقال: إنِّي قد دَبَرْتُهُ، قال: فأَزِرْنيهِ، قال: فأتاهُ سَالِم، فقال عُمَرُ إنِّي قد اتْبُليتُ بما تَرَى، وأنا والله أتخوَّفُ أنْ لا أنْجُو، فقال له سَالِم بنُ عَبْدِ الله: إنْ كُنْتَ كما تقُول فهذا نَجَاتُكَ، وإلَّا فهو الأمْرُ الّذي تَخَافُ. قال: يا سَالِم، عِظْنا، قال: آدَم صلى الله عليه وسلم على خَطِيْئَةٍ واحدةٍ خَرَجَ (b) بها من الجَنَّة، وأنْتُم تَعْملُونَ الخَطَايا تَرْجُون تَدْخلُونَ بها الجَنَّة!؟ ثُمَّ سَكَتَ.

(a) في الحلية: محمد بن إبراهيم.

(b) الحلية: فأخرج.

_________

(1)

حلية الأولياء 5: 329.

(2)

حلية الأولياء 5: 329.

ص: 388

‌سَالِم بن عَبْدِ الله - ويُقال: ابنُ عَبْدِ الرَّحْمن- أبو العَلَاء الأُمَوِيّ

(1)

كَاتِبُ هِشَام بن عَبْدِ المَلِك ومَوْلاهُ، وقيل: مَوْلَى سَعيد بن عَبْد المَلِك، وقيل: مَوْلَى المُنْذِر بن عَبْد المَلِك.

كان مع هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَة من عَمَل قِنَّسْرِيْن، وكان يَكْتُب له، وشَهِدَ وَفَاته بالرُّصَافَة، وكان على دِيْوَان رَسَائِلهِ، ورَسَائِل الوَلِيد بن يَزِيد.

حَكَىِ عن هِشَام بن عَبْد المَلِك، والأَبْرَش الكَلْبيّ. رَوَى عنهُ عَمْرو بن طُلَيْع، ومُحَمَّد بنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، وعَبْد الله بن جَعْفَر المُخَرِّميّ، وقيل إنَّهُ كان أُسْتَاذ عَبْد الحَميْد بن يَحْيَى كَاتِب مَرْوَان بن مُحَمَّد في الكتَابةِ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

إسْمَاعِيْلُ بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بنُ عُبَيْدِ الله بن عُمَر المُقْرِئ،

قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا

حَنْبَل بن إسْحَاق، قال: حَدّثَني أبو عَبْدِ الله، قال: حَدّثَنَا نُوح يَزيد قد، قال: حَدَّثَنَا

إبْراهيم بن سَعْدٍ، قال: سَمِعْتُ ابنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ، قال: لَقِيَني سَالِم كاتِبُ هِشَام،

فقال لي: إنَّ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن يَأمرُكَ أنْ تَكْتُب لوَلدِه حَدِيثَك، فقُلتُ لَهُ: لو سَألني

عن حَدِيثَيْن أُتْبِعُ أحدَهما الآخر ما قَدرتُ على ذلك، ولكن ابْعَثْ إليَّ كاَتبًا أو

كَاتِبَين؛ فإنَّهُ قَلّ يَوْمٌ إلَّا يَأتيني فيه قَوْمٌ يَسْألُوني عن ما لَم أُسْئل عنه بالأمْسِ،

(1)

كان حيًا سنة 125 هـ، وهي والسنة التي توفي فيها هشام في عبد الملك وشهد وفاته، وترجمته في: تاريخ خليفة 362، 367، تاريخ الطبري 7: 148 - 149، 166، 2 - 202، الجهشياري: الوزراء والكتاب 68، تاريخ ابن عساكر 20: 79 - 81، معجم الأدباء 3: 1340 - 1341، ابن الأثير: الكامل 5: 266 (وفيه: سالم في عبد الرحمن)، ابن الأبار: إعتاب الكُتَّاب 62 - 63، الوافي بالوفيات 15: 86 - 87، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 57 - 58.

ص: 389

فبَعَثَ إليَّ بكَاتِبَين فاخْتَلَفا (a) إليّ سَنَةً، قال: ثُمَّ لَقِيَني فقال: يا أبا بَكْر، ما أرَانا إلّا قد أنْقَصْنَاكَ؟ فقال (b): فقُلتُ: كلاّ إنَّما كُنْتُ في عزَاز الأرْضِ والآن قد هَبَطْتُ بُطُون الأوْدِيَةِ.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، قال: أنْبَأنَا أبوإسْحَاق إبْراهيم بن سَعيد الحَبَّال، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بئ الحُسَين الفَرَّاءُ، فيما أجَازَهُ لي، قال: أنْبَأنَا أبو إسْحَاق الحَبَّال وسِتّ المُوَفَّق خَدِيجَةُ المُرَابِطَةُ. قال الحَبَّالُ: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد بن عُمَر الطَّرَسُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَنُ بن الحُسَين بن بُنْدَار، ح.

وقالت خَدِيجَةُ: قُرئ على أبي القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال: حَدَّثَني جَدِّي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، فالا: حَدّثَنَا أبو العبَّاس مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا حَبَشُ بن مُوسَى، قال: أخْبَرَنا المَدَائِنِيّ عن شَبَّة بن عُبَيْدة، قال: أخْبَرَني عَمْرو بن طُلَيْع، قال: حَدَّثَني سَالِم أبو العَلَاء (c)، قال: خَرَجَ علينا هِشَام يَوْمًا وهو كئيبٌ تُعْرَف الكآبةُ فيه، يَجُرُّ ثِيَابَهُ، فقال له الأَبْرَشُ الكَلْبيّ: لقد رَأينا منكَ يا أَمِيرَ المُؤمنِيْن أمرًا غَمَّنَا؟ قال: وكيف لا أكْتَئِبُ وزعَم أهْل العِلْم أنّي مَيِّثٌ إلى ثلاثةٍ وثَلاثين يَوْمًا! قال سَالِم: فرَجَعْتُ إلى مَنْزِلي فكَتَبْتُ في قِرْطاسٍ: زَعَم أَمِيرُ المُؤْمنِيْن أنَّهُ يُسافِرُ إلى ثلاثةٍ وثَلاثين يَوْمًا سَفَرًا، فأقَمْتُ أيَّامًا فإذا خَادِمٌ يَدُقُّ البابَ، فقال: أَجِبْ واحْمِل معَكَ دَوَاء الذُّبْحَةِ، وقد كانت أصَابتْهُ فعُولِج بذلك الدَّوَاء فبَرأ، وخَرَجْتُ مع

(a) ق: فاختلف.

(b) ساقطة من ق.

(c) ق: سالم بن العلاء.

ص: 390

الخاَدِم ومعي الدَّوَاءُ، فتَغَرْغَر بهِ، فقال: يا سَالِم، قد خَفَّ عنِّي ما كُنْتُ أجِدُ فانْصَرف إلى أهْلكَ وخَلِّف الدَّوَاءَ عندي، فانْصَرَفْتُ، فما كان بأسْرَع من أَنْ سَمِعْتُ الوَاعِيَةَ

(1)

، فقالُوا: ماتَ أَمِير المُؤْمنِيْن لتَمام ثلاثة وثَلاثينَ يَوْمًا. قال أبو العَلَاء سَالِمٌ: [من الطويل]

وما سَالِمٌ عمَّا قَليلٍ بسَالِمٍ

ولو كَثُرتْ أحْرَاسُهُ ومَوَاكِبُه

ومَنْ كان ذا بابٍ شَدِيْدٍ وحَاجِبٍ

فعمَّا قَليْلٍ يهْجُر البابَ حَاجِبُه

وما كان إِلَّا المَوْتُ حتَّى تفرَّقَتْ

إلى غيره أحْرَاسُهُ وكَتَائِبُه

وأَصْبَح مَسْرُورًا بهِ كُلّ كَاشِحٍ

وأَسْلمَه أحْبَابُهُ وحَبَائبُه

وقد ذَكَرْنا أنَّ هذه الأبْيَات تَمَثَّل بها ابنُ عَبْد الأعْلَى في مَوْت هِشَام

(2)

.

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود بن المُجْلِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أْخْبَرَنا عُبَيْد الله بن أحْمَد الصَّيْدَلانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَخْلَد بن حَفْصٍ، قال: قَرَأتُ على عليّ بن عَمْرو الأنْصَاريّ: حدَّثكم الهَيْثمَ بن عَدِىٍّ، قال: قال ابنُ عَيَّاشٍ: سَالِم كَاتِبُ هِشَام بن عَبْدِ المَلِك يُكْنَى أبا العَلَاءِ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن (a) الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكاَت الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن الصَّوَّاف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: سَالِم كَاتِبُ هِشَام أبو العَلَاءَ.

(a) قوله: زيد بن الحسن" ساقط من ق.

_________

(1)

الوَاعيةُ: الصُّراخ على المَيِت.

(2)

في ثنايا ترجمة زيد بن الحواري العَمِّي المتقدِّمة، كما ذكرها أيضًا في ترجمة زياد الأعجم المتقدمة أيضًا في هذا الجزء.

ص: 391

أنْبَأنَا القَاضِي ابو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا عليّ بن ابي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدّثَنَا خَلِيفَةُ

(2)

، قال في تَسْمِيَةِ عُمَّالِ هِشَام: كَاتِبُ الرَّسَائِل سَالِم مَوْلَى سَعيد بن عَبْد المَلِك، [وقال خَلِيْفَةُ

(3)

في تَسْمِيةِ عُمَّال الوَليد بن يَزِيد: كَاتبُ الرَّسائل سَالِم مَولَى سَعيْد بن عَبْد المَلِك] (a)، ثمّ كَتَبَ له ابنُهُ عَبْد الله بن سَالِم.

أخْبَرَنا تَاج الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبرَنا عمَّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(4)

، قال: سَالِم بن عَبْد الله- ويُقال: ابن عبد الرَّحْمن- أبو العَلَاء، مَوْلَى هِشَام بن عَبْد المَلِك وكَاتبُه، ويُقال: مَوْلَى سَعيد بن عَبْد المَلِك، ويُقال: مَوْلَى المُنْذِر بن عَبْد المَلِك، كان على دِيْوَان الرَّسَائِل لهِشَام بن عَبْد المَلِك وللوَلِيْد بن يَزِيد، ومَنْزِله بدِمَشْق في سوق أُمّ حَكِيم المَعْرُوف اليَوْم بالعُلْبيِّيْن، رَوَى عنهُ عَمْرو بن طُلَيْع (b)، وحَكَى عنهُ الزُّهْرِيّ، وعبد الله بن جَعْفَر المُخَرِّميِّ الزُّهْرِيّ.

وذَكَرَهُ أبو الحُسَين الرَّازِيّ في تَسْمِيَةِ كُتَّاب أُمَرَاءَ دِمَشْق، فقال: كان سَالِم بن عَبْد اللهِ مَوْلَى هِشَام كَاتبه، وكان مَنْزِله بدِمَشْقَ في سُوق أُمّ حَكِيم، وكان سَالِم أُسْتَاذ عَبْد الحَميْد بن يَحْيَى في الكتابة، وكان عَبْد الحَميْد كَاتِبُ مَرْوَان بن مُحَمَّد.

(a) ما بين الحاصرتين إضافة من ابن عساكر ليصح النقل المثبت عن خليفة.

(B) في الأصل: كليع، وفوقه "ص"، وتقدم في أول الترجمة على النحر المثبت، ولم أهتد لمعرفته في المتاح من المصادر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 79 - 80.

(2)

تاريخ خليفة 362.

(3)

تاريخ خليفة 367.

(4)

تاريخ ابن عساكر 20: 79.

ص: 392

‌سَالمِ بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد في المُهَذَّب بن عِليّ بن المُهَذَّب بن مُحَمَّد بن هَمَّام بن عَامِر بن عَامِر (a) بن مُحارِب بن نُعَيْم بن عَدِيّ بن عَمْرو بن عَدِيّ بن السَّاطع بن عَدِيّ في عَبْد غَطَفَان بن عَمْرو بن بَرِيْح بن جَذِيْمَة في تَيْم الله وهو مُجْتَمع تَنُوخ، أبو المُعَافَى - وقيل: أبو المَعالِيّ (b) - التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ

(1)

من أكَابِر بُيُوت مَعَرَّة النُّعْمَان، وسَلَفهُم مَشْهُورُون بالفَضْلِ والعِلْم ورِوَايَة الحَدِيْث والشِّعْر، وكانُوا يَتَذْهبُون بمَذْهَب الإمَام أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه (c).

وسَالِم هذا كان شَاعِرًا مُجِيْدًا فَاضِلًا، وكان بينه وبين الأُمَرَاءَ بني مُنْقِذ مَوَدَّة واخْتِلاطٌ، وله فيهِم مَدَائِح، ورَوَى عن سَدِيد المُلْك أبي الحَسَن عليّ بن مُنْقِذ شَيئًا من شِعْره. رَوى عنهُ أبو المُنَجَّا طَاهِر بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الأعْلَى التَّنُوخِيّ، والأَمِير أبو سَلامَة مُرْشد بن عليّ بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ (d).

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر مُشَافهةً، قال: أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ في كتابه الّذي سَيَّرَهُ إلى الرَّشِيْد بن الزُّبَيْر، في ذِكْر جَمَاعَةٍ من الشُّعَراء سَأله عنهم، ليُودعه كتابه الّذي وَسَمَهُ بجِنَانِ الجِنَان ورِيَاض الأذْهَان، قال أُسامَةُ: ومن شُعَرَاء الشَّام الشَّيْخ أبو المُعَافَى سَالِم بن عَبْد الجَبَّار بن المُهَذَّب، من أهْل المَعَرَّة، مَوْسُوم بالعَدَالَةِ والأمَانَة، مَشْهُور الفَضْل والدِّيانَة، وله شِعْرٌ جَيِّدٌ، لا يَفدُ به ولا يَسْتَرفد، وكان بينَهُ وبين جدِّي سَدِيد

(a) كذا مكررًا في الأصل وق، وعليه في الأصل علامة الصحة.

(b) في الأصل: "وقيل: أبو الوفاء"،

وضرب عليه، ولم ينقله ناسخ ق.

(c) ق: الإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه.

(d) ق: رحمه الله.

_________

(1)

توفي سنة 512 هـ أو بعدها، ترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 128 - 129، زبدة الحلب 1: 308، الوافي بالوفيات 15: 81 - 83.

ص: 393

المُلْك رحمه الله مَوَدَّةٌ، وكان أكْثَر زَمَانهِ عندَهُ؛ رَغْبةً في مُؤانسَته وعِشْرته، فإذا اشْتَاق أَهْلَهُ مَضَى إلى المَعَرّة؛ أقامَ بها بقَدْر ما يَقْضِي مآرِبَهُ ثُمَّ يعُودُ، والمَعَرَّةُ إذ ذاك لشَرَف الدَّوْلَة مُسْلِم بن قُرَيْش، وكان نَازَل جَدِّي رحمه الله وهو بشَيْزَر وحَاصَره مُدَّةً، ونَصَبَ عليه عدَّة مَجَانِيْق، وقَاتَل حِصْنًا له يُسَمَّى الجِسْر، ورَحَلَ عنه ولَم يَبْلغُ غَرضًا فعَمل فيه الشَّيْخُ أبو المُعَافَى بن المُهَذَّب

(1)

: [من الطويل]

أَمُسْلم لا سُلّمْتَ من حَادِث (a) الرَّدَى

وَزَرْتَ (b) وَزِيرًا ما شَدَدت به أزْرَا

رَبحْتَ ولَم تَخْسَر (c) بحَرْب ابن مُنْقِذٍ

من الله والنَّاس المذَمَّةَ والوِزرَا

فَمُتْ كَمدًا بالجِسْر لسْتَ بجَاسِرٍ

عليه وعَاينْ شَيْزَرًا أبدًا شَزْرَا

فلمَّا بَلَغَت الأبْيَات إلى شَرَف الدَّوْلَة، قال: مَنْ يقُول هذا القَوْلَ فينا؟ قالوا: رَجُل يُعْرَفُ بابن المُهَذَّبِ من أهْل المَعَرَّة، قال: ما لنا ولهذا الرَّجُل!؟ اكْتبُوا إلى الوَالي بالمَعَرَّة يَكُفُّ عنه وِيُحْسِن إليه؛ فربَّما يكُون قد جارَ عليه فأحْوجَهُ أنْ قال ما قال، وهذا من حِلْم شَرَف الدَّوْلَةِ المَشْهُور.

هكذا ذَكَرَ أُسامَة الأبْيَات، وقَرَأتُ في بَعْضِ تَعَالِيْقي من الفَوَائِد: لمَّا عَزَم أبو العِزّ بن صَدَقَة وَزِير مُسْلِم بن قُرَيْشٍ على حِصَار شَيزَر وأخْذِها من سَدِيد المُلْك ابن مُنْقِذ، قال فيه سَالِم بن عَبْد الجَبَّار بن المُهَذَّب:[من الطويل]

أَمُسْلِم لا سُلِّمْتَ من حَادِث الرَّدَى

تَخِذْتَ وَزِيرًا ما شَدَدت به أزْرَا

كسبْتَ ولَم تَرْبَح بحَرْب ابن مُنْقِذٍ

من الله والنَّاس المذَمَّةَ والوِزْرَا

فَمُتْ كَمدًا بالجِسْر لسْتَ بجَاسِرٍ

عليه وعَاينْ شَيْزَرًا أبَدًا شَزْرا

فلمَّا سَمعَ شَرَف الدَّوْلَة مُسْلِم بن قُرَيْشٍ هذه الأبْيَات، قال: مَنْ هذا الرَّجُل؟

(a) الخريدة: جاذب.

(b) الخريدة: تخذت.

(c) الخريدة: كسبت ولم تربح.

_________

(1)

الأبيات في خريدة القصر 12: 128، وزبدة الحلب 1: 308، والوافي بالوفيات 15:82.

ص: 394

فقيل له: من أهْلِ المَعَرَّة؛ رَعَيِّتكَ! قال: أوْصُوا بهِ الوَالي ليُحْسِنَ إليهِ، وحَذِّرُوه أنْ يَجْني عليه، فهذا ما يَعْرفُنا، ولو لَم يكُن له شِكَايَة من وَالِيْنا لَمَا قال هذا.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي القَاسمِ بن صَابِر، قال: أنْشَدَنا أبو المُنَجَّا طَاهِر بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الأعْلَى التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو المَعَالِي سَالِم بن المُهَذَّب التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن الكِنَانِيّ لنَفْسِه، يعني الأَمِير عليّ بن مُنْقِذ:[من مجزوء الكامل]

يا مَنْ جَعَلتُ إذا خَطا

خَدِّي له أرْضًا ليَرْضَى

إنَّ العُيُونَ إذا نَظَر

نَ إليكَ لَم يَطعَمْنَ (a) غمْضَا

ذَكَرَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن المُنَيِّرة الكَفْرطَابِيّ في كتاب البَدِيْع في نَقْدِ الشِّعْر

(2)

، وشَاهدتُه بخَطِّه: لأبي المُعَافَى سَالِم بن عَبْد الجَبَّارِ أبْيَاتًا في أبي المُرْهَف بن مُنْقِذ: [من الطوبل]

أبا المُرْهَفِ البَاني مِنَ المَجْدِ مَنْزِلًا

مُنِيْفًا لَهُ طُنْبٌ على النّجْمِ مَمْدُودُ

ومَنْ باتَ للعَافِيْنَ مِن جُودِ كَفِّهِ

خِضَمُّ نَدَىُ (b) عَذْبُ المَشَارِبِ مَورُودُ

لقد ضِيْمَ إلَّا في جَنَابِكَ قَاطِنٌ (c)

وأَعْوَزَ إلَّا مِن أنامِلِكَ الجُوْدُ

أنْشَدَني أبو البَرَكَاتِ الفَضْل بن سَالِم بن مُرْشِد بن المُهَذَّب بحَمَاةَ، قال: أنْشَدَني وَالدِي للشَّيْخ (d) أبي المُعَافَى سَالِم بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد بن المُهَذَّب: [من الكامل]

طُوْبَى لَمن ملكت يَدَايَ مُصَاحِبًا

في النَّاسِ يَصبِرُ لي على ما أصْبِرُ

(a) ق: يطمعن.

(b) كتاب البديع: المدى.

(c) كتاب البديع: وَاطنٌ.

(d) ق: الشيخ.

_________

(1)

لم أقف عليه عند ابن عساكر، ولم يترجم له في تاريخه.

(2)

نشر الكتاب منسوبًا لأسامة بن منقذ، وتقدم التعليق عليه عند نقل ابن العديم عنه في أول مرة (الجزء الثالث)، ووردت الأبيات أعلاه في كتاب البديع في ص 122، وعزاها فيه لأبي العلاء المعري.

ص: 395

يَصِلُ المَوَدَّةَ ما وَصَلْتُ حبَالَهُ

أبَدًا ويَهْجُرُ أيَّ وَقْتٍ أهْجُرُ

لو يُشْتَرى لشَرَيْتُ ذاكَ بمُقْلَتي

وبَقيتُ بالأُخْرى إليهِ أنْظُرُ

وأنْشَدَني أبو البَرَكَات، قال: أنْشَدَني وَالدِي لسَالِم أيضًا: [من الطويل]

لَمن جيرةٌ حكَّمتهُم فيَّ فاشْتَطُّوا

لَهُمْ مَنْزِلٌ بينَ الجَوَانِحِ مُخْتَطُّ

يَزِيدُ بِهِمْ وَجْدِي على القُرْبِ والنَّوَى

وسِيَّانَ عِنْدي مِنْهُمُ القُرْب والشَّحْطُ

وقال منها:

أأحْبَابَنا رِفْقًا بنا وتَعَطُّفًا

علَينا فَما مِن شَأنِ مثلِكُمُ القَسْطُ

هَجَرْتُمْ على قُرْبِ المَزَار وجُرْتُمُ

بلا سَبَبٍ ما هكَذا بَيْنَنا الشَّرْطُ

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، عن أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، قال: ومن شِعْره؛ يعني: أَبا المُعَافَى سَالِم بن عَبْد الجَبَّار

(1)

: [من الكامل]

ومُهَفْهفٌ كالغُصْن في حَرَكَاته

مُتَهضِّم في (a) خَصْره المَهْضُومُ

يَهْتَزُّ من نَفَسِ المَشُوق قَوَامُهُ

لِيْنًا كما هَزَّ القَضِيْب نَسِيمُ

يَحْلُو ويَمْرُر وصْلُهُ وحُدُودُهُ

وكَذَا الهَوَى أ [بدًا](b) شَقًا ونَعِيمُ

كُنْ كيفَ شِئْتَ فإنَّ وَصْلي ثَابِتٌ

تَتَصَرَّمُ الأيَّام وهو مُقِيْمُ

غيري لدَيكَ حبَالهُ موْصُولةٌ

أبَدًا وحَبْل مَوَدَّتي مَصْرُومُ

قَلْبي الّذي جَلَبَ الغَرَامَ لنَفْسِه

فلمَنْ أُعاتبُ غيره وأَلُومُ

(a) الوافي: لي.

(b) إضافة من الوافي بالوفيات.

_________

(1)

الأبيات في الوافي بالوفيات 15: 82، وعند الصفدي زيادة بيت وسقوط آخر.

ص: 396

قال: ومن شِعره في وَالدِي على مِنْهَاج البُسْتيّ (a): [من الكامل]

لأبي سَلامَةَ مُرْشِدٍ بينَ الوَرَى

خُلُقٌ يَكِلُّ النَّاسُ عن أوْصَافِهِ

مَلِكٌ إذا علِقَ الخَوُفُ بحَبْلِهِ

أمِنَ الخُطُوبَ فَوَالِهِ أوْ صَافِهِ

وممَّا وَقَع إليَّ من شِعْره في الخَيْريّ

(1)

: [من السريع]

انْظُرْ إلى الخَيْريّ ما بَيْننا

مُقَمَّصًا بالطّلِّ قُمْصَانَا

كأنَّما صَاغَتْهُ أيْدي الحيَا

مِن أحْمَرِ اليَاقُوتِ صُلْبَانا

وله يَصِفُ الوَبَاء والإفْرَنْج بالشَّامِ

(2)

: [من الكامل]

ولقد حَلَلْتُ من الشَّام ببُقْعَةٍ

أعْزِزْ (b) بسَاكِن رَبْعَها المِسْكِين (c)

وُبئَتْ وجَاوَرها العَدُوُّ فأهْلُها

شُهَدَاء بين الطَّعْنِ والطًّاعُون

تُوفِّي أبو المُعَافَى سَالِم في سَنَة اثْنَتي عَشْرة وخَمْسِمائَة أو بَعْدها؛ فإنَّ عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الله ابن عَمِّي عبد الصَّمَد بن أبي جَرَادَة أخْبرَني أنَّهُ نَقَل من خَطِّ عَبْد الله بن عليّ بن أحْمَد بن جَعْفَر التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، وذَكَرَ جَمَاعَةً من مَشَايخ مَعَرَّة النُّعْمَان وقال: ما بَقِي منهم إلى سَنَة اثْنَتي عَشرة وخَمْسِمائَة إلَّا أبو العَلَاء المُحَسِّن بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر بن أحْمَد بن سُلَيمان بن دَاوُد، وأبو المُعَافَى، وأبو المُنَجَّا ابْنَا عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد بن المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب، فتكُون وَفَاتُه بعد ذلك.

(a) مهملة في الأصل، ولعل الإشارة لمنهج أبي الفتح البستي في التجنيس وتجنيس التركيب.

(b) الخريدة: أعذر.

(c) الوافي: المغبون.

_________

(1)

البيتان في خريدة القصر 12: 129.

(2)

البيتان في خريدة القصر 12: 129، والوافي بالوفيات 15:82.

ص: 397

‌سَالِم بن عبد الرَّحْمن، هو أبو العَلَاء الكَاتِب

كَاتِبُ هِشَام، ذُكِرَ في التَّاريخ أنَّهُ كان بالرُّصَافَة حين ماتَ هِشَامٌ، فكَتَبَ إلى الوَلِيد بن يَزِيد بن عَبْد المَلِك يُعْلمه بذلك، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ فيمَنْ اسْمُ أبيْهِ عَبْدالله

(1)

.

‌سَالِم بن عَبْد الغَالِب بن عَبْد الله بن المُحَسِّن بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن سَعيد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن المُطَهَّر بن زِيَاد بن رَبيعَة بن الحاَرِث بن رَبِيْعَة بن أنْوَر بن أرْقَم بن أسْحَم، أبو المُنَجَّا ابن القَاضِي أبي سَعْد بن أبي حَصِيْن بن أبي القَاسِم التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، القَاضِي

(2)

من بَيْت القَضَاء والعِلْم والرِّوَايَة والشِّعْر بمَعَرَّة النُّعْمَان، وكان أبُوه قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، وقد ذَكَرْناهُ

(3)

، وذَكَرْنا منهم جَمَاعَة.

وكِان سَالِم هذا قد سَافَرَ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، ووَلِيَ بها قَضاءَ دِمْيَاط، ثمِّ جَاوَرَ بمَكَّة إلى أنْ ماتَ (a)، رَوَى عن أَبِيهِ أبي سَعْد شَيئًا من شِعْره، ورَوَى (b) عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ بمَكَّة، كَتَبَ عنهُ شَيْخُه أبو طَاهِر السِّلَفِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة (c)، وعبد الرَّحيم بن مُحَمَّد بن كُلِي الأصْبَهَانِيّ بمَكّة (d).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، عن الإمَام الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدني أبو المُنَجَّا سَالِم بن عَبْد

(a) ق: رحمه الله.

(b) ق: ويروي.

(c) ق: بإسكندرية.

(d) ق: بمكة شرفها الله تعالى.

_________

(1)

في الترجمه التي قبل التقدمة.

(2)

توفي سنة 542 هـ.

(3)

ترجمة القاضي عبد الغالب بن عبد الله المعري في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 398

الغَالِب بن عَبْد الله التَّنُوخِىّ المَعَرِّيّ بالإسْكَنْدَريَّةِ، قال: أنْشَدَني القَاضِي أبو سَعْد عَبْد الغَالِب بن عَبْد الله بن المُحَسِّن بن عَمْرو التَّنُوخِيّ لنَفْسِه بالمَعَرَّة

(1)

: [من مجزوء الكامل]

قَلْبٌ وقُلْبٌ في يَدَ

كَ مُعَذَّبٌ ومُنَعَّمُ

ظَمْآنُ يَطْلُبُ قَطْرَةً

تَشْفي صَدَاهُ ومُفْعَمُ

هكذا أَنْشَد الحافِظ أبا طَاهِر هذين البَيْتَيْن، ولَم يَذْكُر أنَّ قائلهُما أبُوه، لأنَّ أباهُ أبا سَعْد قال البَيْتَيْن في امْرأة اسْمُها عَاتِكَة، وجَرَى له معها قِصَّةٌ عُزِلَ عن قَضَاءِ المَعَرَّة بسَبَبها، وقد ذَكَرنا القِصَّة في تَرْجَمَةِ أبي سَعْد عَبْد الغَالِب، فيَقَع لي أنَّهُ لم يَذْكُر أنَّهُ أبوه لذلك، واللهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي عليّ الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: رأيْتُ بخَطِّ عَبْد الرّحيم بن مُحَمَّد بن كُلِي الأصْبَهَانِيّ، وهو من أهْلِ الفَضْل، قال: أنْشَدَنا أبو الفَرَج ثَابِت بن مُحَمَّد بن أبي الفَرَج المَدِيْنّي من لَفْظه، قال: أنْشَدَنا أبو المَعَالِي مُجَلي بن جُمَيعْ بن نَجَا المَخْزُومىّ بمَكَّة، وذَكَرَ أنَّهُ من وَلدِ خَالِد بن الوَلِيد، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحمد بن إبْراهيم الرَّازِيّ بمِصْرَ، قال: أنْشَدَني أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِىّ الأصْبَهَانِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة من قِيْلِهِ (a): [من الكامل]

دِيْن في الرَّسُولِ وشَرْعُهُ أخْبَارُهُ

وأجَلُّ عِلْمٍ يُقْتَنى آثارُهُ

مَنْ كان مُشْتَغِلًا بها وَبِبَثِهّا (b)

بينَ البَرِّيَّةِ لا عَفَتْ آثارُهُ

(a) ق: من قبله، والبيتان في كتاب التدوين في أخبار القزوين للرافعي 2:226.

(b) التدوين في أخبار قزوين: ينشرها.

_________

(1)

البيتان في كتاب البديع في نقد الشعر (المنسوب لابن منقذ) 21، وفيه: للقاضي أبي سعيد.

ص: 399

قال عَبْدُ الرّحيم: ثُمَّ لَقِيْتُ بمَكّة في ذِي الحِجَّة من سَنَة إحْدَى وأرْبَعين أبا الغَنائِم سَالِم بن عَبْدِ الغَالِب بن عَبْد الله المَعَرِّيّ، فأنْشَدَني، قال: أنْشَدَني أبو الطَّاهِر السِّلَفِيّ؛ فذَكَرَ البَيْتَيْن.

أخْبرَني أبو القَاسِم بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، عِن أبي طَاهِر السِّلَفِيِّ، قال: سَالِم هذا كان من شُهُود دِيَار مِصْرِ، وخَطَبَ بها، ووَليَ قَضاءَ دِمْيَاط، وكان من أهْلِ السُّنَّة، شَافِعيّ المَذْهَب، تَرَك ذلك كُلّه وجَاوَرَ بمَكّة إلى أنْ تُوفِّي بها سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين، وكان قد سَمِعَ عَلَيَّ ورَوَى عَنِّي.

يعني سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة وَفَاتُه.

‌سَالِم في عُبَيْد الأشْجَعِيِّ

(1)

صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنهُ، وكان من أصْحَاب الصُّفَّة، وحَكَى عن عليّ رضي الله عنه، وشَهِدَ معه صِفِّيْن.

رَوَى عنهُ خَالِد بن عُرْفُطَة، ونُبَيْط بن شُرَيْط، وأبو مَالِك الأشْجَعِيِّ، وقيل: رَوَى عنهُ هِلال بن يسَاف، والصَّحيحُ أنَّ هِلَالًا روَى عن خَالِد بن عُرْفُطَة عنه.

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن

(1)

ترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 44، طبقات خليفة 47، 129، تاريخ البخاري الكبير 4: 106 - 107، المعرفة والتاريخ 1: 455، المعجم الكبير للطبراني 7: 64 - 66، الجرح والتعديل 4: 183، الثقات لابن حبان 3: 158، حلية الأولياء 1/ 371، الاستيعاب 2: 566، أسد الغابة 2: 247 - 248، تهذيب الكمال 10: 162 - 163، الكاشف 1: 344، الوافي بالوفيات 15: 86، الإصابة 3: 54 - 55، تهذيب التهذيب 3: 441، تقريب التهذيب 1:280.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)156.

ص: 400

غالب، قال: حَدَّثَني عبد الصَّمَد، قال: حَدَّثَنَا وَرْقَاء، عن مَنْصُور، عن هِلال، عن خَالِد بن عُرْفُطَة، قال

(1)

: كُنَّا فىِ مَسِيْر فعَطَس رَجُلٌ من القَوْم (a) فقال: السَّلام عَليُكم، فقال له سَالِم بن عُبَيْد الأشْجَعِيِّ: وعليك وعلى أُمِّكَ، قال: ثمّ قال له: لعَلَّهُ ساءَك ما قُلْتُ؟ قال: ما يَسُرُّني أنْ تَذْكُر أُمَّي بخَيْر ولا شَرٍّ، قال: أمَا إنِّي لا أقُول إلَّا كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وعَطَس رَجُلً من القَوْم فقال: السَّلام عَليْم، فقال: عليكَ وعلى أُمِّكَ، ثُمَّ قال: إذا عَطَس أحَدُكم فليَقُل: الحَمَدُ للهِ رَبِّ العالَمِين، وليَقُل مَنْ عندَهُ: يَرْحَمكَ اللهُ، وليَقُل هو: غَفَرَ اللهُ لي ولكم.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، مال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن علىِّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْد الله بن خَلَف الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلمِيّ، قال: حَدَّثنا عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَمْدَان الحَنْبَلِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن مَنيع، قال: حَدَّثنا وَهْبُ بن بَقِيَّة، قال: حَدَّثنا إسْحَاق الأزْرَق، عن سَلَمَة بن نُبَيْط، عن نُعَيْم بن أبي هِنْدٍ، عن نُبَيْط بن شُرَيْطٍ، عنِ سَالَمِ بن عُبَيْد؛ وكان من أهْل الصُّفَّةِ

(2)

: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لمَّا اشْتَدَّ مرَضُه أُغْمِي عليه، كُلّما

(3)

أفاقَ قال: مرُوا بِلَالًا فليُؤذِّن، ومرُوا بِلَالًا

فليُصَلّ بالنَّاسِ، وذَكَرَ الحَدِيْث.

(a) قرله: "من القوم" ساقط من ق.

_________

(1)

الجامع الكبير للترمذي 4: 456 (رقم 3740)، المعجم الكبير للطبراني 7: 66 (رقم 6368)، صحيح ابن حبان 2: 361 (رقم 599)، وانظر: المسند الجامع 6: 5 (رقم 3953).

(2)

المنتخب من مسند عبد بن حميد 143 (رقم 365)، سنن ابن ماجة 1: 390 (رقم 1334)، المعجم الكبير للطبراني 7: 65 (رقم 6367)، مجمع الزوائد 5: 182، كنز العمال 5: 634 (رقم 14116)، وانظر: المسند الجامع 6: 6) رقم 3954).

(3)

كذا في الأصل وق، ويرد في الرواية بعده: فلما.

ص: 401

أخْبَرَنا أبو الحجَاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم اللَّبَّانُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر الطَّلْحِيّ، قال: حدَّثنا الحَسَنُ بن الطَّيّب، قال: حدَّثنا وَهْبُ بن بَقِيَّة، قال: حدّثنا إسْحاق بن يُوسُف، قال: حَدَّثنا سَلَمَةُ بن نُبَيْط، عن نُعَيْم بن أبي هِنْد، عن نُبَيْط بن شُرَيْط (a)، عن سَالِم بن عُبَيْد -وكان من أهْل الصُّفَّة- أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لمَّا اشْتَدَّ مرَضُه أُغْمِي عليه، فلمّا أفاقَ قال: مرُوا بِلَالًا فليُؤَذِّن، ومروا أبا بَكْر فلُصَلّ بالنَّاسِ، قال: ثُمَّ أُغْمِي عليه، فقالت عائِشَة: إنَّ أبي رَجُلُ أَسيفٌ فلو أمرَت غيره، قال: إبَّكُنَّ صواحباتُ يُوسُف؛ مرُوًا بِلَالًا، ومرُوا أبا بَكْرٍ فليُصَلِّ بالنَّاسِ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن (b) فيما أجَازَهُ لي، قال: أخْبرَنا (c) عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن خُسْرُو البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا ابو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن إسْحَاق بن نِيْخَاب الطِّيبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْراهم بن الحُسَين بن عليّ الكِسَائِيِّ الهَمْدانِيّ (d)، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان أبو سَعيد الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن إِدْرِيس، قال: سَمِعْتُ أبا مالك الأشْجَعِيِّ ذَكَرَ عن رَجُلٍ من أَشْجَع يُقال له سَالِم بن عُبَيْد الأشْجَعِي، قال (e): رأيْتُ عليًّا يَوْم (f) صِفّيْن وهو آخِذٌ بيَدِي ونحنُ نَمْشي في القَتلَى، فجَعَل علىِّ يَسْتغْفِر لهم حتَّي بلغَ قتلَى أَهْل الشَّام، فقُلتُ لَهُ: يا أَمِير الؤمنِيْن، إنَّا فىِ أصْحَاب مُعاوِيَةَ، فقال عليٌّ: إنَّما الحِسَابُ علىَّ وعلى مُعاوِيَة

(3)

.

(a) ساقطة من ق.

(b) ق: الحسين.

(c) ق: أخبرني.

(d) ق: الهمذاني.

(e) مكررة في الأصل.

(f) ابن عساكر: بعد صفين.

_________

(1)

حلية الأولياء 1: 371.

(2)

تاريخ افي عساكر 1: 343.

(3)

أورد ابن العديم في الجزء الأول من كتابه (الفصل الثالث في خبر صفين)، هذه الرواية من طريق الحسن بن محمد بن الحسن في هبة الله.

ص: 402

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَيْن بن عُمَر بن بَاز في كتَابهِ، قال: أخبَرنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: سَالَم بنُ عُبَيْد الأشْجَعيِّ، له صُحْبَة، قال لنا عليّ: حَدَّثَنَا جَرِبر، عن مَنْصُور، عن هِلَال بن يسَاف، قال: كُنَّا مع سَالَم بن عُبيد فعَطَسَ رَجُلٌ، فذَكَر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكَرْتُه لابن مَهْدِي فقال: حَدّثَنَا أبو عَوَانَة، عن منْصُور، عن هِلَال، عن رَجُلٍ من آلِ عُرْفُطَة، عن سَالَم، فذكَرتُه لابن دَاوُد فقال: حَدَّثَنَا وَرْقَاء، عن مَنْصُور، عن هِلالٍ، عن خَالِد بن عُرْفُطَة (a)، عن سَالَم، فذكَرتُه ليَحْيَى بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن مَنْصُور، عن هِلَال، عن رجُلٍ (b)، عن سَالمِ. ورَوَى هاشِم بن القَاسِم، عن أبي جَعْفَر الرّازِيّ، عن مَنْصُور، عن هِلال: كُنَّا مع سَالِم.

أنْبَأنَا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قَال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: سَالمِ بن عُبَيْد الأشْجَعِيّ، كُوْفيٌّ له صُحْبَةٌ، رَوَى عنهُ نُبَيْط بن شُرَيْط، وهِلَال بن يسَاف، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك، رَوَى عنهُ خَالِد بن عُرْفُطَة.

هكذا قال، والحَدِيْثُ الّذي يَرْويهِ عنه خَالِد بنِ عُرْفُطَة هو الّذي يَرْويهِ هلال بن يسَاف عن خَالِدٍ عنه. والظَّاهرُ أنَّ الّذي روَاهُ عن هِلال عن سَالِم أسقَط خَالِدًا، واللهُ أعْلُم.

(a) تاريخ البخاري: عرفجة.

(b) في تاريخ البخاري: "عن رجل، عن رجل"، مكررة مرتين.

_________

(1)

تاريخ البخاري الكبير 4: 106 - 107.

(2)

الجرح والتعديل 4: 183.

ص: 403

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، عن أبي القَاسِمٍ بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال في كتاب الحُرُوف ومَعْرفَة الصَّحَابَةِ: وسَالِم بن عُبيد الأشْجَعِيِّ حَدِيثُه في الكُوْفيِّيْن، رَوَى عنهُ نُبَيْط بن شُرَيْط، ورَوَى هِلال بن يسَاف عن رَجُلٍ عنهُ، واخْتَلَف أصْحَابُ مَنْصُور عنه في رِوَايَة حَدِث بِلَال (a).

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بنُ عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّميّ، قال: سَالِم بنُ عُبيد رضي الله عنه من أهْل الصُّفَّة، قالَهُ ابنُ مَنِيع، وهو سَالِم بنُ عُبَيْدٍ الأشْجَعِيّ، سَكَنَ الكُوفَة.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخبرنا أبو [المَكَارم](b) اللَّبَّانُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: سَالِم بن عُبَيْدٍ الأشْجَعِيّ سَكَنَ الصُّفَّة، ثُمَّ انتقَلَ إلى الكُوفَة ونزلَها.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْربن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، فيما كَتَبَ إلينا بهِ من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العزَيْز بن الدَّبَّاغِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن

(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.

(b) الأصل، ق: أبو بكر، وتكرر ذكر كنيته في كثير من المواضع على الوجه المثبت، وهو أحمد بن محمد بن محمد اللبان.

_________

(1)

حلية الأولياء 1: 371.

ص: 404

عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن عَبْد البَرِّ

(1)

، قال: سَالِم بنُ عُبَيْدٍ الأشْجَعِيّ، كُوْفيٌّ، له صُحْبَة، وكان من أهْلِ الصُّفَّة، رَوَى عنهُ خَالِد بن عُرْفُطَة، ورَوى عنه نُبَيْطُ بن شُرَيْط، ويُقال (a): ابنُ يسَاف.

‌سَالِم بن عليّ بن تميْم الكَفْرطَابِيّ، أبو الحَسَن الحلَي النّحويّ المعرُوف بابنِ الحَمَامِيّ

(2)

أصْلُهُ من كَفَرْ طَاب، وسَكَنَ حَلَبَ، ويُقال فيه: سَالِم بن تَمِيْم

(3)

.

كان رَجُلًا فَاضِلًا، عَارِفًا بالعَرَبيةِ، وكان سُنِّي المَذْهَب، سَمِعَ بحَلَب الشَّريفَ أبا عليّ مُحَمَّد بن مُحمّد بن هَارُون الهاشمِيّ الحَلَبِيّ، والشَّيْخ أبا عُبَيْد الله عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر، والشَّيْخ مُشْرِق بن عَبْد الله العَابِدَيْن.

وكان فَقِيهًا حَسَنًا، ونَحويًّا مُفِيدًا، وكان إمَام سَدِيد المُلْك عليّ بن مُنْقِذ وجَلِيْسه، ومن وُجُوه الحلبِيِّيْن، وإيَّاه عَنَى أبو مُحَمَّد الخفاجِيّ بقَوْله في القَصِيدَة الّتي سَيَّرَها من قُسْطَنْطِينِيّة إلى جَمَاعَة أهْلهِ وأصْدِقائه

(4)

: [من الكامل]

أَبْلِغْ أبا الحَسَنِ السَّلَامَ وقُلْ لَهُ

هذا الجفَاءُ عَدَاوَةٌ للشِّيْعَةِ

فلأطَرِفَنّ بما صَنَعْتَ مُكَابِرًا

وأَبُثُّ ما لاقَيْتُ منْكَ لبَنكَةِ (b)

(a) كذا في الأصل، وفي الاستيعاب: هلال، وهو صحيحٌ، وتقدم في طالع الترجمة قول المصنف:"وقيل روى عنه هلال ابن يساف".

(b) الديوان: لنكبة، وفسر ابن العديم بعد انتهاء النقل أن بنكة من غوغاء الشيعة.

_________

(1)

الاستيعاب 2: 566.

(2)

كان حيًّا سنة 465 هـ، وترجمته في: الإنصاف والتحري لابن العديم (ضمن كتاب إعلام النبلاء) 4: 131 - 132، وضبط ابن العديم نسبته هنا بالتخفيف: الحَمَاميّ، وفي نشرة الإنصاف مشددًا.

(3)

تقدمت الإشارة له منسوبًا إلى جده في هذا الجزء.

(4)

ديوان ابن سنان الخفاجي 665 - 666، وانظر الأبيات في الإنصاف والتحري (ضمن إعلام النبلاء) 131:4.

ص: 405

ولأُجلِسَنّكَ للقَضِيَّةِ بَيْننا

في يَوْم عَاشُوْراءَ بالشَّرْقيَّةِ

حتَّى أُثِيرَ عليكَ فيها فِتْنَةً

تُنْسِيكَ يَوْم خِزَانَةِ الصُّوْفيَّةِ

قَرأتُ بخَطّ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: هو الفَقِيه أبو الحَسَن سَالِم بن تميْم، وبخَطِّه: مُكابِر وبَنْكَة من غَوْغَاء الشِّيْعَة.

أخْبَرَنا بهذه الأبْيَات أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن هاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد، قال: أنْشَدَنا وَالدِي، قال: أنْشَدَني أبي عن قائلها أبي مُحَمَّد، أو عن عَمِّه أبي نَصْر عن أبي مُحَمَّد.

وخِزَانَة الصُّوْفيَّة: هي خِزَانَة الكُتُب الّتي بالشَّرْقيّةِ من جَامع حَلَب، وأشَار بذلك إلى قَضِيّة وَقَعَت لسَالِم بن عليّ مع الشِّيْعَة بحَلَب في يَوْم عَاشُوْراء عند خِزَانَة الكُتُب، أدَّتْ إلى فِتْنَةٍ بين السُّنَّة والشِّيْعَة، وكان سَالِم بن عليّ بن تَمِيْم سُنِّي المَذْهَب.

وسَبَبها ما أنْبَأنَا بهِ أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة، وأبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا لهما أو لأحَدهما، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد اللّطِيْف التّنُوخِيّ المَعَرِّيّ بدِمَشْق، قال: سَمِعْتُ أخي أبا الفَضْل يَقُول: سَمِعْتُ النَّاظِرَ التَّنُوخِيّ يَقُول: طلبْتُ من ابن تميْم الفَقِيه بحَلَب شَيئًا فامْتَنع عليّ، فعَمِلتُ فيه قِطْعَةً على سَبِيْل المُناكَدَة، وأنْشَدتُها للشِّيْعَة في يَوْم عَاشُوْراء، فرَأى منهم كُلّ مَكْرُوه، وكان النّاظِرُ وابن تميْم جَمِيعًا سُنِّيَّيْن، والأبْيَاتُ هذه:[من المنسرح]

لابن تميْمٍ في الكُفْرِ مُعْضلَةُ

لَم يأتها قَبْلَهُ مِنَ البَشَرِ

ص: 406

لقَوْلهِ في الإمَامِ جَعْفَرٍ الصَّـ ....

ادِق زَيْنِ الأئمَّةِ الزُّهُرِ

بأنَّه كان في إمَامَتِهِ

يُوقِعُ مِثْلَ القَيَانِ بالوَتَرِ

بذَا برَى اللهُ قُبْح صُوْرَتِهِ

فأصْبحَتْ عِبْرةً منَ العِبَرِ

بلِحْيَةٍ غثَّةِ النّبَاتِ حَكَتْ

شَعْرَ اسْتِ مَنْ قد خُصِي على كِبَرِ

يَوَدُّ من بُغْضِهِ الوَصِيَّ بأنْ

تَغْرَقَ للنُّسْكِ في خَرَا عُمَرِ

وَجَدْتُ في بعض كُتُب الإمْلَاك شَهَادة سَالَم بن عليّ بن تَمِيْم بخَطِّه، وكان من المُعَدَّلين بحَلَب، وتَاريْخ الشَّهَادَة في ذِي الحِجَّة من سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة؛ فقد توفِّي بعد ذلك.

‌سَالِم بن عليّ بن مُحَمَّد، أبو المُرَجَّا الحَمَوِيّ

من أهْل حَمَاة، كَتَبَ عنهُ الحافِظ أبو مُحَمَّد (a) عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ إنْشَادًا، وخرَّجَهُ عنهُ في مُعْجَم شُيُوخهِ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ (b)، قال: أنْشَدَنا الأَمِيرُ أبو المُرَجَّا سَالَم بن عليّ بن مُحَمَّد قُبَالَة رَأس العَيْن، ضَيْعَة من أعْمَال الرُّهَا:[من الكامل]

رِزْقي تَشَتَّتَ في البِلَادِ وإنَّني

أسْعىَ (c) لَجْمِع شَتَاتِهِ وأَطُوْفُ

فكأنَّني قَلَمٌ بإصْبعِ كَاتبٍ

وكأنَّ رِزْقي في البِلَادِ حُرُوفُ

قال لي: وسُمِّيَتْ رَأس العَيْن لأنَّ رأسَ النَّهْر الّذي يَرُوح إلى الجلِّمانيّ وسَنَد عرس (d) وغيرها منها، ولَيْسَت برأسِ العَيْن المَدِينَة المَشْهُورة.

_________

(a) ساقطة من ق.

(b) من قولا: "إنشادًا

"، إلى هنا ساقط من ق.

(c) ق: ابتغي.

(d) كذا مهملة في الأصل، وق، ولم أهتد للتعريف بها ولا بالتي قبلها.

ص: 407

‌سَالم بن مَالِك بن بَدْرَان بن مُقَلَّد بن المُسَيَّب بن رَافِع بن مُقَلَّد بن جَعْفَر بن عَمْرو بن المُهَيَّا بن زَيْد (a) بن عَبْد الله بن زيْد (b) ابن قَيْس بن جُوْثَة بن طِخْفَة (c) بن رَبِيْعَة بن حَزْن بن عُبَادَة بن عُقَيْل بن كَعْب بن رَبِيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن مُعاوِيَة بن بَكْر بن هَوَازِن بن مَنْصُور بن خَصَفَة بن عِكْرِمَة بن قيس بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان، أبو الذِّمَام - وقيل: أبو الزِّمَام - العُقَيْلِيُّ الأَمِيرُ

(1)

كان أبو المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيْش حين مَلَكَ حَلَب، وَلَّاهُ زعَامتَها بحُكْمْ ما بينهما من النَّسَب، فلمَّا قُتِلَ أبو المَكَارِم وَلي حَلَب مع الشَّريف الحُتَيْتيّ في سنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة.

وأقام سَالِم بالقَلْعَة والشَّريف بالمَدِينَة، واتَّفَقا على أنْ كَاتبًا السُّلْطان مَلِك شَاه يبْذُلان له تَسْليم حَلَب ويَحُثَّانه على الوُصُول، أو وُصُول نَجْدة تَدْع سُليْمان بن قُطَلْمش.

ونَزَل سُليْمان على حَلَب، وطَال انْتِظَار السُّلْطان، فاتَّفَقَ الشَّريف الحُتَيْتيّ ومُبَارَك بن شِبْل الكِلَابيّ على اسْتِدْعاء تَاج الدَّوْلَة تُتُش، فوَصَل، والْتَقَى بسُليْمان

(a) تقدم في الجزء الثاني في ترجمة صَاحِب الخال القرمطي: يُزَيِّد.

(b) كالتعليق قبله.

(c) في ترجمة صاحب الخال: طهفة.

_________

(1)

توفي سنة 519 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 115، العظيمي: تاريخ حلب 354، 375 - 376، ابن الأثير: التاريخ الباهر 73 - 74، والكامل 10: 148 - 149، 369، 460 - 463، 531، 630، 11: 109، زبدة الحلب 1: 318 - 324، أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر 2: 238، ابن خلدون: العبر 9: 634 - 635، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 178 - 179.

ص: 408

وقَتَلَهُ، ونَزَلَ على حَلَب، وفَتَحَها، وعَصَى سَالِم في القَلْعَة، فوَصَلَ الخبَرَ بوُصُول مَلِك شَاه، فتَوجَّه تُتُش إلى دِمَشْق، ووَصَلت مُقدِّمَة عَسْكَر مَلِك شَاه، فسَارَع سَالَم بن مَالِك إلى طَاعَة الوَاصِل وخِدْمَته.

ووَصَلَ مَلِك شَاه إلى قلْعَة جَعْبَر بن سَابِق القُشَيْريّ، فتَسَلَّمها منه وقَتَلَهُ، ووَصَلَ إلى حَلَب، فتَسَلَّم حَلَب وقَلْعتها من سَالِم بن مَالِك سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة وعوَّض سَالِم بن مَالِك بقَلْعَة جَعْبر، وأقْطعَهُ الرَّقَّة وعدَّة ضِيَاع.

ويُقال إنَّ سَالم بن مَالِك لَم يَذْكرها للسُّلْطَان، وإِنَّما سَيَّرَ إليه يَقُول: إنَّ لي وَلدًا وعائلةً كَبيرة، وقد أرَدْتُ أنْ يَنْظُرِ السُّلْطان لهم فوْق نَظَري لهم، فشَاور في ذلك نِظَام المُلْك، فقال له: إِنَّ قلْعَة جعْبَر تُريد منَّا في كُلِّ عامٍ جُمْلَةً من المال، وليسٍ لها عَمَلُ جَيِّد، وهو يَرْضَى بها، فكَتَبَ نِظَام المُلْك يُعرِّف سَالِم بن مَالِك ما جَرَى، فطَار سَالِم فَرصًا بما سَمِعَ، فبَعَثَ إلى نِظَام المُلْك بخَادِمهِ إقْبَال، وكان أحْسَن خَادِم يكُون له في الفُرُوسِيَّةِ اسْم، وفي الكتابة يَد طُوْلى، إلى خَطٍّ بَدِيْع من طَريْقَة ابن البَوَّاب، يتَرَسَّل عن موْلاه، وفي صُحْبَتهِ خَمْسُون ألف دِرْهَم، فقال نِظَام المُلْك: ما أَسْدَيت إليك شيئًا تَعْتَاض به عن إقْبَال! ورَدَّ الدَّرَاهِم عليه، وبَعَثَ بجَارِيتَين بكْرين أحْدَيهما إفْرَنْجِيَّة والأُخْرى أَنْدَلُسِيَّة، ليس لهما نَظِير في الحَسَن والجَمَال والأدَب والصَّنَائع الحَسَنة، فبَعَثَ بهما نِظَام المُلْك مع إقْبَال الخادِم إلى السُّلْطان، فلمَّا دَخَلَ بهما على السُّلْطانِ قال للحَاجِب: ردّ إقْبَال لا يَدْخُل عليَّ، فجِب منهُ بطَانَتُهُ، واسْتُحْسن ذلك منه، فبَلَغَ نِظَام المُلْك قَوْله، فبَعَثَ به في عَشرة من الخَدَم، فقَبِلَهم إلَّا إقْبَال فإنَّهُ أعادَهُ بعد أنْ رَمَى بينَ يَدَيْهِ، وكَتَبَ وتَبَذَّل في الحَوَائِج، فقال: إنَّ بنِظَام المُلْك إليك أشَدّ حَاجةٍ، فخَدَم إقْبَال وأجَاب السُّلْطان أحْسَن جَوَاب عن قَوْله، وانْصَرَف.

ص: 409

نَقَلْتُ من خَطِّ الرَّئِيس أبي عَبْد الله بن عليّ [بن أحمد] بن نِزَار العُظَيْميّ

(1)

في حَوَادِث سَنَة تِسْع عَشرة وخَمْسِمائَة، قال: وفي يَوْم الأرْبَعَاء العشرين من شَوَّال مات شَمْس الدَّولَة سَالِم بن مَالِك بقَلْعَة جَعْبَر.

قَرأتُ بخَطّ حَمْدَان بن عبد الرَّحِيم

(2)

: رَأيْتُ في بعض التَّعَالِيْق بحَلَب أنَّ الأمِير سِرَاج الدَّين سَالِم بن مَالِك بن بدْرَان العُقَيْلِيّ مالك الدَّوْسَرِيَّة

(3)

؛ وهي قَلْعَة جَعْبَر، كانت وَفَاته فيها في العشرين من شَهْر شَعْبان سَنَة تِسْع عَشرة؛ - يعني: وخَمْسِمائَة.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر، عن أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، قال: إنَّ الأمِير شَمْسِ الدَّولَة كان نائبًا للأمِيْر شَرَف الدَّوْلَة مُسْلِم بن قُرَيْش في قَلْعَة حَلَب، فلمَّا قُتِلَ شَرَف الدَّوْلَةِ في رَبيع الأوَّل سَنَة ستٍّ وثَمانين وأرْبَعِمائة حَفِظَ الأَمِيرُ شَمْسُ الدَّولَة قَلْعَةَ حَلَبَ، وقال: لا أُسَلِّمُها إلَّا بأمْر مَلِكْشاه، فسَارَ إليها السُّلْطانُ من خُرَاسَان فسَلَّمها إليه، وكان السُّلْطانُ لِمَا اجْتازَ بقَلْعَة جَعْبَر وفيها سَابِق الدِّين جَعْبَر القُشَيْريّ فقَبَضَهُ السُّلْطان، وقَتَلَهُ لِمَا بلَغَهُ عنهُ من الفَسَادِ، فلمَّا سَلَّم شَمْسُ الدَّولَة سَالَم بن مَالِك قَلْعَة حَلَب إلى السُّلْطان عوَّضَهُ عنها قَلْعَة جَعْبَر، فأقام مالكها إلى أنْ تُوفِّي فيها يَوْم الأرْبَعَاء العِشْرين من شَوّال سَنَة تِسْع عَشرة وخَمْسِمائَة.

(1)

هكذا نسبه إلى والد جده نزار، وتجاوز عن ذكر اسم جده: أحمد، وتقدم له ذكر الاسم على النحو المثبت في الجزء السابع من هذا الكتاب. والنقل عن كتاب العظيمي الضائع:"المؤصَّل على الأصل الموصَّل"، وجاء في كتابه الآخر تاريخ حلب 375 - 376 في حوادث السنة المذكورة:"ومات بقلعة دوسر صاحبها سالم بن مالك".

(2)

لعله من كتاب الأثاربي في التاريخ وعنوانه: "المفوف"، تقدم التعريف به في الجزء الأول، وانظر ترجمة الأثاربي في الجزء السادس.

(3)

تقدم التعريف بها في الجزء الأول.

ص: 410

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌سَالِمُ بن المُحَسِّن بن مُحَمَّد بن عليّ الرَّبَعِيُّ، أبو الغَنائِم المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، نَزَل الإسْكَنْدَرِيَّة، وأوْطَنَها إلى أنْ ماتَ، رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، عن أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال أنْشَدَني أبو الغَنائم سَالِم بن المُحَسِّن بن مُحَمَّد بن عليّ الرَّبَعِيّ المَعَرِّيّ لنَفْسِه بالثَّغْر؛ يعني: الإسْكَنْدَرِيَّة: [من الرمل]

أنْتَ بالوَصْلِ إذا لم تَجُدِ

فَبِهِ (a) قَلْبي عَلِّلْ وَعِدِ

قد تَمَادَى طُولُ هجرَانكَ لي

وانْتِظَاري كُلَّ يَوْم لغَدِ

يا جَمِيلَ الوَجْهِ ما ذا حَسَنُ

منكَ أنْ تَقْتُلَني بالكَمَدِ

مُقْلَتي سَلْهَا عَنِ النَّوْمِ فَقَدْ

أَنِسَتْ مِن بَعْدِهِ بالسُّهُدِ

ما على مَالكِ قَلْبي حَرَجُ

أنَا سلَّمْتُ فُؤادِي بيَدِي (b)

قال الحافِظُ أبو طَاهِر سَالِم هذا شَاعِر مُقَدَّم في الأدَب، اسْتَوْطَنَ الإسْكَنْدَرِيَّة، ومَوْلده بالمَعَرَّة، وتُوفِّيَ في رَمَضَان سَنَة تِسْع عَشرة وخَمْسِمائَة بالثَّغْرِ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ الحافِظ، قال: سَنَة ثَمان عَشرة أو تِسْع عَشرة أبو الغَنائِم سَالِم بن مُحَسِّن المَعَرِّيّ، في أوَاخر رَمَضَان بالإسْكَنْدَرِيَّة.

(a) ق: فيه.

(b) ق: سيدي.

_________

(1)

توفي سنة 518 هـ، وقيل: 519 هـ.

ص: 411

‌سَالِم بن مُرْشِد بن سَالِم بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد بن المُهَذَّب، أبو المُعَافَى المَعَرِّيّ

حَدَّثَ عن أبي المَجْد عَبْد الوَاحِد بن المُهَذَّب بن المُفَضَّل المَعَرِّيّ، رَوَى لنا عنْهُ وَلدهُ أبو البَرَكَات الفَضْلُ بن سَالِم بن مُرْشِد الكَاتِبُ، وأبو الفَتْح إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن مُرْشِد بن سَالِم، وأبو مُحَمَّد الحسن بن مُحَمَّد بن عبد الوَاحِد بن المُهَذَّب المَعَرِّيُّون.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن سَالِم، وأبو الفَتْح بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بمَعَرَّة النُّعْمَان، قالُوا: أخْبَرَنا أبو المُعَافَى سَالِم بن مُرْشِد بن سَالِم، قال: أخْبَرَنا أبو المَجْد عَبْد الوَاحِد بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنَا وَالدِي الشَّيْخ أبو الحَسَن المُهَذَّب بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا جَدِّي الشَّيْخ أبو صالح مُحَمَّدُ بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنا جَدِّي الشَّيْخ أبو الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب، قال: حَدَّثَنا جَدِّي أبو حَامِد مُحَمَّد بن هَمَّام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيم القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن هُدْبَة، عن أنَسِ بن مَالِك (a): أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يَقُول: بأبي [أنت](b) يا رسُول الله، عَلِّمْني أبْوَابَ التَّوْبَةِ، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ألَا مَنْ شَهِدَ أنَّ لا إلَّا إلَّا الله تائبًا أوْجَب اللهُ تعالَى له الجَنَّة، قال: يا رسُولَ الله، ومَن زَنا وسَرَقَ؟ قال: نَعَم، ومَنْ زَنَا وسَرق، ثلاث مَرَّاتٍ.

‌سَالِم بن مُسْتَفَاد، أبو المُرَحَّا الحَمْدَانِيّ

(1)

وأبوه مُسْتَفَاد أحَد غِلْمَان سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان.

(a) ق: رضي الله عنه. ولم أهتد لتخريجه.

(b) إضافة على مقتضى السياق.

_________

(1)

توفي سنة 425 هـ، وترجمته في: تاريخ حلب للعظيمي 326، 331، زبدة الحلب 1: 183 - 213.

ص: 412

وسَالِم أحد الأعْيَان المُمَدَّحين والقُوَّاد المَشْهُورين، ودَاره بحَلَب بالزَّجَّاجِين شَرْقِي المَدْرسَة، وإليه تُنْسَبُ الحَمَّام إلى جَانبها المَعْرُوفة بَحَمَّام ابن مُسْتَفَاد وهي دَاثِرَة، ودَاره المَذْكُورَة هي الدَّار المَعْرُوفة بدار ابن الرُّوميّ وهو مُسَاوِر بن مُحَمَّد الرُّوميّ مَمْدُوح المُتَنَبِّي.

وكان صالح بن مِرْدَاس نَزَلَ على حَلَب وحَصَرها وبها سَدِيد المُلْك أبو الحَارِث ثُعْبَان بن مُحَمَّد بن ثُعْبَان في القَصْر الّذي كان مُلَاصِقًا القَلْعَة، وفي القَلْعَة مَوْصُوف الخَادِم الصَّقْلَبِيّ، وهُما في حَلَب من قِبَل الظَّاهر ابن الحاكِم، فوَقَع بين سَالِم بن مُسْتَفَاد وبين مَوْصُوف خَلْف، وكان سَالِم مُتَمكِّنًا بحَلَب، وللحَلَبيِّيْن إليهِ مَيْلٌ، فعَزَمَ مَوْصُوف على قَتْل سَالِم، فجَمَع سَالِم جَمْعًا من الحَلَبِيِّين، وفَتَحَ باب قِنَّسْرِيْن، وخَرَجَ إلى صَالح فأخَذَ منه أمانًا لنَفْسِه ولأهْل حَلَب، وسَلَّم المَدِينَة إلى صالح يَوْم السَّبْت لثلاث عَشرة لَيْلَة خَلَتْ من ذي القَعْدَة من سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

واحْتَمَى ثُعْبَان في القَصْر ومَوْصُوف في القَلْعَة، ونُصِبَت العَرَّادَات والمِنْجَنِيْقات عليهما، ووَلَّى صالح سَالمًا حلَب وجَعَل إليه الرِّئَاسَة بها، وتَقْدِمَة الأَحْدَاث، ورَتَّبه، وكَاتَبه سُليْمان بن طَوْق على قِتَال القَلْعَة والقَصْر، وسَار صالح إلى قِتَال أَنُوشْتِكِيْن الدِّزْبِرِيّ، فقَلَّ الماء بالقَلْعَة، وعَمَل عليها رَجُل أسود يُعْرْفُ بأبي جُمْعَة، وكان عَرِيف المَصَامِدَة، وكان يَنْزل إلى المَدِينَة، ويَصْعد إلى القَلْعَة، فأفسدَهُ سَالَم بن مُسْتَفَاد وسُليْمان بن طَوْق، فلمَّا جاء أبو جُمْعَة ليَصْعَدَ إلى القَلْعَة في بعضِ الأيَّام، تقدَّمِ مَوْصُوف الخَادِم برَدّ الباب في وَجْههِ فرُدّ، فصَاحَ إلى أصْحَابه فالتَقَت المَصَامِدة والعَبِيْد ونَصَبُوا الصُّلْبان ثلاثة أيَّام، ودَعوا لملِك الرُّوم ولعنُوا الظَّاهرَ، وقَاتَلُوا القَلْعَة، ثُمَّ نَفَروا وحَمَلُوا المَصَاحِفَ على أطْرَاف الرِّمَاح في الأسْوَاق ونادوا: النَّفِيْر، ووَقَع الصَّوْت إلى الحَلَبِيِّيْن، فنَفَروا

ص: 413

من كُلّ جَانب، وزَحَفُوا إلى القَلْعَة من كُلّ جَانِب، واسْتَأمَن جَمَاعَة من المَغارِبَة الّذين كانوا في القَلْعَة، وطِيْفَ بهم في المَدِينَة، وبسطَتْ ثِيَاب الدِّيْبَاج والسَّقْلَاطُون وبذر (a) المَال مُقَابل القَلْعَة، وبَذَل ذلك لمَنْ يَنْزل إلى ابن مُسْتَفَاد وابن طَوْق، فطَلعُوا إلى القَلْعَة من كُلِّ مَكان، ودَخَلَ ابن مُسْتَفَاد وابن طَوْق القَلْعَة يَوْم الأرْبَعَاء مُسْتَهَلّ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ستّ عشرة وأرْبَعِمائة، وقُبِضَ على مَوْصُوف وثُعْبَان، وبَقِيا إلى أنْ وَصَلَ صالح وفَعَل بهما ما سَنَذكرُه فيما بَعْد إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.

ودَام ابن مُسْتَفَاد في الكَرَامَة وعُلُوّ المَرْتَبة في أيَّام صَالِح وبعدَ مَوْته إلى أنْ اسْتَوْحَشَ سَالِم بن مُسْتَفَاد من شِبْل الدَّوْلَة نَصْر بن صالح في سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وأرْبَعِمائة، فاسْتَنْفَر عليه سَالِم أحْدَاثَ حَلَب ورَعَاعَها، ولبسُوا السِّلاح، وعَوَّلُوا على مُحَارَبة القَلْعَة.

وكان يَتَردَّد بين سَالِم وبين نَصْر كَاتبٌ نَصْرَانِيٌّ يُعْرَفُ بتُوْمَا، وكان يُحَرِّف ما يَنْقلُه عن ابن مُسْتَفَادٍ إلى نَصْر، ويَزِيْد في التَّجَنِّيّ، ويَسُوْم شطَطًا لا يُمْكنُ إجَابته إليهِ، وذلك من غير عِلْم من ابن مُسْتَفَادٍ.

فلمَّا رَأى نَصْر كَثْرة تَعَدِّيهِ حَمَلَ نَفْسَهُ على مُحَارَبتهِ، ورَكِبَ إليهِ، فلمَّا رآهُ الحَلَبِيُّونَ دَعَوا وانْقَلبُوا إليهِ، وقَاتَلُوا دارَ ابن مُسْتَفَاد، فطَلَبَ الأمَان، فحَلَف له بأنَّهُ لا يَجْري له دَمًا، وحَبَسَهُ بالقَلْعَة ونُهِبَت دَارُه، ثُمَّ خافَ اسْتِبْقاءهُ فقَتَلَهُ خَنْقًا ليَخْرُج عن يَمِيْنه بأنَّهُ لَم يُجْرِ له دَمًا، وتبيَّن لنَصْر بعد قليلٍ كَذب ذلك النَّصْرانِيّ الكَاتِب، وما كان يُحَرِّفه في رِسَالته، فقَبَض عليه وطَالَبه بمالٍ، فلعَّا اسْتَصْفَى مَالَهُ، دَخَلَ عليهِ بَعْضُ أجْنَادِ القَلْعَة فخَنَقَهُ.

(a) كذا في الأصل بالذال، ولعل الصواب بالمهملة: جمع بَدْرَة؛ كيس فيه مقدار محدد من المال.

ص: 414

كَذا ذَكَرَهُ أبو هَمَّام بن المُهَذَّب في تَارِيْخهِ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميِّ في تَاريْخه

(1)

، وأخْبَرَنا به أبو اليُمْن زَيْد بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، والمُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليٍّ الطُّوْسيّ، إجازَةً من كُلِّ واحدٍ منهما، عن أبي عَبْد اللّه العُظَيْميّ، قال: سَنَة خمْسٍ وعشرين وأرْبَعِمائة، وفيها قَبَضَ نَصْرُ بن صالح على سَالِم بن المُسْتَفَادِ، وقَتَلَهُ برأي دُوْقس أنْطَاكِيَة، وكان قد عَصَى وقام أحْدَاثُ حَلَب معه، فقَبَضَ عليه يَوْم الجُمُعَة حَادِي عَشر ذي القَعْدَة، وقَتَلَهُ لَيْلَة الأَحَد، وقيل لَيْلَة الاثْنَين ثاني عَشر ذِي الحِجَّة من السَّنَةِ.

‌سَالِم بن المُفَرِّج (a) بن عَشَائِر بن المُعَلَّى التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ، أبو الغَنائِم الحَصِيْنِيّ

(2)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان بمِصْرَ، وأظُنُّ أنَّه كان مُتَّصِلًا بأبي الفَتْح بن أبي حَصِيْنَة، أو بوَلده، فنُسِبَ إليهِ.

رَوَى عن أبي الذَّوَّاد المُفَرِّج بن أبي حَصِيْنَة المَعَرِّيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن إبْراهيم بن العَلَّانيّ المَعَرِّيّ. رَوَى عنهُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ الأصْبَهَانِيُّ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَاتِ بن هاشِم وغيرُه، قالوا: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ في كتابهِ

(3)

، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ أبو الغَنائِم سَالِم بن المُفَرِّج (b) بن عَشَائِر المَعَرِّيّ الحَصِيْنِيّ لنَفْسِه بمِصْرَ: [من المنسرح]

طَالَ التَّمَادِي على الذُّنُوبِ وَلا

يرْدَعُنا الوَعْظُ وَهْوَ مُعْتَرِضُ

(a) قيَّده في الأصل بالحاء المهملة، والمثبت بالجيم المعجمة من مُعْجَمُ السفر للسلفي 106.

(b) الأصل: المفرح.

_________

(1)

النقل عن كتاب العظيمي "المؤصل"، وانظر بعضه في كتابه المختصر: تاريخ حَلَب 331.

(2)

ترجم له السلفي في مُعْجَم السفر 106.

(3)

لم يورده في مُعْجَم السفر.

ص: 415

وفي خُطُوبِ الزَّمانِ مُعْتَبَرٌ

لو كان يُشْفَى لمُدْنَفٍ مَرَضُ

يَنْقَرِضُ العُمْرُ بالزَّمانِ وسُو

ءُ الطَّبْع بالنَّفْسِ ليْسَ يَنْقَرضُ

والدَّهْرُ يَرْمي بنَبْلِهِ أبدًا

وكُلُّ نَفْسٍ لوَقْعِها غَرَضُ

فكُنْ عَفِيفًا ما شِئْتَ مُعْتبرًا

واعْلَمْ بأنَّ العَفَافَ مُفْتَرضُ

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ اللّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قراءة منِّي عليه، قال (a): أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ إذْنًا، قال: سَالِمٌ هذا كان من حُذَّاقِ الشُّعَراء، وعندي من شِعْره مُقَطَّعاتٌ، وتُوفِّيَ بمِصْر، وممَّا أنْشَدَني من شِعْره قَوْلُهُ:[من الخفيف]

طَالَ ما أصْبَحَتْ تُنَادِي الحُتُوفُ

لا شرِيْفٌ يبقَى ولا مَشْرُوفُ

فتأمَّلْ تَنَقُلَّ الدَّهْرِ وانْظُر

كيفَ يَفْنَى بَعْدَ الألُوفِ ألُوفُ

وأَجِلْ طَرْفَكَ الطَّمُوحَ فهَل تُبْـ

ـصِرُ إلَّا ما غيَّرَتْهُ الصُّرُوفُ

تَتَقَضَّى أيَّامُنَا ولَيَالِـ

ـيْها ويَبْلَى قَوِيُّنا والضَّعِيْفُ

‌سَالِم بنُ مُفَرِّج (b) بن الحَسَن بن عَبْد الله بن أحْمَد بن عَبْد الجَبَّار بن أبي حَصِيْنَة، أبو [

] (c) بن أبي الذَّوَّاد بن أبي الفَتْحِ السُّلَمِيُّ المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، أقام بمِصْرَ، ومَدَحَ بها المُلُوك والوُزَرَاء، واسْتَوْطَن بها، ووُلد له بها أوْلَادٌ بَقي نَسْلهم إلى زَمَننا، وكان أحْدَب ويُلَقَّب بالرَّضِيّ.

(a) بعده في الأصل: "وأبو يعقوب يوسف بن مَحْمُود الساويّ، قراءة عليه وأنا أسمع"، ثمّ ضرب عليه.

(b) الأصل: مفرح، والمثبت من خريدة القمر 15: 107، ومن تَرْجَمَة والده الفرج في مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 20:302.

(c) بياض في الأصل قدر كلمة، ولم أقف على كنيته.

_________

(1)

وترجمته في: خريدة القصر 15: 107 - 108، وأورد له مقاطيع من شعره غير المثبت هنا.

ص: 416

قَرأتُ بخَطِّ وَلده يَحْيَى بن سَالِم من شِعْر أبيه سَالِم يُعَاتِبُ: [من الكامل]

ما كُنْتُ أَحْسِبُ أنَّ حَظِّي مَانِعٌ

صوْبَ الغَمَام الجَوْن أنْ يَتَدفَّقَا

حتَّى مَدَحْتُ مُمَدَّحًا لو صافَحَتْ

عُوْدًا ذَوَى يمنَى يَديهِ لأَوْرَقا

أَعْطَى ولم يُسْألَ فزَاد تَعَجُّبي

أنِّي سَألتُ فقد ظمِئْتُ وما سَقَا

نَقَلْتُ من خَطِّ يَحْيَى بن سَالِم لأبيهِ: [من الخفيف]

ليسَ في كُلِّ سَاعةٍ وأوَانِ

تَتَهيَّا صَنَائعُ الإحْسانِ

فإذا أمْكَنَتْ فبَادِرْ إلَيها

حَذَرًا مِن تَعَذُّرِ الإمْكَانِ

ونَقَلْتُ من خَطِّه لوَالدِه: [من الوافر]

تَسَاوَى النَّاسُ في طُرُق المَنَايا

فما سَلِمَ الصَّرِيْحُ ولا الهَجِيْنُ

تَدَيَّنَّا البَقَاءَ مِنَ اللَّيالِي

ومِن أرْوَاحنا تُوْفَى الدُّيُونُ

وذَكَرَهُ الرَّشِيْدُ بن الزُّبَيْر في كتاب جِنَان الجِنَانِ ورِيَاض الأذْهَان، وأوْرَدَ له قَوْلَهُ:[من الطّويل]

له رَاحَةٌ ينْهَلّ مِن فَيْضِها النَّدَى

فيَنْهلُّ في مَعْرُوفِها البَدْوُ والحَضْرُ

ووَجْهٌ يُضيء البَدْرُ في قَسَماتِهِ

وأحْسَنُ ما في أوْجُهِ البَشَرِ البِشْرُ

أنْشَدَني عبد الرَّحْمن بن عَوَض المَعَرِّيّ لسَالِم بن مُفَرِّج (a) بن أبي حَصِيْنَة، وكان أحْدَبَ، وتَحَاكم هو وابن المُنَجِّم عليّ بن مُفَرِّج (b) الشَّاعر بمِصْر عند القَاضِي صَدْرِ الدِّيْن الكُرْدِيّ المَارَانِيّ، فحَكَم صَدْر الدِّيْن على ابن المُنَجِّم، فعَمِل ابنُ المُنَجِّم:[من الطّويل]

تَعَصَّبَ صَدْرُ الدِّيْن للأحْدَبِ الّذي

غَدَا يَدَّعي شِعْرًا وليسَ بِذِي شعْرِ

فقُلْتُ مَعَاذَ اللّهَ يَصْلُحُ في الوَرَى

تَعَصُّبُ هذا الصَّدْرِ إلّا لذا الظَّهْرِ

(a) الأصل: مفرح.

(b) الأصل: مفرح.

ص: 417

‌سَالِم بنُ مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن ثَوَابَة بن عَمْرُون، أبو المُرَجَّا الكَلاعِيِّ الحِمْصِيّ

(1)

شَاعِرٌ جَيِّدٌ، عَارِفٌ بالنَّحو، كان يَتَّجِرُ في الكُتُب، وقَدِمَ حلَبَ.

ذَكَرهُ الحافِظُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود [بن] النَّجَّار في تَارِيْخهِ المُجَدّد لمَدِينَة السَّلام

(2)

، بما أجَازَهُ لنا، وقال: سَالِمَ بن مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن ثَوَابَة بن عَمْرُون الكَلاعِيّ، أبو المُرَجَّا، من أهْل حِمْص، أدِيبٌ فَاضِلٌ، يقُول الشِّعْر الجيِد، ويَعْرِفُ طَرَفًا من العَرَبِيَّةِ، وكان يَقْدم علينا بَغْدَاد كَثِيْرًا، ويُقِيْم بها، ويَشْتَري الكُتُب، ويُسَافر بها إلى الشَّام للتِّجَارَة. عَلَّقْتُ عنهُ شَيئًا من شِعْره، وكان مُتَدَيِّنًا، حَسَن الطَّريقَة، طَيِّب الأخْلَاق، كَيِّسًا.

وقال: أنْشَدَني سَالِم بنُ مَكِّيّ الحِمْصِيّ لنَفْسِه ببَغْدَاد: [من الكامل]

كم لي أُكَتِّمُ حَاسدِيْكَ وأُنْكِرُ

والدَّمْع يَفْضَحُ ما أُجِنُّ وأسْتُرُ

وكَذَا المُحبُّ يُذِيعُ ما في قَلْبِهِ

فَرْطُ الغَرَام إلى الوُشَاةِ ويُظْهرُ

لا تَحْسبي دَمْعِي كما زَعَمَ الوَرَى

ماءٌ يُرَقْرِقُهُ البُكَا المثْعَنْجِرُ

بَل مُهْجَةٌ سَلَكت بأثْناءِ الحَشَا

فغَدَت تَفِيْضُ مِنَ الشُّؤُونِ وتَقطُرُ

يا حُرَّةَ الأبوَينِ لا تَتَعَمَّدي

قَتْلي فَسَفْكُ دَمِي بطَرفِكِ مُنْكَرُ

أَنسِيْتِ لَيْلَتنا بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى

واللَّيْلُ مِن صَفَحاتِ وَجْهِكِ مُقْمرُ

وجِناؤُنا ثَمَرَ الحَدِيْثِ وبَيْنَنا

عتْبٌ تُرَاحُ بهِ القُلُوبُ وتَحْضَرُ

وإذا الصَّبَا عَبِثَتْ بخَلْقك رنَّحَتْ

غُصنًا يمَيلُ بِهِ كَثِيبٌ مُوقَرُ

(1)

توفي سنة 612 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 367 - 368 (أسقط من اسْمُه: ثوابة)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 3:313.

(2)

ذيل على تاريخ الخطيب البَغْدَاديّ، تقدّم التعريف به في الجزء السادس.

ص: 418

حَجَبَ العَفَافُ علَيَّ منكِ مَآرِبًا

عزَّتْ ومَحْضُ هَوَاكِ لا يَتَغَيَّرُ

وثَقِيْلةِ الأرْدَافِ مُخْطَفةِ الحَشَا

خَوْدٍ تَقَرُّ بها العُيُونُ وتَسْهَرُ

قالَتْ وقد سفَحَتْ بسَاحَةِ خَدِّها

دَمْعًا تُزَال بِهِ الذُّنُوبُ وتُغْفَرُ

أنَسِيْتَ ما كُنَّا به وَيَدُ الصِّبَا

تَطوي لنا بُرْدَ الوِصَالِ وتَنْشُرُ

أيَّامَ همُّكَ أهيَفٌ مُتَجَاذِبٌ

ومقَبَّلٌ عَطِرٌ وَطَرْفٌ أَحْوَرُ

فأجَبْتُها كُفِّي فَهَمِّي سَابِقٌ

ومُهَنَّدُ عَضْبٌ ولَدْنٌ أسْمَرُ

شُغْلي بإدْرَاكِ العُلَى وطِلَابِهِ

عن حُبِّ غَانيةٍ تُذلُّ وتَحْقِرُ

وقال: سَألتُ سَالِم بن مَكِّيّ عن مَوْلدِه، فقال: في مُسْتَهَلِّ شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وخَمْسِمائَة بحِمْصَ، وتُوفِّيَ ببَغْدَاد في رَجَب أو شَعْبان من سَنَة اثْنَتي عَشرة وسِتِّمائة.

‌سَالِم بن مَنْصُور، أبو الغَنائِم الشَّاعر الحَلَبِيّ، ويُعْرَفُ بالفَاخِر

(1)

رَوَى عن أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن سَلامَة القُضاعيّ حِكايَةً سَمِعَها منه، وكَتَبَها عنه أبو شُجاع فَارِس بن الحُسَين الشَّهْرَزُورِيّ.

أنْبَأنَا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن عليّ الأَمِين، عن سَعيد بن أحْمَد بن الحُسَين الفَقِيه، عن أبي شُجاع فَارِس بن الحُسَين، قال: حَدَّثَني أبو الغَنائِم سَالِم بن مَنْصُور الشَّاعر المَعْرُوف بالفَاخِر منِ أهْلِ حَلَب، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا عَبْد اللّه القُضاعيّ بمِصْر، يَقُول: إنّهُ حضَر قُسْطَنْطِينِيَّة رَسُولًا أَنْفَذه صَاحِبُ مِصْر، فذَكَرَ أنَّهُ حَضَرَ الطَّعَام مع المَلِك، فلمَّا رُفِعَ تَساقَط شيءٌ من فُتاتِ الخُبْز، قال: فتتَبَّعْتُه لقْطًا وأكَلْتُه، قال: فأشَار المَلِكُ إلى الحَشَم برَدِّ الطَّبَقِ، وقال: كُل، قُلتُ: ما بي حاجَةٌ إليهِ، فقال: وما حاجتُكَ في لَقْط الفُتَاتِ؟ قُلتُ: نحنُ نَرْوي عن نَبِيِّنا

(1)

أعاد ابن العديم التَرْجَمَة له في الألقاب، في الجزء العاشر.

ص: 419

وصَاحِب شَرِيْعتنا أنَّ ذلك مُهُور الحُور العِيْن، وأمَان من الفَقْر في الدُّنْيا، فقال: مَلِيْح واسْتَحْسَنَه، وأمَرَ بجَائِزَة سَنيَّةٍ وُضِعَتْ بين لَديَّ من عَيْن وثِيَابٍ، قال: فقال القُضاعيّ: أيُّها المَلِكُ، وهذا أيضًا من بَرَكَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فكَاشَرَني كالكَارِه لِمَا قُلْتُ، ولولا ذلك لزَادَني صِلَةً.

‌سَالِم بن مُؤْمِن المِصْرِيُّ

قَدِمَ حلَبَ حين مَلَكَها المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أيُّوب، في سَنَهَ تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وله شِعْرٌ حَسَنٌ.

قَرأتُ بخَطِّ يَحْيَى بن ظَافِر النَّجَّار الحَلَبِيِّ في مَجْمُوعٍ لهُ، ذَكَرَ فيه أنَّ سَالِمًا هذا وَرَدَ حَلَبَ حين مَلَكَها المَلِكُ النَّاصِر صَلاح الدِّين، وأوْرَدَ له هذه الأبْيَات:[من الوافر]

غَرَامُ الصَّبِّ ليسَ لَهُ نَفَادُ

وكيفَ وبالفُؤاد لهُ ازْدِيَادُ

ومَن مَلَكَ الغَرَامُ لهُ قِيَادًا

بَعِيْدٌ أنْ يُفَكَّ لَهُ قِيَادُ

إذا ما رَامَ صَبْرًا عَن مُرَاد

ففي ذاكَ المُرَادِ لَهُ مُرَادُ

ولَيسَ لقَلْبهِ مِنهُ سُلُوٌ

ولا للطَّرْفِ مِنهُ بهِ رقَادُ

سُعُودُ الصَّبِّ وَصْلٌ مِن سُعَادٍ

وشِقْوتُهُ مَتَى هَجَرَتْ سُعَادُ

وأوْرَدَ أيضًا في إنْسَانٍ كَبِير الأنْفِ: [من مجزوء الكامل]

إنْ كُنْتَ مُفْتَخِرًا بأنْـ

ـفِكَ فَهْوَ قد بَلَغَ السَّماءَ

لو كُنْتَ تَصْلُحُ للإمَا

رَة لَم يَكُن إلَّا لِوَاءَا

ص: 420

‌سَالِم بن وَابِصَة بن مَعْبَد الأسَدِيّ الرَّقِّيّ

(1)

وَلي إمْرَة الرَّقَّة، وخَرَجَ منها إلى دِمَشْق، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها، وحَدَّثَ عن أَبيِهِ وَابِصَة، رَوَى عَنْهُ ابنُ أخيهِ صَخْر بن عبد الرَّحْمن بن وَابِصَة، وجَعْفَر بن بُرْقَان، وفُضَيْل بن عَمْرو.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل الدِّمَشقيُّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجبَار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله الدَّهَّان، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو عليّ مُحَمَّدُ بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيِم بن عِيسَى بن مَرْزُوق القُشَيْريّ الحَرَّانيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا هِلال بن العَلَاءِ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا أصْبغُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن بُرْقَان، عن شَدَّاد مَوْلَى عِيَاض العَامِرِيّ، عن وَابِصَة

(3)

: أنَّهُ كان يقُومُ في النَّاسِ يَوْم الأضْحَى ويَوْم الفِطْر فيقُولُ: إنِّي شَهِدْتُ رسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعَ وهو يَقُول: أَيُّها النَّاسُ، أيُّ يَوْم أَحْرَمُ؟ قال النَّاسُ: هذا اليَوْم، وهو يَوْم النَّحْر، قال: أيُّ شهرٍ أَحْرَمُ؟ قال النَّاس: هذا الشَّهْر، قال: فإنَّ دِمَاءَكُمُ وأمْوَالَكُمَ

(1)

توفي نحو سنة 125 هـ، وترجمته في: تاريخ أبي زرعة 2: 686، الجرح والتعديل 4: 188، الثقات لابن حبَّان 4: 306، الحراني: تاريخ الرقة 39 - 40، تاريخ ابن عساكر 20: 81 - 87، الإصابة 3: 55 - 56، الذهبي: تاريخ الإسلام 3: 418 - 419، الوافي بالوفيات 15: 93 - 94، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 58 - 59.

(2)

الحراني: تاريخ الرقة 39 - 40، وأورد الحَدِيْث في موضع آخر من كتابه وبإسناد مختلف، وفيه زيادة:"ألا لا أعرفنكم ترجعون بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"، انظر: تاريخ الرقة 67.

(3)

مسند أبي يعلى الموصلي 3: 163 - 164 (رقم 1589)، كنز العمال 5: 293 - 294 (رقم 12919).

ص: 421

وأعْرَاضَكم مُحَرَّمةٌ عليكم كحُرْمَةِ يَوْمكم هذا، في بَلَدكم هذا، إلى يَوْم تَلْقَونَهُ، ألَا هل بَلَّغْتُ؟ قَال النَّاس: نَعم، فرفَعَ يَديهِ إلى السَّماء: اللَّهُمَّ اشْهَد، يقُولُها ثلاثًا، ثُمَّ قال: ليُبَلِّغِ الشَّاهِدُ منكم الغائبَ، قال وَابِصَةُ: وإنَّا (a) شَهِدنا وغبتُم، ونحنُ نُبِلّغُكم.

قال عَمْرو بنُ عُثْمان: وزَادَني في هذا الحَدِيْث أبو سَلَمَة الحَذَّاءُ؛ يعني: الحَكَم بن الحَكَم بن أبي تحيَّة أنّ جَعْفَرًا حدَّث بمثْل هذا الحَدِيْث، قال: صَلَّى بنا سَالَم بن وَابِصَة يَوْم جُمعة بالرَّقَّة، فذكَرَ حَدِيثَ وَابِصَةَ، فقال: ونشْهَدُ (b) عليكُم كما أشْهدَ عليه.

أَنْبَأْنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد هِبَة اللّه بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بن أبي طَاهِر، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنَا أبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة

(2)

، قال: حَدَّثَنِي عَبْد السّلام بن عبد الرّحْمن القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن جدِّيّ، قال: كان سَالِم بن وَابِصَة وَالي الرَّقَّة ثَلاثين سَنَة، فكان يَمُرّ بنا ونحن صِبْيَان على بَغْلةٍ شَهْبَاء، عليه ردَاء أصْفَرُ، يُصَلِّي بالنَّاس الجُمُعَةَ.

أَنْبَأْنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، إجَازَة إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد البَزَّاز، قال: أخْبَرَنَا عِيسَى بن عليّ الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم البَغَويّ، قال: سَالِم بنُ وَابِصَة سَكَنَ الكُوفَةَ.

أخْبَرَنَا المُبارَك بن مَزْيَد الخَوَّاصُ ببَغْدَادَ، قال: أخْبَرَنَا أبو السَّعَادَات نَصْرُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال:

(a) الحراني: إنَّا.

(b) الحراني: نشهد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 85.

(2)

تاريخ أبي زرعة 2: 686.

ص: 422

أخْبَرَنَا عليّ بنُ عُمَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللّه الأبْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُرُوبَة الحَرَّانِيّ، قال في الطَّبَقَةِ الأُوْلَى من التَّابِعِين من أهْلِ الجَزِيْرَة: سَالِم بنُ وَابِصَة بن مَعْبَد، حَدَّثَ عن أبيهِ.

أنْبَأْنَا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بنُ أبي حَاتِم

(1)

، قال: سَالِم بن وَابِصَة بن مَعْبَد، رَوَى عن أَبيِهِ وَابِصَة، رَوَى عنهُ جَعْفَر بنُ بُرقَان.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الدَّهَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن

(2)

، قَال: سَالِم بن وَابِصَة بن مَعْبَد، حَدَّثَ عن أبِيهِ.

أنْبأنَا أبو المحاسِن بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب يُوسُفُ بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر عَبْد الكَريم بن الحَسَن (a) بن رِزْمَة، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الجَوْزِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي الدُّنْيا

(4)

،

(a) الأصل: الحُسَيْن، والتصوب من تاريخ ابن عساكر، والأنساب للسمعاني 8: 117 - 118، وتاريخ الإسلام 10: 381، وتوضيح المشتبه 5: 95، وهو المعروف بالخباز الشعيري الكرخي (ت 469 هـ).

(b) في الأصل بالحاء: الحوزي، والمثبت من ابن عساكر، وهو المعروف أيضًا بابن مشكان، انظر ترجمته في تاريخ بَغْدَاد 6: 84، سير أعلام النبلاء 15:397.

_________

(1)

الجرح والتعديل 4: 188.

(2)

الحراني: تاريخ الرقة 39.

(3)

تاريخ ابن عساكر 30: 86.

(4)

رسائل ابن أبي الدُّنيا (رسالة الحلم) 1: 458.

ص: 423

قال: وقال سَالِم بن وَابِصَة الأسَدِيُّ

(1)

: [من الطّويل]

أرَى الحِلْمَ (a) في بَعْضِ المَوَاطن ذِلَّةً

وفي بَعْضها يُشَرِّف (b) فَاعِلهْ

إذا أنْتَ لَم تَدْفَع بحِلْمِكَ جَاهِلًا

سَفِيْهًا ولَم تَقْرِن به مَن تجاهِلهْ

لبسْتَ له ثَوْبَ المَذَلَّةِ صَاغِرًا

وأصْبَحْتَ قد أوْدَى بحَقِّكَ بَاطِلُه

فأَبْق على جُهَّالِ قَوْمك إنَّهُ

لكُلِّ جَهُولٍ مَوْطنٌ هو جَاهِلُه

أخْبَرَنَا القَاضِي أبو نَصْر بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن بن أبي الحُسَين

(2)

، قال: أَنْبَأْنَا أبو مُحَمَّد بن صَابِر وغيرُه، قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ عَبْد اللّه بن الحُسَين الدُّوْرِيّ إجَازةً، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا ابن دُرَيْدٍ، عن شُيُوخِهِ، قال: كان سَالِم بنُ وَابِصَةَ الأسَدِيّ رَجُلًا حَلِيمًا، وكان له ابن عَمٍّ سَفِيهٌ يَحْسُدُه، ولَم يكُن يلغُ في الشَّرَفِ مَبْلَغَهُ، فكان يتنقَّصُه، فقال سَالِم ذلك لإخْوَانه وخاصَّته من بَنِي عَمِّه، فقال رَجُلٌ منهم: تعهَّد أهْلَهُ ووَلده بالصِّلَة ودَعْهُ فإنَّهُ سَيَصْلح، ففَعَل، فأتاهُ ابنُ عَمِّه ذلك فقال: أنْتَ أحقُّ النَّاس بما صَنَعْتَ، وأنْتَ أوْلَى بالكَرَم منِّيّ، واللّه لا أَعُودُ لشيءٍ تَكْرهُه أبدًا منِّيّ، فقال سَالِم في ذلك

(3)

: [من البسيط]

ذو نَيْرَبٍ من موالِي السَّوْءِ ذو حسدٍ

يقتات لَحْمِي فما يَشْفيه من قَرَمِ

كقُنْفُذ الرَّمْل ما تَخْفَى مَدَارجُه

خَبٌّ إذا نامَ عنه (c) النَّاسُ لَمْ يَنَمِ

مُحْتَضِنًا ظَرِبَانًا ما يُزايلهُ

يُبْدي لي الغِشَّ والعَوْراءَ في الكَلِمِ

(a) ابن عساكر: الحكم.

(b) ابن عساكر: شرف، وفي الوافي: يشرف قائله.

(c) الوافي: كل.

_________

(1)

الأبيات في الوافي بالوفيات 15: 94، وتنسب أيضًا لإسحاق الخريميّ، انظر ديوانه 17.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 85 - 86.

(3)

الأبيات في الوافي بالوفيات 15: 93 - 94.

ص: 424

دَاوَيْتُ قَلْبًا طَوِيْلًا غَمْرُه فَرحًا (a)

منهُ وقلَّمْتُ أظْفَارًا بلا جَلَمِ

بالرِّفْق والحِلْم أُسْدِيه وأُلْحِمُه (b)

بقيًا (c) وحِفْظًا لما لَم يَرْع من رَحِمي

كأنَّ سَمْعِي إذا ما قال مُحْفِظةً

يَصَمُّ عنها وما بالسَّمْع من صَمَمِ

حتَّى أَطَّبَى وُدَّهُ رفْقي بهِ ولقد

أُنْسِيْتُه الحِقْد حتَّى عَادَ كالحُلُم

فأصبحَتْ قَوْسه دُوني مُوَتَّرةً (d)

يَرْي عَدُوِّي جهَارًا غير مُكْتَتمِ

إنَّ من الحِلْم ذُلًّا أنْتَ عَارِفُهُ (e)

والحِلْمُ عن قُدْرةٍ ضَرْبٌ من الكَرَم

النّيرَبُ: الدَّاهِيَة. والظَّرِبانُ: الدُّوَيْبَةُ الكَثِيْرة الفَسْو.

ذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ في كتاب جُمِلِ أنْسَاب الأشْرَاف

(1)

، قال: تَفاخَرَ مُعاوِيَة بن مَرْوَان بن الحَكَم - وكان مَائِقًا - وخَالِد بن يَزِيد بن مُعاوِيَة، فقال سَالِم بن وَابِصَة:[من الطّويل]

إذا افْتَخَرت يَوْمًا أُمَيَّةُ أطْرَقَتْ

قُرَيْشٌ وقالُوا مَعْدِنُ الفَضْل والكَرَمْ

فإنْ قيل هَاتُوا خَيْركم أَطْبقُوا معًا

على أنَّ خَيْر النَّاس كُلّهم الحَكَمْ

ألَسْتُم بَنِي (f) مَرْوَان غَيْثَ بِلَادَنا

إذا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ سَدَّتْ على الكَظَمْ

أَنْبَأْنَا تاجُ الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسمِ عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: سَالِم بن وَابِصَة بن مَعْبَد الأسَدِيُّ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَ عن أبيهِ. رَوَى عنهُ جَعْفَر بن بُرْقَان، وابنُ أخيهِ صَخْر بنُ عبد

(a) الوافي: قرحًا.

(b) كذا في الأصل مؤكدًا بحرف الحاء أسفله، وفي تاريخ ابن عساكر والوافي: ألجمه.

(c) ابن عساكر: بغيًا، وهو يخالف المراد.

(d) ابن عساكر والصفدي: مؤثرة.

(e) الوافي: تعرفه.

(f) الأصل: برو، وكتب صوابه في المامش، وعند ابن عساكر: بنُو.

_________

(1)

البَلاذُرِيّ: أنساب الأشراف 1/ 4: 364 - 365، ونقله ابن عساكر في تاريخه 20:87.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 81 - 82.

ص: 425

الرَّحْمن بن وَابِصَة، وفُضَيْل بن عمرو. وقَدِمَ دِمَشْق، وكانت دَارُه فيها بقَنْطَرَة سِنَان ناحية بابِ تُوْمَا، وكان شَاعِرًا، ووَلِيَ إمْرَة الرَّقَّة.

وقال

(1)

: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنَا أبو المَيْمُون، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة

(2)

، قال: سَألْتُ عَبْد السَّلام بن عبد الرَّحْمن بن صَخْر (a) بن عبد الرَّحْمن بن وَابِصَة الأسَدِيّ القَاضِي عن ولد وَابِصَة بن مَعْبَد، فقال لي: كان وَلد وَابِصَة: عُقْبَة، وسَالِم، وعَبْد الرَّحمن، وعَمْرو، فأكْبَرُهم عُقْبَةُ وسَالِم. قال: وماتَ سَالِم في آخر خِلَافَة هِشَام، وكان غُلامًا شَابًّا في خِلَافة عُثْمان.

قال الحافِظُ: كان في النُّسْخَة العَتِيقة: في أوَّل خِلَافَة هِشَام بَدَل: آخر، فاللّهُ أعْلَمُ بالصَّوَاب.

‌سَالِم بن هِبَة الله بن عليّ بن المُبارَك، أبو المَجْد الهاشِمِيِّ الحارِثِيّ الحَلَبيِّ

(3)

من وَلد الحَارِث بن عَبْد المُطَّلِب، وُلد بحَلَب، وكان مُقِيْمًا بها إلى أنْ ماتَ، وكانت لَهُ حُرْمَةٌ عند مُلُوكها.

وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ سَابِق بن مَحْمُود حِكَايَة عنه

(4)

.

(a) الأصل: مُحَمَّد، والمثبت من أبي زرعة وابن عساكر، وانظر ترجمة عبد السّلام الوابصي في: تاريخ بَغْدَاد 12: 322، تاريخ الإسلام 5: 1170، تهذيب الكمال 18:84.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 87.

(2)

تاريخ أبي زرعة الدّمشقيّ 2: 686.

(3)

توفي سنة 513 هـ، وترجمته في: الوافي بالوفيات 15: 92.

(4)

تقدمت ترجمة سابق بن محمود في هذا الجزء، والحكاية المذكورة في آخر ترجمة سابق.

ص: 426

وكان فيه هَزْلٌ ومَزْجٌ، والوَقْفُ الّذي في قَرْيَة عَنَاذَان

(1)

على مَقْرُبة من حَلَب على بَنِي الحَسَن والحُسَين وقْفُهُ، وَقَفَهُ وغيرَه من الحَوَانِيْت بحَلَب على أوْلَاده وشَرَطَ أَنَّهم مَتى انْقَرضُوا عاد ذلك وَقْفًا على بَنِي الحَسَن والحُسَين بحَلَب، فانْقَرض عَقِبُه، وعاد الوَقْفُ إلى أوْلَاد الحَسَن والحُسَين عليهما السلام، وهو الآن جارٍ عليهم في يَدِ مَنْ يتَولَّى نِقَابَة العَلَوِيّيْنَ بحَلَب.

وكان هذا الكتاب عندي من جُمْلَةِ كُتُب الوُقُوف، الّتي كانت في سَلَّة الحُكْم عند سَلَفي من قُضَاة حَلَب، فطَلَبَهُ منِّي الشَّريفُ النَّقِيْبُ أبو عليّ بن زُهْرَة، فدَفَعْتُه إليهِ.

وكان الشَّريفُ أبو المَجْد هذا مُموَّلًا فَاضِلًا، أَدِيْبًا، شَاعِرًا مُجِيْدًا.

روَى عنهُ أبو سَلامَة مُرْشِد بن عليّ شَيئًا من شِعْره، وكان بينه وبينَهُ مَوَدَّةٌ ومُمَازحةٌ، وكذلك بينه وبين أبيه سَدِيد المُلْك أبي الحَسَن عليّ بن مُنْقِذ.

ووقَعَ إليَّ جُزءٌ بخَطِّ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد بن علِيّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ، جَمعً فيه كُتُبًا ورَدَت إلى وَالده أبي سَلامَة مُرْشِد من جَمَاعة كاتَبُوه، وفيه صَدْرُ كتابٍ من الشَّريف أبي المَجْد سَالِم هذا، فنَقَلْتُ ما ذَكَرهُ من هذه المُكَاتَبة، وهو

(2)

: [من الطّويل]

وأَدْنيتَنِي حتَّى إذا ما مَلَكْتَني

بقَولٍ يُحلُّ العُصْمَ سَهْلَ الأبَاطِح

تَجافيتَ عنِّي حيثُ لا ليَ حِيْلَةٌ

وغَادَرتِ ما غادرتِ بين الجَوَانِح

طَيُّ هذه المُكَاتَبة: أدَامَ اللّهُ أيَّام الحَضْرة، رُقْعَةٌ بخَطِّ المَوْلَى سَدِد المُلْك، قَدَّسَ اللّهُ رُوحَهُ، إلى عَبْدكَ، والّذي تَتَضَمَّن اسْتِقالتهُ من مُخَاطبته إيَّاه بما

(1)

عناذان: قرية من قرى جُنْد قِنَّسْريْن من كورة الأرتيق من العَوَاصِم. انظر: الإسكندري: الأمكنة 2: 224، ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 4: 160.

(2)

البيتان مما ينسب لمجنون ليلى 64.

ص: 427

سَوْف يقفُ عليه، ويُبَيِّن فيها مُعْتقدَهُ في هذا البَيْت صَلَواتُ اللّه على السَّلَف منه ورَحْمَةُ اللّه وبَرَكاتُه، ونحن الخَلَف الّذي أنا والطُّوَيريلي (a)، وأبو طَالِب الرَّخمَة من جُمْلَتهم، وباللّه ما كان أحدُهمُا يَعْتَقد في صَاحبهِ ما أظنُّكَ يا مَوْلاي تَعْتقدُه فيَّ وأعْتَقده فيك من الوَلَاء، وأكُون بالصِّفَة الَّتي تُفْهَم، وكُتُبي إليك تَتَردَّدُ سِرًّا وجَهْرًا لا تَرُدُّ عليَّ جَوَابًا يَرُدُّ رَمَقِيّ، وأتعَلَّل به، ولا قَوْلًا ولا فعْلًا ولا شَابَاش

(1)

: [من الوافر]

فإنْ تَكُ مِثْلَ ما زَعَمُوا مَلُولًا

كما تَهْوى سَريعَ الانْتِقَالِ

صَبَرْتُ على مَلَالِكَ لي برَغْمي

وقُلْتُ عَسَى يَمَلُّ مِنَ الملَالِ

ثُمَّ ذَكَرَ فَصْل مُعَاتَبةٍ، وقال فيه، والشِّعْر له:[من البسيط]

رُشْتُم جَنَاحي وأعْنَاني نَوَالُكُم

وَاشْتَدَّ أزْرِيْ بكُم يا أفْضَلَ النَّاسِ

فإنْ سَعَى الدَّهْر في حالٍ تُشَاب بها

تِلكَ الأيَادِي فَمَحْمُولٌ على الرَّأسِ

أَنْبَأَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ، قال: ومن شُعَرَاء الشَّام المُعَارضين هذه الطَّبَقَة - يعنيِ: الخَفَاجِيّ وابن سُمَّان وغيرهما - الشَّريفُ أبو المَجْد سَالِم بن هِبَة اللّه الهاشِميِّ، من ولدِ الحَارِث بن عَبْد المُطَّلِب، مَوْلدُه بحَلَب، وكان مُحْتَرمًا عند وُلَاهِ حَلَبَ، له المِيْزَة والفَضْل، وكان بينَهُ وبين جَدِّي ووَالدِيّ، رحمهم الله، مَوَدَّةٌ وخُلْطَةٌ، وكان كَثِيْر الدُّعَابَةِ والهَزْل، وله أشْعَارٌ حَسَنةٌ، حَرِصْتُ على جَمْعها، وكَاتبتُهُ في آخر عُمْرِه، وصَدْر عُمْريّ، أسْأله إثْبَاتَها وإنْفَاذَها، وهو إذ ذاكَ بحَلَبَ، فاعْتَذَر بأنَّهُ

(a) مهملة الأوّل، والقراءة تقريبية، ولعلها كلمة واحدة فتكون: الطويريلي، الطويربليّ، ولم نهتد لمعرفته ولا معرفة أبي طالب الرخمة.

_________

(1)

البيتان في كتاب البديع في نقد الشعر لابن منقذ 85، معزوة للشريف ابن البياضي.

ص: 428

ما عُنِيَ بجَمْعها ولا دَوَّنَها، ولَم أجدْ منه سِوَى ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ وَالدِي رحمه الله يَقُول: أنْشَدنيهِ بشَيْزَر سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة

(1)

: [من الطّويل]

أَثِرْ بتَمادِي شَدَّهَا المتَدارك

دُجَى كُلّ يَوْم أغْبَرَ اللَّوْن حَالِكِ

وَشِمْ لطلابِ العِزّ عزمَةَ مُقْدِمٍ

على الهَوْل خَوَّاضٍ غِمَارَ المَهَالِكِ

فإمَّا عُلًا تَضْفُو عليَّ ظِلَالُها

وإمَّا رَدَىً بين القَنَا والسَّنَابِكِ

فحتَّام تُمْسِي حَائِرَ العَزْم خَامِلًا

سمير (a) الأمَانِي والهُمُوم النَّوَاهكِ

ويَمْطُلك الحظُّ الحَرُون مُسَوِّفًا

بنَيْل العُلَى مَطْل الغَرِيْم المُمَاحِكِ

ولا نَفْسِ ما بالي أراك مُقِيْمةً

على الضَّيْم لا يَجْري الإبَاءُ ببَالكِ

إذا عنكِ ضَاقَتْ بَلْدَةٌ فتَبَدَّلي

بأُخرَى تَرُوضِي جَامحًا من رَجَائكِ (b)

إلَامَ طلابُ الفَضْل بين مَعَاشرٍ

أبَوْا أنْ يكُونُوا أَهْلَهُ لا أبا لكِ

قال أُسامَةُ: ومن شِعْره في جَدِّي سَدِيد المُلْكِ أبي الحَسَن عليّ بن مُنْقِذٍ: [من الكامل]

يا مَن حَمَاهُ مِنَ النَّوَائِبِ مَوْئلي

وعَلَيهِ إنْ جَارَ الزَّمانُ مُعَوَّلي

ومُعيْدَ أيَّامِي الذَّوَاهِبَ بَعدَما

هَرِمَتْ تَبَخْتَرُ في الشَّبَابِ المُقْبِلِ

حتَّامَ في رَبْعِ الهَوَانِ إقامَتِي

ومُعَرَّسي بالمَنْزلِ المُسْتَوبَلِ

أَفَضَاقَ ظَهْرُ الأرضِ أم قَصُرَتْ يَدَا

عَزْمِي أم انْقَطَعَتْ ظُهُورُ الذُّمَّلِ

فَلأُرْحِلَنَّ العِيْسَ في طَلَب العُلَى

مَحْثُوثةً وأسَأتُ إنْ لَم أفْعَلِ

ولأنْظُرنَّ إلى الحَوَادِثِ من عَلٍ

وَقَدِ اعتَلَقْتُ بحَبْل جُوْدٍ من عَلي

(a) الوافي: سموم.

(b) الوافي: رحابك.

_________

(1)

الأبيات في الوافي بالوفيات 15: 92.

ص: 429

قَرأتُ بخَطِّ المُفَضَّل بن مَوَاهِب بن أسَد الفَارزِيّ، أنّهُ كَتَبَ إليهِ الشَّريفُ أبو المَجْد سَالِم ثلاثة أَبْيَات يُدَاعبُه، فأجَابَهُ، والأبْيَات هذه:[من الرمل]

أنا لَوْلَا أنَّ عَقْلي قَدْ فَسَدْ

ما تَعَرَّضْتُ بحُبِّ ابْنِ أسَدْ

جَائِرٌ في الحُكم ما أنْصَفَنِي

بزَّني رُوْحًا وخَلَّى لي جَسَدْ

وأنا المَحْسُودُ فِيهِ عَجَبًا

لَيْتَهُ يرضَى فأرْضَى بالحَسَدْ

فقال المُفَضَّل ارْتِجَالًا: [من الرمل]

ملأَتْ قَلْبِي سُرُورًا رُقْعَةٌ

لو بَدَتْ لابنِ هِلَالٍ لسَجَدْ

ضَمِنَتْ حُسْنَ اعْتِقَادٍ مِن فَتَىً

لا عَدِمْنا مِنهُ حُسْنَ المُعْتَقَدْ

جَمَعَ اللّهُ بهِ شَمْل العُلَى

فَهْيَ أُمّ بَرَّةٌ وَهْوَ الوَلَدْ

لا خَلَتْ نِعْمَتُهُ مِن حَاسِدٍ

فَلقَدْ عَظَّمَهَا أهْلُ الحَسَدْ

غُصُنٌ من دَوْحَةٍ طَاهِرَةٍ

لَيسَ مِن أغْصَانِها منْ لَم يَسُدْ

ألْمَعِيٌّ غلَبَ النُّور على

قَلْبهِ فيما يُعَاني فاتَّقَدْ

أنا عَبْدٌ لكَرِيمٍ جُوْدُهُ

ما خَلَا في عَصْرِهِ مِنْهُ أَحَدْ

أبَدًا تَجْحَدُهُ مُعْتَذِرًا

وشُهُودُ الجُوْد تُبْدِي ما جَحَدْ

قَرَأتُ في كتابِ جِنَان الجِنَان ورِيَاض الأذْهَان، تأليفُ الرَّشِيْد بن الزُّبَيْر: لأبي المَجْد سَالِم بن هِبَة اللّه في حَرِيق جَامع دِمَشْق: [من الخفيف]

فأَتَتْهُ النِّيْرَانُ شَرْقًا وغَرْبًا

عن يَمِيْنٍ وَتارةً عن يَسَارِ

ثُمَّ مَرَّتْ على حَدِائِقِ نَخْلٍ

وإذا الجَمْرُ مَوضِعُ الجُمَّارِ

فكانَّ الجنَانَ قد عصَتِ اللـ

ـهَ فَوَلَّى عَذَابَها للنَّارِ

أخْبَرَنِي الشَّريفُ أبو المَحَاسن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الهاشِمِيّ، قال: نَقَلت من خطِّ ابن شرارة الحَلَبِيّ النّصْرانِيّ في تَعْليقٍ له: تُوفِّي الشَّريف أَبُو المَجْد

ص: 430

سَالِم بن هِبَة الله في لَيْلَة يَوْم الخَمِيْس سَادِس عَشر جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة اثْنَتي عَشرة وخَمْسِمائَة بحَلَب.

وقَرأتُ بخَطِّ الأُسْتَاذ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْمِيّ

(1)

، وأجَازَهُ لي المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ وأبُو اليُمْن الكِنْدِيّ عنه، قال في حَوَادِث اثْنَتِي عَشرة وخَمْسِمائَة في تَارِيْخهِ: وفي لَيْلَة الخَمِيْس سَادِس عَشر جُمَادَى الأُوْلَى تُوفِّي الشَّريفُ جَمَال الشَّرَف أبو المَجْد سَالِم بن هِبَةِ اللّه الهاشِمِيّ الحارِثِيّ، وكان من ظِرَافِ النَّاسِ، وطُرَف الزَّمانِ، خَلْقًا، وخُلُقًا، وأدَبًا، ودُعَابَةً، وشِعْرًا.

‌سَالِم بن لَاوِي، أبو صَالِح الرُّومِيّ الطَّرَسُوسِيّ

أصْلُه رُوميٌّ، وكان بطَرَسُوس، ورَوَى عن عُبَيْدِ اللّه بن لُؤْلُؤ السَّاجِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيِّ: أبو صالِح سَالِم بن لَاوِي الرُّومِيّ الطَّرَسُوسِيّ، رَوَى عن عُبَيْد اللّه بن لؤلُؤ بن جَعْفر بن حَمُّوْيَه السَّاجِيّ، عن عُمَر بن وَاصِل الصَّخْريّ، عن أَبي مُحَمَّد سَهْل بن عَبْد اللّه بن يُونُس بن سَوَّار التُّسْتَرِيّ مَعَانِي القُرْآن له.

‌سَالِم بن يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّطِيْف المَعَرِّيُّ التَّنُوخِيُّ

رَوَى عنهُ القَاضِي عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي بن المُهَنَّا المَعَرِّيّ، قاضي مَعَرَّة مَصْرِيْن.

(1)

لم يذكره في مختصره: تاريخ حلب، فيكون النقل من كتابه الكبير في التاريخ "المؤصَّل على الأصل الموصَّل".

ص: 431

قَرَأتُ في كتابِ نُزهَةِ النَّاظِر ورَوْضَة الخَاطِر، تأليفُ. عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي: وأنْشَدَنِي الشَّيخُ الفَقِيهُ زيْن الدِّين أبو عليّ سَالِم بن يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّطيْف في يوْم عِيْد الفِطْر من سَنَةِ اثْنَتَيْن وثَمانين وخَمْسِمائَة للنَّاظِر أبي نَصْر المُهَنَّا بن عليّ بن المُهَنَّا في الحَمَّام الّتي بناها أحْمَد بن الدُّوَيْدَة: [من الرمل المجزوء]

إنَّ حَمَّامكَ هذا

غيرُ مَأمُونِ الجِوَارِ

ما رَأيْنَا قَبْل هذا

جَنَّةً في وَسْط نَارِ

‌سَالم الثَّقَفِيّ

(1)

شَهِدَ وَفاةَ سُليْمان بن عَبْد المَلِك، ولهُ ذِكْرٌ فِي بَيْعَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بِدَابِق، وكان قَرِيبًا منه، ويُعَدُّ من أخْوَالهِ.

أخْبَرَنَا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: قَرَأتُ على أبي غَالِبِ بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن مَعْرُوف إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا الحُسين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(3)

، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن مُحَمَّد، عن يَعْقُوب بن دَاوُد الثَّقَفِيّ، عن أشْيَاخٍ من ثَقِيف، قال: قُرئ عَهْدُ عُمَر بعدَ وَفَاةِ سُليْمان بالخِلَافَةِ وعُمَر ناحيةً، وهو بِدَابِق، فقام رَجُلٌ من ثَقِيف يُقال له سَالِم من أَخْوَال عُمَر، فأخَذَ بضَبْعَيهِ (a) فأقامَهُ، فقال عُمَر: أمَا واللّهِ ما اللّه أرَدتَّ بهذا، ولن تصيْبَ بها منِّي دُنْيا.

أُمُّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، أم عَاصِم بنْت عَاصِم، أُمُّهَا ثَقَفيَّةٌ.

(a) طبقات ابن سعد: بضبعه.

_________

(1)

ترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 339 - 340، تاريخ ابن عساكر 20:90.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 90.

(3)

طبقات ابن سعد 5: 339 - 340.

ص: 432

أَنْبَأَنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: سَالِم الثَّقَفِيّ، شَهِدَ وَفاةَ سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وبَيْعَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، لهُ ذِكْرٌ.

‌سَالم البُرْنُسِيّ السِّنْدِيّ

(2)

وَلِيَ المِصِّيْصَة في أيَّامِ المَهْدِيّ، وكان من الشُّجْعَان المَذْكُورين في الحَرْب، وأُولي الآرَاء والغَنَاء، ولَم يَزَل سَاكِنًا في الثُّغُور، مُجَاهِدًا فِي سَبِيْل اللّه، وكان مَخْلَد بن الحُسَين، وأبو إسْحَاق الفَزَارِيّ يَعْتَمدان عليه، وله خَبَرٌ مع الرَّشِيْد في الغَزَاة الّتي غَزَاها وهو خَلِيفَة.

ذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ في كتاب البُلْدان

(3)

، قال: ولَم تَزَل الطَّوَالِعُ تَأتِيها - يعني المِصِّيْصَة - من أنْطَاكِيَة في كُلِّ عامٍ، حتَّى وَلِيَها سَالِم البُرْنُسِيّ (a)، وفَرَضَ معه لخَمْسِمائة (b) مُقَاتِل على خَاصَّةِ عَشرة دَنَانِيْر، عَشرة دَنَانِيْر، فكَثُرَ مَنْ بها وقَوُوا، وذلك في خِلَافَة المَهْدِيّ رَحْمَةُ اللّهِ عليه.

وذَكَرَ أبو مُوسَى هَارُون بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن عِيسَى الهاشِمِيّ في كتاب النَّسَب

(4)

، وقَرَأتُه في كتابهِ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن حَمّاد المِصِّيْصيّ، مَولَى المَهْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن عُثْمان بن زِيَاد المِصِّيْصيّ، عن أَبيهِ، قال: خَرَجْنا مع أَمِير المُؤْمنِيْن رِضْوَانُ اللّه عليه غُزَاةً من المِصِّيْصَةِ، فلمَّا صرْنا في غُمارِ عَسْكَره كان

(a) البلاذري: البرلسيّ.

(b) الأصل: بخمسمائة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 90.

(2)

ترجمته في: تاريخ خليفة 437، 463، والبلاذري: فتوح البلدان 228، المسعودي: التنبيه والإشراف 189، ونسبه البَلاذريّ والمسعودي: البُرلُّسيّ، وهي نسبة إلى بُرلُّس: البلدة المصرية الساحلية قرب الإسكندرية. ونسبة ابن العديم إلى البُرْنُس، القبيلة البَربريّة، واللافت أن يُضيف له لقب السِّندي!.

(3)

فتوح البلدان 228.

(4)

عنوانه: كتاب نسب بني العبَّاس، انظر التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الأوّل.

ص: 433

يبْلغُه اخْتِلاطُنا بالجُنْد ومُنَازَعتُنَا إيَّاهُم في المَنَازِل، فعَزَلَ عَسْكَرَنا من عَسْكَره، وعَرَضَنا، فبَلَغ أهْلُ المِصِّيْصَة ومَنْ ضَوى إليهِم ألْفَين وثَمانمائة ونَيِّفًا على السَّبْعين، وبَلَغَ أهْلُ أذَنَة ثَمانمائة ونَيِّفًا على الثَّمانيْن، وبَلَغ أهْلُ طَرَسُوس ألْفًا وسِتِّمَائة ونَيِّفًا وأرْبَعين، فعَزَلَنا من عَسْكَره، ونَزَلنا طُوَانَة، وأقَمْنا بها ثلاثة أيَّام حتَّى صَار إليه عُيُونُه، فأخْبَرُوه خَبَرَ الطَّاغِيَة، وأنَّهُ لا جَمْعَ له، فسِرْنا حتَّى انْتَهَينا إلى أَدَرُوليَة، فأقَمْنا بمَرْج أَدرُوليَة أرْبَعَ ليالٍ، والرَّشِيْد لا يَسْتَشِير أحَدًا من أهْل الثُّغُور، وفَتَحْنا ثلاثةً وعِشْرين حِصْنًا من حُصُون العَدُوّ، وذلك أنَّ الطَّاغِيَة وجّهَ إلى البَطَارِقة الّذين في ناحية الضَّوَاحِي فجَمَعَهُم ورِجَالهم، حتَّى عَسْكَروا على خَلِيْج القُسْطَنْطِينِيّة، والنَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ أنَّ الطَّاغِيَة يُرِيد لقاءَ هارُون.

وعَزَم أَمِيرِ المُؤْمنِيْن على لقاءِ الطَّاغِيَة حيث كان

(1)

، فتوجَّهَ من أَدَرُوليَة حتَّى دَخَل القُفْلِ، والقُفْلُ شعْبٌ مَسِيْرته أرْبَعَةُ أمْيَالٍ، ثُمَّ يُفْضِي إلى مَرْجٍ رَحبٍ فَسِيْح، يَلِيهِ خَلِيْج قُسْطَنْطِينِيَّة، فنَزَلَ على نَهْرٍ عظيم كَثِير الماءِ، والعَدُوّ نُزُول على ذلك النَّهْر، فكَتَبَ الطَّاغِيَةُ إلى بَطَارقَتَه أنْ أَنْزلُوا القُفْلَ، ولتكُن الرَّجَّالَةُ مُنتظِمَةً حتَّى تَمْلأ القُفْل، والخَيْلُ على بابِ الشّعْب ممَّا يَلي عَسْكر أمِير المُؤمنِين وخَارِج القُفْل، والعَدُوُّ يَحُول بين المُسْلمِيْنَ وبين أَنْ يَنَالُوا شَيئًا من العُلُوفَة، وقد ضَيَّق على المُسْلِمِيْنَ غاية التَّضييْق وليسَ لهم مَلْجأٌ ولا مَسْلَكٌ.

فلَّمَا اشْتَدَّ بالمُسْلِمِيْن ما هم فيه من الجَهْد، كَتَبَ أَميرُ المُؤْمنِيْن كِتَابًا إلى الطَّاغِيَةِ لَطْلبُ المُهَادَنَة، وبَذَلَ له كُلّ أَسِير وأَسِيْرة، وأنَّهُ يَبْنِي ما هُدِمَ من الحُصُون الّتي خرَّبها فِي مَسِيْره، فأبَى عليه. واشْتَدَّت شَوْكَة العَدُوّ، وطَمِعُوا كُلّ مَطْمَعٍ، وضعُفَتْ خُيُول المُسْلِمِيْن، ونَخَبَتْ قُلُوبهم.

(1)

خبر الرشيد في غزوة الروم هذه، وإعماله الحيلة بمشورة إبْرَاهِيم الفزاري ومخلد بن الحَسَن، أوردها المسعودي والحميريّ، وذكرا بدل أدرولية: هرقلة، وأوردا حيلة أخرى غير هذه. انظر مروج الذَّهب 2: 56 - 57، الروض المعطار 593.

ص: 434

فلمَّا رَأى الرَّشِيْد ذلك، فَزع إلى الأشْيَاخ من أهْلِ الثُّغُور، فجَمَع إبْراهيم بن مُحَمَّد الفَزَارِيّ، ومَخْلَد بن الحُسَين، ولَم يكُن في أيَّامهما لهما نَظِيرُ في الدِّيانَة والفَضْل والعِلْم، فقال له إبْراهيم بن مُحَمَّد: يا أَمِير المُؤمنِيْن، خَلَّفْتَ الرَّأيَ خَلْفَ القُفْل، ولكُلِّ مَقَامٍ مَقَال، ومَخْلَد يَصِير إلى أَمِير المُؤمنِيْن (a)، وتَفرَّق القَوْم على ذلك، فلمَّا كان في اللّيْل صار أَمِير المُؤْمنِيْن إلى مَحْلَد بن الحُسَين مُعَظِّمًا له، وكان مَخْلَد من عُقَلَاءِ الرِّجَال، فقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، أصِير إليكَ في لَيْلَتَنا إنْ شَاءَ اللهُ، ومَضَى مَخْلَدٌ إلى إبْراهِيم بن مُحَمَّد الفَزَارِيّ فأرْسَلا إلى سَالِم البُرْنُسِيّ؛ من أَشْجَعِ أهْلِ زَمَانِهِ من السِّنْد، فَخَلَيَا به، واسْتَعلمَا ما عنده من الرَّأي، فأعْلَمَهُم أنَّهُ لا يَجْتَمع معهما عند أَمِير المُؤْمنِيْن، وأنَّهُ يَحْتاجُ إلى ما كان في خَزَائن أَمير المُؤْمنِيْن من كُسْوَة وطيْبٍ وطَعَامٍ ومالٍ، وأنَّهُ يَحْتاجُ أنْ يُظْهِرَ العِصْيَان والمُحَارَبة هو وأهْل الثُّغُور لأَمِير المُؤْمنِيْن ولأصْحَابهِ، فما كان عند أَمِير المُؤْمنِيْن من عدة (b)، وأنَّهُ يَحْمل أصْحَابَهُ على صِدْق المُحَارَبة.

فَمضَى مَخْلَد بن الحُسَين إلى أَمِير المُؤْمنِيْن بذلك، فأجابَهُ إلى ما سَأل، ودَفَعَ إليهِ ما أرَاد، وبَاكَر سَالِم القِتَالَ، واعْتَزل أهْل الثُّغُور عن قُرب أَمِير المُؤْمنِيْنِ، وتَلَاحم القَوْم بينهم الحَرْب، وعُرْقبَت (c) دَوَابّ، وخُرِّقَتْ مَضَارب، وزَحَفَ سَالِم البُرْنُسِيّ بمَن مَعَهُ من أهْلِ الثُّغُور، حتَّى نَزَل بالقُرْبٍ من مُعَسْكر الرُّوم، وبَعَثَ يَطْلبُ منهم الأمَانَ، ويُطْمِعُهُم في أَمِير المُؤْمنِيْن ومَن مَعَهُ، وفي كُلِّ ذلك تَجئ الرُّسُلُ إلى سَالِم يَسْألُونَهُ الرُّجُوع إلى أَمِير المُؤْمنِيْن، وتُحْمل إليه الجَوَائِز والخلَع، فكُلّ ذلك يردُّها، وبَطَارِقَة الطَّاغِيَة ورُؤساؤهم يَنْظرُونَ إلى ذلك.

(a) النص فيه اضطراب ونقص بيِّنٌ.

(b) كذا في الأصل، وفوقه "صـ".

(c) في الأصل: "وغُرقتْ" وفوقها "صـ"، وصوَّبه المؤلف في الهامش بالمثبت.

ص: 435

وكَتَبَ إلى البَطَارِقَة كِتَابًا وألْطَفَهُم، ووَجَّه إليهم بمالٍ وكُسًا وطِيْب، ودَعَاهم إلى طَعَامِهِ في مَضْربهِ، فأجَابَهُ العَدُوُّ، ووَجَّهَت البَطَارِقَة بكتابهِ إلى الطَّاغِية، فكَتَبَ إليهم أنْ يَقْبلُوا من سَالِم ولا يَعْرضُوا له إلَّا بسَبِيل خَيْر، ولا لأحدٍ ممَّن تبعَهُ، فإنَّهُم أهْلُ الثُّغُور ورِجَال الحَرْب، صُبُرٌ عندَ اللِّقَاء، وشَوْكَتُهُم الشَّوْكَةُ الصَّعْبَةُ، فآنَسوه وآنَسَهم، وحَلَفَ لهم وحَلَفُوا له، وقال: إنَّ في أصْحَابي مَنْ لا أَثِق بهِ، لحَدَاثَة سِنِّه وقِلَّة حُنْكَته، وفي أصحَابكُم كذلك، فقالوا: نَعَم، فقال: تكُون طَائِفَة مكان كذا، وطَائِفَة مكان كذا.

فرتَّب سَالِمٌ أصْحَابَهُ في الدَّرْب كُلِّه، وصَارَ في يَديهِ وأيْدِي المُسْلمِيْن، وتَميلُ طَائِفَةٌ على سَاقة سَالِم، فقُتِلَ من المُسْلِميْن ثلاثة نَفَر، وأخَذَ العَدُوّ من ثِقْلة سَالِم بَعْضَها، ويَمِيل سَالِم بمَن معَهُ من أهْلِ الثُّغُور على العَدُوّ، فقُتِلَ من العَدُوّ نَيِّفٌ على سَبْعِين ألف رَجُل، وأُسِرَ من العَدُوّ زُهَاء ثلاثين ألفًا، وغَنِمَ المُسْلمُونَ من الدَّوَابِّ والبِغَالِ والدُّرُوع والسُّيُوف ما لا يُحْصَى، ونادَتْ رِجَال من النَّصْرانِيَّةِ بسَالِم: يا سَالِم، ارْحَم النَّصْرانِيَّة، ابْق منهم بَقِيَّة! فجَمَعَ الغَنائِم وأجازَها الجَبَل، وضَرَبَ القِبَاب لأَمِير المؤمنِيْن رَحْمَةُ الله عليه، ونَضَّد جِيَفَ القَتْلَى على الطَّريق يُمْنَةً ويُسْرةً، واسْتَنْقَذَ ما كان من عَطَايَاهُ للبَطَارِقَة، ووجَّه إلى أَمِير المُؤْمنِيْن فأقْبَل، وحَلَفَ سَالِمٌ لا يَرْكَب ولا يُفَارق ركابَ أَمِير المُؤْمنِيْن حتَّى يُجِيْزَهُ الدَّرْبَ، فلمَّا نزل المُسْلمُونَ مَنْزِلَهُم أمرَ أَمِير المُؤْمنِيْن بضَرْب أعْنَاقِ الأُسَارَى، فلم يَسْتَبق منهم أحدًا، ولم يَمُرّ أَمِير المُؤْمنِيْن بحِصْنٍ إلَّا فَتَحَهُ اللهُ عليه حتَّى قَدِمَ المَأمَن.

ص: 436

‌سَالِم، خَادِم ذي النُّون المِصْرِيّ

(1)

صَحِبَهُ إلى الشَّامِ، ودَخَلَ معَهُ المواضع الّتي دَخَلها من الشَّام، وسَاحَ فيها، وقد دَخَل ذُو النُّون مَنْبج وجَبَل اللُّكَام.

حَكَى عن ذي النُّون، ورَوَى عنهُ يَعْقُوب بن نَصْر الفَسَوِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلَمَة.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن حَبِيْب المُفَسِّر، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَد بن عبد الرَّحْمن المَرْوَزيّ يَقُول: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بن نَصْر الفَسَوِيّ يَقُول: سَمِعْتُ سَالمًا خَادِم ذي النُّون المِصْرِيّ يَقُول: بينا أنا أَسِيْر مع ذي النُّون في جَبَل لُبْنَان، إذ قال لي: مَكانكَ يا سَالِم، لا تَبْرَح حتَّى أعُودَ إليك، فغَابَ عنِّي ثلاثة أيَّامٍ، وأنا أتَقَمَّش من نَبَاتِ الأرْض وبقُولها، وأشْرَب من غُدُر الماء، ثُمَّ عادَ بعد ثلاثٍ مُتَغيِّر اللَّوْن خَاثِرًا، فلمَّا أتَى ثَابَتْ إليه نَفْسُه، فقُلتُ لَهُ: أين كُنْتَ؟ فقال: إنِّي دَخَلْتُ كَهْفًا من كُهُوف الجَبَلِ، فرَأيْتُ رَجُلًا أغْبَر أشْعَث نَحِيْفًا نَحِيْلًا، كأنَّما أُخْرج من حُفْرته، وهو يُصَلِّي، فلمَّا قَضَى صَلاتَهُ سَلَّمْتُ عليه، فرَدَّ عليَّ وقام إلى الصَّلاة، فما زَال يَرْكَع ويَسْجُد حتَّى قَرُب العَصْر فصَلَّى العَصْر، واسْتَنَدَ إلى حَجَرٍ بحِذَاءِ المِحْرَاب يُسَبّح، فقُلتُ لَهُ: رَحِمكَ اللهُ، تُوصِيني بشيءٍ، أو تَدْعُو لي بدَعْوَةٍ، فقال: يا بُنَيّ، آنسَكَ اللهُ بقُرْبهِ، وسَكَتَ، فقُلتُ: زِدْني، فقال: يا بُنَيّ، مَنْ آنَسَه اللهُ بقُرْبهِ أعْطاهُ أرْبَعٍ خِصَالٍ: عِزًّا من غير عَشِيرة، وعِلمًا من غير طَلَب، وغَنَاء من دُون مَالٍ، وأُنْسًا من غير جَمَاعَة. ثمّ شَهقَ شَهْقَةً فلَم يُفِق إلى الغَد، حتَّى تَوَهَّمْتُ

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 20: 90 - 93، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 60.

ص: 437

أنَّهُ مَيِّتُ، ثُمَّ أفاقَ، فقامَ وتَوضَّأ، ثُمَّ قال: يابُنيَّ، كَم فاتَني من الصَّلَوَاتِ؟ قُلتُ: ثلاثٌ، فقَضَاهَا، ثمّ قال: إنَّ ذِكْر الحَبِيْب هَيَّج شَوْقي، وأزَالَ عَقْلي! قُلتُ: إنِّي رَاجعٌ فزِدْني، قال: حِبَّ مَوْلاكَ ولا تُرد بحُبِّهِ بَدَلًا؛ فإنَّ المُحبِّين لله هُم تِيْجان العُبَّادِ وزَيْن العبَاد، ثُمّ صَرَخَ صَرْخَة فحَركتُه فإذا هو مَيِّتٌ، فما كان إلَّا بعد هُنَيْهَة إذا بجَمَاعَةٍ من العُبَّادِ مُنْحَدرين من الجَبَل، فصلَّوا عليه، ووارَوهُ، فقُلتُ: ما اسْم هذا الشَّيْخ؟ قالوا: شَيْبَان المَجْنُون.

قال سَالِم: فسَألْتُ أهْل الشَّام عنه، فقالوا: كان مَجْنُونًا هَرَبَ من أذَى الصِّبْيَان، قُلتُ: فهل تَعْرفُونَ من كَلامِهِ شيئًا؟ قالوا: نعم، كلمة؛ كان إذا خَرَج إلِى الصَّحَارى يَقُول: فإذا لَم (a) أُجنّ بإلهي فبمَنَ!؟ ورُبَّما قال: فإذا لَم أُجنّ بك رَبِّي فبمَن!؟.

‌سَالِم الشَّيْزَرِيُّ

(1)

من أهْلِ شَيْزَر، وانْتَقَلَ إلى دِمَشْق، وكان حَسَن الطَّريقة، ذَكَرهُ شَيْخُنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن عَبد الوَهَّاب بن الحَنْبَلِيّ في كتابهِ الّذي وَسَمه بكتاب الاسْتِسْعَاد بمَن لقيْتُ من صَالِحى العُبّاد في البِلادِ.

قَرأتُ بخَطِّ شَيْخنا نَاصِح الدِّين أبِي مُحَمَّد بن الحَنْبَلِيّ الأنْصَاريّ، قال: الشَّيْخ سَالِم الشَّيْزَرِيّ من أهْلِ شَيْزَر، قَدِمَ دِمشْقَ قَرِب السِّتِّين والخَمْسمائة، ونَزَل عندنا في المَدْرَسَةِ، واشْتَغَل بالفِقْه على وَالدِي رحمه الله، لحفِظ كتاب الإيْضَاح تأليف جَدّ أبي الشَّيْخ أبي الفَرَج، وقَرأ عليه أيضًا كتاب التَّبْصرَةِ في الأُصُول تَصْنِيف

(a) تاريخ ابن عساكر: فإذا ما لم.

_________

(1)

توفي نحو سنة 610 هـ.

ص: 438

الشَّيْخ أبي الفَرَج، من حِفْظِه، وحَفِظَ كتاب الفَصِيح، وكان يُكَرِّرُ عليَّ مَحْفُوظاتهِ إلى أنْ ماتَ.

وكان شُجَاعًا كَرِيْمًا، وكُنْتُ أنا أقْرأُ عليه من كتاب الإيْضَاح، وكان كَثِيْر المُلَازَمةِ لصَلاة الجَمَاعَةِ في حَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ، وكان لا يَنام كُلّ لَيْلَةٍ حتَّى يَقْرأ سُوْرة يس والوَاقِعَة وتَبارَك والسَّجْدَة.

وعُمِّرَ إلى أنْ قَدِمْتُ من بَغْدَاد، وسَمِعَ دَرْسِي في المَدْرَسَة، والحَلْقَة سِنِيْنَ، وماتَ قَرِيبَ العَشْر بعد السِّتِّمائة.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ السَّائِب

‌السَّائِب بن بِشْر بن عَمْرو الكَلْبيّ

(1)

شَهِدَ الجَمَل وصِفِّيْن مع عليٍّ رضي الله عنه، وله فيهما ذِكْرٌ.

‌السَّائِب بن حُبَيْشٍ الكَلاعِيُّ الشَّامِيُّ

(2)

كان على دَوَاوِيْن قِنَّسْرِيْن في أيَّام بني مَرْوَان، وحَدَّثَ عن مَعْدَان بن أبي طَلْحة اليَعْمَرِيّ، رَوَى عنهُ حَفْصُ بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ الحَلَبِيّ، وزَائِدَةُ بن قُدَامَة (a).

(a) بعده في الأصل بياض قدر ثمانية أسطر.

_________

(1)

توفي سنة 71 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 8:479، أعيان الشيعة لمحسن الأمين 7: 182، ولعله جد هشام بن محمد صاحب الأنساب.

(2)

ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 4: 153، العجلي: تاريخ الثقات 175، تاريخ الطبري 6: 103، المعرفة والتاريخ 2: 338، الجرح والتعديل 4: 244، الثقات لابن حبان 6: 413، تاريخ ابن عساكر 20: 97 - 101، تهذيب الكمال 10: 182 - 183، الكاشف 1: 346، تهذيب التهذيب 3: 446، تقريب التهذيب 1: 282، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 61.

ص: 439

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر وَجِيْهُ بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن السَّقَّاء، وأبو مُحَمَّد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا عبَّاس بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: قد رَوَى زَائِدَةُ عن السَّائِب بن حُبَيْش. قال يَحْيَى: ويَنْبَغي أنْ يكُون شَامِيًّا.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عُمَر بن بَاز، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(2)

، قال: السَّائِب بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، رَوَى عنه زَائِدَةُ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، عن أبي البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر ومُحَمَّد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الوَلِيد بن بَكْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجْلِيّ، قال: حَدَّثني أبي أحْمَد

(3)

، قال: السَّائِب بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، شَامِيٌّ ثِقَةٌ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات سَعيدُ بن هاشِم بن أحْمَد، عن أبي طَاهِر الخَضِر بن الفَضْل المَعْرُوف برَجُل، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة إذْنًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(4)

، قال:

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 98 - 99.

(2)

التاريخ الكبير 4: 153.

(3)

العجلي: تاريخ الثقات 175.

(4)

الجرح والتعديل 4: 244.

ص: 440

سَائِبُ بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، رَوَى عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، رَوَى عنهُ زَائِدَة بن قُدَامَة، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

قال أبو مُحَمَّد

(1)

: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل فيما كَتَبَ إليَّ، قال: سَألْتُ أبي عن السَّائِب بن حُبَيْشٍ، قَلْتُ لهُ: هو ثِقَة؟ قال: لا أدْرِي.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن زَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد العَسْكَريّ، قال: فأمَّا حُبْيَشٌ - الحَاءُ مَضْمُومَة، غير مُعْجَمة، وتحت الباءِ نُقْطةٌ، والشِّيْن مَنْقُوطَة - السَّائِب بن حُبَيْش الكِلَابيّ، رَوَى عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، رَوى عنهُ زَائِدَةُ.

كذا قال! وإنَّما هو الكَلاعِيّ بالعَيْن.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أنبَأنَا أبو غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي الفَتْحِ بن المَحَامِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، قال: السَّائِبُ بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، رَوَى عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة. رَوَى عنهُ زَائِدَةُ بن قُدَامَةَ، حدَّثناهُ ابن القَاسِمٍ الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله أحْمَدُ بن حنْبَل، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَة بن عَمْرو وأبو سعيد - يَعني مَوْلَى بني هاشِم - قالا: حَدَّثَنَا زَائِدَة، قال: حَدَّثَنَا السَّائِب بن حُبَيْش الكَلاعِيّ، قال أبو عَبْد الله: قال عبد الرَّحْمن بن مَهَدِي: عن السَّائِب بن حُبيشٍ، أخْطأ فيه؛ يعني: أنَّ عبد الرَّحْمن رَوَاهُ عن زَائِدَة عن السَّائِب.

قُلتُ: هكَذا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ، وقد رَوَاهُ أبو عَبْد الله أحْمَد بن حَنْبَل في المُسْنَد عن عبدِ الرَّحْمن بن مَهْدِي، عن زَائِدَة بن قُدَامَة، عن السَّائِب.

(1)

الجرح والتعديل 4: 244.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 100.

ص: 441

أخْبَرَنا بهِ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ هِبَة اللّه بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن جعفَر بن مَالِك القَطِيْعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبي

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَهْدِيّ، عن زَائِدَة بن قُدَامَة. ووَكِيعٌ قال: حَدَّثَني زَائِدَة بن قُدَامَة، عن السَّائِب - قال وَكِيع: ابن حُبَيْش الكَلاعِيّ - عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة اليَعْمَرِيّ، قال: قال لي أبو الدَّرْدَاء: أين مَسْكَنكَ؟ قال: قُلْتُ: في قَرْيَةٍ دُون حِمْص، قال: سَمِعْتُ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: ما من ثلاثة في قَرْيَةٍ لا يُؤذَّن (a) ولا يُقَام فيهم إلَّا اسْتَحْوَذَ عليهم الشَّيْطان؛ عليكَ بالجَمَاعَةِ فإنَّما يأكُل الذِّئبُ القَاصِيَة.

قال ابنُ مَهْدِي: قال السَّائِبُ: يعني بالجَمَاعَة، الجَمَاعَة في الصَّلَاةِ.

فهذا أبو عَبْد اللّه رَوَى الحَدِيْث عن عبد الرَّحْمن بن مَهْدِيّ، ووَكِيِع عن زَائِدَة عن السَّائِب، وأظُنُّ الدّارَقُطْنِيّ رَأى أبا عَبْد اللّه قال في تفسِير الجماعة: قال ابنُ مهدِي: قال السَّائِب، فظَنَّ أنَّ ابن مَهْدِي رَوَاهُ عن السَّائِب! وليسَ الأمر كذلك؛ بل رَوَى أبو عَبْد اللّه الحَدِيْث عن ابن مَهْدِي ووَكِيع، كليهما عن زَائِدَة عن السَّائِب، وجاء التَّفْسير لمَعْنى الجَمَاعَة في رِوَايَة ابن مَهْدِيّ، فقال أبو عَبْد اللّه: قال ابنُ مَهْدِي: قال السَّائِب، فبَيِّنٌ أنَّ هذا الكَلَام من قَوْل السَّائِب، وأنَّ ابن مَهْدِي تفرَّد في رِوَايته بهذا التَّفْسِيرِ دُون وَكِيع، لكن عن زَائِدَةَ، عن السَّائِب، فلا وَجْهَ لتَخْطِئة أبي عَبْد اللّه في ذلك، بل الخَطَأ وَقَعَ من الدَّارَقُطْنِيّ، واللّهُ أعْلَمُ.

(a) كذا في الأصل، وفي مصادر تخريج الحديث المتقدمة جميعها سوى مسند ابن حنبل: ولا بدو.

_________

(1)

مسند أحْمَد 45: 507 (رقم 27514)، وانظر: سنن أبي داود 1: 371 (رقم 547)، سنن النسائيّ 2: 106 - 107 (رقم 847)، المستدرك للحاكم 1: 111، صحيح ابن حبَّان 5: 458، شرح السنة للبغوي 3: 347 (رقم 793).

ص: 442

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين بن عَبْد اللّهِ البَزّار (a)، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن غالب البَرْقَانِيّ، قال: وسَألتُه - يعني: الدَّارَقُطْنِيّ - عن السَّائِب بن حُبَيْشٍ؟ فقال: من أهْلِ الشَّام، صالِحُ الحَدِيْث، حَدَّثَ عنهُ زَائِدَة، لا أعْلَم حَدَّثَ عنهُ غيرهُ.

قُلتُ: قد حَدَّثَ عنهُ حَفْصُ بن رَوَاحَة الأنْصَاريُّ الحَلَبِيُّ أيضًا.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

؛ عَمِّي، قال: السَّائِبُ بن حُبَيْش الكَلاعِيِّ، حَدَّثَ عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، رَوى عنهُ زَائِدَةُ بن قُدَامَة، وحَفْص بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ الحَلَبِيّ. وذَكَرَ أبو الحُسَين الرَّازِيّ في تَسْمِيَةِ كُتَّابِ أُمَرَاءِ دِمَشْق، وقال: كان على دَوَاوِيْن قِنَّسْرِيْن في خِلَافَة بَنِي مَرْوَان.

‌سُبَيْع بن يَزِيد الحَضْرَميّ، وقيل: الأنْصَاريّ

(3)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وكان من وُجُوه أصْحَابهِ الّذين شَهِدُوا على كتاب الحَكَمَيْن بين عليٍّ ومُعاوِيَة.

أخْبَرَنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة اللّه، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنَا

(a) مهملة في الأصل، والإعجام على ما تكرر في عديد المواضع، وكما هو عند ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 101.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 97.

(3)

تَرْجَمَتِه في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 507، 511، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 196 (في شهود الحكمين)، الطبريّ 5: 54 (ذكَره في شهود الحكمين)، تاريخ ابن عساكر 20: 141، ابن الأثير: الكامل 3: 321، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 66.

ص: 443

الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه البَلْخِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين (a) بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن إسْحَاق بن نِيْخَاب الطِّيبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الحُسَين بن عليّ الكِسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن بَشِير، عن عَوَانَة بن الحَكَم، قال أحمدُ: وسَمِعْتُ غيرَهُ ذَكَرَهُ، قال: تَسْمِيةُ مَنْ شَهِدَ على كتاب الحَكَمَيْن بصِفِّيْن بين عليّ ومُعاوِيَة: عَبْد اللّه بن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، الأشْعَثُ بن قَيْسٍ الكِنْدِيّ، سَعيد بن قَيْسٍ الهَمْدانِيّ، عَبْد اللّه بن الطُّفَيْل العَامِرِيّ، حُجْر بن يَزِيد الكِنْدِيّ، وَرْقَاء (b) بنُ سُمَيّ العِجْلِيّ، وعبد اللّه بن فُلَان العِجْلِيّ، وعُقْبَة بن زِيَاد الأنْصَاريّ، ويَزِيْد بن حُجَيَّة التَّيْمِيّ، ومالك بن كَعْب الهَمْدانِيّ. قال: هؤلاء شُهُود عليّ؛ عَشرةٌ من أهْلِ العِرَاق.

قال: وشُهُودُ مُعاوِيَة عَشرةٌ من أهْلِ الشَّامِ: أبو الأعْوَر عَمْرو بن سُفْيان السُّلَمِيّ، حَبِيْبُ بن مَسْلَمَة الفِهْريّ، عبد الرَّحْمن بن خَالِد بن الوَلِيد المَخْزُوميّ، مُخَارِق بن الحَارِث الزُّبَيْدِيّ، زَامِلِ بن عَمْرو العُذْرِيِّ، عَلْقَمَة بن يَزِيد الحَضْرَميّ، حَمْزَة بن مَالِك الهَمْدانِيّ، سُبَيْع بن يَزِيد الحَضْرَميّ، عُتْبَةُ بن أبي سُفْيان بن حَرْب بن أُمَيَّة، يَزِيد بن الحُرِّ العَبْسِيّ. وكَتَبُوا كتاب شُهُود الحُكُومَة سَنَة سَبْعٍ وثلاثين.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، قال: سُبَيْع بن يَزِيد الحَضْرَميّ، ويُقال الأنْصَاريّ، من وُجُوه أصْحَاب مُعاوِيَة،

(a) تاريخ ابن عساكر: الحَسَن، وجاء صحيحًا في مواضع أخرى من تاريخه.

(b) ابن عساكر: وفاء، والمثبت موافق لما في كتاب وقعة صفين 511.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 141، وانظر أسماء شهود عليّ عند الطبريّ 5:54.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 141.

ص: 444

وهو ممَّن شَهِدَ في الصَّحِيْفَة الّتي كَتَبَها بينَهُ وبينَ عليِّ في الرِّضَا بتَحْكيم الحَكَمَيْن، له ذِكْرٌ في كتاب أبي مِخْنَف لُوط بن يَحْيَى وغيره. وذَكَرَ أبو مِخْنَف أنَّهُ أنْصَارِيٌّ، فاللّهُ تعالَى أعْلَم.

‌سُحَاج المَوْصِلِيُّ

(1)

كان بِدَابِق، وحَقُّهُ أنْ لا يُذْكَرَ، لأنَّهُ ليس من العُلَمَاء، ولا من الأمَاثِل، لكن الحافِظ أبا القَاسِم عليّ بن الحَسَن ذَكَرَهُ في كتابهِ فجَعَل له ذِكْرًا، وإنْ لم يَكُن من شَرْط كتَابه، لأنَّهُ وَفَد من المَوْصِل إلى دَابِقَ، ولَم يكُن بدِمَشْق، وليس من الأمَاثِل، ومثله إنَّما يُذكَر في المُلَح؛ فذَكَرنا تَرْجَمتَهُ على ما ذَكَرها الحافِظ رحمه الله.

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناءِ أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: سُحَاج المَوْصِلِيّ، وَفَدَ على سُليْمان بن عَبْد المَلِك.

أخْبَرَنَا

(3)

أبو القَاسِم نَصْرُ بن أحْمَدَ بن مُقَاتِل، قال: حَدَّثَنا جَدِّي أبو مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي سَعيد الكَرْجِيّ بمَكَّة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخُلْدِيّ، قال: حدَّثنا أحْمد بن مُحمّد بن مَسْرُوق، قال: حدَّثنا أحمَد بن جَمِيْل المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن المُبارَك، عن الضَّحَّاك، قال: فام السُّحَاج المَوْصِلِيّ إلى سُليْمان بن عَبْد المَلِك بِدَابِق فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، إنَّ أَبِينا هَلَك، فوَثَبَ أخَانا فأخَذَ مالنا فاقتطعَهُ، فقال: لا رَحِمَ اللّهُ أباك، ولا عَافَى أخَاك، ولا رَدَّ عليك مالَكَ، ولا حَيَّاك.

(1)

تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن عساكر 20: 142، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 67.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 142.

(3)

النقل متتابع عن ابن عساكر في تاريخه.

ص: 445

‌سُحَيْم بن المُهاجِر

(1)

وَلي إمْرَة أطْرَابُلُس في أيَّام عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وتوجَّهَ منها إلى نَاحِيَةِ أنْطَاكِيَة والجَبَل الأسْوَد في مَكِيدة كَادَها فلْقَط (a) البِطْرِيْق فقَتَلَهُ، ووَلَّاهُ الوَلِيدُ بنُ عَبْد المَلِك غَزْو البَحْر.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيِّ الفَقِيه، إجَازَةً إِنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو نصْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن يعْقُوب بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد المَلِك أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَائِذ، قال: قال الوَلِيد: وأخْبَرَني غير واحدٍ أنَّ طَاغِيَة الرُّوم لمَّا رَأى ما صَنَع اللّه للمُسْلِمين مَنْعَهُ

(2)

مَدَائن السَّاحِل، كَاتَبَ أنْبَاط جَبَل لُبْنَان واللُّكَام، فخَرَجُوا جَرَاجِمَة، فعَسْكَروا بالجَبَل، ووَجَّه طَاغِية الرُّوم فلْقَط البِطْرِيْق في جَمَاعَةٍ من الرُّوم في البَحْر، فسَار بهم حتَّى أرْسَى بهم (b) بوَجْهِ الجَر، وخَرَج بمَن معه حتَّى عَلا بهم على جَبَل لُبْنَان، وبثَّ قُوَّادَهُ في أقْصَى الجَبَل، حتَّى بلغَ أنْطَاكِيَة وغيرها من الجَبَل الأسْوَد، فأعْظَم ذلك المُسْلمُونَ بالسَّاحِل، حتَّى لَم يكُن أحدٌ يَقْدر يَخْرج في ناحيةٍ من رَجًا (c) ولا غيرها إلَّا بالسِّلاح.

(a) قيَّده ابن العديم حيثما يرد في التَّرْجَمَة بإهمال الأوّل، والإعجام من ابن عساكر ونهاية الأرب 15: 280 (فلقط بن مورق)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 67 - 68.

(b) ابن عساكر: أرساهم.

(c) مهملة في الأصل، ومثله عند ابن عساكر، ولعل الصواب بالمعجمة، بمعنى النواحي والأطراف، وجمعه أرجاء. انظر: ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 3: 27.

_________

(1)

كان حيًا سنة 69 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 20: 144 - 146، ابن الأثير: الكامل 4: 304.

(2)

تاريخ ابن عساكر والخبر فيه 20: 145: منعة.

ص: 446

قال الوَلِيد: فأخْبَرَنا غير واحد من شُيُوخنا أنَّ الجَرَاجِمَة غَلَبَت على الجِبَال كُلّها من لُبْنَان وسَنِيْر وجَبَل الثَّلْج وجِبَال الجَوْلَان، فكانت بَاسنْبل (a) مَسْلَحَة لبَاقي الزُّهَّاد (b)، وعَقْرَبا الجَوْلَان مَسْلَحَهَ حتَّى جَعلُوا يُنادُون عَبْد المَلِك بن مَرْوَان من جَبَل دَيْر المُرَّان من اللَّيْل، حتَّى بَعَثَ إليهم عَبْدُ المَلِك بالأمْوَال ليَكُفُّوا حتَّى يَفْرغ لَهم، وكان مَشْغُولًا بقِتَال أهْل العِرَاق، ومُصْعَب بن الزُّبَيْر وغيره.

قال: ثمّ كَتَبَ عَبْد المَلِك إلى سُحَيْم بن المُهاجِر في مَدِينَة أطْرَابُلُس، يَتَواعَدهُ ويأمرُه بالخُرُوج إليهم، فلم يَزَل سُحَيْم ينتَظر الفُرْصَة منهم، ويَسْأل عن خَبَرهم وأُمُورهم، حتَّى بَلَغَهُ أنَّ فلْقَط في جَمَاعَةٍ من أصْحَابه في قَرْيَةٍ من قُرَى الجَبَل، فخَرَج سُحَيْم في عشرين رَجُلًا، من جُلَدَاء أصْحَابهِ، وقد تهيَّأ بهَيْئَةِ الرُّوم في لبَاسه وهَيْئَته وشَعره وسِلَاحه، مُتَشبِّهًا ببِطْرِيْق من بَطَارِقَة الرُّوم؛ بعثَهُ مَلِك الرُّوم إلى جَبَل اللُّكام في جَمَاعَةٍ من الرُّوم، فغَلَبَ على ما هُنالك.

فلَّمَا دَنَا من القَرْيَة، خَلَّفَ أصْحَابه وقال: انْتظرُوني إلى مَطْلع كَوْكَب الصُّبْح، فدَخَلَ على فلْقَط وأصْحَابهِ، وهُم في كَنِيْسَة يَأكُلون ويَشْربُون، فمَضَى إلى مُقَدَّم الكَنِيْسَة، فصَنَعَ ما يَصْنَعُه النَّصارى من الصَّلاة والقَوْل عند دُخُولها (c) كَنَائِسها، ثمَّ جَلَسَ إلى فلْقَط، فقال له: مَنْ أنتَ؟ فانْتَمى إلى الرَّجُل الّذي يَتَشبَّهُ به، فصَدَّقَهُ، وقال له: إنِّي إنَّما جئتُكَ لِمَا بلَغَني من جهاز سُحَيْم، وما أجْمعَ بهِ من الخُرُوج إليك، لأُخْبرك بهِ وأكْفيكَ أمْرَهُ إنْ أتَاك، ثُمَّ تَنَاول من طَعَامهم، ثمّ قال لفلْقَط وأصْحَابه: إنَّكُم لَم تَأتُوا ها هُنا للطَعَام والشَّرَاب، ثمّ قال لفلْقَط: ابْعَث معي عَشرةً من هؤلاء من أهْلِ النَّجْدَة والبَأْسِ، حتَّى نَحْرسكَ اللَّيْلة، فإنِّي لسْتُ آمَنُ أنْ يَأتيك ليْلًا، فبَعَثَ معه عَشرة، وأمَرَهم بطَاعَته، فخَرَجَ بهم إلى أقْصَى

(a) تاريخ ابن عساكر: باسبل، ولم أهتد لمعرفتها.

(b) ابن عساكر: مسلحة لنا في الرقاد.

(c) ابن عساكر: دخول.

ص: 447

القَرْيَة، وقام بهم على الطَّريق الّذي يتخوَّفُون أنْ يَدْخُل عليهم منه، فأقام حَارِسًا منهم، وأمَرَ أصْحَابه فنامُوا، وأمَرَ الحَارِس إذا هو أراد النَّوْم، أنْ يُوقِظ حَارِسًا منهم ويَنام هو، فحَرَس الأوَّل ثمّ أقام الثَّانيّ، ثمِّ قَام سُحَيْم الثَّالث ثُمَّ قال: أنا أحْرس فنَم، فلمَّا اسْتَثْقَلوا (a) نَوْمًا، قَتَلَهم بذُبَابَة سَيْفه رَجُلًا رَجُلًا، فاضْطَرَبَ التَّاسِع فأصَاب العَاشِر برِجْله، فوَثَبَ إلى سُحَيْم فاتَّخذا (b) وصَرَعَهُ الرُّوميّ، وجَلَس على صَدْره، واسْتَخْرج سُحَيْمٍ سِكِّينًا في خُفّة، فقَتَلَهُ بها. ثُمّ أتَى الكَنِيْسَة، فقَتَلَ فلْقَط وأصْحَابه، رَجُلًا رَجُلًا.

ثُمّ خَرَج إلى أصْحَابهِ العشرين، فجاء بهم فأرَاهُم قَتْلَهُ مَنْ قَتَلَ من الحَرَس وفلْقَط، ومَن في الكَنيْسَة، ووضعُوا سُيُوفهم فيمَن بقيّ، فنَذِرَ (c) بهم مَنْ بَقِيَ منهم، وخَرجُوا هُرَّابًا حتَّى أتَوا سُفُنَهم بوَجْهِ الحَجر، فرَكبُوها ولحَقُوا بأرْضِ الرُّوم، ورجَع أنْبَاط جَبَل لُبْنَانَ إلى قُرَاهم.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عَائِذ، قال: حدَّثَنَا الوَلِيد، قال: لمَّا وَلِيَ الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، وَلّى غَازِيَة البَحْر ثلاثة نَفَرٍ من المَوَالِي: سُحَيْم بن المُهاجِر، وأبا خُرَاسَان، وسُفْيانَ الفَارسِيّ.

أخْبَرَنَا أبو الفَضْل أحْمَد بنُ مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، قال: سُحَيْم بن المُهاجِر من سُكَّان أَطْرَابُلُس، ووَلِيَ إمْرَتها في

(a) في متن الأصل وابن عساكر: استثقل، وصوبه ابن العديم في الهامش بالمثبت.

(b) في الأصل بإهمال المثناة الفوقية، والمثبت من تاريخ ابن عساكر.

(c) الأصل وابن عساكر: فندر، بالدال المهملة، والمراد: أنَّهم علموا بخبرهم فتنبَّهوا.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 146.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 144.

ص: 448

أيَّام عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وكَتَبَ إليهِ عَبْدُ المَلِك أنْ يَكِيد بعض الرُّوم، ووَلَّاهُ الوَلِيدُ غَزْو البَحْر.

كذا قال! ولَم يكْتُب إِليهِ عَبْدُ المَلِك أنْ يَكِيد، وإنَّما كَتَبَ إليه يأمُره بالخُرُوج، فدَبَّرَ هو برَأيهِ ما دبرهُ.

ص: 449

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌سِدَادُ بن إبْراهيم بن مُحَمَّد، أبو النَّجِيْب - وقيل: أبو السِّدَاد - الجَزَرِيّ ويُعْرفُ بالظَّاهر

(1)

وقيل في اسْمه: شَدَّاد بالشِّيْن المُعْجَمة، والصَّحيح أنَّهُ بالسِّيْن المُهْملَة المَكْسُورَة.

من أهْلِ جَزيْرة ابن عُمَر، وله بها مَسْجِد يُعْرَفُ بمَسْجِد الظَّاهر، وكان شَاعِرًا مَطْبُوعًا، حُلْوَ الألْفَاظ سْهْلَها، لَطِيْف المَعَاني.

دَخَلَ حَلَب، ومَدَحَ بها الأَمِيرَ سَيْفَ الدَّوْلَة أبا الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان، وظَفِرْتُ له بأبياتٍ يَتَشوَّق فيها حَلَب، ومَدَحَ عَضُد الدَّوْلَة ابن بُوَيْه.

وذَكَرَ لي أبو السَّعَادَاتِ بن المُرَحِّل أنَّهُ بالسِّيْن المهملَة، وأنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أَحْمَد بن أحمَد بن الخَشَّاب كذلك. وكذلك ذَكَرهُ رَفِيْقُنا الحافِظ مُحِبّ الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحمُود [بن] النَّجَّار في حَرْف السِّيْن المُهْملَة في التَّاريخ الّذي ذَيَّلَ به تاريخ أبي بَكْر الخَطِيب

(2)

، وشَاهَدْت اسْمه بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفيِّ مَضْبُوطًا بالشِّيْن المُعْجَمة في بعض تَعَالِيْقه.

(1)

ترجمته في: تتمة اليتيمة 59، الباخرزي: دمية القصر 1: 127 - 128، (وفيه: الطاهر الجزري)، ابن ماكولا: الإكمال 5: 240 (لم يسمه، وذكره بلقبه: الظاهر الجزري)، معجم الأدباء 3: 1414 - 1415 (ترجم له باسم: شداد)، وفيات الأعيان 5: 265 - 266، (ذكر عارض، وانظر تعليق المحقق عليه في 7: 341)، فوات الوفيات 2: 45، الوافي بالوفيات 15: 124، الزركشي: عقود الجمان ورقة 120 ب، (وفيه: الملقب بالطاهر).

(2)

عنوانه: التاريخ المجدد لمدينة السلام، تقدم التعريف به في الجزء السادس.

ص: 450

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مَنْصُور المَعْرُوف بدَوْخَلَة، وأبو الفَتْح أحْمَدُ بن عليّ بن النَّخَّاسِ المَدَائنيِّ الحلبِيَّان، وأبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن بن عليّ التَّنُوخيِّ، وأبو عليّ مُحَمَّد بن وِشَاحٍ الزَّيْنَبِي، وأبو نَصْر أحْمد بن عَبْد الله بن أحْمَد الثَّابِتيِّ.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد المُنْعِم بن الحَسَن بن الحُسَين بن اللُّعَيْبَة أبي الفَضْل الحَلَبيِّ، قال: لأبي السِّدَاد الظَّاهر الجَزَرِيِّ أنْشَدَنيها الشَّيْخُ الأدِب أبو الفَضْل جَامِعُ بن عليّ بالجَزِيْرَة، في جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة خَمْس عشرة وخمسِمائَة:[من الطويل]

أيا حَلَبُ الغَرَّاءُ والمَنْزلُ الرَّحبُ

ويا بَلَدًا قَلْبي بتَذْكَارِهِ صَبُّ

لئن بَانَ جسْمي عَنْ مَعَالِمِ ربْعِها

فما بانَ عن أطْلَالِ سَاحَتِها القَلْبُ

عَلَامَ أُسَلِّي النَّفْسَ عنْكِ وَفِيكِ لي

عَلَائقُ منها هَدَّ مُهجَتِي الحُبُّ

هَواؤُكِ لولا صِحَّةٌ في هُبُوبِهِ

ومَاؤُكِ لولا أنَّهُ باردٌ عَذْبُ

نَقَلْتُ من خَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفيِّ، وأنْبَأنَا به عنه أبو القَاسِم عَبْد الله بن رَوَاحَة وغيره، قال: قَرأتُ على أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الجَبَّارِ التُّونُسِيّ اللُّغَويّ بالإسْكَنْدَرِيَّةِ لأبي النَّجِيْب شَدَّاد بن إبْراهيم الجَزَرِيّ المُلَقَّب بالظَّاهر، وقد اسْتَدْعاهُ الوَزِيرُ المُهَلَّبيّ، وضَبَطَهُ السِّلَفِيُّ في خَطِّه بالشِّيْن المعجَمة

(1)

: [من السريع]

عَبْدُكَ تَحْتَ الحَبْلِ عُرْيَانُ

كأنَّهُ لا كان شَيطَانُ

يَغْسِل أثْوَابًا كأنَّ البِلَى

فيها خَلِيْطٌ وَهْىَ أوْطَانُ

أَرَقُّ من ديني إنْ كان لي

دينٌ كما للنَّاسِ أَدْيَانُ

كأنَّها حَالي من قبل أنْ

يصحّ عندِيْ لكَ إحْسَانُ

(1)

انظر الأبيات في معجم الأدباء 3: 988، وفوات الوفيات 1: 356، والوافي بالوفيات 12: 226، (ضمن ترجمة الوزير المهلبي عند جميعهم).

ص: 451

يقُول مَنْ يُبْصَرُني مُعْرضًا

فيها وللأقْوَالِ بُرْهانُ

هذا الّذي قد نَسَجَت فَوْقَهُ

عَنَاكِبُ الحِيْطَان إنْسَانُ

قَرأتُ في مَجْمُوع أظُنُّه بخَطِّ بعض الحلبِيّيْن أو المَعرِّيّيْن: حدَّثَ أبو النَّجِيْب سِدَاد بن إبْراهيم الجَزَرِيّ الشَّاعرُ المُلقَبُ بالظَّاهر، قال: كُنْتُ كَثِير المُلَازَمة للوَزِير أبي مُحَمَّد المُهَلَّبي، فاتَّفقَ أنْ غَسَلت ثِيَابي يَوْمًا، وأنْفَذَ يَدْعُوني، فاعْتَذَرْتُ بعُذْرٍ لَم يَقبَلْهُ، وألَحَّ في اسْتِدْعائي، فكَتبْتُ إليهِ:[من السريع]

عَبْدُكَ تَحْت الحَبْل عُرْيانُ

كأنَّهُ لا كان شَيْطَانُ

يَغْسل أثْوَابًا كأنَّ البِلَى

فيها خلِيْطٌ وَهْيَ أوْطَانُ

أَرَقُّ من ديْنيَ إنْ كان لي

دينٌ كما للنَّاسِ أدْيانُ

كأنَّها حَالِي من قَبْل أنْ

يُصْبح عندِي لكَ إحْسَانُ

يقُول مَنْ يُبْصِرُني مُعْرِضًا

فيها وللأقْوَالِ بُرْهَانُ

هذا الّذي قد نسَجَت فَوْقَهُ

عَنَاكبُ الحِيْطَان إنْسَانُ

فأَنْفَذَ له جُبَّةً وقَيْصًا وعِمَامَةً وسَرَاوِيل وكِيْسًا فيه خَمْسمائةِ دِرْهَم، وقال: قد أنْفَذْتُ إليك ما تلْبَسُه وتدفَعُه إلى الخَيَّاط ليُصْلِحَ لك الثِّيَاب على ما تُرِيدُه، فإنْ كُنْتَ غسَلْتَ التِّكَّة واللَّالِكَة

(1)

عَرِّفني لأُنْفذَ عِوضها.

قَرأتُ بخَطِّ الشَّريِف مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن أبي القَاسِم الأَقْسَاسِيّ: أنْشَدَني أبو الحُسَين عَاصِم الأدِيْب الشَّاعِر للظَّاهِر الجَزَرِيّ، واسْمُه شَدَّاد بن إبْراهيم عند وَدَاعهِ لأبي غَالِب مُحَمَّد بن خَلَف فْخَر المُلْك، وكان قَصَدَهُ وامْتَدَحَهُ:[من الكامل]

خَتَم النَّبِيِّيْنَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ

ومُحَمَّدُ بنُ عليٍّ الوُزَرَاءَا

(1)

اللالكة: النعل.

ص: 452

والظَّاهِرُ الشُّعَراءَ وَهْوَ مُوَدِّعٌ

مِن حَضرةِ ابنِ عليٍّ العَلْيَاءَا

سَأَسيرُ عنكَ ولي إليكَ تَلفُّتٌ

فيَكُونُ قُدَّامِي إليك وَرَاءَا

قَرأتُ في رسالة أبي الحَسَن عليِّ بن مَنْصُور بن القارح الحَلَبيِّ

(1)

الّتي كَتَبَها إلى أبي العَلَاء بن سُلَيمان، وأجابَهُ عنها برسَالة الغُفْرَان: أنشدَني الظَّاهِر الجَزَرِيّ لنَفْسِه، وقَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح أحْمَد بن عليّ المَدَائي، في مَجْمُوعٍ وَهَبْنِيْه وَالدِي رحمه الله بخَطِّ المَذْكُور أنْشَدَني الظَّاهر الجَزَرِيّ لنَفْسِه

(2)

: [من الوافر]

أرَى جِيْلَ التَّصَوُّفِ شَرَّ جيْلٍ

فَقُلْ لَهُمُ وأَهْوِن بالحُلُولِ

أقالَ اللهُ حين عَشِقْتُمُوه

كُلُوا أكْل البَهَائِم وارْقُصُوا لي

ونَقَلْتُ أيضًا من خَطِّ أبي الفَتْح المَدَائي للظَّاهِر في المجمُوع المَذْكُور: [من الخفيف]

لا تَثِقْ بالسُّكُوتِ من كُل صُوْفي

واحْتَرِزْ مِنهُمُ وكُنْ في سُدُوفِ

بالعَكَاكِيْز والمحابر والصُّحْـ

ـف وجَمع كمثْلِ جَمْعِ الزُّحُوفِ

ويلَ دَاعِيْهِمُ وحُقَّ لهُ الويـ

ـل إذا ما أَتَى بأَلْفْي خَرُوفِ

وصِنانٍ فإنْ همُ بايَتُوهُ

أكَلُوا بيتَهُ بحَشْو السُّقُوفِ

أَتُرى رَبَّهمْ يقُولُ ارْقُصُوا لي

واتْرُكُوا ما افْتَرضْتُ مِن مَعْرُوفِ

شَرُّ جِيْلٍ تَرَاهُ في عَالَم الحَشْـ

ـرِ إذا أُوْقِفُوا ليَوْمٍ مَخُوفِ

نَقَلْتُ من خَطِّ بعضِ الأُدَبَاء؛ وقيل إنَّهُ من بنَي أبي حَصِيْنَة: للظَّاهِر الجَزَرِيّ: [من الكامل]

(1)

رسالة ابن القارح ضمن رسالة الغفران 231.

(2)

البيتان في معجم الأدباء 3: 1414 (باختلاف في الرواية) وفوات الوفيات 2: 45 والوافي بالوفيات 15: 124.

ص: 453

يا دَهْرُ إنَّكَ أَنْتَ نَابِذُ ريْقهِ

خَمْرًا وغَارِسُ خَدّه تُفَّاحَا

وغَزِلْتَ من غَزِلٍ شِبَاكَ جُفُونه

ونصَبْتَها فتَصَيَّدَت أرْوَاحا

وله؛ ونَقَلْتُه من خَطِّ المَذْكُور [من الطويل]

أبايَعْتَ أهْلَ البَيْعَة اليَوْمَ في دَمي

غلبتَ فَخذ أخْطَارَهُمْ وتَقدَّم

ولا تُوْرق عَيْنَيكَ سُقْمي فإنَّهُ

حَرَامٌ على الذِّميِّ مِيْرَاثُ مُسْلمِ

وهذان البيتان يُرْوَيان لعَبْدِ المُحْسِن الصُّوْرِيّ

(1)

؛ وهو أصَحُّ.

وممَّا نَقَلْتُهُ من تَعْلِيقي من الفَوَائِد ممَّا أنْشَدَهُ الظَّاهرُ لنَفْسِهِ: [من الكامل]

أَدِر المُدَامَةَ يا ابنَ شِبْلٍ وَاسْقِني

فيها نَسِيْئَةَ رِيْقِكَ المتُعَذِّرِ

فإذا رَأيْتَ مِنَ النّدَامىَ صاحِيًا

فينا فلَاحِظْهُ بطَرْفِكَ يَسْكَرِ

ومن شِعْره أيضًا قَوْله، وقيل: إنَّها للوَزِير أبي نَصْر بن النَّحَّاس الحَلَبيِّ، والصَّحيحُ أنَّها للظَّاهِر

(2)

: [من الكامل]

انْظُر إلى حَظِّ ابن شِبْلٍ في الهَوَى

إذ لا يَزَالُ لكُلِّ قَلْبٍ شَائِقَا

شَغَل النِّسَاءَ عن الرِّجالِ وطَالَما

شَغَل الرِّجال عن النِّسَاء مُرْاهِقَا

عَشِقُوهُ أَمْرَدَ فالتحَى فعَشِقْنَه

اللهُ أكْبَرُ ليس يَعْدَمُ عَاشِقا

ومن شِعْره المُسْتَحْسَن يَصِفُ قَوْس قُزَح: [من المتقارب]

ألسْتَ نَرَى الجَوَّ مُسْتَعْبِرًا

يُضَاحِكُهُ بَرْقُهُ الخُلَّبُ

وقد لَاحَ مِن قزَحٍ قَوسُهُ

بَعِيدًا وتَحسبُهُ يقرُبُ

كطَاقَي عَقِيقٍ وفيْرُوزجٍ

وبينَهُما آخَرٌ مُذْهَبُ

(1)

انظر ديوان ابن غلبون الصوري 2: 17، قالها في ابن أبي زكري المتطبب.

(2)

الأبيات الثلاثة في دمية القصر 1: 127، وفيات الأعيان 5:266.

ص: 454

وقال في الأَمِير سَيْف الدَّوْلَةِ عليّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان: [من البسيط]

وحَاجةٍ قيلَ لي نَبِّهْ لها عُمْرًا

ونَمْ فقُلْتُ عَليٌّ قد تَنَبَّهَ لي

حَسْبِي عَليَّان إنْ نابَ الزَّمانُ وإِن

جاءَ المعَادُ بها في القَوْلِ والعَمَل

فلى عليُّ بنُ عَبْدِ اللهِ مُنْتَجعُ

ولي عليٌّ أَمِيرُ المُؤْمنِيْنَ وَلي

أنْبَأْنَا عِيسَى بن عَبْد العَزِيْز اللَّخميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفيِّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن بن عليِّ التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَني أبو النَّجِيْب سِدَاد بن إبْراهيم الجَزَرِيّ المَعْرُوف بالظَّاهِر لنَفْسِه

(1)

: [من الكامل]

أفْسَدْتُم نَظَري عليَّ فما أَرَى

مُذْ غِبْتُم حَسَنًا إلى أنْ تقْدَمُوا

فدَعُوا غَرَامي ليسَ يُمكنُ أنْ تَرى

عَن الرِّضَا والسُّخْط أحْسَنَ منكم

أنْبَأْنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُّود بن النَّجَّار، قال في تَارِيْخهِ

(2)

: سِدَاد بن إبْراهيم، أبو النَّجيْب الجَزَرِيُّ المُلقَّبُ بالظَّاهِر، شَاعِرٌ مَلِيح الشِّعْر، قَدِمَ بَغْدَاد ومَدَح بها أبا مُحَمَّد المُهَلَّبيِّ، وَزِير مُعِزّ الدَّولَة أحْمَد بن بُوَيْه، ومَدح عَضُد الدَّوْلَة أيضًا، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن التَّنُوخيِّ، وأبو عليّ مُحَمَّد بن وِشَاح الزَّيْنَبيِّ، ورَأيْتُ اسْمَهُ مُقَيَّدًا بالسِّيْن المُهْملَة بخَطِّ أبي الحُسَين هِلِّل بن المحسِّن بن الصَّابيِّ الكَاتِب.

قال ابنُ النَّجَّار: قَرأتُ في كتاب أبي نَصْر أحْمَد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن ثَابِت الثَّابِتيِّ الفَقِيه بخَطِّه، قال: أنْشَدَني أبو النَّجِيْب شَدَّاد بن إبْراهيم الظَّاهر بمَدِينَة السَّلام؛ يعني لنَفْسِه: [من الكامل]

لا تَسْألنَّ عن الخلَيْطِ المنْزِلا

في العَقْلِ ما يَنْهاكَ عن أنْ تَسْألا

(1)

البيتان في معجم الأدباء 3: 1415 وفوات الوافيات 2: 45 والوافي بالوفيات 15: 124.

(2)

هو التاريخ المجدد لمدينة السلام، ذيل به تاريخ مدينة السلام للخطيب البغدادي، تقدم التعريف لأول وروده في الجزء السادس.

ص: 455

كم مَعْقِلٍ في شَطِّ رَيْحانٍ عَفَا

فرَمَيْتُ بالإعْرَاضِ ذاكَ المَعْقِلَا

وطَوَيتُهُ حتّى كأنِّي لَم أكُن

من سَاكِنيهِ مُشَيِّعًا مُسْتَقْبِلا

قال ابنُ النَّجّار: وذَكَرَ قَصيدَةً طَوِيلَةً في الرّدِّ على أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه. هكَذا رَأيْتُه مُقَيَّدًا بخَطِّ الثّابِتّي. شَدَّاد، بفَتْح الشِّيْن المعجَمة وتَشْدِيْد الدَّال، فاللهُ أعْلَمُ بالصّوَاب.

‌سِرَاجُ بن إِدْرِيس بن عِيسَى الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ كَتَبَ عنهُ رَفِيْقنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف البِرْزَاليّ.

نَقَلْتُ من خَطّ أبي عَبْد اللّه البِرْزَاليّ، وأجَازَ لنا رِوَايَةَ مما يَجُوز له رِوَايته، في السَّنَة تُوفِّي فيها: أنْشَدَني سِرَاجُ بن إِدْرِيس بن عِيسَى الحَلَبيُّ الأصْلِ الشّافِعيّ، مَوْلده سَنَة اثنتَيْن وثَمانين بحَلَب، وتَأدَّبَ بها، قَرأ القُرآن على الحاجّ عليّ اليَمَنِيّ، وعلى العَلَم اللُّورْقِيّ النَّحْو، والفِقْه على شَمْسِ الدِّين مُحَمَّد الجَزَرِيّ:[من الوافر]

أمِيْنَ الدِّيِن لَم تُرْقَ المَعَالِي

برَافعَةٍ أجَلَّ مِنَ السَّخَاءِ

ومِن أدَبٍ تُراضِعُني وَلَاهُ

فما أحْلَى مُرَاضَعَةَ الوَلَاءِ

وأبْعُدُ عنه خَوْفُ ندَىً جَمِيلٍ

لِعَجْزي عن مُلَاحَظةِ الوَفَاءِ

وفي الإفْرَاطِ بالإحْسَانِ شَرّ

يَرَاهُ أُولُو العُقُولِ منَ العَنَاءِ

وها أنا قد أشَرْتُ ومِن بَعيْدٍ

يُشَارُ إلى الكَوَاكِبِ في السَّماءِ

ومَنْ تَرَك الهُدَى بالنَّجْمِ ضلَّتْ

رَكائبُهُ عن السُّبُل السَّوَاءِ

ص: 456

‌سُرَاقَة بن عبد الرَّحْمن

(1)

كان أمِيْرًا على الثُّغُور الشَّامِيَّةِ.

ذَكَرَهُ الحافِظ أبو القَاسِم، بما أخْبَرَنا بهِ ابنُ أخيه، أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَمِّي

(2)

، قال: سُرَاقَة بن عبد الرَّحْمن، وَجَّهَهُ عَمَرُ بن عَبْد العَزِيْز من دِمَشْق أمِيْرًا على الثُّغُور، بعد خُرُوج مَسْلَمَة بن عَبْدِ المَلِك من القُسْطَنْطِينِيَّة، وذَكَر ذلك في كتَاب غَزْوَة القُسْطَنطيْنيَّة الّذي ذَكَر عن عَبْد اللّه بن سَعيد بن قَيْس الهَمْدانِيّ، وقد تقدَّم ذِكْر إسْنَادِهِ في تَرْجَمَةِ الأصْبَغ بن الأشْعَث الكِنْدِيِّ

(3)

.

هكذا قال الحافِظُ أبو القَاسِم: وَجَّهَهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز أمِيْرًا على الثُّغُور بعد خُرُوج مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك وذَكَرَ ذلك في غَزْوة القُسْطَنْطِينِيَّة، الّذي ذكر عن عَبْدِ اللّه بن سَعيد بن قَيْسِ الهَمْدانِيّ! وغَزْوِة القُسْطَنْطِينِيَّة، الّتى رَوَاها عَبْدُ اللّه بن قَيْس، كانت في زَمن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، أغْزَى ابنَهُ مَسْلَمَةَ إلي القُسْطَنْطِينِيَّة في جَيْشٍ ضَخْم، كان فيهِ البَطَّال، وعَبْد اللّه بن سَعيد الهَمْدانِيّ، وعَرَضَ عليه أنْ يُجْعَلَ فيها أمِيْرًا على هَمْدَان فلَم يَفْعَل، وغَزَا مَسْلَمَةُ هذه الغَزَاة، وعادَ في أيَّام أبيهِ، ولم يكُن لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز وِلَايَة على الثُّغُور، والغَزَاةُ الّتي رجَع فيها مَسْلَمَة والخِلَافَة إلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، هي الغَزَاةُ الّتي أغْزَاه أخُوه سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وتُوفِّيَ سُليْمان ومَسْلَمَة مُحَاصِر القُسْطَنْطِينِيَّة، فلمَّا وَلي عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، سَيَّر إِلى مَسْلَمَة وأمْرَهُ بالقفُول فعَادَ من القُسْطَنْطِينِيَّة، وليسَت هذه الغَزَاةُ الغَزْوةَ الّتي روَاها عَبْد اللّه بن سَعِيْد الهَمْدانِيّ، فلا أدْرِي كيف ذَكَرَ الحافِظُ أبو القَاسِم ذلك.

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 20: 153.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 153.

(3)

الإحالة من ابن عساكر.

ص: 457

‌سَرَايَا بن هِبَةِ الله بن الحَسَن بن أحْمَد بن الطَّاش - وقيل: سَرَايَا بن هِبَةِ اللّه بن الحَسَن بن إبْراهيم - أبو الغَنائِم الحَرَّانيّ

(1)

تَاجِرٌ مَشهُورٌ جَوَّال، دَخَلَ بلاد الشَّام ومِصْر واليَمَن والهِنْدَ وخُرَاسَان وجَالَ في البِلاد في تِجَارته، وسَكَن دِمْيَاط بأهْلِهِ، ودَخَلَ حَلَب في طَرِيْقهِ وتِرْدَاده في تِجَارته.

وكان رَاغِبًا في العِلْم وسَمَاع الحَدِيث، سَمِعَ ببَلْخ أبا شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ وعُثْمان بن أحْمَد بن الشَّرِيك، ومُحَمَّد بن عُمَر الأَشْهَبّي، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ، وبنَيْسَابُور أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن الفَضْل بن أحْمَد الفَرَاوِيّ، وببَغْدَاد أبا مُحَمَّد رِزْق اللّه بن عَبد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْمِيّ، وبدِمَشْق القَاضِي أبا طَالِب عليّ بن عبد الرَّحْمن بن عِيَاض الصُّوْرِيّ، وبدِمْيَاط الأَمِيرَ مُقَلَّد بن أبي الحَسَن بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ، وحَدَّثَ عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليِّ بن أبي طَالِب العَلَويّ.

رَوَى عنهُ الحافظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم السِّلَفِيّ، وسَمعَ منه بالإسْكَنْدَرِيَّة، وتاج الإسْلام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصور السَّمْعَانيّ، وكَتَبَ عنهُ بنَيْسَابُور.

قَرأتُ بخَطّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، وأخْبَرَنا بهِ إجَازةً عنه أَبو القَاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، وعبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، وغيرهم، قال: أخْبرَني أبو الغَنائِم سَرَايَا بن هِبَة اللّه بن الحَسَن بن الطَّاش الحَرَّانيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ بن أبي طَالِب العَلَويّ ببَلْخ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ الحافِظُ، قال:

(1)

ذَكره ابن رجب عرضًا في ذيل طبقات الحنابلة 1: 208.

ص: 458

أخْبَرَنا أبو صالِح العَنْبَر بن الطَّيِّب بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن العَنْبَر بن صالح بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن نغوان (a) العَنْبَريّ النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مَنْصُور الحاكمِ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن سَلَمَة بن عَبْد اللّه الحافِظُ، قال: حَدَّثَنا إسْحَاق بن إبْراهيم، ومُحَمَّد بن رَافِع، ومُحَمَّدُ بن يَحيى، قال إسْحَاق: أخْبَرَنا، وقال الآخران: حَدّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن سعيد بن المُسَيَّب، عن أبي هُرَيْرَة

(1)

، عن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ صَلَّى على جنَازة فله قِيْرَاط، ومَنْ انْتَظَرها حتَّى تُوضع في اللَّحْدِ فله قِيْرَاطانِ، والقِيْرَاطان مثل الجَبَلين العَظِيْمَين.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الغَنائِم سَرَايَا بن هِبَةِ اللّه بن الحَسَن الحَرَّانيّ إمْلاءً في مَسْجِد عَقِيل بنيْسَابُور، قال: أنْشَدَني الأَمِير مُقَلَّد بن أبي الحَسَن بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ لنَفْسِه بدِمْيَاط: [من البسيط]

لي حُرْمَة الضَّيْفِ والجَارِ القَدِيم ومَنْ

أتاكُمُ وكُهُولُ الحَيِّ أطْفَالُ

واللّهِ لولا قُيُودٌ في قَوَائِمِنا

منَ الجَمِيلِ وفي الأعْنَاقِ أغْلَالُ

لكانَ لي في بِلَادِ اللّه متَّسَعُ

ولِلمُلُوكِ لُبَاناتٌ وأشْغَالُ

قُلتُ: هذه الأبْيَاتُ لحَسَّان بن الحُبَاب، رَوَاها ابن الخَيَّاط عنه، وقد تقدَّمت في تَرْجَمَتِهِ

(2)

.

(a) مهملة الأول في الأصل، وفوقه "صـ"، والمثبت على الظنّ والتقريب.

_________

(1)

المصنّف لابن أبي شيبة 3: 12 (رقم 11613)، صحيح مسلم 2: 652 - 653، سنن النسائي 4: 76 (رقم 1994).

(2)

في الجزء الخامس من هذا الكتاب.

ص: 459

وقال أبو سَعْد: أنْشَدَني سَرَايَا بن هِبَة اللّه الحَرَّانيّ، من أهْل دِمْيَاط، إمْلاءً، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن بن الرَّءَّايين (a) بكَنْبَايتَ من أرْضِ الهِنْد: [من الطويل]

وما وَجْد أعْرَابيَّةٍ قَذَفَتْ بهِ

صُرُوف النَّوَى من حيثُ لَم تك ظنَّتِ

تمنَّت أحَاليبَ اللّقَاحِ وخَيْمَةً

بنَجْدٍ فلَم يُقْضَى لها ما تَمنَّتِ

إذا ذَكَرتْ ماءَ العُذَيْب وطِيْبَهُ

وبرد حَصَاها آخر اللَّيْل أنَّتِ

لها أنَّةٌ عندَ العشَاء وأَنَّة

سُحَيْرًا فلولا انَّتَيْهَا (b) لَجُنِتِ

قال السَّمْعَانيُّ: قال لي سَرَايَا بن هِبَة اللّه: فأجَزْتُها أنا بأبْيَاتٍ من عند نَفْسِي كما جاءت: [من الطويل]

كوَجْدِي إذا ما بتُّ أرْعْى نُجُومهَا

وأطْوِي الفَيَافِي حيثُ ما هِيَ حَلَّتِ

بنَفْسِي أفدِي مَن بها طَابَ مَجْلِسي

وغَابَ سُرُوري حِينَ ما هِيَ وَلَّتِ

فيا رَبّ يا رَحْمانُ تَجْمَعُ بَيْنَنا

وأبْلغْ مُنَايَ قَبْلَ أُدْخلُ حُفْرتي

وأشْكُو إليها ما لَقِيْتُ مِنَ الضَّنَا

ودَمْعِي على الخِدَّين يَجْري لغُرْبتي

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ السِّلَفِيّ: سَرَايَا هذا وُلد بحَرَّان سَنَة أرْبْعٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة في صَفَر، على ما ذَكَرَهُ لي، ودَخَلَ دِيَار مِصْر في تِجَارةٍ، ثُمَّ أقامَ بدِمْيَاط مُدَّةً، ودَخَلَ على الكِبَر خُرَاسَان، فسَمِعَ ببَلْخ عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيِّ، وعُثْمان بن أحْمَد بن الشَّرِيك، ومُحَمَّد بن عُمَر الأَشْهَبيّ، وغيرهم، وذَكَرَ لي أنَّهُ سَمعَ أبا مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ ببَغْدَاد وآخرين بدِمَشْق، وغيرها من البُلْدان، وكان حَرِيصًا على الحَدِيْثِ سَمَاعِهِ، نَفَعَهُ اللّهُ بذلك، وقد دَخَل الحِجَازَ واليَمَن وبلاد الهِنْد، قَدِمَ علينا الإسْكَنْدَرِيَّة سَنَة أرْبْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة في جُمَادَى الأُوْلَى.

(a) مهملة في الأصل، ويمكن أن تُقرأ: الرَّءَاس.

(b) فوقها في الأصل: "صـ".

ص: 460

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: سَرَايَا بن هِبَة اللّه بن الحَسَن بن إبْراهيم الحَرَّانيّ أبو الغَنائِم، شَيْخٌ صَالِحٌ من أهْلِ حَرَّان، سَكَنَ دِمْيَاط من أرض مِصْرَ، وهو مُتَودِّدٌ كَثِيْر الرَّغْبَةِ في الخَيْر وسَمَاع الحَدِيْث والعِلْم، وقال لي: سَمِعْتُ ببَغْدَاد من الشَّيْخ أبي مُحَمَّد رِزْق اللّه بن عَبدِ الوَهَّاب بن عَبْدِ العَزِيْز التَّمِيْمِيّ وسِنُّه كان يَحْتَمل ذلك ولكن ما وجَدْنا أصْل سَمَاعه، وسَمِعَ على كِبَر سِنّه، بقراءتي الكَثِيْر بنَيْسَابُور من مُحَمَّد بن الفَضْل بن أحْمَد الصَّاعِدِيّ، ثمّ رَأيتُه ببَغْدَاد في سَنَة أرْبعٍ وثَلَاثين، وسَمِعَ بقراءتي أيضًا بها، وآخر عَهْدِي به أنِّي رَأيتُه بدِمَشْق في سَنَة ستٍّ وثَلاثين عَازِمًا على الرُّجُوع إلى دِيَار مِصْر، وتَجْدِيد العَهْد بأوْلَاده، وكانُوا بدِمْيَاط، وسَمِعَ بقرِاءتي شَيْئًا عن القَاضِي أبي طَالِب عليّ بن عبد الرَّحْمن بن عِيَاض الصُّوْرِيّ بدِمشْق. وكُنْتُ قد علَّقْتُ عنه مُقَطَّعات من الشِّعْر بنَيْسَابُور.

‌سُرْخَاب بن الحَسَن بن الحُسَين - وقيل: سُرْخَاب بن أبي الغَرِيْب بن يَحْيَى بن الحَسَن - أبو الفَضْل الأُرْمَوِيُّ الشَّافِعيُّ

(1)

كان من أهْل أُرْمِيَة، وكان شَافِعيّ المَذْهَب، فَقِيهًا مُتكَلِّمًا مُفْتِيًا، صَحِبَ أبا سَعْد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن أبي عُصْرُون، وتَفَقَّهَ عليه، وتولَّى التَّدْرِيس بحَلَب بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة المُسْنَدة إلى بَني أبي عُصْرُون، وكان يَنُوب فيها عن القَاضِي نَجْم الدِّين عبد الرَّحْمن بن أبي سَعْد، وكان يَتَولَّى تَرْبية أوْلَاده، ويُعَلِّمهم الفِقْه، وكان مُحْتَرمًا بحَلَب عند المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُفَ بن أَيُّوب، إلى أنْ اتَّفَق منه أمْر تغيّر قَلْب السُّلْطان، فَخَرَجَ عن حَلَب في سَنَة خَمْسٍ وستِّمائة.

(1)

توفي سنة 607 هـ، وترجمته في: الأعلاق الخطيرة لابن شداد 1/ 1: 246 وأرخ وفاته سنة 609 هـ.

ص: 461

وسَمِعَ بحَلَب شَيْخنا أبا الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ، وكان لي بهِ اجْتِمَاعِ في المَحَافِل، ولا أعْلَمِ أنَّهُ حَدَّث بشيءٍ، ولَم يكُن له اعْتِناء بالحَدِيْث، وكان دمِثَ الأخْلَاق، حَسَنَ المُنَاظَرة والكَلَامِ، إلّا أنّهُ يُؤذي في المُنَاظَرة مَنْ يَتْكَلَّم معه كَثِيْرًا، وتُوفِّيَ رحمه الله بإرْبِل سَنَة سَبْعٍ وستِّمائة، وبَلَغَتنا وَفَاته فعُقِدَ له العزَاء بحَلَب، في المَدْرَسَة الّتي كان يُدَرِّس بها، وحَضَر عَزَاهُ الأئمَّةُ والقُضَاة وأعْيَان البَلد.

قرأت مِن خَطِّ أبي البَرَكَات المُبارَك بن أحْمَد بن المُسْتَوفِيّ، في تاريخ إرْبِل

(1)

، وأجَازهُ لنا، قال: الإمَام سُرخَاب المُدَرِّس، هو أبو الفَضْل سُرْخَاب بن أبي الغَرِيْب بن يَحْيَى بن الحَسَن الأُرْمَوِيّ من أُرْمِيَة، إمامٌ عالِمٌ فَقِيْهٌ على مَذْهَب الشَّافِعيّ، إنْ شَاءَ اللّهُ، أقَامَ بحَلَب مُدَّةً يُدَرِّس بها، وكان سَبَب خُرُوجه منها أنَّهُ كان بمَدْرَسَةٍ فيها بِرْكة ماءٍ فيها سَمَك، فغَسَل الفُقَهَاء يَوْمًا ثِيَابَهم، وألْقُوا ماءَ الصَّابُون في البِرْكة فماتَ السَّمَكُ، فأُخْبِر بذلك، فضَرَبَ الفُقَهَاءَ وأخْرَجَهم، فِبَلغَ ذلك المَلِك الظّاهِر غَازِي بن يُوسُف، فأخْرَجَهُ، ورُدَّ إرْبِل، ونَزَل وهو مرِيض بالمَدْرَسَة المُظَفَّريّة، ورَأيته بها، فلم ير الفُقَهَاءُ والمُدَرِّسُ بها مَقَامه بينهم، فنَقَلُوه إلى دار المَضِيْف (a)، وعادَهُ الفَقِيْر إلى رَحْمَة اللّه أبو سَعيد كَوْكَبُوري بن عليّ بن بُكْتِكِيْن، وأمَرَهُ أنْ يُوْصِي في مالِه، وأنْ يَتَصَدَّق بهِ، فقال: يكُون إنْ شَاءَ اللّهُ، ولَم يُوْصِ بشيءٍ وتُوفِّي، وخلَّفَ جُمْلَةً وخَلَّفَ كُتُبًا، ولَم يكُن له وَارِثٌ، غير أنَّهُ أَعْتَقَ جاريةً وغُلامًا، ووَصَلهُما من مالِه. وتُوفِّيَ في حَادِي عَشر جُمَادَى الآخرة من سَنَة سَبْعٍ وستِّمائة، بإرْبِل بدار الضَّيْف.

(a) كذا في الأصل، وترد بعده: دار الضيف.

_________

(1)

لم أقف عليه في المتبقي من كتابه تاريخ إربل.

ص: 462

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَرِيّ

‌السَّرِيّ بن أحْمَد بن السَّرِيّ، أبو الحَسَن الكِنْدِيُّ المَعْرُوف بالرَّفَّاء المَوْصِليِّ

(1)

شَاعِر مُجِيْد، حَسَنُ اللَّفْظ، حُلْو المَعَاني، قَدِمَ حلَبَ، ومَدَحَ بها الأَمِير سَيْف الدّوْلَة أبا الحَسَن عليّ بن عَبْد اللهِ بن حَمْدَان في سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وسَمِعَ منه بها شَيئًا من شِعْره أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس الخُوارَزْميِّ، وأبو الحَسَن الحَلَبِيّ، ورَويا عنه، ورَوَى عنهُ أيضًا أبو عليّ أحْمَدُ بن عليّ المَدَائِنِيّ المَعْرُوف بالهَائِم، والحُسَين بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الخالِع، وأبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، وأبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الصَّلْت المُجْبرُ، ونَصْر بن أحْمَد بن يَعْقُوب، وأبو إسْحَاقَ إبْراهيم بن هِلِّل الصَّابِئ، وابنه أبو عليّ المُحَسِّن بن إبْراهيم الصَّابِئ.

وجَمَعَ كِتَابًا سَمَّاهُ المُحِبُّ والمَحْبُوب والمَأكُول والمَشْرُوب

(2)

، وهو مَجْمُوعٌ حَسَنٌ.

وبَلَغَني أنَّهُ لمَّا قَدِمَ حلَبَ، قَاصِدًا سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان، وَقَفَ على بابهِ

(1)

توفي سنة 363 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 546، الثعالبي: يتيمة الدهر 2: 117 - 182، الثعالبي: برد الأكباد 40، 49، 58، تاريخ بغداد 10: 269 - 270، السمعاني: الأنساب 6: 144 - 145، ابن الجوزي: المنتظم 14: 218، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1343 - 1345، ابن الأثير: الكامل 7: 438، 8: 617، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 435 - 437، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 359 - 362، الذهبي: تاريخ الإسلام 8: 334 - 335، العبر في خبر مَن غبر 3: 136، سير أعلام النبلاء 16: 218، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 147 - 196، تاريخ ابن الوردي 1: 443، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 274، الوافي بالوفيات 15: 136 - 141، شذرات الذهب 4: 381، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 194 - 217، الزركلي: الأعلام 3: 81.

(2)

طبع في أربعة أجزاء عن مجمع اللغة العربية بدمشق، 1986 م، بتحقيق مصباح غلاونجي.

ص: 463

يَلْتَمس الوُصُول إليه، وعلى بابهِ جَمَاعَة من الشُّعرَاء، قد كَتَبُوا إليه رُقْعَةً، يَسْألونَهُ فيها أنْ يَسْمَع أشْعَارَهُم، فوَقَّع فيها: أنتُم غُثَاءً! فقال السَّرِيّ وأنْفَذَها إلى سَيْف الدَّوْلَة

(1)

:

هذا اليَقِيْنُ المَحْضُ لا التَّوَهُّمُ

هُمُ غُثَا احْوَى ولَسْتُ منهُمُ

وللقَوَافي مَجْهَلٌ ومَعلَمُ

وهُنَّ إمَّا صَارِمٌ أو لَهْذَمُ

تكَادُ تَجْري مِن حَوَاشيْهِ الدّمُ

وأنْتَ بالجُوْدِ لها مُسْتَلئمُ

إذْ كُلُّ مَن همت بهِ مُسْتَسْلِمُ

يا ابنَ أبي الهَيْجَاء أنْتَ العَلَمُ

أنَافَ حتَّى كلَّلَتهُ الأنْجُمُ

مِنَ الغَمَام الجوْدِ أنْتَ أكْرَمُ

وما الظُّبَى عَزْمُكَ منها أَصْرَمُ

الشِّعْرُ كالحَلْي وأنْتَ مِعْصَمُ

مِنهُ الجَنَى الحُلْوُ ومِنهُ العَلْقَمُ

لا يَسْتَوِي فَصِيْحُهُ والأعْجَمُ

يَوْمًا ولا دِيْنارُهُ والدِّرْهَمُ

فدَعَاهُ دُوْنَهُم وسَمِعَ منه.

أخْبرَني أبو الدُّرّ يَاقُوت بن عَبْدِ الله الحَمَوِيُّ، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عليّ المُحَسِّن بن إبْراهيم الصَّابِئ: سَمِعْتُ السَّرِيّ بن أحْمَد الشَّاعِر يقُولُ لوَالدِي أبي

(1)

لم أقف على الأبيات في ديوانه.

ص: 464

إسْحَاق ونحنُ على شُرْبٍ: أشْتَهيِ يا سَيِّدِي أنْ أَمْلِكَ ألفَ دِرْهَمٍ وأمُوتَ، فقال له: اعْمَلْ قَصِيدَةً طَوِيلَةً تَمْدَح بها الوَزِير، يعني أبا الفَضْل العبَّاس بن الحُسَين الشِّيْرَازيّ، فعَمِل قَصِدَةً طَوِيلَةً مِيْمِيَّةً، فأنْشَدَها وَالدِي الوَزِير، وقال له: هذا شَاعِرً يَشْتَهر شِعْرُه، ويَبْقَى على الأيَّام ذِكْرُه، وله فيك آمَالٌ، وخَاطَبَهُ ونازَلَهُ إلى أنْ أَطْلقَ له ثلاثة آلاف دِرْهَم قِيْمتها مائتا دِيْنار، فقَبَضْتُها أنا، وكان السَّرِيُّ نَازلًا عليَّ وسَاكِنًا معي في دَارِي، ولم أُعْلِمه بحصُولها، فلمَّا اجْتَمَعْنا على الشُّرْب رَسَم لي وَالدِي إحْضَار الكِيْس فأحْضَرُته، فلمَّا رَآه كادَ يَمُوتُ فَرحًا، ولَم يَنَمْ تلك اللَّيْلة سُرُورًا، فلمَّا أصْبَح، أخَذَ الدَّرَاهِم ومَضَى.

وغابَ أيَّامًا ثمّ جاءني، وعليه ثِيَاب جُدَد فَاخِرة، من جُمْلتها عِمَامَةٌ طُوْلُها نحو مائهَ ذِرَاع، ودُرّاعَةً وَاسِعَةُ الأكْمَام، تَنْجَرُّ في الأرْض، وخَلْفَهُ غُلَام أمْرَدُ بثِيَابٍ مثل ثِيَابهِ، فضَحِكْنا ضَحكًا خَرَجْنا فيه عن الحَدِّ، وتُوفِّيَ بعد ذلك بأيَّامٍ يَسِيْرة.

وفي شِدَّة فَاقَة السَّرِيّ وفَقْره قال ما أخْبَرَنا به أبو هاشِم عَبْد المُطّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مَحَمَّد بن مَنْصُور السّمْعَانيِّ، ح.

وأخْبَرناهُ أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد كتابةً، قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُبَيْد الله العُكْبَراوي إجَازةً، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل عَبْدُ الكَريم بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر بن سَنْبك الشَّافِعيّ الفَقِيه الأَزَجِيِّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الصَّلْت المُجْبِر، قال: أنْشَدَنا السّرِيّ الرّفَّاء لنَفْسِه

(1)

:

يَكْفِيكَ من جُمْلَةِ (a) أخْبَاري

يُسْرِي في الحُبِّ وإعْسَارِي (b)

(a) الديوان: يُنبيك عن صحة.

(b) الديوان: عُسري من العشق وإيساري.

_________

(1)

ديوان السري الرفاء 235، ويتيمة الدهر 2: 117، ومعجم الأدباء 3: 1343، والوافي بالوفيات 15: 140، وتاريخ ابن الوردي 1:443.

ص: 465

وكانت الإبْرَةُ فيما مَضَى

تَصُون (a) وَجْهِي ثُمَّ أشْعَاري

فأصْبَح الرِّزْقُ بها ضَيِّقًا

كأنَّهُ من ثُقْبها جَارِي

نَقَلْتُ من كتاب المُفَاوَضَة، تأليفُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر بخَطِّه، وأخْبَرَنا بهِ إجَازَةً أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ وغيره، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْوِيّ، قال: قَرأ علينا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِبُ، قال: حَدَّثني أبو القَاسِمِ الرَّقِّيّ المُنَجِّم، قال: كان السَّرِيّ بني بن أحْمَد الرَّفَّاء يَوْمًا جالِسًا معنا، في دِهْلِيْز سيْفِ الدّوْلَة، فوُصِفَ له دَعْوةً كان فيها، فقال: وكان فيها هِرِيسْة، بكَسْر الهَاءِ، ثُمَّ أنْشَدَنا قَصِيدَة له أوَّلُها

(1)

:

أأُقْحوانًا أرَتْهُ أَمْ بَرَدًا

غَيْدَاءُ يَهْتَزُّ عِطْفُهَا غَيَدَا

حتَّى قال فيها:

لو وَجَدَتْ للفِرَاقِ ما وَجَدَا

لافتقَدَتْ نَوْمَها كما افْتَقَدا

ثُمَّ خَرَجَ الآذِنُ، فدَخَلنا إلى سَيْف الدَّوْلَة، وتَفاوَضْنا الحَدِيْث، وأنْشَدَهُ الشِّعْرَ السَّرِيُّ، فاسْتَطابَهُ واسْتَحْسَنَهُ، قال: فحلَفَ بعضُ الحاضِريْن - قال: وأظُنُّه الفُصَيْصِيَّ - أنَّ سَرِيًّا السَّاعَة كان يُحَدِّثُنا حَدِيثَ دَعْوَة فقال: وكان فيها هِرِيسْة - بكَسْر الهَاءِ - فقال سَيْفُ الدَّوْلَة: وَيْلكَ، مَنْ يَقُول هِرِيْسة يقُول مثل هذا الشِّعْرِ!؟

وفي هذه الأبْيَات

(2)

: [من المنسرح]

لا تَلْحُ صَبًّا على صَبَابِتِهِ

إذ وَجَدَ الغَيَّ في الهَوَى رَشَدَا

(a) الديوان ومعجم الأدباء والوافي: صائنة.

_________

(1)

انظر القصيدة بتمامها في ديوان السري الرفاء 148.

(2)

ديوان السري الرفاء 148 - 149.

ص: 466

فلَم تَزَلْ للفِرَاقِ عَادَتُهُ (a)

تكَدِّرُ (b) المَوْردَ الّذي وَرَدَا

سِرْنا بآمَالنا إلى مَلِكٍ

يُسَرّ بالآملِ الّذي وَفَدَا

مُسْتَيقظ الرَّأي والعَزِيْمَة ما اسْـ

ــتَيْقَظَ طَرْفُ الزَّمانِ أو رَقَدَا

قال أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر وأنْشَدَني له في الكَانُون، ووَجَدْتُ القَصِيدَةَ في سَلامَة بن فَهْدٍ

(1)

:

وأزْهَرَ وَضَّاحٍ يَرُوقُ عُيُونَنا

إذا ما رَمَيْنَاهُ بلَحْظِ النَّوَاظِرِ

له أرْبعٌ تأبَى السُّرَى غيرَ أَنَّها

تُصَافِحُ وَجْهَ الأرْضِ مثلَ الحَوَافِرِ

تُقِلُّ جسُوْمًا بَعْضُها في مُوَرَّدٍ

وسَائرهُا في مثْل صِبْغِ الدَّيَاجِرِ

تُوَاصِلُهُ أيَّامَ للقُرِّ صَوْلَةٌ

وتَهْجرُهُ (c) أيَّامَ لَفْح الهَوَاجِر

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي بَكْر المَرْوَزيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر يَحْيَى بن عبد الرَّحيم المُقْرِئ، وأبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين القُطْنِيّ، وأبو سَعْد عَبْدُ الله بن أسْعَد بن حَيَّان النَّسَائي بنَيْسَابُور، وأبو صالح عَبْدُ المَلِك بن عَبْد الوَاحِدِ بن القُشَيْريّ بالطَّابَرَان في النَّوْبَة الخَامِسَةِ، قالُوا: أنْشَدَنا إسْمَاعِيْلُ بن زَاهِر النُّوقانِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيّ، قال: أنْشَدَنا نَصْرُ بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أنْشَدَني السَّرِيّ بن أحْمَد المَوْصِلِيّ لنَفْسِه

(2)

:

شَبَابُ المَرْءِ ثَوْبٌ مُسْتَعارُ

وأيَّام الصِّبِي أبَدًا قِصَارُ

طَوَى الدَّهْرُ الجَدِيدَ من التَّصَابي

فلَيْسَ لِمَا طَوَى الدَّهْر انْتِشَارُ

(a) الديوان: غائلته.

(b) الديوان: تلذ في.

(c) الديوان: نواصله .... ونهجره.

_________

(1)

انظر ديوان السري الرفاء 240.

(2)

ديوان السري الرفاء 217.

ص: 467

أخْبرَني يَاقُوت بن عَبْد الله الأدِيْب مَوْلَى الحَمَوِيّ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عليّ المُحَسِّن بن إبْراهيم الصَّابِئ، قال: أنْشَدَني وَالدِي أبو إسْحَاق، قال: أَنْشَدتُ السَّرِيّ الرَّفَّاء لبَعْضِهم

(1)

:

أبُوكَ الّذي لمَّا أتَى مَرْجَ رَاهِطٍ

ولَد أَلَّبُوا للشَّرِّ فيمَنْ تَألَّبَا

تَشَنَّا إلى الأعْدَاءِ (a) حتَّى إذا انْتَهوا

إلى أمْرِهِ طَوْعًا وكَرْهًا تحَبَّبَا

فلمَّا كان بعد أيَّامٍ أنْشَدَني قَصِيدَةً يَمْدَحُني بها، يقُول فيها

(2)

:

تَشَنَّا إليَّ الدَّهْرُ قَبْل لقائهِ

فمَّا تَنَافَرْنا إليه تَحَبَّبَا

وتَبَسَّم عند إنْشَادِه هذا البَيْتَ.

قال لي يَاقُوت: ونَقَلْتُ من خَطِّ المُحَسِّن بن إبْراهِم الصَّابِئ: حَدَّثَني السَّرِيُّ بنُ أحْمَد، قال: مَدَحْتُ في الحَدَاثَةِ رَجُلًا، فدَفَعَ إليَّ شَيئًا قَليلًا، وأنْشَدَني بَدِيْهًا

(3)

:

أَسَرِيُّ شِعْرُكَ بَارِدُ

يُوْفي على بَرْدِ الدَّمَقْ

فإذا حُبِيْتَ فلا تُمَا

كِسْ خُذْ ولو ثَمَنَ الوَرَقْ

قَرأتُ بخَطِّ مُظَفَّر الفَارِقيّ، في كتاب مُحَمَّد بن إسْحَاق النَّدِيْم، الّذي وَسَمَهُ بالفِهْرِسْت

(4)

، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّهِ، قال: السَّرِيُّ بن أحْمَد الكِنْدِيّ، من أهْلِ المَوْصِل (b)، كَثِيْرُ السّرِقَة، عَذْبُ الألْفَاظِ، مَلِيْحُ المآخِذ، كَثِيرُ الافْتِنَانِ (c) في التَّشْبِيْهَاتِ والأوْصَافِ، طَالِبٌ لها. ولَم يكُن له رُوَاءٌ ولا مَنْظَرٌ، لا يُحْسِنُ من

(a) ديوان كثير عزة: تشنأ للأعداء.

(b) بعده في كتاب الفهرست: شاعر مطبوع.

(c) ق: الافتتان.

_________

(1)

البيتان لكثير عزة، انظر ديوانه 267.

(2)

لم يرد في ديوانه.

(3)

لم أجده في ديوانه.

(4)

النديم: الفهرست 1/ 2: 546.

ص: 468

العُلُوم غير قَوْل الشِّعْر، وقد عَمِل هو شِعْر نَفْسه (a) قَبْل مَوْتهِ نحو ثلاثمائة وَرَقَة، ثُمّ زَادَ بعد ذلك، وقد عَمِلَهُ بعض المُحْدَثِين (b) على الحُرُوف.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: قَرَأ علينا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن الحَلَبِيِّ، وكان شَيْخًا يَعْرف أخْبَارَ سَيْف الدَّوْلَة، قال: كُنَّا مُجْتَمعين يَوْمًا في دهْلِيز سَيْف الدَّوْلَة، وجَمَاعَة من الشُّعَراء والشُّيُوخ المُتَقدِّمين، كأبي العبَّاسِ النَّاميِّ، وأبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ، ومن النَّشْءِ اللَّاحِقيْن كأبي الفَرَج البَبَّغَاء، والخَالِديَّيْن، والسَّرِيّ، فتَذَاكَرُوا الشِّعْر، وأُنْشِدَتْ قَصِيدَةُ المُتَنَبِّي الّتي أوَّلها

(1)

:

فاسْتَحْسَن الجَمَاعَةُ قَوْله في إعْظَام الرَّبْع: [من الطويل]

نَزَلْنا عن الأكْوَارِ نَمْشِي كَرَامَةً

لمَنْ بانَ عنْهُ أَنْ نُلِمَّ بهِ رَكْبَا

فقال السَّرِيُّ: لولا أنَّكُم إذا سَمِعْمُ ما قلْمُهُ بعدَ هذا، ادَّعَيْتُم أنَّني سَرَقْتُهُ منه لأَمْسَكْتُ، وأنْشَد قَصِدَةً لَامِيَّةً قال فيها

(2)

: [من الكامل]

نَحْفَى ونَنْزِلُ وهو أعْظَمُ حُرْمَةً

من أنْ يُذَالَ برَاكبٍ أو نَاعِلِ

فحَكَم الجَمَاعَةُ له بالزِّيادَةِ في قَوْله: نَخْفَى ونَنْزِلُ.

قَرَأتُ في كتاب لَوَامِع الأُمُور، تأليف أبي إسْحَاق إبْرهيمِ بن حَبِيْب السَّقَطِيِّ

(3)

، صَاحِب كتاب الرَّدِيْف، قال في حَوَادِث سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين وثلاثمائة: وفيها مات السَّرِيِّ بن أحْمَد الرَّفَّاءُ الكِنْدِيُّ، من أهْلِ المَوْصِل الشَّاعر،

(a) النديم: عمل شعره. وقوله: "قبل موته" جاء مكررًا في الأصل.

(b) النديم: المحدثين الأدباء.

_________

(1)

ديوان المتنبي بشرح العكبري 1: 56، وعجز البيت: فإنَّك كنت الشرق للشّمس والغربا

(2)

ديوان السري الرفاء 348، والوافي 15:141.

(3)

كتاب مفقود، تقدم التعريف به في الجزء الثاني من الكتاب.

ص: 469

جَيِّد الشِّعْر، جَيِّد المَعَاني، له ديْبَاجةُ تُسْتَحْلى، فَصِيحٌ مَطْبُوعٌ، ذو أوْصَافٍ أعْجَزَتْ غيره من أهْل عَصْره أَنْ يأتي بمثْلها، وكان رَائِقَ الشِّعْر حَسَنَهُ، كَثِيْر التَّقَلُّب في بَدِيع التَّشْبِيْهَات والمَعَاني.

وهذا وَهْمٌ في وَفَالَه، فإنَّهُ قَدِمَ على سَيْفِ الدَّوْلة في سَنَهَ خَمْس وأرْبَعين وثَلاثِمائة، وَجَدْتُه كذلك في نُسْخَةٍ قَدِيْمَةٍ من دِيْوان شِعْره، وبَقِى مُدَّةً في باب سَيْف الدَّوْلَة، وخَرَجَ بعد ذلك إلى بَغْدَاد، ومَدح بعد ذلك الوَزِبر المُهَلَّبي، وتُوفِّيَ في أيَّام الوَزِير أبي الفَضْل العبَّاس بن الحُسَين الشِّيرازيّ، والصَّحيح في وفاته أنَّهُ تُوفِّي سَنَهَ اثْنَتيْن وسِتِّين وثَلاثِمائة، كَذَا وَقَعَ إليَّ في بَعْض تَعْلِيمَاتي.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد، فيما أَذِنَ لى في رِوَايِتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن الحَسَن بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ الخَطِيبُ

(1)

، قال: السَّرِيُّ بنُ أحْمَد بن السَّرِيّ، أبو الحَسَن الكِنْدِيّ الرَّفَّاء المَوْصِليُّ، شَاعِرٌ مُجَوِّدٌ، حَسَنُ المَعَاني، وله مَدَائِح في سَيْفِ الدَّوْلَة وغيره من أُمَرَاءِ بني حَمْدَان، وكان بينَهُ وبين أبي بَكْر وأبي عُثْمان مُحَمَّد وسَعِيْد ابْني هاشِمٍ الخَالِديَّين حالةٌ غيرِ جَمِيلةٍ، ولبَعْضِهم في بعضٍ أهَاجِي كَثِيْرة، فآذَاهُ الخَالِديّان أذى شَدِيْدًا، وقَطَعا رَسْمَهُ من سَيْفِ الدَّولَةِ وغيره، فانْحَدَر إلى بَغْدَاد، ومَدَحَ بها الوَزِيرَ أبا مُحَمَّد المُهَلَّبي، فانْحَدَر الخَالِديان وراءَهُ، ودَخَلَا إلى المُهَلَّبي وثَلَبَا سَرِيًّا عندَهُ، فلم يَحْظَ منه بطَائِلٍ، وحَصَلا في جُمْلةِ المُهَلَّبي يُنَادِمَانه، وجَعَلا هِجِّيْرَاهمُا ثَلْبَ سرِيٍّ، والوَقِيْعَةَ فيه، ودَخَلَا إلى الرُّؤَسَاءِ والأكَابِر ببَغْدَاد، ففَعَلا به مثْل ذلك عندَهُم. وأقام ببَغْدَاد يتَظَلَّم منهما ويَهْجُوهُما، ويُقال: إنَّهُ عَدمُ القُوْت فَضْلًا عن غيره، ودُفعَ إلى الوَرَاقَة، فَجَلسَ يُوَرِّق شِعْرهُ ويَبِيْعَه، ثمّ نَسَخ لغيره بالأُجْرَهَ، ورَكِبَهُ الدَّيْنُ، وماتَ ببَغْدَاد على تلك الحالِ بُعَيْد سَنَة ستِّين وثَلاثِمائة.

(1)

تاريخ بغداد 10: 269 - 370.

ص: 470

وكان الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَالعُ يَزْعُمُ أنَّهُ سَمِعَ منه دِيْوانَ شِعْره، وقد رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن عليّ المَعْرُوف بالهَائِم وغيره.

‌السَّرِيُّ بن إسْحَاق الحلبِيُّ

رَوَى عن أبي مالك النَّخَعيِّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائِطيِّ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ بن الخَضِر قِراءَةً عليهِ منِّي بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ المُبارَكُ بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد القَزَّازُ، وشُهْدَة بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الإِبرِيِّ ببَغْدَاد، ح.

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعيْش بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْلِ عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قالُوا: أخْبَرَنا الحاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ العَلَّافُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن إبْراهيم بن عليّ الكِنْديِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سَهْل الخَرَائِطِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَني السَّرِيُّ بن إسْحَاق الحَلَبيُّ، قال: حَدَّثَني أبو مالك النَّخَعيِّ، عن الأصْمَعي، قال: اجْتَمَع مَشْيَخَة الحَيّ إلى المُلَوَّحِ أبي قَيْس المجنُون، فقالوا له: لو حَجَجْتَ بولدكَ فلاذَ بالبيت، لعَلَّ الله أنْ يشفِيهُ ممَّا بهِ، ففَعَل بهِ ذلك، قال: فبيَنا هو بِمِنىً، إذ سَمِعَ صَائحًا من تلك الخِيَام: يا لَيْلَى، فأنْشَأَ يَقول

(2)

: [من الطويل]

وَدَاعٍ دَعَا إذْ نَحْنُ بالخَيْفِ مِن مِنَىً

فهيَّجَ أحْزَانَ الفُؤَادِ وما يَدْرِي

دَعَا باسْم لَيْلَى غَيْرَها فكأنَّما

أطَار بقَلْبي (a) طَائِرًا كان في صَدْري

(a) الخرائطي: لطار بليلي، وفي الديوان: أطار بليلى.

_________

(1)

الخرائطي: اعتلال القلوب 399 - 400.

(2)

ديوان قيس بن الملوح 122.

ص: 471

ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً، فغُشِي عليهِ، فَجَعَل أبُوه يَرُشُّ على وَجْهِهِ الماءَ حتَّى أفاقَ من غَشْيتِهِ، فأنْشَأَ يَقُول

(1)

: [من الطويل]

دَعَا المُحْرِمُونِ اللهَ يَستغفِرُونَهُ

بمَكَّة شُعْثًا أنْ تُمحَّى ذنُوبها

ونَادِيْتُ يا ربَاهُ أوَّل سَاءلتي (a)

لنَفْسِي لَيْلَى ثمّ أنْتَ حَسِيبُها

فإنْ أُعْطَ لَيْلَى في حَيَاتي لَم يَتُبْ

إلى اللهِ عَبْدٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُها

‌السَّرِيّ بن عَاصِم، أبو سَهلٍ الطَّرَسُوسِيّ الهَمْدانِيّ

(2)

حَدَّثَ عن حَفْص بن غِيَاثٍ، وحَرَميّ بن عُمَارَة، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ أبو مُحَمَّد نَاعِم بن السَّرِيّ الطَّرَسُوسِيِّ، وإسْحَاق بن عَبْدِ الله الكُوْفيّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ البر بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن البرمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْلُ بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَة بن يوسُفَ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن عَبْدِ اللهِ الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا حَرَميّ بن عُمَارَة، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن قَتَادَةَ، عن أنَسٍ

(4)

، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ كذَبَ عليَّ مُتَعمِّدًا فليَتبَوأ مَقْعَدَهُ من النَّارِ.

قال ابنُ عَدِيٍّ

(5)

: وحدَّثناهُ عن حَرَميٍّ جَمَاعَةُ من الثِّقَات: القَوَارِيريِّ،

(a) الخرائطي: منيتي، الديوان: سؤلتي.

_________

(1)

ديوان قيس بن الملوح 41.

(2)

توفي سنة 358 هـ، وترجمته في: الكامل في الضعفاء لابن عدي 3: 1298، تاريخ بغداد 10: 467 - 468، تاريخ الإسلام 6:88.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1298.

(4)

مسند أحمد 21: 392 (رقم 13970)، مسند أبي يعلى 5: 288 (رقم 2909)، معجم الطبراني الأوسط 2: 554 - 555 (رقم 1951)، الموضوعات لابن الجوزي 1:77.

(5)

ابن عدي: الكامل 3: 1298.

ص: 472

وأبو قُدَامَة السَّرْخَسيِّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن العَنْبَرِيّ، وأحمد بن صالِح المِصْريِّ، وسرَقَهُ منهم السَّرِيّ بن عَاصِم، مع جَمَاعَةٍ ضُعَفَاء مثْله، وللسَّرِيّ غير حَدِيثٍ سرَقَهُ من (a) الثِّقَاتِ، وحدَّث بهِ عن مَشَايخِهم.

وقال

(1)

: السَّرِيُّ بن عَاصِم، يُكْنَى أبا سهلٍ يَسْرقُ الحَدِيْثَ.

‌السَّرِيُّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيُّ، أبو الحَسَن البَغْدَاديُّ الصُّوْفيُّ

(2)

كان أحَد الأوْلِيَاء المَشْهُورين بالعِبَادَة، العرُوفين بالوَرَع والزَّهَادَة، وكان أُسْتَاذ الجُنَيْد وخَالَهُ.

صَحِبَ مَعْرُوفًا الكَرْخِيّ، ورَوَى عنهُ، وعن هُشَيْم بن بَشِير، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومَرْوَان بن مُعاوِيَة، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، ويَحْيى بن اليَمَان، ويَزِيْد بن هَارُون، ومُحَمَّد بن مَعْن الغِفَارِيّ، وعليّ بن غُرَاب، وأبي أُسامَة حَمَّاد بن أُسامَة، ومُحَمَّد بن فُضَيْل الضَّبِّيُّ، وأحمدُ بن أبي الحَوَارِيّ، وحُبي (b) الجُرْجَانِيّ.

(a) ابن عدي: عن.

(b) في تاريخ بغداد 10: 264: حسين الجرجاني.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 3: 1298.

(2)

توفي سنة 251 هـ، وقيل: 253 هـ، و 257 هـ، وترجمته في، الثقات لابن حبان 8: 301، حلية الأولياء 10: 116 - 127، طبقات الصوفية للسلمي 48 - 55، تاريخ بغداد 10: 260 - 267، تاريخ ابن عساكر 20: 165 - 199، ابن الجوزي: المنتظم 12: 66 - 68، (أرخ وفاته سنة 253 هـ)، صفة الصفوة 2: 371 - 386، ابن الأثير: الكامل 7: 166، 522، 8: 62 (أرخ وفاته سنة 251 هـ)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 306 - 323، وفيات الأعيان 2: 357 - 359، ابن الساعي: القابر المشهورة 16، الذهبي: الإعلام بوفيات الأعلام 113 (وفاته 253 هـ)، تاريخ الإسلام 6: 88 - 89، العبر في خبر مَن غير 1: 363 (أرخ وفاته سنة 253 هـ)، سير أعلام النبلاء 12: 185 - 187، الوافي بالوفيات 15: 135 - 136، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 8: 75 - 79، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 13 - 14، لسان الميزان 3: 13 - 14، ابن الملقن: طبقات الأولياء 160 - 165، النجوم الزاهرة 2: 339 - 340، شذرات الذهب 3: 240، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 73 - 81، الزركلي: الأعلام 3: 82.

ص: 473

رَوَى عَنْهُ ابنُ أُخْته الجُنَيْد بن مُحَمَّد، وابنُه إبْراهيم بن السَّرِيّ، وأبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد النُّوْرِيّ، وأبو الفَضْل العبَّاسُ بنُ أحْمَد المُذكِّر، وأبو العبَّاسِ بن مَسْرُوق الطُّوْسيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن خَالِد بن يَزِيد الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن ثَوْر الصُّوْفيِّ، ومُحَمَّد بن الفَضل بن جَابِر السَّقَطِيِّ، وسَعِيْد بن عُثْمان الحنَّاط، وإِبْراهيم بن عَبْد الله بن أيُّوبَ المُخَرِّمِيِّ، وأحمد بن عليّ بن خَلَف، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله البَغْدَاديّ تِلْمِيْذ بِشْرٍ الحافِي، والعبَّاس بن يُوسُف الشَّكْليِّ، والحَسَن بن عليّ بن شهرَيَار، وأحْمَد بن إسْحَاق، وأبو عُثْمان سَعيدُ بن عَبْدِ العَزِيْز، وعليّ بن عَبْد الحَميْد الغَضَائِريّ الحَلَبيَّان، وأحمد بن إبْراهيم بن عَنْبَر، وعليّ بنُ الحُسَين بن حَرْب القَاضِي، وأبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْد اللهِ الأُشْنانيِّ.

وأقام بطَرَسُوس، وغَزَا الرُّوم غَزَوات مُتَعدِّدة، وجَالَ في الثُّغُور والعَوَاصِم.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجد الأقْصَى قرَاءةً منِّي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحمد السِّلَفِيّ الأصْبَهَانيِّ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن زَكَريَّاء الطُّرَيْثِيثِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن حَفْصٍ المَالِيْنيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن خَلَف بن مُحَمَّد بن جَيَّان (a) الفَقِيهُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم بن ثَابِت، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، عن مِسْعَر، عن إبْراهيم السَّكْسَكيِّ، عن عَبْدِ الله بن أبي أوْفَى

(1)

، قال: رأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

(a) مهملة في الأصل، وقيده في ق، وكتاب الموضوعات لابن الجوزي 1: 323: حيان، وهو بالجيم على اسم المدينة. انظر ترجمه في تاريخ بغداد 3: 130، سير أعلام النبلاء 6: 359، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 2: 88.

_________

(1)

تاريخ بغداد للخطيب 3: 458، الموضوعات لابن الجوزي 1:323.

ص: 474

مُتَّكئًا على عليّ (a)، فإذا أبو بَكْر وعُمَرُ (b) قد أقْبَلَا، فقال: يا أبا الحَسَن (c) حِبَّهُما فبحُبِّهما تَدْخُلُ الجنَّة (d).

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ في كِتَابهِ إليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور الحُرْضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبَو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكِّي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلميِّ

(1)

، قال: سرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيُّ، كُنْيَتُهُ أبو الحَسَن، يُقال إنَّهُ كان خَال الجنيد وأُسْتَاذه، صَحِبَ مَعْرُوفًا (e) الكَرْخيِّ ويُسَمِّيه الأُسْتَاذ (f)، أوَّل مَنْ أظْهَر ببَغْدَاد لسَان التَّوْحيد، وتكلَّم في عُلُوم الحَقَائق، وهو إمَامُ البَغْدَاديِّين في الإشَارَاتِ، وله حِكَايَاتٌ تَكثر، يسْتَغنى بْشُهرته عن ذِكْره والإطْنَاب فيه، وكان يَلْزم بَيتَهُ ولا يَخْرُج منه؛ لا يَرَاهُ إلَّا مَن يَقْصِدُه إلى بَيْتِه، انْقَطَعَ عن النَّاس وعن أسْبَابهم، أسْنَدَ الحَدِث (g).

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد (h) بن طَبرزَد، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: السَّرِيِّ بن المُغَلِّس، أبو الحَسَن السَّقَطِيُّ، كان من المَشَايخ المَذْكُورينَ، وأحَد العُبَّادِ المجتَهدين، صَحِبَ مَعْرُوفًا الكَرْخِيِّ، وحَدَّثَ عن هُشَيْم بن بشِير، وأبي بَكْر بن عَيَّاشٍ، وعليّ بن غُرَاب، ويَحْيَى بن يَمَان، ويَزِيد بن هَارون، وغيرِهم.

(a) ق: رضي الله عنه.

(b) ق: رضي الله عنهما.

(c) ق: أبا الحسين.

(d) بعده في الأصل بياض يستغرق أربعة أسطر من هذه الصفحة، وأربعة أسطر من التي تليها.

(e) الأصل، ق: معروف.

(f) قوله: "ويسميه الأستاذ" ليس في نشرة كتاب السلمي.

(g) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر من الصفحة، وستة أسطر من التي تليها.

(h) ساقطة من ق.

_________

(1)

طبقات الصوفية 48، وفيه بعض اختلاف.

(2)

تاريخ بغداد 10: 260.

ص: 475

رَوَى عنهُ أبو العبَّاس بن مَسْرُوق الطُّوْسيِّ، والجنيْد بن مُحَمَّد، وأبو الحُسَين النُّوْرِيّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن جَابِر السَّقَطِيّ، وإبْراهيم بن عَبْد الله بن أيُّوبَ المُخَرِّميِّ، والعبَّاس بن يُوسُف الشَّكْليِّ، في آخرين.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة قراءةً منِّي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا الحُرَّةُ زَيْنَبُ بنتُ عبْد الرَّحْمن بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح عَبد الوَهَّاب بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب إسْمَاعِيْل بن عُثْمان القَارِئُ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَة الرَّحمن بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الكَريم بن هَوَازن القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الكَريمِ بن هَوَازن القُشَيْريّ

(1)

، قال: ومنهم - يعني من مَشَايخ الصُّوْفيَّة - أبو الحَسَن سِريِّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيِّ، خَال الجنُيْد وأُسْتَاذُهُ، وكان تِلْمِيْذ مَعْروفٍ الكَرْخيِّ، وكان أَوْحَد (a) أهل زمَانه في الوَرَع والأحوال السَّنِيَّة (b) وعُلُوم التَّوْحِيد.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن المُؤيَّدُ بن عليّ الطُّوْسيّ في كتَابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَة الرَّحمن بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الكَريم القُشَيْريِّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح أحْمَدُ بن عَبْد المَلِك المُؤذِّن، قال: ومنهم - يعني من مَشَايِخ الصُّوْفيَّة من القرن الأوَّل، والطَّبَقة العُلْيا - سَرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطيِّ، إمام البَغْدَاديِّيْن، أبو الحَسَن، صَحِبَ مَعْرُوفًا الكَرْخيِّ، وكان خَال الجنُيْد وأُسْتَاذَهُ، وهو أوَّلُ مَنْ تكلَّم ببَغْدَاد على لسَانِ التَّوْحِيدِ، ماتَ سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومائتين، وقيل: ثَلاثٍ وخَمسِين.

(a) الرسالة القشيرية: وحيد.

(b) الرسالة القشيرية: وأحوال السنة.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 278.

ص: 476

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: السَّرِيّ بن المُغَلِّس، أبو الحَسَن السَّقَطِيّ البَغْدَاديّ الصُّوْفيّ، أحَدُ الزُّهَّاد الأتْقِياء العُبَّاد. قَدِمَ دِمشْق، وحَدَّثَ عن مَرْوَان بن مُعاوِيَة، ويَحْيَى بن اليَمَان، ومُحَمَّد بن مَعْن الغفَارِيّ، ويَزيْد بن هَارُون، وسُفْيان بن عُيينَة، وهُشَيْم، ومُحَمَّد بن فُضَيْل الضَّبِّيّ، وأبي أُسامَة حَمَّاد بن أُسامَة الكُوْفيّ.

حكَى عنه ابنُهُ إبْراهيم بن السَّرِيّ، وأبو الفَضْل العبَّاسُ بن أحْمَد القُرَشِي المُذَكِّر، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن خَالِد بن يَزِيد الرَّازِيّ، والجنُيْد بن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بن ثَوْر الصُّوْفيّ، وسَعِيْد بن عُثْمان الحَنَّاط، وأحمد بن إسْحَاق، ومُحَمَّد بن الفَضْل بن جَابِر السَّقَطِيّ، والعبَّاس بن يُوسُف الشَّكْلِي، وأحمد بن عليّ بن خَلَف، والحَسَن بن على بن شَهْرَيَار، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله البَغْدَاديّ، تِلْميذ بشر الحافِي.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل قرَاءةً منِّي عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن أبي صَادِق، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن بَاكُوِي، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس مُحَمَّد بن الحَسَن الخَشَّابِ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر الخُلْدِيّ، قال: حَدَّثَني ابنُ مذَار الضَّرَّاب، قال: قال سَرِيٌّ: اعْتَلْلتُ بطَرَسُوس علَّة قيامٍ، فعَادَني نَاسٌ من الفُقَرَاءِ (a)، فجلَسُوا وأطَالُوا الجُلُوسَ، فقُلْتُ لهم: ابسطُوا أيْديكم حتَّى نَدْعُو، فبَسَطوا وبسَطْتُ، فقُلتُ: اللَّهُمَّ عَلِمْنا كيفَ نعُودُ المَرْضَى، ومَسَحْتُ يَدي على وَجْهي، فعَلُموا أنَّهُم قد أطالُوا الجُلُوسَ، فقامُوا وانْصَرَفُوا.

(a) ق: القُرَّاء.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 165 - 166.

ص: 477

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف خَلِيل، قال: أخْبَرَنا [

] (a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحَسَن البزَار (b) يَقُول: سَألتُ أبا عَبْد الله أحْمَد بن حَنْبَلِ عن السَّرِيِّ بعدَ قُدُومهِ من الثَّغْرِ، فقال أبو عَبْد الله: أليسَ الشَّيْخ الّذي يُعْرفُ بطِيْب الغذَاء؟ قُلتُ: بَلَى، قال: هو على سُتْره (c) عندنا قبل أنْ يَخْرُج، وقد كان السَّرِيّ يكُثِر من ذِكْر طِيْب الغذَاءِ (d)، وتصْفِيَة القُوْت، وشِدَّة الوَرَع، حتَّى انْتَشَر ذلك عنه، وبَلَغَ ذلك أحْمَد بن حَنْبَل، فقال: الشَّيْخ الّذي يُعْرَفُ بطِيْب الغذَاء.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا سَلامَةُ بن عُمَر النَّصِيْبي، قال: أخْبرنا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حدّثنا العبَّاسُ بن يُوسُف مَوْلَى بني هَاشِم، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن عُثْمان، قال: سَمِعْتُ سَرِيَّ بن مُغَلِّس يَقُول: غَزَونا أرْضَ الرُّوم، فَمرَرْتُ برَوْضَةٍ خَضْراء فيها الخباز وحَجَرٌ مَنْقُورٌ فيه ماءُ المَطَر، فقُلْتُ في نفسِي: لئن كُنْتُ آكلُ يَوْمًا حَلَالًا فاليَوْمَ، فنَزَلْتُ عن دَابَّتي وجَعَلْتُ آكل من ذلك الخُبَّاز، وشَرِبْتُ من ذلك الماءَ، وإذا هَاتِف يَهْتفُ بي: يا سرِيّ بن المُغَلِّس، النَّفَقَة (e) الّتي بَلَغْتَ بها إلى هذا من أين؟

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل وق قدر أربع كلمات، ويتصل سند أبي الحجاج الآدمي بأبي علي الحداد من خلال أربعة رجال، هم: أبو المكارم بن اللبان؛ وهو أكثرهم إسنادًا عنه، ومحمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني، وأبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الراراني، ومسعود بن أبي منصور الجمال.

(b) كذا في الأصل ومثله تاريخ ابن عساكر 30: 169، وورد في كتاب الحلية: البزاز.

(c) كذا في الأصل وتاريخ ابن عساكر، ومهملة في ق، وفي الحلية: سيره.

(d) حلية الأولياء: وقد كان السري يعرف بطيب الغذاء.

(e) تاريخ بغداد: فالنفقة.

_________

(1)

حلية الأولياء 10: 126.

(2)

تاريخ بغداد 10: 264.

ص: 478

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هبَة الله بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد السَّيّدِيّ، وأبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عُثْمان البَحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبَو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَقِيل القَطَّان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن الأزْهَر الإسْفَرَايني، قال: سَمعْتُ أبا عُثْمان سَعيد بن عُثْمان الحَنَّاط البَغْدَاديّ يَقُول: سَمِعْتُ سرِيّ السَّقَطِيَّ يَقُول: قَفَلْتُ من غَزْوة كُنْتُ غَزَوْتُها، فأتَيْتُ على ماءً صَافٍ وعُشْب أخْضرَ، قال: فقُلْتُ في نَفْسِي: يا سَرِيّ، إنْ كُنْتَ آكِلًا يَوْمًا حَلَالًا فيَوْمكَ هذا، قال: فنَزَلْتُ عن دَابَّتي ورَبَطْتُها وأنا على أنْ آكُل من ذلك العُشْب، وأشْرَبَ من ذلك الماء، قال: فإذا (a) بهَاتفٍ أسْمَعُ صَوْتَهُ ولا أرَى شَخْصَهُ وهو يَقُول: يا سَرِيّ، النَّفَقَة الّتي بلغَتْكَ هذا المَوضعَ من أين هي؟ فعَلِمْتُ أنِّي في لا شيء.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قراءةً منِّي عليه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن جُمَيْع

(2)

، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن الحُسَين - يعني أبا عليّ الحافِظ - بالبَصْرَة يَقُول: سَمِعْت سَعيد بن عُثْمان الحَنَّاط (b) يَقُول: سَمِعْتُ سَرِيّ بن مُغَلِّس السَّقَطِيّ يَقُول: خَرَجْتُ من الرَّمْلَة إلى بَيْت المَقْدِس، فَمرَرْتُ بمُشْرفةٍ (c) وغَدِير ماء مَطَرٍ وعُشْب نَابِت، فَجَلسْتُ آكُل من الحشَيْش، وأشْرَبُ من الماءِ، فقُلتُ: يا نَفْسُ، إنْ كُنْتِ أكَلْت أكْلَةَ حَلالٍ أو شَرِبْتِ شَرْبَةَ حَلَالٍ قَطّ فاليَوْم، قال: فإذا بهَاتفٍ (d) يَهْتفُ بي: يا سَرِيّ، فالنَّفَقَة الّتي بلغَتْ بكَ إلى هَا هُنا من أين؟

(a) ابن عساكر: فإذا أنا.

(b) ابن جميع الصيداوي: الخياط.

(c) ابن جميع الصيداوي: بمشرقة.

(d) ق: هاتف.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 173 - 174.

(2)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 190 - 191.

ص: 479

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن علي بن حَمُّوْيَه، ح.

وأخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن في كتابها، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب القَارِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمعتُ مُحَمَّد بن الحُسَين يَقول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن عليِّ الطُّوْسيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو بن عُلْوَان يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس بن مَسْرُوق يَقُول: بَلَغَني أنَّ سَرِيّ السَّقَطِيّ كان يكُونُ (a) في السُّوق، وهو من أصْحَاب مَعْرُوف الكَرْخِيّ، فجاءَهُ مَعْرُوف يَوْمًا ومعه صَبِي يَتيْمٌ، فقال: اكْسُ هذا اليَتِيْم، قال سَرِيٌّ: فكَسَوتُهُ، ففَرِحَ به مَعْرُوف، وقال: بَغَّضَ اللهُ إليكَ الدُّنْيا، وأرَاحَك ممَّا أنْتَ فيه! فقُمْتُ من الحَانُوْت، وليسَ شيء أبْغَضَ إليَّ من الدُّنْيا، وكُلّ ما أنا فيه من بَرَكاتِ مَعْرُوفٍ.

وقالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أبا عليّ الدَّقَّاق رحمه الله يَحْكي عن الجُنَيْدِ أنَّهُ قال: سَألني السَّرِيُّ يَوْمًا عن المَحَبَّةِ؟ فقُلتُ: قال قَوْمٌ: هي المُوَافَقَة، وقال قَوْم: الإيْثَار، وقال قَوْم: كَذَا وكذا، فأخَذَ السَّرِيُّ جِلْدَةَ ذِرَاعِهِ، ومَدَّها فلم تمْتَدَّ، ثُمَّ قال: وعِزَّتهِ لو قُلْتُ: إنَّ هذه الجِلْدَةَ يَبِسَتْ على هذا العَظْم من مَحبَّتِه لصَدَقْتُ، ثمّ غُشِيَ عليه فدَارَ وَجْهَه كأنَّهُ قَمَرٌ مُشْرِقٌ، وكان السَّرِيّ بهِ أُدْمَةٌ.

(a) الرسالة القشيرية: يتَّجر.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 278.

(2)

الرسالة القشيرية 279.

ص: 480

قالا: قال

(1)

: ويُحْكى عن السَّرِيّ أنَّهُ قال: مُنذُ ثَلاثين سَنَةً أنا في الاسْتِغْفارِ عن قَوْلي: الحمدُ للهِ، مرَّةً! قيل: وكيفَ ذَاكَ؟ قال: وَقَعَ ببَغْدَاد حَرِيقٌ، فاسْتَقْبَلني واحدٌ فقال لي: نَجَا حَانُوْتُكَ، فقُلتُ: الحَمْدُ للهِ، فمنذُ ثلاثين سَنَةً أنا نَادِمٌ على ما قُلْتُ، حيثُ أرَدْتُ لنَفْسِي خَيْرًا ممَّا للمُسْلمِين.

قال أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(2)

: أخْبَرَني به عَبْدُ الله بن يُوسُف، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر الرَّازِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر الحَرِيْميّ يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يقُول ذلك.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن علِيّ بن المُسَلَّم السُّلميّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع

(3)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: سَمِعْتُ جَعْفَر الخُلْدِيّ يَقُول: سَمِعْت الجُنَيْد يَقُول: سَمعْتُ سَرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: أشْتَهي أنْ لا أَمُوت في بَلَدِي، أفْزع أنْ لا تَقْبلني الأَرْضُ فأفْتَضِح.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن شَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريِّ

(4)

، قال: سَمِعْتُ عَبْد الله بن يُوسُف الأصْبَهَانِيّ رحمه الله (a) يَقُول: سَمِعْتُ أبا نَصْر السَّرَّاج الطُّوْسيّ يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: أشْتَهي أنْ أمُوتَ ببَلدٍ غير بَغْدَاد، فقيل له: ولَمَ ذلك؟ قال: أخَافُ أنْ لا يَقْبلَني قَبْري فأفْتَضِح.

(a) قوله: "رحمه الله" ساقط من ق.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 279.

(2)

الرسالة القشيرية 279.

(3)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 149 - 150.

(4)

الرسالة القشيرية 279.

ص: 481

قال أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

: ويُحْكَى عن السَّرِيّ أنَّهُ قال: أنا أنْظُر في أنْفي كَذَا مرَّة في اليَوْم، مَخَافَة أن يكُون قد اسوَدَّ، خَوْفًا من اللهِ أنْ يُسَوِّدَ صُوْرتي لِمَا أتَعَاطَاهُ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الوَرَّاقُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْدِ الله الهَمَذَانيّ بمَكَّة، قال: حَدَّثَنَا مُظَفَّر بن سَهْل المُقْرِئ، قال: سَمِعْتُ عَلَّان الخَيَّاط، وجَرَى بَيْني وبينَهُ مَنَاقِبَ سَرِي السَّقَطِيّ، فقال لي عَلَّان: كُنْتُ جالِسًا مع سَرِيٍّ يَوْمًا، فوافتهُ امْرأةُ فقالت: يا أبا الحَسَن، أنا من جِيْرَانكَ، أخَذَ ابْني الطَّائِفُ البَارِحَةَ، وكَلَّم ابني الطَّائِفَ، وأنا أخْشَى أن يُؤذيَهُ، فإنْ رأيْتَ أنْ تَجيء معي، أو تَبْعَثَ إليه، قال: عَلَّان: فتَوَقَّعْتُ أنْ يَبْعَثَ إليه، فقام فكَبَّر وطوَّلَ في صَلَاتهِ، فقالت المَرْأةُ: يا أبا الحَسَن، اللهَ اللهَ فيَّ، هو ذا أخْشَى أنْ يؤذيَهُ السُّلْطان، فسَلَّم وقال لها: أنا في حَاجتِكِ. قال عَلَّانُ: فما بَرحْتُ حتَّى جاءتِ امْرأة إلى المَرْأةِ فقالت: الْحَقي قد خَلَّوا ابنَك.

قال أبو الطَّيِّب (a): قال لي عَلَّانُ: وأيشٍ تَعْجَبُ من هذا؟! اشْتَري منه كُرَّ لَوْز بستّين دِيْنارًا، وكَتَبَ رُزْمانَجِهِ ثلاثة دَنَانِيْر رِبْحه، فصَارَ اللَّوْز بتِسْعين دِيْنارًا، فأتاهُ الدَّلَّالُ، فقال: إنَّ ذاك اللَّوْز أُريدُه، فقال له: خُذْهُ، قال: بكَمْ، قال: بثلاثةٍ وسِتِّين دِيْنارًا، فقال له الدَّلَّالُ: إنَّ اللَّوْزَ قد صَارَ الكُرُّ بتِسْعين، قال: له قد عَقَدْتُ بيني وبينَ الله عَقْدًا لا أَحُلُّه، ليسَ أبيعُهُ إلَّا بثلاثةٍ وسِتِّين دِيْنارًا! فقال

(a) الأصل، ق: أبو طالب، والمثبت من تاريخ بغداد، وهي كنية مظفر بن سهل المقرئ، وتأتي بعده صحيحة.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 77، باختلاف في بعض الألفاظ.

(2)

تاريخ بغداد 10: 262 - 263.

ص: 482

له الدَّلَّالُ: إنّي قد عَقَدْتُ بيني وبينَ اللهِ عز وجل أنَّ لا أَغُشَّ مُسْلِمًا، لَسْتُ آخذُهُ منك إلَّا بتسعينَ، فلا الدَّلَّال اشْتَرَى منه، ولا سَرَيّ باعَهُ.

قال أبو الطَّيِّب: قال لي عَلَّانُ: كيفَ لا يُسْتَجاب دُعَاء مَنْ كان هذا فِعْلُهُ؟!

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمُّوْيَه، ح.

وأخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنْتُ الشَّعْرِيّ في كتابها، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا عَبْد الرَّحمن السُّلميّ رحمه الله (a) يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس البَغْدَاديّ يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن نُصَيْر يَقُول: سَمِعْتُ الجنُيد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: إنَّ نَفْسِي تُطَالِبني منذُ ثلاثين سَنَةً أو أرْبَعيْن سَنَةً أنْ أغْمِسَ جزرَةً في دِبْسٍ فما أطْعَمتُها.

وقالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ القُشَيْريّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ أبا حَاتِم السِّجِسْتَانِي يَقُول: سَمِعْتُ أبا نَصْر السَّرِّاج يقولُ: أخْبَرَني جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني الجُنَيْد، قال: دَخَلْتُ على السَّرِيّ يوْمًا، فقال لي: عُصْفُور كان يَجِيئُني كُلّ يَوْم فأفُتُّ له الخُبْزَ فَيأكُل من يَدِي، فنَزَلَ وَقْتًا من الأوْقَاتِ فلم يَسْقُط على يَدِي، فتذكَّرْتُ في نَفْسِي: أيشْ السَّبَب؟ فذكَرت أنِّي أكَلْتُ ملْحًا بأَبْزارٍ، فقُلْتُ في نفسِي: لا آكُل بعدَها وأنا تَائِبٌ منه، فسَقَطَ على يَدِي وأكَلَ!.

(a) قوله: "رحمه الله" ساقط من ق.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 94.

(2)

الرسالة القشيرية 164 (طبعة الكتاب اللبناني ولم يرد في طبعة دار صادر).

ص: 483

وقال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: وسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بن يُوسُف الأصْفَهَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر الرَّازِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الجَرِيريّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُول: دَخَلْتُ يَوْمًا على السَّرِيّ وهو يَبْكي، فقُلتُ: ما يُبْكِيْكَ؟ فقال: جَاءتني البَارِحَة الصَّبِيَّةُ، فقالت: يا أبَتِ، هذه لَيْلَةٌ حارَّة، وهذا الكُوْزُ أُعَلِّقُه هَا هُنا، ثمّ إنَّهُ حَمَلَتْني (a) عَيْناي فنمْتُ، فرَأيْتُ جَارِيَةً من أحْسَنِ الخَلْق، قد نَزَلَتْ من السَّماءِ، فقُلتُ: لمَنْ أنتِ؟ قالت: لمَنْ لا يَشْرَبُ الماءَ المُبَرَّدَ في الكِيْزَان، وتَنَاوَلت الكُوْزَ فضَرَبت بهِ الأرْضَ، قال الجُنَيْد: فرَأيْتُ الخَزَفَ المَكْسُور لَم يَرْفَعْهُ ولَم يَمَسَّهُ حتَّى عَفَا عليه التُّراب.

وقالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ البَغْدَاديّ يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: يا مَعْشَرَ الشَّبَاب، جِدُّوا قَبْل أنْ تبلُغُوا مَبْلَغي فتَضْعُفُوا وتُقَصِّرُوا كما قَصَّرْتُ (b)، وكان في ذلك الوَقْت لا يَلحقُه الشَّبَابُ في العِبَادَةِ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن عَبْد الجَبَّار، قال: قال لنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ: قال لنا مُحَمَّد بن العبَّاس بن حَيَّوْيَه: قال لنا عليّ بن الحُسَين بن حَرْب القَاضِي: قال لي سَرِيّ السَّقَطِيّ: لا يَقْوى على تَرْكِ الشُّبُهَاتِ إلَّا مَنْ تَرَكَ الشَّهَوات.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد أحْمَد بن مُحَمَّد

(a) القشيري: غلبتني.

(b) القشيري: كما ضعفت وقصرت.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 279.

(2)

الرسالة القشيرية 54.

ص: 484

المَالِيْنِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا حَفْصٍ عُمَر بن أحْمَد بن عُثْمان يَقُول: سَمِعْتُ عليّ بن الحُسَين بن حَرْبُوَيْه يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: لا يُقْوَى على تَرْك الشَّهَواتِ إلَّا بتَرْك الشُّبُهاتِ.

أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا سَلامَةُ بن عُمَر النَّصِيْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن جَعْفَر القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن يُوسُف، قال: حَدَّثَني سَعيد بن عُثْمان، قال: سَمِعْتُ السَّرِيّ بن مُغَلِّس، قال: غَزَوْتُ رَاجِلًا، فنَزَلْنا خِرْبَةً للرُّوم، فألقَيْتُ نَفْسِي على ظَهْري ورَفَعْتُ رِجْلي على جدَارٍ، فإذا هَاتِفٌ يَهْتفُ بي: يا سَرِيُّ بنَ مُغَلِّسٍ، هكذا تَجْلِسُ العَبِيْدُ بين يَدِي أَرْبَابها؟!

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(3)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عليّ بن حُبَيْش (a) يَقُول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن شَاكِر يَقُول: قال سَرِيٌّ السَّقَطِيّ: صَلَّيْتُ وِرْدِي لَيْلَةً (b)، ومَدَدْتُ رِجْلي في المِحْرَاب، فنُوْدِيْتُ: يا سَرِيُّ، كَذَا تُجِالِسُ المُلُوكَ؟ قال: فضَمَمْتُ إليَّ رِجْلي، ثُمَّ قُلتُ: وعِزَّتِكَ لا مَدَدْتُ رِجْلي أبَدًا.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بنُ أحْمَد قراءةً منِّي عليه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي الحَسَن الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو الحَسَن بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الهَرَويّ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن

(a) كذا في الأصل وق بالتصغير، ومثله في الحلية حيثما يرد، وفي تاريخ بغداد: حبش.

(b) لم ترد في الحلية.

_________

(1)

تاريخ بغداد 10: 261.

(2)

تاريخ بغداد 10: 261.

(3)

حلية الأولياء 10: 120.

ص: 485

أحْمَد بن الفَيْضِ يَقُول: سَمِعْتُ عليّ بن عَبْد الحَميْد الغَضَائِريّ يَقُول: جئتُ إلى سَرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيّ لأقْرأ عليه شَيئًا، فدَقَقْتُ عليهِ البابَ، فسَمِعْتُه من دَاخِل وهو يَقُول: اللَّهُمَّ مَنْ شَغَلَني عنك فاشْغَلْهُ بك، ثُمَّ فتَحَ البابَ وقَعَدَ، فأخَذْتُ أقرأُ عليه، فقال: إنَّ هذه أغْلَالٌ، إنْ هذه أغْلالٌ!.

وفي غير هذه الرِّوَايَةِ: قال عليّ بن عَبْد الحَميْد: كان من بَرَكَة دُعَائهِ أنِّي حَججْتُ أرْبَعيْن حِجَّة على رِجْلي من حَلَب ذَاهِبًا ورَاجِعًا.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب بن عُثْمان مُكاتَبَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد بن عَبْد الوَاحِد، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين رحمه الله يَقُول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين الخَشَّاب يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر (a) يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: أَعْرف طَرِيقًا مُخْتَصَرًا قَصْدًا إلى الجَنَّة، فقُلْتُ له: ما هو؟ فقال: لا تَسَل من أحدٍ شيئًا، ولا تَأخُذ من أحدٍ شيئًا، ولا يكُون معك شيء تُعْطِي أحدًا.

قال أبو القَاسِم القُشَيْريُّ

(2)

: وسَمِعْتُه - يعني أبا عبد الرَّحْمن - يَقُول: سَمِعْتُ سَعيدَ بن أحْمَد يَقُول: سَمِعْتُ عبَّاسَ بن عِصَام يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: إنَّ الله سَلَبَ الدُّنْيا عن أوْليَائه، وحَمَاهَا عن أصْفيائهِ، وأخْرَجها من قُلُوب أهْل ودَادِهِ، لأنَّهُ لَم يَرْضها لهم.

(a) مهملة في الأصل، وفي ق: بصير، وهو جعفر بن مُحَمَّد بن نُصير الخلُدي، انظر ترجمته في: تاريخ الإسلام 7: 862، سير أعلام النبلاء 15:558.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 279.

(2)

الرسالة القشيرية 67.

ص: 486

وقال القُشَيْريّ

(1)

: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله الصُّوْفيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الطَّيِّب السَّامريّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَقُول: مارَسْتُ كُلّ شيءٍ من أمْر الزُّهْدِ فنلْتُ منه ما أُريد، إلَّا الزُّهْد في النَّاسِ، فإنِّي لَم أبلُغْهُ ولم أُطِقْهُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، إذْنًا إنْ لَم أكُن سَمِعْتُهُ منه، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ

(2)

، بانْتخَابي من أُصُول سَمَاعهِ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العَتِيْقِيّ يَقُول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن العبَّاس بن حَيَّوْيَه يَقُول: سَمِعْتُ القَاضِي أبا عُبَيْد بن حَرْبُوَيْه يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: مَنْ أحْسَنَ ظَنَّهُ باللهِ اسْتَراح قَلْبُهُ.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُطِيع أحْمَد بن مُحَمَّد القَاضِي بمَرْو، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد السَّرْخَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن القَاسِم الصَّفَّارُ إمْلاءً، قال: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أبا سَعيد عَبْد المَلِك بن أبي عُثْمان الوَاعِظ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن يَزِيد الحَلَبِيّ القَاضِي بمِصْر، قال: سَمِعْتُ عَمِّي يَقُول: سَمِعْتُ الغَضَائِريّ يَقُول: قال السَّرِيّ بن المُغَلِّس: ترى أنْتَ تَرْجُو، ولو رَجَوت لطَلَبت، تَرَى أنَّكَ تَخاف، ولو خفْت لهَرَبْت.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن إبْراهيم بن دِيْنار المُنَادِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، عن أبي بَكْر الشِّيْرُوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَبْدَان الكَرْمَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الصُّوْفيّ بشِيْرَاز يَقُول:

(1)

الرسالة القشيرية 69.

(2)

الطيوريات للصيرفي 2: 289.

ص: 487

سَمِعْتُ الكِنَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَألتُ السَّرِيّ السَّقَطِيّ: مَتَى يَنْتَفِع المُتَعلِّم بعِلْمه؟ قال: إذا طَلَب من عَيْن الصَّفاء، قُلْتُ للجُنَيْد: ما عَيْن الصَّفاء؟ قال: لا يُرِيد بهِ غير مَعْرفَة الله وطَاعَته.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، عن أبي عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الكُشْمَيْهَنِيّ، ح.

وأخْبَرَنا عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليّ بن بَرَكات، قال: أخْبَرَنا يُوسُف بن آدَم المَرَاغِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ الإمَام، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد بن شَاذَان الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي، قال: سَمِعْتُ أبا نَصْر السَّرَّاج الصُّوْفيّ يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن نُصَيْر يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: احْذَر أنْ لا تكُون ثَناءً مَنْشُورًا، وعَيْبًا مَسْتُورًا.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَن بن أحْمَد بن البَنَّاء من لَفْظه، قال: أخْبَرنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أحمد بن فَاذْشَاه (a) القَاضِي الأصْبَهَانِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قراءة منِّي عليه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن زَكَرِيَّاء الطُّرَيْثِيثِيّ، قال: أخْبَرَنا وَالدِي، قالا: أخْبَرَنا أبو سَعْد أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله المَالِيْنِيّ - قال الطُّرَيْثِيثِيّ: لَفْظًا - قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليِّ بن إبْراهيم البَغْدَاديّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد - وزادَ ابن فَاذْشَاه: ابن مُحَمَّد - يَقُول: دَخَلْتُ على

(a) الأصل: فاشاذة.

ص: 488

سَرِيّ السَّقَطِيّ فقال لي: يا أبا القَاسِم، حتَّى مَتى لا تَطوي فُرش المَرْضَى - وزَاد الطُّرَيْثِيثِيّ: عنك فُرش المَرْضى - وحَّتى مَتَى لا تَسْتَريح من عِيَادَة الهَلْكَى، وحتَّى مَتَى لا تَنْفَعُ فيك أَدْوَية الأطِبَّاء؟ يا أبا القَاسِم، اجْعَل قَبْركَ خِزَانتَكَ، وقدِّم إليها أحْسَنَ ما تَقْدر عليه، حتَّى إذا دَخَلْتَ إلى الخِزَانَةِ، سَرَّكَ ما قَدَّمْتَ إليها.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَة الله بن صَصْرَى الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن كَرَوَّس السُّلمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح نَصْرُ بن إبْراهيم المَقْدِسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور خَزْرُون بن الحَسَن الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن بَكْران الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا أبو طَاهِر بن كَثِيْر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم بن عَنْبَر، قال: سَمِعْتُ سَرِيّ بن المُغَلِّس يَقُول: العِلْمُ يَهْتفُ بالعَمَل فإنْ أجَابَهُ وإلّا ارْتَحلَ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن - يعني العَتِيْقِيّ - يَقُول: سَمِعْتُ أبا عُمَر - يعني ابن حَيَّوْيَه - يَقُول: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد بن حَرْبُوَيْه يَقُول: سَمِعْتُ سَرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: مَنْ مَرض فم يَتُبْ فهو كَمْن عُوْلِج فلم يَبْرأ.

ص: 489

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبه تَوفِيقِي

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ بنْتُ عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب القَارِئُ مُكاتَبَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد بن عَبْد الوَاحِد، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أبا عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ رحمه الله يَقُول: سَمِعْتُ أبا زَكَريَّاء الرَّازِيّ يقول: سَمِعتُ أبا عُمَر الأنْمَاطِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُول: ما رَأيْتُ أعْبَدَ من السَّرِيّ، أَتَتْ عليه ثَمانٌ وتسعُون سَنَةً، ما رُؤي مُضْطَجعًا إلَّا (a) في عِلَّةِ المَوْتِ.

ويُحْكَى عنٍ السَّرِيّ أنَّهُ قال: التَّصَوُّف اسْمٌ لثَلاثة مَعَانٍ: وهو الّذي لا يُطْفِئ نُورُ مَعْرفتِهِ نُورَ وَرَعهِ، ولا يَتَكلَّم ببَاطِنٍ في عِلْم يَنْقُضُه عليه ظَاهِرُ الكتابِ (b)، ولا تَحْملُه الكَرَامَاتُ على هَتْك أسْتَارِ مَحَارِم الله.

أخْبَرَنا وَالدِي أبو الحَسَن أحمد، وعَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد ابْنَا هِبَة الله بن مُحَمَّد، وأبو عبْد الله مُحمّد بن الحُسَين بن مُحمَّد بن المُجَاوِر، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل بن نِجَاد الأنْصَاريّ، وأبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، والسَّالَارُ بَهْرَام بن مَحْمُود بن بَخْتِيار الأتَابِكيّ، ووَلدُه مُحَمَّد، قالُوا: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر سَعيد بن

(a) الأصل، ق:"ولا"، والمثبت من الرسالة القشيرية وتاريخ بغداد 10: 266، وتاريخ ابن عساكر 20: 179، والبداية والنهاية 11:14.

(b) الرسالة القشيرية: ظاهر الكتاب أو السنة.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 279.

ص: 490

سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَدِيْنِيّ، قال: سَمعْتُ الإمَام أبا مَنْصُور عَبْد القَاهِر بن طَاهِر بن مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ البَغْدَاديّ رحمه الله يَقُول: سَمعْتُ أبي يَقُول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ السَّرِيَّ السَّقَطِيّ يَقُول، وسُئِلَ عن التَّصَوُّف؟ فقال: الإعْرَاضُ عن الخَلْقِ، وتَرْكُ الاعْتِرَاض على الحَقِّ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظُ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر أحْمَدُ بن علي بن الحُسَين الطُّرَيْثيثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد أحْمَد بن مُحَمَّد الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا أبَو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال. أخْبَرَنا عليّ بن عَبْدِ الحَميْدِ، قال: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطِيّ يَقُول: عَجِبْتُ لمَنْ يَنشُد ضَالَّتَهُ وقد أضَلَّ نَفْسَهُ، وعَجَبْتُ لمَنْ سَافر في طَلَب الأرْبَاح، ولن يَرْبح تَاجِر مثْل نَفْسِه.

وقال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن هَارُون البَرْذَعِيّ، قال: سَمِعْتُ المُرْتَعش يَقُول: قال لي الجُنَيْدُ: قال لي سَرِيّ: احفَظْ عنِّي يا غُلَام: إنَّ المَعْرفَة تُرَفْرفُ على القَلْب، فإنْ كان فيه الحَيَاء وإلَّا ارْتَحلَت.

أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد المُنْعِم بن عليّ بن بَرَكات المَنْبِجِيّ، قال: أخْبَرَنا يُوسُفُ بن آدَم المَرَاغِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحمّد بن مُحَمَّد الكُشْمَيْهَنيّ إجَازَةً، قالا: أنْبَأنَا أبو بَكْرِ مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحُسَين بن عَبْدِ الله الرَّبَعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَير الخُلْدِيّ،

ص: 491

قال: حَدَّثَنَا الجُنَيْدُ بن مُحَمَّد، قال: أرْسَلَنِي سَرِيٌّ رحمه الله في حاجةٍ، فأبْطَأتُ عليه، فقال لي: إذا أرسَلَك مَنْ يَتَكلَّم في مَوَارد القُلُوب في حَاجَةٍ فلا تُبْطئ عليه، فإنَّ قُلُوبهُم لا تَحْتَمل الانْتِظَارَ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر (a) الخُلْدِيّ في كتابهِ، قال: سَمِعْتُ الجُنَيْد بن مُحَمَّدُ يقول: كُنْتُ يَوْمًا عند السَّرِيّ بن المُغَلِّس، وكُنَّا خَاليَيْن، وهو مُتَّزَر بمِئْزَر، فنَظَرْتُ إلى جَسَدِهِ كأنَّهُ جَسَدُ سَقِيم دَنَف مُضْنى، كأجْهَد ما يكُون، فقال: انْظُر إلى جَسَدي هذا، لو شِئْتُ أنْ أقُول إنَّ ما بى هذا من المحَبَّةِ، كان كما أقُول، وكان وَجْهُه أصْفَر ثُمَّ أَشْرَق (b) حُمْرَةً، حتَّى تَوَرَّد، ثمّ اعْتَلَّ، فدَخَلْتُ عليه أعودُهُ، فقُلْتُ له: كيف تَجِدُكَ؟ فقال: [من الخفيف]

كيفَ أشْكُو إلى طَبِيْي ما بي

والّذي بي أصَابَني من طَبِيْي!

فأخَذْتُ المِرْوَحة أُرَوِّحُه، فقال لي: كيفَ يَجِدُ رَوْح المِرْوَحَة مَنْ جَوْفُه يَحْتَرقُ من دَاخِل؟! ثمّ أنْشَأ يَقُول: [من البسيط]

القَلْبُ مُحْتَرقٌ والدَّمْعُ مُسْتَبقٌ

والكَرْبُ مُجْتَمِعٌ والصَّبْرُ مُفْتَرقُ

كيفَ القَرَار على مَنْ لا قَرَارَ لَهُ

ممَّا جَنَاهُ الهَوَى والشَّوْقُ والقَلَقُ

يا رَبِّ إنْ كان شيءٌ فيه لي فَرَجٌ

فامْنُنْ عليَّ به ما دَامَ بي رَمَقُ

(a) ق: أبو جعفر، وفي المنتظم: جعفر الخالدي، وتقدم التعليق عليه قريبًا.

(b) تاريخ بغداد والمنتظم: أشرب.

_________

(1)

تاريخ بغداد 10: 265، ونقله ابن الجوزي في المنتظم 12: 67، وابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 8: 78 - 79.

ص: 492

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي بَكْر الشِّيْرُوِيّ: أخبركم أبو سَعيد بن أبي الخَيْر، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ زَاهِر، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن المُثَنَّى بإِسْتِرَابَاذ يَقول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخُلْدِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: دَخَلْتُ علي السَّرِيّ في مَرَضِهِ الّذي ماتَ فيه، فقُلتُ لَهُ: كيفَ تَجِدُكَ يا شَيْخ؟ قال: عَبْدٌ مملُوكٌ لا يَقْدر لنَفْسِه شيئًا، فأخَذْتُ المِرْوَحَة لأُرَوِّحَهُ، فقال: دَعْني؛ كيفَ أتَرَوَّحُ بريْح المِرْوَحَة وأحْشَائي تَحْتَرق!. فقُلْتُ له: أوْصِني أيُّها الشَّيْخ، قال: إيَّاكَ وصُحْبَةَ العَوَامّ، فقُلتُ لَهُ: زِدْني، قال: فرفَعَ رَأسَهُ إليَّ بعدَما طَأطَأهُ، وقال: لا تَشْتَغِل عن صُحْبَة اللهِ بصُحْبَة الأخْيَار، فقُلتُ لَهُ: لو سَمِعْتُ منكَ هذه الكَلِمَةَ من قَبْل لَمَا صَحِبْتُكَ!

وأخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْلِ أيضًا، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حفْص عُمَرُ بن عليّ بن البَخْتَرِيّ بنَوْقان، قال: حَدَّثَنَا أبو عليِّ إسْمَاعِيْل بن عليّ الجَاجَرْميِّ بنَيْسَابُور، قال: سَمِعْتُ أبا سَعيد بن أبي الخَيْر، شَيْخ زمَانِه، يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن المُثَنَّى بإِسْتِرَابَاذ، فذَكَرَ مثْلَهُ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قالا: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(2)

، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر الخُلْدِيّ في كتابهِ، قال: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ بن مُحَمَّدُ يَقُول: كُنْتُ أعوْدُ السِّرِيّ في كُلِّ ثلاثة أيَّام، عِيَادَة السُّنّة، فدَخَلْتُ عليه وهو يَجُودُ بنَفْسهِ،

(1)

تاريخ بغداد 10: 265 - 266.

(2)

حلية الأولباء 10: 125.

ص: 493

فجلَسْتُ عند رَأسِه فبَكَيْتُ، وسَقَطَ من دُمُوعي على خَدِّه، ففَتَح عَيْنَيهِ (a) ونَظَر إليَّ، فقُلتُ لَهُ: أَوْصِني، فقال: لا تَصْحَب الأشْرَارَ، ولا تَشْتَغِل عن اللهِ بمُجَالسَة الأخْيَار.

وقال: أخْبَرَنا أبو شُجاع البِسْطَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن أبي صَادِق، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ بن بَاكُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب بن الفَرُخَانِ، قال: أخْبَرَنا الجُنَيْدُ، قال: دَخَلْتُ على سَرِيّ السَّقَطِيّ وهو في النَّزْع، فجلَسْتُ عند رَأسِه، فوَضَعْتُ خَدِّي على خَدِّه فدَمعَتْ عَيْنَاي، فوقَع دَمْعِي على خَدِّه، ففَتَح عَيْنَيْهِ، فقال: مَن أَنْتَ؟ قُلتُ: خَادِمُكَ الجُنَيْدُ، فقال: مَرْحَبًا، فقُلتُ لَهُ: أيُّها الشَّيْخ، أوْصِني بوصِيَّةٍ أَنْتَفع بها بعدَكَ، فقال: إيَّاكَ ومُصَاحَبة الأشْرَار، وأنْ لا تَنْقَطع عن الله بصُحْبَة الأخْيَار.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد في كِتَابِهِ إليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّدُ بن مَنْصُور الحُرْضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى المُزَكِّي، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلمِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن مِقْسَم المقرِئ ببَغْدَاد يَقُول: ماتَ سَرِيٌّ سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن.

أخْبَرَنا حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الطُّرَيْثيثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد المَالِيْنِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا حَفْصٍ عُمَر بن أَحْمَد بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو عُبَيْد عليّ بن الحُسَين القَاضِي: تُوفِّي سَرِيّ بن المُغَلِّس يَوْم الثّلاثَاء لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن بعد أذَانِ الفَجْر، ودُفِنَ بعد العَصْر.

(a) ق: عينه.

_________

(1)

طبقات الصوفية 48.

ص: 494

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَني الأزْهَريّ، قال: قال لنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس بن حَيَّوْيَه (a): قال لنا أبو عُبَيْد عليّ بن الحُسين (b) بن حَرْب القَاضِي: تُوفِّي أبو الحَسَن السَّرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطِيّ يَوْم الثّلاثَاء لستِّ ليالٍ خَلَوْنَ من شَهْرِ رَمَضَان، سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، بعد أذَانِ الفَجْر، ودُفِنَ بعد العَصْر.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وكان دَفْنَهُ في مَقْبَرَة الشُّوْنِيْزِيّ، وقَبْرُه ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ، وإلى جَنْبهِ قَبْر الجُنَيْد.

أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(3)

، قال: ماتَ السَّرِيّ سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ الحُرَضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى المزكِّي إجَازَةً قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ، قال: أخْبرَني أبو زُرْعَة إجَازةً، قال: سَألْتُ الخُلْدِيَّ، قال: سَألْتُ الجُنَيْدَ عن مَوْتِ السَّرِيّ، فقال: مات سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن.

(a) في تاريخ بغداد: ابن حَمُّويه، وصوابه ما عند ابن العديم، وهو مُحَمَّدُ بن العباس بن مُحَمد بن زكرياء بن يحيى بن معاذ، أبو عمر، وقيل: أبو عمرو.

(b) الأصل، ق: الحسن، والمثبت من تاريخ بغداد، وهو المشهور بابن حربويه، ذكره ابن العديم في الجزء العاشر (الكنى) وأحال على ترجمته الضائعة، وانظر أيضًا ترجمته في سير أعلام النبلاء 14: 536 - 538.

_________

(1)

تاريخ بغداد 10: 266.

(2)

تاريخ بغداد 10: 266، وانظر حول قبره: المقابر المشهورة لابن الساعي 16.

(3)

في الرسالة القشيرية 278: مات سنة 253 هـ.

ص: 495

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: سَمِعْتُ أبا الحُسَين بن النَّرْسِيّ صَدِيْقَنا، قال: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد بن حَرْبُوَيْه يَقُول: حَضَرتُ جنَازَة سَرِيّ السَّقَطِيّ، فسُررتُ (a) فحدَّثَنا رَجُلٌ عن آخر أنَّهُ حَضَر جنَازَة سَرِيّ (b)، فلمَّا كان في بعض اللّيالِي رَآهُ في النَّوْم، فقال: ما فَعَلَ اللهُ بكَ؟ قال: غَفَرَ لي ولمَنْ حَضَرَ جنَازَتي وصَلَّى عليَّ. قُلْتُ: فإنِّي ممَّن حَضَر جنَازَتكَ وصَلَّى عليكَ، قال: فأَخْرَج درْجًا فنَظَر فيه، فلم يَرَ لي فيهِ اسْمًا، فقُلتُ (c): بَلَى قد حَضَرتُ، قال: فنَظَرَ فإذا اسْمي في الحَاشِيَة!.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَعَادَة

‌سَعَادَة بن عَبْدِ الله بن أحْمَد بن عليّ، أبو اليُمْن الحِمْصِيُّ الضَّرِيْرُ

(2)

وكان يُسَمَّى أيضًا سَعِيد.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، حَسَنُ الشِّعْر، سَهْلُ الألْفَاظ عَذْبها، قَرَأ الأدَب بحِمْص على القَاضِي أبي البَيَان مُحَمَّد بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصِيْن المَعَرِّيّ، قاضي حِمْص، وسَمِعَ منه، ووَرَدَ حَلَب في أوَائِل دَوْلة المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف.

(a) ق: فسرت.

(b) من قولا: "فسررت

" إلى هنا لم يرد في تاريخ الخطيب البغدادي!.

(c) الأصل: "فقال، فقلت"، وفوق الأولى "صـ"، والمثبت من ق وكما هو عند الخطيب البغدادي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 10: 266 - 267.

(2)

توفي سنة 591 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 11: 406 - 432، الروضتين 2: 257 - 258، الوافي بالوفيات 15: 232 - 233، نكت الهميان 157 - 158.

ص: 496

كَتَبَ عنهُ أبو اليُسْر شَاكِر بن عَبْد اللهِ بن سُلَيمان المَعَرِّيّ الكَاتِب، ورَوَى لنا عنهُ وَلدُه سَالِم بن سَعَادَة الشَّاعر

(1)

شَيئًا من شِعْره.

وأخْبَرَني سَالِم بما يَدُلّ على أنَّ مَوْلد أبيهِ سَعَادَة في سَنَة تِسْعٍ وعِشْرين وخَمْسِمائَة أو نَحْوها، وذَكَرَ لي أنَّهُ سَمِعَ بحِمْصَ من القَاضِي أبي البَيَان المَعَرِّيّ، واشْتَغَل عليه بالأدَب، قال: وصنَّفَ له أبو البَيَان مُقدِّمَةً في النَّحو، وقَدِمَ حلَبَ في أوَائِل دَوْلة المَلِك الظَّاهِر، ومَدَحَهُ بها.

أنْشَدَني المُهَذَّب سَالِم بن سَعَادَة بن عَبْدِ الله الحصِيّ بحَلَبَ، قال: أنْشَدَني أبي (a) أبو اليُمْن سَعَادَة بن عَبْدِ الله الحِمْصِيّ لنَفْسِه في المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين

(2)

: [من الكامل]

حَيَّتكَ أعْطَافُ القُدُود ببَانها

لمَا انْثَنَتْ تِيْهًا على كُثْبانها

وبما وَقَى العُنَّابُ من تُفَّاحها

وبما حَمَاهُ اللَّاذُ مِن رُمَّانها

من كُلِّ رَانيةٍ بمُقْلَة جُؤْذَر

يَبْدُو لنا هَارُوت من أجْفَانِهَا

وَافَتْكَ حَامِلةَ الهِلَال بصَعْدَة

جُعِلَت لَواحِظُها مَكَانَ سِنَانِهَا

حُوريَّةٍ تُسْقيكَ جَنَّةُ ثَغْرها

من كَوْثَرَ أَجْرَتْهُ فَوْقَ جُمَانِها

نَزَلَتْ بوَادِيها مَنَازِلَ جلِّقٍ

فاستَوْطَنَتْ في الفِيْح من أوْطَانِها

فالقَصْر فالشَّرَفَيْن فالمَرْجِ الَّذي

تَحْدُو مَحَاسِنُه على اسْتِحْسَانها

فجِنَان بَرْزَتِها فيا طُوْبَى لمَنْ

أَمْسَى وأصْبَح سَاكِنًا بجِنَانها

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

ترجم ابن العديم لابنه سالم في موضعه من هذا الجزء.

(2)

أنشدها في عاشر شعبان سنة 571 هـ، والقصيدة بطولها في الخريدة 11: 406 - 411، وأورد أبو شامة أبياتًا منها في الروضتين 2: 257 - 258، والأبيات السبعة الأولى في الوافي بالوفيات 15: 232، ونكت الهميان 158.

ص: 497

بحَدَائقٍ نُظِمَتْ حُلا أثْمارِهَا (a)

نَظْم الحُليّ على طُلَى أغْصَانها

فكأنَّهُن عَرَائسٌ مَجْلِيَّةٌ (b)

وكأنَّها الأقراط في آذَانِها

ومَرَابعٍ تُهْدِي إلى سُكَّانها

طِيبًا إذا نَفَحَت علي سُكَّانها

أَرَجًا لدَى (c) الغَدَوَاتِ تَحْسِب أنَّهُ

مِسْكٌ إذا وَافَاكَ من أَردَانِها

فالنَّور تِيْجَانٌ على هَامَاتها

والنُّور أثوابٌ على أَبْدَانها

أَحْنُوا إلى الهَضَبَاتِ من أَنشَازها

تفتَنُّ بالألْحَانِ في أَفْنَانها

وأَحنُّ من شَوْق إلى مَيْطُورها

وأَهِيْمُ من تَوْقٍ إلى لَوَّانِهَا

وأبِيْتُ من وَلَهٍ وفَرْط صَبَابةٍ

أَبْكي على ما فاتَ من أزْمَانِهَا

أيَّامَ كُنْتُ بها وكانت عِيْشَتي

كالرَّوْضَة المَيْثَاءِ في أبّانها

والرَّبْوَةُ الشَّمَّاءُ جَنَّتي الَّتِي

رِضْوَانُ مَنْسُوبٌ إلى رِضْوَانها

دَارٌ هي الفِرْدَوْسُ إلَّا أنَّها

أَشهَى من الفِرْدَوْسِ عندَ عيَانها

لنُهُود بِرْكَتِها قُدُود رَقْصُها

أبدًا على المَزْموم مِن ألْحَانها

ومَعَاطفٌ عَطَفَ النَّسِيمُ قِسِيَّها

فَهَوَتْ بنَادِقُها على ثُعْبانِهَا

دُحِيَتْ كُراةُ مِيَاهِها بصَوَالج

جَالَتْ فوارسُهُنَّ في مَيْدَانها

واعْتَدَّ شَاذَرْوَانُها بعَسَاكِرٍ

لَمَعَتْ حَوَاشِيْها (d) على فُرْسَانِهَا

وتَقَلَّدَتْ أجْيَادُها بقَلَائدٍ

نُثِرَتْ نَظَائمُهُنَّ فَوْقَ جِرَانها

وتَضَاحكَتْ أَفْوَاهُهَا بمَبَاسِم (e)

تُروِي مَرَاشِفُها صَدَى ظَمْآنِهَا

بمُرَوِّقٍ صَافٍ كأنَّ زلَالَهُ

مُتَدَفِقٌ من رَاحَتَيْ سُلْطَانِها

(a) الخريدة: حليّ ثمارها.

(b) الخريدة: مجلوّة.

(c) ق: لذوي.

(d) الخريدة: جواشنها.

(e) ق: بمياسم.

ص: 498

قَرأتُ بخَطِّ أبي اليُسر شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان الكَاتِب، ممَّا أنْشَدَهُ إيَّاهُ سَعَادَةُ الضَّرِير بدِمَشْق، للقَاضِي أبي البَيَان المَعَرِّيّ، وكَتَبَها إلى سَعَادَة، وأخْبَرَنا بها أبو اليُمن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ وغيره، عن القَاضِي أبي البَيَان مُحَمَّد بن عَبد الرَّزَّاق المَعَرِّيّ، أنّهُ كَتَبَ من شِعْره إلى سَعَادَة الضَّرِيْر يَمدَحُه:[من البسيط]

هُمْ يَحْسُدُونَ سَعِيدًا في قَصَائِدِه

وليسَ يُعْزَى إلى عِيٍّ وتقصِيرِ

هُوَ المُفَوَّهُ والمِنطيقُ واللَّسِنُ الـ

فَصِيحُ في كُلِّ مَنْظُومٍ ومَنْثُورِ

والمِدْرَهُ الحَسَنُ الألْفَاظ ضَمَّنها الـ

_________

معْنَى اللَّطِيْفَ صَفَا مِن كُلِّ تَكْدِيرِ

وليسَ أعْمَى الّذي أضْحَتْ بصَائُرهُ

تُبدِي لَهُ كُلَّ مَخْفيٍّ ومسْتُورِ

سَألتُ سَالِم بن سَعَادَة عن وَفاةِ أبيهِ، فقال: في سَنَة إحْدَى وتسعِين وخَمْسِمائَة، بعدَ وَفَاةِ المَلِك النَّاصِر بسَنَتين، وكان له من العُمر اثنانِ وسِتُّون سَنَةً.

‌سَعَادَةُ بن عَبْدِ الله الخادِم اللّحيَانِيُّ المعرُوف بالقَلَانسِيِّ، ويُلَقَّبُ يُمْن الدَّوْلَة

وكان ذا لحيةٍ بيضاء ولهذا عُرِفَ باللّحيَانِيّ، وكأنَّهُ خُصِي بعد نَبَات لِحيَته.

وكان فَاضلًا، عَالمًا، دَيِّنًا. وَلِيَ قلعَة حَلَب في أيَّام الظَّاهر ابن الحاكمِ بعد أنْ قُتِلَ عَزيز الدَّولَة فَاتِك في سَنَة ثلاث عَشرة وأربَعِمائة.

قَرَأتُ في تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ

(1)

، قال: وفيها - يعني سَنَة ثلاث عَشرة وأرْبَعِمائة - وَرَدَتْ عَسَاكِر مِصْر، وزَعِيْمهم سَدِيْد الدَّوْلَة عليّ بن أحْمَد الضَّيْف، فتَسَلَّم حَلَب من وَفيّ الدَّوْلَة بَدْر، ووَلي صَفِيّ الدَّوْلَة أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عليِّ بن جَعْفر بن فَلَاح حَلَب، ووُلِيت القَلْعَة خادِمًا له بلِحْيَةٍ بَيضاء، لَقَبهُ يُمن الدَّوْلة، وكان من أفَاضِل المُسْلمِيْن؛ فيه الدِّين والعِلم.

_________

(1)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.

ص: 499

‌ذِكرُ مَن اسمُهُ سَعْد الله

‌سَعْدُ الله بن أسْلَم، أبو مَنْصُور الرَّحبِيّ

أظُنُّه من أهْل الأدَب، وكان بحَلَب، كَتَبَ عنهُ بعضُ أهْلها بيتَيْن من الشِّعْر، فلا أدْرِي هُما له أو لغَيْره.

ظَفِرْتُ بَمجمُوعٍ لبعض الحلبِيِّيْن، وأظُنُّه - واللهُ أعْلَمُ - بخَطِّ أبي غَانِمْ بن الأَغَرّ، فقَرَأتُ فيه: أنشَدَني أبو مَنْصُور سَعْدُ الله بن أسلَم الرَّحبي بحَلَب، في رَجَب سَنَة اثنتَيْن وسَبْعِين؛ يعني وأرْبَعِمائة

(1)

: [من البسيط]

يا ذَا الّذي بعَذَابي ظَلَّ مُفْتَخرًا

هل كُنْتَ إلَّا مليكًا جارَ إذْ قَدَرَا

لَوْلا الهَوَى لتجارَيْنا (a) على قَدر

وإنْ أُفِقْ منهُ يَوْمًا مَّا فسَوْفَ تَرَى

‌سَعْدُ الله بن صَاعِد بن المُرَجَّا بن الحُسَين بن الخَلَّال، أبو المُرَجَّا، الكَاتِب الرَّحبِيّ

(2)

من أهْلِ رَحْبَة مَالِك بن طَوْق، وكان كَاتبًا حَسَنًا، من البُيُوت المَشْهُورة بالرَّحْبَة، وتوجَّه منها إلى دِمَشْق، ووَلِيَ بها الوِزَارَة للشَّيْخِ ناصِر الدَّولَة أبي مُحَمَّد الحَسَن بن الحُسَين بن الحَسَن بن عَبْد الله بن حَمْدَان، وقَدِم حلَبَ معه حينَ قَدِمهَا ناصِر الدَّوْلَة، وعادَ معه إلى دمَشْق، فلمَّا قَبَضَ المُسْتَنْصر المُسْتَولِي على مِصْر على ناصِر الدَّوْلَة بن حَمْدَان، توجَّه أبو المُرَجَّا إلى بَغْدَاد، وَأقامَ بها.

(a) الأغاني: لتجازينا.

_________

(1)

الشعر مما ينسب للخليفة الواثق بالله أو لأبي حفص الشطرنجي (الأغاني 22: 143)، وقيل: لعلي بن الجهم، انظرها في المستدرك على ديوانه 141.

(2)

توفي سنة 492 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 20: 201 - 202، مختصر ابن منظور 9: 230، تاريخ الإسلام 10: 577، توضيح المشتبه 4: 161، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 82.

ص: 500

وكان قد سَمِعَ بالرَّحْبَةِ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ الحافِظ، وبدِمَشْق أبا الحَسَن مُحَمَّد بن عوْف بن أحْمَد بن مُحَمَّد، وأبا المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ الأَمْلُوكيِّ، وأبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الحِنَّائيِّ، وأبا القَاسِم عبد الرّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن الطُّبَيز الحَلَبيِّ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم إسمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقنديّ، وأبو البَرَكَات هِبَة الله بن المُبارَك السَّقَطِيّ، وابنُ ابنِ أُخْته أبو القَاسِم هِبَة الله بن المُسَلَّم بن نَصْر بن الخَلَّال الرَّحبيِّ، وسَعْد الخَير بن مُحَمَّد.

أخبَرَنا أبو المحاسِن سُليْمان بن الفَضْل في كتابهِ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاِسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم هِبَةُ الله بن المُسَلَّم بن نَصْر الخَلَّالُ (a) الرَّحبيِّ بها وبدِمَشْق، قال: أخبَرَنا خَال أبي الشَّيْخ أبو المُرَجَّا سَعْدُ اللّه بن صَاعِد بن المُرَجَّا بن الحُسَين الرَّحبيِّ، قِراءَةً عليِهِ في ذِي الحِجَّة سَنَة سَبعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، قال: أخبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْف بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبى عَوْف، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ (b) بن مُنِير، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن أحْمَد بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا شُعَيب - يعنى: ابن إسْحَاق - قال: حَدَّثَنَا سَعيد، عن قَتَادَة، عن أنَس بن مَالِك

(2)

: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُضَحِّي بكَبْشَين أمْلَحَين أَقرَنَين، يَذبحُهما بيَدِه ويَطَأُ على صِفَاحهُما، ويُسَمِّي ويكبِّر.

أنبَأنَا أبو القَاسم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أنشَدَنا أبو المُرَجَّا سَعْد الله بن صَاعِد بن المُرَجّا الرَّحبيِّ، ويُعْرَفُ بعَمِيْد الرُّؤَسَاء،

(a) تاريخ ابن عساكر: ابن الخلال.

(b) تاريخ ابن عساكر: الحسين.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 20: 201 - 202.

(2)

مسند أحمد 20: 150 (رقم 12736)، شرح السنة للبغوي 4: 334 (رقم 1119).

ص: 501

ببَغْدَاد، قال: أنشَدَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ الحافِظ، قال: أنشَدَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء النَّسَوِيّ، قال: أنشَدَنا أبو الفَضْل عُبيدُ الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أنشَدَني أبو عليّ الحَسَنُ بن مَالِك التَّغْلبِيّ

(1)

: [من الطويل]

فلو أنَّني أخلَصْتُ للهِ نِيَّتي

لأسْعَفَني (a) في كُلِّ أمرٍ أُرِيْدُهُ

على أنَّني أصْبَحْتُ بالله مُؤمنًا

وقد صَحَّ عندي وَعْدُهُ ووَعِيْدُهُ

ولَسْتُ بكَفَّارٍ أَثِيم بِرَبِّهِ

ولكِن مُقِرًّا زَالَ عَنْهُ جُحُودُهُ

فإنْ ينتَقِمْ منِّي فأهْل انْتِقامِهِ

وإنْ يَعْفُ عنِّي عَفْوُهُ لا يَؤُودُهُ

أنبَأنَا الحافِظُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحُمود بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ الحافظ أبي عَامِر العَبْدَرِيّ، قال: سَعْد الله بن صَاعد الرَّحبي، حَدَّثَنَا عن ابن أبي عَوْف الصُّوْرِيّ، وأبي الحَسَن الحِنَّائِي، وأبي مُعَمَّر المُسَدَّد، وفي سمَاعهِ منهم عندي نَظَرٌ، وفي القَلْب منه شيءٌ، وما أَراهُ يَكْذب إنْ شَاءَ اللهُ.

أخبَرَنا تَاج الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن؛ عَمِّي

(2)

، قال: سَعْدُ الله بن صَاعِد بن المُرَجَّا بن الحُسين، أبو المُرَجَّا بن الخَلَّال الرَّحبيِّ، سَمعَ بدِمَشْقَ سَنَة ستٍّ وعِشْرين وأرْبَعِمائة أبا الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْف، وأبا القَاسِم عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز (a) بن الطُّبيز، وأبا المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ الأمْلُوكيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إبراهيم الحِنَّائِيّ، وبالرَّحْبَة أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد الله الصُّوْرِيّ الحافِظ.

وكانت له بدِمَشْق دَارٌ في قَصْر الثَّقَفيِّين

(3)

، وهي المَدْرَسَة الّتي وَقَفَها نُور

(a) ق: لأسعفيني، الشجري: لأشغفني.

(b) تاريخ ابن عساكر: علي.

_________

(1)

الأبيات في الأمالي الخميسية للشجري 2: 24.

(2)

تاريخ ابن عساكر 20: 201.

(3)

المثبت من تاريخ ابن عساكر، وصورة ما جاء في الأصل:

|

ص: 502

الدِّين، رحمه الله، دَاخِل باب الفَرَج على أصْحَاب الشَّافعِيّ، وكان له حَمَّام القَصر أيضًا، ودار أُخْرى خَلفَ حَمَّام العَقِيْقِيّ.

حَدَّثَنَا عنه ابنُ ابن أُخْته أبو القَاسِم هِبَة الله بن المُسَلّم بن نَصْر الخَلَّال (a).

أجَازَ لنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن محُمود بن النَّجّار، الروايَة عنه، وقال في تَارِيْخهِ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام

(1)

: سَعْدُ الله بن صَاعِد بن المُرَجَّا بن الحُسَين بن الخَلَّال الرَّحبي، أبو المُرَجَّا الكاتب، من أهْلِ رَحْبَةِ الشَّام، سَمعَ بها أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ الله الصُّوْرِيّ، في سَنَة ثَمان عَشرة وأرْبَعِمائة، وسَمعَ بدِمَشْق في سَنَة ستٍّ وعِشْرين وأرْبَعِمائة من أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْف بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن أبي عَوْف، وأبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيز بن الطُّبَيز، وأبي المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد الله الأمْلُوكي، وأبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إبراهيم الحِنَّائِيّ، وكان كَاتبًا بلِيْغًا سَدِيْدًا نَبِيْلًا، بَقِيَّة بيتهِ.

وَلِيَ الوِزَارَة لناصِر الدَّوْلَةِ أبي مُحَمَّد الحَسَن بن حَمْدَان، فلمَّا تَمَّ عليهِ من صَاحِب مِصْر ما تَمَّ، وهَرَب بأسْبَابهِ، وَرَدَ ابنُ صَاعِدٍ هذا لبَغْدَاد واسْتَوْطَنها إلى حين وَفَاته، وكان ينزلُ بباب المَرَاتِب، وحَدّث؛ فرَوَى عنهُ من أهْلِ بَغْدَاد أبو البَرَكَات هِبَةُ الله بن المُبارَك بن السقَطِيّ، وأبو القَاسِم إسماعيلُ بن أحْمد بن السّمَرْقَنْديّ.

أنبَأنَا أبو اليُمن زَيدُ بنُ الحَسَن، عن أبي الحَسَن سَعْد الخَير بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ الأندَلُسِيِّ، قال: أخْبَرَني سَعْدُ الله بن صَاعِدٍ أنَّ مَوْلدَهُ سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعِمائة.

(a) ابن عساكر: ابن الخلال.

_________

(1)

انظر التعريف بالكتاب في الجزء السادس.

ص: 503

أنبَأنَا أبو عَبْد الله بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عَامرِ العَبْدَرِيّ، قال: تُوفِّي سَعْدُ الله بن صَاعِد ودُفِنَ يَوْم الاثنين الخَامِس والعِشْرين من شهر رَبيع الآخر من سَنَة اثنتَيْن وتِسعِين وأرْبَعِمائة بباب المَرَاتِب.

‌سَعْد الله بن عَبْد الله بن فَائِق، أبو القَاسِم الحَلَبي الأُسْتَاذ

كان مُعَلِّمًا بحَلَب وكان شَاعرًا، مَدَحَ نَصْرَ بن مَحمُود بن نَصْر بن صَالح في سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة، ذَكَرَ ذلك أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيميّ

(1)

، ولَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْره.

‌سَعْد الله بن غَنَائِم بن علي بن قَانت، أبو سَعْد الحَمَوِيّ المُقرِئ النَّحْوِيّ الضَّرِيْر

(2)

رَجُلٌ فَاضِلٌ، عَارِفٌ بالقرَاءات والنَّحو، قَدِمَ حلَبَ، وصَحِبَ بها الشَّيْخ أبا الأَصْبغَ عَبْد العَزِيْز بن الطَّحّان، وقَرأ عليه القُرآنَ، ومَهَرَ في عِلْم العَربَية، وصنَّفَ فيه كتابَين؛ أحدهما التَّبْصِرَة، والآخر [

] (a)، وقَرَأتُهما عليه بحَمَاةَ، وكان قد

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأول وق قدر كلمة، ولم أقف على اسم كتابه هذا.

_________

(1)

العظيمي: تاريخ حلب 349، وفيه: أبو القاسم سعد الله بن فائق الحلبي.

(2)

توفي سنة 614 هـ، وقيل: 616 هـ وترجمته في: الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني 2: 227، (وقد وهم في سنة وفاته فقيَّدها في سنة 710 هـ ولهذا أدرجه في كتابه المخصوص بأهل القرن الثامن الهجري، وفيه ثابت بدل: قانت)، الصفدي: الوافي بالوفيات 15: 189، (وفيه: ثابت بدل قانت، وأرخ وفاته سنة 610 هـ)، أعيان العصر 2: 405، (وتابع ابن حجر في الخطأ فأرخ وفاته 710 هـ)، وجاء في كتابي الصفدي: ثابت بدل قانت، السيوطي: بغية الوعاة 1: 580 (وفيه: ثابت وقيل: قانت، واقتبس من ترجمة ابن العديم فيما قيَّده، ونبه على الخطأ الذي وقع فيه ابن حجر وتابعه عليه الصفدي في كتابه أعيان العصر دون الوافي بالوفيات)، وانظر إيضاح المكنون 1: 222، كحالة: معجم المؤلفين 4: 216.

ص: 504

تَصَدَّرَ بحَمَاة لإقْرَاءِ القُرْآن العَظِيْم وعِلْم النَّحو. قال لي: ونَزَلت بحَلَب في مَدْرَسَة ابن أبي عُصْرُون النُّورِيَّة.

أنْشَدَنا أبو سَعْد سَعْد الله بن غَنَائِم النَّحْوِيّ الحَمَوِيّ بها لبَعْض الشُّعَراءِ هذه الأبْيَات وهي تَجْمَعُ العِلَل التِّسْعَ المَانِعَة من الصَّرْف: [من البسيط]

شَيْئان مِنِ تِسْعَةٍ في اسْمٍ إذا اجْتَمَعا

لم يَصْرِفاهُ وبَعْضُ القَوْلِ تَهْذِيْبُ

جَمْعٌ ووَصْفٌ وتَأنيثٌ ومَعْرَفَةٌ

وعُجْمَةٌ ثُمَّ عَدْلٌ ثُمَّ تَرْكيْبُ

والنُّونُ زَائِدَةً مِن قَبْلِها ألِفٌ

وَوَزْنُ فِعْلٍ وهذا القَوْل تَقْريبُ

ووَقَعَ إليَّ من شِعْر الشَّيْخ أبي سَعْد النَّحويّ هذه الأبْيَات، ولي منه إجَازَة:[من الطويل]

إذا رَزَقَ اللهُ الفَتَى ما يَقُوتُهُ

وسَلَّمَهُ مِن فِتْنَةٍ وضَلَالِ

وعَافَاهُ مِن سُقْمٍ وأصْبَحَ شَاكيًا

لِرِقَّة حَالٍ أو لقِلَّةِ مَالِ

فقُل نِعْمَةٌ إنْ أنْتَ أحْكَمْتَ قَيْدَها

بشُكْرٍ وإلَّا آذَنَتْ بزَوَالِ

أخْبَرَنا شَيْخُنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن رَوَاحَة أنَّ الشَّيْخ أبا سَعْد النَّحويّ تُوفِّي ببَعْلَبَك، ولَم يَذْكُر لي تَاريخ وَفَاته، ثمّ أخْبَرَني غيره أنَّهُ تُوفِّي ببَعْلَبَك في سَنَة أرْبع عَشرة وستِّمائة تَقْدِيرًا.

‌سَعْدُ الله - وقيل: سَعْد أيضًا - ابن مُحَمَّد بن بَاقِي بن عَدِيّ بن عُمَر، أبو القَاسِم بن أبي عَبْد الله العُمَرِيّ الحَلَبِيِّ

(1)

من بُيُوت حَلَب التُّنَّاء المَعْرُوفين بذلك، وكان يَرْوي الحَدِيْثَ، ولهُ مَعْرفَةٌ بالتَّاريْخ، روَى عنهُ الأُسْتَاذ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ.

(1)

كان حيًا سنة 534 هـ.

ص: 505

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْدِ الله العُظَيْميّ

(1)

، في حَوَادِث سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وأرْبَعِمائة: فيها مَوْلد العُمَرِيّ الحَلَبِيِّ أبو القَاسِم سَعْد بن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن بَاقي بن عَدِيّ بن عُمَر، لَحِقْتُه في سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، وهو يَوْمئذٍ عُمره نَيِّف وتِسْعُون (a) سَنَة، ويَرْوى جُزءًا من الحَدِيْثِ، عَارِفٌ بالتَّوَاريْخِ، قال: وعاش والدهُ مُحَمَّدًا أرْبَعيْن سَنةً، قال: وعاشَ جَدّه بَاقِي مائةً وعَشرةً، وجدُّه عَدِيّ مائةً وعَشرةً، وأُخِذ أمْلَاكهم منهم.

وقَرأتُ بخَطِّ العُظَيْميّ

(2)

: قال لي العُمَرِيّ سَعْدُ الله، قال: ماتَ جَدِّي بَاقي في دَوْلةِ سَابِق بن مَحْمُود وعُمره يَوْمئذٍ مائة وعَشرة سِنِين، وله قد ماتَ - إلى يَوْمنا هذا وهو سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وخسِمائَة - نيف وسِتُّون (b) سَنَةً، قال: كان عُمري يَوْمئذٍ نَيِّف وثَلاثين سَنَة. قال: وكُنْتُ مُتَزوِّجًا ورُزِقْتُ عدَّة أوْلَادٍ. وقال: حَدَّثَني هذا جَدِّي أنّ وَالدَهُ عَدِيّ عاشَ أيضًا مائةً وعَشر سِنِينَ، وكذلك عاشَ وَالدُه عُمَر العُمَريّ مائةً وعَشرةً، وهو الّذي قَتَلَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بن حَمْدَان وأخَذَ أمْلَاكُه؛ يعني الّذي قَتَلَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة جَدّه عَدِيّ، وكان لبَاقي سَنَتان وهو يَرْضع.

وقال العُظَيْميّ

(3)

، ونَقَلْتُه من خَطِّه: الأمْلَاكُ الّتِي أخَذَها من العُمَرِيّ: الكدينة، والبُوَيْبِيَّة وإصْعَى والزَّغْنَة

(4)

؛ وهذه الأمْلَاك قُرى بحَلَب. ونَقَلْتُه هكذا من خَطِّ العُظَيْميّ على لَفْظِه العَاميِّ ولَحْنٍ فيه.

(a) الأصل، ق: وتسعين، ويشير ابن العديم في آخر النقل إلى أن العظيمي يكتب ملحونًا بالعامية.

(b) في الأصل، ق: وستين، وفوقه "صـ".

_________

(1)

لم يذكره في مختصره "تاريخ حلب"، لا في السنة المذكورة ولا في غيرها، ونَقْل ابن العديم أعلاه كتابه الكبير الضائع وعنوانه:"المؤصَّل على الأصل الموصَّل".

(2)

انظر التعليق قبله.

(3)

لم يورده في كابه المختصر: تاريخ حلب.

(4)

لم أهتد لتعريف بهذه القرى التي ذكرها من نواحي حلب، وجاء رسم أكثرها في الأصل دون إعجام، وصورتها:

|

ص: 506

‌سَعْد الله - وقيل: سَعْد - ابن هِبَةِ الله بن نَصْر، أبو الرَّجَاء بن السَّرَطان التَّغْلبي الوَزِير الرَّحبِيّ

(1)

من بَنِي تَغْلِب بن وَائِل، والسَّرَطان الّذي ينسَب إليه هو جُشَم بن نَائِل بن زِيَاد التَّغْلِبِيّ، ويُعْرَفُ بالسَّرَطان وهو جدّ بَيْتهِ.

كان مع عليٍّ عليه السلام بصِفِّيْن، وقُتِلَ معه، ودُفِنَ بالرَّقَّة.

وسَعْد الله هذا من بيتٍ مَشْهُورٍ برَحْبَةِ الشَّام، وأخُوه أبو المَجْد كان من رُؤَسَاء هذا البيت، وتولَّى سَعْد وِزَارَة حَلَب لأبي العِزّ لؤلُؤ الملِكيّ لمَّا اسْتَوْلَى على حَلَب وعَزَلَ ابن المَوْصُول عن الوِزَارَة.

قَرأتُ بخَطِّ الرَّئِيس حَمْدَان بن عبد الرَّحيمِ الأثَارِبيّ، في أوْرَاق وَقَعَتْ إليَّ من تَارِيخه

(2)

، قال: وفي آخر صَفَر - يعني منِ سنَة سَبْع عَشرة وخَمْسِمائَة - سَلَّم بَدْر الدَّوْلةَ تَدْبِيرَ الوِزَارَة بحَلَب إلى الوَزِير شَرف الدِّين أبي الرَّجَاء سَعْد الله بن هِبَةِ الله بن نَصْر المَعْرُوفُ بابنِ السَّرَطانِ، من أهْل الرَّحْبَةِ، وهو من بَنِي تَغْلِب بن وَائِل من ولد نَائِل.

قُلتُ: وهذا بَدْر الدَّوْلَة هو سُليْمان بن عَبْد الجَبَّار بن أُرْتُق، كان عَمّه إيْلغَازي قد جَعَلَهُ نائبَهُ في حَلَب، فلمَّا مَاتَ عَمّه استْهَرَّ في مَمْلَكَة حَلَب في سَنَة ستّ عَشرة إلى أنْ انتَزَعها منه ابن عَمّه بَلَك بن بَهْرام بن أُرْتُق في سَنَة سَبْع عَشرة، وهي السَّنَة الّتي وَلِىَ فيها الوِزَارَة أبا الرَّجَاء بن السَّرَطان، وهذه الوِلَايَةُ وِلَايَةٌ ثانية غير الأُوْلَى الّتي من لُؤْلُؤ المَلكيّ.

(1)

كان حيًا سنة 518 هـ، وترجمته في: زبدة الحلب 1: 403، 407، 417.

(2)

هو كتاب: المفوف، كما سماه ابن العديم في تضاعيف ترجمة الأثاربي (الجزء السادس)، وتقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.

ص: 507

فَرأتُ بخَطِّ عَبْد المنعِم بن الحَسَن بن الحُسَين بن اللّعَيْبَةِ: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن إبْراهيم النَّاتِليُّ ببَغْدَاد، قال: كان شَرَفُ الدَّوْلَة أبو المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيْشٍ، نَضَّرَ اللهُ وجْهَهُ ورَوَّىٍ رَمْسَهُ، أخَذَ رَهَائنَ أهْل الرَّحْبَةِ وحَمَلَهُم إلى المَوْصِل، وفي جُمْلَتهم أبو المَجْد بن سَرَطَان، وتخلَّفَ بها أخُوه أبو الرَّجَاء سَعْدٌ، فأنْشَدَني أبو مُحَمَّد بن ظافِر بن البَنَّاءِ الرَّحبِيّ لنَفْسِه:[من السريع]

ما نِلْتُ مُذْ غابَ أبو المَجْدِ

سَعْدًا سِوَى التَّقْبيلِ مِن سَعْدِ

وخِلْتُ أَنِّي مُشْتَفٍ باللّمى

فزَادَني وجْدًا على وَجْدِ

مَنْ مُنْصِفي مِنهُ وأخْوَالُهُ

قَوَاعِدٌ لِلحَلِّ والعَقْدِ

وجَدُّهُ القَاضِي فَمن ذَا الّذي

يُعْدِي إذا ما جِئْتُ أسْتَعْدِي

أبو الرَّجا أرْجُو على جَوْرِهِ

والجَوْرُ شَأنُ الغِلْمَةِ المُرْدِ

‌سَعْدُ اللهِ بن أبي الفَتْح بن مَعَالي بن الحُسَين، أبو الفَتْح الطَّائيّ المَنْبِجِيّ

(1)

من أهْل مَنْبج، وسَكَنَ حَلَبَ، وصَحِبَ بها الشَّيْخ أبا الحَسَن عليّ بن يُوسُف بن السَّكَّاك (a) الفَاسِيّ مُدَّةً وانْتَفَع بصُحْبَته.

ثُمّ سَافر من حَلَب إلى خُرَاسَان، واشْتَغَل بشيءٍ من عُلُوم الأوَائِل، وخَالَطَ بها مَنْ أفْسَد حاله. ثُمَّ وَصَلَ إلينا إلى حَلَب وقد عاد إلى الطَّريقَة المُثْلَى من

(a) تقدم ذكره في الجزء قبله: الصكاك. انظر ترجمة: ربيع بن محمود المارديني.

_________

(1)

توفي سنة 651 هـ، وأورد له ابن العديم أبياتًا قالها بدمشق في تذكرته 256، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 287، ابن الشعار: قلائد الجمان 2: 97 - 100 (وكناه: أبا نصر)، تاريخ الإسلام 14: 707 - 708 (وفيه: سعد الله بن أبي الفتح بن يعلى)، ابن الصابوني: تكملة إكمال الإكمال 232 - 233، (وأورد له مقطوعة من شعره. وورد في المطبوعة:"المنيجي"، ونبه عليه المحقق في آخر الكتاب أنه من أخطاء الطبع).

ص: 508

الصَّلَاح والخَيْر، فأقام عندنا بحَلَب مُدَّةً، ثمّ تَوَجَّه إلى دِمَشْق، فنَفَقَ على المَلِك الأشْرَف مُوسَى ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، وخَالَطَهُ وعَمِلَ فيه أشْعَارًا كَثِيْرةً، وعَملَ كِتَابًا يَتَضَمَّن فُصُولًا من كَلَامهِ في الحَقِيْقَةِ والحِكْمَة؛ كَتَبْتُه له بخَطِّي وقَرَأتُه عليهِ، وأهْدَاهُ إلى المَلِك الأشْرَف.

وعادَ - بعد تَوجُّهه إلى دِمَشْق - إلى حَلَب سَنَة سَبعٍ وعشْرين وستِّمائة، ثمّ عاد إلى دِمَشْق وانْقَطَع في المَسْجِد الجامع، يَعْبُدُ الله في المَنَارَة الشَّرْقيَّةَ إلى أنْ احْتَرَقَتْ، فانْتَقَلَ إلى مقْصُورة الحَنَفِيَّة الّتي في شَمَاليّ الجامع وشَرْقيّهِ، فأقامَ فيها يَعْبُد الله تعالَى إلى أنْ ماتَ.

اجْتَمَعْتُ به بحَلَب وبدِمَشْق، وأنْشَدَني من شِعْره كَثِيْرًا، وسَمِعْتُ منه فُصُولًا من كَلَامه، وكان سَمعَ بهَرَاة أبا رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، وحَدَّثَ عنهُ بدِمَشْق بأجْزاء من مُسْنَد أبي يَعْلَى.

وكان فَاضِلًا، عَالِمًا، حَسَن الأخْلَاق. قال لي: لمَّا سَافَرْتُ إلى العَجَم خَرَجْتُ عن الدِّيْن بالكُلِّيَّة، وكُنْتُ قد اشْتَغَلتُ بشيءٍ من عُلُوم الأوَائِل، ثمّ مَنَّ اللهُ عليَّ بَعْد ذلك، ببَرَكَة مُحْبَتي الشَّيْخ أبا الحَسَن الفَاسِيّ رحمه الله، فعُدْتُ إلى الإسْلَام، وللهِ الحَمْدُ.

وكان قد رَوَى أبْيَاتًا ببَغْدَاد، عن الشّيْخ أبي الحَسَن، كَتَبَها عنهُ رَفِيْقُنا أبو عَبْد الله بن النَّجَّار، ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ عليّ

(1)

فيما يَأتي إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى، أنْشَدَنا الشَّيْخُ سَعْد الله بن أبي الفَتْحِ بن مَعالي المَنْبِجِيّ لنَفْسِه في الزُّهْدِ:[من الخفيف]

ذَكِّرِ النَّفْسَ بالمَعَادِ وخُذْها

في طَرِيق سهلٍ قَرِيْبٍ تَذكَّرْ

(1)

ترجمة علي بن يوسف الفاسي في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 509

لا تُرِيها شَيْئًا سِوَى اللهِ فيها

إنّها إنْ رَأت سِوَى اللهِ تَخْسَرْ (a)

وإذا ما رَأتْ كَبِيرًا سِوَاهُ

يَطَّبِيْها فقُلْ لَها اللهُ أكْبر

لا يَغُرَّنْكَ كَثْرَهُ الضَّعْفِ مِنها

في ثلاثٍ سَبْعُونَ في الضَّعْفِ أكْثَرُ

إنَّما الشَّيْخُ والصَّبِيُّ إناءٌ

فيه مَاءٌ صَاف ومَاءٌ مُكَدَّرْ

غَيَّر الشَّيْخ صُوْرةَ الحَقِّ فيهِ

وَهْيَ عِندَ الصَّبِيِّ لم تَتَغَّيْر

هَوِّنِ الأمْرَ وابْسُط الكَفَّ بَسْطًا

وَسَطًا صَالِحًا وخُذْ ما تَيَسَّرْ

واشْكُرِ اللهَ في القَلِيْلِ تكُنْ في

عَقِبِ الأمْرِ بالكَثِيْرِ مُظَفَّرْ (b)

ذَكَرَ الحَافِظُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار في تَارِيْخهِ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام، الّذى ذَيَّلَ به تَاريْخ أبي بَكْرٍ الخَطِيب

(1)

، وأجازَ لي رِوَايتَهُ عنهُ، قال: سَعْدُ اللهِ بن أبي الفَتْحِ بن مَعَالِي بن الحُسَين الفَقِيْر، من أهْلِ مَنْبج، قَدِمَ علينا بَغْدَاد حَاجًّا في صَفَر سَنَة خَمْسٍ وسِتِّمائة، ورَأيْتُهُ عندَ شَيْخ الشُّيُوخ عَبْد الوَاحِد بن سُكَيْنَة، وهو شَابٌّ له أكْثَر من ثلاثينَ سَنَة، على هَيْئَة الفُقَرَاء، وقَدَم التَّجْرِيدِ، ولهُ كَلَامٌ حَسَنٌ، وفيه ظَرْفٌ، ولُطْفٌ، وحُسْنُ أخْلَاق، وقد خَدَم المَشَايخ والصَّالِحنِ، وتَخَلَّقَ بأخْلَاقِهم، فاسْتَنْشَدتُه شيئًا، فأنْشَدَني مُقَطَّعات عَلَّقْتُها عنه، وعاد وخَالَطَ المَلِك الأشْرَف مُوسَى ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب.

قال: أنْشَدَني سَعْد الله بن أبي الفَتْح المَنْبِجِيّ ببَغْدَاد، في رِباط أبي سَعْد الصُّوْفيّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن بن السَّكَّاك الفَاسِيّ، فذَكَرَ إنْشَادًا (c) عن شَيْخه ابن العَرِيْف المَغْرِبيّ.

(a) ق: تحشر.

(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة، وقدر نضف التي تليها.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

انظر التعريف بالكتاب في الجزء السادس.

ص: 510

تُوفِّي سَعْدُ الله المَنْبِجِيّ في يَوم الثّلاثَاء، السَّابع والعِشْرينَ من ذِي الحِجَّةِ من سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وستِّمائة بدِمَشْقَ، ودُفِنَ بمَقَابِر الصُّوْفيَّةِ على الشَّرف القِبْليّ، وكان قد قَارَبَ الثَّمانيْن.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَعْد

‌سَعْدُ بن إبْراهيم بن عبدِ الرَّحْمنِ بن عَوْف بن عَبْدِ عَوْف بن عَبْد بن الحارِث بن زُهْرة بن كِلَاب، أبو إسْحَاق - وقيل: أبو إبْراهيم - القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ المَدَنِيُّ

(1)

قاضي المَدِينَة.

قَدِمَ الرُّصَافَة على هِشَامِ بن عَبْد المَلِك، مع جَمَاعَةٍ سَيَّرَهُم إليهِ يُوسُف بن عُمَر بسَبَب مَالٍ ادَّعاهُ عليهم يَزِيد بن خَالِد بن عَبْد الله القَسْرِيّ، لمَّا نَكَبَ هِشَام خَالِدًا، وذَكَرَ أنَّ لخالِد القَسْرِيّ عندَهم وَدَائِع، وكان بالرُّصَافَة في سَنَة إحْدَى وعشرين ومائة.

(1)

توفي سنة 125 هـ، وقيل: 127 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 334، 367، 371، 382، تاريخ البخاري الكبير 4: 51 - 53، التاريخ الصغير 1: 348، 358، 360، الجاحظ: البيان والتبين 1: 310، تاريخ الطبري 2: 452، العجلي: تاريخ الثقات 178، المعرفة والتاريخ 1: 411، 3: 31، المسعودي: التنبيه والإشراف 226، الثقات لابن حبان 4: 397 - 398، 6: 375، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 217، الجرح والتعديل 4: 79، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 121، 122، تاريخ ابن عساكر 20: 204 - 226، ابن الجوزي: المنتظم 7: 263، صفة الصفوة 2: 146 - 147، ابن الأثير: الكامل 5: 274، 319، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 350 - 351، تهذيب الكمال 10: 240 - 247، تاريخ الإسلام 3: 419 - 430، الكاشف 1: 350، تذكرة الحفاظ 1: 136 (ذكر عارض)، سير أعلام النبلاء 5: 418 - 421، العبر في خبر مَن غبر 1: 127، الوافي بالوفيات 15: 148 - 149، تهذيب التهذيب 4: 463 - 465، تقريب التهذيب 1: 286، شذرات الذهب 2: 119، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 82 - 85.

ص: 511

وقد قيل: إنَّ الّذي سَيَّرَهُ يُوسُف بن عُمَر: إبْراهيم بن سَعْد بن عبد الرَّحْمن، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

حدَّثَ سَعْد عن أَبِيهِ إبْراهيم، وعن أنَس بن مَالِك، وعَبْد اللّه بن عُمَر، وعبد اللّه بن جَعْفَر، وأبي أُمَامَة بن سَهْل بن حُنَيف، وعمّه حُمَيْد بن عبد الرّحْمن بن عَوْف، وعُرْوة بن الزُّبَيْر، وإبْراهيم بن عَبْد اللّه بن قَارِظ (a)، وحَفْص بن عَاصِم بن عُمَر بن الخَطَّاب، والحَكَم بن مِيْنَا، ومُحَمَّد بن حَاطِب بن أبي بَلْتَعة، ونَافِع مَوْلَى عَبْد اللّهِ بن عُمَر، وعُبيد اللّه بن عَبْد اللّه بن عُتْبَة، وأبي عُبَيْدة بن عَبْد اللّه بن مَسْعُود، وسَعِد بن المُسَيَّب، وأبي سَلَمَة بن عبد الرّحْمن، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْر الصِّدِّيق.

رَوَى عَنْهُ ابنُه إبْراهيم بن سَعْد، وسُفْيان بن سَعيد الثَّوْرِيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وشُعْبَة بن الحَجَّاج، ومِسْعَر بن كِدَام، وأيُّوْب السّخْتِيَانيّ، ومَنْصُورُ بن المُعْتَمِر، وعبد اللّه بن جَعْفَر المُخَرِّمِيِّ، ويَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، وقَيْس بن عبد الرَّحْمن بن أبي صَعْصَعَة، ومُوسَى بن عُقْبَة الأسَدِيّ، وأخُوه صالح بن إبْراهيم، ومُحَمَّد بن عَجْلَان، ومَالِك بن أنَس، وإبْرَاهِيم بن الجُنَيْد.

ووَلِيَ شُرْطَة المَدِينَة وقَضَاءَها، وأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُوم بنْتُ سَعْد بن أبي وَقَّاص.

ويُعْرَفُ بسَعْد الأكْبَر.

أخْبَرَنَا أبُو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن طَلْحَةُ بن عَبْد السَّلام سِبْط أبي القَاسِم المِهْرَوَانيّ، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي أبو يَعْلَى مُحَمَّدُ بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَنِ عليّ بن

(a) ق: قانط.

_________

(1)

ترجمة إبْرَاهِيم بن سعد بن عبد الرحمن في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 512

مَعْرُوف بن مُحَمَّد البَزَّازُ، قال: حدَّثَنَا إبْراهيم بن عبد الصَّمَد، قال: حدَّثَنَا مُحَمَّد بن الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن إبْراهيم قال: حَدَّثَنَا أبيه، عن أَبيِهِ، عن عَبْد اللّه بن جَعْفَر، قال

(1)

: رَأت رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يأكُلُ القِثَّاءَ بالرطَبِ (a).

أَنْبَأْنَا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد (b) بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا المُبَارك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بن قَانع، قال: سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وفيها وُلد سَعْدُ بن إبْراهيم بن عبدِ الرَّحْمن بن عَوْف.

(a) الصفحة بعدها بياض في الأصل.

(b) ق: حمد.

_________

(1)

صحبح مسلم 3: 1616 (رقم 2043)، سنن ابن ماجة 2: 1104 (رقم 3325).

ص: 513

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌سَعْدُ بن إبْرَاهيم الشَّيْبَانِيّ الإسْعِرْديّ الكَاتِب، ويُلَقَّبُ بالمَجْدِ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قَدِمَ حلَبَ وحَمَاة، وذَكَرَهُ العِمَادُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب في ذَيْل الخَرِيْدَة

(1)

، ورَوَى عنهُ شَيئًا من شِعره.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب

(2)

: المَجْدُ الكَاتِب الإسْعِرْديّ سَعْدُ بن إبْراهيم الشَّيْبَانِيّ، كان يَتَردَّد إلى الشَّام مع أُمَرَاءِ دِيَار بَكْر عند وُصُولهم في نَجْدَة الإسْلَام، ثمّ انْقَطَع عنهم بدِمَشْق إلى ظِلِّ المَلِك النَّاصِر صلاح الدِّين، وأهْدَى إليهِ قَصَائِد، وهَدَى بها مَقَاصِد، وأمرَ باسْتِخْدَامِهِ في بعض مَهَامِّه، وهو إلى سَادِس شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة سَبع وثَمانين وخَمْسِمائَة، عند تَعْلِيقي هذه اللُّمْعَة، وتَشْنِيفي من إحْسَان بَلَاغَته هذه السُّمْعَة (a)، مُقِيمٌ بالعَسْكَر المَنْصُور على عَكَّا، وهو أحَدُّ خَاطِرًا من أهْلِ مَدَرتهِ وأحْكَى، وممَّا أنْشَدَنيهِ لنَفْسِه في جَامع دِمَشْق:[من السريع]

لمَّا رَأى الجَامِعُ أمْوَالهُ

مأكُولةً ما بينَ نُوَّابِهِ

جُنَّ فمن خَوْفٍ عليه غَدَا

مُسَلْسَلًا في كُلِّ أثْوَابهِ (c)

(a) من قوله: "عند تعليقي

إلى هنا" لم يرد في كتاب السيل والذيل.

(b) السيل: وأذكى.

(c) ق: أبوابه.

_________

(1)

السيل، والذيل ورقة 82 ب - 83 أ.

(2)

مخطوط السيل 82 ب.

ص: 514

قال

(1)

: وأَنْشَدَنِي في ذَمِّ حَمَّامٍ: [من المتقارب]

رَأيْتُ لحَمّامكم سِتَّةً

يَظَلُّ لها كُلّ طَلْقٍ عَبُوسَا

هَوَاءٌ تَجَمَّدُ منه الرُّؤُوس

وماءٌ يُذِيبُ الكُلَى والنُّفُوسَا

وسَقْفٌ يدرُّ كفَيْضِ الغَمَام

وأرْضٌ تُمانِع عنها الجُلُوسَا

وطِيْنٌ تغَرْغَرُ منه الحلُوقُ

وعشْوَاءُ تمنَحُ روْحًا خَسيْسَا

وقد كان في العُرْف سَمْطُ الجدَاءِ

فلِمَ صِرْتمُ تسمُطُونَ التُّيُوسَا

قال

(2)

: وأنْشَدَني لنفسِه في البَرَاغِيْث

(3)

: [من الرمل المجزوء]

لو تَرَاني والبَرَاغِيْـ

ــث بجَنْبي (a) يَعْبَثُونا

خِلْتَ أنِّي نائمٌ في

بيدَرِ البَزْر قَطُونا

وقال: وكَتَبَ إليَّ بخَطِّه من جُمْلَةِ قَصِيدَة كَتَبَها إلى بعض أصْدِقائه الحُكَمَاء بدِيَار بَكْر وهو بحَمَاة: [من الخفيف]

شَائمٌ بَرْقمْ بأرْضِ الشّآمِ

ذُو هُيَامٍ بِكُم ودَمْعٍ هَام

ذَاكِرٌ في حَمَاةَ إِلْفًا حَمَاهُ

بُعْدُه أنْ يَذُوقَ طَعْمَ المَنَام

كُلَّمَا عَنَّ ذِكْركم وجرَى العَا

صِي حَكَاهُ بأدْمُعٍ في السِّجَام

ومنها:

سَاعِدُونا ولو بطَيْفِ خَيالٍ

إنْ سَمحتُمْ لمُقْلَةٍ بِمَنَامِ

فعَسَانا نَشْكُو إلى الطّيْف في

الإلْمام منَا لَوَاعجَ الآلَامِ

لا وحَقِّ الوِصَالِ بَعْدَ صُدُودٍ

وعِتَابٍ في حُبِّكُمُ ومَلَامِ

(a) دمية القصر: بجسمي.

_________

(1)

لم ترد الأبيات في كتاب السيل.

(2)

السيل 83 أ.

(3)

البيتان في دمية القصر للباخرزي 2: 36 دون عزو.

ص: 515

وليالٍ وَلَّتْ ووَلَّتْ على الأجْسَام

حُكْمَ الغَرَام والأسْقَامِ

لا رَنَا نَاظِري ولا مَالَ سَمْعِي .. لسِوَاكُم ولا إلى اللُّوَّامِ

حبَّذا أنْتُمُ إذِ العَيْشُ صَافٍ

والجَفَا غيرُ نَافذِ الأحْكَامِ

‌سَعْدُ بن الحارِث بن الصِّمَّةِ بن عَمْرو بن عَتِيْك بن عَمْرو بن مَبْذُول - وهو عَامِرٍ - ابن مَالِك بن النَّجَّار الأنْصَاريّ النَّجَّارِيّ

(1)

صَحِبَ النَّبِيّ صَلَّي اللّهُ عليه وسلَّم، وشَهِدَ يَوْمَ حُنَيْن والمَشَاهِدَ كُلَّهَا بعدَها، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه فقُتِلَ بها، وكان أبُوه الحارِث بن الصِّمَّة من أصْحَاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأُمُّهُ أُمُّ الحَكَم، وهي أُخْتُ خَوْلَة بنت عُقْبَة بن رَافِع الأَوْسِيّ.

أنْبَأنَا أبُو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إِنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيه، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن مَعْرُوف، قال: أخْبَرَنَا الحُسَينُ بن فَهْمٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: وكان للحَارِث بن الصِّمَّة من الوَلدِ: سَعْدٌ، قُتِلَ يَوْم صِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِب رحْمَةُ اللّهِ عليه، وأُمُّهُ أُمُّ الحَكَم، وهي أُخْتُ خوْلَة بنت عُقْبة بن رَافِع ابن امْرئ القَيْس بن زَيْد بن عَبْد الأَشْهَل بن جُشَم من الأَوْس.

وقال مُحَمَّد بن سَعْد

(3)

: وقد صَحِبَ سَعْد بن الحارِث أيضًا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ مع عليّ بن أبي طَالِب صِفِّيْن، وقُتِلَ يَومئذٍ.

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 82 - 83، المحبر لابن حبيب 290، الاستيعاب 2: 583، أسد الغابة 2: 272، الإصابة 3:73.

(2)

طبقات ابن سعد 3: 508.

(3)

لم أقف عليه في طبقاته.

ص: 516

أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المقدِسِيّ الحافِظ في كتابِهِ، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن عَبْد البَرِّ، قال: أخْبَرَنَا خَلَفُ بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنَا سَعيد بنُ عُثْمان بن السَّكَن، قال في ذِكْر أبي جُهَيْم بن الحَارث بن الصِّمَّة بن عَمْرو بن عَتِيْك بن عَمْرو بن مَبْذُول الأنْصَاريّ، له صُحْبَةٌ ورِوَايَةٌ، وأخُوهُ سَعْدُ بن الحَارِث شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ، وقُتِلَ يَوْمئذٍ، واللّهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عبْدُ اللّه بن عليّ الأشيْريّ، قال: أخْبَرَنَا أَبو الوَليد يُوسُف بن عَبْدِ العَزيز بن الدَّبَّاغِ، قال: أَخْبَرَنَا أبو مُحمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد اللّه بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ

(1)

، قال: سَعْدُ بن الحَارِث بن الصِّمَّة، قد ذَكَرنا نَسَبَهُ في باب أبيه، صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وشَهِدَ مع عليٍّ صِفِّيْن، وقُتِلَ يَوْمئذٍ، وهو أَخُو أبَي جُهَيْم (a) بن الحَارِث بن الصِّمَّة.

وقال أبو عُمَر في نَسَب أبيهِ

(2)

: الحارِث بن الصِّمَّة بن عَمْرو بن عَتِيْك بن عَمْرو بن عَاصِ، وعَامِر هذا يُقال له: مَبْذُول بن مَالِك بن النَّجَّار.

‌سَعْدُ بن حَمَّاد، أبو العَلَاءِ المَعَرِّيّ

شَاعِرٌ كان بمَعَرَّة النُّعْمَان، وَقَفْتُ لهُ في مَرَاثِي بَنِي المُهَذَّب على أبياتٍ يَرْثِي بها أُخْتَ الشَّيْخ أبي صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب وهي:[من الطويل]

عَجِبْتُ وما يأتي بهِ الدَّهْرُ أَعْجَبُ

لصَرْفِ زَمَانٍ بالوَرَى يَتَقَلَّبُ

(a) الاستيعاب: أخو جهيم، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

_________

(1)

الاستيعاب 2: 583.

(2)

الاستيعاب 1: 292.

ص: 517

شَبَابٌ وشَيْبٌ واكْتِهالٌ وصَبْوَةٌ

وكلٌّ لعَمْري لا مَحَالة يَذْهَبُ

وإنَّ المَنَايا غَايةُ النَّاسِ كُلّهم

وليس لمَنْ خَافَ المَنيَّةَ مَهْرَبُ

وإِنَّ الّتي في التُّرْب غُيِّبَ شَخْصُهَا

لها فِي نِصَاب المَجْدِ فَرْعٌ ومنْصبُ

ثَوَتْ حين تُرْجَى أنْ تَعِيْشَ بغِبْطَةٍ

وفاتَتْ فلم يُدْرَكْ لها الدَّهْر مَطْلبُ

فإنْ بَعُدَتْ عن قُرْب عَهْدٍ فإنَّها

إلى اللهِ بالتَّقْوَى وبالخَيْر تَقْرُبُ

سَقَى الغَادِياتُ الغُرُّ ماءً لقَبْرها

وصَلَّى عليها اللّهُ ما لَاحَ كَوْكَبُ

ووَقَّتْ بها الأيَّامُ من طَارِق الرَّدَى

أبَاهَا ومَنْ يُدْعَى إليهِ ويُنْسَبُ

فليسَ يُخِلُّ الدَّهْرُ يَوْمًا بأهْلِهِ

إذا سَيِّدٌ أَوْدَى وعَاشَ المُهَذَّبُ

‌سَعْدُ بن زَيْد بن وَدِيْعَة بن عَمْرو بن قَيْس بن جُزَيّ بن عَدِيّ بن مَالِك بن سَالِم الحُبْلَى بن غَنْم بن عَوْف بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ الخزرَجيّ

(1)

من بني الحُبْلَى، قيل: إنَّ لهُ صُحْبَةً، وأنَّهُ شَهِدَ خَيْبَر مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والمَشَاهِدَ بعدَها. وكان مع عليّ رضي الله عنه بصِفِّيْن.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن مَعْرُوف الخَشَّاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

في تَسْمِيَةِ الأَنْصَار الّذين شَهِدُوا بَدْرًا مع رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: زَيْد بن وَدِيْعَة بن عَمْرو بن قَيْس بن جُزَيّ بن عَدِيّ بن مَالِك بن سَالِم الحُبْلَى،

(1)

ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 543 (في ثناياه ترجمة والده زيد)، تاريخ بَغْدَاد 10: 177 - 178، السمعاني: الأنساب 9: 336 - 337.

(2)

الطبقات الكبرى 3: 543.

ص: 518

وكان سَعْد بن زَيْد بن وَدِيْعَة (a) قد قَدِمَ العِرَاق في خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب (b)، ونَزَل بعَقَرْقُوف هذه، فصَار ولدُه بها يُقال لهم: بنو عَبْد الوَاحِد بن بَشِير بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن سَعْد بن زَيْد بن وَدِيْعَة، وليس بالمَدِينَة منهم أحدٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: سَعْدُ بن زَيْد بن وَدِيْعَة بن عَمْرو بن قَيْس الأنْصَاريُّ الخَزْرَجيُّ، أَحَدُ بني الحُبْلَى، قَدِمَ العِرَاق في خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب (c)، ونَزَل عَقَرْقُوف، وهي قَرْيَةٌ من بَغْدَاد على نحو فَرْسَخين.

‌سَعْدُ بن طَارِق بن شُقَارَة، أبو غَانِم الأسَدِيّ الحَلَبِيّ

من أعْيَان حَلَب المُمَدَّحين، وأُولي الهَيْئات والفَضْل والجُوْد والكَرَم، وهو جَدُّ وَالدتي لأُمّها، ومَدَحَهُ أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن نَصْر القَيْسَرانِيّ بعدَّة قَصَائِدَ، فأطْلَقَ له فَدَّانين أو ثلاثة على مَقْرُبةٍ من حَلَب، بقَرْيَةٍ يُقال لها التَّيَّارَة

(2)

، وهي أوَّل ملْكٍ اقْتَناهُ أبو عَبْد الله بحَلَب، وتكمَّلت هذه القَرْيَة لابنه خَالِد بن مُحَمَّد.

وكان أبو غَانِم هذا مُموَّلًا من التُّنَّاءِ بحَلَب، وتُوفِّيَ بها، ولَم يُخلِّف وَلَدًا ذَكَرًا، فانْقَرَضَ نَسْله إلَّا من نَسْل الإناث.

(a) من قوله: "ابن عمرو بن قيس

" إلى هنا ساقط من ق.

(b) ق: رضي الله عنه.

(c) ق: رضي الله عنه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 10: 177 - 178.

(2)

التيارة: قرية في ريف حلب، تقع شرقي مدينة حلب، تتبع ناحية حريتان بمنطقة جبل سمعان من محافظة حلب، في أسفل السفح الغربي لتل التيارة، وتقع شمال شرق النيرب، على بعد 25 كم جنوب شرق بلدة حريتان. طلاس: المعجم الجغرافي 5862، الأسدي: أحياء حلب وأسواقها 151.

ص: 519

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ من شِعْره يَمْدَح أبا غَانِم سعد بن طَارِق بن شُقَارَة، وأخْبَرَنا بها إجَازَةً أبو اليُمْن زيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن القَيْسَرَانِيّ من قَصِيدَة أوَّلها

(1)

: [من الطويل]

لكم من فُؤادِي ما أباحَكُمُ الوَجْدُ

فهَلَّا حَمَاني من وَعِيْدكُم وَعْدُ

أأحْبَابَنا سِرْتُم على القُرْبِ سيْرةً

من الغشِّ جَلّى عن ضَمَائرها البُعْدُ

قال فيها:

وَلي عندَ أعْضَادِ المَهَارَى لبُانَةٌ

إذا ما اقْتَضَاها الوَجْدُ قامَ بها الوَخْدُ

فما أتَشَكَّى البُعْدَ إلَّا تعَرَّضَتْ

لي الحُرَّةُ الوَخْبَاءُ والفَرَسُ النَّهْدُ

وعَزْمٌ يُسَامي النَّيِّرات كأنَّما

سَمَا بجَنَاحَيْهِ أبو غَانِمٍ سَعْدُ

جَوَادٌ تَمَادَى دُونَ لاحقِهِ المَدَى

وعِدٌّ تناهى دُونَ إحْسَانهِ العَدُّ

كأنَّ اللُّهَى في رَاحتَيهِ وَدَائِعٌ

لكُلِّ فَقِيْر والعَطَاءُ لها رَدُّ

مَوَاهِبُ شَتَّى بين جُوْدٍ ورَحْمَةٍ

إذا ما ادَّعَاها الأجْرُ نَازَعَهُ الحَمْدُ

تملَّكَ أعْنَاقَ المَكَارِم واجْتَنَى

ثَنَائيَ منهُ المَالُ والجَاهُ والوُدُّ

يَدٌ ضمنَتْ وِرْدِي وأُخْرَى تَدُلُّ بي

فسَابقَةٌ (a) تَبْدُو وسَائقَةٌ تَحْدُو

وأينَ ثَنَائي منه وهو نَسئيَّةٌ

يُسَامحُني فيه وإحْسَانُهُ نَقْدُ

تَمَهَّلَ منه في مَسَاعِي خُزَيْمَةٍ

عَرِيقُ العُلَى يَنْميِهِ من أَسَدٍ أُسْدُ

بنى الهَضْبَة العُلْيا إذا النَّارُ أُخْمِدَتْ

وَرَى لَهُمُ في كُلِّ شَاهِقَةٍ زَنْدُ

إذا طَارِفٌ منهم تَقبَّلَ تَالِدًا

سَمَا الجَدُّ من آلائهمْ ونَمى الجِدُّ

أبا غَانِم إنَّ السَّمَاحَةَ مَنْهَلٌ

بكفّيْكَ منها كُلّ شَارِقَةٍ وِرْدُ

(a) موضع الباء الموحدة مهمل في الأصل، والإعجام من الديوان.

_________

(1)

ديوان ابن القيسراني 151 - 153.

ص: 520

تفَرَّغْتَ شُغْلًا بالمَعَالِي وإنَّما

تَرُوحُ لتَشْييدِ المَكَارِم أو تَغْدُو

إذا ما عَلَتْ يُمْنَاك كَفًّا حَسِبْتَها

من البِرِّ أُمًّا تحت كَلْكَلِها مَهْدُ

وكُنْت إذا رَاهنْتَ قَوْمًا إلى العُلَى

تَخَوَّنَهُمْ بُعْدُ المَدَى فأتَوْا بَعْدُ

وحَالَفْتَ ما بين المَنَاقِبِ في العُلَى

فجاءَتْ وكُلُّ اثْنَين بيْنَهما عَقْدُ

ففي قُرْبكَ الزُّلْفى وفي وَعْدكَ الغِنَى

وفي بِشْرِكَ الحُسْنَى وفي رَأيكَ الرُّشْدُ

ومثلُكَ مَنْ سَاقَ الثَّنَاءَ سَمَاحُهُ

وتَيَّمَهُ بالنَّائِل (a) الوَجْدُ لا الوُجْدُ

وفَكَّ يَدَيْ أمْوَالِهِ من ختُومها

فِكَاكَ الأُسَارَى قد أضَرَّ بها القِدُّ

فَدُمْ للمَعَالِي كُلَّما ذرَّ شَارِقٌ

جَرَى بالَّذي تَهْوَاهُ طَائِرُكَ السَّعْدُ

وقَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله القَيْسَرَانِيّ

(1)

، يمدَحُ الشَّيْخ أبا غَانِم بن طَارِق بن شُقَارَة من قَصِيدَةٍ، وأنْبَأنَا بها المُؤيَّدُ بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ وغيره عنهُ، قال فيها:[من البسيط]

كأنَّ عَيْنَيَّ في فَضْل انْسِكابهما

يَدَا أبي غَانِمٍ جَادَتْ بأفْضَالِ

وتلك مُزْنَةُ جُوْدٍ كُلَّما ابْتَسَمتْ

تبَجَّسَت بمُلِثِّ الفَضْلِ هَطَّالِ

غَمْزٌ (b) يَصُدُّكَ عن تَكْذِيبِ مَادِحِه

ما عندَ كَفَّيْهِ من تَصْدِيق آمَالِ

يُثْري فلا يَسْتَقرُّ المالُ في يَدِه

كأنَّهُ عَذَلٌ في سَمْعِ مُخْتَالِ

مُتَيَّم ببَناتِ الحَمْدِ (c) وهي بهِ

مَفْتُونَةٌ (d) فهو لا شَاكٍ (e) ولا سَالِ

تَدَارَكَتْ حَالُه وُدًّا ومَحْمِيَةً (f)

ما غيَّرَتْ غِيَرُ الأيَّام من حَالِي

أَلْهَى تَوَالِيَ دَهْرِي عن أَوَائِلهِ

حتَّى تَسَلَّيْتُ بالبَاقِي عن الخَالِي

غَارَتْ حَمِيَّتُهُ منِّي على حِكَمٍ

في الشِّعْر يَجْري عليها حُكْمُ جُهَّالِ

(a) الديوان: بالسائل.

(b) الديوان: غمر.

(c) الديوان: الفكر.

(d) ق: مفتوحة.

(e) الديوان: لا شال.

(f) الديوان: ومحمدة.

_________

(1)

ديوان ابن القيسراني 356 - 357، وبعض أبيات القصيدة في معجم الأدباء 6: 2656 - 2657.

ص: 521

رِيعُوا لها وهي أعْمَارٌ مُخَلَّدَةٌ

كأنَّني زُرْتُهم منها بآجَالِ

فافتَكَّ بالجُودِ ما في غُلِّ باخلِهم

منها وحَقِّقَ أقْوَالًا بأفْعَالِ

وابْتَزَّ ما لمُلُوك العَصْر من فكري

وللأمَاثِل من مِضْمَارِ أمْثَالي

أرْخَصْتَ وُدِّي لمَنْ يُغْلي مُسَاوَمتي

سَمَاحَةً فأنا المُسْتَرخَصُ (a) الغَالِي

يا مَنْ يُزَار فيُلْفَى عندَهُ كَرَمٌ

بلا حِجَابٍ ومَجْدٌ بالعُلَى حَالِي (b)

تَوَاضُعًا في عُلُوٍّ زَادَهُ شَرَفًا

ما أحْسَنَ الشَّرَفَ الدَّانِيّ من العَالِي

أنْتَ الجَوَادُ الّذي ممَّن يُمَاثلُه

في غُرْبةٍ (c) ومن الآلاءِ في آلِ

ما فَالَ رَأيُ القَوَافي منْكَ في رَجُلٍ

يَرَى (d) نداءَ اسْمهِ ضَرْبًا من الفَالِ

مَنْ كانَ من عَرَبٍ أو كان من عَجَمٍ

فأنْتَ يا سَعْدُ من سَعْدٍ (e) وإقْبَالِ

ولأبي عَبْد الله القَيْسَرَانِيِّ

(1)

فيه من قَصِيدَةٍ قَرأتُها بخَطِّه: [من التقارب]

هَبُوا أنَّ حَاجِبَهُ حَاجِبٌ

بَدَا في شِعَارِ بَني هَاشِمِ

فمن أينَ صَارَ إلى ثَغْره

بَيَاضٌ [أَتَى من](f) أبي غَانِمِ

مَوَاهِبُ تَحْسُر عن شَأوِهَا

مَذَاكِي سَنَا البَارِق السَّاجِمِ

تَراقَتْ سُمُوًّا إلى وَاجدٍ

وصَابَتْ حُنُوًّا على عَادِمِ

كفَيْضِ البِحَارِ يُمِدّ الغَمَامَ

ويَنْقَعُ من غُلَّةِ الحَائِمِ

إذا لَاحَ في زَمَنٍ عَابِسٍ

أراكَ ثَنَايَا الثَّنَا البَاسِمِ

محَامِدُ من دُون إعْرَاضهِ

قَطَعْنَ الطّريقَ على الشَّاتِمِ

وقَالُوا السَّمَاحَةُ طَائِيَّةٌ

وكم في خُزَيْمَةَ من حَاتِمِ

يَرُدُّ قِرَاهُ على الطَّارِقيْن

رَأْدَ الضُّحَى في الدُّجَى العَاتِمِ

(a) كذا في الأصل بفتح الخاء، وفي الديوان بكسرها.

(b) الأصل: خال.

(c) ق: غرته.

(d) الديوان: ترى.

(e) الديوان: يمُن.

(f) إضافة من الديوان.

_________

(1)

ديوان ابن القيسراني 386 - 387.

ص: 522

إذا أسْلَمتْكَ الذُّرَى فاسْتَجِرْ

بَني أَسَدٍ عِصْمَةَ العَاصِمِ

أعَزُّ مَنَالًا على أَعْجَم

وأصْلَبُ عُودًا على عَاجِمِ

لَهُمْ من حَدِيثِ العُلَى في

القَدِيْم ما ليْسَ للطَّارِفِ القَادِم

تَنُوْبُ المَغَارِمُ أمْوَالَهُم

فتَنْشَطُ عَقْلًا على الغَارِمِ

نُجُومُ العُلَى غربَتْ في العُلَى

وأوْصَتْ إلى سَعْدِها النَّاجِمِ

‌سَعْدُ بن عَبْدِ اللهِ الأزْدِيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه، وقُتِلَ بها، وكان من رَهْط جُنْدُب بن زُهَيْر، ولهُ ذِكْرٌ في حَدِيث صِفِّيْن ولأخِيهِ عِجْل، وقد ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَةِ مِخْنَف بن سُلَيم الغَامِدِيّ

(2)

فيما يأتي من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌سَعْدُ بن عَبْدِ اللهِ الحَلَبِيّ

رَوَى عن عبد الصَّمَد بن مُغَفَّل، رَوَى عنهُ عليّ بن مُحَمَّد بن جَمِيل الرَّافِقِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد صَقْرُ بن يَحْيَى بن صَقْر الحَلَبِيّ القَاضِي، قراءةً منِّي عليهِ بحَلَب، قال: أنْبَأنَا أبو طَاهِر هاشِم بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن هاشِم الخَطِيبُ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الأُسْوَار عُمَر بن المُنَخَّل الدَّربَنْدِيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي نَصْر بن أبي بَكْر اللَّفْتُوانيّ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ الغَفَّار، وتَمِيْم بن عَبْدِ الوَاحِد، وعُمَر بن أحْمَد بن عُمَر الأصْبَهَانيُّونَ، قالُوا (b): أخْبَرَنا أبو سعيد مُحَمَّد بن عليّ بن عَمْرو بن مَهْدِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن

(a) ق: علي بن أبي طالب.

(b) ق: قال.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 4: 540،5:27.

(2)

ترجمة مخنف الغامدي في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 523

حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن عَبْدِ الله بن مُوسَى البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن جَمِيل الرَّافِقِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعْدُ بن عَبْد الله الحَلَبِيّ، عن عبد الصَّمَد بن مُغَفَّل، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: رأيْتُ أُسْقُفَّ قَيْسارِيَّة في الطَّوَاف، فسَألتُهُ عن إسْلَامهِ، فقال: رَكِبْتُ سَفِيْنَةً أقْصدُ بعضَ المُدن في جَمَاعَةٍ من النَّاسِ، فانْكَسَرت السَّفِيْنَة وبَقِيْتُ على خَشَبَةٍ، تَضْربني الأمْوَاجُ ثلاثة أيَّامٍ وليَاليها، ثُمَّ قَذَفَ بي المَوْجُ إلى غَيْضَةٍ فيها أشْجَارُ يُقال لها النَّبَق (a)، ونَهْرٌ مُطَّرد، فشَرِبْتُ الماءَ، وأكَلْتُ من ذلك الثَّمر، فلمَّا جَنَّ اللَّيْلُ، صَعِدَ من الماءِ شَخْص عَظِيمٌ وحَوْله جَمَاعَةٌ لَم أرَ على صُوْرتهم أحدًا، فصَاحَ بأعْلَى صَوْته: لا إلَه إلَّا اللهُ، المَلِك الجَبَّار، مُحَمَّد رسُول اللهِ النَّبِي المُخْتَارُ، وأبو بَكْر الصِّدِيْق صَاحِب الغَار، وعُمَر بن الخَطَّاب مِفْتاح الأمْصَار، وعُثْمان بن عَفَّان الحَسَن الجِوَار، وعليّ بن أبي طَالِب قَاصِم الكُفَّار، على باغِضِيْهم لعنَةُ الله، ومَأوَاهم جهَنَّم وبئس الدَّار، ثمّ غَاب.

فلمَّا كان بعد مضِي أكْثَر اللَّيْل، صَعِدَ ثانيًا في أصْحَابهِ ونَادَى: لا إلَه إلَّا اللهُ القَرِيب المُجِيبُ، مُحَمَّد رسُول الله النَّبِيّ الحَبِيْبُ، أبو بَكْر الصِّدِّيْق الشَّفِيق الرَّفيق، عُمَر بن الخَطَّابِ رُكْن من حَدِيْد، عُثْمان بن عَفَّان الحَييّ الحَلِيم، عليّ بن أبي طَالِب الكَرِيم المُسْتَقِيْم، ثُمَّ بَصُر بي أحَدُهم فقال: جِنِّيٌ أم إنْسِيّ؟ قُلتُ: إنْسيٌّ، قال: ما دِيْنُكَ؟ قُلْتُ: النَّصْرانِيَّة، قال: أَسْلِم تَسْلَم، أمَا عَلِمْتَ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَام}

(1)

فقُلتُ لَهُ: مَنْ هذا الشَّخْصُ العَظِيْم الّذي نَادَى؟ فقال: هو التَّيَّار مَلكُ البِحَار، هذا دَأبُهُ على كُلِّ لَيْلَةٍ في بَحْرٍ من الأبْحُر. قال: غَدًا يَمُرُّ بك مَرْكَب فصِحْ بهم أو سِرْ إليهم يَحْملُوكَ إلى بَلَد الإسْلَام.

(a) في الأصل: الرىق، وفوقها "صـ"، وكتب ابن العديم في الهامش:"أظنه: لها الورق"، والمثبت أقرب لأن يكون الصواب.

_________

(1)

سورة آل عمران، من الآية 19.

ص: 524

فلمَّا كان من الغَدِ مرَّ مَرْكَب، فأشَرْتُ إليهم وكانُوا نَصارَى، فحَمَلُوني، وقَصَصْتُ عليهم قِصَّتي، فأسْلَمُوا كما أسْلَمتُ، وضَمَّنْتُ الله أنْ لا أكْتُم هذا الحَدِيْث.

‌سَعْدُ بن عليّ بن قاسم بن عليّ، أبو المَعَالِي الحَظِيْرِيّ الكُتْبِيّ

(1)

وسمَّاهُ بَعْضُهم: مَعَالي.

من أهْل الحَظِيْرة، من نَوَاحِي دُجَيْل من سَوَاد بَغْدَاد، توطَّن بَغْدَاد، وقَرأ الأدَب على أبي السَّعَادَات هِبَة الله بن عليّ حَمْزَة بن الشَّجَرِيّ، وأبي مَنْصُور مَوْهُوب بن أحْمَد بن الجَوَالِيْقِيِّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، وأبي القَاسِم عليّ بن أفْلَح، وروَى عنهُ شَيئًا من شِعْره، وأخَذَ عن غير هؤلاء.

وصَحِبَ العَبّادِيّ الوَاعِظ، وكَتَبَ عنهُ شَيئًا من مَحَاسِن كَلَامِهِ في الوَعْظ، واخْتَار منها ما اسْتَحْسَنَه وسمَّاهُ: النُّور البَادِي من كلام العبَّادي، وصَحِبَ الشَّيْخ مُحّمَّد الفَارِقيّ الزَّاهِد، وجَمَعَ مَحَاسِن كَلَامهِ وسمَّاهُ: الكَلِم الفَارِقيَّة في الكَلِم الإلهيَّة، وصَحِبَ شَيْخ الشُّيُوخ أبا البَرَكَات إسْمَاعِيْل بن أبي سَعْد النَّيْسَابُوريّ، وحَدَّثَ عنهُ بشيءٍ يَسِيْر، وتَفَقَّهَ على مَذْهَب الإمَام أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه.

(1)

توفي سنة 568 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (القسم العراق) 5: 28 - 106، ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بغداد 3: 313 - 315، ابن الجوزي: المنتظم 18: 201، معجم الأدباء 3: 1349 - 1352، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 190 - 192، ابن الساعي: الدر الثمين في أسماء المصنفين 375 - 376، وفيات الأعيان 2: 366 - 368، تاريخ الإسلام 12: 394، سير أعلام النبلاء 20: 580 - 581 (وفيه: عُرف بدلال الكتب)، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 566 - 572، الوافي بالوفيات 15: 169 - 176، العيني: عقد الجمان 1: 118، النجوم الزاهرة 6: 68، عبد القادر البغدادي: خزانة الأدب 6: 464 - 465، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6) 21 - 22، الزركلي: الأعلام 3: 86.

ص: 525

ثُمَّ إنَّهُ خَرَج عن بَغْدَاد على قَدَم الزُّهْد والانْقِطَاع والسِّيَاحَة، فقَدِمَ حلَبَ والعَوَاصم، واجْتَمَع ببَالِس بأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ، وسَمِعَ منه بها شَيئًا من شِعْره، وله دِيْوان شِعْر، لَطِيْف النَّظْم، صَغِير الحَجْم، ومُصَنَّفات حَسَنة المَبَاني، جَيِّدة المَعَاني، منها: زِينَة الدَّهْر في مَحَاسِن شُعَرَاءِ العَصْر، سَلَكَ فيهِ مَسْلك الثَّعالِبِيّ في اليَتِيْمَة، وكتاب لُمَحِ المُلَح في التَّجْنِيس من النَّثْر والنَّظْم على حُرُوف المُعجَم، وكتاب الإعجَاز في معْرفَة الألْغَاز؛ ألَّفَهُ باسْم مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز المَوْصِلِيّ، وكتاب حَاطِب لَيْل، ضَمَّنَهُ فَوَائِد ونَوَادر.

رَوَى عنهُ الحافظ أبو مُحَمَّد عَبْد الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت، وأبو الحُسَين أحْمَد بن حَمْزَة بن عليّ السُّلَمِيّ الدِّمَشقيَّان، وأبو المَعَالِي بن صَاعِد الوَاعِظ، وأبو بَكْر عُبَيْدُ الله (a) بن عليّ المَارسْتَانِيّ، وأبو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن عليّ الأنْصَاريّ قَاضِي سُيُوط، وغيرهم.

أنْشَدَنا إسْمَاعِيْل بن سُلَيمان بن أَيْدَاش، بدِمَشْق، قال: أنْشَدَنا عَبْد الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت الفَقِيه

(1)

، قال: أنْشَدَني مَعَالي بنُ قَاسِم البَزَّازُ (b) الحَظِيْرِيُّ في العَشْر الأُوَل من ذِي الحِجَّة، سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة بحَضْرَة مَشْهَدِ الحُسَين رضي الله عنه بكَرْبَلَاء، قال: أنشَدَني أبو القَاسِم عليُّ بن أفْلَحَ العَبْسِيّ لنَفْسِه: [من الخفيف]

ما تَحَيَّلْتُ في رِضَاكَ وبالَغْـ

تُ بفَنٍّ إلَّا سَخِطتُ بفَنِّ

لَسْتَ تُصْغِي إلى هِدَايَةِ نُصْحِي

أنْتَ أهْدَى إلى صَلَاحكَ منِّي

ما أتَانِي منْكَ الغَرَامُ بأمْري

وكَذَا لا يَجيءُ السُّلُوُّ بإذْنِي

_________

(a) ق: عبد الله.

(b) كذا في الأصل، وفي معجم عبد الخالق: البزار، وفي ق: نزار.

_________

(1)

معجم عبد الخالق 393.

ص: 526

هكذا ذَكَرهُ عَبْد الخَالِق في مُعجَم شُيُوخه: مَعَالي بن قَاسِم! وقد اشْتَبَه عليه كُنْيَته باسْمِه، وكَذَا أسْقَط اسْم أبيهِ ونَسَبَهُ إلى جَدِّه، والصّحيحُ ما ذَكَرناهُ في اسْمه وكُنْيَته ونَسَبه.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، وولدُه أبو المَعَالِي أحْمَد، فيما أَذِنَا لي في رِوَايته عنهما، وقد سَمعْتُ منهما بدِمَشْق، قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن حَمْزَة بن عليّ السُّلَمِيّ، قال: أَنْشَدَني أبو المَعَالِي سَعْدُ بن عليّ الحَظِيْرِيّ في حَانُوْتهِ ببَغْدَاد لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

بَدَا الشَّيْبُ في فَوْدِي فأقْصَر بَاطِلي

وأيْقَنْتُ قَطْعًا بالمَصيْر إلى قَبْري

أتَطْمَعُ في تَسْويدِ صُحْفي يَدُ الصِّبَا

وقد بَيَّضَتْ كَفُّ النُّهَى حَسْبَةَ العُمْرِ

قال السُّلَمِيّ: وأنشَدَني لنَفْسِه في لَيْلَةٍ مَاطِرةٍ

(2)

: [من مخلع البسيط]

أقُول والليلُ في امتِدَادٍ

وأدْمُعُ الغَيْث في انسِفَاحِ

أظُنُّ لَيْلي بغَيْر شَكٍ

قد باتَ يَبكي على الصَّبَاحِ

أخْبرَني أبو الرَّبيع سُليْمان بن بُنَيْمان الإربْلِيّ، قال: أنشَدَني أبو المَعَالِي بن صَاعِد الوِاعِظُ، قال: أنْشَدَني أبو المَعَالِي الحَظِيْرِي لنفسِهِ في الوَزِيرِ ابن هُبَيْرَة، وقد مَنَعَ جَازَتَهُ رَجُلًا مَدَحَهُ بأبياتٍ رَدِيئةٍ بَارِدةٍ

(3)

: [من الكامل]

لم يَحْبس المَوْلى الوَزِيرُ (a) نَوَالَهُ

أبدًا وليس النَّدَى بالقَاسِطِ (b)

نظَّمْتَ (c) في عُلْيَاهُ شِعْرًا بَارِدًا

والبَرْد يَقْبِضُ كُلّ كفٍّ بَاسِطِ

(a) الخريدة: الأجل، المسالك: الكريم.

(b) رواية الخريدة والمسالك: بخلًا عليَّ، ولم أكن بالساخط.

(c) الخريدة: لكنني أنشدت.

_________

(1)

البيتان في الخريدة 5: 43، ومرآة الزمان 21: 191، ومسالك الأبصار 15:571.

(2)

البيتان في الوافي بالوفيات 15: 175، ومسالك الأبصار 15:570.

(3)

البيتان في الخريدة 5: 46، ومسالك الأبصار 15:571.

ص: 527

كَتَبَ إلينا يُوسُف بن جِبْرِيل القَيْسِيّ، وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار عنهُ، قِراءَةً عليهِ، عن القَاضِي أبي البَرَكاتِ مُحَمَّد بن عليّ الأنْصَاريّ، قال: أنْشَدَني أبو المَعَالِي سَعْدُ بنُ عليّ بن قَاسِم الحَظِيْرِيّ الكُتْبِيّ لنفسِه بدُكَّانهِ بين الدَّرْبَيْن من مَدِينَةِ السَّلام، وهى لا تَنطَبقُ الشَّفَتان عند قِرَاءَتِها

(1)

: [من الرجز]

هَا آنَذَا عَارِي الجَلَدْ

أَسْهَرَنِي الّذي رَقَدْ

آه لعَيْنٍ نَظَرَتْ

إلى غَزَالٍ ذِي غَيَدْ

أَرَيتَني يا نَاظِرِي

صَيدَ الغَزَالِ للأسَدْ

إنَّ الضَّنَا لهَجْرهِ

يا عَاذِلي هَدَّ الجَسَدْ

حَشَا حَشَاي إذْ نَأى

نَارَ الغَضَّا حينَ شَرَدْ

يا غَادِرًا غَادَرَني

على لَظَى نَارٍ تَقدْ

ألَّا اصطَنَعْتَ نَاحِلًا

لا يَشتَكي إلى أَحَدْ

قال: وأنْشَدَني لنَفْسِهِ: [من المتقارب]

يَقُولونَ وَافَاكَ عِيْدُ السُّرُورِ

وأَنْتَ حَزِينٌ كَثِيْرُ البُكَاءِ

فقُلْتُ وكيفَ أُهَنَّى بهِ

إذا كُنْتُ فيه قَلِيْلَ الثَّرَاءِ

سَمعْتُ القَاضِي أبا عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ يَقُول: سَمعْتُ أهَل بَغْدَاد يقُولُونَ: إنَّ أبا المَعَالِي الحَظِيْرِيّ تَزَهَّدَ ولبسَ الصُّوفَ وعَبَدَ الله تعالَى في الشَّمْس عَشر سِنين، وخَرَجَ عن بَغْدَاد، وقَدِمَ العَوَاصِم، وسَاحَ في بلادها.

(1)

الأبيات أوردها الصفدي في كتابيه: الوافي بالوفيات 15: 171 - 172، ونصرة الثائر على المثل السائر 372.

ص: 528

ثُمّ رَجَعَ إلى بَغْدَاد في الأيّام المُقتَفويَّةِ، وصنَّفَ بها كُتُبًا كَثِيْرةً، منها: لُمَح المُلَح، وحَاطِب لَيْل، وزِينَة الدَّهْرِ. ولمَّا حَجَّ مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز من المَوْصِل، اجْتَمَعَ بهِ وأوْدَع عندَهُ ذَهَبًا ليَشْتَري له (a) به كُتُبًا.

قال لي أبو عليّ القِيْلَويّ: حَكَى لي الحَاجِبُ ابن الكَرْخِيّ، حَاجِب الخَلِيفَة، قال: لمَّا أوْدَع مُجَاهِد الدِّين ثَمَن الكُتُب عند أبي المَعَالِي الكُتَبِيّ، سَرَقَ الذَّهَبَ ابنُ امرَأته، فجاءَ أبو المَعَالِي يَطْلُبه فلم يَجِد شَيئًا، فجلَس مُفَكِّرًا مُتَحيِّرًا في الدُّكّان، فسَألتُهُ عن ذلك؟ فقال لي: ما بي شيء، فقُلتُ: بلَى، فقال: كان عندنا ذَهَبٌ وضَاع، فسَألتُهُ عن مِقْدَاره؟ فلَم يَذكُر، فقُلْتُ لغُلَامهِ: أيْشٍ مِقْدَار الذَّهَب؟ فقال: مائة وعشْرين دِيْنارًا لمُجَاهِد الدِّين، وقد أخَذَهُ ابن امرأته، فقُلْنا له: الذَّهَبُ أخَذَهُ ابن امرأتك، فقال: أنا أغرمه ولا تَتَّهمُونَ أحدًا! فقُلتُ: ما ألتَفتُ إلى كَلَامهِ، ومَضَيْتُ إلى حَاجِب البابِ، فأحْضَر ابنَ امرَأتهِ وهدّدَهُ بالعَصْر فاعْتَرفَ بالذَّهَب، وأحْضَرَهُ وقد نَقصَ خَمْسَة عَشر دِيْنارًا، فردّها عليه.

قال لي القِيْلَويّ: وحَكَي لي العَفِيف ابنُ أخي الدُّورِيّ الوَاعِظُ، قال: لمَّا قَدِمَ مُجَاهد الدِّين إلى الحَجِّ، رَكِبَ وأتَى دُكَّانَ أبي المَعَالِي الحَظِيْرِيّ، فوقفَ بين يَدَي الدُّكَّان وغُلَامُهُ يُلَبِّسُه مَدَاسَهُ، فسَأل رَجُلًا عن الشَّيْخ أبي المَعَالِي، وأبو المَعَالِي يَكْتُب، فأشَار إليه، فجَعَل مُجَاهِد الدِّين يَنْظُر إليه ويتأمَّلُهُ، وقال وهو يَنْزل عن فَرَسِهِ: لأنْ تَسْمَعَ بالمُعَيْدِيّ خَيْرٌ من أنْ تَراهُ! وكان الشَّيْخُ قَصِيْرَا، طَوْيلَ اللِّحيَةِ، على آذَانِه شَعرٌ، وَنزَل إليه وتحدَّث معه، فعَظُم في عَيْنهِ. ولمَّا عادَ من الحجَّ سَأل أنْ يَذْكُر له شَيئًا من الألْغَاز، فصَنّفَ له كتاب الألْغَاز لقَايْمَاز.

(a) ساقطة من ق.

ص: 529

أجازَ لي الرِّوَايَةَ عنه رَفِيقُنا وصَدِيْقُنا الحافِظُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّارِ، وقال: سَعْدُ بن عليّ بن القَاسِم بن عليّ الحَظِيْرِيّ، أبو المَعَالِي الكُتبِيّ، من أهْل الحَظِيْرة، ناحيةٍ بدُجَيْل من سَوَادِ بَغْدَاد مجَاوِرَة لعُكْبَرا، قَدِمَ بَغْدَاد واسْتَوْطَنها، وصَحِبَ أبا القَاسِم عليّ بن أفْلَح الشَّاعر، وجَالَسَ الشَّريفَ أبا السَّعَادَات هِبَة الله بن عليّ بن حَمْزَة بن الشَّجَرِيّ النَّحْوِيِّ، وأبا مَنْصُور مَوْهُوب بن أحْمَد بن الجَوَالِيْقِيِّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن الخَشَّابِ وغيرهم، وتَفَقَّهَ على مَذْهَب أبي حَنِيفة.

ثمّ إنَّهُ أحبَّ الخَلْوَةَ والانْقِطَاع، فخَرَجَ سَائِحًا وطَافَ بلَاد الشَّام، ومَضَى إلى مَكَّة فحَجَّ. وعادَ إلى بَغْدَاد، فجَلَس في دُكَّانٍ بين الدَّرْبَيْن، يَبعُ فيهِ كُتُب العِلْم للنَّاس، واشْتَهَر بالدِّيانَة والثِّقَة والأمَانَة، وصار دُكَّانُه مجْمعًا لأهْل العِلْم، ومُنَاخًا لأهْلِ الفَضْل.

وكان أَدِيبًا فَاضِلًا، بَلِيغًا، حَسَن النَّظْم والنَّثْر، وله مُصَنَّفاتٌ لَطِيْفة؛ منها: كتاب لُمَح المُلَح في التَّجْنِيس، وكتاب الإعْجَاز في مَعْرِفَة الألْغَاز، وكتاب زِينْة الدَّهْر في مَحَاسِن شُعَرَاءِ العَصْر، وله دِيوان شِعْرٍ، وقد رَوَى عنهُ جَمَاعَةٌ شَيئًا من شِعْره.

وذَكَرَ أبو بَكْر (a) عَبْدُ الله بن عليّ المَارَسْتَانِيّ أنَّهُ حدَّثَ بيَسِيْرٍ عن شَيخ الشُّيُوخ أبي البَرَكَات إسْمَاعِيْل بن أبي سَعْد النَّيْسَابُوريِّ، وأنَّهُ سَمِعَ منه، ولَم يَرْوِ لي عنه أحدٌ شيئًا.

وقال ابنُ النَّجَّار: أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحُسَيْنيّ، عن أبي الفَرَج صَدَقَة بن الحُسَين بن الحَدَّادِ الفَقِيه، قال: سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، في يَوْم الاثْنَين

(a) ساقطة من ق.

ص: 530

خَامِس عَشْرِيّ صَفَر، ماتَ أبو المَعَالِي الكُتْبِيّ الحَظِيْرِيّ، ودُفِنَ بقَبْر أحمد، وكان يقُول الشِّعْر ويُصَنِّفُ.

‌سَعْدُ بنُ عُقْبَة

لهُ ذِكْرٌ، وكان بِدَابِق مع سُليْمان بن عَبدِ المَلِك، وقد ذَكَرنا في تَرجَمَةِ أيُّوبَ بن سُلَيمان بن عَبْد المَلِك

(1)

، أنَّهُ دَخَل سُليْمان على أيُّوبَ وهو يَجُود بنَفْسهِ، ومعه عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وسَعْد بنُ عُقبَة، ورَجَاء بن حَيْوَة، فخَنَقَتهُ العَبْرة، وذكر تَمَام الخَبَر.

‌سَعْدُ بن عَمرو الأنْصَاريّ

(2)

وهو أخُو الحَارِث بن عَمْرو الّذي قَدَّمْنا ذِكرهُ

(3)

، قيل: إنَّ له صُحبةً، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح نَصْرِ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيِّ في كتابِهِ إليْنَا من مَكَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عليّ الأَشِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد يُوسُف بن عَبْد العَزِيْز بن الدَّبَّاغَ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد العَزِيْز بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنا أبو عُمْر يُوسُف بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن عبدِ الله بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيُّ

(4)

، قال: سَعْدُ بن عَمْرو الأنْصَاريّ، شَهِدَ هو وأخُوه الحَارِث بن عمرو صِفِّيْن مع عليّ بن أبي طَالِب، ذَكَرَهُما الكَلْبيُّ وغيرُه فيمَن شَهِدَ صِفِّيْنَ من الصَّحَابَةِ.

(1)

ترجمة أيوب بن سليمان بن عبد الملك في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: فتوح البلدان للبلاذري 152، الاستيعاب لابن عبد البر 2: 601، أسد الغابة 2: 288، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 226.

(3)

ترجمة الحارث بن عمرو الأنصاري في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

الاستيعاب 2: 601.

ص: 531

‌سَعْدُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن إبراهيم الأسَدَابَاذِيّ ثُمَّ الحلوَانِيّ ثمّ الآمِدِيّ، أبو نَصْر الصُّوْفيّ

(1)

وُلد بأَسَدَابَاذ، ونَشَأ بحُلْوان، وسَكَنَ آمِد.

صَحِبَ الشَّيْخَ أبا طَالِب يَحْيَى بن عليّ الدَّسْكَرِيّ، وخَدَمَهُ، وسَمِعَ منه الحَدِيْث، ثُمَّ رَحَلَ وطَافَ البِلاد، وسَمِعَ الحَدِيْث الكَثِيْر، وخَرَجَ من آمِد إلى الشَّام ووَصَلَ إلى سَوَاحلها، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.

سَمِعَ بآمِد أبا مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَاسِم الأصْبَهَانِيّ.

وبمَيَّافَارقِين أبا الطَّيِّب سَلامَةَ بن إسْحَاق بن مَحْمُود بن دَاوُد الآمِدِيّ، وأبا مَسْعُود أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَبْد العَزِيْز بن شَاذَان، وسَلامَة بن عليّ المقرِئ.

وبعَسْقَلان أبا الحَسَن عليّ بن صالح بن أحْمَد الطَّلانِسِيّ، وأبا سَعْد إسْمَاعِيْل بن عليّ بن الحَسَن بن المُثَنّى الإِسْتِرَابَاذِيّ.

وبِصُوْر أبا الفَرَج عَبد الوَهَّاب بن الحُسَين بن عُمَر بن بَرْهَان الغَزَّال.

وبالرَّمْلَة أبا الحُسَين مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ بن التُّرْجُمان الصوْفيّ، شَيخ الصُّوْفيَّة.

وسَمِعَ بنَيْسَابُور أبا نَصْرِ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد الطوْسيّ، وأبا حَفْص عُمَر بن أحْمَد بن مسْرُور المَاورْدِيّ، وأبا الحُسَين عَبْد الغَافِر بن مُحَمَّد الفَارسِيّ، وأبا عُثْمان إسْمَاعِيْل، وأبا يَعْلَى إسْحَاق ابني عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الصَّابُونِيّ، وأبا

(1)

توفي سنة 494 هـ، وترجمته في: التدوين في أخبار قزوين للوافي 3: 36 - 37، تاريخ الإسلام 10:753.

ص: 532

سَعيد فَضْل اللّه بن أبي الخَيْر المِيْهَنِيّ، وأبا سَعيد مُحَمَّد بن عليّ الخشَّاب، وأبا أحْمَد الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن هَارُون النَّيْسَابُوريّ، وأبا القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ.

وبإِسْتِرَابَاذ أبا عَبْد اللّه (a) بن عبد الرّحْمن بن مُحَمَّد بن عليّ الصَّيْرَفِيّ، وأبا الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد، وأبا نَصْر عَبْد الوَاسِع بن عَبْد اللّه الإِسْتِرَابَاذِيّ.

وبالرَّيّ: أبا عليّ أحْمَد بن العبّاس بن إبْراهيم العَصّارِيّ.

وبدِهِسْتَان قَاضِيها أبا سَعيد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، وأبا أحْمَد عبد الحَلِيم بن مُحَمَّد بن عبد الحَلِيم بن أحْمَد بن يُوسُف المُعَلِّم.

وبقَزْوين أبا يَعْلَى الخَليل بن عَبْدِ الله بن أحْمَد الخلَيْليّ الحافِظ.

وبالدَّامِغَان أبا عُمَر عبد الوَاحِد بن مُحَمَّد التَّاجر.

وبفَارِس عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن الحَسَن الرَّازِيّ، وأبا الفَتْح نَاصِر بن الخَضِر الصُّوْفيّ، وأبا مُسْلم فَارِس بن المُظَفَّر بن غَالِب.

وببِسْطَام ظَفَر بن نُوح بن إسْمَاعِيْل الجُرْجَانِيّ، وأبا زَيْد صالح بن مُحَمَّد بن الحُسَين الخَطِيبُ.

وبأصْبَهان أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ المُؤذِّن الأصْبَهَانِيّ، وأبا طَاهِر (b) عَبْد الكَريم بن عَبْد الوَاحِد الحَسَنَابَاذِيّ.

وبخُوَيّ أبا الفَرَج سَعْد بن أحْمَد بن عليّ بن مَيْمُون الدِّيْنَورِيّ.

(a) ساقطة من ق، وفيها: أبا عبد الرحمن.

(b) ق: أبا ظاهر.

ص: 533

وبطَبَرِسْتان أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن مَنْصُور القَوَارِيرِيّ.

وبشِيْرَاز أبا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَمَة (d) الصُّوْفيّ، وأبا الوَفَاء المُسَيَّب بن أبي الحُسَين الكَرْمِيْنيّ الصُّوْفيّ.

وبجُرْجَان أبا سَعْد مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ بن بَهَارَة البَكْرَابَاذِيّ.

وبتِنِّيْس الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن المَرْو الرُّوْذيّ الصُّوْفيّ.

وبجُدَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَازَرُونِيّ.

سَمعَ منه الحافِظ عُمَر بن أبي الحَسَن الرَّوَّاسِيّ، وخرَّج له أرْبَعيْن حَدِيثًا، عن كُلِّ شَيْخٍ حَدِيثًا، ورَوَى عَنْهُ ابنُه أبو الفَتْح مُحَمَّد بن سَعْد، وأبو الفُتُوح (b) عَبد الوَهّاب بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، وأبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن (c) بن محمد بن إبْراهيم الفَرْغُولِيّ، وأبو مَنْصُور عَبْد الخَالِق بن زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، وأبو صالح عَبْد المَلِك بن أبي سَعيد القُشَيْريّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد الدَّقَّاق الحافِظ.

أخْبَرَنَا أبو هاشِم عَبْد المُطّلِب بن الفَضْلِ الهَاشِمِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن منْصُور السَّمْعَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مَنْصُور عَبْد الخَالِق بن زَاهِر الشَّاهِد بنَيْسَابُور، من لفظه وكَتَبَ لي بخَطِّه، قال: أخْبَرَنَا سَعْد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الصُّوْفِيّ - قَدِمَ علينا - قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب يَحْيَى بن عليّ بن الطَّيِّب الدَّسْكَرِيّ الصُّوْفيّ بحُلْوان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد العَبْدِيّ الدِّهِسْتَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا قُتيبَةُ بن سَعيد، عن مَالِك بن أنَسٍ، عن زَيْد بن أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، عن عَبْدِ اللّه الصُّنَابِحِيّ

(a) ق: مسلمة.

(b) ق: أبو الفتح.

(c) ق: الحسين.

ص: 534

رَضِيَ اللهُ عنهُ

(1)

: أنَّ رسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم قال: إذا تَوَضَّأ العَبْدُ المُؤْمِن فَمضْمَضَ، خَرَجَت الخَطَايا من فَمهِ، فإذا اسْتَنْثَرَ خرجَت الخَطَايا من أنْفهِ، فإذا غَسَل وَجْهَهُ خَرَجت الخَطَايا من وَجْهِهِ حتَّى تَخْرُج من تحتِ أشْفَارِه، فإذا غَسَل يَديه خرَجَت الخَطَايا من يَدَيهِ حتَّى تَخْرُج من تحت أظْفَار يَديهِ، فإذا مَسَح برَأسِه خرَجَت الخَطَايا من رَأسِه حتَّى تَخْرُج من أُذُنيهِ، فإذا غَسَل رِجْليهِ خَرَجَت الخَطَايا من رِجْليهِ حتَّى تخرُج من تحتِ أظْفار رِجْليه، ثمّ كان مَشْيهُ إلى المَسْجِد وصَلَاتُه نَافِلةً له.

أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ الصُّوْفِيّ، قراءة منِّي عليه بالمَسْجِد الأقْصَى من البَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن أبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الجُوَيْنِيّ بالقَاهِرَة برِبَاطِ الصُّوْفيَّة، سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح عَبد الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر الصَّيرَفِيّ الصُّوفِيّ القُشَيْريّ، ح.

وأخْبَرَنَا أبو هاشِم الحَلَبِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن سَعْد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأسَدَابَاذِيّ - قال أبو الفُتُوح: أخْبَرَنَا أبو نَصْر سَعْد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن إبْراهيم الأسَدَابَاذِيّ، وقال أبو الفَتْح: أخْبَرَنَا وَالدِي، قِرَاءةً عليهِ - قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج عَبد الوَهَّاب بن الحُسَين بن عُمَر بن بَرْهَان الغَزَّال بِصُوْر، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوب إسْحَاق بن سَعْد بن الحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي الحَسَن بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَة بن خَالِد، قال:

(1)

سنن ابن ماجة 1: 103 - 104 (رقم 282)، الجامع الكبير للترمذي 1: 52 - 53، سنن النسائي 1: 74 - 75 (رقم 103)، نصب الراية للزيلعي 1: 21، كنز العمال 9: 285 (رقم 26033).

ص: 535

حَدَّثَنَا همَّام، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، عن عَبْدِ اللّه بن أبي قَتَادَة، عن أَبِيهِ

(1)

: أنَّهُ شَهِدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على جنَازَة، قال: فسَمِعْتُه يقُول: اللَّهُمّ اغْفِر لحَيِّنَا ومَيِّتنا، وشَاهِدنا وغَائبنا، وصَغِيرنا وكَبيرنا، وذَكَرنا وأُنْثانا. وحدَّثَ بهؤلاءِ الكَلِمَات وزَادَ معهنَّ: اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ منّا فَأحْيهِ على الإسْلَام، ومَنْ تَوَفّيْتَهُ منا فتَوَفَّهُ على الإيْمان.

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطّلِب بن الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن أبي المُظَفَّر يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللّهِ مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد الدَّقَّاق الحافِظ بمَرْو، لَفْظًا، يَقُول: سَمِعْتُ أبا نَصْر سَعْد بن مُحَمَّد الأسَدَابَاذِيّ الصُّوْفيّ عند قبَر أبي يَزِيد البِسْطَامِيِّ رحمه الله يَقُول: سَمِعْتُ إسْمَاعِيْل بن عليّ بعَسْقَلان يَقُول: سَمِعْتُ طَاهِر بن مُحَمَّد يَقُول: حَدَّثَنَا الحَسَن بن حَبِيْب الدِّمَشقِيّ يَقُول: حَدَّثَني الرَّبِيْع بن سُلَيمان، قال: رأيْتُ الشّافِعِيّ رضي الله عنه في المَنَام، فقُلتُ: يا أبا عَبْد اللّه، ما صَنَعَ اللّهُ بكَ؟ قال: أجْلَسَنِي على كُرْسِيٍّ من ذَهَب ونَثَر عليَّ اللُّؤْلُؤَ الرَّطْبَ.

أخْبَرَنَا عَبْدُ المُطَّلِب بن أبي المَعَالِي، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الكَريم بن أبي بَكْر لَفْظًا، قال: سَمِعْتُ أبا الفَتْح مُحَمَّد بن سَعْد بن مُحَمَّد الأسَدَابَاذِيّ بمَرْو، مُذَاكَرَةً، يَقُول: سَمِعْتُ وَالدِي رحمه الله يَذكُر بنَسَا في الشَّيْب

(2)

: [من الكامل]

يا شَيْبَتي دُوْمِي ولا تَتَرحَّلي

وتَيَقَّنِي أنِّي بوَصْلك مُوْلَعُ

قد كُنْتُ أفْزَعُ من حُلُولك مرَّةً

فالآن من خَوْف التَّرَحُّل أفْزَعُ (a)

(a) في ديوان البستي: واليوم

أجزع.

_________

(1)

الجامع الكبير للترمذي 2: 332، السنن الكبرى للبيهقي 4: 41، تهذيب الكمال للمزي 33:6.

(2)

البيتان لأبي الفتح البستي في ديوانه 116، وانظر: معاهد التنصيص للعباسي 2: 188.

ص: 536

قال أبو الفَتْح: وسَمِعْتُه ينشِد: [من البسيط]

واخَجْلَتني من وقُوفي ببَابِ دَارِهم

يَقُول سَاكنُها مَنْ أنْتَ يا رَجُلُ

قال أبو الفَتْح: كان وَالدِي يُردِّدُ هذا البَيْتَ ويَبْكي.

أخْبَرَنَا أبو هاشِم بن الفَضْل، قال: قال لنا تاج الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السّمْعَانيّ: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن إبْراهيم الأسَدَابَاذِيّ أبو نَصْر، وُلد بأَسَدَابَاذ، ونَشَأ بحُلْوان في خِدْمَة الشَّيْخ أبي طَالِب يَحْيَى بن عليّ الدَّسْكَرِيّ، ثمّ سَافرَ الكَثِيْر، ورَحَل في طَلَب الحَدِيْث إلى العِرَاق والشَّام ومِصْر، وحَجَّ تِسْع حِجَج؛ ذَكَرَ لي ابنُه أبو الفَتْح ذلك، وتَعب (a) في جَمْع الحَدِيْث وأكْثَر منه، وخَرَّج لِنَفْسِه الفَوَائِدَ والأَرْبَعِين.

سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا حَفْص عُمَر بن أحْمَد بن مَسْرُور المَاوَرْدِيّ، وأبا الحُسين عَبْد الغَافِر بن مُحَمَّد الفَارسِيّ، وأبا عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، وأخاهُ أبا يعلَى إسْحَاق بن عبد الرَّحْمن، وأبا القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ، وأبا سَعيد فَضْل اللّه بن أبي الخَيْر المِيْهَنِيّ، وبحُلْوان أبا الطَّيِّب يَحْيَى بن علِيّ بن الطَّيِّب الدَّسْكَرِيّ، وبمَيَّافَارقِين أبا الطَّيِب سَلامَة بن إسْحَاق بن مُحَمَّد الآمِدِيّ، وأبا مَسْعُود أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه البَجَليّ الرَّازِيّ، وبعَسْقَلان أبا سَعْد إسْمَاعِيْل بن عليّ بن الحَسَن بن المُثَنَّى الإِسْتِرَابَاذِيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن صالح بن أحْمَد الطَّلَانِسِيّ، وبِصُوْر أبا الفَرَج عَبد الوَهَّاب بن الحُسَين بن عُمَر بن برهَان الغَزَّال، وبشِيْرَاز أبا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَلَمَة الصُّوْفيّ، وأبا الوَفَاء المُسَيَّب بن أبي الحُسَين الكَرْمِيْنيّ، وبالرَّمْلَة أبا الحُسَين مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ بن التُّرْجُمَانِ الصُّوْفيّ، وبتِنِّيْس الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن المَرْو الرُّوذيّ الصُّوفيّ، وبقَزْوِين أبا يَعْلَى الخَلِيل بن

(a) في الأصل وق بالباء الموحدة في أولها: بعب!.

ص: 537

عَبْد اللّه بن أحْمَد الحافِظ، وبالرَّيّ أبا عليِّ أحْمَد بن العبَّاس بن إبْراهيم العَصَّارِيّ، وبخُوَيّ أبا الفَرَج سَعْد بن أحْمَد بن عليّ بن مَيْمُون الدِّيْنَورِيّ، وبدِهِسْتَان أبا أحْمَد عبد الحَليم بن مُحَمَّد بن عبد الحَليم بن أحْمَد بن يُوسُف المُعَلِّم، وبأصْبَهان أبا طَاهِر عَبْد الكَريم بن عَبْد الوَاحِد الحَسَنَابَاذِيّ، وبفَارِس أبا الفَتْح نَاصِر بن الخَضِر الصُّوْفيّ، وأبا الفَضْل عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن الحَسَن الرَّازِيّ، وبجُرْجَان أبا سَعْد مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ بن بَهَارَة البَكْرَابَاذِيّ، وبثَغْر آمِد أبا مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَاسِم الأصْبَهَانِيّ، وببِسْطَام أبا الفَرَج صالح بن مُحَمَّد بن الحُسَين الخَطِيب، وجَمَاعَة سِوَاهم.

رَوَى لنا عنْهُ ابنُهُ أبو الفَتْح مُحَمَّد بن سَعْد بمَرْو، وأبو مَنْصُور عَبْد الخالِق بن زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ بنَيْسَابُور، وأبو صالح عَبْد المَلِك بن أبي سَعيد (a) القُشَيْريّ بطُوس، وغيرهم.

سَألتُ أبا الفتح مُحَمَّد بن سَعْد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأسَدَابَاذِيّ عن مَوْلد أبيهِ أبي نَصْر، فقال: كان وَالدِي ابن سَبْع وتِسْعِين سَنَة، ففي التَّقدِير مَوْلده سَنَة سَبْعٍ وتِسْعين وثَلاثِمائة بأَسَدَابَاذ.

وقال: سَألتُ أبا الفَتْح بن أبي نَصْر الأسَدَابَاذِيّ عن وَفَاةِ وَالدِه، فقَال: تُوفِّي في شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة ببَشْخُوَان، إحْدَى قُرَى نَسَا، رحمه الله.

(a) ق: ابن أبي سعد.

ص: 538

‌سَعْدُ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيْفِيّ، أبو الفَوَارِس التَّمِيْمِيّ المعرُوف بالحَيْصَ بَيْص

(1)

وُلد بكَرْخ بَغْدَاد، واشْتَغَل بالفِقْه والأدَب ونَظْم الشِّعْر، وسَافَرَ إلى الشَّام، وقيل إنَّهُ دَخَلَ حَلَب.

وكان يَتَعَاظَم في نَفْسِه، ويَتَرَفَّع على أبْناء جِنْسه، ويَرَى أنَّهُ يَسْتَحقّ أكْثَر ممَّا يُعامَل بهِ.

ولُقِّبِ الحَيْصَ بَيْصَ لأنَّهُ قال لإِنْسَان خَاطَبه: وَقَعْتُ منكَ في حَيْص بَيْص! وذَكَرَ ذلك في شِعْره، فغَلَبَ عليه. وكان عَفِيفًا مُجَانِبًا ما يَقْدَح في الدِّين والمُرُوءَة.

اشْتَغَلَ بالفِقْه على مُحَمَّد بن عَبْدِ الكَريم بن الوَزَّان الشّافِعِيّ، وأَسْعَد المِيْهِنيّ، وسَمعَ الحَدِيْثَ من أبي طَالِب الحُسَين بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، والوَزِير عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ، وأبي المجد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جَهْوَر الوَاسِطِيّ.

(1)

توفي سنة 574 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم العراق) 1: 202 - 366 وهي ترجمة طويلة أودعها نماذج كَثِيْرة من أشعاره رتبها على ترتيب حروف القوافي، وأورد أيضًا نماذج عديدة من شعره، ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بَغْدَاد 3: 316 - 318، ابن الجوزي: المنتظم 18: 253 - 254، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1352 - 1355، ابن الأثير: الكامل 11: 139، 162، 331، 454، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 259 - 260، وفيات الأعيان 2: 362 - 365، تاريخ الإسلام 12: 536 - 538، الإعلام بوفيات الأعلام 236، سير أعلام النبلاء 21: 61 - 62، العبر في خبر مَن غبر 3: 65، المختصر المحتاج إليه 2: 82 - 83، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 691 - 703، الوافي بالوفيات 15: 165 - 169، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 7: 91 - 92، الأسنوي: طبقات الشافعية 1: 443 - 444، ابن كثير البداية والنهاية 12: 301 - 302، العيني: عقد الجان 1: 280 - 281، لسان الميزان 3: 19 - 20، مرآة الجنان لليافعي 3: 302 - 303، النجوم الزاهرة 6: 83 - 84، شذرات الذَّهب 6: 409 - 410، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6) 22، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 227 - 230.

ص: 539

وحدَّثَ بشيءٍ يَسِيْر، رَوَى عنهُ شَيْخ الشُّيُوخ أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن عليّ المَعْرُوف بابن سُكَيْنَة، وإسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُؤدِّب، وأحمد بن عُمَر بن أحْمَد بن بَكْرُون، وقَيْصَر بن المُظَفَّر بن يَلْدرَك، وأبو غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ، وتاج الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، وأبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن المُعِلّم، ونَصْر الله بن مُجَلّي مُشَارِف الصِّناعَة بالمَخْزَن، وأبو بَكْر عُبَيْد الله (a) بن عليّ بن المَارَسْتَانِيّ.

ورَوَى لنا عنْهُ قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحمّد بن عَبْد اللَّطِيْف بن زُرَيْق.

أَنْبَأْنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنِي إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَوَارِس سَعْد بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيْفِيّ، قِرَاءةً عليهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو المَجْدِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جَهْوَر الوَاسِطِيّ بها، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالب مُحَمَّدُ بن سَهْل النَّحويّ، قال: أخْبَرَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن دِيْنار الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن يَعْقُوب بن مِقْسَم المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن اللَّيْث الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا جُبَارَة بن المُغَلِّس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَريم بن عبدِ الرَّحْمن الخَزَّاز البَجَلِيّ، عن أبي إسْحَاق، عن عَمْرو بن مَيْمُون، عن عُمَر بن الخَطَّاب

(1)

، قال: قال رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ما سَاءَ عَمَل قَوْم قَطّ إلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُم.

(a) ق: عبد الله.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 1: 244 - 245 (رقم 741)، حلية الأولياء لأبي نعيم 4: 152، فتح الباري 1: 539، الفردوس للديلمي 4: 102 (رقم 6319)، كنز العمال للمتقي الهندي 7: 668 (رقم 20828)، فيض القدير للمناوي 5: 449 (رقم 7918)، وانظر: المسند الجامع 13: 500 (رقم 10460).

ص: 540

أنْشَدَنا قاضي القُضَاة بَهَاءُ الدِّين أبو المَحَاسِنِ يُوسُف بن رَافِع بنِ تَمِيْم، قال: أنْشَدَني الحَيْصَ بَيْص لنَفْسِه، وقد حَضَرتُ عندَهُ، وجَلَسْت بينَ يَدَيْهِ على بُعْد، وهو مُتَصَدِّر، وقد سَألتُه أنْ يُنْشدني شَيئًا من شِعْره

(1)

: [من الخفيف]

لا تَضَعْ من عظَيِمِ قَذرٍ وإنْ كُنْـ

ـــتَ مُشَارًا إليهِ بالتَّعْظِيمِ

فالخَطِيْرُ العَظِيْم يَصْغُرُ (a) قَدْرًا

بالتَّعَدِّي على الخَطِيْر العَظِيمِ (b)

وَلَعُ الخَمْرِ بالعُقُول رَمَى الخَمْـ

رَ بتَنْجِيسها وبالتَّحْرِيْمِ

أنْشَدَني عَفِيْفُ الدّين أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن أبي سَالِم مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّطِيْفِ بن زُرَيْقٍ، قال: أنْشَدَني الحَيْصَ بَيْص لنَفْسِه ببَغْدَاد في زَعِيم الدِّين صَاحِب المَخْزَن يَحْيَى بن جَعْفَر

(2)

: [من الطّويل]

لكُلِّ زَمَانٍ من أمَاثِل أهْلِهِ

بَرَامِكَةٌ يَمْتاحُهُم (c) كُلّ مُعْسِر

أبو الفَضْل يَحْيَى مثل يَحْيَى بن خَالِدٍ

ووَالِدُ يَحْيَى جَعْفَرٌ (d) مثل جَعْفَر

قال: وقال لي الحَيْص بَيْص عَقِيْب إنْشَادها: ما هذا من جُكَيْجَكاتِكم

(3)

.

أنْشَدَنا أبو هاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْلِ الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَني أبو

_________

(a) الديوان والخريدة ووفيات الأعيان والوافي: فالشريف الكريم ينقص.

(b) الديوان والخريدة ووفيات الأعيان: الشريف الكريم، الوافي: بالتجري على الشريف الكريم.

(c) الديوان: يمتارهم.

(d) الديوان: يدًا وأبوه جعفر.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 2: 332، وخريدة القصر 1: 320، ووفيات الأعيان 2: 364، وتاريخ الإسلام 12: 538، والوافي بالوفيات 15:167.

(2)

ديوان الحيص بيص 3: 408، في المستدرك على الديوان.

(3)

تصغير الجَكْجكَة؛ وهو: صوت الحديد بعضه على بعض. الزبيدي تاج العروس، مادة: جكجك.

ص: 541

الفَوَارِس التّمِيْمِيّ لنَفْسِه، وكَتَبَ لي بخَطِّه

(1)

: [من السريع]

لا تلْبَس الدَّهْرَ على غِرَّةٍ

فما لمَوْتِ الحَيِّ من بُدِّ

ولا يُخَادِعْكَ طَويْلُ البَقَا

فتَحْسَب الطُّوْلَ من الخُلْدِ

ينْفَذُ (a) ما كان له آخِرٌ

ما أقْرَب المَهْد من اللَّحْدِ

وأخْبَرَنَا أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد، قال: وأنْشَدَني أبو الفَوَارِس التّمِيْمِيّ لنَفْسِه من قَصِيدَةٍ مَدَحَ بها الوَزِيرَ الزَّيْنَبِيّ، وأنْشَدَنيها في دار الوَزِير على الشَّطِّ

(2)

: [من البسيط]

مَقامكَ الأشْرَف المَحْسُود من مُضَرٍ

إذا تَنَازعَتِ العَلْيَاءَ عَدْنَانُ

حَيْثُ الأكُفُّ سبَاطٌ في عَوَارفها

والعِزّ أقْعَسُ والأحْسَاب غُرَّانُ

عَمَائِمُ القَوْم بَيْضٌ يَوْم حَرْبِهم

من الحَدِيْدِ ويَوْمَ السَّلْم تِيجَانُ

وما عليَّ (b) الّذي شَادُوهُ من شَرفٍ

مَرْعَىً خَصِيْبٌ ولكن أنْتَ سَعْدَانُ

وَجْهٌ وكَفٌّ مُضِيءٌ عند مُنْدَفُقٍ

يَبْدُو لرَائيهما حُسْنٌ وإحْسَانُ

لا تَذْكُرنَّ عكَاظًا وابن سَاعَدةٍ

ويَطَّبِيْكَ مَقَال القَوْم (c) سَحْبَانُ

وانْظُر إلى سَاحَةِ العَلْيَاءِ آهِلَةً

بسِيْفِ دِجْلَة فيها منْكَ ثَهْلانُ

وما أصوغُ بها من كُلِّ قَافِيَةٍ

غرَّاء فيها لمَنْ يَبْغي العُلَى شَانُ

فبينَ جَنْبَيَّ قَوْلٌ لو أرَحْتُ له

من الهُمُوم تَمنَّى القَوْلَ غَيْلانُ

أخْبَرَنِي نَجِيْبُ الدِّين دَاوُد بن أحْمَد بن سَعِيد بن خَلَف الطِّيبِيُّ التَّاجرُ بجَامع حَلَب، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: وحَدّثَني رحمه الله يعني أبا الغَنائِم

(a) الخريدة: ينفد.

(b) الأصل، ق: على، وفوقه "ص"، وكتب ابن العديم في هامش الأصل:"ينبغي أن يكون: على ذا؛ وإنما هو بخط السمعاني هكذا وعليه ضبَّةٌ"، والمثبت رواية الديوان.

(c) الديوان: القَرْم.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 2: 346، وخريدة القصر 1: 242، وعقد الجان 1:281.

(2)

ديوان الحيص بيص 2: 212 - 213.

ص: 542

مُحَمَّد بن عليّ بن المُعَلِّم الهُرْثِيّ - بوَاسِط سَنَة اثْنَتَيْن وثَمانين وخَمْسِمائَة، وأنا أقْرأُ عليه شَيئًا من شِعْره، قال: كان الأمِيرُ شِهَاب الدِّين الحَيْصَ بَيْص في الحِلّةِ المَزْيَديَّةِ عند الأَمِير مُهَلْهِل الجَاوَانِيّ، وخَرج (a) منها قَاصِدًا الأَمِير فَخْر الدِّين هِنْديَّ الزُهَيْريّ، فلهَّا قَرُب من حِلَّتِه وهو نَازِلٌ في بلَادِ الزَّاب، عَلِمَ هِنْديّ به، فخَرَجَ إليهِ مُسْتَقبلًا له، فلهَّا نَزَلَ واسْتَراح وحَضَر الطَّعَام ورُفِعَ من بين أيْدي الحاضِريْن، الْتَفَتَ إليه الأَمِير فَخْر الدِّين وقال له: أيُّها الأَمِيرُ شِهَابُ الدِّين، ما الأمْرُ الّذي أوْجَبَ الحُضُور هَا هُنا؟ قال: أتيْتُكَ مَادِحًا، ففَرحَ الأَمِير فَخْر الدِّين بقَوْله ذلك، وقال له: يا شِهَابَ الدِّين، كُلّ ما تُرِيدهُ عندي إلَّا مَنْ يَعْلَم ما تَقُول ويَفْهم ما تأتي به، ليسَ عندِي! بَلى إنْ أنْعَم الأَمِير وصَبر حتَّى أُنْفِذَ إلى الهُرْث أُحْضر ابنَ المُعَلِّم، وإلى وَاسِط اسْتَحْضِر منها الفُضَلَاءَ، وكذلك من الحِلَّةِ والنِّيْل، فَعَل مُنْعمًا؟ قال: قد صَبَرتُ.

قال: فنَفَّذَ الأمِير فَخْر الدِّينِ هِنْديّ إليَّ فَارِسًا قَطَعَ المَسَافَة - وهي مَسِيْرةُ ثلاثهَ أيَّامٍ - بيَوْمٍ ولَيْلةٍ، واسْتَدعَانيّ، وعَرَّفني الخَبَر، فرَكِبْتُ معه، وحَثَثْنَا أنْفُسَنا أيضًا بَيْومٍ وليْلةٍ، وأَصْبَحْنا عندَهُ، وكان قد أوْقَفَ على دِجْلَة مَنْ يسْتَحضر المُنْحَدرين والمُصْعِدِين ممَّن له مِيْزَةٌ ونَبَاهَةٌ، وحَضَرَ من الفُضَلَاء من أهْلِ وَاسِط والحِلَّة والنِّيْل جَمْعٌ كَثِيْرٌ، وضَرَبَ خَيْمَةً كَبيرةً، وطَرَح فيها طرَّاحَةً ومَسْنَدًا، [و] جَلَسَ الأَمِيرُ شِهَابُ الدِّين على الطّرَّاحَةِ، واسْتَنَدَ إلى المَسْنَد، وأخْرَج الوَرَقَة من كُمِّه، وأنْشَد القَصِيدَةَ، وأوَّلُها

(1)

: [من الكامل]

أأجَأ وسَلْمَى أمْ بِلَادُ الزَّابِ

وأبو المُهَنَّد أم غَضَنْفَرُ غَابِ

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 2: 279، وخريدة القصر 1:216.

ص: 543

فلمَّا فَرَغَ من إنْشَادهِ قُلْتُ لهُ: يا مَوْلَانا، ما رَأيْتُ مَجْلِسًا أشْبَهَ بمَجْلِس طَاهِر العَلَويّ (a) لمّا امْتَدَحَهُ المُتَنَبِّي من هذا المَجْلِس!

ثمّ أمَرَ الأمِيرُ فَخْر الدِّين هِنْدي فأُحْضر ما كان قد أعدَّهُ له، فكان عَيْنًا ثَلاثمائة دِيْنار مِصْريَّة، وفَرَسًا عَرَبيًّا عليه سَرْجٌ ولِجام ومِقْوَد مَضْرُوب على السُّيُور، كُلّها دَنَانِيْر مِصْريَّة (b)، وثِيَابًا وعَبِيْدًا وإماءً، قُوِّم ذلك كُلُّه بألْف دِيْنار مِصْريَّة، ثُمَّ اعْتَذَر إليه وقال: أيُّها الأَمِير شِهَابُ الدِّين، أتَيْتَني وأنا مُمْلقٌ ما أمْلكُ واللهِ شيئًا سِوَى ما قد دَفَعْتُهُ لك، ولَم يتَخَلَّف لي إلَّا الحِلَّة، وهي بمَن فيها مَوْهُوبةٌ منِّي لك. فقال له: يا فَخْر الدِّين، لا تَعْتَذر، فقد أكْرَمْتَ وبالَغْتَ في الإكْرَام، واللهِ لقد أَجَزْتَني أكْثَر من إجَازَة ابن مَلِكْشاه، يَعْني: السُّلْطان سَنْجَر.

قال ابنُ المُعَلِّم: وفي تلك المَرَّة جَعَلَني رَاوِيةً له، كان نَجْم الدِّين أبو الغَنائِم يَقُول: إنَّني أحْفَظ جمِيعَ شِعْر الحَيْص بَيْص ورَسَائِلَهُ.

قُلتُ: يُريْد بقَوْله: ما رَأيْتُ مَجْلِسًا أشْبَه بمَجْلِس طَاهِر العَلَويّ لمَّا امْتَدَحَهُ المتُنَبِّي من هذا المَجْلِس، يُريدُ أنَّ المُتَنَبِّي لمَّا قَصَدَ طَاهر العَلَويّ ممتَدحًا، أجْلَسَهُ طَاهِر في الدَّسْت وجَلَسَ بينَ يَدَيْهِ حتَّى فَرَغَ من إنْشَادِ مِدْحَته.

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: سَمعْتُ أبا العبَّاس الخَضِر بن ثَرْوَان المُقْرِئ الضَّرِيْر ببَلْخ يَقُول: سَمِعْتُ أنَّ (c) حَيْص بَيْصَ انْحَدَر إلى أبي المُظَفَّر بن حَمَّاد بالبَطائِح، فخَطَر له في الطَّريق قَصْدَ هِنْديٍّ، رَجُلٌ من أُمَرَاءِ الأكْرَادِ يَنْزل الزَّابَات، فمَدَحَهُ بقَصِيدَةٍ أوَّلها

(1)

: [من الكامل]

(a) ق: العدوي.

(b) ق: مضروبة.

(c) ق: ابن.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 2: 279، وخريدة القصر 1: 216 - 217.

ص: 544

أجَأٌ وسَلْمَى أَم بِلَادُ الزَّابِ

وأبو المُظَفَّر (a) أم غَضَنْفَرُ غَابِ

رَفَعَ المَنَارَ بنو زُهَيْرٍ بالعُلَى

بالفَارِس المُتَغَطْرف الوَثَّابِ (b)

فأعْطَاهُ فَرَسَين مَنْسُوبَين، وخَمْسِمائَة دِيْنارٍ، وفِرْقًا من الغَنَم، ولكُلِّ واحدٍ من غِلْمَانه قَبَاءً من الإبْرَيْسَم وقَلَنْسُوَةً، ووَقَفَ بينَ يَدَيْهِ وهو يُنْشدُه، وقال: واللهِ لا أقْعُدُ فإنِّي أعْلَم أنَّ اليَوْم قد عَلا نَسَبي، وارْتَفَعَ شَأني وقَدْري، وعَادَ من عنده ولَم يُتمَّ قَصْدَهُ إلى ابن حَمّادٍ. وقال: عوَّلْنا على قَصْدِ أبي المُظَفَّر فأَمْجَدَنا هِنْديٌّ ذَهَبًا وخَيْلًا وغَنَمًا وثِيَابًا.

قَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب بن الحُصَيْن في تَارِيْخهِ

(1)

، وقرأتُه على رَفِيْقنا أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود البَغْدَاديّ عنه، قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ نَصْر الله بن مُجَلِّي مُشَارف الصِّناعَة بالمَخْزَن، وكان من الثِّقَاتِ الأُمَنَاءِ أهْل السُّنَّةِ، قال: رأيْتُ في المَنَامِ عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، تَفْتحُون مَكَّة فتقُولُونَ: من دَخَل دَار أبو سُفْيان فهو آمنُ، ثُمَّ يتمّ على وَلدِكَ الحُسَين يَوْم الطَّفِّ ما تَمَّ؟ فقال لي عليٌّ عليه السلام: أمَا سَمِعْتَ أبياتَ الجَمَال (c) ابن الصَّيْفِيّ في هذا؟ فقُلتُ: لا، فقال: اسْمَعْها منه، ثُمّ اسْتَيْقَظتُ، فباكَرْتُ إلى دار الحيص بَيْص، فخَرَجَ إليَّ، فذَكَرْتُ له الرُّؤْيا، فشَهَقَ وأجْهَشَ بالبُكَاءِ، وحَلَفَ باللهِ إنْ كانت خَرَجَت من فَمي أو خَطِّي إلى أحَدٍ، وإنْ كُنْتُ نَظَمتُها إلَّا في لَيْلَتي هذه، وهي

(2)

: [من الطويل]

(a) الديوان والخريدة: وأبو المهند، وهي رواية تقدّمت.

(b) الديوان والخريدة: الوهّاب.

(c) أشر ابن العديم في الأصل فوقه بكتب "صـ"، وهو مما لم يرد في ألقابه ولا في المصادر التي أوردت الخبر.

_________

(1)

تقدّم خبر المنام بنصه نقلًا عن تاريخ ابن الحصين وأبيات الحيص بيص في ترجمة الحُسَيْن بن علي في الجزء السادس من هذا الكتاب، وانظر الخبر عند: ياقوت: مُعْجَمُ الأدباء 3: 1355، ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 364 - 365، الوافي بالوفيات 15: 167 - 168، الإتليدي: إعلام النَّاس 407 - 408.

(2)

ديوان الحيص بيص 3: 404 في المستدرك على الديوان، ومعجم الأدباء 3: 1355، والوافي بالوفيات 15:168.

ص: 545

مَلَكْنا فكانَ العَفْوُ منَّا سَجِيَّةً

فلمَّا مَلَكْتُم سَالَ بالدَّمِ أبْطَحُ

وحَلَّلتُم قَتْلَ الأسِيْرِ (a) وطَالَما

غَدَوْنا عن الأسْرَى نَعُفُّ ونَصْفَحُ

ولا غَرْوَ فيما بَيْنَنا من تَفَاوُتٍ (b)

فكُلُّ إنَاءٍ بالَّذي فيهِ يَنْضَحُ

أنْشَدَني هذه الأبْيَات الثَّلاثة أبو الطَّليْق مَعْتُوق بن أبي السُّعُود المُقْرِئ البَغْدَاديّ، قال: أنْشَديها جَمَال الدِّين أبو غَالِب في الحُصَيْن، قال: أنْشَدنْيها الحَيْص بَيْص لنَفْسِه.

سَمِعْتُ القَاضِي شَمْس الدِّين أبا نَصْر مُحَمَّد بن هبَة الله بن الشِّيْرَازيّ الدِّمَشقيّ بها، قال: سَمِعْتُ مَلِك النُّحَاةِ أبا نِزَار يقُول: للحَيْص بَيْص بَيْتان من الشِّعْر، وَدَدْتُ أنَّهُما لي بجَمِيْع شِعْري، وهُما

(1)

: [من الطّويل]

سَأرْحَلُ عن بَغْدَادَ لا عن مَلَالةٍ (c)

إلى بَلَدةٍ يَحْنُو عليَّ أَمِيْرُها

إلى بَلْدَةٍ فيها الكِلَابُ بحَالِها

كِلَابٌ وما رُدَّتْ إليها أُمُورُها

أخْبَرَنِي بعضُ أهل الأدَب في المُذَاكَرَة وأُنْسِيْتُه، قال: طَلَبَ بعضُ الوُزَرَاء ببَغْدَاد، إمَّا عليّ بن طَرَّاد أو ابن هُبَيْرَة، الحَيْصَ بَيْص ليَحْضُر طَبَقَهُ وَقْتَ الإفْطَار في شَهْر رَمَضَان، فكَرِه ذلك كَي لا يَتَرفَّع عليه أحدُ في مَجْلِسِ الوَزِير، فكَتَبَ إلى الوَزِير بهذه الأبْيَات

(2)

: [من البسيط]

يا بَاذِلَ الجُوْد في عُدْمٍ وفي سعَةٍ

ومُطْعِمَ الزَّادِ في صُبْحٍ وفي غَسَقِ

وحَاشِرَ النَّاسَ أغْنهَم مَوَاهِبُه (d)

إلى مَزيدٍ من النَّعْمَاءِ مُنْدَفِقِ

(a) الديوان ومعجم الأدباء والوافي: الأسارى.

(b) رواية الديوان ومعجم الأدباء والوافي: فحسبكم هذا التفاوت بيننا.

(c) تذكرة ابن العديم: في طلب الغنى.

(d) الديوان والخريدة: فواضله.

_________

(1)

لم أقف عليه في ديوانه، وأورد ابن العديم الخبر والشعر في تذكرته 394.

(2)

ديوان الحيص بيص 2: 15، وخريدة القصر 1: 284 - 285، وبعضها في تاريخ الإسلام 12:537.

ص: 546

في كُلِّ بَيْتٍ خِوَانٌ مِن فَوَاضِلِه (a)

يَمِيْرهُم وهو يَدْعُوهم إلى الطَّبَقِ

فَاضَ النَّوَالُ، فلولا خوفُ مفْعَمةٍ

من بأس عَدْلكَ نَادَى النَّاسُ بالغَرَقِ (b)

فكُلّ أرْضٍ بها صَوْبٌ وسَاكبةٌ

حتَّى الوَغَى من نَجيْعِ الخَيْل والعَرَقِ

صُنْ مَنْكِبي عن زِحَام إنْ غَضِبْتُ لَهُ

تَمكَّن الطَّعْنُ من عَقْلي ومن خُلُقي

وإنْ رَضِيْتُ به فالذُّلُّ مَنْقَصَةٌ

وكم تكلَّفتُهُ حَمْلًا فلم أُطِقِ

أنا المَرِيْضُ بأحْدَاثي وسَوْرَتها

وليسَ غيرَ إبائي حَافِظٌ رَمَقِي

فهَبْهُ لي كعَطَايَاكَ الّتي كَثُرتْ

فالجُوْد بالغرض (c) فَوْقَ الجُوْدِ بالوَرِقِ

إنَّ اصْفِرَارَ مِجَنِّ الشَّمْسِ عن حَزَن

على عُلَاها (d) لمَرْمَاها إلى الأُفُقِ

فإنْ تَوهَّمَ قَوْمٌ أنَّهُ حُمُقٌ

فطَالَما اشْتَبَه التَّوْقِيْرُ بالحُمُقِ

نَقَلْتُ من خَطِّ تاج الإسْلَام أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، وأخْبَرَنَا به أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاس الخَضِرَ بن ثَرْوَان الفَارِقِيّ مُذَاكَرَةً ببَلْخ يَقُول: دَخَلَ حَيْصَ بَيْصَ على الوَزِير عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ فقال: يا عليّ بن طَرَّاد، يا رَفِيْعَ العِمَاد، يا أخَا الأجْوَادِ، انْغَصَّ المَجْلِسُ، فأين أجْلِس؟ فقال الوَزِير: مَكَانك! فقال: أعَلَى قَدْري أم على قَدْركَ؟ فقال: لا على قَدْري ولا على قَدْركَ؛ ولكن بقَدْرِ الوَقْت.

وقَرَأتُ في بعض الكُتُب أنَّهُ دَخَل إليهِ فوَجَد المَجْلِس غَاصًّا بأهْلِهِ، فقال: يا سَيِّد الأجْوَادِ، عليّ بن طَرَّاد، غَصَّ المَجْلِسُ، فأيْنَ أجْلِس؟ فأوْسَعَ له إلى جَنْبِه وقال: هَا هُنا، وأجْلَسَهُ إلى جَنْبه.

(a) الديوان والخريدة: مكارمه.

(b) الأصل، ق: بالفرق، والمثبت عن الديوان والخريدة وتاريخ الإسلام.

(c) الديوان والخريدة: بالعزّ.

(d) الديوان: علاه.

ص: 547

سَمِعْتُ القَاضِي شَمْس الدِّين أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر مُذَاكَرَةً يَقُول: مَدَحَ الحَيْص بَيْص الخَلِيفَة بقَصِيدَةٍ، وكَتَبَ معها رُقْعَة يَطْلب جَائِزَة القَصِيدَة بعْقُوبا؛ وهي قَرْيَةٌ عَظِيمَة كانت تكُون إقْطَاع الخُلَفَاء في أيَّام السَّلْجُوقِيَّة، فكَتَبَ الخَلِيفَة على مُطَالَعَتِه: لو! فَخَرَجت المُطَالَعَة فلَم يَفْهَم أحدٌ مَعْنى: لو، فأفْكَر الوَزِير ابن هُبيرَة في ذلك فقال: أرَادَ أَمِير المُؤْمنِيْنَ: [من الكامل]

لَوْ أنَّ خِفَّةَ رَأسِهِ في كَعْبِهِ

لَحِقَ الغَزَالَ ولَم يَفُتْهُ الأَرْنَبُ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطّلب بن الفَضْلِ، قال: قال لنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيَّ: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيْفِيّ التَّمِيْمِي أبو الفَوَارِس المَعْرُوف بحَيْصَ بَيْصَ، شابٌّ فَاضِلٌ، لهُ مَعْرفَةٌ تامَّةٌ بالأدَبِ واللُّغَة، حَسَن الشِّعْر، مَلِيْح الخَطّ، فَصِيْح اللَّهْجَة، سَمِعْتُ أنَّهُ تَفَقَّهَ على القَاضِي مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الوَزَّان بالرَّيّ، وكان يَحْضُر مَعَنا في دارِ الوَزِير عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ، وسَمِعَ بقِرَاءَتي عليه الحَدِيْث، وكَتَبَ لي بخَطِّه شيئًا من شِعْره بسُؤالي إيَّاهُ، وسَمِعْته منه، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه فما ذَكَر، وقال: إنِّي أعِيْشُ جِزَافًا.

ذَكَرَ رَفِيْقُنا الحافِظُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار في التَّاريْخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام

(1)

، وأجَازَ لنا الرِّوَايَةَ عنه، قال: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن سَعْد بن الصَّيفِيّ التَّمِيْمِيّ، أبو الفَوَارِس، الشَّاعر المَعْرُوف بالحَيْصَ بَيْصَ، كان جَدُّه لأبيهِ قد فَارَق قَوْمَهُ بني تَمِيْم، ونَزَل كَرْخَ بَغْدَادَ، ووُلِدَ أبُوهُ بها ببِرْكَةِ زَلْزَل، ولهذا يقُول وَلَدُه في قَصِيدَةٍ له مُفْتَخِرًا

(2)

: [من الكامل]

مَلِكٌ ثَوَى بالجَاهِلِيّة رَمْسُهُ

فبَعَثتهُ منِّي ببِرْكَةِ زَلْزَلِ

ووُلِد سَعْد بالكَرْخ بدَرْب مَنْصُور، وطَلَب العِلْم وهو ابن ثَلاث عَشرة

(1)

انظر التعريف بالكتاب في الجزء السادس.

(2)

ديوان الحيص بيص 1: 98.

ص: 548

سَنَةً، وسافَرَ إلى الرَّيّ، وقَرأ المَذْهَبَ والخِلَافَ هُناك على رَئيسها مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم بن الوَزَّان الشَّافِعيّ، وتكلَّم في مَسَائِلِ الخِلَافِ، ونَاظَر فيها الفُقَهَاء، وقَرأ على أَسعَد المِيْهَنِيّ أيضًا، ثُمَّ إنَّهُ قَرَأ الأدَبَ، وقال الشِّعْرَ، وأُعْطِي حَظًّا من الفَصَاحَةِ في النَّظْم والنَّثْر، ومَدَحَ الخُلَفَاءَ والمُلُوكَ والوُزَرَاءَ والكُبَرَاءَ، وقال الشِّعْر في جَمِيع الفُنُون فأجَادَ، واتَّفق الخاصُّ والعَامُّ على تَفْضِيلهِ على شُعَرَاءِ وَقْتهِ.

ولَزِمَ قَانُونًا من الوَقَار لم يكُن لأحدٍ من أبناءَ جِنْسِهِ. وكان وَافِر الحُرْمَة عند الخَاصِّ والعَامِّ، ولُقِّبَ بمَلِك الشُّعَراءِ. وكان يَلْبَس القَبَاءَ والعِمَامَةَ، ويتَزيَّا بزيّ العَرَب العَرْبَاءِ، ويتَقَعَّر في كَلَامِهِ.

وقيل: إنَّ سَبَبَ تَلْقِيْبِه بالحيص بَيْص أنَّهُ قال لبَعْضِ أصْدِقائه بأصْبَهَان في جُمْلَة عتابٍ عاتَبَهُ في جَمْعٍ من النَّاسِ: وَقَعْتُ منكَ في حَيْصَ وبَيْص؛ أي في شِدَّة! وتَلَى ذلك أنْ قال في أبياتٍ ذَمَّ فيها الزَّمانَ

(1)

: [من الوافر]

لَئِنْ أصْبَحْتُ بَيْنَكُمُ مُضَاعًا

أَبِيْعُ الفَضْلَ مَجَّانًا رَخِيْصَا

وعَاقَنِيَ الزَّمانُ عَنِ المَعَالِي

فصِرْتُ إلى حَبَائِلِهِ قَنِيْصا

فإنِّي سَوفَ أُوْقعُكُمْ بَبَأسِي

وإنْ طَالَ المَدَى في حَيْصَ بَيْصا

فَلُقِّبَ الحَيْص بَيْص، وصَارَ لا يُعْرفُ إلَّا بهِ.

سَمِعَ شَيئًا من الحَدِيْثِ من الشَّرِيفِ أبي طَالِب الحُسَين بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَبِيّ ببَغْدَاد، وأبي المَجْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جَهْوَر المُعَدَّل الوَاسِطِيّ بوَاسِط، رَوَى لنا عنْهُ عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ الأَمِين، وأحمد بن عُمَر بن أحْمَد بن بَكْرُون الشَّاهِد، وإسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُؤدِّب، وصَاحِبُهُ قيصَر بن المُظَفَّر بن يَلْدَرَك، وغيرُهُم.

(1)

لم ترد في ديوان الحيص بيص، ولا في المستدرك عليه.

ص: 549

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لفظه، قال: سَمِعْتُ أبا إسْحَاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد اللّه البَغْدَاديّ التَّاجرَ يقُول بسَمَرْقَنْد: سَمِعْتُ ببَغْدَاد أنَّ وَالد حَيص بَيْص قال: ما عَرَفْتُ قَطّ أنِّي من بني تَمِيْم حتَّى أخْبَرَني ابْني بذلك في شِعْرِه أنَّا من تَمِيْم!.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه بن النَّجَّار، قال: قَرَأتُ في كتاب أبي بَكْر عَبْد اللّه بن عليّ بن المَارَسْتَانِيّ بخَطِّه، قال: كان الحَيْص بَيْص يَدَّعي أنَّهُ من تَمِيْم، حتَّى قال في قَصِيْدَتهِ الّتي مَدَحَ بها ابن الأنْبارِيّ كَاتِب الإنشاءِ

(1)

: [من الرمل]

خَلَّفَتْهُ (a) والصِّبا غَضُّ النَّسِيم (b)

كَامِل (c) الوَفْرَة من آل تَمِيْم

فبَلَغَ ذلك ابن الفَضْلِ (d) الشَّاعر، فمَضَى إلى أبيهِ، وكان طَوَابيقيًّا، فحَكَى له قَوْل وَلده فقال: واللّهِ ما عَرفْتُ أنِّي من تَمِيْم حتَّى أخْبَرَني بذلك وَلدِيّ، فعَمِل فيه ابنُ الفَضْل أبْيَاتًا أنْشَدَنيها

(2)

: [من الخفيف]

كم تَبَادَى وكم تُطِيل الطَّرَاطِيرَ (e)

وما فيْكَ شَعرَةٌ من تَمِيْم

فكُلِ الضَّبَّ وابْلعَ الحَنْظَل اليَابِسَ (f)

واشْرَبْ ما شِئْت بَوْلَ الظَّلِيم

ليسَ ذا وَجْه منْ يُضيفُ (g) ولا

يُقْري ولا يَدْفع الأذَى عن حَرِيْم

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال: وسَمِعْتُ أبا الخير دُلَف بن عَبْد اللّه بن التَّبَّان الفَقِيه

(a) الديوان والخريدة: عُلِّقته.

(b) الديوان: النديم، الخريدة: الأديم.

(c) الديوان والخريدة: مهمل.

(d) ق: أبو الفَضْل.

(e) الخريدة: تُطوَّل طرطورك.

(f) الخريدة: الأخضر.

(g) الخريدة: يجير.

_________

(1)

ديوان الحيص بيص 1: 88، والخريدة 1:307.

(2)

أبيات ابن الفَضْل الشاعر في خريدة القصر 12: 300، ووفيات الأعيان 2: 364، وتاريخ الإسلام 12: 537، والوافي بالوفيات 15: 167، وعقد الجمان 1: 380، والنجوم الزاهرة 6:84.

ص: 550

بسَمَرْقَنْد يَقُول: لحَيْص بَيْص أخ يُلَقَّب: بَهْرَج مَرْج، ولهما أُخْتٌ لقَّبهَا مُجَّان بَغْدَاد: بدَخْل خَرْج.

ذَكَرَ صَدِيْقُنا يَاقُوت بن عَبْد اللّهِ الحَمَوِيّ، وأظُنُّ أنِّي سَمِعتُه منه في المُذَاكَرَة، قال: حَدَّثَني حُسَيْن بنُ حَرَّاز (a) الشَّاعِر، قال: حَدَّثَني خالي مُحَمَّد بن عليّ بن المُعَلِّم الشَّاعر، قال: أرْسَل إليَّ الحَيْص يَوْمًا، وكان قد رَأى في رَأسه شَعرةً بَيْضاءَ: أَدْركْنِي فقد نَازَلَني الوَقَارُ، وأَشِرْ عليَّ بمَنْ أسْتَنِيبُه في إيْرادِ شِعْريّ، فما يَجْمُل بمثْلي إيرَادَهُ بعدَ الوَقَار.

أخْبَرَني عِزُّ الدِّين أبو حَفْص عُمَرُ بن عليِّ بن دَهْجَان البَصْرِيّ المالِكِيّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي سَعيد الأنْبارِيّ بالبَصْرَة، أنَّ أبا الفَوَارِس الحَيْصَ بَيْص، قال: إنَّهُ دَخَلَ حَلَب، وأنَّهُ مَضَى إلى بعض نَوَاحِيها يَمْدَحُ أميرًا من أُمَرَاءَ العَجَم، وكان لا يَعْرف الأَمِير بالعَرَبِيَّة، فمَدَحَهُ مع جَمَاعَةٍ من الشُّعَراء، وحَضَروا عندَهُ، وحَضَر معهم رَجُلٌ ادَّعَى أنَّهُ شَاعِرٌ، فلمَّا أنْشَدَ الجَمَاعَة أشار الحَاجِبُ إلى ذلك الرَّجُل أنْ يُنْشِد، فأدْخَل يَدَهُ في كُمِّهِ وأَوْهَم أنَّ فيهِ قَصِيدَةً، وأنَّها سَقَطَتْ منه، فقال له الحَاجِبُ: أمَا معَكَ شيءٌ تُنْشِدُه؟ فأنْشَدَ: [من الطّويل]

قِفَا نَبْكِ مِن ذكرى حَبِيْبٍ وأخْوَاجا

بسِقْط اللِّوَى بينَ الدَّخُول وأخْوَاجَا

ومَضَى على أبْيَاتٍ منها، خَتَم كُلَّ بَيْتٍ بقَوْله: أخْوَاجا، والحَاجِبُ يَسْتَحْسِن ذلك منه في كُلِّ بَيْتٍ، والأَمِيرُ يُزَهْزِهُ له ويَفْهَم منه أنَّ أخْوَاجَا هو السَّيِّدُ، فلمَّا فَرَغَ من الإنْشَادِ قال يُخَاطب الحَاجِب:[من الطّويل]

ألَا أيُّها الآتي بخَيْرٍ ونِعْمَةٍ

لك النِّصْفُ لا تَحْرَدْ فيَفْطُنُ أخْوَاجَا

(a) ق: حراد.

ص: 551

فقال الحَاجِبُ: بل تُضَاعَفُ لك الجَائِزَة، وأمرَ له الأَمِيرُ بجَائِزَة حَسَنة، فقَاسَمه عليها الحَاجِب!.

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه بن النَّجَّار، قال: قَرَأتُ في كتابِ أبي بَكْر عُبيد اللّه بن عليّ بن المَارَسْتَانِيّ بخَطِّه، قال: ماتَ الحَيْص بَيْص يَوْم الثّلاثَاء خَامِس شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وصُلِّي عليه من الغَدِ بالنِّظَامِيَّة، ولَم يُعْقِبْ، وكانَ مَوْلدُهُ في سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وأرْبَعِمائة.

قال ابنُ النَّجَّار سَمِعْتُ أبا الفُتُوح بن الحُصْرِيّ (a) بمَكَّة يَقُول: تُوفِّي ابن الصَّيْفِيّ في لَيْلَةِ الأرْبَعَاء سَادِس شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ودُفِنَ في مَقَابِر قُرَيْش.

‌سَعْدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن بن مَعْبَد بن مَطَر بن مَالِك بن الحَارِث بن سِنَان بن خُزَاعَة بن حُيَيّ (b) الأزْدِيّ، أبو طَالِب، الشَّاعر المَعْرُوف بالوَحِيْدِ

(1)

كان شَاعِرًا مُجِيْدًا، قَدِمَ الشَّامَ واجْتازَ بحَلَب، ومَدَحَ بني حَمْدَان، وتَوَجَّه إلى مِصْرَ، وكان عَارِفًا باللُّغَة والمَعَاني، ونَكَّت على شِعْر المُتَنَبِي، وأصْلَح في شِعْره مَوَاضِعَ.

(a) ق: الحضري.

(b) ق: جني.

_________

(1)

توفي سنة 385 هـ، وترجمته في: دمية القصر للباخرزي 1: 177، التنوخي: الفرج بعد الشدة 4: 177 - 181، 364، 5: 36، 45، 52، 56، 76 - 78، 80 - 81، مُعْجَمُ الأدباء 3: 1356 - 1357، ابن الساعي: الدر الثمين 376 - 377، تاريخ الإسلام 8: 575، الوافي بالوفيات 15: 176 - 177، (وذكر الصفدي أسماء مؤلفاته)، البلغة للفيروزابادي 103 (وسماه: سَعِيد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، أبو طالب الوحيدي الأزدي)، بغية الوعاة 1:580.

ص: 552

رَوَى عنهُ أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل بن بِشْرَان، وأبو عليّ المحسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، وأبو الخَطَّاب الجَبُّلِيّ.

ذَكَرهُ الوَزِير أبو سَعْد مُحَمَّد بن الحُسَين بن عبد الرَّحيم في كتابهِ في ذِكْر الشُّعَراء، فقال: حَدَّثَني الخَالِع - يعني: مُحَمَّد بن الحُسَين - قال: كان الوَحِيْدُ من أهْل البَصْرَة، وانْتَقَلَ إلى جَبُّل، وكان بضَاعتُه في الأدَب قَوِيَّة، ومَعرِفتُه بالشِّعْر جَيِّدة، يَجْمَع اللُّغَة والنَّحو والقَوَافي والعَرُوض، مُتَقدِّمًا فيه كُلِّهِ، وقد رَدَّ على المُتَنَبِّي عدَّة مَوَاضع أخْطَأ فيها، وكان مع هذه الحال ضَيِّق الرِّزْق نَزْره، مُحَارفًا

(1)

، يَمْدَح بالشَّيء اليَسِيْر ولا يُبَالي. وسَافَرَ إلى مِصْر، ومَدَح بني حَمْدَان، وعُمِّر زِيَادَةً على ثَمانين سَنَةً، وتُوفِّيَ سَنَة خَمْسٍ وثَمانين وثَلاثِمائة.

قال أبو سَعْد الوَزِير: وقد شَاهَدْتُ خَطّه في النُّسَخ، وكان مَلِيْحًا صَحِيح النَّقْل، ودِيْوَانه غير مَجْمُوع ولا مَوْجُود.

وقال أبو سَعْد: أَنْشَدَنِي أبو الخَطَّاب الجَبُّلِيّ، قال: أنْشَدَني الوَحِيْدُ لنَفْسِه

(2)

: [من الطّويل]

يُعَدِّدُ لُوَّامِي عليَّ ذنُوبها

ويأبَى شَفِيْعُ الحُسْن أنْ يُحْسَبَ الذَّنْبُ

وقالُوا إذا شَطَّتْ نوى دَرَاها سَلَا

وما شَطَّ من أمْسَى ومَنْزِله القَلْبُ

أنْبأنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليِّ التَّنُوخِيّ إجَازَةً، قال: أنْشَدَني أبي

(3)

، قال: أَنْشَدَنِي سَعْدُ بن مُحَمَّد الأزْدِيّ المَعْرُوف بالوَحِيْدِ: [من الكامل]

كانَتْ على رَغْمِ النَّوَى أيَّامُنا

مَجْمُوعَةَ النَّشَوَاتِ والأطْرابِ

(1)

يُقالُ للمحروم الَّذي قُتِّر عليه رزقه أو نقص حظه: مُحارَفٌ. لسان العَرَب، مادة: حرف.

(2)

البيتان في مُعْجَم الأدباء 3: 1356 والوافي بالوفيات 15: 177.

(3)

الفرج بعد الشدة 5: 45.

ص: 553

ولَقَدْ عتبْتُ على الزَّمانِ لبَيْنِهِمْ

ولعَلَّه سَيَمُنُّ بالإعْتَابِ

ومِنَ اللَّيالِي إن عَلِمْتَ أحِبَّةٌ

وهي الّتي تأتيْكَ بالأحْبَابِ

قال أبو عليّ التَّنُوخِيّ

(1)

: وأنْشَدَني أبو طَالِب الوَحِيْدُ لنفسِه: [من مجزوء الكامل]

إنْ رَاعَني مِنْكَ الصُّدُودُ

فلَعَلَّ أيَّامي تَعُودُ

إذ لا تُناولنا يدُ النَّـ

ــعْماءِ إلَّا ما نُريْدُ

ولعَلَّ عَهْدَكَ باللِّوَى (a)

يَحْيَى فقد تَحْيَى العُهُودُ

فالغُصْنُ يَيْبَسُ تارةً

وتَرَاهُ مُخْضَرًّا يَمِيْدُ

إنِّي لأرْجُو عَطْفةً

يَبْكي لها الوَاشِي الحَسُودُ

فرَحًا تقَرُّ به العُيُو

نُ فيَنْجَلي عنها السُّهُودُ

قال

(2)

: وأنْشَدَني سَعْدُ بن مُحَمَّد لنفسِه: [من الكامل]

لا يُوحِشَنَّكَ مِن جَمِيلِ تَصَبُّرٍ

خَطْبٌ فإنَّ الصَّبْرَ فيهِ أَحْزَمُ

العُسْرُ أكْرِمْهُ ليُسْرٍ بَعْدَهُ

ولأجْلِ عَيْنٍ ألْفُ عَيْنٍ تُكرَمُ

لم تَشْكُ منِّي عُسْرةً ألبَسْتُها

لومًا ولا جَوْرًا (b) على ما تَحْكُمُ

المَرْءُ يَكْرَهُ بُؤْسَهُ ولعَلَّهُ

تَأتيهِ فيهِ سَعَادَةٌ لا تُعْلَمُ

قال

(3)

: وأنْشَدَني الوَحِيْدُ لنفسِه: [من الطّويل]

أَتَحْسَبُ أنَّ البُؤْسَ للمَرْءِ دَائمٌ

ولو دَامَ شيءٌ عَدَّهُ النَّاسُ في العَجَبْ

لقد عرَّفتكَ الحادِثاتُ نُفُوسَها

وقد أدَّبَتْ إنْ كان يَنْفَعُكَ الأدَبْ

(a) التنوخي: بالهوى.

(b) التنوخي: خورًا.

_________

(1)

الفرج بعد الشدة 5: 46.

(2)

الفرج بعد الشدة 5: 78.

(3)

الفرج بعد الشدة 5: 81.

ص: 554

ولو طَلَبَ الإنسانُ مِن صَوْنِ دَهرِهِ

دَوَامَ الّذي يَخْشى لأعْيَاهُ ما طَلَبْ

أنْبَأنَا عُمَر (a) بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالب بن البَنَّاء، قال: كَتَبَ إليَّ أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَهْل الوَاسِطِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو طَالِب سَعْد بن مُحَمَّد الوَحِيْد، قَدِمَ علينا وَاسِطًا، لنفسِه

(1)

: [من المتقارب]

بَلوْتُ منَ الدَّهْرِ ما أَقنَعا

وكَشَّفْتُ أحْوَالَهُ أَجْمَعَا

زَمَانُكَ ذا مِثْلُ أبنائهِ

فلا تَحْفِلَنّ (b) بِمَنْ وَدَّعَا

إذا واصَلُوكَ فصِلْ حَبْلَهُمْ

وإنْ قَاطَعُوكَ فكُنْ مقْطَعَا

ومَنْ ودَّ مَن لا يُجَازى الودَادَ

مِثَالًا بمِثْلٍ فَقَدْ ضَيَّعَا

وكُنْتُ إذا صَاحِبٌ مَلَّني

ولم أرَ في وُدِّهِ مَطْمَعَا

غسَلْتُ بماءَ القِلى شَخْصَهُ

وكَبَّرْتُ من فَوْقهِ أرْبَعا (c)

وكان التَّغَافُلُ أكْفَانَهُ

وتُرْبُ التَّنَاسِي لَهُ مَضْجِعَا

فإنْ قالتِ النّفْس صِلْ حَبْلَهُ

أَقُلْ إنَّ مَن مَاتَ لن يَرْجِعا

أنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمد بن السَّمَرْقَنْديّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب مُحَمَّد بن أحْمَد بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أنشدَني سَعْد بن مُحَمَّد بن عليّ الوَحِيْد لنَفْسِه

(2)

: [من الخفيف]

لو إنَّما تَجَلَّيْتُ (d) للزَمَان للَاقَى

مِسْمَعَيه منِّي عتاب طَوِيْل

إنَّما تَكْثر المَلَامَةُ للدهـ

ــر لأنَّ الكِرَامَ فيه قَلِيْل

(a) ق: أبو مصر.

(b) ق: تجفلن.

(c) بعده في الأصل بياض قدر سطرين.

(d) الأصل، ق: تحليت، وعند ياقوت والسيوطي: لو تجلى لي الزمان.

_________

(1)

الأبيات الأربعة الأخيرة في البلغة للفيروزآبادي 103.

(2)

البيتان في معجم الأدباء 3: 1357، وبغية الوعاة 1:580.

ص: 555

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النّجّار، قال: سَعْدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن بن مَعْبَد بن مَطَر بن مَالِك بن الحَارِث بن سنَان بن خُزَاعَة بن حُيَيّ الأزدِيّ، أبو طَالِب الشّاعر المَعْرُوف بالوَحِيْدِ، ذَكَرَ أبو غَالِب بن بِشْرَان أنَّهُ بَغْدَاديٌّ، وَردَ وَاسِطًا، وقال: قَرأتُ عليه شَرْح المُتَنَبِّي له، ورَوَى عنهُ كَثِيْرًا من شِعْره، ورَوى عنهُ أيضًا القَاضِي أبو عليّ المحسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، وأبو الخَطَّاب الجَبُّلِيّ.

‌سَعْد بن مَسْعُود الثَّقَفِيُّ الكُوْفيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وكان من أُمَرَاءِ الأسْبَاعَ من أهْل الكُوفَة؛ على قيسٍ وعَبْد القَيْس.

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 11، 117، تاريخ الطبريّ 1: 87، 4: 163 - 164، 565، 5: 75، 80، 83، 159، الجرح والتعديل 4: 94، ابن الأثير: الكامل 3: 32، 232، 280، 336، 340، 373، 404، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 230.

ص: 556

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌سَعْدُ بن مُظَفَّر بن المُطَهَّر، أبو طَالِب اليَزْدِيّ الصُّوْفيّ

(1)

شَيْخُ رِباط السَّلْجُوقِيَّة بالجانب الغَرْبيّ من بَغْدَاد، قَدِمَ من يَزْد، ونَزَل بَغْدَاد وسَكَنَ المَدْرَسَة النِّظَاميَّة، وتَفَقَّهَ بها، وصَحِبَ شَيْخَنا شِهَاب الدِّين أبا نَصْر عُمَر بن مُحَمَّد السهرَوَرْدِيّ، وتخرَّجَ بهِ، وسافر معه إلى الشَّام في سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، حين سَيَّرَهُ الإمَامُ النَّاصِر أحْمَد رَسُولًا إلى المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، وقَدِمَ معَهُ حَلَب في أيَّام المَلِك الظّاهِر غَازِي.

ثُمَّ قَدِمَ حلَبَ رَسُولًا من الإمَامِ المُسْتَنْصِر النْصُور إلى المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن مُحَمَّد، وعاد إلى بَغْدَاد ورُتِّبَ شَيْخًا برِبَاطِ الأُرْجُوانيَّة، وبرِبَاطِ السَّلْجُوقِيَّة المُجَاور لقَبْرها، الّذي أنْشَأه الإمَام النَّاصِر.

وأخْبرَني أبو حَفْص عُمَر بن دَهْجَان البَصْرِيّ، أو غيره، أنَّهُ كان شَيْخًا خَيِّرًا مَعْرُوفًا بالخَيْر والصَّلَاح، حَافِظًا للقُرْآن، كَثِيْر التِّلَاوة له، وحَجَّ مِرَارًا رَاجِلًا على قَدَم التَّجْرِيد، وعاد إلى بَغْدَاد، وسَكَنَ رِباط الزَّوْزَنِيّ، فأقام به مُدَّةً في صُحْبَةِ شَيْخنا السُّهْرَوَرْدِيّ. وأُرْسِل من بَغْدَاد إلى جَمَاعَةٍ من المُلُوك، وتُوفِّيَ يَوْم السَّبْت خَامِس عَشْرِيّ مُحَرَّم من سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِتِّمائة بالرِّباط السَّلْجُوقِيّ، ودُفِنَ بمَقْبَرَة الشُّوْنِيْزِيّ، وشَيَّعَهُ جَمْعٌ كَثِيْرٌ من الصُّوْفيَّةِ والغُرَبَاءِ، رحمه الله.

(1)

توفي سنة 637 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 323، وكتاب الحوادث لمجهول 162 - 163، السبكي: طبقات الشَّافِعِيّة الكبرى 8: 147.

ص: 557

وذَكَرَهُ رَفِيْقنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار في تَارِيْخهِ الّذي ذَيَّلِ به تاريْخِ [بَغْدَاد](a)، فقال: سَعْد بن مُظَفَّر بن المُطَهَّر، أبو طَالِب الصُّوْفيّ، من أهْلِ يَزْد، قَدِمَ بَغْدَاد، وَنَزَل بالمَدْرَسَة النِّظَاميّةِ، وتَفَقَّهَ بها على مَذْهَب الشَّافِعيّ.

ثمّ إنَّهُ صَحِبَ شَيْخَنا عُمَر بن مُحَمَّد السُّهرَوَرْدِيّ، وسَكَنَ برِباطِ الزَّوْزَنِيّ، وتَرَكَ الفقْه، وسَلَكَ طَرِيق الزُّهْدِ والخلوَة والرِّيَاضَةِ والمجاهَدة، وأقام على ذلك مُدّةً، ثُمَّ إنَّهُ سَافَرَ مع شَيْخه إلى الشَّام لمّا أرْسِل إليها من الدِّيْوَان، واتَّصَلَت لهُ مَعْرفَةٌ بالوَزِير ابن مَهْدِي العَلَويّ، فنَدَبَهُ إلى خِدْمته، فرفَض ما كان فيه، وصَارَ وَكِيلًا على أمْوَاله، ولبسَ الحَرِير، وارْتفعَت دَرَجَتُهُ، وعَلَا جَاهُهُ، ولَم يَزَل على ذلك إلى أنْ صُرِفَ ابنُ مهدِي عن الوِزَارَة، فعَاد إلى صُحْبةِ الصُّوْفيَّة ولبَاسهم، إلى أنْ نُدِبَ للتَّنْفيذ في الرّسَائِل من الدّيْوَان العَزِيز إلى المُلُوك والأطْرَاف، فأُنْفِذَ إلى خُوارَزْم شاه مُحَمَّد بالعِراق، ورَأيْتُهُ بأصْبَهَان، ثمّ نُفِّذ إلى الشَّام ومِصر وبلاد الرُّوم مَرَّات، وإلى بلاد فَارِس، ورُتِّبَ شَيْخًا برِباطِ الأرْجُوانيَّة بدَرب زَاخِي، ثمّ بالرِّباطِ النَّاصِرِيّ المُجَاور لتُرْبةِ الجِهَة السَّلْجُوقيَّة.

وكان رَجُلًا من الرِّجال فيه فَضْلٌ، وله مَعْرفةٌ وأخْلَاقٌ حَسَنةٌ، ومَرضَ وطَالَ مَرَضُهُ، وضَعُفَت قُوَاه، ولَم تَفُتْهُ صَلاةٌ إلى حين وفَاتهِ.

تُوفِّي لَيْلَة السَّبت السَّادِس والعِشْرين من المُحَرَّم سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِتِّمائة، وصُلِّي عليه من الغَدِ بالرّبَاطِ، ودُفِنَ بالشُّوْنِيزيَّة، وأظُنُّه بَلَغ السِّتِّين أو جَاوَزها بقليلٍ، ولَم تكُن له رِوَايَةٌ للحَدِيْثِ (a) ولا عنايةٌ به.

قُلتُ: وقد حَدّثَ بدِمَشْقَ عن الحافِظ أبي مُوسَى مُحَمَّد بن عُمَر الأصْبَهَانِيّ، وأبي الفَرَج ثَابِت بن مُحَمَّد بن أبي الفَرَج البَدِيْليّ الحافِظ.

(a) ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصل، ولا في ق، ولَم يترك له فراغًا! وتقدم التعريف بالكتاب في الجزء السادس.

(b) ق: بالحديث.

ص: 558

‌سَعْدُ بن أبي سَالم الحَلَبِيّ

شَاعِرٌ من أهْل حَلَب، ظَفِرْتُ له بقَصَائِد يَمْدَحُ بها أهل البَيْت رِضْوَان اللّه عليهم، منها:[من الطّويل]

هُمُ قصْدُ منْهاجِ السِّرَاطِ المُقَوَّم

ونَفْسُ نَفِيْسِ العِلْم مِن كُلِّ مُحْكَمِ

هُم العَالَمُ العُلْويُّ والجَوْهَرُ الّذي

تصَفَّى وبَسْطُ النُّورِ في العَالِم العَمي

وخُزَّانُ عِلْم اللّه والنَّبَأُ الّذي

تَضَمَّنهُ وَصْفُ الكتابِ المُكَرَّم

صَفَوْا مِن صَفَاء ماءِ الصَّفَا وتَجَوْهَرُوا

فليسَ لَهُمْ في عَالَم الكَوْن مِن سَمِي

فَهُمْ فَيْضُ ماءِ المُزْنِ لذَّ طَهارةً

وقَصْدُ وُجُودِ الماءِ عِندَ التَّيَمُّمِ

وهُمْ سِرُّ لُطْفِ اللّهِ والخَلْقِ والهُدَى

وطَوْدُ الحَحِى والعِلْمُ للمُتَعَلِّمِ

وهُم فلَكُ النُّورِ المحيْطِ شُعَاعُهُ

وكُنْهُ بَسِيْطِ الحقِّ للِمُتَفَهِّمِ

لَهُمْ طَوْدُ فَخْرٍ مِن ذُرَى المَجْدِ شَامِخٌ

وهَيْهاتَ طُوْلَ النَّجْمِ يُرْقَى بسُلَّم

سَمَا مَجْدُهُمْ فَوْقَ السِّمَاكِ جَلَالَةً

إلى جِهَةِ الرّحْمنِ بالذِكْر يَنْتَمِي

فهُم قُدْوَةُ الدِّين الحنَيْنيِّ في الوَرَى

ومَهْيَعُ إرْشَادِ الطَّريقِ المُقَوَّم

وهُم حُجَجُ اللّهِ الّذين تَفضَّلُوا

وصيِّبُ ماءِ القَطْرِ في المَحْلِ يَنْهَمِي

‌سَعْدٌ، أبو الحَسَن

(1)

مَوْلَى الحَسَن بن عليّ رِضْوَان اللّه عليه، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ، وحَكَى عن علِيّ والحَسَن عليهما السلام، روَى عَنْهُ ابنُه الحَسَن بن سَعْد الكُوْفيّ، وعَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد (a) بن عَقِيل.

(a) ق: عمر.

_________

(1)

تَرْجَمَتِه في: طبقات ابن سعد 5: 19، البخاريّ: التاريخ الكبير 4: 55، الجرح والعديل 4:98.

ص: 559

أنْبَأنَا أبو حَفصٍ عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عُمَر (a) بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عُمَر بن مُحَمَّد بن عُمَر، عن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن عَقِيْل، عن سَعْد أبي الحَسَن مَوْلَى الحَسَنِ بن عليّ، قال: خَرَجتُ مع الحَسَنِ بن عليّ ليلَةً بصِفِّيْن في خَمسِين رَجُلًا من هَمدَان نُرِيدُ أنْ نأتي (b) عليًّا، وكان يوْمُنا يَوْمًا قد عَظُم فيه الشَّرُّ بين الفَرِيْقَين، فمَرَرْنا برَجُلٍ أعْوَر من هَمْدَان يُدْعَى مَذكُورًا، قد شَدَّ مِقْوَدَ فَرَسهِ برِجْل رَجُلٍ مَقْتُول، فوقَفَ الحَسَنُ بن عليّ على الرَّجُل فسَلَّم، ثُمَّ قال: مَنْ أنْتَ؟ فقال: رَجُلٌ من هَمْدَان، فقال له الحَسَن: ما تَصْنعَ هَا هُنا؟ قال: أضْلَلتُ أصْحَابي في هذا المكان في أوَّل اللَيل فأنا أنْتَظر رَجْعَتَهُم، قال: ما هذا القَتِيل؟ قال: لا أدْرِي غير أنَّهُ كان شَدِيْدًا علينا يَكْشفنا كَشْفًا شَدِيْدًا، وبين ذلك يَقُول: أنا (c) الطَّيِّبُ ابن الطَّيِّب، وإذا ضَرَبَ قال: أنا ابنُ الفَارُوق، فقَتَلَهُ اللّه يديّ، فنَزَلَ الحَسَنُ إليهِ فإذا عُبَيْدُ اللّهِ بن عُمَرَ، وإذا سِلَاحُهُ بين يَدي الرَّجُل، فأتَى به عليًّا فنفَّلَهُ عليٌّ سَلبَهُ؛ قَوَّمَهُ أرْبَعة آلاف دِرْهَمٍ.

أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه بن عُمَر (d) بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ بن عَبْد الخَالِق بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو أحْمَد عَبدُ الوَهَّاب بن مُحَمَّد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بنُ عَبْدَان، قال: أخْبَرَنَا

(a) ق: أَخْبَرَنَا عمر.

(b) طبقات ابن سعد: يريد أن يأتي.

(c) ق: أبا.

(d) ق: أبو عد اللّه مُحمَّد بن عمر، وهو خطأ؛ اسْمُه: الحُسَيْن بن عمر بن باز.

_________

(1)

طبقات ابن سعد 5: 19.

ص: 560

مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بنُ إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: سَعْدٌ مَوْلَى الحَسَن بن عليّ سَمِعَ عليًّا (a)، رَوَى عَنهُ ابنُه الحَسَنُ الكُوْفيِّ القُرَشِيّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن أبي الفَرَج مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبى حَاتِم

(2)

، قال: سَعْدٌ مَوْلَى الحَسَن بن عليِّ، روَى عن عليِّ (b)، رَوَى عَنهُ ابنُه الحَسَنُ الكُوْفيّ القُرَشِيّ، سَمِعْتُ أبي يَقُول ذلك.

‌سَعْدٌ؛ أبو بَذَّال بن سَعْد

له ذِكْرٌ، وخَرَج مع المأمُون غَازِيًا بلادَ الرُّوم، وكان معه بحَلَب في دُخُوله الغَزَاة.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمزَةُ بن يُوسُفَ السهمِيّ، قال: أخبَرَنا أبو أحْمَد عَبد الله بنُ عَدِيِّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ بَذَّال بن سَعْد يَقُول: كانَ أبي خَرَجَ إلى الرُّوم مع المأمُون، وكُنْتُ حَمْلًا، فأوْصَى إنْ كان لى ابنٌ أنْ يُسَمَّى بَذَّالًا، وإنْ كانت ابنَةً تُسَمَّى بَذَّالةً، وذاك أنَّهُ كان فُتحَ فَتْحٌ من الفُتُوحَ على يَدَي رَجُلٍ يُسَمَّى بَذَّالًا.

(a) الأصل، ق: علي، وفوقه في الأصل، "صـ".

(b) قوله: "روى عن علي" ساقط من ق.

_________

(1)

التاريخ الكبير 4: 55.

(2)

الجرح والتعديل 4: 98.

(3)

لم أقف عليه في كتاب الكامل لابن عدي.

ص: 561

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَعْدَان

‌سَعْدَانُ بن يَحْيَى الحَلَبِيُّ

(1)

مُحَدِّث تكلَّمُوا فيه، ذَكَرهُ الحاكِم أبو عَبْد الله الحافِظ في سُؤَالاته الدَّارَقُطْنِيّ

(2)

وقال: قُلْتُ له -يعني الدَّارَقُطْنِيّ-: فسَعْدَان بن يَحْيَى الحَلَبِيّ: فقال: ليسَ بذاك.

‌سَعْدَان بن يَزِيد البزَّازُ

(3)

حَدَّثَ عن الهَيْثمَ بن جَمِيل الأنْطَاك، وسَمِعَ منه بأنْطَاكِيَة، وعن أحْمَد بن يُوسُف بن أسْبَاط، وعليّ بن عَاصِم، ومُحَمَّد بن المُبارك الصُّوْرِيّ، ويَزِيْد بن هَارُون، وعُمَر بن شَبِيْب المُسْلِيّ (a)، وإسْحَاق بن يُوسُف الأزْرَق، ومُحَمَّد بن عُبَيْد الطَّنَافِسِيّ، وعُبَيْد الله بن مُوسَى، والفَضْل بن دُكَيْن، وسَلَمَة بن غِفَار، وإسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، ومُحَمَّد بن رَبيعَة، وسَهْل بن مَحْمُود، وشُجاع بن الوَلِيد.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر الخَرَائطِيّ، وأحمدُ بن مُحمَّد بن عُبَيْد الطَّوَابيقيّ الطَّرَسُوسِيّ، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، وابنُهُ أبو مُحَمَّد.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، قراءةً منِّي

(a) ق: المسلمي.

_________

(1)

توفي بعد سنة 180 هـ، ويرجمته في: تاريخ الإسلام 4: 856، وفيه: اللخمي؛ عوض: الحلبي، لسان الميزان 3:15.

(2)

سؤالات الحاكم 223 وفيه: سعيد بن يحيى اللخمي!.

(3)

توفي سنة 262 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 4: 290، تاريخ بغداد 10: 281 - 282، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 170، ابن الجوزي: المنتظم 12: 180 - 181، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 9 - 10، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 335، سير أعلام النبلاء 12: 358 - 359، النجوم الزاهرة 3: 36 (وفيه: سعد).

ص: 562

عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبيس الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَديد، قال: أخْبَرَنَا جَدِّي أبو بَكر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر الخَرَائطِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنا سَعْدَانُ بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنَا حَمًّادُ بن سَلمة، وأبو عَوَانَة، عن عَطَاء بن السَّائِب، عن حَكِيم بن [أبي](a) يَزِيد، قال

(2)

: قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعُوا عِبَادَ الله فليُصِبْ بَعْضُهُم من بعضٍ، وإذا اسْتَنْصَحَ أحَدَكُم أخُوهُ فليَنْصَحْهُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: كَتَبَ إليَّ القَاضِي أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحمد بن عِيسَى السَّعْدِيِّ منِ مِصْر: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبو طَالِب عُمَر بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عُبيدٍ الطَّوَابِيْقيّ، عن سَعْدَان بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيلٍ، قال: سَألْتُ زُهَيْرًا في ثلاثة أحَادِيْث مُسْنَدة، فقال: تَسْألُ عن ثلاثة أحَادِيْث مُسْنَدَة في مَوضِع واحدٍ، عَزَمْتُ عليك إلَّا فَرِّقْها (b).

أنْبَأنَا الخَطِيبُ أبو البَرَكَاتِ سَعيدُ بن هاشِم بن أحْمَد بن هاشِم، عن مَسْعُود بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحمن بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: سَعْدَانُ بن

(a) ساقطة من الأصل وق، وأشَّر المصنف على وقوع السقط بكتب "صـ"، والإضافة من مصادر تخريج الحديث.

(b) ق: فرّقتها.

_________

(1)

الخرائطي: مكارم الأخلاق 1850.

(2)

المنتخب من مسند عبد بن حميد 162 (رقم 438)، المعجم الكبير للطبراني 22: 354 - 355 (رقم 887 - 892)، مجمع الزوائد للهيثمي 4: 83، وانظر: المسند الجامع 18: 529 (رقم 15380).

(3)

الجرح والتعديل 4: 290.

ص: 563

يَزِيد البزَّاز، أبو مُحَمَّد، نَزيلُ سَامَرَّاء، رَوَى عن إسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، وإسْحَاق بن يُوسُف الأزْرَق، ومُحَمَّد بن ربِيْعَة، وسَلَمَة بن غِفَارٍ (a)، وشُجاع بن الوَلِيدِ، وسَهْل بن مَحْمُود، كَتَبْتُ عنهُ مع أبي، وهو صَدُوقٌ. سُئِلَ أبي عنه، فقال: صَدُوقٌ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ سَعِيْد

‌سَعِيْدُ بن أحْمَد بن سَعيد بن سِنَان الطَّائيُّ المَنْبِجِيُّ

حَدَّثَ عن عِيسَى بن يُونُس، رَوَى عَنْهُ ابنُه أبو بَكْر عُمَر بن سَعيد بن أحْمَد المَنْبِجِيّ.

أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم تَمِيْم بن أبي سَعْد بن أبي العبَّاسِ الجرجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن البَحَّاثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحمَّدُ بن أحْمَد بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم بن حِبَّان، قال: أخْبَرَنا عُمَرُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن يُونُس، عن يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ، عن مُحَمَّد بن إبْراهيم التَّيْمِيّ، عن عَلْقَمَة بن وَقَّاصٍ، عن عُمَر بن الخَطَّابِ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَنْ كانت هِجْرَتهُ إلى اللهِ ورسُوله، فهِجرَتُه إلى اللهِ ورَسُولهِ، ومَنْ كانت هِجْرتهُ لدُنْيا يُصِيْبُها، وامْرأةٍ يَتَزَوَّجُها، فهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليهِ.

(a) الجرح والتعديل: عقار.

_________

(1)

صحيح مسلم 3: 1515 - 1516 (رقم 1907)، الجامع الكبير 3: 282 (رقم 1647)، سنن الدارقطني 1: 50 - 51، سنن النسائي 1: 58 - 60 (رقم 75)، 6: 158 - 159 (رقم 3437)، المعجم لابن المقرئ 31 (رقم 1)، مسند الشهاب القضاعي 1: 35 - 36، السنن الكبرى للبيهقي 4: 112، شرح السنة للبغوي 1: 3، صحيح ابن حبان 3: 115 - 116 (رقم 389)، فتح الباري 1:54.

ص: 564

‌سَعِيْدُ بن إسْمَاعِيْل الأسَدِيّ

(1)

رَجُلٌ من المُجَاهِدين، قَدِمَ دَابِق وبها مَسْلَمَةُ بن عَبْد المَلِك مُعَسْكرٌ، ودَخَلَ معَهُ الغَزَاة المَعْرُوفة الَّتي أغْزَاهُ فيها أبُوه عَبْدُ المَلِك بن مَرْوَان، وهو أحَدُ الفِتْيَةِ الّذين تَابُوا وخَرجُوا إلى الغَزْوِ ولَحِقُوا مَسْلَمَة بِدَابِق، وقُتِلَ هو وأصْحَابه بطُوَانَة شُهَدَاءَ، ذَكَرَ حَدِيْثَهُم ابنُ أعْثَمَ

(2)

.

‌سَعِيْدُ بن بُرَيْد، أبو عَبْدِ الله التَّمِيْمِيُّ النِّبَاجِيُّ

(3)

قَدِمَ العَوَاصِم والثُّغُوِر غَازِيًا (a)، وأقامَ بطَرَسُوس، وكان من أقْرَان ذي النُّون المِصْرِيّ، ولهُ كَلَامٌ حسَنٌ في الرَّقَائق والحَقَائق، وكان كَثِيْر العِبَادَة، وسَاحَ.

حَكَى عن الفُضَيْل بن عِيَاض، وأبي خُزَيمَة العَابِد، حَكَى عنهُ عَبْد الله بنُ خُبَيْق الأنْطَاكِيِّ، وسَهْل بن عَاصِم، وأحمد بن أبي الحَوَارِيّ، وعُمَر بن مُحَمَّد بن بُجير (b) البَحِيْرِيّ، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد (c) بن مُعاوِيَة الصُّوْرِيّ، والوَلِيد بن عُتْبَة،

(a) ساقطة من ق.

(b) قيده في الأصل في هذا الموضع بالحاء: بحير، ويرد فيما بعد بالمعجمة، وانظر ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 45: 317 - 318، تاريخ الإسلام 7: 341، سير أعلام النبلاء 14: 402 - 404.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

توفي سنة 86 هـ، وترجمته في: الفتوح لابن أعثم 7: 171.

(2)

ابن أعثم: الفتوح 7: 171 - 183.

(3)

توفي في حدود سنة 220 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 4: 8، حلية الأولياء 9: 310 - 317، (وتحرف فيه: يزيد بدل بريد، والساجي بدل النباجي)، طبقات الصوفية للسلمي 98 - 99، 200، الإكمال لابن ماكولا 1: 231، 7: 372، الخطيب البغدادي: تلخيص المتشابه في الرسم 326 - 337، السمعاني: الأنساب 13: 24، تاريخ ابن عساكر 21: 13 - 22، صفة الصفوة 4: 279 - 280 (وفيه: سعيد بن يزيد)، تاريخ الإسلام 5: 330 - 331، سير أعلام النبلاء 9: 586، الوافي بالوفيات 15: 202 - 203، (وفيه: سعيد بن يزيد)، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9: 287 - 290، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 121 - 123.

وأعاد المؤلف ذكره في الكنى (الجزء العاشر) وأحال على ترجمته هذه.

ص: 565

وأبو عَبد الله الأَصْبَحِيّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن بَكْر القُرَشِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي الوَرْد، ودَاوُدُ بن مُحَمَّد، والنَّضر (a) بن عِيسَى بن يَحْيَى، ولا أعْلَمُ حَدِيثًا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُسْنَدًا.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا [

] (b)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَّدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله الحافِظ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: سَمِعْتُ خالي أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف يَقُول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن يُوسُف يَقول: كان أبو عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ مُجَاب الدَّعْوَة، له آياتٌ وكَرَامَاتٌ، بينما هو في بَعْضِ أَسْفَارهِ إمَّا حَاجًّا، وإمَّا غَازِيًا على نَاقةٍ، وكان في الرِّفْقَةِ رَجُلٌ عَائِنٌ قَلَّ ما نَظَر إلى شيءٍ إلَّا أَتْلَفَهُ (c) وأَسْقَطَهُ، وكانت ناقَةُ أبي عَبْد اللهِ ناقةً فَارِهَةً، فقيل له: احْفَظْها من العَائن، فقال أبو عَبْد الله: ليسَ له إلى (d) نَاقَتي سَبِيل، فأُخْبِرَ العَائن بقَوْله، فتَحَيَّن غَيْبَةَ أبي عَبْدِ الله فجاءَ إلى رَحْلِهِ، فعَانَ (e) نَاقتَهُ فاضْطَرَبت ناقَتُه وسَقَطَتْ تَضْطَرب، فأُتِيَ أبو عَبْدِ الله فقيل له: إنّ العَائن قد عَانَ نَاقَتكَ وهى كما تراها تَضطَربُ، فقال: دُلُّوني على العَائن، فدُلَّ عليه، فوَقَفَ عليه وقال: بسْم الله، حَبْسٌ حَابِسٌ (f)، وشِهَابٌ قَابِسٌ، رَدَدْتُ عَيْن العَائن عليه، وعلى أحَبّ النَّاسِ إليه، في كلْوَتَيْهِ (g) رَشِيْقٌ، وفي ماله يَلِيْق، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ

(a) ق: وداود بن مُحَمَّد النصري!.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل وق قدر ثلاث كلمات، وقد تقدم لابن العديم أن غاب عنه السند في موضع متقدم، ويتصل سند أبي الحَجَّاج الآدمي بأبي علي الحداد من خلال أربعة، هم: أبو المكارم بن اللبان، ومحمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني، وأبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الراراني، ومسعود بن أبي منصور الجمال.

(c) حلية الأولياء: أثقله.

(d) حلية الأولياء: على.

(e) الأصل، ق: فعاين، والمثبت من الحلية وتاريخ ابن عساكر 21:21.

(f) زيد بعده في الحلية: وحجر يابس.

(g) في تاريخ ابن عساكر ومختصره لابن منظور: كلوبته، والمثبت موافق لما في الحلية.

_________

(1)

حلية الأولياء 9: 316 - 317.

ص: 566

كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}

(1)

، فخَرَجَت حدَقتا العَائن، وقَامَت النَّاقَةُ لا بَأْسَ بها!

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ؛ عَمِّي (a)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن البَرُوجِرْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَطَاء عَبْد الأعْلَى بن عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن أبي القَاسِم المَلِيْحِيّ (b) بَرَاة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيل بن إبْراهم بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن الفقِيه المُقرِئ القَرَّاب، قال: أخْبرَنا أبو يَعْلَى الحُسَين بن مُحَمَّد الزُّبَيْريّ (c)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُسَيَّب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن خُبَيْق، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله النِّبَاجِيّ يَقُول: كَتَبَ عَبْدُ الله بن دَاوُد إلى أخٍ له: أمَا آنَ لكَ أنَّ تَسْتَوحِشَ من النّاسِ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: حَدَّثَني مَسْعُود بنُ نَاصِر السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد عُثْمان بن مُحَمَّد بن أحْمَد الصُّوْفيّ ببُسْت، قال: حَدَّثَنَا وَالدِي، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ الجُرجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن الحَكَم المُخَرَّمِيّ الطَّيالِسِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله الأَصْبَحِيّ يَقُول: سَمِعْتُ سَعيدَ بن بُرَيْد النِّبَاجِيّ يَقُول: بينا نحن صَافُّونَ نُقَاتِل العَدُوَّ بأرْضِ الرُّوم، فإذا أنا بغُلَامٍ كأحْسَن

(a) ساقطة من ق، وانظر تاريخ ابن عساكر 21:20.

(b) ابن عساكر: الملحي، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

(c) الأصل، ق: الزهري، والمثبت من حلية الأولياء 8: 348، وتاريخ ابن عساكر. وانظر ترجمة الزبيري في تاريخ بغداد 8:400.

_________

(1)

سورة الملك، الآيتان 3 - 4.

(2)

الخطيب البغدادي: تلخيص المتشابه 326 - 327.

ص: 567

مَنْ رأيْتُ من الغِلْمَان، وعليه طُرَّةُ وقفَاء، وعليه حُلَّةُ دِيْبَاجٍ، وهو يُقَاتِل قِتَالًا شَدِيْدًا وهو يَقُول

(1)

: [من مجزوء الرمل]

أنا في أمْري رشَادٍ

بين غزْوٍ وجِهَادِ

بَدَنِي يَغْزُو عَدُوِّي

والهَوَى يَغزُو فُؤادِي

قال: فدَنَوْتُ منه فقُلْتُ: يا غُلَام، هذا القِتَال وهذه المَقَالَةُ والطُّرَّةُ والقفَاء والحُلَّة لايُشْبه بَعْضُها (a) بعضًا!؟ فقال الغُلَام: أحْبَبْتُ رَبِّي فشَغَلني بحُبِّه (b) عن حُبِّ غيره، فتَزَيَّنْتُ لحُور العِيْن لعَلَّها تَخطبُني إلى مَوْلاها.

أحْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ في كِتَابِه إليْنَا غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أَخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُنَ سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزيْز الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن جَهْضَم، قال: حَدَّثني عَبْدُ السَّلام - يعني ابن مُحَمَّد المَخْزُوميّ - قال: حَدَّثَنَي أبو العبَّاس أحْمَد بن عُبَيْد، عن مُحَمَّد بن أبي الوَرد، قال: صَلَّى أبو عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ بأهْل طَرَسُوس صَلَاةَ الغَدَاةِ، فوَقَعَ النَّفِيْرُ وصَاحُوا، فلم يُخَفِّف الصَّلاةَ، فلمَّا فَرَغُوا قالُوا له: أنْتَ جَاسُوْس! قال: وكيف ذاك؟ فقالوا: صَاحَ النَّفِيْر وأنْتَ في الصَّلاةِ لَم تُخَفِّف، قال: إنَّما سُمِّيَت صلاةً لأنَّها اتِّصَال باللهِ، وما حَسِبْتُ أنَّ أحدًا يكُون في الصَّلاةِ فيَقَع في سَمْعِه غيرُ ما يُخاطِب الله به.

(a) تلخيص المتشابه: بعضه.

(b) تلخيص المتشابه: حبه.

_________

(1)

البيتان في الوافي بالوفيات 15: 203.

ص: 568

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد السَّمعَانيّ من مَرْو غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور الحُرْضِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلمِيّ، قال: أبو عَبْد الله النِّبَاجِيّ من أقْرَان ذي النُّون المِصْرِيّ، لهُ كَلَامٌ حَسَنٌ في المَعْرفَة وغيرها، وكان من أُسْتَاذِي أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، واسْمُ أبي عَبْد الله سَعيد بن بُرَيْد، كذلك ذَكَرهُ عُمَر بن مُحَمَّد بن بُجَيْر فيما حَدَّثَنَا عنهُ عليّ بن أحْمَد بن سَعيد الجُوزْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله سَعِيْد بن بُرَيْد النِّبَاجِيّ.

أخبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن عَبْد الله بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، عن مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا حَمْد بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبِي حَاتِم

(1)

، قال: سَعِيْد بن بُرَيْد أبو عَبْد الله النِّبَاجِيّ الزّاهِد، رَوَى عن [

] (a) رَوَى عنهُ أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ.

كذا وَقَعَ في أصْلِ الكتاب مُبَيَّضًا.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: قَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلِميّ عن أبي زَكَرِيَّاء البُخاريّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعِيْد، ح.

(a) موضع الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وهو بياض أيضًا في مطبوعة كتاب الجرح والتعديل، ومثله ما عند ابن عساكر، ونبه ابن العديم بعد انتهاء النقل على أنه وجده هكذا في أصوله.

_________

(1)

الجرح والتعديل 4: 8.

(2)

تاريخ ابن عساكر 21: 14.

ص: 569

قال: وقَرَأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر ابن مَاكُولا

(1)

، قال (a) في باب يُرَيْد بالبَاء والرَّاء: سَعيد بن بُرَيْد أبو عَبْد اللهِ النِّبَاجِيّ الزَّاهِد.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر على بن هِبَة الله بن مَاكُولا

(2)

، قال: أبو عَبْد الله النِّبَاجِي سَعِيْد بنُ بُرَيْد، أحَدُ الزُّهَّادِ، يَحْكي عنه أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ حكَايَات.

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيْبُ

(3)

، قال: أبو عَبْدِ الله سَعيد بن بُرَيْد النِّبَاجِيّ، كان أحدَ عِبَادِ الله الصَّالِحين، يَحْكي عنه حِكَايَات أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ الدِّمَشقيّ وغيره.

أنْبْأنا تاجُ الأُمَناء أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(4)

، قال: سَعِيْدُ بنُ بُرَيْد أبو عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ النِّبَاجِيّ الزَّاهِدُ، حكَى عن الفُضَيْل (b) بن عِيَاض، وأبي خُزَيْمَةَ (c) العَابِد. حَكَى عنه أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ، والوَلِيدُ بن عُتْبَة الدِّمَشقيَّان، وعُمَر بن مُحَمَّد بن بُجَيْر البَحِيْرِيّ، وأبو عَبْد الله الأَصْبَحِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي الوَرْد، وأحمد بن مُحَمَّد بن بَكْر القُرَشِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُعاوِيَة الصُّوْرِيّ، وسَهْل بنُ عَاصِم، وعبد الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، وكان عَابِدًا سَيَّاحًا.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، قال: أخْبَرَنا

(a) الأصل: قالا.

(b) ابن عساكر: الفضل!.

(c) ابن عساكر: جدية.

_________

(1)

ابن ماكولا: الإكمال 1: 231.

(2)

ابن ماكولا: الإكمال 7: 372.

(3)

لم يترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وبعض كلامه في تلخيص المتشابه 326، ونقله عن الخطيب الحافظ ابن عساكر 21:14.

(4)

تاريخ ابن عساكر 21: 13.

ص: 570

أبو القَاسِم عَبْدُ الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين يَقُول: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر الرَّازِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عبَّاس بن حَمْزَة يَقُول: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ أبي الحَوَارِيّ، قال: سَمِعْتُ النِّبَاجِيّ يَقُول: أُسُّ (a) العِبَادَة في ثلاثةِ أشْيَاء: لا تَردّ من أحْكامهِ شيئًا، ولا تَدَّخِر عنه شيئًا، ولا يسْمَعُكَ تَسْألُ غيرَهُ حاجةً.

أْخبَرَنا المُؤيَّد بن عليّ الطُّوْسيّ في كِتابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسَعَد هِبَة الرَّحمن بن عَبْدِ الوَاحِد بن عَبْد الكَريم القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو (b) صالِح أحْمَدُ بن عَبْدِ المَلِك بن عليّ المُؤذِّن النَّيْسَابُوريُّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو القَاسِم عُبَيْدُ الله بنُ أحْمَد الصَّيْرَفِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، عن أبي عَبْدِ اللهِ (c) النّبَاجِيّ، قال: إنْ أحْبَبْتُم أنْ تكُونوا أبْدَالًا فأحبُّوا مَا شَاءَ الله، ومَنْ أحبّ مَا شَاءَ اللّه لم ينَزْل به من مَقَادِير اللهِ وأحْكَامِهِ شيءُ إلَّا حَبَّهُ.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر بن أبي سَعْد، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد الحُرْضِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر المُزكِّي، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ بن الخَشَّاب البَغْدَاديّ يَقُول: سَمِعْتُ عَبْد السَّلام بن مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ أبا عليّ الرُّوْذبَارِيّ يَقُول: سَمعْتُ أبا العبَّاسِ بن عَبْدِ الله يَقُول: سَمِعْتُ ابنَ أبي الوَرْد يَقُول: قال أبو عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ: مَنْ خَطَرت الدُّنْيا ببَالهِ لغير القيَام بأمْرَ اللهِ حُجِبَ عن الله.

قال: وأخْبَرَنا أبو عبدِ الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو جَعفَر الرَّازِيّ، قال: حَدّثَنَا

(a) الرسالة القشيرية: أصل.

(b) ساقطة من ق.

(c) ق: أبي عبيد الله.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 127.

ص: 571

العبَّاسُ بن حَمْزَة، قال: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن أبي الحَوَاريّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللهِ النِّبَاجِيّ يَقُول: إنْ أعْطَاكَ أَغْنَاك، وإنْ مَنَعَك أرْضَاكَ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد بن نَصْر السُّتُورِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخُلْدِيّ، قال: سَمِعْت أبا نَصْر السَّمَرْقَنْديّ بمَكَّة يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن أنَس بن مَالِك يَقُول: سَمِعْتُ الوَلِيدَ بن عُتْبَةَ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ يَقُول: أصَابَتْني ضيْقَة شَدِيدةٌ (b)، فبتُّ وأنا أتَفَكَّر في المَصِيْر إلى بَعْض إخْواني، فسَمِعْتُ قَائلًا يَقُول لي في النَّوْم: أيَجْمل بالحُرِّ المُرِيْد إذا وَجَدَ عند اللهِ ما يُريد أنْ يَمِيْل بقَلْبهِ إلى العَبِيْدِ!؟ فانْتَبَهْتُ وأنا من أغْنَى النَّاس.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، قال: أَخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن الفَضْل، قال: أخْبرنا أبو عُثمان الصَّابُونيّ، قال: أخبَرنا أبو يَعْقُوب إسْحاقُ بن إبْرَاهيم العَدْل، قال: أخْبَرَنا بِشْر بن مُحَمَّد المُزَنِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عُبيد، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن مُحَمَّد أنَّهُ سَمِعَ أبا عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ يَقُول: خَمْسُ خِصَالٍ فيها تَمامُ العَمَل: مَعْرفَة الله، ومَعْرفَة الحَقّ، وإخْلَاص العَمَلِ لله، والعَمَل على السُّنَّة، وأكْل الحَلَال، فإنْ فُقِدَتْ واحدة لَم يَرْتَفع العَمَل، وذلك أنَّك إذا عَرَفْتَ الله ولم تَعْرف الحَقّ لم تَنْتَفع، وإذا عَرَفْتَ الحَقّ ولَم تَعْرف الله لم تَنْتَفِع، وإذا عَرَفْت الله وعَرَفْتَ الحَقّ ولم تُخْلص العَمَل لم تَنْتَفع، وإنْ عَرفْتَ الله وعَرَفت

(a) ق: السنوري.

(b) تلخيص المتشابه: ضيقة وشدة.

_________

(1)

الخطيب البغدادي: تلخيص المتشابه 327.

(2)

تاريخ ابن عساكر 21: 18.

ص: 572

الحَقّ وأخْلصْتَ العَمَل ولَم يكُن العَمَلُ على السُّنَّةِ لم تَنْتَفِع، وإنْ تَمَّتِ الأرْبَع ولم يكُن الأكْل من الحَلَال لم تَنْتَفع.

وقال: أخْبَرَنا الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن حَمْشَاد (a)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَالِم، قال: حَدَّثَني إبْراهيمُ بن الجُنَيْد، قال: حَدَّثَني النَّضْر بن عِيسَى بن يَحْيَى، قال: قال رَجُلٌ لأبي عَبْد الله النِّبَاجِيّ وأنا أسْمَعُ: يا (b) أبا عَبْدِ الله، الرَّاضِي يَسْأل؟ قال: يُعَرِّض، قال: مثْل أيّ شئ؟ قال: مثل قَوْل أيُّوب: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

(2)

.

أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم (c) بن أزُرْتق، فيما أجَازَهُ لنا وسَمِعْنا منه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد القَادِر بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الأَزَجِيّ، ح.

وأخْبَرَنا حَسَن الأَوَقِيّ إذْنًا، عن أبي طَاهِر الأزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا الأزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد الله بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عِيسَى بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ يَقُول: إنّ لله عز وجل عِبَادًا يَسْتحيُونَ من الصَّبْر يَسْلكُونَ مَسْلَك الرِّضَا، وله عِبَادُ لو يعلُمونَ ما يَنْزل من القَدر لاسْتَقْبلُوهُ اسْتقَبالًا حُبًّا لربِّهم ولقَدَره عندَهُم، فكيف يَكْرهونَهُ بعدَما وَقَع!

وقال: أخْبَرَنا ابن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب الزَّاهِد، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَر بن خَلَف، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ، قال: سَمِعْتُ

(a) ابن عساكر: حدثنا حمشاد.

(b) ابن عساكر: اسمع يا

(c) ق: أبو إسحاق بن إبراهيم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 21: 18.

(2)

سورة الأنبياء، من الآية 83.

ص: 573

أبا عَبْدِ الله النِّبَاجِيّ يَقُول: تَدْرِي ما أرادَ عَبِيْد أهْل الدُّنْيا من مَوَاليهم أنْ يرضَوْا عنهم، وأرادَ الله من عَبِيده أنْ يرضَوْا عنه وما رَضُوا عنه، حتَّى كان رِضَاهُ عنهم قَبْل رِضَاهم عنهُ.

وقال: أخْبَرَنا ابن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحمّد بن مِهْرَان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل بن حَسَّان، فيما قَرأتَ عليه ببَلْخ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن مُوسَى بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو الغَزِّيّ أنَّ أبا عَبْد اللهِ النِّبَاجِيّ سَألَ الله عز وجل أنْ يَجْعل رِزْقَهُ في الماءِ، ثمّ سَأل الله عز وجل أنْ يَقْطَع عنه شُرْبَ الماءِ فأُري في مَنَامهِ: إنَّكَ خَلْقٌ أجْوَف فكانَ غذاؤُه الماءَ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد الرَّزَّاز، قال: حدَّثَنَا أبو بكر مُحَمَّد بن الحَسَن بن زِيَاد النَّقَّاش، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن عَاصِم بدِمَشْق، ويُوسُف بن الحُسَين بالرَّيّ، وابن أبي حَسَّان الأنْمَاطِيّ، قالُوا: حَدَّثَنَا ابنُ أبي الحَوَارِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله النِّبَاجِيّ يَقُول: تَدري أيّ شيء قُلْت البَارِحَة وبَارحَةَ الأُوْلَى؟ قُلتُ: قَبِيْحٌ بعُبَيْدٍ ذَلِيل مثْلي يُعْلِم عَظيْمًا مثْلك ما لا يَعْلَم، إنَّك تَعلم أنِّي لو خُيِّرت بين أنْ تكُون لي الدُّنْيا مُنذ يوْم خُلِقَتْ أتَنَعَّمُ فيها حَلالًا لا أُسْأل عنه يَوْم القِيامَة، وبين أنْ تَخْرُج نَفْسِي السَّاعَة، لاخْتَرْتُ أنْ تَخْرُج نَفْسِي السَّاعَة، ثُمَّ قال: إنَّا نُحبّ أنْ نلقَى مَنْ نُطيع.

(1)

لم أقف عليه في كتب الخطبب البغدادي، وهو في حلية الأولياء 9: 311 وتاريخ ابن عساكر 21: 19 - 20.

ص: 574

‌سَعِيْدُ بن جِبَاءَة، أبو مُحَمَّد المَعَرِّيّ التَّنُوخِيّ

من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان.

هكَذا وَجَدْتُه بخَطِّ شَيْخنا أبي إسْحَاق إبْراهيم بن أبي اليُسْر، فلا أدْرِي نَسَبه إلى جَدِّه الأعْلَى الّذى يَنْتَسِبُ إليه بنو جِبَاءَة، أو أنَّ أباهُ كان اسْمه جِبَاءَهَ باسْمِ جَدّه الأعْلَى، وهو من بني أبي الأسَد مُحَمَّد بن سَلامَهَ بن المُثَنَّى بن جِبَاءَة - وإليه يَنْتَسِبُ بَيْتهم بمَعَرَّة النُّعْمَان - ابن سُلَيْمان بن زُرْعَة بن سَلامَة بن نَبِيْل بن الصَّبَّاح بن مُقَاتِل بن زَيْد بن ذُهْل بن زُرْعَة بن ثَعْلَبَة بن مَالِك بن فَهْم بن تَيْم الله بن أسَد بن وبْرَهَ ويُعْرَفُ بالضِّيَاء، وهو من بَيْتٍ مَعْرُوف بمَعَرَّة النُّعْمَان، فيه جَمَاعَة من العُلَمَاءَ والشُّعَراء.

ولسَعِيْد هذا شِعْرٌ، ورَوَى عن أبي الحَسَن عليّ بن المُؤيَّد بن أحْمَد بن حَوَاري شَيئًا من شِعْره، رَوَى عنهُ أبو إسْحَاق بن أبي اليُسْر.

أنْبَأنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان، ونَقَلْتُه من خَطِّهِ، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ الضِّيَاء أبو مُحَمَّد سَعِيْد بن جِبَاءَة المَعَرِّيِّ، رحمه الله، سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة بدَاره بباب حجي، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن عليّ بن المُؤيَّد بن حَوَاري لنَفْسِه

(1)

: [من الرمل]

مَنْ عَذِيْري من عذَارى قَمَر (a)

عرَّضَ القَلْبَ لأسْبَاب التَّلَفْ

عَرَفَ (b) الشِّعْرُ الّذي عَارَضَه (c)

أنَّهُ جَارَ عليه فوَقَف

(a) ديوان كشاجم: رشأ.

(b) ديوان كشاجم: علَّم.

(c) كتب ابن العديم في الهامش: "كذا بخطه؛ ح: عاجله"، ولعله أراد برمز الحاء: الحذق؛ أي أحذق بما اقترحه، وعند كشاجم: جاعله.

_________

(1)

ينسب الشعر لكشاجم: ديوانه 223، الديارات للشابشتي 260.

ص: 575

وقَرَأتُ في مَجْمُوع وَقَعَ إليّ هذه الأبْيَات لسَعِيْد بن جِبَاءَة: [من الكامل]

أنا مَنْ عرفْتَ جَلادَةً وحزامَةً

لكِنْ ذَهبتُ مِنَ الهَوَى بُمغَرَّرِ

إنْ كُنْتَ لم تَخْبُرْ غَرَامي باللِّوَى

فاسْتَخْبِرِ الأحْيَاءَ عنِّي تُخْبَرِ

كم نَظْرَةٍ أبدَتْ أسَىً أَخْفَيتُهُ

عن نَاظِرِ الوَاشِي بما لَم يَنْظُرِ

لو كُنْتُ أَمْلِكُ أمْرَ قَلْبي لَم أكُن

ألْقَى الهَوَى إلا بحُكْمِ مُخبِّرِ

يا صَاحِ كم صَاحٍ تداخَلَ قَلْبَهُ

سُكْرُ الغَرَامِ ووَدَّ أنْ لَم يَسْكَرِ

ظَنَّ الهَوَى سَهْلًا فَوافَقَ صَعْبَهُ

مَعَ زَلَّةِ الشِّعرِ الّتي لَم تُغْفَرِ

‌سَعِيْدُ بن الحَاضِن الغَسَّانِيُّ الحَلَبِيُّ

قيلِ: إنَّهُ هو القائل في الحُسَين بن حَمْدَان حين كَتَبَ إليه المُقْتَدِرُ في إنْجَادِ ذَكَا الأعْور على بَني تَمِيْم، حين عَائُوا في بَلَدِ حَلَب وأفْسَدُوا فسَادًا كَثيْرًا، فأسْرَى إليهم من الرَّحْبةِ، وواقَعهم على خُنَاصِرَة، وأَسَرَ منهم جَمَاعَة، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ الحُسَين بن حَمْدَان

(1)

، فقال سَعِيْد بن الحَاضِن

(2)

: [من الرجز]

أصْلَح ما بين تَمِيْم وذَكَا

أَبْلجْ يُشْكِي بالرِّمَاح من شكَا

يُدلُّ بالجَيْشِ إذا ما سَلَكا

كأنَّهُ سُلَيْكَةُ بن السُّلَكَا

(1)

ترجمة الحسين بن حمدان في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

الشعر في زبدة الحلب 1: 98، ولم ينسبه لأحد، قال:"ففي ذلك يقول شاعر من أهل الشام".

ص: 576

‌سَعِيْدُ بن حُذَيْفَة بن اليَمَان حُسَيْل - وقيل: حِسْل - بن جَابِر بن عَمْرو بن رَبيعَة بن جُرْوَة بن الحَارِث بن مَازِن بن قُطَيْعَة بن عِيسَى العَبْسِيُّ القُطَعِيُّ الأنْصَاريُّ

(1)

بَايَع عليّ بن أبي طَالِب هو وأخُوهُ صَفْوَان بن حُذَيْفَة بوَصِيَّةِ أبيهما إيَّاهمُا بذلك، وشَهِدَا معه صِفِّيْن، فقُتِلَا بها. لهُ ذِكْرٌ.

‌سَعِيْدُ بنُ حَرْبٍ البَغْرَاسِيُّ، أبو عُثْمان الحافِظُ الأنْطَاكِيُّ

(2)

سَكَنَ بَغْرَاس؛ حِصْن قَرِيب من أنْطَاكِيَة من الحُصُون المَنِيعة.

رَوَى عن عُثْمان بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ، وأحمد بن عليّ بن سَعيد القَاضِي المَرْوَزيّ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الحَسَن بن مَنْصُور بن النِّمْس، وأبو المُفَضَّل مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الشَّيبَانِيّ الكُوْفيّ، وذَكَرَ أنَّهُ سَمِعَ منه ببَغْرَاس.

أخْبَرَنا المُؤيَّد بن مُحَمَّد (a) الطُّوْسيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن عليّ بن عَبْدِ اللَّطِيْف المَعَرِّيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو العَلَاءِ

(a) ق: أبو المؤيد محمد.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 5: 555 - 557، 600، 605، 6: 8، 34 (وفيه: سعد)، تاريخ بغداد 10: 178 (سعد)، ابن الأثير: الكامل 3: 287، ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 1: 163، محسن الأمين: أعيان الشيعة 7: 236.

(2)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا 1: 397، وذكره ياقوت في المنسوبين إلى بغراس من المحدثين، معجم البلدان 1:467.

ص: 577

أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان المَعَرِّيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثنَا أبو القَاسِم الحَسَنُ بنُ مَنْصُور بن النِّمْسِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان سَعيدُ بن حَرْب الحافِظُ الأنْطَاكِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ بن سَعيد القَاضِي المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حَسَّان السَّمْتِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان عَبْد الله بن يَزِيد الحِمْصِيُّ، قال: حَدَّثَني الأوْزَاعِيّ، عن عَبْدَةَ بن أبي لُبَابَة، عن عَبْدِ اللهِ بن عُمَر

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. إنَّ للهِ قَوْمًا يَخصُّهُم بالنِّعَم لمنَافِع النَّاسِ، يُقِرُّها فيهم ما بذَلُوها، فإذا مَنَعُوها حَوّلَها إلى غيرهم.

‌سَعِيْدُ بن حَمْدَان بن حَمْدُونَ بن الحَارِث بن لُقْمَان بن الرَّشِيْد بن المُثَنَّى بن رَافِع بن الحَارِث بن غُطَيْف بن مَحْرَبَة (a) بن جَارِيَة (b) بن مَالِك بن عُبَيْد بن [

] (c) بن عَدِيّ بن أُسامَةَ بن مَالِك (d) بن بَكْر بن حُبَيْب بن عَمْرو بن غَنْم بن تَغْلِب

(2)

واسْمُ تَغْلِب: دِثَار بن وَائِل.

(a) الأصل، ق: مجربة، وتقدم في ترجمة والده حمدان بن حمدون على النحو المثبت، وهو موافق لوفيات الأعيان 2: 114، والنجوم الزاهرة 4:16.

(b) كذا قيَّده في الأصل بالجيم والمثناة التحتية، ومثله ما تقدم في ترجمة والده حمدان في حمدون (الجزء السادس) وعند ابن خلكان: وفيات الأعيان 2: 114، والنجوم الزاهرة 4: 16: حارثة.

(c) أبقى المؤلّف في الأصل قصدًا البياض المدرج كما وجده في كتاب الوزير ابن المغربي في سياقة نسب ابن حمدان، وأشار إلى ذلك في ثنايا الترجمة، وليس في المصادر التي عرضت لنسبهم ما يملأ الفراغ الذي أبقاه، وتجاوز ناسخ ق عن إثبات هذا الفراغ.

(d) ساقطة من ق.

_________

(1)

حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني 6: 115، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1:76.

(2)

توفي سنة 324 هـ حسبما يرد في آخر الترجمة، ويرد فيها أنه كان في غزوة لبلاد الروم صحبة سيف الدولة بن حمدان، وأن الغزوة كانت في سنة 319 هـ، وقد ذكر ابن الأثير والذهبي هذه الغزوة التي وقعت بعقب محاصرة الروم سميساط، واستنجاد أهلها بسعيد بن حمدان الذي كان المقتدر قد ولاه الموصل وديار ربيعة على شرط أن يغزو الروم وأن يستنقذ منهم ملطية، فسار ابن حمدان إلى سميساط =

ص: 578

هكذا نَقَلْتُ نَسَبهُ من خَطِّ الوَزِبر أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ

(1)

، وجَعَل بَيَاضًا بين: عُبَيْد بن، وبين: ابن عَدِيّ.

وهو أبو العَلَاء التَّغْلِبيّ الحَمْدَانِيّ، وَالد الأَمِير أبي فِرَاس الحَارِث بن سَعِيْد، وَلِيَ مَلَطْيَة وسُمَيْسَاط في سَنَة تِسْع عَشرة وثَلاثِمائة، ذَكَرَ ذلك السَّلِيْل بن أحْمَد بن عِيسَى في تَارِيْخِه (a).

ووَلِيَ المَوْصِل أيضًا، وغَزَا الرُّوم في سَنَة تِسْع عَشرة وثَلاثِمائة، فأوْغَل وقَتَل وسَبَى وغَنِم.

وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، وإيَّاه عنِّي أبو فِرَاس وَلَدُه في قَصِيْدَتهِ الرَّائِيَّة الّتي (b) يَذْكُر فيها مآثِر أجْدَاده وأهْلهِ

(2)

: [من الطويل]

أُولئكَ أَعَمَامي ووَالِدِيَ الّذي

حَمَى جَنَباتِ المُلْكِ والمُلْكُ شَاغِرُ

بحَيثُ نسَاءُ الغَادرينَ طَوَالقٌ

وحيثُ إِمَاءُ النَّاكِثِيْنَ حَرَاِئِرُ

(a) تقدم التعريف به في الجزء الثاني.

(b) ساقطة من ق.

_________

= وطرد الروم عنها ثم سار إلى ملطية واستنقذها وجعل عليها أميرًا من قبله. وتزامن هذا مع صائفتين انطلقتا إلى بلاد الروم بقيادة ثمل الخادم والي طرسوس، خرجت الأولى في ربيع الأول 319 هـ فوقع عليهم الثلج، والتقوا بجيش الروم تحت زعامة سنة بطارقة فوقعت الهزيمة على الروم. وكانت الصائفة الثانية بعدها بأشهر (رجب 319 هـ) فدخلوا عمورية وأوغلوا في بلاد الروم. (انظر: ابن الأثير، الكامل 8: 235، الذهبي، تاريخ الإسلام 7: 225). ولم يرد لسيف الدولة ذكر في هذه الحملات، وغزواته كانت في سنة 333 هـ ثم تتابعت بعد 337 هـ حتى 349 هـ، ورد أيضًا أن سيف الدولة بلغ سمندو، وكانت هذه الغزوة سنة 339 هـ.

وترجمة سعيد بن حمدان عند: الهمذاني: قطع تاريخية من عنوان السير 146 - 147، الكامل لابن الأثير 7: 539، 8: 123، 157، 173، 217، 234 - 235، 239، 241، 309، 598، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 225، ابن خلدون: العبر 7: 725، 756، النجوم الزاهرة 3:233.

(1)

يذكر ابن العديم فيما بعد أنه نقله من كتاب المأثور من ملح الخدور للوزير ابن المغربي، وهو كتاب في حكم المفقود.

(2)

ديوان أبي فراس الحمداني 111.

ص: 579

وَقَعَ إليَّ نُسْخَة من شعر أبي فِرَاس، بخَطِّ أبي المَجْد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، شَرْح أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه، وعليها بخَطِّ ابنه أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله: هذه النُّسْخَة قَابَل عليها وَالدِي، رحمه الله، من أرْبَع نُسخ، وصَحَّت بنِهايَة المُمْكن، وهي بخَطِّه، وقابَلْتُ أنا عليها من نُسْخَةٍ خَامِسةٍ كَثِيْرة الشَّرْح، وقد خَرَّجْتُ ما وَجَدْتُ من الزِّيادَة بخَطِّي في حَوَاشِيها، وها أنا أذْكُر من الأبْيَات والشَّرْح في هذه القَصِيدَة ما تَضَمَّن ذِكْر أبي العَلَاء سَعِيد على صُوْرته، قال بعد هذين البَيْتَيْن، أعني ابن خَالَوَيْه: أبو العَلَاء سَعِيْد بن حَمْدَان كان مُلَازمًا حَضْرة المُقْتَدِر، فكانت أكْثَر مَواقفهِ على بَابهِ، ولمَّا عَظُم أمْرُ الرَّجَّالَة سَارُوا إلى دار المُقْتَدِر في أرْبَعيْن ألْفًا، فهَزَمُوا ابنَ يَاقُوت الحَاجِبَ والسَّاجِيًّة والحَجريَّة، وكان أبو العَلَاء في دَار الخلَيفَة على غير أُهبةٍ، فأمَره بالخُرُوج إلِيهم، ودَفَع إليه جَوْشَنَ المُعْتَضِد، ودِرْع وَصِيْف الخَادِم، فظَاهر بينهما، ويخرج فضرب فيهم بالسَّيْف، وغَشُوه من كُلِّ جانبٍ وأثْخَنُوه بالجِرَاح فثَبَتَ حتَّى هزَمَهم، فلم تَقُمْ لهم قائمةٌ إلى اليَوْم.

وبخَطِّ أبي الحَسَن في الحَاشِيَة: فقال فيه هَوْبَر الكِنَانِيّ، من وَلد هَوْبَر صَاحِب تَغْلِب في حَرْب قَيْس وتَغْلِب، قَصِيدَةً يَمْدَحُه فيها، منها:[من الخفيف]

يُبْرِزُونَ الوُجُوهَ تَحْتَ ظِلَال الـ

مَوْتِ والمَوْتُ مِنْهُمُ يَسْتَظلُّ

كُرَمَاءٌ إذا الظُّبَى وَاجَهَتْهُمْ

مَنَعَتْهُمْ أحْسَابُهُمْ أنْ يُوَلُّوا

وقال ابنُ خَالَوَيْه: وكانت له - يعني أبا العَلَاءِ - بالجُنْد والقُوَّادِ وَقْعَة في دَار ابن مُقْلَة الوَزِير أعْظَم من الأَوَّلة (a)، جَمَعَ له الخَلِيفَةُ بعدَها ما بين السَّريْرَين من بَغْدَاد إلى مَلَطْيَة مع طَريق خُرَاسَان.

_________

(a) كذا في الأصل وق، وكتب فوقها في الأصل:"صـ".

ص: 580

عاد إلى القَصِيدَة

(1)

: [من الطويل]

له بسُلَيْم وَقْعَةٌ جَاهِلِيَّةٌ

تُقِرّ بها فَيْدٌ وتَشْهَدُ حَاجِرُ

قال ابنُ خَالَوبه: عارضَتْ بنو سُلَيم الحَاجَّ، وكان الأَمِيرُ أبو العَلاءِ حَاجًّا مُتَطوِّعًا، فأوْقَع بهم وهَزَمَهُم، فكَتَبَ إليهِ أخُوهُ أبو السَّرَايَا نَصْر بن حَمْدَان، وكان هو وأبو العَلَاء شَاعِري (a) بني حَمْدَان:[من الخفيف]

جَاءَني المُخْبِرُ الخَبِيْر بأنْ قد

زَأَرَتْ حَوْلَكَ الأُسُودُ زَئِيرا

حَوّطَتْ غَارةً عليكَ سُلَيْمٌ

فثَنَيْتَ العِنَانَ فيهِمْ مُغِيْرَا

لم تَزَلْ بالحُسَامِ تَبْري رُؤوسًا

وَبحَدِّ السِّنَان تَفْري النُّحُورا

وبِوُدِّي أنِّي حضَرتُ فأغْنَيـ

تُكَ عن أَنْ تَرَى لغَيري حُضُورَا

كُنْتُ بالصَّارِم الحُسَام أُوَقِّيـ

_________

كَ وما كُنْتُ أحْذَرُ المَحْذُورَا

قال: ولَم يَذْهَبْ للحَاجِّ الّذين كانوا معه عِقَال.

عادَ إلى القَصِيدَة

(2)

: [من الطويل]

وأذْكَتْ مَذَاكِيهِ بشَرْجٍ (b) فأرضِها

من الضَّرْب نَارًا جَمْرُها مُتَطَايرُ

شَفَتْ من عُقَيْل أنْفُسًا شَفَّها السُّرَى

فهوَّر عَجْلانٌ وهوَّم سَاهِرُ (c)

وأوَّل مَنْ شُدَّ المُجيدَ بعَيْنه

وأوَّلُ من قَدّ الكَمِيُّ المُظَاهِرُ

قال: أوْقعَ أبو العَلَاء بن حَمْدَان ببَني عُقَيْلٍ وَقْعَةً بمَوضِع وَرَاء نَجْدٍ يُقال له: شرْجٌ من أرْض العَاليَة (d)، فقَتَل فُرْسَانهُم، ومَلَكَ حَرِيمَهُم وأمْوَالَهُم، وأنْشَأ يَقُول:[من السريع]

_________

(a) الأصل: شاعرا.

(b) الديوان: بسرح.

(c) رواية الديوان: فهوم عجلان ونوَّم ساهر، وتجاوز ناسخ ق عن نقل ورقة بصفحيها، من قوله: "أولئك أعمامي ووالدي

" إلى هنا.

(d) ق: سرج من أرض الغالية.

_________

(1)

ديوان أبي فراس الحمداني 111.

(2)

ديوان أبي فراس الحمداني 111.

ص: 581

نُبِّئْتُها تَسْألُ عَن مَوْقِفِي

بأرْضِ شَرْجٍ والقَنَا شُرَّعُّ

وعن عُقَيْلٍ إذ صبَحْناهُمُ

وقَد تَلَاقَى الحُسْرُ والدُّرَّع

شَدَدْتُ فيهم شَدَّ ذي صَوْلةٍ

قَدْ جَرَّبتْهُ الحَرْبُ لا يُخْدَع

عَادَ إلى القَصِيدَة

(1)

: [من الطّويل]

يُقَصِّر عُمْر الحقْد في ظِلِّ غَزْوه

بصَوْلة نائي الخَوْف والمَوْتُ حَاضِرُ

رَمَى الله منْهُ الرُّوْم في كُلِّ مَعْقِلٍ

بمُسْتَيقظ أسْرَارُه وهو سَاهِرُ

فَلَم يَسْتَتر خَاف ولَم يَنْج هَاربٌ

ولم يَمْتَنِعْ حِصْنٌ ولم يُهْد حَائِرُ

وكلّ مشيدٍ رُدّ كسرًا بحَسْرةٍ

فبُطْنَانُه للمُسْلِمين ظَوَاهِرُ

كأنَّ الثُّرَيَّا في يلَامق أَهْلِهِ

تُشَاكلُها في لَمْعها وتُحَاوِرُ

وقَرَأتُ في غير النسْخَة المَذْكُورَة شَرْح هذه الأيات: قال ابنُ خَالَوَيْه: غَزَا أبو العَلَاءِ سَعيْدُ بن حَمْدَان وسَيْفُ الدَّوْلَةِ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن حَمْدَان من مَلَطْيَة حتَّى أغارا على مَدَائن الرُّوم: ويلفد (a) وسَمَنْدُو، وأغارا على الصَّفْصَاف ووَادِي سَابُور، فأحْرَقا المَدَائِن، وسَبَيَا الذَّرَارِيّ، وقَتَلا الحُمَاة، وفَتَحَا الحُصُون، وكانت غَزَاةً عَظِيمَةً جَلِيْلَةً.

(a) كذا رسمها في الأصل وق مهملة الحروف، وفوقها في الأصل "صـ"، والغزوة المشار إليها كانت في سنة 339 هـ، والمواضع التي فتحها سَيْفُ الدَّوْلَة كانت: قيسارية وخرشنة وصارخة وسابور والصفصاف، ولم أجد ما يقارب الرسم في المصادر التي ذكرت تلك الغزاة. (انظر: النجوم الزاهرة 3: 303). ولعلها تحرفت من هنزيط، من ثغور الرُّوم وهي التي ذكرها المتنبي في شعره مؤرخًا للمعركة بقوله:

عصفن بهم يوم اللقان وسقنهم

بهنزيط حتَّى ابيَّض بالسبي آمدُ

وألحقن بالصّفصاف سابور فانهوى

وذاق الرَّدى أهلاهُما والجلامد

ديوان المتنبي بشرح العكبري 1: 274. وذكرها أبو فراس الحمداني أيضًا:

وراحت على سمنين غارةُ خيله

وقد باكرت هنزيط فيها بواكر

انظر: مُعْجَم البلدان لياقوت 5: 418.

_________

(1)

لم ترد الأبيات الخمسة في ديوان أبي فراس.

ص: 582

عادَ إلى القَصِيدَة

(1)

: [من الطّويل]

غَزَا الرُّومَ لَم يقْصِدْ جَوَانِب غِرَّة

ولا سَبَقتْهُ بالمُرَادِ النَّذَائرُ

فلم تَرَ إلَّا فَالقًا هامَ فَيْلَق

ونَحْرًا (d) لَهُ تحْتَ العَجَاجَةِ نَاحِرُ (b)

وأبْيَض مَاضِي العَزْم فيْهِم يَقُدّه

بأبْيَض مَاضِي العَزْم أبيضُ زَاهِرُ

وتَسْمعُ من جرْس الحَدِيْدِ بسوْقهم

غِنَاءَ غَوَانٍ ما لهُنَّ مَزَاهرُ

قصَرْن خُطَى صِهْرِ الدُّمُسْتُق وابْنهِ

وفيهنَّ عن سَعْي الضَّلَالَة قَاصِرُ

رَأى الثَّغْر مَثْغُورًا فسَدّ بسَيْفهِ

فَم الدَّهْر عنه وهو سَغْبان فَاغِرُ

مَسَاعٍ يَضِلّ الشِّعْر (c) فيهنَّ جُهْدَه

وتَهْلِكُ في أوْصَافهنَّ الخَوَاطِرُ

ومسْتردَفاتٍ مِن نسَاءٍ وصِبْيَةٍ

تُثَنَّى على أكْتَافهنَّ الغَدَائِرُ (d)

بُنَيَّات أمْلَاكٍ أُتِيْنَ فُجْاءَةً

فهُنَّ (e) وفي أعْنَاقِهنَّ الجَوَاهِرُ

قال: ذَكَرَ غَزَاة أبي العَلَاء بن حَمْدَان، وقد دَخَل من نَوَاحِي مَلَطْيَة في سَنَة تِسْع عَشرة وثَلاثِمائة، فأوْغَلَ في بَلَدِ الرُّوم، وقَتَلَ وسَبَى وغَنِم، وكان معهُ خسَة آلاف فَارِس من العَرَب، كُلّ ألفٍ بلون من العَذَب والرَّايَاتِ على رِمَاحهم.

قال ابنُ خَالَوَيْه: ومآثِر أبي العَلَاء أكْثَر من أنْ تُحْصَى، وهو الّذي ضَمِنَ عن بَنِي البَرِيْدِيّ سّتمائة ألف دِيْنارٍ ثُمَّ أمَرهُمِ بالهَرَب، ودَارَى السُّلْطان عنهم حتَّى صَلح أَمْرُهم، وأقَرَّهُم على أعْمَالِهم فما دَخَلُوا مَدِينَة السَّلام إلَّا مَالكيْها، وأهْدوا إلى أبي العَلَاء هَدِيَّةً بألفِ ألف دِرْهَمٍ فلم يَقْبَل منها إلَّا عِمَامَة خَزٍّ، وله مِثْل ذلك كَثِيْر.

(a) الديوان: وبحرًا.

(b) الديوان: ماخر.

(c) لديوان: القول.

(d) الديوان: الضفائر.

(e) الديوان: قهرن.

_________

(1)

الأبيات سوى 2 - 5 في ديوان أبي فراس الحمداني 111، 113.

ص: 583

نَقَلْتُ من كتابِ المَأْثُور من مُلَح الخُدُور، تأليف الوَزير أبي القَاسِم بن المغرِبيّ بخَطِّه، وذَكَرَ نَسَبَ أبي العَلَاء كما أوْرَدناهُ، وكَتَبَ بعدَهُ: وبعضُ حُسَّادِ هؤلاء القَوْمِ يَرْميهم بالدِّعْوَة

(1)

، ويقُول: إنَّهم مَوَالي إسْحَاق بن أيُّوبَ التَّغْلِبِيّ، وذلك بَاطِلٌ! وأصْلُه أنَّ كَثِيْرًا منهم أسْلَمُوا على يَدِ إسْحَاق هذا، فتَطَرَّق القَوْلُ عليهم لأجْلِ ذلك، وقد قال الشَّاعر:[من البسيط]

إنَّ العَرَانين تلْقَاها محُسَّدَةً

ولن تَرَى للئَام النَّاس حُسَّادَا

قال الوَزِيرُ أبو القَاسِم، ونَقَلْتُه من خَطِّه: كان أبو العَلَاء سَعِيْد بنُ حَمْدَان مُلَازمًا بَغْدَاد، وخَاصًّا بحَضْرَة المقتَدِر، قالوا: فكانت أكْثَر مَوَاقِفه على بابهِ، وكانوا في بعضِ الأوْقَات سَارُوا إلى قَصْر المقدِر مُشَغِّبين عليه، فهزمُوا مُحَمَّد بن يَاقُوت والحجَريَّة والسَّاجَيَّة، وكان أبو العَلَاء بن حَمْدَان في دَار المقتَدِر على غير أُهبةٍ، فأمَرَهُ بالخُرُوج إليهم ودَفَع إليهِ جَوْشَن المعتَضِد باللّه، ودِرْع وَصِيْفٍ الخَادِم، فظَاهَر بينهما، وخرج مع منْ حَضَر من غِلْمَانه، فضَرَب فيهم بالسَّيْف، وغَشُوهُ من كُلِّ جَانبٍ، وأثْخَنوهُ بالجِرَاح، فثَبَتَ حتَّى هَزَمَهم، فقال فيه هَوْبَر الكِنَانِيّ من وَلد هَوْبَر صَاحِب تَغْلِب في حَرْب قيس وتَغْلِب، قَصِيدَةً يَمدَحه فيها، منها:[من الخفيف]

يُبْرِزُونَ الوُجُوهَ تحتَ ظِلَالِ الـ

ـمَوْتِ والمَوتُ مِنْهُمُ يَسْتَظِل

كُرَمَاءٌ (a) إذا الظُّبَى واجَهَتْهُمْ

منَعَتْهُم أحْسَابُهُمْ أنْ يَزلُّوا

قال الوَزِيرُ أبو القَاسِم، ونَقَلْتُه من خَطِّه: وكان أبو العَلَاءَ شَاعِرًا، يُعَدُّ من شُعَرَاء بَنِي حَمْدَان، وكان أوْقَعَ ببني عُقَيْل بمَوضع يُقال له شَرْج من أرْضِ (b)

(a) الأصل وق: كرماه.

(b) قوله: "من أرض" ساقط من ق.

_________

(1)

الدِّعْوة بكسر الدال: الاتهام في النسب.

ص: 584

العَاليَةِ ورَاءَ نَجْدٍ، فظَفِرَ بهم بعد قِتَالٍ شَدِيدٍ، وقال:[من السريع]

نُبِّئْتُها تَسْألُ عن مَوْقفِي

بأرْضِ شَرْجٍ والقَنَا شُرَّعُ

وعن عُقَيْلٍ إذْ صبَحْناهُمُ

وقد تَلَاقَى الحُسْرُ والدُّرَّعُ

وَقَد أتانا مِنهُمُ فَيْلَقٌ

حَامٍ حمَاهُ ما لَهُ مَدْفِع

شَدَدْتُ فيهم شَدَّ ذِي صوْلَةٍ

قد جَرَّبَتهُ الحَرْبُ لا يُخْدَعُ

إذ فُلِقَتْ هَامُ أُسُودِ الوَغَى

وقُطَّتِ (a) الأسْوُقُ والأذْرُعُ

ووَجَدْتُ في هذه الأبياتِ زِيَادَةً قرأتُها بخَطِّ الوَزِير أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن

(1)

، وهي بعد البيت الثَّالث:[من السريع]

حتَّى إذا ما كَشَّرتْ نَابَها

وعِيْفَ كأسُ المَوْتِ لا يُكْرَعُ

نَجْنِي نُفُوسًا بَيْنَ سُمْرِ القَنَا

فَهْيَ كَكَرِّ الطَّرْفِ أو أَسْرع

وبعد بَقِيَّة الأبْيَات خَتَمها بقَوْلهِ: [من السريع]

لا تزجُريني عَنْ طلَابِ العُلَا

ما إنْ ينالُ العِزَّ مَن يضْرَعُ

أنا سَعيدٌ وأَبي أحْمَدٌ

بالسَّيْف ضَرِّي وَبِهِ أنْفَعُ

أرادَ بقَوْله: وأبي أحْمَد: حَمْدَان، لأنَّ اشْتِقاقهما واحدٌ.

ونَقَلْتُ من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم: وغَزَا أبو العَلَاء سَنَة تِسْع عَشرة وثَلاثِمائة، فأوْغَل في بلاد الرُّوم وقَتَل وسَبَى وغَنِم، وكان معه خَمْسَة آلاف فَارِس من العَرَب، كُلّ ألفٍ بلون من الرَّايَاتِ والعَذب على أرْمَاحهم. وهذا مَنْظرٌ عَجَبٌ إذا تَصَوَّرْتَه.

(a) ق: وفطه.

_________

(1)

لعلّه مصدر المؤلِّف في النقل: كتاب الشعراء لابن الحصين والمرتب على حروف المعجم، نقل عنه ابن العديم وذكر اسم الكتاب في تضاعيف تَرْجَمَة حمّاد بن مَنْصُور البزاعي (الجزء السادس).

ص: 585

وأبو العَلَاء - فيما قالُوا - كَنَ عن بَنِي البَرِيْدِيّ ستّمائة ألف دِيْنار، ثمّ أمَرَهُم بالهَرَب، ودَارَى السُّلْطان عنهم حتَّى أصْلح أمْرَهُم وأقَرَّهم على أعْمَالِهم، فما دَخُلوا مَدِينَة السَّلام إلَّا مَالكيْها، وأهْدَوا إلى أبي العَلَاء هَدِية بألفِ ألف دِرْهَمٍ فلم يَقْبل منها إلَّا عِمَامَة خَزٍّ.

ذَكَرَ مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ في كتاب عُنْوَان السِّيَر

(1)

، قال: أبو العَلَاء سَعيد بن حَمْدَان، وكان في عَسْكَرِ اقتَدِر باللّهِ خَمْسَة آلافٍ من السُّوْدانِ، ومَنَازِلهِم بدَرْب عَمَّار، فكَثُر تَحكُّهُم وشَغبُهُم، فأوْقَع بهم أبو العَلَاء بن حَمْدَان في سَنة ثَمان عَشرة وثَلاثِمائة، وأحْرَق مَنَازِلهم، وبَطُل أمْرَهم من الدَّوَاويْن والدُّنْيا، وتقدَّم أبو العَلَاءَ عند الرّاضِي باللّه لأنَّه نَصَر أباهُ في حَربهِ.

واغْتَالَهُ ابنُ أخيْهِ أبو مُحَمَّد ناصِرُ الدَّوْلَة، وقُتِلَ (a) بالمَوْصِل سَنَة أرْبَعٍ وعِشْرين وثَلاثِمائة.

‌سَعِيْد بن حُمْرَة بن مَالِك الهَمْدانِيّ الأُرْدُنِيّ

(2)

من الغُزَاةِ المَذْكُورين، غَزَا الرُّوم واجْتازَ بحَلَب في غَزَواته.

ذَكَرَ أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن سَعيد القُطْرُبُّليّ، عن الوَاقِدِيّ، قال: قال مَشْيَخَة من أهْلِ الشَّام: كان سُفْيان بن عَوْف الأزْدِيّ قد اتَّخَذَ من كُلِّ جُنْدٍ من أجْنَادِ الشَّام رجَالًا أهْل فُرُوسِيَّة ونَجْدَة وعَفَاف وسِيَاسَة للحَرْب، وكانُوا عدَّة له قد عَرَفهم وعُرِفوا به، فسُمِّي لنا منهم من جُنْد الأُرْدُنّ: سَعيد بن

(a) في كتاب قطع تاريخية: وقتله.

_________

(1)

قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 146 - 147.

(2)

تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن عساكر 21: 44 وفيه: سَعِيد بن حَمْزَة.

ص: 586

حُمْرَة (a) بن مَالِك الهَمْدانِيّ، وحُبَيْش بن دُلَجَة القَيْسِيّ، وعَبْد الله بن مَكْشُوح المُرَاديّ، وذَكَرَ غيرهم.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: سَعيد بن حُمْرَة بن مَالِك الهَمْدانِيّ، من أهْلِ الأرْدُنّ، كان غَزَّاءً يَغْزُو الرُّوم، ويَجْتَازُ بدِمَشْق.

‌سَعِيْدُ بن حَمْزَة بن أحْمَد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن الحارِث بن سَارُخ، أبو الغَنائِم النِّيْلِيُّ الكَاتِبُ

(2)

حَدَّثَ عن أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن الحرَانيّ، وأبي المُظَفَّر (c) هِبَة اللّه بن أحْمَد بن الشِّبْليّ.

وكان شَاعِرًا من أهْل النِّيْل، من عَمَل الحِلَّة المَزْيَديَّة، يَشْتَمل على قُرَىً كَثِيْرة، قَدِمَ حلَبَ، ودَخَلَ منها إلى بَلَد الرُّوم، رَوَى عنه رَفِيْقنا الحافِظ مُحِبّ الدِّين أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار.

أنْبَأنَا أبو عَبْد الله بن النَّجَّار، قال: أخْبَرَنَا سَعيد بنُ حَمْزَة الكَاتِب بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنَا أبو (d) عَبْد اللّه بن الحرَانيّ، قال: أخْبَرَنَا الحُسَين بنُ طَلْحَة،

(a) ق: حَمْزَة.

(b) ق، وابن عساكر: حَمْزَة.

(c) من قوله: "الكاتب .. "، إلى هنا ساقط من ق.

(d) ساقطة من ق.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 21: 44.

(2)

توفي سنة 613 هـ وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي 3: 346 - 347، المنذري: التكملة لوفيات النقلة 3: 382، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 211 - 212، ابن الشعار قلائد الجمان 2: 33 - 37، ذيل الروضتين لأبي شامة 151 (وفيه: ابن ساروخ)، المختصر المحتاج إليهِ 2: 93 - 94، تاريخ الإسلام 13: 370 - 371، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1: 687، الوافي بالوفيات 15: 211، العيني: عقد الجمان 3: 306 (وفيه: ابن ساروح)، النجوم الزاهرة 6: 217، (وفيه: ابن شاروخ).

ص: 587

قال: أخْبَرَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو (a) بن البَخْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ الوَلِيد الفَحَّام، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الزُّبيرِيّ، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن طَهْمَان أبو العَلَاءِ الخفَاف، قال: حَدَّثَني نَافِع بن أبي نَافِع، عن مَعْقِل بن يَسَار

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ قال حين يُصْبحُ: أعُوذُ بالسَّمِيع العَلِيم من الشَّيْطان الرَّجيم، وقَرأ الثّلاثَ [آياتٍ](b) من آخر سُوْرة الحَشْر، وكَّلَ اللّهُ به سَبْعِين ألف مَلَكٍ يُصَلُّون عليه حتَّى يُمْسِيّ، ومَنْ قالها مَسَاءً، فمثل ذلك.

وقال: أنْشَدَنا أبو الغَنائِم سَعيد بن حَمْزَة الكَاتِب لنَفْسِه

(2)

: [من الطّويل]

لقد هَجَرتني أُمّ هَاجَرَ وابْتَدَتْ

تَقُول لقد خَابَتْ لنا فِيْكَ آمَالُ (c)

رَأتْ رَجُلًا أَعْشَى مُسِنًّا وما بهِ

حِرَاكٌ وقد أرْدَاهُ بُؤسٌ وإقْلَالُ

ومَنْ جَاوَزَ التِّسْعِين عَامًا تَعُدْ له (d)

برُودُ قُواهُ رثَّةٌ (e) وَهْيَ أَسْمالُ

ولمَّا رَأتْ شَيْبي وفَقْري تَنَكَّرَتْ

وصَدَّت وحَالَتْ حين حالَتْ بي الحَالُ

وماذا على (f) مثْلي مُحِبٌّ وما له

شَفِيْعٌ إليها لا [شَبابُ](a) ولا مَالُ

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِب، قال: [

] (h).

أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله بن النَّجَّار كتابةً، قال: سَعِيْدُ بن حَمْزَة بن أحْمَد بن

(a) ق: عمر.

(b) إضافة من ق ومصادر تخريج الحديث المذكورة.

(c) الوافي: أمثال.

(d) ابن الشعار: فعدله.

(c) الوافي: رنة.

(f) ابن الشعار: عسى.

(g) الأصل: لا شفيع، والمثبت من القلائد والوافي وهو الأظهر.

(h) بياض في الأصل قدر سطرين ونصف، ودمج ناسخ ق الإسناد بالرواية بعده، ولم يرد لأبي الغنائم النيلي ذِكْر في الخريدة ولا في الذيل عليها المسمى بالسيل.

_________

(1)

أخرجه الترمذيّ في الجامع الكبير 5: 42 - 43 (رقم 2922)، المعجم الكبير للطبراني 20: 229 (رقم 537)، وكنز العمال 2: 138 (رقم 3491)، وانظر: المسند الجامع 15: 361 (رقم 11702).

(2)

الأبيات في قلائد الجمان 2: 35، والوافي بالوفيات 15:211.

ص: 588

الحَسَن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن الحَارِث بن سَارُخ، أبو الغَنائِم الكَاتِبُ، من سَاكني قَرَاح ابن أبي الشَّحْم

(1)

، كان كَاتبًا يتَصَرَّف في الأعْمَالِ الدِّيْوَانيّة، وفيه فَضْلٌ وأدَبٌ، ويقُول الشِّعْر الحَسَنَ ويَتَرسَّل، وقد سَمِعَ شَيئًا من الحَدِيْث من أبي عَبْد اللّه مُحمّد بن عَبْد اللّه بن عَبْد الحَميْد بن الحَرَّانيّ الشَّاهِد، وأبي المُظَفَّر هِبَة اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الشِّبْل، كَتَبْنا عنهُ، وكان حَسَنَ الأخْلَاق، لَطِيْفَ الطَّبْع، كَيِّسًا.

وقال: سَألتُ أبا الغَنائِم عن مَوْلدِه، فقال: وُلدتُ بالنِّيْل لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَهْر رَبِيع الأوَّل من سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسمائة، ودَخَلْتُ بَغدَاد بعد عِشْرين سَنَةً من عُمري. وتُوفِّيَ في شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَلاث عَشْرة وسِتّمائة يَوْم الجُمُعَة لعَشْرٍ خَلَوْنَ منه، ودُفِنَ بمَقَابِر قُرَيْش.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ

(2)

، قال في ذِكْر مَنْ ماتَ في سَنَة ثلاث عَشرة وسِتّمائة: وفي شَهْر رَمَضَان تُوفِّي الشَّيْخ أبو الغَنائِم سَعيد بن حَمْزَة بن أحْمَد بن الحَسَن بن سَارُخ النِّيْلِيّ الكَاتِب ببَغْدَاد، ومَوْلده بالنِّيْل لثَلاثٍ خَلَوْنَ من شَهْر رَبِيع الأوَّل سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة.

سَمِعَ ببَغْدَادَ من أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه (a) بن الحَرَّانيّ، وأبي المُظَفَّر هِبَة اللّه بن أحْمَد بن الشِّبْليّ

(3)

، وحَدَّث، وكان لهُ شِعْرٌ، ومَدَح جَمَاعَةً من الأُمَرَاءِ والوُلَاةِ، ودَخَلَ إلى بلادِ الرُّوم والشَّام.

(a) الأصل: "أبي عبد اللّه مُحَمَّد بن عبد اللّه بن مُحَمَّد بن عبد الله"، والمثبت من ق والتكملة للمنذري ويوافق ما ذكره المصنف في طالع الترجمة.

_________

(1)

قراح ابن أبي الشحم: محلة كبيرة ببَغْدَاد، والقَرَاح: البستان في اصطلاح أهل بَغْدَاد، فيضاف لها اسم رجل تعرف به. معجم البلدان 4: 315 - 316.

(2)

التكملة لوفيات النقلة 2: 382.

(3)

عند المنذري: النيليّ، وانظر تَرْجَمة الشبلي (ت 557 هـ) في تاريخ الإسلام 12: 134، وسير أعلام النبلاء 20: 393 - 394، النجوم الزاهرة 5: 362، شذرات الذَّهب 6:302.

ص: 589

‌سَعِيْدُ بن رَحْمَة بن نُعَيْم، أبو عُثْمان الأصْبَحِيُّ المِصِّيْصيُّ

(1)

من أهْل المِصِّيْصَة.

حَدَّثَ عن أبي إسْحَاق الفَزَارِيّ، وعبد اللّه بن المُبارَك، ومُحَمَّد بن حِمْيَر (a)، ومُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، وعليّ بن بَكَّار المِصِّيْصيّ، وإسْمَاعِيْل الجَعْفَرِيِّ الكُوْفيّ.

رَوَى عنهُ أبو يُوسُف مُحَمَّد بن سُفْيان بن مُوسَى الصَّفَّار، وعبد اللّه بن أحْمَد بن مَعْدَان الغَزَّاءُ، ومُحَمَّد بن حَمَّاد، ومُحَمَّد بن عُثْمان المِصِّيْصيُّون، وعُمَيْر بن يُوسُف بن جَوْصَا، ومُوسَي بن عبد الرَّحْمن القَلَّاء الحَلَبِيّ، وإبْراهيم بن مَتُّوْيَهْ الأصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن المُبارك بن حَمَّادٍ الضَّبِّيِّ، وأبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن بِشْر الطَّالَقَانِيّ.

أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمُّ أبي الحافِظ أبو القَاسِم عليِّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن بن الآبِنُوسِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو إسْحَاق إبْراهِيم بن مُحَمَّد بن الفَتْح الجِلِّيِّ (b)، قال: حَدَّثَنَا أبو يوسُف مُحَمَّد بن سُفْيان بن موسى (c) المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيد بن رَحْمَة بن نُعَيْم، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللّه بن المُبارك، عن عَبْد الحَميْد بن بَهْرَام، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرَّحْمن بن غَنْم، عن

(a) الأصل، ق: خمير، وقد تقدّم بالحاء في الكثير من المواضع، ويوافق المثبت ما عند ابن حبَّان والذّهبيّ وابن حجر العسقلاني.

(b) الأصل، ق: الحلي، وصوابه بالجيم المعجمة انظر تَرْجَمَته في: تاريخ بَغْدَاد 7: 110، تاريخ الإسلام 8: 569، توضيح المشتبه 2:384.

(c) ساقطة من ق.

_________

(1)

توفي بعد سنة 250 هـ، وترجمته في: المجروحين لابن حبَّان 1: 328، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 6: 90، ميزان الاعتدال 2: 135 - 136، لسان الميزان 3: 28 - 29.

(2)

لم نقف عليه في تاريخ ابن عساكر.

ص: 590

مُعَاذ بن جَبَل

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: والّذي نفس مُحَمَّد بيَده ما شحبَ وَجْهٌ ولا اغْبَرَّت قَدَمٌ في عَمل يُبْتَغى به دَرجات الجَنَّة، بعد الصَّلاةِ المَفْرُوضَة، كجِهادٍ في سَبِيْل اللّه عز وجل (a)، ولا ثَقُلَ مِيْزَانُ عَبْدٍ كدَابَّةٍ تَنْفُقُ له في سَبِيْل اللّه أو يُحْملُ عليها في سَبِيْل اللّه عز وجل.

أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العزِيز بن الحُسَين بن هِلالَة الأنْدَلُسِيُّ، قال: أخْبَرَنَا أَسْعَد بن أبِي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبد اللّه بن أحْمَد بن القَاسِم بن عَمِيل الجُوزْدَانِيَّة (b)، قالت (c): أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، قال: أخْبَرَنَا إبْراهيم بن مَتُّويَهْ الأصْبَهَانِيّ، قال:[حدَّثنا سَعِيْد بن رَحْمَة المِصِّيْصيّ، قال: حدَّشنا: مُحمَّد بن حِمْيَر، عن إبْرَاهيم بن أبي عَبْلَةَ، عن عِكْرمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: قال رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَبَت لَحْمُه من السُّحْت، فالَّنار أوْلَى بهِ، ومَنْ أكَل دِرْهَمًا من رِبَا فهو ثَلاثة وثلاثُون زنْيَة](d).

أنْبَأنَا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن إسْمَاعيْلِ الطَّرَسُوسِيّ إجَازَةً، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر القدِسِيّ، قال في الأحَادِيْث الَّتي روَاها الكَذَبَةُ والمَجْرُوحُون والضُّعَفَاء والمَتْرُوكُون

(2)

حَدِيث: مَنْ أكل درْهمًا من رِبًا فهو مثْل ستَّةٍ وثَلاثين زنْية، قال: وفيه سَعِيد بن رَحْمَة بن نُعَيْم المِصِّيْصيّ، وسَعِيْد هذا ليس بحُجَّة.

(a) ق: اللّه تعالى.

(b) الأصل، ق: الخرزدانية، وصوابه المثبت كما تقدم في الكثير من المواضع.

(c) الأصل، ق: قال.

(d) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاثة أسطر ونصف، وفي ق: قدر سطر ونصف، ورواية ابن متويه الأصبهاني عن سَعِيد بن رحمة المصيصي أوردها أبو نعيم الأصفهاني في تاريخ أصفهان 1: 336، والطَّبرانيّ في المعجم الأوسط 3: 451 (رقم 2968).

_________

(1)

رواه عبد بن حميد في مسنده (المنتخب) 69 (رقم 113)، المعجم الكبير للطبراني 20: 63 (رقم 115)، مجمع الزوائد للهيثمي 5: 273 - 274، وانظر: المسند الجامع 15: 202 (رقم 11486).

(2)

كتاب تذكرة الموضوعات 77.

ص: 591

وقال في حَدِيث

(1)

: مَنْ أعانَ ظَالِمًا ليدْفَع ببَاطِلهِ حَقًّا: فيه سَعِيد بن رَحْمَة المِصِّيْصيّ ليس بحُجَّة في الحَدِيْث، مُنْكَرَهُ.

‌سَعِيْدُ بن زَيْد بن خَالِد، أبو عُثْمان الهاشِميّ مَوْلاهم الحِمْصِيّ

(2)

شَاعِرٌ من أهْلِ حِمْص، حَدَّثَ عن دِيْك الجِنّ عَبْد السَّلام بن رَغْبَان الحِمْصِيّ بحَدِيثٍ قد سُقْناهُ عنه عن دِيْك الجِنّ في تَرْجَمَتِهِ

(3)

فيما يَأتي بَعْدُ في كتابنا هذا (a) إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى، رَوَاهُ عنه عَبْدُ اللّه بنُ مُحَمَّد الفَارسِيِّ الشَّاعر.

قَدِمَ حلَبَ، وسَمِعَ منه بها أبو القَاسِم الحُسَين وأبو الحُسَين أحْمَد ابْنَا عليّ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيَّان.

أخْبَرَنَا الخَطِيبُ أبو القَاسِم عَبْد المُحْسِن بن عَبْد اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطُّوْسيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من المَوْصِل غير مَرَّة، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي عبدُ الرَّحْمن بن أحْمَد بن مُحَمَّد، بقِرَاءَتي عليه يَوْم الثُّلاثَاء تَاسِع عَشر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وسِتِّين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور عَبْد المُحْسِن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّاجر، قال: أنْشَدَنا أحْمَد بن عليّ المَدَائِنِيّ بحَلَب.

قُلتُ: ونَقَلْتُه أيضًا من خَطِّ المَدَائِنِيّ في مَجْمُوعٍ وَهَبْنِيْه وَالدِيّ، قال: حَدَّثَنِي أبو الحُسَين أحْمَد بن أبي أُسامَة، قال: أنْشَدَنا سَعيد بن زَيْدٍ الحِمْصِيُّ، قال: أنْشَدَنا دِيْكُ الجِنّ لنفسِه

(4)

: [من الخفيف]

(a) ساقطة من ق.

_________

(1)

تذكرة الموضوعات 79.

(2)

ذكره ابن عساكر في تاريخه في موضعين، ولم يفرد له تَرْجَمَة، انظر: تاريخ ابن عساكر 36: 202، 50:229.

(3)

تَرْجَمَة ديك الجن الحمصي واسمه: عبد السّلام بن رغبان في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

ديوان ديك الجن 180.

ص: 592

وعَزِيزٍ بين الدَّلَالِ وبين الـ

ـمُلْكِ فارَقْتُهُ على رَغْمِ أنْفِي

لم أكُنْ أُعْلِم الزَّمان بِحُبِّيهِ

فيَجْني فيْهِ عليَّ بصَرْفِ

صُنْتُ عن أكْثَري هَوَاهُ فما

يَعْلَمُ ما بي إلَّا فُؤادِي وطَرْفي

والّذي نَقَلْتُهُ من خَطِّ المَدَائِنِيّ:

وعَزِيْرٍ بينَ النَّعِيْم وبين المُلْكِ

‌سَعِيْدُ بن سَعيد الفَارِقِيّ، أبو القَاسِم النَّحْوِيّ

(1)

أدِيبٌ فَاضِلٌ، عَارِفٌ بالعَرَبِيَّة، وَقَفْتُ لهُ على مُصَنَّف فيهِ تَقْسِيمات العَوَامِل وعِلَلها في النَّحو، وله كتاب تَفْسِير المَسَائِل المُشْكِلة في أوَّل المُقْتَضَب لأبي العبَّاسِ المُبَرَّدِ.

قَرأ العَرَبِيَّة على عليّ بن عِيسَى الرَّبَعِيِّ، وسَمِعَ بحَلَب أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه، ورَوَى عن عَبْد اللّه بن أحْمَد العَجَمِيّ خَبَرًا رَوَاهُ عنه أبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد الخَلَّال الحافِظ.

أخْبَرَنَا به أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيِم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ في كتابهِ، عن أبي المَعَالِي عَبْد اللّه بن أحْمَد البَزَّاز، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مُحَمَّد الخَلَّال الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم سَعِيْدُ بن سَعيدٍ الفَارِقيّ النَّحْوِيِّ - إمْلاءً في جَامِع المَدِينَة، وما كَتَبْتُه إلَّا عنه، وليس عندي عنهُ غيره، في رَجَب سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة - قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد العَجَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن دُريْد، عن عبد الرَّحْمن،

(1)

توفي سنة 391 هـ، وترجمته في: مُعْجَم الأدباء 3: 1366 - 1367، الوافي بالوفيات 15: 223، بغية الوعاة 1: 584، واقتبس السيوطيّ من تَرْجَمَة ابن العديم أعلاه، الزركلي: الأعلام 3: 95.

ص: 593

عن عَمِّه، قال: سَمِعْتُ يُونُسَ بن حَبِيْب يَقُول: كان يُنَادِم المُنْذِرَ بن ماءَ السَّماء جَدّ النُّعْمان بن المُنْذِر بن المُنْذِر رَجُلان من بَني أَسَدٍ، يُقال لأحَدِهما خَالِد بن المظل (a) والآخر عَمْرو بن مَسْعُود بن كَلَدَة، وهُما اللَّذان عَنَاهُما (b) الشَّاعر بقَوْله:[من الطّويل]

ألَا بَكَر النَّاعِي بخَيْرَيْ (c) بَني أَسَدْ

فشَربَ لَيْلَةً معهما، فراجَعَاهُ الكَلَام، فأغْضَبَاهُ، فأمَرَ أنْ يُحْفَر لكُلّ واحدٍ منهما حَفِيرة بظَهْر الكُوفَة، ويُجْعلَان في تَابُوتَين ثُمَّ يُدْفَنان في الحَفِيْرة، ففُعِلَ بهما ذلك، فلمَّا أصْبَحَ سَأل عنهما فأخْبَرُوه بهَلَاكِهما، فرَكِبَ حتَّى نَظَر إليهما فأمرَ ببِنَاءِ الغَرِيَّين، فبُني عليهما، ثمّ جَعَل لنَفْسِه يَوْمَيْن في السَّنَة يَجْلسُ فيهما عند القَبْرين، سَمَّى أحدَهمُا يَوْمِ نَعِيْم والآخر يَوْمَ بُؤْس، فكان يُوضَعُ سَرِيرُه بينهما، فأوَّلُ مَنْ يطلُعُ عليه في يَوْم نَعِيْمهِ وهو على سَرِيره يُعْطيهِ مائةً من الإِبِلِ سُهْمًا، وهي السُّوْد وكانت ممَّا يَقْتَنيها المُلُوكُ، وكان أوَّل مَنْ يُشْرف عليهِ في يَوْم بُؤسهِ يُعْطِيه رأسَ ضَرِبان، ثمّ يأمرُ به فيُذْبَح ويُغَرَّي بدَمِهِ الغَرِيَّيْن، فلَبثَ بذلك بُرْهَةً من دَهْره يُعْطي ويَقْتُل ويُغَرِّي بدِمَاءِ القَتْلى الغَرِيَّيْن.

فبينما هو ذات يَوْم من أيَّام بُؤْسِه، إذ طلَعَ عليه عَبِيْدُ بن الأبْرَص الأسَدِيّ أوَّل مَنْ أشْرَف عليهِ، فقال له المُنْذِر: هَلَّا كان الذَّبْح لغيركَ يا عَبِيْدُ؟ قال: أتَتْكَ بحَائنٍ رِجْلاهُ؛ فأرْسَلَها مَثَلًا، فقال المُنْذِر: أو أجَلٌ بَلَغَ أنَاهُ، قال: أنْشِدني يا عَبِيْدُ شِعْركَ فإنَّهُ يُعْجبُني، فقَال: حَالَ الجَرِيْضُ دُونَ القَرِيْض وبلغَ الحِزَامُ الطُّبْيَيْن. الجَرِيْضُ: غصَّة المَوْت، فأرْسَلَها مثلًا.

(a) كذا في الأصل وق، وفي السيرة لابن هشام 1: 572، والروض المعطار للحميري 427: خَالِد بن نضلة، وفي الأغاني 22: 61: المضلّل، وعند المعافى بن زكرياء: الجليس الصالح 4: 146: خَالِد بن المفَضْل.

(b) الأصل: غنَّاهما.

(c) في ق والروض المعطّار: بخير.

ص: 594

فقال له المُنْذِر: أَسْمِعْنيّ، فقال له عَبيْدٌ: المَنَايا على الحَوَايا، فأرْسَلَها مثلًا، فعَال له بَعْضُ القَوْم: أَنْشِدِ المَلِكَ هَبلَتْكَ أُمُّكَ، قال: وما قَوْل قائلٍ مَقْتُول! فقال له آخرُ: ما أشَدّ جَزعَكَ من المَوْتِ يا عَبِيْدُ؟ قال: لا يَهْتمّ رحْلكَ منْ ليسَ معك، فأرْسَلَها مثَلًا، أي: لا يَدْخُل في أمْرِك مَنْ لا يهتمّ بكَ، قال له المُنْذِر: قد أمْلَلْتَني فأَرِحْنِي قبل أنْ آمُر بِكَ، قال عَبِيْد: مَنْ عَزَّ بَزَّ، أي: مَنْ غَلَبَ كَسَبَ، فأرْسَلَها مثَلًا، فقال له المُنْذِر: أنْشَدَني

(1)

: [من مخلع البسيط]

أقْفَر من سَاكنه (a) مَلْحُوبُ

فقال عَبِيْدٌ: [من السريع]

أَقْفَر من أهْلهِ عَبيْدُ

فاليَوْم لا يُبْدِي ولا يُعِيْدُ

غَتَّتْ له غتَّةٌ (b) نَكُوْدُ

وحَان منهُ لهما الوُرُودُ

فقال له المُنْذِر: أَسْمِعْني قبل أنْ آمُر بذَبْحِكَ، فأنْشَأَ يَقُول:[من المتقارب]

لا غَرْو من عيْشَةٍ نَافِده

وفي أُخْرى

(2)

: [من المتقارب]

لا خَيْرَ في عيْشَةٍ نَاكِدَة

وهل غَيْرُ ما سُنَّة واحدَهْ

فأبْلغْ (c) بَنيَّ وأعْمَامَهُمْ

بأنَّ المَنَايا هيَ الرَّاصِدَهْ (d)

لها مُدَّةٌ فنفُوسُ العِبَادِ

إليها وإنْ كرهَتْ (e) قَاصِدَهْ

فلا تَجْزَعُوا بحَمامٍ بنا

فللمَوْتِ ما تَلِدُ الوَالِدَهْ

(a) الديوان: أهله.

(b) الأغاني: عنت

عنة.

(c) الديوان: أوصي.

(d) الديوان: لهم راصده.

(e) الديوان: جهدوا.

_________

(1)

ديوان عُبَيْد 23، وعجزه مخالف للذي ورد في القصة، فيه: فالقطبيات فالذنوب.

(2)

البيتان الثاني والثالث في ديوانه 55.

ص: 595

فقال له المُنْذِر: يا عَبِيْد، لا بُدَّ من المَوْتِ، وقد عَلِمْتَ أنَّ أبي لو عُرِضَ عليَّ في هذا اليَوْم لَم أجِدْ بُدًّا من ذَبْحِهِ، فأمَّا إذ كُنْتَ لها وكانت لك، فاخْتَر إحْدَى ثلاث خِصَالٍ: إنْ شِئْتَ من الأكْحَل، وإنْ شِئْتَ من الأبْجَل، وإنْ شئْتَ مِن الوَرِيدِ، فقال له عَبيْد: أَبَيْتَ اللَّعْنَ؛ ثلاث خِصَال كسَحَابِ عَادٍ، وُرَّادُها شَرُّ وُرَّاد، ومَقَادُها شَرُّ مَقاد، ولا خَيْر فيها لمُرْتَاد، ولكن إنْ كان ولا بُدَّ فاسْقِنِي الخَمْر حتَّى إذا مات لها مَفَاصِلي، وذهَلَتْ لها ذَوَاهِلي، فشَأنُكَ وما تُريد، فأمَرَ المُنْذِر بالخَمْر فسُقِي منها حاجتَهُ حتَّى إذا أخَذَت منهُ، وطابَتْ نفسُه دَعَا به ليَذْبَحَهُ، فأمَرَ بقَتْلِهِ فقال

(1)

: [من الطّويل]

وخَيَّرني ذُو البُؤْسِ في يوم بُؤْسِهِ

خِصَالًا أرَى في كُلّها المَوْتَ قدْ بَرَقْ

كما خُيِّرَتْ عَاد من الدَّهْر مرَّةً

سَحَائِبَ ما فيها لذي خِيرَة أنَقْ

سَحَائب [ريْح](a) لم تُوكَّلْ ببَلدةٍ

فتَتْركها إلَّا كما لَيْلَة طَلَقْ

فأمَرَ المُنْذِر به، فقُصِدَ حتَّى ماتَ، وغُرِّي بدَمِهِ الغَرِيَّيْن.

قَرأتُ بخَطِّ بَعْض الفُضَلَاء في مَجْمُوع، وأظُنُّه بخَطِّ الشَّريفِ إِدْرِيس بن الحَسَن بن عليّ الإِدْرِيسِيّ المِصْرِيّ، قال من جُزْءٍ ضَخْم جَمَعَ كاتبُه أو مُصَنِّفه (b) فيه تَوَارِيْخ الوَفَاة منذُ سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة إلى آخر سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين وأرْبَعِمائة: قُتِلَ الفَارِقِيّ أبو القَاسِمِ سَعِيْدُ بن سَعيد في المَوْكِب بعد المَغْرب عند بُسْتَان الخَنْدَق - يعني بالقَاهِرَة - يوْم الجُمُعَة لسَبع بَقِينَ من جُمَادَى الأُولَى سَنَة إحْدَى (c) وتِسْعِين وثَلاثِمائة، ودُفِنَ مكانَهُ.

(a) إضافة من الديوان والجليس الصالح والأغاني.

(b) ق: ومصنفه.

(c) الأصل: أحد.

_________

(1)

ديوان عُبَيْد 99، والجريري: الجليس الصالح 4: 148، والأغاني 22:63.

ص: 596

‌سَعِيْد بنُ سَهْل بن مُحَمَّد بِن عَبْد الله، أبو المُظَفَّر النَّيْسَابُوريّ، ويُعْرفُ بالفَلكِيِّ

(1)

حَدَّثَ عن أبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَدِيْنِيّ، وأبي عليّ نَصْر اللّه بن عُثْمان الخشُنَامِيِّ.

وهو من أهْلِ نيسَابُور، وسَكَن خُوارَزمَ، وكان كَاتبًا مُتَصرِّفًا، ثمّ وَزر لصَاحِب خُوارَزْم، وتمكَّن عندَهُ، ثُمَّ خافَ منه فخَرَجَ إلى الحَجِّ، وقيل: إنَّهُ خَرَجَ من خُوارَزْم أيَّام فِتْنَة الغُزّ، ووصَلَ إلى الشَّام وقَدِمَ حلَبَ (a)، وحَدَّثَ بها بجُزءٍ من حَديث أبي الحَسَن المَدِيْنِيّ ومَجْلِس من إمْلاءِ نَفْسه، ثمّ صَعِدَ إلى دِمَشْق، وحدَّث بذلك الجُزء. وأقْبَل عليه نُور الدِّين محمُود بن زَنْكِيّ، وأنْزَله خَانقَاه السُّمَيْسَاطِيّ، وطلَب زِيَارَة البَيْت المُقَدَّس، فأخَذَ نُور الدِّين له إذْنًا من الفِرِنْج، فزَارَهُ وعادَ إلى دِمَشق فأمْسَكَه نُور الدِّين بدِمَشْق، وجَعَلَهُ شَيْخ رِبَاط السُّمَيْسَاطِيّ، فأثر آثَارًا جَمِيلة، وأقام بدِمَشْق إلى أنْ ماتَ.

رَوَى عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقِيّ، والحافِظ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَةِ اللّه بن صَصْرَى، وأبو عليّ الحُسَين بن عَبْد اللّه بن رَوَاحَة، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الطَّرَسُوسِيّ الحَلَبِيّ، وعُمَر بن مُحَمَّد العُليَمِيّ أبو الخَطَّاب،

(a) عنده في الأصل إشارة مخرج إلى ناحية اليمين ولا يتصل بنص.

_________

(1)

توفي سنة 560 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 21: 101 - 102، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 12: 170، العبر في خبر مَن غبر 3: 32، سير أعلام النبلاء 20: 422 - 433، الإعلام بوفيات الأعلام 231، الوافي بالوفيات 15: 224، (وخلط الصفدي بين تاريخ مولده ووفاته، فأرخ وفاته في سنة 478 هـ، وهي سنة مولده لا وفاته)، النجوم الزاهرة 5: 370، شذرات الذَّهب 6: 315، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 6: 131 - 132.

ص: 597

وكان قد سَمعَ منه بخُوارَزْم، ورَوَى عنهُ تاجُ الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانِي بالإجَازة.

رَوَى لنا عنْهُ عَمِّي ووَالدِي: أبو غَانِم وأبو الحَسَن، وأخْبَراني أنَّهُ نَزَل بحَلَب بمَدْرَسَة الحَلاوِيِّين عند مُدَرِّسها عَلاء الدِّين عبد الرَّحْمن بن مَحْمُود، وأنَّهُ أمْلَى عليهم هذا الجُزء في سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

ورَوَى لنا عنْهُ من الدِّمَشقيِّيْن أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن حُسَيْن بن المُجَاوِر، وأبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَة اللّهِ زَيْنُ الأُمَناء، ومُحَمَّد بنُ غَسّان بن غَافِل الأنْصَاريّ، والسَّلَّار بَهْرَام بن مَحْمُود بن بَخْتِيار الأتَابِكيّ، ووَلدُه مُحَمَّد بن بَهْرَام.

أخْبَرَنَا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد، ووَالدي أبو الحَسَن أحْمَد ابْنَا أبي الفَضْل هِبَة اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قراءةً منِّي عليهما بحَلَب، قالا: حَدَّثَنَا أبو المُظَفَّر سَعيد بن سَهْل الفَلَكِيِّ إمْلاءً بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبيد اللّه (a) المَدِيْنِيّ، قال: أخْبَرَنَا الشَّيْخُ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم بن مُحَمَّد المُزكِيّ رحمه الله، قال: أخْبَرَنَا عبد البَاقي بن قَانِعٍ الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَارِث بن إبْراهيم العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا سَيْف بن مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا المبُارَكُ بن فَضَالَة، عن الحَسَن، قال

(1)

: قال عُتَيّ

(2)

: خَرَجْتُ في طَلَب

(a) ق: عبد اللّه.

_________

(1)

المعجم الكبير للطبراني 10: 282 (رقم 10556)، الأمالي الخميسية للشجري 2: 270، فتح الباري 13: 84، ولسان الميزان لابن حجر 3: 132، ومجمع الزوائد 7: 322، وكنز العمال 14: 224 (رقم 38495).

(2)

هو عُتيَ بن ضمرة التميمي السعدي البصريّ، كما في أمالي الشجري ومجمع الزوائد، وانظر ترجمته ومصادرها في تهذيب الكمال 19: 328 - 331.

ص: 598

العِلم فقَدِمْتُ الكُوفَة، فإذا أنا بعبدِ اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه، فقُلتُ: يا أبا عبد الرَّحْمن، هل للسَّاعة من عَلَم يُعْرفُ بهِ؟ قال: سَألْتُ رسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: من أعْلَام السَّاعَة أنْ يكُون الوَلَدُ غَيْظًا، والمَطَر قَيْظًا، ويفيضُ الأشْرَارُ فَيْضًا، ويُصَدَّق الكَاذبُ، ويُكَذَّب الصَّادِقُ، ويُؤْتَمن الخَائِن، ويُخَوَّن الأَمِين، ويَسُود كُلَّ قَبِيلَةٍ مُنَافِقُوها، وكُلّ سُوْق فُجَّارُها، وتُزَخرف المَحَارِيْبُ، وتخرَب القُلُوبُ، ويَكْتَفي الرِّجال بالرِّجالِ والنِّسَاء بالنِّسَاءِ، وتُخَرَّب عمْرَان الدُّنْيا، ويُعْمَر خَرابُها، وتَظْهَر الفِتْنَة، وأكْل الرِّبَا، وتَظْهَر المَعَازِفُ والطُّبُولُ، وشُرْب الخَمْر، وتَكْثُر الشُّرَط والغَمَّازُون والهَمَّازون.

أخْبَرَنَا أبو القاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنَا أبي أبو عليّ الحُسَيِن بن عَبْد اللّه بن الحُسَيْن بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنَا الصَّدْرُ الكَبير الوَزِير الزَّاهِدُ زَيْن الدِّين أبو المُظَفَّر سَعِيْد بنُ سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيّ، بقِرَاءَتي عليه يَوْم عِيْدِ الفِطْر سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، بين حَرَّان والفُرَات، عند وُصُوله من مَكَّة، حَرَسَها اللّهُ، إلى الشَّام، ح.

وأخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم ووَالدِي أبو الحَسَن، وأبو عَبد الله مُحَمَّد بن حُسَيْن بن المجاوِر بحَلَب، وأبو البَرَكات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَهَ اللّه، ومُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل الأنْصَاريّ بدِمَشْق، والسَّلَّار بَهْرَام بن مَحْمُود بن بَخْتِيار الأتَابِكيِّ، ووَلده مُحَمَّد بالمِزَّة من غُوْطَة دِمَشْق، قالوا: أخْبَرَنَا - وقال عَمِّي ووالدي: حَدَّثَنَا - سَعِيْد بن سهلٍ الفَلَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا الشَّيْخُ أبو القاسِم عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد السَّرَّاج، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الطَّرَائِفِيّ، قال: أخْبَرَنَا عُثْمانُ بن سَعيد الدَّارِمِيِّ، قال: أخْبَرَنَا سَعِيْدُ بن أبي مَرْيَم، قال: حَدَّثَنَا أبو غَسَّان، قال: حَدَّثَني أبو حَازِم، عن سهل بن سَعْد

ص: 599

رَضِيَ اللهُ عنهُ

(1)

: أنَّ رَجُلًا كان من أعْظَم المُسْلِمِيْن غَنَاءً عن المُسْلمِيْن في غَزْوة غَزاها مع رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، فنَظَر إليهِ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: مَنْ أحَبَّ أنْ ينظُرَ إلى رَجُلٍ من أهْل النَّارِ فليَنْظُر إلى هذا! فاتَّبَعَهُ رجُلٌ من القَوْمِ وهو على تلك الحالِ من أشَدِّ النَّاسِ على المشرِكين، حتَّى جُرح، فاسْتَعجلَ المَوْت فجَعَل ذُبَابَة سَيْفه بين ثَدْيَيْهِ حتَّى خَرَج من بين كَتفَيْهِ، فأقْبَل الرَّجُل الّذي كان معَهُ إلى رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا، فقال: إنِّي أشْهَدُ أنَّك رسُول اللّه، فقال له رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قال: قلتَ: مَنْ أحَبَّ أنْ ينظُر إلى رَجُلٍ من أهْل النَّار فليَنْظُر إلى هذا، فكان من أعْظَمنا غَنَاءً عن المُسْلِمِيْن، فقُلْتُ: إنَّهُ لا يَمُوتُ على ذلك، فلمَّا جُرِحَ اسْتَعجل المَوْتَ فقَتَلَ نَفْسَهُ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ العَبْدَ ليَعْمَلُ عَمَلَ أهْل الجَنَّة، وإنَّهُ لمن أهْل النَّار، ويَعْمل بعَمَل أهْل النَّار وإنَّهُ لمن أهْل الجَنَّة، وإنَّما الأعْمَالُ بالخَوَاتيْم.

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بِن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لفظه، قال: أخْبَرَنَا سَعِيْد بنُ سَهْل الفَلَكِيّ إجَازةً، ح.

وأخْبَرَنَا وَالدِي وعَمِّيّ، قالا: أمْلَى علينا أبو المُظَفَّر سَعِيْد بن سَهْل بحَلَب، ح.

وأخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن حُسَيْن المُجَاوِر (a) بحَلَب وبدِمَشْق، وزَيْن

(a) تقدمت تسميته: ابن المجاور، ويذكره فيما يلي على الوجهين.

_________

(1)

المعجم الكبير للطبراني 6: 143 (رقم 5784)، الإيمان لابن مندة 2: 643 (رقم 646)، فتح الباري 11: 330 (رقم 6493)، التدوين في أخبار قزوين للرافعي 3: 466، كنز العمال 1: 353 (رقم 1574).

ص: 600

الأُمَناء أبو البَرَكَات، ومُحَمَّد بن غَسَّان بدِمَشْقَ، قالُوا: أخْبَرَنَا أبو المُظَفَّر سَعيْدُ بن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ اللّهِ بن أحْمَد بن عُثْمان الخُشْنَامِيّ إمْلاءً، قال: أَخْبَرَنا أَبُو سَعِيد مُحَمَّد بن مُوسَى بن الفَضْل الصَّيْرَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو العباسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصَمُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سِنان القَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا محبوب بن الحَسَن الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عن الحَسَن، عن عِمْران بن حُصَيْن رضي الله عنهما

(1)

: أنّ رَجُلًا أَعْتَق ستَّةً مَمْلُوكين له عند مَوْتهِ، لَم يكُن له مالٌ غيرهم، فبَلَغَ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجَزَّأهُم ثلاثةً، ثمّ أقْرَع بينهم، وأَعْتَقَ اثْنَين وأَرَقّ أرْبَعةً.

أخْبَرَنَا عَمِّيّ، ووَالديّ، وأبو عَبْد الله بن المُجَاوِر، وأبو البَرَكَات بن عَسَاكِر، ومُحَمَّد بن غَسَّان الأنْصَاريّ، وبَهْرَام بن مَحْمُود، وابنه مُحَمَّد، قالوا: أخْبَرَنَا أَبُو المُظَفَّر سَعِيْد بن سَهْل الفَلَكِيّ - قال عَمِّي ووَالدي: إمْلاءً بحَلَب - قال: أنْشَدَنا عليّ بن أحْمَد المَدِيْنِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد بن عَليَّك الحافِظ، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْدَان، قال: أنْشَدَنا الصُّوْلِيّ، قال: أنْشَدَنا إبْراهيم بن المُعَلَّى، قال: أنْشَدَنا عليّ بن عَبْد اللّه الطُّوْسيّ لنَفْسِه: [من الخفيف]

هَجَمَ البردُ والشِّتَاءُ وما أمْـ

ــلِكُ إلّا رِوَايَةَ العَرَبيَّهْ

وقَمِيْصًا لو هبَّتِ الرِّيْحُ لَم يبْـ

ــقَ على عَاتِقَيَّ مِنهُ بَقِيَّهْ

ويقِلُّ الغناءَ عنِّي فُنُون الـ

ــعِلْم إنْ عَصَّفَتْ شمالٌ عَرِيَّهْ

أخْبَرَنَا تَاج الأُمَناء أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن في كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، عَمِّي، قال: سَعِيْد بنُ سَهْل بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، أبو المظَفَّر النَّيْسَابُوريّ المَعْرُوف بالفَلَكِيّ، سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا الحَسَن المَدِيْنِيّ،

(1)

مسند أبي عوانة 3: 486.

(2)

تاريخ ابن عساكر 21: 101.

ص: 601

وأبا عليّ (a) الخُشْنَامِيِّ، وقد كان وَزر لصَاحِب خُوارَزم، ثمّ خَافَهُ فخَرَجَ عن خُوارَزم، وحَجَّ وتَصَدَّق بالحِجَاز بصَدَقَاتٍ كَثِيْرة، ثمّ قَدِمَ دِمشق في سَنَة ثَلاث وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، واسْتَوْطَن دُوَيْرَة أبي القَاسِم السُّمَيْسَاطِيّ، وجَدَّد بها الصُّفَّة الغَرْبيَّة، والبِرْكَة الّتي تُقَابلها، وجَدَّد قَنَاتها من مَالهِ، ولَم يأخُذ من الشُّرَكاء (b) في القَناة شيئًا، تَصَدَّق بذلك عليهم لِمَا رَأى من سُوءِ مُشَاركتهم، وقِلَّة إنْصَافهِم فيما يَلْزمهُم. وتَفَقَّد أحْوَال الصُّوْفيَّةِ، ونَظَر في أوْقَافهم، واحْتَاط عليها، وأثَّر فيها أثرًا حَسَنًا.

وكان شَيْخًا مُسِنًّا، ثِقَةً، حَسَن الاعْتِقَادِ، مُتَواضِعًا، رحمه الله. كَتبتُ عنهُ شيئًا يَسِيْرًا.

(a) ابن عساكر: أبا نَصْر اللّه بن عثمان! وتقدم صحيحًا في أول التَّرْجَمَة وهو أبو عليّ نصر الله بن أحْمَد بن عثمان الخشنامي.

(b) ابن عساكر: مشاركيه.

ص: 602

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبَهِ تَوْفِيقِي

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: قال لنا تاج الإسْلَام أبو سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: سَعِيْدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيّ أبو المُظَفَّر، من أهْلِ نيسَابُور، سَكَنَ خُوارَزْم، ووَلِيَ بها أعْمَالًا سَنيَّةً إلى أن صَارَ المُتَصرِّف فيها، وكان يَصْدُر صَاحِبُ خُوارَزْم عن رَأيه، ويُشَاورُه في مهمَّاتهِ، واسْتَوْزَرَه.

وكان حَسَنَ التَّدْبِير، ذا رَأي وكِفَايَة وشَهَامَةٍ، ومع هذه الكِفَايَة في الأُمُور الدُّنْياويَّة خَيِّر، حَسَن السِّيْرَة، كَثِيْر البَذْلِ والإنْفاق على أهْل القُرْآن والصَّلَاح، يَشْتَغل في أكْثَر أوْقَاتهِ بقرَاءة القُرْآن والعِبَادَة، ويَجْهد أنْ يَأكُل من الحَلَال، وَرَد بَغْدَاد حَاجًّا نُوَبًا عدَّةً؛ منها في سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، وكُنْتُ بها ولَقِيتُه.

سَمِعَ بنَيْسَابُور أبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَدِيْنِيِّ، وأبا عليّ نَصْر اللّهِ بن أحْمَد بن عُثْمان الخُشْنَامِيِّ وغيرهما، وكُنْتُ قد نَفذت إليهِ جُزءًا من سَمَرْقَنْد إلى خُوارَزْم من مَسْمُوعَاته، وكان يَقْرأ الحُلْيَة، واسْتَجَزْتُ منهُ، وظَنِّي أنَّهُ أجازَ لي لأنِّي لمَّا رَأيتُه ببَغْدَاد ما عرفْت أنَّهُ سَمِعَ شَيئًا من الحَدِيْثِ حتَّى أكْتُب عنه أو أسْتَجِيْز، وكان يَسْألُني الرُّجُوع إلى خُرَاسَان والمُصَاحبةَ في الطَّريق فلَم يتَّفق ذلك.

ص: 603

ذَكَرَ رَفِيْقُنا الحافِظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار في التَّاريِخ المُجَدَّد لمَدِينَة السَّلام

(1)

، وأجَازَ لنا رِوَايتهُ عنه، قال: سَعِيْدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، أبو المُظَفَّر المَعْرُوف بالفَلَكِيِّ، من أهْلِ نَيْسَابُور، سَمِعَ أبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مُحمّد المَدِينيِّ، وأبا عليّ نَصْر اللّه بن أحْمد بن عُثْمان الخُشْنَامِيّ وغيرهما، ثمَّ إِنّهُ سَكَنَ خُوارَزْم، ووَلِيَ الوِزَارَةَ لأميرها، ودَخَلَ بَغْدَادَ مِرَارًا، وحَدَّثَ بها، فرَوَى لنا عنْهُ عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ الأَمِين (a)، وابنُ أخيهِ عَبد السّلام بن عبد الرَّحْمن، وأبو مُحَمَّد بن الأخْضَر.

ثمّ إنَّهُ سَافَرَ إلى الشّام لزيَارة بَيْت المَقْدِس، فوَرَدَها في أيَّام المَلِك نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأكْرَم مَوْردَهُ، وطَلَبَ له إذْنًا من الفِرِنْج حتَّى زارَ بَيْتَ المَقْدِس، وعادَ إلى دِمَشْق، وطَلَبَ العَوْد إلى بلادِهِ، فلَم يَسْمَح نُور الدِّين بفِرَاقه وأُمْسِكَ بدِمَشْق، وأنْزَلَهُ في خَانكَاه السُّمَيْسَاطِيّ، وجَعَلَهُ شَيْخًا بها، فأقام بها مُدَّة لا يَتَناوَل من وَقْفها شَيئًا، ونَصِيْبه من الخَانكَاه يَجْمَعُه عندَهُ إلى أنْ صارَ بيَدِه منه جُمْلَة حَسَنةٌ، فعَمَّرَ بها الإِيْوَان الّذي في الخَانكَاه والسّقَاية، وأقام هُناكَ إلى حين وَفاتِهِ.

وحَدَّث؛ رَوَى عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللّه الشّافِعيّ، ورَوَى لنا عنْهُ جَمَاعَة بدِمَشْق والقُدْس ومِصْر.

حدَّثني شَيْخُنا مُعِيْن الدِّين أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحمّد المُجَاور (a)، قال: قَدِمَ هذا الشَّيْخ - يعني أبا المُظَفَّر الفَلَكِيِّ - الشَّام في أيَّامِ المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأكْرَمهُ، وطَلَبَ زِيَارة البَيْت المُقَدَّس، فطَلَب له إذْنًا من الفِرِنْج فزَارَهُ وعادَ على حِمَار وحْش في غَايةِ العُلُوِّ، وطَلَب العَوْدَ إلى بلَادِه،

(a) من قوله: "ودخل بَغْدَاد

" إلى هنا ساقط من ق.

(b) تقدم ذكره في بعض المواضع: ابن المجاور.

_________

(1)

سبق التعريف بذيله على تاريخ الخطيب البَغْدَادي في الجزء السادس.

ص: 604

فلم يَسْمَح بهِ المَلِكُ العادِل، وأمْسَكَهُ بدِمَشْق، وأنْزَلَهُ خَانقَاه السُّمَيْسَاطِيّ وجَعَلَهُ شَيْخَها، فأقام بها مُدَّة، ولَم يكُن يَتَناول من وَقْفها شيئًا، ونَصِيْبُه من الخَانقَاه يَجْمَعُه عندَهُ إلى أنْ صَارَ عنده منه جُمْلَة حَسَنةٌ، فعَمَّرَ به الإِيْوَانَ في الخَانقَاه والسّقَاية، وأقام بها إلى أنْ ماتَ.

قَرأتُ بخَطِّ عُمَر بن أَسْعَد بن عَمَّار المَوْصِلِيّ: الشَّيْخِ سَعِيْدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيِّ النَّيْسَابُوريّ، كان أوَّلًا من أهل الكتَابة، ووَزَر لخُوارَزْمشَاه مُدَّة، ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ من خُرَاسَان أيَّام فِتْنَة الغُزّ وتَرَك الدُّنْيا وأسْبَابها، وانْعَكَف على الزُّهْدِ وطَرِيق الآخرة، وصَارَ شَيْخًا للصُّوفيَّة مُقَدَّمًا عليهم، مُسَلّكًا لهم، ولهُ كَلَامٌ حَسَنٌ في الطَّريق، ماتَ سَنَة ستِّين وخَمْسِمائَة.

قَرَأتُ على ظَهْرِ الجُزء الّذي أمْلَاهُ سَعِيْد بن سهل الفَلَكِيّ بحَلَب على عَمِّي ووَالدِي وغيرهما، بخَطِّ النَّجِيْب سَعْد اللّه بن مُحَمَّد بن الوَزَّان، وكان كَاتب الحُكْم بحَلَب، وأحَد مَنْ سَمِعَ الجُزءِ من الفَلَكِيّ: سُئِلَ أبو المُظَفَّر الفَلَكِيّ عن مَوْلدِه، فقال: في شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة بنَيْسَابور.

أنْبَأنَا أبو عَبْدِ اللّه بن النَّجَّار، قال: قَرأتُ بخَطِّ سَعِيْد بن سَهْل الفَلَكِيّ: المَوْلد بنَيْسَابُور في شَهْر شَوَّال سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة.

أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: ماتَ سَعيد الفَلَكِيّ عَصْرَ يَوْم الأَحَد، ودُفِنَ يَوْم الاثْنَين الحَادِي والعِشْرين من شَوَّال سَنَة ستِّين وخَمْسِمائَة بعد صَلَاة الظُّهْر بمَقْبَرَة الصُّوْفيَّة المُقَابلة للمَيْدَان الأخْضَر.

(1)

تاريخ ابن عساكر 21: 102.

ص: 605

‌سَعِيْد بن سَلَّام وقيل: سَعِيْد بن سَلْمِ، أبو عُثْمان بن أبي سَعيد المَغْرِبيُّ الصُّوْفيُّ العَارِفُ

(1)

دَخَلَ التِّينَات، وصَحِبَ بها أبا الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وصَارَ من كِبار مَشَايخ الصُّوْفيَّة.

(1)

توفي سنة 373 هـ، وترجمته في: طبقات الصوفية للسلمي 479 - 483، تاريخ بَغْدَاد 10: 162 - 164، ابن الجوزي: المنتظم 14: 303 - 304، ابن الأثير: الكامل 9: 37، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 7 - 9، تاريخ الإسلام 8: 388 - 389، العبر في خبر من غبر 2: 141، سير أعلام النبلاء 16: 320 - 331، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 8: 312 - 315، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 302، مرآة الجنان لليافي 2: 301 - 302، طبقات الأوّلياء لابن الملقن 237 - 238، النجوم الزاهرة 4: 144، شذرات الذَّهب 4:394.

ص: 606