المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطبقة الحادية والخمسون 501 - 510 هـ - تاريخ الإسلام - ت بشار - جـ ١١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

‌الطبقة الحادية والخمسون

501 - 510 هـ

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

‌الحوادث

‌حوادث سنة إحدى وخمسمائة

كان سيف الدولة صدقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى الحلة ومصرها، وقبل ذلك كان صاحب عمود وبيوت شعر، فعظم شأنه، وارتفع قدره، وصار ملجأً لمن يستجير به، وكان معينًا للسلطان محمد على أخيه في حروبه، وناصرًا له، فزاد إقطاعه مدينة واسط، وأذن له في أخذ البصرة، ثم أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسن البلخي مع ما كان يفعله صدقة من إجارة من يلتجئ إليه من أعداء السلطان محمد، وشغب العميد السلطان عليه، ثم زاد عليه بأن صبغه بأنه من الباطنية، ولم يكن كذلك؛ بل كان شيعيًا، وسخط السلطان على أبي دلف سرخاب صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صدقة، فطلبه السلطان منه، فامتنع، إلى أمور أخر، فتوجه السلطان إلى العراق. فاستشار صدقة أصحابه، فأشار عليه ابنه دبيس بأن ينفذه إلى السلطان بتقادم وتحف وخيل، وأشار سعيد بن حميد صاحب جيش صدقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع له عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل، فأرسل إليه المستظهر بالله ينهاه عن الخروج، ويعده بأن يصلح أمره، وأرسل السلطان يطمئنه ويطيب قلبه، ويأمره بالتجهيز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأن السلطان قد ملؤوا قلبه علي، وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صلح السلطان مطمع.

ودخل السلطان بغداد في ربيع الآخر جريدة لا يبلغ عسكره ألفي فارس، فلما تيقن ببغداد منابذة صدقة له، بعث شحنة بغداد سنقر البرسقي في عسكر، فنزل على صرصر، وبعث بريدًا يستحث عساكره فأسرعوا إليه، ثم نشبت

ص: 7

الحرب بين الفريقين شيئًا فشيئًا، وتراسلوا في الصلح غير مرة، فلم يتفق، وجرت لهم أمور طويلة، ثم التقى صدقة والسلطان في تاسع عشر رجب، فكانت الأتراك ترمي الرشقة عشرة آلاف سهم، فتقع في خيل العرب وأبدانهم، وبقي أصحاب صدقة كلما حملوا منعهم نهر بين الفريقين من الوصول، ومن عبر إليهم لم يرجع، وتقاعدت عبادة وخفاجة شفقة على خيلها، وبقي صدقة يصيح: يا آل خزيمة، يا آل ناشرة، ووعد الأكراد بكل جميل لما رأى من شجاعتهم، وكان راكبًا على فرسه المهلوب، ولم يكن لأحد مثله، فجرح الفرس ثلاث جراحات، وكان له فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر، فلما رأى الترك قد غشوا صدقة هرب عليه، فناداه صدقة، فلم يرد عليه، وحمل صدقة على الأتراك وضرب غلاما منهم في وجهه بالسيف، وجعل يفتخر ويقول: أنا ملك العرب، أنا صدقة، فجاءه سهم في ظهره، وأدركه بزغش مملوك أشل، فجذبه عن فرسه فوقع، فقال: يا غلام، أرفق، فضربه بالسيف؛ قتله، وحمل رأسه إلى السلطان، وقتل من أصحابه أكثر من ثلاثة آلاف فارس، وأسر ابنه دبيس، وصاحب جيشه سعيد بن حميد.

وكان صدقة كثير المحاسن في الجملة، محببا إلى الرعية، لم يتزوج على امرأته، ولا تسرى عليها، وكان عنده ألوف مجلدات من الكتب النفيسة، وكان متواضعًا محتملًا، كثير العطاء.

وأما طرابلس، فلما طال حصارها، وقلت أقواتها، وعظمت بليتها ولا قوة إلا بالله، منَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم في البحر، فتقووا شيئًا، واستناب فخر الملك أبو علي بن عمار على البلد ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر، وسار منها إلى دمشق؛ ليمضي إلى بغداد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريين، فبعث فخر الملك إلى أصحابه، يأمرهم بالقبض عليه، ففعلوا به ذلك، واستصحب فخر الملك معه تحفًا ونفائس وجواهر وخيلا عربية، فاحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثم سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصدًا باب السلطان، مستنفرًا على الفرنج، فبالغ السلطان محمد في احترامه، وكان يوم دخوله مشهودًا، ورتب له الخليفة الرواتب العظيمة، ثم قدم للسلطان التقادم، وحادثه السلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السلطان.

ص: 8

وقدم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخلع عليه، وجرد السلطان معه عسكرًا لم يغن شيئًا، ثم وصل إلى دمشق في المحرم سنة اثنتين، وتوجه بعسكر دمشق إلى جبلة، فدخلها وأطاعه أهلها.

وأما أهل طرابلس فراسلوا المصريين يلتمسون واليًا وميرة في البحر، فجاءهم شرف الدولة ومعه الميرة الكثيرة، فلما دخلها قبض على جماعة من أقارب ابن عمار، وأخذ نعمتهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر.

وفي شعبان أطلق السلطان الضرائب والمكوس ببغداد، وكثر الدعاء له، وشرط على وزير الخليفة العدل وحسن السيرة، وأن لا يستعمل أهل الذمة، وعاد إلى أصبهان بعد إقامة نحو الستة أشهر، فأحسن فيها ما شاء، وكسا في يوم أربعمائة فقير، ومضى يومًا إلى مشهد أبي حنيفة، فانفرد وغلق عليه الأبواب يصلي ويتعبد، وكف غلمانه عن ظلم الرعية، وبالغ في ذلك.

وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى تلقاءها حصنًا، وضيق عليهم، فبذل له متوليها سبعة آلاف دينار، فترحل عنها. ونازل صيدا ونصب عليها البرج الخشب، وقاتلها في المراكب، وجاء أصطول ديار مصر ليكشف عنها، فقاتلهم أصطول الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسير عسكر دمشق نجدة لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا.

وأغار أمير دمشق طغتكين على طبرية، فخرج ملكها جرفاس - لعنه الله - فالتقوا، فقتل خلق من عسكره وأسر هو، وفرح المسلمون.

‌سنة اثنتين وخمسمائة

كان السلطان قد بعث الأمير مودودا إلى الموصل فحاصرها مدة، وانتزعها من يد جاولي سقاوو، وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرم منها، قد بعثه السلطان محمد إلى الموصل والأعمال التي بيد جكرمش، وكان جاولي سقاوو قبل هذا قد استولى على البلاد التي بين خوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمر قلاعها، وظلم وعسف، وقطع، وشنق، ثم خاف جاولي من السلطان، فبعث إليه السلطان الأمير مودودا، فتحصن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثم نزل بالأمان ووصل إلى

ص: 9

السلطان فأكرمه، وأمره بالمسير لغزو الفرنج، وأقطعه الموصل ونواحيها.

وكان جكرمش لما عاد من عند السلطان قد التزم بحمل المال وبالخدمة، فلما حصل ببلاده لم يف بما قال، فسار جاولي إلى بغداد ثم إلى الموصل، ونهب في طريقه البوازيج بعد أن آمن أهلها، ثم قصد إربل، فتجمع جكرمش في ألفين، وكان جاولي في ألف، فحمل جاولي على قلب جكرمش فانهزم من فيه، وبقي جكرمش وحده لا يقدر على الهزيمة؛ لفالج به، فأسروه، ونازل جاولي الموصل يحاصرها وبها زنكي بن جكرمش، ومات جكرمش في أيام الحصار عن نحو ستين سنة.

وأرسل غلمان جكرمش إلى الأمير صدقة بن مزيد وإلى قسيم الدولة البرسقي وإلى صاحب الروم قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش يستدعون كلا منهم ليكشف عنهم، ويسلمون إليه الموصل، فبادر قلج أرسلان، وخاف جاولي فترحل، وأما البرسقي شحنة بغداد فسار فنزل تجاه الموصل بعد رحيل جاولي بيوم، فما نزلوا إليه، فغضب ورجع، وتملكها قلج أرسلان، وحلفوا له في رجب، وأسقط خطبة السلطان محمد، وتألف الناس بالعدل، وقال: من سعى إلي في أحد قتلته.

وأما جاولي فنازل الرحبة يحاصرها، ثم افتتحها بمخامرة وأنهبها إلى الظهر، وسار في خدمته صاحبها محمد بن سباق الشيباني.

ثم سار قلج أرسلان ليحارب جاولي، فالتقوا في ذي القعدة فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد صاحب العلم فأبانها، ووصل إلى جاولي فضربه بالسيف، فقطع الكزاغند فقط، وحمل أصحاب جاولي على الآخرين فهزموهم فعلم قلج أرسلان أنه مأسور، فألقى نفسه في الخابور، وحمى نفسه من أصحاب جاولي، فدخل به فرسه في ماء عميق، فغرق، وظهر بعد أيام، فدفن ببعض قرى الخابور.

وساق جاولي إلى الموصل، ففتح أهلها له وتملكها، وكثر رجاله وأمواله، ولم يحمل شيئًا من الأموال إلى السلطان، فلما قدم السلطان بغداد لحرب صدقة طلب جاولي فلم يحضر وراوغ فلما فرغ من أمر صدقة جهز عسكرًا لحرب جاولي، وتحصن هو بالموصل وعسف وظلم، وأهلك الرعية.

ص: 10

ونازل العسكر الموصل في رمضان سنة إحدى وخمسمائة وافتتحوه بمعاملة من بعض أهله، ودخله الأمير مودود، وآمن الناس، وعصت زوجة جاولي بالقلعة ثمانية أيام، ثم نزلت بأموالها.

وأما جاولي فإنه كان في عسكره بنواحي نصيبين، وجرت له أمور طويلة، وأخذ بالس وغيرها، وفتك ونهب المسلمين، ثم فارقه الأمير زنكي بن آقسنقر، وبكتاش النهاوندي، وبقي في ألف فارس، فخرج لحربه صاحب أنطاكية تنكري في ألف وخمسمائة من الفرنج، وستمائة من عسكر حلب، فانهزم جاولي لما رأى تقلل عسكره، وسار نحو الرحبة، وقتل خلق من الفريقين، ثم سار جاولي إلى باب السلطان، وهو بقرب أصبهان، فدخل وكفنه تحت إبطه، فعفا عنه، وكان السلطان محمد كثير الحلم والصفح.

وفيها سار طغتكين متولي دمشق غازيًا إلى طبرية، فالتقى هو وابن أخت صاحب القدس بغدوين، وكان المسلمون ألفي فارس سوى الرجالة، وكانت الفرنج أربعمائة فارس وألفي راجل، فاشتد القتال، وانهزم المسلمون فترجل طغتكين، فتشجع العسكر وتراجعوا، وأسروا ابن أخت بغدوين، ورجعوا منصورين، وبذل في نفسه ثلاثين ألف دينار، وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع منه طغتكين بغير الإسلام، ثم ذبحه بيده، وبعث بالأسرى إلى بغداد.

ثم تهادن طغتكين وبغدوين على وضع الحرب أربع سنين، ثم سار طغتكين ليتسلم حصن عرقة، أطلقه له ابن عمار لعجزه عن حفظه، فقصده السرداني بالفرنج، فتقهقر عسكر طغتكين ووصلوا إلى حمص كالمنهزمين، وأخذ السرداني عرقة بالأمان من غير كلفة.

وفيها عزل وزير الخليفة هبة الله بن المطلب بأبي القاسم علي بن أبي نصر بن جهير.

وفيها تزوج المستظهر بالله بأخت السلطان محمد على مائة ألف دينار، وعقد العقد القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابوري الحنفي، وقبل العقد الوزير ابن نظام الملك، وذلك بأصبهان.

وفيها ولي شحنكية بغداد مجاهد الدين بهروز.

وفيها قتلت الباطنية قاضي أصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي بهمذان،

ص: 11

وكان يحرض عليهم، وصار يلبس درعًا تحت ثيابه حذرًا منهم، قتله أعجمي يوم الجمعة في صفر.

وقتلوا يوم الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد قاضي نيسابور وقتل قاتله، واستشهد كهلًا.

وفيها تجمع قفل كبير، وسار من دمشق طالبين مصر، فأخذتهم الفرنج.

وفيها ثار جماعة من الباطنية لعنهم الله في شيزر على حين غفلة من أهلها، فملكوها وأغلقوا الباب، وملكوا القلعة، وكان أصحابها أولاد منقذ قد نزلوا يتفرجون على عيد النصارى، فبادر أهل شيزر إلى الباشورة، فأصعدهم النساء في حبال من طاقات، ثم صعد أمراء الحصن، واقتتلوا بالسكاكين، فخذل الباطنية في الوقت، وأخذتهم السيوف، وكانوا مائة، فلم ينج منهم أحد.

وفيها قتلت الباطنية شيخ الشافعية أبا المحاسن عبد الواحد الروياني.

وفيها على ما ذكر أبو يعلى حمزة أخذت طرابلس.

‌سنة ثلاث وخمسمائة

قال ابن الأثير: في حادي عشر ذي الحجة تملك الفرنج طرابلس، وكانت قد صارت في حكم صاحب مصر من سنتين، وبها نائبه، والمدد يأتي إليها، فلما كان في شعبان وصل أصطول كبير من الفرنج في البحر، عليهم ريمند بن صنجيل، ومراكبه مشحونة بالرجال والميرة، فنزل على طرابلس مع السرداني ابن أخت صنجيل الذي قام بعد موت صنجيل، وهو منازل لها، فوقع بينهما خلف وقتال، فجاء تنكري صاحب أنطاكية نجدة للسرداني، وجاء بغدوين صاحب القدس، فأصلح بينهما، ونزلوا جميعهم على طرابلس، وجدوا في الحصار في أول رمضان، وعملوا أبراجًا وألصقوها بالسور، فخارت قوى أهلها وذلوا، وزادهم ضعفًا تأخر الأصطول المصري بالنجدة والميرة، وزحفت الفرنج عليها، فأخذوها عنوة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونجا واليها وجماعة

ص: 12

من الجند التمسوا الأمان قبيل فتحها، فوصلوا إلى دمشق، وسار تنكري إلى بانياس فأخذها بالأمان.

ونزل بعض الفرنج على جبيل وبها فخر الملك بن عمار الذي كان صاحب طرابلس، فحاصروها أيامًا، وسلمت بالأمان لقلة الأقوات بها، وقصد ابن عمار شيزر، فأكرمه سلطان بن علي بن منقذ الكناني، فاحترمه وسأله أن يقيم عنده، فسار إلى دمشق فأكرمه طغتكين وأقطعه الزبداني.

وذكر سبط الجوزي: أخذ طرابلس في سنة اثنتين وخمسمائة، وذكر الخلاف فيه.

وفيها سار وزير السلطان محمد، وهو أحمد ابن نظام الملك فحاصر الألموت، وبها الحسن بن الصباح، ثم رحل عنها لشدة البرد.

وفي ربيع الآخر قدم السلطان بغداد، فأقام بها أشهرًا.

وفي شعبان طفر باطني على الوزير ابن نظام الملك فجرحه، فتعلل أيامًا وعوفي، وسقي الباطني خمرًا وقرر، فأقر على جماعة بمسجد المأمونية، فأخذوا وقتلوا.

وفيها مات إبراهيم بن ينال صاحب آمد، وكان ظلومًا غشومًا، نزح كثير من أهل آمد عنها لجوره، وتملك بعده ابنه.

وفيها عزم محمد بن ملكشاه على غزو الفرنج، وتهيأ، ثم عرضت له عوائق.

وفيها أخذ تنكري صاحب أنطاكية طرسوس، وقرر على شيزر ضريبة في السنة وهي عشرة آلاف دينار، وتسلم حصن للأكراد.

‌سنة أربع وخمسمائة

نزل بغدوين وابن صنجيل على بيروت، وجاءت الفرنج الجنوية في أربعين مركبًا، وأحاطوا بها، ثم أخذوها بالسيف، ثم نازلوا صيدا في ثالث ربيع الآخر، فأخذوها في نيف وأربعين يومًا، وآمنوا أهلها، فتحول خلق من

ص: 13

أهلها إلى دمشق، وأقام أكثر الناس رعية للفرنج، وقرر عليهم في السنة قطيعة عشرين ألف دينار.

وكان نائب المصريين بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عن طاعة صاحب مصر، فتحيلوا على القبض عليه فعجزوا، ثم إنه أخرج الذين عنده من عسكر مصر خوفًا منهم، وأحضر جماعة من الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسر بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميرًا.

وفيها نازل صاحب أنطاكية حصن الأثارب، وهو على بريد من حلب، فأخذوه عنوة، وقتل ألفي رجل، وأسر الباقين، ثم نازل حصن زردنا، وأخذه بالسيف، وجفل أهل منبج، وأهل بالس، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيسًا.

وعظم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحناجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج على سائر الشام، وطلبوا الهدنة، فامتنعت الفرنج إلا على قطيعة يأخذونها، فصالحهم الملك رضوان السلجوقي صاحب حلب على اثنين وثلاثين ألف دينار، وغيرها من الخيل والثياب، وصالحهم أمير صور على شيء، وكذا صاحب شيزر، وكذا صاحب حماة علي الكردي، صالحهم هذا على ألفي دينار، وكانت حماة صغيرة جدًا.

وسار طائفة من الشام إلى بغداد يستنفرون الناس، واجتمع عليهم خلق من الفقهاء والمطوعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السلطان، فوعدهم السلطان بالجهاد، ثم كثروا وفعلوا أبلغ من ذلك بكثير في جامع القصر، وكثر الضجيج، وبطلت الجمعة، فأخذ السلطان في أهبة الجهاد.

وفيها عزل وزير السلطان محمد نظام الملك أحمد بن نظام الملك، ووزر الخطير محمد بن حسين الميبذي.

وفي رمضان دخل الخليفة ببنت السلطان ملكشاه، وزينت بغداد وعملت القباب، وكان وقتًا مشهودًا.

وفيها هبت بمصر ريح سوداء مظلمة أخذت بالأنفاس، حتى لا يبصر الرجل يده، ونزل على الناس رمل، وأيقنوا بالهلاك، ثم تجلى قليلًا وعاد إلى

ص: 14

الصفرة، وكان ذلك من العصر إلى بعد المغرب.

وفيها غدر بغدوين ونازل طبرية، وبرز طغتكين إلى رأس الماء، ثم وقعت هدنة فيها حيف على المسلمين وإذلال، ولم ينجدهم لا جيش الشرق ولا جيش مصر، واستنصرت الفرنج بالشام.

‌سنة خمس وخمسمائة

وفيها سارت عساكر العراق والجزيرة لقتال الفرنج، فحاصروا الرها، ولم يقدروا عليها، واجتمعت جموع الفرنج، فلم تكن وقعة، ثم سار المسلمون وقطعوا الفرات إلى الشام ونازلوا تل باشر خمسة وأربعين يومًا، ورحلوا فجاءوا إلى حلب، فأغلق في وجوههم صاحبها رضوان بابها، ومات مقدمهم سقمان القطبي، واختلفوا ورجعوا، وما فعلوا شيئًا، إلا أنهم طمعوا في المسلمين عساكر الفرنج، فتجمعت الملاعين، وساروا مع بغدوين فحاصروا صور.

قال ابن الأثير: عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، علو البرج سبعون ذراعًا، وفيه ألف رجل، فألصقوها بالسور، وكان نائب المصريين بها عز الملك، فأخذ المسلمون حزم حطب كثيرة، وكشفت الحماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا فيه النار، وأشغلوا الفرنج عن النزول من البرج بالنشاب، وطرشوهم بجرار ملأى عذرة في وجوههم، فخبلوهم، وتمكنت النار، فهلك من في البرج إلا القليل، ثم رموا البرجين الآخرين بالنفط فاحترقا، وطلبوا النجدة من صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتد الحصار.

قلت: وجرت فصول طويلة، وكان تلك الأيام يغير طغتكين على الفرنج وينال منهم، وأخذ لهم حصنًا في السواد، وقتل أهله، وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم، ثم جمع وسار إلى صور، فخندقوا على نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار على ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركبًا على الساحل، وبقي الحصار على صور مدة، وقاتل أهلها قتال من آيس من الحياة، فدام القتال إلى المغل، فخافت الفرنج أن يستولي طغتكين على غلات

ص: 15

بلادهم، وبذل لهم أهل صور مالًا ورحلوا عنهم.

وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين علي بن يوسف بن تاشفين وبين الأذفونش لعنه الله، نصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لا يعبر عنه، فخاف الفرنج منها، وامتنعوا من قصد بلاد ابن تاشفين، وذل الأذفونش حينئذ وخاف فإنها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج. وانصرف ابن الأذفونش جريحًا، فهلك في الطريق، وكان أبوه قد شاخ وارتعش.

‌سنة ست وخمسمائة

فيها مات الملك بسيل الأرمني صاحب الدروب، فسار تنكري صاحب أنطاكية الفرنجي ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيام، وتملك أنطاكية بعده سرجال ابن أخيه.

وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده خيرخان، وكلاهما ظالم.

وفي أواخر السنة، خاض الفرات صاحب الموصل مودود بن ألتون تكين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقاهم صاحب دمشق طغتكين إلى سلمية، وكان كثير المودة لمودود، وكانت الفرنج قد تابعت الغارات على حوران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طغتكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتفق على قصد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتى نزلوا على الأردن، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة.

‌سنة سبع وخمس ومائة

في ثالث عشر المحرم التقى عسكر دمشق والجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبرية، وصبر الفريقان، واشتد الحرب، وكانت وقعة مشهودة، ثم انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السيف، وأسروا خلقًا، وأسر ملكهم بغدوين، لكن لم يعرف، فأخذ الذي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثم مات بعد أشهر، وغرق منهم في الشريعة طائفة، وحاز المسلمون الغنيمة.

ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا الحرب، فثبت لهم المسلمون فانحاز الملاعين إلى جبل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم

ص: 16

بالنشاب، فأقاموا كذلك ستة وعشرين يومًا، وهذا شيء لم يسمع بمثله قط، وعدموا الأقوات.

ثم سار المسلمون إلى بيسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم من القدس إلى عكا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصفر، وسافرت عساكر الموصل، ودخل مودود في خواصه دمشق، وأقام عند صاحبه طغتكين، وأمر عساكره بالمجيء في الربيع ونزل هو وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب على مودود باطني جرحه في مواضع، وقتل الباطني وأحرق.

قال أبو يعلى حمزة: ولما قضيت الجمعة تنفل بعدها مودود، وعاد هو والأتابك وحولهما من الأتراك والديلم والأحداث بأنواع السلاح من الصوارم والصمصامات والخناجر المجردة ما شاكل الأجمة المشتبكة، فلما حصلا في صحن الجامع وثب رجل لا يؤبه له، فقرب من مودود كأنه يدعو له ويتصدق عليه، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سرته ضربتين، هذا والسيوف تنزل عليه، ومات مودود ليومه صائمًا، وكان فيه عدل وخير.

فقيل: إن الإسماعيلية قتلته.

وقيل: بل خافه طغتكين، فجهز عليه الباطني، وذلك بعيد.

قال ابن الأثير: حدثني والدي رحمه الله أن ملك الفرنج كتب إلى طغتكين كتابًا فيه: وإن أمة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها.

ودفن مودود في تربة دقاق بخانكاه الطواويس، ثم حمل بعد ذلك إلى بغداد، فدفن في جوار الإمام أبي حنيفة، ثم نقل إلى أصبهان، وتسلم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السلطان محمد، فأقطع السلطان الموصل والجزيرة لآقسنقر البرسقي، وأمره أن يتوافق هو والأمير عماد الدين زنكي ابن آقسنقر، يتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته.

ص: 17

وكان بطبرية مصحف، قال أبو يعلى القلانسي: كان قد أرسله عثمان رضي الله عنه إلى طبرية، فحمله أتابك طغتكين منها إلى جامع دمشق.

وفيها مات الوزير أبو القاسم علي بن جهير، وولي وزارة الخليفة بعده ربيب الدين أبو منصور الحسين بن الوزير أبي شجاع.

وفيها توفي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ولده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين له مباركا وملكشاه، وقتل رأس الباطنية أبا طاهر الصائغ في جماعة من أعيانهم، فنزحوا عن حلب، وكان لهم بها منعة وشوكة قوية.

وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلة دينه، وكان ظالمًا فاتكًا يقرب الباطنية، ويستعين بهم، وقتل أخويه بهرام، وأبا طالب، وكان غير محمود السيرة.

وفيها، ذكر سبط الجوزي ثورة الباطنية بشيزر، وقد مر لنا ذلك قبل هذه السنة.

وفيها هادن بغدوين أهل صور، وأتتهم النجدة والإقامات من مصر في البحر.

‌سنة ثمان وخمسمائة

في أوائلها قدم آقسنقر البرسقي على مملكة الموصل، وسير معه السلطان محمد ولده مسعودًا في جيش كبير لحرب الفرنج، فنازل البرسقي الرها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثم رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شنجتان، فقبض على إياز بن إيلغازي، ونهب أعمال ماردين. ثم تسلم حصن مرعش من الفرنج صلحًا.

وأما صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا ركن الدولة داود بن سقمان، فالتقى هو

ص: 18

والبرسقي في أواخر السنة، فانهزم البرسقي وخلص إياز، ولكن خاف إيلغازي من السلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفًا من السلطان أيضًا لأنه نسب قتل مودود صاحب الموصل إليه، فاتفقا على الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاونة صاحب أنطاكية وجاء، فاجتمعوا به على بحيرة حمص، وتحالفوا وافترقوا.

وسار إيلغازي إلى ديار بكر، فنزل بالرستن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل به حمص، ثم طلب أن يصاهره ويطلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفًا من طغتكين.

وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدولة مسعود، وجرت بعده أمور سقتها في ترجمته.

وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشام، هلك خلق كثير تحت الهدم.

وفيها مات الشريف النسيب بدمشق.

وفيها قتل صاحب حلب تاج الدولة ألب أرسلان ابن الملك رضوان بن تتش، قتله غلمانه، وكان المستولي عليه الخادم لؤلؤ، وملكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم.

وفيها هلك بغدوين الفرنجي صاحب القدس من جراحة، أصابته في مصاف طبرية.

وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعًا جوادًا، أقطاعه تغل في العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمسة آلاف فارس، وثب عليه ثلاثة من الباطنية، فقتلوه، وقيل: بل قتل بعد ذلك بقليل، وكذا بغدوين تأخر موته، فيحرر ذلك.

‌سنة تسع وخمسمائة

لما بلغ السلطان عصيان صاحب ماردين وصاحب دمشق غضب، وبعث الجيوش لحربهما، فساروا وعليهم برسق صاحب همذان في رمضان من السنة الماضية، وعدوا الفرات في آخر العام، فأخذوا حماة عنوة ونهبوها، وهي لطغتكين، فاستعان بالفرنج فأعانوه.

ص: 19

وسار عسكر السلطان وهم خلق كثير، فأخذوا كفرطاب من الفرنج واستباحوها، ثم ساروا إلى المعرة، فجاء صاحب أنطاكية في خمسمائة فارس وألفي راجل، فوقع على أثقال العساكر، وقد تقدمتهم على العادة، فنهبوها وقتلوا السوقية والغلمان، وأقبلت العساكر متفرقة، لم يشعروا بشيء، فكان الفرنج يقتلون كل من وصل، وأقبل برسق مقدم العساكر في مائة فارس، فرأى الحال، فصعد تلا هناك، والتجأ إليه الناس وعليهم ذل وانكسار، فأشار على برسق أخوه بأننا ننزل وننجو، فنزل بهم على حمية، وساق وراءهم الفرنج نحو فرسخ، ثم ردوا، فتمموا الغنيمة والأسر، وأحرقوا كثيرًا من الناس، واشتد البلاء، وتبدل فرح المسلمين خوفًا وحزنًا، لأنهم رجوا النصر من عساكر السلطان، فجاء ما لم يكن في الحساب، وعادت العساكر بأسوأ حال، نعوذ بالله من الخذلان، ومات برسق، وأخوه زنكي بعد سنة {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا}

وجالت الفرنج بالشام، وأخذوا رفنية، فساق إليهم طغتكين على غرة، واسترد رفنية، وأسر وقتل.

ثم رأى المصلحة أن يتلافى أمر السلطان، فسار بنفسه إلى بغداد بتقادم وتحف للسلطان وللخليفة، فرأى من الإكرام والتبجيل ما لا مزيد عليه، وشرف بالخلع، وكتب السلطان له منشورًا بإمرة الشام جميعه، وكان السلطان هذه السنة قد قدم بغداد واجتمع به طغتكين في ذي القعدة.

قال سبط الجوزي: وفيها صالح بغدوين صاحب القدس الأفضل متولي الديار المصرية، وكان بغدوين صاحب القدس قد سار إلى السبخة المعروفة به مما يلي العريش، فأخذ قافلة عظيمة جاءت من مصر، فهادنه الأفضل، وأمن الناس قليلًا.

‌سنة عشر وخمسمائة

الأصح أن أحمديل صاحب مراغة قتل في أول سنة عشر ببغداد بدار السلطان، وكان جالسًا إلى جانب طغتكين صاحب دمشق أتاه رجل يبكى وبيده

ص: 20

قصة، وتضرع إليه أن يوصلها إلى السلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسكين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطني آخر، فضرب أحمديل سكينا، فأخذتهما السيوف، ووثب رفيق لهما والسيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فهبروه أيضًا.

وفيها مات جاولي الذي كان قد حكم على الموصل، ثم أخذها السلطان منه، فخرج عن الطاعة، ثم إنه قصد السلطان لعلمه بحلمه، فرضي عنه، وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب ولاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذلًا إلى أن مات.

وفيها حاصر علي بن يحيى بن باديس مدينة تونس وضيق عليها، فصالحه صاحبها أحمد بن خراسان على ما أراد.

وفيها افتتح ابن باديس جبل وسلات وحكم عليه، وهو جبل منيع كان أهله يقطعون الطريق، فظفر بهم، وقتل منهم خلقًا.

وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد علي بن موسى الرضا بطوس، خاصم علوي فقيهًا، وتشاتما وخرجا، فاستعان كل منهما بحزبه، فثارت فتنة عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخربوه، وقتلوا جماعة، ووقع النهب، وجرى ما لا يوصف، ولم يعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة.

ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للناس فيه جملة.

وقال أبو يعلى بن القلانسي: وفي سنة عشر ورد الخبر بأن بدران بن صنجيل صاحب طرابلس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدين سنقر البرسقي صاحب الموصل قد وصل إلى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسر به، فاتفقا على تبييت الفرنج، فساقا حتى هجما على الفرنج وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف قتلًا وأسرًا، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة آلاف نفس، وهرب ابن صنجيل، وغنم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا، ورد البرسقي إلى الموصل، وقد استحكمت المودة بينه وبين طغتكين.

وفيها قتل الخادم لؤلؤ المستولي على حلب، وكان قد قتل ألب أرسلان

ص: 21

ابن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعملوا عليه وقتلوه.

والصحيح أنه قتل في السنة الآتية.

وفيها حج بالركب العراقي أمير الجيوش الحبشي مولى المستظهر بالله، ودخل مكة بالأعلام والكوسات والسيوف المسللة، لأنه أراد إذلال أمير مكة وعبيدة.

ص: 22

بسم الله الرحمن الرحيم

ال وفيات

سنة إحدى وخمسمائة

1 -

‌ أحمد بن الحسن بن أحمد بن يزداد

، أبو العز المستعمل.

روى عن: الجوهري، والعشاري.

2 -

‌ أحمد بن الحسين بن أحمد

، أبو طاهر ابن النقار الحميري.

ولد بالكوفة سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ونشأ ببغداد، وكان يعرف القراءات ويفهمها، قرأ على: خاله أبي طالب ابن النجار، وقرأ الأدب على أبي القاسم بن برهان، ثم انتقل إلى دمشق وإلى مصر، وسكن طرابلس، وبدمشق توفي في رمضان.

3 -

‌ أحمد بن عبد الله بن سبعون

، أبو بكر القيسي، القيرواني، ثم البغدادي.

سمع: أبا الطيب الطبري، وأبا محمد الجوهري، وعنه: ابنه عبد الله، وعمر بن ظفر.

4 -

‌ إبراهيم بن مياس القشيري الدمشقي

.

سمع: أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم الحنائي بدمشق، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، وغيره ببغداد، سمع منه: الصائن هبة الله، وغيره.

توفي في شعبان، وله خمس وستون سنة.

5 -

‌ إسماعيل بن عمرو بن محمد بن أحمد

، أبو سعيد بن أبي عبد الرحمن البحيري، النيسابوري.

ثقة، صالح، محدث، من بيت الحديث، وكان صحيح القراءة.

قال السمعاني: سمع بإفادته خلق، وتفقه على ناصر العمري، وكان

ص: 23

يقرأ دائمًا صحيح مسلم للغرباء والرحالة على أبي الحسين عبد الغافر الفارسي، وكف بصره بأخرة، سمع من: أبي بكر أحمد بن علي بن منجويه الحافظ، وأبي حسان المزكي، وأبي العلاء صاعد بن محمد، وعبد الرحمن بن حمدان النصرويي، روى لنا عنه: إسماعيل بن جامع بمرو، وأحمد بن محمد العالم بسمنان، وأبو شجاع البسطامي ببخارى، وأبو القاسم الطلحي بأصبهان.

قال ابن النجار: كان نظيفًا، عفيفًا، اشتغل بالتجارة وبورك له فيها، وحصل جملة.

وقال ابن السمعاني: وقرأت بخط والدي، قال: سمعت أبا سعيد البحيري يقول: قرأت صحيح مسلم على عبد الغافر أكثر من عشرين مرة.

ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتوفي في آخر السنة بنيسابور، وقد أملى مجالس بنيسابور، وتوفي ابنه محمد قبله.

6 -

‌ إسماعيل بن يحيى بن حسين

، أبو نصر الملاح.

بغدادي لا بأس به، حدث بشيء يسير عن الجوهري، وتوفي في صفر.

7 -

‌ تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد

، السلطان أبو يحيى الحميري الصنهاجي، ملك إفريقية بعد أبيه.

كان حسن السيرة، محبًا للعلماء، قصده الشعراء من النواحي، وامتدحه الحسن بن رشيق القيرواني، وغيره، وكان ملكًا جليلًا، شجاعًا، مهيبًا، فاضلًا، شاعرًا، جوادًا، ممدحًا.

ولد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولم يزل بالمهدية منذ ولاه أبوه إياها من صفر سنة خمس وأربعين إلى أن توفي أبوه بعد أشهر في شعبان.

ومن شعره:

سل المطر العام الذي عم أرضكم أجاء بمقدار الذي فاض من دمعي إذا كنت مطبوعًا على الصد والجفا فمن أين لي صبر فأجعله طبعي ولابن رشيق فيه، وأجاد:

أصح وأعلى ما سمعناه في الندى من الخبر المأثور منذ قديم

ص: 24

أحاديث ترويها السيول عن الحيا عن البحر عن كف الأمير تميم وفي أيامه اجتاز ابن تومرت بإفريقية وأظهر الإنكار على من خرج عن الشرع، وراح إلى مراكش.

امتدت دولة تميم إلى هذه السنة، وتوفي في رجب، وخلف من البنين أكثر من مائة ولد، ومن البنات ستين على ما ذكره حفيده العزيز بن شداد بن تميم، وملك بعده ولده يحيى وقد تكهل، فأحسن السيرة في الرعية، وافتتح حصنًا كبيرًا امتنع على أبيه، ولم يزل مظفرًا منصورًا.

8 -

‌ الحسن بن محمد بن عبد العزيز

، أبو علي التككي.

بغدادي صالح، صحيح السماع، سمع: أبا علي بن شاذان، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وسلمان الشحام، وأبو طاهر السلفي، وأبو بكر ابن النقور.

توفي في رمضان.

أخبرنا ابن الفراء، قال: أخبرنا ابن قدامة، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن النرسي، قال: أخبرنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا عثمان، هو ابن السماك، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال: حدثنا إسماعيل ابن علية، قال: حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليدخل العبد الجنة بالأكلة أو الشربة يحمده عليها.

هذا حديث غريب على شرط الصحيح، مع لين في موسى الوشاء.

9 -

‌ حمزة بن هبة الله بن سلامة

، أبو يعلى العثماني، الدمشقي.

روى عن: علي بن الخضر السلمي، وغيره، سمع منه: أبو محمد بن صابر، وغيره.

ص: 25

10 -

‌ رزماشوب بن زيار

، الأمير، الأديب، أبو نصر الديلمي.

أرخه السلفي في السنة، مات بالأهواز، وروى عنه في جزء ابن قلنبا، وقال: كان من أفراد الدهر، ونوادر العصر، له نظم رائق، ونثر فائق، ورياسة.

11 -

‌ صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد

، الأمير سيف الدولة ابن بهاء الدولة الأسدي، الناشري، صاحب الحلة السيفية.

كان يقال له: ملك العرب، وكان ذا بأس وسطوة، نافر السلطان محمد بن ملكشاه، وأفضت بينهما الحال إلى الحرب، فتلاقيا عند النعمانية، فقتل صدقة في المعركة يوم الجمعة سلخ جمادى الآخرة، وحمل رأسه إلى بغداد.

وكانت وفاة أبيه سنة تسع وسبعين، ووفاة جده في سنة ثلاث وسبعين، والحلة اختطفها صدقة سنة خمس وتسعين وأربعمائة وسكنها الناس.

12 -

‌ عبد الرحمن بن حمد بن الحسن بن عبد الرحمن

، أبو محمد الدوني، الصوفي، الزاهد.

من بيت زهد وعبادة، من قرية الدون، ويقال: دونة، وهي على عشرة فراسخ من همذان، مما يلي الدينور.

روى كتاب السنن للنسائي، عن ابن الكسار، وهو آخر من حدث به عنه، قرأه عليه السلفي بالدون في سنة خمسمائة، وقال: قال لي ابنه أبو سعد: لوالدي خمسون سنة ما أفطر النهار.

وقال شيرويه في تاريخه: كان صدوقًا، متعبدًا، سمعت منه السنن، ورياضة المتعبدين.

وقال السلفي: كان سفياني المذهب، ثقة، بلغنا أنه توفي في رجب.

قال: وولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة في رمضان.

وقال غيره: سمع السنن في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

وحدث عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبو العلاء الحسن بن

ص: 26

أحمد العطار، والسلفي، وأبو زرعة المقدسي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وأحمد بن ينال الترك، وعبد الرزاق بن إسماعيل القومساني الهمذاني، وابن عمه المطهَّر بن عبد الكريم، ومحمد بن بنيمان، وأبو الفتوح الطائي، وأبو الحسن سعد الخير الأندلسي، وخلق، وأجاز للحافظ أبي القاسم بن عساكر.

13 -

‌ عبد الرحمن بن خلف بن مسعود

، أبو الحسن الكناني القرطبي.

روى عن: حكم بن محمد، ومحمد بن عتاب، وأبي عمر ابن القطان.

وكان معتنيًا بالسماع الكثير، وكان يعظ ويذكر في مسجده، وهو دين، ثقة، عالم.

14 -

‌ عبد الكريم بن المسلم بن محمد بن صدقة

، السلمي العطار.

سمع: أبا القاسم الحنائي، وعبد العزيز الكتاني، وهو دمشقي، قليل الرواية.

15 -

‌ محمد بن أحمد بن مسعود بن مفرج

، أبو عبد الله الأندلسي، الشلبي، الفقيه.

كان مفتي تلك الناحية، تفقه على أبيه، وسمع صحيح البخاري بإشبيلية من أبي عبد الله بن منظور، وكان بصيرًا بالفتوى، إمامًا، ثقة، توفي في ذي الحجة.

16 -

‌ محمد بن سليمان بن يحيى

، أبو عبد الله القيسي، المقرئ.

قرأ على أصحاب أبي عمرو الداني بالروايات، ومات كهلًا.

ص: 27

17 -

‌ محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد

، أبو سعد الأسدي، البغدادي، المؤدب.

سمع: أبا علي بن شاذان، وابن بشران، وغيرهما، روى عنه: السلفي، وعبد الحق، وخطيب الموصل، وجماعة.

ضعفه ابن ناصر لأنه كان يلحق سماعاته مع أبيه، وكان الإلحاق بينًا طريا.

توفي في رمضان وقد جاوز الثمانين بيسير.

قال السمعاني: ألحق سماعه في أجزاء.

18 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن علي

، أبو الغنائم ابن الأزرق البغدادي.

سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلال، وعبد العزيز بن علي الأزجي.

روى عنه: عمر بن عبد الله الحربي، وأبو المعمر الأنصاري، وجماعة، ويعرف بابن الشهرستاني.

وممن روى عنه مسعود بن أبي غالب، شيخ أحمد بن طبرزد.

19 -

‌ محمد بن العراقي بن أبي عنان القزويني

، الطاوسي، أبو جعفر.

حدث في شوال من السنة بهمذان، عن محمد بن الحسين المقومي بأحاديث، وكان صالحًا، قدوة.

20 -

‌ محمد بن عمر بن قطري

، أبو بكر الزبيدي، الإشبيلي.

سمع من: أبي الوليد الباجي، وجماعة، ورحل إلى المشرق، وسمع من: أبي بكر الخطيب، وجماعة، وكان عالما بالنحو والأصول، توفي بسبتة.

21 -

‌ محمد بن محمود بن حسن بن محمد بن يوسف

، أبو الفرج ابن العلامة أبي حاتم الأنصاري القزويني، من آمل طبرستان.

فقيه، دين، صالح، صاحب معاملة، حج سنة سبع وتسعين، وأملى بمكة مجلسًا، وضاع ابن له قبل وصوله المدينة، قال بعضهم: فرأيناه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم في لقي ولده، والخلق حوله، فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد، فاعتنقا زمانًا.

ص: 28

رواها السمعاني، عن أبي بكر بن أبي العباس الميهني المروزي، أنه حج تلك السنة، ورآه يتمرغ في التراب ويبكي، والخلق مجتمعون عليه، وهو يقول: يا رسول الله، جئتكم من بلد بعيد زائرًا، وقد ضاع ابني، لا أرجع حتى ترد علي ولدي، وردد هذا القول، حتى دخل ابنه، فصرخ الحاضرون.

سمع: أباه، ومنصور بن إسحاق الحافظ، وسهل بن ربيعة، وأبا علي الحسيني، روى عنه: ابن ناصر، والسلفي، وابن الخل، وشهدة، وآخرون.

توفي بآمل في المحرم سنة إحدى، وكان أبوه من كبار الفقهاء.

22 -

‌ محمد بن هبة الله بن محمد بن الحسن ابن المأمون الهاشمي

، أبو نصر.

سمع: أبا محمد الجوهري، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري وأثنى عليه، توفي في ربيع الأول.

قال ابن النجار: سمع أيضًا من: أبي علي بن المذهب، وابن المحسن التنوخي، وكان من سروات بيته، صالحًا، متدينًا، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وعبد الحق اليوسفي.

23 -

‌ منصور بن الحسن بن عاذل

، أبو الفرج البجلي، البوازيجي، والبوازيج: بين تكريت والموصل.

قدم بغداد، وتفقه بأبي إسحاق الشيرازي، ولازمه، وسمع من: ابن المهتدي بالله، وغيره، روى عنه: علي بن أحمد اليزدي، ومحمد بن أبي الغنائم التكريتي.

وكان من العقلاء، الصلحاء، ولي قضاء البوازيج، وعاش إلى هذا العام.

24 -

‌ هبة الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون

، أبو طاهر بن أبي الحسين بن أبي نصر النرسي، البغدادي، المعدل، الشاهد.

من أولاد المحدثين، سمع: أبا طالب بن غيلان، وعبد الملك بن عمر الرزاز، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السنجي، وغيرهما، وتوفي في ربيع الآخر.

ص: 29

25 -

‌ يحيى بن محمد بن بذال

، أبو نصر الحريمي، الطاهري، والد محمد.

شيخ صالح، سمع: أبا إسحاق البرمكي، والجوهري، وعنه: أبو المعمر الأنصاري، توفي في رمضان.

ص: 30

سنة اثنتين وخمسمائة

26 -

‌ أبق بن عبد الرزاق

، الأمير أبو منصور، عضب الدولة، الذي بالتربة العضبية، خارج باب الفراديس.

أحد الأمراء الكبار، من خواص صاحب دمشق تاج الدولة تُتُش، وهو الذي مدحه ابن الخياط بقصيدته الطنانة:

سلوا سيف ألحاظه المُمْتَشَق أعند القلوب دمٌ للحدق

27 -

‌ أحمد بن عبد العزيز

، الدلال، البغدادي، المعروف بالخرمي.

روى عن: أبي الحسن القزويني يسيرًا، وعنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الله بن منصور الموصلي.

توفي في جمادى الأولى.

28 -

‌ أحمد بن علي بن أحمد بن سعيد

، الخطيب أبو حاتم النيسابوري، الصوفي.

سمع: أبا عثمان الصابوني، وحدث ببغداد، روى عنه: سعد الخير الأنصاري، والسلفي.

حدث في هذه السنة، ولا أعلم متى توفي، مولده سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.

29 -

‌ أحمد بن علي بن حسين

، الشابُرْخُواسْتي، القاضي أبو طاهر، الصالح، الزاهد، العابد.

روى عن أبيه عن علي بن القاسم البصري، عن أبي روق الهزاني، روى عنه السلفي في البلد التاسع والعشرين.

توفي في هذه السنة.

30 -

‌ بدر بن خلف بن يوسف

، أبو نجم الفَرَكي، والفَرَك: قرية من قرى أصبهان.

سمع: أبا نصر الكسار، وغيره، وعاش ثلاثًا وثمانين سنة، روى عنه أبو

ص: 31

طاهر السلفي قطعة من ذاك الجزء المتبقي من سنن النسائي، وسمع من أبي نصر إبراهيم ابن الكساري أيضًا.

31 -

‌ الحسين بن علي بن الحسين

، أبو الفوارس ابن الخازن الكاتب، الديلمي.

يروي عن: أبي محمد الجوهري، حدث عنه: السلفي، وقال: كان أحسن الناس خطًا.

قلت: هو صاحب الخط الفائق، كان مشتهرًا بلعب النرد، وقيل: إنه نسخ خمسمائة مصحف، وكتب من مقامات الحريري عدة نسخ، ومن الأغاني ثلاث نسخ ولم يخلف وارثًا، وكان يسكن بدرب حبيب ببغداد، وله شعر جيد، فمنه:

عنت الدنيا لطالبها واستراح الزاهد الفطن كل ملك نال زخرفها حسبه مما حوى كفن يقتني مالًا ويتركه في كلا الحالين مفتتن أكره الدنيا وكيف بها والذي تسخو به وسن لم تدم قبلي على أحد فلماذا الهم والحزن توفي فجأة في ذي الحجة، وقيل: توفي سنة تسع وتسعين، وسيأتي في سنة ثمان عشرة ابن الخازن الشاعر الكاتب.

32 -

‌ حمد بن عبد الله بن أحمد بن حنة

، أبو أحمد المعبر.

أصبهاني، فقيه، مشهور، سمع: أبا الوليد الحسن بن محمد الدربندي، وأبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وأحمد بن محمد بن النعمان الصائغ، ومنصور بن الحسين سبط بحرويه، وجماعة، وأملى عدة مجالس، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وآخرون.

ذكره ابن نقطة، فقال: قال السلفي: خرج له إسماعيل بن محمد بن

ص: 32

الفضل الحافظ فوائد، وكان يؤم في الجامع الأعظم ثلاث صلوات، ويفتي، ويعبر الرؤيا.

وكان من شيوخ الصوفية، قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضل: النزول عن نسيبك أبي الطيب الطهراني، ومحمد بن عزيزة، وحمد بن حنة، أحب إلي من العلو عمن سواهم، فقهاء ثقات يدرون ما يروون.

33 -

‌ زيد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن حسن بن القاسم

بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو هاشم الحسيني الهمذاني، رئيس البلد وأميره.

روى عن أبي سعد جامع بن محمد الأديب حديثًا واحدًا، وكان هيوبًا، مطاعًا، سائسًا، جمع الأموال، وظلم، وعسف، وكان يطرح الشيء الذي يساوي درهمًا بثلاثة دراهم وأكثر، واستعبد الناس، وعمر دهرًا.

توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة، وهو ابن بنت الصاحب إسماعيل بن عباد، وكانت له أموال لا تحصى، أخذ منه السلطان محمد مرة واحدة سبعمائة ألف دينار لم يبع لأجلها ملكا ولا اقترض دينارا.

34 -

‌ صاعد بن محمد بن عبد الرحمن

، أبو العلاء البخاري، القاضي.

قال ابن السمعاني: هو من أهل أصبهان، الإمام المقدم في زمانه على أقرانه فضلًا، وعلمًا، وزهدًا، وتواضعًا، تفقه على مذهب أبي حنيفة حتى صار مفتي أصبهان، سمع من أصحاب ابن المقرئ، ولقي ببغداد ابن النَّقُّور، وبمكة أبا علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي، قتل في جامع أصبهان يوم عيد الفطر وله خمس وخمسون سنة، قتله باطني.

35 -

‌ طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير

، أبو الفتح المِيهَني، والد أحمد، وأبي القاسم.

كان من أهل الخير، ومن بيت المشيخة والتصوف، أقام ببغداد مدة يسمع ويطلب، وسافر الكثير، ولقي الكبار، وسمع من: جده الشيخ أبي سعيد فضل الله، وخلف بن أحمد الأبيوردي، وأبي القاسم القشيري، وأبي علي الحسن بن غالب المقرئ البغدادي، وأبي الغنائم ابن المأمون، روى عنه: أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، وغيره.

ص: 33

توفي في جمادى الآخرة، وكان ذا تعبد وتأله وخير.

36 -

‌ عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم

، أبو علي الدينوري، المؤذن.

حدث عن: عبد الرزاق بن الفضيل الكلاعي، سمع منه: سهل بن بشر مع تقدمه، وأبو محمد بن صابر.

37 -

‌ عبد الله بن سعيد بن حكم

، الزاهد، أبو محمد القرطبي، المفتلي.

قرأ القرآن على أبي محمد مكي بن أبي طالب، وكان آخر من قرأ عليه، وكان أحد العباد الزهاد، المتبرك بهم.

38 -

‌ عبد الله بن عمر بن محمد بن أحيد

، أبو القاسم الكشاني، الخطيب.

ثقة، إمام، مشهور، أملى مدة سنين، وطال عمره.

سمع: محمد بن الحسن الباهلي، وعلي بن أحمد السنكباثي، وأبا سهل عبد الكريم الكلاباذي، وأبا نصر أحمد بن عبد الله بن الفضل، وعبد العزيز بن أحمد الحلواني.

قال السمعاني: حدثنا عنه إبراهيم بن يعقوب الكشاني، وأبو العلاء آصف بن محمد النسفي، وعطاء بن مالك النقاش، وآخرون كثيرون بما وراء النهر، ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وتوفي في رجب.

39 -

‌ عبد الله بن يحيى

، أبو محمد التجيبي، الأندلسي، الأقليشي، ويعرف بابن الوحشي.

ص: 34

أخذ القراءات بطليطلة عن أبي عبد الله المغامي، وسمع من: حازم بن محمد، وأبي بكر بن جماهر.

وكان من أهل المعرفة والذكاء، واختصر كتاب مشكل القرآن لابن فورك، وولي أحكام أقليش.

40 -

‌ عبد الله بن أبي بكر

، أبو القاسم النيسابوري، البزاز، الفقيه شيخ الحنفية في عصره، ومناظرهم، وواعظهم، حافد أبي يحيى البزاز.

سمع من: أبي الحسين عبد الغافر الفارسي، وغيره، وأبي طاهر محمد بن علي الإسماعيلي البخاري، سمع منه الشمائل، قال: أخبرنا إبراهيم بن خلف، قال: أخبرنا الهيثم الشاشي، قال: حدثنا الترمذي.

توفي في جمادى الآخرة.

41 -

‌ عبد الباقي بن محمد بن سعيد بن أصبغ

، أبو بكر الأنصاري، الحجاري، الأندلسي، ويعرف بابن بريال.

روى عن: المنذر بن المنذر، وهشام بن أحمد الكناني، وأبي عمر الطلمنكي، والقاسم بن فتح، وكان نبيلًا، حافظًا، ذكيًا، شاعرًا، محسنًا.

قال ابن بشكوال: أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا، وتوفي في شعبان ببلنسية، وكان مولده سنة ست عشرة وأربعمائة.

قلت: أخذ عنه ابن العريف والزاهد، وله سماع أيضًا من أبي عمر بن عبد البر، عرض عليه القرآن وهو ابن عشرة أعوام، وأما شيخه قاسم الحجاري فمات بعد الخمسين وأربعمائة بسنة، وكان قاسم إماما علامة مجتهدا عاش ثلاثا وستين سنة، وقد ذكر.

42 -

‌ عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد

، أبو المحاسن الروياني، الطبري، فخر الإسلام، القاضي، أحد الأئمة الأعلام.

له الجاه العريض، والقبول التام في تلك الديار، سمع: أبا منصور محمد بن عبد الرحمن الطبري، وأبا محمد عبد الله بن جعفر الخبازي، وأبا حفص بن

ص: 35

مسرور، وأبا بكر عبد الملك بن عبد العزيز، وأبا عبد الله محمد بن بيان الفقيه، وأبا غانم أحمد بن علي الكراعي، وعبد الصمد بن أبي نصر العاصمي البخاري، وأبا نصر أحمد بن محمد البلخي، وأبا عثمان الصابوني، وجده أبا العباس أحمد بن محمد بن أحمد الروياني، وتفقه عليه، وسمع بمرو، وغزنة، وبخارى من طائفة.

روى عنه: زاهر الشحامي، وأبو رشيد إسماعيل بن غانم، وأبو الفتوح الطائي، وعبد الواحد بن يوسف، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، وأبو طاهر السلفي، وجماعة كثيرة.

ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقه ببخارى مدة، وبرع في المذهب، حتى كان يقول فيما بلغنا: لو احترقت كتب الشافعي أمليتها من حفظي.

وله مصنفات في المذهب ما سبق إليها، منها: كتاب بحر المذهب، وهو من أطول كتب الشافعية، وكتاب مناصيص الشافعي، وكتاب الكافي، وكتاب حلية المؤمن، وصنف في الأصول والخلاف، وكان قاضي طبرستان.

قال السلفي: بلغنا أنه أملى بآمل، وقتل بعد فراغه من الإملاء، بسبب التعصب في الدين، في المحرم، قال: وكان العماد محمد بن أبي سعد صدر الري في عصره يقول: القاضي أبو المحاسن، شافعي عصره.

وقال معمر بن الفاخر: قتل بجامع آمل يوم الجمعة حادي عشر المحرم، قتلته الملاحدة، وكان نظام الملك كثير التعظيم له.

رويان: بلدة بنواحي طبرستان.

43 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عمر بن هارون

، الفقيه أبو عمر الولاشجردي، وولاشجرد من قرى كنكور، وهي قرية من همذان.

كان فقيهًا، دينًا، خيرًا، سمع ببغداد في رحلته من: أبي الحسين ابن المهتدي بالله، والصريفيني، والخطيب، وتوفي بكنكور.

ص: 36

44 -

‌ عبيد الله بن علي بن عبيد الله

، أبو إسماعيل الخطيبي الفقيه، قاضي القضاة بأصبهان.

سمع عبد الرزاق بن شمة، روى عنه السلفي، وقال: قتل بهمذان شهيدًا، وأنا بها، في صفر رحمه الله، قتلته الباطنية.

45 -

‌ عبيد الله بن عمر بن محمد بن أحيد

، الخطيب، العالم، أبو القاسم الكشاني.

ثقة، مكثر، معمر، ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وروى الكثير.

وأملى عن: محمد بن الحسن الباهلي، وعلي بن أحمد بن ربيع السنكباثي، وأبي سهل عبد الكريم الكلاباذي، وطائفة، وعنه: إبراهيم بن يعقوب الكشاني، وأبو العلاء آصف بن محمد الخالدي، وعطاء بن مالك بن أحمد النقاش، وأبو المعالي محمد بن نصر المديني، وآخرون.

مات في سادس عشر رجب عن نيف وتسعين سنة.

46 -

‌ عبيد الله بن محمد بن طلحة

، الدامغاني، القاضي، ابن أخت قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني.

شهد عند خاله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وولي قضاء ربع الكرخ سنة سبعين، وكان صالحًا، ورعًا، عفيفًا.

سمع: أبا القاسم التنوخي، وعبد الكريم بن محمد ابن المحاملي، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر، وأبو طاهر السلفي.

وتوفي في صفر.

وكان مولده بالدامغان سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

47 -

‌ علي بن أحمد بن علي بن الإخوة

، المحدث، المفيد، أبو الحسن البيع، الحريمي.

من كبار المحدثين، سمع: الخطيب، وأبا الغنائم ابن المأمون، وغيره.

ص: 37

انتقى عليه أبو علي البرداني، وكتب عنه: أبو عامر العبدري، وابن ناصر، مات كهلًا.

48 -

‌ علي بن الحسين بن عبد الله بن عريبة

، أبو القاسم الربعي، البغدادي.

تفقه على أقضى القضاة، أبي الحسن الماوردي، وأبي الطيب الطبري، ولم يبرع في المذهب، ثم صحب أبا علي بن الوليد وغيره من شيوخ المعتزلة، وأخذ عنهم، وقد سمع: أبا القاسم بن بشران، وأبا الحسن بن مخلد البزار.

روى عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي، وأبو طاهر السنجي، وابن ناصر، وأبو طاهر السلفي، وأبو محمد بن الخشاب النحوي، وشهدة.

قال شجاع الذهلي: كان يذهب إلى الاعتزال.

وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا المعمر الأنصاري إن شاء الله، أو غيره يذكر أنه رجع عن ذلك، وأشهد المؤتمن الساجي وغيره على نفسه بالرجوع عن رأيهم، والله أعلم، قال: وسمعت علي بن أحمد اليزدي يقول: قال لي أبو القاسم الربعي: ولدت في سنة أربع عشرة وأربعمائة، توفي في ثالث وعشرين رجب.

49 -

‌ علي بن عبد الرحمن

، أبو الحسن السمنجاني، الفقيه، أحد الأئمة.

تفقه ببخارى على أبي سهل الأبيوردي، وسمع من: محمد بن عبد العزيز القنطري، وغيره، روى عنه: ثامر بن علي الصوفي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، والسلفي.

توفي في شعبان.

50 -

‌ علي بن عبد الوهاب بن موسى

، أبو الكرم القاسمي، الخطيب.

بغدادي جليل، حدث بمجلسين عن أبي علي ابن المذهب، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري.

ص: 38

51 -

‌ علي بن أبي طالب محمد بن علي بن عبيد الله

، المؤدب، أبو الحسن الهمذاني، ثم البغدادي.

روى عن أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري.

52 -

‌ محمد بن عبد القادر

، أبو الحسين ابن السماك البغدادي.

روى عن: ابن غيلان، وغيره، روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي، وتوفي في رجب، وكان واعظًا، رماه ابن ناصر بالكذب كأبيه.

53 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن خشيش

، أبو سعد البغدادي.

سمع: أبا علي بن شاذان وغيره، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وشهدة، وأبو السعادات القزاز، وسمع جزء ابن عرفة من ابن مخلد، وكان شيخًا صالحًا، صحيح السماع.

توفي في عاشر ذي القعدة، وله تسع وثمانون سنة.

54 -

‌ محمد بن يحيى بن مزاحم

، أبو عبد الله الأشبوني، ثم الطليطلي، المقرئ، مصنف كتاب الناهج في القراءات.

وقد رحل إلى مصر وأكثر السماع، وحمل عن القضاعي وطبقته، مات في أول السنة، وذكر أحمد بن محمد بن حرب المسيلي أنه قرأ عليه القرآن، وأنه قرأ على أبي عمرو الداني.

55 -

‌ محمد بن يوسف بن عطاف

، أبو عبد الله الأزدي، قاضي المرية.

روى عن: أبي القاسم عبد الرحمن بن مالك، وأبي عبد الله ابن القزاز، الفقيه، وغيرهما من علماء الأندلس.

وكان فقيهًا، مدرسًا، يناظر عليه، ويجتمع في علم الرأي إليه، أخذ عنه: أبو بكر بن أسود، وعبد الرحيم ابن الفرس، وأبو عبد الله بن أبي زيد، وأبو الحسن ابن اللوان، وغيرهم.

ص: 39

توفي بالمرية.

56 -

‌ مسعود بن عثمان بن خلف

، أبو الخيار العبدري الشنتمري.

رحل وسمع من: أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وكان شيخًا صالحًا، توفي بمرسية.

57 -

‌ منصور بن أحمد بن الفضل بن نصر بن عصام

، أبو القاسم المنهاجي، الإسفزاري، الفقيه الصالح.

كان ورعًا، حسن السيرة، ظهر له القبول التام بالجبال ونواحيها، وبنى بهمذان وغيرها خانقاهات، وكثر عليه المريدون، وازدحم عليه الناس، وتبركوا بلقائه، وكان قد تفقه بمرو على الإمام أبي المظفر السمعاني، ولزمه مدة، وسمع ببغشور جامع الترمذي، من أبي سعيد محمد بن علي البغوي الدباس.

وقتل فتكًا على باب خانقاه المقرئ بهمذان في شوال.

58 -

‌ هبة الله بن أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم بن سعد الزهري ابن الموصلي

، أبو عبد الله، من أهل باب المراتب ببغداد.

شيخ صالح، صحيح السماع، سمع: عبد الملك بن بشران، والحسين بن علي بن بطحا، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق اليوسفي، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب الموصل، وشهدة، وآخرون.

وكان مولده في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وتوفي في رمضان عن ثمانين سنة ونيف.

59 -

‌ هبة الله بن محمد بن بديع

، الوزير أبو النجم الأصبهاني.

سمع: أباه، وأبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وإبراهيم سبط بحرويه، وغيرهم، وانتقى عليه الحافظ أحمد بن محمد بن شيرويه.

روى عنه: أبو نصر اليونارتي، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه، وأبو طاهر السلفي، وقدم دمشق، ووزر بحلب لرضوان بن تتش، ثم استوزره طغتكين

ص: 40

أتابك مدة، ثم صادره في هذا العام، وخنق، وألقي في جب بقلعة دمشق.

وكان مولده في سنة ست وثلاثين وأربعمائة.

60 -

‌ يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام

، أبو زكريا الشيباني، التبريزي، الخطيب، اللغوي، أحد الأعلام في علم اللسان.

رحل إلى الشام، وقرأ اللغة والأدب على أبي العلاء بن سليمان بالمعرة، وعلى عبيد الله بن علي الرقي، وأبي محمد ابن الدهان اللغوي، وسمع بصور من سليم بن أيوب الفقيه، ومن عبد الكريم بن محمد السياري، وسمع كتبًا عديدة أدبيه من أبي بكر الخطيب، ومن أبي غالب ابن الخالة بواسط، ومن ابن برهان، وأقام بدمشق مدة، ثم سكن بغداد وأقرأ بها اللغة.

روى عنه: أبو منصور موهوب ابن الجواليقي، وابن ناصر الحافظ، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر السلفي، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي، وقد روى عنه شيخه الخطيب في تصانيفه.

وكان موثقًا في اللغة ونقلها، تخرج عليه خلق، وصنف: شرح الحماسة، وشرح ديوان المتنبي، وشرح سقط الزند، وشرح السبع قصائد المعلقات، وكتاب تهذيب غريب الحديث. وكانت له نسخة بتهذيب اللغة للأزهري فحمله في مخلاة على ظهره من تبريز إلى المعرة. ودخل إلى مصر أيضًا، وأخذ عن أبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وغيره.

ومن شعره:

خليلي ما أحلى صبوحي بدجلة وأطيب منه بالصراة غبوقي شربت على الماءين من ماء كرمة فكانا كدر ذائب وعقيق على قمري أفق وأرض تقابلا فمن شائق حلو الهوى ومشوق فما زلت أسقيه وأشرب ريقه وما زال يسقيني ويشرب ريقي وقلت لبدر التم تعرف ذا الفتى فقال نعم هذا أخي وشقيقي ومما رواه عن شيخه ابن نحرير من شعره:

يا نساء الحي من مضر إن سلمى ضرة القمر

ص: 41

إن سلمى لا فجعت بها أسلمت طرفي إلى السهر فهي إن صدت وإن وصلت مهجتي منها على خطر وبياض الثغر أسكنها في سواد القلب والبصر كان أبو زكريا يقرئ الأدب بالنظامية.

وقال أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون: ما كان بمرضي الطريقة، وذكر منه أشياء، توفي في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه، وعاش إحدى وثمانين سنة.

وقال ابن نقطة: ثقة في علمه، مخلط في دينه، ولعبة بلسانه، وقيل: إنه تاب من ذلك.

وقال ابن ناصر، عن أبي زكريا: التبريزي، بكسر التاء.

61 -

‌ يحيى بن المفرج

، أبو الحسين اللخمي، المقدسي، الفقيه، الشافعي، قاضي الإسكندرية.

تفقه على الفقيه نصر المقدسي، وحدث عنه.

ص: 42

سنة ثلاث وخمسمائة

62 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن محمد، الدينوري

، ثم الدمشقي.

سمع: رشأ بن نظيف، وأبا عثمان الصابوني، وجماعة، سمع منه: أبو محمد بن صابر.

63 -

‌ أحمد بن علي بن أحمد

، أبو بكر ابن العلبي، الحنبلي، العبد الصالح.

كان أحد المشهورين بالصلاح والزهد، وإجابة الدعوة، وظهر له قبول زائد، تفقه على القاضي أبي يعلى، وحدث عنه بشيء يسير، روى عنه: علي بن المبارك ابن الصوفي، وابن ناصر، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي.

وكان في صباه يعمل في صنعة الجص والإسفيذاج، ويتنزه عن التصوير، وورث من أبيه عقارًا، فكان يبيع منه شيئًا بعد شيء، ويتقوت به.

حج في هذا العام، وتوفي عشية عرفة بعرفة محرمًا، فحمل إلى مكة، وطيف به، ودفن عند قبر الفضيل بن عياض. وقيل: كان إذا حج يجيء إلى قبر الفضيل، ويخط بعصاه، ويقول: يا رب ها هنا، يا رب هنا هنا، فاتفق أنه مات ودفن عنده، رحمهما الله.

وروى عنه السلفي، وقال: كان من زهاد بغداد، ومن القوالين بالحق، والناهين عن المنكر.

64 -

‌ أحمد بن المظفر بن الحسين بن عبد الله بن سوسن

، أبو بكر البغدادي، التمار.

حدث عن: أبي علي بن شاذان، وأبي القاسم الحرفي، وأبي القاسم بن بشران، روى عنه: إسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن سلفة، وابن شاكر، وآخرون.

وكان ضعيفًا.

قال السمعاني: كان يلحق سماعاته في الأجزاء، قاله شجاع الذهلي.

ص: 43

توفي في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة.

وقال عبد الوهاب الأنماطي: هو شيخ مقارب.

65 -

‌ أحمد بن هبة الله بن محمد ابن المهتدي بالله

، الخطيب، أبو تمام ابن الغريق، الهاشمي، البغدادي.

سمع: جده القاضي أبا الحسين محمد بن علي، وحدث، وتوفي في جمادى الآخرة، وكان من كبار المعدلين، روى عنه السلفي.

66 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن العباس

، أبو الفضل الحسيني، أخو أبي القاسم النسيب.

كان إمامًا كبير القدر، ولي قضاء دمشق وخطابتها بعد والده، وسمع: أبا الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، سمع منه: أبو محمد بن صابر.

وتوفي في صفر عن ثلاث وثمانين سنة.

67 -

‌ حمد بن الفضل بن محمد

، الأصبهاني، الخواص، أبو محمد.

توفي في ذي الحجة، وصلى عليه القاضي أبو زرعة، واجتمع لجنازته خلق كثير.

68 -

‌ عبيد الله بن عمر ابن البقال

، أبو الكرم المقرئ، البغدادي.

سمع: الحسن ابن المقتدر، وابن غيلان، وأبا طاهر محمد بن علي العلاف، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو بكر ابن النقور.

وتوفي في ذي القعدة وله سبع وسبعون سنة.

69 -

‌ علي بن محمد بن الحبيب بن شماخ

، أبو الحسن الغافقي، من أهل مدينة غافق بالأندلس.

روى عن: أبيه، والقاضي أبي عبد الله ابن السقاط، وكان من أهل المعرفة والنبل والذكاء، ولي قضاء بلده مدة، وحمدت سيرته.

ص: 44

70 -

‌ عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن مهمت

، أبو الفتيان الدهستاني، الرواسي، الحافظ، الرحال.

رحل إلى خراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، والسواحل.

وكان أحد الحفاظ المبرزين، حسن السيرة، جميل الأمر، كتب ما لا يوصف كثرة.

وسمع: أبا عثمان الصابوني، وأبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وطائفة، وببغداد: أبا يعلى ابن الفراء، وابن النقور، وبمرو، ومصر، وسمع بدهستان، أبا مسعود البجلي وبه تخرج، وسمع بحران: مبادر بن علي بن مبادر.

روى عنه: شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو حامد الغزالي، وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، وشيخه نصر المقدسي الفقيه، وهبة الله ابن الأكفاني، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، ومحمد بن الحسن الجويني، وآخرون، والسلفي بالإجازة، ودخل طوس في آخر عمره، وصحح عليه أبو حامد الغزالي الصحيحين، ثم خرج من طوس إلى مرو قاصدًا إلى الإمام أبي بكر السمعاني باستدعائه إياه، فأدركته المنية بسرخس، فتوفي في ربيع الآخر كما هو مؤرخ على بلاطة قبره.

قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني الحافظ: ما رأيت في تلك الديار أحفظ منه، لا بل في الديار كلها، كان كتابًا، جوالًا دار الدنيا لطلب الحديث، لقيته بمكة، ورأيت الشيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه، ثم لقيته بجرجان، وصار من إخواننا.

وقال أبو بكر السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضل بأصبهان: كان عمر خريج أبي مسعود البجلي، سمعته يقول: دخل أبو مسعود دهستان، فاشترى من أبي رأسًا، ودخل المسجد يأكله، فبعثني والدي إليه، فقال لي: تعرف شيئًا؟ فقلت: لا، فقال لوالدي: سلمه إلي، فسلمني أبي إليه، فحملني إلى نيسابور، وأفادني، وانتهى أمري إلى حيث انتهى.

وقال خزيمة بن علي المروزي الأديب: سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من البرد الشديد.

ص: 45

وقال الدقاق في رسالته: إن عمر حدث بطوس بصحيح مسلم من غير أصله، وهذا أقبح شيء عند المحدثين، وحدثني أن مولده بدهستان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وأنه سمع منه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي في سنة ست وخمسين وأربعمائة.

قال ابن نقطة في كتاب الاستدارك: سمعت غير واحد من أهل العلم يقول: إن أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف وستمائة شيخ.

وقال الرواسي: أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على الطريق، وقد قيل إنها مقبرة العلم، فلا أدري كيف يكون حالي بها، قال الراوي: فبلغنا أنه توفي بها.

قال ابن طاهر، وغيره: الرواسي نسبة إلى بيع الرؤوس.

وقال ابن ماكولا: كتب الرواسي عني، وكتبت عنه، ووجدته ذكيًا.

وقال السمعاني: سمعت أبا الفضل أحمد بن محمد السرخسي يقول: لما قدم عمر بن أبي الحسن الرواسي سرخس وروى بها وأملى، حضر مجلسه جماعة كثيرة، فقال: أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل بخطي، وسأل الجماعة وأثبت، ففي المجلس الثاني حضرت الجماعة، فأخذ القلم وكتب أسماءهم كلهم عن ظهر قلب، بحيث ما احتاج أن يسألهم، أو كما قال، ثم سمعت محمد بن محمد بن أحمد يقول: حضرت هذا المجلس، وكان الجمع اثنين وسبعين نفسًا.

وقال عبد الغافر بن إسماعيل: عمر بن أبي الحسن الرواسي، مشهور، عارف بالطرق، كتب الكثير، وجمع الأبواب، وصنف، وكان سريع الكتابة، وكان على سيرة السلف، مقلًا، معيلًا، خرج من نيسابور إلى طوس، فأنزله الغزالي عنده وأكرمه، وقرأ عليه الصحيح، ثم شرحه.

71 -

‌ محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن سندة

، الأصبهاني، المطرز، أبو سعد، خازن الرئيس أبي عبد الله.

ص: 46

سمع: الحسين بن إبراهيم الجمال، وأبا نعيم، أحمد بن عبد الله الحافظ، وأبا علي بن يزداد غلام محسن، وأبا الحسن بن عبدكويه، ومحمد بن عبد الله العطار، كنيته أبو سعد.

ولد في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة.

روى عنه: أبو طاهر السلفي، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر محمد بن محمد السنجي، وجماعة من الأصبهانيين.

وروى عنه حضورًا: الحافظ أبو موسى المديني، وقال: توفي في الثاني والعشرين من شوال سنة ثلاث، وهو أول من حضرت عنده للسماع.

قال السمعاني: ثقة، صالح.

وقال السلفي في معجمه: كاتب، رئيس في الفضل على غاية من الجلالة، قرأنا عليه عن غلام محسن، وابن مصعب، وجماعة، وقرأت عليه القرآن عن أبي بكر ابن البقار المقرئ صاحب أبي علي بن حبش، وغيره، خرج له غانم بن محمد الحافظ خمسة أجزاء، سمعناها.

72 -

‌ محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن

، أبو بكر القرشي، الزهري، البخاري.

كان فقيهًا، صالحًا، مسنًا، خيرًا، سمعه أبوه من جماعة من المتقدمين، وعمر حتى حدث وأملى، وتوفي في رجب، وله ثمانون سنة.

73 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، أبو عبد الله الطليطلي.

سمع من: عبد الرحمن بن سلمة، وقاسم بن هلال، وأبي الوليد الباجي، وولي خطابة فاس، ثم سبتة، وكان أعمى، صالحًا.

توفي خطيبًا بسبتة في المحرم.

74 -

‌ محمد بن عبد العزيز ابن السندواني

، أبو طاهر البغدادي.

شيخ صالح من أهل نهر الدجاج، حدث عن: أبي الحسن القزويني، وأبي إسحاق البرمكي، روى عنه: أبو طالب بن خضير، وتوفي في ربيع الأول.

ص: 47

75 -

‌ المحسد بن محمد بن أحمد بن الحسين

، أبو طاهر الإسكاف، الأصبهاني.

حدث بالمعجم الكبير للطبراني، عن: أبي الحسين بن فاذشاه.

قال معمر، وغيره: مات في ربيع الآخر.

76 -

‌ هبة الله بن محمد بن علي

، أبو المعالي الكرماني، ويعرف بابن المطلب الوزير.

ولي الوزارة للخليفة مدة، وسمع من: أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وما كأنه حدث.

ولد سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في ثاني شوال.

وكان كاتبًا مجيدًا حاسبًا بارعًا، تفرد في زمانه بعلم الديوان والتصرف، ومدة وزارته سنتان وأربعة أشهر، وكان ذا بر ومعروف وجلالة.

ص: 48

سنة أربع وخمسمائة

77 -

‌ أحمد بن أبي الفتح عبد الله بن محمد بن أحمد بن القاسم

، أبو العباس الأصبهاني، الخرقي.

سمع: ابن ريذة، وأبا القاسم بن أبي بكر الذكواني، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وغيرهم، روى عنه: ابنه أبو الفتح عبد الله، والحافظ أبو موسى المديني، وجماعة.

توفي في السابع والعشرين من ذي القعدة، نعم، وروى عنه السلفي، وجماعة من شيوخ ابن اللتي الذين بالإجازة، وخرق: موضع بأصبهان.

قال السلفي: كان يقول: سمعت ببغداد من أبي علي بن شاذان مع سليمان الحافظ.

78 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله

، أبو المكارم ابن السكري، الكاتب، البغدادي.

سمع: الحسن بن المقتدر بالله، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، والسلفي.

79 -

‌ إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد

، أبو عبد الله ابن الشيخ أبي الحسين الفارسي، ثم النيسابوري، زوج بنت القشيري.

سمع في صباه من: أبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبا سعد عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وأحمد بن محمد بن الحارث النحوي،

ص: 49

ومحمد بن عبد العزيز النيلي، ورحل سنة ثلاث وخمسين، وبقي يطوف عشر سنين في خوزستان وفارس، وكتب قريبًا من ألف جزء بخطه، وسمع ببغداد: عبد الصمد بن المأمون، وقبله أبا محمد الجوهري، وجماعة.

روى عنه: عبد الله ابن الفراوي، وعبد الخالق ابن الشحامي، وأبو شجاع عمر البسطامي، وأم سلمة والحافظ عبد الغافر، والداه، وعمر ابن الصفار، وأبو بكر التفتازاني، وطائفة سواهم.

وتوفي في ذي القعدة، وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

قال السمعاني: كان فاضلًا، عالمًا، لم يفتر من السماع والتحصيل.

80 -

‌ الحسن بن علي بن الحسن

، الشيخ أبو غالب البغدادي البزاز.

سمع ابن غيلان، وأبا منصور ابن الصواف، وأبا الحسن القزويني، وعنه ابن ناصر، والسلفي.

مات في جمادى الأولى، قاله شجاع الذهلي، وقيل: بل سنة ثلاث.

81 -

‌ الحسين بن علي

، أبو عبد الله ابن الحبال، الحنبلي، المقرئ.

سمع: أبا محمد الخلال، والعشاري، مات في ذي القعدة.

82 -

‌ حمزة بن محمد بن علي

، أبو يعلى، أخو طراد الزينبي، الهاشمي.

توفي في رجب، في سادس عشره.

قال السلفي: كان أبو يعلى جليل القدر، ولد سنة سبع وأربعمائة، وروى لنا عن أبي العلاء الواسطي، وأبي محمد الخلال، وذكر لي أنه قرأ الفصيح على علي بن عيسى الربعي.

قلت: وكذا ورخ ابن السمعاني مولده، ولو أن حمزة سمع في صغره مثل أخيه طراد، لسمع من أبي الحسين بن بشران، وهلال الحفار، ولصار مسند الدنيا في عصره، وأنا أتعجب كيف لم يسمعوه؟

قال السلفي: قال لي أبو يعلى: قد سمعت على القاضي أبا الحسين التوزي، وأبي الحسن بن قشيش المالكي، وعول الوزير ابن أبي الريان على

ص: 50

حملي إلى أبي الحسن ابن الحمامي المقرئ، فلم يتفق ذلك، ولا سمعت منه.

قلت: عاش سبعًا وتسعين سنة.

83 -

‌ عبد الغفار بن عبد الملك بن عبد الغفار

، أبو منصور ابن البصري الأديب.

من شيوخ همذان، ثقة صدوق، له رحلة إلى بغداد، سمع من: أبي الحسين ابن النقور، وطبقته، توفي في رجب، وقد روى اليسير.

84 -

‌ عبد المنعم بن علي بن أحمد بن الغمر

، أبو القاسم الكلابي، الدمشقي، الوراق، المعروف بالمديد.

سمع: أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم بن الفرات، وأبا علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف، وأبا الحسين بن أبي نصر، وجماعة، روى عنه: الصائن هبة الله بن عساكر، وأبو المعالي بن صابر، وغيرهما.

وكان مولده في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وأول سماعه بعد الأربعين، وتوفي في ثامن ذي القعدة، فذكر ابن الأكفاني أنه نزل في بركة حمام حارة فمات.

85 -

‌ عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله بن محمد بن علي

، أبو الفرج السيبي، ثم البغدادي.

كان يعرف النحو واللغة، وأدب أولاد الخليفة، سمع: أبا محمد الصريفيني.

توفي في المحرم، وقد جاوز الثمانين، في طريق الحج، ودفن بالمدينة النبوية.

86 -

‌ علي بن الحسين بن المبارك

، أبو الحسن، ابن أخت المزرفي، إمام مسجد درب السلسلة.

كان إمامًا فاضلًا، حسن الإقراء، ختم عليه خلق، وكان قد قرأ على: أبي بكر الخياط، وأبي علي ابن البناء، وغيرهما.

ص: 51

قرأ عليه القرآن سعد الله الدقاق، وقال: كان أوحد عصره في حسن الأداء، والقراءة الحسنة، والنغمة الطيبة، وما كان لسانه يفتر عن ذكر الموت، توفي في ربيع الآخر.

87 -

‌ علي بن محمد بن علي إلكيا

، أبو الحسن الهراسي، الطبرستاني، الفقيه الشافعي، عماد الدين.

تفقه بنيسابور مدة على إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهوري الصوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكي الأخلاق، ثم خرج إلى بيهق، فأقام بها مدة، ثم قدم العراق، وولي تدريس النظامية ببغداد إلى أن توفي، وحظي بالحشمة والجاه والتجمل، وتخرج به الأصحاب، وروى شيئًا يسيرًا عن أبي المعالي، وغيره.

روى عنه: سعد الخير الأنصاري، وعبد الله بن محمد بن غالب الأنباري، وأبو طاهر السلفي، وكان يستعمل الحديث في مناظراته.

وإلكيا: بالعجمي هو الكبير القدر، المقدم.

توفي في أول المحرم، وكان مولده في سنة خمسين، وأربعمائة.

وقد رمي إلكيا، رحمه الله، بأنه يرى في الباطن رأي الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباه على القائل بأن صاحب الألموت ابن الصباح يلقب بإلكيا أيضًا، فافهم ذلك، وأما الهراسي فبريء من ذلك.

قرأت على العلامة أبي محمد عبد المؤمن بن خلف الحافظ: أخبركم أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي الحافظ سنة تسع وثلاثين إملاء، أنه قرأ من حفظه على أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ، قال: حدثنا أبو طاهر بن سلفة الحافظ، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الطبري إلكيا، قال: أخبرنا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا والدي أبو محمد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المتبايعان كل واحد

ص: 52

منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار. متفق عليه.

وممن يشتبه بإلكيا الهراسي معاصره.

88 -

‌ الإمام القاضي: أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبرستاني الآملي

.

سمع من الحافظ عبد الله بن جعفر الخباز بآمل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أبي يعلى الخليلي، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المأمون، وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين.

ذكره ابن الصلاح في الشافعية، ولم يذكر له وفاة، وكأنه مات قبل هذا الأوان، فالله أعلم.

روى عنه: قاضي آمل ابن أخته أبو جعفر محمد بن الحسين بن أميركا.

89 -

‌ محمد بن أحمد بن علي ابن الصندلي

، أبو بكر المقرئ البابصري.

سمع: أبا محمد الخلال، وحدث، روى عنه: سعد الله بن محمد الدقاق، ومات في صفر.

90 -

‌ محمد بن صالح بن حمزة بن محمد

، أبو يعلى ابن الهبارية، الهاشمي، العباسي الشريف البغدادي نظام الدين.

أحد الشعراء المشهورين، أكثر شعره في الهجاء والسخف، وكان ملازمًا لخدمة نظام الملك، وله كتاب تاريخ الفطنة في نظم كليلة ودمنة، وديوان شعره في ثلاث مجلدات، وهو القائل:

رأيت في النوم عرسي وهي ممسكة ذقني وفي كفها شيء من الأدم معوج الشكل مسود به نقط لكن أسفله في هيئة القدم حتى تنبهت محمر القذال فلو طال الرقاد على الشيخ الأديب عمي

ص: 53

قال العماد الكاتب: توفي بكرمان سنة أربع وخمسمائة، وهبار جد لأمه.

وقيل: توفي سنة تسع، فسأعيده هناك.

91 -

‌ محمد بن الحسين

، أبو جعفر السمنجاني، إمام مسجد راغوم.

تفقه ببخارى على: أبي سهل الأبيوردي، وبمروالروذ على: القاضي حسين، وأملى ببلخ.

قال السمعاني: حدثنا عنه جماعة بما وراء النهر، وخراسان، ومات ببلخ.

92 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، أبو الحسن ابن الحديثي، البغدادي، عرف بابن الشداد.

سمع: أبا طالب بن غيلان، وعنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي.

93 -

‌ محمد بن عمر بن أبي العصافير

، الخزرجي، الجياني، أبو عبد الله.

كان فقيهًا مبرزًا، تفقه على أبي مروان بن مالك بقرطبة، ورحل فأخذ عن عبد الحق بن هارون الفقيه، وشوور في الأحكام، وطال عمره، وشاخ.

94 -

‌ يحيى بن علي بن الفرج

، أبو الحسين المصري، الخشاب، المقرئ، الأستاذ.

قرأ على: أبي العباس بن نفيس، ومصنف العنوان أبي الطاهر إسماعيل بن خلف، ومحمد بن أحمد القزويني، وأبي الحسين الشيرازي، وجماعة، قرأ عليه الشريف أبو الفتوح الخطيب شيخ أبي الجود، وغيره.

وتوفي في هذه السنة.

فأما:

ص: 54

95 -

‌ علي بن أحمد، المصيني

، الأبهري، الضرير، صاحب أبي علي الأهوازي.

فلم أظفر له بترجمة، وهو أكبر شيخ للشريف الخطيب، تلا عليه بعد عام خمسمائة.

ص: 55

سنة خمس وخمسمائة

96 -

‌ أحمد بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن كوشيذ

، أبو غالب الأصبهاني.

توفي في غرة جمادى الأولى، وله ثمانون سنة، من شيوخ الحافظ أبي موسى المديني، سمع منه جميع المعجم الكبير للطبراني، عن ابن ريذة.

97 -

‌ أحمد بن عمر بن عطية

، أبو الحسين الصقلي، المؤدب.

سمع: أبا القاسم السميساطي، وعبد العزيز الكتاني، وكان يؤدب في مسجد رحبة البصل.

قال الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي، وتوفي في ربيع الآخر، وهو ثقة، سأله ابن صابر عن مولده، فقال: سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

98 -

‌ أصبغ بن محمد بن أصبغ

، أبو القاسم الأزدي، القرطبي، العلامة، كبير المفتين بقرطبة.

روى الكثير عن: حاتم بن محمد، وتفقه على أبي جعفر بن رزق، وأخذ عن: أبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر ابن الحذاء ما رووه.

وكان من جلة العلماء وكبار الفقهاء، بارعًا في المذهب، قدوة في الشروط لا يجارى، وأم بجامع قرطبة، وكان مجودًا للقرآن، فاضلًا، متصونًا، عزيز النفس، سمع الناس منه، وناظروا عليه.

توفي في صفر، وولد في سنة خمس وأربعين.

99 -

‌ إبراهيم بن سعد بن إبراهيم

، النيسابوري، شيخ، صالح، دلال، خير، سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وجماعة.

توفي فجأة.

ص: 56

100 -

‌ إبراهيم بن محمد

، الفقيه أبو إسحاق الجرجاني، الزاهد، نزيل إسفرايين.

ذكره عبد الغافر، وأنه توفي سنة خمس تخمينًا، وقال: أحد الأولياء والعباد، وأرباب القلوب، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع الله، المعرضين عن الدنيا، بنى دويرة بإسفرايين، إلى أن قال: وكان من أصحاب الكرامات الظاهرة، رحمه الله.

101 -

‌ بركات بن الفضل بن محمد

، التغلبي، الفارقي.

سمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا الحسين ابن النقور، وابن البطر، وجماعة في كهولته.

مولده بميافارقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي بصور.

قال ابن عساكر: حدثنا عبدان بن زرين، قال: حدثنا بركات الفارقي في سنة تسع وثمانين وأربعمائة، قال: أخبرنا ابن البطر.

102 -

‌ تمرتاش بن بجتكين التركي

، المجلد.

روى عن: أبي جعفر ابن المسلمة.

ذكره شجاع الذهلي في معجمه.

103 -

‌ الحسن بن إسماعيل بن حفص

، أبو المعالي المصري.

يروي عن: أبي القاسم ابن القطاع، روى عنه: أبو محمد العثماني.

104 -

‌ الحسن بن عبد الأعلى

، أبو علي الكلاعي، السفاقسي.

أخذ ببلده عن أبي الحسن اللخمي، وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدون، وأبي علي الغساني، وسكن سبتة، وأريد على قضاء الجزيرة الخضراء فامتنع، وكان فقيهًا، متكلمًا، عارفًا بالهندسة والفرائض، مات كهلًا.

105 -

‌ الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين

، أبو القاسم الدسكري، ويعرف بابن الفقيه، وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن.

ص: 57

ذهب رسولًا إلى أصبهان، وحدث عن: الصريفيني، وابن النقور، روى عنه: محمد بن عبد الخالق الجوهري، وطائفة.

106 -

‌ خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون

، أبو القاسم الأندلسي، من أهل أوريولة.

روى عن: أبيه، وأبي الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز، وكان فقيهًا، أديبًا، شاعرًا، مفلقًا، ولي قضاء شاطبة، ودانية، روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد.

وكان يصوم الدهر، وله مصنف في الشروط، رحمه الله.

107 -

‌ سعد بن محمد بن المؤمل

، أبو نصر النيسابوري.

سمع: أبا حفص بن مسرور.

قال يحيى بن منده: سمعت منه، وقدم أصبهان مرارًا، مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة.

108 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي ابن الآبنوسي

، أبو محمد، أخو أبي الحسن أحمد الفقيه.

كان أحد وكلاء القاضي أبي عبد الله الدامغاني، وغيره من القضاة. وكان قد اشتغل وحصل، وسمع الحديث من: التنوخي، والجوهري، وأبي طالب العشاري. وسمع التاريخ من الخطيب.

روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وعبد الله الحلواني بمرو، وجماعة ببغداد، والسلفي.

قال أبو بكر السمعاني: سمعت أبا محمد ابن الآبنوسي يقول: كنت لا أسمع مدة من التنوخي لما أسمع من مليه إلى الاعتزال، ثم سمعت منه حتى صرت عنده أعز من كل أحد، وكان يسميني يحيى بن معين.

ولد سنة ثمان وعشرين، وتوفي في يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الأولى.

ص: 58

109 -

‌ عبد الملك بن محمد بن حسين

، البزوغاني، الحربي، أبو محمد.

روى عن: أبي الحسن القزويني، روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو المعمر، وغيرهما، وعبد الحق.

مات في المحرم.

110 -

‌ عبد الواحد بن أحمد بن عمر ابن السمرقندي

، أبو طاهر، أخو عبد الله، وإسماعيل.

سمع: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور، ومات في صفر، ولم يرو.

111 -

‌ علي بن محمد بن علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب

، أبو الحسن بن أبي طاهر ابن العلاف البغدادي.

من بيت الحديث والقراءة، وكان أحد حجاب الخليفة، عمر حتى رحل إليه الناس، وكان ذا طريقة جميلة وخصال حميدة، وهو آخر من روى عن الحمامي، وسمع عبد الملك بن بشران أيضًا.

روى عنه: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بن محمد السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وأبو بكر ابن النقور، وخلق كثير.

وآخر من حدث عنه أبو السعادات القزاز.

وقال أبو بكر السمعاني بعد أن ذكر من لحق من أصحاب ابن بشران فسمى ابن العلاف، وقال: هو أجل أصحابه عندي، سمعته يقول: ولدت في المحرم سنة ست وأربعمائة، وسمعت من أبي الحسين بن بشران، وقال: وعظ والدي الناس سبعين سنة، توفي في الثالث والعشرين من المحرم سنة خمس، وكمل تسعًا وتسعين سنة.

112 -

‌ المبارك بن سعيد

، أبو الحسن الأسدي، البغدادي، التاجر، ويعرف بابن الخشاب.

ص: 59

سمع: القضاعي، وأبا بكر الخطيب، ودخل الأندلس تاجرًا، فحدث بتاريخ بغداد، سمع منه: أبو علي الغساني، والكبار، وسمع هو من أبي مروان بن سراج.

قال ابن بشكوال: كان من أهل الثقة والثروة، رجع إلى بغداد، وقال ابن السمعاني: كان أحد الشهود المعدلين، مات في ذي القعدة.

113 -

‌ المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب

، الأستاذ، إمام النحو، أبو الكرم ابن الدقاق.

ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ولازم ابن برهان الأسدي، وروى عن: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي أبي يعلى، وغيره، أخذ عنه: ابن ناصر، والسلفي، وابن السجزي.

وصنف، وتصدر، وبرع، توفي في ذي القعدة.

حط عليه ابن ناصر وكذبه.

114 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن أبي النضر

، أبو بكر البلدي، النسفي، المحدث، منسوب إلى بلد نسف، يعني أنه ليس من قرى نسف.

حدث بالكتب الكبار كالصحيح لعمر بن محمد بن بجير، سمع من: جعفر بن محمد المستغفري، وأحمد بن علي المايمرغي، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: حدثنا عنه نحو من عشرين نفسا.

وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: إنه توفي في ثالث صفر سنة خمس وخمسمائة، وإنه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

قال أبو سعد: كان إمامًا فاضلًا، وعمر العمر الطويل حتى روى الكثير، وسمع: أباه أبا نصر، ومحمد بن يعقوب السلامي، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي، والحسين بن إبراهيم القنطري. روى لنا عنه أحمد بن عبد الجبار

ص: 60

البلدي، والحسن بن عبد الله المقرئ، ومسعود بن عمر الدلال، وميمون بن محمد الدربي.

115 -

‌ محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز

، أبو بكر المعافري، الشاطبي.

روى عن: عمه طاهر، وأبي علي الغساني وأكثر عنهما.

وأخذ أيضًا عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بن فرج الطلاع.

وأجاز له أبو عمر ابن الحذاء، وأبو الوليد الباجي.

وكان حافظًا للحديث وعلله، عارفًا برجاله، متقنًا، ضابطًا، عارفًا، بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك، أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، وله رد على ابن حزم في جزء، وتصدر وعلم إلى أن توفي سنة خمس وخمسمائة، وكان مولده سنة ثلاث وستين، رحمه الله.

116 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن سعيد

، أبو عبد الله ابن المحتسب القرطبي، المقرئ.

أخذ عن: أبي محمد بن أبي شعيب، وأبي مروان بن سراج، وكان نحويًا، لغويًا، علامة، أخذ الناس عنه.

117 -

‌‌

‌ محمد بن علي بن محمد

بن إبراهيم

، أبو سعد الأصبهاني المديني، يعرف بسرفرتج التاني.

كان من أجلاء الكتبة، روى عن: أبي نعيم الحافظ، وحدث عنه جماعة، منهم أبو موسى المديني، وهو من كبار شيوخه، توفي في آخر يوم من السنة.

وقد حدث ببغداد، وروى عنه: أبو الفتح ابن البطي، والسلفي، وقد خدم بالشام.

118 -

محمد بن علي بن محمد، شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلواني، الزاهد.

ص: 61

توفي يوم الأضحى، وشيعه خلائق، صحب القاضي أبا يعلى قليلًا، ثم برع على الشريف أبي جعفر، وأفتى، ودرس، وتعبد، وتأله.

119 -

‌ محمد بن عيسى بن حسن

، القاضي أبو عبد الله التميمي، الفقيه، المالكي، السبتي.

أخذ عن: أبي محمد المسيلي، ولزمه مدة، وتفقه أيضًا على أبي عبد الله بن العجوز.

وسمع بالمرية صحيح البخاري على ابن المرابط، ورحل إلى قرطبة، فأخذ عن: عبد الملك بن سراج، وأبي علي الغساني، ومحمد بن فرج.

وكان حسن السمت، وافر العقل، مليح الملبس، تفقه به أهل سبتة، وكان يسمى: الفقيه العامل، تفقه عليه: أبو محمد بن شبونة، والقاضي عياض، وأبو بكر بن صلاح، ورحل إليه الناس من النواحي، وبعد صيته، واشتهر اسمه، ونجب من أصحابه خلق، وكان خيرًا، رقيق القلب، سريع الدمعة، مؤثرًا للطلبة، بنى جامع سبتة، وعزل نفسه من القضاء بأخرة، ثم ولوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تعجبه الغربة، فرجع، وتوفي بسبتة في جمادى الآخرة، قاله تلميذه أبو عبد الله محمد بن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتى قال: كان إمام المغرب في وقته، ولم يكن في قطر من الأقطار منذ يحيى بن يحيى الأندلسي من حمل الناس عنه أكثر منه، ولا أكثر نجابة من أصحابه.

وقال عياض: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

120 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد

، الإمام زين الدين أبو حامد الغزالي، الطوسي، الفقيه الشافعي، حجة الإسلام.

قرأ قطعة من الفقه بطوس على أحمد الراذكاني، ثم قدم نيسابور في طائفة من طلبة الفقه، فجد واجتهد، ولزم إمام الحرمين أبا المعالي حتى تخرج عن مدة قريبة، وصار أنظر أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعاد للطلبة، وأخذ في التصنيف والتعليق.

وكان الإمام أبو المعالي مع علو درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه

ص: 62

للتصانيف، وإن كان في الظاهر متبجحا به.

ثم إن أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عليه نظام الملك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمه، وشاع أمره، فولاه النظام تدريس مدرسته ببغداد، ورسم له بالمصير إليها، فقدمها، وأعجب الكل مناظرته، وما لقي الرجل مثل نفسه، ثم أقبل على علم الأصول، وصنف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظمت حشمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فانقلب الأمر من وجه آخر، وظهر عليه بعد مطالعة العلوم الدقيقة، وممارسة التصانيف طريق التزهد والتأله فترك الحشمة، وطرح الرتبة، وتزود للمعاد، وقصد بيت الله، وحج، ورجع على طريق الشام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدة سنين، وصنف بها إحياء علوم الدين وكتاب الأربعين، والقسطاس، ومحك النظر، وغير ذلك.

وأخذ في مجاهدة النفس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وانقلب شيطان الرعونة، وطلب الرياسة والتخلق بالأخلاق الذميمة، إلى سكون النفس، وكرم الأخلاق، والفراغ عن الرسوم، وتزيا بزي الصالحين.

ثم عاد إلى وطنه، لازمًا بيته، مشتغلًا بالتفكير، ملازمًا للوقت، فبقي على ذلك مدة، وظهرت له التصانيف، ولم يبد في أيامه مناقضة لما كان فيه، ولا اعتراض لأحد على مآثره، حتى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر الملك، وقد سمع وتحقق بمكان أبي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لا استفادة منها ولا اقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نيسابور، وكان الليث غائبًا عن عرينه، والأمر خافيًا في مستور قضاء الله ومكنونه، ورسم له بأن يدرس بها - بالمدرسة النظامية - فلم يجد بدًا من ذلك.

قال هذا كله وأكثر منه عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه، ثم قال: ولقد زرته مرارًا، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة، وإيحاش الناس، والنظر إليهم بعين الازدراء، والاستخفاف بهم كبرًا وخيلاء واغترارًا بما رزق من البسطة في النطق، والخاطر، والعبارة،

ص: 63

وطلب الجاه، والعلو في المنزلة أنه صار على الضد، وتصفى من تلك الكدورات، وكنت أظن أنه متلفع بجلباب التكلف، متنمس بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون، وحكى لنا في ليال كيفية أحواله، من ابتداء ما ظهر له طريق التأله، وغلبة الحال عليه، بعد تبحره في العلوم، واستطالته على الكل بكلامه، والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكنه من البحث والنظر، حتى تبرم بالاشتغال بالعلوم العرية عن المعاملة، وتفكر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة، فابتدأ بصحبة أبي علي الفارمذي، فأخذ منه استفتاح الطريقة، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النوافل، واستدامة الأذكار والاجتهاد والجد، طلبًا للنجاة، إلى أن جاز تلك العقاب، وتكلف تلك المشاق، وما حصل على ما كان يرومه.

ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الجد في العلوم الدقيقة، والتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدة في الوقائع، وتكافؤ الأدلة، وأطراف المسائل.

ثم حكى أنه فتح عليه باب من الخوف، بحيث شغله عن كل شيء، وحمله على الإعراض عما سواه، حتى سهل ذلك عليه، وهكذا إلى أن ارتاض كل الرياضة، وظهرت له الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموسًا وتخلقًا، طبعًا وتحققًا، وأن ذلك أثر السعادة المقدرة له من الله تعالى.

ثم سألناه عن كيفية رغبته في الخروج من بيته، والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور، فقال معتذرًا: ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة، ومنفعة الطالبين، وقد خف علي أن أبوح بالحق، وأنطق به، وأدعو إليه، وكان صادقًا في ذلك، فلما خف أمر الوزير، وعلم أن وقوفه على ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاه وحشمة، ترك ذلك قبل أن يترك، وعاد إلى بيته، واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم، وخانقاها للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين، من ختم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتدريس لطالبه، إلى أن توفاه الله بعد مقاساة أنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والسعي به إلى الملوك، وكفاية الله إياه، وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدي النكبات، أو ينتهك ستر دينه بشيء من الزلات.

ص: 64

وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين، ولو عاش لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الأيام، ولم يتفق له أن يروي، ولم يعقب إلا البنات.

وكان له من الأسباب إرثًا وكسبًا ما يقوم بكفايته، وقد عرضت عليه أموال فما قبلها.

ومما كان يعترض به عليه، وقوع خلل من جهة النحو يقع في أثناء كلامه، وروجع فيه، فأنصف من نفسه، واعترف بأنه ما مارسه، واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه، مع أنه كان يؤلف الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي تعجز الأدباء والفصحاء عن أمثالها.

ومما نقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب كيمياء السعادة والعلوم، وشرح بعض الصور والمسائل، بحيث لا يوافق مراسم الشرع، وظواهر ما عليه قواعد الإسلام، وكان الأولى به، والحق أحق ما يقال، ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له، فإن العوام ربما لا يحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا أشياء من ذلك تخيلوا منه ما هو المضر بعقائدهم، وينسبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل على أن المنصف اللبيب إذا رجع إلى نفسه، علم أن أكثر ما ذكره مما رمز إليه إشارات الشرع، وإن لم يبح به، ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطريقة مرموزة، ومصرحًا بها، متفرقة، وليس لفظ منه إلا وكما يشعر أحد وجوهه بكلام موهوم، فإنه يشعر سائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذًا حمله إلا على ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلق به في الرد عليه متعلق، إذا أمكنه أن يبين له وجهًا، وكان الأولى به أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.

وقد سمعت أنه سمع من سنن أبي داود، عن القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي، وسمع من أبي عبد الله محمد بن أحمد الخواري، مع ابنيه الشيخين: عبد الجبار، وعبد الحميد، كتاب المولد لابن أبي عاصم، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن الحارث، عن أبي الشيخ، عنه.

قلت: ما نقم عبد الغافر على أبي حامد من تلك الألفاظ التي في كيمياء السعادة فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتى قال فيه، أظنه تلميذه ابن

ص: 65

العربي: بلغ شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم فما استطاع، رأيت غير واحد من الأئمة يقولون، إنه رد على الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السلامة واليقين، ولكنه متأله حسن القصد.

وللإمام أبي عبد الله محمد بن علي المازري الصقلي كلام على الإحياء يدل على تبحره وتحقيقه، يقول فيه: وبعد فقد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بإحياء علوم الدين، وذكرتم أن آراء الناس فيه قد اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره، وطائفة منه حذرت وعنه نفرت، وطائفة لعنته أظهرت، وكتبه حرقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق بمثل ذلك، فوجب عندي إبانة الحق، ولم يتقدم لي قراءة هذا الكتاب سوى نبذ منه، فإن نفس الله في العمر، مددت في هذا الكتاب الأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس، واعلموا أن هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رأيت تلامذته وأصحابه، فكل منهم يحكي لي نوعًا من حاله وطريقته، أستلوح منها من مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء على ذكر حال الرجل، وحال كتابه، وذكر جمل من مذاهب الموحدين، والفلاسفة، والمتصوفة وأصحاب الإشارات، فإن كتابه متردد بين هذه الطرائق الثلاث، لا تعدوها، ثم أتبع ذلك بذكر حيل أهل مذهب على أهل مذهب آخر، ثم أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما دفن من خيال الباطل، ليحذر من الوقوع في حبال صائده.

ثم أثنى المازري على أبي حامد في الفقه، وقال: هو بالفقه أعرف منه بأصوله، وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين، فإنه صنف فيه أيضًا، وليس بالمستبحر فيها، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره فيها، وذلك أنه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فن الأصول، فكسبته قراءة الفلسفة جرأة على المعاني، وتسهلًا للهجوم على الحقائق، لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها، وليس لها حكم شرع يزعها، ولا تخاف من مخالفة أئمة تتبعها، وعرفني بعض أصحابه أنه كان له عكوف على رسائل إخوان الصفا، وهي إحدى وخمسون رسالة، ومصنفها فيلسوف قد خاض في علم الشرع والنقل، فمزج ما بين

ص: 66

العلمين، وذكر الفلسفة، وحسنها في قلوب أهل الشرع بآيات يتلوها عندها، وأحاديث يذكرها.

ثم كان في هذا الزمان المتأخر رجل من الفلاسفة يعرف بابن سينا، ملأ الدنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمام كبير، وقد أداه قوته في الفلسفة إلى أن حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطف جهده حتى تم له ما لم يتم لغيره، وقد رأيت جملًا من دواوينه، ووجدت هذا الغزالي يعول عليه في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة.

إلى أن قال: وأما مذاهب الصوفية، فلست أدري على من عول فيها، لكني رأيت فيما علق عنه بعض أصحابه، أنه ذكر كتب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي، وعندي أنه عليه عول في مذاهب الصوفية، وقد أعلمت أن أبا حيان ألف ديوانًا عظيمًا في هذا الفن، ولم ينقل إلينا شيء منه.

ثم ذكر المازري توهنة أكثر ما في الإحياء من الأحاديث، وقال: عادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، قال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم، وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليات هي خارجة عن مذاهب الأئمة، واستحسانات عليها طلاوة، لا تستأهل أن يفتى بها، وإذا تأملت الكتاب وجدت فيه من الأحاديث والفتوى ما قلته، فيستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، مثل قص الأظفار أن تبدأ بالسبابة، لأن لها الفضل على بقية الأصابع، لأنها المسبحة، ثم تقص ما يليها من الوسطى، لأنها ناحية اليمين، وتختم بإبهام اليمنى، وذكر في ذلك أثرًا.

وقال: من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا، ومن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قال، فحقيق أن لا يوثق بما نقل.

وقد رأيت له في الجزء الأول أنه ذكر أن في علومه هذه ما لا يسوغ أن تودع في كتاب، فليت شعري، أحق هو أو باطل؟ فإن كان باطلًا فصدق، وإن كان حقًا، وهو مراده بلا شك، فلم لا يودع في الكتب، ألغموضه ودقته؟ فإن كان هو فهمه، فما المانع من أن يفهمه غيره؟!.

ص: 67

قال الطرطوشي محمد بن الوليد في رسالة له إلى ابن مظفر: فأما ما ذكرت من أمر الغزالي، فرأيت الرجل وكلمته، فرأيته جليلًا من أهل العلم، قد نهضت به فضائله، واجتمع فيه العقل والفهم، وممارسة العلوم طول عمره، وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا له عن طريق العالم، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، فهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد أن ينسلخ من الدين، فلما عمل الإحياء عمد يتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه وشحن كتابه بالموضوعات.

وقال أبو عمرو بن الصلاح: فصل لبيان أشياء مهمة أنكرت على الغزالي في مصنفاته، ولم يرتضها أهل مذهبه وغيرهم من الشذوذ في تصرفاته، منها قوله في المنطق: هو مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط به، فلا ثقة له بمعلومه أصلًا، وهذا مردود، فكل صحيح الذهن منطقي بالطبع، وكيف غفل الشيخ أبو حامد حال مشايخه ومشايخهم من الأئمة، وما رفعوا بالمنطق رأسًا.

قال ابن الصلاح: وأما كتاب المضنون به على غير أهله، فمعاذ الله أن يكون له، شاهدت على نسخة به بخط القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله بن الشهرزوري أنه موضوع على الغزالي، وأنه مخترع من كتاب مقاصد الفلاسفة، وقد نقضه بكتاب التهافت.

وقال أبو بكر الطرطوشي: شحن الغزالي كتابه الإحياء بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أعلم كتابًا على بسيط الأرض أكثر كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قوم يرون النبوة اكتسابًا، فليس نبي في زعمهم أكثر من شخص فاضل، تخلق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفسافها، وساس نفسه، حتى ملك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثم ساس الخلق بتلك الأخلاق، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق.

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمته: ثم حج، ودخل

ص: 68

الشام، وأقام بها نحوًا من عشر سنين، وصنف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، وكان مقامه بدمشق في المنارة الغربية من الجامع.

وقد سمع صحيح البخاري من أبي سهل محمد بن عبيد الله الحفصي، وقدم دمشق في سنة تسع وثمانين.

قلت: وجالس بها الفقيه نصرا المقدسي.

وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان: إنه لزم إمام الحرمين، فلما توفي خرج إلى نظام الملك، فبالغ في إكرامه، وولاه نظامية بغداد، فسار إليها في سنة أربع وثمانين، وأقبل عليه أهل العراق، وارتفع شأنه، ثم ترك ذلك في سنة ثمان وثمانين، وتزهد، وحج، ورجع إلى دمشق، فأشغل بها مدة بالزاوية الغربية، ثم انتقل إلى بيت المقدس، وجد في العبادة، ثم قصد مصر، وأقام مدة بالإسكندرية، ويقال: إنه عزم على المضي إلى الأمير يوسف بن تاشفين سلطان مراكش، فبلغه نعيه، ثم إنه عاد إلى وطنه بطوس.

وصنف التصانيف: البسيط، والوسيط، والوجيز، والخلاصة في الفقه، وإحياء علوم الدين، وفي الأصول: المستصفى، والمنخول، واللباب، وبداية الهداية، وكيمياء السعادة، والمأخذ، والتحصين، والمعتقد، وإلجام العوام، والرد على الباطنية، والمقاصد في اعتقاد الأوائل، وجواهر القرآن، والغاية القصوى، وفضائح الإباحية، وغور الدور، وله: المنتخل في علم الجدل، وكتاب تهافت الفلاسفة، وكتاب محك النظر، ومعيار العلم، والمضنون به على غير أهله، وشرح الأسماء الحسنى، ومشكاة الأنوار، والمنقذ من الضلال، وحقيقة القولين، وغير ذلك من الكتب، وقد تصدر للإملاء.

ولد سنة خمسين وأربعمائة.

وقال عبد الغافر: توفي يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس، ودفن بمقبرة الطابران، وهي قصبة بلاد طوس.

ص: 69

وقولهم: الغزالي، والعطاري، والخبازي، نسبة إلى الصنائع بلغة العجم، وإنما ينبغي أن يقال: الغزال، والعطار، ونحوه.

وللغزالي أخ واعظ مدرس له القبول التام في التذكير، واسمه: أبو الفتوح أحمد، درس بالنظامية ببغداد، نيابة عن أخيه لما ترك التدريس، قليلًا، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة.

وقال ابن النجار في تاريخه: الغزالي إمام الفقهاء على الإطلاق، ورباني الأمة بالاتفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه، برع في المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدى للرد عليهم، وكان شديد الذكاء، قوي الإدراك ذا فطنة ثاقبة، وغوص على المعاني، حتى قيل: إنه ألف كتابه المنخول، فلما رآه أبو المعالي قال: دفنتني وأنا حي، فهلا صبرت حتى أموت، لأن كتابك غطى على كتابي.

ثم روى ابن النجار بسنده، أن والد الغزالي كان رجلًا من أرباب المهن يغزل الصوف، ويبيعه في دكانه بطوس، فلما احتضر أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديق له صوفي صالح، فعلمهما الخط، وفني ما خلف لهما أبوهما، وتعذر عليهما القوت، فقال: أرى لكما أن تلجآ إلى المدرسة كأنكما طالبان للفقه، عسى يحصل لكما مقدار قوتكما، ففعلا ذلك.

وقال أبو العباس أحمد الخطيبي: كنت يومًا في حلقة الغزالي، رحمه الله، فقال: مات أبي، وخلف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني، بحيث تعذر القوت علينا، وصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه، ليس المراد سوى تحصيل القوت، وكان تعلمنا لذلك لا لله، فأبى أن يكون إلا لله.

وقال أسعد الميهني: سمعت الغزالي يقول: هاجرت إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، فأقمت إلى أن أخذت عنه التعليقة.

قال ابن النجار: قرأت على أبي القاسم الأسدي العابد بالثغر، عن أبي محمد عبد الله بن علي الأشيري، قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن علي

ص: 70

القيسي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت السوسي يقول: أبو حامد الغزالي قرع الباب وفتح لنا.

قال ابن النجار: بلغني أن أبا المعالي الجويني كان يصف تلامذته يقول: الغزالي بحر مغرق، وإلكيا أسد مخرق، والخوافي نار تحرق.

وقال أبو محمد العثماني، وغيره: سمعنا محمد بن يحيى بن عبد المنعم العبدري المؤدب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبره لي عابر ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب الغزالي بالمرية.

وقال أبو عامر العبدري الحافظ: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي يحلف بالله أنه أبصر في نومه كأنه ينظر في كتب الغزالي، فإذا هي كلها تصاوير.

قلت: للغزالي غلط كثير، وتناقض في تواليفه العقلية، ودخول في الفلسفة، وشكوك، ومن تأمل كتبه العقلية رأى العجائب، وكان مزجى البضاعة من الآثار، على سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته، وقد روى عنه أبو بكر ابن العربي الإمام صحيح البخاري، بروايته عن الحفصي، فيما حكى ابن الحداد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فالله أعلم.

121 -

‌ مقاتل بن عطية بن مقاتل

، أبو الهيجاء البكري، الحجازي، الأمير شبل الدولة، من أولاد أمراء العرب.

ص: 71

دخل خراسان، وغزنة لوحشة وقعت بينه وبين إخوته، واختص بالوزير نظام الملك وصاهره، ثم عاد إلى بغداد لما قتل النظام، وله شعر جيد، ثم قصد كرمان ليمتدح وزيرها ناصر الدين مكرم ابن العلاء، فوفد عليه، فوصله بألفي دينار لما أنشده قصيدته:

دع العيس تذرع عرض الفلا إلى ابن العلاء وإلا فلا ثم إنه دخل هراة، وأحب بها امرأة، وقال فيها الأشعار، ثم مرض، وغلبت عليه السوداء، وتوفي في حدود هذه السنة، في ربيع الأول بمرو بالبيمارستان ونظمه فائق وله ديوان وقد تسودن وفسد دماغه.

ذكره ابن الفوطي في ست.

122 -

‌ هبة الله بن علي بن الفضل

، أبو سعد الشيرازي، الأديب.

سمع: أبا طالب محمد بن محمد بن غيلان، روى عنه: محمد بن أحمد بن علي زفرة المفيد الأصبهاني، وغيره، وتوفي في صفر عن: أربع وسبعين سنة.

123 -

‌ يوسف بن عبد العزيز بن عديس

، أبو الحجاج الأنصاري، الأندلسي.

مكثر عن: أبي عمر بن عبد البر، وسمع بطليطلة من جماهر بن عبد الرحمن، وسكنها وتفقه بها.

وكان حافظًا، ذكيًا، متقنًا، مصنفًا، روى عنه: أبو عامر بن حبيب الشاطبي.

توفي في نصف شوال.

ص: 72

سنة ست وخمسمائة

124 -

‌ أحمد بن الفرج بن عمر

، أبو نصر الدينوري، الإبري، والد شهدة.

شيخ، زاهد، ثقة، خير، سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وأبا الغنائم ابن المأمون، وجماعة، روى عنه: بنته، وتوفي في جمادى الأولى من السنة.

125 -

‌ أحمد بن أبي عاصم

، الصيدلاني، الهروي، أحد المعمرين.

سمع: أبا يعقوب القراب الحافظ.

قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي مروياته في سنة ست هذه.

126 -

‌ أحمد بن محمد بن عمر بن إبراهيم

، أبو منصور الكرماني، ثم الأصبهاني، الواعظ، الزاهد، ويعرف بابن إدريس.

روى عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم، روى عنه: أبو موسى الحافظ، وقال: توفي في تاسع صفر، ودفن عند قبر حممة الدوسي.

127 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن القارئ

، أبو غالب الهمذاني، الخفاف، العدل.

كان شيخًا مسنًا، معمرًا، من أهل الشهادات، وجد سماعه في كتب المحدثين، روى عن: أبي سعيد بن شبانة، ومنصور بن عبد الرحمن الحنبلي، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي، روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه. وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه، وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن عبد الكريم.

وقد حدث في سنة ست هذه، ولم يذكر له شيرويه وفاة.

128 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن الحسين

، الأستاذ أبو الحسين الكرماني، الزاهد، شيخ الصوفية.

ذكره عبد الغافر الفارسي فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره مجاهدة ومعاملة وخلقًا ومشاهدة، ورد نيسابور، وأقام عند أبي القاسم

ص: 73

القشيري، وسلك طريق الإرادة ونفذ فيها، وكان أبو القاسم يعتني به، وحصل من العلوم ما يحتاج إليه من الأصول والفروع، وجمع كتب أبي القاسم وسمعها، ثم غلب عليه قوة الحال، فصار مستغرقًا في الإرادة، وكان ظريف اللقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصوت، ولم يزل في صحبة الشيخ أبي القاسم إلى أن توفي، فعاد إلى كرمان، وقد طاب وقته مرة، فخرج من الكتب التي حصلها، ووضعها في الوسط، فأشار عليه أبو القاسم بحفظ ذلك، وقال: احفظها وديعة عندك، ولم يأذن له في بيعها ولا هبتها، فكان يستصحبها، يصونها ولا يطالعها، ويقول: إنها وديعة للإمام عندي، ويشتغل بما كان له من الأحوال العالية الصافية، ثم بعد ما صار إلى كرمان، بقي شيخ وقته، ووقع له القبول عند الملوك، والوزراء، والأكابر، واستكانوا له، وتبركوا به، وما كان يرغب فيهم ولا يأخذ أموالهم، بل كان يجتنبهم، ويختار العزلة والانزواء ببعض القرى، جاء نعيه إلى نيسابور في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ثم ظهر خلاف ذلك، وعاش إلى سنة ست وخمسمائة، فجاء نعيه في منتصف ربيع الأول، سمع الكثير، وما روى إلا القليل.

قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة.

129 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن عبدوس

، أبو حامد ابن الحذاء النيسابوري.

ذكره عبد الغافر فقال: شيخ مستور من أقارب الحاكم الحسكاني، سمع من: صاعد بن محمد، وسمع مسند العشرة من أبي سعد النصرويي، وسمع فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل من النصرويي، بسماعه من أبي بكر القطيعي سنة سبع وستين، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي، وقرئ عليه بدلالة الوالد عليه، واسم أبي سعد عبد الرحمن بن حمدان، ولد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتوفي في شوال.

روى عنه: عمر بن أحمد الصفار، وجماعة من مشيخة عبد الرحيم السمعاني.

ص: 74

130 -

أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن الدباس، أبو سعد، ويعرف بابن السقلاطوني وبابن الحريري.

حدث عن: أبي محمد الجوهري، وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي.

توفي في شعبان.

131 -

‌ أحمد بن أبي نصر

، البغدادي، الغضاري.

سمع: الحسن بن محمد الخلال، روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير.

توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.

132 -

‌ إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن علي

، أبو محمد الخداباذي، البخاري.

حج سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكة أبا محمد بن بتنة، روى عنه ابنه حمزة ببخارى.

توفي بالمدينة، ودفن بالبقيع يوم عاشوراء.

133 -

‌ إدريس بن هارون بن الحسين

، أبو محمد البغدادي، الصائغ، المقرئ.

شيخ صالح، روى قليلًا عن أبي الحسين ابن النقور، وتوفي في رمضان، روى عنه: السلفي، وأبو عامر العبدري، وما زال يسمع إلى أن مات.

134 -

‌ إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو الرجاء ابن الشيخ أبي الفتح الحداد الأصبهاني.

روى عن: أبي بكر بن ريذة، وعبد العزيز بن أحمد بن فاذويه، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، روى عنه: المبارك بن المبارك السراج، والمبارك بن أحمد الأنصاري، وأبو طاهر السلفي.

سكن بغداد، ثم سكن مصر، وبها توفي.

ص: 75

135 -

‌ إسماعيل بن الحسن بن علي بن حمدون

، أبو القاسم السنجبستي الفرائضي، القاضي، مسند وقته.

ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وسمع: أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، والصيرفي، وأبا علي الحسن البلخي.

وسمع منه الآباء والأبناء، وعمر دهرًا طويلًا، وكان ذا مروءة وحشمة، روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، ومحمد بن الحسين الواعظ بواسط، وأبو الفتوح الطائي، وجماعة كثيرة، توفي في شهر صفر بسنجبست.

وثقه عبد الغافر.

وسنجبست: على مرحلة من نيسابور، وكان يدخل البلد ويحدث.

136 -

‌ جعفر الحنبلي، المعروف بالدرزيجاني

، الفقيه، صاحب القاضي أبى يعلى ابن الفراء.

ذكره أبو الحسين ابن الفراء في طبقات أصحاب أحمد، وقد لقن خلقًا القرآن.

وكان قوالا بالحق، مهيبًا، ذا سطوة وجلالة، وهو جعفر بن الحسن.

وبالغ في تعظيمه ابن النجار، وأنه كان يختم كل يوم القرآن في ركعة واحدة، وأنه تفقه على أبي يعلى.

137 -

‌ حبيبة بنت عبد العزيز بن موسى بن سباع

، الأندلسية، زوجة أبي القاسم بن مدير.

سمعت: أبا عمر بن عبد البر، وأبا العباس العذري، وكان لها خط مليح ومعرفة، وفيها دين، وولدت سنة سبع وثلاثين.

138 -

‌ الحسن ابن الحاكم أحمد بن عبد الرحيم

، الإسماعيلي أبو سعيد.

ص: 76

سمع من: أبي الحسين عبد الغافر، وجماعة، وتوفي في ذي الحجة.

139 -

‌ الحسين بن محمد بن محمود بن سورة

، أبو سعيد النيسابوري، سبط شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني.

ذكره عبد الغافر فقال: فاضل، عالم، عهدناه أفضل أهل بيته، سمع من جده ومشايخ عصره، فسمع من الواحدي تفسيره، وعقد مجلس الإملاء، توفي في شوال في آخر الكهولة.

140 -

‌ حمد بن إسماعيل بن حمد بن محمد

، أبو الحسن الهمذاني، المعروف بالشيخ الزكي.

كان صدوقًا حجاجًا، سمع: ابن غيلان، والخلال، والطناجيري، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وابن المذهب، روى عنه: عبد الخالق بن يوسف، والسلفي، وتوفي في نصف ربيع الأول بالمدينة، ودفن بالبقيع، روى عنه السلفي في البلد الأول من أربعيه.

141 -

‌ حمد بن محمد بن أبي بكر

، أبو شكر الإسكاف.

142 -

‌ حمد بن طاهر بن أحمد

، أبو الفضل الأنماطي، المؤذن.

أصبهاني، يروي عن الباطرقاني، روى عنه: أبو موسى المديني.

143 -

‌ حيدرة بن أحمد بن حسين

، أبو تراب الأنصاري، الدمشقي المقرئ، المعروف بالخروف.

سمع: أبا الحسين بن مكي، وأبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب.

قال ابن عساكر: سمعت منه جزءًا من تاريخ بغداد، وكان مكثرًا، وتوفي في ربيع الأول.

قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتًا.

144 -

‌ خلف بن محمد

، الشيخ أبو القاسم ابن العربي.

كان من سكان المرية من الأندلس.

ص: 77

قال ابن الدباغ: رأيته سنة ست وخمسمائة.

سمع من: أبي العباس العذري، ولقي أبا عمرو عثمان بن سعيد الداني، وكان عنده أدب.

145 -

‌ صاعد بن منصور بن إسماعيل بن صاعد

، أبو العلاء النيسابوري، الخطيب، القاضي، المدرس، قاضي القضاة.

كان إمام الحرمين يثني عليه، وكان محبوبًا، مقبولًا، رضي الأخلاق، خلف أباه في الخطابة، والتدريس، والوعظ، ثم ولي قضاء خوارزم، وحج، وأقام ببغداد مدة، ثم عاد إلى نيسابور، وعقد مجلس الإملاء.

سمع جده: أبا الحسن، وعمه أبا علي، وأباه القاضي أبا القاسم، وعمر بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وعبد الغافر الفارسي، والحسن بن محمد الدربندي، وجماعة، روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائدي، وأبو شجاع عمر البسطامي، وغيرهما.

وتوفي في رمضان.

146 -

‌ طونة بنت عبد العزيز بن موسى بن طاهر

، العالمة، زوجة أبي القاسم بن مدير.

أخذت عن أبي عمر بن عبد البر، وكتبت تصانيفه، وكانت حسنة الخط، عاشت سبعين سنة.

147 -

‌ العباس بن أحمد بن محمد

، أبو الفضل الحسنويي، النيسابوري، الشقاني، الفقيه، المحدث.

أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيرًا، قانعًا، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وأحمد بن محمد بن الحارث التميمي الأصبهاني، وأبا حسان محمد بن أحمد بن جعفر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وجماعة كثيرة، وقل أن يوجد بنيسابور جزء إلا قد سمعه، روى عنه:

ص: 78

محمد بن محمد السنجي، وعمر بن محمد البسطامي، وعبد الرحيم بن الإخوة، وآخرون كثيرون.

وتوفي في ذي الحجة، وكان من المسندين بنيسابور، وكان أبوه أبو العباس من الأئمة، وابنه أبو بكر محمد: يروي عن القشيري، سوف يأتي، والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضًا.

148 -

‌ عبد الله بن الحسن بن هلال بن الحسن

، أبو القاسم الأزدي، الدمشقي.

سمع: أبا علي الأهوازي، وأبا عبد الله بن سعدان، ورشأ بن نظيف، وسختام، وجماعة سواهم، وكان يسكن بقرية سقبا، ولم يكن الحديث من شأنه، روى عنه: الصائن هبة الله، وجماعة.

توفي بسقبا، في ذي القعدة، وبها دفن.

149 -

‌ عبد الجبار بن عبيد الله بن أبي سعد محمد بن فورويه

، أبو بكر الأصبهاني، الدلال، الصفار.

ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وسمع من: أبي نعيم، روى عنه: أبو موسى المديني، وغيره، ومات في ربيع الآخر.

150 -

‌ عبد الملك بن عبد الله بن أحمد بن رضوان

، أبو الحسين المراتبي، من أهل باب المراتب.

كان صالحًا، خيرًا، رئيسًا، كثير الصدقة، وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر بالله، روى عن: أبي محمد الجوهري، وعنه: أبو المعمر الأنصاري.

وتوفي في شوال.

ص: 79

151 -

علي بن عبد الملك بن محمد بن شاذان، أبو الحسن الطوسي، الجوهري، الصوفي، الزاهد.

سمع الكثير بنفسه من: أبي حفص بن مسرور، وأبي الحسين عبد الغافر، وأبي سعد الكنجروذي، ورحل فسمع من: أبي يعلى ابن الفراء، وابن المهتدي بالله، روى عنه: علي بن الحسن المقرئ، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: توفي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مقرئًا، صالحًا، زاهدا.

قلت: إنما كتبته هنا على سبيل التقريب، لا أنه توفي في هذا العام.

152 -

‌ علي بن ناصر بن محمد بن الحسن

، أبو الفضل العلوي المحمدي، من ولد محمد ابن الحنفية.

وكان نقيب مشهد باب التبن، وكان يسكن الكرخ، وله معرفة بالأنساب.

سمع: أبا محمد الجوهري، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طالب بن خضير، وغيرهما، وحدث في هذه السنة، ولم تؤرخ وفاته.

153 -

‌ الفضل بن أحمد بن محمد بن متويه

، أبو عمرو الكاكويي، كان يقال لأبيه كاكو.

سمع من: عبد الغافر الفارسي، وأبي عثمان الصابوني، وابن مسرور بإفادة والده.

قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، وتوفي ليلة عيد الفطر، وكان مولده في سنة تسع وثلاثين.

ومن الرواة عنه ولده، وبقي إلى سنة أربع وخمسين، وروى أبوه أحمد كاكو عن: أبي عبد الله بن نظيف.

154 -

‌ الفضل بن محمد بن عبيد بن محمد بن محمد بن مهدي

، أبو محمد القشيري، النيسابوري.

شيخ، ثقة، مشهور، من بيت العدالة والصلاح، كان مبالغًا في الاحتياط

ص: 80

في الشهادات، ومن أعيان العدول، وكان صوفيًا، مليحًا، خيرًا.

سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وعبد القاهر أبا منصور البغدادي، وأبا حسان المزكي، وأبا الحسين الفارسي، وحدث ببغداد لما حج، روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد السلام الكاتب، وغيره.

ولد سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في رمضان، وهو أخو عبيد القشيري، سيأتي.

155 -

‌ فضل الله بن محمد بن أحمد بن أبي جعفر

، أبو محمد بن أبي الفضل الطبسي، من أولاد المحدثين.

سافر الكثير، وسمع، ونسخ، سمع ببلده: أباه، وأبا عثمان العيار، وأبا بكر البيهقي، وعبيد الله بن محمد بن منده، وبنيسابور، وسمع ببغداد من: أبي الفضل بن خيرون وجماعة، وبالبصرة من: أبي علي التستري، وبأصبهان من: إبراهيم بن محمد القفال، روى عنه: عبد العزيز بن محمد بن سيما، وجماعة.

وأجاز للجنيد القايني في هذه السنة، ولم تضبط وفاته.

156 -

‌ المبارك بن محمد بن أحمد ابن السدنك

، أبو طالب البيع المشتري.

سمع أبا إسحاق البرمكي، روى عنه عمر المغازلي، وتوفي في شهر الله المحرم.

157 -

‌ محمد بن علي

، أبو سعد سرفرتج.

سمع أبا نعيم، قيل: توفي في سابع محرم، والأصح وفاته في سلخ تلك السنة كما مر.

158 -

‌ محمد بن أبي القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله

، أبو بكر الأصبهاني الأعسر، القرابي القصار.

ص: 81

عبد صالح، يقال: إنه كان من الأبدال، روى عن: ابن ريذة، روى عنه: أبو موسى في معجمه.

وتوفي في ذي الحجة.

159 -

‌ محمد بن محمد بن أيوب بن محسن

، أبو محمد القطواني، السمرقندي، وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند.

كان إمامًا في الوعظ، له القبول التام من الخاص والعام، سمع من جماعة، وحدث، روى عنه جماعة من أهل سمرقند.

وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رماه فرسه فاندقت عنقه، وتوفي من الغد في سادس رجب.

160 -

‌ محمد بن محمد بن الحسن بن عيشون

، موفق الملك، أبو الفضل المنجم.

كان رأسًا في صنعة التنجيم بالعراق، وله شعر رشيق، روى عنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، فمن شعره:

أنت يا مغرور ميت فتأهب للفراق وذر الحرص على الرز ق، فما أنت بباق فالأماني والمنايا تتجارى في سباق لك بالأخرى اشتغال فتهيأ للتلاق

161 -

‌ محمد بن موسى بن عبد الله

، القاضي أبو عبد الله التركي، البلاشاغوني، الحنفي.

سمع ببغداد من شيخه القاضي أبي عبد الله الدامغاني، ومن: أبي الفضل بن خيرون، ونزل بدمشق، روى عنه: أبو البركات الخضر بن عبد الحارثي، وولي قضاء القدس مدة، فشكوه وعزل، ثم ولي قضاء دمشق، وكان قد عزم على نصب إمام حنفي بجامع دمشق، من محبته في مذهبه، وعين إمامًا، فامتنع

ص: 82

أهل دمشق من الصلاة خلفه، وصلوا بأجمعهم في دار الخيل، وهي القيسارية التي قبل المدرسة الأمينية.

وهو الذي رتب الإقامة في الجامع مثنى مثنى، فبقي إلى أن أزيل في أيام صلاح الدين في سنة سبعين.

قال ابن عساكر: سمعت أبا الحسن بن قبيس الفقيه يذمه، ويذكر أنه كان يقول: لو كان لي أمر لأخذت من الشافعية الجزية، وكان مبغضًا للمالكية أيضًا، توفي في جمادى الآخرة.

162 -

‌ محمود بن يوسف بن حسين

، أبو القاسم التفليسي، الشافعي.

قدم بغداد، وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من: أبي يعلى ابن الفراء، وعبد الصمد ابن المأمون، وجماعة، ورجع إلى بلده، روى عنه: الطيب بن محمد الغضائري.

وتوفي في هذه السنة أو بعدها.

163 -

‌ مصعب بن محمد بن أبي الفرات

، أبو العرب القرشي العبدري، الصقلي، الشاعر المشهور.

دخل الأندلس عند تغلب الروم على صقلية، وحظي عند المعتمد بن عباد، وديوانه بأيدي الناس.

روى عن: أبي عمر بن عبد البر، أخذ عنه: أبو علي بن عريب أدب الكاتب لابن قتيبة، ثم إنه صار في آخر أمره إلى صاحب ميورقة ناصر الدولة، فتوفي هناك.

وله:

كأن أديم الأرض كفاك إن يسر به راكب تقبض عليه الأناملا فأين يفر المرء عنك بجرمه إذا كان في كفيك يطوي المراحلا

164 -

‌ المعمر بن علي بن المعمر بن أبي عمامة

، أبو سعد الحنبلي، الواعظ.

بغدادي كبير، درس، وأفتى، وناظر، وحفظ الكثير من النوادر والغرر،

ص: 83

وانفراد بالكلام على لسان الوعظ، وانتفع الخلق بمجالسه، وكان يبكي الحاضرين ويضحكهم، وله قبول عظيم، وله من سرعة الجواب، وحدة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عليه الإجماع، وكان يؤم المقتدي بالله في التراويح وينادمه.

وسمع من: أبي طالب بن غيلان، والخلال، والأزجي، والحسن بن المقتدر، وجماعة، روى عنه: ابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري.

ولد في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول، قاله ابن النجار.

165 -

‌ ناجية بنت أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن بن جردة

، وتعرف بست السعود، الحاجبة.

روت عن: أبي محمد الجوهري، روى عنها: أبو المعمر الأنصاري، وتوفيت في شوال، ودفنت بالحربية.

ص: 84

سنة سبع وخمسمائة 166 -‌

‌ أحمد بن أحمد بن هبة الله، أبو الفتح العراقي

.

روى عن: الأمير حسن بن المقتدر، والحسن بن محمد الخلال، وأبي القاسم التنوخي، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وتوفي في شوال وله تسع وثمانون سنة، وقد سمع ديوان المطرز منه، وعنه أيضًا: المبارك بن خضير، وغيره.

167 -

‌ أحمد بن عثمان بن علي بن قرايا

، أبو الحسن البغدادي البزاز.

سمع: الحسين بن جعفر السلماسي، صاحب أبي حفص بن شاهين، روى عنه: المبارك بن كامل، والسلفي.

168 -

‌ أحمد بن علي بن بدران بن علي

، أبو بكر الحلواني، البغدادي، المعروف بخالوه.

شيخ صالح، دين، سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عن شيوخه، سمع: أبا بكر محمد بن علي بن شبانة الدينوري، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحسن الماوردي، والجوهري.

روى عنه: أبو القاسم السمرقندي، والسلفي، وأبو طالب بن خضير، وخطيب الموصل أبو الفضل، وخلق آخرهم ابن كليب.

ذكره ابن ناصر، فقال: شيخ صالح، ضعيف، لا يحتج بحديثه، ولم يكن له معرفة بالحديث.

ولد في حدود سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست، وأوصى أن يدفن بجنب إبراهيم الحربي.

وقال السلفي: كان ثقة، زاهدًا.

وقال ابن النجار: قرأ بالروايات على أبي علي الحسن بن غالب، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وسمع الكثير وخرج تخريجات، وانتقى عليه الحميدي، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري.

ص: 85

169 -

أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عمروس، الفقيه، أبو العباس المالكي، من أهل محلة النصرية ببغداد.

كان صالحًا، خيرًا، عارفًا بمذهب مالك، ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز له أبو علي بن شاذان، وأحمد بن البادا.

قال شجاع الذهلي: قرأت عليه بهذه الإجازة من نحو ثلاثين سنة.

وقال غيره: كان أبوه إمامًا مبرزًا في مذهب مالك، وتوفي في ثالث عشر رمضان، حدث عنه: المبارك بن خضير، ونصر الله ابن القزاز.

170 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد السلام بن قيداس

، أبو نصر.

سمع: أبا بكر محمد بن علي الدينوري المقرئ، وأبا بكر بن بشران.

روى عنه: أبو محمد ابن الخشاب، وتوفي في هذه السنة أو بعدها.

171 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الله أبو منصور الصيرفي

، المراتبي.

روى عن أبي الحسن القزويني يسيرًا، روى عنه: ابنه المبارك، وعبد الوهاب الصابوني.

172 -

‌ أحمد بن أبي نصر القصاري البغدادي

.

سمع أبا محمد الخلال، مات في ذي الحجة.

173 -

‌ إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي

، الصالحاني، الأصبهاني.

توفي في جمادى الآخرة، وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ، روى عن ابن ريذة.

174 -

‌ إسماعيل بن الحسين بن حمزة

، أبو الحسين العلوي، الهروي، العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب.

ولد سنة تسع وأربعمائة، وسمع: سعيد بن العباس القرشي، مات في سابع المحرم، وله مائة إلا سنتين.

175 -

‌ إسماعيل ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى

، شيخ القضاة، أبو علي البيهقي، الخسروجردي.

حدث عن أبيه، وعن: أبي حفص بن مسرور، وأبي عثمان الصابوني، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، روى عنه: أبو القاسم ابن السمرقندي،

ص: 86

وإسماعيل بن أبي سعد الصوفي، وأجاز لأبي سعد السمعاني.

وتوفي في جمادى الآخرة ببيهق، وكان قد سافر عنها نحو ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيام، وسكن خوارزم مدة، ثم بلخ وكان إمامًا، مدرسًا، فاضلًا، عالمًا، ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

176 -

‌ الحسين بن عقيل بن سنان

، الخفاجي، الحلبي، المعدل، الأصولي، الشيعي.

له كتاب المنجي من الضلال في الحرام والحلال فقه، بلغ عشرين مجلدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدل على تبحره.

177 -

‌ خيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون الدباس

، أخو محمد.

سمع الكثير من: أبي علي بن المذهب، وأبي إسحاق البرمكي، والجوهري.

روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره، وتوفي في المحرم.

178 -

‌ رابعة بنت محمود بن عبد الواحد

، أم الغيث الأصبهانية.

سمعت: سعيد بن أبي سعيد العيار، وأبا بكر الباطرقاني، وحدثت ببغداد لما حجت. روى عنها: عمر بن ظفر.

179 -

‌ رضوان ابن سلطان دمشق تتش بن ألب رسلان السلجوقي

.

ولي سلطنة حلب بعد أبيه إلى أن مات بها في هذه السنة، وولي بعده ابنه ألب رسلان الأخرس، وله ست عشرة وكان رضوان لما مات أبوه بالري في القتال، أقيمت السكة والخطبة بدمشق أيامًا لرضوان، ثم استقر على إمرة حلب ونواحيها، ومنه أخذت الفرنج أنطاكية سنة اثنتين وتسعين.

وقد ذكرنا من سيرته المذمومة في الحوادث.

180 -

‌ سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله

، الإمام أبو الحسين ابن العلامة اللغوي أبي مروان.

ص: 87

وقد مر أبوه بعد الثمانين وأربعمائة.

سمع: أباه، وأبا عبد الله بن غياث، وخلف أباه بالأندلس في معرفة الأدب، وكان من أذكياء العالم، توفي بقرطبة، قاله ابن الدباغ.

181 -

‌ شجاع بن فارس بن الحسين بن فارس بن الحسين

بن غريب بن بشير بن عبد الله بن منخل بن ثور بن مسلمة بن سعنة بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، الحافظ أبو غالب الذهلي، السهروردي، ثم البغدادي، الحريمي.

قال ابن السمعاني: نسخ بخطه من التفسير، والحديث، والفقه، ما لم ينسخه أحد من الوراقين، قال لي عبد الوهاب الأنماطي: دخلت عليه يومًا، فقال لي: توبني، قلت: من أي شيء؟ قال: كتبت شعر ابن الحجاج بخطي سبع مرات، سمع: أبا طالب بن غيلان، وعبد العزيز بن علي الأزجي، والأمير أبا محمد ابن المقتدر، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع من جماعة من طبقته، روى عنه: إسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وعمر بن ظفر، وسلمان بن جروان، وطائفة من الطلبة، وملكت بخطه عدة أجزاء.

قال عبد الوهاب: قل ما يوجد بلد من بلاد الإسلام إلا وفيه شيء بخط شجاع الذهلي، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد السيرة، أفنى عمره في الطلب، وكان قد عمل مسودة تاريخ بغداد ذيلًا على تاريخ الخطيب، فغسله في مرض موته.

توفي في ثالث جمادى الأولى، وولد في سنة ثلاثين.

182 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن جحشويه

، أبو محمد الطوابيقي، الآجري، الحربي، القصار.

شيخ صالح، سمع: أبا الحسن القزويني، والجوهري، روى عنه: المبارك

ص: 88

ابن خضير، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وغيرهما.

وتوفي في صفر.

183 -

‌ عبد الله بن مرزوق بن عبد الله

، الهروي، أبو الخير الحافظ، مولى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري.

كان أصم، غير أنه تعلم ورزق فهم الحديث، وكان حسن السيرة، جميل الأمر، متقنًا، متثبتًا، سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وغيره بهراة، وأبا عمرو بن منده، وغيره بأصبهان، وأبا القاسم ابن البسري، وطبقته ببغداد، وأبا الفضل محمد بن أحمد الحافظ بطبس، وجال في الآفاق، ثم سكن أصبهان، روى عنه: حنبل البخاري، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الأصبهاني، وآخرون.

توفي في جمادى الآخرة.

وأكبر شيخ له أبو عمر المليحي.

184 -

‌ عبد القادر بن محمد

، أبو محمد الصدفي، القروي، المعروف بابن الحناط، نزيل المرية.

روى عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الصقلي، وعبد الرحمن بن محمد الخرقي، وأبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطبني، سمع منه بالقيروان، ومحمد بن الفرج، سمع منه بمصر، وعبد الله بن محمد القرشي، والفقيه عبد الحق الصقلي، وغيرهم.

وكان صالحًا، زاهدًا، معتنيًا بالعلم والرواية، روى عنه جماعة، وتوفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.

185 -

‌ عبد الوهاب بن أحمد بن عبيد الله ابن الصحنائي

، أبو غالب البغدادي، المستعمل.

سمع: أبا محمد الخلال، وعلي بن محمد بن قشيش، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم الأزجي، روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الأنصاري، وعبد الحق اليوسفي، وآخرون.

توفي في ذي الحجة.

ص: 89

وكان مولده في سنة عشرين وأربعمائة.

186 -

‌ علي بن الحسين المردستي

، أبو الفوارس الحاجب.

سمع: أبا محمد الجوهري، وكان شيعيًا من بيت حشمة.

187 -

‌ علي بن علي بن عبد السميع بن الحسن الهاشمي العباسي

، أبو الحارث.

سمع: أبا طالب بن غيلان، وحدث، سمع منه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي.

188 -

‌ علي بن محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل

، الواعظ، أبو منصور الأنباري.

كان يسكن دار الخلافة، سمع الكثير، وانتشرت عنه الرواية، سمع: ابن غيلان، وأبا بكر بن بشران، وأبا إسحاق البرمكي، وجماعة، وقرأ بالروايات على أبي علي الشرمقاني، وتفقه على القاضي أبي يعلى، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق اليوسفي، وأبو المعمر الأزجي، وجماعة.

توفي في ذي الحجة، وولد سنة خمس وعشرين، وهو من علماء الحنابلة.

189 -

‌ عمر بن أحمد بن رزق

، أبو بكر بن الفصيح التجيبي، الأندلسي، من أهل المرية.

روى عن: أبي عمرو الداني المقرئ، وغيره.

قال ابن بشكوال: كان ثقة فيما رواه، أخذ الناس عنه، أخبرني بأمره يحيى بن محمد صاحبنا.

190 -

‌ مالك بن عبد الله

، أبو الوليد العتبي، السهلي، القرطبي، اللغوي.

من أئمة الأدب، سمع من: محمد بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي

ص: 90

مروان بن حيان المؤرخ، وسراج القاضي، قيد الناس عنه كثيرًا، ومات بقرطبة.

191 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر

، الإمام أبو بكر الشاشي، الفقيه، الشافعي، مؤلف المستظهري.

ولد بميافارقين سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتفقه على الإمام أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني، وتفقه على قاضي ميافارقين أبي منصور الطوسي تلميذ الأستاذ أبي محمد الجويني، ثم رحل أبو بكر إلى العراق، ولازم الشيخ أبا إسحاق، وكان معيد درسه، وكان يتردد إلى أبي نصر ابن الصباغ، فقرأ عليه الشامل.

وسمع الحديث من الكازروني شيخه، ومن ثابت بن أبي القاسم الخياط، وبمكة من أبي محمد هياج الحطيني، وسمع ببغداد من: أبي بكر الخطيب، وجماعة، روى عنه: أبو المعمر الأزجي، وأبو الحسن علي بن أحمد اليزدي، وأبو بكر ابن النقور، وشهدة، والسلفي، وغيرهم، وتفقه به جماعة.

قال القاضي ابن خلكان: أبو بكر الشاشي، الفارقي، المعروف بالمستظهري، الملقب فخر الإسلام، كان فقيه وقته، ودخل نيسابور صحبة الشيخ أبي إسحاق، وتكلم في مسألة بين يدي إمام الحرمين، وتعين في الفقه ببغداد بعد أستاذه أبي إسحاق، وانتهت إليه رياسة الطائفة الشافعية، وصنف تصانيف حسنة، من ذلك كتاب حلية العلماء في المذهب ذكر فيه مذهب الشافعي، ثم ضم إلى كل مسألة اختلاف الأئمة فيها، وسماه المستظهري، لأنه صنفه للإمام المستظهر بالله، وصنف أيضًا في الخلاف، وولي تدريس النظامية ببغداد بعد شيخه، وبعد ابن الصباغ، والغزالي، ثم وليها بعد موت إلكيا الهراسي سنة أربع وخمسمائة في المحرم، ودرس بمدرسة تاج الملك وزير ملكشاه، وتوفي في خامس وعشرين شوال، ودفن مع شيخه أبي إسحاق في قبر واحد، وقيل: دفن إلى جانبه.

وكان أشعريًا، أصوليًا صنف عقيدة.

ص: 91

192 -

محمد بن إبراهيم بن سعيد بن نعم الخلف، أبو عبد الله الرعيني، الأندلسي.

سمع بسرقسطة من أبي الوليد الباجي، ورحل وحج، وقرأ القراءات على أبي معشر الطبري، وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وتوفي بأوريولة، وكان ثقة، خيارًا.

193 -

‌ محمد بن الحسين بن وهبان

، أبو المكارم الشيباني.

عن: القاضي الطبري، والجوهري، وأنه سمع لنفسه من ابن غيلان، فأرخ ذلك سنة خمسين فافتضح.

194 -

‌ محمد بن طاهر بن علي بن أحمد

، الحافظ أبو الفضل المقدسي، ويعرف في وقته بابن القيسراني، الشيباني.

له الرحلة الواسعة، سمع ببلده من: نصر المقدسي، وابن ورقاء، وجماعة، ودخل بغداد سنة سبع وستين، فسمع من: الصريفيني، وابن النقور، وطبقتهما، وحج، وجاور فسمع من: أبي علي الشافعي، وسعد الزنجاني، وهياج الحطيني، وصحب الزنجاني، وتخرج به في التصوف، والحديث، والسنة، ورحل بإشارته إلى مصر، فسمع بها من أبي إسحاق الحبال، وبالإسكندرية من الحسين بن عبد الرحمن الصفراوي، وبتنيس من علي بن الحسين بن محمد بن أحمد ابن الحداد، حدثه عن جده، عن أحمد بن عيسى الوشاء، عن عيسى بن زغبة، وذلك من أعلى ما وقع له في الرحلة المصرية، وسمع بدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء الفقيه، وبحلب من الحسن بن مكي الشيزري، وبالجزيرة العمرية من أبي أحمد عبد الوهاب بن محمد اليمني، عن أبي عمر بن مهدي، وبالرحبة من الحسين بن سعدون، وبصور من القاضي علي بن محمد بن عبيد الله الهاشمي، وبأصبهان من: عبد الوهاب بن منده، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة، وبنيسابور من: الفضل بن المحب، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف، وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وكلار، وبيبى، وشيخ الإسلام، وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفر بن حمزة البيع، وبآمد من قاسم بن أحمد الخياط الأصبهاني، وهو من كبار شيوخه،

ص: 92

سمع سنة أربع وثمانين وثلاث مائة من محمد بن أحمد بن جشنس، صاحب ابن صاعد، وبإستراباذ من: علي بن عبد الملك الحفصي، حدثه عن هلال الحفار، وببوشنج من: عبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار، وبالبصرة من: عبد الملك ابن شغبة، وبالدينور من: أحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، عن ابن لال الهمذاني، وبالري من: إسماعيل بن علي الخطيب، عن يحيى بن إبراهيم المزكي، وبسرخس من: محمد بن عبد الملك المظفري، عن أحمد بن محمد بن الفضل الكرابيسي، عن محمد بن حمدويه المروزي، وبشيراز من: علي بن محمد بن علي الشروطي، عن الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الحافظ إملاء سنة إحدى وأربعمائة، قال: حدثنا ابن البختري ببغداد، وبقزوين من: أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي العجلي الإمام، عن أبي عمر بن مهدي، قدم عليهم، وبالكوفة من: أبي القاسم الحسين بن محمد، من طريق ابن أبي غرزة، وبالموصل من: هبة الله بن أحمد المقرئ، عن محمد بن علي بن بحشل، عن محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وبمرو: محمد بن الحسن المهربندقشاني، عن أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي، وبمروالروذ من: الحسن بن محمد الفقيه، عن الحيري، وبنوقان من: محمد بن سعيد الحاكم، عن السلمي، وبنهاوند من: عمر بن عبيد الله القاضي، عن عبد الملك بن بشران، وبهمذان من: عبد الواحد بن علي الصوفي، عن محمد بن علي بن حمدويه الطوسي، وبالمدينة النبوية من: طراد الزينبي، وبواسط من صدقة بن محمد المتولي، وبساوة من: محمد بن أحمد الكامخي، وبأسداباذ من: أبي الحسن علي بن محمد المحلمي، عن الحيري، وبالأنبار من: أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب، وبإسفرايين من: عبد الملك بن أحمد العدل، عن علي بن محمد بن علي السقاء، وبآمل طبرستان من: الفضل بن أحمد البصري، عن جده، عن أبي أحمد ابن عدي، وبالأهواز من: عمر بن محمد بن حيكان النيسابوري، عن ابن ريذة، وببسطام من: أبي الفضل محمد بن علي السهلكي، عن الحيري، وبخسروجرد من: الحسن بن أحمد البيهقي، عن الحيري، فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في بلدان أخر تركتها.

روى عنه: شيرويه الهمذاني، وأبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر،

ص: 93

والسلفي، وطائفة كبيرة، آخرهم موتًا محمد بن إسماعيل الطرسوسي الأصبهاني.

قال أبو القاسم ابن عساكر: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أحفظ من رأيت محمد بن طاهر.

وقال يحيى بن منده في تاريخه: كان أحد الحفاظ، حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، صدوقًا، عالمًا بالصحيح والسقيم، كثير التصانيف، لازمًا للأثر.

وقال السلفي: سمعت ابن طاهر يقول: كتبت صحيح البخاري ومسلم وأبي داود سبع مرات بالوراقة، وكتبت سنن ابن ماجه بالوراقة عشر مرات، سوى التفاريق بالري.

وقال ابن السمعاني: سألت أبا الحسن محمد بن أبي طالب عبد الملك الفقيه بالكرج، عن محمد بن طاهر، فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير، وعظم أمره، ثم قال: كان داودي المذهب، قال لي: اخترت مذهب داود، فقلت له: ولم؟ قال: كذا اتفق، فسألته عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بن محمد الأنصاري.

وقال أبو مسعود الحاجي: سمعت ابن طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين، مرة ببغداد، ومرة بمكة، وذاك أني كنت أمشي حافيًا في حر الهواجر، فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، إلى أن استوطنت البلاد، وما سألت في حال الطلب أحدًا، وكنت أعيش على ما يأتي من غير مسألة.

وقال ابن السمعاني: سمعت بعض المشايخ يقول: كان ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا من سبعة عشر فرسخًا، وكان يمشي على الدوام بالليل والنهار عشرين فرسخًا.

أخبرنا إسحاق الأسدي، قال: أخبرنا ابن خليل، قال: أخبرنا خليل بن أبي الرجاء الراراني، قال: حدثنا محمد بن عبد الواحد الدقاق، قال: محمد

ص: 94

ابن طاهر كان صوفيًا ملامتيًا، سكن الري، ثم همذان، له كتاب صفوة الصوفية، له أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ البخاري ومسلم، وغيرهما. شاهدناه بجرجان، ونيسابور، ذكر لي عنه حديث الإباحة، أسأل الله أن يجنبنا منها، وممن يقول بها من الرجال والنساء، والأخابث الكحلية من جونية زماننا، وصوفية وقتنا، وأن ينقذنا من المعاصي كلها، وهم قوم ملاعين، لهم رموز ورطانات، وضلالة، وخذلان، وإباحات، إن قولهم عند فعل الحرام المنع شؤم، والسراويل حجاب، وحال المذنبين من شربة الخمور والظلمة، يعني خير منهم.

وقال ابن ناصر: محمد بن طاهر ممن لا يحتج به، صنف كتابًا في جواز النظر إلى المرد، وأورد فيه حكاية يحيى بن معين أنه قال: رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها.

فقيل له: تصلي عليها؟! فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح.

ثم قال ابن ناصر: كان يذهب مذهب الإباحة، قلت: يعني في النظر إلى الملاح، وإلا فلو كان يذهب إلى إباحة مطلقة لكان كافرًا، والرجل مسلم متبع للأثر، سني، وإن كان قد خالف في أمور مثل جواز السماع، وقد صنف فيه مصنفًا ليته لا صنفه.

وقال ابن السمعاني: سألت عنه إسماعيل الحافظ، فتوقف، ثم أساء الثناء عليه، وسمعت أبا القاسم ابن عساكر يقول: جمع ابن طاهر أطراف الصحيحين، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا، رأيته بخطه عند أبي العلاء العطار.

وقال ابن ناصر: محمد بن طاهر كان لُحَنة وكان يصحف، قرأ: وإن جبينه ليتقصد عرقًا، بالقاف، فقلت: بالفاء، فكابَرَني.

وقال السلفي: كان فاضلًا يعرف، ولكنه كان لُحَنة، حكى لي المؤتمن قال: كنا بهراة عند عبد الله الأنصاري، وكان ابن طاهر يقرأ ويلحن، فكان الشيخ يحرك رأسه ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وقال ابن طاهر: ولدت في شوال سنة ثمان وأربعين ببيت المقدس،

ص: 95

وأول ما سمعت سنة ستين، ورحلت إلى بغداد سنة سبع وستين، ثم رجعت إلى بيت المقدس، فأحرمت من ثم إلى مكة.

وقال ابن عساكر: كان ابن طاهر له مصنفات كثيرة، إلا أنه كثير الوهم، وله شعر حسن، مع أنه كان لا يحسن النحو، وله كتاب المختلف والمؤتلف.

وقال ابن طاهر في المنثور: رحلت من مصر إلى نيسابور، لأجل أبي القاسم الفضل بن المحب صاحب أبي الحسين الخفاف، فلما دخلت عليه قرأت في أول مجلس جزأين من حديث أبي العباس السراج فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدت أني نلته بغير تعب، لأنه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزأين يسوى رحلة.

وقال: لما قصدت الإسكندرية كان في القافلة من رشيد إليها رجل من أهل الشام، ولم أدر ما قصده في ذلك، فلما كانت الليلة التي كنا في صبيحتها ندخل الإسكندرية رحلنا بالليل، وكان شهر رمضان، فمشيت قدام القافلة، وأخذت في طريق غير الجادة، فلما أصبح الصباح، كنت على غير الطريق بين جبال الرمل، فرأيت شيخًا في مقثأة له، فسألته عن الطريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإن الطريق على شاطئ البحر، فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلما وجدت قلمًا مليحًا اقتلعته، إلى أن اجتمع من ذلك حزمة عظيمة، وحميت الشمس وأنا صائم، وكان الصيف، وتعبت، فأخذت أنتقي الجيد، وأطرح ما سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها، طول كل عقدة شبرين وزيادة، فقلت: إن الإنسان لا يموت من حمل هذه، ووصلت إلى القافلة المغرب، فقام إلي ذلك الرجل وأكرمني، فلما كان في بعض الليل رحلت القافلة، فقال لي: إن في هذا البلد مكس، ومعي هذه الفضة، وعليها العشر، فإن قدرت وحملتها معك، لعلها تسلم، فعلت في حقي جميلًا، فقلت: أفعل، قال: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إليه فقال: تحب أن تكون عندي، فإن المساكن تتعذر، فقلت: أفعل، فلما كان المغرب صليت، ودخلت عليه، فوجدته قد أخذ الثلاثة

ص: 96

الأقلام، وشق كل واحد منها نصفين، وشدها شدة واحدة، وجعلها شبه المسرجة وأقعد السراج عليها، فلحقني من ذلك من الغم شيء لم يمكني أن آكل الطعام معه، واعتذرت إليه، وخرجت إلى المسجد، فلما صليت التراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيم وقال: لم تجر العادة لأحد أن يبيت في المسجد، فخرجت وأغلق الباب، وجلست على باب المسجد، لا أدري إلى أين أذهب، فبعد ساعة عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: من أنت؟ فقلت: غريب من أهل العلم، وحكيت له القصة، فقال: قم معي، فقمت معه، فأجلسني في مركزه، وثم سراج جيد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أنا السراج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت أكتب إلى وقت السحر، فأخرج إلي شيئًا من المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة بالسحور، وأقمت بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيام، أصوم النهار، وأبيت عنده، وأعتذر إليه وقت السحر، ولا يعلم إلى أن سهَّل الله بعد ذلك وفتح.

وقال: أقمت بتنيس مدة على أبي محمد ابن الحداد ونظرائه، فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذلك أحتاج إلى خبز، وأحتاج إلى كاغد، فكنت أتردد إن صرفته في الخبز لم يكن لي كاغد، وإن صرفته في الكاغد لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيام ولياليهن لم أطعم فيها، فلما كان بكرة اليوم الرابع قلت في نفسي: لو كان لي اليوم كاغد لم يمكن أن أكتب فيه شيئًا لما بي من الجوع، فجعلت الدرهم في فمي، وخرجت لأشتري الخبز، فبلعته، ووقع علي الضحك، فلقيني أبو طاهر بن حطامة الصائغ المواقيتي بها وأنا أضحك، فقال لي: ما أضحكك؟ فقلت: خير، فألح علي وأبيت، فحلف بالطلاق لتصدقني لم تضحك؟ فأخبرته، وأخذ بيدي، وأدخلني منزله، وتكلف لي ذلك اليوم أطعمة، فلما كان وقت صلاة الظهر خرجت أنا وهو إلى الصلاة، فاجتمع به بعض وكلاء عامل تنيس، فسأله عني، فقال: هو هذا، فقال: إن صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إليه في كل يوم عشرة دراهم، قيمتها ربع دينار، وسهوت عنه، قال: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهل الله رزقًا لم يكن في الحساب، وأخبرني بالقصة، فقلت: تكون عندك، ونكون على ما نحن من الاجتماع إلى وقت الخروج، فإنني وحدي، ففعل، وكان بعد ذلك يصلني ذلك القدر، إلى أن خرجت من البلد إلى الشام.

ص: 97

وقال: رحلت من طوس إلى أصبهان لأجل حديث أبي زرعة الرازي الذي أخرجه مسلم عنه في الصحيح، ذاكرني به بعض الرحالة بالليل، فلما أصبحت شددت علي، وخرجت إلى أصبهان، فلم أحلل عني حتى دخلت على الشيخ أبي عمرو، فقرأته عليه، عن أبيه، عن أبي بكر القطان، عن أبي زرعة، ودفع إلي ثلاثة أرغفة وكمثراتين، ثم خرجت من عنده إلى الموضع الذي نزلت فيه، وحللت عني.

وقال: كنت ببغداد في أول الرحلة الثانية من الشام، وكنت أنزل برباط الزوزني وكان به صوفي يعرف بأبي النجم، فمضى علينا ستة أيام لم نطعم فيها، فدخل علي الشيخ أبو علي المقدسي الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوت بأبي النجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أي شيء نعمل به؟ فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري خبزًا، وشواءً، وحلواء، وباقلى أخضر، ووردًا، وخسًا بالجميع، وترجع، فتركت الدينار في وسط مجلدة معي وعبرت، ودخلت على بعض أصدقائنا، وتحدثت عنده ساعة، فقال لي: لأي شيء عبرت؟ فقلت له، فقال: وأين الدينار؟ فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأن قائلًا يقول لي: أليس قد وضعته في وسط المجلدة؟ فقمت من النوم، وفتحت المجلدة، وأخذت الدينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته على رأسي، ورجعت إليه وقد أبطأت عليه، فلم أخبره بشيء إلى أن أكلنا، ثم أخبرته، فضحك وقال: لو كان هذا قبل الأكل لكنت أبكي.

وقال: كنت ببغداد في سنة سبع وستين، فلما كان عشية اليوم الذي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا على الشيخ أبي إسحاق جماعة من أهل الشام، وسألناه عن البيعة، كيف كانت؟ فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يومئذ مختط، وقال: هو أشبه الناس بهذا، وكان مولد المقتدي في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوال من هذه السنة.

قال أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر: أنشدني أبي لنفسه:

ص: 98

لما رأيت فتاة الحي قد برزت من الحطم تروم السعي في الظلم ضوء النهار بدا من ضوء بهجتها وظلمة الليل من مسودها الفحم خدعتها بكلام يستلذ به وإنما يخدع الأحرار بالكلم

وقال المبارك بن كامل الخفاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:

ساروا بها كالبدر في هودج يميس محفوفًا بأترابه فاستعبرت تبكي، فعاتبتها خوفًا من الواشي وأصحابه فقلت: لا تبك على هالك بعدك ما يبقى على ما به للموت أبواب، وكل الورى لا بد أن تدخل من بابه وأحسن الموت بأهل الهوى من مات من فرقة أحبابه وله:

خلعت العذار بلا منة على من خلعت عليه العذارا وأصبحت حيران لا أرتجي جنانًا، ولا أتقي فيه نارا

وقال شيرويه في تاريخ همذان: محمد بن طاهر سكن همذان، وبنى بها دارًا، وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصحيح والسقيم، حسن المعرفة بالرجال والمتون، كثير التصانيف، جيد الخط، لازمًا للأثر، بعيدًا من الفضول والتعصب، خفيف الروح، قوي السير في السفر، كثير الحج والعمرة، كتب عن عامة مشايخ الوقت.

قال شجاع الذهلي: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحج يوم الجمعة في ربيع الأول.

وقال أبو المعمر: توفي يوم الجمعة النصف من ربيع الأول ببغداد.

195 -

‌ محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق

، الرئيس أبو المظفر الأموي، المعاوي، الأبيوردي، اللغوي، الشاعر المشهور، من أولاد عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية.

كان أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللغة والأنساب، وغير ذلك.

وله تصانيف كثيرة مثل تاريخ أبيورد ونسا. وكان حسن السيرة، جميل

ص: 99

الأمر، منظرانيًّا من الرجال، وكان فيه تيه وتكبر، وكان يفتخر بنسبه ويكتب: العبشمي المعاوي، لا أنه من ولد معاوية بن أبي سفيان، بل من ولد معاوية بن محمد بن عثمان بن عتبة بن عنبسة بن أبي سفيان.

وله شعر فائق، وقسم ديوان شعره إلى أقسام، منها العراقيات، ومنها النجديات، ومنها الوجديات.

وأثنى عليه أبو زكريا بن منده في تاريخه بحسن العقيدة، وجميل الطريقة، وكمال الفضيلة.

وقال ابن السمعاني: صنف كتاب المختلف، وكتاب طبقات العلم، وما اختلف وائتلف من أنساب العرب، وله في اللغة مصنفات ما سبق إليها.

سمع: إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، ومالك بن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الجرجاني النحوي، وسمعت غير واحد من شيوخي يقولون: إنه كان إذا صلى يقول: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها.

وذكره عبد الغافر فقال: فخر العرب، أبو المظفر الأبيوردي، الكوفني، الرئيس، الأديب، الكاتب، النسابة، من مفاخر العصر، وأفاضل الدهر، له الفضائل الرائقة، والفصول الفائقة، والتصانيف المعجزة، والتواليف المعجبة، والنظم الذي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه على منوال المعري ومن فوقه من المفلقين، رأيته شابا قام في درس إمام الحرمين مرارًا، وأنشأ فيه قصائد طوالًا كبارًا، يلفظها كما يشاء زبدًا من بحر خاطره، كما نشأ ميسر له الإنشاء، طويل النفس، كثير الحفظ، يلتفت في أثناء كلامه إلى الفقر والوقائع والاستنباطات الغريبة، ثم خرج إلى العراق، وأقام مدة يجذب فضله بضبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبعه حتى ظهر أمره، وعلا قدره، وحصل له من السلطان مكانة ونعمة، ثم كان يرشح من كلامه نوع تشبيب بالخلافة، ودعوة إلى اتباع فضله، وادعاء استحقاق الإمامة، يبيض وسواس الشيطان في رأسه ويفرخ، ويرفع الكبر بأنفه ويشمخ، فاضطره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى همذان، فأقام بها يدرس ويفيد، ويصنف مدة.

ومن شعره:

ص: 100

وهيفاء لا أصغي إلى من يلومني عليها، ويغريني بها أن يعيبها أميل بإحدى مقلتي إذا بدت إليها، وبالأخرى أراعي رقيبها وقد غفل الواشي فلم يدر أنني أخذت لعيني من سليمى نصيبها

وله:

أكوكب ما أرى يا سعد أم نار تشبها سهلة الخدين معطار بيضاء إن نطقت في الحي أو نظرت تقاسم الشمس أسماع وأبصار والركب يسيرون والظلماء راكدة كأنهم في ضمير الليل أسرار فأسرعوا وطلا الأعناق مائلة حيث الوسائد للنوام أكوار

أنبئت عن حماد الحراني، قال: سمعت السلفي يقول: كان الأبيوردي - والله - من أهل الدين والخير والصلاح والثقة، قال لي: والله ما نمت في بيت فيه كتاب الله، أو حديث رسول لله، احترامًا لهما أن يبدو مني شيء لا يجوز.

أنشدنا أبو الحسين اليونيني، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السلفي: قال: أنشدنا الأبيوردي لنفسه:

وشادن زارني على عجل كالبدر في صفحة الدجا لمعا فلم أزل موهنًا لحديثه والبدر يصغي إلي مستمعا وصلت خدي بخده شغفًا حتى التقى الروض والغدير معا

وقال أبو زكريا بن منده: سئل الأديب أبو المظفر الأبيوردي عن أحاديث الصفات، فقال: تقر وتمر.

وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: أنشدنا أبو المظفر الأبيوردي لنفسه: يا من يساجلني وليس بمدرك شأوي، وأين له جلالة منصبي لا تتعتبن فدون ما حاولته خرط القتادة وامتطاء الكوكب والمجد يعلم أينا خير أبا فاسأله يعلم أي ذي حسب أبي جدي معاوية الأغر سمت به جرثومة من طينها خلق النبي ورثته شرفًا رفعت مناره فبنو أمية يفخرون به وبي

ص: 101

وقيل: إنه كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر بالله، وعلى رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد إليه الرقعة.

ومن شعره:

تنكر لي دهري ولم يدر أنني أعز وأحداث الزمان تهون فبات يريني الخطب كيف اعتداؤه وبت أريه الصبر كيف يكون

ومن شعره:

نزلنا بنعمان الأراك وللندى سقيط به ابتلت علينا المطارف فبت أعاني الوجد والركب نوم وقد أخذت منا السرى والتنائف وأذكر خودًا إن دعاني على النوى هواها أجابته الدموع الذوارف لها في مغاني ذلك الشعب منزل لئن أنكرته العين فالقلب عارف وقفت به والدمع أكثره دم كأني من جفني بنعمان راعف

أنشدنا أبو الحسين ببعلبك: قال: أنشدنا أبو الفضل الهمداني: قال: أنشدنا السلفي: قال: أنشدنا الأبيوردي لنفسه:

من رأى أشباح تبر حشيت ريقة نحله فجمعناها بذورًا وقطعناها أهله

توفي بأصبهان في ربيع الأول مسمومًا.

196 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن عبد الله بن عبد الواحد

بن عبد الله بن محمد بن الحجاج بن مندويه، أبو منصور الأصبهاني، الشروطي، المعدل.

سمع: أبا نعيم، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في الثامن، وقيل السادس والعشرين من جمادى الآخرة.

197 -

‌ محمد بن عيسى بن محمد اللخمي

، أبو بكر الأندلسي، الشاعر، المعروف بابن اللبانة الداني.

كان من جلة الأدباء وفحول الشعراء، معين الطبع، واسع الذرع، غزير الأدب، قوي العارضة، متصرفًا في البلاغة، له تصانيف، له كتاب مناقل

ص: 102

الفتنة، وكتاب نظم السلوك في وعظ الملوك، وكتاب سقيط الدر ولقيط الزهر في شعر ابن عباد، ونحو ذلك، وديوان شعره موجود.

أخذ عنه: أبو عبد الله بن الصفار، وتوفي بميورقة.

وقد سقت من شعره في ترجمة المعتمد بن عباد، وكان من كبراء دولة محمد بن صمادح، وهو القائل في صاحب ميورقة مبشر العامري:

وضحت وقد فضحت ضياء النير فكأنما التحفت ببشر مبشر وتبسمت عن جوهر فحسبته ما قلدته محامدي من جوهر وتكلمت فكان طيب حديثها متعت منه بطيب مسك أذفر هزت بنغمة لفظها نفسي، كما هزت بذكراه أعالي المنبر ولثمت فاها فاعتقدت بأنني من كفه سوغت لثم الخنصر بمعاطف تحت الذوائب خلتها تحت الخوافق ما له من سمهري ملك أزرة برده ضمت على بأس الوصي وعزمة الإسكندر

وهي طويلة.

198 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن الآبنوسي

، أبو غالب بن أبي الحسين.

روى عن أبيه، وعنه: المعمر بن أحمد، وأبو طاهر السلفي.

مات في شوال، وله ثمانون سنة.

199 -

‌ محمد بن مكي بن دوست

، أبو بكر البغدادي.

يروي عن: أبي محمد الجوهري، والقاضي أبي الطيب، وعنه: السلفي، وابن خضير.

200 -

‌ محمد بن وهبان

، أبو المكارم البغدادي.

روى عن: أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري.

توفي في صفر.

روى عنه: المبارك بن كامل.

ص: 103

201 -

المفضل بن عبد الرزاق، سديد الدين، أبو المعالي الأصبهاني، صاحب ديوان الجيش ببغداد.

ولد بعد الأربعين وأربعمائة، وتفقه على: أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي، وولي ديوان العرض، ورأى من الجاه والمال ما لم يكن لعارض.

قدم بغداد مع السلطان بركياروق سنة أربع وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر له أبو نصر ابن الموصلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عليه خلع الوزارة، وكان ابن الموصلايا يجلس إلى جانبه فيسدده، لأنه كان لا يعرف الاصطلاح، ثم عزل بعد عشرة أشهر، وكانت حاشيته سبعين مملوكًا من الأتراك، فاعتقل بدار الخلافة سنة، ثم أطلق بشفاعة بركياروق، فتوجه إلى المعسكر، فولاه السلطان الاستيفاء، ثم صودر، وجرت له أمور.

توفي في ربيع الأول، ورخه أبو الحسن الهمذاني.

202 -

‌ ملكة بنت داود بن محمد

، الصوفية، العالمة.

سمعت بمصر سنة اثنتين وخمسين من الشريف أحمد بن إبراهيم بن ميمون الحسيني، وبمكة من كريمة، وسكنت مدة بدويرة السميساطي بدمشق.

سمع منها: غيث بن علي، وقال: سألتها عن مولدها، فذكرت أنه على ما أخبرتها أمها في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، بناحية جنزة، ونشأت بتفليس.

توفيت في شوال سنة سبع، ولها مائة وخمس سنين.

قال ابن عساكر: أجازت لي، وحضرت دفنها بمقبرة باب الصغير.

203 -

‌ المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبيد الله

، الحافظ أبو نصر الربعي، الديرعاقولي، ثم البغدادي، المعروف بالساجي، أحد أعلام الحديث.

حافظ كبير، متقن، حجة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورع، زاهد، سمع: أبا الحسين ابن النقور، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبا القاسم ابن البسري، وأبا القاسم عبد الله ابن الخلال، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مسعدة، وخلقًا ببغداد، وأبا بكر الخطيب بصور، وأبا عثمان بن ورقاء ببيت

ص: 104

المقدس، والحسن بن مكي الشيزري بحلب، ولم أره سمع بدمشق، ولا كأنه رآها، ودخل إلى أصبهان فسمع: أبا عمرو عبد الوهاب بن منده، وأبا منصور بن شكرويه، وطبقتهما، وبنيسابور: أبا بكر بن خلف، وبهراة: أبا إسماعيل الأنصاري، وأبا عامر الأزدي، وهؤلاء وأبا علي التستري وجماعة بالبصرة، ثم سمع ببغداد ما لا ينحصر، ثم تزهد وانقطع.

روى عنه: سعد الخير الأنصاري، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، ومحمد بن محمد السنجي، وأبو طاهر السلفي، وأبو سعد البغدادي، وأبو بكر ابن السمعاني، ومحمد بن علي بن فولاذ، وطائفة.

قال ابن عساكر: سمعت أبا الوقت عبد الأول يقول: كان الإمام عبد الله بن محمد الأنصاري إذا رأى المؤتمن يقول: لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام هذا حيًا، حدثني أخي أبو الحسين هبة الله قال: سألت السلفي، عن المؤتمن الساجي، فقال: حافظ متقن، لم أر أحسن قراءة منه للحديث، تفقه في صباه على الشيخ أبي إسحاق، وكتب الشامل، عن ابن الصباغ بخطه، ثم خرج إلى الشام، فأقام بالقدس زمانًا، وذكر لي أنه سمع من لفظ أبي بكر الخطيب حديثًا واحدًا، بصور، غير أنه لم يكن عنده نسخة، وكتب ببغداد كتاب الكامل لابن عدي، عن ابن مسعدة الإسماعيلي، وكتب بالبصرة السنن عن التستري، وانتفعت بصحبته ببغداد، ونعي إلي وأنا بثغر سلماس، وصلينا عليه صلاة الغائب يوم الجمعة.

وقال أبو النضر الفامي: أقام المؤتمن بهراة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب الجامع للترمذي ست كرات، وكان فيه صلف نفس، وقناعة، وعفة واشتغال بما يعنيه.

وقال أبو بكر محمد بن منصور السمعاني: ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن الساجي ببغداد، وإسماعيل بن محمد التيمي بأصبهان، وسمعت المؤتمن يقول: سألت عبد الله بن محمد الأنصاري، عن أبي علي الخالدي، فقال: كان له في الكذب قصة، ومن الحفظ حصة.

وقال السلفي: لم يكن ببغداد أحسن قراءة للحديث منه، يعني الساجي،

ص: 105

كان لا تمل قراءته وإن طالت، قرأ لنا على أبي الحسين ابن الطيوري كتاب الفاصل للرامهرمزي في مجلس.

وقال يحيى بن منده الحافظ: قدم المؤتمن الساجي أصبهان، وسمع من والدي كتاب معرفة الصحابة وكتاب التوحيد والأمالي، وحديث ابن عيينة لجدي، فلما أخذ في قراءة غرائب شعبة بلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير فلما انتهى إلى آخر الحديث كان الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحبه عند انتهاء ذلك بعد عشاء الآخرة، هذا ما رأينا وشاهدنا وعلمنا.

ثم قدم أبو الفضل محمد بن طاهر في سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عليه جزءًا من مجموعاته، وقرأ عليه أبو نصر اليونارتي وجزءًا من الحكايات فيه، سمعت أصحابنا بأصبهان يقولون: إنما تمم المؤتمن الساجي كتاب معرفة الصحابة على أبي عمرو بعد موته، وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع، ومات وهو يقرأ عليه، وكان يصاح به: نريد أن نغسل الشيخ.

قال يحيى: فلما سمعت هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن يصلح هذا، فإنه كذب وزور، وكتب اليونارتي في الحال على حاشية النسخة صورة الحال، وأما قراءة معرفة الصحابة فكان قبل موت الوالد بشهرين.

وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا على الفقر، رحمه الله.

وقال أبو بكر محمد بن علي بن فولاذ الطبري: أنشدنا المؤتمن الساجي لنفسه:

وقالوا كن لنا خدنًا وخلًا ولا والله أفعل ما شاءوا أحابيهم ببعضي أو بكلي وكيف وجلهم نعم وشاء وقال ابن ناصر: سألت المؤتمن عن مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وتوفي في صفر سنة سبع، وصليت عليه، وكان عالمًا، فهمًا، ثقة، مأمونًا.

204 -

‌ مودود بن ألتون تكين

، سلطان الموصل.

قتل بدمشق في رمضان صائمًا، كما هو مذكور في الحوادث.

205 -

‌ ناصر بن أحمد بن بكران

، القاضي أبو القاسم الخويي.

ص: 106

قدم بغداد وتفقه على: أبي إسحاق الشيرازي، وسمع: أبا الحسين ابن النقور، وقرأ العربية وبرع فيها.

روى عنه: السلفي، وقال: كتبنا عنه بخوي، وكان شيخ الأدب ببلاد أذربيجان بلا مدافعة، وله ديوان شعر ومصنفات، وولي القضاء مدة كأبيه.

توفي في ربيع الآخر.

206 -

‌ نصر بن عبد الجبار بن منصور بن عبد الله بن عبد الرحمن

، أبو منصور التميمي، القزويني، الواعظ، المعروف بالقرائي، من أهل قزوين.

كان واعظًا، صالحًا، صدوقًا، قدم بغداد، وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري، وسمع بقزوين من: أبي يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ، روى عنه: إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي، وطيب بن محمد الأبيوردي، وأظن السلفي سمع منه.

وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته، وقد جمع لنفسه معجمًا.

207 -

‌ هادي بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن أبي محمد الحسن

بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف أبو المحاسن العلوي، الحسيني، الأصبهاني.

قال السمعاني: كان له تقدم ووجاهة، وصيت وشهرة ببلده، ورد بغداد حاجًا، فتوفي بها بعد حجه، روى عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي عثمان العيار، روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الأصبهاني، وعبد الحق بن يوسف، توفي في ثالث عشر ربيع الأول، وهو أخو داعي.

وقد تقدم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سميه هادي بن الحسن العلوي، وفي سنة خمس وتسعين ذكر والده إسماعيل.

ص: 107

وقال السلفي في معجم أصبهان: قرأنا عليه، وعلى أبيه، وأخيه، وهذا فأحسنهم خلقًا، وكتابة، وخطًا، وحظا، وأنشدنا فيه أبو عبد الله النطنزي:

لهادي بن إسماعيل خلات أربع بها غدا مستوجبًا للإمامه خطاب ابن عباد وخط ابن مقلة وخلق ابن يعقوب وخلق ابن أمامه

208 -

‌ يحيى بن أحمد بن حسين

، أبو زكريا الغضائري، الدربندي.

سمع بمصر: أبا عبد الله القضاعي، وبمكة: كريمة المروزية، وبآمد: أبا منصور بن أحمد الأصبهاني، وبنيسابور: أبا القاسم القشيري، روى عنه: إسماعيل بن أبي الفضل بطبرستان، وغيره، وكان عالمًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا، متميزًا.

كان حيًا في سنة سبع.

209 -

‌ يحيى بن عبد الله ابن الجد

، أبو بكر الفهري، اللبلي، نزيل إشبيلية.

كان جامعًا لفنون من العلم، وشوور في الأحكام بإشبيلية، وتوفي في جمادى الأولى.

210 -

‌ يحيى بن عبد الوهاب بن عثمان بن الفضل

، أبو سالم ابن المخبزي، البغدادي، ابن خال أبي الحسين ابن الطيوري.

صالح، خير، سمع: أبا الطيب الطبري، والجوهري، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، والسلفي، وأبو المعمر الأنصاري، وغيرهم، ومات في جمادى الأولى.

ص: 108

سنة ثمان وخمسمائة

211 -

‌ أحمد بن بغراج

، أبو نصر البغدادي.

سمع: أبا الحسين القزويني، وغيره، وأبا محمد الخلال.

توفي يوم عاشوراء، روى عنه: المبارك بن كامل، وابن ناصر، وقد قرأ بالروايات على أبي الخطاب الصوفي، وأبي ياسر محمد بن علي الحمامي، قرأ عليه يوسف بن إبراهيم الضرير، وكان شيخًا صالحًا، كثير التلاوة.

توفي في المحرم، وهو أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن بغراج.

212 -

‌ أحمد بن الحسن

، المخلطي، أبو العباس الحنبلي، الفقيه.

من علماء بغداد وثقاتهم، سمع من: القاضي أبي يعلى.

213 -

‌ أحمد بن خالد الطحان

.

توفي في رجب ببغداد، روى عن: أبي يعلى أيضًا.

214 -

‌ أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح محمد بن أحمد

، أبو غالب المعير، البغدادي، المقرئ، ابن خال أبي طاهر بن سوار.

قرأ لأبي عمرو على عبد الله بن مكي السواق، عن أبي الفرج الشنبوذي.

قال المبارك بن كامل: قرأت عليه برواية أبي عمرو، وقد سمع: محمد بن محمد بن غيلان، ومحمد بن الحسين الحراني، وأبا محمد الخلال، وأبا الفتح المحاملي، وأحمد بن علي التوزي، وجماعة، روى عنه: السلفي، وابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو الحسين عبد الحق.

وكان ثقة، مقرئًا، صالحًا، توفي في جمادى الأولى، وله ثمانون سنة.

215 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو نصر البغدادي، سبط الأقفالي، الزاهد.

سمع: أبا محمد الجوهري، وعنه: السلفي، سقط من سطح فمات في جمادى الأولى.

ص: 109

216 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن غلبون

، أبو عبد الله الخولاني، القرطبي، ثم الإشبيلي.

روى عن أبيه الحافظ أبي عبد الله الخولاني كثيرًا، وسمع معه من: أبي عمرو عثمان بن أحمد القيشطالي، وأبي عبد الله ابن الأحدب، وأبي محمد الشنتجالي، وعلي بن حمويه الشيرازي، وأجاز له يونس بن عبد الله القاضي، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمرو المرشاني الذي له إجازة أبي بكر الآجري، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عمران الفاسي، ومكي بن أبي طالب، وأبو عمرو الداني المقرئان.

قال ابن بشكوال: وكان شيخًا، فاضلًا، عفيفًا، منقبضًا، من بيت علم، ودين، وفضل، ولم يكن عنده كبير علم أكثر من روايته عن هؤلاء الجلة، وكانت عنده أيضًا أصول يلجأ إليها، ويعول عليها، أخذ عنه جماعة من شيوخنا وكبار أصحابنا. قال لي أبو الوليد ابن الدباغ: إن هذا ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وتوفي في شعبان، وله تسعون سنة.

وهو خال أبي الحسن شريح، وقد أجاز لابن الدباغ، وسمع منه خلق منهم علي بن الحسين اللواتي، وقرأ عليه ابن الدباغ الموطأ، بسماعه من عثمان بن أحمد، والحرمي، روى عنه كتابة أبو عبد الله.

217 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن بغراج

، أبو نصر السقلاطوني.

كان مولده في سنة ثلاث وعشرين، وقد ذكر في أول السنة فنسب إلى أبيه.

218 -

‌ إبراهيم بن محمد بن مكي بن سعد

، الفقيه أبو إسحاق الساوي، الملقب بشيخ الملك.

فاضل معروف، مشتغل بالتجارة والدهقنة، وكان يعد من دهاة الرجال.

ص: 110

روى عن: أبي الحسين عبد الغافر، وأبي عثمان الصابوني، والحاكم أبي عبد الرحمن الشاذياخي، وغيرهم.

ومرض مدة، وقاسى حتى توفي في سلخ صفر.

219 -

‌ إسماعيل بن المبارك بن وصيف

، أبو خازم الحنبلي.

تفقه على أبي يعلى ابن الفراء، وسمع منه، ومن: أبي محمد الجوهري.

وتوفي في رجب، روى عنه: المبارك بن كامل، وبالإجازة ابن كليب.

220 -

‌ ألب رسلان ابن السلطان رضوان ابن السلطان تتش بن ألب رسلان التركي

.

ولي إمرة حلب في جمادى الآخرة بعد أبيه صاحب حلب وله ست عشرة سنة، وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه ملكشاه ومباركًا، وقتل جماعة من الباطنية، والقرامطة، وكانت دعوتهم قد ظهرت في أيام أبيه، ثم قدم دمشق في رمضان من سنة سبع، فتلقاه طغتكين والأعيان، وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أيامًا، ثم عاد إلى حلب وفي خدمته طغتكين، فلما وصلا إلى حلب لم ير منه طغتكين ما يحب، ففارقه ورد إلى دمشق، ثم إن ألب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم، وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر سنة ثمان، ونصب في السلطنة أخًا له طفلًا عمره ست سنين، ثم قتل لؤلؤ ببالس في سنة عشر.

221 -

‌ بغدوين، ملك الفرنج الذي أخذ القدس

.

هلك - إلى لعنة الله - من جراحة أصابته يوم مصاف طبرية، وقيل: بل توفي بعد ذلك كما هو في الحوادث.

222 -

‌ خلف بن محمد بن خلف

، أبو القاسم ابن العربي، الأنصاري، الأندلسي، من أهل المرية.

ص: 111

روى عن: أحمد بن عمر العذري، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأبي علي الغساني، وكان معتنيًا بالآثار، جامعًا لها، كتب بخطه علمًا كثيرًا ورواه، وكان متقنًا، أديبًا، شاعرًا، يذكر أنه لقي أبا عمرو الداني، وأخذ عنه قليلًا، وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.

223 -

‌ دعجاء بنت أبي سهل الفضل بن محمد بن عبد الله الأصبهاني الكاغدي

.

روت عن جدها أحمد بن محمد بن محمد بن زنجويه، عن ابن فورك القباب، روى عنها: أبو موسى المديني.

224 -

‌ دلال بنت الخطيب أبي الفضل محمد بن عبد العزيز ابن المهتدي بالله

.

سمعت: أباها، وأبا علي ابن المذهب، روى عنها: ابن ناصر، أرخها ابن النجار.

225 -

‌ ريحان

، غلام أبي عبد الله بن جردة البغدادي.

روى عنه أبو المعمر الأنصاري، عن أبي علي ابن البناء، توفي في ربيع الآخر.

226 -

‌ سالم بن إبراهيم بن الحسن

، أبو عبد الله الجرار البغدادي، المراتبي.

سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وعنه: أبو المعمر.

227 -

‌ سبيع بن المسلم بن علي بن هارون

، المعروف بابن قيراط، أبو الوحش الدمشقي، المقرئ، الضرير.

قرأ لابن عامر على رشأ بن نظيف، والأهوازي، وسمع منهما، ومن: عبد الوهاب بن برهان بصور، وأبي القاسم السميساطي، وجماعة، وانتهت إليه الرياسة في القراءة بدمشق، وصار أعلى الناس فيها إسنادًا، وكان يقرئ القرآن من ثلث الليل إلى قريب الظهر، وأقعد، فكان يؤتى به محمولًا إلى الجامع.

ص: 112

قال ابن عساكر: سمعت منه: وكان ثقة، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتوفي في شعبان سنة ثمان.

228 -

‌ سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله

، الوزير أبو الحسين القرطبي.

روى عن أبيه كثيرًا، وعن: محمد بن عتاب الفقيه، وبرع في الآداب واللغة، وحمل الناس عنه الكثير، وله شعر رائق.

مات في جمادى الآخرة وقد ناطح السبعين، وهو من بيت علم وجلالة.

229 -

‌ سليمان بن حسين

، أبو مروان الأنصاري، الأندلسي.

سمع بقرطبة: أبا عبد الله محمد بن عتاب، وأبا عمران ابن القطان، وحاتم بن محمد، وبشرق الأندلس: أبا عمر بن عبد البر، وأبا الوليد الباجي، وولي قضاء لاردة، روى عنه: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلني، وعاش أكثر من تسعين سنة.

230 -

‌ سعيد بن إبراهيم بن أحمد

، أبو الفتح الأصبهاني، الصفار.

يروي عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم، روى عنه: الحافظ أبو موسى.

توفي في ذي الحجة.

231 -

‌ سعيد بن محمد بن سعيد

، أبو الحسن الجمحي، الأندلسي، المعروف بابن قوطة الفرجي، من أهل مدينة الفرج.

له رحلة في القراءات، قرأ فيها على عبد الباقي بن فارس، وغيره، وأخذ أيضًا عن: أبي عمرو الداني، وأبي الوليد الباجي، وأقرأ الناس ببلده، وأخذ عنه غير واحد.

توفي سنة ثمان أو تسع وخمسمائة.

ص: 113

232 -

‌ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حزمون

، أبو الأصبغ القرطبي.

روى عن: حاتم بن محمد، وأبي جعفر بن رزق وناظر عليه، وأجاز له أبو العباس العذري، وكان إمامًا بصيرًا بالفتوى، أخذ الناس عنه وتفقهوا به.

وولي الإمامة بجامع قرطبة، وتوفي في شعبان وله ثمان وستون سنة.

233 -

‌ عبد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر

، أبو بكر التويي، الهمذاني.

شيخ صالح، مسن، هو آخر من روى عن أبي منصور محمد بن عيسى الهمذاني، سمع أيضًا من والده، وتوفي والده سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن محمد بن مظفر، وجماعة.

قال شيرويه الحافظ: سمعت منه، وكان صدوقًا، حسن السيرة، عدلًا، مرضيًا، توفي في السادس والعشرين من رمضان.

وقال السلفي في معجم السفر: كان من أعيان الهمذانيين وشهودهم، وكانت له أصول جيدة، وما كتبته عنه قد أودعته بسلماس.

قلت: سمع منه: محمد ابن السمعاني، ومحمد بن محمد السنجي، والسلفي، مات في رمضان.

234 -

‌ عثمان بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل

، أبو عمرو الأسدي، الحنفي، الفضلي، البخاري.

كان شيخًا، معمرًا، صالحًا، عالمًا، سمع: إبراهيم ابن الريورثوني، وعلي بن الحسين السغدي، القاضي.

قال ابن السمعاني: حدثنا عنه جماعة كثيرة، وعاش اثنتين وثمانين سنة، وكان ابنه السيف عبد العزيز قاضي بخارى.

ص: 114

235 -

‌ علي بن أحمد بن علي بن فتحان

، أبو الحسن الشهرزوري، البغدادي.

شيخ كبير مسن، صالح، سمع مجلسًا من إملاء أبي القاسم بن بشران.

وسمع أيضًا أبا علي بن المذهب، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي، وابن الخشاب، وجماعة.

توفي في جمادى الآخرة، وولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

236 -

‌ علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن بن العباس بن الحسن

ابن الرئيس أبي الجن حسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل ابن الصادق جعفر بن محمد، الشريف، النسيب أبو القاسم الحسيني، الدمشقي، الخطيب.

كان صدرًا، نبيلًا، مرضيًا، ثقة، محدثًا، مهيبًا، سنيًا، ممدوحًا بكل لسان، خرج له شيخه الخطيب عشرين جزءًا سمعها بكمالها، وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطه وسماعه، وأول سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، وكان مولده في سنة أربع وعشرين، وقرأ القرآن على أبي علي الأهوازي، وغيره، وسمع: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن التميمي، ورشأ بن نظيف، ومحمد بن علي المازني، وسليم بن أيوب الفقيه، وأبا عبد الله القضاعي، وكريمة المروزية، وأبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.

روى عنه: هبة الله ابن الأكفاني، والخضر بن شبل الحارثي، وعبد الباقي بن محمد التميمي، وعبد الله أبو المعالي بن صابر، والصائن، وأبو القاسم ابنا ابن عساكر، وخلق سواهم.

قال ابن عساكر: كان ثقة مكثرًا، له أصول بخطوط الوراقين، وكان متسننًا، وسبب تسننه مؤدبه أبو عمران الصقلي وكثرة سماعه للحديث، سمع منه شيخه عبد العزيز الكتاني، وسمعت منه كثيرًا، وحكي لي أنني لما ولدت سأل أبي: ما سميته وكنيته؟ فقال: أبو القاسم علي، فقال: أخذت اسمي وكنيتي، قال لي أبو القاسم السميساطي، أو قال أبو القاسم بن أبي العلاء، إنه ما رأى

ص: 115

أحدًا اسمه علي وكني أبا القاسم إلا كان طويل العمر، وذكر أنه صلى على جنازة، فكبر عليها أربعًا، قال: فجاء كتاب صاحب مصر إلى أبيه يعاتبه في ذلك، فقال له أبوه: لا تصل بعدها على جنازة.

قلت: كان صاحب مصر رافضيًا.

قال ابن عساكر: كانت له جنازة عظيمة، ووصى أن يصلي عليه أبو الحسن الفقيه جمال الإسلام، وأن يسنم قبره، وأن لا يتولاه أحد من الشيعة.

وحضرت دفنه.

وتوفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر، ودفن في المقبرة الفخرية في المصلى، ولقبه نسيب الدولة، وإنما خفف فقيل: النسيب.

237 -

‌ علي بن محمد بن محمد بن محمد بن جهير

، الوزير ابن الوزير ابن الوزير، زعيم الدولة أبو القاسم.

ولي نظر ديوان الزمام في أيام جده، ووزر للمستظهر بالله مرتين، تخللهما الوزير أبو المعالي بن المطلب.

وكان عاقلًا، حليمًا، سديد الرأي، معرقًا في الوزارة، مات في أوائل الشيخوخة.

238 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد

، الأستاذ أبو بكر ابن الصناع، المقرئ، الملقب بالهدهد، من أهل بلنسية.

أخذ القراءات عن أبي داود، وكان أنبل أصحابه، أخذ عنه: أبو عبد الله بن أبي إسحاق اللري، وأقرأ بقرطبة، وتوفي كهلًا.

239 -

‌ محمد بن سليمان

، أبو بكر الكلاعي، الإشبيلي، الكاتب المعروف بابن القصيرة.

رأس أهل البلاغة في زمانه، أخذ عن: أبي مروان بن سراج، وغيره.

وكان من أهل الأدب البارع، والتفنن في أنواع العلوم، وتوفي عن سن عالية، وقد خرف.

ص: 116

240 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن الحسن

، أبو غالب الشيباني، البغدادي، القزاز.

قرأ القراءات على: الشرمقاني، وأبي الفتح بن شيطا، وحدث عن: أبي إسحاق البرمكي، والجوهري، والعشاري، وجماعة، وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة، نسخ الكثير، وسمع، وسمع ولده أبا منصور عبد الرحمن، وتوفي في رابع شوال.

وكان ثقة، مقرئًا، فاضلًا، حاذقًا بالقراءات، روى عنه: حفيده نصر الله بن عبد الرحمن، وسعد الله الدقاق، ويحيى ابن السدنك.

241 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، القاضي أبو سعيد المروزي الدهان.

سمع: أبا غانم الكراعي، وابن عبد العزيز القنطري، وجماعة، أجاز للسمعاني، وعنده تفسير ابن راهويه، يرويه عن الحاكم محمد بن عبد العزيز القنطري، عن الحاكم محمد بن الحسين الحدادي، عن محمد بن يحيى بن خالد المروزي، عنه.

ولد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.

وقيل: مات سنة عشر.

242 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين

، أبو عبد الله، قاضي القضاة بقرطبة.

تفقه على والده، وروى عنه، وعن: محمد بن عتاب، وجماعة، وكان من أهل التفنن في العلوم، وكان حافظًا، ذكيًا، فطنًا، أديبًا، شاعرًا، لغويًا أصوليًا، ولي القضاء سنة تسعين، فحمدت سيرته، وتوفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة، وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.

243 -

‌ محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن المؤيد بالله

، أبو العز الهاشمي العباسي، المعروف بابن الخص، والد الشيخ أبي تمام أحمد، نزيل خراسان.

ص: 117

من أهل الحريم الطاهري، شريف، ثقة، صالح، دين، سمع الكثير، وعمر حتى حمل عنه، روى عن: أبي الحسن القزويني، وأبي علي ابن المذهب، وعبد العزيز الأزجي، والبرمكي، روى عنه: أبو علي الرحبي، وأحمد ابن السدنك، وابن كليب.

وتوفي في عاشر المحرم وله ثمانون سنة.

244 -

‌ مسعود ابن السلطان أبي المُظَفَّر إبراهيم ابن السُّلطان مسعود

ابن السلطان محمود بن سبكتكين، الملك علاء الدولة أبو سعد صاحب غزنة والهند. مات في شوال، وملك بعده ولده أرسلان شاه. وأمُّه سُلجوقية عمَّة السُّلطان ملك شاه فقبض على إخوته، فهرب منهم بهرام شاه بن مسعود إلى السلطان سنجر فأرسل سنجر يعتب على أرسلان شاه، فما التفت عليه، فتجهز سنجر لقتاله فبعث أرسلان شاه إلى السلطان محمد يشكو أمر سنجر، فكتب محمد إلى أخيه يأمره بالصلح وقال لرسوله: إن رأيت أخي قد سار نحوهم فدعه فلأن يملك أخي الدنيا أحب إلي، فذهب فوجد جيوش سنجر قد سارت وأقبلت جيوش صاحب غزنة فالتقوا فانهزم صاحب غزنة وذل وطلب الموادعة، فقويت أطماع سنجر وسار بنفسه فالتقوا على فرسخ من غزنة فكان جيش صاحب غزنة ثلاثين ألفاً سوى الرَّجالة ومائة وستين فيلاً فحملت الفيلة على القلب وفيه سنجر فرشقوا الفيلة بالنشاب رشقة واحدة فانحرفت الفيلة إلى الميسرة وعليها أبو الفضل صاحب سجستان فترجَّل وقتل فيلين وشق بطن مقدَّم الفيلة فطعفت ميمنة سنجر وردفت الميسرة وحملوا فانهزمت الغزنويون ودخل السلطان سنجر غزنة في العشرين من شوال سنة عشر، وبقيت القلعة وهي منيعة لا تُرَام فسلَّموها إلى سنجر لسوء سيرة أرسلان شاه وظُلْمه. ونصب سنجر في مملكة غزنة بهرام شاه على أن يخطب للسُّلطان محمد وبعده لسنجر ثم لنفسه، وعاثت جيوش سنجر ونهبوا وأخذوا أموالاً عظيمة وهو يمنعهم بجهده فما كفُّوا حتى صلب جماعة. قال ابن الأثير: ومما حصل لسنجر خمسة تيجان قيمة أحدها تزيد

ص: 118

على ألفي ألف دينار، وألف وثلاث مائة قطعة مصاغة مرصَّعة وسبعة عشر سريراً من الذَّهب والفضة وأقام بغزنة أربعين يوماً وصحَّ له ما لم يصح لآبائه. فلما رجع إلى خراسان جمع أرسلان شاه العساكر وقصد غزنة وجرت له فصول ثم أسلمه أصحابه أسيراً وخُنِقَ. وكان مليح الصورة، عاش سبعاً وعشرين سنة.

245 -

‌ ميمون بن محمد بن محمد بن معتمد بن محمد بن محمد بن مكحول بن الفضل

، الإمام، الزاهد، أبو المعين المكحولي، النسفي رضي الله عنه.

قال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: هو أستاذي، كان بسمرقند مدة، وسكن بخارى، يغترف علماء الشرق والغرب من بحاره، ويستضيئون بأنواره، توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، وعمره سبعون سنة.

قلت: روى عنه شيخ الإسلام محمود بن أحمد الساغرجي، وعبد الرشيد بن أبي حنيفة الولوالجي.

246 -

‌ هبة الله بن الحسن بن محمد

، الحافظ، الزاهد، أبو الخير الأبرقوهي.

رحل إلى أصبهان، وسمع من: أبي طاهر بن عبد الرحيم، وطبقته، وقع لنا من حديثه، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو الفتح الخرقي، وآخرون.

توفي بأبرقوه في شعبان، وكان قد عمي.

قال السلفي: كان قاضي أبرقوه، وهي بقرب يزد، وكان من المكثرين، من أهل الفضل، ثقة.

ص: 119

سنة تسع وخمسمائة

247 -

‌ أحمد بن أبي القاسم الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو العباس الأصبهاني، المعروف بنجوكة.

روى عن: أبي نعيم الحافظ، وتوفي في عشر التسعين، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في ثامن شوال.

248 -

‌ أحمد بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي

، أبو العباس، الصالحاني، الواعظ، الرجل الصالح.

ولد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وحدث عن جده أبي ذر.

روى عنه: أبو موسى وقال: توفي في ربيع الآخر، وقال غيره: في ربيع الأول.

249 -

‌ إبراهيم بن حمزة بن نصر

، أبو طاهر الجرجرائي، ثم الدمشقي، المقرئ، المعدل.

قرأ على أبي بكر أحمد الهروي صاحب الأهوازي، وسمع: الحسن بن علي اللباد، وأبا بكر الخطيب، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأول.

250 -

‌ إبراهيم بن غالب

، أبو إسحاق الفقيه الشافعي، ابن الآمدية.

من علماء الإسكندرية، روى عنه: أبو محمد العثماني.

251 -

‌ إسماعيل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أبي سعيد بن ملة

، أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الأصبهاني، صاحب المجالس المروية.

سمع: أبا بكر ابن ريذة، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وجماعة من أصحاب ابن المقرئ، وغيره، وأملى بجامع المنصور، روى عنه: ابن ناصر، وظاعن بن محمد الخياط، وجماعة آخرهم موتًا عبد المنعم بن كليب، وكان ضعيفًا.

ص: 120

قال ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلط.

توفي في ثاني ربيع الأول بأصبهان.

قلت: روايته عن ابن ريذة حضور، فإنه قال: ولدت في رجب سنة ست وثلاثين، قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين.

وقال أبو نصر اليونارتي في معجمه: إسماعيل بن ملة كان من الأئمة المرضيين، يرجع في كل فن من العلم إلى حظ وافر.

وروى عنه السلفي فقال: هو من المكثرين، يروي عن عبد العزيز بن فاذويه، وأبي القاسم عبد الرحمن من أبي بكر الذكواني، وكان يعظ، وأبوه فيروي عن أبي محمد بن زكريا البيع.

252 -

‌ جامع بن أبي بكر الحسن بن علي

، أبو الحسن الفارسي.

سمع: أباه، وأبا حفص بن مسرور، وجماعة، وتوفي في شعبان.

253 -

‌ جامع بن الحسن بن علي

، أبو علي البيهقي.

وذكر أبو سعد السمعاني أنه حضر عليه بقراءة والده، وأنه كان معمرًا، سمع من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني، والفضل بن عبد الله الأبيوردي، وأن مولده بعد العشرين وأربعمائة، ومات في شعبان أيضًا.

254 -

‌ الحسين بن نصر بن عبيد الله بن عمر بن محمد بن علان

، النهاوندي، أبو عبد الله ابن المرهف.

فقيه فاضل، قدم بغداد، وسمع: أبا محمد الجوهري، وجماعة، وحدث بأصبهان، ونهاوند، روى عنه: مهدي بن إسماعيل العلوي، توفي في المحرم.

255 -

‌ شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة بن خسركان

، الحافظ، أبو شجاع الديلمي، الهمذاني، مؤرخ همذان، ومصنف كتاب الفردوس.

سمع الكثير بنفسه، ورحل، سمع: أبا الفضل محمد بن عثمان القومساني، ويوسف بن محمد بن يوسف المستملي، وسفيان بن الحسين بن

ص: 121

محمد بن فنجويه الدينوري، وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي الدلال، وأبا الفرج علي بن محمد بن علي الجريري البجلي، وأحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، وخلقًا سواهم، وببغداد: أبا منصور عبد الباقي بن علي العطار، وأبا القاسم بن البسري، وخلقًا، وبأصبهان: أبا عمرو بن منده، وغيره، وبقزوين والجبال.

قال فيه يحيى بن منده: شاب كيس، حسن الخلق والخلق، ذكي القلب، صلب في السنة، قليل الكلام، قال: روى عنه ابنه شهردار، ومحمد بن الفضل الإسفراييني، ومحمد بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، وآخرون، وتوفي في تاسع عشر رجب.

وهو متوسط المعرفة، وليس هو بالمتقن، ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان صلبًا في السنة، دخل أصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عنه أبو موسى المديني، وطائفة.

256 -

‌ صدقة بن محمد بن صدقة

، أبو الكرم الإسكاف.

شيخ صالح بغدادي، سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، روى عنه: عمر بن ظفر.

257 -

‌ ظفر بن عبد الملك

، الخلال الأصبهاني.

ورخه عبد الرحيم الحاجي، توفي في ربيع الأول، كأنه أخو الحسين.

258 -

‌ عبد الله بن بُنُنَان

، أبو محمد النحوي، نزيل إشبيلية.

روى عن أبي عبد الله بن يونس الحجاري، وعاصم بن أيوب، وأبي الحجاج الأعلم، روى عنه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو عامر بن ربيع الأشعري، وهارون بن أبي الغيث، وأبو الحسن بن فيل.

وكان حافظًا لكتب الآداب، ذاكرًا للكامل للمبرد، وأمالي القالي.

علم الناس النحو بقرطبة، وكان حيًا في هذه السنة، قاله ابن الأبار.

ص: 122

259 -

عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت، أبو محمد الأموي، الأندلسي، خطيب شاطبة.

روى كثيرًا عن أبي عمر بن عبد البر، وعن: أبي العباس العذري، وكان زاهدًا، ورعًا، فاضلًا، منقبضًا، سمع منه جماعة، ورحلوا إليه، واعتمدوا عليه.

ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وقال: زارنا ابن عبد البر مرة إلى منزلنا، فحفظت من لفظه يقول:

ليس المزار على قدر الوداد، ولو كانا كفيين كنا لا نزال معًا

260 -

‌ عبيد الله بن عبد العزيز ابن المؤمل

، الأديب، أبو نصر الرسولي.

كان أخباريًا، علامة، روى عن: أحمد بن عمر النهرواني، وعلي بن محمود الزوزني، ومحمد بن الحسين ابن الشبل، وجماعة من الشعراء، روى عنه: عبد الخالق اليوسفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسلفي، وآخرون.

قال السمعاني: ما كان مرضي السيرة، كان جماعة من شيوخي يسيئون الثناء عليه، توفي في ذي القعدة، وله تسعون سنة.

261 -

‌ عبد الوهاب بن أحمد بن عبيد الله ابن الصحنائي

، أبو غالب المستعمل.

عن: جده لأمه عبد الوهاب بن أحمد الدلال، وابن غيلان، وعبد العزيز الأزجي، وعدة، وعنه: عمر المغازلي، وآخرون.

مات في ذي الحجة عن تسعين سنة.

262 -

‌ علي بن أحمد بن سعد الله

، أبو الحسن اليعمري، الشاعر، الأندلسي، الأديب.

أخذ بقرطبة عن أبي مروان بن سراج، وأقرأ العربية والأدب، وكان كاتبًا، شاعرًا، فقيهًا.

توفي وهو في عشر الثمانين.

ص: 123

263 -

‌ علي بن عبد الله بن محمد

، أبو الحسن النيسابوري، الواعظ، وأصله من أصبهان.

سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر، وغيرهما.

قال السلفي: بلغني أنه توفي سنة تسع وخمسمائة.

وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر.

قلت: سأعيده في سنة عشر.

264 -

‌ علي بن محمد بن عبد الله

، أبو الحسن الجذامي، الأندلسي، من أهل المرية، ويعرف بالبرجي، بفتح الباء.

أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش، وسمع من أبي علي الغساني.

وكان مقرئًا حاذقًا، وفقيهًا مفتيًا، من أهل الخير والصلاح، والتفنن في العلم.

قال ابن الأبار: دارت له مع قاضي المرية مروان بن عبد الملك قصة غريبة في إحراق ابن حمدين كتب الغزالي وأوجب فيها حين استفتي تأديب محرقها، وضمنه قيمتها، وتبعه على ذلك أبو القاسم بن ورد، وعمر بن الفصيح، أخذ عنه: عمر بن نمارة، والشيخ أبو العباس ابن العريف.

265 -

‌ علي بن محمد بن علي

، أبو الحسن بن لنديشة، النيسابوري، الشعري.

ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة، وسمع: أبا العلاء صاعد بن محمد، وابن مسرور.

قال السمعاني: حضرت عليه جزء ابن نجيد، ومات في رمضان.

266 -

‌ غيث بن علي بن عبد السلام بن محمد

، أبو الفرج الصوري، الأرمنازي، خطيب صور، ومحدثها ومفيدها.

سمع: أبا بكر الخطيب، وعلي بن عبيد الله الهاشمي، وجماعة، وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بن طلاب، وأبا الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي

ص: 124

الحديد، وجماعة، ورحل إلى تنيس، فسمع بها في سنة تسع وستين من: رمضان بن علي. وبمصر، والإسكندرية، وكتب الكثير، وسود تاريخًا لصور.

وكان ثقة، ثبتًا، حسن الخط، روى عنه شيخه الخطيب شعرًا، وسكن دمشق في الآخر، وبها توفي في صفر، وله ست وستون سنة، وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وجماعة.

267 -

‌ قوام بن زيد بن عيسى

، الإمام أبو الفرج القرشي، التيمي، البكري، الدمشقي، المري، الفقيه الشافعي.

سمع: أبا بكر الخطيب بدمشق، والصريفيني، وابن النقور ببغداد، روى عنه: الصائن ابن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصمد بن سعد النسوي، وغيرهم.

قال الحافظ ابن عساكر: كان شيخًا ثقة، حدث عنه الفقيه نصر الله المصيصي، وتوفي في رمضان، وحضرت دفنه.

قلت: عاش سبعًا وسبعين سنة.

268 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن القاسم الزينبي

بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل، العلوي الأصبهاني.

شيخ جليل معمر، يروي عن: أبي سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار، روى عنه: أبو موسى المديني، وتوفي في ثاني رمضان، كنيته أبو العساف.

269 -

‌ محمد بن الخلف بن إسماعيل

، أبو عبد الله الصدفي، البلنسي، المعروف بابن علقمة الكاتب.

صنف تاريخ بلنسية، وحمله الناس عنه على سوء رصفه.

توفي في شوال، وقد جاوز الثمانين.

ص: 125

270 -

‌ محمد بن أبي العافية

، أبو عبد الله الإشبيلي النحوي، المقرئ، إمام جامع إشبيلية.

أخذ عن: أبي الحجاج الأعلم النحوي، وكان بارعًا في النحو، واللغة، حمل الناس عنه.

وقد قرأ بالقراءات على أبي عبد الله محمد بن شريح.

271 -

‌ محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء محمد بن أحمد بن أبي المضاء

، أبو المضاء البعلبكي، ويعرف بالشيخ الدين.

سمع: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وجماعة، روى عنه: الصائن هبة الله، وأجاز للحافظ أبي القاسم.

توفي في شعبان وله أربع وثمانون سنة، وأول سماعه سنة ست وأربعين وأربعمائة.

272 -

‌ محمد بن سعد

، الإمام أبو بكر البغدادي، الحنبلي، الغسال، المقرئ، الملقب بالتاريخ.

حدث عن: أبي نصر الزينبي، وعدة، وكان رأسًا في حفظ القرآن، وحسن الصوت، خيرًا، ثقة، صالحًا، كبير القدر، محببا إلى الناس، كانت جنازته مشهودة، عاش بضعًا وأربعين سنة.

273 -

‌ محمد بن كمار بن حسن بن علي

، الفقيه أبو سعيد الدينوري، ثم البغدادي.

قال: ولدت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زوجة أبي بكر الخطيب ترضعني، فلما كبرت أسمعني من: ابن غيلان، وأبي محمد الخلال، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي الحسن الفالي، وغيرهم، وقرأت القرآن على أبي الحسن القزويني، وسمعت منه الحديث، وقرأت المقنع على القاضي أبي الطيب الطبري، ثم علقت تعليقة كاملة في الخلاف عن أبي إسحاق الشيرازي، وقرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كتبي ذهبت كلها في النهب،

ص: 126

ولم يبق عندي منها شيء إلا ما بقي بأيدي الناس من مسموعي، ووزنا عشرة دنانير حتى سمعنا المسند من ابن المذهب، وسمعت من الأزجي، يعني عبد العزيز، كتاب يوم وليلة للمعمري.

قلت: روى عنه: الحسين بن خسرو البلخي، والسلفي، عن البرمكي، والفالي، ثم انحدر إلى واسط، وبها مات في جمادى الآخرة سنة تسع.

274 -

‌ محمد ابن الهبارية

، هو محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو يعلى الهاشمي، العباسي، البصري.

والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب.

قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر. وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة، وضمنه حكمًا وأمثالًا، ونظم كليلة ودمنة، وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر.

وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه، وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة، أولها: حي على خير العمل يقول فيها: لو كان لي بضاعه أو في يدي صناعه أكفى بها المجاعه لم أخلع الخلاعه ولم أفق من الخذل ولا درست مسأله ولا رحلت بعمله ولا قطعت مجهله ولا طلبت منزله

ص: 127

ولا تعلمت الجدل ولا دخلت مدرسه سباعها مفترسه وجوههم معبسه ما لي وتلك المنحسه لولا النفاق والخبل الأصفر المنقوش شيدت به العروش به الفتى يعيش وباسمه يطيش مولاه ما شاء فعل يا عجبًا كل العجب لا أدب ولا حسب ولا تقى ولا نسب يغني الفتى عن الذهب سبحانه عز وجل بؤسًا لرب المحبره وعيشه ما أكدره ودرسه ودفتره يا ويله ما أدبره إن لم تصدقني فسل اصعد إلى تلك الغرف وانظر إلى تلك الحرف وابك لفضلي والشرف واحكم لضري بالسرف واضرب بخذلاني المثل وله القصيدة الطويلة التي أولها: لو أن لي نفسًا هربت لما ألقى، ولكن ليس لي نفس ما لي أقيم لدى زعانفة شم القرون أنوفهم فطس لي مأتم من سوء فعلهم ولهم بحسن مدائحي عرس وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدولة بأسرهم فأطيح دمه، فاختفى مدة، ثم سافر ودخل أصبهان، وانتشر ذكره بها، وتقدم عند أكابرها، فعاد إلى طبعه الأول، وهجا نظام الملك، فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عليه الأرض. ثم رمى نفسه على الإمام محمد بن ثابت الخجندي،

ص: 128

فتشفع فيه، فعفا عنه النظام، فاستأذن في مديح، فأذن له فقام، وقال قصيدته التي أولها: بعزة أمرك دار الفلك حنانيك فالخلق والأمر لك! فقال النظام: كذبت، ذاك هو الله تعالى.

وتمم القصيدة، ثم خرج إلى كرمان وسكنها، ومدح بها، وهجا على جاري طبيعته. وحدث هناك عن: أبي جعفر ابن المسلمة. سمع منه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في آخر سنة ثمان وتسعين.

وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني الشاعر حديثًا عن مالك البانياسي.

قال ابن النجار: فأخبرنا محمد بن معمر القرشي كتابة أن أبا غالب محمد بن إبراهيم أخبره قال: أخبرنا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العباسي الشاعر بكرمان، قال: أخبرنا ابن المسلمة سنة ستين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الفضل الزهري، قال: أخبرنا الفريابي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا محمد بن جحادة - فذكر حديثًا.

وقد روى عنه من شعره: عمر بن عبد الله الحربي، وأبو الفتح محمد بن علي النطنزي، وأحمد بن محمد بن حفص الكاتب، وآخرون.

ومن غرر قصائده قوله: يا صاحبي هات المدامة هاتها فصبيحة النيروز من أوقاتها كرمية، كرمية، ذهبية لهبية، بكرًا تقوم بذاتها رقت وراقت في الزجاج فخلتها جادت بها العشاق من عبراتها من كف هيفاء القوام كأنما عصرت سلاف الخمر من وجناتها السحر في ألحاظها، والغنج في ألفاظها، والدل في حركاتها أوما ترى فصل الربيع وطيبه قد نبه الأرواح من رقداتها والطير تصدح في الغصون كأنما مدحت نظام الملك في نغماتها فانهض بنا وانشط لنأخذ فرصة من لذة الأيام قبل فواتها يا صاحبي سري فلا أخفيكما ما أطيب الدنيا على علاتها

ص: 129

قم فاسقنيها بالكبير، ورح إلى راح تريح النفس من كرباتها إن مت مت فخلني وغوايتي إن الغواية حلوة لجناتها ولقد جريت على الصبابة والصبى وجذبت أقراني إلى غاياتها ثم ارعويت وما بكفي طائل من لذة الدنيا سوى تبعاتها وهي قصيدة طويلة.

قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.

وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسمائة.

ولابن الهبارية: وإذا البياذق في الدسوت تفرزنت فالرأي أن يتبيذق الفرزان خذ جملة البلوى ودع تفصيلها ما في البرية كلها إنسان

275 -

‌ مغاور بن الحكم

، أبو الحسن السلمي، الشاطبي، المؤدب.

أخذ القراءات عن: أبي الحسن ابن الدش. وأقرأ الناس. أخذ عنه: ابنه محمد، وأبو عبد الله بن بركة، وعبد الغني بن مكي.

276 -

مهذب الدولة، أمير البطائح، هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبيد بن أبي الجبر الكناني.

أديب، فاضل، شاعر، أخباري، دون شعره. ولي البطيحة وأعمالها، وتولى النظر بواسط وأعمالها، مضافًا إلى إمرة البطيحة. ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البطيحة.

وله شعر في المستظهر بالله، توفي في المحرم.

277 -

‌ هابيل بن محمد بن أحمد بن هابيل

، أبو جعفر الإلبيري، الأندلسي.

أخذ بقرطبة عن: أبي القاسم بن عبد الوهاب المقرئ، وأبي مروان

ص: 130

الطبني، وأبي مروان بن سراج. روى عنه أبو الحسن بن الباذش المقرئ.

وتوفي في رمضان سنة تسع، ويحتمل أن تكون سنة سبع.

278 -

‌ هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن الرحبي

، أبو القاسم الدباس.

من أولاد الشيوخ. سمع: أبا الحسن القزويني، وأحمد بن محمد الزعفراني، وعلي بن المحسن. روى عنه: عمر المغازلي، وأبو المعمر الأنصاري.

279 -

‌ هبة الله بن المبارك بن موسى بن علي

، أبو البركات السقطي، المفيد.

أحد من عني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وأصبهان، والموصل، والكوفة، والبصرة، وواسط. وتعب وبالغ، وكان فيه فضل ومعرفة باللغة.

جمع الشيوخ، وخرج الفوائد، وقيل: إنه ذيل على تاريخ الخطيب، وما ظهر ذلك. وله معجم في مجلد، ادعى فيه لقي أناس كأبي محمد الجوهري، ولم يدركه.

وضعفه شجاع الذهلي، وكذبه ابن ناصر.

روى عنه: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو المعمر الأزجي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأول، سامحه الله.

280 -

‌ هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب

، أبو المعالي الكرماني، الكاتب الوزير.

من رؤساء بغداد، تفرد في عصره بكتابة الحساب والديوان. وزر للمستظهر سنتين ونصفا، ثم عزل. وكان فقيهًا شافعيا. سمع: عبد الصمد ابن المأمون، وطبقته.

وله معروف وصدقات. روى اليسير، ولقبه مجد الدين. ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وكان من الأذكياء حسن المحاضرة.

عزل سنة اثنتين وخمسمائة. ومات سنة تسع.

ص: 131

281 -

‌ هشام بن أحمد بن سعيد

. أبو الوليد القرطبي، المعروف بابن العواد.

تلميذ أبي جعفر أحمد بن رزق، وأخذ أيضًا عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة، مقدمًا في الرأي والمذهب على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وانقباض عن الدولة، وإقبال على نشر العلم وبثه، واسع الخلق، حسن اللقاء، محببًا إلى الناس، حليمًا متواضعًا. دعي إلى القضاء فامتنع. تفقه به خلق كثير نفعهم الله به.

توفي في صفر، وشيعه عالم كثير، ومتولي قرطبة. مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وعاش سبعًا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عنه.

282 -

‌ يحيى ابن السلطان تميم بن المعز بن باديس

. الملك أبو طاهر الحميري، الصنهاجي صاحب إفريقية وبلادها.

تسلطن بعد أبيه، وخلع على الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قلاعًا لم يتمكن أبوه من فتحها. وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسير، شفوقًا على الرعية والفقراء، مقربًا للعلماء، جوادًا، ممدحًا.

وفيه يقول أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت: وارغب بنفسك إلا عن ندى ووغى فالمجد أجمع بين البأس والجود كدأب يحيى الذي أحيت مواهبه ميت الرجاء بإنجاز المواعيد معطي الصوارم والهيف النواعم والـ ـجرد الصلادم والبزل الجلاميد إذا بدا بسرير الملك محتبيًا رأيت يوسف في محراب داود توفي يحيى يوم الأضحى فجاءة في أثناء النهار، وخلف ثلاثين ولدًا ذكرًا، وقام بالملك بعده ابنه علي، فبقي ست سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحسن ابن علي، وهو صبي ابن ثلاث عشرة سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج أطرابلس المغرب بالسيف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحسن وخرج هاربًا من المهدية هو وأكثر أهلها،

ص: 132

ثم إنه التجأ إلى السلطان عبد المؤمن بن علي.

ومما تم ليحيى أن ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرج. وكان عنده الشريف أبو الحسن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم سكينًا، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئا، ورفسه يحيى ألقاه على ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، وأما الثاني، فضرب الشريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السيف وحط عليهم، ودخل الغلمان فقتلوا الثلاثة، وكانوا من الباطنية.

ص: 133

‌سنة عشر وخمسمائة

.

283 -

‌ أحمد بن الحسين بن علي بن قريش

، أبو العباس البغدادي، البناء، النساج، المقرئ.

سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا إسحاق البرمكي، وجماعة. روى عنه: إسماعيل ابن السمرقندي، وأحمد ابن الطلاية الزاهد، وابن ناصر، والسلفي، وفارس الحفار. ومات في رجب وله خمس وثمانون سنة.

وكان صالحًا ثقة، أجاز لابن كليب.

284 -

‌ أحمد بن عبد الله بن مظفر بن محمد بن ماجه

. أبو الرجاء الأصبهاني.

روى عن: ابن ريذة، وغيره. روى عنه أبو موسى الحافظ.

285 -

‌ أحمد بن محمد بن عمر المركزي

، أبو البركات.

شيخ مؤدب ببغداد. روى عن أبي إسحاق البرمكي. وعنه: السلفي، وأبو المعمر الأنصاري.

مات في نصف شعبان.

286 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن سليم

، أبو الفضل بن أبي بكر بن أبي علي.

من بيت حديث، توفي في صفر. روى عنه أبو موسى المديني، عن علي بن أحمد بن يوسف.

287 -

‌ إبراهيم بن أحمد

. أبو الفضل المخرمي، البغدادي.

روى عن: الصريفيني، وابن النقور. توفي في ربيع الأول.

288 -

‌ إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل

، أبو القاسم بن أبي عامر التميمي، الجرجاني.

قدم في هذه السنة بغداد ليحج، فحدث عن عبد الرحمن بن سعيد العسكري، عن أبي أحمد الغطريفي. روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن

ص: 134

أحمد الحديثي قاضي القضاة، ويحيى بن هبة الله البزاز، وأحمد بن سالم المقرئ، وأبو الفتح عبد الوهاب بن الحسن الفرضي.

289 -

‌ حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى

، الفقيه الزاهد الكبير، أبو الطيب الطهراني، الأصبهاني.

روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم. وعنه: أبو موسى، وغيره.

توفي ليلة الثلاثاء، ثاني عشر ربيع الأول، وهو من شيوخ السلفي ومن أقاربه.

290 -

‌ الحسن بن أحمد بن يحيى

. أبو أحمد بن أبي سلمة الكاتب، النيسابوري.

أحد المعروفين بالفضل والشعر. سمع من: الأمير أبي الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي، وأبي الحسين عبد الغافر. روى عنه ولده أحمد.

وتوفي في ربيع الأول.

291 -

‌ الحسن بن عبد الكريم

، أبو حرب العباسي، الأصبهاني، النقيب.

سمع: أبا أحمد المكفوف، كتب عنه: يحيى بن منده، توفي في المحرم.

292 -

‌ خميس بن علي بن أحمد بن علي بن الحسن

، الحافظ، أبو الكرم الواسطي، الحوزي.

ورد بغداد، وسمع أبا القاسم ابن البسري، وطبقته. وسمع بواسط: علي بن محمد النديم، وهبة الله بن الجلخت، وخلقًا سواهم. وكتب وجمع. روى عنه: أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم، وأبو طاهر السلفي، وآخر من روى عنه أبو بكر عبد الله بن عمران الباقلاني، المقرئ.

وله شعر جيد، فمنه: إذا ما تعلق بالأشعري أناس، وقالوا: وثيق العرى وطائفة رأت الاعتزال صوابًا، وما هو فيما ترى وأخرى روافض لا تستحق إذا ذكر الناس أن تذكرا

ص: 135

فنحن معاشر أهل الحديث علقنا بأذيال خير الورى فمن لم يكن دأبه دأبنا فنحن وأحمد منه برا وقد سأل السلفي خميسًا عن أهل واسط المتأخرين، فأجابه في جزء، وانتقى عليه جزءًا سمعناه، وكان يثني عليه ويقول: كان عالمًا ثقة، يملي علي من حفظه.

وقد ذكره ابن نقطة، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه، قال: والحوز قرية بشرقي واسط، حدث عن عبد العزيز بن علي الأنماطي، ومحمد بن محمد العكبري النديم، قال: وكان له معرفة بالحديث والأدب، قال: ومولده في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. ومات أيضًا في شعبان.

293 -

‌ طاهر بن أحمد بن الفضل

، أبو القاسم الأصبهاني، الخطاط، المعروف بالبزار.

توفي في شعبان، وله تسعون سنة. روى عن ابن ريذة. وعنه أبو موسى المديني.

294 -

‌ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت

، أبو محمد الأندلسي، ثم الشاطبي، البلالي، وبلالة من عمل شاطبة.

دين، عاقل، عالم. سمع من: ابن عبد البر، وأبي العباس العذري. وعنه: أبو الوليد يوسف ابن الدباغ، وقال: سمعت منه كتاب الصحابة، وكتاب التقصي، وكتاب الإنباء، وقرأت عليه الموطأ والسيرة. أخبرنا بجميع ذلك عن أبي عمر، وقال: كان بيننا وبين أبي عمر مصاهرة، ومولدي في سنة ست وأربعين وأربعمائة.

295 -

‌ عبد الغفار بن محمد بن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي

، أبو بكر الشيرويي، النيسابوري، التاجر.

سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي. وهو آخر من روى في الدنيا

ص: 136

عنهما. وروى عن: أبي حسان المزكي، وأحمد بن محمد بن الحارث النحوي، ووالده.

روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير. وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان.

وكان مولده في ذي الحجة سنة أربع عشرة، وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستًا وتسعين سنة.

قال السمعاني في كتاب الأنساب: كان صالحًا، عابدًا، معمرًا، رحل إليه من البلاد، وسمع الحيري، والصيرفي، وعبد القاهر بن طاهر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وقد دخل أصبهان، وسمع بها من ابن ريذة، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. أحضرني والدي مجلسه، وكان أبوه يروي عن المخلص، وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عنه.

وهو من قرية كونابذ، ثم عربت، فقيل: جنابذ، بفتح الباء، وهي من قهستان من رساتيق نيسابور.

وكان صالحًا، عفيفًا، يتجر إلى البلاد مضاربة بأموال الناس، ثم عجز، وانقطع لتسميع الحديث، وكان مكثرًا. ومن شيوخه أبو سعيد نصر الدين بن أبي الخير الميهني، وأبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي.

ألحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه من دب ودرج، وسار ذكره، ولم تتغير حواسه، إلا بصره فضعف. ومن شيوخه: أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي.

قال الفضل بن عبد الواحد الأصبهاني: سمعت الرئيس الثقفي يقول: لا جاء الله من خراسان بأحد إلا بأبي بكر الشيرويي؛ فإنه أخيرهم وأنفعهم.

قال السمعاني: سمعت منه الكثير، ولي ثلاث سنين ونصف بقراءة أبي، وسمع أخي في الخامسة، فمن ذلك جزء سفيان، وخمسة أجزاء من ثمانية من مسند الشافعي، فالفوت جزءان من أول المسند وجزء من آخره.

ص: 137

296 -

‌ عبد الله بن عبد الرحمن بن يونس

، أبو محمد بن خيرون الأندي، القضاعي.

محدث مكثر عن ابن عبد البر، وسمع: أبا الوليد الباجي، وابن دلهاث، وكان عارفًا بالفقه، والآداب، والشعر، ولي قضاء مربيطر.

روى عنه: أبو محمد بن علقمة، ومحمد بن محمد بن يعيش، وعبد الوهاب التجيبي، وآخرون.

297 -

‌ علي بن أحمد بن محمد بن بيان

، أبو القاسم ابن الرزاز، البغدادي، مسند الدنيا في عصره.

روى عنه خلق لا يحصون. سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، وطلحة بن الصقر الكتاني، وأبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشران، وأبا القاسم الحرفي الواعظ، وأبا العلاء الواسطي، وجماعة.

ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وكانت إليه الرحلة من الأقطار، وهو آخر من حدث بنسخة ابن عرفة.

قال أبو سعد السمعاني: وكان يأخذ على روايتها دينارًا عن كل واحد على ما سمعت. وأجاز لي، وحدثني عنه جماعة كثيرة. سمعت أبا بكر محمد بن عبد الباقي يقول: كان أبو القاسم بن بيان يقول: أنتم ما تطلبون الحديث والعلم، أنتم تطلبون العلو، وإلا ففي دربي جماعة سمعوا مني هذا الجزء، فاسمعوه منهم. ومن أراد أن يسمع مني يزن دينارًا.

سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله العطار بمرو يقول: وزنت الذهب لأبي القاسم بن بيان، حتى سمعت منه جزء ابن عرفة، وكذا ذكر لي محمد بن أبي العباس بسمرقند أنه أعطاه دينارًا حتى سمع منه.

قلت: روى عنه: أبو الفتوح الطائي، والسلفي، وخطيب الموصل، وأحمد بن محمد بن قضاعة، وأحمد بن محمد المنبجي، وأبو محمد عبد الله بن الخشاب النحوي، ومحمد بن عبد الباقي ابن النرسي، والمبارك بن محمد بن سكينة، ووفاء بن أسعد التركي، والحافظ أبو العلاء العطار، ومحمد بن بدر الشيحي، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وأبو الفرج محمد بن أحمد حفيد

ص: 138

ابن نبهان، وأبو الفتح بن شاتيل، وأحمد بن المبارك بن درك، وأحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وأبو السعادات نصر الله القزاز، وأبو منصور عبد الله بن عبد السلام، وعبد المنعم بن كليب.

توفي في سادس شعبان.

298 -

‌ علي بن عبد الله بن محمد

، أبو الحسن النيسابوري، الواعظ.

توفي في سلخ المحرم، وله نيف وتسعون سنة. روى بأصبهان عن: أبي حفص بن مسرور. وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السلفي، ومحمد بن حمزة الزنجاني، وأبو غانم بن زينة، وزيد بن حمزة الطوسي.

وروى عنه بالإجازة أبو القاسم ابن عساكر، وقال: سمع أبا عثمان الصابوني، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي. وبدمشق: أبا القاسم الحنائي. روى عنه: الفقيه نصر المقدسي.

قلت: وهو أكبر منه، وأبو موسى، وذلك يدخل في السابق واللاحق.

قال السلفي: أبو الحسن علي بن عبد الله ابن الصباغ، ذكر لي أنه يعرف بنيسابور بالأصبهاني، وبأصبهان بالنيسابوري. وكان يعقد المجلس في جامع أصبهان، ثقة.

299 -

‌ غانم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد

، أبو سهل ابن الشيخ أبي الفتح الحداد.

يروي عن: أبي القاسم بن أبي بكر الذكواني، والأصبهانيين. وعنه: أبو موسى، وجماعة. وحدث ببغداد عن: الذكواني، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي نصر الكسائي.

توفي في ربيع الأول، وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أبي سعيد الحداد ووالد محمد ومحمود. سمع أيضًا من أبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد الدربندي، وإبراهيم بن محمد الكسائي، وعدة. أجاز للسمعاني.

ص: 139

300 -

‌ المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال

، أبو الخير البغدادي، الشافعي، المقرئ، الأديب.

كان صالحًا، ثقة، متميزًا، قرأ القرآن على: أبي القاسم ابن الغوري، وأبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي الحسن بن غالب المقرئ، وأبي بكر بن الأطروش، وأبي بكر اللحياني. ورحل إلى واسط في طلب القراءات، فقرأ على أبي علي غلام الهراس، وتصدر للإقراء، وقصده الطلبة، وكان حافظًا، مجودًا، يتكلم على معاني القرآن.

وسمع الحديث من: أبي محمد الخلال، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي يعلى ابن الفراء. روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السنجي، وعلي بن أحمد المحمودي، وسعد الله بن محمد. وآخر من روى عنه: عبد المنعم بن كليب، وقد أجاز لابن السمعاني.

وكان مولده قبل الثلاثين وأربعمائة، وتوفي في غرة جمادى الأولى.

والغسال بغين معجمة.

وممن قرأ عليه سبط الخياط.

قال ابن ناصر: كان ضعيفا في الرواية لينا، ثم ذكر أشياء استدل بها، فيها تعنت من ابن ناصر كعادته.

301 -

‌ المبارك بن محمد بن علي

، أبو الفضل الهمذاني.

سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وابن المسلمة. وأجاز له أبو محمد الجوهري. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره.

توفي في ربيع الآخر.

302 -

‌ محفوظ بن أحمد بن الحسن بن الحسن

، الإمام، أبو الخطاب الكلوذاني، الأزجي، شيخ الحنابلة.

كان مفتيًا، صالحًا، ورعًا، دينًا، وافر العقل، خبيرًا بالمذهب، مصنفًا فيه، حسن العشرة والمجالسة. له شعر رائق، صنف كتاب الهداية المشهور في المذهب، ورؤوس المسائل، وتفقه على أبي يعلى.

وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري، وأبا علي محمد بن الحسين الجازري. حدث عنه بكتاب الجليس والأنيس للمعافى. روى عنه:

ص: 140

أبو المعمر الأنصاري، والمبارك بن خضير، وأبو الكرم ابن الغسال، وتفقه عليه أئمة.

وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.

ولأبي الخطاب قصيدة في العقيدة يقول فيها: قالوا: أتزعم أن على العرش استوى قلت: الصواب كذاك خبر سيدي قالوا: فما معنى استواه أبن لنا فأجبتهم: هذا سؤال المعتدي قال السمعاني: أنشدنا دلف بن عبد الله ابن التبان بسمرقند في فتوى جاءت إلى أبي الخطاب: قل للإمام أبي الخطاب مسألة جاءت إليك، وما إلا سواك لها: ماذا على رجل رام الصلاة، فإذ لاحت لناظره ذات الجمال لها؟ فكتب في الحال: قل للأديب الذي وافى بمسألة: سرت فؤادي لما أن أصخت لها إن الذي فتنته عن عبادته خريدة ذات حسن فانثنى ولها إن تاب، ثم قضى عنه عبادته فرحمة الله تغشى من عصى ولها توفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة.

303 -

‌ محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد

، أبو منصور البغدادي، الخازن.

أخو أبي غالب المتوفى سنة أربع وتسعين. سمعا معًا من: أبي طالب بن غيلان، وأبي القاسم بن المحسن التنوخي، وجماعة. روى عنهما: أبو منصور بن الجواليقي، وابن ناصر. وروى عن هذا عبد المنعم بن كليب.

وكان من رؤوس الشيعة وفقهائهم، وفيه اعتزال، وقد أدب أولاد نقيب الطالبيين، وعاش نيفًا وتسعين سنة. أخذ النحو عن ابن برهان، والثمانيني.

توفي في شعبان.

304 -

‌ محمد ابن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد ابن البناء

، أبو نصر الحنبلي.

ص: 141

بغدادي من بيت العلم والرواية.

سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران.

روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره.

توفي في ربيع الأول وله أربع وسبعون سنة.

305 -

‌ محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم

، الدمشقي أبو طاهر الحنائي.

من أهل بيت حديث، وعدالة، وسنة، وكان ثقة، صدوقًا. سمع: أباه أبا القاسم الحنائي، وأبا الحسين محمد وأبا علي أحمد ابني عبد الرحمن بن أبي نصر، ومحمد بن عبد الواحد الدارمي، وابن سختام، والأهوازي، ورشأ بن نظيف، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان، ومحمد بن علي بن سلوان، والحسن بن علي بن شواش، وطائفة سواهم.

روى عنه: الحافظان السلفي، وابن عساكر، والصائن ابن عساكر، وأبو طاهر بن الحصني، والخضر بن شبل الحارثي، والخضر بن طاوس، والفضل بن البانياسي، وأبو المعالي بن صابر.

ولد سنة ثلاث وثلاثين، وأول سماعه في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ثالث جمادى الآخرة عن سبع وسبعين سنة.

306 -

‌ محمد بن عبد المنعم بن حسن بن أنس

، السمرقندي، الفقيه.

تفقه على السيد أبي شجاع بن حمزة العلوي، وسمع: أبا عمارة بن أحمد. روى عنه: عمر النسفي، وتوفي بسمرقند في رابع عشر رجب.

307 -

‌ محمد بن علي بن ميمون بن محمد

، الحافظ أبو الغنائم النرسي، الكوفي، المقرئ، ويعرف بأبي.

ثقة، مفيد. سمع الكثير بالكوفة، وببغداد، وكان ينوب عن خطيب الكوفة. سمع: محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وأبا طاهر محمد ابن العطار، ومحمد بن إسحاق بن فدويه، ومحمد بن محمد بن خازم بن نفط، وجماعة بالكوفة، وكريمة المروزية، وعبد العزيز بن بندار الشيرازي بمكة، وأبا

ص: 142

الحسن أحمد بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وعبد الكريم بن محمد المحاملي، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا بكر بن بشران. وأبا عبد الله بن حبيب القادسي، وأبا القاسم التنوخي، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا منصور ابن السواق ببغداد.

وقدم الشام زائرًا بيت المقدس، وسمع بالشام، وكان يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أنا.

وكان مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة.

روى عنه: أبو الفتح نصر المقدسي الفقيه مع تقدمه، وابن كليب إجازة وبينهما في الموت مائة وست سنين، ومحمد بن ناصر، ومعالي بن أبي بكر الكيال، ومسلم بن ثابت النحاس، ومحمد بن حيدرة بن عمر الحسيني، وخلق كثير.

وسمع منه الحفاظ: أبو عبد الله الحميدي، وجعفر بن يحيى الحكاك، وأبو بكر ابن الخاضبة، وأبو مسلم عمر بن علي الليثي في سنة ستين وأربعمائة.

وجمع لنفسه معجمًا، وخرج مجاميع حسانًا، ونسخ الكثير. وممن روى عنه من القدماء عبد المحسن بن محمد الشيحي التاجر.

وقال: أول سماعي للحديث سنة اثنتين وأربعين، وأول رحلتي سنة خمس، أدركت البرمكي، فسمعت منه ثلاثة أجزاء ومات.

وقد وصفه عبد الوهاب الأنماطي بالحفظ والإتقان، وقال: كانت له معرفة ثاقبة.

وقال محمد بن علي بن فولاذ الطبري: سمعت أبا الغنائم الحافظ يقول: كنت أقرأ القرآن على المشايخ وأنا صبي، فقال الناس: أنت أبي، وذلك لجودة قراءتي.

قلت: قرأ على محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، عن قراءته على أبي عبد الله الجعفي. قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري لعاصم، وروى عنه السلفي أجزاء وقعت لنا.

وقال ابن ناصر: كان حافظًا، ثقة، متقنًا، ما رأينا مثله. كان يتهجد، ويقوم الليل. قرأ عليه أبو طاهر بن سلفة حديثًا فأنكره، وقال: ليس هذا من

ص: 143

حديثي، فسأله عن ذلك، فقال: أعرف حديثي كله؛ لأني نظرت فيه مرارًا، فما يخفى علي منه شيء، وكان يقدم كل سنة من سنة ثمان وتسعين في رجب، فيبقى ببغداد إلى بعد العيد ويرجع، وينسخ بالأجرة ليستعين على العيال. وأول ما سمع سنة اثنتين وأربعين، وكان أبو عامر العبدري يثني عليه ويقول: ختم هذا الشأن بأبي رحمه الله!

مرض أبي ببغداد، وحمل إلى الكوفة، فأدركه أجله بالحلة السيفية، وحمل إلى الكوفة ميتًا، فدفن بها، وذلك في شعبان. ومات يوم سادس عشره.

308 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، القصار، الأصبهاني، يعرف بمكرم.

من شيوخ بغداد. روى عن: القزويني، وابن لؤلؤ، وأبي محمد الجوهري. روى عنه: المبارك بن كامل، وقال: توفي في رجب.

309 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن علي بن خزيمة

، أبو بكر الخزيمي، النسوي، العطار، الفقيه، المزكي.

سمع: جده محمد بن علي، وأبا عامر الحسن بن محمد النسوي، أجاز لأبي سعد ابن السمعاني، وقال: توفي في رجب، وحدثنا عنه عبد الخالق بن زاهر.

310 -

‌ محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار

، الإمام أبو بكر بن العلامة أبي المظفر التميمي، السمعاني، المروزي، الحافظ، والد الحافظ أبي سعد.

قال ولده: نشأ في عبادة وتحصيل، وحظي من الأدب وثمرته نظمًا ونثرًا بأعلى المراتب، وكان متصرفًا في الفنون بما يشاء، وبرع في الفقه والخلاف. وزاد على أقرانه بعلم الحديث، ومعرفة الرجال، والأنساب، والتواريخ. وطرز فضله بمجالس تذكيره الذي تصدع صم الصخور عند تحذيره، ونفق سوق تقواه عند الملوك والأكابر، وسمع: والده، وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وأبا القاسم الزاهري، وعبد الله بن أحمد الطاهري، وأبا الفتح عبيد الله

ص: 144

الهاشمي.

ورحل إلى نيسابور، فسمع: أبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي ابن أحمد المؤذن، وعبد الواحد ابن القشيري، ودخل بغداد سنة سبع وتسعين، فسمع بها: ثابت بن بندار، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبا سعد بن خشيش، وأبا الحسين ابن الطيوري، وطبقتهم.

وبالكوفة: أبا البقاء المعمر الحبال، وأبا الغنائم النرسي، وبمكة، والمدينة.

وأقام ببغداد مدة يعظ بالنظامية، وقرأ التاريخ على أبي محمد ابن الآبنوسي، عن الخطيب. ثم رحل إلى همذان في سنة ثمان وتسعين، فسمع بها وبأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد ابن مردويه، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي سعد المطرز، ورجع إلى مرو.

قال: ثم رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور، وأسمعنا من الشيرويي، وغيره. وتوفي في صفر، وله ثلاث وأربعون سنة. وقد أملى مائة وأربعين مجلسًا بجامع مرو، كل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إليها. وكان يروي في الوعظ والحديث بأسانيده، وقد طلب مرة للذين يقرؤون في مجلسه، فجاءه لهم ألف دينار من الحاضرين.

وقيل له في مجلس الوعظ: ما يدرينا أنه يضع الأسانيد في الحال ونحن لا ندري؟ وكتبوا له بذلك رقعة، فنظر فيها، وروى حديث: من كذب علي متعمدًا. من نيف وتسعين طريقًا، ثم قال: إن كان أحد يعرف فقولوا له يكتب عشرة أحاديث بأسانيدها، ويخلط الأسانيد، ويسقط منها، فإن لم أميزها فهو كما يدعي.

ففعلوا ذلك امتحانًا، فرد كل اسم إلى موضعه، ففي هذا اليوم طلب لقراء مجلسه، فأعطاهم الناس ألف دينار. هذا معنى ما حدثنا شيخنا محمد بن أبي بكر السنجي.

وسمعت إسماعيل بن محمد الأصبهاني الحافظ يقول: لو صرف والدك همته إلى هدم هذا الجدار لسقط.

وقال السلفي فيه فيما سمعت أبا العز البستي ينشده عنه: يا سائلي عن علم الزمان وعالم العصر لدى الأعيان لست ترى في عالم العيان كابن أبي المظفر السمعاني وله: هو المزني كان أبا الفتاوى وفي علم الحديث الترمذي وجاحظ عصره في النثر صدقًا وفي وقت التشاعر بحتري وفي النحو الخليل بلا خلاف وفي حفظ اللغات الأصمعي

ص: 145

قلت: روى عنه: السلفي، وأبو الفتوح الطائي، وخلق من أهل مرو.

311 -

‌ محمد بن منصور بن محمد بن الفضل

، الشيخ أبو عبد الله الحضرمي، الإسكندراني، المقرئ.

قرأ لورش على أحمد بن نفيس، وسمع من جماعة. قرأ عليه أحمد ابن الحطيئة. وروى عنه العثمانيات.

ورخ موته ابن المفضل.

312 -

‌ محمود بن سعادة بن أحمد بن يوسف

، أبو القاسم الهلالي، السلماسي.

سمع: أحمد بن حريز السلماسي، الفقيه، وأبا يعلى الخليلي، وأبا عثمان الصابوني، قدما عليهم.

وهو من بيت رياسة وصلاح. روى عنه: السلفي، وقال: توفي في سنة عشر، وسماعه من الخليلي في سنة اثنتين وعشرين، مات وقد قارب المائة.

313 -

‌ مسعود بن حمزة

، أبو الوفاء الحداد.

سمع: أبا محمد الجوهري. روى عنه: المبارك بن أحمد، وغيره.

توفي سنة إحدى عشرة.

314 -

‌ نصر بن أحمد بن إبراهيم

، أبو الفتح الهروي، الحنفي، الزاهد، العابد.

سمع: جده لأمه أبا المظفر منصور بن إسماعيل صاحب ابن خميرويه، وإسحاق القراب، وأبا الحسن الدباس، وجماعة.

وخرج له شيخ الإسلام ثلاث مجلدات، وكان أسند من بقي بهراة وأعبدهم، رحمه الله.

آخر الطبقة والحمد لله

ص: 146

‌الطبقة الثانية والخمسون

511 -

520 هـ

ص: 147

بسم الله الرحمن الرحيم‌

‌ الحوادث

‌سنة إحدى عشرة وخمسمائة

زلزلت بغداد يوم عرفة، ووقعت دور وحوانيت بالجانب الغربي على أهلها.

وفيها هجمت الفرنج حماة في الليل، وقتلوا بها مائة وعشرين رجلًا.

وفيها ترحلت العساكر، وتركت حصار الألموت عندما بلغها موت السلطان محمد، بعد أن كادوا يفتحونها.

وفيها غرقت سنجار، جاءها سيل عرم، وهدم سورها، وهلك خلق كثير، حتى إن السيل أخذ باب المدينة وذهب به عدة فراسخ، واختفى تحت التراب الذي جره السيل. ثم ظهر بعد سنوات، وسلم طفل في سرير له، حمله السيل، فتعلق السرير بزيتونة، وعاش وكبر.

وفيها فتك قوم من الأتراك بلؤلؤ الخادم صاحب حلب وهو متوجه إلى قلعة جعبر.

والسلطان محمد بن ملكشاه، فيها توفي أيضًا بأصبهان، وقام بالأمر بعده ابنه محمود، وفرق خزائنه في العسكر. وقيل: كانت أحد عشر ألف ألف دينار عينًا، وما يناسب ذلك من العروض.

وفيها هلك بغدوين صاحب القدس، وفيها هلك ملك القسطنطينية، لعنهما الله.

‌سنة اثنتي عشرة وخمسمائة

فيها كان حريق كبير ببغداد، احترقت الريحانيين، ومسجد ابن عبدون.

وفيها قبض على صاحب المخزن أبي طاهر ابن الخرزي وأعدم، وأخذ من داره أربعمائة ألف دينار مدفونة.

ص: 149

وتوفي ولد المسترشد بالله الكبير، ثم الصغير بالجدري، فبكى عليه المسترشد بالله حتى أغمي عليه.

وقبض على ابن كمونة وصودر، وأخذ منه مال كثير.

وفيها كان على إمرة الموصل مسعود ابن السلطان ملكشاه، وله أربع عشرة سنة، وأتابكه جيوش بك، ووزيره فخر الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس.

وفيها خلع على دبيس بن مزيد جبة، وفرجية، وطوق، وعمامة، وفرس، وسيف، ومنطقة ولواء، وحمل ذلك إليه نقيب النقباء ونجاح، وكان يومًا مشهودًا.

وصرف عن الحجابة أبو جعفر ابن الدامغاني، وولي أبو الفتوح بن طلحة.

وفيها ولي شحنكية بغداد آقسنقر البرسقي، وعزل مجاهد الدين بهروز الخادم، وتحول بهروز إلى تكريت، وهي له. ثم ولي شحنكية بغداد منكبرس، فحاربه البرسقي بإذن الخليفة، فنصر البرسقي.

ومات الخليفة المستظهر بعد أيام، وبويع المسترشد ولده، فنزل أبو الحسن علي ابن المستظهر في مركب هو وثلاثة نفر، وانحدر إلى المدائن ثم سار إلى الحلة إلى عند دبيس، فأكرمه وخدمه. وأهم ذلك المسترشد، وطلبه من دبيس، فتلطف في المدافعة عنه.

‌سنة ثلاث عشرة وخمسمائة

وفيها انفصل على الحلة الأمير أبو الحسن ابن المستظهر بالله، فمضى إلى واسط، ودعا إلى نفسه، واجتمع معه جيش، وتملك واسط وأعمالها، وجبى الخراج، وشق ذلك على الخليفة، فبعث ابن الأنباري كاتب الإنشاء إلى دبيس، وعرفه. وقال: أمير المؤمنين معول عليك، فأجاب، وجهز صاحب جيشه عنانا في جمع كبير.

فلما سمع أبو الحسن ذلك ترحل من واسط في عسكره ليلًا، فأضلوا الطريق، وساروا ليلهم أجمع حتى وصلوا إلى عسكر دبيس. فلما لاح لهم العسكر انحرف أبو الحسن عن الطريق، فتاه مع عدد من خواصه، وذلك في تموز. ولم يكن معهم ماء، فأشرفوا على التلف، فأدركه

ص: 150

نصر بن سعد الكردي، فسقاه، وعادت نفسه إليه، ونهب ما كان معه من مال، وحمله إلى دبيس إلى النعمانية، فأقدمه إلى بغداد وخيم بالرقة.

وبعث به إلى المسترشد بعد تسليم عشرين ألف دينار قررت عنه، وكانت أيامه أحد عشر شهرًا، وشهر وزيره ابن زهمويه على جمل، ثم قتل في الحبس، فقيل: إن الأمير أبا الحسن دخل على أخيه المسترشد، فقبل قدمه فبكيا جميعًا، ثم قال له: فضحت نفسك، وباعوك بيع العبيد. وأسكنه في داره التي كان فيها وهو ولي عهد، ورد جواريه وأولاده، وأحسن إليه، ثم شدد عليه بعد ذلك.

وفيها خطب بولاية العهد للأمير أبي جعفر منصور ابن المسترشد، وله اثنتا عشرة سنة.

وفي جمادى الأولى كانت الوقعة بين السلطانين سنجر ومحمود ابن أخيه وزوج ابنته، وذلك أن سنجر لما بلغه موت أخيه السلطان محمد دخل عليه حزن مفرط، وجلس على الرماد وصاح، وأغلق البلد أيامًا. وعزم على قصد العراق ليملكه، وندم على قتل وزيره أبي جعفر محمد ابن فخر الملك ابن نظام الملك لأمور بدت منه، وأخذ أمواله. وكان له من الجواهر والأموال ما لا يوصف، فالذي وجدوا له من العين ألفا ألف دينار، فلما قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عبد الرزاق ابن أخي نظام الملك.

ولما سمع محمود بحركة عمه سنجر نحوه راسله ولاطفه وقدم له تقادم، فأبى إلا القتال أو النزول له عن السلطنة. فتجهز محمود، وتقدم على مقدمته أمير حاجب في عشرة آلاف، ووصل محمود إلى الري فدخلها، ثم ضجر منها وتقدم منها. وجاء إلى خدمته منصور أخو دبيس، وجماعة أمراء، وتصمد معه ثلاثون ألفًا.

وأقبل سنجر في نجو مائة ألف، وكانت الوقعة بصحراء ساوة، وكان مع سنجر خمسة ملوك على خمسة أسرة وأربعون فيلًا، عليها البركصطوانات والمراوات والزينة الباهرة، وألوف من الباطنية، وألوف من كفار الترك.

فلما التقوا هبت ريح سوداء أظلمت الدنيا، وظهر في الجو حمرة منكرة، وآثار مزعجة، وخاف الناس. ثم انكشفت الظلمة واقتتلوا، فانكسرت ميمنة سنجر، ثم ميسرته، وثبت هو في القلب والفيلة معه. وكذا بقي محمود في القلب وحده، وتفرق أكثر جيشه في النهب، فحمل سنجر بالفيلة، فولت الخيل منها، فتأخر محمود ولم ينهزم، فلم يتبعه سنجر؛ لأنه رأى مجنبتيه قد

ص: 151

انهزموا، وثقله ينهب، وكثير من أمرائه قد قتلوا، ووزيره قد أسر، ورأى ثبات ابن أخيه.

فأخذ في المخادعة وأرسل إلى محمود ابن أخيه، يقول: أنت ابن أخي وولدي، وما أؤاخذك؛ لأنك محمول على ما صنعت، ولا أؤاخذ أصحابك؛ لأنهم لم يطلعوا على حسن نيتي لهم. فقال محمود: أنا مملوكه، ثم جاء بنفسه، وسنجر قد جلس على سرير، فقبل الأرض.

فقام له سنجر، واعتنقه وقبله، وأجلسه معه، وخلع عليه خلعة عظيمة، كان على سرج فرس الخلعة جوهر بعشرين ألف دينار، وأكل معه، وخلع على أمرائه. وأفرد له أصبهان يكون حاكمًا عليها، وعلى مملكة فارس وخوزستان. وجعله ولي عهده، وزوجه بابنته، ثم عاد إلى خراسان، ثم جاءت رسله بالتقادم إلى الخليفة.

وفيها اجتمع عسكر طغتكين وإيلغازي، وخرج صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا، فالتقوا بأرض حلب، فانهزم الملعون، وقتل من أصحابه خلق، وأسر خلق، ولم ينج إلا الأقل. وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة، وقد ذكرها أبو يعلى حمزة، فقال: ولم تمض ساعة إلا والإفرنج على الأرض بسطحة واحدة، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخص يخبر خبرهم. وقتل طاغيتهم صاحب أنطاكية، ولم يتفق مثل هذا الفتح للمسلمين.

وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كل منهما. وحرض الأفضل على اغتيال الآمر، ودس إليه السم مرارًا، فلم يقدر، وجرت لهما أمور طويلة.

وفيها خلع على أبي علي بن صدقة، ولقب جلال الدين.

ووردت كتب من السلطان سنجر، فيها أقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار، وللوزير ببضعة آلاف دينار، ثم جاء من سنجر هدايا، ثلاثين تختًا من الثياب، وتحف وعشرة مماليك.

وفي آخر السنة زاد التضييق على الأمير أبي الحسن، وسد عليه الباب، وكان ينزل إليه ما يصلحه من طاقة.

وفيها ولي منكبرس شحنكية بغداد، فظلم وعسف، وعثر الرعية، وضج

ص: 152

الناس منه. وأغلقت الأسواق إلى أن قلعه الله، وطلبه السلطان، وقتله صبرًا، ثم أعيد الخادم بهروز إلى الشحنكية.

ومات فيها وزير السلطان ربيب الدولة، ووزر بعده الكمال السميرمي.

وفيها ظهر قبر إبراهيم الخليل، وقبر إسحاق ويعقوب صلى الله عليهم، ورآهم كثير من الناس لم تبل أجسادهم. وعندهم في المغارة قناديل من ذهب وفضة، قاله حمزة بن أسد التميمي في تاريخه على ما حكاه ابن الأثير.

‌سنة أربع عشرة وخمسمائة

فيها خطب للسلطان سنجر ولابن أخيه السلطان محمود معًا في موضع واحد، وسمي كل واحد شاهنشاه، ولقب سنجر: عضد الدولة، ولقب محمود: جلال الدولة.

وفي صفر نقل أبو الفتوح حمزة بن علي من الحجابة إلى وكالة الخليفة، وإلى نظر المخزن.

وتمرد العيارون، وأخذوا زواريق منحدرة إلى بغداد، وفتكوا بأهل السواد وأسرفوا، وهجموا على محلة العتابيين، فحفظوا أبواب المحلة ونهبوها عنوة. فأمر الخليفة بإخراج أتراك دارية لقتالهم، فخرجوا وحاصروهم في الأجمة خمسة عشر يومًا.

ثم إن العيارين نزلوا في السفن، وانحدوا إلى شارع دار الرقيق ودخلوا المحلة، وأفلتوا منها إلى الصحارى. وقصد أعيانهم دار الوزير أبي علي بن صدقة بباب العامة في ربيع الأول، وأظهروا التوبة. وخرج فريق منهم لقطع الطريق، فقتلهم أهل السواد بأوانا، وبعثوا برؤوسهم إلى بغداد.

وفيها ورد قاضي الكوفة أبو جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي من جهة سيف الدولة دبيس إلى الأمير إيلغازي بن أرتق خطب منه ابنته لدبيس، فزوجه بها، ونفذها في صحبته.

ص: 153

ولما بلغ دبيسا اشتغال محمود أخذ في أذية السواد، وانجفل أهل نهر عيسى، ونهر الملك. وأتى عنان صاحب جيشه، فحاصر بعقوبا، وأخذها، وسبى الحريم والأولاد.

وكان دبيس يعجبه اختلاف السلاطين، فلما خاف من مجيء محمود أمر بإحراق الغلات والأتبان، وبعث إليه الخليفة ينذره فلم ينفع، وبعث إليه السلطان محمود يتألفه، فلم يهتز لذلك.

وقدم بغداد ونازلها بإزاء دار الخليفة، فوجل منه الناس، وأخرج نقيب الطالبيين، وتهدد دار الخلافة، وقال: إنكم استدعيتم السلطان؛ فإن أنتم صرفتموه، وإلا فعلت وفعلت. فأنفذ إليه أنه لا يمكن رد السلطان، بل نسعى في الصلح. فانصرف دبيس، فسمع أصوات أهل باب الأزج يسبونه، فعاد وتقدم بالقبض عليهم، وضرب جماعة منهم بباب النوبي.

وفيها قال ابن الأثير: خرج الكرج، وهم الخزر، إلى بلاد الإسلام، وكانوا قديمًا يغيرون، فامتنعوا أيام ملكشاه. فلما كان في هذه السنة خرجوا ومعهم القفجاق وغيرهم، فسار لحربهم دبيس وإيلغازي وجماعة في ثلاثين فارس، فالتقى الجمعان، فانكسر المسلمون، واصطدم المنهزمون. وتبعهم الكفار يقتلون ويأسرون، فقتلوا أكثرهم، وأسروا أربعة آلاف رجل، ونجا طغرل أخو السلطان ودبيس.

ونازلت الكرج تفليس، وحصروها مدة إلى سنة خمس عشرة، وأخذوها بالسيف.

وفيها في ربيع الأول كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه الملك مسعود، وكان بيد مسعود أذربيجان والموصل، وعمره إحدى عشرة سنة. وسبب الحرب أن دبيس بن صدقة كان يكاتب أتابك الملك مسعود، ويحثه على طلب السلطنة لمسعود، وكان مع مسعود قسيم الدولة آقسنقر البرسقي الذي كان شحنة بغداد قد أقطعه مراغه والرحبة، وكان معاديًا لدبيس. فكاتب دبيس الأتابك جيوش بك يحرضه على القبض على البرسقي، فعرف البرسقي، ففارقهم إلى محمود، فأكرمه ورفع محله.

واتصل أبو إسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني الطغرائي مصنف لامية

ص: 154

العجم بمسعود، وكان ولد الطغرائي يكتب مسعودا.

فلما وصل الطغرائي استوزره مسعود قبل أن يعزل أبا علي بن عمار الذي كان صاحب طرابلس، فحسن أيضًا لمسعود الخروج على أخيه محمود، وخطب لمسعود بالسلطنة، ودقت له النوبة في الأوقات الخمس.

فأقبل محمود، والتقوا عند عقبة أسداباذ، ودام القتال طول النهار، وانهزم جيش مسعود، وأسر منهم خلق، منهم الطغرائي، ثم قتل بحضرة السلطان محمود، وهرب خواص مسعود به إلى جبل، فاختفى به وبعث يطلب الأمان. فرق له السلطان محمود وآمنه.

ثم قووا نفس مسعود، وساروا به إلى الموصل، فلحقه البرسقي، ورد به، واعتنقه أخوه وبكيا، وعد ذلك من مكارم محمود. ثم جاء جيوش بك وخاطر فعفا أيضًا عنه السلطان.

وفي هذا الوقت كان ظهور ابن تومرت بالمغرب كما هو مذكور في ترجمته، وانتشرت دعوته في جبال البربر، إلى أن صار من أمره ما صار.

وفي رجب قدم السلطان محمود، فتلقاه الوزير، ونثر عليه أهل باب الأزج الدنانير، فبعث دبيس زوجته بنت عميد الدولة ابن جهير إلى السلطان، فقدم عشرين ألف دينار، وثلاثة عشر فرسًا. فما وقع الرضا عنه، وطولب بأكثر من هذا. فأصر على اللجاج، ولم يبذل شيئًا آخر، فمضى السلطان إلى ناحيته، فبعث يطلب الأمان، وغالط لينهزم، فلما بعث إليه خاتم الأمان دخل البرية.

وفيها أمر الخليفة بإراقة الخمور التي بسوق السلطان، ونقض بيوتهم.

وفيها رد وزير السلطان الوزير المعروف بالسميرمي المكوس والضرائب، وكان السلطان محمد قد أسقطها سنة إحدى وخمسمائة. ورجع السلطان، فتلقاه الوزير والموكب، فطلب الإفراج عن الأمير أبي الحسن أخي المسترشد بالله، فبذل له ثلاثمائة ألف دينار ليسكت عن هذا.

وفيها نازل ملك الفرنج ابن رذمير مدينة قتندة، فحاصرها، وهي قريبة من مرسية، فجاء عسكر المسلمين، فعملوا المصاف، فانهزم المسلمون. وقتل خلق، منهم ابن الفراء وابن سكرة، واستطال ابن رذمير لعنه الله.

ص: 155

‌سنة خمس عشرة وخمسمائة

فيها بلغ السلطان محمودا وفاة جدته، فرد من الصيد، وعمل عزاءها ببغداد. وتكلم أبو سعد إسماعيل بن أحمد، وأبو الفتوح أحمد الغزالي الطوسيان.

وفيها استدعي علي بن طراد النقيب بحاجب من الديوان، وقرأ عليه الوزير توقيعًا بأن قد استغني عن خدمتك. فمضى ولزم بيته، وكانت بنته متصلة بالأمير أبي عبد الله ابن المستظهر، وهو المقتفي.

وفي ربيع الأول انحدر أبو طالب علي بن أحمد السميرمي وزير السلطان متفرجًا، فلما حاذى باب الأزج عبر إليه علي بن طراد وحدثه، فوعده، ثم تكلم في حقه، فأعيد إلى النقابة.

وفيه انقض كوكب صارت من ضوئه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذلك صوت هدة كالزلزلة.

وفيه خلع على القاضي أبي سعد الهروي خلعة القضاء، قلده السلطان محمود القضاء بجميع الممالك سوى العراق مراعاة لقاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، وركب إلى داره ومعه كافة الأمراء.

وفي جمادى الآخرة احترقت دار المملكة التي استجدها بهروز الخادم، وكان بها السلطان نائمًا على سطح، فنزل وهرب في سفينة، وذهب من الفرش والآلات والجواهر ما تزيد قيمته على ألف ألف دينار، وغسل الغسالون التراب، وظفروا بالذهب والحلي قد تسبك.

ولم يسلم من الدار ولا خشبة، وأمر السلطان ببناء دار له على المسناة المستحدثة، وأعرض عن الدار التي احترقت، وقال: إن أبي لم يمتع بها ولا امتد بقاؤه بعد انتقاله إليها، وقد ذهبت أموالنا فيها.

واحترق بأصبهان جامع كبير أنفقت عليه أموال، يقال: إنه غرم على أخشابه ألف ألف دينار.

وفي شعبان عقد مجلس، وحلف السلطان للخليفة على المناصحة والطاعة، ثم نفذ هدية إلى الخليفة، وجلس الخليفة في الدار الشاطئية، وهي

ص: 156

من الدور البديعة التي أنشأها المقتدي، وتممها المسترشد، فجلس في قبته، وعليه ثوب مصمت وعمامة رصافية، وعلى كتفه البردة، وبين يديه القضيب.

ورتب وزيره ابن صدقة الأمور، وأتى وزير السلطان أبو طالب السميرمي والمستوفي وخواص دولتهم. ثم وقف ابن صدقة عن يسار السدة، وأبو طالب السميرمي عن يمينها، وأقبل السلطان محمود يده في يد أخيه مسعود.

فلما قرب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخليفة. فلما قاربوا كشفت الستارة لهما، ووقف السلطان في الموضع الذي كان وزيره واقفًا فيه، وأخوه إلى جانبه، فخدما ثلاث مرات ووقفا، والوزير ابن صدقة يذكر له عن الخليفة أنسه به وبقربه وحسن اعتقاده فيه.

ثم أمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه، فحمل إلى مجلس لذلك. ثم وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرًا أميرًا، فيخدم وتعرف خدمته، فيقبل الأرض وينصرف.

ثم عاد السلطان وأخوه، فمثلا بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخلع السبع والطوق، والسواران، والتاج، فخدما. وأمر الخليفة بكرسي، فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. وأمره بالإحسان إلى الرعية.

ثم أذن للوزير أبي طالب في تفسير ذلك عليه، ففسره، وأعاد عنه أنه قال: وفقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسعادات، وسلم الخليفة إلى الوزيرين سيفين وأمرهما أن يقلدا بهما السلطان. فلما فعلا قال له: اقمع بهما الكفار والملحدين! وعقد له بيده لواءين حملا معه، وخرج، فقدم له في صحن الدار فرس من مراكب الخليفة، بمركب جديد صيني، وقيد بين يديه أربعة أفراس بمراكب الذهب.

وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثم وقع ثلج عظيم، وكبر حتى كان علو ذراع.

قال ابن الجوزي: وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني المنتظم أن الثلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرشيد، وفي أيام المقتدر، وفي أيام المطيع، والطائع، والقادر، والقائم. وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة، فإنه بقي

ص: 157

خمسة عشر يومًا ما ذاب، وهلك شجر الأترج، والليمو، ولم يعهد سقوط ثلج بالبصرة إلا في هذه السنة.

ودخل دبيس الحلة، فأخرج أهلها، فازدحموا على المعابر، فغرق منهم نحو الخمسمائة. ودخل أخوه النيل، فأخرج شحنة السلطان منها، وأخذ ما فيها من الميرة. فحث الخليفة السلطان على دبيس، فندب السلطان الأمراء لقصد دبيس، فلما قصدوه أحرق دار أبيه، وذهب إلى النيل. فأتى العسكر الحلة، فوجدوها فارغة، فقصدوه وهو بنواحي الني، ثم صالحوه، وحلف للسلطان.

وفي صفر أقطع السلطان لآقسنقر البرسقي الموصل وأعمالها، وبعثه إليها، وأمره بجهاد الفرنج، فسار إليها في عسكر كبير، واستقر بها.

وكان الأمير إيلغازي بن أرتق في هذه المدة حاكمًا على ماردين وحلب، وابنه سليمان بحلب، فعزل سليمان منها لكونه أراد أن يعصي على أبيه.

وفيها أعيدت المكوس، وألزمت الباعة أن يدفعوا إلى السلطان ثلثي ما يأخذونه من الدلالة، وفرض على كل ثوب من السقلاطوني ثمانية قراريط، ثم قيل للباعة: زنوا خمسة آلاف شكرًا للسلطان، فقد أمر بإزالة المكس.

ومرض وزير السلطان، فعاده السلطان وهنأه بالعافية، فاحتمل واحتفل وعمل، أعني الوزير، وليمة عظيمة إلى الغاية، فيها الملاهي والأغاني، نابه عليها خمسون ألف دينار.

وفيها توفي علي بن يلدرك التركي، وكان شاعرًا مترسلًا ظريفًا، توفي في صفر ببغداد. قال أبو الفرج ابن الجوزي: نقلت من خط ابن عقيل، قال: حدثني الرئيس أبو الثناء علي بن يلدرك، وهو ممن خبرته بالصدق، أنه كان في سوق نهر المعلى، وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج، وهو مضطرب المشي، يظهر منه عدم المعرفة بالحمل، فما زلت أترقب سقوطه.

قال: فسقط، فتكسر الزجاج، فبهت الرجل، ثم أخذ عند الإفاقة من البكاء يقول: هذا والله جميع بضاعتي، والله لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفي على هذه، ما دخل قلبي مثل هذه! واجتمع حوله جماعة يرثون له، ويبكون عليه، وقالوا:

ص: 158

ما الذي أصابك بمكة؟ فقال: دخلت قبة زمزم، وتجردت للاغتسال، وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالًا، فخلعته واغتسلت، وأنسيته، وخرجت. فقال رجل من الجماعة: هذا دملجك خذه، له معي سنين! فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.

وفيها نازل الملك علي بن يوسف بن تاشفين البربري مدينة قرطبة وضايقها، وآذى الناس، فتذللوا له، وبذلوا له أموالًا عظيمة، حتى ترحل عنهم. وكانوا قد خرجوا عليه لكونه بعث على نيابة قرطبة قائدًا ظالمًا، فأراد عبد من عبيده أن يكره امرأة ويضطهدها علانية، فضربه الناس، فآل الأمر إلى قتال، حتى تسوروا على القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلونه. وجرت فتنة عظيمة، وكان البربر في هذه السنين غالبين على الأندلس، وفيهم قلة دين.

وقبل سفر ابن تاشفين وقف له بجامع مراكش محمد بن تومرت الفقيه، وكلمه بكلام فج، فقال: أيها الأمير، إنك حلت بين بصرك وبين الحق بظلمة التقليد، فقلدت قومًا أكلوا الدنيا بالآخرة، وأنا أناظرهم بين يديك، وأصقل مرآتك، حتى تأمر بالاحتياط عليه. وأحضر له جماعة من أهل الأصول والفروع.

‌سنة ست عشرة وخمسمائة

فيها كلم الخليفة الوزير أبا طالب السميرمي في أمر دبيس، وأن في قربه من بغداد خطرًا، فنؤثر مقام آقسنقر البرسقي عندنا لنصحه، فوافق السلطان محمود على ذلك وفعله.

ثم خرج في ربيع الأول من بغداد، وكانت إقامته بها سنة وسبعة أشهر ونصفا. وخلع على البرسقي، وكلم في شأن دبيس، فتوجه إلى صرصر. وتصاف العسكران، وانجلت الوقعة عن هزيمة البرسقي، وكان في خمسة آلاف فارس، ودبيس في أربعة آلاف بأسلحة ناقصة، إلا أن رجالته كانت كثيرة.

ورأى البرسقي في الميسرة خللًا، فأمر بحط خيمته لتنصب عندهم ليشجعهم بذلك، وكان ذلك ضلة من الرأي؛ لأنهم لما رأوها حطت أشفقوا فانهزموا، وكان الحر شديدًا، فهلكت البراذين والهماليج عطشًا. وترقب الناس من دبيس الشر، فلم يفعل، وأحسن السيرة، وراسل الخليفة وتلطف، وتقررت قواعد الصلح.

ص: 159

ثم جرت أمور، وولي علي بن طراد الزينبي نيابة الوزارة، وعزل ابن صدقة، ولم يؤذ. ثم قدم قاضي القضاة أبو سعد الهروي من العسكر بتحف من سنجر، وأن السلطان محمودا قد استوزر عثمان بن نظام الملك، وعول عثمان على أبي سعد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد ابن نظام الملك، وأنه لا يستقيم له وزارة بدار الخلافة. فتخير ابن صدقة حديثة الفرات ليكون عند سليمان بن مهارش، فأخرج وخفر، فوقع عليه يونس الحرامي، وجرت له معه قصص.

واستدعي أبو نصر أحمد ابن النظام من داره بنقيب النقباء علي بن طراد، وابن طلحة، ودخل إلى الخليفة وحده وخرج مسرورًا، وخلع عليه للوزارة.

وفي رمضان بعث دبيس طائفة، فنهبوا أكثر من ألف رأس، فأرسل إليه الخليفة يقبح ما فعل، فبث ما في نفسه، وما يعامل به من الأمور الممضة: منها أنهم ضمنوا له إهلاك عدوه ابن صدقة الوزير، فأخرجوه من الضيق إلى السعة. ومنها أنه طلب إخراج البرسقي من بغداد، فلم يفعلوا.

ومنها أنهم وعدوه في حق أخيه منصور أن يطلقوه، وكان قد عصى على السلطان بركياروق وخطب لمحمد. فلما ولي محمد صار له بالخطبة جاه عند محمد، وقرر مع أخيه أن لا يتعرض لصدقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودمما، والفلوجة، وأعطاه واسط، وأذن له في أخذ البصرة.

فصار يدل على السلطان الإدلال الذي لا يحتمله، وإذا وقع إليه رد التوقيع، أو طال مقام الرسول على مواعيد لا ينجزها، وأوحش أصحاب السلطان، وعادى البرسقي.

وكان أيضًا قد أظهر سب الصحابة بالحلة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما يجب على من يسب، وكتب المحاضر فيما يتم في بلاد ابن مزيد من ترك الصلوات، وأنهم لا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرمات. فكتب الفقهاء بأنه يتعين قتالهم.

ثم قصد العميد باب السلطان، وقال: إن حال ابن مزيد قد عظمت، وقد قلت فكرته في أصحابك، واستبد بالأموال، وأراه الفتوى، وقال: هذا سرخاب قد لجأ إليه، وهو على غاية من بدعته التي هي مذهب الباطنية. وكانا قد اتفقا على قلب الدولة، وإظهار مذهب الباطنية. وكان السلطان قد تغير على سرخاب، فهرب منه إلى الحلة، فتلقاه بالإكرام.

فراسله السلطان، وطالبه بتسليم سرخاب، فقال: لا أسلم من لجأ إلي. وإن

ص: 160

السلطان قصده، فاستشار أولاده، فقال ابنه دبيس: تسلم إلي مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرد معي ثلاثمائة فارس؛ فإني أقصد باب السلطان، وأعتذر عنك، وأخدمه بالمال والخيل وأقرر معه أن لا يتعرض لأرضك.

فقال غيره: الصواب أن لا تصانع من تغيرت فيك نيته، فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمت وقعة هائلة، ثم قتل صدقة، وقد مر ذلك.

ونشأ دبيس، ففعل القبائح، ولقي الناس منه فنون الأذى، وطغى وبغى فنفذ إليه المسترشد يهدده، فتواعد وأوعد، وأرسل، وبعث طلائعه. فانزعج أهل بغداد، فلما كان ثالث شوال صلب البرسقي تسعة، قيل: إنهم مجهزون من دبيس لقتل البرسقي، وعبر البرسقي في ذي القعدة، وضرب الخليفة سرادقه عند رقة ابن دحروج، ونصب هناك الجسر، وبعث القاضي أبا بكر الشهرزوري إلى دبيس ينذره، وفي الكلام: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا.

فاحتد وغضب وجمع، فكانت فرسانه تزيد على ثمانية آلاف، ورجالته عشرة آلاف، ونزل المسترشد بالله راكبًا من باب الغربة، ثم عبر في الزبزب، وعليه القباء، والعمامة، وبيده القضيب، وعلى كتفه البردة النبوية، وعلى رأسه طرحة. ومعه وزيره أحمد ابن نظام الملك، وقاضي القضاة الزينبي، والنقيبان، والهاشميون، والقضاء، فنزل بالمخيم، وأقام به أيامًا.

وفيها قتل الوزير أبو طالب السميرمي ببغداد، وولي وزارة السلطان محمود بعده شمس الملك عثمان ابن نظام الملك، فأبطل ما جدده السميرمي من المكوس.

وفي رمضان قتل السلطان محمود الأمير جيوش بك، وكان تركيًا من مماليك السلطان محمد، وكان مهيبًا شجاعًا، قتله محمود خوفًا من غائلته.

وفيها مات إيلغازي صاحب ماردين، وحلب، وميافارقين.

وفيها أقطع السلطان محمود قسيم الدولة البرسقي واسطًا وأعمالها، مضافًا إلى ولاية الموصل، وشحنكية العراق، فسير إلى واسط عماد الدين زنكي بن آقسنقر.

ص: 161

وفيها وصل إلى بغداد أبو الحسن الغزنوي، فوعظ، وأقبلوا عليه. ثم ورد بعده أبو الفتوح الإسفراييني، ونزل برباط أبي سعد، وتكلم بمذهب الأشعري، ثم سلم إليه رباط الأرجوانية.

‌سنة سبع عشرة وخمسمائة

في أولها رحل المسترشد بالله، ثم نزل بقرية تعرف بالحديثة من نهر الملك، وأتاه البرسقي وجماعة الأمراء، وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب.

وقرأ محمد بن عمر الأهوزاي على المسترشد جزء ابن عرفة وهو سائر، ثم سار إلى النيل. ورتب البرسقي بنفسه الجيش صفوفًا، فكانوا نحو الفرسخ عرضًا، وجعل بين كل صفين مجالًا للخيل، ووقف الخليفة في موكبه من ورائهم، بحيث يراهم.

فرتب دبيس عسكره صفًا واحدًا، والرجالة بين يدي الفرسان بالتراس الكبار، ووقف في القلب، ومنى عسكره، ووعدهم نهب بغداد. فلما تراءى الجمعان حملت رجالة دبيس، وكان قد استصحب معه القيان والمخانيث بالدفوف والزمر يحرضون عسكره، ولم يسمع في عسكر الخليفة إلا القرآن والذكر والدعاء.

فحمل عنيز الكردي على صف الخليفة، فتراجعوا وتأخروا، ثم جرد الخليفة سيفه وصعد على تل، فقال عسكر دبيس: إن عنيزا خامر، فلم يصدق. فلما رأى المهد والعلم والموكب قد صعدوا تيقن غدر عنيز بن أبي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة.

وعبر دبيس الفرات بفرسه، وأدركته الخيل، ففاتهم، فقيل: إن عجوزًا هناك قالت: دبيس دبير جيت، فقال: دبير من لم يجئ.

وقتل خلق من رجالته، وأسر خلق كثير، وقتل من عسكر الخليفة عشرون فارسًا، وعاد منصورًا. ودخل بغداد يوم عاشوراء، وأمر بجباية الأموال ليعمل سورًا على بغداد، فجبي شيء كثير، ثم أعيد ذلك إليهم، فعظم دعاؤهم له. وشرعوا في عمل السور في صفر، وكان كل جمعة يعمل أهل محلة يخرجون بالطبول والخيالات.

وعزم الخليفة على ختان أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثني عشر صبيًا، فغلقت بغداد، وعمل الناس القباب، وعملت خاتون قبة باب النوبي، وعلقت عليها من الديباج والجواهر ما أدهش الأبصار. وعملت قبة على باب السيد العلوي، عليها غرائب الحلي والحلل. من ذلك ستران من الديباج الرومي،

ص: 162

طول الستر نحو عشرين ذراعًا، على الواحد اسم المتقي لله، وعلى الآخر اسم المعتز بالله، وبقوا أسبوعًا.

وجاء الخبر أن دبيسا ذهب إلى غزية، فدعاهم إلى الشقاق، فقالوا: ما عادتنا معاداة الملوك، فذهب إلى بني المنتفق، فخالفوه. وقصد البصرة، وكبس مشهد طلحة والزبير، فنهب ما هناك، وقتل خلقا كثيرا، وعزم على قطع النخل، فصالحوه على مال، وجعلوا على كل رأس شيئًا.

وفيها قبض السلطان محمود على وزيره شمس الملك عثمان ابن نظام الملك؛ لأن سنجر طلبه منه. فقال أبو نصر المستوفي له: متى ذهب إلى سنجر لم تأمنه، فاقتله وابعث برأسه، فقتله وبعث إلى الخليفة ليعزل أخاه، فانقطع في منزله، وناب في الوزارة علي بن طراد. ثم طلب الوزير ابن صدقة من الحديثة، فأحضر، واستوزر في ربيع الآخر.

وفيها استولى الأمير بلك بن بهرام بن أُرْتُق على حران، وسار منها فنزل على حلب وضيق عليها، وبها ابن عمه بدر الدين سليمان بن عبد الجبار، فسلمها إليه بالأمان، فدخلها وتزوج ببنت الملك رضوان.

وقدم ابن الباقرحي ومعه كتب محمود وسنجر بتدريس نظامية بغداد، ثم وصل في شعبان أسعد الميهني بتدريسها، وصرف ابن الباقرحي.

وفيها سار محمود بن قراجا صاحب حماة إلى حصن فامية، ونهب ربضها، فأصابه سهم، وعاد فمرض ومات. وكان ظالمًا جائرًا، فاستولى طغتكين صاحب دمشق على حماة، ورتب بها واليًا وعسكرًا.

‌سنة ثمان عشرة وخمسمائة

وردت الأخبار بأن الباطنية ظهروا بآمد وكثروا، فنفر إليهم أهل آمد، فقتلوا منهم سبعمائة رجل.

وردت شحنكية بغداد إلى سعد الدولة برنقش الزكوي، وأمر البرسقي بالعود إلى الموصل.

وفيها التقى صاحب حلب بلك بن بهرام هو والفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد فحاصر منبج، وهي لحسان البعلبكي، فجاءه سهم غرب

ص: 163

قتله، وكان معه ابن عمه تمرتاش بن إيلغازي، فحمله قتيلًا إلى ظاهر حلب، وتسلمها في ربيع الأول من السنة. واستقر بها، ثم رتب بها نائبًا له ورد إلى ماردين؛ لأنه رأى الشام كثيرة الحروب مع الفرنج، وكان يحب الراحة، فلما رد أخذت حلب منه.

وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعبيديين ونائب إلى سنة ست وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخربوا ضياعها، ثم نجدهم صاحب دمشق طغتكين، وأمدهم بما يصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصريين، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويثني عليه، وجهز لها أسطولًا.

واستقام أمرها عشر سنين بالأمير مسعود الطغتكيني، لكنه كثرت الشكاية منه، فجاء أسطول من مصر، ومعهم أمر أن يقبضوا على مسعود، فخرج مسعود للسلام على مقدم الأسطول، وطلع إلى المركب، فقبض عليه المقدم، ونزل إلى البلد، فاستولى عليه، وبعث مسعودًا إلى مصر، فأكرموه وردوه إلى دمشق، فرضي طغتكين بذلك.

وتحركت الفرنج، وقويت أطماعهم. فرأى المصريون أن يردوا أمرها إلى طغتكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتب بها الجند، فنازلتها الفرنج، وجدوا في الحصار، وقلت بها الأقوات. وسار طغتكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكروا فيه، واستنجد بالمصريين، فما نجدوه.

وتمادت الأيام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلمها إليه، ويمكن أهلها من حمل ما يقدرون عليه من الأمتعة، فأجابه إلى ذلك، ووفى بالعهد. وتفرقت أهلوها في البلاد، ودخلتها الفرنج في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وكانت من أمنع حصون الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ودامت في يد الفرنج إلى سنة تسعين وستمائة.

وفيها عزل عن بغداد البرسقي، وولي سعد الدولة برنقش الزكوي؛ لأن المسترشد نفر عن البرسقي، وطلب من السلطان أن يصرفه، فأجابه.

وسار عماد الدين زنكي من البصرة، وكانت إقطاعه، إلى خدمة السلطان محمود، فأكرمه ورده على إمرة البصرة.

وفي ذي الحجة ملك البرسقي مدينة حلب، وكانت الفرنج لما ملكوا

ص: 164

صور طمعوا، وقويت نفوسهم. ثم وصل إليهم دبيس بن صدقة، قبحه الله، فطمعهم أيضًا في المسلمين، وقال: إن أهل حلب شيعة، ويميلون إلي، ومتى رأوني سلموها إلي، فأكون نائبًا لكم. فساروا معه، وحاصروا حلب حصارًا شديدًا، فاستنجد أهلها بالبرسقي، فسار إليها بجيوشه، فترحل الفرنج عنها وهو يراهم، فلم يهجمهم، ودخل حلب ورتب أمرها.

وورد الخبر بأن دبيس بن صدقة التجأ إلى الملك طغرلبك أخي السلطان محمود بعد عوده من الشام، وأنهما على قصد بغداد، فتأهب الخليفة، وجمع الجيوش من كل ناحية.

وجاء الوباء ببغداد وإلى البصرة في ربيع الأول.

وتزوج الخليفة ببنت السلطان سنجر.

وفيها أخذ جماعة من الباطنية كانوا قدموا في قافلة، فقتلوا ببغداد، قيل: جاءوا لقتل الوزير ابن صدقة والأمير نظر، وأخذ في الجملة ابن أيوب قاضي عكبرا ونهبت داره، فقيل: كانت عنده مدارج من كتب الباطنية، وأخذ آخر كان يعينهم بالمال.

وفيها قبض على ناصح الدولة أستاذ الدار وصودر، وقرر عليه أربعون ألف دينار.

‌سنة تسع عشرة وخمسمائة

في صفر برز الخليفة إلى صحراء الشماسية بجيوشه، ثم رحل فنزل الدسكرة، وجاء دبيس وطغرلبك فدبروا أن يكبسوا بغداد ليلًا، ويحفظ دبيس المخائض، وينهب طغرلبك بغداد. فمرض طغرلبك تلك الليلة، وجاء المطر، وزاد الماء، وضج الناس بالابتهال إلى الله، وأرجف عند الخليفة بأن دبيسًا دخل بغداد، فرحل مجدًا إلى النهروان.

فلم يشعر دبيس إلا برايات الخليفة، فلما رآها دهش، وقبل الأرض، وقال: أنا العبد المطرود، أما آن يعفى عن العبد المذنب؟ فلم يجبه أحد، فأعاد القول والتضرع، فرق له الخليفة، وهم بالعفو عنه، فصرفه عن ذلك الوزير أبو علي بن صدقة، وبعث الخليفة نظرا الخادم إلى بغداد بالبشارة، ونودي في البلد بأن يخرج العسكر لطلب دبيس، والإسراع مع الوزير ابن صدقة.

ودخل الخليفة، وسار دبيس

ص: 165

وطغرلبك إلى سنجر مستجيرين به، هذا من أخيه محمود، وهذا من الخليفة، فأجارهما، ولبسا عليه، فقالا: قد طردنا الخليفة، وقال: هذه البلاد لي، فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة.

وفي رجب راح سعد الدولة برنقش، فاجتمع بالسلطان خاليًا وأكثر الشكوى من الخليفة، وحقق عنده أنه يطلب الملك، وأنه خرج من بيته نوبتين وكسر من قصده، وإن لم يفكر في حسم ذلك اتسع الخرق، وسترى حقيقة ذلك إذا دخلت بغداد. والذي يحمله على ذلك وزيره، وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب، فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد.

وفيها قتلت الباطنية بالموسل آقسنقر البرسقي في مقصورة الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي، والصحيح سنة عشرين.

وفيها قدم البرسقي فنازل كفرطاب، وأخذها من الفرنج، ثم عمل مصافًا مع الفرنج، وكانوا خلقًا، فكسروه، وقتلوا نحو الألف من المسلمين، وأسروا خلقًا.

وفيها جمع بغدوين الصغير صاحب القدس وحشد، وأغار على حوران، فخرج لحربه طغتكين في خلق كثير وتركمان قدموا للجهاد، وخلق من أحداث دمشق، ومن المرج، والغوطة بالعدد التامة. فالتقوا بمرج الصفر، فحملت الملاعين على المسلمين، فهزموهم إلى عقبة سحوراء، وقتلوا أكثر الرجالة، وما نجا إلا من له فرس جواد.

وجاء طغتكين وقد أسرت أبطاله، وما شك الناس أن الفرنج يصبحون البلد، فحازوا الغنائم والأسرى ورجعوا، فلا قوة إلا بالله.

وفيها عسكر اللعين ابن رذمير الذي استولى على شرق الأندلس بجيش في أربعة آلاف فارس بفاوة، فسار من سرقسطة، ثم على بلنسية، ثم مرسية. ومر على جزيرة شقر، فنازلهم أيامًا. وكان على الأندلس تميم بن يوسف بن تاشفين، ومقامه بغرناطة، فجمع الجيوش، والتف على ابن رذمير سواد عظيم من نصارى البلاد، فوطئ بلاد الإسلام يغير وينهب.

وقصده المسلمون،

ص: 166

فالتقوا، فأصيب خلق من المسلمين وعاث ابن رذمير في بلاد الإسلام أكثر من سنة، ورجع بغنائم لا تحصى.

‌سنة عشرين وخمسمائة

لما علم السلطان محمود بقتال الخليفة لطغرلبك فرح، وكاتب الخليفة، وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك، وتراسلا بالأيمان والعهود على أنهما ينقضان على سنجر، ويمضيان إلى قتاله، ويكون محمود في السلطنة التي لسنجر.

فعلم سنجر، وبعث إلى محمود يقول: أنت صبي، والخليفة قد عزم على أن يمكر بك وبي، فإذا اتفقتما علي ففرغ مني عاد إليك، فلا تصغ إليه، وأنا فما لي ولد ذكر، وأنت لما ضربت معي مصافًا وظفرت بك لم أسئ إليك وقتلت من كان سببًا لقتالنا، وأعدتك إلى السلطنة، وجعلتك ولي عهدي، وزوجتك ابنتي، فلما توفيت زوجتك الأخرى.

فسر إلى بغداد بالعساكر، وأمسك الوزير ابن صدقة، واقتل رؤوس الأكراد وخذ آلة السفر التي عملها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أنا سيفك وخادمك. فإن فعل وإلا أخذته بالشدة، وإلا لم يبق لي ولا لك معه أمر. وبعث إليه رجلًا، وقال: هذا يكون وزيرك، فثنى عزمه.

فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفذ الخليفة إليه سديد الدولة ابن الأنباري يقول له: ينبغي أن تتأخر في هذه السنة لقلة الميرة، فقال: لا بد لي من المجيء. وتوجه.

فلما سمع الخليفة نفذ رسولًا وكتابًا إلى وزير السلطان، يأمره برد السلطان عن المجيء، فأبى، وأجاب بجواب ثقل سماعه على الخليفة، وشرع في عمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونودي ببغداد في ذي القعدة بعبور الناس إلى الجانب الغربي، وازدحم الخلق.

ثم بعد أيام بدا للخليفة، وقال: أنا أخلي البلد له، وأحقن دماء المسلمين. ونودي بالعبور إلى الجانب الشرقي، واشتدت الأمطار حتى كادت الدور أن تغرق. وانتقل الخليفة إلى مخيمه بالجانب الغربي تحت الرقة.

فعرف السلطان، وقرب من بغداد، فبعث برنقش الزكوي، وأسعد الطغرائي، فذهبا إلى الخليفة، وأديا رسالة السلطان وتألمه من انزعاج الخليفة. ثم حشيا في آخر الرسالة، فقال المسترشد: أنا أقول له: يجب أن تتأخر في هذه السنة، ولا يقبل؟ ما بيني وبينه

ص: 167

إلا السيف! وقال لبرنقش: أنت كنت السبب في مجيئه وأنت أفسدته، وهم بقتله. فمنعه الوزير، وقال: هو رسول. فرجعا بكتاب الخليفة وبالرسالة، فاستشاط غضبًا، وأمر بالرحيل إلى بغداد.

وفي يوم الأضحى نصبت خيمة عظيمة، وصلى المسترشد الخليفة بالناس، وكان المكبرون خطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدي، وابن البرمكي. وصعد المنبر، ووقف ولي عهده الراشد بالله دونه، بيده سيف مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحت الأنواء، وأشرق الضياء، وطلعت ذكاء، وعلت على الأرض السماء! الله أكبر، ما همع سحاب، ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسر قادما إياب!

وذكر خطبة بليغة، ثم جلس. ثم قام فخطب، وقال: اللهم أصلحني في ذريتي، وأعني على ما وليتني، وأوزعني شكر نعمتك، ووفقتي وانصرني! فلما أنهاها وتهيأ للنزول بدره أبو المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي فأنشده:

عليك سلام الله يا خير من علا على منبر قد حف أعلامه النصر وأفضل من أم الأنام وعمهم بسيرته الحسنى وكان له الأمر وأفضل أهل الأرض شرقًا ومغربًا ومن جده من أجله نزل القطر لقد شرفت أسماعنا منك خطبة وموعظة فصل يلين لها الصخر ملأت بها كل القلوب مهابة فقد رجفت من خوف تخويفها مصر وزدت بها عدنان مجدًا مؤثل فأضحى لها من الأنام بك الفخر وسدت بني العباس حتى لقد غدا تباهي بك السجاد والعلم البحر فلله عصر أنت فيه إمامه ولله دين أنت فيه لنا الصدر بقيت على الأيام والملك كلما تقادم عصر أنت فيه أتى عصر وأصبحت بالعيد السعيد مهنأ تشرفنا فيه صلاتك والنحر ونزل، فنحر البدنة بيده، وكان يومًا لم ير مثله من دهر، ثم دخل السرادق، ووقع البكاء على الناس، ودعوا له بالنصر، وجمعت السفن جميعها إلى الجانب الغربي، فانقطع عبور الناس بالكلية.

وبلغ السلطان حلوان، فأرسل من هنالك الأمير زنكي إلى واسط، فأزاح عنها عفيفا الخادم، فلحق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقي سوى الحاجب

ص: 168

لحفظ دار الخلافة. وسدت أبوابها كلها سوى باب النوبي، ونزل السلطان بالشماسية في ثامن عشر ذي الحجة. ونزل عسكره في دور الناس، وترددت الرسل إلى الخليفة تتلطف به، وتطلب الصلح وهو يمتنع ثم وقف عسكر للسلطان بالجانب الشرقي، والعامة بالجانب الغربي يسبون الأتراك، ويقولون: يا باطنية، يا ملاحدة! عصيتم أمير المؤمنين، فعقودكم باطلة وأنكحتكم فاسدة! وتراموا بالنشاب.

وفيها عاث ملك الفرنج ابن رذمير، لعنه الله، بالأندلس، وشق بلاد المسلمين جميعها، وسبى ونهب، حتى انتهى إلى قريب قرطبة، فحشد المسلمون وقصدوه، فبيتهم وقتل منهم مقتلة. ثم عاد نحو بلاده، وهو الذي كسر المسلمين أيضًا سنة أربع عشرة وخمسمائة، ثم حاصر سنة ثمان وعشرين مدينة أفراغه، وأهلكه الله.

وفيها هاجت الإسماعيلية بخراسان، ونصر عليهم عسكر سنجر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة.

وفيها قتل البر قي.

وفيها كثرت الإسماعيلية بالشام، وكان الناس والكبار يخافونهم، فرأى الوزير أبو طاهر بن سعد المزدقاني من المصلحة أن يسلم إلى رئيسهم بهرام حصنًا، فأعطاه طغتكين بانياس وتألم الناس لذلك.

وفي سنة عشرين وقعة مرج الصفر، ساقها ابن الأثير، فقال: التقوا في أواخر ذي الحجة، واشتد القتال، فسقط طغتكين، فظن الجند أنه قتل فانهزموا إلى دمشق، وركب فرسه ولحقهم. فساقت الفرنج وراءهم، وبقي رجالة التركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجالة الفرنج، فقتلوا عامتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق.

ولما ردت خيالة الفرنج من وراء طغتكين رأوا رجالتهم صرعى، وأموالهم قد راحت، فتموا منهزمين. قال: وهذا من الغريب أن طائفتين ينهزمان.

وفيها استفحل أمر بهرام داعي الباطنية بحلب والشام، وعظم الخطب وهو على غاية الاختفاء، يغير الزي، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يعرف. إلى

ص: 169

أن حصل بدمشق بتقرير قرره إيلغازي بن أرتق مع طغتكين، فأكرم اتقاء شره، وتأكدت العناية به، فتبعه جهلة وسفهاء من العامة وأهل البر وتحزبوا معه. ووافقه الوزير طاهر بن سعد المزدقاني، وإن لم يكن على عقيدته، وأعانه على بث شره، وخفى سره ليكون عونًا له.

ثم التمس من طغتكين حصنًا يحتمي به، فأعطاه بانياس سنة عشرين هذه، فصار إليها وتجمع إليه أوباش استغواهم محاله وخداعه، فعظمت البلية بهم، وتألم العلماء وأهل الدين. وأحجموا عن الكلام فيهم والتعرض لهم، خوفًا من شرهم؛ لأنهم قتلوا جماعة من الأعيان، وصاروا بحيث لا ينكر عليهم ملك ولا وزير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسيأتي باقي أمرهم سنة ثلاث.

ص: 170

بسم الله الرحمن الرحيم

الوفيات

سنة إحدى عشرة وخمسمائة

1 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن أحمد

، أبو جعفر بن سفيان القرطبي.

أخذ عن أبي جعفر أحمد بن رزق، وسمع الكثير من حاتم بن محمد، وشوور في الأحكام، وولي خطابة قرطبة. وتوفي في جمادى الآخرة، وله أربع وستون سنة.

2 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق

، أبو جعفر الخزرجي القرطبي المقرئ.

روى عن: أبي القاسم الخزرجي وأبي عبد الله الطرفي المقرئين ونظرائهما، وقرأ على الأستاذ مكي بن أبي طالب أحزابًا من القرآن، وأقرأ الناس دهرًا، وعمر وعاش تسعين سنة، وتوفي في ربيع الأول.

قال ابن بشكوال: جالسته وأنا صغير.

3 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الله

، أبو الوفاء ابن الحصين، الكاتب، المحدث.

سمع الكثير بنفسه، وكتب وعلق. روى عن: أبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، فمن بعدهما بحيث أنه أكثر عن أصحاب الجوهري. روى عنه: الحسين بن خسرو، والسلفي، وله شعر جيد.

4 -

‌ أحمد العريبي

، الرجل الصالح.

رأى أبا الحسن القزويني، وقرأ عليه شيئًا من القرآن.

ذكره أحمد بن صالح فقال: ولي لله، حزر الجمع في جنازته بمائة ألف، وصلى عليه أبو الحسين ابن الفراء بوصية منه، ودفن بقرب قبر معروف.

ص: 171

وكان من المنطقين الملهمين، رحمه الله. وكان من بقايا العباد ببغداد، توفي في رمضان.

قال المبارك بن كامل: أحصي من حضره فنيف على سبعين ألفًا.

4 مكرر - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن نوح بن النعمان النوحي السمرقندي.

روى عن أبيه أبي بكر، عن علي بن أحمد الخزاعي. وقد توفي أبو بكر سنة تسع وخمسين وأربعمائة.

5 -

‌ أسعد ابن طبيب خراسان عبد الرحمن بن علي بن أبي صادق

، أبو الفضل النيسابوري الطبيب.

كان أبوه جالينوس زمانه. سمع أسعد من: أبي عثمان البحيري، وأبي سعد الكنجروذي.

قال أبو سعد السمعاني: أسمعني منه والدي حضورًا، وعاش نحوًا من ثمانين سنة.

6 -

‌ بختيار السلار

، نائب طغتكين على دمشق.

كان ورعًا نزهًا، دينًا حسن السيرة، وافر الحرمة، أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر، كثير المحاسن. توفي في شعبان، وحزن عليه الناس. وولي شحنكية دمشق بعده ابنه عمر السلار.

7 -

‌ بغدوين

، هو بردويل الفرنجي الطاغية، الذي افتتح القدس وغيرها من مدن الشام.

وكان شجاعًا مهيبًا جبارا خبيثًا، وقد استفحل شره، وكثر جنده، فجمع العساكر وسار ليأخذ الديار المصرية من بني عبيد، إلى أن قارب تنيس، فسبح في النيل، فانتقض عليه جرح كان به، فرجع ونزل به الموت بالصبخة المعروفة به. فمات، فشقوا بطنه، ورموا بحشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم. وحملوه فدفنوه بالقمامة بالقدس في ذي الحجة سنة إحدى عشرة، وكان قد

ص: 172

جاء القمص صاحب الرها إلى القدس زائرًا، فوصى بغدوين له بالملك من بعده. فبعث يطلب عقد الهدنة من طغتكين، فسار طغتكين إلى طبرية فنهبها وما حولها، وسار إلى عسقلان، وكاتب المصريين، فجاءته سبعة آلاف فارس، فأقاموا بعسقلان شهرين، ولم يؤثروا في الفرنج أثرا، ورجع طغتكين.

8 -

‌ تميم بن علي الواعظ

، أبو سعد البقال القصار.

سمع أبا بكر بن زيذة، وعنه أبو موسى. توفي في تاسع المحرم.

9 -

‌ الحسن بن عبد الله بن الحسين

، أبو محمد البصيدائي الجندي، من أهل باب الأزج.

سمع أبا محمد الجوهري. روى عنه أبو المعمر الأنصاري.

10 -

‌ الحسين بن أحمد

، أبو عبد الله ابن الشقاق البغدادي.

لم يكن له نظير في الفرائض ببغداد، ولا في الحساب. روى عنه خطيب الموصل من شعره، وعليه تفقه أبو حكيم الخبري، وغيره. وممن روى عنه: ابن ناصر، وأبو طالب ابن العجمي الحلبي، والسلفي، وقال: كان آية من آيات الزمان، ونادرة من نوادر الدهر.

قال ابن النجار: وسمع من أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وكان شقاقًا للقرون للقسي، قرأ الفرائض والحساب على الخبري، وعبد الملك بن إبراهيم الهمذاني. ومات في ذي الحجة عن إحدى وسبعين سنة.

11 -

‌ الحسين بن الحسن بن محمد بن علي بن يمن

، أبو القاسم العصار، عرف بابن بعصين الكرخي.

سمع أبا محمد الجوهري، وأبا يعلى القاضي. توفي في رجب.

12 -

‌ الحسين بن محمد بن إسماعيل بن صاعد

، القاضي أبو الفضل، ولد قاضي القضاة أبي علي، ووالد صاعد أبي العلاء.

سمع من أبي بكر محمد بن عبد العزيز الحيري الحافظ تاريخ نيسابور

ص: 173

كله بسماعه من مؤلفه الحاكم. وسمع من أبي سعد الكنجروذي، أخذ عنه جماعة. وأجاز لأبي سعد الحافظ، وقال: مات في جمادى الأولى.

13 -

‌ الحسين بن محمد الطهراني الزاهد

.

أصبهاني جليل، توفي في شوال.

14 -

‌ الحسين بن محمد بن الحسين

، الوزير أبو منصور ابن الوزير الكبير أبي شجاع الروذراوري، ثم البغدادي.

وزر أبوه للمقتدي، ووزر هو للمستظهر سنة ثمان وخمسمائة، ثم خرج إلى أصبهان، فمات بها.

ذكره ابن الدبيثي.

15 -

‌ خلف بن إبراهيم بن خلف بن سعيد، الخطيب أبو القاسم ابن النَّخَّاس

وابن الحصَّار القرطبيُّ المقرئ، خطيب قرطبة.

روى عن صهره أبي القاسم بن عبد الوهَّاب المقرئ، ومحمد بن عابد، وحاتم بن محمد، وجماعة. وحجَّ فقرأ القراءات بمكة على أبي معشر الطبري، وسمع من كريمة. وأخذ بمصر عن أبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وطال عمره. وكانت الرحلة إليه في وقته، ومدار الإقراء عليه.

قال اليسع بن حزم: له يدٌ في علم الحديث والقرآن واللغات والآداب مع سمتٍ وسكينةٍ ومكانةٍ في الخير مكينة تفخر به جُمُعِ قرطبة وأعيادها.

وقال ابن بشكوال: كان ثقة صدوقاً، بليغ الموعظة، فصيح اللسان، حسن البيان، جميل المنظر والملبس، فكه المجلس. سمعت خطبه في الجُمع والأعياد. ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في صفر.

قلت: قرأ عليه القراءات أبو عبد المُنْعم يحيى ابن الخلُوف الغرناطي، وخلق كثير لا يحضرني ذكرهم، منهم يحيى بن سعدون. وسمع منه ابن الدبَّاغ، وذكر له ترجمة في التقييد له.

ص: 174

16 -

‌ عباد بن محمد بن المحسن

، أبو القاسم الجعفري الأصبهاني.

من بيت شرف وتقدم. سمع تفسير أبي الشيخ من أبي أحمد محمد بن علي ابن المكفوف، عن مؤلفه.

وسمع: أبا سعد عبد الرحمن بن عمر الصفار، وعلي بن مهران.

قال السمعاني: أجاز لنا في ذي القعدة سنة عشر.

قلت: لعل السلفي سمع منه.

17 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف

، أبو طاهر البغداديُّ البزَّاز.

من بيت مشهور بالحديث. سمع أبا علي ابن المُذْهب، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري، وجماعة. وحدَّث بالكُتُب الكبار كـ سُنن الدَّارقُطْني وغيره. روى عنه أخوه عبد الخالق، وابنا أخيه عبد الحق وعبد الرحيم، وأبو المُعَمَّر الأنصاري وأبو طاهر السِّلفي.

قال السِّلفي: وكان من أعيان رؤساء بغداد، وممن روى عنه المبارك بن خضَير. ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في شوال هو وابن نبهان في ليلة، وكان من أهل الثِّقة والأمانة والسُّنة.

سمع السُّنن من أبي بكر بن بشران عن الدَّارقطني، وسمع أيضاً من عبد العزيز بن علي الأزجي، وعبد الوهَّاب بن محمد الغندجاني.

18 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر بن عمر

، المحدث أبو محمد السلمي الدمشقي، ويعرف بابن سيدة.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح نصرًا المقدسي، وخلقًا بعدهم.

قال ابن عساكر: سمعنا بقراءته الكثير، وكان ثقة متحرزًا، ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة.

ص: 175

قلت: روى عنه الحافظان: السلفي، وابن عساكر. وتوفي في رمضان، وهو والد أبي المعالي عبد الله.

قال السلفي: كان قارئ الحديث بدمشق، وكان ثقة، سيء الخلق، بخيلًا بالإفادة، جسدا ملئ حسدا.

19 -

‌ عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل

، أبو الفضائل الأموي العثماني الديباجي.

روى عن جده لأمه أبي حفص البوصيري، وعنه ولده أبو محمد عبد الله العثماني.

ورخه ابن المفضل، وقال: تكلم في سماعه.

20 -

‌ عُزيز بن عبد الرحمن بن جامع

، أبو القاسم النَّيْسابوري الكاتب المزكيُّ.

سمع أبا سعد الكنجروذي، ورحل به أبوه إلى أصبهان، فسمَّعه بها من أحمد بن محمود الثَّقفي صاحب ابن المقرئ. توفي أواخر رمضان.

21 -

‌ علي بن أحمد بن عبد الله

، أبو الحسن السرويُّ الطبرستانيُّ المطوِّعيُّ الصُّوفيُّ.

سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسمع أبا جعفر ابن المُسْلمة وغيره. روى عنه أبو الفضل بن عطاف، والسِّلفي. وولد بسارية سنة أربع وعشرين.

22 -

‌ علي بن أحمد بن كرز

، أبو الحسن الأنصاري الغرناطي المقرئ.

روى عن: أبي القاسم بن عبد الوهاب المقرئ، وغانم بن وليد، وأبي عبد الله بن عتاب، وجماعة.

وعني بالإقراء وسماع العلم، وكان ثقة فاضلًا.

ص: 176

23 -

‌ علي بن رافع بن المحسن الرفاء

.

سمع أبا إسحاق البرمكي. وعنه أبو نصر اليونارتي والسلفي، عاش تسعا وثمانين سنة.

24 -

‌ غانم بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن أيوب بن زياد

، أبو القاسم بن أبي نصر الأصبهاني البرجي، وبرج قرية من قرى أصبهان.

سمع أبا نعيم، من ذلك مسند الحارث بن أبي أسامة، أخبرنا ابن خلاد النصيبي، ولأبي نعيم فوت معروف. وسمع من ابن فاذشاه. وأجاز له: أبو علي بن شاذان، وأبو القاسم بن بشران، والحسين بن شجاع الموصلي - أجازوا له في سنة تسع عشرة وأربعمائة - والحسين بن إبراهيم الجمال، وعاش تسعين سنة أو نحوها.

روى عنه: السلفي، وأبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبو العلاء الحسن بن أحمد العطار، ومعمر بن الفاخر، وأبو طاهر محمد بن محمد السنجي، وأبو موسى المديني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ الحفاظ. والفضل بن القاسم الصيدلاني، ومسعود بن أبي منصور الجمال، ومحمد بن عبيد الله ابن الشيخ أبي علي الحداد، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكارم اللبان.

قال السمعاني: أجاز لي، وهو شيخ صالح، سديد، ثقة، مكثر، عمر العمر الطويل. وكان من تلاميذ محمد الخابوطي. سمع: أبا نعيم، وابن فاذشاه، والفضل بن محمد القاساني، ومحمد بن عبد الله بن شهريار، وعمر بن محمد بن عبد الله بن الهيثم، وأبا الفتح محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ.

ومن مسموعه مسند الطيالسي، من أبي نعيم. وسمع الحلية سوى أجزاء من موضعين، وجزء محمد بن عاصم، وجزء الجابري. ثم سمى السمعاني عدة مرويات.

قال أبو موسى: وفاته في سابع وعشرين ذي القعدة، وسأله أبي عن مولده فقال: في ذي القعدة سنة سبع عشرة وأربعمائة.

ص: 177

25 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الله بن فاذويه

، أبو الفضل ابن العجمي الواسطي البزاز.

سمع: أبا الحسن بن مخلد، والحسن بن أحمد الغندجاني. وببغداد من: ابن المسلمة، وابن النقور. وروى الكثير. روى عنه أبو طالب الكتاني المحتسب، وهبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وأحمد بن سالم البرجوني، وعدة. وأملى بجامع واسط.

وثقه أبو الكرم الحوزي، وأثنى على فهمه.

توفي في صفر بواسط.

26 -

‌ محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الله

، أبو بكر الأصبهانيُّ البقَّال، المعروف بالصَّغير وبابن تُرْكة.

توفي في ذي القعدة أيضاً. روى عن أبي بكر بن ريذة. وعنه أبو موسى حضوراً.

27 -

‌ محمد بن أغلب بن أبي الدَّوْس

، أبو بكر المُرْسيُّ.

روى عن أبي الحجاج الأعلم، والمبارك بن سعيد الخشَّاب، وعبد الدائم القيروانيِّ، وأبي علي الغساني.

وكان عالماً بالعربية والآداب، فائق الخط، علَّم ولدي المعتمد محمد بن عبَّاد، ثم سكن فارس ثم أغمات. وصنَّف في شرح الأمثال لأبي عبيد. يروي عنه أبو عبد الله بن أبي الخصال، وأبو بكر بن الخلوف، وأبو عبد الله بن أبي زيد.

وتوفي بمرَّاكش.

28 -

‌ محمد بن الحسن بن عبد الله بن باكيرا

، أبو جعفر الكاتب.

شيعي، تولى في الأعمال السلطانية، وسمع: الحسن بن علي الشاموخي بالبصرة، وعبد السلام بن سالبة الصوفي بفارس. سمع منه تفسير النقاش بروايته عن أبي القاسم علي بن محمد الزيدي الحراني، عنه. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وهبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي.

ص: 178

قال ابن ناصر: حاله أشهر من أن يذكر، صاحب المظالم، لا تحل الرواية عنه. توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.

29 -

‌ محمد بن سعيد بن إبراهيم بن سعيد بن نبهان

، أبو علي الكاتب، من أهل الكرخ.

سمع: أبا علي بن شاذان، وبشرى الفاتني، وابن دوما النعالي، وجده لأمه أبا الحسين الصابئ، وطال عمره، وألحق الصغار بالكبار.

روى عنه: حفيده محمد بن أحمد، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وأبو طاهر بن سلفة، ودهبل بن كاره، وعيسى بن محمد الكلوذاني، وآخر من روى عنه عبد المنعم بن كليب.

ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ عالم فاضل مسن، من ذوي الهيئات، وهو آخر من حدث عن ابن شاذان، ولي منه إجازة.

وقال ابن ناصر: كان فيه تشيع، وكان سماعه صحيحًا، وبقي قبل موته بسنة ملقى على ظهره لا يعقل، فمن قرأ عليه في تلك الحالة فقد أخطأ وكذب عليه؛ فإنه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يقرأ عليه من أول سنة إحدى عشرة.

وسمعته يقول: مولدي سنة إحدى عشرة وأربعمائة، ثم سمعته مرة أخرى يقول: سنة خمس عشرة. فقلت له ذلك، فقال: أردت أن أدفع عني العين، وإلا فمولدي سنة إحدى عشرة.

وقال ابن السمعاني: سمعت أبا العلاء بن عقيل يقول: كان شيخنا ابن نبهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث وطولوا قال: قوموا، فإن عندي مريضًا. بقي على هذا سنين، فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لا يبرأ. توفي ابن نبهان ليلة الأحد السابع عشر من شوال، وقد استكمل مائة سنة.

قال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر: كان ابن نبهان قد بلغ ستًا وتسعين سنة، وسمعه جده هلال بن المحسن من ابن شاذان في سنة ثلاث وعشرين، ولم يكن من أهل الحديث. وكان في أول أمره على معاملة الظلمة، وكان رافضيًا، وقد تغير في سنة إحدى عشرة.

قال: والصحيح أن مولده سنة

ص: 179

خمس عشرة، وكذلك وجد بخط الحميدي، وذكر أنه وجده بخط جده ابن الصابئ.

30 -

‌ محمد بن علي بن طالب

، أبو الفضل البغدادي الخرقي، ويعرف بابن زبيبا.

حدث عن: أبي علي ابن المذهب، وأبي بكر بن بشران، وأبي حفص بن أبي طالب المكي، وأبي محمد الجوهري، وتوفي في شوال.

قال ابن ناصر: كان كثير السماع، ولم يكن في دينه مرضيًا، كان يذهب إلى أن النجوم هي المدبرة للعالم، لا تجوز الرواية عنه.

قلت: وكان بزازًا، أجاز لابن كليب. وروى عنه: الصائن ابن عساكر، وأبو المعمر المبارك بن أحمد.

31 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة

، أبو عامر القرطبيُّ الأديب.

روى عن أبي الحجاج الأعلم، وحاتم بن محمد الطَّرابلسي، وأبي محمد بن حزم الحافظ. وكان ذا عناية بالعلم وجمعه، وله معرفة باللغة والأخبار والشِّعْر. توفي في صفر، وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. دُفن بإشبيلة.

32 -

‌ محمد بن ملكشاه بن ألب رسلان أبي شجاع محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دُقاق

، السُّلطان غياثُ الدين أبو شجاع.

لما توفي أبوه اقتسم الأولاد الثَّلاثة المملكة وهم: غياث الدين هذا، وبركياروق، وسنجر. وذلك في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، فلم يكن للأخوين مع بركياروق أمر، بل كانا كالأتباع له. ثم قدما بغداد والتمسا من المُسْتَظهر بالله أن يجلس لهما، فجلس لهما، وحضر الأعيان ووقف سيف الدولة صدقة بن مزيد صاحب الحِلَّة عن يمين السُّدَّة. وعلى كتف أمير المؤمنين البُرْدة النَّبوية، وعلى رأسه العِمَامة وبين يديه القضيب، فأُفيض على محمد سبع خلع وأُلْبِس التَّاج والطَّوْق والسِّوار، وعقد له أمير المؤمنين اللواء

ص: 180

بيده، وقلَده سيفين، وأعطاه خمسة أفراس. ثم خلع على سنجر دونه.

وخُطِب للسلطان محمد في جوامع بغداد، وتُرِكت الخُطبة لبركياروق، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وأربعمائة لسبب اقتضى ذلك.

وكان بركياروق مريضاً، فانحدر إلى واسط. ثم قوي أمره واشتدَّ، وجرى بينه وبين أخيه محمد مصاف على الرَّي، وانكسر محمد وجرت أمور يطول شرحها.

وكان محمد رجل السَّلاطين السُّلْجُوقية وفحلهم، وله سيرة حسنة وبر وافر. وقد حارب الملاحدة، واستقل بالمُلك بعد موت أخيه بركياروق، وصفت له الدُّنيا. ثم مرض زماناً وتوفي في ذي الحجة في الرَّابع والعشرين منه، ودُفن بأصبهان في مدرسة له عظيمة موقوفة على الحنفية. ولما آيس من الحياة ودَّع ولده السلطان محموداً، وأمره بالجُلُوس على تخت المُلْك.

وخلَّف خمسة أولاد: محمود، ومسعود، وطغريل، وسليمان، وسُلجوق. وكلهم خُوطب بالسَّلْطنة سوى سلجوق. وخلَّف من الأموال والذَّخائر ما لم يُخلِّف أحد من ملوك السُّلجوقية، وتزوج أمير المؤمنين المقتفي بابنته فاطمة في سنة إحدى وثلاثين، وتوفِّيت في عصمته سنة اثنتين وأربعين. وكان عمره سبعاً وثلاثين سنة وأشهراً.

33 -

‌ المبارك بن طالب

، الإمام أبو السعود الحلاوي الحنبلي صاحب الزاهد أبي منصور الخياط.

سمع: ابن هزارمرد، وأبا علي ابن البناء، وتلا على ابن البناء، وعلى الخياط. سمع منه: ابن ناصر، وغيره.

وكان أمارًا بالمعروف، زاهدًا، حسن التلاوة، مات في ربيع الأول.

34 -

‌ مسعود بن حمزة

، أبو الوفاء الحداد.

سمع أبا محمد الجوهري. روى عنه المبارك بن أحمد، وغيره.

توفي في هذه السنة، وقد تقدم في التي قبلها.

ص: 181

35 -

‌ نصر بن أحمد بن إبراهيم بن أسد بن أحمد

، أبو الفتح الحنفي الهروي.

وساق السمعاني نسبه إلى حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وقال: هو من أهل العلم والسداد والصلاح، أفنى عمره في كتابة العلم. حدث بالكثير، وتفرد بالرواية الكثيرة.

سمع: أباه، وجده أبا العباس إبراهيم، وجده لأمه منصور بن إسماعيل الحنفي، وأبا عثمان سعيد بن العباس القرشي، وإسحاق بن أبي إسحاق القراب، وعبد الوهاب بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الفضيل الفضيلي. وحدثني عنه جماعة بهراة، ومرو، وبوشنج. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومات بهراة في سابع شعبان.

قلت: هذا كان مسند تلك الديار في عصره، وقد مر أيضًا في سنة عشر، ولكن هذا أصح.

36 -

‌ نوشروان بن شيرزاد بن أبي الفوارس

، أبو محمد الديلمي الأصبهاني.

سمع أبا بكر بن ريذة، وعاش نيفا وثمانين سنة. روى عنه أبو موسى، وقال: توفي في عشر ذي الحجة.

37 -

‌ هبة الله بن المبارك بن أحمد

، أبو المعالي ابن الدواتي الكاتب، من أهل باب المراتب.

كان ينسخ بالأجرة.

سمع ابن غيلان، وأبا الحسين التوزي، وأبا الحسن القزويني، والبرمكي.

قال ابن ناصر: لم يكن في دينه بذاك، وكان يتهم بالرفض والاعتزال.

وجمع نحو مائتي دينار، وهو يظهر الفقر. فأخذت منه في الحمام، وبقي متحسرا عليها، وترك من كان يحسن إليه مراعاته.

أخبرني جماعة أنه لم ير في يوم الجمعة قط في الجامع.

38 -

‌ هبة الله بن المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري

، الأخرس.

سمعه أبوه من أبي الحسين ابن الزينبي، وتوفي في شوال.

ص: 182

39 -

‌ يحيى بن عبد الوهَّاب ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده

، الحافظ أبو زكريا بن أبي عمرو العَبْديُّ الأصبهانيُّ.

من بيت الحفظ والحديث. سمع أباه، وعمَّيه عبد الرحمن وعبيد الله، وأبا بكر بن ريذة، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأبا العباس الفضَّاض، وأبا طاهر أحمد بن محمود، وإبراهيم بن منصور السِّبْط، ومحمد بن علي بن الحُسين الجُوزداني، ومحمد بن علي بن محمد الجصَّاص، وأبا الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الدُّليلي، وأبا بكر أحمد بن منصور بن خلف، وسعيد بن أبي سعيد العيَّار، وأبا الوليد الحسن بن محمد الدَّربندي الحافظ، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرَّازي.

ورحل إلى نيسابور، فسمع أبا بكر البيهقي الإمام وأحمد بن منصور المذكور، وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وعبد الرحمن بن إسحاق الفامي. وبهمذان أبا بكر محمد بن عبد الرحمن النَّهاوندي وجماعة.

ولم يرحل إلى بغداد، بل دخلها في شيخوخته، وأملى بها بجامع المنصور سنة ثمان وتسعين، وحجَّ. وله إجازة من أبي طالب بن غيلان.

قال السَّمعاني في معجمه: ومن مسموعاته كتاب المعجم الكبير للطَّبراني والمعجم الصغير له، رواهما عن ابن ريذة. ومسند أبي يعلى روايته عن محمد بن علي وإبراهيم بن منصور عن ابن المقرئ عنه. وكتاب الرُّهون لابن أبي عاصم، يرويه ابن عبد الرحيم عن القبَّاب عنه. وكتاب تاريخ الليث بن سعد، يرويه عن ابن عبد الرحيم، عن أبي الشَّيخ عن ابن مهران عن يحيى بن بُكَير عنه. وسنن الدَّارقطني، يرويه عن ابن عبد الرحيم عنه.

روى عنه عبد الوهَّاب الأنماطي، ويحيى بن عبد الغفار ابن الصباغ، وعلي بن أبي تراب، ومحمد بن ناصر الحافظ، والشيخ عبد القادر الجيلي، وأبو محمد ابن الخشَّاب، وأبو طاهر السِّلفي، وأبو الحُسين عبد الحق اليوسفي.

وآخر مَنْ روى عنه محمد بن إسماعيل الطَّرسوسي. وأجاز له مروياته ولجماعة. ورأيت له مناقب الإمام أحمد ثلاثين جزءاً، جوَّده وتعب عليه.

وذكره أبو سعد السَّمعاني، فقال: هو جليل القدر، وافر الفضل،

ص: 183

واسع الرِّواية، ثقة، حافظ، مكثر، صدوق، كثير التَّصانيف، حسن السِّيرة، بعيد من التَّكلُّف، أوحد بيته في عصره.

خرَّج التَّخاريج لنفسه ولجماعة من شيوخنا الأصبهانيين، وكتب لي بالإجازة بجميع مسموعاته. وسألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فأثنى عليه، ووصفه بالحفظ والمعرفة والدّراية.

وسمعت أبا بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني الحافظ يقول: بيتُ ابن منده بُدئ بيحيى وخُتم بيحيى.

قرأت بخط اليونارتي: ولد يحيى بن عبد الوهاب في شوَّال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وكتب إليَّ معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النَّحر سنة إحدى عشرة.

قلت: وكتب أبو مسعود الحاجي إلى كريمة أنه توفي يوم الجمعة وقت الضُّحى الحادي عشر من ذي الحجة.

وفي الوفيات لأحمد بن صالح بن شافع أنها في يوم السبت ثاني عشر ذي الحجَّة.

40 -

‌ يمن، أبو الخير الحبشي

، مولى المستظهر بالله.

كان مهيبًا وقورًا، سمحًا، جوادًا، فطنًا، ذا رأي ومعرفة، ولي إمرة الحاج، ونفذ رسولًا غير مرة إلى السلطان. وسمع أبا عبد الله النعالي، وحدث بأصبهان، وكان يلقب أمير الجيوش.

توفي في ربيع الآخر.

ص: 184

سنة اثنتي عشرة وخمسمائة

41 -

‌ أحمد المستظهر بالله، أمير المؤمنين أبو العباس

ابن المقتدي بالله أمير المؤمنين أبي القاسم عبد الله ابن الأمير محمد الذخيرة ابن القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله ابن القادر بالله أحمد بن إسحاق ابن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد الهاشمي العباسي.

بويع بالخلافة بعد موت المقتدي في ثامن عشر المحرم سنة سبع وثمانين، وعمره ستة عشر عامًا وشهران؛ فإنه ولد في شوال سنة سبعين، وصلى بالناس الظهر، ثم صلى على والده.

وكان ميمون الطلعة، حميد الأيام. وزر له أبو منصور بن محمد بن جهير، وولي القضاء له أبو بكر بن المظفر الشامي قليلًا. ومات فولي بعده القضاء أبو الحسن علي بن محمد بن علي الدامغاني.

ووزر له بعد عميد الدولة أبي منصور سديد الدولة أبو المعالي الأصفهاني، ثم زعيم الرؤساء أبو القاسم علي ابن عميد الدولة بن جهير، ثم مجد الدين أبو المعالي هبة الله بن المطلب، ثم نظام الدين أبو منصور الحسين بن أبي شجاع الوزير.

قال ابن الأثير: كان لين الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البر، وكانت أيامه أيام سرور للرعية، فكأنها من حسنها أعياد. وكان حسن الخط، جيد التوقيعات، لا يقاربه فيها أحد، تدل على فضل غزير، وعلم واسع.

ومات بعلة التراقي، وهي دمل تطلع في الحلق، وكان سمحًا جوادًا.

قال ابن الجوزي: كان حافظًا للقرآن، محبًا للعلماء والصالحين، منكرًا للظلم.

ومن شعره:

أذاب حر الهوى في القلب ما جمدا يوما مددت إلى رسم الوداع يدا وكيف أسلك نهج الاصطبار وقد أرى طرائق مهوى الهوى قددا إن كنت أنقض عهد الحب فسلني من بعد حبي فلا عاتبتكم أبدًا

ص: 185

وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأيامًا، ولم تصف له الخلافة، بل كانت أيامه مضطربة، كثيرة الحروب. وغسله شيخ الحنابلة ابن عقيل، وصلى عليه ابنه المسترشد بالله الفضل.

وخلف من الأولاد هذا، والمقتفي لأمر الله محمدًا، وعليًا، وأبا طالب العباس، وإبراهيم، وعيسى، وإسماعيل.

وتوفيت بعده بقليل جدته أرجوان الأرمنية والدة المقتدي، ولا يعلم خليفة عاشت بعده جدته إلا هو.

قال السلفي: قال لي أبو الخطاب ابن الجراح: صليت بالمستظهر بالله في رمضان فقرأت: إن ابنك سرق رواية رويناها عن الكسائي. فلما سلمت قال: هذه قراءة حسنة؛ فيها تنزيه أولاد الأنبياء عن الكذب.

وللصارم مرجى البطائحي الشاعر: أصبحت بالمستظهر ابن المقتدي بالله ابن القائم ابن القادر مستعصمًا أرجو نوافل كفه وبأن يكون على العشيرة ناصري فيقر مع كبري قراري عنده ويفوز من مدحي بشعر سائر فوقع المستظهر: يخير بين الصلة والانحدار، أو المقام والإدراز. فاختار الانحدار.

ولمرجى هذا شعر كثير ثائر، أكثره في الهجو.

توفي إلى رضوان الله في يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة.

42 -

‌ أحمد بن عبد الرَّزَّاق بن حسَّان بن سعيد المنيعيُّ

، كمال القضاة أبو إبراهيم المروالرُّوذيُّ القاضي الخطيب.

فاضل، عالم، مناظر، خطب في جامع جدِّه مدة. وتوفي في شعبان، وقد روى الحديث.

43 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن الهيثم الزَّاهد

، أبو عبد الله الأسواريُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ.

ص: 186

توفي في تاسع شوَّال، وقيل: في ثاني وعشرين من شوال، وله تسع وسبعون سنة. روى عنه أبو موسى الحافظ.

44 -

‌ أحمد بن الفضل بن عمر

، أبو العلاء الأصبهانيُّ المقرئ، المعروف بالكندوج.

توفي لليلة بقيت من صفر، وكان مولده في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وحدَّث في الشَّهر الذي مات فيه. روى عن أبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيَّار وأحمد بن محمد بن المرزبان. روى عنه أبو موسى المديني، وأبو جعفر الصَّيْدلاني، له عنه حضور.

45 -

‌ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي

، العلامة المفتي عالم أهل بخارى في زمانه أبو سعد ابن مفتي بخارى الشيخ أبي الخطاب، الكعبي الطبريُّ الفقيه.

تفقه على أبيه، وسمع من جدِّه، ومن السَّيد محمد بن محمد الحسيني الحافظ، ونصر بن علي الزَّندي. مات في رمضان كهلاً. من التحبير.

46 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن علي

، أبو العباس ابن الزوال الهاشمي العباسي المأموني المعدل.

سمع: القاضي أبا يعلى، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وجماعة، وكتب بخطه كثيرا.

روى عنه محمد بن ناصر، والسلفي، وجماعة. وقد قرأ القرآن على: محمد بن علي الخياط، وأبي علي ابن البناء. توفي في المحرم عن سبعين سنة.

47 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد السلام بن قيداس

، البغدادي، أبو نصر المقرئ.

سمع: أبا طالب محمد بن الحسين بن بكير، وأبا طاهر ابن العلاف، وأبا بكر بن بشران. وعنه: أبو محمد ابن الخشاب، وأبو العز محمد بن محمد ابن الخراساني، ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.

قلت: إن صح مولده فروايته عن ابن بكير حضورًا أو غلط.

ص: 187

قال أبو الحسن ابن الزاغوني: توفي ابن قيداس المقرئ بالحريم في جمادى الأولى، وقد قرأ القرآن بروايات، وسمع الحديث.

48 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن حمدان الحارثي السرخسي

.

رئيس جليل، ورد بغداد حاجا، وسمع أبا الفضل بن خيرون وجماعة في الكهولة؛ فإنه ولد في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. أجاز لأبي سعد السمعاني.

49 -

‌ أرجوان

، وتدعى قرة العين، الأرمنية، والدة الخليفة المقتدي بالله، وجدة المستظهر.

عاشت في العز والجاه حتى رأت البطن الرابع من أولادها، وكانت صالحة، كثيرة الصدقة. حجت ثلاث مرات بحشمة وأبهة، ولها رباط بمكة، ورباط ببغداد.

عاشت إلى هذا الوقت.

50 -

‌ أرسلان شاه

، ابن السلطان علاء الدولة مسعود بن إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتكين.

ولي مملكة غزنة بعد أبيه سنة ثمان وخمسمائة، وخنق في جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة. وقد مرت أخباره في وفاة أبيه.

51 -

‌ بكر بن محمد بن علي بن الفضل بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم

، العلامة أبو الفضل الأنصاري الجابري. من ولد جابر بن عبد الله البخاري الزرنجري، وزرنجرة من قرى بخارى الكبار، ويعرف بشمس الأئمة أبي الفضل.

كان فقيه تلك الديار، ومفتي ما وراء النهر، وكان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة.

قال لنا أبو العلاء الفرضي: كان الإمام على الإطلاق، والموفود إليه من الآفاق. رافق في أول أمره برهان الأئمة سراج الأمة الماضي عبد العزيز بن

ص: 188

عمر بن مازة، تفقها معًا على شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي.

ولد أبو الفضل في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وسمع الحديث في صغره، وأدرك الكبار، وتفقه أيضًا على شمس الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلوائي، وكان أبوه محمد يروي عن إسماعيل بن أحمد الفضائلي، وغيره.

سمع: أباه، وأبا حفص عمر بن منصور بن خنب، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي، وميمون بن علي الميموني، وأبا سهل أحمد بن علي الأبيوردي، وإبراهيم بن علي الطبري، ويوسف بن منصور السياري الحافظ، وأبا بكر محمد بن سليمان الكاخستواني. وسمع صحيح البخاري من أبي سهل المذكور، قال: أخبرنا أبو علي بن حاجب الكشاني.

وقال أبو سعد السمعاني: وورد بغداد حاجا قبل الخمسمائة، وتفرد بالرواية عن جماعة، وكتب لي بالإجازة بمسموعاته، وكان يسمى أبا حنيفة الأصغر.

سألوه عن مسألة، فقال: كررت عليها أربعمائة مرة. وكانت له معرفة بالأنساب والتواريخ، وحدثنا عنه جماعة منهم: عمر بن محمد بن طاهر الفرغاني، وأبو جعفر أحمد بن محمد الخلمي البلخي، ومحمد بن يعقوب نزيل سرخس، وعبد الحليم بن محمد البخاري.

تفقه على شمس الأئمة هذا ابنه عمر. توفي ولده عماد الدين عمر سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وشيخ الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر الفرغاني، وجماعة.

وتوفي في تاسع عشر شعبان.

52 -

‌ الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر

، أبو القاسم الهوزني الإشبيلي.

روى عن: أبيه، وأبي محمد ابن الباجي، وأبي عبد الله بن منظور وحج، وسمع بالمهدية من: عبد الله بن محمد القرشي، وبالإسكندرية من محمد بن

ص: 189

منصور الحضرمي، وبمصر من: محمد بن بركات.

وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن وليد. وكان فقيهًا مشاورًا، فاضلًا، رحل الناس إليه.

وتوفي في ذي القعدة، وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.

53 -

‌ الحسين بن محمد بن علي بن الحسن

، نور الهدى أبو طالب الهاشمي العباسي الزينبي، الفقيه الحنفي، رئيس الطائفة الحنفية.

كان إماما معظمًا كبير الشأن، مكرمًا للغرباء، بارعًا في المذهب. ولد سنة عشرين وأربعمائة، وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم الأزهري، وأبا القاسم التنوخي، والحسن ابن المقتدر، وسمع بمكة الصحيح من كريمة، وتفرد به عنها ببغداد، وسمعه منه الناس.

روى عنه: عبد الغافر الكاشغري. ومات قبله بأربعين سنة أو أكثر، وابن أخيه علي بن طراد الوزير، والصائن هبة الله ابن عساكر.

وسمع منه الصحيح عبد المنعم بن كليب، وقد قرأ القرآن على الزاهد أبي الحسن القزويني، وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وقد مدحه الغزي الشاعر بقصيدة حسنة.

توفي في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة، فهو وأخواه أبو نصر محمد وطراد ماتوا في عشر المائة، وتفردوا في وقتهم.

ولم يزل نور الهدى مدرس مدرسة شرف الملك، وترسل إلى ملوك الأطراف. وولي نقابة العباسيين والطالبيين، ثم استعفى بعد أشهر، فأعفي، وأحضر أخوه طراد من الكوفة، وكان نقيبها، فولي نقابة العباسيين.

54 -

‌ حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف

، الحافظ أبو العلاء الهمذاني الأعمش الأديب.

أجاز لأبي سعد السمعاني فقال: كان عارفًا بالحديث حافظًا ثقة، مكثرًا. سمع الكثير بنفسه وأملى وحدث. سمع بهمذان: أبا مسلم بن غزو النهاوندي، وأبا الحسن عبيد الله بن أبي عبد الله بن منده، وهارون بن ماهلة

ص: 190

الهمذاني، وطبقتهم، مولده بهمذان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في عاشر شوال.

قلت: روى عنه: السلفي، وأبو العلاء العطار، وجماعة. وكان مع بصره بالحديث عارفًا بمذهب أحمد، ناصرًا للسنة، وافر الحرمة. أملى عدة مجالس من حفظه، رحمه الله تعالى! وكان أحد الأدباء بارعًا في فضائله، وقع لنا من روايته في السلماسية.

أخبرنا أحمد بن عبد الكريم قال: أخبرنا نصر بن جرو قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت حمد بن نصر الحافظ بهمذان يقول: سمعت علي بن حميد الحافظ يقول: سمعت طاهر بن عبد الله الحافظ يقول: سمعت حمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى صالح بن أحمد التميمي الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها على محابر أصحاب الحديث.

رواها أبو سعد السمعاني، عن شيخ له، عن السلفي، فكأني لقيته وسمعتها منه، مع أن حمد بن نصر قد أجاز لأبي سعد.

55 -

‌ رابعة بنت الإمام أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري

، أم الفضل والدة الحافظ ابن ناصر.

امرأة صالحة. سمعت: أباها، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة. روى عنها: ابنها، وأبو المعمر الأنصاري.

وتوفيت في ذي القعدة.

56 -

‌ سعيد بن محمد بن عبد الله

، أبو محمد المؤدِّب، كان يقال له: السعيد، بالألف واللام.

وكان عارفاً باللغة والأدب. سمع عبد الصمد ابن المأمون والحسن بن عبد الودود، والصريفيني. روى عنه أبو بكر المفيد وجماعة.

توفي ببغداد في المحرم، وكان أشعريًّا، عاش نيفاً وسبعين سنة.

57 -

‌ سلمان بن ناصر بن عمران

، أبو القاسم الأنصاريُّ النَّيْسابوريُّ الصُّوفيُّ الفقيه، صاحب إمام الحرمين.

ص: 191

كان بارعاً في الأصول والتَّفسير. سمع بدمشق وغيرها، وحدَّث عن أبي الحسين بن مكي، وفضل الله بن أحمد الميهني، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وجماعة. وشرح كتاب الإرشاد لشيخه، وخدَمَ أبا القاسم القشيري مدة. وكان صالحاً، زاهداً، إماماً، عارفاً من أفراد الأئمة.

توفي في جمادى الآخرة، وقد سمع بمكة من كريمة المروزية، وهو من كبار المصنِّفين في علم الكلام، وهو مشهور بأبي القاسم الأنصاري.

قال ابن السَّمعاني: أجاز لي مروياته. وسمعت محمد بن أحمد النُّوقاني يقول: سمعت أبا القاسم الأنصاري يقول: كنت في البادية فأنشدت: سرى بخبط الظَّلماء واللَّيل عاسفٌ حبيب بأوقات الزِّيارة عارف فما راعني إلا السلام عليكم أأدخل قلت ادخل ولم أنت واقف فجاء بدوي وجعل يطرب، ويستعيدني.

أرخه عبد الغافر، وقال ناصر ولده: مات سنة إحدى عشرة.

* شمس الأئمة.

اسمه بكر، مر.

58 -

‌ طلحة بن أحمد بن طلحة بن أحمد بن الحسن بن سليمان بن الحارث

، أبو البركات الكندي العاقولي.

ولد بدير العاقول، وهي على خمسة عشر فرسخا من بغداد، ودخل بغداد سنة ثمان وأربعين. واشتغل بالعلم، وقرأ على القاضي أبي يعلى كتاب الخصال. وسمع منه، ومن: أبي محمد الجوهري، وأبي الحسين بن حسنون النرسي، وجماعة.

روى عنه: هبة الله الصائن، ومحمد بن أبي القاسم بن حمزة الساوي، وابن ناصر، وغيرهم. وكان من الصالحين والأئمة. توفي في شعبان ببغداد، وله ثمانون سنة.

59 -

‌ عاصم بن زياد بن مظفر الشيباني الأصبهاني

.

ص: 192

روى عن سعيد العيار، روى عنه أبو موسى الحافظ، وتوفي يوم عاشوراء.

60 -

‌ عبد الجبار بن أبي سعد الفضل بن محمد بن عبد الله بن سعدان

، أبو الوفاء الأموي المرواني الهشامي الأصبهاني.

مات في ربيع الآخر، وهو من شيوخ أبي موسى.

61 -

‌ عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل

، أبو الفضائل الأموي العثماني الديباجي، والد العثمانيين.

قال ابن المفضل: روى عن جده لأمه أبي حفص البوصيري، روى عنه: ولده أبو محمد العثماني، ثم قال ابن المفضل الحافظ: وقد تكلم في سماعه، مات في المحرم.

62 -

‌ عبد الكريم بن أحمد بن قاسم بن أبي عجينة

، الشيخ أبو محمد القباري، المعروف بالخلقاني الإسكندراني، المؤذن المعمر.

من شيوخ السلفي، قال فيه: كان يقال: إنه ابن مائة وعشرين سنة.

أخبرنا عن أحمد بن إبراهيم الرازي، وغيره. وسمعت أبا عبد الله ابن الحطاب الرازي، وجماعة يقولون: ما عندنا أكبر منه سنًا. قال أبو عبد الله: وقد بلغ مائة وعشرين سنة أو دونها بقليل، وبلغني أنه بقي ثلاثًا وستين سنة لم يأكل لحمًا إلا لحم الصيد الذي يصيده بنفسه، ومنه قوته، ولم يأكل اللبن ولا الجبن هذه المدة تورعًا، وكان يأكل من القبار والمباح، ويعبر المنامات ويصيب، وهو أمي لا يكتب. رأيته وهو حاضر الذهن يبصر ويسمع، ويعبر المنام، ولا يتتعتع في حرف، وقد سمع على أبي العباس الرازي كثيرًا، وتوفي في رجب، رحمه الله تعالى.

قال السلفي: وقد كنت أداعبه وأقول: أنت مكبر، معبر، مجبر، فيتبسم، وقد ذكر لي أنه رأى أبا عمران الفاسي لما قدم الإسكندرية حاجًا.

ص: 193

قال: وكان يجبر، وكان مالكيًا، كان مع كبر سنه يقصدني إلى أن مات محمولًا كأنه قفة.

63 -

‌ عبد الكريم بن علي بن محمد بن علي بن فورجة

، أبو الخير الأصبهاني.

ولد سنة ثمان وعشرين وأربع مائة، وروى عن: أبي الحسين بن فاذشاه، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه: أبو موسى المديني، وغيره، وآخر من روى عنه حضورًا أبو جعفر الصيدلاني. توفي في ثاني عشر شوال.

ومما يروي الزهد لأسد، سمعه من ابن فاذشاه، وكتاب ثواب الأعمال لأبي الشيخ، رواه عن الفضل بن محمد بن سعيد، عنه.

64 -

‌ عبد الملك بن أحمد

، أبو سعيد النيسابوري الحرفي.

كان من الدهاقين الشجعان، سمع محمد بن عبد العزيز النيلي، وابن مسرور، وعبد الغافر. روى عنه السمعاني حضورا. مات في شوال.

65 -

‌ عبيد بن محمد بن عبيد

، أبو العلاء القشيري النيسابوري التاجر.

من بيت عدالة ورواية، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وعبد القاهر بن طاهر البغدادي، وأبا حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبا حفص بن مسرور، وسافر في شبيبته إلى المغرب تاجرًا، وأقام هناك مدة، وحصل أموالًا، ثم عاد إلى نيسابور ولزم داره، وكان قليل المخالطة. وحدث ببغداد مع أخيه لما قدم للحج، وقد مر أخوه الفضل من سنوات. روى عنهما: أبو الفتح محمد بن عبد السلام، سمع منهما في سنة سبع وثمانين.

وسأله اليونارتي عن مولده، فقال: في سنة سبع عشرة وأربع مائة. وذكر أنه غاب عن نيسابور نيفًا وعشرين سنة.

ووصفه عبد الغافر في تاريخه: بالصدق والعدالة والعبادة، وصحة

ص: 194

السماع، والإنفاق على الفقراء، وتصدق في آخر عمره بصدقات كثيرة، وثقل سمعه، وتوفي في شعبان.

قال أبو سعد السمعاني: كان والدي أحضرني السماع عليه في سنة تسع وخمس مائة، وتوفي في ثامن عشر شعبان سنة اثنتي عشرة وخمس مائة، رحمه الله، قاله ابن النجار.

66 -

‌ عطاملك بن عبد الجبار بن أبي طاهر بن المعين الخطيب

، أبو محمد، السَّمرقنديُّ، النحويُّ.

ولد في صفر سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، وروى عن أبي حفص بن شاهين السَّمرقندي، وتوفي في رجب. روى عنه عمر بن محمد النَّسفي، وغيره.

67 -

‌ علي بن أحمد بن علي بن منصور

، أبو الحسن الطَّبريُّ الزُّجاجيُّ الفقيه الضَّرير.

سمع ابن غيلان، وأبا منصور السَّواق، وأحمد بن علي التَّوزَّي. وعنه ابن ناصر، والسِّلفي.

مات في شوال. ذكره ابن النَّجار.

68 -

‌ عليّ بن مليح

، أبو المعالى البزَّاز.

سمع الحسين بن منصور المُخَرِّمي، وعبد الصمد ابن المأمون.

توفي في ربيع الآخر ببغداد. وعنه ابن ناصر.

69 -

‌ عمر بن محمد بن عمر بن أحمد بن أبان

، أبو حفص المُعَلِّم، الأصبهانيُّ.

توفي في جمادى الأولى. روى عن أبي القاسم ابن مندة، وعنه أبو موسى المديني.

70 -

‌ عيسى بن شعيب بن إبراهيم

، الزاهد المعمر أبو عبد الله السجزي الصوفي، نزيل هراة.

ص: 195

الحافظ، وبهراة من عبد الوهاب بن محمد الخطابي، وبغزنة الخليل بن أبي يعلى، وحمل ولده أبا الوقت على كتفه من هراة إلى بوشنج، فأسمعه الصحيح.

ولد بسجستان بعد سنة عشر وأربع مائة، وسمع بها من علي بن بشرى.

قال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح، مسن، حريص على السماع. أجاز لي مروياته. مولده في سنة عشر وأربع مائة، وتوفي بمالين هراة في ثاني عشر شوال، وله مائة وسنتان.

71 -

‌ مباركة

، ست الأهل بنت عبد الملك الشهرزوري.

روت عن أبي علي ابن المذهب، أخذ عنها ابن ناصر، وقال: سماعها صحيح.

توفيت في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة.

72 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن

، أبو عبد الله الأنصاري الطليطلي المقرئ، ويعرف بابن قرقاشش، نزيل فاس.

له مصنف في القراءات، أخذ عن: المغامي، وأبي الحسن الإلبيري. قرأ عليه في هذا العام بغرناطة: أبو إسحاق الغرناطي.

73 -

‌ محمد بن أحمد بن عون

، أبو عبد الله المعافري القرطبي.

روى عن: حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب. وكان فقيهًا، إمامًا، ورعًا، متصاونًا، كثير الكتب، ومات في ذي القعدة، فصلى عليه ابنه أبو بكر.

74 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف

، أبو عبد الله الفارسيُّ الصُّوفيُّ الخيَّاط، نزيل أصبهان.

رجل صالح روى عن عبد الوهَّاب بن مندة، ولم يزل يسمع إلى أن مات في رمضان. روى عنه أبو موسى، وغيره.

ص: 196

75 -

‌ محمد بن حاتم بن محمد

، أبو الحسن الطَّائيُّ الطوسيُّ الشافعيُّ، تلميذ إمام الحرمين.

سافر معه إلى الحجاز والشَّام والثُّغور. وسمع من إسماعيل النُّوقاني، وابن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر المقدسي، ورزق الله التَّميمي. روى عنه أبو بكر ابن السَّمعاني، وأجاز لابنه أبي سعد في هذه السنة، لم يبلغنا تاريخ وفاته.

76 -

‌ محمد بن الحسن بن الحسين

، أبو الحسين الوثَّابيُّ الوركانيُّ الأصبهانيُّ.

77 -

‌ محمد بن الحسين بن محمد

، فخر القضاة أبو بكر الأرسابندي المروزي، وأرسابند: من قرى مرو.

تفقه على الأستاذ أبي منصور السمعاني، ورحل إلى بخارى، فتفقه على القاضي الزوزني صاحب أبي زيد، وبرع حتى صار يضرب به المثل في علم النظر، وحج، وسمع من رزق الله التميمي.

روى عنه: صاحباه أبو الفضل عبد الرحمن بن أميرويه الكرماني، وقاضي مرو محمد بن عبد الله الصائغي، وغيرهما من كبار الحنفية، وتوفي في ربيع الأول.

78 -

‌ محمد بن أبي القاسم عبد الله بن أحمد

، أبو الفتح الخِرقيُّ الأصبهانيُّ، المعروف بتليزة الشَّرابيُّ.

ولد سنة ثمان وعشرين، وروى بالإجازة عن أبي نعيم، روى عنه أبو موسى المديني، وتوفي في رمضان.

وقال ابن السمعاني: أجاز لي. سمع ابن ريذة، وهو شيخ صالح. وقال ابن نقطة: أوله تاء مثناة من فوق، وكأنه الكبير البطن.

79 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن محمد بن وانيدة

، أبو طاهر الأصبهانيُّ.

ص: 197

توفي في ثاني صفر.

80 -

‌ محمد بن عتيق أبي بكر بن محمد بن أبي نصر

، أبو عبد الله التميمي القيرواني الأشعري المتكلم، ويعرف بابن أبي كدية.

درس الأصول بالقيروان على أبي عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي صاحب ابن الباقلاني، وسمع بمصر من أبي عبد الله القضاعي. وقدم الشام، فأخذ عنه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، ودخل العراق، وأقرأ علم الكلام بالمدرسة النظامية، وكان صلبًا في الاعتقاد.

توفي ببغداد في ذي الحجة، وقد سمع بالأندلس من ابن عبد البر، وقرأ بالروايات بمصر على أبي العباس بن نفيس، وسمع ببغداد من عبد الباقي العطار، صاحب المخلص، وأقام بالشام مدة، ثم قدم بغداد ثانيًا، وأقرأ بها القراءات أيضًا، قرأ عليه: أبو الكرم الشهرزوري، وحدث عنه: عبد الحق اليوسفي بكتاب الشهاب، وقال فيه ابن عقيل: ذاكرته، فرأيته مملوءًا علمًا وحفظًا.

وقال السلفي في معجمه: كان مشارًا إليه في علم الكلام، وقال لي: أنا أدرس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة، وكان مقدمًا على نظرائه، مبجلًا عند من ينتحل مذهبه، مجانبًا عند مخالفيه، جرت بينه وبين الحنابلة فتن، وأوذي غاية الإيذاء، وأنشدني من شعر صديقه الحسن بن رشيق، وقال لي: إنه قرأ أيضًا الكلام ببلده على أبي طاهر علي بن محمد بن عرس الموصلي صاحب ابن الباقلاني، وإنه سمع من أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الخرقي.

قلت: عاش تسعين سنة أو جاوزها، وسأله السلفي عن مسألة الاستواء، فذكر أن أحد الوجهين لأبي الحسن الأشعري أن يحمل على ما ورد ولا يفسر.

81 -

‌ محمد بن عيسى بن محمد بن بقاء

، أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي.

أحد القراء المجودين، قرأ على أبي داود صاحب أبي عمرو الداني.

ص: 198

وأقرأ بدمشق، قرأ عليه جماعة من الدمشقيين.

وكان فاضلًا، تاركًا للتكلف، حفظة للحكايات، يسكن في دار الحجارة، توفي في ذي القعدة وله ثمان وخمسون سنة.

82 -

‌ محمد بن محمد بن علي بن حكم

، أبو عبد الله الباهلي القرقوبي، الأندلسي، المريي.

سمع: أبا خالد يزيد مولى المعتصم، وأبا علي الغساني. وحدث بتقييد المهمل لأبي علي بالإسكندرية، فأخذه عنه: السلفي، وأبو محمد العثماني، وأخوه أبو الفضل العثماني، وروى عنه بالإجازة: بركات الخشوعي.

ووصفه السلفي بالحفظ، وقال: حدثنا من حفظه، عن أبي بكر حازم بن محمد الطليلطي، وكان من أهل المعرفة بقوانين الحديث، أخذ ذلك عن أبي علي الجياني، وغيره، وقد كتب عني.

قال ابن الأبار: توفي في رجب سنة اثنتي عشرة.

قال السلفي: توفي في رجوعه من الحج بالبادية.

83 -

‌ محمود بن الفضل بن محمود بن عبد الواحد

، أبو نصر الصباغ الأصبهاني الحافظ.

نزل بغداد، وبالغ في الطلب، وكتب بخطه السريع كثيرًا لنفسه ولغيره.

وكان حميد الطريقة، مفيدًا للغرباء، نسخ الكتب الكبار. وقد سمع عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن مندة، وأبا الفضل البزاني، وأبا بكر بن ماجه، وحدث ببغداد بشيء يسير عن عائشة بنت الحسن الوركانية.

قال شيرويه الديلمي: قدم علينا همذان سنة اثنتين وخمس مائة، وكان حافظًا ثقة، يحسن هذا الشأن، حسن السيرة، عارفًا بالأسماء والنسب، مفيدًا لطلبة العلم.

وقال غيره: توفي في جمادى الأولى ببغداد، وقد سمع بها من رزق الله التميمي، وطراد، وطبقتهما، وخلق من أصحاب أبي علي ابن شاذان، ثم خلق من أصحاب ابن غيلان، وبالغ حتى كتب عن أصحاب الصريفيني، وعلي ابن

ص: 199

البسري، روى عنه: ابن ناصر، وأبو الفتح بن عبد السلام، والمبارك بن كامل.

قال السلفي: كان رفيقنا محمود بن الفضل يطلب الحديث، ويكتب العالي والنازل، فعاتبته في كتبه النازل، فقال: والله، إذا رأيت سماع هؤلاء لا أقدر على تركه، فرأيته بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهذا، وأخرج من كمه جزءًا.

84 -

‌ مروان بن عبد الملك

، الفقيه.

ولي قضاء المرية، وجرت له قصة مع أبي الحسن البرجي المقرئ في إحراق كتب أبي حامد الغزالي الذي اتبعه عليها أبو القاسم بن ورد وغيره.

توفي بالمرية سنة اثنتي عشرة.

85 -

‌ هبة الله بن محمد بن محمد

، أبو زيد الحاجي الأصبهاني.

توفي في أول رمضان، وهو من شيوخ أبي موسى المديني.

86 -

‌ يحيى بن عثمان بن الحسين بن عثمان

، أبو القاسم ابن الشواء البغدادي، البيع، الفقيه الحنبلي، تلميذ القاضي أبي يعلى.

كتب أكثر تواليفه، وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة.

أجاز لابن كليب، مات في جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وخمس مائة.

87 -

‌ يحيى بن محمد بن حسان

، أبو محمد القلعي الأندلسي المقرئ، من قلعة أيوب.

أخذ القراءات عن أبي جعفر عبد الوهاب بن حكم، ورحل فأخذ عن أبي عبد الله ابن الحداد الأقطع القراءات بالمهدية، وعن أبي عبد الله الطرابلسي الأشقر، وتصدر ببلده للإقراء، أخذ عنه: أبو عمرو البلجيطي.

وكان صوامًا صالحًا، توفي سنة اثنتي عشرة أو نحوها.

ص: 200

سنة ثلاث عشرة وخمس مائة

88 -

‌ أحمد بن الحسن بن طاهر

، أبو المعالي الفيج.

بغدادي جليل، روى عن: أبي الطيب الطبري، وأبي يعلى ابن الفراء.

قال المبارك بن كامل: توفي في رجب.

روى عنه: ابن ناصر، والمبارك بن خضير، وعبد الحق اليوسفي.

89 -

‌ أحمد بن عثمان بن مكحول

، أبو العباس الأندلسي، نزيل المرية.

أخذ ببطليوس عن أبي بكر ابن العراب، وحج سنة إحدى وخمسين فأخذ عن كريمة، وأبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وأبي عبد الله القضاعي.

وكان شيخا فاضلا، حدث، وتوفي في شعبان.

90 -

‌ أحمد بن محمد بن شاكر

، أبو سعيد الطرسوسي، ثم البغدادي الخرزي.

شيخ مستور، يبيع الخرز في رحبة الجامع، سمع: أبا الحسن القزويني، والجوهري، وابن غيلان، وحدث، وتوفي في صفر.

روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وذاكر بن كامل، وعاش خمسًا وتسعين سنة، وقد كان يمكنه أن يسمع من أبي علي ابن شاذان، قرأ القرآن على القزويني أيضًا، قاله ابن النجار.

ويقال له: البارزي، وكذا يقال لبياع الخرز والخواتم، وروى عنه السلفي، وقال فيه: الموازيني العتابي.

91 -

‌ إبراهيم بن جعفر بن أحمد

، أبو إسحاق اللَّواتيُّ السَّبْتيُّ، المعروف بابن الفاسي.

كان إماماً زاهداً، متقشِّفًا، مقدَّمًا في علم الشُّروط وفي الأحكام، مشاركاً في علم الأصول، والأدب. قرأ على أبي محمد بن سهل المقرئ، وصحب القاضي أبا الأصبغ بن سهل. وسمع من مروان بن سمجون.

ص: 201

روى عنه القاضي عياض، وتوفي في ثامن جمادى الأولى من السَّنة.

92 -

‌ إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن يوسف

، أبو غالب النُّوبندجانيُّ الفارسيُّ.

شيخ صالح سفَّار. حدَّث بأصبهان وبغداد عن أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن النقُّور. مات ليلة نصف شعبان ببغداد. روى عنه عمر بن ظفر، والمبارك بن كامل، والمبارك بن أحمد الأنصاري. وكان صوفيًّا.

93 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن شبل

، أبو الطَّاهر الإسكندرانيُّ الشَّاهد، أخو أبي بكر يحيى بن إبراهيم.

حدَّث هو وأخوه عن عبد الحق السَّهْمي. ومولد إسماعيل سنة ثمان وعشرين وأربع مئة. وسيأتي يحيى في العام الآتي.

94 -

‌ الحسن بن محمد بن الحسن بن سُليْم الأصبهانيُّ

، أبو علي.

أحد شيوخ الحافظ أبي موسى، توفي في جمادى الآخرة.

95 -

‌ الحسين بن علي بن داعي بن زيد بن علي

، السيد أبو عبد الله العلوي الحسني النسابة النيسابوري.

سمع بإفادة أبيه أبي الحسن الزاهد من: أبي حفص بن مسرور، وأبي سعد الكنجروذي، وأبي الحسين عبد الغافر، وجماعة، وختم به كثير من الأجزاء، فإنه كان من المكثرين في السماع.

وتوفي في المحرم، وكان معنيًا بالأنساب ودقائقها.

96 -

‌ خليص بن عبيد الله بن أحمد

، أبو الحسن العبدري البلنسي.

روى عن: أبي عمر بن عبد البر، وأبي الوليد الباجي، وجماعة، وكتب بخطه علمًا كثيرًا، ولم يكن بالضابط لما كتب.

قال ابن بشكوال: سمعت بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب.

ص: 202

قلت: روى عنه السلفي بالإجازة.

97 -

‌ عبد الله بن محمد بن دري

، أبو محمد التجيبي الركلي، وركلة: من أعمال سرقسطة.

روى عن أبي الوليد الباجي، وأبي مروان بن حيان، وكان قديم الطلب.

قال ابن بشكوال: سمع منه أصحابنا ووثقوه، وتوفي في شوال.

98 -

‌ عبد الباقي بن محمد بن عبد الواحد

، أبو منصور البغدادي الغزال، والد يحيى بن عبد الباقي.

شيخ صالح عابد، سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الغنائم ابن المأمون، روى عنه جماعة، وتوفي في رجب.

99 -

‌ عبد الكريم بن هبة الله بن علي ابن النَّحويِّ

، أبو البركات البغداديُّ القُرُيَّتيُّ.

سمع أبا علي ابن المُذهب، وأبا الحسن القزويني، والبرمكي. ومولده في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.

وتوفي في جمادى الأولى. وثَّقه محمد بن ناصر اليزدي.

100 -

‌ عبد الملك بن رافع

، أبو المعالي الشَّيبانيُّ الهرويُّ ثم البغداديُّ، أحد الرُّؤساء.

روى عن الصَّريفيني، وتوفي في ربيع الأول.

101 -

‌ علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله

، الإمام أبو الوفاء البغدادي، الظفري، شيخ الحنابلة، ومصنف التصانيف.

كان يسكن الظفرية، ومسجده بها معروف، ولد سنة إحدى وثلاثين

ص: 203

وأربع مائة، وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهري، والقاضي أبا يعلى، والحسن بن غالب المقرئ، وجماعة.

روى عنه: أبو حفص المغازلي، وأبو المعمر الأنصاري، ومحمد بن أبي بكر السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وآخرون.

وتفقه على القاضي أبي يعلى، وعلى الموجودين بعده، وقرأ علم الكلام على أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم ابن التبان البغداديين صاحبي القاضي أبي الحسين البصري.

أنبئت عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: ما رأت عيني مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته، ولقد تكلم يومًا مع شيخنا أبي الحسن إلكيا في مسألة، فقال له شيخنا: هذا ليس بمذهبك. فقال له أبو الوفاء: أكون مثل أبي علي الجبائي، وفلان، وفلان لا أعلم شيئًا؟ أنا لي اجتهاد، متى ما طالبني خصم بحجة، كان عندي ما أدفع به عن نفسي وأقوم له بحجتي. فقال شيخنا: كذلك الظن بك.

قلت: وكان إمامًا مبرزًا، مناظرًا، كثير العلوم، له يد طولى في علم الكلام. وكان يتوقد ذكاء، له كتاب الفنون لم يصنف في الدنيا أكبر منه، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربع مائة يحكي فيه بحوثا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع له.

وقال: عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم، وما خالطت لعابًا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم، وأنا في عشر الثمانين، أجد من الحرص على العلم أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة، وأنا اليوم لا أرى نقصًا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية، إلا أن القوة ضعيفة.

قال ابن الجوزي: وكان دينًا، حافظًا للحدود، توفي له ولدان، فظهر

ص: 204

منه من الصبر ما يتعجب منه، وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلف سوى كتبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار. وتوفي بكرة الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى، وكان الجمع يفوت الإحصاء. قال شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاث مائة ألف.

أخبرنا إسحاق الأسدي، قال: أخبرنا أبو البقاء يعيش، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الخطيب، قال: أخبرنا أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا هوذة، قال: حدثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل، فقال: إنما معيشتي من صنعة يدي التصاوير. فقال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبدًا. فربا له الرجل واصفر، فلما رأى ذلك منه، قال: فإن لم يكن من ذلك بد فعليك بالشجر وما لا روح فيه.

رأيت شيخنا وغيره من علماء السنة والأثر يحطون على ابن عقيل لما تورط فيه من تأويلات الجهمية، وتحريف النصوص، نسأل الله الستر والسلامة، وقد توفي في سادس عشر جمادى الآخرة، وقيل في جمادى الأولى، فالله أعلم.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي فيه: فريد دهره، وإمام عصره، وكان حسن الصورة، ظاهر المحاسن. قرأ بالروايات على أبى الفتح بن شيطا، وأخذ النحو عن أبي القاسم بن برهان.

وقال: قرأت على القاضي أبي يعلى من سنة سبع وأربعين إلى أن توفي، وحظيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني. وكان

ص: 205

أبو الحسن الشيرازي إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتفعت بمصنفاته، ثم ذكر جماعة من شيوخه.

قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علمًا نافعًا، وأقبل علي أبو منصور بن يوسف، وقدمني على الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخي سنة ثمان وخمسين، وقام بكل مؤونتي وتجملي، وأما أهل بيتي فإن بيت أبي كلهم أرباب أقلام وكتابة وأدب، وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة شدة، مع عفة وتقى، ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت من أصحابي حتى طلب الدم، وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس.

وقال ابن الأثير في تاريخه: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على أبي علي بن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة.

قال ابن الجوزي: وتكلم على المنبر بلسان الوعظ مدة، فلما كانت سنة خمس وسبعين، وجرت الفتنة ترك الوعظ.

وذكر سبط الجوزي في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثم قال: ومنها ما حكاه ابن عقيل عن نفسه، قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت. قال: وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمي باقية، فاجتزت بحلب، وأويت إلى مسجد وأنا جائع بردان، فقدموني فصليت بهم، فعشوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا توفي من أيام، ونسألك أن تصلي بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا الميت بنت، فتزوجت بها، فأقمت معها سنة، وولد لي منها ولد، ثم مرضت في نفاسها، فتأملتها ذات يوم، وإذا بخيط أحمر في

ص: 206

عنقها، فإذا به العقد الذي لقيته بعينه، فقلت لها: يا هذه، إن لهذا العقد قصة. وحكيت لها، فبكت وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد علي العقد، وقد استجاب الله منه. ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد.

قال: ومنها ما حكاه أيضًا عن نفسه، قال: كان عندنا بالظفرية دار كلما سكنها ناس أصبحوا موتى، فجاء مرة رجل مقرئ، فقال: اكروني إياها، فقالوا: قد عرفت حالها، قال: قد رضيت، فبات بها وأصبح سالمًا، فعجب الجيران، وأقام مدة، ثم انتقل بعد مدة، فسئل عن ذلك؟ فقال: لما دخلتها صليت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا بشاب قد صعد من البئر، فسلم علي، فبهت، فقال: لا بأس عليك، علمني شيئًا من القرآن، فشرعت أعلمه، فلما فرغت، قلت: هذه الدار كيف حديثها؟ قال: نحن قوم من الجن مسلمون نقرأ ونصلي، وهذه الدار ما يكتريها إلا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم، قلت: ففي الليل أخاف منك فاجعل مجيئك في النهار، قال: نعم، فكان يصعد من البئر في النهار، وألقنه، فبينما هو قاعد عندي يقرأ إذا بمعزم في الدرب يقول: المرقي من الدبيب ومن العين ومن الجن، فقال: أيش هذا؟ قلت: هذا معزم يعرف أسماء الله، يفعل ما تسمع، فقال: اطلبه، فقمت وأدخلته، فإذا بالجني قد صار ثعبانًا في السقف، فضرب المعزم المندل وعزم، فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل، فقام ليأخذه ويدعه في الزنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني من صيدي؟ فأعطيته دينارًا وأخرجته، فانتفض الثعبان، وخرج الجني وقد ضعف واصفر وذاب، فقلت: ما لك؟ قال: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنني أفلح، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت من البئر صراخًا فانهزم، قال: فسمعت تلك الليلة النعي، فانهزمت. قال ابن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار.

ولابن عقيل في الفنون، قال: الأصلح لاعتقاد العوام ظواهر الآي؛ لأنهم ما يثبتون بالإثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة، فتهافتهم في التشبيه أحب إلي من إغراقهم في التنزيه؛ لأن التشبيه يغمسهم في

ص: 207

الإثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، ولا طمع ولا مخافة في النفي. ومن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أو يضحك ربنا؟ قال: نعم. فلم يكفهر لقوله، بل تركه وما وقع له.

102 -

‌ علي بن محمد بن علي ابن الدَّامغانيِّ

، الحنفيُّ، قاضي القضاة ببغداد، ابن قاضي القضاة.

تفقه على والده، وبرع في المذهب، وكان كثير المحفوظ. ولي القضاء بعد أبي بكر الشَّامي سنة ثمان وثمانين إلى حين وفاته، وشهد عند والده وله سبع عشرة سنة، فولاه يومئذ قضاء باب الطَّاق، ولم يُسْمَع أن قاضياً ولي في هذا السِّنِّ، وقد ناب في الوزارة في أيام المستظهر والمسترشد وقام بأخذ البيعة وعقدها للمسترشد، وكان ذا دين وعفاف، ومروءة وصدقات.

قال ابن الجوزي: حدَّثني أبو البركات ابن الجلاء الأمين، قال: حضر أبو الحسن ابن الدَّامغاني باب الحُجرة، فقال له الخادم: أمير المؤمنين يسمع كلامك ويقول: أنحن نحكمك أو أنت تحكمنا؟ فقال: كيف يقال هذا وأنا بحكم أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة جيء بديوان ديوان فسئلت عنه فإذا جيء بديوان القضاء كفاك أن تقول وليته لذلك المدبر ابن الدَّامغاني فتسلم أنت وأقع أنا، فبكى الخليفة، فقال: افعل ما تريد.

وقد سمع أبا محمد الصَّريفيني، وأبا الحسين أحمد بن محمد السِّمْناني؛ روى عنه أبو المعمَّر الأنصاري، وغيره.

ولد سنة تسع وأربعين وأربع مئة. وتوفي في رابع عشر محرَّم، وكان ورعاً مهيباً، مقدَّماً عند الدولة ذا رأي وحزم وسؤدد، وهو أحد مَنْ قتله الطِّب؛ قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: فإنَّ جوفه علا وظنوه استسقاء فأعطوه الحرارات وحموه البوارد، وكان في جوفه مادة دواؤها البقلة فلم يمكنوه من شرب الماء فلما أنضجتها الحرارات بان لهم الخطأ. وقيل: إنَّه أنشد عند موته:

ص: 208

والناس يلحون الطَّبيب وإنما غلط الطبيب إصابة الأقدار

103 -

‌ الفضل بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون

، أبو محمد ابن الحافظ أبي الفضل البغداديُّ.

سمع أبا الحسين ابن النقُّور وطبقته، وطلب بنفسه، وما كأنَّه حدَّث بشيء.

توفي في رمضان.

104 -

كتائب بن علي بن حمزة بن الخضر، السلمي الدمشقي الجابي، أبو البركات ابن المقصص الحنبلي.

سمع: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، ورحل إلى بغداد وأصبهان، وسمع: مالكًا البانياسي، وغيره.

قال السلفي: قال لي كتائب: لما دخلت إلى أصبهان كتب عني الحافظ يحيى بن مندة، وكتب عني عمر الدهستاني وقت قدومه دمشق، وقال: اسمك غريب نحتاج إليه في معجم الشيوخ.

وقال الحافظ ابن عساكر: سمعت أبا محمد ابن الأكفاني يقول للحافظ أبي طاهر الأصبهاني: بلغني أنك سمعت من ابن المقصص؟ قال: نعم، دخل إلينا إلى الدويرة، وسمعنا منه، فقال: هذا كان في صباه يغني ويأخذ الجذر على الغناء، فاعتذر إليه أبو طاهر بأنه ما علم بذلك.

ولد كتائب سنة أربع وأربعين وأربع مائة، وتوفي قريبًا من سنة ثلاث عشرة وخمس مائة.

105 -

‌ محمد بن أحمد بن بشرويه الأصبهاني

.

توفي في جمادى الآخرة.

106 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين بن محمويه

، أبو عبد الله اليزدي، أخو أبي الحسن.

ص: 209

سافر في طلب القراءات إلى البلاد، وكان طيب الصوت، يبكي من يسمعه، وقد حدث عن أبي إسحاق الشيرازي.

وكان مولده في سنة خمس وخمسين، وقرأ على أصحاب الحمامي، وغيره.

107 -

‌ محمد بن الحسن بن الحسين بن علي السُّلميُّ

، أبو الفضل ابن الموازيني، الدِّمشقيُّ المعبِّر، أخو أبي الحسن.

سمع أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم ابن الفرات، وعبد العزيز الكتَّاني، وأبا الحسين محمد بن مكي. وكان عالماً بالفرائض، يجالس جمال الإسلام أبا الحسن. روى عنه السِّلفي، وابن عساكر، والفضل بن الحسين البانياسي، وآخرون.

وتوفي في رجب. وكان مولده في سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة.

قال ابن عساكر: جالسته غير مرة.

108 -

‌ محمد بن طرخان بن يلتكين بن مبارز بن بجكم

، أبو بكر التركيُّ ثم البغداديُّ المحدِّث.

سمع الكثير، ونسخ بخطه، وحصَّل، وكان عارفاً بالحديث، والنَّحو. سمع ابن هزارمرد الصَّريفينيَّ وطبقته، وسمع قبله على أبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله. ولزم الحُمَيْدي مدةً، وسمع الإكمال من ابن ماكولا. وقرأ الفقه على الإمام أبي إسحاق، والكلام على أبي عبد الله القيرواني. وكان ينسخ للناس، وخطه مليح. وكان مع فضائله زاهداً ثقة، كثير العبادة، مستجاب الدعوة.

روى عنه أبو بكر ابن العربي الأندلسي، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه، والسِّلفي، وجماعة.

109 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الحارث

، أبو بكر خوروست الأصبهانيُّ المجلِّد، ويُكْنَى أيضاً أبا الفتح.

ولد في حدود سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وسمع أبا الحسين بن

ص: 210

فاذشاه، وأبا القاسم عبد الله بن محمد المقرئ العطَّار الراوي عن أبي الشِّيخ، وأبا بكر بن ريذة، وجماعة.

روى عنه أبو موسى المديني، وجماعة آخرهم أبو جعفر الصَّيدلانيُّ.

توفي في جمادى الأولى.

قال السَّمعاني: أجاز لنا وكان شيخاً صالحاً يُلقِّن الصِّبيان. سمع أيضاً أحمد بن حسن بن فورك الأديب، وعبد الملك بن الحسين بن عبد ربه، وهارون بن محمد التَّاني. ومن سماعه كتاب المستخرج على مسلم لأبي الشَّيخ، يرويه عن أبي سعيد القُرقُوبي، عنه، وكتاب مغازي ابن إسحاق، رواه عن أبي طاهر عبد الرحيم.

110 -

‌ محمد بن عبد الباقي بن محمد بن يسر

، أبو عبد الله الدوري السمسار.

شيخ صالح، ثقة، بغدادي، سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري، وأبا بكر ابن بشران، وغيرهم.

ولد في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة. وتوفي في صفر.

روى عنه: أبو عامر العبدري، وابن ناصر، والسلفي، وذاكر بن كامل، والصائن ابن عساكر، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا صالحًا، ثقة، خيرًا.

وقال ابن نقطة: هو محمد بن عبد الباقي بن محمد بن أبي اليسر، وآخر من حدث عنه بالإجازة عبد المنعم بن كليب.

111 -

‌ محمد بن عبد الرزاق بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي

، الخطيب أبو ذر الصالحاني الصوفي.

ولد سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، وحدث عن أبي طاهر أحمد بن محمود وغيره، روى عنه أبو موسى المديني.

وتوفي في ربيع الأول.

ص: 211

112 -

‌ محمد بن محمد بن الحسين

، أبو الحسن ابن القلعي، الكاتب الأواني.

عن عبد الصمد ابن المأمون، وأبي علي ابن الشبل الشاعر، وعنه أبو طاهر السلفي، وسعد الله بن محمد الدقاق.

113 -

‌ محمد بن محمد بن القاسم بن منصور

، أبو بكر بن عمران العمراني الكسبوي النسفي، الوزير.

ثم ترك الوزارة في آخر عمره، وتوفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، قاله مصنف القند، وحدث عنه، قال: أخبرنا الدهقان إبراهيم بن محمد الحاجي الخلمي.

114 -

‌ المبارك بن علي بن الحسين

، أبو سعد المخرمي، الفقيه الحنبلي، أحد شيوخ المذهب.

ولي القضاء بباب الأزج، وكان إمامًا مفتيًا، ذكيًا، كثير المحفوظ، جميل السيرة، مليح العشرة.

تفقه على: الشريف أبي جعفر بن أبي موسى الهاشمي، وعلى: القاضي يعقوب بن إبراهيم العكبري، وسمع: القاضي أبا يعلى، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وجماعة.

وكان مولده في سنة ست وأربعين وأربع مائة، وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشر المحرم، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وتفقه به جماعة كثيرة، ودفن بجنب المروذي في مدرسة بباب الأزج، ثم شهرت بالشيخ عبد القادر تلميذه.

115 -

‌ المباركة بنت الشيخ أبي البركات عبد الملك بن أحمد الشهرزوري

، وتدعى ست الأهل.

سمعت أبا علي ابن المذهب وحدثت.

ص: 212

116 -

‌ المؤمل بن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الواحد

بن إسحاق ابن المعتمد على الله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد، أبو البقاء العباسي الواسطي الخطيب، ويعرف بابن المنبور.

سكن بغداد، وأم بالنظامية، وسمع: أبا الحسين ابن النقور. سمع منه: الصائن هبة الله ابن عساكر، وغيره.

117 -

‌ نصر بن أبي القاسم بن محمد الصباغ الأصبهاني

.

روى عن ابن ريذة، وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في ذي القعدة.

118 -

‌ هبة الله بن المبارك بن عبيد الله

، أبو المعالي الوقاياتي البغدادي المعدل.

سمع أبا محمد الخلال، وأبا بكر بن بشران، وأبا إسحاق البرمكي، وحدث بشيء يسير، وهو ثقة، مات في صفر.

119 -

‌ يوسف بن محمد

، أبو الفضل القيرواني، ابن النحوي.

روى عن أبي الحسن اللخمي صحيح البخاري، وعن أبي عبد الله المازري.

وكان عارفًا بالفقه وأصول الدين، وله تصانيف، وكان لا يرى التقليد، روى عنه: القاضي موسى بن حماد، وغيره.

وعاش ثمانين سنة، وله رحلة إلى الأندلس.

ص: 213

سنة أربع عشرة وخمس مائة

120 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى

، أبو القاسم المرسي.

روى عن: هشام بن أحمد بن وضاح المرسي، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباسي العذري، وكان فقيهًا فاضلًا، شروطيًا، استقضي بشلب، ومات فجاءة عن خمس وستين سنة.

121 -

‌ أحمد بن الخطاب بن حسن

، أبو بكر البغدادي الحنبلي المقرئ، ويعرف بابن صوفان الغسال.

قرأ بالروايات على: أبي علي ابن البناء، وسمع من: عبد الصمد ابن المأمون، والصريفيني. روى عنه: ذاكر بن كامل، ومات في ذي القعدة، قاله ابن النجار.

122 -

‌ أحمد بن عبد الله بن شانج

، أبو جعفر القرطبي المطرز.

روى عن سراج بن عبد الله القاضي، وابنه أبي مروان عبد الملك، وصحبه أربعين سنة، وكان عارفا باللغة والآداب والشعر، كتب بخطه علما كثيرا ولم يكن بالضابط لما كتبه مع معرفته، وكان عسر الأخذ، نكد الأخلاق، ما حدث إلا على وجه المذاكرة.

123 -

‌ أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله

، أبو البركات ابن السيبي البغدادي، مؤدب أولاد المستظهر بالله.

سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم ابن البسري. وحدث وولي نظر المخزن سنة وثمانية أشهر، وكان كثير الصدقات والمعروف، وخلف مائة ألف دينار أو نحوها، وأوصى بثلث ماله، وعاش ستًا

ص: 214

وخمسين سنة وثلاثة أشهر، روى عنه: الخليفة المقتفي، والمبارك بن كامل، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة.

124 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد المحاملي

.

روى عن أبي محمد الجوهري، والملطي، روى عنه المبارك بن كامل، وقال: توفي في ذي القعدة.

وروى عنه جماعة وكان عطارا.

125 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن أحمد

، أبو المعالي ابن البخاري، البزاز.

بغدادي، قال أبو بكر المفيد: هو ابن البخوري فجعل البخاري، كما جرت عادة البغاددة في تقليب الألفاظ، كان جده يبخر الناس يوم الجمعة بالمبخرة، وكان شيخًا مستورًا خيرًا، سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي ابن المذهب، وأبا محمد الجوهري.

روى عنه: هبة الله ابن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو منصور الدقاق، والسلفي، وابن أبي عصرون، وجماعة، وتوفي في جمادى الآخرة، وله أربع وثمانون سنة.

126 -

‌ أحمد بن هبة الله بن أحمد بن علي

، أبو الفضل ابن الزَّيات البغداديُّ الوكيل.

سمع أحمد بن محمد بن حمدويه، وعلي ابن البسري. وعنه المبارك بن كامل وأخوه ذاكر.

توفي في جمادى الآخرة.

127 -

‌ إبراهيم بن أبي الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن إبرويه

، أبو القاسم سبط الصَّالحانيِّ، الأصبهانيُّ.

روى عن ابن ريذة، وابن عبد الرَّحيم. وعنه أبو موسى. توفي يوم عرفة.

128 -

‌ إبراهيم بن محمد

، أبو غالب الصُّوفيُّ النُّوبَنْدجانيُّ.

ص: 215

مات في شعبان، سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النَّقور.

129 -

‌ إسماعيل بن محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن

، أبو القاسم المديني.

روى عن: ابن ريذة، وتوفي في ذي القعدة فجاءة في التشهد الأول من صلاة العصر، وهو إمام، روى عنه أبو موسى الحافظ، وبالإجازة ابن السمعاني، عرف بالكاغذي.

130 -

‌ ثابت بن عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت

، أبو القاسم السرقسطي العوفي، قاضي سرقسطة.

من بيت فضل وجلالة وعلم.

131 -

‌ الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة

، أبو علي القروي المقرئ الأستاذ، نزيل الإسكندرية، ومصنف كتاب تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات.

ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءات في صغره، فقرأ بالقيروان على: أبي بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي، وأبى العالية البندوني، وعثمان بن بلال العابد، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وقرأوا على أبي عبد الله محمد بن سفيان الفقيه، مصنف كتاب الهادي، ثم رحل إلى مصر، وقرأ بها سنة خمس وأربعين على محمد بن أحمد بن علي القزويني تلميذ طاهر بن غلبون، وعلى: عبد الباقي بن فارس، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن نفيس، وتصدر للإقراء والإفادة.

قرأ عليه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عطية شيخ الصفراوي، وأبو العباس أحمد ابن الحطيئة.

وتوفي في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة.

وكان هو وابن الفحام أسند من بقي بديار مصر، وماتا بالإسكندرية.

ص: 216

132 -

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، العميد مؤيد الدين، أبو إسماعيل الأصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء، ويعرف بالطغرائي.

كان يتولى الطغراء، وهي العلامة التي تكتب على التواقيع، ولي من قبل السلطان محمد بن ملكشاه، ثم إنه ولي الوزارة لابنه السلطان مسعود بن محمد. وكان من أفراد الدهر، وحامل لواء الشعر، كامل الظرف، لطيف المعاني، وهو صاحب لامية العجم المشهورة:

أصالة الرأي صانتني عن الخطل وحلية الفضل زانتني لدى العطل ومن شعره في قصيدة مدح بها نظام الملك:

إذا ما دجى ليل العجاجة لم تزل بأيديهم حمر إلى الهند منسوب عليها سطور الضرب يعجمها القنا صحائف يغشاها من النقع تتريب ومن شعره:

تمنيت أن ألقاك في الدهر مرة فلم أك في هذا التمني بمرزوق سوى ساعة التوديع دامت فكم مني أنالت وما قامت بها أملًا سوقي فيا ليت أن الدهر كل زمانه وداع، ولكن لا يكون بتفريق ومن شعره:

يا قلب ما لك والهوى من بعد ما طاب السلو وأقصر العشاق أوما بدا لك في الإفاقة والألى نازعتهم كأس الغرام أفاقوا مرض النسيم وصح والداء الذي تشكوه لا يرجى له إفراق وهدى خفوق البرق والقلب الذي تطوى عليه أضالعي خفاق وله في غلام:

يا أرض تيهًا فقد ملكت به أعجوبة من محاسن الصور إن قذيت مقلتي فلا عجب فقد حثوا تربه على بصري

ص: 217

لا غرو إن أشرقت مضاجعه فإنها من منازل القمر وذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل، وأنه ولي الوزارة بمدينة إربل مدة.

وذكره العماد الكاتب في كتاب نصرة الفترة وعصرة القطرة، وهو تاريخ الدولة السلجوقية، وذكر أنه كان ينعت بالأستاذ، وكان وزير السلطان مسعود بالموصل، وأنه لما جرى المصاف بين مسعود وبين أخيه السلطان محمود بقرب همذان، فكانت النصرة لمحمود، وانهزم مسعود، أسر الطغرائي، وذبح بين يدي محمود، وذلك في ربيع الأول سنة أربع عشرة. وقيل: في سنة ثلاث عشرة، وجاوز ستين سنة، وقيل: قتله طغرل أخو محمود بيده.

133 -

‌ الحسين بن محمد بن فيره بن حيون بن سكرة

، أبو علي الصدفي السرقسطي الأندلسي الحافظ.

أخذ ببلده عن: أبي الوليد الباجي، وغيره، ورحل فسمع ببلنسية من أبي العباس بن دلهاث، وبالمرية من محمد بن سعدون القروي الفقيه، وحج سنة إحدى وثمانين، ودخل بمصر على أبي إسحاق الحبال، وقد منعه المستنصر العبيدي الرافضي من التحديث، قال: فأول ما فاتحته الكلام أجابني على غير سؤالي، حذرًا أن أكون مدسوسًا عليه، حتى بسطته وأعلمته أنني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظًا وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أن مولده سنة إحدى وتسعين، وأنه سمع من عبد الغني بن سعيد سنة سبع وأربعمائة. وإنه توفي سنة ثمان.

ورحل أبو علي إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جعفر بن محمد بن الفضل العباداني، وعبد الملك بن شغبة، وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن علي بن محمد بن محمد الأقطع، وببغداد: علي بن الحسين بن قريش أبا الحسن صاحب ابن الصلت الأهوازي، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحميدي، ومالك بن أحمد البانياسي، وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن أحمولة.

ص: 218

وتفقه ببغداد على: أبي بكر الشاشي، وأخذ عنه التعليقة الكبرى، وأخذ بالشام عن الفقيه نصر المقدسي.

ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلم كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مرسية، وجلس للإسماع بجامعها، ورحل الناس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعلله ورجاله، بصيرًا بالجرح والتعديل، مليح الخط، جيد الضبط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنفات الحديث، ذاكرًا لمتونها وأسانيدها، وكان قائمًا على الصحيحين مع جامع أبي عيسى، ولي قضاء مرسية ثم استعفى منه فأعفي، وأقبل على نشر العلم وتأليفه، وكان صالحًا دينًا، خيرًا، عاملًا بعلمه، حليمًا، متواضعًا.

قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة.

وخرج له القاضي عياض مشيخة، فذكر في أولها ترجمة لأبي علي في أوراق، وأنه أخذ عن مائة وستين شيخًا، وأنه جالس نحو أربعين شيخًا من الصالحين والفضلاء، وأنه أكره على القضاء فوليه، ثم اختفى حتى أعفي منه، وأنه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التميمي، وأن الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث.

قلت: روى عنه بدمشق: ابنا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي القاضي، وبالمغرب: القاضي عياض، وخلق، وقد سمع منه عياض صحيح مسلم، حدثه به عن العذري، عن أبي العباس أحمد بن الحسن الرازي.

استشهد أبو علي الصدفي في وقعة قتندة بثغر الأندلس، لست بقين من ربيع الأول، وهو من أبناء الستين، وكانت هذه الوقعة على المسلمين، وكان عيش أبي علي من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه.

134 -

‌ حمد بن محمد بن أحمد بن مندويه

، أبو القاسم الأصبهاني القاضي.

ولد في حدود الثلاثين، وسمع: أبا بكر بن ريذة، روى عنه: السمعاني

ص: 219

بالإجازة، ومن مسموعاته: الفتن لنعيم بن حماد، من ابن ريذة.

مات في شعبان.

135 -

‌ خلف بن محمد بن عبد الله بن صواب

، أبو القاسم التجيبي القرطبي.

روى عن: سراج بن عبد الله القاضي، وأبي عبد الله الطرفي المقرئ، وأبي محمد بن شعيب، وأبي محمد البشكلاري، وطائفة سواهم.

وكان فاضلًا، ثقة، قديم الطلب، ذا عناية بلقي الشيوخ، عارفًا بالقراءات وطرقها، كتب بخطه علمًا كثيرًا.

قال ابن بشكوال: وأجاز لي ما رواه، وسمع منه جلة أصحابنا، وعمر وكف بصره في آخر عمره، ولم ألق في شيوخنا أسن منه، ولد في المحرم سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في ثالث جمادى الأولى، وصلى عليه قاضي الجماعة أبو الوليد بن رشد.

قلت: لعله قرأ على ابن شعيب.

136 -

‌ رجاء بن محمد بن أحمد بن عمر

، أبو طاهر الأصبهانيُّ السِّمسار.

توفي في سادس ربيع الآخر، وله ثمان وسبعون سنة، وكان قد أضرَّ. روى عنه أبو موسى.

137 -

‌ سعد الله بن علي بن الحسين بن أيوب البزَّاز

، أبو محمد.

بغدادي من أولاد الشيوخ المعروفين، صالح مكثر. سمع أبا يعلى ابن الفرَّاء، وأبا جعفر ابن المسلمة. روى عنه أبو المُعمَّر، وعاش سبعين سنة.

138 -

‌ عبد الله بن يوسف بن جوشن

، أبو محمد الأزديُّ، من أهل دورقة.

نزل شاطبة، وأخذ القراءات عن عبد الوهَّاب بن محمد صاحب المغامي، وبرع فيها وفي عللها، وتقدم في علم اللسان.

ص: 220

أخذ عنه عبد الغني بن مكي، وأبو عبد الله المكناسي، وأبو الحسن بن أبي العيش وآخرون.

مات قبل الكُهُولة مثل شيخه.

139 -

‌ عبد الجبار بن أحمد بن نصر القاضي

، أبو محمد المديني السمرقنديُّ.

كان يسكن في سكة مقاتل.

وقال عمر بن محمد النَّسفيُّ في تاريخه: توفي في رجب. وأخبرنا عن أبي حفص عمر بن أحمد بن محمد بن شاهين عن إسماعيل بن حاجب.

140 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن نجا بن محمد بن علي بن محمد بن شاتيل الدباس

، أخو عبد الله، وعم عبيد الله، ووالد قاضي المدائن حمد، أبو البركات الأزجي.

سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر محمد بن علي الخياط، وتوفي في ذي القعدة، روى عنه: عبيد الله بن شاتيل، وغيره.

141 -

‌ عبد الرَّحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك

، أبو نصر القُشيريُّ النَّيسابوريُّ، الرابع من أولاد أبي القاسم.

ربَّاه والده واعتنى به حتى برع في النَّظْم والنَّثْر، واستوفى الحظَّ الأوفى من علم التَّفسير والأصول تلقيناً من أبيه. ورُزق سرعة الخط حتى كان يكتب كلَّ يوم طاقات. ثم لازم بعد أبيه أبا المعالي الجويني حتى حصَّل طريقته في المذهب والخلاف، وتهيأ للحجِّ، فدخل بغداد وعقد المجلس، ثم حجَّ وعاد إلى بغداد، وأخذ في التَّعصُّب للأشاعرة، وشمَّر لترتيب شُغْله أبو سعد أحمد بن محمد الصُّوفي عن ساق الجد، وبلغ الأمر إلى ما بلغ من الفتنة الكبرى بين الحنابلة والأشاعرة، وزاد الأمر إلى أن خيف من التَّشويش والقتال، وظهر أوائل الشَّرِّ فحجَّ من قابل وعاد وأمر القبول كما هو، والفتنة شديدة تكاد أن تضطرم، فكتب أولو الأمر إلى نظام الملك وهو بأصبهان ما جرى، واستدعوا من النِّظام أن يطلب أبا نصر إلى الحضرة لإطفاء النَّائرة، فاستحضره، فلما قَدِمَ

ص: 221

أكرمه غاية الإكرام، وأشار إليه بالرُّجوع إلى الوطن، فرجع ولزم الطريقة المستقيمة إلى أن سُئِلَ أن يُدرِّس ويعظ فأجاب إلى ذلك. ولم يزل يفتر أمره قليلاً قليلاً، وأصابه ضعف في أعضائه واشتدَّ به، وأخذه فالج فاعتقل لسانه إلا عن الذِّكر، وبقي بعد ذلك قريباً من شهر وتوفي.

سمع أباه، وأبا عثمان الصَّابوني، وأبا الحسين الفارسي، وأبا حفص بن مسرور، وجماعة، وببغداد ابن النَّقور وأبا القاسم المهرواني، وبمكة أبا القاسم الزَّنجاني، وجماعة.

وحدًّث بالكثير، روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصَّفار، وأبو الفُتُوح الطائيُّ، وأبو الفضل الطُّوسي خطيب الموصل، وعبد الصَّمد بن علي النَّيسابوري، وجماعة، وبالإجازة الحافظان ابن عساكر، وابن السَّمعاني.

وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، وهو في عشر الثمانين.

ذكره عبد الغافر، فقال: زين الإسلام أبو نصر إمام الأئمة وخير الأمة، وبحر العلوم وصدر القروم، أشبههم بأبيه خلقاً، حتى كأنه شُقَّ منه شقًّا، كمل في النَّظم والنَّثر حتى حاز فيهما السَّبق، ثم لزم إمام الحرمين فأحكم عليه المذهب والخلاف والأصول، وصحبه ليلاً ونهاراً، وكان الإمام يعتدُّ به. ثم خرج حاجًّا، ورأى أهل بغداد فضله وكماله، وبدا له من القبول ما لم يُعْهد لأحدٍ قبله، وحضر مجلسه الخواص وأطبقوا على أنهم لم يروا مثله في تبحُّره، فحجَّ وعاد إلى بغداد. إلى أن قال: وبلغ الأمر في التَّعصب له مبلغاً كاد أن يؤدي إلى الفتنة. ثم حجَّ ثانياً من قابل واستدعاه النِّظام فبقي أهل بغداد عطاشاً إليه، وقد سمع الكثير في صباه.

قلت: آخر مَنْ سمع منه سبطه أبو سعد الصَّفار.

قال أبو عمرو ابن الصلاح: قال شيخنا أبو بكر القاسم بن عبد الله الصَّفَّار: ولد أبي سنة ثمان وخمس مئة، وسمع وهو ابن أربع سنين أو أزيد من جده أبي نصر ابن القُشيري. قال: والعجب أنه كَتَبَ مع صغره الطبقة بخطِّه، وبقي إلى سنة ست مئة.

ص: 222

142 -

‌ عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع

، أبو الحسن الأندلسي المريي، الفقيه الأستاذ، تلميذ أبي محمد عبد الله بن سهل.

روى عن: أبي عمر بن عبد البر، وأبي تمام القطيني النحوي، وخلف بن إبراهيم المقرئ الطليطلي، وابن سهل، وغيرهم.

وأقرأ الناس بجامع المرية.

أخذ عنه: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس، وغيره.

قال ابن بشكوال: كان شيخًا صالحًا، مجودًا للقرآن، حسن الصوت به. وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطان يثني عليه، ويصحح سماعه من ابن عبد البر، وقد أخذ عنه بعض أصحابنا وتكلم بعضهم فيه، وأنكر سماعه من ابن عبد البر، مولده قبل الثلاثين وأربع مائة، وتوفي بالمرية في شعبان، وله بضع وثمانون سنة.

143 -

‌ عبد العزيز بن علي بن عمر

، الدينوري، ثم البغدادي أبو حامد.

أحد ذوي اليسار المعروفين بفعل الخيرات والإيثار، روى قليلًا عن: أبي محمد الجوهري، وابن النقور، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو العباس بن هالة.

وهو والد المحدث أبي بكر محمد بن عبد العزيز الدينوري، وجد شيخ الأبرقوهي محمد بن هبة الله بن عبد العزيز، روى عنه: عبد الحق اليوسفي.

144 -

‌ عبيد الله بن نصر

، أبو محمد الزاغوني، والد العلامة أبي الحسن، والمسند أبي بكر.

كان صالحًا من أهل القرآن، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وجماعة، روى عنه: ذاكر بن كامل، وتوفي في صفر.

145 -

‌ علي بن الحسن بن الحسين بن علي السُّلميُّ الدِّمشقيُّ

، أبو الحسن ابن الموازينيِّ.

ص: 223

قال ابن عساكر: شيخ مستور، ثقة، حافظ للقرآن. سمع أبا علي وأبا الحسين ابني عبد الرحمن بن أبي نصر، ورشأ بن نظيف، وأبا علي الأهوازي، ومحمد بن عبد السَّلام بن سعدان، وأبا القاسم بن الفرات، وأبا عبد الله بن سلوان، وعبد الله بن علي بن أبي عقيل، وجماعة، وسمعت منه أجزاء يسيرة.

قلت: مولده في رجب سنة ثلاثين. روى عنه الفضل بن الحسين البانياسي، وأبو طاهر السِّلفي، وحفيداه أبو الحسين أحمد بن حمزة ابن الموازيني، ومحمد بن حمزة، وعبد الرَّزاق بن نصر النَّجَّار، وعبد الرحمن بن علي ابن الخرقي، وآخرون.

قال السِّلفي: كان حسن الأخلاق، مرضي الطريقة، شيوخه شيوخ أبي طاهر الحنَّائي، سمعا معاً الكثير.

146 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران

، أبو الحسن ابن الأخضر التَّنوخيُّ الإشبيليُّ اللُّغويُّ.

كان مقدَّمًا في علم اللُّغة والعربية والآداب، أخذ عن أبي الحجَّاج يوسف الأعلم. وسمع من أبي علي الغسَّاني، وغيره، وكان موصوفاً بالذَّكاء والإتقان والدِّين والثِّقة، حمل عنه الناس، وتوفي في مُنْسَلخ السنة.

147 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد

، أبو عبد الله الأبيوردي المقرئ الصوفي، نزيل بغداد.

قرأ بالروايات على أبي معشر الطبري بمكة، وسمع من: إسماعيل بن مسعدة، وغيره، قرأ عليه: أبو العلاء العطار الهمذاني، برواية أبي عمرو، وروى عنه: هو، والسلفي، وعبد الملك بن علي الهراسي، وسعد الله بن محمد المقرئ.

وتوفي في شوال، وله نيف وثمانون سنة.

148 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين

، أبو بكر البغداديُّ الصُّوفيُّ النَّجَّار.

ص: 224

روى عن أبي علي ابن المُذهب، وأبي طالب العُشاري، وأبي يعلى ابن الفرَّاء.

توفي في ذي القعدة، روى عنه السِّلفي، وذاكر بن كامل الخفاف.

149 -

‌‌

‌ محمد بن أحمد بن محمد

بن حسن

، أبو علي الزُّهريُّ الفوركيُّ ثم النَّيسابوريُّ، الملقَّب بالسُّلطان.

سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصَّابوني، مات في رمضان عن ثمانين سنة.

150 -

محمد بن أحمد بن محمد، أبو الرَّجاء بن أبي زيد الجركانيُّ الأصبهانيُّ.

محدث معروف. سمع أبا بكر بن ريذة، وأبا طاهر بن عبد الرحيم ولم يزل يسمع إلى أن توفي.

روى عنه الحافظان: السِّلفي، وأبو موسى، وتوفي في شوَّال.

151 -

‌ محمد بن الحسين

، أبو بكر الحضرميُّ الدَّانيُّ ابن الحنَّاط الفقيه.

سمع من أبي علي الغسَّاني، وأبي داود ونوظر عليه. روى عنه جماعة.

152 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن إسحاق

، أبو الفوارس الكرخي، قيل: إنه من كرخ البصرة.

سمع: أبا بكر بن بشران، وأبا جعفر ابن المسلمة، روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره، وتوفي في ربيع الآخر، وعنه أيضًا حفيده عبد الرحمن بن محمد.

153 -

‌ محمد بن علي بن محمد الدينوري

، القصاب المؤدب، أبو بكر.

شاعر بليغ، كان يؤدب بدرب الدواب، أخذوا عنه من شعره، وتوفي في المحرم، كتبوا عنه كثيرًا، وهو مشهور.

154 -

‌ محمد بن محمد بن علي

، أبو الفتح الفراوي الواعظ.

ص: 225

كان حسن الوعظ، حلو الإيراد، مليح الإشارة، قدم بغداد، وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء، وحدث عن: أبي القاسم القشيري، وغيره، وكانت وفاته بالري.

قال ابن الجوزي: لكنه كان يروي الكثير من الموضوعات. قال: وكذلك مجالس الغزالي الواعظ، وابن العبادي فيها العجائب المخترصة والمعاني التي لا توافق الشريعة، وهذه المحنة تعم أكثر القصاص، بل كلهم، لاختيارهم ما ينفق على العوام.

وذكر ابن النَّجَّار أبا الفتح هذا في تاريخه وأنه من ذرية إمام الأئمة ابن خزيمة، وأنه أملى ببغداد باستملاء من أبي بكر ابن الخاضبة، وسمع من عبد الغافر الفارسي، وأبي الخير محمد بن أبي عمران الصَّفَّار والقشيري. روى عنه محمد بن علي بن هبة الله بن عبد الله، وسعد الله بن محمد الدَّقاق، وتوفي في المحرَّم.

155 -

‌ محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريا

، القاضي الزاهد أبو عبد الله ابن الفرَّاء الأندلسيُّ، قاضي المريَّة.

روى عن أبي العبَّاس العُذْري كثيراً، وعن أبي عبد الله ابن المرابط، وأبي محمد ابن العسَّال. وكان إماماً، زاهداً، صالحاً، ورعاً، متواضعاً، قوَّالاً بالحق، مقبلاً على الآخرة؛ لما شرعوا في جباية المعونة كتب إلى علي بن يوسف بن تاشفين: إن الله قلَّدك أمر المسلمين ليبلوك فيما آتاك مما يزلفك لديه أو يوبقك بين يديه، وهذا المال الذي يسمَّى المعونة جُبِيَ من أموال اليتامى والمساكين بالقهر والغصب وأنت المسؤول عنه والمحاسب على النَّقير والقطمير، والكلُّ في صحيفتك، ولعلَّ بعض فقهاء السُّوء أشار عليك بهذا واحتج لك بأن عمر أخذ من المسلمين معونة جهَّز بها جيشاً، فإنَّ عمر لم يفعل حتى توجَّه إلى القبلة وحلف أنه ليس في بيت المال درهم وأن تجهيز ذلك الجيش مهم فيلزمك أن تفعل كعمر. فلما وقف على هذا الكتاب قال: صدق، هم والله أشاروا عليَّ وما بيت المال بمحتاج، ثم ردَّ ثلث الأموال إلى أربابها

ص: 226

ولم يكن بين يدي ابن الفرَّاء شرطيٌّ قط.

استُشْهِدَ ابن الفرَّاء في وقعة كتُنْدة، ويقال قُتنْدَة، رحمه الله، وقد أراد ابن تاشفين مصادرته، وأن يقيده، فدفع الله عنه بصدقه ودينه.

156 -

‌ محمود بن إسماعيل بن محمد بن محمد

، أبو منصور الأصبهاني الصيرفي الأشقر، راوي المعجم الكبير عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه، وهو محمود بن أبي العلاء.

ولد في ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، وسمع المعجم وغيره في سنة إحدى وثلاثين، وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج.

روى عنه: أبو القاسم إسماعيل التيمي في كتاب الترغيب، وأبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو بكر محمد بن أحمد المهاد، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وآخر من روى عنه أبو جعفر الصيدلاني، سمع منه حضورًا.

قال السلفي: كان رجلًا صالحًا، وله اتصال ببني مندة، وبإفادتهم سمع الحديث.

وقال أبو موسى: توفي في ذي القعدة.

157 -

‌ محمود بن مسعود بن عبد الحميد

، أبو بكر الشعيبي اليوزجندي، ويوزجندة بلدة بفرغانة.

ولد سنة أربعين وأربع مائة تقريبًا.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا، فاضلًا، مفتيًا، متفننًا، مناظرًا، مبرزًا، تفقه على الإمام محمد بن أبي سهل السرخسي، وحظي من الملوك. وجاء رسولًا إلى المستظهر بالله من جهة الخاقان صاحب ما وراء النهر، وأكرم مورده، سمع من: شيخه ابن أبي سهل، وأبي بكر محمد بن علي بن حيدرة الجعفري، والمشطب الفرغاني، وعطاء بن علي الأديب، روى عنه: محمد

ص: 227

وعمر ابنا أبي بكر محمد بن عثمان السنجي، ومحمود بن أبي بكر الصابوني، وغيرهم.

قال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: توفي قاضي القضاة أبو بكر الشعيبي بسمرقند في سابع ربيع الأول، وحمل تابوته إلى بخارى.

158 -

‌ المعمر بن محمد بن الحسين

، أبو نصر الأنماطي البيع.

بغدادي صالح، مكثر، كثير التلاوة، مقرئ، فاضل، حدث بتاريخ الخطيب عنه، وسمع: أبا محمد الجوهري، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الآبنوسي، وجماعة.

روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو العباس بن هالة، وهبة الله ابن عساكر، وآخرون، آخرهم ذاكر بن كامل، وكان يؤدب الصبيان.

وزعم الحافظ ابن ناصر أنه كان ضعيفًا، ألحق سماعه في جزأين من تاريخ الخطيب، فقلت له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني سمعت الكتاب كله.

توفي في شعبان، عن سبعين سنة.

قلت: لا يؤثر قدح ابن ناصر فيه، فإن الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من أن كان له فوت، فأعيد له بعد كتابة الطبقة، ثم ألحق اسمه، بل الضعيف من يروي الموضوعات، ولا يتكلم عليها.

159 -

‌ مكي بن أحمد بن محمد بن مظفر

، أبو بكر البغدادي المقرئ الحنبلي.

قرأ بالروايات على غلام الهراس، وابن موسى الخياط، وأبي علي بن البناء. وكانت رحلته إلى غلام الهراس في سنة خمس وخمسين. قرأ عليه طائفة منهم: أحمد بن محمد بن شنيف، ومقبل ابن الصدر، وحدث عنه: أبو طالب بن خضير.

توفي في رمضان سنة أربع عشرة.

160 -

‌ نجا بن المبارك

، أبو العز البغداديُّ الفقيه الشَّافعيُّ.

ص: 228

سمع أبا يعلى ابن الفراء، وأبا جعفر ابن المسلمة. وعنه أبو المعَمَّر الأنصاري وأبو طاهر السِّلفي، وأحمد بن محمد بن هالة الأصبهاني. وكان أولاً حنبليًّا ثم صار حنفيًّا ولم يكن بثقة.

توفي في شعبان.

161 -

‌ ناصر بن محمد بن أبي عياض

، أبو الفتح العياضيُّ السَّرخسيُّ، والد أبي نصر محمد.

كان فقيهاً واعظاً، ثقة عارفاً بالحديث، صاحب تصانيف وأشعار.

سمع من جده أبي منصور عبد الله، والليث بن الحسن الليثي، والبيهقي، والفضل بن المُحِب. عاش بضعاً وسبعين سنة.

162 -

‌ هبة الله بن المُحَسِّن بن رزق الله

، أبو القاسم المقدسيُّ.

يروي عن الفقيه نصر المقدسي.

163 -

‌ يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن شبل

، أبو بكر الإسكندرانيُّ المالكيُّ.

رحل وسمع أبا بكر الخطيب، وأبا عثمان بن ورقاء وجماعة، ولقي الخطيب بصور في سنة إحدى وستين. وكان مولده في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة. روى عنه السِّلفي وأبو محمد العثماني وأجاز للحافظ ابن عساكر.

قال السِّلفي: ثقة ديٍّن، طلب الحديث ورحل فيه.

قلت: رحل من الغلاء في مصر.

164 -

‌ يونس بن أبي سهولة بن فرج

، أبو الوليد الشنتجالي، نزيل دانية.

لقي أشياخ طليطلة كأبي محمد بن عباس، وأبي المطرف بن سلمة. وكان إمامًا مدرسًا مشاورًا.

ص: 229

حدث عنه: أبو عبد الله ابن برنجال، وأبو عبد الله بن سعيد بن غلام الفرس، وأبو إسحاق بن خليفة.

توفي بدانية في ربيع الأول.

ص: 230

سنة خمس عشرة وخمسمائة

165 -

‌ أحمد بن خطاب الحنبلي

.

بغدادي، يروي عن عبد الصمد ابن المأمون.

166 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن جحدر

، أبو جعفر الأنصاري الشاطبي.

روى عن: طاهر بن مُفَوَّز، ومحمد بن سعدون القروي، وعلي بن عبد الرحمن المقرئ.

وكان حافظًا للفقه، بصيرًا بالفتوى، ثقة ضابطًا، وولي القضاء بشاطبة، ثم صُرِف.

167 -

‌ أحمد بن موسى بن جَوْشين بن زغانم بن أحمد

، أبو العباس الأشنهيُّ، وأشنه: من بلاد أذربيجان.

نزل بغداد، وتفقه على أبي سعد المُتولِّي فأتقن الفقه. وسمع أبا الغنائم الدَّقاق، وتوفي في ذي الحجة، حدَّث بكتاب تنبيه الغافلين.

168 -

‌ بركة بن محمد بن أحمد

، أبو البركات الخرزيُّ البيِّع.

بغدادي، حدَّث عن أبي الحسن القزويني، وأبي إسحاق البرمكي، وتوفي في ذي القعدة.

169 -

‌ جعفر بن المُحَسِّن بن جعفر بن محمد

، أبو القاسم السِّلماسيُّ.

سمع أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلاَّل. روى عنه الصَّائن هبة الله، وأبو منصور بن عبد السلام، والسِّلفي. وكان يتولى التَّرِكات.

قال عبد الوهَّاب الأنماطي: كان لا شيء، توفي في رجب عن خمس وثمانين سنة.

ص: 231

170 -

‌ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن علي

بن مِهْرة، أبو علي الأصبهاني الحداد المقرئ، مسند أصبهان في القراءات والحديث.

ولد في شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة، فسمع الحديث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبعدها، وعاش بعد ما سمع إحدى وتسعين سنة.

سمع: أبا بكر محمد بن علي بن مصعب، وأبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، فأكثر عنه إلى الغاية، وأبا الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ، وهارون بن محمد الكاتب، وأبا القاسم عبد الله بن محمد العطار المقرئ، وأبا سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار، وعلي بن أحمد بن مهران الصحاف، وأحمد بن محمد بن يزدة الملنجي، وأحمد بن محمد بن الأسود الشروطي، وأبا نصر الفضل بن محمد القاشاني، ومحمد بن عبد الله التبان، وأبا أحمد محمد بن علي بن سيويه المكفوف، ومحمد بن عبد الله بن مهران البقال، وأبا ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، وأبا بكر بن ريذة، وطائفة كبيرة.

وخرج لنفسه معجمًا سمعناه، أو لعله بتخريج ولده الحافظ عبيد الله.

وقرأ بالروايات على: أبي القاسم عبد الله بن محمد العطار مقرئ أصبهان، صاحب أبي جعفر التميمي الصابوني محمد بن جعفر الذي قرأ على جعفر بن محمد بن المِطيار، وقرأ على: أبى الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الزاهد، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن يزدة، وجماعة.

قال السمعاني في تحبيره: رحل الناس إليه، ورأى من العز ما لم يره أحد في عصره، وكان خيرًا، صالحًا، مقرئًا ثقة، صدوقًا. وهو أجل شيخ أجاز لي، وحدثني عنه جماعة كثيرة، ومن مسموعه على أبي نعيم: كتاب التوبة والاعتذار، وكتاب شرف الصبر، وكتاب ذم الرياء والسمعة، وكتاب الحث على كسب الحلال، وكتاب حفظ اللسان، وكتاب تثبيت

ص: 232

الإمامة، وكتاب رياضة الأبدان، وكتاب فضل التهجد، وكتاب الإيجاز وجوامع الكلم، وكتاب خصائص فضل علي، وكتاب الخطب النبوية، وكتاب لباس السواد، وكتاب تعظيم الأولياء، وكتاب الساعين، وكتاب التعبير، وكتاب رفع اليدين في الصلاة، وكتاب تجويز المزاح، وكتاب الهدية، وكتاب حرمة المساجد، وكتاب فضل الجار، وكتاب فضل السحور، وكتاب الفرائض، وكتاب اثنتين وسبعين فرقة، وكتاب مدح الكرام، وكتاب الجواب عن: ثم أورثنا الكتاب، وكتاب إسماع الكليم، وكتاب سحنة العقلاء، وكتاب حديث الطير، وكتاب لبس الصوف، وكتاب الأربعين في الأحكام، وأربعي الصوفية، وكتاب بيان حديث النزول، وكتاب الفلك وإنه غير مدبر، وكتاب المعراج، وكتاب الاستسقاء، وكتاب الخسف، وكتاب الصيام والقيام، وكتاب الروية، وكتاب قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، وكتاب معرفة الصحابة، وكتاب علوم الحديث، وتاريخ أصبهان، وكتاب الإخوة، وكتاب العلم، وكتاب الحلية، وكتاب المتواضعين، وكتاب القراءة خلف الإمام، وكتاب التشهد، وكتاب حسن الظن، وكتاب المؤاخاة، وكتاب وعيد الزناة، وكتاب الشهداء، وكتاب القدر، وكتبًا غير ذلك، الجميع تأليف أبي نعيم، وسماعه منه.

روى عنه: معمر بن الفاخر، وأبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار، وقرأ عليه بالروايات وأكثر عنه، وأبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو مسعود الحاجي، وأبو الفتح عبد الله الخرقي، وأبو الفضل خطيب الموصل، وأبو سعد الصائغ، ويحيى الثقفي، والفضل بن القاسم الصيدلاني، ومحمد بن الحسن بن الفضل الأدمي، والأديب محمد بن أحمد المصلح، وعبد الرحيم بن محمد الخطيب، ومسعود بن أبي منصور الخياط، وخليل بن بدر الراراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأبو المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصيدلاني، وله عنه حضور كثير، ولم يسمع منه مع إمكان ذلك، وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارفانية، وعاشت بعده إحدى وتسعين سنة.

ص: 233

قال أبو سعد السمعاني: كان عالمًا ثقة، صدوقًا، من أهل العلم والقرآن والدين، قرأ القرآن بروايات، وعمر الطويل، حتى حدث بالكثير، ورحل إليه الناس ورأى من العز ما لم ير أحد في عصره، وكان خيرا دينا صالحا، كان والده إذا خرج إلى حانوته ليعمل في الحديد يأخذ بيد الحسن، ويدفعه في مسجد أبي نعيم، فأكثر عنه، حتى صار بحيث لا يفوته عنه إلا ما شاء الله.

قال ابن نقطة: سمع من أبي نعيم الموطأ، عن الطبراني، عن علي بن عبد العزيز، عن القعنبي، عن مالك (ح) وعن ابن خلاد النصيبي، عن تمتام، عن القعنبي، عن مالك، وسمع من أبي نعيم مسند الإمام أحمد، عن ابن الصواف بعضه، وتمامه عن القطيعي، كلاهما عن عبد الله، عن أبيه، وسمع منه مسند الطيالسي، ومسند الحارث بن أبي أسامة، لكن لأبي نعيم فوت في مسند الحارث، وذلك جزءان معلومان: الثالث عشر، والسادس والعشرون، وكتاب السنن لأبي مسلم، رواه له عن فاروق الخطابي، وبعضه عن حبيب القزاز، وسمع منه المستخرجين على الصحيحين، وكتاب الحلية، وأشياء كثيرة، والمعجم الأوسط للطبراني، ومسانيد سفيان الثوري، وعوالي الأوزاعي، والجود، ومسند الشاميين، والسنن المخرجة من كتب عبد الرزاق، وجامع عبد الرزاق ومغازيه، الكل سمعه من أبي نعيم، قال: أخبرنا الطبراني.

وسمع من أبي نعيم كتاب غريب الحديث لأبي عبيد، وكتاب مقتل الحسين، وكتاب الشواهد، وكتاب القضاء بسماعه للكل من الطبراني، عن علي بن عبد ال زيز، عن أبي عبيد، وسمع من أبي نعيم فوائد سمويه، وفوائد أبي علي ابن الصواف، ومسند الطيالسي، والطبقات لابن المديني، وتاريخ الطالبيين للجعابي، وجزء محمد بن عاصم، وجزء ابن الفرات، وأربعي الآجري. وسمع من ابن ريذة المعجم الكبير للطبراني.

ص: 234

توفي في السادس والعشرين من ذي الحجة، ودفن عند القاضي أبي أحمد العسَّال.

171 -

‌ الحسن بن بشَّار بن محمد بن مرزوق

، أبو محمد ابن الدَّيان الحلبيُّ النَّحويُّ، من مشايخ الرَّافضة.

له مصنَّف في الفرائض على مذهبه، ومصنَّف في منع رؤية الله، وغير ذلك، وهو من تلامذة العين زربي.

172 -

‌ الحسن بن علي بن عمر الواعظ

، أبو محمد الزَّنجانيُّ، الملقب بالقحف.

سافر إلى الأقاليم، ورأى العلماء وذكر أنه لقي أبا العلاء المعرِّي، ثم سكن بغداد، وكان يعظ في التَّعازي، ويعظُ في الأسواق، لم يكن موثَّقاً، كان كثير المحفوظ معمَّراً.

مات في ذي الحجَّة، علَّق عنه ابن الخشَّاب وغيره.

173 -

‌ الحسن بن محمد بن سورة

، أبو سعد التميمي النيسابوري.

شيخ صالح، سمع أبا عثمان الصابوني، وأبا سعد الكنجروذي. حضر عليه أبو سعد السمعاني، وقال: مات في المحرم.

174 -

‌ خلف بن سعيد بن خير

، أبو القاسم الطليطلي الزاهد، نزيل قرطبة.

كان يلقن القرآن، وقد قرأ على: أبي عبد الله المغامي، وأخذ أيضًا عن: عبد الصمد بن سعدون.

وكان ورعًا، قانعًا، متواضعًا، متبركًا به، حسن الأخلاق مذكورًا بإجابة الدعوة، وكان ينوب في جامع قرطبة.

توفي في نصف ذي القعدة، وكانت جنازته مشهودة قل أن سمع بمثلها، رحمة الله عليه.

175 -

‌ روزبة بن موسى بن روزبة

، أبو الحسن الخزاعي الفقيه.

ص: 235

ولي القضاء بغير موضع بمصر، ثم استعفى من القضاء، وكان مولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.

قال السلفي: روى لنا عن نصر بن عبد العزيز الشيرازي، وأبي إسحاق الحبال، وتوفي في رجب، وكان حسن الخلق والخلق، كثير العبادة، قال ابنه: كان أبي يختم في اليوم والليلة، ويقوم الليل رحمه الله.

176 -

‌ سعيد بن فتح

، أبو الطيب الأنصاري الأندلسي القلعي المقرئ، من قلعة أيوب.

أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش، وابن البياز، وأبي القاسم بن النخاس، وسمع من جماعة، وتصدر للإقراء بمرسية، وعلم، وكان ماهرًا مجودًا، أديبًا، محققًا، أخذ عنه: أبو عبد الله بن فرج المكناسي، وغيره.

توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي بعدها.

177 -

‌ شاكر بن عمر بن عبيد الله

، أبو ياسر الخواص.

شيخ أمي من أهل باب الأزج، سمع أبا محمد الجوهري، وغيره، روى عنه عمر بن ظفر، توفي في ذي القعدة.

178 -

‌ شاهنشاه الأفضل

، أمير الجيوش، أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني.

كان بدر هو الكل، وكان المستنصر مقهورًا معه، وتوفي سنة ثمان وثمانين، فلما مات قام الأفضل مقام أبيه، وقضيته مع نزار ابن المستنصر وغلامه أفتكين متولي الإسكندرية مشهورة في أخذهما وإحضارهما إلى القاهرة، ثم لم يظهر لهما خبر بعد ذلك، وذلك في سنة ثمان وثمانين أيضًا، فأما أفتكين فقتل ظاهرًا، وأما نزار فيقال: إن المستعلي أخاه بنى عليه حائطًا، ونزار المذكور هو الذي تنسب إليه الإسماعيلية أرباب قلعة الألموت.

وكان الأفضل داهية، شهمًا، مهيبًا كأبيه، فحل الرأي، جيد السياسة، أقام في الخلافة الآمر ولد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبر دولته، وحجر عليه، ومنعه من شهواته، فإنه كان كثير اللعب، فحمله ذلك على قتله، فأوثب عليه

ص: 236

جماعة، وكان يسكن بمصر، فلما ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلخ رمضان من هذه السنة، وخلف من الأموال ما لم يسمع بمثله.

قال ابن الأثير: كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسباب، منها: تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، وتركه معارضة أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.

قال: وكان حسن السيرة، عادلًا، يحكى أنه لما قتل وظهر الظلم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة، وكان من جملة قولهم: إنهم لعنوا الأفضل، فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنه عدل وأحسن السيرة، ففارقنا بلادنا وأوطاننا، وقصدنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظلم، فهو كان سبب ظلمنا، فأمر الخليفة بالإحسان إليهم وإلى الناس، وقيل: إن الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما، وكان أبو عبد الله البطائحي هو الغالب على أمر الأفضل، فأسر إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه، فلما قتل ولي البطائحي وزارة الآمر، ولقب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.

وقال سبط الجوزي في ترجمة الأفضل، ووضعها في سنة ست عشرة، وكأنه وهم، قال: إن الأفضل ولد بعكا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، قال أبو يعلى ابن القلانسي: وكان الأفضل حسن الاعتقاد، سنيا، حميد السيرة مؤثرًا للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث، لم يأت الزمان بمثله، ولا حمد التدبير عند فقده، واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه.

وكان الأفضل جوادًا ممدحًا، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصقلي صاحب الديوان الشعر.

ص: 237

قال القاضي شمس الدين: قال صاحب الدول المنقطعة: خلف الأفضل ستمائة ألف ألف دينار، ومائتين وخمسين إردب دراهم، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقي، ودواة ذهب مجوهرة قيمتها اثنا عشر ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب، وزن المسمار مائة مثقال، في كل مجلس منها عشرة، على كل مسمار منديل مشدود مذهب، فيه بدلة بلون من الألوان، أيما أحب منها لبسه، وخمسمائة صندوق كسوة لخاصه، وخلف من الرقيق والخيل والبغال والطيب والتجمل ما لم يعلم قدره إلا الله، ومن الجواميس والبقر والغنم ما يستحيى من ذكر عدده، بلغ ضمان ألبانها في العام ثلاثين ألف دينار.

قلت: كذا قال هذا الناقل ستمائة ألف ألف دينار، والعهدة عليه، وفي الجملة فإن الأفضل هذا تصرف في الممالك، وكنز الأموال، وجمع ما لم يجمعه ملك، وكان ملكه سبعًا وعشرين سنة.

وفي أيامه تغلبت الفرنج - لعنهم الله - على القدس، وأنطاكية، وعكا، وطرابلس، وصور، وصيدا، وبيروت، وقيسارية، وعدة حصون سوى ذلك.

وكذا كل ملك نهمته في جمع الأموال يبخل عن استخدام الجيوش، ويفرط، فلله الأمر كله.

قال ابن الأثير في كامله: وثب عليه ثلاثة، فضربوه بالسكاكين، فقتلوه، وحمل وبه رمق إلى داره، ونزل الآمر بأحكام الله إلى داره، وتوجع له، فلما مات نقل من أمواله ما لا يعلمه إلا الله، وبقي الخليفة الآمر في داره أربعين يومًا أو نحوها، والكتاب بين يديه، والدواب تحمل وتنقل ليلًا ونهارًا، ووجد له من الأعلاق النفيسة، والأشياء المعدومة ما لا يوجد لغيره، وحبس أولاده.

179 -

‌ شمس النهار بنت الحافظ أبي علي أحمد بن محمد البرداني

، أم الفضل، زوجة أبي منصور عبد الرحمن بن زريق القزاز.

ص: 238

سمعها أبوها من أبي جعفر ابن المسلمة، وغيره، روى عنها: أبو المعمر الأنصاري.

180 -

‌ طلحة بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني

، الأديب، أبو الطيب.

ولد سنة ست وعشرين وأربع مائة، وسمع من: جده، وابن ريذة، روى عنه: أبو موسى، وقال: توفي في صفر، وأجاز لابن السمعاني، وقال: فمن مسموعاته: كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله لأبي الشيخ، يرويه عن جده أبي ذر، عنه، وكتاب السنة الصغير لأبي الشيخ، عن جده عنه، والبر والصلة لأبي الشيخ بالإسناد، وكتاب القدر لعلي بن محمد الطنافسي، وكتاب الصوم لابن أبي عاصم، عن جده، عن القباب، عنه.

181 -

‌ عبد الله بن إدريس

، أبو محمد السرقسطي المقرئ.

كان من أهل الأداء والضبط، أخذ عن: عبد الوهاب بن حكم، وغيره، وتصدر بجامع سبتة للإقراء، قرأ عليه: القاضي عياض، وغيره.

182 -

‌ عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن

، أبو ياسر البرداني، أخو أبي علي.

شيخ صالح خير، سمع: أباه، وأبا الحسن القزويني، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري، وجماعة، روى عنه: علي بن طراد، وشعبة بن عمر الأصبهاني، والصائن هبة الله، والسلفي، وجماعة.

183 -

‌ عبد الله بن منصور بن أحمد بن خطَّاب

، أبو غالب ابن النَّو المقرئ. قرأ بمكة على أبي معشر، وسمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأحمد بن محمد بن حمدويه. روى عنه عمر المغازلي، وجماعة.

184 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن منتيل

، أبو زيد الأنصاريُّ السَّرقسطيُّ، صهر أبي علي الصَّدفي.

روى عن القاضي محمد بن إسماعيل، وغيره، وكان صالحاً وَرِعًا، تقيًّا،

ص: 239

كبير القدر، أديباً شاعراً ولي خطابة بلده. أخذ عنه أبو علي قليلاً.

185 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ بقي بن مخلد

، أبو الحسن القرطبيُّ.

روى عن أبيه، والقاضي سراج، ومحمد بن عتَّاب، وأجاز له أبو العبَّاس العُذْري، وتولَّى الأحكام بقرطبة، وكان درباً بها.

توفي في نصف ذي الحجَّة، وكان مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة، وشيَّعه الخلق، وصلى عليه أخوه أبو القاسم. سمع منه ابن بشكوال.

186 -

‌ عبد الرَّزَّاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق

، الوزير أبو المحاسن ابن أخي الوزير نظام الملك.

تفقه على إمام الحرمين وأفتى وناظر، ثم وزرَ للسُّلطان سنجر، واشتغل بتدبير الممالك، فلما مات وَزَرَ بعده لسنجر أبو طاهر معد القُمِّي.

سمع يعقوب بن أحمد الصَّيْرفي، ومحمد بن إسماعيل التَّفليسي. سمع منه السَّمعاني في صغره، وقال: كان إمام نيسابور في عصره، كان فصيحاً جريئاً مناظراً، قرأت عليه في كتاب الهادي. مولده في سنة تسع وخمسين. ومات بسرخس في المحرم.

187 -

‌ عبد الواحد بن أحمد بن الحسن

، أبو محمد اللَّحيانيُّ الصَّفَّار.

بغدادي، خيِّر، مقرئ، سمع علي بن إبراهيم الباقلاني، وأبا بكر محمد بن أحمد الكازروني، وحدَّث. تغيَّر في آخر عمُره، روى عنه أبو المُعَمَّر.

188 -

‌ عبد الوهاب بن حمزة

، أبو سعد الحنبلي صاحب أبي الخطاب.

كان فقيهًا مفتيًا، معدلًا، سمع: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور، روى

ص: 240

عنه: أبو حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني، وتوفي في شعبان.

189 -

‌ علي بن أحمد بن الحسن

، أبو القاسم الفارسي الصيرفي، الساكن بسمرقند.

سمع سعيد بن أبي سعيد العيار، وحدث بغزنة، وأعطاه سلطان غزنة ألف دينار، وتوفي في جمادى الأولى، روى عنه عمر بن محمد النسفي.

190 -

‌ علي بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الله بن حسين

بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب، الأغلبي، أبو القاسم ابن القطاع، السعدي الصقلي، الكاتب اللغوي.

ولد بصقلية في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وأخذ بها عن: أبي بكر محمد بن علي بن البر اللغوي، وغيره، وبرع في النحو، وصنف التصانيف، ونزح عن صقلية حين أشرف الفرنج على تملكها، وقدم مصر في حدود الخمس مائة، فبالغوا في إكرامه، وأحسن إليه الدولة.

وله كتاب الأفعال، من أجود الكتب في معناه، وكتاب أبنية الأسماء جمع فيه فأوعب، وله مصنف في العروض، وكتاب الدرة الخطيرة في المختار من شعراء الجزيرة (جزيرة صقلية) أورد فيه لمائة وسبعين شاعرًا، وكتاب لمح الملح.

وكان نقاد المصريين ينسبونه إلى التساهل في الرواية، وذلك لأنه لما قدم سألوه عن كتاب الصحاح للجوهري، فذكر أنه لم يصل إلى صقلية، ثم إنه لما رأى اشتغالهم به ركب له إسنادًا، وأخذه الناس عنه مقلدين له.

قال السلفي: سمعت عبد الواحد بن غلاب يقول: سمعت أبا القاسم ابن القطاع يقول: لما خرجت من المغرب، شيعني شيخي أبو بكر محمد بن علي بن البر التميمي اللغوي، وقال: توجه حيث أردت، فما ترى مثلك.

قال ياقوت الحموي: كان أبوه جعفر ذا طبقة عالية في اللغة والنحو، وجده علي شاعر محسن، مدح الحاكم، وولي ديوان الخاصة، وجد أبيه من الشعراء أيضًا، وكذلك جدهم الأعلى الحسين بن أحمد، وكان أبو القاسم ابن

ص: 241

القطاع يعلم ولد الأفضل أمير الجيوش، إلى أن ذكر أنه مات سنة أربع عشرة وخمس مائة. وكان ذكيًا شاعرًا، راوية للآداب.

وله في غلام اسمه حمزة:

يا من رمى النار في فؤادي وأنبظ العين بالبكاء اسمك تصحيفه بقلبي وفي ثناياك برء دائي اردد سلامي فإن نفسي لم يبق منها سوى الذماء وله:

وشادن في لسانه عقد حلت عقودي وأوهنت جلدي عابوه جهلًا بها فقلت لهم أما سمعتم بالنفث في العقد توفي بمصر في صفر، وهو من ولد زيادة الله بن الأغلب الأمير.

191 -

‌ علي بن زيد بن شهريار

، أبو الوفاء الأصفهاني التاجر المقرئ.

توفي في جمادى الأولى، سمع: أبا الحسن الداودي، وأبا عمر المليحي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وطبقتهم، وعنه: أحمد بن مسعود ابن الناقد، ويحيى بن ثابت، والسلفي.

من كبراء أهل أصبهان وثقاتهم، له بصر بالحديث، عاش سبعًا وسبعين سنة.

192 -

‌ علي بن المؤمَّل بن غسَّان

، أبو الحسن المصريُّ الكاتب.

سمع أبا عبد الله القضاعي، والشَّريف ابن حمزة الحسين، وابن كُناس.

قال السِّلفي: حدَّثنا بالإسكندرية، وكتبنا عنه كثيراً، قال لي: ولدت بمصر سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، وتوفي في جمادى الأولى وله ثمانون سنة.

وروى عنه أبو محمد العُثماني.

ص: 242

193 -

‌ علي بن يحيى بن تميم بن المُعِز بن باديس

، صاحب إفريقية وغيرها.

توفي في ربيع الآخر، وكان إمارته خمس سنين وأربعة أشهر، وكان شهماً شجاعاًَ عالي الهمَّة، ولي الأمر بعده ابنه الحسن، وقام بتدبير دولته صندل الخادم وكان للحسن حينئذ اثنتي عشرة سنة.

194 -

‌ محمد بن إبراهيم

، أبو عبد الله الأبيورديُّ المقرئ.

سمع إسماعيل بن مسعدة، وقرأ بمكة على أبي معشر الطَّبري.

195 -

‌ محمد بن أحمد بن مبارك القطان

، أبو عبد الله القرطبي.

سمع: أبا علي الغساني، وأبا عبد الله أحمد بن محمد الخولاني، وكان مختصًا بالقراءة على الشيوخ لمعرفته وذكائه، وحسن قراءته، وكان الشيوخ يعظمونه ويكرمونه، توفي كهلًا.

196 -

‌ محمد بن الحسن بن علي

، أبو عبد الله الخولاني الأندلسي المريي، ويعرف بالبلغيي.

رحل، وقدم دمشق، وحدث بها عن: خلف بن إبراهيم، والحسين بن بكير، وسمع من: سهل بن بشر الإسفراييني، وأبي حامد الغزالي، والشريف النسيب.

وكان صالحًا، مقبلًا على شأنه، قانعًا باليسير، طلابة للعلم. روى عنه: هبة الله بن طاوس.

وتوفي بالمرية في رمضان سنة خمس عشرة، وله ثلاث وسبعون سنة.

197 -

‌ محمد بن خليفة بن محمد بن حسين

، أبو عبد الله النمري العراقي، الشاعر المعروف بالسنبسي، لأن أمه سنبسية.

أصله من هيت، وأقام بالحلة عند صدقة بن مزيد، وكان شاعره وشاعر ولده دبيس، لكن لم يحسن إليه دبيس فتركه، وقدم بغداد، ومدح الوزير أبا علي بن صدقة، فأجزل عطاءه، وأقام ببغداد.

ص: 243

وله شعر رائق، روى عنه: السلفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، وهزارسب بن عوض، وغيرهم، وكان يعرف بالقائد السنبسي. توفي في أول العام، وقد عمي، وجاوز التسعين.

فمن شعر القائد السنبسي، قال عز الدين أبو القاسم بن رواحة: أنشدنا السلفي قال: أنشدني أبو عبد الله السنبسي لنفسه من قصيدة:

وكم ليلة قد سرتها غير مرة إليها وقد نام الغيور المخلف فبات حشاها تحت ركني بطانة لكشحي وما عين من الناس تطرف وما بيننا إلا النطاق وحليها وأبيض مشحوذ العرانين أهيف فبت أجاريها الحديث وأشتكي جوى الحب حتى كادت الشمس تشرف وأبت ولم تحلل معاقد مئزري على ريبة أخزى بها حين أقرف سوى رشفات من شفاه كأنها جني الورد من أغصانه حين يقطف أبرد أنفاسي بهن وألتوي على كبدي والله بالسر أعرف ومما شجاني يوم بانت حمولها حمام بأعلى دمنة الدار هتف عشية راحوا بالنياق فغربوا وأصبحت في آثارها أتعرف بكيت إلى أن لان من ماء أدمعي صميم الحصا أو كاد بالدمع ينطف فما الحي بالحي الذين ألفتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعرف

198 -

‌ محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن محمد بن مجالد

، أبو منصور البجلي الكوفي الشاهد.

سمع: الشريف محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وعبيد الله بن علي بن أبي قربة، ومحمد بن عبد العزيز النهشلي العطار، ومحمد بن إسحاق بن فدوية، ودارم بن محمد، ومحمد ومحمد ابني محمد بن عيسى بن حازم، ومحمد بن حمزة التميمي الزيات، وجماعة. وخرج له أبي النرسي جزءًا عن شيوخه، وقدم بغداد تاجرًا غير مرة.

روى عنه ابن ناصر، وعبد الوهاب ابن الصابوني، وأبو طالب بن خضير، وغيرهم.

ص: 244

وثقة أبي.

وقال يحيى بن سعد الله بن عبد الباقي البجلي: توفي عمي في السابع والعشرين من ربيع الأول بالكوفة.

قلت: وسمع منه: السلفي، والصائن ابن عساكر.

ذكره الحافظ ابن عساكر وقال: أجاز لي، وذكر أنه قدم دمشق.

199 -

‌ محمد بن علي بن عبيد الله

، أبو بكر ابن الدنف.

بغدادي مقرئ.

سمع: عبد الصمد بن المأمون، وابن المسلمة. وكان إمامًا صالحًا، خيرًا، حنبليًا، توفي في شوال، وقد تفقه على أبي جعفر بن أبي موسى، وجلس للإشغال مدة، روى عنه: ذاكر بن كامل، وابن بوش.

200 -

‌ محمد بن فرُّخ

، أبو عبد الله الحفصُويِّيُّ المروزيُّ الزَّاهد.

سمع أبا بكر البيهقي، وأبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري، ومحمد بن محمد بن محمد القاشاني، وأبا الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي.

قال أبو سعد السَّمعاني: سمعت منه الدعوات الصغير للبيهقي، وتوفي في حدود سنة خمس عشرة وقد جاوز الثمانين.

قلت: وفرُّخ براء ثقيلة مضمومة ثم بخاء معجمة.

قال: وكان يكتب محمد بن عبد الله ومحمد بن عبد الواحد، وكان فرُّخ والده مولى أبي نصر الحفصويي، سمعت منه في سنة أربع عشرة.

201 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد

، أبو البركات الخرزيُّ التَّاجر.

سمع أبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري. وعنه أبو المعمَّر الأنصاريُّ، وابن ناصر، والشَّيخ عبد القادر الجيلي، وعاش تسعين سنة.

202 -

‌ محمد بن محمد بن عبد العزيز بن العبَّاس

، ابن المهدي بالله، الخطيب أبو علي بن أبي الفضل.

ص: 245

عدل شريف ديِّن عفيف، من أهل الحريم، سمع أباه، وابن غيلان، وعبيد الله ابن شاهين، والقزويني، وأبا الحسن العتيقي، والبرمكي، وأبا القاسم التنوخي.

وكان من الثِّقات المكثرين، أجاز لابن السمعاني، وقال: توفي في ذي الحجَّة وولد سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، آخر مَنْ حدَّث عنه المبارك ابن المعطوش، وكان آخر من بقي من شهود القائم بأمر الله.

وقد روى عنه ابن ناصر، والسِّلفي، ودهْبَل ولاحق ابنا كاره، وذاكر بن كامل، وأحمد بن موهوب ابن السَّدنك وأخوه يحيى ابن السَّدَنْك.

قال ابن النَّجَّار: كان ثقة صدوقاً، نبيلاً من ظرَّاف البغداديين، ومحاسن الهاشميين.

وقال عبد الوهَّاب الأنماطي: دخلت على أبي علي ابن المهدي، فقال: اليوم كان عندي رسولان من رسل ملك الموت. فتبسَّمتُ وقلت: كيف؟ قال: جاء جماعة حتى أشهدتهم على شهادة عندي في كتاب، وجاء أصحاب الحديث يسمعون فهؤلاء يشتهون موتي حتى يشهدون عليَّ وهؤلاء يشتهون موتي حتى يرووا عني، ثم قال: دخلت يوماً على القاضي أبي الحسين ابن المهتدي بالله واتفق له مثل هذا فقال لي مثل ذلك.

قال عبد الوهَّاب الأنماطي: أبو عليّ ثقة صالح، توفي في ليلة السبت سادس عشري شوال سنة خمس عشرة.

قلت: أظنُّه آخر مَنْ روى عن أبي منصور محمد بن محمد ابن السّوَّاق، وتفرَّد بإجازة محمد بن عبد الواحد بن رزمة.

وثَّقه ابن النجار، وقال: أخبرنا ذاكر بن كامل سنة تسعين، قال: أخبرنا ابن المهدي سنة ثلاث عشرة وخمس مئة.

203 -

‌ هزارسب بن عوض بن حسن

، أبو الخير الهروي، المفيد، المحدث، نزيل بغداد.

أحد من عني بهذا الشأن وتعب عليه، وكان يحرض الناس على السماع، ويفيدهم ويبالغ، وحصل أصولًا كثيرة، وتوفي قبل أوان الرواية.

سمع طرادا الزينبي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأصحاب أبي

ص: 246

علي بن شاذان، إلى أن سمع من أصحاب أبي الحسين ابن النقور، وتوفي في ربيع الأول.

وخطه دقيق مليح، روى عنه: علي بن أحمد اليزدي، وذاكر بن كامل.

204 -

‌ يحيى بن صاعد بن سيار

، الكناني، الهروي، الحنفي، أبو عمرو، قاضي قضاة هراة.

قال أبو النضر عبد الرحمن الفامي: كان في العلوم بحرًا لا يدرك قعره.

عاش ثلاثًا وسبعين سنة.

205 -

‌ يحيى بن محمد بن فرج

، أبو العباس ابن الحاج الأندلسي، من أهل مجريط.

روى عن يوسف بن عبد الرحمن بن حماد، وغيره، وكان حاذقا بالعربية يعلمها، أخذ عنه جماعة، وتوفي في ربيع الأول.

206 -

‌ أبو الوفاء بن شهريار

، شيخ السلفي.

توفي فيها.

ص: 247

سنة ست عشرة وخمس مائة

207 -

‌ أحمد بن سعيد بن خالد بن بشتغير

، أبو جعفر اللخمي اللورقي.

روى عن: أبي العباس العذري، وطاهر بن هشام، وجماعة، وأجاز له: أبو عمر بن عبد البر، وحاتم بن محمد. وكان واسع الرواية، كثير السماع، عالي الإسناد، أجاز لابن بشكوال.

208 -

‌ إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسن

، أبو القاسم الرُّويدشتيُّ.

روى عن منصور بن الحسين الأصبهاني صاحب ابن المقرئ، وعنه الحافظ أبو موسى.

209 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عبد الله

، أبو إسحاق الأصبهانيُّ البادرانيُّ.

سمع من سعيد العيَّار. وتوفي عن سبع وثمانين سنة في آخر العام.

210 -

‌ إيلغازي بن أرتق بن أكسب

، الأمير نجم الدين التُّركمانيُّ، صاحب ماردين.

كان هو وأخوه سقمان من أمراء الملك تُتُش صاحب الشام، وأقطعهما بيت المقدس قبل أن يتملكها الفرنج وجرت لهما أمور يطول شرحها ذكرنا منها في الحوادث. واستولى إيلغازي على ماردين، وحارب الفرنج غير مرة، وكان موصوفاً بالشَّجاعة والرأي، وله هيبة في النُّفوس، تملَّك حلب بعد أولاد رضوان بن تُتش وتملَّك ميَّافارقين عام أوَّل.

وكان في هذه السَّنة قد استنجد به أهل تفليس، فسار هو ودُبَيْس الأسدي زوج بنته للكشف عنهم، ووافاهما شمس الدَّولة طُغان صاحب أرْزَن والملك طُغريل أخو السُّلطان محمود وكانت العساكر متفرقة قد سبق بعضهم فتحدَّر

ص: 248

عليهم الملك داود الكرجي من الجبال فبيَّتهم وهرب إيلغازي ودبيس، ونازل داود تفليس، وأخذها بالسَّيف وحرَّقها، ثم جعلهم رعيته وعدل فيهم، ومكَّنهم من إقامة شعائر الإسلام، والتزم ألا يذبح فيها أحد خنزيراً.

قال ابن الجوزي: فكان داود يدخل يوم الجمعة الجامع ويسمع الخطبة والقراءة ويعطي الخطيب والمؤذنين بتفليس الذَّهب الكثير وعمَّر الرُّبط للضيوف والمنازل للصُّوفية والوعَّاظ والشُّعراء، وأقام لهم الضِّيافات والصِّلات، وكان يحترم المسلمين.

قال سبط الجوزي: توفي نجم الدِّين إيلغازي صاحب ديار بكر وحلب بعد عوده من تفليس، وكان شجاعاً جواداً له غزوات عديدة، توفي في رمضان بظاهر ميَّافارقين، واستولى ولده حسام الدِّين تمرتاش على ماردين وولده شمس الدولة سليمان على ميَّافارقين، وكان نائبه بحلب ابن أخيه سليمان بن عبد الجبار بن أُرتق فحكم عليها إلى أن أخذها منه ابن عمِّه بلك بن بهرام.

قال سبط الجوزي: وقيل: إنما مات سنة خمس عشرة ومعه زوجته خاتون بنت صاحب دمشق طغتكين، ثم خطب ولده سليمان ابنة السُّلطان قلج أرسلان فتزوجها وأُحْضِرَت إليه من ملطية فمات سنة ثمان عشرة، وتسلَّم أخوه تمرتاش ميَّافارقين، وبقي في يده ويد بنيه مُلْك ماردين إلى اليوم.

211 -

‌ توفيق بن محمد بن حسين الأطرابلسيُّ النَّحْويُّ

.

ولد بأطرابلس، وسكن دمشق، وأقرأ العربية وكان بها عارفاً، وله شعر مليح، ومعرفة بالهندسة والحساب، واتهم بالفلسفة ورأى الأوائل.

توفي في صفر بدمشق.

212 -

‌ جامع بن عبد الصمد

، أبو منصور الخلقاني الصوفي.

نيسابوري، روى عن: أبي الحسين عبد الغافر، وابن مسرور، والكنجروذي، وجماعة، وتوفي في ذي القعدة.

ص: 249

وكان كثير الصلاة والصيام، له عناية بإحياء قبور المشايخ، سمع منه: أبو سعد السمعاني، وغيره.

213 -

‌ جعفر بن إسماعيل بن خلف

، أبو الفضل ابن المقرئ أبي الطاهر الأنصاري الصقلي المقرئ.

توفي بالإسكندرية في جمادى الآخرة، روى عن عبد الله بن الوليد المالكي، وأبي العباس بن نفيس، وعنه السلفي، والعثماني، وجماعة.

214 -

‌ الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد

، أبو علي الباقرحي، ثم البغدادي.

من أولاد المحدثين، رجل مستور، كثير السماع، ولد سنة سبع وثلاثين وأربع مائة، وسمع: أبا الحسن القزويني، وأبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا طاهر محمد بن علي العلاف، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي.

روى عنه جماعة، وله مشيخة سمعناها، روى عنه: ذاكر بن كامل، وأبو نصر بن يوسف، ومات في رجب.

215 -

‌ الحسين بن علي بن الملقَّب

.

روى عن أبي محمد الجوهري، توفي في شعبان.

216 -

‌ الحسين بن مسعود بن محمد

، العلاَّمة محيي السُّنة أبو محمد البغويُّ ابن الفرَّاء، الشَّافعيُّ الفقيه المحدِّث، المفسِّر.

مصنف شرح السنة ومعالم التنزيل والمصابيح وكتاب التهذيب في الفقه والجمع بين الصحيحين والأربعين حديثاً.

كان إماماً في التَّفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه، تفقه على القاضي حسين بن محمد المروروذي صاحب التَّعليقة وسمع الحديث منه، ومن أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الدَّاودي، وأبي بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبي الحسن علي بن يوسف الجويني، وأبي الفضل زياد بن محمد الحنفي، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني،

ص: 250

وحسَّان المنيعي وأبي بكر محمد بن أبي الهيثم التُّرابي، وأبي الحسن محمد بن محمد الشِّيرزي، وطائفة. وعامة سماعاته بعد السِّتِّين وأربع مائة، ولا قَدِمَ بغداد ولا حجَّ، وبورك له في تصانيفه، ورُزِقَ فيها القبول لحسن قصده وصدق نيَّته، وكان لا يلقي الدُّروس إلا على طهارة. روى عنه أبو منصور محمد سعد العطَّاري المعروف بحفدة، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وأهل مرو. وكان قانعاً، ورعاً، يأكل الخبز وحده، ثم عُذِلَ في ذلك فصار يأكله بزيت. وكان أبوه يعمل الفِرَاء ويبيعها ولُقِّب محيي السُّنة أيضاً: ركن الدِّين، وثبت أنَّه توفي بمرو الرُّوذ في شوال سنة ست عشرة ودُفِن عند شيخه القاضي حسين، وأظنه جاوز الثمانين، وآخر مَنْ روى عنه في الدُّنيا أبو المكارم فضل الله بن محمد النُّوقاني؛ روى عنه بالإجازة وبقي إلى سنة ست مائة. وأجاز للفخر علي ابن البخاري.

217 -

‌ حمد بن علي بن محمد بن حسين

، أبو شُكر المُعَلِّم الأصبهانيُّ، المعروف بالحبَّال، سبط عائشة الوركانية.

توفي في رمضان، وله خمس وتسعون سنة. روى عن أبي بكر بن ريذة، وغيره. روى عنه أبو موسى المديني.

218 -

‌ داود بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين بن داود

، السيد أبو جعفر ابن النقيب أبي المعالي العلوي النيسابوري.

شيخ أهل بيته في وقته، سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر، وأبا سعد الكنجروذي، توفي في سادس صفر، وعنده صحيح مسلم.

219 -

‌ سعد الحبشي الحيدري

، أبو عثمان مولى حيدرة.

شيخ مذكور بالصلاح، سمع أبا زكريا عبد الرحيم البخاري. روى عنه السلفي، سمع منه بالإسكندرية، وقال: توفي سنة ست عشرة، وقد قارب المائة.

ص: 251

220 -

‌ سليمان بن الفياض

، أبو الربيع الإسكندراني، الشاعر، تلميذ أمية بن أبي الصلت.

قرأ عليه من الفلسفة والعلوم المهجورة شيئًا كثيرًا، وكان من فحول الشعراء، دخل العراق، وخراسان، والهند، وتوفي في الغربة في حدود سنة ست عشرة، أو بعد ذلك بيسير.

وله:

بيني وبينك ما لو شئت لم يضع سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع ته أحتمل، واستطل أصبر، وعز أهن وول أقبل، وقل أسمع، ومر أطع

*- السميرمي، هو علي، أبو طالب الوزير.

يأتي في حرف العين.

221 -

‌ صالح بن حميد بن مُلْهَم اللَّبَّان

، أبو الثّنَاء المالكيُّ المِصْريُّ.

سمع أبا محمد عبد الله بن عبيد الله المحاملي، ونصر بن عبد العزيز الشِّيرازي، وكريمة المجاورة.

روى عنه السِّلفي، وقال: كان قديماً يؤم في الجامع بطائفة من أهل السُّنة، ولد في سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.

وتوفي بمصر في صَفَر.

222 -

‌ عبد الله بن أحمد بن علي

، أبو محمد السَّامرِّيُّ البغداديُّ.

سمع من القاضي أبي يعلى ابن الفرَّاء، وعبد الصَّمد ابن المأمون. روى عنه يحيى بن بوش، وغيره. توفي في آخر السنة ببغداد.

223 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث

، أبو محمد السَّمرقنديُّ الحافظ اللُّغويُّ الأديب، أخو إسماعيل.

ولد بدمشق، وسمع بها أبا بكر الخطيب، والكتَّاني. وأبا نصر بن طلاب، وجماعة. ثم انتقلوا إلى بغداد فسمع بها أبا الحسين ابن النَّقُّور

ص: 252

وطبقته، ورحل إلى خراسان فسمع الفضل بن المُحِب، وبأصبهان أبا منصور ابن شكرويه، وطبقته. وأكثر من السَّماع، وعُنِيَ بالحديث، وكان يفهم كثيراً منه، مع دين وثقةٍ وإتقان. وكان يقرأ لنظام الملك على الشُّيوخ، ويفيده عنهم. وخرَّج لنفسه معجماًَ في ثمانية أجزاء، وحدَّث بشيء كثير.

وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربع مائة، وتوفي في ربيع الآخر ببغداد، رحمه الله.

روى عنه السِّلفي، فقال: كان فاضلاً عالماً ثقة، ذا لسن وكان له أخ اسمه أبو القاسم إسماعيل يسمع معنا، وكان ثقة يعرف الحديث ويبيع الكُتُب، قال: وكان أبو محمد قد رُزِقَ حظًّا من الأدب، إذا قرأ الحديث أعرب وأغرب.

وقال عبد الغافر بن إسماعيل: هو شاب حافظ، بالغ في الحفظ، حديد الخاطر، خفيف الرُّوح، لطيف المحاورة، كان حافظ وقته.

وقال الدَّقَّاق: صَحِبَ الخطيب، وتلمذ له، وكان ممن يتعصَّب للأشعري.

قلت: سمع أيضاً بدمشق من أبي القاسم الحنَّائي، ومحمد بن مكي المصري. روى عنه بنته كمال، وذاكر بن كامل، والسِّلفي، ويحيى بن بوش.

224 -

‌ عبد الله بن طلحة بن محمد

، أبو بكر اليابوريُّ، نزيل إشبيلية.

روى عن أبي الوليد الباجي، وعاصم بن أيوب، وكان ذا معرفة بالفقه والأصول والنَّحو والتَّفسير، خصوصاً التَّفسير، وله ردٌّ على أبي محمد بن حزم. وصنَّف كتاباً في شرح صدر رسالة ابن أبي زيد وبيَّن ما فيه من العقائد، ولم أقف عليه أنا، واستوطن مصر مديدة، وحجَّ وتوفي بمكة.

روى عنه أبو المُظَفَّر الشيباني، وأبو محمد العثماني، ويوسف بن محمد القيرواني، وعثمان بن فرج العبدري، وجماعة، بقي إلى سنة ست عشرة هذه.

ص: 253

225 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان

التَّنوخيُّ، أبو محمد المعرِّيُّ، والد أبي اليسر شاكر.

ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة، وتوفي بمصر شابًّا، وله شعر رائق، فمنه: يا من تنكَّب قوسه وسِهَامه وله من اللَّحظ السَّقيم سيوف تُغْنيك عن حمل السِّلاح إلى العِدَى أجفانُك المرضى فهُنَّ حُتُوفُ

226 -

‌ عبد الجبار بن أبي بكر محمد بن حمديس

، أبو محمد الصقلي الشاعر.

امتدح ملوك الأندلس بعد السبعين وأربع مائة، واختص بالمعتمد ابن عباد، فحظي لديه لحسن شعره، فلما أسر المعتمد وسجن بأغمات قدم عليه أبو محمد وافيًا له ومعزيًا له، وانصرف إلى إفريقية، فامتدح ملكها يحيى بن تميم الصنهاجي، ثم ابنه عليا، ثم ابنه الحسن، وآخر العهد به سنة ست عشرة.

ومن شعره:

حرك لمعناك لفظًا كي تزان به وقل من الشعر سحرًا أو فلا تقل فالكحل لا يفتن الأبصار منظره حتى يصير حشو الأعين النجل

227 -

‌ عبد الجبار بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ

، أبو طالب الأموي المرواني الهشامي القرطبي.

روى عن: محمد بن فرج الفقيه، وأبي جعفر بن رزق، وجماعة. وجمع تاريخًا كبيرًا، وكان أديبًا أخباريًا، شاعرًا ذكيًا، ولد سنة خمسين وأربع مائة، وتوفي في رمضان.

وقد لقي أبا عبيد البكري المؤرخ، وحمل عنه.

228 -

‌ عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف

، أبو القاسم الصِّقلِّيُّ المقرئ المجوِّد، المعروف بابن الفحَّام، مصنف التجريد في القراءات السبع.

ص: 254

كان من كبار شيوخ الإقراء، سكن الإسكندرية، وأقرأ الناس بها، وقُصِدَ من النَّواحي لعلو إسناده، وإتقانه.

وثَّقَهُ السِّلفي، وأبو الحسن علي بن المُفَضَّل.

رحل إلى ديار مصر، وأدرك الكبار، فقرأ على أبي العباس بن نفيس، وعبد الباقي بن فارس بن أحمد الحمصي وأبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، وغيرهم. وسمع الحديث من بعضهم.

قرأ عليه أبو العباس ابن الحُطيئة، وأبو طاهر السِّلفي، ويحيى بن سعدون القرطبي، وعبد الرحمن بن خلف الله بن عطية، وطال عمُرُه وتفرَّد في عصره، وأعلى ما أسندت القرآن العظيم من طريقه.

توفي رحمه الله في ذي القعدة وقد جاوز التِّسعين، فإنه كان يتردد في مولده، هل هو في سنة اثنتين وعشرين أو سنة خمس وعشرين وأربع مئة.

وقد ذكره القفطي في تاريخ النُّحاة، فقال: رحل في القراءات سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة، وبقي في الطَّلب بمصر بضع عشرة سنة. أخذ النَّحو عن ابن بابشاذ، وصنَّف شرحًا لمقدمته، وكان متقناً صدوقاً. قال سليمان بن عبد العزيز الأندلسي: ما رأيت أعلم بالقراءات منه لا بالمشرق ولا بالمغرب.

قلت: آخر مَنْ روى عنه بالإجازة أبو طاهر الخُشوعي، عظَّمه السِّلفي.

229 -

‌ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف

، أبو طالب بن أبي بكر البغداي.

كان يسكن القرية داخل دار الخلافة، ولد سنة نيف وثلاثين وأربع مائة، وسمع المصنفات الكبار من: أبي علي ابن المذهب، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي بكر بن بشران، وأبي محمد الجوهري، وجماعة.

وتفرد في وقته بكثرة المرويات، روى عنه: السلفي، وأبو العلاء الهمذاني، والصائن ابن عساكر، وأبو طالب بن خضير، وأبو محمد ابن الخشاب، وأبو الحسن بن عساكر البطائحي، وأبو بكر ابن النقور، والشيخ عبد القادر الجيلي، وأبو الحسين عبد الحق اليوسفي، وأبو منصور محمد بن

ص: 255

أحمد الدقاق، ويحيى بن بوش، وخلق سواهم.

قال السمعاني: شيخ صالح، ثقة، دين، متحرٍ في الرواية، كثير السماع، انتشرت عنه الرواية في البلدان، وحمل عنه الكثير.

وقال السلفي: تربى أبو طالب على طريقة والده في الاحتياط التام في الدين من غير تكلف، وكان كامل الفضل، حسن الجملة، ثقة، متحريًا إلى غاية ما عليها مزيد، قل من رأيت مثله، وكان والده أبو بكر أزهد خلق الله.

وقال محمد بن عطاف: توفي في آخر يوم الجمعة، وقيل: ليلة السبت، ثامن عشر ذي الحجة، رحمه الله ورضي عنه.

230 -

‌ عبد الكريم بن سعيد الأندلسي

ُّ.

روى مُعشَّرات أبي الحسن الحُصْري عنه. سمعها منه أبو محمد العثماني الإسكندراني.

231 -

‌ عبيد الله بن عمر بن محمد بن أحمد

، أبو خليفة الأصبهانيُّ، وكان يعرف بمحمد بن أبي الفتح ويعرف بمُسدَّد، سمَّاه جده بذلك.

روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم. وعنه أبو موسى، وقال: توفي في ذي القعدة.

232 -

‌ عزبانوية بنت أبي بكر محمد بن الحسن بن سُليم الأصبهانية

، أمُّ الرِّضا.

روت عن عبد الرزاق بن شمة. وعنها أبو موسى. توفيت في ربيع الأوَّل.

233 -

‌ عطاء بن هبة الله بن جبريل

، أبو الجود الإخميميُّ.

عن أبي إسحاق الحبَّال. روى عنه السِّلفي، وقال: توفي في آخر السَّنة بمصر.

234 -

‌ علي بن أحمد بن حرب

، أبو طالب السميرمي، وزير السلطان محمود، وسميرم: قرية من قرى أصبهان.

ص: 256

كان مجاهرا بالظلم والفسق، بنى ببغداد دارا فظلم الناس، وأخرب محلة التوثة، ونقل آلتها إليها، فاستغاث أهلها، فحبسهم وغرمهم، وهو الذي أعاد المكوس بعد أربع عشرة سنة، وكان يقول: لقد سننت السنن الجائرة، وفرشت حصيرا لي في جهنم، وقد استحييت من كثرة الظلم، قال هذا في الليلة التي قتل في صبيحتها، ركب في موكب عظيم وحوله السيوف المسللة، فمر بمضيق، فظهر رجل من دكة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبعه الأعوان والغلمان، وبقي منفردًا، فوثب عليه آخر فضربه في خاصرته، وجذبه رماه، ثم ضربه عدة جراحات ثم ذبحه، وقتل ذلك الرجل فوق الوزير، وقتل اثنان من أصحاب الوزير، وقتل ثلاثة كانوا مع قاتله يقاتلون الغلمان فقتلوا، وذلك في سلخ صفر.

وكان جوادا ممَدَّحًا عالي الهمة، ذا رأي ودهاء وخبرة. قال سِبْط الجوزي: مدحه ألف شاعر، وكان يجيزهم جوائز كثيرة. وثب عليه ثلاثة وهو راكب بالسيوف المسللة والأسلحة والحُجَّاب، فجذبوه من البغلة إلى الأرض، وانهزم أصحابه، وبرك على صدره شيخ من الثلاثة، وقال: الله أكبر، أنا مسلم موحِّد، وهذا ظالم كافر، والوزير يصيح: أنا مسلم، ورجع أصحاب الوزير فضربوا الشيخ بسيوفهم وهو على صدر الوزير، وذبح هو الوزير كما تُذْبح الشاة. وخلَّف أموالاً ونعمة كبيرة. وقُتِلَ في سلخ صفر، ووزر أربع سنين وقيل: قتله غلمان الطُّغرائي لأنه أشار بقتله.

235 -

‌ عليّ بن أحمد بن محمد الإمام

، أبو الحسن النَّيسابوريُّ الغزَّال المقرئ المُجَوِّد، من وجوه أئمة خراسان.

ذكره أبو سعد السَّمْعَاني فيمن أجاز له، وقال: كان عارفاً بوجوه القراءات وبالعربية له تصانيف مفيدة في القراءات والنَّحو، لازم أستاذه أبا نصر محمد بن محمد بن هميماه الرَّامشي المقرئ حتى تخرَّج به، وزاد عليه في الفقه والورع، وقصر اليد عن الدُّنيا، ولزوم العبادة والتَّألُّه، كان منقطع القرين.

ص: 257

قلت: كان حاذقاً بالقراءات. روى عن أبي سعد الكنجروذي وأبي سهل الحفصي، وأبي القاسم القشيري، وكان خيِّرا زاهداً، توفي في شعبان.

236 -

‌ علي بن حسكويه بن إبراهيم

، أبو الحسن المراغيُّ الأديب.

قَدِمَ بغداد، وتفقه على الشيخ أبي إسحاق، وكان لغويًّا شاعراً، سكن مرو، وروى بها عن أبي بكر الخطيب وابن هزارمرد الصَّريفيني، وجماعة.

روى عنه أبو سعد السمعاني، وقال: توفي فجاءة، عثر فوقع ميتاً في المُحرم في سلخه.

237 -

‌ علي بن محمد بن الحسين

، أبو الحسن المذاري، أخو أحمد، وأبي السعود.

بغدادي من باب المراتب، كان محتشمًا متمولًا، سمع: أبا الحسين ابن الآبنوسي، وأبا الحسن المكي، وعنه: أبو المعمر الأنصاري.

مات في ذي الحجة.

238 -

‌ علي بن محمد بن علي

، أبو الحسن بن أبي زيد الاستراباذيُّ النَّحويُّ، المعروف بالفصيحي.

أخذ العربية عن عبد القاهر الجُرجاني فبرع حتى صار من أنجى أهل زمانه، ودرَّس النَّحْو بنظامية بغداد وتخرَّج به خلق منهم السِّلفي، ومات في ذي الحجَّة.

239 -

‌ علي بن مسعود بن محمد

، أبو نصر الشُّجاعيُّ، الإمام الدَّين الورع، من وجوه أهل بيته.

سمع من جده أبي المُظَفَّر، وأبي القاسم القُشَيْري، وجماعة. ولم يرو إلا القليل.

240 -

‌ عمر ابن الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن الخراساني

، المعروف بالحامدي الزاهد الصوفي، الأستاذ أبو عبد الرحمن.

ذكره عبد الغافر فقال: من وجوه أصحاب أبي عبد الله الإمام في علم

ص: 258

القراءات، وسمع صحيح مسلم من: أبي الحسين عبد الغافر، وسمع من: عمر بن مسرور، وحدث، وتوفي في ثامن عشر ربيع الأول.

241 -

‌ فيروز الحاجب

، شحنة دمشق الذي تُنْسَب إليه مئذنة فيروز.

مات في ربيع الأول.

242 -

‌ فارس بن أبي النَّجْم أحمد بن فارس بن إدريس الأصبهانيُّ الأديب

.

روى عن عبد الله بن شبيب. وعنه أبو موسى الحافظ، وقال: تُوفي في رجب.

243 -

‌ القاسم بن علي بن محمد بن عثمان

، الأديب أبو محمد البصريُّ الحراميُّ الحريريُّ، مصنِّف المقامات.

كان يسكن ببني حرام إحدى محال البصرة مما يلي الشَّط، كان مولده ومرباه بقرية المشان من نواحي البصرة، وكان أحد أئمة عصره في الأدب والنَّظْم والنَّثْر والبلاغة والفصاحة، رُزِقَ الحظوة التَّامة في مقاماته.

ذكر المُوقاني وغيره أنَّ الحريري قرأ الأدب بالبصرة على القصباني فحُكِيَ أن القصباني، قال: إذا قلت: ما أسود زيداً وما أسمر عمراً وما أصفر هذا الطَّير وما أبيض هذه الحمامة وما أحمر هذا الفرس لا تصح إن أردت الألوان، وتصح إن أردت التَّعجب من سُؤدد زيد وسمر عمرو وصفير الطَّير وكثرة بيض الحمامة وحمَرَ الفَرس وهو أن ينتن فوه. وحكى الحريري، قال: كان أبو زيد السُّروجي شيخاً شحَّاذاً بليغاً، ومكدِّيًا فصيحاً، ورد علينا البصرة فوقف في مسجد بني حرام، فسلَّم ثم سأل، وكان بعض الولاة حاضراً والمسجد غاص بالفُضَلاء، فأعجبتهم فصاحته وحسن صياغة كلامه، وذكر أسر الرُّوم ولده كما ذكرناه في المقامة الحرامية، فاجتمع عندي عشية جماعة فحكيت ما شاهدت من ذلك السَّائل وما سمعت من لطافة عبارته وظرافة إشارته في تحصيل مراده، فحكى لي كلُّ واحد من جُلسائي أنَّه شاهد من هذا السَّائل في مسجده مثل ما شاهدت وأنه سمع منه في معنى آخر فصلاً أحسن مما سمعتُ، وكان يُغيِّرُ في كلِّ مسجد شكله وزيَّه، فتعجبوا من جريانه في ميدانه وتصرُّفه في تلوُّنه وإحسانه، فأنشأتُ المقامة الحرامية ثم بنيتُ عليها سائر

ص: 259

المقامات؛ رواه التَّاج المسعودي عن أبي بكر ابن النَّقور أنه سمع الحريري.

وذكر ولد الحريري، أبو القاسم عبد الله، قال: كان السَّبب في وضع هذه المقامات أنَّ أبي كان جالساً في مسجده ببني حرام فدخل شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السَّفر فصيح الكلام، حسنُ العبارة فسأله الجماعة من أين الشَّيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة بالحرامية وهي الثَّامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد المذكور واشتُهِرَت، فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد القاشاني، وزير المسترشد، فأعجبته وأشار على أبي أن يضمَّ إليها غيرها فأتمَّها خمسين مقامة، وإلى الوزير أشار الحريريُّ بقوله في الخطبة: فأشار من إشارته حُكْم، وطاعته غُنْم. وأما تسمية الراوي بالحارث بن همَّام فإنما عنى به نفسه، أخذه من قوله عليه السلام: كلُّكم حارث وكلُّكُم همّام، فالحارث الكاسب والهمَّام الكثير الاهتمام؛ لأن كلَّ أحد كاسب ومهتمُّ بأموره.

وقد سمع من أبي تمَّام محمد بن الحسن بن موسى المقرئ، وأبي القاسم بن الفضل القصباني الأديب، وأملى بالبصرة مجالس، وصنَّف أيضاً دُرَّة الغواص في أوهام الخواص والملحة في النحو وصنَّف لها شرحاً، وله ديوان ترسُّل وشعر كثير.

روى عنه ابنه أبو القاسم، وأبو العباس المندائي، الواسطي، وأبو الكرم الكرابيسي، والوزير علي بن طراد، وأبو علي ابن المتوكِّل، وقوام الدِّين علي ابن صدقة الوزير، وابن ناصر الحافظ، وعلي بن المظَفَّر الظَّهيري، ومنوجهر ابن تركانشاه، وأحمد بن علي ابن النَّاعم، وأبو بكر ابن النَّقَّور، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبو المُعَمَّر المبارك بن أحمد الأزجي. وآخر مَنْ روى عنه بالإجازة أبو طاهر بركات بن إبراهيم الخُشُوعي.

ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وقرأ الأدب بالبصرة على القصباني ثم استعان بذكائه وفطنته على اللُّغات والآداب.

ص: 260

قال قاضي القضاة ابن خلِّكان: وجدت في عدَّة تواريخ أنَّ الحريري صنَّف المقامات بإشارة أنوشروان إلى أن رأيت بالقاهرة سنة ست وسبعين نسخة مقامات كلها بخط مصنِّفها، وقد كتَبَ بخطه أيضاً أنه صنَّفها للوزير جلال الدين عميد الدولة أبي علي الحسن بن علي بن صدقة وزير المسترشد، ولا شك في أنَّ هذا أصح لأنه بخط المصنِّف، وتُوفي الوزير المذكور في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

وذكر الوزير جمال الدين علي بن يوسف الشَّيباني القفطي في تاريخ النُّحاة: أن أبا زيد السَّروجي اسمه المُطهّر بن سلاَّر، وكان بصريًّا لغويًّا صحب الحريري، وتخرَّج به، وقد روى أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي مُلْحة الإعراب عنه عن الحريري، حدَّثهم بها بواسط في سنة ثمان وثلاثين. وتوفي بعد الأربعين وخمسمائة، وقد شرح المقامات جماعة من الفضلاء.

قال القاضي: ورأيت في بعض المجاميع أن الحريري عمل المقامات أربعين مقامة، وحملها إلى بغداد فاتهمه جماعة من أدباء بغداد، وقالوا: هي لرجل مغربي مات بالبصرة ووقعت أوراقه إلى الحريري، فظفر بها، فادعاها، فسأله الوزير عن صناعته، فقال: أنا رجل مُنْشئ، فاقترح عليه إنشاء رسالة في واقعة عيَّنها، فانفرد في ناحية من الدار وأخذ الدَّواة والورقة ومكث زماناً، فلم يُفْتَح عليه بشيء يكتبه، فقام خجلاً، وكان ممن أنكر دعواه علي بن أفلح الشَّاعر، فعمل في ذلك:

شيخ لنا من ربيعة الفرس ينتف عثنونه من الهوس أنطقه الله بالمشان كما رماه وسط الدِّيوان بالخرس وكان الحريري يذكر أنَّه من ربيعة الفرس، وكان يولع بنتف لحيته عند الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة، فلما رجع إلى بلده أكملها خمسين مقامة، وسَّير العشرة، واعتذر عن عيِّه بالهيبة.

وقيل: بل كره المُقام ببغداد فتجاهل.

ص: 261

ويُحْكَى أنه كان دميماً قبيح المَنْظر، فأتاه غريب يزوره ويأخذ عنه، فلما رآه استزرى شكله، ففهم الحريري ذلك منه، فلما التمس أن يملي عليه، قال اكتب:

ما أنت أوَّل سارٍ غرَّهُ قمَرُ ورائد أعجبته خضرة الدّمن فاختر لنفسك غيري إنني رجل مثل المُعَيْدي فاسمع بي ولا ترني وكان الحريري من الأغنياء بالبصرة، يقال: كان له ثمانية عشر ألف نخلة، وقيل: كان قذراً في نفسه وشكله ولُبْسه، قصيراً دميماً، بخيلاً، مولعاً بنتف لحيته، فنهاه الأمير وتوعَّده على ذلك، وكان كثير المجالسة له، فبقي كالمُقيَّد لا يتجاسر أن يعبث بلحيته، فتكلَّم في بعض الأيام بكلام أعجب الأمير، فقال له: سلني ما شئت حتى أعطيك، فقال: أقطعني لحيتي، قال: قد فعلتُ!

وقال القاضي جابر بن هبة الله: قرأتُ المقامات على الحريري في سنة أربع عشرة، وكنت أظنُّ أنَّ قوله:

يا هل ذا المعنى وُقيتُم شرّا ولا لقيتُم ما بقيتُم ضرّا قد دفع اللَّيل الذي اكفهرّا إلى ذُراكم شعثًا مُعْبَرّا فقرأت سغبًا معترّا ففكر ثم قال: والله لقد أجدت في التصحيف وإنه لأجود فرُبَّ شعث مُغْبَر غير محتاج، والسغب المعتر موضع الحاجة، ولولا أني قد كتبت خطِّي إلى هذا اليوم على سبعمائة نسخة قُرئتْ عليّ لغيَّرته كما قلت.

ومن لُغَز الحريري وأجاد: ميم موسى من نون نصر ففتش أيّهاذا الأديب ماذا عنيتُ ميم: أي أصابه الموم، وهو البرسام، ويقال: هو أثر الجدري. والنون: السَّمكة، يعني: أكل سمكة نصر فأصابه الموم.

وله:

باء بكر بلام ليلى فما ينفـ ـك منها إلا بعين وهاء البَكْر: الجَمَل، وباء: أقر، واللاَّمُ: الزرع، فلازمته ليلى فما ينفك منها

ص: 262

مما تلطمه في وجهه إلا بعين واهية من اللطم.

وله:

لا تخطونَّ إلى خطإ ولا خطاء من بعد ما الشَّيْب في فودَيْك قد وخطَا وأي عُذْر لمن شابت ذوائبه إذا سعى في ميادين الصِّبا وخطَا حدَّث جابر بن زهير، قال: حضرنا مع ابن الحريري دعوة لرئيس البصرة ظهير الدين ابن الوجيه في ختان ابنه أبي الغنائم، وحضر محمد البصري المغني فغنَّى:

بالذي ألهم تعذيـ بي ثناياك العذابا ما الذي قالته عينا ك لقلبي فأجابا فطَرِب الحاضرون وسألوا ابن الحريري أن يزيد لها مطلعاًَ فقال:

قل لمن عذَّب قلبي وهو محبوب محابى والذي إن سمته الوصـ ل تغالى وتغابى فألزم الحاضرون لمحمد أن لا يغنيهم غيرها، فمضى يومهم أجمع بها.

قال المُوقاني: مات الحريري في سادس رجب سنة ست عشرة بالبصرة.

وقال غيره: خلَّف ولدين: نجم الدين عبد الله، وقاضي البصرة ضياء الإسلام عبيد الله.

244 -

‌ كتائب بن عليّ الفارقيُّ

، أبو عليّ الفقيه الشافعيُّ التاجر، نزيل الاسكندرية.

سمع بمصر أبا طاهر محمد بن الحسين بن سعدون الموصليَّ في سنة سبع وأربعين وأربعمائة. وإنما سمع وهو كبير.

وكان من أعيان التجار، ومن خيار الناس؛ روى عنه أبو طاهر السِّلفي،

ص: 263

وعبد الله العثماني، وعلي بن مهران القرميسيني.

وتوفي في جمادى الآخرة.

قال السِّلفي: قال لي صحبت ابن سعدون مدة مديدة بمصر، وسمعت منه سنن الدَّارقطني وأشياء، وضاعت أصولي. وسمعت من القُضاعي، والشريف ابن حمزة. وقال أبو عبد الله الرازي: كتائب أكبر مني بكثير.

قلت: هو ممن جاوز المائة فيما قيل.

قال السِّلفي: قال لي أبو الفرج القرميسيني في سنة اثنتي عشرة: قارب كتائب المائة أو جاوزها، ورافقته في التجارة إلى اليمن، وهو ديِّنٌ.

245 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي عمر المطهر بن أبي نزار

محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن بجير، الرئيس أبو عدنان الربعي الأصبهاني، من أولاد المحدثين.

ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وسمع المعجم الصغير من ابن ريذة، روى عنه: يحيى الثقفي، وأبو موسى المديني، وقال: توفي في ربيع الأول.

وأجاز للسمعاني، وقال فيه: شيخ سديد، صالح، وهو والد شيخينا عبد المغيث وعبد الجليل. وسمع من: جده المطهر، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الذكواني، يروي كتاب الرهبان للأسلي، عن الذكواني، عن أبى عثمان، عن الشعراني، عنه، وكتاب معرفة شيوخ شعبة، ألفه أبو داود الطيالسي، بسماعه من الذكواني، عن أبي الشيخ، وكتاب العيد لأبي الشيخ، والأطعمة لابن أبي عاصم، والسنة ليعقوب الفسوي، والمحنة جمع صالح بن أحمد، وعدة تواليف ذكرها السمعاني.

246 -

‌ محمد بن عبد الله

، أبو الوفاء الطوسي، المعروف بالمقدسي.

شيخ الحرم في وقته، رأى الكبار وخدمهم، وكان سديد الطريقة، مرضي الأمر، جاور مدة طويلة، وسمع من: هياج بن عبيد، وببغداد من: أبي بكر الطريثيثي.

ص: 264

وتوفي في حدود سنة ست عشرة، رحمه الله.

247 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن محمد

، الحافظ أبو عبد الله الدقاق، الأصبهاني.

قال: عرفت بين المحدثين بالدقاق بصديقي أبي علي الدقاق، فإنهم سألوني وقت سماعي: بأي شيء تكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدقاق، وولدت بمحلة جرواءان سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت سنة سبع وأربعين من أبي المظفر عبد الله بن شبيب الضبي المقرئ الخطيب، وأبي بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني المقرئ، وسمعت ستة من أصحاب أبي بكر ابن المقرئ، وسمعت من أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرئ قدم علينا، ومن سعيد بن أبي سعيد العيار، وأول من سمعت منه: السديد الأوحد، أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن منده، وأول رحلتي في سنة ست وستين وأربعمائة، وأول ما أمليت الحديث بسرخس في سنة أربع وسبعين، فسمع مني: الإمام أبو عبد الله العميري، وأبو عروبة عبد الهادي الأنصاري، وأبو الفتح عبد الرزاق بن حسان المنيعي، وجماعة من شيوخي، وكان أبي من أهل البيوتات، لم يكن من المحتشمين، كان من أوساط المسلمين من أهل القرآن والصلاح، معبرًا، يرجع إلى قليل من العلم، سمع من أبي سعيد النقاش، وغيره.

ثم إنه ذكر البلدان التي دخلها لسماع الحديث، فذكر نيسابور، وطوس، وسرخس، وهراة، ومرو، وبلخ، وجرجان، وبخارى، وسمرقند، وكرمان، إلى أن ذكر أكثر من مائة وعشرين موضعًا، ما بين مدينة إلى قرية، ولم يصل إلى العراق، ولا حج، مع كثرة ترحاله وتغربه.

وقال: فأما المشايخ الذين كتبت عنهم بأصبهان، فأكثر من ألف شيخ إن شاء الله، وأما من كتبت عنهم في الرحلة، فأكثر من ألف أخرى، لأني سمعت بنيسابور، وهراة من نحو ستمائة شيخ.

وكان الدقاق صالحًا، محدثًا، سنيًا، أثريًا، قانعًا باليسير، فقيرًا متقللًا، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وخليل بن أبي الرجاء الراراني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ.

ص: 265

أخبرنا أبو علي الخلال أن أم الفضل الأسدية أخبرتهم، عن عبد الرحيم بن أبي الوفاء الحاجي قال: توفي الشيخ الحافظ أبو عبد الله الدقاق ليلة الجمعة، وقت السحر، السادس من شوال، سنة ست عشرة.

248 -

‌ محمد بن علي بن جعفر

، أبو علي ابن القطاع السعدي الصقلي.

هكذا ذكره السلفي في معجم البلدان له، فأحسبه وقع فيه وهم، وإلا فهو ولد العلامة أبي القاسم ابن القطاع.

قال السلفي: كانت له حلقة في جامع عمرو بن العاص لإقراء اللغة، وكان دمث الأخلاق، مالكي المذهب، مائلا إلى الحديث وأهله، توفي في شهر رمضان.

قلت: وقد ذكرنا أن أبا القاسم توفي في صفر سنة خمس عشرة.

249 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء

، أبو عبد الله ابن الفقيه أبي القاسم المصيصي، ثم الدمشقي المعدل.

سمع: أباه، وأبا القاسم السميساطي، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الدائم الهلالي، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.

وكان ثقة صحيح السماع، روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو القاسم ابن عساكر، وعبد الرزاق النجار، وتوفي في رمضان، وله إحدى وسبعون سنة.

250 -

‌ محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك

، أبو منصور القرائي، قيده ابن نقطة بضم القاف، وألف ساكنة، القراء القزويني، اللغوي، نزيل بغداد، أو ولد بها.

قرأ القرآن على: أبي بكر بن موسى الخياط، وأقرأه عنه، وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحسن الماوردي، روى عنه: الصائن ابن عساكر، وجماعة آخرهم يحيى بن بوش.

ومولده تقديرًا في سنة أربع وثلاثين، وتوفي في شوال، والقراء من أجداده.

ص: 266

251 -

‌ محمد بن محمد بن الحسن بن قُنَيْن

، أبو عليّ البغداديُّ البزَّاز.

عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعنه أبو طالب بن خُضَيْر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري.

252 -

‌ محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن مميل

، أبو نصر الشيرازيُّ.

من كُبراء أهل شيراز قدم بغداد في شبيبته، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وبرَعَ، وأعاد بالمدرسة النِّظامية ببغداد. وسمع الكثير من ابن هزارمرد الصريفيني، وابن النَّقُّور، وعبد العزيز الأنماطي، وأبي القاسم ابن البُسْري، وخلقٍ سواهم.

وكان رئيساً متميزاً ديناً صالحاً جاور بمكة، وكان يقدم أحياناً إلى بغداد، ويرجع إلى مكة، وكان ثقة. روى عنه ابنه هبة الله والد القاضي شمس الدين، ومحمد بن بركة الصِّلْحي، ويحيى بن بوش.

وتوفي في ربيع الأول، وله أربع وسبعون سنة.

253 -

‌ المعلى بن عبد العزيز

، أبو محمد المرغيناني الحنفي.

حج في أواخر عمره، وسكن بغداد يدرس بها ويفتي ويناظر، أملى عن: والده، ومحمد بن أبي سهل السرخسي، وأبي المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني الحافظ، روى عنه: الحسين بن خسرو، وعلي بن أبي سعد الخباز.

مات في رمضان عن اثنتين وسبعين سنة.

254 -

‌ هشام بن محمد بن سعيد

، القدوة، أبو علي المغربي الطليطلي الزاهد، نزيل بغداد.

من كبار المشايخ، له كلام في الحقيقة، ونظم في الزهد، حكى عنه جماعة، ذكره ابن النجار.

255 -

‌ يحيى بن محمد بن أبي نعيم

، أبو نعيم الأبيوردي، شيخ الصوفية بأبيورد.

حج سبع حجج، وكان من سادة القوم، توفي في صفر.

ص: 267

سنة سبع عشرة وخمسمائة

256 -

‌ أحمد بن سرور بن سليمان السمسطاوي

.

حدث بمكة عن أبي إسحاق الحبال، وأبي معشر الطبري، وعلي بن محمد الهاشمي، وعمي بأخرة، وتوفي بالصعيد.

257 -

‌ أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم

، أبو سعد ابن الطيوري، الصيرفي الكتبي المقرئ المجود البغدادي، أخو المبارك.

شيخ صالح مكثر، اعتنى به أخوه، وسمعه واستجاز له، سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلال، وأبا الطيب الطبري، وأبا طالب العشاري، وأبا محمد الجوهري، وآخرين، وأجاز له محمد بن علي الصوري الحافظ، وأبو علي الأهوازي المقرئ، وكان دلالًا في الكتب، صدوقًا.

روى عنه: السلفي، والحسين بن عبد الملك الخلال، والصائن ابن عساكر، وذاكر بن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بن بوش.

وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في رجب.

قال ابن النجار: قرأ بالروايات على: أبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي ابن البناء، وأجاز له: الحسن بن محمد الخلال، وعبد العزيز الأزجي أيضًا.

258 -

‌ أحمد بن محمد بن عليّ بن يحيى بن صدقة

، أبو عبد الله التَّغْلبيُّ الكاتب الدِّمشقيُّ الشاعر، المعروف بابن الخيَّاط.

كان شاعراً محسناً، بديع القول، حُفَظة لأشعار المتقدمين وأخبارهم، ذكيًّا عارفاً باللغة، لم يكن بالشام في وقته أحد أشعر منه. وكان مولده في سنة خمسين وأربعمائة، ويُعرف بابن سني الدولة أبي الكتائب الطرابلسي الكاتب. وقد كتب محمد لبعض الأمراء، وكتب أبو عبد الله بحماة لأبي الفوارس بن مانك مدة ثم اشتهر بالشعر، ومدح الملوك والأمراء، وأخذ بحلب عن الأمير أبي الفتيان محمد بن حيُّوس، وروى عنه وعن السابق: محمد بن الخضر بن

ص: 268

أبي مهزول المعرِّي، وحسَّان بن الحُباب، وأبي نصر ابن الخيسي، وعبد الله بن أحمد بن الدويدة.

تخرج به محمد بن نصر القيسراني الشاعر.

قال السِّلفي: كان ابن الخياط في عصره شاعر الشام، قال: لي نجا بن إسماعيل العمري بدمشق، وكان شاعراً مُفْلِقًَا: ابن الخياط في عصره أشعر الشاميين بلا خلاف.

قال السِّلفي: وقد اخترت من شعره مجلدة لطيفة وسمعتها منه.

ولما أنشد ابن حيوس، قال: نُعِيت إليَّ نفسي فإنَّ الشَّام لا تخلو من شاعر مجيد، فأنت وارثي، فاقصد بني عمار بطرابلس، فإنهم يُحبُّون هذا الفن. ثم وصله ابن حيُّوس بثياب ودنانير، ومجح بني عمَّار فأجازوه.

قال العماد الكاتب: ابن حيوس أشعر من ابن الخيَّاط، لكن لشعر ابن الخياط طلاوة ليست لابن حيُّوس، ومَنْ كان ينظر إلى ابن الخياط يعتقده جمَّالاً أو حمالاً في بزته وشكله، وله في وجيه المُلْك أبي الذَّوَّاد مفرّج بن الحسن الصوفي:

لو كنت شاهد عبرتي يوم النَّقا لمنعت قلبك بعدها أن يعشقا وعذرت في أن لا أطيق تجلُّدًا وعجبت من أن لا أذوب تحرُّقا إن الضِّباء غداة رامة لم تدع إلا حشى قلقًا وقلبًا شيِّقاً سنحت وما منحت وكم من عارض قد مرَّ مجتازاً عليك وما سقى وهي طويلة.

وله في الأمير عضب الدَّولة أبق بن عبد الرزَّاق الدمشقي يقول:

سلو سيف ألحاظه الممتشق أعند القلوب دم للحدق أما من معين ولا عاذر إذا عنَّف الشَّوق يومًا رفق تجلى لنا صارم المقلتيـ ـن ماضي المُوشَّح والمُنْتَطَقْ

ص: 269

من التُّرك ما سهمه إذ رمى بأفتك من طرفه إذا رمَقْ وليلة وافيته زائراً سمير السُّهاد ضجيع القلَقْ وقد راضت الكأس أخلاقه ووقَّر بالسُّكر منه النَّزَقْ وخفَّ العناق فقبَّلْتُهُ شهِيَّ المُقَبَّل والمُعْتَنَقْ وبتُّ أخالج شكِّي به أزَوْر طرا أم خيال طَرَقْ أفكر في الهَجْر كيف انقضى وأعجبُ للوصل كيف اتفق فللحب ما عزَّ مني وهان وللحسن ما جلَّ منه ودقْ لقد أبق الدمع من راحتـ ـي لمَّا أحسَّ بنُعْمَى أبَقْ تطاوح يهرب من جوده ومن أمَّه السَّيْل خاف الغرَقْ وقال أبو عبد الله أحمد بن محمد الطُّلَيْطليُّ النَّحْوي: كان ابن الخيَّاط أول ما دخل طرابلس يغشاني ويُنْشدني ما أستكثره له، لأنني كنت إذا سألته عن شيء من الأدب لا يقوم به، فوبخته يوماً على قطعة عملها وقلتُ: أنت لا تقوم بنحوٍ ولا لغة فمن أين لك هذا الشعر؟ فقام إلى زاوية ففكَّر ثم أتى، وقال: اسمع:

وفاضل قال إذا أنشدته نُخَبًا من بعض شعري وشعري كله نُخُبُ لا شيء عندك مما يستعين به من شأنه معجزات النَّظْم والخُطَبُ فلا عروض ولا نحو ولا لغة قل لي فمن أين هذا الفضل والأدب فقلت قول امرئ صحَّت قريحتُهُ إنَّ القريحة علم ليس يكتسب ذوقي عروضي ولفظي جُلُّه لُغتي والنَّحو طبعي فهل يعتاقُني سببُ فقلت: حسبُك، والله لا استعظمتُ لك بعدها عظيماً، ولزمني بعد ذلك، فأفاد مني من الأدب ما استقل به.

وقال ابن القيسراني: وقَّع الوزير أبو النجم هبة الله بن بديع لابن الخيَّاط بألف دينار، وهو آخر شاعر في زماننا وُقِّع له بألف دينار، وله من قصيدة في أبي النَّجم.

ص: 270

وخيل تمطَّت بي وليل كأنه ترادُف وفد الهمِّ أو زاخر اليمِّ شققتُ دُجاه والنّجوم كأنها قلائد نظمي أو مساعي أبي النَّجْم وله:

أو ما ترى قلق الغدير كأنه يبدو لعينك منه حَلْيُ مناطق مُتَرقْرِقٌ لعب الشُّعاع بمائه فارتج يخفقُ مثل قلب العاشق فإذا نظرت إليه راعك لَمْعُهُ وعلَلْتَ طرفكَ من سَراب صادق توفي في حادي عشر رمضان بدمشق.

259 -

‌ أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن حسنون

، أبو نصر ابن النرسي، من أهل باب المراتب.

سمع: جده أبا الحسين، وقيل: إنه تغير بأخرة واختلط.

توفي في ربيع الأول، وقد شهد عند أبي الحسن علي ابن الدامغاني، وكان متدينًا، حسن الطريقة، روى عنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وأبو طاهر ابن سلفة وقال: ذكر لي أبو منصور ابن النقور، قال: قلما قمت من الليل إلا وسمعت قراءة أبي نصر بن النرسي في الصلاة.

260 -

‌‌

‌ إبراهيم بن محمد

بن خيرة

، أبو إسحاق القونكي، نزيل قرطبة.

روى بقونكة عن القاضي محمد بن خلف ابن السقاط صحيح البخاري، وأكثر بقرطبة عن: أبي علي الغساني، وخازم بن محمد، ومحمد بن فرج.

وكان حافظًا للحديث، وهو من شيوخنا، قاله ابن بشكوال.

وتوفي في شوال.

261 -

إبراهيم بن محمد، أبو إسحاق الأنصاري، القرطبي الضرير.

جود القرآن على أبي عبد الله المغامي، وسمع من: جماهر بن عبد الرحمن، وأقرأ الناس القراءات، وكان ثقة صالحًا منقبضًا، مقبلًا على شأنه.

ص: 271

توفي في شعبان.

262 -

‌ إسماعيل بن نصر بن بكر بن أحمد بن الحسين بن مهران

، المقرئ النيسابوري.

سمع: أبا عثمان الصابوني، وأبا القاسم القشيري، أجاز لأبي سعد السمعاني.

مات في صفر، وكان من أولاد الأئمة.

263 -

‌ الحسن بن الحسن بن أحمد

، أبو الفضائل الكلابيُّ الدمشقيُّ الماسحُ المؤدِّبُ، إمامُ مسجد سوق اللؤلؤ بدمشق.

سمع أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأحمد بن علي الكفرطابي. روى عنه ابنه أبو القاسم علي، والصائن هبة الله.

وتوفي في رجب، وله ست وسبعون سنة.

وكان ثقة حاسباً، فاضلاً، على مساحته العُمْدَة.

264 -

‌ الحسن بن يعقوب بن أحمد بن محمد

، أبو بكر الأديب.

سمع بإفادة أبيه من أبي الحسين عبد الغافر وغيره، وتوفي في المحرم بنيسابور. روى عنه بالإجازة أبو سعد السمعاني، وقال: صاحب التصانيف الحسنة وكان أستاذ أهل نيسابور، يعني في الأدب، قال: كان غالياً في الاعتزال داعياً إلى التشيُّع، سمع من أبيه يعقوب بن أحمد الأديب، ومنصور ابن فلان، ومسعود بن ناصر السِّجْزي وجماعة.

265 -

‌ حمد بن محمد بن أبي الفَْتْح بن منصور

، أبو القاسم الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ القصَّاب الطَّويل.

روى عن أبي طاهر أحمد بن محمود. وعنه أبو موسى المديني، وغيره. وتوفي في رجب. سمع أيضاً من سعيد العيَّار، وعليّ بن عليَّك.

ص: 272

266 -

‌ حمزة بن العباس بن علي بن الحسن بن علي

، الشريف أبو محمد العلوي الحسيني الأصبهاني الصوفي.

توفي في سادس عشر جمادى الأولى، قاله أبو موسى.

سمع أبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وغير واحد بأصبهان. وعنه: أبو موسى، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ، وأبو طاهر السلفي، ومحمد بن عبد الخالق بن أبي شكر الجوهري، وجماعة سواهم، آخرهم موتًا عفيفة الفارقانية.

وروى عنه بالإجازة أبو سعد السمعاني، وقال: مات سنة ست عشرة، وطول ترجمته بتسمية مسموعاته، وقال: كان شيخ الصوفية ومقدمهم، ويعرف ببرطلة سيد، حسن السيرة، جميل الأمر، ورع، عفيف، رحل الناس إليه، سمع: أبا أحمد محمد بن علي بن سمويه المكفوف، وابن ريذة، والحسين بن عبد الله بن منجويه، وعلي بن القاسم الخياط، وابن النعمان القصاص، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأجاز له: أبو الحسن بن صخر الأزدي من مكة، وأبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفار، ومن مسموعاته: فوائد أبي علي بن منجويه، خمسون جزءًا سمعها منه، وكتاب التوحيد لعلي بن أحمد البوشنجي، رواه عن علي بن القاسم، عن أبي بكر الطاهري، عن محمد بن حامد الموصلي عنه، وكتاب الهادي للحافظ ابن منده، وكان مولده في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.

267 -

‌ ذو النون بن إسماعيل بن منصور

، أبو الحسن النَّيسابوريُّ الفقَّاعيُّ المُغَسِّل.

رجل صالح، قدم بغداد حاجًّا، وروى عن أبي الحسين عبد الغافر.

268 -

‌ رجاء بن إبراهيم بن أبي بكر عمر بن حسن بن يونس

، أبو الفتح الأصبهانيُّ الخبَّاز.

ص: 273

روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم. وعنه أبو موسى، توفي في ربيع الآخر.

269 -

‌ زهرة بنت أبي بكر محمد بن عمر بن أحمد

، أمُّ الرِّضا الأصبهانية العمياء.

روت عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي عليّ. وعنها أبو موسى. توفيت في شعبان.

270 -

‌ ظريف بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان

، أبو الحسن الحيريُّ النَّيسابوريُّ.

سمع أباه، وأبا عثمان الصَّابوني، وأبا حفص بن مسرور، وأبا عامر الحسن بن محمد، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي وغيرهم.

روى عنه عمر البسطاميُّ، والمبارك بن أحمد الأزجي، وشُهْدَة الكاتبة، وعبد المنعم ابن الفُرَاوي، والسِّلفي، وأبو الحسن محمد بن المبارك بن الخل.

قَدِمَ بغداد للحج في سنة ثلاث وتسعين.

قال أبو سعد السَّمعاني: كان ثقة مأموناً، حسن السِّيرة، جميل الطريقة، من أولاد المحدثين. ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة بنيسابور.

وقال عبد الغافر: ثقة أمين، عنده سماع الإكليل للحاكم، والمستدرك.

أخبرنا عليّ بن بقاء ومحمد بن حازم، قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم، قال: أخبرتنا شُهْدَة، قالت: أخبرنا ظريف بن محمد، قال: أخبرنا منصور بن عبد الوهاب الصوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، إنَّ ابن

ص: 274

جُدْعان كان في الجاهلية يصل الرَّحم ويطعم المسكين، أنافعه ذلك؟ قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.

أخرجه مسلم عن أبي بكر مثله.

271 -

عبد الله بن محمد بن سارة ويقال: صارة – بالصاد – أبو محمد البكريُّ الشَّنترينيُّ، نزيل إشبيلية.

كان شاعراً مُفُلِقًا، لغويًّا، مليح الكتابة، نسخ الكثير بالأجرة. وكان قليل البخت. روى عنه أبو جعفر ابن الباذش، وأبو الطاهر التَّميمي، وأبو بكر بن مسعود النَّحوي، وغيرهم. وتجوَّل في الأندلس، وامتدح الأمراء، وكتب لبعضهم.

ومن شعره في الوراقة:

أما الوراقة فهي أيكة حرفةٍ أوراقها وثمارها الحِرْمان شبَّهتُ صاحبها بصاحب إبرةٍ يكسو العُراة وجِسْمُهُ عُريان وله:

أي عُذْر يكون لا أي عُذْر لابن سبعين مولع بالصَّبابه وهو ماء لم تُبْق منه الليالي في إناء الحياة إلا صُبَابَهْ وله:

ومُهفْهَفٍ أبصرتُ في أطواقهِ قمَراً بآفاق المحاسن يُشْرق تقضي على المُهْجاة منه صَعْدة متألق منها سنان أزرق وله:

يا من يُصيخ إلى داعي السُّقاة وقد نادى به الناعيان: الشيب والكِبْرُ إن كنت لا تسمع الذِّكرى ففيم ثوى في رأسك الواعيان: السَّمع والبصرُ ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم يهده الهاديان: العَيْنُ والأثرُ لا الدَّهر يبقى ولا الدُّنيا ولا الفلك الـ أعلى ولا النَّيِّران: الشمس والقمرُ

ص: 275

لبَرْحَلن عن الدُّنيا وإن كرها فراقها الثاويان: البَدْو والحَضَرُ وله ديوان موجود، وتوفي بالمريَّة في هذه السنة، وشنترين: بلدة من الأندلس على ساحل البحر المحيط.

272 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن الغَمُورة بن حريز

، أبو القاسم الرُّعيني القيروانيُّ المغربيُّ، من شيوخ بغداد.

تفقه على أبي إسحاق، وأبي نصر ابن الصَّبَّاغ، وسمع من أبي الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة، وحدَّث.

توفي في رمضان.

273 -

‌ عبد الصمد بن أبي الفوارس أحمد بن الفضل

، أبو نهشل العنبري الأصبهاني، من بني العنبر.

ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وسمع: أبا بكر بن ريذة، وله إجازة من ابن فاذشاه، وعاينت أصل سماعه بالزهد لأسد من ابن فاذشاه سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.

روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو جعفر الطرسوسي، وجماعة.

توفي في ذي الحجة.

وروى عنه أيضًا: عبد الرحيم بن محمد بن حمويه الأصبهاني، ومسعود بن أبي منصور الجمال، ومسعود بن محمود بن خلف العجلي، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني.

وأجاز لأبي سعد السمعاني، وقال: كان معمرًا مكثرًا، ووالده أبو الفوراس كان من فضلاء الأدباء، وكان عبد الصمد من غلاة العبدرحمانية، سمع هارون بن محمد بن أحمد، وابن فاذشاه، وابن ريذة، وأبا بكر بن شاذان الأعرج، فمن مسموعاته: المعجم الكبير، والمعجم الصغير للطبراني، رواهما عن ابن ريذة، وكتاب فضائل القرآن لعبد الرزاق، رواه عن هارون، عن الطبراني، عن الدبري عنه، وكتاب المواعظ لأبي عبيد، وبر الوالدين لأبي الشيخ، وفضائل القرآن لإسماعيل بن عمرو البجلي، رواه عن أبي القاسم بن

ص: 276

مهران، عن عبد العزيز بن محمد السعدي، عن محمد بن علي بن مخلد عنه، والموطأ رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن المقرئ، عن علي بن عبد الله بن عبدان المكي القزاز عن أبي مصعب، عن مالك.

274 -

‌ عبد الكريم بن عبد الله

، أبو البهاء الصقلي المقرئ.

روى عن السمنطاري، وغيره، ومولده بصقلية سنة أربعين وأربعمائة.

275 -

‌ عبد المنعم بن حفاظ بن أحمد بن خلف

، أبو البركات ابن البقلي، الأنصاري، الدمشقي.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وبمصر: أبا الحسن الخلعي، وبمكة: هياج بن عبيد، ووزر لصاحب حمص، ثم غضب عليه وكحله فأعماه، سمع منه جماعة.

276 -

‌ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الملك اللخمي الإشبيلي

.

جاور سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، فسمع صحيح مسلم على الحسين بن علي الطبري، وحدث به سنة سبع عشرة هذه، روى عنه عمرو بن حجاج، ونجا بن غالب الجذامي.

277 -

‌ عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الأصبهاني

، الحداد، أبو نعيم الحافظ.

رحل في الحديث، وعني بجمعه، ونسخ الكثير بخطه المليح، وكان يكرم الغرباء ويفيدهم، ويقرأ لهم، ويهبهم الأجزاء، وينسخ لهم، مع الدين والتقوى والبكاء والخشية والفضيلة التامة.

جمع أطراف الصحيحين، وانتشرت عنه، واستحسنها كل من رآها، وانتقى على الشيوخ، سمع: أبا عمرو بن منده، وسليمان بن إبراهيم، وأبا طاهر أحمد بن محمد النقاش، وحمد بن ولكيز، ورحل بعيد الثمانين، فسمع بنيسابور: أبا المظفر موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف، وبهراة: أبا عبد الله العميري، وأبا سهل نجيب بن ميمون، وأبا عامر الأزدي. وببغداد: أبا الغنائم بن أبي عثمان، وابن طلحة النعالي، وجماعة.

ص: 277

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: وبأصبهان صديق لي هو أبو نعيم ابن الحداد، أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مدافعة، وله عندي أياد كثيرة سفرًا وحضرًا، وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه، وحصل ما لم يحصله أحد من إخوانه، من الكتب الكثيرة، والسماعات الغزيرة النفيسة، صدوق في جمعه وكتبه، أمين في قراءته، بارك الله فيه وفي عمره.

قال السمعاني: سألت الحسين ابن الحداد عن وفاة أخيه؟ فقال: في جمادى الأولى، ثم كتب إلي معمر: إنها في ربيع الآخر.

قلت: هذا غلط، فإن أبا موسى الحافظ روى عنه، وقال: توفي يوم الاثنين السادس والعشرين من جمادى الأولى.

وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

وقال أبو مسعود الحاجي: مات يوم الثلاثاء وقت الظهر السابع والعشرين من جمادى الأولى.

قلت: كأنه ورخ ساعة دفنه، وورخ أبو موسى موته، وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارفانية.

278 -

‌ عثمان بن عليّ بن المعمَّر

، أبو المعالي البغداديُّ البقَّال، أخو المعَمَّر.

سمع ابن غيلان، وعمر بن عبد الملك الرَّزَّاز. روى عنه أبو المعمَّر الأنصاريُّ، وأبو الفضل ابن الإخوة، وأبو طاهر السِّلفي. وله شعر، ومعرفة بالنحو، لكنه كان يُخِلُّ بالصلوات، وكان مع فسقه عسراً في الرواية.

توفي في ربيع الأوَّل، وله تسعون سنة.

279 -

‌ عثمان ابن نظام الملك الوزير

، لقبه شمس الملك.

قتلُه مذكور في الحوادث. بعث إليه السُّلطان عنبراً الخادم ليقتله، فقال: أمهلني، وقام فاغتسل، وصلَّى، وأخذ السَّيف فنظر فيه، وقال: سيفي أمضى من هذا فأعطاه للسَّيَّاف، وقال: اضربني به ولا تعذبني، فضرب عنقه، وبعث

ص: 278

برأسه، ثم بعد قليل قُتِلَ أبو نصر المستوفي الذي أشار على السُّلطان محمود بقتله.

280 -

‌ علي بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد ابن النقور

، أبو الحسن البغدادي.

شيخ صالح، سمع جده، وحدث، توفي في ربيع الأول.

281 -

‌ علي بن محمد بن قيداس البغدادي

.

روى عن عبد الصمد ابن المأمون.

282 -

‌ علي بن منكديم بن محمد بن محمد

، السيد أبو الحسن العلوي الحسيني الفارسي، الأمير الشاعر المفلق.

توفي فجاءة في شوال، ذكره عبد الغافر الفارسي.

283 -

‌ عمر بن بكر بن محمد بن أبي سهل السبعي الصوفي

.

روى عن الصريفيني.

284 -

‌ عيسى بن إسماعيل بن عيسى بن إسماعيل بن محمد

، أبو زيد العلوي الحسيني الصوفي الأبهري.

شيخ عارف نبيل، كثير الأسفار، له حال عجيب في السماع، وفيه كيس وظرف، سمع في الكهولة من: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، ومحمد بن علي العميري الهروي، ورزق الله التميمي، ومكي الرميلي، وخلق، روى عنه: شهردار بن شيرويه، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وجماعة.

وتوفي في شوال بنيسابور.

285 -

‌ محمد بن أحمد بن عمر بن الطبر

، أبو غالب البغدادي الحريري.

روى عن: أبي الحسن ابن زوج الحرة، وأبي الطيب الطبري، وأبي طالب العشاري.

توفي في صفر، وهو أخو هبة الله بن الطبر.

286 -

‌ محمد بن أحمد بن فِرْناس

، أبو عبد الله الغَرْناطيُّ.

ص: 279

سمع من أبي العباس العُذْري، وأبي عبد الله الحمزي، وأبي عبد الله ابن المرابط. وأجاز له أبو الوليد الباجي.

وكان مقرئاً نحويًّا فاضلاً؛ روى عنه أبو جعفر بن الباذش، ويوسف بن أبي عيشون، وغيرهما.

287 -

‌ محمد بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن علي ابن العطَّار الأصبهانيُّ

، أبو الحسين، سبط أبي العباس الأسديِّ.

سمع من والده سنة إحدى وأربعين. وتوفي سنة اثنتين. روى عنه أبو موسى المديني، ووصفه بالعدالة، وقال: توفي في شعبان.

288 -

‌ محمد بن إسماعيل بن حفصُويه

، العلامة أبو الفتح المروزيُّ الصَّدقيُّ اللُّغويُّ، يسكن سكة صدقة بمرو.

تخرَّج به أئمة. روى عن محمد بن عبد الصَّمد بن أبي الهيثم التُّرابي، وجماعة.

مات في صفر، في عشر الثمانين؛ قاله السمعاني.

289 -

‌ محمد بن حمد بن سعد بن بُنْدار

، أبو بكر الأصبهانيُّ الصَّيْرفيُّ.

ولد سنة ست وثلاثين، وروى عن محمود بن محمد بن المرزبان صاحب ابن المقرئ، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه أبو موسى.

290 -

‌ محمد بن حيدر

، أبو طاهر البغدادي، الشاعر المشهور.

شاعر محسن، سائر القول، توفي في رجب.

ومن شعره:

بنفسي التي عاد عود الأراك عن ثغرها وهو للطيب عود ولكن علا قدره في النفوس من أن يحكم فيه الوقود

ص: 280

291 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد

، أبو منصور بن أبي ياسر البرداني الحريمي.

من بيت الحديث والفضيلة، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن المأمون، وعنه: علي بن أبي سعد الخباز، وأبو المعمر الأنصاري.

وتوفي في أول العام وله نيف وستون سنة.

292 -

‌ محمد بن عبد الحميد بن يوسف

، القاضي أبو شجاع الأصبهاني.

توفي في صفر.

293 -

‌ محمد بن عثمان بن أبي بكر بن نصر

، الإمام أبو بكر السمرقندي الدباس أمير الحاج.

حج بأهل سمرقند مرات، وتوفي بسرخس، رحمه الله، روى عن: أبي الحسين ابن النقور، وعنه: عمر بن محمد النسفي.

294 -

‌ محمد بن عليّ بن يحيى بن هبيرة

، أبو الرِّضا النَّسفيُّ ثم البغداديُّ.

كان صالحاً فاضلاً، خبيراً بالتفسير والنَّحو والأدب، وحدَّث عن طراد وابن البطر.

توفي في المحرم، ودفن بالوردية. وقد سمع في صباه بنسف من أبي نصر أحمد بن محمد البلدي، والحسن بن محمد بن مكي الحمَّادي، وبجرجان من كامل بن إبراهيم الخندقي.

روى عنه أبو محمد ابن الخشاب النَّحويُّ، وغيرُه.

295 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن المهتدي بالله

، أبو الغنائم الهاشميُّ الخطيب، من ساكني الحريم.

شيخ صالح خيِّر، صدوق، سمع أبا القاسم بن لؤلؤ، والبرمكي، وأبا الحسن القزويني، وأبا محمد الجوهري، وغيرهم. روى عنه جماعة.

ولد في سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ربيع الأول.

روى عنه ابن ناصر، وذاكر بن كامل الخفَّاف. وآخر مَنْ حَدَّث عنه أبو

ص: 281

طاهر المبارك ابن المعطوش. وقد أجاز للخُشوعي.

296 -

‌ محمد بن محمد بن أبي عمرو محمد

، أبو الوفاء المدينيُّ المُعَلِّم، ويُعرف بابن أبي حسين.

شيخ صالح، روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم. وعنه أبو موسى.

توفي في شعبان.

297 -

‌ محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق بن محمد

، أبو الحسن الزَّعفراني البغداديُّ الجلاَّب.

محدِّث ديِّن ثقة، مكثر، كتب الكثير وجمع، وعُني بالحديث، وبَرَعَ في مذهب الشافعي، وتفقه مدة على الشيخ أبي إسحاق، وصنَّف عدة كتب، ورحل إلى أصبهان، وإلى الشام، ومصر، والبصرة. وكان يتاجر إلى البلاد ويسمع.

أكثر عن الخطيب، وأبي جعفر ابن المُسْلمة، وابن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وطبقتهم. وسمع بدمشق من أبي نصر بن طلاَّب، وبالبصرة من محمد بن عليّ السِّيرافي وأبي عليّ التُّستري، وبأصبهان من أبي منصور بن شكرويه، وبمصر من صالح بن إبراهيم بن رشدين.

وكتب الكثير، وكان جيِّد الضَّبْط متقنًا؛ روى عنه يوسف بن مكي، وأبو طاهر ابن الحصني، والصائن هبة الله، وأبو طاهر السِّلفي، وعبد الحق اليوسفي، وأخوه أبو نصر عبد الرحيم، ويحيى بن بَوْش، وآخرون.

وكان مولده في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وتوُفي ببغداد في صفر.

298 -

‌ مرشد بن يحيى بن القاسم

، أبو صادق المديني، ثم المصري.

سمع: أبا الحسن علي بن حمصة الحراني، وعلي بن ربيعة، وعلي بن محمد الفارسي، وأبا الحسن محمد بن الحسين الطفال، وداجن، والحكيمي، وجماعة، وأجاز له علي بن منبر بن أحمد الخلال، والقاضي أبو الحسن بن صخر، وغيرهما.

قال السلفي: كان ثقة، صحيح الأصول، أكثرها بخط ابن بقاء وبقراءته.

روى عنه السلفي، ومحمد بن علي بن محمد الرحبي، وعشير بن علي المزارع، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وعلي بن هبة الله الكاملي، وعبد الله بن

ص: 282

بري النحوي، وأبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري، وجماعة.

توفي في ذي القعدة.

299 -

‌ موسى بن عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد

، أبو عمران الشاطبي.

من بيت الرواية، فإن جدهم الأعلى أبا تليد رحل وسمع من النسائي، وحدث بالسنن بالأندلس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وابنه موسى سمع من قاسم بن أصبغ وجماعة، وحفيده خلف بن موسى سمع من عبد الوارث بن سفيان، روى عنه ولده عبد الرحمن.

وولد موسى في سنة أربع وأربعين، وسمع كثيرًا من أبي عمر بن عبد البر، وسماعه بخطوط الثقات.

روى عنه: ابن الدباغ وأثنى عليه، وقال: سمع كتاب الاستذكار، وكتاب التقصي، وحج، وسمع عيسى بن أبي ذر الهروي، وحدث، روى عنه جماعة: أبو عبد الله بن زرقون، وغيره.

300 -

‌ ناصر بن محمد بن أبي الفتح عبد الله بن محمد

، أبو الفتح النَّقَّاش.

أصبهانيٌّ، روى عن أبي الطيب محمد بن أحمد بن إبراهيم. وعنه أبو موسى المديني. توفي في شعبان.

301 -

‌ نصر الله بن محمد بن مسلم

، أبو القاسم البغداديُّ الفُرْضيُّ.

سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، ويحيى بن بَوْش. حدَّث في هذا العام ولم أعلم متى مات.

302 -

‌ هبة الله بن ثابت بن أحمد

، أبو البركات البغداديُّ، غلام ابن الشَّعيري.

ص: 283

ثقة صالح، سمع الجوهريَّ، وعبد الصمد ابن المأمون، توفي في جمادى الآخرة.

303 -

‌ هبة الله بن محمد بن أحمد بن مسلم

، أبو المعالي بن أبي طاهر الفرَضيُّ.

بغدادي ثقة، سمع أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلاَّل، وغيرهما. توفي في شعبان.

304 -

‌ يحيى بن تمام بن علي

، أبو الحسين المقدسي الرملي، خطيب الأعزية بدمشق.

سمع بالقدس: أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وبدمشق: أبا القاسم بن أبي العلاء، توفي في رمضان وله سبع وستون سنة، أجاز للحافظ ابن عساكر.

ص: 284

سنة ثمان عشرة وخمسمائة

305 -

‌ أحمد بن الحسن بن المُطَهَّر

، أبو العباس الخطيب.

سمع أبا نصر الزَّينبي، وعاصم بن الحسن، وعبد الملك بن شغبة – بغين معجمة مفتوحة – البصري، وجماعة. روى عنه يحيى بن بَوْش، وغيره.

306 -

‌ أحمد بن الحسين الصائغ

.

بغداديٌّ، صحيح السَّماع، حدَّث عن محمد بن علي ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن النَّقُّور.

قال المبارك بن كامل: توفي في جُمادى الآخرة، وقرأ القرآن على أبي بكر محمد بن عليّ الخياط وغيره، وكان صالحاً فاضلاً.

307 -

‌ أحمد بن عبد الله

، أبو العبَّاس الأندلسيُّ القُونكيُّ.

حجَّ وأدرك كريمة، وأخذ عنها صحيح البخاري. روى عنه ابن بشكوال في معجمه.

308 -

‌ أحمد بن عليّ بن محمد بن برهان

، أبو الفتح ابن الحمَّامي، البغداديُّ الفقيه.

تفقه على أبي الوفاء بن عقيل، ثم تحوَّل شافعيًّا وتفقه على الشاشي والغزَّالي، وترقَّت حاله في العلوم حتى درَّس بالنظامية فوليها نحواً من شهر. وكان بارعاً في الفقه والأصول، من أذكياء العالم.

توفي في ربيع الأول ببغداد. وقد سمع من النِّعالي، ونصر بن البَطِر، وجماعة. وسمع ابن كليب صحيح البخاري بقراءته على أبي طالب الزَّينبي. روى عنه المبارك بن كامل.

ذكره ابن النَّجَّار، فقال: كان خارق الذكاء لا يكاد يسمع شيئاً إلا حفظه، ولم يزل يبالغ في الطلب والتَّحقيق، وحل المشكلات حتى صار يُضْرب به المثَل في تبحره في الأصول والفروع، وصار علمًا من أعلام الدِّين،

ص: 285

قصده الطلبة من البلاد حتى صار جميع نهاره وقطعة من ليله مستوعباً في الإشغال وإلقاء الدروس. ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وورَّخ وفاته أبو الحسن ابن الزاغوني في ثامن عشر جمادى الأولى.

309 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم

، أبو الفضل النَّيسابوريُّ الميدانيُّ الأديب المشهور.

فريد عصره، ولد في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. كان بارعاً في العربية والأصول والأخبار. وله تصانيف متقنة. اختص بصحبة الواحدي المُفَسِّر، وسمع منه تفسيره، وتعلَّم منه النحو.

وذكره عبد الغافر فبالغ في إطرائه، وقال: إنه ما رأى مثله في العربية واللغة، وأنه كان متواضعاً سليم العقيدة، مرضي الطريقة، وتوفي في سادس وعشرين رمضان.

وقد ذكره ابن نقطة، فقال: سمع الواحدي وأخاه عبد الرحمن ويعقوب الصيرفيَّ، وبهراة شيخ الإسلام الأنصاري وعدة.

وله كتاب الهادي في الحروف والأدوات، وكتاب الأنموذج في النحو، وكتاب النحو الميداني، وكتاب المصادر، وكتاب نزهة الطرف في علم الصَّرف، وكتاب شرح المفضليات، وكتاب منية الراضي، وكتاب الأمثال الذي ما لأحد مثله، وكتاب السامي في الأسامي.

ومن شعره:

تنفَّس صُبْح الشيب في ليل عارضي فقلت عساه يكتفي بعذار فلما فشا عاتبتُه فأجابني أيا هل ترى صُبْحًا بغير نهار وله:

يا كاذباً أصبح في كذبه أعجوبة أية أعجوبه وناطقاً ينطق في لفظةٍ واحدة سبعين أكذوبه شبَّهك الناس بعرقوبهم لما رأوا أخذك أُسلُوبهْ

ص: 286

فقلتُ كلاَّ إنه كاذب عرقوب لا يبلغ عرقوبه قيل: لمَّا صنَّف الميدانيُّ كتاب الأمثال وقف عليه الزَّمخشري، فحسده وأخذ القلم وزاد في لفظة الميداني سنَّةً فصارت النَّميداني وهو بالفارسية: الذي لا يعرف شيئاً، فرآها الميداني، فعمد إلى تصنيف للزمخشري وزاد فيه سنَّة وعمل الميم نوناً وهو بالفارسية: بائع زوجته.

توفي بنيسابور في رمضان، وله ولد فاضل أديب بقي إلى سنة تسع وثلاثين، وحدَّث.

310 -

‌ أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الخالق

، أبو الفضل ابن الخازن الدينوري الأصل، البغدادي، الكاتب الشاعر، صاحب الخط الفائق.

وهو والد أبي الفتح نصر الله الكاتب المشهور أيضًا الذي توجد بخطه مقامات الحريري كثيرًا.

ومن شعر أبي الفضل - وقد دعاه صديق له إلى بستان، وفيه حمام، فدخله وتغسل:

وافيت منزله فلم أر حاجبًا إلا تلقاني بسن ضاحك والبشر في وجه الغلام أمارة لمقدمات حياء وجه المالك ودخلت جنته وزرت جحيمه فشكرت رضوانًا ورأفة مالك وله:

من لي بأسمر حجبوه بمثله في لونه والقد والعسلان من رامه فليدرع صبرًا على طرف السنان وطرفه الوسنان راح الصبا تثنيه لا ريح الصبا سكران بي من حبه سكران توفي في صفر سنة ثمان عشرة، وله سبع وأربعون سنة، وذكره ابن الجوزي في المنتظم في سنة اثنتي عشرة، وذكره ابنه وغيره سنة ثمان عشرة، وهو الصحيح.

وقد ذكره العماد في الخريدة، وقال: ما بعد خط أبي الفوارس ابن

ص: 287

الخازن مثل خطه في الحسن، وكلاهما يقال له ابن الخازن، وقد تناسبا خطًا وفضلًا، فهو أبو الفضل وابن الفضل كنية، ونسبًا، وأدبًا وحسبًا، وكان ظريفًا، لبيبًا، أديبًا، أريبا، كاتبًا حاسبًا.

مر أبو الفوارس سنة اثنتين وخمسمائة.

311 -

‌ أحمد بن أبي الفتوح محمد بن أحمد بن علي

، أبو العباس الخراساني الواعظ.

حدث بأصبهان عن الحسن بن عبد الرحمن المكي الشافعي، وعنه: أبو موسى الحافظ، وسمع أيضًا من: سعيد بن أبي سعيد العيار، وعبد الوهاب بن منده.

وحج خمس حجج، وجاور، ووعظ ببغداد، ونفق عليهم لعذوبة منطقه ولزهده وورعه.

قال معمر بن الفاخر: بت عند أحمد بن أبي الفتوح ابن الخراساني، ففرغ الدهن من السراج، فقال: أدنوا مني السراج، فأدنيته، فأصلح الفتيلة وقال: لا تقربوا منه، فكان يضيء إلى أن فرغت من نسخ جزئي جملة، ثم نمنا وهو يزهر.

312 -

‌ إبراهيم بن الحسن بن أحمد ابن البناء

، أبو الفضل أخو أبي غالب.

سمع أبا الحسين ابن الغريق وطبقته، روى عنه يحيى بن بوش.

من أبناء السبعين.

313 -

‌ إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن نوح

، الخطيب أبو إبراهيم النسفي النوحي، الفقيه.

أملى بسمرقند، وسمع منه أمم.

روى عن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، نافلة محمد بن علي الترمذي، راوي كتاب تنبيه الغافلين عن مصنفه أبي الليث السمرقندي، وكان محمد هذا معمرًا.

قال أبو سعد السمعاني: عاش أزيد من مائة وعشر سنين.

ص: 288

وروى النوحي عن: علي بن الحسين السعدي، وعلي بن الحسن بن مكي النسفي، وعمر بن أحمد بن شاهين السمرقندي، والفقيه عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وأبي مسعود أحمد بن محمد البجلي، وجماعة.

وتوفي في جمادى الأولى، وكان من كبار الفقهاء أصحاب الرأي، وعاش خمسًا وثمانين سنة.

روى عنه: عمر بن الحسن الدرغمي، وإبراهيم بن يعقوب الواعظ، ومحمد بن محمد السعدي المعلم، ومحمد بن يوسف النجانيكثي، وأسعد بن إبراهيم القطواني، ومحمد بن أحمد بن فارس الهاشمي، ومحمود بن علي النسفي، وعلي بن عبد الخالق اليشكري، وخلق من مشيخة عبد الرحيم ابن السمعاني.

314 -

‌ أسعد بن نصر المهراني النيسابوري المقرئ

.

سمع أبا محمد عبد الله بن يوسف الجويني، وعبد الغافر الفارسي والكنجروذي، أجاز للسمعاني.

مات في جمادى الأولى.

315 -

‌ إسماعيل بن علي بن سهل المسيبي

، شيخ الصوفية.

سمع: أبا عثمان الصابوني، والقشيري، أجاز لأبي سعد السمعاني، وأرخه في معجمه.

316 -

‌ تقية بنت عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده الأصبهانية

.

روت عن عمَّيها عبد الرحمن وعبد الوهَّاب. وعنها أبو موسى المديني. توفيت في شهر ذي القعدة.

317 -

‌ الحسن بن الصَّبَّاح

، ملك الإسماعيلية وصاحب الألموت.

ص: 289

هلك في هذه السنة، وكان من دهاة العالم وشجعانهم وشياطينهم، وطالت مدته، وقام بعده ابنه محمد.

318 -

‌ الحسين بن أحمد بن عليّ البغداديُّ

، المجلِّد.

رجل صالخ خيِّر. سمع أبا محمد الجوهري، وغيره. وعنه الصائن ابن عساكر، وجماعة، وعاش نحواً من تسعين سنة، توفي في ربيع الآخر.

قال السِّلفي: ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

قلت: آخر مَنْ روى عنه يحيى بن بَوْش.

319 -

‌ الحسين بن عبد الله الكردلي

ُّ.

بغداديٌّ، قال المبارك بن كامل: كان يدعي أشياء؛ وحدَّثنا عن الجوهري، وأبي بكر الخطيب، وتوفي في المحرم.

320 -

‌ حمزة بن أبي علي محمد بن طاهر بن علي

بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الملقب بطباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الشريف أبو الفضل الأصبهاني العلوي.

توفي يوم الجمعة سلخ السنة، من شيوخ أبي موسى.

321 -

‌ داعي بن إسماعيل بن الحسن بن علي

، السيد أبو الفتوح العلوي الحسيني الأصبهاني.

روى عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وعنه أبو موسى الحافظ مات في ذي الحجة.

قال ابن النجار: وسمعه العيار، وعنه عبد الوهاب ابن الصابوني.

322 -

‌ داود، الملك الكرجي

، ملك الأبخاز الذي افتتح تفليس.

مات في هذه السنة وهو على كفره.

323 -

‌ رابعة بنت أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الكسائي

ِّ، أم الفَتْح.

روت عن أبي نصر الكسائي صاحب ابن المقرئ. وعنها أبو موسى.

ص: 290

توفيت في جُمادى الأولى.

324 -

‌ صَنْدل، أبو الحسن القائميُّ

، المعروف بالأجل المخلص.

من خواص دور الخلافة. سمع أبا الحسين بن النَّقُّور. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري.

325 -

‌ طالب بن ابي الوفاء زيد بن علي بن شهريار

، أبو النَّجيب الأصبهانيُّ البيِّع.

من شيوخ أبي موسى، لا أعلم متى توفي، لكنه كان في هذه المُدة.

326 -

‌ طالب بن سعد بن القاسم

، أبو محمد البنَّاء.

سمع منه أبو موسى في هذا العام، وقال: حدثني أنَّ له إحدى ومائة سنة.

327 -

‌ عبد الله بن محمد بن علي بن محمد

، أبو جعفر الدَّامغانيُّ.

سمع أبا جعفر ابن المُسْلمة، والصَّريفني، وأبا الحسين ابن النَّقُّور. وشهد عند قاضي القضاة، وولي قضاء ربع الكرخ، ثم ترك ذلك وخلع الطيلسان، وولي حجابة باب النُّوبي، ثم عُزِلَ، ثم أُعِيد.

وكان صدراً رئيساً نبيلاً، توفي في ثاني جمادى الأولى. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري.

328 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد

بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدان، أبو نصر بن أبي بكر السَّرَّاج الفقيه ابن الفقيه.

من بيت العلم والورع والخير بنيسابور. تفقه على أبي المعالي الجوَُيني حتى برع وصار من معيديه. وكان ورعاً قانعاً باليسير، صالحاً نبيلاً، سمع أباه، وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبا سعد الكنجروذي، وأبا القاسم القُشيري.

قال أبو سعد السَّمْعاني: أحضرني والدي عنده، وقرأ لي عليه جزءاً، وحدثنا عنه ببغداد عبد الوهَّاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد الأنصاري، قَدِمَ عليهم حاجًّا. توفي في جمادى الآخرة.

ص: 291

329 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الهيثم

، أبو طاهر الأصبهاني الذهبي الصباغ، المعروف بالدشتج وبالدشتي.

آخر من حدث عن أبي نعيم الحافظ، توفي في ربيع الأول في ثاني عشره.

روى عنه: أبو موسى المديني، وأحمد بن أبي الفضل الكراني، وعفيفة الفارفانية، وجماعة، وعفيفة آخر من سمع منه، وروى عنه حضورًا: أبو جعفر، وعبد الواحد بن القاسم الصيدلانيان، وهو أيضًا آخر من حدث عن عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار، وسمع من: ابن ريذة، وأبي الوفاء مهدي بن محمد، وعبيد الله بن المعتز النيسابوري، سمع منه أيضًا حضورًا يحيى الثقفي.

330 -

‌ عبيد الله بن عبد الملك بن أحمد بن علي

، أبو غالب الشهرزوري، ثم البغدادي أمين الحكم.

سمع أبا علي بن المذهب، وأبا محمد الجوهري، وأجاز له أبو منصور محمد بن محمد السواق، وسليم بن أيوب الرازي. روى عنه المبارك بن كامل، وهبة الله بن المكرم الصوفي، ويحيى بن بوش.

قال ابن ناصر: سماعه صحيح، ولم يكن من أهل هذا الشأن.

قال ابن خسرو: توفي في جمادى الأولى، وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين.

331 -

‌ عثمان بن عبد الرحيم بن محمد

، أبو عمرو اللبيكي النبيسابوري.

حدث في هذا العام بأصبهان عن: عمر بن مسرور، روى عنه: أبو موسى المديني.

332 -

‌ علي بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح

، أبو الحسن ابن المعير.

شيخ بغدادي من أولاد الشيوخ، سمع: ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب،

ص: 292

وأبا محمد الصريفيني، وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي، وأحمد بن محمد الزناتي.

توفي في ربيع الأول.

333 -

‌ عليّ بن أحمد بن عليّ بن بدران

، ابن الحلوانيِّ، أبو الحسن.

سمع أبا جعفر ابن المُسْلمة، وعدة. وعنه السِّلفي. وكان صالحاً، كاتباً مجوداً.

334 -

‌ عليّ بن أحمد بن محمد

، أبو الحسن ابن المُرَتِّب.

كان يرتب صفوف الصلاة بجامع المنصور. سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعنه السِّلفي، والحسن بن جعفر المتوكلي، وخطيب الموصل.

زوَّر لنفسه جزءاً عن الخطيب.

335 -

‌ عليّ بن عثمان الفاكهيُّ النَّيسابوريُّ

.

شيخ مستور أمين، سمع كثيراً من عبد الغافر، وابن مسرور، وطال عمره، مات في ربيع الأول.

336 -

‌ عليّ بن المُشَرِّف بن المسلَّم الأنماطيُّ المصريُّ

.

ورَّخه الحافظ ابن المفَضَّل، وقال: هو مكثر جدًّا وفيه ضعف.

وقال السِّلفي: زوَّر له سماعات بخطه غير صحيحة، وقد سمعنا منه.

سمع أبا إبراهيم أحمد بن القاسم الحسيني. سكن في أيام الشدة الثغر، وكان شافعيا، فتمذهب لمالك، وكان كثير السماعات، وُلِدَ سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وأدرك ابن الفارسي، والطَّفَّال، وسمع من أبي زكريا البخاري، ونصر الشِّيرازي، وانتقيت من أصوله التي أرتاب فيه أكثر من مائة جزء، ووقفتُ فيها على ما لا أرتضيه، وخلَّف كتباً كثيرة، مات في شعبان.

337 -

‌ عليّ بن نصر بن سعد

، أبو تراب الكاتب الأديب.

بغداديٌّ، أخذ العربية عن ابن برهان النَّحْوي، وانحدر إلى البصرة وأقام

ص: 293

بها مدة، وكتب لنقيب الطالبيين. ثم كتب أيضاً ببغداد لنقيب العلويين.

وكان مولده بعكبرا في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة، وله تسعون سنة.

338 -

‌ علي بن أبي سعد هاشم بن طاهر بن علي بن محمد

بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن الشريف طباطبا، العلوي أبو الحسين الأصبهاني، صاحب ابن ريذة.

توفي في ذي الحجة قبل ابن عمه المذكور بعشرة أيام، وله ست وتسعون سنة، وعنه: أبو موسى.

339 -

‌ عمر بن حَمْد بن محمد بن عمر بن حسنويه

، أبو حفص الأصبهانيُّ البقَّال الحاجِّيُّ.

روى عن أبي طاهر بن محمود، وتوفي في رمضان. روى عنه أبو موسى.

340 -

‌ عمر بن أبي بكر بن أبي الأشعث بن أبي عصمة السَّمرقنديُّ الفرَّاء

.

ولد في حدود سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وسمع عمر بن أحمد بن محمد بن شاهين الفارسي، وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه عمر النَّسفي في تاريخه.

341 -

‌ عمر بن المُنخَلَّ

، أبو الأسوار البابيُّ التَّاجر السَّفَّار.

سمع الكثير في عدة مدائن. كتَبَ عنه السِّلفي، وسمع معه من أبي صادق بمصر.

توفي بالحجاز عن ثمان وسبعين سنة. سماعاته في الكهولة.

342 -

‌ غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمَّام بن عطيَّة

، أبو بكر المحاربيُّ الغرْناطيُّ.

روى عن أبيه، والحسن بن عبيد الله الحضرمي المقرئ، ومحمد بن حارث النَّحوي، ومحمد بن أبي غالب القروي، ومحمد بن نعمة، وأبي علي

ص: 294

الغسَّاني. ورأى أبا عمر بن عبد البر، وحج سنة تسع وستين، ولقي الحسين بن عليّ الطَّبري، وابن أبي ذر، فحمل عنهما الصحيحين، ولقي بمصر أبا الفضل عبد الله بن حسين الجوهري، ولقي بالمهدية محمد بن معاذ التَّميميَّ.

وكان حافظاً للحديث وطرقه وعلله، عارفاً بأسماء رجاله ونقلَتُهُ، ذاكراً لمتونه ومعانيه، قاله ابن بشكوال، ثم قال: قرأتُ بخط بعض أصحابنا أنَّه سمع أبا بكر بن عطيَّة يذكرُ أنَّه كرَّرَ على صحيح البخاري سبعمائة مرة. وكان أديباً شاعراً لغويًّا ديِّنًا فاضلاً، أكثر النَّاس عنه، وكُفَّ بصرُهُ في آخر عمره. وكتب إلينا بإجازة ما رواه. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتوفي بغرناطة في جمادى الآخرة.

343 -

‌ الفضل بن محمد بن أحمد بن أبي منصور

، أبو القاسم الأبيوردي العطار.

أحد شيوخ نيسابور، كان صالحًا عفيفًا، حسن السيرة، عابدًا، جاور بمكة مدة، وسمع: فضل الله بن أبي الخير الميهني، وأبا عثمان الصابوني، وأبا القاسم القشيري.

روى عنه: عمر الفرغولي، وإبراهيم بن سهل المسجدي، ويوسف بن شعيب وجماعة.

وأجاز لأبي سعد السمعاني، وهو الذي ترجمه وقال: توفي في سادس صفر بنيسابور.

وقال عبد الغافر: شيخ مشهور، معمر، نيف على المائة، وكان كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه، سمع الكثير من مثل: أبي الحسين عبد الغافر، وابن مسرور.

وسمى جماعة، ثم قال: وسمع معجم البغوي من أبي نصر الإسفراييني، رحل إليه إلى إسفرايين، وعاش حتى قرئ عليه الكثير، وقد سمع سنن الدارقطني عاليًا، وانقطع إسناده بموته، رواه عن النوقاني، عنه، رواه عنه أبو سعد الصفار.

وقال السمعاني: امتد عمره حتى أناف على المائة، وكان كثير العبادة.

ص: 295

سمع محمد بن عبد العزيز النيلي، وعدة، روى لي عنه جماعة كثيرة.

344 -

‌ قاسم بن أبي هاشم العلوي الحسني

، أمير مكة.

توفي في صفر وخلفه ابنه أبو فليتة فأحسن السياسة، وأسقط المكس عن أهل مكة.

345 -

‌ كامل بن ثابت

، أبو تمام الصوري الفرضي.

ولد سنة إحدى وثلاثين، وسمع بصور: أبا بكر الخطيب، وغيره، وبمصر: أبا الحسن الخلعي.

روى عنه: السلفي، وقال: كامل كان كاملًا في فنون العلم، منها الفرائض، وله حلقة بمصر لإقراء الفرائض، وكان فريد عصره، قال لي: ألفت في الفرائض تصانيف، وولدت بعكا سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وأنا أدرس الفرائض والحساب من ستين سنة، قرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، وعلى أبي الحسن الجهرمي.

قال السلفي بعد أن روى عنه حديثًا وشيئًا من نظمه: توفي سنة ثمان عشرة، أو سنة تسع عشرة بمصر.

346 -

‌ محمد بن الحسن

، أبو السَّعادات البغداديُّ، ابن كردي.

قال ابن كامل: حدثنا عن أبي جعفر ابن المسلمة، وتوفي في شهر رمضان، ولي قضاء بعقوبا.

347 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن نبيل

، أبو عبد الله الرُّعينيُّ القُرطبيُّ.

روى عن حاتم بن محمد، وأبي الأصبغ بن خيرة، وأبي علي الغسَّاني. وكان متقدِّمًا في فن الشُّروط.

قال ابن بشكوال: قد أخذنا عنه، وتوفي في شوال، وله خمس وستون سنة.

348 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن أبي الخير بن علي

، أبو عبد الله الأنصاري السرقسطي القرطبي.

روى عن: أبي الوليد الباجي واختص به، وأبي العباس العذري، ومحمد

ص: 296

ابن سعدون القروي، وأبي داود المقرئ، وقرأ القراءات على أبي عبد الله المغامي فأحكمها، وكان عارفًا بالأصول والفروع، كامل المروءة، كثير البر، وقد أخذ عنه: أبو علي الغساني، والقاضي أبو عبد الله بن الحاج.

قال ابن بشكوال: قرأت عليه كثيرًا من روايته، وصحبته إلى أن توفي في رجب، وصلى عليه أخوه أبو جعفر.

349 -

‌ محمد بن علي بن سعدون

، أبو ياسر البغداديُّ.

روى عن ابن المسلمة، وابن الدَّجاجي. وعنه المبارك بن كامل. مات بالمارستان في آخر السنة. وآخر مَنْ روى عنه ذاكر الخفاف، وكان من كبار العُدول.

350 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن شهفيروز

، الفقيه أبو جعفر اللازريُّ الطَّبريُّ الشافعيُّ.

سمع ببلده آمل طبرستان من أبي المحاسن الرُّوياني، وبنيسابور من عليّ ابن أبي صادق الحيري، والشيرويي، وبأصبهان من أبي علي الحدَّاد، وببغداد، ومكة. وكتب الكثير.

سمع منه جماعة، وحدَّث عنه يحيى بن بَوْش، ووقف كُتُبَهُ بالنِّظامية، وتوفي في المحرم.

351 -

‌ محمد بن محمد بن عبد القاهر بن هشام

، أبو البركات ابن الطُّوسي، عمُّ خطيب المَوْصل.

ولد ببغداد، ونشأ بها، وتفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من أبي الحسين ابن النَّقُّور، وأبي بكر محمد بن عبد الله النَّاصحي النَّيسابوري، ثم سكن المَوْصل. وكان يتردد إلى بغداد.

قال ابن النَّجَّار: كان فقيهاً فاضلاً، وأديباً كاملاً، بينه وبين الأبيوردي مكاتبات روى عنه المبارك بن أحمد الأنصاري، وإبراهيم بن علي الفرَّاء الفقيه، وشيخنا ابن بَوْش. توفي في ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

352 -

‌ محمد بن نصر بن منصور

، القاضي أبو سعد الهروي الحنفي.

ص: 297

قدم دمشق ووعظ بها، ثم توجه إلى بغداد فولي قضاء الشام، وعاد قاضيًا فأقام مدة، ثم رجع إلى العراق، وقد ولي القضاء في مدن كثيرة بالعجم، وكان في صباه يؤدب الصبيان، ثم ترقت حاله وبلغ ما بلغ، وكان من دهاة العالم، قتلته الباطنية لعنهم الله بجامع همذان في هذه السنة.

وله شعر رائق، فمنه:

البحر أنت سماحة وفصاحة والدر ينثر بين يديك وفيكا والبدر أنت صباحة وملاحة والخير مجموع لديك وفيكا وكان بفرد عين، ويلقب بزين الإسلام، وترسل من الديوان العزيز إلى الملوك، وبعد صيته، وعظمت رتبته.

قال ابن النجار: ولي القضاء ببغداد سنة اثنتين وخمسمائة للمستظهر بالله على حريم دار الخلافة وما يليه من النواحي والأقطار، وديار مضر، وربيعة، وغير ذلك، وخوطب بأقضى القضاء زين الإسلام، واستناب في القضاء أبا سعد المبارك بن علي المخرمي الحنبلي بباب المراتب وباب الأزج، والحسن بن محمد الإستراباذي الحنفي بباب النوبي، وأبا الفتح عبد الله ابن البيضاوي بسوق الثلاثاء، ثم عزل في شوال سنة أربع وخمسمائة، واتصل بخدمة السلاطين السلجوقية إلى أن قتل، وقد حدث بأحاديث مظلمة، رواها عنه الحسين بن محمد البلخي، وللغزي يهجوه:

واهًا لإسلام غدا والأعور الهروي زينه أيزين الإسلام من عميت بصيرته وعينه!

353 -

‌ محمد بن وهب بن محمد بن وهب

، أبو عبد الله بن نوح الغافقي الأندلسي، أحد الفقهاء.

كان إمامًا مشاورًا معظمًا، ترعاه السلاطين، ونزل بلنسية، وولي قضاء جزيرة شقر، وبها مات في صفر، حدث عنه: ابنه أيوب.

ص: 298

354 -

‌ المبارك بن جعفر بن مسلم

، أبو الكرم الهاشميُّ البغداديُّ الفقيه.

تفقه على أبي القاسم يوسف بن محمد الزَّنجاني، وجالس أبا الحسن ابن الزَّاغوني، وسمع الحديث من رزق الله التَّميمي، وطراد الزَّينبي، وخلقاً بعدهما.

وكان صالحاً خيِّراً.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: هو أوَّل مَنْ لقنني القرآن وأنا طفل، وتوفي في ذي الحجة.

355 -

‌ المطهر بن حَمْد الأصبهانيُّ

.

من مشيخة أبي موسى المديني، يروي عن. . . . . . . .

356 -

‌ ناطق بن عبد الله المقتدويُّ المستظهريُّ

، أبو الحسن، مولى المقتدي بأمر الله.

كان صالحاً خيراً، عابداً، حريصاً على سماع الحديث. سمع أبا نصر الزينبي، ورزق الله. روى عنه أبو طالب بن خضير.

توفي في ربيع الآخر.

357 -

‌ الهيثم بن محمد بن الهيثم بن عبد الله بن محمد بن الهيثم

، أبو عبد الله الأصبهانيُّ، مولى الأشعريين.

روى عن ابن ريذة، وعن والده، وعن أبي الوفاء محمد بن بديع؛ قاله السَّمْعاني، وقال: مولده في أول سنة ست وثلاثين وأربعمائة.

قلت: وعنه أبو موسى المديني، وغيره.

358 -

‌ يحيى بن محمد بن صاعد

، القاضي أبو الوفاء.

أصبهانيٌّ، توفي في ربيع الأول. عنه أبو موسى.

ص: 299

سنة تسع عشرة وخمسمائة

359 -

‌ أحمد بن طاهر المروزيُّ المرتِّب

.

قال المبارك بن كامل: حدثنا عن أبي علي التُّستري بسنن أبي داود، وتوفي في ربيع الآخر.

360 -

‌ أحمد بن عبد العزيز بن أبي الخير

، أبو جعفر السَّرقسطيُّ الأنصاريُّ، نزيل قرطبة.

توفي بعد أخيه بعام، وقد مرَّ أخوه أبو عبد الله. سمع أبا الوليد الباجي، وأجاز له رزق الله التَّميمي وغيره من بغداد.

روى عنه ابن بشكوال في معجمه.

361 -

‌ أحمد بن عبد الملك بن موسى بن المظفر

، القاضي أبو نصر الأشروسني، المعروف بكاك.

من علماء ما وراء النهر، ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وحدث عن العلامة محمود بن حسن القاضي، فسمع منه المصنف.

وفاته في ربيع الأول.

362 -

‌ أحمد بن عمر

، الشيخ أبو بكر الحلاوي القطائفي.

حدث عن أبي محمد الجوهري، وسماعه صحيح، مات في رمضان.

363 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم

، أبو البقاء البغدادي الملحي، المقرئ المؤدب.

قرأ بالروايات على: أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط، وأبي الخطاب بن الجراح، وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد الصريفيني، روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره.

توفي في جمادى الأولى، وما أعلم أحدًا قرأ عليه.

364 -

‌ إسماعيل بن نصر المقرئ الطوسي الصوفي ثم الدمشقي

.

ولد سنة ثلاث وثلاثين، وسمع أباه نصر بن أبي نصر، والقاضي عبد الله

ص: 300

ابن علي بن أبي عقيل، ومشرف ابن المزجى المقدسي، ولقن بجامع دمشق، حدث وأجاز لابن عساكر، وتوفي في المحرم، وتوفي أبوه بصور في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

365 -

‌ الحسن بن الحسين ألب رسلان

، الحافظ الإمام أبو علي.

روى عن: إسحاق بن أبي نصر، روى عنه: عمر النسفي في كتاب القند، وقال: توفي في تاسع عشر ربيع الآخر، وهو ابن مائة سنة وتسع وثلاثين سنة، وخرجت الحيات من المقبرة التي دفن فيها بسمرقند.

366 -

‌ الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين

، أبو محمد الدِّمشقيُّ المعدَّل، والد الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.

صحب الفقيه نصر بن إبراهيم، وسمع منه صحيح البخاري عن ابن السِّمسار عن أبي زيد المروزي. وأجاز له الحافظ أبو الفضل بن خيرون.

روى عنه ابنه، وقال: ولد سنة ستين وأربعمائة، وتوفي في رمضان.

367 -

‌ الحسين بن أحمد بن علي البغداديُّ المجلِّد

.

صالح، خير، سمع أبا محمد الجوهري، وأبا يعلى ابن الفرَّاء. وعنه المبارك بن كامل، والصائن ابن عساكر. وتوفي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة.

368 -

‌ خلف بن خلَف بن محمد بن سعيد بن إسماعيل

، أبو القاسم الأنصاريُّ السَّرقسطيُّ، المعروف بابن الأنقر الفقيه.

روى عن أبي عبد الله ابن الفرَّاء الجيَّاني، وأبي عبد الله بن سماعة صاحب الأحكام، ومحمد بن يحيى بن قورتش الفقيه، وصحبه ثمانية عشر عاماً. وأخذ العربية عن أبي عبد الله بن ميمون الحسيني. وذكر بعضهم أن له رواية عن أبي عمر بن عبد البرِّ.

وكان من أهل الفقه والحديث؛ مقدَّمًا في الحفظ، صدراً في الفتوى، نزل بلنسية، وروى بها، وأفتى، ولم تُخرج بلدُهُ مثلهُ ومثل أبي زيد بن منتيال. وكان ابن الأنقر موصوفاً بالصَّلابة في الدِّين.

ص: 301

روى عنه أبو مروان ابن الصَّيقل، وأبو بكر بن نمارة، وأيوب بن نوح الغافقي، وآخرون.

ولد بسرقُسْطة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في سلخ شوال.

369 -

‌ سليمان بن محمد بن عبد الله بن أبي داود

، أبو عليّ الفارسيُّ ثم المصريُّ، ويعرف بالحكيم.

أجاز له عبد العزيز ابن الضَّرَّاب، وسمع من الحبَّال. روى عنه السِّلفي، وتوفي في هذه السَّنة.

370 -

‌ عبد الوهَّاب بن إسماعيل

، أبو الحسن ابن العُصْفريِّ، الوكيل على أبواب القضاة.

سمع الصَّريفيني. وعنه أبو المُعَمَّر المبارك، ويحيى بن بَوْشِ.

371 -

‌ علي بن إبرهيم بن عمر

، أبو الحسن الناتلي، الحلبي، التاجر.

سمع بنيسابور من: موسى بن عمران، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبي بكر بن خلف، وكان يفهم ويعرف، سمع منه ابن ناصر، وحدث عنه: أبو محمد ابن الخشاب، ويحيى بن بوش، وكان مولده بحلب، وعاش سبعين سنة.

372 -

‌ علي بن الحسين بن عمر

، أبو الحسن ابن الفراء الموصلي، ثم المصري.

روى عنه: السلفي، وقال: من ثقات الرواة، وأكثر شيوخنا بمصر سماعًا، ومن شيوخه: عبد العزيز ابن الضراب أخذ عنه المجالسة، وعبد الباقي بن فارس، وأبو زكريا عبد الرحيم البخاري، وابن المحاملي، وأبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون العلوي، ومحمد بن مكي الأزدي، وكريمة المروزية بمكة، وابن الغراء بالقدس، وأصوله أصول أهل الصدق، وقد انتخبت من أجزائه مائة جزء، وقال لي: ولدت في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة

ص: 302

في أول يوم منها، وتوفي في ربيع الآخر، وروى عنه: أبو القاسم البوصيري، وبالإجازة أبو عبد الله الأرتاحي.

373 -

‌ عليّ بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون

، أبو الحسن الهُذليُّ التُّونسيُّ اللغويُّ.

ولد بتونس يوم الأضحى سنة ثمان وعشرين، وكان علاَّمة عصره في اللغة، لقي ابن رشيق الشَّاعر، ورأى ابن البرِّ فترك الأخذ عنه تديناً لما كان عليه ابن البرِّ من التَّبدُّد، وأخذ عن أبي القاسم ابن القطَّاع.

روى عنه السِّلفي؛ لقيه بالإسكندرية، ووصفه بإتقان اللُّغة، وأنَّ له قصيدة أحد عشر ألف بيت على قافية واحدة في الرَّد على المرتد البغدادي لعنه الله، توفي في أواخر ذي الحجة وله نيِّف وتسعون سنة.

قال السِّلفي: كان بحيث لو قيل: لم يكن في زمانه ألغى منه لما استُبْعِدَ. وله إليَّ قصائد أجبته عنها، وقال لي: رأيتُ أبا عليّ الحسن بن رشيق القيروانيَّ بمازر وأنشدني من شعره، ولم أر قط أحفظ للغة والعربية من أبي القاسم ابن القطَّاع الصِّقلِّي، فقرأتُ عليه كثيراً.

374 -

‌ علي بن القاسم بن محمد

، أبو الحسن التميمي، المغربي، القسنطيني الأشعري المتكلم.

سمع بدمشق البخاري من الفقيه نصر المقدسي، وأخذ الكلام عن أبي عبد الله محمد بن عتيق القيرواني، ورحل إلى العراق، وله تصنيف سماه تنزيه الإلهية وكشف فضائح المشبهة الحشوية، خرج فيه من قشوره.

قال ابن عساكر: وكان يذكر عنه أنه يعمل كيمياء الفضة، توفي بدمشق.

ص: 303

375 -

‌ علي بن أبي القاسم محمود بن محمد

، النصراباذي النيسابوري أبو الحسن، المتفنن في العلوم.

أنفق عمره وماله على العلم، وحدث عن: أبي صالح المؤذن، وجماعة، وكان مكثرًا بمرة، توفي في نصف شعبان، وسمع أيضًا من: علي بن محمد الدينوري نزيل غزنة، وأبي الحسن الواحدي، وطائفة.

أجاز للسمعاني.

376 -

‌ المأمون، أبو عبد الله ابن البطائحي

، وزير الديار المصرية.

ولي الممالك بعد قتل الأفضل أمير الجيوش سنة ست عشرة، وكان أبوه من جواسيس أمير الجيوش بالعراق، فمات ولم يخلف شيئًا، وربي محمد هذا يتيمًا، فاتصل بإنسان يعرف النبات بمصر، ثم صار حمالًا بالسوق، فدخل مع الحمالين إلى دار الأفضل مرة بعد أخرى، فرآه الأفضل شابًا خفيفا، حلو الحركات، فأعجبه، فسأل عنه، فقيل: هو ابن فلان، فاستخدمه مع الفراشين، ثم تقدم عنده، وترقت حاله، وكان آخر أمره أنه عمل على قتل الأفضل، وولي منصبه.

وكان كريمًا، شهمًا، مقدامًا سفاكًا للدماء، وفي الآخر راسل أخا الآمر ومالأه على قتل الآمر ويجعله خليفة، فأحس الآمر بذلك، فأمسكه، ثم صلبه.

377 -

‌ محمد بن أحمد بن عمَّار

، أبو عبد الله التُّجيبيُّ الأندلسيُّ.

من أهل لاردة، رحل إلى بلنسية إثر استرجاعها من الرُّوم في سنة خمس وتسعين، وهو ابن ثمان عشرة سنة فأدرك أبا داود المقرئ، وأخذ عنه القراءات في ختمة واحدة للسَّبعة، وقرأ عليه جامع البيان وغيره. أقرأ بلاردة وبمرسية، وولي خطابة أوريولة، وأقرأ بها إلى أن توفي في رمضان.

أخذ عنه زياد ابن الصَّقار القراءات والعربية، وأخذ عنه أبو القاسم بن فتحون وأبو عبد الله بن مُعْطٍ.

ص: 304

قال ابن عيَّاد: كان مشاركاً في عدَّة علوم، صنَّف كتاباً في معاني القراءات.

378 -

‌ محمد بن طاهر بن علي

ّ، أبو عبد الله النَّحويُّ الأنصاريُّ الدَّانيُّ.

قدم دمشق، وأقرأ بها النَّحْو مدَّةً، وكان متوسوساً في الطَّهارة فقيل: إنه كان يبقى أياماً لا يُصلِّي لأنَّه لا يتهيأ له ما يتوضأ به، وكان يتوضأ من ثورا من بعد المنيقبة لأجل السِّقاية التي للرَّبوة. ثم خرج إلى بغداد. سمع من أبي داود المقرئ، وغيره؛ ورَّخه ابن عساكر.

379 -

‌ محمد بن عبد الله بن حسين

، أبو عبد الله بن حسون الكلبي المالقي، قاضي مالقة وابن قاضيها.

وكان فصيحًا بليغًا، ماضي الأحكام، وولي قضاء مالقة.

380 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن موسى بن عياض

، أبو عبد الله المخزومي الشاطبي المقرئ المنتشي، من قرية المنتشية.

أخذ القراءات عن أبي داود، وابن الدش، وابن شفيع، وأبي القاسم ابن النحاس، ومنصور بن الخير، وجماعة، وسمع من ابن سكرة، وجماعة.

وتصدر للإقراء بشاطبة، فأخذ عنه الناس، وكان إمامًا في التفسير، مقدمًا في البلاغة، مشاركًا في أشياء، وكان يفسر كل جمعة، روى عنه أبو عبد الله المكناسي، وتوفي وهو كهل.

381 -

‌ محمد بن عبد الصمد بن عبد الرحمن بن عبد الله

، أبو بكر.

أقام بسمرقند، وحدَّث بها، وتوفي بها. روى عنه عمر بن محمد

ص: 305

النَّسفي؛ قال: أخبرنا الخاقان الملك أبو شجاع محمد بن يوسف سنة تسع وأربعين، قال: حدثنا أبو الوفاء عبد الرحيم بن علي البلخي.

382 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن علي ابن الدَّامغانيِّ

، تاج القضاة أبو عبد الله ابن قاضي القضاة أبي الحسن.

ناب في بغداد عن والده، ورُشِّح بعده لقضاء القضاة، ونُفِّذ رسولاً إلى سلطان ما وراء النَّهر الخان محمد بن سليمان بن داود بن إبراهيم، فمات هناك شابًّا، وجاء الخبر بموته في أواخر رمضان وقد توفي من مدة، فقيل: توفي سنة ست عشرة.

383 -

‌ محمد بن واجب بن عمر بن واجب

، أبو الحسن القيسي البلنسي، قاضي بلنسية.

روى عن: أبي العباس العذري وأكثر عنه، وعن أبي الوليد الباجي، وأبي الليث السمرقندي.

قال ابن بشكوال: كتب إلينا بمروياته، وكان محببًا إلى أهل بلده، رفيقًا بهم، عفيفًا، توفي في ذي الحجة، وله اثنتان وسبعون سنة.

384 -

‌ منصور بن علي

.

روى عنه العثماني بالإسكندرية، ورخه ابن المفضل.

385 -

‌ هبة الله بن محمد بن علي بن أحمد

، أبو البركات ابن البخاريِّ، يعني المبخر.

أحد عدول بغداد، سمع أبا علي ابن المذهب، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم التَّنوخي، وأبا الحسن الباقلاني، والعُشاري والجوهري. روى عنه عبد الجبار بن هبة الله البُنْدار، ويحيى بن بَوْش والصَّائن ابن عساكر، وجماعة.

وكان مولده في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ببغداد، وتوفي في ثاني عشري رجب. وكان صحيح السَّماع.

386 -

‌ يحيى بن محمد

، أبو بكر السَّرقسطيُّ، المعروف باللُّبانيِّ.

ص: 306

أخذ عن أبي الوليد الوقشي، وتَلْمَذَ لأبي الحسن بن أفلح النَّحوي. وبرع في اللُّغة. والعربية. أقرأ بمرسية، أخذ عنه أبو عبد الله بن سعادة، وأبو علي بن غريب، وطائفة.

بقي إلى هذا الوقت.

ص: 307

سنة عشرين وخمسمائة

387 -

‌ أحمد بن حمزة بن أحمد

، أبو غانم ابن القزوينيِّ، الأصبهانيُّ.

روى عن أبي الطيب بن شمَّة. وعنه أبو موسى المديني.

توفي في ربيع الأول.

388 -

‌ أحمد بن طاهر بن عيسى

، أبو العباس الأنصاريُّ الدَّانيُّ، أخو محمد.

روى عن أبي داود المقرئ، وأبي عليّ الغسَّاني. وصنَّف، وعُني بالحديث، وحصَّل، وولي الشورى بدانية، وامتنع من القضاء.

توفي نحو العشرين.

389 -

‌ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن طريف بن سعد

، أبو الوليد القرطبيُّ.

روى عن القاضي سراج، وأبي عمر ابن القطَّان، وأبي عبد الله محمد بن عتَّاب، وأبي عمر ابن الحذَّاء، وحاتم بن محمد، وأبي مروان الطُّبني، والقاضي أبي بكر محمد بن أحمد بن منظور؛ سمع منه الموطأ، وجماعة فيهم كثرة. وأجاز له أبو محمد عبد الله بن الوليد الأندلسي نزيل مصر، وأبو عمر بن عبد البر.

وكان شيخاً سريًّا، نبيلاً، نحويًّا، بليغاً، لغويًّا، كاتباً، محدثاً، كثير السَّماع، ولم تكن له أصول. وكان حسن الأخلاق كامل العقل، برًّا بإخوانه، ذا مروءة.

ترجمه ابن بشكوال، وقال: سمعت معظم ما عنده، وتوفي في سلخ صفر، وولد يوم النَّحر سنة اثنتين وثلاثين.

وروى عنه أيضاً الحافظ أبو الوليد ابن الدَّباغ.

ص: 308

390 -

‌ أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن بشر

، أبو غالب الكرخيُّ العطَّار.

قال ابن النَّجار: سمع أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الجوهري، وعبد الملك بن محمد العطَّار. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل.

قال أبو المُعَمَّر: كان يشرب إلى أن مات، يعني الخمر.

وقال أحمد بن صالح الجيلي: مات في جمادى الأولى.

قلت: عاش بضعاً وثمانين سنة.

391 -

‌ أحمد بن عبد السَّلام بن محمد بن حميد

، أبو عبد الله بن أبي الطلائع الطُّوسيُّ المدينيُّ ثم النَّيسابوريُّ الصُّوفيُّ.

سمع أبا عثمان الحيري وغيره، وحدَّث ببغداد؛ روى عنه أبو جعفر السَّاوي وغيره.

قال ابن النَّجار: كان يخدم في خانكاه الشَّيخ أبي عبد الرحمن السُّلمي، كنيته أبو عبد الله. سمع أبا سعد الكنجروذي، وأبا يعلى الصَّابوني، وجماعة. سمع منه ابن ناصر ببغداد، والسِّلفي.

392 -

‌ أحمد بن علي بن غزلون

، أبو جعفر الأموي الأندلسي.

روى عن: أبي الوليد الباجي.

قال ابن بشكوال: وهو معدود في كبار أصحابه، وكان من أهل الحفظ والمعرفة والذكاء، أخذ عنه أصحابنا، وتوفي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة، وقيل: توفي سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين.

393 -

‌ أحمد بن عمر النهاوندي ثم البغدادي

، أبو بكر القطائفي.

قال المبارك بن كامل: توفي في رمضان، حدثنا عن أبي محمد الجوهري.

ص: 309

394 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور

، أبو القاسم القيسي الإشبيلي، قاضي إشبيلية.

روى عن: أبيه، وابن عم أبيه أبي عبد الله محمد بن أحمد، واستقضي ببلده مدة طويلة.

أخذ عنه ابن بشكوال، وعاش أربعًا وثمانين سنة، والصواب في جدهم محمد بدل عيسى، حرره ابن رشيد.

395 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي زرعة زكريا بن عبد الواحد

، القاضي أبو زُرعة الأصبهانيُّ المعدَّل، خطيب جامع جورجير.

مات في شوَّال. روى عن أحمد بن الفضل الباطرقاني. وعنه أبو موسى المديني.

396 -

‌ أحمد بن محمد بن علي

ّ، أبو العباس الرَّازيُّ الصُّوفيُّ الخيَّاط.

روى عن سعيد العيَّار. وعنه أبو موسى، وقال: تُوفي في جُمادى الآخرة.

397 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد

، الواعظ أبو الفتوح الغزَّاليُّ، أخو الإمام أبي حامد الغزَّالي، الطُّوسيُّ.

كان صوفيًّا متزهِّدًا، ثم وعظ فكان بليغاً مفوَّهاً قادراً على ما يورده، ظهر له القبول التَّام، وكان يحضره خلائق، وقد جمع صاعد اللَّبَّان من مجالس وعظه مجلَّدين، وقد ناب عن أخيه بتدريس النِّظامية.

وعظ في دار السلطان محمود فأعطاه ألف دينار، فلما خرج رأى فرس الوزير فركبه، فأخبروا الوزير فقال: دعوه، ولا يُعاد إليَّ الفرس؛ حكى ذلك ابن الجوزي في المنتظم، وقال: خرج يوماً إلى ناعورة فسمعها تئن فرمى طيلسانه عليها، فتمزق قطعاً. وكانت له نكت، إلا أن الغالب على كلامه التَّخليط ورواية الموضوعات والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة، من ذلك أنه قال: نزل إسرافيل بمفاتيح الكنوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل، فاصفر

ص: 310

وجه جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا إسرافيل، هل نَقَصَ مما عنده شيء؟ قال: لا. قال: ما لا ينقص الواهب ما أريده.

وقال: دخل يهودي على الشيخ أبي سعيد، فقال: أريد أن أُسْلِم. قال له: لا تُرِدْ. فقال النَّاس: يا شيخ تمنعه الإسلام؟ فقال له: تريد بلا بد؟ قال: نعم. قال: برئت من نفسك ومالك؟ قال: نعم. قال: هذا الإسلام عندي، احملوه إلى الشَّيخ أبي حامد حتى يعلِّمه لألأ المنافقين، يعني: لا إله إلا الله. ثم قال أحمد الغزَّالي: إنَّ الذي يقول: لا إله إلا الله غير مقبول، ظنوا أنَّ لا إله إلا الله منشور ولايته، ذا منشور عَزْله.

قال: وحكى عنه القاضي أبو يعلى ابن الفرَّاء، يعني الصغير، أنه صعد يوماً، فقال: يا معشر المسلمين، كنت دائماً أدعو إلى الله، وأنا اليوم أحذركم منه، والله ما شُدَّت الزَّنانير إلا من حُبَّه، ولا أُدِّيت الجزية إلا في عشقه.

وقال محمد بن طاهر المقدسي: كان أحمد الغزَّالي آية في الكذب، يتوصل إلى الدُّنيا بالوعظ، سمعته بهمذان يقول: رأيت إبليس في وسط هذا الرِّباط يسجد لي. قال ابن طاهر: فقلت: ويحك إنَّ الله أمره بالسجود لآدم فأبى، فقال: والله لقد سجد أكثر من سبعين مرة، فعلمت أنه لا يرجع إلى دين.

قال: وكان يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ويذكر على المنبر أنه كلَّما أشكل عليه أمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فدله على الصواب. قال: وسمعته يوماً يحكي حكاية، فلما نزل سألته عنها، فقال: أنا وضعتها.

وقال ابن الجوزي: كان أيضاً يتعصَّب لإبليس ويعذره حتى قال يوماً: لم يدر ذلك المسكين أن أظافير القضاء إذا حكَّت أدْمَت، وقسي القدر إذا رمَت أصمت. وحضر يوسف بن أيوب الهمذاني مجلسه فقال: مدد كلام هذا شيطاني لا ربَّاني، ذهب دينه والدُّنيا لا تبقى له.

ص: 311

قال ابن الجوزي: ثم شاع عنه أنه يقول بالشاهد وينظر إلى المُرد ويجالسهم، وكان له مملوك تركي.

وقال أبو سعد السَّمعاني: كان مليح الوعظ، حلو الكلام، حسن المنظر، قادراً على التَّصرُّف، اجتهد في شبيبته بطوس غاية الاجتهاد، واختار الخلوة، ثم خدم الصُّوفية بنفسه.

وقال غيره: إنه درَّس بالنِّظامية ببغداد نيابة عن أخيه.

ومن شعره:

أنا صبٌّ مستهام وهموم لي عظام طال ليلي دون صحبي سهرت عيني وناموا بي غليل وعليل وغريم وغرام ففؤادي لحبيبي ودمي ليس حرام ثم عرضي لعذولي أمة العشق كرام قال ابن الجوزي وابن خلِّكان: توفي بقزوين سنة عشرين. وقد ذكره ابن الصَّلاح في طبقات الشَّافعية فقال: كان يلقب بلقب أخيه حجة الإسلام زين الدِّين، كان أحد فرسان المذكِّرين، رأيت من وعظه أربع مجلَّدات، فإذا هي مشتملة على شقاشق الوعَّاظ وحرفهم وجسارات متأخري الصُّوفية وعسفهم. وكان عنده مخاشنة في كلامه لاسيما في أجوبته، وكان يقول: الفقهاء أعداء أرباب المعاني، ينصر بقوله هذا كلَّ ما يدعيه من علوم القلوب، وأنها تطالع بصفائها أحكام الغيوب. وكان المقدسي العثماني ببغداد ينكر كلامه ويلوِّح هو بالطَّعن في العثماني وأنه غير عارف بكلامه، وأنه واقف مع صورة الكلام، ولم يصل بعد إلى حقائق المعاني.

ومن كلامه: الأسرار مصونة بإنكار الأغيار. وقال: إنكار الأغيار سور على أسرار الأبرار، والأسرار مقبورة في قلوب الأحرار إلا في وقت من

ص: 312

الأوقات عتت عن أمر ربِّها فإذا رجع النَّظر إلى المصالح {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي}

قال: وطلب يوماً في المجلس مالاً يقضي دينه فما أعطوه شيئاً وطالت عليه الأيام، وذكر محمد بن طاهر أنه سمعه يقول: لا أحتاج إلى الحديث، مهما قلت سُمِعَ مني!

ومن كلامه: يا هذا تكلَّفت ما ليس إليك، طُلِبَ منك ما لم تُعْطِه، فإن رأيت نفسك مجبورة على فعل ما لا يُرْضَى فارض أنت بما يُفعل، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

وله من هذا النمط مؤلفات.

398 -

‌ إسحاق بن عمر بن عبد العزيز

، أبو القاسم النيسابوري الشجاعي الجميلي، الشاعر المشهور الشروطي.

كان كثير الفنون، شاعرًا مفلقًا، مجودًا في فنون الشعر، كثير القول، سمع: عمر بن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبا عثمان الصابوني، والطبقة، وعقد مجلس الإملاء، وأملى مدة حتى عجز وضعف وكان يختم أماليه بأشعاره الرائقة، وحسنت سريرته وتوبته في آخر أيامه، وكان ذا تجمل وحشمة.

توفي في جمادى الآخرة، وعاش أربعا وثمانين سنة، روى عنه: أبو سعد السمعاني بالإجازة.

399 -

‌ إسماعيل بن أحمد بن محمد بن مكرم

، أبو القاسم الصيدلاني النيسابوري العطار.

كان والده أبو حامد محدث عصره، ولد أبو القاسم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وسمع: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، وعبد الله بن يوسف الجويني، أجاز للسمعاني.

400 -

‌ آقسُنْقُر، سيف الدين قسيم الدولة أبو سعيد البُرْسُقيُّ

، مولى الأمير بُرْسُق غلام السُّلطان طغرلبك.

ص: 313

ترقت به الحال إلى أن ولاه السُّلطان محمود بن محمد إمرة المَوْصل والرَّحْبة، ثم ولاَّه شحنكية بغداد إلى أن عُزِلَ عنها في سنة ثمان عشرة، وسار إلى الموصل، فكاتبه الحلبيون إلى حلب لما حصرهم الفرنج، فسار إليهم وترحَّل الفرنج عنها فملكها في ذي الحجة من السنة. وكان بلك بن بهرام بن أرتق قد قتل بمنبج فتملك ابن عمِّه تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق. وكان بغدوين ملك الفرنج أسيراً في يد بلك فاشترى نفسه من تمرتاش وهادنَهُ واتفق موت والده شمس الدولة إيلغازي صاحب ماردين، فتوجه ابنه إليها، واشتغل بملكها، فغدر بغدوين واتفق مع دُبيس بن صدقة وإبراهيم بن رضوان بن تتش فنازلوا حلب وطال الحصار حتى أكلوا الجيف ووقع فيهم الوباء بحلب وهم مع ذلك ثابتو الجأش في القتال، فأغاثهم الله بقسيم الدولة؛ وذلك أن أهل حلب اتفقوا وأخرجوا في اللَّيل قاضيهم أبا غانم والشريف زُهْرة وابن الحلِّي إلى تمرتاش صاحب حلب وهو بماردين، فلما أصبح الصَّباح صاح الفرنج: أين قاضيكم أين شريفكم، فما شكَّ النَّاس أنهم قد أُسروا. فوصل منهم كتاب بأنهم فاتوا الفرنج فقدموا على حسام الدين تمرتاش، فأخذ يماطلهم ويسوفهم إلى أن قال مرة: خلُّوهم إذا أخذوا حلب عُدتُ وأخذتُها، فقلنا: لا تفعل ولا تسلم المسلمين إلى عدوهم. فقال: كيف أقدر على لقائهم؟ فقال القاضي أبو غانم: وأيش هم حتى لا تقدر عليهم. ثم لما خاف أن ننفصل عنه إلى غيره رسم علينا من يحفظنا، فأعملنا الحيلة في الهرب إلى الموصل إلى آقسنقر، فتحدثنا مع من يُهَرِّبُنَا وكان للمنزل الذي نحن فيه باب يصرُّ عظيماً إذا فُتِحَ فطرحنا فيه زيتاً وواعدنا الغِلْمان أن يأتونا بالدَّواب، وكان الثَّلج كثيراً. قال أبو غانم: فنام الموكلون بنا، وجاء الغلمان إلا غلامي ياقوت، فأخبروا أن قيد الدابة تعسر عليه، فضاقت صدورنا، فقلت لأصحابي: امضوا أنتم ولا تنتظروني. ثم جاءني ياقوت بالدَّابة سحَرًا، فركبت ولا أعرف الطريق، ثم قصدت الجهة، فلما طلع الضَّوء إذا أنا وأصحابي في مكان واحد، وكانوا قد ضلُّوا عن الطَّريق، فصلينا الصُّبح وسُقنا، فجئنا فإذا البُرْسقي مريض، وقد تماثل ولكنه ضعيف، فطلبنا منه أن يغيث المسلمين وذكرنا له ما حلَّ بهم من الحصار والضِّيق والقلّة، فقال: كيف لي بالوصول إليهم وأنا هكذا؟ فقلنا: يجعل المولى في نيَّته وعزمه إن خلَّصه الله أن ينصرهم. فقال: إي، والله، ثم

ص: 314

رفع رأسه إلى السَّماء وقال: اللهم إني أشهدك إن عوفيت لأنصرنَّهم. قال: ففارقته الحُمَّى بعد ثلاث، فنادى في عسكره: الغزاة، وبرَّز خيمته، ثم توجَّه بعساكره، فلما أشرف على حلب رحل الفرنج عنها، وتأخروا إلى جبل جوشن، فقاربها وخرج أهلها إلى لقائه فقصد نحو الفرنج بعسكره وبأهل البلد، فانهزم الفرنج، فسار وراءهم حتى أبعدوا، ورجع ودخل البلد، ورتَّبه وجلب إليه الغلال، وكان ذلك في آذار، فجعل الناس يبلُّون الحنطة والشَّعير بالماء ويزرعونها، وجاء مغل صالح. وترك ولده عز الدين مسعوداً بها، وعاد إلى الموصل، فقتلته الإسماعيلية بالجامع يوم الجُمُعة، ثار عليه عشرة فقتل بيده منهم ثلاثة وقُتِل، ولم يفلت منهم سوى رجل، وذلك في تاسع ذي القعدة من سنة عشرين. وقيل: إنهم كانوا بزي الصُّوفية، وكان قد تصدى لإبادة الإسماعيلية والباطنية، وقَتَلَ منهم جماعة كثيرة.

قال القاضي بهاء الدين بن شدَّاد: كان البرسقي دينا، عادلاً، حسن الأخلاق، يؤثر عنه أنه قال لقاضيه: أريد أن تساوي بين الرَّفيع والوضيع في مجلس الحُكم، فقال: كيف لي بذلك؟ فقال: الطريق في هذا أن ترتاد لي خصماً وتدعوني إلى مجلس الحكم، فإذا حضرت إليك تلتزم معي ما تلتزمه مع خصمي. ثم قال لزوجته الخاتون: وكِّلي وكيلاً يطالبني بصداقك، فوكلت رجلاً، فمضى إلى مجلس الحكم، وقال: لي خصومة مع قسيم الدولة وأطلب حضوره إلى مجلسك. فسيَّر بطلبه، فحضر إلى الحكم، فلم يقم له القاضي، وساوى بينه وبين الوكيل، فادَّعى عليه، فاعترف، فأمره القاضي بدفع المال، فقام ودفع إليه من خزانته. ثم إنه أمر القاضي أن يتخذ مسماراً على باب داره نقشه أجب داعي الله وأن يختم عليه بشمعه، فمن كان له خصم حضر وختم بشمعه على ذلك المسمار ومضى إلى خصمه بها كائناً مَنْ كان، فلا يجسر أن يتخلَّف، فرحمه الله تعالى. وولي بعده ابنه عز الدين مسعود فلم يسن.

401 -

‌ بهرام بن بهرام بن فارس

، أبو شجاع البغدادي البيع.

ص: 315

أحد الرؤساء والمتمولين، ولد في المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم التنوخي، وأبا محمد الجوهري، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: صلح أمره في آخره عمره، وحسنت طريقته، وكان له معروف كثير وصدقة جارية.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: كان سماعه صحيحًا، وكان كريمًا، بنى مدرسة للحنابلة بكلواذا ودفن فيها، ووقف قطعة من أملاكه على الفقهاء، وتوفي في سادس عشر محرم.

402 -

‌ جابر بن عبد الله بن محمد بن علي بن مت الأنصاري

، شيخ هراة، أبو عطية ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل.

كان زاهدًا صلفًا، تام المروءة، ذا هيبة وجلالة، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وسمع الكثير من أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح، وغيرهم، وكان قليل العلم، وكان يعظ ويزدحمون عليه، سمع: أبا عمر المليحي، ومحلم بن إسماعيل الضبي، ومحمد بن عبد العزيز الفارسي، روى عنه طائفة.

ومات في غرة ذي القعدة.

403 -

‌ جعفر بن محمد بن عبيد الحوفي

ُّ.

شيخ صالح معمَّر، قال السَّلفي: يروي عن سبط عبد الكريم بن أبي جدار، وعبد العزيز ابن الضَّرَّاب، وغيرهما. وتوفي بمصر في صفر، وحدَّثني أنَّ مولده في سنة سبع وعشرين وأربعمائة.

404 -

‌ الحسن بن أحمد بن أميرك بن يحيى

، أبو أحمد النَّيسابوريُّ الكاتب.

حدَّث عن ابن مسرور، وعبد الغافر، وأبي عثمان الصَّابوني، وجماعة.

توفي في ربيع الأول.

ص: 316

405 -

‌ الخضر بن الفضل

، من شيوخ أبي موسى المديني، هو أبو القاسم الأصبهانيُّ الغازي القصَّاب.

سمع أبا طاهر بن عبد الرحيم، وعبد الرَّزَّاق بن شمَّة، وسبط بحرويه، وأحمد الباطرقاني. روى عنه أبو موسى، ومحمد بن الحسن الأصفهبذ، وغيرهما.

مات في ربيع الآخر، وله جزء مروي.

406 -

‌ سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص بن سفيان بن عيسى

، أبو بحر الأسديُّ الأندلسيُّ، نزيل قرطبة، من أهل مُرْبَيْطَر.

روى عن أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري وأكثر عنه، وعن أبي الفتح أبي الليث بن الحسن، وأبي الوليد الباجي، وهشام بن أحمد الكناني واختصَّ به، ومحمد بن سعدون، وأبي داود المقرئ، وغيرهم.

وكان من جلّة العلماء، وكبار الأدباء، ضابطاً لكتبه، صدوقاً في روايته. سمع منه الناس كثيراً؛ قاله ابن بشكوال.

وسمع منه الكثير هو وغيره، وتوفي في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة.

وقال ابن الدَّبَّاغ: سمع من ابن عبد البر كتاب الموطأ رواية يحيى بن يحيى، وكتاب بهجة المجالس من تأليفه، وكتاب الفرائض له، ولم يجزه.

407 -

‌ صاعد بن سيَّار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم

، أبو العلاء الإسحاقيُّ الهرويُّ الدَّهَّان الحافظ.

حجَّ، وحدَّث ببغداد عن أبي سعد عبد الرحمن بن أبي عاصم، وأبي إسماعيل الأنصاري، وأبي عامر الأزدي، وعلي بن فضال المُجاشعي النَّحوي، وعبد الله بن عطاء البغاورداني. وروى الجامع للترمذي عن أبي عامر؛ قرأه عليه الحافظ ابن ناصر، وسمعه منه أبو الفرح بن كُلَيْب وغيره.

قال أبو سعد السَّمْعاني: كان حافظاً متقناً، واسع الرِّواية، كتب الكثير،

ص: 317

وجمع الأبواب، وعرف الرجال، ولي عنه إجازة؛ روى لنا عنه ابن ناصر، وأبو المعمَّر الأنصاري، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل، وجماعة. ومات في ذي القعدة بغورج؛ قرية على باب هراة.

وقال أبو موسى المديني: أخبرنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن أبي نصر سيَّار بن أبي إسماعيل محمد بن أبي القاسم عبد الله بن أبي إسحاق إبراهيم الإسحاقيُّ الهروي، قدم علينا أصبهان.

408 -

‌ صالح بن الفضل بن أبي مسلم الأصبهانيُّ الأبَّاريُّ

، أبو مسلم.

يروي عن عبد الوهَّاب بن منده. وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في المحرم.

409 -

‌ طرخان بن محمود الشيباني

.

أحد الأمراء الكبار بدمشق، وصاحب المدرسة التي بجيرون، توفي في رجب.

410 -

‌ عبد الله بن أحمد

، أبو محمد الهمداني الجياني.

أخذ القراءات عن أبي عبد الله ابن الفراء صاحب مكي بن أبي طالب، وجلس للتعليم والإقراء، روى عنه أبو جعفر ابن الباذش.

411 -

‌ عبد الله بن طاهر بن محمد بن كاكو

، أبو محمد الصوري، الواعظ، المعروف بالقاضي ابن زينة، واعظ الأعزية.

قال ابن عساكر: كان كثير التطفيل، ذكر لي أنه سمع بمصر من أبي عبد الله القضاعي، وأنه تفقه ببغداد على أبي إسحاق الشيرازي، وأنه ولد سنة نيف وثلاثين وأربعمائة، اجتمعت به غير مرة.

412 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن

، أبو القاسم الأصبهاني الصفار، أخو أبي علي الدقاق الحافظ.

روى عن: إبراهيم سبط بحرويه، وعنه: أبو موسى، وتوفي في رمضان.

413 -

‌ عبد الرحمن بن سعيد

، أبو الحسن الطلبيري الأندلسي.

ص: 318

روى عن أبي الوليد مرزوق، وأبي عبد الله المغامي، وتوفي في شوال.

414 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن

، أبو محمد الجزباران.

ذكره عبد الغافر، فقال: شيخ معروف من أبناء المياسير وذوي النعم، سمع الكثير من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عثمان الصابوني، وأبي الحسين عبد الغافر، والكنجروذي، وأبي عثمان البحيري، وأبي بكر البيهقي، والمتأخرين، توفي سنة عشرين.

وذكره السمعاني فيمن أجاز له، وقال فيه: التميمي البيع الجيزباراني المعروف بالجيزباران، مات في ربيع الأول، سمعت من ولده محمد الكثير، وأما والده فعاش مائة وخمس سنين.

415 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عتَّاب بن محسن

، أبو محمد القرطبيُّ، مسند الأندلس في عصره.

قال ابن بشكوال: هو آخر الشيوخ الجلَّة الأكابر بالأندلس في علوِّ الإسناد، وسعة الرِّواية، سمع معظم ما عند أبيه، وسمع من حاتم بن محمد الطرابلسي. وأجاز له مكي ومحمد بن عبد الله بن عابد، وعبد الله بن سعيد الشّنتجالي، وأبو عمرو السَّفاقسي، وأبو حفص الزَّهراوي، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر ابن الحذَّاء. وجوَّد القراءات بالسبع على عبد الرحمن بن محمد بن شعيب المقرئ. وكان عارفاً بالطُّرق، واقفاً على كثير من التَّفسير والغريب والمعاني، مع حظٍّ وافر من اللغة والعربية، وتفقه عند أبيه، وشُوور في الأحكام بعده بقية عمره. وكان صدراً فيمن يُسْتَفْتَى لسنِّه وتقدُّمه. وكان من أهل الفضل والحَلْم والوقار والتواضع. وجمع كتاباً حفيلاً في الزُّهد

ص: 319

والرقائق سمَّاه شفاء الصُّدور. وكانت الرحلة إليه في وقته، وكان صابراً على القعود للناس، مواظباً على السماع، يجلس لهم النَّهار كلَّه وبين العشاءين. وسمع منه الآباء والأبناء، وسمعت عليه معظم ما عنده، وقال لي: ولدت في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في خامس جمادى الأولى، وله سبع وثمانون سنة.

قلت: وروى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجد، وعبد الحق بن عبد الملك بن بونه الغرناطي، وأخوه محمد بن عبد الملك، وأحمد بن عبد الملك بن عميرة الضَّبِّي، وأحمد بن يوسف بن رُشْد، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبادة الأنصاري، ومحمد بن يوسف بن سعاة المرسي، ومحمد بن عرَّاق الغافقي، وعبد الله بن خلف الفهري، وخلق.

416 -

‌ عبد العظيم بن سعيد اليحصبي

، الداني، المقرئ أبو محمد.

روى عن: أبي سهل المقرئ، وأبي الوليد الباجي، وأبي الحسن ابن الخشاب، وأبي القاسم الطليطلي، وأقرأ الناس بدانية، وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة.

417 -

‌ علي بن محمد بن دري

، أبو الحسن الطليطلي الغرناطي، خطيب غرناطة.

روى عن: أبي عبد الله المغامي، وأبي الوليد الوقشي، وأبي المطرف ابن سلمة، وجماعة.

وكان مقرئًا، فاضلًا، ضابطًا، عارفًا، أخذ الناس عنه، توفي في رمضان.

418 -

‌ عمر بن عبد الرحيم

، أبو حفص النيسابوري اللبيكي المقرئ.

سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، مات في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة وأشهر. أجاز للسمعاني.

ص: 320

419 -

‌ عمر بن محمود بن غلاب

، أبو حفص الإفريقي الباجي، باجة إفريقية، لا باجة الأندلس.

توفي في صفر، وله ست وثمانون سنة.

قال السلفي: علقت عنه حكايات عن شيوخه الذين صحبهم، كعبد الحق بن محمد السبتي، وعبد الجليل بن مخلوف.

420 -

‌ غانم بن الفضل بن محمد

، أبو الخير الأصبهانيُّ القصَّار.

روى عن إبراهيم سبط بحرويه. وعنه أبو موسى، وقال: كان شيخاً نبيلاً، توفي في ربيع الآخر.

421 -

‌ فاطمة بنت عبد القادر بن أحمد بن الحسين ابن السَّمَّاك الواعظة

، وتُدْعَى المباركة، أخت أبي الحسين.

امرأة واعظة عالمة، من بيت العلم؛ سمعت أبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وتوفيت في رجب أو شعبان، ولها نيِّف وتسعون سنة. روى عنها أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو طالب بن خُضَيْر، وأبو طاهر السِّلفي، وأبو القاسم ابن عساكر وهي أقدم شيخ توفي له ببغداد.

422 -

‌ فضل الله بن عمر بن أحمد بن محمد

، أبو طاهر المعروف بليلى النسوي، نزيل مرو، أحد شيوخ الصوفية.

سمع أبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وزاهر بن عطاء النسوي، وبدمشق: أبا القاسم الحسين بن محمد، وبصور: أبا بكر الخطيب، وبالقدس: عبد العزيز بن أحمد النصيبي.

روى عنه أبو سعد السعماني، وقال: كان شيخًا معمرًا مشهورًا، سمع منه الكبار في مجلس نظام الملك مثل جدي أبي المظفر السمعاني، ووالدي، وعمي، وتوفي في رمضان، ودفن برباطه بمرو، وله تسعون سنة.

423 -

‌ محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد

، أبي الوليد القرطبي المالكي، قاضي الجماعة بقرطبة.

روى عن أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه شيخه، وعن أبي مروان بن

ص: 321

سراج، ومحمد بن خيرة، ومحمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وأجاز له أبو العباس العذري.

قال ابن بشكوال: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه، مقدمًا فيه على جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم، نافذًا في علم الفرائض والأصول، من أهل الرياسة في العلم والبراعة والفهم، مع الدين والفضل والوقار والحلم، والسمت الحسن والهدي الصالح، ومن تصانيفه: كتاب المقدمات لأوائل كتب المدونة، وكتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، واختصار المبسوطة، واختصار مشكل الآثار للطحاوي، إلى غير ذلك، سمعنا عليه بعضها، وأجاز لنا سائرها، وسار في القضاء بأحسن سيرة وأقوم طريقة، ثم استعفى منه فأعفي، ونشر كتبه وتواليفه، وكان الناس يعولون عليه ويلجؤون إليه، وكان حسن الخلق، سهل اللقاء، كثير النفع بخاصته، جميل العشرة لهم، حافظًا لعهدهم، بارًا بهم، توفي في حادي عشر ذي القعدة، وصلى عليه ابنه أبو القاسم، وعاش سبعين سنة.

قلت: روى عنه أبو الوليد ابن الدباغ، فقال: كان أفقه أهل الأندلس في وقته، وقد صنف شرحًا للعتبية، وبلغ فيه الغاية.

قلت: وهو جد ابن رشد الفيلسوف.

424 -

‌ محمد بن أبي أحمد بن العباس الزاهد

، أبو الفتح المروزيُّ الصائغ، المعروف بإسلام.

مات في جمادى الأولى عن تسعين سنة. سمع محمد بن بختويه الشِّيرنخشيري، وأبا محمد بن الحسن القزَّاز، وجماعة.

قال السَّمعاني: سمعت منه الكثير، يقال: لازم اعتكاف العشر الأُخر بالجامع ستين عاماً.

425 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد الشِّبلي

، أبو الغنائم القصَّار، أخو هبة الله.

ص: 322

سمع ابن النَّقُّور، وأبا نصر الزَّينبي، وعنه أبو محمد ابن الخشَّاب.

توفي فيها ظنًّا.

426 -

‌ محمد بن بركات بن هلال بن عبد الواحد

، أبو عبد الله السَّعيديُّ المصريُّ النَّحويُّ اللغويُّ.

أحد الأعلام، أخذ النَّحو عن طاهر بن بابشاذ، وسمع الصَّحيح بمكة من كريمة، وسمع من عبد العزيز ابن الضرَّاب، وأبي عبد الله القُضَاعي، وجماعة.

قال أبو طاهر السِّلفي: كان شيخ مصر في عصره في اللُّغة، وقال لي: إن مولده في المحرم سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الآخر، وله مائة سنة وثلاثة أشهر.

قلت: كان يمكنه السَّماع من مسند مصر أبي عبد الله بن نظيف، وقد روى عنه أبو القاسم البوصيري وجماعة، والشريف الخطيب، وإسماعيل بن علي النَّحوي.

وقيل: إن ابن بركات مرَّ في الطريق فرأى يعقوب بن خرَّزاد النَّجيرمي ولم يهتد للأخذ عنه، وأخذ عنه عن أصحابه.

قال أبو المكارم هبة الله بن صدقة: وقف ابن بركات النَّحوي للأفضل أمير الجيوش فأنشده:

يا رحمة الله التي واسعها لم يضق لم يبق إلا رمقي فاستبق منِّي رمقي تسعون عاماً فنيـ ـت بخمسة في نسق وعن قليل لا أرى كأنني في نسق فسأله عنه الأفضل، فقالوا: هذا بحر العلم ابن بركات، فقال له الأفضل: أنت شيخ معروف وفضلك موصوف، وقد حملنا عنك الوقف، وأمر له بشيء.

قال السِّلفي: سمعت محمد بن بركات يقول: لما قرأت الشهاب على مؤلفه، فقلت له في قوله يا دنيا مري على عبادي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم

ص: 323

بضم مُري، فقلت: هو من المرور أو من المرارة؟ قال: من المرارة، فقلت: يجب أن يفتح، فقال: صدقت، وأصلحه.

قال السِّلفي: هو ثقة فاضل، كان ابن القطَّاع يقول فيه: مزبلة علم.

قال العماد الكاتب: له في مسافر العطَّار:

يا عنُق الإبريق من فضَّة ويا قوام الغُصْن الرَّطْب هبك تجافيت فأقصيتني تقدر أن تخرُج من قلبي

427 -

‌ محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون

، أبو بكر الأندلسي الأوريولي الحافظ.

روى عن أبيه، وأبي الحسن طاهر بن مفوز، وأكثر عن أبي علي بن سكرة، وغيره.

وكان معتنيًا بالحديث، عارفًا بالرجال، وله استدراك على ابن عبد البر في كتاب الصحابة في سفرين، وكتاب، آخر في أوهام الصحابة المذكور، وأصلح أيضًا أوهام معجم ابن قانع في جزء، وأجاز لابن بشكوال من مرسية.

428 -

‌ محمد بن الربيع

، أبو سعد الهروي الجبلي.

يروي صحيح البخاري عن أبي عمر المليحي، ويروي جامع الترمذي عن جماعة، توفي في حدود العشرين.

429 -

‌ محمد بن عبد الخالق بن محمد

، القاضي أبو المؤيد ابن القاضي أبي بكر.

ولي قضاء سمرقند، ثم قضاء كش أكثر من ثلاثين سنة، وكان من خيار الحنفية، مات أبوه في سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أبوه مستملي شمس الأئمة الحلواني بكش.

430 -

‌ محمد بن علي بن ميمون

، أبو بكر الدَّبَّاس المقرئ.

شيخ بغدادي، روى عن أبي نصر الزَّينبي، وعاصم بن الحسن،

ص: 324

وجماعة. روى عنه ذاكر بن كامل وغيره.

431 -

‌ محمد بن عمر بن محمد بن قرطف

، أبو عبد الله النُّعمانيُّ ثم البغداديُّ.

سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور وغيره. وعنه المبارك بن كامل؛ قاله ابن النَّجَّار.

432 -

محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب، أبو بكر الفهريُّ الطرطوشيُّ الأندلسيُّ الفقيه المالكيُّ، نزيل الإسكندرية، وطرطوشة: آخر بلاد المسلمين من الأندلس، وقد عادت للفرنج، ويُعرف بابن أبي زندقة.

صحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقُسْطَة وأخذ عنه مسائل الخلاف ثم حجَّ، ودخل العراق، وسمع بالبصرة السُّنن من أبي علي التُّستري، وسمع ببغداد من قاضي القضاة محمد بن علي الدَّامغاني، ومحمد بن أبي نصر الحميدي، ورزق الله التَّميمي، وجماعة وتفقه على أبي بكر الشَّاشي، ودخل الشَّام وأقام ببيت المقدس مدَّةً، ثم سكن الإسكندرية ودرَّس بها.

قال ابن بشكوال: كان إماماً، عالماً، عاملا، زاهداً، ورعاً، ديِّناً، متواضعاً، متقشِّفًا، متقلِّلاً من الدُّنيا، راضياً باليسير، أخبرنا عنه القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري، ووصفه بالعلم والعمل والفضل والزُّهد والإقبال على ما يعنيه قال لي: إذا عرض لك أمران، أمر دنيا وأمر أخُرى فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدُّنيا والأخرى.

وقال الفقيه إبراهيم بن مهدي بن قلنبا: كان شيخُّنا أبو بكر زهدُه وعبادته أكثر من علمه.

وقال بعض العلماء: أنجب على أبي بكر الطَّرطوشي نحو مائتي فقيه مفتي، وكان يأتي إلى الفقهاء وهم نيام فيضع في أفواههم الدَّنانير فيستفيقوا فيرونها في أفواههم.

ص: 325

ونقل القاضي ابن خلِّكان أنه دخل على الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بمصر فبسط تحت مئزره وكان إلى جانب الأفضل نصراني فوعظ الأفضل حتى أبكاه ثم أنشده:

يا ذا الذي طاعته قرْبَةٌ وحقه مفترض واجب إنَّ الذي شُرِّفت من أجله يزعم هذا أنَّه كاذب وأشار إلى النَّصراني، فأقام الأفضل النَّصراني من موضعه.

وقد صنَّف كتاب سراج الملوك للمأمون ابن البطائحي الذي ولي وزارة مصر بعد الأفضل، وصنَّف طريقة في الخلاف وكان المأمون قد بالغ في إكرامه.

وتوفي أبو بكر بالإسكندرية فيما قال أبو الحسن بن المُفَضَّل في جمادى الأولى، قال: وهو نشر العلم بالإسكندرية، وأكثر شيوخنا من طلبته.

وقال غيرُه: ولد تقريباً سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ودخل بغداد في سنة سبع وسبعين في حياة أبي نصر الزَّينبي، وقال: رأيت بها آية؛ كنت جالساً يوماً العصر لإحدى عشرة بقيت من جُمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين إذ سمعنا دويًّا عظيماً وأقبل ظلام فإذا ريح لم أر قط أقوى ولا أشد عصوفاً منها. سوداء ثخينة يبين لك جسمها فاسودَّ النَّهار وذهبت آثاره، وغابت الشَّمس وأثرها، وبقينا كأنا في أشدِّ ما يكون من الظَّلام الحُنْدُس لا يبصر أحد يده، وماج النَّاس ولم نشك أنها القيامة أو خسف أو عذاب قد أحاط بالخلائق وبقي الأمر كذلك قدر ما ينضج الخُبْز. ورجع ذلك السَّواد حُمْرة كأنه لهب نار أو جمر يتوقَّد فلم نشك حينئذ أنها نار أرسلها الله على العباد، وأيسنا من النَّجاة، ثم مكثت أقل من مكث الظَّلام، وتجلَّت بحمد الله عن سلامة ونهب النَّاس بعضهم بعضاً في الأسواق وتخاطفوا عمائمهم ورحالاتهم، ثم طلعت الشَّمس، وبقيت ساعة إلى الغروب. ذكرها في الجزء الأول من فوائده.

وقد روى عنه السِّلفي، وأبو الحسن سلاَّر ابن المقدّم الفقيه، وجوهر بن لؤلؤ المقرئ، وصالح بن إسماعيل الفقيه ابن بنت معافى المالكي، وعبد الله بن عطاف الأزدي، ويوسف بن محمد القروي الفرضي، وعليّ بن مهدي بن

ص: 326

قُلُنْبَا، وأبو طالب أحمد بن المُسلَّم اللَّخْمي، وظافر بن عطية اللَّخْمي، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العُثْماني، وعبد المجيد بن دُلَيل، وآخرون.

433 -

‌ المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد

، أبو البقاء ابن الخل البغداديُّ الصُّوفيُّ، والد الفقيه أبي الحسن.

سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا عبد الله بن سكِّينة. وحدَّث باليسير.

قال أبو سعد السَّمعاني: وله كلام على لسان الصُّوفية بالغ فيه حتى خرج إلى الشَّطح. روى عنه ابنه أبو الحسن.

434 -

‌ مسعود بن الحسين

، أبو المعالي الكشاني السمرقندي.

نقله الخاقان من بخارى إلى سمرقند للتدريس بالمدرسة الخاقانية وولاه خطابة سمرقند، فبقي على ذلك مدة، وتوفي في ربيع الأول، وله ثلاث وسبعون سنة.

تفقه عليه غير واحد.

435 -

منصور بن محمد بن أحمد، الأمير أبو سعد الشَّيبانيُّ العاصميُّ البُوشَنْجيُّ.

أديب خراسان، ومن سار شعره في الآفاق. سمع جدَّه أبا القاسم أحمد بن محمد العاصمي، وجمال الإسلام الدَّاودي، والفضل بن إسماعيل الجُرْجاني، ولما عُمِّر أملى مجالس، وحضره الأئمة.

ولد سنة اثنتين وخمسين، ومات في شوال، وتوفي جده في سنة ثمانين وأربعمائة.

436 -

‌ مهران بن عليّ بن مهران

، أبو الفرج القرمسينيُّ التَّاجر، نيزل الثَّغْر.

قال السِّلفي: كان لي به أنس، وسمع معي وأخبرنا عن أبي العبَّاس

ص: 327

الرَّازي وقال: ولدت سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وتوفي في المحرَّم وشيَّعه خلق لا يُحْصون.

قلت: وعنه العثماني أيضاً.

437 -

‌ هبة الله بن علي بن إبراهيم

، أبو المعالي الشِّيرازيُّ القاضي نزيل كرمان، وكان من كبار العلماء.

أملى عدَّة مجالس، سمع عبد الوارث بن أحمد الشِّيرازي وأحمد بن أحمد الواسطي، وأبا المُطَهَّر البُزاني، وأبا الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي، وطائفة.

قال أبو سعد السَّمعاني: حدَّثنا عنه عبد الخالق اليوسفي، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل، وأحمد بن محمد الرُّناني، وكتب إليَّ بالإجازة بمسموعاته، ومن شعره:

رواة أحاديث الرَّسول عصابة بهم يثبت الإسلام والدِّين والدُّنيا فلولاهم لم يبد للدِّين منصب ولم يكُ بين النَّاس حكم ولا فتيا أجاز لنا في شعبان من سنة عشرين وتوفي بعيد ذلك.

438 -

‌ واثق بن عبد الملك بن أحمد الطَّبريُّ

، أبو القاسم سِبْط الشِّبليِّ.

سمع ببغداد، ورحل وسمع بنيسابور، وبلخ، وهراة، والنَّواحي. وكان متَّهماً، أفسد سماعات جماعة، ولم يُمتَّع، مات أيام الطَّلب في هذا الوقت، وقيل: مات بعد العشرين.

439 -

‌ يحيى بن علي

ّ، أبو سعد الحلوانيُّ الفقيه الشَّافعيُّ، أحد الأئمة ببغداد.

تفقه على أبي إسحاق الشِّيرازي ولزمه مدة، وكان بارعاً في المناظرة، ولي تدريس النِّظامية مدَّة. وسمع من أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي إسحاق شيخه، وجماعة.

ص: 328

قال أبو سعد السَّمعاني: قَدِمَ علينا رسولاً إلى خاقان ملك ما وراء النَّهر في رجب سنة عشرين فسمعت منه جزءاً وكان سيِّئ الخلق، عسراً متكبِّرًا، ولد بعد الخمسين وأربعمائة، مات بسمرقند في رمضان.

قلت: هو مصنِّف كتاب التَّلويح في المذهب.

440 -

‌ يوسف بن موسى

، أبو الحجّاج السّرقسطيُّ الضّرير.

روى عن أبي عليّ الغسَّاني، وأبي مروان بن سراج وكان من أهل النَّحْو والتَّقَّدُّم في الكلام والاعتقاد. وهو أحد الأئمة، وله تصانيف حسان، وانتقل أخيراً إلى العدوة.

ص: 329

ومن هذه الطبقة ممن لا أعرف وفاته

441 -

‌ أحمد بن العبَّاس الكوشيديُّ

، أبو غالب الأصبهانيُّ.

سمع ابن ريذة. وعنه أبو موسى.

442 -

‌ أحمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أحمد بن سلمويه

، أبو العباس النيسابوري الصوفي، من أولاد المشايخ.

مر أبوه سنة ثمان وسبعين، وهو شيخ صالح، سمع من عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، وغيرهما.

سمع منه: أبو سعد السمعاني حضورًا، وذكره في الأنساب في السلمويي، وقال: توفي سنة

عشرة وخمسمائة.

443 -

‌ إسحاق بن أحمد بن محمد

، أبو طاهر الراشتيناني الأصبهاني.

روى عنه أبو موسى المديني، وغانم بن محمد الصفار، أو القصار الكراني، ومحمد بن أبي زيد بن حمد الكراني، وأبو نعيم أحمد بن أبي الفضل الهراس الكراني، وغيرهم. سمع من ابن ريذة.

444 -

‌ أسعد بن أحمد بن أبي روح

، القاضي العالم أبو الفضل الطرابلسي، رأس الشيعة بالشام، وتلميذ القاضي ابن البراج.

جلس بعد ابن البراج بطرابلس لتدريس الرفض، وصنف التصانيف، وولاه ابن عمار قضاء طرابلس بعد ابن البراج، وكان أخذه عن ابن البراج في سنة ثمانين وأربعمائة وقبلها، وله كتاب عيون الأدلة في معرفة الله، وكتاب التبصرة في خلاف الشافعي للإمامية، وكتاب البيان عن حقيقة الإنسان، وكتاب المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بن أنس، وكتاب التبيان في الخلاف بيننا وبين النعمان، مسألة تحريم الفقاع، كتاب الفرائض، كتاب المناسك، كتاب البراهين، وأشياء أخر ذكرها ابن أبي طيئ في تاريخه، وأنه انتقل من طرابلس إلى صيدا، وأقام بها، وكان مرجع الإمامية بها إليه،

ص: 330

فلم يزل إلى أن ملكت الفرنج صيدا، قال أبي: فأظنه قتل بصيدا عندما ملكت الفرنج البلاد، ورأيت من يقول: إنه انتقل إلى دمشق.

قال: وذكره ابن عساكر، فقال: كان جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته.

قال: وكان عظيم الصلاة والتهجد، لا ينام إلا بعض الليل، وكان صمته أكثر من كلامه.

قلت: لم أره في تاريخ ابن عساكر، وحكى أبو اللطيف الداراني، قال: ما استيقظت من الليل قط إلا وسمعت حسه بالصلاة، وبالغ في وصفه، وحكى له كرامة، وحكى الراشدي تلميذه قال: جمع ابن عمار بين أبي الفضل وبين مالكي فناظره في تحريم الفقاع، وكان الشيخ جريئًا فصيحًا، فنطق بالحجة ووضح دليله، فانزعج المالكي وقال: كلني كلني، فقال: ما أنا على مذهبك، أراد أن مذهبه جواز أكل الكلب.

وقال له ابن عمار يومًا: ما الدليل على حدث القرآن؟ قال: النسخ، والقديم لا يتبدل ولا يدخله زيادة ولا نقص.

وقال له آخر: ما الدليل على أنا مخيرون في أفعالنا؟ قال: بعثة الرسل، وقال له أبو الشكر بن عمار: ما الدليل على المتعة؟ قال: قول عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أنهى عنهما، فقبلنا روايته، ولم نقبل قوله في النهي.

قلت: هلا قبلت رواية إمامك علي في النهي عن متعة النساء؟!.

445 -

‌ حَمْد بن عليّ

، أبو شُكر الحبَّال الأصبهانيُّ.

سمع ابن ريذة. من شيوخ أبي موسى.

446 -

‌ خَجَستة بنت علي بن أبي ذر الصَّالحانية الواعظة

، أمُّ الرَّجاء.

روت عن ابن ريذة. وعنها أبو موسى، وداود بن نظام الملك، ومحمد بن أحمد الفارفاني، وناصر الويرج.

447 -

‌ سليمان الشَّاطبيُّ ويعرف بالبَيْغيِّ

، نزيل سَبْتَة.

روى عن أبي عمر بن عبد البر، وأبي العبَّاس العُذْري. حمل عنه القاضي

ص: 331

عياض، وتوفي في حدود العشرين وخمسمائة.

448 -

‌ علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم

، الإمام أبو الحسن النيسابوري.

أحد الوجوه، من أئمة أصحاب أبي عبد الله، البارع في الفنون، سمع الحديث في صباه، وسمع صحيح مسلم من أبي الحسين عبد الغافر، وسمع من أبيه، وله أولاد نجباء.

449 -

‌ علي بن هاشم بن طاهر أبو الحسين العلوي

.

450 -

‌ ومحمد بن أبي الهيثم القصار كذلك

.

451 -

‌ عيسى بن شعيب بن إبراهيم

، أبو عبد الله السجزي.

شيخ صالح، خير، سكن هراة وولد له بها أبو الوقت، سمع علي بن بشرى الليثي.

قال أبو سعد السعماني: أجاز لي مسموعاته، ومات سنة نيف عشرة وخمسمائة.

قلت: مر سنة اثنتي عشرة.

452 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين

، أبو منصور الرزاز الخلال، ويعرف بالرفاء، أخو أبي تغلب.

شيخ بغدادي عالي الإسناد، حدث في سنة سبع عشرة، وكان ذا دين وصلاح وتلاوة، ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في صفر، وسمع من الحافظ أبي محمد الخلال، وأبي طالب العشاري، والجوهري.

روى عنه المبارك بن أحمد الأنصاري، وصالح بن زرعان التاجر، ويحيى بن بوش.

ذكره ابن النجار.

ص: 332

453 -

‌ محمد بن أحمد بن جُوامَرْد

، أبو بكر الشِّيرازيُّ النَّحويُّ عُرِفَ بالقطَّان.

من نُحاة بغداد، أخذ عن عليّ بن فضَّال المجاشعي، وغيره. وسمع من عاصم بن الحسن وغيره.

روى عنه السِّلفي، وأبو محمد الخشَّاب، وعلَّق عنه ابنُ الخشَّاب من النَّحو، وكان يعتمد على نقله، وقال: أنشدني سنة عشر ببغداد.

وقد ذكره القِفْطي مختصراً، وقال: وعنه أخذ ابن الخشَّاب حتى نُقِلَ عن ابن الخشَّاب أنه لم يقرأ النَّحو على غيره، ولم يذكر متى توفي.

454 -

‌ محمد بن عبد الجبار بن محمد بن الحسن

، أبو سعد الجويمي الفارسي، المقرئ الشيرازي.

أحد من عني بالقراءات، ورحل إلى الآفاق فيها، وصنف فيها المصنفات، قرأ على أهل فارس وأصبهان وبغداد، وسمع من جماعة، قرأ بتستر على: أبي القاسم هبة الله بن علي بن عراك المغربي التاجر، تلميذ أبي عمرو الداني، وأبي علي الأهوازي، وقرأ بالأهواز على: أبي بكر محمد بن عبد الكريم الفرغاني، وببغداد على: أبي الخطاب ابن الجراح، وابن سوار، وسمع من طراد، وجماعة، وسكن بغداد، قرأ عليه: المبارك بن كامل الخفاف، وهبة الله ابن بدر العجان في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

وروى عنه معمر بن الفاخر.

455 -

‌ محمد بن عبد الملك بن محمد

، أبو بكر الأشتاني، المؤدب، الأديب، المعروف بالباقلاني، وأشتان من قرى بلد الخالص.

سكن بباب الأزج يؤدب، روى عنه من شعره: منوجهر بن تركانشاه، وأبو نصر الرسولي، وأبو المعمر المبارك الأنصاري، قال أبو المعمر: أنشدنا لنفسه:

قل للمليحة في الخمار المذهب ذهب الزمان وحبكم لم يذهب وجمعت بين المذهبين فلم يكن للحسن عن ذهبيهما من مذهب

ص: 333

نور الخمار ونور وجهك نزهة عجبًا لخدك، كيف لم يتلهب؟ وإذا بدت عيني لتسرق نظرة قال الجمال لها: اذهبي لا تذهب

456 -

‌ المؤيد بن الجنيد بن محمد

، أبو الفتوح الإسفراييني، الصوفي، شيخ الصوفية.

قال عبد الغافر: يختم في اليوم والليلة ويتهجد لصلاة الليل، ويقوم بحقوق الصوفية، سمع من سعيد بن أبي سعيد العيار، وتوفي قبل العشرين وخمسمائة.

457 -

‌ نجا بن سعود الحبشي

، مولى بني يوسف.

سمع أبا الحسين ابن النقور، وغيره، وعنه أبو المعمر الأنصاري، ويحيى بن بوش.

458 -

‌ هبة الله بن علي ابن العقاد

، أبو الحسين العجلي، المؤدب.

من فضلاء بغداد، روى عن أبي طالب بن غيلان.

قال ابن السمعاني: كان أديبا لسنًا، له بلاغة وفصاحة وفيه دين وعفة، سمع بإفادة أبيه.

حدثنا عنه أبو المعمر الأزجي، ومحمد بن علي بن عبد السلام الكاتب.

459 -

‌‌

‌ هبة الله بن علي بن محمد

البغدادي

ُّ، أبو محمد.

عن أبي محمد الجوهري. وعنه أبو المُعَمَّر.

460 -

هبة الله بن عليّ بن محمد، أبو البركات الكرْخيُّ الحاجب.

عن أبي جعفر ابن المُسْلمة. وعنه أبو المُعَمَّر أيضاً.

461 -

هبة الله بن عليّ بن محمد، أبو نصر ابن المُجْلي البابَّصريُّ.

فاضل، ديِّن، ثقة، له تخاريج وجموع وخُطب. سمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبا الغنائم ابن المأمون. روى عنه أبو البركات بن أبي سعد بعض خُطَبه. وقد سَمِعَ الكثير.

ص: 334

462 -

يحيى بن علي بن عبد اللطيف، أبو الحسن التنوخي المعري، الأديب.

ذكر أنه سمع من أبي صالح محمد بن المهذب بالمعرة، وروى أناشيد عن عبد الباقي بن أبي حصين المعري، وغيره.

كتب عنه السلفي، وقال: هو حفظة للتواريخ وأخبار العرب والملوك، وأشعار القدماء والمحدثين، قال لي قاضي دمشق أبو المعالي: هذا تاريخ الشام.

قال السلفي: وكان يتحرى الصدق، ويذكر بالصلاح.

قال السلفي: أنشدنا يحيى بن علي، قال: حفظني أبي هذين البيتين، ثم أمر غلامنا، فحملني إلى أبي العلاء المعري، فقرأتهما عليه، وهما له:

إلى الله أشكو أنني كل ليلة إذا نمت لم أعدم طوارق أوهام فإن كان شرًا فهو لا بد واقع وإن كان خيرًا فهو أضغاث أحلام

463 -

‌ يوسف بن أحمد بن عبد الله

، أبو يعقوب اللجامي الغزنوي، الواعظ الشهير.

سار ذكره في الآفاق، وتخرج به العلماء، وله رحلة إلى العراق وغيرها، وعمر حتى صار يحمل في محفة.

ذكره السمعاني هكذا فيمن أجاز له، وقال: سمع أبا بكر بن ريذة الضبي، وخاله محمد بن أحمد بن حمدان الحدادي، ويوسف بن إسرائيل القاضي، وأبا محمد سعيد بن إسحاق المفسر، وأبا عثمان العيار، وعلي بن نصر الدينوري اللبان، وأبا جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني، توفي بغزنة في السنة التي توفي فيها القاضي الفخر.

ص: 335

كذا قال، ولم أعرف وفاة الفخر.

*- أبو عدنان، محمد بن أبي نزار.

مر سنة ست عشرة وخمسمائة.

(آخر الطبقة والحمد لله)

ص: 336

‌الطبقة الثالثة والخمسون

521 – 530 هـ

ص: 337

بسم الله الرحمن الرحيم

(الحوادث)

‌سنة إحدى وعشرين وخمسمائة

قد ذكرنا أن أهل بغداد كلهم كانوا بالجانب الغربي، وعسكر محمود في الجانب الشرقي، وتراموا بالنشاب، ثم إن جماعة من عسكر محمود حاولوا الدخول إلى دار الخلافة من باب النوبي، فمنعتهم الخاتون، فجاءوا إلى باب الغربة في رابع المحرم، ومعهم جمع من الساسة والرعاع، فأخذوا مطارق الحدادين، وكسروا باب الغربة، ودخلوا إلى التاج فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشط، فخرج الجواري حاسرات يلطمن، ودخلن دار خاتون، وضج الخلق، فبلغ الخليفة، فخرج من السرادق، وابن صدقة بين يديه، وقدموا السفن في دفعةً واحدة، ودخل عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السلاح، وكشفوا عنهم بالنشاب، ورمى العيارون أنفسهم في الماء وعبروا، وصاح المسترشد بالله بنفسه: يا آل بني هاشم، فصدق الناس معه القتال، وعسكر السلطان مشغولون بالنهب، فلما رأوا عسكر الخليفة ذلوا وولوا الأدبار، ووقع فيهم السيف، واختفوا في السراديب، فدخل وراءهم البغداديون وأسروا جماعة، وقتلوا جماعة من الأمراء، ونهب العامة دور أصحاب السلطان، ودار وزيره، ودار العزيز أبي نصر المستوفي، وأبي البركات الطيب، وأخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف، وقتل من أصحاب السلطان عدةٌ وافرةٌ في الدروب والمضائق.

ثم عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرم بالجيش، وهم نحو ثلاثين ألف مقاتل بالعوام وأهل البر، وحفروا بالليل خنادق عند أبواب الدروب، ورتب على أبواب المحال من يحفظها، وبقي القتال أيامًا إلى يوم عاشوراء، انقطع القتال، وترددت الرسل، ومال الخليفة إلى الصلح والتحالف، فأذعن

ص: 339

السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، واطمأن الناس، وطمت الخنادق، ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزًا، ولولا الصلح لمتنا جوعًا، وكانوا يسلقون القمح ويأكلونه، فما رؤي سلطانٌ حاصر فكان هو المحاصر، إلا هذا، وظهر منه حلم وافر عن العوام، وبعث الخليفة مع علي بن طراد إلى سنجر خلعًا وسيفين، وطوقًا ولواءين، ويأمره بإبعاد دبيس من حضرته.

وجاء الخبر بأن سنجر قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا، فقتلوا وزيره المعين، لأنه كان يحرض عليهم وعلى استئصالهم، فتحيل رجل منهم، وخدم سائسًا لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقتل بعده، وكان هذا الوزير ذا دين ومروءة، وحسن سيرة.

ومرض السلطان محمود في الميدان، وغشي عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه، ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأرجف بموته ثم خلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب همذان، وفوض شحنكية بغداد إلى عماد الدين زنكي.

وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره وحبسه، وكان السبب أن الوزير تكلم على العزيز، وأن برنقش الزكوي تكلم على الوزير، ثم بعث السلطان إلى أنوشروان بن خالد الملقب شرف الدين، وهو ببغداد، فاستوزره، فلم يكن له ما يتجهز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخيم والخيل، فرحل إلى أصبهان في أول رمضان في السنة، أقام في الوزارة عشرة أشهر، واستعفى وعاد إلى بغداد.

وفي رمضان وصل مجاهد الدين بهروز إلى بغداد، وقد فوض إليه السلطان بغداد والحلة، وفوض إلى زنكي الموصل، فسار إليها.

ومات عز الدين مسعود بن آقسنقر البرسقي في هذه السنة، وكان قد ولي الموصل بعد قتل والده، واتفق موته بالرحبة، فإنه سار إليها، وكان بطلًا شجاعًا، عالي الهمة، رد إليه السلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التغلب

ص: 340

على الشام، فسار بعساكره، فبدأ بالرحبة، فحاصرها، ومرض مرضًا حادًا، فتسلم القلعة، ومات بعد ساعة، وبقي مطروحًا على بساط، وتفرق جيشه، ونهب بعضهم بعضًا، فأراد غلمانه أن يقيموا ولده، فأشار الوزير أنوشروان بالأتابك زنكي لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج، لعنهم الله.

وفيها سئل أبو الفتح الإسفراييني في مجلسه ببغداد عن الحديث: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، فقال: لم يصح، والحديث في الصحيح.

وقال يومًا على المنبر: قيل يا رسول الله، كيف أصبحت؟ فقال: أعمى بين العميان، ضالًا بين الضلال، فاستحضره الوزير، فأقر، وأخذ يتأول تأولات فاسدة، فقال الوزير للفقهاء: ما تقولون؟ فقال ابن سلمان مدرس النظامية: لو قال هذا الشافعي ما قبلنا منه، ويجب على هذا أن يجدد إيمانه وتوبته، فمنع من الجلوس بعد أن استقر أنه يجلس، ويشد الزنار، ثم يقطعه ويتوب، ثم يرحل، فنصره قوم من الأكابر يميلون إلى اعتقاده، وكان أشعريًا، فأعادوه إلى الجلوس، وكان يتكلم بما يسقط حرمة المصحف من قلوب العوام، فافتتن به خلق، وزادت الفتن ببغداد، وتعرض أصحابه لمسجد ابن جردة فرجموه، ورجم معهم أبو الفتوح، وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف مسللة، ثم اجتاز بسوق الثلاثاء، فرجم ورميت عليه الميتات، ومع هذا يقول: ليس هذا الذي نتلوه كلام الله، إنما هو عبارة ومجاز، ولما مات ابن الفاعوس انقلبت بغداد، وغلقت الأسواق، وكان عوام الحنابلة يصيحون على عادتهم: هذا يوم سني حنبلي لا أشعري ولا قشيري ويصرحون بسب أبي الفتوح هذا، فمنعه المسترشد بالله من الجلوس، وأمره أن يخرج من بغداد، وكان ابن صدقة يميل إلى السنة، فنصرهم.

ص: 341

ثم ظهر عند إنسان كراس قد اشتراها، فيها مكتوب القرآن، وقد كتب بين الأسطر بالأحمر أشعار على وزن أواخر الآيات، ففتش على كاتبها، فإذا هو مودب، فكبس بيته، فإذا فيه كراريس كذلك، فحمل إلى الديوان، وسئل عن ذلك، فأقر، وكان من أصحاب أبي الفتوح، فنودي عليه على حمار، وشهر، وهمت العامة بإحراقه، ثم أذن لأبي الفتوح، فجلس.

وظهر في هذه الأيام الشيخ عبد القادر الجيلي، فجلي في الحلبة، فتشبث به أهل السنة، وانتصروا بحسن اعتقاد الناس فيه.

‌سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة

فيها توفي ابن صدقة الوزير، وناب في الوزارة علي بن طراد.

وفيها ذهب السلطان محمود إلى السلطان سنجر، فاصطلحا بعد خشونة، ثم سلم سنجر إليه دبيسًا، وقال: تعزل زنكي ابن آقسنقر عن الموصل والشام، وتسلم البلاد إلى دبيس، وتسأل الخليفة أن يرضى عنه، فأخذه ورحل.

وقال أبو الحسن ابن الزاغوني: تقدم إلى نقيب النقباء ليخرج إلى سنجر، فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار، ليعفى، فتقدم إلى شيخ الشيوخ ليخرج، فرفع إلى الخزانة خمسة عشر ألف دينار ليعفى.

وتطاول للوزارة عز الدولة بن المطلب، وابن الأنباري، وناصح الدولة ابن المسلمة، وأحمد ابن نظام الملك، فمنعوا من الكلام في ذلك.

وفي أول السنة سار عماد الدين زنكي فملك حلب، وعظم شأنه، واتسعت دولته.

‌سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة

في المحرم دخل السلطان محمود بغداد، وأقام دبيس في بعض الطريق، واجتهد في أن يمكن دبيس من الدخول فلم يمكن ونفذ إلى زنكي ليسلم البلاد إلى دبيس فامتنع.

ص: 342

وأمر السلطان بالختم على أموال وقف مدرسة أبي حنيفة ومطالبة العمال بالحساب، ووكل بقاضي القضاة الزينبي لذلك، وكان قد قيل للسلطان: إن دخل المكان ثمانون ألف دينار، ما ينفق عليه عشره.

وفي ربيع الآخرة خلع المسترشد على أبي القاسم علي بن طراد واستوزره.

وضمن زنكي أن ينفذ للسلطان مائة ألف دينار، وخيلًا، وثيابًا، على أن يقر في مكانه، واستقر الخليفة على مثل ذلك، على أن لا يولى دبيس شيئًا، وباع الخليفة عقارًا بالحريم، وقرى لذلك، وما زال يصحح، ثم إن دبيسًا دخل إلى بغداد بعد جلوس الوزير ابن طراد، ودخل دار السلطان، وركب في الميدان ورآه الناس.

وجاء زنكي فخدم السلطان، وقدم تحفا، فخلع عليه، وأعاده إلى المنصب ورحل السلطان، وسلمت الحلة والشحنكية إلى بهروز.

وكانت بنت سنجر التي عند ابن عمها السلطان محمود قد تسلمت دبيسًا من أبيها، فكانت تشد منه وتمانع عنه، فماتت، ومرض السلطان محمود، فأخذ دبيس ولدًا صغيرًا لمحمود، فلم يعلم به حتى قرب من بغداد، فهرب بهروز من الحلة، فقصدها دبيس ودخلها في رمضان وبعث بهروز عرف السلطان، فطلب قزل والأجهيلي، وقال: أنتما ضمنتما دبيسًا، فلا أعرفه إلا منكما.

وساق الأجهيلي يطلب العراق، فبعث دبيس إلى المسترشد: إن رضيت عني رددت أضعاف ما نفذ من الأموال، فقال الناس: هذا لا يؤمن، وباتوا تحت السلاح طول رمضان، ودبيس يجمع الأموال، ويأخذ من القرى، حتى قيل: إنه حصل خمسمائة ألف دينار، وإنه قد دون عشرة آلاف، بعد أن كان قد وصل في ثلاثمائة فارس، ثم قدم الأجهيلي بغداد، وقبل يد الخليفة، وقصد الحلة، وجاء السلطان إلى حلوان، فبعث دبيس إلى السلطان رسالة وخمسين مهرًا عربية، وثلاثة أحمال صناديق ذهب، وذكر أنه قد أعد إن رضي عنه الخليفة ثلاثمائة حصان، ومائتي ألف دينار، وإن لم يرض عنه دخل البرية، فبلغه أن السلطان حنق عليه، فأخذ الصبي وخرج من الحلة، وسار إلى

ص: 343

البصرة، وأخذ منها أموالًا كثيرة، وقدم السلطان بغداد، فبعث لحربه قزل في عشرة آلاف فارس، فسار دبيس ودخل البرية.

وفي سنة ثلاث أظهر عماد الدين زنكي بن آقسنقر أنه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إلى تاج الملوك بوري يستنجده، فبعث له عسكرًا بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق، وأمر ولده سونج أن يسير إليه من حماة، ففعل فأكرمهم زنكي، وطمنهم أيامًا، وغدر بهم، وقبض على سونج، وعلى أمراء أبيه، ونهب خيامهم، وحبسهم بحلب، وهرب جندهم، ثم سار ليومه إلى حماة، فاستولى عليها، ونازل حمص ومعه صاحبها خيرخان فأمسكه، فحاصرها مدة، ولم يقدر عليها ورجع إلى الموصل، ولم يطلق سونج ومن معه حتى اشتراهم تاج الملوك بوري منه بخمسين ألف دينار، ثم لم يتم ذلك، ومقت الناس زنكي على قبيح فعله.

وفيها وثبت الباطنية على عبد اللطيف ابن الخجندي رئيس الشافعية بأصبهان، ففتكوا به.

وأما بهرام، فإنه عتى وتمرد على الله، وحدثته نفسه بقتل برق بن جندل من مقدمي وادي التيم لا لسبب، فخدعه إلى أن وقع في يده فذبحه، وتألم الناس لذلك لشهامته وحسنه وحداثة سنه، ولعنوا من قتله علانية، فحملت الحمية أخاه الضحاك وقومه على الأخذ بثأره، فتجمعوا وتحالفوا على بذل المهج في طلب الثأر، فعرف بهرام الحال، فقصد بجموعه وادي التيم، وقد استعدوا لحربه، فنهضوا بأجمعهم نهضة الأسود، وبيتوه وبذلوا السيوف في البهرامية، وبهرام في مخيمه، فثار هو وأعوانه إلى السلاح، فأرهقتهم سيوف القوم وخناجرهم وسهامهم، وقطع رأس بهرام لعنه الله.

ثم قام بعده صاحبه إسماعيل العجمي، فحذا في الإضلال والاستغواء حذوه، وعامله الوزير المزدقاني بما كان يعامل به بهرامًا، فلم يمهله الله، وأمر الملك بوري بضرب عنقه في سابع عشر رمضان، وأحرق بدنه، وعلق رأسه،

ص: 344

وانقلب البلد بالسرور وحمد الله وثارت الأحداث والشطار في الحال بالسيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنية وأعوانهم، ومن يتهم بمذهبهم، وتتبعوهم حتى أفنوهم، وامتلأت الطرق والأسواق بجيفهم، وكان يومًا مشهودًا أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأخذ جماعةٌ أعيانٌ منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصائغ الباطني الحلبي، وكان هذا الخادم رأس البلاء، فعوقب عقوبة شفت القلوب، ثم صلب هو وجماعة على السور.

وبقي حاجب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذواد مفرج بن الحسن ابن الصوفي يلبسان الدروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنية.

ولما سمع إسماعيل الداعي وأعوانه ببانياس ما جرى انخذلوا وذلوا، وسلم إسماعيل بانياس إلى الفرنج، وتسلل هو وطائفته إلى البلاد الإفرنجية في الذلة والقلة، ثم مرض إسماعيل بالإسهال، وهلك في أوائل سنة أربعٍ وعشرين، فلما عرف الفرنج بواقعة الباطنية، وانتقلت إليهم بانياس، قويت نفوسهم، وطمعوا في دمشق، وحشدوا وتألبوا، وتجمعوا من الرها، وأنطاكية، وطرابلس، والسواحل، والقدس، ومن البحر، وعليهم كندهر الذي تملك عليهم بعد بغدوين، فكان نحوًا من ستين ألفًا، من بين فارسٍ وراجل، فتأهب تاج الملوك بوري، وطلب التركمان والعرب، وأنفق الخزائن، وأقبل الملاعين قاصدين دمشق، فنزلوا على جسر الخشب والميدان في ذي القعدة من السنة، وبرز عسكر دمشق، وجاءت التركمان والعرب، وعليهم الأمير مري بن ربيعة وتعبوا كراديسٍ في عدة جهات، فلم يبرز أحد من الفرنج، بل لزموا خيامهم، فأقام الناس أيامًا هكذا، ثم وقع المصاف، فحمل المسلمون، وثبت الفرنج، فلم يزل عسكر الإسلام يكر عليهم ويفتك بهم إلى أن فشلوا وخذلوا، ثم ولى كليام مقدم شجعانهم في فريقٍ من الخيالة، ووضع المسلمون فيهم السيف، وغودروا صرعى، وغنم المسلمون غنيمة لا تحد ولا توصف، وهرب جيش الفرنج في الليل، وابتهج الخلق بهذا الفتح المبين.

ص: 345

ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكربة وجاء من نصر الله تعالى ما لم يخطر ببال، وأمن الناس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدلوا بالأمن بعد الخوف.

وفيها قتل من كان يرمى بمذهب الباطنية بدمشق، وكان عددهم ستة آلاف، وكان قد قتل ببغداد من مديدة إبراهيم الأسداباذي، وهرب ابن أخيه بهرام إلى الشام وأضل خلقا بها واستغواهم، ثم إن طغتكين ولاه بانياس، فكانت هذه من سيئات طغتكين، عفا الله عنه، وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكثر بدمشق أتباعه، وملك بهرام عدة حصون من الجبال منها القدموس، وكان بوادي التيم طوائف من الدرزية والنصيرية والمجوس، واسم كبيرهم الضحاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضحاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال، وكان المزدقاني وزير دمشق يعينهم ويقويهم، وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طغتكين، ثم إن المزدقاني راسل الفرنج، لعنهم الله، ليسلم إليهم دمشق، ويسلموا إليه صور، وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقرر المزدقاني مع الباطنية أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق، فبلغ ذلك تاج الملوك بوري، فطلب المزدقاني وطمنه، وقتله وعلق رأسه على باب القلعة، وبذل السيف في الباطنية، فقتل منهم ستة آلاف، وكان ذلك فتحًا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان، فخاف الذين ببانياس وذلوا، وسلموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًا وهوانًا.

وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النفير عبد الوهاب الواعظ ابن الحنبلي، ومعه جماعة من التجار، وهموا بكسر المنبر، فوعدوا بأن ينفذ إلى السلطان في ذلك، وتناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فكبسوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه، وقتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشر خيبة، ولله الحمد.

ص: 346

سنة أربع وعشرين وخمسمائة

وردت أخبار بأن في جمادى الأولى ارتفع سحاب أمطر بلد الموصل مطرًا عظيمًا، وأمطر عليهم نارًا أحرقت من البلد مواضع ودورًا كثيرة، وهرب الناس.

وفيها كسرت الفرنج على دمشق، وقتل منهم نحو عشرة آلاف، ولم يفلت منهم سوى أربعين، وصل الخبر إلى بغداد بذلك، وكانت ملحمة عظيمة.

وفيها كانت ملحمة كبرى بين ابن تاشفين، وبين جيش ابن تومرت، فقتل من الموحدين ثلاثة عشر ألفًا، وقتل قائدهم عبد الله الونشريسي، ثم تحيز عبد المؤمن بباقي الموحدين، وجاء خبر الهزيمة إلى ابن تومرت وهو مريض، ثم مات في آخر السنة.

وفيها راسل زنكي ابن آقسنقر صاحب حلب تاج الملوك بوري يلتمس منه إنفاذ عسكره ليحارب الفرنج، فتوثق منه بأيمانٍ وعهود، ونفذ خمسمائة فارس، وأرسل إلى ولده سونج وهو على حماة أن يسير إلى زنكي، فأحسن ملتقاهم وأكرمهم، ثم عمل عليهم، وغدر بهم، وقبض على سونج وجماعة أمراء، ونهب خيامهم، وهرب الباقون، ثم زحف إلى حماة فتملكها، ثم ساق إلى حمص، وغدر بصاحبها خيرخان بن قراجا واعتقله، ونهب أمواله، وطلب منه أن يسلمه حمص، ففعل، فأبى عليه نوابه بها، فحاصرها زنكي مدة، ورجع إلى الموصل ومعه سونج، ثم أطلقه بمالٍ كثير.

وفيها قتل صاحب مصر الخليفة الآمر بأحكام الله.

وفي سنة أربعٍ قتل أمير سمرقند، فسار السلطان سنجر فاستولى عليها، ونزل محمد خان من قلعتها بالأمان، وهو زوج بنت سنجر، وأقام سنجر بسمرقند مدة.

وأما أهل حلب فكانوا مع الفرنج الذين استولوا على حصن الأثارب في ضرٍ شديد لقربهم منهم، والأثارب على ثلاثة فراسخ من غربي حلب، فجاء عماد الدين زنكي في هذا العام وحاصره، فسارت ملوك الفرنج لنجدته

ص: 347

وللكشف عنه، فالتقاهم زنكي، واشتد الحرب، وثبت الفريقان ثباتًا كليًا، ثم وقعت الكسرة على الملاعين، ووضع السيف فيهم، وأسر منهم خلق، وكان يومًا عظيمًا، وافتتح زنكي الحصن عنوةً، وجعله دكًا.

ثم نزل على حارم، وهي بالقرب من أنطاكية، فحاصرها، وصالحهم على نصف دخلها، ومنها ذلت الفرنج، وعلموا عجزهم عن زنكي، واشتد أزر المسلمين.

وعدّى زنكي الفرات، فنازل بعض ديار بكر، فحشد صاحب ماردين لقتاله، ونجده ابن عمه داود بن سقمان من حصن كيفا، وصاحب آمد، حتى صاروا في عشرين ألفًا، فهزمهم زنكي، وأخذ بعض بلادهم.

وفيها مات الآمر بأحكام الله صاحب مصر، وولي بعده الحافظ.

وفيها ماتت زوجة السلطان محمود خاتون بنت السلطان سنجر.

وفيها قتل بيمند صاحب أنطاكية.

وفيها وزر بدمشق الرئيس مفرج ابن الصوفي.

وفيها ظهر ببغداد عقارب طيارة، لها شوكتان، وخاف الناس منها وقد قتلت جماعة أطفال.

وفيها تملك السلطان محمود قلعة ألموت.

‌سنة خمس وعشرين وخمسمائة

فمن الحوادث أن دبيسًا ضل في البرية، فقبض عليه مخلد بن حسان بن مكتوم الكلبي بأعمال دمشق، وتمزق أصحابه وتقطعوا، فلم يكن له منجى من العرب، فحمل إلى دمشق، فباعه أميرها ابن طغتكين من زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوه، لكنه أكرمه وخوله المال والسلاح، وقدمه على نفسه.

وقد ساق ابن الأثير قصة دبيس فقال: لما فارق البصرة قصد الشام، لأنه جاءه من طلبه إلى صرخد، وكان قد مات صاحبها، وغلبت سريته

ص: 348

على القلعة، وحدثوها بما جرى على دبيس، فطلبته للتزوج به، وتسلم إليه صرخد بما فيها، فجاء إلى الشام في البرية، فضل ونزل بأناس من كلب بالمرج، فحملوه إلى تاج الملوك، فحبسه، وعرف زنكي صاحب الموصل، فبعث يطلبه من تاج الملوك، على أن يطلق ولده سونج ومن معه من الأمراء، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق، وفعل وفعل، فأجاب تاج الملوك، وسلم إليه دبيسًا، وجاءه ولده والأمراء، وأيقن دبيس بالهلاك للعداوة البليغة التي بينه وبين زنكي، ففعل معه خلاف ما ظن، وبالغ في إكرامه، وغرم عليه أموالًا كثيرة، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك.

ولما جرى على الباطنية ما ذكرناه عام ثلاثةٍ وعشرين تحرقوا على تاج الملوك، وندبوا لقتله رجلين، فتوصلا حتى خدما في ركابه، ثم وثبا عليه في جمادى الآخرة سنة خمسٍ، فجرحاه، فلم يصنعا شيئًا، وهبروهما بالسيوف، وخيط جرح بعنقه فبرأ، والآخر بخاصرته، فتنسر، وكان سببًا لهلاكه.

وفيها توفي الشيخ حماد الدباس الزاهد ببغداد.

قال ابن واصل: وفي المحرم سنة خمسٍ وعشرين توجه زنكي راجعًا من الشام إلى الموصل.

وفي ربيع الآخر من السنة رد السلطان محمود أمر العراق إلى زنكي، مضافًا إلى ما بيده من الشام والجزيرتين.

وتوفي للمسترشد ابنٌ بالجدري، عمره إحدى وعشرون سنة.

وتوفي السلطان محمود، فأقاموا ابنه داود مكانه، وأقيمت له الخطبة ببلاد الجبل وأذربيجان، وكثرت الأراجيف، وأراد داود قتال عمه مسعود.

‌سنة ست وعشرين وخمسمائة

فيها سار الملك مسعود بن محمد إلى بغداد في عشرة آلاف فارس، وورد قراجا الساقي معه سلجوق شاه بن محمد أخو مسعود، وكلاهما يطلب السلطنة، وانحدر زنكي من الموصل لينضم إلى مسعود أو سلجوق، فأرجف الناس بمجيء عمهما سنجر، فعملت الستور وجبي العقار، وخرجوا بأجمعهم متوجهين لحرب سنجر، وألزم المسترشد قراجا بالمسير، فكرهه ولم يجد بدًا

ص: 349

من ذلك، وبعث سنجر يقول: أنا العبد، ومهما أريد مني فعلت، فلم يقبل منه، ثم خرج المسترشد بعد الجماعة، وقطعت خطبة سنجر، وقدم سنجر همذان، فكانت الوقعة قريبًا من الدينور.

قال ابن الجوزي: وكان مع سنجر مائة ألف وستون ألفًا، وكان مع قراجا ومسعود ثلاثون ألفًا، وكانت ملحمة كبيرة، أحصي القتلى فكانوا أربعين ألفًا، وقتل قراجا، وأجلس طغرل على سرير الملك، بقيام عمه سنجر.

وكان طغرل يوم المصاف على ميمنة عمه، وكان على الميسرة خوارزم شاه بن آتسز بن محمد، فبدأهم قراجا بالحملة، فحمل على القلب بعشرة آلاف، فعطف على جنبتي العشرة آلاف ميمنة سنجر وميسرته، فصار في الوسط، وقاتلوا قتال الموت وأثخن قراجا بالجراحات، ثم أسروه، فانهزم الملك مسعود، وذلك في ثامن رجب، وقتل قراجا وجاء مسعود مستأمنًا إلى السلطان سنجر، فأكرمه وأعاده إلى كنجة وصفح عنه وعاد سنجر إلى بلاده.

وجاء زنكي ودبيس في سبعة آلاف ليأخذا بغداد، فبلغ المسترشد اختلاط بغداد، وكسرة عسكره، فخرج من السرادق بيده السيف مجذوب، وسكن الأمر، وخاف هو، وعاد من خانقين، وإذا بزنكي ودبيس قد قاربا بغداد من غربيها، فعبر الخليفة إليهم في ألفين، وطلب المهادنة، فاشتطا عليه، فحاربهما بنفسه وعسكره، فانكسرت ميسرته، فكشف الطرحة ولبس البردة، وجذب السيف، وحمل، فحمل العسكر، فانهزم زنكي ودبيس، وقتل من جيشهما مقتلة عظيمة، وطلب زنكي تكريت، ودبيس الفرات منهزمين.

وفيها هلك بغدوين الرويس ملك الفرنج بعكا، وكان شيخًا مسنًا، داهية، ووقع في أسر المسلمين غير مرة في الحروب، ويتخلص بمكره وحيله، وتملك بعده القومص كندانجور، فلم يكن له رأي، فاضطربوا واختلفوا ولله الحمد.

وتملك دمشق شمس الملوك إسماعيل بعد أبيه تاج الملوك بوري بن طغتكين، فقام بأعباء الأمر، وخافته الفرنج، ومهد الأمور، وأبطل بعد المظالم، وفرح الناس بشهامته وفرط شجاعته، واحتملوا ظلمه.

ص: 350

وفيها كانت وقعة بهمذان بين طغرل بن محمد وبين داود بن محمود بن محمد، فانتصر طغرل.

وفيها وزر أنوشروان بن خالد للمسترشد بعد تمنع، واستعفاء.

وعاد دبيس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده، فجمع وحشد، وكانت الحلة وأعمالها في يد إقبال المسترشدي، وأمد بعسكرٍ من بغداد، فهزم دبيسا، وحصل دبيس في أجمة فيها ماء وقصب ثلاثة أيام، لا يأكل شيئًا، حتى أخرجه جماس على ظهره وخلصه.

وقدم الملك داود بن محمود إلى بغداد.

وفيها قبض الخليفة على الوزير شرف الدين، وأخذ سائر ما في دياره.

‌سنة سبع وعشرين وخمسمائة

خطب لمسعود بن محمد بالسلطنة ببغداد في صفر، ومن بعده لداود، وخلع عليهما وعلى الأمير آقسنقر الأحمديلي مقدم جيوش السلطان محمود، وهو المقيم داود بعده في الملك، واستقر مسعود بهمذان.

وكانت وقعة انهزم فيها طغرل، ثم قتل آقسنقر، قتلته الباطنية.

وفيها قصد أمراء التركمان الجزريون بلاد الشام، فأغاروا على بلاد طرابلس، وغنموا وسبوا، فخرج ملك طرابلس بالفرنج، فتقهقر التركمان، ثم كروا عليه فهزموه، وقتلوا في الفرنج فأكثروا وأطيبوا، فالتجأ إلى حصن بعرين، فحاصرته التركمان أيامًا، وخرج في الليل هاربًا، فجمعت الفرنج وسار لنجدته ملوكهم، ورد فواقع التركمان ونال منهم.

وفيها وقع الخلف بين الفرنج بالشام، وتحاربوا وقتل منهم، ولم يجر لهم بذلك سابقة.

وفيها واقع الأمير سوار نائب زنكي على حلب الفرنج، فقتل من الفرنج نحو الألف، ولله الحمد.

وفيها وثب على شمس الملوك صاحب دمشق مملوك نجدة، فضربه بسيفٍ فلم يغن شيئًا، وقتلوه بعد أن أقر على جماعة وادعى أنه إنما فعل ذلك ليريح المسلمين من ظلمه وعسفه، فقتل معه جماعة.

وقتل شمس الملوك أخاه سونج الذي أسره زنكي، فحزن الناس عليه.

ص: 351

وفيها جمع دبيس جمعًا بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار.

وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغربي في شعبان، ونودي ببغداد: من تخلف من الجند حل دمه، ثم سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلم الأموال، وتدخل تحت الطاعة، فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفذ الإقامات وتقدمة، ففعل وعفي عنه، ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يومًا، وكان القتال كل يوم، ووصل إليه أبو الهيج الكردي من الجبل في عساكر كثيرة.

ثم إن زنكي بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، وترحل عنا، فلم يجبه، ثم رحل، فقيل: كان سبب رحيله أنه بلغه أن السلطان مسعودًا قد غدر وقتل الأحمديلي، وخلع على دبيس.

قال ابن الجوزي: وتوفي شيخنا ابن الزاغوني، فأخذ حلقته بجامع القصر أبو علي ابن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلًا في الوعظ، فأذن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أول يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شنيف، وأبو علي بن القاضي، وابن قشامي، وقوي اشتغالي بفنون العلم، وأخذت عن أبي بكر الدينوري الفقه، وعن ابن الجواليقي اللغة، وتتبعت مشايخ الحديث.

وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروا كلهم، وقدم شمس الملوك دمشق مؤيدًا منصورًا، والأسرى بين يديه ورؤوس القتلى، ورأى الناس ما أقر أعينهم، فلله الحمد، وكان يومًا مشهودًا.

وفيها مات صاحب مكة أبو فليتة، وولي بعده أبو القاسم.

وفيها نازل ابن رذمير مدينة أفراغه، فحاصرها وبها ابن مرديش.

ص: 352

سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

فيها لع على إقبال الخادم خلعة الملك، ولقب سيف الدولة ملك العرب.

ووقع الصلح مع زنكي بن آقسنقر، وجاء منه الحمل.

وصرف عن الوزارة أنوشروان، وأعيد أبو القاسم بن طراد، وقبض على نظر الخادم وسجن وأخذت أمواله، وخلع على ابن طراد خلعة الوزارة، وأعطي فرسًا برقبة، وثلاثة عشر حمل كوسات، وأعلامًا ومهدًا.

وقدم رسول السلطان سنجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله، ومع ابن الأنباري خلع عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار.

وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملًا فأبى، فبعث جيشًا لقتاله، فحاصروه.

وقدم ألبقش السلحدار التركي طالبًا للخدمة مع الخليفة.

ثم إن الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لا يختلط بالجيش أحد، ومن ركب بغلًا أو حمارًا أبيح دمه، وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النقباء، وأركان الدولة في زي لم ير مثله من الخيل والزينة والعسكر الملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس.

وعاد طغرل إلى همذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطد له الملك، وانحل أمر أخيه مسعود، وسببه أن الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه، فأشار دبيس على طغرل بأخذها، وإظهار أن الخليفة بعثها له، ففعل وبعث الخليفة يحث مسعودًا على المجيء ليرفع منه، فدخل أصبهان في زي التركمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة تحفًا كثيرة.

وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طغرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقية الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خذلتنا قتلنا الخليفة، فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجؤوا إلي، فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، وأنصبك نوبة بعد نوبة، ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر،

ص: 353

ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشي بين المحال، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الذين صاروا إليك، فرحل في آخر السنة والخواطر متوحشة، فأقام بدار الغربة، وجاءت الأخبار بتوجه طغرل إلى بغداد، فلما كان يوم سلخ السنة نفذ إلى مسعود الخلع والتاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نعم.

وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رذمير مدينة إفراغة من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قرطبة تاشفين ابن السلطان، فجهز الزبير اللمتوني بألفي فارس، وتجهز أمير مرسية وبلنسية - يحيى بن غانية - في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لاردة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى إفراغة، وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رذمير في اثني عشر ألف فارس، فأدركه العجب، وقال لأصحابه: اخرجوا خذوا هذه الميرة، ونفذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن رذمير بنفسه، والتحم الحرب، واستحر القتل في الفرنج، وخرج أهل إفراغة الرجال والنساء، فنهبوا خيم الروم، فانهزم الطاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسرقسطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قتل فلان، قتل فلان، فمات غمًا بعد عشرين يومًا، وكان بلية على المسلمين، فأهلكه الله.

وفيها خرج عبد المؤمن في الموحدين من بلاد تينمل فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معمورها، وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانتدب لحرب الموحدين.

وفيها سار صاحب القدس بالفرنج، فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقتل منهم مائة فارس، ثم التقوا ونصر الله.

وفيها وثب إيليا الطغتكيني في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا فضربه بالسيف، فغطس عنها، ورمى نفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقبة الفرس أتلفته، وتلاحق الأجناد فهرب إيليا، ثم ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات

ص: 354

جوعًا، وبالغ في الظلم والعسف، وبنى دار المسرة بالقلعة، فجاءت بديعة الحسن.

وفيها جاءت الأخبار من مصر بخلف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة، والحسن، وافترق الجند فرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السنة، فاستظهرت السنة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحر القتل بالسودان، واستقام أمر ولي العهد حسن، وتتبع من كان ينصر الإسماعيلية من المقدمين والدعاة، فأبادهم قتلًا وتشريدًا.

قال أبو يعلى حمزة: فورد كتاب الحافظ لدين الله على شمس الملوك بهذا الحال.

وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخيلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تركمان النواحي، وبرز في عسكره نحو حوران، فالتقوا، وكانت الفرنج في جمعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أيامًا، ثم غافلهم شمس الملوك، ونهض بشطر الجيش، وقصد عكا والناصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة.

‌سنة تسع وعشرين وخمسمائة

قد ذكرنا أن الخليفة قال لمسعود: ارحل عنا، وأنه بعث إليه بالخلع والتاج، ثم نفذ إليه الجاولي شحنة بغداد، مضايقًا له على الخروج، وأمره إن هو دافع أن يرمي خيمه، ثم أحس منه أنه قد باطن الأتراك، واطلع منه على سوء نية، فأخرج أمير المؤمنين سرادقه، وخرج أرباب الدولة، فجاء الخبر بموت طغرل، فرحل مسعود جريدةً، وتلاحقته العساكر، فوصل همذان، واختلف عليه الجيش، وانفرد عنه قزل، وسنقر، وجماعة، فجهز لحربهم، وفرق شملهم، فجاء منهم إلى بغداد جماعة، وأخبروا بسوء نيته، منهم البازدار، وقزل، وسنقر.

وسار أنوشروان بأهله إلى خراسان لوزارة السلطان مسعود، فأخذ في الطريق.

ص: 355

وفيها افتتح أتابك زنكي بن آقسنقر المعرة، فأخذها من الفرنج، وكان لها في أيديهم سبعٌ وثلاثون سنة، ورد على أهلها أملاكهم، وكثر الدعاء له.

وفيها قدم من الموصل ابن زنكي من عند والده بمفاتيح الموصل مذعنًا بالطاعة والعبودية للخليفة، فخرج الموكب لتلقيه، وأكرم مورده، ونزل وقبل العتبة، وجاء رسول دبيس يقول: أنا الخاطئ المقر بذنبه، فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود.

وجاء السديد ابن الأنباري من عند السلطان سنجر، ومعه كتابه يقول فيه: أنا العبد المملوك.

ثم تواترت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعد بالمجيء، ووصل إلى حلوان دبيس وهو شاليش عسكر مسعود، فجهز الخليفة ألفي فارس تقدمة، وبعث إلى أتابك زنكي، وكان منازلًا دمشق ليسرع المجيء.

وبعث سنجر إلى مسعود: إن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسق، وقزل، وبرنقش، ما يتركونك تنال غرضًا لأنهم عليك، وهم الذين أفسدوا أمر أخيك طغرل، فابعث إلي برؤوسهم، فأطلعهم على المكاتبة، فقبلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنك صافٍ لنا، فابعث دبيسًا في المقدمة، ثم اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له في رقابنا عهدًا، وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسق، ونحن معك، وإلا فاخطب لبعض أولاد السلاطين، ونفذه نكون في خدمته، فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإني سائر إليكم، وتهيأ للخروج، فلما سمع مسعود بذلك ساق ليبيتهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم، وجاءت الأخبار، فهيأ لهم الخليفة الإقامات والأموال.

وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد، وبعث مسعود خمسة آلاف ليكبسوا مقدمه الخليفة، فبيتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا عراة، ودخلوا بغداد في حالٍ ردية في رجب، فأطلق لهم ما أصلح أمرهم، وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخلع عليهم، وأطلق لهم ثمانون ألف

ص: 356

دينار، ووعدوا بإعادة ما مضى لهم، وقطعت خطبة مسعود وخطب لسنجر، وداود.

ثم برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في ألفٍ وخمسمائة فارس، ثم أفسد نيات نواب الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتى صار في نحو من خمسة عشر ألف فارس، وتسلل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد، ونفذ زنكي إلى الخليفة نجدةً، فلم تلحق.

ووقع المصاف في عاشر رمضان، فلما التقى الجمعان هرب جميع العسكر الذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدولة الشحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثم عادوا فرأوا الميسرة قد غدرت، فأخذ كل واحدٍ منهم طريقًا وأسر المسترشد وحاشيته، وأخذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذهب على سبعين بغلًا أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثقل على خمسة آلاف جمل، وخزانة السبق أربعمائة بغل، ونادى مسعود: المال لكم، والدم لي، فمن قتل أقدته، ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطًا، ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قتل، فهرب الناس، وأخذتهم التركمان، ووصلوا بغداد وقد تشققت أرجلهم، وبقي الخليفة في الأسر.

وبعث بالوزير ابن طراد وقاضي القضاة الزينبي، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث بشحنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدار، أمره مسعود بكتابته، فيه: ليعتمد الحسين بن جهير مراعاة الرعية وحمايتهم، فقد ظهر من الولد غياث الدنيا والدين، أمتع الله به في الخدمة ما صدقت به الظنون، فليجتمع، وكاتب الزمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمال إلى النواحي، فقد ندب من الجانب الغياثي هذا الشحنة لذلك، وليهتم بكسوة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب.

وحضر عيد الفطر، فنفر أهل بغداد، ووثبوا على الخطيب، وكسروا المنبر والشباك، ومنعوه من الخطبة، وحثوا في الأسواق على رؤوسهم التراب يبكون ويضجون، وخرج النساء حاسراتٍ يندبن الخليفة في الطرق وتحت التاج، وهموا برجم الشحنة، وهاشوا عليه، فاقتتل أجناده والعوام، فقتل من العوام

ص: 357

مائة وثلاثة وخمسون نفسًا، وهرب أبو الكرم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أعوان الشحنة الأبواب الحديد التي على السور، ونقبوا فيه فتحات، وأشرفت بغداد على النهب، فنادى الشحنة: لا ينزل أحدٌ في دار أحد، ولا يؤخذ لأحدٍ شيء، والسلطان جائي بين يدي الخليفة، وعلى كتفه الغاشية، فسكن الناس، وطلب السلطان من الخليفة نظرا الخادم فنفذ، أطلقه، وسار بالخليفة إلى داود، إلى مراغة.

وقال ابن الجوزي: وزلزلت بغداد مرارًا كثيرة، ودامت كل يومٍ خمس أو ست مرات إلى ليلة الثلاثاء، فلم تزل الأرض تميد من نصف الليل إلى الفجر، والناس يستغيثون.

وتصرف عمال السلطان في بغداد، وعوقوا قرى ولي العهد، وختموا على غلاتها، فافتك ذلك منهم بستمائة دينار، فأطلقوها، وتفاقم الأمر، وانقطع خبر العسكر، واستسلم الناس، ثم أرسل سنجر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدنيا والدين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويقبل بين يديه، ويسأله العفو والصفح، ويتنصل غاية التنصل، فقد ظهرت عندنا من الآيات السماوية والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها، فضلًا عن المشاهدة من العواصف والبروق والزلازل، ودوام ذلك عشرين يومًا، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان، ولقد خفت على نفسي من جانب الله وظهور آياته، وامتناع الناس من الصلوات في الجوامع، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحمله، فالله الله بتلافي أمرك، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقر عزه، وتسلم إليه دبيسًا ليحكم فيه، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا، فنفذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير، ونظر، فدخلا على الخليفة، واستأذنا لمسعود، فدخل وقبل الأرض، ووقف يسأل العفو، فقال: قد عفي عن ذنبك، فاسكن وطب نفسًا.

ص: 358

ثم عامله مسعود بما أمره به عمه، وسأل من الخليفة أن يشفعه في دبيس، فأجابه، فأحضروه مكتوفًا بين أربعة أمراء، ومع واحد سيف مجذوب، وكفن منشور، وألقي بين يدي السرير، وقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا السبب الموجب لما تم، فإذا زال السبب زال الخلاف، ومهما تأمر نفعل به، وهو يبكي ويتضرع ويقول: العفو عند القدرة، وأنا أقل وأذل، فعفى عنه وقال:{لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} فحلوه، وقبل يد أمير المؤمنين وأمرها على وجهه، وقال: بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما عفوت عني، وتركتني أعيش في الدنيا، فإن الخوف منك قد برح بي.

وأما بكبة شحنة بغداد، فإنه أمر بنقض السور ببغداد، فنقضت مواضع كثيرة، وقال: عمرتموه بفرح، فانقضوه كذلك، وضربت لهم الدبادب، وردوا الباب الحديد الذي أخذ من جامع المنصور إلى مكانه.

وقدم رسولٌ ومعه عسكر يستحث مسعودا من جهة عمه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنية، فذكر أن مسعودًا ما علم بهم، فالله أعلم، فركب السلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنية على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسرادق فخرج الباطنية وقد فرغوا من شغلهم، فقتلوا، وجلس السلطان للعزاء، ووقع النحيب والبكاء، وذلك على باب مراغة، وبها دفن.

وجاء الخبر، فطلب الراشد الناس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلما أصبح شاع قتله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنحيب، وخرج الناس حفاةً مخرقين الثياب، والنساء منشرات الشعور يلطمن، ويقلن فيه المراثي على عادتهن، لأن المسترشد كان محببًا فيهم بمرة، لما فيه من الشجاعة والعدل والرفق بهم.

فمن مراثي النساء فيه:

يا صاحب القضيب ونور الخاتم صار الحريم بعد قتلك مأتم اهتزت الدنيا ومن عليها بعد النبي ومن ولي عليها قد صاحت البومة على السرادق يا سيدي ذا كان في السوابق ترى تراك العين في حريمك والطرحة السوداء على كريمك وعمل العزاء في الديوان ثلاثة أيام، تولى ذلك ناصح الدولة ابن جهير، وأبو الرضا صاحب الديوان، ثم شرعوا في الهناء، وكتب السلطان إلى

ص: 359

الشحنة بكبة أن يبايع للراشد، وجلس الراشد في الشباك في الدار المثمنة المقتدوية، وبايعه الشحنة من خارج الشباك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة، وظهر للناس، وكان أبيض جسيمًا بحمرةٍ مستحسنا، وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل ورد بعض المظالم.

وفي أيام الغدير ظهر التشيع، ومضى خلقٌ إلى زيارة مشهد علي ومشهد الحسين.

وفيها نازل زنكي دمشق، وحاصرها أشد حصار، فقام بأمر البلدان أتم قيام، وأحبه الناس، فجاء إلى زنكي رسول المسترشد بالله يأمره بالرحيل.

وفي ذي القعدة سار السلطان سنجر بالجيوش إلى غزنة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها، فأمنه ونهاه عن ظلم الرعية، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه، ورجع السلطان فوصل بلخ في شوال من سنة ثلاثين.

‌سنة ثلاثين وخمسمائة

جاء برنقش بأمورٍ صعبة، فقالوا للراشد بالله: جاء مطالبًا بخطٍ كتبه المسترشد بالله لمسعود ليتخلص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار، فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتجنيد، وأرسل الخليفة إلى برنقش: أما الأموال امضمونة فإنما كانت لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثأر، وأما مال البيعة، فلعمري، لكن ينبغي أن تعاد إلي أملاكي وإقطاعي، حتى يتصور ذلك، وأما الرعية فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلا السيف، ثم أحضر كجبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دون بهذه عسكرا، وجمع العساكر، وبعث إلى برنقش يقول: كنا قد تركنا البلد مع الشحنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا.

وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السلاح، ونقل الناس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة: إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصلاة، فركب العسكر، وحفظ الناس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قوي.

وفي صفر قدم زنكي، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صدقة، واتفقوا على حرب

ص: 360

مسعود، وجاء السلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثم دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرات، يقبل الأرض، وجاء صدقة ولد دبيس ابن خمس عشرة سنة وقبل الأرض بإزاء التاج وقال: أنا العبد ابن العبد جئت طائعًا، وقطعت خطبة مسعود، وخطب لداود.

وقبض على إقبال الخادم ونهب ماله، فتألم العسكر من الخليفة لذلك، ونفذ زنكي يقول: هذا جاء معي، ويعتب ويقول: لا بد من الإفراج عنه، ووافقه على ذلك البازدار، وغضب كجبة ومضى إلى زنكي، فرتب مكانه غيره، واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكي فخربوا عقد السور، فشاش البلد، وأشرف على النهب، وجاء زنكي فضرب بإزاء التاج، وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام، فأطلق له.

وأما السلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طراد، وقاضي القضاة والنقيب وسديد الدولة ابن الأنباري، فأما نقيب الطالبيين أبو الحسن بن المعمر فتوفي حين أخرج، وأما القاضي الزينبي فدخل بغداد سرًا، وأقام الباقون مع مسعود.

وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جهير، فخاف الناس من الراشد وهابوه.

ثم نفذ زنكي إلى الراشد يقول: أريد المال الذي أخذ من إقبال، وهو دخل الحلة، وذلك مال السلطان، وتردد القول في ذلك، ثم نفذ الراشد إلى الوزير ابن صدقة وصاحب الديوان يقول: ما الذي أقعدكما؟ وكانا قد تأخرا أيامًا عن الخدمة خوفًا من الراشد، فقال ابن صدقة: كلما أشير به يفعل ضده، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لا يمسك، فما سمع مني، وأنا لا أوثر أن تتغير الدولة وينسب إلي، فإن هذا ابن الهاروني الملعون قصده إساءة السمعة وإهلاك المسلمين، فقبض الخليفة على ابن الهاروني في ربيع الأول، فجاءت رسالة زنكي يشكو ما لقي من ابن الهاروني وتأثيراته في المكوس والمواصير، ويسأل تسليمه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبر ذلك، ثم أمر الوالي بقتله فقتله، وصلب ومثل به العوام، فسرقه أهله بالليل، وعفوا أثره، وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف، وأقطعت أملاك الوكلاء، وسببه أن زنكي طلب من الخليفة مالًا يجهز به العسكر لينحدروا إلى

ص: 361

واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد.

ثم استقر أن يدفع إلى زنكي ثلاثون ألفًا مصانعةً عن الأملاك، ثم بات الحرس تحت التاج خوفًا من زنكي، ثم أشار زنكي على ابن صدقة أن يكون وزيرًا لداود، فخلع عليه لذلك، ثم استوثق زنكي من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبل يده، وطلب الخليفة أبا الرضا بن صدقة فجاء، ففوض إليه الأمور كلها.

وأمر السلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنه رحل يطلب العراق، فردهم الراشد وحلفهم، وقال: أريد أن أخرج معكم، فلما انسلخ شعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاف العامة، وشرعوا في إصلاح السور، ولبسوا السلاح، فكان الأمراء ينقلون اللبن على الخيل، وهم نقضوه.

وجاءت كتبٌ إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شحنة بغداد المكاتبة وأخفاها، ثم كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكي فغرقه.

وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبلهم، ثم بعد أيام كان وصول رسول مسعود يطلب الصلح، فقرئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلا القتال.

وصلى الناس العيد داخل السور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلعوا شبابيك الترب وعاثوا، وجاء مسعود في رابع شوال في خمسة آلاف راكب على غفلة، وخرج الناس للقتال، ودام الحصار أيامًا، وجاء ركابي لزنكي، فقتله العيارون فقال زنكي: أريد أن أكبس الشارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضة.

ونفذ مسعود عسكرًا إلى واسط فأخذها، والنعمانية فنهبها، فتبعهم عسكر الخليفة ونودي: لا يبقى ببغداد أحد من العسكر، وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكي من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد، وقيل: إن مسعودًا كاتب زنكي سرًا، وحلف له أنه يقره على الموصل والشام، وكاتب الأمراء أيضًا فقال: من قبض منكم على زنكي أو قتله أعطيته بلاده، فعرف زنكي، فأشار على الراشد أن يرحل صحبته.

وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكي قائم ينتظره،

ص: 362

فدخل دار برنقش، ولم ينم الناس، وأصبحوا على خوفٍ شديد، وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأسر وحمل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلم إليه بغداد، ورحل الراشد يومئذٍ ولم يصحبه شيء من آلة السفر، لأنه لما بات في دار برنقش أصبحوا، ودخل خواصه يصلحون له آلة السفر، فرحل على غفلة.

ودخل مسعود بغداد، ونهب دواب الجند، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صوابًا بذهابه، والسلطان له على نية صالحة، وسكن الناس. وأظهروا العدل، واجتمع القضاة والكبار عند السلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير علي بن طراد، وقيل: بل أخرج السلطان خط الراشد: إني متى جندت أو خرجت انعزلت، فشهد العدول أن هذا خط الخليفة، والقول الأول الأظهر.

ثم أحكم ابن طراد النوبة، واجتمع بكلٍ من القضاة والفقهاء، وخوفهم وهددهم إن لم يخلعوه، وكتب محضرًا فيه: إن أبا جعفر ابن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفك دماء، وفعل ما لا يجوز أن يكون معه إمامًا، وشهد بذلك الهيتي، وابن البيضاوي، ونقيب الطالبيين، وابن الرزاز، وابن شافع، وروح بن الحديثي، وآخر، وقالوا: إن ابن البيضاوي شهد مكرهًا، وحكم ابن الكرخي قاضي البلد بخلعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا أبا عبد الله محمد ابن المستظهر بالله، وهو عم المخلوع.

قال سديد الدولة ابن الأنباري: أرسل السلطان مسعود إلى عمه السلطان سنجر: من نولي؟ فكتب إليه: لا تولي إلا من يضمنه الوزير، وصاحب المخزن، وابن الأنباري، فاجتمع مسعود بنا، فقال الوزير: نولي الزاهد الدين محمد ابن المستظهر، فقال: وتضمنه؟ قال: نعم، وكان صهرًا للوزير على بنته، فإنها دخلت يومًا في خلافة المستظهر، فطلب محمد ابن المستظهر هذا من أبيه تزويجها، فزوجه بها، وبقيت عنده، ثم توفيت.

قلت: فبايعوه، ولقب المقتفي لأمر الله، ولقب بذلك لسبب، قال ابن الجوزي: قرأت بخط أبي الفرج بن الحسين الحداد، قال: حدثني من أثق به أن المقتفي رأى في منامه قبل أن يستخلف بستة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: سيصل هذا الأمر إليك، فاقتف بي، فلقب المقتفي لأمر الله، ثم بويع اليوم الثاني البيعة العامة في محفلٍ عظيم، وبعث مسعود بعد أن أظهر العدل، ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دواب، وأثاث، وذهب، وستور،

ص: 363

وسرادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء، فيقال: إنهم بايعوا المقتفي على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر، وأخذوا من الدار جواري وغلمانًا، ومضت خاتون تستعطف السلطان، فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والأتراك، وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار، ثم إن السلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عرفة، وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأن الراشد دخل الموصل، وبلغه أنه خلع من الخلافة.

وفي جمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كمشتكين الأتابكي الطغتكيني، واقف الأمينية، متولي بصرى وصرخد، وأنزل في دار الأتابك بدمشق، وخلع عليه، ثم بعد يومين قتل الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من أكبر الأمراء، تملك مدينة تدمر مدةً، وكان فيه ظلم وشر، شد عليه الأمير بزواش فقتله، ثم حمل إلى المسجد الذي بناه فيروز بالعقيبة، فدفن في تربته، وجرت أمور، ثم صرف أمين الدولة، وولي الأتابكية الأمير بزواش المذكور، ولقب بجمال الدين، وتوجه أمين الدولة مغاضبًا إلى ناحية صرخد.

وفيها، في أيار، جاء بدمشق سيلٌ عظيم لم يسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجو كالليل، ثم طلع بعدها سحابة حمراء، صار الناظر يظنها كالنار الموقدة.

وفي شعبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقية بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا، قال ابن الأثير: كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شيزر سالمين، وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا، ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخذ الثأر عجزًا ووهنًا، فلله الحمد.

ص: 364

بسم الله الرحمن الرحيم

(ال وفيات)

سنة إحدى وعشرين وخمسمائة

1 -

‌ أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن الشفنين

عبيد الله بن محمد بن أبي عيسى بن المتوكل، أبو السعادات المتوكلي الهاشمي البغدادي.

شريف صالح، حافظ لكتاب الله، سمع الكثير، وحدث عن أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وعبد الرحمن بن جامع بن غنيمة.

قال أبو بكر المفيد: ختم أبو السعادات القرآن في التراويح ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، ورجع إلى بيته، فوقع من السطح في محلة التوثة، ومات لساعته، وعاش ثمانين سنة.

2 -

‌ أحمد بن ثابت بن محمد أبو العباس الطرقي الحافظ

، نزيل يزد. وطرق: من قرى أصبهان. ويزد: بين أصبهان وكرمان من نواحي إصطخر.

كان حافظًا عارفًا بالفقه والأصول والأدب، حسن التصنيف، رحل وسمع أباه، وأبا عمرو بن منده، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، ورحل إلى نيسابور، وإلى الأهواز، وهراة.

قال ابن السمعاني: سمعت جماعة من الشيوخ يقولون إنه كان يقول: إن الروح قديمة.

ص: 365

توفي بعد العشرين وخمسمائة بيزد.

قال عبد الخالق بن أحمد بن يوسف: توفي في شوال سنة إحدى وعشرين، وقد سمع ببغداد من أبي القاسم علي ابن البسري، وأبي نصر الزينبي، وبهراة: شيخ الإسلام.

3 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الحارث

، أبو المظفر الأصبهاني خورست، أخو أبي بكر محمد.

روى عن علي بن القاسم المقرئ، وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في ذي القعدة.

4 -

‌ أحمد بن عبد السلام بن محمد المديني

، أبو عبد الله الصوفي ابن الصوفي، شيخ الصوفية بنيسابور بدويرة السلمي.

سمع من أبي سعيد الحبيبي، وأبي القاسم القشيري، وله نفسٌ وقبول عند الصدور، وإنفاق على الصوفية ومعرفة برسومهم.

5 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الوهاب

، أبو البركات الدباس، أخو الشيخ أبي عبد الله البارع.

سمع أبا يعلى ابن الفراء، والحسن بن غالب المقرئ، روى عنه المبارك بن أحمد الأنصاري، وذاكر بن كامل، وابن بوش.

مات في سابع شوال.

6 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين

، أبو القاسم التغلبي الأندلسي، قاضي الجماعة بقرطبة.

تفقه على أبيه، وسمع من محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وجماعة، وتقلد القضاء مرتين، وكان نافذًا في أحكامه، جزلًا في أفعاله، من بيت علم وجلالة.

توفي على القضاء في ربيع الآخر، وصلى عليه ابنه أبو عبد الله، وعاش خمسين سنة.

ص: 366

7 -

‌ أحمد بن منصور بن شاه ملك بن أبي العباس بن الخَضِر

، الإمام أبو نصر المرغينانيُّ الدِّهْقان.

حدث عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن إبراهيم المروزي المطَّوعي، ودخل بُخارى وسمرقند.

قال عمر بن محمد النَّسفي: بلغ مائة وسبع سنين، وتوفي في عاشر جمادى الآخرة.

8 -

‌ حامد بن محمد بن حامد بن محمود

، أبو منصور الأصبهاني الحداد.

روى عن أبي طاهر بن محمود الثَّقفي. وعنه أبو موسى، وقال: مات في محرم.

9 -

‌ الحسين بن أبي نصر ابن رئيس الرُّؤساء

.

روى عن نسيبه أبي جعفر ابن المُسْلِمَة. وعنه المبارك بن كامل، وتوفي في ربيع الأول.

10 -

‌ حَمْد بن رضوان

، أبو غانم الكرمانيُّ، من أهل بَرْدَسِير كَرْمان.

سمع من سعيد العيَّار، وأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرَّازي. مات في صفر عن اثنتين وثمانين سنة.

11 -

‌ عبد الله بن أحمد بن حسن بن طاهر البغداديُّ العلاَّف الشافعيُّ الفرضيُّ

.

سمع من هنَّاد النَّسفيِّ، وابن هزارمرد الصَّريفيني. وعنه جماعة منهم: أبو المُعَمَّر الأنصاري، ويحيى بن بَوْش.

مات في ذي الحجة.

12 -

‌ عبد الله بن القاسم بن المُظَفَّر بن عليّ

، أبو محمد الشَّهْرَزُوريُّ المَنْعوت بالمُرْتَضَى، والد القاضي كمال الدِّين.

كان واعظاً، رشيقاً، أديباً، شاعراً، وله قصيدة طنَّانة طويلة على طريقة الصُّوفية وهي:

ص: 367

لمعت نارُهم وقد عَسْعَسَ اللَّيـ ـل ومَلَّ الحادي وحار الدَّليل فتأملتها وفكري من البَيْـ ـن عليلٌ ولحظُ عيني كَلِيل وفؤادي ذاك الفؤاد المُعَنَّى وغَرَامي ذاكَ الغَرامُ الدَّخِيل ثم قابلتُهَا وقلتُ لصَحْبي هذه النَّار نارُ ليلى فميلوا وهي نحو أربعين بيتاً.

13 -

‌ عبد الله بن أبي بكر محمد بن عمر بن إبراهيم بن جعفر بن عُزيزة الأصبهانيُّ المُعَدَّل

، إمام الجامع العتيق.

كان من نُبَلاء الشُّيوخ. روى عن المصقليين. روى عنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في المحرم.

14 -

‌ عبد الله بن محمد بن السِّيد

، أبو محمد البطليوسيُّ النَّحويُّ، نزيل بلَنْسية.

روى عن أخيه عليّ، وعاصم بن أيوب الأديب، وأبي عليّ الغسَّاني، وأبي سعيد الورَّاق.

قال ابن بَشْكُوال: كان عالماً باللُّغات والآداب مستبحراً فيها، مقدَّمًا في معرفتها يجتمع النَّاس إليه، ويقرؤون عليه. وكان حسن التَّعليم، صنَّف كُتباً حساناً، منها: كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكُتَّاب، وكتاب التَّنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة، وكتاباً في شرح الموطأ. كتب إلينا بجميع مروياته، وأنشدني محمد بن يوسف صاحبنا أنَّ ابن السِّيد أنشده لنفسه:

أخو العلم حيّ خالد بعد مَوْته وأوصاله تحت التُّراب رميم وذو الجهل ميِّتٌ وهو ماش على الثَّرى يظنُّ من الأحياء وهو عديم ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وتوفي في نصف رجب ببلنسية.

وقال غيره: إنه صنَّف المثَلَّث في اللغة، وكتاب شرح سقط الزَّند، وكتاب الاسم والمُسمَّى، وله يمدح المستعين بن هود:

ص: 368

هم سلبوني حُسْنَ صبري إذ بانوا بأقمار أطواق مطالعها البان لئن غادروني باللوى إنَّ مهجتي مسايرة أضعانَهُم حيثما كانوا سقى عهدهم بالخيف عهد غمائم ينازعُها مُزْنٌ من الدَّمْع هتَّان أأحبابنا هل ذلك العهد راجع وهل لي عنكم آخر الدَّهر سُلْوان ولي مُقْلَة عَبْرَى وبين جوانحي فؤاد إلى لقياكم الدَّهْر حنَّان تنكرت الدُّنيا لنا بعد بُعْدكم وحلَّت بنا من مُعْضَل الخطب ألوان

15 -

‌ عبد الجبار بن إبراهيم بن أبي عمرو عبد الوهَّاب ابن الإمام أبي عبد الله بن منده

، أبو نصر العبديُّ الأصبهانيُّ.

صالح، خيِّر، راغب في الخير. جاور بمكة زماناً، سمع جدَّه أبا عمرو، وعمَّ أبيه أبا القاسم، وأبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجه، وسمع ببغداد من ابن البَطِر، والنِّعالي.

وكان مولده في ربيع الآخر سنة ثمان وستين وأربعمائة، فعلى هذا سماعه من عم أبيه حضور، وتوفي بمكة في رمضان.

روى عنه أبو موسى المديني، وقال: شيخُ الحرم سنين عدة، قَدِمَ علينا سنة عشرين ثم رجع فمات بها.

16 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن نُصَيْر

، أبو سعد البُرُوجرديُّ الفقيه.

قَدِمَ بغداد، وتفقه على أبي إسحاق الشِّيرازيُّ، وسمع الحديث من عبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله.

قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه أحمد بن حامد الثَّقفي، وعبد الغفار بن يحيى الهمذاني، وتوفي بعد سنة إحدى وعشرين.

17 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف

، أبو الحسن بن عفيف، وعفيف جده لأمه، الأموي الطليطلي، نزيل قرطبة.

سمع قاسم بن محمد بن هلال، وجماهر بن عبد الرحمن، وأجاز له محمد بن عتاب مروياته.

وكان فاضلًا عفيفًا يعظ الناس، ويصلي بجامع قرطبة، وكانت العامة تعظمه لصلاحه، ولم يكن بالضابط، كان كثير الوهم في الأسانيد، قاله ابن

ص: 369

بشكوال وقال: روينا عنه، وتوفي في جمادى الآخرة، وولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة.

18 -

‌ عبد الملك بن أحمد بن الحسين بن قريش

، أبو سعد القزاز، من محلة النصرية.

سمع ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وعنه ذاكر بن كامل، مات في رجب، حدث باليسير.

19 -

‌ عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد العزيز

، أبو محمد الصدفي القرطبي.

أخذ عن أبي بكر المرادي، وتفقه على أبي الوليد هشام بن أحمد، وكان ملازمًا لمجلس أبي الوليد بن رشد، وكان حافظًا للفقه، ذاكرًا للمسائل والفرائض والأصول.

توفي في ذي الحجة.

20 -

‌ عبد الوهَّاب ابن المعتمد على الله محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل

، أبو محمد اللَّخميُّ الإشبيليُّ.

أخذ عن مالك بن وُهَيْب، وأبي الحسن بن الأخضر العربية، وأخذ عن شهاب بن محمد الطِّبَّ. وتفقَّه بعد خلع أبيه بمراكش على مالك بن وُهَيْب ولزمه. ثم أمَّ بجامع مراكش.

وكان خيِّراً وقوراً، نزهاً، رئيساً.

توفي بعد العشرين وخمسمائة.

21 -

‌ عبيد الله بن عبد الكريم بن هوازن

، أبو الفتح ابن القُشيريِّ، النَّيسابوريُّ الصوفيُّ.

فاضل عابد، له مصنفات في علم القوم، سكن إسفرايين، وحدَّث عن

ص: 370

أبيه، وعمر بن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسيُّ، وأبي سعد محمد بن عبد الرحمن، وجماعة.

وحج سنة ثمانين وأربعمائة، وحدَّث ببغداد، وبقي إلى هذا العام، وتوفي برجب، ذكره ابن النَّجَّار، ولم يذكر أحداً روى عنه.

22 -

‌ علي بن عبد الله بن محبوب

، الطرابلسي المغربي.

قال السلفي: قدم الإسكندرية متفقهًا، وكان له اهتمام بالتواريخ، صنف تويريخًا لطرابلس حدثني به، وكتب عني، وكان فاضلًا في فنون، توفي بمكة.

23 -

‌ علي بن عبد الواحد بن أحمد

، أبو الحسن الدينوري، ثم البغدادي.

سمع أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال، وأبا محمد الجوهري، وغيرهم، روى عنه أبو المعمر الأنصاري، والحافظ ابن عساكر، وأخوه الصائن، وابن الجوزي.

قال ابن السمعاني: كان صاحب الخبر، توفي في جمادى الآخرة.

24 -

‌ علي بن محمد بن أبي الفتح بن بحسول الهمذاني الفقيه

.

رحل إلى بغداد وسمع أبا القاسم بن بيان، وبهمذان من مكي بن منصور الكرجي، وحدث في هذا العام.

25 -

‌ علي بن المبارك بن علي ابن الفاعوس

، أبو الحسن البغدادي، الإسكاف، الزاهد.

كان شيخًا صالحًا، خيرًا، عابدا، متقشفًا، من أصحاب الشريف أبي جعفر بن أبي موسى، كان يقرأ للناس يوم الجمعة الحديث بلا سند، وكان صاحب إخلاص، وله قبولٌ تام عند العامة.

سمع أبا يعلى ابن الفراء، وأبا منصور العطار، روى عنه أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.

ص: 371

قال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرواية، وأهل بغداد يعتقدون فيه، وأبو القاسم ابن السمرقندي كان يقول: إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحجري لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقةً.

قلت: هذا تشغيب وأذية لرجلٍ صالح، وإلا فهذا نزاع محض في عبارة، وعرفنا مراده بقوله: يمين الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقة الله حقيقةً، إذ ذلك إضافة ملك وتشريف، فهي إضافة حقيقية، وإن شئت قلت: يمين الله مجازًا، وهو أفصح وأظهر، لأن في سياق الحديث ما يوضح ذلك، وهو قوله: فمن صافحه فكأنما صافح الله: يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض، قال غير واحد: حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن جريج، قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر المخزومي يقول: سمعت ابن عباس يقول: إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض، يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه.

ورواه عيسى بن يونس، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس.

وروي بإسناد آخر، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي حسين، عن ابن عباس.

ورواه عبد الرزاق، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قوله.

فإما أن يكون أراد به يمين الله، أستغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذات، فهذا لا يعتقده بشرٌ، فضلًا عن أن يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهن عاقل.

وأما قوله: كان يتعسر في الرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتًا لحظه، وقد رأينا غير واحدٍ من الصالحين يمتنع من الرواية، ولكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإربلي وغيره من شيوخنا، فهو مذموم.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: توفي في تاسع عشر شوال، وانقلبت

ص: 372

بغداد بموته، وغلقت الأسواق، وضج العوام بذكر السنة، ولعن أهل البدع، ودفن بمقبرة الإمام أحمد.

26 -

‌ فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه الرازي

، العالمة المعروفة ببنت حمزة.

واعظة مشهورة ببغداد، متعبدة، لها رباط يأوي إليه النساء، روت عن ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، روى عنها: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفيت في ربيع الأول، وروى عنها: ابن ناصر، وأبو الفرج ابن الجوزي.

27 -

‌ كافور الحبشيُّ الليثيُّ الصُّوريُّ

، أبو الحسن.

مصريُّ المولد والولاء، سكن صور، ورحل وطوَّف، وكان ذا معرفة باللغة والأدب والشِّعر، كثير السَّماع؛ رحل إلى خراسان وما وراء النَّهر، سمع الفقيه نصراً المقدسيَّ بدمشق، ومقلَّد بن القاسم بالإسكندرية، ومالكاً البانياسيَّ ببغداد، وسكن بغداد.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بَوْش، وكان خصيًّا.

توفي في رجب، ومن شعره وكتب بهما إلى الرئيس محمد بن منصور البيهقي:

هل من قرىً يا أبا سعد بن منصور لخادم قادم وافاك من صور شعاره إن دنت دار وإن بَعُدت الله يُبْقي أبا سَعْد بن منصور

28 -

محمد بن أحمد بن مُطَرِّف، أبو عبد الله البكريُّ الأندلسيُّ المقرئ.

أخذ عن أحمد بن أبي عمرو المقرئ، وأبي علي بن مُبشِّر، وأبي الوليد الباجي. أخذ عنه جماعة، وتوفي بالمرية.

29 -

‌ محمد بن الحسين بن بندار

، أبو العز الواسطيُّ القلانسيُّ، مقرئ العراق وصاحب التصانيف في القراءات.

قرأ بالروايات على أبي علي غلام الهرَّاس، وأخذ عن أبي القاسم

ص: 373

الهُذَلي، وروى عنه كتاب الكامل تأليفه، ورحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، وسمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وابن المأمون، وأبا الحسين ابن المُهْتدي بالله.

قال ابن السَّمعاني: قرأ عليه عالم من النَّاس، ورُحِلَ إليه من الأقطار وسمعت عبد الوهَّاب الأنماطي نسب أبا العز القلانسي إلى الرَّفض وأساء الثناء عليه.

قال أبو سعد السَّمعاني: ثم وجدت لأبي العز أبياتاً في فضيلة الجماعة.

وقال الحافظ ابن ناصر: ألحق سماعه في جزء من كتاب هاءات الكناية لابن أبي هاشم من أبي علي ابن البنَّاء بعد أن لم يكن سماعه فيه.

وقال أبو سَعْد: سمعت أبا بكر المبارك بن غالب المفيد يقول: قرأ ابن ميمون، صبي كان سمع معنا، على أبي العز القلانسي وما كان يحسن أن يقرأ، فكتب له بخطه: قرأ عليَّ فلان وجوَّد، فقلنا له: كيف جوَّد القراءة. قال: يا سيدي جوَّد الذَّهب!

وقال ابن النَّجَّار: سمعتُ أبا العباس أحمد ابن البندنيجي يقول: سألت شيخنا أبا جعفر أحمد بن أحمد ابن القاص: هل قرأت على أبي العز القلانسي؟ فقال: لمَّا قَدِمَ القلانسيُّ إلى بغداد أردت أن أقرأ عليه، فطلب مني ذهباً، فقلت له: والله إني قادر على ما طلبت مني ولكنِّي لا أعطيك على القرآن أجراً، ولم أقرأ عليه.

وقال السِّلفي: سألت الحَوْزي عن أبي العز بن بندار، فقال: هو أحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن، قرأ على غلام الهرَّاس، وبرع في القراءات وسمع من جماعة، وهو جيِّد النَّقل ذو فَهْم فيما يقوله.

وقال أبو سعد السَّمْعاني: وأنشدنا سعد الله بن محمد المقرئ بالدَّسكرة، قال: أنشدني أبو العز لنفسه.

إن من لم يقدِّم الصِّديقا لم يكن لي حتى الممات صديقا والذي لا يقول قولي في الفا روق أنوي لشخصه تفريقا ولنار الجحيم باغض عثما ن ويهوي منها مكاناً سحيقا

ص: 374

من توالى عندي عليًّا وعادا هم طُرًّا عددته زنديقا قلت: قرأ عليه أبو محمد سبط الخيَّاط، وأبو الفتح المبارك بن زُرَيْق الحدَّاد، وأبو بكر عبد الله بن منصور الباقلاني، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطائحي، وعليّ بن مُظَقَّر الواسطي الخطيب، وخلق.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: توفي في شوَّال بواسط، وولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.

30 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن خلصة

، أبو عبد الله اللَّخميُّ البلنسيُّ النَّحويُّ اللغويُّ.

سمع أبا عليّ بن سُكَّرة، وصحب أبا بكر ابن العربي، وعاجلته المنيَّة.

قال ابن الأبَّار: كان أستاذاً في علم اللِّسان، مقدَّمًا في العربية والأدب، فصيحاً مفوهاً، حافظاً للغات، وله يد في النَّثْر. أقرأ بدانية وبلنسية كتاب سيبوية. أخذ عنه أبو بكر بن رزق وزيد ابن الصَّفَّار، وتوفي في المحرَّم.

31 -

‌ محمد بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد

، أبو الحسن الهمذانيُّ الفرضيُّ، ابن الشيخ أبي الفضل.

جمع تاريخاً في الملوك والدُّول، وله تصانيف، وكان مطبوعاً كيِّساً ظريفاً. روى عن أبي الحسين ابن النَّقُّور وغيره. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر.

وقال ابن النَّجَّار: كان فاضلاً، حسن المعرفة بالتواريخ والدُّول والملوك والحوادث، وبه خُتِمَ هذا الفن، ذيَّل تاريخ محمد بن جرير، وله كتاب عنوان السِّير، وكتاب أخبار الوزراء، وكتاب طبقات الفقهاء. وله ذيل ذيّله على تاريخ الوزير أبي شجاع التالي لكتاب تجاب الأمم لمسكويه. وتوفي في سادس شوال، ودفن إلى جانب قبر الإمام أبي العباس بن سُرَيْج.

ذكره ابن الجوزي، وقال: ذكر عنه شيخنا عبد الوهاب، يعني

ص: 375

الأنماطي، ما يوجب الطَّعن فيه، وتوفي فجاءة.

32 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد

، أبو طاهر الأصبهانيُّ الحدَّاد البيِّع.

حدَّث بكرمان عن أحمد بن محمود الثَّقفي بمعجم أبي يعلى عن ابن المقرئ عنه.

مات في سادس شوال: أجاز للسَّمعاني.

33 -

‌ هبة الله بن عبد الله بن الحسن ابن البصيدائي

، وبصيدا: من قرى بغداد، أبو البقاء، أحد الرؤساء والأكابر.

سمع أبا محمد الجوهري، وغيره، روى عنه أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ، وتوفي في صفر.

34 -

‌ يحيى بن عبيد بن سعادة

، الزاهد الخير، من أهل الإسكندرية.

قال السلفي: أجبرنا عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازي.

35 -

‌ يحيى بن عمرو بن بقاء

، أبو بكر الجذامي المرجوني.

نزل قرطبة، وأخذ بها عن محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وتفقه عند أبي الحسن بن حمدين، وكان حافظًا للفقه، بارعًا في معرفة الشروط، حصل منها دنيا.

توفي في جمادى الأولى، وله بضعٌ وستون سنة.

ص: 376

سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة

36 -

‌ الحسن بن علي بن صدقة

، أبو علي الوزير جلال الدين، وزير المسترشد بالله.

كان من رجال الدهر رأيًا وحزمًا، وله في مخدومه المسترشد بالله:

وجدت الورى كالماء طعمًا ورقةً وأن أمير المؤمنين زلاله وصورت معنى العقل شخصًا مصورًا وأن أمير المؤمنين مثاله ولولا مكان الدين والشرع والتقى لقلت من الإعظام: جل جلاله توفي في غرة رجب، قاله ابن الجوزي.

وقد تكرر ذكره في الحوادث.

وذكره ابن النجار، فقال: ولد بنصيبين سنة تسعٍ وخمسين، وخدم إبراهيم بن قرواش صاحب الموصل، فلما أمسك هرب جلال الدين إلى بغداد، ثم خدم بها، ولم يزل في ارتقاء إلى أن تزوج بابنة الوزير ابن المطلب، ثم ولي الوزارة في سنة ثلاث عشرة، ثم قبض عليه بعد ثلاث سنين، ونهبت داره، ورضوا عنه، ثم أعيد إلى الوزارة سنة سبع عشرة، فكان يومًا مشهودًا، وكان منشئًا بليغًا أديبًا.

37 -

‌ الحسين بن علي بن أبي القاسم

، الشيخ أبو علي اللامشي السمرقندي الحنفي.

قال السمعاني: إمام فاضل متدين يضرب به المثل في النظر وعلم الخلاف، وكان على طريقة السلف من طرح التكلف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، روى نسخة دينار لنا عن القاضي محمد بن الحسن بن منصور النسفي، وسمع أيضًا من الحافظ عبد الرحمن بن عبد الرحيم القصار، وأبي علي الحسين بن عبد الملك النسفي، وتوفي في رمضان.

قال ابن الجوزي: قدم رسولًا من خاقان ملك سمرقند.

ص: 377

قال السمعاني: مر بمرو رسولًا من ملك سمرقند محمد بن سليمان، ولامش: من قرى فرغانة، سمعت منه بقراءة عمي أبي القاسم، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان قوالًا بالحق.

38 -

‌ رضوان بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن خورة

، أبو منصور الأصبهاني المؤدب.

رحل به أبوه وحج، يروي عن شجاع وأحمد المصقليين، وعنه أبو موسى.

39 -

‌ سهل بن إبراهيم المسجدي السبعي

، أبو القاسم النيسابوري.

يروي عن أبي حفص بن مسرور، وعبد الغافر الفارسي، وأبي محمد الجويني، سمع منه حضورًا أبو سعد السمعاني.

وكان والده يقرأ كل يوم سبعا، وابنه أحمد بن سهل يروي عن يعقوب بن أحمد الصيرفي، توفي سهل سنة نيف وعشرين.

قال السمعاني: كان صالحًا حسن السيرة، كثير العبادة، سمع الكثير، وعمر الطويل، وتفرد عن جماعة.

قلت: روى عن أبي عثمان الصابوني، ودحية بن أبي الطيب الجلاب، والكنجروذي، روى عنه حفيده محمد بن أحمد، وأبو المعالي ابن الفراوي، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري، وأبو سعد الصفار، وابن ياسر الجياني، وآخرون، وكان خادم مسجد المطرز.

دين صالح.

40 -

‌ طغتكين، الأمير أبو منصور

، المعروف بأتابك.

من أمراء تاج الدولة، زوجه بأم ولده دقاق، وكان مع تاج الدولة لما سار إلى الري لقتال ابن أخيه، فلما قتل تاج الدولة رجع إلى دمشق، وصار أتابك دقاق، فلما مات دقاق تملك بدمشق، وكان شهمًا، مهيبًا، شديدًا على الفرنج والمفسدين.

ص: 378

ولقبه ظهير الدين وهو والد تاج الملوك بوري بن طغتكين.

قال ابن الأثير: توفي أتابك طغرتكين - كذا سماه ابن الأثير - في ثامن صفر، وهو من مماليك الملك تتش بن ألب أرسلان، وكان عاقلًا خبيرًا، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حسن السيرة في رعيته، مؤثرًا للعدل، وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فأقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته.

وقال سبط الجوزي: كان طغتكين شجاعًا، شهمًا، عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حسن السيرة، ظاهر العدل، مدبرًا للممالك، أقام حاكمًا على الشام خمسا وثلاثين سنة، وسار ابنه سيرته مدة ثم تغيرت نيته، وأضمر السوء لأصحاب أبيه، والظلم للرعية، وتمكن وزيره المزدقاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم، وقبض بوري على خواص أبيه، فاسترابوا به، ونفرت القلوب منه.

وقال أبو يعلى ابن القلانسي: مرض أتابك طغتكين مرضًا أنهك قوته، وأنحل جسمه، وتوفي في ثامن صفر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفت في الأعضاد، وفتت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرد مضجعه، وماتت زوجته الخاتون شرف النساء، أم بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودفنت بقبتها التي خارج باب الفراديس.

قلت: مات في هذه السنة ودفن بتربته، قبلي المصلى في ثامن صفر.

41 -

‌ عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع

، الأستاذ الحافظ أبو محمد الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي، نزيل قرطبة.

سمع صحيح البخاري من محمد بن أحمد بن منظور، عن أبي ذر الهروي، وسمع من أبي محمد بن خزرج، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني، وأجاز له أبو العباس العذري.

ص: 379

قال ابن بشكوال: وكان حافظًا للحديث وعلله، عارفًا برجاله وبالجرح والتعديل، ضابطًا، ثقة، كتب الكثير، وصحب أبا علي الغساني واختص به، وكان أبو علي يفضله، ويصفه بالمعرفة والذكاء، صنف كتاب الإقليد في بيان الأسانيد، وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ، وكتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان، وكتاب المنهاج في رجال مسلم وسمعت منه مجالس، وتوفي في صفر، ومولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.

42 -

‌ عبد الرحمن بن سعيد بن هارون

، أبو المطرف الفهمي السرقسطي المقرئ ابن الوراق.

روى عن أبي عبد الله المغامي، والحسن بن مبشر، وأبي داود، وغيرهم من القراء، وجود القراءات، وسمع من أبي الوليد الباجي، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأقرأ الناس بجامع قرطبة، وأم بالناس فيه.

أخذ الناس عنه، وكان ثقة، توفي في صفر، وله ثمانون سنة، أجاز لابن بشكوال.

43 -

‌ عبد الكريم بن عبد الرَّزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد

، أبو طاهر الحسناباذيُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ، الزاهد، المعروف بمكشوف الرأس.

ولد في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، وسمع أباه أبا الفتح، وعلي بن القاسم بن إبراهيم المقرئ، وأبا بكر الباطرقاني، وأبا طاهر أحمد بن محمود. ورحل وسمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، والصَّريفيني. روى عنه أبو بكر ابن السَّمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة من الأصبهانيين ممن لا يحضرني ذكرهم.

وقال أبو موسى: كان أوحد في طريقته، صاحب كرامات، صُلْباً في السنة.

وقال أبو سعد السَّمعاني: روى لنا عنه جماعة، وأجاز لي، وكان أحد

ص: 380

المعروفين بالخصال الجميلة، والأخلاق المرضيَّة، يرجع إلى معرفة بالفقه والعربية، ولسان أهل المعرفة.

قال أبو موسى: تُوفي يوم الجُمُعَة ثاني عشر ربيع الأول.

44 -

‌ عبد الكريم بن علي بن أبي طالب

، الأستاذ أبو القاسم الرازيُّ، تلميذ الغزَّالي.

قال ابن السَّمعاني: إمام ظريف عفيف، حسن الطريقة، تفقه كبيراً، وحصَّل المذهب والخلاف. وكان رشيق العبارة في النَّظر، صحب الغزَّالي، وحصَّل كتبه، وأقام بهراة بين الصوفية مدة. وسمع ببغداد أبا بكر ابن الخاضبة، وأبا بكر بن سُوسَن. روى لنا عنه علي بن أحمد اليزدي ببغداد، وأبو النَّضر الفامي بهراة.

توفي ظنًّا سنة اثنتين وعشرين.

45 -

‌ علي بن أسفتكين

، الأمير أبو الحسن العميدي، الحاجي، النيسابوري.

كان خفيف الروح، صالحًا عابدًا، ترك الخدمة ولبس لباس الصالحين، وقنع بما له من ميراث، وحدث عن أبي الحسن محمد بن محمد الحسيني العلوي، والحسن بن محمد الصفار، وأبي نصر عبد الرحمن التاجر، وغيرهم، توفي بنيسابور.

46 -

‌ علي بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد

، أبو الحسن الدمشقي العطار.

كان أبوه مقدم الشهود ورئيسهم بدمشق، وكان مثريًا فاشترى لابنه جارية مغنية، فتعلم منها الغناء، ثم افتقر وتعثر، فكان يغني في مجالس الخمر، ويشرب، ثم كبر وضعف.

قال ابن عساكر: سمع الكثير من أبي القاسم السميساطي، وأبي القاسم الحنائي، وأبي بكر الخطيب، فأتيناه فرغبناه في التوبة، فتاب وترك

ص: 381

الغناء، وسمعنا منه كتبًا، توفي في صفر، وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة.

47 -

‌ علي بن الحسن بن محمد بن محمد

، الإمام أبو القاسم ابن الإمام أبي علي النيسابوري الصفار.

فاضل، علامة، متفنن، روى عن أبي عثمان البحيري، وأبي سعد الكنجروذي، وأحمد بن منصور المغربي، وأصحاب الخفاف، ثم عن أصحاب الحاكم، وابن يوسف، ثم عن أصحاب الحيري، وله النسخ والأجزاء.

وكان بإسفرايين وبها مات في رمضان.

48 -

‌ محمد بن سعد بن الفرج أبو نصر الشيباني البغدادي الحلواني

.

سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وكان ثقة توفي في رمضان.

49 -

‌ محمد بن أبي شجاع العبيدي الآمري

، الأمير المأمون ابن نور الدولة.

كان المأمون وزير الآمر بأحكام الله العبيدي المصري ومدبر دولته، بقي على ذلك أربع سنين، ثم قبض الآمر عليه في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ثم قتل في رجب سنة اثنتين وعشرين، وصلب بظاهر القاهرة.

50 -

موسى بن أحمد بن محمد، أبو القاسم النشاذري، الفقيه الحنبلي.

سمع الكثير، وقرأ بالروايات، وتفقه على أبي الحسن ابن الزاغوني، وناظر، وتوفي في رجب شابًا.

51 -

‌ هاشم بن علي بن إسحاق

، أبو القاسم الأبيورديُّ.

فقيه عالم من أصحاب أبي المعالي الجويني، ورد بغداد حاجًّا، وسمع أبا الخطَّاب ابن البطر. وسمع بنيسابور من أبي بكر بن خلف، وطاهر بن محمد الشَّحَّامي. روى عنه ابنه أبو حامد.

توفي في ربيع الآخر بأبيورد عن سبعين سنة.

ص: 382

52 -

‌ هبة الله بن علي بن محمد

، أبو القاسم المرزمي، ويعرف بقاضي مرغزن، وهي قرية من قرى مرو.

محدث كثير المحفوظ، حريص على عقد المجالس، له قبول عند العامة، إلا أنه غير ثقة، كان لا يبالي ما يقول بحسب الوقت، سمع أبا إسماعيل الأنصاري بهراة، وعاش نيفًا وستين سنة.

53 -

‌ يحيى بن عبد الرحيم

، أبو بكر اللبيكيُّ النَّيسابوريُّ المقرئ الصَّالح.

سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصَّابوني، حضر عليه أبو سعد السَّمعاني.

• - أبو العز القلانسيُّ المقرئ.

ذكر الفاروثي أنه توفي فيها، والأصح وفاته سنة إحدى عشرين.

ص: 383

سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة 54 -‌

‌ أحمد بن جعفر بن إسماعيل

، الإمام الخطيب أبو نصر الدَّرغميُّ السَّمرقنديُّ.

عاش أربعاً وتسعين سنة. سمع عبد الجبَّار الخطيب وأبا بكر النَّجار.

55 -

‌ أحمد بن منصور بن بكر بن محمد بن عليّ بن حيد النَّيسابوريُّ

، أبو الفضل الدَّلال في النِّيل.

سمع من جده بكر عن الخفَّاف. وعنه المبارك بن كامل، وابن عساكر، وأساء ابن عساكر الثَّناء عليه.

توفي في شوَّال.

56 -

‌ إبراهيم بن علي بن الحسين

، الإمام أبو إسحاق الشيبانيُّ الطَّبريُّ الفقيه.

إمام في المذهب والفرائض والتَّفسير، له تصانيف مفيدة. ولي قضاء مكة، وحدَّث عن أبي علي الحدَّاد ببغداد لما قدمها. روى عنه الصائن ابن عساكر، وشيخ الشيوخ عبد الرَّحيم بن أبي البركات.

ومات في خامس رجب، وله إحدى وأربعون سنة.

57 -

‌ جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن أحمد

، أبو الفضل الثقفي الأصبهاني، الرئيس، النبيل.

سمع ابن ريذة التاني، وعبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي المعدل، وعبد الرزاق بن أحمد الخطيب، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، ومحمد بن عبد الرحمن بن زياد الأرزناني.

روى عنه أحمد بن أبي منصور بن الزبرقان، والحافظ أبو موسى، وأسعد بن أبي طاهر الثقفي، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وعبد الجليل بن أبي نصر بن رجاء، ومحمد بن أحمد المهاد، وناصر بن محمد الويرج الأصبهانيون.

ص: 384

وقد ذكره السمعاني في التحبير، فقال: كان صالحًا، سديدًا، وكان آخر من روى من الرجال، عن ابن ريذة، ومن مروياته: شروط الذمة لأبي الشيخ، والسنة له، والعتق له، والضحايا والعقيقة له، والنوادر له، وفوائد العراقيين له، وأحاديث طلحة بن مصرف له، وكتاب السبق والرمي له، وكتاب القطع والسرقة له، وغير ذلك، روى الجميع عن ابن عبد الرحيم، عنه، وكتاب الأدب لابن أبي عاصم، وكتاب معجم ابن المقرئ وفوائده التي في خمسة عشر جزءًا، وكتاب حرملة، وكتاب الأسماء والكنى لأبي عروبة، وكتاب الجامع لأحمد بن الفرات، وسنن الشافعي، رواية ابن عبد الحكم، وكتاب الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، وكتاب طبقات أصبهان لأبي الشيخ، وكتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل بن دكين، وكتاب البكاء للفريابي، وكتاب شواهد الشعر لأبي عروبة، وسمع صحيح البخاري من سعيد العيار، وكان مولده في سنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة، توفي في تاسع جمادى الأولى، وله تسع وثمانون سنة.

58 -

‌ الحسن بن المظفر بن الحسن بن المظفر بن يزيد

، أبو علي بن أبي سعد السبط.

كان أبوه سبط أبي بكر بن لال الهمذاني، سمع: أباه، وأبا محمد الجوهري، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، روى عنه: ابنه هبة الله، ويحيى بن بوش، وأبو القاسم ابن عساكر، وآخرون.

توفي في ربيع الأول.

وثقه ابن عساكر.

59 -

‌ حمزة بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن داود

، أبو الغنائم بن أبي البركات العلوي الحسني النيسابوري.

كان جده محدث نيسابوري، وكان هو حسن السيرة، حدث بالكثير، وتفرد في وقته، وسمع: أباه، وأبا نصر محمد بن الفضل النسوي، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا حفص بن مسرور، وعبد الرحمن بن محمد الأنماطي

ص: 385

صاحب أبي بكر الإسماعيلي، وعمرو بن أبي عمرو البحيري، وحج فسمع ببغداد من: القاضي أبي عبد الله الدامغاني، وأبي يوسف عبد السلام القزويني.

وقال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، وكان زيدي المذهب، توفي في سادس المحرم، وله ستٌ وتسعون سنة.

60 -

‌ طاهر بن سعد

، الوزير كمال الدين أبو علي المزدقاني، وزير صاحب دمشق تاج الملوك بوري بن طغتكين.

اتهم بمذهب الباطنية، فقتل في رمضان، ونصب رأسه على باب القلعة، ووضع الجند السيف في الباطنية بدمشق، فقتلوا منهم ستة آلاف نفس، كما مر في الحوادث.

61 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن شاذان

، أبو الفتح بن علويه السعيدي السرخسي، الفقيه.

سمع: الليث بن الحسن الليثي، وزهير بن الحسن، والحافظ محمد بن محمد بن زيد العلوي.

ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

أجاز لابن السمعاني، وقال: مات يوم التروية بسرخس.

62 -

‌ عبد الله بن أبي المعمر شيبان بن عبد الله بن أحمد بن محمد

، الحافظ أبو محمد البرجي، الأصبهاني، المحتسب.

ولد سنة سبعٍ وأربعين، وسمع: إبراهيم سبط بحرويه، وجماعة، وكان عارفًا برجال الصحيحين، وكان صحافًا، روى عنه: أبو موسى المديني.

63 -

‌ عبيد الله بن محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي

، أبو الحسن البيهقي الخسروجردي.

لم يكن يعرف شيئًا من العلم، بل سمع الكتب من جده، وسمع من: أبي يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني، وأبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ.

ص: 386

وقدم للحج بعد العشرين، فحدث ببغداد، روى عنه: ابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفتح المندائي، وآخرون.

قال ابن السمعاني: كره السماع منه جماعةٌ لقلة معرفته بالحديث، وسألت عنه أبا القاسم الدمشقي فقال: ما كان يعرف شيئًا، وكان يتغالى بكتب الإجازة ويقول: ما أجيز إلا بطسوج، قال: وسمع لنفسه في جزءٍ، عن جده تسميعًا طريًا، وكان سماعه فيما عداه صحيحًا.

وقال أبو محمد ابن الخشاب: سألته عن مولده فقال: سنة تسعٍ وأربعين.

وقال ابن ناصر: مات في ثالث جمادى الأولى ببغداد، مرض ثلاثة عشر يومًا.

64 -

‌ علي بن عبد المجيد بن يوسف بن شعيب

، أبو الحسن الشلجي السمرقندي.

أحد الأئمة، توفي في شوال وله اثنتان وثمانون سنة، روى عن: أبي حمية محمد بن أحمد الحنظلي، وعنه: عمر النسفي.

65 -

‌ علي بن عبد الواحد بن الحسن بن علي بن شواش

، أبو الحسن الدمشقي المعدل.

سمع: أبا الحسن بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: كان أمينًا على المواريث، ووقف الأشراف، وكان ثقة.

66 -

‌ علي بن محمد بن عبد الله بن سعيد

، أبو الحسن الإبرينقيُّ الدهَّان الفقيه.

شيخ صالح، سمع ورحل. روى عن: محمد بن عبد الصمد التُّرابي المروزي، ومحمد بن عبد العزيز القنطري. وسمع بأصبهان، وبخارى،

ص: 387

وهمذان، وأجاز للسَّمعاني، وقال: سمع منه والدي وعمّاي، مات في شوال عن بضع وثمانين سنة.

67 -

‌ علي بن محمد بن علي بن محمد بن موسى

، أبو الحسن بن أبي بكر الخيَّاط المقرئ.

من أولاد الشيوخ ببغداد، سمع أبا القاسم ابن البُسْري. روى عنه أبو المعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ، وتوفي في ذي الحجة.

68 -

‌ عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى

، الإمام أبو بكر المديني الأصبهاني المقرئ.

ولد سنة أربعٍ أو خمسٍ وستين وأربعمائة بمدينة جي، ثم انتقل به أبوه إلى أصبهان وهو يرضع، روى عن: أبي عمرو بن منده، وغيره، روى عنه: ابنه الحافظ أبو موسى، وقال: كانت له يد قوية في معرفة القراء والقراءات وعلم الفرائض، وتوفي في خامس رجب.

69 -

‌ عيسى بن موسى بن سعيد

، أبو الأصبغ الأنصاري البلنسي، ويعرف بالمنزلي.

روى عن: أبيه، وأبي داود المقرئ، وأجاز له أبو الوليد الباجي، وقدم للشورى، وحذق في علم الرأي، وأشغل وأفتى ببلنسية، روى عنه: محمد بن سليمان القلعي، وتوفي في ربيع الأول.

70 -

‌ غانم بن أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو القاسم الأصبهاني الصفار الأسود ختن إسماعيل السراج.

روى عن أبي العباس أحمد بن محمد بن النعمان، وعنه أبو موسى المديني، وقال: مات في ربيع الأول.

71 -

‌ محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل

، أبو عامر الطليطلي، نزيل قرطبة.

روى عن: أبي المطرف عبد الرحمن بن محمد، وأبي المطرف عبد الرحمن

ص: 388

ابن أسد، وأبي أحمد جعفر بن عبد الله، ومحمد بن خلف السقاط، ومحمد بن محمد بن جماهر، وجماعة، وأجاز له أبو الوليد الباجي، وأبو العباس العذري، وغيرهم.

قال ابن بشكوال: كان معتنيًا بلقاء الشيوخ، جامعًا للكتب والأصول، كانت عنده جملة كبيرة من أصول علماء بلده وفوائدهم، وكان ذاكرًا لأخبارهم وأزمانهم، وقد سمع منه أصحابنا، وترك بعضهم التحديث عنه لأشياء اضطرب فيها شاهدتها منه مع غيري، وتوقفنا في الرواية عنه، وقد كنت أخذت عنه كثيرًا ثم زهدت فيه لأشياء أوجبت ذلك، توفي في ربيع الأول، وكان مولده في سنة ست وخمسين وأربعمائة.

72 -

‌ محمد بن أبي بكر بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل

، الإمام أبو بكر النسفي الرفاء، نزيل سمرقند.

توفي في شوال، وله ثلاث وثمانون سنة، روى عن محمد بن محمد ابن الحسيني، وعنه عمر النسفي.

73 -

‌ محمد بن سعد بن الفرج بن مهمت

، أبو نصر الشيباني الحلواني المؤدب.

شيخ بغدادي، فاضل، ثقة، روى عن: أبي الغنائم بن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النقور، وخرج له عبد الوهاب الأنماطي فوائد في جزء، وروى عنه: ابن ناصر، وأبو محمد بن شدقيني، وذاكر بن كامل.

74 -

‌ محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير

، أبو البركات الميهنيُّ الصُّوفيُّ، أخو أحمد وأبي القاسم.

كان حسن الأخلاق، متواضعاً، حميد الطريقة، ولد في سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وحدَّث عن أبي المحاسن المحمي، وغيره. روى عنه ابنه سعيد، وأبو نصر بن المُكَرَّم، وتوفي يوم عاشوراء.

ص: 389

75 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سهل

، أبو طاهر العِجْليُّ المروزيُّ البُنْدكانيُّ، وبُنْدكان من قرى مرو.

عاش بضعاً وثمانين سنة، وكان من كبار الأئمة. حدَّث ببغداد عن عبد الرحمن بن أبي بكر القفَّال، وابن ماجه الأبهري، وأبي بكر بن خلف الشِّيرازي، وطائفة.

قال أبو سعد السَّمعاني: كان إماماً مفتياً مناظراً، بهيَّ المنظر، مليح التَّشبيه، كثير المحفوظ، خرج مع جدي وقت الفترة والتَّعصب إلى طوس سنة ثمان وستين وأربعمائة، وخرج معه إلى أصبهان سنة أربع وثمانين. ولد في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في خامس عشري صفر.

76 -

‌ محمد بن علي بن يوسف

، أبو عبد الله المدينيُّ.

يروي عن أبي طاهر بن محمود الثَّقفي. روى عنه أبو موسى المديني.

77 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن علي

، أبو تمَّام ابن الزَّوَّال الهاشميُّ العبَّاسيُّ المأمونيُّ، أخو أحمد.

سمع ابن النَّقُّور، وأبا نصر الزَّينبي. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري. وكان فقيهاً فاضلاً؛ تفقه على فرج بن عبد الله الخويي، وعلَّق الخلاف عن الشَّريف علي بن أبي يعلى الدَّبوسي.

توفي في جُمادى الآخرة، وله خمس وستون سنة.

78 -

‌ محمد بن محمد بن أبي بكر بن الحسن

، أبو عبد الله القطَّان.

سمع أحمد بن محمود الثَّقفي. وعنه أبو موسى، وقال: توفي في صفر.

79 -

‌ المحسّن بن محمد بن عمر بن واقد السُّكَّريُّ الأصبهانيُّ

.

توفي في ربيع الآخر، وكان مولده في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. روى عنه أبو موسى.

80 -

‌ المقرب بن الحسين بن الحسن

، أبو منصور العقيلي العيشوني النساخ، والد أحمد الكرخي.

شيخ صالح، خير، سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وأبا جعفر ابن المسلمة، وغيرهما، روى عنه: السلفي، وابن بوش، وتوفي في ربيع الأول.

ص: 390

81 -

‌ منصور بن هبة الله بن محمد الموصلي

، أبو الفوارس الحنفي، من كبار أئمة المذهب.

ولي القضاء بأماكن من السواد.

82 -

‌ يحيى بن محمد بن موسى بن عابد

، أبو محمد الرياحي الأندلسي.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، عفيف، سمع الكثير ونسخ، وبالغ في الطلب، وكان ثقة صدوقًا، جاور مدة، وقدم بغداد، ومضى إلى ما وراء النهر، وكان موته ببخارى، سمع: أبا مكتوم عيسى بن أبي ذر، وعلي بن المفرج الصقلي، وأبا إسماعيل الأنصاري، وأبا عبد الله العميري، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وسمع أيضًا بسمرقند، ونسف، وأكثر الترحال، وروى لي عنه: الأمير أبو علي أحمد بن محمد بن جبريل الطرازي، وجماعة سمعوا منه مسند الشافعي.

83 -

‌ يوسف بن عبد العزيز بن علي بن نادر

، أبو الحجَّاج اللَّخميُّ الميورقيُّ الفقيه.

سمع صحيح مسلم بمكة من الحسين الطَّبري، وصحيح البخاري من عليّ بن سليمان البغدادي النَّقَّاش بروايته عن أبي ذر، وتفقه ببغداد على إلكيا الهرَّاسي. وسمع من أبي الحسين ابن الطُّيوري، وغيره، واستوطن الإسكندرية ودرَّس الفقه وروى الصحيحين وكان عارفاً بالأصول متفنناً، بارعاً، مصنِّفًا له تعليقة في الخلاف معروفة.

قال ابن الأبَّار: وهو أحيا علم الحديث بالإسكندرية؛ سمع منه جلَّة.

وقال أبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة: كان أفضل من لقيته في رحلتي علماً وعملاً، وزُهْداً وورعاً.

قلت: روى عنه السِّلفي، وأبو محمد العثماني، وأبو طالب أحمد بن المسلَّم بن رجاء التَّنوخي، وأبو عبد الله ابن الحضرمي، وعبد الله بن عطَّاف الأزدي، ومقاتل بن العريف، وأبو طالب أحمد بن عبد الله القصري، وأبو بكر

ص: 391

ابن أسود القاضي، وأبو القاسم ابن عساكر، وقال: أخبرنا سنة خمس وخمسمائة قال: أخبرنا ابن الطُّيوري سنة خمسمائة، فذكر حديثاً.

قال ابن الأبَّار: توفي في آخر سنة ثلاث.

وقال السِّلفي: توفي في جمادى الأولى سنة أربع وعشرين. قال: وحدَّث بالتِّرمذي وخلَّط في إسناده.

ص: 392

سنة أربع وعشرين وخمسمائة

84 -

‌ أحمد بن سهل بن محمد بن سهل

، أبو الفرج البُرْجيُّ الأصبهانيُّ التَّانيُّ.

توفي في جمادى الآخرة، وله ثلاث وتسعون سنة. روى عن عبد الرحمن بن عبد العزيز. روى عنه أبو موسى المديني، وغيره.

85 -

‌ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن رضوان

، أبو نصر البغدادي المراتبي.

شيخ صالح من باب المراتب، سمع: أبا محمد الجوهري، وسماعه صحيح، روى عنه: محمد بن طاهر المقدسي مع تقدمه، وأبو القاسم ابن عساكر، ومات في جمادى الآخرة، وله إحدى وثمانون سنة، وقد أجاز له عبد العزيز الأزجي الحافظ.

قال ابن النجار: روى لنا عنه أبو القاسم ابن السبط، وكان شيخًا صالحًا أمينًا، كثير الصلاة والصدقة.

سمع أيضًا أبا يعلى ابن الفراء.

86 -

‌ أحمد بن عبد الواحد بن الحسن بن زريق

، الشيباني البغدادي القزاز، عم أبي منصور عبد الرحمن بن محمد.

شيخ صالح، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن النقور.

توفي في شعبان، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري وأحمد بن هبة الله ابن المكشوط.

87 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي طاهر

، أبو الفضل الخرقي الأصبهاني.

توفي في ذي القعدة.

88 -

‌ أحمد بن محمد بن ملوك

، أبو المواهب الوراق.

في تاريخ ابن النجار وفاته في هذه السنة.

89 -

‌ إبراهيم بن عثمان بن محمد

، أبو إسحاق، وقيل أبو مدين الكلبي الغزي، الشاعر المشهور.

أحد فضلاء الدهر، ومن يضرب به المثل في صناعة الشعر، ذو الخاطر

ص: 393

الوقاد، والقريحة الجيدة، تنقل في البلدان، ومدح الأعيان، وهجا جماعة، ودور في الجبال، وخراسان، وسار شعره، وقد سمع بدمشق من الفقيه نصر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

قال ابن النجار: هو إبراهيم بن عثمان بن عياش بن محمد بن عمر بن عبد الله الأشهبي الكلبي، ثم قال: هكذا رأيت نسبه بخط محمد بن طرخان التركي، روى ببغداد كثيرًا من شعره، وعنه من أهلها: محمد بن جعفر بن عقيل البصري، ومحمد بن علي بن المعوج، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الإخوة، وروى السلفي عنه، وروى أيضًا عن يوسف بن عبد العزيز الميورقي، عنه.

ومن شعره:

أغيد للعين حين ترمقه سلامةٌ في خلالها عطب واخضر في وجنتيه خطمها بحافة الماء ينبت العشب يدير فينا بخده قدحا يجتمع الماء فيه واللهب قلت: وقيل: هو إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد، أقام بالنظامية ببغداد سنين كثيرة، وله ديوان شعر مختار نحو ألفي بيت.

وقال العماد في الخريدة: مدح ناصر الدين مكرم بن العلاء وزير كرمان بهذه القصيدة التي يقول فيها:

حملنا من الأيام ما لا نطيقه كما حمل العظم الكسير العصائبا وليلٍ رجونا أن يدب عذاره فما اختط حتى صار بالصبح شائبا قال ابن السمعاني: ما اتفق أني سمعت منه شيئًا، وكان ضنينًا بشعره، إلا أنه اتفق له الخروج من مرو إلى بلخ، فباع قريبًا من عشرة أرطال من مسودات شعره من بعض القلانسيين، ليفسدها في القلانس، فاشتراها منه بعض أصدقائي، وحملها إلي، فرأيت شعرًا أدهشت من حسنه وجودة صنعته، فبيضت منه أكثر من خمسة آلاف بيت، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.

وقال ابن نقطة في استدراكه على الأمير: حدثنا أبو المعالي محمد

ص: 394

ابن أبي الفرج البغدادي، قال: حدثني سعد بن الحسن التوراني الحراني الشاعر، قال: كنا نسمع على إبراهيم الغزي ديوانه، فاختلف رجلان في إعراب بيت، فقال: قوموا، فوالله لا أسمعت بقيته، ولأبيعنّ ورقه للعطارين يصرون فيه الحوائج.

ومن شعره:

قالوا: تركت الشعر قلت: ضرورةً باب الدواعي والبواعث مغلق خلت الديار فلا كريم يرتجى منه النوال، ولا مليحٌ يعشق ومن العجائب أنه لا يشترى ومع الكساد يخان فيه ويسرق وله:

أأضماك خد يوم وجرة، أم جيد أم اللحظ فيما غازلتك المها الغيد سفرن فقال الصبح: لست بمسفرٍ ومسنّ، فقال البان: ما فيّ أملود وخوطية المهتز أمكن وصلها وطرفٌ رقيب الحي بالنوم مصفود فأنشدتها من عزب شعري قصيدة وشبهها المعنى الذي هو مقصود لك النوم تحت السجف والطيب والحلى، ولي عزماتي والعلندات والبيد فقالت: أمط عنك القريض وذكره، فما لك في نظم القصائد تجويد وله:

طول حياةٍ ما لها طائل نغص عندي كلما يشتهى أصبحت مثل الطفل في ضعفه تشابه المبدأ والمنتهى فلا تلم سمعي وإن خانني، إن الثمانين وبلغتها وله:

بجمع جفنيك بين البرء والسقم لا تسفكي من دموعي بالفراق دمي إشارةٌ منك تكفيني، وأحسن ما رد السلام غداة البين بالعنم تعليق قلبي بذات القرط يؤلمه فليشكر القرط تعليقًا بلا ألم وما نسيت، ولا أنسى تجشمها ومنسم الجو غفلٌ، غير ذي علم حتى إذا طاح عنها المرط من دهشٍ وانحل بالضم سلك العقد في الظلم تبسمت فأضاء الجو، فالتقطت حبات منتثر في ضوء منتظم

ص: 395

وله:

إذا قل عقل المرء قلت همومه ومن لم يكن ذا مقلةٍ كيف يرمد؟ وقد تصقل الضبات وهي كليلةٌ ويصدأ حد السيف وهو مهند وله:

إني لأشكو خطوبًا لا أعينها ليبرأ الناس من لومي ومن عذلي كالشمع يبكي ولا يدرى، أعبرته من صحبة النار، أو من فرقة العسل وله القصيدة السائرة:

أمط عن الدرر الزهر اليواقيتا واجعل لحج تلاقينا مواقيتا فثغرك اللؤلؤ المبيض لا الحجر الـ ـمسود طالبه يطوي السباريتا لنا بذكراك أذكى الطيب رائحةً ونور وجهك رد البدر مبهوتا منها:

وفتية من كماة الترك ما تركت للرعد كباتهم صوتًا ولا صيتا قوم إذا قوبلوا كانت ملائكةً حسنًا، وإن قوتلوا كانوا عفاريتا مدت إلى النهب أيديهم وأعينهم، وزادهم قلق الأخلاق تثبيتا ومن شعره:

طفقت تقول أسيرة الكلل لك ناظرٌ أهدى فؤادك لي وأراك رائد مهمة قذف ما عاقها القمران عن زحل من ضنها بالطيف توعدنا جود النساء يعد في البخل أستغفر الله المركب في أسل القدود لهاذم المقل فاسنن عليك دلاص تسليةٍ فاللحظ يبطل حيلة البطل بك من جواري السرب نازلةٌ بالحسن بين مراكز الأسل بدوية الحلل افتتنت بها لما بدت حضرية الحلل يا دميةً سفكت دمي عبثا وأنا ابن بجدة حومة الوهل ما ضفت قومًا تبجحين بهم إلا وكان نزالهم نزلي ومن السفاهة مقت ذي مقةٍ ومن العناء عتاب ذي ملل

ص: 396

وله من قصيدة:

ورب خطبٍ حللت عقدته بمنزلٍ لا تحل فيه حبا ومالك جبت نحوه ظلمًا فزرته مشرق المنى شحبا جاد بما يملأ الحقائب لي وجدت بالشعر يملأ الحقبا وكم تصيدت والصبى شركي سرب ظباء لحاظهن ظبا على غدير بروضة نظمت نوارها حول بدره شهبا يدق فيه الغمام أسهمه فيكتسي من نصالها حببا ويعجم الطل ما يخط على صفحته مر شمأل وصبا ضروب نقشٍ كأنما خلع الز هر عليهن برده طربا لو كن يبقين ظنهن صفي الدولة الأحرف التي كتبا وخرج إلى المديح.

قال ابن السمعاني: خرج الغزي متوجهًا من مرو إلى بلخ في سنة أربعٍ وعشرين، فأدركته المنية في الطريق، فحمل إلى بلخ ودفن بها، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.

90 -

‌ إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن محمد بن علي بن الإخشيد

، التاجر الأصبهاني المعروف بالسراج.

سمع: أبا القاسم بن أبي بكر الذكواني، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وعلي بن القاسم المقرئ، وأبا العباس بن النعمان الصائغ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وجماعة.

روى عنه: أبو طاهر السلفي، وكناه أبا سعد ووثقه، وأبو موسى المديني، ويحيى الثقفي، وناصر الويرج، وخلف بن أحمد الفراء، وأسعد بن أحمد الثقفي، وأبو جعفر الصيدلاني، وآخرون.

سمعه أبو موسى يقول: ولدت ليلة نصف شعبان سنة ستٍ وثلاثين وأربعمائة، قال: وكان أبي اسمه محمد، وكنيته أبو الفضل، فغلب عليه الفضل.

ص: 397

قلت: وكان من المكثرين في السماع والرواية، وقرأ القرآن على المشايخ، وكان تاجرًا أمينًا.

كناه أبو سعد السمعاني أبا الفتح وقال: كان سديد السيرة، قرأ بروايات، ونسخ أجزاء كثيرة، وكان واسع الرواية، موثوقًا به، كتب إلي بالإجازة، فمن مسموعاته: طبقات الصحابة لأبي عروبة، في أربعةٍ وعشرين جزءًا، بروايته عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن ابن المقرئ، عنه، وكتاب الإشراف في اختلاف العلماء لابن المنذر، بروايته عن ابن عبد الرحيم، عن ابن المقرئ، عنه، وكتاب السنن للحلواني، رواية المفضل الجندي، عنه.

قلت: توفي في رمضان، وقيل في شعبان، وله فوائد مروية.

91 -

‌ ثابت بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد ابن تولة

، أبو شُكْر الأصبهانيُّ الخلاَّل المؤدِّب.

شيخ صالح، من شيوخ أبي موسى المديني، سأله عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وخمسين، وتوفي في جُمادى الآخرة.

سمع عبد الرحمن بن منده، وشيبان بن عبد الله المُحْتَسب، وحدَّث ببغداد، فسمع منه هزارسب، وأبو عامر العبدريُّ، وجماعة.

وتولة: لقب له.

92 -

‌ ثعلب بن أبي محمد جعفر بن أحمد السَّرَّاج

، أبو المعالي.

بغداديٌّ عاميٌّ، لا يدري شيئاً، إنما سمَّعه أبوه بدمشق من أبي القاسم الحسين الحنَّائيِّ، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبي بكر الخطيب. وعاد به إلى بغداد، وكان بوَّاباً لدار القاضي أبي سعد الهرويِّ مرَّة.

توفي في ربيع الأول. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ومات في عشر الثمانين.

93 -

‌ الحسين بن أحمد بن عبد الوارث بن مهدي

، أبو القاسم البغداديُّ.

ص: 398

عن علي ابن الأخضر الأنباري، وعبد الواحد بن فَهْد العلاَّف. وعنه المبارك بن كامل، وابن عساكر.

94 -

‌ الحسين بن محمد بن عبد الوهَّاب بن أحمد

بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب البكريُّ البغداديُّ الدَّباس المقرئ الأديب الملقَّب بالبارع.

أديب، شاعر، مفلق، من بيت وزارة، قد وزر جدهم القاسم بن عبيد الله للمعتضد.

للبارع مصنَّفات وديوان شعر، وله في القراءات كتاب الشَّمْس المنيرة في القراءات التِّسعة الشَّهيرة، وقد أخذ القراءات عن الشُّيوخ الكِبار بعد السِّتين وأربعمائة، وسمع من الحسن بن غالب المقرئ، وأبي جعفر ابن المسلمة. حدَّث وأقرأ القراءات وعلَّم اللُّغة، وأضرَّ في آخر عمره.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وأبو طاهر بن إبراهيم بن حمديَّة، وأبو بكر عبد الله بن منصور الباقلاَّني، وطائفة. وممن قرأ عليه بالرِّوايات أبو جعفر عبد الله بن أحمد بن جعفر الواسطي الضَّرير المقرئ.

وذكره العماد الكاتب، فقال: من أهل السُّؤدد، كريم المحْتِد، كان نحوي زمانه، عديم النَّظير في أوانه له مصنفات. وسُئِلَ ابن عساكر عنه، فقال: ما كان به بأس.

ولد البارع في صفر سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة.

وله:

ذكر الأحباب والوطنا والصِّبا والأهل السَّكَنَا فبكا شجوًا وحقَّ له مدنف بالشَّوق حلف ضنا من لمشتاق تميِّله ذات سجع ميَّلت فننا لك يا ورقاء أسوة من لم تذيقي طرفه الوسنَا أين قلبي ما صنعت به ما أرى صدري له سكنا

ص: 399

كان يوم النَّفر وهو معي فأبى أن يصحب البدَنا ومن شعره:

كلُّ غصن مال جانبه فكأنَّ الغُصْنَ سكران في غدير من مقبَّله ومن الصُّدغين بستانُ

95 -

‌ خلف بن عمر بن عيسى

، أبو القاسم الحضرمي القرطبي.

روى عن: سراج بن عبد الملك، وتفقه عند: هشام بن أحمد الفقيه.

قال ابن بشكوال: أخذ عن جماعة معنا، وكان من العلماء المتفننين، توفي في رجب.

96 -

‌ سعيد بن الحسين

، أبو البركات الطائي المجهز.

سمع ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن المأمون، وعنه المبارك بن خضير، وابن بوش.

مات في جمادى الأولى.

97 -

‌ سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم

، أبو القاسم النيسابوري المسجدي السبعي، خادم مسجد المطرز.

قال السمعاني، وقد أجاز له: كان شيخًا صالحًا، كثير العبادة، معمرًا، منفردًا بالرواية عن مثل أبي سعيد بن أبي الخير الميهني، وأبي محمد الجويني، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن محمد الشاذياخي، وسمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، سمعني والدي منه أجزاء، ولد في حدود سنة ثلاثين، وحدث في آخر سنة ثلاث، ووفاته بعد ذلك.

98 -

‌ سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل

، أبو المعالي البخاري البراني، وبرانية من قرى بخارى.

ص: 400

كان إمامًا، ذكيًا، واعظًا، صالحًا، عابدًا، حج على التجريد، وبقي مع رفاقه حافيًا عريانًا، حتى توصلوا إلى مكة بعد الوفقة، وجاور حتى حج، ودخل اليمن، وركب في البحر إلى كرمان، سمع: أباه، والمظفر بن إسماعيل الجرجاني، روى عنه: ابنه حمزة.

وتوفي ببخارى.

99 -

‌ صفية بنت الحافظ إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن عمران البلخي

.

سمعت بخراسان من الإمام أبي بكر البيهقي، روى عنها عمر النسفي، وغيره.

توفيت في حادي عشر جمادى الآخرة بما وراء النهر.

100 -

‌ طراد بن علي بن عبد العزيز

، أبو فراس السلمي الدمشقي الكاتب المعروف بالبديع.

مات متوليًا بمصر، وكان مولده بدمشق في سنة أربع وخمسين.

قال السلفي: علقت عنه شعرًا، وكان آيةً في النظم والنثر، له مقامات ورسائل.

قلت: ومن شعره في تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان:

غزالٌ غزا قلبي بعينٍ مريضةٍ لها ضعف أجفانٍ تهد قوى صبري له لين أعطافٍ أرق من الهوى وقلبٌ على العشاق أقسى من الصخر وهي طويلة.

ومن شعره:

ص: 401

قيل لي: لم جلست في طرف القو م وأنت البديع رب القوافي؟ قلت: آثرته لأن المناديـ ـل ترى طرزها على الأطراف وكفاني من الفخار بأني نازلٌ في منازل الأشراف

101 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد الملك أبو محمد الهلالي الغرناطي

، يعرف بابن سمجون.

أحد جلة العلماء والفقهاء، ولي قضاء غرناطة، وأخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وعبد الحق ابن بونه، وعاش بضعًا وسبعين سنة، يروي عن: أبي علي الغساني، وطبقته.

102 -

‌ عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة

، أبو محمد المصري، المجاور بمكة، ويعرف بابن الغزال.

شيخ كبير صالح، سمع: أبا عبد الله القضاعي بمصر، وأبا القاسم الحنائي، والكتاني بدمشق، وكريمة المروزية، وطال عمره وكف بصره.

قال ابن عساكر: سمعت من لفظه حديثًا واحدًا لصممٍ شديد كان به، لقناه الحديث، وذكر لي أن جده لقب بالغزال لسرعة عدوه، توفي أبو محمد في صفر.

وقال السلفي: أجاز لي، وقد أخبرني عنه بأصبهان إسماعيل بن محمد الحافظ سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة، وحججت سنة سبع وتسعين ولم أعلم به، سمع: عبد العزيز ابن الضراب، وأبا محمد المحاملي، والمقرئ أبا الحسين الشيرازي، وكان مقرئا صالحًا، وسمعت من أخيه إبراهيم بمصر.

103 -

‌ عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق

، أبو محمد الخزرجي القرطبي.

روى عن: الفقيه محمد بن فرج واختص به، وناظر عند: أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين، وأجاز له أبو العباس العذري.

ص: 402

وكان فقيهًا إمامًا شروطيًا مدرسًا، توفي في صفر، وله اثنان وسبعون عامًا.

104 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل

، أبو القاسم البغدادي الصابوني.

يروي عن أبي الحسين ابن النقور، وعنه أبو المعمر الأنصاري، وابن عساكر.

105 -

‌ عبد العزيز بن محمد بن معاوية

، أبو محمد الأنصاري الدورقي الأطروش.

سكن قرطبة، وحدث عن: أبي بكر محمد بن مفوز، وأبي علي الصدفي، وأبي عبد الله الخولاني، وكان حافظًا، عارفًا بالعلل والصحيح والسقيم والرجال، مقدمًا في جميع ذلك على أهل وقته، قاله ابن بشكوال، وجمع كتبًا مفيدة، سمعنا منه، وكان حرجًا نكد الخلق، توفي في ربيع الآخر.

106 -

‌ عبد الملك بن عبد العزيز بن فيره بن وهب

، أبو مروان المرسي.

سمع من: أبي علي الغساني، وغيره، وحج، ودخل بغداد، ودمشق وروى هناك، ولم يذكره ابن عساكر.

وكان حافظًا للرأي، ذاكرًا للمسائل، صالحًا خيرًا، وعاش إحدى وسبعين سنة.

107 -

‌ عبد المنعم بن مروان بن عبد الملك بن سمجون

، أبو محمد اللواتي الطنجي.

نشأ بغرناطة وتفقه بها على: أبي محمد عبد الواحد بن عيسى، وسمع من: أبي علي الغساني.

وكان فقيهًا، جزلًا، مهيبًا، ولي قضاء إشبيلية بعد عزل أبي مروان الباجي، ثم نقل إلى قضاء غرناطة، وتوفي في شعبان.

ص: 403

108 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن شيذة

، أبو المظفر الأصبهاني المقرئ.

توفي في رمضان.

109 -

‌ عثمان بن منصور بن عبد الكريم

، أبو عمرو الطرازي النظامي.

سكن بلخ، وحدث عن أبي الحسن محمد بن محمد الحسيني، روى عنه: عبد الله بن عمر الفقيه ببلخ، ومحمد بن الفضل المارشكي بطوس، وكان رجلًا جليل القدر، واعظًا، محتشمًا.

110 -

‌ عليّ بن أحمد بن نصر بن محمد بن حمدويه الخطيب

، أبو نصر السُّلميُّ الحمدوييُّ الإشتيخنيُّ.

توفي بإشتيخن في غُرَّة ذي القعدة عن مائة وثلاث عشرة سنة؛ كذا قال عمر النَّسفي. ثم روى عنه عن عبد الملك بن عبد الرحمن بن فضالة.

111 -

‌ عمر بن محمد بن عمر بن إبراهيم بن جعفر بن عُزَيْزَة

، القاضي أبو الخير المُعَدَّل، إمام جامع أصبهان.

روى عن ابن مِهْرَبْزُد صاحب ابن المقرئ، وعن شجاع المصقلي. روى عنه أبو موسى الحافظ، وقال: توفي في ربيع الأول، وأبوه من شيوخ السِّلفي.

112 -

‌ غالب بن أبي غالب الأدميُّ الفارسيُّ

، أبو نصر.

سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وحدَّث، مات في جُمادى الأولى.

113 -

‌ فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل

، أم إبراهيم، وأم الغيث، وأم الخير الجوزدانية.

قال أبو موسى المديني: قدمت علينا من جوزدان، وكان مولدها نحو الخمس والعشرين وأربعمائة، وسمعت من: أبي بكر بن ريذة سنة خمسٍ وثلاثين، وهي آخر أصحابه.

قلت: هي أسند أهل العصر مطلقًا، وهي للأصبهانيين كابن الحصين للبغداديين، سمعت من ابن ريذة المعجم الكبير والمعجم الصغير

ص: 404

للطبراني، وكتاب الفتن لنعيم بن حماد.

روى عنها: أبو العلاء الهمذاني، وأبو موسى المديني، ومعمر بن الفاخر، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعائشة بنت معمر، وعفيفة بنت أحمد، وأبو سعيد أحمد بن محمد الأرجاني الحللي، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الإخوة، وداود بن سليمان بن نظام الملك، وشعيب بن الحسن السمرقندي، وفاطمة بنت سعد الخير، لها عنها حضور، وجماعة كثيرة.

أخبرنا أبو علي القلانسي، قال: أخبرتنا كريمة، عن أبي مسعود عبد الرحيم الحاجي أنها توفيت في غرة شعبان.

وقال ابن نقطة: في رابع عشر رجب.

114 -

‌ الفضل بن الحسين بن محمد بن تركان

، أبو القاسم الواسطيُّ.

عن الحسن بن أحمد الغَنْدجاني. وعنه هبة الله بن نصر الله بن الجَلَخْت، وعليّ بن صالح العلوي، وغيرهما.

ورَّخ وفاته أبو بكر ابن الباقلاني فيها.

115 -

‌ فضل الله بن محمد بن وهب الله بن محمد

، أبو القاسم الأنصاري المقرئ.

أقرأ بجامع قرطبة مدة، وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن شعيب، وأبي عبد الله بن شريح، وسمع من: محمد بن فرج الطلاعي، وأبي محمد بن خزرج.

روى عنه ابن بشكوال، وقال: توفي في رمضان، وله سبعون سنة، وقرأ عليه بالروايات علي بن محمد بن خلف، شاب قرطبي.

116 -

‌ قراتكين بن الأسعد بن مذكور

، أبو الأعز التُّركيُّ ثم البغداديُّ الأزجيُّ.

سمع أبا محمد الجوهريَّ. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بَوْش، وجماعة من شيوخ يوسف بن خليل.

ص: 405

وسُئلَ عنه ابن عساكر، فقال: ما كان يعرف شيئاً، توفي في سادس رجب.

وقال المبارك بن كامل: حدثنا عن الجوهري وأبي عليّ ابن البنَّاء، وابن النَّقُّور.

117 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد

، أبو عبد الله الجنزيُّ ثم الأصبهانيُّ التاجر.

روى عن عبد الرحمن بن زُفر من أصحاب ابن منده، وعنه أبو موسى المديني.

118 -

‌ محمد بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن نصر

، أبو بكر السَّمرقنديُّ الهرَّاس الصَّكَّاك.

روى عن القاضي منصور بن أحمد بن إسماعيل الغزقي، وتوفي في جُمادى الآخرة، وقد جاوز التسعين.

119 -

‌ محمد بن سعدون بن مرجى بن سعدون

، الإمام أبو عامر القرشي العبدري الميورقي المغربي، نزيل بغداد.

أحد الحفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفقهاء الظاهرية، رحل إلى بغداد، وسمع: أبا عبد الله البانياسي، وأبا الفضل بن خيرون، وطراد بن محمد، ويحيى السيبي، والحميدي، وابن البطر، وخلقًا سواهم.

قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في معجمه: أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته.

وقال ابن ناصر: كان فهمًا، عالمًا، متعففًا مع فقره، وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع.

وذكره السلفي في معجمه فقال: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفٌ في فنون من العلوم أدبًا ونحوا، ومعرفةً بالأنساب، وكان

ص: 406

داودي المذهب، قرشي النسب، كتب عني وكتبت عنه، ومولده بقرطبة من مدن الأندلس.

قال ابن نقطة: حدثنا أحمد بن أبي بكر البندنيجي أن الحافظ ابن ناصر قال:

لما دفنوا أبا عامر العبدري خلا لك الجو فبيضي واصفري مات أبو عامر حافظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن شاء فليقل ما شاء.

وقال ابن عساكر: كان فقيهًا على مذهب داود، وكان أحفظ شيخٍ لقيته، ذكر أنه دخل دمشق في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء، وسمعت أبا عامر وقد جرى ذكر مالك، فقال: جلفٌ جاف، ضرب هشام بن عمار بالدرة، وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد، فقال وقد مر قول لأبي عبيد: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لا يعرف الفقه، وقيل لي عنه: إنه قال في إبراهيم النخعي: أعور سوء، فاجتمعنا يومًا عند ابن السمرقندي في قراءة الكامل، فنقل فيه قولًا عن السعدي، فقال: يكذب ابن عدي، إنما هو قول إبراهيم الجوزجاني، فقلت له: فهو السعدي، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب، تقول في إبراهيم النخعي كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عبيد كذا؟! فغضب وأخذته الرعدة، وقال: كان ابن الخاضبة والبرداني وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول في هذا، فقال له ابن السمرقندي: هذا بذاك، وقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة، فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدم، وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه، فقلت مستهزئًا: فعلمك إذًا إلهامٌ، وهاجرته.

قال: وكان سيئ الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني أنه قال في سوق باب الأزج:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} فضرب

ص: 407

على ساقه وقال: ساقٌ كساقي هذه، وبلغني أنه قال: أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي في الإلهية، فأما في الصورة فهو مثلي ومثلك، قال الله تعالى:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} أي في الحرمة.

وسألته يومًا عن أحاديث الصفات، فقال: اختلف الناس فيها، فمنهم من تأولها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها، ومذهبي آخر هذه الثلاثة مذاهب، وكان يفتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل، قال: لا غسل عليه، الآن فعلت ذلك بأم أبي بكر، وكان بشع الصورة، زري اللباس.

وقال ابن السمعاني: حافظ مبرز في صنعة الحديث، داودي المذهب، سمع الكثير، ونسخ بخطه وإلى آخر عمره، وكان يسمع وينسخ.

وقال ابن ناصر: فيه تساهل في السماع، يتحدث ولا يصغي ويقول: يكفيني حضور المجلس، ومذهبه في القرآن مذهب سوء، مات في ربيع الآخر.

قلت: روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائي، وجماعة، وخمل ذكره لبدعته.

120 -

‌ محمد بن عبد الله بن تومرت

، أبو عبد الله الملقب نفسه بالمهدي المصمودي، الهرغي، المغربي، صاحب دعوة السلطان عبد المؤمن ملك المغرب.

كان يدعي أنه حسني علوي، وهو من جبل السوس في أقصى المغرب. نشأ هناك، ثم رحل إلى المشرق لطلب العلم، ولقي أبا حامد الغزالي، وإلكيا أبا الحسن الهراسي، وأبا بكر الطرطوشي، وجاور بمكة، وحصل طرفًا جيدًا من العلم.

وكان متورعًا، متنسكًا، مهيبًا، متقشفًا، مخشوشنًا، أمارًا بالمعروف، كثير الإطراق، متعبدًا، يتبسم إلى من لقيه، ولا يصحبه من الدنيا إلا عصا وركوة، وكان شجاعًا، جريئًا، عاقلًا، بعيد الغور، فصيحًا في العربي والمغربي، قد طبع على النهي عن المنكر، متلذذًا به، متحملًا المشقة والأذية فيه، أوذي بمكة لذلك، فخرج إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه

ص: 408

وطرده، وكان إذا خاف من البطش وإيقاع الفعل به خلط في كلامه ليظنوه مجنونًا، فخرج إلى الإسكندرية، فأقام بها مدة، وركب البحر إلى بلاده.

وكان قد رأى في منامه وهو بالمشرق كأنه قد شرب ماء البحر جميعه كرتين، فلما ركب السفينة شرع ينكر، وألزمهم بالصلاة والتلاوة، فلما انتهى إلى المهدية، وصاحبها يومئذٍ يحيى بن تميم الصنهاجي، وذلك في سنة خمسٍ وخمسمائة، فنزل بها في مسجد معلق على الطريق، وكان يجلس في طاقته، فلا يرى منكرًا من آلة الملاهي أو أواني الخمور إلا نزل وكسرها، فتسامع به الناس، وجاءوا إليه، وقرأوا عليه كتبًا في أصول الديانة، وبلغ خبره الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعةٍ من الفقهاء، فلما رأى سمته وسمع كلامه أكرمه، وسأله الدعاء، فقال له: أصلحك الله لرعيتك.

ثم نزح عن البلد إلى بجاية، فأقام بها ينكر كدأبه، فأخرج منها إلى قرية ملالة، فوجد بها عبد المؤمن بن علي القيسي، فيقال: إن ابن تومرت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وصفة رجلٍ يظهر بالمغرب الأقصى من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضعٍ من المغرب، يسمى ت ي ن م ل، ويجاوز وقته المائة الخامسة، فألقي في ذهنه أنه هو، وأخذ يتطلب صفة عبد المؤمن فرأى في الطريق شابًا قد بلغ أشده على الصفة التي معه، فقال: يا شاب ما اسمك؟ قال: عبد المؤمن، فقال: الله أكبر، أنت بغيتي، فأين مقصدك؟ قال: المشرق لطلب العلم، قال: قد وجدت علمًا وشرفًا اصحبني تنله، ثم نظر في حليته فوافقت، وقال: ممن أنت؟ قال: من كومية، فربط الشاب، وألقى إليه سره.

وكان ابن تومرت قد صحبه عبد الله الونشريسي ممن تهذب وتفقه، وكان جميلًا، فصيحًا في العربية، فتحدثا يومًا في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنت عليه من العلم والفصاحة عن الناس، وتظهر من العي واللكن والجهل ما تشتهر به، لتتخذ الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعةً واحدة، فيكون ذلك معجزة، ففعل ذلك، ثم استدنى محمد أشخاصًا أجلادًا في القوى الجسمانية، أغمارًا، فاجتمع له ستة، فتوجهوا إلى

ص: 409

مراكش، وملكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكًا حليمًا، عادلًا، متواضعًا، وكان بحضرته مالك بن وهيب الأندلسي الفقيه، فأخذ ابن تومرت في الإنكار، حتى أنكر على ابنة الملك، وذلك في قصةٍ طويلة، فبلغ خبره الملك، وأنه يحدث في تغيير الدولة، فكلم مالك بن وهيب في أمره، وقال: نخاف من فتح بابٍ يعسر علينا سده، وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجدٍ خراب بظاهر البلد، فأحضروهم في محفلٍ من العلماء، فقال الملك علي: سلوا هذا ما يبغي، فكلموه، وقال: ما الذي يذكر عنك من القول في حق الملك العادل الحليم المنقاد إلى الحق؟ فقال: أما ما نقل عني، فقد قلته، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك: إنه يؤثر طاعة الله على هواه، وينقاد إلى الحق، فقد حضر اعتبار صحة هذا القول عليه، ليعلم بتعريه عن هذه الصفة أنه مغرورٌ بما تقولون له وتطرونه به، مع علمكم أن الحجة عليه متوجهة، فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهارًا، وتمشي الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى؟ وعدد من ذلك أشياء، حتى ذرفت عينا الملك، وأطرق حياءً، ففهم الدهاة من كلامه طمعه في الملك، ولما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلموا، فقال مالك بن وهيب: إن عندي نصيحة، إن قبلها الملك حمد عاقبتها، وإن تركها لم آمن عليه، قال: وما هي؟ قال: إني خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كل يومٍ دينارًا، وإلا أنفقت عليه خزائنك، فوافقه الملك، فقال الوزير: أيها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثم تسيء إليه في مجلسٍ واحد، وأن يظهر منك الخوف مع عظم ملكك، وهو رجل فقير لا يملك سد جوعه، فأخذت الملك العزة، واستهون أمره وصرفه، وسأله الدعاء.

وقيل: إنه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدبت مع الملك، فقال: أردت أن لا يفارق وجهي الباطل حتى أغيره ما استطعت.

ولما خرج قال لأصحابه: لا مقام لنا بمراكش مع وجود مالك بن وهيب، فإنا نخاف مكره، وإن لنا بأغمات أخًا في الله فنقصده، فلن نعدم منه رأيًا ودعاء، وهو الفقيه عبد الحق بن إبراهيم المصمودي، فسافروا إليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لا يحميكم، وإن أحصن

ص: 410

الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه برهةً ريثما ينسى ذكركم، فلما سمع ابن تومرت بهذا الاسم تجدد له ذكر اسم الموضع الذي رآه في الكتاب، فقصده مع أصحابه، فلما أتوه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصورة، فعلموا أنهم طلاب علم، فتلقوهم وأكرموهم وأنزلوهم، وبلغ الملك سفرهم، فسر بذلك.

وتسامع أهل الجبل بوصول ابن تومرت، فجاؤوه من النواحي يتبركون به، وكان كل من أتاه استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج، فإن أجابه أضافه إلى خواصه، وإن خالفه أعرض عنه.

وكان يستميل الشباب الأغمار، وكان ذوو الحلم والعقل من أهاليهم ينهونهم ويحذرونهم من اتباعه خوفًا عليهم من الملك، فكان لا يتم له مع ذلك حال، وطالت المدة، وكثرت أتباعه من أهل جبال درن، وهو جبل لا يفارقه الثلج، وطريقه ضيق وعر.

قال اليسع بن حزم: لا أعلم مدينة أحصن من تينملل، لأنها بين جبلين، ولا يسع الطريق إليها إلا الفارس، وقد ينزل عن فرسه في أماكن صعبة، وفيها مواضع لا يعبر فيها إلا على خشب، فإذا أزيلت خشبة لم يمر أحد، وهذه الطريق مسافة يوم، فأخذ أتباعه يغيرون على النواحي سبيًا وقتلًا، وتقووا وكثروا، ثم إنه غدر بأهل تينملل الذين آووه ونصروه، وأمر أصحابه، فقتلوا فيهم مقتلةً عظيمة، قاتله الله، فقال له الفقيه الإفريقي، وهو أحد العشرة، عندما فعل بأهل تينملل: قوم أكرمونا وأنزلونا دورهم قتلتهم؟ فقال لأصحابه: هذا شك في عصمتي، خذوه، فقتلوه وعلقوه على جذع.

قال: وكل ما أذكره من حال المصامدة فمنه ما شاهدته، ومنه ما أخذته بنقل التواتر.

وكان في وصيته إلى قومه إذا ظفروا بمرابطٍ أو أحدٍ من تلمسان أن يحرقوه، فلما كان في عام تسعة عشر خرج إليهم يومًا، فقال: تعلمون أن البشير الذي هو الونشريسي، إنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وإنه لا يثبت على

ص: 411

دابة، وقد جعله الله مبشرًا لكم مطلعًا على أسراركم، وهو آية لكم، فإنه حفظ القرآن، وتعلم الركوب، ثم استعرضه القرآن، فقرأه لهم في أربعة أيام، وركب حصانًا وساقه، فتعجبوا وعدوا ذلك آية، وصح لابن تومرت بذلك ما أطراه على نفوسٍ سليمة لا يعرفون بواطن الأمور، فتحقق تصديقهم إياه، فقام خطيبًا، وقال: قال الله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} وقال: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} وهذا البشير مطلع على الأنفس، محدث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في أمتي محدثين، وإن عمر منهم.

وقد صحبنا أقوامٌ أطلعه الله على سرهم ونفاقهم، ولابد من النظر فيهم، ويتمم العدل فيهم، ثم نودي في جبال المصامدة: من كان مطيعًا للإمام فليقبل، فكانوا يأتون قبائل قبائل، فيعرضون عليه، فيخرجون قومًا على يمينه، ويعدهم من أهل الجنة، وقومًا على يساره، ويقول: هؤلاء شاكون في الأمر، حتى كان يؤتى بالرجل فيقول: ردوا هذا على اليمين، فإنه تائب، وقد كان قبل كافرًا، ثم أحدث البارحة توبة، فيعترف بما أخبر به، واتفقت له فيهم عجائب، وكان يطلق أهل اليسار وهم يعلمون أن مآلهم إلى القتل، فلا يفر منهم أحد، وكان إذا اجتمع منهم كثير قتلهم قراباتهم، يقتل الأب ابنه، والأخ أخاه، وابن العم ابن العم، فالذي صح عندي أنه قتل منهم سبعون ألفًا على هذه الصفة، ويسمونها التمييز.

ولما كمل التمييز وجه جموعه مع البشير نحو أغمات، فالتقوا المرابطين فهزموهم، وقتل خلقٌ من المصامدة لكونهم ثبتوا، وجرح عمر الهنتاتي جراحات، فحملوه على أعناقهم، وهو كالميت، لا ينبض له عرق، فقال لهم البشير: إنه لا يموت حتى يفتح البلاد، ويغزو في الأندلس، وبعد مدة من استماتته فتح عينيه، فزادهم ذلك إيمانًا بأمرهم، ولما أتوا عزاهم ابن تومرت وقال: يومٌ بيوم، وكذلك حرب الرسل.

نقل عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب المعجب الذي

ص: 412

اختصرته، أن ابن تومرت رحل إلى بغداد، فأخذ الأصول عن أبي بكر الأصولي الشاشي، وسمع من المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، وقال: إن أمير الإسكندرية نفاه منها، فبلغني أنه استمر ينكر في المركب إلى أن ألقوه في البحر، فأقام نصف يومٍ يجري في ماء السفينة ولم يغرق، فأنزلوا إليه من أطلعه وعظموه، إلى أن نزل بجاية، ووعظ بها، ودرس، وحصل له القبول، فأمره صاحبها بالخروج منها خوفًا منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن، وكان بارعًا في خط الرمل، ووقع بجفرٍ فيما قيل، وصحبهما من ملالة عبد الواحد الشرقي، فتوجه الثلاثة إلى أقصى المغرب.

وقيل: إنه لقي عبد المؤمن ببلاد متيجة، فرآه يعلم الصبيان، فأسر إليه، وعرفه بالعلامات، وكان عبد المؤمن قد رأى رؤيا، وهي أنه يأكل مع أمير المسلمين علي بن يوسف في صحفةٍ، قال: ثم زاد أكلي على أكله، ثم اختطفت الصحفة منه، فقصها على عابرٍ فقال: هذه لا ينبغي أن تكون لك، إنما هي لرجلٍ ثائر يثور على أمير المسلمين، إلى أن يغلب على بلاده، وسار ابن تومرت إلى أن نزل في مسجد بظاهر تلمسان، وكان قد وضع له هيبةً في النفوس، وكان طويل الصمت، كثير الانقباض، إذا انفصل عن مجلس العلم لا يكاد يتكلم، أخبرني شيخٌ عن رجلٍ من الصالحين كان معتكفًا في ذاك المسجد أن ابن تومرت خرج ليلةً فقال: أين فلان؟ قالوا: مسجون، فمضى من وقته ومعه رجلٌ، حتى أتى باب المدينة، فدق على البواب دقًا عنيفًا، ففتح له بسرعة، فدخل حتى أتى الحبس، فابتدر إليه السجانون يتمسحون به، ونادى: يا فلان، فأجابه، فقال: اخرج، فخرج والسجانون باهتون لا يمنعونه، وخرج به حتى أتى المسجد، وكانت هذه عادته في كل ما يريد، لا يتعذر عليه، قد سخرت له الرجال.

وعظم شأنه بتلمسان إلى أن انفصل عنها، وقد استحوذ على قلوب كبرائها، فأتى فاس، وأظهر الأمر بالمعروف، وكان جل ما يدعو إليه علم الاعتقاد على طريقة الأشعرية، وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه، فجمع والي فاس الفقهاء له، فناظرهم، فظهر عليهم لأنه وجد جوًا خاليًا وناسًا لا علم لهم بالكلام، فأشاروا على المتولي بإخراجه، فسار إلى مراكش، وكتبوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفقهاء،

ص: 413

فلم يكن فيهم من يعرف المناظرة إلا مالك بن وهيب، وكان متفننًا قد نظر في الفلسفة، فلما سمع كلامه استشعر حدته وذكاءه، فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتله، وقال: هذا لا تؤمن غائلته، وإن وقع في بلاد المصامدة قوي شره، فتوقف عن قتله دينًا، فأشار عليه بحبسه، فقال: علام أسجن مسلمًا لم يتعين لنا عليه حق، ولكن يخرج عنا، فذهب هو وأصحابه إلى السوس، ونزل تينملل، ومن هذا الموضع قام أمره، وبه قبره، فلما نزله اجتمع إليه وجوه المصامدة، فشرع في بث العلم والدعاء إلى الخير، وكتم أمره، وصنف لهم عقيدةً بلسانهم، وعظم في أعينهم، وأحبته قلوبهم، فلما استوثق منهم دعا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونهاهم عن سفك الدماء، فأقاموا على ذلك مدة، وأمر رجالًا منهم ممن استصلح عقولهم بنصب الدعوة، واستمالة رؤساء القبائل.

وأخذ يذكر المهدي ويشوق إليه، وجمع الأحاديث التي جاءت في فضله، فلما قرر عندهم عظمة المهدي ونسبه ونعته، ادعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نسبًا إلى علي عليه السلام، وصرح بدعوى العصمة لنفسه، وأنه المهدي المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه، فقال: أبايعكم على ما بايع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صنف لهم تصانيف في العلم، منها كتاب سماه: أعز ما يطلب، وعقائد على مذهب الأشعري في أكثر المسائل، إلا في إثبات الصفات، فإنه وافق المعتزلة في نفيها، وفي مسائل قليلة غيرها.

وكان يبطن شيئًا من التشيع، ورتب أصحابه طبقات، فجعل منهم العشرة، وهم الأولون السابقون إلى إجابته، وهم الملقبون بالجماعة، وجعل منهم الخمسين، وهم الطبقة الثانية، وهذه الطبقات لا تجمعها قبيلة، بل هم من قبائل متفرقة، وكان يسميهم المؤمنين، ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة بالغرب ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وأنتم الذين يفتح الله بكم الروم، ويقتل بكم الدجال، ومنكم الأمير الذي يصلي بعيسى ابن مريم، هذا مع جزيئات كان يخبرهم بها وقع

ص: 414

أكثرها، وكان يقول: لو شئت أن أعد خلفاءكم خليفةً خليفةً لعددت، فعظمت فتنة القوم به، وبالغوا في طاعته، إلى أن بلغوا حدًا لو أمر أحدهم بقتل أبيه أو أخيه أو ابنه لقتله، وسهل ذلك عليهم ما في طباعهم من القسوة المعهودة في أهل الجبال، لا سيما المغاربة البربر، فإنهم جبلوا على الإقدام على الدماء، واقتضاه إقليمهم، حتى قيل: إن الإسكندر أهديت له فرسٌ لا تسبق، لكنها لا تصهل، فلما حل بجبال درن، وهي بلاد المصامدة هذه، وشربت تلك الفرس من مياهها صهلت، فكتب الإسكندر إلى الحكيم يخبره، فكتب إليه: هذه بلاد شر وقسوة، فعجل الخروج منها، وأنا فقد شاهدت من إقدامهم على القتل لما كنت بالسوس ما قضيت منه العجب.

قال: وقوي أمر ابن تومرت في سنة خمس عشرة وخمسمائة، فلما كان في سنة سبع عشرة جهز جيشًا من المصامدة، جلهم من أهل تينملل والسوس، وقال لهم: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الذين تسموا بالمرابطين، فادعوهم إلى إماتة المنكر، وإزالة البدع، والإقرار بالإمام المهدي المعصوم، فإن أجابوكم فهم إخوانكم، وإلا فقاتلوهم، وقد أباحت لكم السنة قتالهم، وقدم عليهم عبد المؤمن، فسار بهم قاصدًا مراكش، فخرج لقتالهم الزبير ابن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فلما تراءى الجمعان كلموا المرابطين بما أمرهم به ابن تومرت، فردوا عليهم أسوأ رد، ووقع القتال، فانهزم المصامدة، وقتل منهم مقتلة كبيرة، ونجا عبد المؤمن، فلما بلغ الخبر ابن تومرت قال: أليس قد نجا عبد المؤمن؟ قيل: نعم، قال: لم يفقد أحد، ثم أخذ يهون عليهم، ويقرر عندهم أن قتلاهم شهداء، فزادهم حرصًا على الحرب.

وقال الأمير عزيز في كتاب الجمع والبيان في أخبار القيروان: إن ابن تومرت أقام بتينملل، وسمى أصحابه وأتباعه بالموحدين، والمخالفين أمره: مجسمين، وأقام على ذلك نحو العام، فاشتهر أمره سنة خمس عشرة، وبايعته هرغة على أنه المهدي، فجهز له علي بن يوسف جيشًا من الملثمين، فقال ابن تومرت لأصحابه الذين بايعوه: إن هؤلاء قد جاءوا في طلبي، وأخاف عليكم

ص: 415

منهم، والرأي أن أخرج عنكم بنفسي إلى غير هذه البلاد لتسلموا أنتم، فقام بين يديه ابن توفيان، من مشايخ هرغة، وقال له: تخاف شيئًا من السماء؟ قال: لا، بل من السماء تنصرون، فقال ابن توفيان: فدع كل من في الأرض يأتينا، ووافقه جميع قبيلته على ذلك القول، فقال: إنما أردت أن أختبر صبركم وثباتكم، وأما الآن فأبشروا بالنصر، وأنكم تغلبون هؤلاء الشرذمة، وبعد قليل تستأصلون دولتهم، وترثون أرضهم، فالتقوا جيش الملثمين فهزموهم، وأخذوا الغنيمة، ووثقت نفوسهم بالمهدي، وأقبلت إليه أفواج القبائل من النواحي ووحدت قبيلة هنتاتة، وهي من أقوى القبائل، إلى أن قال: ثم نهج لهم طريق التودد والآداب، فلا يخاطبون الواحد منهم إلا بضمير الجمع في وقارٍ وبشاشة، ولا يلبسون إلا الثياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يومًا من طراد ومثاقفة ونضال، وكان في كل قبيلةٍ قومٌ أشرارٌ مفسدون، فنظر ابن تومرت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لا يصح دينكم إلا بالنهي عن المنكر، فابحثوا عن كل مفسد وانهوه، فإن لم ينته فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إلي، ففعلوا ذلك ثم أمرهم بذلك ثانيًا وثالثًا.

ثم جمع الأوراق، فأخذ ما تكرر من الأسماء، فأفردها عنده، ثم جمع القبائل كلها وحضهم على أن لا يغيب منهم أحد، ودفع الأسماء التي أفردها إلى عبد الله الونشريسي، الملقب بالبشير، ثم جعل يعرضهم رجلًا رجلًا، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين، إلى أن عرض القبائل جميعها، ثم أمر بتكتيف جهة الشمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وجب قتلهم، ثم أمر كل قبيلة أن تقتل أشقياءها، فقتلوا كلهم، وكانت واقعة عجيبة، وقال: بهذا الفعل يصح لكم دينكم ويقوى أمركم، وعلى ذلك استمرت الحالة في جميع بلادهم، ويسمونه: التمييز.

وكان له أصحاب عشرة يسمون أهل عشرة، وأصحاب من رؤوس القبائل سماهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسه.

فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشيخ أبو إبراهيم الهزرجي، والشيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي المعروف بعمرآينتي، والشيخ أبو محمد عبد الله

ص: 416

البشير، والشيخ أبو محمد عبد الواحد الزواوي، وكان يعرف بطير الجنة، والشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشيخ أبو حفص عمر بن أرناق، والشيخ أبو محمد واسنار الأغماتي، والشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر، فهؤلاء الذين سبقوا وتعرفوا به لأخذ العلم عنه، وكان اجتماعهم به أفذاذا في حال تطوافه في البلاد، فآثرهم واختصهم.

وفي أول سنة أربعٍ وعشرين جهز جيشًا زهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثم دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب، فساروا إلى مراكش، وحاصروها عشرين يومًا، فأرسل علي بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلماسة، فجمع جيشًا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستحر يومئذٍ القتل بجيش المصامدة، فقتل أمريهم عبد الله البشير، فالتفوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى الليل، وصلى بهم عبد المؤمن يومئذ صلاة الخوف والحرب قائمة، وتكاثر الملثمون، وتحيز المصامدة إلى بستانٍ هناك ملتف الشجر يعرف بالبحيرة، فلذا قيل وقعة البحيرة، وبلغت قتلاهم ثلاثة عشر ألفًا، وأنهي الخبر إلى المهدي فقال: عبد المؤمن سالم؟ قيل: نعم، قال: ما مات أحد، الأمر قائم، وكان مريضًا، فأوصى باتباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسماه أمير المؤمنين، وقال لهم: هذا الذي يفتح الله البلاد على يديه، فلا تشكوا فيه، واعضدوه بأموالكم وأنفسكم، ثم مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين.

قال اليسع بن حزم: سمى ابن تومرت أتباع المرابطين مجسمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله تعالى عما لا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه، وكان علماء المغرب يعلمون العامة أن اللازم لهم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، إلى أن قال: فكفرهم ابن تومرت بوجهين، بجهل العرض والجوهر، وأن من لا يعرف ذلك لا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق، الوجه الثاني: إن من لم يهاجر إليه ولم يقاتل المرابطين معه فهو كافر، حلال الدم والحريم، وذكر أن غضبه لله، وإنما قام حسبةً على قومٍ أغرموا الناس ما لا يجب عليهم، وهذا تناقض، لأنه كفرهم، وإن كانوا مسلمين، فأخذ المرابطين منهم النزر اليسير أشبه من قتلهم

ص: 417

ونهبهم، وحصل له في نفوس أتباعه من التصديق والبركة ما لا يحوزه الوصف.

وقال القاضي شمس الدين: طالت المدة على ابن تومرت، فشرع في حيلة، وذلك أنه رأى أولاد المصامدة شقرًا زرقًا، ولون الآباء سمر، فسألهم عن ذلك، فلم يجيبوه، ثم ألح عليهم فقالوا: نحن من رعية أمير المسلمين علي، وله علينا خراج، وفي كل سنة تصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجونا عنها، ويخلون بنسائنا وما لنا قدرة على دفع ذلك، فقال ابن تومرت: والله، الموت خيرٌ من هذه الحياة، كيف رضيتم بهذا، وأنتم أضرب خلق الله بالسيف وأطعنهم بالرمح؟ قالوا: بالرغم منا، قال: أرأيتم لو أن ناصرًا نصركم على هؤلاء، ما كنتم تصنعون؟ قالوا: كنا نقدم أنفسنا بين يديه للموت، فمن هو؟ قال: ضيفكم، فقالوا: السمع والطاعة، فبايعهم، ثم قال: استعدوا لحضور هؤلاء بالسلاح، فإذا جاؤوكم فأجروهم على عادتهم، ثم ميلوا عليهم بالخمور، فإذا سكروا فآذنوني بهم، فلما جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه، فأمر بقتلهم، فلم تمض ساعة من الليل حتى أتوا على آخرهم، وأفلت منهم واحد، فلحق بمراكش، فأخبر الملك، فندم على فوات محمد من يده حيث لا ينفعه الندم، وجهز جيشًا، وعرف ابن تومرت أنه لابد من عسكرٍ يفجؤهم، فأمر أهل الجبل بالقعود على أنقاب الوادي، فلما وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانبي الوادي كالمطر، ودام القتال إلى الليل، فرجع العسكر، وأخبروا الملك، فعلم أنه لا طاقة له بأهل الجبل لتحصنهم، فأعرض عنهم.

ثم قال ابن تومرت لعبد الله الونشريسي: هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعةً واحدة، ثم اتفقا على أن يصلي الصبح، ويقول بلسانٍ فصيح: إني رأيت في النوم أنه نزل بي ملكان من السماء، وشقا فؤادي، وغسلاه، وحشياه علمًا وحكمة، فلما أصبح فعل ذلك، فدهشوا وعجبوا منه، وانقادوا له كل الانقياد، فقال ابن تومرت له: فعجل لنا البشرى في أنفسنا، وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء؟ فقال له: أما أنت فإنك المهدي القائم بأمر الله، من تبعك سعد، ومن خالفك شقي.

ص: 418

ثم قال: اعرض أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار، وعمل في ذلك حيلةً، قتل فيها من خالف أمر ابن تومرت، ثم لم يزل إلى أن جهز بعد فصولٍ طويلة عشرة آلاف مقاتل، وأقام هو في الجبل، فنزلوا لحصار مراكش، فأقاموا عليها شهرًا، ثم كسروا كسرة شنيعة، وهرب من سلم من القتل، وقتل الونشريسي المذكور.

وقال عبد الواحد بن علي المراكشي: ثم جعلوا يشنون الغارات على قرى مراكش، ويقطعون عنها الجلب، ويقتلون ويسبون الحريم، وكثر الداخلون في دعوتهم والمنحاشون إليهم، وابن تومرت في ذلك كله يكثر الزهد والتقلل والعبادة، أخبرني من رآه يضرب على الخمر بالأكمام والنعال وعسب النخل كفعل الصحابة، وأخبرني من شهده وقد أتي برجلٍ سكران فحده، فقال يوسف بن سليمان، أحد الأعيان: لو شددنا عليه حتى يخبرنا من أين شربها، فأعرض عنه، فأعاد قوله، فقال: أرأيت لو قال شربتها في دار يوسف بن سليمان ما كنا نصنع؟ فاستحيى وسكت، ثم ظهر أن عبيد يوسف بن سليمان سقوه، فزادهم هذا ونحوه فتنةً بابن تومرت.

قال اليسع بن حزم: ألف ابن تومرت كتاب القواعد، مما فيه: وأن التمادي على ذرةٍ من الباطل كالتمادي على الباطل كله، وألف لهم كتاب الإمامة، يقول فيه: حتى جاء الله بالمهدي، يعني نفسه، وطاعته صافية نقية، لا ضد له ولا مثل له، ولا ند في الورى، وإن به قامت السماوات والأرض.

قال اليسع: هذا نص قوله في الإمامة، وهذا نص تلقيته من قراءة عبد المؤمن بن علي، دون لهم هذا بالعربي وبالبربري، فلما قرؤوا هذين الكتابين زادهم ذلك شدةً في مذهبهم من تكفير الناس بالذنوب، وتكفيرهم بالتأخر عن طاعة المهدي الذي قامت به السماوات والأرض.

هذا نص ما قاله اليسع.

قال: وأمرهم بجمع العساكر، فخرجوا إلى ناحية مراكش، فوجدوا جيشًا للمرابطين، فالتقوا، فانهزم المرابطون هزيمة مات فيها أكثر من شهدها، وصبر فيها الموحدون، فلما كان في سنة إحدى وعشرين تألفوا في أربعين ألف راجل

ص: 419

وأربعمائة فارس، ونزلوا يريدون حصر مراكش، فحدثني جماعة أنهم نزلوا على باب أغمات بعد أن خرج إليهم المرابطون في أكثر من مائة ألف، بين فارسٍ وراجل، فخذلوا ودخلوا المدينة على أسوأ حالة، فجاء من الأندلس ابن همشك في مائة فارس، فشجع أمير المسلمين، وخرج فقاتل، فانتصر المرابطون، وقتل من المصامدة نحوٌ من أربعين ألفًا، فما سلم منهم إلا نحو أربعمائة نفس، كذا قال اليسع.

وقال ابن خلكان: حضرت ابن تومرت الوفاة، فأوصى أصحابه وشجعهم، وقال: العاقبة لكم، ومات في سنة أربعٍ وعشرين إثر الوقعة التي قتل فيها الونشريسي، ودفن بالجبل، وقبره مشهورٌ معظم، ومات كهلًا، وكان ربعةً، أسمر، عظيم الهامة، حديد النظر، مهيبًا.

وقيل فيه:

آثاره تغنيك عن أخباره حتى كأنك بالعيان تراه قدمٌ في الثرى وهامة في الثريا، ونفس ترى إراقة ماء الحياة دون ماء المحيا، أغفل المرابطون حله وربطه حتى دب دبيب الفلق في الغسق، وترك في الدنيا دويًا، وكان قوته من غزل أخته رغيفًا في كل يومٍ، بقليل سمنٍ أو زيت، ولم ينتقل عن ذلك حين كثرت عليه الدنيا، ورأى أصحابه يومًا وقد مالت نفوسهم إلى كثرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من كان يبتغي الدنيا فما له عندي إلا ما أرى، ومن كان يبغي الآخرة فجزاؤه عند الله.

ومن شعره:

أخذت بأعضادهم إذ نأوا وخلفك القوم إذ ودعوا فكم أنت تنهى ولا تنتهي وتسمع وعظًا ولا تسمع فيا حجر الشحذ حتى متى تسن الحديد ولا تقطع؟ وكان يتمثل كثيرًا:

تجرد من الدنيا فإنك إنما خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد ولم يتملك شيئًا من البلاد، وإنما قرر القواعد ومهدها، وبغته الموت، وكانت الفتوحات على يد عبد المؤمن.

ص: 420

وقد كان الملك أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في أيامه، قد زار قبر ابن تومرت بمحضرٍ من الموحدين، فقام شاعر وأنشد هذه القصيدة، وفيها جمل مما كان يعتقده ابن تومرت ويخبر به:

سلامٌ على قبر الإمام الممجد سلالة خير العالمين محمد ومشبهه في خلقه ثم في اسمه وفي اسم أبيه والقضاء المسدد أتتنا به البشرى بأن يملا الدنيا بقسطٍ وعدلٍ في الأنام مخلد ويفتتح الأمصار شرقًا ومغربًا ويملك عربًا من مغير ومنجد فمن وصفه أقنى وأجلى وأنه علاماته خمس تبين لمهتدي زمان واسم والمكان ونسبة وفعل له في عصمة وتأيد ويلبث سبعًا أو فتسعًا يعيشها كذا جاء في نصٍ من النقل مسند فقد عاش تسعًا مثل قول نبينا فذلكم المهدي بالله يهتدي وخرج إلى مدح عبد المؤمن وبنيه، ولابن تومرت أخبار طويلة عجيبة.

121 -

‌ محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون

، أبو غانم الهاشمي.

يروي عن: جده، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو طاهر السلفي.

122 -

‌ محمد بن علي بن محمود

، المعمر أبو منصور الزولهي التاجر، المعروف بالكراعي، ويقال: إن اسمه أحمد، وكتب له محمد وأحمد من قرية زولاه، إحدى قرى مرو.

شيخ صالح صائن، رحل إليه الناس، وصارت زولاه مقصد الطلبة والفقهاء بسببه، وكان آخر من روى عن جده لأمه أبي غانم الكراعي، وكان قدر مسموعاته قريبًا من عشرين جزءًا، سمعت منه، قاله أبو سعد السمعاني.

وقال: سمعت منه بقراءة السنجي اثني عشر جزءًا، ثم أحضره شيخنا الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن المروزي في الخانقاه، وقرأ عليه الأجزاء المسموعة له، فسمعتها منه، ولد في العشرين من شوال سنة اثنتين

ص: 421

وثلاثين وأربعمائة، ومات في أواخر سنة أربعٍ وعشرين أو في أوائل سنة خمسٍ بقريته.

قلت: هو في زمانه لأهل خراسان كفاطمة الجوزداني لأهل أصبهان، وكابن الحصين لأهل بغداد، وكالرازي لأهل مصر، وقد حدث عنه بالشام محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن المروزي، وبقي إلى سنة ثمانين وخمسمائة.

123 -

‌ محمد بن أبي منصور محمد بن محمد

بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العُكْبريُّ، أبو نصر ابن البقَّال.

سمَّعه أبوه من أبي الطيب الطَّبري، وأبي محمد الجوهري، وغيرهما. روى عنه جماعة، وأضر في آخر عُمُره، وكان صحيح السمَّاع.

قال ابن السَّمعاني: سألت عنه أبا المُعَمَّر الأنصاري، فقال: كان يميل إلى التَّشيع، وكانوا يقولون: إنه ليس بثقة، وأنكر أبو حفص عمر بن المبارك هذا القول، فوصفه بالصِّدق والصَّلاح، وقال: توفي في ربيع الآخر.

قلت: وقد روى عنه المبارك بن كامل، والسِّلفي، ولم يلقه ابن عساكر.

124 -

‌ المبارك بن أحمد بن علي

، أبو القاسم البغداديُّ القصَّار، من وكلاء القضاة.

سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وعنه: أبو المعمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ.

125 -

‌ منصور، أبو علي

، الآمر بأحكام الله ابن المستعلي بالله أبي القاسم أحمد ابن المستنصر بالله أبي تميم معد ابن الظاهر بالله علي ابن الحاكم ابن العزيز ابن المعز العبيدي المصري، صاحب مصر.

كان رافضيًا كآبائه، فاسقًا، ظالمًا، جائرًا، مستهزئًا لعابًا، متظاهرًا بالمنكر واللهو، ذا كبرٍ وجبروت، وكان مدبر سلطانه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش.

ولي الآمر وهو صبي، فلما كبر قتل الأفضل وأقام في الوزارة المأمون أبا عبد الله محمد بن مختار بن فاتك البطائحي، فظلم وأساء السيرة إلى أن قبض

ص: 422

عليه الآمر سنة تسع عشرة وخمسمائة، وصادره ثم قتله في سنة اثنتين وعشرين وصلبه، وقتل معه خمسةً من إخوته.

وفي أيام الآمر أخذت الفرنج عكا سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشام في سنة اثنتين وخمسمائة فقتلوا وسبوا، وجاءتها نجدة المصريين بعد فوات المصلحة، وأخذوا عرقة، وبانياس، وجبيل، وتسلموا سنة إحدى عشرة وخمسمائة قلعة تبنين، وتسلموا صور سنة ثمان عشرة، وأخذوا بيروت بالسيف في سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وأخذوا صيدا سنة أربع.

ثم قصد الملك بردويل الإفرنجي مصر ليأخذها ودخل الفرما، وأحرق جامعها ومساجدها، وسار فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشق أصحابه بطنه وصبروه، ورموا حشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم بالسبخة، ودفنوه بقمامة، وكان هو الذي أخذ بيت المقدس، وعكا، وعدة حصونٍ من السواحل، وذلك كله بتخلف هذا المشؤوم الطلعة.

وفي أيامه ظهر ابن تومرت، وفي أيام أبيه أخذت الفرنج أنطاكية، والمعرة، والقدس، وجرى على الشام أمرٌ مهول من ظهور الرفض والسب، ومن استيلاء الفرنج والسبي والأسر، نسأل الله العفو والأمن.

وولد الآمر في أول سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمس سنين، وبقي في الملك تسعًا وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يومًا في ذي القعدة، وعدى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسلاح، فلما عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردوه إلى القصر مثخنًا بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهدي عبيد الله الخارج بسجلماسة، وبايعوا بالأمر ابن عمه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد ابن المستنصر بالله، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين.

وكان الآمر ربعةً، شديد الأدمة، جاحظ العينين، حسن الخط، جيد العقل والمعرفة، وقد ابتهج الناس بقتله لعسفه وسفكه الدماء، وكثرة

ص: 423

مصاردته، واستحسانه الفواحش، وعاش خمسًا وثلاثين سنة، وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.

126 -

‌ هبة الله بن أحمد بن محمد بن هبة الله بن علي بن فارس

، ابن الأكفانيِّ، الأمين أبو محمد بن أبي الحسين الأنصاريُّ الدمشقيُّ المُعَدَّل.

مُحَدِّث دمشق، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وأول سماعه في سنة ثلاث وخمسين؛ سمع أباه وهو من أصحاب عبد الرحمن بن الطُّبَيْز، وأبا القاسم الحِنّائي، وأبا الحسين محمد بن مكي، وأبا بكر الخطيب، والكتَّاني، وابن طلاَّب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبد الدائم بن الحسن الهلالي، وطاهر بن أحمد القايني، وعبد الجبار بن برزة الواعظ، وخلقاً سواهم.

روى عنه: غَيْث بن عليّ الأرمنازيُّ، والإمام أبو بكر بن العربي الأندلسي، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو طاهر السِّلفي، والصائن هبة الله، وعبد الرزاق النَّجَّار، وإسماعيل بن عليّ الجَنْزوري، وأبو طاهر بركات الخُشُوعي، وآخرون.

قال ابن عساكر: سمعت منه الكثير، وكان ثقة ثبتاً متيقظاً معنيًّا بالحديث وجَمْعه، غير أنَّه كان عسراً في التَّحديث. وتفقه على القاضي المروزي مدة لكنه لم يحكم الفقه. وكان ينظر في الوقوف ويُزَكِّي الشهود.

وقال السِّلفي: حافظ مكثر، ثقة، كان تاريخ الشام، كتب ما لم يكتبه أحد من أبناء جنسه بالشام.

وقال ابن عساكر: توفي في سادس المحرم.

127 -

‌ هبة الله بن القاسم بن عطاء بن محمد

، أبو سعد المهراني النيسابوري.

قدم بغداد، وسمع أبا محمد الصريفيني، وكان قد سمع من عبد الغافر الفارسي صحيح مسلم، وسمع من: أبي عثمان الصابوني، وأبي سعد الكنجروذي، وأبي نعيم بشرويه بن محمد، وولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

قال أبو سعد السمعاني: كان شيخا أصيلًا نبيلًا، نظيفًا، من بيت

ص: 424

العلم والزهد والورع، حافظًا للقرآن، قانعًا بالكفاف، انزوى في آخر عمره، وترك الناس، وأقبل على العبادة، أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، منهم: سعيد بن محمد الطيوري، وأبو منصور علي بن محمد المفيد الطريثيثي، وتوفي في العشرين من جمادى الأولى بنيسابور، وعمره ثلاث وتسعون سنة.

قلت: وروى عنه أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني.

128 -

‌ وهب الله ابن الحافظ الكبير أبي القاسم عبيد الله بن عبد الله

بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان بن حسين بن عبد الله بن الحكم بن الوليد بن عقبة بن عامر بن عبد المجيد ابن الأمير عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، العبشمي، الكريزي، النيسابوري، ابن الحذاء.

سمع: أباه، وأحمد بن محمد بن مكرم الصيدلاني، وأبا يعلى ابن الصابوني، مات في سابع شوال عن أربعٍ وسبعين سنة، كنيته أبو الفضل.

129 -

‌ يحيى بن الحسن

، أبو البركات المدائنيُّ، سبط أبي القاسم ابن البُسْريِّ.

سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.

*- يوسف بن عبد العزيز الميورقيُّ الفقيه.

قد ذُكِرَ في سنة ثلاث.

130 -

‌ يوسف بن محمد بن يوسف

، أبو القاسم الأردُبيليُّ ثم المِصْريُّ.

سمع أبا إسحاق الحبَّال. وعنه السِّلفي، وقال: هو محدِّث ابن محدِّث.

ص: 425

سنة خمس وعشرين وخمسمائة

131 -

‌ أحمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود

بن هبة الله بن أله، وأله هو العقاب بالعجمي، عزيز الدين أبو نصر الأصبهاني المستوفي، عم العماد الكاتب.

كان رئيسًا نبيلًا، وكاتبًا بليغًا، كثير البر والصلات، روى الحديث عن: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المديني، روى عنه: سعد الله ابن الدجاجي، وغيره.

وقد ولي مناصب في الدولة السلجوقية، ومدحه الشعراء، وفيه يقول الحسن بن أحمد بن جكينا:

فميلوا بنا نحو العراق ركابكم لنكتال من مال العزيز بصاعه وكان في الآخر متولي خزانة السلطان محمود بن محمد السلجوقي، فتزوج محمود ببنت عمه سنجر، فماتت عنده، فطالبه عمه بما كان خرج معها، فجحده محمود، وخاف من العزيز أن يشهد عليه بما وصل صحبتها لأنه كان مطلعًا على ذلك، فقبض عليه، وسيره إلى قلعة تكريت، وكانت له، فحبسه بها، ثم قتله على يد متوليها في أوائل سنة خمسٍ وعشرين، وله ثلاثٌ وخمسون سنة.

132 -

‌ أحمد بن علي بن محمد

، أبو السعود ابن المجلي البغدادي البزاز.

شيخ، صالح، صبور على القراءة، ولم يكن يعرف شيئًا من الحديث، وكان يعظ ويذكر بجامع المنصور، سمعه أخوه هبة الله من القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وجماعة، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابن الجوزي، وأبو الفتوح بن غيث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي، وأبو الفتح المندائي، وجماعة.

ص: 426

ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في ثامن ربيع الأول رحمه الله.

133 -

‌ أحمد بن عليّ الباحَمْشِيُّ

.

قال المبارك بن كامل: حدثنا عن الصَّريفيني، وابن النَّقُّور.

قلت: وروى عنه يحيى بن بَوْش، مات في آخر العام.

134 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر

، أبو الرجاء الأصبهانيُّ الكِسَائيُّ البزَّاز المُزَكِّي.

روى عن علي بن عبد الرحمن بن عليَّك، وعنه أبو موسى المديني.

قال ابنُ النَّجار: سمع أبا القاسم بن منده، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة. روى عنه أبو طالب بن خُضَيْر، وأبو منصور محمد بن أحمد الدَّقَّاق، وذاكر بن كامل الخفَّاف، والسِّلفي، وقال: كان من أعيان أصحاب الحديث، ومن شهود البلد.

قلت: توفي في أول جمادى الآخرة.

135 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد القاهر

، أبو نصر الطوسيُّ ثم الموصليُّ الفقيه.

سكن المَوْصل بأولاده، وصاروا خطباء البلد، وسمع من أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبي الغنائم ابن المأمون، وأبي بكر الخطيب، وابن النَّقُّور. وتفقه على الشيخ أبي إسحاق وكان ينحدر إلى بغداد ويرجع.

روى عنه ابنه أبو الفضل عبد الله، وأبو الفرج ابن الجَوْزي، وتوفي في ربيع الأول بالموصل.

وقال ابن الجَوْزي: كان لطيفاً عليه نور أنشدني:

على كل حال فاجعل الحَزْم عدَّة تقدِّمه بين النَّوائب والدَّهر فإن نلت خيرا نلته بعزيمة وإن قصَّرت عنك الخطوب فعن عُذْر

ص: 427

136 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الملك

، أبو المَوَاهب ابن مُلوك الورَّاق.

شيخ صالح بغدادي، صحيح السَّماع، سمع أبا الطَّيِّب الطَّبري، وأبا محمد الجوهري، وولد سنة أربعين وأربعمائة.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، وأبو حفص بن طبرزد، وآخرون.

وتوفي في ذي الحجة.

يروي جزء الغطريف.

137 -

‌ جعفر بن الحسن بن العباس بن الحسن بن العباس

، وليُّ الدولة، أبو القاسم الحسينيُّ الدِّمشقيُّ.

شيخ معمَّر انتفع بصحبة الشريف النَّسيب.

قال ابنُ عساكر: حدثنا عن سهل بن بشر الإسفراييني، وتوفي في ربيع الأول، وله نيِّف وتسعون.

138 -

‌ الحسن بن إبراهيم بن محمد بن مفرِّج بن الغيث بن تقي

، أبو علي الجُذاميُّ المالقيُّ الحافظ.

روى عن علي بن المُشَرِّف الأنماطي.

قال ابن السَّمعاني: كانت له معرفة تامة بالحديث، وسمعت أنه كان يحفظ الصَّحيحين. دخل بغداد وأصبهان ونيسابور، ولقي أصحاب ابن ريذة وابن غيلان.

روى عنه أبو موسى المديني، وقال: قل مَنْ رأيت في العلم مثله، سمعته يقول: ولدت سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، جاءنا نعيه إلى بغداد في سنة خمس وعشرين، توفي بنيسابور، وكان من أئمة العربية واللغة على قانون السَّلف.

139 -

‌ الحسن ابن العلامة سَلْمان بن عبد الله بن الفتى

، أبو علي النَّهروانيُّ الأصبهانيُّ الفقيه، نزيل بغداد.

ولي تدريس النِّظامية إلى أن مات، وكان غزير الفضل، وافر العقل،

ص: 428

مليح الإيراد، حسن الوعظ؛ سمع القاسم بن الفضل الثَّقفي. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وغيره.

وتوفي في خامس شوال، ودفن بجنب الشيخ أبي إسحاق، رحمه الله.

وقال أبو الفرج: وعظ بجامع القصر، وكان يقول: أنا في الوَعْظ مبتدأ، غير أنه أنشأ خُطباً كان يذكرها في مجالس وعظه، وينظم فيها مذهب الأشعري، فنفقت على البغداديين، ومال على أصحاب الحديث والحنابلة، فاستُلِبَ عاجلاً.

قال ابن عساكر، وقد روى عنه: أظهر أهل بغداد عليه من الجَزَع ما لم يُعْهَد مثله.

قال أبو المُعَمَّر الأنصاري: لم تر عيناي مثله.

وقال ابن عساكر: كان ممن يملأ العين جمالاً، والأدب بياناً، ويربي على أقرانه في النَّظر، لأنه كان أفصحهم لساناً. وقيل: إنه سُئل: ما علامة قبول صوم رمضان؟ قال: أن تموت في شوال قبل التَّلبُّس برديء الأعمال. قال: فمات في سادس شوال بعد صومه لرمضان، ودفن بجنب الشيخ أبي إسحاق.

140 -

‌ حماد بن مسلم بن ددوه

، أبو عبد الله الدباس الرحبي، رحبة مالك بن طوق، الزاهد العارف.

ولد بالرحبة، ونشأ ببغداد، وكان له كاركة للدبس، يجلس في غرفتها، وكان من الأولياء أولي الكرامات، صحبه خلق، فأرشدهم إلى الله تعالى، وظهرت بركته عليهم، وكان يتكلم على الأحوال، وقد كتبوا من كلامه نحوًا من مائة جزء، وكان أميًّا لا يكتب.

قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشاهد: رأيت في المنام كأن قائلًا يقول لي: حماد شيخ العارفين والأبدال.

وعن حماد قال: مات أبواي في يومٍ واحد، ولي نحو ثلاث سنين، وكانا من أهل الرحبة.

ص: 429

وقال أحمد بن صالح الجيلي: سمع من أبي الفضل بن خيرون، وكان يتكلم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضات، والورع، والإخلاص.

وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزاول أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال، وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفًا بأكثر الأحوال.

ومن كلام الشيخ حماد: إذا أحب الله عبدًا أكثر همه فيما فرط، وإذا أبغض عبدًا أكثر همه فيما قسمه له، ووعده به، العلم محجةٌ، فإذا طلبته لغير الله صار حجة.

وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشيخ حماد يأكل من النذر، ثم تركه لما بلغه قوله عليه السلام: إنه يستخرج به من البخيل، فكره أكل مال البخيل، وصار يأكل بالمنام، كان الإنسان يرى في النوم أن قائلًا يقول له: أعط حمادًا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشيخ.

وقال الشيخ أبو النجيب عبد القاهر: مرض الشيخ حماد، فاحتاج إلى التنشق بماء ورد، فحمل له أبو المظفر محمد بن علي الشهرزوري الفرضي منه شيئًا، فلما وضع بين يديه قال: ردوه فإنه نجس، فردوه إلى أبي المظفر فقال: صدق الشيخ، كان وقع في طرفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت.

وقال المبارك بن كامل: مات الشيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حماد الدباس في سنة خمس، ولم أر في زماني مثله صحبته سنين وسمعت كلامه.

وكان مكاشفًا يتكلم على الخواطر، مسلوب الاختيار، زيه زي الأغنياء، وتارة زيه زي الفقراء متلون، كيف أدير دار، وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصري، كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لا يتجاسر الشخص أن يختلج.

وقال ابن الجوزي قابله الله: كان حماد الدباس على طريقة التصوف، يدعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عاريًا عن علم الشرع فلم ينفق إلا على الجهال، وكان ابن عقيل ينفر الناس عنه، حتى بلغه عنه أنه يعطي

ص: 430

كل من يشكو الحمى لوزةً وزبيبة ليأكلها ويبرأ، فبعث إليه ابن عقيل: إن عدت إلى مثل هذا ضربت عنقك، فكان يقول: ابن عقيل عدوي، وصار الناس ينذرون له النذور، ثم تركه، وصار يأخذ بالمنامات، وينفق على أصحابه ما يفتح له، ومات في رمضان.

قلت: وقد نقم ابن الأثير وأبو المظفر بن قزغلي في تاريخيهما على ابن الجوزي، حيث حط على الشيخ حماد، فقال أبو المظفر: ولو لم يكن لحماد من الفضائل التي اتصف بها في زهادته وطريقته، إلا أن الشيخ عبد القادر أحد تلامذته.

141 -

‌ خلف بن مفرج بن سعيد

، أبو القاسم ابن الجنان الشاطبي الكناني.

عاش تسعين سنة إلا أشهرًا، وروى عن: أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن سعدون، وطاهر بن مفوز، وكان فقهًا، مشاورًا، مدرسًا، روى عنه: أبو عبد الله بن مغاور، وعبد الغني بن مكي، وأبو عبد الله المكناسي.

142 -

‌ رجاء بن محمد بن أحمد بن جعفر بن روح

، أبو الفرج الأصبهاني القاضي.

ولد في شعبان سنة أربعين وأربعمائة، روى عنه أبو موسى الحافظ، وقال: توفي في ذي القعدة.

143 -

‌ زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر

، أبو العلاء الإيادي الإشبيلي الطبيب.

رحل إلى قرطبة، فأخذ عن: أبي علي الغساني، وعبد الله بن أيوب، وأبي بكر بن مفوز، وأخذ الطب عن والده فمهر فيه، وصنف فيه، حتى إن الأندلسيين ليفتخرون به، وحل من السلطان محلًا عظيمًا، وكانت إليه رياسة إشبيلية.

وكان بارعًا في الأدب، شاعرًا، محسنًا، روى عنه: ابنه أبو مروان، وأبو

ص: 431

بكر بن أبي مروان، وأبو عامر بن ينق، وغيرهم، وكان محتشمًا جوادًا، لكنه فيه بذاءة لسان، وله كتاب الخواص، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب الإيضاح في الطب، وكتاب حل شكوك الرازي على كتب جالنيوس، وكتاب النكت الطبية، وغير ذلك.

وكان أبوه أبو مروان من رؤوس الأطباء، وكان جده محدثًا، فقيهًا، مشهورًا، وتوفي بقرطبة منكوبًا.

ومن شعره:

يا راشقي بسهامٍ ما لها غرض إلا الفؤاد وما منها لنا عوض وممرضي بجفونٍ كلها غنجٌ صحت وفي طبعها التمريض والمرض جد لي ولو بخيالٍ منك يطرقني فقد يسد مسد الجوهر العرض

144 -

‌ عبد الله بن أحمد بن بركة

، أبو غالب العُكْبَريُّ السِّمسار.

روى عن عبد الصمد ابن المأمون. وعنه أبو القاسم ابن عساكر وأبو المُعَمَّر.

توفي في ربيع الأول.

145 -

‌ عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن

، أبو المعالي عَيْن القضاة الميانجيُّ، من أهل همذان.

فقيه، علاَّمة، شاعر مفلق، كان يُضرب به المثل في الذَّكاء والفضل، وكان يتكلَّم بإشارات الصُّوفية، وله تصانيف، وكان الناس بهمذان يتبرَّكون به، وظهر له القَبُول حتى أصابته عين الكمال. وكان العزيز المستوفي يبالغ في تعظيمه إلى الغاية، وكان بينه وبين أبي القاسم الوزير إحن، فلما نُكِبَ العزيز قصده الوزير، وعمل عليه محضراً، والتقط من تصانيفه ألفاظاً شنيعة، تنبو عن الأسماع، فكتب جماعة بحل دمه، فحمله أبو القاسم إلى بغداد مقيَّداً، ثم رُدَّ وصُلِبَ بهمذان. وكان قد صَحِبَ الشيخ محمد بن حمُّويه الجويني، صُلِبَ في سابع جُمادى الآخرة.

من الذيل لابن السَّمعاني.

ص: 432

وقد رأيت شيئاً من كلام هذا، فإذا هو كلام خبيث على طريق الفلاسفة والباطنية.

146 -

‌ عبد الله بن محمد بن نجا بن محمد بن علي بن محمد بن شاتيل

، أبو محمد المراتبي الدباس.

شيخ صحيح السماع، أضر في آخر عمره، وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا محمد الصريفيني، وعنه: أبو المعمر، وأبو القاسم الحافظ.

وكان لا يعرف شيئًا، وهو والد أبي الفتح عبيد الله، توفي في نصف المحرم.

147 -

‌ عبد الباقي بن الحسين بن إبراهيم

، أبو الحسين النجاد، كتيلة.

بغدادي، له دكان بسوق الثلاثاء، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، والصريفيني، وقرأ بقراءات على: أبي علي ابن البناء.

قال ابن السمعاني: حدثني عنه جماعة، وسمعت أنه ما كانت له سيرة حسنة، توفي في نصف المحرم أيضًا.

148 -

‌ عبد الباقي بن عامر بن زيد

، أبو المجد الأنصاري الهروي، سبط أبي إسماعيل، شيخ الإسلام.

واعظ حسن الإيراد، بارز العدالة، نبيل، عالم، سمع: جده، ومحمد بن عبد العزيز الفارسي، وأبا عطاء الجوهري، وأملى مجلسًا بجامع المنصور، وتوفي في رجب.

149 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن موسى

، أبو القاسم البيَّاسيُّ الجُهَنيُّ القُرْطبيُّ.

روى عن حاتم بن محمد، وأبي جعفر بن رزق، وأبي عليّ الغسَّاني، وأجاز له أبو عمر ابن الحذَّاء، وولي خطة الأحكام بقرطبة، وكان محموداً فيها مأموناً ذا دين ومروءة، وفضل ورياسة.

ص: 433

توفي في رمضان وله ثلاث وسبعون سنة.

150 -

‌ عبد الغني بن طاهر بن إسماعيل

، أبو القاسم ابن الزَّعْفَرانيِّ المِصْريُّ المُعَدَّل.

ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وسمع أبا العباس أحمد بن نفيس، وأبا عبد الله القُضَاعي، وكان فقيهاً شافعيًّا من بيت حديث. توفي في رجب؛ قاله السِّلفي، وحدَّث عنه.

151 -

‌ عبد الكريم بن الحسن بن المُحَسِّن بن سَوَّار

، أبو علي المِصْريُّ التَّكَكيُّ المقرئ النَّحويُّ.

عارف بالقراءات والتَّفسير والإعراب، قرأ القراءات على أبي الحسن عليّ بن محمد بن حُميد الواعظ، وسمع أبا إسحاق الحبَّال، والخِلعي.

سمع منه السِّلفي معاني القرآن للنَّحاس عن الخلعي عن الحوفي عن الأُدفوي عنه، وكانت له حلقة إقراء بمصر، وتوفي في ربيع الآخر وله ثمان وستون سنة.

152 -

‌ عبيد الله بن أحمد بن محمد بن علي

ّ، ابن البُخاري البَغْداديُّ.

من بيت حديث. روى عن الصَّريفيني. وعنه يحيى بن بَوْش، وتُوفي في شعبان. لم يكن مرضي السِّيرة.

153 -

‌ عليّ بن أبي طاهر البَغْداديُّ المَغَازليُّ

.

قال المبارك بن كامل: هو عمُّ والدتي، عاش مائة وعشرين سنة، ورأى أبا الحسن القزويني، وسمع قليلاً.

154 -

‌ عليّ بن المبارك بن الحسين

، أبو الحسن البَغْداديُّ الخيَّاط المقرئ.

صالح مستور، منقطع في مسجدٍ، متعبِّد. سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة.

ص: 434

قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه جماعة، وتوفي في عاشر جُمادى الأولى، وكان صِهْر أبي بكر ابن الخاضبة.

155 -

‌ عمر بن أحمد بن عمر

، أبو حفص الهمذانيُّ.

روى عن أبي طالب ابن الصَّبَّاح، وأبي سعد محمد بن الحسين الصَّفَّار، وأبي الفرج الفُقَّاعي، وأبي مسلم بن غَزْو، وأبي منصور بكر بن حيد، ومسعود بن ناصر السِّجزي، وكان فقيهاً شُرُوطيًّا، يجلس في الجامع.

توفي في المحرم.

156 -

‌ عيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع

، أبو الأصبغ الغافقيُّ، نزيل المرية.

أخذ القراءات عن أبيه، وروى عن أبي داود، وابن الدُّوش، وجماعة. وتصدَّر للإقراء، وكان محموداً، محقِّقًا، صالحاً، ولي خطَّة الشُّورى، والخطابة بالمرية، وحدَّث عن ابن الطَّلاَّع، وأبي عليّ الغسَّاني. أخذ عنه أبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو العبَّاس البراذعي، وأبو عبد الله بن عبادة الجياني.

ولا أعلم وفاته، لكنَّه حدَّث في هذا العام، وأكثر عنه ولدُهُ أبو يحيى اليسع صاحب المُغرِب.

157 -

‌ غانم بن حسين المُوْشِيليُّ

، أبو الغَنَائم الأُرمَويُّ الأَذْربيجانيُّ الفقيه.

برع في المذهب على أبي إسحاق الشِّيرازي، وأعاد له، ورحل إلى نيسابور فجلس إلى إمام الحرمين.

قال ابنُ السَّمعاني: قال: وقلت له؛ يعني لإمام الحرمين: أريد أن أقرأ عليك من الكلام شيئاً، فنهاني عن ذلك، وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما قرأته. سمع أبا محمد الصَّريفيني، وغيره. روى لنا عنه أبو بكر الغضائري، والفرج بن أبي بكر الأُرْمَوي، وسمعت الفرج يقول: إنه تُوفي بأُرمية في حدود سنة خمس وعشرين، قال: وكان قد بلغ التِّسعين.

ص: 435

158 -

‌ مالك بن يحيى بن أحمد بن عامر

، أبو عبد الله الإشبيلي.

أحد رجال الكمال والارتسام بمعرفة العلوم على تفاريقها، سمع من: أحمد بن محمد الخولاني، وغيره.

مات بمراكش عن اثنتين وسبعين سنة.

ورخه ابن بشكوال.

159 -

‌ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد

، أبو عبد الله الرازي، ثم المصري، المعدل الشاهد، ويعرف بابن الحطاب، مسند الديار المصرية وشيخ الإسكندرية.

ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وعني به أبوه وأسمعه الكثير في سنة أربعين، سمع: أباه، وأبا الحسن بن حمصة الحراني، وعلي بن ربيعة، ومحمد بن الحسين الطفال، وعلي بن محمد الفارسي، وأحمد بن محمد بن الفتح الحكيمي، وأبا الفضل أحمد بن محمد السعدي، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، وأبا الفتح أحمد بن بابشاذ والد طاهر، وعبد الملك بن مسكين، ومحمد بن الحسين بن سعدون الموصلي، ومحمد بن الحسين بن الترجمان، وتتمة سبعة وأربعين شيخًا، مخرج عنهم في مشيخته، وتفرد بالرواية عن كثيرٍ منهم، فانقطع إسنادٌ عالٍ بموته.

روى عنه: أبو طاهر السلفي، ويحيى بن سعدون القرطبي، وأبو محمد العثماني، وعبد الواحد بن عسكر المخزومي، وأبو القاسم علي بن مهدي الفقيه ابن قلنبا، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وبدر الخداداذي، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي، والفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وإسماعيل بن صالح بن ياسين، وخلق آخرهم موتًا أبو القاسم عبد الرحمن بن موقا.

وتوفي في سادس جمادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة، ولو عاش أصحابه بعده كما عاش هو بعد شيوخه لتأخروا إلى سنة عشرٍ وستمائة، والسماع قسمية.

ص: 436

160 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي الفضل الإمام

، أبو الفضل الماهياني المروزي أحد الفقهاء.

تفقه بمرو على أبي الفضل التميمي، وبنيسابور على أبي المعالي الجويني، وببغداد على أبي سعد المتولي، وبرع في مذهب الشافعي، ودرس وناظر وكان ورعا خيرا كثير المحفوظ، سمع من أبي الحسن الواحدي، وأبي صالح المؤذن، وأبي بكر بن خلف، وببغداد من أبي نصر الزينبي.

توفي في رجب بقرية ماهيان من مرو.

161 -

‌ محمد بن الحسن بن علي بن الحسن

، الشيخ أبو غالب الماوردي الصادق.

ولد بالبصرة سنة خمسين وأربعمائة، وسمع: أبا علي التستري، وعبد الملك بن شغبة، وجماعة بالبصرة، وأبا الحسين ابن النقور، عبد العزيز الأنماطي، وعبد الله بن الحسن الخلال ببغداد، وأبا عمرو بن منده، ومحمود بن جعفر الكوسج، والبزاني بأصبهان، ومحمد بن أحمد بن علان أبا الفرج، وأبا الحسن محمد بن الحسن بن المنثور الجهني بالكوفة.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو أحمد ابن سكينة، وابن بوش، وجماعة.

قال ابن الجوزي: كتب بخطه الكثير، وكان يورق للناس، وكان شيخا صالحًا، توفي في رمضان ببغداد، قال: ورؤي في المنام فقال: غفر الله لي ببركات الحديث، وأعطاني جميع ما أملته.

162 -

‌ محمد بن أبي طالب الحسين بن محمد بن علي

، أبو تمام الهاشمي الزينبي البغدادي ابن أخي طراد.

سمع أبا يعلى ابن الفراء، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وتوفي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة.

163 -

‌ محمد بن داود بن عطية

، أبو عبد الله العكي القلعي القيرواني الأصل.

ص: 437

روى بالأندلس عن: عبد الجليل الربعي، وأكثر عن أبي علي الغساني، واستقضي بتلمسان وبعدها بإشبيلية، ثم بفاس، وكان من جلة العلماء، وقد حدث.

توفي في عاشر ذي القعدة في عشر الثمانين.

164 -

‌ محمد بن سليمان بن أحمد

، أبو عبد الله النَّفزيُّ المالقيُّ.

روى عن خاله غانم بن وليد الأديب، وأبي المُطَرَّف الشَّعبي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأبي العباس العُذْري.

قال ابن بَشْكوال: قَدِمَ قرطبة، وأخذنا عنه، وكانت عنده كتب كثيرة، وآداب جمَّة، وكان ذاكراً لها، مشهوراً بحفظها، وعاش ثمانياً وثمانين سنة، وكان ضعيف الخط.

وقال اليسع بن حَزْم: رحل شيخُنا أبو عبد الله ابن أخت غانم إلى المُعتصم بن صُمَادح. وكان بحر أدب لا يُعلم قعره، وجبل علم لا يُرْتقى وعره، آية في اللغة والغريب، حدثني بداره بمالقة، وهو ابن المائة سنة. وله كتاب الشرح الكبير في ثلاثين مجلدة شرح به كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري، وله كتاب تعليل القراءات العشر وغير ذلك.

165 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن طاهر

، أبو عبد الله بن أبي سعد الرَّازيُّ الوزَّان الفقيه.

كان إماماً فصيحاً، مناظراً، تفقه على والده، ثم على أبي بكر الجُخَنْدي بأصبهان، وجالس أبا إسحاق الشيرازي، وأخذ عنه.

قال أبو سعد السَّمعاني: قَدِمَ علينا مرو، وناظر الحنفية، فظهر كلامه، وكان محققاً مدققًا، قادراً على التقرير. سمع ببغداد أبا الحسين ابن النَّقُّور، وبأصبهان المُطَهَّر بن عبد الواحد البُزَاني، وحدث، وتوفي بالري في حدود السنة.

166 -

‌ محمد بن عبد الوهَّاب بن الحسين

، أبو منصور الهجيريُّ الخطَّابي الهرويُّ.

ص: 438

من محدثي هراة، عني بهذا الشأن، وبالغ، سمع أباه أبا الفضل، وعبد الرحمن كلار، ومُحَلّم بن إسماعيل، وشيخ الإسلام.

مات في ثالث ذي الحجة.

167 -

‌ محمد بن عليّ بن أحمد

، أبو عبد الله ابن الشَّرابي الدِّمشقيُّ الشَّاهد.

سمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن بن أبي الحديد. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في ذي القعدة.

168 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، أبو سعيد العربيُّ السِّمْنانيُّ الزَّاهد.

سمع أبا القاسم القُشيري، ومحمد بن القاسم الصَّفار، وحدَّث.

قال ابن السَّمعاني: حدثونا عنه، وتوفي في حدود السنة.

169 -

‌ محمد بن عمر بن عبد العزيز

، أبو بكر البخاري الحنفي المقرئ المعروف بكاك، إمام أصحاب أبي حنيفة بمكة.

كان فقيهًا، صالحًا، محدثًا.

سمع: عبد الباقي بن يوسف المراغي، وأبا بكر أحمد بن سهل السراج، وجماعة، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن محمد ابن ماشاذة، وغيرهما، وعاش أربعًا وسبعين سنة.

170 -

‌ محمد بن هبة الله بن محمد بن الطَّيِّب

، أبو الغنائم ابن الصَّبَّاغ البغداديُّ الضرير.

من بيت العدالة والرِّواية. سمع علي بن محمد بن علي بن عطية المكي، وابن هزارمرد الصَّريفيني. وعنه المبارك بن كامل، وأبو القاسم ابن عساكر.

توفي في المحرم.

171 -

‌ محمد بن يوسف بن فيرُّه

، أبو عبد الله الجُذاميُّ الأوريوليُّ.

حدث بالتَّيسير عن عليّ بن عقال، ومحمد بن نوفل في هذا العام، ولا

ص: 439

أعلم وفاته، ولا عرفت شيخيه بعد التفتيش.

172 -

‌ محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب رسلان

، السُّلطان مغيث الدين السُّلجوقيُّ.

تسلطن بعد أبيه، وخُطِب له على منابر بغداد وغيرها وهو أمرد في أول سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وكان ذكيًّا عارفاً بالنحو، وله ميل إلى العلم، وعنده معرفة بالشِّعر والتاريخ.

مدحَهُ الحَيْص بَيْص بقصيدة دالية، فأجازه جائزة سنية، وتزوج ببنت عمِّه السلطان سَنْجر، وضَعُفت السلطنة في أيامه، وكان عمُّه سَنْجر أعظم رتبة منه في زمانه، وأرفع سلطاناً، وهو مقهور مع عمّه. دخل بغداد في آخر عمُره، فتوفي في شوال وهو شاب بهمذان في الطريق، وكنيته أبو القاسم.

وكانت الأموال قد قلَّت جدًّا بخزائنه. وتسلطن بعده أخوه طغريل، فبقي سنتين، ومات في سنة سبع وعشرين، فولي بعده أخوه مسعود وكان قد تسلطن ابنه بعده فلم يتم له.

173 -

‌ معالي بن هبة الله

، أبو المجد الدِّمشقيُّ، ابن الشَّعَّار البزَّاز المقرئ.

كان يُلَقِّن بالجامع حسبة، وسمع من نصر المقدسي. روى عنه أبو القاسم الحافظ.

174 -

‌ معالي، ويقال: أبو المعالي بن علي البغداديُّ الهرَّاس

.

روى عن أبي محمد الصَّريفيني. وعنه أبو القاسم الحافظ، وتوفي في صَفَر.

175 -

‌ هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين

، أبو القاسم الشيباني الهمذاني، ثم البغدادي، الكاتب، مسند العراق.

ولد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة في رابع ربيع الأول، وسمع: أبا

ص: 440

طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد ابن المقتدر، وأبا القاسم التنوخي، والقاضي أبا الطيب الطبري.

قال ابن السمعاني: شيخ ثقة، دين، صحيح السماع، واسع الرواية، عمر حتى صار أسند أهل عصره، ورحل إليه الطلبة، وازدحموا عنده، حدث بمسند أحمد وأحاديث أبي بكر الشافعي، واليشكريات، وهو آخر من حدث بهذه الكتب، وحدثني عنه: أبو بكر بن أبي القاسم الصفار، وأبو عبد الله حامد المديني الحافظ، وأبو أحمد معمر بن الفاخر، وأبو الخير عبد الرحيم الأصبهاني، والحافظ أبو القاسم الشافعي، وجماعة كثيرة، وكانوا يصفونه بالسداد والأمانة والخيرية.

وقال ابن الجوزي: بكر به أبوه وبأخيه عبد الواحد فأسمعهما، وعمر حتى صار أسند أهل عصره، وكان ثقة صحيح السماع، سمعت منه المسند جميعه، والغيلانيات جميعها، وغير ذلك، وأملى عدة مجالس باستملاء شيخنا ابن ناصر، قلت: هي أربعون مجلسًا.

قال: وتوفي في رابع عشر شوال، وصلى عليه ابن ناصر بوصيةٍ منه، توفي بعد الظهر يوم الأربعاء، وترك إلى يوم الجمعة، يعني حتى دفن.

قال الحسين بن خسرو: دفن يوم الجمعة بباب حرب في اليوم الثالث من وفاته.

قلت: حدث عنه: الحافظ أبو العلاء الهمذاني، والحافظ أبو موسى المديني، والإمام أبو الفتح بن المني، وقاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني، وقاضي الشام أبو سعد بن أبي عصرون، وأبو منصور عبد الله بن محمد بن حمدية، وأخوه أبو طاهر إبراهيم، وأبو محمد بن شدقيني، وعبد الرحمن بن سعود القصري، والعلامة مجير الدين أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي، ويحيى بن ياقوت النجار، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، والقاضي عبيد الله بن محمد الساوي، وعلي بن المبارك بن جابر

ص: 441

العدل، وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن ملاح الشط، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة، وعلي بن عمر الحربي الواعظ، وعبد الله بن أبي المجد الحربي، وهبة الله بن الحسن السبط، وعلي بن محمد بن علي الأنباري، وعبد الله بن نصر بن مزروع الثلاجي، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، والحسن بن إبراهيم بن أشنانة، وعبد الله بن محمد بن عليان الحربي، ولاحق بن قندرة، روى المسند سنة ستمائة، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبو القاسم بن شدقيني، وعمر بن جريرة القطان، والمبارك بن إبراهيم بن مختار ابن السيبي، وبقي بعد الستمائة من أصحابه: عبد الله بن عبد الرحمن بن أيوب البقلي: توفي سنة إحدى، وحنبل المكبر: توفي في أول سنة أربع، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وهو آخر من حدث بالمسند كاملًا: توفي في شعبان سنة خمسٍ، ودفن بداره بواسط، والحسين بن أبي نصر بن القارص الحريمي، وتوفي في شعبان أيضًا، وعبد الوهاب بن سكينة، وتوفي سنة سبعٍ في ربيع الآخر، وعمر بن طبرزد، وفيها توفي في رجب، وهو آخر أصحابه، وتوفي أبوه محمد بن عبد الواحد الكاتب سنة سبع وستين.

176 -

‌ يحيى بن المشرف بن علي بن الخضر

، أبو جعفر المصري التمار.

من أولاد المحدثين، سمع أبا العباس بن نفيس، وأبا محمد عبد الله المحاملي، وأبا إسحاق الحبال، وعبد العزيز ابن الدقاق.

روى عنه السلفي، وقال: كان من الصالحين، وروى عنه أبو القاسم البوصيري، وجماعة.

توفي في رمضان.

ص: 442

سنة ست وعشرين وخمسمائة

177 -

‌ أحمد ابن الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي

، الأرمني، ثم المصري، صاحب مصر وسلطانها، الملك الأكمل أبو علي، ابن صاحبها ووزيرها.

ولما قتل أبوه في سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأخذ الآمر بأحكام الله جميع أمواله سجن هذا مدة، فلما مات الآمر أشغلوا الوقت بعده بابن عمه الحافظ عبد المجيد إلى أن يولد حمل للآمر، فجاء بنتًا، وأخرجوا من السجن أبا علي هذا عند موت الآمر، وجعلوا الأمور إليه.

وكان شهمًا شجاعًا مهيبًا، عالي الهمة كأبيه وجده، فاستولى على الديار المصرية، وحجر على الحافظ، ومنعه من الظهور، وأودعه في خزانة، فلا يدخل إليه أحد إلا بأمر الأكمل، وعمد إلى القصر فأخذ جميع ما فيه إلى داره كما فعل الآمر بأبيه جزاءً وفاقًا، وأهمل الخلفاء العبيديين والدعاء لهم، لأنه كان فيه تسنن كأبيه، وأظهر التمسك بالإمام المنتظر، فجعل الدعاء في الخطبة له، وأبطل من الأذان حي على خير العمل وغير قواعد الباطنية، فأبغضه الأمراء والدعاة، وأمر الخطباء بأن يخطبوا له بهذه الألقاب التي نص لهم عليها، وهي: السيد الأفضل الأجل، سيد ممالك أرباب الدول، المحامي عن حوزة الدين، ناشر جناح العدل على المسلمين، ناصر إمام الحق في غيبته وحضوره والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولي النعم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد ابن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش، فكرهوه وصمموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم للعب بالكرة فكمن له جماعة، وحمل عليه مملوك إفرنجي للحافظ، فطعنه قتله، وقطعوا رأسه، وأخرجوا الحافظ وبايعوه، ونهبت دار أبي علي، وركب الحافظ إلى الدار فاستولى على خزائنه، واستوزر مملوكه أبا الفتح يانس الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، فظهر شيطانًا ماكرًا بعيد الغور، حتى خاف منه الحافظ، فتحيل عليه بكل ممكن، وعجز حتى واطأ فراشه بأن جعل له في الطهارة ماءً

ص: 443

مسمومًا، فاستنجى به، فعمل عليه سفلة ودود، فكان يعالج بأن يلصق عليه اللحم الطري، فيتعلق به الدود، فترجح للعافية، وأتاه الحافظ عائدًا، فقام له، وجلس الحافظ عنده لحظةً وانصرف، فمات يانس من ليلته في السادس والعشرين من ذي الحجة من السنة، وكانت وزارته أحد عشر شهرًا، واستوزر الحافظ ولده ولي عهده الحسن الذي قتل سنة تسعٍ وعشرين.

178 -

‌ أحمد بن الحسين

، أبو الحسن الواسطي ثم الحربي.

سمع عاصم بن الحسن، وعنه عمر بن طبرزد.

توفي في ثالث رجب سنة ست.

179 -

‌ أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد

، أبو العز بن كادش، السلمي البغدادي العكبري.

سمع: أقضى القضاة أبا الحسن الماوردي، وهو آخر من حدث عنه، وأبا الطيب الطبري، وابن الفتح العشاري، وأبا محمد الجوهري، وأبا علي الجازري، روى الكثير، وأثنى عليه جماعة.

قال ابن الجوزي: كان مكثرًا ويفهم الحديث.

وقال ابن السمعاني: شيخ مسند سمع بنفسه، وكان يفهم، وأجاز لي، وحدثنا عنه جماعة، وحدثنا ابن ناصر أنه سمع إبراهيم بن سليمان يقول: سمعت أبا العز بن كادش يقول: أنا وضعت حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابن ناصر سيئ الرأي فيه، وقال لي عبد الوهاب الأنماطي: كان مخلطًا.

وأما أبو القاسم ابن عساكر وأبو محمد ابن الخشاب فأثنيا عليه.

روى عنه: ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وهبة الله بن الحسن السبط، وأبو موسى المديني، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أيوب الحربي، وإبراهيم بن بركة البيع، وآخرون.

وتوفي في جمادى الأولى، وله تسعون سنة أو جازها.

قال ابن النجار: كان مخلطًا كذابًا لا يحتج به، قرأت بخط عمر بن علي

ص: 444

القرشي القاضي: سمعت أبا القاسم علي بن الحسن الحافظ يقول: قال لي أبو العز بن كادش: وضع فلان حديثًا في حق علي، ووضعت أنا حديثًا في حق أبي بكر، بالله أليس فعلت جيدًا؟

قال ابن النجار: رأيت لأبي العز كتابًا سماه الانتصار لرتم القحاب على نظم جماعةٍ من الشعراء يقول فيه: أنشدتني فلانة المغنية، وأنشدتني ستوت المغنية بأوانا، وخطه رديء إلى الغاية في التعقد والتسلسل، قيل: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

180 -

‌ أحمد بن عمر بن خلف

، أبو جعفر بن قبليل الهمداني، الغرناطي، الفقيه.

روى عن: أبي علي الغساني، وأبي عبد الله الطلاعي، وأصبغ بن محمد، حدث عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو جعفر بن الباذش، وأبو القاسم ابن بشكوال.

قال ابن الأبار: دارت عليه الفتيا ببلده، وكان من جلة الفقهاء المشاورين، توفي في ذي القعدة.

181 -

‌ بُوري بن طُغتكين

، تاج الملوك أبو سعيد.

تملَّك بدمشق بعد أبيه في صفر سنة اثنتين وعشرين، وكانت سيرته قريبة الحال، وفيه حلم وسماحة. وقَتلَ أبا علي المزدقاني فوثبت العامة على مَنْ كان بدمشق من الإسماعيلية فقتلوهم عند قتل الوزير المزدقاني، لأنه كان يشتدُّ بهم ويُقوِّيهم ويُقرِّبهم.

وكان مولد بوري في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

وفي جمادى الآخرة وثب عليه أعجميَّان من الباطنية فأثخناه جراحاً،

ص: 445

وقُتلا. وبقي مجروحاً إلى أن مات بعد سنة وشهر.

ولأبي عبد الله ابن الخيَّاط فيه قصائد. وقد وزر له أبو الذَّوَّاد مُفَرِّج ابن الصُّوفي، ثم كريم الملك أحمد بن عبد الرزاق المَزْدقاني ابن عمِّ وزيره ووزير أبيه طاهر بن سعد. ولما عَلِمَ أهل الألموت ما جرى على دعاتهم قلقوا لذلك، وندبوا لتاج الملوك مَنْ يقتله، فاختاروا منهم خراسانيين تقدما في زيِّ الأتراك بالقباء والشربوش، واجتمعا بأصحاب لهما من الأجناد، وتحيَّلا بكل ممكن إلى أن صارا في جملة الخُراسانية المرتَّبين لركوب الملك بوري، فَضُمِنَا، وتمكنا إلى أن قتلاه. ذكر هذا حمزة ابن القلانسي، وقال: فوثبا عليه لخمس خلون من جُمادى الآخرة سنة خمس وعشرين، ضربه الواحد بالسَّيف طالباً لرأسه، فلم يصنع شيئاً، وجرحه في رقبته، وضربه الآخر بسكِّين عند خاصرته، فمرَّت بين الجلد واللَّحم.

قال ابن الأثير: وصَّى بالمُلك لولده إسماعيل، ووصَّى ببعلبك لولده شمس الدولة محمد. قال: وكان بوري كثير الجهاد شجاعاً سدَّ مسدَّ أبيه، وفاق عليه، وكان ممدَّحًا؛ أكثر الشعراء مدائحه؛ لا سيما ابن الخياط.

182 -

‌ جهور بن إبراهيم بن محمد بن خلف

، أبو الحزم التجيبي الأندلسي.

حج وسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله الطبري.

قال ابن بشكوال: بإشبيلية لقيته وأجاز لي، وكان رجلًا فاضلًا، منقبضًا، مقبلًا على ما يعنيه تولى الصلاة بموضعه، يعني بقرية مورور.

183 -

‌ الحسين بن إبراهيم الدينوري

، أبو عبد الله.

بغدادي صحيح السماع، روى عن طراد، ورزق الله، وتوفي في رمضان.

184 -

‌ الحسين بن محمد بن خسرو

، أبو عبد الله البلخي، ثم البغدادي، السمسار، مفيد أهل بغداد ومحدث وقته.

سمع من: أبي الحسن الأنباري، والبانياسي، وعبد الواحد بن فهد

ص: 446

العلاف، وأبي عبد الله الحميدي، وطبقتهم، وخلقٍ بعدهم، وسمع بإفادته جماعة كثيرة، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة.

قال ابن السمعاني: سألت أبا القاسم الحافظ عنه فقال: ما كان يعرف شيئًا، وسألت ابن ناصر عنه فقال: كان يذهب إلى الاعتزال، وكان حاطب ليلٍ، يسمع من كل أحد.

مات ابن خسرو في شوال، رحمه الله.

185 -

‌ خديجة بنت أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرَّازيِّ

، أخت أبي عبد الله المُعَدَّل، وتُدْعَى مليحة.

قال السِّلفي: أخبرتنا بالإسكندرية، قالت: أخبرنا محمد بن محمود بن دُليل الصَّواف بمصر. توفيت وهي بكر لم تتزوج في ربيع الآخر.

186 -

‌ سليمان بن عبد الله بن سليمان

، أبو ياسر الفَرْغانيُّ ثم البَغْداديُّ المؤدِّب.

شيخ صالح، روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبي الحسين ابن النَّقُّور. وعنه أبو القاسم الحافظ، ويحيى بن بَوْش.

توفي في ذي الحجَّة.

187 -

‌ طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد

، أبو المظفر البُرُوجِرْديُّ.

شيخ مسن، جاور بمكة، وحدَّث عن أبي القاسم ابن البُسْري. وعنه أبو موسى المديني.

توفي ظنًّا في سنة ست وعشرين.

188 -

‌ عبد الله ابن الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة الدَّقاق

، أبو الفضائل.

بغدادي له فهم ومعرفة بالحديث واللُّغة، مليح الخطِّ، قرأ الكثير بنفسه. وكان متودداً مطبوعاً، وفي سيرته مقال، عفا الله عنا وعنه. سمع من أصحاب أبي عليّ بن شاذان. روى عنه علي بن أحمد اليَزْدي. وكان مولده في سنة أربع

ص: 447

وثمانين وأربعمائة، وتوفي في سلخ رمضان.

قلت: لم يسمِّ ابن السَّمعاني أحداً من شيوخه، وكأنَّه سمع من طراد وبابته.

189 -

‌ عبد الله بن أبي جعفر محمد بن عبد الله بن أحمد

، العلامة أبو محمد الخشني المرسي، الفقيه.

أخذ بقرطبة عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه، وتخرج به، وسمع من حاتم بن محمد كتاب الملخص بسماعه من القابسي، وحج فسمع صحيح مسلم من الحسين بن علي الطبري.

وقال القاضي عياض: سمع من: أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وابن مسرور، والطليطلي.

وقال ابن بشكوال: روى عن: أبو الوليد الباجي، ومحمد بن سعدون القروي، وكان حافظًا للفقه على مذهب مالك، مقدمًا فيه على جميع أهل وقته، بصيرًا بالفتوى، مقدمًا في الشورى، عارفًا بالتفسير، ذاكرًا له، يؤخذ عنه الحديث، ويتكلم على بعض معانيه، انتفع به الطلبة، وكان رفيعًا في أهل بلده، معظمًا فيهم، كثير الصدقة والذكر لله، كتب إلينا بإجازة مروياته.

قال محمد بن حمادة الفقيه: كان الغالب عليه الفقه، دخلت عليه بمرسية سنة إحدى وعشرين وهو ينام، والقارئ يقرأ عليه، ولعابه يمسح عن فمه، فسألني عن سبتة وأهلها، ثم وقعت مسألةً فيمن خرج باغيًا أو عاديًا، فاضطر إلى الميتة، فقلت: مشهور المذهب أنه لا يباح له أكلها، وقال عبد الملك بن حبيب: له ذلك، فقال: ليس هو ابن حبيب، إنما هو ابن الماجشون، ثم قال لصبي: قم إلى الخزانة، وأخرج السفر الفلاني، ثم اقلب منه كذا وكذا ورقة، قال: فإذا بالمسألة كما ذكر، فتعجبت من حفظه وهو على تلك الحال، وأجاز لي كتاب الموطأ.

وحج فسمع منه بسبتة قاضينا أبو عبد الله بن عيسى التميمي، وجماعة، وطال عمره، ورحل الناس إليه من الأقطار، وقد سمع صحيح مسلم أيضا

ص: 448

من أبيه أبي بكر، ومات أبوه في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، بسماعه من أبي حفص عمر الهوزني المذبوح في سنة ستين وأربعمائة، بسماعه من عبد الله بن سعيد الشنتجالي، عن أبي سعيد عمر بن محمد السنجزي، عن الجلودي نازلًا.

قال ابن بشكوال: ولد بمرسية سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ثالث رمضان، يعرف بابن أبي جعفر.

190 -

‌ عبد الله بن موسى بن عبد الله

، أبو محمد القرطبي.

روى عن حازم بن محمد، ومحمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي المقرئ، وحدث.

قال ابن بشكوال: عني بالحديث عناية كاملة، وكان متفننًا في عدة علوم مع الحفظ والإتقان، وتوفي في صفر.

191 -

‌ عبد الجليل بن عبد العزيز بن محمد

، أبو الحسن الأمويُّ القرطبيُّ المقرئ.

روى عن أبي الحَسَنَ عليّ بن خلف العبسي المقرئ، وخازم بن محمد، وأبي الحسن سراج، ومحمد بن فرج، ورحل إلى أبي داود المقرئ، ويحيى بن البيَّاز، وأخذ عن جماعة سواهم.

قال ابن بشكوال: عارف بالقراءات وطُرقها، مجوِّد لها، ضابط لحروفها، وله مشاركة في الحديث، وعناية بسماعه، ومعرفة رجاله، مع حظٍّ وافر من اللُّغة والأدب. ولم يزل طالباً للعلم ومفيداً له إلى أن مات. سمعنا منه وسمع معنا من جماعة وكان يقرئ بجامع قرطبة. توفي في ثامن المُحَرَّم، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

192 -

‌ عبد الحق بن أحمد بن الحسن

، أبو المعالي البانياسيُّ الكاتب.

سمع أبا الحسن الخِلَعي. روى عنه السِّلفي وقال: كان متميزًّا مائلاً

ص: 449

إلى الخَيْر، غرق في بحر عيذاب بعد الحج، رحمه الله.

193 -

‌ عبد الرحمن ابن الفقيه محمد ابن الفقيه عبد الرحمن

ابن الفقيه عبد الرحيم ابن الفقيه أحمد بن العجوز، الفقيه أبو القاسم الكتامي السبتي، قاضي الجزيرة الخضراء، ثم قاضي سلا.

كان أحد الأعلام، قال القاضي عياض: حضرت مجلسه في تدريس المدونة، فما رأيت أحدًا أحسن منه احتجاجًا، ولا أبين منه تعليلًا، وكان له سمتُ وهيئة، توفي بفاس، حدثنا عن أبيه، عن جده.

194 -

‌ عبد الصَّمد بن أحمد بن محمد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مَرْدُويه الأصبهانيُّ

.

روى عن أبي طاهر أحمد بن محمود، توفي في جُمادى الآخرة.

195 -

‌ عبد العزيز بن الحسن

، أبو الأصْبَغ الحضرميُّ المَيُورقيُّ.

سمع من أبي العباس العُذْري صحيح مسلم، وسمع من أبي عبد الله بن سعدون، وأبي بكر المُرَادي.

قال ابن بَشْكُوال: وقد أخذنا عنه، وتوفي سنة ست.

196 -

‌ عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس

، أبو محمد السلمي الدمشقي الحداد، وكيل المقرئين.

سمع: أبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن مكي الأزدي المصري، وعبد الدائم بن الحسن، وعبد العزيز الكتاني، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبيد الله بن عبد الله الداراني، وجماعة، وأجاز له: أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسن بن مخلد الواسطي.

روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: كان ثقة مستورًا سهلًا، قرأت عليه الكثير، وتوفي في ذي القعدة، وأبو طاهر السلفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي، وأبو القاسم ابن الحرستاني، وآخرون، وكان من أسند شيوخ الشام في عصره.

ص: 450

197 -

‌ عثمان بن عليّ بن شرَّاف

، الإمام أبو سعد المروزيُّ البَنْجَديهيُّ العَجَليُّ – بالفتح – الفقيه الشَّافعيُّ، أحد الأئمة.

تفقه على القاضي حسين، وسمع من جماعة.

تُوفي بِبَنْج ديه، وكان حسن الفتوى، ولعل بعض أجداده كان يعمل العَجَلة التي تجرها البقر.

وصفه أبو سعد السَّمْعاني بالورع والزُّهد والإمامة، وأنَّه سمع من أستاذه القاضي حسين، وأبي مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الحافظ، وأبي عثمان العيَّار، وجماعة. وأنَّ مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، ومات في شعبان ببَنْج ديه، وأنَّه أجاز له، وأنَّه كان لا يُمَكِّن أحداً من أن يغتاب أحداً في مجلسه.

198 -

‌ علي بن الحسين بن محمد بن مهدي

، الأستاذ أبو الحسن البصري، الصوفي، العارف.

دار في الشام، ومصر، والجزيرة، وأذربيجان، ولقي العباد، وكانت له مقامات، وأحوال، وكرامات، وسكن بغداد في الآخر، سمع: أبا الحسن الخلعي، والمثنى بن إسحاق القرشي الأذربيجاني، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر.

ويروى أنه حضرت عنده امرأة فقالت: يا سيدي، ضاع كتابي الذي شهدت فيه، وأريد أن تشهد، فقال: ما أشهد إلا بشيء حلو، قال: فتعجب الحاضرون منه، فمضت وعادت ومعها كاغد حلواء، فضحك وقال: والك ما قلت لك إلا مزاحًا، اذهبي أطعميه أولادك، ولمح الكاغد الذي فيه الحلواء، فقال: أرينيه، فأرته، فإذا هو كتابها، وفيها شهادته، فقال: ما ضاعت الحلواء، هذا كتابك.

توفي أبو الحسن البصري في جمادى الأولى.

199 -

‌ عمر بن يوسف

، القدوة، الزاهد، أبو حفص ابن الحذاء القيسي الصقلي، نزيل الثغر.

ص: 451

سمع منه: السلفي، عن أبي بكر عتيق بن علي السمنطاري بصقلية: قال: حدثنا أحمد بن إسحاق المهراني، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا تمتام، قال: حدثنا القعنبي بحديث الذي تفوته العصر.

قال السلفي: كان من مشاهير الزهاد وأعيان العباد، له مجدٌ كبير عند أهل صقلية، وكان من أهل العلم، تمنع علي من الرواية كثيرًا تورعًا، وجرى بيني وبينه خطبٌ طويل، وقفت على سماعه من السمنطاري بموطأ القعنبي، بهذا الإسناد، ولد بصقلية سنة ثلاثين وأربعمائة، وحج سنة إحدى وخمسين، وقرأ على جماعة القرآن، توفي في المحرم، رحمه الله.

200 -

‌ فاطمة بنت أبي الحسن عليّ بن الحسين بن جدًّا العُكْبريِّ

، البَغْداديَّة، أمُّ أبيها.

سمعت أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن الدَّجاجي، وابن النَّقُّور. وقدمت دمشق في طلب ولدها، خدم ركبدارًا وذلك في سنة ست وعشرين. روى عنها أبو القاسم ابن عساكر، والقاضي عليّ بن محمد الزَّكوي.

201 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد

، أبو عبد الله الدِّمَشْقيُّ القصَّاع، عُرِفَ بابن اللَّبَّاد.

سمع من جده الحسن بن عليّ اللَّبَّاد، وأبا العباس بن قُبَيْس. روى عنه أبو القاسم الحافظ.

202 -

‌ محمد بن حامد بن فارس

، ابن أخي شجاع الذُّهلي. سمَّعه عمُّه من أبي الحسين ابن الطُّيوري، وغيره.

203 -

‌ محمد بن الفرج بن عُمر

، أبو بكر الأصبهانيُّ البقَّال. يروي عن عبد الرحمن بن مَنْده. وعنه الحافظ أبو موسى، وقال: توفي في أوَّل صفر.

ص: 452

204 -

‌ محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف

، الفقيه القاضي أبو الحسين البَغْداديُّ الحنبليُّ، ابن الفرَّاء.

ولد في شعبان سنة إحدى وخمسين، وسمع أباه، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن علي ابن المُهْتَدي بالله، وأبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وهنَّاد بن إبراهيم النَّسفي، وأبا الحسين ابن النَّقُّور، وآخرين، وأجاز له أبو محمد الجوهري. وتفقه بعد موت والده، وبرع في المذهب، ودرَّس، وناظر، وصنَّف، وكان متشدِّدًا في السُّنة يرجع إلى فضل وتمييز، جمع كتاباً كبيراً في طبقات أصحاب أحمد.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وتمَّام بن عمر بن الشَّنَّاء، وذاكر الله بن إبراهيم الحربي، ومظفر بن إبراهيم البرني، وعليّ بن عمر الواعظ، وعبد الله بن محمد، بن عُليَّان، ومحمد بن غنيمة بن القاق، وآخرون.

أُنبئتُ عن حمَّاد أنَّه سمع السِّلفي يقول: كان أبو الحسين متعصِّبًا في مذهبه، وكان كثيراً ما يتكلَّم في الأشاعرة ويقول فيهم ويسمعهم، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، وله تصانيف في مذهبه، سمعنا منه، وكان ديِّنًا ثقة ثَبْتًا.

وقال ابن النَّجَّار: تميَّز وصنَّف في الأصولين والخلاف والمذهب، وكان متديِّنًا، جميل الطَّريقة، محمود السِّيرة، ثقة، صدوقاً.

وقال أبو نصر اليونارتيُّ: سمعت أبا الحسين ابن الفرَّاء يقول: أوَّل ما حدَّثت كان لي عشرون سنة، قرأ عليَّ أبو الحسن القرشي الهكَّاري الصُّوفي شيئاً من تصنيف أبي.

وقال ابن الجوزي: كان له بيت في داره بباب المراتب، يبيت وحده، فعلم به بعض مَنْ كان يخدمه ويتردد إليه بأنَّ له مالاً، فدخلوا عليه ليلاً فذبحوه، وأخذوا المال ليلة عاشوراء، ثم وقعوا وقُتِلُوا.

ص: 453

205 -

‌ المُفَضَّل بن سيَّار بن محمد الدَّهَّان

، أبو القاسم الهَرَويُّ التَّاجر، والد محمد الأمين.

شيخ صالح، صيِّن، ورد بغداد، فحجَّ، وسمع من مالك البانياسي، وعبد الواحد بن عليّ العلاَّف. وحدَّث بمرو؛ روى عنه محمد بن أبي بكر السِّنجيُّ. توفي بهرَاة في ذي الحجة.

206 -

‌ منصور بن الخير بن يملى

، أبو علي المغراوي، المالقي، المقرئ الأحدب.

حج، وأدرك أبا معشر الطبري، وأخذ عنه، ولقي أبا عبد الله محمد بن شريح وأخذ عنه، وجالس أبا الوليد الباجي، وعني بالقراءات، وصنف فيها كتبًا أخذها عنه الناس، قال ابن بشكوال ذلك، قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعفه، توفي بمالقة في شوال.

قلت: قرأ عليه: محمد بن أبي العيش الطرطوشي، ومحمد بن عبيد الله بن العويص، وقيل: إنه متهم في لقي أبي معشر، مع أنه رأس في القراءات، قيم بتجويدها وعللها.

قال اليسع بن حزم: رحلت إليه، فوجدته بحرًا في علوم القراءات، بعيد الغور والغايات، فجلست واستعذت وبسملت، فقال: ما حجة من جهر وحجة من أخفى؟ فقلت: حجة الجهر فإذا قرأت القرآن فاستعذ، وأخفوا لئلا يتوهم أنها آية من القرآن، وذكر باقي الكلام.

قال أحمد بن ثعبان: انصرفت من مكة، فلقيني منصور بن الخير، فقال: ما فعل أبو معشر؟ قلت: توفي، فلما حج رجع إلى الأندلس، وقال: قرأت على أبي معشر.

207 -

‌ هبة الله بن محمد بن عليّ بن الحسن بن عمر

، أبو الفرج بن أبي نصر، ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المُسْلِمَة، البَغْداديُّ.

روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وكان ظالماً.

ص: 454

قال أبو المُعَمَّر الأنصاري: قرأنا عليه صفة المنافق ثم رأينا أخاه الحسين، فقال: من أين؟ قلنا: كنا عند أخيك أبي الفرج. فقال: ما قرأتم عليه؟ قلنا: صفة المنافق للفريابي. فقال: قرأتم عليه صفته!. توفي في سلخ شوَّال.

208 -

‌ هبة الله بن موهوب

، أبو البركات المِصْريُّ القارئ المشهور بحُسْن التلاوة.

روى عن الفقيه نصر المقدسي. وعنه أبو طاهر السِّلفي.

209 -

‌ يحيى بن محمد بن أبي المُطَرِّف القُرْطبيُّ

.

روى عن محمد بن هشام، وحازم بن محمد، والغسَّاني، ومحمد بن فرج، ولم يكن عنده إتقان.

توفي في المحرم.

ص: 455

سنة سبع وعشرين وخمسمائة

210 -

‌ أحمد ابن الشيخ الإمام أبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الله

، أبو غالب ابن البناء البغدادي الحنبلي.

شيخ صالح، كثير الرواية، عالي السند، سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الحسين بن حسنون النرسي، وأبا يعلى ابن الفراء، وأبا الغنائم بن المأمون ووالده، وابن المهتدي، بالله وطائفة، وله مشيخة.

وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وأجاز له: أبو الطيب الطبري، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو بكر بن بشران، والعشاري.

وثقه ابن الجوزي، وروى عنه هو وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وهبة الله بن مسعود الباذبيني، ومحمد بن هبة الله أبو الفرج الوكيل، وعبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر، وإسماعيل بن علي القطان، وعمر بن طبرزد، وخلق سواهم.

وتوفي في صفر، وقيل: في ربيع الأول، وتفرد بالأجزاء القطيعيات التي لم يبق ببغداد شيء أعلى منها في وقته.

211 -

‌ أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مَخْلَد

، العلامة أبو العباس ابن الرُّطبيِّ، الكرخيُّ، تلميذ أبي إسحاق الشيرازي.

كان أحد الأئمة، ومَنْ يُضْرَب به المثل في الخلاف والنَّظر. وتفقه أيضاً علي أبي نصر ابن الصَّبَّاغ. ثم خرج إلى أصبهان، فأخذ عن محمد بن ثابت الخُجَنْدي، وبرع في الفقه، وصار مشاراً إليه في علم النَّظر والتَّدقيق، وولي القضاء بالحريم الطَّاهري والحسبة. وكان له انقطاع إلى أمير المؤمنين. وكان يؤدب أولاده، وكانو حسن السَّمت، ذا رأي وعقل وتدبير.

سمع أبا القاسم ابن البُسْرَى، وأبا نصر الزَّينبي، وابن ماجه الأبهري. روى عنه علي بن أحمد اليزدي، ويحيى بن ثابت البقَّال، ويحيى بن بَوْش، وأدَّب الراشد بالله.

ص: 456

وتوفي في رجب، رحمه الله.

212 -

‌ أحمد بن عمار بن أحمد بن عمار بن المسلم

، أبو عبد الله الحسيني الكوفي، مجد الشرف، الشاعر المشهور.

مدح المسترشد، والوزير أبا علي بن صدقة، فمن شعره:

وباكية أبكت فأبدت محاسنًا أراقت فراقت أنفس الركب عن عمد حبابًا على خمرٍ وليلا على ضحىً وغصنًا على دعصٍ ودرا على ورد وله:

يا من يسيء برأيه ويرى صرف الحوادث غير متهم لك في الذي تبديه معذرةً من نام لم ينفك من حلم عاش اثنتين وخمسين سنة.

213 -

‌ أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل

، أبو المعالي النيسابوري الحنفي، خطيب نيسابور.

سمع: جده، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وموسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر الشيرويي، وكان إليه الخطابة والوعظ والتدريس ببلده، وكان مقبولًا عند السلطان.

توفي في ذي القعدة، وقد قدم بغداد رسولًا من السلطان سنجر، فسمع منه ابن عساكر، وغيره.

214 -

‌ أسعد بن أبي نصر بن الفضل

، أبو الفتح وأبو سعيد العُمريُّ المِيهنيُّ، مجد الدين.

كان إماماً مبرِّزًا في الفقه والخلاف، وله تعليقة مشهورة قليلة المِثْل. تفقه بمرو، ورحل إلى غَزْنة، واشتُهِرَ بتلك البلاد، وشاع فضله، وتخرَّج به جماعة. ومدحه أبو إسحاق الغزِّي الشاعر. ثم إنه قدم بغداد، ودرَّس فيها بالنظامية مرّتين، الأولى في سنة سبع وخمسمائة، ثم عزل في سنة ثلاث عشرة. ثم وليها سنة سبع عشرة واشتغل عليه الفقهاء، وانتفعوا به وبطريقته.

ص: 457

وقد تفقه بمرو على أبي المظفر السَّمعاني، وعلى الموفق الهروي وبرع وفاق بالذكاء وحدَّة الخاطر. وسمع شيئاً من إسماعيل بن الحسن الفرائضي، ولم يُحَدِّث.

ذكره ابن عساكر في طبقات الأشعرية، فقال: تفقه على أبي المظفر السَّمعاني، وقرأ الأصول على شيخنا أبي عبد الله الفُرَاوي.

قال أبو سعد السَّمعاني: سمعت أبا بكر محمد بن عليّ الخطيب يقول: سمعت فقيهاً من أهل قزوين، قال: كنا بهمذان في البيت عند الإمام أبي الفتح الميهني، فقال لنا: اخرجوا، فخرجنا، فوقفت على الباب، فسمعته يلطم وجهه ويقول:(يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله)، وجعل يبكي ويردد هذه الكلمة إلى أن مات رحمه الله في سنة سبع وعشرين بهمذان. وكان قد توجه رسولاً من قبل السُّلطان إلى مرو، ثم توجه رسولاً من بغداد إلى همذان، فتوفي بها. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة بميهنة بقرب طوس. وكان ذا أموال وعبيد وحِشْمَة وافرة.

215 -

‌ إسماعيل بن محمد بن إبراهيم

، أبو إبراهيم الخانيُّ المروروذيُّ.

كان يتهم بكتب الأوائل. سمع الموطأ من أبي الحسن محمد بن محمد الشَّيرزي سوى فَوْت.

مات في شعبان، وله نيف وتسعون سنة.

216 -

‌ بشارة بنت محمد بن عبد الوهَّاب ابن الدَّبّاس

.

امرأة صالحة معمَّرة، روت عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة. روى عنها ابن عساكر، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما.

217 -

‌ الحسن بن أحمد بن الحسن بن فنجلة

، الإمام المقرئ أبو علي البَغْداديُّ النَّسَّاج.

قرأ بالقراءات على أبي بكر محمد بن عليّ الخيَّاط، وسمع منه ومن

ص: 458

الصَّريفيني، وجماعة. ورى عنه المبارك بن كامل، وأبو القاسم ابن عساكر. مات في المحرم.

218 -

‌ الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي

ّ، الحافظ أبو نصر اليونارتيُّ، ويونارت: قرية على باب أصبهان.

كان أحد من عُنِي بهذا الشأن، ورحل فيه، وكان سريع النَّقْل، حسن القراءة، جيّد التَّخريج. سمع أبا بكر بن ماجه، وأبا منصور بن شكرويه، وجماعة. ورحل فأدرك أبا بكر بن خلف الشيرازي، وهو آخر مَنْ رحل إليه. وسمع بهراة أبا عامر محمود بن القاسم، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وببغداد أحمد بن عبد القادر بن يوسف. روى عنه جماعة.

قال أبو سعد السَّمعاني: قال لي أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ: ما كان له كبير معرفة غير أنه كان نظيف الأجزاء.

ولد اليونارتي في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في شوال، وروت عنه فاطمة بنت سعد الخير جزءاً معروفاً.

قال أبو زكريا بن منده: كان حافظاً لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأطراف من الأدب والنحو، حسن الخُلُق، شجاعاً، طرقًا في الحديث، سمعنا منه طبقات السمرقنديين للإدريسي.

219 -

‌ صافي بن إبراهيم

، أبو البركات الطَّرسوسيُّ الضَّرير المُعَبِّر للأحلام بدمشق.

روى عن سهل بن بشر الإسفراييني. روى عنه ابن عساكر، وغيره.

220 -

‌ عبد الله بن أحمد بن علي بن جحشويه

، المحدث المفيد أبو محمد البغدادي، سبط ابن قريش.

طلب بنفسه وكتب الكثير، وسمع من النعالي، وطراد الزينبي، وابن البطر، وطبقتهم، وحدث بأكثر مسموعاته، روى عنه: عبد الله بن أبي المجد الحربي، وغيره.

ص: 459

قال ابن النجار: مات في شوال سنة سبعٍ وعشرين.

221 -

‌ عبد الباقي بن عبد الله أبو المعالي اللخمي الدمشقي العطار

.

سمع أبا عبد الله بن أبي الحديد.

قال ابن عساكر: رأيته وسمع منه أصحابنا.

222 -

‌ عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد

، أبو محمد الأزدي، الصقلي، الشاعر.

له ديوان مشهور، دخل الأندلس ومدح المعتمد بن عباد، وتوفي في هذه السنة في رمضان بجزيرة ميورقة.

وجزيرة صقلية يحيط بها البحر، وهي بحذاء إفريقية، أخذتها النصارى في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة.

223 -

‌ عبد الكريم بن إسحاق

، أبو زرعة البزاز الرازي.

قدم سنة إحدى وثمانين ببغداد، وسمع عاصم بن الحسن، وجماعة.

وسمع بالري من: عبد الكريم الوزان، وبأصبهان من أبي عبد الله الثقفي.

قال أبو سعد السمعاني: كان صدوقًا، ثقة، حدثنا عنه جماعة، وعاش سبعًا وثمانين سنة.

224 -

‌ عبد المجيد بن عبد الله بن عيذون

، أبو محمد الفهري الأندلسي اليابري النحوي.

أخذ عن أبي الحجاج الأعلم، وعاصم بن أيوب، وأبي مروان بن سراج، وله مصنف في الانتصار لأبي عبيد علي ابن قتيبة، وكان مقدما في الأدب، شاعرا مفلقا أخباريا، لغويا أخذ الناس عنه.

توفي بيابرة.

225 -

‌ عبد الملك بن عبد الله بن داود

، أبو القاسم الحمزي، من حمزى مدينة بالمغرب.

قدم بغداد وسكنها، قدم على أبي علي التستري، فسمع منه سنن أبي

ص: 460

داود، وسمع ببغداد من: أبي نصر الزينبي، سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر السنن، وحدث عنه هو، وأبو المعمر.

وتوفي في ربيع الآخر.

226 -

‌ عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن شاشر

، أبو القاسم المُخَرِّميُّ الحنبليُّ.

شيخ صالح يؤم بمسجد. روى عن أبي القاسم ابن البسري ومالك البانياسي. روى عنه يحيى بن بَوْشن وتوفي في رجب.

227 -

‌ عبيد الله بن محمد

، أبو القاسم الحصيريُّ البلخيُّ.

روى عنه السَّمعاني إجازة، وقال: مات في ذي الحجة، وله تسعون سنة. حدث بالبخاري عن منصور بن إسحاق السِّرخسي، عن أبي علي الكُشَاني.

228 -

‌ عثمان بن أحمد بن عبيد الله بن دُحروج

، أبو عمرو القزَّاز البَغْداديُّ النَّصْريُّ، أخو محمد وعمر.

صالح مستور، سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا محمد بن هزارمرد. وعنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر، وقال: ما كان يفهم شيئاً.

229 -

‌ علي بن عبيد الله بن نصر بن عبيد الله بن سهل

، الإمام أبو الحسن ابن الزاغوني، شيخ الحنابلة ببغداد.

سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه، وولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، حدث عن: أبي جعفر ابن المسلمة، وابن هزارمرد، وعبد الصمد ابن المأمون، وعلي ابن البسري، وأبي الحسين ابن النقور، وجماعة، وقرأ بالروايات، وتفقه على يعقوب البرزبيني.

وكان إمامًا فقيهًا، متبحرًا في الأصول والفروع، متفننًا، واعظًا، مناظرًا، ثقة، مشهورا بالصلاح، والديانة، والورع، والصيانة، كثير التصانيف.

ص: 461

قال ابن الجوزي: صحبته زمانًا، وسمعت منه، وعلقت عنه الفقه والوعظ، وتوفي في سابع عشر المحرم، وكان الجمع يفوت الإحصاء.

وقال أبو سعد السمعاني: روى لنا عنه: علي بن أبي تراب، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ، وسمعت حامد بن أبي الفتح المديني يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني يقول: حكى بعض الناس ممن يوثق بهم أنه رأى في المنام ثلاثة يقول واحد منهم: اخسف، وواحد يقول: أغرق، وواحد يقول: أطبق، يعني البلد، فأجاب أحدهم: لا، لأن بالقرب منا ثلاثة أحدهم أبو الحسن ابن الزاغوني، والثاني أحمد بن الطلاية، والثالث محمد بن فلان من الحربية.

قلت: وروى عنه: بركات بن أبي غالب السقلاطوني، ومسعود بن غيث الدقاق، وأبو القاسم بن معالي بن شدقيني، وأبو الحسن علي ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو حفص بن طبرزد، وطائفة سواهم، وهو من متكلمي الحنابلة ومصنفيهم، أملى علي القاضي عبد الرحيم بن عبد الله، أنه قرأ بخط أبي الحسن الزاغوني: قرأ أبو محمد عبد الله بن أبي سعد الضرير علي القرآن من أوله إلى آخره، بقراءة أبي عمرو، رواية اليزيدي، طريقة ابن مجاهد، وكنت رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره بهذه القراءة المذكورة، وهو صلى الله عليه وسلم يسمع، وإني لما بلغت في سورة الحج إلى قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية، أشار بيده أي اسمع، ثم قال: هذه الآية من قرأها غفر له. ثم أشار أن اقرأ، فلما بلغت أول يس، قال لي: هذه السورة من قرأها أمن من الفقر، فلما بلغت إلى سورة القدر قال لي: هذه السورة من قرأها، فكأنما قرأ ربع القرآن، فلما بلغت إلى سورة الإخلاص قال لي: هذه السورة من قرأها، فكأنما قرأ ثلث القرآن، فلما كملت الختمة قال لي: ما أعطى الله أحدًا ما أعطى أهل القرآن، وإني قلت له كما قال لي.

وكتب علي بن عبيد الله ابن الزاغوني قال: وقرأ علي هذا الكتاب، يعني مختصر الخرقي، من أوله إلى آخره أبو محمد الضرير من حفظه، ورويته له

ص: 462

عن أبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري البندار، عن أبي عبد الله ابن بطة العكبري، عن أبي القاسم الخرقي رحمه الله، وكتب ابن الزاغوني سنة تسعٍ وخمسمائة.

230 -

‌ علي بن يعلى بن عوض

، أبو القاسم الهاشمي العلوي العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب.

شيخ جليل واعظ مشهور، صاحب قبول، من أهل هراة، سمع من أبي عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وورد بغداد فوعظ بها، وسمع من: أبي القاسم ابن الحصين، وكان يورد في مجلس وعظه الأحاديث بأسانيدها، ويظهر السنة.

قال ابن الجوزي: حصل له ببغداد مالٌ وكتب وقبول كثير، وحملت إليه وأنا صغير، وحفظني مجلسًا من الوعظ، فتكلمت بين يديه يوم ودع الناس وسافر إلى مرو.

وقال ابن السمعاني: سمعت منه حديثًا واحدًا.

231 -

‌ عمر بن محمد بن محمد بن موسى

، أبو حفص الشاشي، نزيل فاشان، إحدى قرى مرو.

تفقه على الإمام أبي الفضل التميمي، وسمع منه، ومن: أبي عبد الله محمد بن الحسن المهربندقشاني، وإسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني، وقدم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة حاجًا، وسمع أبا سعد عبد الرحمن بن مأمون المتولي، وحدث.

توفي سنة سبعٍ وعشرين.

232 -

‌ عيسى بن إبراهيم بن عبد ربه بن جَهْور

، أبو القاسم القيسيُّ الأندلسيُّ الطَّلبيريُّ، نزيل شريش.

روى عن أبي علي الغسَّاني، وخازم بن محمد، ومحمد بن فرج الفقيه،

ص: 463

ورحل إلى بغداد، وأخذ عن ابن بدران الحُلْواني، والقاسم بن علي الحريري.

قال ابن بشكوال: كان من أهل النُّبل والذَّكاء والفَهْم والمَعْرفة باللُّغة، والشِّعر، والأدب وهو كان غالباً عليه. وله مشاركة في الفقه والحديث وأصول الدِّيانة وكان فاضلاً طاهراً ثقة، قدم علينا قرطبة فأخذنا عنه، وتوفي بإشبيلية.

233 -

‌ غريب بن يوسف

، أبو الوفاء الأزجيُّ الخيَّاط.

روى عن أبي القاسم ابن البُسْري. وعنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأول.

234 -

كريم الملك، أبو الحسن، واسمه: أحمد بن عبد الرزاق، وزير شمس الملوك صاحب دمشق.

مات في ذي الحجة، فتأسف الناس عليه لحسن طريقته، وحميد خلاله، وكثرة تلاوته.

235 -

‌ كريمة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة

.

روت عن أبي الحسين ابن النقور، وعنها: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري، وغيرهما، وتوفيت في رجب.

قال ابن السمعاني: رأيت نسخةً بتاريخ بغداد كاملةً بخطها.

236 -

‌ محمد بن أحمد بن عبيد الله بن دحروج

، أبو بكر البغدادي.

سمع الصريفيني وابن النقور روى عنه جماعة منهم عمر بن طبرزد وتوفي في رجب.

237 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد بن أحمد بن صاعد

، أبو سعيد النَّيسابوريُّ الصَّاعديُّ.

ولد سنة أربع وأربعين. وروى عن أبي الحسين عبد الغافر، وأبي حفص بن مسرور ولعل ذلك حضور، وعن أبي القاسم القُشَيْري. وقَدِمَ بغداد سنة ثلاث وخمسمائة. وحدَّث فسمع منه ابن ناصر وطائفة وكان رئيس نيسابور وقاضيها وعالمها.

قال ابن السَّمعاني: انتهت إليه الرِّياسة والتَّقدُّم والقضاء بنيسابور،

ص: 464

وأجاز لي. توفي في ثاني عشر ذي الحجَّة، رحمه الله تعالى.

238 -

‌ محمد بن أحمد بن يحيى

، أبو عبد الله الأُمويُّ العُثْمانيُّ الدِّيباجيُّ المقدسيُّ الشَّافعيُّ، نزيل بغداد.

شيخ من أهل نابلس من ولد الدِّيباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفَّان. حدَّث عن الفقيه نصر بن إبراهيم وتفقه وحصَّل.

قال ابن الجوزي: كان غالياً في مذهب الأشعري، ورأيته يعظ بجامع القصر.

وقال المبارك بن كامل وقد روى عنه: لم أر في زماني مثله، جمع الورع والزُّهْد والعلم والعمل والمروءة وحسن الخلق، وكان يوم جنازته يوماً مشهوداً.

وقال ابن عساكر: كان يعظ ويفتي على مذهب الشَّافعي، وله حُرْمة عند النَّاس، وحجَّ مرات، أخبرنا عن الحسين بن علي الطَّبري، وتوفي في صفر وعاش خمساً وستين سنة.

قلت: ويروي عن مكي الرُّميلي، وقد جاور، وولي عمارة الحرَم، وكان مولده ببيروت.

239 -

‌ محمد بن إدريس

، أبو عبد الله الجذامي الغرناطي.

حدث بصحيح البخاري، عن بكار، عن أبي ذر الهروي، وكان فقيهًا، مفتيًا، روى عنه: أبو خالد بن رفاعة.

240 -

‌ محمد بن الحسين بن علي

، أبو بكر البغدادي المزرفي، ومزرفة بين عكبرا وبغداد، الفرضي الحاجي.

ولد سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة ببغداد، وسكن به أبوه مدة في أيام الفتنة بالمزرفة، وقرأ بالروايات وجود، وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبا علي ابن البناء، والصريفيني، وخلقًا سواهم، وتلا على أصحاب الحمامي.

ص: 465

روى عنه: ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو موسى المديني، وأبو الفتح المندائي، وطائفة، وأقرأ القراءات.

ويقول الحافظ ابن عساكر وغيره: إنه مات ساجدًا، مات في أول السنة.

وقال ابن الجوزي: كان ثقة، عالمًا، حسن العقيدة رحمه الله.

241 -

‌ محمد بن سعد بن خلف

، أبو شاكر التكريتيُّ، الفقير الصَّالح.

صحب شيخ الإسلام الهكَّاري، وسمع منه ومن ابن النَّقُّور، وتفقه على أبي إسحاق الشِّيرازي، وبنى رباطاً للصُّوفية ببلده. روى عنه أحمد بن دِرْع، وعبد الله بن سويدة.

توفي في صفر عن خمس وتسعين سنة.

242 -

‌ محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفرَّاء الفقيه

، أبو خازم الحنبليُّ.

ولد سنة سبع وخمسين ولم يدرك السَّماع من والده، وسمع من ابن المُسْلِمَة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وجابر بن ياسين. وكان فقيهاً، إماماً، زاهداً، عابداً. وتوفي في صفر ودفن بداره.

قال ابن النَّجَّار: هو أخو أبي الحسين محمد وكان الأصغر، تفقه على القاضي أبي علي يعقوب بن إبراهيم البرزباني تلميذ أبيه حتى برع في المذهب والأصول والخلاف، وصنَّف التَّبصرة في الخلاف ورؤوس المسائل، وشرح كتاب الخِرَقي. روى عنه أولاده أبو يعلى محمد، وأبو الفرج علي، وأبو محمد عبد الرَّحيم، وابن ناصر، وشيخنا ابن بَوْش.

243 -

‌ منصور بن محمد بن محمد بن الطيب

، أبو القاسم العلوي العمري الهروي، المعروف بالفاطمي.

كان فقيهًا، مناظرًا، وواعظًا، رئيسًا، كان رفيع المنزلة عند الخاص والعام، ذا ثروةٍ وأموال، يقال: كان له ثلاثمائة وستون طاحونة.

ص: 466

سمع بهراة من جده لأمه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزدي، ومحلم بن إسماعيل، ومحمد بن أبي عاصم العمري، وبنيسابور من: أبي القاسم القشيري، وأبي شجاع الميكالي، وقدم بغداد مرتين، وروى عنه: ابن ناصر، والسلفي، ويحيى بن بوش.

قال ابن السمعاني: كان شيخنا أبو الحسن الأزدي سيئ الرأي فيه، قال: لا أروي عنه حرفًا، توفي أبو القاسم الفاطمي بهراة في رمضان.

وقال السمعاني في التحبير: أجاز لنا، وكان فقيهًا مبرزًا مدققًا، مولده سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.

ص: 467

سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

244 -

‌ أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة

، أبو الفرج الصوري الكاتب.

روى عن القاضي علي بن محمد الهاشمي، والفقيه نصر، وأبي محمد جعفر السراج.

روى عنه ابن عساكر، وقال: ولي الاستيفاء بدمشق، وولد بصور سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول بدمشق.

قلت: وروى عنه عبد الخالق بن أسد.

245 -

‌ أحمد بن علي بن إبراهيم

، الشيخ أبو الوفاء الشيرازي، القدوة، الزاهد، الفيروزآبادي، شيخ الرباط الذي حذاء جامع المنصور ببغداد.

قدم بغداد وسمع من: أبي طاهر الباقلاني، وأبي الحسن الهكاري، شيخ الإسلام، وخدم المشايخ، وسكن بالرباط المذكور، ويعرف برباط الزوزني.

قال ابن السمعاني: اتفقت الألسن على مدحه، صحب المشايخ بفارس، وكان يحفظ من كلام القوم وسيرهم وأحوالهم، ومن الأشعار المناسبة لذلك شيئًا كثيرًا، واتفق أن أبا علي المغربي أحضر رجلًا يقال له محمد المغربي إلى الشيخ أبي الوفاء وأثنى عليه، وقال: إنه يصلح لخدمتك، فاستخدمه الشيخ وقربه، وكان يسعى في مهماته، فضاق منه أبو علي المغربي، فقال لأبي الوفاء: أريد أن تخرجه من الرباط ولا يخدمك، فقال: ما يحسن هذا، تثني على رجلٍ فنقربه، ثم تضيق منه فنخرجه، هذا لا يليق، فعمل أبو علي:

إن خلي أبا الوفا في صفائي أبى الوفا باع ودي بود من لطفه غاية الجفا وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرقص، وكان يقول لشيخنا عبد الوهاب: إني لأدعو في وقت السماع، وكان شيخنا يتعجب ويقول: أليس يعتقد أن ذلك وقت إجابة.

ص: 468

وهذا غاية القبيح.

وحكى أبو الوفاء أن فقيرًا كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه، وقال: لم تبكون لموتي؟ قالوا: لا، الموت لا بد منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنه ليس لك كفن، فقال: إنما نفتضح لو كان لي كفن.

قال ابن الجوزي: توفي أبو الوفاء في حادي عشر صفر، وصلى عليه خلق، منهم أرباب الدولة، وقاضي القضاة، ودفن على باب الرباط، وعمل له الخادم نظر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالًا على عادة الصوفية، واجتمع فيها خلق.

وكان أبو الوفاء ينشد أشعارًا رقيقة، أنشد مرة، وهو لأبي منصور الثعالبي:

وخط نم في حافات وجهٍ له في كل يومٍ ألف عاشق كأن الريح قد مرت بمسكٍ وذرت ما حوته على الشقائق

246 -

‌ أحمد بن علي بن الحسن بن سلمويه

، أبو عبد الله النيسابوري الصوفي.

شيخ ظريفٌ معمر، ولد قبل الأربعين، وحدث عن: عبد الغافر بن محمد الفارسي، وعمر بن مسرور، وأبي سعد الكنجروذي، ورحل مع والده، وسمع من: أبي محمد الصريفيني، وغيره، وخدم أبا القاسم القشيري، وكان يقرأ بين يديه الأبيات بصوت رخيم لين.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة أو قبلها.

247 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن السكن

، أبو محمد بن المعوج.

سمع: علي بن البسري، وجماعة، وعنه: معمر بن الفاخر، ومحمود الخيام، وغيرهما.

ص: 469

248 -

‌ أحمد بن عليّ بن عبد الله

، أبو العباس الأصبهانيُّ الطامذيُّ الضَّرير مقرئ أصبهان.

روى عن القاضي أبي جعفر محمد بن أحمد بن حامد البخاري، قَدِمَ عليهم. روى عنه الحافظ أبو موسى، وقال: كان أوحد عصره في حفظ القراءات. ومات في رابع عشر ذي الحجَّة.

249 -

‌ أحمد بن الفضل بن أبي الطيب عبد الرَّزاق

، أبو عبد الله الأصبهانيُّ الصَّيرفيُّ الدَّلال.

شيخ نبيل، روى عن سعيد العيَّار. وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في الليلة الثَّانية من رمضان بعدما أفطر من صومه.

250 -

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، أبو منصور ابن السَّلاَّل الورَّاق النَّاسخ، أخو أبي عبد الله.

سمع محمد بن وشاح الزَّينبي وغيره. روى عنه أبو المُعَمَّر المفيد، وأبو القاسم الحافظ، وقال: كان بئس الشَّيخ قليل الصَّلاة، توفي في شوَّال.

251 -

‌ أحمد بن محمد بن القاسم

، ِأبو العبَّاس الأخسيكثيُّ النَّحويُّ.

ذو الفضائل، والتَّصانيف الأدبية.

توفي في جمادى الأولى. تخرَّج به فضلاء مَرْو. روى عن أبي المُظَفَّر السَّمْعاني، وكان يلقَّب بذي الفضائل، رحمه الله.

252 -

‌ أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت

، أبو الصلت الأندلسي الداني، مصنف كتاب الحديقة.

كان عالمًا بالفلسفة، ماهرًا في الطب، إمامًا فيه وفي علوم الأوائل، سكن الإسكندرية مدةً، وكان مولده بدانية في سنة ستين وأربعمائة، أخذ عن: أبي الوليد الوقشي قاضي دانية، وغيره.

وقدم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة، ثم دخل إلى المهدية، وحل من صاحبها علي بن يحيى بن باديس بالمحل الجليل.

ص: 470

وكان بارعًا في معرفة النجوم والوقت، بارعًا في الموسيقى وفي الشعر، حاذقًا بلعب الشطرنج، وله رسالة مشهورة في الأسطرلاب، وله كتاب الوجيز في علم الهيئة، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب في المنطق، وكتاب الانتصار في أصول الطب، صنف بعضها في سجن الأفضل.

وقيل: إن أمير الإسكندرية حبسه مدةً لأنه قدم إلى الإسكندرية مركبٌ موقرٌ نحاسًا، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصلت: عندي فيه حيلة، فطاوعه الأمير، وبذل له أموالًا لعمل الآلات، وأخذ مركبًا كبيرًا فارغًا، وعمل على جنبيه دواليب بحبالٍ حرير، ونزل الغطاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثم أديرت الدواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الذي فيه الدواليب وتم ما رامه، لكن تقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمير للغرامة وسجنه.

ومن شعره:

إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي، وكل العالمين أقاربي ولا بد لي أن أسأل العيس حاجةً تشق على شم الذرى والغوارب ومن شعره:

وقائلة: ما بال مثلك خاملٌ؟ أأنت ضعيف الرأي، أم أنت عاجز؟ فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني لما لم يحوزوه من المجد حائز وما فاتني شيء سوى الحظ وحده وأما المعالي فهي عندي غرائز وله:

ومهفهفٌ تركت محاسن وجهه ما مجه في الكأس من إبريقه ففعالها من مقلتيه، ولونها من وجنتيه، وطعمها من ريقه وله:

عجبت من طرفك في ضعفه كيف يصيد البطل الأصيدا يفعل فينا وهو في غمده ما يفعل السيف إذا جردا ومن شعره، وأوصى أن يكتب على قبره، وهو يدل على أنه مسلم الاعتقاد:

ص: 471

سكنتك يا دار الفناء مصدقًا بأني إلى دار البقاء أصير وأعظم ما في الأمر أني صائرٌ إلى عادلٍ في الحكم ليس يجور فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها وزادي قليل والذنوب كثير فإن أك مجزيًا بذنبي فإنني بشر عقاب المذنبين جدير وإن يك عفوٌ منه عني ورحمةٌ فثم نعيمٌ دائمٌ وسرور توفي بمرض الاستسقاء بالمهدية في منسلخ العام، وقيل: في مستهل سنة تسعٍ.

253 -

‌ ثابت بن منصور الكيلي

، أبو العز من كيل العراق.

سمع الكثير ونسخ، وعني بالحديث، سمع: رزق الله التميمي، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن إسحاق الباقرحي.

قال ابن ناصر: هو صحيح السماع ما يعرف شيئًا، توفي في ذي الحجة.

وقال غيره: كان يحفظ ويدري.

وقال ابن النجار: خرج في فنون، وكان صدوقًا، روى لنا عنه: مظفر بن علي الخياط، وست الكتبة بنت يحيى الهمذاني، وروى عنه: السلفي وقال: كان فقيهًا على مذهب أحمد، كتب كثيرًا معنا وقبلنا، وكان ثقة زعر الأخلاق.

254 -

‌ الحسن بن أحمد بن محمد بن جكينا

، أبو محمد الحريمي الشاعر المشهور.

صاحب الرشاقة، والحلاوة، والظرافة في شعره، وكان هجاءً، غواصًا على المعاني، ويلقب بالبرغوث، وهو القائل:

ولائمٌ لام في التحالي يوم استباحوا دم الحسين فقلت: دعني أحقّ عضو ألبسه بالسواد عيني مات في ربيع الأول، ترجمه ابن النجار.

ص: 472

255 -

‌ الحسن بن إبراهيم بن برهون

، أبو علي الفارقيُّ الفقيه الشَّافعيُّ العلاَّمة.

ولد بميَّافارقين سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وتفقه بها على أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني تلميذ المحاملي الفقيه، ثم رحل إلى الشَّيخ أبي إسحاق فأخذ عنه حتى برع في الفقه وحفظ المُهَذَّب وتفقه أيضاً على ابن الصَّباغ وحفظ عليه كتاب الشَّامل.

قال ابن السَّمعاني: كان إماماً زاهداً ورعاً قائماًَ بالحق، سمعت عمر بن الحسن الهمذاني الزَّاهد يقول: كان أبو علي الفارقي يقول لنا إذا حضرنا الدَّرْس: كررت البارحة الرُّبع الفلاني من المُهَذَّب كرَّرْتُ البارحة الرُّبع الفلاني من الشَّامل. وقد سمع الحديث من أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الغنائم ابن المأمون، وأبي إسحاق الشِّيرازي، وولي قضاء واسط، وسكنها إلى حين وفاته، ومتَّعه الله بحواسه وقد ورد أنه قال: نزلت ببغداد في خان حذاء مسجد أبي إسحاق بباب المراتب، وكان يسكنه أصحاب الشَّيخ ومَنْ يتفقه عليه فإذا كثرنا كنا حوالي العشرين وكان الشَّيخ أبو إسحاق يذكر التَّعليقة في أربع سنين فيصير الفقيه في هذه الأربع سنين فقيهاً مستغنياً عن الجلوس بين يدي أحد وكان يذكر دُرُوساً بالغداة ودروساً بالعشي، وقصدته في سنة ستٍّ وخمسين. فلمَّا كان سنة ستين عزمت وعبرت إلى الجانب الغربي إلى الشَّيخ أبي نصر ابن الصَّباغ فقرأت عليه الشَّامل قال: ثم عُدْت إلى أبي إسحاق فلازمته إلى حين وفاته.

روى عنه الصَّائن ابن عساكر، وأبو سعد بن أبي عصرون وعليه تفقه. توفي في المحرم بواسط وله خمس وتسعون سنة. استوفاه ابن النَّجار، وقال: ولي قضاء واسط سنة خمس وثمانين، وعُزِلَ سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، ولازم الإفادة بواسط، وكان ورعاً، مهيباً، لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم روى عنه من أهل واسط طائفة وكان معدوداً في الأذكياء.

ص: 473

256 -

‌ الحسن بن مسعود ابن الفرَّاء

، أبو عليّ البغويُّ، أخو محيي السُّنة أبي محمد.

إمام فاضل نظيف. تفقه على أخيه، وسمع من أبي بكر أحمد بن خلف الشِّيرازي، ومُظَفَّر بن منصور الرَّازي.

ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر صفر بمرو الرُّوذ.

257 -

‌ الحسين بن أبي الذكر محمد بن عبد الله بن حسين

، القدوة، أبو عبد الله المصري، الجوهري، الزاهد، الناطق بالحكمة.

قال السلفي: قرأنا عليه، عن أبي إسحاق الحبال، وغيره، وكان حلو الوعظ، وتوفي في جمادى الأولى.

258 -

‌ الخفرة بنت مبشر بن فاتك

، الدمشقية الجديدية.

روت عن: محمد بن الحسين الطفال، وأبي طاهر محمد بن سعدون الموصلي، وغيرهما، روى عنها: أبو طاهر السلفي، وقال: توفيت في جمادى الأولى أيضًا.

قلت: هي آخر من حدث عن الطفال، وكان أبوها محمود الدولة من أمراء المصريين، صنف في الطب، والمنطق، وغير ذلك.

259 -

‌ سليمان بن محمد بن عبد الله

، أبو الحسين السَّبئيُّ المالقيُّ النَّحويُّ، المعروف بابن الطراوة.

أخذ عن أبي الحجَّاج الأعلم، والأديب أبي بكر المرشاني، وأبي مروان بن سراج، حمل عنهم كتاب سيبويه، وسماعه له من أبي الحجَّاج بقراءة أبيه في سنة خمس وستين. ولازم أبا الحجاج مدّةً وتجوَّل في بلاد الأندلس يُعَلِّم العربية. وكان عالم الأندلس في زمانه بالنَّحو، وله كتاب المقدمات على كتاب سيبويه، وله شعر جيِّد، وعنه أخذ أئمة العربية بالأندلس.

ص: 474

ذكره ابن الأبَّار، وقال: توفي في رمضان.

260 -

‌ سهل بن جامع

، أبو منصور النَّيسابوريُّ الصُّوفي الخازن، سمع أبا سعد الكنجروذي، وأبا القاسم القُشيري، وتوفي بنيسابور في شوَّال.

261 -

عبد الله ابن العلامة أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشَّاشيُّ، أبو محمد.

ولد ببغداد سنة إحدى وثمانين. وسمع ابن طلحة النِّعالي وغيره، وتفقه على أبيه، وناظر وأفتى، ووعظ وكان فصيحاً، مفوَّهًا، مُنْشِئًا، توفي في المحرم.

ومن وعظه: أين القدود العالية والخُدود الوردية امتلأت بها العالية والوردية.

262 -

‌ عبد الله بن المبارك بن الحسن

، أبو محمد البغدادي المقرئ، ويعرف بابن نبال.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصمًا، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وتفقه على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي سعد البرداني، وباع ملكًا له واشترى كتاب الفنون وكتاب الفصول لابن عقيل، ووقفهما، وتوفي في جمادى الأولى.

263 -

‌ عبد الباقي بن محمد بن علي

، أبو منصور الأزجي الطبال.

صالح مقرئ، قرأ القراءات على عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، ويحيى بن أحمد السيبي، وحدث عن جماعة، وتوفي في سلخ السنة.

264 -

‌ عبد الخلاق بن عبد الواسع بن عبد الهادي

ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي، الأنصاري الهروي، أبو الفتوح ابن أبي رفاعة بن أبي عروبة.

ص: 475

كان حسن الأخلاق، حلو الشمائل، سمع محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وحدث ببغداد، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وتوفي في شعبان.

265 -

‌ عبد الرحمن بن محمد ابن العلامة أبي حاتم محمود بن الحسن الأنصاري

ُّ، أبو حامد القزوينيُّ.

كان إماماً مفتياً مناظراً، ورد خراسان ودخل إلى ما وراء النَّهر، وتفقه بتلك الدِّيار، وسمع أباه أبا الفرج صاحب المجلس المشهور الذي استملاه منه السِّلفي، وأبا القاسم بن الفضل بن أحمد البصري، وأبا شاكر أحمد بن محمد العثماني المكي، وتوفي بآمل في ذي القعدة كهلاً.

266 -

‌ عبد الصمد بن حمُّويه بن محمد بن حمُّويه

، أبو سعد الجُوينيُّ، أخو محمد.

إمام زاهد عابد قانت، كان وقته مستغرقاً بالعبادة والذِّكر، وكان أخوه مع جلالته يُقَدِّمه على نفسه، وعلى الحقيقة كان هو وأخوه من مفاخر خراسان، قاله ابن السَّمعاني.

سمع بنيسابور موسى بن عمران، وورد بغداد حاجًّا مع أخيه وحدَّث بها، حدَّثني عنه جماعة، وتوفي في ربيع الآخر.

قلت: روى عنه أبو أحمد بن سُكينة.

267 -

‌ عبد الماجد بن عبد الواحد ابن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القُشيريُّ

، أبو المحاسن النَّيسابوريُّ، خطيب نيسابور.

حدَّث عن جده، وأحمد بن الحسن الأزهري. روى عنه عبد الوهَّاب الأنماطي، وغيره.

قال ابنه عبد الواحد: توفي أبي في الحادي والعشرين من رمضان.

268 -

‌ عبد الملك بن أحمد بن محمد بن المُعَافى

، أبو القاسم القزوينيُّ الفقيه.

ص: 476

سافر وتفرَّج، وسمع رزق الله التَّميمي، والفقيه نصراً المقدسي، وسُمِعَ أنَّه ادَّعى السَّماع من كريمة المروزية، وبقي إلى سنة ثمان وعشرين.

269 -

‌ عبد الواحد بن شنيف

، أبو الفرج البغدادي.

تفقه على أبي علي البرداني، وكان مفتيا، مناظرًا، مجودًا، له مال ورياسة.

توفي في شعبان.

270 -

‌ علي بن أحمد بن خلف

، أبو الحسن ابن الباذش، الأنصاريُّ الغرناطيُّ النَّحويُّ.

روى عن أبي علي الغسَّاني فأكثر، وعن محمد بن هشام المُصْحَفِي، وأبي جعفر بن رزق، وأبي داود المقرئ، ومحمد بن سابق الصِّقلِّي، وجماعة.

وكان مقرئاً حاذقاً مجوِّدًا عارفاً باللغة محدِّثاً، له معرفة بالأسماء، وفيه دين وخير، كتب عنه الناس كثيراً. وتوفي في المحرم وله أربع وثمانون سنة.

ترجمه ابن بشكوال، وقال: أخذ – يعني القراءات – عن أبي داود، وأبي الأصبغ بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي بكر المرادي، وكان من أهل المعرفة بالآداب واللُّغات والتَّقدُّم في علم القراءات، وله مشاركة في الحديث ومعرفة رجاله مع الدِّين والفضل والإتقان. سمع الناس منه كثيراً وأجاز لنا، ومولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة.

قلت: هو الإمام أبو الحسن ابن الباذش والد أبي جعفر ابن الباذش.

271 -

‌ علي بن أحمد بن علي

، العلامة أبو الحسن السجزي، ثم البلخي، الفقيه المعروف بالإسلامي، مقدم أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، ببلخ.

عمر دهرًا، وروى الكثير، وكان زاهدًا، حسن السيرة.

روى عنه بالإجازة: السمعاني، وقال: سمع: منصور بن إسحاق

ص: 477

الحافظ، والوخشي، والعيار، فمن ذلك صحيح البخاري، سمعه من منصور بن إسحاق، عن إسماعيل الكشاني، ويرويه أيضًا عن أبي عثمان العيار، وسمع سنن أبي داود من الوخشي، مات في سلخ ربيع الآخر، وقيل: ليلة نصف ذي الحجة.

272 -

‌ علي بن عطية الله بن مطرق

، أبو الحسن اللخمي، البلنسي، الشاعر المشهور بابن الزقاق.

أخذ عن أبي محمد البطليوسي، وبرع في الآداب، وتقدم في صناعة الشعر، وامتدح الكبار، واشتهر اسمه، ودون شعره، ولم يبلغ الأربعين.

سمع منه: الحافظ أبو بكر بن رزق الله.

273 -

‌ محمد بن أحمد بن علي

، أبو بكر القطان البغدادي، ويعرف بابن الحلاج.

حدث عن: أبي الغنائم بن أبي عثمان.

قال ابن الجوزي: كان خيرًا، زاهدًا، كثير العبادة، دائم التلاوة، حسن الأخلاق، كان الناس يتبركون به، وكنت أزوره.

وقال غيره: سمع من: مالك البانياسي، وقرأ على أبي طاهر بن سوار.

روى عنه: الحافظان ابن عساكر، وأبو موسى المديني.

274 -

‌ محمد بن إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلويُّ الهرويُّ

، أبو عبد الله.

شيخ جليل معمَّر، سمع منه أهل هراة كتاب التَّوحيد لابن خزيمة في هذا العام.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، قال: أخبرنا عبد المُعز بن محمد كتابة، قال: أخبرنا شمس الدين محمد بن إسماعيل العلوي في شعبان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن الواعظ كتابة، قال: أخبرنا محمد بن الفضل ابن إمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال:

ص: 478

أخبرنا جدي، قال: حدثنا الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي، قال: حدثنا عاصم بن هلال البارقي، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إنَّ الله ليس بأعور وإن مسيح الدَّجَّال أعور عيْن اليُمْنى كأنها عنبة طافية.

275 -

‌ محمد بن حبيب بن عبد الله بن مسعود

، أبو عامر الأموي الشاطبي.

روى عن: طاهر بن مفوز، وأبي داود المقرئ، ويوسف بن عديس.

قال ابن بشكوال: أجاز لنا، وسمع منه أصحابنا ووصفوه بالجلالة والفضل والديانة، توفي بشاطبة.

276 -

‌ محمد بن سعيد بن مسعود

، الإمام أبو الفضل المروزي، الزاهد، المسعودي، الواعظ.

قال السمعاني: كان حسن الموعظة والنصح، سريع الدمعة، كان السلطان سنجر يزوره، سمع من جماعة، وحدث، مولده في سنة إحدى وخمسين، ومات في جمادى الأولى.

277 -

‌ محمد بن عبد الله بن أحمد

، الإمام أبو نصر الأرغياني الفقيه الشافعي.

ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وسمع من أبي سهل الحفصي، وأبي الحسن الواحدي، وأبي بكر بن خلف، وأبي المعالي إمام الحرمين، وعليه تفقه.

وبرع في المذهب وصنف ودرس وأفتى، وكان إماما ورعا مشهورا بالعبادة والنسك، وتوفي بنيسابور في ذي القعدة، ذكره ابن خلكان وغيره.

ص: 479

وروى عنه وفاء ابن البهي التركي.

278 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن زغيبة

، أبو عبد الله الكلابي الأندلسي المريي.

ولد سنة خمسين وأربعمائة، وروى عن: أبي العباس العذري، والقاضي أبي عبد الله ابن المرابط، وعبد الجبار بن أبي قحافة، وأبي علي الغساني، وجماعة.

وكان ذاكرًا للمسائل، عارفًا بالنوازل، حاذقًا بالفتوى، قاله ابن بشكوال، وقال: أجاز لنا، وتوفي في ذي الحجة.

أخبرنا محمد بن جابر، قال: أخبرنا أحمد بن الغماز، قال: أخبرنا أبو الربيع بن سالم، قال: أخبرنا أبو محمد بن عبيد الله، قال: أخبرنا ابن زغيبة قراءةً، عن أحمد بن عمر العذري، عن أحمد بن الحسن الرازي، قال: أخبرنا ابن عمرويه، قال: أخبرنا ابن سفيان، قال: حدثنا مسلم، قال: قال ابن قعنب: قال: حدثنا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت.

279 -

‌ محمد بن علي بن عبد الواحد

، أبو رشيد الآملي.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين، وحج، وجاور، وكان زاهدًا متبتلًا، مشتغلًا بنفسه، قيل: إنه فارق أصحابه من المركب، وأقام في جزيرة يتعبد، ثم رجع إلى آمل، وتوفي في جمادى الأولى.

280 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد

، أبو الفضل ابن أخي عبيد، القشيري النيسابوري.

شيخ صالح من بيت عدالة، سمع أباه، وأبا القاسم القشيري، وأبا صالح المؤذن، روى عنه جماعة، وتوفي في ذي الحجة.

ص: 480

281 -

‌ معالي بن هبة الله بن الحسن ابن الحبوبي

، أبو المجد الدمشقي، البزاز.

سمع: أبا القاسم المصيصي، ونصرا المقدسي، وسهل بن بشر، روى عنه: ابن عساكر ووثقه، ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر.

توفي في سلخ رمضان، ويروي عنه ابن الحرستاني.

282 -

‌ هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله

، أبو القاسم الواسطيُّ ثم البغداديُّ الشُّروطيُّ.

ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وسمع أبا بكر الخطيب، وابن المسلمة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وابن المُهْتَدِي بالله، ونحوهم.

قال ابن السَّمعاني: شيخ، ثقة، صالح، مكثر من الحديث، سمع ونسخ وحصَّل الأصول، وحدَّثنا عنه جماعة وسمعتهم يثنون عليه ويصفونه بالفضل والعلم والإكبار والاشتغال بما يعنيه.

قلت: روى عنه ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو حفص بن طبرزد، وآخرون. توفي في ثالث عشر ذي الحجَّة.

283 -

‌ يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل

، أبو طاهر الضَّبِّيُّ المحامليُّ البغداديُّ الشافعيُّ.

كان بارعاً في المذهب، وله مصنَّف في الفقه، جاور بمكة، وكان يوافي بغداد ويرجع، وكان سديد الأمر كثير العبادة. سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن النَّقُّور. روى عنه جماعة منهم أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الدمشقي. توفي بمكة في جُمادى الآخرة.

ص: 481

سنة تسع وعشرين وخمسمائة

284 -

‌ أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب

، الفقيه أبو الطيب المقدسي، الواعظ، إمام جامع الرافقة.

سمع من: نصر المقدسي، والحسين بن علي الطبري، وله ديوان شعر.

وكان مستورًا، فقيرًا، معيلًا، سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر في هذا العام بالرافقة، وهي الرقة الجديدة.

وله:

يا واقفًا بين الفرات ودجلة عطشان يطلب شربةً من ماء إن البلاد كثيرةٌ أنهارها وسحابها فكثيرة الأنواء أرضٌ بأرضٍ والذي خلق الورى قد قسم الأرزاق في الأحياء وله:

يا ناظري ناظري وقف على السهر ويا فؤادي فؤادي منك في ضرر ويا حياتي حياتي غير طيبةٍ وهل تطيب بفقد السمع والبصر ويا سروري سروري قد ذهبت به وإن تبقى قليلٌ فهو في الأثر والعين بعدك يا عيني مدامعها تسقي مغانيك ما يغني عن المطر وله:

من لصبٍ نازح الدار نهب أشواقٍ وأفكار مستهام القلب محترقٍ بهوىً أذكى من النار فنيت بالبعد أدمعه فهو يبكي بالدم الجاري فإلى من أشتكي زمنًا عالني في حكمه الجاري صرت أرضى بعد رؤيتكم بخيالٍ أو بأخبار

285 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين

، أبو المظفر ابن العلامة أبي بكر الشاشي.

تفقه على والده، وتوفي شابا ببغداد، روى عن النعالي، وعنه ابن عساكر.

ص: 482

286 -

‌ إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسين

، الشريف، أبو إسحاق الحسيني، الكلثمي، النقيب بالديار المصرية.

روى لنا عن: عبد العزيز ابن الضراب، وأبي إسحاق الحبال، وعبيد الله بن أبي مطر الإسكندراني، قاله السلفي، وقال: توفي في جمادى الآخرة وله خمسٌ وتسعون سنة.

287 -

‌ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن صدقة

، ابن الغزالي، أبو إسحاق المصريُّ. ورَّحه ابن المُفَضَّل.

288 -

‌ إسماعيل بن بوري بن طغتكين

، السُّلطان شمس الملوك أبو الفتح ابن تاج الملوك.

ولي دمشق بعد أبيه في رجب سنة ست وعشرين، وكان شهماً مهيباً مقداماً، استردَّ بانياس من أيدي الفرنج في يومين وكان قد سلَّمها إليهم الإسماعيلية، وأسْعَرَ بلاد الكفَّار بالغارات، وركب في سنة ست وعشرين فافتتح حصن اللَّبوة وحصن الرأس، وكانا لأبيه فتغلَّب عليهما أخوه صاحب بعلبك، فلم يسكت له وأخذهما ونازل بعلبك فحاصرها وزحف عليها مرَّات، فملك البلد بعد مشقة، وصفح عن أخيه وأبقى عليه بعلبك.

ثم إنَّه سار إلى حماة، وهي للأتابك زنكي، فأخذها لمَّا سمع أنَّ المسترشد بالله يحاصر زنكي بالموصل ثم سار إلى شقيف بيروت فملكه، وألهب كبُود الفرنج وفعل بهم الأفاعيل. لكنه مدَّ يده إلى أخذ الأموال ومصادرة الدَّواوين. ثم إنه كتب إلى قسيم الدَّولة زنكي أبي نور الدِّين يستدعيه ليسلِّم إليه دمشق فخافته الأمراء وأمُّه زمرُّد، فرتَّبت له مَنْ قتله في قلعة دمشق، وذلك في ربيع الآخر، وقيل: في ربيع الأول، لأنَّه تهدَّدها بالقتل لمَّا نصحته، وكان قد تسودن وأسرف في أذية المسلمين.

ص: 483

ولما تخيَّل من سائر دولته شرع ينقل حواصله إلى قلعة صرخد، وكاتب الأتابك زنكي ليسلِّم إليه دمشق، ففتكوا به في دهليز قلعة دمشق.

قال أبو يعلى حمزة في تاريخه: بالغ شمس الملوك في الظُّلم والمصادرة، واستخدم على ذلك بدران الكُردي الملقَّب بالكافر، فعاقب النَّاس بفنون قبيحة اخترعها، ثم كاتب شمس الملوك الأتابك زنكي حين عرف اعتزامه على قصد دمشق لينازلها ويحاصرها، فبعث يحثه على السُّرعة ليسلِّمْهَا إليه ويمكِّنه من الانتقام من مقدَّمها لأمر تصوَّره وهذيان تخيَّله، وتابع الكتب إليه يحثُه على المجيء بحيث يقول: إن أهملت هذا أُحوج إلى استدعاء الفرنج وتسليم دمشق إليهم، وكان إثم دم أهلها في عنقك. وكتب ذلك بيده، وشرع في نقل خزائنه إلى قلعة صرخد، فظهر أمره للنَّاس فأشفقوا من الهلاك خاصَّتهم وعامَّتهم، وأنهوا الأمر إلى زُمُرُّد الملقَّبة صفوة المُلْك، فحملها دينها وعقلها على النَّظر بما يحسم الدَّاء فلم تجد بدًّا من هلاكه، وأُشير عليها بذلك لمَّا آيسوا من خيره، فسُرَّ الأمراء والخاصة بمصرعه، وكثر الدُّعاء لها.

وكان مولده في جمادى الآخرة سنة ست وخمسمائة، وقبل مقتله بيوم كان بدران الكافر قد أرسل الله عليه آفةً أخذت بلسانه فربا لسانه حتى ملأ فمه وهلك واختنق، فكان آية سماوية.

قلت: وعظُم شأن صفوة المُلْك زمرُّد خاتون، وخضعت لها النُّفوس، ثم رتَّبت أخاه محمود بن بوري في السَّلطنة، وكانت تُدبِّر مُلْكه إلى أن تزوَّج بها قسيم الدولة المذكور وأخذها إلى حلب، وقام بتدبير ابنها محمود الأمير معين الدِّين أُنر الطُّغتكيني إلى أن قتله جماعة من مماليكه في سنة ثلاث وثلاثين، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن بوري صاحب بعلبك.

289 -

‌ إسماعيل بن عبد الملك بن علي

ّ، أبو القاسم الطُّوسيُّ الحاكميُّ الفقيه، تلميذ إمام الحرمين.

كان ورعاً خيِّرًا خبيرًا بالمذهبن سافر إلى العراق والشَّام مع الغزَّالي،

ص: 484

وكان أسنَّ من الغزَّالي، وسمع أبا صالح المؤذِّن، وأحمد بن الحسن الأزهري وغيرهما، وحدَّث.

وهو مدفون إلى جانب الغزَّالي، وكان كبير الشأن.

290 -

‌ أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت

.

قال السلفي: توفي في أول سنة تسعٍ وعشرين، وقد تقدم في سنة ثمانٍ.

291 -

‌ بشير بن عبد الله

، أبو يحيى الهنديُّ، عتيق المُظفَّر ابن رئيس الرؤساء.

حدًّث عن رزق الله التَّميمي. وعنه أبو القاسم الحافظ.

292 -

‌ بشير بن مُبَشِّر بن فاتك

، أبو الرَّجاء المصريُّ، أخو الخفرة.

قال السِّلفي: قرأنا عليه عن أبي طاهر بن سعدون الموصلي، ووُجِدَ سماعه من ابن الطَّفَّال، وكان من سروات الرِّجال. توفي في شوَّال؛ ذكره في أثناء حرف العين من مُعْجَم السَّفر بلا رواية.

293 -

‌ ثابت بن منصور

، أبو العز الكيليُّ.

كتب الكثير، وحدَّث عن عاصم بن الحسن ورزق الله، ووقف كُتُبه.

قيل: توفي في هذه السَّنَة.

294 -

‌ الحسن ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد ابن المستنصر العبيدي

، المصري.

استوزره أبوه وجعله ولي عهده في سنة ستٍ وعشرين، فظلم وعسف وسفك الدماء، وقتل أعوان أبي علي الوزير الذي قبله، حتى قيل: إنه قتل في ليلةٍ أربعين أميرًا، فخافه أبوه، وجهز لحربه جماعةً، فحاربهم، واختبطت

ص: 485

الأمور، ثم دس أبوه من سقاه السم، فهلك في هذه السنة، ولكنه كان يميل إلى أهل السنة.

295 -

‌ الحسن بن مسعود

، المفتي الإمام أبو عليّ البغويُّ ابن الفرَّاء، أخو محيي السُّنة، من أهل مرو الرُّوذ.

تفقه بأخيه، وحفظ المذهب. سمع أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم عبد الرحمن الواحدي وخلقًا.

ولد سنة ثمان وخمسين، وتوفي في شهر صفر، أرَّخه السَّمعاني.

296 -

‌ الحسين بن المبارك بن أحمد الأنماطي

، أخو الحافظ عبد الوهاب.

حدث عن: أبي نصر الزينبي، توفي في جمادى الأولى.

297 -

‌ خُداداذ بن سلامة

، أبو محمد الحدَّاد، نقَّاش المبارد.

روى عن أبي نصر الزَّينبي، وغيره. توفي في نصف رمضان ببغداد.

298 -

‌ دُبَيْس بن صدقة بن منصور بن دُبَيْس بن علي بن مَزْيَد

، الأمير نور الدَّولة أبو الأغرِّ، ملك العرب ابن الأمير سيف الدَّولة أبي الحسن، صاحب الحلَّة الأسديُّ النَّاشريُّ.

كان فاضلاً أديباً جواداً ممدَّحاً نبيلاً، قلَّ مَنْ أنجب مثله من أمراء العرب، وقد ترامت به الأسفار إلى أكناف الأمصار، ودخل خراسان، وجال في أطرافها في ظل السُّلطان سَنْجَر، واستولى على كثير من بلاد العراق، وعظُم شأنه، وجرت بينه وبين المسترشد بالله أمور أفضت إلى الحروب، وقُتِلَ بينهما جماعة كبيرة ثم هرب من الحلَّة واتَّصل بصاحب ماردين نجم الدِّين بن أرتق، وصاهره، وصار إلى الشام، والشام إذ ذاك مستضعفة مع الفرنج، فجاء إلى حلب ثم ردَّ إلى العراق، وجرت له هناة فانهزم إلى خراسان فأكرمه سنجر وعظَّمه، ثم كتب المسترشد بالله إلى سنجر فاعتقله بمرو الرُّوذ، ثم أطلقه فلحق بالسُّلطان مسعود بن محمد، فقتله غدراً وهو في خدمته بمراغة في ذي الحجَّة،

ص: 486

فأراح البلاد والعباد منه، فلقد بيَّت الناس بليال صعبة ونهب المسلمين، وفعل العظائم، كما تراه في الحوادث.

وقد كتب الأمير بدران بن صدقة إلى إخوته:

ألا قُل لمنصور وقل لمسيب وقل لدُبَيْس إنني لغريب هنيئاً لكم ماء الفرات وطيبه إذا لم يكن لي في الفرات نصيب فأجابه دُبَيْس:

ألا قل لبدران الذي حنَّ نازعاً إلى أرضه والحرُّ ليس يخيبُ تمتَّع بأيام السُّرور فإنَّما عذار الأماني بالهموم يشيب ولله في تلك الحوادث حكمة وللأرض من كأس الكرام نصيب وقد انهزم من العراق إلى الشَّام وكاد أن يهلك في خواص من غلمانه، وكان قصده مُري بن ربيعة أمير عرب الشَّام، فهلك في البرِّيَّة خلق من أتباعه بالعطش، وحصل في حلَّة مكتوم بن حسَّان فبادر إلى تاج الملوك فأخبره، فبعث خيلاً نحوه، فأحضروه إلى قلعة دمشق في شعبان سنة خمس وعشرين فاعتقله على غاية من الإكرام، وكاتب المسترشد بذلك فجاء الجواب بأن يحتفظ به حتى يجيء من عندنا مَنْ يستلَّمَهُ.

وعرَف الأتابك زنكي صاحب الموصل وحلب بذلك، فبعث بطلبه ليطلق سونج ولد تاج الملوك من أَسْره ومَنْ معه من الأمراء، فتقرر الشَّرْط، وبعث أولئك وتسلَّم أصحابه دُبَيْسًا بناحية قارا في ذي القعدة، وقد مرَّ بعض ذلك في الحوادث. وكان دُبَيْس شيعيًّا كجدِّه دُبَيْس بن علي، ولجدِّه وقد أحسن، وإن كان شيعيًّا:

حبُّ عليِّ بن أبي طالب للنَّاس مقياس ومعيار يُخرج ما في أصلهم مثل ما تخرِجُ غِشَّ الذَّهب النار ومات جدُّهم دُبَيْس أبو الأغرِّ في شوَّال سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وله ثمانون سنة.

ص: 487

وقال ابن خلِّكان: كان دُبَيْس في خدمة السُّلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه وهم بظاهر مراغة، ومعهم المسترشد بالله، فيُقال: إنَّ السُّلطان دسَّ عليه جماعة من الباطنية فهجموا عليه وقتلوه في ثامن وعشرين ذي القعدة، يعني المسترشد، ثم خاف مسعود، فأراد أن ينسب قتله إلى دُبَيْس، فتركه حتى جاء إلى الخدمة، فجهَّز له مَنْ ضربه بالسَّيف من ورائه طيَّر رأسه، وأظهر أنه إنما فعل ذلك أخذاً بثأر الخليفة منه، وذلك في آخر السنة، وكان دُبَيْس ينهَبُ القُرَى ويُغير على المسلمين فانتقم الله منه.

299 -

‌ طغرل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي

، أحد الملوك السلجوقية.

توفي بهمذان في أول السنة، وهو أخو السلطان محمود والسلطان مسعود.

300 -

‌ ظافر بن القاسم بن منصور بن خلف

، أبو منصور الجُذاميُّ الإسكندريُّ الحدَّادُ الشَّاعر، صاحب الدِّيوان المشهور.

كان من فحول الشُّعراء بالدِّيار المصريَّة، أخذ عنه السِّلفي. وغيره، توفي بمصر في المحرَّم، وله:

لو كان بالصَّبْر الجميل ملاذُه ما سحَّ وابل دمعه ورذاذُه ما زال جيش الحبِّ يغزو قلبه حتى وهى وتقطعَّت أفلاذُهُ مَنْ كان يرغب في السَّلامة فليكن أبداً من الحدق المراض عياذُهُ لا تخدعنَّك بالفتور فإنه نظر يضر بقلبك استلذاذه يا أيها الرَّشأ الذي من طرفه سهم إلى حبِّ القلوب نفاذه رفقاً بجسمك لا يذوب فإنني أخشى بأن يجفو عليه لاذُهُ تالله ما علقت محاسنُك امرأً إلاَّ وعزَّ على الورى استنقاذُهُ وله، وأجاد:

يذمُّ المُحِبُّون الرَّقيب وليت لي من الوصل ما يُخْشَى عليه رقيب

ص: 488

وقال أبو عبد الله محمد بن الحسين الآمدي نائب الحُكْم بالإسكندرية: دخلتُ على الأمير ابن ظَفَر أيام ولايته الثَّغر فوجدت خنصره وارماً من خاتم، فقلت: المصلحة قطع الخاتم، فقال: مَنْ يصلح لذلك؟ فطلبت له ظافراً الحدَّاد، فقطع الحلقة وقال:

قصَّر عن أوصافك العالمُ وكَثُرَ النَّاثر والنَّاظم من يكن البحرُ له راحةً يضيق عن خِنْصره الخاتم فأعجب الأمير ووهبَه الحلقة، وكانت من ذهبٍ، وكان بين يديه غزال قد ربض إليه، فقال بديهاً:

عجبت لجرأة هذا الغزال وأمرٍِ تخطَّى له واعتمد وأعجب به إذ بدا جاثما وكيف اطمأنَّ وأنت الأسد

301 -

‌ عبدُ الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر

، الحافظ أبو الحسن الفارسيُّ ثم النَّيسابوريُّ.

مصنِّف السِّياق لتاريخ نيسابور، ومصنِّف كتاب مجمع الغرائب في غريب الحديث، ومصنِّف كتاب المفهم لشرح مسلم.

كان إماماً حافظاً محدِّثاً، لغويًّا، أديباً كاملاً، فصيحاً مفوًّها، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وسمع من جدِّه لأمِّه أبي القاسم القُشَيْري، وأحمد بن منصور المغربي، وأحمد بن عبد الرحيم بن أحمد الإسماعيلي، وأحمد بن الحسن الأزهري، وأبي القاسم الفضل بن المُحِبِّ، وأبي نَصْر عبد الرحمن بن عليّ التَّاجر، وأبي الفضل محمد بن عُبَيْد الله الصَّرَّام، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبي بكر بن خلف، وجدَّته فاطمة بنت الدَّقاق. وخلق كثير، وأجاز له المقرئ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطَّبري النَّيسابوري، وأبو سَعد محمد بن عبد الرَّحمن الكَنْجَروذي، وأبو محمد الجَوهري مسند بغداد، وآخرون. وتفقه بإمام الحرمين، ولزمه مدَّة أربع سنين؟ ورحل إلى خُوارزم، وإلى غزنة، والهند، ولقي العلماء، ثم رجع إلى نيسابور، وولي خطابتها، وعاش ثمانياً وسبعين سنة.

ص: 489

روى عنه بالإجازة أبو القاسم ابن عساكر، وبالسماع جماعة، منهم أبو سعد عبد الله بن عُمر الصَّفَّار.

302 -

‌ عبيد الله بن مسعود بن عبد العزيز

، أبو البقاء الرَّازيُّ ثم البغداديُّ.

سمع أبا الحسين بن المُهْتَدي بالله، وابن هزارمرد الصَّريفيني.

قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه جماعة، ولي عنه إجازة، وكان حيًّا في سنة تسع وعشرين.

303 -

‌ عليّ بن إبراهيم بن الحُسين بن حاتم بن صَوْلة

، أبو الحَسَن البَغْدَاديُّ ثم المِصْريُّ النَّحَّاس.

من أولاد المحدِّثين، روى عن أبيه، وأبي الفضل الجوهري، وأبي إسحاق الحبَّال، وأجاز له الحافظ أبو بكر الخطيب. روى عنه أبو طاهر السِّلفي، وقال: أبوه بغدادي. توفي في ذي القعدة، وولد في سنة خمسين.

304 -

‌ عليّ بن سعادة

، أبو الحسن الجُهَنيُّ الموصليُّ السَّرَّاج.

أحد علماء الموصل، ذكره ابن السَّمعاني، فقال: إمام ورع، عامل بعلمه، تفقه على أبي حفص الباغوساني إمام الجزيرة، وارتحل إلى بغداد، وسمع من أبي نصر الزَّينبي، وعلَّق التعليقة عن أبي حامد الغزَّالي. حدَّثنا عنه عبد الكريم بن أحمد، ومافنَّة بن فناخسرو الأصبهاني، وتوفي بالموصل ودُفن بجنب المُعافى بن عمران.

305 -

‌ عليّ بن محمد بن سلامة

، أبو الحسن الرَّوحائيُّ المقرئ، ورَوْحا: قرية من قُرى رحبة مالك بن طَوْق.

سمع رزق الله التَّميمي، وأبا الحسن الخلعي، وجال في طلب الحديث والقراءات ثم سكن مصر.

قال السِّلفي: كان موصوفاً بحسن القراءة، وجوْدة المعرفة بوجوه

ص: 490

القراءات، وسمع بقراءتي على أبي صادق مرشد، وانتقيتُ من أجزائه، وتوفي في شوال.

306 -

‌ عُمر بن محمد بن عليّ

، الإمام أبو حفص الشِّيرزيُّ السَّرْخسيُّ، وشِيْرَز: قرية كبيرة من أعمال سرخس.

ذكره ابن السَّمعاني في الأنساب، وقال: هو أستاذنا وشيخنا، كان على سيرة السَّلف من التوَّاضع وتَرْك التَّكلُّف. وكان إماماً محققاً، كثير التَّصانيف في الخلاف والنَّظر، كثير التِّلاوة. تفقَّه على جدِّي أبي المُظفَّر، وكان من أعيان أصحابه، وعلى أبي حامد الشُّجاعي. وسمع أبا عليّ الوخشي، وأبا الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي، ومحمد بن عبد الملك المُظَفَّري، ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري. سمعت منه سنن أبي داود، وعلَّقتُ عنه من الفقه، وتوفي رحمه الله في أول رمضان.

307 -

‌ الفضل أمير المؤمنين المُسْتَرْشد بالله

، أبو منصور ابن المُسْتَظْهِر بالله أحمد ابن المُقْتَدي بالله عبد الله بن محمد الهاشميُّ العباسيُّ.

استُخْلِف في العشرين من ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة، وعمره سبع وعشرون سنة، لأنه وُلِدَ في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

وكان ذا همَّة عالية وشهامة زائدة وإقدام، ورأي، وهيبة شديدة، ضبط أمور الخلافة ورتَّبها أحسن ترتيب، وأحيا رميم الخلافة ونشر عظامها، وشيَّد أركان الشَّريعة وطرَّز أكمامها، وباشر الحرُوب بنفسه، وخرج عدَّة نُوَب إلى الحِلَّة والموصل وطريق خراسان، إلى أن خرج النَّوبة الأخيرة وكُسِرَ جيشُه بقرب همذان، وأُخذ أسيراً إلى أذربيجان.

وقد سمع من أبي القاسم بن بيان، وعبد الوهَّاب بن هبة الله السِّيبي. وقرأ عليه محمد بن عمر بن مكِّي الأهوازي أحاديث في موكبه، وهو يسير من المدائن إلى الحلَّة، والأهوازي يقرأ ماشياً، وسمعها جماعة؛ قال ابن السمعاني ذلك، وقال: روى لنا عنه وزيره عليّ بن طراد، وإسماعيل بن طاهر الموصلي.

ص: 491

وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وأياماً، وكان مدَّة عمُره خمساً وأربعين سنة وأشهراً، وفتك به جماعة من الباطنية جهَّزهم السُّلطان مسعود، وهجموا عليه مخيمه بظاهر مراغة في سابع عشر ذي القعدة، وجاء الخبر إلى بغداد ليلة السادس والعشرين من الشهر رحمه الله تعالى. وكان مصرعه في سابع عشر الشهر.

وكانت الباطنية الذين هجموا عليه سبعة عشر نفساً، فقبض عليهم وقتلهم السُّلطان مسعود، وأظهر القلق والجزع وجلس للعزاء ووقع النِّياح والبكاء، وغُسِّل وكُفِّن ونُقِل إلى بغداد، وكان فيها من النِّياحة والبُكاء والضَّجيج ما يتجاوز الوصف، وله شعر، فمنه:

أنا الأشقرُ المدعوّ بي في الملاحم ومن يملكُ الدُّنيا بغير مزاحم ستبلغ أقصى الرُّوم خيلي وتنتَضي بأقصى بلاد الصِّين بيض صوارمي وكان سبب قتل مسعود له أنَّ السلطان سنجر بعث إليه يوبِّخه ويلومه على انتهاك حُرمة الخليفة ويأمره أن يرده إلى مقرِّ عزِّه وأن يحمل الغاشية بين يديه وأن يتذلَّل له بكل ممكن، ففعل ذلك وعمل في الباطن عليه فيما قيل. وقيل: بل الذي بعث الباطنية لقتله أيضاًَ سنجر، فالله أعلم.

وذكره ابنُ الصَّلاح في طبقات الشافعية، فقال: هو الذي صنَّف أبو بكر الشَّاشي كتاب العمدة في الفقه له، وبلقبه اشتُهِرَ الكتاب، فإنه حينئذ يُلَقَّب عمدة الدُّنيا والدِّين. قال: ورُوي أنه رأى في النَّوم في أسبوع موته كأن على يده حمامة فأتاه آتٍ، فقال له: خلاصك في هذا، فلمَّا أصبح قصَّ على ابن سُكَيْنَة الإمام رؤياه، فقال: يكون خيراً، فما أوَّلته يا أمير المؤمنين؟ قال: ببيت أبي تمَّام:

هُنَّ الحمام فإن كسرتَ عيافةً حاء الحَمام فإنَّهنَّ حِمام وخلاصي في حمامي، وليت من يأتي يُخلِّصني من ما أنا فيه من الذُلِّ والحَبْسِن فقُتِلَ بعد أيامٍ رحمه الله.

ص: 492

308 -

‌ محمد بن أحمد بن خلَف بن إبراهيم بن لب

، أبو عبد الله ابن الحاج التُّجيبيُّ القُرطبيُّ، قاضي الجماعة بقرطبة.

تفقه على أبي جعفر أحمد بن رزق الله، وأخذ الآداب عن أبي مروان عبد الملك بن سِرَاج وأكثر الرواية عن أبي عليّ الغسَّاني، وسمع أيضاً من محمد بن فرج، وخلف بن مُدير، وخازم بن محمد، وأبي الحسن العبسي وأبي الحسن ابن الخشَّاب البغدادي.

قال ابن بشكوال: كان من جلَّة العلماء وكبارهم، معدوداً في المحدِّثين والأدباء، بصيراً بالفتوى، رأساً في الشُّورى، كانت الفتوى في وقته تدور عليه لمعرفته وثقته ودينه، وكان معتنياً بالحديث والآثار جامعاً لها مقيِّداًَ لما أُشْكِلَ من معانيها، ضابطاً لأسماء رجالها ورواتها، ذاكراً للغريب والأنساب واللُّغة والإعراب عالماً بمعاني الشِّعر والأخبار. قيَّد العلم عمره كله وما أعلم أحداً في وقته عُنِيَ بالعلم كعنايته. قرأت عليه وسمعت منه، وكان له مجلس بجامع قرطبة يُسْمِع النَّاس فيه. وتقلَّد القضاء مرَّتين. وكان في ذاته، ليِّنًا، صابراً، طاهراً، حليماً، متواضعاً، لم يحفظ له جور في قضية ولا ميل بهوادة، ولا إصغاء إلى عناية. وكان كثير الخُشُوع والذِّكر لله، ولم يزل يتولى القضاء إلى أن قُتِل ظُلْمًا بجامع قرطبة يوم الجمعة وهو ساجد في الرَّكعة الأولى لأربع بقين من صفر، وصلَّى عليه ابنه أبو القاسم، ودُفِنَ بمقبرة أم سلمة، ووُلِدَ في صفر سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.

قلت: روى عنه خلق كثير منهم أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن عميرة، وأحمد بن يوسف بن رُشد الورَّاق، وابنه أبو القاسم محمد ابن الحاج، وعبد الله بن مغيث بن يونس بن محمد القُّرطبي قاضي الجماعة، وعبد الله بن خلف الفهري الإشبيلي، وأبو بكر عبد الله بن طَلْحة المحاربي، وأبو الحسن عليّ بن عبد الله ابن النِّعمة البلنسي.

309 -

‌ محمد بن أحمد بن عليّ بن عبد الواحد البغداديُّ الدَّلاَّل

، أبو الفضل، المعروف بابن الأشقر.

روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعبد الصَّمَّد ابن المأمون، وأبي

ص: 493

الحسين ابن المُهْتَدي بالله. وتوفي في رجب، ومولده في سنة خمسين وأربعمائة. روى عنه يوسف بن أبي الغنائم الدَّبَّاس، وعزيزة بنت عليّ ابن الطَّرَّاح، وغيرهما.

310 -

‌ محمد بن إسماعيل بن عبد الملك

، الفقيه أبو القاسم الصدفي الإشبيلي.

روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وكان فقيهًا حافظا للمسائل، مفتيًا معظمًا ببلده، توفي في أول سنة تسع وعشرين.

311 -

‌ محمد بن أبي الخيار

، العلامة أبو عبد الله العبدري، القرطبي، صاحب التصانيف.

روى عن: أصبغ بن محمد، وأبي عبد الله بن حمدين، وتفقه بهما، وبالشهيد أبي عبد الله ابن الحاج.

ذكره ابن الأبار، فقال: كان من أهل الحفظ والاستبحار في علم الرأي، درس ونوظر عليه، وله تنابيه على المدونة، ورد على أبي عبد الله ابن الفخار، وصنف كتاب الشجاج، وكتاب أدب النكاح، ورأس قبل موته في النظر، فترك التقليد، وأخذ بالحديث، وبه تفقه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو خالد بن رفاعة، قال أبو القاسم ابن الشهيد بن الحاج: قرأت عليه المدونة تفقهًا وعرضًا، توفي إلى رحمة الله في عاشر ربيع الأول.

312 -

‌ محمد بن العباس بن أحمد بن محمد

، أبو بكر الشقاني.

شيخ صالح، سمع من أبي القاسم القشيري، وأحمد بن منصور المغربي، روى عنه أبو سعد السمعاني، وغيره.

313 -

‌ محمد بن علي بن محمد العربي

، أبو سعيد السمناني.

سمع: أبا القاسم القشيري، وكان من مريديه، حدث وأملى، وروى عنه جماعة.

ذكره ابن السمعاني، فقال: أحد المشهورين بالفضل والعلم والزهد،

ص: 494

وكان متحليًا بالأخلاق الزكية، رأيت الناس مجمعين على الثناء عليه، وتوفي قبل دخولي سمنان قبل سنة ثلاثين بسنة أو سنتين، رحمه الله.

314 -

‌ محمد بن محمد بن يوسف أبو نصر الفاشانيُّ المروزيُّ الفقيه

.

تفقه على الإمام أبي الفضل محمد بن عبد الرزاق الماخواني.

ذكره ابنُ السَّمعاني، فقال: إمام مفتٍ، أديب محدِّث، غزير الفضل، حسن السِّيرة، عفيف، ورع، حسن الأخلاق، كانت له يد باسطة في اللُّغة والأخبار. سمع جدي أبا المُظَفَّر السَّمعاني، وأبا الفضل الماخواني. وسمعت منه الكثير، وتوفي في سابع عشر المُحَرَّم، وله خمس وسبعون سنة، وروى أيضاً عن مصعب بن عبد الرزاق، ومحمد بن الحسن المِهْرَبَنْدَقْشاني.

وفاشان: بالفاء قرية من قرى مرو، ويقال: باشان، وأما باشان هراة فخرج منها علماء. ومِهْرَبَنْدَقْشَان، فقرية على بريد من مرو.

315 -

‌ المفضل بن عبد الله بن أبي الرجاء محمد بن علي بن أحمد بن جعفر

، أبو المعالي، التميمي، المعدل.

أصبهاني جليل، روى عن: أبي مسلم بن مهربزد صاحب ابن المقرئ، روى عنه: أبو موسى الحافظ، وقال: سألته عن مولده، فقال: سنة أربعٍ وخمسين، وتوفي في رجب.

316 -

‌ منصور بن محمد بن علي

، أبو المظفر الطالقاني، نزيل مرو.

قدمها وتفقه على الإمام أبي المظفر السمعاني.

قال أبو سعد السمعاني: كان منبسطًا في شبيبته، دخالًا في الأمور، ثم حسنت طريقته، وترك ما لا يعنيه، واشتغل بالعبادة، وأقبل على المطالعة، وحج وحدث ببغداد، وكان لسنًا فصيحًا، سمع: جدي، والفضل بن أحمد بن متويه الصوفي، وإسماعيل بن الحسين العلوي، وكتبت عنه، وسمع منه: أبو القاسم ابن عساكر ببغداد، توفي في رمضان بنواحي أبيورد.

ص: 495

317 -

‌ هبة الله بن محمد بن علي

ّ، أبو دُلَف المُقرئ الحَنْبليُّ.

سمع أبا نصر الزَّينبي، وأكثر عن الحُمَْيدي، وكتب الكثير. روى عنه ابن الخشَّاب، ومحمد بن عليّ الكاتب، مات في شوال.

318 -

‌ يحيى بن عبد الرحمن بن حُبَيْش بن عبد العزيز

، أبو البركات الفارقيُّ.

أحد المُعدَّلين ببغداد، ثقة، صالح، مكثر. سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة. وولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. روى عنه ابن عساكر، وأحمد بن يوسف بن خُشَيْش، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون، وتُوفي في سلخ رجب.

ص: 496

سنة ثلاثين وخمسمائة

319 -

‌ أحمد بن الحسن بن هبة الله

، أبو الفضل ابن العالمة، عرف بالإسكاف.

شيخ، صالح، مقرئ، إمام، مجود، فقير، قنوع، خير، حسن التلاوة، محدث، سمع الكثير من: أبي الحسين ابن النقور، وأبي محمد الصريفيني، وحدث، وتوفي في شوال.

وقد قرأ بالروايات على: أبي الوفاء ابن القواس، وتلقن على الزاهد أبي منصور الخياط، روى عنه: ابن الجوزي، وغيره.

وكان مولده في رمضان سنة تسعٍ وخمسين، ومن شيوخه في القراءات، عبد السيد بن عتاب، أقرأ بالروايات مدة.

320 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن موسى المقرئ

، أبو بكر الأصبهاني، الأديب، المؤدب.

روى عن: أبي الطيب بن شمة، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: كان والدي وأخي في مكتبه، وتوفي في سادس شوال.

وقال السمعاني في معجمه الملقب بالتحبير: يعرف بالزين المعلم، ومن مسموعاته: فضل رمضان لسلمة بن شبيب، سمعه من أحمد بن الفضل الباطرقاني، عن محمد بن أحمد بن الحسين، عن الفضل بن الخصيب، عنه، وكتاب الحجة في القراءات الثمان تأليف أبي الفضل الخزاعي، رواه عن الباطرقاني عنه.

321 -

‌ أحمد بن أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد

، أبو الرجاء الكسائي الأصبهاني المعدل القارئ.

قدم بغداد حاجا سنة إحدى عشرة، وحدث بها عن أبي القاسم النيسابوري.

أحسبه ابن عليك، توفي في ذي القعدة، روى عنه: أبو موسى المديني،

ص: 497

وقال: لم أر مثله في طريقته من الطراز الأول، روى عن: أبي الحسين ابن المهتدي بالله.

322 -

‌ إبراهيم بن الفضل

، أبو نصر الأصبهاني البأار المفيد.

قال ابن السمعاني: رحل، وسمع، ونسخ، وجمع، وما أظن أن أحدًا بعد محمد بن طاهر المقدسي رحل وطوف مثله، أو جمع كجمعه، إلا أن الإدبار لحقه في آخر الأمر، وكان يقف في أسواق أصبهان، ويروي من حفظه بالسند، وسمعت أنه يضع في الحال، سمع: أبا الحسين ابن النقور، وعبد الرحمن بن منده، وأخاه أبا عمرو عبد الوهاب بن منده، والفضل بن عبد الله بن المحب، وأبا عمرو المحمي، وأبا إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام، وخلقًا من معاصريهم، قال لي إسماعيل بن الفضل الحافظ: أشكر الله كيف ما لحقت إبراهيم البأار، وأساء الثناء عليه، توفي البأار سنة ثلاثين.

وروى عنه جزءًا من حديثه: يحيى الثقفي، وداود بن سليمان بن أحمد ابن نظام الملك، وأبو طاهر السلفي، وقال: كان يسمى بدعلج، له معرفة، وسمعنا بقراءته كثيرًا، وغيره أرضى منه.

وقال معمر بن الفاخر: رأيت إبراهيم البأار واقفًا في السوق، وقد روى أحاديث منكرة بأسانيد صحاح، فكنت أتأمله تأملًا مفرطًا، ظنًا مني أنه الشيطان على صورته، قال: وتوفي في شوال.

قلت: كان أبوه يحفر الآبار.

قال ابن طاهر المقدسي: حدثته عن مشايخ مكيين ومصريين، فبعد أيامٍ بلغني أنه حدث عنهم، فبلغت القصة إلى شيخ البلد، أبي إسماعيل الأنصاري، فسأله عن لقي هؤلاء بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا، فقلت: ما رأيته قط إلا هنا، قال الشيخ: حججت؟ قال: نعم، قال: فما علامات عرفات؟ قال: دخلناها بالليل، قال: يجوز، فما علامة منى؟ قال: كنا بها بالليل، قال: ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ لم يصبح لكم الصبح؟ لا بارك الله فيك، وأمر بإخراجه من

ص: 498

البلد، وقال: هذا دجال، ثم انكشف أمره بعد ذلك حتى صار آيةً في الكذب.

323 -

‌ بدران بن صدقة بن منصور بن

دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسديُّ ابن سيف الدولة صاحب الحلَّة، نزيلُ مصر وأخو الأمير دُبَيْس، كان يُلقَّب تاج الملوك سيف الدولة.

له شعر رائق، وفصاحة وأدب، كان خروجه إلى الشَّام ثم إلى مصر بعد قتل أبيه، نُفي إلى حلب وأقطع خبزة سياسيك الكُرْدي، فقال عاصم بن أبي النَّجم الكردي الجاواني وأجاد:

خليليَّ قد عُلِّقت نسَّابة العرب تناظرني في النَّحو والشِّعر والخُطَبْ تقول ورحلي مُسْبَطِرٌ ورجلُها على كتفي هذا هو العجبُ العجبْ لم ارتفعت رجلاي والفعل واقع عليها وهذا فاعل فلم انتصب؟ فقلت لها كُفّي جُعِلْت لك الفِدَا ألم تَعْلَمِي أنَّ الزَّمان قد انقلب قُرَى النِّيل قد أضحى سياسيك آمرًا بها ونفوا بدران منها إلى حلب قال العماد الكاتب في الخريدة: شمس الدولة أبو النَّجم بدران شمس العُلى وبَدْر النِّدى والنَّدى، فبدران لحسن منظره وطيب مخبره بدران، ولعلمه وجوده بحران، تغرَّب بعد أن نُكِبَ والده، وتفرقَّت في البلاد مقاصده، فكان بُرهةً بالشَّام يشيم بارقة السَّعادة من الأيام. ثم ورد مصر فكان بها أولاده إلى هذا العصر، وعادوا بأجمعهم إلى مدينة السَّلام، فظهر عليهم أثر الإعدام، وله شعر ما له من جودته سعر، يتيمة ما لها قيمة. وله في والده:

ولما التقى الجمعان والنَّقع ثائر حسبت الدُّجى غطاهم بجناحه فكشَّف عنهم سُدفة النَّقع في الوغى أبو حسن بسُمْرِه وصفاحه فلم يستضيئوا إلا ببرق سيوفه ولم يهتدوا إلا بشُهِب رماحه وله:

لا والذي حجَّ الحجيج له يوماً وما تقطَّعن من جلد ما كنت بالرَّاضي بمنقصةٍ يوماً وإلا لست من أسد إمّا يقال سعى فأحرزها أو أن يقال مضى فلم يعُد قومي بنو أسد وحسبهم فخراً بأني من بني أسد لأقلقنَّ العيس دامية الاتساع من بلد إلى بلد

ص: 499

وله:

يا راكبان من الشَّام إلى العراق تحسَّسَا لي إن جئتما خِلَل الكرام ومركز الأسل الطِّوال قولا لهم بعد السَّلام وقبل تصفيف الرِّحال ما لي أرى السَّعْدي عن جيش الفتى المُضري خال والقُبّة البيضاء في نقص وكانت في كمال يا صدق لو صدقوا رجالك مثل صدقك في القتال لو يحملون على اليمين كما حملت على الشِّمال دامت لهم بك دولة تسعى لها همم الرِّجال لكنهم لما رأوا يوم الوغى وقع العوالي فرّوا وما كرُّوا فتبًّا للعبيد وللموالي وله:

وقائلة لي والرِّكاب مناخة وقد قدَّمت للسَّير سيفي ومحزمي تُرى ضاقت الأرزاق حتى طلبتها بمصر وأبدت عبرة لم تُكْتَم فقلت ذريني عنك يا أمَّ ثابتٍ فمن يأت مصراً لا محالة يغْنَم فلمّا بدا فسطاط مصر لناظري ندمت ومَنْ لم يعرف الحَزْم يندم وله:

لقد زارني طيف الخيال وبيننا مهامة موماه تشقُّ على الرَّكْبِ فواعجباً كيف اهتدى الطَّيف في الكرى إلى مضجع لم يبق فيه سوى الجنب وله:

وعزيزة قالت ونحن على منى واللَّيل أنجمه الشوابك ميل زعم العواذل أن مللت وصالنا والصَّبر منك على الجفاء دليل فأجبتُها ومدامعي منهلَّة والقلب في أسر الهوى مكبول كذب الوُشاة عليَّ فيما بلغوا غيري يميلُ وغيرك المملوك وله:

ص: 500

وصغيرة علَّقتها كانت من الفتن الكبار كالبدر إلا إنها تبقى على ضوء النَّهار وقد جمع ابن الزُّبير المِصْري شعر بدران وسماه كتاب جنا الجنان ورياض الأذهان فمما فيه تلك الأبيات اللامية التي أولها وعزيزة.

توفي بمصر سنة ثلاثين، وقد روى عنه الدِّيباجي في فوائده، وعُمر العُلَيْمي شعراً.

324 -

‌ بدران بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن مُقَلَّد

بن المُسَيَّب العُقَيْليُّ، صاحب قلعة جَعْبَر.

تملَّكها وقت وفاة أبيه في ربيع الأول سنة تسع وعشرين وقُتِلَ بعد أشهر في أول سنة ثلاثين؛ قتله غلمانه وكان عاقلاً حازماً شجاعاً جريئاً بدويًّا. وكانت أمُّه أمَةَ إفرنجية. يقال: إنها تدلَّت من القَلْعة بعد مَوْت زوجها مالك، وهربت إلى سروج وبها الفرنج حينئذ فتزوجت إفرنجيًّا إسكافاً، لعنها الله.

325 -

‌ برَكَة بن منصور بن مُلاعِب

، أبو الخَيْر.

سمع عاصم بن الحسن، وابن خيرون. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.

مات في ذي الحجَّة وكان فلاَّح الخليفة.

326 -

‌ تُرْكناز بنت القاضي أبي جعفر الدَّامغانيِّ

.

تروي عن أبي طلحة النِّعالي، وكانت تسكن بباب المراتب، توفيت في حدود الثلاثين.

327 -

‌ جوْهرة بنت عبد [الله] بن أبي القاسم

. عبد الكريم بن هوازن القُشيري.

روت عن جدها بنيسابور.

328 -

‌ حامد بن أبي سَعْد أحمد بن عبد العزيز بن محمد

بن عبد الرحمن بن ماشاذة، أبو نصر الثَّقفيُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ.

من شيوخ أبي موسى المديني. توفي في ذي القعدة بأصبهان.

ص: 501

329 -

‌ الحسين بن ظَفَر بن الحسين بن يزداد

، أبو عبد الله الكَرْخيُّ النَّاطفيُّ. قال ابن السَّمعاني: أفْنَى عُمُره في طلب الحديث، وكان كثير الغلط. سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا منصور محمد بن محمد العُكْبري. أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، وتوفي في شوَّال، وله ثلاث وسبعون سنة.

قلت: في نسخة؛ المناطقي، فيُحررَّ.

330 -

‌ الحسين بن عبد الرَّزاق

، أبو عليّ الأبهريُّ الفقيه، المعروف بالقاضي الوجيه، قاضي همذان.

كان صدوقاً، محموداً في عمله، داهية، بعيد النَّظر والغَوْر. سمع عليّ بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، وجماعة ببغداد.

وكان مولده في سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة، توفي في هذه السنة، أو في التي بعدها.

331 -

‌ الحسين بن محمد بن أحمد بن جعفر

، أبو عبد الله النهرباني المقرئ الفقيه.

سمع: ابن طلحة النعالي، ويحيى بن أحمد السيبي.

قال ابن عساكر: ذكر لي أنه سمع من: أبي الحسين ابن النقور، وسكن دمشق بالمدرسة الأمينية، كتبت عنه، وكان خيرًا، ثقة، يؤم بالناس في مسجد سوق الغزل المعلق، ويقرئ القرآن، وتوفي بقرية الحديثة عند أخيه أحمد الفلاح بالغوطة.

332 -

‌ دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي

، أمة الغافر النيسابورية، والدة أبي حفص عمر بن أحمد الصفار.

سمعت من: جدها أبي القاسم القشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبي حامد الأزهري، وعنها: الحافظ ابن عساكر، والسمعاني.

ص: 502

ماتت في صفر عن أربعٍ وثمانين سنة.

333 -

‌ رضوان بن أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن منازل

، أبو محمد الشَّيْبَانيُّ، ولد شيخ ابن السَّمعاني أبي المكارم.

حدَّث عن ثابت بن بُنْدار، ومات قبل والده.

334 -

‌ زيد بن عليّ بن منصور بن عليّ

، أبو العلاء الرَّاونديُ الرَّازيُّ.

من عُدُول الرَّي، سمع إسماعيل بن حمدون المُزَكِّي الرَّازي، وأحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وعبد الواحد بن الحسن الصَّفَّار، سمَّعه أبوه الكثير.

قال السَّمعاني: أجاز لي، ومولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ومات قريباً من سنة ثلاثين.

335 -

‌ سعد بن عبد الله الحبشي

ُّ، أبو عثمان مولى موسى بن جعفر اليمنى.

روى عن نصر بن البطر، وجماعة. روى عنه ابن عساكر. توفي في عامنا أو بُعَيْده.

336 -

‌ سلطان بن يحيى بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ

بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشيُّ الدِّمشقيُّ، زين القضاة أبو المكارم.

سمع أبا القاسم بن أبي العلاء ونصر بن إبراهيم بدمشق، وببغداد ابن بيان الرَّزَّاز، وبأصبهان أبا عليّ الحدَّاد، وقرأ بروايات.

وكان واعظاً، طيِّب الصوت، وهو خال الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.

قال ابن عساكر: لمَّا وصل أبو بكر محمد بن القاسم الشَّهْرَزوري رسولاً إلى دمشق قال: قد اشتقت إلى سماع وَعْظ القاضي أبي المكارم، لأني كنت قد سمعته بالعراق، وسأل أباه حتى أجاب؛ لأنَّه كان قد ترك الوعظ، فجلس في السُّبع الكبير، وكان مجلساً موصوفاً حضرته يومئذ. وبلغني أنه

ص: 503

صلَّى التَّراويح بالنِّظامية، ووعظ بها، وخلع عليه الخليفة. وقد ناب في الحكم بدمشق عن والده.

وتوفي في آخر يوم من سنة ثلاثين، ودُفن بتربةٍ لهم عند مسجد القدم. روى عنه أبو القاسم ابن أُخته.

337 -

‌ شُعَيْب بن عيسى بن جابر

، أبو محمد الأشجعيُّ اليابريُّ الأندلسيُّ، نزيل إشبيلية.

أخذ القراءات عن خاله أبي القاسم خلف بن شُعَيْب صاحب مكِّي، وعن أبي بكر بن مُفَرِّج، وأبي بكر عيَّاش بن محراش، وعبد الله بن طلحة، وأجاز له القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.

وكان مقدَّمًا في الإقراء مجوِّداً عارفًا بالعلل، وله تصانيف في القراءات، ومشاركة في اللُّغة والعربية، وتصدَّر للإفادة، وأخذ عنه أبو بكر بن خَيْر، وهشام بن أبان، وأبو الحسن نجبة بن يحيى.

وكان حيًّا في هذه السنة.

338 -

‌ شهفيروز بن سعد بن عبد السيد

، أبو الهيجاء، البغدادي، الشاعر.

رقيق النظم، لطيف الطبع، أنشأ مقامات، وقد سمع من: أبي جعفر ابن المسلمة.

وعنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وجماعة.

وكتب عنه: أبو علي البرداني، وسماه أحمد.

مات في ربيع الأول عن سنٍ عالية.

339 -

‌ عبد الله بن عيسى

، أبو محمد الشَّيبانيُّ السَّرقسطيُّ الحافظ.

كان يحفظ صحيح البخاري، وسنن أبي داود عن ظهر قلب فيما بلغني؛ قاله ابن بشكوال، قال: وله اتساع في حفظ علم اللِّسان واللُّغة، وقد أخذ نفسه باستظهار صحيح مسلم، وله عليه تأليف حسن لم يكمله.

340 -

‌ عبد الله بن محمد بن أيوب

، أبو محمد الفهريُّ الشَّاطبيُّ.

ص: 504

سمع من أبي الحسن طاهر بن مفوِّز، وأبي الحسن ابن الدُّوش. روى عنه ابن بشكوال، وقال: توفي بشاطبة في شعبان.

341 -

‌ عبد الجبار بن يحيى بن سعيد الأزجاهيُّ الحربيُّ

، منسوب إلى أحمد بن حرب الزَّاهد النَّيسابوريِّ.

قرأ جامع التِّرمذي على القاضي أبي سعيد محمد بن عليّ البغوي، وتوفي في حدود هذه السنة؛ قاله ابن السَّمعاني.

342 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الصَّمد بن أحمد التُّرابيُّ المروزيُّ

.

شيخ صالح، سمع أبا الخير محمد بن موسى الصَّفَّار.

قال ابن السَّمعاني: قرأت عليه جزءاً، وتوفي في حدود سنة ثلاثين.

343 -

‌ عبد الواحد بن الفضل بن محمد بن علي

، أبو بكر ابن القدوة أبي علي الفارمذي الطابراني.

كان جليل القدر، حسن الأخلاق، مكرمًا للغرباء، سافر وصحب المشايخ، وكان بقية أولاد الشيخ، سمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وكان قد سمع بمرو من: أبي الخير محمد بن أبي عمران، وبنيسابور من: أبي بكر بن خلف الشيرازي.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه بطوس، وتوفي في صفر.

344 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن نصر بن غانم

، أبو القاسم القرميسينيُّ، وقرميسين: بُلَيْدَة بين حُلوان وهمَذان.

كان إماماً فقيهاً بارعاً، تفقه بمرو على الإمام أبي المُظَفَّر السَّمْعاني فيما قيل، وسمع ببغداد من مالك البانياسي، وعليّ بن محمد بن محمد الأنباري. وسمع منه جماعة.

وتوفي بكرمانشاه في هذه السنة.

ص: 505

345 -

‌ عثمان بن محمد بن الحُسين

، أبو عمرو السَّقْلاطونيُّ المَدَنيُّ ثم البَغْداديُّ.

سمع أبا نصر الزَّينبي، ورزق الله التَّميمي. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وعُمر بن طَبَرْزَد.

وكان صالحاً، ديِّناً، توفي في المحرم.

346 -

‌ علي بن أحمد بن الحسن

، الموحد أبو الحسن ابن البقشلام الوكيل.

من أعيان البغداديين ومتميزيهم، وله معروف كثير، ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا يعلى ابن الفراء، وهناد بن إبراهيم النسفي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن المأمون، والصريفيني، وأبا علي محمد بن وشاح، وخلقًا كثيرًا.

روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وعبد الله بن صافي الخازني.

وسئل ابن عساكر عن علي الموحد فأثنى عليه ووثقه.

وقال أبو بكر بن كامل: إنما قيل البقشلام، لأن جده أو أباه مضى إلى قرية شلام، وكانت كثيرة البق، فكان يقول طول الليل: بق شلام، فلزمه ذلك لقبًا.

وقال ابن ناصر: كان أبو الحسن في خدمة الدولة، وكان يظلم جماعة من أهل السواد، وكان في أيام الفتن من أهل البدع ولم يكن من أهل السنة، ولا العارفين بالحديث، فلا يحتج بروايته، وتوفي في رمضان.

347 -

‌ عليّ بن أحمد بن محمد

، القاضي أبو الحسن السَّرْخَسِيُّ، ويُعرف بالحجَّاج.

سمع منه أبو عليّ بن الوزير، وأبو بكر السَّمعاني، وأجاز لابنه أبي سعد. ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وعُمِّر دَهْرًا.

سمع مجلسين في سنة ثمان وأربعين من اللَّيث بن حسن اللَّيثي،

ص: 506

وعبد الرحمن بن محمد الوهَّابي، وعاش إلى هذا العام، رحمه الله.

348 -

‌ عليّ بن أحمد بن منصور بن محمد بن قُبَيْس

، أبو الحسن الغسَّانيُّ الدِّمشقيُّ المالكيُّ النَّحويُّ الزَّاهد.

سمع أباه أبا العباس، وأبا القاسم السُّمَيْساطي، وأبا بكر الخطيب، وأبا نصر بن طلاَّب، وعبد العزيز الكتَّاني، وغنائم الخيَّاط، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وجماعة.

روى عنه أبو القاسم الحافظ، وقال: كان ثقة، متحرِّزًا، متيقِّظًا، مُنْقَطِعًا في بيته بدرب النَّقَّاشة، أو ببيته في المنارة الشَّرقية بالجامع. وكان مفتياً فقيهاً، يقرئ النَّحو والفرائض. وكان متغالياً في السُّنة، مُحبًّا لأصحاب الحديث، قال لي غير مرة: إني لأرجو أن يحيي الله بك هذا الشأن في هذا البلد، وكان لا يحدِّث إلا من أصل، ولد سنة اثنتين وأربعين في شوَّال، وسمعت منه الكثير، وتوفي يوم عرَفة.

قلت: وروى عنه السِّلفي وإسماعيل الجَنْزُوري، وأبو القاسم ابن الحرستاني، وآخرون.

وقال السِّلفي: كان يسكن المنارة، وكان زاهداً عابداً ثقة، لم يكن في وقته مثله بدمشق، رحمه الله.

وقال أيضاً: هو مُقَدَّم في علوم شتَّى، محدِّث ابن مُحدِّث.

349 -

‌ علي بن الخضر

، أبو محمد البغدادي الفرضي.

قرأ الفرائض على أبي حكيم الخبري، وأبي الفضل الهمذاني، وسمع: أبا الحسين ابن النقور، وابن البسري، وكان قيمًا بعلم الفرائض.

توفي في ثالث ربيع الأول.

350 -

‌ علي بن عبد القاهر بن خضر

، أبو محمد بن آسة الفرضي، تلميذ الخبري.

ص: 507

سمع: عبد الصمد ابن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعنه: هبة الله بن الحسن السبط.

وكان شيخًا صالحًا، عاش خمسا وثمانين سنة، مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وخمسمائة.

351 -

‌ عمر بن عبد الرحيم

، أبو بكر الشاشي، المروزي الصوفي، نزيل رباط الشيخ يعقوب.

ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ مسن، حسن السيرة، كثير الصلاة والعبادة، صحب المشايخ، رأيته، وسمع من: جدي أبي المظفر، وأبي القاسم إسماعيل الزاهري، وهبة الله الشيرازي الحافظ، كتبت عنه، وتوفي بمرو في سنة ثلاثين.

352 -

‌ عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن مؤمل الزهري

، الشنتريني.

سمع من: أبي الوليد الباجي، والدلائي، وأبي شاكر وابن الفلاس، وأبي الحجاج الأعلم.

ذكره ابن بشكوال، فقال: رحل إلى المشرق وأخذ عن: كريمة المروزية، وأبي معشر الطبري، وأبي إسحاق الحبال وذكر عنه أنه كان إذا قرئ عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي بكاء كثيرًا، يعني الحبال، ولقي جماعة غير هؤلاء، أخذ الناس عنه، وسكن العدوة، وتوفي نحو الثلاثين وخمسمائة، كتبه لي القاضي عياض بخطه، وذكر أنه أخذه عنه.

353 -

‌ الفضل بن أبي الحسن بن أبي القاسم بن أبي علي بن أبي زيد

، المأموني الآملي، أبو زيد، التاجر.

كان محسنًا لأهل العلم، حريصًا على الطلب، حصل الأصول، وأنفق المال في جمعها، وحج تسعًا وعشرين حجة، وورد بغداد غير مرة، ومات بطريق الحج بجلولاء.

ص: 508

سمع: أبا المحاسن الروياني بآمل، وأبا منصور الكراعي بمرو، وأبا علي الحداد بأصبهان، وأبا سعد الطيوري ببغداد، وحدث.

قال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه: علي بن محمد بن جعفر الفاروزي، وقال: توفي في شوال.

354 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن سهل

، أبو عبد الله الأموي الطليطلي، ويعرف بابن النقاش نزيل مصر.

سمع في رحلته من مهدي بن يوسف، ومحمد بن بركات السعيدي، أخذ عنه أبو زكريا بن سيدبونه، وأبو عبد الله بن سعيد الداني وجماعة.

وحدث في ذي القعدة من السنة، وانقطع خبره.

355 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه

، أبو سهل الأصبهاني المزكي.

حدث ببغداد، وأصبهان بمسند الروياني عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، والمبارك بن علي الطباخ، والمؤيد ابن الإخوة، ويحيى بن بوش، وعبد الخالق ابن الصابوني، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن أحمد بن حمدية، ومن شيوخه: إبراهيم بن منصور سبط بحرويه، والحافظ محمد بن الفضل الحلاوي، وآخرون.

ولد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة.

356 -

‌ محمد بن الحسن بن المَرْزبان بن خُوزرنداد

، أبو غالب الأصبهانيُّ.

روى عن أبي الطيِّب بن شمَّة. وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في صَفَر.

357 -

‌ محمد بن حمُّويه بن محمد بن حمُّويه

، أبو عبد الله الجُوَيْنيُّ الصُّوفيُّ.

شيخ ناحيته، لقد قدم راسخ في طريق القوم، وكان زاهداً عابداً عارفاً كبير

ص: 509

القدر، قَدِمَ بغداد مرَّتين للحجِّ، وحدَّث بها عن السَّيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد، وعائشة بنت أبي عمر البسطامي، وموسى بن عمران الصُّوفي.

سمع منه الحافظ ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري. وحدَّث عنه أبو محمد ابن الخشَّاب وأبو القاسم ابن عساكر، وعبد الوهَّاب بن سُكَيْنَة، وآخرون. وهو جد الشيوخ بني حمُّويه الذين بالشَّام.

ذكره السَّمعاني في التَّحبير، فقال: أحد المشهورين بالزُّهد والصَّلاح والعِلْم وتربية المريدين، صاحب كرامات وآياتٍ، وله إجازة من الأستاذ أبي القاسم القُشَيْري. إلى أن قال: عاش اثنتين وثمانين سنة وتوفي إلى رحمة الله في مُسْتَهَلِّ ربيع الأول، ودُفِنَ بقرية بحيراباذ، من قرى جُوَيْن، وقبره مشهور يُزَار ويُقْصَدُ.

وقد صنَّف في التَّصوف كتاباً.

358 -

‌ محمد بن خلف بن يوسف الهرويُّ الصُّوفيُّ الأديب

.

كان يسكن بقرية مرغاب، سمع من عبد الواحد المليحي. أخذ عنه ابن الوزير الدِّمشقي في أوَّل السَّنة.

359 -

‌ محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب

، أبو بكر العامري الصوفي الواعظ، ويعرف بابن الخبازة.

ولد سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، أظن ببغداد، وسمع: رزق الله التميمي، وطرادًا الزينبي، وابن البطر، وابن طلحة النعالي، ورحل وسمع من: عبد الغفار بن شيرويه، وعلي بن أبي صادق، وبنيسابور، وبلخ، وهراة، روى عنه أبو الفرج ابن الجوزي، وغيره.

قال ابن الجوزي: شرح كتاب الشهاب وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يعظ ويتكلم على طريقة التصوف والمعرفة من غير تكلف الوعاظ، وكم من يومٍ يصعد المنبر وفي يده مروحة، وليس عنده من يقرأ، كما يفعل الوعاظ.

ص: 510

قرأت عليه كثيرًا من الحديث والتفسير، وكان نعم المؤدب يأمر بالإخلاص وحسن القصد، وبنى رباطًا بقراح ظفر واجتمع فيها جماعة من المتزهدين فلما احتضر قال له أصحابه: أوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، وقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا، ثم قال لبعض أصحابه: انظر هل ترى جبيني يعرق؟ فقال: نعم، قال: الحمد لله هذه، علامة المؤمن، ثم بسط يده وقال:

ها قد بسطت يدي إليك فردها بالفضل لا بشماتة الأعداء توفي في نصف رمضان، ودفن برباطه، والبيت من شعر أبي نصر القشيري.

360 -

‌ محمد بن عبد الله بن أبي الحسن

، قاضي مرو أبو جعفر الصَّائغيُّ المروزيُّ.

إمام ورع، كبير القدر، سديد الأحكام. كان خطيب مرو. تفقه على القاضي أبي بكر محمد بن الحسين الأرسابندي، وحدَّث عنه. عاش سبعين سنة.

361 -

‌ محمد بن علي بن عبد الله

، أبو الفتح المُضَريُّ الهرويُّ.

سمع أبا عبد الله الفارسي، ويعلى بن هبة الله الفُضَيْلي، وأبا عاصم الفَضْل، وبيبى الهرثَّميَّة، وببلخ أبا حامد أحمد بن محمد، وبنيسابور فاطمة بنت الدَّقَّاق، وجماعة.

قَدِمَ بغداد، وحدَّث بجامع الترمذي. وكان صدوقاً مكثراً، روى عنه هبة الله بن المُكْرَم الصُّوفي، وعليّ بن أبي سعد الخبَّاز، ويحيى بن بَوْش، وجماعة. توفي في ذي القعدة بخُراسان.

ص: 511

362 -

‌ محمد بن علي بن أبي ذر محمد بن إبراهيم

، أبو بكر الصالحاني الأصبهاني، والصالحان محلة.

سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم، وهو آخر من حدث عنه، ومولده في سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة.

روى عنه خلق كثير منهم: أبو موسى المديني، وتميم بن أبي الفتوح المقرئ، وخلف بن أحمد بن حميد، وسعيد بن روح الصالحاني، وعبيد الله بن أبي نصر اللفتواني، ومحمد بن أبي عاصم بن زينة، ومحمد بن أبي نصر الحداد الضرير، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأبو مسلم ابن الإخوة، وإدريس بن محمد العطار، ومحمود بن أحمد المضري، والمخلص محمد بن معمر بن الفاخر، وعين الشمس بنت أحمد الثقفية.

ووصفه أبو موسى المديني بالصلاح، وقال: توفي في ثاني جمادى الآخرة، وهو آخر من روى حديث أبي الشيخ بعلو.

قلت: وآخر أصحابه عين الشمس، وسماعها منه حضور.

363 -

‌ محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس

، أبو عبد الله الصَّاعديُّ الفُرَاويُّ النَّيسابوريُّ الفقيه.

أبوه من ثَغْر فُرَاوة، سكن نيسابور، فولد محمد بها في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة تقديراً، لأنَّ شيخ الإسلام أبا عثمان الصَّابوني أجاز له في هذه السَّنة. وسمع صحيح مسلم من عبد الغافر الفارسي، وسمع جزء ابن نُجَيْد من عُمر بن مسرور، وسمع من أبي عثمان الصَّابوني المذكور، وأبي سعد الكَنْجَرُوذي، وأبي بكر البيهقي، وسعيد العيَّار، وأبي القاسم القشيري، وأبي سهل الحفصي، ومحمد بن عليّ الخبَّازي، وأبي عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبي يعلى إسحاق أخي الصَّابوني، والأستاذ أبي إسحاق الشِّيرازي لمَّا قدم رسولاً إلى نيسابور، وإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وغيرهم. وببغداد من أبي نصر الزَّينبي، وعاصم بن الحسن. وسمع صحيح البخاري من العيَّار والحَفْصي، وتفرَّد بمسلم، وتفرَّد بدلائل النبوة وبالأسماء

ص: 512

والصَّفات، والدَّعوات الكبير، والبعث للبيهقي؛ قاله السَّمعاني، وقال: هو إمام مفتٍ، مناظر، واعظ، حسن الأخلاق والمعاشرة، كثير التَّبسُّم، جواد مُكْرِم للغرباء، ما رأيت في شيوخي مثله.

قلت: روى عنه أبو سعد السَّمعاني، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الحسن المُرادي، ومحمد بن عليّ بن ياسر الجيَّاني، ومحمد بن عليّ بن صدقة الحرَّاني، وأحمد بن إسماعيل القزويني، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصَّفَّار، وعبد السَّلام بن عبد الرحمن الأكَّافي، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشَّعري، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي، وأبو الفتوح محمد بن المطَهَّر بن يعلى الفاطمي الهروي، وأبو المفاخر سعيد ابن المأموني، وآخر مَنْ حدَّث عنه المؤيد الطُّوسي.

وذكره عبد الغافر في سياق تاريخ نيسابور، فقال فيه: فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد، نشأ بين الصُّوفية، ووصل إليه بركات أنفاسهم، درس على زَيْن الإسلام القشيري الأصول والتَّفسير، ثم اختلف إلى مجلس إمام الحرمين، ولازم درسه ما عاش، وتفقه عليه، وعلَّق عنه الأصول، وصار من جملة المذكورين من أصحابه، وحجَّ وعقد المجلس ببغداد، وسائر البلاد، وأظهر العلم بالحرمين، وكان منه بهما أثر وذِكْر ونشر للعلم، وعاد إلى نيسابور. وما تعدَّى قطُّ حدَّ العلماء ولا سيرة الصَّالحين من التَّواضع والتَّبذًُّل في الملابس والمعايش، وتستَّر بكتابة الشُّروط لاتصاله بالزُّمرة الشَّحَّامية مصاهرة، ودرَّس بالمدرسة النَّاصحية، وأمَّ بمسجد المُطرِّز، وعقد مجالس الإملاء يوم الأحد، وله مجالس الوعظ المشحونة بالفوائد والمبالغة في النُّصح، وحدَّث بالصحيحين، وغريب الخطَّابي، وغير ذلك، والله يزيد في مُدَّته ويفسح في مهلته إمتاعاً للمسلمين بفائدته.

وقال أبو سعد السَّمْعاني: سمعت عبد الرشيد بن عليّ الطَّبري بمرو يقول: الفُراوي ألف راوي.

قال أبو سعد: وسمعت أبا عبد الله الفُراوي يقول: كُنَّا نسمع مسند أبي عوانة على أبي القاسم القشيري، وكان يحضر رجل من المُحْتَشِمين يجلس بجنب الشَّيخ وكان القارئ أبي، فاتفق أنه بعد قراءة جملة من الكتاب انقطع

ص: 513

ذلك المحتشم يوماً، وخرج الشَّيخ على العادة، وكان في أكثر الأوقات يخرج ويقعد وعليه قميص أسود خشن وعمامة صغيرة، وكنت أظنُّ أنَّ والدي يقرأ الكتاب على ذلك الرَّئيس، فشرع أبي في القراءة، فقلت: يا سيدي على مَنْ تقرأ والشيخ ما حضر؟ فقال: وكأنك تظنُّ أنَّ شيخك ذلك الشخص؟ قلت: نعم، فضاق صدره واسترجع، وقال: يا بني شيخك هذا القاعد، وعلَّم ذلك المكان، ثم أعاد لي من أول الكتاب إليه.

سمعت: عبد الرزاق بن أبي نصر الطَّبسي يقول: قرأت صحيح مسلم على الفُرَاوي سبع عشرة نوبة، ففي آخر الأيام قال لي: إذا أنا متُّ أوصيك أن تحضر غَسْلي، وأن تُصَلِّي أنت عليَّ بمن في الدَّار، وأن تُدْخِل لسانك في فيَّ، فإنك قرأت به كثيراً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو سعد: وصُلِّي عليه بكرة، وما وُصِلَ به إلى المقبرة إلى بعد الظُّهر من الزِّحام، وأذكر أنَّا كُنَّا في رمضان سنة ثلاثين، وحملنا محفَّته على رقابنا إلى قبر مسلم لإتمام الصحيح، فلما فرغ القارئ من الكتاب بكى الشَّيْخ ودعا وأبكى الحاضرين، وقال: لعلَّ هذا الكتاب لا يُقرأ عليَّ بعد هذا. فتُوفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شوَّال، ودُفِنَ عند قبر إمام الأئمة ابن خُزَيمة، وقد أملى أكثر من ألف مجلس.

364 -

‌ محمد بن القاسم بن محمد

، أبو العز البغدادي، المقرئ، المعروف بابن الزبيدية.

قرأ القراءات وجودها، وقال الشعر الرائق، وتفقه، وسمع الكثير، ومدح المسترشد بالله، ومات شابًا.

365 -

‌ محمد بن موهوب

، أبو نصر البغدادي الفرضي الضرير.

له مصنفات في الفرائض، مؤرخ في المنتظم.

366 -

‌ محمد بن هبة الله بن إبراهيم

، أبو الحسن بن القطان البغدادي الوكيل على باب القاضي، المخرمي.

ص: 514

روى عن أبي نصر الزينبي، وعنه المبارك بن خضير، وأبو القاسم ابن عساكر، توفي في جمادى الآخرة عن ستين سنة.

367 -

‌ محمد بن هشام بن أحمد بن وليد بن أبي جمرة

، أبو القاسم الأموي المرسي.

أخذ عن: أبي علي بن سكرة، وصحب أبا محمد عبد الله بن أبي جعفر، وتفقه عنده، وناظر عند الفقيه هشام بن أحمد، وغيره.

وكان من أهل الحفظ، والفهم، والذكاء، استقضي بغرناطة فنفع الله به أهلها لصرامته، ونفوذ أحكامه، وقويم طريقته.

توفي بمرسية في صدر رمضان.

368 -

‌ مظفر بن الحسين بن علي بن أبي نزار

، أبو الفتح المردوستي.

أحد الحجاب، ثم ترك الحجابة وتصوف وتزهد، سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري، روى عنه: أبو المعمر، وأبو القاسم الحافظ، وولد في سنة ستٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاثين، أو قبيلها بأشهر.

369 -

‌ مفرج بن الحسن

، أبو الذواد الكلابي، رئيس دمشق، وابن رئيسها، ويعرف بابن الصوفي محيي الدين.

روى عن: الفقيه نصر المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات، قرأ عليه أبو البركات بن عبد صحيح البخاري.

وكان ذا بر ومعروف وحشمة، ولي الوزارة، بعد قتل أبي علي المزدقاني، لتاج الملوك بوري، ثم صادره وآذاه، ثم أعاده إلى المنصب، إلى أن مات بوري، فوزر بعده لابنه شمس الملوك إسماعيل، ثم قتل ظلمًا في رمضان، أغلظ للأمراء فقتلوه، رحمه الله.

ص: 515

370 -

‌ مكي بن محمد بن أحمد

، أبو الحسن البُروجرديُّ، المعروف بابن قلاية، نزيل همذان وإمام جامعها.

سمع بنيسابور أبا المظفر موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وجماعة. وحدَّث ببغداد؛ فروى عنه جماعة منهم: يحيى بن بَوْش.

وله في سنة خمس وخمسين، وتوفي في ذي القعدة.

371 -

‌ مِهْناز بنت يانس الروميِّ

، أم بشارة البغدادية.

سمعت من أبي جعفر بن المسلمة صفة المنافق. روى عنها أبو المُعَمَّر الأنصاري، وابن عساكر. ونيَّفت على التسعين.

372 -

‌ مَيمون بن ياسين

، أبو عمر الصِّنهاجيُّ اللمتونيُّ، أحد أمراء المرابطين.

عُنِي بالعلم والرواية، وحجَّ وسمع بمكة سنة سبع وتسعين صحيح البخاري من عيسى بن أبي ذر الهروي، واشترى منه أصل أبيه بجملة كبيرة.

وسمع صحيح مسلم من الحسين بن علي الطَّبري، ورجع إلى المغرب وحدَّث بإشبيلية. روى عنه أبو إسحاق بن حبيش، وأبو القاسم ابن بشكوال، وأبو بكر بن خير، ومفرج بن سعادة، وآخرون.

وكان رجلاًَ صالحاً، ذا عناية بالآثار، صحب مالك بن وهيب بالمغرب، وكانت وفاته في ذي القعدة بإشبيلية.

373 -

‌ هشام بن أحمد بن هشام

، أبو الوليد الهلالي، الغرناطي، نزيل المرية، ويعرف بابن بقوى.

سمع عامة شيوخ المرية: طاهر بن هشام، وحجاج بن قاسم، وخلف بن أحمد الجراوي، ومن الطارئين عليها: القاضي أبي الوليد الباجي، ومن أبي العباس أحمد بن عمر العذري، ثم خرج سنة ثمانين وأربعمائة إلى غرناطة بلده، وولي الأحكام بها مدة وبغيرها.

ص: 516

قال ابن بشكوال: كان من حفاظ الحديث المعتنين بالتنقير عن معانيه، واستخراج الفقه منه، مع التقدم في حفظ الفقه، والبصر بعقد الوثائق، والتقدم في معرفة أصول الدين، روى عنه جماعة من أصحابنا، وولد في صفر سنة أربعٍ وأربعين، وتوفي بغرناطة في ربيع الأول.

374 -

‌ يعيش بن مفرج اللخمي اليابري

، أبو البقاء، نزيل إشبيلية.

سمع سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة جامع الترمذي بيابرة من أبي القاسم الهوزني، وحج، فسمع من: أبي عبد الله الرازي، وأبي طاهر السلفي.

روى عنه: أبو بكر بن خير، وسمع منه في هذه السنة أبو القاسم بن بشكوال كتاب المحدث الفاصل، بسماعه من السلفي، فابن بشكوال في هذا الكتاب في طبقة شيخنا أبي الفتح القرشي.

ص: 517

المتوفون ما بين العشرين إلى الثلاثين وخمسمائة

375 -

‌ أحمد بن إسماعيل بن عيسى

، أبو بكر الغزنوي، الجوهري، المفسر، أحد أئمة غزنة وفضلائهم.

سافر إلى خراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيري، وسمع منه، ومن: الحاكم أحمد بن عبد الرحيم السراج، وجماعة، وخرج لنفسه أربعين حديثًا، وعاش إلى بعد العشرين، وله شهرة بغزنة.

376 -

‌ أحمد بن علي بن أحمد

، أبو بكر الحربيُّ الحكيم.

روى عن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وعنه عبد المغيث بن زهير، وعبد الله بن أبي المجد الحربي.

377 -

‌ أحمد بن علي بن الحسن بن محمد بن سلمويه النَّيسابوريُّ

التاجر الصُّوفيُّ المقرئ بالألحان.

سمع من أبي الحسين عبد الغافر، وعمر بن مسرور، والكنجروذي، وجماعة. وطال عمره، وأصابته رعشة، وبقي إلى بعد سنة عشرين وخمسمائة.

378 -

‌ أحمد بن علي بن حسين

، أبو غالب الجكيُّ الخيَّاط.

سمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة. وعنه يحيى بن بَوْش، وغيره.

379 -

‌ أحمد بن الفضل بن محمود

، الصاحب أبو نصر، سيد الوزراء، مختص الملوك والسلاطين، أحد الأعيان المشهورين.

ذكره عبد الغافر فقال: أحد أكابر العراق، وخراسان، المجمع على علو قدره كل لسان، ارتضع ثدي الدولة في النوبة الملكشاهية، ولقي أكابر المتصرفين، وتلمذ للأستاذين، ومارس الأمور العظام، وصحب الملوك، ومهر في أنواع التصرف ورسوم الدولة، وزاد على ما عهد من سني المراتب، وعلي المناصب، حتى اشتهر أنه بذل بعد الإعراض عن ملابسة الأشغال ومداخلة الأعمال في إرضاء الخصوم، وتدارك ما سلف له من المظالم، بتوفير حق المظلوم آلافًا مؤلفة، وصارت أوقاته عن أوضار الأوزار منظفة، وبقي مدة عن طلب الولاية خاليًا، وبرتبة القناعة حاليًا، إلى أن ضرب الدهر ضربانه، ودار تبدل الأمور والأحوال دورانه، واستوفى أكثر الكفاة في الدولة مدد أعمارهم،

ص: 518

وانقرض من الصدور بقايا آثارهم، واحتاجت المملكة إلى من يلم شعثها، وينفي خبثها، ويحل صدر الوزارة مستحقها، ويرجحن بالظلم جانب النصفة وشقها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في الملك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فرض عين، ووقع الاختيار عليه من البين، والتزم قصر اليد عن الرشا والتحف، وإحياء رسوم العدل والإنصاف، وهو الآن على السيرة التي التزمها يستفرغ في منافثة أهل العلم أكثر أوقاته، صرف الله عنه بوائق الدهر وآفاته، وذكر أكثر من هذا.

380 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي سعيد الطَّحَّان المنقِّي

.

سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعنه عبد الخالق ابن الصَّابوني، وغيره.

توفي في حدود الثلاثين.

381 -

‌ حُجَّة الدِّين مروان بن علي بن سلامة

، أبو عبد الله الطَّنزيُّ الشافعيُّ، وطنزة: مدينة بديار بكر.

قَدِمَ بغداد، وسمع من مالك البانياسي، وعاصم بن الحسن. وتفقه على الغزَّالي، والشَّاشي، واتصل بقسيم الدَّولة زنكي بن آقسنقر صاحب المَوْصل، وَزَرَ له. روى عنه سعد الله بن محمد الدَّقَّاق، وابن عساكر. وله شعر وفضائل.

382 -

‌ رجاء بن محمد بن أحمد بن جعفر بن روح

، أبو الفرج القاضي، المعروف بالعفيف، الأصبهانيُّ.

سمع ببغداد من أبي القاسم ابن البسري، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، روى عنه أبو الرِّضا العلوي، وأبو موسى المديني.

383 -

‌ طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد البُرُوجرديُّ

، أبو المظَفَّر.

تفقه ببغداد على أبي إسحاق الشِّيرازي، وسمع من ابن هزارمرد

ص: 519

الصَّريفيني، وابن النَّقُّور، ثم جاور، وولي قضاء مكة. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر.

مات سنة نيّف وعشرين.

384 -

‌ عبَّاد بن حمد بن طاهر

، أبو النَّجْم الحسناباذيُّ الأصبهانيُّ.

حج بعد سنة عشرين، وحدَّث عن الحسن بن عمر بن يونس الحافظ. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الدِّمشقيُّ، وتوفي سنة نيِّف وعشرين.

385 -

‌ عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي بن أبي الغبار البغداديُّ الأديب

، أبو الفوارس.

قرأ القرآن بواسط على أبي عليّ غلام الهرَّاس، وسمع من أبي علي محمد بن وشاح، وأبي الحسين ابن النَّقُّور. روى عنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر.

386 -

‌ عبد الباقي بن محمد بن علي

، أبو منصور الطَّبَّال الأزجيُّ المقرئ.

قال ابن السَّمعاني: كان رجلاً صالحاً قرأ بروايات على الشريف عبد القاهر بن عبد السَّلام المكيّ، ويحيى بن أحمد السِّيبي. وسمع من أبي القاسم بن فهد وغيره. حدثني عنه جماعة. توفي في آخر جماعة سنة ثمان وعشرين.

387 -

‌ عبد الملك بن شعبة بن محمد بن محمد

، أبو الفتح البسطاميُّ السُّهرجيُّ، وسُهْرج: قرية من قرى بسطام.

شيخ فاضل، له فهم: كتب الكثير وبالغ، وحصَّل ورحل، ورجع إلى بسطام. كتب بنيسابور عن أصحاب الحاكم، وابن محمش، وحدث، وتوفي سنة نيِّف وعشرين وخمسمائة.

388 -

‌ عبد الملك بن يوسف بن عبد ربِّه الكاتب

، أبو مروان القرطبيُّ.

أجاز له أبو العباس بن دلهاث، وسمع من أبي الليث نصر السمرقندي. وعنه أبو عبد الله المكناسي.

قال الأبار: مات قبل الثلاثين.

ص: 520

389 -

‌ عبد الملك الطبري

، الزاهد، شيخ الحرم في زمانه.

ذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان أحد المشهورين بالزهد والورع: أقام بمكة قريبًا من أربعين سنة على الجد والاجتهاد في العبادة، والرياضة، وقهر النفس، وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيءٌ فخرج على التجريد إلى مكة، وأقام بها، وكان يلبس الخشن، ويأكل الجشب، ويزجي وقته على ذلك صابرًا، سمعت أبا الأسعد هبة الرحمن القشيري يقول: لما كنت بمكة أردت زيارته فأتيته فوجدته محمومًا منطرحًا، فتكلف وجلس، وقال: أنا إذا حممت أفرح بذلك، لأن النفس تشتغل بالحمى، فلا تشغلني عما أنا فيه، وأخلو بقلبي كما أريد.

وقال الحسين الزغنداني: رأيت حوضًا يقال له عنبر، والماء في أسفله، بحيث لا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرةٍ أن الشيخ عبد الملك توضأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثم غار الماء، ونزل بعد فراغه، وكنت معه ليلةً في الحرم، وكانت ليلةً باردة، وكان ظهره قد تشقق من البرد، وكان عريانًا، فنام على باب المسجد، وضع يده اليمنى تحت خده اليمنى، واليد اليسرى على رأسه، وكان يذكر الله، فقلت له: لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان يكنك من البرد، فقال: نمت في بعض الليالي، فرأيت شخصين دخلا المسجد، وتقدما إلي، وقالا لي: لا تنم في المسجد، فقلت لهما: من أنتما؟ فقالا: نحن ملكان، فانتبهت، وما نمت بعد ذلك في المسجد، وقلت له: إني أراك صبورًا على الجوع، قال: آكل قليلًا من ورق الغضا فأشبع.

390 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن فهر

، أبو القاسم السلمي الأندلسي.

روى عن أبي الوليد الباجي، وابن دلهاث، وعنه أبو بكر بن رزق، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري وجماعة.

391 -

‌ علي بن الحسين بن محمد بن مهدي

، أبو الحسن المصري الصوفي، من مشايخ الصوفية الكبار.

تغرب إلى الشام، ومصر، والجزيرة، واستقر ببغداد، وكان ذا عبادة،

ص: 521

وطريقة جميلة، حدث عن: أبي الحسن الخلعي، وعنه: جماعة.

توفي بعد سنة خمسٍ وعشرين.

392 -

‌ علي بن عبد القاهر بن الخضر بن علي

، أبو محمد المراتبي الفرضي، المعروف بابن آسة، لأن جده ولد تحت آسةٍ، فسمي بها.

إمامٌ في الفرائض، صالح، خير، منقبض عن الناس، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون وجماعة.

سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر، وأجاز لابن السمعاني، وتوفي بعد سنة ثلاثٍ وعشرين.

393 -

‌ علي بن علي بن جعفر بن شيران

، أبو القاسم الضرير، الواسطي، المقرئ.

قرأ بالروايات على: أبي علي غلام الهراس، وحدث عن: الحسن بن أحمد الغندجاني، وتصدر للإقراء مدة مع أبي العز القلانسي.

قرأ عليه: أبو بكر عبد الله بن منصور الباقلاني، وأبو الفتح نصر الله بن الكيال، وجماعة، وكان قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة، وحدث بها، روى عنه: علي بن أحمد اليزدي، وقيل عنه: إنه كان يميل إلى الاعتزال.

توفي في سنة نيفٍ وعشرين بواسط.

394 -

‌ عليّ ابن القدوة الكبير أبي عليّ الفضل بن محمد

، أبو الحسن الفارمذيُّ.

بقية مشايخ الصوفية بالطَّابران. سمع متفق الجوزقي من أحمد بن منصور بن خلف. وسمع من أبي القاسم القُشَيْري، ومن شيخ وقته أبي القاسم الكُركاني، وحدَّث.

ذكره عبد الغافر، فقال: لزم طريقة المشايخ، بارك الله في أنفاسه العزيزة، وأبقاه ركناً في الطَّريقة.

ص: 522

قلت: كان حيًّا بعد العشرين.

395 -

‌ عليّ بن محمد بن الحسين بن حسُّون

، أبو الحسن البَّزَّاز، المعروف بابن الماشطة.

سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النَّقُّور. وعنه ابن عساكر.

396 -

‌ عليّ بن محمد بن علي ابن المحلبان

، أبو الحسن البغداديُّ الكاتب.

سمع أبا يعلى ابن الفرَّاء. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.

397 -

‌ غالب بن أحمد بن محمد بن إبراهيم

، أبو نصر البغدادي الأدمي، القارئ بالألحان، المغني بالقضيب.

سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وامتنع بعضهم من السماع منه للغناء.

398 -

‌ فيروز، أبو الحسن الكُرْجيُّ الدَّلاَّل في الكُتُب

، عتيق بن عيشون.

روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر.

399 -

‌ لطيفة بنت أحمد بن أبي سعيد محمد المحموديِّ العطَّار

.

شيخة صالحة، من أهل نيسابور، أجازت في سنة سبع وعشرين لأبي سعد السَّمعاني. سمعت أبا يعلى الصَّابوني، وأبا سعد الكنجروذي. وعاشت نحواً من ثمانين سنة.

400 -

‌ المبارك بن أحمد بن علي

، أبو نصر البيِّع البغداديُّ الفاميُّ.

سمع القاضي أبي يعلى، وأبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة. وعنه أبو القاسم، وأبو المُعَمَّر.

401 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن قريش

، أبو غالب البغدادي، النصري، الحنفي.

سمع: عبد الصمد ابن المأمون، وأبا يعلى ابن الفراء، وجماعة، روى عنه: مسعود بن غيث الدقاق، وعمر بن طبرزد.

ص: 523

وبقي إلى سنة سبع وعشرين.

402 -

‌ محمد بن ناصر بن محمد بن أحمد بن هارون

، أبو منصور اليزديُّ الصائغ الصَيرفيُّ.

شاب فاضل، ومحدث نبيل. كان جيِّد التَّحْصيل، سريع الكتابة. رأيت جماعة أجزاء بخطه. رحل إلى بغداد قبل الخمسمائة، وقرأ القرآن على الزَّاهد أبي منصور محمد بن أحمد الخيَّاط. وسمع من أبي الحسن ابن العلاّف، وابن بيان وخَلْق. وتفقه بالنِّظامية على أبي سعد المُتَولِّي روى عنه المبارك بن كامل وآحاد الطلبة.

قبض عليه علاء الدَّولة كرشاسب ثم قتَله بعد العشرين وخمسمائة بناحية طَبَس.

قال الحافظ ابن ناصر: كان فيه تساهل في الحديث، وكان يُصَحِّف.

403 -

‌ مَلِكْداذ بن علي بن إلياس

، أبو بكر العمركيُّ القزوينيُّ، مفتي أهل قزوين، وعالمهم وصالحهم.

سمع ابن خلف الشِّيرازي بنيسابور، ومالكاً البانياسي ببغداد، وأبا عطاء المليحي بهراة. تفقه ببغداد ونيسابور، وكان ورعاً ديناً إماماً.

404 -

‌ يوسف بن أحمد بن حسدائي بن يوسف

، الإسرائيلي المسلم الأندلسي، أبو جعفر، الطبيب.

من أعيان الفضلاء في الطب، وله مصنفات، قدم ديار مصر، واتصل بالدولة، وكان خصيصًا بالمأمون وزير الآمر بأحكام الله، وشرح له بعض كتب أبقراط، وله كتاب الإجمال في المنطق، وهو من بيت طب وفلسفة، وأجداده من فضلاء اليهود وأحبارهم، لعنهم الله.

آخر الطبقة والحمد لله.

ص: 524

‌الطبقة الرابعة والخمسون

531 -

540 هـ

ص: 525

بسم الله الرحمن الرحيم

(الحوادث)

‌سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

ورد أبو البركات بن سلمة وزير السلطان مسعود، فقبض على أبي الفتوح بن طلحة، وقرر عليه بحمل مائة ألف دينار من ماله ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي يقول: ما رأينا أعجب من أمرك، أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله، فجرى ما جرى، وأن الراشد ولي ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلا الأثاث، فأخذته كله وتصرفت في دار الضرب، وأخذت التركات والجوالي، فمن أي وجهٍ نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدار ونسلمها، فإني عاهدت أن لا آخذ من المسلمين حبةً ظلمًا، قال: فأسقط ستين ألفًا، وقام أبو الفتوح صاحب المخزن من ماله بعشرة آلاف دينار، وأمر السلطان بجباية الأملاك، فلقي الناس من ذلك شدة، فخرج رجل صالح يقال له ابن الكواز إلى السلطان إلى الميدان، وقال: أنت المطالب بما يجري على الناس، فما يكون جوابك؟ فانظر بين يديك، ولا تكن ممن وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فأسقط ذلك المال.

وجاءت الأخبار بأن الوباء شديد بهمذان وأصبهان.

ثم عادت الجباية من الأملاك، وصودر التجار، ولم يترك للخليفة إلا العقار الخاص.

وجاءت مكاتبة سنجر إلى ابن أخيه مسعود يأمره أن يدخل إلى المقتفي ويبايع عنه، ثم أخذت البيعة من زنكي صاحب الموصل، ودفع الراشد عن زنكي، فتوجه نحو أذربيجان.

وتزوج المقتفي بفاطمة أخت السلطان مسعود.

ص: 527

وتوجه مسعود إلى بلاد الجبل، واستناب على بغداد ألبقش السلاحي، فورد سلجوق شاه، أخو مسعود، إلى واسط، فطرده ألبقش، وكان مستضعفًا.

واجتمع الملك داود وعساكر أذربيجان، فواقعوا السلطان مسعودًا، وجرت وقعة هائلة، ثم قصد مسعود أذربيجان، وقصد داود همذان، ووصلها الراشد المخلوع يوم الوقعة، وتقررت القواعد أن الخليفة المقتفي يكتب لزنكي عشرة بلاد، ولا يعين الراشد، ونفذت إليه المحاضر التي أوجبت خلع الراشد، وأثبتت على قاضي الموصل، فخطب للمقتفي ومسعود، فلما سمع الراشد نفذ يقول لزنكي: غدرت؟! قال: ما لي طاقة بمسعود، فمضى الراشد إلى داود في نفرٍ قليل، وتخلف عنه وزيره ابن صدقة، ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ، ونفذ مسعود ألفي فارس لتأخذه، ففاتهم ومضى إلى مراغة، فدخل إلى قبر أبيه، وبكى وحثى التراب على رأسه، فوافقه أهل مراغة، وحملوا إليه الأموال، وكان يومًا مشهودًا.

وقوي داود، وضرب المصاف مع مسعود، فقتل من أصحاب مسعود خلق.

وعادت الجباية والظلم ببغداد.

وفيها هرب الذي ولي الوزارة بالديار المصرية بعد الحسن ابن الحافظ العبيدي، وهو تاج الدولة بهرام الأرمني النصراني، وكان قد تمكن من البلاد، واستعمل الأرمن، وأساء السيرة في الرعية، فأنف من ذلك رضوان بن الولخشي، فجمع جيشًا وقصد القاهرة، فهرب منه بهرام لعنه الله إلى الصعيد، ومعه خلق من الأرمن، فمنعه متولي أسوان من دخولها، فقاتله، فقتل السودان طائفة من الأرمن، فأرسل يطلب الأمان من الحافظ فأمنه، فعاد إلى القاهرة، فسجن مدة، ثم ترهب وأخرج من الحبس.

وأما رضوان فوزر للحافظ، ولقب بالملك الأفضل، وهو أول وزير بمصر لقبوه بالملك، ثم فسد ما بينه وبين الحافظ، فهرب في شوال سنة ثلاثٍ وثلاثين، ونهبت أمواله وحواصله، فأتى الشام، فنزل على أمين الدولة كمشتكين صاحب صرخد، فأكرمه وعظمه، وجرت له أمور ذكرنا بعضها سنة ثلاثٍ وأربعين.

ص: 528

قال ابن الجوزي: ونودي في الأسواق لابن الخجندي الواعظ بالجلوس في جامع الخليفة، فجلس يوم الجمعة بعد الصلاة، ومنع من كان يجلس، ونودي له بالجلوس في النظامية، فاجتمع خلائق، وحضر الوزير والشحنة والمستوفي، ونظر، وسديد الدولة، وجماعة من القضاة، وحضرت يومئذٍ، وكان لا يحسن يعظ ولا يندار في ذلك.

وفي جمادى الأولى أعيدت بلاد الخليفة، ومعاملاته والتركات إليه، واستقر عن ذلك عشرة آلاف دينار، وعادت ببغداد الجبايات مرة خامسة بعنف وعسف، وقبض الشحنة على أبي الكرم الوالي وقال: لم تتصرف بلا أمري؟ فذهب أبو الكرم إلى رباط أبي النجيب، فتاب وحلق رأسه، ثم خلع عليه، وأعيد إلى الولاية، وكان كافيًا فيها.

وفيها سار عسكر دمشق وعليهم الأمير بزواش، فحاربوا عسكر طرابلس فنصروا، وقتل خلق من الفرنج، ورجع المسلمون بالغنائم والسبي الكثير.

وفيها وقعة بعرين بقرب حماة، التقى الأتابك زنكي والفرنج، فنصر عليهم أيضًا، وأخذ قلعة بعرين، وكان ذلك أول وهنٍ أدخله الله على الفرنج.

وسار زنكي إلى بعلبك، فسلمها إليه كمشتكين الخادم.

وفي ليلة الثلاثين من رمضان رقب الهلال، فلم ير، فأصبح أهل بغداد صائمين لتمام العدة، فلما أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضًا، وكانت السماء جليةً صاحية، ومثل هذا لم يسمع بمثله في التواريخ، وهو عجيب.

‌سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

فيها ظفروا بأحد عشر عيارًا، فصلبوا في الأسواق ببغداد، وصلب صوفي من رباط البسطامي لكم صبيًا فمات، وفيها أخذ الروم بزاعة فاستباحوها، وجاء الناس يستنفرون.

وفيها قبض على ألبقش نائب بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم.

ص: 529

وتزوج السلطان مسعود بسفرى بنت دبيس الأسدي، وسببه أن أولاد دبيس أقطعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دبيس وأمها بنت عميد الدولة بن جهير، وكانت بديعة الحسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السلطان، ليعيد عليها بعض ما أخذ منها، فوصفت له، فتزوجها، وأغلقت بغداد سبعة أيام للفرح، وضربت الطبول وشربت الخمور ظاهرًا وكثر الفساد.

وفي جمادى الآخرة قتل شحنة ببعض البلدان صبيًا مستورًا من المختارة، فأمر السلطان بصلب الشحنة فصلب، وحطه العوام فقطعوه.

ولما أخذ زنكي قلعة بعرين ثارت الروم، وقدموا في البحر من القسطنطينية، وسبق الفرسان إلى أنطاكية، ثم وصلت مراكبهم، فنازلوا أذنة والمصيصة، وهما لابن لاون الأرمني، فأخذها منه الروم، ثم أخذوا عين زربة عنوةً، وتل حمدون، ثم حاصروا أنطاكية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيقوا على أهلها وبها بيمند الفرنجي، ثم تصالح الأرمن والروم، ثم نازلوا حلب.

وفيها، وفي التي بعدها كان بين الموحدين والملثمين حروب عدة، ومنازلة طويلة ومصابرة، كان عبد المؤمن بالموحدين في الجبل والشعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء، ثم جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا.

وفي رمضان وصف للسلطان مسعود امرأةٌ بالحسن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيام.

وكان أمر الراشد بالله قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنية - لعنهم الله - فقتلوه.

وفيها أمر السلطان بقتل ألبقش الذي كان نائب بغداد، فقتل، وقيل: غرق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطعوا رأسه.

وفيها نازل ملك الروم - لعنهم الله - مدينة بزاعة، فسلموها بالأمان في رجب، وكان عدة من خرج منها خمسة آلاف وثمانمائة نفس، وتنصر قاضيها وجماعة من أعيانها نحو أربعمائة نفس، ثم نازل حلب، فخرج إليه خلقٌ من أهلها، فقاتلوه، فقتل خلق من الروم، وقتل بطريقٌ كبير، ثم ملكوا قلعة

ص: 530

الأثارب، ثم نازلوا شيزر وبها سلطان بن علي الكناني، فنصبوا عليها ثمانية عشر منجنيقًا، وعاثوا في الشام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكي، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرسلية كمال الدين الشهرزوري القاضي إلى السلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الروم عن الشام بتخذيلٍ من زنكي بين الروم والأرمن.

‌سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

قال أبو الفرج ابن الجوزي: كانت فيها زلزلة عظيمة بجنزة، أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفًا، فأهلكتهم، وكانت الزلزلة عشرة فراسخ في مثلها، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر أنه خسف بجنزة، وصار مكان البلد ماء أسود، وقدم التجار من أهلها، فلزموا المقابر يبكون على أهاليهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

قلت: وفي مرآة الزمان مائتي ألف وثلاثين ألفًا، أعني الذين هلكوا في جنزة بالزلزلة، وكذا قال ابن الأثير في كامله ولكن ذكر ذلك سنة أربعٍ وثلاثين.

وفيها وصل رسول ابن قاروت صاحب كرمان إلى السلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر بالله، ومعه التقادم والتحف، فجاء وزير مسعود إلى الدار يستأذنها، ونثرت الدنانير وقت العقد، وبعثت إليه، فكانت وفاتها هناك.

وفي ربيع الأول أزيلت المواصير والمكوس من بغداد، ونقشت الألواح بذلك، كان السلطان قد استوزر محمد بن الحسين كمال الدين الرازي الخازن، فأظهر العدل ورفع المكوس والضرائب، ثم دخل إليه ابن عمارة، وابن أبي قيراط، فدفعا في المكوس مائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السلطان، فشهرا في البلد مسودين الوجوه، وحبسا، فلم يتمكن مع الوزير أعداؤه مما يريدون،

ص: 531

فأوحشوا بينه وبين قراسنقر صاحب أذربيجان، فأقبل قراسنقر في العساكر الكثيرة، وقال: إما يحمل رأسه إلي أو الحرب، فخوفوا السلطان مسعود من حادثة لا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قراسنقر، واستولت الأمراء على مغلات البلاد، وعجز مسعود، ولم يبق له إلا مجرد الاسم.

وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر، فسار سنجر لحربه فقاتله وهزم جيوشه، وقتل في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سنجر خوارزم، فأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتب له وزيرًا وأتابكًا، ورد إلى مرو، فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلاد.

وفيها قتل شهاب الدين محمود، وأحضروا أخاه محمدًا من بعلبك، فتملك دمشق، فجاء زنكي الأتابك، فأخذ بعلبك بعد أن نصب عليها أربعة عشر منجنيقًا ترمي ليلا ونهارا، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلموا البلد، وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته الناس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاء.

وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لا سيما حلب، فلما كثرت عليهم خرج أهلها إلى الصحراء، قال ابن الأثير: عدوا ليلةً واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرة، ولم تزل تتعاهدهم بالشام من رابع صفر إلى تاسع عشره، وكان معها صوت وهدة شديدة.

‌سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

في رجب عقد السلطان مسعود على بنت المقتفي لأمر الله.

وتمكن الوزير أبو القاسم بن طراد من الدولتين تمكنًا زائدًا، ثم وقعت وحشة بينه وبين الخليفة.

وتوفي رجلٌ مبارك من أهل باب الأزج نودي عليه، واجتمع الناس في مدرسة الشيخ عبد القادر للصلاة عليه، فلما أريد غسله عطس وعاش.

ص: 532

وفيها تكاثرت كبسات العيارين ببغداد، وصاروا يأخذون جهارًا، وعم الخطب.

وفيها حاصر زنكي دمشق، فذكر ابن الأثير أن زنكي ملك بعلبك، وسار فنزل داريا، وراسل جمال الدين محمد بن بوري يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أي بلدٍ اختار، فلم يجبه، فالتقى العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثيرٌ منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمعٌ كبير من جند دمشق وأحداثها ورجال الغوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السيف، فقتل فيهم وأكثر وأسر، ومن سلم عاد جريحا، وأشرف البلد على أن يؤخذ، لكن عاد زنكي فأمسك عدة أيامٍ عن القتال، وتابع الرسل إلى صاحب دمشق وبذل له بعلبك وحمص، فلم يجيبوه، فعاود القتال والزحف فمرض صاحب دمشق محمد، ومات في شعبان، فطمع زنكي في البلد وزحف عليه زحفا متتابعًا، فلم يقدر على البلد.

وولي بعد موت محمد ابنه مجير الدين أبق، ودبر دولته أنر، فلما ألح عليهم زنكي بالقتال راسل أنر الفرنج يستنجد بهم، وخوفهم من زنكي إن تملك دمشق، فتجمعت الفرنج، وعلم زنكي، فسار إلى حوران لملتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعذرا، وأحرق قرى المرج وترحل، فجاءت الفرنج واجتمعوا بأنر، فسار في عسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكي، فأخذها وسلمها إلى الفرنج، فغضب زنكي، وعاد إلى دمشق، فعاث بحوران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخرجوا واقتتلوا، وقتل جماعة، ثم رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النهب، وسار إلى الموصل، فملك شهرزور وأعمالها.

وفيها جهز عبد المؤمن جيشًا من الموحدين إلى تلمسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانوا اللمتوني، فالتقاهم، فقتل وانهزم جيشهم، وانتهبهم الموحدون.

وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحدوا وأطاعوا، وما برح

ص: 533

عبد المؤمن يسير في الجبال، وتاشفين بن علي يحاذيه في الوطاء مدة طويلة، نحو سنتين، حتى قتل تاشفين.

وفيها وقع الخلف بين جيش مصر، وقتل خلقٌ من الجند.

‌سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

فيها استوزر أبو نصر المظفر بن محمد بن جهير، نقل من الأستاذدارية إلى الوزارة، وعزل ابن طراد.

وفيها ظهر ببغداد رجل قدم إليها وأظهر الزهد والنسك، وقصده الناس من كل جانب، فمات ولدٌ لإنسان، فدفنه قريبًا من قبر السيبي، فذهب ذلك المتزهد فنبشه، ودفنه في موضع، ثم قال للناس: اعلموا أنني رأيت عمر بن الخطاب في المنام، ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فسلما علي، وقالا: في هذا الموضع صبي من أولاد علي بن أبي طالب، ودلهم على المكان، فحفروه، فإذا صبي أمرد، فمن الذي وصل إلى قطعة من أكفانه، وانقلبت بغداد، وخرج أرباب الدولة، وأخذ التراب للبركة، وازدحم الخلق، وبقوا يقبلون يد المتزهد وهو يبكي ويتخشع، وبقي الناس على هذا أيامًا، والميت مكشوف يراه الناس، ويتمسحون به، ثم أنتن، وجاء الأذكياء وتفقدوا الكفن، فإذا هو جديد، فقالوا: كيف يمكن أن يكون هذا هكذا من أربعمائة سنة؟! ونقبوا عن ذلك حتى جاء أبوه فعرفه وقال: هو والله ولدي، دفنته عند السيبي، فمضوا معه، فرأوا القبر قد نبش، فكشفوا فإذا ليس فيه ميت، وسمع المتزهد فهرب، ثم وقعوا به وقرروه، فأقر، فأركب حمارًا، وصفع، في ربيع الأول.

وفي سنة خمسٍ وثلاثين ملكت الإسماعيلية حصن مصياب، كان واليه مملوكًا لصاحب شيزر، فاحتالوا عليه ومكروا به، حتى صعدوا إليه وقتلوه، وملكوا الحصن، وبقي بأيديهم إلى دولة الملك الظاهر.

وفيها توفي الوزير سديد الدولة ابن الأنباري وزير الخليفة وبعده وزر ابن جهير الذي كان أستاذ الدار.

ص: 534

وفيها تضعضع أمر السلطان سنجر، وكان قد قتل ابنًا لخوارزم شاه آتسز بن محمد في الوقعة المذكورة، فحنق خوارزم شاه، وبعث إلى الخطا فطمعهم في خراسان، وتزوج إليهم، وحثهم على قصد مملكة سنجر، فساروا في ثلاثمائة ألف فارس، فسار إليهم سنجر، فالتقوا بما وراء النهر، فانهزم سنجر بعد أن قتل من جيشه أحد عشر ألفًا، وأسرت زوجة السلطان سنجر، وانهزم هو إلى بلخ، فأسرع خوارزمشاه إلى مرو، فدخلها وقتل جماعة، وقبض على أعيانها، ولم يزل السلطان سنجر سعيدًا إلى هذا الوقت، فطلب ابن أخيه السلطان مسعودا، وأمره أن يقرب منه وينزل الري.

قال ابن الأثير: وقيل إن بلاد تركستان، وهي كاشغر، وبلاشاغون، وختن، وطراز، كانت بيد الترك الخانية، وهم مسلمون من نسل افراسياب، وسبب إسلام جدهم الأول أنه رأى في منامه كأن رجلًا نزل من السماء، فقال له بالتركية: أسلم تسلم في الدنيا والآخرة، فأسلم في منامه، وأصبح فأظهر إسلامه، ولما مات قام بعده ولده موسى بن سنق، ولم يزل الملك بتركستان في أولاده إلى أرسلان خان محمد بن سليمان بن داود بغراجان بن إبراهيم طمغاج بن أيلك أرسلان بن علي بن موسى بن سنق، فخرج عليه قدر خان فانتزع الملك منه، فظفر السلطان سنجر بقدر خان، وقتله في سنة أربعٍ وتسعين من إحدى وأربعين سنة، وأعاد الملك إلى أرسلان خان، وكان من جنده نوع من الترك يقال لهم القارغلية، ونوع يقال لهم الغز الذين نهبوا خراسان سنة ثمانٍ وأربعين كما يأتي.

وفيها أخذ المغربي الواعظ ببغداد مكشوف الرأس إلى باب النوبي، وجدوا في داره خابية نبيذ وعودًا وآلات اللهو، فكان ينكر ويقول امرأته مغنية والعود لها.

وفيها وصل رسول السلطان سنجر ومعه البردة والقضيب، فسلمه إلى المقتفي لأمر الله، وكانا مع الراشد لما قتل بظاهر أصبهان.

ص: 535

وفيها أغارت الفرنج على عمل عسقلان، فخرج جندها وقتلوا جماعة، وهزموا الفرنج.

‌سنة ست وثلاثيين وخمسمائة

فيها مات رئيس الباطنية إبراهيم البهلوي، فأحرقه شحنة الري في تابوته.

وفيها دخل ملك خوارزم آتسز بن محمد مدينة مرو، وفتك فيها مراغمةً للسلطان سنجر حين تمت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفية أبي الفضل الكرماني، وعلى جماعة من الفقهاء.

وفيها تم عمل بثق النهروان، وخلع المقدم بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي، وعمائم مذهبة، وبنى لنفسه هناك تربة، وقدم السلطان مسعود عقيب فراغه، وعند جريان الماء في النهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النهر المحفور، وفرح السلطان به، وقيل: إنه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التبن في سنة واحدة، ثم إنه عزله عن شحنكية بغداد، وولى قزل.

وظهر من العيارين ما حير الناس، وذاك أن كل قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين، وكانوا يكبسون الدور بالشموع، ويدخلون الحمامات، ويأخذون الثياب، فلبس الناس السلاح لما زاد النهب، وأعانهم وزير السلطان، والنهب يعمل، والكبسات متوالية، ثم أطلق السلطان الناس في العيارين فتتبعوهم.

وفيها عفى الخليفة عن الوزير علي بن طراد بعد شفاعة السلطان مسعود فيه غير مرة إلى الخليفة وتمكن الخليفة المقتفي، وزادت حرمته، وعلت كلمته.

وفيها كانت وقعة هائلة بين السلطان سنجر وبين كافر ترك بما وراء النهر، فانكسر سنجر، وبلغت الهزيمة إلى ترمذ، وأفلت سنجر، في نفر يسير، فوصل بلخ في ستة أنفس، وأخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وقتل من جيشه مائة ألف أو أكثر، وقيل: إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفًا، كلهم

ص: 536

صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة، وكان سنجر قد قتل أخا صاحب خوارزم، فاستنجد عليهم بكافر ترك، وكان مهادنًا له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا بسنجر، ولم تر وقعةٌ أعظم منها، وكانت في المحرم، وقيل: في صفر.

‌سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

أرسل السلطان سنجر إلى السلطان مسعود أن يجمع الجيش وينزل الري، بحيث إن احتاجه طلبه لأجل النكبة الماضية من الترك، ووصل إلى مسعود عباس شحنة الري بعسكرٍ كثير، وخدمه، ووصل إليه جماعة من الأمراء.

وفيها أخذ زنكي الحديثة واعتقل من فيها من آل مهارش.

وفيها مات محمد بن الدانشمد صاحب ملطية، فاستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية، وفيها كان بمصر وباء عظيم، وهلك الناس.

وفيها جاء طاغية الروم في جموعه يعبر إلى الشام، وخاف الناس، وتلقاه صاحب أنطاكية، ثم أهلك الله طاغية الروم في هذه السنة.

وفيها مات قاضي دمشق المنتجب أبو المعالي محمد بن يحيى، وولي قضاء دمشق بعده ابنه أبو الحسن علي، بعث إليه بمنشور القضاء قاضي قضاة بغداد.

‌سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

جمع السلطان مسعود العساكر لقصد الموصل والشام، وترددت رسل زنكي، ثم تم الصلح على ثلاثمائة ألف دينار في نوب، فعجل ثلاثين ألفًا، ثم تقلبت الأحوال واحتاج إلى مداراة زنكي، وسقط المال، وقبض البعض.

وفيها سار السلطان سنجر وحاصر خوارزم، وكاد أن يفتحها عنوةً، فأخرج خوارزمشاه آتسز الرسل ببذل الطاعة والمال، ويعود إلى الانقياد، ويعتذر عما تقدم، فصالحه سنجر، وانعقد الصلح.

وافتتح زنكي في هذا العصر فتوحاتٍ عظيمة، وهابته الملوك، واتسعت ممالكه.

ص: 537

وكان البلاء شديدًا ببغداد من الحرامية وأذيتهم، ثم صلب جماعة منهم، فسكن الناس قليلًا.

وقدم السلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي أحد الكبار والمناظرين، قال ابن الجوزي: جالسته مدةً، وسمعت مجالسه كثيرًا، وجلس بجامع القصر، وكان يلعن الأشعري جهرًا على المنبر ويقول: كن شافعيًا ولا تكن أشعريًا، وكن حنفيًا ولا تكن معتزليًا، وكن حنبليًا ولا تكن مشبهًا، وما رأيت أعجب من الشافعية، يتركون الأصل ويتعلقون بالفرع، وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشطرنج بغلا، وقد جلس في رجب في دار السلطنة، وحضر السلطان مجلس وعظه، وكان قد كتب على باب النظامية اسم الأشعري، فتقدم السلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشافعي.

وكان أبو الفتوح الإسفراييني يجلس ويعظ في رباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعري، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغزنوي إلى السلطان وأخبره بالفتن وقال: إن أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رجم ببغداد مرارًا، والصواب إخراجه، فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النيسابوري إلى وطنه.

ويعرف الإسفراييني المذكور بابن المعتمد، واسمه محمد بن الفضل بن محمد، ولد سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة بإسفرايين، ودخل بغداد فاستوطنها.

وكان يبالغ في التعصب لمذهب الأشعري، وكانت الفتن قائمة في أيامه واللعنات في الأسواق، وكان بينه وبين الواعظ أبي الحسن الغزنوي حسدٌ وشنآن، وكان كل واحدٍ منهما ينال من الآخر على المنبر، فلما بويع الراشد بالله، وخرج عن بغداد، خرج معه أبو الفتوح إلى الموصل، فلما قتل الراشد سئل المقتفي فيه، فأذن له في العود إلى بغداد، فجاء وتكلم، واتفق مجيء الحسن بن أبي بكر النيسابوري فوعظ، ووجد الغزنوي فرصةً، فكلم السلطان في أبي الفتوح، فأصغى إليه.

وقال ابن الجوزي: بلغني أن السلطان قال للحسن النيسابوري: تقلد

ص: 538

دم أبي الفتوح حتى أقتله، فقال: لا أتقلد، فوكل بأبي الفتوح حتى أخرج من بغداد، ووقف عند السور خمسة عشر تركيًا، فشيعه خلق كثير، فلما وصلوا إلى السور ضربتهم الأتراك، فرجعوا، وأرسل إلى همذان، ثم سلم إلى عباس، فبعثه إلى إسفرايين، واشترط عليه أنه متى خرج من بلده أهلك، وجاء حموه أبو القاسم شيخ الرباط، وأبو منصور ابن الرزاز، ويوسف الدمشقي، وأبو النجيب السهروردي إلى السلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم، ونودي في بغداد أن لا يذكر أحد مذهبًا، ولا يثير فتنة، فلما وصل أبو الفتوح إلى بسطام توفي بها في ذي الحجة ودفن هناك.

قلت: ولما بلغت ابن عساكر الحافظ وفاته أملى مجلسا سمعناه بالاتصال، وعمل له العزاء في رباطه ببغداد، فحضره الغزنوي، فلامه بعض الناس وقال: ما لك أظهرت الحزن عليه وبكيت؟ قال: أنا بكيت على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فعدم النظير، ودنا الرحيل.

وفيها نازل عبد المؤمن تلمسان، وحاصرها مدةً طويلة، فكشف عنها تاشفين بن علي.

‌سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة

فيها نهض عسكر بعلبك، فأغاروا على الفرنج، فقتلوا وسبوا، ثم التقوا الفرنج، فنصرهم الله، ورجعوا إلى بعلبك، وكذا فعل عسكر حلب، وأخذوا قفلًا كبيرًا للفرنج، وجاءوا بالغنيمة، فلله الحمد.

وفيها نزل زنكي على الرها، وهي للفرنج، فنصب عليها المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيه الحطب والنار، فانهدم، ودخلها، فحاربهم ونصر المسلمون، وغنموا وسبوا، وخلص منها خمسمائة أسير، فلما قتل زنكي استردتها الفرنج، وقتلوا من بها من المسلمين، فلله الأمر.

وفيها حج بالناس من العراق نظر الخادم، فنهب أصحاب هاشم بن فليتة بن القاسم العلوي الحسيني صاحب مكة الناس في وسط الحرم، ولم يرقبوا منهم إلًا ولا ذمة.

وفيها تولى تدبير مملكة غرناطة أبو الحسن علي بن عمر الهمداني قاضي

ص: 539

المرية، وذلك عند انقضاء دولة الملثمين، فلم تطل أيامه، وتوفي في عشر السبعين، وكان من كبار الفقهاء، ومن فصحاء الشعراء.

وفيها وجه عبد المؤمن جيشًا مع أبي حفص الهنتاتي إلى وهران، فهجمها وأخذها بغتة، فأسرع إليه تاشفين، ففر منها أبو حفص ونزل بجبل بها، ثم هلك تاشفين كما ذكرنا في ترجمته.

سنة أربعين وخمسمائة

في رجب قدم السلطان مسعود بغداد وكان قد توجه لحربه سليمان شاه، ومحمد شاه، وعباس شحنة الري، ثم تفرقوا وسار علي بن دبيس، فجمع بني أسد وسار إلى الحلة، وبها أخوه محمد بن دبيس فتحاربا، فانهزم محمد وتملك علي الحلة واستفحل أمره، فقصده مهلهل، وأمير الحاج نظر في عسكر بغداد فهزمهم أقبح هزيمة، وكان مع هذا صبيا أمرد، ثم إن السلطان أمره على الحلة.

وفيها افتتح عبد المؤمن بن علي مدينة تلمسان، ثم مدينة فاس بعد حصار طويل وبلاء شديد، وقتل وأسر وعمل ما لا يخيل.

ص: 540

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر

(ال وفيات)

سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

وتسمية من توفي فيها

1 -

‌ أحمد بن بركة بن يحيى البقال

.

صحيح السماع، بغدادي، يروي عن: أبي القاسم ابن البسري، وعاصم العاصمي، توفي في شعبان.

2 -

‌ أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار

، أبو العباس الجذامي، الإشبيلي، المقرئ، ابن النخاس، ويكنى أبا جعفر أيضًا.

أخذ القراءات عن: أبي عبد الله محمد بن شريح، وأبي الحسن العبسي، وأبي عبد الله السرقسطي، ومحمد بن يحيى العبدري، وأجاز له أبو علي الغساني، وجماعة.

وتصدر للإقراء في أيام أبي داود، وابن الدوش، أخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خير، ونجبة بن يحيى، وكان يلقب بالمجود لحسن قراءته، وله مصنف في الناسخ والمنسوخ.

توفي في رجب، وكان مولده سنة أربع خمسين وأربعمائة، تلا عليه بالسبع أبو حميد عبد العزيز السماتي.

3 -

‌ أحمد بن أبي العلاء عبد الكريم بن أحمد الصدر

، النبيل، أبو رشيد القاساني، الأصبهاني.

سمع: البزاني، وأبا منصور بن شكرويه.

ص: 541

قال السمعاني: كتبت عنه في هذه السنة.

4 -

‌ أحمد بن عقيل بن محمد بن علي

، أبو الفتح بن أبي الحوافر البعلبكي.

حدث عن: أبيه، روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد الحنفي وقال: توفي في ربيع الأول، وأبوه فارسي الأصل، فقيه روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر.

5 -

‌ أحمد بن علي

، أبو البركات ابن الأبرادي، الفقيه الحنبلي، الرجل الصالح.

تفقه على أبي الوفاء بن عقيل، وسمع من: أبي الحسن الأنباري، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وغيرهما، ووقف داره مدرسةً على الحنابلة، وهي بالبدرية، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأشرف بن أبي هاشم.

توفي في رمضان.

6 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو العباس النعالي، الأسداباذي.

محدث، رحال، سمع الكثير، وتعب وجمع، ولم يكن له كبير فهم، سمع ببلده: أبا الحسن المحكمي، وببغداد: أبا نصر الزينبي، وأخاه طرادًا، وجماعة.

قال ابن السمعاني: حدثنا عنه جماعة من أصحابنا، وتوفي في ذي القعدة.

7 -

‌ أحمد بن محمد بن ثابت بن حسن بن علي

، أبو سعد، ولد الإمام أبي بكر الخجندي، الأصبهاني.

تفقه على والده، وشاخ، وولي تدريس النظامية غير مرة.

قال ابن السمعاني: رأيته بأصبهان لازمًا بيته، سمع: علي بن عبد الرحمن

ص: 542

ابن عليك النيسابوري، والحسن بن عمر بن يونس الحافظ، وقرأت عليه جزءًا، وتوفي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سنة.

8 -

‌ أحمد بن أحمد بن محمد

، أبو الحسن ابن القصير، الغرناطي.

روى عن: القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي علي الغساني، وأبي عبد الله الطلاعي.

وكان فقيهًا، حافظًا، مشاورًا ببلده، واستقضي بغير موضع، وتوفي في ذي الحجة.

9 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان

، أبو عبد الله بن أبي تمام الدقاق، الهمداني، الشروطي.

بغدادي أصيل، سمع: أباه، وعمه أبا الغنائم، وعبد الصمد ابن المأمون، وهناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة.

قال ابن النجار: حدثنا عنه أحمد بن صالح المضري، توفي في ذي الحجة وله ثمانٍ وسبعون سنة.

10 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي القاسم ابن تليزة

، أبو نصر الأصبهاني، الكاتب، الخوزي، كان يسكن سكة الخوزيين.

سمع: أبا عمرو بن منده، وجماعة، توفي في شوال في عشر السبعين، أخذ عنه أبو سعد السمعاني.

11 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عبد الواحد بن عبدويه

، أبو إسحاق الأصبهاني، الحللي.

ص: 543

روى عن: أبي القاسم عبد الواحد بن أحمد، وعنه: أبو موسى المديني، توفي في ربيع الأول.

12 -

‌ إسماعيل بن حسن بن محمد العلوي الحسيني الطبيب

.

هو جرجاني سكن خوارزم دهرا، ثم تحول إلى مرو، كان أوحد عصره في الطب، وله فيه التصانيف السائرة بالعربية والعجمية. ذكر أنه سمع أربعي أبي القاسم القشيري منه، وحدث بها بمرو. وكان رخوا في دينه، ذكره السمعاني.

13 -

‌ إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح

، أبو محمد النيسابوري، القارئ.

قال ابن نقطة: سمع صحيح مسلم من عبد الغافر بن محمد الفارسي، وأحاديث يحيى بن يحيى، وسمع من: أبي حفص بن مسرور جماعة أجزاء، روى عنه الحفاظ: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو سعد السمعاني، والحسن بن محمد القشيري، وزينب الشعرية، وآخرون.

وقال أبو سعد: شيخ، صالح، عفيف، صوفي، نظيف، مواظب على الجماعات، خدم الأستاذ أبا القاسم القشيري، وولد في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة. وتوفي يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين.

وقال ابن نقطة: روى عنه صحيح مسلم أبو سعد الحسن بن محمد بن المحسن القشيري، ثم قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، قراءةً عليه وأنا أسمع، في سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا عمر بن مسرور، قال: أخبرنا ابن نجيد، فذكر حديثًا.

قلت: سمعت جزء ابن نجيد على غير واحدٍ بإجازة زينب المذكورة، بهذا الإسناد، وقد أجاز لأبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث عنه بأجزاء ابن مسرور.

ص: 544

14 -

‌ بركات بن عبد العزيز بن الحسين

، أبو الحسن الدمشقي، الأنماطي.

سمع: أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد.

وكان حافظًا للقرآن، مستورًا، قاله ابن عساكر، وقال: كان شيخًا مغفلًا، حدثني أبو الحسين القيسي أنه قال: إنهم يقولون إن صلاتي كافرة، فقال: إنما يقولون بدعة، فقال: هو هذا. وكان يديم الخروج إلى مغارة الدم، ويصلي بالناس النوافل، ويعمم الصبيان يوم العيد. وتوفي في رمضان.

قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.

15 -

‌ تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس

، أبو القاسم الجرجاني، المؤدب.

سمع مسند أبي يعلى، من أبي سعد الكنجروذي، وسمع من: أبي حفص عمر بن مسرور، وأبي عامر الحسن بن محمد بن علي النسوي القومسي، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربي، وعلي بن محمد بن علي بن عبيد الله البحاثي راوي التقاسيم والأنواع، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي.

وكان مسند هراة في زمانه، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وجماعة، وآخر من روى عنه أبو روح عبد المعز الهروي.

قال ابن نقطة: ذكر لي يحيى بن علي المالقي ببغداد أنه لما قدم أبو جعفر بن خولة الغرناطي من الهند إلى هراة، أخرج إليهم بقية الأصل بمسند أبي يعلى، وفيه سماع أبي روح، من تميم، قال يحيى: فكمل له جميع المسند سماعًا منه بتلك المجلدة.

قلت: لا أعلم متى توفي تميم، لكنه كان باقيًا في حدود هذه السنة بهراة، وسماعاته فبنيسابور، وكان يؤدب، وسماع أبي روح منه في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، عن أبي روح: قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة

ص: 545

قراءة عليه: قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا فليح، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، «أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في يوم النحر في رهطٍ يؤذن في الناس: أن لا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوفن بالبيت عريان».

أخرجه البخاري، عن الزهراني، فوافقناه.

وأخبرنا ابن الخلال: قال: أخبرنا عتيق السلماني، وغيره قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن عساكر، قال: أخبرنا تميم الجرجاني بهراة في شعبان سنة ثلاثين، فذكر حديث بهز بن حكيم في البر، من جزء ابن نجيد.

وقد قال ابن السمعاني إنه لما دخل هراة كان تميم قد توفي، وإنه أجاز له في سنة ثمانٍ وعشرين، وقد سمع منه أبو روح في هذه السنة أيضًا.

وقال ابن السمعاني في التحبير: تميم بن أبي سعيد المؤدب، المعلم القصاري، أكثر بإفادة خاله القاضي أبي محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني، ثم سكن هراة، وكان مسندًا، ثقة، صالحًا، يعلم الصبيان، سمع: ابن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان البحيري، وأبا عثمان الصابوني، والبيهقي، ومحمد بن عبد الله العمري الهروي، وأبا بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري، وروى لي عنه جماعة، فمن جملة ما سمعه: معجم الحاكم، قال: أخبرنا البيهقي عنه، ومسند أبي يعلى القدر الذي كان عند أبي سعد، في خمسةٍ وثلاثين جزءًا، وكتاب المتفق للجوزقي، بروايته عن أبي بكر المغربي، للقدر الذي عنده منه، وكتاب الترغيب لحميد بن زنجويه. قال: أخبرنا أبو بكر العمري، قال: أخبرنا ابن أبي شريح، قال: أخبرنا الرذاني عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة عشرة، وصحيح ابن حبان، بروايته عن البحاثي، عن محمد بن أحمد الزوزني، عنه. وفوائد

ص: 546

المغربي، انتقاء خاله عليه، ومعرفة علوم الحديث، للحاكم، عن الكنجروذي، عنه.

16 -

‌ الحسين بن أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن تميم

، أبو القاسم التميمي، الدمشقي، الشاهد.

سمع من: أبي القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسي، وسهل بن بشر، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وكتب بخطه الكثير، روى عنه: عبد الخالق بن أسد.

وقال ابن عساكر: سمع منه أصحابنا، وأجاز لي. وتوفي في صفر، ودفن بداره بباب البريد، ثم نقل بعد خمسٍ وعشرين سنة إلى جبل قاسيون، وكان مولده في سنة ستٍ وستين وأربعمائة.

17 -

‌ الحسن بن منصور بن محمد بن عبد الجبار

، الشيخ أبو محمد التميمي، السمعاني، المروزي، عم الحافظ أبي سعد.

قال: سمع الكثير ونسخه، وجمع جموعًا في الحديث، وقرأت عليه الكثير. وكان إمامًا، زاهدًا، ورعًا، وقورًا، تاركًا لمخالطة الناس. سمع: نظام الملك، ووالده، وعلي بن أحمد المديني، وخلقًا. ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، دخل السراق في الليل، فخنقوه لأجل مالٍ أودع عندهم، والله يرحمه، في غرة جمادى الأولى.

18 -

‌ الحسن بن هادي بن الحسن

، أبو العز العلوي، الأصبهاني.

سمع: أبا مسلم بن مهربزد، وعائشة الوركانية، قرأ عليه ابن السمعاني ورقة.

وجئناه مرةً، فصاح فينا، فقلنا: جئناك لنقرأ حديث جدك صلى الله عليه وسلم؛ فتكلم بكلمة يكفر الإنسان بدونها، وضربت على سماعي منه، عاش نيفًا وثمانين سنة.

ص: 547

19 -

‌ الحسن بن محمد بن مرداس

، أبو محمد البيهقي، الخسروجردي، وخسروجرد: إحدى قرى بيهق.

سمع بقريته من: عبيد الله بن المعتز البيهقي.

أخذ عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره، وقال: مات بعد صفر سنة إحدى وثلاثين.

20 -

‌ الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن الفرخان

، أبو عبد الله السمناني.

ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، صحب المشايخ وخدمهم، ورحل إلى نيسابور، وسمع: أبا القاسم القشيري، وأبا الحسن الواحدي المفسر، وأبا بكر أحمد بن خلف، وروى ببغداد الوسيط للواحدي، وقد رحل إلى بوشنج، وسمع بها من جمال الإسلام أبي الحسن الداودي، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.

روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وغيره.

قال أبو سعد السمعاني: دخلت سمنان في أواخر صفر لأسمع منه، فذكر لي جماعة أنه مات من شهر.

21 -

‌ حمزة بن شجاع بن أبي بكر محمد بن إبراهيم اللفتواني

، أبو الوفاء.

أسمعه أخوه الحافظ محمد بن أبي بكر من أبي عبد الله الثقفي، وجماعة. مات كهلًا في رجب. أخذ عنه السمعاني.

22 -

‌ سعيد بن طلحة بن حسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم

، الصالحاني، الأصبهاني، أبو الخير، الأديب.

شاعر مفلق، أجاز له أحمد بن الفضل الباطرقاني، وسمع من: عائشة الوركانية. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما.

ص: 548

وتوفي في رمضان.

23 -

‌ سهل بن علي بن عثمان

، أبو نصر النيسابوري، التاجر، السفار، الشافعي.

حضر درس أبي المعالي الجويني، وسمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا الفتح نصر بن الحسن التنكتي، ودخل الأندلس، وحدث بالإسكندرية، قال القاضي عياض: حدثني بحكايات، وروى عنه: أبو محمد العثماني، وتوفي غريقًا منصرفة من المرية في سنة إحدى هذه.

24 -

‌ شبيب بن عبد الله بن محمد بن خورة

، الأصبهاني، أبو المظفر.

سمع: أحمد الباطرقاني، مات في رمضان عن ثمانين سنة.

25 -

‌ طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد

، أبو محمد الإسفراييني، الصائغ.

دمشقي من أولاد الشيوخ، ولد سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أباه المحدث أبا الفرج، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الدائم بن الحسن الهلالي، وأبا الحسين محمد بن مكي الأزدي، وأبا بكر الخطيب، والكتاني، وابن أبي الحديد، وغيرهم.

روى عنه: الحافظ أبو القاسم، وقال: كان شيخًا عسرًا، مع جهله بالحديث، وعدم ثقته، حك اسم أخيه من كتاب الشهاب للقضاعي، وأثبت بدله اسمه، وتوفي في ذي الحجة.

قلت: وروى عنه: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وأبو القاسم عبد الصمد بن محمد ابن الحرستاني، وجماعة.

26 -

‌ عبد الله بن محمد بن أحمد بن مملة

، أبو منصور الأصبهاني، الشروطي، المعروف بالكسائي.

سمع: عبد الرحمن بن منده، والمطهر البزاني، وأبا عيسى بن زياد، وأبا

ص: 549

بكر بن ماجه، روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو المجد زاهر الثقفي، وآخرون.

توفي في أول سنة إحدى وثلاثين.

27 -

‌ عبد الجبار بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد

، أبو الحسن بن أبي الحسن ابن الأستاذ أبي القاسم الدهان، النيسابوري، البيع.

لم أظفر له بوفاة، لكني أعلم أنه كان في هذه الحدود.

ذكره عبد الغافر فقال: شابٌ عهدناه في أيام الصبا، سديد الطريقة، من بيت الثروة والمروءة. سمع من الأئمة مثل: البيهقي، وسعيد العيار، والطبقة، إلى أن توفي جده، سمع الأصحاب منه، وقرئ عليه الكثير.

قلت: روى عنه: السنن الكبير عبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري.

وذكره أبو سعد السمعاني، وأنه أجاز له في سنة سبعٍ وعشرين؛ وقال: شيخ ثقة، من أهل الخير والأمانة، كان عنده تصانيف أبي بكر البيهقي، وحدث بالكثير.

وسمع: أبا طاهر محمد بن علي الرزاز الحافظ، والبيهقي، وأبا يعلى الصابوني.

28 -

‌ عبد الرحمن بن الحسين بن محمد

، الإمام أبو محمد ابن العلامة أبي عبد الله الطبري، الشافعي.

ولد ببغداد، وبها نشأ، ووالده من أعيان أصحاب الشيخ أبي إسحاق.

أنفق أبو محمد هذا الأموال والذخائر حتى ولي تدريس النظامية ببغداد.

قال ابن السمعاني: خرج عنه في الرشوة إلى الأكابر لتحصيل المدرسة ما لو أراد لبنى به مدرسة كاملة، وورد علينا مرو، وكان شيخًا بهي المنظر، حسن الكلام في المسائل.

حدثنا عن أبي علي الحداد وقال: سمعت من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وتفقهت عليه، وأصولي ببغداد، وذكر أن مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

ص: 550

توفي بخوارزم في سنة إحدى وثلاثين أو في سنة ثلاثين.

29 -

‌ عبد الرزاق بن عبد الله ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري

، أبو المكارم.

صالح، خير، سمع: جدته فاطمة بنت الدقاق، والفضل بن المحب.

مات في صفر، أو ربيع الأول، أخذ عنه: السمعاني، وغيره.

30 -

‌ عبد العزيز بن علي بن عيسى

، أبو الأصبغ الغافقي، المعروف بالشقوري، نزيل قرطبة، روى عن: أبي علي بن سكرة، وجماعة. وكان من كبار الفقهاء، كتب للقضاة بقرطبة.

توفي يوم عيد الفطر.

31 -

‌ عبد الغني بن محمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة

، أبو القاسم الباجسرائي، من تناء بعقوبا.

وكان صالحًا، فاضلًا، متميزًا، وله شعرٌ حسن، سمع: أبا القاسم ابن البسري، وأبا نصر الزينبي، روى عنه: أبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وابنه أبو المعالي أحمد. وتوفي في شعبان ببعقوبا.

32 -

‌ عبد الكريم بن شريح

، الفقيه أبو معمر الروياني، قاضي آمل طبرستان.

إمام مناظر، سمع ببسطام، وآمل، وبساوة من: محمد بن أحمد الكامخي؛ وبأصبهان من: محمود الكوسج؛ وبنيسابور من: محمد بن إسماعيل التفليسي.

أخذ عنه السمعاني، ومات في رمضان.

33 -

‌ عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف

، أبو الفضل بن أبي الحسن اليوسفي، البغدادي.

طلب الحديث بنفسه، وأكثر، وحصل الأصول، وهو من بيت علم

ص: 551

ورواية، سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري، وحدث، وسمع منه جماعة.

وتوفي في رابع ذي الحجة.

وكان أبوه يروي عن أبي علي ابن المذهب.

روى عنه: عبد الرحمن بن محمد القصري، وصالح بن محمد الأزجي.

34 -

‌ عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله بن شباب

، أبو المعالي البروجردي، أخو القاضي شبيب.

شيخ معمر، ممتع بحواسه، سمع من: أبي محمد الصريفيني، وحدث ببروجرد بالجعديات غير مرة، وتوفي في شهر ربيع الأول، عن تسعين سنة.

35 -

‌ عبيد الله بن مسعود بن عبد العزيز

، أبو البقاء الرازي، ثم البغدادي، القاضي، أخو عبد الله.

سمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، والصريفيني، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، ويحيى بن بوش.

وتوفي في جمادى الأولى.

36 -

‌ علي بن أحمد بن عبد الله

، أبو الحسن الربعي، المقدسي، التاجر، الشافعي.

قال ابن بشكوال: له سماع من أبي بكر الخطيب، ومن نصر المقدسي، ودرس على أبي إسحاق الشيرازي، وسكن المرية، أخبرنا عنه القاضي عياض وقال: أخبرنا أبو الحسن هذا، عن أبي بكر الخطيب، عن أبي حازم العبدويي، فذكر حديثًا، قال: وتوفي سنة إحدى وثلاثين.

37 -

‌ علي بن محمد بن علي

، أبو الحسن الهروي، الأديب، مؤدب أولاد الوزير نوشروان بن خالد.

حدث عن: البانياسي، ورزق الله التميمي.

ص: 552

38 -

‌ علي بن المبارك بن علي

، أبو الحسن الدردائي، ودردا: من قرى بغداد.

رئيس متمول، حدث عن: أبي القاسم ابن البسري، روى عنه جماعة.

39 -

‌ فارس بن بنجير بن فارس بن يوسف

، الأديب، أبو الهيجاء القرميسيني.

شيخ صالح يؤدب الصبيان، سمع: أباه، ومكي بن بنجير الهمذاني بهمذان، وأبا معشر الطبري بمكة، وحدث، وأجاز لابن السمعاني.

40 -

‌ محمد بن أحمد بن علي

، أبو الحسن ابن الأبرادي، الزاهد.

تفقه وتعبد، وصحب أبا الحسين بن الفاعوس، ووقف دارًا له بالبدرية، مدرسة للحنابلة.

وتوفي في ثاني رمضان ببغداد.

41 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسن

، أبو بكر البروجردي، الجوهري، رئيس بروجرد، بلدة عند همذان.

كان محتشمًا متمولًا، رحل وعني بالحديث، وخرج معجمًا لنفسه، سمع ببلده من جماعة، وبالكرج من مكي السلار، وبهمذان من: الساوي الكامخي، وحمد بن منصور، وأحمد بن عمر البيع، وبأصبهان من: أبي العلاء محمد الفرساني، وأبي مطيع، وببسطام، وساوة، ودامغان.

وسمع بنيسابور من: علي بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، وبمرو: أحمد بن عبد الوهاب المروزي، وبهراة: صاعد بن سيار القاضي، وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي، وببلخ من: أحمد بن محمد الخليلي، وببغداد من: علي بن محمد العلاف، وابن بيان، وخلق.

روى عنه: المبارك بن كامل، ويحيى بن بوش.

قال ابن ناصر: كان تاجرًا، وما كان يعرف شيئًا من الحديث.

وقال السمعاني: ولد سنة ستين، وتوفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين.

ص: 553

قلت: كان يتجر ويسمع بهذه النواحي.

42 -

‌ محمد بن أبي علي الحسن بن محمد بن عبد الله

، أبو جعفر الهمذاني، الحافظ.

شيخ، صالح، ثقة مأمون، معمر، رحل إلى العراق في سنة ستين وأربعمائة فسمع بها، ولكن لم يكن معتنيًا حينئذٍ بالسماع، ثم سمع بعد ذلك من: أبي الحسين ابن النقور، وأبي القاسم ابن البسري، وهذه الطبقة ببغداد، ورحل إلى نيسابور: فسمع: الفضل بن المحب، وأبا صالح المؤذن، وأصحاب العلوي وأبي نعيم الإسفراييني، وحج فسمع: أبا علي الشافعي، وسعد بن علي الزنجاني شيخ الحرم، وسمع بهراة شيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري، وأبا غانم محمود بن القاسم الأزدي، وبجرجان إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وسمع صحيح البخاري من أبي الخير محمد بن موسى الصفار.

وحدث بجامع أبي عيسى عن: أبي عامر الأزدي، ومحمد بن محمد بن العلاء، وأبي حامد ثابت بن أبي العباس بن سهلك القاضي، بسماعهم من الجراحي، وسمع جماعة بهمذان، وكان من أئمة السنة، ومن مشايخ الصوفية.

قال ابن السمعاني: سافر الكثير إلى البلدان الشاسعة، وسمع، ونسخ بخطه، وما أعرف أن في عصره أحدًا سمع أكثر منه.

قال: وحكي عنه أنه قال: دخلت بغداد سنة ستين، فكنت أحضر عند الشيوخ، وأسمع، ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأني كنت لا أعرف العربية، حتى دخلت البادية فلم أزل أدور مع الظاعنين من العرب حتى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: رجعت إلينا عربيًا، وكان يسميني الخثعمي، لإقامتي في بني خثعم في البادية.

قال ابن السمعاني: وكان خطه رديئًا، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت، وسمعت محمد بن أبي طاهر الصوفي بأصبهان يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي علي يقول: تعسر علي بعض شيوخي بجرجان، فحلفت أن لا أخرج منها حتى أكتب كل ما عنده، فأقمت مدة، وكان يخرج إلي الأجزاء والرقاع، حتى كتبت جميع ما عنده.

روى عنه: أبو العلاء الهمذاني، ومن القدماء: محمد بن طاهر المقدسي.

ص: 554

وآخر من روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن المعزم الهمذاني.

توفي في منتصف ذي القعدة، وهو الذي أورد على إمام الحرمين في إثبات العلو لله، وقال: حيرني الهمذاني.

وقد روى عنه ابن عساكر.

43 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن محمد

، الهلالي، الخلوقي، المروزي.

إمامٌ مفتٍ، عارف بالمذهب، سمع: أبا الخير الصفار، ومحمد بن الحسن المهربندقشاني، وجماعة.

مات في ربيع الأول، عن ثمانٍ وسبعين سنة.

44 -

‌ محمد بن علي الخفاف؛ بغدادي

، يعرف بابن الكوفية.

روى عن: أبي نصر الزينبي. وتوفي في رجب.

45 -

‌ محمد بن الفضل بن عبد الواحد

، القاضي أبو الوفاء الناينجي الأصبهاني، ويعرف بابن جلة.

كان يتولى القضاء بنايين، وهي ناحية من نواحي أصبهان.

قال ابن السمعاني: شيخ كيس، سمع الكثير، وحصل الأصول، سمع: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجه، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة، ورحل إلى بغداد فسمع من: طراد، وابن البطر، وخرج له أبو نصر اليونارتي، وتوفي بأصبهان.

46 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد

، أبو بكر الأصبهاني الخاني، المقرئ، من مسندي أصبهان.

روى عن: أبي مسلم بن مهربزد، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وبكر بن حيد، وعلي بن محمد الحسناباذي، وجماعة، وعنه: السمعاني، وغيره.

لم أظفر له بوفاة.

ص: 555

47 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن محمد

، أبو نصر الخموشي السرخسي.

صدوق، مكثر، رئيس، ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وسمع: زهير بن الحسن الجذامي، وعبد الله بن عباس العبدوسي، وغيرهما، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبوه.

مات في ربيع الآخر.

48 -

‌ محمد بن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس

، أبو البركات الموصلي.

من بيت العلم والفضيلة بالموصل، روى عن: أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق، وعنه: الصائن هبة الله ابن عساكر، والكمال محمد بن عبد الله بن الشهرزوري القاضي.

وسماع الكمال منه ببغداد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.

قال ابنه سليمان: توفي أبي في شوال سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وكان مولده في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

49 -

‌ المبارك بن علي بن أبي الجود

، أبو القاسم البغدادي العتابي، من شارع العتابيين.

كان أمين القاضي، سمع: أبا الحسين ابن النقور، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.

وتوفي في شعبان.

50 -

‌ مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ

، أبو سلامة الشيزري الكناني.

من بيت الإمرة والفروسية والحشمة، كان سمحًا، جوادًا، شجاعًا، شاعرًا، مليح الكتابة، كتب مصحفًا بالذهب، فجاء غايةً في الحسن.

ولد سنة ستين وأربعمائة بحلب، وسافر إلى أصبهان، وبغداد.

ص: 556

قال ابن عساكر: كان بارعًا في العربية، وحسن الخط والشعر، حسن التلاوة، كثير الصيام، بطلا شجاعًا، نسخ بخطه سبعين ختمة، حدثني ابنه الأمير محمد، قال: لما مات عمي صاحب شيزر أبو المرهف نصر بن علي أوصى بشيزر لأبي، فقال: والله، لا وليتها، ولأخرجن من الدنيا كما دخلت إليها، فولاها أخاه أبا العشائر سلطان بن علي.

ومن شعر مرشد:

لنا منك يا سلمى عذابٌ وتعذيب وجفنٌ قريحٌ دمعه فيك مسكوب ووعدٌ كوعد الدهر للبحر بالغنى ولكنه بالمين والمطل مقطوب وهي قصيدة طويلة.

قال أبو المغيث بن مرشد: كنت عند أبي وهو ينسخ مصحفًا، ونحن نتذاكر خروج الفرنج الروم، فرفع المصحف، وقال: اللهم بحق من أنزلته عليه، إن قضيت بخروج الروم فخذ روحي ولا أراهم. فمات في رمضان سنة إحدى وثلاثين بشيزر، ونازلتها الروم في شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ونصبوا عليها ثمانية عشر منجنيقًا، ثم رحلوا عنها بعد حصار أربعةٍ وعشرين يومًا.

51 -

‌ مكي بن الحسن بن المعافى

، أبو الحرم السلمي الجبيلي.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ومقاتل بن مطكود، وقال: إنه سمع بطرابلس كتاب الشهاب من مصنفه، وولد بجبيل سنة أربعين، أو قبلها، روى عنه: الحافظان السلفي، وابن عساكر.

وتوفي في جمادى الأولى وكان كثير التلاوة في المصحف، متين الديانة، صالحًا.

52 -

‌ نصر بن الحسين بن الحسن

، أبو القاسم ابن الخبازة، البغدادي، الحنبلي، المقرئ.

قرأ بالروايات على عبد القاهر العباسي صاحب الكارزيني، وعلى يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمامي، وسمع من: طراد الزينبي، وجماعة.

ص: 557

وحدث وأقرأ، روى عنه: معمر ابن الفاخر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما.

53 -

‌ هبة الله بن أحمد بن عمر

، أبو القاسم البغدادي، الحريري، المقرئ، المعروف بابن الطبر، خال الحافظ عبد الوهاب الأنماطي.

شيخ مشهور، معمر، مقرئ، ثقة، صدوق، عارف بالقراءات، ولد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القرآن على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط في سنة إحدى وستين، عن قراءته على أبي أحمد الفرضي، والسوسنجردي، وجماعة، قرأ عليه: التاج الكندي، وهو أقدم شيخ له، وسمع الحديث من: أبي الحسن محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحرة، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي طالب العشاري، وغيرهم.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، ويحيى بن ياقوت النجار، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي الصوفي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة، وعلي بن محمد بن علي الأنباري، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، وفاطمة بنت سعد الخير، وبقاء بن حنذ، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وعمر بن طبرزد، والكندي، وآخرون.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان صحيح السماع، قوي التدين، ثبتًا، كثير الذكر، دائم التلاوة، وهو آخر من حدث عن ابن زوج الحرة، سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه، وكانت قوته حسنة، كنت أجيء إليه في الحر فيقول: نصعد سطح المسجد، فيسبقني في الدرج، ومتع بسمعه وبصره وجوارحه إلى أن توفي في ثاني جمادى الأولى عن ستٍ وتسعين سنة وأشهر، ودفن بالشونيزية.

قلت: إنما توفي في جمادى الآخرة يوم الأربعاء، قاله أبو موسى المديني.

وقال المبارك بن كامل: توفي في غرة جمادى الآخرة.

ص: 558

وقال ابن السمعاني: سمعت حامد بن أبي الفتح المديني يقول: مات يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخرة ودفن يوم الخميس.

وقال أبو موسى المديني: كان قد ذهب بصره ثم عاد بصيرًا.

54 -

‌ هبة الله بن محمد بن الحسن

، الكاتب الأزجي.

سمع من: طراد الزينبي، وأبي الحسن بن أيوب، روى عنه: أبو القاسم الحافظ، وتوفي في رمضان.

55 -

‌ يحيى بن الحسن بن أحمد بن عبد الله ابن البناء

، أبو عبد الله بن أبي علي البغدادي.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، من أهل الجانب الشرقي، حسن السيرة، مكثر، واسع الرواية، متع بما سمع، وعمر حتى حدث بالكثير، وكان حسن الأخلاق، متوددًا، متواضعًا، برًا بالطلبة، مشفقًا عليهم، سمعه أبوه من جماعة: أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن الآبنوسي، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين ابن النقور أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، وسمعت الحافظ عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأندلسي يذكر هذا ويثني عليه، ويمدحه ويطريه، ويصفه بالعلم، والتمييز، والفضل، وحسن الأخلاق، وترك الفضول، وعمارة المسجد، وملازمته له، وقال: ما رأيت في الحنابلة ببغداد مثله، وكان شيخنا عمر بن عبد الله البسطامي كثير الثناء عليه، يصفه بالخير، والصلاح، والعلم، وكذلك كل من رأيته ممن سمع منه كان يثني عليه ويمدحه.

قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ويحيى بن ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون.

ولد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في ثامن ربيع الأول، رحمه الله.

ص: 559

سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

56 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن أبي ذر

، أبو الوفاء الصالحاني، الأصبهاني.

من شيوخ أبي موسى المديني، قال: سمعته يقول: ولدت في نصف رجب سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في شوال، وكان صالحًا عابدًا، يحج كل سنةٍ عن الناس، فيقال: إنه حج نيفًا وأربعين حجة، وحدث عن: عائشة الوركانية، وأبي سهل حمد بن ولكيز، وجماعة.

وروى عنه: ابن عساكر، وسعد الله ابن الوادي.

57 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد

بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب، أبو القاسم النيسابوري، الفزي، وفز: محلة.

إمامٌ فاضل خير، سكن أستوا، سمع: محمد بن إسماعيل التفليسي، وفاطمة بنت الدقاق.

مات فيها ظنا، ذكره ابن السمعاني في شيوخه.

58 -

‌ أحمد بن سهل بن محمد الميهني

، قاضي قرية خين وخطيبها، من أعمال طوس.

سمع من: جده أبي الفضل العارف، وعاش اثنتين وسبعين سنة، مات في غرة صفر، ذكره السمعاني.

59 -

‌ أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى

، أبو العباس الأنصاري، الخزرجي، العبادي، من ولد سعد بن عبادة رضي الله عنه، الأندلسي الداني، الفقيه.

سمع الكثير من: أبي داود المقرئ، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن بن شفيع، وجماعة، ورحل إلى العدوة، وصنف، وأفتى نيفًا وعشرين سنة.

قال ابن الأبار: كان ورعًا، فاضلًا، نبيلًا، له مجموع في رجال مسلم، روى عنه: ابنه محمد، وأبو العباس الإقليشي، وأبو عبد الله المكناسي، وكان يميل إلى القول بالظاهر، توفي في جمادى الأولى.

ص: 560

60 -

‌ أحمد بن ظفر بن أحمد

، البغدادي المغازلي، أخو المحدث عمر بن ظفر.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، مشتغل بكسبه، سمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وتوفي في سادس رمضان، وسمعت منه جزءًا.

وقال ابن الجوزي: سمعت منه، وكان ثقة.

61 -

‌ أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن منازل

، الشيباني، السقلاطوني، الحريمي، أبو المكارم.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، فقيرًا، معيلًا، مكتسبًا، وكتب الكثير، وسمع: أبا الحسين ابن النقور، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما، وكان مولده في صفر سنة ستين، وتوفي في أوائل صفر، كتبت عنه يسيرًا.

أحمد بن علي بن غزلون.

مر في سنة عشرين.

62 -

‌ أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد

، الحافظ، أبو نصر الغازي.

من كبار محدثي أصبهان، ولد في حدود سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: ثقة، دين، حافظ، واسع الرواية، كتب الكثير، وحصل الكتب، وما رأيت أكثر رحلة في شيوخي منه، سمع: أبا القاسم عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن منده، وابن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة كثيرة بأصبهان، وأبا الحسين ابن النقور، وعبد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم ابن البسري، وجماعة ببغداد، والفضل بن المحب، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وطائفة بنيسابور، وشيخ الإسلام أبا إسماعيل، وأبا عامر محمود بن القاسم، وجماعة بهراة، ومحمد بن عبد الملك المظفري بسرخس، وأبا علي التستري بالبصرة.

ص: 561

روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، والسلفي، وأبو موسى المديني، والمؤيد ابن الإخوة، ومحمود بن أحمد المضري، وآخرون.

قال السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ، سمعنا بقراءته كثيرًا، وأملى علي شيئًا.

وقال ابن السمعاني: سمعت عليه الكثير، ونقلت من تخاريجه، وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الطلحي في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد، لكنه كان أعلى سندًا من إسماعيل، وما كان يفرق بين السماع والإجازة.

قلت: يريد أن السماع والإجازة عنده في الاحتجاج أو في الاتصال سواء، لا أنه لا يعرف السماع من الإجازة، فإن من له أدنى معرفة يدري أن السماع شيءٌ والإجازة شيء.

قال ابن السمعاني: توفي في ثالث رمضان ودفن من الغد، وحضرت دفنه، زاد غيره: وصلى عليه إسماعيل الحافظ.

63 -

‌ أحمد بن الفضل بن أحمد بن سمكويه

، أبو العباس الأصبهاني، السمكويي، المهاد، الخياط.

شيخ معمر عامي، روى الكثير عن جده لأمه أبي بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، العطار، وعبد الرزاق بن شمة الباطرقاني.

أخذ عنه: السمعاني، وابن عساكر.

مات بأصبهان.

64 -

‌ أحمد بن الفضل بن أحمد بن عبد الله

، أبو العباس القصري، الأصبهاني، المميز، أحد الطلبة.

سمع الكثير وعني به، وبالغ، وقرأ على الشيوخ، وعمر دهرًا، سمع: عائشة الوركانية، وعبد الوهاب بن منده، وعنه: السمعاني، وقال: بقي إلى هذه السنة، وقد جاوز الثمانين.

65 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد

ابن الحافظ الكبير بقي بن مخلد بن يزيد، أبو القاسم الأندلسي، القرطبي.

ص: 562

سمع من: أبيه بعض ما عنده، ومن محمد بن أحمد بن منظور الإشبيلي، وصحب أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه، وانتفع بصحبته، وأجاز له أبو العباس العذري، وبرع في الفقه وأفتى، وشوور في الأحكام.

وهو من بيت علم وصيانة، وكان بصيرًا بالأحكام، دربًا بالفتوى، رأسًا في معرفة الشروط وعللها، أخذ الناس عنه، روى عنه: أبو القاسم بن بشكوال وأبو بكر بن خير، وأبو القاسم ابن الشراط، وآخرون.

وقال ابن بشكوال: سألته عن مولده، فقال: في شعبان سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، قال: وتوفي في يوم الخميس سلخ ذي الحجة، وصلى عليه ابنه أبو الحسن.

66 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو بكر بن أبي الفتح الدينوري، ثم البغدادي، الفقيه الحنبلي.

سمع من: رزق الله التميمي، وجماعة، وتفقه على: أبي الخطاب، وبرع في المناظرة.

وكان الإمام أسعد الميهني يقول: ما اعترض أبو بكر الدينوري على دليل أحد إلا ثلمه.

قال ابن الجوزي: قال لي شيخنا أبو بكر الدينوري: كنت أتفقه على الإمام أبي الخطاب، وكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والناس فيها على مراتبهم، فجرى بيني وبين رجلٍ كان يجلس قريبًا من الشيخ كلام، فلما كان في اليوم الآتي جلست على عادتي، فجاء ذلك الرجل، فجلس إلى جانبي، فقال له الشيخ: لم تركت مكانك؟ فقال: أترك مثل هذا فاجلس معه، يزري علي، فوالله ما مضى إلا قليلٌ حتى تقدمت في الفقه، فصرت أجلس إلى جانب الشيخ، وبيني وبين ذلك الرجل رجال.

توفي أبو بكر، رحمه الله، في جمادى الأولى، وكان من أئمة المذهب، لكنه كان لحانًا لا يعرف النحو، روى عنه: أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن حمدية العكبري، وغيره.

ص: 563

67 -

‌‌

‌ أحمد بن محمد

بن عبد الملك بن عبد القاهر

، أبو نصر الأسدي، البغدادي.

سمع: أبا الفرج المخبزي، وأبا بكر الخطيب، وحدث، توفي في ربيع الآخر، ويعرف بابن المطوعة.

روى عنه: ذاكر بن كامل، وعبيد الله بن محمد الساوي القاضي.

68 -

أحمد بن محمد، أبو العباس الجذامي، المرسي، الزنقي، وزنقات: بزاي، ونون، وقاف، قرية من عمل مرسية.

أخذ عن: أبي علي بن سكرة، وأخذ علم الأصول والكلام عن أبي بكر بن سابق الصقلي، وبرع في ذلك وصنف، وبعد صيته، روى عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم.

مات بعد الثلاثين تقريبًا.

69 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمدان

، أبو تمام الصيمري، رئيس بروجرد.

ولد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع بها، وحج، وسمع بمكة من أبي معشر الطبري، وببغداد من: أبي إسحاق الشيرازي، توفي ببروجرد، وقد كان سمع بها من الحافظ يوسف بن محمد.

روى عنه: أبو سعد ابن السمعاني.

70 -

‌ إسماعيل ابن الحافظ أبي صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن علي

، النيسابوري، أبو سعد الفقيه، أحد الأئمة.

قال ابن السمعاني: كان ذا رأي، وعقل، وعلم، برع في الفقه، وكان له عز ووجاهة عند الملوك، تفقه على: أبي المعالي الجويني، وأبي المظفر السمعاني، وسمعه أبوه أبو صالح المؤذن من طائفة كبيرة، وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين.

ص: 564

سمع أبو سعد: أباه، وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي، والحاكم أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي، وبكر بن محمد بن حيد التاجر، وشجاع بن طاهر المؤدب، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزدي الهروي، وأبا القاسم عبد الكريم القشيري، وعمر بن سعيد بن محمد البحيري، والفقيه أبا الحسن علي بن يوسف الجويني، وأبا سهل محمد بن أحمد الحفصي، وأبا بكر محمد بن الحسن الخبازي المقرئ، والمسيب بن محمد الأرغياني، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وغيرهم، وأجاز له أبو سعد الكنجروذي.

روى عنه: الحافظ محمد بن طاهر مع تقدمه في معجم البلدان، فأنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل، أن محمد بن طاهر أجاز لهم، قال: سمعت أبا سعد إسماعيل بن أحمد النيسابوري ببردشير دار مملكة كرمان يقول: سمعت يعقوب بن أحمد الصيرفي يقول: سمعت أبا عمرو البحيري الحافظ، يقول: سمعت محمد بن موسى الفقيه، يقول: سمعت إبراهيم بن محمد المروزي، يقول: سمعت محمد بن سعيد الرباطي، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: طلبنا هذا العلم بالذل، فلا نعطي إلا بالذل.

وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر وأبو موسى المديني، وأبو الفرج ابن الجوزي، والقاضي أبو سعد عبد الله بن أبي عصرون، وعبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني الخفاف، وأبو القاسم هبة الله بن الحسن السبط، وأبو طاهر علي بن فاذشاه، وعبد الواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني.

وقال أبو موسى المديني: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد النيسابوري الواعظ، الكرماني المنزل، قدم علينا مرارًا رسولًا إلى السلطان من كرمان، وتوفي في أواخر شوال.

وقال ابن الجوزي: توفي ليلة الفطر.

زاد غيره: بكرمان.

وقال أبو سعد السمعاني: كان ذا رأيٍ، وعقل، وتدبير، وفضل وافر،

ص: 565

وعلم غزير، ظهر له العز، والجاه، والثروة، وبقي مكرما بكرمان.

وقال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: كان إمامًا في الأصول والفقه، حسن النظر، مقدمًا في التذكير، وكان وجيهًا عند سلطان كرمان، معظمًا في أهلها، محترمًا بين العلماء في سائر البلاد، قرأ الإرشاد على الإمام أبي المعالي.

71 -

‌ بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد الأصبهاني الخلال

، ابن عم الحسين بن عبد الملك الخلال.

أجاز له عبد الرزاق بن شمة، سمع منه: أبو سعد السمعاني سنة إحدى وثلاثين، ومات بعد ذلك، وكان معمرًا.

72 -

‌ بدر بن ثابت بن روح

، أبو الرجاء الأصبهاني، الراراني، الصوفي، الرجل الصالح، والد المعمر أبي سعيد خليل الراراني.

سمع: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيان، وأبا الخير بن ررا، وجماعة، سمع منه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر.

مات في رمضان عن نحو سبعين سنة.

73 -

‌ بدر بن عبد الله

، أبو النجم الشيحي، الأرمني، مولى المحدث عبد المحسن الشيحي.

سمع الكثير مع مولاه، وطال عمره، وحدث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصريفيني، وجماعة.

وما كان يعرف شيئًا، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة.

قال أبو سعد: سمعت بعض الطلبة يقول، والعهدة عليه: طلبت من بدر الشيحي إجازة لبعض الناس، فقال: كم تستجيزون؟ ما بقي عندي إجازة أجيزها لكم.

ص: 566

وروى عنه: أبو الفرج ابن الجوزي وقال: كان سماعه صحيحًا، وتوفي في رابع وعشرين رمضان عن ثمانين سنة، ودفن عند مولاه.

قلت: آخر من حدث عنه أبو الفرج محمد بن هبة الله الوكيل.

74 -

‌ بزواش، مقدم عساكر دمشق

.

سار بالجيش فحارب الفرنج ونصر عليهم، وجاء الجند بالسبي، وكان شجاعًا، فاتكًا، مفسدًا، فيه شر وجهل، استوحش من صاحب دمشق شهاب الدين محمود بن بوري، فأقام بظاهر البلد، ثم راسله وخدعه، فدخل إليه فتركه أيامًا، وقتله على يد الشمسية، وأخرج ملفوفًا في كساء، ودفن بقبته التي بالعقيبة، تعرف بقبة بزواش، وولي أتابكية العسكر بعده معين الدين أنر.

75 -

‌ ألبقش السلاحي

، من كبار أمراء الدولة.

قال ابن الجوزي: قبض عليه السلطان، وحبس بتكريت، ثم أمر بقتله بعد قليل، فغرق نفسه، فأخرج من الماء وقطع رأسه وحمل إلى السلطان.

76 -

‌ الحسن بن أحمد بن محمد

، الواعظ أبو علي الأنصاري، الصوفي، الملقب بالبز.

سمع: رزق الله التميمي، والنعالي، وعنه: السمعاني، وابن سكينة، وجماعة.

مات في شوال.

77 -

‌ الحسن بن علي بن الحسن بن عبيد الله

، أبو محمد العلوي، الحسيني، البلخي، الرئيس.

أحد الكبار المذكورين بالسخاء والجود، ومحبة العلماء، كانت داره مجمع الفضلاء، سمع: أبا علي الوخشي، وغيره، وحدث بسنن أبي داود، روى عنه: محمد بن علي بن ياسر الجياني.

78 -

‌ الحسين بن بكمش بن يزدمر

، أبو الفوارس التركي، ثم البغدادي.

سمع: مالكًا البانياسي، ورزق الله التميمي، وتصوف، وصحب أبا بكر

ص: 567

الطريثيثي، وكان حسن السيرة، له شعر وكلام في المعرفة.

توفي في شعبان.

79 -

‌ الحسين بن حمزة

، أبو المعالي الدمشقي، ويعرف بابن الشعيري.

سمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبد الواحد بن علي البري، ونجيب بن عمار، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: ولد في آخر سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي في شعبان.

80 -

‌ الحسين بن طلحة بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني

، أبو عبد الله.

أصبهاني، جليل، مسند، كان يؤدب، حدث عن: أبي القاسم إبراهيم سبط بحرويه.

روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون.

وتوفي في شوال، أو في ذي القعدة، كذا قال أبو موسى.

وقال عبد الرحيم الحاجي: توفي في أواخر رجب، وكناه: أبا منصور.

وقال ابن السمعاني: مولده في سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

81 -

‌ الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد بن علي

، الشيخ أبو عبد الله الأصبهاني، الخلال، الأديب، النحوي، البارع، المحدث، الأثري.

سمع: أبا الفضل عبد الرحمن بن الحسن الرازي، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبا طاهر عمر الخرقي، وإبراهيم بن منصور السلمي السبط، وعبد الرزاق بن شمة، وأبا الفضل أحمد الباطرقاني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد الوهاب أولاد ابن منده، وطائفة.

وقدم بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وحدث بها بالبخاري، عن العيار، وكان أحد من عني بهذا الشأن، ولد في صفر سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.

ص: 568

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم الدمشقي، وأبو موسى المديني، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثقفي، وأبو نجيح فضل الله بن عثمان، والمؤيد ابن الإخوة، ومحمود بن أحمد المضري، وتقية بنت آموسان، ومحمد بن أبي نجيح النعماني، ومحمد بن معمر بن الفاخر، وخلق سواهم.

قال ابن السمعاني: رأيته بعد أن أضر وكبر، وكان حسن المعاشرة والمحاورة، بسامًا، كثير المحفوظ، قرأ عليه ابن ناصر صحيح البخاري.

وكان عزيز النفس، قانعًا، لا يقبل من أحدٍ شيئًا، مع احتياجه، خرج له محمد بن أبي نصر اللفتواني معجمًا في أكثر من عشرة أجزاء.

قلت: سمع منه البخاري: عبد الرحمن بن جامع، وعبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني، وسمع منه مسند أبي يعلى بروايته عن سبط بحرويه: أبو القاسم ابن عساكر، والمؤيد هشام ابن الأخوة، وزاهر الثقفي، وحدث بمسند الروياني، عن أبي الفضل الرازي.

وكان ثقة صدوقًا، إمامًا في العربية، كثير المحاسن، توفي في حادي عشر جمادى الأولى، وكان يلقب بالأثري.

82 -

‌ الحسين بن علي بن الحسين بن أحمد بن أشليها

، أبو علي الدمشقي.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصرا المقدسي، وغيرهما، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، وغيرهما، وتوفي في جمادى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة.

83 -

‌ حيدرة بن بدر

، أبو يعلى العباسي، الهاشمي، ثم الرشيدي، الواسطي، المعدل.

سمع شهابا القضاعي من الحميدي، رواه عنه أبو الفتح المندائي.

مات في جمادى الأولى، قاله الدبيثي.

84 -

‌ خالد بن عمر بن محمد بن عبد الله

، أبو الفتح الأصبهاني، أخو الحافظ أبي نصر الغازي.

ص: 569

روى عن: أبي عمرو بن منده، وعنه: أبو موسى المديني، وغير واحد.

توفي في صفر.

85 -

‌ خلف بن يوسف بن فرتون

، أبو القاسم ابن الأبرش، الأندلسي، الشنتريني، النحوي.

روى عن: عاصم بن أيوب، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي الغساني، وكان رأسًا في العربية واللغات، مع الفضل، والدين، والخير، والانقباض، وكان كثير التجول في الأندلس، ومن محفوظاته كتاب سيبويه.

وهو القائل:

لو لم يكن لي آباء أسود بهم ولم يثبت رجال العرب لي شرفا ولم أنل عند ملك العصر منزلةً لكان في سيبويه الفخر لي وكفا توفي بقرطبة في ذي القعدة، ولم يقرأ عليه كبير أحدٍ لأخلاقه.

86 -

‌ زبيدة بنت السلطان بركياروق

، زوجة السلطان مسعود.

توفيت بهمذان.

87 -

‌ سعيد بن أبي الرجاء محمد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن الحجاج

، أبو الفرج الأصبهاني، الصيرفي، الخلال، السمسار في الدور.

ولد سنة أربعين تقريبًا، وسمع سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة من أحمد بن محمد بن النعمان الفضاض مسند العدني، بروايته عن ابن المقرئ، وسمع مسند أحمد بن منيع، من الشيخ عبد الواحد بن أحمد المعلم، وحدث بالكتابين، وبمسند أبي يعلى، رواه ملفقًا عن إبراهيم سبط بحرويه، عن ابن النعمان، وحدث أيضًا عن: أحمد بن الفضل الباطرقاني، ومنصور بن الحسين، وعبد الله بن شبيب، وأبي نصر إبراهيم بن محمد الكسائي، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وأبي مسلم محمد بن علي بن مهربزد، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وخلق.

روى عنه الحفاظ: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وأبو

ص: 570

الخير عبد الرحيم بن موسى، وعبد الواحد بن محمد التاجر، ومحمد بن أبي القاسم بن الفضل، ومحمود بن أحمد الثقفي الخطيب، ومحفوظ بن أحمد الثقفي، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأبو مسلم ابن الإخوة، وعائشة بنت معمر، وعين الشمس بنت أبي سعيد بن سليم، وزليخا بنت أبي حفص الغضائري، وآخرون.

وكان عبد الرحيم ابن الإخوة يقول: حدثنا سعيد بن أبي الرجاء الدوري، لأنه كان يبيع الدور.

وقد سئل أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل عنه فقال: كثير السماع، لا بأس به، وقال أبو سعد السمعاني: شيخ، صالح، مكثر، صحيح السماع، سمعه خاله الكثير، وعمر، وكان حريصًا على الرواية، سمعت منه الكثير، ولازمته، قال لي: رويت ببغداد جزءًا واحدًا، توفي في تاسع عشر صفر، وخاله هو محمد بن أحمد الخلال.

88 -

‌ طلحة بن أبي غالب بن عبد السلام

، أبو محمد البغدادي، الرماني الفواكهي، سبط يوسف المهرواني.

قال ابن السمعاني: كان فقيرًا، مستورًا، صحيح السماع، مشتغلًا بالكسب يخرز النعال واللوالك، سمع من: القاضي أبي يعلى ابن الفراء مجلسين وجزءًا، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو اليمن الكندي، وآخرون.

قال ابن السمعاني: لم يتفق لي السماع منه، توفي في ربيع الآخر أو بعده.

قلت: قل ما سمع هذا الشيخ.

89 -

‌ عبد الرحمن بن الحسين بن نصر بن عبيد الله بن المرهف

، أبو القاسم النهاوندي، الفقيه.

ولي القضاء مدة ببلده، وكان أبوه قد سكن بغداد، وولد بها أبو القاسم، وسمع من شيوخها ابن هزارمرد الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور، وطائفة، وحدث ببلده.

ص: 571

قال أبو سعد السمعاني: خرجت من بروجرد إلى نهاوند قاصدًا لأكتب عن أبي القاسم، فلما وصلت إليها لقيت جنازةً وجماعةً تشيعها، فسألت: جنازة من هي؟ فقيل لي: جنازة القاضي أبي القاسم بن المرهف، فنزل بي من الحزن والتحسر ما الله به عليم، وكان قد توفي بهمذان، وحملوه إلى بلده نهاوند، ودفن بها في المحرم.

90 -

‌ عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك

بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة، أبو مروان اللخمي، الباجي، من علماء إشبيلية.

روى عن: أبيه، وعميه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر أحمد، وابن عمه عبد الله بن علي.

قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للمسائل، متقدمًا في معرفتها، استقضي بإشبيلية مرتين، وكان من أهل الصرامة والنفوذ في أحكامه، وقد ناظر الناس، وتفقهوا عليه، وحدث، وكف بصره، وتوفي في رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة.

91 -

‌ عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن

، أبو الفضل بن زريق الشيباني، البغدادي القزاز، عم الشيخ أبي منصور عبد الرحمن.

شيخ صالح، سمع: أبا الحسين ابن النقور.

قال ابن السمعاني: حدثني عنه جماعة من أصحابنا.

92 -

‌ عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن

، أبو المظفر ابن القشيري النيسابوري.

آخر من بقي من أولاد الشيخ، ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع مسند أبي يعلى من أبي سعد الكنجروذي، وسمع مسند أبي عوانة من أبيه، وسمع من: أبي عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبي بكر البيهقي، وأبي الوليد الدربندي، وأبي بكر بن خلف المغربي، وجماعة بنيسابور، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم يوسف المهرواني، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، وعبد الباقي ابن غالب العطار ببغداد، وأبا علي الشافعي، وأبا القاسم الزنجاني بمكة.

ص: 572

وحدث بنيسابور، وببغداد، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وعبد الرحيم بن الشعري، وأخته أم المؤيد زينب، وجماعة.

وقد ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ، ظريف، مستور الحال، سليم الجانب، غير مداخل للأمور، نشأ في حجر أخيه أبي نصر، وحج معه، ثم خرج ثانيًا إلى بغداد، وأقام بها مدة، وخرج إلى كرمان في أيام الصاحب مكرم بن العلاء، فأنعم عليه، سمعت منه مسند أبي عوانة وأحاديث السراج في اثني عشر جزءًا، والرسالة لوالده، وكان حسن الإصغاء إلى ما يقرأ عليه، كان ابن عساكر يفضله في ذلك على الفراوي، وورد بغداد ثالثًا، وحدث بها، توفي بين العيدين.

وقد ذكره ابن أخته عبد الغافر في تاريخه، وقال في ترجمته: وقد خرج له أخوه أبو نصر أجزاء الفوائد، فسمعت منه.

وقال ابن النجار: قال السمعاني: لزم البيت، واشتغل بالعبادة وكتابة المصاحف.

93 -

‌ عبد الواحد بن حمد بن عبد الواحد

، أبو الوفاء الأصبهاني، الشرابي، الصباغ، من شيوخ أبي موسى المديني.

توفي في ثامن جمادى الأولى، سمع: أبا طاهر بن محمود الثقفي، وأبا القاسم إبراهيم سبط بحرويه، وأبا عثمان العيار.

وكان محتاجًا، مقلًا، يطلب على الرواية، وكان دينًا محله الصدق، ولد سنة ستٍ وأربعين، روى عنه أيضًا ابن السمعاني.

94 -

‌ علي بن أحمد بن عبيد الله بن بكار

، أبو الحسين البغدادي، المقرئ، الوقاياتي.

حدث عن: مالك البانياسي، وليس بثقة، كان يلحق اسمه في الطباق.

ص: 573

95 -

‌ علي بن الخضر السلمي

، الدمشقي، المعدل، زوج بنت القاضي، الزكي، أبي المفضل.

صحب الفقيه نصرا المقدسي، وحدث عنه باليسير.

96 -

‌ علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب

، أبو الحسن الجذامي، الأندلسي، المريي.

مكثر عن: أبي العباس العذري، وروى أيضًا عن: أبي إسحاق بن وردون القاضي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس القاضي، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد الباجي.

قال ابن بشكوال: كان من أهل المعرفة، والعلم، والذكاء، والفهم، صنف في التفسير كتابًا مفيدًا، وله معرفة في أصول الدين وحج، وأخذ الناس عنه، وكتب إلينا بالإجازة، ولد في عاشر رمضان سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتوفي في السادس عشر من جمادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة.

كتب إلي سعد الخير وغيره أن أبا القاسم بن صصرى أخبرهم: قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأشيري بحلب سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم سمع ذرًا يقول: أتيت صفوان بن عسال، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم، قال: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يطلب، كذا رواه علي بن حرب موقوفًا.

97 -

‌ علي بن علي بن عبيد الله

، أبو منصور البغدادي، الأمين.

ص: 574

سمع الجعديات من الصريفيني، وسمع من: جعفر السراج، وأبي الحسن العلاف، وأبي عبد الله النعالي.

روى عنه: ابنه عبد الوهاب ابن سكينة، وأبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون، كان يسكن دار الخلافة، ثم انتقل إلى رباط صهره شيخ الشيوخ.

قال ابن السمعاني في الذيل: شيخ كبير، متدين، ثقة خير، كثير الصلاة، والصدقة، والخيرات، مبادر إلى الطاعات، صام صوم داود خمسين سنة، وكان مع هذه العبادة حسن المعاشرة، دمث الأخلاق، صحب الكبار، وتخلق بأخلاقهم، ما رأيت في البغداديين مثله، ولد في المحرم سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في خامس ذي القعدة، وجاءنا نعيه ونحن بالحلة متوجهين إلى الحج.

وروى عنه ابن الجوزي وقال: كان تحت يده أموال للأيتام.

98 -

‌ علي بن القاسم بن مظفر بن علي

، أبو الحسن ابن الشهرزوي، الموصلي الشافعي القاضي.

قال ابن عساكر: ولي قضاء واسط، ثم قضاء الرحبة، ثم قضاء الموصل، وقد قدم مع قسيم الدولة زنكي حين حاصر دمشق، وكان حسن الاعتقاد، شهما، رجلًا من الرجال، توفي بحلب في رمضان، وحمل تابوته إلى الرقة، وهو أحد الإخوة.

99 -

‌ علي بن هبة الله

، البصري، البزاز، المغفل.

سمع الكثير من: أبي علي ابن المهتدي، وطبقته، وكتب بخطه، وله حكايات في التغفل، قيل رآه بعضهم ويداه مفتوحتان، كأنه يعانق شيئًا، فقلت: ما بك؟ قال: طلبت أمي أجانة في هذا القدر، وقال آخر: لقيته ومعه كوز زيت يرشح، فأعلمته، فقلبه ليرى الخرم، فساح الزيت على ثيابه، وكان رجلًا خيرًا.

ص: 575

100 -

‌ عمر بن محمد بن عمويه بن سعد بن الحسن بن القاسم

بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، التيمي، البكري، أبو حفص السهروردي، الصوفي، نزيل بغداد.

تفقه على أبي القاسم الدبوسي، وخدم الصوفية في رباط الشط بالجانب الشرقي، وسمع: عاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وغيرهما، سمع منه: أبو شجاع عمر البسطامي، وابن أخيه أبو النجيب عبد القاهر السهروردي.

وكان جميل الأمر، مرضي الطريقة، لبس منه الخرقة أبو النجيب.

وكان مولده سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفي ثامن ربيع الأول، وهو إذ ذاك شيخ الرباط المذكور.

101 -

‌ فاطمة بنت علي بن المظفر بن الحسن بن زعبل

، البغدادي أبوها، النيسابورية، أم الخير.

قال أبو سعد السمعاني: هي امرأة صالحة عالمة، من أهل القرآن، تعلم الجواري القرآن، سمعت من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي جميع صحيح مسلم، وغريب الخطابي أيضًا، وغير ذلك، مولدها في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وتوفيت في أوائل المحرم سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين.

قلت: روى عنها ابن السمعاني، وابن عساكر، والمؤيد، وزينب الشعرية.

102 -

‌ محمد بن إبراهيم بن غالب

، أبو بكر العامري، الأندلسي، الشلبي، خطيب شلب.

أخذ العربية عن أبي الحجاج الأعلم، وبرع في الآداب، واشتهر بها، وطال عمره، وسمع صحيح البخاري من أبي عبد الله بن منظور، وتوفي في جمادى الأولى، وله ستٌ وثمانون سنة، قاله ابن بشكوال، وتوفي ابن منظور سنة تسعٍ وستين.

ص: 576

103 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد

، أبو بكر المروروذي، ثم البلخي.

من مسموعاته: جامع الترمذي، عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحمدي، عن أبي القاسم الخزاعي، عن الهيثم بن كليب، عنه.

حدث في هذا العام، قاله السمعاني.

104 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أحمد

، أبو غالب الصيقلي، الدامغاني، ثم الجرجاني، نزيل كرمان.

ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، ورحل في طلب الحديث، وسمع الكثير، وكان صالحًا ثبتًا، من أهل السنة.

روى عن: الفضل بن عبد الله ابن المحب، وأبي عمرو بن مندة، وإسماعيل بن مسعدة، وغيرهم، روى عنه: أبو موسى المديني.

وتوفي في هذه السنة بكرمان، وكان كبير الصوفية هناك، وروى عنه: عبد الخالق ابن الصابوني، وأبو سعد السمعاني.

105 -

‌ محمد بن حسين بن أحمد بن محمد

، أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، المريي.

روى عن: أبي علي الغساني، وأبي محمد بن أبي قحافة، ويزيد مولى المعتصم، وعبد الباقي بن محمد، وصحب الشيخ أبا عمر بن اليمنالش الزاهد.

وكان متحققًا بالحديث ونقله، منسوبًا إلى معرفة الرجال، له كتابٌ مليحٌ في الجمع بين الصحيحين، أخذه الناس عنه.

قال ابن بشكوال: كان دينًا، فاضلًا، متواضعًا، متبعًا للآثار والسنن، ظاهري المذهب، كتب إلينا بالإجازة، وتوفي في المحرم، وله ستٌ وسبعون سنة.

ص: 577

وقال غيره: كان يعرف بابن أبي أحد عشر.

106 -

‌ محمد بن حمد بن عبد الله

، أبو نصر الأصبهاني، الكبريتي، الفواكهي، القباني، الوزان.

شيخ صالح، سمع: أحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبا مسلم بن مهربزد.

روى عنه: أبو سعد ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن عساكر، وجماعة.

توفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة، وآخر أصحابه محمود بن أحمد الثقفي.

107 -

‌ محمد بن حمد بن منصور العطار

، أبو نصر الأصبهاني.

يروي عن: سعيد العيار، وغيره، وعنه: أبو موسى، توفي في نصف ربيع الأول.

108 -

‌ محمد بن حمزة بن إسماعيل

، أبو المناقب العلوي، الحسني، الهمذاني.

قال ابن السمعاني: فاضل، شاعر، كتب الكثير بخطه، وطلب، وطاف على الشيوخ، وصنف، وجمع، ورحل إلى بغداد، وأصبهان، وحدث.

وقال ابن ناصر: فيه تساهل في الأخذ والسماع، وهو ضعيف عند أهل بلده، سمع من: الشيخ أبي إسحاق الشيرازي لما ورد همذان، ومولده في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في شوال، وقيل: توفي سنة ثلاثٍ.

روى عنه: ابن عساكر، وأبو محمد ابن الخشاب.

109 -

‌ محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر

، الإمام، أبو الحسن الكرجي، الفقيه، الشافعي.

ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع: مكي بن منصور السلار، وجده أبا منصور الكرجي، وسمع بهمذان: أبا بكر بن فنجويه الدينوري، وغيره، وبأصبهان: أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وببغداد أبا الحسن ابن العلاف، وابن بيان.

وحدث، روى عنه: ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة.

ص: 578

قال ابن السمعاني: رأيته بالكرج، إمام، ورع، فقيه، مفتٍ، محدث خير، أديب، شاعر، أفنى عمره في جمع العلم ونشره، وكان لا يقنت في الفجر ويقول: قال الشافعي: إذا صح الحديث فاتركوا قولي وخذوا بالحديث، وقد صح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القنوت في صلاة الصبح، وله القصيدة المشهورة في السنة، في نحو مائتي بيت، شرح فيها عقيدة السلف، وله تصانيف في المذهب والتفسير، كتبت عنه الكثير، وتوفي في شعبان.

قلت: أولها:

محاسن جسمي بدلت بالمعايب وشيب فودي شوب وصل الحبائب منها:

عقائدهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب منها:

ففي كرج، والله، من خوف أهلها يذوب بها البدعي بأشر ذائب يموت ولا يقوى لإظهار بدعةٍ مخافة حز الرأس من كل جانب ومن شعره:

العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سواه أغاليط وأظلام دعائم الدين آياتٌ مبينةٌ وبيناتٌ من الأخبار أعلام

110 -

‌ محمد بن علي بن أحمد

، أبو عبد الله التجيبي، الغرناطي، النوالشي المقرئ الأستاذ.

أخذ القراءات علمًا وإتقانًا عن: أبي داود بن نجاح، وابن البياز، وابن الدوش، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد القرطبي.

قال ابن الأبار: تصدر للإقراء وبعد صيته لإتقانه وصلاحه، وأخذ الناس عنه، وقد وجدت سماع عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي المقرئ منه على الرعاية لمكي في سنة اثنتين وثلاثين، ومن تلامذته: ابن عروس، وعبد الوهاب بن غياث وغيرهما.

ص: 579

111 -

‌ محمد بن عمر بن أميرجة

، أبو المكارم الأشهبي، المحدث، الحافظ، نزيل بلخ.

قال أبو سعد السمعاني: الأشهبي لقبٌ له، وهو حافظ، سافر إلى الهند، وجال في خراسان، وكتب الكثير، وسمع بهراة: الزاهد محمد بن علي العميري، وأبا عطاء عبد الأعلى ابن المليحي، وببلخ: أحمد بن محمد الخليلي، وتوفي في شوال، روى اليسير، ولقي بخراسان نصر الله الخشنامي، مولده سنة ستٍ وستين وأربعمائة.

112 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد بن علي

، أبو بكر الخالنجاني.

شيخ صالح، مقرئ، معمر، سمع: أبا مسلم بن مهربزد، وأحمد الباطرقاني، وأبا منصور بكر بن حيد، كتب عنه: السمعاني، وغيره.

مات في رمضان.

113 -

‌ محمد بن محمد بن طاهر بن النعمان

، أبو بكر الأصبهاني، الدلال.

من أصحاب عبد الرحمن بن مندة، روى عنه، وعن أخيه أبي عمرو، سمع منه: السمعاني وقال: كبير مسن، ثم ورخه.

114 -

‌ محمد ابن الشريف أبي الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد

، الأنصاري، البغدادي، أبو الحسن.

سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصريفيني، وابن النقور، روى عنه: ابن عساكر، والسلفي، وجماعة.

وتوفي في جمادى الأولى.

115 -

‌ محمد بن نجاح

، أبو عبد الله الأموي، القرطبي، الفقيه المالكي.

تفقه على أبي جعفر بن رزق، وروى عن: أبي الحسن بن حمدين، وأبي علي الغساني، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وذكر لي أنه سمع على أبي القاسم

ص: 580

حاتم بن محمد كتاب الملخص للقابسي، قاله ابن بشكوال، قال: وذكر أن أبا العباس العذري أجاز له، ورأيت له تخليطًا كثيرًا ارتبت منه، توفي في جمادى الآخرة.

116 -

‌ محمد بن ناصر بن أحمد بن أبي عياض

، أبو نصر السرخسي، العياضي، الواعظ الشهير.

سمع: السيد أبا الحسن محمد بن محمد، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزنبري المعمر، وجماعة.

مات في ذي الحجة، قاله السمعاني.

117 -

‌ محمد بن أبي النجم بن محمد

، أبو طاهر المروزي، الشوالي، الخطيب.

رجل خير، ذكره ابن السمعاني فقال: سمع محمد بن أبي عمران الصفار، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله الدندانقاني، وغيرهما، وسألناه فرحل من قرية شوال إلى مرو، وحدث بصحيح البخاري، وانتخبت له جزءا.

118 -

‌ محمد بن أبي نصر محمود بن أحمد بن أبي نصر

، الواعظ، أبو بكر الأصبهاني، المعروف بقل هو الله خوان.

روى عن: أبي مطيع، وعنه: أبو موسى المديني، ومات كهلًا بواسط غريبًا، رحمه الله.

119 -

‌ مظفر بن الحسين بن أبي نزار

، البغدادي الحاجب.

سمع: أبا القاسم ابن البسري، وأبا منصور العكبري، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويوسف بن مقلد، وتوفي في المحرم.

وكان من كبار الحجاب، ثم زهد، وتصوف.

120 -

‌ منصور الراشد بالله

، أمير المؤمنين أبو جعفر ابن المسترشد بالله الفضل ابن المستظهر بالله أحمد ابن المقتدي بالله عبد الله، الهاشمي، العباسي.

ص: 581

ولد سنة اثنتين وخمسمائة، ويقال: إنه ولد مسدودًا، فأحضروا الأطباء، فأشاروا بأن يفتح له مخرجٌ بآلةٍ من ذهب، ففعل ذلك به فنفع، وأمه أم ولد، خطب له أبوه بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة.

قال ابن واصل القاضي: حكي عمن كان يدخل إلى دار الخلافة ويطلع على أسرارهم، أن الخليفة المسترشد أعطى ولده الراشد، وعمره أقل من تسع سنين، عدة جواري، وأمرهن أن يلاعبنه، وكانت فيهن جارية حبشية، فحملت من الراشد، فلما ظهر الحمل وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فسألها، فقالت: والله ما تقدم إلي سواه، وإنه احتلم، فسأل باقي الجواري فقلن كذلك، فأمر أن تحمل الجارية قطنًا، ثم وطئها الراشد، ثم أخرجت القطن وعليه المني، ففرح المسترشد، وهذا من أعجب الأشياء، ثم وضعت الجارية ولدًا سماه أمير الجيش، وقد قيل: إن صبيان تهامة يحتلمون لتسعٍ، وكذلك نساؤهم، وكان للراشد نيف وعشرون ولدًا.

بويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين، وكان أبيض، مليحًا، تام الخلق، شديد الأيد، شجاعًا، قيل: إنه كان في بستان دار الخلافة أيل عظيم الشكل، اعترض في البستان، وأحجم الخدم عنه، فهجم هو عليه، وأمسك بقرنيه ورماه إلى الأرض وطلب منشارًا، وقطع قرنيه.

وكان حسن السيرة، جيد الطوية، يؤثر العدل، ويكره الشر، وكان فصيحًا، أديبًا، شاعرًا، سمحًا، جوادًا، لم تطل أيامه حتى خرج من بغداد إلى الموصل، ودخل ديار بكر، ومضى إلى أذربيجان، ومازندران، ثم عاد إلى أصبهان، وأقام على باب أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه محاصرا لأصبهان إلى أن قتلته الملاحدة هناك.

وكان بعد خروجه من بغداد وصول السلطان مسعود بن محمد إليها، فاجتمع بالكبار، وخلع الراشد بالله، وبايع عمه الإمام المقتفي، ودام الأمر سنةً للراشد قبل ذلك.

قال ابن ناصر الحافظ: دخل السلطان مسعود إلى بغداد وفي صحبته أصحاب المسترشد بالله الوزير علي بن طراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء، فخرج الراشد بالله طالبًا إلى الموصل في صحبة أميرها زنكي.

ص: 582

وفي اليوم الثالث أحضروا ببغداد القضاة والعلماء عند الوزير علي بن طراد، وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفةٍ بما جرى من الراشد بالله من الظلم، وأخذ الأموال، وسفك الدماء، وشرب الخمر، واستفتوا الفقهاء في من فعل ذلك، هل تصح إمامته؟ وهل إذا ثبت فسقه يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه، ويستبدل به خيرًا منه؟ فأفتوا بجواز خلعه، وفسخ عقده، ووقع الاختيار على تولية الأمير أبي عبد الله محمد ابن المستظهر بالله، فحضر السلطان مسعود والأمراء إلى دار الخلافة، وأحضر الأمير أبو عبد الله، وحضر الوزير، وأبو الفتوح بن طلحة، وابن الأنباري الكاتب، وبايعوه، ولقب بالمقتفي لأمر الله، وبايع الخلق وعمره أربعون سنة، وقد وخطه الشيب.

وخرج الراشد بالله من الموصل إلى بلاد أذربيجان، وكان معه جماعة، فقسطوا على مراغة مالًا، وعاثوا هناك، ومضوا إلى همذان فدخلوها، وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين، وحلقوا لحى جماعة من العلماء وأفسدوا، ثم مضوا إلى نواحي أصبهان فحاصروا البلد ونهبوا القرى، ونزل الراشد بظاهر أصبهان، ومرض مرضًا شديدًا، فبلغنا أن جماعةً من العجم كانوا فراشين معه دخلوا عليه خركاهه في سابع وعشرين رمضان، فقتلوه بالسكاكين، ثم قتلوا كلهم، وبلغنا أنهم كانوا سقوه سمًا، ولو تركوه لما عاش، وبني له هناك تربةً، سامحه الله.

قال ابن السمعاني: قتل فتكًا في سادس وعشرين رمضان صائمًا، ودفن في جامع مدينة جي، وعقد له العزاء ببغداد وأنا بها، عاش ثلاثين سنة.

وقال العماد الكاتب: كان له الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي، بل الهاشمي استدعى والدي صفي الدين ليوليه الوزارة، فتعلل عليه، خلف ببغداد نيفًا وعشرين ولدًا ذكرًا.

وقال ابن الجوزي: في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها: أنه سقي السم ثلاث مرات، والثاني: أنه قتله الفراشون، والثالث: أنه قتلته الباطنية، وجاء الخبر، فقعدوا له للعزاء يومًا واحدًا.

ص: 583

قال: وقد ذكر الصولي أن الناس يقولون: إن كل سادسٍ يقوم للناس يخلع، فتأملت هذا، فرأيته عجبًا، اعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه وسلم، ثم قام بعده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن فخلع، ثم معاوية، ويزيد، ومعاوية بن يزيد، ومروان، وعبد الملك، وابن الزبير، فخلع وقتل، ثم الوليد، وسليمان، وعمر، ويزيد، وهشام، والوليد، فخلع وقتل، ثم لم ينتظم لبني أمية أمر، فولي السفاح، والمنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد، والأمين، فخلع وقتل، ثم المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، فخلع وقتل، ثم المعتز، والمهتدي، والمعتمد، والمعتضد، والمكتفي، والمقتدر، فخلع، ثم رد ثم قتل، ثم القاهر، والراضي، والمتقي، والمستكفي، والمطيع، والطائع فخلع، ثم القادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، فخلع.

قلت: وهذا الفصل منخرمٌ بأشياء، أحدها قوله: وعبد الملك وابن الزبير، وليس الأمر كذلك بل ابن الزبير خامس، وبعده عبد الملك، أو كلاهما خامس، أو أحدهما خليفة والآخر خارج على نزاعٍ بين العلماء في أيهما خارج على الآخر، والثاني تركه لعدد يزيد الناقص وأخيه إبراهيم الذي خلع، ومروان، فيكون الأمين باعتبار عددهم تاسعًا، فلا يستقيم ما ادعاه، والمستعين خلعوه أيضًا كما قال، وخلعوا الذي بعده، وهو المعتز بالله، وقتلوا المهتدي بالله، رضي الله عنه، وخلعوا القاهر وسملوه، فليس الخلع مقتصرًا على كل سادسٍ لو صح العدد.

121 -

‌ يونس بن محمد بن مغيث بن محمد

بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، أبو الحسن القرطبي، أحد الأئمة.

روى عن: جده مغيث، وعن: القاضي أبي عمر ابن الحذاء، وحاتم بن محمد، ومحمد بن محمد بن بشير، وأبي مروان بن سراج، وأبي عبد الله بن منظور، ومحمد بن سعدون القروي، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن فرج، والغساني، وغيرهم.

قال ابن بشكوال: كان عارفًا باللغة والإعراب، ذاكرًا للغريب

ص: 584

والأنساب، وافر الأدب، قديم الطلب، نبيه البيت والحسب، جامعًا للكتب، راوية للأخبار، عالمًا بمعاني الأشعار، أنيس المجالسة، فصيحًا، حسن البيان، مشاورًا في الأحكام، بصيرًا بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفًا بعلماء الأندلس وملوكها، أخذ الناس عنه كثيرًا، وقرأت عليه، وأجاز لي، ومولده في رجب سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ثامن جمادى الآخرة، وصلى عليه ابنه أبو الوليد.

قلت: كان يونس من أسند من بقي بالأندلس وأجلهم، روى عنه: محمد بن عبد الله بن مفرج القنطري الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبادة الجياني المقرئ، ومحمد بن عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، ومحمد بن عبد الله بن ميمون العبدري الشاعر، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجري، وعبد الله بن طلحة المحاربي الغرناطي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش، وعبد الرحمن بن محمد الشراط، وآخرون، وأول سماعه بعد الستين وأربعمائة.

ص: 585

سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

122 -

‌ أحمد بن الحسين بن أحمد

، أبو العباس البغدادي، المقرئ، العسال.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور، قرأت عليه يسيرًا، عن أبي عبد الله ابن البسري، وتوفي في شعبان.

123 -

‌ أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن منازل

، أبو المكارم الشيباني، السقلاطوني، الحريمي، ابن عم ابن زريق القزاز.

سمع الكثير من: أبي الحسين ابن النقور، وأبي نصر الزينبي، وطائفة، ونسخ بخطه، روى عنه: أبو حامد عبد الله بن ثابت ابن النحاس، مات في عاشر صفر، أثنى عليه عمر بن أحمد بن سهلان وسمع منه.

124 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عقيل

، أبو المكارم.

ذكره الحافظ ابن المفضل في الوفيات هكذا لا أعرفه.

125 -

‌ أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة

، الأموي، مولاهم المرسي، أبو العباس.

سمع: أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد، وغيرهم، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمرو المقرئ، قاله ابن الأبار، وقال: حدث عنه ابنه القاضي أبو بكر محمد شيخنا، وتوفي في رمضان.

قلت: أبو عمرو هو عثمان بن سعيد الداني، وهو آخر من حدث عنه في الدنيا بالإجازة، والقاضي أبو بكر محمد هو آخر من روى عن أبيه، وبقي إلى سنة تسعٍ وتسعين، وهو أكبر شيخ لأبي عبد الله الأبار المؤرخ، سمع التيسير من أبيه، عن المصنف إجازة.

ص: 586

126 -

‌ أحمد بن علي

، أبو البقاء الظفري، البيطار.

حدث عن: أحمد بن عثمان بن نفيس، وتوفي بالشونيزية.

127 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد

، أبو الفضل الطوسي، الشلانجردي، وشلانجرد: قرية من قرى طوس.

كان رجلًا صالحًا، خيرًا، استوطن به أبوه الإسكندرية، وأم بمسجد المواريث.

قال السلفي: أخبرنا عن أبي الليث نصر بن الحسن التنكتي، وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الأولى، وشيعه خلائق.

128 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد العزيز

، أبو جعفر اللخمي، الإشبيلي، تلميذ أبي علي الغساني.

قال ابن بشكوال: أخذ عنه معظم ما عنده، وكان أبو علي يصفه بالمعرفة والذكاء، ويرفع بذكره، وأخذ أيضًا عن: أبي الحجاج الأعلم، وأبي مروان بن سراج، وأبي بكر المصحفي، وكان من أهل المعرفة بالحديث والرجال، مقدمًا في الإتقان، مع التقدم في اللغة والأدب والأخبار، ومعرفة أيام الناس، أخذت عنه وجالسته، وتوفي في ربيع الأول بقرطبة.

قال ابن نقطة وغيره: يعرف بابن المرخي مستفاد مع المرجي، بالجيم.

قلت: روى عنه محمد بن عبد الله الشلبي، وعلي بن عتيق بن مؤمن.

129 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسين بن نصرويه

، الفراش، أبو العباس، من أهل باب المراتب.

سمع: أبا عبد الله الحميدي، وابن طلحة النعالي.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، فقير، قانع، كان يسمع معنا، وتوفي في إحدى الجماديين.

ص: 587

130 -

‌ أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب

، أبو نصر النيسابوري، الصفار، والد عمر، وجد أبي سعد.

سمع: أبا سهل الحفصي، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبا القاسم القشيري، سمع منه: أبو سعد السمعاني وقال: كان شيخًا، متميزًا، عالمًا، سديد السيرة، صالحًا، ولد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة في شعبان، توفي في أول رمضان سنة ثلاثٍ، سمعت منه، ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر، ومن ولديهما عمر، وعائشة.

131 -

‌ أحمد بن هبة الله بن محمد ابن الزينبي

، أبو العباس.

توفي بالبصرة في شغل للخليفة، روى عن: عمه أبي نصر الزينبي، وعنه: ابن السمعاني، وابن عساكر.

132 -

‌ إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة

، أبو إسحاق الأندلسي، الشاعر المشهور.

وديوانه موجود بأيدي الناس عاش ثلاثًا وثمانين سنة، وكان رئيسًا مفخمًا، له النظم النثر، وله تأليفٌ في غريب اللغة، وهو القائل:

وعشي أنسٍ أضجعتني نشوةٌ فيه تمهد مضجعي وتدمث خلعت علي به الأراكة ظلها والغصن يصغي والحمام يحدث والشمس تجنح للغروب مريضة والرعد يرقي والغمامة تنفث

133 -

‌ إسماعيل بن محمد بن أحمد

، أبو طاهر الأصبهاني، الوثابي، الشاعر.

أضر في آخر عمره وافتقر، وقيل كان: يخل بالصلوات، روى عن: أبي عمرو بن مندة.

ص: 588

134 -

‌ أنوشروان بن خالد بن محمد

، الوزير، أبو نصر القاساني، الفيني، وفين: من قرى قاسان.

وزير الدولتين جميعًا للخليفة المسترشد، وللسلطان محمود بن محمد.

قال ابن السمعاني: كان قد جمع الله فيه الفضل الوافر، والعقل الكامل، والتواضع، والخيرية، ورعاية الحقوق، أدركته ببغداد وقد كبر وأسن وتضعضع، وأقعده العجز في داره بالحريم الطاهري، عاقني المرض عن الحضور عنده، وقد حدث عن: عبد الله بن الحسن الكامخي الساوي، وسمع منه جماعة من أصحابنا، وكان هو السبب في إنشاء مقامات الحريري، وكان يميل إلى التشيع.

قال ابن الجوزي: كان عاقلًا مهيبًا، عظيم الخلقة، دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني، وكان كريمًا، سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: اشتر بها خيمة، فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأرجاني الشاعر:

لله در ابن خالد رجلًا أحيا لنا الجود بعدما ذهبا سألته خيمةً ألوذ بها فجاد لي ملء خيمةٍ ذهبا وكتب إليه الحريري صاحب المقامات:

ألا ليت شعري والتمني تعلةٌ وإن كان فيه راحة لأخي الكرب أتدرون أني مذ تناءت دياركم وشط اقترابي من جنابكم الرحب أكابد شوقًا ما يزال أواره يقلبني بالليل جنبًا على جنب وأذكر أيام التلاقي فأنثني لتذكارها بادي الأسى طائر اللب ولي حنة في كل وقتٍ إليكم ولا حنة الصادئ إلى البارد العذب ومما شجا قلبي المعنى وشفه رضاكم بإهمال الإجابة عن كتبي وقد كنت لا أخشى مع الذنب جفوةً فقد صرت أخشاها وما لي من ذنب

ص: 589

ولما سرى الوفد العراقي نحوكم وأعوزني المسرى إليكم مع الركب جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ ومن لم يجد ماءً تيمم بالترب قال ابن النجار: أنوشروان الوزير، ولد بالري في رجب سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، ووزر ثم عزل، ثم أعيد، وكان موصوفًا بالجود والإفضال، محبًا للعلماء، أحضر ابن الحصين إلى داره يسمع أولاده مسند أحمد بقراءة ابن الخشاب، وأذن للناس في الدخول، فعامة من سمعه ففي داره.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر في معجمه، وسماعه من الساوي في سنة ثمانٍ وسبعين.

توفي في رمضان، ودفن بداره، ثم نقل بعد ذلك إلى الكوفة، فدفن بمشهد علي عليه السلام.

وفي تاريخ ابن النجار نقل من خط قاضي المرستان: توفي أنوشروان في ثاني عشر صفر سنة ثلاثٍ وثلاثين.

135 -

‌ تمام بن عبد الله الظني الدمشقي السراج

.

شيخ حافظ للقرآن، سمع: علي بن الحسن بن طاوس، وسهل بن بشر الإسفراييني، روى عنه: الحافظ ابن عساكر.

136 -

‌ الحسن بن سلامة بن ساعد المنبجي

، الفقيه، قاضي نهر عيسى، أبو علي.

ورد بغداد، وتفقه بها على: القاضي أبي عبد الله الدامغاني، قيل: كان معتزليًا، ولم يظهر عنه.

حدث عن: أبي نصر الزينبي، وعنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، ومحمود بن الحسن المؤدب.

137 -

‌ الحسن بن الفضل

، أبو علي الأصبهاني، الأدمي، الفقيه، الأديب.

أحد طلبة الحديث، سمع: أبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم

ص: 590

الحافظ، وطائفة، روى عنه: رجب بن مذكور، وغيره.

أرخه ابن النجار في ربيع الأول من السنة.

138 -

‌ الحسين بن الخليل بن أحمد بن محمد

، الإمام أبو علي النسفي، الفقيه، نزيل سمرقند.

سمع صحيح البخاري من الحسن بن علي الحمادي، صاحب أبي علي الكشاني، وحدث به، وتفقه ببخارى على: أبي الخطاب الكعبي، وببلخ على: الإمام أبي حامد الشجاعي.

ذكره ابن السمعاني فقال: إمام، فاضل، ورع، له يدٌ باسطة في النظر، وورد بغداد حاجًا في سنة ست عشرة، وحدث بها، ولي منه إجازة، توفي أبو علي هذا في الحادي والعشرين من رمضان.

وأبو الخطاب هو: محمد بن إبراهيم القاضي.

139 -

‌ حمد بن منصور

، أبو نصر الدوغي، الهمذاني، الصوفي، المعروف بالشيخ الزاهد، نزيل بغداد، وخادم رباط بهروز.

قال ابن السمعاني: كان صالحًا، كثير التهجد، دائم التلاوة، خدم الفقراء، وناطح التسعين، وسمع بهمذان: بنجير بن منصور، ومحمد بن الحسين بن فنجويه، وسمعت منه، وقال: لي ثلاث وتسعون سنة، قال ذلك في وسط سنة اثنتين، وتوفي في ثامن عشر رمضان سنة ثلاثٍ وثلاثين، وصلى عليه أبو محمد سبط الخياط بوصيةٍ منه.

وتوفي شيخه بنجير سنة تسعين وأربعمائة.

140 -

‌ زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد

بن محمد بن يوسف بن محمد بن المرزبان، أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن النيسابوري، الشحامي، الشروطي، المحدث المستملي.

ولد في ذي القعدة سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة بنيسابور، واعتنى به أبوه فسمعه الكثير، وبكر به، واستجاز له الكبار، وسمع أكثر مسند أبي يعلى من أبي سعد الكنجروذي والسنن الكبير للبيهقي، منه، وسمع الأنواع والتقاسيم من علي بن محمد البحاثي، عن محمد بن أحمد الزوزني، عن أبي حاتم البستي، وسمع كتاب شعب الإيمان والزهد الكبير والمدخل إلى

ص: 591

السنن وبعض تاريخ الحاكم أو أكثره، من أبي بكر البيهقي، وسمع: أباه، وأبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني، وأبا سعد الكنجروذي المذكور، وأبا عثمان سعيد بن أبي عمرو البحيري، وسعيد بن أبي سعيد العيار، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبا القاسم عبد الكريم القشيري، وسعيد بن منصور القشيري، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس، وأحمد بن منصور المغربي، وأبا بكر محمد بن الحسن المقرئ، ومحمد بن علي الخشاب، وأبا الوليد الحسن بن محمد البلخي، وخلقًا سواهم في مشيخته التي وقعت لنا بالإجازة العالية، وأجاز له: أبو حفص بن مسرور الزاهد، وأبو محمد الجوهري، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسي.

وحدث بنيسابور، وبغداد، وهراة، وهمذان، وأصبهان، والري، والحجاز، واستملى بعد أبيه على شيوخ نيسابور كأبي بكر بن خلف الشيرازي فمن بعده.

وكان شيخًا متيقظًا، له فهمٌ ومعرفة، فإنه خرج لنفسه عوالي مالك وعوالي سفيان بن عيينة، والألف حديث السباعيات، وجمع عوالي ما وقع له من حديث ابن خزيمة في نيفٍ وثلاثين جزءًا، وعوالي ما وقع له من حديث السراج، نحوًا من ذلك، وعوالي عبد الله بن هاشم، وعوالي عبد الرحمن بن بشر، وتحفة العيدين، ومشيخته، وأملى بنيسابور قريبًا من ألف مجلس، وصار له أنس بالحديث، وكان ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذله كما يرحل غيره في طلب الحديث، وكان لا يضجر من القراءة.

قال ابن السمعاني: كان مكثرًا متيقظًا، ورد علينا مرو قصدًا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان، لا له شغل إلا الرواية بها، وازدحم عليه الخلق، وكان يعرف الأجزاء، وجمع، ونسخ، وعمر، قرأت عليه تاريخ نيسابور في أيامٍ قلائل، فكنت أقرأ من قبل طلوع الشمس إلى الظهر، ثم أصلي وأقرأ إلى العصر، ثم إلى المغرب، وربما ما كان يقوم من موضعه، وكان يكرم الغرباء ويعيرهم الأجزاء، ولكنه كان يخل بالصلوات إخلالًا ظاهرًا وقت خروجه معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتى تقعد هذا الشيخ ولا يسافر ويفتضح بترك الصلاة، وظهر الأمر كما قال أخوه، وعرف أهل أصبهان ذلك وشنعوا عليه، حتى ترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه،

ص: 592

وضرب على سماعاته منه، وأنا فوقت قراءتي عليه التاريخ، ما كنت أراه يصلي، وأول من عرفنا ذلك رفيقنا أبو القاسم الدمشقي، قال: أتيته قبل طلوع الشمس، فنبهوه فنزل ليقرأ عليه وما صلى، وقيل له في ذلك، فقال: لي عذر وأنا أجمع بين الصلوات كلها، ولعله تاب في آخر عمره، والله يغفر له، وكان خبيرًا بمعرفة الشروط، وعليه العمدة في مجلس القضاء.

قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وأبو بكر محمد بن منصور السمعاني والد أبي سعد، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وصاعد بن رجاء المعداني، وعلي بن القاسم الثقفي، وعلي بن الحسين بن زيد الثقفي، وأسعد بن سعيد، ومحمود بن أحمد المضري، وعبد الغني ابن الحافظ أبي العلاء العطار، وأبو أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، وزاهر بن أحمد الثقفي، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، وعبد الباقي بن عثمان الهمذاني، وإبراهيم بن بركة البيع المقرئ، وعبد الله بن المبارك بن روما الأزجي، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، وإبراهيم بن محمد بن حمدية، وعبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني، وثابت بن محمد المديني الحافظ، وعلي بن محمد بن يعيش الأنباري، ومحمد بن أبي المكارم أسعد القاضي، ومودود بن محمد الهروي ثم الأصبهاني، والمؤيد بن محمد الطوسي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وزينب الشعرية.

وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر بنيسابور، ولا ينبغي أن يروى عن تارك الصلاة شيء البتة.

141 -

‌ زهير بن علي بن زهير

، أبو نصر الخذامي، بخاء مكسورة، السرخسي، ثم الميهني.

سمع: عبد الرحمن بن محمد البوشنجي كلار، والحافظ محمد بن محمد بن زيد الحسيني.

ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد السمعاني،

ص: 593

وقال: مات في رمضان.

142 -

‌ سلامة بن غياض

، أبو الخير الكفرطابي.

من أئمة النحو، أخذ بمصر عن ابن القطاع، وصنف كتابًا عشر مجلدات في الأدب.

أخذ عنه ابن الخشاب.

كان حيًا في هذا العام.

143 -

‌ شُعْبة بن عبد الله بن عمر

، أبو الخير الأصبهانيُّ الصَّبَّاغ التاجر.

سمع الكثير ورحل. وسمع رزق الله التَّميمي بأصبهان، ونصر بن البطر والنِّعالي ببغداد، وأبا نصر محمد بن عليّ بن ودعان الموصلي، وخلقاً.

قال ابن السَّمعاني: سمعت منه، وكان صدوقاً، صحيح السَّماع. وُلِدَ سنة ثمان وستين وأربعمائة.

قلت: وروى عنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في صفر سنة ثلاث وثلاثين بكرمان.

144 -

‌ صالح بن محمد بن علي بن محمد بن المعزم

، أبو زيد الهمذاني، إمام الجامع بهمذان.

شيخ فاضل، حسن الطريقة، سمع بهمذان: أبا إسحاق الشيرازي، وسفيان بن فنجويه، وأحمد بن عمر الصندوقي، روى عنه: أبو سعد السمعاني.

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي بهمذان في أواخر شعبان.

145 -

‌ الطيب بن محمد بن أحمد

، أبو بكر الأبيوردي، الغضائري.

ذكره السمعاني في الذيل، فقال: شيخ صالح، دين، خير، من أهل القرآن، حسن الأخلاق، صحب المشايخ، وجال في الآفاق، وصحب

ص: 594

السلفي، وسمع بقراءته من: محمد بن حامد المروزي، ومحمود بن أبي مخلد الطبري، وجماعة.

قال: قدم علينا مرو، وانتخبت له جزءا، وما رأيت في الصوفية أجمع للأخلاق الحسنة، مع التواضع التام والخدمة، على كبر السن مثله، وسمع بسلماس من محمود بن سعادة، وأبا الحسن بن نعمة الله، مات بأبيورد في أحد الربيعين.

146 -

‌ طالب بن زيد بن علي بن شهريار

، أبو النجم الأصبهاني، البيع.

سمع: شجاع بن علي المصقلي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ، وجماعة، أخذ عنه السمعاني، وقال: مات في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.

147 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف

، أبو القاسم البغدادي، الحربي، النجار، أخو الحافظ عبد الخالق، وعبد الواحد.

ولد في مستهل عام اثنين وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، ومحمد بن علي بن الغريق، والصريفيني، وابن النقور.

روى عنه: السلفي، وابن السمعاني، وابن عساكر، وعبد المجيب بن زهير، وعبد الله بن طليب، ومحاسن بن أبي بكر، وثامر بن جامع القطان، وحسين بن عثمان الكوفي القطان، وضياء بن جندل، وعمر بن عبد الكريم الحمامي، ونفيس بن عبد الجبار، وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وهو آخر من حدث عنه.

قال ابن السمعاني: دين خير، من بيت الحديث، صالح، جاور بمكة سنين، وسمع منه والدي بمكة مجلسًا أملاه ابن هزارمرد الصريفيني، وجرت

ص: 595

أموره على سدادٍ واستقامة إلى آخر عمره، وتوفي في العشرين من رجب بالحربية وله اثنتان وثمانون سنة.

148 -

‌ عبد الله بن علي بن أحمد بن علي

، أبو محمد اللخمي، الشاطبي.

سمع من جده لأمه الحافظ أبي عمر بن عبد البر، وأجاز له تواليفه في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين، وسمع الصحيحين من أبي العباس العذري، وصحيح البخاري من القاضي أبي الوليد الباجي، وولي قضاء مدينة أغمات.

وأخذ عنه جماعة.

وأجاز لأبي القاسم بن بشكوال، وأغفله ولم يذكره في الصلة، توفي في صفر وله تسعون سنة، وقيل: توفي سنة اثنتين، ذكره أبو عبد الله الأبار.

روى عنه: حفيده لبنته عمر بن عبد الله الأغماتي، وعيسى بن الملجوم.

149 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خلف

، أبو محمد بن أبي تليد الخولاني، الشاطبي، المعروف بالحمصي.

أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن الدوش، وسمع من: طاهر بن مفوز، وأبي عمران بن أبي تليد، وتصدر للإقراء بشاطبة، وحدث، وكان فاضلًا، صالحًا، مجاب الدعوة، روى عنه: أبو عمر بن عباد.

150 -

‌ عبد الله بن محمد بن محمد بن سعيد

، أبو جعفر البصري، البرذعي الشاهد.

شيخ متميز، ذو هيئة، سمع: أبا علي التستري، وعنه: أبو سعد السمعاني، مات في شوال، سمع سنن أبي داود.

151 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن علي بن جعفر بن زريق

، أبو القاسم الأسدي، المضري، النسفي، ثم الأصبهاني، الخطيبي، الحنفي، خطيب الجامع الكبير بأصبهان.

ص: 596

ولد في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا الطيب عبد الرزاق بن شمة، وأبا بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني، والشريف أحمد بن حاتم البكري.

وحدث بأصبهان، وبغداد، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وأبو الفرج ابن الجوزي، ومحمود بن أحمد المضري، وجماعة، وهو ابن عم قاضي أصبهان عبيد الله الخطيبي.

152 -

‌ عبد الرحمن بن كليب

، أبو محمد الحموي، المقرئ، الفرضي.

قال ابن عساكر: كان علامةً في الفرائض، والحساب، وكان يعلم الصبيان في مكتبه، ولا يأخذ منهم شيئًا، ولما توفي لم يبق أحدٌ بحماة إلا شهد جنازته.

153 -

‌ عبد العزيز بن عثمان بن إبراهيم

، أبو محمد الأسدي، الفقيه، البخاري، قاضي بخارى.

قدم بغداد، وسمع: أبا طالب بن يوسف، وجماعة، وأملى ببخارى، وبها توفي، وكان رئيسًا، كبير الشأن، عالمًا، روى عنه: محمد بن عمر القلانسي.

154 -

‌ عبد العزيز بن ناصر ابن المحاملي

، أبو القاسم.

حدث عن: أبي الحسن الأنباري، وحمد الأصبهاني الحداد، سمع منه: أبو بكر المفيد، وغيره.

155 -

‌ عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف

، الأنصاري، القرطبي، والد الحافظ خلف، يكنى: أبا مروان.

أخذ القراءات عن: يحيى بن حبيب، وغيره، ولازم أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه زمانًا، وكان عارفًا بمذهب مالك، رأسًا في معرفة الشروط، كثير التلاوة، توفي في جمادى الآخرة، وله نحوٌ من ثمانين سنة.

ذكره ابنه في الصلة.

ص: 597

وقرأ شيخه ابن حبيب على محمد بن أحمد الفراء تلميذ مكي.

156 -

‌ عبد الواحد بن حمد

.

ورخه بعضهم سنة ثلاثٍ، والصواب سنة اثنتين.

157 -

‌ عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن

، أبو الفضل القيرواني، القرشي، الطبني، يعرف بابن لاذخان.

جاور بمكة مع أبيه مدة، أو ولد بها، وقدما بغداد فسكنها عطية إلى أن توفي بها، وكان ظريفًا، كيسًا، مطبوعًا، حسن الشعر، حدث عن: أبي معشر الطبري، وغيره، روى عنه: السلفي في مشيخته، وتوفي في صفر سنة ثلاث.

158 -

‌ علي بن أفلح

، أبو القاسم البغدادي، الكاتب، الشاعر.

له النظم والنثر، والهجو الكثير السائر.

ذكره أبو الفرج ابن الجوزي فقال: كان المسترشد بالله قد خلع عليه ولقبه جمال الملك، وأعطاه أربعة آدر في درب الشاكرية، فهدمها وأنشأها دارًا عاليةً مليحة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذع، ومائتي ألف آجرة، وأجرى عليه معلومًا، فظهر أنه يكاتب دبيسًا، فنم عليه بوابه لكونه طرده، فهرب ابن أفلح، وأمر المسترشد بنقض الدار، وكان قد غرم عليها عشرين ألف دينار، وكان فيها حمام، ولمستراحها أنبوبٌ، إن فرك يمينًا جرى ماءٌ ساخن، وإن فرك شمالًا جرى ماءٌ بارد.

ثم ظهر بتكريت، واستجار ببهروز الخادم، ثم آل الأمر إلى أن عفي عنه.

ومن شعره:

دع الهوى لأناسٍ يعرفون به قد مارسوا الحب حتى لان أصعبه بلوت نفسك فيما لست تخبره والشيء صعبٌ على من لا يجربه افن اصطبارًا وإن لم تستطع جلدًا فرب مدرك أمرٍ عز مطلبه

ص: 598

أحنو الضلوع على قلبٍ يحيرني في كل يومٍ ويعنيني تقلبه تناوح الريح من نجدٍ يهيجه ولامع البرق من نعمان يطربه

159 -

‌ علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح

، أبو الحسن السلمي، الدمشقي، الفقيه الشافعي، الفرضي، جمال الإسلام.

سمع: أبا نصر بن طلاب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبد العزيز الكتاني، ونجا العطار، وغنائم بن أحمد، وعلي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجماعة، وتفقه على: القاضي أبي المظفر المروزي، وأعاد الدرس للفقيه نصر، وبرع في الفقه.

قال الحافظ ابن عساكر: وبلغني أن أبا حامد الغزالي قال: خلفت بالشام شابًا إن عاش كان له شأن، فكان كما تفرس فيه، ودرس في حلقة الغزالي بالجامع مدة، ثم ولي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة، سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثبتًا، عالمًا بالمذهب والفرائض، وكان يحفظ كتاب تجريد التجريد لأبي حاتم القزويني، وكان حسن الخط موفقًا في الفتاوى، كان على فتاويه عمدة أهل الشام، وكان كثير عيادة المرضى وشهود الجنائز، ملازمًا للتدريس والإفادة، حسن الأخلاق، له مصنفات في الفقه والتفسير، وكان يعقد مجلس التذكير، ويظهر السنة، ويرد على المخالفين، ولم يخلف بعده مثله.

قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه القاسم، والسلفي، وخطيب دومة عبد الله بن حمزة الكرماني، وعبد الوهاب بن علي الزبيري العدل، وأبو الحزم مكي بن علي، ويحيى بن الخضر الأرموي، وإسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي، ومحمد بن الخصيب، وطائفة آخرهم وفاةً القاضي أبو القاسم ابن الحرستاني، وقد أملى عدة مجالس، وقع لنا من طريقه بعلو معجم ابن جميع.

ذكره ابن عساكر أيضًا في طبقات الأشاعرة من كتاب تبيين كذب المفتري، فقال: تفقه أولًا على القاضي أبي المظفر عبد الجليل بن

ص: 599

عبد الجبار المروزي، وغيره، وعني بكثرة المطالعة والتكرار، فلما قدم الفقيه نصر المقدسي دمشق لازمه، ولزم الغزالي مدة مقامه بدمشق، وهو الذي أمره بالتصدر بعد موت الفقيه نصر، وكان يثني على علمه وفهمه، وكان عالمًا بالتفسير، والأصول، والفقه، والتذكير، والفرائض، والحساب، وتعبير المنامات، توفي في ذي القعدة ساجدًا في صلاة الفجر.

160 -

‌ علي بن المطهر بن مكي بن مقلاص

، أبو الحسن الدينوري، الشافعي.

تفقه على: أبي حامد الغزالي، وسمع من: نصر بن البطر، ونحوه، وكان فقيهًا صالحًا.

توفي ليلة السابع والعشرين من رمضان ببغداد.

161 -

‌ فاطمة بنت السيد ناصر بن الحسن

، أم المجتبى، العلوية الأصبهانية.

شريفة معمرة، سمعت الكثير من: عبد الرزاق بن شمة، وإبراهيم سبط بحرويه، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وعنها: ابن عساكر، والسمعاني وقال: ماتت سنة ثلاث.

162 -

‌ كمال بنت محمد بن محمد بن فرحية المقرئ

، الدينوري.

بغدادية، روت عن أبي القاسم علي بن الحسين الربعي أحاديث يسيرة، وتوفيت في حدود السنة ببغداد.

163 -

‌ محمد بن أحمد بن الحسين بن أبي بشر

، الإمام أبو بكر المروزي، الخرقي، المتكلم.

رحل إلى نيسابور فتفقه وأحكم الكلام، وسمع من: أبي بكر بن خلف، وجماعة، وسكن قريته يفتي ويعظ، وهي خرق، على ثلاثة فراسخ من مرو، بها سوق وجامع.

مات في شوال في عشر الثمانين، روى عنه: ابن السمعاني.

ص: 600

164 -

‌ محمد بن أحمد بن عثمان

، أبو عامر البلنسي، البرياني، الأديب.

كان من جلة الشعراء، عاش ستًا وثمانين سنة، أخذ عنه: أبو عبد الله بن نابل، وكان من طبقة أبي إسحاق الخفاجي في الشعر، فماتا في هذا العام.

165 -

‌ محمد بن يحيى بن باجة

، أبو بكر الأندلسي، السرقسطي، الشاعر، الفيلسوف، المعروف بابن الصائغ.

منسوب إلى انحلال العقيدة وسوء المذهب، وكان يعتقد أن الكواكب تدبر العالم، وقد استولى الفرنج على سرقسطة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

وباجة: هي الفضة في لسان فرنج المغرب.

وكان آية في آراء الأوائل والفلاسفة، وهم به المسلمون غير مرة، وسعوا في قتله.

وكان عارفًا بالعربية، والطب، وعلم الموسيقى.

قال أبو الحسن علي بن عبد العزيز ابن الإمام: هذا مجموع من أقوال أبي بكر ابن الصائغ في العلوم الفلسفية.

قال: وكان في ثقابة الذهن، ولطف الغوص على المعاني الدقيقة أعجوبة دهره، فإن هذه الكتب الفلسفية كانت متداولة بالأندلس من زمان الحكم جالبها، فما انتهج فيها الناظر قبله بسبيل كما تبدد عن ابن حزم، وكان من أجل نظار زمانه، وكان أبو بكر أثقب منه نظرًا.

قال: ويشبه أن هذا لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله في الفنون التي تكلم عليها، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزالي، وهما اللذان فتح عليهما بعد الفارابي بالمشرق في فهم تلك العلوم، ودونا فيها، بان لك الرجحان في أقاويله، وحسن فهمه، لأقاويل أرسطو.

ص: 601

قلت: وكان ابن الإمام من تلامذة ابن باجة، كان كاتبًا، أديبًا، وهو غرناطي أدركه الموت بقوص، ومن تلامذة ابن باجة أبو الوليد بن رشد الحفيد.

توفي ابن باجة بفاس، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربي المعافري، ومات قبل الكهولة؛ وله مصنفات كثيرة.

ومن شعره:

ضربوا القباب على أقاحة روضةٍ خطر النسيم بها ففاح عبيرا وتركت قلبي سار بين حمولهم دامي الكلوم يسوق تلك العيرا لا والذي جعل الغصون معاطفًا لهم وصاغ الأقحوان ثغورا ما مر بي ريح الصبا من بعدهم إلا شهقت له، فعاد سعيرا وقد ذكر أبا بكر بن باجة أيضًا أليسع بن حزم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالم بالفنون، المعظم في القلوب والعيون، أبو بكر بن باجة، أرسل قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرك.

إلى أن قال: ومن مثل أبي بكر؟ جاد به الزمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقب كلام الأوائل، وحل عقد المسائل، وإني لأتحقق من عقله ما يشهد له بالتقييد للشريعة، ولا شك إنه في صباه عشق، وصبا، وسبح في أنهار المجانة وحبا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمحن، فأنطق جماد الأوتار.

166 -

‌ محمد بن خلف بن إبراهيم بن خلف

، أبو بكر ابن المقرئ أبي القاسم ابن النخاس القرطبي.

أخذ القراءات عن أبيه، وسمع من: ابن الطلاع، وأبي علي الغساني، وتفقه وبرع في العلم، توفي في ربيع الآخر.

167 -

‌ محمد بن أبي نصر شجاع بن أحمد بن علي الأصبهاني

، أبو بكر اللفتواني، الحافظ، المفيد.

ص: 602

سمع: أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ورحل إلى بغداد بعد العشرين، وحدث بها، وقد سمع من: رزق الله التميمي، وطراد النقيب، لكن بأصبهان، ولم يزل يسمع ويقرأ إلى حين وفاته.

روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وجماعة، وأبوه من شيوخ السلفي، وابنه عبيد الله ممن أجاز للفخر ابن البخاري.

وكان شيخًا صالحًا، فقيرًا، ثقة، متعبدًا.

ولد سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، وتوفي في حادي وعشرين جمادى الأولى.

وأثنى عليه أبو موسى المديني، وقال: لم أر في شيوخي أكثر كتبًا وتصنيفًا منه. استغرق عمره في طلب الحديث وكتبته وتصنيفه ونشره.

وقال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، كثير الصلاة، حسن الطريقة، خشنها، لقيته بأصبهان، وسمعت منه الكثير، وما دخلت عليه إلا وهو مشتغل بخير، إما أن يصلي، أو ينسخ، أو يتلو، وكان يقرأ قراءةً غير مفهومة، وهو عارف بالحديث وطرقه، كتب عن من أقبل وأدبر، وخطه لا يمكن قراءته لكل أحد، وكان يقول: يكفي من السماع شمه.

168 -

‌ محمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن زينة

، الشيخ أبو غانم بن أبي ثابت الأصبهاني، الواعظ، المفسر، المحدث.

سمع الحديث الكثير، وقرأ وأفاد، وحصل الأصول. سمع: جده لأمه محمد بن الحسن بن سليم، وأخاه عمر بن الحسن، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وعمر بن أحمد بن عمر السمسار، وخلائق، وسمع ببغداد سنة أربع عشرة من الموجودين.

سمع منه ابن الجوزي، بقراءة ابن ناصر، ولد في أول سنة إحدى وثمانين، ومات في سلخ المحرم.

ص: 603

169 -

‌ محمد بن حمد

، أبو منصور الأصبهاني، العطار، الطيبي.

شيخ متعبد متيقظ، خير، سمع: إبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وسعيدًا العيار، وجماعة، وعنه: ابن عساكر، والسمعاني، حدث بأجزاء من مسند أبي يعلى، وعاش بضعًا وثمانين سنة.

170 -

‌ محمد بن ظفر بن عبد الواحد بن أحمد

، الأصبهاني، أبو بكر المعدل.

من شيوخ أبي موسى، توفي في صفر، يروي عن: حمد بن عبد العزيز الغزال، عن الجرجاني.

171 -

‌ محمد بن عبد الغني بن عمر بن عبد الله بن فندلة

، أبو بكر الإشبيلي، الأديب، اللغوي.

تلميذ أبي الحجاج الأعلم، وأخذ أيضًا عن: أبي محمد بن خزرج، وأبي مروان بن سراج، وذكر أنه سمع بقرطبة من محمد بن عتاب الفقيه كتبًا ذكرها.

قال ابن بشكوال: ويبعد ما ذكره، والله أعلم، وقد أخذ عنه، وتوفي في عقب شوال وله تسعون سنة إلا أشهرًا.

172 -

‌ محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود

، أبو جعفر ابن المهتدي بالله الهاشمي، العباسي، الخطيب، قاضي باب البصرة ببغداد.

روى عن: أبي القاسم ابن البسري، وغيره، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وقال: كان خطيب جامع المنصور، وحمدت سيرته في القضاء.

قال ابن عساكر: توفي سنة ثلاث.

وقال ابن السمعاني: توفي سنة أربعٍ وثلاثين.

173 -

‌ محمد بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن سعيد

، الحداد، الأصبهاني، أبو عبد الله البيع.

ص: 604

شيخ كبير، ثقة، كثير السماع، سمع من جده، وطائفة، وقدم بغداد مع جده للحج، وسمع من: مالك البانياسي، وابن البطر.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه أربعة أجزاء، خرجها له يحيى بن مندة.

174 -

‌ المبارك بن عثمان بن حسين

، أبو منصور ابن الشواء، الدقاق، الأزجي.

روى عن: مالك البانياسي، حدث عنه: أبو المعمر، وابن عساكر.

175 -

‌ مجاهد بن أحمد بن محمد

، أبو بكر المجاهدي، البوشنجي، الطبيب.

شيخ صالح، سمع: جمال الإسلام الداودي، أخذ عنه: السمعاني بالإجازة، مات في ذي الحجة.

176 -

‌ محمود بن بوري بن طغتكين

، الملك شهاب الدين أبو القاسم.

ولي دمشق بعد قتل أخيه شمس الملوك، وكانت أمه زمرد هي الغالبة عليه والمدبرة له، إلى أن تزوجها زنكي والد الملك نور الدين، وخرجت إليه إلى حلب، فقام بتدبير الأمور معين الدين أنر مملوك جده.

قال ابن عساكر: وكانت الأمور تجري في أيامه على استقامة إلى أن وثب عليه جماعةٌ من خدمه، فقتلوه في شوال، وقدم أخوه محمد من بعلبك، فتسلم القلعة والبلد من غير منازعة.

وقال أبو يعلى حمزة: قتل ليلة جمعةٍ بيد غلمانه الملاعين ألبقش الأرمني الذي اصطنعه وقربه، ويوسف الخادم الذي وثق به في نومه، والفراش الراقد حوله، فكانوا ثلاثتهم يبيتون حول فراشه، فقتلوه في جوف الليل وهو نائم، وأخفوا سرهم، بحيث خرجوا من القلعة، فظهر الأمر، وطلب ألبقش فهرب، ومسك الآخران، فصلبا على باب الجابية.

177 -

‌ المنور بن أسعد بن سعيد بن أبي الخير فضل الله بن أحمد الميهني

، أبو الثناء الصوفي.

ص: 605

شيخ صالح، عفيف، لازمٌ لتربة جده، ناهضٌ بحقوق الواردين، ولد في حدود الستين وأربعمائة، وحدث، روى عنه ابن السمعاني.

178 -

‌ ناصر بن سهل

، أبو سعد النوقاني.

عالم، فقيه، ثقة، سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا عاصم عبد الرحمن الجوهري.

مات في شوال عن تسعين سنة.

179 -

‌ هبة الله بن سهل بن عمر بن أبي عمر

محمد بن الحسين بن محمد بن أبي الهيثم، أبو محمد البسطامي، النيسابوري، المعروف بالسيدي.

ولد في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.

ذكره ابن السمعاني في مشيخته، فقال: عالم، خير، كثير العبادة والتهجد، ولكنه كان عسر الخلق، بسر الوجه، لا يشتهي الرواية، ولا يحب أصحاب الحديث، كنا نقرأ عليه بجهدٍ جهيد وبالشفاعات، سمع: أبا حفص عمر بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان البحيري، وأبا سعد الكنجروذي، وأبا يعلى إسحاق الصابوني، وأبا بكر البيهقي، وجماعة، وسمعت منه الموطأ إلا كتاب المساقاة والقراض، وتوفي في الخامس والعشرين من صفر.

قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، والمؤيد الطوسي، وأجاز لأبي القاسم ابن الحرستاني، وغيره، وكان زوج بنت إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وكان من الفقهاء بنيسابور وقد روى أجزاء كثيرة تفرد بها، منها جزء ابن نجيد.

وبعض الحفاظ استثنى من الموطأ كتاب الفرائض، وهذا الفوت كله قديم، فات زاهر بن أحمد.

ص: 606

سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

180 -

‌ أحمد بن جعفر بن أحمد بن مهدويه الأنباري

.

سمع: أبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر، وغيره، وعنه: ابن السمعاني.

181 -

‌ أحمد بن جعفر بن الفرج

، أبو العباس الحربي.

شيخ صالح، عابد، له سمت وهيبة وسكون.

يروي عن أبي طلحة النعالي.

قال ابن الجوزي: كان يقال: إنه رئي بعرفات في سنةٍ ما حج فيها، وتوفي في رمضان.

وقال ابن النجار: أحمد بن جعفر الأكار الزاهد، كان ورعًا، زاهدًا، دائم الفكرة، سريع الدمعة، مخفيًا لأحواله، مجاب الدعوة، ظاهر الكرامات، يعد في درجة الشيخ أبي الحسن القزويني، روى لنا عنه أبو علي عبد الله بن طليب.

قال كرم بن أحمد: كان أحمد بن جعفر يعمل معنا سنين في السقلاطون، فما رأيته يحدث بما لا يعنيه، وكان يقول: أقصروا عما ليس فيه فائدة، فإنه يكتب عليكم، وكان إذا جاءه من يقبل يده يكره ذلك ويقول: من أنا حتى تقبل يدي؟

182 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسين البابائي

، الواسطي.

مقرئ صالح، سكن بغداد، وحدث عن: أبي القاسم بن فهد، وابن البطر، وتوفي في شعبان، روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني.

183 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسين بن سرطان الأنباري

.

سمع من: الخطيب ابن الأخضر، وعنه: ابن السمعاني.

ص: 607

عاش بضعًا وسبعين سنة.

184 -

‌ أحمد بن محمد بن المسلم

، أبو القاسم الهاشمي، الدمشقي.

سمع: أبا القاسم السميساطي، وكان عنده عنه جزءٌ واحدٌ من موطأ ابن وهب، سمعه منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

وكان لا بأس به، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وتوفي في ثامن المحرم، ودفن بمقابر الكهف، وهو آخر من حدث عن السميساطي.

185 -

‌ أحمد بن منصور بن المؤمل

، أبو المعالي الغزال.

بغدادي، سمع: أبا الحسين ابن النقور، وأبا بكر بن حمدوه، وأبا نصر الزينبي، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وآخرون.

قال ابن الجوزي: كان خيرًا، ويسقي الأدوية بالمارستان العضدي، ويعبر الرؤيا، أتاه رجل يوم الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر، فقال: رأيتك كأنك قدمت في هذا الموضع، وأشار إلى خربةٍ مقترنةٍ بالمارستان، ففكر ساعةً ثم قال: ترحموا علي، ومضى فصلى الجمعة ورجع، فوصل قريبًا من ذلك الموضع، وسقط ميتًا، رحمه الله.

186 -

‌ أحمد بن عمر بن أحمد الفنجكردي الطوسي

، الضرير، الواعظ.

سمع: أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران الصوفي.

قال السمعاني: سمعت منه الأربعين للحاكم، مات في المحرم.

187 -

‌ إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن شيث

، الإمام أبو إسحاق الأنصاري البخاري الزاهد، المعروف بالصفار.

زاهد، عابد، كبير القدر، قوال بالحق، شهير، أراد بعض الملوك قتله لذلك، سمع: أباه أبا أحمد الشهيد، ويوسف بن منصور السياري الحافظ، مات في ربيع الأول، أجاز للسمعاني.

ص: 608

188 -

‌ إبراهيم بن سليمان بن رزق الله

، أبو الفرج الورديسي، الضرير، وورديس: قرية عند إسكاف من النهروان، وبها ولد، وكان يسكن بباب الأزج.

قال ابن الجوزي: كان فهمًا للحديث، حافظًا لأسماء الرجال، ثقة، سمع الكثير، وحدث باليسير، سمع: رزق الله التميمي، وابن البطر، وتوفي في سابع ربيع الأول.

قلت: سمع جماعة كثيرة، روى عنه: يحيى بن بوش.

189 -

‌ إبراهيم بن طاهر بن بركات بن إبراهيم بن علي

، أبو إسحاق القرشي الخشوعي، الدمشقي، الرفاء، الصواف.

سمع: أبا القاسم علي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجعفر بن أحمد السراج، وسمع ولده أبا طاهر كثيرًا.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه أبو طاهر بركات، وعبد الخالق بن أسد، وقال ابن عساكر: كان ثقة خيرًا، توفي في شعبان.

190 -

‌ أسد بن علي بن عبد الله بن أبي الحسن

ابن القائد محمد بن الحسن الغساني الحلبي، ويكنى أبا الفضل.

ذكره يحيى بن أبي طيئ في تاريخه، فقال: هو عم والدي، وكان فقيهًا، قارئًا نحويًّا، ولد سنة خمسٍ وثمانين، وتوفي ببلاد قم، ولم يعقب، وكان قد قرأ القراءات قبل أن يبلغ، ثم قرأ الأصول على مذهب الإمامية، وصنف كتابًا في مناقب أهل البيت، وشرح ديوان أبي تمام.

191 -

‌ ثابت بن حبيب المستوفي

، من أعيان بغداد.

قال ابن الجوزي: قبض عليه الوزير البروجردي، وحبسه في سرداب بهمذان في الشتاء بطاق قميص، فمات من البرد، وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار.

ص: 609

192 -

‌ جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شرف

، أبو الفضل الجذامي، القيرواني، نزيل الأندلس، شاعر عصره.

قال ابن بشكوال: ولد سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة، ودخل الأندلس في سنة سبعٍ وأربعين، يعني مع والده، قال: واستوطن برجة من ناحية المرية، روى عن: أبيه، وعن: أبي عبد الله بن المرابط، وأبي الوليد الوقشي، وأبي سعيد الوراق، وغيرهم، وكان من جلة الأدباء وكبار الشعراء، وكان شاعر وقته غير مدافع، وطال عمره، فأخذ الناس عنه، وله تصانيف حسان في الأمثال، والأخبار، والآداب، والأشعار، وكتب إلينا بإجازة ما رواه وصنفه، وتوفي في منتصف ذي القعدة، وكان من جلساء صاحب المرية ابن صمادح.

قال اليسع بن حزم: ومنهم شيخنا الحكيم الوزير جعفر بن شرف، له حفظ كالسيل، وجري إلى المعالي كالخيل، ما عسى أن أصف به من برع في كل فن، وأصبح على أترابه له الفضل والمن، مع تواضع نفس، قال لي: أنشدت المعتصم بن صمادح في روضةٍ حللنا بها بعد تعب:

رياضٌ تعشقها سندسٌ توشت معاطفها بالزهر مدامعها فوق خدي ريًا لها نظرةٌ فتنت من نظر فكل مكانٍ بها جنةٌ وكل طريقٍ إليها سقر وله من الكتب كتاب الجش والتجهيش في الإلهيات والطبيعيات، وكتاب عقيل وعليم حاكى به كليلة ودمنة، وله شعرٌ كثير، وأخذ يبالغ ابن حزم في إطرائه.

193 -

‌ جوهر الحبشي الخادم

، خادم السلطان سنجر.

كان مستوليًا على مملكته محكمًا فيه، جاءه الباطنية في زي النساء واستغاثوا ثم قتلوه، وذلك بالري.

194 -

‌ الحسن بن عمر

، أبو علي الطوسي، البيع، من أهل نيسابور، ومتميزيها.

ص: 610

سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا إسحاق الشيرازي الفقيه، وجماعة.

ولد على رأس الستين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد، وقال: مات في غرة جمادى الآخرة.

195 -

‌ الحسن بن نصر بن الحسن

، ويعرف بابن المعبي، أبو محمد الدينوري، البزاز.

ولد بالري، وسكن بغداد، وكان يتجر في البز في خان الخليفة، سمع: أبا القاسم ابن البسري، وبصور من الفقيه نصر المقدسي، روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني،، وعاش ثمانين سنة، وتوفي في حدود هذه السنة، لأنه كان باقيًا فيها.

196 -

‌ حمزة بن الحسن بن مفرج

، أبو يعلى الأزدي، الدمشقي، المقرئ، الدلال في الكتب.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر.

روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.

توفي في صفر، وكان مستورًا.

197 -

‌ رابعة بنت معمر بن أحمد بن محمد اللنباني

، أم الفتوح الأصبهانية، زوجة الحافظ أبي سعد البغدادي.

سمعت المطهر البزاني، وابن ماجه الأبهري.

قال السمعاني: سمعت منها جزء لوين، ماتت رابع المحرم.

198 -

‌ زفرة الأصبهاني المفيد

.

قال السمعاني: هو أبو بكر محمد بن أحمد بن علي، حرص وما فاته

ص: 611

شيخ بأصبهان، ولم يكن يعرف شيئًا أصلًا، وصار يعرف أسماء الكتب والأجزاء، حتى أن صاحبنا الشهاب محمد بن أبي الوفاء قرأ يومًا فقال: حمزة بن محمد الكتاني، فصاح به زفرة، وقال: الكناني: فتعجبوا من صوابه ومن خطأ الشهاب، سمع: أبا الفتح الحداد، وهبة الله بن علي الشيرازي، وقرأت عليه الأول من حديث أبي بكر الشافعي، عن الشيرازي، عن ابن غيلان، عنه، مات في جمادى الأولى، رحمه الله.

199 -

‌ شبيب بن الحسين بن عبيد الله بن الحسين بن شباب

، القاضي، أبو المظفر البروجردي، الفقيه، الشافعي.

قال ابن السمعاني: قدم بغداد بعد السبعين وأربعمائة وتفقه على أبي إسحاق، وبرع في العلم، وهو إمامٌ مفتٍ، مناظر، أديب، شاعر، مليح المعاشرة، حلو المنطق، متواضع، سمع: الفقيه أبا إسحاق، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا نصر الزينبي، وبأصبهان: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجه، وببروجرد: يوسف بن محمد بن يوسف الهمذاني الخطيب، صاحب ابن لال، وسألته عن مولده فقال: في رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وقرأت عليه أجزاء ببروجرد، وكان قاضيها، وكان من مفاخر العراق، وتوفي بعد رجوعه من حجته الثالثة لأربعٍ خلون من ربيع الأول ببغداد، ودفن عند أستاذه الشيخ أبي إسحاق رحمه الله، وقد كتب عنه السلفي.

200 -

‌ عباد بن محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء

، أبو نهشل التميمي، الأصبهاني، المعدل.

من شيوخ أبي موسى المديني، توفي في ثامن ذي القعدة.

201 -

‌ عبد الله بن أسعد بن أحمد بن محمد بن محمد بن حيان

، أبو سعد النسوي، النيسابوري.

ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، مرضي، من أولاد المشايخ، خدم الكبار وصحبهم، وشذا طرفًا من العلم، وسمعه أبوه من: أبي بكر بن خلف، وأبي المظفر موسى بن عمران، كتبت عنه، وكان ثقةً، متيقظًا.

ص: 612

ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة بنيسابور.

202 -

‌ عبد الرزاق بن محمد بن سهل

، أبو الفتح الأصبهاني، الشرابي.

قال السمعاني: مقرئ، فاضل، حسن السيرة، حسن الإقراء، ختم جماعة بأصبهان، ورحل في الحديث إلى خراسان، وكرمان، والبصرة، سمع: رزق الله التميمي، وأبا المظفر السمعاني جدي، وأبا عبد الله النعالي، وابن البطر، وجعفر بن محمد العباداني البصري، وسمع بكرمان: أبا محمد بن محمد بن عبد الرزاق الكرماني، سمعت منه جزءًا خرجه لنفسه، ولد ظنا في السبعين وأربعمائة، وتوفي في صفر.

قلت: سمعنا من طريقه الرد على الجهمية لعثمان الدارمي، على زينب ببعلبك، بإجازتها من عبد العظيم بن عبد اللطيف الأصبهاني الشرابي، قال: أخبرتنا ضوء النساء بنت عبد الرزاق الشرابي، قالت: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الخطيب محمد بن عبد الله الهروي، قال: أخبرنا ثابت بن محمد بن أحمد السعدي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القرشي، عن المؤلف.

وثابت تقدم في سنة ستين وأربعمائة، وهذا الكتاب بنزول درجتين، لكنه كتابٌ نفيس.

203 -

‌ عبد السلام بن الفضل

، أبو القاسم الجيلي، الشافعي.

أقام ببغداد مدةً، وتفقه في النظامية على إلكيا أبي الحسن الهراسي.

وولي قضاء البصرة، وسمع بمكة صحيح مسلم من الحسين بن علي الطبري، وتوفي في خامس جمادى الآخرة.

قال ابن الجوزي: برع في الفقه والأصول، وكان وقورًا، له هيئة، جرت أحكامه على السداد، وكان أبو العباس البصري الواعظ يقول: ما بالبصرة شيء يستحسن غير القاضي عبد السلام والجامع.

204 -

‌ عبد السلام بن محمود

، أبو الخير الحسناباذي، الأصبهاني.

ص: 613

ثقة، عالم، فاضل، ولد في رمضان سنة تسع وأربعين وأربعمائة، سمع: أحمد الباطرقاني، وشجاع بن علي، وعنه: السمعاني، وقال: مات في صفر.

205 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن

، أبو القاسم المديني، دولجة.

رحل إلى خراسان، والعراق، وغير موضع.

قال ابن السمعاني: ما كان يفهم شيئًا، ويقرأ قراءةً مدغمة غير مفهومة.

وكان خطه كقراءته، أظن أنه كان شيخًا صالحًا، خيرًا، فقيرًا، سمع ببغداد: ابن البطر، وجماعة، وبأصبهان: أبا مطيع، وخلقًا كبيرًا.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني وقال: توفي في ذي القعدة، وهو ابن عمة والدي.

206 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن محمد

، أبو الحسن النيسابوري، الشروطي، الحافظ لسلة الحاكم.

سمع: أبا بكر محمد بن القاسم الصفار، وعبد الرحمن بن رامش، وعنه: السمعاني وقال: ولد سنة خمسين وأربعمائة، ومات في ربيع الآخر.

207 -

‌ عمر بن عبد الله بن أحمد بن محمد

، أبو العباس الأرغياني، الأحدب، أخو أبي نصر الفقيه.

شيخ، صالح، فقيه، سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا حامد الأزهري، وجماعة، وتفقه على ابن الجويني، سمع منه: أبو سعد السمعاني، مات في رمضان عن نحو تسعين سنة.

208 -

‌ عمر بن علي بن أحمد

، أبو حفص الفاضلي، النوقاني، البختري.

قال السمعاني: إمام، فاضل، مناظر، متواضع، سمع: الفضل بن

ص: 614

محمد الزجاجي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة، كتبت عنه بنوقان طوس، وتوفي في غرة صفر.

209 -

‌ عنبر بن عبد الله الحبشي النجمي

، أبو المسك، المعروف بعنبر الستري، لأنه كان يحمل أستار الكعبة من بغداد.

وقد جاور سنين، وكان صالحًا كثير المعروف.

قال ابن السمعاني: سمعت منه بمكة في الحجتين، روى عن: أبي عبد الله النعالي، وابن البطر، وخرج له ابن ناصر جزأين، وتوفي في ذي الحجة.

210 -

‌ فاطمة بنت الفقيه أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري الفرضي الشافعي

، خالة ابن ناصر الحافظ.

قال السمعاني: امرأة خيرة، دينة، ستيرة، سمعت: ابن المسلمة، وأبا منصور علي بن الحسن الكاتب، ويوسف المهرواني، وأبا منصور العكبري.

وحدثت بالكثير، وتفردت في عصرها برواية الموفقيات للزبير بن بكار، عن أبي منصور الكاتب بفوت، وكان مولدها في جمادى الأولى.

روى عنها: ابن ناصر، وابن السمعاني، وأبو الفرج ابن الجوزي، وابن سكينة، وعبد الله بن مسلم ابن النخاس، وطائفة.

وتوفيت في خامس رجب.

211 -

‌ محمد بن إسماعيل بن الفضيل بن محمد بن الفضيل

، أبو الفضل الفضيلي، الأنصاري، الهروي، المزكي.

سمع: محلم بن إسماعيل الضبي، وأبا عمر المليحي، وسعيد بن أبي سعيد العيار، روى عنه: الهرويون، وعنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو روح، وغيرهم، وتوفي بمرو غريبًا في صفر، وحمل إلى هراة.

وقد ذكره ابن السمعاني في معجمه فقال: أملى مدةً بجامع هراة،

ص: 615

وورد مرو وأنا بالعراق، وأجاز لي، يروي صحيح البخاري عن أبي عمر المليحي، عن النعيمي، وكتاب العلل ومعرفة الرجال رواية عباس الدوري، عن ابن معين، يرويه عن: حكيم الإسفراييني.

قلت: ما أظن ابن السمعاني سمع منه.

212 -

‌ محمد ابن تاج الملوك بوري بن طغتكين

، الملك جمال الدين أبو المظفر، صاحب دمشق.

ولاه أبوه بعلبك، فأقام بها مدة إلى أن دبر على أخيه الملك شهاب الدين محمود بن بوري من قتله، ثم قدم من بعلبك، وتسلم دمشق في شوال من السنة الماضية.

وكان سيئ السيرة، ولم تطل مدته ولا متعه الله، فمات في شعبان من هذه السنة وأجلس في الملك ابنه أبق، وهو مراهق، وزاد تعجب الناس من قصر مدة جمال الدين، ودفن بتربة جده طغتكين بظاهر دمشق.

213 -

‌ محمد بن الحسن بن منصور

، أبو الفتوح الأصبهاني، المعلم، المؤذن.

سمع: عبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله والمطهر البزاني، وعنه: السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة.

214 -

‌ محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود ابن المهتدي بالله

، أبو جعفر الهاشمي، خطيب جامع المنصور.

كان حسن السيرة بهي المنظر، سمع: أبا القاسم ابن البسري، وطرادا الزينبي، وعاصمًا، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، ويوسف بن المبارك الخفاف.

وتوفي في جمادى الأولى، وله تسع وستون سنة.

ص: 616

215 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن أحمد

، أبو جعفر بن أبي القاسم ابن الشيخ أبي جعفر السمناني ابن الرحبي، الوراق، الوكيل بباب القضاة.

كان من مناحيس الوكلاء، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وحدث عن: عبد الصمد ابن المأمون، وأبي بكر الخطيب، والصريفيني، وجماعة.

وحدث بسنن أبي داود عن الخطيب، روى عنه: ابن السمعاني، وعلي بن يحيى ابن الطراح، وأبو الفتح المندائي، وجماعة.

قال ابن السمعاني: شيخ كبير، كان الزمان قد قعد به، واختلت أحواله، وكان صحيح السماع، ذكره ابن ناصر فأساء الثناء عليه، وقال: كان يكذب على باب القاضي ويدفع الحق عن أربابه.

قلت: هذا شأن كل الوكلاء حتى قد دب هذا المرض إلى وكلاء بيت مال المسلمين.

توفي في المحرم.

215 مكرر -‌

‌ محمد بن محمد بن إبراهيم

، قاضي بخارى وخطيبها، الإمام أبو بكر الفضلي البخاري.

سمع من جده لأمه أبي الفتح ميمون بن طاهر، وعاصم بن حسن الحاكم، وأبي نصر أحمد بن عبد الرحمن، وجماعة، ولي قضاء بخارى مدة، أجاز للسمعاني، ومات في صفر.

216 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن عطاف

، أبو الفضل الهمداني، الجزري.

ولد بجزيرة ابن عمر، وسكن بغداد، وسمع الأكابر، وصحب الأئمة، وكان يرجع إلى فضلٍ وتمييز وديانة، سمع: رزق الله، وابن البطر، وجماعة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني وقال: سألته عن مولده فقال: سنة أربع وستين وأربعمائة، توفي في تاسع عشر شوال.

ص: 617

قلت: عمل لنفسه معجمًا، وصنف الطب النبوي، روى عنه: ولده سعيد.

217 -

‌ محمد بن محمود بن محمد بن علي بن شجاع

، أبو نصر الشجاعي، السرخسي، الفقيه، المعروف بالسره مرد.

قال السمعاني: قدم من خراسان، وتفقه ببغداد على السيد علي بن أبي يعلى الدبوسي، ثم رجع إلى بلاده، وهو شيخ مسن، كبير القدر، فاضل، ورع، كثير التهجد، والصيام، والذكر.

كان يفتي ويناظر، ويذب عن مذهب الشافعي، سمع: أبا نصر محمد بن عبد الرحمن القرشي آخر أصحاب زاهر بن أحمد، وأبا القاسم العبدوسي، وعمه أبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي الفقيه، وأبا القاسم عبد الرحمن الفوراني الفقيه، وأبا علي نظام الملك، والسيد أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد، وغيرهم.

روى عنه: ابن السمعاني المذكور، وابن عساكر، وجماعة.

قال ابن السمعاني: سمعت منه بمرو أجزاء، ثم ارتحلت إليه إلى سرخس، ومولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر ذي الحجة، ودفن بمدرسته بسرخس، وقد سمعته يقول: دخلت جامع طوس، فلقيت جماعةً يسمعون جزءًا على شيخ يرويه عني، فلما رأوني عرفوني وفرحوا، وقاموا وقرؤوا الجزء علي، أخبرنا محمد بن محمود بمرو، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن العباس العبدوسي، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، فذكر حديثًا.

218 -

‌ محمد بن ناصر بن منصور بن أحمد بن علجة

، أبو الفضائل الأصبهاني، عميد بغداد.

وقد ولي الوزارة للخاتون زوجة أمير المؤمنين المقتفي، وحمدت ولايته.

ص: 618

قال ابن السمعاني: دخلت عليه ببغداد، وهو مريض، فتكلف وقعد بجهدٍ وتأدب، سمع: أبا مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس الثقفي، وجماعة، ولد بأصبهان في سنة سبعٍ وستين، وتوفي في أول رمضان.

219 -

‌ محمد بن نصر

، أبو الفتح الصوفي، المعروف بالمقرئ الهمذاني.

شيخ معمر، خادم للصوفية، ذو همة وسعيٍ، وإطعام ومروءة، وكان يصله أهل همذان بأموالٍ عظيمة.

قال السمعاني: سمعته يقول، وقد جاوز الثمانين: كان لي بهمذان خمسة آلاف نفس، يعطيني ألفٌ منهم خمسة آلاف دينار، وألفٌ منهم أربعة آلاف، وألفٌ ثلاثةً، وألفٌ دينارين دينارين وألفٌ دينارًا دينارًا، فاليوم لم يبق منهم أحد.

سمع: عبدوس بن عبد الله، ومحمد بن جابار، كتبت عنه جزءًا، ولد تقديرًا سنة خمسين وأربعمائة، ومات في المحرم.

220 -

‌ المختار بن محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد ابن المؤيد بالله

، الهاشمي، أبو الفضل بن أبي العز، أخو أبي تمام أحمد، من أهل الحريم الطاهري، ويعرف بابن الخص.

سمع: أبا نصر الزينبي، وغيره.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، ويوسف بن كامل.

221 -

‌ المهدي بن محمد بن إسماعيل بن مهدي

بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، أبو البركات بن أبي جعفر العلوي، الموسوي، الواعظ.

ولد بأصبهان في سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، ونشأ ببغداد.

قال ابن السمعاني: هكذا أملى علي نسبه، فقال السيد النسابة أحمد بن علي ابن السقاء: هذا نسبٌ مختلط، وكان مليح الوعظ، متوددًا، ظريفًا، كثير الترداد إلى أصبهان، ثم صاهر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد، وسمع: ابن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وثابت بن بندار، كتبت عنه بمرو، خسف بجنزة

ص: 619

سنة أربعٍ وثلاثين، وهلك فيها عالمٌ لا يحصون من المسلمين، منهم المهدي بن محمد العلوي.

222 -

‌ موسى بن سيد

، أبو بكر الأموي، خطيب الجزيرة الخضراء.

حج، وجاور وسمع صحيح مسلم من الحسين الطبري، سمع منه: أبو بكر بن خير في هذه السنة.

223 -

‌ هبة الله بن الحسين بن يوسف

، أبو القاسم البغدادي، المعروف بالبديع الأصطرلابي، الشاعر المشهور.

ذكره القاضي شمس الدين ابن خلكان فقال: كان وحيد دهره في عمل الآلات الفلكية، وحصل له من جهتها مالٌ طائل في خلافة المسترشد، ومما أورد له العماد في الخريدة، والحظيري في زينة الدهر، ويقال إنهما لغيره:

أهدي لمجلسه الكريم وإنما أهدي له ما حزت من نعمائه كالبحر يمطره السحاب وما له فضلٌ عليه لأنه من مائه وكان كثير الخلاعة والمجون، اختار ديوان ابن حجاج، ورتبه على مائة وأحد وأربعين بابًا، وسماه درة التاج من شعر ابن حجاج، توفي بعلة الفالج ببغداد في هذا العام.

وقال ابن أبي أصيبعة: هو طبيب، عالم، وفيلسوف متكلم، غلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرياضي، وكان صديقًا لأمين الدولة ابن التلميذ.

وقال ابن النجار: بديع الزمان، كان وحيد دهره، وفريد عصره، في علم الهيئة، والهندسة، والرصد، وصنعة الآلات، وله شعر مليح.

224 -

‌ يحيى بن بطريق

، أبو القاسم الطرسوسي، ثم الدمشقي.

قال ابن عساكر: كان حافظًا للقرآن، مستورًا، توفي في رمضان، سمع:

ص: 620

أبا الحسين محمد بن مكي، وأبا بكر الخطيب.

روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم وهو أكبر شيخ للقاسم، وعبد الخالق بن أسد.

225 -

‌ يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين

، القاضي أبو المفضل القرشي الدمشقي، قاضي دمشق، ويعرف بابن الصائغ.

قال ابن ابنته الحافظ ابن عساكر: سمع: عبد العزيز الكتاني، والحسن بن علي ابن البري، وحيدرة بن علي، وعبد الرزاق بن الفضيل، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وغيرهم، ورحل إلى بغداد فسمع بها من: عبد الله بن طاهر التميمي الفقيه، وغيره، وتفقه على أبي بكر الشاشي، وتفقه بدمشق على القاضي المروزي، وصحب الفقيه نصرا المقدسي مدةً، وكان عالمًا بالعربية، قرأ على أبي القاسم الفارسي، وقال لي: ولدت سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة، وقد ولي القضاء نيابةً عن القاضي أبي عبد الله محمد بن موسى البلاشاغوني، ثم ناب عن أبي سعد محمد بن نصر الهروي، وقتل أبو سعد وجدي على القضاء، وخرج إلى الحج على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم، وكان ثقةً، حلو المحاضرة، فصيح اللسان، أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عبد الرزاق سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة بقراءة أبي الفرج الحنبلي، فذكر حديثًا.

وقال ابن السمعاني: كان جميل الأمر، مرضي السيرة، كان الناس يحمدونه في قضاياه وأحكامه، وهو أبو شيخنا محمد بن يحيى قاضي دمشق، وجد رفيقنا أبي القاسم، وكان مقلًا من الحديث، أجاز لي.

قلت: وروى عنه: القاسم ابن الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة، وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول، ودفن عند مسجد القدم بتربة.

ص: 621

سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.

226 -

‌ أحمد بن جعفر بن أحمد بن خصيب

، أبو العباس القيسي، القرطبي، المقرئ، المعروف بالقيشطالي، وقد تبدل الشين جيمًا.

أخذ القراءات عن أبي القاسم ابن النخاس، وحدث عن أبي محمد بن عتاب، وأقرأ القرآن والعربية.

روى عنه: أبو الحسن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العباس بن مضاء، وغيرهم.

227 -

‌ أحمد بن سعد بن علي بن الحسن بن القاسم بن عنان

، أبو علي العجلي، الهمذاني، المعروف بالبديع.

ولد سنة ثمانٍ وخمسين، وسمَّعه أبوه، ثم رحل هو بنفسه إلى أصبهان، وبغداد، والكوفة، والري، سمع: بكر بن حيد صاحب أبي الحسين القنطري، وأبا إسحاق الشيرازي، ويوسف بن محمد الهمذاني الخطيب، وأبا الفرج بن عبد الحميد، وأبا طاهر ابن الزاهد، وعامة الهمذانيين، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الرئيس بأصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البطر، وجماعة ببغداد، ومكي بن علان بالكرج.

روى كتاب المتحابين لابن لال، سماعًا عن أبي الفرج علي بن محمد بن عبد الحميد عنه، روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وطائفة.

قال ابن السمعاني: شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدر، واسع الرواية، حسن المعاشرة، وله نظم جيد.

وقد ذكره شيرويه في الطبقات، فقال: صدوق، فاضل، يرجع إلى نصيب من كل العلوم أدبًا، وفقهًا، وحديثًا، وتذكيرًا، وكان يراعي الناس ويداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولًا بين الخاص والعام.

وقال غيره: توفي سنة خمسٍ وثلاثين في رجب، وقبره يزار.

ص: 622

228 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن هالة

، أبو العباس الرناني، ورنان، من قرى أصبهان.

كان من أعيان القراء، قرأ على: أبي علي الحداد، وبواسط على أبي العز القلانسي، وسمع من غانم البرجي فمن بعده، وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة، ونسخ الكثير، وخرج للشيوخ، وختم خلقًا، وتوفي بالحلة السيفية، مرجعه من الحج، فجاءةً في صفر.

وقد خرج للحافظ إسماعيل بن محمد التيمي عشرة أجزاء.

229 -

‌ إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد

، الإمام، أبو سعيد الخرجردي، وهي بليدة من أعمال بوشنج.

فاضل عالم عابد، نزل هراة، وحدث عن: أبي صالح المؤذن، وأبي عمرو المحمي، وابن خلف الشيرازي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في جمادى الأولى.

قلت: هو الآتي في سنة ست.

230 -

‌ إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر

، الحافظ الكبير، أبو القاسم التيمي، الطلحي، الأصبهاني، المعروف بالجوزي، الملقب بقوام السنة.

ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة في تاسع شوال، وسمع من: أبي عمرو بن منده، وعائشة بنت الحسن الوركانية، وإبراهيم بن محمد الطيان، وأبي الخير بن ررا، وأبي منصور بن شكرويه، وابن ماجه الأبهري، وأبي عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خرشيذ قولة، ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزينبي، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسي، والموجودين، ورحل إلى نيسابور فسمع: أبا نصر

ص: 623

محمد بن سهل السراج، وعثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة من أصحاب ابن محمش، وسمع بعدة بلاد، وجاور بمكة سنة، وصنف التصانيف، وأملى، وتكلم في الجرح والتعديل.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، ويحيى بن محمود الثقفي، وعبد الله بن محمد بن حمد الخباز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكويي، وأبو نجيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيد ابن الأخوة، وآخرون.

قال أبو موسى في معجمه: أبو القاسم إسماعيل ابن الشيخ، الصالح حقيقة أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه، قد حدثنا عنه غير واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكة، وبغداد، وأصبهان، وأصمت في صفر سنة أربعٍ وثلاثين، ثم فلج بعد مدة، وتوفي بكرة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المرجى، واجتمع في جنازته جمعٌ لم أر مثلهم كثرةً، رحمه الله.

قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمةً في جزءٍ كبير مبوب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصلاح، والزهد، والأمانة، والورع، ثم روى عن أبي زكريا يحيى بن منده أنه قال: أبو جعفر عفيف، دين، لم نر مثله في الديانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب، وسمع من سعيد العيار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مصعب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عم والدتي، وهو من أماثل أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد.

قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سمعت من عائشة الوركانية وأنا ابن أربع سنين.

وقد سمع إسماعيل أيضًا من أبي القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك القادم أصبهان في سنة إحدى وستين، ولا أعلم أحدًا عاب عليه قولًا ولا فعلًا،

ص: 624

ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلا وقد نصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع، لا يدخل على السلاطين، ولا على المتصلين بهم، قد خلى دارًا من ملكه لأهل العلم، مع خفة ذات يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده بذلك، ويكون هو وغيره ممن لم يعطه شيئًا سواء، يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون، بلغ عدد أماليه نحوا من ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس، وقلما نعلم أحدا بأصبهان بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ، وما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المملون، بل كان يأخذ معه أجزاء، فيملي منها على البديهة، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن منده الحافظ إذنًا في كتاب الطبقات قال: إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله.

وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل رجل أفضل وأحفظ من الشيخ الإمام إسماعيل.

قال أبو موسى: باب الدليل على أنه إمام المائة الخامسة الذي أحيا الله به الدين، قال: لا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلا هذا الإمام، أبو القاسم إسماعيل رحمة الله عليه.

قلت: تكلف أبو موسى في هذا الباب تكلفًا زائدًا، إذ جعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلى أن مات، هذا إذا سلم له أنه أجل أهل زمانه في العلم.

وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث برجلٍ من أهل بيتي، قيل له: لم يرد أن يكون من بني هاشم أو بني المطلب.

قلت: لم يقل أحمد هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالاعتراض باطل، ثم إنه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: فثبت أنه صلى الله عليه وسلم أراد من قريش، وهذا الإمام الذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عبيد الله من جهة

ص: 625

الأم، ثم شرع ينتصر بأن ابن أخت القوم منهم، وهذا يدل على أن إمامنا قرشي.

وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حفظي.

قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات، سمعته يقول يومًا: ليس في الشهاب للقضاعي من الأحاديث إلا قدر خمسين حديثًا، أو نحو ذلك.

قال أبو موسى: وقد قرأ عدة ختمات بقراءات على جماعة، وأما علم التفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنف فيه كتبًا بالعربية وبالفارسية، وأما علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئًا من فتاويه في المذهب، وأصول الدين، والسنة.

وكان يجيد النحو، وله في النحو يد بيضاء، صنف كتاب إعراب القرآن، ثم قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العلوي بهمذان، قال: حدثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثًا.

سألت أبا القاسم إسماعيل بن محمد يومًا، وقلت له: أليس قد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: استوى قعد؟ قال: نعم، قلت له: يقول إسحاق بن راهويه: إنما يوصف بالقعود من يمل القيام، فقال: لا أدري إيش يقول إسحاق، وسمعته يقول: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولا يطعن عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب.

قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنه قل من إمام إلا وله زلة، فإذا ترك ذلك الإمام لأجل زلته ترك كثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يفعل.

وكان من شدة تمسكه بالسنة، وتعظيمه للحديث، وتحرزه من العدول عنه، ما تكلم فيه من حديث نعيم بن حماد الذي رواه بإسناده في النزول بالذات، وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله بالذات، وهو مشهور من

ص: 626

مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدة، وأملى فيه أمالي، إلا أنه كان يقول: إسناده مدخول وعلى بعض رواته مطعن.

سمعت محمد بن مبشر يقول: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربما كنا نمضي مع الإمام أبي القاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلما استيقظنا في الليل رأيناه قائمًا يصلي، وسمعت من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتًا، وجلس للتعزية، جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات قريبًا من ثلاثين مرة، كل ذلك يصلي ركعتين.

وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنه كان يملي شرح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله، فلما كان يوم ختم الكتاب عمل مأدبةً وحلاوة كثيرة، وحملت إلى المقبرة، وكان أبو عبد الله محمد قد ولد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلها، حتى ما كان يتقدمه كبير أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذكاء، والفهم، وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة، وجريان اللسان، وقد شرح في الصحيحين فأملى في شرح كل واحدٍ منهما صدرًا صالحًا، وله تصانيف كثيرة مع صغر سنه، ثم اخترمته المنية بهمذان في سنة ستٍ وعشرين، وكان والده يروي عنه وجادةً، وكان شديد الفقد عليه.

سمعت أبا الفتح أحمد بن الحسن يقول: كنا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشيخ أبي مسعود الحافظ، وقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك، وهذا من كراماته.

قال أبو موسى: صنف أبو القاسم التفسير في ثلاثين مجلدة كبارًا، وسماه الجامع، وله كتاب الإيضاح في التفسير أربع مجلدات، وكتاب الموضح في التفسير ثلاث مجلدات، وكتاب المعتمد في التفسير عشر مجلدات، وكتاب التفسير بالأصبهاني عدة مجلدات، وكتاب السنة مجلدة، وكتاب الترغيب والترهيب، وكتاب سير السلف مجلدة ضخمة، وشرح صحيح البخاري، وشرح صحيح مسلم، كان قد صنفهما ابنه فأتمهما، وكتاب دلائل النبوة مجلدة، وكتاب المغازي مجلدة، وكتاب صغير في السنة، وكتاب الحكايات، مجلدة ضخمة، وكتاب الخلفاء في

ص: 627

جزء، وتفسير كتاب الشهاب باللسان الأصبهاني، وكتاب التذكرة نحو ثلاثين جزءًا، وقد تقدمت أماليه.

قال الحافظ ابن ناصر: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل، قال: حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي، وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوأته الخرقة لأجل الغسل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطى بها فرجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟

وقال ابن السمعاني: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو إمام في التفسير، والحديث، واللغة، والأدب، عارف بالمتون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمشكلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ، سمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره، وأملى بجامع أصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي، وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممن يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن الساجي ببغداد.

قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له، وسألته عن أحوال جماعة، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعف وساء حفظه.

وأثنى عليه أبو زكريا ابن مندة في تاريخ أصبهان.

وذكره محمد بن عبد الواحد الدقاق فقال: عديم النظير، لا مثل له في وقته، كان والده ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد.

وقال السلفي: كان فاضلًا في العربية ومعرفة الرجال، سمعت أبا عامر العبدري يقول: ما رأيت شابًا ولا شيخًا قط مثل إسماعيل، ذاكرته فرأيته حافظًا للحديث، عارفًا بكل علم، متفننًا، استعجل علينا بالخروج، وسمعت أبا الحسين ابن الطيوري يقول غير مرة: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.

ص: 628

231 -

‌ جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار

، أبو عبد الله القيسي، اللغوي، القرطبي.

له اليد الباسطة في علم اللسان، روى عن: أبيه، ولزم عبد الملك بن سراج، واختص به، قال ابن بشكوال: قال لي صحبت أبا مروان خمسة عشر عامًا أو نحوها، وأجاز لي أبو علي الغساني، وأخذ عن خلف بن رزق الإمام.

قال: وكان عالمًا بالآداب واللغات، متقنًا لها، ضابطًا لجميعها، صنف فيها، اختلفت إليه وسمعت منه، وقال لي: ولدت بعد الخمسين وأربعمائة بيسير.

ثم قال ابن بشكوال: توفي الوزير أبو عبد الله بن مكي لتسعٍ بقين من المحرم سنة خمس.

قلت: آخر أصحابه موتًا أبو جعفر بن يحيى، عاش إلى سنة عشر وستمائة.

232 -

‌ الحسن بن علي

، الكاتب أبو علي الدوامي.

سمع: ابن البطر، وعنه: عبيد الله، سمع منه في هذه السنة.

وكان يخدم حظية القائم الدوامية.

233 -

‌ الحسين بن مفرج بن حاتم

، الواعظ، أبو علي المقدسي.

أحد فقهاء الشافعية بالثغر المحروس، وهو عم والد الحافظ ابن المفضل، ذكره في الوفيات، وقال: توفي في نصف شعبان، روى عن: القاضي الرشيد المقدسي، روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبي، وأبو طاهر السلفي، وأبو محمد العثماني.

234 -

‌ حمزة بن الحسين

، ويقال له: حمزة بن سعادة، أبو يعلى البستي، ثم البغدادي، المقرئ، الصوفي، نزيل نيسابور.

سمع أبا المظفر موسى بن عمران، وعبد الباقي بن يوسف المراغي.

ص: 629

قال ابن السمعاني: قال لي: إنه سمع بمكة من كريمة، توفي في ثالثٍ وعشرين ذي القعدة.

235 -

‌ حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة

، أبو يعلى بن أبي الصقر بن أبي جميل القرشي، الدمشقي، البزاز.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، روى عنه: ابنه محمد، وأبو القاسم الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.

وتوفي في صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير.

236 -

‌ رزين بن معاوية بن عمار

، أبو الحسن العبدري، الأندلسي، السرقسطي، الحافظ.

جاور بمكة دهرًا، وسمع بها البخاري من: عيسى بن أبي ذر الهروي، ومسلمًا من: الحسين الطبري، وله مصنف مشهور جمع فيه الكتب الستة.

روى عنه: قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي بن الحسين الطبري، والشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي والد أبي عمر، والحافظ أبو موسى المديني، وغيرهم.

وقع لنا من حديثه، أخبرناه العماد عبد الحافظ، قال: أخبرنا الموفق رحمه الله، عن أبيه، عنه، وتوفي في المحرم بمكة، وله في الكتاب زيادات واهية.

237 -

‌ رستم بن الفرج

، البغدادي، التاجر، نزيل خراسان.

حدث عن: أبي الحسين ابن الطيوري، وغيره، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي تقريبًا.

238 -

‌ سلطان بن إبراهيم بن مسلم

، أبو الفتح المقدسي، الفقيه يعرف بابن رشأ، أحد الأئمة.

ص: 630

قال: ولدت بالقدس سنة اثنتين وأربعين، وسمع بها أبا بكر الخطيب، وأبا عثمان بن ورقاء، وتفقه على الفقيه نصر بن إبراهيم حتى برع في مذهب الشافعي. ودخل الديار المصرية بعد السَّبعين وأربعمائة، فسمع الكثير بقراءته على أبي إسحاق الحبال والخِلَعي.

قال السِّلفي: كان من أفقه الفقهاء بمصر، وعليه قرأ أكثرهم.

قلت: روى عنه السِّلفي، وعبد الرحمن بن محمد بن حسين السِّبيي، ثم المصري، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني، وأبو القاسم البوصيري، وجماعة. وحدث في هذه السنة، وتوفي فيها أو بعدها، وقد أجاز لجماعة.

قال ابن نقطة في الاستدراك: قال السلفي: مات في أواخر جمادى الأولى سنة خمسٍ وثلاثين.

239 -

‌ عبد الله بن مروان أبو الحسن قاضي بلنسية

.

سمع من أبي علي بن سكرة، وكان من خيار القضاة وأقويائهم في الحق قليل المثل.

240 -

‌ عبد الله بن يوسف بن سمجون

، أبو محمد السرقسطي، نزيل بلنسية.

حج، فلقي بطنجة المقرئ أبا الحسن الحصري الضرير، فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع، وولي خطابة شاطبة.

وأخذ عنه: أبو الحسن بن هذيل، وغيره.

241 -

‌ عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة

، أبو منصور الأسدي العكبري، ثم البغدادي، أخو أبي الحسن محمد.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا صالحًا، ثقة، خيرًا، قيمًا بكتاب الله، صحب الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وخدمه، وكان حسن الإصغاء للسماع، كثير

ص: 631

البكاء، حضر عبد الصمد ابن المأمون، وسمع: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور، وأبا القاسم ابن البسري.

قال ابن السمعاني: وكتبت عنه الكثير، قلت: وآخر من حدث عنه: التاج الكندي، وروى عنه: يوسف بن المبارك الخفاف، وعبد العزيز بن الأخضر.

قال ابن السمعاني: توفي في ثالث جمادى الآخرة، وقال لي: ولدت في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

242 -

‌ عبد الحميد بن محمد بن أحمد

، القاضي أبو علي الخواري، البيهقي، أخو عبد الجبار.

سمع: البيهقي، والقشيري، وأبا سهل الحفصي، وجماعة.

قال السمعاني: سمعت منه بخسروجرد، ومات في نصف رجب.

243 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن منازل

، أبو منصور بن زريق الشيباني، القزاز، البغدادي، الحريمي.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، متوددًا، سليم الجانب، مشتغلًا بما يعنيه، من أولاد المحدثين، سمعه أبوه وعمه وشجاع الذهلي كثيرًا، وعمر، وكان صحيح السماع، وتفرقت أجزاؤه نهبا وحريقا وبيعا عند الحاجة.

سمع التاريخ من الخطيب سوى الجزء السادس والثلاثين، فإنه قال: توفيت والدتي، واشتغلت بدفنها والصلاة عليها، ففاتني هذا الجزء، وما أعيد لي، لأن الخطيب كان قد شرط في الابتداء أن لا يعاد فوتٌ لأحد، ثم حصل لي أصل شيخنا أبي منصور بالتاريخ، بخط شجاع الذهلي، وعلى كل جزء منه سماع لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، ولابنه عبد الرحمن، ولأخيه عبد المحسن، وكان على وجه السادس والسابع والثلاثين إجازة لأبي غالب وأبي منصور، عن الخطيب، فكأنهما ما سمعا الجزأين من الخطيب، وما كنا

ص: 632

نعرف إجازته عن الخطيب، فشهد شجاع أن لهما إجازته، وقرأنا عليه السابع والثلاثين بالسماع، وهو إجازة، لأن شجاعًا كان شديد البحث عن السماعات، ولو عرف ذلك لأثبته، خصوصًا إذا كان كتب النسخة له.

قال أبو سعد: فمن قال إن أبا منصور سمع السابع والثلاثين فقد وهم، وسمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا علي بن وشاح، وأبا الغنائم ابن المأمون، وكتبت عنه الكثير، وكان شيخًا صبورًا، حسن الأخلاق، قليل الكلام، قال: ولدت، أظن، في سنة ثلاثٍ وخمسين، وتوفي في رابع عشر شوال، وصلى عليه أخوه أبو الفتح.

قرأت بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: شاهدت مجلدةً من تاريخ الخطيب بخط الإمام الحافظ أبي البركات الأنماطي فيها: السابع والثلاثون، وقد نقل الأنماطي سماع القزاز فيه، وهي في وقف الزيدي.

قلت: وكذلك رواه الكندي للناس عن القزاز سماعًا متصلًا.

وروى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وأحمد بن علي بن بذال، وأحمد بن الحسن العاقولي، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وأحمد بن يحيى الدبيقي، وخلق سواهم، وروى عنه بالإجازة: المؤيد الطوسي، وغيره.

وممن روى عنه ابنه أبو السعادات القزاز.

244 -

‌ عبد الصمد بن أحمد بن سعيد

، أبو محمد الجياني.

روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي علي الغساني، وأبي محمد بن العسال الزاهد.

ذكره ابن الأبار، فقال: كان مائلًا إلى القول بالظاهر، ومن أهل المعرفة بالحديث، له كتاب المستوعب في أحاديث الموطأ، وقد سمعوا منه الموطأ في سنة خمسٍ وثلاثين.

قلت: ولم يؤرخ وفاته.

ص: 633

245 -

‌ عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي

ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري، الهروي، أبو المراوح بن أبي رفاعة.

ذكره ابن السمعاني فقال: إمام، جميل السيرة، مرضي الطريقة، ذو سمتٍ، ووقار، وعفة، وحياء، حريص على سماع الحديث وطلبه، سافر وتغرب، وسمع الكثير، وحصل الأصول، وحج وجاور سنة، وسمع المسند من: ابن الحصين، ودخل أصبهان، وكان قد سمع ببلده من: نجيب بن ميمون، ومحمد بن علي العميري، وأبي عطاء المليحي، كتبت عنه بأصبهان، وتوفي بهراة في ذي القعدة.

246 -

‌ عبد المنعم بن أبي أحمد نصر بن يعقوب بن أحمد بن علي

، الأصبهاني، المقرئ، أبو المطهر.

شيخ مسن، روى عن: أبي طاهر بن محمود الثقفي، وهو جده لأمه، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في رجب.

وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وجماعة.

247 -

‌ عبد الوهاب بن شاه بن أحمد بن عبد الله

، أبو الفتوح النيسابوري، الشاذياخي، الخرزي.

كان شيخًا صالحًا يبيع الخرز في حانوتٍ بنيسابور، سمع الرسالة من القشيري، وصحيح البخاري من أبي سهل محمد بن أحمد الحفصي، وسمع من: أبي حامد الأزهري، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبي صالح المؤذن، وشبيب البستيغي، وحسان المنيعي، ونصر بن علي الطوسي الحاكمي، وأحمد بن محمد بن مكرم.

روى عنه: ابن السمعاني في معجمه، وقال: كان من أهل الخير والصلاح، ولد سنة ثلاثٍ وخمسين، وتوفي في الحادي والعشرين من شوال، وروى عنه: ابن عساكر، وإسماعيل بن علي المغيثي، ومنصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب بنت الشعري، وغيرهم، وسمع منه جميع صحيح

ص: 634

البخاري منصور، والمؤيد، وزينب، والمغيثي المذكورون، قاله ابن نقطة.

248 -

‌ عطاء بن أبي سعد بن عطاء

، أبو محمد الثعلبي، الهروي، الصوفي، الفقاعي.

صاحب شيخ الإسلام أبي إسماعيل.

محدث، رحال، وصوفي عمال، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين هراة، وسمع من أبي إسماعيل، وبنيسابور من: فاطمة بنت الدقاق، وببغداد من: أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبي القاسم علي بن البسري، وأبي يوسف عبد السلام القزويني، وجماعة كثيرة.

روى عنه: أولاده الثلاثة، وقد سمع أبو سعد السمعاني منهم، عن أبيهم، وممن روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن الفضل الأصبهاني.

قال ابن السمعاني: كان ممن يضرب به المثل في إرادة شيخ الإسلام والجد في خدمته وله آثار، وحكايات، ومقامات وقت خروج شيخ الإسلام إلى بلخ في المحنة، وجرى بينه وبين الوزير النظام مقالات وسؤالات في هذه الحادثة، وكان نظام الملك يحتمل ذلك كله من عطاء، وسمعت أن عطاء قدم إلى الخشبة ليصلب، فنجاه الله تعالى لحسن الاعتقاد والجد الذي كان له فيما هو فيه، فلما أطلق عاد في الحال إلى التظلم وما فتر، وخرج مع النظام إلى الروم ماشيًا، وسمعت أنه كان في المدة التي كان شيخ الإسلام غائبًا فيها عن وطنه ما ركب عطاء دابةً، ولا عبر على قنطرة، بل كان يمشي مع الخيل، ويخوض الأنهار، ويقول: شيخي في المحنة والغربة، فلا أستريح، وما استراح إلى أن ردوا شيخه إلى وطنه.

وسمعت محمد بن عطاء يقول: سمعت والدي يقول: كنت في طريق الروم أعدوا مع موكب النظام، فوقع نعلي، فما التفت لها، ورميت الأخرى، وجعلت أعدو، فأمسك النظام الدابة وقال: أين نعلاك؟ قلت: وقع أحدهما، فما وقفت عليها؛ خشيت أن تفوتني وتسبقني، فقال: هب أنه وقع أحديهما،

ص: 635

فلم خلعت الأخرى ورميتها؟ قلت: لأن شيخي عبد الله الأنصاري أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الإنسان في نعلٍ واحد، فما أردت أن أخالف السنة، فأعجب النظام ما فعل وقال: أكتب إن شاء الله حتى يرجع شيخك إلى هراة، وقال لي: اركب بعض الجنائب، فأبيت وقلت: شيخي في المحنة وأنا أركب الجنائب! وعرض عليه مالًا، فلم يقبله.

وقدم أبي بأصبهان إلى الخشبة ليصلب عليها بعد أن حبسوه مدة، فقال له الجلاد: صل ركعتين، قال: ليس ذا وقت صلاة، اشتغل بما أمرت به، فإني سمعت شيخي يقول: إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة لا توصلك في الحال إلى أعلاها، الصلاة نافعة في الرخاء، لا في حالة البأس، ووصل مسرعٌ من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه، فترك، وكانت الخاتون امرأة السلطان معينة في حقه، قال: فكلما أطلق رجع في الحال إلى التظلم والتشنيع.

سمعت أبا الفتوح عبد الخلاق بن زياد يقول: أمر بعض الأمراء أن يضرب عطاء الفقاعي في محنة الشهيد عبد الهادي ابن شيخ الإسلام مائة سوط، فبطح على وجهه، وكان يضرب إلى أن ضربوا ستين، فشكوا كم كان خمسين أو ستين، فقال عطاء: وهو مكبوبٌ على وجهه: خذوا بالأقل احتياطًا، وحبس بعد الضرب مع جماعةٍ من النساء، وكان في الموضع أترسة، فقام بجهد من الضرب، وأقام الأترسة بينه وبين النساء وقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة مع غير المحرم.

قال محمد بن عطاء: توفي أبي تقديرًا سنة خمسٍ وثلاثين.

249 -

‌ علي بن الحسن بن علي بن عبد الواحد

، السلمي، الدمشقي، أبو الحسن بن البري.

سمع من عمه عبد الواحد جزء ابن أبي ثابت، قرأه عليه ابن عساكر.

250 -

‌ علي بن محمد بن إسماعيل بن علي

، الإمام، أبو الحسن السمرقندي، المعروف بالأسبيجابي.

ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وسمع من: علي بن أحمد بن الربيع

ص: 636

السنكباثي، روى عنه: عمر النسفي، وقال: توفي في ذي القعدة.

وقد ذكره السمعاني في معجمه فعظمه وقال: يعرف بشيخ الإسلام، لم يكن أحدٌ في زمانه بما وراء النهر يعرف مذهب أبي حنيفة مثله، ظهر له الأصحاب، وطال عمره في نشر العلم، كتب إلي بمروياته.

251 -

‌ علي بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء

، الفقيه، أبو الحسن البعلبكي، الشافعي.

تلمذ لنصر المقدسي، وصحبه مدة، وسمع منه، ومن: أبيه محمد، والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأول ببعلبك.

252 -

‌ علي بن محمد بن لب بن سعيد

، أبو الحسن القيسي، الداني، المقرئ.

روى عن: أبي عبد الله المغامي، وأبي داود، أخذ عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو بكر بن خير، وأبو الحسن نجبة، وآخرون.

استشهد بعد هذا العام بيسير.

253 -

‌ علي بن يوسف بن تاشفين

، صاحب المغرب.

قيل: توفي فيها، والأصح سنة سبعٍ كما سيأتي.

254 -

‌ عمر بن محمد بن علي بن حيذر

، بذال معجمة، أبو حفص المروزي، البرمويي، العارف.

قال السمعاني: شيخ صالح، ثقة، دين، جميل الأمر، جواد النفس، أمي لا يكتب، غير أن له كلامًا حسنًا في علم القوم إذا سئل ما رأيت في فنه مثله، وكان مزينًا بالشريعة، واستعمال السنن، والعزلة، والانفراد، سمع بقراءة والدي، أبا عبد الله بن محمد بن الحسن المهربندقشائي، وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وبمكة أبا شاكر أحمد بن علي العثماني، سمعت منه،

ص: 637

وكنت أكثر من زيارته، وقرأت صحيح البخاري في رباطه، وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة.

255 -

‌ الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان

، الأديب أبو نصر القيسي، الإشبيلي

صاحب كتاب قلائد العقيان، جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كبيرة، وتكلم عليهم فأجاد، وله كتاب ملح أهل الأندلس، يدل كلامه فيه على تبحره.

وكان كثير الأسفار والتجول، خليع العذار، أمر السلطان بقتله، فذبح في سنة خمسٍ هذه، وقيل: بل في سنة تسعٍ وعشرين، فالله أعلم، ذكره ابن خلكان.

256 -

‌ قراسنقر

، الأتابك، صاحب أذربيجان وأران.

من مماليك الملك طغرل ابن السلطان محمد بن ملكشاه، وكان شجاعًا، مهيبًا، ظلومًا، غشومًا، عظيم المحل، كان السلطان مسعود يخافه ويداريه، وقتل الوزير كمال الدين الرازي من أجله، وقد مات له ابنان تحت الزلزلة بجنزة، مرض بالسل، ومات بأردبيل.

257 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة

، أبو الحسن الأسدي، العكبري، أخو عبد الجبار.

ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وقرأ القرآن بروايات، وكان حسن التلاوة، قرأ على أصحاب الحمامي، وقرأ شيئًا من الفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وكان له سمتٌ حسنٌ ووقار، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وابن النقور.

قال ابن السمعاني: صالح خير، قرأ بروايات، وكان حسن الأخذ، قرأت عليه الكثير، وكنت أقدم السماع عليه على غيره.

قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو اليمن الكندي، وآخرون، وتوفي في

ص: 638

صفر، وقد أخبرنا بكتاب السبعة لابن مجاهد: أبو حفص القواس، قال: أخبرنا الكندي في كتابه، قال: أخبرنا ابن توبة.

258 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم

، أبو عبد الله الخوارزمي، القصاري.

ولد في رمضان سنة إحدى وستين وأربعمائة ببغداد، وسمع حضورًا من: أبي محمد الصريفيني، وحدث، وتوفي في جمادى الأولى.

259 -

‌ محمد بن إبراهيم بن جعفر

، أبو عبد الله الدمشقي، الكردي، المقرئ.

سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وكان يلقن.

260 -

‌ محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله

بن محمد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بن عبد الله ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاعره، وأحد الثلاثة الذين خلفوا كعب بن مالك الأنصاري، القاضي أبو بكر بن أبي طاهر، البغدادي، الحنبلي، البزاز، ويعرف أبوه بصهر هبة، ويعرف هو بقاضي المارستان.

مسند العراق، بل مسند الآفاق، ولد في عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ويقال له النصري؛ لأنه من محلة النصرية، ويقال له السلمي؛ لأن كعب بن مالك من بني سلمة، سمعه أبوه حضورًا في الرابعة من أبي إسحاق البرمكي جزء الأنصاري، وسمعه من علي بن عيسى الباقلاني أمالي القطيعي والوراق، ثم سمعه الكثير بإفادة جاره عبد المحسن بن محمد الشيحي التاجر من: أبي محمد الجوهري، وأبي الطيب الطبري، وعمر بن الحسين الخفاف، وأبي طالب العشاري، وأبي الحسين بن حسنون النرسي، وعلي بن عمر البرمكي، والحسن بن علي المقرئ، وأبي الحسين ابن الآبنوسي، وأبي الحسن بن أبي طالب المكي، وأبي يعلى ابن الفراء، وأبي

ص: 639

الغنائم ابن المأمون، وأبي الفضل هبة الله ابن المأمون، وغيرهم، وتفرد برواية عنهم، سوى أبي يعلى، وأبي الغنائم.

وسمع بمصر من أبي إسحاق الحبال، وبمكة من: أبي معشر الطبري، وأبي الحسن الصقلي، وأجاز له أبو القاسم التنوخي، وأبو الفتح بن شيطا المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وتفقه على القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسين ابن الدامغاني.

روى عنه خلق لا يحصون، منهم من مات في حياته، ومنهم من تأخر، وهم: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، وأحمد بن تزمش الخياط، وسعيد بن عطاف، وعلي بن محمد بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن المظفر ابن البواب، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز ابن الأخضر، وزيد بن الحسن الكندي، وعبد العزيز بن معالي بن منينا، وأبو علي ضياء بن الخريف، والحسين بن سعيد بن شنيف، وأحمد بن يحيى ابن الدبيقي، وآخر من روى عنه بالإجازة المؤيد الطوسي.

وقد تكلم فيه ابن عساكر بكلام فج وحش، فقال: كان يتهم بمذهب الأوائل، ويذكر عنه رقة دين، قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة، ويشهد عند القضاة، وينظر في وقوف المارستان العضدي.

وسرد أبو موسى المديني نسبه كما ذكرنا، ثم قال: هو أملاه علي، وكان إمامًا في فنون العلم، قال: وكان يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وما من علم إلا وقد نظرت فيه، وحصلت منه الكل أو البعض، إلا هذا النحو؛ فإني قليل البضاعة فيه، وما أعلم أني ضيعت ساعةً من عمري في لهوٍ أو لعب.

ص: 640

وقال ابن الجوزي: ذكر لنا القاضي أبو بكر أن منجمين حضرا حين ولد، فأجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة، قال: وها أنا قد جاوزت التسعين!

قال ابن الجوزي: وكان حسن الصورة، حلو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلي في جامع المنصور، فيجيء في بعض الأيام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلم علي، واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر، وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فهمًا، ثبتًا، حجة، متفننًا في علومٍ كثيرة، منفردًا في علم الفرائض، قال لي يومًا: صليت الجمعة وجلست أنظر إلى الناس، فما رأيت أحدًا أشتهي أن أكون مثله، وكان قد سافر فوقع في أسر الروم، وبقي سنةً ونصفًا، وقيدوه وغلوه، وأرادوه أن ينطق بكلمة الكفر، فلم يفعل، وتعلم منهم الخط الرومي، وسمعته يقول: من خدم المحابر خدمته المنابر، وسمعته يقول: يجب على المعلم أن لا يعنف، وعلى المتعلم أن لا يأنف، ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخط الدقيق من بعد، ودخلنا عليه قبل موته بمديدة فقال: نزلت في أذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحوًا من شهرين، ثم زال ذلك، وعاد إلى الصحة، ثم مرض فأوصى أن يعمق قبره زيادةً على العادة، وأن يكتب على قبره: قل هو نبأٌ عظيمٌ أنتم عنه معرضون، وبقي ثلاثة أيام لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أن توفي قبل الظهر ثاني رجب.

وقال ابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كل علم، فبرع في الحساب والفرائض، وسمعته يقول: تبت من كل علم تعلمته إلا الحديث وعلمه، ورأيته وما تغير من حواسه شيء، وكان يقرأ الخط البعيد الدقيق، وكان سريع النسخ، حسن القراءة للحديث، وكان يشتغل بمطالعة الأجزاء التي معي، وأنا مكب على القراءة، فاتفق أنه وجد جزءًا من حديث أبي الفضل الخزاعي، قرأته بالكوفة على الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني، بإجازته من محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وفيه حكايات مليحة فقال: اتركه

ص: 641

عندي، فلما رجعت من الغد أخرج الجزء وقد نسخه جميعه، وقال: اقرأه حتى أسمعه، فقلت: يا سيدي، كيف يكون هذا، وأنا أفتخر بالسماع منك؟ فقال: ذاك بحاله، فقرأته، فقال للجماعة: اكتبوا اسمي.

قلت: رأيت الجزء بخطه في وقف الضيائية، وي أوله بخطه: حدثنا أبو سعد السمعاني.

وقال: قال لي: أسرتني الروم، وكان الغل في عنقي خمسة أشهر، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله، حتى نفعل ونصنع في حقك، فما قلت، وتعلمت خطهم لما حبست، وكان يعرف علم النجوم، سمعته يقول: إن الذباب إذا وقع على البياض سوده، وعلى السواد بيضه، وعلى التراب برغثه، وعلى الجرح يقيحه، وسمعت منه الطبقات لابن سعد، والمغازي للواقدي، وأكثر من مائتي جزء، وقال لي: ولدت بالكرخ، وانتقل بنا أبي إلى النصرية ولي أربعة أشهر.

وذكر ابن السمعاني أكثر ما نقلناه عن ابن الجوزي.

وقال ابن نقطة: حدث القاضي أبو بكر بصحيح البخاري، عن أبي الحسين ابن المهتدي بالله، عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، عن أحمد بن عبد الله النعيمي.

قلت: والنعيمي هو شيخ أبي عمر المليحي الذي أكثر عنه صاحب شرح السنة.

261 -

‌ محمد بن عبد القادر بن الحسن بن المنصور بالله

، أبو الحسن المنصوري، الهاشمي.

شيخ مسن، كثير الذكر، أصابه فالج، وحدث عن: أبي القاسم ابن البسري، ويوسف المهرواني، وتوفي في سادس رجب.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن نصر ابن الشعار، وجماعة. وعاش ثمانين سنة.

262 -

‌ محمد بن فرج بن جعفر بن أبي سمرة

، أبو عبد الله القيسي، نزيل غرناطة.

ص: 642

أخذ القراءات عن: أحمد بن عبد الحق الخزرجي، وأبي القاسم ابن النخاس، وحدث عن: غالب بن عطية، وغيره، وأقرأ القراءات والنحو، روى عنه: أبو الأصبغ ابن المرابط.

وتوفي في حدود سنة خمسٍ.

263 -

‌ محمد بن المنتصر بن حفص النوقاني

، الفقيه، المفتي، الزاهد الورع.

كان عارفًا بالمذهب، سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي؛ وبهراة: محمد بن علي العميري.

قال السمعاني: سمعت منه تفسير الثعلبي بروايته عن الفرخزاذي، عنه مات في رجب.

264 -

‌ محمود بن علي بن أبي علي بن يوسف

، أبو القاسم الطرازي.

قال السمعاني: إمام، فاضل، دين، ورع، حسن الأخلاق، تفقه على القاضي أبي سعد بن أبي الخطاب، وورد رسولا على المسترشد بالله من قبل الخاقان، وكان مولده بطراز في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وتوفي ببخارى في شعبان، وخلف بها أولادًا نجباء.

265 -

‌ موسى بن حماد

، أبو عمران الصنهاجي، المالكي، قاضي مراكش.

كان فقيهًا، إمامًا، حافظا لمذهب مالك، مقدمًا في معرفة الأحكام، من جلة قضاة زمانه ومن العادلين في أحكامه، وله رواية يسيرة، توفي في ذي القعدة.

266 -

‌ يوسف بن أيوب بن يوسف بن الحسين بن وهرة

، أبو يعقوب الهمذاني، من أهل ضياع همذان، نزل مرو، وكان من سادات الصوفية.

ص: 643

ذكره ابن السمعاني، وقال: هو الإمام الورع، التقي، الناسك، العامل بعلمه، والقائم بحقه، صاحب الأحوال والمقامات الجليلة، وإليه انتهت تربية المريدين الصادقين، واجتمع في رباطه جماعة من المنقطعين إلى الله، ما لا يتصور أن يكون في غيره من الربط مثلهم، وكان من صغره إلى كبره على طريقة مرضية، وسدادٍ، واستقامة، خرج من قريته إلى بغداد، وقصد الشيخ أبا إسحاق، وتفقه عليه، ولازمه مدة، حتى برع في الفقه، وفاق أقرانه، خصوصًا في علم النظر، وكان أبو إسحاق يقدمه على جماعةٍ كثيرة من أصحابه، مع صغر سنه، لمعرفته بزهده، وحسن سيرته، واشتغاله بنفسه، ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة، وخلا بنفسه، واشتغل بعبادة الله، ودعوة الخلق إليها وإرشاد الأصحاب إلى الطريق المستقيم.

وسمع من شيخه: أبي إسحاق، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصريفيني، وابن النقور، وببخارى من أبي الخطاب محمد بن إبراهيم الطبري؛ وبسمرقند من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل الفارسي، وبأصبهان من: حمد بن أحمد بن ولكيز، وغانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ، وآخرين.

وكتب الكثير، غير أن أجزاءه تفرقت بين كتبه، وما كان يتفرغ إلى إخراجها، فأخرج لنا أكثر من عشرين جزءًا، فسمعناها. وقد دخل بغداد سنة ستٍ وخمسمائة، ووعظ بها، وظهر له قبولٌ تام، وازدحم الناس عليه، ثم رجع وسكن مرو، وخرج إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم طلب منه الرجوع إلى مرو، فرجع، ثم خرج ثانيًا إلى هراة، ثم رجع إلى هراة، ثم خرج من هراة فأدركه الأجل بين هراة وبغشور.

وكان يقول: دخلت جبل زز لزيارة الشيخ عبد الله الجوي، وكان قد أقام عنده مدةً، ولبس من يده الخرقة، قال: فوجدت ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله، كثير المياه والأشجار، وعلى رأس كل عينٍ رجلٌ مشتغل بنفسه، صاحب مقامٍ ومجاهدة، فكنت أدور عليهم وأزورهم، ولا أعلم في ذلك الجبل حجرًا

ص: 644

لم تصبه دمعتي، وهذا من بركة أحمد بن فضالة شيخ عبد الله الجوي.

سمعت الشيخ الصالح صافي بن عبد الله الصوفي ببغداد يقول: حضرت مجلس شيخنا يوسف بن أيوب في المدرسة النظامية، وكان قد اجتمع العالم، فقام فقيه يعرف بابن السقاء وآذاه، وسأله عن مسألة، فقال: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك تموت على غير الإسلام، قال صافي: فاتفق بعد مدة قدم رسولٌ نصراني من الروم، فمضى إليه ابن السقاء، وسأله أن يستصحبه، وقال له: يقع لي أن أدخل في دينكم فقبله الرسول، وخرج معه إلى القسطنطينية، والتحق بملكها وتنصر.

وسمعت من أثق به أن ابني الإمام أبي بكر الشاشي قاما في مجلس وعظه، وقالا له: إن كنت تنتحل معتقد الأشعري وإلا فانزل ولا تعظ هاهنا، فقال يوسف: اقعدا، لا أمتعكما الله بشبابكما، فسمعت جماعة أنهما ماتا ولم يتكهلا.

سمعت السيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عوض العلوي يقول: سمعت الإمام يوسف بن أيوب يقول للفصيح الولوالجي، وكان من أصحابه قديمًا، ثم خرج عليه، ووقع فيه، ورماه بأشياء: هذا الرجل يقتل، وسترون ذلك، وكان كما جرى على لسانه، قتل قريبًا من سرخس بعد وفاة يوسف.

وقال أبو المظفر السمعاني: ما قدم علينا من العراق مثل يوسف الهمذاني، وقد تكلم معه بمرو في مسألة البيع الفاسد، فجرى بينهما سبعة عشر نوبة، يعني بالنوبة المجلس في هذه المسألة.

قال أبو سعد السمعاني: سمعت الإمام يوسف رحمه الله يقول: خلوت نوبًا عدة، كل مرة أكثر من خمس سنين أو أقل، وما كان يخرج حب المناظرة والاشتغال بالخلاف والمذاكرة من قلبي، إلى أن وصلت إلى الشيخ الحسن السمناني فلما رأيته خرج جميع ذلك من قلبي وصرت إلى ما كنت أشتهي، فإن المناظرة كانت تقطع علي الطريق.

سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد الكرجي الزاهد يقول: سألت الشيخ أبا الحسين المقدسي: هل رأيت أحدًا من أولياء الله؟ قال: رأيت في سياحتي عجميًا بمرو يعظ، ويدعو الخلق إلى الله، يقال له: يوسف، قال أبو

ص: 645

نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيوب الهمذاني، وأبو الحسين المقدسي كبير القدر، مشهور.

قال أبو سعد: لما عزمت على الرحلة، دخلت على يوسف رحمه الله مودعًا، فصوب عزمي وقال: أوصيك، لا تدخل على السلاطين، وأبصر ما تأكل لا يكون حرامًا.

توفي في ربيع الأول، وكان مولده تقديرًا سنة أربعين أو إحدى وأربعين.

قلت: وقد روى عنه: ابن عساكر، وأبو روح الهروي، وجماعة، فأخبرنا أحمد بن هبة الله ابن عساكر، قال: أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد إجازةً، قال: أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، بقراءة حمزة بن بحسول، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور سنة ثلاث وستين وأربعمائة، قال: أخبرنا علي بن عمر الحربي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا معن، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصافح امرأةً قط» .

وأخبرنا به أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن صرما، والفتح بن عبد الله، قالا: أخبرنا محمد بن عمر الفقيه، قال: أخبرنا ابن النقور، فذكره.

رواه النسائي في كتاب حديث مالك من تأليفه، عن معاوية بن صالح الأشعري، عن ابن معين.

ص: 646

سنة ست وثلاثين وخمسمائة

267 -

‌ أحمد بن سلامة بن يحيى الدمشقي الأبار

.

سمع: أحمد بن علي بن الفرات، وسهل بن بشر، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في شوال.

268 -

‌ أحمد بن عبد الله بن جابر

، أبو عمر الأزدي، الإشبيلي.

سمع من: أبي عبد الله بن منظور، وعبد الله بن علي الباجي، والعاص بن خلف.

أم بمسجد ابن بقي، وأقرأ القرآن نحوًا من ستين سنة، وكان مشتهرًا بالصلاح، حدث عنه: ابن بشكوال، وابن جهير، وجماعة، وقارب تسعين سنة.

سمع صحيح البخاري من ابن منظور.

269 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن ينال

، أبو منصور الصوفي الأصبهاني، الترك، والد أبي العباس أحمد الترك.

سمع: عائشة الوركانية، وعبد الجبار بن برزة الرازي، وشجاعًا المصقلي، ومات في عشر التسعين.

270 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسين

، أبو الفائز ابن البزوري.

سمع: محمد بن هبة الله اللالكائي في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وجده.

توفي في رمضان.

271 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن محمود بن ماخرة

، أبو سعد بن أبي بكر ابن الشيخ أبي الحسن الزوزني، ثم البغدادي.

من قدماء الصوفية برباط شيخ الشيوخ إسماعيل، وهو مطبوع خفيف، يحفظ حكايات وأشعارًا.

ص: 647

قال السمعاني: غير أنه كان منهمكًا في الشرب، سامحه الله.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كانوا ينسبونه إلى التسمح في دينه، ولد في ذي الحجة سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع القاضي: أبا يعلى وهو آخر أصحابه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا محمد الصريفيني، وأبا علي بن وشاح، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وحدثني محمد بن ناصر الحافظ، قال: كان أبو سعد متسمحًا، فرأيته في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: فأين أنت؟ قال: في الجنة، قال ابن ناصر: لو حدثنيه غيري ما صدقته.

قال ابن الجوزي: مرض أبو سعد الزوزني، وبقي خمسةً وثلاثين يومًا بعلة النصب لم يضطجع، ومات في تاسع عشر شعبان.

قلت: روى عنه: أبو أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، وأبو حامد ابن النخاس، ويوسف بن كامل، والمحدث عبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج ابن الجوزي.

272 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الطيب

، أبو الحسين ابن الصباغ.

سمع: أباه، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني.

وكان ظاهر الصلاح والخير، مات في آخر شوال ظنًا.

273 -

‌ أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله

، أبو العباس ابن العريف، الصنهاجي، الأندلسي، الصوفي، الزاهد، من أهل المرية.

روى عن: يزيد مولى المعتصم، وعمر بن أحمد بن رزق، وعبد القادر بن محمد القروي، وخلف بن محمد ابن العربي، وجماعة.

قال ابن بشكوال: كانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية

ص: 648

بالقراءات، وجمع الروايات، واهتمامٌ بطرقها وحملتها، وقد استجاز مني تأليفي هذا، يعني الصلة وكتبه عني، واستجزته أنا أيضًا، ولم ألقه، وكان متناهيًا في الفضل والدين، منقطعًا إلى الخير، وكان العباد وأهل الزهد يقصدونه ويألفونه، فيحمدون صحبته، سعي به إلى السلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمراكش، فوصلها، وتوفي بها ليلة الجمعة الثالث والعشرين من صفر، واحتفل الناس لجنازته، وندم السلطان على ما كان منه في جانبه، وظهرت له كرامات.

قلت: ولد ابن العريف في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وكان العباد يأتونه ويجتمعون لسماع كلامه في العرفان، وبعد صيته، فثار الحسد في نفوس فقهاء بلده، فرفعوا إلى السلطان أنه يروم الثورة والخروج كما فعل ابن تومرت، فأرسل ابن تاشفين إليه وقيده، وحمل إلى مراكش، فتوفي في الطريق عند مدينة سلا.

فأما شيوخه: خلف، وعمر، فأخذا عن أبي عمرو الداني، وقد لبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي بن بريال، وصحب ابن بريال أبا عمر الطلمنكي، وآخر من بقي من أصحاب ابن العريف الزاهد موسى بن مسدي.

274 -

‌ آدم بن أحمد بن أسد

، أبو سعد الأسديُّ الهرويُّ النَّحويُّ، نزيل بلخ.

أديب بارع لغوي كبير، أثنى عليه أبو شجاع عمر البسطامي. حجَّ سنة عشرين وخمسمائة، وجرى بينه وبين أبي منصور ابن الجواليقي منافرة؛ فقال لأبي منصور: أنت لا تحسن أن تنسب نفسك، فإنَّ الجواليقي نسبة إلى الجَمْع، وذلك لا يصح.

توفي في الخامس والعشرين من شوَّال ببلخ.

275 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن محمد

، الإمام، العلامة، أبو إسحاق المروروذي، الشافعي.

تفقه على الإمام أبي المظفر السمعاني، وغيره، وصارت إليه الرحلة

ص: 649

بمرو لقراءة الفقه عليه، تفقه عليه أبو سعد السمعاني، وغيره، قتل بمرو، رحمه الله، في ربيع الأول في وقعة الخوارزمشاهية، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.

قال أبو سعد السمعاني: كان أبي أوصى بنا إليه، فكان يقوم بأمورنا أتم قيام، وكان من العلماء العاملين، علقت عنه كتاب الطهارة، وسمعت منه.

سمع الكثير، وحدث بالكتب الكبار، سمع بمروالروذ من جماعة.

276 -

‌ إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث

، الحافظ أبو القاسم ابن السمرقندي.

ولد بدمشق سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة في رمضان، وسمع بها من: أبي بكر الخطيب، وعبد الدائم بن الحسن، وأبي نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وأبي الحسن بن أبي الحديد، وغيرهم، ثم رحل به وبأخيه عبد الله أبوهما المقرئ أبو بكر إلى بغداد في حدود سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، وسكنوها، وسمع بها من: ابن هزارمرد الصريفيني، وابن النقور، وعبد العزيز بن علي السكري، وعبد الباقي بن محمد العطار، وأبي نصر الزينبي، وابن البسري، ورزق الله، وخلق كثير.

وعني بالرواية، وقدم دمشق زائرًا بيت المقدس، وسمع من مكي الرميلي، وطال عمره، وروى الكثير، حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر، والأعز بن علي الظهيري، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن محمد بن عطاف، ويحيى بن ياقوت الفراش، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وأبو الرضا محمد بن أبي تمام بن لزوا الهاشمي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن هبل، وعبد العزيز بن الأخضر، وسليمان بن محمد الموصلي، وموسى بن سعيد ابن الصيقل الهاشمي، وخلق سواهم.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكتب الكبار والأجزاء، وسمعت الحافظ أبا العلاء العطار بهمذان يقول: ما أعدل بأبي القاسم ابن السمرقندي أحدًا من شيوخ العراق، وخراسان.

وقال أبو شجاع عمر البسطامي: أبو القاسم إسناد خراسان، والعراق.

ص: 650

وقال أبو القاسم: ما بقي أحدٌ يروي معجم ابن جميع غيري ولا بدمشق، ولا عن عبد الدائم بن الحسن غيري، ثم قال:

وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم على أنهم ما خلفوا في من بطش وقال ابن عساكر: كان ثقة، مكثرًا، صاحب أصول، وكان دلالًا في الكتب، وسمعته يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور، فإنه قل جزءٌ قرئ عليه إلا وقد سمعته مرارًا.

قال ابن عساكر: وعاش إلى أن خلت بغداد، وصار محدثها كثرةً وإسنادًا، حتى صار يطلب العوض على التسميع بعد حرصه على التحديث.

وقد أملى في جامع المنصور الجمع زيادةً على ثلاثمائة مجلس، وكان له بخت في بيع الكتب، باع مرة صحيحي البخاري ومسلم في مجلدة لطيفة، بخط الحافظ أبي عبد الله الصوري بعشرين دينارًا، وقال لي: وقعت علي هذه المجلدة بقيراط، لأني اشتريتها وكتابًا آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار.

قال السلفي: وأبو القاسم ابن السمرقندي ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد.

وقال ابن ناصر: كان دلالًا، وكان سيئ المعاملة، يخاف من لسانه، وكان ذا مخالطةٍ لأكابر البلدة وسلاطينها بسبب الكتب، وقد قدم دمشق بعد الثمانين، وسمع من الفقيه نصر، وأخذ عنه أبو محمد بن صابر، وغيره.

وقال ابن السمرقندي: ورواه عنه ابن الجوزي بالإجازة، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، كأنه مريض وقد مد رجليه: فدخلت وجعلت أقبل أخمص قدميه، وأمر وجهي عليهما، فذكرته لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرواية عنك، فإن تقبيل رجليه اتباع أثره، وأما مرضه فوهنٌ في الإسلام، فما أتى على هذا إلا قليل حتى وصل الخبر أن الفرنج استولت على بيت المقدس.

ص: 651

توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة، ودفن بباب حرب.

277 -

‌ إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد

، أبو سعيد البوشنجي، الفقيه الشافعي، نزيل هراة.

سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وحمد بن أحمد، وقدم بغداد بعد الخمسمائة، فسمع: أبا علي بن نبهان، وغيره، وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وصنف التصانيف.

قال ابن السمعاني: كان كثير العبادة، خشن العيش، قانعًا باليسير، سمعت منه، وعاش خمسًا وسبعين سنة.

قال عبد الغافر في ذيله: شاب نشأ في عبادة الله، مرضي السيرة على منوال أبيه، وهو فقيه، مناظر، مدرس، زاهد.

278 -

‌ جميل بن تمام المقدسي

، أبو الحسن الطحان، المقرئ.

حدث عن رجلٍ، عن عبد العزيز الكتاني، روى عنه: ابن عساكر في تاريخه.

279 -

‌ الحسن بن عبد الرحيم بن أحمد

، المعلم البزاز، المروزي.

سمع: أبا الخير الصفار، قتل في ربيع الآخر في الوقعة الخوارزمشاهية بمرو، عن نيفٍ وسبعين سنة، سمع منه السمعاني.

280 -

‌ الحسين بن أحمد بن علي بن الحسن بن فطيمة

، أبو عبد الله ابن أبي حامد البيهقي، الخسروجردي، القاضي قاضي بيهق، وبيهق: ناحية من أعمال نيسابور، قصبتها خسروجرد.

ولد قبل الخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا بكر البيهقي، وأبا القاسم القشيري، وأبا سعيد محمد بن علي الخشاب، وأبا منصور محمد بن أحمد السوري، وأبا بكر محمد بن القاسم الصفار، وأبا بكر أحمد بن منصور

ص: 652

المغربي، وطائفة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وغير واحد.

قال ابن السمعاني: هو شيخ مسن، كثير السماع، حسن السيرة، مليح المجالسة، كيس، ما رأيت أخف روحًا منه، مع السخاء والبذل، سمعت منه الكثير، وكتب إلي أجزاء بخطه، ومن أعجب ما رأيت منه أنه ما كان له الأصابع العشر، فإنها قطعت بكرمان لعلةٍ لحقتها، فكان يأخذ القلم بكفيه، ويترك الورق تحت رجله، ويكتب بكفيه خطًا مليحًا، من أسرع ما يكون، وكان يكتب كل يومٍ خمس طاقات خطًا واسعًا، مقروءًا، وقد تفقه بمرو على جدي الإمام أبي المظفر، وحج بعد العشرين وخمسمائة، وتوفي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان، وقد سمع من البيهقي كتاب معرفة السنن والآثار.

وحكى ابن السمعاني: أنه بالغ في إكرامه جدًا، فقال: خرجت إلى قصد أصبهان، فتركت القافلة، وعرجت إلى خسروجرد مع رفيقٍ لي راجلين، فلما دخلنا دار الحسين سلمنا على أصحابه، وما التفت إلينا أحدٌ، ثم خرج إلينا فاستقبلناه، فأقبل علينا وقال: لم جئتم؟ فقلنا: لنقرأ عليك جزأين من معرفة الآثار للبيهقي، فقال: لعلكم سمعتم الكتاب من الشيخ عبد الجبار، وفاتكم هذا القدر، قلنا: بلى، وكان الجزءان فوتًا لعبد الجبار فقال: تكونون عندي الليلة، فإن لي مهمًا، أريد أن أخرج إلى سبزوار فإن ابني كتب إلي: أن ابن أستاذي خارجٌ في هذه القافلة، فأريد أن أسلم عليه، وأسأله أن يكون عندي أيامًا، وسماني، فتبسمت، فقال لي: تعرفه؟ فقلت: هو بين يديك، فقام ونزل وبكى، وكان يقبل رجلي، ثم أخرج الكتب والأجزاء، ووهبني بعض أصوله، فكنت عنده ثلاثة أيام.

281 -

‌ خاتون، زوجة المستظهر بالله أمير المؤمنين

، وزوجة صاحب كرمان.

قال ابن الجوزي: كانت دارها حمى، ولها الهيبة والأصحاب، ورد الخبر إلى بغداد بموتها، فعقد لها العزاء في الديوان يومين.

ص: 653

282 -

سعيد بن أحمد بن سليمان، أبو الحسن المالكي، النهرفضلي، البصري، نزيل بغداد.

شيخ صالح، قرأ طرفًا من مذهب مالك، وقرأ بالروايات، وكان صابرًا على الفقر، سمع: أبا الفضل بن خيرون، وعبد المحسن الشيحي، وابن البطر، روى عنه: ابن السمعاني، وقال: توفي في رمضان.

283 -

‌ سعيد بن محمد بن منصور

، الفارسي، ثم الطوسي، الواعظ، أبو منصور.

سمع: عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة، أخذ عنه: أبو سعد الحافظ، وقال: مات في ذي القعدة.

284 -

‌ سهل بن الحسن بن محمد

، أبو العلاء البسطامي، الصوفي، المعروف بالكافي، نزيل دمشق.

أقام مدةً بالسميساطية، من بيت خطابة وقضاء، روى عن أبيه، عن أبي عثمان الصابوني، روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني.

توفي في صفر بدمشق.

285 -

‌ شريفة بنت أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي

، النيسابورية.

سمعت: عثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، والصرام، كتب عنها السمعاني، وقال: ماتت في عشر السبعين.

286 -

‌ عبد الله بن محمد بن علي بن المعزم

، أبو الحسين الهمذاني، الضرير، أخو أبي زيد.

صالح، سمع: أبا إسحاق الشيرازي، كتب عنه السمعاني، وغيره.

مات في شوال.

287 -

‌ عبد الجبار بن محمد بن أحمد

، الخواري، البيهقي، أبو محمد، وخوار: بليدة من أعمال الري.

ص: 654

كان إمام الجامع المنيعي بنيسابور، وكان مفتيًا، عالمًا، يعرف مذهب الشافعي، وفيه تواضع وخير.

ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وتفقه عند إمام الحرمين أبي المعالي، وسمع: أبا بكر البيهقي، وأبا الحسن علي بن أحمد الواحدي، وأخاه أبا القاسم عبد الرحمن بن أحمد، وأبا القاسم القشيري، وغيرهم.

روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، وأبو الفضائل محمد بن فضل الله السالاري، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصفار، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي، وأبو المحاسن أحمد بن محمد الشوكاني الحافظ، وأبو الحسن المؤيد الطوسي، وآخرون.

قال ابن السمعاني: فمن جملة ما سمعت منه بنيسابور كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي في خمس مجلدات، ورأيت في جزأين منه سماعًا ملحقًا، وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن حبيب الحافظ أنه طالع أصل البيهقي، فلم يجد سماع شيخنا عبد الجبار في جزأين، وذكر شيخنا عبد الجبار أنه وجد سماعه بالجزأين، وأنا قرأت الجزأين ببيهق على القاضي الحسين بن أحمد بن فطيمة، وكان الكتاب كله سماعه.

قال ابن حبيب العامري المذكور: تصفحت الكتاب ورقةً ورقة، فوجدت سماعه، إلا في جزأين، أحدهما الخامس والأربعون، وهو من أول كتاب النكاح إلى آخر تسري العبد، والجزء السادس والخمسون، أوله ترجمة ما يحرم من الإسلام، وآخره حد اللواط، وسماعه في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأكثره بقراءة والده محمد.

قال السمعاني: وكتب شيخنا عبد الجبار بخطه: قد وجدت في الأصل سماعنا في الجزء الخامس والأربعين، والجزء السادس والخمسين من الأصل وقت قراءة الكتاب علي من نسخة الأصل بنيسابور في شهور سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، كتبه عبد الجبار بن محمد، بعد وقوفه على سماع جملة الكتاب على المصنف، توفي في تاسع عشر شعبان.

ص: 655

288 -

عبد الرحمن بن محمد بن محمد، أبو الفتوح السلمويي، اللباد.

من فقهاء نيسابور، تفقه على أبي نصر عبد الرحيم ابن القشيري، وبمرو على أبي بكر محمد بن منصور السمعاني.

وكان إمامًا، زاهدًا، قدوة، تقيًا، منقبضًا، قانعًا، كبير القدر، كثير الأسفار، سكن كرمان، وانتقل إلى أصبهان فتوفي بها، حدث بمرو بجزء سفيان بن عيينة عن الشيرويي.

وكان مولده في سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة، وتوفي في رمضان بمدينة جي.

289 -

‌ عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن

، أبو الحكم اللخمي، الإفريقي، المغربي، ثم الإشبيلي، الصوفي، العارف، المعروف بابن برجان.

سمع صحيح البخاري من: أبي عبد الله محمد بن أحمد بن منظور، وحدث به، روى عنه: أبو القاسم القنطري، وأبو محمد عبد الحق الإشبيلي، وأبو عبد الله بن خليل القيسي، وآخرون.

ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان من أهل المعرفة بالقراءات، والحديث، والتحقق بعلم الكلام، والتصوف، مع الزهد، والاجتهاد في العبادة، وله تواليف مفيدة، منها: تفسير القرآن لم يكمله، وكتاب شرح أسماء الله الحسنى، وقد رواهما عنه أبو القاسم القنطري، توفي بمراكش مغربًا عن وطنه في هذه السنة، وقبره بإزاء قبر الزاهد أبي العباس ابن العريف.

290 -

‌ عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله

، أبو طالب ابن الطرسوسي، الحلبي، الفقيه.

سمع أباه أبا البركات، كتب عنه: السمعاني، وقال: ولد سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة.

قلت: مات تقريبًا في هذا العام.

ص: 656

291 -

عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الأنصاري، شرف الإسلام، أبو القاسم الشيرازي، ثم الدمشقي، الفقيه، الحنبلي، الواعظ.

كان شيخ الحنابلة بدمشق بعد والده، وكان له القبول التام في وعظه، وبعثه السلطان بوري رسولًا إلى المسترشد بالله يستنجده على الفرنج خذلهم الله، وقد روى شيئًا من مسند أحمد بالإجازة عن أبي طالب عبد القادر بن يوسف، وتوفي في صفر بدمشق.

ووقف المدرسة الحنبلية التي قدام الرواحية بدمشق، وكان رئيسًا محتشمًا، عالمًا.

قال حماد الحراني: سمعت السلفي يثني عليه ويقول: كان فاضلًا له لسن، وكان كبيرًا في أعين الناس والسلطان، وكان متقدمًا، وكان ثقة، سمع من والده، وغيره.

وقال أبو يعلى حمزة: مات بمرضٍ حاد أضعفه، وكان على الطريقة المرضية، والخلال الرضية ووفور العلم، وحسن الوعظ، وقوة الدين، وكان يوم دفنه يومًا مشهودًا من كثرة المشيعين له، والباكين عليه.

292 -

‌ عشائر بن محمد بن ميمون

، أبو المعالي التميمي، المعري، نزيل حمص.

صالح خير، ولد سنة خمسٍ وأربعين، وحضر جنازة أبي العلاء بالمعرة، وسمع من: أبي غانم عبد الرزاق التنوخي، كتب عنه: السمعاني، بقي إلى هذا الوقت بحمص.

293 -

‌ علي بن محمد بن أرسلان بن محمد

، أبو الحسن المروزي، الكاتب.

كان صاحب بلاغة، وفصاحة، وشعر، وترسل فائق.

ذكره ابن السمعاني، فقال: لعله ما رأى مثل نفسه في فنه، وسمع من

ص: 657

إسماعيل بن أحمد البيهقي، وكتب لي من شعره، وسمعت أن قصيدة أكثر من أربعين بيتًا كانت تقرأ عليه فيحفظها في نوبةٍ واحدة.

قتل بمرو في الوقعة الخوارزمشاهية في ربيع الأول، وله نيفٌ وأربعون سنة.

294 -

‌ عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازة

، أبو حفص بن أبي المفاخر البخاري، علامة ما وراء النهر.

تفقه على والده العلامة أبي المفاخر، وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصار شيخ العصر، وحاز قصب السبق في علم النظر، ورأى الخصوم وناظر، وظهر عليهم، وصار السلطان يصدر عن رأيه، وعاش في حرمةٍ وافرة، وقبول زائد، إلى أن رزقه الله الشهادة على يد الكافر، بعد وقعة قطوان وانهزام المسلمين.

قال ابن السمعاني: سمعت أنه لما خرج هذه النوبة كان يودع أصحابه وأولاده وداع من لا يرجع إليهم، فرحمه الله ورضي عنه، سمع: أباه، وعلي بن محمد بن خدام، وحدث، ولقيته بمرو، وحضرت مناظرته، وقد حدث عن جماعةٍ من البغداديين كأبي سعد أحمد ابن الطيوري، وأبي طالب بن يوسف، وكان يعرف بالحسام، ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، وسمع منه: أبو علي الحسن بن مسعود الدمشقي ابن الوزير، وغيره، وتفقه عليه خلق، وقتل صبرًا بسمرقند في صفر سنة ستٍ وثلاثين.

وقيل: بل قتل في الوقعة المذكورة، وكان قد تجمع جيوشٌ لا يحصون من الصين، والخطا، والترك، وعلى الكل كوخان، فساروا لقصد السلطان سنجر، وسار سنجر في نحو مائة ألفٍ من عسكر خراسان، وغزنة، والغور، وسجستان، ومازندران، وعبر بهم نهر جيحون في آخر سنة خمسٍ وثلاثين، فالتقى الجيشان، فكانا كالبحرين العظيمين يوم خامس صفر، وأبلى يومئذٍ صاحب سجستان بلاءً حسنًا، ثم انهزم المسلمون، وقتل منهم ما لا يحصى، وانهزم سنجر، وأسر صاحب سجستان، وقماج مقدم ميمنة المسلمين، وزوجة سنجر، فأطلقهم الكفار.

قال ابن الأثير: وممن قتل الحسام عمر بن مازة الحنفي، المشهور.

ص: 658

قال: ولم يكن في الإسلام وقعةٌ أعظم من هذه، ولا أكثر ممن قتل فيها بخراسان، واستقرت دولة الخطا، والترك الكفار بما وراء النهر، وبقي كوخان إلى رجب سنة سبعٍ وثلاثين فمات فيه.

295 -

‌ عمر بن محمد

، أبو حفص المروزي، الناطفي.

كان يعمل الناطف، وكان رجلًا صالحًا، نيف على الثمانين، وروى عن: علي بن موسى الموسوي، وجماعة، وعنه: أبو سعد السمعاني.

296 -

‌ عمرو بن محمد بن بدر

، أبو الحسن الهمداني، الغرناطي.

سمع الموطأ من ابن الطلاع، وتفقه بأبي الوليد بن رشد، وكان صالحًا زاهدًا، روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل، وغيره.

297 -

‌ الفضيل بن إسماعيل بن الفضيل بن محمد

، الفضيلي، الهروي، أبو عاصم.

سمع: أبا عطاء عبد الرحمن الجوهري، وكلار البوشنجي، ومحمد بن علي العميري، وطائفة، مات سنة نيفٍ وثلاثين كتبته تقريبًا.

298 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود

، أبو بكر الغساني، الأندلسي، المريي.

روى عن: الحافظ أبي علي الغساني، وغيره، له رحلة سمع فيها من أبي بكر الطرطوشي، المالكي، وأبي الحسن بن مشرف، وولي قضاء مرسية مدةً طويلة، ولم تحمد سيرته، ثم صرف، وسكن مراكش، وبها توفي في رجب.

299 -

‌ محمد بن أصبغ بن محمد بن محمد بن أصبغ

، قاضي الجماعة بقرطبة وخطيبها أبو عبد الله، خاتمة الأعيان بقرطبة.

روى عن أبيه واختص به، وقرأ بالروايات على أبي القاسم بن مدير المقرئ، وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وجالس أبا علي ابن سكرة.

ص: 659

قال ابن بشكوال: كان من أهل الفضل الكامل، والدين، والتصاون والعفاف، والوقار، والسمت الحسن، والهدي الصالح، وكان مجودًا للقرآن، عالي الهمة، عزيز النفس، مخزون اللسان، طويل الصلاة، واسع الكف بالصدقات، كثير المعروف والخيرات، معظمًا عند الخاصة والعامة، وصرف في الآخر عن القضاء، وأقبل على التدريس وإسماع الحديث، وتوفي في الثاني والعشرين من رمضان، من أبناء الستين.

300 -

‌ محمد بن جعفر بن مهران

، أبو بكر التميمي، الأصبهاني.

سمع: عبد الوهاب بن منده، والمطهر البزاني، وعنه: سليمان الموصلي، لقيه زمن الحج.

301 -

‌ محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى

، أبو بكر بن برنجال.

رحل بعد الخمسمائة، وسمع من: محمد بن الوليد الطرطوشي، ومحمد بن منصور الحضرمي، وكان من أهل الحفظ والدراية.

توفي في رجب، وقد نيف على الخمسين.

302 -

‌ محمد بن الحسين بن محمد

، أبو الخير التكريتي، الملقب بالترك، من أهل رباط الزوزني ببغداد.

سمع من: جعفر السراج.

303 -

‌ محمد بن سليمان بن مروان

، أبو عبد الله القيسي، المعروف بالبوني، نزيل بلنسية، أحد الأئمة.

روى عن: أبي علي الغساني، وأبي داود بن نجاح، وأبي الحسن بن الدوش، وابن الطلاع، وأبي علي الصدفي، وطائفة.

قال ابن بشكوال: كانت له عناية كبيرة بالعلم والرواية وأخبار الشيوخ وأزمانهم ومبلغ أعمارهم، وجمع من ذلك كثيرا ووصفه أصحابنا بالثقة والدين، مات في صفر سنة ست بالمرية، رحمه الله.

ص: 660

304 -

محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز، أبو بكر القرطبي، اللخمي.

أصله من إشبيلية، روى عن: أبي عبيد البكري، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين بن سراج، وكان رأسًا في اللغة والعربية، ومعاني الشعر، والبلاغة، كاتبًا مجيدًا، توفي في نصف ذي الحجة.

305 -

‌ محمد بن علي بن أحمد

، أبو طاهر الأنصاري، الدباس.

سمع من أبي طاهر عبد الكريم بن رزمة، عن أبي الحسين بن بشران كتاب مداراة الناس لابن أبي الدنيا، وكان رجلًا صالحًا، روى عنه: سعد الله بن الوادي، وأبو سعد السمعاني، وعلي بن إبراهيم الواسطي.

قال ابن النجار: توفي في ذي الحجة سنة ست وثلاثين.

306 -

‌ محمد بن علي بن عمر بن محمد

، أبو عبد الله التميمي، المازري، الفقيه، المالكي المحدث، أحد الأئمة الأعلام.

مصنف شرح صحيح مسلم، واسمه المعلم بفوائد كتاب مسلم، وله كتاب إيضاح المحصول في الأصول، وله مصنفات في الأدب، وكان من أهل الحفظ والإتقان.

توفي في ربيع الأول سنة ست، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.

ومازر بفتح الزاي، وقد تكسر، بليدة بجزيرة صقلية.

روى عنه: عياض القاضي، وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزعي، مولده بالمهدية من إفريقية، وبها مات، وألف كتابًا في شرح التلقين لعبد الوهاب، في عشر مجلدات، وهو من أنفس الكتب.

بلغنا أن المازري مرض في أثناء عمره فلم يجد من يعالجه إلا يهودي، فلما عوفي على يده قال له اليهودي: لولا التزامي بحفظ صناعتي لأعدمتك المسلمين، فأثر هذا عند المازري، وأقبل على تعلم الطب حتى برع فيه في زمن يسير، وصار يفتي فيه كما يفتي في العلم.

ص: 661

307 -

محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن السكن، أبو طالب ابن المعوج المراتبي.

من أهل البيوتات ببغداد، سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا القاسم ابن البسري، وجماعة، سمع منه: ابن السمعاني، وغيره.

وكان من غلاة الشيعة، توفي في أحد الربيعين.

308 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد

، أبو سهل الأبيوردي، العطار.

شيخ صالح، عفيف، عابد، من أهل نيسابور، سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا صالح المؤذن، وأبا سهل الحفصي، وتوفي في رجب، روى عنه: ابن السمعاني، والرحالون، وكان والده من كبار مشيخة نيسابور.

309 -

‌ محمد بن كامل بن ديسم بن مجاهد

، أبو الحسن النضري، المقدسي.

سمع من أبيه، ومن نصر المقدسي وتفقه عليه بصور، فلم ينجب، وأجاز له أبو بكر الخطيب.

وكان شاهدًا، فاتهم بشهادة الزور، وأسقطه خال ابن عساكر أبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق، ورتب على ختم دار الوكالة، فكان يرتزق من المكس.

روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم بن علي، والسمعاني، وجماعة.

توفي في ذي القعدة.

قال السمعاني: وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو علي غلام الهراس، فأجاز له جميع القراءات.

310 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عمر

، أبو الحسين السهلكي، خطيب بسطام، إحدى مدن قومس.

ص: 662

كان بارعًا في الأدب، سمع: أبا الفضل محمد بن علي السهلكي، ونظام الملك، ورزق الله التميمي.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببسطام، توفي في ربيع الأول ببسطام.

311 -

‌ محمد بن مغاور بن حكم بن مغاور

، أبو عبد الله السلمي، الشاطبي.

روى عن: أبيه، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عمران بن أبي تليد، وابن سكرة، وأبي الحسن بن الدوش.

وكان بصيرًا بالمذهب، رأسًا في الفتوى، جم الفوائد، توفي في شوال عن ثمانٍ وخمسين سنة.

312 -

‌ محمد بن مفرج بن سليمان

، الشيخ أبو عبد الله الصنهاجي.

سمع يسيرًا من: أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن شبرين، أخذ عنه: القاضي عياض.

313 -

‌ محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمود ماشاذة

، أبو منصور الأصبهاني، الواعظ، الفقيه.

ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وتفقه على: أبي بكر الخجندي، وارتفع أمره وعرض جاهه، وصار المرجع إليه، وكان يفسر ويعظ بفصاحة، ووعظ ببغداد بعد العشرين، وحدث.

روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وسبطه داود بن محمد بن أبي منصور، وجماعة، روى عن: شجاع، وأحمد ابني المصقلي، وعائشة الوركانية، وأبي المظفر السمعاني، وأبي بكر بن سليم، وتوفي في حادي عشر ربيع الآخر بأصبهان، وعقد له العزاء ببغداد.

قال ابن السمعاني: إمام، مفسر، واعظ، حلو الكلام، مليح الإشارة، كان له التقدم والجاه العريض، والحشمة وصار أوحد وقته، والمرجوع إليه

ص: 663

في بلده، وطعن بالسكين عدة نوب، وحماه الله بفضله، ولم يؤثر ذلك فيه، وكان كثير الصلاة والذكر.

314 -

‌ المختار بن عبد الحميد بن منتصر

، أبو الفتح البوشنجي، الأديب، صاحب الوفيات.

سمع من جده لأمه جمال الإسلام أبي الحسن الداودي.

توفي في رمضان، وقد قارب الثمانين.

315 -

‌ مرجان الحبشي الخادم

، أبو الحسن، مولى المقتدي أمير المؤمنين.

سمع من: النعالي، وابن البطر، روى عنه: يوسف بن المبارك بن كامل.

وكان صالحًا عابدًا، جاور مدة.

توفي في شعبان.

316 -

‌ مظفر بن القاسم بن المظفر بن علي

، أبو منصور ابن الشهرزوري.

ولد بإربل سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ونشأ بالموصل، وقدم بغداد، فتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه ومن أبي نصر الزينبي.

ثم رجع إلى الموصل، وولي قضاء سنجار، وسكنها وكان قد أضر، سمع منه ابن السمعاني سنة أربع وثلاثين ببغداد، وسنة خمسٍ بسنجار، وقال: كان شيخًا، فاضلًا، كثير العبادة.

قلت: توفي تقريبًا في سنة ست.

317 -

‌ نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد

بن أحمد بن خلف بن مخلد بن امرئ القيس، أبو الكرم الأزدي، الواسطي ابن الجلخت.

سمع: أباه، وأبا تمام علي بن محمد العبدي، القاضي، وأبا الحسن علي بن محمد الحوزي، وسعيد بن كثير الشاهد، وهو آخر أصحاب أبي تمام، ولد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة.

وعنه: ابن السمعاني، وقال: انحدرت إليه إلى واسط، وهو شيخ ثقة،

ص: 664

صالح، من بيت الحديث، حدث ببغداد سنة ست عشر.

وروى عنه أيضًا: أبو علي يحيى بن الربيع، والقاضي أبو الفتح المندائي، وعلي بن عبد الله بن فضل الله نسيبه الذي توفي سنة اثنتي عشرة وستمائة، وعلي بن علي بن نغوبا، والحسين بن عبد العزيز الواسطيون.

قال فيه خميس الحوزي: ثقة صالح.

وقال غيره: توفي في ذي الحجة بواسط.

318 -

‌ هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس

، أبو محمد البغدادي، ثم الدمشقي، إمام جامع دمشق.

كان مقرئًا مجودًا، حسن الأخذ، ضابطًا متصدرًا بالجامع من دهر، ختم عليه خلق، وقد سمع الكثير بنفسه، ونسخ ورحل وأملى، وكان صدوقًا، صحيح السماع.

وثقه ابن عساكر، ووصفه بكثرة السماع، وقال: سمع أباه، وأبا العباس بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم، وخرج إلى العراق، وأصبهان في صحبة والده، والفقيه نصر الله المصيصي في رسالة السلطان تاج الدولة تتش إلى السلطان ملكشاه، فسمع من: البانياسي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبي منصور محمد بن علي بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وعبد الرزاق الحسناباذي، وأبي عبد الله الثقفي، وأقرأ القرآن مدة، وكان قد قرأ للسبعة على والده أبي البركات.

وكان مؤدبًا في مسجد سوق الأحد، فلما ولي إمامة الجامع ترك المكتب، وكان صحيح الاعتقاد، حدثنا إملاءً قال: أخبرنا عاصم بقراءتي عليه، فذكر حديثًا.

وقال ابن السمعاني: سمعت أنه يقع في أعراض الناس، وكان بينه وبين الحافظ أبي القاسم الدمشقي شيء، ما صلى على جنازته.

ص: 665

وقال السلفي: هو محدث ابن محدث، ومقرئ ابن مقرئ، وكان ثقة متصاونًا، من أهل العلم.

وقال محمد بن أبي الصقر: ولد في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة.

وقال ابن السمعاني: توفي ضحوة يوم الجمعة سابع عشر المحرم، وصلينا عليه بعد الصلاة، وشيعته إلى أن دفن في مقبرةٍ له بباب الفراديس، وكان الخلق كثيرًا.

قلت: وروى عنه: ابن عساكر، والسلفي، وابن السمعاني، وابنه الخضر بن هبة الله، وأبو الفرج ابن اللحية الحموي، وأبو محمد القاسم ابن عساكر، والقاضي أبو القاسم ابن الحرستاني، وآخرون، وآخر من حدث عنه: أبو المحاسن ابن السيد الصفار.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، وإسماعيل بن عبد الرحمن، ومحمد بن علي، وأحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن، وأحمد بن عبد الحميد قالوا: أخبرنا محمد بن السيد بن أبي لقمة، قال: أخبرنا نصر الله بن محمد المصيصي الفقيه، وهبة الله بن طاوس المقرئ في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة سماعًا منهما قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان، قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا الحسن بن مكرم: قال: حدثنا شاذان، قال: حدثنا الثوري، قال: حدثنا عمرو بن قيس قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو القلوب، وإن كانت لينة، فإن القلب القاسي بعيدٌ من الله، ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كهيئة الأرباب، وانظروا في ذنوب أنفسكم كهيئة العبيد، فإنما الناس اثنان: مبتلى ومعافى، فاحمدوا الله على العافية، وارحموا المبتلى.

319 -

‌ هبة الله بن عبد الله بن أحمد ابن المغربي

.

شيخ صالح، بغدادي، سمع من: الحسين ابن البسري، روى عنه: ابن السمعاني، وكان بواب باب النوبي، وعاش ستًا وستين سنة.

320 -

‌ يحيى بن علي بن محمد بن علي

، أبو محمد ابن الطراح، البغدادي، المدير.

ص: 666

ولد قبل الستين وأربعمائة، وسمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصمد ابن المأمون، ومحمد بن أحمد بن المهتدي بالله الخطيب، وابن النقور، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان صالحًا، ساكنًا، مشتغلًا بما يعنيه، قليل الفضول، كثير الرغبة في زيارة القبور والخير، وكان مدير قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، وسمعه أبوه، وحصل له النسخ، توفي في رابع عشر رمضان.

قلت: وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وابن طبرزد، والكندي، وابن الأخضر، وعبد الكريم بن المبارك البلدي، وسليمان الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وآخرون.

ص: 667

سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

321 -

‌ أحمد بن أبي الحسين بن أحمد

، أبو الحارث الهاشمي، البغدادي، إمام جامع المنصور.

روى عن: أبي الحسين ابن الطيوري، وتوفي في ذي الحجة.

322 -

‌ أحمد بن علي بن الحسين العطار

، دمشقي، حدث عن: أبي البركات أحمد بن طاوس، كتب عنه: أبو سعد السمعاني.

323 -

‌ أحمد بن علي بن عبد الله

، أبو القاسم الحلاوي.

بغدادي، روى عن: أبي نصر الزينبي، وعنه: يوسف بن المبارك الخفاف، توفي في رجب.

324 -

‌ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم

، أبو منصور الهيتي.

ولد بهيت سنة ستين، وسمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وبرع في المناظرة، وتوفي في شوال.

قال ابن السمعاني: كان أنظر الحنفية في زمانه، وكان ينوب عن قاضي القضاة الزينبي في الحكومة إلى أن شاخ، وكان دخوله إلى بغداد في سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة، وقرأت عليه كتاب البعث لابن أبي داود.

قلت: روى عنه عبد الله بن مسلم بن ثابت.

325 -

‌ إبراهيم بن هبة الله بن علي

، أبو طالب الدياربكري، الفقيه.

قال ابن السمعاني: كان فقيهًا، فاضلًا، مناظرًا، صالحًا، كثير الذكر والتلاوة، أقام ببغداد مدةً، وببلخ مدة، وسمع من مالك البانياسي، وجماعة، وتوفي ببلخ في المحرم، وقد سمع بأصبهان من أبي منصور بن شكرويه.

قال أبو شجاع البسطامي: سمعت الإمام أبا طالب يقول: لما نزلت بناكر، وهي دار مملكة الملك محمد بن أبي حكيم، أكرمني كثيرًا، حتى أنه

ص: 668

سبى أختين وهما ابنتا ملك الهند، فقال لي: قد تزوجت واحدةً وتركت أختها، حتى أجد لها كفؤًا، وأنت الكفؤ، فوهبها لي، فأعتقتها، وتزوجت بها، وحسن إسلامها، فلما قتل ابن أبي حكيم نفذ أخو هذه الجارية، وقد تملك بعد أبيه، فقال: تعودي إلينا، فأبت وقالت: لا أدخل بلاد الكفر، فبعث يقول لها: ارجعي إلينا بزوجك، ونبني لكما مسجدًا، وتكونون مكرمين، فأبت، فلما سافرت لحقتني حاملةً ولدها مني وعلى كتفها قربة حتى لحقت بي.

326 -

‌ الحسن بن محمد بن علي

، أبو محمد الحسني، ذو الفقار، نقيب مشهد باب التبن.

روى عن: أبي سعد بن خشيش، وكان أديبًا شاعرًا ببغداد.

327 -

‌ الحسن بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء

، البعلبكي، أبو محمد.

سمع من: الفقيه نصر المقدسي، وتوفي في جمادى الأولى، سمع منه بعض الطلبة.

328 -

‌ الحسن بن نصر

، أبو محمد الدينوري البزاز، ويعرف بابن المعبي.

سمع: أبا القاسم ابن البسري، ويوسف بن الحسن التفكري، والفقيه نصر المقدسي بصور.

وعنه: ابن عساكر، والسمعاني، مات في صفر في عشر التسعين.

329 -

‌ الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله

، أبو عبد الله المقرئ، البغدادي، سبط أبي منصور الخياط.

سمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وأبا منصور العكبري، وأبا الحسين ابن النقور، وولد في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كد يده،

ص: 669

سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيفٍ القائمي، وتوفي في ذي الحجة.

روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي، وقال: قرأت عليه القرآن، وأبو اليمن الكندي، وجماعة.

وهو أخو الشيخ أبي محمد، وأكبر منه.

330 -

‌ سعيد بن أحمد بن عبد الواحد

، أبو القاسم ابن الطيوري الأمين.

شيخ أصبهان، سمع: أبا عمرو بن منده، مات فجاءةً في شوال، سمع منه: أبو سعد السمعاني، وغيره.

331 -

‌ عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله ابن البيضاوي

، أبو الفتح.

كان جدهم محمد بن عبد الله من بيضاء فارس فانتقل إلى بغداد وسكنها، وكان أبو الفتح أخا قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمه، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصريفيني، وابن النقور.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وهو شيخ صالح، متواضع، متحرٍ في قضائه الخير والإنصاف، متثبت، وتوفي في نصف جمادى الأولى.

قلت: وروى عنه: ابن الجوزي، والكندي، وجماعة.

332 -

‌ عبد الرزاق بن محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى

، أبو المحاسن الطبسي، نزيل نيسابور.

كان مفيد الغرباء، قرأ لهم الكثير، وكان حسن القراءة سريعها، قرأ صحيح مسلم ثماني عشرة مرة على الفراوي للناس، وكان كثير الصلاة، نظيف الظاهر، جميل الأمر، سمع: عبد الغفار الشيرويي، وأبا علي الحداد، وغانمًا البرجي، وابن بيان الرزاز، وغيرهم.

وتوفي في ربيع الأول، روى عنه: أبو سعد السمعاني.

ص: 670

333 -

‌ عبد المجيد بن إسماعيل

، القاضي أبو سعد الهروي، قاضي الروم.

تفقه بما وراء النهر على: البزدوي، والسيد الأشرف، وجماعة، وتخرج به الأصحاب، وله مصنفات في الأصول والفروع، وخطب ورسائل ونظم ونثر، قدم دمشق، ودرس ببغداد.

مات بقيسارية، وقد نيف على الثمانين، وكان من كبار الحنفية.

334 -

‌ عبد المجيد بن القاسم بن الحسن بن بندار

، أبو عبد الرحيم الزيدي، الإستراباذي، الحاجي.

شيخ دين زيدي المذهب، سمع: ظفر بن الداعي، وغيره، وحدث في هذه السنة.

335 -

‌ عبد الواحد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف

، أبو محمد اليوسفي، البغدادي، أخو عبد الله، وعبد الخالق.

شيخ صالح، دين، سافر الكثير، وطاف في الآفاق، وسمع من: أبي نصر الزينبي، وأخيه النقيب طراد؛ وسمع من: أبي المحاسن الروياني، وأبي سعد بن أبي صادق الحيري، وأبي سعد المطرز، وأقام باليمن مدة.

وولد في سنة سبعين وأربعمائة.

وقدم من الحجاز بغداد في سنة خمسٍ وثلاثين وحدث، ثم رجع وركب البحر، فغرق في حدود سنة سبعٍ.

336 -

‌ عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد

، أبو عمرو البلخي، ويعرف بالشريك.

قال السمعاني: كان فاضلًا، حسن السيرة، من أهل العلم، مكثرًا من الحديث، معمرًا، سمع: أباه، وأبا علي الوخشي، ومحمد بن عبد الملك الماسكاني، وإسماعيل بن عثمان إمام جامع بلخ، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السجزي، كتب إلي بمروياته، ومن مسموعاته: شرح الآثار للطحاوي،

ص: 671

يرويه بواسطة ثلاثة، والموطأ يرويه عن عبد الوهاب بن أحمد الحديثي، عن زاهر السرخسي، وتفسير أبي الليث، رواه عن الوخشي، عن تميم بن زرعة عنه؛ وروى عن الوخشي عدة تفاسير كبار، وكتاب معاني الآثار للطحاوي، يرويه عن القاضي إبراهيم بن محمد بن سليمان الوراق، عن ابن المقرئ، عنه، وسنن أبي داود، يرويه عن الوخشي، عن أبي عمر الهاشمي، وعن أبي محمد ابن النحاس المصري، وعن أبي محمد السابوري صاحب ابن داسة، توفي ببلخ في سلخ جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.

337 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن علي بن عياض ابن أبي عقيل

، أبو طالب الصوري، ثم الدمشقي.

كان أبوه وأجداده من قضاة صور، وهو شيخ مهيب، ساكن، حسن السيرة، يرجع إلى صيانة وديانة، سكن مصر مدة، وسمع بها من: أبي الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله الفارسي، ودخل بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه المعجم لابن الأعرابي، ومولده بعد الستين بصور، وكان يلقب بالقاضي بهجة الملك، توفي في ربيع الأول.

قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه، وجماعة.

قال ابن عساكر: أصله من حران، وسمع أيضًا من الفقيه نصر، وكان من أعيان من بدمشق، وكان ذا صلاة وصيام، وقورًا، مهيبًا، حكى لي عتيقه نوشتكين أنه سمعه في مرضه يقول: قرأت أربعة آلاف ختمة.

338 -

‌ علي بن يوسف بن تاشفين

، أمير المسلمين، صاحب المغرب.

توفي والده في سنة خمسمائة، فقام بالملك مكانه، وتلقب بلقب أبيه أمير المسلمين، وجرى على سننه في إيثار الجهاد، وإخافة العدو.

وكان حسن السيرة، جيد الطوية، عادلًا، نزهًا، حتى كان إلى أن يعد من الزهاد المتبتلين أقرب، وأدخل من أن يعد من الملوك، واشتد إيثاره لأهل العلم والدين، وكان لا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورتهم، وكان إذا

ص: 672

ولى أحدًا من قضاته، كان فيما يعهد إليه أن لا يقطع أمرًا دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإن صغر، فبلغ الفقهاء في أيامه مبلغًا عظيمًا، ونفقت في زمانه كتب الفقه في مذهب مالك، وعمل بمقتضاها، ونبذ وراءه ما سواها، وكثر ذلك حتى نسي العلماء النظر في الكتاب والسنن، ودان أهل زمانه بتكفير كل من ظهر منه الخوض في شيءٍ من علوم الكلام، وقرر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصدر الأول له، وأنه بدعة، حتى استحكم ذلك في نفسه، فكان يكتب عنه في كل وقت إلى البلاد بالوعيد على من وجد عنده شيءٌ من كتب الكلام.

ولما دخلت كتب أبي حامد الغزالي رحمه الله إلى المغرب، أمر أمير المسلمين علي بن يوسف بإحراقها، وتوعد بالقتل من وجد عنده شيءٌ منها، واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية.

واعتنى باستدعاء المنشئين والكتاب، فاجتمع له ما لم يجتمع لسلطانٍ منهم، كأبي القاسم بن الجد الأحدب، وأبي بكر محمد بن محمد بن القنطرية، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخصال، وأخيه أبي مروان، وعبد المجيد بن عيذون.

وطالت أيامه، إلى أن التقى عسكر بلنسية مع العدو الملعون، فهزموا المسلمين، وقتلوا من المرابطين خلقًا كثيرًا، وذلك بعد الخمسمائة، واختلت بعدها حال علي بن يوسف، وظهرت في بلاده مناكر كثيرة، لاستيلاء أمراء المرابطين الذين هم جنده على البلاد الأندلسية، ثم ادعوا الاستبداد بالأمور، وانتهوا في ذلك إلى التصريح، وصار كل واحدٍ منهم يجهر بأنه خيرٌ من أمير المسلمين علي بن يوسف، وأنه أولى بالأمر منه، واستولى النساء على الأحوال، وصارت كل امرأةٍ من أكابر البرابر مشتملةً على كل مفسدٍ وشرير، وقاطع سبيلٍ، وصاحب خمرٍ، وأمير المسلمين في ذلك يزيد تغافله، ويقوى ضعفه، وقنع بالاسم والخطبة، وعكف على العبادة، فكان يصوم النهار، ويقوم الليل، واشتهر عنه ذلك، وأهمل أمر الرعية غاية الإهمال، وكان يعلم من نفسه العجز، حتى إنه رفع مرة يديه وقال: اللهم قيض لهذا الأمر من يقوى عليه ويصلح أمور المسلمين، حكى عنه هذا عبد الله بن خيار.

ص: 673

وقال اليسع بن حزم: ولي علي بن يوسف، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشآت أهزلوا دينهم، وأسمنوا براذينهم، قلدهم البلاد، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه، وأشاروا عليه بأخذ مملكة ابن هود منه، وقرروا عنده أن أموال المستنصر صاحب مصر أيام الغلاء حصلت كلها عند ابن هود، وأروه الباطل في صورة الحق.

قلت: وتوثب عليه ابن تومرت كما ذكرنا، وجرت بين الطائفتين حروبٌ، ولم يزل أمر عبد المؤمن يقوى ويظهر، ويستولي على الممالك، وأمر علي بن يوسف في سفال وزوال، إلى أن توفي في هذا العام، وعهد إلى ابنه تاشفين، فعجز عن الموحدين، وانزوى إلى مدينة وهران، فحاصره الموحدون بها، فلما اشتد عليه الحصار خرج راكبًا، وساق إلى البحر، فاقتحمه وغرق، فيقال إنهم أخرجوه وصلبوه، ثم أحرقوه، وذلك في عام أربعين، وانقطعت الدعوة لبني العباس بموت علي وابنه تاشفين، وكانت دولة بني تاشفين بمراكش بضعًا وسبعين سنة.

توفي علي في سابع رجب، وله إحدى وستون سنة.

339 -

‌ عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن لقمان

، النسفي، ثم السمرقندي.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا، فاضلًا، مبرزًا، متفننًا، صنف في كل نوع من العلم، في التفسير، والحديث، والشروط، ونظم الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، حتى صنف قريبًا من مائة مصنف، وورد بغداد حاجًا في سنة سبعٍ وخمسمائة، وحدث عن: إسماعيل بن محمد النوحي، وطائفة، وتوفي النوحي سنة إحدى وثمانين.

قال السمعاني: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي، وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلًا.

قال ابن السمعاني: ولما وافيت سمرقند، استعرت عدة كتبٍ مما جمعه وصنفه، فرأيت فيها أوهامًا كثيرة، خارجة عن الإحصاء، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث وطلبه، ولم يرزق فهمه، وكان له شعر حسن على طريقة الفقهاء والحكماء، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى، ومولده سنة إحدى أو اثنتين

ص: 674

وستين وأربعمائة.

قلت: وروى عنه كتاب القند في ذكر علماء سمرقند تأليفه أبو بكر محمد بن محمد بن علي السعدي البغدادي الأديب، وأبو القاسم محمود بن علي النسفي.

ومن شعره:

كم ساكتٍ أبلغ من ناطقٍ وراجلٍ أشجع من فارس ولاحقٍ يسبق عربًا مضوا بفضل دينٍ، وهو من فارس

340 -

‌ كوخان

، ملك الخطا والترك.

كان مليح الشكل، حسن الصورة، عظيم الهيبة، كامل الشجاعة، قاد الجيوش، وسار في ثلاثمائة ألف فارس، وهزم السلطان سنجر، وتملك سمرقند وما وراء النهر في العام الماضي، فما أمهله الله تعالى، وعجل بروحه إلى النار في رجب سنة سبع.

وكان لا يمكن أميرًا من إقطاع، بل يعطيهم من خزائنه ويقول: متى أخذوا الإقطاع ظلموا الناس، وكان لا يقدم أميرًا على أكثر من مائة فارس، حتى لا يقدر على العصيان، وكان يشدد في النهي عن الظلم، ويعاقب على السكر، ولا ينهى عن الزنا ولا يقبحه، وتملك بعده ابنةٌ له، فلم تطل مدتها، وتملك بعدها أمها زوجة كوخان، وحكمت أمة الخطا على ما وراء النهر، إلى أن أخذ البلاد منهم علاء الدين بن محمد الخوارزمي سنة اثنتي عشرة وستمائة.

341 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو بكر البسطامي، ثم النيسابوري، البزاز.

سمع الكثير من: الفضل بن المحب، فمن بعده.

قال السمعاني: كتبت عنه مناقب البخاري لمحمد بن أبي حاتم البخاري، بروايته عن أبي بكر بن خلف، مات بسرخس.

342 -

‌ محمد بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن بشر

، أبو بكر الأنصاري، الميورقي، نزيل غرناطة.

ص: 675

روى عن: أبي علي بن سكرة، وحج، وسمع من: أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي بالإسكندرية، وكان فقيهًا صالحًا، محدثًا، ظاهري المذهب، يغلب عليه الزهد والصلاح، روى عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفرس، وابنه عبد المنعم.

وهرب في الآخر إلى بجاية من صاحب المغرب بعد أن حمل إليه هو وأبو العباس ابن العريف، وأبو الحكم بن برجان، وبقي إلى هذا العام.

343 -

‌ محمد بن الحسين بن عمر

، أبو بكر الأرموي، الأذربيجاني، الفقيه الشافعي.

كان عارفًا بالمذهب، تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من: أبي الحسين ابن النقور، وطبقته.

قال ابن السمعاني: كان جميل السيرة، مرضي الطريقة، غير أنه كان ببغداد فقيه آخر يقال له محمد بن الحسين الأرموي أبو بكر الفقيه، فاشتبه اسمه مع اسمه فتحرج عن الرواية وامتنع، ودخلت عليه داره بدرب السلسلة ببغداد وسألته عن مولده، فقال: دخلت بغداد في سنة خمس وستين وأربعمائة، وما تحقق مولده، توفي في سابع المحرم، وهو في عشر المائة.

علق عنه أبو المعمر الأنصاري.

344 -

‌ محمد بن خلف بن موسى

، أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، الإلبيري، المتكلم، نزيل قرطبة.

روى عن: أبي بكر محمد بن الحسن المرادي، ويوسف بن موسى الكلبي.

ذكره الأبار فقال: كان حافظًا لكتب الأصول والاعتقادات، واقفًا على مذهب أبي الحسن الأشعري وأصحابه، مع المشاركة في الأدب، وله كتاب النكت والأمالي في النقض على الغزالي، ورسالة الانتصار على مذاهب أئمة الأخبار، وكتاب شرح مشكل ما في الموطأ وصحيح البخاري.

ص: 676

وحدث عنه: أبو الوليد بن خير، وأبو إسحاق بن قرقول، وأبو عبد الله بن الصيقل، وأبو خالد المرواني، وذكر ابن الصيقل أن له رواية عن ابن الطلاع، وقال المرواني: إنه ولد في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبعٍ، رحمه الله.

345 -

‌ محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد

بن عبد الله بن عبد الصمد ابن المهتدي بالله، الخطيب، أبو الفضل الهاشمي، العباسي، البغدادي.

ولد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا الحسين ابن المهتدي، واحترق سماعه منهما، وحدث عن: أبي الحسين ابن النقور، وعبد الله بن الحسن الخلال، وأبي القاسم ابن البسري، وجده طاهر بن الحسين القواس، وطراد الزينبي.

وقرأ القراءات وحدث، وكان خطيب جامع القصر.

ثقة صالح، خير، سرد الصوم نيفًا وخمسين سنة، قال: سمعت من: ابن المأمون، وابن المهتدي بالله، لكن احترقت كتبي.

قلت: قرأ القرآن على: أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي صاحب الحمامي، وتلا عليه أبو اليمن الكندي بخمس روايات، وسمع منه هو، وابن طبرزد، وجماعة، وتوفي في ثامن عشر جمادى الأولى.

246 -

‌ محمد بن محمد بن المسلم بن هلال

، أبو المفضل الأزدي، الشاهد، المعدل، الدمشقي.

سمع: أبا الفتح المقدسي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وعبد الكريم الكفرطابي، ثم أكثر هو بنفسه وحصل الكتب النفيسة.

وذكر أخوه عبد الواحد أنه ولد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.

347 -

‌ محمد بن محمد بن علي بن جناح

، أبو الغنائم الكوفي، الهمذاني، المعدل.

ص: 677

قدم من همذان، وسمع: أبا البقاء ابن الحبال بالكوفة، وأبا الحسن بن العلاف.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه يسيرًا، وكانت الألسنة متفقة على شكره وتوفي في أوائل شوال.

348 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن سيد بن معمر

، أبو عبد الله المذحجي، المالقي.

روى عن: أبيه، وأبي المطرف الشعبي، وأبي عبد الله بن خليفة القاضي، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.

قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والفضل والدين والعفاف، أخذ الناس عنه، وأجاز لنا، وتوفي في أواخر ذي الحجة.

349 -

‌ محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز

بن علي بن حسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد، القاضي أبو المعالي ابن القاضي أبي المفضل القرشي، الدمشقي، الفقيه الشافعي، المعروف بابن الصائغ قاضي دمشق.

سمع: أبا القاسم المصيصي، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح المقدسي، وأبا محمد ابن البري، وعبد الله بن عبد الرزاق، وطائفة بدمشق، وأبا الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي بمصر، وعلي بن عبد الملك الدبيقي الفقيه بعكا.

وتفقه على أبي الفتح المقدسي، وناب عن والده في القضاء لما حج أبوه سنة عشر، ثم استقل بالقضاء لما كبر أبوه، وبعد موته، وهو خال الحافظ ابن عساكر، قال فيه: كان نزهًا، عفيفًا، صليبًا في الحكم، ولد في أوائل سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، ومات في ربيع الأول، ودفن عند أبيه بمسجد القدم.

قلت: روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو سعد السمعاني، وطرخان بن ماضي اليمني، ثم الشاغوري، الفقيه، وطائفة آخرهم موتًا أبو المحاسن محمد بن أبي لقمة، وكان يلقب بالقاضي المنتجب، وهو والد القاضي الزكي.

ص: 678

قال السمعاني: كان محمودًا، حسن السيرة، شفوقًا على المسلمين، وقورًا، حسن المنظر، متوددًا، سمعت منه اثني عشر جزءًا من حديث القاضي الخلعي.

350 -

‌ المبارك بن أحمد بن محمد بن الناعورة

، أبو المكارم الحجري، البغدادي، المقرئ، ويعرف بابن أبي الحجر.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خير، حسن السيرة، وضيء الوجه، قرأ القرآن على أبي الخير المبارك العسال، وختم جماعة، وحدث عن: رزق الله التميمي، وطراد الزينبي، روى عنه: ابن السمعاني، وغيره، توفي في ربيع الأول.

351 -

‌ مسعود بن محمد بن حسان بن سعيد

، أبو سعيد المنيعي، المخزومي، المروروذي.

حاز قصب السبق في الصدقة والبر، وإيصال النفع إلى المسلمين، وهو من بيت حشمة وتقدم، سمع من: عمه عبد الرزاق بن حسان، وغيره، وكانت الألسنة متفقة على الدعاء له والثناء عليه، من كثرة ما أنفق من الأموال في حجته.

ولد في حدود السبعين وأربعمائة بمروالروذ، ومرض بمرو، فحمل مريضًا إلى بلده، وتوفي في شوال، وكان يقال له: الأمير.

352 -

‌ مفلح بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن علي

، أبو الفتح الدومي، ثم البغدادي، الوراق.

ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد بن هزارمرد الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور، وأبي القاسم ابن البسري، وغيرهم.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان شيخًا لا بأس به، كان يقعد في قطيعة الفقهاء بالكرخ، ويكتب الرقاع بالأجرة، وسمعت أنه جمع مالًا كثيرًا ودفنه، فورثه ابنه منجح، وكان حريصًا، وتوفي في ثاني عشر المحرم.

ص: 679

قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن طبرزد، ويوسف بن المبارك، وأبو محمد ابن الساوي.

وذكر ابن النجار أنه من ذرية خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه، وآخر أصحابه ترك بن محمد العطار.

353 -

‌ موسى بن علي بن قداح

، أبو الفضل البغدادي، الخياط، المعروف بابن حاجبك.

سمع: عبد الله بن علي الدقاق، وابن طلحة النعالي، وجماعة، روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني.

354 -

‌ يحيى بن همام بن يحيى

، أبو بكر السرقسطي، الكاتب المعروف بابن أرزاق.

كان بارع الكتابة، أديبًا، نبيهًا.

كتب مع أبيه للمستعين ابن هود، ثم كتب ليوسف بن تاشفين صاحب الأندلس والمغرب، ولابنه علي، واستدعاه علي بن يوسف إلى مراكش سنة خمس وتسعين، وتوفي بقرطبة.

ص: 680

سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

355 -

‌ أحمد بن الحسين بن محمد بن الحسين

، أبو سعيد الكندري، الإسفراييني، الأديب، من أولاد الفضلاء.

قال ابن السمعاني: لقيته بجوسقان إسفرايين، وقد شاخ وناطح التسعين، وتغير، واختل حاله، كتبت عنه يسيرًا من الحديث وشعرًا لوالده، مولده سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في آخر العام.

قال: وكان أديبًا، فاضلًا، عمر، وافتقر، وكان مشتغلًا بالعلم، حكي أنه كان يصحب الصوفية، ويتكتم من كتابة الحديث، قال: فسقطت مني يوما الدواة، فقال صوفي: استر عورتك، سمع: أبا إسحاق الشيرازي، وفاطمة بنت الدقاق، وجماعة.

356 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن ينال

، أبو منصور الأصبهاني، الصوفي، المعروف بالترك.

شيخ مسن معمر، أفنى عمره في خدمة الصوفية، وله رباط بأصبهان، سمع: عبد الجبار بن برزة الرازي الواعظ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة من أصحاب ابن المرزبان الأبهري، وابن خرشيذ قولة، روى عنه: ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما، توفي في صفر.

وقال السمعاني: سنة ستٍ عن بضعٍ وثمانين سنة.

357 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن خالد

، أبو سعد الخطيب.

شيخ صالح، عالم، من أهل شرمقان، وهي بليدة بقرب إسفرايين، سمع بنيسابور من: أبي تراب عبد الباقي المراغي، وبجرجان من إبراهيم بن عثمان الخلالي، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعاش ستًا وسبعين سنة.

358 -

‌ أحمد بن هبة الله بن محمد ابن الديناري

، أبو منصور، من أهل درب القيار.

ص: 681

روى عن الشريف محمد بن عبد السلام، وعنه: ابن كامل، توفي في رمضان.

359 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن خلف

، أبو إسحاق السلمي، الفاسي، المحدث، المعروف بابن فرتون.

ذكره الأبار فقال: هو جد صاحبنا أبي العباس أحمد، دخل الأندلس، وروى عن: أبي علي الغساني، وأبي علي الصدفي، وسمع بسجلماسة صحيح البخاري، سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة، من بكار بن برهور، روى عنه: محمد بن أحمد بن منصور، توفي في جمادى الآخرة.

قلت: توفي حفيده المؤرخ الحافظ أبو العباس في سنة ستين وستمائة.

360 -

‌ أكز، الحاجب الكبير، أسد الدين

.

من كبار أمراء دمشق، ولي الحجابة سنتين أو أكثر، وله بدمشق مدرسة معروفة، فلما كان في جمادى الأولى من سنة ثمانٍ قبض عليه، وأخذت أمواله، وسملت عيناه، وسجن، وتفرق عنه أصحابه.

361 -

‌ جعفر بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن رزق الأموي

، القرطبي، أبو أحمد.

عمر دهرًا، وحدث عن أبيه، وأجاز له أبو العباس العذري، حدث عنه: أبو الحسن بن مؤمن، وأبو جعفر بن شراحيل، وسمع منه: محمد بن عبد العزيز الشقوري في هذا العام، قاله أبو عبد الله الأبار.

362 -

‌ الحسن بن محمد بن الحسن

، الخطيب، أبو علي السلمي، الفارقي.

سمع ببغداد من: رزق الله التميمي، وعنه: السمعاني، وابن عساكر.

مات في ربيع الآخر.

ص: 682

363 -

‌ الحسين بن حمد بن محمد بن عمرويه

، أبو عبد الله، شيخ الشافعية بأصبهان.

سمع: أبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجه، روى عنه: السمعاني، مات في عشر الثمانين في ذي القعدة.

364 -

‌ حفاظ بن الحسن

، أبو الوفاء الغساني، الدمشقي، المعروف بابن نصف الطريق.

سمع من: علي بن طاهر النحوي، قال أبو القاسم ابن عساكر: وقرأت عليه أشياء بإجازة عبد العزيز الكتاني المطلقة.

365 -

‌ حكيم بن إبراهيم بن حكيم

، الفقيه الدربندي.

تفقه على أبي حامد الغزالي ببغداد، وسمع بمرو من الموفق بن عبد الكريم الهروي، توفي في شوال ببخارى.

366 -

‌ داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه

، السلطان السلجوقي.

قتل غيلةً، ونجا الذين قتلوه، فلم يقع على خبرهم.

367 -

‌ سليمان بن محمد بن حسين بن محمد

، أبو سعد البلدي، المتكلم، المعروف بالكافي، الكرجي، بالجيم، قاضي الكرج.

تفقه بأصبهان على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي، وسمع: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجه الأبهري، وأبا سهل غانم بن محمد الحافظ، وبرع في الفقه، والأصول، والخلاف، واشتهر بحسن الإيراد، وقوة المناظرة والتحقيق.

وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وبحث مع أسعد الميهني في مسائل، أخذ عنه: ابن السمعاني نسخة لوين، وقال: كان له سمتٌ ووقار، وتوفي في سنة سبعٍ، وعندي في نسخة أخرى سنة ثمانٍ وثلاثين، في ذي القعدة.

ص: 683

وقال ابن الجوزي: سنة سبعٍ فالله أعلم، ومولده سنة ستين.

368 -

‌ شيبان بن عبد الله بن شيبان بن عبد الله بن أحمد

، أبو سعيد الأسدي، الأصبهاني، المحتسب، المؤدب، الملقن، الرجل الصالح.

سمع: إبراهيم بن محمد الطيان، وابن ماجه، وجماعة، روى عنه: السمعاني، وقال: مات في رمضان.

وجده شيبان، سمع من الحافظ ابن منده.

369 -

‌ صافي الأرمني

، أبو الحسن، عتيق قاضي القضاة أبي عبد الله الشهرستاني.

سمع من: الفقيه نصر المقدسي.

روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم.

وكان خيرًا كثير الصلاة، توفي في ربيع الأول.

370 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد

، المرسي، ثم السبتي، النفزي، خطيب سبتة.

سمع من حجاج بن قاسم صحيح البخاري، عن أبي ذر الهروي، وسمع من: أبي مروان بن سراج.

وكان صالحًا دينًا، كثير الذكر لله، أثنى عليه القاضي عياض، ووثقه، أخذ الناس عنه، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي بقرطبة في ربيع الآخر.

روى عنه: ابن بشكوال.

371 -

‌ عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن عثمان ابن البدن

، أبو المعالي الصفار.

شيخ بغدادي، متسبب، صالح، دين، ثقة، قيم بكتاب الله، كثير البكاء من خشية الله، سمع الكثير، وذهبت أصوله في الحريق.

ص: 684

سمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن النقور، وجماعة.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي في أحد الربيعين.

قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، وجماعة.

قال ابن نقطة: حدثنا عنه أبو أحمد بن سكينة.

372 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن محمد

، أبو زيد الخزرجي، القرطبي، المقرئ، من كبار القراء بقرطبة.

تصدر للإقراء بالجامع، وكان قد أخذ القراءات عن: أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن الخزرجي، وأبي الأصبغ عيسى بن خيرة، روى عنه: يحيى بن عبد الرحمن المجريطي، وعبد الحق بن محمد الخزرجي، وأبو الحسن علي الشقوري.

ولم تضبط وفاته، ولكنه أجاز لبعض الناس في هذه السنة.

373 -

‌ عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار

، الحافظ، أبو البركات الأنماطي، مفيد بغداد.

سمع الكثير، وحصل العالي والنازل، وما زال يسمع، ويفيد، ويجمع إلى آخر عمره، ولد في رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبا القاسم ابن البسري، وأبا نصر الزينبي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن، فمن بعدهم، وقرأ على أبي الحسين ابن الطيوري جميع ما عنده.

روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو سعد السمعاني، وابن الجوزي، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعمر بن طبرزد، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز ابن الأخضر، وعبد الواحد بن سعد الصفار، وأحمد بن أزهر، وعبد العزيز بن منينا، وعبد العزيز بن أزهر، وأحمد ابن الدبيقي، وخلق آخرهم

ص: 685

عبد الرحمن بن أحمد بن هدية، وقد روى عنه من القدماء محمد بن طاهر المقدسي، وغيره.

قال ابن السمعاني: هو حافظ، ثقة، متقن، كثير السماع، واسع الرواية، دائم البشر، سريع الدمعة عند الذكر، حسن المعاشرة، مليح المحاورة، جمع الفوائد، وخرج التخاريج، ولعله ما بقي من العالي والنازل جزء إلا قرأه وحصل نسخته، إما بخطه، أو بخط غيره، ونسخ الكتب الكبار مثل: طبقات ابن سعد، وتاريخ الخطيب، وكان متفرغًا، مستعدًا للتحديث، إما أن يقرأ عليه، أو ينسخ شيئًا، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة، وجمع في ذلك شيئًا، قرأت عليه الكثير مثل الجعديات، ومسند يعقوب بن سفيان الفسوي، ومسند يعقوب بن شيبة، ما كان سماعه وانتقاء ابن البقال، على المخلص.

وقال ابن ناصر: كان عبد الوهاب الأنماطي بقية الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم، وكان ثقة صحيح السماع، ومضى مستورًا، ولم يتزوج قط.

وقال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظًا، ثقة، لديه معرفة جيدة.

وقال ابن الجوزي: كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وكان على طريقة السلف، وانتفعت به ما لم أنتفع بغيره.

وذكره أبو موسى المديني في معجمه فقال: حافظ عصره ببغداد، وتوفي في حادي عشر المحرم.

374 -

‌ عبيد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن سعدويه

، أبو الفضل ابن الشيخ أبي سهل الأصبهاني.

سمع: جده أبا نصر، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وأبا منصور محمد بن علي بن شكرويه، وجماعة كثيرة.

ذكره أبو سعد في الذيل فقال: سمعت منه الكثير، وهو شيخ،

ص: 686

عالم، فاضل، عاقل، ثقة، ساكن، صالح، متميز، من بيت الحديث والتزكية بأصبهان، توفي في ذي الحجة، قرأت عليه تاريخ أصبهان لابن مردويه، يرويه عن أبي الخير بن ررا، عنه.

375 -

‌ عتيق بن أسد بن عبد الرحمن بن أسد

، أبو بكر الأنصاري الأندلسي.

نشأ بمرسية، وأخذ القراءات عن أبي الحسين بن البياز، وغيره، والحديث عن أبي علي الصدفي فأكثر عنه، وتفقه بأبي محمد بن جعفر، وبرع في الفقه، وغلب عليه، وولي قضاء شاطبة، ودانية.

ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان نسيج وحده في الفقه وجودة الفتاوى، مع المشاركة في عدة فنون، روى عنه: أبو بكر مفوز بن طاهر، وأبو محمد بن سفيان، وغيرهما.

وتوفي في جمادى الآخرة.

376 -

‌ علي بن الحسين بن محمد

، أبو الحسن القصري، قصر كنكور: بين بغداد وهمذان.

كان دليل الحاج، وحج نحوًا من خمسين حجة، وصنف مجموعًا حسنًا في مجلدتين في معرفة طريق مكة.

قال ابن السمعاني: هو شيخ لا بأس به، مشتغل بما يعنيه، سمع: مالكًا البانياسي، وابن البطر، وكتبت عنه.

وتوفي بمنى صبيحة عيد النحر، رحمه الله.

377 -

‌ علي بن طراد بن محمد بن علي بن الحسن

، الوزير الكبير، أبو القاسم ابن نقيب النقباء الكامل أبي الفوارس الهاشمي، العباسي، الزينبي، وزير الخليفتين المسترشد، والمقتفي.

ولد في شوال سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وسمع من: أبيه، وعمه أبي نصر، وأبي القاسم ابن البسري، ورزق الله التميمي، وجماعة.

ص: 687

قال ابن السمعاني: كان صدرًا، مهيبًا، وقورًا، حاد الفراسة، دقيق النظر، ذا رأيٍ وتدبير، ومعرفة بالأمور العظام، وكان شجاعًا جريئًا، خلع الراشد الذي استخلف بعد أن قتل أبوه المسترشد، وجمع الناس على خلعه، وعلى مبايعة المقتفي لأمر الله في يومٍ واحد، وكان الناس يتعجبون من ذلك، ولم يزل أمره مستقيمًا، وأحواله على الترقي إلى أن تغير عليه المقتفي لأمر الله، وأراد القبض عليه، فالتجأ إلى دار السلطان مسعود بن محمد، إلى أن قدم السلطان بغداد، فأمر بحمله إلى داره مكرمًا، وجلس في داره ملاصق دار الخلافة واشتغل بالعبادة، وكان طلق الوجه، دائم البشر، كثير التلاوة والصلاة؛ وكل من كان له عليه رسم وإدرار من القراء والصلحاء كان يوصله إليهم بعد العزل، إلى أن توفاه الله حميدًا مكرمًا، قرأت عليه الكثير من الكتب والأجزاء، وكنت ألازمه، وأحضر مجلسه مرتين في الأسبوع، أقرأ عليه، وكان يكرمني غاية الإكرام ويخرج لي الأجزاء والأصول، وتوفي في أول رمضان، ودفن في داره، ثم نقل إلى تربته بالحربية سنة أربعٍ وأربعين.

قلت: وروى عنه: أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الباقي النرسي، وعمر بن طبرزد، وابن سكينة، وجماعة، وأوصى إلى ابن عمه قاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي.

وكان يضرب المثل بحسنه في صباه؛ ولأبي عبد الله البارع فيه:

قالوا: عليٌّ ملك الحسن قد أقسم أن لا يشرب الخمرا قلت: فما يصنع في ريقه قد حنث البدر وما برا لو طلب الأجر لما صفف الأ صداغ ما زنر الخصرا لتبك شمس الراح من نسكه فإنها قد فارقت بدرا

378 -

‌ علي بن عبد الملك بن مسعود

، أبو الحسن الهروي الأصل، الحلبي المولد، البغدادي الدار.

ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا محمد الصريفيني، وجماعة، روى عنه: ابن السمعاني، وقال: شيخ، صالح، مستور، توفي في المحرم.

ص: 688

379 -

‌ عمر بن محمد بن الحسن

، الإمام، الأديب، أبو حفص الفرغولي، الدهستاني، نزيل مرو.

مكثرٌ، سمع عبد الحكيم بن عبد الحليم بدهستان، وكامل بن إبراهيم بجرجان، وإسماعيل بن مسعدة، وأبا عثمان المحمي، وأبا بكر بن خلف، وخلقا بالنواحي، وحصل الأصول.

قال السمعاني: استمليت عليه، وأكثرت عنه، مات في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة.

380 -

‌ غانم بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي الجلودي

، أبو الوفاء الأصبهاني.

ولد في ثاني عشر رجب، سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع من سعيد بن أبي سعيد العيار صحيح البخاري، روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو القاسم ابن عساكر، وابن السمعاني، وخلق آخرهم وفاةً: أبو الفتوح داود بن معمر ابن الفاخر، سمع منه صحيح البخاري، وقرأته لولدي بالإجازة العامة منه، على ابن الشحنة، تبعًا لسماعه المتصل، وسمع أيضًا من: أبي نصر محمد بن علي الكاغدي، كره الأخذ عنه محمد بن أبي نصر اللفتواني، وحط عليه، كان لميله إلى الأشعرية، فالله أعلم.

توفي في ثالث ذي الحجة.

381 -

‌ غانم بن أبي طاهر خالد بن عبد الواحد بن أحمد بن خالد

، أبو القاسم الأصبهاني، التاجر.

سمع كتاب السنن لموسى بن طارق، من عبد الرزاق بن شمة، سوى الجزء الرابع، وتفرد بعلو هذا الكتاب.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو عبد الله أحمد بن أبي العلاء الهمذاني العطار، وحفيده محمد بن أبي نصر بن غانم، وحفيده

ص: 689

الآخر محمد بن أبي طاهر بن غانم الضرير، ومحمد بن عبد الله بن محمد الرويدشتي، وآخرون.

وتوفي في ثالث عشر رجب، وقد غلط معمر وقال: توفي سنة ست، وكأنه سبق قلمٍ من معمر.

قال السمعاني: كان سديدًا، ثقة، مكثرًا، سمع بإفادة ابن عمته محمد بن أحمد الجركاني، من ابن شمة، والباطرقاني، وأبي مسلم بن مهربزد، وعائشة الوركانية، وعبد الله بن محمد الكروني، ومولده سنة اثنتين وخمسين بأصبهان.

382 -

‌ فاطمة بنت أبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد

، النيسابورية الأصل، الأصبهانية، الواعظة.

ولدت بطريق الحجاز، ونشأت بأصبهان، وكانت دينةً، متعبدة، زاهدة، لها قدمٌ راسخٌ في التصوف والزهد.

سمعت من القاضي عبد الله بن محمد بن علي التميمي الأصبهاني، قال ذلك ابن السمعاني، وقال: قرأت عليها مجلسين من أماليه، وكان مولدها قبل الستين وأربعمائة، وتوفيت في رمضان.

383 -

‌ فاطمة بنت الشريف محمد بن عدنان بن محمد

، أم عمرو الهاشمية، الزينبية، البغدادية.

قال ابن السمعاني: امرأة صالحة افتقرت، سمعت من: أبي نصر الزينبي، روى عنها: ابن السمعاني، وتوفيت في ربيع الآخر.

384 -

‌ الكداجور الفرنجي

، صاحب القدس.

هلك ببيت المقدس، وأقيم في الملك ابنه صبي، وأم الصبي، ورضيت الفرنج، خذلهم الله، بذلك، ذكره أبو يعلى.

385 -

‌ محمد بن إبراهيم

، أبو عبد الله الجذامي، القرطبي.

ص: 690

روى في هذا العام عن: ابن الطلاع، وأبي علي الجياني، وعنه: علي بن أحمد الشقوري.

386 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم

، أبو الحسن بن صرما الدقاق، الصائغ، ابن عمة الحافظ ابن ناصر.

ولد يوم نصف شعبان سنة ستين وأربعمائة، وسمع من: ابن هزارمرد، الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور، وجماعة.

وكان شيخًا صالحًا، ستيرًا، روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، وعبد الخالق بن أسد الدمشقي، وأبو اليمن الكندي، وآخرون، وتوفي في نصف شعبان أيضًا.

387 -

‌ محمد بن حكم بن محمد بن أحمد بن باقي

، أبو جعفر السرقسطي، النحوي، حفيد الصاحب ذي الوزارتين محمد، صاحب مدينة سالم الذي قتل بها في سنة عشرين وأربعمائة.

روى هذا عن: أبي الوليد الباجي، ومحمد بن يحيى بن هاشم، وأبي الأصبغ بن عيسى، وأبي جعفر بن جراح، وجماعة، وولي قضاء مدينة فاس، ودرس، وأفتى، وأقرأ العربية والكلام.

قال الأبار: كان ذا حظ من علم الكلام، حسن الخلق، قوالًا بالحق، شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وكان واقفًا على كتب أبي علي، وكتب أبي الفتح بن جني، وأبي سعيد السيرافي، روى عنه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو مروان بن الصيقل، وقاسم بن دحمان، وأبو محمد بن بونة، وأبو الحسن اللواتي، وتوفي بتلمسان في حدود سنة ثمانٍ وثلاثين.

388 -

‌ محمد بن حمد بن خلف بن أبي المنى

، أبو بكر البندنيجي، البغدادي، المعروف بحنفش.

ص: 691

شيخ مسن، قدم في صباه، وتفقه على الإمام أبي سعد المتولي، وحصل طرفًا من الخلاف، وكان يبحث ويتكلم، وسمع من: أبي محمد الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور.

قال ابن السمعاني: كان عسرًا، سيئ الأخلاق، يبغض المحدثين، وسمعت غير واحد يقول إنه: يخل بالصلوات، وليست له طريقة محمودة، كتبت عنه شيئًا بجهدٍ جهيد، وكان أكثر الأوقات إذا سلمت عليه لا يرد علي ويدير وجهه إلى الحائط توفي في ثامن رمضان وله بضع وثمانون سنة.

قلت: روى عنه: ابن سكينة، ويوسف بن المبارك، وكان حنبليًا، ثم صار حنفيًا، ثم شافعيًا، وقد رمي بالتعطيل.

389 -

‌ محمد بن الخضر بن إبراهيم

، أبو بكر الخطيب، المحولي، خطيب المحول.

كان من مشاهير القراء ببغداد، قرأ القرآن على أبي محمد رزق الله التميمي، وأبي طاهر أحمد بن سوار، وكان حسن الأخذ، ختم عليه جماعة، وروى عنه: ابن السمعاني، وقرأ عليه بالروايات: أبو اليمن الكندي، وهو آخر من لقيه، ومات في ذي القعدة وهو في عشر السبعين، وقال: لزمت ابن سوار خمس عشرة سنة، وقد قرأ بنهر الملك سنة أربعٍ وثمانين على أحمد بن الفتح بن عبد الجبار الموصلي صاحب الشريف الحراني.

وقال أحمد بن شافع: كان أبو بكر خطيب المحول يضرب به المثل في الإقراء، وتجويد الأخذ، والتحقيق، وكان أحسن الخلق خطابةً، مع الخشوع، وحضور القلب، كان يقصد من الأماكن البعيدة، يعني لسماع خطبته.

390 -

‌ محمد بن طلحة بن علي بن يوسف

، أبو عبد الله الرازي، ثم البغدادي، العطار.

من صوفية رباط أبي سعد الزوزني، وكان قليل الدين.

روى عن: أبيه، وعن الصريفيني حضورًا، وعن: عبد العزيز بن علي

ص: 692

الأنماطي، وابن البسري، وجماعة، روى عنه: ابن سكينة، ويوسف بن المبارك الخفاف، ومات في أول جمادى الآخرة.

391 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين

، أبو الفتح بن فوران، الفقيه، من أهل الري.

نزل آمل طبرستان، وكان فقيهًا، ظريفًا، واعظًا، لعابًا، ليس بمرضي الطريقة، وله شعر.

392 -

‌ محمد بن علي بن خلف

، أبو عبد الله التجيبي، الشاطبي.

أخذ القراءات عن ابن شفيع، وبعض القراءات عن ابن الدوش، روى عنه: ابنه عبد الله، ومات في عشر الثمانين.

393 -

‌ محمد بن علي بن سعيد بن المطهر

، أبو الفضل المطهري، البخاري.

فاضل معمر، من أولاد المحدثين.

قال السمعاني: قدم مرو، فأظن أني سمعت منه، أجاز لنا، سمع: أبا بكر محمد بن عبد الله الكرابيسي، والحافظ قتيبة بن محمد العثماني، وأبا عصمة عبد الواحد بن أحمد، وعبد الصمد بن محمد الرباطي، وعمر بن خنب الحافظ، ومن عواليه: تفسير الأشج، قال: أخبرنا به ابن خنب، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله الرازي، قال: أخبرنا الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم، عنه، وتفسير هشيم؛ أخبرنا عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن موسى بن أفلح بن خنب الحافظ البزاز، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد الكريم بالرملة، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن بطال، قال: حدثنا زياد بن أيوب، عن هشيم.

وسمع البخاري من ابن خنب، بسماعه من إسماعيل بن حاجب، وسمع الترمذي من طريق الهيثم بن كليب، وسمع أبا داود بعلو، وتاريخ

ص: 693

غنجار، من رجلٍ، عنه، والمسند لوكيع، عاليًا، مات في ذي القعدة، وله أربعٌ وثمانون سنة.

394 -

‌ محمد بن علي بن منصور

، أبو الفضل السنجي، المروزي، الخوجاني، الغازي.

كان يقدم مرو من قرية خوجان، وكان ثقة مكثرًا، سمع بنفسه، ورحل وكتب، سمع جدي أبا المظفر، قاله أبو سعد، ثم قال: وسمع من: إسماعيل بن محمد الزاهدي؛ وبنيسابور: أحمد بن سهل السراج، ولد سنة تسعٍ وستين بمرو، وبها توفي في صفر، خرجت له جزءًا.

395 -

‌ محمد بن الفضل بن أبي الحسن بن محمد

، أبو بكر الأصبهاني، المؤدب، المعروف ببسة.

شيخ صالح، مسن، سمع: أبا القاسم بن عبد الرحمن، وأبا عمرو ابني الحافظ ابن منده، وتوفي في ذي الحجة أيضًا.

396 -

‌ محمد بن الفضل بن محمد

، أبو الفتوح الإسفراييني، المعروف بابن المعتمد.

إمامٌ في الوعظ، مليح المحاورة، فصيح العبارة، ظريف الجملة والتفصيل، سمع: أبا الحسن المديني بنيسابور، وشيرويه الديلمي بهمذان.

روى عنه: ابن السمعاني، وقال: حضرت يومًا مجلسه في رباط أم الخليفة، وسألته عن مولده؟ فقال: في سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة بإسفرايين، وأزعج من بغداد، فخرج منها متوجهًا إلى خراسان، فأدركه الموت ببسطام في ثاني ذي الحجة، ودفن بجنب أبي يزيد البسطامي، رحمه الله، وهو مذكورٌ في حوادث هذه السنة.

قال ابن النجار: كان من أفراد الدهر في الوعظ، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، حلو الإيراد، وكان أوحد وقته في مذهب الأشعري، وله في التصوف قدمٌ راسخ، وكلام دقيق فائق، صنف في الحقيقة كتبًا منها: كتاب كشف الأسرار على لسان الأخيار، وكتاب بيان القلب، وكتاب بث الأسرار، وكل كتبه نكت وإشارات، وهي مختصرة الحجم.

ص: 694

ورد بغداد سنة خمس عشرة، وظهر له القبول التام، بين الخاص والعام، وكان يتكلم على مذهب الأشعري، فثار عليه الحنابلة، ووقعت فتن، فأمر المسترشد بإخراجه، فخرج إلى أن ولي المقتفي، فعاد واستوطن بغداد، فلم يزل يعظ ويظهر مذهب الأشعري إلى أن عادت الفتن على حالها، فأخرج من بغداد إلى بلده، فأدركه أجله.

ثم قال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني: حدثني أبو الفتح مسعود بن محمد بن ماشاذة، قال: قال لي الحافظ ابن ناصر: أحب أن تسأل أبا الفتوح: هل القرآن الذي تكلم الله به بحرفٍ وصوت؟ فأتيت الشيخ أبا الفتوح، وحكيت له قول ابن ناصر، فقال لي: سلم على الحافظ أبي الفضل عني، وقل له: القرآن بحرف يكتب، وبصوت يسمع، فعدت إلى ابن ناصر، فصليت خلفه المغرب، وحدثته بالجواب، فحلف أن لا يمشي إليه إلا حافيًا، وخرج وأنا معه، فسبقته إليه وحدثته، فقال: وأنا والله لا أخرج لتلقيه إلا حافيًا إجلالًا لمجيئه، وخرج من الرباط، وقطع درب زاخي، فتلاقيا حافيين، فاعتنقا، وقبل كل منهما صاحبه، وتحادثا ساعة.

قلت: فرح ابن ناصر ما له معنى، وعسى خيره لأنه غالطه في الجواب، كما خبط هو في السؤال، وقال أبو القاسم ابن عساكر: أبو الفتوح أجرأ من رأيته لسانًا وجنانًا، وأكثرهم فيما يورد إعرابًا وإحسانًا، وأسرعهم جوابًا، وأسلسهم خطابًا، مع ما رزق بعد صحة العقيدة من السجايا الكريمة، والخصال الحميدة، من قلة المراعاة، لأبناء الدنيا، وعدم المبالاة بذوي الرتبة العليا، والإقبال على إرشاد الخلق، وبذل النفس في نصرة الحق، إلى أن قال: فمات مبطونا غريبًا شهيدًا، وقد كنت لازمت حضور مجلسه ببغداد، فما رأيت مثله واعظًا ولا مذكرًا.

وقال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني: حدثني قاضي القضاة أبو طالب ابن الحديثي، قال: كنت جالسًا، فمر أبو الفتوح الإسفراييني، وحوله جمٌّ غفير من عصبيته، وفيهم من يصيح ويقول: لا بحرف ولا بصوت بل هي عبارة عن ذاك، فرجمه العوام، ورجم أصحابه، حتى لم

ص: 695

يكد يبقى في الطريق ما يرجم به، وكان هناك كلبٌ ميت، فتراجموا به، وصار من ذلك فتنة كبيرة، لولا قربها من باب النوبي لهلك فيها جماعة، فاتفق جواز موفق الملك عثمان عميد بغداد، فهرب معظم أصحابه من حوله، وصار قصارى أمره أن ألقى نفسه عن فرسه، ودخل إلى بعض الدكاكين، وأغلق الباب، ووقف من تخلف معه على الباب، حتى انقضت الفتنة، ثم ركب طائر العقل إلى دار المملكة، ودخل إلى السلطان مسعود، فحكى له الحال، فتقدم السلطان إلى الأمير قيماز بالقبض على أبي الفتوح، وحمله إلى همذان، وتسليمه من همذان إلى الأمير عباس ليحمله إلى إسفرايين، ويشهد عليه أنه متى خرج منها فقد أطاح دم نفسه.

397 -

‌ محمد بن القاسم بن المظفر بن علي ابن الشهرزوري

، ثم الموصلي، أبو بكر.

شيخ مسن، كبير القدر، فاضل، محترم، أكثر الأسفار في شبيبته، ورأى الأئمة.

وجال في خراسان، وولي القضاء بعدة أماكن من بلاد الجزيرة، والشام، وكان يلقب بقاضي الخافقين، تفقه ببغداد على أبي إسحاق، وسمع منه، ومن: أبي القاسم الأنماطي، وأبي نصر الزينبي، وبنيسابور من: أبي بكر بن خلف، وغيره، وحدث ببغداد، والموصل، وولد بإربل في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وعمر بن طبرزد، وجماعة.

قال ابن عساكر: قدم دمشق مرارًا، أحدها رسولًا من المسترشد لأخذ البيعة، أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بدمشق، قال: أخبرنا عثمان المحمي، فذكر حديثًا.

توفي ببغداد في جمادى الآخرة.

وقال علي بن يحيى ابن الطراح: مات في ثاني ربيع الأول.

398 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين

، أبو نصر الأصبهاني، الصائغ، المؤذن.

ص: 696

شيخ صالح، تفرد بعدةٍ من تصانيف عبد الرحمن بن منده، عنه، وسمع أيضًا من أخيه عبد الوهاب، وجماعة.

أخذ عنه: السمعاني، وغيره.

399 -

‌ محمد بن يوسف بن عبد الله

، أبو الطاهر التميمي، السرقسطي، نزيل قرطبة.

سمع كثيرًا من: أبي علي الصدفي، وأبي عمران بن أبي تليد، وجماعة.

قال ابن بشكوال: كان مقدمًا في اللغة والعربية، شاعرًا محسنًا، له مقامات صنفها، أخذت عنه واستحسنت، توفي في جمادى الأولى.

قلت: آخر من سمع منه وفاة خطيب قرطبة أبو جعفر بن يحيى.

400 -

‌ المبارك بن محمد بن حسين

، أبو القاسم ابن البزوري، الدواتي.

كان يخدم نقيب الطالبيين، وهو صالح، ساكن، خير، راغب في حضور مجالس العلم، سمع: أبا الحسين ابن النقور، ونصر ابن البطر، وأجاز له: أبو بكر الخطيب، وأبو علي ابن البناء.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وقال لي: ولدت سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة.

قلت: وروى عنه عبد الخالق بن أسد.

401 -

‌ المحسن بن النعمان

، أبو الفضل البسطامي، المؤدب.

فقيه، صالح ولد في حدود الخمسين وأربعمائة، روى عن: محمد بن عبد الجبار الإسفراييني، وطاهر الشحامي.

402 -

‌ محمود بن عمر بن محمد بن عمر

، العلامة، أبو القاسم الزمخشري، الخوارزمي، النحوي، اللغوي، المتكلم، المعتزلي، المفسر.

مصنف الكشاف في التفسير، والمفصل في النحو، وزمخشر: من قرى خوارزم، وكان يقال له جار الله، لأنه جاور بمكة زمانًا.

ص: 697

وولد بزمخشر، في رجب سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، وقدم بغداد وسمع من أبي الخطاب بن البطر وغيره، وحدث، وأجاز لأبي طاهر السلفي، ولزينب الشعرية، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: كان ممن برع في علم الأدب، والنحو، واللغة، لقي الكبار، وصنف التصانيف في التفسير، والغريب، والنحو، وورد بغداد غير مرة، ودخل خراسان عدة نوب، وما دخل بلدًا إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان علامة الأدب، ونسابة العرب، أقام بخوارزم تضرب إليه أكباد الإبل، ثم خرج منها إلى الحج، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتى هبت على كلامه رياح البادية، ثم انكفأ راجعًا إلى خوارزم، ولم يتفق أني لقيته، وكتبت من شعره عن جماعةٍ من أصحابه، ومات ليلة عرفة.

وقال القاضي ابن خلكان: كان إمام عصره، له التصانيف البديعة، منها الكشاف، ومنها الفائق في غريب الحديث، ومنها كتاب أساس البلاغة، وكتاب ربيع الأبرار وفصوص الأخبار، وكتاب متشابه أسامي الرواة، وكتاب النصائح الكبار، وكتاب ضالة الناشد، والرائض في الفرائض، والمنهاج في الأصول، والمفصل، وسمعت بعض المشايخ يحكي أن رجله سقطت وكان يمشي على جاون خشب، وسقطت من الثلج، وقيل: إنه سئل عن قطع رجله، فقال: سببه دعاء الوالدة، كنت في الصغر أخذت عصفورًا وربطته بخيط في رجله، فطار، ودخل في خرق، فجذبته، فانقطعت رجله، فتألمت أمي، وقالت: قطع الله رجلك كما قطعت رجله، فلما كبرت ورحلنا إلى بخارى سقطت عن الدابة، وانكسرت رجلي، وعملت عملًا أوجب قطعها، وكان متظاهرًا بالاعتزال، وقد استفتح الكشاف بالحمد لله الذي خلق القرآن، فقالوا له: متى تركته هكذا هجره الناس، فغيرها بجعل القرآن، وهي عندهم بمعنى خلق، ومن شعره يرثي شيخه أبا مضر منصورا:

ص: 698

وقائلة: ما هذه الدرر التي تساقط من عينيك سمطين سمطين؟ فقلت لها: الدر الذي كان قد حشا أبو مضر أذني تساقط من عيني وقد كتب إليه السلفي إلى مكة يستجيزه، فأجابه بجزءٍ لطيف فيه لغة وفصاحة، يزري فيه على نفسه، قلت: كان داعية إلى الاعتزال والبدعة.

403 -

‌ مقدار بن المختار

، أبو الجوائز بن المطاميري، التكريتي، الشاعر المشهور.

ذكره ابن النجار فقال: كان جيد القول رقيق الغزل، كثير النظم، روى عنه: الحسن بن جعفر بن المتوكل، وعلي بن أحمد بن محمويه الأزدي، وغيرهما، فمن شعره:

ولما تناجوا للفراق غدية رموا كل قلبٍ مطمئنٍّ برائع وقفنا فمبد حنة إثر أنة تقوم بالأنفاس عوج الأضالع مواقف تدمي كل عشواء ثرة صدوف الكرى إنسانها غير هاجع أمنا بها الواشين أن يلهجوا بنا فلم نتهم إلا وشاة المدامع

404 -

‌ هبة الله بن محمد بن الحسن ابن الصاحب

، أبو الفضل الحاجب.

كان حاجب الديوان العزيز مدةً، ثم عزل، حدث عن: أبي نصر الزينبي، ومولده في سنة ثلاثٍ وخمسين، وتوفي في ربيع الآخر، قاله ابن السمعاني.

405 -

‌ هلال بن الحسن بن علي

، القاضي أبو البدر السعيدي، السرخسي.

سمع السيد محمد بن محمد بن زيد الحسيني، وغيره.

وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني.

406 -

‌ واثق بن علي

، البغدادي، المقرئ.

روى عن: هبة الله بن الحصين بدمشق.

ص: 699

407 -

‌ يحيى بن محمد بن عبد الغفار

، أبو الوفاء الهمذاني الصباغ.

متودد، كيس، من بيت تصوف، سمع: الحسن بن عبد الله بن ياسين، إمام همذان، وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله، كتب عنه: ابن السمعاني، وتوفي في ربيع الأول.

ص: 700

سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

408 -

‌ أحمد بن سهل بن إبراهيم

، أبو بكر المساجدي، النيسابوري.

سمع: أبا إسحاق الشيرازي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا المعالي الجويني، وغيرهم، روى عنه جماعة آخرهم المؤيد بن محمد الطوسي.

409 -

‌ أحمد بن علي بن محمد

، الأنصاري، البغدادي، أبو العباس.

سمع: الحسين بن علي ابن البسري، والعلاف، وعنه: السمعاني، وابن عساكر.

وكان صالحًا، زاهدًا، جاوز الثمانين.

410 -

‌ أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب

، أبو العباس المسيلي، المقرئ.

أخذ القراءات عن: أبي داود بن نجاح، وخازم بن محمد، وأبي الحسن العبسي، وكان من أهل الحذق والتجويد، صنف كتاب التقريب في القراءات السبع، وتصدر للإقراء بإشبيلية، أخذ عنه: نجبة بن يحيى، وابن خير، وحدث في هذا العام.

411 -

‌ أحمد بن أبي الحسين بن أحمد بن زيعة

، أبو الحارث الهاشمي، إمام جامع المنصور.

شيخ، صالح، حسن، سمع: أبا الحسين ابن الطيوري في حال كبره، ولد في سنة بضعٍ وستين وأربعمائة، وأخذ عنه ابن السمعاني قليلًا.

412 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي عقيل أحمد بن عيسى

، أبو بكر السلمي، الحريري.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، والحميدي، وجماعة، روى عنه: عبد الحق اليوسفي، وغيره، وله شعرٌ جيد.

ص: 701

كان حيًا في هذه السنة ثم انقطع خبره.

413 -

‌ إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر

، أبو البدر الكرخي.

صحب الشيخ أبا إسحاق، وقرأ عليه شيئًا من الفقه، وتفرد برواية أمالي ابن سمعون، عن خديجة بنت محمد الشاهجانية، وسمع أيضًا من: أبي محمد الصريفيني، وابن النقور، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم.

وله مشيخة في جزء صغير سمعته.

قال ابن السمعاني: ولد تقديرًا في سنة خمسين وأربعمائة، وأصله من كرخ جدان، وكان يسكن في دار أبي حامد الإسفراييني، وهو شيخ، صالح، معمر، عجز عن المشي.

قلت: روى عنه هو، والحافظ ابن عساكر، وعبد الوهاب بن سكينة، وعبد الله بن عثمان سبط ابن هدية، وعبد العزيز بن معالي بن منينا، وعبد الملك بن المبارك الحريمي القاضي، وعمر بن طبرزد، وإسماعيل بن هبة الله بن أبي نصر، والحسن بن مسلم الفارسي الزاهد، والناس لثقته وصحة سماعه، وتوفي في التاسع والعشرين من ربيع الأول، وآخر من روى عنه ترك بن محمد العطار.

414 -

‌ إبراهيم بن شيبان

، أبو طاهر النفيلي.

قال ابن عساكر: لم يكن بالمرضي، أخبرنا عن أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وكان مولده ببانياس.

415 -

‌ تاشفين أمير المسلمين

، ابن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، المصمودي، سلطان الملثمين.

وكانت تسميتهم بالمنقبين أولى، لأنهم يعملون اللثام على أكثر الوجه، حتى لا يكاد يعرف الشيخ من الشاب، وكانت دولتهم قريبًا من تسعين سنة، خرجوا من برية المغرب من جهة الجنوب، كما تقدم في ترجمة سلطانهم أبي

ص: 702

بكر المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

ولي تاشفين هذا الأمر بعد موت أبيه سنة سبعٍ وثلاثين، وعبد المؤمن على كتفه، فلم يدعه يبلع ريقه، ولا قر له قرار، وكانت أيامه سنتين وشهرين، وكان فيها مقهورًا مع عبد المؤمن، وتيقن أن ملكهم سيزول، فأتى مدينة وهران، وهي حصينة على البحر، ورأى إن أحاط به أمرٌ ركب منها في البحر وطلب الأندلس، فإنه كان له بالأندلس آثار حميدة، وغزوات مشهودة، نصر فيها على الروم، إذ كان واليًا عليها لأبيه، وكان بظاهر وهران ربوة على البحر، بأعلاها رباط يأوي إليه العباد، فصعد تاشفين إليه في ليلة السابع والعشرين من رمضان، واتفق أن عبد المؤمن أرسل منسرًا إلى وهران فأتوها في يوم السادس والعشرين، ومقدمهم الشيخ عمر بن يحيى صاحب ابن تومرت، فكمنوا تلك الليلة، وشعروا برواح تاشفين إلى ذلك المكان، فقصدوه وبيتوه، وأحرقوا الباب، فأيقن الشاب بالهلكة، فخرج راكبًا فرسه، فركضه ليثب به النار وينجو، فشب الفرس واضطرب من النار، فتردى من جرفٍ هناك إلى جهة البحر على حجارة، فتهشم تاشفين، وتلف في الحال، وقتل من كان معه من الخواص، ومن ذلك الوقت نزل عبد المؤمن من الجبل إلى السهل، ثم توجه وتملك تلمسان سنة أربعين، ثم إنهم صلبوا تاشفين على خشبة، وعمل الموحدون عند أخذ تلمسان بأهلها مثل ما يعمله الإفرنج، بل أشد، فلا قوة إلا بالله.

416 -

‌ جعفر بن يحيى

، أبو الحكم الداني، المعروف بابن غتال.

أخذ القراءات عن أبي داود، وسمع منه ومن: أبي علي بن سكرة.

قال أبو عبد الله الأبار: كان أديبًا، شاعرًا، كاتبًا، منشئا، له خطبٌ عارض بها خطب ابن نباتة، وأقرأ الناس العربية، روى عنه: أبو عبد الله المكناسي، وأبو محمد بن سفيان، وقرأ عليه: أبو الحسن بن هذيل كتاب الواضح للزبيدي، وتوفي مسجونًا من قبل الدولة.

ص: 703

417 -

‌ جقر بن يعقوب

، الأمير نصير الدين أبو سعيد الهمذاني، نائب صاحب الموصل والجزيرة عماد الدين زنكي في الموصل.

كان ظالمًا، جبارًا، سفاكًا للدماء، مستحلًا للأموال، وفي ولايته قصد المسترشد بالله في سنة سبعٍ وعشرين الموصل، فنازلها وحاصرها مدة، ثم رجع ولم ينل منها مقصودًا، وكان بها أيضًا السلطان فروخ شاه ابن السلطان محمود المعروف بالخفاجي.

وقال ابن الأثير: بل اسمه ألب أرسلان بن محمود، وكان عماد الدين زنكي أتابكه، وكان جقر يعانده ويعارضه في أموره، فلما سار عماد الدين لحصار البيرة قرر الخفاجي مع جماعةٍ من خواصه قتل جقر، فحضر في ثامن ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين للخدمة، فقتلوه، وولى عماد الدين زنكي مكانه زين الدين علي بن بلكين والد مظفر الدين صاحب إربل، فأحسن السيرة، وعدل في الرعية، ويقال: كان جقر ذا عدلٍ وإنصاف، فالله أعلم.

418 -

‌ زاوي بن مناد بن عطية الله

، أبو بكر الصنهاجي الداني.

سمع: أبا داود المقرئ، وأبا علي الصدفي، وأجاز له أبو علي الغساني.

وكان صالحًا فاضلا، كتب بخطه علمًا كثيرًا، وتوفي في رجب، وفي هذه السنة انقرضت دولة قومه الملثمين بالأندلس، عطية الله هو ابن المنصور الأمير.

419 -

‌ سعد بن عبد الكريم ابن الشيخ أبي محمد الحسن بن أحمد بن موسى

، الغندجاني، أبو الجوائز الواسطي.

روى بالإجازة عن جده، وسمع من: أحمد بن عثمان بن نفيس، وعنه: أبو الفتح محمد بن المندائي.

مات في ذي القعدة.

ص: 704

420 -

‌ سعيد ابن الإمام أبي الفضر أحمد بن محمد بن إبراهيم

، الميداني، النيسابوري، الأديب، ابن الأديب.

صنف كتاب الأسمى في الأسما، وحدث عن: أبي الحسن المديني، روى عنه: ابن عساكر، وغيره.

وقيل: كنيته باسمه، وسماه السمعاني: سعيدًا، وقال: سمع من أبي بكر بن خلف، وبهراة عبد الأعلى بن المليحي.

مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ومات في ذي القعدة.

421 -

‌ سعيد بن محمد بن عمر

، الإمام، أبو منصور ابن الرزاز، الفقيه الشافعي.

من كبار الأئمة ببغداد، وهو مدرس النظامية، تفقه على الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وأبي سعد المتولي، وإلكيا الهراسي، وأسعد الميهني.

وكان ذا سمتٍ ووقار وجلالة، سمع من رزق الله التميمي، ونصر بن البطر، وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، ولي تدريس النظامية مدة، ثم عزل، وعاش حتى صار رئيس الشافعية.

توفي في حادي عشر ذي الحجة، وصلى عليه ولده أبو سعد، وشيعه الأعيان والدولة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.

422 -

‌ شريح بن محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن شريح

، الإمام أبو الحسن الرعيني، الإشبيلي، المقرئ، خطيب إشبيلية.

روى الكثير عن: أبيه، وعن: أبي عبد الله بن منظور، وعلي بن محمد الباجي، وأبي محمد بن خزرج، وأجاز له أبو محمد بن حزم الظاهري، وجماعة.

قال ابن الدباغ: وله إجازة من ابن حزم، أخبرني بذلك ثقة نبيل من أصحابنا، أنه أخبره بذلك، ولا أعلم في شيوخنا أحدًا عنده عن ابن حزم غيره.

ص: 705

وقد سألته هل أجاز له ابن حزم، فسكت، وأحسب سكت عن ابن حزم لمذهبه.

قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين، معدودًا في الأدباء والمحدثين، خطيبًا، بليغًا، حافظًا، محسنًا، فاضلًا، مليح الخط، واسع الخلق، سمع منه الناس كثيرًا، ورحلوا إليه، واستقضي ببلده، ثم صرف عن القضاء، لقيته سنة ست عشرة وخمسمائة، فأخذت عنه، وقال لي: مولدي في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الأولى.

زاد غيره، فقال: في الثالث والعشرين منه، في صدر الفتنة التي حدثت على المسلمين بالأندلس، وكانت جنازته مشهودة.

واشتهرت رواية شريح بالأندلس، وحدث عنه: أبو جعفر أحمد بن علي بن الحصار، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مقدام الرعيني، وهو آخر من قرأ عليه القرآن، توفي سنة أربع وستمائة، وتوفي ابن الحصار في سنة ثمانٍ وتسعين، وليس هو بشيخ علم الدين اللورقي، ذاك عاش بعد ذا عشر سنين.

وروى عنه: إبراهيم بن محمد بن ملكون النحوي، وإبراهيم بن محمد الطرياني، ومحمد بن عبد الله ابن الغاسل، واعتمد عليه في القراءات، وأبو بكر محمد بن خير اللمتوني المقرئ، ومحمد بن أحمد الحميري الإستجي خطيب مالقة، ومحمد بن خلف بن صافي الإشبيلي، ومحمد بن جعفر بن حميد بن مأمون البلنسي، وأبو بكر محمد بن الجد الفهري الحافظ، ومحمد بن إبراهيم ابن الفخار، نزيل مراكش، ومحمد بن يوسف بن مفرج الإشبيلي، نزيل تلمسان، وأقرأ عنه القراءات، وبقي إلى سنة ستمائة، ومحمد بن علي بن حسنون الكتامي البياسي، وأقرأ أيضًا عنه القراءات، وتوفي سنة أربعٍ وستمائة عن سنٍّ عالية، ومحمد بن جابر الثعلبي المعروف بابن الرمالية الغرناطي، ونجبة بن يحيى الإشبيلي المقرئ، وأبو محمد عبد الله بن عبيد الله الحجري، وعبد الله بن أحمد بن جمهور القيسي، وأبو محمد عبد الله بن علوش نزيل مراكش، وأبو القاسم عبد الرحمن بن يحيى الأموي، وعبد الرحمن بن محمد القرطبي الشراط، وعبد الرحمن بن علي الزهري الإشبيلي، سمع

ص: 706

الزهري منه صحيح البخاري، وهو آخر من سمع منه، وعاش إلى آخر سنة ثلاث عشرة وستمائة، وتنافسوا في الأخذ عنه، وآخر من روى عن شريح في الدنيا بالإجازة القاضي أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن ابن بقي، توفي سنة خمسٍ وعشرين وستمائة، وهو الذي سمع منه شيخنا أبو محمد بن هارون الكاتب موطأ مالك، وأخذ عن شريح عددٌ كبيرٌ سوى من ذكرنا القراءات والحديث.

وكان قد قرأ على والده بكتاب الكافي في القراءات من تصنيفه، وقد ذكرنا والده في سنة ستٍّ وسبعين وأربعمائة.

قال اليسع بن حزم: وهو إمامٌ في التجويد والإتقان، علمٌ من أعلام البيان، بذ في صنعة الإقراء، وبرز في العربية، مع علمٍ بالحديث، وفقهٍ بالشريعة، وكان إذا صعد المنبر حن إليه جذع الخطابة، فسمع له أنين الاستطابة، مع خشوع ودموع، رحلت إليه عام أربعةٍ وعشرين، فحملت عنه وأجازني.

قلت: عاش شريح تسعًا وثمانين سنة.

423 -

‌ صاعد بن محمد بن الحسين بن علي

، أبو العلاء السهلوي السرخسي.

إمامٌ حسن السيرة، فاضل، سمعه أبوه من أبي الخير محمد بن أبي عمران، وعلي بن أحمد المديني، وتوفي بسرخس وله ثمانون سنة، أجاز لأبي المظفر ابن السمعاني.

424 -

‌ طاهر بن المفضل

، أبو المعالي الأصبهاني.

روى عن: رزق الله التميمي.

قدم بغداد ليحج في هذا العام، روى عنه: ابن السمعاني.

425 -

‌ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمدويه

، أبو المعالي الحلواني، المروزي، البزاز.

رحل وسمع مع أبي بكر السمعاني من: ثابت بن بندار، وأبي منصور

ص: 707

الخياط، وأبي سعد بن حشيش، وبأصبهان من جماعةٍ من أصحاب أبي نعيم الحافظ، وكان قد سمع بنيسابور من: أبي بكر بن خلف الشيرازي، وغيره.

قال ابن السمعاني: كان حلو الكلام، حسن المعاشرة، كثير الصلاة والصوم والصدقات، سافر إلى غزنة، فأقام بها مدة، واشترى كتبًا كثيرة، وحصل الأصول، ورجع إلى مرو، وبنى رباطًا للمحدثين، ووقف فيه الكتب.

سمع منه: ابن السمعاني، وجماعة، وكان فقيهًا فاضلًا: وولد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي، رحمه الله، في أوائل ذي الحجة بمرو.

426 -

‌ عبد الله بن سعدون بن مجيب بن سعدون بن حسان

، أبو محمد التميمي، الوشقي، المقرئ الضرير، نزيل بلنسية.

أخذ القراءات عن أبي مطرف ابن الوراق، وعبد الوهاب بن حكم، وخلف بن أفلح، وأبي داود، وأبي الحسن ابن الدوش، وكان أبو الحسن بن هذيل ينكر أخذه عن أبي داود، ويقال: إنه قرأ عليه ختمةً واحدة.

وتصدر للإقراء، وأقرأ الناس، وكان من أهل التجويد، والإتقان، والتعليل، والحذق بهذا الفن وبالعربية، أخذ عنه: أبو الربيع بن حوط الله، وأبو العطاء بن بدير، وأبو الوليد اللاردي، وغيرهم.

قال الأبار: مات قبل الأربعين.

427 -

‌ عبد الله بن عبد الرحمن بن مفيد

، أبو محمد الطائي، القرطبي.

روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي مروان بن سراج، حدث عنه: ابنه محمد، وأبو عبد الله محمد بن الفخار، وهو آخر من حدث عن أبي الأصبغ.

قال الأبار: بلغني أنه دخل على القاضي أبي الوليد بن رشد، فقام له، فقال ارتجالًا:

قام لي السيد الهمام قاضي قضاة الورى الإمام فقلت قم بي ولا تقم لي فقل ما يؤكل القيام قال: وكان أبو محمد فقيهًا، زاهدًا، وشاعرًا محسنًا.

ص: 708

428 -

‌ عبد الله بن محمد بن الله بن قهدويه

، أبو محمد الطيبي، من الطيب، بلدة بين واسط والأهواز.

شيخ، صالح، مستور، سكن بغداد، وسمع ابن طلحة النعالي.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وسألته عن مولده فقال: سنة إحدى وثمانين بالطيب، وتوفي في المحرم، أو صفر.

429 -

‌ عبد الحق بن خلف

، أبو العلاء الكناني، الشاطبي، المعروف بابن الجنان، الشاعر.

سمع من أبيه، وصحب أبا إسحاق بن خفاجة، وكان بصيرًا بالشعر والبلاغة، بارعًا في الطب، واللغة، والعربية، وأبوه أحد الفقهاء الذين أخذوا عن أبي الوليد الباجي، عاش أبو العلاء ستين سنة.

430 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حسين

، أبو السعود المذاري، أخو أحمد الأصغر منه.

سمع: مالكًا البانياسي، وعاصم بن الحسن، روى عنه: ابن السمعاني، وتوفي بواسط.

431 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن الحسين بن هندويه بن حسنكويه

، أبو الرضا الفارسي، ثم البغدادي.

محدث، مكثر، مليح الخط، غير أنه اختلط وتسودن، وانقطع مدة، ثم تصلح، سمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، ونحوهم، علق عنه ابن السمعاني، وتوفي في رجب.

432 -

‌ عبد الرزاق بن الشافعي بن أبي القاسم بن أحمد

، أبو الفتوح، السياري النيسابوري، العطار.

رجل رئيس، متميز، خير، سخي، متصدق.

سمع: أبا بكر بن خلف، وأبا بكر أحمد بن سهل، وببغداد: نصر بن البطر، توفي في رجب.

ترجمه أبو سعد، وحدث عنه هو، والمؤيد الطوسي.

ص: 709

433 -

‌ عبد الملك بن أبي الخصال مسعود بن فرج

، أبو مروان الغافقي، الكاتب، نزيل قرطبة.

روى يسيرًا عن: أبي بحر بن العاص.

سمع منه: أبو عبد الله بن العويص، وغيره، وكان أديبًا، حاذقًا، فصيحًا، مفوهًا، بليغًا، مدركًا، له رسائل بديعة، استعمله الأمراء في الكتابة، قاله الأبار.

434 -

‌ عبيد الله بن جامع بن الحسن بن علي

، أبو بكر الفارسي، ثم النيسابوري الشروطي، المعدل.

سمع: الفضل بن المحب، وأبا صالح المؤذن، وجماعة، ولد سنة ستين وأربعمائة، وتوفي في العشرين من شعبان.

435 -

‌ عبيد الله بن أبي عاصم عبد الله بن أبي الفضل بن أبي سعد

، أبو نصر الهروي، الدهان، الصوفي.

شيخ صالح، من أصحاب شيخ الإسلام عبد الله، سمع محمد بن عبد العزيز الفارسي، والفضيل بن يحيى الفضيلي، وخدم الشيخ عبد الله وصحبه، وتوفي بهراة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وسبطه أبو روح عبد المعز الصوفي، وهو الذي سمع أبا روح وحرص عليه.

وكان مولده بعد الستين وأربعمائة.

وأجاز لأبي المظفر عبد الرحيم ابن السمعاني، وحدث ببغداد لما حج، فروى عنه: يحيى بن بوش، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما.

436 -

‌ عتيق بن عبد الجبار

، أبو بكر الجذامي، البلنسي.

سمع من: أبي داود المقرئ، وأكثر عن أبي محمد البطليوسي، وكان بارعًا في معرفة الشروط، كتب للقضاة ببلنسية قريبًا من أربعين سنة.

ص: 710

437 -

‌ عثمان بن علي بن محمد

، أبو القاسم الجرموكي، النوقاني، الزاهد، شيخ تلك الديار ومقرئها.

قال السمعاني: سمعت منه، وكان صالحا، مقرئًا، زاهدًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات، ما كان يفارق مجلسه إلا للوضوء.

وكان معروفًا ببلده بالكرامات والكلام على الغيبيات، سمع: علي بن الحسين النوقاني، ومحمد بن أحمد بن منصور العارف، مات في شوال.

438 -

‌ عرفة بن علي

، أبو الفتوح النيسابوري، السمذي.

سمع: أبا بكر بن خلف، وعبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وموسى بن عمران الصوفي.

قال السمعاني: مات في ربيع الآخر.

439 -

‌ علي بن زيد بن علي السلمي

، الدمشقي، المؤدب بمسجد السلالين.

سمع من: نصر المقدسي، وسهل بن بشر، روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم.

وقال ابن عساكر: صلى بمسجد درب الحجر خمسين سنة احتسابًا، وحفظ جماعة القرآن، وعاش ثمانيًا وثمانين سنة، وتوفي في ذي القعدة.

440 -

‌ علي بن عبد الله بن ثابت بن محمد

، أبو الحسن الأنصاري، الخزرجي، العبادي، من ولد عبادة بن الصامت، المقرئ المجود الغرناطي.

قرأ على أبيه، وقرأ القراءات على أبي الحسن بن كرز، ورحل إلى دانية، فأخذ عن أبي داود، وبشاطبة عن ابن الدوش، وبمرسية عن ابن البياز، وسمع منهم، وأجاز له أبو عبد الله الطلاعي، وخازم بن محمد، وحج، وسمع من: الحسين بن علي الطبري، وأبي مكتوم عيسى بن عبد الهروي في سنة سبعٍ وتسعين، لكنه فاته تسع ورقات من البخاري.

ص: 711

وتصدر للإقراء بغرناطة، وولي الصلاة والخطبة بها، وكان مقرئًا، ماهرا، موصوفًا بالصلاح والفضل، أخذ عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن حميد، وعبد الصمد بن يعيش، وأبو جعفر بن حكم.

وتوفي بغرناطة في ذي الحجة، وقد قارب السبعين، استشهد بظاهر البلد، رحمه الله، ترجمه الأبار.

441 -

‌ علي بن عبد الله بن داود

، أبو الحسن اللماتي، القيرواني، المالكي، الفقيه، نزيل المرية.

روى عن: أبي الحسن بن مكي اللواتي، وعبد القادر ابن الحناط، وأبي علي بن سكرة.

قال الأبار: وكان فقيهًا مشاورًا متفننًا، له جمع بين الاستذكار والمنقى، وشرح في رقائق ابن المبارك، سماه زهر الحدائق، حدث عنه: أبو عبد الله النميري، وأبو محمد بن عاشر، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وجماعة، وتوفي في جمادى الأولى.

442 -

‌ علي بن عبد الكريم بن محمد الكعكي البغدادي

، أبو الحسن.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، له سمتٌ ووقار وسكون، سمع: مالكا البانياسي، والنعالي، وابن البطر، وطائفة، ولد في حدود سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، روى عنه: ابن السمعاني، وتوفي في ذي القعدة.

قلت: روى عنه أيضًا ابن سكينة، وقد تلا بالروايات على: رزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، أقرأ وحدث، وكان من كبار الشافعية، تفقه ودخل في أعمال الدولة.

443 -

‌ علي بن محمد بن حمويه بن محمد بن حمويه

، أبو الحسن ابن الزاهد أبي عبد الله الجويني.

متودد، محبوب، عارف بالحقوق، بيته مجمع الفضلاء، سمع: العباس بن أحمد الشقاني، والشيرويي بنيسابور، وعمر الرواسي بطوس، وقرأ شيئًا من الفقه على الغزالي.

ص: 712

روى عنه: ابن السمعاني، وتوفي في جمادى الآخرة بنيسابور، وحمل إلى جوين.

444 -

‌ علي بن محمد بن مسلم

، أبو الحسن النحوي، الإشبيلي، مولى الأمير محمد بن عباد، اللخمي.

أخذ العربية عن: أبي عبد الله بن أبي العافية ولازمه مدة طويلة وقعد لإقرائها، وكان من كبار النحويين وجلتهم، أخذ عنه: أبو بكر بن طاهر الخدب، وأبو الحسن نجبة.

وكان حيًا في هذا العام.

445 -

‌ علي بن هبة الله بن عبد السلام بن عبد الله بن يحيى

، أبو الحسن البغدادي، الكاتب.

ذكره ابن السمعاني فقال: يسكن دار الجليلة بالقرية، شيخ كبير من بيت الرياسة والتقدم، واسع الرواية، صاحب أصول حسنة مليحة، سمع بنفسه وأكثر، ونقل وجمع، وله خطٌ مليح، وأكثر سماعاته بقراءة أبي بكر ابن الخاضبة، سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا منصور العكبري، وأبا القاسم البسري، وخلقًا سواهم، قرأت عليه الكثير، وكان ينحدر إلى واسط من جهة الخليفة على الأعمال التي بها، قال لي: ولدت سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي في سابع رجب.

قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وبزغش عتيق ابن حمدي، وإسحاق بن علي البقال، وأبو شجاع محمد بن المقرون، والمبارك بن المبارك بن زريق الحداد، والوزير أبو طالب يحيى بن زبادة، ويوسف بن أبي حامد الأرموي، وسليمان بن محمد الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وخلق سواهم، وتوفي بزغش المذكور سنة ست عشرة وستمائة.

وهو جد أبي منصور عبد الله بن محمد شيخ ابن خليل في جزء ابن عرفة، وأبو منصور هو والد الفتح شيخ الأبرقوهي.

ص: 713

446 -

‌ عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي

بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين ابن الشهيد زيد بن علي بن الحسين، أبو البركات العلوي، الحسيني، الزيدي، الكوفي، الحنفي، النحوي، إمام مسجد أبي إسحاق السبيعي.

ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وأجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي شيخ أبي النرسي، وسمع: أبا الفرج محمد بن أحمد بن علان، وأبا القاسم بن المنثور الجهني، ومحمد بن الحسن الأنماطي، وغيرهم بالكوفة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم ابن البسري، وجماعة ببغداد، وقدم الشام، وسكن دمشق مدة، وحلب، وسمع الحديث، وذلك في سنة تسع وخمسين مع والده، وقرأ بها النحو على أبي القاسم زيد بن علي الفارسي؛ قرأ عليه الإيضاح لأبي علي، بروايته عن أبي الحسين الفارسي، عن خاله أبي علي الفارسي المؤلف.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وجماعة.

قال السمعاني: شيخ مسن، كبير، فاضل، له معرفة بالفقه، والحديث، واللغة، والتفسير، والنحو، وله التصانيف الحسنة السائرة في النحو، وهو خشن العيش، صابر على الفقر والقلة، قانع باليسير، سمعته يقول: أنا زيدي المذهب، لكني أفتي على مذهب السلطان، يعني مذهب أبي حنيفة، وسمعت عليه الإيضاح لأبي علي، وكتبت عنه الكثير، وهو شيخ متيقظ، حسن الإصغاء، يكتب خطًا مليحًا على كبر السن.

وقال أبو الحسين علي بن يوسف القفطي: كان الشيخ أبو محمد

ص: 714

سبط الخياط قرأ على الشريف عمر بن إبراهيم النحوي، وفيه يقول أبو محمد:

فما له في الورى شكلٌ يماثله وما له في التقى عدلٌ يناسبه وقال ابن الجوزي: كان يقول: دخل الصوري الكوفة، فكتب عن أربعمائة شيخ، وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي، فأفدته عن سبعين شيخًا، واليوم ما بالكوفة أحد يروي الحديث غيري.

ثم ينشد:

لما دخلت اليمنا لم أر فيها حسنا قلت حرامٌ بلدةٌ أحسن من فيها أنا وقال ابن عساكر: لم أسمع من عمر بن إبراهيم الزيدي في مذهبه شيئًا، وحدثني الوزير أبو علي الدمشقي أنه سأل عن مذهبه في الفتوى، وكان مفتي أهل الكوفة، فقال: أفتي بمذهب أبي حنيفة ظاهرًا وبمذهب زيد تدينًا، وحكى لي أبو طالب ابن الهراس الدمشقي أنه صرح له بالقول بالقدر، وبخلق القرآن.

وقال الحافظ محمد بن ناصر: سمعت الحافظ أبا الغنائم النرسي يقول: عمر بن إبراهيم جارودي المذهب، ولا يرى الغسل من الجنابة.

وقال ابن السمعاني: سمعت أبا الحجاج يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي، يقول: كنت أقرأ على الشريف عمر بن إبراهيم جزءا، فمر بي ذكر عائشة فقلت: رضي الله عنها، فقال: تدعو لعدوة علي رضي الله عنه، أو قال: تترضى عن عدوة علي؟! فقلت: حاش وكلا، ما كانت عدوة علي. هذا ذكر لي، أو معناه.

قال ابن السمعاني: ومع طول ملازمتي له لم أسمع منه شيئًا في الاعتقاد أنكره، غير أني كنت قاعدًا على باب داره، فأخرج لي شدةً من مسموعاته، فرأيت فيها جزءًا مترجمًا بتصحيح الأذان بحي على خير العمل، فأخذته لأطالعه، فأخذه وقال: هذا لا يصلح لك، له طالب غيرك، توفي في سابع

ص: 715

شعبان بالكوفة، وصلى عليه قدر ثلاثين ألفًا.

قلت: وروى عنه: ابنه أبو المناقب حيدرة بن عمر، وحفيده أبو المعمر محمد بن حيدرة شيخ يوسف بن خليل، وقرأ عليه بالروايات يعيش بن صدقة الفراتي؛ ولم يقع لي شيخه في القراءات، وقد كتب أبو بكر قاضي المارستان جزءًا، عن أبي سعد السمعاني، عن الشريف عمر بن إبراهيم، رأيته بخطه.

447 -

‌ فاطمة بنت محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن

بن علي بن أحمد البغدادي، أم البهاء الأصبهانية، الواعظة، شيخة، معمرة، مسندة، ولدت بعد الأربعين وأربعمائة، وسمعت من: أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأحمد بن محمود الثقفي، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وسمعت من العيار صحيح البخاري وأشياء.

قال ابن السمعاني: هي امرأة صالحة، سمعها أبوها، وعمرت حتى تفردت.

قلت: روى عنها: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، ومحمد بن أبي طالب بن شهريار، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد الراراني، وجعفر بن محمد آموسان، وخلق آخرهم وفاةً ولد سبطها: داود بن معمر بن الفاخر عاش إلى رجب سنة أربع وعشرين وستمائة.

قال أبو موسى، وغيره: توفيت في الخامس والعشرين من رمضان سنة تسعٍ وثلاثين. قال أبو موسى: ولها قريبٌ من أربعٍ وتسعين سنة.

448 -

‌ محمد بن أحمد

، أبو عبد الله الحمزي، الأندلسي، من أهل المرية.

روى عن: أبي العباس العذري، وأبي عبد الله ابن المرابط، وخطب ببلده، وحدث.

أجاز لابن بشكوال.

ص: 716

449 -

‌ محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين بن القاسم

، أبو المعالي الفارسي، ثم النيسابوري.

قال ابن السمعاني: هو ثقة، مكثر؛ سمع السنن الكبير من البيهقي، وصحيح البخاري من سعيد العيار، وسمع من: أبي حامد الأزهري، وسمع كتاب المدخل إلى السنن من البيهقي المؤلف، قال: ومولده في شعبان سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ثالث جمادى الآخرة سنة تسعٍ.

قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأجاز لابنه عبد الرحيم بن أبي سعد، وممن روى عنه السنن الكبير: منصور بن عبد المنعم الفراوي سماعًا وإجازة إن لم يكن سمعه.

قال ابن نقطة: وذلك لأنه فقد من أصل البيهقي أجزاء من مواضع متفرقة، فكلما وجد من الأصل، وجد عليه سماع منصور بن الفارسي، قاله لنا عبد العزيز بن هلالة.

قال ابن نقطة: وسمع منه البخاري جماعةٌ من شيوخنا: منصور الفراوي، وإسماعيل بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد الطوسي، وزينب بنت عبد الرحمن الشعري في آخرين.

450 -

‌ محمد بن الحسن بن هلال بن حمصا

، أبو المعالي العجلي، الدقاق، ناظر سوق الحطب.

كان عسر الخلق، سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وعنه: محمود ابن الشعار.

مات في رمضان سنة تسعٍ.

451 -

‌ محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون بن إبراهيم

، الشيخ أبو منصور البغدادي، المقرئ، الدباس.

شيخ معمر، ثقة، إمام صالح، بارع في القراءات، صنف فيها كتاب المفتاح وغيره، وتصدر للإقراء، وطال عمره.

ص: 717

وله أيضًا في القراءات كتاب الموضح.

قرأ على جماعةٍ مذكورين في صدر هذين الكتابين، منهم عمه أبو الفضل بن خيرون، وجده لأمه أبو البركات عبد الملك بن أحمد، وشيخه عبد السيد بن عتاب، قرأ عليه: أبو اليمن الكندي بالقراءات، ويحيى بن الحسين الأواني، وإبراهيم بن بقاء اللبان.

وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، والصريفيني، وأبي الغنائم ابن المأمون، وغيرهم، وأجاز له أبو محمد الجوهري، وتفرد بها وبإجازة أبي الحسين بن حسنون النرسي، وحدث بكتاب النسب للزبير بن بكار، عن ابن المسلمة، وسمع أكثر تاريخ الخطيب، وكان ينسخه ويبيعه.

مولده في رجب سنة أربعٍ وخمسين قبل موت الجوهري بأشهر.

روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، والكندي، وعبد الخالق بن أسد، وأحمد بن محمد بن سعد البروجردي الفقيه، وعلي بن محمد بن علي أخو سليمان الموصلي، وهو آخر من حدث عنه فيما علمت سماعًا، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور محمد بن عفيجة.

وقد ذكره ابن السمعاني فقال: ثقة، صالح، مشتغل بما يعنيه، ما له شغل غير التلاوة أو الإقراء، توفي في السادس والعشرين من رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة.

وقال ابن الخشاب: كان شافعيًا من أهل السنة.

452 -

‌ محمد بن علي البسطامي

، أبو عبد الله.

من علماء نيسابور، سمع: أبا تراب عبد الباقي المراغي، أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في المحرم.

453 -

‌ محمد بن أبي الغنائم محمد بن محمد ابن المهدي

، أبو الحسن البغدادي.

ص: 718

سمع: أبا نصر الزينبي، وكان خطيب جامع المنصور، توفي في صفر، وقد جاوز الستين.

454 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الصمد ابن دار الوقف

.

روى عن: طراد الزينبي، وعنه: ابن السمعاني، وعمر بن أحمد بن سهلان، توفي في المحرم.

455 -

‌ محمد بن موسى بن وضاح

، أبو عبد الله المرسي.

سمع: أبا علي بن سكرة فأكثر، ورحل فسمع من: أبي بكر الطرطوشي، والسلفي، وعدة.

قال ابن بشكوال: كان فاضلًا، عفيفًا، معتنيًا بالعلم، مشاورًا، أجاز لنا.

قلت: وروى عنه: صهره أبو الوليد ابن الدباغ.

456 -

‌ المبارك بن علي بن عبد العزيز بن أحمد

، أبو المكارم، السمذي، الهماني.

سمع: أبا بكر أحمد بن محمد بن حمدوه المقرئ، وأبا محمد الصريفيني، وأبا القاسم ابن البسري.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور، راغبٌ إلى الخير وأهله، كان له دكان بمشرعة الخبازين، وثم قرأت عليه، وكان صدوقًا، أمينًا، كان أبوه يحضره مجالس الإملاء بجامع المنصور، فأكثر ما سمع إملاءً من لفظ الشيوخ، ولد في حدود سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، أو قبلها، وتوفي يوم عاشوراء.

قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وعبد الوهاب بن حمار القلعي شيخٌ لابن خليل، وغيرهم، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة.

ص: 719

457 -

‌ مجدود بن محمد بن محمود

، أبو المعالي النيسابوري، الرشيدي، الجوهري، المتولي.

قال السمعاني: عارف بالأدب، والفلسفة، والعلوم المهجورة، لم يكن بذاك، سمع: أبا عمرو المحمي، وأبا بكر بن خلف، كتبت عنه، مات في ربيع الأول.

458 -

‌ محمود بن حمد بن مندويه

، أبو المحاسن الأصبهاني، المعدل.

سمع: أبا عمرو بن منده، والمطهر البزاني، كتب عنه السمعاني.

459 -

‌ المهدي بن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حرب إبراهيم بن أميرك

، أبو جعفر الحسيني، المرعشي، من ولد المرعش بن عبد الله بن الحسن بن الحسين ابن زين العابدين، الدهستاني، الجرجاني، نزيل سارية.

نشأ بجرجان، وسافر إلى خراسان، والعراق، والحجاز، والجزيرة، والجبال، وما وراء النهر.

قال ابن السمعاني: كان بينه وبين والدي صداقة متأكدة وقت مقامه بمرو، وكان يرجع إلى فضلٍ، وتمييزٍ، ومعرفة، قال لي: إنه سمع ببغداد من: أبي يوسف عبد السلام القزويني، وبالكوفة: أبا الحسين أحمد بن محمد الثقفي، وبجرجان: إسماعيل بن مسعدة، وبأصبهان: نظام الملك، كتبت عنه عن المتأخرين، ولم أر له أصلًا عن هؤلاء، وكان غاليًا في التشيع، ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي بسارية في رمضان.

460 -

‌ نصر الله بن عبد الواحد بن أحمد

، أبو الفضل ابن الفقيه الدسكري، الأحدب.

سمع ببغداد من مالك البانياسي، وعلي بن محمد الأنباري، روى عنه: ابنه حسن، وابن عساكر، وابن السمعاني.

وكان دينًا، ورعًا، توفي في شوال.

ص: 720

461 -

‌ نصر بن القاسم بن الحسن

، أبو الفتح الأنصاري، المقدسي، الفقيه المقرئ.

قال الحافظ ابن عساكر: هو الذي لقنني القرآن، وكان ثقة يصلي في مسجد عمر الذي على الدرج، ويلقن فيه، سمع من: أبي القاسم علي بن أبي العلا، وأبي محمد ابن البري، وحدث، وعاش أكثر من ثمانين سنة.

462 -

‌ نوشتكين، أبو منصور الشهرياري

، عتيق الشيخ أبي الوفاء بن شهريار الأصبهاني.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا صالحًا، سمع: أبا عمرو بن منده، وسمعت منه أحاديث إبراهيم بن أدهم لابن منده، وكان تاجرًا، توفي في شعبان.

463 -

‌ يحيى بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن أبي سهل

، أبو القاسم الطخروذي، النيسابوري، الصوفي.

سمع: أبا المظفر موسى بن عمران، ونصر الله الخشنامي، ونزل مرو، وتوفي سنة ثمانٍ أو تسعٍ، وأجاز لأبي المظفر السمعاني.

464 -

‌ يحيى بن محمد بن دينار

، أبو منصور الأزجي.

سمع: أبا الحسين ابن النقور، وعنه: هزارسب بن عوض، وجماعة.

465 -

‌ أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الحسني البخاري

، الحدادي.

شيخ معمر، صالح، كثير السماع.

قال السمعاني: أجاز لنا وأملى بجامع بخارى أكثر من عشرين سنة، سمع: محمد بن علي بن حيدرة الجعفري، ويحيى بن عبد الله السعدي، وأبا عصمة عبد الواحد بن يوسف، مات في شهر ربيع الأول من سنة تسعٍ.

ص: 721

سنة أربعين وخمسمائة

466 -

‌ أحمد بن العباس، أبو الرضا الهاشمي

، المعروف بابن الرحا.

سمع: أبا نصر الزينبي، وطراد بن محمد أخاه، روى عنه: عمر بن طبرزد، وغيره.

467 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عامر

، أبو جعفر، وأبو العباس المعافري، الداني، خطيب دانية.

روى عن: عمه أبي زيد عبد الرحمن بن عامر، ويوسف بن أيوب، وأبي بكر بن برنجال، وكان ماهرًا بالعربية، روى عنه: أبو عمر بن عياد، وأبو الحجاج بن أيوب صاحب الأحكام، وعاش نحوًا من سبعين سنة.

468 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حسين بن عاصم

، أبو العباس الثقفي القصبي الأندلسي.

أخذ القراءات عن: أبي عمران موسى بن سليمان، وسمع منه، ومن: أبي خالد يزيد مولى المعتصم بن صمادح، وأبي داود المقرئ، وابن الدوش، وابن البياز، وحج، وتصدر للإقراء بجامع المرية.

روى عنه من الجلة: أبو بكر بن رزق، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو يحيى اليسع بن حزم.

توفي في حدود الأربعين.

469 -

‌ أحمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن علي ابن قاضي القضاة محمد بن علي

، الدامغاني، ثم البغدادي، الحنفي، أبو الحسين.

ولي بأخرة قضاء الكرخ، ثم قضاء الجانب الغربي كله، وباب الأزج، وجرت أموره على سدادٍ في القضاء، وحدث عن: أبي عبد الله النعالي، وطراد الزينبي.

ص: 722

ترجمه ابن السمعاني، وقال: قرأت عليه جزءًا من حديث المحاملي، وتوفي في حادي عشر جمادى الآخرة، وله سبعٌ وخمسون سنة.

روى عنه: ابن عساكر، وابن سكينة.

470 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان

، الحافظ أبو سعد بن أبي الفضل البغدادي، ثم الأصبهاني.

ولد بأصبهان في صفر سنة ثلاثٍ وستين وأربعمائة، وسمع: أباه، وعبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني الحافظ ابن منده، وحمد بن ولكيز، وإبراهيم الطيان، ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري، ومحمد بن أحمد بن أسيد المديني، ومحمد بن عمر سسويه، ومحمد بن بديع الحاجب، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة سواهم، ورحل إلى بغداد وهو ابن ست عشرة سنة، فدخلها فوجد أبا نصر الزينبي قد مات، فسمع من: عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأكبر شيخ عنده: عبد الجبار بن عبيد الله بن برزة الواعظ الرازي، وقد حدثه محمود بن جعفر الكوسج، عن جد أبيه الحسن بن علي البغدادي، وهم بيت قديم بأصبهان.

روى عنه: الحافظ ابن ناصر، وابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ومحمد بن علي القبيطي، وطائفة من البغداديين، والأصبهانيين، آخرهم موتًا محمد بن محمد بن بدر الراراني، قاله ابن النجار.

وقال ابن السمعاني: حافظ، ثقة، دين، خير، حسن السيرة، صحيح العقيدة، على طريقة السلف الصالح، تارك للتكلف، كان في بعض الأوقات يخرج من بيته إلى السوق ببغداد، وأصبهان، وعلى رأسه طاقية، ورأيته في طريق الحجاز، وقد تغير لونه، ويبست أشداقه من الصوم في القيظ، وكان يملي في بعض الأوقات وقد خلع قميصه.

وقال في مشيخته: كان حافظًا كبيرًا، تام المعرفة، يحفظ جميع الصحيح لمسلم، وكان يملي الأحاديث من حفظه.

ص: 723

وقال: وقدم مرة من الحج، فاستقبله خلقٌ كثير من أصبهان وهو على فرس، فكان يسير بسيرهم، حتى وصل قريبًا من أصبهان، ركض فرسه وترك الناس إلى أن وصل إلى البلد، وقال: أردت أن أستعمل السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع راحلته إذا رأى جدرات المدينة، وكان مطبوعًا، حلو الشمائل، استمليت عليه بمكة، والمدينة، وكتب عني مذاكرةً، وأبطأ علي يومًا بداره، فخرج واعتذر، وقال: أوقفتك، فقلت: يا سيدي، الوقوف على باب المحدث عز، فقال: لك بهذه الكلمة إسناد؟ فقلت: لا، قال: أنت إسنادها.

سمعت الحافظ إسماعيل بن محمد الطلحي، يقول: رحل أبو سعد البغدادي إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على رأسه ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد، عن شعبة؟

وقال الحافظ عبد الله بن مرزوق الهروي: أبو سعد البغدادي شعلة نار.

قال ابن السمعاني: سمعت معمر بن عبد الواحد يقول: أبو سعد البغدادي يحفظ صحيح مسلم، وكان يتكلم على الأحاديث بكلامٍ مليح.

وقال ابن النجار، وذكر أبا سعد البغدادي في تاريخه: إمامٌ في الزهد والحديث، واعظ، وممن كتب عنه: شجاع الذهلي، وابن ناصر، وكان إذا أكل طعامًا أغرورقت عيناه بالدموع، ثم يأكل ويقول: كان داود عليه السلام إذا أراد أن يأكل بكى.

وقال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت ببغداد، فاقترض مني أبو سعد ابن البغدادي عشرة دنانير، فاتفق أن دخلت على السلطان مسعود بن محمد، فذكرت ذلك له، فبعث معي إليه خمسمائة دينار، ففرحت ورجعت إليه فأبى أن يأخذها.

قلت: حدث أبو سعد في بغداد بكتاب معرفة الصحابة لابن منده، وكان يرويه ملفقًا عن أصحاب ابن منده، فسمعه منه: محمد بن علي القبيطي، وسمعه كله من القبيطي الشيخ جمال الدين يحيى ابن الصيرفي.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجة، وتردد

ص: 724

مرارا وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللطيفة، ومحاسنه الجميلة، وحج سنة تسعٍ وثلاثين، ورجع فتوفي بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين، وحمل إلى أصبهان فدفن بها.

وقال عبد الرحيم الحاجي وغيره: في ربيع الآخر.

471 -

‌ أحمد بن محمد بن عمر

، أبو القاسم التميمي، المريي، المعروف بابن ورد.

ذكره ابن بشكوال فقال: كان فقيهًا، حافظًا، عالمًا، متفننًا، أخذ العلم عن: أبي علي الغساني، وأبي محمد ابن العسال، وناظر عند الفقيهين ابن رشد وابن العواد، وشهر بالعلم والحفظ والإتقان والتفنن في العلوم، وأخذ الناس عنه، واستقضي بغير موضع من المدن الكبار، ولد سنة خمسٍ وستين وأربعمائة، وتوفي في رمضان، وله خمسٌ وسبعون سنة.

وقال غيره: كان أبو القاسم بن ورد من بحور العلم بالأندلس كتب إلي ابن هارون الطائي، عن أبي عبد الله الأبار أنه سمع أبا الربيع بن سالم قال: سمعت أبا الخطاب بن الجميل يقول: سمعت أبا موسى عيسى بن عمران المكناسي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي القاسم بن ورد، لا أحاشي من الأقوام أحدًا.

قلت: كان أبو موسى المكناسي من كبار الأئمة، أكثر عن ابن ورد.

قلت: رأيت له المجلد الثاني من شرح البخاري يقتضي أن يكون من حساب مائتي مجلدة.

472 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن رشيق

، الطليطلي، أبو إسحاق المقرئ، نزيل دانية ثم سكن وادي آش.

أخذ القراءات عن: أبي عبد الله المغامي صاحب الداني، وولي الخطابة، روى عنه: عبد الرحمن بن القصير، ويحيى بن محمد العقيلي، وأبو الحسن بن مؤمن.

ص: 725

توفي هذا العام، أو قريبًا منه.

473 -

‌ إدريس بن علي بن إدريس

، أبو الفتح النيسابوري، الأديب، الشاعر.

سمع: أبا الحسن الأخرم، وجماعة، مات في ذي الحجة عن أربعٍ وثمانين سنة، روى عنه: السمعاني.

474 -

‌ إسماعيل بن محمد بن أبي الفتح

، أبو محمد الطرسوسي، النيلي، والد أبي جعفر.

توفي في ربيع الآخر بأصبهان.

475 -

‌ بكر بن وجيه بن طاهر بن محمد

، أبو الفخر النيسابوري، الشحامي.

قال ابن السمعاني: كان صالحًا، عفيفًا، كثير العبادة، سمعه أبوه من أبي بكر بن خلف الشيرازي، وجماعة، ولد في سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وتوفي في الثاني والعشرين من ربيع الأول.

أجاز لأبي المظفر ابن السمعاني.

476 -

‌ بهروز بن عبد الله

، أبو الحسن، مجاهد الدين الغياثي، الخادم، الأبيض.

ولي شرطة العراق نيفًا وثلاثين سنة، وعمر دار السلطان، وكان ابن عقيل يقول: ما رأيت مثل مناقضة بهروز، فإنه منع أن يجتمع في السفينة النساء والرجال، وجمع بينهم في الماخور.

توفي في رجب.

وكان صاحب همة في عمارة البلاد، واسع الصدر، عالي الهمة، وكان تكريت إقطاعًا له، فاستناب عليها شاذي جد السلطان صلاح الدين، ولبهروز رباط كبير ببغداد.

ص: 726

477 -

‌ الحسين بن الحسن بن عبد الله

، الشيخ أبو عبد الله المقدسي، الحنفي، المقرئ.

قدم من الشام شابًا إلى بغداد فاستوطنها، وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني، وسمع من: أبي القاسم ابن البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وقرأ بالروايات على صاحب الحمامي أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي، وولي إمامة مشهد أبي حنيفة، وطال عمره.

وكان دينًا، حسن الطريقة، قال لابن السمعاني، وقد سأله عن مولده: لا أعرف، لكني دخلت بغداد في أول سنة سبعين ولي سبع عشرة أو ثمان عشرة سنة.

وقال ابن النجار: روى عنه ابن السمعاني، وحدثنا عنه يوسف وعبد السلام ابنا إسماعيل اللمغاني، وأبو النجح إسماعيل بن محمد الحنفي، وقرأت بخط أحمد بن صالح الجيلي: وفاة أبي عبد الله المقدسي في جمادى الآخرة، وحضره القضاة والفقهاء.

قال: وكان صحيح السماع والقراءة، ثقة صالحًا، دينًا، حدث وأقرأ.

قلت: وحدث عنه عمر بن طبرزد، وغيره.

478 -

‌ الحسن بن محمد بن الحسن

، أبو علي بن بعصين البغدادي، القصار.

حدث هذا العام.

أساء الثناء عليه أبو المعمر الأنصاري، وقال: لا شيء، سمع: مالكًا البانياسي، وجماعة.

479 -

‌ حيدر بن محمود بن حيدر

، أبو القاسم الشيرازي، الخالدي.

كان يذكر أنه من ذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه، قدم بغداد، وتفقه مديدة على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وذكر أنه خرج إلى الشام وأقام بها مدة، وكان أميرًا على أكثر بلادها.

قال ابن السمعاني: علقت عنه شعرًا، وذكر أنه سمع تفسير الثعلبي من جده حيدر، عن المصنف، توفي في شعبان.

ص: 727

480 -

‌ رستم بن محمد بن أبي عيسى عبد الرحمن بن زياد

، القاضي أبو القاسم الأصبهاني.

توفي في المحرم، قاله أبو مسعود الحاجي.

سمع نسخة لوين من جده أبي عيسى.

481 -

‌ عبد الله بن أحمد بن سماك

، أبو محمد الغرناطي.

سمع من: أبي مطرف الشعبي، وتفقه عليه، وأبي علي الغساني، وجلس للتدريس والمناظرة، وولي خطة الشورى ببلده، ثم ولي القضاء، تفقه به: أبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن رفاعة، وتوفي في رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة.

482 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف

، أبو محمد الرشاطي، اللخمي، من أهل المرية.

أكثر عن: الغساني، والصدفي، وكان له عناية تامة بالحديث، والرجال، والتواريخ، وله كتاب حسن في أنساب الصحابة ورواة الحديث أخذه الناس عنه.

وكان مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، توفي في حدود الأربعين.

483 -

‌ عبد الله بن محمد بن حسين

، السيد، المعمر، أبو القاسم العلوي، الحسيني، الكوفي ثم الخوجاني، وخوجان من نواحي نيسابور.

توفي في حدود سنة أربعين، وقد قارب المائة أو بلغها.

قال ابن السمعاني: مولده في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وكان صالحًا كثير الخير والعبادة مع كبر السن، وثقل سمعه، سمع: أبا بكر محمد بن عبد الجبار الفارسي بنيسابور، والإمام أبا علي الفضل الفارمذي.

حمل ابن السمعاني ولده عبد الرحيم إليه بالقصد، وبات عنده ليلة،

ص: 728

وسمعا منه ذم الرياء لأبي عبد الرحمن السلمي، وغير ذلك، وقد رأى الشيخ أبا القاسم عبد الله بن علي الكركاني، وسمع ببغداد أبا بكر الطريثيثي.

قال ابن السمعاني: ما سمعت من شيخ أسن منه.

484 -

‌ عبد الله بن محمد بن يحيى بن فرج

، أبو محمد العبدري، الزهيري، الأندلسي، من أهل المرية.

أخذ القراءات عن أبي داود بدانية، وسمع من: أبي علي بن سكرة، وأقرأ بقلعة حماد نحوًا من عشرين سنة، ثم نزل بجانة، حدث عنه: أبو العباس بن عبد الجليل التدميري، وتوفي ببجانة.

485 -

‌ عبد الله بن مسعود بن محمد

، الأمير أبو سعيد النسوي، الملقاباذي، حفيد عميد خراسان.

فيه تعبد وانعزال عن الناس، سمع: موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف، روى عنه: أبو سعد الحافظ، وعاش ثمانيًا وسبعين سنة.

486 -

‌ عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن الخضر بن عبدان

، أبو القاسم الأزدي، المقرئ، الدمشقي.

كان يقرأ في السبع الكبير في الجامع، وسمع: القاضي أبا القاسم سعد بن أحمد النسوي الذي يروي عن ابن صخر، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم.

وتوفي في جمادى الأولى، وهو قرابة الخضر بن الحسين.

487 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد

، أبو بكر البحيري، النيسابوري.

شيخ مسند، مقبول، ثقة، صالح، مشهور، حدث عن: أبي بكر البيهقي، وأحمد بن منصور المغربي، وأبي القاسم القشيري، وأبيه عبد الله، وعمه عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن الكيالي، وغيرهم، ومن مسموعاته: المتفق للجوزقي، تفرد به في وقته، عن المغربي وسمع أبا سهل الحفصي.

ص: 729

وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وهو من بيت حديث ورواية.

روى عنه: ابن السمعاني، ومحمد بن فضل الله السالاري.

وأبوه أبو الحسن عبد الله شيخ عدل، حدث عن محمد بن أحمد بن عبدوس المزكي، وأبي نعيم عبد الملك، وطبقتهما، وهو من شيوخ زاهر.

وحدث عن أبي بكر هذا جماعة، وبالإجازة عبد الرحيم ابن السمعاني، والمؤيد الطوسي.

توفي في جمادى الأولى.

488 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن نزار

، أبو زيد الشاطبي، المالكي.

روى عن: أبي الحسن طاهر بن مفوز، وأبي عبد الله الطلاعي، وجماعة، وكان فقيهًا، حافلًا، عارفًا بالمذهب، مشاورًا، نبيلًا، حافظًا، ذا تواضع وديانة، وخير.

489 -

‌ عبد السلام بن إسماعيل بن أبي الفضل محمد بن عثمان القومساني

، الهمذاني، أبو طاهر ابن الحافظ أبي الفرج.

سمع: أباه، وأبا الفتح عبدوس، ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، ومات في صفر، أخذ عنه: السمعاني، وغيره.

490 -

‌ عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن العباس

، أبو صالح الحنوي الشيباني، الذهلي، وحاني بليدة من آخر ديار بكر من ثغر الروم.

شيخ صالح، مسن، فقير، راغب في الرواية، سمع: أبا القاسم بن أبي حرب الجرجاني، ورزق الله التميمي، والأنباري، وعاصم بن الحسن.

روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو سعد السمعاني، وغير واحد، وتوفي في خامس رجب ببغداد، وله نيفٌ وثمانون سنة، وممن روى عنه: أبو أحمد بن سكينة.

ص: 730

491 -

‌ عبد الفتاح بن إسماعيل

، أبو بكر الصوفي، الهروي، البيع.

سمع من: أبي إسماعيل الأنصاري مناقب أحمد، قرأه عليه السمعاني، وقال: مات في شعبان.

492 -

‌ عبد الملك بن سلمة بن عبد الملك الوشقي

، مولى بني أمية، أبو مروان ابن الصيقل.

جال في طلب العلم، وأخذ القراءات عن: أبي المطرف ابن الوراق، وأبي زيد بن حيوة، وأبي الحسن بن شفيع، وأبي القاسم ابن النحاس، ولقي: أبا محمد بن عتاب، وأبا الوليد بن رشد، وطائفة فأكثر عنهم.

وتصدر ببلنسية للإقراء والنحو مدة، وكان من أهل الضبط، والفصاحة، والذكاء، حدث عنه: أبو عمر بن عياد، وأبو جعفر بن نصرون، وأبو بكر بن هذيل، وأبو عبد الله بن نوح الغافقي، وتوفي كهلًا.

493 -

‌ عتيق بن الحسين بن محمد

، أبو بكر القطان، الرويدشتي، الأصبهاني.

سمع: سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة من سعيد العيار، روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن حامد الأصبهاني شيخ الزكي البرزالي، روى عنه: السمعاني، وقال: صالح، مستور، مات يوم عرفة.

494 -

‌ عتيق بن علي بن مكي

، الفزاري، المعروف بابن العربي، النيدي، السمسطاوي.

سمع: أبا إسحاق الحبال، وأبا العباس الرازي، روى عنه: السلفي، وقال: كان تلاءً للقرآن، ظاهر الخير، توفي بالإسكندرية في شعبان.

495 -

‌ علي بن أبي ياسر أحمد بن بندار بن إبراهيم

، أبو الحسن، المعروف بابن الشاة الحلابة، القطان.

ص: 731

شيخ متميز، سمع: أباه، وعمه ثابت بن بندار البقال، وأبا غالب الباقلاني، قدم مرو، فسمع منه: أبو سعد السمعاني، وتوفي بغزنة في التجارة.

496 -

‌ علي بن محمد بن سلامة

، أبو الحسن ابن البالسي.

ولد بالعراق سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ونشأ بدمشق، وحدث عن: أبي البركات أحمد بن طاوس، وهو مدفون بمقبرة الكهف.

497 -

‌ كامل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلامة

، أبو التمام الدمشقي، المقرئ، الضرير.

قرأ على أبي الوحش سبيع تلميذ الأهوازي، وسمع من جماعة، عرض عليه القرآن أبو القاسم ابن عساكر، وقال: حج، وتوفي بمكة.

498 -

‌ كثير بن سعيد بن عبد الله بن الحسين بن إسحاق بن شماليق

، أبو عبد الله الوكيل.

كان حاذقًا بكتابة السجلات وفصل الدعاوى، سمع من: نصر بن البطر، وأبي بكر الطريثيثي، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببغداد والحرمين، وكان فيه ديانة وخير، وتوفي في صفر.

499 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد

، أبو بكر الباغبان، الأصبهاني، الصوفي، الصالح، أخو أبي الخير.

سمع: عبد الوهاب بن منده، وغيره، وتوفي في ثالث عشر شوال.

كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: كان من خواص عبد الرحمن بن منده، فأكثر عنه، سمعت منه معرفة الصحابة، بسماعه من عبد الرحمن، عن أبيه، ولد بعد سنة ستين، وسمع من جماعة.

500 -

‌ محمد بن الحسين بن حمزة

، أبو الفتح العلوي، الهروي.

سمع: أبا عاصم الفضيلي، وعنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في

ص: 732

شوال.

501 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد

، أبو جعفر بن أبي جعفر الخشني، المرسي.

تفقه بأبيه أبي محمد بن أبي جعفر الفقيه، وأخذ العربية عن أبي بكر ابن الجزار، وكان فقيهًا، مبرزًا، قائمًا على المدونة، متبحرًا في العلم، يلقي مسائل المدونة من حفظه، وبه تفقه: هارون بن عات، وأبو بكر بن أبي جمرة، وولي قضاء بلده عند خلع الملثمة، ثم تأمر ببلده ليمسك الناس عن الشر، وكان يقول: لست لها بأهل، ثم إنه تجهز في جموعه، وتوجه إلى غرناطة، وعمل مصافًا، فقتل وانهزم جيشه في هذا العام، وسنه دون الأربعين.

وممن قتل معه: أبو بكر محمد بن يوسف بن خطاب السرقسطي، النحوي الشاعر.

502 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الطفيل

، العبدي، الإشبيلي، أبو الحسن بن عظيمة، المقرئ الأستاذ.

أخذ القراءات عن أبي عبد الله السرقسطي، وروى عن: أبي داود بن نجاح، وأبي عبد الله بن فرج، وأبي علي الغساني، وخازم بن محمد وغيره، وحج، وأقام بالإسكندرية حتى أخذ عن أبي القاسم ابن الفحام، وأحمد بن الحسن بن بليمة، واشتهر بالصدق والإتقان، وأخذ الناس عنه، وله أرجوزة في القراءات، ومن جلة أصحابه أبو بكر بن خير.

توفي في حدود سنة أربعين.

503 -

‌ محمد بن علي بن عبد المؤمن

، القاضي أبو عبد الله الرعيني، الغرناطي.

روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي علي الغساني، ومحمد بن سابق، وولي الأحكام بغرناطة.

ص: 733

روى عنه: ابنه إبراهيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم.

504 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن حمدان

، أبو الفتح الثعلبي، الخشاب، الكاتب، نزيل مرو.

أحد المشهورين بالبراعة في البلاغة والترسل، وحسن الخط، وله شعر رائق.

قال ابن السمعاني: لكنه منهمك مع الشيخوخة على الشرب، وكان يضرب به المثل في الكذب والمستحيلات ووضعها.

قال فيه إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر:

أوصاه أن ينحت الأخشاب والده فلم يطقه وأضحى ينحت الكذبا إلا أنه كان صحيح السماع، سمع بنيسابور: أبا القاسم القشيري، والفضل بن المحب، وأبا صالح المؤذن، وأبا سهل الحفصي.

ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ومات مسافرًا بين مرو وسرخس في ثامن عشر رجب، ودفن بمرو.

505 -

‌ محمد بن مسعود بن أبي الخصال

، أبو عبد الله الغافقيُّ الشَّقوريُّ، نزيل قرطبة.

روى عن أبي الحسين بن سراج، وطائفة.

قال ابن بشُكوال: ولد سنة خمس وستين وأربعمائة، وكان مفخر وقته، متفننًا في الآداب، واللغات، كاتبًا بليغًا أخباريًّا له تواليف حسان، إلى أن قال: كان أحد رجال الكمال في وقته استُشْهِد في ذي الحجَّة.

506 -

‌ محمد بن يوسف بن سليمان بن محمد بن خطاب

، أبو بكر ابن الجزَّار القيسيُّ السَّرقسطيُّ النَّحويُّ، نزيل مرسية.

أخذ العربية عن أبي بكر ابن الفرضي، وأبي محمد البطليوسي، وسمع أبا عليّ الصَّدفي. وجلس لتعليم العربية، وكان بارعًا فيها وفي الأدب والشِّعر.

قتل سنة أربعين وخمسمائة.

ص: 734

روى عنه أبو محمد بن عات، وغيره.

507 -

‌ مسعود بن جامع المراتبي الضرير

.

سمع: ابن طلحة النعالي، كتب عنه: أبو محمد ابن الخشاب في هذه السنة، وانقطع خبره.

508 -

‌ مسعود بن أبي سعد محمد بن سهل

، القولوي، النيسابوري، وقولوا: من محال نيسابور.

سمع: علي بن أحمد المديني المؤذن، وأبا بكر أحمد بن سهل السراج، وقدم بغداد سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، فسمع بها.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه بنيسابور، وكان شيخًا لا بأس به، توفي في رمضان.

509 -

‌ الموفق بن علي بن محمد بن ثابت

، الفقيه أبو محمد الخرقي، المروزي، الثابتي، الشافعي، تلميذ محيي السنة البغوي.

قال السمعاني: كان فقيهًا، ورعًا، زاهدًا، متواضعًا، لم أر في أهل العلم مثله خلقًا وسيرة، وكان يصوم أكثر أيامه، ويتكتم، تفقه أيضًا على والدي، وقرأ الخلاف ببخارى على: أبي بكر الطبري وتلمذ له، وكان يحفظ المذهب، مات بخرق في رمضان.

510 -

‌ موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن ابن الجواليقي

، أبو منصور بن أبي طاهر البغدادي، النحوي اللغوي، إمام الخليفة المقتفي.

ولد سنة ستٍ وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم ابن البسري، وأبا طاهر بن أبي الصقر الأنباري، وطراد بن محمد، وابن البطر، وجماعة كثيرة.

وسمع بنفسه، وكتب الكثير بخطه.

روى عنه: ابنته خديجة، وابن السمعاني، والشريف عبيد الله بن أحمد

ص: 735

المنصوري، وأبو الفرج ابن الجوزي، ويوسف بن المبارك، وأبو اليمن الكندي، وآخرون.

قال ابن السمعاني: إمامٌ في اللغة والنحو، وهو من مفاخر بغداد، قرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، وتلمذ له، حتى برع فيه، وهو متدين، ثقة، ورع، غزير الفضل، وافر العقل، مليح الخط، كثير الضبط، صنف التصانيف، وانتشرت عنه، وشاع ذكره.

وقال غيره: كان ثقة حجةً في نقل العربية، علامة، متفننًا في الآداب، تخرج به جماعة كثيرة.

وتوفي في المحرم، قاله ابن شافع، وابن المفضل المقدسي، ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو موسى المديني، وآخرون.

وأما ما ذكره ابن السمعاني أن أبا محمد عبد الله بن محمد بن جرير القرشي كتب إليه بوفاة أبي منصور ابن الجواليقي في نصف المحرم سنة تسعٍ وثلاثين، فغلطٌ بيقين، واعتمد عليه القاضي ابن خلكان، وما عرف أنه غلط.

قال ابن الجوزي: قرأ الأدب سبع عشرة سنة على أبي زكريا التبريزي، وانتهى إليه علم اللغة فأقرأها، ودرس العربية في النظامية بعد أبي زكريا مدة، فلما استخلف المقتفي اختص بإمامته، وكان المقتفي يقرأ عليه شيئًا من الكتب، وكان غزير العقل، متواضعًا في ملبسه ورياسته، طويل الصمت، لا يقول الشيء إلا بعد التحقيق والفكر الطويل، وكثيرًا ما كان يقول: لا أدري، وكان من أهل السنة، سمعت منه كثيرًا من الحديث وغريب الحديث، وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من تصانيفه.

وقال ابن خلكان: صنف التصانيف المفيدة، وانتشرت عنه، مثل:.

ص: 736

شرح كتاب أدب الكاتب، وكتاب المعرب، وتتمة درة الغواص التي للحريري، وخطه مرغوبٌ فيه، وكان يصلي بالمقتفي بالله، فدخل عليه، وهو أول ما دخل، فما زاد على أن قال: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى، فقال ابن التلميذ النصراني، وكان قائمًا وله إدلال الخدمة والطب: ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ، فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي، وقال: يا أمير المؤمنين، سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية، وروى الحديث ثم قال: يا أمير المؤمنين، لو حلف حالف أن نصرانيًا أو يهوديًا لم يصل إلى قلبه نوعٌ من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة، لأن الله ختم على قلوبهم، ولن يفك ختم الله إلا الإيمان، فقال: صدقت، وأحسنت، وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجرٍ، مع فضله وغزارة أدبه.

511 -

‌ يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان

، أبو الفتح الأصبهاني، الكاتب.

يروي عن أصحاب الحافظ ابن منده، روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وغيرهما.

توفي في أواخر ربيع الأول.

512 -

‌ يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي

، أبو بكر الأندلسي، القرطبي، الشاعر المشهور، صاحب الموشحات البديعة، والمعاني الرشيقة.

ذكره العماد الكاتب وورخه، وهو القائل:

يا أقتل الناس ألحاظًا وأطيبهم ريقًا متى كان فيك الصاب والعسل في صحن خدك وهو الشمس طالعة وردٌ يزيدك فيه الراح والخجل أيمان حبك في قلبي مجددة من خدك الكتب أو من لحظك الرسل إن كنت تجهل أني عبد مملكةٍ مرني بما شئت آتيه وأمتثل وله:

ص: 737

ومشمولةٍ في الكأس تحسب أنها سماء عقيقٍ رصعت بالكواكب بنت كعبة اللذات في حرم الصبا فحج إليها اللهو من كل جانب

513 -

‌ يرنقش الزكوي الأرمني

، الخادم.

ولي إمرة أصبهان وإمرة العراق وشحنكيتها، وكان خادمًا لزكي الدين التاجر، فترقت به الحال إلى أن صار من كبار الدولة.

ص: 738

‌المتوفون في عشر الأربعين وخمسمائة ظنًا ويقينًا

514 -

‌ أحمد بن سعيد ابن الإمام أبي محمد بن حزم

، اليزيدي، مولاهم القرطبي أبو عمر، نزيل شلب.

كان فقيهًا ظاهريًا كجده، عارفًا بأصولهم، داعية إليه، صليبًا فيه، مع معرفةٍ بالنحو والشعر.

توفي بعد محنةٍ عظيمة من ضربه وحبسه وأخذ أمواله، لما نسب إليه من الثورة على السلطان، في حدود الأربعين.

515 -

‌ أحمد بن عبد الله بن بركة بن الحسين

، أبو القاسم بن ناجية، الحربي، الفقيه، الواعظ.

أحد الأئمة ببغداد، تفقه على أبي الخطاب، وبرع في الفقه وناظر، ثم صار حنفيًا، ثم تحول شافعيًا، ثم ترك التقليد وتبع الدليل، وحدث عن: ثابت بن بندار.

روى عنه: ابن السمعاني.

516 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي سعيد

، أبو العباس الطحان، البغدادي، المنقي.

رجل خير يأكل من كسبه، سمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، توفي بعد الثلاثين.

517 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن أحمد

، أبو اليقظان التنوخي، المعري، الأديب.

شاعر محسن، عمر سبعًا وتسعين سنة، وانتقل بأولاده إلى حلب حين هجم الفرنج، خذلهم الله، المعرة سنة ستٍ وتسعين، وقد سمع من أبي العلاء بن سليمان ثلاثة قصائد، رواها عنه حفيده محمد بن مؤيد بن أحمد بن محمد، وتوفي سنة بضعٍ وثلاثين.

ص: 739

518 -

‌ إبراهيم بن عبد الملك بن محمد بن إبراهيم

، الشحاذي، القزويني، المقرئ.

شيخ صالح، خير، معمر، جاور بمكة مدةً، وقرأ القرآن على أبي معشر الطبري، وسمع ببغداد من: أبي إسحاق الشيرازي الفقيه، وغيره.

روى عنه ابنه، وبالإجازة أبو سعد السمعاني.

519 -

‌ أسعد بن عبد الواحد

، أبو الفخر الأصبهاني، التاجر.

أكثر عن أصحاب أبي نعيم، ثم سمع من: أبي الحسن العلاف ببغداد، وجماعة، سمع منه: ابن الخشاب، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وكان مولده في سنة تسعٍ وستين وأربعمائة.

520 -

‌ الحسن بن سعيد بن أحمد بن عمرو بن المأمون بن عمرو

، أبو علي الجزري، الفقيه الشافعي.

قدم في صباه بغدادٍ، وسمع: أبا القاسم عبد العزيز بن أحمد الأنماطي، وأبا القاسم ابن البسري، وولي قضاء جزيرة ابن عمر، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وابن عساكر، ومولده في حدود سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتفقه ببغداد.

ذكره ابن السمعاني، وقال: توفي في حدود سنة أربعين.

521 -

‌ الحسن بن محمد بن الحسن

، شيخ الرافضة وعالمهم، أبو علي ابن شيخ الرافضة وعالمهم الشيخ أبي جعفر الطوسي.

رحلت إليه طوائف الشيعة إلى العراق، وحملوا عنه.

ذكره ابن أبي طيئ في تاريخه فقال: كان ورعًا، عالمًا، متألهًا، كثير الزهد والورع، قائمًا بالتلاوة والأوراد، والإشغال، والتصنيف، ولد بمشهد علي عليه السلام، وقرأ على أبيه جميع كتبه، حدثني عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري، قال: كان الشيخ أبو علي الطوسي من أعبد الناس وأشدهم تألهًا، لم ير إلا قارئًا، أو مصليًا، أو معلمًا، أو مشتغلًا، وكان بين عينيه كركبة العير من السجود، وكان يسترها.

ص: 740

وقال ابن رطبة: كان أبو علي خشنًا في ذات الله، عظيم الخشوع والعبادة، معظمًا عند الخاصة والعامة.

وقال آخر: رأيت أبا علي رجلًا قد وهب نفسه لله، لم يجعل لأحدٍ معه فيها نصيبًا، ولا أشك أنه كان من خواص الأبدال.

قلت: وكان مقيمًا بمشهد علي بالعراق.

قال العماد الطبري: لو جازت الصلاة على غير النبي والإمام لصليت عليه، كان قد جمع العلم والعمل، وصدق اللهجة.

وقد زار أبو سعد السمعاني المشهد، وسمع عليه، وأثنى عليه.

وقال أبو منصور محمد بن الحسن النقاش: كنا نقرأ على الشيخ أبي علي بن أبي جعفر، وإن كان إلا كالبحر يتدفق بجواهر الفوائد، وكان أروى الناس للمثل، والشاهد، وأحفظ الناس للأصول، وأنقلهم للمذهب، وأرواهم للحديث.

قلت: روى عن: أبي الغنائم النرسي، وغيره.

522 -

‌ الحسن بن نصر

، أبو محمد ابن المعبي، البزاز.

حدث عن: أبي القاسم ابن البسري، والفقيه نصر المقدسي، كتب عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وكان تاجرًا ببغداد.

523 -

‌ حمد بن الحسن بن الفرج بن محمد

، أبو الفرج الهمذاني المعروف بعجيب الزمان.

ضرير، مطبوع.

ذكره ابن السمعاني فقال: سمع: عبد الواحد بن علي بن بوغة، وعبدوس بن عبد الله، سمع منه: ابن السمعاني بهمذان في سنة سبعٍ وثلاثين.

524 -

‌ حمد بن عبد الرحمن بن محمد بن شاتيل القاضي أبو علي الأزجي

، الحنبلي.

ص: 741

ولي القضاء بسوقٍ الثلاثاء ثم بالمدائن، وحدث عن: النعالي، وابن البطر، وغيرهما.

525 -

‌ زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن علي

، الشريف، أبو إسماعيل الحسني، العلوي، الهمذاني.

سمع: عبدوس بن عبد الله، وأبا العلاء محمد بن طاهر.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة.

526 -

‌ شجاع بن عمر بن بدر الجوهري النهاوندي

، أبو البدر التاجر، نزيل همذان.

حدث عن: أبي المظفر موسى بن عمران الصوفي، روى عنه: أبو شجاع عمر البسطامي؛ وأجاز لأبي سعد السمعاني، وقال: توفي بعد سنة ثلاثين.

527 -

‌ صالح بن هبة الله بن محمد بن عبد السلام بن عفان

، أبو محمد الواعظ.

بغدادي، سافر إلى الشام، والجزيرة، ووعظ، وظهر له القبول، سمع: نصر ابن البطر، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام، روى عنه: السمعاني.

528 -

‌ طاهر بن محمد بن طاهر بن محمد بن الفضل بن يعقوب

بن إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان بن عامر، أبو نصر الشيباني، النسائي، قاضي شهرستان.

529 -

‌ ظفر بن هارون بن ظفر بن نصر

، أبو الفتوح الربعي، الموصلي، ثم الهمذاني.

سمع: ثابت بن الحسين التميمي، كتب عنه: أبو سعد بهمذان، وقال: ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.

ص: 742

530 -

‌ ظفر بن علي بن حمد

، أبو سعد الهمذاني، المستوفي.

سمع الكثير، ونسخ الأجزاء، وسمع: فيد بن عبد الرحمن الشعراني، وعبد الرحمن بن حمد الدؤلي، وأبا علي بن نبهان، وابن بيان، وهذه الطبقة، وجمع وخرج، وكان مولده في سنة سبعين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن الجوزي، حدث سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.

531 -

‌ عبد المغيث بن أبي عدنان

، أبو تميم الأصبهاني.

روى عن: أبي القاسم بن منده، والمطهر البزاني، وأبي عيسى عبد الرحمن بن زياد، وابن ماجه الأبهري، روى عنه: زاهر بن أحمد الثقفي.

532 -

‌ عبد الملك بن أحمد أبو مروان الأزدي

، الغرناطي، المالكي، ويعرف بابن القصير.

فقيه، حافظ، بارع في الفقه، مشاورٌ، نبيل، روى عنه: أبو خالد بن رفاعة، وأبو إسحاق الغرناطي، وناظرا عليه في المدونة، وأبو تمام العوفي، وابن أخيه عبد الرحمن بن أحمد، وتوفي قبل الأربعين وخمسمائة.

533 -

‌ عبد الصمد بن عمر الخرزي

.

سمع: أبا القاسم القشيري، وحدث في سنة أربع وثلاثين، روى عنه: زينب الشعرية.

534 -

‌ عمر بن أحمد بن الحسين

، أبو حفص الهمذاني، الوراق، الصوفي.

محدث رحال، سمع: ابن الطيوري، والعلاف ببغداد؛ وأبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه بزنجان؛ وأبا الفتح الحداد بأصبهان، وقرأ بدمشق على أبي الوحش سبيع، وسكن السميساطية، وكان صالحًا.

روى عنه: ابن عساكر وقال: لقيته بهمذان.

535 -

‌ عيسى بن عبد الله الكردي

، الزاهد.

ص: 743

قال ابن السمعاني: كان يسكن الموصل، وكان من أهل التجويد والتوكل، وله في قطع البادية والمقام بمكة أحوالٌ ومقامات، وكان كثير المجاهدة، صبورًا على الشدائد والجوع، وكان يستر حاله، وكان أهل الموصل يعتقدون فيه، ويتبركون به، وكان لا يخالطهم، وينزوي في موضع خارج الموصل، وإذا اشتد به الجوع غطى وجهه بخرقة ودخل فمد يده، فلا يعرف، ويعطى كسرة أو كسرتين، ولو عرفوه لأعطوه مبلغًا من المال، وكان أكثر مقامه بالحجاز، وورد بغداد مرات، اجتمعت به بالمدينة النبوية، توفي قرب الأربعين بطريق الحجاز بذات عرق.

536 -

‌ كمال بنت أبي البركات هبة الله بن المبارك السقطي

، امرأة صالحة، خيرة، ستيرة.

سمعها والدها من أبي الحسن بن الأخضر الأنباري، وغيره، روى عنها: أبو سعد السمعاني.

537 -

‌ عمرو بن محمد بن بدر

، أبو الحسن الهمداني، الغرناطي.

ذكره الأبار فقال: سمع الموطأ من أبي عبد الله ابن الطلاع، وتفقه بأبي الوليد بن رشد، وكان من أهل الزهد والصلاح، روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل الهمداني الغرناطي، وغيره، لقيه في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة.

قلت: أبو جعفر هو أحمد بن عبد الله شيخ لابن مسدي، يأتي في سنة ستٍّ وستمائة.

538 -

‌ عياش بن عبد الملك

، أبو بكر الأزدي، اليابري، ثم القرطبي.

من أئمة القراء، أخذ عن: خازم بن محمد، وأبي القاسم ابن النخاس، وعباس بن الخلف، وروى عنهم، وعن طائفة.

وكان عبدًا صالحًا، روى عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو عبد الله بن حفص، وأبو جعفر بن يحيى، توفي في نحو الأربعين.

ص: 744

539 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أحمد

، أبو سعد النيسابوري، العدني، نسبة إلى عمل الأبراد.

روى عن: فاطمة بنت الدقاق، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، روى عنه: أبو سعد، وقال: توفي بعد سنة ثلاثين وخمسمائة.

540 -

‌ محمد بن إسماعيل بن محمد

، أبو بكر العذري، السرقسطي، ابن فورتش.

سمع من: عمه عبد الله بن محمد القاضي مسند البزار، وأجاز له طراد الزينبي، وجماعة، وشوور في الأحكام، ثم ولي قضاء بلده، سمع منه: أبو جعفر ابن الباذش، وأبو عبد الله النميري، وتوفي بعد الثلاثين.

541 -

‌ محمد بن الحسن بن نديمة

، أبو بكر المروزي، الطبيب.

قرأ عليه السمعاني صحيح البخاري بسماعه من أبي الخير بن أبي عمران، وقال توفي سنة نيفٍ وثلاثين.

542 -

‌ محمد بن عبد الرحمن المذحجي الغرناطي

.

سمع أبا الحسن العبسي، والغساني، وكان فقيها مشاورا، روى عنه أبو عبد الله بن حميد.

توفي قبل الأربعين.

543 -

‌ محمد بن علي بن عطية البلنسي

.

كان في حدود الأربعين وخمسمائة بالأندلس، انفرد بزمانه ببراعة خطه الفائق على وضع المغاربة.

544 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، القاضي أبو عبد الله الجياني، النفزي.

تفقه بقرطبة عند أبي الوليد ابن العواد، وأبي الوليد بن رشد، وحدث

ص: 745

عنهما، وعن ابن عتاب، وشوور في الأحكام، ونوظر عليه في المدونة، وكان عارفًا، إمامًا.

545 -

‌ محمد بن أبي سعيد الفرج بن عبد الله

، السرقسطي، البزاز.

حج، وسمع ببغداد من: ابن خيرون، وابن البطر، وأبي عبد الله الحميدي، وأقام بالإسكندرية، فروى عنه: أبو محمد العثماني، وأبو عبد الله الحضرمي، ومخلوف بن حازة، وكان يشهد.

مات بعد الثلاثين.

546 -

‌ محمد بن محمد بن الحسين بن خميس

، أبو البركات الموصلي، الفقيه.

من بيت علم وتقدم، حدث ببغداد والموصل عن: أبي نصر بن طوق، روى عنه: جماعة.

قال ابن السمعاني: توفي قبل رحلتي إلى الموصل.

قلت: فتكون وفاته بعد الثلاثين وخمسمائة.

547 -

‌ المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب بن نغوبا

، الواسطي، أبو السعادات الشاهد.

قال ابن السمعاني: شيخ كبير، كثير المحفوظ، مليح المحاورة، سالم لحواس، رأيته بواسط، وصعد معي إلى بغداد، وسمعت منه بأماكن، سمع: أبا القاسم ابن البسري، وأبا إسحاق الشيرازي، وأبا الفتح نصر بن محمد الشاشي، وسألته عن مولده، فقال في سنة خمسين وأربعمائة، وقال: نغوبا اسم قرية لجدي، كان يعبر إليها كثيرًا، فنسب إليها، يعني لقب بها.

قلت: روى عنه: أبو اليمن الكندي الجزء الثالث من المخلصيات بانتقاء ابن أبي الفوارس، وابن ابنه علي بن علي، وأبو الفتح المندائي، وله ذرية رووا الحديث.

548 -

‌ محمود بن حامد بن محمد

، أبو المظفر الكاغدي، الدهان، البناء، من شيوخ أصبهان.

ص: 746

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، مكثرًا من الحديث، غير أنه كان من العبدالرحمانية الغلاة، سمع شيخه أبا القاسم عبد الرحمن بن منده، وسمعت منه بأصبهان، وولد بعد الستين وأربعمائة.

549 -

‌ محمود بن سعد بن أحمد بن محمود

، أبو رجاء بن أبي الفرج بن أبي طاهر الثقفي، الأصبهاني، والد يحيى الثقفي وزوج بنت الحافظ إسماعيل التيمي.

قال ابن السمعاني: كان حريصًا على طلب الحديث، وقراءته، وجمعه، وتحصيل النسخ، ورد بغداد وسمع بها الكثير، وحصل تاريخ الخطيب، وغيره من الكتب الكبار، غير أنه ليس له معرفة بالحديث، سمع: ابن عم جده القاسم بن الفضل الثقفي، وأبا نصر السمسار، وأبا مطيع المصري، وأبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وخرج له حموه إسماعيل الحافظ ثلاثة أجزاء، فقرأتها عليه.

550 -

‌ مسرة الزعيمي

، أبو الخير، مولى بني المعوج.

شيخ، صالح، خير، صعلوك، روى عن: أبي نصر الزينبي، كتب عنه: ابن السمعاني ببغداد، وروى عنه: عبد الوهاب بن سكينة.

551 -

‌ معدان بن كثير بن الحسن

، أبو المجد البالسي، الفقيه.

قدم بغداد، وتفقه على أبي بكر الشاشي حتى برع وصار من أعيان الشافعية، وكان ذا معرفة تامة باللغة، والأدب، ورجع إلى بالس، وسمع: أبا نصر الزينبي، وأخاه الكامل أبا الفوارس، وأبا بكر الطريثيثي.

وقد مر أبو سعد السمعاني بالبلد، وما اعتقد أن بها من يروي شيئًا، ثم لما وصل إلى بغداد ذكروه له، فندم على فواته.

552 -

‌ هبة الله بن أبي غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني

، أبو القاسم.

شيخ صالح، من أولاد محدثي بغداد، كان منقطعًا في بيته، سمع: أباه، وعمه أبا طاهر، وأبا عبد الله النعالي، وجماعة، روى عنه: أبو سعد السمعاني.

553 -

‌ هبة الله بن محمد بن أبي الأصابع

، أبو القاسم الحربي، المقرئ، الضرير.

ص: 747

شيخ خير، صالح، كتب عنه ابن السمعاني، عن عبد الواحد بن علون الشيباني.

554 -

‌ يحيى بن عطاف بن إبراهيم بن الربيع

، أبو الفضل الموصلي، الزاهد.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، زاهد، متنسك، كثير العبادة، دائم التلاوة، صحب الصالحين، وخدمهم، وانتفع بهم، سمع: أبا نصر محمد بن علي بن ودعان، وأبا الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري، وجاور بمكة مدةً، ثم قدم الموصل، وحج لما حججت أيضًا، وانتفعنا بصحبته، وآخر عهدي به في شوال سنة خمس وثلاثين بالموصل، وقد كان ناطح الثمانين.

555 -

‌ يحيى بن علي بن محمد بن محمد

، الأنباري، الخطيب، أبو نصر ابن الخطيب أبي الحسن ابن الأخضر.

شيخ، صالح، متودد، سمع بالأنبار من: أبيه، ومن أبي بكر أحمد بن علي الخطيب، وأبي طاهر بن أبي الصقر.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببغداد، وبالأنبار، وبها ولد في سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة في صفر.

556 -

‌ يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم ابن المحاملي

، الفقيه أبو طاهر.

جاور بمكة أزيد من خمسين سنة، وكان مولده سنة ثلاثٍ وخمسين، وقد روى عن والده، عن أبي الحسين بن بشران، سمع منه: أبو موسى المديني، وغيره بمكة.

ص: 748

‌الطبقة الخامسة والخمسون

541 – 550 هـ

ص: 749

بسم الله الرحمن الرحيم

(الحوادث)

‌سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي بن آقْسُنقُر عليه، فقتلوه وهو يحاصر جعبر، فقام بأمر الموصل ابنه غازي، وبحلب نور الدين محمود.

وفيها احترق قصر المسترشد الذي بناه في البستان، وكان فيه الخليفة، فسلِم، وتصدّق بأموال.

وفي رجب قدم السلطان مسعود، وعمل دار ضرْب، فقبض الخليفة على الضّرّاب الذي تسبب في إقامة دار الضّرْب، فنفذ الشحنة وقبض على حاجب الخليفة، وأربعة من الخواص، فغضب الخليفة، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيام، ثم أُطلق الضّرّاب، فأطلقوا الحاجب، وسكن الأمر.

ووقع حائط بالدار على ابنة الخليفة، وكانت تصلح للزواج، واشتد حزنهم عليها، وجلسوا للعزاء ثلاثة أيام.

وفي ذي القعدة جلس ابن العبادي الواعظ، فحضر السلطان مسعود، فعرّض بذِكر حق البيع، وما جرى على الناس، ثم قال: يا سلطان العالم، أنت تهبُ في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يؤخذ من المسلمين، فاحسبني ذلك المطرب، وهبْه لي، واجعله شُكرًا لله بما أنعم عليك، فأشار بيده أني قد فعلت، فارتفعت الضجة بالدعاء له، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح التي نقِش عليها تَرْك المُكوس في الأسواق، وبين يديها الدبادب والبُوقات، ولم تزل إلى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح، وقال: ما لنا حاجة بآثار الأعاجم.

وحج الوزير نظام الدين ابن جَهير، قال ابن الجوزي: وحججت أنا

ص: 751

بالزوجة والأطفال.

قال ابن الأثير: وفيها ملَكَت الفرنج طرابلس المغرب، جهّز الملك رُجار صاحب صقلية في البحر أسطولًا كبيرًا، فنازلوها في ثالث المحرم، فخرج أهلها، ودام الحرب ثلاثة أيام، فاتفق أن أهلها اختلفوا، وخلَت الأسوار، فنصبت الفرنج السلالم، وطلعوا وأخذوا البلد بالسيف واستباحوه، ثم نادوا بالأمان، فظهر من سلِم، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها.

وفيها لما قُتل زَنكي قصد صاحب دمشق بعلبك وحاصرها، وبها نائب زنكي الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي، فسلّمها صُلحًا له، وأقطعه خُبزًا بدمشق، وملّكه عدة قرى، فانتقل إلى دمشق وسكنها.

وفيها في أولها سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس إلى مدينة سَلا فأخذها، ووحّدت مدينة سبتة، فآمنهم، ثم سار إلى مراكش، فنزل على جبل قريب منها، وبها إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، فحاصرها أحد عشر شهرًا، ثم أخذها عنوة بالسيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين، واستوسق له الأمر ونزلها، وجاءه جماعة من وجوه الأندلسيين وهو على مراكش باذلين له الطاعة والبيعة، ومعهم مكتوب كبير فيه أسماء جميع الذين بايعوه من الأعيان، وقد شهد من حضر على من غاب، فأعجبه ذلك، وشكر هجرتهم، وجهّز معهم جيشًا مع أبي حفص عمر بن صالح الصنهاجي من كبار قُواده، فبادر إلى إشبيلية فنازلها، ثم افتتحها بالسيف.

وذكر اليَسَع بن حزم أن أهل مراكش مات منهم بالجوع أيام الحصار نيفٌ على عشرين ومائة ألف، حدّثنيه الدافنُ لهم، ولما أراد فتحها داخلت جيوش الروم الذين بها عبد المؤمن فكتب لهم أمانًا، فأدخلوه من باب أغمات، فدخلها بالسيف، وضرب عنق إسحاق المذكور، في عدة من القواد.

قال اليَسَع: قُتل ذلك اليوم فيما صحّ عندي نيف على السبعين ألف رجل.

ص: 752

‌سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

فيها ولي أبو المظفر يحيى بن هُبيرة ديوان الزمام.

وفيها سار الأمير بُزَبة واستمال شحنة أصبهان، وانضاف معه محمد شاه، فأرسل السلطان مسعود عساكر أذربيجان، وكان بُزَبة في خمسة آلاف، فالتقوا، فكسرهم بزبة، واشتغل جيشه بالنهب، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس، فحمل عليهم، فتقنطر الفرس ببُزبة، فوقع وجيء به إلى مسعود، فوسّطه، وجيء برأسه فعُلِّق ببغداد.

وعُزل أبو نصر جهير عن الوزارة بأبي القاسم علي بن صدقة، شافهه بالولاية المقتفي، وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده.

وقدِم سلاركُرد على شِحنكية بغداد، وخرج بالعسكر لحرب علي بن دُبيس، فالتقوا، ثم اندفع علي إلى ناحية واسط، ثم عاد وملك الحِلة.

وباشر قضاء بغداد أبو الوفاء يحيى بن سعيد بن المرخّم في الدّست الكامل، على عادة القاضي الهَرَويّ، وكان أبو الوفاء بئس الحاكم، يرتشي ويُبطل الحقوق.

وفي رمضان برز إسماعيل ابن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر بغداد، فبقي يومين، وخرج متنكرًا، على رأسه سلة، وبيده قدح، على وجه التنزه، فانزعج البلد، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم، وخاف هو أن يرجع إلى الدار، فاختفى عند قوم، فآذنوا به، فجاء أستاذ دار والحاجب وخدموه وردّوه.

وفيها سار نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب يومئذ ففتح أرتاح، وهي بقرب حلب، استولت عليها الفرنج، فأخذها عنوة، وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج، فهابته الفرنج، وعرفوا أنه كبْش نطّاح مثل أبيه وأكثر.

وفيها سار أخوه غازي صاحب الموصل إلى ديار بكر، فأخذ دارا وخربها ونهبها، ثم حاصر ماردين، فصالحه حسام الدين تِمرتاش بن إيلغازي، وزوّجه بابنته، فلم يدخل بها، ومرض ومات، فتزوجها أخوه قطب الدين.

وفيها، وفي السنين الخمس التي قبلها، كان الغلاء المُفرط بإفريقية،

ص: 753

وعظُم البلاء بهم في هذا العام حتى أكل بعضهم بعضًا.

وفيها تزوج الملك نور الدين بالخاتون ابنة الأتابك معين الدين أُنُر، وأُرسلت إليه إلى حلب.

‌سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

فيها جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك إلى بيت المقدس، وصلوا صلاة الموت، وردوا إلى عكا، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار، وعزموا على قصد الإسلام، وظن أهل دمشق أنهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأول إلا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس، وستين ألف راجل، فخرج المسلمون فقاتلوا، فكانت الرّجّالة الذين برزوا لقتالهم مائة وثلاثين ألفًا، والخيالة طائفة كبيرة، فقُتل في سبيل الله نحو المائتين، منهم الفقيه يوسف الفندلاوي، والزاهد عبد الرحمن الحلحولي، فلما كان في اليوم الثاني، خرجوا أيضًا، واستشهد جماعة، وقتلوا من الفرنج ما لا يُحصى، فلما كان في اليوم الخامس، وصل غازي بن أتابك زنكي في عشرين ألف فارس، ووصل أخوه نور الدين محمود إلى حماه رديفًا له، وكان في دمشق البكاء والتضرّع وفرش الرماد أيامًا، وأُخرج مُصحف عثمان إلى وسط الجامع، وضجّ النساء والأطفال مكشّفين الرؤوس، فأغاثهم الله.

وكان مع الفرنج قسيس ذو لحية بيضاء، فركب حمارًا، وعلّق في حلقه الصليب، وفي يديه صليبين، وقال للفرنج: أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، ولا يردّني أحد، فاجتمعوا حوله، وأقبل يريد البلد، فلما رآه المسلمون صدقت نيّتُهم، وحملوا عليه، فقتلوه، وقتلوا الحمار، وأحرقوا الصلبان، وجاءت النجدة المذكورة، فهزم الله الفرنج، وقُتل منهم خلق.

قال ابن الأثير: سار ملك الألمان من بلاده في خلق كثير، عازمًا على قصد الإسلام، واجتمعت معه فرنج الشام، وسار إلى دمشق، وبها مجير الدين أبَق بن محمد بن بُوري، وأتابكه معين الدين أُنُر، وهو الكل، وكان عادلًا، عاقلًا، خيّرًا، استنجد بأولاد زنكي فنجدوه، ورتب أمور البلد، وخرج بالناس

ص: 754

إلى قتال الفرنج، فقويت الفرنج، وتقهقر المسلمون إلى البلد، ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأيقن الناس بأنه يملك البلد، وجاءت عساكر سيف الدين غازي، ونزلوا حمص، ففرح الناس وأرسل معين الدين يقول للفرنج الغرباء: إن ملك الشرق قد حضر، فإن رحلتم، وإلا سلّمت دمشق إليه، وحينئذ تندمون، وأرسل إلى فرنج الشام يقول لهم: بأي عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد الساحلية؟ وأنا إذا رأيت الضعفَ عن حفظ البلد سلّمته إلى ابن زنكي، وأنتم تعلمون أنه إن ملَك لا يبقى لكم معه مقام بالشام، فأجابوه إلى التخلي عن ملك الألمان، وبذل لهم حصن بانياس، فاجتمعوا بملك الألمان، وخوّفوه من عساكر الشرق وكثرتها، فرحل وعاد إلى بلاده، وهي وراء القسطنطينية.

قلت: إنما كان جل قدومه لزيارة القدس، فلما ترحّلوا سار نور الدين محمود إلى حصن العزيمة، وهو للفرنج، فملكه، وكان في خدمته معين الدين أنُر بعسكر دمشق.

وفيها كان أول ظهور الدولة الغورية قصد سوري بن الحسين مدينة غزنة وملكها ثم حاربه بهرام شاه وأسره وقتله، ثم غضبت لقتله الغورية، وحشدوا وجمعوا، وكان خروجهم في سنة سبعٍ وأربعين.

وفيها نقب الحبس رضو ن، الذي كان وزير الحافظ صاحب مصر، وهرب على خيل أعدّت له، وعبر إلى الجيزة، وكان له في الحبس تسع سنين، وقد كنا ذكرنا أنه هرب إلى الشام، ثم قدم مصر في جمع كثير، فقاتل المصريين على باب القاهرة وهزمهم، وقتل خلقًا منهم، ودخل البلد، فتفرّق جمعه، وحبسه الحافظ عنده في القصر، وجمع بينه وبين أهله، وبقي إلى أن نقب الحبس، فأتى من الصعيد بجموع كثيرة، وقاتل عسكر مصر عند جامع ابن طولون فهزمهم، ودخل القاهرة، وأرسل إلى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار، فبعثها إليه، ففرّقها، وطلب زيادة، فأرسل إليه عشرين ألفا أخرى، ثم عشرين ألفا أخرى، وأخذ الناس منه العطاء وتفرقوا، وهيأ الحافظ

ص: 755

جمعًا كبيرًا من العبيد وبعثهم، فأحاطوا به، فقاتلهم مماليكه ساعة، وجاءته ضربة فقُتل، ولم يستوزر الحافظ أحدًا من سنة ثلاث وثلاثين إلى أن مات.

قال سِبط الجوزي: فيها ظهر بمصر رجل من ولد نزار ابن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلق، فجهّز إليه الحافظ العساكر، والتقوا بالصعيد، فقُتل جماعة، ثم انهزم النزاري، وقُتل ولده.

وفيها أمر نور الدين بإبطال: حيّ على خير العمل، من الأذان بحلب، فعظُم ذلك على الإسماعيلية والرّافضة الذين بها.

وكان السلطان مسعود قد مكّن خاصّبك من المملكة، فأخذ يقبض على الأمراء، فتغيروا على مسعود، وقالوا له: إما نحن، وإما خاصّبَك، فإنه يحملك على قتلنا، وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود، فانجفل الناس واختبطوا، وهرب الشِحنة إلى تكريت، وقطع الجسر، وبعث المقتفي ابن العبّادي الواعظ رسولًا إليهم، فأجابوا: نحن عبيد الخليفة وعبيد السلطان، وما فارقناه إلا خوفًا من خاصّبَك، فإنه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طُوَيرك، وعبّاسًا، وبُزَبَة، وتَتر، وصلاح الدين، وما عن النفس عوض، وما نحن خوارج ولا عُصاة، وجئنا لتُصلح أمرنا مع السلطان، وكانوا: ألبُقُش، وألدكز، وقيصر، وقرقوب، وأخو طُويرك، وطرنطاي، وعلي بن دُبيس، ثم دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاص السلطان، وأخذوا الغلات، فثار عليهم أهل باب الأزَج وقاتلوهم، فكتب الخليفة إلى مسعود، فأجابه: قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا، بأنه لا يجنّد، فيحتاط للمسلمين، فجنّد وأخرج السُّرادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال على مَحال الجانب الغربي وراحوا إلى دُجيل وأخذوا الحريم والبنات، وجاؤوا بهنّ إلى الخيم.

ثم وقع القتال، وقاتلت العامة بالمقاليع، وقُتل جماعة، فطلع إليهم الواعظ الغزْنَوي فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا، واستنقذ منهم المواشي، وساقها إلى البلد، وقبض الخليفة على ابن صدقة، وبقي الحصار أيامًا، وخرج خلقٌ من العوام بالسلاح الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم

ص: 756

العسكر، وانهزموا لهم، ثم خرج عليهم كمين فهربوا، وقُتل من العامة نحو الخمسمائة، ثم جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التاج وقالوا: لم يقع هذا بعلمنا، وإنما فعله أوباش لم نأمرهم، فلم يقبل عُذرهم، فأقاموا إلى الليل وقالوا: نحن قيامٌ على رؤوسنا، لا نبرح حتى يعفى عن جُرمنا، فجاءهم الخادم يقول: قد عفا عنكم أمير المؤمنين فامضوا، ثم سار العسكر، وذهب بعضهم إلى الحلة، وبعضهم طلب بلاده.

ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعري أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون.

ومات قاضي القُضاة الزّينبي، فقُلِّد مكانه أبو الحسن علي بن أحمد بن علي ابن الدامغاني.

وفيها الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر الناس ودخل خلق إلى جزيرة صقلية، وعظُم الوباء، فاغتنم الملعون رُجار صاحب صقلية هذه الشدة، وجاء في مائتين وخمسين مركبًا، ونزل على المهدية، فأرسل إلى صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن باديس: إنما جئت طالبًا بثأر محمد بن رشيد صاحب قابس، وردّه إلى قابس، وأنت فبيننا وبينك عهود إلى مدة، فنريد منك عسكرًا يكون معنا، فجمع الحسن الفقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقاتل عدوّنا، فإن بلدنا حصين، قال: أخاف أن ينزل إلى البرَّ ويحاصرنا برًا وبحرًا ويمنعنا الميرة، ولا يحل لي أن أعطيه عسكرًا يقاتل به المسلمين، وإن امتنعت قال: نقضت، والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلينزح، وخرج لوقته، فخرج الخلق على وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهدية بلا ضربة ولا طعنة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فوقع النهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان، وسار الحسن إلى عند أمير عرب تلك الناحية، فأكرمه، وصار للفرنج من طرابلس المغرب إلى قريب تونس.

وأما الحسن، فعزم على المسير إلى مصر، ثم عزم على المصير إلى عبد المؤمن هو وأولاده، وهو التاسع من ملوك بني زيري، وكانت دولتهم بإفريقية مائتين وثمان سنين.

ص: 757

‌أربع وأربعين وخمسمائة

في المحرّم ارتفع عن الناس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى.

وغزا نور الدين محمود بن زنكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية، وكانت وقعة عظيمة، قُتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسر مثلهم، وذلّ دين الصليب، ثم افتتح نور الدين حصن فامية، وكان على أهل حماة وحمص منه غاية الضرر.

وكان جوسلين، لعنه الله، قد ألهب الخلق بالأذية والغارات، وهو صاحب تل باشر، وعزاز، وعينتاب، والراوندان، وبهَسْنا والبيرة، ومرعش، وغير ذلك، فسار لحربه سلحدار نور الدين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدين جماعة من التركمان وقال: من جاءني بجوسلين أعطيته مهما طلب، فنزلوا بأرض عينتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امرأة مليحة فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن له التركمان وأخذوه أسيرًا، وأحضروه إلى نور الدين، فأعطى الذي أسره عشرة آلاف دينار، وكان أسرُه فتحًا عظيمًا، واستولى نور الدين على أكثر بلاده.

وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بن هُبيرة، ولقبه: عون الدين.

وفي رجب جمع ألبُقُش وقصد العراق، وانضم إليه ملكشاه ابن السلطان محمود، وعلي بن دُبيس، وطرنطاي، وخلق من التركمان، فلما صاروا على بريد من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملكشاه، فلم يجبهم الخليفة، وجمع العسكر وتهيأ وبعث البريد إلى السلطان مسعود يستحثه، فلم يتحرك، فبعث إليه عمه سنجر يقول له: قد أخربت البلاد في هوى ابن البلنكري، فنفّذه هو، والوزير، والجاولي، وإلا ما يكون جوابك غيري، فلم يلتفت لسنجر، فأقبل سنجر حتى نزل الريّ، فعلم مسعود، فسار إليه جريدةً، فترضّاه وعاد، ثم قدم بغداد في ذي الحجة واطمأن الناس.

وفيها حجّ بالعراقيين نظر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيماز الأرجواني، ومات نظر بعد أيام.

وفي ذي الحجة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشر مرات،

ص: 758

وتقطّع بحلوان جبلٌ من الزلزلة، وهلك عالم من التركمان.

وفيها مات صاحب الموصل سيف الدين غازي بن زنكي، وملَك بعده أخوه مودود، وعاش غازي أربعًا وأربعين سنة، وكان مليح الصورة والشكل، وخلّف ولدًا توفي شابًا، ولم يُعقب.

وفيها وقع الخُلف بين رُجار الإفرنجي صاحب صقلية، وبين صاحب القسطنطينية، ودامت الحروب بينهم سنين، فاشتغل رُجار عن إفريقية.

وفيها قال أبو يَعلى التميمي في تاريخه: كان قد كَثُر فساد الفرنج المقيمين بعكا، وصور، والسواحل، بعد رحيلهم عن حصار دمشق، وفساد شروط الهدنة التي بين أُنُر وبينهم، فشرعوا في العبث في الأعمال الدمشقية، فنهض معين الدين أنُر بالعسكر مُغيرًا على ضياعهم، وخيّم بحوران، وكاتَب العرب، وشنّ الغارات على أطراف الفرنج، وأطلق أيدي التركمان في نهب أعمال الفرنج، حتى طلبوا تجديد عقد الهدنة والمسامحة ببعض المقاطعة، وترددت الرُسل، ثم تقررت الموادعة مدة سنتين، وتحالفوا على ذلك.

ثم بعث أنُر الأمير مجاهد الدين بُزان بن مامين في جيش نجدةً لنور الدين على حرب صاحب أنطاكية، فكانت تلك الوقعة المشهودة التي انتصر فيها نور الدين على الفرنج، فلله الحمد والمِنة، وكان جمعه نحوًا من ستة آلاف فارس سوى الأتباع، والفرنج في أربعمائة فارس، وألف راجل، فلم ينجُ منهم إلا اليسير، وقُتل ملكهم البلنس، فحُمل رأسه إلى نور الدين، وكان هذا الكلب أحد الأبطال والفرسان المشهورين بشدة البأس، وعظم الخلقة والتناهي في الشرّ.

ثم نازل نور الدين أنطاكية وحاصرها إلى أن ذلّوا وسلموها بالأمان، فرتب فيها من يحفظها، فجاءتها أمداد الفرنج، ثم اقتضت الحال مهادنة من في أنطاكية وموادعتهم.

وأما معين الدين أنُر فإنه مرض، وجيء به من حوران في محفة، ومات بدوسنطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته.

ثم جرت واقعة عجيبة، استوحش الرئيس مؤيّد الدين من الملك مُجير

ص: 759

الدين استيحاشًا أوجب جمعَ من أمكنه من أحداث دمشق والجهلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدولة حيدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب، فنفذ مجير الدين يطيّب نفوسهما، فما وُثِق، بل جدّا في الجمع والاحتشاد من العوام والجُند، وكسروا الحبس وأطلقوا من فيه، واستنفروا جماعة من الشواغرة وغيرهم، وحصلوا في جمعٍ كثير امتلأت بهم الطرق، فاجتمعت الدولة في القلعة بالعُدد، وأخرِجت الأسلحة، وفرقت على الجند، وعزموا على الزحف إلى جمع الأوباش، ثم تمهلوا حقنًا للدماء، وخوفًا من نهب البلد، وألحوا على الرئيس وتلطّفوا إلى أن أجاب، واشترط شروطًا أجيب إلى بعضها، بحيث يكون ملازمًا لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الديوان، ولا يركب إلى القلعة إلا مستدعًى إليها، ثم حدث بعد ذلك عود الحال إلى ما كانت عليه، وجمع الجمع الكثير من الأجناد والمقدّمين، والفلاحين، واتفقوا على الزحف إلى القلعة وحصرها، وطلب من عيّنة من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وقُتل جماعة، ثم عاد كل فريق إلى مكانه، ووافق ذلك هروب السّلار زين الدين إسماعيل شِحنة البلد وأخوه إلى ناحية بعلبك، ولم تزل الفتنة هائجةً، والمحاربة متصلة، إلى أن أُجيب إلى إبعاد من التمس إبعاده من خواص مُجير الدين، ونُهبت دار السلار وأخيه، وخلع على الرئيس وأخيه، وحلف لهما مُجير الدين، وأعاد الرئيس إلى الوزارة، بحيث لا يكون له في الأمر معترض ولا مُشارك.

وأما مصر، فمات بها الحافظ لدين الله عبد المجيد العُبيدي، وأقيم بعده ابنه الظافر إسماعيل، ووزر له أمير الجيوش ابن مصال المغربي، فأحسن السيرة والسياسة، ثم اضطربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتل خلقٌ منهم.

وأما أعمال دمشق كحوران، وغيرها، فعاثت بها الفرنج، وأجدبت الأرض، ونزح الفلاحون، فجاء نور الدين بجيشه إلى بعلبك ليوقع بالفرنج، ففتح الله بنزول غيث عظيم، فعظُم الدعاء لنور الدين، وأحبه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحُسن سيرته، ثم نزل على جسر الخشب في آخر سنة

ص: 760

أربع، وراسل مُجير الدين، والرئيس يقول: إنني ما قصدتُ بنزولي هنا طلبًا لمحاربتكم، وإنما دعاني كثرة شكاية أهل حوران والعُربان، أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا يسعني مع القدرة على نُصرتهم القعودُ عنهم، مع علمي بعجزكم عن حفظ أعمالكم والذبّ عنها، والتقصير الذي دعاكم إلى الاستصراخ بالإفرنج على محاربتي، وبذلكم لهم أموال الضعفاء من الرعية ظلمًا وتعديًا، ولا بد من المعونة بألف فارس تجرَّد مع مقدّم لتخليص ثغر عسقلان وغيره، فكان الجواب: ليس بيننا وبينك إلا السيف، فكثر تعجّب نور الدين، وأنكر هذا، وعزم على الزحف إلى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذلك، ثم تقرر الصلح في أول سنة خمسٍ وأربعين، فإن نور الدين أشفق من سفك الدماء، فبذلوا له الطاعة، وخطبوا له بجامع دمشق بعد الخليفة والسلطان، وحلفوا له، فخلع نور الدين على مجير الدين خلعة كاملة بالطوق، وأعاده مكرّمًا، محتَرَمًا، ثم استدعى الرئيس إلى المخيّم، وخلع عليه، وخرج إليه المقدَّمون، واختلطوا به، وردّ إلى حلب.

وجاء الخبر بأن الملك مسعود نزل على تل باشِر وضايقها.

ثم قدم حُجاج العراق وقد أُخذوا، وحكوا مصيبة ما نزل مثلُها بأحد، وكان ركبًا عظيمًا فيه من وجوه خراسان وتنائها وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلق، فأُخذ جميع ذلك، وقُتل الأكثر، وسلِم الأقل، وهُتكت الحُرم، وهلك خلقٌ بالجوع والعطش.

وأما مسعود، فإنه ترحّل عن تل باشِر.

وتوجّه مجاهد الدين بُزان إلى حصن صرخد، وهو له، لترتيب أحواله، وعرضت له نفرةٌ من صاحب دمشق ورئيسها، ثم طُلب، واصطلحوا على شرط إبعاد الحاجب يوسف عن دمشق، فأُبعد، فقصد بعلبك، فأكرمه متولّيها عطاء.

وأما مصر، فالأخبار واصلة بالخُلف المستمر بين وزيرها ابن مصال، وبين المظفّر ابن السلار فتمت حروب أسفرت عن قتل ابن مصال واستيلاء ابن السلار على الأمر، فسكنت الفتنة، ثم ثار الجُند، وجرت أمور، وقُتل جماعة، نسأل الله العافية.

ص: 761

‌سنة خمس وأربعين وخمسمائة

جاءت الأخبار بما جرى على ركب العراق، طمع فيهم أمير مكة، واستهون بقَيماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيماز، فامتنع الناس عليه، ولما وصلوا إلى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، في رابع عشر المحرم، فاقتتلوا وظهرت عليهم العرب فأخذوا ما لا يُحصى، حتى إنه أُخذ من خاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار، وذهب للتجار أموال كثيرة، واستغنَتَ العربُ، وتمزّق الناس، وهربوا مُشاةً في البرية، فمات خلقٌ جوعًا وعطشًا وبَردًا، وطلى بعض النساء أجسادهن بالطين سترًا للعورة، وتوصّل قَيماز في نفرٍ قليل.

وفيها كان الصلح، فإن نور الدين نازل دمشق وضايقها، ثم اتقى الله في دماء الخلق، وخرج إليه مُجير الدين أبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصوفي، وخلع عليهما، ورحل إلى حلب والقلوب معه لما رأوا من دينه.

قال ابن الجوزي: وجاء في هذه السنة باليمن مطر كله دم، وصارت الأرض مرشوشة بالدم، وبقي أثره في ثياب الناس.

وفيها جهّز عبد المؤمن بن علي ثاني مرة جيشًا من الموحّدين في اثني عشر ألف فارس إلى قرطبة، لأن الفرنج نازلوها في أربعين ألفًا ثلاثة أشهر، وكادوا أن يملكوها، فكشف عنها الموحدون، ولطَف الله.

وفيها مرض ابن البلنكري، وهو خاصّ بك التركماني أتابك جيش السلطان مسعود، فلما عوفي أسقط المُكوس.

ثم مات بعد أيام ببغداد مختص الحضرة مكاس البلد، وكان يبالغ في أذى الخلق ويقول: أنا قد فرشت حصيرًا في جهنم.

‌سنة ستّ وأربعين وخمسمائة

في عاشوراء نزل أوائل عسكر نور الدين بعذرا ونواحيها، ثم قصد من الغد طائفة منهم إلى ناحية النّيرب والسهم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلما خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا إلى البلد وسلموا، وانتشرت العساكر

ص: 762

الحلبية بنواحي البلد، واستؤصلت الزروع والفاكهة من الأوباش، وغلت الأسعار، وتأهبوا لحفظ البلد، فجاءت رسُل نور الدين يقول: أنا أؤثر الإصلاح للرعية وجهاد المشركين، فإن جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدنا على الجهاد، فذلك المراد، فلم يُجيبوه بما يرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدين رِفقًا بالمسلمين، ولكن خربت الغوطة والحواضر إلى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدم التبن، وعظُم الخطب، والأخبار متوالية باحتشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد، فضاقت صدور أهل الدين، فدام ذلك شهرًا، والجيش النوري في جمْع لا يُحصى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذن لأحد في التسرّع إلى القتال، ولكن جُرح خلق.

ثم ترحّل بهم إلى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثم تحوّل إلى عين الجرّ بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مع عسكر دمشق، وقصدوا بصرى لمنازلتها، فلم يتهيأ لهم ذلك، وانكفأ عسكر الفرنج إلى أعمالهم، وراسلوا مجير الدين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم على ترحيل نور الدين، وقالوا: لولا نحن ما ترحّل، وورد الخبر بمجيء الأسطول المصري إلى ثغور الساحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركبًا حربية مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها على ما قيل ثلاثمائة ألف دينار، فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا على مراكب الفرنج، ثم قصدوا عكا، ففعلوا مثل ذلك، وقتلوا خلقًا عظيمًا من حجاج الفرنج، وقصدوا صيدا، وبيروت، وطرابلس، وفعلوا بهم الأفاعيل، ولولا شغل نور الدين بدمشق لأعان الأصطول، وقيل إنه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفًا.

ثم عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده على الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بداريا، فنودي بخروج الجند والأحداث، فقلّ من خرج، ثم إنه قرُب من البلد، ونزل بأرض القطيعة، ووقعت المناوشة، فجاء الخبر إلى نور الدين بتسلّم نائبه الأمير حسن تل باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبوقات بالبشارة، وتوقف عن قتال الدمشقيين ديانةً وتحرُّجًا، وترددت الرسل في الصلح على اقتراحات تردّد فيها الفقيه برهان الدين

ص: 763

البلخي، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثم وقعت الأيمان من الجهتين، فترحل إلى بصرى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأن واليها سرخاك قد عصى، ومال إلى الفرنج، واعتضد بهم، فتألم نور الدين لذلك، وجهّز عسكرًا لقصده، وفيها كان الوباء المفرط بدمياط، فهلك في هذا العام والذي قبله بها أربعة عشر ألفًا، وخلت البيوت.

وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدين أبق في خواصّه إلى حلب، فأكرمه نور الدين، وقرر معه تقريرات اقترحها بعد أن بذل الطاعة والنيابة عنه بدمشق، ورجع مسرورًا.

وفي شعبان قصدت التركمان بانياس، فخرجت الإفرنج فالتقوا، فعمل السيف في العدو، وانهزم مقدّمهم في نفرٍ يسير.

وأغارت الفرنج على قرى البقاع، فاستباحوها، فنهض عسكر من بعلبك وخلق من رجال البقاع، فلحقوا الفرنج وقد حبستهم الثلوج، فقتلوا خلقًا من الفرنج، واستنقذوا الغنائم.

وافتتح نور الدين أنطرطوس في آخرها.

وقدِم السلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبادي أن يجلس في الجامع المنصور، فقيل له: لا تفعل، فإن أهل الجانب الغربي لا يمكّنون إلا الحنابلة، فلم يقبل، وضمن له نقيب النُقباء الحماية، فجلس في ذي الحجة يوم جمعة، وحضر أستاذ الدار والنقيبان، وخلائق، فلما شرع في الكلام كثُر اللغط والصيحات، ثم أُخذت عمائم وفُوَط، وجُذبت السيوف حول ابن العبادي، فثبت، وسكن الناس، ثم وعظ.

وفيها أسر نور الدين الملك جوسلين فارس الفرنج وبطلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عَزاز، وعينتاب، وتل باشِر.

‌سنة سبع وأربعين وخمسمائة

.

فيها جاءت الأخبار بموت السلطان مسعود بباب همذان.

وذكر ابن هُبيرة في الإفصاح قال: لما تطاول على المقتفي أصحاب

ص: 764

مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة، اتفق الرأي على الدعاء عليه شهرًا، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رِعل وذكوان شهرًا، فابتدأ هو والخليفة سرًا، كل واحد في موضعه يدعو سحَرًا، من ليلة تسع وعشرين من جمادى الأولى، واستمر الأمر كل ليلة، فلما تكمّل الشهر، مات مسعود على سريره، لم يزد على الشهر يومًا، ولا نقص يومًا، فتبارك الله رب العالمين.

واتفق العسكر على سلطنة ملكشاه، وقام بأمره خاصّ بك، ثم إن خاصّ بك قبض على ملكشاه، وطلب أخاه محمدًا من خوزستان، فجاءه فسلّم إليه السلطنة، فلما استقر قتل خاصّ بك، وهرب شِحنة بغداد لما سمع بموت مسعود، وأمر الخليفة: أي مَن تخلّف من الجُند عن الخدمة أبيح دمه، وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي إلى مدرستهم، ويدرّس بها وأحضر الشيخ أبو النجيب مدرسها وأهين وحبس، لأنه درس بها من جهة السلطان، وقبضوا على الحيص بيص، وأخرجوه من بيته حافيًا مهانًا، وحُبس في حبس اللصوص، ثم أُحضر الشيخ أبو النجيب إلى باب النوبي، وكُشف رأسُه، وضُرب خمس دِرَر، ثم حُبس، ثم أُخذ البديع الصوفي الواعظ صاحب أبي النجيب، واتُهم بالرفض، فشُهِّر وصُفع.

وبلغ الخليفة أن في نواحي واسط تخبيطًا، فسار بعسكره وراءه الناس، وسار إلى واسط، فرتّب بها شحنة، ثم مضى إلى الحلة، والكوفة، ثم عاد إلى بغداد مؤيَّدًا منصورًا، فغُلِّقت بغداد، وزُيّنت، وعُملت القباب، وعمل الذهبيون بباب الخان العتيق قبة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعباس، بحركات تدور، وعُملت قباب عديدة على هذا النموذج، وانطلق أهل بغداد في اللعب والخبال، واللهو إلى يوم عيد النحر.

وفيها كان خروج الغورية، وحاربهم السلطان سَنْجر، وملكهم حسين بن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غزنة، فأول ما ملكوا بلخ، فقاتله سنجر، وأسره وعفا عنه وأطلقه، فسار حسين إلى غزنة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكتكين، فانهزم من غير قتال، وتسلّم علاء الدين حسين الغوري غزنة، واستعمل عليها أخاه سيف الدين، وردّ إلى الغور، فلما جاء الشتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غزنة، فقبض على سيف الدين وصلبه، ثم لم يلبث بهرام شاه أن مات، فأقاموا بعده ولده

ص: 765

خُسروشاه، فقصده علاء الدين حسين، فهرب منه إلى لهاوور سنة خمسين، وملك علاء الدين غزنة، ونهبها ثلاثة أيام، وقتل جماعة وبدّع، وتلقّب بالسلطان المعظّم، وشال الجتْرَ فوق رأسه على عادة السلاطين السلجوقية، واستعمل ابنَي أخيه، وهما السلطان غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام، وأخوه السلطان شهاب الدين أبو المظفّر محمد، فأحسنا السيرة في الرعية، وأحبهما الناس، وانتشر ذكرها، وطال عمرهما، وملكا البلاد.

وأول أمرهما أنهما أظهرا عصيان عمهما، فبعث إليهما جيشًا فهزموه، فسار بنفسه إليهما والتقوا، فأُسر عمهما علاء الدين فأحسنا إليه، وأجلساه على التخت، ووقفا في الخدمة، فبكى وقال: هذان صبيّان فعلا ما لو قدرت عليه منهما لم أفعله، وزوّج غياث الدين بابنته، وفوّض إليه الأمور من بعده، فلما مات استقلّ غياث الدين بالملك، ثم ملكت الغُزّ غزنة خمس عشرة سنة، وعسفوا وظلموا مدة، ثم حاربهم غياث الدين ونُصر عليهم فافتتح البلاد، وأحسن، وعدل.

وفيها جاءت الأخبار بافتتاح أنطرطوس وقتل من بها من الفرنج، وأمِّن بعضُهم وافتتح نور الدين عدة حصون صغار، وظفر أهل عسقلان بفرنج غزة وقتلوا خلقا.

‌سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

فيها خرجت التُرك على السلطان سنجر، وهم الغزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فعل التتار، فكانت بينهم وبينه ملحمة عظيمة، فكُسر سنجر، واستُبيح عسكره قتلًا وأسرًا، ثم هجمت الغُزّ نيسابور، فقُتل معظم من فيها من المسلمين، ثم ساروا إلى بلخ، فملكوا البلد، وكانت عدتهم فيما قيل مائة ألف خركاه، ثم أسروا سنجر واحتاطوا به، وذاق الذل، وملكوا بلاده، وبقوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورةً بلا معنى.

ص: 766

وكانت الغُزّ تُركُمان ما وراء النهر، قال ابن الأثير: لما تملّكت الخِطا ما وراء النهر، طردوا الغُزّ، فنزلوا بنواحي بلخ على مراعيها، واسم مقدّميهم: دينار، وبختيار، وطوطى، وأرسلان، وجغر، ومحمود، فأراد قُماج نائب سنجر على بلخ إبعادهم، فصانعوه، وبذلوا له مالًا، وأقاموا على حالة حسنة لا يُؤذون ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ثم عاودهم قماج، وأمرهم بالترحّل، فامتنعوا وتجمعوا، فخرج قماج إليهم في عشرة آلاف، فهزموه، ونهبوا عسكره وأمواله، وأكثروا القتل في العسكر والرعايا، وأسروا النساء والأطفال، وقتلوا الفقهاء، وعملوا العظائم، وخرّبوا المدارس، وانهزم قماج إلى مَرو.

وأرسل السلطان سنجر يتهددهم، فاعتذروا، وبذلوا له مالًا، فلم يُجبهم، وجمع عساكره من النواحي، فاجتمع معه ما يزيد على مائة ألف فارس، والتقاهم فهزموه، وتبعوا عسكره قتلًا وأسرًا، فصارت قتلى العسكر كالتلال، وقُتل الأمير علاء الدين قماج وأُسر السلطان وجماعة من أمرائه، فضربوا أعناق الأمراء، ونزلت أمراء الغُزّ، فقبّلوا الأرض بين يدي سنجر، وقالوا: نحن عبيدك، ولا نخرج عن طاعتك، فقد علمنا أنك لم تُرد قتالنا، وإنما حُملت عليه، فأنت السلطان، ونحن العبيد، فمضى على ذلك شهران أو ثلاثة، ودخلوا معه إلى مرو، وهي كرسي المُلك، فطلبها منه بختيار إقطاعًا، فقال: هذه دار المُلك، ولا ينبغي أن تكون إقطاعًا لأحد، فصفى له واحدة، فلما رأى ذلك، نزل عن سريره، ثم دخل خانكاه مرو، وتاب من الملك، واستولى الغُزّ على البلاد، وظهر من جورهم ما لم يُسمع بمثله، وولّوا على نيسابور واليًا، فعلّق في السوق ثلاث غرائر، وقال: أريد ملء هذه ذهبًا، فثار عليه العامة فقتلوه، وقتلوا من معه، فركبت الغز، ودخلوا بلد نيسابور، ونهبوها، وقتلوا الكبار والصغار، وأحرقوها، وقتلوا القُضاة والعلماء في البلاد كلها، ويتعذّر وصف ما جرى منهم على تلك البلاد، ولم يسلم منهم شيء سوى هَراة ودهسان، فامتنعت بحصانتها.

وساق بعضُهم قصة الغُزّ وفيها طول، قال: وفارق السلطان سنجر جميعُ أمراء خراسان، ووزيره طاهرُ ابن فخر المُلك ابن نظام المُلك، ولم يبق عنده

ص: 767

غير نفر يسير من خواصه، فلما وصلت الأمراء إلى نيسابور، أحضروا سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه، فدخل نيسابور في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين، وخطبوا له بالسلطنة، وساروا فواقعوا الغزّ، وقتلوا منهم مقتلة، فتجمّعت الغز للمصافّ، فلما التقى الجمعان انهزم الخراسانيون يقصدون نيسابور، وتبعتهم الغزّ، ودخلوا طوس، فاستباحوها قتلًا وسبيًا، وقتلوا إمامها محمد المارشكي، ونقيب العلويين عليًا الموسوي، وخطيبها إسماعيل بن عبد المحسن، وشيخ الشيوخ محمد بن محمد، ووصلوا إلى نيسابور سنة تسع وأربعين في شوال، فلم يجدوا دونها مانعًا، فنهبوها نهبًا ذريعا، وقتلوا أهلها، حتى إنه أُحصي في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل، وكانوا يطلبون من الرجل المال، فإذا أعطاهم المال قتلوه، وقتلوا الفقيه محمد بن يحيى الشافعي، ورثاه جماعة من العلماء، وممن قُتل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الصمد الأكّاف الزاهد، وأحمد بن الحسن، الكاتب سِبط القُشَيري، وأبو البركات ابن الفُراوي، والفقيه الصبّاغ أحد المتكلمين، وأحمد بن محمد بن حامد، وعبد الوهاب المولقاباذي، والقاضي صاعد بن عبد الملك بن صاعد، والحسين بن عبد الحميد الرازي، وخلق، وأحرقوا ما بها من خزائن الكتب، فلم يسلم إلا بعضُها، وفعلوا ما لا تفعله الكفار، وانحلّ أمر السلطان بالكلية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بن محمد ابن أخت السلطان سنجر، وخطبوا له بخراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا له في شوال سنة تسع، وساروا معه إلى الغزّ، وهم يحاصرون هَراة، فجرت بينهم حروب في أكثرها الظّفَر للغُزّ، وكان لسنجر مملوك أي أبَه، ولقبه المؤيّد، استولى على نيسابور، وطوس، ونَسا، وأبيوَرد، وأزاح الغزّ، وقتل منهم خلقًا، وأحسن السيرة، وعظُم شأنه، وكُثر جمعه، والتزم بحمل مالٍ إلى الخاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر.

قال ابن الأثير: وفيها أخذت الفرنج عسقلان، وكانت للظافر بالله، وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحصرونها، وكان المصريون يرسلون إليها الأسلحة والذخائر والأموال، فلما قُتل ابن السّلار في هذا العام اغتنم الفرنج اشتغال المصريين، ونازلوها، وجدّوا في حصارها، فخرج المسلمون وقاتلوهم وطردوهم، فأيسوا من أخذها، وعزموا على الرحيل عنها، فأتاهم الخبر بأن أهل البلد قد اختلفوا، وذلك لأنهم لما قهروا الفرنج داخلهم العجب، وادعى كل طائفة أن النصرة على يده، ووقع بينهم خصام على ذلك،

ص: 768

حتى قُتل بينهم رجل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشرّ، وتحاربوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن على السور من يمنعهم، فملكوا البلد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفيها بعث المقتفي عسكرًا يحاصرون تكريت، فاختلفوا وخامر ترشك المقتفوي، واتفق مع متولي تكريت، وسلكوا درب خراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفعهم، فهربوا، فسار إلى تكريت، وشاهد القلعة ورجع، ثم برز السُرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملكشاه عنها، فانهزم إلى خوزستان، فنزل الخليفة بظاهر واسط أيامًا، ورجع إلى بغداد.

وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغرق، انفلقت السفينة التي كان فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير.

وفيها قتلة العادل علي بن السلار بمصر.

وفيها حاصر الملك غياث الدين الغوري مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسلطان سنجر.

وفيها سار شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين، فافتتح مدينة من الهند، فتحزّبت عليه ملوك الهند، وجاؤوا في جيش عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون، وجاءت شهاب الدين ضربة في يده اليسرى بطُلت منها، وجاءته ضربة أخرى على رأسه فسقط، وحجز الليل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا به، فغضب على أمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكل واحد منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوه ليضربنّ أعناقهم، فأكلوه بعد الجهد، ثم نجده أخوه بجيش ثقل، فالتقى الهند ونُصر عليهم.

قال ابن الأثير: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عدد يضيق عنه الفضاء، فراسلها شهاب الدين الغوري بأنه يتزوجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات، فأتى هندي إلى شهاب الدين، فذكر أنه يعرف مخاضة، فجهّز جيشًا عليهم حسين بن خرميك الغوري الذي صار صاحب هراة بعد، وكان شجاعًا مذكورًا، فساروا مع الهندي، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السيف، واشتغل الموكَّلون بحفظ المخاضات، فعبر شهاب الدين في

ص: 769

العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلا من عجز المسلمون عنه، وقُتلت ملكتهم، وتمكن شهاب الدين من بلاد الهند، والتزموا له بحمل الأموال وصالحوه، وأقطع مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي، وهي كرسي مملكة الهند، وجهّز جيشًا، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلم قبله، حتى قاربوا جهة الصين.

وفي صفر توجه صاحب دمشق مجير الدين، ومعه مؤيَّد الدين الوزير، فنازل بصرى لمخالفته له ولجوره على أهل الناحية، وسلّم إليه مجاهد الدين مفاتيح صرخد، فأعطاه جملة، ثم صالحه سرخاك نائب بُصرى.

وجاءت الأخبار بأن نور الدين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عن أهل عسقلان، فإن الفرنج نزلوا عليها في جمع عظيم، فتوجه مُجير الدين صاحب دمشق إلى خدمة نور الدين، واجتمع به في أمر الجهاد، وساروا إلى بانياس، فبلغهم أخذ عسقلان وتخاذل أهلها واختلافهم.

ومرّ من شرح حال الرئيس وتمكّنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عز الدولة وزين الدولة مشاحنات وشرّ أفضت إلى اجتماعهما بمجير الدين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال إلى أن تمكّن زين الدولة منه بإعانة مجير الدين عليه، فتقرر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته إلى قلعة صرخد مع مجاهد الدين بُزان، وتقلّد زين الدولة الوزارة، فلم يلبث إلا أشهرًا، فظلم فيها وعسف، إلى أن ضرب عنقه مجير الدين، وردّ أمرَ الرياسة والنظر في البلد إلى الرئيس رضي الدين أبي غالب عبد المنعم بن محمد بن أسد بن علي التميمي، فاستبشر الناس قاطبةً.

وكان الغلاء بدمشق شديدا، بلغت الغرارة خمسة وعشرين دينارًا، ومات الفقراء على الطرق، فعزم نور الدين على منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملّكها.

وأما رضي الدين التميمي، فإنه طُلب إلى القلعة، وشُرّف بالخِلع المكملة، والمركوب بالسخت، والسيف المحلّى، والترس، وركب معه الخواصّ إلى داره، وكُتب له التقليد، ولُقِّب بالرئيس الأجل، وجيه الدولة، شرف الرؤساء.

ونفذ مجير الدين إلى بعلبك، فاعتقل وقيّد متوليها عطاء الخادم، وكان جبارًا، ظالمًا، غشومًا، فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثم ضُربت عنقه.

ص: 770

‌سنة تسع وأربعين وخمسمائة

فيها نفذ الخليفة عسكرًا، فما أخذوا تكريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وقُتل من الفريقين عدة، ثم رأى الخليفة أن أخذها يطول، فرجع بعد أن نازلها مدة أيام، ثم بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستة آلاف، فجهزهم لحصارها مع الوزير ابن هُبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاث مائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنها كانت تزيد على ألف كرّ، فوصل الخبر بأن مسعود بلال جاء في عسكر عظيم إلى شهرابان، ونهبوا الناس، وطلب ابن هبيرة للخروج إليهم.

وكان مسعود بلال وألبقش قد اجتمعا بالسلطان محمد، وحثّاه على قصد العراق، فلم يتهيأ له، فاستأذناه في التقدّم أمامه، فأذن لهما، فجمعا خلقًا من التركمان، ونزلا في طريق خراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا ثمانية عشر يومًا، وتحصّن التركمان بالخركاوات والمواشي، ثم كانت الوقعة في سلخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم وتُرشك، وثبت الخليفة، وضربوا على خزانته، وقتلوا خازنه يحيى بن يوسف الجزَري، فجاء منكورس، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتى نحمل، فقال: لا والله إلا معكما، ورفع الطرحة، وجذب السيف، ولبس الحديد هو وولّى العهد وكبرا، وصاح الخليفة: ياآلَ مُضر، كذب الشيطان وفرّ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم الآية، فحمل العسكر بجملته، ووقع القتال، حتى سُمع وقع السيوف كوقع المطارق على السنادين، وانهزم القوم وسُبي التركمان، وأخذت مواشيهم وخيلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، فبيعت كل ثمانين بدانق، ثم نودي بردّ من سُبي من أولادهم، وأخذ ألبقش أرسلان شاه بن طُغرل، وهرب به إلى بلده، وانهزم تُرشك، ومسعود الخادم إلى القلعة، ثم أغارا بعد أيام على واسط، ونهبوا ما يختص بالوزير ابن هبيرة فندبه الخليفة إلى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدو، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصورًا، فخلع عليه الخليفة، ولقّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش، وعرض الجيش في أبهة كاملة.

ولما كان يوم الفطر، جاء مطر، ورعدٌ، وبرق، وزُلزلت بغداد من شدة الرعد، ووقعت صواعق، منها صاعقة في التاج المسترشدي.

ص: 771

وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإنفاذه إلى عسكر الموصل يستنجد بهم، وإلى مسعود بلال صاحب تكريت يستنجد به، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا على اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجؤوا إلى الخليفة، وحصل الأمن.

ثم جرّد الخليفة ألفي فارس إلى جهة همذان.

وفيها حدث بنواحي واسط ظهور دم من الأرض، لا يُعلم له بسبب.

وجاءت الأخبار أن السلطان سنجر تحت الأسر وتحت حكمية الغُزّ، وله اسم السلطنة، وراتبه في قدر راتب سائس من سيّاسه، وأنه يبكي على نفسه.

ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلقًا، ونهبوا، وبدّعوا.

وفيها قُتل بمصر خليفتها الظافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبيًا صغيرًا، ووهى أمر المصريين، فكتب المقتفي لأمر الله عهدًا لنور الدين محمود بن زنكي، وولاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أيامًا قد تملّك دمشق في صفر، وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طُغتكين.

وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتى أنهم استعرضوا من بها من الرقيق، فمن أراد المقام تركوه، ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرًا من مالكه، وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة، فتجيء رسلهم ويأخذون من الناس، فراسل نور الدين مالكها مجير الدين واستماله، وواصله بالهدايا، وأظهر له المودة حتى ركن إليه، وكان يرسل إليه أن فلانًا قد بعث إلي وكاتبني في تسلّيم دمشق فاحذره، فكان مجير الدين يقبض على ذلك الرجل، أو يقطع خبره، إلى أن قبض على نائبه عطاء بن حفّاظ وقتله، وكان نور الدين لا يتمكن مع وجود عطاء من أخذ دمشق، ثم كاتب نور الدين من بدمشق من الأحداث، فاستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلموا إليه البلد، فلما وصل نور الدين إلى دمشق بعث مجير الدين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدين البلد من قبل أن يقدموا، وذلك أن نور الدين حاصرها، فسلّم إليه أهل البلد من ناحية الباب شرقي، وحصر مجير الدين في القلعة، وبذل له إن سلّم القلعة بلد حمص، فنزل، فلما سار إلى حمص أعطاه عوضها بالِس، فغضب ولم يرضها، وسار إلى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها دارًا فاخرة بقرب النظامية.

ص: 772

وفيها ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارس وراجل، وقصدوا خراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمّع لهم أمراء من جند خراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلا الأقل، وخلَت قلاعهم من الحُماة، ولولا أن عسكر خراسان كانوا مشغولين بالغز لملكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم.

وفي أولها قدِم شيركوه رسولًا من نور الدين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقّيه، وترددت المراسلات، ولم يتفق حال، ثم أقبل نور الدين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف على البلد، فوقعت مناوشة، ثم زحف يومًا آخر، فلما كان في عاشر صفر باكَر الزّحف، وتهيأ لصدق الحرب، وبرز إليه عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حتى قربوا من سور باب كيسان والدباغة، وليس على السور آدمي، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرّع بعض الرجالة إلى السور، وعليه يهودية، فأرسلت إليه حبلًا، فصعد فيه، وحصل على السور، ولم يدرِ به أحد، وتبعه من تبعه، ونصبوا علمًا وصاحوا: نور الدين يا منصور، فامتنع الجند والرعية من الممانعة محبة في نور الدين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشرقي، فدخل العسكر، وفتح باب توما، ودخل الجند، ثم دخل نور الدين، وسُرَّ الخلق، ولما أحس مجير الدين بالغلبة، انهزم إلى القلعة، وطلب الأمان على نفسه وماله، ثم خرج إلى نور الدين، فطيّب قلبه، وتسرّع الغوغاء إلى سوق علي وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان، وأخرج مجير الدين ذخائره وأمواله من القلعة إلى الأتابكية دار جدّه، ثم تقدّم إليه بعد أيام بالمسير إلى حمص في خواصّه، وكتب له المنشور بها.

وقد كان مجاهد الدين بُزان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد إلى داره.

ووصل الرئيس مؤيَّد الدين المسيّب ابن الصوفي إلى دمشق متمرضًا، فمات ودُفن في داره، وفرح الناس بهلاكه.

‌سنة خمسين وخمسمائة

في أولها جاءت الأخبار إلى بغداد بدخول الغز التركمان نيسابور، والفتك بأهلها، فقتلوا بها نحوًا من ثلاثين ألفًا، وكان سنجر معهم، عليه اسم

ص: 773

السلطنة، وهو في غاية الإهنة بين الغز، ولقد أراد يوما أن يركب، فلم يجد من يحمل سلاحه، فشدّه على وسطه، وإذا قُدّم إليه الطعام خبأ منه شيئًا لوقت آخر، خوفًا من انقطاعه عنه.

وفيها كانت وقعة بين شملة التركماني وبين عسكر الخليفة، فهزموه وتبعوه، ثم خرج لهم كمين فهزمهم، ثم أذعن بطاعة الخليفة، وأطلق الأسرى.

وفيها سار المقتفي إلى الكوفة، واجتاز في سوقها، ودخل جامعها.

وفي أولها سار الصالح طلائع بن رُزّيك من الصعيد على قصد القاهرة للانتقام من عباس صاحب مصر الذي قتل الظافر بالله، فلما سمع بمجيئه عباس خرج من مصر لقلة من بقي معه من الجند، وسار نحو الشام بما معه من الأموال والتحف التي لا تُحصى، لأنه كان استولى على القصر، وتحكّم في ذخائره ونفائسه، فخرجت عليه الفرنج من عسقلان، فقاتلوه وقتلوه، واستولوا على جميع ما معه، وأسروا ابنه نصرًا، وباعوه للمصريين.

وأما طلائع فدخل القاهرة بأعلام مسوّدة، وثياب سود في هيئة الحزن، وعلى الرماح شعور النساء مقطعة حزنًا على الظافر، ثم نبش الظافر من دار عباس، ونقله إلى مقبرة آبائه.

وجاءت مراكب الفرنج من صقلية، فأرسوا على تنيس وهجموها، فقتلوا وأسروا، وردوا بالغنائم، وخاف أهل مصر من استيلاء الفرنج، فإنا لله وإنا إليه راجعون، حتى عزم ابن رُزّيك وزيرُها على موادعة الفرنج بمال يُحمل إليه من الخزانة، فأنكر ذلك الأمراء، وعزموا على عزله.

وأما المقتفي لأمر الله، فإنه عظُم سلطانه، واشتدت شوكته، واستظهر على المخالفين، وأجمع على قصد الجهات المخالفة لأمره.

وأما نور الدين، فإنه سار بجيشه، فملك عدة قلاع وحصون بالسيف وبالأمان من بلاد الروم، من نواحي قونية، وعظُمت ممالكه وبعُد صيته، وبعث إليه المقتفي تقليدًا، وأمره بالمسير إلى مصر، ولُقِّب بالملك العادل.

ص: 774

بسم الله الرحمن الرحيم

الوفيات

سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

1 -

‌ أحمد بن حامد بن أحمد بن محمود الثقفي

، أبو طاهر الأصبهاني، حفيد الشيخ أبي طاهر.

توفي في هذه السنة، قاله عبد الرحيم الحاجي.

قلت: هو والد أبي المجد زاهر الثقفي، من أعيان طلبة الحديث بأصبهان يلقَّب بالرفيع، من بيت علم ورياسة وجلالة، وله شعر حسن، وخطّ مليح، قرأ الكثير لولده.

قال ابن السمعاني: لما قدمتُ صادفته يقرأ لولده مُسند أبي يعلى على أبي عبد الله الخلال، سمع: القاسم الثقفي، وأبا مطيع، ولد سنة ثمانين تقريبًا.

2 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو نصر الحديثي المعدل، البغدادي.

تفقّه على: أبي إسحاق الشيرازي، وكان من أوائل شهود قاضي القضاة الزينبي، توفي في جمادى الآخرة، وحضره القضاة والكبار.

روى عنه: ابن السمعاني، وقال: ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة، وصلى عليه ابنه أبو طالب رَوح، حدثنا عن أبي الفضل بن طوق.

3 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن الإخوة

، أبو العباس البغدادي العطار الوكيل.

سمع: أبا القاسم ابن البُسري، وأبا منصور العُكبَري، وهو آخر من حدّث بكتاب المجتَنى لابن دريد، عن العكبري.

ص: 775

روى عنه: ابن السمعاني، وقال: شيخ بهي، حسن المنظر، خيّر، متقرّب إلى أهل الخير، وهو أبو شيخينا عبد الرحيم وعبد الرحمن، توفي في خامس رمضان.

وروى عنه جماعة آخرهم أبو الفرج الفتح بن عبد السلام الكاتب، عاش ستًا وثمانين سنة.

4 -

‌ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن مالك

، أبو أحمد العاقولي، الوزّان.

شيخ من أهل باب الأزَج لا بأس به، سمع: عاصم بن الحسن، وجماعة، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في جمادى الأولى هو وأخوه محمد في يوم واحد.

وروى عنه: يوسف بن المبارك الخّفاف، وأجاز لأبي منصور بن عفيجة، وغيره.

5 -

‌ إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بن دُوَسْت

، أبو البركات النيسابوري، الصوفي، شيخ الشيوخ ببغداد.

ولد سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد، وسمع من: أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبي القاسم ابن البُسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كان على شاكلة حميدة إلى أن طعن في السن، وكان وقورًا، مهيبًا، ما عرفت له هفوة، قرأت عليه الكثير، وكنت نازلًا عنده في رباطه.

قلت: وروى عنه: ابناه عبد الرحيم وعبد اللطيف، وعبد الخالق بن أسد، وأبو القاسم ابن عساكر، وسِبطه عبد الوهاب بن سُكينة، وأحمد بن الحسن العاقلوي، وسليمان بن محمد الموصلي، وطائفة سواهم.

توفي في عاشر جمادى الآخرة، وعُمل له عُرس على عادة الصوفية، غرِم عليه نحو ثلاث مائة دينار.

ص: 776

قال ابن النجار: سمعتُ ابن سُكينة يقول: لما حضرَت جدّي الوفاة كنت حاضرًا، وأولاده حوله، وهو في السياق، فقالت له والدتي: يا سيدي، ما تجد؟ فما قدر على النطق، فكتب بيده على يدها:{فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ثم مات رضي الله عنه.

6 -

‌ إسماعيل بن علي بن طاهر

، أبو علي الموصلي، ثم البغدادي.

سمع أباه عن أبي الحسن بن مَخلَد، روى عنه: ابن السمعاني، وابن طبرزَد، توفي سنة إحدى وأربعين في جُمادى الأولى.

7 -

‌ أمين الدولة، نائب قلعة صرخد

، وقلعة بُصرى، واسمه كمشتكين.

أمير جليل، كثير الحُرمة، ولاه على القلعتين. الأتابك طُغتكين، فامتدت أيامه إلى أن توفي في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين.

وهو واقف المدرسة الأمينية بدمشق.

ولما مات توثّب مملوكه ألتُنْتاش فتملّك بصرى، وصرخد، وانتصر بالفرنج وحالفهم، فسار لحربهم نائب دمشق معين الدين أنُر فهزمهم، وانهزم معهم إلى بلادهم ألتُنتاش، ونازل أنُر قلعتي بصرى وصرخد، فافتتحهما.

8 -

‌ بختيار بن عبد الله

، أبو الحسن الهندي، عتيق أبي بكر محمد بن منصور السمعاني.

سمع ببغداد، وأصبهان، وهمذان كثيرًا مع مولاه، وحدّث عن: أبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي، وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خُشيش.

روى عنه: أبو سعد ابن مُعتقه، وقال: توفي في ثاني صفر.

ص: 777

9 -

‌ بختيار بن عبد الله الهندي

، أبو الحسن الصوفي، عتيق القاضي أبي منصور محمد بن إسماعيل البوشَنجي.

رحل مع مولاه إلى بغداد، وسمع: أبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السمعاني.

وقد سمّاه مولاه بعد العتق: عبد الرحيم بن عبد الرحمن.

قال أبو سعد: رحل إلى بغداد، والحجاز، والبصرة، وأصبهان وعُمّر، وهو شيخ، صالح، متعبد، متخل من الدنيا، سمع - أيضًا - بالبصرة من أبي علي التُستري، وانتخبتُ عليه بفوشنج ثلاثة أجزاء، وحُمل من فوشَنج إلى هَراة، ونزل في دار الحافظ أبي النضْر الفامي، وكانت محطّ رحال الشيوخ الطارئين، وقُرئ عليه كتاب السُنّة للالكائي، وكان شيخًا متيقظًا، قد ناطح الثمانين، توفي بفوشَنج في سنة إحدى وأربعين أو سنة اثنتين.

10 -

‌ الحسن بن محمد بن أحمد بن علي أبو محمد الإستِراباذي

، الحنفي، الفقيه، قاضي الري.

قدِم بغداد سنة ست وسبعين، وتفقّه على قاضي القُضاة أبي عبد الله الدامغاني حتى برع في الفقه، وسمع من: أبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وابن خيرون، وطِراد.

قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بالري، وولد في جُمادى الأولى سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة بإستراباذ، وتوفي بالري في أواخر جُمادى الآخرة، وكان يرى الاعتزال، وفيه بُخل، فقالوا فيه:

وقاضٍ لنا خبزه ربّهُ ومذهبه أنه لا يُرى

11 -

‌ الحسين بن الحسن بن أبي نصر بن يوسف المروروذي أبو محمد الصائغ

، المعروف بالحاجي.

دخل بغداد، وسمع مع أبي بكر السمعاني من ثابت بن بُندار، وبهمذان

ص: 778

من: مكي بن بنجير الحافظ، وعبد الرحمن الدوني، وبأصبهان من: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد.

توفي في العشرين من رمضان، روى عنه: أبو سعد.

12 -

‌ حنبلُ بن علي بن الحسين بن الحسن

، أبو جعفر البخاري، ثم السجستاني، الصوفي.

قدِم هَراة، وأدرك بها شيخ الإسلام أبا إسماعيل، وصحبه، وسمع منه، ومن: أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبي نصر الترياقي، ونجيب بن ميمون، وأحمد بن عُبيد الله بن أبي سعيد الأرزي، وببغداد من: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر، وأبي بكر الطريثيثي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو رَوح عبد المعز، وجماعة، وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني.

وكان شيخًا، كيّسًا، ظريفًا، حدّث بمرو، وهَراة، وولد بسجستان في سنة أربع وستين وأربعمائة، ورحل وهو ابن بضع عشرة سنة، وتوفي بهَراة في السابع والعشرين من شوال.

13 -

‌ خلف بن محمد بن أبي الحسن بن أبي الحسين بن هارون البوشنجي

، أبو علي المحتسب، نزيل هَراة.

كان يخدم جمال الإسلام أبا الحسن الداودي، وسمع منه مجلسين، وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني، وعمّر دهرًا طويلًا، وآخر من روى عنه أبو رَوح الهروي.

قال أبو سعد السمعاني: وجدنا له مجلسين من أمالي الداودي، فقرأناهما، ولد في غرة ربيع الأول سنة ثلاثين وأربعمائة، وكان صالحًا معمرًا رحمه الله.

14 -

‌ زنكي بن آقسُنقُر

، الملك عماد الدين صاحب الموصل، ويُعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة التركي، وقد تقدّم ذكره.

وزنكي فوّض إليه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي ولاية

ص: 779

بغداد وشرطتها في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ثم نقله إلى الموصل، وسلّم إليه ولده فرّوخ شاه الملقب بالخفاجي ليربّيه، ولهذا قيل له أتابك، وذلك في سنة اثنتين وعشرين، واستولى على البلاد، وقوي أمره، وافتتح الرُّها في سنة تسع وثلاثين، وترقّت به الحال إلى أن ملك الموصل، وحلب، وحماه، وحمص، وبعلبك، ومدائن كثيرة يطول تعدادها، وسار بجيشه إلى دمشق وحاصرها، ثم استقر الحال على أن خُطب له بدمشق، واسترجع عدة حصون من الفرنج، مثل كَفرْطاب والمعرة والرها.

وكان بطلًا، شجاعًا، صارمًا، وقد نازل قلعة جعبر، وصاحبها يومئذ علي بن مالك، فحاصرها، وأشرف على أخذها، فأصبح يوم الأربعاء خامس ربيع الآخر مقتولًا، قتله خادمه غيلة وهو نائم، ودُفن بصفّين عند الرقة، وسار ولده الملك نور الدين محمود، فاستولى على حلب، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي أخو قُطب الدين مودود الأعرج على الموصل.

قال ابن الأثير: نزل أتابك زنكي على حصن جعبر المُطل على الفرات، وقاتله من بها، فلما طال أرسل إلى صاحبها ابن مالك العُقيلي رسالة مع الأمير حسان المنبجي، لمودة بينهما في معنى تسليمها، ويبذل له الإقطاع والمال، ويتهدده إن لم يفعل، فما أجاب، فقتل أتابك بعد أيام، وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا إلى القلعة، فدخلوها، فصاح أهلها وفرحوا بقتله، فدخل أصحابه إليه، حدّثني أبي، عن بعض خواصه قال: دخلت إليه في الحال وهو حي، فظن أني أريد قتله، فأشار إلي بإصبعه يستعطفني، فقلت: يا مولانا مَن فعل هذا؟ فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه.

قال: وكان حسن الصورة، أسمر، مليح العينين، قد وخطه الشيب، وزاد عمره على الستين، وكان صغيرًا لما قُتل أبوه، وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، وكانت البلاد خرابًا من الظلم ومجاورة الفرنج، فعمّرها.

حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، بحيث يقف الإنسان قريب محلة الطبالين، ويرى الجامع العتيق، ودار السلطان، ولا يقدر

ص: 780

أحد أن يصل إلى جامع إلا ومعه من يحميه، لبعده عن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة، وكان شديد الغيرة لاسيما على نساء الأجناد، ويقول: إن لم نحفظهن بالهيبة، وإلا فسدن، لكثرة غيبة أزواجهن.

قال: وكان من أشجع خلق الله، أما قبل أن يملك، فيكفيه أنه حضر مع الأمير مودود صاحب الموصل مدينة طبرية، وهي للفرنج، فوصلت طعنته إلى باب البلد، وأثّر فيه، وحمل أيضًا على قلعة عُقر الحميدية، وهي على جبل عالٍ، فوصلت طعنته إلى سورها، إلى أشياء أخَر وأما بعد ملكه، فكان الأعداء محدقين ببلاده، وكلهم يقصدها، ويريد أخذها، وهو لا يقنع بحفظها، حتى أنه لا ينقضي عليه عام إلا وهو يفتح من بلادهم.

قال: وقد أتينا على أخباره في كتاب الباهر في تاريخ دولته وأولاده، وكان معه حين قُتل الملك ألب أرسلان ابن السلطان محمود، فركب يومئذ، واجتمعت حوله العسكر، وحسّنوا له اللهو والشرب، وأدخلوه الرقة، فبقي بها أيامًا لا يظهر، ثم سار إلى ماكِسين، ثم إلى سنجار، وتفرّق العسكر عنه، وراح إلى الشرق، ثم ردّوه، وحُبس في قلعة الموصل، وملك البلاد غازي بن زنكي، واستولى نور الدين على حلب وما يليها، ثم سار فتملّك الرها، وسبى أهلها، وكان أكثرهم نصارى.

وقال القاضي جمال الدين بن واصل: لم يخلّف قسيم الدولة آقسنقر مولى السلطان ألب أرسلان السلجوقي ولدًا غير أتابك زنكي، وكان عمره حين قُتل والده عشر سنين، فاجتمع عليه مماليك والده وأصحابه، ولما تخلص كربوقا من سجن حمص بعد قتل تُتُش، ذهب إلى حران، وانضم إليه جماعة، فملك حران، ثم ملك الموصل وقرّب زنكي، وبالغ في الإحسان إليه، ورباه.

15 -

‌ سعد الله بن أحمد بن علي بن الشداد

، أبو القاسم البغدادي.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن أسد الحنفي، وتوفي في ذي القعدة.

ص: 781

16 -

‌ سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد

، أبو الحسن الأنصاري، البلنسي، المحدّث.

رحل إلى أن دخل الصين، ولهذا كان يكتب الأندلسي الصيني، وكان فقيهًا، متدينًا، عالمًا، فاضلًا، سمع ببغداد: أبا عبد الله النعالي، وابن البطر، وطِراد بن محمد، وسمع بأصبهان: أبا سعد المطرّز، وسكنها وتزوج بها، وولدت له فاطمة، فسمّعها حضورًا معجم الطبراني، وغير ذلك، ومُسند أبي يعلى، وسمع بالدون سنن النسائي من الدوني، وحصّل الكثير من الكتب الجيدة.

وحدّث ببغداد، وسكنها مدة بعد انفصاله عن أصبهان.

روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وعبد الخالق بن أسد ووصفه بالحفظ، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج ابن الجوزي، وبنته فاطمة بنت سعد الخير، وعمر بن أبي السعادات بن صرما.

وقال ابن الجوزي: سافر وركب البحار، وقاسى الشدائد، وتفقّه ببغداد على أبي حامد الغزالي، وسمع الحديث، وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، وحصّل كتبًا نفيسة، وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، توفي في عاشر المحرم ببغداد.

قلت: آخر من روى عنه بالإجازة: أبو منصور بن عفيجة.

وأورد ابن السمعاني في الأنساب حكاية غريبة فقال: سمّع بناته إلى أن رُزق ابنًا سماه جابرًا، فكان يسمعه بقراءتي، واتفق أنه حمل إلى الشيخ أبي بكر قاضي المرستان شيئًا يسيرًا من عود بعد أن وجد الشيخ منه رائحته، فقال: ذا عود طيب، فحمل إليه منه نزرًا قليلًا، دفعه إلى جاريته، فاستحيت الجارية أن تعلم الشيخ لقلته، فلما دخل على الشيخ قال: يا سيدنا، وصل العود؟ قال: لا، فطلب الجارية فسألها، فاعتذرت بقلته، وأحضرته، فقال لسعد الخير: أهو هذا؟ قال: نعم، فرمى به الشيخ وقال: لا حاجة لنا فيه، ثم طلب منه سعد الخير أن يسمّع لابنه جزء الأنصاري، فحلف الشيخ أن لا

ص: 782

يُسمعه إياه إلا أن يحمل إليه سعد الخير خمسة أمْناء عود، فامتنع سعد الخير، وألح على الشيخ أن يكفّر عن يمينه، فما فعل، ولا حمل هو شيئًا، ومات الشيخ، ولم يُسمّع ابنه الجزء.

17 -

‌ شافع بن عبد الرشيد بن القاسم

، أبو عبد الله الجيلي.

سكن بالكرخ، وتفقّه على إلكِيا الهرّاسي، ورحل إلى أبي حامد الغزالي فتفقّه عليه، وكانت له حلقة بجامع المنصور للمناظرة، كل جمعة يحضرها الفقهاء، سمع بالبصرة: أبا عمر النهاوندي القاضي، وبطبَس: فضل الله بن أبي الفضل الطبسي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده، فقال: دخلت بغداد سنة تسعين وأربعمائة ولي نيّف وعشرون سنة، وتوفي في العشرين من المحرم.

وقال ابن الجوزي: كنت أحضر حلقته وأنا صبي، فألقي المسائل.

قلت: هذا من أئمة الشافعية.

18 -

‌ صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان

، الشيخ أبو العلاء الشُعيثي، الماليني.

شيخ خيّر. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وأبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وبِيبَى بنت عبد الصمد، وجماعة. وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني وآخر من سمع منه أبو روح عبد المعز الهروي.

وكان فقيهًا فاضلًا، قديم المولد، ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة في صفر، وتوفي سابع صفر.

19 -

‌ ظاهر بن أحمد بن محمد

، أبو القاسم البغدادي، المساميري، البزّاز.

شيخ صالح، مُكثر، سمع: رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، وابن البطِر، وطائفة، وتوفي في ذي القعدة.

ص: 783

روى عنه: ابن السمعاني، ويوسف بن المبارك، ومحمد بن علي بن القُبَيطي، وكان معمّرًا.

20 -

‌ ظفَر بن هارون بن ظفر

، أبو الفتوح الهمذاني، أصله موصلي.

سمع: ثابت بن الحسين التميمي، كتب عنه السمعاني، وقال: مات في جمادى الأولى عن ثلاث وثمانين سنة.

21 -

‌ عائشة بنت عبد الله بن علي البلخي

، ثم البوشنجي، أم الفضل.

صالحة، معمّرة، سمعت: أباها أبا بكر البلخي، وأبا الحسن الداودي، وأبا منصور كَلار.

كتب عنها السمعاني، وقال: ماتت في سابع ذي القعدة.

22 -

‌ عبّاس، شِحنة الري

.

دخل في الطاعة، وسلّم الري إلى السلطان مسعود، ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد، وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعاه السلطان إلى دار المملكة في رابع عشر ذي القعدة وقتله، وأُلقي على باب الدار، فبكى الناس عليه لأنه كان يفعل الجميل، وكانت له صدقات، وقيل: إنه ما شرب الخمر قط، ولا زنى، وإنه قتل من الباطنية - لعنهم الله - ألوفًا كثيرة، وبنى من رؤوسهم منارة، ثم حُمل ودُفن في المشهد المقابل لدار السلطان، قاله ابن الجوزي.

23 -

‌ عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله

، الإمام أبو محمد المقرئ، النحوي، سِبط الزاهد أبي منصور الخياط، وإمام مسجد ابن جردة، وشيخ القراء بالعراق.

ولد في شعبان سنة أربع وستين وأربعمائة، وتلقّن القرآن من أبي الحسن ابن الفاعوس، وسمع من: أبي الحسين ابن النقور، وأبي منصور محمد بن محمد العكبري، وطِراد الزينبي، ونصر بن البطر، وثابت بن بُندار، وجماعة، وقرأ العربية على أبي الكرم بن فاخر، وسمع الكُتب الكبار.

ص: 784

وصنّف المصنفات في القراءات مثل المبهج، والكفاية، والاختيار، والإيجاز.

وقرأ القرآن على جده، وعلى: الشريف عبد القاهر بن عبد السلام المكي، وأبي طاهر بن سِوار، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي المعالي ثابت بن بُندار، وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل، والمقرئ المعمّر يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمّامي، وابن بدران الحلواني، وأبي الغنائم محمد بن علي النرسي، وأبي العز القلانسي، وغيرهم.

وتصدّر للقراءات والنحو، وأمّ بالمسجد المذكور من سنة سبع وثمانين وأربعمائة إلى أن توفي، وقرأ عليه خلق وختم عليه ما لا يُحصى، قاله أبو الفرج ابن الجوزي، وقال: قرأت عليه القرآن والحديث الكثير، ولم أسمع قارئًا قط أطيب صوتًا منه، ولا أحسن أداء على كبر سنه، وكان لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظرافة وحُسن المعاشرة للعوام والخواص.

قلت: وكان عارفًا باللغة، إمامًا في النحو والقراءات وعللها، ومعرفة رجالها، وله شعر حسن.

قال ابن السمعاني: كان متواضعًا، متوددًا، حسن القراءة في المحراب، خصوصًا في ليالي رمضان، كان يحضر عنده الناس لاستماع قراءته، وقد تخرّج عليه جماعة كبيرة، وختموا عليه القرآن، وله تصانيف في القراءات، وخولف في بعضها، وشنّعوا عليه، وسمعتُ أنه رجع عن ذلك، والله يغفر لنا وله، كتبت عنه، وعلقت عنه من شعره، فمنه:

ومن لم تؤدبه الليالي وصرفها فما ذاك إلا غائب العقل والحس يظن بأن الأمر جارٍ بحُكمه وليس له علم، أيُصبح أم يُمسي وله:

أيها الزائرون بعد وفاتي جدثًا ضمّني ولحدًا عميقا سترون الذي رأيت من المو ت عيانًا وتسلكون الطريقا

وقال أحمد بن صالح الجيلي: سار ذكره في الأغوار والأنجاد، ورأس

ص: 785

أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أصحّ منه، وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفًا كريمًا، لم يخلّف مثله في أكثر فنونه.

قلت: قرأ عليه القراءات: شهاب الدين محمد بن يوسف الغزنوي، وتاج الدين أبو اليُمن الكندي، وعبد الواحد بن سلطان، وأبو الفتح نصر الله بن علي بن الكيال الواسطي، والمبارك بن المبارك بن زُريق الحداد، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون الحلّي المعروف بابن الكال المقرئ، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن علي بن القبيطي، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سُكينة، وزاهر بن رستم نزيل مكة، وحدّث عنه: محمود بن المبارك بن الداريج، ويحيى بن طاهر الواعظ، وإسماعيل بن إبراهيم بن فارس السيبي، وعبد الله بن المبارك بن سكينة، وعبد العزيز بن منينا، وتلميذه الكندي، وعليه تلقّن القرآن وتعلم العربية.

وتوفي في ثامن وعشرين ربيع الآخر، وصلى عليه الشيخ عبد القادر الجيلي.

قال ابن الجوزي: قد رأيت أنا جماعة من الأكابر، فما رأيت أكثر جمعًا من جمعه.

قال عبد الله بن جرير القرشي: دُفن من الغد بباب حرب عند جده على دكة الإمام أحمد، وكان الجمع كثيرًا جدًا يفوت الإحصاء، وغلّق أكثر البلد في ذلك اليوم.

24 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد العزيز بن فرج الغافقي

، القرطبي، أبو محمد.

روى عن: أبي محمد بن رزق، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني.

قال ابن بشكوال: كان فقيهًا، حافظًا، متيقظًا، توفي في ربيع الآخر.

25 -

‌ عبد الله بن نصر بن عبد العزيز بن نصر

، أبو محمد المرندي.

ص: 786

دار في الآفاق، وأخذ عن الأئمة، وأفنى أكثر عمره في الأسفار، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهني، ثم سكن مرو.

وكان بارعًا في الأدب.

أخذ عن: الأبيوردي الأديب، وله شعر حسن.

توفي في يوم عاشوراء، قاله ابن السمعاني.

26 -

‌ عبد الباقي بن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري

، البزاز، أبو طاهر.

قال ابن السمعاني: هو أحد الشهود المعدلين، سمّعه أبوه من نصر بن البطر، وطبقته، سمعنا بقراءته على أبيه مغازي الواقدي، وكان سريع القراءة، ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، ومات في رمضان.

27 -

‌ عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية

، الإمام الكبير، قدوة المفسرين، أبو محمد ابن الحافظ الناقد الحجة أبي بكر المحاربي، الغرناطي، القاضي.

حدث عن: أبيه، وأبي علي الغساني الحافظ، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وأبي الحسين يحيى بن البياز، وخلق سواهم.

وكان فقيهًا، عارفًا بالأحكام، والحديث، والتفسير، بارع الأدب، بصيرًا بلسان العرب، ذا ضبط وتقييد، وتحرٍ، وتجويد، وذهن سيال، وفكرٍ إلى موارد المُشكل ميال، ولو لم يكن له إلا تفسيره الكبير لكفاه.

وكان والده من حفّاظ الأندلس، فاعتنى به، ولحق به المشايخ، وقد ألّف برنامجًا ضمنه مروياته.

ولد في سنة ثمانين وأربعمائة.

حدّث عنه: أولاده، والحافظ أبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله السبتي، وأبو جعفر بن مضاء، وعبد المنعم بن الفرس، وأبو جعفر بن حكم، وآخرون، مات بحصن لورقة في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

ص: 787

وقد ولي قضاء المرية في سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وكان يتوقد ذكاء، رحمه الله.

قال الحافظ ابن بشكوال: توفي سنة اثنتين وأربعين، وقال: كان واسع المعرفة، قوي الأدب، متفننًا في العلوم، أخذ الناس عنه.

28 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي أحمد الخطيب

، أبو عبد الله الدارمي، الهروي.

قال ابن السمعاني: كان إماما فاضلًا، صالحًا، ورِعًا، عابدًا، كان ينوب عن خطيب هَراة، وسمع من: بيبى، وكلار، وعبد الله بن محمد الأنصاري، وأبي عبد الله العميري، وأبي بكر الغورجي، وجماعة، وحدّث، وتوفي بهراة في المحرّم.

روى عنه: أبو رَوح في مشيخته، وبالإجازة: أبو المظفر ابن السمعاني، وظني أن أباه روى عنه أيضًا، وكان مولده في سنة أربع وستين وأربعمائة.

29 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان

، المحدّث، أبو الحكم الأنصاري، السرقسطي.

له إجازة من القاضي أبي الحسن الخلعي، وجماعة على يد أبي علي الصدفي، وسمع من: الصدفي، وجماعة، حتى إنه سمع من ابن بشكوال.

فقال ابن بشكوال: أخذت عنه، وأخذ عني كثيرًا، وكان من أهل المعرفة والذكاء واليقظة، سكن قرطبة، وبها توفي في رمضان.

قلت: آخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة: محمد بن أحمد ابن صاحب الأحكام، شيخ سمع منه ابن مسدي، وبقي إلى سنة أربع عشرة وست مائة.

ص: 788

30 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن أبي الفضل

، أبو بكر البصري، ثم المروروذي.

شيخ صالح، حسن السيرة، معمَّر، وهو آخر من سمع من القاضي حسين بن محمد الشافعي المروروذي صاحب التعليقة، سمع منه مجلسًا من أماليه، وسمع من: شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري.

وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين، أجاز لأبي المظفر ابن السمعاني.

31 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن أحمد

، أبو مسلم الهمذاني، الصوفي، العابد.

مات في شوال عن سبع وسبعين سنة، أجاز له محمد بن عثمان القومساني.

32 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان

، أبو القاسم، وأبو زيد التُجيبي، ابن الأديب، الأندلسي، نزيل أورِيولة، ووالد الشيخ أبي عبد الله.

أخذ بمُرسية عن: أبي محمد بن أبي جعفر، وتلمَذ له، ولقي بالمَرية: أبا القاسم ابن ورد، وأبا الحسن بن موهب الجذامي، وحج سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكة من الحسين بن طحّال، وأخذ القراءات عن أبي علي الحسن بن عبد الله بن العرجاء القيرواني، وانصرف فولي الخطابة بأوريولة مدة، ودعي إلى القضاء فامتنع ثم وليه مكرها.

وكان خاشعًا، متقللًا من الدنيا، له بضاعة يعيش من كسبها، وكان إذا خطب بكى وأبكى، وكان فصيحًا، مفوّهًا، ثم إنه أعفي من القضاء بعد شهرين من ولايته.

وبعد الأربعين وفاته.

33 -

‌ عبد الرحمن بن عيسى بن الحاج

، أبو الحسن القُرطبي، المجريطي.

ص: 789

أخذ القراءات عن: أبي القاسم ابن النخاس، وولي قضاء رنْدة، أخذ عنه القراءات ابنه يحيى القاضي.

34 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى

، أبو القاسم الأموي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الرمّاك.

روى عن: أبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي الحسن بن الأخضر، وأبي الحسن بن الطراوة.

وكان أستاذًا في صناعة العربية، محققًا، مدققًا، متصدرًا لإقرائها، قائمًا على كتاب سيبويه، قلّ مشهورٌ من فضلاء عصره إلا وقد أخذ عنه.

قال أبو علي الشلوبيني: ابن الرماك عليه تعلّم طلبة الأندلس الجِلّة.

أخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو إسحاق بن ملكون، وأبو بكر بن طاهر الخدب، وأبو العباس بن مضاء، وآخرون، وتوفي كهلًا.

35 -

‌ عبد الرحيم بن عبد الرحمن

، أبو الحسن الهندي، الصوفي، مولى أبي منصور محمد بن إسماعيل اليعقوبي.

هو بختيار تقدّم.

36 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن الفضل الأصبهاني الحداد

.

توفي في شوال.

37 -

‌ عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بن محمد

، أبو المظفر الشحامي، النيسابوري.

من بيت الحديث والعدالة، سمع: الفضل بن المحبّ، وأبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدم عليهم، وأبا بكر بن خلف، وجماعة كثيرة، وكان مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في سلخ جمادى الأولى بنيسابور.

روى عنه: جماعة، وممن روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم ابن السمعاني.

ص: 790

38 -

‌ عبد الكريم بن عبد المنعم بن أبي القاسم القُشيري

، أبو محمد بن أبي المظفّر النيسابوري.

سمع: عمه عبد الواحد، وعلي بن أحمد المديني، المؤدّب، وببغداد: أبا القاسم بن بيان، وحدّث، توفي في الثالث والعشرين من شعبان.

39 -

عبد المحسن بن غُنيمة بن أحمد بن قاحة، أبو نصر البغدادي.

شيخ صالح، ديّن، خيّر، سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن نبهان، وشجاعًا الذهلي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في المحرم.

40 -

‌ محمد بن أحمد بن خلف بن بيبش أبو عبد الله العبدري

، الأندلسي، الأندي.

فقيه إمام مشاوَر، له إجازة من أبي عبد الله الخولاني، روى عنه: ابنه أبو بكر بيبش، وتوفي في صفر.

41 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي

، أخو خطيب الموصل.

سمع: النعالي، وابن البطِر، وعنه: ابن أخيه أحمد، وكان فقيهًا شافعيًا، مناظرًا، مات في المحرّم.

42 -

محمد بن أحمد بن مالك العاقولي.

عن: طِراد، وابن البطِر، وعنه: ابن هبل الطبيب.

43 -

‌ محمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الجبار الناقدي

، الجراحي، المروزي، الساسياني، وساسيان: محلة بمرو.

شيخ صالح، قرأ عليه أبو سعد السمعاني صحيح البخاري بسماعه من أبي الخير محمد بن موسى الصفّار، وقال: توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين.

44 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد بن سورة

، أبو بكر التميمي، النيسابوري.

ص: 791

سمع: الفضل بن أبي حرب، وأحمد بن سهل السراج، وابن خلف، توفي في جمادى الأولى.

45 -

‌ محمد بن طراد بن محمد بن علي

، أبو الحسن العباسي، الزينبي، نقيب الهاشميين ببغداد.

سمع: عمه أبا نصر، وأباه، وأبا القاسم ابن البُسري، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وهو أخو الوزير أبي القاسم علي، ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكان كثير الحج، صدرًا، رئيسا، مسنِدًا.

روى عنه: ابن السمعاني، وأبو أحمد ابن سكينة، وعمر بن طبَرزد، وجماعة، وبالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى، وتوفي في شعبان، ودُفن بداره بباب الأزج، وبقي في النقابة ثمان عشرة سنة.

46 -

‌ محمد بن علي بن عبد الله

، أبو بكر الكِشمَردي.

سمع: الحسين ابن البسري، وثابت بن بُندار، وعنه: أبو سعد ابن السمعاني، وابن عساكر في مُعجميهما، وكان رجلا صالحًا، توفي في رجب ببغداد.

47 -

محمد بن علي بن عبد الله، الإمام أبو عبد الله العراقي، البغدادي، نزيل البوازيج.

من كبار أئمة الشافعية القائمين على المذهب، تفقّه على: إلكيا الهرّاسي، وأبي حامد الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وأخذ عن: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي بكر بن المظفر الشامي، لقيه المحدّث أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي بإربل، وسمع منه جزءًا ومقاطع من شعره، وكان العراقي قد قدِم إربل لحاجة.

مولده في حدود الثمانين وأربعمائة، وبقي إلى بعد الأربعين وخمسمائة.

48 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، أبو جعفر المروزي، الدزقي.

فقيه، صالح، معمَّر، أخذ عن: أبي القاسم الدبوسي، وعنه: السمعاني، وغيره.

ص: 792

49 -

‌ محمد بن فضل الله

، أبو الفتح بن مخمج البنجديهي، الفقيه، العابد.

سمع من: أبي سعيد البغوي الدباس، ومات ببنج ديه في جمادى الآخرة عن ثلاث وسبعين سنة.

أخذ عنه: السمعاني.

50 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الرحمن

، أبو الفتح النيسابوري، الخشّاب، الكاتب.

سمع: أبا القاسم بن هوازن القُشيري، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، والفضل بن المحب.

قال أبو سعد: لقيته بأصبهان، وله شعرٌ رائق، وخطّ فائق.

قلت: هو آخر من حدّث بأصبهان عن القشيري وزوجته بنت الدقاق.

51 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد ابن السلال

، أبو عبد الله الكرخي، الوراق، الحبّار.

كان يبيع الحبر في دكان عند باب النوبي، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، وجابر بن ياسين، وأبي بكر بن سياوش الكازَروني، وأبي الحسن ابن البيضاوي، وأبي علي بن وشاح، وتفرّد بالرواية عن هؤلاء الثلاثة، وطال عمره، وتفرّد، ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: كان في خلقه زعارّة، وكنا نسمع عليه بجهد، وهو بيتهم، معروف بالتشيع.

قال أبو بكر محمد بن عبد الباقي: بيت السّلال معروف في الكرخ بالتشيّع.

وقال الحافظ ابن ناصر: كنت أمضي إلى الجمعة وقد ضاق وقتها، فأراه على باب دكانه فارغ القلب، ليس على خاطره من الصلاة شيء.

ص: 793

قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج ابن الجوزي، ومحمد بن أبي عبد الله بن أبي فتح النهرواني، ومحمد بن عَبد الله البروجِردي، وسليمان الموصلي، وأخوه علي، والنفيس بن وهبان، وآخرون، وتوفي في جُمادى الأولى، وله أربع وتسعون سنة، وروى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة، وأبو القاسم بن صَصرى.

52 -

‌ محمد بن محمد بن الفضل بن دلاّل

، أبو منصور الشيباني، الباجِسرائي، ثم البغدادي، الحافظ.

سمع الكثير، وقرأ، وكتب، وعُني بهذا الشأن وكان سريع القراءة، جيّد التحصيل، سمع: طراد بن محمد، وابن البطر، وطبقتهما، روى عنه: أبو اليُمن الكندي، توفي في شعبان وله إحدى وثمانون سنة.

ذكره ابن النجار.

53 -

‌ محمد بن محمد بن علي

، أبو عامر العكي الشاطبي، ويعرف بابن منكرال.

روى عن أبي الحسن ابن الدوش، وأبي عمران بن أبي تليد، وأبي محمد الركلي، وأبي علي الصدفي، وجماعة سواهم.

قال أبو عبد الله الأبار: كان ثقة، صالحا، أخباريا، عالما. أدب باللغة والعربية، روى عنه القاضي أبو بكر بن مفوز وغيره.

54 -

‌ المبارك بن أحمد بن محبوب

، أبو المعالي المحبوبي، أخو أبي علي البغدادي.

سمع من: طراد الزينبي، ونصر بن البطر، وجماعة، وكان شيخًا صالحًا، خيّرًا، توفي في نصف رجب.

روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي.

55 -

‌ المبارك بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن كيلان

، أبو بكر الكيلاني، السِّقلاطوني، البابَصري، من أهل باب البصرة.

ص: 794

من أهل الستر والصلاح، سمع: أباه، وثابت بن بُندار، وتوفي في رجب وقد قارب الستين.

56 -

‌ مسلم بن الخضِر بن قسيم

، أبو المجد الحموي، من شعراء نور الدين.

له ذكر في الخريدة.

فمن شعره:

أهلًا بطيف خيالٍ جاءني سَحَرًا فقمت والليل قد شابتْ ذوائبُه أقبّل الأرضَ إجلالًا لزورته كأنما صدقتْ عندي كواذبُه ومودع القلب من نار الجوى حرقا قضى بها قبل أن تُقضى مآربُه تكاد من ذِكر يوم البَين تحرقُه لولا مدامع أنفاسٌ تُغالبه

57 -

‌ مسعود بن أبي غالب ابن التُرَيكي السّقلاطوني

.

سمع: محمد بن عبد الواحد الأزرق في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، روى عنه: عمر بن طبَرْزَد، سمع منه في هذا العام، بقراءة أخيه أبي البقاء محمد.

58 -

‌ المفضَّل بن أحمد بن نصر بن علي

بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه، أبو عبد الله الأصبهاني.

سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأبا بكر بن ماجه الأبهري، وتوفي بهمذان في جُمادى الأولى، كتب عنه: الحافظ أبو سعد، وعبد الخالق بن أسد.

59 -

‌ المَهدي بن هبة الله بن مهدي

، أبو المحاسن الخليلي، القزويني.

إمامٌ، زاهد، عابد، ورع، قوّال بالحقّ، نزل بنواحي مَرو، وقد تفقّه ببغداد على أسعد المَيهني، وقرأ المقامات بالبصرة على المصنِّف، ثم تزهّد، وصحِب يوسف بن أيوب مدة، روى عنه: أبو سعد السمعاني حديثا عن محيي السُنّة البغوي.

ولد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وتوفي بقرية جيرنج في شعبان.

60 -

‌ نصر بن أسعد بن سعيد بن فضل الله بن أحمد المَيهني

، الصوفي.

ص: 795

سمع: أبا الفضل محمد بن أحمد العارف في سنة بضعٍ وستين، أخذ عنه: أبو سعد، وقال: مات في المحرَّم.

61 -

‌ وجيه بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن المَرزبان

، أبو بكر الشّحّامي، أخو زاهر.

من بيت الحديث والعدالة بنيسابور، رحل بنفسه إلى هَراة وإلى بغداد، ومولده في شوال سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة.

سمع: أبا القاسم القُشيري، وأبا حامد الأزهري، وأبا المظفَّر محمد بن إسماعيل الشجاعي، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد بن موسى التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبا صالح المؤذّن، ووالده أبا عبد الرحمن الشحامي، وشيخ الحجاز علي بن يوسف الجُوَيني، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأبا سهل الحفصي، وأبا المعالي عمر بن محمد بن الحسين البِسطامي، وأخته عائشة بنت البسطامي، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبا الحسن علي بن أحمد الواحدي ومحمد بن عبيد الله الصرام وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبا القاسم إسماعيل بن مَسعدة الإسماعيلي، وطائفة بنيسابور، وبهَراة: شيخ الإسلام أبا إسماعيل، وبيبى الهَرثَمية، وعاصم بن عبد الملك الخليلي، وأبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وأبا العلاء صاعد بن سيّار، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعطاء بن الحسَن الحاكم، وجماعة بهَراة، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي، وأبا سعد محمد بن محمد الحجري ببوشنج، وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبا الحسين العاصمي ببغداد، وأبا نصر محمد بن وَدعان الموصلي بالمدينة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو الفضل محمد بن أحمد الطّبَسي، ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، والمؤيَّد الطوسي، وزينب الشعرية، ومجد الدين سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، والقاسم بن عبد الله الصّفّار، وأبو النجيب إسماعيل بن عثمان القارئ، وأبو سعد عبد الواحد بن علي بن حمّوية الجُويني، وآخرون.

ص: 796

قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان يُملي في الجامع الجديد بنيسابور كل جمعة في مكان أخيه زاهر، وكان كخير الرجال، متواضعًا، ألُوفًا، متوددًا، دائم الذِّكر، كثير التلاوة، وصولًا للرحم، تفرّد في عصره بأشياء، ومرض أسبوعًا، وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة، ودُفن بجنب أبيه وأخيه.

62 -

‌ يحيى بن خلف بن النفيس

، أبو بكر، المعروف بابن الخَلوف، الغرناطي، المقرئ، الأستاذ.

لقي من القراء: أبا الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وأبا بكر بن المفرّج البطليوسي، وأبا القاسم ابن النخاس، وأبا الحسن بن كرز، وعيّاش بن خلف، ومن المحدّثين: ابن الطّلاع، وأبا علي الغساني، وأبا مروان بن سراج، فسمع من بعضهم، وأجاز له سائرهم، وحجّ فسمع صحيح مسلم بمكة من أبي عبد الله الحسين الطبري، ودخل العراق فسمع من: أبي طاهر بن سِوار المقرئ، وبالشام من أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي.

وأقرأ الناس بجامع غرناطة زمانًا، وطال عمره، واشتهر اسمه وحدّث، وأقرأ القراءات، وكان بارعًا فيها، حاذقًا بها، مع التفنن، والحفظ، ومعرفة التفسير، والجلالة والحُرمة.

حدّث عنه: أبو عبد الله النميري - ويقول فيه: يحيى بن أبي سعيد - وأبو بكر بن رزق، وأبو الحسن بن الضحاك، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن الفرس، وابنه عبد المنعم بن محمد، وابنه عبد المنعم بن يحيى بن الخَلوف، وأبو القاسم القنطري، وأبو محمد بن عُبيد الله الحَجري، وأبو عبد الله بن عروس.

وتوفي بغرناطة في آخر العام، وكان مولده في أول سنة ست وستين وأربعمائة.

ترجمه الأبّار.

ص: 797

ومن بقايا الرواة عنه: أحمد بن عبد الودود بن سمجون، بقي إلى سنة ثمانٍ وست مائة.

63 -

‌ يحيى بن زيد بن خليفة بن داعي بن مَهدي بن إسماعيل

، أبو الرضا العلوي، الحَسني، السّاوي، شيخ الصوفية بساوة.

ديّن صالح، خيّر، متودد، متواضع، نبيل، سمع بأصبهان: أبا سعد المطرِّز، وأبا منصور بن مَندويه، وأبا علي الحداد، وتوفي في شعبان عن بضعٍ وسبعين سنة.

روى عنه أبو سعد السمعاني.

64 -

‌ يحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء محمد بن علي التميمي

، أبو الوفاء الأصبهاني.

توفي في الخامس والعشرين من رمضان، وكان فاضلًا، قاضيا، نبيلًا، معدّلًا، عالمًا بالشروط، روى عنه: أبو موسى المديني، والسمعاني، سمع: أباه، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة، وأبا طاهر النقّاش.

65 -

‌ يحيى بن موسى بن عبد الله

، أبو بكر القُرطبي.

روى عن: محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وكان رجلًا صالحًا، خيرا، طاهرًا، مُقبلًا على ما يعنيه.

روى عنه ابن بَشكوال فوائد أبي الحسن بن صخر، بسماعه من عبد العزيز بن أبي غالب القروي، عنه، وقال: توفي في عقِب صفر.

ص: 798

سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

66 -

‌ أحمد بن الحُصين بن عبد الملك بن عطاف

، القاضي، أبو العباس العُقيلي، الجيّاني.

طلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وهذا يندر في المغاربة، ورحل إلى قرطبة، فسمع من: أبي محمد بن عَتّاب، وأبي الأصبغ بن سهل، وسمع بإشبيلية من: أبي القاسم الهَوزَني، وسكن غرناطة، وأفتى بها، وحدّث، روى عنه: أبو محمد بن عُبيد الله الحَجري.

67 -

‌ أحمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله

، أبو الحسن بن أبي محمد ابن الآبنوسي، البغدادي، الفقيه الشافعي، الوكيل.

ولد سنة ست وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم ابن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مَسعدة الإسماعيلي، وعاصم بن الحسن، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله، وجماعة كثيرة، وتفقّه على القاضي محمد بن المظفّر الشامي، وعلى أبي الفضل الهمذاني، ونظر في علم الكلام والاعتزال، ثم فتح الله له بحسن نيته، وصار من أهل السُّنة.

روى عنه: بنته شرف النساء وهي آخر من حدّث عنه، وابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو اليُمن الكِندي، وسليمان الموصلي، وآخرون.

قال ابن السمعاني: فقيه، مُفتٍ، زاهد، يعرف المذهب والفرائض، اعتزل عن الناس، واختار الخمول، وترك الشهرة، وكان كثير الذِّكر، دخلت عليه فرأيته على طريقة السّلف من خشونة العيش، وترك التكلّف.

وقال ابن الجوزي: صحب شيخنا أبا الحسن ابن الزاغوني، فحمله على السُنّة بعد أن كان معتزليًا، وكانت له اليد الحسَنة في المذهب، والخلاف، والفرائض، والحساب، والشروط، وكان ثقة، مصنّفًا، على سنن السّلف، وسبيل أهل السُّنة في الاعتقاد، وكان يُنابذ مَن يخالف ذلك من المتكلفين، وله أذكار وأوراد من بكرة إلى وقت الظهر، ثم يُقرأ عليه من بعد الظهر،

ص: 799

وكان يلازم بيته، ولا يخرج أصلًا، وما رأيناه في مسجد، وشاع أنه لا يصلي الجمعة، وما عرفنا عذره في ذلك، وتوفي في ثامن ذي الحجة.

قلت: وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، ولأبي القاسم ابن.

68 -

‌ أحمد بن عبد الخالق بن أبي الغنائم الهاشمي

، أبو العباس.

سمع مجلسًا من طِراد، روى عنه: الفضل بن عبد الخالق الهاشمي.

69 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري

، أبو جعفر البِطرَوجي، ويقال: البطروشي بالشين، الحافظ، أحد الأئمة المشاهير بالأندلس.

أخذ عن: أبي عبد الله الطّلاعي، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وخلف بن مدير، وخلف بن إبراهيم الخطيب المقرئ، وجماعة، وأكثر عن أبي عبد الله الطّلاعي، وقرأ القرآن بقُرطبة على عيسى بن خيرة، وناظر في المدوَّنة على عبد الصمد بن أبي الفتح العبدري، وفي المستخرَجة على أبي الوليد بن رشد، وعرض المستخرجة مرتين على أصبغ بن محمد.

وأجاز له أبو المطرّف الشعبي، وأبي داود المقرئ، وأبو علي بن سُكّرة، وأبو عبد الله بن عون، وأبو أسامة يعقوب بن علي بن حزم.

وكان إمامًا حافلا، عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا به، حافظًا، محدّثًا، عارفًا بالرجال، وأحوالهم، وتواريخهم، وأيامهم، وله مصنّفات مشهورة، وكان إذا سُئل عن شيء فكأنما الجواب على طرف لسانه، ويورد المسألة بنصها ولفظها لقوة حافظته، ولم يكن للأندلسيين في وقته مثله، لكنه كان قليل البضاعة من العربية رثّ الهيئة، خاملًا لخفة كانت به، ولذلك لم يلحق بالمشاورين، ولا ولّوه شيئًا من أمور المسلمين، وعسى ذلك كان خيرًا له رحمه الله.

روى عنه الموطّأ: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عُبيد الله الحجري، وخلف بن بشكوال الحافظ، وأخوه محمد بن بشكوال، وأبو الحسن محمد بن

ص: 800

عبد العزيز الشّقوري، ومحمد بن إبراهيم ابن الفخّار، ويحيى بن محمد الفِهري البلنسي، وخلق سواهم.

قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للفقه، والحديث، والرجال، والتواريخ، مقدَّمًا في ذلك على أهل عصره، وتوفي لثلاث بقين من المحرّم.

وهو قرطبي، أصله من بِطروش.

70 -

‌ أحمد بن أبي الحسن بن الباذش

، الإمام أبو جعفر بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، الغرناطي.

روى عن: أبيه، وأبي علي الصّدفي، وابن عتّاب، وطبقتهم فأكثر، وتفنن في العلم وكان من الحفّاظ الأذكياء، خطب بغرناطة، وحمل الناس عنه، واشتهر اسمه.

مات سنة اثنتين وأربعين ببلده كهلًا أو في أول الشيخوخة.

71 -

‌ أحمد بن علي بن عبد الواحد

، أبو بكر ابن الأشقر البغدادي، الدلال.

ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا محمد الصّريفيني، وأبا نصر الزينبي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طَبرزد، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وعبد الله بن يحيى ابن الخراز الحريمي، وعمر بن الحسين بن المِعوجّ، وتُرْكُ بن محمد العطار، وفاطمة بنت المبارك بن قَيداس، وإسماعيل بن إبراهيم السيبي الخبّاز، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وعبد الملك بن أبي الفتح الدّلال، وآخرون.

قال ابن الجوزي: كان خيّرًا، صحيح السماع، توفي في ثامن صفر.

72 -

‌ أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن أفلح بن زرقون بن سحنون

، المُرسي، الفقيه، المالكي، المقرئ.

ص: 801

أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن البياز، وابن أخي الدّوش، وسمع من: أبي عبد الله محمد بن الفرج الطلاعي، وأبي علي الغساني. وقرأ لورش على أبي الحسن ابن الجزّار الضرير صاحب مكي، وتصدّر للإقراء بالجزيرة الخضراء، وأخذ الناس عنه، وكان فقيهًا، مشاوَرًا، حافظًا، محدّثًا، مفسّرًا، نحويًا.

روى عنه: أبو حفص بن عذرة، وابن خير، وأبو الحسن بن مؤمن، وجماعة آخرهم موتًا أحمد بن أبي جعفر بن فطَيس الغافقي، طبيب الأندلس، وبقي إلى سنة ثلاث عشرة وست مائة.

توفي في ذي القعدة سنة اثنتين، وقيل: توفي في حدود سنة خمسٍ وأربعين.

73 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حاطب

، أبو العباس الباجي.

كان رأسًا في اللغة والنحو، مع الصلاح والزهد، أخذ عن: عاصم بن أيوب، وجماعة، وعاش نحوًا من ثمانين سنة رحمه الله.

74 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد العزيز

، أبو البقاء ابن الشطرنجي، البغدادي، العُمري. كان يكتب العمر مجاورًا بمكة.

سمع: مالكًا البانياسي، وأبا الحسن الأنباري، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، روى عنه: محمد بن معمَّر بن الفاخر، وثابت بن محمد المَديني.

توفي في رمضان أو في شوال بمكة.

75 -

‌ أحمد بن محمد بن غالب

، أبو السعادات، العُطاردي، الكرخي، الخزّاز، البيّع.

سمع: عاصم بن الحسن، وأبا يوسف القزويني، المعتزلي، وجماعة، وعنه: أحمد بن علي بن حراز، ويوسف بن المبارك الخفّاف، وله شعر مليح، ومعرفة بالكلام.

ص: 802

عاش ثمانيًا وثمانين سنة

76 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد

، أبو المعالي بن أبي اليُسر البخاري، الفقيه.

تفقّه على والده، وسمع منه، ومن غيره وأفتى وناظر وأملى الحديث، وكان حسن السيرة، توفي في وسط السنة بسرخس، وحُمل إلى بخارى.

77 -

‌ أحمد بن ما شاء الله

، أبو نصر السِّدري.

سمع: أبا الفضل بن خَيرون، وحدّث، وكان مستورًا من أهل القرآن والسُنّة ببغداد، وتوفي في ثالث صفر.

روى عنه: المبارك بن كامل، ومحمد بن حسين النهرواني.

78 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن خلف بن جماعة بن مهدي

، أبو إسحاق البكري، بكر بن وائل، من الأندلس، من أهل دانية.

سمع: أبا داود المقرئ، ومحمد بن يوسف بن خلصة، وأبا علي الصّدفي، وولي قضاء بلده سنة تسع وعشرين، وعُزل سنة ثلاثين وخمسمائة، وولي قضاء شاطبة مدة.

وكان حسن السيرة، ثقة، معتنيًا بالحديث.

روى عنه: أبو عمر بن عياد، وعليم بن عبد العزيز، وأبو بكر بن مفوَّز، وتوفي في رجب، وغسّله وصلى عليه أبو عبد الله بن سعيد الداني، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستين وأربعمائة.

79 -

‌ إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني

.

ولي نيابة مرّاكش لأخيه تاشفين، وهو صبي حدث، فقُتل أخوه سنة تسع وثلاثين، فانضمت العساكر إلى هذا وملّكوه، فقصده عبد المؤمن، وحاصر مرّاكش أحد عشر شهرًا، ثم أخذها عنوة لما اشتدّ بها القحط، وأخرج إسحاق إلى بين يدي عبد المؤمن، فعزم أن يعفو عنه لأنه دون البلوغ، فلم توافق خواصّه، فخلى بينهم وبينه، فقتلوه، وقتلوا معه سير بن الحاجّ أحد الشجعان

ص: 803

المذكورين، وكان إسحاق آخر ملوك بني تاشفين.

80 -

‌ أسعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد

، أبو منصور ابن المهتدي بالله.

شيخ جليل، شريف، معمّر، ولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة، وكان يمكنه السماع من أبي طالب بن غيلان، وابن المُذهِب، ثم كان يمكنه أن يسمع بنفسه من أبي الطيب الطّبري، والجوهري، وإنما سمع وقد تكهّل من: طِراد الزينبي، وطاهر بن الحسين، وهو أخو الشيخ أبي الفضل محمد شيخ الكِندي.

قال ابن السمعاني: شيخ بهي المنظر، أضرّ في آخر عمره، وكان منسوبًا إلى الصّلاح.

قال ابن الجوزي في كتاب المنتظم: كان الناس يُثنون عليه.

وقال ابن السمعاني: قال لي: حملوني إلى أبي الحسن القزويني، فمسح بيده على رأسي، فمن ذلك الوقت ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صُداع، ورأيته أنا منتصب القامة في هذا السن.

قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طَبرْزد، ويوسف بن المبارك الخفّاف، وغيرهم، وتوفي في رمضان، وله مائة وبضعُ سنين.

قال ابن الجوزي: ولد سنة ثلاثٍ أو أربع وثلاثين وأربعمائة.

وقال عبد المغيث بن زُهير: أنشدني أسعد بن عبد الله ابن المهتدي بالله، قال: سمعت أبا الحسن القزويني يُنشد:

إن السلامة في السكوت وفي مُلازمة البيوت فإذا تحصّل ذا وذا فاقنع إذًا بأقلّ قُوت

81 -

‌ بهروز

، شحنة بغداد مدة طويلة.

هلك في هذه السنة، وكان ظلوما، وكان من جهة السلطان، ولي بضعا وثلاثين سنة.

ص: 804

82 -

‌ دَعوان بن علي بن حمّاد بن صدقَة

، أبو محمد الجُبّي، الضّرير، المقرئ.

ولد بجُبّة، قرية في طريق خراسان من بغداد، في سنة ثلاثٍ وستين، وقدِم بغداد، وسمع من: رزق الله التميمي، ونصر بن البَطِر، وجماعة، وقرأ القراءات على: عبد القاهر العباسي، وأبي طاهر بن سِوار، وتفقّه على أبي سعد المخرّمي.

وحدّث، وأقرأ، وأفاد الناس، وكان معيد الخلاف بين يدي أبي سعد شيخه، وكان خيّرًا، ديّنًا، مُتصونًا، على طريق السّلف.

توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة.

قرأ عليه: منصور بن أحمد الحميلي الضرير، وجماعة.

وقال عبد الله بن أبي الحسن الجُبّائي: رأيت دعوان في النوم، فقال: عُرضت على الله خمسين مرة، وقال لي: أيش عملتَ؟ قلت: قرأت القرآن وأقرأته، فقال لي: أنا أتولاك، أنا أتولاك.

83 -

‌ ذكوان بن سيّار بن محمد بن عبد الله

، أبو صالح الهَروي، الدّهان، أخو أبي العلاء صاعد بن سيّار الحافظ.

سمّعه أخوه من محمد بن أبي مسعود الفارسي أجزاء يحيى بن صاعد، وكان يُلقَّب بأميرجَهْ، روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح الهروي، وبالإجازة أبو المظفّر ابن السمعاني.

توفي في السابع من ذي الحجة.

84 -

‌ سعد بن خلف بن سعيد

، أبو الحسن القرطبي، المقرئ.

أخذ القراءات عن: أبي القاسم ابن النخاس، وغيره، وسمع من: أبي عبد الله الطّلاع، وخازم بن محمد، وأبي علي الغساني، وجماعة، وتصدّر للإقراء وتعليم النحو، أخذ عنه: أبو علي والد الحافظ أبي محمد القرطبي،

ص: 805

وغيره، وقرأ عليه إبراهيم بن يوسف المعاجري.

85 -

‌ طاهر بن زاهر بن طاهر

، أبو سعيد الشّحامي، النيسابوري، الشروطي.

سمع: أبا بكر بن خلف، وعبد الملك بن عبد الله الدّشتي، مات في شوال، وله ستون سنة.

86 -

‌ طلحة الأندلسي

.

أحد الأبطال الموصوفين، جاء إلى الموحّدين وخدمهم، ثم نفّرته أخلاقهم، فكان يأخذ المائة راجل فيغير بها على تينملل، وينكي فيهم، وكان شهمًا شجاعًا، فهابته المصامدة، ثم كان في حصار مرّاكش بها، فلما افتتحها عبد المؤمن وبذل فيها السيف تطلّب طلحة فوجدوه في برج، فقاتل حتى قتل جماعة، فأتوه بأمان بخطّ عبد المؤمن، فسلّم نفسه، وأتوا به، فقال أبو الأحسن، شيخ من العشرة: أنا أتقرّب بدمه، فقال طلحة: ألم ينهكم المهدي عن إضاعة المال، وعلي ما يساوي مالًا كثيرًا، وقد أمركم المهدي، فكيف تفسدوه بالدم، فقال أبو الأحسن: حلوا كتافه وجرّدوه، فأخرج في الحال سكّينًا من قلنسيته، ووثب بها على أبي الأحسن والسيف في يده، فلم يُغنِ عنه، وقتله طلحة، فقتلوه، وماتا جميعًا.

87 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عمر

، أبو محمد القيسي، المالقي، المعروف بالوحيدي، القاضي.

روى عن: أبي المطرّف الشعبي، وأبي الحسن العبسي، وأبي علي الغساني، وكان من أهل العلم والفهم، ولي قضاء مالقة مدة حُمد فيها، وتوفي عن بضع وثمانين سنة.

قال فيه اليَسَع بن حزم: طودٌ علا، أظهره بسوقه، وعلق فضل نفقت أبدًا سوقه، فلا تُعجزه المحاضر، ولا يقطعه المُحاضر، فمن ذا الذي يجاريه

ص: 806

في الحديث والسنن، ومعرفة الصحيح والحسن، كنا نقرأ عليه صحيح مسلم، فيُصلحه من لفظه، ونجد الحق موافق حفظه، وإذا وقع غريب ذكر اختلاف المحدّثين فيها مع اللغويين.

88 -

‌ عبد الله بن عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي

ابن شيخ الإسلام الأنصاري، أبو المعالي الهَروي.

شابٌ فاضل، مليح الوعظ، لم يكن في أهل بيته مثله في عصره، رحل به أبوه، وسمع المُسنَد من ابن الحُصين، وبمكة من: عبد الله بن محمد بن غزال، وبأصبهان من: فاطمة، وجعفر الثقفي، وبهَراة من: أبي الفتح نصر بن أحمد الحنفي.

كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سمع مني الكثير، وخرج معي إلى بوشَنج، وكتبنا جميعًا، توفي في ربيع الأول، وله ثمان وثلاثون سنة.

89 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف

، أبو محمد اللّخمي، المعروف بالرُّشاطي، الأندلسي، المريّي، الحافظ.

مصنّف كتاب اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار، وهو على أسلوب الأنساب لابن السمعاني.

وقد ذكرناه في الطبقة، وأنه توفي في حدود الأربعين، ثم وقعتُ بوفاته في يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى من سنتنا هذه، وأنه استُشهد عند تغلّب العدو على المرية.

90 -

‌ عبد الله بن علي بن سعيد

، أبو محمد القصري، الشافعي، الفقيه.

قال ابن عساكر: أدرك أبا بكر الشاشي، وأبا الحسن الهرّاسي، وعلّق المذهب والأصول على أسعد الميهَني، وسمع: أبا القاسم بن بيان، وجماعة، وقدِم دمشق، وسمعتُ درسه، وسمعتُ منه، وانتقل إلى حلب، وبها توفي.

91 -

‌ عبد الله بن محمد بن سهل

، أبو المعالي العدوي، الصوفي.

ص: 807

سمع بنيسابور: أبا بكر بن خلف، وأبا الحسن بن الأخرم، مات في شعبان، أخذ عنه السمعاني.

92 -

‌ عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد بن أبي سعيد بن أبي الخير

، أبو القاسم الميهني، شيخ رباط البِسطامي ببغداد.

كان له سكون ووقار، سمع بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران، وأبا الحسن المديني، وجماعة.

قال أخوه أبو الفضل أحمد بن طاهر: ولد أخي في سنة سبع وستين وأربعمائة.

وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره، توفي في ربيع الأول ببغداد.

93 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن الموفَّق

، الفقيه، أبو محمد النُعَيمي، المروزي.

من جِلة فقهاء مرو، تفقّه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه ومن أبي سعد عبد العزيز القايني.

مات في ربيع الأول، أخذ عنه: أبو سعد السمعاني.

94 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن الفرج

، أبو القاسم ابن الفرس الأنصاري، الغرناطي.

قرأ القرآن على موسى بن سليمان، وطبقته، وقرأ الفقه على جماعة، وارتحل إلى أبي داود، وابن الدّوش فأخذ عنهما القراءات، سمع من جماعة، وتصدّر للإقراء بجامع المريّة، ثم عاد إلى بلده ولازم الإقراء، والفُتيا، وخطة الشورى، وارتحل إليه القرّاء، وانتفعوا به، وكان محققًا، عارفًا بالقراءات وعلَلها.

روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبو القاسم القنطري، وأبو العباس ابن اليتيم، وأبو جعفر بن حكم، وأبو الحجاج الثغري.

فلما وقعتْ الفتنةُ في غرناطة عند زوال الدولة اللمتونية سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، خرج إلى المنكّب، فأقرأ بها إلى أن توفي في شعبان من،

ص: 808

سنة اثنتين وله سبعون سنة رحمه الله.

95 -

‌ عبد السيد بن علي بن الطيب

، أبو جعفر ابن الزيتوني الفقيه.

تفقّه على أبي الوفاء بن عقيل، ثم انتقل حنفيًا، واتصل بنور الهدى الزينبي، وقرأ عليه الفقه، وعلى خلَف الضرير علم الكلام، وصار داعية إلى الاعتزال، ثم اشتغل عن ذلك بمشارفة المارستان، وتوفي في شوال.

96 -

‌ عبد الملك بن محمد بن عمر التميمي الأندلسي

، أبو مروان، من أهل المرية، ويُعرف بابن ورد.

كان فقيهًا، مفتيًا، لقي: أبوي علي الغساني، والصّدفي، وتوفي في هذه السنة ظنًا، قاله أبو عبد الله الأبّار.

97 -

‌ علي بن عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد

، أبو القاسم ابن العلامة أبي نصر ابن الصبّاغ، البغدادي، المعدْل الشاهد.

سمع كتاب السبعة لابن مجاهد من الصّريفيني، وسمع منه غير ذلك، ومن: والده، وطِراد الزّينبي، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وابن طبَرْزد، والمؤيّد ابن الإخوة الأصبهاني، وآخرون.

قال ابن السمعاني: شيخ كبير، مسن، ثقة، صالح، صدوق، حسن السيرة، ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر جُمادى الأولى.

قلت: آخر من روى عنه بالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى.

98 -

‌ عمار بن طاهر بن عمار بن إسماعيل

، أبو سعد الهمذاني.

رحل في شبيبته، وتفرّج في مصر، والشام، والعراق، وسمع بالقدس من مكي بن عبد السلام الرُميلي كتاب فضائل بيت المقدس، قرأ عليه الكتاب أبو سعد السمعاني بهمذان، وبها مات في ذي القعدة عن سنٍ عالية.

99 -

‌ عمر بن أحمد بن حسين

، أبو حفص الهمذاني، الصوفي، الورّاق، المقرئ.

ص: 809

سمع ببغداد من أبي الحسين ابن الطُّيوري، وبأصبهان من غانم البرجي، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وتوفي بهمذان في جمادى الآخرة.

100 -

‌ عمر بن ظفر بن أحمد

، أبو حفص المغازلي، البغدادي، المقرئ، المحدِّث.

ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم ابن البُسري، ومالكًا البانياسي، وطِرادًا الزينبي، وابن البطِر، وخلقًا كثيرًا، روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة.

وطلب بنفسه: ونسخ، وحصّل وجوّد القرآن، وقرأ بالروايات على: أحمد بن عمر السمرقندي صاحب الأهوازي، قرأ عليه: يحيى بن أحمد الأواني، وغير واحد.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خيّر، حسن السيرة، صحِب الأكابر وخدَمهم، وهو قيّم بكتاب الله، ختم عليه القرآن خلقٌ في مسجده، وكتبتُ عنه الكثير، وأظهر المبارك بن كامل المفيد في الجزء السادس من المخلّصيّات، سماع عمر على ورقة عتيقة، من أبي القاسم ابن البُسري، فشنّع أبو القاسم ابن السمرقندي عليه، وقال: ما سمع عمر من ابن البُسري شيئًا، وذكر أنه رأى الطبقة التي أثبت اسم عمر معهم، شاهدها في نسخة أخرى، وما كان اسم عمر معهم.

قال ابن السمعاني: وكان سنّ عمر يحتمل ذلك، فإن ابن البُسري مات ولعمر ثلاث عشرة سنة، توفي في حادي عشر شعبان.

وقد روى عنه بالإجازة عبد الرحيم ابن السمعاني.

101 -

‌ فاطمة خاتون

، بنت السلطان محمد بن ملكشاه، زوجة أمير المؤمنين المقتفي.

توفيت في ربيع الآخر ببغداد، وعُمل لها العزاء ثلاثة أيام، وجلس الأعيان.

ص: 810

102 -

‌ الفضل بن زاهر بن طاهر الشّحّامي

، أبو الفتح، كبير الشهود بنيسابور.

سمع: نصر الله الخشنامي، وابن الأخرم، عاش ثلاثًا وخمسين سنة.

103 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي الفتح حسن

، أبو عبد الله الطرائفي.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور، سمع صفة المنافق من أبي جعفر ابن المسلمة، وأجاز له: ابن المسلمة، وأبو الغنائم ابن المأمون، وأبو بكر الخطيب وغيرهم، كتبتُ عنه، وكان مولده تقريبًا في سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة.

قلت: سمع منه الفتح بن عبد السلام الجزء المذكور، وهو آخر من روى عنه.

104 -

‌ محمد بن أحمد بن طاهر

، أبو بكر الإشبيلي، القيسي.

أكثر عن أبي علي الغساني، واختصّ به، وسمع من: عبد العزيز بن أبي غالب القيرواني، وأبي الحسن العبسي، وعُني بالحديث، أخذ عنه الناس، وعمِّر دهرًا، وتوفي في جُمادى الأولى وله ثلاثٌ وتسعون سنة.

105 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي بكر

، أبو بكر الصّوفي، الخُراساني، النجار، الخوجاني، نزيل بغداد وإمام رباط إسماعيل بن أبي سعد.

سمع بمكة شيئًا سنة أربع وخمسمائة، روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وقال: كان رفيقي في سفرة الشام، وخرجنا صُحبةً إلى زيارة القدس، وما افترقنا إلى أن رجعنا إلى العراق، وكان نِعم الرفيق، شيخ صالح، قيّم بكتاب الله، دائم البكاء، كثير الحزن، جاور بمكة مدة، توفي في ربيع الأول وله ثمانون سنة.

106 -

‌ محمد بن سعد بن محمد بن إبراهيم

، أبو الفتح الأسداباذي.

سمع: أبا بكر بن خلَف، وأبا المظفر موسى بن عمران، وأبا نصر عبد الله

ص: 811

ابن الحسين بنيسابور، وكان يذكر أنه سمع الكامل لابن عدي، من كامل بن إبراهيم الجندي، عن حمزة السهمي، عنه.

روى عنه: أبو سعد، وابنه أبو المظفّر، وقال: توفي بمرو في جُمادى الأولى.

107 -

‌ محمد بن عبد الله بن أحمد بن سهلون

، أبو السعادات الصّريفيني، سِبط أبي محمد بن هزارمَرد الصّريفيني.

روى عن جده، روى عنه: أحمد بن الحسين العراقي نزيل دمشق، وأجاز لمحمد بن يوسف الغَزْنوي في المحرّم من هذا العام.

ولا أعلم متى مات.

108 -

‌ محمد بن عبد الغفار بن عبد السلام

، أبو الفتح الغياثي، الماهاني، المروزي، الزمن.

سمع: أبا سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، وعنه: السمعاني، وقال: مات في عاشر جُمادى الأولى.

109 -

‌ محمد بن عبد الغفار بن محمد بن سعيد

، أبو الفضل القاساني، المعدَّل.

توفي بأصبهان في جمادى الأولى، قاله أبو مسعود الحاجّي.

سمع ابن شكرويه.

110 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب

القاضي أبو عبد الله ابن الجُلابي، الواسطي، ويعرف بالمَغازلي.

سمّعه أبوه من: أبي الحسن محمد بن محمد بن مَخلَد الأزدي، والحسن بن أحمد بن موسى الغَندجاني، وأبي علي إسماعيل بن محمد بن كُماري، وأبي يَعلى علي بن عبد الله ابن العلاف، وأبي منصور محمد بن محمد العُكبري قدِم عليهم، وجماعة، وسمع ببغداد من: أبي عبد الله الحُميدي، وأجاز له: أبو غالب بن بِشران النحوي، وأبو بكر الخطيب، وأبو تمام علي بن محمد بن الحسَن القاضي صاحب محمد بن المظفّر الحافظ.

ص: 812

وطال عمره وتفرّد في وقته، وكان مولده في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: شيخ من بيت الحديث، متودد إلى الناس، حسن المجالسة، كان ينوب عن قاضي واسط، انحدرتُ إليه قاصدًا في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وسمعتُ منه الكثير، من ذلك مُسند الخلفاء الراشدين لأحمد بن سِنان، وكتاب البِرّ والصلة لابن المبارك، يرويه عن الغَندجاني، عن المخلّص، وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وحدّث بها، وكان شيخنا أحمد ابن الأغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شيء لم يسمعه، وأما ظاهره فالصدق والأمانة، وهو صحيح السماع والأصول.

قلت: وروى عنه أيضًا: أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، والحسن بن مكي المَرَندي، وأبو المظفّر علي بن علي بن نغوبا، وأبو المكارم علي بن عبد الله بن فضل الله بن الجَلَخْت، وأبو بكر أحمد بن صدقة بن كليزا الغرافي، وآخرون، وتوفي في رمضان.

والجُلابي: مختلَفٌ في ضمه وفتحه، فقال أبو طاهر ابن الأنماطي: قال لنا شيخنا أبو الفتح المندائي: هو الجَلابي، بفتح الجيم بلا شك، فراجعتُه، فغضب، وقال: كان ينوب عن والدي في القضاء وأنا أخبَر به.

قال ابن الأنماطي: وسألت عنه الشريف ابنَ عبد السميع، فقال: لا أعرفه إلا بالضم، وتعجّب من قول أبي الفتح.

قلت: والصحيح الضمّ، لأني رأيته مضبوطًا بخطّ والده علي في غير موضع فيما جمعه من ذيل تاريخ واسط، وبخطّ جماعة في طباق السماع لهذا التاريخ على مؤلّفه بالضم، وكذا قيّده ابن نقطة، وغيره، ولم يذكروا فيه خلافًا.

فأما الجَلابي بالفتح، فهو: أبو سعيد أحمد بن علي. فقيه، فاضل، سمع منه أبو سعد السمعاني شيئًا بخراسان.

ص: 813

111 -

‌ محمد بن محمد بن الحسين بن السّكَن

، أبو غالب ابن المعوج البغدادي، الحاجب، حاجب باب النُوبي.

متودد إلى الناس، راغب في الخير، محبّ للرواية، سمع: الخطيب أبا الحسن الأنباري، وأبا سعد ابن الكوّاز.

روى عنه: ابن السمعاني، وقال: توفي في صفر وله ستٌ وسبعون سنة.

112 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الرحمن

، أبو عبد الله الأموي، من أولاد سليمان ابن الناصر لدين الله.

سمع من: أبي مروان بن سِراج، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وكان مقدّمًا في مذهب مالك، عارفًا به، وقد عَمِي.

113 -

‌ محمد بن محمد بن معمّر بن يحيى

، أبو البقاء بن طَبَرْزَد.

كان اسمه: المبارك، فسمّى نفسه محمدا، وهو أحد من عُني بالحديث، وجمعه ونسخه، سمع الناس بإفادته من ابن الحُصين، وأبي غالب ابن البنّاء، وأبي بكر القاضي، وخلْق.

قال ابن النجار: قال عمر بن المبارك بن سهلان: لم يكن أبو البقاء بن طبَرزَد ثقة، كان كذّابًا يضع للناس أسماءهم في الأجزاء، ثم يذهب فيقرأ عليهم، علِم بذلك شيخنا عبد الوهاب، وابن ناصر، وغيرهما.

قلت: وقد سمع أخاه عمر الكثير، وله شِعر مقارِب، توفي في جُمادى الأولى وله نحوٌ من أربعين سنة، سامحه الله.

114 -

‌ محمد بن محمد بن أبي سعيد السعدي

، السّرخسي.

سمع: أبا حامد الشجاعي، كتب عنه السمعاني بسرخَس، وقال: مات في رمضان، قيل: عاش مائة وست سنين.

ص: 814

115 -

‌ محمد بن المظفّر بن علي ابن المسلمة

، أبو الحسن بن أبي الفتح ابن الوزير أبي القاسم.

ولد سنة أربع وثمانين، وسمع من: جعفر السرّاج، وغيره، وحدّث، وانزوى وتصوّف، وأقبل على الطاعة، ولزِم المراقبة، وجعل داره التي بدار الخلافة رباطًا للصوفية.

توفي في تاسع رجب، وتقدّم في الصلاة عليه الوزير أبو علي بن صدقة.

116 -

‌ المبارك بن خَيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خَيرون

، أبو السعود.

سمع: عمّ أبيه أبا الفضل بن خَيرون، ومالكًا البانياسي، وجماعة، روى عنه: أبو الفرج ابن الجوزي، وغيره، وتوفي في المحرّم، وكان صحيح السماع خيّرًا، قاله أبو الفرج.

117 -

‌ محمود بن محمد بن عبد الحميد بن أبي بكر

، أبو القاسم بن أبي بكر الحدادي، الرازي، الواعظ.

حدّث عن: أحمد بن محمد بن صاعد النيسابوري، القاضي، روى عنه: ابن السمعاني، وقال: لقيته بالري وكان نجاري المذهب، لكنه كان لا يرى القدر، بل كان جيد الاعتقاد في ذلك، توفي بالري وله نحو من سبعين سنة، وقد دخل بغداد غير مرة.

118 -

‌ محمشاد بن محمد بن محمشاد بن محمد

، أبو القاسم العبدلي، النيسابوري، الرجل الصالح المتهجد.

سمع: أبا بكر بن خلَف، توفي في ربيع الآخر.

قال السمعاني: بتّ عنده ليلة، فما نام تلك الليلة، أحياها في الصلاة والذِّكر.

ص: 815

119 -

‌ نصر الله بن محمد بن عبد القوي

، الفقيه أبو الفتح المصّيصي، ثم اللاذِقي، ثم الدمشقي، الشافعي، الأصولي، الأشعري نسبًا ومذهبًا.

كذا قال الحافظ ابن عساكر، وقال: نشأ بصور، وسمع بها من: أبي بكر الخطيب، وعمر بن أحمد العطار الآمدي، وعبد الرحمن بن محمد الأبهري، والفقيه نصر المقدسي، وتفقّه عليه، وسمع بدمشق: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره، وببغداد: عاصم بن الحسن، ورزق الله بن عبد الوهاب، وبأصبهان: أبا منصور محمد بن علي بن شكرويه، ونظام المُلك الوزير، وبالأنبار: أبا الحسن علي بن محمد بن محمد بن الأخضر، وقرأ بصور علم الكلام على أبي بكر محمد بن عتيق القيرواني، ثم سكن دمشق.

قال: وكان متصلبًا في السُنّة، حسن الصلاة، متجنبًا أبواب السلاطين، وكان مدرّس الزاوية الغربية بالجامع الأموي بعد وفاة شيخه الفقيه نصر، وقد وقف وقوفًا على وجوه البِرّ، وكان مولده باللاذقية في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وهو آخر من حدّث بدمشق عن الخطيب.

وقال ابن السمعاني في ذيله: إمام، مفت، فقيه، أصولي، متكلّم، ديّن، خير، بقية مشايخ الشام، كتبتُ عنه، وكان يشتهي أن يحدث وأقرأ عليه، وكان متيقظًا، حسن الإصغاء، وانتقل من صور إلى دمشق سنة ثمانين وأربعمائة.

وقال ابن عساكر: توفي ليلة الجمعة ثاني ربيع الأول ودُفن بعد صلاة الجمعة بباب الصغير.

قلت: روى عنه هو، وابنه القاسم ابن عساكر، وابن السمعاني، ومكي بن علي العراقي، وأبو الفرج جابر بن محمد بن اللحية الحمَوي، وعسكر بن خليفة الحموي، والخطيب أبو القاسم بن ياسين الدَّولعي، ويوسف بن مكي الحارثي، وولده نصر الله، والخضِر بن كامل المعبّر، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وأحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري، وأبوه، وأبو القاسم

ص: 816

عبد الصمد ابن الحَرستاني، وهبة الله بن الخضِر بن طاوس، وآخر من حدّث عنه أبو المحاسن بن أبي لُقمة، روى عنه العاشر من الرقائق لخَيثمة.

120 -

‌ نور عزيز بنت مسعود بن أحمد ابن السَّدنك

، أخت أبي الغنائم محمد.

امرأة صالحة من بيت حديث، روت عن ابن الأخضر الأنباري.

ماتت في شوال.

121 -

‌ هبة الله بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار الوكيل أبو الفوارس

، ابن المقرئ الأستاذ أبي طاهر.

شيخ مطبوع، متودّد، محترم، قيّم بالوكالة والدّعاوى وكتابة الوثائق والمحاضر، سمع: أباه، ومالكًا البانياسي، وعاصم بن الحسن، وأبا يوسف القزويني، وأبا الفوارس الزينبي، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره.

ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر شوال.

قال ابن الجوزي: كان ثقة، أمينًا، توحّد في علم الشروط.

وأخوه محمد بقي إلى سنة ست وخمسين.

122 -

‌ هبة الله بن الفرج

، أبو بكر الهمذاني، المعروف بابن أخت الطويل.

شيخ صالح خيّر، مُكثر، مشهور، سمع من: علي بن محمد بن عبد الحميد الجريري، ويوسف بن محمد القومساني، وعبدوس بن عبد الله، وبكر بن حِيْد، وسفيان بن الحسين بن فنجويه، وروى سُنن أبي داود بعُلُوّ. وعُمّر تسعين سنة.

كان الحافظ أبو العلاء يقول: هو أحبّ إلي من كل شيخٍ بهمذان.

وذكره السمعاني في التحبير وأثنى عليه، وقال: قال لي: ولدتُ سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وقال لأبي العلاء: ولدتُ سنة ثلاث، ومن مسموعاته كتاب مكارم الأخلاق لابن لال، سمعه من أبي الفرج الجريري، بسماعه منه.

ص: 817

قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، والحافظ أبو العلاء الهمذاني، وأولاده أحمد وعبد الغني وواثلة، والمؤيَّد ابن الإخوة، وأبو القاسم ابن عساكر، وجماعة، وتوفي في شعبان.

123 -

‌ هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة

، أبو السعادات ابن الشّجري، العلوي، النحوي، النقيب.

ولد سنة خمسين وأربعمائة.

أحد الأئمة الأعلام في علم اللسان، قرأ على الشريف أبي المعمّر يحيى بن محمد بن طباطبا النحوي، وقرأ الحديث في كهولته على: أبي الحسين المبارك ابن الطُّيوري، وأبي علي بن نبهان، وغيرهما، وطال عمره، وانتهى إليه علم النحو، وناب في النّقابة بالكرخ، ومُتِّع بجوارحه وحواسّه، وأظنّه أخذ الأدب أيضًا عن أبي زكريا التبريزي.

قرأ عليه التاج الكندي كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، واللُّمع لابن جني، وتخرّج به طائفة كبيرة، وصنّف التصانيف في العربية.

قال أبو الفضل بن شافع في تاريخه: مُتّع بجوارحه إلى آخر وقت، وكان نحويًا، حسن الشرح، والإيراد، والمحفوظ، وقد صنّف أمالي قُرئت عليه، فيها أغاليط، لأن اللغة لم يكن مضطلعًا بها.

قال ابن السمعاني: سعت منه، وكان فصيحًا، حلو الكلام، حسن البيان والإفهام، دُفن يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضان بداره بالكرخ.

وعن أبي السعادات ابن الشجري قال: ما سمعت في المدح أبلغ من قول أبي فراس:

وأمامك الأعداء تطلبهم ووراءك القُصّاد في الطّلب فإذا سلبتهم وقفتَ لهم فسُلبت ما تحوي من السّلبِ

124 -

‌ همّام بن يوسف

، أبو محمد العاقولي، ثم الأزجي، الوكيل عند القضاة.

سمع: الخطيب أبا الحسن الأنباري، وعنه: أبو أحمد ابن سُكينة.

125 -

‌ يحيى بن علي بن محمد بن زهير

، أبو القاسم السُّلمي، الدمشقي، المعدّل، محتسب دمشق.

ص: 818

سمع: أحمد بن عبد المنعم الكُريدي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحِنّائي، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وقال: مات في رمضان، وخلف مالًا عظيمًا وذخائر، وورثه السلطان، وكان مقتِّرًا على نفسه في الأكل واللبس.

126 -

‌ يحيى بن المعتز بن أسعد

، أبو القاسم العُتبي، من ذرية عتبة ابن غزوان.

شيخ من أهل نيسابور، سمع: أحمد بن سهل السّراج، وابن خلف، أخذ عنه السمعاني، وأرّخه.

127 -

‌ يوسف بن علي بن محمد

، أبو الحجاج القُضاعي، الأُندي، نزيل المرية، ويُعرف بالقفّال، وبالحدّاد.

حجّ، ودخل العراق، وسمع من أبي القاسم بن بيان، وأُبي النّرسي، وأبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، وسمع صحيح مسلم من إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي عن والده، ومن الحريري مقاماته، وكتب الكثير، وقفل إلى الأندلس سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، ثم رحل من الأندلس، ثم عاد إليها سنة عشرة وسكن المرية.

وحدّث بالكثير، روى عنه: أبو الحسن رزين العبدري، وأبو محمد وأبو الطاهر ابنا العثماني، وخطيب الموصل، وأبو الوليد ابن الدباغ، وأبو القاسم ابن بشكوال، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفرس، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وخلْق سواهم.

قال أبو عبد الله الأبّار: كان صدوقًا، صحيح السماع، ليس عنده كبير علم ولا ضبط، استُشهد يوم غلبة العدو الملعون على المرية في العشرين من جُمادى الأولى، وقُتل يومئذ خلق كثير، عاش خمسًا وثمانين سنة.

128 -

‌ يوسف بن يَبقى بن يوسف بن مسعود بن عبد الرحمن بن يَسعون

، أبو الحجاج التُجَيبي، الأندلسي، المريي، النحوي، المعروف بالشنشي، صاحب الأحكام بالمرية.

ص: 819

سمع من: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الوليد العبسي، وأبي الحسين بن سرّاج، وجماعة، وعُني بالعربية وبرع فيها، وله كتاب المصباح في شرح أبيات الإيضاح، دلّ على تبحّره في النحو وإمامته.

حدّث وأقرأ، وطال عمره، روى عنه: عُلَيم بن عبد العزيز، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو العباس ابن اليتيم، وأبو محمد بن عُبيد الله، وآخرون.

وكان حيًا يُرزق في هذا العام، وانقطع خبره بعده.

ص: 820

سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

129 -

‌ أحمد بن عبيد الله بن عبد الملك بن أحمد

، أبو المكارم ابن الشهرزوري، البغدادي.

من أولاد المحدثين، سمع: نصر بن البطِر، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وعنه: ابن عساكر، والسمعاني، وكان يؤمّ بأمير الحاج نظر، توفي في رجب.

130 -

‌ أحمد بن علي بن الفضل ابن الإمام أبي محمد بن حزم الأندلسي

، القرطبي، أبو عمرو، الكاتب، الأديب.

توفي بالأندلس، قاله الأبّار.

131 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن جبير

، أبو محمد ابن البصلاني.

أكثر عن عاصم بن. . .

132 -

‌ أحمد بن أبي العز محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد ابن المؤيَّد بالله

، أبو تمام العباسي، الهاشمي، البغدادي، المعروف بابن الخُص، أخو أبي الفضل المختار.

كان تاجرًا سفّارًا، ركب البحار، ودخل الهند، وما وراء النهر، وكثُر ماله، وطال عمره، وسكن خراسان، وكان مولده في حدود سنة خمسين وأربعمائة أو قبلها، وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما.

وهو آخر من حدّث بخراسان عن ابن المسلمة بجزء صفة المنافق، حضر عليه هذا الجزء أبو المظفّر عبد الرحيم ابن السمعاني، بقراءة والده، وقال: هو أول شيخ حضرتُ عنده لقراءة الحديث، وتوفي بنيسابور في خامس ذي القعدة.

وروى عنه أيضًا: القاسم الصفّار، وإسماعيل القارئ.

ص: 821

133 -

‌ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن بشار

الإمام أبو بكر البوشَنجي، المعروف بالخرجردي، نزيل نيسابور.

إمام متفنن، ورع، تفقّه بمرو على أبي المظفّر ابن السمعاني، وبهَراة على الشاشي، وبرع في الفقه، وسمع الكثير، وحدّث، توفي في رمضان بنيسابور.

وصفه السمعاني بالعبادة والعلم، وأنه كتب تصانيف جده جميعها، وتخلى للعبادة.

134 -

‌ أحمد بن محمد بن الفضل

، أبو العلاء الأصبهاني، المحدِّث، المعروف ببجنك.

توفي في صفر.

قال السمعاني: كان حافظًا، متقنًا، ورعًا، وقورًا، نزِهًا، بالغ في الطلب، ونسخ بخطه الصحيح المليح كثيرًا، سمع: أبا علي الحداد، وطبقته، استفدتُ منه الكثير، ومات كهلًا.

135 -

‌ إبراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز

، أبو إسحاق الغنوي، الرّقي، الصوفي، الفقيه، الشافعي.

ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا محمد رزق الله التميمي، وأبا بكر الشامي، وأبا الحسن بن أيوب، وعبد المحسن بن محمد الشيحي، وأبا محمد ابن السّرّاج، وغيرهم، وتفقّه على: الأستاذ أبي بكر الشاشي، وأبي حامد الغزالي، وكتب كثيرًا من مصنّفات الغزالي، وقرأها عليه، وصحبه مدة.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: رأيته وله سمتٌ وصمت، وعليه وقار وخشوع.

قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وحدّث عنه بخُطب ابن نُباتة، وروى عنه: عمر بن طبرزد، وآخرون، وتوفي في رابع عشر

ص: 822

ذي الحجة ببغداد، وله خمسٌ وثمانون سنة إلا أشهُرًا.

قال ابن طبرزد: أخبرنا أبو إسحاق بن نبهان قال: حدثنا الحُميدي قال: قرأت على القُضاعي: أخبركم أحمد بن عمر بن محمد بن عمرو الجيزي قراءةً قال: أخبرنا زيد بن محمد بن خلف القرشي، قال: حدثنا ابن أخي ابن وهب، قال: حدثنا عمي، فذكر حديثًا.

كان قدوم ابن نبهان من الرقة إلى بغداد في سنة إحدى وثمانين.

قال ابن ناصر: قدِم الخطيب أبو القاسم يحيى بن طاهر بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن نُباتة إلى بغداد في سنة أربع وثمانين ليتّنجز من نظام المُلك أدرارًا، فقال: إن الخطب سماعي من أبي، عن جدي، ولم يكن معه كتاب ولا أصل، فقرأ عليه هذا الشيخ، يعني أبا إسحاق الغنوي، الخطب من نسخة جديدة غير مقروءة، ولا عليها سماع لأحد، ولم يكن سبط ابن نُباتة هذا كبيرًا في العُمر، ولا يعرف العربية، ولو كان له سماع لم يسبقني إليه أحد، ثم أثنى ابن ناصر على أبي إسحاق الغنوي، ووصفه بالدين والصدق.

136 -

‌ إسماعيل بن أبي نصر بن عبديل الأصبهاني

، الشاعر.

ذكره العماد في الخريدة فقال: كان من أشعر شعراء أصبهان وأفرههم، لم يعهد بعد أبي إسماعيل الطغرائي من يجري مجراه، مات بفارس سنة ثلاث أو أربع وأربعين وخمسمائة.

137 -

‌ أسعد بن محمد بن موسى

، أبو منصور الفوشنجي.

فاضل، عالم، سمع: أبا عامر الأزدي، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة.

138 -

‌ أميرك بن إسماعيل بن أميرك

، أبو الفتوح العلوي، الهروي.

سمع: إلياس بن مضر، ونجيب بن ميمون الواسطي، وجماعة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره، مات في ثاني وعشرين شوال.

139 -

‌ بقاء بن علي بن خطّاب

، أبو المعمّر البغدادي، الدقّاق، السكاكيني، ابن أخت أبي نصر أحمد بن عمر بن الفرج الإبري.

ص: 823

حدّث عن: طِراد الزينبي، وغيره، وتوفي في ربيع الأول عن ستين سنة، روى عنه: ابن عساكر، وابن سُكينة.

140 -

‌ ثابت بن زيد بن القاسم

، أبو البركات بن جوالق النّخاس، ثم البزّاز.

حدث عن: الحسين بن علي ابن البُسري، وتوفي في جمادى الآخرة.

141 -

‌ الحافظ لدين الله

.

قيل: مات في جمادى الآخرة على الصحيح، وقيل: سنة أربع كما سيأتي.

142 -

‌ الحسن بن مسعود بن الحسن

، أبو علي ابن الوزير، الدمشقي، الحافظ.

أصله من خوارزم، وكان جده الحسن بن. . . وزير المُلك تاج الدولة تُتُش، وتزيّا أبو علي بزي الجند مدة، ثم اشتغل بالفقه والحديث، ورحل قبل سنة عشرين وخمسمائة إلى بغداد، وسمع، ودخل إلى أصبهان، وأدرك بها حديث الطبراني بعلوّ، وكتب عن: فاطمة الجوزدانية، وتوجه إلى نيسابور، ومرو، وبلخ، والهند، وسمع الكثير، وعُني بهذا الشأن.

قال ابن السمعاني: حافظ، فطِن، له معرفة بالحديث، والأنساب، وقال لي: ولدتُ في صفر سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة.

وتوفي بمرو في سابع عشر المحرّم.

وقال ابن عساكر: كان يحدّث من غير مقابلة بسماعه، واستوطن مرو، وتفقّه بها لأبي حنيفة على أبي الفضل الكِرماني، وأملى بجامع مرو.

ومن شعر أبي علي:

أخلائي إن أصبحتم في دياركم فإني بمرو الشاهجان غريبُ أموت اشتياقًا ثم أحيا تذكُّرًا وبين التراقي والضلوع لهيب

ص: 824

فما عجب موت الغريب صبابة ولكن بقاءه في الحياة عجيبُ

143 -

‌ الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر

، الحافظ، المجوّد، أبو عبد الله الجورقاني، وجورقان من قرى همذان.

له مصنّف في الموضوعات رأيته ما أقصّر فيه، وروى فيه عن الدوني فمن بعده، وعليه بنى ابن الجوزي كتابه في الموضوعات، ومنه أخذ كثيرًا.

قال ابن شافع: مات، فبلغنا خبرُه في رجب سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة، أدركه أجله في السفر.

144 -

‌ حمدُ بن أبي الفتح الأصبهاني

.

عن: عبد الرحمن بن منده، وأبي المظفّر الكوسج، وعنه: ابن السمعاني، مات في رجب.

145 -

‌ الخضر بن الحسين بن عبد الله بن الحسين

بن عُبيد الله بن أحمد بن عبدان الأزدي، الدمشقي، أبو القاسم الصفّار.

سمع: والده، وأبا القاسم المصّيصي، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وعلي بن أحمد بن زهير، ونصر بن إبراهيم الفقيه، وسهل بن بشر، وأجاز له عبد العزيز الكتاني.

قال ابن عساكر: كتبت عنه، وكان شيخًا سليم الصدر، ولد في شوال سنة خمسٍ وستين وأربعمائة، ومات في نصف شعبان.

قلت: روى عنه هو وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لُقمة، وجماعة. وقع لنا حديثه بعلو.

146 -

‌ ذو النون بن أبي الفرج بن علي الميهني الصوفي

.

سمع: أبا بكر بن زهراء الطرَيثيثي، روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في ذي الحجة ببغداد.

ص: 825

147 -

‌ سلطان بن علي بن مقلّد بن نصر بن منقذ

، الأمير أبو العساكر الكناني، صاحب شيزر.

ولد بأطرابلس في سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع بشيزر صحيح البخاري من أبي السمح إبراهيم الحيفي، وله شعر حسن.

توفي في شوال بشيزر.

148 -

‌ سهل بن محمد بن أحمد بن حسين بن طاهر

، أبو علي الأصبهاني، الحاجي، المقرئ.

شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيّر، مبارَك، سمع: أبا القاسم يوسف بن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني، ومحمد بن أحمد ابن ماجه الأبهري، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي.

وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: ولد بعد سنة خمسين وختم خلقًا كثيرًا، وكان شيخ القراء بأصبهان، وهو آخر من حدّث عن الهُذلي مصنّف الكامل في القراءات.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني.

قال أبو موسى: هو مؤدبي، وكان من الطراز الأول، توفي في نصف شعبان.

149 -

‌ شاهنشاه بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب

، الأمير، أكبر الإخوة، وأقدم بني أيوب وفاةً.

وهو والد الملكين: المظفّر تقي الدين عمر صاحب حماة، وعز الدين فرّوخشاه، والد صاحب بعلبك الملك الأمجد.

قُتل في الوقعة الكائنة بظاهر دمشق بين الفرنج - خذلهم الله - وبين المسلمين، كما نذكره في الحوادث، وذلك في ربيع الأول، وفُجع به أبوه

ص: 826

نجم الدين.

150 -

‌ صاعد بن محمد بن الحسين

، أبو القاسم السهلويي، السّرخسي.

شيخ كبير، ورع، فاضل، ولد بسرخس في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع بسرخس من: أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد الحُسيني، قدِم عليهم، وسمع من أبي الخير محمد بن موسى الصفّار.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره، وتوفي بسرخس في سنة ثلاث وأربعين.

151 -

‌ صالح بن شافع بن صالح بن حاتم

، أبو المعالي الجيلي.

كان أبوه فقيهًا حنبليًا، سكن بغداد، وولد له بها صالح وغيره. وصالح: عالم، فاضل، مليح الكتابة، شاهد، متودد، حسن الشكل، سمع: أبا الحسين ابن الطُيوري، وأبا منصور محمد بن أحمد الخياط، وحدث وتوفي في رجب.

روى عنه: أبو الفرج محمد بن علي ابن القُبيطي، وابنه الحافظ أحمد.

152 -

‌ صالح بن كامل بن أبي غالب

، أبو محمد الظفري، البقّال.

سمع: أبا الحسن بن فتحان الشهرزوري، وأبا القاسم بن بيان، وكان اسمه قديمًا: المبارك، فغيّروه بصالح، سمع منه: أخوه أبو بكر المفيد، وابن السمعاني.

153 -

‌ عباد بن سرحان بن مسلم بن سيد الناس

، أبو الحسن المعافري، الأندلسي، الشاطبي.

سكن العُدوة، وكان مولده في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة، وسمع من: طاهر بن مفوز بشاطبة، وحجّ، ودخل بغداد، وسمع من: رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والمبارك ابن الطّيوري، وأجاز له أبو عبد الله الحُميدي، وسمع بمكة من: الحسين بن علي الطّبري.

قال ابن بَشكُوال: قدِم قُرطبة، فسمعنا منه، وكانت عنده فوائد، وكان

ص: 827

يميل إلى مسائل الخلاف ويدّعي معرفة الحديث ولا يُحسنه - عفا الله عنه - وتوفي بالعدوة في نحو سنة ثلاث وأربعين.

154 -

‌ عبد الله بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن قشامي

، أبو القاسم الحريمي، المعدّل، الفقيه الحنبلي.

سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الحُصين العاصمي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني وأثنى عليه، وسأله عن مولده، فقال: سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.

وتوفي في سادس ذي القعدة، وحدّث بالنّعت في مكة، وكان يُفتي.

قال ابن النجّار: حدثنا عنه أحمد بن عبد الملك المقرئ.

وقشامي: بفتح ثم كسر، قيّده ابن نقطة.

155 -

‌ عبد الله بن سعيد بن محمد

، أبو المحاسن البنجديهي، الخمقَري، وهي نسبة إلى خمس قرى بحذف السين، والخمس قرى: هي بَنَجديه، من أعمال مرو.

كان رجلًا فاضلًا، عالمًا، روى عن: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، روى عنه أبو سعد السمعاني.

156 -

‌ عبد الله بن علي بن سعيد

، أبو محمد القيسراني، القصري، الفقيه.

فاضل، إمام، ديّن، فصيح، مُناظر، من كبار فُقهاء النظامية، سمع: أبا القاسم بن بيان، وقد مرّ في سنة اثنتين وأربعين.

وقال ابن السمعاني: بنى ابن العجمي بحلب له مدرسة، ودرّس بها، وكتبتُ عنه بها جزء ابن عرفة، وقال لي: ولدتُ بقيسارية، والقصر الذي أنتسب بُليدة بين عكا وحيفا على الساحل، قال: ومات بحلب في سنة ثلاث أو أربع وأربعين.

ص: 828

157 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله الحلحولي

، الحلبي.

سافر وأقام بمصر مدة، ثم سكن دمشق، وكان من كبار الصالحين والعُبّاد.

وحلحول: قرية بها قبر يونس صلى الله عليه وسلم فيما يُقال، وهي بين القدس والخليل، أقام بها سبع سنين، وبنى بها مسجدًا، وتعبّد فيه بين الفرنج، وسمعنا أنهم كانوا يتبرّكون به، ويعتقدون فيه، ثم انتقل إلى دمشق.

قال ابن السمعاني: مضيت إليه غير مرة، وانتفعت برؤيته وبكلامه، وما رأيت بالشام في فنه مثله، واستُشهد بظاهر دمشق في وقعة الفرنج.

158 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه بن محمد

، العلامة أبو الفضل الكرماني، شيخ الحنفية بخراسان في زمانه.

تفقّه بمرو على القاضي محمد بن الحسين، تزاحم عليه الطلبة، وتخرّج به الأصحاب، وانتشر تلامذته في الآفاق، وصار معظَّمًا عند الخاص والعام، وكان في رمضان يقرؤون عليه التفسير والحديث، سمع: أباه بكرمان، وشيخه القاضي الأرسابَندي، وأبا الفتح عبد الله بن أردشير الهُشامي.

سمع منه أبو سعد السمعاني، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولد سنة سبع وخمسين، ومات في الحادي والعشرين من ذي القعدة بمدرسة القاضي الشهيد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

159 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن حسن بن طوق

، أبو القاسم البغدادي.

سمع: نصر ابن البطِر، وغيره، وكان ضعيفًا في دينه.

ص: 829

روى عنه: أبو سعد السمعاني.

160 -

‌ عبد الرحيم بن قاسم بن محمد

، أبو الحسن القيسي، الأندلسي، الحجاري، الفرجي، من أهل مدينة الفرج.

روى عن: أبي علي الغسّاني، وخازم بن محمد، ومحمد بن الموزة، وغيرهم.

قال ابن بَشكوال: كان من أهل المعرفة والفهم والذكاء والحفظ، قوي الأدب، كثير الكتب، ديّنًا فاضلًا، صاحب ليل وعبادة وكثرة بكاء، حتى أثّر ذلك بعينيه، توفي في شعبان - رحمه الله تعالى -.

قال ابن مَسْدي: آخر من روى عنه بالسماع الخطيب أبو جعفر بن يحيى الحِميري، وأجاز أبو جعفر لنا، ومات سنة إحدى عشرة وست مائة - قلت: بل مات سنة عشر بقرطبة -.

161 -

‌ عبد الرشيد بن محمد بن خليل

، أبو محمد البوشنجي.

سمع: عبد الرحمن بن عفيف كلار، أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في محرّم أو صفَر سنة ثلاثٍ وأربعين.

162 -

‌ عبد العزيز بن محمد بن بَشكولة الميهني

، الصوفي.

سمع من العارف أبي الفضل محمد بن أحمد الميهني كتاب المرض لابن أبي الدنيا، عن الصيرفي، عن الصفّار، عنه، قرأه عليه السمعاني، وقال: مات في جمادى الآخرة.

163 -

‌ عبد القادر بن جَندَب بن سَمُرة

، أبو محمد الصوفي، الهروي.

صالح عابد، خيّر، من مُريدي شيخ الإسلام أبي إسماعيل، كان يسكن برباطه، سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا إسماعيل شيخه، وولد بعد سنة ستين وأربعمائة.

روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح عبد المعز، وبالإجازة: عبد الرحيم ابن السمعاني.

ص: 830

وأخوه هو سمُرة بن جَندب يروي أيضًا عن محمد بن أبي مسعود، روى عنه: أبو رَوح.

توفي عبد القادر في ثالث عشر ربيع الأول.

164 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد

، أبو المظفّر ابن الصبّاغ.

بغدادي، سمع من: طِراد، وابن البطِر، وحَمْد الحدّاد، وحدّث.

توفي في جمادى الآخرة، وعنه يوسف بن المبارك.

165 -

‌ علي بن الحسين بن محمد

، أبو عبد الله الطابراني، الصوفي، النقّاش.

سمع بطوس من: أبي علي الفضل بن محمد الفارَمْذي، وبالرّي: البياضي، وبهمذان: شيرويه الدّيلمي، وعنه: السمعاني.

166 -

‌ علي بن الحسين بن محمد بن علي

، قاضي القُضاة، أبو القاسم الأكمل ابن نور الهُدى أبي طالب الزينبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي.

ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وسمع من: أبيه، وعمه طراد، وابن البطر، وأبي الحسن العلاف، وغيرهم، روى عنه: الفتح بن عبد السلام.

وكان للمسترشد إليه مَيْل، فوعده بالنقابة، فاتفق موت الدامغاني، فطُلب مكانه فناله.

ذكره ابن السمعاني فقال: كان غزير الفضل، وافر العقل، له سكون ووقار ورزانة وثبات، ولي قضاء القضاة بالعراق في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقرأتُ عليه جزأين.

قال أبو شجاع محمد بن علي ابن الدهّان: يُحكى أن الزينبي منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلا بطرحة وخفاف حتى زوجته، ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطّرحة.

قلت: هذا تكلّف وبأوٌ زائد.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان رئيسًا، ما رأينا وزيرًا ولا صاحب

ص: 831

منصب أوقر منه، ولا أحسن هيئة وسمْتًا، قلّ أن تسمع منه كلمة، وطالت ولايتُه، فأحكمه الزمان، وخدم الراشد، وناب في الوزارة، ثم استوحش من الخليفة، فخرج إلى الموصل، فأسِر هناك، ووصل الراشد إلى الموصل وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له: اكتب خطّك بإبطال ما جرى، وصحة إمامتي، فامتنع، فتواعده زنكي، وناله بشيء من العذاب، وأذن في قتله، ثم دفع الله عنه، ثم بُعث من الديوان لاستخلاصه، فجيء به، فبايع المقتفي، وناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه الوزير علي بن طِراد إلى دار السلطان، ثم إن المقتفي أعرض عنه بالكلية.

قال ابن الجوزي: وقال لي النقيب الطّاهر: جاء إلي فقال: يا ابن عم، انظر ما تصنع معي، فإن الخليفة ُمعرض عني، فكتبت إلى المقتفي، فأعاد الجواب بأنه فعل كذا وكذا، فعذرتُه، وجعلت الذنب لابن عمي، ثم جعل ابن المرخّم مناظِرًا له، ومناقضًا ما يبني، والتوقعيات تصدر بمراضي ابن المرخّم، وسخطات الزينبي، ولم يبق له إلا الاسم، فمرض وتوفي يوم عيد النّحر، وصلى عليه ابن عمه نقيب النقباء طلحة بن علي، ودُفن بمشهد أبي حنيفة إلى جانب والده، وخلّف جماعة بنين ماتوا شبابًا، وعاش ستًا وستين سنة.

167 -

‌ علي بن أبي الوفاء سعد بن علي بن عبد الواحد

بن عبد القاهر بن أحمد بن مُسهر، مهذّب الدين، أبو الحسن المَوصلي، الشاعر.

صدرٌ رئيس، وشاعر مُحسن، مدح الملوك والكبراء، وتنقّل في المناصب الكبار ببلده، وديوانه في مجلدتين.

ومن شعره:

إذا ما لسانُ الدمع نمّ على الهوى فليس بسرٍ ما الضلوعُ أجنّتِ فوالله ما أدري عشية ودّعتْ أناحَت حماماتُ اللِّوى أم تغنّتِ وأعجب من صبزي القَلوص التي سرتْ بهودجكِ المزموم كيف استقلّت أعاتب فيك اليَعمُلات على السّرى وأسأل عنك الريح من حيث هبّتِ وأطبقُ أحناء الضلوع على جوى جميعٍ وصبرٍ مستحيلٍ مشتّتِ

وله:

ص: 832

ولما اشتكيتَ اشتكى كلُّ ما على الأرض، واعتلّ شرقٌ وغربُ لأنك قلبٌ لجسم الزمان وما صحّ جسمُ إذا اعتلّ قلبُ

168 -

‌ علي بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن

بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو الحسن البحيري.

من شيوخ نيسابور، ومن بيت الرواية، حدّث عن: أبي بكر بن خلف، وغيره.

ذكره ابن السمعاني في مُعجمه، وأنه مات في ذي الحجة.

169 -

‌ عمر بن أبي غالب بن بُقيرة أبو الكرم البغدادي

، البقّال.

سمع: ثابت بن بُندار، كتب عنه السمعاني، وقال: توفي في شوال، وصلّيت عليه ببغداد.

170 -

‌ عيسى بن يوسف بن عيسى بن علي

أبو موسى ابن الملجوم، الأزدي، الفاسي.

سمع من: أبيه قاضي القُضاة أبي الحجاج يوسف، وأبي الفضل النحوي، وأبي الحجاج الكلبي، وبأغمات من: أبي محمد عبد الله اللخمي سِبط أبي عمر بن عبد البرّ، ودخل الأندلس فسمع من: أبي علي، وابن الطّلاع، وخازم بن محمد.

وكان جمّاعةً للكتب، ابتاع من أبي علي الغساني أصله بسنن أبي داود الذي سمعه من أبي عمر بن عبد البرّ، روى عنه: ابنه عبد الرحيم، وأبو محمد بن فاتح.

وتوفي في رجب، وله سبعٌ وستون سنة.

171 -

‌ فضل الله بن أحمد بن المحسّن أبو البدر الطوسي الكاتب

.

كان حسن السيرة، جميل الأمر، متواضعًا، كثير الخير، سمع أبا علي الفضل الفارَمذي، وأحمد بن عبد الرحمن الكيالي، وأبا تُراب المراغي.

سمع منه: أبو سعد السمعاني بطوس، توفي في آخر يوم من السنة وله

ص: 833

سبعون سنة، وهو من طابران قصبة طوس.

172 -

‌ الفضل بن يحيى بن صاعد بن سيار بن يحيى أبو القاسم الكناني

، الهروي، الحنيفي.

ولي قضاء هَراة مدة، وكان عالمًا، كريمًا، متوددًا، سمع من: جده أبي العلاء، وأبي عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون.

كتبتُ عنه الكثير، قاله أبو سعد السمعاني، فمن ذلك: الزهد لسعيد بن منصور، بإسناد هروي، إلى أحمد بن نجدة، عنه، مات في نصف ذي الحجة، وقد نيّف على السبعين.

173 -

‌ محمد بن الحسين بن أبي القاسم

أبو بكر الطبري، الشالوسي الصوفي، الواعظ، وشالوسا: من قرى طبرستان.

كان مليح الوعظ، خيّرًا، حريصًا على طلب الحديث، سمع: نصر الله الخُشنامي، فمن بعده، سمع منه: السمعاني، وقال: مات في المحرّم.

174 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الإمام أبو بكر ابن العربي

، المعافري، الأندلسي، الإشبيلي، الحافظ أحد الأعلام.

ولد في شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة.

قال ابن بشكوال: أخبرني أنه رحل مع أبيه إلى المشرق سنة خمسٍ وثمانين، وأنه دخل الشام ولقي بها: أبا بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشي، وتفقّه عنده، ولقي بها جماعة من العلماء والمحدّثين، وأنه دخل بغداد، وسمع بها من طِراد الزينبي، ثم حجّ سنة تسع وثمانين، وسمع من الحسين بن علي الطّبري، وعاد إلى بغداد، فصحب أبا بكر الشاشي، وأبا حامد الغزالي، وغيرهما، وتفقه عندهم، ثم صدر عن بغداد، ولقي بمصر، والإسكندرية جماعة، فاستفاد منهم وأفادهم، وعاد إلى بلده سنة ثلاثٍ وتسعين بعلم كثير لم يدخله أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق، وكان من أهل التفنن في

ص: 834

العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، مقدّمًا في المعارف كلها، متكلمًا في أنواعها، نافذًا في جميعها، حريصًا على آدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، يجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حُسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحُسن العهد، وثبات الودّ، واستُقضي ببلده، فنفع الله به أهلها لصرامته وشدّته، ونفوذ أحكامه، وكانت له في الظالمين سورةٌ مرهوبة، ثم صُرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثّه، قرأت عليه، وسمعت منه بإشبيلية، وقرطبة كثيرًا من روايته وتواليفه، وتوفي بالعدوة، ودُفن بفاس في ربيع الآخر.

وقال ابن عساكر: سمع أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات، وأبا البركات أحمد بن طاوس، وجماعة، وسمع ببغداد: نصر بن البطِر، وابن طلحة النّعالي، وطِراد بن محمد، وسمع ببلده من خاله الحسن بن عمر الهوزني، يعني المذكور سنة اثنتي عشرة.

قلت: ومن تصانيفه: كتاب عارضة الأحوَذي في شرح الترمذي، وكتاب التفسير في خمس مجلدات كبار، وغير ذلك من الكتب في الحديث، والفقه، والأصول.

وورّخ وفاته في هذه السنة أيضًا الحافظ أبو الحسن بن المفضل، والقاضي أبو العباس بن خلّكان.

وكان أبوه رئيسًا، عالمًا، من وزراء أمراء الأندلس، وكان فصيحًا، مفوَّهًا، شاعرًا، توفي بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين.

روى عن أبي بكر: عبد الرحمن وعبد الله ابنا أحمد بن صابر، وأحمد بن سلامة الأبّار الدمشقيون، وأحمد بن خلف الكلاعي قاضي إشبيلية، والحسن بن علي القرطبي الخطيب، والزاهد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن المجاهد، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن الجد الفِهري، ومحمد بن إبراهيم ابن الفخّار، ومحمد بن مالك الشريشي، ومحمد بن يوسف بن سعادة الإشبيلي، ومحمد بن علي الكُتّامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجبة بن يحيى الرّعَيني، وعبد الله

ص: 835

ابن أحمد بن جُمهور، وعبد الله بن أحمد بن علوش نزيل مراكُش، وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله السُهَيلي، وعبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي، وعلي بن صالح بن عز الناس الداني، وعليّ بن أحمد الزهري قاضي إشبيلية، وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي، ويحيى بن عبد الرحمن المجريطي، وروى عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وست مائة أبو الحسن علي بن أحمد الشَّقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، وروى عنه خلق سوى هؤلاء.

وكان أحد من بلغ رتبة الاجتهاد، وأحد من انفرد بالأندلس بعلوّ الإسناد، وقد وجدتُ بخطي أنه توفي سنة ستٍ وأربعين، فما أدري من أين نقلته، ثم وجدت وفاته في سنة ست في تاريخ ابن النجار، نقله عن ابن بشكوال، والأول الصحيح إن شاء الله.

وذكر ابن النجار أنه سمع أيضًا من: محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي بمصر، ومن أبي الحسن علي بن الحسن القاضي الخلعي، وبالقدس من مكي الرُميلي، وقرأ كتب الأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي، وقرأ الفقه والأصلين على الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وحصّل الكتب والأصول، وحدّث ببغداد على سبيل المذاكرة، فروى عنه: أبو منصور ابن الصباغ، وعبد الخالق اليوسفي، وروى الكثير ببلده، وصنّف مصنفات كثيرة في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنحو، والتواريخ، واتسع حاله، وكثُر إفضاله، ومدحه الشعراء، وعمل على إشبيلية سورًا من ماله، وولي قضاءها، وكان من الأئمة المقتدى بهم.

وقد ذكره اليَسَع بن حزم، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولي القضاء فمُحِن، وجرى في أغراض الإمارة فلحن، وأصبح يتحرك بآثاره الألسنة، ويأبى بما أجراه القدرُ عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيرًا، نصب الشيطان عليه شباكه، وسكّن الإدبار حِراكه، فأبداه للناس صورة تذم، وسورة تُتلى، لكونه تعلَّق بأذيال المُلك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم، بل داهن، ثم انتقال إلى قرطبة مكرَّمًا، حتى حُوِّل إلى العدوة، فقضى نحبه.

ص: 836

قرأت بخط ابن مَسدي في معجمه: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن مفرّج النباتي بإشبيلية، قال: سمعت الحافظ أبا بكر بن الجدّ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المُرجّى، وفلان وفلان، وحضر معهم أبو بكر ابن العربي، فتذاكروا حديث المِغفَر، فقال ابن المرجّى: لا يُعرف إلا من حديث مالك، عن الزُهري، فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقًا، غير طريق مالك، فقالوا له: أفِدنا هذه الفوائد، فوعدهم، ولم يُخرج لهم شيئًا، وفي ذلك يقول خلف بن خير الأديب:

يا أهل حمص ومن بها أوصيكمُ بالبرّ والتقوى وصية مشفقِ فخذوا عن الع بي أسمارَ الدّجا وخُذوا الرواية عن إمامٍ متقي إن الفتى حلو الكلام مهذّبٌ إن لم يجد خبرًا صحيحًا يخلقِ قلت: هذه الحكاية لا تدل على ضعف الرجل ولابد.

175 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى

، أبو الحسن ابن الوزّان، صاحب الصلاة بجامع قرطبة.

روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج، وكان دينا، فاضلًا، معتنيًا بالعلم والرواية، ثقة، ثَبتًا، طويل الصلاة، كثير الذِّكر، توفي في جمادى الآخرة.

176 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الطفيل

، أبو الحسن بن عظيمة الإشبيلي، الأستاذ، المقرئ.

رحل وأخذ القراءات عن ابن الفحّام بالثغر، وأبي الحسين ابن الخشّاب بمصر، أخذ عنده ولده عيّاش، وله قصيدة في القراءات، وكتاب الغنية.

روى عنه: أبو مروان الباجي، وأبو بكر بن خير، وقد حدّث عن أبي علي الغساني، وطبقته.

توفي في صفر سنة ثلاث وأربعين، قاله ابن فرتون.

177 -

‌ محمد بن علي

، أبو غالب البغدادي، المكبّر، المعروف بابن الداية.

سمع: صفة المنافق من ابن المسلمة، وسماعه صحيح، مثُبّت في سنة

ص: 837

أربع وستين بخط ظاهر النيسابوري، وتوفي في المحرم، قاله أبو سعد.

قلت: روى عنه: حمزة ومحمد ابنا علي ابن القبيطي، وسليمان وعلي ابنا الموصلي، وجماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام، وعاش تسعًا وثمانين سنة، كان أبوه فرّاشًا في بيت رئيس الرؤساء.

178 -

‌ محمد بن علي بن عمر بن أبي بكر بن علي

أبو بكر الكابُلي.

روى عن: عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ بأصبهان، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في العشرين من صفر سنة ثلاث وأربعين، وقال: قيل إن مولده سنة ثلاث أو أربع أو ست وأربعين وأربعمائة، وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو بكر أحمد بن أبي نصر الخِرقي.

179 -

‌ محمد بن أبي بكر عمرو بن محمد بن القاسم

أبو غالب الشيرازي، من شيوخ أبي موسى المديني، وهو نسبه.

وذكره أبو سعد السمعاني فسمى جده محمدا: أحمد، وكذا قال عبد الرحيم الحاجي في الوفيات.

توفي يوم عيد الفطر.

وقال ابن السمعاني: كان شيخًا، عالمًا، صالحًا، سديد السيرة، سمع: المطهر البزاني، وابن شكرويه، وجماعة، ولد سنة ست وستين وأربعمائة.

وقال أبو موسى: كان خازن كتب الصاحب.

180 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن خُشنام المروزي

، المُلحمي، الصوفي.

شيخ معمر، عاش بضعًا وتسعين سنة، فيه خير ودين، سُمع منه سنة أربع وستين، من عبد العزيز بن موسى القصّاب عن الدهّان، عن فاروق الخطابي، روى عنه: السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

ص: 838

181 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن علي أبو العز البُستي

، الصوفي.

سمع بمرو، وغيرها جماعة، وسافر الكثير، وسلك البوادي على التجريد والوحدة، وحدّث عن: موسى بن عمران، وجماعة، حتى أنه روى عن السلفي.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه بمرو وبشاور، وكان شيخنا إسماعيل بن أبي سعد يسيء الثناء عليه، ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، ومات في ثاني ذي القعدة.

182 -

‌ محمد بن محمد بن الطّير أبو الفرج القصري

، الضرير، المقرئ.

عن: ابن طلحة النّعالي، وابن البطِر، وجماعة، وعنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر، وعلي بن أحمد بن وهب، شيخ لابن النجار.

وهو صالح خيّر لا بأس به، يؤم بمسجد، توفي في جمادى الآخرة وإنما أضرّ بأخَرَة.

183 -

‌ المبارك بن كامل بن أبي غالب الحسين بن أبي طاهر أبو بكر الخفّاف

، البغدادي، الظفري، المفيد، كان يفيد الغرباء عن الشيوخ.

سمع الكثير، وأفنى عمره في الطلب، وسمع العالي والنازل، وأخذ عمّن دبّ ودرج، وما يدخل أحدٌ بغداد إلا ويبادر ويسمع منه.

قال ابن السمعاني: وهو سريع القراءة والخط، يشبه بعضه بعضًا في الرداءة، وكان يدور معي على الشيوخ، سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وعليّ بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، فمن بعدهم، سمعت منه وسمع مني، وقال لي: ولدت في سنة تسعين وأربعمائة، توفي في تاسع وعشرين جمادى الأولى.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: أبو بكر المفيد، يُعرف أبوه بالخفّاف، سمع خلقًا كثيرًا، ومازال يسمع العالي والنازل، ويتتبّع الأشياخ في الزوايا، وينقل السمّاعات، فلو قيل: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رُدّ القائل.

ص: 839

وانتهت إليه معرفة المشايخ، ومقدار ما سمعوا والإجازات لكثرة دِربته في ذلك، وكان قد صحب هزارسبَ بن عوض، ومحمود الأصبهاني، إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماعات، لكونه يأخذ عن ذلك ثمنًا، وكان فقيرًا إلى ما يأخذ، وكان كثير التزويج والأولاد.

184 -

‌ المبارك بن المبارك بن أبي نصر بن زوما أبو نصر البغدادي

، الحنبلي الرّفّاء.

ثم تحول شافعيًا، وتفقّه على أسعد الميهني، وبرع في المذهب، وكان من الصلحاء العُبّاد، سمع من: أُبي النّرسي، وطبقته، وحدّث.

مات كهلًا.

185 -

‌ منير بن محمد بن منير أبو الفضل النّخعي

، الرازي، الواعظ.

سمع ببغداد: عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وجماعة، روى عنه: عبد الوهّاب بن سُكينة، وغيره.

قال ابن السمعاني: كان على التركات، وسمعت جماعة يسيئون الثناء عليه، كتبتُ عنه، وتوفي في ذي القعدة، وولد في سنة خمسٍ وستين.

186 -

‌ موسى بن أبي بكر بن أبي زيد أبو عبد الله الفرغاني

، الصوفي.

قدِم بغداد، وحجّ كثيرًا، وكان شيخًا صالحًا، خدومًا جلدا، ذكر أنه سمع من أصحاب أبي علي ابن شاذان، ولم يظهر له شيء.

توفي بدمشق في صفر.

187 -

‌ ياقوت أبو الدرّ الرومي

، التاجر، السفّار، عتيق عُبيد الله بن أحمد ابن البخاري.

سمع معه من ابن هزارمُرد الصّريفيني كتاب المُزاح والفكاهة للزُبير، وسمع مجالس المخلّص.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا ظاهره الصلاح والسداد، لا بأس به، حدّث بالعراق ودمشق، ومصر.

ص: 840

وقال ابن عساكر: قدم دمشق، ومصر، مرات للتجارة، ولم يكن يفهم شيئًا، وتوفي بدمشق في شعبان.

قلت: روى عنه: ابن عساكر، وولده القاسم، وابن السمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن وهب بن الزّنْف، والخضر بن كامل المعبّر، وعقيل بن الحسين بن أبي الجن، وأحمد بن وهب بن الزّنف، وعبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي، وعبد الرحمن بن إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال، وعبد الصمد بن جوشن التنوخي، وطائفة سواهم.

188 -

‌ يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد أبو جعفر ابن الزوال

.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعامر بن الحسن، وعنه: ابن سُكينة، ويوسف بن المبارك بن كامل، مات في ربيع الأول، قاله ابن النجار.

189 -

‌ يحيى بن محمد بن سعادة ابن فصّال أبو بكر القرطبي

، المقرئ.

أخذ القراءات عن: أبي الحسن العبسي، وأبي القاسم ابن النخّاس، وحجّ فسمع من رزين بن معاوية كتاب تجريد الصحاح وكتاب فضائل مكة، روى عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو خالد المرواني، وأبو الحسن بن مؤمن، وأبو القاسم الشرّاط.

190 -

‌ يوسف بن دوناس بن عيسى أبو الحجاج الفِندلاوي

، المغربي الفقيه المالكي، الشهيد، إن شاء الله.

قدم الشام حاجًا، فسكن بانياس مدة، وكان خطيبًا بها، ثم انتقل إلى دمشق فسكنها، ودرّس بها الفقه، وحدّث بالموطأ.

أنبأنا المسلم بن محمد عن القاسم ابن عساكر قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو الحجاج الفِندلاوي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الطيب الكلبي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا عبد الرحمن الخِرَقيّ قال: أخبرنا علي بن محمد الفقيه، فذكر حديثًا.

ص: 841

قال الحافظ ابن عساكر: كان الفندلاوي حسن المفاكهة، حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنة، يعني الأشاعرة، كريم النفس، مطّرحًا التكلّف، قوي القلب، سمعت أبا تُراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية، ويبغض الفندلاوي لردّه عليهم، وأنه خرج إلى الحج، وأُسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يُلقى إليه ما يأكل، وأنه أحس ليلة بحس، فقال: من أنت؟ قال: ناولني يدك، فناوله يده، فأخرجه من الجب، فلما طلع إذا هو الفِندلاوي، فقال: تُب مما كنت عليه، فتاب.

قال ابن عساكر: وكان ليلة الختم في رمضان يخطب رجل في حلقة الفندلاوي بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه، فرماهم خارج من الحلقة بحجر، فلم يُعرف، فقال الفندلاوي: اللهم اقطع يده، فما مضى إلا يسير حتى أُخذ خضير الركابي من حلقة الحنابلة ووُجد في صندوقه مفاتيح كثيرة لفتح الأبواب للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه، ومات من قطعهما.

قُتل الفندلاوي يوم السبت سادس ربيع الأول سنة ثلاث بالنيرب مجاهدًا للفرنج، وفي هذا اليوم نزلوا على دمشق، فبقوا أربعة أيام، ورحلوا لقلة العلف والخوف من العساكر المتواصلة من حلب، والموصل نجدةً، وكان خروج الفندلاوي إليهم راجلًا فيمن خرج.

وذكر صاحب الروضتين أن الفندلاوي قُتل على الماء قريب الربوة، لوقوفه في وجوه الفرنج، وترك الرجوع عنهم، اتّبع أوامر الله تعالى وقال بِعنا واشتري، وكذلك عبد الرحمن الحلحولي الزاهد، رحمه الله، جرى أمره هذا المجرى.

وذكر ابن عساكر أن الفِندلاوي رؤي في المنام، فقيل له: أين أنت؟ فقال: في جنات عدن على سُرُرٍ متقابلين. وقبره يُزار بمقبرة باب الصغير من ناحية حائط المصلّى، وعليه بلاطة كبيرة فيها شرحُ

ص: 842

حاله، وأما عبد الرحمن الحلحولي فقبره في بستان الشعباني، في جهة شرقه، وهو البستان المحاذي لمسجد شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت.

وقد جرت للفندلاوي، بحوث، وأمور، وحِشة مع شرف الإسلام ابن الحنبلي في العقائد، أعاذنا الله من الفتن والهوى.

ص: 843

سنة أربع وأربعين وخمسمائة 191 -‌

‌ أحمد ابن الوزير نظام المُلك الحسن بن عليّ بن إسحاق

أبو نصر الطوسي، الصاحب، الرئيس.

سكن بغداد عند مدرسة والده، وكان وزيرًا في دولتي الخليفة والسلطان، وآخر ما وزَر للمسترشد بالله في رمضان سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وعُزل بعد ستة أشهر، ولزم منزله، ولم يتلبّس بعدها بولاية، وآخر من روى عنه حفيده الأمير داود بن سليمان بن أحمد.

وكان صدرًا، بهيّ المنظر، مليح الشيبة، يملأ العين والقلب، قعد عن الإشغال، وصار حلس بيَته، وحدّث عن: أبيه، وأبي الفضل الحسناباذي، وغيرهما، وأبو الفضل هو عبد الرزاق الراوي، عن الحافظ ابن مردويه، وغيره.

روى عنه: أبو أسعد السمعاني، وذكره في الذيل، وقال: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، ودُفن بداره، عاش تسعًا وسبعين سنة.

192 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن

، أبو نصر البهوني، وبهونة: من قرى مرو.

إمام فاضل، لكنه اختلط في آخر عمره واختلّ، سمع: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وأبا سعيد محمد بن عليّ البغوي.

ذكره ابن السمعاني في معجمه، وقال: توفي في ربيع الآخر.

193 -

‌ أحمد بن عبد الباقي بن الجلاء أبو البركات

، أمين القاضي ببغداد.

ص: 844

حدّث عن: نصر بن البطِر، وعنه: ابن السمعاني، وإبراهيم بن سفيان بن مَنده، وكان مقرئًا، مجوِّدًا.

توفي في جمادى الآخرة.

194 -

‌ أحمد بن علي بن أبي جعفر بن أبي صالح

الإمام، أبو جعفر البيهقي، النحوي، المفسّر، المعروف ببو جعفرَك، نزيل نيسابور، وعالِمها.

قال السمعاني: كان إمامًا في القراءة، والتفسير، والنحو، واللغة، وصنّف المصنّفات المشهورة، وسمع: أحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن الحسن بن العباس الصندلي، وولد في حدود السبعين وأربعمائة.

وذكره جمال الدين القفطي في تاريخ النحويين فقال: صنّف التصانيف المشهورة، منها كتاب تاج المصادر، وظهر له تلامذة نُجباء، وكان لا يخرج من بيته إلا في أوقات الصلاة، وكان يُزار ويتبرّك به، توفي بلا مرض في رمضان في آخر يوم منه، وازدحم الخلق على جنازته.

195 -

‌ أحمد بن علي بن حمزة بن جبيرة

، أبو محمد البصلاني، ويُعرف بطغان.

طلب بنفسه، وكتب عن: ابن البطِر، والنعالي، وعاصم بن الحسن، وطِراد.

قال ابن النجار: روى اليسير لسوء طريقه، وقُبح أفعاله، كان ينجّم، ويتمسخر على الطرق، ويحضر مجالس اللهو، فتركوه.

روى عنه: الحافظ ابن عساكر، والمبارك بن كامل، ونور العين بنت المبارك.

قال ابن ناصر: متروك، لا تجوز الرواية عنه.

وقال ابن شافع: مات في رجب.

196 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسين

، القاضي أبو بكر الأرجاني، ناصح الدين، قاضي تُستَر، وصاحب الديوان المشهور.

ص: 845

كان شاعر عصره، مدح أمير المؤمنين المسترشد بالله، وسمع من أبي بكر بن ماجه الأبهري حديث لُوَين.

روى عنه جماعة منهم: أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفّر ابن الشهرزوري، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الإخوة، وابن الخشّاب النحوي، ومنوجهر بن تُركانشاه، ويحيى بن زبادة الكاتب.

وأصله شيرازي، وكان في عنفوان شبابه بالمدرسة النظامية بأصبهان، وناب في القضاء بعسكر مُكرَم، والذي جُمِع من شعره لا يكوّن العُشر منه.

قال العِماد في الخريدة: لما وافيت عسكر مُكرَم لقيتُ بها ولده رئيس الدين محمدًا، فأعارني ضبارة كبيرة من شعر والده، منبتُ شجرته أرّجان، ومواطن أسرته تُستَر، وعسكر مُكرَم من خوزستان، وهو وإن كان في العجم مولده، فمن العرب محتِده، سلفه القديم من الأنصار، لم يسمح بنظيره سالف الأعصار، أوسيّ الأسّ خزرَجيُّه، قسيُّ النطق إياديّه، فارسي القلم، وفارس ميدانه، وسلمان برهانه، من أبناء فارس، الذين نالوا العلم المعلّق بالثريا، جمع بين العذوبة والطيب في الري والريّا.

وللأرجاني:

أنا أشعر الفقهاء غير مُدافعٍ في العصر، أو أنا أفقهُ الشعراءِ شِعري إذا ما قلتُ دوّنه الورى بالطبع لا بتكلّفِ الإلقاءِ كالصوت في ظلل الجبال إذا علا للسمع هاج تجاوبَ الأصداء وله:

شاور سواكَ إذا نابتكَ نائبةٌ يومًا، وإن كنتَ من أهل المشوراتِ فالعينُ تنظر منها ما دنا ونأى ولا ترى نفسَها إلا بمرآةِ وله:

ص: 846

ولما بلوتُ الناسَ أطلبُ عندهم أخا ثقةٍ عند اعتراض الشدائدِ تطلّعتُ في حالَي رخاءٍ وشدةٍ وناديتُ في الأحياء: هل من مُساعد؟ فلم أرَ فيما ساءني غير شامتٍ ولم أرَ فيما سرّني غيرَ حاسدِ تمُتّعتُما يا ناظريّ بنظرة وأورتما قلبي أمرَّ المواردِ أعينيّ كُفّا عن فؤادي فإنه من البغي سعيُ اثنين في قتل واحدِ وله يمدح خطير المُلك محمد بن الحسين وزير السلطان محمد السلجوقي:

طلعتْ نجومُ الدين فوق الفرقَد بمحمدٍ، ومحمدٍ، ومحمدِ بنبيُّنا الهادي وسلطان الورى ووزيره المولى الكريم المُحتدِ سعدان للأفلاك يكتنفانها والدين يكنفُه ثلاثة أسعدِ بكتاب ذا، وبسيف ذا، وبرأي ذا نُظمتْ أمورُ الدين بعد تبدُّدِ فالمعجزاتُ لمُقتد، والباتراتُ لمُعتَد، والمكرُماتُ لمُجتدي لله درُّ زمانه من ماجدٍ ملك أغرّ من المكارم أصيدِ وله:

ما جُبتُ آفاقَ البلاد مطوِّفًا إلا وأنتم في الورى متطلّبي سعيي إليكم في الحقيقة، والذي تجدون عنكم فهو سعيُ الدهرِ بي أنحوكمُ ويردُّ وجهي القهقرى عنكم فسَيري مثلُ سير الكوكبِ فالقصدُ نحو المشرقِ الأقصى لكم والسير رأيَ العين نحو المغربِ وله:

رثى لي وقد ساويتُه في نُحوله خيالي لما لم يكن لي راحمُ فدلّس بي حتى طرقتُ مكانَه وأوهمتُ إلفي أنه بي حالمُ وبتنا ولم يشعر بنا الناسُ ليلةً أنا ساهرٌ في جفنه، وهو نائم وقد ناب عن القاضي ناصر الدين عبد القاهر بن محمد بتُستر، وعسكر مُكرَم، فقال:

ومن النوائب أنني في مثل هذا الشغل نائبْ ومن العجائب أن لي صبرًا على هذي العجائب

ص: 847

وله:

أحبُّ المرء ظاهرُه جميلٌ لصاحبه وباطنُه سليمُ مودتُه تدومُ لكل هولٍ وهل كلُ مودتُه تدوم؟ وله:

ولقد دُفِعتُ إلى الهموم تنوبني منها ثلاثُ شدائد، جُمعنَ لي أسفٌ على ماضي الزمان، وحيرةٌ في الحال منه، وخشيةُ المستقبل ما إن وصلتُ إلى زمان آخرٍ إلا بكيتُ على الزمان الأول وله:

حيث انتهيتَ من الهجران لي فقفْ ومن وراء دمي بيضُ الظبا فخفِ يا عابثًا بِعداتِ الوصل يُخلفُها حتى إذا جاء ميعادُ الفراق يَفي اعدِلْ كفاتن قدٍ منك معتدِلٍ واعطف كمائل غصن منك منعطفِ ويا عذولي ومن يُصغي إلى عذلي إذا رنا أحورُ العينين لا تقفِ تلوّم قلبي أن أصماه وناظره فيمَ اعتراضُك بين السهم والهدفِ سلوا عقائِل هذا الحي أي دمٍ للأعين النجل عند الأعيُن الذُرُفِ يستوصفون لساني عن محبتهم وأنت أصدقُ، يا دمعي، لهم فصفِ ليست دموعي لنار الشوق مطفئة وكيف؟ والماءُ بادٍ واللهيبُ خفي لم أنسَ يوم رحيل الحي موقفَنا والعيسُ تطلعُ أولاها على شُرُفِ وفي المحامل تخفى كل آنسةٍ إن ينكشف سجفُها للشمس تنكسفِ تبين عن معصمٍ بالوهم ملتزم منها، وعن مبسم باللحظ مُرتَشفِ في ذمة الله ذاك الركب إنهم ساروا وفيهم حياةُ المُغرم الدنفِ فإن أعِش بعدهم فردًا فواعجبًا وإن أمتُ هكذا وجدًا فيا أسفي وله من أبيات:

قلبي وشعري أب ًا للورى يصبح كل وحماه مُباح ذا لملوك العصر فيما أرى نهب، وهذا لوجوه الملاح

ص: 848

الحُسن للحسناء مستجمع والحظ لا متع عند القباح وله:

قفْ يا خيالُ وإن تساوينا ضنا أنا منك أولى بالزيارة مُهنا نافستُ طيفي في خيالي ليلةً في أن يزورَ العامرية أيُّنا فسريتُ أعتجرُ الظلامَ إلى الحمى ولقد عناني من أميمة ما عنا وعقلتُ راحلتي بفضل زمامِها لما رأيتُ خيامهم بالمُنحنى لما طرقتُ الحيَّ قالت خيفةً لا أنت إن علم الغيورُ ولا أنا فدنوت طوع مقالها متخفيًا ورأيت خطبَ القوم عندي أهونا حتى رفعت عن المليحة سجفها يا صاحبي فلو أن عينك بيننا سترت مُحيّاها مخافةَ فتنتي بنقابها عني، فكانت أفتنا وتجرّدتْ أعطافُها من زينة عمدًا، فكان لها التجرد أزينا وتكاملت حسنا ولو قرنت لنا بالحسن إحسانا لكانت أحسنا قسمًا بما زار الحجيجُ وما سعوا زُمرًا، وما نحروا على وادي منى ما اعتاد قلبي ذكرَ من سكن الحِمى إلا استطار وملّ صدري مسكنا وله:

لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ، لسرّني جهلي، كما قد ساءني ما أعلمُ كالصّعو يرتع في الرياض، وإنما حُبس الهزارُ لأنه يترنمُ وله:

سهامُ نواظرٍ تُصمي الرمايا وهنّ من الحواجب في حنايا ومن عجب سهامٌ لم تفارقْ حناياها وقد جرحتْ حشايا نهيتكُ أن تناضِلها فإني رميتُ فلم يُصب قلبي سوايا جعلتُ طليعتي طرفي سفاها فدلّ على مقاتلي الخفايا وهل يُحمى حريمٌ من عدوٍ إذا ما الجيشُ خانته الربايا هززن من القدود لنا رماحًا فخلّينا القلوبَ لها ردايا ولي نفَسٌ إذا ما امتدّ شوقًا أطار القلبَ من حُرَقٍ شظايا

ص: 849

ومحتكمٍ على العشاق جورًا وأين من الدمى عدلُ القضايا يُريك بوجنتيه الوردَ غضًّا ونورَ الأقحوان من الثنايا تأمل منه تحت الصدغ خالا لتعلم كم خبايا في الزوايا ولا تَلمِ المتيّم في هواه فعذلُ العاشقين من الخطايا توفي الأرجاني بُتستَر في شهر ربيع الأول، وأرّجان: بليدة من كور الأهواز، مشددة الراء، ضبطها صاحب الصّحاح، واستعملها المتنبي مخفّفة في قوله:

أرَجانَ أيتها الجيادُ، فإنهُ عزمي الذي يذَرُ الوشيجَ مكسّرا

197 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد

بن أُبيّ الأمير أبو الفضل الفراتي، الخوجاني، النيسابوري.

سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا عمرو عبد الله بن عمرو البحيري، وكان مولده في سنة خمس وستين وأربعمائة، وتوفي في أواخر شوال.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

198 -

‌ أحمد بن يحيى بن علي أبو البركات السِّقلاطوني

، الفقيه، المعروف بابن الصبّاح.

روى عن: أبي نصرٍ الزينبي، سمع منه: ابن الخشّاب، والمبارك بن عبد الله ابن النقور، توفي في هذه السنة تقريبًا، أو بعدها.

199 -

‌ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الجاجَرمي ثم النيسابوري

، الفقيه.

يؤمّ بجامع نيسابور نيابة، سمع: أبا الحسن المديني، وجماعة.

200 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن سعيد

، أبو إسحاق ابن الأمين، القرطبي.

قال ابن بشكُوال: أكثر عن جماعة من شيوخنا، وكان من جلّة المحدّثين، وكبار المُسندين، والأدباء المتفننين، من أهل الدراية والرواية،

ص: 850

أخذتُ عنه وأخذ عني، وكان من الدين بمكان، وولد في سنة تسعٍ وثمانين وأربعمائة.

قلت: له استدراك على كتاب الاستيعاب لابن عبد البر.

201 -

‌ أسعد بن علي بن الموفّق بن زياد الرئيس أبو المحاسن الزيادي

، الهروي، الحنفي.

ثقة، صدوق، صالح، عابد، سديد السيرة، دائم الصلاة والذِّكر، مستغرق الأوقات بالعبادة، وكان يسرد الصوم، وصفه ابن السمعاني وغيره بهذا.

وكان يسكن قرية مالين، سمع منتخب مُسند عبد من جمال الإسلام أبي الحسن الداودي، وصحيح البخاري، ومُسند الدارمي أيضًا، وولد في رابع عشر ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة.

روى عنه: الحافظان: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الفاميّ، وعبد الجامع بن علي المعروف بخخّة، وآخرون، وروى عنه بالإجازة المؤيد الطوسي، وأبو المظفّر ابن السمعاني، وآخر من روى عنه بالسماع: أبو روح عبد المعز الهروي، فأخبرنا أحمد بن هبة الله، قال: أنبأنا عبد المعزّ بن محمد، قال: أخبرنا أسعد بن علي بن الموفق، بقراءة أبي علي ابن الوزير في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا أبو الحسن الداودي، فذكر حديثًا من عبد بن حُميد.

202 -

‌ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم أبو الغنائم الهاشمي

، العلوي، الحسيني، الموسوي، الأصبهاني.

نشأ ببغداد، وسمع أبا الخطّاب بن البطر، وأبا عبد الله النعاليّ الحافظ، وثابت بن بُندار، وحدّث، وتوفي ببلاد فارس في هذه السنة أو بعدها.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني.

203 -

‌ آمنة بنت شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري

، أم عبد الرحمن، صاحبة أبي منصور علي بن علي ابن سُكينة.

كانت صالحة، عابدة، قانتة، خيّرة، كثيرة النوافل، حجّت غير مرة،

ص: 851

روت عن رزق الله التميمي بالإجازة، أخذ عنها: أبو سعد السمعاني، وتوفيت في ربيع الأول.

204 -

‌ أُنُر، الأمير معين الدين

، مدبّر دول أولاد أستاذه طُغتِكين بدمشق.

وكان عاقلًا، خيّرًا، حسن السيرة والديانة، موصوفًا بالرأي والشجاعة، محبًا للعلماء والصالحين، كثير الصدقة والبِرّ، وله المدرسة المعينية بقصر الثقفيين، ولقبره قبة بالعُوينة خلف دار بطيخ، وقبلي الشامية، وكان له أثر حسن في ترحيل الفرنج عن دمشق لما حاصرها ملك الألمان، ونزلوا بالميادين.

وقد تزوج الملك نور الدين محمود بن زنكي بابنته عصمة الدين خاتون في حياته.

توفي معين الدين في ربيع الآخر، وأغفله ابن عساكر كغيره من أعيان المتأخرين.

205 -

‌ ثابت بن أبي تمام عمر بن أحمد

، أبو منصور الكتبي، الواسطي.

سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة، وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من رمضان.

كتب عنه: أبو سعد ابن السمعاني، وأحمد بن منصور الكازروني، وغيرهما.

206 -

‌ الحسن بن سعيد بن أحمد

، الإمام أبو علي القُرشي، الأموي، الجزري.

قدم بغداد، وتفقّه وبرع في مذهب الشافعي، وسمع من: عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبي القاسم ابن البُسري، وعمر بن عبيد الله البقّال، وغيرهم، وولي قضاء جزيرة ابن عمر، ثم سكن آمِد.

قال ابن عساكر: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

ص: 852

وقال يوسف بن محمد بن مقلّد: مات بفنك في أوائل رمضان سنة أربع وأربعين. سمعت منه.

قلت: هذا كان من بقايا المُسندين، ضاع في تلك الديار.

207 -

‌ الحسن بن عبد الله بن عمر

، أبو علي بن أبي محمد بن العرجاء المالكي.

تلا بالسبع على والده صاحب ابن نفيس، وأبي معشر، قال أبو علي: وحدّثني بالقراءات إجازةً أبو معشر الطبري، قرأ عليه بالسبع: أبو الحسن علي بن أحمد بن كوثر المحاربي بمكة المتوفى بالأندلس سنة تسع وثمانين، كانت قراءته عليه وعلى ابن رضا في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

208 -

‌ خليفة بن محفوظ

، أبو الفوارس الأنباري، المؤدّب، الأديب.

صالح، عالم، مطبوع، مقرئ، سمع: أبا طاهر بن أبي الصّقر، وأبا الحسن الأقطع، وعنه: السمعاني، وابن عساكر.

أرّخه ابن النجار.

209 -

‌ سعد بن علي بن أبي سعد بن علي بن الفضل

، أبو عامر الجرجاني، الواعظ، المعروف بالعصاري، نسبة إلى عصر البزور، وكذلك أهل جرجان يُنسَبون.

كان إمامًا فاضلًا، فيه صلاح، وزهد، وخير، سافر الكثير، ودخل البلدان، ودخل بغداد قبل الخمسمائة، فسمع من جعفر السراج، والمبارك ابن الطّيوري، وأبي غالب ابن الباقلاني، ومن: أبي سعد المطرّز، وأبي علي الحداد، وقبلهما من أبي مطيع بأصبهان.

قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه حلية الأولياء لأبي نُعيم بمرو، وآخر ما لقيته بنيسابور سنة أربع وأربعين، وقال لي: ولدتُ بجُرجان في سنة ثمان وستين وأربعمائة.

قلت: وروى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

ص: 853

210 -

‌ سلمان بن جروان بن حسين

، أبو عبد الرحمن الماكسيني، وهي قريبة من الرّحبة.

قدِم بغداد، وكان صالحًا، حافظًا للقرآن، يعمل البواري، سمع من: أبي سعد بن خُشيش، وشجاع الذّهلي، وحدّث.

توفي بإربل في ربيع الأول.

211 -

‌ صخر بن عبيد بن صخر بن محمد أبو عبيد الطوسي

.

سمع أبا الفتح نصر بن علي الحاكمي، ومحمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا شُريح إسماعيل بن أحمد الشاشي، حدّث بطوس، ونيسابور، وولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي بالطّابران في ذي القعدة سنة أربع هذه، وله اثنتان وتسعون سنة وأشهر.

روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم، وغيرهما.

212 -

‌ عبدان بن زرين بن محمد

، أبو محمد الأذربيجاني، الدويني، المقرئ، الضرير.

قدِم دمشق في صباه وسكنها، وسمع من: الفقيه نصر المقدسي، وأبي البركات بن طاوس المقرئ، ولقي جماعة.

قال ابن عساكر: كان ثقة خيّرًا يسكن دويرة حمْد، ويصلي بالناس في الجامع عند مرض البدليسي.

قلت: روى عنه الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو المحاسن محمد بن أبي لُقمة، ومات في رجب، وقع لي جزء من روايته.

213 -

‌ عبد الله بن عبد الباقي

، أبو بكر التّبّان، الحنبلي، الفقيه.

ص: 854

كان أميًا لا يكتب، تفقّه على ابن عقيل، وناظر، وأفتى، ودرّس، وسمع من أبي الحسين ابن الطيوري.

214 -

‌ عبد الله بن علي بن سهل أبو الفتوح الخركوشي

، نسبة إلى سكة بنيسابور.

قال ابن السمعاني: شيخ صائن صالح، عفيف، نظيف، ثقة، سمع: إسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، وغيرهم، رحلتُ إليه بابني عبد الرحيم، وأكثرتُ عنه، وقرأتُ عليه أكثر تاريخ يعقوب الفسوي، عن النوقاني، مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في الثاني والعشرين من شوال.

قلت: وروى عنه المؤيد الطوسي أيضًا.

215 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن بن علي أبو الفضل ابن الشّراف

، البنجديهي.

قال السمعاني: شيخ صالح، تالٍ للقرآن، سمع بمرو: محمد بن أبي عمران الصفّار، وبمروالروذ: عبد الرزاق بن حسّان المنيعي، وولد في حدود الخمسين وأربعمائة، وعُمِّر دهرًا، وتوفي في رجب.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه، وقال: كتبت نيّفًا وتسعين ختمة، وتلوت أربعة عشر ألف ختمة.

216 -

‌ عبد الرحمن بن يوسف بن عيسى أبو القاسم ابن الملجوم

، الأزدي، الفاسي.

أجاز له أبو عبد الله ابن الطّلاع، وأبو علي الغساني، وكان يسرد تفسير العزيزي وغريب الحديث لأبي عبيد من حفظه.

ص: 855

روى عنه: ابن أخيه عبد الرحيم بن عيسى.

217 -

‌ عبد الرحيم بن الموفّق بن أبي نصر الهروي

، الديوقاني، الحنفي.

سمع من: بيبى الهرثمية، وجماعة، مات في ثاني صفر عن سبع وثمانين سنة، روى عنه: السمعاني.

218 -

‌ عبد السلام بن محمد بن عبد الله بن اللبّان أبو محمد التيمي

، الأصبهاني، المعدّل.

سمع: المطهر البزاني، وأبا عيسى بن زياد، وعنه: السمعاني، وورّخه في المحرّم.

219 -

‌ عبد السلام بن أبي الفتح بن أبي القاسم أبو الفتح الخباز الهروي

.

شيخ صالح، حدّث عن: بيبى الهرثمية، ومات في سلخ جمادى الأولى، قاله السمعاني.

روى عنه أبو روح، وبالإجازة أبو المظفّر السمعاني.

220 -

‌ عبد الصمد بن علي أبو الفضل النيسابوري الصوفي ذاذده

.

سمع: أبا بكر بن خلف، وعثمان بن محمد المحمي، مات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين.

كتب عنه السمعاني، وغيره.

221 -

‌ عبد العزيز بن خلف بن مدير أبو بكر الأزدي

، القرطبي.

ص: 856

روى عن أبيه، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباس العذري، مولده سنة سبع وستين، وتوفي بأركش، هكذا ترجمه ابن بشكوال.

وآخر من روى عنه بالسماع: خطيب قرطبة أبو جعفر بن يحيى الحِميري.

222 -

‌ عبد الغني بن محمد بن سعد أبو محمد

بن أبي البركات البغدادي الغسال الحنبلي.

سمع أبيا النرسي، وأبا علي بن نبهان، ومن بعدهما، ولم يزل يسمع إلى أن مات، وكان مقرئا مجودا، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، وتوفي في شوال وهو كهل.

223 -

‌ عبد المجيد الحافظ لدين الله

، أبو الميمون بن محمد ابن المستنصر بالله معدّ ابن الظاهر علي ابن الحاكم العبيدي، صاحب مصر.

بويع يوم مقتل ابن عمه الآمر بولاية العهد وتدبير المملكة، حتى يولد حملٌ للآمر، فغلب عليه أبو علي أحمد بن الأفضل ابن بدر الجمالي أمير الجيوش، وكان الآمر قد قتل الأفضل، وحبس ابنه أحمد، فلما قُتل الآمر وثب الأمراء فأخرجوا أحمد، وقدموه عليهم، فسار إلى القصر، وقهر الحافظ، وغلب على الأمر، وبقي الحافظ معه صورة من تحت حكمه، وقام في المُلك أحسن قيام، وعدل، وردّ على المصادَرين أموالهم، ووقف عند مذهب الشيعة، وتمسّك بالاثني عشر، وترك الأذان بحي على خير العمل.

وقيل: بل أقرّ: حي على خير العمل، وأسقط: والحمد لله من الأذان: محمد وعلي خير البشر، كذا وجدت بخطّ النّسّابة، ورفض الحافظ لدين الله وأهل بيته وآباءهُ، ودعا على المنابر للإمام المنتظَر صاحب الزمان على زعمهم، وكتب اسمه على السكة، وبقي على ذلك إلى أن وثب عليه واحد من الخاصة، فقتله بظاهر القاهرة في المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة، وكان ذلك بتدبير الحافظ، فبادر الأجناد والدولة إلى الحافظ، وأخرجوه من السجن، وبايعوه ثانيًا، واستقل بالأمور.

وكان مولده بعسقلان سنة سبع وستين، وسبب ولادته بها أن أباه خرج

ص: 857

إليها في غلاء مصر، وسبب توليته أن الآمر لم يخلّف ولدًا، وخلّف حملًا، فماج أهل مصر، وقال الجُهّال: هذا بيت لا يموت الإمام منهم حتى يخلّف ولدًا وينص على إمامته، وكان الآمر قد نصّ لهم على الحمْل، فوضعت المرأة بنتًا، فبايعوا حينئذ الحافظ، وكان الحافظ كثير المرض بالقولنج، فعمل له شيرماه الديلمي طبل القولنج الذي وجده السلطان صلاح الدين في خزائنهم، وكان مركّبًا من المعادن السبعة، والكواكب السبعة في إشراقها، وكان إذا ضربه صاحب القولنج خرج من باطنه ريح وفسا، فاستراح من القولنج.

توفي في خامس من جمادى الأولى، وكانت خلافته عشرين سنة إلا خمسة أشهر، وعاش بضعًا وسبعين سنة.

وكان كلما أقام وزيرًا حكم عليه، فيتألم ويعمل على هلاكه، ولي الأمر بعده ابنه الظافر إسماعيل، فوزر له ابن مصّال أربعين يومًا، وخرج عليه ابن السّلار فأهلكه.

224 -

‌ عثمان بن علي بن أحمد أبو عمرو

، المعروف بابن الصالح المؤدِّب.

كان يؤدّب بمسجد ويؤم به، سمع: رزق الله التميمي، والفضل بن أبي حرب الجُرجاني، وابن طلحة النعالي، سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأبو محمد ابن الخشّاب، وسعيد بن هبة الله ابن الصباغ، شيخ لابن النجار، حدّث في هذا العام ببغداد.

225 -

‌ عفاف بنت أبي العباس أحمد بن محمد ابن الإخوة العطار

.

سمعت من: أبي عبد الله النعالي، وأمة الرحمن بنت ابن الجُنيد التي روت عن عبد الملك بن بِشران، روى عنها: أبو سعد السمعاني، توفيت في نصف ذي الحجة.

226 -

‌ علي بن خلف بن رضا أبو الحسن الأنصاري

، البلنسي، المقرئ، الضرير.

ص: 858

روى عن أبي داود المقرئ، وأخذ عنه التيسير، وحجّ وأقرأ بمكة، وبها أخذ عنه أبو الحسن بن كوثر القراءات في هذه السنة القراءات.

227 -

‌ علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان أبو الحسن المرادي

، الأندلسي، القرطبي، الشقوري، الفرغُليطي، وفرغليط من أعمال شقّورة، الفقيه الشافعي، الحافظ.

خرج من الأندلس في سنة نيّف وعشرين، ورحل إلى بغداد، ودخل خُراسان، وسكن نيسابور مدة، وتفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزّالي، وسمع مصنّفات البيهقي، وغير ذلك من: أبي عبد الله الفراوي، وهبة الله السيدي وأبي المظفّر ابن القُشيري، وطائفة، وكتب الكثير بخطه، وصحب عبد الرحمن الأكّاف، الزاهد، وقدِم دمشق بعد الأربعين وخمسمائة، وفرح بقدومه رفيقه الحافظ ابن عساكر، لأنه أقدم معه جملة من مسموعاته التي اتكل ابن عساكر في تحصيلها على المُرادي، وحدّث بدمشق بالصحيحين.

قال ابن السمعاني: كنتُ آنسُ به كثيرًا، وكان أحد عُبّاد الله الصالحين، خرجنا جملة إلى نوقان لسماع تفسير الثعلبي فلمحت منه أخلاقًا وأحوالًا قلّ ما تجتمع في أحد من الورعين، وعلّقت عنه.

وقال ابن عساكر: نُدب للتدريس بحماه، فمضى إليها، ثم نُدب إلى التدريس بحلب، فمضى ودرّس بها المذهب بمدرسة ابن العجمي، وكان ثبتا، صلبًا في السنّة، توفي بحلب في ذي الحجة، وقال لابن السمعاني: مولدي قبل الخمس مائة بقريب.

روى عنه: القاسم ابن عساكر، وأبو القاسم ابن الحرستاني، وجماعة.

228 -

‌ علي بن عثمان بن محمد بن الهيصم بن أحمد بن الهيصم بن طاهر

، أبو رشيد الهروي، الهيصمي، الواعظ، الضرير.

شيخ الكراميّة ومقدّمهم، وإمامهم في البدعة، كان متوسعًا في العِلم، بارع الأدب، سمع من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وعنه: السمعاني،

ص: 859

وقال: مات في ذي القعدة، ومولده كان سنة ستين وأربعمائة.

229 -

‌ علي بن المفرّج بن حاتم

، أبو الحسن المقدسي، جدّ الحافظ عليّ بن المفضل.

سمع من القاضي الرشيد المقدسي.

وفيها ولد الحافظ المذكور.

230 -

‌ علي بن أبي بكر بن الحسين بن أبي معشر

، أبو الحسن البغوي، المقرئ، الصوفي.

سمع محمد بن علي بن أبي صالح الدبّاس، وهبة الله الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن عبد الملك العبدويي، مات في شعبان عن تسعين سنة.

231 -

‌ عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى

بن عياض بن محمد بن موسى بن عياض اليَحصُبي، القاضي، أبو الفضل السّبتي، أحد الأعلام.

ولد بسبتة في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة، وأصله من الأندلس، ثم انتقل أحد أجداده إلى مدينة فاس، ثم من فاس إلى سبتة، أجاز له الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه لُقيّه، لكنه إنما رحل إلى الأندلس بعد موته، فأخذ عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن حمدين، وأبي الحسين سِراج بن عبد الملك، وأبي محمد بن عتّاب، وهشام بن أحمد، وأبي بحر بن العاص، وطبقتهم، وحمل الكثير عن أبي علي بن سُكّرة، وعُني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم، وتفقّه على الفقيه أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، القاضي، السبتي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله المسيلي.

وصنّف التصانيف المفيدة، واشتهر اسمه، وسار علمه.

قال ابن بشكوال: هو من أهل التفنن في العلم، والذكاء، والفهم، استُقضي بسبتة مدة طويلة، حُمدت سيرتُه فيها، ثم نُقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يُطْل أمره بها، وقدم علينا قُرطبة، وأخذنا عنه.

ص: 860

وقال الفقيه محمد بن حمادة السبتي، رفيق القاضي عياض: جلس للمناظرة وله نحوٌ من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمسٌ وثلاثون سنة، فسار بأحسن سيرة، كان هيّنًا من غير ضعف، صليبًا في الحق، تفقّه على أبي عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه، ولم يكن أحد بسبتة في عصر من الأعصار أكثر تواليف من تواليفه، له كتاب الشفا في شرف المصطفى وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك، وكتاب العقيدة، وكتاب شرح حديث أم زرع، وكتاب جامع التاريخ الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس، وسبتة، والمغرب، من دخول الإسلام إليها، واستوعب فيه أخبار سبتة وعُلمائها، وكتاب مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار الموطّأ والبخاري ومسلم.

قال: وحاز من الرياسة في بلده ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحدٌ قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعًا وخشيةً لله، وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها.

وقال القاضي ابن خلّكان: هو إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو، واللغة، وكلام العرب، وأيامهم، وأنسابهم، ومن تصانيفه كتاب الإكمال في شرح مسلم، كمّل به كتاب المُعلَم للمازري، ومنها: مشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث، يعني الكتاب المذكور آنفًا، وكتاب التنبيهات فيه فوائد وغرائب، وكل تواليفه بديعة.

وله شعرٌ حسن، فمنه ما رواه عنه ابنه قاضي دانية أبو عبد الله محمد بن عياض:

انظر إلى الزرع وخاماتِه تحكي وقد ماسَت أمام الرياح كتيبةً خضراء مهزومةً شقائق النعمان فيها جراحْ وقال ابن بشكوال: توفي بمراكش مُغرِّبًا عن وطنه في وسط سنة أربع.

ص: 861

وقال ابنه محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليل، التاسعة من جمادى الآخرة، ودُفن بمراكش، وتوفي ابنه في سنة خمس وسبعين.

وشيوخ عياض يقاربون المائة.

وقد روى عنه خلق كثير، منهم: عبد الله بن محمد الأشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، وأبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله، ومحمد بن الحسن الجابري.

232 -

‌ عيسى بن هبة الله بن هبة الله بن عيسى أبو عبد الله البغدادي

، النقّاش.

ظريف، كيّس، خفيف الروح، صاحب نوادر وشعر رقيق، وحكايات مونقة، قد رأى الناس، وعاشر الظرفاء، وطال عمره، وسار ذكره.

ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم ابن البُسري، وأبا الحسن الأنباري، الخطيب.

قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بجهد، فإنه كان يقول: ما أنا أهلٌ للتحديث، وعلّقت عنه من شعره.

وقال ابن الجوزي: كان يحضر مجلسي كثيرًا، وكتبت إليه يومًا رقعة، خاطبته فيها بنوع احترام، فكتب إلي:

قد زدتني في الخطاب حتى خشيتُ نقصًا من الزياده فاجعل خطابي خطاب مثلي ولا تغيّر عليّ عاده ومن شعره:

إذا وجد الشيخ من نفسه نشاطًا فذلك موتٌ خفي ألستَ ترى أن ضوء السّراج له لهبٌ قبل أن ينطفي؟ قلت: روى عنه أبو اليُمن الكندي كتاب الكامل للمبرّد، وغير ذلك، وتوفي في جمادى الآخرة.

وهبة الله مرتين، وعليها صحّ بخط الحافظ الضياء.

ص: 862

233 -

‌ غازي بن زنكي بن آقسُنقر التركي

، السلطان سيف الدين ابن الأتابك عماد الدين، صاحب الموصل.

لما قُتل والده أتابك على قلعة جعبر اقتسم ولداه مملكته، فأخذ غازي الموصل وبلادها، وأخذ نور الدين محمود حلب ونواحيها، وكان مع أتابك على جعبر ألْب رسلان ابن السلطان محمود السلجوقي، وهو السلطان، وأتابكه هو زنكي، فاجتمع الأكابر والدولة، وفيهم الوزير جمال الدين محمد الأصبهاني المعروف بالجواد، والقاضي كمال الدين الشهرزوري ومشوا إلى مخيم السلطان ألْب رسلان، وقالوا: كان عماد الدين، رحمه الله، غلامك، والبلاد لك، وطمّنوه بهذا الكلام، ثم إن العسكر افترق، فطائفة توجهت إلى الشام مع نور الدين، وطائفة سارت مع ألْب رسلان، وعساكر الموصل وديار ربيعة إلى الموصل، فلما انتهوا إلى سنجار، تخيل ألب رسلان منهم الغدر فتركهم وهرب، فلحقوه وردوه، فلما وصل إلى الموصل أتاهم سيف الدين غازي، وكان مقيمًا بشهرزور، وهي إقطاعه، ثم إنه وثب على ألب رسلان، وقبض عليه، وتملّك الموصل.

وكان منطويًا على خير وديانة، يحب العلم وأهله، وفيه كرم، وشجاعة وإقدام، وبنى بالموصل مدرسة.

ولم تطل مدته حتى توفي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الأربعين، وتملك بعده أخوه قطب الدين مودود، وخلّف ولدًا صبيًا، فانتشا، وتزوج ببنت عمه قطب الدين، ومات شابًا ولم يُعقب.

وكان غازي مليح الصورة، حسن الشكل، وافر الهيبة، وكان يمد السماط غداءً وعشاء، ففي بكرة يذبح نحو المائة رأس، وهو أول من حُمل فوق رأسه السنجق في الإقامة، وأول من أمر الأجناد أن يركبوا بالسيف في أوساطهم، والدبوس تحت ركبهم، ومدرسته من أحسن المدارس، وقفها على الشافعية والحنفية، وبنى أيضًا رباطًا للصوفية، وقد وصل الحيص بيص بألف دينار، سوى الخلع على قصيدته الرائية، قاله ابن الأثير.

ص: 863

234 -

‌ محمد بن أبي بكر أحمد بن محمد

، أبو عبد الله المقرئ، الورّاق، إمام جامع هَراة.

سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وعبد الأعلى ابن المليحي، وكان صالحًا، عفيفًا، مات في رجب عن اثنتين وسبعين سنة.

235 -

‌ محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن صافي أبو بكر

، وأبو عبد الله اللخمي، القرطبي، أصله جياني.

أخذ القراءات عن: أبي محمد عبد الرحمن بن شعيب، وخازم بن محمد، وروى عن أبي مروان بن سِراج، وأبي محمد بن عتّاب، وتصدّر للإقراء بقرطبة، وأقرأ الناس أيضًا بغرناطة وبلنسية، وكان صالحًا، زاهدًا، توفي بوهران وقد قارب الثمانين، قاله الأبّار.

236 -

‌ محمد بن سليمان بن الحسن بن عمرو أبو عبيد الله

، الإمام الفُنديني المروزي، وفُندين: من قرى مرو.

قال ابن السمعاني: كان فقيهًا، زاهدًا، ورعًا، عابدًا، متهجّدًا، تاركًا للتكلّف، تفقّه على الإمام عبد الرحمن الزّاز، وسمع منه، ومن: أبي بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي، وأبي المظفّر السمعاني، وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، توفي في العشرين من المحرم بفندين.

روى عنه عبد الرحيم السمعاني.

237 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن العاص

، أبو عبد الله بن أبي زيد الفهمي، القرطبي، ثم المريّي.

روى عن أبي الوليد العُتبي، وأبي تميم بن بقية، وجماعة، وأجاز له خازم بن محمد.

وكان عالمًا بالنحو، منتصبًا لإقرائه، مشارِكًا في الأصول والكلام، مع فضلٍ وعبادة.

ص: 864

روى عنه: ابن بشكوال، وابن رزق، وابن حُبيش، وغيرهم، وكان حيًا يُرزق في هذا العام، ترجمه الأبّار.

238 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن علي الحافظ

، أبو عبد الله النُميري، الغرناطي.

كتب عن أبي محمد بن عتّاب، وطبقته.

قال ابن بشكوال: هو صاحبنا، أخذ عن جماعة من شيوخنا، وكان من أهل العناية الكاملة بتقييد العلم والسنن، جامعًا لها، ثقة، ثبتًا، عالمًا بالحديث والرجال، توفي بغرناطة.

239 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عمر أبو الفضل المغازلي

، التاجر، المعروف بالصّائن، الأصبهاني.

سمع: ابن ماجه الأبهري، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم، ورزق الله، وغيرهم.

وكان شيخًا صالحًا، ملازمًا للجماعات، صائنًا، مشتغلًا بالتجارة، ورد بغداد مع خاله أبي سهل بن سعدويه.

وولد في سنة ثمان وستين وأربعمائة.

روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وجماعة، فمن حديثه: أخبرنا أحمد بن هبة الله، قال: أخبرنا عبد الرحيم بن أبي سعد إجازةً، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي بمرو قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي الباهلي إملاءً، قال: أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، قال: أخبرنا علي بن إسحاق المادرائي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصّغاني، قال: حدثنا أبو مسهر، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله تبارك وتعالى، أنه قال: «يا عبادي، إني حرّمت الظلمَ على نفسي، وجعلته بينكم محرّمًا، فلا تظالموا، يا عبادي، إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار، وأنا الذي أغفِر الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر

ص: 865

لكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمتُ، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي، كلكم عارٍ، إلا من كسوت، فاستكسوني أكسِكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينتقص ذلك من ملكي، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيتُ كل إنسان منهم ما سأل، لم ينتقص ذلك مني شيئًا، إلا كما ينتقص البحر أن يُغمس فيه المخيطُ غمسةً واحدة، يا عبادي، إنما هي أعمالُكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه». قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.

قال أبو مُسهر: ليس لأهل الشام حديث أشرف من حديث أبي ذر، رواه مسلم عن الصّغاني، فوافقناه بعلوّ.

توفي المغازلي بنيسابور في العشرين من جمادى الأولى.

240 -

‌ محمد بن علي بن الحسن

، أبو بكر الكرجي.

رحل فسمع بأصبهان من: أبي عليّ الحدّاد، وغانم البُرجي، وبهَراة من: عيسى بن شُعيب السجزي، والمختار بن عبد الحميد، وأبي عطية جابر بن عبد الله الأنصاري، وطائفة، وكتب الكثير، وقدِم بغداد فسمع منه: أبو سعد السمعاني، وعبد الخالق بن أسد الحنفي.

وكان صالحًا، عفيفًا، متوددًا.

توفي في رمضان ببوشنج عن ستين سنة.

241 -

‌ محمد بن علي بن حدّاني

، أبو بكر الباقلاني.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعنه: يوسف بن كامل، وعاش نيّفًا وثمانين سنة.

242 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد بن القاسم

، أبو السعادات ابن الرسولي، البغدادي، الفقيه.

ص: 866

تفقّه على إلكِيا الهرّاسي، وله شِعر وفضيلة، وسمع من جعفر السرّاج، وابن بيان، لكنه كان كثير الكلام، يقع في الناس، وتوفي بإسفرايين غريبًا.

243 -

‌ محمد بن محمد بن خليفة

، أبو سعيد الصوفي.

حدّث عن أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، وكان فقيهًا، واعظًا، كثير المحفوظ، روى عنه المؤيد الطوسي في أربعيّه.

244 -

محمد بن محمد بن خليفة، اسم خليفة: منصور بن دُوَست، من أهل نيسابور.

حدّث عن: أبي بكر بن خلف، وأحمد بن سهل السراج، وأملى مجالس، قاله السمعاني وأخذ عنه، ثم قال: مات في جمادى الأولى.

245 -

‌ محمد بن محمد بن هبة الله بن الطبيب

، أبو الفتح الكاتب.

سمع: عبد الواحد بن فهد العلاف. وعنه مكي ابن الغراد.

مات مجذومًا.

246 -

‌ محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود أبو بكر بن أبي ركب الخُشني

، الجياني، المقرئ، النحوي، العلامة.

أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن موسى، وأبي الحسن بن شفيع، وجماعة، وأخذ العربية والآداب عن: ابن أبي العافية، وابن الأخضر، وابن الأبرش، وروى عن أبي الحسن بن سِراج، وأبي علي بن سكّرة، وابن عتّاب، وجماعة.

قال الأبّار: تقدّم في صناعة العربية، وتصدّر لإقرائها، وولي بأخَرة خطابة غرناطة، وكان من جلّة النحاة وأئمتهم، شرح كتاب سيبويه، ولم يتمّه، وكان حافظًا للغريب واللغة، متصرفًا في فنون الأدب مع الخير والصلاح، وله شِعر، توفي في نصف ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة.

أخذ عنه أبو عبد الله بن حُميد، وابنه أبو ذر الخُشني.

ص: 867

247 -

‌ المبارك بن عبد الوهاب بن محمد بن منصور بن زُريق القزاز

، الشيباني، البغدادي، أبو غالب المُسدّي.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، سمع الكثير، وحصّل بعض الأصول، سمع رزق الله التميمي، وطِرادًا الزينبي، وأبا طاهر الباقلاني، وغيرهم، وكان حريصًا على التحديث، واتفق أن أبا البقاء بن طبرزد أخرج سماعه في جزء ابن كرامة، عن التميمي، وسمّع له بخطّه، وقرأ عليه، فطولب بالأصل، فتعلل وامتنع، فشنّع الطلبة على أبي البقاء، وظهر أمره، ثم بعد ذلك أخرج أبو القاسم ابن السمرقندي سماعه بخط من يوثَق به والطبقة الذين سمّع أبو البقاء له معهم جماعة مجاهيل لا يُعرفون، ففرح أبو البقاء حيث وجد سماعه، فقلت له: لا تفرح، فإن الآن ظهر أن التسميع الأول كان باطلًا حيث ما وجد الأصول، واتفق أن الشيخ أقرّ أن الجزء كان له، وأن أبا البقاء أخذه، ونقل له فيه، توفي في شعبان.

248 -

‌ مجلّي بن الفضل بن حصن أبو الفرج الجهني

، الموصلي، التاجر، السفّار.

سكن بنيسابور مدة، وحدّث عن: أبي علي نصر الله الخُشنامي، وغيره، توفي بمرو.

249 -

مليكة، وقيل: ملكة، بنت أبي الحسن بن أبي محمد النيسابورية.

امرأة صالحة، ثقة، مُسنِدة، سمعت نصف جزء من مسند السرّاج من الفضل بن عبد الله بن المحب.

وماتت في ثامن جمادى الآخرة، ولها نيّف وثمانون سنة.

روى عنها عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه، وقع لنا من روايتها.

250 -

‌ منصور بن علي بن عبد الرحمن أبو سعد الحجري

، الفوشنجي.

إمام ورع، صالح، روى عن عبد الرحمن بن عفيف كلار، وأحمد بن

ص: 868

محمد العاصمي، وتوفي في سلخ ذي القعدة.

251 -

‌ موفق الطواشي أبو السّداد الحبشي

، الخصيّ، مولى الوزير نظام المُلك.

ذكره ابن النجار في تاريخه، فقال: سمع أبا نصر الزينبي، وبمصر: القاضي أبا الحسن الخلعي، وسكن بغداد برباط الزوزني، روى عنه: أبو طاهر السلفي، ومحمد بن عشير، وبقي حتى سمع منه: أبو محمد ابن الخشّاب في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

قلت: لم يذكره السمعاني في الذيل، وأخشى لا يكون وقع غلط في بقائه إلى هذه السنة، فيُراجع الأصل.

252 -

‌ نصر بن أحمد ابن نظام الملك الوزير أبي علي الحسن بن علي

بن إسحاق الأمير أبو الفضل ابن أخي المسمى باسم أبيه، من أهل الطابران.

قال السمعاني: كان شيخًا كثير الصدقة، جوادًا، من بيت وزارة، رأيته بطوس وقد قعد به الدهر، ولازم بيته، كتبتُ عنه.

سمع: أبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدِم نيسابور، وشيرويه بن شهردار بهمذان، ودخل بغداد حاجًا بعد الخمس مائة، وقال لي: ولدتُ سنة ست وستين وأربعمائة بطوس، وبها توفي في حادي عشر رمضان.

قلت: لم ينبّه ابن السمعاني على أنه ابن أخي أحمد المذكور في هذه السنة. والظاهر أنه أسنّ من عمه، وقد روى عنه أبو المظفر عبد الرحيم السمعاني.

253 -

‌ نصر بن الحسين بن إبراهيم بن نوح

أبو الفتوح النيسابوري، الغضائري، المقرئ.

ولد سنة بضع وستين وأربعمائة، وسمع من: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، والسيد ظفر ابن الداعي العلوي، والحسن بن أحمد السمرقندي، وغيرهم، ومن شيوخه أيضًا: طاهر بن سعيد الميهني، وأبو تُراب المراغي.

ص: 869

سكن ميهنة مدة، ثم سكن نَسا.

قال ابن السمعاني: مقرئ فاضل، حسن التلاوة كثير العبادة والخير والنظافة، مبالغ في الطهارة، وكان يضع الطرق للأبيات الرقيقة، وأكثر المسمّعين بخُراسان غلمانه، يعني كان يعرف الموسيقى.

سمع منه: عبد الرحيم ابن السمعاني في هذه السنة.

254 -

‌ نَظَرُ الأمير أبو الحسن الكمالي

، الجيوشي.

حج نيّفًا وعشرين مرة أميرًا على الركب العراقي، وكان مشكورًا، كثير الخير، مَهيبًا، سمع: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر، روى عنه: أحمد بن الحسن العاقولي، وتوفي في ذي القعدة.

255 -

‌ هبة الله بن القاسم بن منصور

، أبو البقاء البغدادي، البُندار.

شيخ مستور، مُسنّ، روى عن طِراد الزينبي، وأبي سعد بن خُشيش، توفي في رجب.

ص: 870

سنة خمس وأربعين وخمسمائة

256 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن محمد أبو العباس الأصبهاني

، المعروف بصلاح.

حج نوَبًا، وجاور مدة، وكان كثير العبادة والخير، أثنى عليه ابن السمعاني، وقال: سمع بقراءتي كثيرًا، وكتبتُ عنه شعرًا، أغارت العرب على الحُجاج في أوائل المحرّم، فهلك جماعة، منهم صلاح.

257 -

‌ أحمد بن عليّ بن عبد العزيز بن علي

، أبو نصر ابن الصوفي.

روى عن جده أبي بكر ابن النجار مجلسًا بروايته، عن أبي علي بن المُذهب، وعاش ستين سنة.

258 -

‌ إبراهيم بن سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم أبو إسحاق المسجدي

، السُبعي.

نيسابوري صالح، سمّعه أبوه من أبي الحسن المديني المؤذّن، وطائفة، توفي في رابع جُمادى الأولى.

259 -

‌ أسعد بن محمد بن أحمد الأنصاري الثابتي

، أبو سعد المروزي، الفقيه، نزيل بنجديه.

روى عن أبي سعيد محمد بن علي البغوي، روى عنه ابن السمعاني الحافظ.

260 -

‌ إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل أبو عطاء الشيباني

، الهروي، القلانسي، المستملي.

شيخ صالح، حسن السيرة، سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وأبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، وببغداد: أبا بكر الطُريثيثي، وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة.

روى عنه ابن السمعاني، وابنه، وأبو رَوح عبد المعزّ، توفي في شعبان.

ص: 871

261 -

‌ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم الموسوي

.

توفي في سنة أربع أو خمس وأربعين وقد ذكر.

262 -

‌ إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن

أبو الفتح بن أبي غالب الشيباني، القزّاز.

سمع: أباه، وثابت بن بُندار، وعليًا الرّبعي، والمبارك بن عبد الجبار، وجماعة، حدثنا عنه: عبد الملك بن أبي الفتح الدلال، وهو أخو أبي منصور القزاز.

قال السمعاني: شابٌ صالح، كتبت عنه، مات في ربيع الأول ودُفن بباب حرب.

263 -

‌ الحسن بن ذي النون بن أبي القاسم

، الواعظ المشهور، أبو المفاخر الشعري، النيسابوري.

سمع من: عبد الغفار الشيرويّي، وكان فقيهًا، أديبًا، واعظًا، وعظ ببغداد في جامع القصر مدة، وأظهر التحنبُل وذمّ الأشاعرة، وبالغ، وهو كان السبب في إخراج أبي الفتوح الإسفراييني من بغداد، ومال إليه الحنابلة، ثم بان أنه معتزلي يقول بخلق القرآن، بعد أن كان يُظهر ذمّ المعتزلة، ثم قلعه الله من بغداد، وهلك بغزنة، رحم الله المسلمين.

قال ابن النجار: روى عنه: علي بن أبي الكرم القطّان، ويحيى بن مُقبل بن الصّدر، وأبو الفرج ابن الجوزي، ومات في جمادى الأولى.

264 -

‌ الحسن بن محمد بن عمر العميد

، أبو الفتوح النيسابوري، المستوفي، يُعرف بحليمة.

ص: 872

ترك الديوان ولزم الخير والانقطاع، وحدّث عن علي بن أحمد المديني، روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وتوفي في جمادى الأولى.

265 -

‌ الحسين بن جهير ناصح الدولة

، أستاذ دار المسترشد.

سمع من أبي الحسن ابن العلاف. وعنه ابنه أبو نصر عبد الله والوزير محمد بن أحمد بن صدقة وكان من أبناء الثمانين، وهو ابن أخي الوزير أبي القاسم.

266 -

‌ الحسين بن علي بن الحسين بن محمد

بن محمد بن أحمد بن يوسف الرئيس أبو علي النيسابوري الشحامي.

كان يخدم الخاتون مهد العراق، ويتردد معها في نواحي الإقليم، وكان مكثِرًا من الحديث، روى عن الفضل بن عبد الله بن المحب، والصرّام، وأبي بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وكان مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة.

روى عنه ابن السمعاني، وولده أبو المظفّر، قال أبو المظفّر: سمعت منه صلاة الضحى للحاكم، وجزأين من حديث أبي العباس السرّاج عن ابن المحب، وجزءًا انتخبه مسلم على أبي أحمد محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، وغير ذلك، توفي ليلة نصف شعبان بمرو.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم ابن السمعاني، قال: أخبرنا الحسين بن علي، وعبد الله بن محمد الفُراوي قالا: أخبرنا محمد بن عبيد الله الصرّام، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم، قال: أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، قال: حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا أبو توبة الحلبي، قال: حدثنا الهيثم بن حُميد، عن ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مسجد قباء، فإذا قوم يصلّون صلاة الضحى، فقال: صلاة رغبةٍ ورهبة، كان الأوّابون يصلّونها حين ترمَض الفِصال» . هذا حديث حسن، ثابت الإسناد.

ص: 873

267 -

‌ زاهر بن أحمد بن محمد بن أبي الحسن الفقيه أبو علي البشاري

، السّرخسي.

فقيه، مستور، صالح، متميز، سمع: أباه، وأبا منصور محمد بن عبد الملك المظفّري، توفي بسرخس في شوال، وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني.

كتبناه لاسمه الموافق لأبي علي راوي موطّأ أبي مصعب، وقد حدّث عنه أبو سعد.

268 -

‌ سليمان بن سعيد بن محمد بن سعيد أبو الربيع العبدري

، الداني، القاضي، المعروف باللوشي.

سمع من أبيه، وأبي داود المقرئ، وأبي علي الصدفي، وولي قضاء دانية عشرة أعوام، وصرف سنة أربعين وخمسمائة.

وكان فاضلًا، خيارًا، على غفلة كانت فيه، توفي في ربيع الآخر بدانية.

269 -

‌ صافي أبو سعيد الجمالي

، عتيق أبي علي بن جردة.

سمع: أبا علي ابن البناء، وأبا الحسين ابن النقور.

قال ابن السمعاني: وجدنا له مجالس من أمالي أبي علي ابن البناء، ومن أمالي ابن أبي الفوارس، فقرأت عليه منها، وكان شيخًا مليح الشيبة، حسن المشاهدة، وكان شيخنا ابن ناصر يقول: إن صافي كان غلامًا آخر لابن جردة، فأُخبر صافي بذلك، فحضر يومًا دار أبي منصور ابن الجواليقي، ونحن نسمع منه، ومن ابن ناصر، وسعد الخير غريب الحديث لأبي عُبيد، فقال لابن ناصر: سمعت أنك تقول: إن هذه الأجزاء ليست سماعي على ابن البناء، وكان لسيدي غلام آخر باسمي، وما الأمر كما تظن، ما كان له غلام اسمه صافي غيري، وأنا أذكر أبا عليّ ابن البنّاء، وكنت أقرأ عليه القرآن والعلم، ولست ممن يشتهي الرواية ويتسوق بها، فعلم الحاضرون صدقه، واعتذر ابن

ص: 874

ناصر إليه، ورجع، توفي في ربيع الأول في الثالث والعشرين منه.

قلت: وروى عنه أبو الفرج ابن الجوزي، وغيره.

270 -

‌ عبد الله بن علي بن محمد أبو البركات الكرخي

، النهري.

سمع عاصم بن الحسن، وعبد الواحد بن فهد العلاف، وعنه ابن مشق، وعمر بن طبرزد، وغيرهما.

قال ابن الدبيثي: مات في شوال سنة خمس.

271 -

‌ عبد الله بن محمد أبو القاسم البنجديهي

، الخمقري.

سمع أبا سعيد محمد بن علي البغوي، الدبّاس، وعنه: أبو سعد السمعاني.

مات في ذي الحجة.

272 -

‌ عبد الله بن هبة الله ابن السامري

، أبو الفتح الحنبلي.

مُكثر من الرواية، روى عن أبي سعد بن خُشيش، وغيره، وتوفي في المحرّم.

273 -

‌ عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي ابن النّرسي أبو البركات الأزجي

، المعدّل، المحتسب.

قال ابن السمعاني: شيخ مسنّ، بهي المنظر، به طرش، وجدنا له ثلاثة أجزاء عن أبي القاسم عبد الله بن الحسن الخلال، قرأناها عليه، وقال لي: ولدت في سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وتوفي في عاشر شعبان.

قلت: سمعنا على أبي الفداء ابن الفراء جزءًا من حديث ابن صاعد، بسماعه من أبي القاسم بن صصرى، والطبقة بخط الحافظ الضياء، بإجازته من عبد الباقي ابن النُرسي، بسماعه من القاضي أبي يَعلى، وفرحتُ بذلك، فلما تنبهت في الحديث بان لي أن هذا غلط، وأن عبد الباقي ولد بعد موت أبي يعلى بسنة.

274 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن خلف بن رضا أبو القاسم القرطبي

، خطيب قرطبة.

ص: 875

روى القراءات عن أبي القاسم بن مُدير، وسمع الموطأ من أبي عبد الله محمد بن فرج، وسمع أيضًا من أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وتأدّب بأبي الوليد مالك العُتبي واختصّ به، وبرع في الآداب وشوور في الأحكام، وكان محمودًا في جميع ما تولاه، رفيع القدر، عالي الذّكر، توفي في عاشر جُمادى الآخرة، قاله ابن بشكوال، قال: وتوفي أبوه وهو حَملٌ له في سنة سبعين وأربعمائة.

قلت: أخذ عنه القراءات أبو بكر بن سمجون، وحسن بن علي بن خلف، وعبيد الله بن الصيقل، وعبد الرحمن ابن الشرّاط.

275 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن الإخوة أخو عبد الرحيم

، أبو القاسم البغدادي، العطّار.

سمع أبا عبد الله النعالي، وابن البطِر، وجماعة، كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في صفر.

276 -

‌ عبد الرحمن بن أبي رجاء

، أبو القاسم البلوي، الأندلسي اللبسي، نسبة إلى قرية من قرى وادي آش.

أخذ القراءات بغرناطة عن: أبي الحسن بن كرْز، وجماعة، وحجّ سنة سبع وتسعين، فأخذ القراءات عن أبي علي بن أبي العرجاء، وسمع من أبي حامد الغزالي، وأجاز له، وأخذ بالمهدية عن علي بن محمد بن ثابت الخولاني الأقطع، وانصرف إلى الأندلس، وتصدّر للإقراء، أخذ عنه ابنه عبد الصمد، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو القاسم ابن بشكوال.

قال الأبّار: وكان زاهدًا، صوفيًا، مُجاب الدعوة، خرج عن المرية في سنة إحدى وأربعين قبل تغلّب الروم عليها بعام، ونزل وادي آش إلى أن توفي به وله ثمان وسبعون سنة.

277 -

‌ عبد الغني بن أحمد بن محمد

، أبو اليُمن الدارمي، الفوشنجي.

شيخ، صالح عفيف، سمع أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، وأبا عطاء

ص: 876

عبد الرحمن الجوهري، وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة، وتوفي في ثامن عشر رجب.

روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم السمعاني.

278 -

‌ عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور

، أبو القاسم الدامغاني.

قال أبو سعد السمعاني: كان من أهل الفضل والإفضال، ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ودخل نيسابور، وتفقّه مدة على إمام الحرمين، وكتب بها عن: أبي القاسم إسماعيل النوقاني، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وبجُرجان عن: كامل بن إبراهيم الخندقي، والمظفّر بن حمزة التميمي، كتبتُ عنه بالدّامغان عند توجهي إلى أصبهان، وعُمِّر دهرًا، وتوفي في ذي القعدة.

توفي النوقاني سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فكان آخر من حدّث عن النوقاني.

279 -

‌ عبد الملك بن عبد الوهّاب ابن الشيخ أبي الفرج الشيرازي

، ثم الدمشقي، القاضي الأوحد، بهاء الدين ابن الحنبلي، شيخ الحنابلة ورئيسهم بدمشق.

قال حمزة ابن القلانسي: مات في رجب، قال: وكان إمامًا مناظِرًا، مُفتيًا على مذهب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل، تفقه بخُراسان مدة، وكان يوم دفنه في جوار جدّه وأبيه يومًا مشهودًا بكثرة العالَم والباكين حول سريره.

280 -

‌ عبد الملك بن علي بن محمد بن حسن الإمام

، أبو سعد القُرشي الزُهري العَوفي، الأيوبي، الأبيوردي.

قال أبو سعد السمعاني: كان إمامًا، صالحًا، زاهدًا، عفيفًا، روى عن أبيه بأبيورد، وبها ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي في أحد الربيعين.

روى عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه عنه.

ص: 877

281 -

‌ عبد الملك بن أبي نصر بن عمر

، الفقيه أبو المعالي الجيلي، الفقير، نزيل بغداد.

قال أبو الفرج بن الجوزي: كان فقيهًا، صالحًا، خيّرًا، عاقلًا، كثير التعبّد، يأوي المساجد، حج في هذا العام، فأغارت العرب على الحجاج، فتوصّل وأقام بفِيد، فتوفي بها في هذه السنة.

282 -

‌ عثمان بن إسماعيل بن أحمد

، أبو بكر الخفّاف، من المزكّين المشهورين بنيسابور.

قال ابن السمعاني: كان صالحًا، خيّرًا، سمع: هبة الله بن أحمد البرويي، والقاضي أبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد، وغيرهما.

روى عنه أبو المظفّر ابن السمعاني، وقال: توفي بنيسابور في ربيع الأول.

283 -

‌ علي بن أحمد بن محمد بن محمد

، أبو الحسن البغدادي، الأحدب، المؤدب، المقرئ.

قال أبو سعد: شيخ، صالح، فاضل، عارف بالأدب، دخلت مكتبه وذاكرتُه، فقال: سمعت من رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، ولكن أصولي نُهبت، فعلّقت عنه شِعرًا، وقال: ولدت سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر شعبان سنة خمس هذه.

284 -

‌ علي بن دُبيس الأسدي

، أمير العرب، وصاحب الحِلة.

كان شجاعًا، جوادًا، ممدَّحًا، كبير الشأن، يقال إنه سُقي السم، وقيل: مات بالقولنج، وولي بعده ابنه مهلهل.

285 -

‌ علي بن أبي سعد بن حسين

، أبو الحسن البغدادي، الأقراصي، الحلاوي.

ص: 878

شاب صالح، ديّن، خيّر، عابد، روى عن جعفر السرّاج.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه أحاديث، وتوفي في ربيع الأول.

286 -

عمر بن عيّاد بن أيوب، أبو حفص اليحصُبي، الشُريشي.

حج، وسمع: أبا عبد الله الرازي بالإسكندرية، ورزين بن معاويه بمكة، حدّث عنه: أبو بكر بن خير بتجريد الصحاح لرزين، وحدّث عنه: عبد الحق الإشبيلي، وأبو عبد الله بن حُميد بالإجازة، وتوفي في ذي الحجة، قاله الأبّار.

287 -

‌ عمر بن محمد بن طاهر

، أبو حفص الفرغاني، التركي.

شيخ صالح، نزل فاشان، إحدى قرى مرو، سمع ببخارى: بكر بن محمد الزرنجري، وبمرو: المؤمّل بن مسرور، وحدّث.

288 -

‌ فاطمة بنت محمد بن عبد الله

، أم الفتوح القيسية الأصبهانية.

صالحة، خيّرة، معمرة، كتب عنها السمعاني، وقال: سمعت من عائشة بنت الحسن الوركانية، ماتت في رمضان.

289 -

‌ فضل الله بن جعفر

، السيد أبو المعالي الحسني، المروروذي.

ارتحل إلى بلخ، وسمع مسند الهيثم الشاشي من أبي القاسم أحمد بن محمد الزيادي، وكان زاهدًا، خيّرًا، مات في رمضان.

روى عنه بالإجازة أبو المظفر ابن السمعاني.

290 -

‌ محمد بن أحمد بن أميركا

، أبو عبد الله الجيلي، نزيل الدواليب على وادي مرو.

شذا طرفا من الفقه، وسمع من: أبي المظفّر ابن السمعاني، ومحمد بن إسماعيل بن عبيد الله المؤدّب، ومولده بمرو في سنة سبعين وأربعمائة، وتوفي في نصف المحرّم.

ص: 879

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وغيره.

291 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن تولة

، أبو بكر الأصبهاني، القصّاب.

روى عن جده أبي بكر عبد الواحد، وإبراهيم بن عمر بن يونس، روى عنه أبو موسى المديني، وقال: مات في جمادى الأولى، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

292 -

‌ محمد بن أبي بكر بن ريحان

، أبو الفتح الهروي، الدلال، النشّائي، الزمِن.

كانت له عجلة يركبها ويسيّرها إما بنفسه أو بغيره.

سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، ومحمد بن علي العُميري، وتوفي في هذه السنة أو في سنة ست.

293 -

‌ محمد بن الحسن بن تميم بن الحسن بن محمد

، أبو عبد الله بن أبي غسان الطائي، الزوزني.

أحد المشهورين بالعلم والأدب، حدّث بنيسابور، وبغداد عن: محمد بن عبد الرحمن الخطيبي الزوزني، الراوي عن الحسن بن أحمد المَخلدي، وحدّث عن أبي بكر بن خلف، وأبي القاسم الحسن بن محمد الخوافي، وأملى مجالس، وله شِعر جيد.

وقد سمع منه أبو المعمّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

قال أبو سعد: قال لي ابن عساكر: ما رأيت له أصلا يفرح به، أخرج إلي أوراقا بخطه. قال أبو سعد: ولم يكن حسن السّمت.

قرأنا على أحمد بن هبة الله، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم، قال: أنشدنا أبو عبد الله بن أبي غسان لنفسه من لفظه:

ص: 880

سرّي وسني بعد الشيب قد بطلا والعينُ والأنفُ من وجد به انهملا ورعشةٌ لزمت نفسي بجُملتها وطرشة صيّرتني في الورى مثلا ولستُ أزعم أن الشيب يظلمني بعد الثمانين، لا والله، قد عدلا توفي في غرة المحرم، وهو في عشر التسعين، فإنه ولد في أول سنة تسع وخمسين.

294 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن حمدون

، الأديب أبو نصر.

من كتّاب الإنشاء ببغداد، وله شِعر ورسائل، روى عن أبي عبد الله ابن البُسري، وعنه: المبارك بن كامل.

مات في ذي الحجة، وله ثمان وخمسون سنة.

295 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر

، أبو بكر بن أبي حامد الدينوري، ثم البغدادي، البيّع، من أهل باب المراتب.

قال أبو سعد: كان من أولاد المياسير، وكان شيخًا متوددًا، مطبوعًا، كيّسًا، غير أنه يلعب بالحمام، سمع: أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وابن طلحة النعالي، سمعتُ منه أجزاء، وقال لي: ولدت في المحرّم سنة خمس وسبعين.

قلت: فيكون سماعه من أبي نصر حضورًا.

روى عنه ابن أخيه محمد بن هبة الله شيخ الأبرقوهي، وغير واحد، وتوفي في ثالث وعشرين المحرّم.

296 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن دوست

، أبو عمر النيسابوري، الحاكم.

ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع: أبا المظفر موسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأحمد بن محمد بن صاعد، وأبا تُراب عبد الباقي بن يوسف، وحدّث بمرو.

قال أبو سعد: كان من بيت الحديث، وسكن مدة سرخس، وكانوا

ص: 881

يقعون فيه، ويسيؤون الثناء عليه، بكونه على أبواب القضاة، وأنه يزوّر، لكن سماعه صحيح، توفي في ثاني عشر رمضان.

قلت: روى عنه هو، وابنه عبد الرحيم، وغيرهما.

أخبرنا أحمد ابن عساكر، عن ابن السمعاني، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا موسى بن عمران، قال: أخبرنا أبو الحسن العلوي، قال: حدثنا أبو حامد ابن الشرقي، فذكر حديثًا.

297 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة

، أبو بكر القرطبي، أحد رؤساء البلد.

أكثر عن أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وأجاز له أبو عبد الله بن فرج.

وكان فاضلًا، سريًا، عالي القدر، متصاونًا، طويل الصلاة، كثير الذكر، مسارعًا في الخيرات، توفي في جمادى الأولى، قاله ابن بشكوال.

298 -

‌ المبارك بن أحمد بن بركة

، أبو محمد الكندي، البغدادي، الخبّاز.

شيخ صعلوك، ديّن، يخبز بيده ويبيعه، سمع الكثير مع عبد الوهاب الأنماطي، سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وطِراد بن محمد، وولد سنة ست وستين وأربعمائة.

روى عنه أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وجماعة، وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، وغيره، وتوفي في خامس شوال.

299 -

‌ محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسين بن صصرى

، أبو البركات التغلبي، الدمشقي، من رؤساء البلد وأعيانهم.

ولد في حدود سنة خمس وستين وأربعمائة، وعاش ثمانين سنة، وسمع سنة ست وثمانين من نصر بن أحمد الهمذاني، جزءًا، رواه عنه أبو القاسم بن

ص: 882

عساكر، وقال: توفي في ذي الحجة، ودُفن بباب توما.

وقال حمزة التميمي: كان مشهورًا بالخير والعفاف، وسلامة الطبع.

300 -

‌ محمود بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن أحمد

، أبو الفتوح الأصبهاني، الحدّاد جدّه، البيّع، أخو أبي عبد الله.

سمع من: جده، ورزق الله التميمي، سافر إلى ديار مصر في طلب مال ورثه من بعض أقاربه، روى عنه أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في غرة صفر.

301 -

‌ مساعد بن أحمد بن مساعد أبو عبد الرحمن الأصبحي

، الأندلسي، الأوريولي، المعروف بابن زعوقة.

روى عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطّبري صحيح مسلم، وسمع في رحلته من جماعة، وبالأندلس من: أبي عمران بن أبي تليد، وأبي عليّ الصّدفي، وسمع الناس منه لعلوّ سنده.

قال الأبّار: وكان من أهل المعرفة، والصّلاح، والورع، روى عنه عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن بشكوال، وغفل عن ذكره في الصلة، وأبو الحجاج الغرناطي، وكان مولده في سنة ثمان وستين وأربعمائة.

302 -

‌ مُكرَم بن حمزة بن محمد بن أحمد بن أبي جميل

أبو المفضّل ابن أبي الصّقر القُرشي، الدمشقي.

سمع: أبا الحسن ابن الموازيني، وحدّث باليسير.

قال ابن عساكر: كان يدخل في العمالات، ولم يكن مرضيًا.

قلت: وفي هذه السنة كانت وفاته بدمشق، وهو عمّ نجم الدين مُكرم شيخ شيوخنا.

303 -

‌ نابت بن مُفرّج بن يوسف أبو الزهر الخثعمي

، الشاعر البلنسي، نزيل مصر.

ص: 883

تفقّه بها على مذهب الشافعي، وله شِعر في الذّروة.

ورّخ السلفي موته في رجب بمصر سنة خمس.

304 -

‌ يحيى بن أحمد بن بقي أبو بكر الطُليطلي

، ثم الإشبيلي.

قال الأبّار: كان يتقدّم أدباء عصره تفننًا في الآداب وتصرفًا في النّظم، روى عنه أبو بكر عبد الله بن طلحة، ومحمد بن جابر.

305 -

‌ يحيى بن عبد الغفار بن عبد المنعم بن إسماعيل أبو الكرم الدمشقي

، الخاطب.

سمع ببغداد من رزق الله التميمي كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله.

روى عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى وهو آخر من روى عنه، وسماعه منه في رجب من هذه السنة.

ص: 884

سنة ست وأربعين وخمسمائة

306 -

‌ أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن محمد بن قفرجل

أبو محمد القطّان، المقرئ، أخو أبي القاسم أحمد، وكان أبو محمد الأصغر.

سمع من: طِراد، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي، روى عنه المبارك بن كامل، وأحمد بن طارق الكركي.

مات في شوال.

307 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عثمان الحسين

بن عثمان أبو المعالي ابن المَذاري.

ولد في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم ابن البُسري، وأبا عليّ ابن البنّاء الفقيه، وقال: إنه سمع من أبي الحسين ابن النقور، وكان محله الصدق، وهو رجل من أهل البيوتات.

قال ابن الجوزي: كان سماعه صحيحًا، وقرأت عليه كثيرًا من حديثه.

وروى عنه أيضًا: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد ابن السمعاني، وابن سُكينة، وأحمد ابن العاقولي، وأحمد بن أزهر، وجماعة من المتأخرين، وتوفي الثامن والعشرين من جمادى الأولى.

والمَذار: قرية تحت البصرة، قريبة من عبّادان، سكنها أبوه زمانًا، فنُسب إليها.

308 -

‌ أحمد بن محمد بن عبيد الله بن سهل

أبو الفتوح النيسابوري، البزّاز.

سمع من: عبد الجبار بن سعيد بن محمد البحيري، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

309 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسن بن أحمد بن سهل أبو إسحاق البلخي

، الضرير، الواعظ.

شيخ صالح من أهل العلم، قدِم بغداد، وسمع من: جعفر السرّاج، والحسن بن محمد بن عبد العزيز التككي، وأبي غالب الباقلاني، وحدّث

ص: 885

ببلخ، سمع منه: أبو علي ابن الوزير الدمشقي، وتوفي في ربيع الآخر ببلخ.

310 -

‌ إبراهيم ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن

بن محمد بن سعيد بن الفرس أبو إسحاق الداني.

حج مع والده، وقرأ عليه، وقرأ على أبي علي بن العرجاء بجميع ما في كتاب سوق العروس لأبي معشر، وفيه ألف وخمسمائة وخمسون رواية وطريقًا، وقرأ عليه جزأين ونصف من الختمة بداخل الكعبة، وذلك في سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وسمع صحيح البخاري، وتوفي في آخر السنة، قبيل أبيه بأشهر.

311 -

‌ إبراهيم بن مروان الإشبيلي

.

حج، وسمع من: ابن الحُصين ببغداد، وحدّث بإشبيلية.

312 -

‌ أنوشتكين بن عبد الله الرضواني

، البغدادي.

سمع: أبا القاسم ابن البسري، وغيره، روى عنه جماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام، وروى عنه بالإجازة ابن أبي لقمة.

313 -

‌ جعفر بن محمد بن يوسف أبو الفضل الشّنتمري

.

ولي قضاء شنتمرية، روى عن أبيه، عن جده أبي الحجاج يوسف الأعلم جميع رواياته وتصانيفه، روى عنه أبو محمد بن عبيد الله، وابن خير. وكان فقيهًا، مُشاوَرًا، مفتيًا، كاتبًا، شاعرًا، استُشهد بشنتمرية.

314 -

‌ الجُنيد بن يعقوب بن حسن

، أبو القاسم الجيلي، الفقيه، الحنبلي.

ولد بجيلان، واستوطن بغداد، تفقّه وتأدّب، وكتب العلم، وسمع: رزق الله التميمي، وأبا الحسن الهكّاري.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، مات في جُمادى الآخرة.

ص: 886

315 -

‌ جرخي الإفرنجي وزير الملك رُجّار المتغلّب على مملكة صقلية

.

كان بطلًا شجاعًا، من دُهاة النّصارى، سار في البحر وأخذ المهدية من المسلمين، ثم سار في البحر بالجيوش، فحاصر القسطنطينية، ودخل فم الميناء، وأخذ عدة شواني، ورمى أصحابه بالنشّاب في قصر الملك، وجرت له مع صاحب القسطنطينية عدة حروب يُنصر في جميعها على ملك القسطنطينية، وكان لا يُصطلى له بنار، فهلك بالبواسير والحصى في سنة ست هذه، وفرح الناس لموته، ولله الحمد على هلاكه.

316 -

‌ الحسن بن محمد بن الحسين أبو علي الراذاني

، نزيل بغداد.

سمع من: المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، وتفقّه على: أبي سعيد المخرّمي، ووعظ، وسمع الكثير، وتوفي فجأة في رابع صفر.

317 -

‌ الحسين بن إسماعيل بن الحسين بن علي

أبو عبد الله ابن العماني، النيسابوري.

شيخ صالح، من بيت الحديث، سمع: أبا القاسم الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله بن أبي الصهباء، روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

وتوفي في العشرين من المحرّم.

وروى عنه عمر العليمي، والمؤيّد الطوسي، والقاسم الصفّار.

318 -

‌ الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن حمدي أبو عبد الله الخِرَقي

، الشاهد.

سمع أبا عبد الله النعالي، وحدّث، وتوفي في ذي القعدة.

ص: 887

319 -

‌ خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر

بن محمد بن محمد أبو نصر النيسابوري، الشحّامي.

سمع: عبد الجبار بن سعيد بن محمد البحيري، وأبا عليّ نصر الله الخُشنامي، روى عنه أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: توفي في المحرّم، ودُفن عند الشّحّاميين.

320 -

‌ زيد بن الرضا بن زيد أبو محمد الهاشمي

، الجعفري، الأصبهاني.

سمع: عبد الوهاب بن منده، وطرادا الزينبي، أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة.

321 -

‌ سعد بن محمد بن محمود ابن المشّاط

أبو الفضائل الرازي، المتكلم، الواعظ.

قال أبو سعد السمعاني: له يدٌ باسطة في علم الكلام، وكان يذبّ عن الأشعري، وله قوة في الجدال، وكان يعظ ويتكلم في مسائل الخلاف، لقيته بالري، وكان يلبس الحرير، ويخضِب بالسواد، ويحمل معه سيفًا مشهورًا، وسمعت أن طريقته ليست مرضيّة، سمع من أبيه حلية الأولياء، بسماعه من أبي نُعيم، وسمع من: أبي الفرج محمد بن محمود القزويني، وقال لي: ولدت سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وتوفي بالري في خامس عشر رمضان.

322 -

‌ سعيد بن أبي بكر بن أبي نصر ابن الشعري النيسابوري

.

سمع: عثمان بن محمد المَحمي، وأبا بكر بن خلف، وعنه: أبو المظفّر عبد الرحيم السمعاني.

توفي في صفر.

323 -

‌ شجاع بن علي بن حسن أبو المظفّر الشجاعي

، السرخسي، البنّاء.

رجل صالح، وهو أصغر من أخويه عبد الصمد، والحسن، سمع: محمد

ص: 888

ابن عبد الملك المظفّري، وأحمد بن عبد الرحمن الدّغولي، مولده قبل السبعين.

أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات فجأة في شوال سنة ست وأربعين.

324 -

‌ شُكر بن أبي طاهر أحمد بن حمد بن أبي بكر

أبو زيد الأبهري، الأصبهاني، المؤدّب، الأديب.

سمع: أبا عبد الله الثقفي، الرئيس، وتوفي في ذي القعدة.

325 -

‌ صافي أبو الفضل

، مولى ابن الخرقي.

بغدادي، مقرئ، مجوّد، صالح، متعبّد، وله إسناد عالٍ في القراءات، فإنه قرأ على رزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، وسمع: مالك بن أحمد البانياسي، وغيره، واحترقت كتبه.

قال السمعاني: سمعته يقول: سلوا القلوب عن المودات، فإنها لا تقبل الرّشا، سمعتُ منه أحاديث، وتوفي أظن في سنة ست وأربعين، ولم يبق إلى سنة سبع.

326 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عمروس أبو محمد الشلبي

، الأندلسي، المالكي.

كان فقيهًا، حافظًا، مشاوَرًا، لغويًا، فاضلًا. سمع: أبا الحسن بن مُغيث، وأبا بكر بن العربي.

327 -

‌ عبد الله بن خلف بن بقي القيسي

، البيّاسي، أبو محمد.

أخذ القراءات عن: ابن البيّاز، وابن الدوش، وحج فلقي ابن الفحّام، وبمكة عبد الله بن عمر بن العرجاء صاحب ابن نفيس، وعبد الباقي بن فارس، فحمل عنهم القراءات، وبرع فيها وتصدّر ببلده، وتلا عليه: أبو بكر محمد بن حسنون، وغير واحد، وكان زاهدًا، صالحًا، مجاهدًا، توفي بعد الأربعين.

ص: 889

328 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو سعيد الرازي

، الحصيري، الضرير.

سمع سنن ابن ماجه من أبي منصور محمد بن الحسين المقوّمي، وسمع: واقد بن الخليل القزويني، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وعبد الواحد بن إسماعيل الرويانيّ الفقيه، وجماعة سواهم، روى عنه أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم ابن عساكر.

وكان فقيهًا، صالحًا، خيّرًا، وروى عنه المؤيَّد الطوسي بالإجازة، توفي في شوال، وله أربع وثمانون سنة.

329 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد

بن عبد الواحد بن أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، واسمه الحسين بن أبي القاسم السُلمي: أبو الحسين الدمشقي، خطيب دمشق.

سمع: جده أبا عبد الله، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي، وابن الفرات، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو اليُمن الكندي، وغيرهم، وتوفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وثمانون سنة، وخطب بعده ابنه الفضل.

وروى عنه أبو سعد السمعاني فقال: شيخ، صالح، سليم الجانب، سديد السيرة: سمعتُ منه أجزاء، ودخلت داره المليحة، ورأيت نعل النبي صلى الله عليه وسلم معه، ودُفن بمقبرة باب الصغير.

330 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور أبو النضر الفامي

، الحافظ الهروي.

ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهَراة.

قال أبو سعد السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الطريقة، دمث الأخلاق، كثير الصدقة والصلاة، دائم الذِكر، متوددًا، متواضعًا، له معرفة بالحديث والأدب، يُكرم الغرباء، ويفيدهم عن الشيوخ، سمع: أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عبد الله العُميري، ونجيب بن ميمون

ص: 890

الواسطي، وأبا عامر الأزدي، وورد بغداد حاجًا، فسمع من ابن الحُصين، وهبة الله ابن البخاري، كتبتُ عنه بهرَاة ونواحيها، وكان ثقة، مأمونًا، مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة.

قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، وأبو رَوح الهروي، وجماعة، وجمع تاريخا لهراة، وليس بمستوعب، ولقبه: ثقة الدين.

331 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أبي سعيد أبو سعيد القايني

، النيسابوري، المقرئ، مقدم القرّاء، وشيخهم، وإمامهم.

قرأ على الإمام أبي الحسن الغزّال وتلمذ له، وخدمه مدّة.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا، كثير العبادة، وعُمِّر حتى رحلوا إليه في علم القراءات، وظهر له أصحاب وتلامذة، وقد سمع من: المعتز بن أبي مسلم البيهقي، وأبي بكر محمد بن المأمون بن علي المتولي، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله الخشنامي، ولد في رجب سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وكان أبوه من قاين.

روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وتوفي في شوال أو ذي القعدة رحمه الله تعالى.

332 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم أبو القاسم الغسّاني

، الدمشقي، السمسار.

كان رجلًا خيّرًا، روى عن الفقيه المقدسي، روى عنه ابن عساكر، وابنه القاسم، توفي في ربيع الآخر.

333 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن سهل بن المحب أبو البركات النيسابوري

.

نظيف، ظريف، متودد، سمع: أبا الحسن المديني، وعبد الغفّار الشيرويي، وأبا سعيد القُشيري، وعمر الرواسيّ الحافظ، وحدّث.

مات في ثالث ذي القعدة في ذكر وخير، وله ستون سنة.

334 -

‌ عبد الفتاح بن أميرجة بن أبي سعيد الصيرفي

، الهروي، أبو الفتح، نزيل مرو.

ص: 891

شيخ صالح، بهي المنظر، سمع من: أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، روى عنه ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.

وتوفي في غرة رمضان.

335 -

‌ عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي

، أبو المكارم، ابن ابن أخي نظام المُلك.

كان محتشمًا، بذولًا، كريمًا، من رجال العلم، سمع: علي بن أحمد المديني، وعبد الغفار الشيرويّي، توفي بطوس في رجب. وقد كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

336 -

‌ علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة أبو الحسن العقيلي

، الحلبي، المعروف بالأنطاكي لسُكناه بحلب عند باب أنطاكية.

ذكره ابن السمعاني فقال: غزير الفضل، وافر العقل، دمث الأخلاق، له معرفة بالأدب، والحساب، والنجوم، وله خط حسن، رأيته بحلب، وقد قدم بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وكتب عن جماعة، وسمع بحلب من: عبد الله بن إسماعيل الحلبي، وهو أجود شيخ له، وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيّوس، وقرأتُ عليه الأجزاء في منزله، وعلّقت عنه قصائد، وخرجت من عنده يومًا فرآني بعض الصالحين، فقال: أين كنت؟ قلت: عند أبي الحسن بن أبي جرادة، قرأتُ عليه شيئًا من الحديث، فأنكر عليّ وقال: ذاك يُقرأ عليه الحديث؟ قلت: هل هو إلا متشيّع يرى رأي الحلبيين، فقال: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم، ويرى رأي الأوائل، قال: وسمعت بعض الحلبيين بدمشق يتّهمه بمثل هذا، وقال أبو الحسن: ولدت في سنة إحدى وستين وأربعمائة، توفي ظنًا سنة ست وأربعين.

قال: وقرأت عليه الموطّأ لابن وهب بروايته عن أبي الفتح بن الجلي عبد الله بن إسماعيل، عن أبي الحسن ابن الطيوري، عن القاضي أبي محمد

ص: 892

الصابوني، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عنه.

337 -

‌ علي بن عبد العزيز بن عبد الله ابن السّمّاك

.

سمع: أبا نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان شويخا، حنبليا، جلدا، متحركا، صالحا، لا بأس به، حريصا على السماع، وكان يحضر معنا مجالس الحديث، ويسمع على كبر السن، قال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة.

وقال ابن الجوزي: كان ثقة من أهل السنّة الجياد، روى لنا عن أبي الفضل بن الطيب.

قلت: وروى عنه عبد الخالق بن أسد، وعبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن المبارك، وجماعة.

وتوفي في شوال.

338 -

‌ علي بن محمد بن محمد بن الحسين ابن الفراء

أبو الفرج بن أبي خازم ابن القاضي أبي يَعلى الحنبلي.

سمع أبا عبد الله النعالي فمن بعده، وتوفي في ثاني عشر رمضان، وصلى عليه ولده القاضي أبو القاسم عبيد الله.

كتب عنه ابن السمعاني أحاديث.

339 -

‌ علي بن مرشد بن علي بن مقلَّد بن نصر بن منقذ عز الدولة

، أبو الحسن الكناني، الشيزري.

ولد بشيزر، وكان أكبر إخوته، في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وكان ذكيًا، شاعرًا، جنديًا، دخل بغداد، وسمع من: قاضي المرستان أبي بكر، وغيره.

وله إلى أخيه أسامة:

لقد حمل الغادون عنك تحية إليّ كنشر المسكِ شيب به الخمرُ فيا ساكنًا قلبي على خفقانه وطرفي وإن رواه من أدمعي بحرُ لك الخير همي مذ نأيتَ مروح وصبري غريب لا يُنهنهه الزّجر

ص: 893

ولو رام قلبي سلوةً عنك صدّه خلائقكَ الحُسنى وأفعالُك الغرّ كأن فؤادي كلما مرّ راكبٌ إليك جناحٌ رام نهضًا به كسرُ استُشهد عز الدولة بعسقلان في هذا العام.

340 -

‌ علي بن هبة الله بن علي بن زهمويه

أبو الحسن الأزجي.

سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا جعفر محمد بن أحمد البخاري قاضي حلب.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان له تقدّم وثروة، وسماعه صحيح، توفي في سادس ذي القعدة.

341 -

‌ علي بن يحيى بن رافع بن العافية أبو الحسن النابلسي

، المؤذّن بمنارة باب الفردايس.

سمع أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وجماعة.

روى عنه القاسم ابن عساكر، ووالده، وقال: كان ملازمًا للحضور في حلقتي، وسقط من المنارة في جمادى الآخرة، فبقي ثلاثة أيام ومات.

342 -

‌ عمر بن علي بن الحسين بن أحمد

بن محمد بن أبي ذر أبو سعد المحمودي، الطالقاني، ثم البلخي.

ولد ببلخ سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وسمع الحافظ أبا علي الحسن بن علي الوخشي، ومنصور بن محمد البِسطامي، وغيرهما، وهو آخر من حدّث عنهما.

قال ابن السمعاني: كان فاضلًا، عالمًا، صالحًا، كثير التهجّد والعبادة، لطيف الطبع، توفي في أواخر رمضان.

قلت: وأجاز لعبد الرحيم ابن السمعاني، وروى عنه الافتخار الهاشمي، وغيره.

ص: 894

343 -

‌ الفرج بن أحمد بن محمد ابن الخراساني أبو علي البغدادي

، الحريمي، ويُعرف بابن الإخوة.

قال ابن السمعاني: شاب فاضل، ديّن، له معرفة كاملة باللغة والآداب، سمع أبا الحسين ابن الطيوري، وأبا الحسن ابن العلاف، كتبت عنه، وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة.

344 -

‌ محمد بن أحمد بن الفضل الإمام أبو بكر المهرجاني

، الإسفراييني، البيّع.

فقيه، صالح، سمع: الحسن بن أحمد السمرقندي، وعبد الواحد ابن القشيري، وغيرهما، وولد سنة سبعين وأربعمائة، وخرج ليحجّ فتوفي بالكوفة في ذي القعدة.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه جزءًا، قال: أخبرنا الحسن السمرقندي، قال: أخبرنا منصور بن نصر الكاغدي، فذكره.

345 -

‌ محمد بن أحمد بن عمر بن بكران أبو الفتح الأنباري

، ابن الخلال، إمام جامع الأنبار.

قرأ الحديث على أبي الحسن الأنباري، الأقطع، وسمع من أبي طاهر بن أبي الصقر، وكان مولده سنة خمس وستين وأربعمائة، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن النفيس الأنباري، وغيره.

346 -

‌ محمد بن أحمد بن مكي بن الغريب أبو السعادات المقرئ

، الضرير.

كان طيب الصوت، عارفًا بالألحان، مشهورًا، سمع: أبا نصر الزينبي، توفي في جمادى الآخرة.

347 -

‌ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن هشام أبو عبد الله الخزرجي

، الأنصاري، الجيّاني، المعروف بالبغدادي لسُكناه بها.

أخذ عن أبي علي الغساني، وحجّ ودخل بغداد ولقي إلكِيا أبا الحسن، وأبا بكر الشاشي، وأبا طالب الزينبي.

وكان فقيهًا، مشاوَرًا، فاضلًا، حدّث عنه: أبو عبد الله النميري، وأبو

ص: 895

محمد بن عبيد الله الحجري، وأبو عبد الله بن حُميد، وعبد الرحمن بن الملجوم، وغيرهم، ومولده في سنة سبعين وأربعمائة، وتوفي بفاس في ذي الحجة، وكان قد قدِمها، وحدّث بها.

348 -

‌ محمد بن إدريس بن عبيد الله أبو عبد الله البلنسي

، المخزومي.

لقي أبا الوليد الوقشي ولازمه، وصحب أبا محمد الركلي، وأبا عبد الله بن الجزار، وسمع من عبد الباقي بن بزال، وخُليص بن عبد الله.

قال الأبّار: كان متحققًا بالحديث، واللغة، والأدب، روى عنه أحمد بن سليمان، وعلي بن إدريس الزناتي، وأبو محمد بن سفيان.

349 -

‌ محمد بن أسعد بن علي بن الموفق أبو الفتح الهروي

.

سمع: محمد بن نصر السامي، وغيره.

كتب عنه: السمعاني.

350 -

‌ محمد بن إسماعيل بن أميرك بن أميرك بن إسماعيل

بن جعفر بن القاسم بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي السيد أبو الحسن العلوي، الحسيني، الهروي.

قال ابن السمعاني: كان عالمًا زاهدًا، كثير الخير، سنيًا، حسن السيرة، سمع: شيخ الإسلام، وأبا عطاء الجوهري، وأبا سهل الواسطي، سمعتُ منه الكثير بهَراة، ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي بهراة في ذي القعدة.

قلت: أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن أميرك الحسيني، قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي، فذكر حديثًا.

ص: 896

351 -

‌ محمد بن الحسن بن أبي قُدامة

، الأمير أبو قُدامة القرشي، الهروي.

صدر معظّم، سمع إسماعيل بن عبد الله الخازمي، ونجيبا الواسطي، أخذ عنه: السمعاني.

كان مولده في رجب سنة سبعين.

352 -

‌ محمد بن زيادة الله

، أبو عبد الله ابن الخلال المُرسي، والد القاضي أبي العباس.

قال الأبّار: سمع من أبي علي بن سُكّرة، وكان شيخًا جليلًا خيرا معظّمًا، توفي في ذي القعدة.

*- محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي.

مرّ سنة ثلاث وأربعين.

353 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد

، العلامة أبو عبد الله البخاري، الواعظ المفسّر.

قال السمعاني: كان إمامًا متفننًا، قيل: إنه صنّف في التفسير كتابًا أكثر من ألف جزء، وأملى في آخر عمره عن: أبي نصر أحمد بن عبد الرحمن الريغذموني، ولكنه كان مجازفًا متساهلًا، مات في جمادى الآخرة، كتب إليّ بالإجازة.

354 -

‌ محمد بن عبد الخالق بن عزيز بن أحمد

، أبو النور المُضري، الأصبهاني.

سمع حضورًا من أبي عمرو بن منده، مولده في حدود سنة سبعين، أخذ عنه: السمعاني.

355 -

‌ محمد بن محمد بن حسين بن صالح

، العلامة زين الأئمة، أبو الفضل البغدادي، الفقيه الحنفي الضرير.

ص: 897

سمع: أبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر أحمد بن الحسن الكرخي، وغيرهما، وعنه: ابنه إسماعيل، ويوسف بن المبارك الخفّاف.

وكان من كبار الحنفية، درّس بمشهد أبي حنيفة نيابةً عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، ثم درّس بالغياثية، وكان صالحًا، ديّنًا، توفي في ربيع الأول.

356 -

‌ محمد بن الموفق بن محمد

، أبو الفتح الجرجاني.

عدل عالم، سمع: العميري، ونجيب بن ميمون، وعنه: ابن السمعاني.

357 -

‌ منصور بن حاتم

، أبو القاسم الهروي.

رجل صالح، سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا عطاء الجوهري، كتب عنه السمعاني، وقال: توفي بهراة في شعبان.

358 -

‌ نصر الله بن منصور بن سهل

، أبو الفتوح الدويني الجَنزي، ودُوين: بُليدة من آخر بلاد أذربيجان من جهة الروم.

كان فقيهًا، صالحًا، مستورًا، لقبه: كمال الدين، قدم بغداد وتفقّه بها بالنظامية على أبي حامد الغزالي، وسمع بنيسابور من: أبي الحسن المديني، وأبي بكر أحمد بن سهل السرّاج، وعبد الواحد ابن القشيري، وغيرهم.

وحدّث ببلخ، كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: مات ببلخ في أواخر رمضان، وقد انتخبتُ عليه جزأين.

359 -

‌ نوشتكين بن عبد الله الرضواني

، مولى أبي الفرج محمد بن أحمد بن عبد الله بن رضوان المراتبي.

قال السمعاني: شيخ صالح متودد، كثير الذكر، أصابته علة أقعدته في بيته، قرأت عليه الجزء الثالث من انتقاء البقّال على المخلّص، وكان يكتب اسمه أنوشتكين بألف، سمع: أبا القاسم ابن البُسري، وعاصم بن الحسن، وغيرهما.

روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي،

ص: 898

والفتح بن عبد السلام، وبالإجازة أبو منصور بن عُفَيجة، وأبو القاسم محمد بن أبي لقمة، وغير واحد، وقد سمع أيضًا من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وقع لنا الجزء الأول من فوائده، وتوفي في سادس عشر ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة.

قرأتُ على محمد بن علي الواسطي: أخبركم محمد ابن السيد الأنصاري سنة اثنتين وعشرين وستمائة، بالمزّة، قال: أخبرنا نوشتكين الرضواني في كتابه، قال: أخبرنا علي بن أحمد البُندار سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا شُجاع بن مَخلد، قال: حدثنا هُشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: نُهينا أن يبيع حاضرٌ لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه.

رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن هُشيم، وسقط من سماعنا لفظة: عن، بين يونس وابن سيرين.

360 -

‌ هبة الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوزان

، أبو الأسعد القشيري، النيسابوري، خطيب نيسابور، وكبير القشيرية في وقته.

قال أبو سعد السمعاني: كان يرجع إلى فضل وتمييز، ومعرفة بعلوم القوم، ظريف، حسن الأخلاق، متودد، سليم الجانب، ورد بغداد حاجًا، وسمع جزء ابن عرفة من ابن بيان، وسمع حضورًا من: جدته فاطمة بنت الدقاق، وأبيه، وعمّيه: أبي سعد، وأبي منصور؛ وأبي صالح المؤذن، وأبي نصر عبد الرحمن بن علي التاجر، وأبي سهل الحفصي، ومحمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبي بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي الفتح نصر بن علي الحاكمي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وطائفة سواهم.

قلت: وحدّث بمُسند أبي عوانة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، عن أبي نُعيم الإسفراييني، عنه، وسمع سنن أبي داود، من نصر

ص: 899

الحاكمي، وصحيح البخاري من أبي سهل الحفصي.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر عبد الرحيم، وأبو القاسم ابن عساكر، والمؤيد بن محمد الطوسي، والمؤيد بن عبد الله القشيري، والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفّار، وسمعا منه مسند أبي عوانة، وأبو روح المطهّر بن أبي بكر البيهقي، وأبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري، وآخرون.

ومولده في العشرين من جُمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة، وسمع في الخامسة من جده أبي القاسم، وأملى مجالس كثيرة، ولم يقل في شيء منها ولا في الأربعين السباعيات: أخبرنا جدي حضورًا.

وقد سمع أيضًا من: الزاهد عبد الوهاب بن عبد الرحمن السُلمي، والسيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي، وأبي سعد عبد الرحمن بن منصور بن رامِش، وإسماعيل بن عبد الله الخشّاب، وشبيب بن أحمد البستيغي، وروى بالإجازة عن: أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وغيره، وسماعه لصحيح البخاري في سنة خمس وستين وأربعمائة من الحفصي، عن الكُشميهني، وكان أسند من بقي بخُراسان وأعلاهم رواية.

قال أبو سعد: وكانت الرحلة إليه، وظهر به صمم، ومع ذلك كان يسمع إذا رفع القارئ صوته، وسمعت أصحابنا يقولون: إنه ادعى سماع الرسالة من جده، وما ظهر له عن جده إلا أجزاء من حديث السرّاج، ومجالس من أماليه، وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة، توفي في ثالث عشر شوال، ودُفن من الغد.

أخبرنا أحمد بن هبة الله قال: أنبأنا إسماعيل بن عثمان النيسابوري، قال: حدثنا أبو سعد هبة الرحمن إملاءً، قال: أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المَخلدي، قال: حدثنا المؤمّل بن الحسن الماسرجسي، قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال: حدثنا بكر بن بكّار، عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جُعل قاضيًا فقد ذُبح بغير سكين.

تفرّد به بكر، وليس بحجة.

361 -

‌ يحيى بن أحمد بن بدر

، أبو القاسم الموصلي.

ص: 900

سمع: ابن طلحة النعالي، والطريثيثي، وعنه: أبو محمد ابن الخشّاب.

362 -

‌ يحيى بن المظفّر بن محمد

، أبو المواهب الكاتب.

سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا منصور بن عبد العزيز العُكبري، وعنه: أبو شجاع بن المقرون.

مات في ربيع الآخر، وله ستٌ وثمانون سنة.

363 -

‌ يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرُّه

، الحافظ أبو الوليد ابن الدبّاغ اللخمي الأندلسي الأُندي، نزيل مُرسية.

قال ابن بشكوال: روى عن أبي علي الصدفي كثيرًا، ولازمه طويلًا، وأخذ عن جماعة من شيوخنا، وصحبنا عند بعضهم، وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث، وأسماء الرجال، وأزمانهم، وثقاتهم، وضُعفائهم، وأعمارهم، وآثارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم، ولقاء الشيوخ، لقي منهم كثيرًا، وكتب عنهم، وسمع منهم، وشوور في الأحكام ببلده، ثم خطب به وقتًا، وقال لي: مولده في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

قلت: روى عنه ابن بشكوال، والوزير أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التُجيبي البلنسي، وأحمد بن أبي المطرِّف البلنسي، وأحمد بن سلمة اللورقي، ومحمد ابن الشيخ أبي الحسن بن هُذيل، وآخرون، وله جزء صغير في تسمية طبقات الحفاظ، وعاش خمسًا وستين سنة، رأيت برنامجه، وفيه كتب كثيرة من مروياته.

364 -

‌ يوسف بن عمر الحربي

، الزاهد العابد، أبو يعقوب المقرئ، والد يعقوب وعبد المحسن.

زاهد ورع، قوّال بالحق، بقية سلف، روى عن: أحمد بن عبد القادر بن يوسف، روى عنه: أحمد بن طارق، وعمر بن أحمد المقرى، وغيرهما.

قال مرة: ما يعرف المتكبّر إلا متكبر مثله.

مات في ذي الحجة.

قلت: يمكن أن يعرفه بأنه كان متكبرًا وتاب.

ص: 901

سنة سبع وأربعين وخمسمائة

365 -

‌ أحمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبي دلَف الفقيه

، أبو دلف الطوسي الزراني، وزران: على فرسخين من طوس.

فقيه، إمام، عارف بالمذهب، حسن السيرة، سمع: أبا منصور محمد بن علي الكراعي، ويحيى بن علي الحلواني، وتوفي كهلًا في أواخر رجب.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني.

366 -

‌ أحمد بن جعفر بن عبد الله بن جحاف

، أبو محمد المعافري، البلنسي.

سمع من: أبي داود المقرئ، وأبي علي بن سكّرة، وولي قضاء بلنسية، وحُمدت سيرته.

وكان من سروات الرجال وعلمائهم.

367 -

‌ أحمد بن عبيد الله بن الحسين

، أبو محمد ابن الأغلاقي، الواسطي المقرئ الزاهد.

سمع من: أبي المعالي بن شاندة، وأبي البركات أحمد بن نفيس، ونصر بن البطِر، وأحمد بن يوسف. وقرأ القرآن على أبي الخطاب بن الجراح.

وكان يقرئ الناس، ويقصد للتبرك، روى عنه: عبد الوهاب بن سُكينة.

وقد سأل السلفي خميسًا الحوزي، عن أبي محمد الآمدي هذا، فقال: متحقق بالسنّة، صاحب مسجد لا يُعاب بشيء.

وقال السمعاني: ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكتبت عنه بواسط.

قلت: مات في العشرين من شوال، وشيّعه الخلق، رحمه الله.

368 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر

، أبو الفتح الخُلمي، وخُلم بضم المعجمة: من نواحي بلخ.

تفقّه ببخارى مدة، وكان صالحًا، متصونًا، كانت إليه ببلخ التزكية،

ص: 902

وكان ينوب عن قاضيها، وحج سنة سبع عشرة، وسمع ببغداد من: أبي سعد ابن الطيوري، وسمع بمكة، وببخارى، وكان مولده سنة سبعين وأربعمائة، وتوفي في صفر.

369 -

‌ أحمد بن منير الطربلسي الشاعر

.

يأتي في سنة ثمان، وقيل: توفي سنة سبع.

370 -

‌ إبراهيم بن صالح

، أبو إسحاق ابن السمّاد المرادي الأندلسي المريي.

أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن شفيع، وعلي بن محمد البُرجي، وسمع من: أبي علي بن سكّرة، وحج وأخذ بالإسكندرية عن الطرطوشي، والرازي صاحب السداسيات، روى عنه: أبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة، وتوفي بلورقة.

371 -

‌ تمرتاش بن إيلغازي بن أُرتُق

، الأمير حسام الدين التركماني الأُرتقي، صاحب ماردين وميّافارقين.

ولي الملك بعد والده، فكانت مدته نيفًا وثلاثين سنة، وولي بعده ابنه نجم الدين ألبي، والمُلك في عقبه إلى اليوم.

372 -

‌ جامع بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي نصر

، أبو الخير النيسابوري الصوفي السقّاء الرّامي.

كان يعلّم الشبان الرمي، وكان صالحًا مستورًا، سمع: أبا سعيد محمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبا بكر بن خلف، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي، روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم ابن السمعاني، وغيرهما.

ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وتوفي سنة سبع أو ثمان وأربعين.

قال عبد الرحيم: سمعتُ منه كتاب الأمثال والاستشهادات للسلمي،

ص: 903

عن الصفّار، عن السلمي، وكتاب طبقات الصوفية، عن السلمي المصنّف، وكتاب محن مشايخ الصوفية، عن محمد بن يحيى المزكّي، عن مصنّفه السلمي.

373 -

‌ الجنيد بن محمد

، أبو القاسم القايني، نزيل هَراة.

توفي في شوال في هذه السنة، وقيل: سنة ست.

وكان إمامًا ورعًا متعبدًا، وكان شيخ الصوفية في رباط فيروزاباد بظاهر هَراة أربعين سنة، سمع بطبس أبا جعفر محمد بن أحمد الحافظ، وبأصبهان: أبا بكر بن ماجه الأبهري، وسليمان الحافظ، وبمرو: أبا المظفّر السمعاني، وأبا منصور بن شكرويه، وبهراة: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون.

قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه جماعة كتب، ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر شوال.

وقد أورده ابن النجار في تاريخه، فقال: كان فقيهًا فاضلًا محدثًا صدوقًا، موصوفًا بالزهد والعبادة، تفقه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع

ص: 904

الكثير، وحصّل الأصول، وحدّث بجميع ما سمع، سمع بقاين: الحسن بن إسحاق التوني، وبطبس: الحافظ أبا جعفر محمد بن أحمد بن أبي جعفر، وبنيسابور وهراة وأصبهان، روى عنه: ابن ناصر، وابن عساكر، وغيرهما.

374 -

‌ الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد

، أبو الفتح النيسابوري، القمّاصي، نسبة إلى بيع القُمص.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح خيّر، سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي، وعبد الواحد ابن القشيري، وببغداد أبا القاسم بن بيان.

روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وسأله عن نسبته، فقال: كان جدي يبيع القمصان، ومولدي في سنة خمس وسبعين، وقال: توفي إن شاء الله بنيسابور في سنة سبع وأربعين.

375 -

‌ رزق الله ابن الإمام أبي الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد الكرجي

، أبو معشر.

ورد بغداد مع والده، وسمع: أبا الحسن ابن العلاف، وابن بيان، وبنيسابور: عبد الغفار بن محمد الشيرويي.

مات بهراة في ربيع الآخر.

376 -

‌ سعد بن المعتز بن الفضل بن محمد

، الرئيس أبو الوفاء الإسفراييني.

من رؤساء بلده، سمع محمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وكان مولده في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

377 -

‌ سعيدة بنت زاهر بن طاهر بن محمد

، أم خلف الشحّامية.

صالحة عالمة، تفردت بأشياء، وسمّعها أبوها، وهي إن شاء الله أكبر أولاد زاهر، سمعت من جدها، ومن عبد الرحمن بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي بكر بن خلف، وولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: قيل: إنها لما مرضت كانت تقرأ سورة الكهف، فلما بلغت إلى قوله: كانت لهم جنات الفردوس نُزُلًا ماتت، وذلك في سابع رمضان.

ص: 905

قلت: روى عنها عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه.

378 -

‌ سفيان بن إبراهيم بن أبي عمرو عبد الوهاب ابن الحافظ أبي عبد الله بن منده

، أبو محمد العبدي الأصبهاني.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، كثير الصلاة، سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وجماعة، وببغداد أبا الخطاب بن البطر، وقال: قرأت عليه ثلاثة عشر جزءًا من فوائد ابن مردويه. وتوفي في ربيع الأول بأصبهان.

379 -

‌ سهل بن عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدان

، أبو القاسم السرّاج الزاهد النيسابوري، نزيل طوس.

تفقه على أبي نصر ابن القشيري، وبرع في الفقه والكلام واللغة، ثم اشتغل بالعبادة ولزم العزلة، سمع أبا الحسن علي بن أحمد المؤذن، ونصر الله الخُشنامي، وأبا علي بن نبهان، وابن بيان. قال ابن السمعاني: كتبت عنه، واغترفت من بحره، ومات وقد قارب الستين.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: ورد علينا مرو، فسمعتُ منه مُسند الشافعي، بروايته عن الخُشنامي، عن الحيري، وتوفي بالري في أول ذي القعدة.

380 -

‌ عاصم بن خلف بن محمد بن عتّاب

، أبو محمد التُجيبي، البلنسي.

روى عن: صهره أبي الحسن بن واجب، وتفقه بأبي محمد عبد الله بن سعيد الوجدي، وأخذ عن أبي محمد البطليوسي.

قال الأبّار: وكان لسِنًا فصيحًا جزلًا مهيبًا، صادعًا بالحق، مُقلًا صابرًا، غلب عليه علم الرأي، ودرس المدوّنة دهره، وتوفي في سجن بلنسية، وقد بلغ السبعين.

ص: 906

381 -

‌ عبد الله بن أبي مطيع أحمد بن محمد بن مظفّر

، أبو بكر الهروي، ثم المروزي.

قال السمعاني: كان شيخًا مسنًا جلدًا، من أولاد العلماء، سمع البخاري من أبي الخير محمد بن موسى الصفّار، وسمع من نظام المُلك أبي علي.

وولد في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في نصف صفر.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه.

382 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل

بن أحمد بن سهل بن أحمد بن عبدوس، أبو القاسم الجرجاني الشعري الصوفي ثم النيسابوري.

قال أبو سعد: كان صالحًا، مُكثرًا من الحديث، حريصًا على طلبه، يختص الشحامية ويصلي عندهم، ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكتب بخطّه عن جماعة من أصحاب الحيري مع والدي، سمع: أبا الحسن المديني، وأبا سعيد القشيري، والفضل بن عبد الواحد التاجر، وحج سنة إحدى وخمسمائة، فسمع أبا سعد بن خُشيش، وغيره، وسمع بشيراز أبا شجاع محمد بن سعدان، وجماعة، وأخرج جزءًا، وقال: سمعته من أبي نصر الزينبي، فقلت: لا تقل هذا، فإنك ما لحقته، ولعلك سمعته من أبي طالب الحسين أخيه، وقلت له: ترجع عن هذا القول؟ فكان متوقفًا في الرجوع، والظاهر أنه ما تعمّد الكذب في هذا القول، وكان قد انتقل إلى مسجد وخلا بنفسه، ولا يدخل البلد إلا في بعض الأوقات.

قلت: روى عنه أبو المظفر السمعاني، وهو والد عبد الرحيم، وزينب الشعريين.

توفي سنة سبع أو ثمان وأربعين، قاله أبو سعد.

ص: 907

383 -

‌ عبد الرزاق بن علي بن الحسين بن عبد الرزّاق

، أبو بكر الكَرماني، ثم الهمذاني.

إمام فقيه فاضل، عارف بالفقه واللغة، سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان الكاتب.

وولد بكرمان سنة ثمانين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة.

384 -

‌ عبد المعز بن عطاء بن عبيد الله المعدّل

، أبو المظفّر الهروي، الشروطي.

كان يُضرب به المثل في حُسن كتابة السجلات والوثائق، سمع: أبا سهل نجيبًا الواسطي، وأبا عطاء ابن المليحي.

توفي في خامس رجب.

385 -

‌ عبد المولى بن محمد بن أبي عبد الله الفقيه

، أبو محمد المهدوي اللبني، بالسكون، ولبنة: من قرى المهدية.

قال شيخنا أبو حامد ابن الصابوني، فيما أجاز لنا: سمع من جماعة ببغداد ومكة والشام ومصر، وحدّث عن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي بمصر، وبها توفي في سنة سبع وأربعين.

سمع منه: ابنه الفقيه محمد، والشيخ علي بن إبراهيم ابن بنت أبي سعد، وتوفي ابنه سنة أربع وتسعين.

386 -

‌ علي بن نجا بن أسد

، مؤذّن مئذنة العروس بدمشق.

سمع سهل بن بشر الإسفراييني، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في صفر، ورأيته يبول غير مرة عند الحوض، مكشوف العورة.

387 -

‌ عمران بن علي

، أبو موسى الفاسي، المغربي الضرير الفقيه المالكي المقرئ.

ص: 908

جال في الآفاق، ودخل مصر والشام واليمن وفارس وخراسان ووراء النهر.

قال أبو سعد السمعاني: كتبتُ عنه، وسمع بقراءتي، وكان قد حُبّب إليه التطواف في الأقاليم، ومات ببلخ.

388 -

‌ غالب بن أحمد بن المسلم

، أبو نصر الأدمي الدمشقي.

سمع: أبا الفضل بن الفرات، وأبا الحسن بن زهير، وعنه: ابن عساكر، وابنه القاسم.

389 -

‌ لوط بن علي الأصبهاني

، أبو مطيع الخباز.

سمع أبا مطيع المصري، وغيره، أخذ عنه السمعاني. لعله توفي في هذا العام.

390 -

‌ محمد بن إسماعيل ابن الحافظ أبي صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري المؤذّن

، الإمام أبو عبد الله.

إمام كبير فاضل مناظر فقيه، سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعليّ بن أحمد المديني، ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة، وقد انتقل به أبوه إلى كرمان فسكنها.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: قدم إلى بغداد رسولًا من صاحب كرمان في سنة ست وثلاثين، وقدم رسولًا إلى السلطان في سنة أربع وأربعين، وتوفي في ذي القعدة سنة سبع بكرمان.

وقد سمع منه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم بنيسابور لمّا قدمها بعد الأربعين.

قال ابن النجار: روى عنه عبد الواحد بن سلطان.

391 -

‌ محمد بن جعفر بن خيرة

، أبو عامر، مولى ابن الأفطس، البلنسي.

سمع: أبا الوليد الوقشي، ولازمه، وقد تُكلِّم في روايته عنه لصغره.

ص: 909

وسمع من: أبي داود، وطاهر بن مفوّز، وولي خطابة بلنسية مدة، وطال عمره، وجمع كتبًا كثيرة.

حدّث عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة، وعبد المنعم بن الفرس.

وتوفي في ذي القعدة، وقد قارب المائة.

392 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد

، الأستاذ المقرئ، أبو عبد الله الداني، المعروف بابن غلام الفرس، وبابن الفرس، وهو لقب رجل من تجّار دانية كان سعيد فتاه.

أخذ أبو عبد الله القراءات عن: أبي داود، وأبي الحسن بن الدوش، وأبي الحسين يحيى بن أبي زيد بن البياز، وأبي الحسن بن شفيع، وسمع من: أبي علي بن سكّرة، وأبي محمد بن أبي جعفر، وحجّ سنة سبع وعشرين، فسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي شجاع البسطامي.

ذكره الأبّار وقال: تصدّر بعد الثلاثين وخمسمائة للإقراء والرواية وتعليم العربية، وكان صاحب ضبط وإتقان، مشاركًا في علوم جمة يتحقق منها بعلم القرآن والأدب، وكان حسن الضبط والخط، أنيق الوراقة، رحل الناس إليه للسّماع منه والقراءة عليه، وولي خطابة دانية، وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، روى عنه أبو العباس الأقليشي، وخلف بن بشكوال، وعليم بن عبد العزيز، وأبو عبد الله بن سعادة، وأصابه خدر قبل موته بسنة، وتوفي بدانية في ثالث عشر المحرم، رحمه الله.

قلت: قرأ عليه جماعة، منهم محمد بن علي بن أبي العاص النفّزي شيخ الشاطبي، وأبو جعفر أحمد بن علي الحصّار شيخ علم الدين القاسم اللورقي، وعبد الله بن يحيى ابن صاحب الصلاة، ويوسف بن سليمان البلنسي، وأبو الحجاج يوسف بن عبد الله الداني.

393 -

‌ محمد بن خلف بن صاعد

، أبو الحسين الغساني اللبلي الشلبي.

ص: 910

أخذ القراءات عن: إسماعيل بن غالب، وأبي القاسم ابن النخّاس، وسمع منه، ومن ابن شبرين، وارتحل فأخذ بقرطبة عن أبي محمد بن عتاب، وأبي الوليد بن رشد، وحج فأخذ عن رزين بن معاوية، وعُني بالفقه، وشوور في الأحكام، وولي قضاء شِلب، وتوفي في جمادى الآخرة.

394 -

‌ محمد بن علي بن المبارك

، أبو الفضل الواسطي، ثم البغدادي الحمّامي الصائغ.

سمع: رزق الله التميمي، وأبا طاهر ابن الباقلاني، كتب عنه ابن السمعاني، وقال: توفي في جمادى الآخرة.

395 -

‌ محمد بن علي بن الحسن بن سلْم بن العباس بن الخصيب

، أبو منصور التميمي الأزجي.

سمع: رزق الله التميمي، وابن طلحة النّعالي، وغيرهما، وعنه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن الحسن العاقولي، وهو ابن عم الخصيب ابن المؤمّل. توفي في رجب، وله اثنتان وثمانون سنة.

396 -

‌ محمد بن عمر بن يوسف بن محمد

، القاضي أبو الفضل الأرموي الفقيه الشافعي، من أهل أُرمية.

ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة ببغداد، وسمّعوه من: أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي بكر محمد بن علي الخيّاط، وجابر بن ياسين، وتفرد بالرواية عنهم بالسّماع.

وسمع أيضًا من: أبي الحسين بن النقور، وأبي نصر الزينبي.

قال ابن السمعاني: هو فقيه إمام متدين ثقة صالح، حسن الكلام في المسائل، كثير التلاوة للقرآن، تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.

وقال ابن الجوزي: سمعت منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، وقرأت عليه كثيرًا من حديثه، وكان فقيهًا، تفقه على أبي إسحاق، وكان ثقة ديّنًا كثير التلاوة، وكان شاهدًا فعُزل، وتوفي في رجب.

ص: 911

قلت: في رابعه، وقد حدّث عنه: السِّلفي، وابن عساكر، وابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وإبراهيم بن هبة الله بن البُتيت، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المُنجّي، ومحمد بن علي ابن الطراح، والمبارك بن صدقة الحاسب، ويونس بن يحيى الهاشمي، والشيخ عمر بن مسعود البزّاز، وعلي بن يحيى الحمامي ابن أخت ابن الجوزي، وزاهر بن رستم، وعبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي، وعثمان بن إبراهيم بن فارس السيبي، وأخوه إسماعيل، وشجاع بن سالم البيطار، وأبو اليُمن زيد بن الحسين الكندي، وداود بن مُلاعب، وأخته حفصة، وسِبط الأرموي يوسف بن محمد بن محمد بن عمر، وموسى بن سعيد ابن الصيقل الهاشمي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، وعبد الرحمن بن عبد الغني ابن الغسّال الحنبلي، والمظفّر بن غيلان الدقّاق، وسعيد بن محمد الرزّاز، وبزغش عتيق ابن حمدي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي الحنفي، ويحيى بن محمد بن عبد الجبار الصوفي، ومسمار بن العويس النيّار، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وأحمد بن يوسف بن صرما، وآخر من روى عنه بالسماع الفتح بن عبد السلام، وكان أسند من بقي ببغداد، ولي في شبيبته قضاء دير العاقول مدة.

397 -

‌ محمد بن محمد بن محمد

، أبو بكر الخُلمي الحنفي، المعروف بدِهقان خُلم.

إمام كبير من أهل بلخ، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة ببلخ، وكان إمام الجامع ببلخ، وكان مولده في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا فاضلًا، مفتيًا، مناظرًا، حسن الأخلاق، حجّ سنة ست وعشرين، وسمع ببلخ من جماعة، وحضرتُ بمجلس إملائه ببلخ، ومات في ثاني شعبان، ودُفن بداره.

398 -

‌ محمد بن المحسّن بن أحمد

، أبو عبد الله السُلمي، الدمشقي،

ص: 912

الأديب، المعروف بابن الملحي، وملح: قرية بحوران، ويقال: ابن الملحي، بالتخفيف.

كان أبوه قد غلب على حلب ووليها مدة، وكان معه بها، ثم سكن دمشق، ولقي جماعةً من الأدباء، وسمع عدة دواوين، وكان شرّيبًا للخمر، قاله الحافظ ابن عساكر، وقد سمع من: جعفر السرّاج وغيره، وتوفي في شعبان، وكتب لي بخطّه جزأين، يعني شعرًا وفوائد.

399 -

‌ محمد بن منصور بن إبراهيم

، أبو بكر القصْري.

سمع من: ثابت بن بُندار، وأبي طاهر بن سوار، وقرأ القراءات، وكان حافظًا مجوّدًا متقنًا، وكان يطالع تفسير النقاش ويورد منه، قاله ابن الجوزي، وقال: كانت له شيبة طويلة تعبُر سرّته، توفي في سابع شعبان.

وقال ابن النجار: قرأ بالروايات على ابن سوار، وثابت بن بُندار، وكان عالمًا بالقراءات، له حلقة بجامع المنصور يفسّر فيها كل جمعة، قرأ عليه جماعة، وروى عنه: عبد الرحمن بن عبد السيد.

وقال أبو محمد ابن الخشّاب: من سمع بالسلف، ورأى الشيخ أبا بكر القصري، فكأنه قد رآهم.

عاش سبعين سنة، رحمه الله تعالى.

400 -

‌ محمد بن منصور بن عبد الرحيم

، أبو نصر ابن الحُرضي، النيسابوري، الأشناني.

شيخ صالح، من أبناء المياسير والنعم، قعد به الزمان وافتقر، وكان مولده في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم القُشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأحمد بن محمد بن الحسين البسّامي الأديب، والفضل بن المحب، وعثمان المحمي، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه بنيسابور أربعة مجالس لأبي

ص: 913

القاسم القشيري، وثلاثة مجالس المخلدي، وكتاب التاريخ للصوفية، جمع السلمي، رواه لنا عن محمد بن المزكي، عنه، وتوفي في خامس شعبان.

أخبرنا أحمد ابن عساكر، عن عبد الرحيم بن أبي سعد، قال: أخبرنا محمد بن منصور الحُرضي، قال: حدثنا أبو القاسم القشيري إملاءً، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي، قال: سمعت أبا الطيب بن الفرّخان قال: قال الجنيد: يقبح بالفقير أن تكون عليه خِلقان وسرُّه متشرف للعالم.

قلت: وروى عنه: زينب الشعرية.

401 -

‌ محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب

، أبو عبد الله ابن الوزير أبي المعالي، الكرماني.

سمع: ابن طلحة النّعالي، وثابت بن بُندار، وأبا عبد الله ابن البُسري، وجماعة، وحدّث.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وكان متشيعًا، توفي في المحرم ببغداد.

وروى عنه أبو أحمد بن سُكينة.

402 -

‌ محمد بن يحيى بن خليفة بن ينق

، أبو عامر الشاطبي.

قال الأبّار: قرأ على محمد بن فرج المِكناسي.

وسمع من: أبي علي بن سكّرة، وأخذ بقرطبة عن أبي الحسن بن سِراج، ومهر في الأدب، والعربية، وبلغ الغاية من البلاغة، والكتابة، والشعر، ولقي أبا العلاء بن زهر، فأخذ عنه علم الطب ولازمه وساعده الجدّ، وبعُد صيته في ذلك، مع المشاركة في عدة علوم، وكان رئيسًا، معظّمًا، جميل الرواء، وله تصنيف كبير في الحماسة، وتصنيف آخر في ذكر ملوك الأندلس، والأعيان والشعراء.

روى عنه: أبو عبد الله المِكناسي، وعاش بضعًا وستين سنة، وتوفي في آخر العام.

403 -

‌ محمد بن يحيى بن محمد بن أبي إسحاق بن عمرو بن العاص

، أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، اللرّي، ولُرّيّة من عمل بلنسية.

ص: 914

أخذ عن مشيخة بلده، ثم نزح عنه في الفتنة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسكن جيّان سبعة أعوام، وأخذ القراءات عن: أبي بكر ابن الصبّاغ، وكان قصد أبا داود سنة ست وتسعين، فلقيه مريضًا مرض الموت، وسمع من: أبي محمد البطليوسي، وأقرأ الناس، وكان ذا بصرٍ بالتجويد.

ترجمه الأبّار، وقال: روى عنه شيخنا أبو عبد الله بن نوح الغافقي، وأبو عبد الله بن الحسين الأندي، وتوفي في شوال، وقد قارب الثمانين.

404 -

‌ محمد بن يونس بن محمد بن مغيث

، أبو الوليد القرطبي.

من بيت العلم والجلالة، سمع ببلده من: أبي علي الغسّاني، ومحمد بن فرج، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وأكثر عن والده، وكان صالحًا، خيّرًا، كثير الذِّكر، والصلاة، طويلها، وكان إمام جامع قرطبة، وقد شوور في الأحكام.

مات في شعبان، وولد في أول سنة ثمانين، وسمع وله خمس عشرة سنة.

405 -

‌ محمد بن أبي أحمد بن محمد

، أبو الفتح الحضيري.

صالح، كثير التلاوة، ضرير.

سمع: أبا الخير بن أبي عمران الصفّار، أخذ عنه: ابن السمعاني، ومات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة بقريته.

406 -

‌ المبارك بن هبة الله بن سلمان

، أبو المعالي ابن الصبّاغ، البغدادي، الواعظ، المعروف بابن سكرة، المحدِّث.

سمع الكثير، وأفاد، وأخذ عن: أبي سعد ابن الطيوري، وأبي طالب عبد القادر بن يوسف، وطبقتهما، وتوفي في ربيع الآخر عن: سبعٍ وخمسين سنة.

ص: 915

407 -

‌ مديني بن علي بن أحمد بن علي أبو بكر التميمي

، الخُراساني، المقرئ بالألحان بأصبهان بين يدي الوعّاظ.

كان صالحًا، مستورًا، سمع: أبا مطيع المضري، وأبا العباس بن أشتة.

كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في ذي الحجة، كتب إليّ بذلك معمّر بن الفاخر.

408 -

‌ مسعود بن محمد بن ملكشاه السلطان غياث الدين

، أبو الفتح، السلجوقي.

سلّمه والده السلطان محمد في سنة خمسٍ وخمسمائة إلى الأمير مودود صاحب الموصل ليربيه، فلما قُتل مودود وولي الموصل الأمير آقسنقر البُرسقي، سلّمه والده إليه أيضًا، ثم سلّمه من بعده إلى خوش بك صاحب الموصل أيضًا، فلما توفي والده وتملّك بعده ولده السلطان محمود، حسّن خوش بَك للسلطان مسعود الخروج على أخيه، وطمّعه في السلطنة، فجمع مسعود العساكر، وقصد أخاه، فالتقيا بقرب همذان في سنة أربع عشرة، أو في أواخر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، فكان الظفر لمحمود، ثم تنقلت الأحوال بمسعود، وآل به الأمر إلى السلطنة، واستقلّ بها في سنة ثمان وعشرين، ودخل بغداد، واستوزر الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد وزير المسترشد بالله، قال ذلك ابن خلِّكان، وقال: كان سلطانًا، عادلًا، ليّن الجانب، كبير النفس، فرّق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، ومع هذا فما ناوأه إلا وظفر به، وقتل خلقًا من كبار الأمراء، ومن جملة من قتل الخليفتان المسترشد والراشد، لأنه وقع بينه وبين المسترشد وحشة قبل استقلاله بالمُلك، فلما استقل استطال نوّابه على العراق، وعارضوا الخليفة في أملاكه، فتجهّز وخرج لمحاربته، وكان السلطان مسعود بهمذان، فجمع جيشًا عظيمًا، وخرج للقائه، فتصافّا بقرب همذان، فكُسر جيش الخليفة وانهزموا، وأسر الخليفة في طائفة من كبار أمرائه، وأخذه مسعود أسيرًا، وطاف به معه في بلاد أذربيجان، فقتل على باب مراغة كما ذكرنا، ثم أقبل مسعود على اللهو

ص: 916

واللذات، إلى أن حدث له علة القيء والغثيان، واستمر به ذلك إلى أن مات في جمادى الآخرة، ثم حُمل إلى أصبهان ودُفن بها، وعاش خمسًا وأربعين سنة.

قال ابن الأثير: كان كثير المزاح، حسن الأخلاق، كريمًا، عفيفًا عن أموال الرعية، من أحسن السلاطين سيرة، وألينهم عريكة.

قلت: وجرت بينه وبين عمه سنجر منازعة، ثم تهادنا، وخُطب له بعد عمه ببغداد قبل سنة ثلاثين.

وقد أبطل في آخر أيامه مُكوسًا كثيرة، ونشر العدل.

وقد استقل بدَست السلطنة في أيام المقتفي، واتسع ملكه، ودانت له الأمم، وكان فيه خيرٌ في الجملة وميل إلى العلماء والصلحاء، وتواضع لهم.

قال ابن النجار: أخبرنا محمد بن سعيد الحافظ إملاء، قال: أخبرنا علي بن محمد النيسابوري، قال: أخبرنا السلطان مسعود، قال: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، فذكر حديثًا من جزء الأنصاري.

قال أبو سعد السمعاني: كان بطلًا، شجاعًا، ذا رأي وشهامة، تليق به السلطنة، سمّعه علي بن الحسين الغزنوي الواعظ من القاضي أبي بكر، سمع منه جماعة، توفي في جمادى الآخرة.

409 -

‌ المظفّر بن أردشير بن أبي منصور

، أبو منصور العبادي، المروزي، الواعظ، المعروف بالأمير.

كان من أحسن الناس كلامًا في الوعظ، وأرشقهم عبارة، وأحلاهم إشارة، بارعًا في ذلك مع قلة الدين، سمع من: نصر الله بن أحمد الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي، والعباس بن أحمد الشقّاني، ومحمد بن محمود الرشيدي، وجماعة.

ووعظ ببغداد في سنة نيّف وعشرين وخمسمائة، ثم قدِمها رسولًا من جهة السلطان سنجر سنة إحدى وأربعين، فأقام بها نحوًا من ثلاث سنين يعقد مجلس الوعظ بجامع القصر وبدار السلطان، وظهر له القبول التام من المقتفي لأمر الله ومن الخواص، وأملى بجامع القصر.

ص: 917

روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، وحمزة ابن القبّيطي، وأبو جعفر بن المكرّم، وغيرهم، وكان يُضرب به المثل في الوعظ.

وروى عنه: أبو سعد ابن السمعاني، وقال: لم يكن موثوقًا في دينه، طالعتُ رسالة بخطّه جمعها في إباحة شرب الخمر، وكان يلقّب قطب الدين، وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان يوما يعظ، فوقع مطر، فلجأ الجماعة إلى ظل العقود والجُدر، فقال: لا تفرّوا من رشاش ماء رحمة قطرٌ عن سحاب رحمة، ولكن فروا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب، ثم قال: ما لكم لا تعجبون، ما لكم لا تطربون؟ فقال قائل: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب، فقال: التمالك عن المرح عند تملّك الفرح قدْح في القرح.

قال ابن الجوزي: وكان مثل هذا الكلام المستحسن يندر في كلامه، وإنما كان الغالب على كلامه ما ليس تحته كبير معنى، وكُتب ما قاله في مدة جلوسه، فكان مجلدات كثيرة، ترى المجلد من أوله إلى آخره، ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي، وسائرها لا معنى له، وكان يترسّل بين السلطان والخليفة، فتقدّم إليه أن يصلح بين ملكشاه بن محمود وبين بدر الجوهري، فمضى وأصلح بينهما، وحصل له منهما مال كثير، فأدركه أجله في تلك البلدة، فمات في سلخ ربيع الآخر بعسكر مُكرَم، وحُمل إلى بغداد ودُفن في دكة الجُنيد، وورثه ولده، ثم توفي بعده، وعادت الأموال التي جمعها للسلطان، وفي ذلك عبرة.

وقال ابن السمعاني: لم يكن له سيرة مرضية، ولا طريقة جميلة، سمعت من أثق به، وهو الفقيه حمزة بن مكي الحافظ ببروجرد، قال: كنت معه بأذربيجان، وبقينا مدة، فما رأيته صلى العشاء الآخرة، كان إذا حضر السماع، وأرادوا أن يصلوا يقول: الصلاة بعد السماع، فإذا فرغوا السماع كان ينام، ولما توفي حكى لي بعضُهم أنه وجد في كتبه رسالة بخطه في إباحة الخمر.

وقال ابن النجار: من وعظه قوله: لا تظنوا أن الحيّات تجيء إلى القبور

ص: 918

من خارج، إنما أفعالكم أفعى لكم، وحيّاتكم ما أكلتم من الحرام أيام حياتكم، وعاش ستًا وخمسين سنة.

قال أبو المظفّر ابن الجوزي: حكى جماعة من مشايخنا قال: جلس المظفر بن أردشير بالتاجية بعد العصر، وأورد حديث ردت الشمس لعلي، وأخذ في فضائله، فنشأت سحابة غطّت الشمس، وظن الناس أنها غابت، فأومأ إلى الشمس وارتجل:

لا تغربي يا شمسُ حتى ينتهي مدحي لآل المُصطفى ولنجله واثني عِنانك إن أردت ثناءهم أنسيتِ إذ كان الوقوف لأجله إن كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لخيله ولرَجلهِ فطلعت الشمس من تحت الغيم، فلا يُدرى ما رُمي عليه من الأموال والثياب.

410 -

‌ المنصور بن محمد بن الحاج داود بن عمر

، أبو علي اللمتوني، الصنهاجي، الأمير.

سمع بقرطبة من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص، وبمرسية من: أبي علي بن سكّرة.

وكان من رؤساء لمتونة وأمرائهم، موصوفًا بالذكاء، عارفًا بالحديث والآثار، جمع من الكتب النَّفيسة ما لم يجمعه أحد، وكان متوليًا على بلنسية ليحيى بن علي بن غانية أيام كونه بها نحوًا من أحد عشر عامًا، وعاش ستين سنة، وهو فخر صنهاجة ما لهم مثله، قاله الأبّار.

411 -

‌ موسى ابن الخليفة المقتدي عبد الله بن محمد العباسي

، أخو المستظهر بالله.

ولد في سنة اثنتين وسبعين، وعاش خمسًا وسبعين سنة، توفي في ذي القعدة.

ص: 919

412 -

‌ هبة الله بن سعد بن طاهر

، أبو الفوارس الطبري، الفقيه، سِبط الإمام أبي المحاسن الروياني.

قال ابن السمعاني: هو شيخ من أهل آمُل طبرستان، له معرفة بالمذهب، حافظ لكتاب الله، كثير التلاوة، دائم الذكر، سريع الدمعة، كان رئيس آمُل، ثم درّس بالنظامية بآمل، وأملى الحديث، كتبتُ عنه بآمُل، وقال لي: ولدت سنة سبعين وأربعمائة، سمع من: جده أبي المحاسن، وطاهر بن عبد الله الخواري، الصوفي، وأبي علي الحداد، وأبي سعد المطرِّز،، وسمعته يقول: سمعت جدي أبا المحاسن عبد الواحد يقول: الشهرة آفة، وكل يتحراها، والخمول راحة، وكلٌ يتوقاها.

413 -

‌ يعقوب البغدادي

، الكاتب.

كان غاية في حُسن الخط وجودته، توفي في جمادى الآخرة، قاله ابن الجوزي.

414 -

‌ يوسف بن إبراهيم بن مرزوق

، أبو يعقوب المقدسي، الصهيبي، من قرية بيت جبرين.

كان فقيهًا، ورعًا، عابدًا، صالحًا، قدِم بغداد في سنة ستّ عشرة وخمسمائة، ودخل مرو فسكنها إلى أن مات بها، وسمع بنيسابور: سهل بن إبراهيم المسجدي، وجماعة، وبمرو: محمد بن علي بن محمود الكراعي.

قال ابن السمعاني: سمع معنا بمرو شُعَب الإيمان للبيهقي على زاهر الشحّامي، وكان نعم الصديق.

ولد في حدود التسعين وأربعمائة، ولم أسمع منه، وحدثنا أبو القاسم الدمشقي بها قال: حدّثني يوسف بن إبراهيم بن مرزوق لفظًا، قال: أخبرنا محمد بن علي بقرية زولاب، قال: أخبرنا جدي أبو غانم (ح)، وأخبرناه عاليًا أبو منصور محمد المذكور، قال: أخبرنا جدي، قال: أخبرنا أبو العباس النضري، قال: حدثنا الحارث، قال: حدثنا روح بن عُبادة، قال: حدثنا ابن جُريج، فذكر حديثًا.

ص: 920

سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

415 -

‌ أحمد بن أبي سهل بن محمد بن يزداد

، أبو عبد الله القايني، الفارسي، الصوفي، من أهل هَراة.

صالح، كثير العبادة، سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الماليني.

ولد سنة ستين وأربعمائة، وتوفي في هذا العام، أو بعده.

416 -

‌ أحمد بن العباس بن أحمد

، الشقّاني، النيسابوري.

شيخ صالح، سمع: عثمان المحمي، وأبا بكر بن خلف، وحدّث.

417 -

‌ أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم

، أبو المظفّر ابن النرسي.

ولي حسبة بغداد، ثم ولي قضاء باب الأزج معها، وحدّث عن: الحسين ابن البُسري، روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، توفي في جمادى الأولى، وله خمس وخمسون سنة.

418 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد

، الخطيب البنجديهي.

سمع: أبا سعيد الدباس، كتب عنه: السمعاني.

419 -

‌ أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد

، أبو العباس ابن الطلاية البغدادي الورّاق الزاهد.

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وروى اليسير من الحديث.

قال ابن السمعاني: شيخ كبير، أفنى عمره في العبادة، وقيام الليل والصوم على الدوام، ولعله ما صرف ساعةً من عمره إلا في عبادة، رضي الله عنه، وانحنى حتى بقي لا يتبيّن قيامُه من ركوعه إلا بيسير، وكان حافظًا للقرآن لا يقبل من أحد شيئا، وله كفاية يتقنع بها دخلت عليه مرات في مسجده بالعتّابيين، وسألته: هل سمعت شيئًا؟ فقال: سمعت من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي.

ص: 921

قال ابن السمعاني: وما ظفرنا بسماعه، لكن قرأتُ عليه كتاب الردَّ على الجهمية لأبي عبد الله نفطويه، سمعه من شيخ متأخر يقال له أبو العباس بن قريش، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم ابن السمرقندي.

وقال أبو المظفّر ابن الجوزي: سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعودا لما دخل بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن الطلاية إليه، فقال لرسوله: أنا منذ سنين في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات، فعاد الرسول، فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه، فزاره من الغد، فرآه يصلي الضحى، وكان يصليها بثمانية أجزاء، فصلى معه بعضها، فقال له الخادم: السلطان قائم على رأسك، فقال: وأين مسعود؟ قال: ها أنا، قال: يا مسعود اعدل، وادعُ لي، الله أكبر، ثم دخل في الصلاة، فبكى السلطان، وكتب ورقة بخطه بإزالة المكوس والضرائب، وتاب توبة صادقة.

قلت: روى عنه الجزء الذي قال إنه سمعه من عبد العزيز ابن الأنماطي، وهو التاسع من المخلصيات تخريج ابن البقّال، وظهر سماعه له بأخرة خلق منهم: يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن الحسن بن أبي البقاء العاقولي، ومحمد بن محمد بن علي السمذي، وعلي بن أحمد بن هلال بن العريبي، وشجاع بن سالم البيطار، ومحمد بن علي بن البلّ الدوري، وسعيد بن المبارك بن كمونة، وعبيد الله بن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وبزغش عتيق ابن حمدي، وريحان بن تيكان الضرير، ومظفّر بن أبي يعلى بن جحشويه، وعبد الرحمن بن أبي سعد بن تميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي شريك، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرْما، وآخرون. وآخر من روى عنه: المبارك بن علي بن أبي الجود، شيخ الأبرقوهي.

توفي في حادي عشر رمضان، وكان له يومٌ مشهود مثل يوم أبي الحسن بن القزويني الزاهد، وحُمل على الرؤوس، ودُفن إلى جانب أبي الحسين بن سمعون، ولم يخلف بعده مثله في زهده وعبادته.

ص: 922

420 -

‌ أحمد بن المختار أبو العباس بن جبر

.

من أولاد أمراء البطائح، وله شعر فائق، قدِم بغداد، ومدح المستظهر، والمسترشد، مات في شعبان.

421 -

‌ أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح أبو الحسين الأطرابلسي

، الشاعر، المشهور بالرّفّاء، صاحب الديوان المعروف.

ولد بأطرابلس سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، وكان أبوه ينشد في أسواق طرابلس، ويغني، فنشأ أبو الحسين، وتعلم القرآن، والنحو واللغة، وقال الشعر الفائق، وكان يلقَّب مهذَّب الدين، ويقال له: عين الزمان.

قال ابن عساكر: سكن دمشق، ورأيته غير مرة، وكان رافضيًا خبيثًا، خبيث الهجو والفحش، فلما كثُر ذلك منه سجنه الملك بوري بن طُغتكين مدة، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب، فوهبه له ونفاه، فخرج إلى البلاد الشمالية.

وقال غيره: فلما ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق، ثم تغيّر عليه لشيء بلغه عنه، فطلبه وأراد صلبه، فهرب واختفى في مسجد الوزير أيامًا، ثم لحق بحماة، وتنقل إلى شيزر، وحلب، ثم قدِم دمشق في صحبة السلطان نور الدين محمود، ثم رجع مع العسكر إلى حلب، فمات بها.

وقال العماد الكاتب: كان شاعرًا، مجيدًا، مكثرًا، هجّاءً، معارضًا للقيسراني في زمانه، وهما كفرسي رهان، وجوادَي ميدان، وكان القيسراني سنيًا متورعًا، وابن منير غاليًا متشيعًا، وكان مقيمًا بدمشق إلى أن أحفظ أكابرها، وكدّر بهجوه مواردها ومصادرها، فأوى إلى شيزر، وأقام بها، وروسل مِرارًا في العود إلى دمشق، فأبى، وكتب رسائل في ذم أهلها، واتصل في آخر عمره بخدمة نور الدين، ووافى إلى دمشق رسولًا من جانبه قبل استيلائه عليها.

ومن شعره:

ص: 923

أحلى الهوى ما تُحلّه التُهمُ باح به العاشقون أو كتموا ومُعرضُ صرّح الوشاةُ له فعلّموه قتلي وما علموا يا ربّ خُذ لي من الوشاة إذا قاموا وقُمنا إليك نحتكمُ سعوا بنا لا سعَت بهم قدمٌ فلا لنا أصلحوا ولا لهمُ وله:

ويلي من المُعرض الغضبان إذ نقل الـ ـواشي إليه حديثًا كله زور سلّمتُ فازورّ يزوي قوسَ حاجبه كأنني كأس خمرٍ وهو مخمور وشعره سائر، وتوفي سنة ثمان، وقيل: سنة سبع، لا، بل في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ.

422 -

‌ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الدواتي

، أبو إسحاق الأصبهاني.

سمع: أبا منصور بن شكرويه، وأبا عبد الله الثقفي، ورزق الله التميمي، من شيوخ السمعاني.

423 -

‌ أسعد بن أحمد بن يوسف الإمام

، الخطيب، أبو الغنائم البامنجي، الخراساني.

توفي في المحرم، أو في صفر، وروى عن: عمر بن أحمد بن محمد بن الخليل البغوي، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني.

424 -

‌ بِهرام شاه ابن الملك مسعود بن إبراهيم

بن محمود بن سُبُكتكين سلطان غزنة.

قال ابن الأثير: مات في رجب من هذه السنة، وقام بالمُلك بعده ولده نظام الدين خُسروشاه، وكانت ولاية بِهرام شاه ستًا وثلاثين سنة، وكان عادلًا، حسن السيرة، محبًا للعلماء، جامعًا للكتب، تُقرأ بين يديه، ويفهم، ويدري.

ص: 924

425 -

‌ جعفر بن أبي طالب أحمد بن محمد بن عوانة أبو الفخر القايني

، الشافعي، قاضي غورج، وهي قرية كبيرة على باب هَراة.

سمع جزءًا من حديث عليّ بن الجَعد، من أبي صاعد يَعلى بن هبة الله الفُضَيلي، وسمع من شيخ الإسلام أبي إسماعيل.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: كان مولده في صفر سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وتوفي بغورج في أثناء هذا العام.

426 -

‌ الحسن بن علي بن الحسن بن محمد

، أبو علي البخاري، ثم المروزي، القطّان، الطبيب.

كان فاضلًا، عالمًا بالطب، واللغة، والآداب وعلوم الفلاسفة ومذاهبهم، ويميل إليهم، وكان يجلس في دكان، ويطبب، ويؤذي الناس ويشتمهم، وكان يسمع الحديث على كبر سنه، وقد سمع فضائل القرآن من أبي القاسم عبد الله بن علي القرينيني، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، قُتل بمرو في وقعة الغزّ في وسط رجب، وله ثلاث وثمانون سنة.

427 -

‌ الحسن بن محمد بن أحمد أبو علي السنجبستي

، النيسابوري.

فقيه، صالح، معمّر، ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، سمع: أبا بكر بن خلف، وسمع ببوشنج خمسة أجزاء من عبد الرحمن بن محمد كلار صاحب ابن أبي شُريح، توفي في غرة ربيع الأول.

روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم السمعاني.

428 -

‌ الحسن بن محمد بن أبي جعفر القاضي

، أبو المعالي البلخي، الشافعي، تلميذ محيي السنة البغوي.

روى عنه أبو سعد السمعاني، وأثنى عليه في سيرته وأحكامه، وقال: مات في رمضان بالدزق العليا من أعمال مرو.

ص: 925

429 -

‌ حَمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين الثعلبي

، القُرطبي، أبو جعفر، قاضي الجماعة بقرطبة.

سمع: أباه، وولي القضاء سنة تسع وعشرين بعد مقتل أبي عبد الله بن الحاجّ.

وكان من بيت حشمة وجلالة، صارت إليه الرياسة عند اختلال أمر الملثّمين، وقيام ابن قسيّ عليهم بغرب الأندلس، وهو حينئذ على قضاء قرطبة، ودُعي له بالإمارة في رمضان سنة تسع وثلاثين، وتسمى بأمير المسلمين المنصور بالله، ودُعي له على أكثر منابر الأندلس.

ويقال: إن مدة دولته كانت أربعة عشر يومًا، وتعاورته المِحَن، فخرج إلى العُدْوة، في قصص طويلة، ثم قفل ونزل مالقة إلى أن توفي في هذا العام.

وأما ابن قسيّ، فإنه خرج بغرب الأندلس، واسمه أحمد، وكان في أول أمره يدّعي الولاية، وكان ذا حيل وشعبذة، ومعرفة بالبلاغة، وقام بحصن مارتلة، ثم اختلف عليه أصحابه، ودسّوا عليه من أخرجه من الحصن بحيلة، حتى أسلموه إلى الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال له: بلغني عنك أنك دعيت إلى الهداية، فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين، كاذب وصادق؟ فأنا كنت الفجر الكاذب، فضحك عبد المؤمن وعفا عنه، ولم يزل بحضرته إلى أن قتله صاحبٌ له.

430 -

‌ حيدرة بن المفرّج بن الحسن

، الوزير زَين الدولة ابن الصوفي، أخو الرئيس الوزير مُسيَّب.

لم يزل إلى أن عمل على أخيه وقلعه من وزارة صاحب دمشق مُجير الدين، وولي في منصبه، فأساء السيرة، وظلم، وعسف، وارتشى، ومُقِت في العام الماضي والآن، وبلغ ذلك مجير الدين، فطلبه إلى القلعة على العادة، فعدل به الجُندارية إلى الحمّام وذُبح صبرًا، ونُصب رأسه على حافة الخندق.

ص: 926

431 -

‌ خاصّ بَك التُركماني

.

صبي نفق على السلطان مسعود وأحبه، وقدّمه على جميع الأمراء، وعظُم شأنه، وصار له من الأموال ما لا يُحصى، فلما مات مسعود خطب لملكشاه، وقال له: إني أريد أن أقبض عليك، وأنفِذ إلى أخيك محمد، فأخبره بذلك ليأتي فنسلّمه إليك، وتحوز المُلك، فقال: افعل، فقبض عليه، ونفّذ إلى أخيه إلى خوزستان بأني قد قبضت على أخيك، فتعال حتى أخطب لك، وأسلّم إليك السلطنة، فعرف محمد خُبثه، فجاء إلى همذان، وجاء الناس إليه يخاطبونه في أشياء، فقال: ما لكم معي كلام، وإنما خطابكم مع خاصّ بَك فمهما أشار به فهو الوالد والصاحب، والكل تحت أمره، فوصل هذا القول إلى خاص بك فاطمأن، فلما التقيا خدمه خاص بَك، وقدّم له تُحفًا وأموالًا، فأخذ الكل، وقتل خاص بك.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: ووجد له تركة عظيمة، من جملتها سبعون ألف ثوب أطلس، وقتله في هذا العام.

432 -

‌ رُجّار، ملك الفرنج المتغلّب على صقلية

.

ملك عشرين سنة، وعاش ثمانين سنة، وهلك بالخوانيق في أوائل ذي القعدة.

وكان في أول هذا العام قد جهّز أصطولًا إلى مدينة بونة، وقدّم عليهم مملوكه فيليب المهدوي، فحاصرها، واستعان بالعرب، فأخذها في رجب، وسبى أهلها، غير أنه أغضى عن طائفة من العلماء والصالحين، وتلطّف في أشياء، فلما رجع إلى صقلية قبض عليه رُجّار لذلك، ويقال: إن فيليب كان هو وجميع خواصّه مسلمين في الباطن، فشهدوا عليه أنه لا يصوم مع الملك، فجمع له الأساقفة والقسوس، وأحرقه في رمضان، فلم يُمهَل بعده، وتملّك بعده ابنه غُليالم، فاختلّت دولتهم في زمانه.

433 -

‌ زياد بن علي بن الموفّق بن زياد

، الرئيس، أبو الفضل الزيادي، الهروي، الحنفي.

ص: 927

كان خيّرًا، صالحًا، قيل: إنه ما فاته الصلاة في جامع هَراة نحوًا من أربعين سنة، سمع: أبا عطاء ابن المَليحي، وبأصبهان: أبا الفتح الحدّاد، وغيره، ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة.

روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.

434 -

‌ سعيد بن محمد بن طاهر بن سعيد ابن الشيخ أبي سعيد بن أبي الخير

، أبو طاهر الميهني، الصوفي، نزيل مرو، وشيخ رباط يعقوب.

سمع من: أبي الفتح، وعُبيد الله الهشامي.

قال عبد الرحيم السمعاني: سمعتُ بمرو جزءًا من حديث أبي الموجّه الفزاري، وعوقب في وقعة الغُزّ، وبقي عليلًا إلى أن مات في ثامن شعبان، وله سبع وستون سنة.

435 -

‌ ظريفة بنت أبي الحسن بن أبي القاسم

، أم محمد الطبرية، من أهل آمل طبرستان.

كانت عالمة، صالحة، عفيفة، سكنت بلخ، وروت عن: أبي المحاسن عبد الواحد الروياني.

توفيت في سلخ ربيع الآخر.

436 -

‌ عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد

، أبو محمد بن أبي بكر الأندلسي، الشلبي المولد، الإشبيلي المنشأ، من بيت العلم والوزارة.

قال ابن السمعاني: صرف عُمره إلى طلب العلم حتى حصل له ما لم يحصل لغيره، وولي القضاء بالأندلس مدة، ثم حجّ، وجاور سنة، وقدم بغداد فأقام بها، ثم وافى خراسان، واجتمعتُ به بهَراة، فوجدته بحرًا لا يُنزف في العلوم من الحديث، والفقه، والنحو، وغير ذلك، وسمعتُ بقراءته، وسمع بقراءتي، ثم قدم علينا مرو، وكثُرت الفوائد منه، سمع بالأندلس: الحسن بن عمر الهوزني، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد محمد بن ظريف القرطبي، وببغداد: هبة الله بن الطّبر، ويحيى ابن البنّاء، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وبهمذان: أبا جعفر الحافظ، وبنيسابور: أبا القاسم الشحّامي، وجماعة كثيرة.

ص: 928

قال الأبّار: وسمع وروى بالإجازة عن: أبي عبد الله الخولاني، وولي قضاء شِلب، وكان من أهل العلم بالأصول، والفروع، والحفظ للحديث، والعربية، مع الزهد والخير، وامتُحن بالأمراء في قضاء بلده بعد أن تقلّده تسعة أعوام، لإقامته الحق، وإظهاره العدل، حتى أدى ذلك إلى اعتقاله، ثم سرح وحج سنة سبع وعشرين، ودخل العراق، وخراسان، وطار ذكره في هذه البلاد، وعظُم شأنه.

قال ابن السمعاني: قال لي: مولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، قال: وتوفي في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وأربعين بهراة.

قلت: وقيّد أبو عبد الله الأبّار وفاته في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين، وذلك وهْم، وقد روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.

وقال عبد الرحيم: هو عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن محمد بن أبي حبيب الأنصاري، الخزرجي.

437 -

‌ عبد الله بن يوسف بن أيوب بن القاسم

، أبو محمد القرشي الفِهري الشاطبي.

شيخ، مسند كبير، أجاز له في سنة سبعين وأربعمائة أبو العباس بن دِلهاث العذري، وسمع الموطّأ من: طاهر بن مفوّز، وسمع من: أبيه، وأبي علي بن سكّرة.

حدّث عنه: ابنه، وأبو الحجاج صاحب الأحكام، وتوفي يوم عاشوراء المحرّم بدانية.

438 -

‌ عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف

، المفيد، أبو الفرج البغدادي.

شيخ، محدّث، فاضل، حسن الخط، كثير الضّبط، خيّر، متواضع، متودد، محتاط في قراءة الحديث، سمع الكثير، وكتب، وحصّل وخرج لنفسه، وصفه بهذا وبأكثر منه أبو سعد السمعاني.

ص: 929

وقال السلفي: كان من أعيان المسلمين فضلًا، ودينًا، ومروءة، وثَبتًا، سمع معي كثيرًا، وبه كان أُنسي ببغداد، ولما حججت أودعت كتبي عنده.

وقال السمعاني: سمع أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا عبد الله النعالي، ونصر بن البطر، فمن بعدهم، وسمع بالأهواز، وأصبهان، وسمعتُ منه الكثير، وقال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة.

قلت: روى عنه: السلفي، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو بكر عبد الله بن مبادر، وعبد الوهّاب بن علي ابن الإخوة، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم.

439 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله

، أبو القاسم الفارسي، ثم البغدادي.

شيخ صالح، حسن السيرة.

قال ابن السمعاني: صحب أبا الوفاء أحمد بن علي الفيروزاباذي مدة طويلة، وسافر معه إلى الشام، وسمع من: علي بن أحمد بن يوسف الهكّاري، توفي في ذي القعدة.

440 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن

، العلامة أبو محمد النيهي، المروروذي، شيخ الشافعية، وتلميذ محيي السنّة البغوي.

سمع: البغوي، وعبد الله بن الحسن الطّبسي، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وعدة، وتخرّج به أئمة بمروالروذ.

أخذ عنه السمعاني، وقال: مات في شعبان.

441 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن أبي معشر

، أبو القاسم الغزنوي، ثم المروزي.

سمع من: القاضي أبي نصر محمد بن محمد الماهاني، وطبقته بإفادة أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، ومات بعد أن عاقبته الغُزّ بأنواع العقوبات في شوال.

ص: 930

442 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور بن جبريل

، الفقيه، أبو نصر الخطيبي، الخرجردي.

سكن مرو، وتفقّه مدة بنيسابور، وهَراة، ومرو، وبرع في الفقه، وكان يحفظ كثيرًا من النُتف والطُّرف، وكان صالحًا، عفيفًا، متعبدًا، سمع من: أبي نصر عبد الرحيم ابن القشيري، والفضل بن محمد الأبيوردي، وخرّج لنفسه جزأين عن جماعة.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: أحرقه الغزّ في رجب، وكان في المنارة، فأحرقوا المنارة، فاحترق فيها جماعة.

443 -

‌ عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم ابن الإخوّة

، البغدادي، اللؤلؤي، أبو الفضل بن أبي العباس، وأخو عبد الرحمن، نزل أصبهان وسكنها.

قال ابن السمعاني: شيخ فاضل، يعرف الأدب، وله شعر رقيق، صحيح القراءة والنقل، قرأ الكثير بنفسه، ونسخ بخطّه ما لا يدخل تحت الحد، مليح الخط، سريعه، سافر إلى خراسان، وسمع بها، وسمّعه خاله أبو الحسن ابن الزاغوني الفقيه من: أبي عبد الله النّعالي، ونصر بن البطر، ومن دونهما. وكتب إلي جزءًا بخطه بأصبهان، وسمعتُ منه، سمعتُ يحيى بن عبد الملك المكي، وكان شابًا صالحًا، يقول: أفسد عليّ عبد الرحيم ابن الإخوة سماع معجم الطبراني، حضرت دار بعض الأكابر، وكان يقرأ فيها المعجم الكبير على فاطمة الجوزدانية، فكان يقرأ في ساعة جزءًا أو جزأين، حتى قلت في نفسي: لعله يقلب ورقتين، فقعدت يومًا قريبًا منه، وكنت أسارقه النظر، فعمل كما وقع لي من ترك حديث وحديثين، وتصفّح ورقتين، فأحضرت معي نسخة، وقعدت أعارض، فما قرأ في ذلك المجلس إلا شيئًا يسيرًا، وظهر ذلك للحاضرين، وثقُل عليه ما فعلت، فانقطعتُ وتركت سماع الكتاب، أو كما قال، وأنا فما رأيت منه إلا الخير، وسمعتُ بقراءته جزءًا، وسمع ولده بقراءتي الكثير، والله أعلم، وتوفي بشيراز في شعبان.

قال ابن النجار: ورحل، وسمع من عبد الغفار الشيرويي، وعدة، وأكثر

ص: 931

عن أبي علي الحداد فمن بعده، وكتب ما لا يدخل تحت الحد، وكان مليح الخط، سريع القراءة، رأيت بخطه كتاب التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، فذكر في آخره أنه كتبه في يوم واحد، وكانت له معرفة بالحديث والأدب، وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

444 -

‌ عبد العزيز بن بدر

، القاضي أبو القاسم القصري، قصر كنكور.

سمع: أبا غالب أحمد بن محمد بن أحمد الهمذاني، وحمد بن نصر الأعمش، مات في المحرّم في عشر الثمانين.

روى عنه: أبو سعد السمعاني.

445 -

‌ عبد المغيث بن محمد بن أحمد بن المطهِّر

، أبو تميم العبدي، الخطيب، الصالح، الأصبهاني.

سمع: حمد بن ولكيز، والمطهّر البزّاني.

قال السمعاني: مات في صفر عن أربع وثمانين سنة.

446 -

‌ عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور بن ماح

، أبو الفتح الكروخي، الهروي.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، ديّن، خيّر، حسن السيرة، صدوق، ثقة، قرأت عليه جامع الترمذي، وقُرئ عليه عدة نوَب ببغداد وكتبَ به نسخةً بخطه ووقفها، وسمع: أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبا نصر الترياقي، وأبا بكر الغورجي، وأبا المظفّر عبيد الله الدهّان، وأبا عطاء، وجماعة، ووجدوا سماعه في أصول المؤتَمن الساجي، وأبي محمد ابن السمرقندي، وغيرهما، وكنت أقرأ عليه جامع أبي عيسى، فمرض، فنفذ له بعض من كان يحضر معنا السماع شيئًا من الذهب، فما قبل، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟! وردّه مع الاحتياج إليه، ثم انتقل في آخر عمره إلى مكة،

ص: 932

وجاور بها حتى توفي، وكان ينسخ الترمذي بالأجرة ويأكل منها، وقال لي: ولدت في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وأربعمائة بهراة، وكروخ: على عشرة فراسخ من هَراة.

وقال الحافظ ابن نقطة: كان صوفيًا، وحدّث بالجامع عن أبي عامر الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد التاجر، وعبد العزيز بن محمد الترياقي، سوى الجزء الأخير ليس عند الترياقي، وأول الجزء: مناقب ابن عباس، وقد سمع الجزء المذكور من أبي المظفر عبيد الله بن علي الدهان، قالوا: أخبرنا عبد الجبار الجراحي، عن المحبوبي، عن الترمذي، وقد سمع من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، وشيخ الإسلام الأنصاري، وحكيم بن أحمد الإسفراييني، وحدثنا عنه: أبو أحمد عبد الوهّاب ابن سُكينة، وعمر بن طبرزد، وأبو بكر المبارك بن صدقة الباخرزي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن علي الغزنوي، وعلي بن أبي الكرم المكي ابن البنّاء خاتمة أصحابه، وهؤلاء الجماعة سمعوا منه كتاب الجامع لأبي عيسى. وقال الحافظ يوسف بن أحمد البغدادي: هو من جملة من لحقته بركةُ شيخ الإسلام، ولازم الفقر والورع إلى أن توفي بمكة في خامس وعشرين ذي الحجة، بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام.

قلت: وكذا ورّخ ابن السمعاني، وغيره.

وقد روى عنه خلق من المغاربة والمشارقة، منهم: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج ابن الجوزي، والخطيب عبد الملك بن ياسين الدولعي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو القاسم عبد المعز بن عبد الله الهروي الأنصاري، وعبد السلام بن مكي القيّاري، والمبارك بن صدقة الباخرزي، وزاهر بن رستم، وعبد الملك بن المبارك الحريمي، ومحمد بن معالي ابن الحلاوي الفقيه، وأحمد بن يحيى ابن الدبيقي، وثابت بن مشرّف البنّاء.

447 -

‌ عبد الملك بن عبد الله بن عمر بن محمد

، الشريف العمري، من ذريّة سالم بن عبد الله بن عمر.

هروي، سكن أزجاه واستوطنها، وهي من ناحية خابران.

ص: 933

قال ابن السمعاني: كان شريفًا، فاضلًا، عالمًا، متواضعًا، حسن السيرة، قدم علينا مرو قبل وقعة الغزّ، وكان بمرو حين الوقعة، وعذّبوه بأنواع العقوبة، وتوفي في شعبان، وولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وسمع: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني.

448 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عبد الجبار بن عبد الواحد

، الإمام أبو محمد التوثي، المروزي، وتوث: من قرى مرو.

كان فقيهًا، مسنًا، صحب أبا المظفّر السمعاني، وتفقّه عليه مدة.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: عمّر العمر الطويل حتى قارب المائة، وسمع: محمد بن الحسن المهربندقشاني، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وجدي الأعلى أبا المظفّر شيخه، وحملني والدي إليه إلى قريته لأسمع منه، فسمعت منه، وهلك في معاقبة الغزّ في خامس شعبان، وكان مولده في حدود خمسين وأربعمائة.

449 -

‌ عبد الوهاب بن عبد الباقي بن مدلل

، أبو الفرج البغدادي، الغزّال.

سمع من: طراد، وأبي طاهر بن سوار، روى عنه: أبو سعد السمعاني.

450 -

‌ عتيق بن أحمد بن محمد بن خالد

، أبو بكر القرشي المخزومي الأندلسي.

أخذ عن أبي الوليد ابن الدباغ، وقرأ القراءات على ابن هذيل، ودرس الفقه والأصول والعربية، وبرع في علوم عديدة.

توفي شابا، وقد أخذ عنه الأشعار الستة أبو عبد الله بن نوح الغافقي.

451 -

‌ عدنان بن نصر بن منصور الطبيب

، الأستاذ، موفق الدين، أبو نصر ابن العين زربي.

ص: 934

اشتغل بالطب، والفلسفة ببغداد، ومهر فيها وفي التنجيم، ثم سكن مصر، وخدم الخلفاء الباطنية، ونال دنيا واسعة، وصنّف كتبًا كثيرة في الطب، والمنطق، والهذيان، وتخرج به جماعة، وكان في صباه منجّمًا، وقرأ مع ذلك العربية، وكتب الخط المليح، وتوفي في هذه السنة.

452 -

‌ علي بن أحمد بن محمد المقرئ

، أبو الحسن البغدادي، الخيّاط، أخو أبي نصر محمد.

سمع من: طِراد والنعالي، وعنه: يوسف بن كامل.

مات سنة ثمان في ذي القعدة.

453 -

‌ علي بن الحسن بن محمد

، أبو الحسن البلخي، الحنفي، الفقيه.

سمع بما وراء النهر، وسمع بمكة من رزين العبدري، وتفقّه على جماعة، ووعظ بدمشق، ثم درّس بالصادرية وتفقّه عليه جماعة، وجعلت له دار الأمير طرخان مدرسة، وقامت عليه الحنابلة لأنه أظهر خلافهم، وتكلم فيهم، ورزق وجاهةً من الناس، وكان كثير البذل، لا يدّخر شيئًا.

توفي في شعبان بدمشق، وإليه تُنسب المدرسة البلخية التي داخل الصادرية.

وكان يلقّب برهان الدين، وكان معظّمًا في الدولة، ودرّس أيضًا بمسجد خاتون، وأقبلت عليه الدنيا، فما التفت عليها، قيل: إن نور الدين حضر مجلس وعظه بالجامع، فناداه: يا محمود، وهو الذي قام في إبطال حيّ على خير العمل من الأذان بحلب.

وقد أخذ جلّ علمه ببخارى عن البرهان بن مازة، وقدم دمشق، ونزل بالصادرية، ومدرّسها علي بن مكي الكاساني، وناظر في الخلافيات، ثم حج وجاور، وأمّ بمكة، ثم إن الكاساني قال لأصحابه: كاتبوه ورغّبوه في الرجوع.

ص: 935

ثم إنه قدم دمشق وتسلّم المدرسة، وكثُر أصحابه، ووجه من أحضر كتبه من خراسان.

قال السمعاني: روى عن أبي المعين المكحولي، وأبي بكر محمد بن الحسن النّسفي، كتبت عنه.

454 -

علي بن الحسن بن محمد، أبو الحسن الطوسي، الطابراني، الصوفي، المقرئ.

كان عارفًا بالقراءات، وسمع من: أحمد بن عبد الجبار النيسابوري، وغيره، روى عنه: حفيده المؤيّد بن محمد الطوسي، وهو ضبط موته.

455 -

‌ علي بن السّلار

، الوزير أبو الحسن الكردي، الملقّب بالملك العادل سيف الدين، وزير الخليفة الظافر العبيدي، صاحب مصر.

كان كرديًا، زرزاريًا فيما قيل، وتربى في القصر بالقاهرة، وتنقلت به الأحوال في الولايات بالصعيد وغيره إلى أن ولّي الوزارة في رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

وقد كان الظافر استوزر نجم الدين سليم بن مصّال في أول دولته، وكان ابن مصّال من كبار أمراء دولته، ثم تغلب عليه ابن السلار، فعدى ابن مصال إلى الجيزة في سنة أربع وأربعين، عندما سمع بقدوم ابن السلار من ولاية الإسكندرية طالبًا الوزارة ليأخذها بالقهر، فدخل ابن السلار القاهرة، وغلب على الأمور، وتولى تدبير المملكة، ونُعت بالعادل أمير الجيوش، فحشد ابن مصّال وجمع عسكرًا من المغاربة وغيرهم، وأقبل، فجرّد ابن السلار لحربه جيشًا، فالتقوا، فكُسر ابن مصّال بدلاص من الوجه القبلي، وقُتل، وأُخذ رأسه ودُخل به القاهرة على رُمح في ذي القعدة من السنة.

وكان ابن السّلار شهمًا، شجاعًا، مِقدامًا، مائلًا إلى أرباب العلم والصلاح، سنيًا، شافعيًا، ولي ثغر الإسكندرية مدة، واحتفل بأمر أبي طاهر السلفي، وزاد في إكرامه وبنى له المدرسة العادلية، وجعله مدرسها، وليس بالثّغر مدرسة للشافعية سواها، إلا أنه كان جبارًا، ظالمًا، ذا سطوة، يأخذ

ص: 936

بالصغائر والمحقّرات، فمما نقل ابن خلّكان في ترجمته عنه أنه لما كان جنديًا دخل على الموفّق بن معصوم التنيسي متولي الديوان، فشكى إليه غرامة لزمته في ولايته بالغربية، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني، فحقدها عليه، فلما وزر اختفى الموفّق، فنودي في البلد: إن من أخفاه فدمه هدر، فأخرجه الذي خبأه، فخرج في زي امرأة، فعُرف، وأُخذ، فأمر العادل بإحضار لوح خشب، ومسمار طويل، وعُمل اللوح تحت أذنه، وضُرب المسمار في الأذن الأخرى حتى تسمّر في اللوح، وصار كلما صرخ يقول له: دخل كلامي في أذنك أم لا؟

وكان قد وصل من إفريقية أبو الفضل عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس الصنهاجي، وهو صبي مع أمه، فتزوج بها العادل قبل الوزارة، وأقامت عنده مدة، وتزوج عباس، وجاءه ولد، فسماه نصرًا، فأحبه العادل، وعزّ عنده، ثم إن العادل جهّز عباسًا إلى الشام بسبب الجهاد، وفي صحبته أسامة بن منقذ، فلما قدِم بلبيس تذاكر هو وأسامة طيب الديار المصرية، وكرها البيكار والقتال، فأشار عليه أسامة، على ما قيل، بقتل العادل، وأن يستقلّ هو بالوزارة، وتقرر الأمر بينهما أن ولده نصرًا يباشر قتل العادل إذا نام، وحاصل الأمر أن نصرًا قتل العادل على فراشه في سادس المحرم بالقاهرة، ونصر المذكور هو الذي قتل الخليفة الظافر إسماعيل ابن الحافظ أيضًا في العام الآتي.

456 -

‌ علي بن معضاد الدمشقي

، الدبّاغ، المقرئ بالألحان، الطفيلي.

روى عن: أبي عبد الله بن أبي الحديد، روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم.

457 -

‌ عمر بن علي بن الحسين

، أبو حفص البلخي، الأديب، ويُعرف بأديب شيخ، ويلقب أيضًا بالشيخي.

سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ومحمد بن حسين السمنجاني.

ص: 937

قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه الشمائل للترمذي ببلخ، مات في جمادى الأولى سنة ثمان.

458 -

‌ أبو الفتوح ابن الصّلاح الفيلسوف

.

ورّخ موته فيها أبو يَعلى حمزة في تاريخه، وقال: كان غاية في الذكاء، وصفاء الحس، والنفاذ في العلوم الرياضية: الطب، والهندسة، والمنطق، والحساب، والنجوم، والفقه، والتواريخ، والآداب، بحيث وقع الإجماع عليه بأنه لم يُر مثله في جميع العلوم، وكان لا يقبل من الولاة صلة، قدم دمشق في أوائل العام من بغداد، ومات.

459 -

‌ الفضل بن سهل بن بِشر بن أحمد

، الإسفراييني، ثم الدمشقي، أبو المعالي بن أبي الفتوح، ويُعرف بالأثير الحلبي.

ولد بمصر، ونشأ ببيت المقدس، وسافر إلى العراق، وخُراسان تاجرًا، وله شِعر وسط.

سمع بدمشق: أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي، وأجاز له أبو بكر الخطيب الحافظ، وأقام بحلب مدة فنسب إليها، ووعظ بها، وكان مليح الخط، وداخل الشيخ أبا الفتح الإسفراييني، وزعم أن بينه وبينه قرابة، وكان قد سمع من أبيه كتاب السنن الكبير للنسائي، القدر الذي سمعه أبوه بمصر، وحدّث بأكثر تاريخ بغداد أو كله عن الخطيب إجازة.

قال السمعاني: سمعتهم يتهمونه بالكذب في حكاياته، وسماعه صحيح.

قلت: روى عنه ابن السمعاني، والحافظ ابن عساكر، وجماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقير، توفي في رجب ببغداد.

460 -

‌ الليث بن أحمد بن أبي الفضل

، أبو الفضل البغوي، وقيل: اسمه صالح.

شيخ من أهل القرآن والعبادة، سمع جامع الترمذي من أبي سعيد

ص: 938

محمد بن علي بن أبي صالح، روى عنه: السمعاني، وقال: عُدم في إغارة الغزّ وهو في عشر التسعين.

461 -

‌ محمد بن أحمد بن علي بن مجاهد

، أبو سعد الخُسروشاهي، المروزي.

تفقّه على الإمام أبي المظفّر ابن السمعاني، والفقيه محمد بن عبد الرزاق الماخواني، وكان شيخًا، صالحًا، سليم الجانب، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: مات بعد وقعة الغزّ بمرو في رجب.

462 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل بن أحمد

، الإمام أبو سعد الخليلي النوقاني.

ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: توفي في أواخر المحرّم بنوقان، رحمه الله.

قال أبو سعد في التحبير: هو من أهل نوقان طوس، إمام، حافظ، فقيه، مفسّر، أديب، شاعر، واعظ، حسن السيرة، سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، كتبتُ عنه بنوقان في المرات الأربع، وكان من مفاخر خراسان.

463 -

‌ محمد بن الحسن بن أبي جعفر

، أبو بكر الزوزني، الأديب، من أهل مرو.

كان فقيهًا، صالحًا، أديبًا، ديّنًا، قرأ الفقه، وسمع من: عبد الغفار الشيرويي، روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وعُدِم في وقعة الغزّ.

464 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد

، أبو نصر المروزي، الأديب.

ثقة، خيّر، تخرّج به جماعة، سمع: محمد بن الفضل الخرقي، وعبيد الله بن محمد الهشامي، وكامكار المروزيين، أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في رجب في معاقبة الغز، وله ستٌ وثمانون سنة.

ص: 939

465 -

‌ محمد بن أبي سعيد بن محمد

، أبو بكر المروزي، الدرغاني، البزّاز، الفقيه، شريك أبي بكر محمد ابن السمعاني.

قرأ قطعة من الفقه على: أبي المظفّر ابن السمعاني، ثم أقبل على جمع الدنيا، وكان يشرب الخمر ويرى رأي الأوائل على ما قيل، وكان مظلمًا، وكان مولده سنة نيّف وخمسين وأربعمائة، وكان يروّض نفسه ويداريها بالأغذية، سمع: أبا الفتح عبيد الله الهشامي، وإسماعيل بن محمد الزاهري.

قُتل تحت عقوبة الغزّ في رجب، قاله عبد الرحيم ابن السمعاني، وحدّث عنه.

466 -

‌ محمد بن عبد الله بن الحسين بن بُكير

، أبو علي الفارقي، ثم الكرخي، التاجر.

حدّث بمرو عن أصحاب أبي علي بن شاذان، توفي بنواحي جوين في شعبان.

467 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي صالح

، البسطامي، أبو علي الفقيه، المعروف بإمام بغداد.

قال ابن السمعاني: كان فقيهًا، مناظرًا، وشاعرًا مجوّدًا، تفقه على إلكيا الهرّاسي، وسمع من: أبي الحسن ابن العلاف، وتوفي في رجب ببلخ، ولم يحدّث.

468 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي توبة

، أبو الفتح الكشميهني، الخطيب، المروزي.

شيخ الصوفية بمرو، وآخر من روى في الدنيا عن أبي الخير محمد بن أبي عمران، سمع منه صحيح البخاري، وكان مولده في سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: توفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وسمعت منه كتاب الصحيح مرتين.

ص: 940

وقال ابن نقطة: سمع منه صحيح البخاري جماعة، منهم ابنه أبو عبد الرحمن محمد بن محمد، وشريفة بنت أحمد بن علي الغازي، ومسعود بن محمود المنيعي، وقال: قال أبو سعد: كان شيخ مرو في عصره، تفقّه على جدي وصاهره على بنت أخيه، لم أر في شيوخ الصوفية مثله، وكان لي مثل الوالد للمودة الأكيدة، سمع من الجدّ، ومن: أبي الفضل محمد بن أحمد العارف الميهني، وهبة الله بن عبد الوارث، سمعت منه الكثير، وأضرّ في الآخر، قال: ومولده في ذي القعدة سنة إحدى وستين، إلى أن قال السمعاني: كان عالمًا، حسن السيرة، جميل الأمر، سخيًا، مُكرِمًا للغرباء، وكان سماعه للصحيح سنة إحدى وسبعين بقراءة الحافظ أبي جعفر الهمذاني، عمره تسع سنين.

469 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن

، أبو طالب الكنجروذيُّ النَّيسابوريُّ الحيريُّ الجيزبارانيُّ.

سمع أبا الحسن أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي، والفضل بن عبد الله بن المُحب، وأبا إسحاق الشِّيرازي الفقيه، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وغيرهم. وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: توفي في خامس رجب، وكان من بقايا الشيوخ.

وروى عنه القاسم ابن الصفار، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا عبد الجبار بن عبد الخالق بن زاهر.

470 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن أحمد

، أبو الفتح بن أبي القاسم الشهرستاني، المتكلم، ويلقب بالأفضل.

كان إمامًا، مبرزًا في علم الكلام والنظر، تفقّه على أحمد الخوافي، وبرع في الفقه، وقرأ الكلام والأصول على أبي نصر ابن القُشيري، وأخذ عنه طريقة الأشعري، وقرأ الكلام أيضًا على الأستاذ أبي القاسم الأنصاري.

ص: 941

وصنّف كتاب الملل والنحل، وكتاب نهاية الإقدام، وغير ذلك.

وكان كثير المحفوظ، مليح الوعظ، دخل بغداد سنة عشر وخمسمائة، وأقام بها ثلاث سنين، ووعظ بها، وظهر له قبول عند العوام، وقد سمع بنيسابور من: أبي الحسن علي بن أحمد المديني، وغيره.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه بمرو، وقال لي: ولدت بشهرستان في سنة سبع وستين وأربعمائة، وبها توفي في أواخر شعبان، غير أنه كان متّهمًا بالميل إلى أهل القلاع، يعني الإسماعيلية، والدعوة إليهم، والنصرة لطامّاتهم.

وقال في التحبير: هو من أهل شهرستانة، كان إمامًا أصوليًا، عارفًا بالأدب والعلوم المهجورة، وهو متّهم بالإلحاد والميل إليهم، غالٍ في التشيع.

ثم ذكر نحوًا مما تقدم، لكن قال في مولده سنة تسع، بدل سبع، فالله أعلم.

471 -

‌ محمد بن عمر بن محمد بن علي

، الإمام أبو الفتح الشيرزي، السرخسي، ثم المروزي.

فقيه، فاضل، مناظر، شاعر، سمع بنفسه من جماعة كأبي نصر محمد بن محمد الماهياني، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وأبي بكر عبد الغفار الشيرويي.

قتل في عاشر رجب بمرو فيمن قُتل، روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.

472 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي طلحة

، الحافظ أبو طاهر بن أبي بكر المروزي، السنجي، المؤذن، الخطيب.

ولد بقرية سنج العظمى في سنة ثلاث وستين وأربعمائة أو قبلها، وسمع الكثير، ورحل إلى نيسابور، وبغداد، وأصبهان، وتفقّه أولًا على الإمام أبي المظفّر ابن السمعاني، وعلى: عبد الرحمن الزاز، وكتب الكثير، وحصّل.

وقال أبو سعد السمعاني: كان إمامًا، ورعًا، متهجدًا، متواضعًا، سريع الدمعة، سمع: إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخُشنامي، وفَيد بن

ص: 942

عبد الرحمن الشعراني الهمذاني، والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت ابن بُندار، وجعفرا السّراج، وأبا البقاء المعمر الحبّال، وعبد الملك بن بتنة لما حج، وأبا بكر أحمد بن محمد الحافظ ابن مردويه، وأبا سعد المطرّز، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وعبد الله بن أحمد النيسابوري صاحب عبد الغافر الفارسي، وخلقًا سواهم، وكان من أخصّ أصحاب والدي في الحضر والسّفر، سمع الكثير معه، ونسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث، وهو ثقة، ديّن، قانع بما هو فيه، كثير التلاوة، حجّ مع والدي، وكان يتولى أموري بعد والدي، وسمعت من لفظه الكثير، وكان يلي الخطابة بمرو في الجامع الأقدم، وتوفي في التاسع والعشرين من شوال.

قلت: سمع منه: عبد الرحيم ابن السمعاني سنن النسائي، وصحيح مسلم، وكتاب الرقاق لابن المبارك، بروايته له عن إسماعيل الزاهري، عن إسماعيل بن ينال المحبوبي، وكتاب حلية الأولياء لأبي نُعيم، وكتاب الأحاديث الألف لشيخه الإمام أبي المظفر عبد الجبار ابن السمعاني، وأشياء أخر.

473 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن خلف

، العدل، أبو نصر البلخي.

سمع من: أحمد بن محمد الخليلي.

قال السمعاني: كتبت عنه ببلخ، وولد في سنة اثنتين وسبعين، وله إجازة من القاضي الخليل بن أحمد السجزي، مات في صفر.

474 -

‌ محمد بن محمد بن منصور

، أبو سعد المروزي، الغزّال، الغازي.

قتل في وقعة الغز بمرو، روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، قال: حدثنا أبو الفتح عبيد الله بن محمد بن أزدشير بن محمد الهشامي، قال: أخبرنا جدي، فذكر حديثًا.

ص: 943

475 -

‌ محمد بن محمد بن أبي الخير

، أبو بكر الصوفي الشيرازي، ثم المروزي.

حدّث عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وهو من كهول شيوخه، وقتل في وقعة الغزّ.

476 -

‌ محمد بن المفضّل بن سيار بن محمد

، أبو عبد الله الهروي، الدهان، وهو محمد أميرجة.

سمع بإفادة عمه صاعد بن سيار من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، والقاضي أبي عامر الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي، ونجيب بن ميمون، وجماعة، وحدّث بمرو، وهراة.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعتُ منه درجات التائبين لإسماعيل المقرئ، بروايته عن أبي عطاء المليحي، عنه، وولد في سنة خمس وسبعين، وتوفي في ذي الحجة بمرو.

وأخوه أبو نصر محمد بن المفضل، ولد سنة سبع وثمانين، وسمع من أبي عطاء المليحي وصاعد بن سيار القاضي، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني أيضا، في التحبير للسمعاني في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وقد نبهت على ذلك.

477 -

‌ محمد بن نصر بن صغير بن خالد

، أبو عبد الله القيسراني، الأديب، صاحب الديوان المشهور، وحامل لواء الشعر في زمانه.

ولد بعكا، ونشأ بقيسارية فنسب إليها، وسكن دمشق وامتدح الملوك والكبار، وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع، وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده، ثم سكن حلب مدة، وولي بها خزانة الكتب، وتردد إلى دمشق، وبها مات، وقد قرأ الأدب على توفيق بن محمد، وأتقن الهندسة، والهيئة، والحساب، والنجوم، وصحب أبا عبد الله ابن الخياط الشاعر، فتخرّج به في القريض، وانطلق لسانه بشعر أرقّ من نسيم السحَر، وألذّ من سماع الوتر، ودخل بغداد، ومدح صاحب ديوان الإنشاء بها سديد الدولة محمد ابن الأنباري.

ص: 944

ومن شعره:

مَن لقلبٍ يألف الفكَرا ولعينٍ ما تذوق كَرا ولصبٍ بالغرام قضى ما قضى من حُبّكم وطَرا ويحَ قلبي من هوى قمر أنكرتْ عيني له القمرا حالفتْ أجفانَه سنة قتلتْ عُشّاقَه سهرا يا خليليّ اعذرا دنِفًا يصطفي في الحب من عذرا وذراني من ملامكُما إن لي في سلوتي نظرا وله:

سقى الله بالزوراء من جانب الغرب مهًا وردت ماء الحياة من القلب عفائف إلا عن مُعاقرة الهوى ضعائف إلا عن مغالبة الصبِ تظلّمت من أجفانهن إلى النوى سفاهًا، وهل يُعدى البعادُ على القُرب ولما دنا التوديع قلت لصاحبي حنانيك، سِر بي عن ملاحظة السرب إذا كانت الأحداق نوعًا من الظُبى فلا شك أن اللحظ ضربٌ من الضرب تقضّى زماني بين بينٍ وهجرةٍ فحتام لا يصحو فؤادي من الحب وأهوى الذي أهوى له البدرُ ساجدًا ألستَ ترى في وجهه أثر التربِ وأعجب ما في خمر عينيه أنها تضاعف سُكري كلما قللتُ شربي وما زال عوّادي يقولون: من به وأكتمهم حتى سألتهم: من بي فصرت إذا ما هزّني الشوق هزة أحلت عذولي في الغرام على صحبي وعند الصبا منا حديثٌ كأنه إذا دار بين الشرب ريحانة الشرب تنم عليه نفحة بابلية نمت من ثناياها إلى البارد العذب تُراحُ لها الأرواح حتى تظنها نسيم جمال الدين هبّ على الركب وخرج إلى مديح الوزير جمال الدين أبي المحاسن علي بن محمد.

ومن شعره:

ص: 945

يا هلالًا لاح في شفقِ أعْفِ أجفاني من الأرقِ فكّ قلبي يا معذبه فهو من صدغيك في حلقِ وله في خطيب:

شُرح المنبر صدرًا لتلقيك رحيبا أترى ضم خطيبًا منك، أم ضُمِّخ طيبا؟ قال ابن السمعاني: هو أشعر رجل رأيته بالشام، غزير الفضل، له معرفة تامة باللغة والأدب، وله شعر أرق من الماء الزلال، سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بعكا.

وقال الحافظ ابن عساكر: لما قدم القيسراني دمشق آخر قدمة نزل بمسجد الوزير ظاهر البلد، وأخذ لنفسه طالعًا، فلم ينفعه تنجيمه، ولم تطل مدته، وكان قد أنشد والي دمشق قصيدة، مدحه بها يوم الجمعة، فأنشده إياها وهو محموم، فلم تأت عليه الجمعة الأخرى، وكنت وجدت أخي قاصدًا عيادته فاستصحبني معه، فقلت لأخي في الطريق: إني أظن القيسراني سيلحق ابن منير كما لحق جريرُ الفرزدق، فكان كما ظننت، فلما دخلنا عليه وجدناه جالسًا، ولم نر من حاله ما يدل على الموت، وذكر أنه قد تناول مُسهلًا خفيفًا، فبلغنا بعد ذلك أنه عمل معه عملًا كثيرًا، فمات ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان، ودُفن بباب الفراديس.

قلت: وفي أولاده جماعة وزراء وفُضلاء.

478 -

‌ محمد بن يحيى بن أبي منصور

، العلامة أبو سعد النيسابوري، الفقيه الشافعي محيي الدين، تلميذ الغزالي.

تفقّه على: أبي حامد الغزالي، وأبي المظفّر أحمد بن محمد الخوافي، وبرع في الفقه، وصنف في المذهب والخلاف، وانتهت إليه رياسة الفقهاء بنيسابور، ورحل الفقهاء إلى الأخذ عنه من النواحي، واشتهر اسمه، وصنّف

ص: 946

كتاب المحيط في شرح الوسيط، وكتاب الانتصاف في مسائل الخلاف، ودرّس بنظامية نيسابور، وتخرّج به أئمة.

قال القاضي ابن خلّكان: هو أستاذ المتأخرين، وأوحدهم علمًا وزهدًا، سمع الحديث سنة ست وتسعين من أبي حامد أحمد بن علي بن عبدوس، وكان مولده سنة ست وسبعين بطرَيثيث، ويُنسب إليه من الشعر بيتان وهما:

وقالوا: يصير الشعر في الماء حيةً إذا الشمس لاقته فما خِلته حقا فلما التوى صُدغاه في ماء وجهه وقد لسعا قلبي تيقّنته صِدقا ولعلي بن أبي القاسم البيهقي فيه يرثيه وقد قتلته الغز:

يا سافكًا دم عالمٍ متبحّر قد طار في أقصى الممالك صيتُه بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف من كان مُحيي الدين كيف تُميتُه؟ ومما قيل فيه:

رفاتُ الدين والإسلام تُحيى بمحيي الدين مولانا ابن يحيى كأن الله ربَّ العرش يُلقي عليه حين يلقي الدرس وحيا قتلته الغز، قاتلهم الله، حين دخلوا نيسابور في رمضان، دسّوا في فيه التراب حتى مات، رحمه الله.

وقال السمعاني: سنة تسع في حادي عشر شوال بالجامع الجديد، قتلته الغز لما أغاروا على نيسابور، قال: ورأيته في المنام، فسألته عن حاله، فقال: غُفر لي، وكان والده من أهل جَنزة، فقدم نيسابور، لأجل القشيري، وصحبه مدة، وجاور، وتعبّد، وابنه كان أنظر الخراسانيين في عصره، وقد سمع من: نصر الله الخُشنامي، وجماعة، كتبت عنه.

479 -

‌ محمود بن الحسين بن بُندار بن محمد

، أبو نجيح بن أبي الرجاء الطلحي، الأصبهاني، الواعظ.

قال ابن السمعاني: ولد في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وسمع: مكي بن منصور الثقفي، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأبا مطيع محمد بن

ص: 947

عبد الواحد، وورد بغداد، وسمع الكثير بقراءته على ابن الحُصين، وطبقته، وله قبولٌ تام في الوعظ عند العامة، وهو شيخ، متودد، مطبوع، كريم، حريص على طلب الحديث، كتبت عنه، وكتب عني أيضا، وتوفي في سلخ ربيع الآخر.

قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وأبو أحمد ابن سُكينة.

480 -

‌ محمود بن كاكويه بن أبي علي

، أبو القاسم المروروذي.

ولد سنة ستين وأربعمائة، وحدّث بـ جامع أبي عيسى، عن عمه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله العلائي، عن الجراحي.

توفي في أحد الربيعين أو الجماديين.

481 -

‌ المطهر بن محمد بن محمد بن محمد

ابن الأستاذ أبو طاهر الطوسي الصوفي شيخ الصوفية بطوس.

كان يخدمهم، ويحصّل الأموال، ويُنفق عليهم، حدّث عن: أبي الفتح ناصر العيّاضي، وقُتل صبرًا بمرو في فتنة الغُز في رجب، روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.

482 -

‌ ناصر بن حمزة

، أبو المناقب بن طباطبا العلوي، الأصبهاني.

سمع جزء لوين من ابن ماجه الأبهري، أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في ربيع الآخر.

483 -

‌ نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود

، أبو القاسم السوسي، ثم الدمشقي.

سمع من: جده، وأبي القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الإسفراييني، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه القاسم، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وطرخان بن ماضي الشاغوري، وآخرون.

قال ابن عساكر: كان شيخًا مستورًا، لم يكن الحديث من شأنه، توفي في تاسع عشر ربيع الأول.

قلت: وهو راوي جزء علي بن حرب، راوية البلديين.

ص: 948

484 -

‌ النعمان بن محمد بن النعمان

، أبو سهل الباجخوستي، وهي من قرى مرو.

شيخ صالح، متعبد، خيّر، فلاح يأكل من زراعته، ثم عجز ولزم بيته، روى عن الأديب كامكار المحتاجي.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه أوراقًا، وتوفي في أواخر رمضان، وله نيّف وثمانون سنة.

485 -

‌ هبة الله بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله

، أبو القاسم بن أبي عبد الله بن أبي شريك البغدادي الحاسب.

سمع: أباه، وأبا الحسين ابن النقور.

قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه، وكان على التركات، وكانت الألسنة مجمعة على الثناء السيئ عليه، وكانوا يقولون: إنه ليست له طريقة محمودة، وقال لي: ولدت في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة، توفي فيما بين أواخر صفر وأوائل ربيع الأول.

قلت: روى عنه: أبو الفتوح محمد بن علي الجلاجلي، والحافظ أبو الفرج ابن الجوزي، والفتح بن عبد السلام، وآخرون.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا الفتح بن عبد السلام، قال: أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، قال: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، قال: حدثنا عيسى بن علي، قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد، قال: قال رسول الله صلى الله علي وسلم: من جهّز غازيًا أو حاجًا أو معتمرًا أو خلفه في أهله فله مثل أجره.

ص: 949

486 -

‌ هبة الكريم بن خلف بن المبارك بن البطر

، أبو نصر ابن الحنبلي، البغدادي، البيّع.

تفقّه على أسعد الميهني، ثم ترك الفقه، واشتغل بالكسب والتجارة، سمع قرابته أبا الخطاب بن البطر، روى عنه: أبو سعد ابن السمعاني، وقال: توفي في ثامن ربيع الآخر.

487 -

‌ يحيى بن إبراهيم بن أحمد

، أبو بكر بن أبي طاهر السَّلماسيُّ الواعظ الصوفيُّ.

قَدِمَ دمشق في هذه السنة، ووعظ، ونزل بخانقاه السُّميساطية، وحدَّث عن أبيه، وخليل بن شعبان، ونصر بن محمد بن صفوان المَوْصلي، ومحمود ابن سعادة، وجماعة. وكان حنبليًّا.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وعبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، وعبد الوهَّاب بن مُنَجَّى، وأبو القاسم بن صصرى، وآخرون.

قال ابن عساكر: صنَّف كتاباً سمَّاه: باب المدينة في فضائل عليّ رضي الله عنه، وتقرَّب إلى الأجل أبي الفوارس ابن الصوفي أبان فيه عن قلة معرفة بالحديث وكثرة نفاقه في الاعتقاد. وقد ولد في سنة أربع وسبعين وأربع مئة.

488 -

‌ يحيى بن الحسين بن سعيد

، أبو زكريا الغزنوي، الصوفي.

سافر من غزنة إلى خراسان، والعراق، والشام، وركب البحار، وسمع بسجستان من: أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار، وبكرمان: أبا غانم أحمد بن رضوان.

روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: مات في أواخر السنة، وجاوز السبعين.

489 -

‌ يوسف بن محمد بن فاره

، أبو الحجاج الأنصاري، الأندلسي.

ص: 950

نشأ بجيّان، وقدم العراق، ودخل خراسان، وسمع الكثير ونسخ وجمع، وسمع مع ابن عساكر، وابن السمعاني.

قال ابن السمعاني: كان شابًا، صالحًا، ديّنًا، خيّرًا، حريصًا على طلب العلم، مجدًّا في السماع، صحيح النقل، حسن الخط، له معرفة بالحديث، كتب عني وكتبت عنه، وكان حسن الأخلاق، متوددًا، متواضعًا، يفيد الناس ويسمعهم ويقرأ لهم، ثم دخل بلخ، وصار إمام مسجد راغوم إلى أن مات.

وقال لي: ولدت سنة بضع وتسعين وأربعمائة، وقد أسره الفرنج وقاسى شدائد، وخلّصه الله، توفي ببلخ في سلخ ذي القعدة.

قلت: لم يذكره أبو عبد الله الأبّار.

490 -

‌ أبو الحسين بن عبد الله بن حمزة المقدسي

، الزاهد.

من أولي المقامات والكرامات، قد جمع الضياء المقدسي جزءًا في أخباره، فسمعه منه بفوت ابنا أخويه: الفخر بن علي البخاري، والشمس محمد ابن الكمال.

قال: حدثني الإمام عبد الله بن أبي الحسن الحيّاني بأصبهان، قال: مضيت إلى زيارة الشيخ أبي الحسين الزاهد بحلب، ولم تكن نيتي صادقة في زيارته، فخرج إلي وقال: إذا جئت إلى المشايخ فلتكن نيّتُك صادقة في الزيارة، وقال: كان لي شَعرٌ قد طال، وكنت قد حلقته قبل ذلك، فقال لي أبو الحسين: إذا كنت قد جعلت شيئًا لله فلا ترجع فيه.

سألت خالي أبا عمر عن الشيخ أبي الحسين، وقلت له: هل رأيته يأكل شيئًا؟ قال: رأيته يأكل خرّوبًا، يمتصّه ثم يرمي به، ورأيته يأكل بقلًا مسلوقًا.

قال: ونقلت من خط الإمام أبي سعد السمعاني قال: سمعت سنان بن مشيّع الرّقي يقول: رأيت أبا الحسين المقدسي برأس العين، في موضع قاعدًا عريانًا، وقد اتّزر بقميصه، ومعه حمار، والناس قد تكابّوا عليه، فجئت وطالعته، فأبصرني وقال: تعال، فتقدّمت، فأخذ بيدي وقال: نتواخى؟ قلت: ما لي طاقة، فقال: أيش لك في هذا، وآخاني، وقال لواحد من

ص: 951

الجماعة: حماري يحتاج إلى رسن، بكم رسن؟ قالوا: بأربعة فلوس، فقال لواحد، وأشار إلى موضع في الحائط: فإني جُزت ههنا وقتًا، وخبّأت ثم أربع فلوس، اشتروا لي بها حبلًا، فأخذ الرجل الأربع فلوس، ثم قال: أريد أن تشتري لي بدينار سمك، قلت له: كرامة، ومن أين لك ذهب؟ قال: بلى، معي ذهب كثير، قلت: الذهب يكون أحمر، قال: أحمر، قال: أبصِر تحت الحشيش، فإني أظن أن لي فيه دينارًا، وكان ثمّ حشيش، فنحّيت الحشيش، فخرج دينار وازن، فاشتريت له به سمكًا، فنظّفه بيده، وشواه، ثم قلاه، ثم أخرج منه الجلد والعظم، وجعله أقراصًا، وجففه، وتركه في الجُراب، ومضى، وكان قوته من ذا، وله كذا وكذا سنة ما أكل الخبز، وكان يسكن جبال الشام، ويأكل البلوط والخرنوب.

قال: وقرأت بخط أبي الحجاج يوسف بن محمد بن مقلّد الدمشقي أنه سمع من الشيخ أبي الحسين أبياتًا من الشعر بمسجد باب الفراديس، ثم قال: وهذا الشيخ عظيم الشأن، يقعد نحو خمسة عشر يومًا لا يأكل إلا أكلةً واحدة، وأنه يتقوّت من الخرنوب البري، وأنه يجفف السمك ويدقّه، ويستفّه.

وحدثني الإمام يوسف ابن الشيخ أبي الحسين الزاهد المقدسي أن رجلًا كان مع الشيخ، فرأى معه صرة يستف منها، فمضى الشيخ يومًا وتركها، فأبصر الرجل ما فيها، فإذا فيها شيء مرّ، فتركها، فجاء الشيخ، فقال له: يا شيخ، ما في هذه الصرة؟ فأخذ منها كفًا وقال: كُل، قال: فأكلته، فإذا هو سكّر ملتوت بقلب لوز.

وأخبرنا أبو المظفّر ابن السمعاني، عن والده، قال: سمعت الشيخ عبد الواحد بن عبد الملك الزاهد بالكرج يقول: سمعتُ أبا الحسين المقدسي، وكان صاحب آيات وكرامات عجيبة، وكان طاف الدنيا، يقول: رأيت أعجميًا بخراسان يتكلم في الوعظ بكلام حسن، قلت: في أيها رأيت؟ قال: في مرو، واسمه يوسف، يعني يوسف بن أيوب الزاهد، قال عبد الواحد: ورأيته في غير الموسم، يعني أبا الحسين، بمكة مرات، فسلّمت عليه، فعرفني وسألني، فقلت له: أيش هذه الحالة؟ فقال: اجتزت ههنا، فأردت أن أطوف وأزور.

ص: 952

قال: وحدّثني أبو تمام حمد بن تُركي بن ماضي بن معرّف بقرية دجانية، قال: حدّثني جدي، قال: كنا بعسقلان في يوم عيد، فجاء أبو الحسين الزاهد إلى امرأة معها خبز سُخن، فقال: يا أم فلان، نشتهي من هذا الخبز السخن لزوجك، وكان في الحج، فناولته رغيفين، فلفّهما في مئزر، ومضى إلى مكة، فقال: خُذ هذا من عند أهلك، وأخرجه سُخنًا، ورجع، فقالوا: إنهم رأوه ضحوة بعسقلان، ورأوه ذلك اليوم بمكة، فجاء الرجل من الحج، فلقي أبا الحسين، فقال: ما أنت أعطيتني رغيفين؟ قال: لا تفعل قد اشتبه عليك.

وحدّثني قال: حدثني جدي، قال: كان أبو الحسين بعسقلان فوصّوا البوابين لا يخلّوه يخرج لئلا تأخذه الفرنج، فجاء إلى باب، وعمل أبو الحسين طرف قميصه في فيه، وسعى من الباب، قال: فإذا هو في جبل لبنان، قال: فقال لنفسه: ويلك يا أبا الحسين، وأنت ممن بلغ إلى هذه المنزلة، أو كما قال.

وسمعت الإمام الزاهد أحمد بن مسعود القرشي اليماني يقول: حدّثني أبي قال: قالت الفرنج: لو أن فيكم رجلًا آخر مثل أبي الحسين لاتّبعناكم على دينكم، مروا يومًا فإذا هو راكب على سبع، وفي يده حية، فلما رآهم نزل ومضى.

وقال أبو سعد السمعاني: سمعت الزاهد عبد الواحد بالكرج، قال: سمعت الكفار يقولون: الأسود والنمور كأنها نعم أبي الحسين المقدسي.

قال الضياء: وقد سمعنا له غير ذلك من مشي الأسد معه.

وحكى له الضياء، فيما رواه، أنه عمل مرة حلاوة من قشور البطيخ، فغرف حلاوة من أحسن الحلاوة.

قال: وحدثني الإمام عبد المحسّن بن محمد ابن الشيخ أبي الحسين، قال: حدثني أبي، قال: كان والدي يعمل لنا الحلاوة من قشور البطيخ ويسوطها بيده، قال: فعملنا بعد موته من قشور البطيخ، فلم تنعمل، فقالت أمي: بقيت تعوز المغرفة، تعني يده.

حدثني الإمام عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار، قال: حدّثني جمال

ص: 953

الدولة سنقر ابن التماني، قال: جاء الشيخ أبو الحسين عندنا مرة إلى سوق العرب، فقلنا له: يا شيخ ما تُطعمنا حلاوة، قال: هاتوا لنا مرجلا، فجئنا له بمرجل، فجمع قشور البطيخ، وتركه فيه، وأوقد تحته، وجعل يسوطه بيده، فصار حلاوة ما رأينا مثلها، لا قراضيّة ولا صابونية.

قال: وسمعت عبد الله بن عبد الجبّار البدوي بديرة بظاهر القدس قال: حدثني عيسى المصري، قال: جاء أبو الحسين إلى حلب، فقال له رجل: تنزل عندي، قال: على شرط أنزل أين أردت، فقال: نعم، فجاء فنزل في الحشّ.

حدّثني الحاج نجم الدين بن سعد بدجانية، قال: حدّثني الشيخ أحمد بن مسعود اليماني قال: جاء أبو الحسين إلى أبي وأنا صبي، فقال: يا شيخ، قُل للجماعة يعطوني جزوي من العنب، فجاء ذا بسلّ عنب، وذا بسل، حتى صار منه شيء كثير، فقال لي: تعال اعصُره، قال: فبقيت أطأه حتى ينعصر، وجعله في قدر، وغلى عليه، فصار دبسًا، وجاء إلى خرق في الأرض، وصبّه فيه، ويقول: امضِ إلى أخي الفلاني في البلد الفلاني، ويسمي أصدقاءه حتى فرغ منه.

وحدثني خالي الزاهد أبو عمر، قال: كان أبو الحسين يأتي إلى عندنا، وكان يقطع البطيخ ويطبخه، واستعار مني سكينًا لي يقطع بها البطيخ فجرحته، فقال: ما سكينك إلا حمقاء.

ومشى هو وسالم أبو أحمد وعمي إلى صرخد، ومعه رجل مصري، فحمّله على رأسه جرة صغيرة فيها ماء بطيخ مطبوخ، وفي يده شربة أيضًا، فلما وصلوا إلى الغور انكسرت الشربة، وبقيت تلك على رأسه، فانعقر رأسه منها، فلما وصلوا إلى حوران، قال: هاتِ حتى نزرع البطيخ، فاقلبها في الأرض.

سمعت خالي أبا عمر قال: حدثني خالي إسماعيل، قال: جاء أبو الحسين إلى عندنا مرة، فقال: اطبخوا لي طبيخًا، فطبخنا، فأخذه ومضى إلى الجبل، وجاء إلى زردة فصبّه فيها.

قال الضياء: والحكايات عنه في طبخه لماء البطيخ مشهورة.

وقال: ذكر أن النار كان يدخلها وحملها في ثوبه، سمعت الحاج حرميّ

ص: 954

ابن فارس بالأرض المقدسة، قال: حدّثتني امرأة كبيرة من قريتنا أن أختها كانت زوجة أبي الحسين الزاهد، فذكرت عنه أنه دخل تنورًا فيه نار، وخرج منه.

قال: وسمعت الزاهد عبد الحميد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي يقول: حدثني أبي، أنه رأى أبا الحسين يوقد نارًا يطبخ رِبًّا، ومعه سلّ يسقي فيه، أظنه قال بيده، ثم يبدد النار، ويأتي بالماء في السل، فيقلبه على الربّ.

حدثني الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بقرية مردا، قال: حدثنا أبو يوسف حسن، قال: كنت مع أبي الحسين الزاهد، فجئنا إلى قرية، وإذا عندهم نار عظيمة، فقال: اعطوني من هذه النار، فجاؤوا إليه بقطعة جرة فملؤوها فقال: صبوها في ملحفتي، فصبّوها في ملحفته، فأخذها ومضى، وحدّثني آخر هذه الحكاية عن أبي يوسف.

وحدّثني الإمام أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي، قال: سمعت مشايخ من أهل بلدنا، أن أبا الحسين كان يجيء إلى الأتون، يعني وهم يوقّدونه، فيقول: دعوني أدفأ، فيعبُر فيه، ويخرج من الموضع الذي يخرجون منه الرماد، وهو ينفض ثيابه من الرماد، ويقول: دفيت.

سمعت الإمام أبا الثناء محمود بن همّام الأنصاري يقول: حدثني الحافظ يوسف، قال: كان بدمشق أبو عبد الله الطرائفي رجل له معروف، قال لي: أشتهي الشيخ أبا الحسين يعبر إلى بيتي، فقلت له، فقال: نعم، ولكن إن كان عنده للأتان موضع، فقلت للطرائفي، فقال: نعم، فبقي سنةً، ثم قال لي يومًا: ألا تمضي بنا إلى عند الرجل الذي وعدناه؟ فمضيت وهو على حماره، فدخلنا الدار، وللطرائفي أخت مقعدة، فقال له عنها، فقال: ائتني بماء من هذا البئر، فجاءه بماء في قدح، فرقي فيه، ثم قال: رشّ منه عليها، قال: فرشّ عليها، فقامت، وجاءت وسلّمت على الشيخ، هذا معنى ما حكاه لي.

وحدثني الإمام الزاهد يوسف ابن الشيخ أبي الحسين الزاهد، قال: حدثتني أمي أن أبي كان يصلي مرة في البيت، فرأت السقف قد ارتفع، وقد امتلأ البيت نورًا.

ص: 955

سمعت خالي الإمام موفق الدين يقول: حُكي أن الشيخ أبا الحسين كان راكبًا مرة على حمار عند غباغب، وهو ممدد على الحمار، فرآه رجل فقال: أقتُل هذا وآخذُ حماره، فلما حاذاه أراد أن يمد يده إليه، فيبست يداه، فمرّ أبو الحسين وهو يضحك منه، فلما جاوزه عادت يداه، فسأل عنه، فقيل له: هذا الشيخ أبو الحسين.

قال الضياء: وكان فيما بلغني ينزع سراويله فيلبسه للحمار، فإذا رآه الناس تعجبوا وقالوا: أيش هذا؟ فيقول: حتى نواري عورة الحمار، فيضحكون منه، وبلغني أنه فعل مرة هكذا بحماره، وكان ينقل عليه حجارة لعمل شيء من قلعة دمشق، وكان الناس يتفرجون عليه، فجاء رجل على بغلة فعرفه، فنزل وجاء إليه، وأظنه قبّل رجليه، فقال: ما تركتنا نكسب الأجر، وما كان أحد يعرفنا.

وسمعت خالي أبا عمر يقول: حدثني أبو غانم الحلبي، قال: دخلت امرأة الشيخ أبي الحسين بحلب إلى عند امرأة السلطان، فأعطتها شقّة حرير، فجاء أبو الحسين فعملها سراويل للحمار.

سمعت عمر بن يحيى بن شافع المؤذن يقول: حدّثني عبد الغني، رجل خيّر، بمصر قال: جاء أبو الحسين إلى عندنا، فخرج فرأى حمّال قفص معه فخار قد وقع وتكسّر، فجمعه فقال: يا شيخ أيش ينفع جمعه؟ فأتى معه إلى صاحبه وحطه عنه، فإذا كله صحيح.

وقبر أبي الحسين بحلب يُزار عند مقام إبراهيم.

وأخبرني ولده أبو الحجاج يوسف أنه فيما يغلب على ظنه توفي والده سنة ثمان وأربعين، ثم قال: توفي بعد أخذ عسقلان بسنة.

أنشدنا شهاب الشذياني، قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني، قال: أنشدنا يوسف بن محمد الدمشقي قال: أنشدني أبو الحسين الزاهد:

ما لنفسي وما لها قد هوت في مطالها كلما قلت قد دنا وتجلى صلالها رجعت تطلب الحرام وتأبى حلالها عاتِبوها لعلها ترعوي عن فِعالها وأعلِموها بأن لي ولها من يسالها

ص: 956

سنة تسع وأربعين وخمسمائة

491 -

‌ أحمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن يحيى

، أبو عبد الرحمن النيسابوري، الكاتب، الشاعر.

سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعثمان بن محمد المحمي، روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: كان يحك بعض الأجزاء ويثبت اسمه، ويدّعي أشياء لم يسمعها والدي، قرأنا عليه، إنما هو من الأصول، توفي في شوال مقتولًا بعد أن عاقبته الغزّ، وكان مولده في سنتة اثنتين وسبعين وأربعمائة.

وروى عنه أيضًا: المؤيّد الطوسي.

وقد أغارت الغز على مرو في شوال، فقتلوا، وعذبوا، وصادروا، ونهبوا، كما فعلوا عام أول، وكذا فعلوا في نيسابور، وهراة وطوس، وقُتل خلق كثير.

492 -

‌ أحمد بن الحسن بن محمد بن أحمد ابن الآمدي

، المحدّث، أبو حامد التّنّيسي.

فقيه، فاضل، سمع الكثير بنفسه، ورحل، وكان مولده بتنّيس في حدود الخمسمائة، وتوفي بآمُل طبرستان كهلًا، روى عنه: عبد الرحيم ابن السمعاني.

493 -

‌ أحمد بن طاهر بن سعيد ابن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني

، أبو الفضل الصوفي.

مولده بميهنة في سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع بها جزء الذهلي من أبي الفضل محمد بن أحمد العارف بروايته عن الحيري، وسمع بنيسابور: أبا المظفر بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأبا الحسين الواسطي، وأبا الحسن المديني، وحدّث ببغداد، وروى كتب الواحدي عنه بالإجازة، ونزل برباط الشيخ إسماعيل بن أبي سعد.

قال ابن السمعاني: سافر الكثير، وخدم المشايخ والصوفية، وهو

ص: 957

ظريف الجملة، حسن الشمائل، متواضع، توفي في ثامن رمضان، ودُفن على دكة الجُنيد.

قلت: وروى عنه: أبو اليُمن الكندي، والفتح بن عبد السلام، وجماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقيَّر.

494 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع

، الأشعري، أبو عامر القرطبي المقرئ، جدّ آل بني الربيع.

أخذ القراءات عن: أبي القاسم ابن النخاس، ولازم أبا بكر ابن العربي مدة، وتفقه به، روى عنه: ولده عبد الرحمن المتوفى سنة خمس وثمانين.

495 -

‌ أحمد ابن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي

.

شيخ، صالح، عالم، سمع: نصر الله الخُشنامي، والشيرويي، مات في عقوبة الغزّ في شوال، وله ستون سنة بنيسابور، قاله السمعاني.

496 -

‌ أحمد بن عبد الملك بن محمد

، أبو عمر الأنصاري، الإشبيلي، المعروف بابن أبي مروان.

حافظ كبير، ذكره أبو عبد الله الأبّار، فقال: سمع من: شُريح بن محمد، وأبي الحكم بن حجاج، ومفرّج بن سعادة، وكان حافظًا، محدّثًا، فقيهًا، ظاهري المذهب، وله مصنّف في الحديث سماه المنتخب المنتقى، وعليه بنى كتابه أبو محمد عبد الحق في الأحكام، وكان عبد الحق تلميذه، استشهد إلى رحمة الله بلبلة عند ثورة أهلها والتغلب عليهم في شعبان.

قلت: وكناه ابن فرتون: أبا جعفر.

497 -

‌ أحمد بن علي بن علي بن عبد الله بن السّمين

، أبو المعالي البغدادي، الخبّاز.

سمع الكثير، ونسخ بخطه عن: نصر بن البطر، وابن طلحة النُعالي، وجماعة.

ص: 958

قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه جزءًا، وسألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر رمضان، وصلى عليه أبو جعفر، ثم الشيخ عبد القادر.

قال ابن النجار: كان قليل العلم، وفيه غفلة، روى لنا عنه: ابن سُكينة، وابن الأخضر، وأبو الفرج ابن القبيطي، ويحيى بن الحسين الأواني.

قال ابن ناصر: كاذب، لا يجوز السماع منه.

498 -

‌ أحمد بن أبي الفضل العباس بن أحمد بن محمد بن أحمد

، الإمام، أبو الحسن الشقّاني، الحسنويي، النيسابوري.

شيخ، صالح، سمع: أباه، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا عبد الرحمن الشحّامي، وولد في سنة خمسِ وسبعين وأربعمائة.

روى عنه: ابن السمعاني، وابنه، وقال: توفي في أواخر السنة، وقيل: سنة ثمان في كائنة الغز، قاتلهم الله.

499 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن بشر

، أبو محمد النوقاني.

فقيه، صالح، خيّر، أحرِق في معاقبة الغزّ في رمضان وهو صائم، والله يكافئ من ظلمه على بغيهم.

500 -

إبراهيم بن عتيق بن أبي العيش البلنسي، المقرئ، أبو إسحاق.

قال الأبّار: أخذ عن أبي داود، وأقرأ الناس ببلده، وحملوا عنه، توفي بشاطبة.

501 -

‌ إبراهيم بن مهدي بن علي بن محمد بن قلنبا

، الإمام أبو الحسين الإسكندري.

قال أبو سعد السمعاني: كان إمامًا، فاضلًا، بارعًا، مناظرًا، منقبضًا عن

ص: 959

الناس، ورد خراسان في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، ثم ورد علينا سمرقند في سنة تسع وأربعين متوجها إلى كاشغر.

قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه حديثا واحدا رواه لنا عن أبي سعد عبد الرحمن بن عبد الله الحصيري عن أبي منصور المقومي، ولد قبل الخمسمائة.

قلت: وإليه يُنسب جزء ابن قلنبا، أظنه انتقاه من روايات السِلَفي، رواه جعفر الهمداني، عن السلفي.

502 -

‌ إسماعيل بن جامع بن عبد الرحمن بن سورة

، أبو القاسم النيسابوري.

سكن بلخ، وولي الأعمال الكبار، واتصل بالدولة، وكان يحبَس ويطلَق، واتصل بعسكر الغز، وقدم مرو معهم، وشرع في مصادرة المسلمين وأذيتهم، وكان يقول: إني صائم ولا أفطِر إلا على الحلال، وقد سمع من: أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف.

ترجمه عبد الرحيم ابن السمعاني في معجمه، وقال: حملني والدي إليه، وقرأ عليه جزءًا، وترك الرواية عنه أولى، وصلب ببلخ في أواخر ربيع الأول، صلبه الغز بإشارة السلطان سنجر.

قلت: وروى عنه: أبو سعد الصفّار، والمؤيّد الطوسي سمعا منه أربعين حديثًا خُرّجت له.

ومن مشايخه: عبد الرحمن الواحدي، وعبد الباقي المراغي، وإسماعيل بن عبد الله الساوي.

503 -

‌ إسماعيل الظافر بالله

، أبو منصور ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد ابن المستنصر بالله معدّ ابن الظاهر عليّ ابن الحاكم المصري، العبيدي، أحد الخلفاء المصريين، الشيعة، الخارجين على الإمام.

قام بالأمر بعد أبيه الحافظ، وبقي في الخلافة خمس سنين، ووزر له سليم بن مصّال الأفضل إلى أن خرج على ابن مصّال العادل ابن السلار واستأصله، وتمكّن من المملكة إلى أن قتله ابن ابن امرأته نصر بن عباس سنة

ص: 960

ثمان، كما ذكرنا، وقام بعده في الوزارة أبوه عباس.

ثم إن نصرًا وأباه وثبا على الظافر فقتلاه، وأخفياه، وجحداه في سلخ شعبان، وأجلسا مكانه ولده الفائز عيسى.

والظافر كان شابًا، صبيًا، لعّابًا، له نهمة في الجواري والأغاني، وكان يأنس بنصر بن عباس، فدعاه إلى دار أبيه ليلًا، فجاء متنكّرًا لم يعلم به أحد، وهذه الدار هي اليوم المدرسة السيوفية، فقتله وطمره، وقيل: كان ذلك في منتصف المحرّم، وقيل: في سلخه.

وكان من أحسن الناس صورة، عاش اثنتين وعشرين سنة، وكان نصر أيضًا في غاية الملاحة، وكان الظافر يحبه، فقتله نصر بأمر أبيه، ثم ركب عباس من الغد إلى القصر، فقال: أين مولانا؟ ففقدوه، وخرج إليه أخواه جبريل ويوسف، فقال: أين هو مولانا؟ فقالا: سَل ولدك، فإنه أعلم به منا، فقال: أنتما قتلتماه، وأمر بهما فضُربت رقابهما، ثم جرت أمور ستأتي.

504 -

‌ إسماعيل بن عبد الله بن أبي سعد

، أبو طاهر التوني، خادم مسجد عقيل بنيسابور.

كان صالحًا، خيّرًا، خدم الإمام أبا نصر محمد بن عبد الله الأرغياني أكثر من ثلاثين سنة، وسمع معه الكثير، وقدِم بغداد معه حاجّا سنة عشر وخمسمائة، ومولده بتون، ودخل نيسابور وهو مراهق، وسمع بها: أبا علي نصر الله الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي.

قُتِل بنيسابور، بعد أن عوقب وأخذ منه ألف دينار، في رمضان.

505 -

‌ ألبُقش

، مقدّم جيش.

جاء هو ومسعود بلال إلى شهرابان، فنهبوا وبدّعوا، ثم حاربهم المقتفي لأمر الله بنفسه في هذه السنة، ثم مات ألبقش في رمضان، وتصرّف في ولايته قيماز السلطاني.

ص: 961

506 -

‌ حامد بن أبي الفتح أحمد بن محمد

، الحافظ أبو عبد الله المديني.

من كبار الطلبة، سمع الحداد، وأبا زكريا بن منده، وابن الحُصين، وابن كادش، وعنه السمعاني، وولده عبد الرحيم، وعبد الخالق بن أسد.

وكان صالحًا، ورعًا، إمامًا، زاهدًا، مات في شعبان بيزد، أرّخه أبو موسى المديني.

507 -

‌ الحسن بن علي بن الحسن

، أبو علي البطليوسي الأندلسي.

ورد نيسابور قبل العشرين وخمسمائة، وسمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، والأديب أحمد بن محمد الميداني، وسهل بن إبراهيم المسجدي، وبالإسكندرية: أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي.

سمع منه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي بنيسابور سنة ثمان أو تسع وأربعين، فوهم، وسيأتي في سنة ثمان وستين.

508 -

‌ الحسين بن أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد ابن القشيري

.

روى عن: الشيرويي، وعنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: عاقبته الغزّ بالنار فهلك.

509 -

‌ الحسن بن محمد بن الفضل بن علي بن طاهر

، التيمي، أبو المرجّى الأصبهاني، البقّال، المعروف بجوجي، أخو الإمام الكبير إسماعيل.

ولد سنة تسع وستين وأربعمائة، وسمّعه أخوه من عبد الوهاب بن منده، وجماعة.

روى عنه الحافظ أبو موسى المديني، وقال: توفي في سابع ربيع الأول، ودفن عند والده.

قلت: وحجّ، وسمع من رزق الله التميمي، وغيره، وروى عنه أبو سعد السمعاني.

510 -

‌ الحسين بن محمد بن الحسن

، السيد أبو علي العلوي، الطبري، نزيل هراة.

ص: 962

سمع أبا الفتح عبد الله بن أحمد الدبّاس، وأبا المحاسن عبد الواحد الروياني، وكان يستملي على المشايخ، وتوفي في المحرّم.

511 -

‌ حمزة بن محمد بن بَحسول بن فتحان

، أبو الفتح الهمذاني، نزيل هراة مدة، ثم انتقل إلى بلخ.

قال أبو سعد السمعاني: عارف بطرق الحديث، سافر الكثير، ودخل بغداد، وسمع أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وبأصبهان من غانم البرجي، وأبي علي الحدّاد، وعقد مجلس الإملاء ببلخ، وسمع أهل هراة بقراءته كثيرًا، وتوفي ببلخ في ربيع الأول.

512 -

‌ راضية بنت سعد الله بن أسعد بن سعيد ابن الشيخ أبي سعيد الميهني

، أم الرّضا.

سمعت بإسفرايين محمد بن الحسين بن طلحة الإسفراييني، وبساوَة من محمد بن أحمد الكامخي، وعنها أبو سعد السمعاني.

توفيت في رمضان وقت دخول الغز ميهنة، سجدت فوقعت ميتة.

513 -

‌ سالم بن عبد الله بن عمر بن محمد

بن عبد الله بن عمر بن محمد بن جعفر بن محمد بن حفص بن بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر، أبو الفتح العدوي، العمري، الهروي.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، عفيفًا، من بيت الحديث، سمع أباه أبا عاصم بن أبي الفتح، وأبا عبد الله الحسين الكتبي، وأبا العلاء صاعد بن سيّار، وأبا عطاء بن أبي عمر المليحي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، ومولده سنة ستٍ وسبعين وأربعمائة بهراة، وتوفي في شوال.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبو روح.

514 -

‌ سعيد بن سعد الله بن أسعد بن سعيد

ابن الشيخ أبي سعيد فضل الله الميهني، أبو بكر بن أبي سعيد.

قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، جميل الطريقة، كثير العبادة، سافر به أبوه إلى العراق، وسمع من جماعة، سمع من جدّ أبيه سعيد، ومن أبي الفضل

ص: 963

محمد بن أحمد بن الحسن العارف، وعبد الرحمن بن أبي صالح النيسابوري، ومحمد بن أحمد الكامخي، ومحمد بن المظفّر الشامي، ورزق الله التميمي، وجماعة، قال لي: ولدتُ في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربعمائة، وتوفي قتيلًا في ذي الحجة بأيدي الغزّ.

روى عنه عبد الرحيم السمعاني، وأبوه.

515 -

‌ طارق بن موسى بن يعيش

، أبو محمد المخزومي المنصفي، ومنصف: من قرى بلنسية.

سمع بمكة من الحسين بن علي الطبري، وأبي بكر الطرطوشي. وكان صالحا، زاهدا، مجاب الدعوة، روى عنه أبو بكر بن خير، وطارق بن موسى، والقدماء، ثم حج في أواخر عمره، وجاور بمكة حتى مات.

516 -

‌ عائشة بنت أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم الصفّار النيسابورية

، أخت الإمام عمر.

قال ابن السمعاني: امرأة صالحة كثيرة الخير، سمعت أبا المظفّر موسى بن عِمران، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله القرشي، وجماعة كثيرة، ومولدها في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، روى عنها ابني، وغيره، وفقدت في أيام الغارة في نصف شوال.

517 -

‌ العباس بن محمد بن أبي منصور

، أبو محمد الطابراني، الطوسي، العصّاري، الواعظ، ولقبه عباسة.

قال ابن السمعاني: شيخ صالح، سكن نيسابور، وكان يعظ بعض الأوقات، وتفرّد برواية الكشف والبيان في التفسير للأستاذ أبي إسحاق الثعالبي، بروايته عن القاضي محمد بن سعيد الفرّخزادي عنه، وسمع أبا الحسن المديني، وأبا عثمان إسماعيل الأبريسمي، ولد قبل السبعين وأربعمائة.

وروى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، والمؤيّد الطوسي وهو سبطه، وأبو

ص: 964

سعد الصفّار، وعدم في نوبة الغز في شوال بنيسابور، رحمه الله، وقد قارب السبعين.

518 -

‌ عبد الله بن أحمد بن المفضّل بن الأيسر

، أبو البركات البغدادي، الكاتب.

سمع مالك بن أحمد البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وتوفي في عاشر صفر.

روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وغيرهما.

519 -

‌ عبد الله بن محمد بن الفضل بن أحمد

، أبو البركات ابن فقيه الحرم كمال الدين أبي عبد الله، الصاعدي الفُراوي النيسابوري، صفي الدين.

سمع من جده الفضل، وجده لأمه أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والرئيس عثمان بن محمد المحمي، وأبي نصر محمد بن سهل السرّاج، وفاطمة بنت أبي علي الدقّاق، وأبي المظفّر موسى بن عمران الصوفي، والحسن بن أحمد السمرقندي، والحسن بن علي البُستي الفقيه، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وآخرون.

روى عنه ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وحفيده منصور بن عبد المنعم، والمؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفّار، وزينب الشعرية، وآخرون.

قال ابن السمعاني: إمام، فاضل، ثقة، صدوق، ديّن، حسن الأخلاق، له باعٌ طويل في الشروط وكتب السجلات، لا يجري أحدٌ مجراه في هذا الفن، وهو إمام مسجد المطرّز.

وقال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت من لفظه معرفة علوم الحديث للحاكم، بسماعه من ابن خلف عنه، وسمعت منه مُسند أبي عوانة، بروايته من أوله إلى فضائل المدينة عن أبي عمرو المحمي، ومن ثم إلى فضائل القرآن بروايته عن أبي الفضل الصرّام، ومن فضائل القرآن إلى آخر الكتاب، عن فاطمة بنت الدقّاق، برواية الثلاثة، عن عبد الملك، عن أبي عوانة، ولد في

ص: 965

سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ومات في ذي القعدة من الجوع بنيسابور.

520 -

‌ عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء ابن المسلمة

، أبو الفتوح، أستاذ دار الخليفة المقتفي.

قال ابن الجوزي: له صدقات وأعطية ومُجالسة للفقراء والصوفية، وإنفاق عليهم.

وولي بعده ابنه عضد الدين محمد.

521 -

‌ عبد الأعلى بن عزيز بن أبي الفخر

، السيد الشريف، أبو يعلى العلوي الحسيني، الماليني الهروي، سبط عبد الهادي ابن شيخ الإسلام الأنصاري.

كان مفضّلًا، جوادًا، سخي النفس، سمع أبا عبد الله العميري، وأبا عطاء المليحي، سمعت منه بمرو، قاله عبد الرحيم ابن السمعاني.

توفي في المحرّم.

522 -

‌ عبد الجبار بن أبي سعد بن أبي القاسم

، أبو الفتح الدهان، الهروي، الطبيب.

شيخ مسن، سمع من بيبى الهرثمية أحاديث ابن أبي شريح، ولد سنة إحدى وستين، وتوفي بهراة في السادس والعشرين من ذي القعدة.

روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

523 -

‌ عبد الحكيم بن مظفّر

، أبو نصر الكرجي.

مات في المحرّم عن إحدى وتسعين سنة، روى جزء لوين عن ابن ماجه، وعنه السمعاني.

524 -

‌ عبد الخالق بن زاهر بن طاهر بن محمد

، أبو منصور الشحّامي، النيسابوري.

سمع من جده، وأبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأحمد بن سهل السرّاج، وعبد الملك بن عبد الله

ص: 966

الدشتي، وهبة الله بن أبي الصهباء، وأبي المظفّر موسى بن عمران، ومحمد بن علي بن حسان البُستي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وطائفة سواهم.

وولد في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة.

روى عنه ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيّد الطوسي، والقاسم ابن الصفّار، وجماعة.

قال ابن السمعاني: كان ثقة، صدوقًا، حسن السيرة والمعاشرة، لطيف الطبع، مُكثِرًا من الحديث، ولما كبر كان يستملي للشيوخ والأئمة بنيسابور كوالده وجدّه، ولما شاخ كان يُملي في موضع أبيه وجده، بجامع المنيعي، وفقِد في وقعة الغُز، فلا يُدرى قتِل أو هلك من البرد في شوال بنيسابور، ثم سمعت بعد ذلك أنه أُحرق.

قلت: أنبأني أبو العلاء الفرضي أنه مات في العقوبة والمطالبة، وقد وقع لنا من حديثه أربعينان، وكان متميزًا في الشروط.

525 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن أحمد

، أبو القاسم بن الأكّاف، من أهل نيسابور.

سمع أبا سعد الحيري، وأبا بكر الشيرويي، وكان إمامًا ورعًا، فقيهًا، مناظرًا، متعبدًا، قانعًا باليسير، كبير القدر.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: لما استولى الغزّ على نيسابور قبضوا عليه، وأخرجوه ليعاقبوه، فشفع فيه السلطان سنجر، وقال: كنت أمضي إليه متبركًا به، ولا يمكّنني من الدخول عليه، فاتركوه لأجلي، فتركوه، فدخل شهرستان وهو مريض، فبقي أيامًا ومات.

526 -

‌ عبد الرحمن بن محمود بن إبراهيم

، أبو المعالي الفارسي، نزيل مرو.

شيخ جلْد، حسن الصلاة، كان يخدم بيت السمعاني، سمع سهل بن محمد الشاذياخي، وأبا بكر الشيرويي، وإسماعيل ابن البيهقي، وحدّث، روى عنه عبد الرحيم السمعاني.

توفي في شعبان.

ص: 967

527 -

‌ عبد الكريم بن مكي بن يحيى

، أبو المطهّر، الهمذاني، الأديب.

تخرّج به جماعة، وسمع من عبدوس بن عبد الله، روى عنه السمعاني، وقال: مات في رجب عن إحدى وثمانين سنة.

528 -

‌ عبد الملك بن بونه بن سعيد بن عصام

، أبو مروان العذري، الغرناطي، المعروف بابن البيطار، نزيل مالقة.

سمع من غالب بن عطية، وأبي محمد بن عتّاب، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة، وكان عارفًا بصناعة الحديث، معتنيًا بالآثار، ولي قضاء مالقة، وقد روى عنه أبو القاسم السهيلي، وأبو عبد الله ابن الفخّار، وتوفي سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقد جاوز السبعين.

529 -

‌ عبد المؤمن بن عبد الجليل بن علي بن بُنان الأصبهاني

، أبو نصر.

سمع جزء لوين من ابن ماجه الأبهري، مات في المحرّم.

530 -

‌ عبد الواسع بن عبد الرحمن بن موفّق بن عبد الله الواعظ

، أبو الموفّق.

ساق ابن السمعاني نسبه إلى سري السقطي، وقال: كان واعظًا متميزًا، من أهل هراة، سمع حاتم بن محمد المحمودي، وأبا عطاء المليحي.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: توفي في ربيع الآخر وله أربع وستون سنة.

531 -

‌ عبيد الله بن المظفّر

، أبو الحكم الباهلي، الأندلسي، الطبيب، الشاعر، الأديب، نزيل دمشق.

كان ماهرًا بالطب، خليعًا، ماجنًا، له مراثٍ في أقوام لم يموتوا على طريق اللعب، وكان مدمنًا للشرب، يجلس على دكان بجيرون للطبّ، وسكن

ص: 968

بدار الحجارة، وكان كثير المدائح في بني الصوفي رؤساء دمشق، توفي في ذي القعدة.

وكان يلعب بالعود، ولعِرقِلة الشاعر يهجوه:

لنا طبيبٌ شاعرٌ أشتر أراحنا من وجهه اللهُ ما عاد في بكرة يومٍ فتى إلا وفي باقيه رثّاه وديوانه موجود، وقد سماه: نهج الوضاعة، وفيه أشياء ظريفة مضحكة من الهجو والهزل، وله مقصورة في المجون كصريع الدلاء.

532 -

‌ عرفة بن علي بن محمد

، أبو الفتوح السمرقندي.

روى عن أبي بكر بن خلف الشيرازي، وعنه المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفّار، وغيرهما.

533 -

‌ علي بن محمد بن عبد العزيز

ابن الحافظ أبي حامد أحمد بن محمد بن جعفر، أبو الحسن المروزي، الشاواني، من قرية شاوان.

تفقّه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه، ومن إسماعيل بن محمد الزاهري، وجماعة، وعنه السمعاني.

مات في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.

534 -

‌ علي بن محمد بن يحيى

، أبو الحسن الدُريني.

كان يخدم أبا نصر الإبَري، فزوّجه بنته شُهدة الكاتبة، وسمع من طراد، وأبي عبد الله النِعالي، وابن البطر، روى عنه ابن السمعاني، وابن عساكر، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: ثم علتْ درجته، وصار خصيصًا بالمقتفي لأمر الله، يشاوره، ويدنيه، ويراجع في الأمور، وكان متوددًا متواضعًا، كبير القدر، يُعرف بثقة الدولة ابن الأنباري، وقد بنى مدرسة ووقفها على الفقهاء، توفي في شعبان، ودفن في داره.

ص: 969

535 -

‌ علي بن محمد بن عتيق

، أبو الحسن النيسابوري، المطرّز، نزيل مرو.

أديب فاضل، ساكن، وقور، علّم أولاد الأمير ابن العبادي، وحدّث عن نصر الله الخُشنامي، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: قتلته الغز في شوال.

536 -

‌ علي بن محمد بن أبي عمر البغدادي

، الدبّاس، البزّاز، ويُعرف بابن الباقلاني.

ولد سنة سبعين وأربعمائة، وسمع رزق الله التميمي، وطِراد بن محمد، وابن البطر، روى عنه أبو الفرج ابن الجوزي، وغيره.

توفي في شوال، تفقّه بابن عقيل.

537 -

‌ علي بن ناصر بن محمد

، أبو الحسن النوقاني، الفقيه الشافعي.

قال السمعاني: مصيب في الفتاوى، كثير العبادة، تفقّه به جماعة، وروى جزءًا عن علي بن حمزة النوقاني، مات في رمضان عن ثلاث وسبعين سنة.

538 -

‌ عمر بن علي بن سهل

، أبو سعد الدامغاني، المعروف بالسلطان.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا مناظرًا، فحلًا، واعظًا، حسن الباطن والظاهر، رقيق القلب، سريع الدمعة، سمع أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا تُراب عبد الباقي المراغي، والحسن بن أحمد السمرقندي الواعظ، وأحمد بن محمد الشجاعي.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، لقيه بمرو، وكان قد تفقّه بأبي حامد الغزالي، تفقه عليه القطب النيسابوري مفتي دمشق.

وقيل: توفي سنة ثمان.

ص: 970

539 -

‌ عمرو بن زكريا بن بطّال

، أبو الحكم البهراني، اللبلي.

أخذ القراءات عن شريح، والعربية عن أبي الحسن بن الأخضر، وسمع الكثير من القاضي أبي بكر ابن العربي، وولي القضاء والخطابة بلبلة، روى عنه أبو العباس بن خليل، ويحيى بن خلف الهوزني، وأبو محمد بن جمهور، وجماعة، وقتل في الوقعة الكائنة على لبلة في هذا العام.

540 -

‌ الفضل بن أبي بكر بن أبي نصر

، أبو محمد النيسابوري، الأكّاف، التاجر، المقرئ.

روى عن نصر الله الخُشنامي، وعُدِم في وقعة الغزّ، وعنه عبد الرحيم.

541 -

‌ فضل الله بن المفضّل بن فضل الله بن أحمد بن إبراهيم

، أبو بكر حفيد الإمام الزاهد أبي سعيد الميهني.

قال ابن السمعاني: لم يبق من عشيرته أقرب إلى الشيخ منه، وكان شيخًا ظريفًا، بهيّ المنظر، خرّاجًا ولاجًا، سمع عمه أبا طاهر سعيدا، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وأبا المظفّر موسى بن عمران الصوفي.

قلت: روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقتلته الغزّ بميهنة في الضرب والعقوبة في ذي الحجة.

542 -

‌ لبيد بن الحسن بن عمر

، أبو بكر الغراد الخباز.

بغدادي صالح، سمع ثابت بن بندار، والحسين ابن البسري، روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وقال توفي في شعبان.

543 -

‌ محمد بن أحمد بن الجنيد بن محمد

، أبو بكر الزاهد، خطيب ميهنة.

إمام، ورع، مصيب في الفتاوى، سمع جده، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وسعيد بن أبي سعيد الميهني، وأبا سهل عبد الملك الدّشتي، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وغيره.

ص: 971

قتلته الغزّ بميهنة في ذي القعدة سنة تسع، وهو ابن بضع وثمانين سنة.

544 -

‌ محمد بن إبراهيم بن مكي

، أبو طاهر الأصبهاني، الطرازي.

صالح، خيّر، روى الكثير، سمع أحمد، وشجاعًا ابني المصقلي، ومحمود بن جعفر.

قال السمعاني: قرأتُ عليه معرفة الصحابة لابن منده عن ابني المصقلي، مولده سنة ستين وأربعمائة، ومات في جمادى الأولى.

545 -

‌ محمد جامع بن أبي نصر بن إبراهيم

، أبو سعد النيسابوري، الصيرفي، خياط الصوف.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، مُكثرًا، صاحب أصول، سمع فاطمة بنت أبي علي الدقاق، وأبا بكر بن خلف، وأبا المظفّر موسى بن عمران، وإسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن سهل السرّاج، وغيرهم.

روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، وعمه محمد بن علي بن حسن.

ولد في رجب سنة ثلاث وسبعين، وتوفي في سابع ربيع الآخر.

له أربعون حديثًا، وهو من أحفاد أبي بكر بن مهران المقرئ، سمع سنن الصوفية من ابن خلف، بسماعه من السلمي، وتاريخ أهل الصفة بالسّنْد.

546 -

‌ محمد بن الحسن بن سعد

، أبو بكر السعدي، البخاري، نزيل هراة.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا صالحا عفيفًا مستورًا نظيفًا مشتغلًا بما يعنيه، رحل إلى العراق، وخراسان، وسمع أحمد بن علي الطريثيثي ببغداد، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، ومكي بن بجير بهمذان، وأبا الفتح الحداد

ص: 972

بأصبهان، وكان مولده سنة سبعين، وتوفي في أول رجب، روى عنه عبد الرحيم، وأبوه.

547 -

‌ محمد بن الخليل بن فارس

، أبو العشائر القيسي، الدمشقي، المعروف بالكردي.

صحب الفقيه أبا الفتح المقدسي مدة، وسمع منه، ومن أبي القاسم بن أبي العلاء، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، ثم تشاغل بأعمال السلطنة، ثم سكن بعلبك، وخدم صاحبها، ثم قدم دمشق.

روى عنه الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء أبو البركات، وغيرهم.

توفي في سادس ذي الحجة ببعلبك، وقع لي أجزاء عن زين الأمناء عنه في الخامسة.

548 -

‌ محمد بن عبد الله بن أبي سعد الواعظ

، المعمّر، أبو الفتح الهروي الصوفي، الملقب بالشيرازي.

ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة.

قال ابن السمعاني: كان يسكن قرية بهراة يقال لها: نُباذان، وكان قد بلغ مائة سنة أو جاوزها، وكان صالحًا يعظ ويذكّر بقرى هراة، وكان من أصحاب شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري، وسئل عن الشيرازي، فقال: كنت أحب الشيراز، يعني نوعا من اللبن، قال: وكنت آكل منه كثيرًا، فلقّبني الصبيان بالشيرازي، سمع شيخ الإسلام، وبيبى الهرثمية، وأبا سعد محمد بن الحسين الحرمي، وهبة الله بن الشيرازي الحافظ.

قلت: توفي في سابع ربيع الأول، وحدّث عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

549 -

‌ محمد بن عبد الصمد ابن الطرسوسي

، القاضي فخر الدين، أبو منصور الحلبي.

كان ذا همة ومروءة ظاهرة، له أمر نافذ في تصرفه في أعمال حلب، وأثر

ص: 973

صالح في الوقوف، ثم انعزل عن ذلك أكمل انعزال، ومات في وسط سنة تسع، رحمه الله، وفي ذريته فقهاء وحنفية بحلب، ثم بدمشق.

550 -

‌ محمد بن عبد الواحد بن عبد الصمد

، أبو الوفاء الأصبهاني السمسار الفقيه الشافعي.

شيخ صالح وقور، سمع أبا منصور بن شكرويه، وابن ماجه، ورزق الله، أخذ عنه السمعاني.

551 -

محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر، أبو جعفر الأصبهاني، القطّان، يعرف بويرج.

سمع رزق الله التميمي. صالح، راغب في السماع، كتب عنه السمعاني، وقال: مات في جمادى الأولى.

552 -

‌ محمد بن عمر بن أحمد

، أبو منصور ابن البيّع الهمذاني.

سمع أباه أبا حفص الملقّب بقدوة الأئمة، وأبا الفتح عبدوسًا، مات في شعبان عن اثنتين وسبعين سنة.

553 -

‌ محمد بن علي بن هارون

، الشريف أبو جعفر الموسوي النيسابوري، النسابة، البارع.

كان من غلاة الشيعة، ثم تحوّل شافعيًا، وترضّى عن الصحابة، وتأسف على ما سلف منه، وصحب محمد بن يحيى الفقيه، وسمع الكثير، قاله السمعاني، وأخذ عنه، وقال: قتل في وقعة الغزّ بنيسابور في شوال، عن بضع وستين سنة.

554 -

‌ محمد بن الفضل بن علي

، أبو الفتح المارشكي، ومارِشك من قرى طوس.

إمام مبرّز مفتٍ، حسن السيرة، من نجباء أصحاب الغزالي، سمع أبا الفتيان الرواسي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي.

ص: 974

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: مات من الخوف يوم عيد الفطر بطوس في وقعة الغز.

555 -

‌ محمد بن محمد بن طاهر بن سعيد ابن الشيخ فضل الله الميهني

، أبو المكارم.

شيخ صالح، سمع الكثير، وحصّل الأصول، سمع من جدّه طاهر، وعبيد الله الهشامي، وسليمان بن ناصر الأنصاري، النيسابوري.

روى عنه عبد الرحيم السمعاني، وقال: عوقب وجرح في رمضان، ومات من ذلك.

556 -

‌ محمد بن هبة الله بن الحسن بن علي

، أبو بكر الجعفري، العُكبري، يُعرف بابن المندوف.

بغدادي، صالح، ديّن، خيّر، سمع أبا عبد الله ابن السرّاج.

روى عنه أبو سعد السمعاني، وقال: ولد سنة ست وستين، وتوفي في رجب.

557 -

‌ محمد بن الهيثم بن محمد بن الهيثم

، أبو سعد السلَمي، الأصبهاني.

حج سنة ثمان وتسعين، وسمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، وغيره، وسمع ببلده وحدّث، وكان بارعًا في اللغة والأدب، مليح الخط، لازم منزله.

توفي في شعبان، وهو في عشر التسعين.

أثنى عليه الحافظ أبو موسى، وروى عنه.

• - محمد بن يحيى بن منصور، العلامة أبو سعد النيسابوري، الفقيه الشافعي.

مرّ في عام ثمان وأربعين.

558 -

‌ محمد بن يوسف بن عميرة

، أبو عبد الله الأنصاري، الأوريولي.

ص: 975

أخذ القراءات عن محمد بن فرج المكناسي، وأبي القاسم ابن النخاس، وشريح، وتفقه على أبي محمد بن أبي جعفر، وسمع منه، ومن أبي علي الصدفي، وجماعة.

وكان عالمًا، متفننًا، حدّث عنه أبو عبد الله بن عبد الرحمن المكناسي.

559 -

‌ المبارك بن أحمد بن عبد العزيز بن المعمر بن الحسن

، أبو المعمر الأنصاري، الأزجي، الحافظ.

قال ابن السمعاني: سمع الكثير بنفسه، وتعب في جمعه، ونسخ، ودار على الشيوخ، وكان سريع القراءة، جميل الأمر، له أنسة بالحديث من كثرة ما قرأ، سمع نصر بن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وجماعة كثيرة من أصحاب أبي علي بن شاذان، وأبي القاسم بن بشران، وكتب لي جزءًا بخطه عن شيوخه، وجمع لنفسه معجمًا في خمسة أجزاء ضخمة، سمعته منه، وأفادني عن جماعة، وقال لي: ولدت في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

قلت: روى عنه ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو اليمن الكندي، وآخرون، وتوفي في رمضان في حادي عشره.

وثّقه ابن نقطة، وقال: حدثنا عنه جماعة.

560 -

‌ محفوظ بن سلطان

، أبو الوفاء الدمشقي، النجار.

روى عن سهل بن بشر الإسفراييني، وأبي البركات أحمد بن طاوس، روى عنه ابن عساكر، وابنه القاسم، وتوفي في رجب.

561 -

‌ مسعود بن أحمد بن أبي علي نصر الله بن أحمد بن عثمان

، أبو بكر الخُشنامي، النيسابوري.

سمع من جده، والفضل بن عبد الواحد التاجر، وأبي علي الجاجرمي، روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

قتل في فتنة الغز في شوال.

ص: 976

562 -

‌ المسيّب بن أبي الذواد المفرّج بن الحسن الكلابي ابن الصوفي

، رئيس دمشق ووزيرها.

له ذكر في الحوادث، وأنه امتنع بدمشق وجيّش، واستخدم الأحداث، حتى لاطفه صاحب دمشق، ثم عزله ناحية، ثم أبعده إلى صرخد، فلما تملّك نور الدين دمشق قدمها متمرضًا، ثم مات.

وكان جبارًا ظالما، كذا قال أبو يعلى حمزة بن أسد التميمي في تاريخه، وهو مؤيد الدولة ابن الصوفي رئيس دمشق ووزيرها في دولة مجير الدين أبق.

توفي في ربيع الأول، ودفن بداره بدمشق، وسرّ الناس بموته، فإنه كان ظالمًا.

563 -

‌ المطّلب بن أحمد بن الفضل

، الشريف أبو الندى، القرشي، الأموي، الهروي، خطيب هراة.

سمع أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني، وعنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وتوفي بهراة في رمضان.

564 -

‌ المظفّر بن علي بن محمد بن محمد بن جهير

، أبو نصر الوزير ابن الوزير أبي القاسم.

كان مُعرقًا في الوزارة، ولي أستاذ دارية المسترشد بالله، وولي الوزارة في أول دولة المقتفي، وعزل سنة اثنتين وأربعين، وكانت وزارته سبع سنين، سمع أبا عبد الله الحسين بن علي البُسري، وأبا الحسن العلاف، وجماعة.

روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، ومحمد بن علي الدوري شيخ لابن النجار.

ولد في حدود سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفي في سادس ذي الحجة.

565 -

‌ منصور بن محمد بن منصور

، أبو نصر الهلالي، الباخرزي، الفقيه.

ص: 977

سكن المدرسة البيهقية بنيسابور، وقال أبو سعد السمعاني: كان فقيهًا، صالحًا، ورعًا، كثير العبادة، مكثرًا من الحديث، سمع أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبا تراب عبد الباقي المراغي.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه أربعة أجزاء من تاريخ الحاكم، عن موسى عنه، وولد في سنة ست وستين وأربعمائة، قتل في وقعة الغز في شوال.

وروى عنه المؤيّد الطوسي أيضًا.

566 -

‌ الموفّق بن محمد بن عمر

، الإمام أبو المعالي ابن الصكّاك الطوسي، الشروطي.

إليه كان كتابة السجلات بطوس، سمع عبيد الله بن طاهر الروقي، وأبا سعد الحسن بن عبد الله القطّان.

روى عنه عبد الرحيم السمعاني، وقال: ولد في حدود الثمانين وأربعمائة، وقتلته الغز بطوس في رمضان.

567 -

‌ ناصر بن محمود بن علي

، أبو الفضائل القرشي، الدمشقي، الصائغ.

سمع من الفقيه نصر المقدسي، وعلي بن زهير المالكي، وكان صالحًا، كثير التلاوة، روى عنه الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم.

568 -

‌ نصر بن المظفّر بن الحسين بن أحمد

بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك بن آذروندار، ويقال: آذربندار، أبو المحاسن البرمكي، الهمذاني، الجرجاني الأصل، البغدادي المولد، المعروف بالشخص العزيز، وهو أخو أبي الفتوح الفتح.

سأله ابن السمعاني عن مولده، فقال: بلغت في سنة الغرق، وهي سنة ست وستين وأربعمائة، ونشأ ببغداد، ثم سكن همذان، سمع أبا الحسين ابن النقور، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي ببغداد، وعبد الوهّاب بن منده، وأبا

ص: 978

عيسى بن عبد الرحمن بن زياد، وسليمان بن إبراهيم الحافظ بأصبهان، وانفرد بأكثر مسموعاته، وقصده الناس.

قال أبو سعد: هو شيخ مسن، كان يصلي ببعض الأتراك، وكان يلقَّب بشخص، قرأت عليه كتاب الاستئذان لابن المبارك.

قلت: روى عنه هو، وأبو العلاء الهمذاني، وابنه عبد البر بن أبي العلاء، وداود بن معمر بن الفاخر، ومحمد بن أحمد الروذراوري، وأحمد بن شهردار بن شيرويه، وعبد الهادي بن علي الواعظ، ووكيع بن مانكديم، وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة.

قال ابن النجار: أكثر الأسفار، ودخل إلى خراسان، وبخارى، وسمرقند، وكاشغَر، والسند، ووصل إلى دمشق، وتوفي ليلة القدر سنة تسع وأربعين، وقيل: توفي في ربيع الآخر سنة خمسين.

569 -

‌ نصر بن موسى بن شبرق البغدادي

، البيّع، المعروف بالرّفّاء.

روى عن جعفر السرّاج، وغيره، روى عنه أبو بكر الناقداري، وأحمد بن صالح الجيلي.

570 -

‌ وهب بن سلمان بن أحمد بن الزنف

، الفقيه أبو القاسم السلَمي، الدمشقي، الشافعي.

تفقّه على جمال الإسلام أبي الحسن، وأعاد بالأمينية، وسمع أبا الحسن، وأبا الفضل ابني الموازيني، وهبة الله ابن الأكفاني، وقرأ بالروايات على محمد بن إبراهيم النّشائي، روى عنه أبو القاسم بن عساكر، وجماعة، وتوفي في رمضان وله إحدى وخمسون سنة.

وهو والد محمد وأحمد.

571 -

‌ هاشم بن فليتة بن قاسم بن أبي هاشم العلوي

، الحسيني، أمير الحرمين.

توفي في ذي الحجة أيام الموسم بمكة، وقام بعده ولده قاسم، فبقي إلى

ص: 979

سنة ست وخمسين، فظلم وعسف، فعُزل، وولي بعده عمه عيسى.

572 -

‌ هبة الله بن سعد الله بن أسعد بن سعيد

ابن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، أبو محمد بن أبي سعيد، أخو أبي بكر سعيد.

كيّس، ظريف، خفيف الروح، خدوم، سمع محمد بن أحمد العارف، ومحمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني، ومحمد بن أحمد الكامخي، وقاضي بغداد محمد بن المظفّر الشامي، وغيرهم.

روى عنه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وتوفي بميهنة في رمضان وقد قارب الثمانين.

ص: 980

سنة خمسين وخمسمائة

573 -

‌ أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق

، أبو الفتح العبسي، الشاشي الخرقاني الفرابي.

شيخ صالح، سديد السيرة، أديب، روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بن زيد الحسني.

قال أبو المظفّر ابن السمعاني: سمعت منه كتاب العقوبات، وهو ثلاثة عشر جزءًا، وكتاب شرف الأوقات، وكتاب عيون الأخبار في مناقب الأخيار، وكتاب الفتن، وكتاب غرر الأنساب في شرف الرسول والأصحاب، وكتاب أدب المشروب والمأكول، وكتاب مذهب خيار الأمة في معالم السنّة، وكتاب تحفة العالِم وفرحة المتعلم، وكتاب الأربعين، والجميع من مصنّفات السيد، رحمه الله، ولد بخرقان سنة تسع وستين وأربعمائة، وتوفي بقرية فراب في منتصف ذي الحجة.

574 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان

، أبو العباس الحويزي، وحويزة: بليدة بخوزستان.

قدم بغداد، وتفقه بالنظامية وتأدّب، وقال الشعر، ثم خدم في الديوان، وترقّت حاله، وارتفعت منزلته، وصار عاملًا على نهر الملك، فلم تُحمد سيرته، وظلم في السواد، وعسف.

وكان عابدًا، قانتًا، متهجّدًا، كثير البكاء، والخشوع والأوراد، وربما أتاه الأعوان فقالوا: إن فلانًا قد ضربناه ضربًا عظيمًا، فلم يحمل شيئًا وهو عاجز، فيبكي ويقول: يا سبحان الله، قطعتم عليّ وردي واصلوا الضرب عليه، ثم يعود إلى ورده، ولا يخون في مال الدولة، بل يتحرى الأمانة حتى في الشيء اليسير.

قال ابن الجوزي: كأنه طمع بذلك أن يترقى إلى مرتبة أعلى من مرتبته، وكنت في خلوة حمّام مرة، وهو في خلوة أخرى، فقرأ نحوًا من

ص: 981

جزأين، هجم عليه ثلاثة نفر من الشّراة فضربوه بالسيوف، فجيء به إلى بغداد، فمات بعد ثلاث، وذلك في شعبان، وحُفظ قبره من النبش، وظهر في قبره عجب، وهو أنه خُسف بقبره بعد دفنه أذرعًا، وظهر من سبّه ولعنه ما لا يكون لذمي.

قلت: روى عنه أبو جعفر عبد الله ابن المظفّر، رئيس الرؤساء جملة من شعره، ومن شعره:

الصّب مغلوبٌ على آرائه فهبوه معشرَ عاذليه لدائه ومتى يرجّى اللائمون سلوه باللوم وهو يزيد في إغرائه ما كنت أبخل بالفؤاد على اللظى لولا حبيب حلّ في حوبائه ولقد سكنت إلى مصاحبه الضّنا لما حمدت إليه حُسن وفائه

575 -

‌ أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل

، الزاهد أبو العباس، التجيبي، الأقليشي، ثم الداني.

سمع أباه أبا بكر، وليس بالمشهور، وسمع صهره طارق بن يعيش، وأبا العباس بن عيسى، وتلمذ له، وأبا الوليد ابن الدبّاغ، وجماعة، وحجّ، فسمع بمكة من الكروخي.

وكان من الأئمة والعلماء العاملين، له عدة مصنفات، روى عنه الوزير أبو بكر بن سفيان، وغيره، وكان كثير البكاء، والخشية، والعزوب عن الدنيا، عارفًا باللغة، والعربية، والحديث، كبير القدر، سمع الكثير بالإسكندرية من السلفي.

ومن شعره، وما أقصر:

أسير الخطايا عند بابك واقف له عن طريق الحقّ قلبٌ مخالفُ قديمًا عصى عمدًا وجهلًا وغرةً ولم ينهه قلب من الله خائف تزيدُ سنوهُ وهو يزداد ضلةً فها هو في ليل الضلالة عاكف تطلع صبحُ الشيب والقلبُ مظلمٌ فما طاف فيه من سنا الحق طائف ثلاثون عامًا قد تولّت كأنها حلومٌ تقضت أو بروقٌ خواطف وجاء المشيب المنذر المرءَ أنه إذا رحلت عنه الشبيبة تالف فيا أحمد الخوّان قد أدبر الصِبى وناداك من سن الكهولة هاتف فجدْ بالدموع الحُمر حزنًا وحسرةً فدمعك يُنْبِي أن قلبك آسف

ص: 982

قال الأبّار: توفي بقوص سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

576 -

‌ إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد

، أبو عثمان العصائدي، النيسابوري.

روى عن أبي سعد بن رامش، وأبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، وأصحاب أبي بكر الحيري، روى عنه أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر، وجماعة.

ولد بعد الستين وأربعمائة بنيسابور، وتوفي في جمادى الآخرة سنة خمسين، وكان ذا رأي سديد، وعقل، وفكر.

577 -

‌ الحسن بن أحمد بن محبوب

، أبو علي البغدادي القزّاز.

شيخ صالح، سمع الكثير من طراد، وابن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، والطبقة، وكان يغسّل الموتى في المارستان العضدي.

روى عنه ابن السمعاني، وابن الأخضر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة، وتوفي في المحرّم، وقد جاوز الثمانين، وكتب وخرّج مع الصدق والدين والتلاوة.

578 -

‌ الحسن بن أحمد بن أبي الفضل

، النيسابوري، الصوفي، المعروف بجانا.

شيخ ظريف، عفيف، كثير العبادة، من مشهوري الصوفية، سمع هبة الله بن أبي الصهباء، ومحمد بن عبد الحميد المقرئ، وغيرهما، وتوفي في المحرّم أيضًا.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

579 -

‌ الخضر بن عبد الرحمن بن علي

، أبو الفضائل السلمي، المعروف بابن الدارمي.

ص: 983

سمع الحسن بن علي بن صصرى، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وغيرهما بدمشق.

روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في شعبان.

580 -

‌ الخليل بن أحمد السكوني

، اللبلي.

قال ابن فرتون: ديّن، فاضل، متواضع، حافظ للفروع، مُفت، أمّ بلبلة، وأقرأ القرآن، والنحو، واللغة، والفقه، والحديث، حدّث عن ابن السيد، وأبي محمد بن عتّاب، لقيت حفيده أبا الفضل محمد بن أحمد بن خليل، فروى لي عن أبيه، عن جده في سنة خمس وثلاثين وستمائة.

581 -

‌ سعيد بن أبي غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البنّاء

، أبو القاسم البغدادي.

شيخ صالح، خيّر، من أولاد الشيوخ، سمع أبا القاسم ابن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة، وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة.

روى عنه أبو سعد السمعاني، وأبو الفرج ابن الجوزي، وعبد الرحمن بن عمر ابن الغزّال الواعظ، وعبد الله بن محاسن الحربي، وعلي بن المبارك الأزجي الصائغ، وريحان بن تيكان الضرير، والحسين بن أحمد الغزّال، وموسى ابن الشيخ عبد القادر، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي المقرئ، وعلي بن محمد بن المهنّد السّقّاء، وعبد الرحمن بن المبارك ابن المشتري، وثابت بن مشرّف البناء، وصالح بن القاسم بن كوّر، وظفر بن سالم البيطار، والفتح بن عبد السلام الكاتب، ومسمار بن العويس، وخلق آخرهم موتًا ابن اللُتّي، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن ابن المقيَّر.

توفي رابع عشر ذي الحجة.

582 -

‌ سعيد بن الحسين بن إسماعيل بن أبي الفضل

، أبو سعد النيسابوري الريوندي الجوهري.

ص: 984

شيخ صالح، قال ابن السمعاني: قال لي: ولدت سنة إحدى وستين وأربعمائة، سمع الفضل بن عبد الله بن المحب المفسّر، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا سعيد إسماعيل بن عمرو البحيري، وغيرهم، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، كتبتُ عنه، وتوفي في حدود سنة خمسين وخمسمائة.

قلت: روى عنه ابن عساكر، وعبد الرحيم ابن السمعاني.

583 -

‌ سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عثمان

، أبو الربيع العبدري، الأندلسي.

سمع أبا علي الصدفي، وجماعة، وحجّ فسمع كتاب غريب الحديث من أبي عبد الله بن منصور بن الحضرمي، بروايته عن أبي بكر الخطيب إجازة، أخذ عنه أبو عمر بن عياد، وأثنى عليه، وقال: ثقة، من أهل العلم بالأصول، والحديث، والطب، احترف به بقرطبة، ثم نزل كورة ألْش خطيبًا بها، وتوفي في هذا العام وقد بلغ السبعين.

584 -

‌ شافع بن علي بن أبي الحسن

، أبو الفتوح الشعري.

فقيه، صوفي، نظيف، سمع القاضي أبا الحسين المبارك بن محمد الواسطي، ونصر الله الخُشنامي، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

585 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عبد الله ابن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن

، أبو القاسم ابن الخلال البغدادي.

من أولاد المحدّثين، سمع ابن خيرون، ونصر بن البطر، ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

قال أحمد بن صالح الجيلي: كان نعم الرجل، لا بأس به، توفي في أول ذي الحجة.

قلت: روى عنه أبو شجاع محمد بن المقرون، وابن الأخضر.

586 -

‌ عبد الفتاح بن عطاء بن عبيد الله

، أبو المعالي الصيرفي، الهروي.

عدْل، عالم، مليح الخط، سمع أبا عطاء عبد الأعلى المليحي، ونجيب

ص: 985

ابن ميمون الواسطي، ومحمد بن الحسن اللهاوري، وطائفة، ولد سنة سبعين وأربعمائة، وتوفي في صفر بهراة.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، ووالده.

587 -

‌ عبد الكريم بن بدر

، أبو المكارم المُشرقي، الكوفي، منسوب إلى الأمير مشرق الساماني.

ولي قضاء كوفن، وكان يخل بالصلاة، سمع إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا المظفّر السمعاني، وعنه السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

مات في المحرّم بأبيورد عن ثمانين سنة.

588 -

‌ عبد المعز بن بشر بن بشير بن محمد بن بشر بن عبد الله بن محمد

، الواعظ أبو العباس المُزني، المغفلي، الهروي.

سمع أبا عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، وجماعة.

روى عنه عبد الرحيم، وأبوه، وتوفي في ربيع الآخر، وله أربع وسبعون سنة، وزمِن بأخرة.

589 -

‌ عبيد الله بن حمزة بن إسماعيل بن حمزة

بن حمزة بن محمد المجدّر بن أحمد بن القاسم بن حمزة بن جُميع بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق السيد، أبو القاسم العلوي، الموسوي، الهروي، أخو علي.

ذكره ابن السمعاني، فقال: زاهد، ورع، متعبّد، كثير العبادة والمجاهدة، وضيء الوجه، قليل الكلام، مشتغل بما يعنيه، لم نر في العلوية مثله، كان يسكن في رباط له بظاهر باب خشك، سمع أبا عامر بن محمود بن القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وقال لي: ولدتُ في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة.

قلت: روى عنه هو، وابنه عبد الرحيم، وأبو رَوح عبد المعز، وطائفة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله قال: أنبأنا عبد المعز بن محمد، قال: أخبرنا

ص: 986

عبيد الله بن حمزة الموسوي، قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي، قال: أخبرنا الجرّاحي، قال: أخبرنا المحبوبي، قال: حدثنا أبو عيسى، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر قال: الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله.

سقط منه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بد منه.

590 -

‌ عبيد الله بن عمر بن هشام

، أبو محمد، وأبو مروان، الحضرمي، الإشبيلي، ويُعرف بعبيد.

أخذ القراءات عن أبي القاسم ابن النخاس، وأبي الحسن عون الله، وغيرهما، وسمع من أبي محمد بن عتّاب، وأحكم العربية، وكان شاعرًا، فاضلًا جوالًا، تصدّر بمراكش للإقراء والتعليم مدة، ثم سكن مرسية، وخطب بها، وله تصانيف مفيدة، منها الإفصاح في اختصار المصباح، وشرح مقصورة ابن دريد، وكتاب قراءة نافع.

حدّث عنه أبو ذر الخشني، واختص به، وأخذ عنه القراءات والنحو أبو عمر بن عياد، وابنه أبو عبد الله.

وكان مولده في سنة تسع وثمانين وأربعمائة بقرطبة، وكان حيا في هذه السنة.

591 -

‌ علي بن محمد بن أحمد

، الخطيب أبو الحسن الروذراوري المُشكاني، الخطيب بمشكان، وهي من قرى روذراور على ست فراسخ من همذان.

مولده في رمضان سنة ست وستين وأربعمائة بمُشكان، وقدم عليهم سنة ست وسبعين القاضي أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي، فسمعوا منه التاريخ الصغير للبخاري، بسماعه من ابن زنبيل النهاوندي في حدود سنة أربعمائة، وحدّث ببغداد بالكتاب، بقراءة ابن السمعاني، وسمعه منه الحافظ أبو العلاء العطّار، وابنه عبد البرّ، وأبو القاسم

ص: 987

ابن عساكر، وطائفة كبيرة، وحدّث عنه أبو القاسم ابن الحرستاني إجازةً، وسماعه له بقراءة المحدّث حمزة الروذراوري، وهو صدوق.

آخر من رحل إليه الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي في ربيع الآخر سنة خمسين، وسمع منه، ثم قال: وفيها مات رحمه الله.

592 -

‌ علي بن معصوم بن أبي ذر

ّ، أبو الحسن المغربي الفقيه، نزيل إسفرايين، وبها توفي.

كان إمامًا، فقيهًا، بارعًا، علامة في الحساب، تفقّه على الفرج بن عبيد الله الخويي، وأفتى وأفاد، قال ابن السمعاني فيه ذلك، وقال: كتبتُ عنه شيئًا، وتوفي في شعبان بإسفرايين.

593 -

‌ علي بن نصر بن محمد بن عبد الصمد

، أبو الحسن الفندورجي، وهي قرية من نواحي نيسابور.

سمع عبد الغفار الشيرويي، وغيره، وكان كاتبًا، منشئًا، لغويًا، شاعرًا، فصيحًا، كان ينشئ الكتب من ديوان الوزارة بخراسان.

قال ابن السمعاني: علّقت عنه، وتوفي في حدود سنة خمسين.

594 -

‌ عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب

، أبو حفص الجنزي، الأديب، من أهل ثغر جنزة.

أحد الأعلام في الأدب والشعر، قدم بغداد، وصحب الأئمة، ولازم الأديب أبا المظفّر الأبيوردي مدة ثم رجع إلى جنزة، ثم عاد إلى بغداد، وذاكر الفضلاء، وبرع في العلم حتى صار علامة زمانه، وأوحد عصره، قاله أبو سعد السمعاني، وقال أيضًا: كان غزير الفضل، وافر العقل، حسن السيرة، متدينا متوددًا، كثير العبادة، سخي النفس، صنّف التصانيف، وشرع في إملاء تفسير لو تم لكان لا يوجد مثله، سمع بهمذان كتاب السنن للنسائي، وكتاب يوم وليلة من عبد الرحمن بن حمد الدوني، اجتمعتُ معه بسرخس، وقدم علينا مرو غير مرة، وشاعت تصانيفه في الآفاق، وتوفي في

ص: 988

رابع عشر ربيع الأول، وولد في حدود سنة بضع وسبعين.

قلت: روى عنه هو، وابنه عبد الرحيم.

595 -

‌ الفضل بن محمد بن إبراهيم

، أبو محمد ابن الزيادي، السرخسي، قاضي سرخس.

فقيه، عابد، متزهد، تارك للتكلف، متودد، قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه مجلسًا من إملائه، وكان عنده عن أبي منصور محمد بن عبد الملك المظفري، وأبي ذر عبد الرحمن بن أحمد الأديب، وقال لي: ولدت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وتوفي في سادس عشر شوال، جاءني نعيه وأنا بنسف.

596 -

‌ فضل الله بن المعمَّر بن أبي شكر

، أبو سعيد الأصبهاني، الجوهري، نزيل بغداد، كان يسكن المقتدية.

سمع رزق الله التميمي، والقاسم الثقفي الرئيس، وكان يعمل في ديوان الخاتون.

قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وتوفي في شعبان.

روى عنه عبد الرحيم.

597 -

‌ القاسم بن عمر بن عطاء

، أبو الفتح الهروي الفصاد.

شيخ له سمت وسكون، سمع أبا عبد الله محمد بن علي العميري، توفي في شوال.

روى عنه عبد الرحيم.

598 -

‌ محمد بن إسماعيل بن سعيد بن علي

، أبو منصور اليعقوبي، البوشنجي، الصوفي الواعظ.

سكن هراة، ووعظ بها، وكان له أتباع من الصوفية ينفق عليهم من الفتوح.

قال ابن السمعاني: غير أن الناس يسيئون الثناء عليه، سمع أباه، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار، وتوفي بقرية ناب في سلخ رجب.

ص: 989

قلت: روى عنه هو، وابنه عبد الرحيم.

599 -

‌ محمد بن الحسن بن محمد

، أبو عبد الله البلدي، البنجديهي، الصوفي.

سمع أبا سعيد البغوي، الدبّاس، ومات في عشر الثمانين.

أخذ عنه السمعاني أبو سعد.

600 -

‌ محمد بن عبد الباقي بن محمد بن قِرطاس

، أبو سعد البغدادي، البيّع، المقرئ.

قرأ القراءات، وطلب الحديث، وسمع بنفسه من ابن بنان، وابن نبهان، وأبيّ النّرسي، وأبي سعد ابن الطيوري، وطائفة، ولم يزل يسمع إلى آخر شيء.

روى عنه ابن الأخضر، وغيره، ومات في رجب سنة خمسين، وله ست وستون سنة.

601 -

‌ محمد بن علي بن أحمد

، أبو عبد الله النحوي، الحلي، ويُعرف بابن حميدة.

نحوي، بارع، حاذق بالفن، بصير باللغة، شاعر، له شرح كتاب أبيات الجُمل، وكتاب شرح اللُمع، وكتاب في التصريف، وكتاب شرح المقامات، إلى غير ذلك، قرأ على أبي محمد ابن الخشّاب، وتوفي وهو شاب فيما أظن.

602 -

‌ محمد بن علي بن الحسن

، أبو المظفر ابن الشهرزوري، الفرضي.

من شيوخ بغداد، ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وسمع ابن طلحة النّعالي، وأبا الفضل بن خيرون، وغيرهما.

قال ابن السمعاني: شيخ، ديّن، خيّر، ثقة، له معرفة تامة بالفرائض، والحساب، انفرد بذلك في وقته. وكان يسكن درب نُصير، وله دكان بالريحانيين يبيع فيها العطر، ويعلّم الناس الفرائض والحساب، وخرج إلى

ص: 990

الموصل لدَين ركبه، وبقي بها مدة، وخرج إلى أذربيجان، ومات بها، كتبتُ عنه، وتوفي بمدينة خِلاط في رجب.

قلت: روى عنه يوسف بن كامل، والقاضي يوسف بن إسماعيل اللمغاني.

603 -

‌ محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام

، أبو الفتح بن أبي الحسن البغدادي، الكاتب.

من بيت رياسة ورواية، ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وسمّعه أبوه من رزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وأبي عبد الله الحُميدي، وابن طلحة النعالي، وطراد، ونصر بن البطر، وخرّج له أبوه مشيخة، وحدّث، وتوفي في سلخ صفر.

قلت: روى عنه عمر بن طبرزد، وابن الأخضر، وجماعة آخرهم حفيده الفتح بن عبد الله بن عبد السلام، وأخبرنا الأبرقوهي، عن الفتح، عنه بالجزء الأول من حديث سعدان بن نصر، وكان صدوقًا.

604 -

‌ محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر الحافظ

، أبو الفضل السُلامي.

توفي أبوه شابًا، ومحمد صغير، فكفله جده لأمه أبو حكيم الخبري، وسمّعه شيئًا يسيرًا، وحفّظه القرآن، وكان مولده ليلة نصف شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة.

سمع أبا القاسم ابن البُسري، وأبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر، وعاصم بن الحسن، ومالكًا البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا عبد الله بن طلحة، وابن البطِر، وخلقًا من أصحاب أبي علي بن شاذان ومن بعدهم، وخلقًا من أصحاب ابن غيلان، والجوهري، وعُني بطلب الحديث أتم عناية، لكنه لم يرحل، وتفقّه على مذهب الشافعي، وقرأ الأدب واللغة على أبي زكريا التبريزي، ولازم أبا الحسين ابن الطيوري فأكثر عنه، ثم خالط الحنابلة ومال إليهم، وانتقل إلى مذهب أحمد لمنام رآه.

قال تلميذه أبو الفرج ابن الجوزي: كان حافظًا، ضابطًا، ثقة، متقنًا،

ص: 991

من أهل السنة، لا مغمز فيه، وهو الذي تولى تسميعي الحديث، فسمعت بقراءته المُسند للإمام أحمد، وغيره من الكتب الكبار والأجزاء، وكان يثبّت لي ما أسمع، وعنه أخذت علم الحديث، وكان كثير الذِّكر، سريع الدمعة، ذكره ابن السمعاني في المذيّل، فقال: كان يحب أن يقع في الناس.

قال ابن الجوزي: وهذا قبيح من أبي سعد، فإن صاحب الحديث ما يزال يجرّح ويعدّل، فإذا قال قائل: إن هذا وقوعٌ في الناس دلّ على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرحَ من الغيبة. ومذيّل ابن السمعاني ما سماه إلا ابن ناصر، ولا دلّه على أحوال الشيوخ أحد مثل ابن ناصر، وقد احتج بكلامه في أكثر التراجم، فكيف عوّل عليه في الجرح والتعديل، ثم طعن فيه؟ ولكن هذا منسوبٌ إلى تعصّب ابن السمعاني على أصحاب أحمد، ومن طالع كتابه رأى تعصبه البارد وسوء قصده، ولا جرم لم يمتّع بما سمع، ولا بلغ مرتبة الرواية.

قلت: يا أبا الفرج، لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله، فإن عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أن أبا سعد لم يقل شيئًا في تجريحه وتعديله، وإنما قال: إنه يتكلم في أعراض الناس، ومن جرّح وعدّل لم يسمَّ في عرف أهل الحديث أنه يتكلم في الناس، بل قال ما يجب عليه، والرجل فقد قال في ابن ناصر عبارتك بعينها التي سرقتها منه وصبغته بها، بل وعامة ما في كتابك المنتظم من سنة نيف وستين وأربعمائة إلى وقتنا هذا من التراجم، إنما أخذته من ذيل الرجل، ثم أنت تتفاخم عليه وتتفاجج، ومن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضًا عرف عترسته وتعسّفه بعض الأوقات.

ثم تقول: فإذا قال قائل: إن هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، فالرجل قال قوله، وما تعرّض لا إلى جرح ولا غيبة حتى تلزمه بشيء ما قاله، وقد علم العالمون بالحديث أنه أعلم منك بالحديث، والطرق، والرجال، والتاريخ، وما أنت وهو بسواء. وأين من أفنى عمره في الرحلة والفنّ خاصة، وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع في أكثر من

ص: 992

مائة مدينة، وصنّف التصانيف الكثيرة، إلى من لم يسمع إلا ببغداد، ولا روى إلا عن بضعة وثمانين نفسًا؟! فأنت لا ينبغي أن يُطلق عليك اسم الحفظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنك ذو قوة حافظة، وعلم واسع، وفنون كثيرة، واطلاع عظيم، فغفر الله لنا ولك.

ثم تنسبه إلى التعصب على الحنابلة، وإلى سوء القصد، وهذا - والله - ما ظهر لي من أبي سعد، بل والله عقيدته في السنّة أحسن من عقيدتك، فإنك يومًا أشعري، ويومًا حنبلي، وتصانيفك تنبئ بذلك، فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك ولا الشافعية، وقد رأيناك أخرجت عدة أحاديث في الموضوعات، ثم في مواضع أخَر تحتج بها وتحسّنها، فخِلنا مساكتة.

قال أبو سعد، وذكر ابن ناصر: كان يسكن درب الشاكرية، حافظ، ديّن، ثقة، متقن، ثبْت، لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحبّ أن يقع في الناس، كان يطالع هذا الكتاب، ويُخشى عليه ما يقع له من مثالبهم، والله يغفر له، وهو صحيح القراءة والنقل، وأول سماعه من ابن أبي الصّقر، وذلك في سنة ثلاث وسبعين.

وقال أبو عبد الله ابن النجار: كانت لابن ناصر إجازات قديمة من جماعة، كأبي الحسين ابن النقور، وابن هزارمَرد الصريفيني، والأمير ابن ماكولا الحافظ، وغيرهم، أخذها له ابن ماكولا في رحلته إلى البلاد.

قلت: وقرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لأبي الفضل بن ناصر أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليّك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وفاطمة بنت أبي عليّ الدقّاق، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأحمد بن علي بن خلف الشيرازي.

قلت: ولعله تفرّد بالإجازة عن بعض هؤلاء.

وقال ابن النجار: كان ثقة، ثبتًا، حسن الطريقة، متدينًا، فقيرًا، متعففًا، نظيفًا، نزهًا، وقف كتبه، وخلّف ثيابه وثلاثة دنانير، وكانت ثيابه، خِلقًا، ولم يعقِب، وسمعت مشايخنا ابن الجوزي، وابن سُكينة، وابن الأخضر يُكثرون

ص: 993

الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ، والإتقان، والديانة، والمحافظة على السنن، والنوافل. وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن ابن ناصر، وأبا منصور ابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويسمعان الحديث، فكان الناس يقولون: يخرج ابن ناصر لغويَّ بغداد، وابنُ الجواليقي محدّثها، فانعكس الأمر.

قلت: قد كان ابن ناصر مبرّزًا في اللغة أيضًا.

وقال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر، وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعًا من لفظه، قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد الشيخ أبي منصور، يعني الخياط المقرئ، واشتغلت بالأدب على أبي زكريا التبريزي، فجئت في بعض الأيام لأقرأ على أبي منصور الحديث، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره، عدْ إلينا لتقرأ عليّ، ويكون لك إسناد، ففعلت وعدت إلى المسجد، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وكنت أقرأ عليه، وأسمع منه الحديث، وكنت أقول في أكثر وقتي: اللهمّ بيّن لي أي المذاهب خير، وكنت مرارًا قد مضيت لأقرأ على القيرواني المتكلّم كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن إنسانًا يردّني عن ذلك، حتى كان في بعض الليالي رأيت في المنام كأني قد دخلت إلى المسجد إلى عند شيخنا أبي منصور، وهو قاعد في زاويته، وبجنبه رجل عليه ثيابُ بياض، ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية، درّيُّ اللون، وعليه نورٌ وبهاء، فسلّمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي له هيبة، وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلست التفتَ إلي الرجل، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، ثلاث مرات، فانتبهت مرعوبًا، وجسمي يرجف ويرعد، فقصصت ذلك على والدتي، وبكّرت إلى الشيخ لأقرأ عليه، فحكيت له ذلك، وقصصت عليه الرؤيا، فقال لي: يا ولدي، ما مذهب الشافعي الذي هو مذهبك إلا حسن، ولا أقول لك اترك مذهبك، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري، فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، فأنا أشهدُك وأشهد الجماعة أنني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع، فقال لي: وفّقك الله، ثم أخذت من ذلك الوقت في سماع كتب أحمد بن حنبل ومسائله، والتفقّه على مذهبه، وسماع مسنده، وذلك في رمضان من سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة.

ص: 994

قال: وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن سكينة غير مرة يقول: قلت لشيخنا ابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك شرح ديوان المتنبي لأبي زكريا، وكان يرويه عنه، فقال: إنك دائمًا تقرأ عليّ الحديث مجانًا، وهذا شِعر، ونحن نحتاج إلى دفع شيء من الأجر عليه؛ لأنه ليس من الأمور الدينية، فذكرت ذلك لأبي، فأعطاني خمسة دنانير، فدفعتها إليه، وقرأت عليه الكتاب.

قلت: روى عنه ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو طاهر السلفي، وقال: سمع معنا كثيرًا، وهو شافعي المذهب، أشعري المعتقد، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه، وكان هو وأبو منصور الجواليقي رفيقين يقرآن اللغة على أبي زكريا التبريزي اللغوي، وكان ابن ناصر أميل إلى الحديث، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وكلاهما ثقة، ثبْت إمام.

وروى عنه أبو موسى المديني، وقال فيه: الأديب أبو الفضل بن ناصر الحافظ، مقدّم أصحاب الحديث في وقته ببغداد.

وروى عنه عبد الرزاق الجيلي، وأبو محمد ابن الأخضر، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الربيع الفقيه، ومحمد بن عبد الله ابن البناء، ويحيى بن مظفّر السلامي، وعبيد الله بن أحمد المنصوري، وعبد الله بن المبارك بن سُكينة، وعبد الرحيم بن المبارك ابن القابلة، ومحمود بن أيدكين البواب، ومحمد بن علي بن البلّ الواعظ، ومحمد بن معالي بن غُنيمة الفقيه، ومحمد بن أبي المعالي بن موهوب ابن البنّاء الصوفي، وعبد الله بن الحسن الوزّان، وأبو اليُمن الكندي، وعبد الرحمن بن عبد الغني ابن الغسّال، وعبد الرحمن بن سعد الله الطحان، وإسماعيل بن مظفّر ابن الأقفاصي، وعبد الرحمن بن عمر ابن الغزّال، وداود بن مُلاعب، وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد، وموسى بن عبد القادر الجيلي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي، ومسمار بن عمر بن العويس، وعبد الرحمن بن المبارك ابن المشتري، وعمر بن أبي السعادات بن صرما، وثابت بن مشرف، وأحمد بن ظفر بن هُبيرة، وأبو جعفر محمد بن

ص: 995

هبة الله بن مكرّم، وأحمد بن يوسف بن صرما، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن عُفيجة، وآخر من روى عنه أبو محمد الحسن ابن الأمير السيد العلوي، وبقي إلى سنة ثلاثين وستمائة، وآخر من روى عنه بالإجازة في الدنيا ابن المقيّر.

توفي ابن ناصر ليلة ثامن عشر شعبان.

قال ابن الجوزي: وحدّثني أبو بكر ابن الحصري الفقيه، قال: رأيت ابن ناصر في المنام، فقلت له: يا سيدي، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك؛ لأنك رئيسُهم وسيدهم.

قرأت بخط الحافظ أبي بكر بن مسدي المجاور في معجمه، قال: قرأت على ابن المقيّر، عن ابن ناصر، قال: كتب إلي عبد الواحد بن أحمد المليحي، قال: أخبرنا ابن أبي شريح، فذكر حديثًا.

قلت: عندي الجعديات نسخة قديمة مكتوبة عن ابن أبي شريح وكلها سماع عبد الواحد المليحي، منه، ولكن هذا من تخبيطات ابن مسدي؛ لأن المليحي مات في سنة ثلاث وستين قبل مولد ابن ناصر بأزيد من أربع سنين.

605 -

‌ محمد بن نصر بن منصور بن علي بن محمد

، أبو بكر العامري، العوفي، المديني، الخطيب الدِّهقان، خطيب سمرقند.

قال أبو سعد: كان إمامًا، زاهدًا، تفقّه على أبي الحسين علي بن محمد البزدوي، وسمع أبا علي الحسن بن عبد الملك النسفي القاضي، والسيد أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي، والملك العالم أبا الفتح نصر بن إبراهيم الخاقان، وعمّر دهرًا.

وذكر عمر بن محمد النسفي الحافظ أنه ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة.

ص: 996

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وقال: توفي في الرابع والعشرين من شعبان.

وقال في التحبير: يقال جاوز المائة، وسمعت منه دلائل النبوة للمستغفري، قال: أخبرنا أبو علي النسفي، عنه، وسمع، وكتب الإملاء في سنة أربع وستين وأربعمائة.

606 -

‌ المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الإمام

، أبو الكرم ابن الشهرزوري، البغدادي، المقرئ، شيخ القراءة، ومصنّف المصباح الزاهر في العشرة البواهر في القراءات.

قال أبو سعد: شيخ صالح، ديّن، خيّر، قيّم بكتاب الله تعالى، عارف باختلاف الروايات والقراءات، حسن السيرة، جيّد الأخذ على الطلاب، له روايات عالية، سمع الحديث من أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة، ورزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وطِراد الزينبي، وجماعة كبيرة، وله إجازة من أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي الغنائم عبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين ابن النقور، وأبي محمد الصريفيني، كتبت عنه، وذكر أن مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

قلت: وقرأ بالروايات على عبد السيد بن عتّاب، والزاهد أبي علي الحسن بن محمد بن الفضل الكِرماني، صاحب الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي، والشريف عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، ورزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، ومحمد بن أبي بكر القيرواني، وأحمد بن المبارك الأكفاني، وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل، ووالده الحسن.

قرأ عليه خلق، منهم: عمر بن أحمد بن بكرون النهرواني، ومحمد بن محمد بن هارون الحلي ابن الكال، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة ابن القبّيطي، وأبو الفضل عبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين الأواني الضرير، وأحمد بن الحسن بن أبي البقاء العاقولي، وزاهر بن رستم إمام المقام بمكة، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد المقرئ، ومشرّف بن علي

ص: 997

الخالص الضرير، وعلي بن أحمد بن سعيد الواسطي الدبّاس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي الضرير.

وروى عنه الحديث محمد بن أبي المعالي الصوفي ابن البنّاء، وأسعد بن علي بن علي بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام، وآخرون.

وتوفي ولم يخلّف بعدَه في علو سنده في القراءات مثله، فإنه قال: قرأت لقالون على رزق الله التميمي، وقرأ على الحمّامي في سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقرأت لورش على أبي سعد أحمد بن المبارك، قال: قرأت بها إلى سورة سبأ على الحمامي، وقرأت للدوري، على رزق الله، ويحيى بن أحمد السيبي، وأبي الفتح عليّ، وأبي نصر أحمد بن علي الهاشمي، وأخبروني أنهم قرءوا على الحمامي، وقرأت بها على ابن عتّاب، والوكيل، وثابت بن بُندار، وابن الجراح، قالوا: قرأنا على أبي محمد الحسن بن الصقر الكاتب، وقرأ هو والحمامي على زيد بن أبي بلال، بسنده.

توفي أبو الكرم في الثاني والعشرين من ذي الحجة، ودُفن إلى جانب الحافظ أبي بكر الخطيب.

607 -

‌ مجلي بن جُميع بن نجا

، قاضي القضاة أبو المعالي القرشي، المخزومي، الأرسوفي الأصل، المصري، الفقيه الشافعي.

ولي قضاء ديار مصر في سنة سبع وأربعين بتفويض من العادل ابن السلار سلطان مصر ووزيرها، وقد صنّف كتاب الذخائر في الفقه، وهو من الكتب المعتبرة، جمع فيه شيئًا كثيرًا من المذهب، عُزل قبل موته، وتوفي في ذي القعدة.

ذكره ابن خلّكان.

608 -

‌ ناصر بن عبد الرحمن بن محمد

، أبو الفتح القرشي، الدمشقي، المعروف بابن الراشن النجار.

سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصر بن إبراهيم الفقيه، وصحبه مدة وخدمه، توفي في ذي القعدة.

ص: 998

روى عنه ابن عساكر، وغيره.

609 -

‌ نصر بن عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس

، الصنهاجي، الأمير ابن الأمير، اللذين قتلا الظافر بالله العبيدي، المصري.

ذكرت أخبارهما في ترجمة الظافر، والفائز، وغيرهما استطرادًا، وقد قُتلا في هذه السنة.

610 -

‌ وكيع بن إبراهيم بن أبي سعد

، أبو بكر المزارع، البغدادي.

أسمعه خاله عليّ بن أبي سعد الخبّاز كثيرًا من أبي طالب بن يوسف، وطبقته، روى عنه ثابت بن مُشرف، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني.

611 -

‌ هارون ابن المقتدي بالله

، عمّ أمير المؤمنين المقتفي.

توفي في الثالث والعشرين من شوال، ومشى الأمراء والدولة، فلما حُمل في المركب كان الجميع قيامًا في السفن إلى أن وصلوا به التُرب، وتوفي وله نحو من سبعين سنة، أقل أو أكثر.

612 -

‌ يحيى بن إبراهيم السلماسي

، أبو زكريا الواعظ.

كنت قد ذكرته في سنة ثمان وأربعين؛ لكونه حدّث بدمشق، ولم أظفر بوفاته، ثم ظفرت بها في شعبان سنة خمسين بسلماس، قاله ابن الدبيثي في تاريخه، واستدركه على ابن السمعاني؛ لأنه ما ذكره.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: قدم بغداد ووعظ بها، وكان له القبول التام، ثم غاب عنها نحوًا من أربعين سنة، ثم قدِم، وسمعنا منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، ثم رحل عن بغداد فتوفي بسلماس.

وآخر من روى عن السلماس بالإجازة أبو الحسن ابن المقيّر.

ص: 999

ذِكر المتوَفّين تقريبا في عَشر الخمسين وخمسمائة

613 -

‌ أحمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي

، القاضي أبو الخطاب الطبري، ثم البخاري.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: هو أستاذي في علم الخلاف.

قلت: هذا القول يدل على أنه بقي إلى عشر الستين وخمسمائة، فإن أبا المظفّر إنما اشتغل بعد الخمسين.

ثم قال: جمع بين شرف النسب والعلم، وحاز قصب السّبق في علم النظر، وتفقّه على والده، وعلى الإمام البرهاني، وسمع منهما، ومن محمد بن عبد الواحد الدقّاق.

وولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

614 -

‌ أحمد بن إسماعيل بن أبي سعد

، الشيخ أبو الفضل النيسابوري، الجيزاباذي.

شيخ جليل نبيل، سمع أبا بكر بن خلف الشيرازي، وغيره، روى عنه أبو المظفّر ابن السمعاني، وغيره.

615 -

‌ أحمد بن ثُعبان بن أبي سعيد بن حرز

، أبو العباس الكلبي، الأندلسي، نزيل إشبيلية، ويُعرف بالبكي، لطول سُكناه بمكة.

أدرك أبا معشر الطبري وصحبه طويلًا، وسمع منه كتاب التلخيص في القراءات، وتصدّر للإقراء بإشبيلية، وطال عمره، وكثُر الانتفاع به، أخذ عنه ابن رزق، وابن خَير، وابن حُميد، وغيرهم.

قال الأبّار: توفي بعد الأربعين وخمسمائة.

616 -

‌ أحمد بن سعيد ابن الإمام أبي محمد بن حزم القرطبي الظاهري

، أبو عمر الفقيه.

كان على مذهب جده، وكان عارفًا به، مصممًا عليه، صليبًا فيه، عارفًا بالنحو والشعر، توفي بعد امتحان طويل من الضرب والحبس، وأخذ أمواله لما

ص: 1000

نُسب إليه من الثورة على السلطان، نسأل الله العافية، وذلك بعد الأربعين.

617 -

‌ أحمد بن عبد الله بن مرزوق

، أبو العباس الأصبهاني.

فقيه، متودد، من أصحاب إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، سمع غانمًا البُرجي، وأبا سعد المطرز، وأبا علي الحداد، ووبغداد أبا علي ابن المهدي، وأبا سعد ابن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي، وبشيراز أبا منصور عبد الرحيم بن أحمد الشرابي الشيرازي، شيخ تفرّد بالسماع من أبي بكر محمد بن الحسن بن أبي الليث الشاهد الشيرازي.

روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وداود بن يونس الأنصاري، وغيرهما، وكان مولده في سنة ست وثمانين وأربعمائة.

روى الشيخ الموفق، عن رجل، عنه.

618 -

‌ أحمد بن عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي النّضْر

، الشيخ أبو نصر البلدي، النسفي.

حدّث بالكثير.

قال ابن السمعاني: كان ثقة، صالحًا، سمع صحيح البخاري، وصحيح البُجيري، وأخبار مكة للأزرقي، وهو مُكثر.

قال عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني: سمعت منه صحيح عمر بن محمد بن بُجير، بروايته عن جده محمد بن أحمد البلدي، إلا قدر جزأين فبالإجازة، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن يعقوب بن إسحاق السلامي، عن محمد بن أحمد الكرميني، عنه، قال: وسمعت منه أخبار مكة عن جده، عن أبي المعالي المكحولي، عن هارون بن أحمد الإستراباذي، عن إسحاق بن أحمد الخُزاعي، عن المصنّف، ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة، وسمعنا منه بنسف.

قلت: ويجوز أن يكون عاش إلى بعد الستين وخمسمائة.

وقال أبو سعد: تركته حيا في سنة إحدى وخمسين.

619 -

‌ أحمد بن عبيد الله بن الحسين

، أبو محمد ابن الآمدي، الواسطي.

ص: 1001

شيخ صالح، خيّر، كثير التلاوة، له عِلم ومعرفة وفَهم، سمع نصر بن البطِر، وحدّث.

620 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الجليل بن إسماعيل

، الفقيه أبو نصر السمرقندي، الأبريسمي.

شيخ، فاضل، صالح، سمع إسحاق بن محمد النوحي الخطيب، وغيره.

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه كتاب تنبيه الغافلين لأبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، بروايته عن النوحي، عن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي، المقرئ، عنه، ولد في حدود سنة ست وثمانين وأربعمائة.

621 -

‌ أحمد بن ياسر بن محمد بن أحمد

، أبو عبد الله البنجديهي، المروزي، المقرئ.

ولد تقريبًا سنة سبعين وأربعمائة، وحمله والده إلى بغشور، فسمع بها جامع الترمذي، من أبي سعيد محمد بن أبي صالح البغوي، وسمع ببنجديه من أبي القاسم هبة الله الشيرازي.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

622 -

‌ أحمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسين

، القاضي أبو نصر النيسابوري، الناصحي.

من بيت القضاء والعلم، سمع أبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا بكر بن خلف.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

623 -

‌ ألْتُنتاش الأمير

، مملوك الأمير أمين الدولة صاحب بصرى وصرخد، وواقف الأمينية بدمشق.

لما توفي أمين الدولة كان هذا نائبًا على قلعة بصرى، فاستولى عليها وعلى صرخد، واستعان بالفرنج، فنجدوه، فسار لقتاله الأمير معين الدين أنُر بعسكر دمشق، فالتقاهم، فكسرهم وانهزم معهم ألتُنتاش، ونازل معين الدين بصرى وصرخد، فأخذهما بعد شهرين في آخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، ثم ترك ألتُنتاش الفرنج، وقدم دمشق بوجه منبسط، وقد كان آذى أخاه

ص: 1002

خطلخ وكحله وأبعده، فجاء المسكين إلى دمشق، فلما قدم ألتُنتاش حاكمه أخوه وكحّله بالشرع قصاصًا، فبقيا أعميين، وقرر معين الدين في القلعتين أجنادًا، ثم صارتا بعد للملك نور الدين.

مات ألتُنتاش في هذه السنة.

624 -

‌ الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد

، أبو الفتح النيسابوري، القاضي.

مقرئ، صالح، خيّر، سمع أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

625 -

‌ الحسين بن محمد بن محمد بن نصر

، أبو علي الأنصاري، الخزرجي، النسفي، الأديب.

سمع بنسف طاهر بن الحسين، وأبا بكر محمد بن أحمد البلدي، وبسمرقند أبا القاسم عبد الله الكسائي، روى عنه عبد الرحيم، وقال: ولد في حدود السبعين وأربعمائة.

626 -

‌ حيدر بن زيرك

، أبو تُراب الجوباري، النسفي.

سمع من مولاه الإمام أبي بكر محمد بن أحمد البلدي في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أخبار مكة للأزرقي، وكان عبدًا، صالحًا.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

627 -

‌ ستيك بنت الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر

بن محمد الفارسي، أم سلمة النيسابورية، امرأة عبد الخالق بن زاهر الشحّامي.

امرأة صالحة، خيّرة، سمعت من جدها إسماعيل، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي نصر بن رامش، ومولدها سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

روى عنها عبد الرحيم.

628 -

‌ سعيد بن الحسين

، أبو سعد النيسابوري، الريوندي، الجوهري.

ص: 1003

صالح عفيف، سمع الفضل بن المحب، وإسماعيل بن مسعدة، ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة.

كتب عنه ابن السمعاني، وطائفة.

629 -

‌ سليمان بن يحيى بن سعيد

، الأستاذ أبو داود المعافري، القرطبي، المقرئ، المجوّد، ويُعرف بأبي داود الصغير.

أخذ القراءات عن أبي داود، وأبي الحسن بن الدّوش، وأبي الحسين بن البياز، وأبي الحسن الحصري، وأبي عبد الله محمد بن المفرّج، وروى عنهم، وعن القاسم بن عبد العزيز، وخلف بن مدير، وتصدّر للإقراء بقرطبة، ولتعليم العربية.

قال أبو عبد الله الأبّار: وكان مُقرئًا، محققًا، ماهرًا، توفي بعد الأربعين.

أخذ عنه أبو بكر بن خير، وأبو الحسن ابن الضحاك، وأبو القاسم القنطري، وأبو زيد السهيلي، وابن الخلوف الغرناطي، وغيرهم.

630 -

‌ سليمان بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي

، المدعو شاه، أخو السلطان مسعود.

قال ابن الدبيثي: قدم بغداد في أيام المقتفي، وخُطب له بالسلطنة على منابر العراق، ونُثر على الخطباء عند ذكره الدنانير، ولُقّب غياث الدنيا والدين، وأعطي الأعلام والكوسات، وخرج متوجهًا نحو الجبل، ولقي ملكشاه بن محمد، فجرى بينهما حرب نُصر فيه سليمان، وعاد إلى بغداد على طريق شهرزور، فخرج إليه عسكر من الموصل، فظفروا به، وحُبس بالموصل حتى مات بها.

ص: 1004

631 -

‌ عبد الله بن طاهر بن علي بن محمد بن علي بن فارس

، أبو المظفّر البغدادي، الخياط، التاجر.

قال ابن السمعاني: شيخ فاضل، عالم، صائن، ثقة، حسن السيرة، متواضع، له أنسة بالحديث، يحفظ الأجزاء والكتب التي سمعها والطرق، وأسماء شيوخه، تغرّب عن بغداد، ودخل خراسان، والهند، وسكن لَوهور، وتأهل بها، وكان يسافر عنها ويعود، ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وسمع الحسين ابن البُسري، وثابت بن بُندار، وجعفر السّراج، والمبارك بن عبد الجبار، وأبا بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبا غالب الباقلاني، وبأصبهان أبا القاسم البُرجي، والحدّاد، وبنيسابور أبا بكر الشيرويي، وقدم علينا بلخَ في مدة مُقامي بها، وذلك في سنة ست وأربعين، وقرأت عليه.

قلت: روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

632 -

‌ عبد الله بن محمد بن الفرج الغرناطي

، أبو محمد ابن الفرس.

سمع من أبي داود بن نجاح، وغيره، وعنه ابن أخيه محمد بن عبد الرحيم القاضي.

633 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله ابن الكرماني

، أبو القاسم.

نيسابوري، صالح، وهو أخو عبد الوهاب الذي يأتي سنة تسع وخمسين.

شيخ صالح، أديب، سمع أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم الواحدي، وأبا تراب المراغي.

سمع منه أبو المظفّر ابن السمعاني بنيسابور سنة نيفٍ وأربعين، وقال: كانت ولادته في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

634 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن الشّعري

.

مر في سنة سبع وأربعين وخمسمائة.

635 -

‌ عبد الرحمن بن موفور بن زياد بن محمد

، أبو الفضل الحنفي، الهروي.

ص: 1005

شيخ صالح، روى عن شيخ الإسلام الأنصاري، وعبد الأعلى ابن المليحي، وغيرهما، روى عنه عبد الرحيم، وأبوه.

636 -

‌ عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين

، القاضي أبو سعيد الناصحي، النيسابوري.

روى عن أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف، وعنه عبد الرحيم، وأبوه.

637 -

‌ عبد الرشيد بن عثمان

، أبو محمد الماليني، الفامي.

سمع محمد بن علي العميري، روى عنه أبو سعد السمعاني، وقال: توفي بعد الأربعين.

وقد حدّث ببغداد.

638 -

‌ عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل بن محمد

، أبو الفتح الهروي، الإسكاف، المقرئ، ولقبه: بكبرة.

قال ابن السمعاني: كان شيخًا، صالحًا، سديد السيرة، جميل الأمر، كثير العبادة، سمع محمد بن أبي مسعود الفارسي، والفضل بن يحيى الفضيلي، وأبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، قال: ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وأربعمائة.

قلت: ولم يؤرخ له وفاة.

وقال ابن نُقطة: حدّث عن أبي المظفّر عبد الله بن عطاء بكتاب الترمذي.

وقال عبد الرحيم ابن السمعاني: سمعت منه نسخة مُصعب الزبيري، وثمانية أجزاء من حديث ابن صاعد، بسماعه من الفارسي، عن ابن أبي شُريح.

قلت: روى عنه هو، وأبوه أبو سعد، وأبو الضوء شهاب الشذياني،

ص: 1006

ونصر بن عبد الجامع الفامي، وحمّاد بن هبة الله الحرّاني، وأبو رَوح عبد المعز الهروي، وآخرون، وبقي إلى حدود الخمسين وخمسمائة، ولعله هلك في دخول الغُزّ هَراة.

639 -

‌ عبد الكريم بن عبد الوهاب بن إسماعيل الجُويني

، أبو المظفّر، القاضي بجوين.

سمع أبا الحسن المؤذّن المديني، وطبقته، وعنه أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

وكان مولده ببحَيراباذ بعد السبعين وأربعمائة.

640 -

‌ عبد الكريم بن محمد بن حامد بن مكي

، أبو منصور النيسابوري، الخيّام، الصوفي، الواعظ.

قال أبو سعد: كان أبوه من مشاهير الوعّاظ والمحدّثين، كان شيخًا، صالحًا، واعظًا، مُكثرًا من الحديث، صوفيًا، سافر مع والده إلى العراق والجبال، سمع بنيسابور الفضل بن المحب، وأبا سعيد شبيبًا، وأبا المظفّر موسى بن عمران الأنصاري، وأجاز لي ولابني عبد الرحيم من زنجان في سنة ست وأربعين، وتوفي بعد هذا التاريخ، وولد سنة ثلاث وستين.

641 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن خلف بن بقي

ّ، أبو محمد القيسي، الفقيه، نزيل دانية.

قال الأبّار: هو من ثغر بُنُشْكُلة، واشتهر بالنسبة إليها، وسمع من أبي محمد البطليوسي، وأبي علي بن سكّرة، وأبي محمد بن عتّاب، وجماعة، وكان فقيهًا، حافظًا، مشاوَرًا، مفتيًا، درّس، وأقرأ الفقه، وتوفي في حدود الخمسين.

642 -

‌ عبيد الله بن إبراهيم بن أبي بكر

، الإمام أبو بكر النسائي، التفتازاني، وتفتازان: من قرى نَسا.

قال ابن السمعاني: كان إمامًا، مفتيًا، مفسّرًا، محدّثًا، واعظًا، مشتغلًا بالعبادة، يتولى الحرث والحصاد والدّرس بنفسه، ويأكل من كدّه، سمع

ص: 1007

بنيسابور نصر الله الخُشنامي، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وإسماعيل بن عبد الغافر، وصاعد بن سيار الحافظ، روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني، وأبوه.

643 -

‌ عبيد الله بن محمد بن الحسين

، أبو القاسم الحسيني، الأستوائي، الخوجاني، الخراساني.

ذكره ابن السمعاني، فقال: كان شيخًا، معمّرًا، صالحًا، كثير التلاوة والعبادة، وقد رأى الشيخ أبا القاسم كركان، وسمع بطوس من الفضل بن محمد الفارمذي، وببغداد أبا بكر الطريثيثي، وجماعة، لقيته بخوجان، وكان أصمّ، فقرأت عليه بصوت رفيع، وقد جاوز المائة، قال لي بعض أقربائه ما دلّ على أن مولده بعد الأربعين وأربعمائة.

644 -

‌ علي بن محمد بن الحسين بن عقيل

، أبو الحسن الساوي، سِبط المدبر.

بغدادي، متكلم، روى عن مالك البانياسي، روى عنه أبو سعد السمعاني، وقال: كان يعرف الكلام والجدل، وله يدٌ باسطة فيه، وكان يقع في الصالحين والأخيار.

645 -

‌ كوهر ناز بنت مُضر بن إلياس التميمي البالكي الهروية

، أمَةُ الرحمن.

امرأة صالحة، خيّرة، عفيفة، سمعت جدها أبا عمرو البالكي، وشيخ الإسلام الأنصاري، وولدت في حدود السبعين.

سمع منها عبد الرحيم بهَراة.

646 -

‌ محمد بن أحمد بن عثمان

، النوقاني، الطوسي، أبو عثمان المقرئ.

أخبرنا ابن عساكر، قال: أخبرنا أبو المظفّر عبد الرحيم كتابةً، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بنوقان، قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي، قال: أخبرنا ابن مَحمِش الزيادي، قال: أخبرنا حاجب بن أحمد، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن المروزي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك،

ص: 1008

قال: حدثنا مبارك بن فضالة، قال: حدثني الحسن، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة ويُسند ظهره إلى خشبة، فلما كثُر الناس قال: ابنُوا منبرًا، فسوّي له منبر، وإنما كانت عتبتين، فتحول من الخشبة إلى المنبر، فحنّت - والله - الخشبة حنين الوالِه، وأنا - والله - في المسجد أسمع ذلك، فما زالت تحنّ حتى نزل من المنبر، فمشى إليها فاحتضنها، فسكنت.

647 -

‌ محمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم

، أبو سعد الشاماتي، النيسابوري.

شيخ مستور، سمع أبا القاسم الفُضل بن المُحب، وعبد الباقي المراغي، وأبا بكر التفليسي، ولد سنة خمس وستين وأربعمائة.

وهو مذكور في شيوخ عبد الرحيم ابن السمعاني.

648 -

‌ محمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن أحمد

، أبو بكر المروزي الساسياني، وساسيان: محلة بظاهر مرو.

كان شيخًا صالحًا، متميزًا، سمع صحيح البخاري من أبي الخير بن أبي عمران الصفّار، قاله عبد الرحيم ابن السمعاني، وسمع منه.

649 -

‌ محمد بن أبي أحمد بن محمد

، أبو الفتح المروزي، الحُصيري، المقرئ.

فقيه صالح، عابد، كثير التلاوة، من شيوخ عبد الرحيم، قال: سمع من أبي الخير الصفّار أيضًا.

650 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله

، الإمام أبو الفتح الحمدويي، البنجديهي، المروزي، الفقيه.

تفقه على أبي بكر محمد ابن السمعاني، وسمع من القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن أبي صالح البغوي، وإسماعيل بن أحمد البيهقي، وهبة الله بن عبد الوارث الحافظ، وغيرهم.

ص: 1009

قال عبد الرحيم ابن السمعاني: لقيته بالدزق السفلى، وسمعت منه جميع الترمذي، وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة، وكان فقيهًا، زاهدًا، نظيفًا، حسن السمت.

651 -

‌ محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم

، أبو عبد الله الجوَيني، البخاري، المغكاني، الفقيه، الواعظ.

ولد بقرية مغكان، من أعمال بُخارى، في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة، وسمع من علي بن محمد بن خدام البخاري، صاحب منصور بن نصر الكاغَدي في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

روى عنه عبد الرحيم ابن السمعاني.

652 -

‌ محمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين

، أبو غانم الأصبهاني المعدّل المحدّث، ويُعرف بزينة.

قال السمعاني: له فهم وكياسة، سمع مع والدي الكثير بأصبهان، ونسخ بخطه، خرّج له الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي، سمع من جده لأمه أبي بكر محمد بن الحسن بن سُليم، وأبي بكر محمد بن علي بن جُولة، وابن أُشتَة، وعبد الرحمن الدوني، وأصحاب أبي عبد الله الجُرجاني.

سمعتُ منه، وسمع منه أبو القاسم الدمشقي، وغيره ببغداد.

653 -

‌ محمد بن هبة الله بن العلاء

، الحافظ أبو الفضل البروجردي، تلميذ ابن طاهر المقدسي.

سمع أبا محمد الدوني، ومكي بن بُجير، ويحيى بن منده.

قال السمعاني: أول ما لقيته كنت أنسخ بجامع بُروجِرد، فدخل شيخ رثّ الهيئة، ثم قال: أيش تكتب؟ فكرهت جوابه، فقلت: الحديث، فقال: كأنك تطلب الحديث؟ قلت: بلى، قال: من أين أنت؟ قلت: من مرو، فقال:

ص: 1010

عمّن يروي البخاري من أهل مرو؟ قلت: عن عبدان، وصدقة، وعليّ بن حُجر، قال: ما اسم عبدان؟ قلت: عبد الله بن عثمان، فقال: لم قيل له عبْدان؟ فتوقفت، فتبسّم، فنظرت إليه بعين أخرى، وقلت: يذكر الشيخ، فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، فاجتمع في اسمه وكنيته العبْدان، فقيل: عبْدان، فقلت: عمن هذا؟ فقال: سمعته من محمد بن طاهر المقدسي، ثم بعد ذلك انتخبت عليه، وسمعت منه.

قلت: لم أر له ذِكر وفاة ولا مولد، فكتبته هنا على التوهم.

654 -

‌ مالك بن وهيب

، أبو عبد الله الإشبيلي، المتكلّم.

قال اليَسَعُ بنُ حزم فيه: الفقيه، الأديب، الورع، المتواضع، أبو عبد الله إمام في فنون، ومخرج جواهر البلاغة من درجها المكنون، عقل تتعلم منه العقول، وذهن انصقل به كل مصقول، وأدبٌ بارع، وشعرٌ لا يُجارى، إلى أن قال: نظره في علم الشريعة والحديث والتفاسير نظر من اتّسع، وكان قد نزل من قلب أمير المسلمين على منزلة من يخلو به إذا خلا، ويتحلى بأدبه البارع إذا تحلى، أحله محلّ المُطاع الذي من عصاه عصى، ومن أطاعه أطاع، حتى بنى له قصرًا يدخل إليه من خوخته، لتبين مكانة رتبته، ومع هذا فكان يتواضع في لبسه، ويتبذّل في حوائجه، ويبدو في أكثر أوقاته في صورة الباكي على الذنب، النادم، أدرك أبا عبد الله بن مُعاذ، فأكثر عنه وأخذ عنه الهندسة، أدركته رحمة الله.

قلت: وكان أشار على ابن تاشفين باعتقال ابن تومَرْت.

655 -

‌ المبارك بن ثابت بن علي

، أبو طالب البغدادي الذهبي.

سمع من حَمْد بن أحمد الحدّاد، روى عنه أبو سعد السمعاني، وغيره.

656 -

‌ محمود بن أحمد بن الفرج

، الإمام أبو المحامد السمرقندي، السُغدي، الساغَرجي، أحد الأعلام.

ذكره السمعاني في الذيل، فقال: إمام بارع، مبرّز في أنواع الفضل والتفسير، والحديث، والأصول، والمتفق، والمفترق، والوعظ، حسن السيرة، كثير الخير والعبادة، بهي المنظر، قال لي: أول ما كتبت الحديث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، سمع يوسف بن صالح، والحسن بن عطاء السُغدي، وأبا

ص: 1011

إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي، وميمون المكحولي، وعلي بن أحمد الكلاباذي، كتبت عنه بسمرقند، وقرأت عليه تنبيه الغافلين، بروايته عن النوحي، عن سِبط الترمذي، عن مؤلفه، وقال لي: ولدت سنة ثمانين وأربعمائة.

657 -

‌ محمود بن خلف

، أبو القاسم اللهاوري، ثم الإسفراييني.

قال السمعاني: تفقّه على جدّي أبي المظفّر، وسمع أبا بكر بن خلف بنيسابور، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، وجماعة، قال: ومات سنة نيف وأربعين.

658 -

‌ محمود بن محمد بن أحمد بن محمد

، أبو الشكر البابصري، الشروطي.

كان له حانوت مقابل باب النوبي للشروط، وله شِعر فائق مدوّن، روى عنه المبارك بن كامل وهو أسنّ منه بكثير، ومحمد بن علي بن إبراهيم الكاتب، ومات شابًا.

ومن شعره:

أفدي الذي بتُّ من هواهُ إليه دون الأنام أشكو كاتبُ خطٍ له عِذار ليس لمن يحتويه نسكُ خطّان ما استُجمعا لشخصٍ إلا وستر المحبّ هتكُ هذا مداد على بياضٍ وذاك ورد عليه مسكُ

659 -

‌ نصر الله بن محمد بن الموفّق بن أبي المظفّر بن عبد الواحد

، الفقيه، أبو الفتوح الكسائي، الهروي.

سمع نجيب بن ميمون الواسطي، وأبا عطاء المليحي، وغيرهما، روى عنه أبو المظفّر عبد الرحيم، وقال: توفي بعد سنة ست وأربعين.

660 -

‌ نصر بن مهدي بن نصر بن مهدي بن محمد

، السيد أبو الفتح العلوي، الحُسيني، الونكي، الرازي، المعدل، الفقيه الزيدي.

ص: 1012

سمع طاهر بن الحسين السمّان، وسليمان بن داوج الغزنوي بمرو، وورد بغداد حاجًا، وسمع بها أبا يوسف عبد السلام القزويني.

قال أبو سعد: كتبت عنه بالري، وقال لي: ولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة.

661 -

‌ هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عمر ابن السمرقندي

، أبو المظفر المدير بين يدي قاضي القضاة الزينبي.

سمّعه أبوه من ابن طلحة النعالي، وجماعة، كتب عنه أبو سعد السمعاني.

662 -

‌ همّام بن يوسف بن أحمد

، العاقولي أبو محمد.

سمع أبا الحسن بن الأخضر الأنباري، وغيره، وكان يخدم القُضاة، كتب عنه ابن السمعاني.

663 -

‌ يحيى بن عبد الله بن فَتّوح

، أبو زكريا الحضرمي، الداني، ويُعرف بابن صاحب الصلاة.

روى عن أبي محمد ابن البطليوسي، وغيره، وكان أديبًا، لغويًا، روى عنه ابنه الأستاذ أبو محمد عبدون، وتوفي في حدود الخمسين.

664 -

‌ أبو الحسين ابن الموصلي

، الأندلسي الرئيس، العالم، أحد أكابر الأندلسيين وقاضي إشبيلية.

قصد حضرة أمير المسلمين يستعطفه في مصالح ثغور الجزيرة فأكرمه واحترمه، واعتمد عليه، وقضى أشغاله، وقال: فهل لك من حاجة تخصّك؟ قال: يا أمير المسلمين، إن الله قد وسّع عليّ فيما رزق، وقد كان خرج من غزاة فُأسِر، فلما جنّ عليه الليل أتاه رومي، فقال: أنت ابن الموصلي؟ قال: لا. قال اليَسَع: فحدَّثني، قال: أنكرتُ خوفًا من التغالي؛ لأني كنت أحصل في سهم الملك، ولا أخرج بأقل من خمسين ألفًا، وربما عُذّبت لأدفع إليهم بدرا، فقال لي الرومي ما أوجب اعترافي، وقال: لا تَنَمْ، أنا أخلّصك، فأركبني في وسط الليل، ووجّه معي صاحبًا له تواعد معه إلى موضع، ثم تلاقيا في آخر الليل، ثم أصبح على باب حصن للمسلمين فدخلته، ففرح بي أهله لما

ص: 1013

عرفوني، فقلت: أريد الوفاء لهذا الصاحب المجمِل، فجعل الرجل يأتي بالدنانير، والمرأة بالسوار والعِقد، وقد أخفيت الرومي شفقةً عليه، ثم أتيته فأرضيته، وقلت: هذا ما حضر، فلعلّك أن تقدم إشبيلية، فقدِم بعد أشهر، فدفعت إليه تتمة ألف دينار، وانفصل يشكر ويحمد.

(آخر الطبقة والحمد لله)

ص: 1014