المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطبقة السابعة والستون 661 - 670 هـ - تاريخ الإسلام - ت بشار - جـ ١٥

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

‌الطبقة السابعة والستون

661 - 670 هـ

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر‌

‌ الحوادث

الكائنة في هذه السنين العشر

‌سنة إحدى وستين وستمائة

في المحرم قال أبو شامة: درست بالركنية الملاصقة للفلكية.

قال: وفي صفر دخل دمشق الخليفة الحاكم بأمر الله الذي بايعه برلو بحلب، ثم سافر إلى مصر.

وفي رجب جرى على الشّمس محمد بن مؤمن الحنبليّ أمر بتعصب جماعة عليه وحمل إلى والي دمشق وهم بتجريصه.

قال قطب الدّين: في يوم الخميس ثامن المحرم جلس السلطان مجلساً عاماً وحضر الحاكم بأمر الله راكباً إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع السلطان، بسطوا له إلى جانبه، وذلك بعد ثبوت نسبه، فأقبل عليه السلطان وبايعه بإمرة المؤمنين، ثم أقبل هو على السلطان الملك الظاهر وقلده الأمور، ثم أخذ الناس يبايعون الخليفة على طبقاتهم، فلما كان من الغد خطب يوم الجمعة خطبة ذكر فيها الجهاد والإمامة وتعرض إلى ما جرى من هتك حرم الخلافة، ثم قال: وهذا السلطان الملك الظاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلة الأنصار وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، فبادروا إلى شكر هذه النعمة ولا يروعنكم ما جرى، فالحرب سجال.

وأول الخطبة: الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركناً وظهيراً، قال: ثم كتب بدعوته إلى الآفاق، ثم

ص: 7

خطب الحاكم جمعة أخرى بعد مدة، وهو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس، وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهراً.

قال: وفي صفر جمع صاحب سيس تكفور جمعاً وأغار على الفوعة وسرمين، ومعرة مصرين، وأسر من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفساً، فساق وراءه جماعة كانوا مجردين بسرمين فهزموه وتخلص بعض الأسرى.

وفي ربيع الآخر خرج الملك الظاهر من القاهرة، فلما قدم غزة نزلت إليه أم المغيث صاحب الكرك تشفع في ولدها فأكرمها، ثم رحل إلى الطور وغلت الأسعار ولحق الجيش مشقة عظيمة والرسل تتردد إلى صاحب الكرك تطلبه، وهو يسوف خوفاً من القبض عليه، ثم إنه نزل، فلما وصل تلقاه السلطان وأكرمه ومنعه من الترجل له، ثم أرسل تحت الحوطة إلى قلعة مصر وكان آخر العهد به، ثم توجه السلطان إلى الكرك، وكاتب من فيه بتسليمه، فوقع الاتفاق على أن يؤمر الملك العزيز عثمان ابن المغيث، فأعطاه خبز مائة فارس بمصر، ثم دخل السطان إلى الكرك في جمادى الآخرة، ثم سار إلى مصر.

وفي رجب أمسك ثلاثة أمراء لكونهم حطوا على السلطان في إعدامه الملك المغيث، وهم الأمير شمس الدّين أقوش البرلي والأمير سيف الدّين بلبان الرشيدي، والأمير عز الدّين أيبك الدّمياطيّ.

وفي رجب جاءت رسل بركه ملك التّتار يخبرون أنه محب للإسلام ويشكو من ابن عمه هولاكو، فأرسل إليه الملك الظاهر هدية وصوب رأيه.

وفيه وصلت طائفة من التتار مستأمنين مسلمين، ثم وصلت طائفة كبيرة مقدمهم الأمير كرمون، فتلقاهم السلطان وأنعم عليهم.

وفي شعبان ولي الأستاذ دارية جمال الدّين ابن يغمور.

وفي شوال سافر السلطان إلى الإسكندرية فأقام بها نحواً من شهر، ثم

ص: 8

عزل ناصر الدّين ابن المنير من قضائها بالبرهان إبراهيم بن محمد البوشي.

وجرت وقعة هائلة بين هولاكو وبركة، وكانت الدائرة على هولاكو، وقتل خلق من أصحابه وغرق آخرون ونجا هو بنفسه.

وقال أبو شامة: في صفر سمر شاب، وخنقت امرأته فعلقت في جولق تحته، كانت تتحيل على النساء وتوديهم إلى الأفراح متلبسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها، ويرميها في بئر، فعل ذلك بجماعة من النساء، فبقي مسمراً يومين ثم خنق، وذلك بدمشق.

‌سنة اثنين وستين وستمائة

في شهر جمادى الأولى ولي الإمام شهاب الدّين أبو شامة مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد ابن الحرستاني.

وفي أولها فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين، فدرس بها للشافعية الإمام تقيّ الدّين ابن رزين وللحنفية الصاحب مجد الدّين ابن العديم، وولي مشيخة الحديث الحافظ شرف الدّين الدّمياطيّ، وولي مشيخة الإقراء الشيخ كمال الدّين المحلي.

وفيها بعث السلطان نائباً له على حمص عقيب موت صاحبها الملك الأشرف.

وفي ربيع الآخر زلزلت مصر زلزلة عظيمة.

وعزل الشهابي عن نيابة حلب بالأمير نور الدّين علي بن مجلي.

وفيها كان الغلاء بمصر وبلغ الإردب مائة وخمسة دراهم.

وفيها أحضر بمصر إلى السلطان طفل ميت وله رأسان، وأربعة أعين، وأربعة أيدي، وأربعة أرجل.

وفيها كان خبر الخناقة بمصر، قال شمس الدّين الجزري في تاريخه: فيها ظهرت قتلى في خليج مصر، وفقد جماعة، ودام ذلك أشهراً

ص: 9

حتى عرف أن صبية مليحة اسمها غازية كانت تتبرج بالزينة، وتطمع من يراها، ومعها عجوز، فتشاكل الرجل وتقول: هذه ما يمكنها ما تريد منها إلا في منزلها، فإذا انطلق معها، واستقر في دارها، خرج إليه رجلان جلدان فيقتلانه ويأخذان ما عليه، وكانوا يتنقلون من موضع إلى موضع، إلى أن سكنوا على الخليج، وجاءت العجوز مرة إلى ماشطة مشهورة لها حلي تخرج به العرائس، فقالت لها: عندي بنت ونريد أن تصلحي من شأنها، فجاءت بالحلي تحمله الجارية، ورجعت الجارية من الباب فدمسوا الماشطة، ولما أبطأ خبرها على جاريتها مضت إلى الوالي فأخبرته، فركب إلى الدار وهجمها، فوجد غازية والعجوز، فأخذهما وتهددهما، فأقرتا، فحبسهما فجاء إلى الحبس أحد الرجلين، فشعر به الأعوان، فأخذ وقرر وضرب، فاعترف ودل على رفيقه وكان لهما رفيق آخر له قمين للطوب، كان يلقي فيه من يقتلانه في الليل فيحترق، وأظهروا أيضاً من الدار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأنهي أمرهم إلى السلطان فسمروا خمستهم وبعد يومين شفع أمير في الصبية فأنزلت وماتت بعد أيام.

قال: وفيها اتفق أن ليلة الاثنين كانت ليلة ثاني عشر ربيع الأول وفيها أحضرت إلى قلعة مصر فلوس كثيرة من جهة قوص وجدت مطمورة، كان على الفلس صورة ملك، وفي يده ميزان وفي يده الأخرى سيف، وعلى الوجه الآخر رأس بآذان كبار وحوله أسطر، فحضر جماعة من الرهبان فيهم حكيم يوناني رومي لا يعرف العربية فقرأ الأسطر، فكان تاريخ الفلس من ألفين وثلاثمائة سنة، وفيه مكتوب: أنا غلياث الملك، ميزان العدل والكرم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن عصى، وفي الوجه الآخر: أنا غلياث الملك أذني مفتوحة للمظلوم وعيني أنظر بها مصالح ملكي.

وفيها قدم بغداد النصير الطوسي للنظر في الوقوف وجمع الكتب، وانحدر إلى واسط، وجمع شيئاً كثيراً لأجل الرصد.

وقتلوا ببغداد النجم أحمد بن عمران الباجسرائي، وأخذ مرارته جلال الدّين ابن الملك مجاهد الدّين الدويدار، وكان ناظراً على السواد، جيد

ص: 10

التصرف، وعظم في دولة هولاكو، ولقبه بالملك، فعادى علاء الدّين فعقره، ثم إن ابن الدويدار بيع ما له من الغنم والجواميس وغير ذلك، واقترض أموالا واستعار خيولا، وأظهر أنه يتصيد ويزور المشهد وأخذ أمه، ثم تسحب إلى الشام، فانقطع عنه ضعفاء الجند ورجعوا، فقتلهم الشحنة قرابوقا، وقتل كل من ظفر به من آحاد الأجناد.

وفيها عزل قرابوقا عن بغداد لكونه رافع الصاحب علاء الدّين بالكذب، وولي توكال شحنة.

وسار عز الدّين كيكاوس ابن صاحب الروم إلى قسطنطينة، إلى صاحبها الأشكري، لكونه وقع بينه وبين أخيه ركن الدّين قلج أرسلان في أمر سلطنة الروم، فاستظهر عليه الركن ففر هو في حاشيته إلى قسطنطينية، فأحسن إليه الأشكري وإلى أمرائه، وداموا في عافية، فعزموا على قتل الأشكري وأن يأخذوا قسطنطينيته، ففهم فأعماهم وسجن عز الدّين، ثم طلبه بركة وذهب إليه.

‌سنة ثلاث وستين وستمائة

قال أبو شامة رحمه الله: فيها جاء إلى القاهرة كتاب يتضمن نصر المسلمين على النصارى في بر الأندلس، وسلطان المسلمين أبو عبد الله ابن الأحمر، وكان الفنش ملك النصارى قد طلب من ابن الأحمر الساحل من مالقة إلى المرية، فاجتمع المسلمون والتقوهم، فكسروهم مراراً وأخذ الفنش أسيراً، ثم اجتمع العدو المخذول في جمع كبير، ونازلوا غرناطة، فانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وجمع من رؤوسهم نحو خمسة وأربعين ألف رأس، فعملوها كوماً وأذن المسلمون فوقه، وأسروا منهم عشرة آلاف أسير، وكان ذلك في رمضان سنة اثنتين، وانهزم الفنش إلى إشبيلية وهي له، وكان قد دفن أباه بها بالجامع، فأخرجه من قبره خوفاً من استيلاء المسلمين، وحمله إلى طليطلة.

قال: ورجع إلى المسلمين اثنان وثلاثون بلداً، من جملتها إشبيلية

ص: 11

ومرسية، كذا قال، والله ينصر المسلمين حيث كانوا.

قال قطب الدّين: وفي أولها بلغ السلطان أن جماعة أمراء وأجناد اجتمعوا في دار ططماج، فتكلموا في الدولة، وزاد في الكلام ثلاثة أنفس، فسمر أحدهم وكحل الآخر، وقطعت رجلا الثالث، فانحسمت مادة الاجتماعات.

قال: وفي ربيع الآخر قطعت أيدي ثلاثة وأربعين نفساً من نقباء والي القاهرة، ومن الخفر والمقدمين، فمات بعضهم، وسبب ذلك ظهور شلوح ومناسر بالقاهرة وضواحيها.

وفيها نازلت التتر البيرة، فساق المحمدي وسم الموت للكشف، وأغار عيسى بن مهنا على أطراف بلادهم فرحلوا عن البيرة.

قال: وفي ربيع الآخر توجه السلطان بالعساكر إلى قيسارية فحاصرها وافتتحها عنوة في ثامن جمادى الأولى، وامتنعت القلعة عشرة أيام وأخذت وهرب من فيها إلى عكا، فخربها السلطان وأقطع قراها.

ثم سار فنازل أرسوف ونصب عليها المجانيق إلى أن تداعى برج تجاه الأمير ببليك الخزندار، فهجم البلد بأصحابه على غفلة، ووقع القتل والأسر وذلك في ثاني عشر رجب، ثم هدمت وعاد السلطان وزينب القاهرة.

وفيها أحرق بحارة الباطنية بالقاهرة حريق كبير، ذهب فيه ثلاثة وستون داراً، ثم كثر بعد ذلك الحريق بالقاهرة، واحترق ربع العادل وغير ذلك، فكانت توجد لفائف مشاق فيها النار والكبريت على الأسطحة، وعظم ذلك على الناس واتهموا بذلك النصارى وقدم السلطان فهم باستئصال النصارى واليهود، وأمر بجمع الأحطاب والحلفا في حفيرة ليحرقوا فيها، ثم كتفوا ليرموا في الحفيرة، فشفع فيهم الأمراء وأمروهم أن يشتروا أنفسهم، فقرروا عليهم خمسمائة ألف دينار يقومون منها في العام بخمسين ألف دينار

ص: 12

وضمنهم الحبيس وكان كاتباً ثم ترهب، وأقام بجبل حلوان، فيقال: إنه وجد في مغارة من الجبل دفيناً للحاكم العبيدي، فلما ظفر بالمال واسى به الفقراء والصعاليك من كل ملة، فاتصل خبره بالسلطان، فطلبه وطلب منه المال، فقال: لا سبيل إلى أن أعطيك من يدي إلى يدك، ولكن يصل إليك من جهة من تصادره ولا يقدر على تطلبه منه، فلا تعجل علي، فلما جرت هذه الواقعة للنصارى ضمنهم، وقد ذكرنا وفاته في سنة ست وستين، وكانت قد وصلت الفتاوى بقتله خوفاً من الفتنة على ضعفاء الإيمان من المسلمين، من علماء الإسكندرية، فقيل إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من طريقه في مدة سنتين ستمائة ألف دينار، وقد ضبط ذلك بقلم الصيارفة الذين كان يجعل عندهم المال ويكتب إليهم أوراقه، وذلك خارجاً عما كان يعطيه بيده سراً، وكان لا يأكل من هذا المال ولا يلبس، بل النصارى يتصدقون عليه بما يأكل ويلبس، ولم يظهر له بعد موته ولا دينار واحد، وكان يقول: من لم يكن معه شيء أديت عنه في المصادرة، فكان يدخل الحبس ويطلق من عليه دين ومن وجده ذا هيئة رثة واساه، ومن شكى إليه ضرورة أزاحها عنه، وقد سافر إلى الإسكندرية وأدى جملة عن أهل الذمة، وكذا سافر إلى الصعيد وأدى المقرر على أهل الذمة، وكان عجيب الحال، لعنه الله، ومن لطف الله أنه غير مسلم وإلا لو كان مسلماً لتألهه الناس، وادعوا فيه النبوة أو القطبية، نسأل الله العافية.

وفي شوال شرع السلطان في حفر بحر أشموم وفرقه على الأمراء وعمل معهم بنفسه، فلما فرغ ركب في الحراقة، وأخذ معه زاد أيام يسيرة، وسار ليسد فم جسر على بحي ة تنيس انفتح منه مكان، وخرج الماء فغرق الطريق بين الواردة والعريش، فأقام هناك يومين، وحصل له وعك، فعاد إلى مصر.

وفيه طلع من الشرق كوكب الذنب، وهو كوكب له ذؤابة، فبقي نحو أربعين يوماً.

وفيها شنق قاضي البيرة؛ لأنه كاتب صاحب سيس ليبيعه قلعة البيرة، فهتكه الله وأهلكه.

ص: 13

وفي أولاها وصل رسول صاحب سيس يبشر السلطان بموت هولاكو ثم ورد الخبر بأن التتار ملكوا أبغا بن هولاكو، وأن بركة قصده فكسره، فعزم الملك الظاهر على التوجه إلى العراق ليغتنم الفرصة، فلم يتكمن لتفرق العساكر في الإقطاعات.

وفي شوال سلطن السلطان ولده الملك السعيد وركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده من باب السر إلى السلسلة، ثم عاد، وكان صبياً ابن أربع أو خمس سنين، ثم ركب الملك السعيد وسير ودخل من باب النصر، وخرج من باب زويلة وسائر الأمراء مشاة والأمير عز الدّين الحلي راكب إلى جانبه والوزير بهاء الدّين وقاضي القضاة تاج الدّين راكبان أمامه والبيسري حامل الجتر على رأسه، وعليهم الخلع، ثم بعد عشرين يوماً ختن الملك السعيد، وختن معه جماعة من أولاد الأمراء.

وفيها جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة، من كل مذهب قاض وسبب ذلك توقف القاضي تاج الدّين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام وكثر توقفه، فكثرت الشكاوى منه وتعطلت الأمور، فوقع الكلام في ذي الحجة بين يدي السلطان وكان الأمير جمال الدّين أيدغدي العزيزي يكره القاضي تاج الدّين، فقال له: نترك لك مذهب الشّافعيّ، ويولى معك من كل مذهب قاض، فمال السلطان إلى هذا، وكان لأيدغدي العزيزي محل عظيم عند السلطان، فولي قضاء الحنفيّة الصدر سليمان، وقضاء المالكية شرف الدّين عمر السبكي، وقضاء الحنبليّة شمس الدّين محمد ابن العماد، واستنابوا النواب، وأبقى على الشّافعيّ النظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال، ثم فعل ذلك بدمشق.

وفيها أحضر بين يدي السلطان خروف ولد على صورة الفيل، له خرطوم وأنياب.

وفيها وقع الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه الصناع والأخشاب والآلات والمال، فبقيت الصناع فيه أربع سنين.

وفي رمضان حجب الملك الظاهر الخليفة وجعله في برج بقلعة مصر، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد ويتكلمون في أمر الدولة

ص: 14

وفيها ولي أمور الموصل رضي الدّين الباني، فعذب الذي كان قبله زكي الدّين الإربلي وصادره ثم قتله.

وفيها قبض ببغداد مرمكيخا الجاثليق على نصراني قد أسلم وسجنه بداره التي كانت للدويدار الكبير، وعزم على تغريقه، فهاجت العامة وحاصروا البيت وأحرقوا باب داره، وقتلوا أصحابه، ثم ركب الشحنة، وقتل طائفة وسكنت الفتنة، وذهب الكلب إلى هولاكو وبنى بيعة بقلعة أرسن.

ووصل شخص إلى بغداد بفيلين، ثم سار ليقدما للملك.

‌سنة أربع وستين وستمائة

فيها ظهر للناس موت الطاغية هولاكو.

وفيها سمر على الجمال أحد وعشرون نفساً من مقدمي العربان بالشرقية من ديار مصر، وسيروا مسمرين إلى بلادهم فماتوا.

وفي أول شعبان برز السلطان من مصر لقصد صفد، فنزل عين جالوت بعد أن زار الخليل عليه السلام، وجلس على سماطه وأكل من العدس حتى شبع وفرق مالاً جليلاً في أهل بلد الخليل وفي الفقراء، وتوجه إلى القدس الشريف وبلغه أن العادة جارية بأن يؤخذ من اليهود والنصارى حقوق على زيارة مغارة الخليل عليه السلام، فأنكر ذلك وكتب به توقيعاً قاطعاً، واستمر منعهم وإلى الآن، فلله الحمد، وجهز الأمير سيف الدّين قلاوون الألفي والأمير جمال الدّين إيدغدي العزيزي للإغارة على بلاد الساحل، فأغاروا على بلاد عكا، وصور، وطرابلس، وحصن الأكراد، فغنموا وسبوا ما لا ينحصر.

ثم نزل السلطان على صفد في ثامن رمضان، ونصبت المجانيق وآلات الحصار، ووقع الجد والحصار والقتال، ونصبت السلالم على القلعة وسلطت النصوب على الأساس واشتد المراس، وصبر الفريقان على البأس، والسلطان مباشر ذلك بنفسه، فذل أهل الحصن وطلبوا الأمان والأيمان، فأجلس السلطان في دست المملكة الأمير سيف الدّين كرمون، وكان يشبه الملك الظاهر، فنزلت رسلهم فاستحلفوه، فحلف لهم وهم لا يشكون أنه السلطان، وكان في قلب الملك الظاهر منهم لما فعلوا بالمسلمين، فلما كان في يوم

ص: 15

الجمعة ثامن عشر شوال طلعت أعلام السلطان على صفد، وأنزل من بها من الديوية وغيرهم، وكان قد وقع الشرط على أنهم لا يأخذون شيئاً من أموالهم، فاطلع عليهم أنهم أخذوا شيئاً كثيراً، فأمر السلطان بضرب أعناقهم على تل هناك وكانوا نحو مائتين أقيالاً أبطالاً فيهم أولاد ملوك، ثم حصنها وعمرها وشحنها بالرجال والأسلحة والعساكر، واستناب عليها علاء الدّين الكبكي.

قال سعد الدّين في تاريخه: الذي قيل إنه قتل من العسكر نحو ألف نفس عليها، ومن الغزاة والرعية كثير، والجرحى فكثير، وقاسوا عليها شدة.

وحكى العلم سنجر الحموي أنه قتل على صفد قريب ثمانمائة فارس ممن نعرف، منهم أمراء وخاصكية.

ووصلت رسل صاحب سيس فلم يلتفت عليهم السلطان، وجهز لها عسكراً فأغاروا وسبوا وأسروا خلقاً، منهم ابن صاحب سيس وابن أخته، وكان مقدم العسكر صاحب حماة وشمس الدّين الفارقاني، وخرج السلطان لتلقيهم، فمر بقاره، في ذي الحجة فأمر بنهبها واستباحتها وأسر منها أكثر من ألف نفس ووسط الرهبان وصيرت كنيستها جامعاً وأنزلها التركمان وغيرهم ومن سلم منهم، وذلك لأنهم كانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم ببلاد الفرنج بالساحل، ثم رجع السلطان والأسرى والغنائم التي من سيس وقاره بين يديه، وسار إلى الكرك في أول سنة خمس.

وكان قد استناب على الديار المصرية الأمير عز الدّين الحلي، فجلس في ذي الحجة بدار العدل، فجاء إنسان ومعه قصة، وتقدم بها إلى الحلي، ثم وثب عليه بسكين معه فجرحه، فقام إليه والي القاهرة الصارم المسعودي ليدفعه عنه، فضربه بتلك السكين فقتله، وقام الحلي جريحا والوزير وقاضي القضاة تاج الدّين وقتلت الجندارية ذلك الرجل ولم يتحقق له خبر.

وفيها أمر السلطان بعمل جسر على الشريعة بقرب دامية، فلما تكامل بنيانه اضطرب بعض أركانه ثم أصلح.

وفيها أخرج السلطان من مصر سبيلاً إلى مكة.

وفيها توجه صاحب الروم ركن الدّين كيقباذ والبرواناه بهدية وتحف وهنوا أبغا بالملك، ثم عاد ركن الدّين وتخلف معين الدّين البرواناه، فتكلم مع

ص: 16

أبغا وقال: هؤلاء بنو سلجوق أصحاب الروم ما يؤمنوا، وربما لركن الدّين باطن مع صاحب مصر، فقال أبغا: قد وليتك نيابة الروم، فإن تحققت أحداً يخالف طاعتي فاقتله، ثم إن البرواناه افتتح قلعة لأبغا، فعظم بذلك عنده، وتخوف منه ركن الدّين كيقباذ.

‌سنة خمس وستين وستمائة

في أولها توجه السلطان جريدة إلى الكرك، وتصيد بنواحي زيزى، فتقنطر به الفرس فانكسرت فخذه، فأقام يداويها حتى تصلح بعض الشيء، وسار في محفة إلى غزة وحصل له عرج منها.

وفيها سافر صاحب حماة الملك المنصور إلى مصر، فاحتفل له السلطان وأكرمه، ثم سافر إلى الإسكندرية متفرجاً، فرسم السلطان لمتوليها أن يحمل إليه كل يوم مائة دينار برسم النفقة وأن ينسج له في دار الطراز ما يقترحه.

وفيها أمر السلطان بعمل الجامع بالحسينية، وتمت عمارته في شوال سنة سبع وستين، وجاء في غاية الحسن، وبني في ميدان قراقوش، وأحكر ما بقي من الميدان، وقرر لمصالح الجامع، ورتب به خطيب حنفي.

وفي جمادى الآخرة توجه السلطان إلى الشام وصحبته صاحب حماة، فنزل على صفد، واهتم بعمارتها وتحسينها وتحصينها، ثم قدم دمشق، ثم سار إلى الكرك.

وفي شعبان ولي قضاء القضاة بالقاهرة والوجه الشرقي الإمام تقيّ الدّين ابن رزين الحموي، وولي قضاء مصر والوجه القبلي محيي الدّين عبد الله ابن القاضي شرف الدّين ابن عين الدولة، وولي نظر الأحباس الشيخ تاج الدّين علي ابن القسطلاني، وولي تدريس الشّافعيّة بالصالحية صدر الدّين ابن القاضي تاج الدّين، وفوض نظر الخانقاه السعيدية إلى قاضي الحنابلة وولي نظر مدرسة الشّافعيّ بهاء الدّين علي بن عيسى بن رمضان نيابة عن الصاحب فخر الدّين ابن حنى، وهذه المناصب كلها كانت بيد القاضي تاج الدّين.

ص: 17

وفيها توجه الأمير عز الدّين الحلي إلى الحج، وناب في السلطنة بدر الدّين بيليك الظاهر بن الخزندار.

ودخل السلطان مصر في ذي الحجة، فأمر بتسمير جماعة، منهم الملك الأشرف ابن صاحب ميافارقين شهاب الدّين غازي، والأمير آقوش القفجاقي الصالحي الذي ادعى النبوة من نحو ثلاثة أشهر.

ومنهم الناصح ضامن بلاد واحات، وكان بإخميم، فأنهي إلى السلطان ما هو فيه من الأمر المطاع، وأنه يخاف من خروجه بأرضه، وأنهي إليه أنه اتفق مع رجل نصراني ومع الملك الأشرف وهم بخزانة البنود محبوسين، على أن ينقبوا خزانة البنود ويخرجوا إلى واحات، فيسلطن فيها الملك الأشرف ابن غازي، ويكون الناصح وزيره، والنصراني كاتبه، فسمروا.

وفيها ورد كتاب قاضي القدس إلى السلطان يخبر بظهور الماء ببيت المقدس؛ وسبب ذلك أن الماء انتزح من بئر السقاية وبقي الوحل، وعظمت مشقة الناس لأجل الوضوء، وأن القاضي حضر بنفسه إلى البئر، ثم نزل فأخبر أنه شاهد قناة مسدودة بالردم من عهد بخت نصر الذي هدم بيت المقدس، قال: فدخلت الصخرة وأنا مهموم بسبب إعواز الماء، فاجتمعت بالأمير علاء الدّين الركني الأعمى، فجرى الحديث واتفق الرأي على إحضار بنائين من غزة، وكشف القناة السليمانية، فحضروا فكشفوا الردم أولاً فأولاً ومشوا في القناة، وكلما مشوا في السرب علقوه بالعمد والبلاط، إلى أن وصلوا إلى الجبل الذي تحت الصخرة المباركة، فوجدوا باباً مقنطراً، ففتحوا ردمه وإذا هم بالماء، ففار على جماعة بقوة كاد أن يغرقهم، فهربوا وصعدوا في الحبال، وذلك في ذي الحجة من السنة، نقل هذا الكتاب محيي الدّين ابن عبد الظاهر في سيرة الملك الظاهر، ثم قال: وجدت في كتاب دير يامين من تواريخ النصارى أن ملك الموصل لما قصد أوراشلم - يعني بيت المقدس - في جيوشه اتفق حزقيا هو وجماعته على دفن المياه التي ببيت

ص: 18

المقدس، فدفنوا جميع الينابيع التي بها وعفوا أثرها لئلا يتقوى عليهم ملك الموصل سنحاريب بتلك المياه.

قال ابن عبد الظاهر: وقرأت في نبوة زكريا أنه يخرج ماء عذب فيه حياة من أوراشلم، نصفه إلى البحر الشرقي، ونصفه إلى البحر الغربي، ويكون ذلك عند اعتدال الصيف والشتاء، قال: فوقت ظهور الماء نزلت الشمس برج الميزان، وهو برج الاعتدال، في يوم نزولها بعينه، ثم وصل كتاب الأمير علاء الدّين الركني يذكر أنه دخل الصناع فوجدوا سداً معمولاً بالشيد والحجر، فنقب فيه الحجارون مدة أحد وعشرين يوما، فوجدوا سقفاً بالشيد والكتان مقلفطا، فنقب فيه طول مائة وعشرين ذراعاً، فخرج الماء، فلما قوي خروجه بحيث أنه ملأ القناة تركوه.

وفيها عبر جيحون يراق بن جغتاي بن القان قبلاي، فسار لحربه أباقا، فكان المصاف بناحية هراة، فانتصر أباقا، وغنم جنده أشياء كثيرة، وغرق خلق من جيش يراق.

وفيها أنشأ صاحب الديوان ببغداد قصراً كبيراً وبستاناً عظيماً زرع فيه حتى الفستق، وأنشأ رباطاً، وجهز وفداً من بغداد غرم عليه أموالاً، فحجوا وسلموا، وأمر بقتل ابن الخشكري الشاعر لكونه فضل شعره على القرآن، وقد كان مدح الصاحب بقصيدة فأنشده، فأذن المؤذن، فأنصت الصاحب، فقال: ابن الخشكري: يا مولانا اسمع الجديد ودع العتيق، فقتله في سنة ست وستين.

‌سنة ست وستين وستمائة

في صفر عقد مجلس بين يدي السلطان للضياء ابن الفقاعي وجرى فيه ما اقتضى ضربه والحوطة عليه، وأخذ خطه بجملة عظيمة، ثم لم يزل يضرب

ص: 19

إلى أن مات، قال قطب الدّين: أحصيت السياط التي ضربها فكانت سبعة عشر ألفاً ونيف.

وفيها وصل رسول صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدّين يوسف بن عمر بتقادم، منها: فيل، وحمار وحش، وخيول، ومسك، وعنبر، وصيني، وأشياء، وطلب معاضدة السلطان له وأنه يخطب له في بلاده، فبعث إليه الأمير فخر الدّين إياز المقرئ ومعه خلعة وسنجق وتقليد بالسلطنة.

وفي جمادى الآخرة خرج السلطان إلى الشام واستناب بيليك الخزندار، فأتته رسل صاحب يافا فاعتقلهم وأمر العسكر بلبس السلاح ليلاً، وسار فصبح يافا، فهربوا إلى القلعة، وملكت المدينة بلا كلفة، وطلب أهل القلعة الأمان، فأمنهم وعوضهم عما نهب لهم أربعين ألف درهم، وركبوا في البحر إلى عكا، ثم هدمت يافا وقلعتها، ثم سار طالباً الشقيف فنازلها وظفر بكتاب من عكا إلى الشقيف استفاد منه أشياء كتبها إليهم كانت سبب الخلف بينهم، واشتد الحصار والزحف والمجانيق، فطلبوا الأمان، فتسلم السلطان الحصن، وكان فيه نحو خمسمائة رجل، فساروا إلى صور، وكان الحصار عشرة أيام، ثم سار السلطان جريدة فأغار على طرابلس، وخرب قراها، وقطع أشجارها، وغور أنهارها، ورحل، فنزل على حصن الأكراد بالمرج الذي تحت الحصن، فنزل إليه رسولٌ بإقامةٍ وضيافة، فردها وطلب منهم دية رجل من أجناده قتلوه مائة ألف دينار، ثم رحل إلى حمص وحماة، ثم إلى فامية، ثم رحل ليلاً وأمر العسكر بلبس العدة فنزل على أنطاكية في أول رمضان، فخرجوا إليه يطلبون الأمان، وشرطوا أشياء لم يجبهم إليها، وزحف عليها فافتتحها في رابع رمضان، وصمَّد غنائمها، ثم قسمها على الجيش بحسب مراتبهم، وحصروا من قُتل فيها من النصارى، فكانوا فوق الأربعين ألفاً.

وأما ابن عبد الظاهر فقال: ما رُفع السيف عن رجل بمدينة أنطاكية قط حتى لو حلف الحالف ما سلم منها أحدٌ لصدق، ثم قال: وكان بها على ما يقال مائة ألف وثمانية آلاف من الذكور، وذلك حسبما عده نائب التّتار الذي

ص: 20

ورد إليها شحنةً واستخرج على الرأس ديناراً، هذا سوى من دخل إليها عند هجوم العساكر من الفلاحين، وأما قلعتها فلجؤوا إليها وتحاشروا بها، فكانوا ثمانية آلاف رجل، غير الحريم والأولاد، فمات بها عالمٌ كثير في زحمة الباب، وأما الوزير والوالي وغيرهما فلما شاهدوا الحال هربوا في الليل في الجبال رجّالةً، فأصبح الناس فطلبوا الأمان من القتل وأن يؤسروا، ثم خرجوا في أحسن زيِّ وزينةٍ كأنهم الزهر، وصاحوا بين يدي السلطان وسجدوا، وقالوا بصوت واحد: العفو، ارحمنا يرحمك الله، فرقَّ قلبه ورحمهم، ورفع عنهم القتل.

قلت: هذه مجازفة متناقضة.

وكان بها طائفة من الأسرى فخلصهم الله، وكانت أنطاكية للبرنس صاحب طرابلس، وهي مدينةٌ عظيمة، مسافة سورها اثنا عشر ميلاً، وعدد أبراجها مائةٌ وستةٌ وثلاثون برجاً، وشرفاتها أربعٌ وعشرون ألفاً وفي داخلها جبلٌ وأشجار ووحوش، وماء يجري، وفواكه مختلفة، وكان لها في يد النصارى أكثر من مائة وسبعين سنة أو نحوها.

ثم إنه تسلم بغراس بالأمان، وكان قد هرب أكثر أهلها وتسلم دركوش، وصالح أهل القصير على مناصفته ومناصفة القلاع المجاورة له، ودخل دمشق في السابع والعشرين من رمضان، وكان يوماً مشهوداً.

وفيها كانت الصعقة الكبر الكائنة على غوطة دمشق في ثالث نيسان أحرقت الشجر والثمر والزرع والكرم، وهلك للناس ما لا يوصف، وكان السلطان قد احتاط على الغوطة وأراد أن يتملكها، وتعثرّ الناس بالظلم والمصادرة وضجوا واستغاثوا بالله، فلما شددوا على المسلمين وألزموهم بوزن ضمان بساتينهم حتى تطرّقوا إلى الأوقاف، أحرق الله الجميع، وجاء الفلاحون والضمان بالثمر والورق والكرم، وهو أسودٌ محروق، ورفعوا الأمر إلى نواب السلطنة، فلم يلتفتوا عليهم وأهانوهم، وأُلزموا بضمان أملاكهم، والله المستعان.

قال قطب الدّين: احتاط السلطان على البساتين وعلى القرى، وهو

ص: 21

نازل على الشقيف. وكان قد تحدث في ذلك مع العلماء، فقال له القاضي شمس الدّين ابن عطاء الحنفيّ: هذا لا يجوز لأحدٍ أن يتحدث فيه، وقام مغضباً وتوقف الحال، ولما وقعت الحوطة على البساتين صقعت بحيث عدمت الثمار بالكلية، وظن الناس أنه يرق لهم، فلما أراد التوجه إلى مصر عقد بدار العدل مجلساً، وأحضر العلماء، وأخرج فتاوى الحنفيّة بأنه يستحقها بحكم أن عمر رضي الله عنه فتح دمشق عنوةً، ثم قال: من كان معه عتيقٍ أمضيناه، وإلا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا، ثم قرر عليهم ألف ألف درهم عن الغوطة، فسألوه أن يقسطها عليهم، فأبى، وتمادى الحال إلى أن خرج متوجهاً إلى مصر في ذي القعدة، فلما وصل إلى اللجون عاوده الأتابك وفخر الدّين ابن حنى وزير الصُّحبة، فاستقر الحال أن يعجّلوا منها أربعمائة ألف درهم، ويعاد إليهم ما قبضه الديوان من المغل ويسقط ما بقي كل سنة مائتي ألف درهم، وكتب بذلك توقيع.

قلت: جاء على كل مدي بضعة عشر درهماً وباع الناس أملاكهم بالهوان وعجزوا، فإن بعض الأمداء لا يغل في السنة ستة دراهم.

أعجوبة اللهم أعلم بصحتها، قد خلدها ابن عبد الظاهر في السيرة الظاهرية، فقال: بعثت رسولاً إلى عكا في الصلح، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا داراً على بابها أعلام وصلبان وجرص كبير كالكنائس، فحركوا الأجراس ومعنا ركابي اسمه ريّان، فنادى: يا لله يا الله كسِّر هذه الأعلام واقطع هذه الأجراس وملِّك السلطان الملك الظاهر عكا، فما استتّم حديثه إلا والجرص قد انقطع والأعلام قد وقعت وتكسرت الرماح.

قال قطب الدّين: وبعث صاحب سيس يستفك ولده من الأسر، فطلب منه من جملة الفداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدّين سنقر الأشقر من التّتار، فبعث صاحب سيس إليهم متوسلاً بطاعته وبذل أموالاً فلم يجيبوه، فلما استولى السلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سيس يبذل القلاع التي كان أخذها من التّتار عند استيلائهم على حلب وهي دربساك وبهسنا،

ص: 22

ورعبان، فأبى عليه إلا أن يحضر سُنقر الأشقر، فسار صاحب سيس إلى التّتار، واستغاث بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه أحد البحرية علم الدّين سلطان، فكان يجتمع بسنقر الأشقر سرا وعليه زي الأرمن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم، فلم يزل علم الدّين يذكر له أمارات وعلامات عرف منها صحة قصده، فأذعن للهرب، فلما خرج صاحب سيس لبس سُنقُر الأشقر زيِّهم واختفى معهم، فلما وصل به صاحب سيس إلى بلاده جاء علم الدّين وعرف السلطان بوصوله، فطلب ابن صاحب سيس من مصر، فأحضر إليه وهو على أنطاكية، ثم سيرّه مع جماعة إلى سيس، فوقفوا على النهر به بالقرب من حد دربساك ووصل سنقر الأشقر مع جماعة من سيس، فوقفوا على جانب النهر، ثم أطلق كل من الفريقين أسيرهم، وتسلم نواب السلطان دربساك ورعبان وبقيت بهسنا، سأل صاحب سيس من سنقر الأشقر أن يشفع له عند السلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولما وصل الخبر خرج السلطان من دمشق لتلقيه، فلما رآه ترجل واعتنقا طويلاً وسارا حتى نزلا في المخيم، فلما أصبحا خرجا منه جميعاً، وشفع في بهسنا، فامتنع السلطان فقال: إني قد رهنت لساني معه، وأحسن إلي بما لا أقدر على مكافأته، فقبل شفاعته، وأجاب طلبته.

وكان هولاكو قد أخذ سنقر الأشقر من حبس الملك الناصر يوسف لما افتتح حلب، وعزل البابا حاكم الموصل بالنصراني الفلاح مسعود ومعه أشموط شحنة.

‌سنة سبع وستين وستمائة

في صفر حلف السلطان الأمراء، للملك السعيد، وقرئ تقليده.

وفي جمادى الآخرة توجه السلطان والأمراء إلى الشام جرائد، وناب ابنه عنه، وعلّم على التواقيع، وكاتبه نواب البلاد.

وفيها وصلت رسل أبغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سيس وأحضرهم السلطان فأدوا الرسالة، مضمونها طلب الصلح بقوة نفس، وإنا خرجنا فملكنا جميع العالم، وأنت لو صعدت إلى السماء ما تخلصت منا

ص: 23

وأنت مملوك أبعت في سيواس، فكيف تشاق ملك الأرض؟ فأجاب: إني في طلب جميع ما استوليتم عليه من العراق والجزيرة والروم، ثم جهزهم.

وفيها وصل إليه صاحب صهيون الأمير سيف الدّين محمد ابن مظفر الدّين عثمان بن منكورس، وقدم مفاتح صهيون فخلع عليه، وأبقاها بيده.

وفي أواخر رجب خرج السلطان فنزل على الخربة، ثم ركب منها على البريد سراً إلى القاهرة، بعد أن عرَّف الفارقاني أنه يغيب، وقرر مع الفارقاني أن يحضر الأطباء كل يوم، ويستوصف منهم للسلطان، يوهم أنه مريض، فيعمل ما يصفونه، ويدخل به إلى الدهليز، ودخل السلطان مصر في اليوم الرابع، وأقام بها أربعة أيام ثم رد على البريد إلى المخيم الشريف، فكانت الغيبة أحد عشر يوماً، وكان غرضه كشف حال ولده، وكيف دسته.

وفي رمضان تسلم نواب السلطان قلعة بلاطنس وقلعة بكسرابيل من عز الدّين أحمد بن مظفر الدّين عثمان بن منكورس الصهيوني، وعوِّض عنهما قرية من عمل شيزر، وتوجه السلطان إلى صفد، فأقام بها يومين، وأغار على أعمال صور، وعيّد بالجابية، ثم انتقل إلى الفوار، ثم سار إلى الكرك، ومنها إلى الحج فحج معه الأمير بدر الدّين بيليك الخزندار، والقاضي صدر الدّين سليمان، وفخر الدين بن لقمان، وتاج الدّين ابن الأثير، ونحو ثلاثمائة مملوك، وجماعة من أعيان الحلقة، فقدم المدينة في أواخر ذي القعدة.

وكان جّماز قد طرد ابن أخيه مالكاً عن المدينة، واستقل بإمرتها، فهرب من السلطان، فقال السلطان: لو كان جماز يستحق القتل ما قتلته لأنه في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تصدق بصدقات، وحج، فتلقاه أبو نمي وعمه إدريس فخلع عليهما، ووقف بعرفة يوم الجمعة، ثم أفاض، وغسل الكعبة بماء الورد، وطيبها بيده، وأقام إلى ثالث عشر ذي الحجة، وزار المدينة ووصل الكرك يوم التاسع والعشرين من الشهر، فصلى بها يوم الجمعة، ثم ساق منه على البريد، فوصل دمشق بكرة الأحد يوم ثاني المحرم من سنة ثمانٍ، فخرج النجيبي فصادفه في سوق الخيل، فنزل وقبّل الأرض.

ص: 24

ثم ساق إلى حلب فدخلها في سادس المحرَّم، فأقام بها أربعة أيام، ثم رد إلى حماة، ثم إلى دمشق، ثم إنه دخل القاهرة يوم ثالث صفر، وصادف وصول الركب المصري.

وفيها تقدم السلطان بالحوطة على بلاد حلب وأملاكها، وأن لا يفرج عن شيء منها إلا بكتاب عتيق.

وفي ذي الحجة هبت ريح عظيمة بمصر غرقت في النيل نحو مائتي مركب وهلك كثير من الناس وأمطرت قليوب مطراً غزيراً.

وفيها عصى تاكوذر على الملك أبغا وحاربه، فانتصر أبغا، ثم إن برق ابن عم تاكوذر انتصر له، وقصد يبشير أخا أبغا فكسره.

وفي رجب احترق سوق جبل الصالحية، وراح أكثر ما فيه من قماش ومتاع، وكان حريقاً كبيراً، قال بعض الفضلاء: ما رأيت في عمري حريقاً أكبر منه، احترق السوق من أوله إلى آخره من الجهتين، واحترق فيه دكانان للعطر لم يكن في دمشق أحسن منهما ولا أكبر، من الصيني والمطعم بالفضة وغير ذلك، وهلك لتاجر شيءٌ بخمسة عشر ألف درهم.

وفي رجب أزيلت القباب التي عملت، وكانت قد اعتنوا بها لأجل مجيء السلطان، وكانت محكمةً، ضخمة الأخشاب، كل واحدةٍ طبقات، وكان عملها بالدّبادب والمغاني واللهو، وبقيت دون شهر مجردة، فلما هموا بزينتها جاء الأمر بإبطالها، فأصبح الناس وقد أزيلت ليلاً كأن لم تكن، فهرجوا ومرجوا، ثم عملت له القباب عند مجيئه من فتح أنطاكية.

وفيها شتا أباقا ببغداد.

‌سنة ثمان وستين وستمائة

دخل السلطان القاهرة في صفر، ثم بعد أيام توجه إلى الإسكندرية، ومعه ولده الملك السعيد، فتصيد وعاد إلى مصر، وخلع على الأمراء، وفرق

ص: 25

فيهم الخيل والمال.

وتوجه إلى الشام في الحادي والعشرين من ربيع الأول في طائفة يسيرة من الأمراء، وقاسوا مشقة من البرد، بلغه أن ابن أخت زيتون الملك خرج من عكا في عسكر، يقصد عسكر صفد، فسار السلطان واجتمع بعسكر صفد بمكان عيَّنه، ثم سار إلى عكا فصادف ابن أخت زيتون قد خرج فكسره وأسره في جماعة من أصحابه، وقتل من عسكره مقتلة، ثم أغار على المرقب فصادف أمطاراً وثلوجاً، فرجع إلى حمص، وأقام بها نحواً من عشرين يوماً.

ثم سار إلى تحت حصن الأكراد وأقام يسير كل يوم نحوها، ويعود من غير قتال، فبلغه أن مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندرية، وأخذت مركبين للمسلمين، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان.

وفيها قدم صارم الدّين مبارك بن الرَّضي مقدَّم الإسماعيلية بهدية إلى السلطان، وشفع فيه صاحب حماة، فكتب له السلطان بالنيابة على حصون الإسماعيلية، على أن تكون مصياف وبلدها خاصاً للملك الظاهر، وبعث السلطان معه نائباً من جهته على مصياف وهو عز الدّين العديمي، فلما وصلوا امتنع أهل مصياف، وقالوا لا نسلمها للصارم فإنه كاتب الفرنج ونحن نسلمها للعديمي؛ وقالوا له: تعال إلينا من الباب الشرقي، فلما فتحوا له هجم معه الصارم وبذل السيف وقتل منهم خلقاً وتسلم هو والعديمي القلعة، ثم غلب الصارم على البلد، وأزال عنه يد العديمي.

واتفق مجيء نجم الدّين حسن ابن الشعراني إلى السلطان، ومعه تقدمة سنيّة، فقدمها عند حصن الأكراد، فكتب له السلطان بالقلاع وهي: الكهف، والخوابي، والعُلّيقة، والرصافة، والقدموس، والمينقة، ونصف جبل السماق، وقرر عليه أن يحمل في كل سنة مائة وعشرين ألف درهم، ثم أخرج الصارم من مصياف نائب السلطان وعصى، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصارم وذل، ثم عاد إليها العديمي وحمل الصارم إلى مصر فحبس بها.

ص: 26

وفيها أبطلت الخمور وأُريقت بدمشق، وشدد في ذلك الشيخ خضر الكردي شيخ السلطان، وسعى في إعدامها بالكلية، وكبس دور النصارى واليهود، وكتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنه لم يبق عندهم منها شيء.

وفيها جاء جراد عظيم إلى الغاية بالشام وإلى الديار المصرية وإلى الحجاز.

وفيها ولي الصاحب تاج الدّين ابن فخر الدّين ابن حنى وزارة الصحبة على ما كان عليه والده.

وفي ذي الحجّة أمر السلطان بعمل جسرين بسلاسل ومراكب على النيل إلى الجيزة لما بلغه حركة الفرنج ليجوز الجيش عليهما إلى الإسكندرية إن دهم عدو، ثم تواترت الأخبار بنزول الفرنج على تونس.

وفيها سار أبغا لينصر أخاه على برق بعد أن جمع الجيوش، وسار بهم نحو شهرين، والتقوا على النهر الأسود، فكسر عسكر برق كسرةً عظيمة، وساقوا خلفهم ولزّوهم إلى الجسر، فازدحموا وتساقطوا في البحر، وردّ أبغا إلى أرضه، ووقع في عسكره الوباء فمات منهم خلق.

‌سنة تسع وستين وستمائة

في صفر توجه السلطان من مصر في بعض العسكر إلى عسقلان، فهدم بقيّة سورها المهمل من الأيام الصّلاحيّة.

وورد عليه الخبر بأن عسكر ابن أخي بركة كسر عسكر أبغا.

ثم بلغه أن أهل عكا ضربوا رقاب جماعة من الأسارى، فأخذ أعيان من عنده من الأسرى فغرقهم في النيل، وكانوا مائة.

وفيها قبض السلطان على الملك العزيز ابن صاحب الكرك الملك المغيث.

وكان من كبار الأمراء بالقاهرة، فقبض عليه وعلى جماعة عزموا على سلطنته.

وفي جمادى الأولى ورد الخبر أن أبا نمي محمد بن أبي سعد بن علي بن قتادة أمير مكة تواقع هو وعمه إدريس، فاستظهر إدريس عليه وتفرد بإمرة مكة.

ص: 27

فذهب أبو نمي إلى ينُبع، فاستنجد بصاحبها، وجمع وقصد مكة، فالتقيا، فحمل أبو نمي على عمه فطعنه رماه، ونزل فذبحه واستبدّ بإمرة مكة.

وفي جمادى الآخرة خرج السلطان بالجيش لقصد حصن الأكراد، فبدأ بالإغارة على اللاذقية، والمرقب، ومرقية، وتلك النواحي، وافتتح في ذلك صافيثا، والمجدل، ثم نزل على حصن الأكراد في تاسع عشر رجب، ونصبت المجانيق والستائر، وللحصن ثلاثة أسوار فأُخذت الباشورة بعد يومين وأُخذت الباشورة الثانية في سابع شعبان، وفتحت الثالثة الملاصقة للقلعة في نصف شعبان، وكان المحاصر لها الملك السعيد، وبيليك الخزندار، وبيسري الصالحي، ودخلوا البلد بالسيف، فأسروا من فيه من الجبليّة والفلاحين، ثم أطلقهم السلطان وتسلم القلعة في الخامس والعشرين من شعبان بالأمان وترحل أهلها إلى طرابلس، ثم رتب الأفرم لعمارة الحصن، وصيِّرت الكنيسة جامعاً.

وطلب صاحب أنطرسوس المهادنة، وبعث بمفاتيحها إلى السلطان، فصالحه على نصف ما يتحصل منها، وجعل عندهم نائباً وجاءت رسل صاحب المرقب، فصالحهم على النصف أيضاً، وقررت الهدنة عشر سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام.

ثم نزل السلطان على حصن ابن عكار، ونصبت المجانيق، ثم تسلمها بالأمان، وهي قلعة في واد بين جبال.

ثم خيَّم في رابع شوال على طرابلس، فسيرَّ إليه صاحُبها يسأل عن سبب قصده، فقال: لأرعى زرعكم وأخرب بلادكم، ثم أعود لحصاركم، فبعث إليه يستعطفه، ثم هادنه عشر سنين.

وفي شوّال جاء دمشق سيلٌ عظيم مهول هدم البيوت، وأخذ النُّزّال من الحجاج الروميين بين النهرين وجمالهم، وغرق جماعة، وذهب للناس شيءٌ كثير، وكان ذلك بالنهار والشمس طالعة، والمشمش قد شرع، فغُلقِّت أبواب المدينة، وطغى الماء وارتفع حتى بلغ أحد عشر ذراعاً، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرُع، وكادت دمشق أن تغرق، وسدّت الزّيادة الأنهار بطين أصفر، ودخل الماء إلى البلد، وخرب خان ابن المقدَّم، وطلع الماء فوق أسطحةٍ كثيرة

ص: 28

عند جسر باب تُوما، حتى بلغني أنه وجد فوق سطحٍ سمكةٌ ميتة، واصطادوا السمك من رواء العادلية عند دار ابن يغمور، وتحدّثت العوام أن الذين هلكوا بالزيادة والردم فوق الألفين، ووجد في بساتين مرتفعة سمكٌ في النقع إذا رأى الشخص ارتفاع تلك الأماكن زاد تعجبه، وحدثني رجلٌ أن أهل الوادي الشرقي وجدوا جملاً ميتاً فوق أصل سفرجل، وضج الخلق بالبكاء والاستغاثة بالله، وكان يوماً مشهوداً وأشرف الناس على التلف، ثم لطف الله ورحم الناس وتناقص الماء، ولو ثبت ساعةً أخرى أو ارتفع ذراعاً آخر لغرقت نصفُ دمشق.

ولبعضهم:

لقد أظهر الجّبار بعض اقتداره فأرسل بحراً طامياً من بحاره وأرعدها حتى توافت مياهها مطنَّبة محفوفة بازدجاره وأهلك فيه خلقه وعبيده فأضحوا وهم غرقى بأقصى قراره فكم من شباب مع نساءٍ وصبيةٍ وكم من دواب قد صلين بناره فسبحان من أبدى عجائب صنعه وأزعج كلَّ الخلقِ عند ابتداره وعاد بلطف منه عفواً ومنَّةً فنسأله الزلفى غداً في جواره وفي شوال قبل يوم الزِّيادة الموص فة جاء الشيخ خضر شيخ السلطان إلى كنيسة اليهود، ومعه أمراء وأعيان والوالي، وأخرجوا اليهود منها يوم سبتهم وآذوهم، وقرأ القرآن بها غير واحدً، ثم غنى المغنّون، ورقص الناس بحضرة الشيخ خضر، وكان يوماً عجيباً، ونهب كل ما فيها، وعمل الشيخ ثاني يوم بسيسةً عظيمة بالسمن والعسل، وازدحم الخلق حتى ديست بالرجلين في الكنيسة، وفضلت ورميت في نهر قلوط. واتخذ الشيخ خضر الكنيسة زاوية له، وكان صاحب كشف وأحوال شيطانية، وجرى ما لا ينبغي، وسيأتي ذكر خضر في سنة ست وسبعين.

وجاء السلطان بالجيش في نصف شوال بعد الزيادة بيومين إلى دمشق، ولطف الله بهم إذ تأخروا عن الزيادة، وإلا كانت غرقت نصف الجيش وأكثر، فعزل السلطان ابن خَلِّكان من القضاء بابن الصائغ، ثم سار بعد عشرة أيام، فنزل على القرين، ونصب عليها المجانيق، وصدق أهلها في القتال، ودام

ص: 29

الحصار جمعتين، ثم أُخذت بالأمان وهدمت، وكانت من أمنع الحصون.

ثم سار السلطان بالجيش حتى أشرف على عكا، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجة، ونابه في هذه السفرة فوق ثمانمائة ألف دينار، فلما دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار: الحلبي، والمحمّدي، وإيدُغدي الحاجبي، والمساح، وبيدغان، وطرطح؛ لأنه بلغه عنهم أنهم هّموا بالفتك به.

ومن عجيب الاتفاق أن مكة جاء بها زيادةٌ وسيلٌ عرمرم، بحيث أن الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود.

ومن العجائب أن مياه دمشق والعاصي والفرات قلت ونقصت نقصاً مجحفاً، حتى هلك شيءٌ من الأشجار وبطلت الطواحين، وعملت طواحين بمدارات، وكانت الفواكة في هذه السنة قليلة.

ومما جرى في هذه السنة وقبلها وبعدها تولي القاضي نجم الدّين ابن سنيّ الدولة تدريس الأمينية، والقاضي عز الدّين ابن الصائغ تدريس العادلية، وأخوه عماد الدّين تدريس العذراوية، ورشيد الدّين الفارقي الناصرية، والبرهان المراغي الركُّنية، والعز بن عبد الحق الأسدية، وتاج الدّين عبد الرحمن المجاهدية، وأخوه شرف الدّين الصارمية، والبهاء ابن النحّاس القليجية، وابن عمه مجير الدّين الرَّيحانية، والوجيه ابن منجى المسماريَّة، والتقيّ الترُّكماني المعظَّمية، والشمس ابن الكمال الضّيائية، والعز عمر الإربلي الجاروخية، وشرف الدّين ابن المقدسيّ العادلية الصغيرة.

وجهز السلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينياً في البحر، عليها الرئيّس ناصر الدّين رئيّس مصر، والهواري رئيّس الإسكندرية، وعلوي رئيّس دمياط، والجمال بن حسون مقدَّم على الجميع، لكونه بلغه أن صاحب قبرس قدم عكا، فاغتنم السلطان الفرصة وبعث هؤلاء إلى قبرس، فوصلوها ليلاً، فهاجت عليهم ريحٌ طردتهم عن المرسى وألقت بعض الشّواني على بعض، فتحطمت وتكسر منها أحد عشر شينياً، وأُسر من فيها من المقاتلة والبحارة، وكانوا نحواً من ألفٍ وثمانمائة، وسلم ناصر الدّين وابن حسون في الشواني السّالمة.

ص: 30

قال الشيخ قطب الدّين: وفي ذي الحجة أمر السلطان بإراقة الخمور في بلاده، والوعيد على من يعصرها بالقتل، فأريق ما لا يُحصر، وكان ضمان ذلك في ديار مصر خاصة ألف دينار في كل يوم.

قال: وفيها نزلت الفرنج على تونس انتصاراً لأهل جنوة بسبب ما أخذ من أموالهم، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها: ستة وعشرون ألف فارس، وفيهم جماعة ملوك، ومجموع عدّه مراكبهم أربعمائة مركب، وقاتلتهم البربر والعربان والعوامّ فقُتل ولد الفرنسيس.

وقيل إن الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملك يحكم عليهم، وطلبت الفرنج الصُّلح، فوقع الصُّلح على ردّ مال أهل جنوة.

‌سنة سبعين وستمائة

في المحَّرم ركب السلطان من الصّناعة في الشّواني ومعه نائب السلطنة بيليك الخزندار، فلما صار في الشّيني مال فوقع الخزندار في البحر، فنزل خلفه من أطلعه بشعره، وقد كاد.

ثم خرج السلطان إلى الكرك وأخذ معه النائب عز الدّين أيدمر، وقدم به دمشق، فجعله نائباً عليها وعزل النجيبي، ثم سار إلى حماة ورجع، ثم مضى إلى حلب، وسببه أن صمغرا ومعين الدّين البرواناه والتتر لما عادوا من عند أبغا في السنة الخالية جاءهم أمر بقصد الشام فحشدوا، وجاء صمغرا في عشرة آلاف إلى البلستين، ثم إلى مرعش، وبلغهم أن السلطان بدمشق، فبعثوا من المغل ألفاً وخمسمائة للإغارة وتجسس الأخبار، فوصلوا إلى عين تاب ثم إلى قسطون، ووقعوا على التركمان هناك بين حارم وأنطاكية فاستأصلوهم، فأمر السلطان بتجفيل البلاد حتى أهل دمشق ليطمع التتار فيتوغلون في البلاد ويتمكن منهم، وطلب جيش مصر فقدموا ومقدمهم الأمير بدر الدّين بيسري، فوصلتهم الأخبار فأسرعوا الرَّجعة، وساق الفارقاني وراء التتر فلم يدركهم.

ص: 31

وأغارت الفرنج من عثليث إلى قاقون، وأُخذت التركمان، وساق الأمير علاء الدّين طيبرس الوزيري، وعيسى بن مُهنى، فخاضوا الفرات إلى حرّان، فخرج إليهم من بها من التتار، فطاردهم ابن مُهنَّى، فخرج عليهم طيبرس، فلما رأوا الجيش نزلوا وقبّلوا الأرض وألقوا سلاحهم، فأخذوهم وكانوا ستين نفساً، وسار طيبرس فغلقوا أبواب حرّان سوى باب واحد، وخرج إليه الشيخ محاسن وهو من أصحاب الشيخ حيوة وجماعة من الأعيان، ومعهم أطعمة، فأكرمهم طيبرس، ونزل عن فرسه وأتوه بمفاتيح حرّان، وقالوا: البلد للسلطان أيَّده الله، ثم عاد طيبرس.

قال شمس الدّين محمد ابن الفخر، رحمه الله: من أعجب ما يؤرخ أن امرأة أمشاطي في جوار دار بني هلال بباب الناطفيين في جمادى الأولى في مدة سبعة أيام وضعت طروحاً أحد عشر ولداً ذكوراً وإناثاً، وبعضهم قد كملت خلقته وبعضهم قد تبين بعضها لأربعة أشهر ونصف، وهذا غريبٌ نادر، واشتهر ذلك في دمشق، واستثبته قاضي القضاة عز الدّين وأرّخه.

وفي جمادى الآخرة عبر السلطان إلى بر الجيزة، فأخبر أن ببوصير مغارةٌ فيها مطلب، فجمع لها خلقاً وحفرواً مداً طويلاً، فوجدوا كلاباً ميتة وقطاطاً وطيوراً، والكل ملفوف في عصائب وخرقٍ، فإذا حُلت اللفائف ولاقى ذلك الحيوان الهواء صار هباءً، وأقاموا ينقلون من ذلك شيئاً كثيراً ولا ينفد فتركوه.

وفي شعبان احتيط على دار القاضي شمس الدّين محمد ابن العماد، وحمل ما فيه من الودائع إلى قلعة الجبل؛ وذلك لأن ابن العماد عزل نجم الدّين ابن حمدان عن نيابة الحكم لأمر، فحمل أخاه التقيّ شبيباً الكحّال التّعُّصبُ على أن كتب ورقةً إلى السلطان أن عند ابن العماد ودائع كثيرة لتجار من حّران وبغداد والشام وقد مات أهلها، فاستدعاه السلطان وسأله عن الودائع فأنكر، فحلف متأولاً، فكُبس بيته، فوجد فيه كثيرٌ مما قيل، لكن أصحابها أحياء ومنهم من مات وله وارث، فأخذ من ذلك زكاته مدة سنتين وحنق عليه السلطان وحبسه، فتسلَّط عليه شبيب، وادَّعى أنه حشويّ، وأنه يقدح في الدولة وكتب بذلك محضراً، وسافر السلطان إلى الشام، ثم عقد مجلسٌ بحضرة الأمير بدر الدّين بيليك الخزندار، فاستدعي بالشهود الذين

ص: 32

في المحضر، فرجع بعضهم في الشهادة وشهد الباقون، فأخرق بهم وجرحهم، وتبين للخزندار تحامل شبيب فحبسه، واحتاط على موجوده، وأعيد الشيخ شمس الدّين إلى الحبس بالقلعة، فأقام بها سنتين إلى أن أفرج عنه في نصف شعبان من سنة اثنتين وسبعين، ولولا عناية الخزندار به ومحبته له لكان شيئاً آخر.

وأما السلطان فسار إلى الشام وشن الغارات على بلاد عكا فراسلوه، وطلبوا الصلح، فصالحهم عشر سنين، ثم دخل دمشق.

وفي رمضان جاءت طائفة من التتار، فأخربوا شرفات سور حرّان وبعض أسوقها، ونقلوا كثيراً من أخشابها واستاقوا معهم أهلها وأخليت ودثرت بالكلية.

وفيها وصلت رسل صمغرا والبرواناه فقالوا للسلطان: إن صمغراً يقول لك: منذ جاورك في البلاد لم يصله من جهتك رسول، وقد رأى من المصلحة أن تبعث إلى أبغا رسولاً بما تحب حتى نساعدك ونتوسط، فأكرم السلطان الرسل، ثم بعث في الرسلية الأمير فخر الدّين إياز المقري، والأمير مبارز الدّين الطوري إلى أبغا، وبعث له جيوشنا، وبعث لصمغرا قوساً، فوصلا قونية، فسار بهما البرواناه إلى أبغا، فقال: ما شأنكما؟ قالا: إن سلطاننا أرسلنا يقول لك: إن أردت أن أكون مطاوعاً لك فرد ما في يدك من بلاد المسلمين، فغضب وأغلظ لهما وقال: ما يرضى رأساً برأس، وانفصلا من غير اتفاق.

وعندي في وقوع ذلك نظر، لكن لعله سأله رد ما بيده من العراق والجزيرة، وإلا فجميع ما بيده بلاد المسلمين.

وفيها وصلت رسل بيت بركة من عند منكوتمر بن طغان يطلبون من السلطان الإعانة على استئصال شأفة أبغا.

وفي ذي الحجة سار السلطان إلى حصن الأكراد وحصن عكار، فأشرف عليهما، ورجع إلى دمشق.

وفيها تزوج الصاحب شرف الدّين هارون ابن الوزير شمس الدّين الجويني ببغداد برابعة بنت أحمد بن أمير المؤمنين المستعصم، على صداقٍ

ص: 33

مبلغه مائة ألف دينار مصري، وعقده قاضي القضاة سراج الدّين محمد بن أبي فراس في دار صاحب الديوان علاء الدّين، بإنشاء بهاء الدّين علي بن عيسى الإربلي، وشرطت عليه والدة العروس بأن لا يشرب الخمر، فأجاب.

واحترق ببغداد سوق النظامية كله، واحترق فيه خلقٌ كانوا في الغرف.

ص: 34

بسم الله الرحمن الرحيم

(الوفيات)

سنة إحدى وستين وستمائة

ومن توفي فيها:

1 -

‌ أحمد بن عبد الله، الشيخ الصالح

، أبو العباس المقدسيّ الحنبليّ تربية البدوي.

سمع من: شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل، وابن طبرزد، وحدَّث بدمشق والقدس. روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، والشيخ شعبان، وحدَّث بدمشق.

وكان موته بقرية أبي ثور بظاهر القدس في نصف المحرم.

2 -

‌ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن رزمان بن علي بن بشارة

، الفقيه فخر الدّين أبو العباس الدّمشقيّ الحنفيّ.

فقيهٌ، إمامٌ، مدرس، عدلٌ، متميزٌ من أعيان الحنفيّة. روى عن الخُشوعيّ نسخة وكيع وغيرهما. روى عنه: ابن الحلوانية، والدّمياطيّ، وابن الخباز، وطائفة، ومحمد ابن المحب.

توفي في أوائل شوال، ودفن بسفح قاسيون.

3 -

‌ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف

بن محمد بن سليمان بن سوار بن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن عياش، وهو أبو عيشون بن محمود الداخل إلى الأندلس ابن عنبسة بن

ص: 35

حارثة بن العباس بن مرداس السُّلمي، الإمام المحدّث أبو إسحاق ابن الشيخ أبي عبد الله الأندلسي، البلفيقي، المعروف بابن الحاج، نزيل دمشق.

ولد بالمريّة سنة ست عشرة وستمائة وكان محدثاً، فاضلاً، مفيداً، عارفاً.

وبِلّفِيق: بباءٍ موحدةٍ ولامٍ مشددة، حصن عند المريّة.

ذكره الشريف عز الدّين، فقال: سمعت منه، وحصّل الأصول الحسنة الكثيرة، وسمع بمصر من جماعة وحج وعاد، ثم سافر إلى دمشق فتوفي بها في المحرم.

قلت: هذا كتبته ولا أعرفه.

4 -

‌ إلياس بن عيسى الإربلي

.

شيخ فقيرٌ مشهور بالدّين والخير، كان يجلس أكثر نهاره برواق الحنابلة، ويجلس إليه أعيان ورؤساء لدينه وعلى ذهنه عجائب ونوادر.

وكان ظريفاً، مليح الشكل.

مات في شعبان.

5 -

‌ أيوب بن محمود بن أبي القاسم عبد اللطيف

بن أبي المجد بن سيما بن عامر، السلمي، محتسب دمشق، تاج الدّين أبو المجد.

توفي في سلخ شعبان وله تسع وستون سنة، حدَّث عن: عمر بن طبرزد.

6 -

‌ بدر الخشنيّ الشهابي الطواشي

، أبو الضياء.

توفي بالمدينة النبوية، وروى عن عبد الوهاب بن رواج، كتب عنه الشريف عز الدّين وغيره.

7 -

‌ بهادر الخوارزميّ الأمير

. .

ص: 36

أول من ولي العراق لهولاكو، وكان على ظلمه له ميلٌ إلى الإسلام وعلم أولاده القرآن، وكان ربما صلى، ويعرف بالعربي، وفيه دهاء ومكر، قتلته التتار لأمور نقموها.

8 -

‌ الحسن بن علي بن منتصر بن زكريا

، أبو علي الفاسي، ثم الإسكندراني الكُتبي.

شيخ معمر فاضل، ولد سنة أربع وسبعين، وسمع سنة أربعٍ وثمانين من عبد المجيد بن دليل الكندي، وسمع من عبد الرحمن بن موقى وتفرد بالرواية عن ابن دليل، روى عنه الدّمياطيّ والشيخ شعبان الإربلي، وجماعة.

مات في ثامن وعشرين ربيع الآخر بالإسكندرية.

9 -

‌ زكريا بن عبد السّيّد بن ناهض

، أبو يحيى الأنصاري المصري النوُّيري، المالكي المؤدب.

روى عن علي بن المفضل الحافظ، سمع منه: الشريف، وجماعة.

ومات في رابع صفر.

10 -

‌ ست الدار بنت مكي بن علي بن كامل الحرّاني

، أخت زينب.

سمعت من: داود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، وماتت في ربيع الأول.

11 -

‌ سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس

، الخطيب الإمام أبو الربيع الكناني العسقلاني الأصل المكي الفقيه الشّافعيّ.

سمع من: زاهر بن رستم، ويحيى الفراش. روى عنه: الدّمياطيّ، والرّضي الطبري، وجماعة، وخطب مدة بمكة، وكان مشهوراً بالعلم والدّين والعبادة.

ولد قبل موت جده لأمه عمر الميانشي قبل الثمانين وخمسمائة.

وكف بصره في آخر أيامه، ومات في رابع عشر المحرم بمكة.

وحدث بالنسائي عن ابن الحصري.

ص: 37

• - الشهاب، أجير البهاء الشروطي.

هو محمد بن عبد الرحيم. يأتي.

12 -

‌ صلاح بن جعفر بن ضرغام بن نزار

، أبو عمر العجلاني الفيومي المؤدب.

توفي في جماى الأولى بالقاهرة، وقد سمع في الكهولة من: مكرم، وابن المقيّر. وحدَّث، أخذ عنه الطلبة.

13 -

‌ عبد الله بن محمد بن رضوان بن عبدك

، أبو محمد العجمي.

شيخ معمَّر، حدَّث عن السِّلفيّ بالإجازة العامة، قاله الشريف عز الدّين.

14 -

‌ عبد الخالق بن جعفر بن محمد

، الإمام عز الدّين، أبو محمد البليناوي المصري الشّافعيّ الفقيه.

سمع وحصّل، وعُني بالحديث وأكثر بعد الخمسين وستمائة، وحدث عن ابن باقا، ومات في ذي الحجة كهلاً.

15 -

‌ عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف

، الإمام الحافظ المفسر عز الدّين أبو محمد الرسعني المحدث الحنبليّ.

ولد برأس عين سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع تاريخ بغداد كله من أبي اليُمن الكندي، وسمع ببغداد من عبد العزيز بن منينا، وطبقته، وبحلب من الافتخار الهاشمي، وقدم دمشق مرة رسولاً، فقرأ عليه أبو حامد ابن الصابوني جزءاً، فسمعه جماعة، وله شعرٌ رائق، وولي مشيخة دار الحديث بالموصل، وسمع برأس عين من أبي المجد القزويني وغير واحد، وصنف تفسيراً حسناً يروي فيه بأسانيده، وله كتاب مقتل الحسين، وغير ذلك.

ص: 38

وكان إماماً، محدثاً، فقيهاً، أديباً، شاعراً، ديِّناً، صالحاً، وافر الحرمة، وله مكانة عند صاحب الموصل لؤلؤ لجلالته وفضله، روى عنه الأبرقوهي في معجمه، وروى عنه الدّمياطيّ وغيره، ومات في ثاني عشر ربيع الآخر.

وقرأت بخط سيف الدّين ابن المجد في ذكر عبد الرازق الرسعني قال: حفظ المقنع، وسمع بدمشق سنة خمس، وسنة ست، وسبع من الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وابن الجلاجلي، وابن قدامة، وببغداد من الداهري، وعمر بن كرم.

16 -

‌ عبد الرحمن بن سالم بن يحيى بن خميس بن يحيى بن هبة الله

، الإمام المفتي جمال الدّين أبو محمد الأنصاري الأنباري الأصل البغدادي ثم الدّمشقيّ الفقيه الحنبليّ.

سمع من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وبحران من الحافظ عبد القادر، وتفقه على الشيخ الموفَّق ونسخ بخطه كثيراً من كتب العلم، وكان صحيح النقل، جيد الشعر، ديِّناً، صالحاً.

كتب عنه عمر بن الحاجب، والقدماء. وروى عنه: ابن الخلال، والدّمياطيّ، والشيخ تاج الدّين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدّين، وابن الخباز، والبرهان الذهبي، وآخرون. ومات في سلخ ربيع الآخر، ودفن بسفح قاسيون، وكان يسكن بالجامع، بالمنارة الغربية.

قال أبو شامة: كان يصلي الصبح إماماً بالمتأخرين، فيطيل إطالة مفرطةً خارجةً عن المعتاد بكثير، إلى أن تكاد الشمس تطلع ولا يترك ذلك.

قلت: سمع البرهان والكمال ابن النخاس منه جميع كتاب الأربعين للرهاوي، بقراءة شرف الدّين.

17 -

‌ عبد الرحمن بن محمد ابن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد

، الإمام المحدث عز الدّين ابن العز، أخو التقيّ ابن العز، المقدسيّ الحنبليّ.

ولد سنة تسع وتسعين، أو سنة ستمائة، وسمع حضوراً من عمر بن

ص: 39

طبرزد وحفظ القرآن على الشيخ العماد، وتفقه على الشيخ الموفق، وسمع من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وطبقتهم، ورحل فسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وعلي بن بوزندار، وابن الجواليقي، وطبقتهم، وسمع بحلب من: أبي محمد ابن الأستاذ، وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي، وكتب الكثير، وحصل، وكان حسن الفهم، له معرفة بالرجال، من أفضل من بقي بالجبل.

بالغ في الثناء عليه تلميذه نجم الدّين ابن الخباز، وقال: كان ضابطاً، متقناً ورعاً، حافظاً لأسماء الرجال، مجتهداً على فعل الخير، مفيداً للطلبة، يمشي إلى الطالب ويفيده ويعارض معه، انتفعت به جداً، وأحسن إليَّ ونصحني في ديني ودنياي، وما رأت عيناي بعد شيخنا ضياء الدّين مثله، وسمعت بقراءته في سنة تسع وثلاثين على عبد الحق بن خلف، وغيره، وأسمع الحديث مدةً بدار الحديث الأشرفية التي بالجبل، وكان ورعاً ديَّناً، عاملاً، قليل الرغبة في الدنيا، كثر التعفف.

قلت: روى عنه هو، والدّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين، وابن الزراد، وآخرون.

ثم ظفرت بمولده في ربيع الآخر سنة اثنين وستمائة، ومات في النصف من ذي الحجة، ولم يستكمل الستين.

وفي كنيته أقوال، وهي: أبو الفرج، وقيل: أبو محمد، وأبو القاسم.

18 -

‌ عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى بن عبد المجيد

، الإمام البارع، تقيّ الدّين، أبو القاسم المصري الشّافعيّ الناشري المقرئ.

ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الجود المقرئ، وسمع الحديث من علي بن المفضل الحافظ، وجماعة، وانتصب للإقراء مدة بجامع مصر، واشتهر اسمه وبعد صيته.

ذكره الشريف عز الدّين، فقال: سمعت منه، وسألته عن مولده، فقال:

ص: 40

بمصر سنة ثمانين وانتفع به جماعة كثيرة، وكان شيخاً صالحاً، عارفاً بالقراءات فاضلاً فيها، وإليه انتهت رياسة الإقراء بجامع مصر، توفي ليلة السابع والعشرين من شوال بمصر.

19 -

‌ عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف

، الشيخ المسند أثير الدّين أبو القاسم وأبو محمد المصري الشّافعيّ القبّاني الناسخ.

ولد بمصر سنة خمس وسبعين، وسمع الكثير بإفادة والده أبي الربيع، فسمع من: أبي القبائل عشير الجبلي، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ، والقاسم ابن عساكر، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن عبد المولى، وابن نجا الواعظ، والأرتاحي، وغيرهم، وأجاز له: عبد الله بن بري النحوي، وأبو القاسم عبد الرحمن السبيي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وحدث بالشيء مرات، وتفرد في وقته، وهو آخر من روى عن: عشير، والسبيي، وابن بري.

ذكره الشريف فأثنى عليه وقال: كان شيخاً صالحاً، ساكناً، من أولا المشايخ الفضلاء، كان أبوه مشهوراً بالأدب، صحب أبا محمد بن بري وأخذ عنه، وسمع، وحدَّث، وصنَّف، توفي أبو القاسم في ثالث ربيع الأول.

وقد سمع منه الحافظ عبد العظيم وذكره في معجمه.

قلت: وروى عنه: شيخنا الدّمياطيّ، والدواداري، والشيخ شعبان، وإبراهيم ابن الظاهري، والأمين الصعبي، وجماعة، ويوسف الختني، والتقيّ محمد، ويحيى، ولدا المفتي ضياء الدّين ابن عبد الرحيم.

20 -

‌ عبد المنعم بن عبد الوهاب بن محمد بن رحمة

، أبو محمد القضاعي، الخولاني، المصري، المؤذن، ويعرف بابن سمعون.

روى عن علي بن نصر ابن البنّاء المكي، وتوفي في ربيع الأول عن أربع وسبعين سنة، كتب عنه المصريون.

21 -

‌ عبد الوهاب بن ضرغام بن سعيد

، أبو محمد المصري.

ص: 41

روى عن المحدث أبي الفتوح نصر ابن الحصري، وعاش ستاً وثمانين سنة.

توفي في رجب.

22 -

‌ عزية بنت محمد بن أحمد بن مفلح

، أم أحمد الصالحية.

روت عن عمر بن طبرزد، روى عنها: ابن الخباز، وابن الزّرّاد، وابنها الشيخ محمد البجدي، وغيرهم، وماتت في الثامن والعشرين من ذي الحجة.

23 -

‌ عتيق بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن رشيق

، أبو بكر التغلبي، البياسي.

أخذ عن: أبيه، وأبي الخطاب بن واجب، وأبي بكر بن حسنون، وأبي محمد بن حوط الله، وقرأ عليهم.

أخذ عنه ابن الزبير بمرسية، وقال: مات في ذي الحجة سنة إحدى وستين.

24 -

‌ علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة

، أبو الحسن المقدسيّ الأصل، الدّمشقيّ الحنبليّ.

روى عن: أبي طاهر الخُشوعيّ، وحنبل المكبر، وكان إنساناً مباركاً، خيرا ً، روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، وابن الزراد، محمد ابن المحب، وأبو بكر القطان، وآخرون، ومات في أوائل رجب ودفن بالصالحية.

25 -

‌ علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان

بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، الشيخ الإمام كمال الدّين أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشمي العباسي المصري المقرئ الشّافعيّ الضرير.

مسند الآفاق في القراءات، فإنه قرأ القراءات السبعة مفرداً لكل رواة

ص: 42

الأئمة سوى رواية الليث عن الكسائي، وجامعاً لهم إلى سورة الأحقاف، على حميِّه الإمام أبي محمد بن فيرُّه الشاطبي، ومات الشاطبي رحمه الله وللكمال الضرير ثمانية عشر عاماً، وتزوج من بعد موته بابنته، ثم قرأ القراءات على أبي الجود بالطرق السبعة، ويعقوب، وغير ذلك، وقرأ قبل وفاة الشاطبي للسبعة على أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيّدهم المُدلجي صاحب ابن الحطيئة.

وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن ابن الوراق، وغيره، وقرأ النحو على أبي الحسين يحيى بن عبد الله النحوي، وسمع الكثير ولاسيما في أثناء عمره من: الشاطبي، وشجاع المدلجي، وهبة الله بن علي البوصيري، وأبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وأبي نزار ربيعة بن الحسن، وعبد الرحمن مولى ابن باقا، ومحمد بن عبد المولى ابن اللبني، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي، وقد سمع من ابن جبير التيسير عن علي بن أبي العيش، عن ابن الدش، عن المصنف، وسمعه أيضاً من الشاطبي، وسمع الشاطبية وصححها دروساً عليه، وروى بالإجازة العامة عن السلفي كتاب المستنير، بسماعه لمعظمه عن مصنفه ابن سوار، وإجازته لباقيه، وروى التجريد لابن الفحّام تلاوةً وسماعاً عن سماع، وسمعه من القاضي أبي المحاسن يوسف بن شداد، بروايته سماعاً عن يحيى بن سعدون القرطبي، عن المصنف، وروى التذكار لابن شيطا، عن أبي بكر عبد الرحمن بن أحمد بن باقا، قدم عليهم قال: أخبرنا علي بن أبي سعد الخباز قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الباقرحي قال: أخبرنا المصنف.

وله سماعات كتب كثيرة وفضائل، تصدر للإقراء بجامع مصر وبمسجد ابن موسك بالقاهرة، وقرأ عليه خلقٌ كثير، وطار ذكره ورحل إليه من النواحي، وتفرد في عصره وإليه انتهت رياسة الإقراء وعلوُّ إسنادها، وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون العلم، مع ما جبل عليه من حسن الأخلاق والتواضع ولين الجانب، والتودد، والصبر على الطلبة، والسعي التام في مصالحهم بكل ممكن.

قرأ عليه القراءات: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ

ص: 43

حسن بن عبد الله الراشدي، وشمس الدّين محمد بن منصور الحاضري، والشيخ نصر المنبجي، والحافظ شرف الدّين الدّمياطيّ، وبرهان الدّين إبراهيم الوزيري، وطائفة سواهم. وروى عنه: الشيخ داود الحريري، والعماد محمد ابن الجرائدي، والشيخ شعبان والزين عبد الرحيم البغدادي، وعلم الدّين سنجر الدواداري، وإسحاق ابن الوزيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم بن مسكين، وخلقٌ في الأحياء.

توفي في سابع ذي الحجة، وكان مولده في سابع شعبان من سنة اثنتين وسبعين بالمعتمدية، قرية من أعمال الجيزة.

26 -

‌ عمر بن عبد الغني بن فتيان الجدياني المؤذن

.

سمع: ابن الزبيدي، وابن اللّتّيّ، ومات في ربيع الآخر، لم يكمل الأربعين، كتب عنه ابن الخباز وغيره.

27 -

‌ القاسم بن أحمد ابن الموفق بن جعفر

، الإمام العلاّمة ذو الفنون، علم الدّين أبو محمد المرسي اللورقي المقرئ النحوي، ومنهم من سماه: أبو القاسم محمد، والأول أصح.

ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات سنة ثمان وتسعين وبعدها على أبي جعفر أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله الحصّار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المرادي المرسي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي البلنسي، عن قراءتهم على ابن هذيل، وقرأ بمصر القراءات على أبي الجود، وبدمشق على الكندي وابن باسوية، وأحكم العربية وبرع فيها، واجتمع بالجزولي وسأله عن مسألة من مقدمته، وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وبحلب من الافتخار الهاشمي، وبدمشق من الكندي، وقرأ عليه كتاب سيبويه بكماله، واشتغل ببغداد أيضاً على الشيخ أبي البقاء، وقرأ علم الكلام والأصلين والفلسفة، وكان خبيراً بهذه العلوم، قائماً عليها، مقصوداً بإقرائها.

ولي مشيخة التربة العادلية التي شرطها القراءات والنحو، ودرس بالعزيزية نيابةً، وصنف شرحاً مختصراً للشاطبية وشرح المفصل

ص: 44

للزمخشري في عدة مجلدات وما قصر فيه. وشرحاً للجزولية وغير ذلك.

وكان مليح الشكل، حسن البزة، إماماً كبيراً، مهيباً، متفنناً. وقد عزم على الرحلة إلى الفخر ابن الخطيب فبلغه موته، وكان له حلقة إشغال.

وهو كان الحكم بين أبي شامة والشمس أبي الفتح في أيهما أولى بمشيخة التربة الصالحية، والقصة معروفة، فرجّح أبا الفتح بعض الشيء، وقيل: لم يرجحه، بل قال: هذا رجل يدري القراءات، وقال عن أبي شامة: هذا إمام، فوقعت العناية بأبي الفتح.

وقد ذكره أبو شامة في تاريخه وما أنصفه، فقال: في سابع رجب توفي العلم أبو محمد القاسم بن أحمد بن أبي السداد المغربي النحوي، وكان معمراً، مشتغلاً بأنواع من العلوم على خلل في ذهنه.

قلت: قرأ عليه القراءات: سبطه بهاء الدّين محمد ابن البرزالي، والشيخ أبو عبد الله القصاع، وبرهان الدّين الإسكندراني، وشهاب الدّين حسين الكفري، وعلاء الدّين علي الكندي لكنه نسي - أعني الكندي - وحدث عنه العماد ابن البالسي، وغيره.

28 -

‌ قاسم بن بركات بن أبي القاسم

، أبو محمد ابن القيسراني، المصري البزاز العدل، ويعرف بعز القضاة.

روى عن أبي عبد الله بن عبدون البناء، ومات بالقاهرة في تاسع صفر، وله تسعٌ وسبعون سنة.

29 -

‌ محمد بن أحمد بن عنتر

، الصدر شرف الدّين الدّمشقيّ.

ولي حسبة دمشق في أيام هولاوو، فطلب لذلك إلى مصر وهدد.

توفي في صفر، وهو والد شيخنا المعمر أبي بكر.

30 -

‌ محمد ابن القدوة الإمام شيخ خراسان سيف الدّين سعيد بن المطهر الباخرزي

، الإمام جلال الدّين نزيل بخارى.

ص: 45

مات في جمادى الأولى، ودفن بجنب أبيه، وله ست وثلاثون سنة.

31 -

‌ محمد بن عبد الرحيم الدّمشقيّ الشروطي العدل

، شهاب الدّين ابن الضياء، المعروف بأجير البهاء، الشريف.

كان بارعاً في كتابة الشروط، انتهت إليه معرفة ذلك، ولم يكن يشهد على القضاة لاستغنائه بصناعته، وكان صاحب حظوة.

توفي عشر الستين في رجب بدمشق.

32 -

‌ محمد بن نصر الله بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد

، الصدر جمال الدّين أبو الفضل التميمي الدّمشقيّ ابن القلانسي، ابن أخي مؤيد الدّين. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: الكندي، وابن الحرستاني، وغيرهما.

33 -

‌ مظفر بن علي بن الحسن ابن سنيّ الدولة

، العدل عماد الدّين ابن بهاء الدّين ابن عم قاضي القضاة صدر الدّين، الدّمشقيّ الشروطي.

توفي في رجب.

34 -

‌ يحيى بن فضل الله

، الشيخ شرف الدّين ابن السيسي، إمام المدرسة الصالحية النجمية بالقاهرة.

كان من أصحاب الشيخ علم الدّين السخاوي، وهو أول من أمَّ بالدار الأشرفية، ثم سكن مصر.

35 -

‌ يحيى بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك عيسى بن درباس

، الماراني المصري الشّافعيّ.

سمع من عبد العزيز بن باقا، ومات في المحرم.

36 -

‌ يعقوب بن عبد الله

، المقدسيّ، تربية البدوي، أخو أحمد بن عبد الله.

ص: 46

روى عن: شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل، وابن طبرزد.

مات في رجب بالقاهرة، وكتب عنه الطلبة.

37 -

‌ أبو بكر الدّينوري

، الرجل الصالح صلاح الدّين صاحب الشيخ عزيز الدّين عمر الدّينوري.

وهو الذي بنى له الزاوية بالصالحية، وصار هو وجماعته يذكرون فيه عقب الصبح بأصوات طيبة، فلما مات الشيخ رحمه الله بقي الصلاح يقوم بعده بهذه الوظيفة، وعاش إلى هذا الوقت، ومات في ذي القعدة.

38 -

‌ أبو الهيجاء بن عيسى بن خشترين

، الأمير الكبير مجير الدّين ابن الأمير الكبير حسام الدّين الكردي.

كان أحد الشجعان وله اليد البيضاء يوم عين جالوت، ثم رتبه الملك المظفر قطز مشاركاً للحلبي في نيابة دمشق في الرأي والتدبير، وكان أبوه أكبر أمير عند الملك الظاهر صاحب حلب.

توفي مجير الدّين في شعبان بدمشق.

39 -

‌ ملك الفرنج الفرنسيس

، الذي قصد دمياط نوبة المنصورة.

كان متسع الممالك، كثير الجيوش والبلاد، عالي الهمة، ذا رأي ودهاء وأموال وحشم، أسره المسلمون يوم المنصورة فقِّيد وحبس في دار كان ينزلها فخر الدّين ابن لقمان الكاتب، ورسم عليه الطواشي صبيح المعظمي، ثم استفكّ نفسه بأموال عظيمة، وفي ذلك يقول ابن مطروح:

وقل لهم إن أضمروا عودة لأخذ ثأرٍ أو لقصدٍ صحيح دار ابن لقمان على حالها والقيد باقٍ والطواشي صبيح وكان هذا الملعون في همته أن يستعيد القدس، وكان هلاكه بظاهر مدينة تونس، فإنه قصدها وبها المستنصر بالله محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وكاد أن يملكها، فأوقع الله الوباء في جيشه فهلك هو وجماعةٌ من ملوك الفرنج

ص: 47

ورجع الباقون خائبين، وقيل: إن أهل تونس تحيلوا حتى سموه، وأراح الله الإسلام منه.

ولقد كاد أن يستولي على إقليم مصر، فإنه نازل دمياط، فهرب منه العسكر الذي تجاهها لحفظها، فلما رأى المقاتلة الذين بها وأهلها هروب العسكر تبعوهم هاربين تحت الليل، بحيث أن دمياط أصبحت وما بها أحد، وتسلمتها الفرنج بلا ضربةٍ ولا طعنةٍ ولا امتناع لحظةٍ بذخائرها وعدتها وخيرها، وكان ما قد ذكرناه من الحوادث، فبقيت في أيديهم نحواً من سنةٍ ونصف، والفرنسيس ويُدعى ريذافرنس، نازل بجموعه يحامي عنها والمسلمون منازلوه مدةً طويلة، يستظهر عليهم ويستظهرون عليه، إلى أن كان الظفر للإسلام آخر شيء وقتل خلائق من الفرنج لا يحصون، ووقع هو في أسر المسلمين، ثم استفك نفسه بدمياط وبجملةٍ من الذهب.

قال ابن واصل: دخل إليه حسام الدّين ابن أبي علي وهو مقيد بالمنصورة فحاوره طويلاً حتى وقع الاتفاق على تسليم دمياط، ويُطلق هو ومن معه من كبراء الفرنج، فحكى لي حسام الدّين، قال: كان فطناً عاقلاً، قلت له: كيف خطر للملك مع ما رأى من عقله وفضله وصحة ذهنه أن يقدم على خشب، ويركب في هذا البحر، ويأتي هذه البلاد المملوءة من عساكر الإسلام، ويعتقد أنه يحصل له تملكها، وفيما فعل غاية الغرر؟ فضحك ولم يحر جواباً، وقلت: ذهب بعض فقهائنا أن من ركب البحر مرةً بعد أخرى مغرراً بنفسه أنه لا تقبل شهادته؛ لأنه يستدل بذلك على ضعف عقله، قال: فضحك، وقال: لقد صدق هذا القائل وما قصّر فيما حكم به.

ولما أفرج عن ريذافرنس وأصحابه أقلعوا إلى عكا، وأقام بالساحل مدةً وعمّر قيسارية، ثم رجع إلى بلاده وأخذ يجمع ويحشد إلى هذا الزمان، وأراد قصد بلاد الإسلام ثانياً، ثم فتر عن قصد مصر وقصد بلد إفريقية؛ ذلك أنه من ملك بلاد المغرب تمكن من قصد مصر في البر والبحر، ويسهل عليه

ص: 48

تملكها، فنازل تونس إلى أن كاد يملكها، ولكن وقع الوباء في جيشه فهلك هو وجماعةٌ من ملوكهم، كما ذكرنا.

وفيها ولد:

شيخنا تقيّ الدّين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم ابن تيمية الفقيه بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، ومجد الدّين محمد بن محمد سبط ابن الحُبوبي في رجب، والنجم محمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري؛ يروي عن النجيب، والزين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن ابن القيراط، والنفيس سلامة ابن أمين الدّين ابن شقير في شعبان، والتقيّ سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عباس الصالحي العطار، وعبد الرحمن محمد بن عبد الحميد المقدسيّ.

ص: 49

سنة اثنتين وستين وستمائة

40 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان

بن عبد الله بن علوان بن رافع، قاضي حلب كمال الدّين أبو العباس وأبو بكر ولد الإمام قاضي القضاة بحلب زين الدّين ابن المحدث الإمام الزاهد أبي محمد ابن الأستاذ الحلبي الشّافعيّ.

ولد سنة إحدى عشرة وستمائة، وسمع حضورا من الافتخار الهاشمي، وسمع من: ثابت بن مشَّرف، وجده أبي محمد بن علوان، وابن روزبة، وطائفة.

وحدث وأفتى ودرس وأقام بمصر بعد أخذ حلب، ودرس بالمدرسة المعِّزية بمصر وبالهكارية بالقاهرة.

وكان صدراً معظماً وافر الحرمة، مجموع الفضائل، صاحب رياسة ومكارم وأفضال وسؤدد وتواضع، ولي القضاء مدةً فحمدت سيرته.

روى عنه أبو محمد الدّمياطيّ، وكان يدعوا له، لما أولاه من الإحسان.

وسمع منه الطلبة المصريون، وولي قضاء حلب بعد موت والده، وكان ذا مكانةٍ عظيمة عند الملك الناصر وكلمته نافذة، فلما خربت حلب أصيب بأهله وماله، والله يعظم أجره، وسلمت نفسه، فأتى مصر ودرس بها إلى أن ولي قضاء حلب، فأتاها في صدر هذا العام.

توفي ليلة نصف شوال.

41 -

‌ أحمد بن عمران

، الرئيس نجم الدّين الباجسرائي، ناظر سواد العراق للمغل.

قتلوه في جمادى الآخرة، وكان نصيرياً ظاهر الفسق.

42 -

‌ أحمد بن محمد بن صابر بن محمد بن صابر بن منذر

، الحافظ المتقن، ضياء الدّين أبو جعفر القيسي الأندلسي المالقي.

ولد بمالقة سنة خمس وعشرين وستمائة.

وسمع الكثير ببلاد المغرب،

ص: 50

وحج، وسمع بمصر، وقدم دمشق فسمع من أصحاب يحيى الثقفي، وكتب بخطه الكثير، وكان سريع الكتابة والقراءة، شديد العناية بالطلب، كثير الفوائد، ديناً، فاضلاً، جيد المشاركة في العلوم.

كتب عنه الشريف عز الدّين، وآحاد الطلبة، ومات شاباً في ثامن شعبان بالقاهرة.

43 -

‌ إبراهيم بن مكي بن عمر بن نوح

، الرئيس الصدر ضياء الدّين، أبو إسحاق المخزومي الدماميني الكاتب.

تقلب في الخدم الديوانية، وحدث عن: أبي الحسن علي ابن البنّاء.

ولد بدمامين من الصعيد سنة أربع وثمانين، ومات ببلبيس سنة اثنتين في ذي الحجة.

44 -

‌ إبراهيم بن محمود بن موسى بن أبي القاسم

، أبو إسحاق الكردي، الضرير، الهذباني.

ولد سنة أربع وسبعين تقديراً، وسمع من عبد الخالق بن فيروز الجوهري، وحدث بالقاهرة ودمشق، وهو من شيوخ الدّمياطيّ.

توفي ببعض قرى القاهرة في الحادي والعشرين من رجب.

روى عنه يوسف بن عمر الختني.

45 -

‌ إسماعيل بن صارم بن علي بن عز بن تميم

، أبو الطاهر الكناني، العسقلاني ثم المصري الخياط.

روى عنه جماعة المصريين، وكان عالي الإسناد، حدث عن: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير. روى عنه: الدّمياطيّ، وشعبان الإربلي، وقطب الدّين ابن اليونيني، وعلم الدّين الدوادري، والأمين عبد القادر الصعبي، ومحمد بن محمد ابن القواس، وطائفة سواهم.

وبلغني أنه شنق نفسه. 50

ص: 51

توفي في تاسع جمادى الأولى.

46 -

‌ أيوب بن محمود بن سيما

، المحتسب، تاج الدّين الدّمشقيّ.

قد ذكرناه في السنة الماضية على ما ورخّه الدّمياطيّ، والشريف.

وقال الإمام أبو شامة، وغيره: توفي سنة اثنتين وستين في شعبان، فالله أعلم.

47 -

بهرام، أبو الفضل، عتيق مؤيد الدّين ابن عساكر.

روى عن عمر بن طبرزد، ومات في العشرين من صفر، ودفن بسفح قاسيون، قاله الشريف في الوفيات، ولا أعرفه.

48 -

‌ حسين بن محمد بن أبي عمرو

، أبو علي الإسكندراني المالكي الفقيه.

درس وأفتى، وحدث عن: أبي الحسن بن المفضل، ومات في رمضان بالثغر.

49 -

‌ خضر بن غزي بن عامر

، أبو العباس الأنصاري الشارعي المؤدب.

ولد ببلبيس سنة أربع وثمانين وسمع في كهولته من مكرم القرشي.

كتب عنه الشريف عز الدّين وغيره، ومات في ربيع الآخر.

50 -

‌ السّديد

، شيخ الرافضة بالحلة وفقيههم، واسمه أبو علي بن خشرم الحلي.

مات في هذه السنة وقد جاوز الثمانين، ودفنوه بمشهد علي رضي الله عنه.

51 -

‌ سليمان بن أحمد بن يوسف

، أبو الربيع المراكشي.

ص: 52

سمع بمكة من السهروردي. وحدث بالقاهرة، ومات بالإسكندرية في جمادى الآخرة.

52 -

‌ سليمان بن المؤيد بن عامر المقدسيّ العقربائي الطبيب

، الزَّين الحافظي.

رئيس فاضل، حسن المشاركة في الأدب والعلم، زنديق، خدم الملك الحافظ صاحب جعبر بالطب، وإليه ينسب، ثم خدم الملك الناصر يوسف، وارتفعت منزلته، وأُعطي إمرةً وطبلخاناه من التتار.

حدثني الرشيد الرقي الأديب، قال: كنت أقابل معه في صحاح الجوهري فلما أمروه قلت، وأنشدته:

قيل لي: الحافظي قد أمّروه قلت: ما زال بالعلاء جديرا وسليمان من خصائصه الملـ ـك فلا غرو أن يكون أميرا وقال قطب الدّين: فيها قتل الزين الحافظي بين يدي هولاكو في أواخرها بعد أن أحضره وقال: قد ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدُّول خدمت صاحب بعلبك طبيباً، وصاحب قلعة جعبر الحافظ، والملك الناصر، فخنت الجميع، ثم انتقلت إلي، فأحسنت إليك، فشرعت تكاتب صاحب مصر وعدّد ذنوبه ثم قتله وقتل أولاده وأقاربه، وكانوا نحواً من خمسين، ضربت أعناقهم.

وكان من أسباب قتله كتبٌ سعى الملك الظاهر في إرسالها إليه من مصر بحيث وقعت في يد هولاكو، وأما خيانته في الأموال وأخذه البرطيل وجناياته في الإسلام فكثيرة، يعني أيام التتار بدمشق، قال: ولم تكن الإمرة لائقةً به.

وللموفق أحمد بن أبي أُصيبعة فيه:

وما زال زين الدّين في كل منصبٍ له في سماء المجد أعلى المراتب أمير حوى في العلم كل فضيلةٍ وفاق الورى في رأيه والتجارب إذا كان في طب فصدر مجالس وإن كان في حرب فقلب الكتائب ففي السلم كم أحيى ولياً بطبه وفي الحرب كم أفنى العدى بالقواضب

ص: 53

قال الموفق: وما زال في خدمة الملك الناصر، فلما جاءت التتار بعثه رسولاً إلى هولاوو فأحسن إليه، واستمالوه حتى صار جهتهم ومازجهم، وتردد في المراسلة، وطمًّع التتار في البلاد، وصار يهِّول على الناصر أمرهم ويفخم مملكتهم، فلما ملكوا دمشق جعلوه بها أميراً وكانوا يدعونه الملك زين الدّين.

ومات في عشر السبعين وهو ممن قرأ على الدخوار.

فمن تحيُّل الملك الظاهر عليه أنه استدعى أخاه العماد أحمد الأشتر من دمشق ثم أنعم عليه، وقرر له في الشهر خمسمائة درهم، وأمره أن يكتب إلى أخيه كتاباً يعرفه فيه نية السلطان له، وأنه ما له عنده ذنب، وأنه كارهٌ لإقامته عند التتار، ويلتمس أن يكون مناصحاً له، فلما وصلت إليه الكتب حملها إلى هولاكو وقال: إنما قصد الظاهر أن يغيرك علي: فتأذن لي أن أكاتب أمراءه لأكيده، فلم ير هولاكو ذلك، ثم تخيل منه.

53 -

‌ صالح بن أبي بكر بن أبي الشبل بن سلامة بن شبل

، القاضي الإمام أبو التقى المقدسيّ، ثم المصري السمنودي الشّافعيّ قاضي حمص.

شيخ، عالمٌ، دين، خيِّر، مؤثر، مشكور، مسن، معمر، حسن السيرة.

ولد سنة سبعين وخمسمائة بمصر، وسمع ببغداد: من الحسين بن سعيد بن شنيف، وبدمشق من: الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب.

وكتب عنه ابن الحاجب سنة اثنتين وعشرين، وبقي مدةً طويلة في قضاء حمص، روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، والمجد ابن الحلوانية، والتاج الجعبري الحاكم، وغيرهم.

ومات في صفر، وقيل: في المحرم.

54 -

‌ عبد العزيز ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد المحسن

بن محمد بن منصور بن خلف، الإمام العلامة شيخ الشيوخ شرف الدّين أبو محمد الأنصاري الأوسي الدّمشقيّ ثم الحموي الشّافعيّ الأديب الصاحب ابن قاضي حماة ويعرف بابن الرّفّاء.

ص: 54

ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة بدمشق، ورحل به والده وهو صبي، فسمعه جزء ابن عرفة، من ابن كليب، والمسند كله من عبد الله بن أبي المجد الحربي، وحدث بالجزء نحواً من ستين مرة بدمشق، وحماة، وبعلبك، ومصر، وروى المسند غير مرة، قرأه عليه الشيخ شرف الدّين الفزاري وغيره، وقرأ الكثير من كتب الأدب على أبي اليمن الكندي، وسمع منه أيضاً، ومن: أبيه، وأبي الحسن علي بن محمد بن يعيش الأنباري، وأبي أحمد بن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه، وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر، وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة، وسكن بعلبك مدة، وسمع بها من البهاء عبد الرحمن، وحدث معه، وسكن دمشق مدة، ثم سكن حماة.

وكان صدراً محتشماً، نبيلاً، معظماً، وافر الحرمة، كبير القدر. روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو الحسين ابن اليونيني، وأبو العباس ابن الظاهري، وقاضي القضاة أبو عبد الله بن جماعة، وأبو عبد الله ابن الفخر البعلبكي، وأبو محمد عبد الخالق بن سعيد، وأبو محمد صالح بن ثامر قاضيا بعلبك، وأبو العباس الفزاري خطيب دمشق، وأبو المظفر موسى ابن اليونيني، وأبو الفضل الأسدي الصّفّار، وأبو الخير محمد ابن المجد عبد الله، وأخوه محمد، وأبو محمد إبراهيم بن داود المقرئ، وأبو العباس أحمد بن فرج اللخمي، وأبو الفتح نصر بن سليمان المنبجي، وأبو عبد الله ابن الزراد، وأبو المظفر يوسف ابن قاضي حران، وخلق سواهم.

وقد قرأت له عدة قصائد على تاج الدّين عبد الخالق، قرأها عليه، ومن شعره:

شرحت لوجدي في محبتكم صدراً وصبرني صحبي فلم أستطع صبرا وقلت لعذالي: ألم تعرفوا الهوى لقد جئتم شيئاً بعذلكم نكرا لعمري لقد طاوعت رائد لوعتي عليكم وما طاوعت زيداً ولا عمرا خليلي ها سقط اللوى قد بدا لنا فلا تقطعاه بل قفا نبك من ذكرى فيا يوسف الحسن الذي مذ علقته بسيارة من فكرتي قلت: يا بشرى

ص: 55

بدا فاسترق العالمين جماله فمن أجل هذا جل بالبخ أن يشرى لقد حل من سري بواد مقدس ليقبس من قلبي الكليم به جمرا وأذكر آيات الخليل عذاره بجنته الخضراء في ناره الحمرا وأجج كربي فترة من لحاظه فأرسلت دمعاً حرم النوم والصبرا فلا تعجبوا للسيف والسيل واعجبوا لأجفانه الوسنى ومقلتي العبرا وتوفي في ثامن رمضان.

55 -

‌ عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي

الإمام القاضي الخطيب عماد الدّين أبو الفضائل الأنصاري الخزرجي الدّمشقيّ الشّافعيّ ابن الحرستاني.

ولد في سابع عشر رجب سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة بدمشق، وسمع من أبيه قاضي القضاة جمال الدّين، ومن: الخُشوعيّ، والبهاء ابن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم، وتهاون أبوه وفوَّته السماع من يحيى الثقفي وطبقته، والسماع رزق، وتفقه على والده وبرع في المذهب، ودرّس وأفتى وناظر.

وولي قضاء القضاة بعد والده من جهة السلطان الملك العادل، وقد ناب عن والده في القضاء ثم عزل؛ ودرس بالغزالية مدة وولي الخطابة مدة، وكان من كبار الأئمة وشيوخ العلم، مع التواضع والديانة وحسن السمت والتجمل، وولي مشيخة الأشرفية بعد ابن الصلاح.

روى عنه: الدّمياطيّ، وبرهان الدّين الإسكندراني، وابن الخباز، وابن الزراد، وناصر الدّين ابن المهتار، ومحمد ابن المحب، ومحيي الدّين إمام المشهد، والكمال محمد بن نصر الله الكاتب ابن النحاس، وآخرون.

ومات في التاسع والعشرين من جمادى الأولى.

56 -

‌ عبد الملك بن نصر بن عبد الملك بن عتيق بن مكي

، الشيخ الإمام شرف الدّين، أبو المجد القرشي الفهري المقرئ النحوي.

ولد بالإسكندرية سنة تسعٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من أبي الحسن

ص: 56

الحافظ، واشتغل بالأدب وبرع فيه، وأقرأ مدةً، واشتهر باللغة والنحو، وانتفع الناس به، وحدث، كتب عنه الشريف، وقال: توفي في رابع عشر ربيع الأول بمصر.

57 -

‌ عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد

، القاضي أبو الفضل الدّمشقيّ الدقاق.

حدث عن: حنبل، ومات في صفر، قاله الشريف.

58 -

‌ عبد الوهاب بن عبد العزيز بن عبد الوهاب بن مهدي

، العدل أبو محمد الدمراوي.

روى عن حماد الحراني، ومات بالإسكندرية في ثاني عشر جمادى الأولى.

لا أعرفه، ثم وجدت أن الشيخ شعبان روى لنا عنه.

59 -

‌ عثمان الفخر المصري

، المعروف بعين غين.

قال أبو شامة: جاءنا الخبر من مصر بوفاته.

قلت: وكان لنا صاحبٌ فقيه حج عام حججت وكان كثير التحصيل، واسمه الفخر عثمان المصري، لقبه ابن الوكيل عين غين لصغر عينه الواحدة، مات في حدود السبعمائة.

60 -

‌ عفيف الدّين ابن أبي الفوارس

.

شاب فاضل متميز في الكتابة، حاذقٌ بالحساب، مطبوعٌ، ماهر.

ولي عمالة الجامع، وعمالة الأيتام معاً، فعاجلته المنية، ودفنه أبوه المسكين بالتربة التي أنشأها لنفسه في حائط بستانه المجاور للشبلية الخانكاه، ثم صار البستان والتربة إلى عز الدّين ابن السويدي فدفن بالتربة أيضاً.

توفي العفيف في رجب، وهو أخو نجم الدّين عامل الصدقات الآن.

ص: 57

61 -

‌ علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور بن مؤمل

، المحدث العالم ضياء الدّين أبو الحسن ابن البالسي المعدل الخطيب.

ولد سنة خمسٍ وستمائة بدمشق، وأسمع من: حمزة بن أبي لقمة، وأبي محمد ابن البنّ وغيرهما، وأجاز له التاج الكندي، وغيره، وطلب الحديث، وسمع من: زين الأمناء، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، ومكرم، وخلق بعدهم، وحج سنة ثمان وعشرين فسمع بمكة من أبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن ابن الزبيدي، ونسخ بخطة المنسوب الكثير، وعني بالطلب وحرص وأسمع أولاده شيوخنا، وارتزق بالشهادة وتميز فيها.

روى لنا عنه ولده أبو المعالي، وروى عنه الدّمياطيّ في معجمه.

وذهب هو وابنه إلى مصر في شهادةٍ فأدركه أجله في رابع صفر بالقاهرة.

62 -

‌ عمر، الملك المغيث فتح الدّين

ابن السلطان الملك العادل سيف الدّين أبي بكر ابن السلطان الملك الكامل محمد ابن العادل.

تملك الكرك مدةً، قُتل أبوه وهذا صغير، فأنزل إلى عمة أبيه فنشأ عندها، ولما مات عمه الملك الصالح أيوب أراد شيخ الشيوخ ابن حمويه أن يسلطنه فلم يتم ذلك، ثم حبس بقلعة الجبل، ثم نقله ابن عمه الملك المعظم لما قدم فبعث به إلى الشوبك فاعتقل بها، وكان الملك الصالح نجم الدّين أيوب لما أخذ الكرك من أولاد الناصر داود استناب عليها وعلى الشوبك الطواشي بدر الدّين بدر الصوابي، فلما بلغ الصوابي قتل المعظم ابن الصالح أخرج الملك المغيث من قلعة الشوبك وسلطنه بالكرك والشوبك، وصار أتابكه.

وكان المغيث ملكاً كريماً، جواداً، شجاعاً، محسن السيرة في الرعية، غير أنه كان ما له حزم ولا حسن تدبير، ضيع الأموال والذخائر التي كانت بالكرك من ذخائر الملك الصالح، فلما قل ما عنده ألجأته الضرورة إلى الخروج من الكرك، وذلك لأن الملك الظاهر نزل على غزة في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وهو على قصد الكرك، فنزلت إليه والدة المغيث فأكرمها،

ص: 58

وبقيت الرسل تتردد إلى المغيث وهو يقدم رجلاً ويؤخر أخرى خوفاً من القبض عليه، ثم إنه خرج منها، فلما وصل إلى خدمة الملك الظاهر تلقاه، وأراد أن ينزل له فمنعه، وسايره إلى باب الدهليز، ثم أنزل المغيث في خركاه واحتيط عليه، وبعث به إلى قلعة مصر مع الفارقاني، فكان آخر العهد به.

قال قطب الدّين: أمر الملك الظاهر بخنقه، وأعطى لمن خنقه ألف دينار، فأفشى الذي خنقه السّر، فأُخذ منه الذهب وقتل، وكان قتل المغيث في أوائل سنة اثنتين، وكان مولد أبيه في سنة خمس عشرة وستمائة، وخنق أيضاً في سنة خمسٍ وأربعين أو سنة ستِّ، وعاش المغيث نحو ثلاثين سنة كأبيه، وكان للمغيث ولدٌ صبٌي أعطاه السلطان إمرة مائة فارس.

63 -

‌ فاطمة بنت أبي الثناء محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثم العادلي

، أم شهاب.

سمعت من البوصيري والأرتاحي، وعاشت اثنتين وثمانين سنة، روى عنها الدّمياطيّ، وغير واحد.

وماتت في رابع رجب.

64 -

‌ قريش بن حجاج

، أبو هاشم القرشي المصري المقرئ الضرير.

سمع: أبا المجد القزويني، وابن باقا، كتب عنه: الدّمياطيّ، والشريف عز الدّين، والدواداري، وغيرهم. ومات في تاسع عشر شوال عن ثلاث وسبعين سنة.

65 -

‌ محمد بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن معروف

، أبو عبد الله الأنصاري، الدّمشقيّ، البزاز بجيرون، المعروف بالبابشرقي.

ولد سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من: الخشوفي، وأحمد بن حيوس الغنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والعماد الكاتب، وحنبل المكبر،

ص: 59

وابن طبرزد، وجماعة.

روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، ومحمد ابن المحب، وأبو عبد الله ابن الزراد، وفاطمة بنت الرهاوي، وغيرهم.

وقد كتب عنه ابن الحاجب، وقال: لم يكن محمود السيرة، كان يلي جباية الخراج.

توفي البابشرقي في الثامن والعشرين من ربيع الأول.

66 -

‌ محمد بن الحسين بن إسحاق العلوي الحسيني

.

حدث عن ابن جبير الكناني، وعنه الدّمياطيّ، وقال: قتل سنة اثنتين وستين.

67 -

‌ محمد بن حمدان بن جراح

، الفقيه العالم شرف الدّين أبو أحمد النميري الجزري الحراني الشّافعيّ الأديب إمام مسجد تربة القضاة بكفر بطنا.

شيخ فاضل من طلبة ابن الصلاح، سمع من ابن اللتي، وجماعة، وسكن كفر بطنا، وجاءته الأولاد، وكان يدخل ويحضر المدارس، ويقول الشعر، وينبسط ويقول: أنا زعيم بني نمير.

روى عنه الدّمياطيّ من نظمه، وقال: ولد بعد التسعين وخمسمائة، ومات في رمضان، وذكر أنه كان خطيباً بكفر بطنا، فسألت ولده النجم محمود، فقال: لم يخطب بها قط.

68 -

‌ محمد ابن الإمام الفقيه عبد القادر بن أبي عبد الله

، البغدادي الأصل المصري، أبو عبد الله.

روى عن: أبيه، والحافظ ابن المفضل، وعاش تسعاً وسبعين سنة، توفي في ربيع الآخر.

69 -

‌ محمد بن علي البكري المراكشي

، والد الأجل أبي الحسن علي وأبي الفرج عبد الرحمن.

ص: 60

مات بدمشق في ذي القعدة.

70 -

‌ محمد بن علي بن عبد الوهاب بن محمد بن أبي الفرج

، القاضي الإمام زين الدّين ابن القاضي موفق الدّين الإسكندراني، قاضي الإسكندرية وخطيبها.

روى عن: علي ابن البناء، والحافظ ابن المفضل، روى عنه الدّمياطيّ، وغيره، وكان صدراً، محتشماً، وافر الجلالة، ولأهله الآثار الجميلة والأوقاف والخير بالإسكندرية.

توفي في عاشر رجب.

71 -

‌ محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة

، الإمام محيي الدّين أبو بكر الأنصاري الشاطبي.

ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي القاضي، ثم حج ورحل إلى العراق، فسمع من عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وأبي علي ابن الجواليقي، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وشرف النساء بنت الآبنوسي، وأبي المنجى ابن اللتي، وجماعة كثيرة. وولي مشيخة دار الحديث البهائية بحلب، ثم دخل ديار مصر وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى حين وفاته.

روى عنه: الدّمياطيّ، وعلم الدّين الدواداري، وشرف الدّين محمد بن النشو القرشي، وغيرهم.

وكان فاضلاً متفنناً، كثير المعارف، ذا تصوفٍ ولطفٍ، وكرم أخلاق، ولين جانب، وله مصنفات في التصوف.

توفي في العشرين من شعبان بالقاهرة.

وقد روى عنه الفخر التوزري بمكة الموطأ بسماعه من ابن بقي.

72 -

‌ محمد بن أبي بكر بن سيف

، الفقيه شمس الدّين التنوخي الموصلي ابن الوتار، خطيب المزة.

ص: 61

توفي بالمزة في ذي الحجة، وله نيف وثمانون سنة، له شعر حسن، وكان مولده بالموصل سنة تسع وسبعين وخمسمائة.

73 -

‌ محمد ابن الأمير أبي العلاء بن أبي بكر بن مبارك

، مجد الدّين أبو عبد الله النجمي الموصلي الأصل المصري، المعروف بابن أخي المهتر.

ولد بالقاهرة سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع وهو كهل من: مكرم، وعبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي، وكان فاضلاً رئيساً، من بيت تقدم، تولى عدة ولايات، وحدث.

والمهتر: بكسر الميم وتاء، مستفاد مع المهير بضم الميم وياء.

توفي في ثاني جمادى الآخرة بالقاهرة.

74 -

‌ محمود بن محمد بن حسن

، أبو الثناء البسطامي الصوفي.

ولد سنة ثمانٍ وسبعين بالقاهرة، وسمع من عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي.

قال الدّمياطيّ: قرأت عليه قبل الاختلاط، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى، وكان مولده يوم موت الشيخ روزبهان.

75 -

‌ موسى السلطان الملك الأشرف

، مظفر الدّين ابن السلطان الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد شيركوه ابن الأمير ناصر الدّين محمد ابن الملك أسد الدّين شيركوه بن شاذي الحمصي.

ولد سنة سبعٍ وعشرين وستمائة، وتملك حمص بعد موت أبيه سنة أربعٍ وأربعين، ووزر له الصدر مخلص الدّين إبراهيم بن إسماعيل بن قرناص، واعتضد بالملك الصالح صاحب مصر، فعظم ذلك على صاحب حلب وأخذ منه حمص، وجرت له أمور، ثم سار مع صاحب الشام الملك الناصر لقصد الديار المصرية، فأسر في وقعة العباسة سنة ثمانٍ وأربعين، وبقي محبوساً في قلعة الجبل إلى أن وقع الصلح في سنة إحدى وخمسين، وأُطلق فيمن أُطلق،

ص: 62

وعاد إلى معاداة الملك الناصر، وكان له مكاتبات إلى التتار وله قصادٌ، لما بقي بالرحبة وتلك البلاد المتطرفة، فلما ملك هولاوو قصده فأقبل عليه وأكرمه، واستعان به في تسلم القلاع، ثم ولاه نيابة الشام، وأعاد إليه مدينة حمص، ولما مر به الملك الناصر تحت حوطة التتر نزل به، فلم يلتفت عليه ووبخه وعنَّفه، ثم إن الملك المظفر قطز بعث إليه يستميله ويلومه على ميله إلى العدو المخذول، ويعده بأمور، فأجاب، فلما طلبه النوين كتبغا لحضور المصاف تمرض واعتل بالمرض، وكان إذ ذاك بدمشق، فلما انكسرت التتار هرب هو والزين الحافظي والتتار، ثم انفصل عنهم الملك الأشرف من أرض قارا وسار إلى تدمر، وراسل السلطان، فَوفَى له، فقدم عليه دمشق، فأكرمه وأقرَّه على مملكة حمص، فتوجه إليها.

ثم غسل فعائله بالوقعة الكائنة على حمص سنة تسعٍ وخمسين، وثبت وكسر التتار، فنبل قدره، ورأى له الملك الظاهر وأعاد إليه تل باشر، فلما قبض الظاهر على المغيث عمر المذكور في هذه السنة تخيل الأشرف من الملك الظاهر، وشرع في إظهار أمورٍ كامنة في نفسه، وعزم الملك الظاهر على الوثوب عليه، فقدر الله مرضه ووفاته، ويقال إنه سقي.

ذكره قطب الدّين، فقال: كان ملكاً حازماً، كبير القدر، يقظاً، خبيراً، شجاعاً، كبير النفس، له غور ودهاء، وكان وافر العقل، قليل البسط والحديث، يقيد ألفاظه ويلازم الناموس حتى في خلواته، ويحذو حذو الصالح نجم الدّين أيوب، وخلّف أموالاً عظيمة من الجواهر والذهب والذخائر، وتسلم الملك الظاهر بلاده وحواصله، توفي في صفر بحمص وله خمسٌ وثلاثون سنة، ودفن بتربة جده الملك المجاهد.

وقال أبو شامة: كان شاباً عفيفاً، له صلاتٌ إلى من يقصده، وكسر التتار بحمص.

وقال ابن شداد: ملك الرحبة، وحمص، وتدمر، وزلوبية بعد أبيه، وخرج من دمشق مع الناصر في نصف صفر، ففارقه من الصفين، وسار إلى

ص: 63

تدمر وسار إلى هولاكو، وهو على قلعة حلب، فتوسط بينه وبين أهلها حتى سلموها في ربيع الأول، وبقي عنده يسفر بينه وبين من في القلاع، فلما رد هولاكو، ولاّه على الشام بأسره نيابةً عنه، ورد إليه بلاده.

76 -

‌ نصر بن تروس بن قسطة

، أبو محمد الإفرنجي القضائي الزكوي.

سمع من أبي اليمن الكندي، روى عنه: الدّمياطيّ وكناه أبا الفتح، وكان تاجراً بقيسارية الفرش بدمشق، ومات في جمادى الأولى.

77 -

‌ نصير بن نبا بن صالح

، بدر الدّين أبو الفتح التميمي المصري الكتبي المحدث.

عُني بالحديث والسماع وتحصيل الأصول، وسمع الكثير، ومات شاباً.

78 -

‌ لاجين، الأمير، حسام الدّين، الجوكندار

، العزيزي، من كبار الأمراء بدمشق.

كان فارساً شجاعاً حازماً، له في الحروب آثار جميلة خصوصاً في وقعة حمص الكائنة في سنة تسعٍ وخمسين، وكان محباً للفقراء وأخلاقهم، كثير البر بهم، يجمعهم على السّماعات التي يضرب بها المثل.

قال قطب الدّين: كان يَغرَم على السماع الواحد ثمانية آلاف درهم، توفي في المحرم، وخلف تركةً عظيمة، ودفن بجوار الشيخ عبد الله البطائحي، وقد ناهز الخمسين، وقيل: إنه سقي، وإن مملوكاً له واطأ عليه، طلبني ليلةً فحضرت السماع بداره بالعقيبة، فرأيت من الشموع الكبار الكافوري والأتوار الفضة والمطعمة ما يقصر عنه الوصف، ثم مد بعد المغرب سماطاً نحو مائة زبدية عادلية، في الزبدية خروفٌ صحيح رضعي، وقريب ثلاثمائة زبدية، في كل زبدية ثلاثة طيور دجاج، وغير ذلك من الأطعمة، قال: وبعد العشاء

ص: 64

شرعوا في الرقص، فرقص بين الفقراء سالكاً من الأدب معهم ما لا مزيد عليه. فلما فرغت النوبة مد صحون الحلواء والقطائف السكرية، فأكلوا بعضه وأخذ عامة ذلك الفقراء في خرقهم، ثم رقص هو وغلمانه والمشايخ، فلما فرغوا مد فواكه في غاية الكثرة والحسن. وكان ذلك في آخر الشتاء. وكان يدخرها من كفربطنا وزيدين وغير ذلك، فإنها كانت إقطاعه. ثم غنوا ثالث نوبة ومد مكسرات، فرفع الفقراء عامة ذلك. وكان الماء بالثلج والسكر والمسك والمباخر بالند والعنبر طول الليل، فلما كان وقت السحر أدخل الفقراء إلى حمام ابن السرهنك المجاور لداره، فدخل كثيرٌ من الجماعة ولم أدخل أنا، فخدمهم بنفسه وغلمانه وكسا جماعةً لما خرجوا ثياباً وسقاهم السكر ومد لهم ططماجا وخلع على المغاني عدة أقبية فاخرة، وكان هذا السماع في آخر سنة تسعٍ وخمسين واللحم بسبعة دراهم والغرارة بثلاثمائة درهم.

79 -

‌ يحيى بن بكران الجزري

، زين الدّين الجزري، التاجر.

سكن دمشق، وصار من عدولها، وولي ديوان الحشر وغيره، ومات في شعبان.

روى لنا ولده عن البكري حضوراً.

80 -

‌ يحيى بن علي بن عبد الله بن علي بن مفرج بن أبي الفتح

، الإمام، الحافظ، المحدث، رشيد الدّين، أبو الحسين القرشي، الأموي، النابلسي، ثم المصري المالكي، العطار.

ولد سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة وسمع من أبيه أبي الحسن وعمه أبي القاسم عبد الرحمن، وأبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، والأثير أبي الظاهر بن بنان، وعبد اللطيف ابن أبي سعد ومحمد بن عبد المولى، ومحمد بن يوسف الغزنوي، والعماد الكاتب، وابن نجا الواعظ وزوجته فاطمة، وحماد الحراني، وعلي بن خلف الكومي، ومحمد بن يوسف الآملي، وابن المفضل الحافظ وعنه أخذ علم الحديث.

ص: 65

وسمع بدمشق من الكندي وابن الحرستاني وابن ملاعب؛ وبمكة والمدينة من جماعة. وخرج عنهم معجماً.

وروى الكثير وأفاد وانتخب. وكان ثقةً، ثبتاً، عارفاً بفن الحديث، مليح الخط، حسن التخريج.

قال الشريف عز الدّين: كان حافظاً ثبتاً وإليه انتهت رياسة الحديث بالديار المصرية، ووقف جملة كتبه. وسمعت منه وصحبته مدة.

قلت: وروى عنه الدّمياطيّ وأبو الحسين اليونيني وقاضي القضاة أبو العباس بن صصرى وأبو محمد شعبان الإربلي وعبد الرحيم الساعاتي وأبو المعالي ابن البالسي، وعبد القادر الصعبي، وأبو بكر بن أبي الحسن بن الحصين، والتاج أبو بكر بن عبد الرزاق العسقلاني، وأحمد بن محمد بن الإخوة، والكمال عبد الرحمن بن يعيش السبتي، وداود بن يحيى الفقير، ويوسف الكفيري الفراء، وأبو الفتح إبراهيم بن علي ابن الخيمي، وخلق كثير.

ومات في ثاني جمادى الأولى بمصر، وقد ولي مشيخة الكاملية ست سنين.

81 -

‌ يوسف بن يعقوب بن عثمان بن أبي طاهر بن مفضل

، جمال الدّين، أبو المظفر الإربلي، ثم الدّمشقيّ الذهبي.

ولد ظناً سنة تسعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه عز الدّين عبد العزيز من أبي طاهر الخُشوعيّ، وحنبل، وابن طبرزد، والكندي، وجماعة، ولكن لم يظهر سماعه من الخُشوعيّ إلا بعد موته، وكان رجلاً جيداً خيراً. وكان خيراً من ابنه أبي الفضل محمد بكثير.

روى عنه الدّمياطيّ، زين الدّين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والبرهان الذهبي، وابن الخباز، وعلاء الدّين الكندي، وأبو الفضل الإربلي ولده، حدثنا عنه، عن عبد المجيب بن زهير، ومات في ثالث ذي الحجة، ودفن بسفح قاسيون.

82 -

‌ أبو بكر بن مهلب بن يوسف

، أبو يحيى المرادي، الألشي.

ص: 66

أخذ القراءات عن أبي جعفر بن عون الله الحصّار تلاوةً في سنة ستمائة، وروى عن جماعة. وولي قضاء بلده، روى عنه الناس، ومات سنة اثنتين، وستين. قاله ابن الزبير.

83 -

‌ أبو القاسم بن منصور

، القباري الزاهد، وسماه الإمام أبو شامة محمداً.

وكان شيخاً صالحاً، عابداً، قانتاً، خائفاً من الله، منقطع القرين في الورع، والإخلاص، وكان مقيماً ببستانٍ له بجبل الصيقل بظاهر الإسكندرية، وبه مات، وبه دفن بوصيةٍ منه.

قال أبو شامة: كان مشهوراً بالورع والزهد، وكان في غيطٍ له هو فلاحه يخدمه، ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورع في تحصيل بذره حتى بلغني أنه كان إذا رأى ثمرةً ساقطة تحت أشجاره لم يأكلها خوفاً من أن يكون حملها طائرٌ من بستان آخر، وكنت اجتمعت به سنة ثمانٍ، وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقيّ على حماره، ويسقي غيطه من الخليج، فقدم لنا من ثمر غيطه، وحدثني القاضي شمس الدّين ابن خلكان، عن المجد ابن الخليلي أن الأثاث المخلف عنه، كان له أو كان لغيره، قيمته نحو خمسين درهماً، فبيع بنحو عشرين ألف درهم للبركة.

وقال الشريف: توفي في سادس شعبان. وكان أحد المشايخ المشهورين بكثرة الورع، والتحري، والمعروفين بالانقطاع والتخلي، وترك الاجتماع بأبناء الدنيا، والإقبال على ما يعنيه، وطريقه قل أن يقدر أحدٌ من أهل زمانه عليها، ولا نعلم أحداً في وقته، وصل إلى ما كان عليه من خشونة العيش والجد والعمل، وترك الاجتماع بالناس، والتحرز من الرياء والسمعة. كان تزوره الملوك فمن دونهم، فلا يكاد يجتمع بأحدٍ منهم، قال: وبالجملة فلم يترك بعده مثله، رحمه الله.

قلت: وبعض العلماء أنكر غلوه في الورع، وقال: هذا نوع من

ص: 67

الوسواس في الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: بعثت بالحنيفية السمحة.

قلت: والجواب عنه أنه مأمورٌ بما كان عليه من الوسوسة في الورع بقوله عليه السلام: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. ولولا ارتيابه لما بالغ في شيء، وغلبة الحال حاكمة على العلم من بعض الصالحين، وأيضاً فمن الذي قال: إنه كان يتورع عن الحرام فقط. بل قد يتورع الإنسان عن الحرام، والمشتبهة، والمباح، ولا يوجب ذلك على غيره، بل، ولا على نفسه. وهذا الرجل فكان كبير القدر، له أجران على موافقة السنة، وأجرٌ واحدٌ على ما خالف ذلك، لأنه حريصٌ على ابتغاء مرضاة الله، مجتهد في خلاص نفسه. و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} والله لا يسأل العبد لم لا أكلت كل مباح، بل يسأله لم أكلت الحرام، ويسأله لماذا حرمت على نفسك ما أبحت لك مع علمك بإباحتي له، لا مع جهلك بالإباحة. هذا مع التسليم بأن الورع بالعلم أفضل، وأرفع، وذلك حال الأنبياء صلوات الله عليهم، مع أن لهم فيه شرائع، وطرائق كطريقة سليمان عليه السلام في الملك، والإكثار من مباحات الدنيا، وطريقة عيسى عليه السلام في السياحة، والإعراض عن الدنيا بكل وجه، وكطريقة داود في أمورٍ، وطريقة إبراهيم الخليل في قرى الضيف، وأشرف طرقهم، وأفضلها طريقة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنها حنيفية إبراهيمية، سمحة، سهلة، برئية من الغلو والتعمق والتنطع. اللهم استعملنا بها، وأمتنا على محبتها، واكفنا الوقيعة في عبادك الصالحين.

فمن مناقب القباري رحمة الله عليه:

قال العلامة ناصر الدّين أبو العباس أحمد ابن المنير الإسكندراني في مناقب القباري رحمة الله عليه، وهي نحوٌ من خمس كراريس، قال: كان الشيخ في مبدئه قد حُبِّب إليه سماع العلم، وبُغض إليه تناول غير ميراثه من أبيه، فلا يذكر منذ عَقَلَ أمره أنه قبل من أحدٍ لقمةً ولا ثمرة. حتى كان له جارٌ

ص: 68

في الكرم، وقف به يوماً، وهو يبيع الرطب، فعرض عليه رطبةً استحسنها، وسأله أن يأكلها، فقال: لا. فألح عليه، وحلف عليه جاره يميناً: لا آكل لك شيئاً. فكان بعد يتأسف ويتندم على يمينه.

قال: وكان يحضر مجالس العلم على ثقل سمعه، فإذا انقضى الدرس سأل من أترابه أن يعيدوا له بصوتٍ عالٍ كلام المدرس.

قال: وكان قل أن يدعو لأحدٍ، بل يطلب منه الدعاء، فيقول للطالب: ما تحتاج. ويقول لآخر: ما أشتهي لأحدٍ من الأمة إلا خيراً. ويقول لآخر: أود لو كان الناس كلهم على الخير. ويقول لآخر: أحب لكل أحدٍ ما أحبه لنفسي.

قال ابن المنير: وقال لي مرةً: يطلب أحدهم مني الدعاء بلسانه، ويظهر لي من قرائن أحواله أن قلبه غافل، وأن نفسه قاسية على نفسه، فكيف أرقّ أنا عليه، وكيف أدعو له بلا رقة؟

قال: وحضر عندي بعض أصحاب الكامل، وهو في غاية البذخ، عليه الملبوس الفاخر، وعلى الباب المراكب الثمينة، وبين يديه المماليك، وهو يتحدث مع رفيقه، ويتضاحكان، ثم سألني الدعاء، فأجريته على العادة، فناقشني، وقال: ما الناس إلا يتحدثون بأنك لا تدعو لأحدٍ معين، وينتقدون ذلك، فقلت: ألست تعلم أن الدعاء طلب العبد الضعيف من الرب الرحيم؟ قال: بلى، فقلت: أيطلب منه برقة أم بقسوة؟ قال: برقة، فقلت: ما أجدها عليك، لأني ما وجدتها منك، فبأي لسانٍ أدعو، وإن شئتم الدعاء باللسان فهو البيدق الفارغ بلا قلب.

وقال لي: أقمت زماناً أصافح تمسكاً بالحديث، ثم وجدت النفس عند المصافحة تتصرف في الإنسان فرب، ودودٍ تبسط الكف له بسرعة، ورب آخر تتكلف له، فقلت: العدل خيرٌ من المصافحة، فتركتها. وقد قال مالك: ليست من عمل الناس، وربما قال: الأمر فيها، واسع.

وكان رحمه الله لا يأذن لأحدٍ من أرباب الدنيا، والولايات في الدخول عليه متى شاء.

قال لي: فتحت الباب فرأيت جندياً فقلت: من أنت؟ قال: أنا الذي توليت الإسكندرية. وكان ثاني يوم قدم فقلت: وما حاجتك؟ قال: أن تأذن لي كلما أردت أن أجيء ليكون حضوري بدستور منك عام. فأجرى الله

ص: 69

على لساني أن قلت له: لا آذن لك لأنكم عندي كالمرض لا آذن له إذا استأذن، ولكن إذا دخل بقضاء الله صبرت عليه، وانفصل عن ولاية الثغر هذا الأمير من خمسٍ وعشرين سنة، فوالله ما أتم الشيخ لي الحكاية حتى أقبل هذا الأمير بعينه فقلت: سبحان الله، فقال الشيخ: اسأله عن هذه الحكاية لعله يذكرها فسألته فقال: أذكرها، وكنت أحكيها دائماً في مصر، والشام.

وكان رحمه الله يقول: لو علمت أن الملوك والأمراء لا يأخذهم الغرور بإقبالي عليهم لأقبلت، ولكنهم يظنون أنهم لمجرد الزيارة ينتفعون، وأن الإقبال عليهم دليل الرضى عن أفعالهم. ولو علمت قابلاً للنصيحة لدخلت إليه أنصحه. لما جاء الملك الكامل، وخطر له أن يخرج إلى عندي جاءت له مقدمات من مماليك، وحجاب، وصادفوني أسلق الفول لعشائي، وكنت حينئذٍ لا أحب داخلاً، فقلت لرجلٍ كان عندي: السلامة، والكرامة في أن يحال بيني، وبينه.

فلما جاء إلى بابي قيض الله له بعض نصحائه فقال له: المملكة عظيمة، وقد صحبك العسكر بجملته، وأنت بين أمرين: إما أن يأذن لك، أو يحجبك. وإذا أذن لك صَّرفك كالآحاد، ونصحك بما لا تطيق فعله، فإن فعلت تغيرت عليك قواعد كثيرة، وإن تركت قامت الحجة. والمصلحة عندي الاقتصار على الوصول إلى الباب، فبلغني أنه قال: خار الله، وقد حصلت النية. فانصرف راجعاً. فقلت للشيخ: إن الناس يقولون إنك حجبته. فقال: ما حجبه إلا الله.

قال المؤلف: عرضت على الشيخ كثيراً من حكايات مشايخ الرسالة إلى أن أتيت على أكثر ما في رسالة القشيري فقال لي يوماً: ما أحب أن أسمع شيئاً خارجاً عن الكتاب، والسنة، وكلام الفقهاء.

وكان يمكّن الأطفال من دخول بستانه، فإذا ميز الطفل حجبه، ويقول: من ادعى أنه معصومٌ فقد ادعى ما ليس له في الغيب.

وكان يقول: سبق إلى ذهني في مبدأ العمر اختيار بستان في الرمل من متروك أبي أنقطع فيه، لأجل أن ماءه نبعٌ، وأستريح من شية ماء النيل، وإجرائه في الخليج بعمل. فمنعني من ذلك أن الحريم يكثرن هناك، ولا يستتر بعضهن، ولا يسلم المقيم من النظرة، فلما كثر الفساد صار الناس يقصدونه في

ص: 70

الربيع للنيرة، والخضرة، فما زالوا حتى انتزح هذا الماء عنه بالكلية، وبقي صفصفاً موحشاً.

وكان أنشأ فيه تيناً، ورماناً، وزرجوناً، كان الناظر يقضي منه العجب، إلا أنه ما باع منه ثمرة، فكان يقدد التين، ويتخذ من الرمان عسلاً يستغني به عن العسل، ويتخذ من العنب خلاً وزبيباً، فعزم بعد على قطع الكرم لئلاً ينتقل إلى من يبيعه للذمة عصيراً، فقيل له: قطعه إضاعة مالٍ متيقن لأجل مفسدة موهومة. فتوقف وفي نفسه حسكة. فاتفق أن النيل تأخر عنه فيبس فقلعة، قال لي: وعوضني الله عن تلك الثمار بالشعير، والفول.

ومن نوادره أنه وجد في قمح اشتراه من الفرنج حبات تشبه الشعير، نحو حفنة، فازدرعها، وأقام يقتات منها مدة عشرين سنة. وكان يعجبه أنها متميزة في نباتها، وفي سنبلها. وكان إذا حصدها نقاها سنبلة سنبلة، فإن وجد غريبة تركها، وكذا كان شأنه فيما سقط من الثمار لا يتناوله، لاحتمال أن الطير نقلته. وأما النخل الملاصق لجيرانه فكان يبيحه لهم. وكذا لما بنى بينهما حائطاً احتاط، وأخرج من أرضه قطعة لهم.

وقال: طبخت يوماً فكان الهواء يسوق الدخان إلى جاري، فحولت القدر في الحال، وأبعدتها عنهم.

وقطع نخلة فوقع سعفها على حائط الجار فقال: علم الله أنها لم تضرهم إلا أنها نفضت الغبار على الجدار. فعد الشيخ ذلك تصرفاً في ملك الغير. وكان لجماعةٍ فيهم أطفال، وغيب، وأوجب على نفسه لهم شيئاً، وأعطاهم.

وكان يقول: إن كان هذا، واجباً فقد خلصت منه، وإن كان غير واجب فهو صدقة مستورة باسم الحق، وكذلك كان يقول في ترجيحه في الوزن وأخذه ناقصاً.

قال المؤلف: حدثني ثقة قال: خرجت يوماً إلى الشيخ ومعي الموطأ فقال لي: فيه حديث عائشة أن النبي عليه السلام كان يدني إليها رأسه وترجله وهو معتكف، فهل كان ترجله بمشطٍ أو بغيره؟ فبدرت، وقلت: ما يكون الترجيل إلا بالمشط.

فقال: ويكون بالأصابع أو بعود، كما ورد في الحديث

ص: 71

الآخر أن رجلاً اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم، وبيده مدرى يحك بها رأسه. والمدرى العود المحددة بخلال فكان الشيخ لا يستعمل المشط، لأنه ما وجده في الخبر صريحاً فقيل له: أما هو مباح؟ قال: الاستكثار من المباح ذريعةٌ إلى الوقوع في المكروه.

وكان إذا ذبح دجاجة نتفها ويقول: السمط يجمد الدم. وقد جاء ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم سميطاً.

وكان لا يكربل الدقيق الشعير للحديث الوارد في ذلك، بل كان ينفخه، ويقول: بلغني عن الأطباء أنه أحمد عاقبة، وكان يعجبه الطب إذا اقتضى خشونة أو تركاً بالكلية. ويكره الملعقة، وكان ينبسط، ويقول: أكلت لوناً غريباً. فأقول: ما هو؟ فيقول: صببت في القصعة ماءً قراحاً، وصبغت به الكسرة. وكان لوناً نظيفاً.

وكان يقال له: أليس المسك طاهراً؟ فيقول: هو طاهر للطيب، فهل تجدون أن النبي صلى الله عليه وسلم أكله!.

وقال: لو فتشوا على الملح ما وجدوه يخلص، إما من تقدم الملك على الملاحات، وإما من رسم ضمان، وإما من تغالب بين الملاحين، ولو لم يكن إلا جمل الجمال، وكان يكره استعمال الجمال، وهو ما يقتنيها إلا العرب. وقد شاهدتم أحوالهم ونهبهم، وصُف لي ملح بالمصليات فسافرت إليه، وأخذت منه حاجتي طول عمري.

وقال في تركه الثمار تحت الشجر: هب أنها مباحة، أنا تركت هذا المباح. وتذكر قوله عليه السلام: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وقوله: الحلال بين. وقوله: لولا أني أخشى أنها من تمر الصدقة لأكلتها.

ص: 72

وكان قد لقيها على فراشه. أفليس من النادر المستبعد أن يكون من تمر الصدقة، فإن تمر الصدقة كان لا يدخل بيته.

وكان إذا سمع الناس ينسبونه إلى الورع ينكر ذلك، ويقول: إن الورع الذي يسيرون إليه أن يترك الإنسان الحلال المحض تقللاً. وأين الحلال؟ علم الله أنني ما وجدته قط. أيكون أكثر من أن أمد يدي فآخذ من البحر حوتاً بلا آلة. فما نفسي بذلك طيبة لأن القوة التي بسطت بها يدي، إنما نشأت من هذه الأقوات المشتبهات.

وكان يقول: إذا كان لا بد من اللقاء فالتواني من علامات الشقاء، فاعمل لدار البقاء، وليوم ينادى عليك: عبدٌ أطاع، أو عبدٌ طغى.

وكان يقول: لا آكل شيئاً بشهوة، وإنما آكله ضرورة. ولو جاز لي لتركته.

قال المؤلف: والظاهر أن الشهوات كانت قد خملت عنه بالكلية.

كان يقول: هذا الشواء عندي كالجيفة، وما أنا به جاهل، كنت آكله في الصبا، فسبحان مقلب القلوب، وربما سأل خادمه: ماذا أكلت؟ فربما قال: مضيرة. فيقول: يا بطن الجيفة، أما تبصر ما يقاسي أرباب الكروم من رعاة الماعز.

وكان يقول: سمعت عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: أدركت زماناً يقال لي فيه: عامل من شئت. ثم أدركت زماناً يقال فيه: عامل من شئت إلا فلاناً وفلاناً، ثم أدركت زماناً يقال لي فيه: لا تعامل أحدًا إلا فلاناً وفلاناً، ثم أنا في زمانٍ ما أدري من أعامل، ثم يقول الشيخ: إذا كان هذا حذيفة وزمانه فكيف بزماننا ً؟.

أمر السلطان بأن يكون نصيب بيت المال من موجود الشيخ صدقة عن الشيخ، ونزل الوارث، والموصى له عن نصيبهما من الأثاث لله، فصار الكل لله، فاجتمعوا لشرائه، فتزايدوا حتى بيع منه شيءٌ يساوي درهماً بنحو الألف.

وما زال الناس يتنافسون في آثار الصالحين، وهذه تركة ابن الزبير ما ظنوا أنها تبلغ مائة ألف، فأبيعت وبورك فيها، فبلغ الدرهم أكثر من خمسمائة.

وكان رحمه الله قد اختار زراعة الفول الرومي، لأن زريعته من بلاد الفرنج، ولا تستطيع العصافير نقله، فأقام يقتات الفول، وحده أربعين سنة. وقلَّ أن يكون صندوق عند أحدٍ من التجار، والمعتبرين إلا وفيه من ذلك الفول.

ص: 73

لأنه أخذ منه بعضهم عشر فولات. وكانت له إحدى عشرة شدة، فوضع في كل شدة فولة، وبقيت شدة لم يضع فيه، فاتفقت له جائحة في الطريق أصابت الشدة، وحدها، وحمى الله البواقي. فلما أكثر الناس الحكاية عنه تركه واقتات بالشعير. وقد تجذَّم في أكل الفول، وتفتت جسمه، وكان صديده يغلب الماء، وبقي مدة. وقيل: ما عليه أضر من الفول فإنه يولد السوداء. فقال: إن الذي جعله داء قادر على جعله دواء. ولم يزل يستعمله حتى عوفي. فكان يحكي ذلك، ويقلب بدنه ويقول لي: هل ترك له أثراً أو شراً؟ فلا أرى شيئاً.

وكان لا يشرب من صهاريج السبيل، وقال لي: هذه الأمور صدقات، والصدقات أوساخ الناس، واجتنابها مأثور.

وقال لي: أقمت أربعة أيام لا أجد ما أشتريه فطويتها، ولم أجد جوعاً سوى تغيرُّ يسير في الصوت.

وكان لا يخرج بحماره إلا مكمماً. وقال لي: دخلت البلد زمن الصبا فوقفت عند حداد، والمقود بيدي، فلم أشعر إلا ورجل أراني طرف ردائه قد مضغه الحمار فقرض منه، فأعطيته قيمة ما أفسد فقال: تصدق بها علي. فقلت: لا. ومذهبنا أن المديان إذا قال له رب الدّين: لا أجده، وأنا أُسقطه عنك، فقال: لا أجد شيئاً أجبر رب الدّين على القبض، وللمديان حقاً في خلاص ذمته بلا منة.

وكان يقول مع ذلك: لا أحرّم غير الحرام، لكن لي أن أترك ما شئت تركه من المباحات عندهم، والمشتبهات عندي، فنحن على وفاق.

قال المؤلف: وكان في مبدأ أمره بمكة، وقد نهب العراقي في بعض السنين، فامتنع حينئذٍ من معامل أهل مكة مطلقاً، وبقي يقتات الأرز مصلوقاً من الأرز المجلوب، حتى قرحت أشداقه، وإلى أن أُقعد ومرض.

وكان إذا تصرف له، وكيله ناوشه الأسولة، وناقشه، وكان إذا سأل عن مسألةٍ فذكر له فيها نص مالك سأل عن دليله، إلى أن يمعن في الكشف، فيقف

ص: 74

على موضع حجته من الكتاب والسنة. فإذا قيل له: مستنده القياس فكر، فربما استنبطه من النص. لقد رأيته يدقق على الأذكياء، فإن لم يقدر رجع إلى الاحتياط بالترك أو بالتشديد على النفس. وإن كان لا يحتمل الاحتياط لتعارض المحظور من الجانبين كشف عنه المذاهب وحججها، وفي الآخر يرجع إلى التقليد بعد أن يستحضر الكتب التي فيها المسألة، ويشترط على من يحضرها أن لا تكون عاريةً ولا حبسا، وأن يكون الكتاب ملكاً نظيفاً للمحضر، فإذا وقف على المسألة أعطى المحضر بحسب الحال، إما فضة وإما مأكولاً وقال له: هذه مكافأة لا أجرة، لأن العلم لا يؤخذ عليه أجرة، وكان كثيراً ما يطلب مذهب أحمد ويقول: كان صاحب حديث، ويذكر أنه سمع مسنده بمكة، فيقال له: أفلا نسمعه منك؟ فيقول: هذا ما تقلدته، ولا سمعته إلا لنفسي خاصة.

وكان عجز عن الطواف والتعبد، فجعل عوض ذلك الجلوس للسماع.

قال: فجعلت مجلسي إلى جنب القارئ لثقل سمعي، فسمعت منه جملةً.

قال المؤلف: كان عجباً فيما يسمعه ما أظنه سمع شيئاً فنسيه.

وكان يحفظ الجمع بين الصحيحين من زمن الصبا، استكتبه ودرسه، وكان يحفظه باختلاف الطرق والألفاظ، وبالفاء والواو إلى منتهى العبادات، وكثيراً من أحاديث القدر.

وكان يأخذ ارتفاع الشمس بالميزان. وكان قل أن يتكلم إلا متبسماً منشرحاً. فإذا أقبل على مقدمات الصلاة كان كأنه مصاب بولد أو محتضر، ويتوضأ لكل فريضة.

وقال: كنت يوماً في هذه الغرفة، فإذا ثعبان عظيم مطوق، فأخذت آلةً لقتله، وقلت له: حتى أنذرك ثبت هذه الأولى. فثبت على حاله، فقلت: انصرف وإلا قتلتك هذه الثانية. فأمتد، فرأيت هولاً مهولاً، فقلت له: الثالثة ما بقي سواها. فتحرك، واستدار، وصفّر، وأخرج يدين على صورة الحرذون، فقلت: ما أنت ثعباناً، ولا حرذوناً. وعرفت أنه جان.

وقال: كنت أربط الحطب، فإذا بي قد أحسست ألماً في عقبي، فظننتها شكة دخلت فيه، فلما أكملت ربط الحزمة نظرت فإذا حنش قد التف على

ص: 75

ساقي، وقد نهشني، ونشبت أنيابه، فأُلهمت أن قبضت على حنكه وخنقته ففتح فاه وتخلص نابه، وانبعث الدم، قال: فطرحت الحنش ومسحت الدم، وما زدت على أن توضأت، وغسلت مكان النهشة، وأحسست بالسم إلى أن صعد إلى وسطي فوقف، فلما كان بعد سنةٍ صار مكان اللسعة بثرة، فقرضتها بالمقراض، فخرج منها ماءٌ أصفر، فقدرت أنه السم دار في بدني، ثم عاد إلى موضعه، وكفى الله.

وكان في جبهته ثؤلول تزايد حتى صار سلعةً، فكنت أراه وقت السجود يجتهد في تمكينه من التراب. ثم تفاقم أمره. وكان يهاب أن يكلم في مثل هذا. فدخلت يوماً فوجدت تلك السلعة قد ذهبت بقدرة الله، ومكانها كأن لم يكن فيه شيء غير أثرٍ يسير جداً. فقلت له حينئذٍ: الحمد لله على العافية. فقال: كانت تشوش علي في السجود، وما كان لها دواء إلا تمكينها من التراب، فلم أشعر بها إلا وقد انفقأت.

وقد تزوج بصبية في شبيبته، ولم يدخل بها. وطلقها لّما تجذّم.

وقد ضعف بصره في الآخر، فأصبح يوماً قلقاً وقال: دعوت البارحة: إن ابتليتني بشيءٍ فلا تبتليني بالعمى، وإن كان ولا بد فلا تمهلني بعد بصري. ودمعت عيناه عند الحكاية، فأحسست أنه لا بد له من العمى. وعمي قبل وفاته بخسمة عشر يوماً. انفقأت عيناه إلى داخل، فكان ماؤهما يسيل من أنفه.

واحتاج في الآخر إلى زوجةٍ فباع الدابة، واستعان بما يصرفه لعلفها في حق الزوجة. واتفق أن أباه، وجد الجرة التي يشرب منها الشيخ قد وصلتها الشمس، فحولها إلى الظل، وكانت طريقة الشيخ تقتضي أن هذا القدر يمنعه من الانتفاع لأنه يرى بها منفعة لم يعاوض عليها. فلما استدعى الماء قالت له الزوجة: ما هاهنا ماءٌ تشربه. فسألها عن القضية فأخبرته، فأعجبه نصحها، وبات وأصبح صائماً وطوى حتى جاء الذي كان يستقيّ له.

سألته كم لك ما أوقدت عليك سراجاً؟ فقال: نحوٌ من ستين سنة، ما تركته عن علم بما، ورد في الحديث، والبيوت ليس فيها مصابيح. ولكن بلغني بعد. وإنني لما انقطعت عن الناس اتفق ليلة ً أن السراج انطفأ لعارضٍ، فوجدت نفسي قد استوحشت لفقده فقلت لها: تري هذا شغلاً معبراً، وأنساً منقطعاً، لا

ص: 76

حاجة لي فيه. وكنت بمكة شاباً، وإلى جانبي جندي، فلما كان الليل سمعته يقدح، وبيننا كوة، فأغمضت عيني ليلتي كلها.

وكان يقول: الدنيا دار أسبابٍ، من زعم أن التوكل إسقاط السبب بالكلية فهو غالط.

وقال: قال لي صوفي: نحن ما نرى الأسباب، فقلت له: ما صدقت لو صفع الأبعد إنسانٌ أكنت لا تراه البتة ولا يؤثر فعله فيك؟ فسكت، فقال: أما أنا فأرى الأسباب لكن ما أقف عندها.

خرج إلى الشيخ وزير والساقية تدور بالدولاب، فأراد أن يبسط المجلس فقال: يا سيدي أيش ترى في بغلتي ندورها في الساقية؟ فقال له: ولا أنت ما أرى أن أدورك فيها. فانبسط الرجل؛ ثم قال الشيخ على عادته: ارحلوا. فقال الوزير: لماذا تطردنا؟ قال: لأن القعود معكم ضياع.

وخرج إليه أكابر فقال، واحدٌ منهم: هذا طبيب السلطان، يعني الكامل، فقال الطبيب: ما نحن أطباء بل نحن أعِلاء، إنما الأطباء الأولياء. قال الشيخ: وأشار إلي. فلم أقره فقلت: اعلم أن مثل المشار إليه بالولاية كمثل الطبيب، كم علل من عليل فما أفاد. أما داويت أحداً فمات، ولم ينجع فيه الدواء؟ فقال: كثير. فقلت: وكذا الجانب الآخر.

وكان يرى أن ترك التسبب والاعتماد على الفتوح غلط، ويقول: انتقل من سبب نظيفٍ إلى سببٍ وسخ. وذلك لأن الاحتراف سبب شرعي، والكدية سببٌ مذموم، وليته يبسط يده خاصة، ولكنه يقول: أنا صالح فأعطوني. ترى ماذا يبيعهم إن باعهم عمله فبيع الدّين بالدنيا كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، لعله عند الخاتمة يوجد مفلساً، فالحبس أولى به. وصدق الشيخ، قال بعض المشايخ: من قعد في خانقاه فقد سأل، ومن لبس مرقعة ً فقد سأل، ومن بسط سجادةً فقد سأل.

وقال: هممت بمكة بالتجرد وبيع الأملاك وإنفاقها، ثم التحول إلى الشام، والاقتناع بمباح الجبال، فسألت فصح عندي أنه ليس في الجبال ما يقيم البنية دائماً، فقلت: ما بيدي أنظف من الحاجة إلى الناس. أردت أن أعيش فقيراً ذليلاً، وأراد الله لي أن أعيش غنياً عزيزاً، فله الحمد. وعزمت على

ص: 77

الإقامة بالبرلس لأستريح من شبهة ماء النيل الجاري في الخليج. فإذا أكثر عيش أهلها السمك، وهو بضمان. فقلت: شبهة ماء النيل أخف. وكان يستحسن طريقة سلمان الفارسي، ويحصل قوت كل سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعد من خيبر قوت عياله سنة.

وله في ورعه حكايات، ذكرها المؤلف منها أن بعضهم رآه يحصد في بستانه، ويترك أماكن، فسأل الشيخ، وألح عليه فقال: إن ظلال نخيل الجار الساعة ممتدة، وأنا أتحرى أن لا أستظل بظله. فإذا زال الظل حصدتها، وكان إذا انفلتت له دجاجةٌ إلى الطريق تركها بالكلية، لأنه يجوز أن تكون التقطت شيئاً، وكان يشترط على الفرنج فيما يشتريه منهم من الحيوان أن لا يكون قد شرب من ماء الثغر، ويحلفهم، وأن لا يكون مشتركاً ولا غصباً. ومهما لاحت له شبهة تركه، وكانوا يتنافسون في معاملته ويغتبطون، وقال: خرج رسولهم إلي مع الوالي، فأردت أن يعلم الحال فقلت للترجمان: أعلمه أنني ما أعاملهم إلا لأنهم عندنا غير مخاطبين بالحلال والحرام، فهم كالبهائم، وأما المسلمون فإنهم قاموا بالوظيفة العظمى، فخوطبوا بالحلال والحرام. فالمسلمون هم الناس. فأنا كمختار السياحة بين الوحوش، ومزاحمتها في أرزاقها. وما ذاك لفضل الوحوش على الإنس، بل لطلب السلامة.

وكان يقول: لا ينالني من مصر إلاّ الماء، وليته كان صافياً. يشير إلى ما ينفق في عمل الخليج.

وكان يقول: من ادعى أن المحسن والمسيء يستويان فقد ادعى عظيماً، وقال: لولا الطباع لكان المحسن هو المسيء والمسيء هو المحسن.

وبعث إليه الملك العادل ألف دينار فشدد في النفور والنكير.

وحج مرةً إلى دمشق على حمار، ومنها إلى مكة على جمل. وتزود إلى دمشق خرج خرنوب، ونزل بظاهرها على حافة النهر، قال: ونفد مني الخرنوب فسألت فإذا كل ما بدمشق مضمناً حتى الملح، فدللت على حوارنة يجلبون تيناً يابساً، فجلب لي رجل خرجاً من تين فكان زادي إلى المدينة

ص: 78

فاحتجت إلى الزاد بها فاشتريت تمراً زودني إلى مكة.

وكان يقول: أنا القباري ولي أكثر من ستين سنة ما قدرت أن آكل قبارة ً لأجل الشركة.

وكان من الشجعان المعدودين. كان في أوائل شبابه قد لقي أربعة عشر نفساً من الشلوح بمطرق كان معه فأجلاهم بالليل حتى بلغوا باب القنطرة، وبلغني أنه قال: إذا أخذت مطرقاً لقيت ثلاثين لا أبالي بهم، وبلغ من قوته في صباه أنه كان يرفع المواهي مترعةً بحيث لو اجتمع عليها أربعة لكاعوا في رفعها، فيرفعها بإحدى يديه إلى ظهر الدابة، وحكى عن نفسه أنه كان يطلع النخلة ثم يلقي البطاسية، ويسبقها إلى الأرض.

وحدث أنه كان بالجانب الغربي من أهل العرامة والذعارة قطاع طريق يسفكون الدماء، فتفاقم أمرهم، وعجزت الولاة عنهم سنين، فقدر الله أنهم امتدوا إلى بستانه، فأصبح فوجد آثارهم فقال: كأنهم، وقعوا عندي، وقعوا ورب الكعبة، فأصبح، ففي ذلك اليوم بعينه أُمسكوا وصُلبوا، وقبل موته نشأت صفقة من جنس هؤلاء فعاثوا نحو السنة، فنزلوا قصراً قريباً من الباب، وقتلوا على باب الشيخ رجلاً، فقال الشيخ: كأنهم دبوا إلينا، يقعون إن شاء الله. فأخذوا بعد قيل. وكانوا ثلاثة.

وكان له في الجمع بين الطريقة والشريعة عجائب. كان يقول لي: قوله {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} هذه حقيقة. ثم ينتهي إلى قوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} هذه شريعة، ويقول: الحجة في الشريعة، ولا حجة لنا بالحقيقة، ويقول: أكثر ما تؤتى المتصوفة من ملاحظة الحقيقة مع الإعراض عن الشريعة، وهذه ضلالة.

اتفق أن بعض الملوك قدم الإسكندرية قبل أن يتسلطن، فخرج بعض الخربندية لأخذ حطب الناس، فأخذوا من غيط الشيخ جملين جريداً، فجاء جاره فخوفهم، فلم يفكروا وراحوا. فجاء الأميران المحمدي وشمس الدّين سنقر، فذكر لهما الجار القصة، فساقا على آثار الجمال، فهرب الخربندية، واستاقا الجملين إلى الغيط، فدخل إليه جاره، وعرّفه القصة فقال: أما أنا فما

ص: 79

بقيت أنتفع بهذا، لأنه شيءٌ، قد عصي الله فيه، وقد صار لك فيه حق، ولهذين الأميرين ولأصحاب الأرض التي سلكها الغاصب. فأخذه المعرف، وكافأ الشيخ الأميرين بشيء.

وقال مرةً لرجل: أما أنا فما أعلق قلبي منه لا بطعامٍ، ولا بشراب، أأكون بهيمة هنا وبهيمةً هناك همه بطنه؟ إنما أطلب منه الرضى، وما عداه فضلة.

قال المؤلف: لأن غاية نعيم المؤمنين أن يحل الله عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبداً، وهو أفخر العطايا.

وقال لي بعض الأكابر بعد وفاة الشيخ رحمه الله: هل عاينت منه خارقاً أو تكلم معك على خاطر؟ فقلت: لا، إلاّ شيئاً خفياً من جنس الفراسة، هذا على أنني سمعت في حياته وبعد وفاته ممن صحبه أنه كان يحدثهم بما صنعوا في بيوتهم مما فيه نصيحة أو في ذكره فائدة. قال لي ابن القفاص الفقيه: تزوجت وأعرست، فأرقتُ ليلةً، ولم أدخل إلى فراشي، فانقبضت العروس لانقباضي، فلما خرجت إليه قال لي الشيخ: ويلك أخطأت في المعاشرة، شوشت الليلة على أهلك بانقباضك، واستنادك إلى الخزانة. وكان فكري يضيق بي فناولني الشيخ عشرة دراهم، وقال: خذ بهذه شيئاً يصلح لغداء العرائس.

وذكر ابن القفاص عدة كراماتٍ أوردها المؤلف. وذكر حكاية في ذاك المعنى عن الصاحب بهاء الدّين، عن الشيخ خضر الكردي شيخ الملك الظاهر، عن الشيخ.

ثم قال: ولما جاء الصاحب بها الدّين إلى البلد عزم أن لا يدخلها حتى يزور الشيخ. وكنت معه، فلما وصلنا إلى قصر الشيخ، نزل الصاحب من بعيد، وقالوا للشيخ، فقال: الفقيه معه؟ قالوا، نعم. فقال: وما تريد؟ قال: البركة. فسكت ونحن وقوف. فقلت للصاحب: اجلس. فقال: لا. وغلبت عليه الهيبة وتجلد. وطال وقوفه، فقلت للصاحب. اطلب منه شيئاً خاصاً. فقال: الموعظة، فقلت للشيخ: هو يطلب الموعظة. فقال: هو يحفظ القرآن؟ قلت: نعم. قال: اقرأ معه سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فقرأنا إلى قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} فقال: إذا علمت فإنه يراك، اعرف كيف تكون والسلام. فانصرف على ذلك.

ص: 80

وكان يقول لطالب الدعاء، والزيارة: الذي علم نيتك يكافئك عليها.

وحدثني من لا أتمارى فيه خيراً ونبلاً قال: وصلت مع أخي في حياة الملك الصالح، فتحادثنا في الزيارات، وعزمت على زيارة الشيخ، وحملت أخي على ذلك، فعارضني من أصحابنا فلان، وفلان بكلام فيه غضاضة في حق الشيخ، فأنكرت عليهما، وبكرت إلى الشيخ، واستغرقت في النظر إليه وهو عند الساقية ووقفت وإذا بحس البغال في خلفي، فقلت في نفسي: هذا فلان وفلان وهما على نيةٍ رديئة، وهذا رجلٌ مكاشف، فما أتممت الخاطر إلا وغاب الشيخ عن بصري، فهجمت الغيط مما غلب على الحال، وقلت: لعل تحت رجليه غار دخل فيه. فلم أجد شيئاً إلا البطامية، فظننت أنه انبطح فيها، فتأملتها فلم أر شيئاً. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما، وحكيت لهما القصة.

قال المؤلف: وسن الشيخ نيفٌ وسبعون سنة. وكان بعضهم يظن أنه في عشر المائة، وذلك لأنه من صغره كان يسمى بالشيخ.

آخر ما اخترته من مناقب القباري، ويكون خمسة كراريس، ما ذكر فيها اسم الشيخ، ولا وفاته، ولا حليته، فرحمه الله ورضي عنه آمين.

وفيها ولد:

الشيخ شهاب الدّين محمد ابن المجد عبد الله بدمشق، وأحمد ابن شيخنا علي بن محمد بن هارون الثعلبي، وفتح الدّين محمد بن عثمان بن أحمد بن عثمان، وأحمد بن علي بن أيوب بن علوي العلامي؛ ولدوا بمصر وسمعوا من النجيب، وكمال بن محمد بن كمال الصالحي، سمع الكرماني والزين عبد الرحمن بن علي بن حسين بن مناع التكريتي، والمحدث شمس الدّين محمد بن عبد الرحمن بن سامة، والقاضي شمس الدّين محمد بن أبي بكر ابن النقيب، والشرف عبد الله ابن الشيخ العزّ الحنبليّ، والقاضي شمس الدّين محمد بن مسلم، وكمال الدّين إبراهيم ابن الوجيه بن مُنجى، وأحمد بن القاضي تقيّ الدّين سليمان، ورحمون المؤذن.

ص: 81

سنة ثلاث وستين وستمائة

84 -

‌ إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز بن الحسن بن علي

، وعلي هو القاضي الزكي ابن القاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز، المحدث، العالم، معين الدّين أبو إسحاق القرشي، الدّمشقيّ.

له سماع من أبي صادق بن صبّاح، وأبي المنجى ابن اللتي، وأكثر عن كريمة والمتأخرين، وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه المنسوب، ولم يزل يسمع إلى أن مات، وروى اليسير، سمع منه المعين ابن الجنيد جزأين عن ابن اللتي.

وكان حسن الفهم، قوي المعرفة. عاش ستين سنة إلا أشهراً، توفي في ثامن ربيع الأول فجاءةً، وهو سبط القاضي محيي الدّين محمد ابن الزكي.

85 -

‌ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هارون

، الحافظ، الحجة، الواعظ، أبو إسحاق ابن الكماد السبتي.

يروي عن أبي عبد الله التجيبي نزيل تلمسان، وأبي الحجاج ابن الشيخ، وأبي ذر الخشني، ومولده في حدود الثمانين، وخمسمائة.

وقد ذكرت موته في عام ستين على ما حدثني به ابن عمران السبتي، ثم قرأت في برنامج أبي جعفر بن زبير قال: وأبو إسحاق أحفظ من لقيته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد ذكر لي شيخنا أبو الخطاب بن خليل على جلالته، وسنه أنه لم يلق أحفظ من ابن الكماد. كان في حفظ الحديث آية من الآيات.

قلت: يعني للمتون.

قال: ولما قدم الأندلس أبو النعيم الواعظ المعروف بابن راضية قافلاً من المشرق، مرتكباً في وعظه طرائق تلحينية يركبها على أبياتٍ أرق من النسيم، ويقرأ بين يديه قرّاء قد أحكم تدريبهم، فاستجابت لذلك العامة، فلما فعل ذلك بإشبيلية وبها ابن الكماد إذ ذاك، أنكر ذلك كل الإنكار، وأبدا في ذلك وأعاد، وحمله ذلك على أن جلس على المنبر للوعظ على سنن السلف. ففعله

ص: 82

إلى أن مات، فحضرت مجالسه فسمعته يسرد أحاديث، ويتبعها بفقه وبيانٍ ما يعرض فيها، ويورد من الخلاف ما يلائم الحال، وكانت معيشته من تفقدات الإخوان وهداياهم. وربما نبه في مجلسه إذا صمت ضرورة. توفي في سنة ثلاثٍ وستين، رحمه الله.

وقد تقدم في سنة ستين أنه كان من جملة محفوظاته سنن أبي داود.

86 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن موسى

، العلامة، أبو إسحاق التجيبي، التلمساني، الفقيه المالكي، المعدل.

كان فاضلاً صالحاً، ورعاً، بارعاً في العلوم. صنف في شرح الخلاف كتاباً نفيساً في عدة مجلدات، أحسن فيه ما شاء. ودرس، وأعاد، وأفتى، وحدث عن: أبي الحسن علي ابن البناء.

87 -

‌ أيبك، أبو سعيد، وأبو محمد عز الدّين

، عتيق القاضي جمال الدّين المصري.

حدث بالمدينة والجبل عن: الخُشوعيّ، وصار وكيلاً عند القضاة مدةً، وولد بقبرس سنة خمسٍ وثمانين تقريباً، روى عنه الدّمياطيّ، ومحمد ابن المحب، وابن الزراد، وابن الخباز، والبدر ابن صبيح المؤذن، وآخرون.

توفي في ثالث جمادى الآخرة.

88 -

‌ التاج الإسكندراني

، المعروف بالشحرور.

توفي بدمشق.

وهو أبو بكر عبد الله. يأتي.

89 -

‌ حمزة بن محمد بن الحسين بن حمزة

، القاضي أبو يعلى البهراني، الحموي، الشّافعيّ، محيي الدّين قاضي حماة.

ولي القضاء سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فبقي عشر سنين ثم عُزل.

ص: 83

سمع من أمه صفية بنت عبد الوهاب، وخالته كريمة، روى عنه الدّمياطيّ، وغيره.

90 -

‌ خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار

، الحافظ المفيد، زين الدّين، أبو البقاء النابلسي ثم الدّمشقيّ.

ولد بنابلس سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة، وقدم دمشق فنشأ بها، وسمع من بهاء الدّين القاسم ابن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل وابن طبرزد وطائفة، ورحل فسمع ببغداد من الحسين بن شنيف، وأبي محمد بن الأخضر، وابن منينا، وطبقتهم، وكتب وحصل الأصول النفيسة، ونظر في اللغة والعربية، وكان إماماً متقناً ذكياً فطناً، ظريفاً، حلو النادرة، صاحب مزاحٍ ونوادر، وكان يعرف قطعةً كبيرةً من الغريب والأسماء، والمختلف والمؤتلف، وله صورة كبيرة، وله حكايات متداولة بين الفضلاء، وكان الملك الناصر يحبه، ويكرمه.

روى عنه الشيخ محيي الدّين النواوي، والشيخ تاج الدّين الفزاري، وأخوه الخطيب شرف الدّين، والشيخ تقيّ الدّين ابن دقيق العيد، والشيخ أبو عبد الله الملقن، والبرهان الذهبي، والكمال محمد ابن النحاس، والشرف صالح بن عربشاه، ومحيي الدّين إمام مشهد علي، وطائفة سواهم.

وتوفي في سلخ جمادى الأولى.

ومن أخباره المشهورة أن بعض جيران التربة العزية اعترض الزين، رحمه الله، وكان شيخ الحديث بها، فقال: أأنت تقول إن الإمام علي ما هو معصوم؟ فقال: ما أخفيك شي، وكان رحمه الله يلهج بها كثيراً، أبو بكر الصديق عندنا أفضل من علي، وما هو معصوماً، وكان الزين خالد، رحمه الله، يجبه الناس بالحق وبالمزح، ولا يهاب أحداً، وله في ذلك أخبار، وكان ضعيف الكتابة جداً مع إتقانها. وكان يعرج من رجله، وولي أيضاً مشيخة النورية. وكان قصيراً، شديد السمرة، يلبس قصيرا.

حدث الشرف الناسخ أنه كان يحضر الملك الناصر ابن العزيز، فقام

ص: 84

شاعر وأنشد مدحة في الناصر، فقام الزين خالد فقلع سراويله، وخلعه على الشاعر، فضحك السلطان كثيراً، وقال: يا زين الدّين، ما حملك على هذا؟ قال: ما وجدت مغرماً لا أحتاج إليه إلا اللباس. فتعجب السلطان ووصله.

91 -

‌ ضياء بن جبريل بن زوين

، أبو بكر المصري الأزياري، المنادي.

روى عن الفخر الفارسي، كتب عنه الشريف عز الدّين، وغيره ومات في ذي القعدة.

92 -

‌ ظافر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد

، أبو المنصور اللخمي، الإسكندراني.

روى بالإجازة عن أبي اليمن الكندي، والمؤيد الطوسي، ومات في شوال.

93 -

‌ عبد الله بن يحيى ابن الشيخ أبي المجد الفضل بن الحسين

، العدل، الفقيه، نظام الدّين، أبو محمد ابن البانياسي.

ولد سنة تسع وسبعين، وسمع من الخُشوعيّ، وحنبل، والقاسم ابن عساكر، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، ومنصور الطبري، وجماعة ورحل فسمع ببغداد من عبد الوهاب ابن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه، وهو من بيت الحديث والعدالة والرياسة. وعنده فضيلة تامة، وفيه دين وتعبد، واطراح للتكلف.

روى عنه ابن الحلوانية، والدّمياطيّ، وابن الخباز، ومحمد ابن المحب، ومحيي الدّين يحيى بن أحمد المقدسيّ، وجمال الدّين علي ابن الشاطبي، وشمس الدّين ابن الزراد، وآخرون.

وتوفي في سابع صفر ببستانه عند بركة الحميريين. ومرض بالفالج مدةً.

ص: 85

94 -

‌ عبد الله بن أبي طالب بن مهنا

، الفقيه، المفتي، تاج الدّين، أبو بكر الإسكندراني، ثم الدّمشقيّ.

صحب الإمام فخر الدّين ابن عساكر، وتفقه عليه، وسمع من أبي الفضل سعد بن طاهر المزدقاني، وحنبل المكبر، وبرع في مذهب الشّافعيّ، ودرس، وحدث، وتوفي في سابعٍ ذي الحجة بدمشق.

روى عنه الشيخ تاج الدّين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدّين، وغيرهما، وكنيته أشهر.

95 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طعان

، سراج الدّين، أبو عمر البصروي، ثم الدّمشقيّ، الطريفي، الصفار، الفامي، أخو عبد الله.

ولد سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة تقريباً، وسمع من الخُشوعيّ، وعبد اللطيف الصوفي، روى عنه أبو المعالي ابن البالسي، والبدر محمد ابن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، والبهاء ابن المقدسيّ، وجماعة كثيرة، ومات فجاءة في أول ذي القعدة بدمشق.

96 -

‌ عبد الرحمن بن عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد ابن الفرس

، الوزير الحافظ، اللغوي، أبو يحيى ابن القاضي النحوي أبي محمد الخزرجي، الأندلسي، أحد الأعلام.

ذكره ابن الزبير في برنامجه فقال: أخذ عن أبيه فأكثر، وعن: أبي الحسن بن كوثر، وعبد الحق بن بونه، وابن عبيد الله الحجري، وابن رفاعة.

وانفرد بالرواية عنهم، وأجاز له من المشرق الأرتاحي، والبوصيري، وجماعة. وكان ذاكراً لما يقع في الإسناد من مشكل الأسماء، ويدري كثيراً من مشكل الحديث، وغريبه، صنف كتاباً في غريب القرآن. وأسمع الحديث طول

ص: 86

حياته، وكانت فيه غفلة قصرت به عن فضائله، وخطبته حتى استحكمت به بأخرة. وله أملاك تقوم به، مولده في سنة أربعٍ وسبعين.

قلت: أظنه مات بغرناطة.

وذكره أيضاً في صلة الصلة فأثنى عليه، وقال: هو وأبوه وجده وجد أبيه مذكورون في هذا الكتاب، وكلهم مشاورٌ جليل، وله أصول وأمهات يُرجع إليها.

أخذ عنه الأستاذ أبو عبد الله ابن الطراز، وجماعة، لقد وقفت على إجازته لأبي عمر بن حوط الله في سنة سبعٍ وتسعين. وما زال يروي حتى هذا الوقت، روى عنه المحدث أبو عبد الله بن سعد، وأبو عبد الله الطنجالي، وأبو عبد الله الأبار، وأبو العباس بن فرتون، وجمال الدّين ابن مسدي نزيل مكة، وأبو إسحاق البلفيقي، والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص، لازمته، وأكثرت عنه.

97 -

‌ عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله

، أبو القاسم المنبجي ثم المصري الصوفي.

شيخ صالح. سمع من أبي القاسم البوصيري، كتب عنه الشريف عز الدّين والطلبة، ومات في سابع شعبان.

وروى عنه الدّمياطيّ، والشيخ شعبان، والدويداري، وعبد المحسن الصابوني، ويوسف بن عمر الختني.

أخوه أبو عبد الله محمد بن يوسف: روى عن البوصيري، ومات سنة ثمانٍ وثلاثين، وستمائة.

98 -

‌ عبد العزيز بن عبد الباقي بن منجى بن خلف بن منجى

.

أبو محمد الإسكندراني، المعروف بالوراق.

شيخ صالح. روى بالإجازة عن الخُشوعيّ، والقاسم ابن عساكر، ومات في جمادى الأولى.

ص: 87

99 -

‌ عثمان بن عبد الوهاب بن يوسف بن معالي

، العدل، الجليل، شرف الدّين أبو عمرو ابن السايق التغلبي، الدّمشقيّ، كاتب الحكم بدمشق.

كان مليح الخط، خبيراً بالشروط يجلس تحت الساعات، وله صدقات، ومعروف، وحدث عن الكندي. وعاش ثمانين سنة.

100 -

‌ عثمان بن محمد بن عبد الله

، أبو عمرو العبدري، الأندلسي، المحدث.

مكثرٌ عن يونس ابن العديم. وكان إمام مسجد بسبتة، سمع في سنة أربع وتسعين كتاب التقصي من علي بن موسى بن النقرات. وبقي إلى هذا الوقت.

101 -

‌ علي بن أبي الربيع سليمان بن أحمد بن علي

، أبو الحسن السعدي، الشارعي، الشّافعيّ، المعروف بابن المغربل.

حدث عن: قاسم بن إبراهيم المقدسيّ، روى عنه الدّمياطيّ، والدواداري، وشعبان، وجماعة.

توفي في شوال.

102 -

‌ علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم

، الرئيس، جمال الدّين، ابن القمي، البغدادي، ابن أخي الوزير.

كان ذا سؤدد، وفضل وجلالة، شيعه الخلق ببغداد إلى تربة عمه، ويعرف بابن أميران.

103 -

‌ علي ابن خطيب نابلس يحيى بن إبراهيم بن علي

، الخطيب ضياء الدّين، أبو الحسن الزهري، الشّافعيّ.

كان فقيهاً، إماماً، ديناً، مهيباً، بهياً. ولي قضاء الكرك مدةً، وحًّدث عن: أبي عبد الله بن عبدون البناء، وغيره.

توفي يوم الأضحى بالقدس، ورّخه أبو شامة. وهو من شيوخ

ص: 88

الدّمياطيّ.

104 -

‌ الفتح بن موسى بن حماد بن عبد الله بن علي

، الفقيه نجم الدّين، أبو نصر الجزيري الأصل، القصري المربى، الشّافعيّ الأصولي. وقصر عبد الكريم بالمغرب.

ولد بالجزيرة الخضراء في رجب سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة، ونشأ بقصر كتامة. واشتغل بالنحو. وسمع مقدمة الجزولي عليه. وقدم دمشق سنة عشر. وسمع من الكندي. واشتغل بحماة في الكلام على السيف الآمدي. ودرس برأس عين بمدرسة ابن المشطوب، ونظم المفصل للزمخشري، ونظم كتاب الإشارات لابن سينا، ونظم السيرة لابن هشام على قافية رائية في اثني عشر ألف بيت. وله عدة مصنفات، وكان من فضلاء زمانه.

ثم دخل مصر، ودرس بالفائزية بسيوط، ثم ولي قضاء سيوط، وبها توفي في رابع جمادى الأولى، وله نظمٌ جيد.

روى عنه ابن خلكان، وعظمه.

105 -

‌ فراس بن علي بن زيد بن معروف

، العدل، نجيب الدّين، أبو العشائر الكناني، العسقلاني الأصل، الدّمشقيّ، التاجر.

عاش ثمانين سنة، ومات ليلة الخامس والعشرين من شعبان، وروى عن الخُشوعيّ، وعبد اللطيف بن إسماعيل، والقاسم ابن عساكر، والكندي، وحدث بدمشق ومصر. وكان من أعيان العدول.

روى عنه الدّمياطيّ، وأبو العباس بن فرح، والشيخ تاج الدّين، وأخوه، والدواداري، وابن الخباز، وابن الزراد، ومحمد ابن المحب، وآخرون.

106 -

‌ محمد بن أحمد بن كامل بن عمر

، عفيف الدّين المقدسيّ، المؤدب.

ص: 89

توفي كهلاً، وكان صالحاً ديِّناً، روى عن ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وجماعة.

107 -

‌ محمد بن حسين بن علي

ابن زوجة الزاهد القدوة الشيخ علي الفرنثي، والد علي، وموسى وأحمد.

ولد سنة بضعٍ وثمانين وخمسمائة. وجلس في المشيخة، وخدم الفقراء بالزاوية الفرنثية بالجبل، وكان رجلاً مباركاً.

مات في ربيع الأول، سمع أولاده من ابن اللتي.

108 -

‌ محمد بن علي بن المسلم بن محمد بن الحسين بن إسماعيل

، الشيخ أبو عبد الله ابن مراجل الكندي الحموي.

ولد سنة ثمانٍ وسبعين، وخمسمائة بحماة، وتوفي بالقاهرة في صفر.

قال الشريف: حدثنا عن أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي.

109 -

‌ محمد بن أبي البركات عمر بن محمد بن عمر بن الحسن ابن القسطلاني

، الفقيه، إمام الحطيم، أبو عبد الله التوزري المالكي، المكي.

ولد سنة ثمانٍ وتسعين، وخمسمائة بتوزر، وسمع بمكة من أبي الحسن علي ابن البناء، وأبي حفص السهروردي، وكان شيخاً فاضلاً فقيهاً، أديباً. له شعر، روى عنه الدّمياطيّ، وغير واحد.

ويجتمع هو والشيخ تاج الدّين ابن القسطلاني في جدهم الأعلى الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسي.

110 -

‌ محمد بن الحسن بن الزبير

، العاصمي، الخطيب، أبو عبد الله الأندلسي.

لازم الحسين بن هشام القلعي زماناً. وقرأ عليه بما في التيسير، وسمعه منه. وهو من أصحابه، أخذ عنه قراءته أبو جعفر بن الزبير، وورخه.

ص: 90

111 -

‌ محمد بن علي بن عبد الرحمن بن ظافر

، الإمام أبو العلاء ابن المرابط المرادي.

حمل عن أبي جعفر بن عون الله، وأبي جعفر بن حكم، وأبي بكر بن أبي جمرة. ولي القضاء، وعقد الوثائق، وأُسِر في أخذ أُوريولة ثم افتُك، مات بمرسية سنة ثلاث وستين قاله ابن الزبير.

112 -

‌ محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي

، الحافظ أبو بكر الأندلسي، الغرناطي الأزدي المهلبي.

سمع الكثير بالمغرب، وديار مصر. وصنف، وانتقى على المشايخ، وظهرت فضائله، وروى عن أبي محمد عبد الرحمن ابن الأستاذ الحلبي، ومحمد بن عماد الحراني، وبلغني أنه خرَّج معجماً لنفسه، روى عنه علم الدّين الدواداري، وغيره، وجاور بمكة، ومات في شوال بها.

وقد ذكر أنه لبس الخرقة من جده موسى سنة اثنتين، وستمائة، ومن الأمين عبد اللطيف ابن النرسي، قدم عليهم غرناطة، ولبّسهم عن الشيخ عبد القادر.

وسمع سنة ثمان، وبعدها بالأندلس، ومن الفخر الفارسي بمصر. وقد تكلم فيه فكان يدلس الإجازة. وحكى أبو محمد الدلاصي أنه غضُّ من عائشة، حكى لي العفيف ابن المطري قال: سمعت التقيّ العمري المحدث قال: سألت عنه أبا عبد الله بن النعمان المزالي فقال: ما نقمنا عليه، غير أنه يتكلم في عائشة، رضي الله عنها، ثم حدثني العفيف أنه يصاحب الزيدية، ويداخلهم، وقدموه لخطابة الحرم. وأكثر كتبه بأيدي الزيدية. وكان خطيباً، ربما ينشئ الخطب في الحال ببلاغةٍ وفصاحة. وفضائله كثيرة، ومعجمه في ثلاثة مجلدات.

وله مصنفات كثيرة، منها منسك كبير في مجلدٍ ضخم ذكر فيه المذاهب، وحججها، وأدلتها، يدل على تبحره في الحديث، والعلم.

ومن الرواة عنه أمين الدّين عبد الصمد، والعفيف ابن مزروع، والرضى محمد بن خليل الفقيه، والشيخ رضي الدّين إمام المقام.

قلت: تورع الإمام في الرواية عنه. ورأيت له قصيدةً طويلة تدل على

ص: 91

تشيُّعٍ، ورأيت له مناقب الصديق في مجلد، وطالعت معجمه بخطه، وفيه عجائب، وتواريخ ثلاثة أسفار ضخام.

113 -

‌ ممدود بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن سعيد

، الأمير الكبير، الحاجب، عز الدّين الكردي، الزرزاري، الإربلي.

ولد بأعمال إربل، وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كليب، ومات بمصر في أول ربيع الأول عن ثمانين سنة.

سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدّين، والشيخ شعبان، وعلم الدّين الدواداري، وجماعة.

وكنيته أبو المكارم، وكان من بقايا الدولة.

114 -

‌ موسى بن يغمور بن جلدك

، الأمير الكبير، جمال الدّين الياروقي.

ولد بالصعيد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وتوفي بقرب الغرابي، ونقل إلى مصر فدفن بسفح المقطم.

ذكره قطب الدّين فقال: كان من أعيان الأمراء، جليل المقدار، رئيساً، خبيراً، عالماً، حازماً، جواداً، ممدَّحاً، حنكته التجارب. وناب الديار المصرية للملك الصالح مدةً، ثم استنابه على دمشق. فلما تسلطن الملك المعز راسله في موافقته فلم يجبه. فلما قدم الملك الناصر، وتملك دمشق دخل في طاعته، فاعتمد الناصر عليه في سائر أموره، وكان هو أمير الدولة، ومشيرها، ولم يكن له نظير إلاّ الأمير ناصر الدّين القيمري. وكان محسناً إذ ذاك إلى ركن الدّين بيبرس الملك الظاهر. فلما تسلطن ركن الدّين أعرض عنه قليلاً، ثم أقبل عليه، ورعى له سالف خدمته، وجعله أستاذ داره بالديار المصرية، وكان من رجال الدهر عقلاً وحزماً، ورأياً صائباً، وفراسة ً، وحشمة، وكان إنعامه واصلاً إلى الفقراء والرؤساء. توفي في شعبان في أوله.

ص: 92

وقد سمع الحديث من الفخر الفارسي، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة، وحدث باليسير.

فائدة عجيبة:

كان ابن يغمور أستاذ أستاذ الملك الظاهر ركن الدّين، قال ابن واصل: كان الأمير علاء الدّين البندقدار الصالحي أيدكين من كبار أمراء أستاذه الملك الصالح، ثم قبض عليه، وحبسه، واستولى على غلمانه، وكان منهم ركن الدّين بيبرس، فصار من أعيان حاشية الملك الصالح، وكان يقال له بيبرس البندقداري نسبةً إلى علاء الدّين المذكور، ثم عاش علاء الدّين، وكان من جملة أمراء الملك الظاهر إلى أن مات، قال: وكان علاء الدّين مملوكاً قبل الملك الصالح للأمير جمال الدّين ابن يغمور.

115 -

‌ هبة الله بن عبد الله بن أبي البركات هبة الله بن زوين

بن أبي بكر بن حفاظ، الشيخ الصالح، الفاضل، أبو البركات الأنصاري الإسكندراني.

سمع: عبد الرحمن بن موقى، وزينب بنت أبي الطاهر بن عوف، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الظاهري، والشيخ شعبان، وغيرهم، مات في مستهل جمادى الآخرة.

116 -

‌ هولاكو، طاغية التتار

.

هلك فيها، وقيل: في سنة أربعٍ كما سيأتي.

117 -

‌ يوسف بن الحسن بن علي

، قاضي القضاة، بدر الدّين أبو المحاسن السنجاري، الشّافعيّ، الزرزاري.

كان صدراً محتشماً، وجواداً ممدحاً. تقدم بسنجار، وتلك البلاد في شبوبيته عند الملك الأشرف. فلما تملك دمشق ولاه قضاء البقاع، وبعلبك، والزبداني، وكان له نوابٌ في بعضها. وكتبوا له في إسجالاته: قاضي القضاة.

ص: 93

قال قطب الدّين: كان يسلك من الخيل والمماليك والتجمل ما لا يسلكه الوزراء الكبار، ثم عاد إلى سنجار، فلما مات الملك الكامل، وخرجت الخوارزمية عن طاعة ولده الصالح، راح الصالح إلى سنجار، فطمع فيه صاحب الموصل، ونازله بسنجار، ولم يبق إلا أن يسلمها. وبدر الدّين قاضٍ بها، فأرسله الصالح تلك الليالي من السور، فنزل وذهب إلى الخوارزمية، وخاطر بنفسه، وركب الأهوال، واجتمع بهم، واستمالهم ومنّاهم، وساروا معه، ووافاهم الملك المغيث ولد الصالح من حران، وأقبلوا إلى سنجار، فترحل صاحب الموصل عنها هارباً، واحتوت الخوارزمية على أثقاله، وعظمت منزلة القاضي بدر الدّين عند الصالح، فلما تملك البلاد، وفد إليه بدر الدّين ففرح به، وأكرمه، وكان شرف الدّين ابن عين الدولة قاضي الإقليم بكماله، فأفرد عنه مصر والوجه القبلي، وفوضه إلى بدر الدّين. فلما مات ابن عين الدولة ولاه الصالح قضاء القضاة بالقاهرة والوجه البحري، وكان عنده في أعلى المراتب.

وكان الشيخ الأمير فخر الدّين ابن الشيخ يكره القاضي بدر الدّين، فكتب فيه مرةً إلى الصالح يغضُّ منه، وينسبه إلى أخذ الرُّشا من العدول، وقضاة البر، فلما وقف على كتابه كتب إليه بخطه على رأس كتابه: يا أخي فخر الدّين للقاضي بدر الدّين علي حقوقٌ عظيمة لا أقوم بشكرها، والذي تولاه قليلٌ في حقه، فلما وقف على ذلك لم يعاوده.

تولى بدر الدّين أيضاً تدريس الصالحية، وباشر وزارة مصر مدةً، ولم يزل ينتقل في المناصب إلى أوائل دولة الظاهر، فصرفه عن ذلك، ولزم بيته، وبقي الرؤساء يترددون إليه. وحرمته وافرةٌ، ومحله كبير، وكان كثير الصفح عن الزلات، راعياً للحقوق، مقصداً لمن يرد عليه، سخياً كريماً. حج على البحر، وصام بمكة.

وقال أبو شامة: وفي رجب توفي قاضي سنجار بدر الدّين الكردي الذي تولى قضاء ديار مصر مراراً، وكانت له سيرةٌ معروفة من أخذ الرُّشا من قضاة الأطراف والشهود والمتحاكمين. وحصل له ولأتباعه تشتت في البلاد ومصادرات.

ص: 94

وقال غيره: ولد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة بجبال إربل وسمع وحدث، ومات في رابع عشر رجب.

ومن نوابه في قضاء القاهرة القاضي شمس الدّين ابن خلكان الإربلي.

وقال أبو الحسن علي بن عبد الرحيم الحموي: ولما كنت مع جدي الصاحب شيخ الشيوخ حضر إليه القاضي بدر الدّين السنجاري، وسأل من جدي أن يشرف منزله، فأتيناه، وهو عند باب البحر بمصر، فرأينا منزله وفيه من حسن الآثار، وعلو همة القاضي، وشرف نفسه، وكثرة مماليكه وآلاته وخدامه ما يعجز كثيرٌ من الملوك عن مضاهاته. فأقمنا عنده سبعة أيامٍ، وقدم تقادم وخلع على جماعة.

118 -

‌ أبو العز بن صالح بن وهيب

، عز الدّين الحنفيّ الفقيه، مدرس الشبلية ابن أخي الإمام صدر الدّين سليمان القاضي الحنفيّ.

كان فقيهاً عارفاً بمذهبه، ديناً، مشكور السيرة، توفي في جمادى الآخرة.

119 -

‌ أبو القاسم العوفي

، الحواري، الزاهد، شيخ تلك الناحية.

له أصحاب ومريدون وزاوية بقرية حوارى من عمل السواد.

توفي في ذي الحجة، وكان فيه تعبد وصلاح، وحسن عقيدة، وفيه سخاء وكرم، وقرىً للضيف، والله يرحمه ويرضى عنه.

120 -

‌ أبو القاسم بن أحمد ابن القاضي علي بن عبد الله

بن ميمون بن غانم بن عصفور، الهواري البلنسي.

قرأت بخط أبي حيان أن هذا آخر من روى عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري بالسماع، وبالإجازة، وأنه توفي في التاسع والعشرين من صفر سنة ثلاثٍ وستين.

ص: 95

وفيها ولد:

الحافظ قطب الدّين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي، وزين الدّين عمر بن حبيب الدّمشقيّ، وأبو بكر بن علي بن حسام الكلوتاتي، يروي عن أحمد ابن النحاس الإسكندراني، وزين الدّين عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، والزين عبد الرحمن بن أحمد بن أبي راجح عبد الله بن راجح في صفر، ومعين الدّين حسين ابن العماد محمد بن عمر بن هلال الأزدي، وعز الدّين محمد ابن العز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر، وعمر بن عبد الله ابن الجمال أبي حمزة، والضياء أحمد ابن شيخنا برهان الدّين الإسكندري، ويوسف ابن شيخنا الزين إبراهيم ابن القواس في شوال، والشرف محمد ابن الوجيه محمد بن المنجى، ومحمد بن أيوب السلاوي، والفخر عبد الرحمن بن عبد العزيز بن هلال، ونفيسة أخت النجم ابن الخباز، وعبد الرحمن ابن ناصر الدّين ابن المقدسيّ.

ص: 96

سنة أربع وستين وستمائة

121 -

‌ أحمد بن سالم المصري النحوي

.

فقيهٌ زاهد، مجرد، ماهرٌ بالعربية، محققٌ لها، سكن دمشق، وتصدر للإشغال بالناصرية، وبمقصورة الحنفيّة الشرقية التي فيها الفقراء. وتزوج ببنت إمامها زين الدّين إبراهيم ابن السديد الحنفيّ. وكان مع دينه متواضعاً، حسن العشرة، تخرج به جماعة، ومات في شوال.

وخلف ولدين في كفالة جدهما. وتأسف جدهما عليه، وكان محبا له، فقال البدر يوسف بن لؤلؤ الحنفيّ:

عزاؤك زين الدّين في الذاهب الذي بكته بنو الآداب مثنى وموحدا هم فارقوا منه الخليل بن أحمد وأنت ففارقت الخليل وأحمدا وقد رثاه نجم الدّين بن إسرائيل بقصيدة نيفٍ وثلاثين بيتاً، رحمه الله، وعاشت بنته أسماء إلى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وروت عن ابن عبد الدائم.

122 -

‌ أحمد بن سلامة بن ريحان الموصلي

، ثم الصالحي.

روى عن جعفر الهمداني، وهو والد الشيخ محمد القفاص، وزوج شيختنا زينب بنت شكر.

123 -

‌ أحمد بن عبد الله بن شعيب بن محمد بن عبد الله

، الإمام، جمال الدّين، أبو العباس التميمي، الصقلي الأصل، الدّمشقيّ، المقرئ، الذهبي، الكتبي.

ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على السخاوي، ولزمه مدة طويلة. وكان قارئ مجلسه، وقد سمع من أبي محمد القاسم ابن عساكر، وأبي اليمن الكندي، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفضل الهمذاني، وكان إماماً فاضلاً فصيحاً، أديباً، لغوياً، شاعراً، حسن المشاركة، سمع الناس بقراءته كثيراً، وصحب أبا عمرو ابن الصلاح مدةً.

ص: 97

روى عنه الدّمياطيّ حديثاً مما سمعه على القاسم سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة، وروى عنه القاضي تقيّ الدّين الحنبليّ، ومحمد بن عبد العزيز الدّمياطيّ، وأبو الفداء ابن الخباز.

وكان يسكن بالعزيزية، وبها مات في جمادى الأولى ليلة خامسه، وكان قد تزوج ببنت شيخه السخاوي، وخلف كتباً جيدة، وثروة، ووقف داره على فقهاء المالكية.

وقد أنكروا على ابن سني الدولة لما عدّله. وكان يميل إلى الصُّور. ويُرابي، ويخل بالصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

خلف دراهم، وكتباً، ووثائق بنحو المائة ألف، وورثه بيت المال.

124 -

‌ أحمد بن المبارك بن نوفل

، الإمام تقيّ الدّين، أبو العباس النصيبي الخرفي، وخرفة: بخاءٍ معجمة ثم راء ساكنة، ثم فاء مفتوحة. اسم قريةٍ قريبة من نصيبين.

أنبأني بذلك، وبترجمته هذه أبو العلاء الفرضي، قال: كان إماماً عالماً. قدم الموصل بعد الستمائة، وقرأ بها العربية على أبي حفص عمر بن أحمد السفني - بالكسر -، وسمع الصحيح من محمد بن محمد بن سرايا، عن أبي الوقت، وبرع في العلم، قرأ عليه الملك المظفر إبراهيم، والملك الصالح ركن الدّين إسماعيل ابنا صاحب الموصل، وصنف كتاباً في الأحكام،، وشرح الدريدية، وألف كتاباً في العروض، وكتاباً في الخطب.، وشرح الملحة. وله منظومة في الفرائض، ومنظومة في المسائل الملقبات، وسكن سنجار، ودرس بها مذهب الشّافعيّ. ثم نقله سيف الدّين إسحاق ابن صاحب الموصل إلى الجزيرة. وكان له القبول التام، ثم حج معه، وعاد إلى الجزيرة، وبقي بها إلى سنة اثنتين وستين، ثم خرج إلى سنجار. ثم عاد إلى الجزيرة، وتوفي في رجب سنة أربعٍ.

قلت: قرأ عليه القراءات أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وأجاز له. وسمعنا بإجازته على تقيّ الدّين المقاصاتي، وكان قد قرأ القراءات على ابن حرستة البوازيجي تلميذ ابن سعدون القرطبي.

ص: 98

125 -

‌ أحمد بن محمد بن خليل

، أبو العباس الطوسي، ثم المصري.

أحد القراء المتصدرين بالجامع العتيق بمصر، قرأ بالسبع على أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمداني، سمع منه أبو عبد الله القصاع كتاب تلخيص العبارات لابن بليمة، وقال: مات في شعبان سنة أربعٍ وستين، رحمه الله.

126 -

‌ إبراهيم بن عمر بن مضر بن محمد بن فارس بن إبراهيم

، العدل، الرئيس، المسند، رضي الدّين ابن البرهان المضري، البرزي الواسطي، السفّار.

ولد بواسط سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة. وسمع صحيح مسلم من منصور الفراوي، وحدث به مراراً بدمشق، ومصر، واليمن، وذكر أنه سمع أيضاً من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، روى عنه خلق كثير منهم: الفقيه أحمد بن محمد بن أنس، والبرهان رئيس المؤذنين، وعلي بن محمد الإربلي التاجر، وإمام الدين محمد ابن الشرف، وبدر الدّين محمد بن محمد ابن القواس، والفقيه يحيى بن يحيى الزواوي، ومحمد ابن المحب، والكمال محمد ابن النحاس، والعماد أحمد ابن اللهيب الأزدي المصري، والأمين أحمد بن محمد ابن تاج الدّين القسطلاني، وأخوه الكمال محمد، وإبراهيم بن علي ابن الخيمي، والبدر محمد بن زكريا السويداوي، والمفتي محيي الدّين محمد بن علي التنوخي المعري ثم المصري، والضياء محمد بن محمد ابن الإخوة المصري.

وكان شيخاً متميزاً، حسن الهيئة، من أكابر التجار، ومتموليهم. وكانت له صدقات، وبر كثير، وفيه سكونٌ ودين.

وبُرزا: قرية من عمل واسط.

توفي بالإسكندرية في حادي عشر رجب.

ص: 99

127 -

‌ إبراهيم بن مصطفى بن شجاع بن فارس المصري القصار

، نصير الدّين.

روى عن مكرم وغيره، وعاش أربعاً وستين سنة.

128 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي بن حسين

، الشيخ الفقيه، صفيُّ الدّين، أبو الفضل القرشي، المقدسيّ، ثم الدّمشقيّ الحنفيّ، المعروف بابن الدرجي.

ولد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من عبد الرحمن بن علي الخرقي، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وأسماء بنت الران، وجماعة. وسمع بالموصل من أبي الحسن علي بن هبل الطبيب، وعبد المحسن بن ابن خطيب الموصل، وخرج له الحافظ زكي الدّين البرزالي مشيخة، وحدث بها مرات.

روى عنه تاج الدّين صالح القاضي، والبدر ابن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، وصفية بنت الحلوانية، ومحمد ابن المحب، وجماعة.

توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول.

، وهو والد البرهان ابن الدرجي.

129 -

‌ أيدغدي العزيزي

، الأمير الكبير، جمال الدّين.

كان كبير القدر، شجاعاً، مقداماً، كريماً، محتشماً، كثير البر، والصدقات، والمعروف، يخرج في السنة أكثر من مائة ألفٍ في أنواع القربات، ويطلق، ويتطلب معالي الأخلاق، وكان مقتصداً في ملبسه لا يتعدى القباء النصافي. وكان كثير الأدب مع الفقراء، محسناً إليهم إلى الغاية. حضر مرةً سماعاً، فحصل للمغاني منه، ومن حاشيته نحو ستة آلاف درهم، وقد حبسه الملك المعز سنة ثلاثٍ، وخمسين فبقي مدةً، وأشاع المعز موته لأن الرسول نجم الدّين الباذرائي طلب منه إطلاق أيدغدي فقال: فات الأمر فيه، وما بقي

ص: 100

مولانا يراه إلا في عرصات القيامة، ولم يكن كذلك. بل كان معتقلاً مكرماً منعماً في قاعةٍ من دور السلطنة.

قال ابن واصل: بلغني أن المعز كان يدخل إليه، ويلعب معه بالشطرنج، فبقي حتى أخرجه الملك المظفر نوبة عين جالوت، واجتمع به البندقداري فأطلعه على ما عزم عليه من الفتك بالمظفر، فنهاه، ولم يوافقه فلما تملك عظم عنده، ووثق بدينه، وكان عنده في أعلى المراتب، يرجع إلى رأيه، ومشورته لا سيما في الأمور الدّينية، وجهزه في هذه السنة إلى بلد سيس فأغار وغنم، وعاد في رمضان ثم توجه إلى صفد، وكان يبذل جهده، ويتعرض للشهادة، فجرح، فبقي مدةً وألم الجراحة يتزايد فحمل إلى دمشق، وتمرض إلى أن توفي ليلة عرفة، ودفن بمقبرة الرباط الناصري.

130 -

‌ التاج الشحرور

، الشّافعيّ المدرس.

مات بدمشق في ربيع الأول عن نحو تسعين سنة، وكان مبرزاً.

131 -

‌ جلدك الرومي

، الفائزي الأمير.

توفي في شوال بالقاهرة، وقد ولي عدة ولايات، وكان فاضلاً، له شعر جيد، وسيرةٌ مشكورة.

132 -

‌ الحسن بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى

، الصدر الجليل، بهاء الدّين، أبو المواهب ابن العدل أمين الدّين أبي الغنائم ابن الإمام الحافظ أبي المواهب التغلبي، الدّمشقيّ.

من بيت رياسة وحشمة وحديث، كان شيخاً نبيلاً، مليح الشكل، مهيباً، ديناً، عاقلاً، لم يدخل في المناصب.

ولد سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة تخميناً، وسمع من عمر بن طبرزد، ويحيى بن عبد الملك ابن إلكيّا، وأبي اليمن الكندي، ومحمود بن هبة الله البغدادي، روى عنه الدّمياطيّ، والشيخ زين الدّين الفارقي، وقاضي القضاة نجم الدّين أحمد بن صصرى، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المعالي ابن

ص: 101

البالسي، وأبو الفداء ابن الخباز، وآخرون، ومات في رابع صفر قبل أخيه بأشهر.

133 -

‌ عبد الرحمن بن أبي الغنائم سالم بن الحسن بن صصرى

، الصدر، الرئيس، شرف الدّين، أبو محمد التغلبي، الدّمشقيّ.

ولد سنة خمسٍ وتسعين ظناً، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، ويحيى بن عبد الملك، ومحمود بن هبة الله، وجماعة، كان صدراً معظماً، نبيلاً، ولي الوزارة، والمناصب السنية، وله برٌ وصدقة.

روى عنه البدر ابن الخلال، والعماد ابن البالسي، والنجم ابن الخباز، وجماعة سواهم في الأحياء منهم: الإمام قاضي القضاة نجم الدّين ابن أخيه عماد الدّين، وهو والد الصاحب جمال الدّين إبراهيم.

توفي إلى رحمة الله وعفوه ومسامحته في حادي عشر شعبان. ودفن بترتُبهم بسفح قاسيون.

134 -

‌ عبد الرحمن بن معالي بن حمد

، بهاء الدّين، أبو عيسى المقدسيّ، النابلسي، ثم الصالحي، المطعم.

ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من محمود بن عبد المنعم الكندي، وابن ملاعب، وعنه الدّمياطيّ. وابن الخباز، وولده عيسى المطعم، وآخرون.

135 -

‌ عبد العزيز بن ناصر بن إبراهيم بن أبي الروس

، أبو محمد القرشي الزهري، الإسكندراني، السمسار.

ولد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وعبد الرحمن بن موقى، وحدث بمصر والإسكندرية روى عنه الشيخ شعبان وغيره، ومات في ذي القعدة بالإسكندرية.

ص: 102

136 -

‌ عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن

، الفقيه العدل، أبو محمد الإسكندراني، المالكي، المفتي.

روى عن جعفر الهمداني، وغيره، توفي في رمضان.

137 -

‌ علي بن الحسين بن محمد بن الحسين بن زيد

، الشريف النقيب، أبو الحسن العلوي، الحسيني، الأرموي، ثم المصري.

صدرٌ محتشم، سيد، حسيب، روى عن شيخ الشيوخ أبي الحسن علي بن عمر بن حمويه، وتوفي في الحادي والعشرين من صفر عن إحدى وستين سنة.

138 -

‌ علي بن موسى بن جعفر بن طاوس

، العلوي، الحسني، النقيب، نقيب الطالبيين.

مات في ذي القعدة، وله ست وسبعون سنة. ونقل فدفن بمشهد علي رضي الله عنه.

قال الكازروني: لم يوجد بعده مثله، ولا رأينا أحداً على قاعدته في دينه، ونسكه، وعبادته، وخلقه، ورثاه بعض الشعراء.

139 -

‌ علي بن أبي الحسن النشاوري

، الصوفي، سديد الدّين.

توفي في ذي الحجة عن بضع وثمانين سنة بالقاهرة، وحدث عن إبراهيم بن خلف السنهوري.

140 -

‌ المبارك بن يحيى بن المبارك

، الإمام فخر الدّين، أبو سعد ابن المخرمي، شيخ رباط الحريم.

كتب بيده عدة ربعات، شيعه خلقٌ كثير.

141 -

‌ محمد بن أبي الحسين عبد الله بن أبي الفخر محمد بن عبد الوارث

، الشيخ صدر الدّين ابن الأزرق الأنصاري، الأوسي، المصري، الصوفي، المغسل.

ولد سنة اثنتي عشرة، وستمائة، وسمع من مكرم بن أبي الصقر، وأكثر

ص: 103

عن المتأخرين، وكتب، وفهم، وعرف بالحديث. وروى اليسير.

توفي في نصف جمادى الآخرة.

142 -

‌ محمد بن عبد الجليل بن عبد الكريم بن عثمان

، المحدث العالم، جمال الدّين، أبو عبد الله الموقاني، ثم المقدسيّ، نزيل دمشق.

يروي عن أبي القاسم ابن الحرستاني، والشيخ الموفق، وأبي علي الإوقي، والشهاب فتيان الشاغوري، وجعفر الهمداني، وطائفة، وعني بالحديث، وكتب بخطه الكثير من الحديث، والآداب، كتب عنه الدّمياطيّ، وجماعة.

ومات فجاءة في حادي عشر ذي القعدة، وله أربعٌ وسبعون سنة. وله مجاميع مفيدة.

143 -

‌ محمد بن مرتضى بن محمود

، المقدسيّ، ثم المصري. الرجل الصالح.

توفي في عشر الثمانين، وقد روى عن مكرم شيئاً يسيراً.

144 -

‌ محمد بن منصور بن أبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن

بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن محمد بن الفضل، أبو عبد الله ابن الحضرمي، الصقلي الأصل، الإسكندراني، المالكي.

حدث عن: علي ابن البناء الخلال، وروى هو وأبوه، وجده، وجد أبيه، وجد جده. ومات بالإسكندرية في العشرين من جمادى الأولى، وكان من عدول الثغر.

وساق الشريف نسبه إلى العلاء ابن الحضرمي، رضي الله عنه. وهو من شيوخ الدّمياطيّ.

145 -

‌ معين الدّين الأنصاري المصري

، المعروف بابن فار اللبن. واسمه أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث.

شيخ متميز مسن. حدثني شيخنا بدر الدّين التاذفي أنه قرأ عليه الشاطبية في القراءات، وأخبره أنه قرأها على ناظمها.

ص: 104

قلت: هو آخر من روى عن الشاطبي، ولا أتيقن متى توفي، لكن في ذهني أنه بقي إلى سنة أربعٍ هذه.

وممن روى عنه القصيد الشيخ حسن الراشدي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وبدر الدّين ابن الجوهري، روى القصيد في شعبان من السنة.

146 -

‌ الناهض، معالي بن أبي الزهر ابن الخيسي

.

رجل جليل له ثروة، توفي بدمشق في جمادى الأولى.

147 -

‌ هولاكو بن تولي قان ابن الملك جنكزخان

، ملك التتار، ومقدمهم.

ذكره الشيخ قطب الدّين فقال: كان من أعظم ملوك التتر. وكان شجاعاً حازماً مدبراً، ذا همة عالية، وسطوة ومهابة، ونهضة تامة، وخبرة بالحروب، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن يتعقل منها شيئاً، اجتمع له جماعةٌ من فضلاء العالم، وجمع حكماء مملكته، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يطلق الكثير من الأموال والبلاد. وهو على قاعدة المغل في عدم التقيّد بدين، لكن زوجته تنصرت، وكان سعيداً في حروبه وحصاراته. طوى البلاد، واستولى على الممالك في أيسر مدة، ففتح بلاد خراسان، وفارس، وأَذْرَبيجان، وعراق العجم، وعراق العرب، والشام، والجزيرة، والروم، وديار بكر.

كذا قال الشيخ قطب الدّين، والذي افتتح خراسان، وعراق العجم غيره، وهو جنكزخان وأولاده، وهذا الطاغية فافتتح العراق، والجزيرة، والشام، وهزم الجيوش، وأباد الملوك، وقتل الخليفة، وأمراء العراق، وصاحب الشام، وصاحب مَيَّافارقين.

قال لي الظهير الكازروني: حكى لي النجم أحمد ابن البواب النقاش نزيل مراغة قال: عزم هولاكو على زواج بنت ملك الكرج، قالت: حتى تسلم، فقال: عرفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشهادتين فأقر بهما، وشهد عليه بذلك خواجا نصير الطوسي، وفخر الدّين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدّين الخلاطي، فتوكل لها النصير، وللسلطان الفخر

ص: 105

المنجم، وعقدوا العقد باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار، قال لي ابن البواب: وأنا كتبت الكتاب في ثوبٍ أطلس أبيض، فعجبت من إسلامه.

قلت: إن صح هذا فلعله قالها بفمه لعدم تقيّده بدين، ولم يدخل الإسلام إلى قلبه، فالله أعلم.

قال قطب الدّين: كان هلاكه بعلة الصرع، فإنه حصل له الصرع منذ قتل الملك الكامل صاحب ميافارقين، فكان يعتريه في اليوم المرة والمرتين. ولما عاد من كسرة بركة له أقام يجمع العساكر، وعزم على العود لقتال بركة، فزاد به الصرع، ومرض نحواً من شهرين، وهلك، فأخفوا موته، وصبّروه، وجعلوه في تابوت، ثم أظهروا موته. وكان ابنه أبغا غائباً فطلبوه ثم ملكوه، وهلك هولاكو، وله ستون سنة أو نحوها. وقد أباد أُمماً لا يحصيهم إلا الله، ومات في هذه السنة. وقيل: في سابع ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وستين ببلد مراغة، ونقل إلى قلعة تلا، وبنوا عليه قبة. وخلف من الأولاد سبعة عشر ابناً سوى البنات، وهم: أبغا، وأشموط، وتمشين، وتكشي - وكان تكشي فاتكاً جباراً - وأجاي، ويستز، ومنكوتمر الذي التقى هو والملك المنصور على حمص، وانهزم جريحاً، وباكودر، وأرغون، ونغابي دمر، والملك أحمد.

قلت: وكان القاءان الكبير قد جعل أخاه هولاكو نائباً على خراسان، وأذربيجان، فأخذ العراق، والشام وغير ذلك، واستقل بالأمر مع الانقياد للقاءان، والطاعة له، والبُردُ واصلةٌ إليه منه في الأوقات. وتفاصيل الأمور لم تبلغنا كما ينبغي، وقد جمع صاحب الديوان كتاباً في أخبارهم في مجلدتين.

ووالد هولاكو هو تولي خان الذي عمل معه السلطان جلال الدّين مصافاً في سنة ثماني عشرة، فنصر جلال الدّين، وقتل في الوقعة تولي إلى لعنة الله.

وكان القاءان الأعظم في أيام هولاكو أخاه مونكوقا بن تولي بن جنكزخان، فلما هلك جلس على التخت بعده أخوهما قبلاي، فامتدت دولته، وطالت أيامه، ومات سنة خمسٍ وتسعين بخان بالق أم بلاد الخطا، وكرسيّ

ص: 106

مملكة التتار، وكانت دولة قبلاي نحواً من أربعين سنة. في آخر أيامه أسلم قازان على يد شيخنا صدر الدّين ابن حمويه الجويني.

وقال الظهير الكازروني: عاش هولاكو نحو خمسين سنة. وكان عارفاً بغوامض الأمور، وتدبير الملك، فاق على من تقدمه. وكان يحب العلماء، ويعظمهم، ويشفق على رعيته، ويأمر بالإحسان إليهم.

قلت: وهل يسع مؤرخاً في وسط بلاد سلطانٍ عادلٍ أو ظالٍم أو كافرٍ إلا أن يثني عليه، ويكذب، فالله المستعان؛ فلو أُثني على هولاكو بكل لسانٍ لاعترف المثني بأنه مات على ملة آبائه، وبأنه سفك دم ألف ألفٍ أو يزيدون، فإن كان الله مع هذا قد وفقه للإسلام فيا سعادته، لكن حتى يصح ذلك.

148 -

‌ يحيى بن شجاع بن ضرغام

، أبو زكريا القرشي، المصري.

سمع الكثير من الحافظ ابن المفضل، وحدث، ومات في ذي القعدة.

149 -

‌ يوسف بن صالح بن صارم بن مخلوف

، نور الدّين الأنصاري، القوصي.

شيخٌ صالح زاهد خيرٌ منقطع بالقرافة، حدث عن: الحافظ ابن المفضل، ومات في وسط ربيع الأول.

150 -

‌ أبو بكر بن إبراهيم بن مسعود بن أحمد

، الشيخ المعمر، الصالح، أبو بكر الشيباني، العراقي، الصوفي.

قال الشريف عز الدّين: ذكر أنه ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكان شيخاً صالحاً، وصوفياً حسناً من أكابرهم المعروفين.

توفي في ذي القعدة، رحمه الله.

وفيها ولد:

قاضي القضاة علم الدّين محمد بن أبي بكر ابن الإخنائي الشّافعيّ، والشيخ عبد الرحمن ابن أمين الدين عبد القادر الصعبي، ومحمد الناسخ ولد الشرف محمد بن إبراهيم الميدومي، سمعا من النجيب، وطبقته، وعز الدّين

ص: 107

عبد العزيز بن عبد اللطيف بن عبد العزيز ابن الشيخ مجد الدّين ابن تيمية، وصلاح الدّين محمد بن عبد الله ابن الشيخ شمس الدّين، والشمس عمر بن شرف الدّين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال، ونور الدّين عبد الله ابن ضياء الدّين عبد الرحمن بن عبد الكافي بن عبد الملك الربعي، وعلي بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن صفوان الكندي، والقاضي تقيّ الدّين عبد الكريم ابن القاضي محيي الدّين يحيى ابن الزكي، وعبد الرحيم ابن تقيّ الدّين إسماعيل بن أبي اليسر القواس، ومحمد بن يوسف بن أبي العز الحراني، والشيخ قطب الدّين عبد الكريم بن عبد النور بحلب في رجب.

ص: 108

سنة خمس وستين وستمائة

151 -

‌ أحمد بن جميل بن حمد بن أحمد بن أبي عطاف

، زين الدّين، أبو العباس المقدسيّ الصحرواي، المطعم، الحنبليّ.

روى عن حنبل، وعمر بن طبرزد، سمع منه: المعين علي بن وردان بمصر، والسيف ابن المجد، وأثنى عليه ووثقه، وروى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، وأبو عبد الله ابن الزراد، وآخرون.

ومات في ثاني عشر جمادى الأولى.

152 -

‌ أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن حماد

، الإمام كمال الدّين، أبو العباس المقدسيّ، النابلسي، الشّافعيّ، خطيب بيت المقدس.

ولد سنة تسعٍ وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق شاباً فاشتغل بها، وسمع من بهاء الدّين القاسم ابن عساكر، وحنبل، وعمر بن طبرزد، وغيرهم.

روى عنه ولداه العلامة شرف الدّين، والقفيه محيي الدّين إمام المشهد، وأبو محمد الدّمياطيّ، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة، وحدث بدمشق والقاهرة.

وكان فقيهاً فاضلاً، ديناً، صالحاً، كثير التعبد، حسن القناعة، منقبض النفس عن أبناء الدنيا، وعن التردد إليهم.

توفي بدمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان عن ست وثمانين سنة، رحمه الله.

153 -

‌ إبراهيم بن نجيب بن بشارة بن محرز

، أبو إسحاق السعدي، المصري، الفاضلي.

شيخ مسن معمرٌ، من أولاد الشيوخ. ولد في ربيع الأول سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة بالقاهرة، وسمع من أبي محمد القاسم ابن عساكر لما قدم مصر، وكان أبوه يروي عن الشريف الخطيب، ويؤدب أولاد القاضي الفاضل.

ص: 109

روى عن إبراهيم: شيخنا الدّمياطيّ، وعلم الدّين الدواداري في معجميهما، ومات في نصف جمادى الأولى.

154 -

‌ إسحاق بن خليل بن فارس بن سعادة

، القاضي كمال الدّين أبو محمد الشيباني، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، قاضي زرع، ويعرف بالسقطي.

ولد بدمشق سنة ثمانٍ وثمانين، وسمع من أبي عبد الله ابن البنّاء الصوفي. وحدث، وهو والد محيي الدّين يحيى قاضي زرع، وأختيه عائشة، وخديجة، اللتين روتا لنا بالإجازة عن مكرم، والناصح ابن الحنبليّ.

توفي بدمشق في العشرين من رجب، ودفن بجبل قاسيون، حدثنا عنه ولده.

155 -

‌ إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن خسرو

، أبو محمد الكوراني الزاهد، القدوة.

كان أحد المشايخ المشهورين بالزهد، والورع، والإخلاص. وكان كثير التحري والتفتيش عن أمر دينه. صاحب معاملة وخشية، يقصد بالزيارة، ويطلب من جهته الدعاء، وقل أن يوجد في زمانه مثله، رضي الله عنه.

أدركه الأجل بغزة وهو قافلٌ من مصر إلى بيت المقدس في الثاني والعشرين من رجب.

156 -

‌ آقوش القفجاقي

، الصالحي النجمي.

أخرج من خزانة البنود، وسمّروه هو وجماعةٌ في ذي الحجة. وكان قد ادعى النبوة في رمضان من السنة. فلما رجع السلطان من الشام استحضره السلطان، وسمع كلامه، ورسم بتسميره. ومن الذين سمروا الناصح ضامن بلاد واحات.

157 -

‌ أيوب بن بدر بن منصور بن بدران

، أبو الكرم الأنصاري، القاهري، ثم الدّمشقيّ، المعروف بالجرائدي، أخو تقيّ الدّين يعقوب المقرئ.

ص: 110

قرأ أيوب القراءات على السخاوي وغيره، وسمع من داود بن ملاعب، والشيخ أبي الفتوح البكري، وعبد الله بن عمر قاضي اليمن، وجماعة.

وكتب الأجزاء. وأكثر عن الضياء المقدسيّ، والسخاوي، وهؤلاء، وأجزاؤه موقوفة بدار الحديث الأشرفية، وكتابته معروفة.

وقد حدث وأقرأ، ومات بدمشق في شعبان، وأضر بأخرة. وكان صوفياً، وإمام مسجدٍ. غوي بكتب ابن العربي، وكتب كثيراً منها، نسأل الله السلامة.

158 -

‌ بركة بن توشي بن جنكزخان

، المغلي، ملك القفجاق، وصحراء سوداق.

وهي مملكة متسعة مسيرة أربعة أشهر، وأكثرها براري ومروج، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد في الدربند المعروف. وهو بابٌ عظيم مغلوقٌ بين المملكتين مسلَّم إلى أمير كبير.

وبركة هو ابن عم هولاكو. توفي في هذه السنة، وكان قد أسلم، وكاتب الملك الظاهر، وبعث رسوله في البحر فسار إلى أن وصل إلى الإسكندرية وطلع منها.

تملك بعده منكوتمر بن طغان بن سرطق بن توشي بن جنكزخان، فجمع عساكره، وبعثها مع مقدم لقصد أبغا، فجمع أبغا جيشه أيضاً، وسار إلى أن نزل على نهر كور، وأحضر المراكب والسلاسل، وعمل جسرين على النهر ثم عدى إلى جهة منكوتمر، وسار حتى نزل على النهر الأبيض. فعدّى منكوتمر، وساق إلى النهر الأبيض، ونزل من جانبه الشرقي، ونزل أبغا في الجانب الغربي، ثم لبسوا السلاح وتراسلوا، ثم بعد ثلاث ساعات حرك أبغا كوساته، وقطع النهر، وحمل على منكوتمر فكسره، وساق وراءه، والسّيف يعمل في عسكر منكوتمر. ثم تناخى عسكر منكوتمر، ورجعوا عليهم فثبت أبغا في عسكره، ودام الحرب إلى العشاء الآخرة، ثم انهزم منكوتمر، واستظهر أبغا، وغنم جيشه شيئاً كثيراً، وعدّى على الجسورة المنصوبة، ونزل على نهر كور. ثم جمع كبراء دولته، وشاورهم في عمل سورٍ من خشب على هذا النهر، فأشاروا بذلك، فقام وقاس

ص: 111

النهر من حد تفليس، فكان جزء كل مقدم مائة: عشرين ذراعاً. فشرعوا في عمله. ففرغ السور في سبعة أيام. ثم ارتحل فنزل المقدم دغان، وشتى هناك.

قال قطب الدّين: كان بركة يميل إلى المسلمين، وله عساكر عظيمة، ومملكته تفوق مملكة هولاكو من بعض الوجوه. وكان يعظم العلماء، ويعتقد في الصالحين، ولهم حرمة عنده. ومن أعظم الأسباب لوقوع الحرب بينه، وبين هولاكو كونه قتل الخليفة. وكان يميل إلى صاحب مصر، ويعظم رسله، ويحترمهم، وتوجه إليه طائفةٌ من أهل الحجاز فوصلهم، وبالغ في احترامهم، وأسلم هو وكثيرٌ من جيشه. وكانت المساجد التي من الخيم تحمل معه، ولها أئمة ومؤذنون، وتقام فيها الصلوات الخمس.

قال: وكان شجاعاً، جواداً، حازماً، عادلاً، حسن السيرة، يكره الإكثار من سفك الدماء، والإفراط في خراب البلاد. وعنده حلم، ورأفة، وصفح، توفي بأرضه في عشر الستين من عمره.

قلت: توفي في ربيع الآخر. وقد سافر من سقسين سنة نيفٍ وأربعين إلى بخارى لزيارة الشيخ سيف الدّين الباخرزي، فقام على باب الزاوية إلى الصباح، ثم دخل وقبّل رجل الشيخ. وأسلم معه جماعة من أمرائه، وهذا في ترجمة الباخرزي، نقله ابن الفوطي.

159 -

‌ الجنيد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان

، العدل، أبو القاسم الزرزاري، الإربلي، الشّافعيّ.

سمع بإربل من عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وحدث بالقاهرة. وكان مولده بإربل سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة، وتوفي بدمشق في الرابع والعشرين من شوال.

كتب عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، وجماعة.

ص: 112

160 -

‌ حسين بن عزيز بن أبي الفوارس

، الأمير الكبير، ناصر الدّين، أبو المعالي القيمري، صاحب المدرسة القيمرية الكبرى التي بسوق الخريميين.

كان من أعظم الأمراء، وأجلهم قدراً، وأكبرهم محلاَّ. له الوجاهة التامة، والكلمة النافذة، والإقطاعات الجليلة.

وكان بطلاً شجاعاً، كريماً، عادلاً، حازماً، رئيساً، كثير البر. وهو الذي ملّك الملك الناصر دمشق، وكان أبوه شمس الدّين من أجلاء الأمراء.

توفي ناصر الدّين في ربيع الأول بالساحل مرابطاً قبالة الفرنج.

161 -

‌ صالح بن إبراهيم بن أحمد بن نصر بن قريش

، الإمام النحوي الكبير، ضياء الدّين أبو العباس الإسعردي، ثم الفارقي، المقرئ.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة بميافارقين، وقرأ القراءات، وأتقن العربية، وسمع من ابن الصلاح، وجماعة، وتصدر للإقراء، وتعليم النحو، وانتفع به جماعة، وكان ساكناً، خيراً، فاضلاً.

توفي بالقاهرة في العشرين من ربيع الآخر، وكتب عنه آحاد المحدثين.

162 -

‌ طاهر بن أبي الفضل محمد بن أبي الفرج

طاهر بن أبي عبد الله بن الخضر الحكيم، العالم محيي الدين، أبو الفرج، الكحّال، الأنصاري، الصوري الأصل، الدّمشقيّ.

ولد سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة بدمشق، وسمع من عمر بن طبرزد، ومحمود بن هبة الله الجلالي، وأبي اليُمن الكندي، وجماعة كثيرة.

روى عنه الدّمياطيّ، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد ابن البالسي، والشرف صالح بن عربشاه، والبهاء بن المقدسيّ، وآخرون، وكان حانوته باللبادين.

توفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة.

ص: 113

163 -

‌ عبد الله بن محمد بن يوسف

، الحلبي، أبو محمد ابن الأبيض.

سمع من ثابت بن مشّرف، روى عنه الدّمياطيّ، وغيره.

164 -

‌ عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان

، الإمام، العلامة، ذو الفنون، شهاب الدّين، أبو القاسم، المقدسيّ الأصل، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الفقيه، المقرئ، النحوي، أبو شامة.

ولد في أحد الربيعين سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة بدمشق، وقرأ القرآن، وله دون العشر. وقرأ القراءات، وأكملها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدّين، وسمع الصحيح من عبد الجليل بن مندويه، وداود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار، وسمع مسند الشّافعيّ، والدعاء للمحاملي من الإمام الموفق ابن قدامة، وسمع بالإسكندرية: من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وغيره.

وحصل له سنة بضعٍ وثلاثين عنايةٌ بالحديث، وسمع أولاده، وقرأ بنفسه، وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس، وأفتى، وبرع في فن العربية.

، وصنف في القراءات شرحاً نفيساً للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين، الأولى في خمسة عشر مجلداً كباراً، والثانية في خمسة مجلدات، وشرح القصائد النبوية للسخاوي في مجلد، وله كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية، والصلاحية، وكتاب الذيل عليهما، وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري، وكتاب المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول، وكتاب البسملة الأكبر في مجلد، كتاب الباعث على إنكار البدع، والحوادث، كتاب السواك، كتاب كشف حال بني عبيد، كتاب الأصول من الأصول، مفردات القراء، مقدّمة نحو، نظم المفصل للزمخشري، شيوخ البيهقي، وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت، وأكثرها لم يفرغها.

وذكر أنه حصل له الشيب، وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة. وولي مشيخة

ص: 114

القراءة بالتربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية، وكان مع كثرة فضائله متواضعاً مطرحاً للتكلف، ربما ركب الحمار بين المداوير.

أخذ عنه القراءات: الشيخ شهاب الدّين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان، وزين الدّين أبو بكر بن يوسف المزي، وجماعة، وقرأ عليه شرح الشاطبية الشيخ برهان الدّين الإسكندراني، والخطيب شرف الدّين الفزاري.

وفي جمادى الآخرة من هذه السنة جاءه اثنان جبلية إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان، فدخلا عليه في صورة صاحب فتيا فضرباه ضرباً مبرحاً كاد أن يتلف منه وراحا، ولم يدر بهما أحدٌ، ولا أغاثه أحدٌ.

قال رحمه الله: في سابع جمادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان، فألهم الله الصبر ولطف، وقيل لي: اجتمع بولاة الأمر. فقلت: أنا قد فوضت أمري إلى الله، وهو يكفينا، وقلت في ذلك:

قلت لمن قال: أما تشتكي ما قد جرى فهو عظيمٌ جليل يقيض الله تعالى لنا من يأخذ الحق، ويشفي الغليل إذا توكلنا عليه كفى فحسبنا الله ونعم الوكيل توفي أبو شامة، رحمه الله، في تاسع عشر رمضان، ودفن بباب الفراديس، وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة.

165 -

‌ عبد العزيز بن إبراهيم بن علي

بن علي بن أبي حرب بن مهاجر، الأجل تاج الدّين الموصلي، المعروف بابن الوالي.

، وأصلهم أجناد، ووزر والده شرف الدّين لصاحب إربل مظفر الدّين. فناب هذا عنه، وكان ذا مكارم وعفة، وحسن سيرة. وآخر ما ولي وزارة الشام بعد الصاحب عز الدّين ابن وداعة. وقدم وباشر المنصب قليلاً ومات، وقد نيِّف على الستين.

ص: 115

166 -

‌ عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار

، العلامة الأوحد، نجم الدّين القزويني الشّافعيّ، صاحب الحاوي الصغير.

كان أحد الأئمة الأعلام. ألف الحاوي لولده جلال الدّين محمد، وأجازت له عفيفة الفارفانية من أصبهان.

روى لنا الإمام صدر الدّين ابن حمويه بإجازته له، وحدثني الفقيه شهاب الدّين الواسطي بوفاته في ثامن المحرم.

167 -

‌ عبد القادر بن عبد الوهاب

، الخطيب أبو محمد البدري، الطوخي، الشّافعيّ.

ولد سنة سبعٍ وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني، وولي الخطابة، والإمامة بالجامع العتيق بمصر، ومات في شعبان.

168 -

‌ عبد المحسن بن علي بن أبي الفتوح نصر بن جبريل

، الشيخ الصالح، المسند، أبو محمد الأنصاري، الخزرجي، المصري، الشّافعيّ، المعروف بابن الزهر.

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخميناً بمصر، وسمع من أبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي الحسن بن نجا الأنصاري، وفاطمة بنت سعد الخير، روى عنه الدّمياطيّ، والمصريون، ومات في العشرين من رجب.

169 -

‌ عبد المحسن بن يونس

، أبو محمد القضاعي الخولاني، المصري، المؤدب، المعروف بابن شمعون.

شيخ صالح، معمر، عاش تسعين سنة، وحدث عن: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وتوفي في جمادى الآخرة.

170 -

‌ عبد الوهاب بن خلف بن بدر

، العلامي، قاضي القضاة، تاج الدّين أبو محمد ابن بنت الأعز، الشّافعيّ.

ص: 116

ولد سنة أربع عشرة، وستمائة، وقيل: سنة أربعٍ، وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني، وغيره.

قال قطب الدّين: كان إماماً فاضلاً، متبحراً، ولي المناصب الجليلة كنظر الدواوين، والوزارة، والقضاء. ودرس بالصالحية، ودرس بمدرسة الشّافعيّ بالقرافة. وتقدم في الدولة. وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر، وكان ذا ذهنٍ ثاقب، وحدسٍ صائب، وجدّ، وسعد، وحزم، وعزم، مع النزاهة المفرطة، وحسن الطريقة، والصلابة في الدّين، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء. لا يراعي أحداً، ولا يداهنه. ولا يقبل شهادة مريب، وكان قوي النفس بحيث يترفع على الصاحب بهاء الدّين، ولا يحفل بأمره. فكان ذلك يعظم على الصاحب، ويقصد نكايته فلا يقدر، فكان يوهم السلطان أن للقاضي متاجر، وأموالاً، وأن بعض التجار ورد وقام بما عليه ثم وجد معه ألف دينار، فأنكر عليه فقال: هي وديعة للقاضي. فسأل السلطان القاضي فأنكر لئلا يحصل غرض الوزير منه، ولم يصرح بالإنكار بل قال: الناس يقصدون التجوه بالناس، وإن كانت لي فقد خرجت عنها لبيت المال. فأخذت وذهبت وهان ذلك على القاضي مع كثرة شحه لئلا يبلغ الوزير مقصوده منه، وكان الوزير بهاء الدّين يختار أن يحضر القاضي تاج الدّين إلى داره فتغير مزاجه، وعاده الناس فعاده القاضي، فلما دخل على الوزير وثب من الفراش، ونزل له من الإيوان، فلما رآه كذلك قال: بلغني أنك في مرضٍ شديدٍ، وأنت قائمٌ. سلام عليكم. ثم ردّ، ولم يزد على ذلك، توفي في السابع والعشرين من رجب، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله.

وهو، والد القاضي الكبير صدر الدّين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقيّ الدّين عبد الرحمن الذي وزر أيضاً، ووالد القاضي العلامة، علاء الدّين أحمد الذي دخل اليمن، والشام.

171 -

‌ علي ابن الزاهد أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن الحسن

بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، الإمام الفقيه المفتي، تاج الدّين ابن

ص: 117

القسطلاني، القيسي، المصري، المالكي، المعدل.

سمع بمكة من يحيى بن ياقوت، وزاهر بن رستم، ويونس بن يحيى الهاشمي، وأبي الفتوح نصر ابن الحصري، وأبي عبد الله ابن البنّاء، وبمصر من المطهر بن أبي بكر البيهقي، وعلي بن خلف الكومي، وابن المفضل الحافظ، وجماعة، ودرس بالمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق. وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بعد الرشيد العطار.

وكان من أعلام الأئمة المشهورين بالفضيلة والدّين، وحسن الأخلاق، والصلاح، ولين الجانب، ومحبة الحديث، وأهله.

روى عنه الدّمياطي، وقاضي القضاة بدر الدّين ابن جماعة، وعلم الدّين الدواداري، وعبد المحسن الصابوني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وزهرة بنت الختني، والمصريون.

وتوفي إلى رحمة الله في سابع عشر شوال، وله سبعٌ وسبعون سنة وأشهر. وهو أخو الشيخ قطب الدّين.

172 -

‌ علي، الصدر علاء الدّين علي ابن جمال الدّين

ابن مقبل الدّمشقيّ.

توفي فيها.

173 -

‌ علي بن موسى بن يوسف

، الإمام المقرئ، الزاهد، أبو الحسن السعدي، المصري، الدهان.

ولد بالقاهرة سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الفضل جعفر الهمداني، وقرأ على أبي القاسم الصفراوي جمعاً إلى آخر الأعراف، وسمع من جماعة.

وتصدر للإقراء في المدرسة الفاضلية، وقصده القراء. وكان عارفاً بالقراءات، ووجوهها، محققاً لها، ديِّناً، صالحاً، متعففاً، قانعاً، حسن الصحبة، تام المروءة، ساعياً في حوائج أصحابه، صاحب قبولٍ عند الناس.

قرأ عليه القراءات: شيخنا الشمس الحاضري، وأبو عبد الله محمد بن إسرائيل

ص: 118

القصاع، والبرهان أبو إسحاق الوزيري، وجماعة. وتوفي فجاءة في الرابع والعشرين من رجب. وشيعه الخلق.

وكان شيخنا الحاضري يصف دينه، ومروءته، وتواضعه، وفضائله.

174 -

‌ عمر، الأمير خليفة المغرب المرتضى

، أبو حفص ابن الأمير أبي إبراهيم بن يوسف القيسي المؤمني.

ولي الأمر بعد المعتضد بالله علي بن إدريس سنة ستٍّ وأربعين وستمائة، وامتدت دولته. وكان ملكا مستضعفاً، وادعاً، فلما كان في المحرم من هذه السنة دخل ابن عمه الواثق بالله إدريس بن أبي عبد الله يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، الملقب بأبي دبوس، مدينة مراكش فهرب المرتضى إلى بلد آزمور، فظفر به عامله فخانه وأمسكه، وكتب إلى أبي دبوس، فكتب إليه يأمره بقتله، فقتله في ربيع الآخر. وأقام أبو دبوس في الأمر بالمغرب ثلاث سنين، وبهلاكه زالت دولة بني عبد المؤمن، وقامت دولة بني مرين، والله أعلم.

175 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد العزيز

، أبو عبد الله الرعيني، المالقي، العبد الصالح.

سمع من أبي محمد القرطبي الكتب الخمسة. وأجاز له أبو جعفر بن عبد المجيد الجيار، وأبو إسحاق بن عبيديس.

قال ابن الزبير: غلبت عليه العبادة، مات في آخر العام عن نحو الثمانين.

176 -

‌ محمد بن عبد الله بن علياث بن فضالة بن هاشم

، أبو عبد الله القرشي، العثماني، الأموي المكي.

عاش تسعين سنة، وروى عن أبي الفتوح ابن الحصري، ومات في صفر بمكة. وهو خادم الشيخ عبد الرحمن المغربي، ووالد الشيخ محمد بن محمد الخادم.

177 -

‌ محمد بن عمر بن حسن بن عبد الله

، الشيخ ضياء الدّين ابن خواجا إمام الفارسي، ثم الدّمشقيّ.

ص: 119

ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع محمد ابن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد، وعنه الدّمياطيّ، والشيخ علي الموصلي، وابن الخباز.

وكتب عنه من القدماء: زكي الدّين البرزالي، وغيره.

وكان رجلاً صالحاً منقطعاً، يؤم بمسجد مثقال الجمدار على نهر يزيد.

وهو والد شيخنا الشرف الناسخ.

توفي في سادس ربيع الأول.

178 -

‌ محمد بن أبي الفضل عمر بن أبي القاسم

، الشريف أبو عبد الله ابن الداعي الرشيدي، الواسطي، الهاشمي، المقرئ. شيخ القراء بالعراق، ومسند الآفاق.

كان أحد من عني بهذا الشأن، قرأ بالعشرة على: أبي بكر الباقلاني، وأبي جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلي، وعمر دهراً، وجلس للإقراء ببغداد، قرأ عليه القراءات: الموفق عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي، والشيخ علي خريم الواسطي، والجمال المصري، وسمع منه القراءات: الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وغيره.

بقي إلى سنة خمسٍ وستين وستمائة بواسط، وأجاز فيها لابن خروف بخط شديد الاضطراب.

وروى عنه إذناً البرهان الجعبري ببلد الخليل.

179 -

‌ محمد بن محمد بن أبي الفتوح

محمد بن محمد بن محمد بن عمروك، الشريف شرف الدّين، أبو الفضل القرشي، التيمي، البكري.

ولد سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة، وسمع من جده، ومن حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وست الكتبة بنت الطراح، وجماعة، روى عنه ابن الحلوانية، والدّمياطيّ، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو عبد الله بن الزراد، وأبو الحسن ابن الشاطبي، وطائفة، وقد روى من بيته جماعةٌ.

ص: 120

توفي بالقاهرة في رابع المحرم.

180 -

‌ محمد بن محمد بن أبي بكر

، أبو عبد الله الرازي الأصل، المكي، الصوفي.

روى عن علي ابن البناء، وتوفي بقوص في رجب.

181 -

‌ محمد بن مفرج بن وليد

، الأمير القائد المجاهد، أبو الشوائل السياري، الغرناطي.

كان كثير الأموال، وأكثرها من الغنائم. وله برٌ ومعروف وصدقات وافرة جداً. وأما جهاده فقل من يصل إلى رتبته فيه. لم يكن فيه عضوٌ إلا وفيه طعنة برمح فيما أقبل من جسده. ولم يولد له قط. وقد أوصى بثلث أمواله للمساكين، وأعتق عبيده أجمعين. وأعطاهم لكل واحدٍ خمسين ديناراً، وقد بلغ تسعين سنة، رحمه الله.

مات في محرم سنة خمسٍ. قرأت هذا بخط أبي الوليد ابن الحاج يقول فيه: توفي سيدنا ورابُّنا الشيخ القائد المجاهد في سبيل الله الذي أبلى بلاءً حسناً مدى عمره في ذات الله أبو عبد الله، الشهير بأبي الشوائل.

قلت: كان رئيس غرناطة، وعميدها.

182 -

‌ محمود بن أبي القاسم إسفنديار بن بدران بن أيان

، الزاهد، العالم، أبو محمد الآنمي الدشتي الإربلي.

سمع الكثير من جعفر الهمداني، وأبي الحسن ابن المقير، وأبي القاسم ابن رواحة، والضياء المقدسيّ، وابن خليل، وابن يعيش، وطبقتهم، وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطه رديءٌ، معروف.

ص: 121

وكان قانعاً، متعففا، صبوراً على الفقر. يلبس قبع دلك، وفروة حمراء، وثوب خام. وكان أماراً بالمعروف نهاءً عن المنكر، داعية إلى السنة مجانباً للبدعة، يبالغ في الرد على نفاة الصفات الخبرية. وينال منهم سباً وتبديعاً، وهم يرمونه بالتجسيم. وكان بريئاً من ذلك رحمه الله، لكنه ناقص الفضيلة قاصر عن إفحام الخصوم. وقد دخل مرة على السلطان الملك الناصر فأنكر عليه بعض هناته، فلكمه السلطان، وأخرج.

وله تعاليق وتواليف، روى عنه ابن أخيه شهاب الدّين أحمد، وغيره، وتوفي في الحادي والعشرين من رجب. وقد نيّف على الستين، ودفن بسفح المقطم، وممن روى عنه الدّمياطيّ في معجمه.

ولما أهانه الملك الناصر ندم، وبعث إليه يستعطفه فقال: ودي أنني أدخل إليه، وأخاطبه بما خاطبته، ويعود يضربني، وقد ضربه مرةً نائب السلطنة لؤلؤ بحلب لأنه قرأ مناقب الصحابة، وقصد إسماعه ذلك يوم الجمعة. وكان يتشيع، ولهذا ضربه، وأنكر على البادرائي القيام عند الدعاء للخليفة بدار السعادة.

وكان كثير الصوم، فإذا أفطر أفطر على أربع عشرة لقمة أو نحوها. ويأثر أن عمر رضي الله عنه كان يقتصر على ذلك، وكان ينكر على الأمراء والكبار، ويغلظ لهم في المحافل. ولا يقبل من أحدٍ شيئاً، ويتقنع باليسير، رحمه الله تعالى.

183 -

‌ ملكشاه، القاضي شمس الدّين الحنفيّ

، قاضي بيسان.

ولي نيابة الحكم مدةً بدمشق، ودرس بالمعينية.

وكان من كبار الحنفيّة، توفي في صفر.

184 -

‌ موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم

، القاضي الإمام، صدر الدّين، أبو منصور الجزري، الشّافعيّ.

ولد سنة تسعين بالجزيرة. وتفقه، وبرع في المذهب والأصول والنحو.

ص: 122

ودرس وأفتى، وتخرج به جماعة، وكان من فضلاء زمانه. ولي القضاء بمصر، وأعمالها دون القاهرة مدةً.

وتوفي فجاءة بمصر في تاسع رجب.

• - ناصر الدّين القيمري، ملك الأمراء. اسمه الحسين. تقدم ذكره.

185 -

‌ نبا بن سعد الله بن راهب بن مروان بن عبد الله

، الإمام الفقيه، موفق الدّين، أبو البيان البهراني، الحموي، الشّافعيّ.

ولد بحماة سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع جزءاً من الحافظ الشاب جعفر العباسي. وحدث بدمشق، ومصر. وأعاد بمصر بالشّافعيّ مدةً، ويسمى محمداً أيضاً.

وكان فقيهاً صالحاً، أضر في آخر عمره، وزمن، ومات في تاسع جمادى الآخرة، روى عنه الدواداري، وغيره.

186 -

‌ يعقوب بن عبد الرحمن ابن الإمام الكبير أبي سعد بن أبي عصرون

، الشيخ سعد الدّين أبو يوسف التميمي، الشّافعيّ.

روى بالإجازة عن الإمام أبي الفرج ابن الجوزي، ودرس بالمدرسة القطبية التي بالقاهرة مدةً وكان فقيهاً، فاضلاً، رئيساً، نبيلاً.

توفي بالمحلة في الثالث والعشرين من رمضان.

وولي أبوه قضاء حماة. وتأخر أخوه محمود وحدث.

187 -

‌ يعقوب بن نصر الله بن هبة الله بن الحسن بن يحيى

، الرئيس تاج الدّين، المعروف بابن سني الدولة الدّمشقيّ.

حدث عن: حنبل بن عبد الله، وتوفي في ذي الحجة عن سبعين سنة، وكان خبيراً بالكتابة الديوانية. ولي نظر بعلبك، وغير ذلك.

ص: 123

188 -

‌ يعقوب بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم

، أبو أحمد الطبري، المكي.

روى عن يونس بن يحيى الهاشمي، وزاهر بن رستم الأصبهاني، وغيرهما.

روى عنه الدّمياطيّ، ورضي الدّين الطبري ابن أخيه، وقاضي مكة نجم الدّين.

توفي في سلخ شعبان. فكانوا سبعة إخوة قدم أبوهم، وجاور.

189 -

‌ يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل

، العدل، ضياء الدّين، أبو الطاهر الزبيدي، المقدسيّ، الآباري، الكاتب، ابن خطيب بيت الآبار.

ولد سنة إحدى وثمانين، وسمع من أبي الفضل إسماعيل الجنزوي، وأبي طاهر الخُشوعيّ، والقاسم ابن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم.

روى عنه الشيخ زين الدّين الفارقي، والدّمياطيّ، وأبو علي ابن الخلال، وجماعة في الأحياء.

وناب أبوه في خطابة دمشق في أيام الملك العادل لما ذهب الدولعي في الرسلية. وهو أخو الخطيب أبي المعالي داود، وأبي حامد عبد الله.

توفي يوم الجمعة يوم عيد النحر.

190 -

‌ يوسف بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم

. الشيخ شمس الدّين، أبو الحجاج القيسي، السويدي، الحوراني، ثم الدّمشقيّ، المقرئ الحبّال، والد شيخنا المعمر صدر الدّين إسماعيل.

ولد سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من الخُشوعيّ، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم ابن عساكر، وحنبل، وجماعة، روى عنه الحافظ زكي الدّين البرزالي، ومات قبله بتسعٍ وعشرين سنة.

وبقي حتى سمع منه: شرف الدّين منيف القاضي، وشرف الدّين ابن عربشاه، وأخوه داود، ومحمد

ص: 124

ابن المحب، وهذه الطبقة، وولده الصدر.

وتوفي في حادي عشر ربيع الأول.

وفيها ولد:

الشيخ علم الدّين القاسم ابن البرزالي، والشيخ صدر الدّين محمد ابن زين الدّين عمر بن مكي الشّافعيّ، وبهاء الدّين أبو بكر ابن شمس الدّين محمد بن غانم، والقاضي عز الدّين محمد ابن القاضي تقيّ الدّين سليمان، والتقيّ أحمد بن أبي بكر بن محمد بن طرخان، والشرف عبد الله بن أحمد ابن القيراط المقدسيّ، وأبو بكر بن قاسم الرحبي العابر في ربيع الأول، وجمال الدّين داود بن إبراهيم ابن العطار، وعلاء الدّين علي بن عثمان ابن قاضي بالس، ومحيي الدّين يحيى ابن القاضي الفخر عثمان الزرعي، وخطيب المزة شهاب الدّين أحمد بن عبد الرحمن المنبجي، ومحمد بن أحمد ابن الناصح عبد الرحمن بن محمد بن عياش الصالحي، وشمس الدّين يوسف بن يحيى ابن الناصح ابن الحنبليّ، وأبو نعيم أحمد ابن التقيّ عبيد الإسعردي، وقاضي القضاة شرف الدّين محمد ابن أبي بكر بن ظافر الهمداني المالكي، والزين محمد بن محمود بن علي بن مخلص القزويني المؤذن، والتقيّ عبد الرحمن بن أحمد ابن شيخنا إبراهيم ابن القواس، ومحيي الدّين بن الخضر العباسي، وعلاء الدّين علي بن علي بن إبراهيم ابن الصيرفي، ويوسف بن عبد القادر الخليلي، وشمس الدّين محمد بن إبراهيم ابن المهندس تقريباً بخطه.

ص: 125

سنة ست وستين وستمائة

191 -

‌ أحمد بن عبد الله بن أبي الغنائم المسلم بن حماد

بن محفوظ بن ميسرة، المحدث الرئيس، مجد الدّين، أبو العباس الأزدي الدّمشقيّ الشّافعيّ، التاجر، المعروف بابن الحلوانية.

ولد في نصف ربيع الأول سنة أربعٍ وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، والشمس أحمد بن عبد الله العطار، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والقاضي أبي الفضل إسماعيل بن إبراهيم الشيباني الحنفيّ ابن الموصلي، وسماعه منه في سنة عشر وستمائة لكنه نازلٌ، والمسلم بن أحمد المازني، وابن صباح، وابن الزبيدي، والشيخ الموفق ابن قدامة، وابن اللتي، والناصح ابن الحنبليّ، وخلق بدمشق، وأبي علي أحمد ابن المعز الحراني، وأحمد بن يعقوب المارستاني، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وجماعة ببغداد، وعبد الرحيم بن الطفيل، وعلي بن مختار، والعلم ابن الصابوني، وجماعة بمصر، وعبد الحليم بن دخان الهمداني، وظافر بن شحم، وعلي بن زيد التسارسي، والوجيه محمد بن علي ابن تاجر عينة، وجماعة بالإسكندرية، وعني بالحديث والسماع، وكتب بخطه الكثير، وحصل الأصول، وصار له أنسة جيدة بالفن. وخرّج لنفسه معجمًا كبيراً ومعجماً صغيراً.

روى عنه الدّمياطيّ، والأبيوردي، وابن الخباز، وزينب بنت ابن الخباز، وابنته صفية بنت الحلوانية، والدة شمس الدّين محمد ابن السراج، وآخرون، وكان عدلاً رئيساً، حسن البزة، كيس المجالسة، له دكان بالخواتميين.

توفي في حادي عشر ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير.

192 -

‌ أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم ابن العجمي الصدر

، كمال الدّين، والد المولى الإمام بهاء الدّين.

كان رئيساً محتشماً، جيد الإنشاء، بارع الكتابة، حسن الديانة، ذا مروءة، وحسن عشرة، وكثرة محاسن، كتب الإنشاء في الأيام الناصرية، والأيام

ص: 126

الظاهرية، وتوفي إلى رحمة الله في ذي الحجة بظاهر مدينة صور، ونقل إلى دمشق فدفن بمقبرة الصوفية.

193 -

‌ أحمد بن عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي

بن حسن بن علي بن محمد بن جعفر بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق الشريف نور الدّين، أبو العباس العلوي، الحسيني، الموسوي، الواسطي، الغرافي، التاجر، السّفار.

ولد سنة بضعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع بمرو من أبي المظفر عبد الرحيم ابن السمعاني، وبالإسكندرية من محمد بن عماد، وغيره، وببغداد من أبي الحسن ابن القطيعي مع ولده شيخنا تاج الدّين.

والغراف: من أعمال واسط.

روى عنه ولداه أبو الحسن علي، وأبو إسحاق إبراهيم، والدّمياطيّ، وجماعة.

وتوفي في خامس صفر بثغر الإسكندرية، رحمه الله تعالى.

194 -

‌ أحمد بن عبد الناصر بن عبد الله

، أبو العباس اليمني.

روى عن أبي الفتوح ابن الحصري، وسمع منه أهل مصر.

ومات في ربيع الأول.

195 -

‌ أحمد ابن القاضي شمس الدّين عمر بن أسعد بن المنجى

، الإمام الفقيه، الصالح، عماد الدّين التنوخي، الحنبليّ، أخو شيختنا ست الوزراء.

ذكر وفاته شمس الدّين ابن الفخر في جمادى الآخرة، وكانت جنازته حفلةً كبيرة، وعمره أربعون سنة إلا شهران.

قلت: سمع مع أخته -، وهي أكبر منه - صحيح البخاري. ولم يرو

ص: 127

وهو واقف حلقة العماد برواق الحنابلة.

196 -

‌ إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر

، الإمام الزاهد، القدوة الخطيب، عز الدّين، أبو إسحاق ابن الخطيب شرف الدّين أبي محمد ابن الزاهد الكبير الإمام القدوة أبي عمر المقدسيّ، الجماعيلي الأصل، الدّمشقيّ الصالحي الحنبليّ.

ولد في رمضان سنة ست وستمائة، وسمع من عم أبيه، الشيخ موفق الدّين، والشيخ العماد، والشيخ الشهاب ابن راجح، والقاضي أبي القاسم ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن عبدون البناء، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار، وموسى ابن الشيخ عبد القادر، وأبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي الفتوح محمد بن الجلاجلي، وأبي محمد بن البن، وأبي الفتح محمد بن عبد الغني، وأبي المجد القزويني، وطائفة سواهم، وسماعه من الكندي حضور، روى عنه الدّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة، وأجاز له عمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، وجماعة.

وكان فقيهاً، عارفاً بالمذهب، صاحب عبادة وتهجدٍ وإخلاصٍ وابتهالٍ وأورادٍ ومراقبةٍ وخشيةٍ. وله أحوالٌ، وكراماتٌ، ودعواتٌ مجابات.

قال ابن الخباز: كان إذا دعا كان القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله، وإخلاصه، وتذلله، وانكساره. وله أدعية تحفظ عنه. وكان أماراً بالمعروف نهاءً عن المنكر، يروح إلى الأماكن البعيدة، ومعه جماعة فينكر، ويبدد الخمر، ويكسر الأواني. رأيت ذلك منه غير مرة، وقال: كان ليس بالأبيض، ولا بالآدم، معتدل القامة، واسع الجبهة، أشقر اللحية، أشهل العينين بزرقة، مقرون الحاجبين، أقنى العرنين.

قال: وسمعت الشرف أحمد بن أحمد بن عبيد الله يقول: أنا من عمري أعرف الشيخ العز ما له صبوة. وسمعت العز أحمد بن يونس يقول: ما كان الشيخ العز إلا سيد وقته معدوم الِمثل.

وقال أبو بكر الدقاق: من يكون مثل الشيخ العز، كان إذا جاء إليه أقل الخلق ضحك في، وجهه، وبش به وتلطف به.

ص: 128

وقال سالم بن علي الجزري: كان كثير التواضع للصغير والكبير، كثير الصدقة والمعروف. ما رأت عيني مثله، ولا رأيت أحدًا على صفته.

قال ابن الخباز: وكان رحمه الله يتألف الناس ويلطف بالغرباء والمساكين ويحسن إليهم ويواسيهم ويودهم ويتفقدهم ويسألهم عن حالهم ويأخذهم إلى بيته كل ليلة وفي كل وقت، فيطعمهم ما أمكنه. وكان يذم نفسه ذمًا كثيرًا ويحقرها ويقول: أيش يجيء مني. أيش أنا؟ وكان كثير التواضع. وحدثني الشيخ الصالح أحمد بن محمد بن أبي الفضل قال: كنت أعالج الشيخ العز في مرضه الذي قبض فيه، فكنت إذا جئته بشيء أسقيه يقول: يا حيائي من الله، يا حيائي من الله.

قال: وحدثني الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن الأرمني قال: رأيت في المنام قبل وفاة الشيخ العز بأربع ليال كأنني في وادي الربوة وشخصان جاءا إلي وقالا: إن الله قد أذن لإبراهيم أن يدخل عليه، فأصبحت وبقيت مفكرًا، فجاءني رجلٌ، وقال: الشيخ العز مريض. فقلت: هذه الرؤية له وخفت عليه من يومئذ. ثم قال: وهذه عنايةٌ عظيمة في حقه، تدل على أنه من أولياء الله تعالى.

قال ابن الخباز: وجدت بخط البدر علي بن أحمد بن عمر المقدسيّ وقرأته عليه: كان الشيخ عز الدّين كثير الخير والمعروف والإحسان والصدقة وطيب الكلمة وحسن الملتقى واللطف بالناس. ويؤثر كثيرًا ويطعم الفقير. لم يكن في جماعتنا أكثر منه صدقة. ويزور المنقطعين والأرامل ويلطف بهم. وكان مجتهدًا في طلب العلم وتحصيله، حريصًا على دينه مفتشًا عنه كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحج مرتين، الأولى سنة اثنتين وعشرين مع والده، والثانية سنة ثلاثٍ وخمسين، أحسن إلى الناس في هذه المرة إحسانًا كثيرًا بماله وروحه وكان كثير الزيارة إلى القدس، والخليل، وكان يلطف بالنساء والصغار والكبار ويفرّح الصبيان في المواضع ويوجدهم راحةً ويسلِّم عليهم ويسلم على الصغير والكبير.

ثم ذكر منامات عديدةً حسنة رآها غير واحدٍ للشيخ العز. وذكر عن جماعةٍ ثناءهم عليه ووصفهم إياه بالسخاء والكرم والمروءة والإحسان الكثير

ص: 129

إلى الفقراء وإيثارهم وقضاء حوائجهم، والتواضع لهم وطلاقة الوجه، والبشاشة، والورع، والخوف، والعبادة، والأخلاق الجميلة ونحو ذلك.

توفي في تاسع عشر ربيع الأول عن ستين سنة، رحمة الله عليه، وقد جمع ابن الخباز فضائله وسيرته في بضعة عشر كرّاسًا وله أولادٌ فقهاء صلحاء.

197 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن أبي حفاظ مهدي

، الإمام، أبو إسحاق المكناسي، النحوي، أحد الفضلاء والرحالين.

ولد سنة ستمائة، وسمع من أبي الحسين محمد بن محمد بن زرقون وطائفة بإشبيلية؛ وارتحل إلى الشام، والعراق، أخذ عنه الدّمياطيّ ببغداد. وخطه معرب مليح.

مات بالفيوم سنة ست. وله شعرٌ وفضائل.

198 -

‌ إسحاق بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله

، بدر الدّين، أخو الشيخ تقيّ الدّين.

ولد سنة إحدى عشرة ومات في سادس صفر بدمشق.

199 -

‌ إسحاق بن عبد الله بن عمر بن عبد الله

، أبو إبراهيم الدّمشقيّ الشافعي، ابن قاضي اليمن.

ولد سنة بضعٍ وثمانين وخمسمائة وحدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد وست الكتبة بنت الطراح، كتب عنه الأبيوردي والطلبة ومات في شعبان. وهو أخو إسماعيل الآتي.

200 -

‌ إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن عبد الله

، أبو الطاهر، ويعرف أبوه بقاضي اليمن.

حدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي وحدث بالقاهرة ودمشق، روى عنه الدّمياطيّ وغيره. ومات في ذي القعدة بجوبر.

ص: 130

201 -

‌ أيوب بن عمر بن علي بن مقلد

، أبو الصبر الحمامي، الدّمشقيّ، المعروف بابن الفقاعي.

روى تاريخ داريًّا عن الخُشوعيّ، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز وتقيّ الدّين أبو بكر الموصلي، والفخر عثمان الأعزازي، والشرف صالح بن عربشاه وجماعة.

وتوفي يوم عاشوراء.

202 -

‌ الحبيس بولص

. ويقال: ميخائيل.

أحضره الملك الظاهر وعذبه حتى مات في العذاب وصار إلى العذاب ورميت جيفته تحت القلعة على باب القرافة وذكرنا في سنة ثلاثٍ وستين من أخباره وإنفاقه للأموال. فيقال: إنه ظفر بكنزٍ مدفون فواسى به الصعاليك والمحاويج من الملل وأدى عن المصادرين جملةً عظيمة. واشتهر أمره. فلما كان في هذه السنة أحضره السلطان وطلب منه المال والكنز، فأبى أن يعرّفه وجعل يراوغه ويغالطه ولا يفصح له بشيءٍ. وأدخله إلى عنده ولاطفه بكل ممكن، فلما أعياه حنق عليه وعذبه، فمات ولم يقرّ بشيءٍ.

203 -

‌ الحسن بن الحسين بن أبي البركات

، الشيخ الرئيس عز الدّين، أبو محمد بن المهير البغدادي الحنبليّ، التاجر.

ولد سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع جزءًا من يحيى بن بوش تفرد به، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، وشمس الدّين بن أبي الفتح، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، والعماد بن الكتاني، وأحمد بن المحب وزينب بنت الخباز وجماعة. وتوفي بدمشق في السابع والعشرين من رجب.

وذكر الشيخ شمس الدّين بن الفخر أنه كان ناظر المدرسة الجوزية.

204 -

‌ الخضر بن أسد بن عبد الله بن سلامة

، أبو العباس الصنهاجي، ابن السقطي.

ص: 131

شيخ مصري يروي عن الحافظ ابن المفضل.

توفي في رجب.

205 -

‌ عبد الله بن أحمد بن ناصر بن طعان

، أبو بكر الدّمشقيّ، الطريفي، النحاس.

ولد سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة. وروى عن الخُشوعيّ، وعبد اللطيف الصوفي وجماعة وهو أخو عبد الرحمن.

روى عنه الدّمياطيّ، والبدر بن التوزي، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن المحب، وابن الخباز، والعماد بن البالسي وآخرون.

والطريفي نسبة إلى طريف، جدّ لهم.

توفي في السادس والعشرين من شوال. ولقبه زين الدّين، رحمه الله.

206 -

‌ عبد الله بن علي بن محمد

، الشريف أبو جعفر الحسيني الحجازي.

ولد بدمشق سنة خمسٍ وستمائة، وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني وكان صالحًا، متعففًا، قانعًا.

توفي بدمشق في جمادى الآخرة.

207 -

‌ عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع

، أبو القاسم الأشعري نسبًا، القرطبي. قاضي الجماعة بغرناطة.

روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرد بالرواية عنه وعن: أبي الحسن علي الشقوري، وأبي القاسم بن بقي القاضي، وأبي الحسن بن خروف النحوي وعدّة.

روى عنه أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه وولي القضاء أيضًا بشريش ومالقة. وولي خطابة مالقة. وتصدَّر للإشغال. وانتفع به فقهاء غرناطة.

ص: 132

قال أبو حيان: شيخنا كان رطب المناظرة، مسدد النظر، منصفًا، أديبًا، نحويًا، فقيهًا، مشاركًا في الأصول وغيرها. وأجاز عامًا لأهل غرناطة. توفي في شوال بغرناطة، رحمه الله.

وقال ابن الزبير: كان أشعري النسب والمذهب، مصممًا على مذهب الأشعرية.

208 -

‌ عبد الخالق بن علي

، تاج الدّين، الكاتب المعروف بأحمر عينه لحمرة في عينه.

كان كاتبًا بارعًا في صناعة الحساب. ولي عدة جهات وولي أبوه القاضي مهذِّب الدّين علي بن محمد الإسعردي قضاء بعلبك قبل الستمائة فحُمدت سيرته ومات التاج ببعلبك في ذي القعدة وهو في عشر الثمانين.

209 -

‌ عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد بن وداعة

، الصاحب، عز الدّين الحلبي.

ولي خطابة جَبلَة في أوائل أمره فيما يقال. وولي للملك الناصر شدَّ الدواوين بدمشق. وكان يعتمد عليه. وكان يظهر النُّسك والدّين ويقتصد في ملبسه وأموره. فلما تسلطن الملك الظاهر ولاه وزارة الشام. فلما ولي النجيبي نيابة الشام حصل بينه وبين ابن وداعة وحشة، فإن النجيبي كان سنيًا وكان ابن وداعة شيعيًا خبيثًا فكان النجيبي يسمعه ما يؤلمه ويهينه، فكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدًا تركيًا وظن أنه يكون بحكمه ويستريح من النجيبي، فرتب السلطان الأمير عز الدّين كشتغدي الشقيري، فوقع بينه وبينه، فكان الشقيري يهينه أيضًا. ثم كاتب فيه الشقيري، فجاء الأمر بمصادرته، فرسم عليه وصودر وأخذ خطه بجملةٍ كبيرة. ثم عصره الشقيري وضربه وعلقه في قاعة الشد وجرى عليه ما لا يوصف وباع موجوده وأملاكه التي كان قد وقفها وحمل ثمنها. ثم طُلب إلى الديار المصرية فمرض في الطريق ودخل القاهرة مثقلًا فمات في آخر يومٍ من السنة بالقاهرة وهو في عشر

ص: 133

الثمانين. وله مسجد وتربة بسفح قاسيون ولم يعقب. وله وقفٌ على البر، ذكر ذلك قطب الدّين موسى.

210 -

‌ عبد العظيم بن عبد الله بن أبي الحجاج ابن الشيخ البلوي

، الخطيب، العلامة، أبو محمد، شيخ مالقة.

أدرك جده، وسمع منه قليلًا. وصنف تصانيف. وله اختيارات لا يُقلِّد فيها أحدًا وكان عاكفًا على إقراء المستصفى، والجواهر الثمينة.

لازمه أبو جعفر بن الزبير سنتين يشتغل عليه وأثنى عليه، قال: توفي في جمادى الآخرة سنة ستٍّ وستين وستمائة. وكان قد حفر قبره وأعد كفنه وهيأ دريهماتٍ برسم مؤونة الدفن.

211 -

‌ عثمان بن عبد الرحمن بن عتيق بن الحسين بن عتيق

بن الحسين بن عبد الله بن رشيق، نظام الدّين، أبو عمرو الربعي، المصري، المالكي.

ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وروى صحيح البخاري عنهما. وهو من بيت العلم والدّين والرواية، روى عنه الدّمياطيّ وقاضي القضاة ابن جماعة والمصريون.

وكان رجلًا صالحًا خيرًا، وكان جده أبو الفضائل عتيق من كبار العلماء.

توفي النظام في الحادي والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة.

212 -

‌ علي بن عدلان بن حماد

، الإمام، العلامة، عفيف الدّين، أبو الحسن الرَّبعي، الموصلي، النحوي، المترجم.

ولد سنة ثلاثٍ وثمانين أو قبلها بالموصل، وسمع ببغداد. وأخذ العربية عن أبي البقاء العكبري وغيره.

وسمع من الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن منينا ويحيى بن ياقوت وعلي بن محمد الموصلي وبزغش عتيق بن حمدي، وعبد الله بن عثمان بن قُديرة، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم

ص: 134

الكرخي، ولامعة بنت المبارك بن كامل وجماعة.

وسمع منه: ابن الظاهري، والأبيوردي، والدّمياطيّ، والشريف عز الدّين، والدواداري وشعبان الإربلي، ويوسف الختني، وعبد الله بن علي الصنهاجي وأختاه عائشة وخديجة وطائفة كبيرة.

وأقرأ العربية زمانا وتصدر بجامع الملك الصالح مدة وانتفع به جماعة من الفضلاء؛ وكان علامةً في الأدب، من أذكياء بني آدم. ويْنفرد بالبراعة في حل المترجم والألغاز. وله في ذلك تواليف.

توفي في تاسع شوال بالقاهرة.

213 -

‌ علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن

، الإمام أبو الحسن الرُّعيني، الإشبيلي.

مشهور بنسبته، روى عن أبي بكر محمد بن عبد الله القرطبي، أخذ عنه السَّبع ولازمه وتلا للحرميين على أبي بكر بن عبد النور؛ وأكثر عنه، وعن: يحيى بن أحمد بن مرزوق وهو أكبر شيخ له وعتيق بن خلف، وعدّة، كتب وقيَّد وألف، وكتب الإنشاء للملوك، واعتنى بالرواية، والقراءات.

مات بمراكش في سنة ستٍّ هذه عن أربعٍ وسبعين سنة. وكان ممن ختم به الكتابة.

وشيخه ابن عبد النور مات سنة أربع عشرة وستمائة من أصحاب أبي عبد الله بن زرقون. وأما القرطبي فلم أعرفه.

214 -

‌ عمر بن إسحاق بن هبة الله

، الأمير عماد الدّين، الخلاطي.

ولد بخلاط سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة وكان عالمًا فاضلًا، حازمًا خبيرًا، حسن التأتي، لطيف الحركات، له حرمةٌ وافرة عند الملوك.

وكان الملك الصالح أبو الجيش لا يقدم عليه أحدًا ويكرمه ويحبه وله شعرٌ جيد.

توفي بحماة في أول السنة وكان أبوه أُصوليًا واعظًا، أديبًا، مصنفًا.

ص: 135

ولي قضاء خلاط. توفي بإربل سنة ست عشرة وستمائة.

215 -

‌ عمر بن الحسين بن إبراهيم

.

عز الدّين، أبو حفص الإربلي.

ولد سنة أربعٍ وستمائة.

وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني وداود بن ملاعب.

روى عنه ابن الحبّاب وأرّخه بالسنة.

216 -

‌ غازي بن يوسف

، أبو المظفر القرشي، مولاهم المصري.

روى التيسير عن أبي الحسن بن المقير، وسمع الكثير بنفسه. وعني بالحديث. وكان حسن الفهم، حافظًا للمواليد والوفيات. وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الخمسين.

217 -

‌ كيقباذ

، السلطان ركن الدّين ولد السلطان غياث الدّين كيخسرو ابن السلطان علاء الدّين كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج رسلان بن سليمان بن قطلمش بن أتش بن سلجوق بن دقاق. صاحب الروم، وابن ملوكها.

كان كريمًا، جوادًا، شجاعًا، لكنه مقهورٌ تحت أوامر التتار وقتلوه في هذه السنة. خنقته المغل بوتر وله ثمانٍ وعشرون سنة. وذلك لأن البرواناه عمل عليه وأوقع عند التتر أنه يكاتب صاحب مصر. وكان كيقباذ قد فوض جميع الأمور إلى البرواناه واشتغل بلهوه ولعبه وترك الحزم فاستفحل أمر البرواناه وعجز كيقباذ عنه قتلوه غيلة وجعلوه في محفة وساروا به إلى أن قدموا قونية به، فأظهروا أنه وقع من فرسه فمات. ثم أجلسوا ولده غياث الدّين كيخسرو في المُلك وله عشر سنين. ثم توجه نائب السلطنة البرواناه إلى أبغا ومعه فرس كيقباذ وسلاحه وتقادم، فوجد عنده صاحب سيس، فتكلم كلٌ منهما في الآخر بأنه يكاتب المسلمين. ثم عاد البرواناه ومعه أجاي أخو أبغا.

218 -

‌ محمد بن إبراهيم بن شبل بن أبي بكر بن خلكان

، القاضي بدر الدّين، أبو عبد الله الإربلي، الشّافعيّ، قاضي تل باشر.

وليها مدةً وحدث عن بدل التبريزي وعن أخيه حسين بن إبراهيم.

روى عنه الدّمياطيّ وورَّخ موته.

ص: 136

219 -

‌ محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص

، أبو بكر التجيبي، الإشبيلي، المقرئ.

قرأ الكافي على أبي العباس بن مقدام. وتلا بالسبع على: أبي الحسين بن عظيمة وعاش سبعًا وثمانين سنة.

تلا عليه بالسبع ختمةً أبو جعفر بن الزبير.

220 -

‌ محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي

بن محمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف الحسيب، الإمام، أبو عبد الله الحسيني، الكوفي الأصل، المصري الدار، المعروف والده بالحلبي.

ولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة وقرأ القرآن على أبي الحسن الإسكندراني. وبرع في الأصول، والعربية، وسمع السيرة من أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباري، عن أبيه، عن الحبال، وسمع من أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبي الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري وحامد بن روزبة، وعبد القوي بن أبي الحسن القيسراني، والأمير مرهف بن أسامة بن منقذ.

وحدث وأقرأ النحو مدةً. وكان جيد المشاركة في العلوم، مؤثرًا للانقطاع، والعزلة حسن الديانة.

قال ابنه عز الدّين: كان ذا جد وعمل مؤثرًا للانفراد والتخلي. وكان أبوه من الفضلاء المشهورين، له تصانيف حسنة. أقرأ الأصول، والعربية مدةً. توفي أبو عبد الله في سادس صفر وله ثلاثٌ وتسعون سنة.

قلت: فاته السماع من عبد الله بن بري وطبقته، على أنه تفرد بالرواية عن الأثير بن بنان وغيره وكان رئيسًا محتشمًا يصلح للنقابة.

روى عنه الدّمياطيّ، والشيخ شعبان وعلم الدّين الدواداري، والمصريون وعلي بن قريش، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وشمس الدّين محمد بن أحمد بن القمّاح.

ص: 137

وفيها ولد:

الإمام شرف الدّين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية بحران يوم عاشوراء وقطب الدّين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى الأنصاري الزينبي بمصر وبهاء الدّين علي بن عثمان بن أحمد بن عثمان بن أبي الحوافر، سمعا من النجيب وجلال الدّين محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني خطيب دمشق، وشمس الدّين محمد ابن القاضي بهاء الدّين بن الزكي مدرس العزيزية، والمحدث محمد بن أحمد بن أمين الآقشهري نزيل مكة، والفقيه عبد المنعم بن أحمد بن سعد، ابن البوري، بغدادي، ومحمد ابن شيخنا علي بن يحيى، ابن الشاطبي، وعبد الرحمن بن إبراهيم بن التقي بن أبي اليسر، والتقي محمد بن عبد الملك ابن عساكر البعلي المؤذن، والمحدث شمس الدّين محمد بن محمد بن نباتة، والشيخ شمس الدّين محمد بن عبد الأحد بن يوسف بن الرزيز بآمد، والقاضي شمس الدّين محمد بن المجد عيسى البعلبكي، والقاضي محيي الدّين إسماعيل بن يحيى بن جهبل الدّمشقيّ وتقيّ الدّين عمر بن عبد الله بن شقير الحراني، والشيخ أبو بكر بن قاسم الرحبي بدمشق في ربيع الأول، ويوسف بن هارون القاياتي، وأحمد ابن المقرئ محمد بن إسماعيل السلمي القصاع.

ص: 138

سنة سبع وستين وستمائة

221 -

‌ أحمد بن عبد الواحد بن مري بن عبد الواحد

، الشيخ الزاهد، تقيّ الدّين، أبو العباس المقدسيّ، الحوراني.

ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمي وحدث. سمع منه: الدّمياطيّ، والشريف عز الدّين، وعلم الدّين الدواداري، ورضي الدّين الطبري وهذه الطبقة.

وكان فقيهًا شافعيًا، عارفًا بالفرائض، جامعًا بين العلم والعمل. صاحب عزم وجد وقوة نفس، وتجردٍ وانقطاع وعبادةٍ وأوراد. وقد درس وأفاد وولي الإعادة بالمستنصرية ببغداد. ثم تزهد وأقبل على شأنه.

توفي في رجب بالمدينة النبوية، وقد جاور بمكة أيضًا وكان يحطّ على ابن سبعين وينكر طريقه، وابن سبعين يسبه ويرميه بالتجسيم ويفتري عليه.

222 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن داود

، أرشد الدّين، أبو العباس الهواري التونسي.

ولد بدمشق سنة أربعٍ وستمائة. وسمّعه أبوه حضورًا من الكندي، وابن الحرستاني، وسمع من الشيخ الموفق وغيره. وحدث، كتب عنه الشريف، وقال: توفي بالقاهرة في خامس صفر.

223 -

‌ إبراهيم بن عيسى بن يوسف بن أبي بكر

، المحدث الإمام، ضياء الدّين، أبو إسحاق المرادي، الأندلسي.

سمع الكثير من أصحاب السِّلفي وطبقتهم بعد الأربعين. وكتب الكثير بخطه المتقن المليح. وكان صالحًا عالمًا ورعًا دينًا. وكان إمامًا بالباذرائية. وقف كتبه وفوَّض نظرها إلى الشيخ علاء الدين ابن الصائغ. وروى اليسير.

مات في رابع ذي الحجة بالقاهرة، رحمه الله تعالى.

وذكره الشيخ محيي الدّين النووي فأطنب فقال: كان بارعًا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيما الصحيحين. لم ترَ عيني في وقته

ص: 139

مثله. وكان ذا عنايةٍ باللغة والعربية والفقّه ومعارف الصوفية، من كبار المسلكين. صحِبته نحوًا من عشر سنين لم أر منه شيئًا يكره. وكان من السماحة بمحل عالٍ على قدر وجده. وأما الشفقة على المسلمين ونصحهم فقل نظيره. توفي بمصر في أوائل سنة ثمانٍ.

قلت: بل ما تقدم هو الصحيح في وفاته. وخطه من أحسن كتابة المغاربة وأتقنها.

224 -

‌ إبراهيم، الشيخ أبو زهير المباحي

.

كان يجمع المباح من جبل لبنان ويتقوت به. وأُقعد في آخر عمره وشاخ وانحط. وقيل: إنه نيّف على المائة وكان صالحًا عابدًا سليم الصدر إلى الغاية.

ووفي بمغارته ببلد بعلبك في جمادى الأولى. وكان مقصودًا بالزيارة.

225 -

‌ إسماعيل بن أبي محمد عبد القوي بن عزون بن داود بن عزون بن الليث

، زين الدّين، أبو الطاهر الأنصاري، الغزي، ثم المصري، الشّافعيّ.

ولد قبل التسعين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه من هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، وحماد الحراني، والحافظ عبد الغني، وعبد المجيب بن زهير، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة.

وروى الكثير. وكان دينًا صالحًا ساكنًا، روى عنه الدّمياطيّ، والشيخ شعبان، والدواداري، وقاضي القضاة بدر الدّين، والطواشي عنبر العزيزي، وفاطمة بنت محمد الدربندي، وصدر الدّين محمد بن علاق، وآخرون.

توفي في ثاني عشر المحرم.

226 -

‌ أيدمر، الأمير عز الدّين الحلي

، الصالحي، النجمي.

ص: 140

توفي بقلعة دمشق ودفن بجنب مسجد ابن يغمور وقد نيَّف على الستين.

قال قطب الدّين: كان من أكبر أمراء الدولة الظاهرية وأعظمهم محلاًّ. وكان ينوب في السلطنة بمصر إذا غاب السلطان لوثوقه به واعتماده عليه. وكان قليل الخبرة، لكنه قدّمته السعادة. وكان كثير الأموال، والمتاجر، والخيول، والأملاك، توفي في شعبان.

227 -

‌ بكتوت الصغير، الأمير بدر الدّين

. من أمراء دمشق.

مات في ربيع الأول.

228 -

‌ الحسن بن علي بن أبي نصر ابن النحاس

، الصدر الجليل، شهاب الدّين ابن عمرون الحلبي. وابن عمرون جده لأمه.

توفي بالإسكندرية في شعبان من السنة وله ثلاثٌ وثمانون سنة، وكان تاجرًا مشهورًا وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، ذا أموالٍ ومتاجر. ولما استولى العدو على حلب حموا داره وما جاورها فأوى إلى دارهِ خلقٌ كثير وسلموا بأموالهم. وقام للتتار بما التزم لهم من ماله دون أولئك، فكانت له مكرمة بذلك. وتمزقت أمواله. ثم توجه إلى مصر في أوائل الدولة الظاهرية وسكن بالثغر المحروس إلى أن مات، وله ذرية عالجوا الكتابة والتصرف.

229 -

‌ الحسين بن أبي عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن حسين

، الشيخ مجد الدين أبو علي الأنصاري المصري الشافعي المعدل.

توفي في رمضان. وقد ولد سنة ستمائة، وسمع بدمشق من أبي القاسم بن الحرستاني. وحدث. وكان شيخا صالحا خيرا ذا سمت ووقار. كتب عنه الشريف وغيره.

230 -

‌ ربيع بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع

، أبو الزهر الأشعري القرطبي، من بيتٍ كبير شهير بالأندلس.

روى عن أبيه أبي عامر المتوفَّى سنة تسعٍ وثلاثين، وعن: أبي الحسن الشقوري بقرطبة، وأكثر بمالقة عن: أبي الحسن علي بن محمد الشاري، وعن:

ص: 141

أبي القاسم ابن الطيلسان، وعبد الله بن عطية اللغوي، وولي قضاء بعض الأندلس، توفي بحصن بلبش.

وقد مر أخوه في العام الماضي. ومات أخوه أبو الحسين محمد سنة ثلاث وسبعين وستمائة.

231 -

‌ سليمان بن داود بن موسك

، الأجل، أسد الدّين ابن الأمير عماد الدّين ابن الأمير الكبير عز الدّين الهذباني.

ولد في حدود الستمائة بالقدس، وكان له يدٌ في النظم وعنده فضيلة، ترك الخدم وتزهد ولبس الخشن وجالس العلماء. وأذهب معظم نعمته واقتنع.

وكان أبوه أخص الأمراء بالملك الأشرف ابن العادل، وموسك كان من أمراء صلاح الدّين.

توفي هذا في جمادى الأولى ودفن بقاسيون.

232 -

‌ شرف الدولة ابن العسقلاني

.

توفي بدمشق في ربيع الأول وكانت له جنازة مشهودة. وخلّف ثروة وأموالًا، وطلع صداق زوجته ثمانين ألف درهم وخمسة آلاف دينار، قرأت ذلك بخط ابن الفخر.

وهو علي بن فراس بن علي بن زيد.

233 -

‌ عبد الله بن عبد المنعم بن خلف بن عبد المنعم بن أبي يعلي

.

زين الدّين، أبو محمد ابن الدُّميري، الكاتب المصري، وقد نيف على الستين.

يروي عن أصحاب السلفي.

234 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله

، المحدث، أبو عمر الأنصاري الأندلسي، المالقي.

ص: 142

روى الكثير، وسمع من أبي العباس بن مقدام، وتفرد عن جماعة.

توفي في آخر سنة سبعٍ وستين عن سبعٍ وسبعين سنة.

235 -

‌ عبد الكريم بن عبد الله بن بدران

، أبو محمد الأنصاري البهنسي الصالح الخير.

سمع من مكرم، وعبد الصمد الغضاري. وحدث.

توفي في ربيع الآخر.

236 -

‌ عبد المجيد بن أبي الفرج بن محمد

، الشيخ العلامة، مجد الدّين، أبو محمد الروذراوري.

شيخ، إمام، مشهور، بارع في اللغة، كثير المحفوظ من أشعار العرب، فصيح العبارة، مليح الخط، جيد المشاركة، مليح الشكل والبزة، نفَّذه الملك الظاهر رسولًا إلى الملك بركة فمرض في الطريق فرجع. وكان له حلقة إشغال بالحائط الشمالي. وله شعرٌ جيد.

توفي في صفر وهو في عشر السبعين.

237 -

‌ عبد المنعم بن كامل

، قاضي القضاة بالجانب الشرقي، نظام الدّين البندنيجي.

شيّعه الخلق، فدفن بدكة الجنيد وله ست وسبعون سنة، وكان مفتيًا، علامة، ورعًا، تقيًّا، شافعيًا، كبير الشأن.

ولي القضاء بعد نجم الدّين الباذرائي، ثم بعد أيام أخذت بغداد فأقرّه على القضاء هولاكو. وقد أعاد مدة بالمستنصرية. ثم ولي قضاء الجانب الغربي واستمر مدةً. وقيل له عند الموت: من يصلح بعدك؟ فقال: تقلدت حيًا فلا أتقلد ميتًا. ثم أشار بسراج الدّين محمد بن أبي فراس الهنايسي الشّافعيّ مدرس البشيرية، فولي بعده قضاء العراق.

238 -

‌ عبد الوهاب بن محمد بن عطية بن المسلم بن رجاء

، الإمام، أبو محمد الإسكندراني، المعدّل.

ص: 143

حدث عن: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وناب في القضاء ببلده. ومات في المحرَّم.

239 -

‌ علي بن أقسيس بن أبي الفتح بن إبراهيم

، الصدر، محيي الدّين البعلبكي، ناظر الزكاة بدمشق.

كان رئيسًا عاقلًا، أنيق الملبس والمأكل، ظريف المسكن، مليح الحركات، كثير الصدقة والتلاوة. له حكاياتٌ في المكارم.

توفي في ربيع الآخر بدمشق وقد جاوز الستين، وأظنه روى عن البهاء عبد الرحمن المقدسيّ.

240 -

‌ علي بن داود بن علي بن أبي بكر

، فخر الدّين، أبو الحسن الخلاطي، الوكيل.

سمع من عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وحدث بدمشق والقاهرة. وقدم من خلاط بعد الستمائة وتوفي بالقاهرة في المحرم.

241 -

‌ علي بن عبد الواحد بن أبي الفضل بن حازم

، أبو الحسن الأنصاري، الدّمشقيّ، البزاز.

ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وروى عن الخُشوعيّ، روى عنه ابن الخباز، وأبو العباس بن فرج، وأبو الحسن علي بن مسعود، وعلي بن مكتوم الخطيب، وصالح بن عربشاه، وطبقتهم، وتوفي في رابعٍ شعبان بدمشق.

242 -

‌ علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة

، الإمام العلامة، مجد الدّين، أبو الحسن والد شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الفتح ابن دقيق العيد القشيري، البهزي، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، المنفلوطي المالكي، نزيل قوص.

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وتفقه على أبي الحسن بن المفضل الحافظ، وسمع منه ومن غيره ودرس وأفتى وصنف في المذهب وانتفع به أهل الصعيد وكان شيخ تلك الديار، تفقه عليه ولده وغيرُ واحد.

ص: 144

ذكره الشريف عز الدّين، فقال: كان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين، جامعًا لفنون من العلم، معروفًا بالصلاح والدّين، معظمًا عند الخاصة والعامة، مطرحًا للتكلف، كثير السعي في قضاء حوائج الناس على سمت السلف الصالح، توفي في ثالث عشر المحرم بقوص.

243 -

‌ علي ابن شيخ الأطباء رضي الدّين يوسف بن حيدرة

، الرحبي، ثم الدّمشقيّ، الحكيم شرف الدّين.

ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وقرأ الطب على والده وبرع فيه وأتقنه وصنف، وأخذ أيضًا عن الموفق عبد اللطيف، وحرر عليه كثيرًا من العلوم وقرأ العربية على السخاوي. ولما احتضر المهذب عبد الرحيم الدخوار جعله مدرس مدرسته. وكان منهمكًا على علم النجوم، زائغًا عن الطريق، معثرًا، نسأل الله السلامة.

ومن جهله أنه قال للمشتغلين: بعد قليلٍ أموت وذلك عند قران الكوكبين. ثم يقول: قولوا للناس هذا حتى يعرفوا مقدار علمي في حياتي وعلمي بوقت موتي.

إلا أنه كان محققًا للطب، صنف فيه كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها أحسن فيه ما شاء.

ومات في المحرم عن أربعٍ وثمانين سنة.

244 -

‌ غازي بن حسن التركماني

، الرجل الصالح.

قال الشيخ قطب الدّين: كان متعبدًا، صالحًا، صوامًا، منعزلًا عن الناس. يدخل بعلبك أيام الجمع. وكان سليم الصدر. توفي في الزاوية التي له بدورس. وقيل: إنه جاوز مائة سنة، رحمه الله.

245 -

‌ كمش التركية

، جارية ابن الدولعي.

روت عن زينب بنت إبراهيم القيسية وماتت في شوال.

ص: 145

246 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي

، قوام الدّين، أبو عبد الله الرازي، الصوفي، المقرئ.

قرأ القرآن، وسمع من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي وتوفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وسبعين سنة.

247 -

‌ محمد بن سكران بن أبي السعادات بن معمر

، القدوة، بقية السلف، شيخ العراق، أبو الفقراء.

مات في تاسع شعبان سنة سبع، فدفن برباطه بناحية الخالص وبني عليه قبة عالية.

وكان زاهدًا عابدًا، قانعًا باليسير، ممدود السماط للواردين، رفيع المحل، كثير التواضع، فارغًا عن نفسه. وله أتباعٌ كثيرون ومحبون رحمه الله.

وقيل: كان يجوع ولا يطلب شيئًا من الفقراء وهم ينسونه وهو يصبر. ولامهم مرةً، فاعتذروا بكثرة الواردين.

قيل: إن النصير الطوستي زاره وقال: ما حدُّ الفقراء؟ فقال: الذي أعرفه أن زيق الفقر ضيق ما يدخله رأسٌ كبير.

248 -

‌ محمد بن صدقة

، الشيخ شمس الدّين الحراني، سبط الشيخ حياة.

توفي في المحرم.

249 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم

بن محمد بن باقا، شمس الدّين البغدادي.

ولد سنة ستِّ وتسعين، وسمع من أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي.

ص: 146

وحدث ومات في الثاني والعشرين من شعبان.

250 -

‌ محمد ابن الحافظ أبي الخطاب عمر بن حسن بن علي بن محمد

- ولقبه: الجميل - ابن فرح بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة، أبو الطاهر الكلبي، شرف الدين.

ساق نسبه الشريف عز الدّين، وفي النفس من صحة ذلك. وقد تكلم غير واحدٍ من العلماء في أبي الخطاب في انتسابه إلى دحية، والله المستعان.

ولد محمد بالقاهرة سنة عشر، وسمع من أبيه. وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية مديدة وكان يحفظ جملةً من كلام والده ويورده إيرادًا جيدًا.

توفي في رمضان.

251 -

‌ محمد بن محمد بن أبي بكر

، المحدث المفيد زين الدّين، أبو الفتح الأبيوردي، الكوفني، الصوفي، الشّافعيّ.

ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى. وقدم دمشق، وسمع سنة أربعين من: كريمة، والضياء المقدسيّ، والتقيّ أحمد بن العز، والمؤتمن بن قميرة، والرشيد بن مسلمة، وأبي النعمان بشير بن حامد الفقيه، وجماعةٍ بدمشق ومصر من أصحاب السلفي، وابن عساكر، وسمع خلقًا كثيرًا من أصحاب البوصيري والخُشوعيّ. ثم نزل إلى أصحاب ابن طبرزد، والكندي، وابن ملاعب، ثم نزل إلى أصحاب ابن عماد الحراني، وابن باقا، وزين الأمناء.

وكتب الكثير وحصل جملةً صالحة وحرص. وكلف بالحديث وبالغ في الإكثار وخرج المعجم وروى اليسير ولم يعمر ولا أفاق من الطلب إلا والمنية قد نزلت به، رحمه الله. وأيضًا فلم يطلب الفن إلا وهو ابن أربعين سنة. فالله يعوضه بالمغفرة.

ذكره الشريف فقال: كان حريصًا على التحصيل، صابرًا على كلف الاستفادة. حدث وسمعت منه. وكان من أهل الدّين والصلاح والخير والعفاف. وله فهمٌ ومعرفة وفيه تيقظ ونباهة وخرج لنفسه معجمًا عن

ص: 147

مشايخه الذين سمع منهم. ووقف كتبه وأجزاءه. وكان حسن الطريقة مشغولًا. وكوفن: بلدة قريبة من أبيورد.

توفي في حادي عشر جمادى الأولى بالقاهرة.

قلت: وله شعرٌ يسير، روى عنه أبو محمد الدّمياطيّ بيتين، وقال: توفي بخانكاه سعيد السعداء.

252 -

‌ محمد بن محمد بن علي

، ابن العربي، عماد الدّين ولد الشيخ محيي الدّين.

توفي في ربيع الأول بدمشق وقد حدث عن ابن الزبيدي.

253 -

‌ محمد بن أبي الفتوح نصر بن غازي بن هلال

، أبو الفضائل الأنصاري، المصري، المقرئ، المحدث، الحريري.

ولد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من القاضي زين الدّين علي بن يوسف الدّمشقيّ، وعبد العزيز بن باقا، وسمع بالثغر من أبي القاسم بن عيسى، وأبي الفضل جعفر الهمداني، وسمع كثيرًا من أصحاب البوصيري وكان يمكنه السماع منه فما يسر له.

توفي في ثالث محرم بالقاهرة. وقد روى اليسير.

254 -

‌ محمد بن وثاب

، القاضي تاج الدّين النخيلي الحنفيّ.

درس وأفتى وناب في القضاء بدمشق وحمدت أحكامه ومات في ربيع الآخر وهو في عشر السبعين.

255 -

‌ المبارك بن يحيى بن أبي الحسن

، الإمام، العلامة، نصير الدّين، أبو البركات بن الطباخ، المصري، الشّافعيّ، الصوفي.

توفي في حادي عشر جمادى الآخرة وله ثمانون سنة وكان من كبار أئمة المذهب. درس وأفتى وأشغل وصنف. وتخرج به جماعة.

توفي بالقاهرة.

ص: 148

256 -

‌ المظفر بن عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج

، الفقيه، المدرس، الإمام، تاج الدّين، أبو منصور، ابن الحنبليّ، الأنصاري، الخزرجي، السعدي، الدّمشقيّ، مدرس المدرسة الحنبليّة التي لجدهم شرف الإسلام عبد الوهاب.

ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من الخُشوعيّ، وحنبل، وعمر بن طبرزد، وحدث، وكان متوسطا في الفقه، من بيت العلم والفقه.

روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، والشرف بن عربشاه، والقاضي تاج الدّين الجعبري وأبو العباس بن فرح. توفي فجاءة بدمشق ثالث صفر.

257 -

‌ يحيى بن نجيب بن بشارة بن محرز

، أبو زكريا السعدي، المصري.

ولد سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة. وروى عن القاسم ابن عساكر بالإجازة.

توفي في ذي القعدة.

258 -

‌ يوسف بن الصارم عبد الله بن إبراهيم

، الفقيه وجيه الدّين، أبو الحجاج الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الصوفي، نزيل القاهرة. ويعرف بالوجيزي. نسبة إلى حفظ كتاب الوجيز.

ولد بدمشق سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي الحسن بن المفضل، وأبي المجد القزويني وجماعة. وأجاز له منصور الفراوي. وحدث. وكان من فضلاء الشّافعيّة.

توفي في الثامن والعشرين من رجب.

259 -

‌ أبو الفضل الشاغوري

، العابد.

ص: 149

شيخٌ، صالح، عارف، معروف. كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم، توفي إلى رحمة الله في جمادى الأولى.

260 -

‌ أبو محمد ولد الشيخ القدوة سلطان بن محمود البعلبكي

.

كان صالحًا عابدًا قانعًا، كثير الانقطاع، توفي في رمضان ببعلبك في المعترك.

وفيها ولد:

الشيخ كمال الدّين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، ابن الزملكاني شيخ الشّافعيّة، وتقيّ الدّين محمد بن عثمان بن السكاكيني رحمه الله، وبدر الدّين يوسف ابن القاضي دانيال بالشوبك، وجمال الدّين يحيى بن محمد بن الفويرة السلمي، والشيخ المقرئ رافع بن هجرس الصميدي، ومحمد بن عمر بن الرشيد البعلي، والشيخ شمس الدّين محمد بن أحمد بن علي الرقي في حدودها، والشيخ علاء الدّين علي بن أيوب المقدسيّ تقريبًا، ومحمد بن إسماعيل، ابن الخباز في شعبان، والشرف عيسى بن علي المحدث في المحرم، وقاضي القضاة برهان الدّين إبراهيم بن علي بن عبد الحق الحنفي.

ص: 150

سنة ثمان وستين وستمائة

261 -

‌ أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد

بن إبراهيم بن أحمد بن بكير، المعمر، العالم، مسند الوقت، زين الدّين، أبو العباس المقدسيّ، الفندقي، الحنبليّ، الناسخ.

ولد بفندق الشيوخ من جبل نابلس سنة خمسٍ وسبعين، وأدرك الإجازة التي من السِّلفي لمن أدرك حياته. وأدرك الإجازة الخاصة من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، وأبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المنعم بن الفراوي، وخلق سواهم.

وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي الحسين أحمد بن الموازيني، ومحمد بن علي بن صدقة، وإسماعيل الجنزوي، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وعبد الخالق بن فيروز، ويوسف بن معالي الكتاني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وبركات الخُشوعيّ، ومحمد بن الخصيب، وعمر بن طبرزد، والحافظ عبد الغني، وأسماء بنت الرّان، وطائفة سواهم.

ورحل إلى بغداد، فسمع من عبد المنعم بن كليب بقراءته، ومن: أبي طاهر المبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الوهاب بن سكينة، وعلي بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن دهبل، والمبارك بن إبراهيم السيبي، وعبد الله بن الطويلة، وضياء بن الخريف، وعمر بن علي الواعظ، وأبي الفتح المندائي، ومحمد بن أبي محمد بن المقرون، وطائفة. وقرأ القرآن على الشيخ العماد، وتفقه على الشيخ الموفق.

وكتب بخطه المليح السريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة، حتى كان يكتب في اليوم إذا تفرغ تسعة كراريس أو أكثر، ويكتب الكراسين والثلاثة مع اشتغاله بمصالحه، وكتب الخرقي في يومٍ وليلة، ولازم النسخ خمسين سنةً أو أكثر. وكان تام القامة، مليح الشكل، حسن الأخلاق، ساكنًا، عاقلًا، لطيفًا، متواضعًا، فاضلًا، نبيهًا، يقظًا. خرج لنفسه مشيخةً، وخرج له ابن الظاهري، وابن الخباز، وغير واحد. فذكر ابن الخباز أنه سمع ابن عبد الدائم يقول: كتبت بخطي ألفي جزء، وذكر أنه كتب بخطه تاريخ دمشق مرتين.

قلت: الواحدة في وقف أبي المواهب بن صصرى.

ص: 151

وكتب من التصانيف الكبار شيئًا كثيرًا وولي خطابة كفربطنا بضع عشرة سنة، ثم تحول منها. وقد ولد له ابنه الشيخ أبو بكر بها.

وأنشأ خطبًا عديدة. وحدث سنين كثيرة وقرأ بنفسه كثيرًا. وكان على ذهنه أشياء مليحةٌ من الحديث والأخبار والشعر.

روى عنه الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والشيخ محيي الدّين يحيى النواوي، والشيخ تقيّ الدّين محمد بن دقيق العيد والدّمياطيّ، وابن الظاهري، وابن جعوان، وابن تيمية شيخنا وأخوه أبو القاسم والقاضيان تقيّ الدّين سليمان ونجم الدّين بن صصرى وشهاب الدّين بن فرح، وشمس الدّين بن أبي الفتح وشرف الدّين أبو الحسين اليونيني وشرف الدّين الفزاري الخطيب وأخوه الشيخ تاج الدّين وولده الشيخ برهان الدّين والخطيب شمس الدّين إمام الكلاسة وشرف الدّين منيف قاضي القدس، والشيخ علي الموصلي وعلاء الدّين بن العطار، والقاضي شهاب الدّين أحمد بن الشرف حسن، والقاضي نجم الدّين أحمد الدّمشقيّ وخلق كثير في الأحياء بمصر والشام ورحل إليه غير واحد وتفرد بالكثير. وذهب بصره في أواخر عمره.

قال ابن الخباز: حدثني يوم موته الشيخ حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي أن الشيخ محمد بن عبد الله المغربي قال: رأيت البارحة كأن الناس في الجامع وإذا ضجةٌ فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه الليلة مالك بن أنس رحمه الله. فلما أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكرٌ، فإذا إنسان ينادي: رحم الله من صلى أو حضر جنازة زين الدّين بن عبد الدائم.

وحدثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاثٍ وسبعمائة قال: رأيت أبي رحمه الله في الليلة التي دفناه فيها، فأقسمت عليه: أخبرني ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأدخلني الجنة.

توفي لتسعٍ خلون من رجب.

ص: 152

وقد أخبرنا أحمد بن العماد قال: أخبرنا ابن عبد الدائم سنة سبع عشرة وستمائة، فذكر حديثًا.

262 -

‌ أحمد بن عمر بن محمد بن كاكا

، أبو العباس الزنجاني، ثم الدّمشقيّ.

حدث عن حنبل المكبر، كتب عنه الطلبة، ومات في المحرم.

263 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن علي بن حسين

، تاج الدّين أبو البركات، إمام جامع قليوب الأنصاري، المصري، الشّافعيّ.

ولد سنة ستمائة، وسمع من أبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير البلنسي وغيره، وحدث.

وتوفي في شوال بمصر.

264 -

‌ إبراهيم بن محمد بن صالح

، القطيعي، الدقاق.

سمع: أحمد بن صرما، وحدث. أجاز للبرهان الجعبري.

توفي يوم عاشوراء.

265 -

‌ إدريس بن أبي عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن

، الملك أبو العلاء الواثق بالله، أبو دبوس. صاحب المغرب القيسي المؤمني، آخر ملوك بني عبد المؤمن.

تغلب على الأمر وتوثب على ابن عمه عمر، وقتله في سنة خمسٍ وستين وكان شهمًا شجاعًا مقدامًا. خرج عليه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سيد آل مرين وصاحب تلمسان، فجرت بينهم حروب إلى أن قتل أبو دبوس في المحرم بظاهر مراكش في المصاف. واستولى المريني على مملكة

ص: 153

المغرب وانقضت دولة آل عبد المؤمن.

266 -

‌ إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد

، الإمام، أبو الوليد الأزدي، الغرناطي، العطار، المقرئ.

تلا بالسبع على الخطيب أبي بكر بن حسنون الحميري صاحب شريح وانفرد بالإجازة من أبي بكر بن عطية المحاربي. وأسمع في صغره وروى أيضًا عن الحافظ عبد الرحيم بن الفرس، وأبي جعفر بن حكم. وله فلاحة وعقار، قرأ عليه بالسبع: أبو جعفر بن الزبير وأضر بأخرة وهرم.

ورّخه ابن الزبير وعاش أربعًا وثمانين سنة.

267 -

‌ أيبك، الأمير عز الدّين الظاهري

، نائب حمص.

توفي بها في صفر. وكان غشومًا ظلومًا.

268 -

‌ أيبك، الأمير عز الدّين الصالحي

، الزراد، متولي قلعة دمشق.

توفي في ذي القعدة وكان مهيبًا محتشمًا، حسن السيرة.

269 -

‌ أيوب بن محمود بن نصر الله

، صفي الدّين بن البعلبكي، الدّمشقيّ.

رحل، وسمع من عبد السلام الداهري، وابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي والأنجب بن أبي السعادات وجماعة، كتب عنه ابن الخباز، وابن نفيس والطلبة. ومات بصفد في ربيع الآخر.

270 -

‌ الحسن بن أبي البركات علي بن عبد الله

بن الحسن بن الحسين بن أبي الفتح بن أبي السِّنان، الشيخ عماد الدّين أبو محمد ويسمى عبد الرحيم أيضًا ويعرف بابن الحدوس الموصلي.

ولد سنة إحدى عشرة، وسمع ببغداد من عبد السلام بن سكينة وغيره وحدَّث. ومات بمصر.

ص: 154

271 -

‌ داود بن سليمان بن علي بن سالم

، أبو سليمان بن الحموي، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، العدل.

ولد سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة، وحدث عن: حنبل، وهو من بيت العدالة والرّواية.

توفي فجاءة في سادس ذي الحجة بدمشق.

272 -

‌ ريحان الحبشي

، مولى التقيّ صالح بن الخضر، المقرئ.

روى عن مكرم وغيره. ومات بالقاهرة في شعبان.

273 -

‌ سعد الله بن أبي الفضل بن سعد الله بن أحمد بن سلطان

، أبو محمد التنوخي، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، البزاز.

ولد في أول سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من عبد اللطيف بن إسماعيل، وحنبل بن عبد الله.

روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن الزراد، وجماعة.

ومات في رابع شوال.

274 -

‌ صالح بن الحسين بن طلحة بن الحسين بن محمد

، القاضي الجليل، الإمام، تقيّ الدّين، أبو التقى الهاشمي، الجعفري، الزينبي.

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وسمع من علي بن البناء، وغيره، وحدث. وكان رئيسًا نبيلًا، عارفًا بالأدب. ولي قضاء قوص مدة وله خطب ونظمٌ ونثر وتصانيف. وأنحس نفسه بولاية نظر قوص، وفاعل ذلك منقوص، حدث عنه الدمياطي.

275 -

‌ صالح بن الخضر بن حاتم

، تقيّ الدّين، أبو البقاء بن قمر الدولة الأنصاري، المصري، المقرئ، الشّافعيّ، الضرير.

سمع الكثير وحدث عن: مكرم بن أبي الصقر، ومات بقليوب في رمضان.

276 -

‌ عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام بن نصر

،

ص: 155

أبو محمد الحنبليّ، المقدسيّ، السراج.

ولد سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة وحدث عن: حنبل وولي حسبة قاسيون، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، وابن الزراد وجماعة.

ومات في تاسع ذي القعدة.

277 -

‌ عبد الصمد بن يوسف بن منصور بن يوسف

، سديد الدّين أبو محمد السعدي، الشامي، ثم المصري.

توفي عن إحدى وثمانين سنة بالقاهرة وروى شيئًا عن علي بن محمد، ابن رحّال.

278 -

‌ عبد الرحمن ابن الحافظ أبي محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله

، الفقيه أبو عمر الأنصاري، الأندي، الأندلسي.

سمع صحيح البخاري من أبي العباس بن مقدام صاحب شريح وأجاز له خلقٌ بإفادة أبيه وعمه، وسمع من طائفة.

مات في المحرم وقد قارب السبعين.

279 -

‌ عبد المغيث بن عبد الكريم بن أبي الفضائل

، محيي الدّين، أبو الفرج الأنصاري، الدلاصي، الصعيدي.

ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من الحافظ ابن المفضل وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول.

280 -

‌ عثمان عز الدّين ابن الشيخ الوجيه ابن منجى

، أكبر أولاد أبيه.

توفي شابًا طريًا إلى رحمة الله في جمادى الآخرة وشيعه الأعيان ورخه شمس الدّين بن الفخر فقال: توفي صاحبي عز الدّين وعمل عزاؤه بالمسمارية.

281 -

‌ علي بن الحسن بن الفرج بن النعمان بن محبوب

، تقيّ الدّين. المعري الأصل، البعلبكي، الفقيه الشّافعيّ.

ص: 156

كان فاضلًا، حسن الأخلاق والعشرة.

توفي بدمشق في ربيع الآخر وقد ناهز الستين.

282 -

‌ علي بن أبي طالب بن محمد

، الشريف علاء الدّين الحسيني، الموسوي، الدّمشقيّ.

ولد سنة ثمانٍ وتسعين، وسمع من أبي اليمن الكندي، وكان عدلًا حسن الشكل.

توفي في ذي القعدة. وهو والد المسند موسى بن علي الشاهد شيخنا، وكان شيخًا بالمقدمية للإقراء.

283 -

‌ عمر بن محمد بن أبي سعد بن أحمد

، الواعظ العالم، بدر الدّين، أبو حفص الكرماني الأصل، النيسابوري، التاجر.

ولد بشاذياخ نيسابور في تاسع المحرم سنة سبعين وخمسمائة. وكان يمكنه أن يسمع من عبد المنعم بن الفراوي وطبقته، وإنما سمع في الكهولة من القاسم بن عبد الله الصفار. سمع منه الشطر الأول من مسند أبي عوانة، وسمع منه ثلاثة مجالس المخلدي، والأربعين لعبد الخالق بن زاهر.

وحدث بدمشق ومصر. وعمر دهرًا طويلًا.

قرأت بخط العلاء الكندي: حدثني الواعظ بدر الدّين النيسابوري قال: حفظت مقامات الحريري، وكان أبي يغلق علي باب غرفة كل ليلة حتى أكرر على كل الكتاب.

ولا نعلم أحدًا روى بالسماع بعده عن الصفار.

روى عنه الدّمياطيّ، وابن فرح، وإمام الحنابلة، وابن الخباز، وابن الزراد، ونبيه الحلبي، وعز الدّين محمد بن العز، وعلي بن محمد بن المهتار، وخلق من هذه الطبقة.

وقد روى عنه الشيخ شمس الدين عبد الرحمن مع تقدمه.

وتوفي بدمشق في ليلة الحادي والعشرين من شعبان، وقد قارب المائة. وسماعه صحيح مع الشيخ الضياء.

ص: 157

284 -

‌ كريم بن أبي المنى بن سعد بن الحسن

، النجيب النابلسي.

ولد سنة اثنتين وتسعين وروى بالأرض المقدسة وغيرها عن أبي جعفر الصيدلاني بالإجازة. سمع منه: ابن الخباز.

285 -

‌ محمد بن إبراهيم بن عياش

، أبو عبد الله السلاوي.

سمع: ابن البن، وابن صصرى وعاش سبعين سنة، روى عنه شيخنا الدّمياطيّ.

286 -

‌ محمد بن أحمد بن عمر

، العلامة جلال الدّين العيدي، البخاري، الحنفيّ. أحد شيوخ أبي العلاء الفرضي.

تفقه على حسام الدّين محمد بن محمد الأخسيكثي وحميد الدّين علي الرامشي وعلى حافظ الدّين. وحَّصل المذهب. وكان ذا معرفة تامة بالفقه والأصلين ودرس وأفتى.

مات، قال الفرضي: أظنه في رمضان سنة ثمانٍ بكلاباذ.

287 -

‌ محمد بن أبي الفتح الحسن

ابن الحافظ الكبير ثقة الدّين أبي القاسم علي بن هبة الله ابن عساكر، شمس الدّين، أبو عبد الله الدّمشقيّ.

ولد سنة ثلاثٍ وتسعين؛ وسمع من عمه القاسم فيما أحسب، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف والكندي وست الكتَبَة بنت الطراح وحدث بدمشق وبمصر مدة، أكثر عنه الشريف عز الدّين والمصريون. ومات بدمشق في سابع صفر.

روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز وجماعة.

288 -

‌ محمد بن داود بن أبي العباس خمار بن محمود بن غازي

، الشيخ شهاب الدّين، أبو بكر الأنصاري، المصري، المقرئ.

ولد سنة ستمائة. وقرأ القرآن بالروايات وأتقنها وتصدر بجامع مصر

ص: 158

لإقرائها، وكان ديِّنًا، خيرًا، ساكنًا، لا أعلم على من قرأ. وقد روى اليسير عن مكرم. ومات في رابع شوال.

289 -

‌ محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي

، الشيخ شمس الدّين بن العماد، أخو شيخنا العز.

ولد سنة سبعٍ وستمائة، وسمع من ابن ملاعب والموفق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وابن البن، والعز محمد ابن الحافظ، وابن أبي لقمة، وجماعة. وهو والد صاحبنا الفقيه عبد الحميد.

سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابنه عبد الحميد. وكان فقيهًا، إمامًا، زاهدًا، قدوة، قوّالًا بالحق، كثير الخير.

توفي في رمضان.

290 -

‌ محمد الوزير

، فخر الدّين، أبو عبد الله ابن الصاحب الوزير بهاء الدّين علي ابن القاضي السديد محمد بن سليم المصري، الشّافعيّ، ابن حنى.

سمع من أبي الحسن بن المُقير، وحدَّث، ودرس بمدرسة والده؛ وعمّر رباطًا كبيرًا بالقرافة ووقف عليه ما يقوم بالفقراء، وكان دينًا فاضلًا، محبًا لأهل الخير، مؤثرًا لهم.

توفي في شعبان. وهو أبو الصاحب تاج الدّين محمد. شيّعه خلق كثير.

وقد روى عنه الدّمياطيّ شيئًا من نظمه.

291 -

‌ محمد بن عمر بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد

، الشريف، شيخ القراء، أبو البدر العباسي، الرشيدي، الواسطي، المعروف بابن الداعي.

قرأ بالروايات على: ابن الباقلاني، وابن الكال، وأبي جعفر بن زريق، وأبي طالب بن عبد السميع. وحدث عن ابن الجوزي بكتاب جامع المسانيد وغير ذلك، وسمع الغيلانيات من المندائي. وحدث بجزء ابن عرفة عن

ص: 159

ابن كليب وأجاز له ذاكر بن كامل، وابن بوش، وابن كليب وعدّة.

وتصدر للإقراء وحمل عنه جماعةٌ القراءات، كالشيخ علي خريم، وابن غزال، وابن المحروق وبالإجازة شيخنا البرهان الجعبري.

ولد في المحرم سنة سبعٍ وسبعين وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وستين وستمائة.

292 -

‌ محسن، الحبشي، الصالحي

، الطواشي.

سمع الكثير من أصحاب السلفي كابن رواج، وابن الجميزي وحصل الأصول وتقدم عند الملك الصالح نجم الدّين أيوب وبعده، ثم سافر إلى المدينة النبوية فجاور وتقدم على الخدام. ثم رجع إلى مصر وحدث وتوفي في العشرين من شعبان.

293 -

‌ منصور بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور

، أبو محمد القرشي، البالسي، ثم الدّمشقيّ، الكاتب.

قال الشريف عز الدّين: ولد سنة ستمائة. وسمع من الكندي وحضر حنبل بن عبد الله. ومات في مستهل ربيع الأول بالشقيف.

روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز وغيرهما، وكان أديبًا شاعرًا.

294 -

‌ يحيى بن تمام بن يحيى بن عباس بن يحيى بن أبي الفتوح بن تميم

، الشيخ عماد الدّين، أبو زكريا الحميري، الدّمشقيّ.

ولد سنة ست وستمائة، وسمع من داود بن ملاعب، والشيخ الموفق وحدث بدمشق ومصر ومات في شعبان، وكان رئيسًا سمحًا جوادًا.

295 -

‌ يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى

بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد، قاضي القضاة، أوحد الحكام، محيي الدّين، أبو المفضل

ص: 160

ابن قاضي القضاة محيي الدّين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدّين أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتجب الدّين أبي المعالي ابن القاضي أبي المفضل، القرشي، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.

ولد في الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني وجماعة، وتفقه على فخر الدّين ابن عساكر وغيره، وولي قضاء دمشق غير مرة ولم تطل ولايته. وكان صدرًا، رئيسًا، محتشمًا، نبيلًا، جليلًا، معرقًا في القضاء، وحدث بدمشق ومصر وكتب عنه غير واحد.

روى عنه الدّمياطيّ في معجمه وساق نسبه إلى عثمان رضي الله عنه ولا أعلم لذلك صحة. فإني رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جده لأمه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي المذكور وذكر ابنه المنتجب وغيرهما ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جده المعروف بابن الصائغ: القرشي قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثماني، ثم إني رأيت كتاب وقفٍ لبني الزكي وهو وقفٌ من جدهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشي. وقد وقفه في سنة نيفٍ وسبعين ومائتين ولم يزد في نسبه ولا في نسبته على هذا، ولا سمى للوليد أبًا ولا ذكر أنه أموي والذي زعم أنه عثماني قال فيه: الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه والله أعلم بحقيقة ذلك. فإن المعروف من ذلك أن المتقدمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السنون والأحقاب على الأعقاب نسيت وأُهملت واجتزئ بالنسبة إلى القبيلة، فقيل: القرشي والقيسي والهمداني. وأما بالعكس فلا، فإنا لم نر هذا الواقف القديم الذي كان بعد السبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدًا من أولاده وهلم جرًا إلى زمان قاضي القضاة زكي الدّين أبي الحسن يذكرون أنهم - والله يرحمهم - أمويون ولا عثمانيون. وإنما هو أمرٌ لم ينقل عن أهل هذا البيت الطيب، فينبغي أن يصان من الزيادة والانتساب إلى غير جدهم إلا بيقين، ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخرٌ وشرف.

ص: 161

روى عنه ابن الخباز، وشمس الدّين بن أبي الفتح، وشمس الدّين بن الزراد وجماعة.

وقال الشيخ قطب الدّين: كان له في الفقراء عقيدة. وصحب الشيخ محيي الدّين بن العربي وله فيه عقيدةٌ تجاوز الوصف، قال: وحكي لي عنه أنه كان يفضل عليًا على عثمان رضي الله عنهما، كأنه كان يقتدي في ذلك بابن العربي وله قصيدةٌ في مدح علي رضي الله عنه منها:

أدين بما دان الوصي ولا أرى سواه وإن كانت أمية محتدي ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت وساء بني حربٍ هنالك مشهدي قلت: وقد سار أيضا إلى هولاكو فولاه قضاء الشام وغيرها وخلع عليه خلعةً سوداء مذهبة خليفتية وبدت منه أمور. والله يسامحه. وكان لهجًا بالنجوم وأشياء لا أقولها، بحيث إنه دخل ببنت سناء الملك لأجل الطالع وقت الظهر ولم نسمع بعرسٍ في هذه الساعة، ثم بعد ليالٍ ماتت هذه العروس، فنقل التاج ابن عساكر أنها ماتت فجاءة. سقوها دواء يزيل العقل ليقتضّها الزوج فتلفت، فيا شؤمه اقتضاضًا عليها.

وقد أمره السلطان بالسكنى بديار مصر وتوفي بمصر في رابع عشر رجب سنة ثمانٍ ودفن بسفح المقطم عن أحد عشر ولدًا، وهم: علاء الدّين أبو العباس أحمد وقاضي القضاة بهاء الدّين يوسف وزكي الدّين حسين وشرف الدّين إبراهيم وعز الدّين عبد العزيز وتقيّ الدّين عبد الكريم وكمال الدّين عبد الرحمن إمام محراب الصحابة وزينب شيختنا وست الحسن وعائشة وفاطمة. فأوَّلهم وفاة زكي الدّين بعد أبيه بقليل.

296 -

‌ يعقوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مالك

، الصاحب، زين الدّين الأسدي، الزبيري، من ولد عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما.

ولد سنة بضعٍ وثمانين وخمسمائة ومات في ربيع الآخر.

ذكره قطب الدّين، فقال: كان إمامًا فاضلًا، ممدحًا، كثير الرياسة.

ص: 162

وزر للملك المظفر قطز، ثم وزر للملك الظاهر في أوائل دولته، ثم عزل بابن حنا فلزم بيته. وله نظمٌ جيد.

وفيها ولد:

بدر الدّين محمد بن أحمد بن بصخان، ابن السراج الدّمشقيّ المقرئ، وكمال الدّين عبد الرحمن ابن القاضي محيي الدّين يحيى، ابن الزكي القرشي في رجب، وعلاء الدّين علي بن إسماعيل بن المقداد، وشمس الدّين عبد الأحد بن سعد الله بن بخيخ الشّافعيّ، ومحمد ابن شيخنا الزين أبي بكر والفخر عثمان بن عمر الحرستاني المؤذن وصلاح الدّين يوسف بن محمد، ابن المغيزل، وفخر الدّين عثمان بن محمد ابن قاضي حماة ابن البارزي، ونجم الدّين علي بن داود القحفازي، وقاضي القضاة علاء الدّين القونوي، وقاضي الحنابلة تقيّ الدّين عبد الله بن محمد بن أبي بكر الزريراني، والناصح النقيب محمد بن عبد الرحيم، وعلي بن أحمد بن محمد، ابن النجيب الخلاطي، والشيخ أحمد بن جملة في رجب، وإبراهيم بن محمد أخو المقريزي، وقاضي العراق قطب الدّين محمد بن عمر الفضلي الشّافعيّ، المعروف بأخوين، والشيخ صدر الدّين سليمان بن يحيى بن إسرائيل البصروي مدرس الخاتونية، والقاضي فخر الدّين محمد بن محمد بن مسكين المصري، في شوال منها.

ص: 163

سنة تسع وستين وستمائة

297 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عزَّاز بن كامل

، العلامة زين الدّين، أبو العباس المصري، النحوي، المعروف بابن قطنة.

كان من أئمة العربية المنتصبين لإقرائها بمصر.

توفي في ربيع الآخر وقد نيف على السبعين، انتفع به جماعة.

298 -

‌ أحمد ابن القاضي الأعز أبي الفوارس مقدام بن أحمد بن شكر

، القاضي الأجل، كمال الدّين أبو السعادات المصري، أحد كبراء البلد.

له عقل ودهاء ورأي وفيه حشمة وسؤدد وعين للوزارة. وله نظمٌ حسن.

توفي ليلة السادس والعشرين من رمضان.

299 -

‌ إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن عباس

، أبو إسحاق المقدسيّ، المقرئ.

ولد سنة إحدى وتسعين، وسمع من أبي المفضل محمد بن الخصيب وداود بن ملاعب وغيرهما وكتب عنه الطلبة ومات بالصّنمين في أول صفر راجعًا من الحج.

وهو أخو الشيخ شهاب الدّين أبي شامة.

300 -

‌ إبراهيم بن المسلم بن هبة الله

، ابن البارزي، الحموي، القاضي شمس الدّين. أحد الأئمة والفضلاء ببلده.

ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وكان فيه دين وورع. قرأ على أبي اليمن الكندي وصحب الفخر ابن عساكر وتفقه به وأعاد له. ودرس بالرّواحية بدمشق، ثم درس بحماة وولي قضاءها إلى أن مات وقد درس أيضًا بالمعرَّة، وكان محمود السيرة في القضاء وله شعرٌ وفضائل، وولي قضاء حماة بضع عشرة سنة، توفي في شعبان.

ص: 164

حدث عن أبي إسحاق إبراهيم بن البرني. روى عنه حفيده قاضي القضاة شرف الدّين هبة الله شيخنا وقاضي القضاة ابن جماعة، وحدثنا أنه قرأ عليه التنبيه دروسًا، وأنه حفظ ثلث النهاية لإمام الحرمين، وغير ذلك، وأنه كان يصوم الدهر ويقوم الليل، رحمه الله تعالى.

301 -

‌ إسحاق بن محمود بن بلكويه بن أبي الفياض

، الشيخ شمس الدّين، أبو إبراهيم البروجردي، الصوفي، المشرف.

من أكابر مشايخ الصوفية وقدمائهم؛ ولد سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة ببروجرد، وسمع ببغداد من أبي طاهر لاحق بن قندرة، وعمر بن طبرزد، وعبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، وعبد الباقي بن عبد الجبار الهروي، وسمع بالقاهرة من أبي الحسن بن المفضل الحافظ، ومحمد بن الحسن اللرستاني وجماعة، وكان يكتب خطًا جيدًا، ونسخ الكثير، وصحب شيخ الشيوخ أبا الحسن محمد بن حمويه، خرج له أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري مشيخة في جزء.

روى عنه الدّمياطيّ، والشيخ شعبان، والأمير علم الدّين الدواداري، ومحمد بن غالي الدّمياطيّ، وأحمد بن عبد المحسن بن رفعة، والمصريون.

ومات في خامس المحرم بالقاهرة.

وقال جمال الدّين بن الصابوني: سمعت منه، وهو ثقة نبيل، لديه فضل ٌ، ولي إشراف الخانكاه مدة.

302 -

‌ إسرائيل بن أحمد بن أبي الحسين بن علي بن غالب

، القرشي، العرضي، الدّمشقيّ، التاجر، الطبيب.

سمع من الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وحدث بدمشق ومصر.

وتوفي في سابع رمضان بدمشق.

روى عنه الدّمياطيّ.

ص: 165

303 -

‌ حسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح

، الإمام، المقرئ، الزاهد، أبو علي الأزدي، الصقلي.

ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي. واستوطن دمشق وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي وزينب الشعرية، وكان من السادة العباد، صاحب أورادٍ وإخلاصٍ ومشاركةٍ في العلوم، وكان صديقًا للشيخ زين الدّين الزواوي. وسمع من جماعةٍ من أصحاب الحافظ ابن عساكر كأبي إسحاق بن الخُشوعيّ وأقرانه.

وأقرأ وأفاد، روى عنه ابن الخباز وأبو الحسن بن العطار وغيرهما وتوفي إلى رضوان الله في ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر.

ذكره الشيخ قطب الدّين فقال: كان من السادات في تعبده وزهده وتقلله من الدنيا وافر الحرمة، ساعيًا في قضاء الحوائج والحقوق، له مهابةٌ وقبولٌ تام.

304 -

‌ حسين، القاضي زكي الدّين

ابن قاضي القضاة محيي الدّين يحيى، الزكوي.

كان فاضلًا نبيلًا، إمامًا، مفتيًا، مات شابًا عن سبعٍ وعشرين سنة في صفر. وله شعر.

305 -

‌ ساعد بن سعد الله بن ثلاج

، أبو سعد المحجّي، الصالحي.

حدث عن: ابن الزبيدي والفخر الإربلي ومات في ذي القعدة.

روى لنا عنه أبو الحسن بن العطار.

306 -

‌ سامة بن كوكب السوادي

والد الشهاب أحمد وجد المحدث شمس الدّين.

فقير متعفف قنوع، من سكان جبل الصالحية، يروي عن ابن اللتي.

كتب عنه ابنه، وابن الخباز.

ص: 166

307 -

‌ سنجر الصيرفي

، الأمير علم الدّين.

من كبار الأمراء بمصر. ثم نقل إلى الشام، توفي في صفر كهلًا ببعلبك.

308 -

‌ سنجر، الأمير قطب الدّين

، المستنصري البغدادي، المعروف بالياغز، أحد مماليك المستنصر بالله.

فلما أخذ هولاكو بغداد هرب إلى الشام. وكان محترمًا في الدولة الظاهرية وعنده نباهةٌ وفضل، مات في صفر.

309 -

‌ عائشة بنت المحدث محمد بن جبريل بن عزاز

، أم عبد الرحمن الأنصارية، الشارعية.

روت عن مكرم وماتت في سلخ جمادى الأولى.

310 -

‌ عباس، الملك الأمجد تقيّ الدّين

، ولد السلطان الملك العادل سيف الدّين أبي بكر بن أيوب.

كان آخر إخوته وفاةٌ. وكان جليل القدر محترمًا عند الملوك لا سيّما عند الملك الظاهر، لا يترفع عليه أحدٌ في المجلس ولا في الموكب.

وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجالسة، رئيسًا سريًّا، توفي في جمادى الآخرة ودفن بقاسيون بالتربة التي له.

وقد حدث عن: التاج الكندي والبكري، روى عنه الدمياطي، وابن الخباز وجماعة.

311 -

‌ عبد الله بن أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن أبي المضاء

، شمس الدّين أبو بكر البعلبكي، محتسب بعلبك.

عاش ثمانين سنة أو أكثر، وأصابه خلطٌ وصرع كان يعتريه. ومات في جمادى الآخرة.

312 -

‌ عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر

، المفتي العلامة، سراج الدّين الشرمساحي، المصري، الفقيه المالكي، مدرس المستنصرية.

ص: 167

من كبار أئمة المذهب، وكان ذا زهد وصلاح وتصوّف، مات في جمادى الآخرة وله سبعون سنة.

وقد روى الحديث. سمع منه: ابن خروف الموصلي وغيره ودرس بعده بالمستنصرية أخوه علم الدّين.

313 -

‌ عبد الله بن علي بن عبد الحفيظ

، الشريف أبو محمد الحسيني، الكلثمي، المصري.

ولد سنة اثنتين وتسعين وحدث عن: علي بن البناء المكي.

توفي في ربيع الأول.

314 -

‌ عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر

بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، القرشي، المخزومي، الشيخ قطب الدّين، أبو محمد المرسي، الرقوطي، الصوفي.

كان صوفيًا على قاعدة زهد الفلاسفة وتصوفهم. وله كلامٌ كثير في العرفان على طريق الاتحاد والزندقة، نسأل الله السلامة في الدّين.

وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة ابن الفارض، وابن العربي وغيرهما. فيا حسرةً على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى ولا يقومون في الذب عن معبودهم، تبارك اسمه وتقدست في ذاته، عن أن يمتزج بخلقه أو يحل فيهم. وتعالى الله عن أن يكون هو عين السماوات والأرض وما بينهما. فإن هذا الكلام شرٌ من مقالة من قال بقدم العالم ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديقٌ مبطنٌ للاتحاد يذب عن الاتحادية والحلولية ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده. وينبغي للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته أكثر من غضبه لفقير غير معصومٍ من الزلل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرًا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمانٍ ولا كفرٍ لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مشكل وحسابهم على الله.

وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي أعط

ص: 168

القوس باريها ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجلٍ مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجلٍ صالح أو ولٍّي لله تعالى؟

ذكر شيخنا قاضي القضاة تقيّ الدّين بن دقيق العيد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوةٍ إلى قريب الظهر وهو يسرد كلامًا تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته.

قلت: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنةٍ واسعًا بقوله: لا نبي بعدي. وجاء من وجهٍ آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنةٍ حيث قال: لا نبي بعدي.

فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام في الكفر دون قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

وذكره الشريف عز الدّين فقال: له تصانيف عدة ومكانة مكينة عند جماعةٍ من الناس. وأقام بمكة سنين عديدة.

قلت: وحدثني فقيرٌ صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك. اللهم احفظ علينا إيماننا واجعلنا هداةً مهديين.

وحصن رقوطة: من أعمال مرسية.

وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى ومات، والله أعلم بصحة ذلك. وكان موته بمكة في الثامن والعشرين من شوال وله خمسٌ وخمسون سنة، فإنه ولد في سنة أربع عشرة.

اللهم يا ربنا ورب كل شيء، إن كان هذا الشخص وأضرابه يعتقدون أنك عين مخلوقاتك وأن ذاتك المقدسة البائنة من الخلق هي حقيقة ما أبدعت وأوجدت من العدم، فلا ترحمهم ولا ترض عنهم. وإن كانوا يؤمنون بأنك رب العالمين وخالق كل شيء وأن مخلوقاتك غيرك بكل حال وعلى كل تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإن هؤلاء يقولون: ما ثم غير وما في الكون سوى الله، وما أنت غير الكون بل أنت عينه.

تعاليت يا إلهنا عن ذلك، بل وما أنت عين

ص: 169

الكون بل أنت غيره، ويفهم هذا كل من هو مسلم. ويقولون: إن الله تعالى هو روح الأشياء وإنه في الموجودات سارٍ كالحياة في الجسم، بل يقولون: إن الموجودات مظاهر له وإنه يظهر فيها. كما قال رمضان التوزي المعثر عرف بالجوبان القواس:

مظاهر الحق لا تعدّ والحق فيها فلا يحد فباطن لا يكاد يخفى وظاهر لا يكاد يبدو تشهده بين ذا وهذا بأعين منه تستمدُّ إن بطن العبد فهو ربٌ أو ظهر الرب فهو عبدُ فعين كن عين زل وجودا قبضٌ وبسطٌ أخذ وردُّ مراتب الكون ثابتاتٌ وهو إلى حكمها المردُّ وقال الشيخ صفي الدّين الأرموي الهندي: حججت في حدود سنة ستِّ وستين، وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة، فقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكة. فقلت: كيف تقيّم أنت بها؟ فقال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإن الملك الظاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكة واليمن صاحبها له في عقيدة ولكن وزيره حشوي يكرهني.

قال صفي الدّين: وكان داوى صاحب مكة فصارت له عنده مكانة بذلك، ويقال: إنه نفي من المغرب بسبب كلمة كفرٍ صدرت منه وهي أنه قال: لقد تحجَّر ابن آمنةٍ في قوله: لا نبي بعدي.

قلت: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التأويلات المستحيلات لم يبق في العالم كفرٌ ولا ضلال وبطلت كتب الملل والنِّحل واختلاف الفرق. وقد ذكر الغزالي رحمه الله في كتاب مشكاة الأنوار فصلًا في حال الحلاج فأخذ يعتذر عما صدر منه مثل قوله: أنا الحق. وقوله: ما في الجنة إلا الله. وهذه الإطلاقات التي ظاهرها كفر وحملها على محامل سائغة وأولها وقال: هذا من فرط المحبة وشدة الوجد، وإن ذلك كقول القائل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.

ص: 170

قلت: بتقدير صحة العقيدة فلا كلام وإنما الكلام فيمن يقول: العالم هو الله.

ومن طالع كتب هؤلاء علم علمًا ضروريًا أنهم اتحاديةٌ مارقةٌ من الدّين، وأنهم يقولون: الوجود الواجب القديم الخالق هو الممكن المخلوق ما ثم غير ولا سوى. ولكن لما رأوا تعدد المخلوقات قالوا: مظاهر وتجالي. فإذا قيل لهم: فإن كانت المظاهر أمرًا وجوديًا تعدد الوجود، وإلا لم يكن لها حينئذٍ حقيقة. وما كان هكذا تبين أن الموجود نوعان خالق ومخلوق، قالوا: نحن ثبت عندنا بالكشف ما يناقض صريح العقل. ومن أراد أن يكون عارفًا محققًا فلا بد أن يلتزم الجمع بين النقيضين وأن الجسم الواحد يكون في وقتٍ واحدٍ في موضعين.

315 -

‌ عبد الحميد بن رضوان بن عبد الله

، أبو محمد المصري، الشّافعيّ، الجراحي.

ولد سنة ثمانين وخمسمائة في مستهل صفر بالقاهرة، وذكر أنه قرأ القرآن على أبي الجود، وأنه سمع على أبي القاسم البوصيري، وقد روى عن ابن اللتي يسيرًا.

وتوفي في المحرم ودفن بجبل قاسيون، وكان أديبًا فاضلًا يلقب مجد الدّين.

روى عنه ابن الخباز وغيره، وقرأ عليه ابن فرح كتاب شرح السنة بروايته عن القزويني.

316 -

‌ عبد الكريم بن ناصر

، أبو الكرم الدعجاني، المصري، المؤذن، المعروف بكريم.

ولد في حدود الثمانين وخمسمائة، وروى عن أبي نزار ربيعة اليمني، وتوفي في رجب.

ص: 171

حدثني الحافظ أبو العباس الحلبي قال: ذكر الطلبة لعبد الكريم فقالوا: قد سماك الحافظ عبد العظيم كريم وذلك لأجل الكاف فإنها عزيزة فقال: أيطيب له أن يسميه أحدٌ عظيم.

317 -

‌ عبد الوهاب ابن القاضي أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين

، زين القضاة، أبو المكارم بن الجبَّاب السعدي، المصري، العدل.

ولد في أول سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من محمد بن أحمد بن جبير الكناني، وابن باقا وحدَّث.

توفي في جمادى الأولى.

318 -

‌ علي بن مؤمن بن محمد بن علي

، المعروف بابن عصفور. العلامة، أبو الحسن الحضرمي، الإشبيلي، حامل لواء العربية بالأندلس.

أخذ عن الأستاذ أبي الحسن الدبّاج، ثم عن الأستاذ أبي علي الشلوبين. وتصدر للإشغال مدة.

ذكر أبو عبد الله محمد بن حيان الشاطبي في تاريخه قال: لازم ابن عصفور أبا علي نحوًا من عشرة أعوام إلى أن ختم عليه كتاب سيبويه في نحو السبعين طالبًا.

قال الإمام أبو حيان: الذي نعرفه أنه ما أكمل عليه الكتاب أصلًا.

وكان أصبر الناس على المطالعة لا يمل من ذلك. وله تواليف، منها:

المقرب الذي سارت به الركبان، وكتاب الممتع، والمفتاح، والهلالي، والأزهار، وإنارة الدياجي، ومختصر الغرّة، ومختصر المحتسب، ومفاخرة السالف والعذار ومما شرحه ولم يكمله: شرح المقرب، شرح الأشعار الستة، شرح الحماسة، شرح المتنبي، سرقات الشعراء، شرح الجزولية، البديع وغير ذلك. وكان إماما في

ص: 172

النحو لا يشق غباره ولا يجارى. أقرأ بإشبيلية وشريش ومالقة ولورقة ومرسية.

وولد سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة بإشبيلية ومات بتونس في الرابع والعشرين من ذي القعدة ولم يكن بذلك الورع في دينه، فممّا قاله ارتجالًا:

لما تدنست بالتفريط في كبري وصرت مغرى بشرب الراح واللعس رأيت أن خضاب الشيب أستر لي إن البياض قليل الحمل للدنس ولابن عصفور من قصيدةٍ في فرسٍ كميت:

هنيئًا بطرفٍ إذا ما جرى ترى البرق يتعب في أثره مصغر لفظٍ ولكنه يجل ويعظم في قدره قلت: كان بحرًا في العربية يقرئ الكتب الكبار فيها ولا يطالع عليها، وكان في خدمة أميٍر، أقرأ بعدة مدائن.

قال ابن الزبير: لم يكن عنده ما يؤخذ عنه سوى ما ذكر - يعني العربية - ولا تأهل بغير ذلك، رحمه الله وعفا عنه.

قلت: ولا تعلق له بعلم القراءات ولا الفقه ولا رواية الحديث. وكان يخدم الأمير أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا الهنتاتي صاحب تونس.

319 -

‌ عمر بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجى بن المؤمل

، أبو حفص الأنصاري، القوصي، ثم الدّمشقيّ، الشّافعيّ، العدل.

سمع من عمر بن طبرزد وحنبل وجماعة بإفادة أخيه شهاب الدّين إسماعيل.

روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، وعلم الدّين الدواداري، وجماعة. وكان أحد الشهود.

ولد سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الآخر.

320 -

‌ عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى

، الإمام، أبو حفص السبكي، المالكي، قاضي القضاة شرف الدّين.

ص: 173

ولد سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة.

وتفقه على الإمام أبي الحسن المقدسيّ الحافظ. وصحبه مدةً، وسمع منه ومن القاضي عبد الله بن محمد بن مجلي.

وولي الحسبة مدةً بالقاهرة، ثم ولي القضاء حين جعلت أربعة قضاة.

ودرس للمالكية بالصالحية. وأشغل وأفتى وانتهت إليه معرفة المذهب مع الدّين والخير والأمانة.

روى عنه الدّمياطيّ وقاضي القضاة بدر الدّين بن جماعة وعلم الدّين الدواداري وغيرهم.

وسبك العبيد بلدٌ من أعمال الديار المصرية.

توفي بالقاهرة في الخامس والعشرين من ذي القعدة وله أربعٌ وثمانون سنة.

321 -

‌ عمر بن علي بن أبي بكر بن محمد بن بركة

، الإمام العلامة، رضي الدّين، أبو الرضا المصري، الحنفيّ، المعروف بابن الموصلي.

ولد بميافارقين سنة أربع عشرة وستمائة، ودرس وأفتى وبرع في المذهب. وشارك في الشعر والأدب وكتب الخط المليح، وكان ذا رياسة وتجمل ونبل، توفي في ثاني عشر رمضان بالقاهرة.

322 -

‌ عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم

، الأمير شرف الدّين، أبو محمد ابن الأمير أبي عبد الله الهكاري، الكردي.

سمع بالقدس كتاب الأحكام لعبد الحق، من أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري الخطيب، عن المصنف. وأجاز له عمر بن طبرزد وغيره.

روى عنه شيخنا برهان الدّين الإسكندراني وغير واحدٍ سمعوا منه الأحكام.

وكان أحد الأبطال المشهورين بالشجاعة والإقدام. وله مواقف مشهودة ووقائع مع الفرنج، مع الدّين والكرم والمروءة والأوصاف الجميلة والرياسة والحشمة.

ص: 174

توفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر وآخر من سمع منه الأحكام قاضي القضاة ابن جماعة. وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

323 -

‌ محمد بن أسعد بن عبد الرحمن

، الشيخ الزاهد الصالح أبو عبد الله الهمذاني، المجاور بمشهد عروة.

كان كبير القدر، صاحب أوراد وعبادة وزهد وإقبال على الآخرة، حدث بالبخاري عن ابن الزبيدي، قرأه عليه الخطيب شرف الدّين الفزاري، وسمع منه: قاضي القضاة نجم الدّين بن صصرى، وجماعة.

وتوفي في صفر، وشيّعه خلقٌ كثير.

324 -

‌ محمد بن إسماعيل بن عثمان بن المظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين

، الشيخ مجد الدّين، أبو عبد الله ابن عساكر، الدمشقي، الشّافعيّ.

ولد في حدود سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من الخُشوعيّ والقاسم ابن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وأبي جعفر القرطبي، وحنبل، وابن طبرزد، والتاج الكندي، وغيرهم.

وحدث بدمشق ومصر.

روى عنه: ابن الخباز، وبرهان الدّين الإسكندراني، والشيخ عبد الرحمن القرامزي، وعلاء الدّين بن العطار، ونعمون الحراني المؤذن، وجماعة.

وكان عدلًا جليلًا من بيت الرواية والرياسة.

وجده عثمان هو ابن عم الحافظ ابن عساكر. وهو آخر من روى كتاب التجريد لابن الفحّام عاليًا.

توفي في ثامن ذي القعدة بدمشق.

325 -

‌ محمد بن تمام بن يحيى بن عباس

، أبو بكر الحميري، الدّمشقيّ فخر الدّين.

ص: 175

ولد سنة ثلاثٍ وستمائة، وسمع من داود بن ملاعب، والشيخ الموفق.

وقد تقدم أخوه يحيى.

توفي محمد في رابع رجب. وكان عدلًا رئيسًا، روى عنه الدواداري وقاضي القضاة نجم الدّين، وابن العطار.

326 -

‌ محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري

، الشيخ تاج الدّين، أبو المكارم التنوخي، المعري الأصل، الدّمشقيّ، الحنفيّ. ويعرف بابن شقير. الأديب الشاعر.

ولد سنة ست وستمائة وروى الأربعين التي لهبة الرحمن القشيري، عن أبي الفتوح البكري وروى عن ابن الحرستاني وغيره وهو أخو المحدث الأديب نصر الله، سمع منهما الدّمياطيّ، توفي تاج الدّين في صفر.

ذكره قطب الدّين فقال: كان أديبًا رئيسًا، دمث الأخلاق. وهو من شعراء الملك الناصر يوسف وله فيه مدائح جمة. وكان يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء الذين في خدمته.

فمن شعره:

ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولي لو كان في حكمه يقضي علي ولي وما عليه وقد صرنا رعيتهُ لو أنه مغمدٌ عنا ظبا المقلِ يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي إلا بفتوى فتور الأعين النجلِ ويا غريم الأسى الخصم الألدُّ هوى رفقًا علي فجسمي في هواك بلي أخذت قلبي رهنًا يوم كاظمةٍ على بقايا دعاوٍ للهوى قبلي ورمت مني كفيلًا بالأسى عبثًا وأنت تعلم أني بالغرام ملي وقد قضى حاكم التبريح مجتهدًا علي بالوجدِ حتى ينقضي أجلي لذا قذفت شهود الدمع فيك عسى أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي لا تسطونِّ بعسّال القوام على ضعفي فما آفتي إلا من الأسلِ

ص: 176

هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى أنا الغريق فما خوفي من البللِ

327 -

‌ محمود بن حيدر

.

شيخ زاهد صالح، صاحب تهجد وأوراد وأذكار. وهو ربيب الشيخ الكبير عبد الله اليونيني.

توفي ببعلبك في جمادى الأولى. وقد جاوز السبعين.

328 -

‌ مرشد الطواشي الكبير شجاع الدّين الحبشي

، المظفري، الحموي، عتيق المظفر صاحب حماة.

كان أحد الأبطال الشجعان، وكان الملك الظاهر يحبه لذلك. وله مواقف مشهودة. وكان يتصرف في مملكة حماة كتصرف ابن أستاذه. وله هيبة وحرمة.

مات في عشر السبعين بحماة.

329 -

‌ هيثوم بن قسطنطين

، الكلب، الملك المجير، صاحب سيس.

توفي إلى لعنة الله في هذه السنة، وتملك بعده ولده.

330 -

‌ يحيى بن عبد الله

، فخر الدّين البغدادي.

ولد سنة ثلاثٍ وسبعين، روى المقامات الحريرية، سمعها منه الشيخ ظهير الدّين الكازروني، وقال: كان أديبًا منقطعًا له سماعات عالية، مات في ربيع الأول. قلت: روى عنه ابن الشيخ عبد القادر الذي انتخب عليه البرزالي.

331 -

‌ يحيى بن عبد العزيز

، الشيخ نجم الدّين الناسخ، فاضل ورع تقي. ناصح المسلمين وكاتبهم فأخذ ببغداد وقُرِّر، فاعترف فقتلوه، رحمه الله.

ص: 177

فائدة

332 -

‌ الملك الموحد عبد الله ابن المعظم تورانشاه

ابن السلطان الملك الصالح نجم الدّين أيوب بن الكامل بن العادل.

ولد بآمد إذ أبوه متوليها، فقصد غياث الدّين صاحب الروم وعسكر حلب آمد وحاصروها، ثم أخذوها من المعظم وأبقوا له حصن كيفا، فتحول إليه، فلما مات أبوه بالديار المصرية وطلب المعظم وقدم وتملك مصر والشام في سنة سبعٍ وأربعين، خلف الملك الموحد هذا بحصن كيفا فتملكه.

قال ابن واصل في تاريخه وقد ألفه في حدود السبعين وستمائة: الملك الموحد باق إلى الآن مستول على حصن كيفا تحت أوامر التتر وله عدة أولاد على ما بلغني، قال: وكان عمره لما مضى والده إلى مصر عشر سنين.

سألت الشيخ تاج الدّين الفارقي عن الموحد هذا، فقال: رأيته، وكان شجاعًا قصيرًا، عاش إلى بعد الثمانين وستمائة وابنه إلى الآن باقٍ بيده الحصن من تحت أوامر التتار.

قلت: لقّب ابنه الملك الكامل. قتله التتار في حدود سنة سبعمائة وأقاموا بعده ولده الملك الصالح صورةً بلا أمر، ورتبته كجندي كبير.

وفيها ولد:

القاضي جمال الدّين أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله، ابن القلانسي التميمي والشهاب أحمد بن صفي الدّين أبي بكر السلامي بالبصرة وتاج الدّين علي بن مجد الدّين إسماعيل بن كسيرات المخزومي الخالدي وجمال الدّين يوسف بن محمد بن حماد خطيب حماة، في جمادى الآخرة وقاضي القضاة عماد الدّين علي بن أحمد، ابن الطرسوسي الحلبي في رجب بمنية بني خصيب.

ص: 178

سنة سبعين وستمائة

333 -

‌ أحمد بن سعيد بن أحمد بن أبي بكر بن الحسين

، الشيخ القدوة الزاهد، صفي الدّين، أبو العباس النيسابوري الأصل اللهاوري، الصوفي. ولد بلهاور سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ولقي الكبار والزُّهاد. وكان أحد المشهورين بالزهد والعبادة والانقطاع، وله كلام على طريق الصوفية مع ما كان عليه من لين الجانب ولطف الأخلاق وحسن الملقى.

ذكره الشريف عز الدّين وقال: توفي في حادي عشر رمضان، وقد روى عن أبي القاسم سبط السلفي.

334 -

‌ أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي

، الإمام أبو الفضل بن الصوّاف.

ولد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة في ثاني رجب بالإسكندرية، وقرأ القراءات على أبي القاسم بن الصّفراوي أو غيره، وسمع من محمد بن عماد، ومن والده، وحدث وأسمع ولده يحيى شيخنا.

وكان معروفًا بالعلم والدّين والصلاح والورع وكرم الخلائق وحسن الطرائق، توفي في ثامن رجب بالإسكندرية.

335 -

‌ أحمد بن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار

، المسند، العالم، معين الدّين، أبو العباس، ابن قاضي القضاة زين الدّين أبي الحسن ابن العلامة أبي المحاسن. الدّمشقيّ الأصل، المصري، الشّافعيّ.

ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسمع من: أبيه، ومن عمه أبي حفص عمر، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل الغزنوي، والعماد الكاتب، وغيرهم.

وروى الكثير مدةً، روى عنه: الدّمياطيّ، وقاضي القضاة بدر الدّين بن جماعة، والشيخ شعبان، وقاضي القضاة سعد الدّين الحنبليّ، والشهاب أحمد

ص: 179

الزبيري، والأمين عبد القادر الصعبي، وأحمد بن إبراهيم الكناني الحنبليّ، وأحمد بن يوسف التلي، وعلم الدّين الدواداري، ومحمد بن غالي الدّمياطيّ، والجمال محمد بن محمد العثماني المهدوي، وطائفة سواهم.

وكان آخر من روى صحيح البخاري عن هبة الله البوصيري، توفي في ثامن عشر رجب بالقاهرة.

336 -

‌ أحمد بن عمر

، الزاهد، العابد، القدوة. خطيب باجسرا، أبو العباس.

مات بناحيته. أرّخه الكازروني.

337 -

‌ أحمد بن أبي السرّ مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم

، تاج الدّين أبو العباس القيسي، الدّمشقيّ، العدل. عم شيخنا الصدر إسماعيل.

سمع من النفيس أبي محمد ابن البن، وابن الزبيدي وجماعة، وحدَّث ومات بمصر في شوال.

338 -

‌ جوشن بن دغفل بن عالي

، أبو محمد واسمه أيضًا محمد، التميمي، المزي.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من ابن أبي لقمة، روى لنا عنه أبو الحسن بن العطار.

339 -

الحسن، الملك الأمجد أبو محمد ابن الملك الناصر داود ابن الملك المعظم عيسى ابن العادل.

ولد سنة نيفٍ وعشرين وستمائة، واشتغل في الفقه والأدب، وشارك في العلوم، وأتقن الأدب، وتنقلت به الأحوال، وتزهد وصحب المشايخ، وكان كثير المعروف عالي الهمة، عنده شجاعة وإقدام وصبر وثبات، وكان إخوته يتأدبون معه ويقدمونه، وكذلك أمراء الدولة.

ص: 180

وله شعر ويدٌ طولى في الترسُّل وخط منسوب. أنفق أكثر أمواله في الطاعة. وكان مقتصدًا في ملبسه ومركبه. وتزوَّج بابنة الملك العزيز عثمان ابن الملك العادل، ثم تزوج بأخت السلطان الملك الناصر يوسف الحلبي فجاءه منها المولى صلاح الدّين. وكان عنده من الكتب النفيسة شيءٌ كثير فوهب معظمها، وكان ذا مروءة تامة، يقوم بنفسه وماله مع من يقصده.

وأمه هي بنت الملك الأمجد حسن ابن العادل.

وقد رثاه شهاب الدّين محمود الكاتب - أبقاه الله - بقصيدةٍ أولها:

هو الربع ما أقوى وأضحت ملاعبه مشرعةً إلا وقد لان جانبه عهدت به من آل أيوب ماجدًا كريم المحيا زاكيات مناسبه يزيد على وزن الجبال وقاره وتكثر ذرات الرمال مناقبه توفي بدمشق في جمادى الأولى وهو في عشر الخمسين.

وقد روى عن ابن اللتي وغيره.

340 -

‌ الحسن بن عثمان بن علي

، الإمام، القاضي، محتسب الثغر، ركن الدّين أبو علي التميمي، القابسي، المالكي، المعدل.

قدم الثَّغر شابّا، فسمع من ابن موقى، وابن المفضل وجماعة، وتلا بالسبع على منصور بن خميس الأندلسي، تلا عليه عبد المجيد بن خلف الصواف، وروى عنه جماعة منهم ولده شيخنا يوسف.

مات في المحرم.

341 -

‌ الحسين بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد

، ابن الجوزي، أبو المظفر بن أبي القاسم ابن الشيخ الإمام أبي الفرج.

توفي في شعبان.

342 -

‌ خليل بن علي بن خليل

، كمال الدّين، أبو الصفا العجمي الأصل الدّمشقيّ.

ص: 181

ولد سنة ست وستمائة، وسمع: أبا المنجى ابن اللتي، وكريمة، وسمع من المتأخرين كثيرًا بدمشق ومصر.

توفي بالقاهرة في المحرم.

343 -

‌ سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد

، الإمام، العلامة، المفتي، كمال الدّين أبو الفضائل الإربلي، الشّافعيّ، صاحب الإمام تقيّ الدّين أبي عمرو ابن الصلاح.

قال الشريف عز الدّين: توفي ليلة خامس جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب الصغير، قال: وكان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته، ولم يترك بعده في بلاد الشام مثله. أفتى مدةً، وانتفع به جماعة.

قلت: وكان الشيخ نجم الدّين الباذرائي قد جعله مُعيدًا بمدرسته، فلم يزل على ذلك إلى أن مات لم يتزيّد منصبًا آخر، ومات في عشر السبعين، وقد تفقه عليه جماعة. وقيل: إنه نيَّف على السبعين، والله أعلم.

344 -

سُنقُر، الأمير شمس الدّين، أبو سعيد الأقرع، أحد مماليك الملك المظفر غازي صاحب ميافارقين ابن العادل.

كان من كبار الأمراء بالديار المصرية فأمسكه الملك الظاهر وحبسه.

وتوفي في ربيع الآخر.

345 -

‌ عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد بن سلمان

، الإمام، الفقيه، جمال الدّين البغيدادي، ثم الحراني، الحنبليّ.

ولد بحران سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من حماد الحراني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله، وعبد القادر الحافظ، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، والشيخ الموفق، والشيخ الفخر ابن تيمية، وغيرهم.

روى عنه الدّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو بكر بن عبد الحليم

ص: 182

العسقلاني المقرئ، والبرهان الذهبي، وجماعة سواهم.

وكان إمامًا، صالحًا، فقيهًا، عارفًا بالمذهب، خبيرًا بالفُتيا، حسن التعليم، متواضعًا، توفي بالبيمارستان بدمشق في الرابع والعشرين من شعبان.

346 -

‌ عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن

، القاضي عماد الدّين أبو الحسين الحلبي، ابن العجمي.

ولد سنة خمسٍ وستمائة، وسمع من الافتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف، وحدَّث ودرس وأفتى وولي القضاء ببلد الفيوم مدةً. وكان مشكورًا في القضاء.

توفي في رابع رمضان بحلب.

روى عنه الدّمياطيّ، وابن جماعة. وقد ناب في الحكم بدمشق.

347 -

‌ عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم بن سعد

، الشيخ أبو محمد المقدسيّ، الصحراوي، القنبيطي، الحنبليّ.

ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وسمع من الخُشوعيّ، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وجماعة، روى عنه ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن أبي الفتح البعلبكي، وأبو عبد الله ابن الزراد، ومحمد بن بدر النساج، وطائفة سواهم.

وكان من بقايا المسندين. توفي في تاسع عشر رمضان عن ثمانين سنة.

348 -

‌ علي بن عبد الله بن إبراهيم

، أبو الحسن الباهلي، المالقي، الأديب، الشاعر.

ص: 183

روى عن محمد بن عبد الحق بن سليمان، لقيه بتلمسان وقرأ عليه برنامجه، فيه خفة لا تخل بمروءته، توفي بمالقة سنة سبعين. قاله ابن الزبير.

349 -

‌ علي بن عبد الخالق بن علي

، عز الدّين الإسعردي، ناظر ديوان بعلبك.

توفي في ذي القعدة كهلًا.

350 -

‌ الشيخ علي البكّاء

، رحمة الله عليه.

من كبار أولياء الله تعالى، أقام مدة ببلد الخليل، وكان مقصودًا بالزيارة والتبرك، ورد خبر موته إلى دمشق في يوم عاشر رجب سنة سبعين. ويقال: إنه قارب مائة سنة. وقبره ظاهر يُزار.

351 -

‌ علي بن عثمان بن علي بن سليمان

، أمين الدّين السليماني، الإربلي، الصوفي، الشاعر، من أعيان شعراء الملك الناصر.

كان جنديًا فتصوف وصار فقيرًا.

توفي في جمادى الأولى بالفيوم وهو في معترك المنايا.

352 -

‌ علي بن عمر بن نبا

، نور الدولة اليونيني، تربية الشيخ الفقيه أبي عبد الله اليونيني.

رباه الشيخ الفقيه وزوجه ببناته الثلاث واحدةً بعد واحدة، وأسمعه الحديث من البهاء عبد الرحمن، والعز ابن رواحة.

وكان غزير المروءة شجاعًا مقدامًا، له حكايات في الشجاعة وفي قتل الوحوش.

توفي في جمادى الآخرة وقد نيف على الستين.

353 -

‌ علي بن محمد بن محمد بن الفضل بن جعفر بن الفضل

، الشريف، الصَّدر المعمَّر، زين الدّين، أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الصالحي، المصري، المالكي.

ص: 184

ولد في التاسع عشر من ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وذكر أن السِّلفي أجاز له إجازةً خاصة. وكان موصوفًا بالخير والفضل والعفاف. فسُمع عليه بالإجازة المطلقة من السلفي.

قال الشريف عز الدّين: توفي في الرابع والعشرين من رجب.

354 -

‌ علي أبو الحسن المتيوي المغربي

، السبتي، المالكي، الزاهد.

أحد الأئمة الأعلام، كان يحفظ المدونة، والتفريع لابن الجلاب، ورسالة ابن أبي زيد وألف كتابا شرح فيه الرسالة ولم يتمه، بل وصل إلى باب الحدود، وكان مع براعته في الفقه عجبًا في الزهد والورع ملازمًا لبيته، ويخرج إلى الجمعة مغطى الوجه لئلا تقع عينه على مكروه. وكان لا يأكل إلا ما سيق إليه من متيوة من مواضع يعرف أصولها.

توفي في حدود عام سبعين. وقبره بظاهر سبتة يزار ويتبرك به.

قال لي ابن عمران الحضرمي: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك، أخذ الناس عنه.

355 -

‌ عمر بن أيوب بن عمر بن أرسلان بن جاولي

، المحدث، أبو حفص شهاب الدّين التركماني، الدمرداشي، الدّمشقيّ، الحنفيّ، المعروف بابن طغريل السّياف.

ولد سنة خمسٍ وعشرين وستمائة تقريبًا بدمشق، وطلب بنفسه بمصر، وأكثر عن أصحاب البوصيري، وعني بالحديث وحصّل وفهِم وجمع، وخرّج لنفسه معجمًا. وكتب العالي والنازل، وكان ثقة صالحًا، نبيهًا، مفيدًا.

توفي بمصر في السابع والعشرين من جمادى الأولى. ولا أعلمه حدّث.

356 -

‌ محمد بن أبي الغنائم سالم

ابن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى، القاضي، العدل الكبير، عماد الدّين أبو عبد الله الرَّبعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.

ولد بعد الستمائة، وسمع من أبيه، وأبي اليمن الكندي، وهبة الله بن

ص: 185

طاوس، وابن أبي لقمة، وأبي المجد القزويني، وجماعة، روى عنه ابنه قاضي القضاة نجم الدّين أبو العباس، والشيخ علاء الدّين ابن العطار، والحافظ الكبير شرف الدّين الدّمياطيّ، والإمام زين الدّين الفارقي، وبدر الدّين بن الخلال، ونجم الدّين ابن الخباز، وجماعة بقيد الحياة.

وكان صدرًا رئيسًا وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير الثروة والنّعمة ولي غير مرةٍ في المناصب الدّينية فحُمدت سيرته وكان ينطوي على دين وعبادة وحسن خُلقٍ ومروءة وكان محبًا للحديث ذا عناية به. رحل إلى مصر، وسمع من أصحاب السلفي. وكتب بخطه وحصل. واعتنى بولده وأسمعه الكثير. وقد روى الحديث من بيته جماعة كثيرة ذكرناهم في هذا التاريخ.

توفي في العشرين من ذي القعدة بدمشق ودفن بتربتهم بسفح قاسيون.

357 -

‌ محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد

، الرئيس وجيه الدّين التكريتي، التاجر.

كان نافذ الكلمة وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات واسع الجاه وكان من خواصّ الملك الناصر ويده مبسوطة في دولته.

ذكره قطب الدّين فقال: لما توجه إلى مصر في الجفل من التتار غَرِم ألف ألف درهم. فلما تسلطن الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه. وكان له من التمكين ما لا مزيد عليه ولم يبلغ أحدٌ من أمثاله من الحرمة ونفاذ الكلمة ما بلغ، كانت متاجره لا يَتعرَّض له متعرِّض، وكتبه عند سائر الملوك، حتى ملوك الفرنج - نافذة. وكل من ينسب إليه مرعي الجانب. ولما مات ولده التاج محمد في صفر سنة ستِّ وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته، ثم ركب إلى الجبل وكانت جنازة مشهودة وتأسَّف أبوه وامتنع من سُكنى داره بالزّلاقة، فأمر السلطان بأن تُخلى له دار السعادة وفُرشت ليسكنها، ثم خرج إليه السلطان وحلف عليه فنزل البلد ومن إكرامه أن ولده نصير الدّين عبد الله حج مع والدته عام حج الملك الظاهر، فحضر عنده يوم عرفة مسلمًا، فحيث وطئ البساط قام له السلطان وبالغ في إكرامه وسأله عن حوائجه فقال: حاجة المملوك أن يكون معنا أميرٌ يعيّنه السلطان. فقال: من اخترت من الأمراء أرسلته في خدمتك. فطلب منه جمال الدّين بن نهار. فقال

ص: 186

له السلطان: هذا المولى نصير الدّين قد اختارك على جميع من معي فتروح معهم إلى الشام وتخدمه مثل ما تخدمني. وهذا عظيم من مثل الملك الظاهر وكان وجيه الدّين كثير المكاتبة للأمراء والوزراء وفيه مكارم وعنده بِرٌ وصدقة ودماثة أخلاق ورِقّة حاشية، توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بتربته بقاسيون وكان من أبناء السبعين.

قلت: ولد سنة تسعٍ وستمائة. وسمع من المؤتمن بن قُميرة ولم يروِ، بل روى عنه الدّمياطيّ من شعره.

358 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، الصالح الزاهد، أبو عبد الله بن الطباخ الموصلي، ثم المصري.

روى عن الشيخ مرهف شيئًا من شعره وله زاوية بالقرافة الصغرى ويقصد بالزيارة والتبرُّك لصلاحه ودينه.

عاش ثلاثًا وسبعين سنة وتوفي في جمادى الآخرة.

359 -

‌ محمد بن علي بن المظفر بن القاسم

، أبو بكر النشبي المؤذن بجامع دمشق.

ولد في سلخ المحرم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وسمع من الخُشوعيّ وبهاء الدّين القاسم ابن عساكر وست الكَتَبة بنت الطّراح وعمر بن طبرزد وحنبل والكندي وجماعة. وروى الكثير وتفرد بأجزاء. وكان يقرأ على الجنائز.

روى عنه الدّمياطيّ وأبو محمد الفارقي وأبو علي بن الخلال وأبو الفداء بن الخباز وأبو الحسن بن العطار وأبو عبد الله بن الزراد ومجد الدّين بن الصيرفي وجماعة في الأحياء وتبطأ بعض المحدثين عن الأخذ عنه لكونه جنائزيًا. وقد سمع منه الشهاب المقرئ.

وكانت وفاته في سادس ذي الحجة.

360 -

‌ محمد بن عمر بن محمد بن علي

، زين الدّين، أبو عبد الله بن

ص: 187

الزقزوق الأنصاري، الفاسي الأصل، المصري، الصوفي الكُتبي.

ولد سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة بمصر، وسمع بدمشق من حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني، سمع منه المصريون. وروى عنه الدّمياطيّ وغيره، ومات بالقاهرة في نصف رجب.

361 -

‌ محمد بن محمد بن أحمد

، أبو بكر بن مُشليون الأنصاري، البلنسي، المقرئ، المحدث.

كان عالي الإسناد في القراءات. أخذها عن أبي جعفر بن عون الله الحصّار، فكان آخر أصحابه واستوطن سبْتة وأقرأ بها إلى أن تحول في أواخر عمره إلى تونس فتوفي بها سنة سبعين أو بعدها بقليل، قرأ عليه القراءات الشيخ أبو إسحاق الغافقي المتوفى سنة ست عشرة وسبعمائة بسبتة.

362 -

‌ محمد بن ملكداذ الموقاني

، الفقيه نجم الدّين، معيد الباذرائية.

363 -

‌ محمد بن أبي فِراس

، قاضي القضاة سراج الدّين الهنايسي.

مات في رمضان ودفن عند معروف الكرخي، سمع من علي بن إدريس ودرّس بالبشيرية. وكان ديِّنًا، متحريًا، بصيرًا بمذهب الشّافعيّ، رحمه الله.

364 -

‌ مُدللة بنت محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن الشَّيرجيّ

، أمُّ محمد الدّمشقيّة.

خرج لها جمال الدّين بن الصابوني أربعين حديثًا بالإجازات من شيوخها، أجاز لها: عبد اللطيف بن أبي سعد والخُشوعيّ والقاسم ابن عساكر، والحافظ عبد الغني، روى عنها ابن الخباز وأبو الحسن بن العطار وغيرهما.

وتوفيت في ثاني شعبان عن ثمانين سنة.

365 -

‌ مظفر ابن القاضي مجد الدّين عبد الرحمن بن رمضان بن إبراهيم

، الحكيم بدر الدّين الطبيب، شيخ الطب، المعروف بابن قاضي بعلبك.

ص: 188

قرأت بخط الإمام شمس الدّين محمد بن الفخر أنه توفي في يوم الثلاثاء ثاني وعشرين صفر سنة سبعين، قال: وكان رئيس الأطباء شرقًا وغربًا، فيلسوف زمانه، لم نعلم في وقته مثله. انهدم بعده ركنٌ من الحكمة. وله مصنفات عظيمة النفع في الطب. ووقع له من حسن العلاج في زماننا ما لم يقع إلا للأكابر، فمنه أن الملك المنصور صاحب حماة نزل به خوانيق أشرف منها على الموت، فأنفذ إلى دمشق يطلب البدر المذكور والموفق السامري فذهبا إليه فكوياه في وسط رأسه بميل من ذهب، فبرأ وأعطاهما شيئًا عظيمًا. وكان ذلك بإشارة البدر.

قال ابن أبي أصيبعة: نشأ بدمشق وقد جمع الله فيه من العلم الغزير والذكاء المفرط والمروءة ما تعجز الألسن عن وصفه، قرأ الطب على الدخوار وأتقنه في أوسع وقت وحفظ كثيرًا من الكتب. وكان ملازمًا له. عرض عليه مقالته في الاستفراغ وسافر معه إلى الشرق. وخدم بمارستان الرقة. وصنَّف مقالةً في مزاج الرقَّة. واشتغل بها على الزين الأعمى الفيلسوف، ثم قدم دمشق، فلما تسلطن الجواد بدمشق استخدمه وحظي عنده وتمكن. وولاه رياسة الأطباء والكحالين والجراحية وكتب له منشورًا في صفر سنة سبعٍ وثلاثين وقد اشترى دُورًا إلى جانب مارستان نور الدّين وغرم عليها مبلغًا وكبرّ بها قاعات للمرضى وبناها أحسن بناء. وشكروه على ذلك وخدم الملك الصالح وغيره. ثم تجرد لحفظ مذهب أبي حنيفة. وسكن بيتًا في القليجية. وحرر حفظ القرآن، ثم القراءات وأخذها عن الإمام أبي شامة على كبر وأتقنها.

وفيه عبادة ودين وقد مدحه ابن أبي أُصيبعة بقصائد في تاريخه. وله كتاب مفرج النفس استوفى فيه الأدوية القلبية وكتاب الملح في الطب.

366 -

‌ مظفر بن لؤلؤ

، أبو غالب الدّمشقيّ الضرير، ابن الشربدار.

يروي عن عمر بن طبرزد، توفي في جمادى الأولى.

وقال ابن الخباز فيه: مظفر بن ياقوت زين الدّين الشربدار العادلي. روى عن ابن طبرزد. وولد سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة.

ص: 189

367 -

‌ النصير بن تمام بن معالي

، أبو الذكر المقدسيّ، رئيس المؤذنين بجامع دمشق.

ولد سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع في كهولته من ابن اللتي وحدث. وذكر أنه سمع من الكندي وكان طيب الصوت، مليح الشكل.

توفي في المحرم ودفن بمقبرة باب الفراديس.

368 -

‌ يحيى بن عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن المفرج بن مسلمة

، المحدث أبو زكريا.

سمع بدمشق من أبي القاسم الحسين بن صصرى وجماعة وبمصر من عبد العزيز بن باقا، وعبد الصمد الغضاري وجماعة وكتب الأجزاء وأسمع ولده عبد الرحيم. ثم خدم بالكتابة. وتوفي بالغور في تاسع جمادى الأولى. وكان مولده في سنة أربعٍ وستمائة.

روى عنه ابن الخباز وزاد أنه سمع من أبي المجد القزويني وزين الأمناء وقال: لقبه محيي الدّين وحدثنا عنه علي بن الموفق.

369 -

‌ يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن عبدة

، الصدر نجم الدّين بن اللبودي، الدّمشقيّ، الطبيب.

ترقى بالطب عند صاحب حمص ووزر له، ثم اتصل بصاحب الشام الملك الناصر فجعله ناظر الدواوين. ثم ولي ذلك في الدولة الظاهرية.

وكان محتشما، نبيلًا، جليلًا. اختصر الإشارات والمعالمين في الأصلين؛ واختصر الكليات في الطب وتوفي في ذي الحجة ودفن بتربته التي بقرب بركة الحميريين وجعل تربته دار طبِّ وهندسةٍ وقرر لها شيخًا وقُرّاءً.

وكان والده شمس الدّين محمد بن اللبُودي من كبار الأطباء. توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة، وعمر نجم الدّين يومئذٍ أربع عشرة سنة.

370 -

‌ يعقوب بن المعتمد والي دمشق

مبارز الدّين أبي إسحاق إبراهيم بن موسى، العادلي، الدّمشقيّ، الأمير شرف الدّين أبو يوسف الحنفيّ.

ص: 190

روى عن حنبل بدمشق والقاهرة، وسمع من أبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، وابن العطار والدويداري وجماعة.

وتوفي في ثالث عشر رجب عن ثلاثٍ وثمانين سنة.

371 -

‌ يوسف بن عبد الله بن عثمان

، الشيخ التقيّ المقدسيّ. عرف بالكيزاني.

روى عن ابن اللتي، روى عنه ابن الخباز، والشيخ علي بن العطار.

ونزل بكفر بطنا ولقن بها وعلّم وأمَّ بمسجدٍ بها ومات بها.

372 -

‌ الرشيد أبو حليقة

، الطبيب المصري المشهور النصراني. واسمه أبو الوحش ابن الفارس أبي الخير ابن الطبيب دواد بن أبي المُنى.

كان أستاذ هذه الصناعة في عصره وفيه لطفٌ وتودد ورأفة بالمرضى، اشتغل على عمه المهذب أبي سعيد بدمشق، ثم اشتغل بمصر وقرأ أيضًا على المهذب الدخوار.

ولد بجعبر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ونشأ بالرُّها وبعثه أبوه قبل الستمائة إلى دمشق فتعلم عند عمه قليلًا. ودخل القاهرة وسكنها؛ وخدم الملك الكامل وكان له إقطاع وافر. ثم خدم الصالح نجم الدّين بن الكامل وغيره. وخدم الملك الظاهر ركن الدّين.

وطال عُمُرُه واشتهر ذكره. وله نوادر في أعمال الطب تميز بها. وكان في شبيبته يعرف بابن الفارس فطلبه الكامل يومًا وقال: اطلبوا لنا أبو حليقة. فغلب ذلك عليه.

قال ابن أبي أُصيبعة: وقد أحكم نبضَ الملك الكامل حتى إنه أخرج إليه من خلف الستارة مع الآدُر المريضات، فرأى نبض الجميع ووصف لهنّ، فلما وصل إلى نبضه عَرَفَه فقال: هذا نبض مولانا السلطان وهو صحيح بحمد الله. فتعجب منه غاية العجب وزاد تمكُّنُه عنده.

وقد عمل الترياق الفاروق وتعب عليه وسهر ليالي حتى عمله، فحصل للسلطان نزلةٌ في أسنانه ففُصِد بسببها وداواه الأسعد لاشتغال الرشيد بعمل الترياق، فلم ينجع وزاد الألم، فطلب الرشيد وتضور، فقال: تسوك من

ص: 191

الترياق الذي عمله المملوك في البرنية الفضة وترى العجب، قال: وخرج إلى الباب فلم يشعر إلا بورقة بخط السلطان: يا حكيم استعملت ما قلت فزال جميع ما بي لوقته، ثم بعث إليه خِلعًا وذهبًا وقد سقى من ترياقه مفلوجًا عند السّور فقام بعد ساعتين. وسَقى منه من به حصاة ففتّتها وأراق الماء لساعته.

وله أخبار كثيرة ذكرها ابن أبي أصيبعة وقال: سمي بأبي حليقة لحلقة فضة كانت في أذنه عملتها أمه من الصغر وعاهدته أمه أن لا ينزعها، فبقيت لأنها كان لا يعيش لها ولد، فقيل لها: اعملي لمولودك حليقة فضة، فإذا ولد اعمليها في أذنه، فعملتها وعاش اتفاقًا، له شعر جيد ومقالة في حفظ الصحة ومقالة في أن الملاذ الروحانية ألذ من الجسمانية، كتاب الأدوية المفردة سماه المختار في ألف عقار، مقالة في ضرورة الموت.

373 -

‌ أبو القاسم بن سالم الزملكاني

.

حدث عن ابن اللتي وغيره ومات في جمادى الآخرة.

وفيها ولد:

فخر الدّين عثمان ابن شيخنا جمال الدّين أحمد بن الظاهري، وشمس الدّين محمد، ابن الشهاب أحمد بن محمد بن صالح العرضي، إمام مسجد الرحبة في صفر، وشهاب الدّين أحمد بن إبراهيم بن الجزري، وشمس الدّين محمد بن عبد الواحد المراكشي النحوي وبدر الدّين محمد ابن شيخنا كمال الدّين أحمد بن العطار في جمادى الأولى والصارم إبراهيم بن محمد الجندي بن الغزال، وشمس الدّين محمد ابن القاضي سالم بن أبي الهيجاء الأذرعي، والشيخ علي بن محمد الختني تقريبًا، والتقيّ عبد الملك بن أبي بكر بن مشِّرف نزيل طرابلس، والقاضي كمال الدّين أحمد بن العماد بن الشيرازي، والشيخ شهاب الدّين أحمد بن يحيى بن جهبل في المحرم، والشيخ محمد بن أحمد البالسي، وعزيز الدّين إبراهيم بن الخطيب جمال الدّين الدّينوري بكفر بطنا،

ص: 192

‌الطبقة الثامنة والستون

(671 - 680 هـ)

ص: 193

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن‌

‌ الحوادث

في هذه العشر سنين على الترتيب

‌سنة إحدى وسبعين وستمائة

ففي المحرم سار السلطان من دمشق إلى مصر على البريد وفي صحبته البيسري، وجرمك الناصري، وآقوش الرومي، فوصلوا في ستة أيام، وأقام خمسة ورجع فوصل دمشق في خمسة.

وفي المحرم قدم الكافر صاحب النوبة فنهب عيذاب وقتل خلقا، منهم واليها وقاضيها، فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة، فدخل بلد الجون وقتل من فيه وأحرقه وكذا فعل بحمص إبريم وأرميا، وغير ذلك. وهو علاء الدين أيدغدي الحرب دار.

وفي جمادى الأولى بلغ السلطان وهو بدمشق أن فرقة من التتار نازلوا البيرة، فسار إلى حمص، ثم إلى بزاعة، فأخبر أن التتار ثلاثة آلاف على الفرات، فرحل إلى الفرات وأمر الجيش بخوضها، فخاض الأمير سيف الدين قلاوون وبدر الدين بيسري في أول الناس، ثم تبعهما هو ووقعوا على التتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البيسري إلى سروج. أما الذين نازلوا البيرة فإنهم سمعوا بذلك، فترحلوا عن البيرة منهزمين وأتاها السلطان فخلع على الكبار وفرق في أهلها مائة ألف درهم.

وللشهاب محمود، أبقاه الله، في ذلك:

سر حيث شئت لك المهيمن جار واحكم فطوع مرادك الأقدار حملتك أمواج الفرات ومن رأى بحرا سواك تقله الأنهار وتقطعت فرقا ولم يك طودها إذ ذاك إلا جيشك الجرار

ص: 195

وفي جمادى الآخرة أفرج عن عز الدين الدمياطي الأمير عن تسع سنين حبسها.

وفي رجب خلع على الأمراء وفرق فيهم نحو ثلاثمائة ألف دينار.

وفي شعبان أطلق علم الدين سنجر الغتمي المعزي واشتراه السلطان.

وبعث السلطان رسل منكوتمر ابن أخي بركة ومعهم رسولا بتحف وتقادم.

وفي شوال استدعى السلطان الشيخ خضرا شيخه إلى القلعة في جماعة حاققوه على أشياء ورموه بفواحش، فأمر باعتقاله. وكان السلطان ينزل إليه ويحبه ويمازحه ويستصحبه في سائر أسفاره ويمده بالعطاء ولا يرد شفاعاته وامتدت يده ودخل إلى كنيسة قمامة فذبح قسيسها بيده ونهب أصحابه ما فيها، ثم هجم كنيسة اليهود ونهبها وبدع فيها. ودخل كنيسة الإسكندرية ونهب ما فيها وصيرها مسجدا وبنى له السلطان مسجدا وزاوية بالحسينية ومن أجله بنى الجامع بالحسينية وماتا في شهر.

‌سنة اثنتين وسبعين وستمائة

في المحرم توجه السلطان إلى الشام في طائفة، منهم سنقر الأشقر، وبيسري وأيتمش السعدي، فلما وصل إلى عسقلان بلغه أن أبغا قدم بغداد، فنفذ السلطان وراء الجيش، فقدموا في الشتاء ولم يكن بأس.

قصة ملك الكرج

وكان قد أتى من بلاده ليزور بيت المقدس والقمامة متنكرا في زي الرهبان هو وطائفة، فسلك أرض الروم إلى سيس، ثم ركب في البحر وطلع من عكا وأتى القدس، فاطلع الأمير بدر الدين بيليك الخزندار على أمره وهو على يافا، فأرسل من قبض عليه، ثم سيره مع الأمير منكورس إلى السلطان وهو بدمشق، فسأله السلطان وقرره بلطف حتى اعترف، فحبسه وأمره أن يكتب إلى بلاده بأسره ودخل السلطان إلى القاهرة في رجب.

ص: 196

وفي يوم العيد ختن خضر ولد السلطان في عدة صبيان من أولاد الأمراء.

وفي رمضان توجه الملك السعيد في صحبته الفارقاني وأربعون نفسا إلى دمشق على البريد، ثم رد ثاني يوم.

وفي ذي القعدة حضر والي القرافة إلى والي القاهرة وأخبر أن شخصا دخل إلى تربة الملك المعز وجلس عند القبر باكيا، فسئل عن بكائه، فذكر أنه قليج قان ابن الملك المعز. وقد كان السلطان نفى آل المعز هذا والملك المنصور علي إلى بلاد الأشكري، فطلب وقيد وطولع به السلطان، فأحضره وسأله عن أمره، فذكر أن له في البلاد نحو ست سنين يتوكل لأجناد، فحبس بمصر وحنا عليه بعض مماليك أبيه فأجرى عليه نفقة.

قلت: رأيت قليج قان هذا في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، فحكى لنا أخباره وأنه ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة وأنه نجا من بلاد الأشكري وأن أخاه الملك المنصور علي تنصر هناك وبقي إلى سنة سبعمائة أو نحوها وله أولاد هناك نصارى وأنه هو الذي باع للملك الأشرف مملوكه لاجين الذي تملك بخمسة آلاف درهم.

وفيها ذكر محيي الدين ابن عبد الظاهر أنه وصل كتاب صاحب الحبشة إلى السلطان في طي كتاب صاحب اليمن وفيه: أقل المماليك أمحرا ملاك يقبل الأرض وينهي بين يدي السلطان الملك الظاهر، خلد الله ملكه، أن رسولا وصل من والي قوص بسبب الراهب الذي جاءنا، فنحن ما جاءنا مطران وبلادنا بلاد السلطان ونحن عبيده، فيأمر الأب البترك يعمل لنا مطرانا رجلا عالما لا يحب ذهبا ولا فضة ويسيره إلى مدينة عوان والمملوك يسير إلى أبواب الملك المظفر ما يلزمه ليسيره إلى ديار مصر. وقد مات الملك داود وتملك ابنه وعندي في عسكري مائة ألف فارس مسلمين، وأما النصارى فكثير وكلهم غلمانك ويدعون لك.

فكتب جوابه: ورد كتاب الملك الجليل الهمام، العادل في رعيته حطي ملك أمحرة، أكبر ملوك الحبشان، نجاشي عصره، سيف الملة المسيحية

ص: 197

حرس الله نفسه، ففهمناه؛ فأما المطران فلم يحضر من جهة الملوك رسول حتى كنا نعرف الغرض. في كلام نحو هذا.

وأمحرا: إقليم كبير، صاحبه يحكم على أكثر الحبشة ويلقب حطي وهو الخليفة.

ومدينة عوان: هي ساحل بلاد الحبشة وأول الحبشة. وكان قد نفذ هدية من جملتها سباع، فأخذ صاحب سحرت الهدية ونهبها.

وفيها وعظ بدمشق العز عبد السلام بن أحمد بن غانم، فأعجب الناس جدا.

‌سنة ثلاث وسبعين وستمائة

في صفر توجه السلطان إلى الكرك على الهجن وكان قد وقع بها برج أحب أن يصلح بحضوره.

غزوة سيس

دخل السلطان ـ عز نصره ـ دمشق في آخر شعبان، ثم سار إلى سيس وعبر إليها من الدربند، فافتتحها وأخذ أياس وأذنة والمصيصة في العشر الأخير من رمضان وبقي الجيش بها شهرا وقتلوا وأسروا وسبوا خلائق وغنموا. وبقي السلطان بجسر الحديد إلى أواخر ذي القعدة.

ذكر استيلاء بيت لاون على سيس والثغور

قال العماد الكاتب: كانت هذه البلاد يحميها متملك الروم ويحفظها، فاستولى عليها مليح بن لاون النصراني، قال: وذلك لأن السلطان نور الدين محمود بن زنكي كان يشد منه ويقوي جأشه وكان كما يقال: قد سلط الكفرة على الفجرة. فلما تقوى مليح بن لاون وجه صاحب الروم جيشا، فكسرهم ابن لاون وأسر من مقدميهم ثلاثين نفسا. وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وستين

ص: 198

وخمسمائة. فبلغ ذلك نور الدين، فأرسل خلع عليه وكتب إلى الخليفة يعظم أمره ويقول: إن مليح بن لاون الأرمني من جملة غلمانه وأنه كسر الروم ويمت على الديوان بهذا. ومن هذا الوقت تملك هذا التكفور هذه البلاد نيابة عن نور الدين لا غير واستمر على ذلك.

وبلاد سيس هذه تعرف بالدروب وتعرف بالعواصم وبها كان الرباط والمثاغرة وكان أمرها مضافا إلى مملكة مصر.

وقد افتتح أحمد بن طولون هذه البلاد فأخذها من سيما الطويل وفي أيام كافور الإخشيذي حصل التهاون في أمر الثغور، فقصدها الملك تكفور ويقال: تقفور الرومي، لعنه الله، فعصت عليه، فحرق قراها وقطع أشجارها، فبعث كافور نجدة لها.

والشرح في ذلك يطول وليس هذا موضعه وللمولى محيي الدين ابن عبد الظاهر في هذه النوبة:

يا ملك الأرض الذي جيشه يملأ من سيس إلى قوص مصيصة التكفور قالت لما بالله إفرادي وتخصيصي كم بدن فصله سيفك الـ ـفراء والأكثر مصيصي وفي شعبان وقع رمل عظيم بالموصل وظهر من القبلة وانتشر يمينا وشمالا حتى ملأ الأفق وعميت الطرق، فخرج الخلق إلى ظاهر البلد وابتهلوا إلى الله واستغاثوا إلى أن كشف ذلك عنهم.

وفي ربيع الآخر قتل بغرناطة الزنديق الشيخ إبراهيم الصفار، قتلوه رجما بالحجارة بأمر السلطان محمد ابن السلطان محمد بن يوسف بن نصر صاحب الأندلس، وكتب بذلك إلى المرية يعلمهم بكفره ويحذرهم من سلوك سبيله. وفي الكتاب: إنه كان يفضل إبراهيم وعيسى على نبينا صلى الله عليه وسلم وإنه كان يفضل الولي على النبي ويستحل المحرمات وفي الكتاب: وإن هؤلاء الكفرة، يعني أصحاب إبراهيم الصفار، تلاعبوا بالدين واعتقدوا الولاية في كثير من الفساق المكبين على الكبائر، كالمشورب المشهور وأبي زيدان

ص: 199

وأشباههما من سخفاء المجانين أو المجان. وهذا في مجلد بخط أبي الوليد المالكي.

وفيها كان القحط المفرط باليمن، حتى أكلوا الميتات.

‌سنة أربع وسبعين وستمائة

في شهر جمادى الآخرة نزلت التتار على البيرة في ثلاثين ألفا وأكثرهم من عسكر الروم وماردين، فبيتهم أهل البيرة وأحرقوا المجانيق ونهبوا وعادوا، فجد التتار في الحصار والقلعة بحمد الله عاصية، ثم رحلوا عنها وسلم الله وأقاموا عليها تسعة أيام. ولما بلغ السلطان ذلك أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار وأكثر وسار، فبلغه وهو بالقطيفة رحيل التتار، فوصل إلى حمص ورجع إلى القاهرة.

ولما رحلت التتار اتفقوا مع البرواناه على منابذة ملكهم أبغا، فخلف البرواناه الأمير حسام الدين بيجار وولده بهاء الدين وشرف الدين مسعود ابن الخطير وأخاه ضياء الدين والأمير ميكال، على أن يكونوا مع الملك الظاهر، ثم كتب إلى الظاهر بذلك على أن يرسل إليهم جيشا ويحمل إلى الظاهر ما يحمل إلى التتر، ويكون غياث الدين على ما هو عليه من السلطنة.

غزوة النوبة ودنقلة

توجه من مصر جيش عليهم عز الدين أيبك الأفرم وشمس الدين الفارقاني إلى النوبة في ثلاثمائة فارس، فوصلوا دنقلة، فخرج إليهم ملكها داود على النجب، بأيديهم الحراب وليس عليهم لامة، فرموهم بالنشاب، فانهزموا وقتل منهم خلق وأسر خلق وبيع الرأس من السبي بثلاثة دراهم، ومر داود في هروبه بملك من ملوك النوبة، فقبض عليه وأرسل به إلى الملك الظاهر ووضعت الجزية على أهل دنقلة ولله الحمد.

وأول ما غزيت النوبة في سنة إحدى وثلاثين، غزاها عبد الله بن سعد ابن أبي سرح في خمسة آلاف فارس، وأصيبت في هذه الغزوة عين حديج ابن

ص: 200

معاوية وعين أبرهة بن الصباح. ثم هادنهم عبد الله ورد. ثم غزيت في زمن هشام ولم تفتح، ثم غزيت زمن المنصور، ثم غزاها تكين التركي، ثم غزاها كافور صاحب مصر، ثم غزاها ناصر الدولة ابن حمدان، فبيتوه ورد مهزوما. وغزاها تورانشاه أخو السلطان صلاح الدين في سنة ثمان وستين وخمسمائة ووصل إلى أبريم ولم تفتح إلى الآن كما قال ابن عبد الظاهر:

هذا هو الفتح لا شيء سمعت به في شاهد العين لا ما في الأسانيد وفي ذي الحجة عقد للملك السعيد على ابنة الأمير الكبير سيف الدين قلاوون الألفي على صداق خمسة آلاف دينار، وكتب الكتاب محيي الدين ابن عبد الظاهر وقرأه، فخلع عليه وأعطي مائة دينار وأوله: الحمد لله موفق الآمال لأسعد حركة، ومصدق المقال لمن جعل عنده أعظم بركة، ومحقق الإقبال لمن أصبح نسيبه سلطانه وصهره ملكه؛ إلى أن قال: وبعد فلو كان إيصال كل شيء بحسب المتصل به لما استصلح البدر شيئا من المنازل لنزوله ولا الغيث شيئا من الرياض لهطوله، ولا الذكر الحكيم لسانا من الألسنة لترتيله، ولا الجوهر الثمين شيئا من التيجان لحلوله .. ومنه: فخطب إليه أسعد البرية، وأمنع من تحميها السيوف المشرفية، وأعز من تسبل عليها ستور الصون الخفية، وتضرب دونها خدور الجلالة الرضية، وتتجمل بنعوتها العقود كيف لا وهي الدرة الألفية.

وفي ذي الحجة سار السلطان إلى الكرك وجعل فيه الطواشي شمس الدين صواب السهيلي ثم قدم دمشق.

الزلزلة

وفيها كانت زلزلة عظيمة بخلاط أخربت كثيرا من دورها، وهلك جماعة تحت الردم واتصلت بأرجيش فأخربتها وخسفت منها مواضع، وأما ماردين وميافارقين فشعثت فيها.

ص: 201

وفيها افتتح حصن القصير، وهو بين حارم وأنطاكية وكان فيه قسيس عظيم يقصد من البلاد فحاصرته العسكر الحلبي مع بلبان الرومي الدويدار، فنزل القسيس وسلمه بالأمان في جمادى الأولى. وهذا الحصن لم يفتحه صلاح الدين فيما فتح، وكان أهله أهل شر وأذية.

وفيها سير السلطان رسلا إلى الفنش صاحب إشبيلية لكونه كان بعث رسولا بتقدمة سنية، فسير السلطان الأميرين سيف الدين الجلدكي وعز الدين الكبكبي، والعدل ابن البيع، ومعهم هدية، فركبوا في البحر وتوصلوا إلى بلنسية، ثم إلى الفنش، فاحتفل لالتقائهم وبالغ في إكرامهم ثم سفرهم فقدموا مصر في صفر من سنة خمس وسبعين.

وفيها أخذ رجل وامرأة في رمضان في بغداد في حمام على الفاحشة، فأفتى الفقهاء برجمهما فحصبا بظاهر بغداد، وما رجم ببغداد أحد قبل هذين فكأنهما اعترفا.

‌سنة خمس وسبعين وستمائة

في أولها دخل السلطان دمشق من الكرك، فبعث بدر الدين الأتابكي في ألف إلى الروم، فوصلوا إلى البلستين، فصادفوا بها جماعة من عسكر الروم، فبعثوا إلى بدر الدين بإقامات وخدموه وسألوه أن يقتل التتر الذين بالبلستين، ويصيروا معه إلى السلطان، فأخذهم معه، ووافوا السلطان على حارم، فأكرم موردهم، ثم بعث الأمير حسام الدين بيجار إلى مصر، فخرج الملك السعيد لتلقيه، ثم قدم على السلطان ضياء الدين ابن الخطير، ورجع السلطان إلى مصر بعد ذلك.

وحضر إلى ال وم طائفة كبيرة من المغول، وقتلوا شرف الدين ابن الخطير، وبعثوا برأسه إلى قونية، وقتل معه جماعة من الأمراء والتركمان؛ وذلك لأن ابن الخطير شرع يفرق العساكر وأذن لهم في نهب من يجدونه من التتار وقتلهم.

وانحاز الأمير محمد بن قرمان وإخوته وأصحابه التركمان إلى سواحل الروم وأغاروا على التتار، وكاتب الملك الظاهر. فطلب الملك غياث

ص: 202

الدين صاحب الروم وابن البرواناه الأمير شرف الدين ابن الخطير، فقدم عليهما، فجمعوا من حواليهم من المغول، فخرج تاج الدين كيوي إلى ابن الخطير وعنفه ابن الخطير وأمر به فقتل وقتل معه سنان الدين والي قونية، ثم ندم وخاف من البرواناه، فأتى إلى باب الملك غياث الدين في يوم الجمعة ثالث عشر صفر في أهبة وطائفة. وتخبط البلد ولم يصلوا جمعة. ثم نودي في البلد بشعار الملك الظاهر وراسلوا الملك الظاهر يستوثقون منه باليمين لأنفسهم ولغياث الدين، فاستأذنهم ابن البرواناه في أن يدخل قيصرية ويحمل حواصله ويخرج إليهم ودخل وحمل حرمه وأمواله وخرج ليلا وسار إلى دوقات. فلما تحقق شرف الدين ابن الخطير مسيره إلى دوقات بعث أخاه ضياء الدين وسيف الدين طرمطاي وولده سنان الدين في جماعة نحو الخمسين إلى الملك الظاهر يحثه على المجيء، فوافوه على حمص وحرضوه فقال: أنتم استعجلتم في المنابذة وأنا وعدت معين الدين البرواناه قبل توجهه إلى الأردو أني أطأ البلاد في آخر هذه السنة. وأنا الآن فعساكري بمصر. وأما ذهاب مهذب الدين ابن البرواناه إلى دوقات فنعم ما فعل. ثم أكرمهم. فقال ضياء الدين: يا خوند متى لم تقصد البلاد الآن لم نأمن على أخي أن يقتل هو والأمراء الذين حلفوا لمولانا السلطان وإن كان ولا بد فتبعث عسكرا يكونون ردءا له. فقال: المصلحة أن ترجعوا إلى بلادكم وتحصنوها وتحتموا بالقلاع إلى أن أمضي إلى مصر ونربع الخيل ونعود.

ثم جهز الأمير سيف الدين بلبان الزيني إلى الروم ليحضر من خلف بها من الأمراء والملك غياث الدين، فلما كان بالطريق جاءه الخبر بعود البرواناه إلى الروم في خدمة منكوتمر وإخوته في ثلاثين ألفا، فرد.

وأما شرف الدين ابن الخطير فعزم على حرب منكوتمر، فسفه الأمراء رأيه وقالوا: كيف نلتقيه ونحن في أربعة آلاف؟ فعلم أنه مقتول، فقصد قلعة لؤلؤة ليحتمي بها، فما مكنه واليها من دخولها إلا وحده ومعه مملوك، فلما دخل قبض عليه وبعث به إلى البرواناه، فلما دخل عليه شتمه وبصق في وجهه ورسم عليه. ولما قدم البرواناه جلس هو والتوامين: تتاون

ص: 203

وكريه وتقو، مجلسا عاما وأحضروا الملك غياث الدين وأمراءه، فقالوا: ما حملك على ما فعلت من خلع أبغا وميلك إلى صاحب مصر؟ فقال: أنا صبي وما علمت المصلحة. ورأيت الأمراء قد فعلوا شيئا، فخفت إن خالفتهم أن يمسكوني، فقام البرواناه إلى الطواشي شجاع الدين قانبا لالا السلطان فذبحه بيده. ثم إن الأمراء اعتذروا بأن ابن الخطير هو الذي فعل هذا كله وخفنا أن يفعل بنا كما فعل بتاج الدين كيوي. فسألوا شرف الدين ابن الخطير فقال للبرواناه: أنت حرضتني على ذلك وأنت كاتبت صاحب مصر وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وكتب المقدمون بصورة ما جرى إلى أبغا ثم أمروا بضرب ابن الخطير بالسياط ويقرروه بمن كان معه، فأقر على نور الدين ابن جيجا وسيف الدين قلاوز وعلم الدين سنجر الجمدار، وغيرهم. فلما تحقق البرواناه أنه يقتل بإقرار ابن الخطير عليه، أوحى إليه يقول: متى قتلوني لم يبقوك بعدي، فاعمل على خلاصي وخلاصك بحيث إنك تصر على الإنكار واعتذر بأن اعترافك كان من ألم الضرب.

ثم جاء الجواب بقتل ابن الخطير، فقتل في جمادى الأولى وبعث برأسه إلى قونية وبإحدى يديه إلى أنكورية وبالأخرى إلى أرزنكان. وقتلوا معه سيف الدين قلاوز، والجمدار وجماعة كبيرة. وأثبتوا ذنبا على طرمطاي، ففدى نفسه بأربعمائة ألف درهم وبمائتي فرس وعلى أن يقيم بألف من المغل في الشتاء.

وفيها قتل مرخسيا النصراني القسيس، لا رحم الله فيه عضوا وكان واصلا عند أبغا، متمكنا منه وله عليه دالة زائدة. وكان يغريه بأذية المسلمين. قتله معين الدين محمود والي أرزنكان بأمر البرواناه وقتل نيفا وثلاثين نفسا معه من أهله وأتباعه، فالحمد لله.

وفيها تواقع أبو نمي صاحب مكة وجماز صاحب المدينة، فالتقوا على مر الظهران وسببها أن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب الينبع وهو ابن عم أبي نمي اتفق هو وجماز على أبي نمي وسارا لقصده، فخرج وكسرهما وأسر إدريس وهرب جماز.

ص: 204

وفي شوال قدم السلطان دمشق ودخل حلب في أول ذي القعدة. وسار ابن مجلي بعسكر حلب فنزل على الفرات وسار السلطان بالجيوش فقطع الدربند الرومي ووقع سنقر الأشقر بثلاثة آلاف من التتار، فالتقاهم فكسرهم وأسر منهم وصعد العسكر الجبال وأشرفوا على صحراء البلستين، فشاهدوا التتار، قد رتبوا عسكرهم أحد عشر طلبا، الطلب ألف ومقدم الكل النوين تتاون وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما التقى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان ودخلت طائفة منهم وحملوا على الميمنة، فلما رأى ذلك السلطان ردفهم بنفسه وخاصكيته، ثم رأى ميسرته قد اضطربت، فردفها بطائفة، ثم حمل بالجيش حملة واحدة على التتار، فترجلوا وقاتلوا أشد قتال وقتل منهم مقتلة عظيمة وانهزم الباقون في الجبال والوعر، فأحاطت بهم العساكر المنصورة، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم وقتل من المسلمين جماعة، منهم الأمراء: ضياء الدين ابن الخطير وشرف الدين قيران العلاني وعز الدين أخو المحمدي وسيف الدين قلنجق الششنكير وعز الدين أيبك الشقيفي وأسر خلق من التتار، فمنهم على ما ذكر المؤيد: سيف الدين سلار وسيف الدين قبجق، وسنذكر من أخبارهما ونجا البرواناه وساق إلى قيصرية وذلك في ذي القعدة. واجتمع بصاحب الروم غياث الدين وأعيان الدولة وأخبرهم بكسرة التتار، فاجتمع رأيهم على الانتقال إلى دوقات خوفا من مرور التتار بهم وأذيتهم.

وأما السلطان فبعث سنقر الأشقر إلى قيصرية بأمان أهلها وإخراج السوقية، ثم رحل السلطان، عز نصره، إلى قيصرية، فمر بقلاع ونزل ولاتها إلى خدمته ودخلوا في الطاعة وقدم قيصرية وطلع الأعيان والأمراء والكبار والفضلاء على طبقاتهم وتلقوه وفرح به المسلمون وكان يوما مشهودا. وركب يوم الجمعة للصلاة، فدخل إلى مدينة قيصرية ونزل بدار السلطنة وجلس على سرير المملكة وجلس بين يديه القضاة والعلماء على

ص: 205

قاعدة مملكة الروم ومدوا سماطا عظيما وخطبوا له وضربت السكة باسمه، ثم بلغ السلطان أن البرواناه كتب إلى أبغا يحرضه على إدراك السلطان الملك الظاهر بالروم. وبلغه أيضا الغلاء الذي بالبلد، فرحل عنه إلى الشام.

وممن أسر المسلمون في وقعة البلستين من الكبار: مهذب الدين ابن البرواناه، وابن أخته والأمير نور الدين جبريل والأمير قطب الدين محمود والأمير سراج الدين إسماعيل بن جاجا والأمير سيف الدين سنقر شاه الزوباشي ونصرة الدين بهمن وكمال الدين إسماعيل عارض الجيش وحسام الدين كياوك والأمير سيف الدين الجاويش وشهاب الدين غازي التركماني ومن أمراء التتار: زيرك صهر أبغا، وسرطق، وجركر، وتماديه وسركدة.

وأما صاحب الروم فتحول إلى دوقات وهي حصينة، على أربعة أيام من قيصرية ورجع الملك الظاهر على المعركة، فسأل عن عدة القتلى كم بلغت؟ فقيل: إن عدة القتلى المغل ستة آلاف وسبعمائة وسبعون نفسا. وتعب الجيش وقاسوا مشقة عظيمة وكان على يزك الجيش عز الدين أيبك الشيخي، وكان قد ضربه السلطان بسبب تقدمه، فتسحب إلى التتار.

وجاء إلى السلطان رسول البرواناه يستوقفه عن الحركة، فكان جوابه: إنا قد عرفنا طرق الروم وبلاده، وما كان جلوسنا على تخت الملك رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته، ثم قطع السلطان الدربند وعبر النهر الأزرق وقدم الشام في آخر العام.

ولما بلغ شمس الدين ابن قرمان وقعة البلستين جمع وحشد وقصد أقصرا ونازلها، ثم قصد قونية ومعه ثلاثة آلاف فارس فنازلها ورفع السناجق الظاهرية وأحرق بابها ودخلها يوم عرفة، فنهب دور الأمراء والنائب، ثم ظفر بنائبها، فعذبه وقتله وعلق رأسه. وأقام بقونية سبعة وثلاثين يوما.

وأما الملك أبغا فإنه أسرع إلى الروم فوافى البلستين على أثر رجوع الملك الظاهر، فشاهد القتلى وبكى وأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه بجلية الأمر، فقال: لم أعرف. فلم يقبل قوله وحنق عليه وبعث أكثر جيشه إلى جهة الشام وكان معه أيبك الشيخي، فقال له: أرني مكان ميمنتكم

ص: 206

وميسرتكم، فأراه، فقال: ما هذا عسكر يكفيه هذه الثلاثون ألفا التي معي. ثم بعث يجمع العساكر. وكان قد هلك لهم خيل كثيرة. ثم عطف، لعنه الله، على قيصرية فخرج إليه القضاة والعلماء وقال: كم للملك الظاهر عنكم؟ قالوا: خمسة وعشرون يوما. وعزم على قتل أهل قيصرية فلاطفوه وقالوا: هؤلاء رعية لا طاقة لهم بدفع جيش، فلم يقبل هذا العذر وقتل جماعة من الأعيان صبرا. ثم أمر عسكره بالقتل والنهب في البلد.

قال قطب الدين في تاريخه: فيقال إنه قتل من الرعية ما يزيد على مائتي ألف، وقيل خمسمائة ألف من قيصرية إلى أرزن الروم. وممن قتل: القاضي جلال الدين حبيب. فما قوم دخول السلطان وحكمه على الروم أسبوعا بما جرى على أهلها. فلا قوة إلا بالله.

‌سنة ست وسبعين وستمائة

50 دخل السلطان دمشق في سابع المحرم، فدخل القلعة، ثم نزل إلى قصره.

وتواترت الأخبار بوصول أبغا إلى البلستين، فضرب السلطان مشورة ووقع الاتفاق على الخروج من دمشق بالعساكر المنصورة وملتقى أبغا حيث كان. وأمر بالدهليز فضرب على القصر. ثم بلغه رجوع أبغا، فأمر برد الدهليز.

وجلس في رابع عشر المحرم بالقصر فرحا مسرورا لشرب القمز، فتوعك عقيب ذلك اليوم وتقيأ، فعسر عليه القيء، ثم ركب لكي ينشط فقوي به الألم ومرض واشتكى في اليوم الثالث حرارة في باطنه، ثم أجمعت الأطباء على استفراغه، فسقوه دواء، فلم ينجع، فحركوه بدواء آخر كان سببا لإفراط إسهاله وضعف والحمى تتضاعف، فتخيل خواصه أن كبده تتقطع وأنه سم، فسقوه جواهر في اليوم السادس. وكانت المرضة ثلاثة عشر يوما. ومات رحمه الله وعفا عنه، كما هو مؤرخ في ترجمته في المحرم.

وفي سادس عشر ربيع الأول ركب السلطان الملك السعيد بأبهة الملك،

ص: 207

وخلع على الأمراء وله نحو ثمان عشرة سنة.

وفي الخامس والعشرين من ربيع الأول قبض الملك السعيد على سنقر الأشقر والبيسري وسجنهما وكان قبل ذلك بأيام قد مات نائب السلطنة بيليك الخزندار، فولى مكانه شمس الدين آقسنقر الفارقاني.

وفيه قدمت رسل بركة في البحر وطلعوا من الإسكندرية.

وفي ربيع الآخر قبض السلطان على نائبه الفارقاني في جماعة من الأمراء وحبسوا، وولى نيابة السلطنة الأمير شمس الدين سنقر الألفي.

وفيه أفرج السلطان عن سنقر الأشقر وبيسري وخلع عليهما ورضي عنهما.

وفي جمادى الآخرة قبض السلطان على خاله بدر الدين بركة خان لأمر نقمه عليه، ثم أطلقه بعد عشرة أيام. وبقيت الآراء مختلفة وكل واحد يشير على السلطان بما يوافق هواه والسلطان شاب غر بالأمور.

وعملت التربة الظاهرية بدمشق وبالغوا في الإسراع في إنشائها ونقل تابوت المرحوم الملك الظاهر من قلعة دمشق إلى تربته في رجب ليلا ومعه نائب السلطنة عز الدين أيدمر ومن الخواص دون العشرة.

وفي ذي القعدة عزل القاضي محيي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة عن قضاء مصر وأعمالها، ثم أضيف ذلك إلى قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين ولم يفرد بعد ذلك قضاء مصر عن قضاء القاهرة.

وفي ذي الحجة ولي قضاء الشام ابن خلكان وصرف ابن الصائغ، رحمهما الله.

‌سنة سبع وسبعين وستمائة

فدخل قاضي القضاة ابن خلكان دمشق في أول العام وتلقاه نائب السلطان والدولة والأعيان، وفرح الأكابر بمقدمه ومدحه غير واحد من الشعراء، وتكلم نور الدين ابن مصعب وأنشأ هذه الأبيات:

ص: 208

رأيت أهل الشام طرا ما فيهم قط غير راض نالهم الخير بعد شر فالوقت بسط بلا انقباض وعوضوا فرحة بحزن قد أنصف الدهر في التقاضي وسرهم بعد طول غم قدوم قاض وعزل قاض فكلهم شاكر وشاك كحال مستقبل وماضي وفي صفر أديرت المدرسة الظاهرية بدمشق ولم تكن تكملت عمارتها، وكانت قبل ذلك دار إمرة وتعرف بدار العقيقي، فاشتريت، فدرس للشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي، ودرس للحنفية الشيخ صدر الدين سليمان.

وفي جمادى الأولى ولي قضاء الحنفية بدمشق الشيخ صدر الدين سليمان، بعد وفاة ابن العديم، فتوفي بعد ثلاثة أشهر، وولي بعده القاضي حسام الدين الرومي قاضي ملطية.

وفي ذي القعدة أديرت المدرسة النجيبية وهي صغيرة، إلى جانب المدرسة النورية فدرس بها قاضي القضاة ابن خلكان مديدة، ثم نزل عنها لولده. وفتحت أيضا الخانكاه النجيبية وكان سبب تأخر فتح المكانين عن تاريخ وفاة النجيبي شمول الحوطة التركة والوقف.

وفي خامس ذي الحجة كان عبور السلطان الملك السعيد إلى قلعة دمشق وكان يوما مشهودا، وعملت القباب، وفرح الناس ودعوا له دعاء كثيرا وسروا به سرورا زائدا لجودته ولينه.

وفي يوم عرفة باشر الوزارة بمصر القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري بحكم وفاة الوزير بهاء الدين ابن حنى بمقتضى مرسوم سلطاني.

وفي هذا الشهر ولي الوزارة بالشام الصاحب فتح الدين ابن القيسراني، وبسط يده وأمر القضاة بالركوب معه أول مباشرته.

وبعث السلطان شطر الجيش للإغارة على بلاد سيس وعليهم الأمير الكبير سيف الدين قلاوون.

وبقي السلطان يتردد إلى المرج والزنبقية للفرجة، وجلس بدار العدل،

ص: 209

وأسقط ما قرره أبوه على الأمداد، فسر الناس ودعوا له على هذه الحسنة العظيمة ولعل الله قد رحمه بها.

وفيها عزل عن الشد بكتوت الأقرعي وأرسل إلى حلب على خبز الأمير علم الدين الدواداري، ثم أحضر الدواداري وأعطي شد الشام، فباشر في أواخر ذي الحجة.

‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

في المحرم ولي قضاء المالكية بدمشق الذي كان ينوب عن الشيخ زين الدين الزواوي، وهو جمال الدين أبو يعقوب الزواوي.

وفيه ولي ولاية دمشق عز الدين ابن أبي الهيجا، وعزل الأمير ناصر الدين الحراني.

وفي ربيع الأول وقع الخلف بين الخاصكية بدمشق وعجز السلطان عن تلافي ذلك، وخرج عن طاعته نائبه الأمير سيف الدين كوندك وتقدم بالذين التفوا عليه نحو القطيفة ومعه نحو أربعمائة من الظاهرية، وفيهم فرسان وشجعان، فنزل بالقطيفة ينتظر الجيش الذين في سيس، فقدموا واتصل بهم كوندك وأصحابه ونزل الكل بعذرا، وراسلوا السلطان في معنى الخلف الذي حصل. وكان كوندك مائلا إلى البيسري، ولما اجتمع به وبالأمير سيف الدين قلاوون وغيرهما من الكبار أوحى إليهم ما وغر صدورهم وخوفهم من خواص الملك السعيد، وأن نيتهم نحسة، وأن السلطان موافق لما يختارونه وكثر القول ونفر الخواطر. فاقترح الأمراء على السعيد إبعاد الخاصكية عنه وتفريقهم، فلم يجب إلى ذلك عجزا عنهم وخوفا من العاقبة، وحار في أمره وصار وحيدا، فرحل الجيش من عذرا وساروا على المرج إلى الكسوة، وترددت الرسل بينهم. ثم ساروا إلى مرج الصفر، ففارقهم نائب دمشق عز الدين أيدمر ومعه أكثر عسكر دمشق، ودخلوا البلد، فبعث السلطان أمه بنت بركة خان في محفة، وفي خدمتها سنقر الأشقر، فإنه كان مقيما بدمشق عند السلطان، فتلقتها الأمراء وقبلوا الأرض أمام المحفة، فكلمتهم في الصلح وحلفت لهم على بطلان ما نقل إليهم، وأن السلطان يعرف

ص: 210

حقهم، فاشترطوا شروطا كثيرة التزمت لهم بها، وعادت إلى ولدها وعرفته الصورة، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط وقالوا: قصدهم إبعادنا ليتمكنوا منك ويعزلوك. ولم يتفق أمر، وترحل العسكر طالبين الديار المصرية، فساق السلطان جريدة في طلبهم، فبلغ رأس الماء، فوجدهم قد أبعدوا، فعاد من آخر النهار، ودخل القلعة ليلا، وأصبح في غرة ربيع الآخر، فسافر بمن بقي معه من الجيش المصري والشامي في طلبهم، وسير والدته وخزائنه إلى الكرك. ووصل إلى بلبيس في خمسة عشر يوما. وقد دخل أولئك القاهرة، ورجع نائب دمشق وأكثر الأمراء إلى الشام. وساق هو إلى قلعة مصر، فوجد العساكر محدقة بالقلعة وكان بها نائبه الأمير عز الدين الأفرم، فحصل بينهم مقاتلة يسيرة، وحمل به الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وشق الأطلاب، وفتح له الأفرم وطلع إلى القلعة، وقتل جماعة يسيرة، وبقي جماعة ممن كان مع السلطان برا، فاحتاجوا أن ينضموا إلى سائر العسكر.

وأما سنقر الأشقر فإنه انعزل بالمطرية بطلبه، وحاصروا القلعة، وقطعوا عنها الماء الذي يطلع في المدارات وزحفوا عليها، وجدوا في ذلك. فرأى السلطان تخلي من يرجو نصره عنه، وتخاذل من بقي معه وأنه عاجز، وكان مقدم الجيش الذي قام على الملك السعيد حموه الأمير سيف الدين قلاوون، فجرت المراسلات على أنه يخلع نفسه ويسلطنوا أخاه سلامش، وأن يعطوا للسعيد الكرك، ويعطوا أخاه الشوبك - يعني نجم الدين خضر - فبعث علم الدين الحلبي وتاج الدين ابن الأثير الكاتب إليهم، وحلفوا له على ذلك، ونزل من القلعة، وكان الحصار يومين، فعقدوا له مجلسا لخلعه من الملك، وأحضروا القضاة والعلماء والأمراء، وعملوا محضرا بخلعه، وكتبوا به نسخا، ورتبوا في السلطنة أخاه بدر الدين سلامش، وهو ابن سبع سنين، وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون، وحلفت الأمراء له ولأتابكه، وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه، ودعي لهما معا في الخطبة، وتوجه السعيد إلى الكرك، وقد زال ملكه وعليه صورة ترسيم. ثم أعيد إلى

ص: 211

القلعة من الغد لأمر أرادوه، ثم سيروه ليلا؛ وجاء سنقر الأشقر واجتمع بالأتابك سيف الدين، وصار معه.

وجاءت الأخبار إلى دمشق قبل وصول نائبها أيدمر، فقدم دمشق في أول جمادى الأولى، فخرج يتلقاه الأمير جمال الدين آقوش الشمسي، فقبض هو وجماعة من الأمراء على نائب السلطنة عز الدين أيدمر عند المصلى، وفصلوه عن الموكب، ودخلوا به من باب الجابية، ورسموا عليه بدار عند مأذنة فيروز إلى العشي، وحبسوه بالقلعة، وكان بها الأمير علم الدين الدويداري، أعني بدمشق والقلعة، قد استنابه السلطان الملك السعيد عليها مدة غيبة نائبها عز الدين.

وفيه عزل قضاة مصر الثلاثة معا، تقي الدين بن رزين الشافعي، ونفيس الدين بن شكر المالكي، ومعز الدين النعمان الحنفي.

وفي ثالث جمادى الآخرة قدم سنقر الأشقر نائبا على دمشق، وقرر الدواداري مشدا كما كان.

سلطنة السلطان الملك المنصور

في الحادي والعشرين من رجب شالوا سلامش من السلطنة من غير نزاع، وبايعوا المولى السلطان سيف الدين قلاوون الصالحي التركي المعروف بالألفي، ولقب بالملك المنصور، وحلف له الأمراء: البيسري والحلبي، ولم يختلف عليه اثنان.

وفي رجب قبض على الصاحب فتح الدين ابن القيسراني، ثم وصل أمير يحلف أمراء الشام فحلفوا. وقيل: إن سنقر الأشقر لما حلف الأمراء لم يحلف هو وكاسر، ولم يرضه ما جرى، ودقت البشائر بدمشق يوم السابع والعشرين من رجب وزين البلد.

وفي شعبان عزل برهان الدين السنجاري عن وزارة مصر بالصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء.

وفيه سير الأمير عز الدين أيدمر الظاهري من قلعة دمشق في محفة متمرضا إلى مصر، فحبس بقلعتها.

ص: 212

وفي شوال خرج الركب الشامي وأميرهم عماد الدين يوسف ابن الشقاري، وحج الشيخ شمس الدين شيخ الجبل وطائفة من الحنابلة، وحج أبي وخالي، وحدثني أبي أنهم رأوا الملك السعيد يسير بظاهر الكرك في أواخر شوال.

قلت: ثم مات في منتصف ذي القعدة أو في عاشره، وعمل عزاؤه بمصر؛ وحضر السلطان وهو لابس البياض.

وفي الرابع والعشرين من ذي الحجة ركب نائب السلطنة شمس الدين سنقر الأشقر الصالحي بعد العصر من دار السعادة وبين يديه جماعة من الأمراء والجند ودخل البلد، فأتى باب القلعة فهجمها راكبا، ودخل وجلس على تخت الملك، وحلفوا له، وتلقب بالملك الكامل. ودقت البشائر بعد ساعة، ونودي في البلد بسلطنته، وكان محببا إلى الناس، وحلف له القضاة والأكابر، وقبض على الوزير تقي الدين البيع، وكان له في الوزارة شهرا ونصفا، واستوزر مجد الدين ابن كسيرات. ولم يحلف له الأمير ركن الدين الجالق، فقبض عليه وحبسه. وقبض على نائب القلعة حسام الدين لاجين المنصوري الذي تسلطن. وولى في المدينة علم الدين سلطان.

وأما الكرك فرتب في السلطنة بها الملك خضر بعد أخيه، وسار طائفة إلى الشوبك فتسلموها بالأمان بعد محاصرة أيام. وكان الذين بها قد عصوا على الملك المنصور لما نزح عنها الملك خضر ابن الملك الظاهر إلى عند أخيه الملك السعيد. ثم أخربت أسوار الشوبك وأذهبت حصانة قلعتها.

‌سنة تسع وسبعين وستمائة

في مستهلها ركب السلطان سنقر الأشقر من القلعة بأبهة الملك، ودخل الميدان وبين يديه الأمراء بالخلع، وسير لحظة، وعاد إلى القلعة، وجهز عسكرا، فنزلوا عند غزة، وكان عسكر المصريين بغزة، فأظهروا الهرب، ثم كروا على الشاميين، فكبسوهم ونالوا منهم، وهزموهم إلى الرملة.

وفي خامس المحرم وصل أمير العرب عيسى بن مهنا، ودخل في طاعة الملك الكامل سنقر الأشقر، فبالغ في إكرامه، وأجلسه على السماط إلى

ص: 213

جانبه، ثم قدم أمير آل مري أحمد بن حجي على الكامل فأكرمه.

وفيه ولي قاضي القضاة ابن خلكان تدريس الأمينية، وعزل نجم الدين ابن سني الدولة.

وفي أواخر المحرم جهز السلطان الملك المنصور من مصر جيشا، عليهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي لحرب الملك الكامل فتقهقر يزكه إلى أطراف دمشق، وفي ثاني عشر صفر خرج الملك الكامل سنقر الأشقر، فنزل على الجسورة واستخدم وأنفق، وجمع خلقا من البلاد، وحضر معه ابن مهنا وابن حجي بعرب الشام، وجاءته نجدة حماة وحلب، وتصمد معه جيش كثيف، لكن لم يكونوا كلهم في الباطن معه، بل كان كثير منهم عليه، وبعضهم فارغين. وأقبل الحلبي بالمصريين، فالتقوا بكرة عند الجسورة، والتحم الحرب، واستمر المصاف إلى الرابعة، وقاتل سنقر الأشقر بنفسه وحمل عليهم، وبين، لكن خامر عليه أكثر عسكره، فانهزم بعضهم وتحيز بعضهم إلى المصريين، وانهزم صاحب حماة من أول ما وقعت العين في العين، وبقي في فل من الناس، فولى وسلك الدرب الكبير إلى القطيفة، ولم يتبعه أحد، وتجمع المنهزمون على القصب من أعمال حمص، ثم عاد أكثر الأمراء ولم يعاقبوا.

وأما المصريون فأحاطوا بدمشق ونزلوا في خيم المنهزمين، وراسلوا نائب سنقر الأشقر الذي بالقلعة، ففتح لهم باب الفرج وفتحت القلعة بالأمان. ثم جهز الأمير علم الدين الحلبي ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر.

وركب قاضي القضاة ابن خلكان للسلام على الحلبي فحبسه بعلو الخانكاه النجيبية، وعزله، وولى القضاء القاضي نجم الدين ابن سني الدولة، وكان يحترمه لأنه لما تسلطن بدمشق في آخر سنة ثمان وخمسين كان نجم الدين هو قاضي دمشق حينئذ. وحكم الحلبي في البلد. وحضر إليه الأمير أحمد بن حجي، ودخل في الطاعة.

وأما ابن مهنا فإنه توجه في صحبة سنقر الأشقر ولازم خدمته، ونزل به وبمن معه من العسكر في برية الرحبة وأقام بهم.

وأخرج الحلبي من حبس القلعة ركن الدين الجالق وحسام الدين

ص: 214

لاجين وتقي الدين الصاحب، وحبس ابن كسيرات وابن صصرى. وبقي ابن خلكان في الاعتقال نيفا وعشرين يوما. وضرب زين الدين وكيل بيت المال، لأنهم تسرعوا إلى مبايعة سنقر الأشقر. وطلب ابن الصائغ فأكرمه، فشفع في القاضي ابن خلكان وفي زين الدين الوكيل. وعرض عليه الحلبي القضاء فعين نجم الدين ابن سني الدولة، وعلم أنها ولاية مقلقلة لكونها من غير السلطان.

ثم ورد البريد في الثامن والعشرين من مصر بأنا قد عفونا عن جميع الناس من الخاص والعام، ولم نؤاخذ أحدا، وأن يقر كل أحد على منصبه.

وباشر نيابة السلطنة الأمير بدر الدين بكتوت العلائي أياما إلى أوائل ربيع الأول. ثم جاء تقليد بالنيابة لملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري الذي حبسه سنقر الأشقر، فباشر يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول، وقرئ تقليده بدار السعادة. وكان شابا عاقلا، شجاعا، دينا، من سلحدارية السلطان الملك المنصور أيام إمرته. ودخل معه دار السعادة الأمير علم الدين الحلبي، ورتبه في النيابة، ومشى في خدمته الأمراء.

وصرف الحلبي ابن خلكان إلى منزله بالمدرسة العادلية، وبقي ابن سني الدولة يتردد إلى المدرسة ويحكم بها. وأمره الحلبي بأن يتحول من العادلية ويسلمها إلى ابن سني الدولة، فشق ذلك عليه، وتكرر إليه القول بسرعة التحول، فبينا هو في ذلك وقد أحضر جمالا لنقل حوائجه إلى جبل الصالحية، وإذا بكتاب سلطاني بالإكرام، والإقرار له على منصبه، وإعادته إلى القضاء، فباشر الحكم يومئذ الظهر، ولبس الخلعة، وأعيد إلى ولاية المدينة ابن الحراني.

وفي أوائل ربيع الآخر توجه من دمشق الأمير عز الدين الأفرم نجدة للجيش المصري الذين توجهوا لمضايقة سنقر الأشقر، فاجتمعوا بحمص، ثم ساروا في طلب سنقر الأشقر، ففارق ابن مهنا وتوجه إلى الحصون التي بيد نوابه، وطلع إليها، وهي صهيون - وكان سير إليها أهله وخزائنه - وبلاطنس، وبرزية، وعكار، وجبلة، واللاذقية، وشيزر، والشغر، وبكاس.

ص: 215

وكان قد انهزم يوم الوقعة الأمير الحاج أزدمر إلى جبل الخرديين، وأقام عندهم واحتمى بهم، ثم مضى إلى خدمة سنقر الأشقر في طائفة من الجبليين، فأنزله بشيزر يحفظها.

وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين الصاحب محيي الدين ابن النحاس.

وفيه وصل الجفال من البلاد الحلبية من التتار وتقهقر عسكرها. وسبب حركتهم ما بلغهم من اختلاف الكلمة.

وتوجه في جمادى الأولى عسكر المصريين ونازلوا شيزر وضايقوها بلا محاصرة، وترددت الرسل بينهم وبين سنقر الأشقر في تسلمها. فبينا هم في ذلك وصلت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار قد دهموا البلاد، فخرج من بدمشق من العساكر، وعليهم الركن أباجو، وانضم إلى العساكر التي على شيزر، ثم نزل الكل على حماة؛ وقدم من مصر بكتاش النجمي في ألف، فلحق بهم، وأرسل هؤلاء إلى سنقر الأشقر يقولون: هذا العدو قد دهمنا وما سببه إلا الخلف الذي بيننا، وما ينبغي أن تهلك الرعية في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على دفعه. فنزل عسكر سنقر الأشقر من صهيون والحاج أزدمر من شيزر، وخيمت كل طائفة تحت حصنها، واتفقوا على الملتقى وقتال التتار، وجاءت طائفة عظيمة من التتار، فقتلوا من تبقى بحلب وسبوا ونهبوا وأحرقوا منبر الجامع والمدارس ودور الأمراء، وعملوا كل قبيح كعاداتهم الجميلة، وأقاموا بحلب يومين، واستاقوا المواشي والغنائم.

وقيل: إن بعض من كان استتر بحلب يئس من الحياة ووقف على رأس منارة حلب، وكبر بأعلى صوته على التتار وقال: الله أكبر جاء النصر من عند الله؛ ولوح بثوبه، وبقي يقول: أمسكوهم من البيوت مثل النساء يا عساكر الإسلام. فخرج التتار على وجوههم يظنون أن المسلمين جاءوا. وكانوا قد بلغهم اجتماع العسكر على حماة، وسلم ذلك الرجل. نقل ذلك الشيخ قطب الدين.

ص: 216

وفي هذه الأيام تسحب جماعة من الأمراء الذين عند سنقر الأشقر إلى السلطان. وكان السلطان قد سار ببقية الجيش فنزل غزة.

وفي هذه المدة خطب على المنابر بولاية العهد للملك الصالح علي ابن السلطان الملك المنصور.

وفيها أعيد السنجاري إلى الوزارة، ورد ابن لقمان إلى ديوان الإنشاء.

ورجع السلطان من غزة لما بلغه رجوع التتار وأمن البلاد.

وفي رمضان أعيد تقي الدين ابن رزين إلى قضاء الديار المصرية، وعزل صدر الدين ابن بنت الأعز. وأعيد قبل ذلك إلى القضاء القاضيان نفيس الدين ابن شكر، ومعز الدين النعمان. ورتب قاض حنبلي وهو الشيخ عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض المقدسي صهر الشيخ شمس الدين ابن العماد. أما معز الدين الحنفي فهو أيضا رتب ولم تتقدم له ولاية إلا عند ترتيب القاضي الحنبلي المذكور.

وفي ذي القعدة كان طائفة من الشاميين نزال بمرج المرقب، فداخلهم طمع فركبوا من الليل، وصبحوا المرقب للغارة، فخرج الفرنج وقد جاءتهم نجدة في البحر، وحملوا على المسلمين، فهزموهم ومزقوهم في أودية وعرة، فنالوا منهم نيلا عظيما وقتلوا وأسروا. فما شاء الله كان.

وفي أول ذي الحجة خرج السلطان إلى الشام وخلفه ولده الملك الصالح.

ويوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار، فأهلك بعض الزرع وبدع في الوجه القبلي. ووقع تحت الجبل الأحمر صاعقة على حجر، فأخذت وسبكت وجاء منها نحو الأوقية، ووقعت يومئذ صاعقة بالإسكندرية.

وفي سابع عشر ذي الحجة نزل السلطان على الروحاء قبالة عكا، فراسله أهلها في الهدنة. وأقام هناك أياما وقدم عليه عيسى بن مهنا طائعا، فبالغ السلطان في إكرامه واحترامه، وصفح عنه قيامه مع سنقر الأشقر.

وفيها وزر بدمشق الشرف ابن مزهر، ومد يده، ثم أعيد التقي البيع.

ص: 217

‌سنة ثمانين وستمائة

في أوائل المحرم هادن السلطان أهل عكا ونزل اللجون وقبض على الأمير سيف الدين كوندك الظاهري وعدة أمراء بحمراء بيسان. فقيل: إن كوندك وأيتمش السعدي وسيف الدين الهاروني وطائفة اتفقوا على الفتك بالسلطان، وعرف ذلك البيسري، فأعلمه، فقبض على كوندك وغيره وهرب الباقون؛ الهاروني والسعدي ونحو ثلاثمائة فارس على حمية إلى عند سنقر الأشقر. وأهلك كوندك، فقيل: إنه غرق ببحيرة طبرية. وساق طقصو في عسكر وراء أيتمش السعدي، فجرح ورد.

ويوم سابع عشر المحرم وصل المحمدي مقدم البحرية إلى دمشق ومعه جماعة أمراء ممسوكين، فحبسهم بقلعة دمشق ودخل السلطان دمشق يوم تاسع عشر المحرم وحمل الجتر البيسري يومئذ، فعزل ابن خلكان عن القضاء بابن الصائغ وولي قضاء الحنابلة نجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين، وذلك بعد خلو الشام من قاض حنبلي مدة.

ثم جهزت المجانيق وطائفة لحصار شيزر، فنازلوها وتسلموها وذلك أن الرسل ترددت في الصلح بين السلطان وبين سنقر الأشقر ووصل من جهته الأمير علم الدين الدواداري والأمير خزندار سنقر الأشقر. فحلف له السلطان ونودي من دمشق باجتماع الكلمة ودقت البشائر لذلك، وسير إليه فخر الدين المقري الأمير ليحلفه وحينئذ سلم سنقر الأشقر قلعة شيزر للسلطان، فعوضه عنها كفر طاب وفامية وأنطاكية والسويدية وشغر وبكاس ودركوش، بضياعها، على أن يقيم ستمائة فارس على جميع ما تحت يده من البلاد وذلك ما ذكرناه، وصهيون بلاطنس وجبلة وبرزية واللاذقية؛ وخوطب في ذلك بالمقر العالي، المولوي، السيدي، العالمي، العادلي، الشمسي، ولم يصرح له في ذلك بالملك ولا بالأمير.

وفي ربيع الأول أديرت الجهة الملعونة والخمور بدمشق وكانت بطالة من خمس عشرة سنة، وأديرت بالديار المصرية أيضا قبل هذا التاريخ بمدة، فلا قوة إلا بالله، وبقيت دائرة بدمشق أياما، ولطف الله وبطلت وأريقت

ص: 218

الخمور. وطهر البلد من ذلك. ولله الحمد.

ووقع الصلح بين صاحب الكرك الملك خضر وبين السلطان، ثم جاءت امرأة الملك الظاهر بنت بركة خان ومعها تابوت ولدها الملك السعيد، ثم استبقوا التابوت بالليل من الصور ودفن إلى جانب والده. وأدخله القبر قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ، ونزلت أمه بدار صاحب حمص وعقد العزاء من الغد بالمدرسة الظاهرية، وحضره السلطان والأمراء والأعيان والوعاظ.

وعزل تقي الدين البيع من الوزارة وباشر عوضه تاج الدين ابن السنهوري.

وفي جمادى الأولى جاءت الأخبار بأن التتار على عزم المجيء.

وقعة حمص

انجفل أهل البلاد الشمالية وقويت الأخبار واهتم السلطان بدمشق للعرض، وجاء أحمد بن حجي بخلق من العربان وكثرت الأراجيف وكثرت الجفال، وعدى التتار الفرات من ناحية حلب، ونازل الرحبة منهم ثلاثة آلاف، منهم القان أبغا، فخرج السلطان بسائر الجيوش، وقنت الأئمة في الصلوات، وحضر سنقر الأشقر وأيتمش السعدي، والحاج أزدمر، وبالغ السلطان في احترام سنقر الأشقر، وأقبل منكوتمر يطوي البلاد، فالتقى الجمعان ووقع المصاف ما بين مشهد خالد بن الوليد إلى قريب الرستن، وذلك بشمالي حمص، في يوم الخميس رابع عشر رجب. ويوم الأربعاء قلق العالم بدمشق وأحسوا بقرب اللقاء، وفزعوا كافة إلى جامع دمشق بالشيوخ والأطفال واستغاثوا إلى الله، ثم خرج الخطيب بالمصحف العثماني إلى المصلى ومعه خلائق يتضرعون إلى الله، وكان يوما مشهودا، شهده مع السلطان ممالكيه، مثل طرنطية وبيدرا، وكتبغا، ولاجين، وقبجق، وقراسنقر، وسنجر الشجاعي، والطباخي، وسندمر، وعدة كلهم أمراء، وفيهم من تسلطن، وسنقر الأشقر، والحاج أزدمر الذي قيل إنه طعن طاغية العدو، وعلم الدين الدواداري، والمنصور صاحب حماة في أمرائه، فكان رأس الميمنة ويليه

ص: 219

البيسري، ثم طيبرس الوزيري وعز الدين الأفرم ونائب دمشق لاجين المذكور في عسكر دمشق. وكان رأس الميسرة سنقر الأشقر المذكور، ثم الأيدمري، ثم بكتاش أمير سلاح. وكان في طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التركمان، وشاليش القلب طرنطية، وكانت المغل خمسين ألفا، والمجمعة ثلاثين ألفا.

قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشمس. وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النصف من ذلك أو أقل.

وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التتار في أول الأمر واضطربت ميمنة المسلمين، ثم حملت التتار على الميسرة فكسروها وهزموها مع طرف القلب. وثبت السلطان بمن معه من أبطال الإسلام، وكان القتال يعمل من ضحوة إلى المغيب. وساق طلب من التتار وراء الميسرة إلى بحيرة حمص، وقتلوا خلقا من المطوعة والغلمان وأشرف الإسلام على خطة صعبة. ثم إن الكبار مثل البيسري وسنقر الأشقر وعلاء الدين طيبرس وأيتمش السعدي وبكتاش أمير سلاح وطرنطية ولاجين وسنجر الدواداري لما رأوا ثبات السلطان حملوا على التتار عدة حملات، ثم كان الفتح ونزل النصر وجرح مقدم التتار منكوتمر بن هولاكو، وجاءهم الأمير عيسى بن مهنا عرضا، فتمت هزيمتهم واشتغلوا بما دهمهم من جرح مقدمهم. وركب المسلمون أقفيتهم وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حتى بقي السلطان في نفر قليل من الخاصكية ونائبه طرنطاي قدامه بالصناجق. وردت ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فمروا بالسلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب وحوله من المقاتلة أقل من ألف، فلما جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتم النصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب وافترقوا، فأخذت فرقة على سلمية والبرية، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السلطان إلى منزلته بليل، وجهز من الغد وراءهم الأيدمري في طائفة كبيرة وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنصر، فضربت البشائر وزينت دمشق، فلما كان

ص: 220

نصف الليل وصل إلى ظاهر دمشق المنهزمون من الميسرة أمراء وأجناد، ولم يعلموا بما تجدد من النصر، فقلق الخلق، وماج البلد وشرع خلق في الهروب. ثم وصل وقت الفجر بريدي بالبشارة بعد أن قاسى الخلق ليلة شديدة وتودعوا من أولادهم واستسلموا للموت، فإن أولئك التتار كانوا يبذلون السيف من غير تردد. ورأسهم كافر وأكثرهم على الكفر، فلله الحمد على السلامة. وكان للصبيان والنسوان في تلك الليلة في الأسطحة ضجيج عظيم وبكاء والتجاء إلى الله تعالى لا يعبر عنه.

وكان ركن الدين الجالق من جملة المنهزمين ولم يعنفه السلطان لأنه رأى ما لا قبل له به. فلما صليت الصبح قرئ الكتاب السلطاني بكسرة التتار وأنهم كانوا مائة ألف أو يزيدون. ثم جاء كتاب آخر قبل الظهر في المعنى وزينت دمشق. واستشهد نحو مائتي فارس منهم الحاج أزدمر، وسيف الدين الرومي، وشهاب الدين توتل الشهرزوري، وناصر الدين ابن جمال الدين الكاملي، وعز الدين ابن النصرة المشهور بالقوة المفرطة والعرامة.

ودخل السلطان دمشق يوم الجمعة المقبلة وبين يدي موكبه أسرى التتار يحملون رماحا على شعف القتلى، وقدم في خدمته ممن كان انضم إلى سنقر الأشقر أيتمش السعدي، وسيف الدين بلبان الهاروني، وعلم الدين الدواداري وودعه سنقر الأشقر من حمص وعاد إلى صهيون، وترحل أولئك الذين نازلوا الرحبة.

ثم قدم بعد جمعة بدر الدين الأيدمري وقد أنكى في التتار، وتبعهم إلى قريب الفرات، وهلك منهم خلق عند تعديتهم الفرات، ونزل إليهم أهل البيرة، فقتلوا فيهم وأسروا، وتمزقوا وتعثروا، وتوصلوا إلى بلادهم في أسوأ حال، فلله الحمد على كل حال.

ودخل السلطان إلى القاهرة يوم الأحد ثاني شعبان، فوصل في عشرين يوما إلى القاهرة.

وترتب في شد دمشق علم الدين الدواداري.

ص: 221

ومات بين العيدين ملك التتار أبغا.

وفي شعبان قبض بمصر على الأميرين: ركن الدين أباجو الحاجب وبهاء الدين يعقوبا.

وفي رمضان فتحت المدرسة الجوهرية ودرس بها القاضي حسام الدين الحنفي بحضرة واقفها الصدر نجم الدين.

وجاء في رمضان ثلج مفرط، وطال بقاؤه، واشتد البرد وجلد ببعلبك الفقاع وذلك غير منكر بها.

وفي جمادى الآخرة من هذه السنة رسم الملك المنصور بعرض الدواوين من أهل الذمة على السيف أو يسلمون، فأبوا، فأخرجوهم بدمشق إلى سوق الخيل، وجعلت الحبال في أعناقهم للشنق، فأسلموا حينئذ وأحضروا إلى الحاكم فأسلموا على يده، فلما كان في شوال من السنة فكروا في أنفسهم واستفتوا الفقهاء. ثم عقد لهم مجلس ورسم للقاضي المالكي أن يسمع كلامهم ويحكم بما يوافق مذهبهم، فأثبتوا ذلك، وعاد أكثرهم إلى دينهم وغرموا مبلغا من المال على ذلك.

وفي ثاني عشر آذار في شهر ذي القعدة خرج الناس ونائب السلطنة إلى الصحراء بدمشق يستسقون.

وفيه بعث السلطان الملك المنصور بنات الملك الظاهر وسلامش وخدمهم إلى قلعة الكرك.

وفي هذه السنة تربت جزيرة هائلة تجاه بولاق وبعد البحر عن القاهرة وغلا سعر الماء.

ويوم عرفة أفرج عن البرهان السنجاري الوزير ولزم بيته بعد مشاق شديدة.

وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني، شد منه الشمسي، وتعجب الفضلاء، فإنه كان قليل الفقه، مليح الشكل، ثم أخذت منه، ثم وليها.

ص: 222

بسم الله الرحمن الرحيم

الوفيات

‌المتوفون سنة إحدى وسبعين وستمائة

1 -

‌ أحمد بن جعفر بن أبي نصر بن سعيد بن طاجيك

، أبو العباس المارديني.

شيخ معمر، قارب المائة وحدث بالقاهرة عن: زين الأمناء وغيره، وتوفي في نصف شعبان.

2 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي

، المسند الجليل، أبو البركات ابن النحاس الأنصاري، الإسكندراني المالكي، أخو منصور.

وكانا توأمين ولدا في حدود سنة خمس وثمانين وسمعا من عبد الرحمن بن موقى، ومحمد بن محمد الكركنتي؛ وأجاز لهما: أبو جعفر الصيدلاني، وحماد بن هبة الله الحراني، وأبو الحسن بن نجا الواعظ ومكي بن عوف الزهري وجماعة.

وحدث بمصر والإسكندرية، روى عنه الدمياطي والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلاء الدين ابن عمرون الكاتب وعلم الدين الدواداري والشريف يعقوب ابن الصابوني وسعد الدين الحارثي قاضي الحنابلة وطائفة؛ وتوفي في أواخر جمادى الأولى بالإسكندرية.

3 -

‌ أحمد بن عبد الواحد

، البصري.

عن: أبي الحسن القطيعي ونصر الحنبلي.

ص: 223

4 -

‌ أحمد بن عثمان بن سياوش

، المقرئ الزاهد، تقي الدين، أبو العباس الإخلاطي، إمام الكلاسة.

قرأ القراءات على أصحاب أبي الجود، وحدث عن شيخه السخاوي وأقرأ ببعض الروايات. وكان مشهورا بالصلاح والخير، روى عنه ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار؛ وهو والد الخطيب شمس الدين محمد إمام الكلاسة.

توفي في خامس رمضان، وقد نيف على السبعين، لقن مدة الصبيان.

5 -

أحمد بن علي بن حمير، البعلبكي، ابن أخت العز ابن معقل، صفي الدين.

رئيس متميز، رافضي متغال، معروف كخاله، توفي في شعبان كهلا.

6 -

‌ أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب

، السلمي، أبو العباس الكهفي.

ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة تقريبا بكهف جبل قاسيون؛ وسمع من عمر بن طبرزد، وحنبل والكندي، وابن ملاعب، روى عنه ابن الخباز وابن العطار وجماعة. ومات في ثالث رجب بالجبل؛ ولأبيه أبي الغنائم رواية عن عبد الواحد بن هلال.

7 -

‌ أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي

، المحدث، الرئيس، كمال الدين، أبو العباس ابن الدخميسي، الحموي، ثم الدمشقي، التاجر.

صدر محتشم، متمول، سمع الكثير وعني بالحديث وكتب بخطه الكثير ورحل في الحديث وحصل وفهم. ولد في حدود الستمائة.

وحدث بالإجازة عن حنبل المكبر، وأقبل على الطلب سنة نيف وعشرين وستمائة. وسمع من أبي القاسم بن صصرى، والناصح ابن الحنبلي، وابن صباح

ص: 224

وابن اللتي والهمداني وأبي علي الإوقي وخلق كثير؛ وسمع ببغداد من عمر بن كرم وعبد السلام الداهري وطائفة.

وكان له مماليك ملاح أتراك قد سمعوا معه. ثم إنه دخل الهند واستوطنها دهرا. وخطه طريقة معروفة بين المحدثين.

وعاش إلى هذا الوقت ولا أتحقق متى مات، بل سمع منه الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي المقدشاوي في سنة سبعين. وروى لنا عنه.

8 -

‌ إبراهيم بن بركات بن فضائل

، المصري، الحداد.

شيخ زاهد، عابد، قانت، مقبل على شأنه، متبع للسنة، صحب الحافظ زكي الدين المنذري مدة وسمع منه.

توفي في أول صفر وشيعه خلق كثير.

9 -

‌ إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن قرناص

، الأديب، مخلص الدين الحموي، الشاعر.

توفي في شوال.

10 -

‌ أسد بن أبي الطاهر

، أبو الوحش الدمياطي، اللخمي.

توفي في ربيع الآخر وله بضع وسبعون سنة، روى عن جلدك التقوي، سمع منه الدمياطي، والشريف عز الدين وغيرهما.

أخبرني محمود العقيلي، عن الدمياطي، عن أسد اللخمي، عن نعمة ابن سالم، عن قاسم بن إبراهيم، عن عبد الكريم بن الحسن التككي، عن علي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم الحوفي، عن محمد بن علي الأدفوي، عن أبي جعفر ابن النحاس، عن النسائي، عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر، رواه مسلم، عن قتيبة، فوافقناه بنزول أربع درجات.

ص: 225

11 -

‌ إسماعيل ابن الصفي أحمد بن عبد الله بن موسى العطار

.

يروي عن جعفر.

12 -

‌ جعفر بن علي

، الإربلي. خطيب منين.

13 -

‌ رسلان بن محمد

، أبو محمد المصري، الفاكهي.

حدث عن مكرم؛ ومات في جمادى الأولى بمصر.

14 -

‌ ست العجم بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي

.

شيخة مسندة، من أهل الصالحية، تروي عن: عمر بن طبرزد، كتب عنها الطلبة؛ وحدث عنها ابن الخباز، والدمياطي وجماعة.

توفيت في صفر.

15 -

‌ سليمان بن عبد الغني

، أبو الربيع الغمري، الدمياطي.

ولد بمنية غمر سنة خمس وستمائة، وحدث عن ابن المقير، ومات في المحرم.

16 -

‌ شرف الدين ابن السكري

.

عدل، رئيس، مشهور. وقف داره بالقصاعين لأهل العلم والحديث، وهي التي يسكنها شيخنا ابن تيمية.

17 -

‌ عبد الله بن جعفر بن عبد الجليل بن علي

، الإمام، أبو الفتح القمودي، اللخمي، الإسكندراني، المالكي، الفقيه.

ولد في حدود الثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا؛ وحدث ودرس، روى عنه الدمياطي وغيره.

وقمودة: بليدة على يومين من القيروان.

مات في ثالث المحرم.

ص: 226

18 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن خليل

، أسد الدين، أبو القاسم الأرموي، ثم الموصلي.

ولد سنة بضع وتسعين، وروى بالإجازة عن عبد العزيز ابن الأخضر، وهو ابن أخت الإمام علي بن عدلان النحوي.

مات بالقاهرة في أول رمضان.

19 -

‌ عبد الرحيم ابن الرضي محمد ابن الإمام عماد الدين

محمد ابن يونس بن محمد بن منعة، العلامة، تاج الدين، أبو القاسم الموصلي، مصنف التعجيز.

ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة؛ وله أيضا: مختصر المحصول للرازي ومختصر طريقة الطاوسي في الخلاف.

قال قطب الدين: توفي في جمادى الأولى ببغداد. وكان قد قدمها من قريب وولي بها قضاء الجانب الغربي وتدريس البشيرية، وخلع عليه؛ وله: التطريز في شرح الوجيز، ومختصر درة الغواص، وجوامع الكلم الشريفة في مذهب أبي حنيفة. وألف تصانيف عدة لم يكملها.

وممن أخذ عنه الفقه شيخنا البرهان الجعبري.

20 -

‌ عبد القاهر ابن الخطيب سيف الدين عبد الغني

ابن الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم ابن تيمية، الشيخ فخر الدين، أبو الفرج الحراني.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة بحران، وسمع من جده ومن ابن اللتي وغيرهما، وخطب بجامع حران. وكان دينا، عالما، فاضلا، جليلا.

توفي بدمشق في حادي عشر شوال بخانكاه القصر.

ص: 227

21 -

‌ عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى بن تميم

، الخطيب، المقرئ، المعمر، أبو الفتح القيسي، المصري، الشافعي.

ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على أبي الجود، وهو والمليجي آخر من قرأ عليه، وسمع من قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي نزار ربيعة اليمني وأبي القاسم عبد الرحمن ابن عبد الله المقرئ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن اللرستاني، وابن المفضل الحافظ وغيرهم، وأجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف الزهري، وأبو الفضل أحمد وأبو عبد الله محمد ابنا عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، وعبد المجيد بن دليل، ومخلوف بن جارة الفقيه، وخلق.

وتفرد في عصره عن جماعة. وروى الكثير، قرأ عليه الشيخ أبو بكر الجعبري نزيل دمشق للسبعة، وعلى المليجي، فسألته: أي الرجلين أعرف بالفن؟ قال: لا ذا يعرف ولا ذا.

قلت: وكان الخطيب عبد الهادي صالحا خيرا، كثير التلاوة. خطب بجامع المقياس مدة، حدث عنه الدمياطي والدواداري وجماعة. ومات في الرابع والعشرين من شعبان رحمه الله.

22 -

‌ عبيد الله ابن الفقيه الإمام كمال الدين أبي حفص

عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن، المحدث، الرئيس، شهاب الدين، أبو صالح ابن العجمي، الحلبي.

ولد سنة تسع وستمائة؛ وروى عن الافتخار الهاشمي، وسمع الكثير بنفسه من ابن رواحة، وابن خليل وابن يعيش وطائفة، وكتب بخطه الكثير عن المتأخرين. وحرص كل الحرص وحدث باليسير، سمع منه: الدمياطي والشريف عز الدين وغيرهما، ومات بحلب فجاءة في تاسع عشر جمادى الأولى.

ص: 228

23 -

‌ علي بن أحمد بن يوسف

، أبو الحسن القرطبي، ثم الدمشقي، الضرير.

ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة؛ وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني وأبي عبد الله ابن البناء وابن ملاعب، حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار والنجم ابن الخباز. وتوفي في ذي القعدة.

24 -

علي، العلامة، أبو الحسن المتيوي، المغربي.

أحد أئمة العلم والعمل ومن انتهى إليه معرفة مذهب مالك، كان يحفظ المدونة وتفريع ابن الجلاب، ورسالة ابن أبي زيد وغير ذلك؛ ومع قوة حفظه وذكائه لم يزل يلازم درس الفقه إلى أن مات.

قال لي أبو القاسم ابن عمران: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك ولا أشد ورعا. كان معتكفا في بيته وفيه يقرئ، لم يخرج إلا إلى الجمعة. ويخرج مغطى الوجه على حمار لئلا يرى مكروها. ولا يأكل إلا ما سير إليه من بلده من مواضع يعرف أصولها.

مات في حدود السبعين وقبره يتبرك به ويزار.

25 -

‌ عمر الملك المغيث

، فتح الدين، أبو الفتح ولد الملك الفائز سابق الدين إبراهيم ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب.

روى بالإجازة عن: عبد المعز بن محمد الهروي، كتب عنه طلبة المصريين. ومات في ذي الحجة مسجونا بخزانة البنود، ودفن بتربتهم بجوار ضريح الشافعي رحمه الله وله ست وستون سنة.

26 -

‌ عمر بن محمد

، العدل، شرف الدين السلمي السكري.

دمشقي جليل. توفي في جمادى الأولى.

27 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح

، الإمام، العلامة، أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، القرطبي.

إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه

ص: 229

ووفور فضله، توفي في أوائل هذه السنة بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى. وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان؛ وهو كامل في معناه.

وله كتاب الأسنى في الأسماء الحسنى، وكتاب التذكرة، وأشياء تدل على إمامته وذكائه وكثرة اطلاعه.

28 -

‌ محمد بن رضوان

، السيد شرف الدين العلوي، الحسيني، الدمشقي، الناسخ.

توفي في ربيع الآخر عن تسع وستين سنة، كان يكتب خطا متوحد الحسن، منسوبا. وله يد في النظم والنثر والأخبار، وعنده مشاركة في العلوم.

29 -

‌ محمد بن عبد المحسن بن عوض

، الصدر، عماد الدين، ابن النحاس الأنصاري، المصري، العدل.

روى عن ابن المقير، وتقلب في الدواوين، ونسخ الكثير بخطه لنفسه. وكان رئيسا متميزا.

30 -

‌ محمد بن شبل

، تقي الدين، المقرئ، الضرير ببغداد.

روى عن عبد الرحمن ابن الخبازة.

31 -

‌ محمد بن عبد المنعم بن عمار بن هامل

، المحدث، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله الحراني.

سمع: أبا عبد الله ابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، وأبا الفضل الهمداني وابن رواحة، والسخاوي، وطائفة من الشاميين؛ وأبا الحسن القطيعي، وعمر بن كرم ونصر بن عبد الرزاق الجيلي وطائفة ببغداد؛ ومرتضى بن حاتم، وعلي ابن الصابوني وابن رواج وجماعة بديار مصر.

وعني بالحديث عناية كلية وكتب الكثير وتعب وحصل، وكان يسمع الحديث، ويتألف الناس على روايته. وفيه دين وحسن عشرة، ولديه فضيلة ومذاكرة جيدة وإتقان، أقام بدمشق.

ص: 230

روى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن أبي الفتح وابن العطار وجماعة.

وتوفي في ثامن رمضان وله ثمان وستون سنة ووقف أجزاءه بالضيائية. وكان شيخ الحديث بالعالمية، ومعلومه فيها يسير.

32 -

‌ محمد بن عثمان بن منكورس بن خمردكين

، الأمير، سيف الدين ابن الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون.

ملك صهيون وبرزية بعد والده سنة تسع وخمسين. ومات بصهيون في عشر السبعين. ثم طلب السلطان ولده سابق الدين فأخذ منه الحصنين، وأعطاه إمرية أربعين فارسا بدمشق وأقطع عميه مجاهد الدين وجلال الدين، وبعث السلطان نوابه إلى البلدين.

33 -

‌ محمد بن عمر بن يوسف بن يحيى

، الخطيب موفق الدين، أبو عبد الله ابن الخطيب أبي حفص الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الآبار وابن خطيبها.

ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وغيرهم؛ وأجاز له الخشوعي وغيره، وهو من بيت الحديث والعدالة والخطابة، روى عنه الدمياطي، وابن الخباز وابن العطار وجماعة سواهم؛ وتوفي في سابع عشر صفر.

34 -

‌ محمد بن عيسى بن محمد بن مهدي

، الإسكندراني، المقرئ. نزيل دمشق.

وعاش ثمانين سنة، روى عن ابن طبرزد وأجازه.

مات في ذي الحجة.

35 -

‌ محمد بن محمد بن محمد

، العلامة برهان الدين المطرزي، المتكلم.

مات في العام بتبريز؛ قاله الكازروني.

ص: 231

36 -

‌ محمود بن محمد بن داود

، الإمام الفقيه، أبو المحامد الأفشنجي، البخاري، الحنفي، الواعظ.

ولد سنة سبع وعشرين وستمائة، وتفقه على أبي عبد الله محمد بن أحمد القربني، وسمع من محمد بن أبي جعفر الترمذي، وكان إماما مفتيا، مدرسا واعظا، مفسرا.

قال أبو العلاء الفرضي: فيها كانت الكائنة على أهل بخارى من التتار الكفرة، لعنهم الله، فقتل أبو المحامد بظاهر بخارى.

قلت: وقتل خلق عظيم من أهل البلد، ونهب وأحرق فيه أماكن. وهذه ثالث محنة نالت البلد من التتار، نسأل الله الستر.

37 -

‌ يحيى بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن هبة الله

، المحتسب، الرئيس، تاج الدين، أبو المفضل الثعلبي، الدمشقي، المعدل، ابن الحبوبي.

ولد سنة عشر وستمائة، وسمع حضورا من أبي الفتوح البكري وأبي القاسم ابن الحرستاني، ثم سمع من محمد بن غسان وابن المقير، والعلم ابن الصابوني، ويونس بن محمد الفارقي؛ وأجاز له: المؤيد الطوسي وعبد المعز الهروي وجماعة كثيرة؛ وخرج له ابن بلبان مشيخة كبيرة في ثلاث مجلدات، فحضرها جماعة بقراءة الشيخ شرف الدين الفزاري.

روى عنه سبطه مجد الدين ابن الصيرفي، وقال: كان صدرا جليلا، عدلا، كبيرا وقورا، مهيبا، محبوبا إلى الناس، عفيفا عن أموالهم، عزيز النفس، كثير البر والصيام، ذا هيئة حسنة وحرمة وافرة؛ ولي نظر الأيتام مدة، ثم الحسبة، ثم وكالة بيت المال إلى أن توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.

ص: 232

38 -

‌ يوسف بن الحسن بن بدر بن الحسن بن المفرج بن بكار

، الحافظ، المفيد، الإمام، المسند، شرف الدين، أبو المظفر النابلسي الأصل، الدمشقي الشافعي.

ولد سنة ثلاث وستمائة، وأجاز له على يد نسيبه الزين خالد أبو الفتح المندائي وأبو حفص الدارقزي وجماعة؛ وسمع من أبي محمد ابن البن، وأبي القاسم بن صصرى وأبي المجد القزويني وزين الأمناء البهاء، وابن صباح وطبقتهم فأكثر، وكتب عامة مسموعاته ورحل؛ وسمع من عبد السلام الداهري وعمر بن كرم وعبد اللطيف بن أبي جعفر الطبري ومحمد بن أحمد القطيعي والحسن ابن الزبيدي وطبقتهم ببغداد.

وسمع من يحيى ابن الدامغاني والموفق يعيش النحوي وجماعة بحلب؛ وقرأ الكثير، ونسخ لنفسه وبالأجرة، وعني بهذا الشأن، وخطه طريقة مشهورة حلوة. وخرج لنفسه الموافقات في خمسة أجزاء.

وحدث بدمشق والقاهرة والإسكندرية، روى عنه الدمياطي وابن الخباز وابن العطار وأبو الحسن الكندي وأبو الحسن ابن النصير وخلق سواهم.

وكان ثقة، حافظا، متيقظا، جيد المذاكرة، مشهورا بالحديث والطلب، جيد النظم، حسن الديانة، ذا عقل ووقار وأخلاق رضية. ولي مشيخة دار الحديث النورية. وروى الكثير؛ وتوفي إلى رحمة الله في حادي عشر المحرم. وله شعر رائق.

39 -

‌ أبو القاسم بن أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء ابن الحمصي

، الأزدي.

سمع من ابن الحرستاني كتاب مكارم الأخلاق؛ وتوفي في رجب وله ثمان وستون سنة.

وفيها ولد

زين الدين عبادة بن عبد الغني الحراني، المؤذن، الفقيه وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري، المحدث

ص: 233

الأديب في ذي الحجة بالقاهرة، وشهاب الدين عبد الله ابن نجم الدين علي ابن محمد بن عمر بن هلال الأزدي في المحرم، والنجم إسحاق بن أبي بكر ابن أكمى التركي، ثم المصري، الحسيني، الحنبلي، الشاعر، ووالي دمشق الأمير شهاب الدين أحمد ابن سيف الدين أبي بكر بن برق السنبسي، والبدر حسن ابن عبد الواحد بن أحمد ابن المجد ابن عساكر كاتب الحكم، والعماد محمد ابن محمد بن المسلم بن علان الشاهد، وعماد الدين إسماعيل بن محمد ابن القيسراني، في ذي الحجة والد القاضي شهاب الدين.

ص: 234

سنة اثنتين وسبعين وستمائة

40 -

‌ أحمد بن علي بن إبراهيم

، الإمام كمال الدين المحلي، المقرئ، الضرير، أبو العباس، شيخ الإقراء بالقاهرة.

كان معه عدة جهات. وكان أستاذا في القراءات ووجوهها، أخذ عن أصحاب أبي الجود والشاطبي، ولم يدرك أخذا عن الصفراوي وطبقته، قرأ عليه جماعة منهم الشيخ محمد الضرير المعروف بالمزراب، وشمس الدين محمد بن أبي تغلب القلانسي.

وعاش اثنتين وخمسين سنة، وتوفي في ثامن عشر ربيع الآخر بالقاهرة، وكان مولده بالمحلة.

41 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن سليم

، الصاحب محيي الدين، أبو العباس ابن الوزير الكبير بهاء الدين أبي الحسن ابن القاضي السديد المصري، الشافعي.

سمع من جماعة، وروى اليسير. وكان منقطعا عن المناصب، منعزلا منفردا كثير المعروف والديانة. بنى رباطا حسنا بمصر، ودرس بمدرسة والده إلى أن مات، وهي بزقاق القناديل. ووجد عليه أبوه وجدا كثيرا وعملت له الأعزية والتلاوة والختم في البلاد المعتبرة، مات في ثامن شعبان رحمه الله.

42 -

‌ أحمد ابن الإمام المقرئ أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف

، الشيخ العالم، ضياء الدين، أبو العباس الأنصاري، القرطبي والده.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من زاهر بن رستم، وأبي عبد الله بن عبدون البناء وجماعة. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر، وفيه كرم زائد ومروءة وإحسان إلى من يرد عليه.

توفي بقنا من الصعيد في نصف شوال. وأبوه تلميذ الشاطبي.

ص: 235

ذكر ضياء الدين هذا أبو جعفر بن الزبير في تاريخه فقال: ويعرف بابن المزين؛ كذا قال فوهم، بل إن ابن المزين أبو العباس القرطبي نزيل الثغر ومختصر مسلم.

ثم قال: سمعه أبوه بمكة والمدينة ومصر والقدس، فسمع من زاهر بن رستم وله سبعة أعوام. أجازني وأخذ الناس عنه.

43 -

‌ إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن حمدان

، الواعظ، تقي الدين القضاعي، المصري.

مشهور بحسن الوعظ وتنميق التذكير، وكثرة المحفوظ. وله قبول تام وسوق نافقة بمصر.

توفي في ربيع الأول بالقرافة عن اثنتين وأربعين سنة.

44 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيبل

، أبو إسحاق القرشي، المخزومي، المصري.

روى عن ابن باقا ومكرم؛ وحدث من بيته جماعة.

توفي في ثامن شوال عن اثنتين وستين سنة.

45 -

‌ الأتابك المستعرب

، هو الأمير الكبير فارس الدين أقطاي الصالحي، النجمي.

ولاه الإمرة أستاذه الملك الصالح نجم الدين ورفع الملك المظفر قطز رتبته، وجعله أتابك الجيش. فلما قتل قطز، رحمه الله، تطلع إلى السلطنة كبار الأمراء، فقدم هو الملك الظاهر وسلطنه وحلف له في الحال وتابعه أكابر الدولة، فكان الظاهر يتأدب معه ويرعى له ذلك.

قال قطب الدين في تاريخه: كان من رجال الدهر حزما ورأيا وتدبيرا ومهابة؛ ولما نشأ الأمير بدر الدين بيليك أمره السلطان بملازمة الأتابك والتخلق بأخلاقه، ثم جعله مشاركا له في أمر الجيش، ثم قطعت رواتب كانت للأتابك فوق خبزه، فجمع نفسه وتبع مراد السلطان. ثم قبل موته بمدة عرض

ص: 236

له شيء يسير من جذام، فأمره السلطان أن يقيم في داره ويتداوى، فلزم بيته ومات مغبونا؛ وعاده السلطان غير مرة، فعاتبه الأتابك بلطف ومت بخدمته وبكى وأبكى السلطان، ثم إنه مات في جمادى الأولى بالقاهرة، وقد نيف على السبعين.

46 -

‌ إسحاق بن خليل بن غازي

، الشيخ عفيف الدين الحموي.

قال قطب الدين: كان فاضلا في الفقه والقراءات والنحو، درس بحماة وخطب بقلعتها. وكان له حلقة إشغال، ومات في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة.

47 -

‌ إسرائيل بن محمد بن ماضي بن إبراهيم

، الأجل، بدر الدين، ابن العدل رضي الدين الأنصاري، الدمشقي، خال المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري.

قال شمس الدين: توفي في شوال. وكان سمحا، كريما، منقطعا عن الناس، يعيش من ملكه، ويركب البغلة، دفن بتربتهم بقاسيون، وقد جاوز السبعين.

48 -

‌ أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن علي

، الصاحب الرئيس، مؤيد الدين، أبو المعالي التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. والد الصاحب عز الدين حمزة.

ولد سنة ثمان وتسعين ظنا، وسمع حضورا من حنبل المكبر، وسمع من عمر بن طبرزد وأبي اليمن الكندي، وحدث بدمشق ومصر. روى عنه ابن الخباز وابن العطار وجماعة في الأحياء.

وكان صدرا جليلا، معظما وافر الحرمة، كثير الأملاك، تام الخبرة، ذا عقل ورأي وحزم. وكان أهلا للوزارة ولكنه لم يدخل في هذه الأشياء عقلا وحشمة. ولما توفي ابن سويد ألزم بمباشرة خاص الملك الظاهر، فباشره متكلفا بلا معلوم. وبيته مشهور بالتقدم والجلالة.

ص: 237

توفي ببستانه في ثالث عشر المحرم.

49 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر

شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي المجد، مسند الشام، تقي الدين، شرف الفضلاء، أبو محمد التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي.

ولد في سابع عشر المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع، فأكثر من الخشوعي وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ والقاسم ابن عساكر وابن ياسين الدولعي الخطيب، وحنبل، وابن طبرزد وأبي الفرج جابر بن اللحية الحموي، وأبي اليمن الكندي وطائفة. وأجاز له خليل الراراني، وأبو المكارم اللبان، ويحيى بن بوش وطائفة؛ وروى الكثير، واشتهر ذكره وبعد صيته وتفرد بأشياء كثيرة.

وكان رئيسا متميزا في كتابة الإنشاء، جيد النظم، حسن القول، دينا، متصونا، صحيح السماع، قوي المشاركة في الفضائل، من بيت كتابة وجلالة. وكان جده كاتب الإنشاء للسلطان نور الدين.

روى عن تقي الدين: الشيخ علي الموصلي وابن تيمية وأخواه وابن أبي الفتح، وابن العطار، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وبرهان الدين ابن الشيخ تاج الدين، ومجد الدين ابن الصيرفي، وعلاء الدين ابن النصير وخلق من كهول وقتنا.

وتوفي في السادس والعشرين من صفر رحمه الله. وقد أجاز لوالدي وكتب الإنشاء للملك الناصر داود وولي بدمشق نظر البيمارستان النوري؛ وقد سمع ببغداد من عبد السلام الداهري وأبي القاسم أحمد بن السمذي وأبي علي ابن الزبيدي؛ وولي مشيخة تربة أم الصالح، ومشيخة الرواية بدار الحديث الأشرفية.

50 -

آقوش، الأمير الكبير، مبارز الدين المنصوري، الحموي، التركي. أستاذ دار صاحب حماة.

كان أجل أمراء حماة، وكان متحكما في دولة أستاذه إلى الغاية. وكان

ص: 238

موصوفا بالشجاعة والكرم ولين الجانب.

ولما توفي في ذي الحجة أقر الملك المنصور خبزه على أولاده وكانوا صغارا، توفي وقد جاوز الأربعين بقليل، وحزن عليه أستاذه حزنا كثيرا.

51 -

‌ إسماعيل بن أبي المجد اللحام

.

سمع الشيخ الموفق.

52 -

‌ أياز الرومي

، عتيق ابن جامع التميمي.

روى عن ابن البن وزين الأمناء وجماعة، حدثنا عنه ابن العطار.

توفي في المحرم.

53 -

‌ بيليك، الأمير الكبير بدر الدين الفائزي

من أعيان أمراء دمشق. توفي في شوال، ودفن بالصالحية.

54 -

‌ جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد

، الأديب، العلامة، المترسل، تاج الدين العلوي، الحسني. ويعرف بابن معية.

كف بأخرة. توفي في ربيع الأول ببغداد.

55 -

‌ الحسين بن بدران

، المولى نجم الدين ابن شيخ السلامية، مشارف بعلبك.

ولي مشارفة القلعة والبلدة مدة طويلة. وكان موصوفا بالمروءة والخير، وعاش نيفا وثمانين سنة.

توفي في شعبان ببعلبك.

56 -

‌ سليمان بن داود بن موسك بن جكو

، الأمير أسد الدين الهذباني.

مات في عشر السبعين في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن اللتي، أخذ عنه أحمد الإربلي.

57 -

‌ سنجر، الأمير علم الدين الافتخاري

، الحراني.

توفي بدمشق في شوال بعد بدر الدين الفائزي بيوم.

ص: 239

58 -

‌ الصدر القونوي

، هو الشيخ الكبير، الشهير، الزاهد، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف الرومي، الصوفي على مذهب أهل الوحدة. شيخ الاتحادية بقونية.

صحب الشيخ محيي الدين ابن العربي. وقرأ كتاب جامع الأصول على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني. ورواه عنه قراءة عليه الشيخ قطب الدين الشيرازي، وله تصانيف في السلوك على مذهبه نسأل الله العافية، فمن ذلك كتاب النفحات، وكتاب تحفة الشكور، وكتاب التجليات، وكتاب تفسير الفاتحة عمله في مجلد.

توفي في هذا العام بقونية، وأوصى أن يحمل تابوته إلى دمشق وأن يدفن مع شيخه ابن العربي، فلم يتهيأ ذلك؛ ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة تقريبا، فيما بلغني.

59 -

‌ ضياء الدين بن محمد بن عبد الواحد بن حرب

، شمس الدين، أبو بكر وهو بكنيته أشهر.

روى عن ثابت بن مشرف؛ ومات في شعبان.

60 -

‌ عبد الله بن جبريل بن عبد الجليل

، جمال الدين ابن الخطيب الصوفي، الأبهري، أبو بكر.

ولد بأبهر سنة سبع وتسعين؛ وروى شيئا يسيرا عن: أبي عمرو بن الصلاح، وكان شيخا حسنا.

توفي بالقاهرة في رجب.

61 -

‌ عبد الله بن عبد الواحد بن محمد

بن عبد الواحد بن علاق بن خلف بن طلائع، المسند المعمر، أبو عيسى الأنصاري، النجاري، المصري

ص: 240

الرزاز، المعروف بابن الحجاج.

ولد سنة ست وثمانين تخمينا، وسمع من هبة الله البوصيري وإسماعيل بن ياسين وفاطمة بنت سعد الخير، ويونس بن يحيى الهاشمي، والحافظ عبد الغني وغيرهم، وهو آخر من روى بالسماع عن البوصيري، وابن ياسين، وكان شيخا حسنا، صحيح السماع، عالي الإسناد.

روى عنه الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، والشيخ شعبان وبدر الدين محمد التاذفي، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والقاضي سعد الدين الحارثي، وأحمد بن حسن بن شمس الخلافة، وزين الدين أحمد ابن القاضي تقي الدين بن رزين، وبدر الدين محمد بن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والأمين عبد القادر الصعبي، وابنه عبد الرحمن، وتقي الدين عتيق العمري، والفخر محمد بن محمد بن خادم الخليل، وخلق لا يمكنني إحصاؤهم.

توفي في مستهل ربيع الأول بمصر.

62 -

‌ عبد الله بن عمر بن يوسف

، الزاهد، العارف، أبو محمد الصنهاجي، الحميدي، القصري.

ذكره الشريف عز الدين، فقال: توفي ليلة رابع ربيع الآخر بظاهر القاهرة، وقد قارب المائة. صحب جماعة من المشايخ وكان مشهورا بالعلم والدين، مذكورا بالصلاح والخير، مقصودا للزيارة والتبرك به، حدث عن شيخه أبي زيد عبد الرحمن ابن العلم الرهوني بفوائد، كتبت عنه، وانتفع به جماعة، رحمه الله.

63 -

‌ عبد الله بن غانم بن علي

، القدوة الزاهد، أبو محمد ابن الشيخ الكبير العارف أبي عبد الله النابلسي، رحمة الله عليهما.

توفي بنابلس في سابع عشر شعبان. وبها ولد في سنة ثمان وستمائة. ولعله سمع بها من البهاء عبد الرحمن، فإنه روى بها الكثير في سنة تسع عشرة،

ص: 241

وقد سمع بدمشق من الحافظ ضياء الدين المقدسي، وكان شيخ الأرض المقدسة في وقته زهدا وصلاحا وشهرة وجلالة، ولما توفي صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق.

حدث عنه النجم ابن الخباز في مشيخته وابن جعوان.

64 -

‌ عبد الحليم بن سليمان بن أحمد

، المقدسي، الحراني.

حدث عن: حنبل والقزويني والفخر ابن تيمية وطائفة، يلقب زين الدين.

مات في شوال بقاسيون وله ثمانون سنة، أخذ عنه ابن الخباز والطلبة.

65 -

‌ عبد الغني بن عبد الرحمن بن مكي

، البغدادي، البزاز.

روى عن ابن سكينة، توفي في شوال وله ثمان وسبعون سنة.

66 -

‌ عبد اللطيف بن سالم

، الشيخ الصالح، القدوة، أبو محمد البغدادي، تلميذ الشيخ علي بن إدريس.

كان متعبدا، مشتغلا. ذكره الظهير الكازروني فأثنى عليه وأرخه وقال: كنت أزوره وأتبرك به. كاشفني مرة، رحمه الله.

67 -

‌ علي بن عثمان بن عبد القادر بن محمود بن يوسف

، الإمام، شمس الدين، أبو الحسن ابن الوجوهي، البغدادي، الحنبلي، شيخ القراء وشيخ رباط ابن الأثير.

ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقرأ بالسبع على الفخر الموصلي وسمع منه، ومن: الشيخ شهاب الدين السهروردي وأبي الحسن ابن روزبة، ولو بكر بالسماع للحق يحيى بن بوش وأكبر منه، تلا عليه بالروايات: برهان الدين الجعبري.

قال الظهير الكازروني: كان من الأخيار الأبرار، أجاد قراءة القرآن وروى الحديث، مات في ثالث جمادى الأولى.

68 -

‌ عبد الغني بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مكي بن يوسف

، الصالح، العدل، عماد الدين البغدادي، شيخ رباط البسطامي.

ص: 242

مات في شوال. وكان ورعا، كثير التلاوة. كف بصره فصبر وشكر.

عدل سنة ثلاث وعشرين. وقارب الثمانين.

69 -

‌ عبد العزيز بن عبد المنعم

ابن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد، المسند الجليل، كمال الدين، أبو نصر الحارثي، الدمشقي، العدل، المعروف بابن عبد.

ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع من الخشوعي والقاسم ابن عساكر، وعبد اللطيف الصوفي، وأبي جعفر القرطبي، وكاد ينفرد بالرواية عنهم، روى عنه الدمياطي وابن الخباز وابن العطار وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وخلق سواهم.

وتوفي في ثاني شعبان.

70 -

‌ عبد العزيز بن جعفر بن ليث

، النيسابوري، الملك عز الدين، متولي واسط وشحنتها للتتار.

كان مشكورا محمودا جوادا معطاء، مات في ذي القعدة.

71 -

‌ عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي

بن نصر بن منصور بن هبة الله، الشيخ الجليل، مسند الديار المصرية، نجيب الدين، أبو الفرج، ابن الإمام الواعظ أبي محمد بن الصيقل النميري، الحراني، الحنبلي، التاجر، السفار.

ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران، وأسمعه أبوه ببغداد من عبد المنعم بن كليب، وأبي طاهر المبارك ابن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي وأبي القاسم هبة الله ابن السبط، وأبي الحسن عبد الرحمن العمري وعبد الله بن أبي المجد، وأبي الفرج ابن ملاح الشط، وعبد الوهاب ابن سكينة، والحسن بن إبراهيم بن قحطبة ابن أشنانة وعبد الله ابن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مواهب الوراق، وعمر بن محمد القطان، والمبارك بن إبراهيم ابن السبيي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة أصحاب ابن الحصين وطائفة

ص: 243

سواهم وأجاز له من أصبهان: أبو جعفر الطرسوسي ومسعود الجمال وخليل الراراني وأبو المكارم اللبان.

وروى الكثير ببغداد ودمشق ومصر؛ وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والنقاد، وألحق الأحفاد بالأجداد؛ وكان يجهز البز ويتكسب بالمتاجر. وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة، ثم انقطع إلى رواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى أن مات في مستهل صفر.

وقد خرج له الشريف عز الدين مشيخة في خمسة أجزاء، وخرج له ثمانيات في أربعة أجزاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري الموافقات في ثلاثة عشر جزءا، والأبدال العوالي في أربعة أجزاء، والمصافحات في جزأين وغير ذلك.

وكان شيخا متميزا، حسن البزة، دينا، صينا، صدوقا، صحيح السماعات. وجرت عليه محنة من الدولة ولطف الله به.

روى عنه ابن الظاهري والدمياطي - وحضرا ولديهما عليه - وقاضي القضاة بدر الدين، وقاضي القضاة نجم الدين، وقاضي القضاة سعد الدين، والشيخ كمال الدين ابن الشريشي، والشيخ نصر المنبجي، والعفيف أبو بكر الصوفي الهنداسة، ومحمد ابن الشرف الميدومي، والصفي محمود الأرموي، والشيخ علي الموصلي، ومحمد بن عبد الله بن محمود الحراني، وبهاء الدين يوسف ابن العجمي، وهارون الكنجي، وأحمد ابن الشيخ علي القارئ، وأبو نعيم ابن التقي الإسعردي، وعز الدين عبد العزيز بن غازي الحموي، والعفيف عبد الخالق ابن الفارغ، ومحمد وأحمد ابنا المحب والتقي أحمد بن العز، ومحمد بن عمر اللاوي، وعلاء الدين الكندي، والجمال يوسف بن إبراهيم القاضي، والشرف يعقوب بن أحمد الحلبي، وأحمد بن علي العلامي، وأحمد بن علي الكلوتاتي وأحمد بن عبد الرحيم المنشاوي، وفخر الدين أحمد بن محمد ابن النطاع الأنصاري، وبدر الدين محمد بن منصور ابن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والقطب إبراهيم ابن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصل، وشمس الدين حسين بن أسد ابن الأثير، وأخوه بهاء الدين

ص: 244

سليمان وكمال الدين عبد الرحمن البسطامي، الحنفي وبهاء الدين علي بن عثمان بن أبي الحوافر، والنجم محمد بن إبراهيم بن بنين، ومحمد بن سعد الصفار، ومحمد بن شعبان الخلاطي، وفتح الدين محمد بن عثمان الشارعي، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى، وصدر الدين محمد بن أبي بكر ابن البوري، وعالم كثير بمصر والشام من كهول زماننا، عمرهم الله في طاعته.

72 -

‌ علي بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي

، الفقيه الحافظ، المفيد، نجم الدين، أبو الحسن ابن الخطيب الإمام جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي.

سمع: ابن عبد الدائم والكرماني وابن أبي اليسر وأصحاب الخشوعي، وابن طبرزد، ثم أصحاب ابن ملاعب وابن أبي لقمة، ثم أصحاب ابن اللتي ومكرم؛ وكتب العالي والنازل. وكان شابا ذكيا، فهما، كثير الإفادة، جيد التحصيل، من نجباء الطلبة وحذاقهم ومتقنيهم. وكان صحيح القراءة، مليح الكتابة، سريع القلم. حدث باليسير، ومات شابا طريا في وسط طلبه. وكان يتلهف على الرحلة إلى مصر ليلحق حديث البوصيري، فيمنعه أبوه.

توفي في ربيع الآخر وله ست وعشرون سنة، وحزن عليه أبوه والأصحاب والله يعوضه بالجنة. وأجزاؤه موقوفة بالنورية. وكان من تلامذة الشيخ تاج الدين.

73 -

‌ علي بن رمضان

، الصدر، النقيب، تاج الدين ابن الطقطقى، العلوي.

قتلته العراقلة بظاهر بغداد غيلة، وكان متوليا أعمال الحلة والكوفة، مليح الشكل.

74 -

‌ علي بن عثمان بن عبد القادر بن محمود بن يوسف

، شيخ القراء الإمام شمس الدين الوجوهي الحنبلي المقرئ الزاهد.

ص: 245

مات في جمادى الأولى وله تسعون سنة.

ذكرت ترجمته في طبقات القراء.

75 -

‌ علي بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح

، الشيخ كمال الدين الشهراباني، الفقيه، الحنبلي، المحدث.

توفي في ثاني صفر، يقال فيها، ويقال: سنة إحدى؛ وقد مر في العام الماضي، والصواب هنا. وكذا قال الكازروني: إنه مات في ثالث صفر يوم الجمعة؛ وقال: فاجتمع عالم لا يحصون للصلاة عليه. وكان منور الوجه، عالما بالمذهب، له تصانيف، إلى أن قال: وبلغني أنه ولد في رجب سنة تسعين وخمسمائة، لقي الشيخ علي بن إدريس. وكان حنبليا، نحويا، كاتبا، شيخا، صالحا، محدثا، مجموع الفضائل.

روى عنه الشيخ علي بن إدريس الزاهد وعمر بن كرم الدينوري وجماعة، روى عنه الدمياطي وغيره.

وكان مولده بشهرابان، وهي من سواد العراق سنة نيف وتسعين وخمسمائة. واشتغل ببغداد، وبرع في العربية، وشارك في فنون من العلم. وسمع الكثير. وكان صديقا للشيخ يحيى الصرصري.

توفي ببغداد.

76 -

‌ عمر بن بندار بن عمر

، القاضي العلامة، كمال الدين، أبو حفص التفليسي، الشافعي.

ولد بتفليس سنة اثنتين وستمائة تقريبا. وتفقه وبرع في المذهب والأصلين وغير ذلك. ودرس وأفتى. وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وجالس أبا عمرو ابن الصلاح. وولي القضاء بدمشق نيابة.

وكان محمود السيرة، حسن الديانة، صحيح العقيدة. ولما تملكت التتار جاءه التقليد من هولاكو بقضاء الشام والجزيرة والموصل، فباشر مدة يسيرة وأحسن إلى الناس بكل ممكن، وذب عن الرعية. وكان نافذ الكلمة، عزيز

ص: 246

المنزلة عند التتار، لا يخالفونه في شيء.

قال قطب الدين: فبالغ في الإحسان وسعى في حقن الدماء ولم يتدنس في تلك المدة بشيء من الدنيا مع فقره وكثرة عائلته، ولا استصفى لنفسه مدرسة ولا استأثر بشيء. وكان مدرس المدرسة العادلية، وقد تعصبوا عليه، ونسب إليه أشياء برأه الله منها، وسار محيي الدين ابن الز‌

‌كي

، فجاء بالقضاء على الشام من جهة هولاكو، وتوجه كمال الدين إلى قضاء حلب وأعمالها، وقد عصمه الله ممن أراد ضرره، وكان نهاية ما نالوا منه أنهم ألزموه بالسفر إلى الديار المصرية، فسافر وأفاد أهل مصر واشتغلوا عليه.

قال الشريف عز الدين: كان مشكور الطريقة، أقام بالقاهرة مدة يشغل الطلبة، بعلوم عدة في غالب أوقاته، فوجد به الناس في ذلك نفعا كثيرا، ولازمته مدة، وقرأت عليه شيئا من أصول الفقه وانتفعت به، وكان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين، توفي ليلة رابع عشر ربيع الأول بالقاهرة.

77 -

كي.

شاب ذكي فقيه ادعى النبوة بتستر، وزعم أنه عيسى ابن مريم، وأسقط عن أتباعه العصر والعشاء، أمر بقتله صاحب الديوان.

78 -

‌ كيكاوس

، السلطان عز الدين ابن السلطان كيخسرو بن قليج رسلان، أخو السلطان ركن الدين كيقباذ.

توفي بسوداق، من بلاد الترك، وله ست وثلاثون سنة. اقتسم هو وأخوه ملك الروم بعد أبيهما، ثم إن ركن الدين غلب على الأمر، فهرب عز الدين بأهله وخواصه إلى ملك القسطنطينية، فلم يركن إليه بل حبسه.

ثم إن ملك التتار بركة جهز عشرين ألفا، فأغاروا على أعمال القسطنطينية، ثم هادنهم ملكها على أن يسلم إليهم عز الدين، وذلك في سنة ستين، فسلمه إليهم، فأكرمه بركة، وصيره من كبار أمرائه، ثم كان في خدمة

ص: 247

منكوتمر بعده، وخلف ولده الملك المسعود وهو في خدمة منكوتمر.

79 -

‌ لؤلؤ بن أحمد بن عبد الله

، نجيب الدين، الدمشقي، الحنفي، الضرير، المقرئ.

ولد سنة ستمائة، وحدث عن ابن الحرستاني والشمس العطار، وتصدر للإقراء بجامع الحاكم، وحدث، ومات في رجب بالقاهرة.

أجاز للبرزالي.

80 -

‌ محمد بن إياس

، أبو عبد الله الأثيري.

ولد سنة خمس وعشرين وستمائة بالقاهرة، وسمع من ابن المقير، وأصحاب السلفي، وكتب وحصل وعني بالحديث، وكان عنده فهم ومعرفة. وحدث بشيء قليل، وكان أبوه مولى لابن الأثير.

توفي بالنويرة من الصعيد في أول صفر، رحمه الله.

81 -

‌ محمد بن زياد

، شمس الدين الحراني، أخو البهاء، خطيب بيت لهيا.

توفي في ربيع الأول، ودفن بقاسيون.

82 -

‌ محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي

، أبو عبد الله المعافري، الشاطبي، الزاهد. نزيل الإسكندرية.

كان من كبار مشايخ الثغر المشهورين بالعبادة والصلاح والانقطاع، وكان كبير القدر، رفيع الذكر، يقصد للتبرك والزيارة ويعد في طبقة القباري، توفي في العشرين من رمضان، وله سبع وثمانون سنة. ودفن بمرج سوار.

ولا أعلمه روى شيئا إلا عن أبي القاسم بن صصرى، روى عنه أبو محمد الدمياطي وغيره، وقد لبس الخرقة من جعفر الهمداني.

ثم وجدت أربعين حديثا قد خرجها ابن عبد الباري له، وإذا به قد سمع

ص: 248

في دمشق من ابن صصرى ومن موسى بن عبد القادر وأحمد بن الخضر بن طاوس وزين الأمناء وغيرهم. وأنه قرأ بالسبع بالأندلس. وله تفسير صغير. وله كتاب المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ والمريد.

سمع منه: شيخنا التاج الغرافي هذه الأربعين، والوجيه عبد الرحمن السبتي، وكتب الطبقة الغرافي، فكتب له: قدوة الطوائف، شيخ الإسلام.

83 -

‌ محمد بن سليمان بن عبد الله بن يوسف

، الشيخ جمال الدين، أبو عبد الله الهواري، الجلولي، التونسي، المالكي.

ولد سنة ستمائة بالقاهرة. وسمع من أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ وعبد العزيز بن باقا، وكان صالحا، فاضلا، خيرا، له شعر حسن.

توفي في السادس والعشرين من رمضان.

روى عنه الدمياطي من شعره.

84 -

‌ محمد بن صالح بن أبي علي

، البهنسي.

روى عن علي ابن البناء، وحدث بمصر، ومات في شوال. وهو أخو تاج الدين البهنسي إمام المقام بمكة.

85 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن جعفر

، العلامة القاضي عز الدين البصري، الشافعي، نائب الحكم ببغداد ومدرس النظامية.

كان متبحرا في العلم، صاحب تصانيف، مات في ذي الحجة ودفن خلف الجنيد، ورثته الشعراء، وولد في أول سنة ست وستمائة، روى عن جده.

86 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك

، العلامة الأوحد، جمال الدين، أبو عبد الله الطائي، الجياني، الشافعي، النحوي، نزيل دمشق.

ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى وستمائة، وسمع بدمشق من مكرم وأبي صادق الحسن بن صباح وأبي الحسن السخاوي وغيرهم؛ وأخذ العربية عن غير واحد؛ وجالس بحلب ابن عمرون وغيره. وتصدر بحلب

ص: 249

لإقراء العربية وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين.

وكان إماما في القراءات وعللها؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار الشاطبية، وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى، وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه ويتعجبون من أين يأتي بها، وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه وغير ذلك، هذا مع ما هو عليه من الدين المتين وصدق اللهجة وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب وكمال العقل والوقار والتؤدة.

أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. وتصدر بالتربة العادلية وبالجامع المعمور وتخرج به جماعة كثيرة.

وصنف كتاب تسهيل الفوائد في النحو وكتاب سبك المنظوم وفك المختوم، وكتاب الشافية الكافية، وكتاب الخلاصة وشرحها، وكتاب إكمال الإعلام بتثليث الكلام، والمقصور والممدود، وفعل وأفعل، والنظم الأوجز فيما يهمز، والاعتقاد في الطاء والضاد وتصانيف أخر مشهورة لا يحضرني ذكرها.

روى عنه ولده الإمام بدر الدين محمد، والإمام شمس الدين ابن جعوان، والإمام شمس الدين ابن أبي الفتح، وعلاء الدين ابن العطار، وزين الدين أبو بكر المزي، وشيخنا أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله الصيرفي، وقاضي القضاة ابن جماعة وطائفة سواهم.

أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أنشدنا العلامة جمال الدين ابن مالك لنفسه في تذكير الأعضاء وتأنيثها:

يمين شمال كف القلب خنصر سه بنصر سن رحم ضلع كبد كرش عين الأذن القلت فخذ قدم ورك وكتف وعقب ساق الرجل ثم يد لسان ذراع عاتق عنق قفا كراع وضرس ثم إبهام العضد

ص: 250

ونفس وروح فرسن ذفرى إصبع معا بطن إبط عجز الدبر لا تزد ففي يد التأنيث حتما وما تلت ووجهان فيما قد تلاها فلا تحد وأنشدنا ابن أبي الفتح، قال: أنشدنا ابن مالك لنفسه في أسماء الذهب:

نضر نضير نضار زبرج سيراء زخرف عسجد عقيان الذهب والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا وفضة في نسيك هكذا العرب وأنشدنا ابن أبي الفتح، قال: أنشدنا ابن مالك لنفسه في خيل السباق العشرة على الولاء:

خيل السباق المجلي يقتفيه مصل والمسلي وتال قبل مرتاح وعاطف وحظي والمؤمل واللطيم والنسكل السكيت يا صاح توفي ابن مالك رحمه الله في ثاني عشر شعبان، وقد نيف على السبعين.

87 -

‌ محمد بن عبد القادر بن ناصر بن الخضر بن علي

، القاضي شهاب الدين الأنصاري الشافعي. قاضي بلد الخليل ويعرف بابن العالمة.

ولد سنة ستمائة بدمشق.

قال قطب الدين: كان من الفضلاء الأدباء؛ سافر في طلب العلم إلى البلاد وحصل وبرع.

وكانت أمه عالمة فاضلة تحفظ القرآن وشيئا من الفقه والخطب والمواعظ. وتكلمت في عزاء السلطان الملك العادل. وتعرف بدهن اللوز. كانت عالمة وقتها، وقد ضبط أبو شامة وفاتها. روى عنه ولده قاضي القضاة زين الدين عبد الله قاضي حلب شيئا من نظمه، فمنه:

أترى أعيش أرى العريش وشامه فبمصر قد سئم المحب مقامه أم هل تبلغ عنه أنفاس الصبا يوما إلى دار الحبيب سلامه يا سادة خلفت قلبي عندهم هل تحفظون عهوده وذمامه أسعرتم نار الغرام بمهجتي وسلبتم طرف الكئيب منامه

ص: 251

إن لم يجد قطر على مغناكم أغناكم دمعي يقوم مقامه يا هل يعيد الله أيام الحمى من قبل أن يلقى المحب حمامه وهو أخو العلامة الحكيم نجم الدين ابن المنفاخ الطبيب لأمه. وقد مر سنة اثنتين وخمسين.

88 -

‌ محمد بن محمد ابن الشيخ الزاهد أبي محمد عبد الرحمن

بن عبد الله بن علوان، القاضي الجليل، محيي الدين أبو المكارم ابن القاضي الأوحد جمال الدين ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي، الشافعي.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة؛ وروى عن جده وبهاء الدين ابن شداد، ودرس بالقاهرة بالمسرورية، ثم ولي قضاء حلب إلى حين وفاته بها في ثالث عشر جمادى الأولى. وسمع منه المصريون.

89 -

‌ محمد بن محمد بن حسن

، الشيخ نصير الدين، أبو عبد الله الطوسي، الفيلسوف.

كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما معرفة الرياضي وصنعة الأرصاد، فإنه فاق بذلك على الكبار، قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي، الرافضي وغيره، وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو. وكان يطيعه فيما يشير به والأموال في تصريفه. فابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما واتخذ في ذلك خزانة عظيمة عالية، فسيحة الأرجاء وملأها بالكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وقرر بالرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء وجعل لهم الجامكية.

وكان سمحا، كريما، حليما، حسن العشرة، غزير الفضائل، جليل القدر، لكنه على مذهب الأوائل في كثير من الأصول، نسأل الله الهدى والسداد.

ص: 252

توفي في ذي الحجة ببغداد وقد نيف على الثمانين. ويعرف بخواجا نصير.

قال الظهير الكازروني: مات المخدوم خواجا نصير الدين أبو جعفر الطوسي في سابع عشر ذي الحجة، وشيعه خلائق وصاحب الديوان والكبراء. ودفن بمشهد الكاظم. وكان مليح الصورة، جميل الأفعال، مهيبا، عالما، متفننا، سهل الأخلاق، متواضعا، كريم الطباع، محتملا، يشغل إلى قريب الظهر، ثم طول الكازروني ترجمته وفيها تواضعه وحلمه وفنونه.

ثم رأيت في تاريخ تاج الدين الفزاري: حدثني شمس الدين الأيكي أن النصير تمكن إلى الغاية والناس كلهم من تحت تصرفه. وكان حسن الشكل، فصيحا، خبيرا بجميع العلوم، كان يقول: اتفق المحققون على أن علم الكلام قليل الفائدة، وأجل المصنفات فيه فائدة كتب فخر الدين، وأكثرها تخليطا كتاب المحصل، قال: وأقمت مع شيخنا النصير سبع سنين. وصنف كتبا عدة، ولادة خواجا نصير الدين الطوسي بطوس يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

وتوفي ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وستمائة ودفن في مشهد موسى والجواد عليهما السلام.

90 -

‌ محمد بن يوسف بن نصر

، السلطان، أبو عبد الله ابن الأحمر الأرجوني، صاحب الأندلس.

بويع سنة تسع وعشرين بأرجونة، وهي بليدة بالقرب من قرطبة وكان سعيدا مؤيدا، مدبرا، حازما، بطلا، شجاعا، ذا دين وعفاف، هزم ابن هود ثلاث مرات ولم تكسر له راية قط، وقد جاء أذفونش فحاصر جيان عامين وأخذها بالصلح، وعقدت بينهما الهدنة عام اثنتين وأربعين، فدامت عشرين سنة، فعمرت البلاد.

وأخبار ابن الأحمر علقتها في ورقتين، مات في رجب وتملك بعده ابنه محمد.

ص: 253

91 -

‌ محمد بن أبي بكر بن أبي الليث

، الداوري، من رمنداور وهي من أقصى خراسان، العلامة شهاب الدين، أبو منصور.

سمع ببلده من مخلص الدين الوخي. وفصيح الدين الداوري، ورحل إلى بخارى فتفقه على شمس الأئمة أبي الوحدة محمد بن عبد الستار، وجمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي، وقرأ الأدب وسمع من أبي رشيد محمد بن أبي بكر ابن الغزال، وقوام الدين محمود بن أحمد ابن مازة، قرأ عليه الأدب جماعة من أصحابنا.

ولد في حدود سنة ست وثمانين وخمسمائة، وتوفي بسرخس في سنة اثنتين وسبعين وستمائة.

قال فيه الفرضي: شيخنا شهاب الدين.

92 -

‌ محمد بن أبي الرجاء بن أبي الزهر بن أبي القاسم

، الحكيم شمس الدين، أبو عبد الله التنوخي، الدمشقي، الطبيب، المعروف بابن السلعوس.

ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث بالقاهرة، ومات بها في شعبان.

93 -

‌ مجاهد بن سليمان بن مرهف المصري

الأديب المعروف بالخياط، ويعرف بابن الربيع.

توفي في جمادى الآخرة وقد ناهز السبعين، وله أشياء حسنة، ومعان مبتكرة، وكان من كبار أدباء العوام. وقد قرأ النحو وفهم. فمن رائق قوله:

أعد يا برق ذكر أهيل نجد فإن لك اليد البيضاء عندي أشيمك بارقا فيضل عقلي فوا عجبا تضل وأنت تهدي ويبكيك السحاب وليس ممن تحمل بعض أشواقي ووجدي بعثت مع النسيم لهم سلاما فما عنوا علي له برد وله يهجو أبا الحسين الجزار وأجاد:

ص: 254

إن تاه جزاركم عليكم بفطنة عنده وكيس فليس يرجوه غير كلب وليس يخشاه غير تيس

94 -

‌ محمود بن أبي سعيد بن محمود بن محمد

، الشيخ ناصح الدين، أبو الثناء الطاوسي القزويني.

ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة تقريبا وسمع بحلب من أبي محمد ابن الأستاذ وأبي المحاسن بن شداد وغيرهما؛ وهو ابن أخت الإمام أبي القاسم الرافعي صاحب الشرح.

توفي بالقاهرة في ربيع الأول. روى عن خاله بالإجازة أربعين حديثا له، سمعها منه البرهان رئيس المؤذنين.

95 -

‌ مكرم بن مظفر بن أبي محمد

، العين زربي.

ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وسمع من الحافظ أبي نزار ربيع اليمني وحدث. وكان شيخا صالحا، منقطعا بالقرافة بزاوية رزبهان، وتوفي في شوال.

96 -

‌ لاجين

، الأمير الكبير، حسام الدين الأيدمري، الداوادار، الملقب بالدرفيل.

سمع من سبط السلفي، وكان محبا للعلماء، مقربا لهم، مؤثرا للفقراء، خاضعا لهم. له معرفة وفضيلة ومشاركة وذكاء مفرط وهمة عالية ونفس شريفة، وكان السلطان يحبه ويعتمد عليه في المهمات والمكاتبات وأمر القصاد.

توفي في رمضان ولم يكمل الأربعين سنة.

97 -

‌ يحيى ابن الناصح عبد الرحمن بن نجم

بن عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي، الفقيه، المسند الكبير، سيف الدين، أبو زكريا ابن الحنبلي، الأنصاري، الدمشقي، الحنبلي.

ص: 255

ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وسمع من الخشوعي في الخامسة وبه ختم حديثه بالسماع، وسمع من حنبل وابن طبرزد وأبي اليمن الكندي وجماعة، وسمع بالموصل من عبد المحسن بن عبد الله الخطيب، وليس هو بالمكثر عن الخشوعي.

روى عنه الدمياطي وابن الخباز وأبو الحسن ابن العطار وأبو عبد الله ابن الزراد ومحمد ابن المحب، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وطائفة سواهم.

وتوفي في سابع عشر شوال.

98 -

‌ يوسف بن عبد الله بن عبد الباقي بن نهار

، الإمام فخر الدين، أبو المحاسن البكري، المصري، المالكي، خطيب جامع ابن طولون.

ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع ببغداد من أبي الحسن بن روزبة وغيره وحدث. وتوفي بمصر في رابع وعشرين ربيع الآخر.

99 -

‌ أبو بكر بن أحمد بن عمر ابن الحبال

، البعلبكي.

توفي ببعلبك في عشر السبعين وخلف تركة، قيل: إنها تقارب مائة ألف دينار، فاحتاط السلطان عليها، واصطفى منها نحو أربعمائة ألف درهم، وأفرج عن الأملاك والوثائق، فتمحق أكثر ذلك، وله وقف جيد على البر. وكان يشح على نفسه باليسير وكان فقيرا لا مال له، فاكتسب ذلك بالمعاملة.

100 -

‌ أبو بكر بن فتيان

، الشطي، الزاهد، العارف ابن الزاهد القدوة، رحمهما الله.

سكن بسفح قاسيون. وكان زاهدا صالحا، له أحوال وكرامات ومقامات، وله أتباع ومحبون ومريدون وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد، وهو شعر طيب يقع على القلب، ويحرك الساكن ويثير العزم وإن كان ملحونا. فمنه:

يا سعد احذر تجهل وإياك تصحب مبتدع ولا تداني باطل تلعب بك الآفات

ص: 256

احذر تخلي التقوى حول اتكالك على النسب بوجهل وابن المغيرة خذوا وهم سادات احذر أفاعي الدعاوى السم في أنيابها سمومهن قواتل ما تنفع الرقيات توفي الشيخ أبو بكر في جمادى الأولى. وكان أبوه من كبار المشايخ، رحمهما الله.

101 -

‌ أبو بكر بن محمود بن عمر بن محمود

، الفرغاني، الحنفي.

ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع حنبلا وابن صباح وحدث. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين. نقلته من ابن الدمياطي.

وفيها ولد:

أبو عمرو أحمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد ابن الحاج القرطبي، المالكي بغرناطة وشرف الدين أحمد ابن الرضي عبد الرحمن بن أبي بكر السنجاري الحنفي، في ربيع الأول وصاحب حماة المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي ابن المظفر محمود بدمشق في جمادى الأولى.

ص: 257

سنة ثلاث وسبعين وستمائة

102 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن عمر

، العلامة علم الدين الشرمساحي، المالكي. أخو الشيخ سراج الدين عبد الله.

درس بالمستنصرية بعد أخيه وعاش بعده أربع سنين ومات في المحرم.

103 -

‌ أحمد بن عبد القادر بن حسان

، الدمشقي، العامري؛ بالمزة.

سمع من ابن الحرستاني وأجاز لي.

104 -

‌ أحمد بن موسى بن يغمور

، الأمير شهاب الدين، أبو العباس ابن الأمير الكبير جمال الدين.

أديب فاضل، له شعر ولي الأعمال الغربية فهذبها وقطع وشنق ووسط وأفرط في ذلك وأسرف وراح البريء بجريرة المفسد وقد قطع أيدي خلق كثير وأرجلهم، إلا أنه هذب تلك الناحية.

مات بالمحلة في جمادى الأولى.

105 -

‌ إبراهيم بن شروة بن علي

، الأمير سيف الدين الكردي، الجاكي، الزهيري.

توفي في رجب ببعلبك وقد نيف على السبعين.

حدثنا عنه قطب الدين اليونيني حكاية وقال: كان أمينا، شريف النفس. وكان أمير جندار الملك العزيز بحلب. وأخذ خبزه بعده الأمير علاء الدين أحمد ابن الجاكي.

106 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عبد الغني

، المحدث المفيد: أبو إسحاق ابن النشو القرشي، الدمشقي، المصري.

ولد سنة ثمان وستمائة وسمع من مكرم بن أبي الصقر وعبد الوهاب ابن رواج والساوي وابن الجميزي والسبط وخلق كثير، وعني بالطلب ونسخ الأجزاء وأفاد وتعب، ثم سمع أولاده من إبراهيم ابن خليل وطبقته.

ص: 258

روى عنه ابن الخباز وابن العطار وغيرهما وتوفي في ذي الحجة بدمشق.

107 -

‌ إبراهيم البراذعي

، الشيخ الموله بدمشق، مريد الشيخ يوسف القيمني.

له كشف وحال على طريقة المولهين.

توفي فيها.

108 -

‌ إسماعيل بن محمد بن بلدق

، الحراني.

حدث عن: الشيخ الموفق، ذكره ابن الدمياطي.

109 -

‌ إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن علي

، الصاحب، العالم، شرف الدين، أبو الفداء الشيباني، الآمدي، الحنبلي، المعروف بابن التيتي.

صدر، فاضل صاحب أدب وفنون ومعرفة بالحديث والتاريخ والأيام والشعر، مع الدين والعقل والرياسة والحشمة. جمع تاريخا لآمد وترسل عن صاحب ماردين إلى الديوان العزيز.

وسمع بالقاهرة مع ولده شمس الدين من أبي الحسن ابن المقير وابن الجميزي وسمع بالشام وماردين.

توفي في رجب بماردين وسمع من كريمة وجماعة بدمشق، روى عنه الدمياطي وابنه يوسف. وعاش أربعا وسبعين سنة.

110 -

‌ إلياس بن علوان بن ممدود

، المقرئ، الزاهد، ركن الدين الإربلي، الملقن، نزيل دمشق.

قرأ بالعراق وديار بكر وقرأ بدمشق على أبي الحسن السخاوي وسمع من الشيخ شهاب الدين السهروردي وغيره وحدث. وعاش خمسا وسبعين سنة. وتصدر للإقراء بجامع دمشق. ولقن خلقا وكان موصوفا بتعليم الراء. ويقال: ختم عليه أربعة آلاف نفس وأكثر. كذا قال شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. وذكر أنه قرأ عليه القرآن. وما كان يطلب من أحد شيئا ولا يرد شيئا وتوفي بمسجده مسجد طوغان الذي بالفسقار وهو على قدر

ص: 259

سعة الكعبة. وأوصى به لتلميذه الشيخ علي الخباز.

توفي في ربيع الآخر.

111 -

‌ أيوب بن عبد الرحيم بن أبي حامد

محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس، قطب الدين الماراني، المصري.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة وسمع من عبد العزيز بن باقا وحدث ومات في جمادى الأولى.

112 -

‌ بردويل بن إسماعيل بن بردويل

ويسمى أيضا عبد العزيز، أبو العز الدمشقي، الحنفي.

يروي عن ابن ملاعب وابن راجح وجماعة، روى لنا عنه ابن العطار وغيره.

113 -

‌ بلك، المؤذن بمنارة الكجك

.

كان يؤذن في الثلث الأخير. وكان جهوري الصوت بالمرة، بحيث يسمع سائر أهل البلد. ويقولون: قد أذن بلك. وكان في شبيبته جمالا على الخشب. وكان من أطول الرجال، رحمه الله.

111 -

‌ بيليك الجلالي

، الأمير بدر الدين، من أمراء دمشق.

دفن بالجبل.

115 -

‌ بيمند الإفرنجي

، صاحب طرابلس.

توفي فيها وتملك بعده ولده، لعنهما الله.

116 -

‌ حاتم بن أبي طالب الرحبي ثم الحمصي

.

حدث عن البخاري أحمد بن عبد الواحد.

117 -

‌ الخضر بن خليل

، أبو العباس الهكاري، الصوفي، المؤذن.

توفي بالقاهرة في رجب.

ص: 260

قال الشريف: سمعت منه، روى عن إبراهيم السنهوري.

118 -

‌ خلف بن علي بن أبي بكر بن علي

، أبو القاسم العسقلاني، ثم التوني، الدمياطي.

عاش نيفا وسبعين سنة. وكان راغبا في الحديث وطلبه، روى عن ابن المقير ومات في شوال.

119 -

‌ داود ابن الشيخ مجد الدين نصر الله ابن البعلبكي

، الجليل العالم فتح الدين، أحد عدول دمشق.

روى عن أبي اليمن الكندي وغيره، توفي في ذي الحجة.

120 -

‌ الرشيد بن أبي الدر

، المكيني، المقرئ. واسمه: أبو بكر.

قرأ القراءات بدمشق على: السخاوي والزين الكردي وبالإسكندرية على: ابن عيسى وجعفر الهمداني وبمصر على: أبي منصور عبد الله بن جامع وقرأ للكسائي ختمة على أبي القاسم الصفراوي، وقرأ بالقراءات العشر على: التقي ابن باسويه والمرجى بن شقيرة، وقرأ ليعقوب على العفيف بن الرماح وكان خبيرا بالقراءات، بصيرا بالتجويد والأداء مشهورا.

قرأ عليه: رضي الدين ابن دبوقا القراءات، ثم عرضها على السخاوي وكان يقرئ في أيام السخاوي وقرأ عليه القراءات الشيخ محمد المصري وغير واحد.

121 -

‌ زهير بن عمر بن زهير

، الزرعي، الفقيه الحنبلي.

ولد بزرع سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق ليشتغل، فسمع من عمر بن طبرزد ومحمد بن وهب ابن الزنف وشيخه الشيخ الموفق وحدث بدمشق وزرع. وكان إنسانا مباركا، فقيها، فاضلا، سمع منه جماعة كبيرة منهم: ابن الخباز وأبو الحسن ابن العطار وحفيده الشهاب أحمد بن عمر والبرهان الذهبي، وتوفي في ذي القعدة.

122 -

‌ زينب بنت نصر بن عبد الرزاق الجيلي

.

روت عن زيد بن هبة الله ببغداد.

ص: 261

123 -

‌ سعد الله بن سعد الله بن سالم بن واصل

، زين الدين الحموي، الطبيب.

كان بصيرا بالعلاج، ماهرا بالفن، دينا، توفي في شوال.

124 -

‌ سليمان بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم

، أبو الربيع الهذباني، الإربلي، الشافعي.

توفي في رمضان عن بضع وسبعين سنة. وكان فقيها فاضلا، منقطعا بمدرسة الشافعي بالقرافة. وحدث عن مكرم.

125 -

سليمان الملك المغيث ابن الملك السعيد عبد الملك ابن الصالح إسماعيل.

ولد سنة خمسين وستمائة، ومات في صفر شابا ودفن بتربة أم الصالح، وشيعه الأمراء وبكوا عليه.

126 -

‌ شجاع بن هبة الله بن شجاع

، زين الدين ابن الهليس الأنصاري، المصري، الشافعي.

ولد سنة ست وستمائة وحدث عن: عبد العزيز بن باقا ومكرم. ومات في أول المحرم.

127 -

‌ الصفي

، المؤذن بجامع دمشق.

شيخ معمر، صالح، مشهور. شيعه خلق وأذن في الجامع نحوا من ستين سنة، وقيل: إنه جاوز المائة.

128 -

‌ عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء

، قاضي القضاة، شمس الدين، أبو محمد الأذرعي، الحنفي.

ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من حنبل وعمر بن طبرزد وأبي اليمن الكندي وداود بن ملاعب والشيخ الموفق. وتفقه ودرس وأفتى، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدة مدارس، وناب في القضاء عن صدر الدين ابن سني الدولة وغيره، ثم ولي قضاء الحنفية لما

ص: 262

جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا، دينا، متواضعا، محمود السيرة، حسن العشرة، قانعا باليسير، قليل الرغبة في الدنيا، تاركا للتكلف، تفقه عليه جماعة.

ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السلطان، فكل ألان القول ودارى الحدة من الدولة وخشي سطوة الملك إلا هو، فإنه قال: ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك ولا إلى هذه البساتين، فإنها بيد أصحابها ويدهم عليها ثابتة، فغضب السلطان الملك الظاهر وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التلطف وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان.

ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا التي تخصنا عند الحنفي. وتحقق صلابته في الدين ونبل في عينه.

روى عنه قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري وأبو الحسن بن العطار وجماعة.

ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه خلائق ولم يخلف بعده مثله.

129 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد ابن القاضي شمس الدين أبي نصر

محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن مميل، الصدر، نجم الدين، أبو بكر ابن القاضي تاج الدين ابن الشيرازي، الدمشقي.

من بيت الرواية والعلم والرياسة والنبل.

روى عن عمر بن طبرزد وزيد بن الحسن الكندي وداود بن ملاعب وابن الحرستاني وغيرهم.

روى عنه الدمياطي وابن الخباز وابن العطار والمجد ابن الصيرفي وجماعة.

وكان من أعيان الشهود. وهو والد شيخنا الزين إبراهيم.

توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدمشق وقد سمع جميع المسند من حنبل.

مولده تقريبا سنة ثمان وتسعين.

130 -

‌ عبد الرحمن بن أبي علي بن المخلص إبراهيم بن قرناص

، جمال الدين الحموي.

ص: 263

صدر كبير محتشم، كثير الأموال وافر الديانة، من أعيان بلده، توفي بحماة في ربيع الأول وهو في عشر السبعين.

131 -

‌ عثمان بن محمد ابن الحاجب منصور بن عبد الله بن سرور

، فخر الدين، أبو عمرو الأميني، الدمشقي، نزيل القاهرة، أخو الحافظ أبي الفتح عمر ابن الحاجب.

ولد سنة اثنتين وستمائة وسمع من هبة الله بن طاوس والشيخ الموفق وابن أبي لقمة وابن البن وهذه الطبقة مع أخيه، كتب عنه الطلبة المصريون ومات في رابع ربيع الآخر.

والأميني نسبة إلى أمين الدولة صاحب صرخد.

وممن روى عنه الأمير علم الدين الدواداري.

132 -

‌ عثمان بن أبي الرجاء

، فخر الدين ابن السلعوس التنوخي، الدمشقي، التاجر والد الصاحب شمس الدين.

وكان عدلا، مسموع القول.

133 -

‌ عزيزة بنت عثمان بن طرخان بن بزوان

، أم المعالي الشيبانية الموصلية.

ولدت بإربل في حدود سنة أربع وتسعين وخمسمائة وسمعت من مسمار بن العويس النيار مع ابن عمها زوجها أبي الفضل عباس بن بزوان. وحدثت بالقاهرة. وبها توفيت في المحرم.

134 -

‌ أبو الحسن علي بن سعيد المغربي

الأديب المتفنن صاحب الرحلة والتواليف.

135 -

‌ علي بن الفضل بن عقيل بن عثمان

، النظام، أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الدمشقي، المعدل.

توفي بدمشق في ثالث عشر رجب وله ثمانون سنة.

ص: 264

أجاز لشيخنا ابن تيمية وإخوته.

وسمع منه: ابن الخباز. روى عن أبيه. وأجاز له الخشوعي والقاسم ابن عساكر وغيرهما.

136 -

‌ علي بن محمد بن هبة الله بن محمد

، الرئيس، العدل، علاء الدين ابن القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، الدمشقي.

أخو القاضي تاج الدين أحمد وعماد الدين محمد.

سمع من الكندي وابن الحرستاني وداود بن ملاعب وكتب عنه الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة.

137 -

‌ عمر بن محمد بن حسين

، مجير الدين، الطحان، الدمشقي.

شاب مليح، بارع الحسن. قرأ القراءات على الشيخ زين الدين الزواوي والعماد الموصلي وحفظ التنبيه والجرجانية والشاطبية. وقال الشعر وتوفي شابا في شوال.

132 -

‌ عمر بن يعقوب بن عثمان بن أبي طاهر

، الشيخ تقي الدين، أبو الفتح الإربلي، الذهبي، الصوفي.

ولد سنة ثمان وتسعين بإربل وسمع بدمشق من أبي القاسم بن صصرى وزين الأمناء والمسلم المازني وابن الزبيدي وابن صباح وطبقتهم وأجاز له: أبو جعفر الصيدلاني والمؤيد الطوسي وزينب الشعرية وجماعة وحدث بمصر والشام. وكان صوفيا خيرا، ساكنا. وهو أخو يوسف والد شيخنا محمد الذهبي.

توفي يوم عيد الأضحى بدمشق.

روى عنه الدمياطي وابن الخباز وابن العطار والدواداري والمجد الصيرفي وجماعة وكان محبا للرواية ومن صوفية الخانقاه السميساطية، حدث بالقاهرة بقراءة الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني وبقراءة الشيخ شرف الدين حسن بن علي ابن الصيرفي.

ص: 265

139 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم

، الصدر، عز الدين ابن المولى كمال الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب، أخو الرئيس بهاء الدين.

رتب في كتابة الإنشاء بعد والده بدمشق وتوفي شابا، رحمه الله.

140 -

‌ محمد بن إسحاق

، الزاهد، شيخ أهل الوحدة، صدر الدين القونوي، صاحب التصانيف.

قال الكازروني: بلغني أنه توفي في سابع عشر المحرم سنة ثلاث.

قلت: مر بلقبه سنة اثنتين.

141 -

‌ محمد بن عبد الغني بن عبد الكريم بن نعمة

، الإمام، زكي الدين، أبو عبد الله المضري الخندفي، الثوري، المصري، المقرئ، المعروف بابن المهذب.

ولد سنة خمس وستمائة. وقرأ القراءات وتصدر لإقرائها بجامع مصر وكان صالحا، ساكنا، فاضلا.

توفي في رمضان.

142 -

‌ محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن

، الشيخ أمين الدين، أبو بكر الأنصاري، المحلي، النحوي.

أحد أئمة العربية بالقاهرة.

تصدر لإقراء النحو وانتفع به الناس وله شعر حسن ومات في ذي القعدة عن ثلاث وسبعين سنة وله تصانيف حسنة، منها أرجوزة في العروض.

143 -

‌ محمد بن مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم

، أبو الطاهر الحارثي.

شيخ، صالح دين ولد سنة تسعين وخمسمائة وسمع من أبي القاسم

ص: 266

عبد الرحمن بن عبد الله مولى ابن باقا وعلي بن المفضل الحافظ وأبي عبد الله ابن البناء.

وحدث. روى عنه الدواداري وغيره ومات في جمادى الأولى.

144 -

‌ محمد بن أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم

، أبو عبد الله ابن علان القيسي، الدمشقي.

سمع من الزبيدي وابن اللتي وجماعة وتوفي في ذي الحجة وله إحدى وستون سنة، مات فجاءة.

روى لنا عنه ابن العطار.

145 -

‌ محمد بن يحيى بن عبد الرحمن

بن أحمد بن عبد الرحمن ابن ربيع، العلامة القاضي، أبو الحسين ابن العلامة المصنف المتكلم، قاضي غرناطة أبي عامر الأشعري، اليماني؛ القرطبي المحتد، الغرناطي الدار والملحد، أحد فرسان الكلام.

روى عن أبيه وعمه أبي جعفر أحمد وأبي القاسم أحمد بن بقي وأبي الحسن علي بن محمد التجيبي وأحمد بن إسحاق بن كوزانة المخزومي وله إجازة من أبي الحسن الشقوري.

قال الإمام أبو حيان: أجاز لي ونقلت أسماء شيوخه. وعمل برنامجا، إلى أن قال: وهو كان المشار إليه بالأندلس في العلوم العقلية من أصول الفقه وعلم الكلام والحساب والهندسة. وله معرفة بالطب ووجاهة عند السلطان أبي عبد الله محمد ابن السلطان أبي عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي بن الأحمر وكان يعظمه ويقدمه وكان أشعري النسب والمذهب، متجنيا على أهل البدع وعلى الفلاسفة وكان يستطيل على أبي عبد الله محمد بن عصام الرقوطي بحضرة السلطان بسبب البحث، إذ كان يقال إن الرقوطي كان يميل لنصر الفلاسفة، ولأبي الحسين تصانيف في المعقولات.

قال: وسمعت قاضي القضاة أبا الفتح ابن دقيق العيد يقول: ما وقفنا على كلام أحد من متأخري المغاربة مشبه لكلام العجم مثل كلام هذا، يعني أبا الحسين، وقال لنا أبو جعفر بن الزبير: ما بقي بالمغرب مثل أبي الحسين في فنونه. 50

ص: 267

قلت: وهو أخو أبي القاسم عبد الله بن يحيى الراوي عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وأبي الحسن علي بن محمد الشقوري وأبي الحسن بن خروف. وقد مر سنة ست وستين وستمائة. وأخو أبي الزهر ربيع بن يحيى المتوفى سنة سبع وستين وأخو أبي عبد الله محمد بن يحيى نزيل مالقة وكان شروطيا وهو آخر من حدث عن أبيه بالسماع وعمر دهرا طويلا. بقي إلى سنة تسع عشرة وسبعمائة.

فأما العلامة أبو الحسين فتوفي بغرناطة في ثالث جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ولم يعقب إلا ولدا صغيرا وبنتا. فالولد كبر وقدم دمشق سنة خمس وتسعين وسمع معنا من الشرف ابن عساكر وطائفة. وهو أبو العباس أحمد بن محمد الصوفي. ثم دخل بلاد العراق والعجم ورجع ومات كهلا.

146 -

‌ محمد بن يحيى بن الفضل بن يحيى بن عبد الله بن القاسم

، القاضي محيي الدين ابن القاضي تاج الدين ابن الشهرزوري، الموصلي.

ولد سنة تسعين وخمسمائة، له شعر وأدب. ترك زي بيته ولبس زي الأجناد وكان أبوه قاضي الجزيرة.

توفي محمد بمصر في ربيع الآخر، روى عنه الدمياطي من نظمه.

147 -

‌ مسلم البدوي

، البرقي، الزاهد، شيخ الفقراء.

له رباط بالقرافة الصغرى وأصحاب ومريدون وكان مقصودا بالزيارة والتبرك، توفي في ربيع الأول.

148 -

‌ منصور بن سليم بن منصور بن فتوح

، الإمام، المحدث وجيه الدين، أبو المظفر الهمداني، الإسكندراني، الشافعي، محتسب الثغر.

ولد في ثامن صفر سنة سبع وستمائة وسمع من محمد بن عماد

ص: 268

الحراني وجعفر الهمداني وابن رواج وجماعة من أصحاب السلفي وسمع ببغداد من ابن روزبة والقطيعي وأبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر بن الخازن وجماعة من أصحاب شهدة وبمصر من مرتضى بن أبي الجود وعلي بن مختار وطبقتهما وبدمشق من الناصح ابن الحنبلي وابن اللتي ومكرم وجماعة وبحران من حمد بن صديق وغيره وبحماة من أبي القاسم بن رواحة. وبحلب من الموفق يعيش وابن خليل وجماعة وبمكة من أبي النعمان بشير بن سليمان.

وصنف وخرج وعني بالحديث والرجال والتاريخ والفقه وغير ذلك ودرس بالإسكندرية وجمع المعجم لنفسه. وخرج أربعين حديثا في أربعين بلدا ولكن بعض بلدانه قرى ومحال. وصنف تاريخا للإسكندرية في مجلدتين. وكان دينا، خيرا، حميد الطريقة، كثير المروءة، محسنا إلى الرحالة، لين الجانب.

كتب عنه الدمياطي والشريف عز الدين والطلبة ولم يخلف بعده ببلده مثله. ويعرف بالوجيه ابن العمادية.

سمعت من أخويه لأمه أبي القاسم الهواري وأخته وجيهية.

توفي ليلة الحادي والعشرين من شوال.

149 -

‌ نصر الله بن عبد المنعم بن نصر الله

بن أحمد بن جعفر بن حواري بن الشيخ شرف الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنفي، الأديب. ويعرف بابن شقير أيضا.

ولد سنة أربع وستمائة وسمع الأربعين من أبي الفتوح البكري، وسمع من داود بن ملاعب وغيرهما، روى عنه الدمياطي وابن الخباز وعلم الدين الدواداري وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وآخرون من كهول شيوخنا وخطه أسبوب غريب. وكتب بخطه نسخا كثيرة بالأربعين القشيرية الأسعدية. وكان من سمع منه وهبه نسخة.

وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة، حفظة للأخبار والنوادر، حسن البزة، كريما، متجملا. عمر في آخر عمره مسجدا عند طواحين الأشنان على

ص: 269

النهر وتأنق في عمارته. وكان يدعو إليه الأصحاب ويبالغ في الاحتفال.

توفي رحمه الله في ربيع الآخر ودفن بمغارة الجوع. وهو أخو محمد.

150 -

‌ يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد

، المحدث، الملقب بالحافظ اليغموري، جمال الدين، أبو المحاسن الأسدي، الدمشقي.

ولد في حدود الستمائة. وسمع الكثير بدمشق والموصل ومصر والإسكندرية، وعني بالحديث وتعب فيه وحصل وكتب الكثير. وكان له فهم ومعرفة وإتقان ومشاركة في الآداب والتواريخ. وله جموع حسنة لم أرها، بل أثنى على فضائله الشريف عز الدين وقال: توفي في ليلة الحادي والعشرين من ربيع الآخر. وسمعت منه. وكان حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، مشغولا بنفسه.

وقال الدمياطي: يوسف بن أحمد أبو العز أخو محمود ابن الطحان التكريتي الجد، الموصلي الأب، الدمشقي المولد، المحلي الوفاة رفيقنا، أخبرنا قال: أخبرنا أحمد بن الأصفر سنة ست عشرة.

قلت: وروى عنه الدواداري أيضا وجماعة.

توفي عند شهاب الدين ابن يغمور. وتوفي ابن يغمور بعده بشهر، وكان يصحب والده جمال الدين نائب السلطنة، فعرف به.

151 -

‌ أبو غالب بن أبي طالب بن مفضل ابن سني الدولة

، زين الدين الدمشقي، أخو مفضل الآتي سنة سبع.

سمعا من حنبل، كتب عن هذا: ابن جعوان وابن العطار.

وتوفي في هذه السنة.

وفيها ولد:

شمس الدين محمد بن يوسف بن أبي الفرج العسقلاني المقرئ، الفقيه

ص: 270

صاحبي رحمه الله، في شعبان وولدت أنا في ربيع الآخر، وفي شوال ولد قاضي القضاة تقي الدين أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض الحنبلي، بمصر.

وفيها ولد: المفتي شرف الدين حسين بن علي بن إسحاق بن سلام الشافعي، وأبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشي التونسي المقرئ، والمولى علاء الدين علي بن محمد القلانسي، وقاضي حلب كمال الدين عمر بن عبد العزيز بن العديم، وإبراهيم ابن قاضي حماة شرف الدين ابن البارزي، وعلاء الدين علي ابن شيخنا البرهان الإسكندري، والفقيه الزاهد نور الدين علي بن يعقوب البكري المصري، والشيخ صدر الدين سليمان المالكي الغماري.

ص: 271

سنة أربع وسبعين وستمائة

152 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز

، تقي الدين، أبو العباس ابن العنيقة الحراني، الحنبلي، العطار، أخو شيخنا عبد الملك.

شيخ جليل فاضل. سمع من الموفق بن يعيش وابن رواحة وابن خليل وجماعة بحلب، ورحل إلى بغداد وكتب عن الشيخ يحيى الصرصري ديوانه ونقله إلى دمشق. روى عنه ابن الخباز وأبو عبد الله بن أبي الفتح وأبو الحسن ابن العطار وجماعة.

وتوفي في صفر بدمشق وله ثلاث وستون سنة.

153 -

‌ أحمد ابن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله

، علم الدين، أبو الحسين المنذري، المصري.

ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع من عبد العزيز بن باقا وأبي الحسن ابن المقير وأصحاب السلفي. وأضر قبل موته، وكان يحفظ أشياء مفيدة ويذاكر بها، كتب عنه جماعة ومات في ربيع الأول.

154 -

‌ إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن شيث

، كمال الدين، أبو إسحاق القرشي، الكاتب، الأمير.

خدم الناصر داود مدة وترسل عنه، ثم خدم الناصر يوسف، فأعطاه خبزا واعتمد عليه وقربه. ثم ولي الرحبة للملك الظاهر، ثم ولاه بعلبك.

وله أدب وترسل ونظم ومعرفة بالتاريخ والأخبار. وكان يحفظ متون الموطأ، وله اعتناء بالحديث. وقد روى عن القاضي أبي القاسم ابن الحرستاني. وحدثنا عنه أبو الحسين اليونيني، وكان أبوه جمال الدين من كبراء دولة المعظم.

توفي الكمال في صفر بالساحل وقد نيف على الستين، وحمل فدفن بمقابر بعلبك.

ص: 272

155 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن غنام

، النميري، الحراني، أبو إسحاق العابر، ناظم كتاب درة الأحلام في علم التعبير.

وله قصيدة لامية في التعبير. وقد سكن بمصر وكان رأسا في التعبير، مات في جمادى الأولى بالقاهرة.

156 -

‌‌

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن نصر

الله بن حرب

، الفارقي.

عدل، له ملك جيد، حدث بصحيح البخاري عن ابن الزبيدي، حدثنا عنه إسحاق الآمدي.

توفي في جمادى الآخرة.

157 -

‌ إسماعيل بن سليمان بن بدر

، أبو الطاهر الأنصاري، الجيتي، المصري.

يروي عن ابن عماد، روى عنه الدواداري وغيره ومات في شعبان.

158 -

إسماعيل بن إبراهيم بن نصر، الفارقي، بدر الدين.

سمع: ابن الزبيدي.

159 -

‌ أيبك، الأمير عز الدين الإسكندراني

، الصالحي.

تولى الشوبك لأستاذه الملك الصالح ثم كان من خواص الملك المعز، ثم ولي بعلبك مدة للظاهر، ثم ولاه الرحبة. وقد تزوج بابنة الشيخ الفقيه محمد اليونيني وكان فيه كرم وديانة.

توفي بالرحبة في رمضان وهو من أبناء الستين.

160 -

‌ حبيبة بنت الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة

.

أم أحمد، زوجة الإمام تقي الدين محمد بن محمود المراتبي وأم أولاده.

روت عن حنبل وابن طبرزد وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة وعائشة

ص: 273

بنت معمر وجماعة وكانت صالحة، عابدة، قوامة تالية لكتاب الله. تلقن نساء الدير وكانت تنكر على أخيها الشيخ شمس الدين دخوله في القضاء وفي التوسع من الدنيا وكثرة الأواني والقماش. رضي الله عنها.

روى عنها الدمياطي وابن الخباز وابن الزراد وابن العطار وغير واحد، وتوفيت في ثاني عشر ذي القعدة وهي في عشر الثمانين.

161 -

‌ الحسن بن علي بن الحسن

، السيد فخر الدين ابن أبي الجن العلوي، الحسيني، الدمشقي، نقيب الأشراف.

توفي في ربيع الأول عن نيف وستين سنة.

162 -

‌ خاص ترك

، الأمير ركن الدين الكبير. من أعيان الدولة.

توفي بدمشق ودفن بقاسيون، وكان عالي الرتبة عند الملك الظاهر، توفي في ربيع الأول.

163 -

‌ الخضر ويسمى مسعود بن عبد السلام

ويسمى أبوه عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه.

الشيخ الكبير سعد الدين أبو سعد ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، أخو شيخ الشيوخ شرف الدين.

ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وسمع من عمر بن طبرزد وأبي اليمن الكندي وجماعة.

وأجاز له: عبد المنعم بن كليب وأبو الفرج بن الجوزي والمبارك ابن المعطوش وعبد الله بن أبي المجد الحربي وجماعة. وخدم في شبيبته وتعانى الجندية مع بني عمه الأمراء الأربعة، ثم تصوف ولبس البقيار. وأمه من ذرية أبي القاسم القشيري وقد جمع تاريخا في مجلدتين. وكان لديه فضيلة وله شعر حسن. ومرض في أواخر عمره وقل بصره.

روى عنه ابن الخباز وابن العطار وعلم الدين الدواداري وجماعة وأجاز لي مروياته. وكتب عنه بذلك الشيخ أبو الحسن الموصلي.

وتوفي في ذي الحجة، رحمه الله. وكان مشاركا لأخيه في المشيخة.

ص: 274

نقلت من خط سعد الدين وأجازه لي. قال: رأيت عند خطيب القاهرة فخر الدين القاضي السكري قشر حية أهدي لوالده من الهند، عرضه ثلاثة أشبار، قال: ورأيت بقرية من أعمال الزبداني سنة ثلاث وخمسين وستمائة شجرة جوز دورها اثني عشر ذراعا وحملها مائة ألف وعشرون ألف جوزة، قال: ورأيت بقرب ميافارقين شجرة بلوط، قست دورها اثنين وعشرين شبرا. ونزلت عند الملك المظفر غازي ابن العادل، فأحضروا بين يديه جديين توأم وجه أحدهما قريب من وجه الآدمي وله خرطوم كالخنزير، وتحت الخرطوم عينان، وفي جبهته عينان أيضا، وله فم كفم الآدمي ولسان عريض. ورأيت أيضا جديا بفرد عين في وسط جبهته وله إلية مثل الضأن.

164 -

‌ الربيع بن سلمان بن محمد بن سالم

، شمس الدين، أبو الفضل القرشي.

سمع الصحيح من ابن الزبيدي وحدث. وكان رجلا فاضلا من أبناء السبعين.

توفي بحمص.

165 -

‌ سنجر، الأمير علم الدين الحصني

.

توفي بدمشق في جمادى الأولى. وكان من أمراء الألوف. وقد ناب في سلطنة دمشق وقتا.

166 -

‌ سيف الدين الجحافي

، الأمير.

توفي أيضا في جمادى الأولى بدمشق.

167 -

‌ صبيح

، عتيق الحافظ عبد العظيم.

سمع الكثير وحدث عن مكرم. ومات في صفر بمصر.

168 -

‌ طرخان بن إسحاق بن طرخان

، الشاغوري.

روى عن أبيه، له خطب وأدب.

169 -

‌ طغريل

، الأمير سيف الدين والي البر بدمشق.

ص: 275

لعله الحجافي.

170 -

‌ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إلياس

، الصدر الصالح، بدر الدين، أبو محمد الأنصاري، ابن الشيرجي. أخو القاضي عماد الدين محمد.

روى عن الحسين ابن الزبيدي، روى عنه ابن الخباز وابن العطار وجماعة، وتوفي في المحرم. وكان يلبس بزي الفقراء، وسمع من القزويني ومن جده. وأجاز لي مروياته.

171 -

‌ عبد الله بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز

، أبو محمد البغدادي.

ولد سنة ست وستمائة، وسمع من ابن الأخضر وعمر بن الحسين ابن المعوج وأحمد بن علي الغزنوي وعدة، روى القلانسي وابن عبد الصمد والدقوقي والصدر بن حمويه، وخلق عنه.

172 -

‌ عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب

، الملك المسعود ابن الملك الصالح.

رئيس جليل. وهو أخو الملك المنصور محمود والملك السعيد أبي الكامل، توفي في جمادى الأولى بدمشق.

173 -

‌ عبد الله بن شكر بن علي

، اليونيني.

شيخ، صالح، عابد، قانع، متعفف، صحب المشايخ وسمع الكثير في كهولته، روى عنه ابن الخباز.

قال قطب الدين: كان قانعا باليسير، متحريا في مطعمه وملبسه ويتقوت من مغل أرض له، لعل مغلها خمسون درهما. وحصل له من الجوع

ص: 276

يبس أورثه تخيلات فاسدة، وتوفي بدمشق في رمضان وقد جاوز السبعين.

حدث عن الحافظ الضياء.

روى عنه ابن تمام وابن الخباز.

174 -

‌ عبد الرحمن بن داود بن رسلان

، الشيخ عماد الدين، أبو القاسم القرشي، المخزومي، المصري، السمربائي. وسمربية من أعمال الغربية.

عاش ثمانين سنة وكان دينا، عالما، خيرا، مشهورا، له فضل وأدب، وتوفي في رجب.

175 -

‌ عبد الرحمن ابن الشيخ المقرئ أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى

، أبو المعالي اللخمي، الإسكندراني.

قرأ القرآن على أبيه. وتصدر للإقراء. وحدث ولقبه: عز الدين وقد أجاز له: الكندي وزاهر بن رستم وخلق وقرأ أيضا بالسبع على جعفر الهمداني. وسمع جامع الترمذي سنة إحدى عشرة من ابن البناء.

ومولده تخمينا سنة أربع وستمائة ومات في عاشر ربيع الأول بالإسكندرية وله سبعون سنة.

176 -

‌ عبد الرحمن ابن العلامة أبي العز مظفر بن عبد الله

، شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، المصري، المعروف أبوه بالمقترح.

ولد بالإسكندرية سنة سبع وستمائة وسمع من عبد الله بن محمد بن مجلي وحدث ومات في رجب.

177 -

‌ عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن

، العجمي، زين الدين، أبو المظفر المعدل، العاقد بالقاهرة.

ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وسمع من الافتخار وثابت بن مشرف، روى عنه الدمياطي من نظمه، توفي في ذي القعدة بالقاهرة.

178 -

‌ عثمان بن عبد الكريم

، سديد الدين الصنهاجي، الشافعي.

ص: 277

توفي في ذي القعدة عن تسع وستين سنة.

وقد درس وأشغل وناب في قضاء القاهرة.

179 -

‌ عثمان بن موسى بن عبد الله

، الفقيه الزاهد، أبو عمرو الإربلي، ثم الآمدي. إمام الحنابلة بمكة.

يروي عن يعقوب بن علي الحكاك ومحمد بن أبي البركات، روى عنه الدمياطي وابن العطار وكتب إلي بالإجازة.

توفي في جمادى الأولى وصلي عليه يوم جمعة بدمشق صلاة الغائب. وكان من الزهاد.

180 -

‌ عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي

ابن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، أبو الفتح القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، الشماع.

آخر أصحاب عبد الرحمن بن موقى بالسماع، ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة وتوفي في سلخ ربيع الأول بالإسكندرية.

روى عنه الدمياطي والشيخ شعبان الإربلي وعلم الدين الدواداري والقاضي سعد الدين الحارثي وجماعة كثيرة.

وعاش خمسا وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة.

181 -

‌ علي بن أحمد ابن العقيب

، الشيخ نور الدولة العامري، البعلبكي، النحوي.

أخذ العربية عن: ابن معقل الحمصي وله شعر جيد. وفيه دين وشرف نفس، توفي ببعلبك في ربيع الأول.

182 -

‌ علي بن أنجب بن عثمان بن عبيد الله

، الشيخ تاج الدين، أبو الحسن وأبو طالب ابن الساعي البغدادي، المؤرخ، خازن كتب المستنصرية.

ص: 278

توفي في رمضان وقد قارب الثمانين أو جازها وكان أديبا فاضلا، أخباريا، عمل تاريخا وما زال يجمع فيه إلى أن مات، وعمل تاريخا لشعراء زمانه وذيل على الكامل لابن الأثير. وله كتاب غزل الظراف في مجلدين فأجازه عليه المستنصر بالله بمائة دينار وله كتاب التاريخ المعلم الأتابكي؛ التمس منه تأليفه صاحب شهرزور نور الدين أرسلان شاه ابن زنكي بن أرسلان شاه ابن السلطان عز الدين مسعود ابن السلطان قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر التركي، وفي أخبار بيتهم وأجازه عليه بمائة دينار وله كتاب نزهة الأبصار في ختان ابني المستعصم الشهيد وما أنفق عليهما من الأموال وتفاصيل ما عمل من المآكل والملبوس وما عمل من المدائح، فأعطي عليه مائة دينار وكان إقبال الشرابي ينفذ إليه بالذهب ويحترمه. وله في إقبال مدائح وفي غيره.

ولقد أورد الكازروني في ترجمة ابن الساعي أسماء التصانيف التي صنفها وهي كبيرة جدا، لعلها وقر بعير، منها مشيخته بالسماع والإجازة في عشر مجلدات، فروى بالإجازة عن أبي سعد الصفار، فأحسبها العامة وعن: عبد الوهاب بن سكينة والكندي وابن الأخضر وأحمد ابن الدبيقي، وسمع من أصحاب أبي الوقت وقرأ على ابن النجار تاريخه الكبير لبغداد وقد تكلم فيه، فالله أعلم. وله أوهام.

قال ابن أنجب: وفي رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة، برز إلي من البر المستنصري مائة دينار في مقابلة كتاب وسمته بكتاب الإيناس في مناقب خلفاء بني العباس.

وله كتاب الحث على طلب الولد ألفه باسم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، فقدمه له يوم عرسه على ابنة صاحب الموصل لؤلؤ.

وحكى ابن أنجب أنه اشترى مملوكا بخمسة عشر دينارا. قال: ثم بعته بمائة دينار على الأمير بكلك، فوهبه لفتاه سنقر شاه، فظهرت منه نهضة تامة وكفاءة وكثرت أمواله، إلى أن نقم عليه أستاذه وأخذ من أمواله ما قيمته

ص: 279

أزيد من مائة ألف دينار، فلما انتهى أمره إلى الديوان أحضر من خوزستان وكان سنقر جاء زعيمها، فساعة وصوله واسمه أدرج وخلع عليه وألحق بالزعماء. فلم تطل أيامه حتى توفي. وكان ينفذ إلي في كل سنة بمائة دينار من ابتداء سعادته إلى أن مات.

قلت: وله من التواليف: تاريخ الوزراء وتاريخ نساء الخلفاء من الحرائر والإماء، ومنهن سمر أم أولاد المستعصم الأمراء: أحمد وعبد الرحمن ومبارك.

وله مصنف في سيرة المستنصر وآخر في سيرة الناصر. ومصنف في أخبار أهل البيت. وله عدة تواليف وعاش اثنتين وثمانين سنة، رحمه الله.

وقد ذكر الظهير الكازروني له ترجمة طويلة وأثنى عليه بالديانة.

183 -

‌ علي بن عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن شيث

، أخو كمال الدين إبراهيم، القرشي، علاء الدين.

ولد سنة إحدى وستمائة. وكان الأكبر وحدث بالقاهرة، أظن عن ابن الحرستاني.

ومات في رجب.

184 -

‌ علي بن عمر بن عبد العزيز

، القرشي، كمال الدين، العدل، أخو المعين المحدث.

توفي بدمشق في جمادى الأولى، سمع من الكندي وابن الحرستاني. وحدث.

185 -

علي بن محمد بن علي، الآمدي، الرئيس، موفق الدين الكاتب.

كان متعينا لنظر الدواوين الكبار. وطال عمره وتقلب في الخدم. ثم صار إلى نظر الكرك والشوبك ومات هناك في ذي الحجة وله خمس وثمانون

ص: 280

سنة وقدم الشام هو وأخوه في أيام الملك الكامل.

186 -

‌ علي بن محمد بن نصر الله

، الصاحب علاء الدين ابن منتجب الدين الحلبي وزير صاحب حماة.

وزر إلى أن مات في الكهولة في صفر بحماة.

187 -

‌ الفارقاني

، الأمير بدر الدين.

توفي في جمادى الآخرة.

188 -

‌ محمد ابن الجمال أبي صالح عبد الله بن أبي أسامة

، الشيخ الضال، مفيد الدين ابن الأحواضي، رأس الشيعة الغلاة وقدوتهم.

مات في جمادى الأولى بقرية حراجل من جبل الجرد وقد قارب الأربعين.

وكان كثير الفنون والفضائل، عريا من علم الكتاب والسنة. ولكنه محكم للمنطق والفلسفة ومذهب الأوائل.

189 -

‌ محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد

ويسمى أيضا: عبد العزيز، العدل، عماد الدين، أبو عبد الله بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي أخو قاضي القضاة عز الدين.

ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي وابن صباح ومكرم بن أبي الصقر، ولازم ابن العربي وكتب جملة من تصانيفه. نسأل الله السلامة ولكن ما أظن فهم مغزاه وقد درس بالعذراوية.

وكان بصيرا بالأدب، بارعا في معرفة المساحة والقسمة. وكان من شهود الخزانة. كتب عنه جماعة وأجاز لي مروياته ومات في رجب.

190 -

‌ محمد بن عبيد الله بن جبريل

، الصدر زين الدين المصري.

شاعر كاتب. وهو القائل:

ص: 281

أيا بديع الجمال رق لمن ستر هواه عليك مهتوك دموعه في هواك جارية وقلبه في يديك مملوك

191 -

‌ محمد بن مزيد بن مبشر

، أبو عبد الله الخويي.

صالح خير، له رواية، توفي في شوال.

192 -

‌ محمد بن أبي بكر

، أبو منصور ابن النعال، عرف بابن الكرك.

من شيوخ الحديث ببغداد، مات في شوال.

193 -

‌ مبارك بن حامد بن أبي الفرج

، تقي الدين الحداد. رأس الرافضة.

توفي في عشر السبعين وله صيت في الحلة والكوفة ومات ببعلبك ورثاه الجمال ابن مقبل الحمصي بقصيدة أولها:

لو أن البكاء يجدي على أثر هالك بكينا على الزهر التقي مبارك يرى ود آل المصطفى خير متجر وإن صد عنه بالظبا والنيازك

194 -

‌ محمود بن عابد بن حسين بن محمد

، الشيخ تاج الدين، أبو الثناء التميمي، الصرخدي، النحوي، الشاعر المشهور، الحنفي.

ولد بصرخد في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان فقيها فاضلا، نحويا، بارعا، شاعرا، محسنا، زاهدا، متعففا، خيرا، متواضعا، قانعا، فقيرا، كبير القدر، دمث الأخلاق وافر الحرمة، توفي بالمدرسة النورية في ربيع الآخر.

كتب عنه الدمياطي والأمير شمس الدين محمد ابن التيتي وجمال الدين ابن الصابوني.

ومن شعره:

لمعت بين حاجر والمصلى نارهم فانجلى الظلام وولى لا تعيدوا لنا حديثا قديما حدثتناه عنكم الريح نقلا

ص: 282

مذ تناءوا فالعين تحسد القلب عليهم وتبعث الدمع رسلا وهي معذورة على مثل ليلى بقتل المستهام نفسا وأهلا وله:

خليلي ما لي لا أرى بان حاجر يلوح ولا نشر الأراك يفوح يعز علينا أن تشط بنا النوى ولي عندكم قلب يذوب وروح إذا نفحت من جانب الرمل نفحة وفيها عرار للغوير وشيح تذكرتكم والدمع يستر مقلتي وقلبي بأسباب البعاد جريح وله:

بدا كقضيب البان والظبي إذ يعطو يرنج عطفيه من الظلم أسفط له من عبير الند في الخد نقطة ينم بها من نبت عارضه خط على خصره جال الوشاح كما غدا على جيده من عجبه يمرح القرط ومن عجب أن الظباء إذا رنا تغار وأن الأسد من لحظه تسطو وأعجب من ذا أن سلسال ريقه فرات وأن الدر في ثغره صمت إذا ما تجلى في غياهب شعره فللبدر من أنوار طلعته مرط خذا لي أمانا من لحاظ جفونه فما أحد من لحظه سالما قط

195 -

‌ محمود بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله

، الإمام، المفتي، ظهير الدين، أبو المحامد الزنجاني، الشافعي الصوفي، الزاهد.

ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة ظنا وسمع: الإمام شهاب الدين السهروردي وصحبه مدة وعبد السلام الداهري وأبا المعالي صاعد بن علي الواعظ والمحدث أبا المعمر بدلا التبريزي.

وكان فقيها، إماما، صالحا، زاهدا، كبير الشأن. اشتغل عليه جماعة وروى عنه أبو الحسن ابن العطار وأبو الفدا بن الخباز، وأبو عبد الله بن إمام الكلاسة الخطيب وجماعة وأجاز لي مروياته.

وكان إماما بالتقوية وأكثر نهاره بها ومبيته بالسميساطية، حدث بكتاب العوارف عن المصنف ومات في رمضان.

ص: 283

196 -

‌ مسعود بن عبد الله بن عمر

، الجويني. ويسمى الخضر، قد ذكر.

197 -

‌ موسى بن عيسى بن نجاد بن عيسى

، أبو عمران الموصلي، الفقيه، الصالح، خطيب بيت لهيا.

روى عن ابن اللتي وجعفر الهمداني، روى عنه ابن العطار ومات في عشر الثمانين.

198 -

‌ نصر الله بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد

، بهاء الدين ابن سيدة العدل.

روى عن ابن الزبيدي والإربلي وابن اللتي وجعفر الهمداني وعاش اثنتين وخمسين سنة. وهو والد صاحبنا شرف الدين أحمد.

199 -

‌ يحيى بن أبي بكر بن عمر

، السلاوي.

صالح، زاهد، خير، مقرئ، معروف، توفي بدمشق في رمضان، رحمه الله، عن سبع وثمانين سنة وكان إمام مسجد الزلاقة.

200 -

‌ يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي

، أبو المفاخر القرشي، المغيري.

توفي في ذي القعدة.

201 -

‌ يحيى بن إسماعيل بن جهبل

، محيي الدين الحلبي، الشافعي.

مات في ربيع الآخر. حدث عن ابن الصلاح.

202 -

‌ أبو بكر بن إبراهيم

، الخلاطي. إمام مغارة الدم.

إنسان مبارك.

203 -

‌ أبو بكر بن علي بن أبي بكر

، تقي الدين الصوفي.

من قدماء الصوفية بالسميساطية، سمع من تاج الدين ابن حمويه شيخ الشيوخ. وحدث، توفي في جمادى الآخرة.

204 -

‌ أبو بكر بن علي بن عبد الرحمن بن هلال

، قطب الدين.

ص: 284

روى الأربعين البلدية لابن عساكر، سمع منه: ابن عبد الكافي ومات في رمضان، رحمه الله تعالى.

205 -

‌ أبو الحسن بن عبد العظيم بن أبي الحسن بن أحمد بن إسماعيل

، المحدث، العالم، مكين الدين ابن الحصني، المصري.

ولد بمصر في أحد الجماديين سنة ستمائة وسمع الكثير من الجم الغفير. وكتب وتعب وحصل وفهم وأكثر عن أصحاب السلفي.

ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي في تاسع عشر رجب وقال: كتب وقرأ ولم يزل يسمع ويفيد ويقرأ للطلبة إلى حين وفاته وكان حسن القراءة، فاضلا، متميزا، ثقة، جميل السيرة، سمعت منه ورافقته مدة وسمعت بقراءته جملة من الكتب الكبار والأجزاء المنثورة. وكان حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير الإفادة. وقد سماه بعض الطلبة: ثابتا وبعضهم: عليا.

قلت: وله ولدان حيان شهدة ومحمد قد حدثا، مات محمد قديما وشهدة سنة إحدى وعشرين في المحرم.

206 -

‌ أبو القاسم بن إسماعيل بن الحسن

، الكلابي، ابن العصيفير.

روى عن ابن الحرستاني.

وفيها ولد

فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر ابن الصائغ، وعلاء الدين علي بن أبي بكر بن يوسف بن خضر الحراني، وتقي الدين عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر الواسطي، الشافعي، المحدث في ذي الحجة وجمال الدين داود بن أبي الفرج الدمشقي، الصوفي، الطبيب وعز الدين عبد المؤمن بن عبد الرحمن ابن العجمي، الحلبي، الزاهد، صاحب الخط المنسوب وبرهان الدين إبراهيم بن إسماعيل الزرعي، الشافعي، رحمه الله وجمال الدين إبراهيم بن نصر الله بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، رحمه الله وشهاب الدين أحمد بن محمد ابن المهذب كاتب الحكم وهمام بن منبه الصميدي،

ص: 285

سنة خمس وسبعين وستمائة

207 -

‌ أحمد بن تمام بن حسان

، الحاج الصالح، أبو العباس التلي، الصحراوي. والد الشيخ الزاهد محمد.

كان يضمن البساتين ويستغلها، روى عن الشيخ الموفق وغيره وتوفي في جمادى الأولى بالصالحية وسمع القزويني.

208 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن حسن

، الشيخ شهاب المقدسي القيراط والد زين الدين.

توفي في ذي القعدة، روى عن ابن قميرة.

209 -

‌ أحمد بن عبد السلام بن المطهر

بن أبي سعد عبد الله بن محمد ابن أبي عصرون، الرئيس، العالم، القاضي، قطب الدين، أبو المعالي ابن أبي محمد التميمي، الحلبي، الشافعي.

ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وختم القرآن في أواخر سنة تسع وتسعين وأجاز له: عبد المنعم بن كليب وأبو الفرج ابن الجوزي والمبارك ابن المعطوش وجماعة من العراق وأبو طاهر الخشوعي من دمشق وسمع من عمر بن طبرزد وأبي اليمن الكندي وعبد الجليل بن مندويه وأبي القاسم ابن الحرستاني وداود بن ملاعب وغيرهم وتفقه مدة ولم يبرع في الفقه، لكن له محفوظات وبيت وجلالة، فدرس بالأمينية وبالعصرونية بدمشق وطال عمره وعلت رواياته وأكثر عنه الطلبة.

روى عنه الدمياطي وابن تيمية وابن العطار وابن الخباز والدواداري وجماعة وتوفي في جمادى الآخرة، وقد أجاز لي جميع مروياته وهو من أكبر شيوخي واسمه في إجازة ابن عبدان المؤرخة بالمحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة.

وأجاز ابن كليب له بخطه في المحرم سنة ست.

ص: 286

210 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر

، المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو العباس الموصلي، الناسخ، نزيل دمشق.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من أبي عبد الله ابن الزبيدي وجماعة. وصحب أبا عمرو ابن الصلاح مدة وكتب الكثير بخطه.

روى عنه ابن الخباز وعلم الدين الدواداري وجماعة.

وتوفي في رجب بالأشرفية.

211 -

‌ أحمد بن محمد بن مكيال

، الأمير، الأديب، العلامة، شهاب الدين الربعي، الكركي.

له تصانيف ونظم ونثر ويد طولى في العربية. من أعيان الجند.

212 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن أبي المفاخر

، الأزجي.

سمع: ابن روزبة والقطيعي، وابن اللتي، روى عنه بالإجازة: شرف الدين ابن الكازروني.

مات في المحرم.

213 -

‌ إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة

بن حازم بن صخر، الزاهد، العابد، أبو إسحاق الكناني، الحموي شيخ البيانية بحماة.

كان صالحا، خيرا، كثير الذكر، دائم المراقبة، سلفي المعتقد ولد بحماة سنة ست وتسعين وخمسمائة.

وسمع من المفتى أبي منصور ابن عساكر وغيره، روى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله، وخرج في آخر أيامه من حماة، وودع أصحابه وقال: أذهب فأموت بالبيت المقدس، فسار وزار وأدركه الأجل كما أنطق الله به لسانه في بكرة يوم النحر بالقدس، فرحمه الله ورضي عنه.

214 -

‌ إبراهيم بن مهلهل

، نبيه الدين الأجهوري، المصري.

توفي في المحرم بالقرافة.

215 -

‌ أسد بن المبارك بن الأثير

، أبو أسامة المصري، الدلال.

ص: 287

توفي في ذي الحجة وهو والد شمس الدين حسين وبهاء الدين سليمان. وهما باقيان في وقتنا سنة أربع عشرة. ورويا جزء ابن عرفة.

ومنهم من كناه: أبا الفوارس، روى عن ابن المقير وغيره.

216 -

‌ إسماعيل بن عمر

، الأمير شجاع الدين الطوري، المبارز. متولي قلعة دمشق.

كان دينا، عاقلًا وافر الحرمة عند السلطان، له آثار حسنة في عمارة أبرجة القلعة.

توفي في جمادى الأولى.

217 -

‌ إسماعيل بن محمد بن محمد

، الفقيه أبو الطاهر المغربي، القيرواني، المالكي.

توفي بمصر في شعبان. وكان من أعيان المالكية وأئمة المذهب، درس بمدرسة الصاحب بن شكر.

وقيل: مات في رمضان، لقبه: وجيه الدين.

218 -

‌ أيدكين الصالحي

، الأمير علاء الدين الخزندار، نائب قوص.

بطل شجاع مشهور، من كبار الأمراء المصريين، ضابط لأعماله، له غزو ونكاية في النوبة. وخلف أموالا عظيمة ومات في ذي القعدة. وكان من مماليك الصالح نجم الدين أيوب.

وأما أيدكين الصالحي الذي ناب في صفد فمنسوب إلى الصالح عماد الدين إسماعيل ابن العادل وسيأتي.

219 -

‌ بريد بن منصور

، الحوراني، الفقيه، خطيب قرية جوبر.

ولد سنة ستمائة. وحدث بـ الدارمي، عن ابن اللتي، روى عنه ابن الخباز وغيره ومات في شعبان.

220 -

‌ بكتمر

، الأمير سيف الدين النجيبي.

ص: 288

توفي بدمشق في ربيع الآخر. وهو. . . .

221 -

‌ بلبان

، الأمير سيف الدين المعظمي.

222 -

‌ بهاء الدين الترمذي

، الحنفي، قاضي حصن الأكراد.

مات في ربيع الآخر.

223 -

‌ تامر بن سعد

، المزي، خادم الشيخ عثمان.

توفي بالمزة. وقد روى وكتب في الإجازات.

224 -

‌ جعفر بن محمد بن علي

، الصاحب بدر الدين، أبو الفضل الآمدي. أخو موفق الدين علي.

ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بحصن كيفا. وكان من بيت حشمة وكتابة. قدم هو وأخوه الشام في الدولة الكاملية فعرفا بالبراعة في الكتابة الديوانية والأمانة في التصرف وولي بدر الدين نظر الشام. وكان حسن البشر، لين الكلمة، يضرب به المثل في الأمانة.

توفي في شوال بدمشق. ومع هذا فنظر الدواوين وظيفة مكس، نسأل الله العفو.

وقد ولي نظر الديوان الكبير بدمشق بدر الدين الآمدي، رئيس آخر توفي سنة سبع وثمانين كما يأتي. ذكرت ذلك ليعرف أنهما اثنان.

225 -

‌ حسن بن عتيق بن رملي

، العدل، نبيه الدين الأنصاري، الإسكندري.

سمع كتاب الشفا من ابن جبير.

مات في شوال عن ثلاث وتسعين سنة بالثغر.

226 -

‌ رمضان بن حسين بن خطلخ

، الحنفي، العلامة، صائن الدين التركي، مدرس السيوفية بالقاهرة.

ص: 289

حدث بمصر عن: يوسف بن خليل، روى عنه الأمير علم الدين الدواداري، ومات في شعبان.

227 -

‌ ريحان الطواشي

، عزيز الدولة الخاتوني، الأشرف، الأقطغاني، النوبي الجنس.

حدث عن: ابن اللتي، ومات في رمضان. روى جزء بيبى.

228 -

‌ ست العرب بنت عبد المجيد بن الحسن

بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن، أخت الصدر عون الدين سليمان ابن العجمي، والدة الصاحب مجد الدين عبد الرحمن ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم وأخواته.

روت عن الركن إبراهيم الحنفي هي وبناتها، وتوفيت في ربيع الآخر بدمشق. ولها إجازات من أبي الفتوح البكري وابن ملاعب وجماعة، خرج لها جزءا عنهم ابن الظاهري، فحدثت به هي وابنها، فسمع التقي عبيد وبدر الدين ابن الجوهري والشريف عز الدين.

229 -

‌ سليمان بن داود بن عمر ابن خطيب بيت الآبار

، فخر الدين الكاتب، أخو شيخنا الشرف محمد.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وروى عن ابن اللتي وغيره، ومات في صفر.

230 -

‌ سليمان بن سلمان بن محمد الدمشقي

.

كتب في الإجازات. وعاش ثلاثا وثمانين سنة.

231 -

‌ سم الموت

، الأمير الكبير عز الدين إيغان الركني، ثم الظاهري.

وقيل: اسمه ولادمر بن عبد الله، مولى الأمير ركن الدين بيبرس، الذي كسر الفرنج بغزة.

كان أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام. وله الكلمة النافذة والرتبة العالية. ثم غضب عليه السلطان، ورماه في الجب إلى أن مات في جمادى

ص: 290

الآخرة بقلعة الجبل.

232 -

‌ شرف الدين الأردويلي الصوفي

.

زاهد، صالح، جليل، من كبار أهل السميساطية.

قال قطب الدين: صاحب خلوات ومجاهدات وتربية للمريدين.

توفي في المحرم وقد جاوز السبعين.

233 -

‌ طاهر الملك عز الدين

، نائب خراسان.

مات في هذا العام ورثته الشعراء، وعمل له عزاء حفل ببغداد، رحمه الله.

234 -

‌ عبد الله ابن المحدث مجد الدين أحمد ابن الحلوانية

، شمس الدين أبو سعد.

سمع من جماعة وما أحسبه حدث وهو الذي وقف أجزاء والده بالدار النورية، وهو خال صاحبنا شمس الدين محمد ابن السراج، توفي في رجب ولم يتكهل، بل مات شابا رحمه الله.

235 -

‌ عبد الله ابن العلامة اللغوي أبي عمرو عثمان بن دحية المغربي

.

ولد سنة أربع عشرة، وحدث عن أبيه وغيره بالموصل.

236 -

‌ عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن موسى المقدسي

.

فقد هو وجماعة بدرب الحجاز الشامي. وكأنه حدث عن ابن اللتي وغيره، وسماعه حضور.

237 -

‌ عثمان بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم

، أبو عمرو، رشيد الدين الثعلبي المصري ويعرف بالرشيد بصيلة.

ويوصف بالصلاح والزهد، حدث بمصر ودمشق، وعاش بضعا وثمانين سنة.

توفي في ذي القعدة.

سمع من الحكيم أبي الحسن ابن هبل بالموصل. وهو عم شيخنا أبي

ص: 291

الحسن علي ابن القيم المعمر، سمع منه: الضياء الزرزاري وابنه والمكين الحصني والتقي عبيد وشرف الدين المقدسي وأخوه محيي الدين.

238 -

‌ علي بن إبراهيم بن سوار الصنهاجي

، الشيخ زين الدين البوصيري المحدث.

سمع وأكثر عن أصحاب السلفي وكتب الكثير، مات راجعا في طريق الحج في عشر السبعين.

239 -

‌ علي بن عمر بن علي

، العلامة الفيلسوف نجم الدين القزويني، الكاتبي، الدبيراني المنطقي صاحب التصانيف.

مولده في رجب سنة ستمائة، أرخه الكازروني. وكان على دين الحكماء يصرح بقدم العالم، وكان من الأذكياء، فلم يؤت هدى.

مات في شهر رمضان، وقيل في شوال.

240 -

‌ علي بن محمود بن علي

، القاضي، الإمام شمس الدين أبو الحسن الشهرزوري، الكردي، الشافعي، مدرس القيمرية وأبو مدرسها الصلاح وجد مدرسها القاضي شمس الدين علي.

شيخ، فقيه، إمام، عارف بالمذهب، موصوف بجودة النقل، حسن الديانة، قوي النفس، ذو هيبة ووقار.

بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسة بالخريميين وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته.

وقد ناب في القضاء عن القاضي شمس الدين ابن خلكان، وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة، فقال: الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك، وكل من بيده ملك فهو له. فبهت السلطان لكلامه وانفصل الموعد على هذا المعنى.

وقد سمع القاضي شمس الدين ببغداد من جماعة مع ابن العديم، ولم يرو. وتوفي في شوال رحمه الله بالقيمرية.

ص: 292

241 -

‌ عمر بن أسعد بن عبد الرحمن بن كنفي

، الهمذاني، الزاهد، العابد، أخو الزاهد محمد.

مقرئ صالح، يلقن بحلقة الحنابلة ويخيط ويتصدق بأجرته، وله ورد وتهجد وصيام، وفيه مروءة وقضاء للحاجة وإغاثة للملهوف.

روى عن أبي إسحاق الكاشغري وأبي المجد القزويني، روى لنا عنه أبو الحسن ابن العطار وغيره.

ومات بالمدرسة الجوزية في ذي القعدة.

242 -

‌ عمر بن أسعد بن أبي غالب

، القاضي عز الدين أبو حفص الإربلي، الشافعي، الفقيه، صاحب الشيخ تقي الدين ابن الصلاح.

سمع من ابن الزبيدي وابن اللتي، وكان دينا فاضلا بارعا في المذهب، ناب في القضاء عن ابن الصائغ ودرس وأشغل، روى لنا عنه ابن العطار، ومات في رمضان، وكان معيد الرواحية.

243 -

‌ عمر بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد

، الإمام العدل الكبير، عز الدين، أبو حفص المقدسي، الحنبلي، كاتب الحكم.

سمع من الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وابن الزبيدي، وجماعة، روى عنه ابن الخباز، والطلبة. وقد روى الثلاثيات بجماعيل في سنة خمس وستين، فسمعها منه: الخطيب أيوب بن يوسف وأولاده: يوسف وعلي وعبد الله، وطائفة من الصغار بجامع القرية.

وكان بارعا في كتابة الشروط، توفي في رمضان.

244 -

‌ عمر بن محمد بن الحسن ابن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر

، أبو حفص.

يروي عن ابن اللتي وغيره، ومات في جمادى الآخرة.

245 -

‌ عيسى بن عبيد الدمشقي

.

شيخ معمر، توفي في ربيع الأول. وكان يذكر أن مولده سنة أربع وستين وخمسمائة. فإن صدق فقد فاته السماع من أبي الفهم عبد الرحمن ابن أبي العجائز والحافظ أبي القاسم ابن عساكر.

246 -

‌ فريدون

، شهاب الدين الدمشقي.

ص: 293

247 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد السخي بن أحمد بن عبد الله

، العدل، شرف الدين، أبو عبد الله العمري، الموصلي، ثم الدمشقي.

ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي اليمن الكندي، وداود بن ملاعب. وحدث وشهد مدة وأم بمسجد الزينبي بداخل باب توما، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة.

وتوفي في جمادى الآخرة.

248 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن بن رسلان

، الشيخ شمس الدين الدمشقي، الطبيب، المعروف بالكلي، لاشتغاله بالكليات في الطب.

وكان حاذقا بالطب، بصيرا بالعلاج، له معرفة جيدة بالتاريخ، روى عن أبي القاسم ابن الحرستاني وغيره.

وتوفي بالقاهرة في المحرم وله ثمان وسبعون سنة.

قال ابن أبي أصيبعة: كان والده أندلسيا فقدم دمشق وبها توفي. ونشأ ولده هذا فقرأ الطب على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم، يعني الدخوار ولازمه حق الملازمة، حتى إنه حفظ الكتاب الأول من القانون وهو الكليات جميعها حفظا متقنا، واستقصى فهم معانيه، وقرأ كثيرا من الكتب العملية وباشر الصناعة. وهو جيد الفهم لا يخلي وقتا من الاشتغال، وقد خدم بالطب الملك الأشرف موسى، ثم خدم بمارستان نور الدين.

وقد ذكر صاحب تاريخ مصر الكلي، وأنه سمع من ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم العطار، ثم روى عنه أول حديث في معجم ابن جميع.

249 -

‌ محمد بن بدر بن محمد بن يعيش

، أبو عبد الله الجزري النساج.

رجل صالح من أهل جبل قاسيون. حدث عن: عمر بن طبرزد، والشيخ

ص: 294

أبي عمر.

روى عنه القاضي تقي الدين سليمان، والدمياطي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، وغيرهم.

وتوفي في ثامن عشر شعبان.

250 -

‌ محمد بن الحسين الطحان

، شمس الدين الدمشقي.

رجل صالح، خير، أمين، متمول، كثير الصدقات، توفي في ذي القعدة.

251 -

‌ محمد بن سعيد بن محمد بن هشام ابن الجنان

، الشيخ فخر الدين، أبو الوليد الكناني، الشاطبي، الحنفي.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة بشاطبة. وقدم الشام وصحب الصاحب كمال الدين ابن العديم وولده، فاجتذبوه بالإحسان، وصار حنفيا. وقد درس بالإقبالية وكان أديبا فاضلا وشاعرا محسنا. وكان مخالطا للأكابر، حسن العشرة والمزاح. وهو القائل:

لله قوم يعشقون ذوي اللحى لا يسألون عن السواد المقبل وبمهجتي نفر وإني منهم جبلوا على حب الطراز الأول وقع في النهر ببستان ابن الصائغ فغرق في ربيع الآخر.

252 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن حفاظ

، الصدر بدر الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الفويره.

تفقه على الصدر سليمان، وبرع في المذهب، وأفتى ودرس وناظر وولي غير مدرسة. وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك. ونظر في الأصول. وقال الشعر الفائق وكان ذا مروءة ودين وبر ومعروف ومكارم، وهو والد المولى جمال الدين. فمن شعره:

عاينت حبة خاله في روضة من جلنار فغدا فؤادي طائرا فاصطاده شرك العذار وله:

ص: 295

وشاعر يسحرني طرفه ورقة الألفاظ من شعره أنشدني نظما بديعا فما أحسن ذاك النظم من ثغره توفي الإمام بدر الدين في جمادى الأولى. وقد حدث عن العلم السخاوي وغيره. روى عنه الدمياطي في معجمه.

253 -

‌ محمد بن عبد الوهاب بن منصور

، العلامة شمس الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي.

كان شيخا إماما، بارعا، أصوليا، من كبار الأئمة في الفقه والأصول والخلاف، تفقه على القاضي نجم الدين بن راجح الحنبلي ثم الشافعي، والشيخ مجد الدين ابن تيمية وناظره مرات وقدم دمشق فقرأ الأصول والعربية على الشيخ علم الدين القاسم. ودخل الديار المصرية ولازم دروس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وناب في القضاء عن تاج الدين ابن بنت الأعز، فلما جعلت القضاة أربعة ناب في القضاء عن الشيخ شمس الدين محمد ابن العماد.

ثم قدم دمشق وانتصب للإشغال والإفادة، تفقه عليه: شمس الدين محمد ابن الفخر وشمس الدين ابن أبي الفتح ومجد الدين إسماعيل.

وكانت له حلقة للتدريس والفتوى وكان حسن العبارة، طويل النفس في البحث، وأعاد بالجوزية مدة. وناب في إمامة محراب الحنابلة مدة. ثم ابتلي بالفالج وبطل شقه الأيسر وثقل لسانه، حتى كان لا يفصح ولا يفهم منه إلا اليسير، فبقي على ذلك أربعة أشهر ومات.

وكان من أذكياء الناس، روى عن ابن اللتي والموفق عبد اللطيف بن يوسف وجماعة. ومات في عشر السبعين، روى عنه ابن أبي الفتح وابن العطار.

ومن شعره:

طار قلبي يوم ساروا فرقا وسواء فاض دمعي أو رقا حار في سقمي من بعدهم كل من في الحي داوى أو رقى بعدهم لا ظل وادي المنحنا وكذا بان الحمى لا أورقا

ص: 296

كان يحضر حلقة شمس الدين ابن عبد الوهاب جماعة من المذاهب، وكان يقرئ قصيدة ابن الفارض التائية الملقبة بنظم السلوك ويشرحها، فيبكي بكاء كثيرا.

وكان رقيق القلب، صحب الفقراء مدة. وقد ترجمه صاحبه شمس الدين ابن أبي الفتح بهذا وأكثر.

وحدثني ابن تيمية شيخنا، عن ناصر الدين إمام الناصرية، أنه كان يحضر في حلقة ابن عبد الوهاب، فرآه يشرح في التائية لابن الفارض، قال: فلما رحت أخذني ما قدم وما حدث وانحرجت، وقلت: لأنكرن غدا عليه وأحط على هذا الكلام.

قال: فلما حضرت وسمعت الشرح لذ لي وحلا، فلما رحت فكرت في الكلام الذي شرحه وفي الأبيات، فثارت نفسي وعزمت على الإنكار، فلما حضرت لذ لي أيضا واستغرقني. أصابني ذلك مرتين أو ثلاثا.

قلت: ما أملح ما مثل به شيخنا الشيخ إبراهيم الرقي كلام ابن العربي وابن الفارض، قال: مثله مثل عسل أذيف فيه سم، فيستعمله الشخص ويستلذ بالعسل وحلاوته ولا يشعر بالسم فيسري فيه وهو لا يشعر فلا يزال حتى يهلكه.

توفي الشيخ شمس الدين ليلة الجمعة سادس جمادى الأولى، وصلي عليه بجامع دمشق بعد الصلاة، وصلى عليه خارج البلد الشيخ زين الدين ابن المنجى، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله.

وما كان الرجل يدري أيش هو الاتحاد ولا يعرف محط هؤلاء، وهذا الظن به وبكثير من أتباعهم.

254 -

‌ محمد بن عبيد الله

، الواعظ، الأديب، خطيب جامع السلطان ببغداد، شمس الدين الكوفي، الهاشمي، الشاعر، مدرس التتشية.

مات في الكهولة. له نظم كثير جيد، منها مرثية بغداد.

255 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم

، العدل بدر الدين العدوي ابن السكاكري، الشروطي.

كان عدلا كبيرا، صدوقا، متحريا، خبيرا بعقد الوثائق والسجلات وفيه

ص: 297

دين ومروءة وحسن عشرة وبسط ونوادر، سمع من الشيخ الموفق مسند الشافعي وعاش ثمانين سنة أو دونها.

روى عنه ابن الخباز و

وأجاز لي مروياته. ومات في ربيع الآخر بدمشق.

256 -

‌ محمد بن علي بن أبي الطاهر بن مقلد

، الشيخ معين الدين الجزري، التاجر، السفار، من أعيان التجار.

عاش تسعين سنة. وذكر ولده أحمد أن أباه دخل إلى ثلاثمائة بلد للتجارة، ثم سكن دمشق وتوفي يوم الأضحى.

257 -

‌ محمد بن علي بن حسين

، الفقيه، أبو الفضل البدليسي، الأخلاطي.

توفي في رمضان بدمشق.

258 -

‌ محمد بن عوضة بن علي بن عوضة

، الشيخ عماد الدين العرضي، ثم الدمشقي.

جليل، متميز، نبيل، يرجع إلى فضل وديانة وزهد وخير، حدث عن أبي القاسم ابن الحرستاني. وكان معروفا بالمروءة وقضاء حوائج الناس، توفي ببستانه بالمزة في منتصف المحرم ودفن بجبل قاسيون وشيعه طائفة من الأعيان وكان للأمراء فيه حسن ظن.

259 -

‌ محمد بن مشكور

، شرف الدين المصري، ناظر الجيوش بالديار المصرية وصهر الوزير بهاء الدين ابن حنى.

توفي في جمادى الأولى عن خمس وستين سنة.

260 -

‌ محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر إينتي

، الأمير أبو

ص: 298

عبد الله ابن الأمير أبي زكريا الهنتاتي، البربري، الموحدي، صاحب تونس وأجل ملوك المغرب في زمانه.

كان جده الشيخ عمر الهنتاتي من العشرة خواص ابن تومرت. وولي أبو زكريا الملك مدة ومات في سنة سبع وأربعين وستمائة. وكان قد عهد إلى ولده أبي عبد الله هذا. فذكر الشيخ قطب الدين أن ابن شداد نقل في سيرة الملك الظاهر أن الأمير أبا عبد الله كان ملكا مدبرا، عالي الهمة، شجاعا، سائسا، متحيلا على بلوغ مقاصده، مقتحما للأخطار، كريما، جوادا، ذا غرام بالعمارات واللذات، تزف إليه كل ليلة جارية وكان ولي عهد أبيه واتفق موت أبيه وهو غائب عن تونس، يعني أبا عبد الله، فساق إليها على بغل في خمسة أيام ومات البغل وأسرع خوفا من عميه، ثم لما تمكن قتل عميه وأنفق في العرب الأموال واستخدمهم وأباد جماعة من الخوارج عليه وظفر بجماعة من أعيانهم وسجنهم، ثم أهلكهم ببناء قبة عمل أساسها من ملح وحبسهم بها، ثم أرسل الماء على أساسها، فانردمت عليهم وكانت أسلحة الجيش كلها في خزائنه، فإذا وقع أمر أخرجها وفرقها عليهم وإذا فرغ الحرب أعادها إلى الخزائن. ولم يكن لجنده إقطاع، بل يجمع ارتفاع البلاد، فيأخذ لنفسه الربع والثمن وينفق ما بقي فيهم في كل عام أربع نفقات، توفي في أواخر هذه السنة وهو في عشر الستين وتملك بعده ابنه أبو زكريا يحيى.

وكتب إلي أبو حيان وحدثني عنه أبو الصفاء الصفدي أن المستنصر بالله كان شجاعا هماما، سائسا، عالما بفنون، جميل الصورة، استدعى العلماء ووصلهم. وكان يقدم على قتل الأسد. وله حظ من الأدب. يميل في الفقه إلى طريقة أهل الحديث.

قلت: روى عنه الخطيب أبو بكر بن سيد الناس.

261 -

‌ محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة

، الأديب البارع، شهاب

ص: 299

الدين، أبو عبد الله الشيباني، التلعفري، الشاعر المشهور.

ولد بالموصل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة واشتغل بالأدب وقال الشعر ومدح الملوك والأعيان واشتهر ذكره وسار شعره وله ديوان موجود. وكان خليعا معاشرا، سامحه الله وإيانا.

قال سعد الدين في تاريخه: كان قد امتحن بالقمار وكلما أعطاه الملك الأشرف يقامر به، فطرده إلى حلب، فمدح بها صاحبها العزيز، فأحسن إليه وقرر له مرسوما، فسلك معه مسلك الملك الأشرف، فنودي في حلب: إن من قامر مع الشهاب قطعنا يده. فامتنع الناس من اللعب معه. قال: فضاقت عليه الأرض وترك الخدمة وجاء إلى دمشق ولم يزل يستجدي بها ويقامر حتى بقي في أتون من الفقر.

قلت: ثم نادم في الآخر صاحب حماة وبها توفي في شوال.

ومن شعره الفائق.

يا برق حل بأبرق الهتان عن كثب عرى جيب الحيا المزرور وأعد جمان الطل وهو منظم عقدا لجيد البانة الممطور وإذا الثنية أشرقت وشممت من أرجائها أرجا كنشر عبير سل هضبها المنصوب أين حديثها المرفوع عن ذيل الصبا المجرور وله:

تتيه على عشاقها كلما رأت حديث صفات الحسن عن وجهها يروى فتاة لها في مذهب الحب حاكم بقتل الورى أعطى لواحظها فتوى يرنحها سكر الشباب فتنثني بقد إذا ماست يكاد بأن يلوى ولو لم يكن في ثغرها بنت كرمة لما أصبحت أعطاف قامتها نشوى وله:

يا أهل ودي يوم كاظمة أما عن مثلكم صبري الجميل قبيح

ص: 300

سرتم وآسرتم بقلبي مهجة أودى بها الهجران والتبريح قلبي يحفظكم لقلبي شاهد لا أرتضيه لأنه مجروح من لي بطيف منكم إن أغمضت عيني يعين على الأسى ويريح هذي الجفون وإنما أين الكرى منها، وهذا الجسم أين الروح؟

262 -

‌ مروان بن عبد الله بن فير

، الشيخ بدر الدين، أبو عبد الله الفارقي والد شيخنا زين الدين.

توفي بالقاهرة قي شوال. وقد نيف على السبعين، طلب العلم وسمع الكثير سنة أربعين وقبلها. وأسمع ولديه عبد الله وسعد الله. وكتب عنه بعض الطلبة.

263 -

‌ مظفر بن الخضر بن إسماعيل

، ابن العصيفير الكلابي، الدمشقي.

توفي بدرب الأكفانيين في المحرم وله تسع وستون، سمع ابن الحرستاني وأبا الفتوح البكري. قاله ابن الخباز.

264 -

‌ مظفر بن عمر بن محمد بن أبي سعد

، تاج الدين، أبو المنصور الدمشقي، الخرزي.

ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة وسمع من حنبل بن عبد الله وأبي القاسم ابن الحرستاني وعبد الجليل بن مندويه، روى عنه ابن الخباز وابن العطار والدواداري وكناه بعضهم أبا غالب.

توفي في المحرم.

265 -

‌ مظفر بن رضوان بن أبي الفضل

، القاضي بدر الدين المنبجي، ثم الدمشقي، الحنفي. مدرس المعينية.

ناب في القضاء عن ابن عطاء وابن العديم وكان ذا سكون وعقل ودين وتواضع.

ص: 301

توفي في ذي القعدة وهو في عشر السبعين، رثاه مجد الدين ابن الظهير بقصيدة.

266 -

‌ مهلهل بن ظافر

، الشقراوي.

يروي عن الشيخ الموفق وغيره، توفي في صفر.

267 -

‌ مياس بن أحمد بن مياس

، الحمصي، عفيف الدين.

دين، صالح، معمر ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة وسمع سنة أربع عشرة من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري، بحمص الأربعين الفراوية، سمع منه: ابن يونس وابن جعوان وتوفي بدمشق في شوال وأجاز لعلم الدين البرزالي.

268 -

‌ النجم الكاتبي

، المتكلم، العلامة، أبو الحسن علي بن عمر بن علي الدبيراني، القزويني، المنطقي، الفيلسوف. صاحب التصانيف في مذهب الأوائل.

ومات وهو يقول بقدم العالم.

وله تصانيف عدة، مات في رمضان وقيل في شوال وكان مولده في رجب سنة ستمائة. قال ذلك الظهير الكازروني وبعضه من قيلي.

269 -

‌ نوفل الأمير

، سيد عرب آل زبيد. يلقب بناصر الدين.

كان ذا حرمة ووجاهة ومكانة. وهو الذي أخذ الملك الناصر يوسف ونجا به يوم المصاف مع البحرية في سنة ثمان وأربعين، فعرف له ذلك.

توفي في شعبان وقد نيف على السبعين.

270 -

‌ يمن الطواشي

، غرس الدين الحبشي، شيخ الخدام بالمدينة النبوية.

حدث عن: عبد الوهاب بن رواج، ومات في ربيع الآخر وقد سمع من الصفراوي والسخاوي وعدة.

ص: 302

271 -

‌ يوسف بن صدقة بن المبارك

، الشيخ تاج الدين البغدادي، التاجر.

عدل جليل، صاحب أموال ومتاجر، أقعد في آخر عمره. ومات في ذي القعدة بالقاهرة.

ذكر قطب الدين أن الملك الناصر يوسف قال له: بحياتي على كم تقدر؟ قال: على أربعمائة ألف دينار.

272 -

‌ يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان

، القاضي علم الدين المخزومي، المصري.

سمع من ابن باقا وغيره، مات في ذي القعدة.

273 -

‌ أبو الفتح بن محسن

، العطار، الدمشقي، شرف الدين وهو أبو الفتح بن محمود بن أبي الوحش بن سلامة الشيباني، الشرابي والد شيخنا كمال الدين الموقع.

كان أديبا فاضلا متميزا، حدث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل وعن: مكرم التاجر وأبي صادق بن صباح.

ومات في شوال، سمع منه: جماعة.

وفيها ولد:

فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، المحدث وشرف الدين محمد ابن المنجى بن عثمان التنوخي، مدرس المسمارية وأبو محمد عبد الله ابن الشيخ أبي الوليد ابن الحاج المالكي، بغرناطة وبدر الدين محمد بن سعيد ابن أبي المنى الحلبي، الحنبلي، بصفد في رجب وشهاب الدين أحمد بن مظفر ابن النابلسي، سبط الزين خالد المحدث وعماد الدين محمد بن علي ابن حرمي الدمياطي، الفرضي وشرف الدين لقمان بن عيسى الصميدي، تقريبا وقد روى عن ابن البخاري وهمام بن منبه الصميدي ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي وجمال الدين أحمد بن يعقوب ابن الصابوني والسيد جلال الدين محمد بن محمد العناكي في المحرم والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي ابن قاضي الحصن.

ص: 303

سنة ست وسبعين وستمائة

274 -

‌ أحمد بن محمد بن طرخان بن أبي الحسن

، أبو العباس الدمشقي، الصالحي، أخو شيخنا أبي بكر.

روى بالحضور عن: ابن طبرزد وسمع من جماعة وتوفي بقوص.

275 -

‌ أحمد ابن مجد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان ابن عساكر

، مؤيد الدين، أبو العباس الدمشقي.

من بيت الحديث والعدالة، روى عن المجد القزويني وزين الأمناء وجماعة وأجاز له: المؤيد الطوسي وأبو روح الهروي وجماعة.

توفي في رمضان، حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار و

.

276 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس

، شيخ القراء ومسندهم، كمال الدين، أبو إسحاق، ابن الوزير الصاحب نجيب الدين التميمي، الإسكندراني، ثم الدمشقي، المقرئ الكاتب.

ولد بالإسكندرية سنة ست وتسعين وخمسمائة وحفظ كتاب الله في صغره. وحرص عليه والده حتى قرأ القراءات العشر بعدة تصانيف على العلامة تاج الدين الكندي؛ وكان آخر من قرأ عليه موتا وسمع منه ومن أبي القاسم ابن الحرستاني.

وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات. وكان ذاكرا لأكثر الفن، إلا أنه كان مباشرا نظر بيت المال من المكوس وغيرها، فتورع جماعة من القراء - وحالته هذه - عن الأخذ عنه وقرأ عليه القراءات: أبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع وأبو إسحاق إبراهيم بن غالي الحميري البدوي وأبو عبد الله محمد المصري المزراب والدلاصي شيخ مكة، وأبو إسحاق إبراهيم بن مظفر الوزيري وابنه إسحاق وآخرون، وحدث عنه ابن الخباز وأبو الحسن ابن العطار وجماعة.

ص: 304

وذكره قطب الدين فقال: كان أمينا حسن السيرة، كثير الديانة والخير ولي نظر الديوان الذي لبيت المال ونظر الجيش. وأقرأ بالروايات وتوفي في صفر وله ثمانون سنة. وهو أخو عبد الله الذي لقيه أبو الحجاج المزي بالإسكندرية.

277 -

‌ إبراهيم بن حمد بن كامل

، أبو إسحاق المقدسي، الحنبلي، من أهل جبل قاسيون.

ولد سنة أربع وستمائة وسمع من ابن الحرستاني وداود بن ملاعب وموسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وابن راجح والقزويني وابن البن وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة وعمر بن طبرزد وابن الأخضر، وكان دينا، خيرا، حافظا لكتاب الله، محبا للرواية، أخذ عنه الشيخ علي الموصلي والوجيه السبتي وابن الخباز والطلبة وأجاز لي مروياته ومات في جمادى الآخرة. لقبه الشرف.

278 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب

، الشريف عماد الدين الحسيني.

حدث بمصر عن: حنبل وابن طبرزد. وأجاز له جماعة من الأصبهانيين، توفي بمصر في جمادى الأولى ومولده سنة سبع وتسعين بدمشق، روى عنه الحارثي وقطب الدين عبد الكريم.

279 -

‌ آسية بنت حسان بن رافع بن سمير

، العامرية الدمشقية.

سمعت مع أخيها محمد من حنبل المكبر وتوفيت في جمادى الأولى. وكان شهرا وبيئا.

280 -

‌ آقوش

، الأمير الكبير جمال الدين الصالحي، النجمي المعروف بالمحمدي الذي قدم دمشق بشيرا بكسرة التتار على عين جالوت.

سجنه الملك الظاهر مدة، ثم أخرجه وأعطاه خبزا،

ص: 305

توفي بالقاهرة في ربيع الأول وقد قارب السبعين.

281 -

‌ إياس، فخر الدين المقرئ

.

روى عن ابن اللتي وغيره ومات في شوال. وهو مولى شرف الدين الحموي ابن القطب.

282 -

‌ أيبك، الأمير الكبير عز الدين الدمياطي

.

أمير كبير من أعيان الصالحية، فيه شجاعة وجود وكرم. حبسه السلطان مدة، توفي بمصر في شعبان وقد نيف على السبعين، قاله اليونيني.

قال ابن الدمياطي: هو مولى جدي لأمي وإليه نسبتي.

283 -

‌ أيبك عز الدين الموصلي

، الظاهري، نائب حصن الأكراد.

قتل في داره بالحصن غيلة وذلك في رجب وكان كافيا ناهضا، فيه تشيع.

284 -

‌ أيدمر

، الأمير عز الدين العلاني، أخو أيدكين الصالحي.

كان دينا أمينا، محبا للعلماء والفقراء. وولي نيابة صفد، ثم جرت بينه وبين الأمراء مقاولة، فطلب دستورا وحضر إلى مصر، فأقام يسيرا ومات في رجب.

•- البرواناه، اسمه سليمان.

285 -

‌ بهادر

، الأمير شمس الدين صاحب سميساط وابن صاحبها.

كان قدم إلى دمشق مهاجرا من ثلاث سنين، فأكرمه السلطان وأعطاه إمرة، فمات في شعبان في الكهولة.

286 -

بيبرس، السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتوح البندقداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي، صاحب مصر والشام.

ولد في حدود العشرين وستمائة، قبلها بقليل أو بعدها وأصله من صحراء القفجاق فأبيع بدمشق ونشأ بها، فيقال: كان مملوكا للعماد الصائغ

ص: 306

الذي كان يسكن عند المنكلانية. وسأكشف عن هذا، ثم اشتراه الأمير علاء الدين البندقدار الصالحي فطلع بطلا شجاعا نجيبا لا ينبغي أن يكون إلا عند ملك. فأخذه الملك الصالح إليه وصار من جملة البحرية. وشهد وقعة المنصورة بدمياط وصار أميرا في الدولة المعزية. وتقلبت به الأمور وجرت له أحوال ذكرناها في الحوادث واشتهر بالشجاعة والإقدام وبعد صيته. ولما سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التتار كان هو طليعة الإسلام. وجلس على سرير الملك بعد قتل الملك المظفر وذلك في سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين بقلعة الجبل وكان أستاذه البندقدار من بعض أمرائه.

وكان غازيا، مجاهدا، مرابطا، خليقا للملك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإن له أياما بيضاء في الإسلام ومواقف مشهودة وفتوحات معدودة.

وله سيرتان كبيرتان لابن عبد الظاهر ولابن شداد رحمهما الله، لم أقف عليهما بعد.

وقد دخل الروم، قبل موته بشهرين وكسر التتار ودخل مدينة قيصرية وجلس بها في دست الملك وصلى بها الجمعة وخطبوا له وضربت السكة باسمه وذلك في ذي القعدة، ثم رجع وقطع الدربند وعبر النهر الأزرق ودخل دمشق في سابع المحرم مؤيدا منصورا، فنزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق، فمرض في نصف المحرم وانتقل إلى عفو الله وسعة رحمته يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم بالقصر وحمل إلى القلعة ليلا مع أكابر أمرائه وغسله وصبره المهتار شجاع الدين عنبر والكمال علي ابن المتيجي الإسكندراني المؤذن والأمير عز الدين الأفرم. ووضع في تابوت وعلق في بيت بالقلعة وهو في أول عشر الستين، وخلف عشرة أولاد: الملك السعيد محمد وسلامش وخضر وسبع بنات، قال ذلك الشيخ قطب الدين وقال: كان له عشرة آلاف مملوك.

ص: 307

وحكى الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي قال: كان الأمير علاء الدين البندقدار الصالحي لما قبض وأحضر إلى حماة واعتقل بجامع قلعتها اتفق حضور ركن الدين بيبرس مع تاجر وكان الملك المنصور إذ ذاك صبيا، فإذا أراد شراء رقيق تبصره الصاحبة والدته. فأحضر بيبرس هذا وخشداشه، فرأتهما من وراء الستر، فأمرت بشراء خشداشه وقالت: هذا الأسمر لا يكن بينك وبينه معاملة، فإن في عينيه شرا لائحا، فردهما جميعا، فطلب البندقدار الغلامين، فاشتراهما وهو معتقل، ثم أفرج عنه وسار بهما إلى مصر وآل أمر ركن الدين إلى ما آل.

وقد سار غير مرة في البريد حال سلطنته. وعمل في حصارات المدائن التي أخذها من الفرنج في بذل نفسه وفرط إقدامه على المخاوف ما يقضى منه العجب، فبه يضرب المثل وإليه المنتهى في سياسة الملك وتفقد أحوال جنده. فهو كما قيل: لولا نقص عدله لكان أحوذيا نسيج وحده. قد أعد للأمور أقرانها، أقامه الله وقت ظهور هولاوو وأبغا فهاباه وانجمعا عن البلاد.

287 -

‌ بيليك، الأمير الكبير بدر الدين الخزندار الظاهري

نائب الملك وأتابك الجيوش المنصورة.

كان أميرا نبيلا، عالي الهمة، لين الكلمة، كثير المعروف، محبا للصلحاء والعلماء، حسن السيرة، جيد العقل، صحيح الذهن وله فهم وذكاء، يسمع الحديث ويطالع التواريخ ويكتب خطا مليحا. وكان سهل المراس، محببا إلى الناس. وكان أستاذه يحبه ويعتمد عليه في مهماته.

كتم موت السلطان وساس العساكر والخزائن وساق الخاصكية حول محفة السلطان بصورة أنه متمرض فيها، فلما وصل إلى الملك السعيد بمصر أظهر نعي السلطان ورمى بعمامته بين يدي السعيد وصرخ، فتحدث الناس أن الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقاني نائب السلطنة سقاه سما واشتهر ذلك فإنه خاف منه، تأسف الناس عليه.

ومات في سابع ربيع الأول عن بضع وأربعين سنة وكانت له جنازة مشهودة.

ص: 308

قال شمس الدين الجزري: لما أظهر الخزندار موت السلطان وفرغ من تحليف الأمراء للملك السعيد قام فأتى يعزي أم الملك السعيد، فلما عزاها أخرجت له هناب سكر وليمون، فشرب جرعتين وألحوا عليه بالشرب فتوهم وتركه وكانت القاضية، فثقل في المرض وحصل له قولنج وسيروا إلى طبيبه العماد ابن النابلسي ثلاثة آلاف دينار ليسكت ولا يقول إنه مسموم، فتغافل عنه ولم ينصح في معالجته، فمات بعد جمعة وخلف بنتين.

قال قطب الدين: خلف تركة عظيمة.

288 -

‌ تركانشاه بن عمر

، الأسدي المحدث، الأديب، أبو المنهال.

سمع من قيماز المعظمي وابن رواج وجماعة وحدث وله شعر حسن.

توفي في رمضان بالصعيد، حدث عنه الدواداري وغيره ويسمى أيضا: منكبا، فسأعيده.

289 -

‌ الحسن بن إسماعيل ابن القاضي صدر الدين عبد الملك بن درباس

، الشيخ ناصر الدين، مدرس مدرسة سيف الإسلام التي بالبندقانيين بالقاهرة.

توفي في رجب. وكان أديبا شاعرا.

290 -

‌ الحسين بن رزق الله

، الحنبلي، الصالحي، الحجازي.

حدث عن الناصح ابن الحنبلي ومات في جمادى الأولى. وكان ناظر رباط بلدق.

291 -

‌ خضر بن أبي بكر بن موسى

، المهراني، العدوي، الشيخ المشهور، شيخ الملك الظاهر.

كان صاحب حال ونفس مؤثرة وهمة إبليسية وحال كاهني، ذكره شيخنا قطب الدين فقال: كان أخبر بسلطنة الملك الظاهر له

ص: 309

قبل وقوعها، فلهذا كان يعظمه وينزل إلى زيارته في كل أسبوع مرة ومرتين وثلاث ويطلعه على غوامض أسراره ويستشيره ويستصحبه في أسفاره ويخبره بأمور قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف متى تؤخذ؟ فعين له اليوم، فوافق ذلك وكذلك في صفد وقيسارية، ولما عاد إلى الكرك سنة خمس وستين استشاره في قصده، فأشار أن لا يقصده وأن يمضي إلى مصر فخالفه وقصد الكرك، فوقع عند بركة زيزى وانكسرت فخذه، ولما قصد حصن الأكراد مر الشيخ الخضر ببعلبك، فسألوه عن أخذ الحصن، فقال: يأخذه السلطان في أربعين يوماً، فوافق ذلك، ولما توجه السلطان إلى الروم كان خضر في الحبس، فأخبر أن السلطان يظفر ويعود إلى دمشق وأموت ويموت بعدي بعشرين يوماً. فاتفق ذلك كذلك.

قال: ولما نقم السلطان عليه وأحضر من يحاققه ونسب إلى أمور لا تصدر من مسلم، فشاور السلطان في أمره، فأشاروا بقتله، فقال هو للسلطان: أنا أجلي قريب من أجلك وبيني وبينك أيام يسيرة، فوجم لها السلطان. وتوقف وحبسه وضيق عليه، لكنه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس. وكان حبسه في شوال سنة إحدى وسبعين، ولما وصل السلطان من الروم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه، فوصل البريد بعد موته وكان السلطان قد بنى له عدة زوايا في عدة بلاد وصرفه في المملكة بحيث كان لا يخالف أمره. وكان كل أحد يتقي جانبه، حتى بيليك نائب السلطنة والصاحب بهاء الدين وكان واسع الصدر، كثير العطاء وكانت أحواله غير متناسبة، قلت: كان ينبسط ويخرب ويمزح وإذا كتب ورقة كتب: من خضر نياك الحمارة.

أخرج من سجن القلعة ميتاً في سادس المحرم، فحمل إلى الحسينية، فدفن بزاويته وقد نيف على الخمسين.

وقال شيخنا ابن تيمية: كان خضر مسلماً، صحيح العقيدة، لكنه قليل الدين، باطولي. له حال شيطاني.

292 -

‌ خديجة الست النبوية باب جوهر

، ابنة أمير المؤمنين الشهيد المستعصم.

ص: 310

ماتت ببغداد في المحرم واحتفل الأعيان لجنازتها وعزائها وتذكروا أيام والدها وما جرى عليه وبكوا وكثرت النوائح والنوادب ورفعت الطرحات. وحزن صاحب الديوان وجلس في الجنازة على الأرض، رحمها الله تعالى.

293 -

‌ خطلو الرومي

، عتيق المفتي تقي الدين محمد بن حسين بن علي العطار.

سمع مسند الشافعي من ابن باقا.

توفي في جمادى الآخرة بمصر عن بضع وسبعين سنة.

294 -

‌ رقية بنت الحافظ تقي الدين إسماعيل بن عبد الله ابن الأنماطي

.

روت بالإجازة عن جماعة.

وتوفيت بدومة في جمادى الأولى.

295 -

‌ زكي بن الحسن بن عمران

، أبو أحمد ابن البيلقاني، الشافعي، المتكلم.

فقيه مناظر، عارف بالأصول والكلام والعقليات، قرأ على الفخر الرازي علم الكلام وسمع الحديث من المؤيد الطوسي وغيره. وكان يروي عنه صحيح مسلم والموطأ المصعبي وجزء ابن نجيد.

ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق تاجرا سنة ست وثلاثين وستمائة وحدث بها بأحاديث قرأها عليه الشيخ تاج الدين أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي.

وسمع منه: النجيب الصفار والجمال ابن الصابوني، ثم سافر وأقام باليمن مدة واشتهر بها. وقرؤوا عليه في العقليات وغيرها. وعمر دهرا.

روى عنه المحدث نور الدين علي بن جابر الهاشمي وشهاب الدين

ص: 311

أحمد بن محمد الإسعردي التاجر، نزيل الإسكندرية وغيرهما.

وذكر ابن جابر أنه توفي بثغر عدن أبين سنة ست هذه

وقد مدحه ابن جابر بأبيات وسئل عنه فقال: كان فريد دهره علوما وورعا وزهدا، من أصحاب فخر الدين. وكان رفقاؤه في الاشتغال الخسروشاهي والأفضل الخونجي وجل اشتغاله على القطب المصري.

تخرج به جماعة باليمن. وكان معظما بها عند الخاصة والعامة.

قلت: وروى عنه من القدماء الجمال ابن الصابوني. وقد سكن الإسكندرية، مدة. وكان كارميا.

296 -

‌ ست العرب بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان المقدسي

.

روت عن ابن اللتي وماتت في رمضان.

297 -

‌ سلطان شاه بن أبي بكر بن عثمان بن علي

، أبو محمد الزنجيلي، حفيد صاحب المدرسة التي برأس السبعة.

روى عن أبي القاسم ابن الحرستاني، روى عنه ابن الخباز وغيره وأجاز لأبي محمد البرزالي.

ومات في صفر بمدرسة جده.

298 -

‌ سليمان بن علي

، الصاحب معين الدين البرواناه.

كان أبوه مهذب الدين علي بن محمد أعجميا سكن الروم وكان يقرئ القرآن ويعلم أولاد مستوفي الروم، ثم إنه ناب عنه، ثم ولي موضعه في أيام السلطان علاء الدين صاحب الروم. ثم ظهرت كفايته فاستوزره مدة. ثم وزر لولده غياث الدين إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين ورتب علاء الدين بعده في وزارته ولده هذا، فعظم أمره إلى أن استولى على ممالك الروم وصانع التتار وداراهم وعمرت البلاد به.

وكاتب الملك الظاهر. وكان من رجال العالم ودهاتهم وشجعانهم. له إقدام على الأهوال وخبرة بجمع المال. ثم نقم عليه أبغا ونسبه إلى أنه هو جسر الملك الظاهر على دخول الروم، فحصل ما وقع من قتل أعيان المغل في المصاف. فبكت

ص: 312

الخواتين وشقوا الثياب بين يدي أبغا وقالوا: البرواناه هو الذي قتل رجالنا، ولا بد من قتله. فقتله أبغا في المحرم ومات في عشر الستين، قيل: في سابع عشر ربيع الأول. وقيل: قطعت أربعته وهو حي، ثم ألقي في مرجل وسلق وأكل المغل من لحمه من حنقهم. وقتلوا معه في الروم خلائق.

299 -

‌ سنقر، الأمير عز الدين الرومي

.

أحد الشجعان المذكورين والأمراء المتكلمين في دولة الظاهر إلى أن قبض عليه وحبس مدة. ثم مات وقد نيف على الخمسين، قاله قطب الدين.

300 -

‌ الشهاب التلعفري محمد بن يوسف

.

قد مر سنة خمس. وذكر بعضهم أنه توفي سنة ست، فالله أعلم.

301 -

‌ عامر بن محمود بن سلامة

، القلعي، الحراني.

روى عن عبد القادر الرهاوي ومات بالقاهرة في ربيع الأول، كان آدميا فيه دين وخير، سمع منه جماعة كالحارثي وابن جعوان.

302 -

‌ عبد الباقي بن علي بن عبد الباقي

، الصالحي، الصحراوي.

سمع ابن الزبيدي، توفي في جمادى الأولى.

303 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن علي

، المغيري، المخزومي، الشيخ عماد الدين، أبو القاسم.

ولد سنة ثلاث وتسعين وسمع من ابن المفضل، توفي في رمضان بالثغر.

304 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن عمران

، المفتي الإمام تاج الدين المالكي، إمام المالكية بدمشق.

مات في ربيع الأول.

305 -

‌ عبد السلام بن عمر بن صالح

، الأديب البارع، نجم الدين، أبو الميسر البصري الشاعر، صاحب الشعر البديع.

ص: 313

مات في رجب ببغداد ويعرف بابن الدوس.

306 -

‌ عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش

، الإمام المقرئ، المجود، الزاهد، القدوة، مجد الدين، أبو أحمد الحنبلي، البغدادي.

سمع من محمد بن أبي غالب، شيخ قديم وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد وأحمد بن صرما والفتح بن عبد السلام وجماعة.

وقرأ القرآن والفقه ولم يمعن فيه. وأجاز له أبو الفرج ابن الجوزي وجماعة وقرأ القراءات السبع على الفخر الموصلي وجماعة، وسمع الشاطبية من أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي المقرئ وسمع الكتب الكبار في القراءات واعتنى بها عناية كلية وانتهت إليه مشيخة بغداد في الإقراء.

قرأ عليه القراءات: تقي الدين أبو بكر الجزري المقصاتي وابن خروف الحنبلي وأبو العباس أحمد الموصلي الحنبلي وجماعة، وروى عنه الدمياطي والشيخ إبراهيم الرقي الزاهد وأبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي صالح الجيلي وجماعة. وكانت له حلقة كبيرة، تخرج به جماعة في القرآن والخير والفقر والتصوف والسنة.

وقرأت بخط السيف ابن المجد قال: كنت ببغداد وقد بنى الخليفة المستنصر مسجدا كبيرا وزخرفه واعتنى به وجعل به من يتلقن ويسمع الحديث، فامتدت الأعناق إليه، فاستدعى الوزير ابن الناقد جماعة من القراء وكان هناك بعض الحنابلة، فقال: تنتقل عن مذهبك وتكون إماما، فأجاب. وأما صاحبنا عبد الصمد بن أحمد فقال له ذلك، فقال: لا أنتقل عن مذهبي. فقال: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ فقال: بلى ولكن مذهبي ما علمت به عيبا أتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك، فاستحسن قوله وقال: هو يكون إمامه دونهم وعرضت عليه العدالة والناس هناك يتنافسون فيها جدا، فأباها.

قلت: وحدثني المقصاتي أن الشيخ عبد الصمد حدثه أنه باع بقيارا له بسبعة دنانير وأعطاها لشيخه الفخر الموصلي؛ حتى طول روحه وأسمعه كتابا في القراءات لمكي التبصرة أو غيره.

ص: 314

وحدثني أنه قال: عرضت الشاطبية على القرطبي، ثم قلعت فرجية علي ووضعتها على أكتافه، فنظر فيها وقال: هذه لي أنا؟ فقلت: نعم.

وحدثني أن الشيخ عبد الصمد قال: اعمل لي مقصا. فعملته وأتيته به، فما أخذه حتى أعطاني ثمنه وأكثر من ثمنه.

قرأت على إبراهيم بن أحمد الزاهد: قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الناقد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا جابر بن ياسين، قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا هدبة، قال: حدثنا همام: قال: سمعت عطاء يحدث عن ابن عباس، قال يمسك المعتمر عن التلبية حين يفتتح الطواف.

توفي في سابع عشر ربيع الأول ومولده في أول سنة ثلاث وتسعين.

307 -

‌ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي الفتح

، المقدسي.

روى عن الموفق وابن الزبيدي ومات في جمادى الآخرة.

308 -

‌ عبد العزيز بن أبي نصر عبد الرحيم

بن محمد بن الحسن ابن عساكر، شمس الدين أبو محمد.

ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من عمر بن طبرزد وأبي اليمن الكندي وأحمد بن أبي الفضل بن حديد وأحمد بن سيدهم، روى عنه أبو الحسن ابن العطار وابن الخباز وجماعة. وخرج عنه الدمياطي في معجمه ومات في جمادى الأولى.

309 -

‌ عبد القاهر بن عبد السلام بن أبي القاسم

، المهذب جمال الدين السلمي، الدمشقي، أخو الشيخ عز الدين ابن عبد السلام.

توفي في شوال بمنزله بعقبة الكتان، كتب في الإجازات لعلم الدين البرزالي وغيره. وله إجازة من الخشوعي والقاسم ابن عساكر، سمع منه بعض الطلبة.

ص: 315

310 -

‌ عبد الكريم بن الحسين بن رزين

، شمس الدين الحموي، الشافعي، أخو الشيخ تقي الدين ابن رزين.

فقيه دين، منقبض عن الناس. درس مديدة بالسيفية بالقاهرة.

ومات في ذي الحجة.

311 -

‌ عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب

، الملك القاهر، بهاء الدين ابن السلطان الملك المعظم.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من ابن اللتي وغيره وحدث.

وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر، كثير التواضع، يعاني زي الأعراب في لباسه ومركبه وخطابه ويتبادى. وكان بطلا شجاعا من الفرسان المعدودين.

قال الشيخ قطب الدين: حدثني تاج الدين نوح ابن شيخ السلامية أن الأمير عز الدين أيدمر العلاني نائب صفد حدثه قال: كان الملك الظاهر مولعا بالنجوم، فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك. فوجم لذلك وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، أو يذكر بجميل. وأن الملك القاهر لما كان مع السلطان في وقعة البلستين فعل أفاعيل عجيبة وبين يوم المصاف وتعجب الناس منه، فحسده. وكان حصل للسلطان نوع ندم على تورطه في بلاد الروم، فحدثه الملك القاهر بما فيه نوع من الإنكار عليه، فأثر أيضا عنده. فلما عاد بلغه أن الناس يثنون على ما فعل الملك القاهر، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون؛ فأحضره عنده يوم الخميس ثالث عشر المحرم لشرب القمز وجعل السقية في وريقة في جيبه، للسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هنابا منها، فاتفق قيام القاهر ليبزل، فجعل السلطان ما في الوريقة في الهناب وأمسكه بيده وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه. وقام السلطان ليبزل، فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة ووقف. وأتى السلطان فتناول

ص: 316

الهناب وشربه وهو لا يشعر أو نسي، فلما شرب أفاق على نفسه وعلم أنه شرب من ذلك الهناب وفيه آثار من السم، فتخيل وحصل له وعك وتمرض ومات.

وأما القاهر فمات من الغد. ذكر العلاني أنه بلغه ذلك من مطلع على الأمور لا يشك في إخباره.

وقال شمس الدين الجزري: في منتصف محرم يوم السبت مات القاهر فجاءة. كان راكبا بسوق الخيل، فاشتكى فؤاده، فأسرع إلى بيت أخته زوجة الملك الزاهر لقربه، فأدركه الموت في باب الدار.

وفي تاريخ المؤيد: اختلف في سبب موت القاهر، فقيل: انكسف القمر كله وتكلم الناس أنه لموت كبير، فأراد الظاهر صرف ذلك عنه، فاستدعى القاهر وسم له القمز وسقاه، ثم نسي وشرب من ذلك النهاب، فحصل له حمى محرقة.

312 -

‌ عزية بنت محمد بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف المقدسي

.

روت عن ابن اللتي وماتت في صفر.

313 -

‌ عتيق بن عبد الجبار بن عتيق

، العدل عماد الدين أبو بكر الأنصاري، الصقلي، الشاهد.

ولد بالإسكندرية سنة ثلاث أو أربع وستمائة. وقدم دمشق فسمع بها من أبي محمد ابن البن وزين الأمناء وابن الزبيدي.

وكان صدوقا، صالحا، متدينا، متواضعا، من كتاب الحكم، سقط في بركة المقدمية وهو يتوضأ، فاختنق ومات شهيدا في شوال.

كتب عنه الطلبة وأجاز لي مروياته.

فائدة وهي:

ص: 317

•- عتيق بن عبد الجبار البلنسي الشاهد، كتب للقضاة أربعين سنة. ومات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. ذكره الأبار.

314 -

‌ علي بن درباس بن يوسف

، الأمير جمال الدين الحميدي.

ذكره اليونيني فقال: ولد سنة أربع وستمائة. وكان عالي الهمة وافر البر والإفضال، جوادا، له مهابة شديدة وسطوة وسياسة. ولما توفي الملك الظاهر أحضره نائب دمشق وحبسه وصادره وكان في نفسه منه. ثم خرج وبقي بطالا من الولاية في منزله بجبل قاسيون وخبزه عليه. ولما عزل تاب وأقلع عن المظالم وبقي يصلي بالليل ويبكي، وكان حسن المحاضرة، فاضلا.

توفي في آخر رجب.

315 -

‌ علي بن صالح بن علي بن صالح بن أبي عمامة

، القاضي عماد الدين القرشي، المصري.

توفي في جمادى الأولى ودفن بالقرافة.

سمع ابن باقا، وحدث.

316 -

‌ علي بن أبي عبد الله ابن النظام

، البغدادي، الطبيب البارع، نجم الدين.

مات ببغداد في شعبانها.

317 -

‌ علي بن علي بن إسفنديار ابن الموفق ابن أبي علي

، الواعظ، العالم، نجم الدين، أبو عيسى البغدادي.

ولد سنة ست عشرة وستمائة.

وسمع ابن اللتي والحسين ابن رئيس الرؤساء وعبد اللطيف ابن القبيطي.

وقدم دمشق ووعظ فحصل له قبول زائد، وازدحم الناس على ميعاده لحسن إيراده ولطف شمائله. وكان يتكلم في المحافل. وولي مشيخة المجاهدية.

روى عنه أبو الحسن ابن العطار وابن الخباز وجماعة. وكان حلو النادرة، طيب الأخلاق، لا يمل منه ومجالسه

ص: 318

نزهة الوقت وفيه حلم زائد واحتمال.

حكى القاضي شهاب الدين محمود أن ابن سمنديار كان كثير المبيت عنده والمباسطة، قال: وكان يحيي غالب الليل في الصلاة والخير ويصبح يعمل المجلس، فترى عليه هيبة وجلالة ولا يمل أحد من المجلس.

قال ابن خلكان: أنا أحكي الحكاية للشيخ نجم الدين، ثم يعيدها هو، فأتمنى أنه لا يفرغها من تنميقه وفصاحته في بيانه. وقد استأذن الملك الناصر في الوعظ في أيام ابن الجوزي، فلم يأذن له.

مات في رجب ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله.

318 -

‌ علي بن عمر بن علي بن حربون

، القرشي، الإسكندراني، المقرئ، أبو الحسن. عرف بالمهتدي.

توفي بالقاهرة.

319 -

‌ العماد بن أبي العواقب

.

رجل متميز، معروف، قتل في داره بدرب العجم في ربيع الأول.

320 -

‌ عمر بن إلياس بن الخضر بن قزغلي

، الرهاوي.

توفي في جمادى الآخرة بدمشق. سمع ابن البرهان وحدث.

321 -

‌ عمر بن عبد السلام

، أبو حفص الدنيسري.

حدث بمصر عن: ابن اللتي.

ومات في صفر.

322 -

‌ عمر، الشيخ شرف الدين النهاوندي

، الصوفي، المعروف بالرمال.

قال اليونيني: توفي بمصر وقد جاوز التسعين. وكان صالحا، زاهدا، متعبدا، كثير الأسفار، مشهورا.

مات في صفر.

323 -

‌ عنبر، عتيق الفخر محمد بن إبراهيم الفارسي

، الصوفي.

روى عن مولاه ومات في ربيع الآخر.

ص: 319

324 -

‌ فريدون بن همايون بن زرينكمر

، أبو المناقب الديلمي، الشيرازي.

روى مجلس رزق الله عن أبي بكر بن سابور، كتب عنه الشريف وسعد الدين مسعود وشمس الدين ابن جعوان والطلبة.

ومات في ذي القعدة بمصر عن بضع وستين سنة، وسمع أيضا من مكرم.

325 -

‌ فوارس بن محمد بن عبد العزيز

، الغساني، الإسكندراني، المالكي، الصدر الكبير وجيه الدين.

سمع: محمد بن عماد وجماعة وله مشيخة.

توفي في شهر شعبان، رحمه الله.

326 -

‌ محمد بن أحمد بن منظور

، الإمام الزاهد، أبو عبد الله الكناني، المصري، العسقلاني.

شيخ صالح عارف له أتباع ومريدون وزاوية بالمقس، حدث عن: أبي الفتوح الجلاجلي، روى عنه الدمياطي والدواداري. وتوفي في رجب.

وكان فقيها فاضلا عاش ثمانين سنة. وله جدة وصدقة.

327 -

‌ محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور

، الشيخ الإمام، قاضي القضاة، شمس الدين أبو بكر ابن الشيخ العماد المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

ولد في صفر سنة ثلاث وستمائة.

وسمع: أبا اليمن الكندي وأبا القاسم ابن الحرستاني وابن ملاعب والشيخ الموفق وتفقه عليه، وأبا عبد الله ابن البناء الصوفي ومحمد بن كامل التنوخي وأحمد بن محمد بن سيدهم.

وحضر على عمر بن طبرزد، وسمع ببغداد من الفتح بن عبد السلام وعمر بن كرم الحمامي وعبد السلام الداهري وابن روزبة وجماعة. وسكنها وتأهل بها وجاءته الأولاد، فأسمعهم من الكاشغري وغيره.

ثم ارتحل وسكن الديار المصرية في سنة بضع وأربعين ورأس بها في

ص: 320

مذهب أحمد، وصار شيخ الإقليم وحاكمه، وشيخ الخانقاه السعيدية في الأيام الظاهرية.

وكان إماما محققا، كثير الفضائل، صالحا، خيرا، حسن البشر، مليح الشكل، كثير النفع والمحاسن. وقد نالته محنة ذكرناها في الحوادث. روى عنه الدمياطي، والقاضي سعد الدين الحارثي، والشيخ علي النشار، والشيخ قطب الدين عبد الكريم وقال: هو أول شيخ سمعت منه وذلك في سنة أربع وسبعين، وطائفة.

وكان حسن السمت، مهيبا، له مشاركة في عدة فنون ويعرف كلام الصوفية ويتكلم على طريقتهم فيما بلغني. وتحكى عنه كرامات ومكاشفات، وكان كثير البر والإيثار للفقهاء، حسن التواضع، كبير القدر، رحمه الله.

وقد عزل عن القضاء في سنة سبعين، وحبس سنتين بالقلعة. ثم أطلق ولزم بيته يدرس ويفتي ويشغل، ويروي الحديث إلى أن توفي في الثاني والعشرين من المحرم بالقاهرة.

وقد سمعت من ولديه أحمد وزينب. وقد خرج شيخنا ابن الظاهري له معجما حدث به سوى الجزء العاشر، قال الحافظ عبد الكريم: سمعت منه صحيح مسلم بسماعه من ابن الحرستاني. قال: وسمع بمكة من أبي العباس القسطلاني، وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ، وبحران من أحمد النجار، وبالموصل من عمر بن معالي.

328 -

‌ محمد بن حياة بن يحيى

، القاضي، الإمام، الزاهد، تقي الدين الشافعي، الرقي.

كان من خيار القضاة وصلحائهم، ولاه الملك الظاهر قضاء حمص. وكان يعرفه قديما ويثق بدينه، فزاره بحمص في بيته وقال: أطعمنا شيئا. فأحضر مأكولا وأكل منه أولا، فتبسم السلطان وأكل وفرق على خواصه. ثم ندبه لقضاء حلب، وكان محمود السيرة، متين الديانة.

حج، وتوفي إلى رحمة الله بتبوك راجعا في المحرم.

ص: 321

وكان عديم التكلف، سار إلى قضاء حلب على حمار مع المكارية، ولم يتخذ بغلة. وقد ناب في القضاء لابن الصائغ، وأم بالعادلية.

329 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن مهنا بن مخلوف

، الإسكندراني، أبو عبد الله.

سمع الكثير، وحج ومات في الرجعة في المحرم، سمع من ابن عماد الخلعيات كاملة.

330 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن عثمان

، المفتي الإمام، عماد الدين ابن الشماع المارديني الحنفي، مدرس مدرسة القصاعين وغيرها، وإمام مقصورة الحنفية، ومدرس الصادرية.

كان دينا خيرا، من علماء الحنفية المذكورين بالسماحة والكرم، توفي كهلا في رجب.

331 -

‌ محمد بن علي بن شجاع بن سالم

، الشيخ محيي الدين ابن الكمال الضرير، الهاشمي، العباسي، سبط أبي القاسم الشاطبي.

ولد سنة أربع عشرة، وسمع من ابن باقا وجماعة، وحدث. وكان أديبا فاضلا، له النظم والنثر.

توفي في جمادى الآخرة بمصر.

332 -

‌ محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال

، الصدر الجليل، عماد الدين، ابن المولى كمال الدين، الأزدي الدمشقي، ناظر الأيتام.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من أبي القاسم بن صصرى وجماعة، وحدث.

وكان عدلا، مأمونا، دينا، خيرا، صاحب مكارم ولطف وحسن محاضرة. ولي نظر الأيتام مدة سنين، وحمدت سيرته، وتوفي إلى رحمة الله

ص: 322

في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة، وهو من بيت مشهور بالعدالة والرياسة ورواية العلم.

حدثنا عنه الشيخ علي ابن العطار.

333 -

‌ محمد بن أبي زكري يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر إينتي

، السلطان أبو عبد الله البربري، صاحب تونس وإفريقية.

مات في حادي عشر ذي الحجة بتونس، وكانت دولته سبعا وعشرين سنة أو أكثر، ولقبه المستنصر بالله، وولي بعده ابنه.

334 -

‌ محمد بن أبي بكر بن إبراهيم

، عفيف الدين الشاغوري، مؤذن القلعة.

حدث عن ابن الزبيدي، وتوفي في صفر. حدثنا عنه إسحاق الآمدي، وولد تقريبا سنة ستمائة.

335 -

‌ محمود بن علي بن أبي القاسم

، الغسال.

أحد من سمع الكثير من ابن عبد الدائم وطبقته، وحصل، وأثبت له الطلبة، وحج فتوفي في أيام منى، وما أظنه حدث.

336 -

‌ منكبا بن عمر بن منكبا

، الأسدي المصري، مجاهد الدين.

حدث عن يوسف ابن المخيلي، وقيماز المعظمي. وكان فاضلا شاعرا، توفي في رمضان.

ويدعى أيضا تركانشاه كما تقدم.

كان محدثا، كثير الفضائل.

337 -

‌ نصر بن عبيد

، الشيخ أبو الفتح السوادي القدمي الحنبلي المقرئ الصالحي.

ولد سنة ستمائة بقريته من السواد، واشتغل بجبل قاسيون. وسمع من ابن الزبيدي، والإربلي، وجماعة. روى عنه ابن الخباز، والدواداري، وابن العطار، وغيرهم.

ص: 323

وكان صالحا، زاهدا، فاضلا، خيرا. وهو والد العدل زين الدين عبد الرحمن الحنفي، والشيخ أحمد المقرئ.

توفي في رجب، رحمه الله.

338 -

‌ نعمة بن محمد بن نعمة بن أحمد

، أبو الشكر النابلسي، الشافعي.

ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من ابن الزبيدي، والعلم السخاوي، وابن الصلاح. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار. ومات في جمادى الآخرة.

339 -

‌ يحيى بن زكريا بن مسعود

، الشيخ المقرئ الزاهد، أبو زكريا المنبجي.

كان شيخا صالحا، خيرا، عابدا، مجودا للقرآن. عرض على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتصدر بجامع دمشق للإقراء والتلقين، وكانت له حلقة كبيرة. وحدث عن أبي القاسم بن رواحة وغيره، وتخرج به جماعة، وأقرأ زمانا.

توفي في خامس المحرم، رحمه الله.

340 -

‌ يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين

، مفتي الأمة، شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النواوي، الحافظ الفقيه الشافعي الزاهد، أحد الأعلام.

ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين بنوى، وجدهم حسين هو حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحزامي؛ بحاء مهملة وزاي.

نزل حزام بالجولان، بقرية نوى على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم عدد كثير.

قال الشيخ محيي الدين: كان بعض أجدادي يزعم أنها نسبة إلى حزام والد حكيم بن حزام رضي الله عنه، وهو غلط.

والنووي بحذف الألف، ويجوز إثباتها.

حكى والده لشيخنا أبي الحسن ابن العطار أن الشيخ كان نائما إلى

ص: 324

جنبه وهو ابن سبع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال: فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني، وقال: يا أبة، ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ أهله كلهم، فلم نر كلنا شيئا، فعرفت أنها ليلة القدر. وقال ابن العطار: ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، فوصيت الذي يقرئه وقلت: هذا يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم. فقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم، وقد ناهز الاحتلام.

قال ابن العطار: قال لي الشيخ: فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير، وحفظت التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف.

قال: وبقيت أكثر من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن، وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني.

قال: وقرأت حفظا ربع المهذب في باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأعجب بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته. فلما كانت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمنا بالمدينة نحوا من شهر ونصف. فذكر والده قال: لما توجهنا من نوى أخذته الحمى، فلم تفارقه إلى يوم عرفة، ولم يتأوه قط، ثم قدم ولازم شيخه كمال الدين إسحاق.

قال لي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر القاضي: لو أدرك القشيري شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها - يعني الرسالة - أحدا

ص: 325

لما جمع فيهما من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم.

قال: وذكر لي الشيخ أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا؛ درسين في الوسيط، ودرسا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين، ودرسا في صحيح مسلم، ودرسا في اللمع لابن جني، ودرسا في إصلاح المنطق لابن السكيت، ودرسا في التصريف، ودرسا في أصول الفقه - تارة في اللمع لأبي إسحاق، وتارة في المنتخب لفخر الدين - ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين. وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وظبط لغة، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب القانون فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري ومن أين دخل علي الداخل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعت القانون في الحال، واستنار قلبي.

وقال: كنت مريضا بالرواحية، فبينا أنا في ليلة في الصفة الشرقية منها وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي، إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلت أسبح، فبينا أنا كذلك بين السر والجهر إذا شيخ حسن الصورة جميل المنظر يتوضأ على البركة في جوف الليل، فلما فرغ أتاني قال: يا ولدي، لا تذكر الله تشوش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، ودعني أكون من كنت. فوقع في نفسي أنه إبليس، فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى، ما خبرك؟ فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلنا نسبح ونذكر.

قلت: ثم سمع الحديث؛ فسمع صحيح مسلم من الرضي ابن البرهان. وسمع صحيح البخاري، ومسند الإمام أحمد، وسنن أبي

ص: 326

داود، والنسائي، وابن ماجة، وجامع الترمذي، ومسند الشافعي، وسنن الدارقطني، وشرح السنة، وأشياء عديدة. وسمع من ابن عبد الدائم، والزين خالد، وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، والقاضي عماد الدين عبد الكريم ابن الحرستاني، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر، وأبي زكريا يحيى ابن الصيرفي، وأبي الفضل محمد بن محمد ابن البكري، والشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وطائفة سواهم.

وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفاظ، فقرأ كتاب الكمال لعبد الغني الحافظ على أبي التقى خالد النابلسي، وشرح مسلما ومعظم البخاري على أبي إسحاق بن عيسى المرادي. وأخذ أصول الفقه عن القاضي أبي الفتح التفليسي؛ قرأ عليه المنتخب وقطعة من المستصفى للغزالي. وتفقه على الإمام كمال الدين إسحاق المغربي ثم المقدسي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي ثم الدمشقي، وعز الدين عمر بن أسعد الإربلي - وكان النواوي يتأدب مع هذا الإربلي، ربما قام وملأ الإبريق ومشى به قدامه إلى الطهارة - والإمام كمال الدين سلار بن الحسن الإربلي ثم الحلبي صاحب الإمام أبي بكر الماهاني. وقد تفقه الثلاثة الأولون على ابن الصلاح، رحمه الله.

وقرأ النحو على فخر الدين المالكي، والشيخ أحمد بن سالم المصري، وقرأ على ابن مالك كتابا من تصانيفه وعلق عنه أشياء.

أخذ عنه القاضي صدر الدين سليمان الجعفري خطيب داريا، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جعوان، والشيخ علاء الدين علي بن العطار، وأمين الدين سالم بن أبي الدر، والقاضي شهاب الدين الإربدي. وروى عنه ابن العطار، والمزي، وابن أبي الفتح، وجماعة كثيرة.

أخبرنا علي بن الموفق الفقيه قال: أخبرنا يحيى بن شرف الفقيه قال: أخبرنا خالد بن يوسف بن سعد الحافظ.

(ح) وأنبأتنا ست العرب بنت يحيى، قالا: أخبرنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا المبارك بن الحسين قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن

ص: 327

عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا شيبان قال حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقا من قلبه أعطيها ولو لم تصبه» . رواه مسلم عن شيبان.

وقرأت بخط نجم الدين ابن الخباز: أخبرنا الإمام محيي الدين النووي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة الفقيه قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الزبيدي قال: أخبرنا أبو الوقت، فذكر أول حديث في الصحيح.

قال شيخنا ابن العطار: ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، حتى في ذهابه في الطرق يكرر أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف والإشغال والنصح للمسلمين وولاتهم، مع ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء، والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب، يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في عمله وشؤونه، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم؛ سالكا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل بالعلم.

قال: فذكر لي صاحبنا أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي قال: كنت ليلة في أواخر الليل بجامع دمشق والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظلمة، وهو يردد قوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} مراراً بحزن وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك ما الله به عليم.

قال: وكان إذا ذكر الصالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير وذكر مناقبهم وكراماتهم، فذكر لي شيخنا ولي الدين علي المقيم ببيت لهيا قال: مرضت بالنقرس فعادني الشيخ محيي الدين، فلما جلس شرع يتكلم في الصبر، فبقي كلما تكلم جعل الألم يذهب قليلا قليلا، فلم يزل يتكلم حتى زال جميع

ص: 328

الألم. وكنت لا أنام أنا في الليل، فعرفت أن زوال الألم من بركته.

وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم: عذلت الشيخ في عدم دخول الحمام وتضييق عيشه في أكله ولبسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضاً يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده. فقال: إن فلاناً صام وعبد الله حتى اخضر. فعرفت أنه ليس له غرض في المقام في دارنا هذه، ولا يلتفت إلى ما نحن فيه.

قال: ورأيت رجلاً قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم.

قال: وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد عشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولا يشرب الماء المبرد، ولا يأكل فاكهة، فسألته فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجور عليهم، والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف، والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء للمالك، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟

وقال لي شيخنا مجد الدين أبو عبد الله بن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيي الدين من العلم في الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ.

فصل

وقد نفع الله الأمة بتصانيفه، وانتشرت في الأقطار وجلبت إلى الأمصار، فمنها: المنهاج في شرح مسلم، وكتاب الأذكار، وكتاب رياض الصالحين، وكتاب الأربعين حديثا، وكتاب الإرشاد في علوم الحديث، وكتاب التيسير في مختصر الإرشاد المذكور، وكتاب المبهمات، وكتاب التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، وله أربع مناسك أخر. وكتاب التبيان في آداب حملة القرآن، وفتاوى له. والروضة في أربع مجلدات، والمنهاج في المذهب، والمجموع في شرح المهذب، بلغ فيه إلى باب المصراة في أربع مجلدات كبار. وشرح قطعة من

ص: 329

البخاري، وقطعة جيدة من أول الوسيط، وقطعة في الأحكام، وقطعة كبيرة في تهذيب الأسماء واللغات، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، وقطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر.

قال ابن العطار: وله مسودات كثيرة، فلقد أمرني مرة ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة فلم أخالف أمره، وفي قلبي منها حسرات.

وقد وقف الشيخ رشيد الدين الفارقي على المنهاج فقال:

اعتنى بالفضل يحيى فاغتنى عن بسيط بوجيز نافع وتحلى بتقاه فضله فتجلى بلطيف جامع ناصباً أعلام علم جازماً بمقال رافعاً للرافعي فكأن ابن صلاح حاضر وكأن ما غاب عنا الشافعي وكان لا يقبل من أحد شيئا إلا في النادر ممن لا له به علقة من إقراء، أهدى له فقير مرة إبريقا فقبله، وعزم عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني أن يفطر عنده في رمضان فقال: أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة. قال أبو الحسن: فأفطرنا ثلاثتنا على لونين من طعام أو أكثر. وكان الشيخ يجمع إدامين بعض الأوقات، وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم؛ يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وإذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكوس، وكتب معه في ذلك شيوخنا: الشيخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم ابن الأرموي، والخطيب ابن الحرستاني، ووضعها في ورقة إلى الخزندار، فيها:

من عبد الله يحيى النواوي، سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله، وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهي إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار. وذكر فصلا طويلا، فلما وقف على ذلك أوصل الورقة التي في طيها إلى السلطان، فرد جوابها ردا عنيفا مؤلما، فتنكدت

ص: 330

خواطر الجماعة. وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف.

قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيي الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال؛ المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ إلى نوى، وزار القدس والخليل، وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه.

قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح، ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت، ثم توفي ليلة الأربعاء.

قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يو جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك، فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.

قال الشيخ قطب الدين: وفي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب توفي الشيخ محيي الدين النواوي صاحب التصانيف بنوى، ودفن بها. وكان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة؛ وحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. وكانت مقاصده جميلة، ولي مشيخة دار الحديث.

قلت: وليها بعد موت أبي شامة سنة خمس وستين وإلى أن مات.

وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إماماً، بارعاً، حافظاً، مفتياً، أتقن علوماً شتى، وصنف التصانيف الجمة. وكان شديد الورع والزهد، ترك جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، والملبس إلا الثياب الرثة المرقعة، ولم يدخل الحمام، وترك الفواكه جميعها. وكان أماراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامة، فنسأل الله أن يرضى عنه وأن يرضى عنا به.

وذكر مناقبه وفضله يطول، وترك جميع الجهات الدنياوية، ولم يكن

ص: 331

يتناول من جهة من الجهات درهماً فرداً.

وحكى لنا الشيخ أبو الحسن ابن العطار أن الشيخ قلع ثوبه ففلاه بعض الطلبة، وكان فيه قمل، فنهاه وقال: دعه.

قلت: وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء الفقراء من الحوارنة لا يؤبه به، عليه شبحتانية صغيرة، ولحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة. وكان لا يتعانى لغط الفقهاء وعياطهم في البحث، بل يتكلم بتؤدة وسمت ووقار.

وقد رثاه غير واحد يبلغون عشرين نفساً بأكثر من ستمائة بيت؛ منهم: مجد الدين ابن الظهير، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، ومجد الدين ابن المهتار، وعلاء الدين الكندي الكاتب، والعفيف التلمساني الشاعر.

وأراد أقاربه أن يبنوا عليه قبة فرأته عمته - أو قرابة له - في النوم، فقال لها: قولي لهم لا يفعلوا هذا الذي قد عزموا عليه، فإنهم كلما بنوا شيئاً تهدم عليهم. فانتبهت منزعجة وحدثتهم، وحوطوا على قبره حجارة ترد الدواب.

قال أبو الحسن: وقال لي جماعة بنوى أنهم سألوه يوماً أن لا ينساهم في عرصات القيامة، فقال لهم: إن كان لي ثم جاه والله لا دخلت الجنة وأحد ممن أعرفه ورائي.

قلت: ولا يحتمل كتابنا أكثر مما ذكرنا من سيرة هذا السيد رحمة الله عليه، وكان مذهبه في الصفات السمعية السكوت وإمرارها كما جاءت، وربما تأول قليلاً في شرح مسلم. والنووي رجل أشعري العقيدة معروف بذلك، يبدع من خالفه ويبالغ في التغليظ عليه.

ص: 332

341 -

‌ يحيى بن محمد بن هبة الله بن الحسن ابن الدوامي

، الرئيس الأنبل عز الدين ابن فخر الدين.

مات في شعبان ببغداد عن أربع وستين سنة، من بيت كبير.

342 -

‌ يحيى الزيشة الحنبلي الشروطي

.

من مشاهير وكلاء الحكم بدمشق، توفي في ربيع الأول بدمشق.

343 -

‌ يوسف الكردي العدوي الزاهد

، ويعرف بالشيخ يوسف أبونا.

صالح، زاهد، خير، مجتهد في خدمة الفقراء، مشهور. توفي بالقرافة في المحرم، وكان شيخا مسنا، رحمه الله.

344 -

‌ أبو القاسم بن عبد الغني بن محمد بن الخضر ابن تيمية الحراني

، شمس الدين، أخو شيخنا أبي الحسن علي.

حدث عن جده الإمام فخر الدين بمسند الحميدي. كتب عنه ابن الخباز، وابن أبي الفتح، والطلبة. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. وقد سمع أيضا من ابن روزبة، والموفق عبد اللطيف.

345 -

‌ الرشيد، أبو الوحش بن أبي حليقة القدس

الطبيب النصراني الكلب، والد شيخ الأطباء علم الدين الذي أسلم.

هلك في شهر ربيع الأول وله خمس وثمانون سنة.

وفيها ولد:

شهاب الدين أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسك الهكاري، والإمام بدر الدين أبو اليسر محمد ابن قاضي القضاة ابن الصائغ، وجمال الدين إبراهيم ابن القاضي شهاب الدين محمود الكاتب، وشمس الدين محمد بن حسن بن السكون البعلي، والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن خلف الخزرجي المدني المعروف بالمطري؛ محدث الحرمين رحمه الله.

ص: 333

سنة سبع وسبعين وستمائة

346 -

‌ أحمد بن شجاع بن ضرغام

، أبو العباس القرشي المصري الكاتب.

ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وسمع من علي بن المفضل الحافظ. كتب عنه الأبيوردي، والحارثي، والمصريون. وتوفي في شعبان.

347 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الدشناوي

، الإمام جلال الدين.

مات بقوص عن نيف وستين سنة، قرأ عليه جماعة، وأخذ النحو عن المرسي.

348 -

‌ أحمد بن محمد بن عيسى

، المحدث العالم شهاب الدين، أبو العباس الأنصاري الدمشقي الخرزي الحنبلي.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وأبي الحسن ابن المقير. ورحل فسمع بحلب من ابن رواحة، وابن خليل. وأكثر، وحصل ونسخ بخطه الكثير، وكان حسن القراءة، فيه حسن ونباهة.

قال شيخنا ابن الظاهري: كنا نسميه الحويفظ لمعرفته.

قلت: وكان يقرأ على كرسي ابن بصخان بالحائط الشمالي.

روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته، وقد قرأ كتبا كبارا على أبي الحجاج بن خليل، توفي بدار الحديث الأشرفية في جمادى الآخرة، رحمه الله. وكان فقيرا قانعا، وربما عرض بالطلب في مجلسه لحاجته.

349 -

‌ أحمد بن محمد بن علي ابن البالسي

، أخو المحدث ضياء الدين علي.

ص: 334

توفي في ذي القعدة، حدث عن أبي نصر ابن الشيرازي، أخذ عنه السبط.

350 -

‌ أحمد بن نوال بن غثور الرصافي المقرئ

، نزيل الصالحية، ووالد شيخنا محمد.

عمر وأسن، وحدث عن الشهاب بن راجح. سمع منه ابن الخباز، والمزي. ولم يدركه البرزالي، لا أعرف وفاته.

351 -

‌ أحمد بن يوسف بن بندار

، أبو العباس السلماسي.

له رواية، سمع من الشمس العطار جزء بيبى، قرأه عليه سعد الدين الحارثي، وتوفي في جمادى الأولى.

352 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن أبي الفرج بن أبي عبد الله

، زين الدين ابن السديد، الحنفي الدمشقي، إمام مقصورة الحلبيين من جامع دمشق.

سمع أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم ابن الحرستاني. وكان عدلا خيرا، دينا، ذا مروءة. وسمع من المحدث عمر بن بدر الموصلي مسند أبي حنيفة رواية ابن الثلجي. روى عنه ابن العطار، والمزي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى وله ثلاث وسبعون سنة. ومن مروياته كتاب الشمائل للترمذي.

353 -

‌ إبراهيم بن يوسف بن خليل ابن الفحام الإربلي

.

حدث عن ابن الجميزي بأحاديث، ومات في ذي القعدة، وهو أخو البدر خليل.

توفي بدمشق.

354 -

‌ إسحاق بن الخضر بن كيلو المراغي

.

صوفي بمصر، روى عن مكرم، مات في ذي القعدة.

355 -

‌ آقسنقر

، الأمير الكبير شمس الدين الفارقاني.

قبض عليه الملك السعيد في السنة الماضية، واختفى خبره؛ فقيل: إنه

ص: 335

خنق عقيب اعتقاله، وكان أستاذ دار الملك الظاهر وممن يعتمد عليه ويقدمه على الجيوش. ثم إن الملك السعيد جعله نائب السلطنة، فلم ترض حاشية السعيد بذلك، ووثبوا على الفارقاني واعتقلوه، ولم يسع السعيد مخالفتهم.

قال قطب الدين: كان وسيما جسيما، شجاعا، مقداما، كثير البر والصدقة، خبيرا بالتصرف، حسن التدبير، عليه هيبة شديدة مع لين كلمته. عمل عزاؤه في جمادى الأولى بدمشق، ومات في عشر الخمسين.

356 -

‌ آقطوان

، الأمير علاء الدين المهمندار الظاهري، أحد أمراء الشام.

توفي في شعبان. أمير عاقل، دين، شجاع، عارف.

357 -

‌ آقوش

، الأمير جمال الدين النجيبي الصالحي النجمي، نائب السلطنة بدمشق.

قال قطب الدين: أمره مولاه الملك الصالح وجعله أستاذ داره، وكان يعتمد عليه. وولد في حدود العشر وستمائة، وقد جعله الملك الظاهر في أول دولته أستاذ داره، ثم ناب له بدمشق تسع سنين، وصرف بعز الدين أيدمر فانتقل إلى القاهرة، وأقام بداره بطالا كبير الحرمة، عالي المكانة. ولما مرض عاده الملك السعيد، وكان قد لحقه فالج قبل موته بأربع سنين. وكان كثير الصدقة، محبا للعلماء والفقراء، شافعي المذهب، حسن الاعتقاد.

وقال غيره: كان مشكورا، قليل الأذى، كارها للمرافعة، لم يرزق ولدا.

وكان ضخم الشكل سمينا، جهوري الصوت، كثير الأكل، له أوقاف على الحرمين.

توفي في ربيع الآخر، رحمه الله.

358 -

‌ أيدكين

، الأمير علاء الدين الشهابي، أحد أمراء دمشق وصاحب الخانقاه الشهابية.

ص: 336

وهو منسوب إلى شهاب الدين رشيد الصالحي الخادم، وقد ولي نيابة حلب مدة، ومات بدمشق في ربيع الأول وهو كهل.

359 -

‌ بلبان الزيني

، الأمير الكبير، سيف الدين الصالحي.

كان مقدم البحرية في أول دولة الترك، ثم حبسه السلطان مدة، ثم أطلقه وأعطاه إمرة بدمشق، وكان ذا نهضة وشهامة وشجاعة.

مات في عشر الستين.

360 -

‌ الحسن بن علي بن محمد بن إلياس

، شرف الدين أبو علي ابن الشيرجي، الأنصاري الدمشقي المعدل، الملقب بالقاضي.

حدث عن أبي محمد ابن البن الأسدي وغيره، ومات في ذي القعدة. سمع منه ابن نفيس، وابن الخباز، وابن هلال.

361 -

‌ الحسن بن علي بن نباتة

، جمال الدين الفارقي الكاتب المشطوب، والد أولاد المشطوب.

ولد سنة ستمائة، وكتب في الإجازات في هذه السنة، ولا أعلم متى مات.

362 -

‌ خديجة بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح المقدسي

، والدة شيخنا القاضي تقي الدين سليمان.

روت عن عمر بن طبرزد وغيره، وكانت من عجائز الدير الصالحات العوابد. روى عنها ولدها، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي. وسماعها حضور ولها أربع سنين. وقد أجاز لها المؤيد ابن الإخوة، وعفيفة الفارفانية.

وتوفيت في ربيع الأول.

363 -

‌ زينب بنت الصاحب أبي القاسم عمر بن أحمد ابن العديم العقيلي

.

روت عن الركن الحنفي، وتوفيت في ربيع الأول.

ص: 337

364 -

‌ ست العرب بنت محمد

، أم علاء الدين علي بن بلبان الناصري.

روت عن ابن اللتي، وماتت في جمادى الآخرة.

365 -

‌ سليم الهوي

، الشاعر المجود، حسن بن بدر النيلي.

مدح ببغداد صاحب الديوان علاء الدين وغيره.

أرخ موته ابن الفوطي.

366 -

‌ سليمان بن أبي العز بن وهيب

، المفتي الكبير، الشيخ صدر الدين قاضي القضاة أبو الفضل، الأذرعي ثم الدمشقي، الحنفي.

إمام عالم متبحر، عارف بدقائق المذهب وغوامضه، انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر والشام. وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري وغيره، أقرأ الفقه بدمشق مدة، ثم سكن مصر وحكم بها ودرس بالصالحية، ثم انتقل إلى دمشق قبل موته بيسير، فاتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فقلد بعده القضاء، فلم يبق فيه ثلاثة أشهر.

وكان الملك الظاهر يحبه ويبالغ في احترامه، وقد أذن له أن يحكم حيث حل، وكان لا يكاد يفارقه في غزواته، وحج معه. ولم يخلف بعده مثله في مذهبه، وله شعر جيد.

توفي إلى رحمة الله في سادس شعبان عن ثلاث وثمانين سنة، ودفن بسفح قاسيون، وولي القضاء بعده حسام الدين الرومي.

367 -

‌ سنجر، الأمير علم الدين التركستاني

.

كان ذا حرمة وتجمل مع الشجاعة الموصوفة والإقدام، توفي في جمادى الأولى، ودفن بسفح قاسيون كهلا.

368 -

‌ طه بن إبراهيم بن أبي بكر

، الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي الفقيه الشافعي الأديب.

ص: 338

ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة، وقدم الديار المصرية شابا، وسمع محمد بن عماد وغيره، وحمل الناس عنه، وله شعر جيد.

روى عنه الدمياطي، والدواداري، والمصريون. وتوفي في جمادى الأولى وقد نيف على الثمانين، ولا أعلم في كتابنا من اسمه طه غيره.

369 -

‌ ظافر بن نصر

، كمال الدين أبو المنصور المصري الفقيه، وكيل بيت المال بالديار المصرية.

ولد سنة إحدى وستمائة، وحدث عن عبد العزيز بن باقا، وله نظم حسن ونثر، وفيه رياسة. وله مكانة عند الملك الصالح نجم الدين، قال قطب الدين: بحيث كتب في وصيته أن يقر على منصبه، فلم يزل فيه إلى أن مات. توفي في ذي القعدة.

وقد حدث عن مكرم بن أبي الصقر. روى عنه الدمياطي في معجمه، والدواداري.

370 -

‌ عبد الله بن الحسن بن إسماعيل بن محبوب

، الصدر الأجل بهاء الدين، المعري الأصل، البعلبكي.

ولي نظر الحوشخاناه ونظر بعلبك، ثم نظر جامع دمشق قليلا، وولي نظر المارستان النوري ونظر الأسرى. وكان مشهورا بالأمانة والدين ومعرفة الكتابة. وكان عاقلا، حسن المحاضرة، من أعيان البعلبكيين.

استوطن دمشق، وحدث عن أبي المجد القزويني. سمع منه أولاده: القاضي شهاب الدين قاضي البقاع، والرئيس نجم الدين، والشيخ فخر الدين عبد الرحمن، وعلاء الدين الكتبة، والفقيه محيي الدين، والعدل صدر الدين. وسمع منه الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، والطلبة.

وتوفي إلى رحمة الله في ليلة الجمعة سلخ ذي القعدة بداره بدرب بري، وقد قارب الثمانين.

ص: 339

371 -

‌ عبد الله بن الحسين بن علي

، الشيخ الإمام، مجد الدين أبو محمد الكردي الزرزاري الإربلي الشافعي، إمام مدرسة القيمرية.

وقد أم بالتربة الظاهرية، ودرس بالكلاسة. وكان خبيرا بالمذهب، عارفا بالقراءات، متين الديانة، حسن الأخلاق، صاحب زهد وتعبد وحسن سمت.

روى عن الحافظ يوسف بن خليل، وقرأ القراءات على أبي عبد الله الفاسي، وتوفي إلى رحمة الله في ذي القعدة عن ست وستين سنة. وهو والد المفتي شهاب الدين، والشيخ ركن الدين، والشيخ عفيف الدين؛ المحمدين.

372 -

‌ عبد الله بن عمر بن نصر الله

، الأديب العالم، موفق الدين، أبو محمد الأنصاري الورن.

توفي بمصر في صفر.

قال قطب الدين: كان قادرا على النظم، وله مشاركة في الطب والوعظ والفقه، حلو النادرة، لا تمل مجالسته، أقام ببعلبك مدة، وقد خمس مقصورة ابن دريد ورثى بها الحسين رضي الله عنه، ومات كهلا. ومن شعره:

جميعي لسان وهو باسمك ناطق وكلي قلب عند ذكرك خافق وإني وإن لم أقض فيك صبابة فما أنا في دعوى المحبة صادق خليلي ما للبرق يخفق غيرة أبرق حماها مثل قلبي عاشق تميل قدود البان شوقا لقدها فتنطق إشفاقا عليها المناطق وينشق قلبي للشقائق غيرة إذا حدقت يوما إليها الحدائق

373 -

‌ عبد الله بن مسعود

، الصدر الكبير جمال الدين اليزدي.

ولي نظر جامع دمشق والخوانك أيام النجيبي، ثم عزل بعده وصودر، توفي بدمشق في صفر.

374 -

‌ عبد الباقي بن عبد الرحمن بن خليل

، الإمام عز الدين الأنصاري المصري، والد المحدث أبي بكر محمد.

ص: 340

رئيس عالم نبيل، ولي خطابة جامع الفسطاط مدة، وتوفي في جمادى الأولى.

375 -

‌ عبد الرحمن بن حسين بن يوسف

، الشاطبي ثم الإسكندراني، العدل، وجيه الدين أبو القاسم.

سمع كتاب الشفا من ابن جبير الكناني، والخلعيات من ابن عماد. وأكثر عن العثماني الصغير، وعاش أربعا وسبعين سنة، مات في جمادى الآخرة بالإسكندرية.

أجاز للبرزالي.

376 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن

، الإمام جمال الدين ابن الشيخ الإمام نجم الدين الباذرائي الشافعي.

درس بمدرسة والده إلى أن مات عن نيف وخمسين سنة. وكان صدرا رئيسا، حسن الأخلاق، كريما.

توفي في رجب، ودرس بعده الشيخ تاج الدين رحمه الله.

يروي عن الكاشغري، وابن الخازن. سمع منه ابن جعوان، والسيبي.

377 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة

، الصاحب قاضي القضاة مجد الدين، أبو المجد ابن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العقيلي الحلبي الحنفي.

ولد سنة ثلاث عشرة أو قريبا منها. وسمع من ثابت بن مشرف حضورا، ومن عم أبيه القاضي أبي غانم محمد بن هبة الله، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن بصلا، وأبي المحاسن يوسف بن شداد الحاكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن ابن الأثير، وأبي حفص عمر بن علي بن قشام، وأبي المجد القزويني، وأبي الوفاء محمد بن حمزة الحراني، ومحمد بن عبد الجليل الميهني، وطائفة بحلب. وأبي علي ابن الزبيدي، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن أيوب، وجماعة بمكة. وأبي محمد ابن البن، وأبي

ص: 341

القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وطبقتهم بدمشق. ومنصور ابن المعوج، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وإلياس بن أنجب الغراد، وجماعة ببغداد. والحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجماعة بمصر. ومحمد بن عمر القرطبي بالمدينة. وهبة الله ابن الواعظ بالإسكندرية. وقرأ بالسبع على الفاسي، وخرج له شيخنا ابن الظاهري معجما في مجلدة، وأجاز له المؤيد الطوسي وجماعة.

وكان صدرا معظما، مهيبا محتشما، ذا دين وتعبد وأوراد وسيرة حميدة، لولا بأو فيه وتيه، رحمه الله. وكان إماما، مفتيا، مدرسا، بارعا في المذهب، عارفا بالأدب. وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية التي بالقاهرة، وحضر السلطان وهو لم يأت بعد، فطلبه السلطان فقيل: حتى يقضي ورده الضحى. ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم له ولم يقم هو لأحد. ثم قدم على قضاء الشام، وكان بزي الوزراء والرؤساء، لم يعبأ بالمنصب ولا غير لبسه، ولا وسع كمه. وقد مر ليلة بوادي الربيعة وهو مخوف إذ ذاك، فنزل وصلى ورده بين العشائين والغلمان ينتظرونه بالخيل، فلما فرغ ركب وسار.

ثم وجدت أنه ولد في جمادى الأول سنة أربع عشرة.

وكان يتواضع للصالحين، ويعتقد فيهم. وقد درس بدمشق بعدة مدارس. وسمع منه ابن الظاهري، والدمياطي، والحارثي، وشرف الدين الحسن ابن الصيرفي، وقطب الدين ابن القسطلاني، وبهاء الدين يوسف ابن العجمي، وعلاء الدين ابن العطار، وشمس الدين ابن جعوان، ومجد الدين ابن الصيرفي، والقاضي شمس الدين محمد ابن الصفي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي مروياته.

وتوفي في سادس عشر ربيع الآخر، ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوما مشهودا، ورثته الشعراء، فمن ذلك ما أنشدني المولى القاضي شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب لنفسه:

ص: 342

رقادي أبى إلا مفارقة الجفن وقلبي نأى إلا عن الوجد والحزن أبيت وراحي أدمعي وكآبتي كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خدني وأضحى وطرفي يحسد العمي إذ يرى حمى المجد تغشاه الخطوب بلا إذن ألا في سبيل المجد وجد وأدمع وهبتهما للبرق إن كل والمزن لأنهما سنا الحداد وأقبلا يزوران في سود الملابس والدكن ثوى المجد في حزن من الأرض فاغتدت تتيه على سهل الربى روضة الحزن وكان لوفد الجود مغناه كعبة يطوفون منها من يمينه بالركن فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها وأمست وهذا الجفن مجرى دم البدن غدت بعده كأس العلوم مريرة وكانت به من قبل أحلا من الأمن كأن سماء الدست من بعد شخصه تغشى محياها عبوس من الدجن كأن غروس الفضل عزت قطوفها وطالت وقد غاب المذلل والمدني أمر على مغناه كي يذهب الأسى كعادته الأولى فيغري ولا يغني وتنثر عيني لؤلؤا كان كلما يساقطه من فيه تلقطه أذني وأحسد عجم الطير فيه لأنها تزيد على إعراب نظمي باللحن وأقسم أن الفضل مات لموته ويخطر في ذهني أخوه فأستثني ورثاه شهاب الدين أيضا بقصيدة أولها:

أقم يا ساري الخطب الذميم فقد أدركت مجد بني العديم هدمت - وكنت تقصر عنه - بيتا له شرف يطول على النجوم عثرت وقد ضللت بطود علم أما تمشي على السنن القويم منها:

صحيح الزهد غادره تقاه وخوف الله كالنضو السقيم وكم قد بات وهو من الخطايا سليم النفس في ليل السليم

378 -

‌ عبد الرحيم بن عبد الحميد بن محمد بن ماضي المقدسي

، أخو شيختنا هدية.

رجل خير، مات بمصر في ذي القعدة.

ص: 343

379 -

‌ عبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب بن عمر

، المحدث نجم الدين الشهرزوري، إمام مسجد فيروز بمقابر باب الفراديس، وأحد الشهود بالعقيبة.

سمع الحديث الكثير، وكتب الطباق والأجزاء، وحدث.

ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من ابن الزبيدي، والمسلم المازني، وابن اللتي، والإربلي، وابن باسوية. روى لنا عنه ابن العطار. وكان من فقهاء العزيزية.

توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى، وكان يعرف بابن الباقلاني.

380 -

‌ العزفي

، صاحب سبتة وأعمالها، الشيخ أبو القاسم ابن الفقيه أبي العباس أحمد.

امتدت دولته؛ فإنه تملك من بعد والده، وتوفي في ذي الحجة بسبتة، رحمه الله.

381 -

‌ علي بن إسماعيل بن إبراهيم

، العدل نجم الدين ابن القصاع الدمشقي، أحد عدول القيمة.

سمع من أبي المجد القزويني، وما كأنه حدث، توفي في ذي القعدة.

382 -

‌ علي بن محمد بن سليم

، الصاحب الوزير الكبير، بهاء الدين ابن حنى المصري.

أحد رجال الدهر حزما وعزما ورأيا ودهاء وخبرة بالتصرف، استوزره الملك الظاهر، وفوض إليه الأمور، ولم يجعل على يده يدا، فساس الأحوال وقام بأعباء المملكة، وأخمد خلقا ممن ناوأه. وكان واسع الصدر، عفيفا، نزها، لا يقبل لأحد شيئا إلا أن يكون من الصلحاء والفقراء. وكان قائلا بهم يحسن إليهم ويحترمهم ويدر عليهم الصلات، وقد قصده غير واحد بالأذى، فلم يجدوا ما يتعلقون به عليه. واستمر في وزارة الملك السعيد، وزادت رتبته. وله مدرسة وبر وأوقاف ومتاجر كثيرة، ابتلي بفقد ولديه فخر الدين

ص: 344

محمد ومحيي الدين أحمد فصبر وتجلد.

ولسعد الدين الفارقي الكاتب فيه:

يمم عليا فهو بحر الندا وناده في المضلع المعضل فرفده مجد على مجدب ووفده مفض إلى مفضل يسرع إن سيل نداه وهل أسرع من سيل أتى من عل توفي في سلخ ذي القعدة، وشيعه الخلق، وعاش أربعا وسبعين سنة.

ذكره الشيخ قطب الدين، ووصفه بهذا وأكثر.

383 -

‌ غازي بن خليل الرقي

.

توفي بمسجد كثر، أجاز للبرزالي، وعاش ثمانيا وثمانين سنة.

384 -

‌ فاطمة بنت محمد

، والدة المحدث علي بن بلبان.

روت عن ابن اللتي، توفيت بدمشق.

385 -

‌ مبارك بن عبد الله بن منصور

، الأمير أبو المناقب ابن المستعصم بالله العباسي.

روى عن أبيه، روى عنه ابن الفوطي. توفي بمراغة في جمادى الأولى، واحتفل لعزائه ببغداد، ورثته الشعراء. عاش سبعا وثلاثين سنة، وخلف محمدا وعبد الله ويوسف، ودفن عند المسترشد بالله.

386 -

‌ محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر

، الشيخ الإمام مجد الدين، أبو عبد الله ابن الظهيري الإربلي الحنفي الأديب.

ولد بإربل في ثاني صفر سنة اثنتين وستمائة. وسمع ببغداد في الكهولة من أبي بكر ابن الخازن، وأبي إسحاق الكاشغري. وبدمشق من السخاوي، وكريمة، وتاج الدين ابن حموية، وتاج الدين ابن أبي جعفر. وقيل: إنه سمع من ابن اللتي. روى عنه الكبار: أبو شامة، والقوصي، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني. ومن المتأخرين: شهاب الدين محمود الكاتب تلميذه، وعلاء الدين ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وجماعة.

ص: 345

وكان من كبار الحنفية وفضلائهم، درس بالقيمازية مدة. وكان ذا دين وعبادة وانقطاع وطريقة حميدة ومكارم أخلاق، وظرف وكيس. وكان من أعيان شيوخ الأدب وفحول الشعراء الكتاب، له ديوان. وقد رثاه شهاب الدين محمود بقصيدة.

قال قطب الدين: كان فقيها مدرسا، وافر الديانة، واسع الصدر، محتملا للأذى، يتصدق دائما ويحسن إلى تلامذته، وشعره سائر. توفي ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر، ودفن بمقابر الصوفية.

أنشدنا أبو عبد الله ابن الظهير لنفسه كتابة:

إذا رمت أن تتوخى الهدى وأن تأتي الحق من بابه فدع كل قول ومن قاله لقول النبي وأصحابه فلم ننج من محدثات الأمور بغير الحديث وأربابه وله:

يختال بقد كالقضيب النضر نشوان يمليه نسيم السحر ما جاد بوصلي في دجى من شعر إلا فضحتنا طلعة كالقمر وله:

عجل هديت المثاب يا رجل أبطأت والموت سائق عجل أسرفت في السيئات لا ملل يعروك من قبحها ولا خجل تفرح إن أمكنتك موبقة وأنت من خوف فوتها وجل يا معسرا والغريم طالبه وقد دنا من كتابه الأجل كم تتروى إذا دعاك هدى وعند داعي هواك ترتجل وله:

أترجو من مدامعك انتصارا وقد جد الخليط ضحى وسارا وتأمل بعدهم صبرا جميلا متى ملك المحبون اصطبارا وتطمع في الرقاد على التنائي لترقب من خيالهم مزارا فأحلى الوجد ما جانبت فيه رقادك والتصبر والقرارا

ص: 346

وأشهى الحب ما جر المنايا وما ظلم الحبيب به وجارا وإن لم يتلف الشوق المعنى لعمري كان شوقا مستعارا حدثني جمال الدين إبراهيم البدوي المقرئ قال: أتيت الشيخ مجد الدين بإجازة، فكتب فيها:

أجازهم ما سألوا بشرطه المعتمد محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد

387 -

‌ محمد بن سوار بن إسرائيل بن خضر بن إسرائيل بن الحسن

، الفقير المشهور الشاعر الأديب البارع، نجم الدين الشيباني الدمشقي، صاحب الحريري، وصاحب الديوان المعروف.

ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة، وصحب الشيخ عليا الحريري من سنة ثمان عشرة، ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي وسمع عليه، وكان قادرا على النظم الرائق مكثرا منه. مدح الأمراء والكبراء، وسلك في نظمه مسلك ابن الفارض وابن العربي، وتجرد وسافر على قدم الفقر وقضى أوقاتا طيبة، وكان ريحانة المشاهد وديباجة السماعات وأنيس المجامع، وكان يلثغ بالراء، ولا يحسن الرقص ولا له فيه طبع. وقد حضر مرة وقتا وفيه نجم الدين ابن الحكيم الحموي، فغنى لهم القوال بقوله:

وما أنت غير الكون بل أنت عينه ويفهم هذا السر من هو ذائق فقال ابن الحكيم: كفرت كفرت. وتشوش الوقت، وقال ابن إسرائيل: ما كفرت، ولكن أنت ما تفهم هذه الأشياء.

ولا ريب في كثرة التصريح بالاتحاد في شعر هذا المرء على مقتضى ظاهر الكلام، فإن عنى بقوله ما يظهر من نظمه فلا ريب في كفره، وإن عنى به غير ما يفهم منه وتكلف له أنواع التأويلات البعيدة فقد أساء الأدب وأطلق في جانب الربوبية ما لا يجوز إطلاقه، وتجهرم على الله تعالى إذ جعل ذلك ديدنه، وهذا إنما هو على سبيل الفرض. أما من عرف مذهب القوم وحقيقة ما يعتقدونه فلا يرتاب في خروجهم من الملة أو هو منهم، نسأل الله العظيم أن يثبت قلوبنا على دينه، والمعصوم من عصم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ص: 347

فمن شعره:

أسكان قلبي إن تناءوا وإن حلوا وملاك ودي واصلوني أو ملوا تساوى لدي البعد والقرب فيكم كما قد تساوى عندي الهجر والوصل فإن شئتم صدوا وإن شئتم صلوا فإن سواكم في فؤادي لا يحلو سهادي بكم أحلا لدي من الكرى وأصعب ما ألقاه في حبكم سهل بحق جنوني في الهوى بكم اسفكوا دما هدرا ما أن يراد له عقل إذا آثرت قتلي سيوف لحاظكم فأعذب شيء عند عبدكم القتل أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابة ببدر ومثلي ليس يخفى له فضل دعوني مني واصنعوا ما بدا لكم فإني لما أهلتموني له أهل حلفت بتوريد الخدود وما جنت علي القدود الهيف والأعين النجل وليلتنا بالسفح إذ يسفح الندا دموعا وإذ سمارنا البان والأثل لقد ضاع ذكري في الوجود بحبكم كما ضاع في وجدي بحسنكم العذل ودق عن الواشي حديث تولهي كما جل شوقي أن تبلغه الرسل وصرت أمير العاشقين وكيف لا ونقل أحاديثي لندمانهم نقل فكل محب مات فيكم صبابة صبابة كأسي أكسبته الضنى قبل وما سمحت روحي بحب سواكم على أنها ما من خلائقها البخل نديمي هل في حبهم من ندامة فأتركه أم هل لهم في الورى مثل أردت بذلي في هواهم تقربا ومن عز من يهواه لذ له الذل ومن شعره:

لا تشرب الراح إلا مع أخي ثقة يرعى مودة أهل الحان في الحان ولا يرى وجه ساقيها سوى رجل لا ينظر الخمر والخمار اثنان إن غيبت ذاتها عني فلي بصر يرى محاسنها في كل إنسان في القلب سر لليلى لو نطقت به جهرا لأفتوا بكفري بعد إيماني السر الذي في قلبه هو أن العباد حقيقة المعبود، وأن المعبود حقيقة العباد؛ أي ليس الله عنده شيئا آخر سوى المخلوقات، ولا لرب العالمين وجود متميز في نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدهرية بعينه، لا بل شر من مذهب الدهرية، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. فينبغي للإنسان

ص: 348

إذا حكى قول الكفر أن يسبح الله ويقدسه ويمجده لينجيه من الكفر، ولقد اجتمعت بغير واحد ممن كان يقول بوحدة الوجود ثم رجع وجدد إسلامه، وبينوا لي مقالة هؤلاء أن الوجود هو الله تعالى، وأنه تعالى يظهر في الصور المليحة والأشياء البديعة.

ومن قصيدة ابن إسرائيل المسماة بعرف العرفان حيث يقول:

لقد حق لي عشق الوجود وأهله وقد علقت كفاي جمعا بموجدي نديمي من سعد أريحا ركائبي فقد أمنت من أن تروح وتغتدي ولا تلزماني النسك فالحب شاغلي ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي أمن بعد ما قد برد الوصل غلتي وزار الكرى أجفان طرفي المسهد وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت عروس حميا الراح تجلى على يدي ونادمت في دير الحبيس غزالة وزخرف لي في هيكل الدير مقعدي منها:

ذراني وعزمي والدجى ومزاره فقد أبت العلياء إلا تفردي ولا تيأسا من روحه وتأسيا فكم معرض في اليوم يقبل في غد فتى الحب صب باع مهجة نفسه لجيرة ذاك الحي نقدا بموعد هو الحب إما منية أو منية ودون العلى حد الحسام المهند ألم تريا أني وجدت تلذذي برؤياه عقبى حيرتي وتلددي وقد عشت دهرا والجمال يهزني وتطربني الألحان من كل منشد وأغدو وفي ليل الغدائر دائبا أضل ومن صبح المباسم أهتدي ويسقم جسمي كل جفن وتارة يورد دمعي كل خد مورد وأصبو متى هبت صبا حاجرية تخبرني عن منجد غير منجدي فلما تجلى لي على كل شاهد وسامرني بالرمز في كل مشهد تجنبت تقييد الجمال ترفعا وطالعت أسرار الجمال المبدد وصار سماعي مطلقا منه بدؤه وحاشى لمثلي من سماع مقيد ففي كل مشهود لقلبي شاهد وفي كل مسموع له لحن معبد أراه بأوصاف الجمال جميعها بغير اعتقاد للحلول المبعد

ص: 349

ففي كل هيفاء المعاطف غادة وفي كل مصقول السوالف أغيد وعند اعتناقي كل قد مهفهف ورشفي رضابا كالرحيق المبرد وفي الدر والياقوت والمسك والحلى على كل ساجي الطرف لدن المقلد وفي حلل الأثواب راقت لناظر بزبرجها من مذهب ومعمد وفي الراح والريحان والشمع والغنا وفي سجع ترجيع الحمام المغرد وفي الدوح والأنهار والروح والندى وفي كل بستان وقصر مشيد وفي الروضة الغناء غب سمائها يضاحك نور الشمس نوارها الندي وفي صفو رقراق الغدير إذا حكى وقد جعدته الريح صفحة مبرد وفي اللهو والأفراح والغفلة التي تمكن أهل الفرق من كل مقصد وعند انتشاء الشرب في كل مجلس بهيج بأنواع الثمار منضد وعند اجتماع الناس في كل جمعة وعيد وإظهار الرياش المجدد وفي لمعان المشرفيات في الوغى وفي ميل أعطاف القنا المتأود وفي الأعوجيات العتاق إذا انبرت تسابق وقد الريح في كل مطرد وفي الشمس تحكي في تبرج نورها لدى الأفق الشرقي مرآة عسجد وفي البدر بدر الأفق ليلة تمه جلته سماء مثل صرح ممرد وفي أنجم زانت دجاها كأنها نثار لآل في بساط زبرجد وفي البرق يبدو موهنا في سحابة كباسم ثغر أو حسام مجرد وفي حسن تنميق الخطاب وسرعة الـ ـجواب وفي الخط الأنيق المجود وفي رقة الأشعار راقت لسامع بدائعها من مقصر ومقصد وفي رحمة المعشوق شكوى محبه وفي رقة الألفاظ عند التودد وفي أريحيات الكريم إلى الندى وفي عاطفات العفو من كل سيد وحالة بسط العارفين وأنسهم وتحريكهم عند السماع المقيد وفي لطف آيات الكتاب التي بها تنسم روح الوعد بعد التوعد

ص: 350

المظاهر الجلالية

كذلك أوصاف الجلال مظاهر أشاهده فيها بغير تردد ففي صولة القاضي الجليل وسمته وفي سطوة السلطان عند التمرد وفي حدة الغضبان حالة طيشه وفي نخوة القرم المهيب المسود وفي سورة الصهباء جار مديرها وفي يبس أخلاق النديم المعربد وعند اصطدام الخيل في كل مأزق تعثر فيه بالوشيج المقصد وفي شدة الليث الهصور وبأسه وشدة عيش بالسقام منكد وفي روعة البين المشت وموقف الـ ـوداع لحران الجوانح مكمد وفي فرقة الألاف بعد اجتماعهم وفي كل تشتيت وشمل مبدد وفي كل دار أقفرت بعد أنسها وفي طلل بال ودارس معهد وفي هول أمواج البحار ووحشة الـ ـقفار وسيل بالمذانب مزبد وعند خشوعي للصلاة لعزة الـ ـمناجي وفي الإطراق عند التشهد وحالة إهلال الحجيج بحجهم وإعمالهم للعيس في كل فدفد ويبدو بأوصاف الكمال فلا أرى برؤيته شيئا قبيحا ولا ردي فكل مسيء بي إلي كمحسن وكل مضل لي لدي كمرشد ولا فرق عندي بين أنس ووحشة ونور وإظلام ومدن ومبعد وسيان إفطاري وصومي وفترتي وجهدي ونومي وادعا وتهجدي أرى تارة في حانة الخمر خالعا عذاري وطورا في خبية معبد وهي مائة بيت، اخترت منها هذا.

وله:

جهد المحبة لوعة وغرام وصبابة وكآبة وسقام ومدامع مسفوحة وأضالع مقروحة وتوله وغرام وتذكر إن لاح برق بالغضا أو ناح في عذب الغصون حمام وبكا على الأطلال غيرها البلى ورمت نضارة رسمها الأعوام

ص: 351

ورضى بأحكام الحبيب وإن جفا ونأى وعز من الخيال مرام أوصاف باق لم يبن عن رسمه وبقاء أبناء الغرام حرام والعاشقون على اختلاف شؤونهم عما يحققه الفناء نيام كل يشير إلى سواه ولا سوى إلا إذا ما ضلت الأفهام وهي طويلة من أبدع قصائده، لولا ما عكر بقوله فيها:

قوم بهم قام الوجود لأنهم قعدوا بعرفان الإله وقاموا ظهروا وقد خفيت صفات نفوسهم فهم لإعلام الورى أعلام وردوا معين الجمع فاجتمعت لهم صور العوالم فالشتات نظام وحقائق الأشياء في ميزانهم شيء فما بين الأنام خصام والعارفون بفضلهم وراثهم والجاحدوا إنعامهم أنعام ووراءهم قوم معارفهم إلى حد الصفات يردها الإعظام وهم على رتب تفاوت قدرها وكذاك يقسم فضله القسام فمن اجتلى صفة الجمال فدهره عشق وقصف والغرام مدام وتشوقه الأغصان والريحان والكثبان والغزلان والآرام ويحب أخبار الغرام وأهله وتهزه الأوتار والأنغام هش تراه للخلاعة باسما كالبدر جلي عن سناه غمام ويرى المليحة في القبيح فما له بسوى الجمال على المدى إلمام ومن انتحى صفة الجلال فدهره قبض وكل زمانه إحجام وقد روى عنه أبو الحسين اليونيني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو محمد البرزالي، وغيرهم من شعره.

وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر، ودفن بقبة الشيخ رسلان، وشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان والأعيان والفقراء والخلق.

388 -

‌ محمد بن صالح

، الفقيه شمس الدين الهسكوري المغربي، خطيب جامع جراح خارج باب الصغير.

روى عن مكرم، وشهد على القضاة، ثم عمي.

ص: 352

توفي في شعبان، وشيعه قاضي القضاة والناس، وعاش ستا وسبعين سنة؛ فإنه ولد سنة إحدى وستمائة.

389 -

‌ محمد بن عبد القادر بن عبد الكريم بن عطايا

، الصدر شرف الدين القرشي المصري، ناظر الخزانة.

ودفن بالقرافة وقد جاوز الثمانين. وكان دينا خيرا، جليلا عالما، مفتيا. أجاز له جعفر بن آموسان.

390 -

‌ محمد بن عبد المهيمن

.

شيخ مصري، روى عن ابن المقير.

391 -

‌ محمد بن عربشاه بن أبي بكر بن أبي نصر

، المحدث العالم، ناصر الدين أبو عبد الله الهمذاني.

سمع ابن الزبيدي، وابن صباح، وابن اللتي، والناصح ابن الحنبلي، والمسلم المازني، وابن باسوية، وأبي الفضل الهمداني، وكريمة، وابن الشيرازي، وطبقتهم. وسمع الكثير، وكتب الأجزاء، وأكثر وحصل. وأول سماعه من المشايخ في سنة سبع وعشرين وله عشرون سنة إذ ذاك، ورحل فسمع بالديار المصرية من ابن رواج وغيره، وبحلب من ابن خليل، وأسمع أولاده. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وأجاز لي مروياته، وكان ثقة، صحيح النقل، حسن الخط. توفي في جمادى الأولى.

392 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن إسماعيل

، الصدر شرف الدين ابن الوراق.

سمع ابن باقا وغيره.

393 -

‌ محمد بن علي بن يوسف بن ميسر

، الأجل تاج الدين، أبو عبد الله المصري المؤرخ.

صنف تاريخ القضاة، وتوفي في محرم بالقاهرة، وله تاريخ كبير ذيل به على تاريخ المسبحي، وهبني منه مجلدا الحافظ قطب الدين، وعلى المجلد

ص: 353

بخطه: مختصر من تاريخ تاج الدين محمد بن علي بن أحمد بن ميسر. ويعرف بابن جلب راعب، من بيت، وله أصالة.

توفي في ثامن عشر المحرم.

394 -

‌ محمد بن محمد بن جبريل بن أبي الفوارس الدربندي المحدث

، الشاعر الصوفي، أبو عبد الله.

سمع من السبط وعدة، وسمع بنته فاطمة من أصحاب البوصيري.

مات في ذي الحجة بمصر.

395 -

‌ محمود بن عمر

، القاضي نظام الدين الهروي، قاضي الجانب الغربي، من أئمة الشافعية، ويعرف بشيخ الإسلام.

توفي عن ثلاث وسبعين سنة، ورثته الشعراء، وله تصانيف عدة وفنون، وباع طويل في الطب، مع التقوى والدين والزهد.

وله ابن هو شمس الدين محمد شيخ المشايخ بالهند، وابنه الآخر من علماء هراة تاج الدين محمد، وابنه صدر الدين جعل بعد أبيه قاضي الجانب الغربي، وابنه الآخر شهاب الدين إسماعيل شيخ رباط البسطامي.

396 -

‌ محمود بن محمد بن بندار

، الفقيه عز الدين التورتري الشافعي البعلبكي.

ولد في حدود العشر وستمائة، وسمع من البهاء عبد الرحمن وغيره، وتفقه وأتقن المذهب، وناب في قضاء بعلبك عن القاضي صدر الدين عبد الرحيم، وولي قضاء بعلبك أيضا مدة، وولي قضاء عجلون. ومات على قضاء حصون الإسماعيلية، فتوفي بحصن الكهف.

وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، ذا كرم ومروءة واحتمال. روى عنه شمس الدين ابن أبي الفتح الحنبلي وغيره، ومات في جمادى الأولى في عشر الثمانين.

ص: 354

397 -

‌ مفضل بن أبي طالب ابن سني الدولة

، أبو عثمان الخياط.

حدث عن حنبل المكبر، توفي في المحرم أو صفر عن نيف وثمانين سنة.

398 -

‌ مؤمل بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور

، عز الدين أبو المرجى ابن البالسي الدمشقي، عم شيخنا العماد.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وقيل: سنة ستمائة. وسمع أبا اليمن الكندي، والخضر بن كامل الدلال، وأبا القاسم ابن الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، وأبا الغنائم هبة الله الكهفي. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والفقيه زكري الشافعي، وواثق التاجر، وجماعة. أجاز لي مروياته، وتوفي في سابع رجب.

سألت المزي عنه فقال: كان شيخا حسنا، قديم المولد، كثير السماع.

• - الورن، عبد الله، مر.

399 -

‌ هبة الله نفيس الدين ابن الحافظ رشيد الدين أبي الحسين العطار

.

توفي بمصر في رجب، روى عن ابن المقير وغيره، ومات كهلا.

400 -

‌ يحيى بن محمد بن سالم

، أبو زكريا الحنفي السمسار.

كهل مصري، روى عن ابن الجميزي، ومات في جمادى الآخرة.

401 -

‌ يحيى بن موسى

، الفقيه محيي الدين الزرعي الحنبلي.

حدث عن ابن اللتي، ومات في المحرم بقاسيون.

402 -

‌ يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف

، شرف الدين أبو الحجاج الأنصاري الشماع الصوفي.

أجاز لجماعة، وتوفي في ربيع الأول بدمشق، ويعرف بابن الخبازة.

روى عن ابن المقير.

403 -

‌ أبو بكر، إسماعيل بن بردويل

، التاجر بقيسارية الفرش بدمشق.

ص: 355

روى عن موسى بن عبد القادر، وعاش سبعين سنة.

404 -

‌ أبو بكر بن مسعود

، الرئيس جمال الدين، اليزدي ثم البغدادي، التاجر.

ولي مشيخة الشيوخ ونظر الجوامع وغير ذلك، ولم تحمد سريته، وعزل بعد عزل مخدومه جمال الدين النجيبي نائب دمشق، وسفر إلى مصر وصودر، ثم لزم بيته، ومات في صفر وقد نيف على السبعين.

405 -

‌ أبو بكر بن يونس بن علي الريحاني

.

رجل صالح، كثير الحج. حدث عن الشيخ الموفق، ومات في صفر، أخذ عنه ابن نفيس وغيره.

وفيها ولد:

القاضي شمس الدين علي ابن الصلاح الشافعي مدرس القيمرية، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن محمود بن إسماعيل بن مري البعلبكي في رمضان بدمشق، ثم قال لي سنة عشرين: لا، بل سنة ست. وناصر الدين محمد بن ألدكز الزرادي سبط ابن دبوقا يوم الفطر، ومحيي الدين محمود بن محمد بن محمد ابن القلانسي، وشرف الدين موسى بن محمد بن خضر المالكي ابن النقيب، والشيخ علي بن محمد ابن الشيخ إبراهيم الأرموي، والقاضي علاء الدين علي بن المنجى الحنبلي في شعبان، وسيف الدين أبو بكر ابن الموفق عيسى بن قواليح الجندي، ومجير الدين خليل بن يحيى ابن النعال.

ص: 356

سنة ثمان وسبعين وستمائة

406 -

‌ أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم

بن سلامة بن معروف بن خلف، المسند المعمر زين الدين، أبو العباس الدمشقي الحداد الحنبلي المقرئ الخياط الدلال.

ولد في رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وتوفي والده الشيخ أبو الخير إمام حلقة الحنابلة وله خمس سنين، ولم يسمعه شيئا، بل استجاز له. ثم سمع سنة ستمائة من أبي اليمن الكندي، وسمع بحمص من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري والد الفخر. وأجاز له من أصبهان خليل بن أبي الرجاء الراراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومسعود بن أبي منصور الجمال، وعبد الرحيم بن محمد الكاغدي - وتفرد في الدنيا عنهم - وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصيدلاني؛ وسبعتهم من أصحاب أبي علي الحداد. وأجاز له طائفة من أصبهان من أصحاب فاطمة الجوزدانية، وأبي عبد لله الخلال. وأجاز له من مصر أبو القاسم البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وابن نجا الواعظ، وعلي بن حمزة، والحافظ عبد الغني، وأبو عبد الله الأرتاحي، وغيرهم. وأجاز له من بغداد أبو الفرج بن كليب، وأبو القاسم بن بوش، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو طاهر ابن المعطوش، وعبد الخالق ابن البندار، وعبد الله بن محمد بن عليان، وطائفة من أصحاب ابن الحصين، وقاضي المرستان. وأجاز له بدمشق أبو طاهر الخشوعي، وأبو جعفر القرطبي، وأبو محمد ابن عساكر، وغيرهم.

سمع منه عمر ابن الحاجب بعرفات سنة عشرين وستمائة. وروى عنه الدمياطي، وأبو العباس ابن الحلوانية، وابن الخباز، وابن العطار، وابن جعوان، والمزي، وابن أبي الفتح، وابن الشريشي، وابن تيمية، وأخوه أبو محمد، والمجد ابن الصيرفي، وأبو محمد البرزالي، وأبو بكر بن شرف، وطائفة سواهم.

ص: 357

وقرأ عليه المزي شيخنا شيئا كثيرا، وسمع منه حلية الأولياء، ورثاه بأبيات بعد موته، وسألته عنه فقال: شيخ جليل متيقظ، عمر وتفرد بالرواية عن كثير من مشايخه، وحدث سنين كثيرة، وسمعنا منه الكثير، وكان سهلا في الرواية. قال: وتوفي يوم عاشوراء وقد قارب التسعين.

قلت: كان إنسانا خيرا متواضعا، من أهل الرباط الناصري، أضر بأخرة، وكان فقيرا متعففا، أجاز لي جميع مروياته، قال: أنبأنا خليل قال: أخبرنا الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا أيمن بن نابل قال: سمعت قدامة بن عبد الله الكلابي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء لا طرد ولا ضرب ولا إليك إليك.

هذا حديث صحيح، رواه البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي في مشيخته عن العز ابن الحافظ عبد الغني المقدسي عن خليل بن أبي الرجاء، فوقع لنا عاليا.

407 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد المحسن

ابن خطيب الموصل أبي الفضل عبد الله بن أحمد، الطوسي ثم الموصلي، تاج الدين الشاهد تحت الساعات.

توفي بزرع راجعا من الحج في صفر.

408 -

‌ أحمد بن عبد المحسن بن أحمد الواعظ

، الشهير بزين الدين كتاكت الدمياطي.

مات في شوال بمصر، له نظم وبلاغة، وفيه دين ولطف وخير، وهو القائل: على الحب لا عاش من يعذل وهبه يقول فمن يقبل غريب الحمى أنا عبد لكم فما شاء بي حبكم يفعل

ص: 358

409 -

‌ إسحاق بن إبراهيم بن يحيى

، الشيخ الفقيه، صفي الدين أبو محمد العكي الشقراوي الحنبلي.

كان أبوه قد سكن دمشق، وسمع من الخشوعي، فولد له هذا ونجم الدين موسى وغيرهما. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وأحمد بن الخضر بن طاوس.

وكان من فضلاء الفقهاء وأخيارهم، وكان يقيم كثيرا بزرع، وحكم بها نيابة عن الشيخ شمس الدين، وكان مطبوعا دمث الأخلاق؛ روى عنه ابن الخباز، والمزي، والطلبة. وأجاز لي مروياته.

توفي في تاسع عشر ذي الحجة، ودفن بقاسيون، رحمه الله.

410 -

‌ آقوش الركني

، الأمير الكبير جمال الدين، المعروف بالبطاح، أحد أمراء دمشق.

توفي كهلا في ربيع الأول، وهو مملوك ركن الدين بيبرس الأمير الذي كسر الفرنج بأرض غزة، وله عدة مماليك؛ منهم الأمير سم الموت إيغان الركني، وعلاء الدين الأعمى نزيل القدس.

411 -

‌ آقوش الشهابي السلحدار

، جمال الدين، أحد أمراء دمشق.

أدركه الموت بحماة في ربيع الآخر، وكان هو والذي قبله في صحبة الجيش بسيس ورجعا وماتا.

412 -

‌ بلبان النوفلي العزيزي

، ناصر الدين، أحد أمراء دمشق.

أدركه الموت بحلب في ربيع الأول، وكان من أعيان العزيزية، فيه دين وخير، وله معروف. وعنده حشمة بتواضع ولين، وكان في جملة الجيش بسيس، ومات في معترك المنايا، وهو من مماليك العزيز صاحب حلب.

413 -

‌ بلبان الساقي

، الأمير علم الدين.

ممن توفي في رجعة سيس.

ص: 359

وكذا الأمير سيف الدين قلاجا في أحد الربيعين؛ فهذه خمسة أمراء تقاربت آجالهم، وما أدري هل سقوا أم لا.

414 -

‌ بيرم بن سنقر الشهابي

.

سمع من ابن رواحة، ومات في ذي الحجة.

415 -

‌ جنق بن صون بن إيل

، الأمير جمال الدين، أحد أمراء دمشق.

يقال: إنه من أولاد الملك صول صاحب جرجان الذي أسلم على يد يزيد بن المهلب. توفي بدمشق في جمادى الآخرة، وكان من أبناء الخمسين.

416 -

‌ رابغ بن يحيى بن عبد الرحمن

، جمال الدين الصنهاجي، المقرئ على الجنائز.

روى عن ابن المقير، سمع منه ابن عبد الكافي، وابن نفيس الموصلي، والطلبة. وروى لنا عنه ابن العطار، توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة، ومولده برابغ.

417 -

‌ رسلان بن داود بن يوسف بن أيوب

، الملك المعظم ركن الدين ابن الزاهر ابن السلطان الكبير صلاح الدين.

حدث بإجازة عامة من الصيدلاني، مولده بقلعة البيرة في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وبقي إلى هذه السنة. وأجاز للبرزالي، وجماعة. وقد حدث بدمشق وبالقاهرة، وسمع منه المزي وغيره بقراءة ابن جعوان في ذي الحجة من هذه السنة.

418 -

‌ شهرمان الموله

، التركماني ثم الدمشقي.

كان صاحب دكان بالفسقار، فوقع له يوم خروج الركب بكاء كثير، فتهيأ لوقته وتبع الركب وحج، وعاد مسلوب العقل، وصار له حال من جنس حال المولهين، وللعامة فيه عقيدة.

ص: 360

توفي في شعبان، وشيعه خلق كثير.

419 -

‌ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الغني

، الفقيه الإمام تقي الدين ابن الشيخ التقي ابن العز ابن الحافظ المقدسي.

سمع من ابن اللتي، وجعفر الهمداني، وكريمة. وحدث، ومات في صفر، وقد سمع الناس بقراءته.

420 -

‌ عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حموية

، شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، الجويني ثم الدمشقي، الصوفي.

ولد سنة ثمان وستمائة من عالي النسب بيت عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد ابن القشيري. وسمع من أبيه، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي صادق بن صباح، وابن اللتي. وأجاز له مسمار بن العويس، وجماعة. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته.

وكان شيخا جليلا، محترما بين الصوفية لأبوته وقعدده. وكان ظريفا حسن الصحبة، لا بأس به. توفي في ثامن شوال، ودفن بتربة الشيخ عبد الله الأرمني، وشيعه الخلق.

421 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي بن حرب

، الفقيه المسند شمس الدين أبو محمد ابن الأوحد القرشي الزبيري.

ولد سنة ثلاث وستمائة، وسمع بحلب من الافتخار الهاشمي، وحدث بدمشق، وكتب بديوان المارستان النوري. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والشيخ رضوان النابلسي، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، وكان قد تفرد بسماع جزء الوخشي.

ص: 361

توفي في أوائل شوال.

422 -

‌ عبد الله بن أبي الحسن بن محمود بن حسين

، الحاج بدر الدين الدمشقي الحنبلي، ويعرف بملكشاه.

أجاز بخطه مروياته في إجازة الوجيه الثغري، وقال للوجيه: ولدت سنة ثلاث وتسعين، وسمعت مسند أحمد على حنبل المكبر. وله خمس وأربعون وقفة، وأنه جاور بمكة عشرين سنة، قال ذلك في سنة ثمان هذه ببعلبك.

423 -

‌ عبد الله ابن قاضي القضاة محمد بن عبد الله

بن الحسن بن علي ابن عين الدولة صدقة بن حفص، قاضي القضاة محيي الدين أبو الصلاح الصفراوي، الإسكندراني الشافعي.

مات في رجب بمصر وله إحدى وثمانون سنة. سمع من القاضي علي بن يوسف الدمشقي، ومكرم، والفارسي، وابن باقا. وله إجازة من ابن الحرستاني وعدة.

وولي قضاء مصر وأعمالها، ثم لحقه فالج وأقعد خمسة أعوام ثم عزل.

وكان أبوه قاضي مصر أيضا، مات سنة تسع وثلاثين وستمائة.

424 -

‌ عبد الله بن محمد بن أبي الخير بن سطيح

، الشيخ القدوة نجم الدين ابن الحكيم الحموي.

ولد سنة ثلاث وستمائة بحلب، ويعرف بابن سطيح. ويقال: إنهم من ذرية سطيح الكاهن.

كان شيخا صالحا زاهدا عارفا، كبير القدر. رأيت شيخنا ابن الدباهي يثني عليه ويصف أخلاقه، وكان يحضر السماع. وقد تقدم أنه أنكر على نجم الدين ابن إسرائيل.

توفي في جمادى الأولى بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية عند شيخه الشيخ

ص: 362

إسماعيل الكوراني، وهو والد الشيخ شرف الدين المحتسب، ولهم زاوية بحماة.

425 -

‌ عبد الباري بن عيسى بن سالم

، الأنصاري المصري.

توفي في رجب بمصر، هو الشيخ تاج الدين المقرئ، إمام جامع الحاكم.

ولد بدمشق سنة إحدى عشرة وتلا بالسبع على السخاوي، وهو من شيوخ الشطنوفي، سمع من ابن الزبيدي.

426 -

‌ عبد الرحمن ابن الخطيب محيي الدين محمد

ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين ابن الحرستاني، الفقيه شمس الدين.

عاش سبعا وعشرين سنة، وسمع من إبراهيم بن خليل وغيره، حفظ جملة من الوسيط، وتفقه على الشيخ تاج الدين، وكان من الأذكياء.

427 -

‌ عبد السلام بن أحمد بن غانم بن علي

، الواعظ الكبير، عز الدين النابلسي.

قدم دمشق ووعظ بها وأعجب الناس، وله نظم رائق وكلام حسن.

توفي في شوال بالقاهرة، وكان جده من سادة الشيوخ، رحمه الله.

428 -

‌ عبد القادر بن عثمان بن الزبير

، تقي الدين الإسعردي.

توفي بدمشق في رمضان.

429 -

‌ عثمان بن أبي الفضل بن إسماعيل بن المحبر

، الشيخ رشيد الدين.

عدل مبارك مسن، معروف. يروي عن ابن الزبيدي، وحدث بصحيح البخاري كله. وروى عن القزويني، وابن اللتي. كتب عنه البرزالي والطلبة، ومات في صفر.

430 -

‌ العلم ابن العادلي

، الصدر الصاحب ناظر الدواوين بدمشق، من كبراء المصريين.

ص: 363

توفي في شوال بدمشق، وخلف كتبا كثيرة.

430 -

م:‌

‌ علي بن صلايا

، الشريف كمال الدين العلوي، نقيب مشهد الحسين.

توفي بعلة التراقي بعد أن كان من سنوات قد أخذه في سفر بعض التتار وكتفوه فألقوه في دجلة ورموه بالنشاب حتى غطس، ثم إنه ظفر به صيادون فأصعدوه وبه رمق، فداووا جراحه.

مات سنة ثمان وسبعين.

431 -

‌ علي بن عمر بن مجلي

، الأمير نور الدين الهكاري.

ولي ابن مجلي هذا نيابة السلطنة بحلب مدة، وكان حسن السيرة، عالي الهمة، متواضعا، لين الكلمة، محسنا إلى العلماء والفقراء. عزل عن النيابة قبل موته فأقام بحلب إلى أن مات، وكان أبوه عز الدين من كبار الأمراء أيضا.

432 -

‌ علي بن عبد الله بن عبد الرحمن القرشي الهاشمي

.

أظن له إجازة من أبي روح والمؤيد.

مات في صفر، وكان مولده في سنة إحدى وستمائة.

433 -

‌ علي بن يحيى بن علي بن سلطان

، أبو الحسن، الصعيدي ثم الإسكندراني، المؤدب، والد المعمرة وجيهية.

كان حيا في هذا العام، سمع الكثير في حدود الأربعين، واستجاز لابنته في سنة إحدى وأربعين، وسمعت منه.

434 -

‌ عمر بن محمد بن عمر بن مزاحم

، أبو حفص الدنيسري.

شيخ معمر من أبناء التسعين، سمع في الكهولة من ابن اللتي، وحدث. ومات بالقاهرة في ثامن ذي الحجة، روى عنه الدواداري وغيره.

435 -

‌ عمر بن محمد بن عبد الواحد الموصلي

.

ص: 364

روى عن ابن رواج، مات بالروم.

436 -

‌ فاطمة بنت الملك المحسن أحمد ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين

يوسف بن أيوب.

ولدت سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من عمر بن طبرزد، وحنبل، وست الكتبة، وجماعة. وأجاز لها زاهر بن أحمد الثقفي، وأبو الفتوح العجلي، وجماعة. روى عنها الدمياطي وكناها أم عمر؛ وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وآخرون.

وكانت جليلة عالية الإسناد، توفيت ببلد بزاعة من حلب في إحدى الجماديين عن إحدى وثمانين سنة، وتكنى أم الحسن.

437 -

‌ قلاجا الركني

، الأمير سيف الدين.

مات في رجوعه من سيس عن بضع وأربعين سنة، وهو خشداش الأمير علاء الدين الأعمى، توفي في ربيع الأول.

438 -

‌ لؤلؤ، حسام الدين الكاتب

، عتيق بدر الدين جعفر الآمدي، أو عتيق أخيه موفق الدين.

ومنهم تعلم الكتابة والتصرف، وحصل له التشيع.

خدم الملك الأشرف صاحب حمص وترقى عنده، ثم خدم بدمشق، وكان ديوانه عبارة عنه، وكان ذا مروءة غزيرة وإفضال على الأصحاب، إلا أنه كان غاليا في التشيع ركنا للمؤمنين، لا بارك في أعمارهم. ومع ذلك فكان عاقلا لم تحفظ عنه كلمة سب، بل كان يترضى عن الصحابة.

وكان من أبناء الستين، رأيته ودخلت داره؛ وهي قاعتان بجنينة في درب طلحة. وكان جدي العلم سنجر يلوذ به، وكان في ديوان الجيش مديرا.

مات في ربيع الأول.

439 -

‌ محمد بن بركة خان بن دولة خان

، الأمير بدر الدين، خال الملك السعيد.

ص: 365

من كبار أمراء مصر، وحصل له تقدم كثير في دولة ابن أخته، وتوفي لما قدم دمشق في ربيع الأول، ودفن قبالة الرباط الناصري عن نحو خمسين سنة. وعملت له الأعزية والختم، حضر السلطان بعضها عند القبر، ثم نقل تابوته إلى القدس، ودفن عند والده. وكان أبوه من كبار أمراء الخوارزمية.

440 -

‌ محمد بن بيبرس

، السلطان الملك السعيد، ناصر الدين، أبو المعالي بركة خان ابن السلطان الملك الظاهر.

ولد سنة ثمان وخمسين في صفرها بالعش من ضواحي القاهرة، وسلطنه أبوه وهو ابن خمس سنين أو نحوها. وبويع بالملك بعد والده وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان شابا مليحا كريما، فيه عدل ولين وإحسان إلى الرعية، ليس في طبعه ظلم ولا عسف؛ بل يحب الخير وفعله.

قدم بالجيوش دمشق في ذي الحجة من سنة سبع، وعملت لمجيئه القباب وأحقها شبحا، وكان يوم دخوله يوما مشهودا.

وكان محببا إلى الرعية، لكنه شاب غر لم يحمل أعباء الملك، وعجز عن ضبط الأمور فتعصبوا لذلك وخلعوه من السلطنة، وعملوا محضرا بذلك، وأطلقوا له سلطنة الكرك فسار إليها بأهله ومماليكه، فلما استقر بها قصده جماعة من الناس، فكان ينعم عليهم ويصلهم، فكثروا عليه بحيث نفد كثير من حواصله، وبلغ ذلك السلطان الملك المنصور فتأثر منه، فيقال: إنه سم. وقيل غير ذلك.

وذكر المؤيد في تاريخه أن سبب موته أنه لعب بالكرة فتقنطر به فرسه، وحصل له بذلك حمى شديدة، وتوفي بعد أيام.

قلت: ومات عن مرض قليل في منتصف ذي القعدة وله عشرون سنة وأشهر؛ مات بقلعة الكرك ودفن عند جعفر الطيار، ثم نقل إلى تربته بدمشق بعد سنة وخمسة أشهر، ودفن عند والده. ووجدت عليه امرأته بنت الملك المنصور سيف الدين وجدا شديدا، ولم تزل باكية حزينة إلى أن ماتت بعده

ص: 366

بمدة. وترتب بعده في مملكة الكرك أخوه الملك المسعود خضر مديدة وحبس.

441 -

‌ محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان

، كمال الدين أبو عبد الله الأنصاري الدمشقي.

رئيس جليل، كاتب، عدل، مهيب، صاحب بر وأخلاق. روى عن مكرم، وابن المقير. سمع منه ولده الحافظ شمس الدين محمد بن محمد، ومجد الدين ابن الصيرفي، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر شوال عن بضع وخمسين سنة، ودفن بمقبرة باب الصغير.

442 -

‌ محمد بن علي بن ملاعب بن محرز بن حراز البغدادي

.

شيخ من أهل الصالحية، روى عن موسى بن عبد القادر، ومات في ذي القعدة، كتب عنه بعض الطلبة.

443 -

‌ محمد بن مسعود بن الخضر

، ناصر الدين ابن الشكري الجندي.

روى عن يوسف بن خليل، وكان يسمع على الجمال ابن الصابوني، توفي في جمادى الأولى.

444 -

‌ محمد بن المفضل بن محمد بن سعد الله ابن الوزان

، الإمام نجم الدين الحنفي الدمشقي.

مات في صفر، سمع الفخر ابن عساكر والشيخ الموفق.

445 -

‌ محمد بن. . . الرئيس علم الدين ابن العادلي الكاتب

، ناظر الدواوين بدمشق.

توفي في شوال، وتوفي أخوه تاج الدين ناظر حلب قريبا منه، وكان علم الدين صاحب كتب كثيرة فأبيعت

ص: 367

446 -

‌ محمود بن فتح البغدادي

.

رجل صالح معروف، كان يلوذ بالأمير بدر الدين ابن الأتابك، قرأ على السخاوي. وسمع من جعفر الهمداني، وكريمة، وغيرهما. كتب عنه بعض الطلبة، ومات في شوال، وله ابن قصاص حنفي.

447 -

‌ يحيى بن الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان

، العدل جمال الدين ابن عم قاضي القضاة.

ولد سنة سبع وستمائة، وحدث بالإجازة عن أبي روح الهروي وغيره، ومات بدمشق في رمضان، وهو والد الركن حسين.

448 -

‌ يحيى ابن صاحب تونس محمد ابن الأمير أبي زكريا

يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي البربري، صاحب تونس وأعمالها، أبو زكري، المشتهر بالمخلوع.

بويع بعد والده، ثم خلع بعد عامين وبويع عمه إبراهيم في هذا العام، فكأن هذا قتل.

449 -

‌ يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح

بن رافع بن علي بن إبراهيم، الإمام المفتي المعمر المحدث الصالح جمال الدين ابن الصيرفي الحراني الحنبلي، ويعرف بابن الحبيشي.

ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بحران، وسمع من حماد بن هبة الله الحافظ، ولم يظهر سماعه منه، ثم سمع سنة خمس وستمائة من الحافظ عبد القادر، وارتحل إلى بغداد سنة سبع فأدرك عمر بن طبرزد، وسمع منه أجزاء من أول الغيلانيات وصفة النفاق للفريابي. وسمع من عبد العزيز ابن الأخضر الحافظ، وأحمد ابن الدبيقي، وابن منينا، وعلي بن محمد الموصلي، وثابت بن مشرف، وأبي حفص عمر بن محمد السهروردي، ومحمد بن علي ابن القبيطي، وأبي البقاء العكبري، وجماعة. واشتغل على أبي البقاء، وعلى أبي بكر بن غنيمة، وتفقه. وقدم دمشق فسمع بها من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي البركات ابن ملاعب، وابن البناء، والجلاجلي، وجماعة. وتفقه على الشيخ موفق الدين، ثم رد إلى حران، ثم قدم دمشق، ثم دخل بغداد ثانيا، وولد له بها. وسمع على عمر بن كرم، وجماعة.

ص: 368

وسمع ولده فخر الدين، وأقام ببغداد مدة، وبرع في المذهب، ودرس وناظر. وجالس بحران رفيقه أبا البركات ابن تيمية، وكان لطيف القد، ضخم العلم والعمل، صاحب تعبد وأوراد وتهجد.

قرأت بخط الشيخ شمس الدين ابن الفخر: توفي شيخنا الإمام جمال الدين أبو زكريا ابن الصيرفي عشية الجمعة رابع صفر وله خمس وتسعون سنة، أو نحو ذلك. وكان إماما كبيرا مفتيا، أفتى ببغداد وحران ودمشق. وله مناقب جمة، منها قيام الليل في معظم عمره، كان يقوم في وقت والله يعجز الشباب عن ملازمته؛ وهو جوف الليل. وكان يجتهد في إسرار ذلك وسائر عمل التقرب. ومنها سخاء النفس، وحسن الصحبة، والتعصب في حق صاحبه بدعائه واجتهاده وتضرعه، ومساعدته بجاهه وحرمته. ومنها التعصب في السنة والمغالاة فيها، وقمع أهل البدع ومجانبتهم ومنابذتهم، ومنها قول الحق وإنكار المنكر على من كان، لم يكن عنده من المداهنة والمراءاة شيء أصلا، يقول الحق ويصدع به، لقي الكبار كالسامري مصنف المستوعب والشيخ أبي البقاء والشيخ الموفق.

وكان حسن المناظرة والمحاضرة، حلو العبارة، عالي الإسناد، له مختصرات ومجاميع حسنة.

قلت: كانت له حلقة بجامع دمشق، وتخرج به جماعة. وروى الكثير؛ حدث بـ جامع الترمذي، وبـ معالم السنن للخطابي، وأشياء كثيرة. وقد سمع كتاب معرفة الصحابة لابن مندة من ابن القبيطي بسماعه من أبي سعد البغدادي، وسمع من عبد القادر الأجزاء المحامليات وهي بضعة عشر جزءا، ومعجم ابن طاهر بكماله، والزهد بكماله لسعيد بن منصور، وسبعة عشر جزءا من أمالي الحافظ ابن مندة وكتاب التوحيد له، ونحو شطر الأربعين البلدية التي جمعها عبد القادر غير متوال، وكتاب تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام للحافظ أبي موسى المديني بسماعه منه، وفوائد مسعود الثقفي. وقرأ على أبي البقاء جميع كتابه في إعراب القرآن.

روى عنه الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، وابن أبي الفتح،

ص: 369

والدواداري، وسعد الدين الحارثي، وابن تيمية، وأخواه أبو محمد وأبو القاسم، وابن العطار، وتقي الدين محمد ابن شيخنا أبي الحسين، والقاضي تقي الدين سليمان، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته، وكتب بخط يده، وذلك في سنة أربع وسبعين في أوائل السنة.

وبقي قبل موته بنحو سنتين منقطعا في البيت، وضعف وانهرم، ومنع ابنه فخر الدين الطلبة من الدخول إليه وبقي يتعلل عليهم، وما أعلم هل تغير حينئذ أم لا، ولم يسمع منه الحافظان المزي والبرزالي لهذا السبب.

وحدثني حفيده أبو الفتح أنه في أواخر عمره كان يطلب من ولده أن يشتري له سرية.

450 -

‌ يوسف ابن الظهير تمام بن إسماعيل بن تمام

، الشيخ العدل، ضياء الدين الدمشقي الحنفي، أحد عدول القيمة.

سمع من الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة. وأجاز له المؤيد الطوسي وغيره، ومولده سنة إحدى وستمائة. وكان عسرا في الرواية، نكدا.

روى عنه ابن الخباز، والمزي، وجماعة. وتوفي ليلة الجمعة عاشر ربيع الأول.

وفيها ولد:

تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن ابن المولى الإمام بدر الدين محمد ابن الجوهري الحلبي في صفر، وعلاء الدين علي بن عبد الله بن سليمان بن عبد الكريم الأنصاري الشافعي، والفقيه جمال الدين يوسف بن أحمد بن جعفر الشاطبي خطيب جامع جراح، والفقيه شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن الظاهري المدرس في شوال، والقاضي بدر الدين محمد بن محمد ابن قاضي حران، والشيخ علي بن محمد البغدادي خازن السميساطية، وبدر الدين محمد ابن القاضي الزرعي.

ص: 370

سنة تسع وسبعين وستمائة

451 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن النحوي

، العدل شرف الدين الإسكندراني.

ولد سنة ست وستمائة، وسمع من أصحاب السلفي، مات في شوال، وسمع بحران من حمد بن صديق.

452 -

‌ أحمد بن علي بن عبد الواحد

، محيي الدين ابن السابق - بباء موحدة - الحلبي، أحد عدول دمشق.

وقد كتب الحكم لقضاة حلب ودمشق، وكان من أبناء الثمانين.

توفي في ذي الحجة فجاءة بالقولنج.

453 -

‌ إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمود

، العدل شرف الدين ابن القصاع الدمشقي.

شيخ جليل من عدول القيمة، سمع من أبي المجد القزويني، وما كأنه حدث.

توفي في صفر.

454 -

‌ إبراهيم بن عبد الله بن فتوح

، المقرئ مكين الدين الأنصاري المصري الضرير، ويعرف بابن الغطيط.

ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وسمع مسند الشافعي من القاضي زين الدين، وسمع من الفخر الفارسي، وحدث.

مات في منتصف ذي الحجة.

455 -

‌ آقوش الشمسي

، الأمير جمال الدين، أحد أبطال المسلمين.

وهو الذي قتل كتبغا مقدم التتار على عين جالوت، وهو الذي قبض على نائب دمشق عز الدين أيدمر الظاهري، وهو خشداش الأمير بدر الدين بيسري وغيره من الشمسية مماليك الأمير شمس الدين سنقر.

ص: 371

ولي جمال الدين نيابة حلب في السنة الحالية، فتوفي بها في المحرم كهلا.

456 -

‌ أمة الكريم ابنة الناصح عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبلي

.

امرأة جليلة، كاتبة، فاضلة، شيخة رباط بلدق. سمعت من أبيها. كتب عنها ابن الخباز، والبرزالي.

وسمعت بإربل سنة عشرين في صحيح البخاري، أو لعل تيك أختها باسمها؛ فإن هذه تصغر عن ذلك، هكذا قرأت بخط علم الدين. قال: وتوفيت في رابع شوال.

457 -

‌ داود بن عثمان بن رسلان

، الرئيس فتح الدين ابن البعلبكي الأنصاري الدمشقي.

حدث عن الحسن بن صباح، ومات في رجب.

458 -

‌ رافع بن أبي العز بن رافع

، الفقيه عفيف الدين الشريحي الحنبلي المقرئ الضرير.

حدث عن تقي الدين ابن الصلاح، ومات في ذي الحجة، أخذ عنه ابن أبي الفتح.

459 -

‌ رضي الدين البابا

، من كبار دولة المغول.

ولي الموصل فأحسن السياسة، ثم قتل شهيدا.

460 -

‌ صفية بنت مسعود بن أبي بكر بن شكر

، أم عمر المقدسية.

ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وسمعت من عمر بن طبرزد وغيره. روى عنها الدمياطي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز، وجماعة.

وكانت من الصالحات، توفيت في رابع عشر ذي القعدة.

ص: 372

461 -

‌ عبد الله بن إبراهيم بن رفيعا

، أبو محمد الجزري المقرئ.

توفي في جمادى الآخرة بالموصل، قرأ بالروايات على جماعة، وتصدر مدة، قرأ عليه الشيخ محمد بن خروف بالسبع، وكان يثني على فضائله.

462 -

‌ عبد الرحمن بن أبي الضوء ابن السيد

، الشيخ عماد الدين الصائغ الأنصاري العدل الكاتب.

كان شيخا طوالا، حصل له ثقل في سمعه فترك الشهادة، وحدث عن الكندي بشيء من تاريخ بغداد غير مرة، سمع منه ابن جعوان وجماعة.

توفي في رمضان عن ثمان وثمانين سنة. وسمع من ابن مندوه، والشمس العطار. وله خرج ابن جعوان المستجاد، وكان من رؤساء العدول.

مولده يوم الفطر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات أبوه الصدر نجيب الدين أبو الضوء ابن السيد بن إبراهيم بن جعفر بن غيهب بن أحمد السماكي السلماني في سنة اثنتين وستمائة.

وروى عن العماد شيخنا المزي، ومحمد ابن الخباز، ومحمد ابن البرهان.

463 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن عطاء

، العدل كمال الدين الأذرعي الحنفي، أخو القاضي شمس الدين.

سمع ببعلبك من البهاء عبد الرحمن، وحدث، ومات في شعبان. وكان رجلا جيدا، دينا، حسن العشرة. دفن عند قبر أخيه.

464 -

‌ عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي بن وحيش

، الشيخ الفقيه الصالح تقي الدين ابن الفقيه أبي محمد المقدسي الحنبلي الصالحي.

توفي بالجبل في ثامن شعبان وقد نيف على السبعين؛ فإنه ولد سنة ثمان وستمائة بالجبل أيضا. وقرأ القرآن على أبيه، وتفقه على التقي ابن العز ومهر في المذهب. وسمع من الشيخ الموفق، وموسى ابن الشيخ عبد القادر،

ص: 373

والقزويني، وابن راجح، وطائفة. وقل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة.

وكان فيه غلو في السنة ومنابذة للمتكلمين ومبالغة في اتباع النصوص، رأيت له مصنفا في الصفات، ولم يصح عنه ما كان يلطخ به من التجسيم، فإن الرجل كان أتقى لله وأخوف من أن يقول على الله ذلك، ولا ينبغي أن يسمع فيه قول الخصوم. وكان الواقع بينه وبين شيخنا العلامة شمس الدين ابن أبي عمر وأصحابه، وهو فكان حنبليا خشنا، متحرقا على الأشعرية. وبلغني أن بعض المتكلمين قال له: أنت تقول إن الله استوى على العرش؟ فقال: لا، والله ما قلته؛ لكن الله قاله، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وأنا صدقت، وأنت كذبت. فأفحم الرجل.

سمع منه ابن الخباز، والشيخ علي الزولي، وتلميذه علاء الدين علي الكتاني.

وكان كثير الدعاوى، قليل العلم، قد رمي في الجملة ببلايا ومصائب. نعوذ بالله من الخذلان. واستحكمت بينه وبين أهل الصالحية عداوة، وحبسوه مرة، وحطوا عليه.

465 -

‌ عبد العزيز الزعبي

.

شيخ صالح، له فوق ثلاثين حجة، وكان سليم الباطن ساذجا.

466 -

‌ عبد القوي بن عبد الله بن عبد القوي

، أبو محمد الشارعي المقرئ.

توفي في شوال، وله رواية.

467 -

‌ عبد الهادي بن هبة الله

، القاضي كمال الدين أبو الفضل التكريتي.

من مشايخ العلم ببغداد، مات في ربيع الأول وله ثلاث وستون سنة.

468 -

‌ عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب

، صفي الدين الأنصاري الحريري التاجر، والد قاضي القضاة شمس الدين الحنفي.

ص: 374

كان ثقة، حسن السيرة. ظهر له سماع من السخاوي وغيره في مسلم، ولم يحدث.

توفي في صفر.

469 -

‌ علي بن عمر

، الأمير نور الدين الطوري.

أحد الأبطال والشجعان المذكورين، كانت له نكاية عظيمة في الفرنج ومواقف. وكان ضخما شهما قويا، له لت هائل قل من يحمله، وكان يقاتل به، وكان فيه كرم ودين.

لم يبرح هو وعشيرته مرابطا بالسواحل، ولم يزل محترما في الدول. وولي عدة جهات بالشام، وجاوز التسعين سنة. حضر المصاف مع سنقر الأشقر بظاهر دمشق، فجرح وضعف، وسقط بين حوافر الخيل، ومات بعد أيام في صفر.

470 -

‌ علي بن همام بن راجي الله

، أبو الحسن المصري الشافعي، إمام جامع الصالح بظاهر القاهرة.

توفي في المحرم، وقد حدث. يلقب بتاج الدين، وكان مولده في سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

471 -

‌ عمر بن موسى بن عمر

، الشيخ الإمام القاضي، محيي الدين أبو حفص الشافعي، قاضي غزة وابن قاضيها.

ولد سنة ثمان وستمائة، وروى اليسير عن الرضي ابن البرهان، وقد سمع الكثير في الكهولة بدمشق والجبل. وكان فقيها إماما كبير القدر، مشكور السيرة وافر الحرمة، موصوفا بالعلم والدين والشجاعة والكرم والسؤدد. وقد حضر عدة حروب وجاهد في سبيل الله، ولي قضاء غزة مع الرملة وغير ذلك، وتوفي بغزة في خامس ذي الحجة، ثم نقل فدفن بالقدس، وكان مع القضاء له خبز جندي.

ص: 375

وكان أثريا دينا، وقد درس بالصلاحية بالقدس.

472 -

‌ محمد بن حمد بن أحمد بن محمد بن صديق

، أبو عبد الله الحراني.

سمع أباه، والموفق عبد اللطيف. وحدث. ومات بدمشق في رجب.

473 -

‌ محمد بن داود بن إلياس

، الفقيه العالم، شمس الدين أبو عبد الله الحنبلي البعلبكي، خادم الشيخ الفقيه.

ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ الكبير عبد الله، ثم خدم الشيخ الفقيه؛ وسمع معه من الشيخ الموفق، وأبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، والنفيس ابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وابن الزبيدي، وجماعة كثيرة. وكان مليح الخط، كتب الأجزاء والطباق، وتفقه. وكان فيه خير وعدالة ودين وورع ومروءة. روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته.

وتوفي في ثاني عشر رمضان ببعلبك، وسمع سنن ابن ماجة من الموفق.

474 -

‌ محمد بن سالم بن السلم

، القاضي نجم الدين، قاضي نابلس وأبو قاضيها جمال الدين محمد.

ولد سنة تسعين وخمسمائة، وكان صدرا نبيلا، ترسل عن الصالح نجم الدين أيوب، وأقعد في آخر عمره، وانقطع. وولي ابنه القضاء، وكان أبوه أيضا قاضيا.

توفي في ربيع الآخر، وقد سمع من أبي علي الإوقي مع أولاده، وله إجازة المؤيد الطوسي، كتب عنه الأبيوردي، وكان من نبلاء الرجال.

475 -

‌ محمد بن عبد الله

، ناصر الدين الأتابكي الجندي، عرف بجندي رخيص.

ص: 376

قتل مع سنقر الأشقر في صفر، ودفن بقباب التركمان.

476 -

‌ محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن مسعود

، الشيخ شمس الدين أبو عبد الله ابن النن العنسي البغدادي الشافعي الفقيه.

ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة ببغداد. وسمع من عبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وثابت بن مشرف، وغيرهم. وكان ثقة متيقظا، روى لنا عنه أبو الحسن ابن العطار وغيره، وأجاز لي مروياته.

وتوفي في الحادي والعشرين من رجب بالإسكندرية، وفيها ارتحل إليه الحافظ عبد الكريم الحلبي.

477 -

‌ محمد بن عبد الحكم ابن العلامة أبي إسحاق

إبراهيم بن منصور العراقي الشافعي، بدر الدين، خطيب جامع عمرو بن العاص.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وله نظم حسن يروق.

مات في ذي الحجة.

478 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أبي الغنائم

، شهاب الدين الشافعي، المعروف بالحزام، مؤذن مسجد ابن منكلان.

ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وحدث عن ابن اللتي، وتوفي في رمضان.

479 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن الحسين

، عماد الدين الإربلي، عرف بابن الكريدي.

توفي في المحرم بمصر. حدث عن عبد الرحمن ابن المشيري، وابن مكرم. سمع منه العلاء الكندي.

480 -

‌ محمد بن أبي بكر بن علي

، الشيخ الشريف ضياء الدين، أبو عبد الله الهاشمي الجعفري المقدسي الأسود.

سمع صحيح البخاري من ابن روزبة بحران، وسكن دمشق، وأم

ص: 377

بمسجد الرماحين. سمع منه ابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ومات في خامس ربيع الآخر.

481 -

‌ يحيى بن أحمد بن محمد بن حسن بن تامتيت المغربي

.

مات في شوال بمصر، ودفن عند والده الذي روى بالعامة عن أبي الوقت.

482 -

‌ يحيى بن أحمد بن محمد بن الحسين بن تميم

، الأجل محيي الدين ابن المولى جمال الدين التميمي الدمشقي.

كان صالحا، زاهدا، عابدا، خيرا، عالما، جليل القدر. توفي في ثاني عشر صفر وقد جاوز السبعين؛ كذا قال الشيخ قطب الدين، وإنما مولده في سنة ثلاث عشرة وستمائة.

وحدث عن ابن الزبيدي، وابن باسوية، وابن اللتي، والسخاوي. حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار، وكان أبي يعظمه ويصفه.

483 -

‌ يحيى بن الحسين الإربلي العدل

، جمال الدين ابن خلكان.

توفي بدمشق في رمضان، له إجازة من المؤيد الطوسي وأبي روح.

484 -

‌ يحيى بن عبد العظيم

، الأديب الشهير، أبو الحسين المصري جمال الدين الشاعر، المعروف بالجزار.

ولد سنة ثلاث وستمائة تقريبا، وكان بديع المعاني، حلو النادرة، صاحب مجون وزوائد، مدح الملوك والكبراء. وروى عن أحمد بن محمد ابن الجباب، روى عنه الدمياطي وابن الحلوانية من شعره.

وله:

أدركوني فبي من البرد هم ليس ينسى وفي حشاي التهاب كلما ازرق لون جسمي من البر د تخيلت أنه سنجاب وله، وقد أطلق له قمح: أتاني برك المقبول برا وقصدا للثناء وللثواب

ص: 378

فكدر صفوه الكيال حتى غدونا منه في أمر عجاب رضيناه وقد وافى عتيقا إلينا فاستحال أبا تراب وله يمدح الصاحب الأمير فخر الدين ابن شيخ الشيوخ:

بذل وجهي إلا لوجهك بذله واعتزازي إلا بجاهك ذله يا جوادا سحاب كفيه بالجو د على كل قاصد مستهله والذي لو حكاه في دسته الفضل بن يحيى لجاء يطلب فضله لي نصفية تعد من العمر سنيـ ـنا غسلتها ألف غسله لا تسلني عن مشتراها ففيها منذ أنشأتها نشاء بجمله كل يوم يحوطها العصر والدق مرارا وما تقر بعمله نسف الريح صدرها والكواذين فباتت تشكو هواء ونزله توفي الأديب الجزار في ثاني عشر شوال بمصر، وكان بزي الكتاب.

485 -

‌ يحيى بن الفضل ابن تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن

، أبو زكريا ابن عساكر الدمشقي الفقير.

توفي في شعبان وله ستون سنة، وقد حدث.

486 -

‌ يوسف بن محمد بن علي بن سرور

، الشيخ شمس الدين أبو عبد الله، ويقال: أبو المظفر، البغدادي.

قال الفرضي: مولده في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات في رجب. ولم يذكر ممن سمع.

وذكره الظهير الكازروني في تاريخه، وذكر أنه وكيلا عند القضاة، وأنه روى عن أبي الفرج ابن الجوزي؛ يعني بالإجازة. وأجاز له ابن كليب، وسمع من ابن الأخضر. روى عنه صدر الدين بن حموية، وعبد العزيز بن أبي الدر.

487 -

‌ يوسف بن نجاح بن مرهوب

، الشيخ القدوة الزاهد، الفقاعي.

دفن بزاويته في شوال بسفح قاسيون، وقد نيف على الثمانين. وكان

ص: 379

عبدا صالحا، قانتا لله حنيفا، كبير الشأن، له أصحاب ومحبون. وكان حسن التربية، كريم الأخلاق، متواضعا، مطرح التكلف، رحمه الله ورضي عنه. خلف أحدا وعشرين ولدا.

488 -

‌ أبو بكر بن إسماعيل بن بردويل

، الأجل سيف الدين الدمشقي الفراء.

روى عن داود بن ملاعب، وتوفي في السادس والعشرين من شعبان. حدث بالبعث عن موسى بن عبد القادر، روى عنه جماعة.

489 -

‌ أبو بكر بن أسبهسلار

، الأمير سيف الدين.

ولي شرطة مصر مدة، وكان موصوفا بالكرم المفرط، وكان ممن زاد به السمن حتى قاسى منه شدة، وأشار عليه الطبيب بعدم النوم على جنب، وبقي مدة لا يرمي جنبه إلى الأرض خوفا من أن يغرق في النوم فيموت.

490 -

‌ أبو بكر بن محمد بن إبراهيم

، الأديب غرس الدين الإربلي.

أديب شاعر، فاضل، دين، خير. توفي في ذي القعدة بدمشق.

فمن شعره:

وبي رشأ أحوى الحسن كله بمشرف صدغيه وعامل قده تبدى فخلنا البدر تحت لثامه وماس فقلنا: الغصن في طي برده وقفت له أشكو إليه توجعي وما نال قلبي من مرارة صده وسعرت الأنفاس نار صبابتي فمن حرها أثر الحريق بخده ولولا ارتشافي من برود رضابه لأحرقت نبت الآس من حول ورده روى عنه شمس الدين محمد ابن الجزري في تاريخه، وذكر أنه كان صديق والده.

491 -

‌ أبو بكر بن محمد بن طرخان

، الإمام المقرئ بالألحان زين الدين الصالحي.

ص: 380

حضر ابن الحرستاني. وسمع ابن قدامة، وابن أبي لقمة، وجماعة. وروى الكثير.

مولده سنة إحدى عشرة، ومات في جمادى الآخرة سنة تسع، وكان دينا عالما.

روى عنه ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي. ولي منه إجازة، وله أولاد، وكان والده من الرواة.

492 -

‌ أبو بكر بن هلال بن عياد

، الفقيه المعمر عماد الدين البياضي الحنفي.

ولد في العشرين من رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وعمر دهرا، وبان عليه الهرم. وقد سمع وهو كبير من أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي. سمع منه المفتي رشيد الدين سعيد البصروي، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز. وقد روى بالإجازة العامة عن السلفي.

ورأيت خطه مرجوفا مضطربا من الضعف والكبر، وكان معيد المدرسة الشبلية.

توفي في تاسع عشر رجب عن مائة وأربع سنين كاملة، وكان صدوقا لا يرتاب في مولده، ولو سمع في صباه من إسماعيل الجنزوي والخشوعي وهذه الطبقة لصار أسند أهل الأرض، وكان يعرف بالعماد الجبلي.

493 -

‌ أبو القاسم بن الحسين بن العود

، الشيخ نجيب الدين الأسدي الحلي الفقيه المتكلم، رأس الرافضة وشيخ الشيعة.

وكان قد أسن وعمر وانهرم، وعاش نيفا وتسعين سنة، كان عالما متفننا مشاركا في أنواع من الفضائل.

قدم حلب وتردد إلى الشريف عز الدين مرتضى نقيب الأشراف، فاسترسل معه يوما، ونال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزبره النقيب وأمر بجره من بين يديه، وأركب حمارا مقلوبا، وصفع في الأسواق. فحدثني أبو الفضل

ص: 381

ابن النحاس الأسدي أن فاميا نزل من حانوته وجاء إلى مزبلة، فاغترف غائطا ولطخ به ابن العود. وعظم النقيب عند الناس، وتسحب ابن العود من حلب. ثم إنه أقام بقرية جزين مأوى الرافضة، فأقبلوا عليه وملكوه بالإحسان.

وبلغني أنه كان في الآخر متدينا متعبدا، يقوم الليل. وقد رثاه إبراهيم بن الحسام أبي الغيث بأبيات أولها:

عرس بجزين يا مستبعد النجف ففضل من حلها يا صاح غير خفي مات ليلة النصف من شعبان بجزين.

قال قطب الدين: وقيل: إنه توفي سنة سبع وسبعين.

وفيها ولد:

جلال الدين محمد ابن سعد الدين محمد بن محمود البخاري الحنفي خطيب الزنجيلية ومات عن نيف وثلاثين سنة، ورئيس المؤذنين شمس الدين محمد بن سعيد بن قداح النابلسي، والمحيي يحيى بن عثمان الهذباني، والشيخ غازي بن عثمان المقرئ صاحب الميعاد، والشهاب أحمد بن محمد بن يوسف الوراق، والشيخ موسى بن إبراهيم بن محمود بن بشر الحنبلي، والشيخ علي الخازن صاحب التفسير.

ص: 382

‌سنة ثمانين وستمائة ومن مات فيها

494 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد الملك بن عثمان

، بدر الدين المقدسي المؤدب الحنبلي.

سمع من ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر. وحدث، ومات في حادي عشر رجب، وأمه زينب بنت مكي.

495 -

‌ أحمد بن عبد الصمد بن عبد الله بن أحمد

، القاضي محيي الدين المصري الشافعي، ويعرف بقاضي عجلون.

كان أبوه رشيد الدين قاضي قليوب، وكان هذا فقيها عالما رئيسا كريما، حكم بعجلون مدة، وله شهرة في السخاء وعلو الهمة، وكان ذا مكانة عند الناصر، وقد ولي أبوه قضاء بعلبك أيضا.

وقد ولي محيي الدين وكالة بيت المال بدمشق وتدريس الشامية الكبرى في أول الدولة الظاهرية، ثم عزل سريعا.

توفي بدمياط في ذي القعدة.

سمع ابن اللتي، والعلم ابن الصابوني. وحدث، عاش ستا وستين سنة.

496 -

‌ أحمد بن عطاف بن أحمد الكندي الرهاوي

، أبو العباس.

مات في ذي الحجة، وقد أجاز للبرزالي وجماعة، وله سماع.

497 -

‌ أحمد بن علي بن مظفر

، الرئيس نجم الدين ابن الحلي، ثم المصري.

ولد بالقاهرة سنة ثلاث وستمائة، وكان ذا نعمة طائلة ومتاجر وتقدم في الدول، روى عن ابن باقا، وإليه ينسب الأمير عز الدين الحلي.

توفي في رمضان بالقاهرة.

498 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى

، العلامة الشهير والخطيب البليغ، أبو جعفر ابن الطباع الرعيني الأندلسي، شيخ القراء بغرناطة.

ص: 383

مولده بعد الستمائة، وقرأ بالروايات على الخطيب عبد الله بن محمد الكواب وغيره، وقد ولي القضاء كرها فحكم حكومة واحدة وعزل نفسه. أخذ عنه القراءات أبو حيان، وأبو القاسم بن سهل.

قال لي ابن سهل: إنه مات سنة ثمانين وستمائة وهو في عشر الثمانين.

499 -

‌ أحمد بن محمود بن عمر التبريزي

.

مات بالموصل في رمضان عن مائة سنة سوى أشهر.

يروي عن الباذرائي وجماعة، سمع في الكهولة.

500 -

‌ أحمد بن النعمان بن أحمد بن المنذر

، الصدر فخر الدين الحلبي، ناظر الجيش الشامي.

رئيس نبيل، صاحب مكارم، وهو معروف بالتشيع. توفي في رمضان، وقد ناهز الستين.

501 -

‌ أحمد ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى ابن محيي الدين بن الزكي

، القرشي الدمشقي القاضي علاء الدين.

رئيس، فاضل، أديب. كتب الإنشاء مدة، ثم درس بالعزيزية والتقوية. وحدث عن أبي بكر ابن الخازن، ولد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وتوفي في شعبان رحمه الله. وقد ناب في القضاء عن أبيه، وسمع أيضا ببغداد من أبي جعفر ابن السيدي وابن المني وغير واحد.

502 -

‌ أحمد بن يوسف بن محمود

، أبو العباس ابن الساوي.

سمعه أبوه من المطهر بن أبي بكر البيهقي، روى عنه أبو الفتح اليعمري، وأجاز للبرزالي.

مات في جمادى الآخرة بالقاهرة.

ص: 384

503 -

‌ أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان

، الشيباني، الإمام، العلامة، الزاهد الكبير، موفق الدين، أبو العباس الموصلي، الكواشي، المفسر، نزيل الموصل.

ولد بكواشة، وهي قلعة من أعمال الموصل، سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة، قرأ القرآن على والده، واشتغل وبرع في القراءات والتفسير والعربية والفضائل، وسمع من أبي الحسن بن روزبة، وقدم دمشق، وأخذ عن: أبي الحسن السخاوي وغيره، وحج من دمشق وزار بيت المقدس، ورجع إلى بلده وتعبد، وكان منقطع القرين، عديم النظير زهدا وصلاحا وتبتلا وصدقا واجتهادا، كان يزوره السلطان فمن دونه، فلا يعبأ بهم، ولا يقوم لهم، ويتبرم بهم، ولا يقبل لهم شيئا، وله كشف وكرامات، وأضر قبل موته بنحو من عشر سنين، صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير، وأرسل نسخة إلى مكة، ونسخة إلى المدينة، ونسخة إلى بيت المقدس.

قال شمس الدين الجزري في تاريخه: حدثني الحاج أحمد ابن الصهيبي، وأمين الدين عبد الله ابن الفراقيعي الجزريان، عن الشيخ موفق الدين أن والده توفي وهو صغير، ورباه خاله وأشغله بالعلم عنده بالجزيرة إلى أن بلغ عشرين سنة، فسافر إلى الشام وحج، واشترى قمحا من قرية الجابية، لكونها من فتوح عمر رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها على عنقه في جراب إلى الموصل، ثم زرعها بأرض البقعة من أعمال الموصل، وبقي يعمل بالفاعل بتلك القرية إلى أن حصد ذلك الزرع، وأخذ منه ما يقوته، وترك منه بذارا ثم بذره، وبقي على هذا إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك القمح جملة تقوم به وبجماعة من أصحابه وزواره، وكان لا يقبل من أحد شيئا، وكان كثير الإنكار على بدر الدين صاحب الموصل، وإذا سير إليه يشفع في أحد لا يرده، وكان خواص صاحب الموصل المتدينون يحبون الشيخ ويعظمونه.

قال شمس الدين الجزري: وحكى جماعة كبيرة من التجار أنهم جرى لهم معه وقائع وكرامات وكشف، وأنه كان يعرف اسم الله الأعظم، ولأهل

ص: 385

الموصل والجزيرة فيه اعتقاد عظيم.

قلت: وكان شيخنا تقي الدين المقصاتي يطنب في وصف الشيخ موفق الدين ويسهب، وقرأ عليه تفسيره قال: فلما وصلت إلى سورة والفجر منعني من ختم الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك ولا تقول كملت الكتاب على المصنف؛ يعني أن للنفس في ذلك حظا.

قلت: وحدث تقي الدين بالكتاب عنه سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وقال لي: غبت عن الشيخ نحو سنة ونصف، فلما قدمت دققت الباب قال: من ذا، أبو بكر؟ فاعتددتها له كرامة، وقد لازم جامع الموصل مدة طويلة تزيد على أربعين سنة.

وقد سمع منه أبو العلاء الفرضي، وقال: هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان الشيباني، الشافعي، الكواشي، كان إماما، عالما، زاهدا، قدوة ورعا، علامة، توفي في سابع عشر جمادى الآخرة، ودفن خارج الباب القبلي من جامع الموصل، وقد قرأ بالسبع على والده عن تلاوته على مكي بن ريان الماكساني، عن ابن سعدون القرطبي، وسمع التجريد من عبد المحسن ابن الطوسي، بسماعه من ابن سعدون.

وحدثني الشيخ محمد بن منتاب، عن عبد للشيخ صالح أنه خدم الشيخ سنين، وأن الشيخ كان ينفق من الغيب، وأنني أبدا ما طلبت من الشيخ درهما أقل أو أكثر إلا قال: خذ. ويشير إلى كوة، فأجد ما طلبت لا يزيد ولا ينقص.

كان ينبغي للشيخ أن يتورع عن أخذ ما في الكوة لجواز أن يكون هذا من الجان، وما ذاك ببعيد، هذا إن صحت الحكاية، وأنا أعتقد صحتها وأعتقد صلاحه، وأجوز أن يكون مخدوما والله أعلم، ولا تنكر له الكرامات.

504 -

‌ إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم

، العدل أمين الدين البكري، المصري، ويعرف بالقرافي.

كان إمام السلطنة، ومحتسب الجيش المنصور، وإمام قبة الشافعي، سمع من أصحاب السلفي، ومات كهلا في شعبان بمصر.

ص: 386

505 -

‌ إبراهيم بن سعيد

، الشاغوري، الموله، جيعانة.

مات في جمادى الأولى، وكان من أبناء السبعين، وشيعه الخلق، وازدحموا على نعشه، ولطائفة من العامة فيه اعتقاد زائد لما يرون من كشفه وكلامه على الخواطر، مع عدم صلاته وصيامه، وقد يشاركه في كشوفه الراهب والكاهن، فانتفت الولاية بمجرد الكشف.

506 -

‌ إبراهيم ابن الناصح محمد بن إبراهيم بن سعد

، العدل، تقي الدين أبو إسحاق المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

سمع من ابن الزبيدي، والناصح ابن الحنبلي، وابن اللتي، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. وتوفي في سلخ رجب، وله ثمان وستون سنة، وكان جيد الكتابة، خبيرا بالشروط.

507 -

‌ أبغا بن هولاكو

، ملك التتار، وصاحب العراق والجزيرة وخراسان وغير ذلك، ويقال فيه: أباقا.

مات بنواحي همذان بين العيدين، وله نحو من خمسين سنة، قاله قطب الدين، قال: وكان مقداما شجاعا، عالي الهمة، لم يكن في إخوته مثله، وهو على دين التتار لم يدخل في الإسلام، وكان ذا رأي وحزم وخبرة بالحرب، ولما توجه أخوه منكوتمر بالعساكر إلى الشام لم يكن ذلك بتحريضه، بل أشير عليه فوافق.

قلت: وكان كافر النفس، سفاكا للدماء، قتل في الروم خلقا كثيرا؛ لكونهم دخلوا في طاعة الملك الظاهر، وفرحوا بمجيئه إليهم، وقد نفذ الملك الظاهر إليه رسله وهدية، فحضروا بين يديه وامرأة أبيه ألجي خاتون على شماله على التخت في خركاه.

قال ابن عبد الظاهر في السيرة: وصفته أنه شاب - قال هذا في سنة سبعين - قال: وهو أسمر أكحل، ربع القامة، جهوري الصوت، فيه بحة

ص: 387

يسيرة، عليه قباء نفطي رومي، وسراقوج بنفسجي، وزوجة أبيه قد تزوج بها وهي كهلة.

قال لنا الظهير الكازروني: مات أباقا بهمذان في العشرين من ذي الحجة، فكانت أيامه سبع عشرة سنة وثمانية أشهر.

508 -

‌ أزدمر

، الأمير، الحاج عز الدين الجمدار، الشهيد.

كان من أعيان الأمراء، وعنده فضيلة ومعرفة ومكارم كثيرة، ولما قام في الملك سنقر الأشقر بدمشق قام معه واختص به، فجعله نائب سلطنته، ثم تحول معه إلى صهيون وغيرها، ونزل بقلعة شيزر في جهة سنقر الأشقر.

وكانت نفسه تحدثه بأمور قصر عنها الأجل، وجاءته سعادة لم تكن في حسابه، فحضر المصاف في رجب وأبلى بلاء حسنا، وصدق الله، فاستشهد مقبلا غير مدبر، وقد قارب ستين سنة، رحمه الله تعالى، وهو الذي طعن طاغية العدو.

509 -

‌ إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن يعيش

، الشيخ شمس الدين المالكي.

شيخ مسند، صالح، خير، سمع من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، روى عنه المزي والبرزالي وجماعة، وليس بالمكثر.

توفي في ثالث عشر شعبان.

510 -

‌ أسماء بنت زين الأمناء الحسن بن محمد ابن عساكر

، زوجة عماد الدين حسين بن علي بن القاسم ابن الحافظ.

توفيت في ذي القعدة، سمعت من أبيها، وأجاز لها المؤيد وزينب.

511 -

‌ أيبك

، الشجاعي، الصالحي، العمادي، الأمير عز الدين والي إقليم حوران والسواد.

كان كافيا، ناهضا صارما، وكان الملك الظاهر يعتمد عليه ويكرمه، وقد ولي أستاذ دارية أستاذه ومعتقه الملك الصالح إسماعيل ابن العادل. 50

ص: 388

وعمر دهرا، وبلغ بضعا وثمانين سنة، وقطع خبزه في الآخر قبل موته بأشهر.

512 -

‌ بكتوت، الخزنداري

، الأمير بدر الدين، نائب بيليك الخزندار بالشام.

كان مشكور السيرة، كثير الصدقات، استشهد على حمص، وهو في عشر الخمسين.

513 -

‌ بلبان، الرومي، الدوادار

، الأمير سيف الدين.

من أعيان الأمراء ونجبائهم.

كان الملك الظاهر يعتمد عليه ويحمله أسراره إلى القصاد، ولم يؤمره إلا الملك السعيد، واستشهد بمصاف حمص.

514 -

‌ بهادر، الأمير الكبير بهاء الدين ابن الأمير حسام الدين بيجار

.

توفي في شعبان بغزة، وهو في عشر السبعين، وكان موصوفا بالشجاعة والنجدة، وهو كان السبب في قدوم أبيه إلى بلاد المسلمين.

توفي صحبة الجيش المنصور وأبوه حي إذ ذاك بمصر، وقد كف بصره.

515 -

‌ توتل، الأمير سيف الدين الشهرزوري

، أحد أمراء دمشق الأبطال.

بين يوم المصاف وقتل جماعة، واستشهد وقد نيف على الستين.

516 -

‌ الجمال الإسكندراني

، الحاسب، المؤدب بدمشق تحت مأذنة فيروز.

كان يضرب به المثل في الحساب، وتخرج عليه خلق من الدواوين وأبناء الناس.

توفي في ذي الحجة، وقد رأيته شيخا أبيض اللحية.

ص: 389

517 -

‌ خضر بن محاسن

، المقدم موفق الدين الرحبي، الأمير.

كان من دهاة العالم وشجعانهم، كان جماسا لشخص من أهل الرحبة فمات، فتزوج بامرأته وحاز تركته، وتنقلت به الأحوال وصار قرا غلام بالرحبة في أيام صاحبها الملك الأشرف، ثم خدم نواب الملك الظاهر، فوجدوه كافيا خبيرا، وتعرف بعيسى بن مهنا، ثم أعطي خبزا بتبعين، وانبسطت يده، وتمكن إلى أن ولي إمرة الرحبة بعد موت أيبك الإسكندراني، فدبر الأمور وجهز القصاد.

فلما انكسر سنقر الأشقر ولحق بالرحبة ومعه ابن مهنا وأمراء، فطلب من الموفق تسليم القلعة، فخادعه وراوغه وبعث له الإقامات، وطالع الملك المنصور بأحواله وأموره، وتألف الأمراء وأفسدهم على سنقر الأشقر، فلما قدم السلطان دمشق وفد إليه بهدايا فأقبل عليه، لكن أتى تجار أخذوا فوجدوا بعض قماشهم عنده فشكوه، وعضدهم الأمير علم الدين الحلبي، فاعتقل، فعز عليه ذلك واغتم ومرض ومات كمدا بدمشق، وقد قارب السبعين.

518 -

‌ سعيد بن حكم بن سعيد بن حكم

، الأمير أبو عثمان القرشي، الطبيري.

مولده بطبيرة من غرب الأندلس في حدود الستمائة، وقرأ بإشبيلية الموطأ على أبي الحسين بن زرقون، واشتغل على أبي علي الشلوبين. وكان أديبا، محدثا، كاتبا، رئيسا، نزل جزيرة منورقة، وكان حسن السياسة، فقدمه أهلها، وأمروه عليهم، فدبر أمرها إلى أن مات، وأجاز لمن أدرك حياته، كذا قال ابن عمران الحضرمي.

وولي بعده ولده الحكم، ثم قصده الفرنج ودام الحصار مدة، ثم أخذ البلد في سنة خمس وثمانين، وقدم هو سبتة.

519 -

‌ سلامة بن سليمان

، الشيخ بهاء الدين الرقي، النحوي.

كان من أئمة العربية، أقرأ جماعة بمصر، ومات في صفر، وقد ناهز الثمانين.

ص: 390

520 -

‌ سنقر الألفي

، الظاهري، الأمير شمس الدين.

لما أفضت السلطنة إلى الملك السعيد، ومسك الفارقاني رتب هذا نائب السلطنة، فبقي مدة، وكان حسن السيرة، محبوبا إلى الناس، ثم استعفي، فصرف بسيف الدين كوندك.

توفي معتقلا بالإسكندرية وكان من أبناء الأربعين، وكان فيه دين وفضيلة وأدب.

521 -

‌ صالح بن الهذيل

، الملك مجد الدين، ناظر واسط.

مات بها عن نيف وستين سنة، وقد ولي أماكن وصودر مرة وعذب وخرم أنفه، عفا الله عنه.

522 -

‌ ضياء بن عبد الكريم

، الإمام وجيه الدين أبو الحسين المناوي.

مات في عشر الثمانين، له نظم وفضل.

523 -

‌ عبد الله ابن الشيخ محمد ابن الشيخ القدوة عبد الله بن عثمان

، اليونيني.

ولد سنة أربع وستمائة، وأدرك جده.

قال الشيخ قطب الدين: كان خيرا، كثير التعبد، سليم الصدر، متواضعا، ذا مروءة غزيرة، وشجاعة، وإقدام، قاتل يوم حمص قتالا شديدا، ثم قتل شهيدا رحمه الله.

524 -

‌ عبد الله بن أبي العز بن صدقة بن إبراهيم

، أبو محمد الحراني.

ولد سنة ثمان وستمائة، وروى عن فخر الدين ابن تيمية، والمجد القزويني، ومات بدمشق في شعبان، وأجاز له ابن الأخضر، وأحمد ابن الدبيقي وجماعة، سمع منه: البرزالي والطلبة.

ص: 391

525 -

‌ عبد الدائم بن محمود بن مودود بن بلدجي

، أبو الخير الفقيه، الحنفي، المدرس.

ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من مسمار بن العويس، كتب عنه أبو العلاء الفرضي وجماعة، ومات بالموصل في شعبان.

526 -

‌ عبد الرحيم بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف

بن محمد بن قدامة بن مقدام، الشيخ كمال الدين، أبو محمد المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

شيخ صالح ورع، عاقل حافظ لكتاب الله، عالي السند، ولد في حدود سنة ثمان وتسعين، وسمع من حنبل حضورا ومن: عمر بن طبرزد والكندي، ومحمد ابن الزنف، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي الفتوح الجلاجلي، وغيرهم.

وأجاز له: أبو عبد الله ابن الخصيب الدمشقي، وأبو جعفر الصيدلاني، وعفيفة، ومنصور الفراوي، وعبد الرزاق الجيلي، وعبد الوهاب بن سكينة، وأبو حامد عبد الله بن جوالق، وأبو الفتح ابن المندائي، وخلق.

وحدث في أيام الحافظ ابن خليل بحلب، وروى الكثير، روى عنه الدمياطي، وتلك الطبقة، وأبو الحسن ابن العطار، والمزي، والبرزالي، والشيخ محمد بن قوام، وأبو عبد الله ابن الصيرفي، وطائفة لم يظهروا بعد.

توفي في عاشر جمادى الأولى، وهو سبط الشيخ أبي عمر.

527 -

‌ عبد الرحيم، الإمام عماد الدين العباسي السلماني

، مدرس مدرسة زين التجار بمصر.

توفي في المحرم عن بضع وسبعين سنة.

528 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن عازر

، أبو محمد اللحام الصالحي.

ص: 392

روى بالإجازة عن: زاهر الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة، وغيرهما، ومات في رجب.

529 -

‌ عبد العزيز بن الحسين بن الحسن

، الشيخ مجد الدين أبو محمد الداري، الخليلي، ثم المصري، والد الصاحب فخر الدين عمر.

ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر، وسمع الشفا للقاضي عياض من أبي الحسين بن جبير الكناني، ودخل بغداد في شبيبته فسمع من الفتح بن عبد السلام، وأبي علي ابن الجواليقي، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وزكريا العلبي، وأبي حفص السهروردي، وجماعة، أخذ عنه المزي، والبرزالي، والطلبة المصريون والدمشقيون.

قال الشيخ قطب الدين موسى: زعم أنه من ولد تميم الداري، وكان دينا متعبدا، يبر الفقراء ويحسن إليهم، وله وجاهة في الدول، وعلى ذهنه من التواريخ والأيام قطعة صالحة.

قلت: توفي في ثالث عشر ربيع الآخر، ودفن بجبل قاسيون.

530 -

‌ عبد العزيز بن عبد الجبار بن عمر

، العلامة فخر الدين الخلاطي، الحكيم.

شيخ معمر شهير، استدعاه هولاوو لعمارة الرصد، اشتغل بالموصل على: المهذب ابن هبل، وصحب أوحد الدين الكرماني.

قال ابن الفوطي: رأيت سماعه بجميع جامع الأصول من مصنفه مجد الدين، ونيف على المائة، وأجاز لي مروياته، مات في شوال.

وكذا أرخه الكازروني وقال: كثر ماله وجهل وشرب الخمر.

531 -

‌ عبد العزيز بن عبد المنعم بن نصر الله بن حواري

، التنوخي، أخو الشرف والتاج محمد.

مات بالمنيحة، حدث عن ابن المقير.

توفي في صفر.

ص: 393

532 -

‌ عبد القاهر بن مظفر بن المبارك بن أحمد

، الرئيس، سيف الدين أبو النجيب البغدادي.

سمع من والده بهاء الدين أبي الكرم، وكان بيده إجازة من الخليفة الناصر لدين الله، وكان حسن السمت، كريم الأخلاق، مولد سنة سبع وتسعين، ومات في جمادى الآخرة سنة ثمانين، أنبأني بذلك ابن الفوطي.

وقال غيره: سمع من جده المبارك بن أحمد المائة الشريحية، قال: أخبرنا أبو الوقت.

533 -

‌ علي بن أبي القاسم أحمد بن بدر

، الشيخ القدوة، الزاهد ولي الدين، أبو الحسن الجزري، الشافعي.

أصله من جزيرة ابن عمر، وتفقه بالموصل ثم بحلب ودمشق ومصر، ثم أقبل على العبادة والتبتل إلى الله تعالى، وبنى له معبدا في جامع بيت لهيا، وأقام به دهرا على التجرد والتوكل والرياضة، وهو صادق في طريقه، مخلص رباني مكاشف، صاحب أحوال ومقامات وجد، وللناس فيه عقيدة.

تشوش فأدخل إلى القميرية ومرض بها، وتوفي إلى رحمة الله في ثالث شوال ودفن بسفح قاسيون، ومات في عشر الستين.

534 -

‌ علي بن صالح بن فوز القطان

.

حدث عن ابن عماد، توفي بمصر في رمضان.

535 -

‌ علي ابن الملك الظاهر علي ابن الملك العزيز ابن الظاهر

، الأمير نور الدين.

كان شابا بديع الجمال، تام الخلقة، كريما، شجاعا، رئيسا، توفي - وأمه يومئذ زوجة البيسري - في شوال بالقاهرة عن نيف وعشرين سنة.

536 -

‌ علي بن محمد بن علي بن يوسف

، الأستاذ الشهير، أبو الحسن الكتامي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الضائع، بضاد معجمة وعين مهملة.

أخذ العربية عن: أبي علي الشلوبين، وكان روضة معارف.

ص: 394

حدثنا أبو القاسم بن سهل أنه قرأ عليه العربية، وقرأ عليه طائفة من التفريع لابن الجلاب، وعرضت عليه الفصيح وأشعار الستة ودولا من علم الكلام وأصول الفقه.

قال: وتوفي سنة ثمانين وستمائة بالأندلس.

537 -

‌ علي بن محمود بن حسن بن نبهان بن سند

، علاء الدين أبو الحسن اليشكري، ثم الربعي، البغدادي المحتد، المصري المولد، الدمشقي، الشاعر المنجم.

ولد أبوه ببغداد في سنة ست عشرة وخمسمائة، وولد هو في سنة خمس وتسعين، وسمع بدمشق من عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، أخذ عنه أبو محمد الدمياطي وغيره من شعره، وتورع كثير من الطلبة عن الأخذ عنه لكونه منجما ساقط العدالة، وسمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره.

قال بعض المؤرخين: كانت له اليد الطولى في علم الفلك والتقاويم وعلم الأزياج، مع النظم الرائق وحسن الخط.

ومن شعره في مظفر الدين صاحب صهيون، وله فيه قصائد:

ما لليلي ما له سحر أتراهم مقلتي سحروا غدروا لا ذقت فقدهم فدموعي بعدهم غدر لا أبالي مذ كلفت بهم عذل العذال أم عذروا طاعتي فرض لحكمهم إن نهوا في الحب أو أمروا هكذا حكم الهوى أفما لك في العشاق معتبر من عذيري من هوى قمر بات يحكي حسنه القمر ماس في برد الشباب كما ماس خوط البانة النضر ريقه ماء الحياة لمن ذاقه والشارب الخضر وكحيل بات يفتك بي حين يرنو وهو منكسر حر بي إذ راح متبسما من عقيق حشوه درر وهي طويلة ومات في ليلة شريفة، وهي ليلة الجمعة السابع والعشرين من رمضان بدمشق.

ص: 395

538 -

‌ علي بن محمود

، الحكيم نجم الدين الدامغاني، الأصطرلابي.

كان رأسا في علم الرياضي، وتقرر في رصد مراغة، مات ببغداد في هذا العام.

ذكره الظهير في شهر صفر.

539 -

‌ عمر بن عبد الوهاب بن خلف

، قاضي القضاة صدر الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي، المصري، الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز.

ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع من الزكي المنذري، والرشيد العطار، وما أحسبه حدث.

وولي قضاء الديار المصرية في سنة ثمان وسبعين وعزل في رمضان سنة تسع وكان فقيها، عارفا بالمذهب، يسلك طريقة والده في التحري والصلابة.

توفي يوم عاشوراء.

وكان يدري العربية، وفيه دين وتعبد، ولديه فضائل، وكان عظيم الهيبة، وافر الجلالة، عديم المزاح، بارا بالفقهاء، مؤثرا، متصدقا، كان أبوه يحترمه ويتبرك به، درس بأماكن.

قال ابن الدمياطي: حدث عن المنذري.

540 -

‌ عمر بن مظفر

، الأمير جمال الدين الهكاري، من مقدمي حلقة دمشق.

كان ذا شجاعة ودين ومروءة وخير، استشهد يوم المصاف وقد جاوز الخمسين، رحمه الله.

541 -

‌ القاسم بن أبي بكر بن القاسم بن غنيمة

، العدل أمين الدين، أبو محمد الإربلي، المقرئ.

ص: 396

ولد سنة خمس وتسعين، أو قبلها، بإربل، وروى صحيح مسلم عن المؤيد الطوسي بدمشق من غير أصل، فسمع منه: ابن تيمية وابن أبي الفتح وابن الوكيل والمزي، والبرزالي، والفقيه عبادة، وطائفة سواهم، سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل، قديم المولد، كان يذكر أن أباه سفره إلى نيسابور مع إخوته لذلك، وأنه سمع صحيح مسلم من المؤيد وسمعناه منه اعتمادا على قوله بعد أن سألنا عنه القاضي شمس الدين ابن خلكان وغيره، فأثنوا عليه خيرا.

قلت: وحدثني الثقة أنه قال لهم: كان لي فوت في الكتاب وأعيد بالقصد على المؤيد، وحدثني أبو محمد البرزالي أن الفخر ابن البخاري حدثهم أن والد هذا الشيخ وكان تاجرا أتى إلى والده شمس الدين وقال له: ما تخلي ولدك عليا يرحل معنا ويسمع من المؤيد، فلم يفعل أبي، ثم إنه سافر بابنه.

وذكر أمين الدين الإربلي للجماعة أنه كان له ثبت بسماع الكتاب فذهب منه.

وكان من عدول تحت الساعات في أواخر عمره، وقبل ذلك كان تاجرا مشهورا هو وأخوه، ثم تضعضع، وكان يعرف بالمقرئ، أجاز لي مروياته ومات بالعادلية الكبيرة في ثاني جمادى الأولى.

وبخط القاضي شمس الدين ابن خلكان: توفي الشيخ أمين الدين القاسم الإربلي التاجر المعروف بالمقرئ في يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى، ودفن بمقابر الصوفية، وأخبرني غير مرة أن مولده في سنة أربع وتسعين وخمسمائة بإربل، تردد إلى مصر وإلى العجم مرارا، وسمع صحيح مسلم على المؤيد الطوسي.

قال شيخنا ابن أبي الفتح: وبلغني عن قاضي القضاة ابن خلكان أنه قال: رأيت ثبته بصحيح مسلم، وقال شيخنا شمس الدين ابن أبي عمر: اسمعوا على هذا الشيخ صحيح مسلم، فإن سماعه صحيح، قال ابن أبي الفتح:

ص: 397

سمع الكتاب في أواخر سنة عشر وأوائل سنة إحدى عشرة وكان قد قرأ القرآن وعرف الفرائض.

542 -

‌ محمد بن أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن ابن سني الدولة

، قاضي القضاة نجم الدين أبو بكر ابن قاضي القضاة صدر الدين أبي العباس ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات، الدمشقي، الشافعي.

ناب عن والده في القضاء بدمشق، ثم ولي قضاء القضاة عند كسرة التتار على عين جالوت فبقي سنة، وعزل بابن خلكان، ثم أسكن مصر وصودر وتعب، ثم ولي قضاء دمشق أياما عقب زوال دولة سنقر الأشقر ولم تتم ولايته، وولي قضاء حلب قبل ذلك، وقد درس بالأمينية وعدة مدارس، وكان موصوفا بجودة النقل وصحته وكثرته.

وحدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن باسويه وغيرهما، وولد سنة ست عشرة وستمائة، وكان مشهورا بالصرامة والهيبة والهمة العالية والتحري في الأحكام، توفي في ثامن المحرم ودفن بسفح قاسيون.

543 -

‌ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى

، المحدث، الناسخ، شرف الدين، أبو عبد الله ابن المجير القرشي، الدمشقي، الكتبي.

ولد في ربيع الأول سنة عشر وستمائة، وسمع من أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله ابن الزبيدي وجماعة، وببغداد من أبي الحسن ابن القطيعي، والأنجب الحمامي، وابن روزبة، وطائفة، وبمصر من مرتضى بن العفيف، وأقرانه، وبحلب من ابن خليل فأكثر وعن غيره، وكتب الأجزاء والطباق وقرأ الكثير، وكان ضعيفا بين المحدثين، يتهمونه، سمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة من الطلبة، ولم يكن عليه أنس الحديث، وخطه كثير السقم مع حسنه.

توفي في سادس عشر ذي القعدة سامحه الله.

قال الحافظ سعد الدين الحارثي: كان مزورا كذابا، سمع لنفسه وزور.

ص: 398

544 -

‌ محمد بن أحمد بن مكتوم بن أبي الخشين

، البعلبكي.

أديب محسن وشاعر مجود، يحفظ المقامات، أعاد بأمينية بعلبك، وأقرأ النحو، استشهد في أول الكهولة بحمص.

545 -

محمد بن أشرف بن محمد بن ذي الفقار، السيد الحسيب، العالم، عماد الدين الحسني، الشافعي.

مدرس المستنصرية، ولما كبر نزل عنها لابنه شرف الدين، ولد بمرند سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

546 -

‌ محمد بن الحسن بن سالم بن نبهان

، الشيخ زين الدين الحمصي، الشاهد، والد شيخنا البدر ابن الصواف.

توفي فجاءة بحصيرته تحت الساعات في ثالث عشر المحرم، وله ثمان وسبعون سنة، وقد روى عن ابن صباح جزءا.

547 -

‌ محمد بن الحسين بن رزين بن موسى

بن عيسى بن موسى بن نصر الله، قاضي القضاة، مفتي الإسلام، تقي الدين، أبو عبد الله العامري، الحموي، الشافعي.

ولد سنة ثلاث وستمائة بحماة، وحفظ من التنبيه في صغره، ثم انتقل عنه إلى الوسيط فحفظه كله، وحفظ المفصل، كله ورحل إلى حلب فقرأه على موفق الدين يعيش، ورجع إلى حماة وتصدر للإقراء والفتوى وله ثمان عشرة سنة، وحفظ المستصفى للغزالي، وكتابي أبي عمرو ابن الحاجب في الأصول والنحو، ونظر في التفسير وبرع فيه وشارك في الخلاف والمنطق والبيان والحديث.

وقدم دمشق سنة نيف وثلاثين وهو من فضلاء وقته، فلازم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وشرح عليه وعلق عنه، وقرأ القراءات على أبي الحسن

ص: 399

السخاوي، وسمع منهما، ومن كريمة، وأفتى بدمشق هذه الأيام، وولي إمامة دار الحديث الأشرفية، ثم ولي وكالة بيت المال في الدولة الناصرية، وتدريس الشامية الحسامية، ثم انتقل إلى القاهرة وقت أخذ حلب وولي عدة جهات، فأعاد بمدرسة الشافعي، وظهرت فضائله الباهرة، واشتغلوا عليه في أيام الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، ثم درس بالظاهرية، ثم ولي القضاء وتدريس الشافعي، وامتنع من أخذ الجامكية على القضاء دينا وورعا.

وكان يقصد بالفتاوى من النواحي وتخرج به أئمة، منهم قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وغيره، وحدث عنه الدمياطي وابن جماعة والمصريون.

وكان حميد السيرة، حسن الديانة، كثير العبادة، كبير القدر، جميل الذكر، رحمه الله تعالى، توفي في ثالث رجب، وولي القضاء بعده وجيه الدين البهنسي.

548 -

‌ محمد بن الحسين بن وداعة

، الأمير مجد الدين.

حدث بالبعث عن ابن اللتي، ومات بمصر في ذي القعدة.

549 -

‌ محمد بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق

، الإمام، المفتي، علم الدين، أبو عبد الله الربعي، المصري، المالكي، والد شيخنا القاضي زين الدين محمد.

سمع من علي بن المفضل الحافظ، وابن جبير البلنسي، وعبد الله بن مجلي وغيرهم، روى عنه الدواداري والمصريون وكان موصوفا بالعلم والعمل والزهد.

توفي ليلة الجمعة ثامن ذي الحجة، ودفن بسفح المقطم عن خمس وثمانين سنة.

550 -

‌ محمد بن ذي الفقار

، الصدر، الإمام، عماد الدين الحسني، المرندي، ثم البغدادي، الشافعي، مدرس المستنصرية.

سمع صحيح البخاري من أبي الحسن القطيعي ودرس وأفاد.

مات في شعبان من السنة وله أربع وثمانون سنة وشهر.

ص: 400

وقيل: محمد بن أشرف، فقد تكرر.

551 -

‌ محمد بن عبد الأحد بن شقير

، الحراني، الحاج.

أحد التجار المعروفين وجد مقتولا بالشريعة، وكان قد قدم في تجارة.

552 -

‌ محمد بن علي بن محمود بن أحمد

، الحافظ، المحدث، جمال الدين، أبو حامد ابن الشيخ علم الدين ابن الصابوني، المحمودي، شيخ دار الحديث النورية.

ولد في رمضان سنة أربع وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي عبد الله ابن البناء، وأبي القاسم العطار، وأبي المحاسن بن أبي لقمة، ثم طلب بنفسه وعني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فهم ومعرفة، وسمع من ابن البن، وابن صصرى، وهذه الطبقة، بدمشق؛ وعبد اللطيف بن يوسف، ويحيى ابن الدامغاني، وطائفة بحلب؛ وأبي علي الإوقي، وغيره بالقدس؛ وعبد العزيز بن باقا، وعلي بن رحال، وعلي بن مختار، وعلي بن جبارة، وعبد الصمد بن داود الغضاري، وخلق بمصر، وخرج لغير واحد.

وكان صحيح النقل، مليح الخط، حسن الأخلاق، صنف مجلدا مفيدا سماه تكملة إكمال الإكمال ذيل به على إكمال ابن نقطة فأجاد وأفاد.

وهو من رفاق ابن الحاجب والسيف ابن المجد، وابن الدخميسي، وابن الجوهري في الطلب، فطال عمره وعلت رواياته، وروى الكثير بمصر ودمشق، وكان من كبار العدول ومتميزيهم.

سمع منه: عمر ابن الحاجب، والقدماء، وروى عنه الدمياطي، وشرف الدين يعقوب ابن المقرئ، وجمال الدين المزي، وعلاء الدين ابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وعلم الدين البرزالي، وبرهان الدين الذهبي، وجمال الدين رافع، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وطائفة سواهم من المصريين والشاميين، وكان له إجازة من عمر بن طبرزد، والمؤيد

ص: 401

الطوسي وطبقتهما، وقد حصل له تغير قبل موته بسنة أو أكثر، واعتراه غفلة وساء حفظه.

وقد أجاز لي مروياته سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وتوفي في منتصف ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله وله ست وسبعون سنة.

قال شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل موته بسنة أو أكثر.

553 -

‌ محمد بن علي بن محمد بن إلياس ابن الشيرجي

، الأنصاري، الصدر، بدر الدين، أبو عبد الله الدمشقي.

روى عن أبي القاسم بن صصرى، ومات في جمادى الأولى، ودفن بمقبرة باب الصغير.

554 -

‌ محمد بن علي بن علوان

، الشيخ، شمس الدين المزي، مفسر الرؤيا.

توفي في ذي الحجة كهلا، وكان ضريرا كثير التلاوة، وقد حج وكان إليه المنتهى في تعبير الرؤيا، بحيث يضرب به المثل في وقته، رحمه الله.

555 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب

بن أحمد بن علي بن أحمد بن حسن بن علي بن أحمد بن حسين بن محمد بن إسماعيل المنقذي بن جعفر بن عبد الله بن حسين ابن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف فخر الدين، أبو عبد الله العلوي، الحسيني، المنقذي، الدمشقي، المعدل.

ولد سنة ستمائة أو قبلها، وسمع اليسير حضورا من عمر بن طبرزد، وروى عن حنبل شيئا ثم انكشف أن ذلك غلط، وله إجازة من عين الشمس الثقفية، وعفيفة الفارفانية، وأسعد بن روح، وزاهر بن أحمد، ولم يرو عن هؤلاء بالسماع شيئا؛ لأن الإجازة ظهرت له بعد موته، وقد سمع من درع بن فارس، ومكرم بن أبي الصقر، وكان من شهود تحت الساعات، روى عنه

ص: 402

الدمياطي، والمزي، وجماعة، وأجاز لي مروياته، وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان.

وروى بالإجازة عن: المؤيد وغيره.

556 -

‌ محمد بن محمود بن أحمد بن أبي الفوارس

، شمس الدين الجزري، التاجر.

شيخ معمر، ذكر أنه سمع الكثير من أبي الفرج ابن الجوزي وطبقته، وأنه ولد بالجزيرة في سنة ثمان وستين وخمسمائة.

أجاز لأبي عبد الله بن سامة، وأبي الفداء ابن الخباز، والبرزالي.

مات في جمادى الأولى.

557 -

‌ محمد بن منعة بن مطرف بن طريف

، القنوي.

توفي في رمضان.

558 -

‌ محمد بن ميكائيل بن أحمد بن راشد

، الإمام مجد الدين الموصلي، الفرضي، النحوي.

استملى على ابن الخباز النحوي كتاب التوجيه في العربية.

توفي في شوال عن ثمان وسبعين سنة.

559 -

‌ محمد بن يعقوب بن أبي الفرج بن عمر بن خطاب

، الشيخ المعمر، مسند العراق، شهاب الدين، أبو سعد ابن أبي الدينة، ويقال: ابن أبي الديني البغدادي.

ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي الفتح المندائي، وابن سكينة، وحنبل بن عبد الله الرصافي، وأبي علي ضياء ابن الخريف، والحافظ ابن الأخضر، ويقال: إنه سمع من أبي الفرج ابن الجوزي وذلك ممكن؛ لأنه سمع في حياة ابن كليب من ابن الأخضر، وذلك في ذي الحجة سنة أربع وتسعين، وقد سمع من المسند مسند ابن عمر على حنبل، وأبي الحسن علي بن المبارك بن محمد بن جابر بسماعهما من ابن الحصين، وسماعه منهما في

ص: 403

رجب سنة أربع وتسعين أيضا، وأجاز له أبو القاسم البوصيري، والأرتاحي، وابن موقى، والخشوعي.

نعم، قال الظهير الكازروني في تاريخه: قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة تسع، ورأيت جماعة يتهمونه في هذا الإخبار، وكان كبيرا.

قلت: وأجاز له يحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وعبد المنعم بن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن حمدية، وآخرون.

روى عنه الدمياطي، وأبو العلاء الفرضي، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن نصر الجيلي، وعبد الرزاق ابن الفوطي المؤرخ، وجماعة، وولي مشيخة المستنصرية، وأجاز لمن أدرك حياته، وتوفي في ثامن عشر رجب.

وقد سمع أخوه عبد الوهاب من ابن كليب.

560 -

‌ المسلم بن محمد بن المسلم بن مكي بن خلف

بن المسلم بن أحمد بن محمد بن حصن بن صقر بن عبد الواحد بن علي بن علان، القاضي الجليل، المسند، شمس الدين، أبو الغنائم ابن علان القيسي، الدمشقي، الكاتب.

ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وأجاز له الشيخ أبو طاهر الخشوعي، وأبو محمد ابن عساكر، وأبو سعد عبد الله ابن الصفار، وعبد الرحيم ابن الشعري، ومنصور ابن الفراوي، والعماد الكاتب، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، وعلي بن هبل الطبيب، وعبد القادر الرهاوي، وعين الشمس الثقفية، وضياء الدين عبد الملك الدولعي، وخلق سواهم.

وسمع المسند من حنبل، ورواه ببعلبك وبدمشق، وسمع تاريخ بغداد من أبي اليمن الكندي، وسمع الغيلانيات، والقطيعيات الأربعة، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، والزهد لابن المبارك، والأشربة للإمام أحمد، وجماعة أجزاء من أبي حفص بن طبرزد، وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم ابن الحرستاني، وسمع صحيح البخاري من ابن مندويه، والعطار.

وسمع من والده؛ ومن: تاج الأمناء، وزين الأمناء، وابن ملاعب، والشيخ العماد، وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وجماعة، وسمع من الكندي أيضا كتاب الحجة

ص: 404

لأبي علي الفارسي بفوت، وجماعة أجزاء.

روى عنه الشهاب القوصي في معجمه من شعره، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، وابن أبي الفتح، والبرزالي، وشرف الدين ابن المنجى، ومحمد بن أبي الحسن المقرئ، ونجم الدين أحمد بن باجوك، وتقي الدين ابن اليونيني، وسعد الدين الحارثي، وخلق كثير من كهولنا، وأجاز لي مروياته.

قال أحمد بن يونس الإربلي: كان ابن علان قد ألزم نفسه بتلاوة ختمة كل يوم، من سنة ثلاث وسبعين إلى أن مات، ووقف على آخر فاطر وقضى.

قال قطب الدين: كان من الرؤساء الكرماء، ولي نظر الدواوين بدمشق مدة، وولي نظر الجهات القبلية مدة، وولي نظر بعلبك، ثم انفصل عنها، وترك الخدمة، وأقام بدمشق، ورتب مسمعا بدار الحديث، وله مكارم مشهورة.

قلت: روى المسند ثلاث مرات، وصحيح مسلم، وجامع الترمذي، وسألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل نبيل، من أكبر بيوتات الدمشقيين، سمعنا منه مسند أحمد وغير ذلك، وكان من سروات الناس وأهل المروءات، دائم البشر، حسن الخلق، محبا لأهل الحديث، سهلا في الرواية.

قلت: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، ودفن بسفح قاسيون، وهو جد قاضي القضاة الشيخ نجم الدين ابن صصرى لأمه.

561 -

‌ مظفر بن أبي السعادات المبارك بن أحمد

، الشيخ سيف الدين، أبو النجيب ابن البغدادي.

عاش ثلاثا وثمانين سنة، روى بالإجازة عن الناصر لدين الله.

562 -

‌ مكثر بن غالب الأنصاري

، القاضي كمال الدين.

توفي في ذي الحجة، له نظم حسن.

ص: 405

563 -

‌ نصر الله ابن القمر عمر الحريري الدمشقي

، ناصر الدين والد بدر الدين.

حموي، توفي في جمادى الأولى.

564 -

‌ نفيس الدين أبو البركات محمد بن هبة الله بن أحمد بن شكر المالكي

، قاضي القضاة بمصر.

مات في ذي الحجة.

565 -

‌ وفيها توفي جدي علم الدين أبو بكر سنجر الموصلي كهلا

، وخلف بضعة عشر ألف درهم لأولاده، وأوصى بثمانمائة حجة.

• - ولي الدين، الزاهد، نزيل بيت لهيا، اسمه علي، تقدم.

566 -

‌ هبة الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن جرير

، القاضي نفيس الدين أبو القاسم الحارثي، الزبداني، قاضي بلده.

سمع جزءا حضورا بالزبداني من ابن ملاعب، وكان جليلا، نبيلا، فاضلا، ذا كرم وسؤدد، عرض عليه قضاء بعلبك، فأبى أن يفارق وطنه وأملاكه، وكان دينا خيرا، وسمع مسند عبد من ابن اللتي، سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة، ومات فجاءة بدمشق، ودفن بقاسيون في تاسع صفر، وله ثلاث وسبعون سنة.

لنا منه إجازة، وكان يدري الطب، ويعالج بعض الأعيان.

567 -

‌ يحيى بن عبد الكريم

، الأجل محيي الدين ابن الكويس الكاتب، ناظر الصبيبة.

ظريف خليع، معاشر للرؤساء، موصوفا بعمل الأطعمة الفاخرة والضيافات.

ص: 406

توفي في جمادى الآخرة بالصبيبة، ونقل إلى دمشق.

568 -

‌ يحيى بن عبد المنعم

، القاضي جمال الدين المصري، المعروف بقاضي الغربية.

ناب في القضاء مدة، ودرس مدة بمشهد الحسين، وكان إماما محققا، نقالا للمذهب.

توفي في رجب، وقد قارب الثمانين.

569 -

‌ يحيى بن محمد بن إسماعيل

، القاضي تاج الدين الإربلي، الكردي، نائب الحكم بدمشق لابن الصائغ.

وقد ولي قضاء حمص وقضاء بعلبك، ثم ولي في أوائل السنة قضاء حلب، وباشر مدة شهرين، ثم انجفل من التتار فقدم حمص، واستشهد يوم المصاف، وقد نيف على الستين، وكان يكرر على الوجيز للغزالي.

570 -

‌ يوسف بن إبراهيم بن قريش

، المولى شمس الدين المصري.

استشهد على حمص، وقد نيف على السبعين، وكان من كتاب الدرج بمصر، كتب للملك الصالح نجم الدين ولمن بعده، وكان وافر الحرمة، كثير النعمة.

571 -

‌ يوسف بن الحسن بن يوسف بن الحسن بن حبيش اللخمي

، شاعر المغرب، أبو الحسين.

مات في جمادى الأولى عن ثمان وخمسين سنة، روى عن سهل بن مالك، وأبي الحسن بن قطرال.

572 -

‌ يوسف بن لؤلؤ

، الأديب بدر الدين الدمشقي الشاعر.

له نظم يروق، وشعر يفوق، وقد مدح الملك الناصر والكبار، وسار شعره. وكان له بيت بالجاروخية، عاش ثلاثا وسبعين سنة، ومات في شعبان.

ص: 407

فمن شعره، وكان أبوه عتيق بدر الدين دلدرم الياروقي:

أمن قلم الريحان في خده خط وفي قده من لين ما تنبت الخط بدا منه سطر للعيون محقق فمثل خطا لا يماثله خط وخرج في الخد العذار حواشيا على صفحات منه بالمسك تختط فأشكل لما بان في الخد شكله فيا عجبا منه وخيلانه نقط وما هو إلا الآس سيج ورده فعز على من رامه القطف واللقط فيا ليت حظي منه قرب أو الرضى فقد طال فيما بيننا الشحط والسخط تشابه قلبي في الخفوق وقرطه فعلق منه مثل ما علق القرط وشطوا به عني فعز مزاره وأغلوا علي السوم في الوصل واشتطوا وما كنت أدري أن غزلان حاجر على كل ليث من ليوث الشرا تسطو وله:

يا عاذلي فيه قل لي عن حبه كيف أسلو يمر بي كل حين وكلما مر يحلو وله:

وروضة دولابها إلى الغصون قد شكا من حين ضاع زهرها دار عليه وبكى ومن شعره:

هلم يا صاح إلى روضة يجلو بها العاني صدى همه نسيمها يعثر في ذيله وزهرها يضحك في كمه

573 -

‌ يوسف بن يعقوب بن يعيش

، الفقيه، العابد، جمال الدين ابن القدوة أبي يوسف، شيخ مغارة العزيز.

وكان شيخنا أبو علي ابن الخلال يصحبه ويخدمه.

مات في جمادى الأولى.

ص: 408

574 -

‌ أبو بكر بن عمر بن يونس

، الفقيه، الصالح، شمس الدين المزي، الحنفي.

سمع البخاري من ابن مندويه، والشمس العطار، وسمع مسلما من أبي القاسم ابن الحرستاني.

قال أبو محمد البرزالي: سمعت منه الكتابين.

وسمع منه: الدواداري، والمزي، وابن الخباز، والشيخ أحمد الحنبلي، وأخوه مجد الدين، وطائفة، وتوفي في ثاني شعبان بالقيمازية، وله سبع وثمانون سنة، فإنه ولد سنة ثلاث وتسعين بالمزة.

575 -

‌ أبو القاسم بن محمد بن عثمان بن محمد

، الصدر، الإمام، صفي الدين التميمي، الدارمي، البصروي، الحنفي، والد قاضي القضاة صدر الدين علي الحنفي.

ولد ببصرى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ودرس بالأمينية ببصرى دهرا، وكان رئيسا فقيها، عارفا بالمذهب.

توفي ببصرى في شعبان عن سبع وتسعين سنة.

وفيها ولد:

بهاء الدين محمد ابن شهاب الدين أحمد ابن المرجاني، وتقي الدين أحمد ابن العلم الحراني ظنا، وأبو بكر ابن شيخنا الحسام آقش الشبلي، ومحتسب الصالحية الشمس محمد بن عبد الهادي، وعبد الرحمن ابن شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وابن أخيه أبو المعالي محمد بن أحمد، وعز الدين محمد ابن ضياء الدين إسماعيل ابن الحموي، وأحمد ابن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح الحنبلي.

ص: 409

(المتوفون على التقريب)

576 -

‌ جوبان بن مسعود بن سعد الله

، الأديب البارع، أمين الدين الدنيسري، القواس، التوزي الشاعر.

كان من أذكياء بني آدم، وله نظم في الذروة، وكان حيا في هذا الحين، كتب عنه الوجيه عبد الرحمن السبتي وغيره.

وقال الجزري: هو أمين الدين رمضان الجوبان:

فمن شعره:

إذا افتر جنح الليل عن مبسم الفجر ولاح به ثغر من الأنجم الزهر وفاحت له من عابق الروض نفحة رشفنا به برد الرضاب من الخمر وعهدي بوجه الأرض مبتسما فلم تغرغر منها الدمع في مقل الغدر إذا أرجف الماء النسيم لوقته كساه شعاع الشمس درعا من التبر وبحر الرياض الخضر بالزهر مزبد كأنا به في فلك مجلسنا نسري ومن شهب الكاسات بالنجم نهتدي إذا تاه ساري العقل في لجة السكر نصون الحميا بالقناني وإنما نصون القناني بالحميا ولا ندري ولما حكى الراووق في العين شكله وقد علق العنقود في سالف الدهر تذكر عهدا بالكروم فكله عيون على أيام عصر الصبا تجري عجبت له والراح تبكي به فلم غدت بحباب الكأس باسمة الثغر إذا ما أتاني كأسها غير مترع تحققت عين الشمس في هالة البدر يناولنيها فاتر اللحظ أغيد فلله ذاك الأغيد المخطف الخصر ينادمنا نظما ونثرا ولفظه ومبسمه يغني عن النظم والنثر فلم يسقني كأس المدامة دون أن سقاني بعينيه كؤوسا من السحر وقال وفرط السكر يثني لسانه إلى غير ما يرضي التقى وهو لا يدري ردوا من رضابي ما ينوب عن الطلا إذا كان وجهي فيه مغنى عن الزهر ومن كان لا تحوي ذراعاه مئزري فدون الذي تحوي أنامله خصري

ص: 410

وله من قصيدة:

أبيت على جمر الغضا متمللا سليم هوى ملقى وأنت سليم دعاني إليك الحب والقلب فارغ ووردك عذب واللواحظ هيم أيجمل يا حلو الشمائل أنني أموت من البلوى وأنت عليم لك العمر سلواني وصبري توفيا وأكبر إثم أن يهان يتيم يمين بلذات العتاب وأنني لذو قسم لو تسمعون عظيم نحولي ووجدي والتهتك في الهوى وإتلاف روحي في هواك نعيم ومن أعجب الأشياء صدك والذي يزيل الجوى سهل وأنت كريم وله:

وظبي أنس رآه الظبي فاختلست لحاظه لمحات من تلفته وافيته وبكفي مثل قامته لينا يفوح بنشر مثل نكهته فحين حييته بالبان مندهشا والشمس تخجل من إشراق جبهته أهوى إلى لثم كفي حين صافحني فملت أطلب شكرا لثم يمنته ولاح لي دون أن أدنو شعاع سنا يزري على الشمس من تضريج وجنته وله:

وذات رقص ورهج في تمايلها منيعة الوصل من ضم وملتزم بيضاء حمراء مثل الشمس طلعتها سود ذوائبها من أنفع الخدم لها أب ولها أم إذا ازدوجا جاءت على الفور تبغي الأكل بالنهم لو أطعمت كل ما في الأرض ما شبعت حتى إذا سقيت عادت إلى العدم وله:

نفش غصن البان أذنابه واهتز عند الصبح عجبا وفاح وقال من في الروض مثلي وقد تعزى إلى قدي قدود الملاح فحدق النرجس يهزو به وقال حقا قلته أو مزاح بل أنت بالطول تحامقت يا مقصوف عدوا بالدعاوى القباح قال له البان: أما تستحي ما هذه إلا عيون وقاح وله في الناعورة:

وثاكلة فارقت ما آلف من رسمها تدور على قلبها وتبكي على جسمها ما أدري توفي الجوبان بعد الثمانين أو قبلها.

ص: 411

ونقل الجزري أنه لم يكن يعرف الخط ولا النحو، قال: وكانت كتابته من جهة التويز في غاية القوة، بحيث إنه استعار من القاضي عماد الدين محمد بن الشيرازي درجا بخط ابن البواب، ونقل ما فيه إلى درج بورق التوز، وألزق التوز على خشب، وأوقف عليه ابن الشيرازي، فأعجبه وشهد له أن في بعض حروفه شيئا أقوى من خط ابن البواب، واشتهر ذلك بدمشق، وبقي الناس يقصدونه ويتفرجون عليه، وكان له ذهن خارق.

قلت: وقد ذكرت في ترجمة ابن سبعين أبياتا من شعره في الاتحاد، نسأل الله السلامة.

577 -

‌ حسين بن علي بن ظافر

، الشيخ صفي الدين الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله.

سمع الجامع من ابن البناء، ومولده بمصر في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وأجاز للبرزالي، ولخلق في سنة ثمانين وستمائة من مكة، وله زاوية بالقرافة بقرب بركة الحبش، وكان معظما يزوره الوزير والأمراء ويحكون عنه أحوالا ومكاشفات، وجده يكنى أبا المنصور.

578 -

‌ عبد الله بن علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية

، الإمام ناصر الدين ابن الأبياري، الإسكندري، المالكي.

ولد سنة ثلاث عشرة، وسمع من الصفراوي، وجعفر، ودرس وأفتى وتفنن، وولي القضاء مدة ثم عزل، ثم ولي ثم عزل، وكان ذا دين متين وورع وزهد وشهرة، أجاز للبرزالي.

579 -

‌ عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن زهرة بن الحسن بن زهرة

، البدر الحسيني، الحلبي، الشيعي، أبو المحاسن، أخو نقيب الأشراف بحلب علي بن الحسن.

سمع جزء الوخشي من الافتخار الهاشمي، ولد في حدود سنة خمس وستمائة، وأجاز للبرزالي في سنة ثمان وسبعين من حلب.

580 -

‌ عبد الملك بن محمد بن إسماعيل

، الشيخ زين الدين الشافعي، ابن قاضي الكرك.

ص: 412

مولده في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وسمع من الفخر ابن عساكر وغيره، كتب في إجازة ابن عبد الحميد في سنة ثمانين.

581 -

‌ محمد بن علي بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله

، الشيخ موفق الدين ابن المحيي ابن قرناص الخزاعي، الحموي، الشافعي.

ولد في شعبان سنة أربع وستمائة بحماة، وأجاز للنفري في سنة ثمان وسبعين، فذكر تحت خطه أنه سمع من الافتخار الهاشمي، وابن الأستاذ وجماعة.

582 -

‌ محمد بن مبارك بن مقبل بن الحسن

، الأديب، الرئيس، جمال الدين الغساني، الحمصي، الشاعر، صاحب النظم والنثر.

وكان أبوه وزيرا من أجلاد الشيعة وغلاتهم.

ولد محمد في يوم عيد الفطر سنة سبع وستمائة، وأجاز في سنة ثمان وسبعين.

583 -

‌ ملكشاه بن أبي الحسن بن محمود بن الحسين

، بدر الدين الدمشقي، الحنبلي، نزيل بعلبك.

ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وحج خمسا وأربعين حجة، وجاور عشرين سنة بمكة.

قال الوجيه النفري: ذكر أنه سمع جميع المسند من حنبل، أجاز في سنة ثمان وسبعين وستمائة.

584 -

‌ العزفي صاحب سبتة الفقيه

، وهذا لقب له، أبو القاسم محمد ابن صاحب سبتة الفقيه أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد، اللخمي، السبتي العزفي.

حكم على بلد سبتة بعد أبيه في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، فحدثني أبو الصفا خليل بن أيبك الكاتب أن الإمام أبا حيان حدثه أن أبا القاسم هذا لم يؤد طاعة لأحد من ملوك المغرب، وساس بلده أحسن سياسة بحيث لم يختلف عليه اثنان، ولم يتسم بألقاب الملوك، إنما يقال الفقيه وكان أبيض، ربعة، ذا شيبة، شهما، عاقلا، داهية، سائسا لا يدخل سبتة غريب إلا بضامن، ولا يخرج إلا بإذن، ولا قتل ولا قطع إلا في حد، ولا يدخل أحد بلده راكبا، وكان متواضعا، قريبا، يمر في الأزقة، ويسلم ويسأل العامة عن أحوالهم،

ص: 413

ويؤانس صبيانهم ويسألهم عما يشتغلون به من علم أو صنعة، بقي الغرباء يرغبون في بلده، ويشترون به العقار، وكان عسكره أهل بلده قد جعلهم يتعلمون الرمي وأجرى عليهم رزقا ولهم صنائع، وكان له مراكب يقاتل بها، وصاهر بني الرنداحي رؤساء البحر، وكانوا شجعانا أجلادا، فقوي أمره، حدث عن أبيه، وكان أبوه عالما بالحديث، وحدث أيضا عن أبي القاسم بن بقي، وأبي الربيع بن سالم، كتب إلي بالإجازة وألف كتاب الدر المنظم في المولد المعظم، وكان يعمل بسبتة المولد بخلاف سائر الأندلس، فإنه لا يعمل فيها سوى ميلاد عيسى تبعا للنصارى إلى أن قال: وله نظم.

قلت: امتدت أيام دولته وشاخ وبقي إلى سنة بضع وسبعين وستمائة.

585 -

‌ أبو القاسم بن أحمد بن طولون

، المرائغي.

شيخ معمر، ولد قبل سنة تسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ، وسمع منه الحديث، وكتب في إجازة ابن عبد الحميد، وكان من الصلحاء المشهورين.

• - بنو مرين، قبيلة كبيرة من عرب المغرب فيهم شجاعة مفرطة وإقدام.

كان مقامهم بالريف الجنوبي من أرض تازة، ولما رأوا ضعف دولة بني عبد المؤمن نزعوا الطاعة وتابعوا الغارة واستفحل أمرهم واقتلعوا فاس من الموحدين واستولوا عليها في سنة تسع وثلاثين وستمائة، فأول من قام بالزعامة منهم أبو بكر بن عبد الحق بن محيو بن حمامة المريني، ثم سار بعساكره وضايق بني عبد المؤمن إلى أن مات في سنة ثلاث وخمسين، فتملك بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق، فقوي أمره وكثرت جيوشه، فحاصر أبا دبوس إلى أن أخذ منه مراكش، وزالت أيام بني عبد المؤمن، ثم إنه افتتح سبتة في سنة اثنتين وسبعين، ثم. . . . وتملك بعده ابنه السلطان يوسف بن يعقوب، ودانت له الأمم إلى أن قتل سنة ست وسبعمائة.

(آخر الطبقة، والحمد لله)

ص: 414

‌الطبقة التاسعة والستون

(681 ـ 690 هـ)

ص: 415

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر‌

‌ الحوادث

الكائنة في هذه السنين العشر على الترتيب مختصراً

‌سنة إحدى وثمانين وستمائة

سلطان مصر والشام، الملك المنصور وصاحب العراق وخراسان وغير ذلك: أحمد بن هولاوو.

وفي صفر قبض المنصور بمصر على بدر الدين بيسري وكشتغدي الشمسي، فبقيا في السجن تسعة أعوام.

وفيه ولي تدريس الأمينية القاضي شمس الدين ابن خلكان.

وفي رجب ناب في القضاء شمس الدين الأبهري.

وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني بعد موت ابن خلكان، ودرس شمس الدين ابن الحريري بالفرخشاهية بعد موت الجمال يحيى مدرسها.

قال قطب الدين: وفي أوائلها تسلطن الملك أحمد وله نحو ثلاثين سنة، فأمر بإقامة شعائر الإسلام وضرب الجزية على الذمة، ويقال: إنه أسلم صغيراً وأبوه حي.

وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى قوص، وولي قضاء القاهرة شهاب الدين ابن الخويي.

وفيها قدم رسول الملك أحمد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس الدين ابن التيتي الآمدي، وقطب الدين الشيرازي العلامة، وزاروا القدس، والخليل في طريقهم، وكان سيرهم في الليل.

وفي ليلة الاثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين والكتبيين،

ص: 417

والخواتميين والزجاجين وبعض سوق الأساكفة والمرجانيين وما فوق ذلك وما تحته من الأسواق والقياسير والفوّارة، وكان حريقاً عظيماً مهولاً، ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى ولم يحترق فيه أحد، وأصله أن دكان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكان أبي وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويت وخرج الخارج بزعجة، ودفع الكساء الذي يكون على الباب، فرمى المجمرة وأغلق الدكان وذهب للإفطار، فعملت النار والناس في إفطارهم، واشتد الدخان وخرجت من الدكان قبل عشاء الآخرة، فعلقت بالسقوف العتق والبواري، واشتد عملها وعجزوا عنها، وجاء الوالي ونزل ملك الأمراء حسام الدين لاجين، فأعجزتهم وقضي الأمر، واستمرت إلى نصف الليل، ولولا لطف الله لاحترق الجامع واجتهدوا في إطفائها بكل ممكن، ثم اهتم بذلك محيي الدين ابن النحاس ناظر الجامع اهتماماً لا مزيد عليه، وشرع في عمارته، فبني ذلك وتكامل في سنتين، وبعض ذلك وقف المارستان الصغير.

قال شمس الدين ابن الفخر: إن فخر الدين الكتبي أحرق له كتب بعشرة آلاف درهم، وأن الشمس الكتبي - يعني الفاشوشة - ذهب له كتب ومالٌ في الحريق بما يقارب مائة ألف، قال: وكان مغل الأملاك المحترقة - يعني الأوقاف - في السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم.

قلت: وفُرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجار جيرون على باب دار الخشب، وسكن الزّجّاجون عند حمام الصحن، وسكن الذَّهبيون في أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.

‌سنة اثنتين وثمانين وستمائة

في رجب قدم السلطان الملك المنصور دمشق.

وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح شيخنا جمال الدين الفاضلي، لموت العماد الموصلي وحضر عنده قاضي القضاة ابن الصائغ، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وخطب وذكر فضل القرآن، وبحثوا في الجمع وهل هو بدعة.

ص: 418

وفيها ولي حسبة دمشق جمال الدين ابن صصرى، وولي ابن عمه الإمام نجم الدين ابن صصرى درس العادلية الصغرى، نزل له عنها القاضي شرف الدين ابن المقدسي لما ولي الشامية الكبرى بعد أخيه، وولي نجم الدين البيساني نائب القاضي تدريس الرواحية عوضاًَ عن ابن المقدسي، لكونه صحت له الشامية.

‌سنة ثلاث وثمانين وستمائة

فيها ولي سلطنة حماة الملك المظفر بعد موت المنصور والده.

وفي شعبان ليلة الرابع والعشرين منه نصف الليل كانت الزيادة العظمى، توالت الرعود والبروق وأرسلت السماء عزاليها، وجاء سيل هائل، وطلع الماء فوق جسر باب الفرج قامةً وأكثر، واشتد الأمر وغرق شيءٌ كثير من الخيل والجمال وبني آدم، وذهب للمصريين شيء كثير، وافتقروا، وراحت خيمهم وأثقالهم، فذكر أستاذ دار بكتاش النجمي أنه هلك لأستاذه ما قيمته أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وخربت بيوت كثيرة وكانت في تشرين، فأخذت مصاطب السفرجل من الغياط.

وجاءت بعدها بأيامٍ يسيرة زيادة أخرى بدّعت في جبل الصالحية، وحدث في الأرض أودية، وجرت الحجارة الجمالية، وانطمّت الأنهار، وسخروا العامة للعمل في الأنهار عند الربوة، وطلعت إلى الربوة يومئذٍ مع أبي، فطلع بنا إلى فوق الجنك، ولم يعمل شيئاً.

وفي شعبان ولي ولاية دمشق سيف الدين طوغان المنصوري عوض الأمير ناصر الدين الحرّاني، وأُعيد الصارم المطروحي إلى ولاية البر بدل طوغان.

وفيها عمل الدرس ابن تيمية شيخنا بالقصاعين في الحرم، وخضع العلماء لحسن درسه، وحضره قاضي القضاة بهاء الدين، والشيخ تاج الدين، ووكيل بيت المال زين الدين، وزين الدين المنجى، وجماعة، وجلس بجامع دمشق على كرسي أبيه يوم الجمعة عاشر صفر، وشرع في تفسير القرآن من الفاتحة.

ص: 419

قال الشيخ تاج الدين في تاريخه: وعمل ابن تيمية بالسكرية درساً حسناً، وكان يوماً مشهوداً.

قال: وقدم الركب وكان السعر رخيصاً، قال: حدثني نجم الدين ابن أبي الطيب أنه اشترى غرارة شعير بعرفات بخمسة وثلاثين درهماً.

وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين ولد القاضي حسام الدين بمعلومٍ على المصالح.

وفيها عزل الدويداري من الشد بالأعسر وقتل.

‌سنة أربع وثمانين وستمائة

في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركةٍ كبيرة كان عليها جماعة من أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره سنقر، فاستشهدوا، ثم طلب الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على المرقب، فأذعنوا بتسليمه وراسلوا بذلك، فأُجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر، وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى أنطرطوس، وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد بنى على البحر برجاً عظيماً لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حياً منهم، واعتذر عن البرج بأنه ليس له، فلم يقبل عذره، فقيل: إنه اشتراه من صاحبه بمالٍ وعدة قرى وهدمه وحصل للاستيلاء على المرقب ومرقية وبانياس، وعمّروا ما تشعّث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار ولم يتهيأ للسلطان صلاح الدين فتحه، وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة، وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جمّاعيل على أن يشهدوا الغزاة مع المسلمين، فلهذا يخرجون في مثل هذه الغزوات.

وفي ثالث جمادى الأولى قدم السلطان دمشق وزين البلد.

ص: 420

وعزل التقيّ البيّع، وولي الوزارة محيي الدين ابن النحاس، وعزل طوغان من الولاية بعزّ الدين ابن أبي الهيجاء.

وقدم دمشق قبل المرقب الملك المظفر تقي الدين الحموي، فتلقاه السلطان، وبعث إليه بالخلعة والغاشية، فركب وحمل بين يديه الغاشية نائب السلطنة طرنطاي.

وفيها توجه على قضاء حلب الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام.

واشتد القحط بالعراق وكثر الظلم ونهبت الأكراد البوازيج وقتلوا النصارى.

وأغار عسكر الشام على بلاد الجزيرة وماردين.

وفيها ذكر صدر الدين ابن الوكيل درساً بالعذراوية ولي إعادتها، فقال الشيخ تاج الدين: ذكر خطبة بديعة ودروساً، ثم جاء هو وأبوه إلى الحلقة فأعاد ما أورده.

‌سنة خمس وثمانين وستمائة

فيها صُرف ابن النحاس من الوزارة وأعيد التقيُّ توبة.

وفيها أُعيد الدواداري إلى الشد.

وفيها أُخذت الكرك من الملك المسعود خضر ابن الملك الظاهر ركن الدين، وذلك في صفر، ودُقّت البشائر.

وفيها درس بالغزالية القاضي بدر الدين ابن جماعة، انتزعها من شمس الدين إمام الكلاسة نائب شمس الدين الأيكي في تدريسها، ثم وليها الأيكي، وناب عنه في تدريسها جمال الدين الباجريقي.

وفي صفر جاءت زوبعة عظيمة بالغسولة إلى عيون القصب، فأتلفت أشياء كثيرة للجند المجردين مع بكتوت العلائي، بحيث إنها حملت خرجاً ملآن نعال خيل.

وفيها نازلت الفرنج جزيرة ميورقة وحاصروها مدة ورأس أهلها الحكم بن سعيد بن الحكم الذي ذكرنا ترجمة أبيه في سنة ثمانين، ثم سلموها صلحاً، على أن يعطوا عن كل آدمي بها سبعة دنانير، فعجزوا وبقي أكثرهم في الأسر، وأما الذين خلصوا فأعطتهم الفرنج مركبين، فجاءوا مع الحكم إلى

ص: 421

المَرية ثم إلى سبتة، فبالغ صاحبها في لم شعثهم وأكثر من الإحسان إليهم.

ثم إن الحكم قصد السلطان أبا يعقوب المريني ليسأله في أسرى بلده، فأعطاه جملة، ثم جاز إلى غرناطة فأعطى ابن الأحمر مالاً، ثم ركب البحر قاصداً صاحب تونس وبجاية يطلب في الأسرى، فغرق به المركب، رحمه الله تعالى.

ومن تاريخ الشيخ تاج الدين: فيها عزم الدواداري على إحضار جماعة إلى دار العدل ليضربوا وليشهروا، منهم المجد المارداني والتاج الحيوان وابن السكاكري والعلاء ابن الزملكاني، وناصر الدين ابن المقدسي، والمحقق والفخر ابن الصيرفي. ثم ترك ذلك.

‌سنة ست وثمانين وستمائة

في المحرم دخل دمشق نائب المملكة حسام الدين طرنطاي في تجمُّل زائد لا يدخله إلا ملك، ثم سار لحصار صهيون وبرزية وانتزاعهما من سنقر الأشقر، وتوجه معه الشاميون بالمجانيق، وقاسوا مشقةً وشدة من الأوحال. وتهيأ سنقر الأشقر للحصار ونازله الجيش.

ثم توجه بعد أيام نائب دمشق حسام الدين لاجين لحصار برزية، فافتتحه بلا كلفة، ووجد فيه خيلاً لسنقر الأشقر، فلما أُخذ ضعفت همة صاحبه، وأجاب إلى تسليم صهيون على شروطٍ يشترطها، فأجابه طرنطاي وحلف له بما وثق به. ونزل بعد حصار شهر وأعين على نقل ثقله بجمال وظهر وحضر بعياله ورخته في صحبة طرنطاي إلى خدمة الملك المنصور، ووفى له طرنطاي وذب عنه أشد ذب، وأعطي بمصر مائة فارس، وبقي وافر الحرمة إلى آخر الدولة المنصورية.

وفي ربيع الأول قدم ابن الخويي على الشام قاضياً، وناب له الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.

وفي شعبان درس صفي الدين الهندي بالرواحية.

وفيها طُلب السيف أحمد السامري إلى مصر، فطلبوا منه أن يبيع للسلطان قرية جزرما، فقال: وقفتُها وكان ناصر الدين ابن المقدسي قد سافر إلى مصر، فتحدث مع الشجاعي في أمر ابنة الملك الأشرف ابن العادل وأنّ أباها خلف لها أملاكا، ً فباعتها حال كونها سفيهة تحت الحجر، فتكلموا في ذلك

ص: 422

ليتم لهم سفهها وتستعيد الأملاك، ثم يرشدونها ويشترون منها بعد ذلك. فعملوا محضراً، فشهد فيه الزين والد عبد الحق- وكان يخدمها- وخادم يصبو عن القضية وطشتدار. ثم ذكر القاضي زين الدين ابن مخلوف أن السلطان شهد عنده بذلك. ثم أحضروا السامري وأثبتوا المحضر في وجهه، وأبطلوا ما اشتراه منها، وذلك ربع جزرما. ثم ادَّعوا عليه بالمغل، فأخذوا منه حصته بالزنبقية وهي سبعة عشر سهماً، وأخذوا منه مائة ألف درهم، وتركوه معثراً. ثم طلبوا شريكه في جزرما نصر الدين ابن الوجيه بن سويد، وشرعوا في طلب رؤساء دمشق في مثل ذلك. فسار على البريد عز الدين ابن القلانسي، وشمس الدين بن يمن.

ودرس بدار الحديث القوصية مختصر النواوي.

‌سنة سبع وثمانين وستمائة

في أولها طلب القاضي حسام الدين الحنفي والتقي البيّع الوزير وشمس الدين ابن غانم وجمال الدين ابن صصرى والنصير ابن سويد، فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعي يتهددهم ويضرب بحضرتهم ليرعبهم، ثم يقول: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يُقرضنا هنا. فقِّرر علينا ما ترسم به. فلم يقبل وأحضر لهم تجاراً كالمجد معالي الجزري والشهاب ابن كويك، والنجم ابن الدماميني، وأمرهم بأن يحملوا عن المصادرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عز الدين ابن القلانسي مائة وخمسين ألفاً، ومن ابن صصرى أملاكاً ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم، ومن التقي توبة نحو ذلك، ومن ابن سويد ثلاثين ألفاً، ومن ابن غانم خمسة آلاف درهم، ومن حسام الدين بحسب البركة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن يمن أملاكاً بمائةٍ وسبعين ألف درهم، فتعامل هؤلاء والمصريون على نكاية الشجاعي، وكان يؤذي الجمال ابن الجوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية، فقال له سراً: تقدر ترافع الشجاعي؟ قال: نعم. فدخل به إلى السلطان، فعرفه السلطان، وسأله عن حاله فقال: لم أزل في دولة مولانا السلطان بطّالاً ومصادراً. فرقّ له وذم الشجاعي لكونه لم يستخدمه، فتكلم ورافع الشجاعي، فأصغى إليه، وطلب الشجاعي فعصره بين يديه، فحمل إلى الخزانة في يومٍ واحد سبعة وعشرين ألف دينار، ثم باع من بركه وخيله وكمّل خمسين ألف

ص: 423

دينار، وعزله وولى الوزارة بدر الدين بيدرة، وقدم الدمشقيون وأرضوهم بأن ولوا نظرَ الديوان جمال الدين ابن صصرى وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد ابن الشيرجي وقدم بعدهم ابن المقدسي بالوكالة ونظر الأوقاف.

وفي رمضان أُمسك النصراني كاتب كجكن مع مسلمة يشربان بالنهار، فبذل في نفسه جملةً، ودافع عنه مخدومه، فلم ينفع وأُحرِق بسوق الخيل، وقطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها.

وفيها في ربيع الآخر صلى بالناس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال الدين ابن عبد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلف نجم الدين مؤذن النجيبي، فتمّم الصلاة وصلى الناس الجمعة خلف إمامين.

وفي رمضان درس بالقيمرية القاضي علاء الدين ابن بنت الأعز، بحكم انتقال مدرسها ابن جماعة إلى خطابة القدس.

وفيها ولي شرف الدين ابن الشيرجي حسبة دمشق بعد جمال الدين ابن صصرى، ثم عزل بعد أشهر بابن السلعوس الذي توزَّر.

وفيها أُخِذت على جسر باب الفراديس دكاكين وأكريت سوقاً، ثم بعد مديدة عمل على جسر باب السلامة كذلك، ثم بعد خمسين سنة عمل سوقٌ على جسر باب الفرج، وفي داخل الباب.

وفيها قدِم جمال الدين الزَّواوي قاضياً للمالكية.

‌سنة ثمان وثمانين وستمائة

مات البرنس صاحب طرابلس إلى لعنة الله، فبادر السلطان الملك المنصور مُسِرّاً حصارها، وقدم دمشق، وسار فنازلها في أول ربيع الأول، ونصب عليها المجانيق، وحفرت النُّقوب ودام الحصر إلى أن أخذها بالسيف في رابع ربيع الآخر. وغرق خلق في الميناء، وأخذ منها ما لا يوصف، سوى ما نجا في البحر، ثم أُحرقت وأُخرب سورها، وكان سورا منيعا محكما عديم المثل، وكانت من أحسن المدن وأطيبها، ثم بعد ذلك اتخذوا مكانا على ميل من البلد، وبنوه مدينة صغيرة بلا سور، فجاء مكانا رديء الهواء والمزاج، ثم تسلم السلطان حصن أنفه، وكان لصاحب طرابلس، فأمر بتخريبه، وتسلم السلطان البثرون، وجميع ما هناك من الحصون، وأنشأ تاج الدين ابن الأثير بأمر السلطان كتابا إلى صاحب اليمن بالبشارة أعز الله نصرة المقام العالي

ص: 424

السلطاني الملكي المظفري الشمسي، وهو كتاب مليح ذكر فيه أن طرابلس فتحت في إمرة معاوية، وتنقلت في أيدي الملوك، وعظمت في زمن بني عمار، فلما كان في آخر المائة الخامسة ظهرت طوائف الفرنج بالشام، واستولوا على البلاد، فامتنعت عليهم طرابلس مدة، ثم ملكوها في سنة ثلاث وخمسمائة، واستمرت في أيديهم إلى الآن.

وما أحسن ما قَالَ في بشارة صاحب اليمن، وكانت الخلفاء والملوك في ذلك الوقت ما فيهم إلا من هو مشغول بنفسه مكب على مجلس أنسه، يرى السلامة غنيمة، وإذا عن له وصف الحرب لم يسلك إلا عن طرق الهزيمة، قد بلغ أمله من الرتبة، وقنع بالسكة والخطبة، أموال تنهب، وممالك تذهب، لا يبالون بما سلبوا، وهم كما قيل:

إن قاتلوا قتلوا أو طاردوا طردوا أو حاربوا حربوا أو غالبوا غلبوا إلى أن أوجد الله من نصر دينه وأذل الكفر وشياطينه.

وذكر شرف الدين محمد بن موسى القدسي الكاتب في السيرة المنصورية أن طرابلس عبارة عن ثلاثة حصون مجتمعة باللسان الرومي، وكان فتحها على يد سفيان بن مجيب الأزدي، بعثه لحصارها معاوية في خلافة عثمان رضي الله عنه، فبنى بالمرج عن أميال منها حصنا سمي به، وقطع الواصل عنها برا وبحرا، وكان يجلب عليها خيلا ورجلا في النهار، ثم يأوي إلى حصنه في الليل، فكتبوا إلى ملك الروم لينجدهم، أو يبعث لهم مراكب للهزيمة، فبعث إليهم مراكب، فهربوا بالليل، فأصبح الحصن خاليا فكتب سفيان إلى معاوية فأسكنه جماعة من اليهود، فنقضوا العهد أيام عبد الملك بن مروان، ثم قَالَ: هذا حكاه المدائني عن عباد بن إبراهيم، وذكر أسامة بن منقذ أنها انتقلت إلى ملوك الشام إلى أن ملك المصريون الشام، فدخل فيما ملكوه، ثم تغلب عليه جلال الملك محمد بن عمار القاضي، فأخرج عامل المصريين منه، ثم تملكه بعده أخوه فخر الملك، ثم قصدها الفرنج في سنة اثنتين وخمسمائة، وأخذوها بعد مطاولة، وكان المنازل لها ابن صنجيل، فقصد فخر الملك بغداد في البحر مستنجدا بالسلطان محمد بن ملكشاه، واستخلف في الحصن ابن عمه، فأضاع الحزم وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج إلى الآن.

ص: 425

وقال قطب الدين: حكي لي أن سبب أخذ الفرنج لها أن ابن صنجيل جرى له أمرٌ أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر، وثجج فيه، وتوقفت عليه الريح، ثم رماه الموج إلى الساحل، فنزل بساحل طرابلس، فسيَّر إليه ابن عمار يسأله عن أمره، فأخبره بأنه نزل يستريح ويتزود، وسأله أن يخرج إليه سوقا، فخرج إليه جماعة فبايعوه وكسبوا عليه. ثم نزل إليه أهل جُبَّة بشرِّي، وهم نصارى فبايعوه، وعرّفوه أمر طرابلس، وأن الرعية نصارى، وأن صاحبه متغلب عليه، وحسّنوا له المقام، ووعدوه بالمساعدة على أخذه، فأقام. وحضر إليه خلقٌ من نصارى البلاد، وعجز ابن عمار عن ترحيله. ثم بنى ابن صنجيل الحصن المشهور به التي بنيت طرابلس المنصورية تحته، وأقام به واستولى على بر طرابلس، ولم يزل مصابراً لها، وكلما له يقوى ويكثر جمعه، ويضعف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمار أحدٌ، ثم حصل الاتفاق على أنه يخرج منها بجميع ماله إلى عرقة، فخرج إليها وأقام بها مدةً ثم فارقها. وقوي شأن الفرنج بالساحل. ثم صلح أمر ابن صنجيل في بلاده التي بالبحر، وتوجه إليها واستناب على طرابلس بيمند جد صاحبها.

ثم مات ابن صنجيل وترك بنتاً، فكان بيمند يحمل إليها كل وقتٍ شيئاً إلى أن مات، وقام بعده ولده بيمند الأعور، فاستقل بمملكتها.، وكان شهما شجاعاً وطالت أيامه، ثم تملك بعده ولده بيمند، ولم يزل إلى حين توفي، وكان جميل الصورة، جاء إلى التتار أيام هولاوو، فقدم بعلبك وطمع أن يعطاها، فطلع إلى قلعتها ودارها، ونازل الملك الظاهر بلده مرتين، وكان ابن بنت صاحب سيس وبيده أيضاً أنطاكية، فهلك وتملك بعده ابنه، فلم تطل مدّته وهلك وتملك بعده سير بلمه. وعندما أخذت طرابلس قصد الميناء فقيل: إنه غرق، وقيل: نجا.

وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان أن الفرنج أخذت طرابلس في ثاني عشر ذي الحجة،، وكان صاحبها فخر الملك عمار بن محمد بن عمار قد

ص: 426

صبر على محاصرته سبع سنين، واشتد الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طالباً للإنجاد.

وللشهاب محمود أبقاه الله.

علينا لمن أولاك نعمته الشكر لأنك للإسلام يا سيفه ذخر ومنا لك الإخلاص في صالح الدعا إلى من له في أمر نصرتك الأمر ألا هكذا يا وارث الملك فليكن جهاد العدى لا ما تولى به الدهر فإن يك قد فاتتك بدر، فهذه بما أنزل الرحمن من نصره بدر نهضت إلى عليا طرابلس التي أقل عناها أن خندقها بحر وقد ضمها كالطوق إلا بقية كنحر وأنت السيف لاح له نحر ممنعة بكر، وهل في جميع ما تملكته إلا ممنعة بكر؟ ومن دون سوريها عقاب منيعة يزل إذا ما رام أوطاءها الذر وما برحت ثغرا ولكن عدا العدى عليها بحكم الدهر فانثغر الثغر وكانت بدار العلم تعرف قبل ذا فمن أجل ذا للسيف في نظمها نثر وكم مر من دهر وما مسها أذى وكم راح من عصر وما راعها حصر ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنت تميد وقد أربى على بحرها البر فظلت لدى بحرين أنكاهما لها وأقتله العذب الذي جره مصر منها:

كأن المجانيق التي أوترت ضحى عليها لها في شم أبراجها وتر أصابعها تومي إليهم ليسجدوا فتقبل منها دون سكانها الجدر ويمطرها من كل قطر حجارة لقد خاب قوم جادهم ذلك القطر تخلق وجه السور منهم كأنما غدت وعليها في الذي فعلت نذر منها:

وأطلقت فيها طائر السيف فاغتدى وليس له إلا رؤوسهم وكر ولاذوا بباب البحر منك فما نجا إليه سوى من جره من دم نهر ولم ينج إلا من يخبر قومه ليدروا وإلا من تغمده الأسر فلله كم بيض وسمر كواعب على رغمهم قد حازت البيض والسمر

ص: 427

وفي هلكهم يوم الثلاثاء إشارة إلى أن في الدارين تثليثهم خسر منها:

وماذا به يثني عليك مفوه ولا قدره يأتي بذاك ولا قدر ولكن دعاء وابتهال بأنه يعز على رغم الأعادي لك النصر وهي بضعةٌ وستون بيتاً انتقيتها.

وعمل قصيدةً في ملك الأمراء لاجين وقصيدة في ملك الأمراء بلبان الطباخي.

وذكر سيف الدين ابن المحفدار أن عدة المجانيق التي نصبت عليها تسعة عشر منجنيقاً، ستة إفرنجية والباقي قُرابُغا. والذي تسلمناه من الأسرى ألف ومائتا أسير، وقُتل عليها من الأمراء عز الدين معن، وركن الدين منكورس الفارقاني، ومن الحلقة خمسة وخمسون نفساً، وقال: عرض سُورها مسير ثلاثة خيّالة.

ونقل العدل شمس الدين الجزري في تاريخه قال: قدم بطريق وجماعته في أيام عبد الملك بن مروان فطلب أن يقيم بطرابلس ويؤدّي الجزية، فأُجيب. فلبث بها مدة سنتين وتوثَّب بها، فقتل طائفة من اليهود وأسر طائفة من الجند، وهرب لمّا لم يتم له الأمر؛ فظفر به عبد الملك فصلبه. ثم لم تزل في أيدي المسلمين إلى أن ملكها ابن عمار، إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة وملكها بعده أخوه فخر الملك. فلما أخذت الفرنج أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، نزل الملك صنجيل بجموعه عليها، واسمه ميمون، نازلها في سنة خمسٍ وتسعين وعمّر قبالتها حصناً وضايقها مدة، ثم خرج صاحبها يستنجد في سنة إحدى وخمسمائة، فاستناب ابن عمه أبا المناقب، ورتب معه سعد الدولة فتيان بن الأعز، فجلس يوماً فشرع يهذي

ص: 428

ويتجنن، فنهاه سعد الدولة فرماه بالسيف فقتله، فأمسكه الأمراء ونادوا بشعار الأفضل أمير الجيوش سلطان مصر وحموا البلد إلى أن مات صنجيل. ثم ما زال جنده يحاصرونها إلى أن أخذوها في ذي الحجة سنة اثنتين، وتولاها السرداني، مقدَّم منهم، فوصل بعد مدة تيران بن صنجيل، ومعه طائفة من جند أبيه، فقالوا للسرداني: هذا ولد صنجيل، وهو يريد مدينة والده يعني الحصن. فقام السرداني ورفسه، فأخذه أعوانه وداروا به على أعيان الفرنج، فرحموه وتذكروا الأيمان التي حلفوها لأبيه وقالوا: إذا كان غداً فاحضر، ونحن نتكلم مع السرداني، فلما حضر عنده كلّمه، فصاح عليه السرداني، فقاموا كلهم عليه، وخلعوه وملّكوا الصبي، فأقام مِلكاً إلى أن قتله برواج في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. واستخلف على البلد ولده القومص بدران إلى أن أسره الأتابك زنكي بن آقسنقر بقرب بعرين، ثم فدى نفسه بمالٍ، وعاد إلى طرابلس، ثم وثبت عليه الإسماعيلية قتلوه، وولي بعده ريمند، وهو صبي. ثم إنه حضر الوقعة مع السلطان نور الدين في سنة تسعٍ وخمسين على حارم، فأبقى عليه صلاح الدين لأنه كان مهادناً للمسلمين.

قال الجزري: وفيها احتاط الشجاعي بدمشق على حواصل التقي البيّع وصادره، ثم طرح أملاكه. وأخشابه على الرؤساء بثلاثة أثمان، وهرب جماعة من المصادرة منهم أبي وإخوتي وغبنا عن البلد شهراً، وتغيّب عز الدين ابن القلانسي، ثم طالبوا نجم الدين عباس الجوهري بمغل ضيعة كان اشتراها من بنت الأشرف بالبقاع، فأعطاهم جوهراً قيمته ثمانون ألف درهم، فقالوا: نحن نريد دراهم وألحّوا عليه، فنزل إلى مدرسته، وحفر في دهليزها، فاخرج له خونجاه ذهب مرصَّعة بجواهر، فقِّومت بأربعمائة ألف.

ص: 429

ثم سافر السلطان من دمشق في شعبان والقلوب في غاية الألم منه، وأخذ معه التقي توبة مقيداً إلى حمراء بيسان، فمر طرنطاي وكتبغا على الزردخاناه وبها التقي توبة، فلم يكلموه، فصاح وشتم وقال: والكم يا أولاد الزنا، أنا ضيعت دنياي وآخرتي لأجلكم، وأنا شيخ كبير في القيد، وقد أخذوا جميع ما أملك، هذا جزاء خدمتي؟ فضحكوا، ثم إنهم كلموا السلطان فيه، وضمنوه أنه لا يهرب، فأطلقه وأخذوه. ولم يكن الشجاعي حاضراً.

قال شمس الدين: وفي أول السنة سافر ابن السَّلعوس إلى مخدومه الملك الأشرف، فاستناب عنه في الحسبة تاج الدين ابن الشيرازي.

وفي ربيع الآخر ولي الحسبة الجمال يوسف أخو الصاحب تقي الدين، فلما احتاطوا على تقي الدين أعادوا ابن الشيرازي إلى الحسبة مستقلا.

وفيها حج بركب الشام زين الدين غلبك.

وفيها قدم دمشق الواعظ نجم الدين ابن البزوري ووالده، ووعظ على باب مشهد علي مرات وحضره الخلق، وكان رأساً في الوعظ.

‌سنة تسع وثمانين وستمائة

فيها ثارت عرب الصعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السلطنة طرنطاي، فسكّنهم وأخذ خلقاً من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم، وأكثر خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدة أحمال.

وفيها عاد عز الدين أيبك الأفرم من بلاد السودان برقيقٍ كثير وفيل صغير.

وفيها درس الشيخ صفي الدين الهندي بالدولعية وعلاء الدين ابن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز بالظاهرية بعد خنق رشيد الدين الفارقي.

ودرس تقي الدين ابن الزكي بالتقوية بالخلعة والطيلسان من جهة صاحب حماة، ودرس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية.

وفي جمادى الآخرة رتِّب خطيباً بالجامع الأموي العلامة زين الدين ابن المرحل الوكيل، فتكلموا فيه، حتى قالوا إنه يلحن في الفاتحة ولا يحفظ الختمة واستفتوا عليه، ثم استمر وأوذي من تكلم فيه واستمر في الخطابة

ص: 430

وكان من بلغاء الخطباء وكبار الأئمة، فاستقر على رغم من ناوأه.

وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن ابن الشرف الحنبلي بعد ابن عمه القاضي نجم الدين.

وولي تدريس الجوزية القاضي تقي الدين سليمان والخطابة بالجبل ولد المتوفى القاضي نجم الدين.

وفيها قررت الأخباز بأطرابلس، واستخدام بها ستمائة فارس.

وفيها مسك الأمير سيف الدين جرمك الناصري.

ومسك شمس الدين ابن السلعوس وحبس مديدة، ثم أفرج عنه بمصر ولزم بيته وسار مع الركب المصري وحج.

وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدين ابن المنجى.

وفيها قبض على ناصر الدين ابن المقدسي واعتقل بالعذراوية، ثم شنق نفسه والظاهر أنه شُنق لأنه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتّوه، وكان ظالماً مرافعاً، فقيهاً في فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله.

وفيها ولي نيابة غزة أحد أمراء دمشق عز الدين الموصلي.

وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللبان، واتصل بدرب الوزير بدمشق واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النار فيها يومين، وكان هو في الصيد وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف.

وفيها درس بأم الصالح بعد ناصر الدين ابن المقدسي إمام الدين القزويني الذي ولي القضاء.

وفيها قدم عكا طائفةٌ من الفرنج غتمٌ، فثاروا بها وقتلوا من بها من التجار المسلمين.

ودرس بالرواحية البدر أحمد ابن ناصر الدين المقدسي المشنوق بعد والده ولم يكن أهلاً لذلك، بل فعلوا ذلك تطييباً لقلبه.

وفي شوال توجه الأمير المُشد شمس الدين الأعسر إلى وادي مربّين من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فيه الناظر من عِظمه وطوله وجرّها إلى دمشق وسخرت الأبقار والرجال وقاسى الخلق مشاقاً لا توصف، وهي خشب صنوبر، غرم على كل عودٍ منها جملة، حتى قال من له خبرة من ولاة النّواحي: ناب العود منها خمسون ألفاً.

ص: 431

وفيها خرج من دمشق المحمل والسبيل مع الزوباشي وعزم السلطان على الحج، فلما بلغه نكث أهل عكا غضب واهتم لغزوهم وضرب الدهليز بظاهر القاهرة. وأخذ في التأهب، وخرج إلى الدهليز، وهو متوعك في شوال، ثم مرض ومات في ذي القعدة.

وجاءت الأخشاب المذكورة إلى المزة، ثم شحطت إلى الميادين، وكانت منظراً مهولاً، وقد ربع سفل العود وسفط، وهو نحو ذراع وثلث بالنجار وأكثر. ثم رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشجاعي نيابة دمشق أدخل بعضها في عمارة دار السلطنة بالقلعة، ثم نشر بعضها، وعمل منه أبواب الجامع التي في الرواق الثالث.

وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدين المسعودي بدمشق نائب الخزندار، وأمسك مخدومه طرنطاي في ذي القعدة في أواخره بمصر، وبسط عليه العذاب إلى أن تلف.

وخطب للملك الأشرف صلاح الدين يوم تاسع عشر ذي القعدة بدمشق.

ثم جاء مرسوم لتاج الدين ابن الشيرازي بوكالة بيت المال مضافاً إلى الحسبة.

وطلب الأمير بكتوت العلائي إلى مصر وأُكرم.

وتوجه صاحب حماة إلى مصر مهنئاً في ذي الحجة، وخلع على معين الدين ابن المغيزل، وولاّه تدريس التقوية.

واشتد البلاء بالعراق بدولة اليهود التي من سعد الدولة الطبيب وآذوا الرعية.

وخرب للحجاج قيمةٌ كبيرة بمكة، وقتل نحو أربعين نفساً.

‌سنة تسعين وستمائة

دخلت وسلطان الإسلام الملك الأشرف، وقد فوَّض الوزارة إلى الصاحب شمس الدين ابن السلعوس، وهو في الحج، ثم وصلته الأخبار فأسرع المجيء على الهجن ونائب المملكة بدر الدين بيدرا.

فتح عكا

ولما استقر السلطان في المُلك اهتم بإتمام ما شرع فيه والده من قصد عكا. فسار بالجيوش من مصر في ثالث ربيع الأول ونزل عليها في رابع ربيع

ص: 432

الآخر، وهو خامس نيسان وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها وأُمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، من المطوِّعة والمتفرّجة والسُّوقية، فكانوا في قدر الجند مرات.

ونصب عليها خمسة عشر منجنيقاً إفرنجياً، منها ما يرمي بقنطار بالدمشقي ومن المجانيق القرابغا وغيرها عدد كثير. وشرعوا في النقوب واجتهدوا في الحصار، ووقع الجد من الفريقين، وأنجد أهلها صاحب قبرس بوكه بن سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيراناً وشمعاً عظيماً فرحاً به، فأقام عندهم ثلاثة أيام ثم ركب في البحر وأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما رأى من ضعفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها في الهرب في البحر، ولم يزل الأمر في جدٍّ حتى هدمت المجانيق شرفات الأبراج، وكملت النقوب عليها، وعلقت الأسوار، وأضرمت في أسافلها النار، واستشهد عليه خلقٌ من المسلمين، وثبت الفرنج ثباتاً كلياً.

وعند منازلتها نودي في دمشق: من أراد أن يسمع البخاري فليحضر إلى الجامع. فاجتمع خلقٌ وقرأ فيه الشيخ شرف الدين الفزاري، وحضر قاضي القضاة ونائبه ونجم الدين بن مكي وعز الدين الفاروثي، وكان السماع على جماعة.

وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش على عكا، وهو أن الأمير علم الدين الحموي أبو خرص أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السلطان يريد أن يمسكك. فخاف وجمع ثقله وطلبه في الليل وشرع في الهروب، فشعر به علم الدين الدواداري، فجاء ورده وقال: بالله لا تكن سبب هلاك المسلمين، فإن الفرنج إن علموا بهروبك قووا على المسلمين. فرجع. ثم طلبه السلطان من الغد وخلع عليه وطمّنه، ثم أمسكه بعد يومين وقيده وبعث به إلى مصر وأمسك معه ركن الدين تقصوه، وهو حموه وأمسك قبلهما بيومين ثلاثة أبا خرص وقيّده، واستناب على دمشق علم الدين الشجاعي.

ثم هيأ السلطان أسباب الزحف ورتب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة حمل، وزحف عليها سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر الجيش.

، وكان للكوسات أصوات مهولة، وانقلبت لها الدنيا، فحين لاصق الجيش الأسوار هرب الفرنج ونصبت الأعلام الأشرفية على الأسوار مع طلوع الشمس وبُذل السيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النهار إلا وقد استولى المسلمون عليها ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقُتل من

ص: 433

أُدرك منهم، وأسهل القتل والأسر والسبي على سائر أهلها. وعصت الدِّيوية والإسبتار والأمن في أربعة أبرجة شواهق في وسط البلد، فحُصروا فيها، ثم طلبوا الأمان من الغد، فأمنهم السلطان وسيَّر لهم سنجقاً، فنصبوه على برجهم وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء وتعرّضوا لهم بالنَّهب وأخذ النساء، فغلق الفرنج الأبواب ورموا السنجق، وقتلوا طائفة من الجند، وقتلوا الأمير آقبغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار الأمن بالأمان على يد زين الدين كتبغا الذي تسلطن.

وفي يوم الثالث من الفتح طلب الديوية الأمان وكذا الإسبتار، فأمنهم السلطان وخرجوا، ثم نكث وقتل منهم فوق الألفين وأسر مثلهم وساق إلى باب الدهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلما رأى من تبقى في أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا على الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا أشد قتال، وتخطفوا خمسة من المسلمين ورموهم من أعلى بالبرج، فسلم واحدٌ ومات أربعة. وأُخِذ هذا البرج يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى بالأمان، وكان قد نُقب وعلِّق من نواحيه، فلما نزل منه وحول أكثر ما فيه سقط على جماعة من المتفرجين، والذين ينهبون فهلكوا.

ثم عزل السلطان الحريم والولدان، وضرب رقاب الرجال ولم يف لهم وهذا مكافأةً لفعلهم حين أخذوا عكا من السلطان صلاح الدين فإنهم - أعني الفرنج - أمّنوا من بها من المسلمين، ثم غدروا بهم وقتلوا أكثرهم وأسروا الأمراء وباعوهم فسلّط الله على ذرياتهم من انتقم منهم وغدر بهم جزاءً وفاقاً، فيا لله العجب، وأعجب من ذلك أن الفرنج أخذوا عكا في يوم الجمعة سابع عشر شهر في الثالثة من النهار من شهر جمادى الآخرة، كما ذكرناه في سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة، ثم افتتحها المسلمون بعد مائة سنة وثلاث سنين إلا شهر واحد.

وفي سنة سبع وستين وأربعمائة افتتح أمير التُّركمان عكا، ثم عادت الفرنج فملكتها، ثم في سنة اثنتين وثمانين جهزّ أمير الجيوش بدر الجمالي نصير الدولة الجيوش في جيشٍ من مصر فافتتح صور وعكا وصيدا، ونزل على بعلبك، ثم في سنة ستِّ وتسعين وأربعمائة نزل على عكا بغدوين ملك القدس، لعنه الله، فحاصرها، وأخذها بالسيف، فدامت في يد الفرنج إلى أن أخذها السلطان صلاح الدين في سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة، ثم أُخِذت منه

ص: 434

سنة سبعٍ وثمانين، وأخذت الفرنج صور بعد حصارٍ طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

فتح صور

لما نزل الملك الأشرف عكا جهّز الأمير علم الدين الصوابي والي بر صفد، إلى جهة صور، لحفظ الطرق وتعرُّف الأخبار. فلما أُخِذت عكا وأُحرقت وأضرمت النيران في جَنَباتها وعلا الدخان، وهرب أهلها في البحر، علم أهل صور ذلك، فهربوا وأخلوا البلد، وكانت حصينةً منيعة لا تُرام، فدخلها الصوابي وكتب بالبشارة إلى السلطان فجهز له رجالاً وآلةً ليخربوها ويخربوا حيفا، وبقي بصور من تأخر بها من أهلها، فاستغاثوا، وسلموها بالأمان للصوابي وآمنهم. ولم يكن السلطان يطمع بها، فيسَّر الله بما لم يكن في الحساب، وكان لها في يد الفرنج نحوٌ من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين سنة. وقد أُخذ منها رخام كثير وجعلت دكاً.

وأمسك السلطان على عكا نائب صفد علاء الدين أيدغدي الألدكزي، وولى مكانه علاء الدين أيدكين الصالحي، وطلب نائب الكرك ركن الدين بيبرس الخطابي الدويدار، وولى مكانه جمال الدين آقوش الأشرفي. ثم بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك نيابة مصر، فلم تطل أيامهما.

وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السلطان عن عكا وقد تركها دكّاً، وشرع الصاحب تقي الدين وشمس الدين الأعسر المشد بدمشق في عمل القباب والزينة وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عليه. ودخل دمشق دخولاً ما شهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى على الخيل يحملون أعلامهم منكَّسة، ورماحاً فيها شُعف رؤوس القتلى، وذلك في ثالث عشر جمادى الآخرة، فأقام بدمشق خمسةً وثلاثين يوماً.

فتح صيدا

سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشُجاعي فأتى في خدمة السلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثم افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة على برج وتحصّنوا به، وكان لا يصل إليه حجر منجنيق، فضايقه الشجاعي في ثامن رجب وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزحوا

ص: 435

منه، وانتقلوا إلى الجزيرة المجاورة لصيدا، ثم إنهم أحرقوا الجزيرة بما فيها في ثامن عشر رجب، وساروا في البحر إلى قبرس. ثم علّق المسلمون أبراج القلعة وأحرقوها ودكّوها.

وكانت الشواني الإسلامية قد حضرت من اللاذقية، فلما وصلت إلى ميناء البثرون مر بها الذين هربوا من صيدا في المراكب وظنوها للفرنج، فعرّجوا إليهم، ثم تبين لهم أنهم مسلمون، فهربوا، فتبعهم الأمير بلبان التَّقوي بالشواني، فاستولى عليهم قتلاً وأسراً ونهباً واستنقذ من الذين معهم من الأسرى، وكان ذلك من غرائب ما اتفق.

فتح بيروت

كان أهل بيروت متمسكين بالهدنة، لكن بدا منهم شيء يسير، وهو أنهم آووا المنهزمين من الفرنج، وأمرهم علم الدين الشجاعي بضم مراكبهم إلى مراكب المسلمين، فخافوا وامتنعوا، فأمر الشجاعي الأمير التقوي بحفظ الميناء، وضبط مائة من المراكب، وجاء الشجاعي بالجيش من جانب البر، فدخل المدينة، وأخرجهم منها واستولى على القلعة وما فيها. وذلك في الثالث والعشرين من رجب.

وكانت القلعة امتنعت عليه قليلاً، فوقع الحديث مع كليام النائب بها، فأجاب وسلم وأسر كل من كان بالبلد والقلعة من الخيالة والمقاتلة. وكانت من القلاع المنيعة، فهدمها الشجاعي.

فتح جبيل

وكان صاحبها قد حضر عند الملك المنصور نوبة طرابلس وبقي بجبيل، فلما أخذت عكا رسم له بأن يخرب قلعة جبيل، ثم ندب الأمير علم الدين الدواداري فسار إليها وأخرب أسوارها، وأذهب حصانتها وهدمها.

فتح عثليث

وهو حصن مشهور يضرب بحصانته المثل، والبحر يكتنفه من جميع جهاته، ولم يحدث الملوك أنفسهم بقصده، وكان السلطان قد جرد من عكا

ص: 436

بدر الدين رمتاش التركماني بجماعةٍ من التركمان للنزول حوله على بعدٍ ليحصل الأمن من جهته من أحدٍ يخرج منه. ونودي الجلابة والمسافرون. فأُخِذت عكا وغيرها والتركمان مكانهم، فلما بلغ أهل عثليث أخذُ عكا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا على حمله، وعرقبوا دوابهم وهربوا في البحر، وأخلوا الحصن ليلة أول شعبان.

وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذلك عزموا على الهرب فُجِّرد الأمير سيف الدين الطَّباخي إليها، فلما أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا في البحر وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها.

وفي غضون ذلك استحضر الشجاعي مقدمي جبل الجرد والكسروان، فلما حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودرّكهم خفر بلادهم وتوثّق منهم، ثم خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن.

ثم قدم الشجاعي بعلبك في أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر بكسر صنمين من الرخام كانا قد وجدا في بعض الحفائر في نهاية التحرير والإتقان وبراعة الصنعة، فكان إذا حضر أحدٌ من الأكابر أحضروا الصنمين للفرجة على تلك الصنعة. فلما زار الشجاعي مقام إبراهيم أحضر الوالي تلك الصنمين، فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكُسِّرا في الحال. وهذه تدل على حسن دين الشجاعي وإن كان ظالماً. ثم دخل دمشق في السابع والعشرين من شعبان.

وفي نصف رمضان قُبض على علم الدين الدواداري وبعث به إلى مصر.

وجاءت الأخبار بالإفراج والرِّضى عن الأمراء الكبار: تقصو، وحسام الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر الأشقر، وبدر الدين بيسري، وشمس الدين سنقر الطويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جودي القيمُري.

وفي شوال شرع الشجاعي بعمارة الطارمة والقبة الزرقاء ودور الحريم بقلعة دمشق، فحشد الصُّناع وحشر الرجال وعمل عمارة الجبابرة، وقلع لذلك عدة أعمدة من سوق الفِ اء الذي بطرف الفسقار، وحفر الأرض وراء

ص: 437

الأعمدة، وإذا العمود منها نازل في الأرض بقدر ظهوره مرةً أخرى ونصف، وهو على قاعدة متينة، وتعجب الناس من ذلك، ولم يعلموا ما السّبب في نزولها في الأرض. ثم إنها جُرّت بدواليت وآلات، وعبروا بها من باب السّرّ، ونقبوا لها في السور في البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعُمل عليها القبو الذي بين يدي القبة. وعسّف الصُّناع واستحثهم بنفسه، وبنى بنياناً خشناً جاهلياً وزخرفه ودخل فيه أقل من ثلاثة آلاف دينار. قد سهرت في عمله ليالي مع أبي رحمه الله. وتكامل جميعه في سبعة أشهر، وكان الدّهانون يعملون في المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك الرخام المفتخر من عكا وصور وبيروت وتلك الديار. وخرّب حمام الملك السعيد الذي تجاه باب السر، ولم يكن له نظير في الحسن، وخرب الأبنية التي من جسر الزلابية إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثروا، وكان هذا المكان مليحا، ويعرف بالمسابح، وعلى النهر العابر إلى خندق القلعة دور حسنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وأحق، وقد ركبت فيه مع جدي العلم وأنا ابن خمسٍ سنين، وأعطى للذي في المركب أجره.

وكان السلطان لما قدم دمشق انبسط هو أو بعض خواصّه الملاح على نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا في الصبيانية. فغضب السلطان وأمر بشنقه وألبس عباءة ليشنق فيها. ثم شفعوا فيه، فحبس مدة، ثم أُطلع من الحبس ولزم بيته بلا خبز.

ثم خلع عليه في رمضان، وأعطي خبزه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتب معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد.

وفي رمضان طلب القاضي بدر الدين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه على البريد مكرماً، وولاه الصاحب ابن السلعوس قضاء الديار المصرية، وعدة مدارس، ولم يترك لقاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز سوى المدرسة الشريفية فقط.

ص: 438

وفيها أمر الشجاعي فنودي في دمشق بإبطال العمائم للنساء، وأن لا تزيد المرأة على المقنعة، وبإبطال صباغات النساء وأن لا يخرجن إلى المقابر

وغير ذلك، وأن لأ يأكل أحد حشيشةً ولا يشرب خمراً، وتوعد على ذلك، وكان ذا هيئةٍ وسطوة مرهبة، فتأدب البلد وكانت هذه من حسناته.

وفيها هلك أرغون ملك التتار.

وفيها أعيد طوغان إلى ولاية البر بدمشق.

ومن غريب الاتفاقات أن السلطان قدم دمشق، وأراد النزول يوم الجمعة إلى الجامع، وطلب له من يخطب غير الخطيب ابن المرحل لكراهيتهم له، وشكوه إلى الصاحب، وطلب الزين الفارقي، فامتنع لعدم التهيؤ، وطلب إمام الكلاسة، فتغيب، فخطب ابن المرحل وزار السلطان الشيخ إبراهيم ابن الأرموي بالجبل بعد العشاء.

ولما دخل السلطان مصر أطلق رسل عكا الذين كانوا معوَّقين بالقاهرة.

وجاءه رسول الأشكري، وأطلق السلطان للرسول أسرى بيروت، وكانوا ستمائة وثلاثين نفساً.

وأخرج من كان في الجب من الأمراء، وأخرج الخليفة الحاكم بأمر الله، وكان في أيام أبيه خاملاً لم يطلب أبوه منه تقليداً بالملك، ولا انفعل لذلك فظهر الخليفة، وصلى للمسلمين. وبايعه الملك الأشرف بإشارة الوزير.

وفي نصف شوال خطب بالناس يوم الجمعة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله، وذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمرَ الإسلام، فخطب يومئذٍ بالخطبة التي خطب بها في أول سنة إحدى وستين وهي مليحة، من إنشاء مؤدِّبه ومفقِّهه الإمام شرف الدين ابن المقدسي، فلما فرغ من الخطبة صلى بالناس قاضي القضاة ابن جماعة.

وفي رابع ذي القعدة عملت الختم لتمام السنة من موت السلطان الملك المنصور بتربته، وحضر القضاة والدولة ونزل السلطان وقت الختم، والخليفة الحاكم بأمر الله وخطب الخليفة، وذكر بغداد وحرّض على أخذها، وكان قد وخَطه الشيب وعليه السَّواد. وأُنقق في هذا المهم مبلغٌ عظيم واحتفل له.

وأما دمشق فإن الشجاعي جمع الناس بالميدان ونُصب مخيّم عظيم سلطاني، ومُدّ سِماط هائل، وختمت الختمة وتكلم الوعاظ، فتكلم أولاً فريد الوقت عز الدين الفاروثي، وتكلم بعده الواعظ نجم الدين ابن البزوري،

ص: 439

وحضر أُممٌ وخلائق، وكانت ليلةً مشهودة، وعملت خلوات كثيرة.

وفي شوال مُسك الأميران بهاء الدين قرارسلان وجمال الدين آقوش الأفرم الصغير الذي صار نائباً، وحبسا بقلعة دمشق.

وفي ذي الحجة وسّع الشجاعي الميدان من شماليه وعمل في حائطه الأمراء والعامة وعمل فيه الشجاعي بنفسه وتقاسموه، ففرغ في يومين مع ضخامة حائطه.

ووصل الأمراء الثلاثة على أخباز الذين مسكوا من دمشق والثلاثة هم ركن الدين الجالق والمسّاح وعز الدين أزدمر العلائي. وعملت سلاسل عظيمة، وأظهروا قصد بغداد.

وحج بالشاميين الأمير بدر الدين الصوابي الخادم.

وعملت الشعراء القصائد في فتح عكا، فمن ذلك كلمة المولى شهاب الدين محمود:

الحمد لله زالت دولة الصلب وعز بالترك دين المصطفى العربي هذا الذي كانت الآمال لو طلبت رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب ما بعد عكا وقد هدت قواعدها في البحر المشرك عند البر من أرب عقيلة ذهبت أيدي الخطوب بها دهرا وشدت عليها كف مغتصب لم يبق من بعدها للكفر إذ خربت في البر والبحر ما ينجي سوى الهرب أم الحروب فكم قد أنشأت فتنا شاب الوليد بها هولا ولم تشب سوران بر وبحر حول ساحتها دارا وأدناهما أنأى من السحب ففاجأتها جنود الله يقدمها غضبان لله لا للملك والنشب كم رامها ورماها قبله ملك جم الجيوش فلم يظفر ولم يصب لم يلهه ملكه بل في أوائله نال الذي لم ينله الناس في الحقب فأصبحت وهي في بحرين ماثلة ما بين مضطرم نارا ومضطرب جيش من الترك ترك الحرب عندهم عار وراحتهم ضرب من النصب يا يوم عكا لقد أنسيت ما سبقت به الفتوح وما قد خط في الكتب لم يبلغ النطق حد الشكر فيك فما عسى يقوم به ذو الشعر والخطب كانت تمني بك الأيام عن أمم فالحمد لله شاهدناك عن كثب وأطلع الله جيش النصر فابتدرت طلائع الفتح بين السمر والقضب

ص: 440

وأشرف المصطفى الهادي البشير على ما أسلف الأشرف السلطان من قرب فقر عينا بهذا الفتح وابتهجت ببشره الكعبة الغراء في الحجب وسار في الأرض مسرى الريح سمعته فالبر في طرب والبحر في حرب وخاضت البيض في بحر الدماء فما أبدت من البيض إلا ساق مختضب وغاص زرق القنا في زرق أعينهم كأنها شطن تهوي إلى قلب أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت بك الممالك واستعلت على الرتب ما بعد عكا وقد لانت عريكتها لديك شيء تلاقيه على تعب أدركت ثأر صلاح الدين إذ غصبت منه لسر طواه الله في اللقب بانت وقد جاورتنا ناشزا وغدت طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب وجالت النار في أرجائها وعلت فأطفأت ما بصدر الدين من كرب أضحت أبا لهب تلك البروج وقد كانت بتعليقها حمالة الحطب وأفلت البحر منهم من يخبر من يلقاه من قومه بالويل والحرب وتمت النعمة العظمى وقد كملت بفتح صور بلا حصر ولا نصب لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الجرب إن لم يكن نم لون اليم متصبغا بها البهاء وإلا ألسن اللهب فالله أعطاك ملك البحر وابتدأت لك السعادة ملك البر فارتقب من كان مبدؤه عكا وصور معا فالصين أدنى إلى كفيه من حلب وله من قصيدة أخرى في عكا مدح بها الشجاعي:

الشرك أجلي وانجلت ضلماته والدين قر وأشرقت قسماته والنصر ألوت بالفرنج رياحه من بعد ما فتكت بهم نسماته هذا الذي كانت تخيله المنى وتحيله قدم العدى وثباته هذا الذي كان الرجاء ببعضه يعد النفوس ولا تصح عداته هب الزمان من الكرى من بعدما طالت سني رقاده وسباته ما كان يحسن أن يجاورنا العدى لو زال عن جفن الجهاد سباته والآن قد ذهبت بحمد الله عن أرض الشام عداتنا وعداته وتفرقت أيدي سبأ وسباؤهم جمعت برغمهم لنا أشتاته

ص: 441

منها:

فغدت ومن فيها كرمس بعثرت أرجاؤه وتمزقت أمواته بانوا فما بكت السماء عليهم في ربعهم بل أحرقت عرصاته ونمى إلى صور الحديث ببحرهم إذ خلقت بدمائهم صفحاته وهي مائة وخمسون بيتا.

ص: 442

بسم الله الرحمن الرحيم

(الوفيات)

سنة إحدى وثمانين وستمائة

1 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار

بن طلحة بن عمر، الفقيه، أمين الدين، أبو العباس ابن الأشتري، الحلبي، الشافعي.

ولد بحلب سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من أبي محمد بن علوان، والموفق عبد اللطيف، وقاضي القضاة أبي المحاسن بن شداد، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي المنجى ابن اللتي، والإربلي وطائفة، روى عنه ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحجاج المزّي، وجماعة وأجاز لي، وكان ممن جمع بين العلم والعمل.

كان إماماً عارفاً بالمذهب ورعاً، كثير التلاوة، بارز العدالة، كبير القدر، مقبلاً على شأنه.

سألت أبا الحجاج القضاعي عنه فقال: كان ممن يظن به أنه لا يحسن أن يعصي الله.

قلت: وكان يقرئ الفقه، وله اعتناء بالحديث، توفي في ربيع الأول بدمشق فجاءة، وكان يصوم الدهر ويتصدق بفاضل قوته، وكان النّواوي رحمه الله إذا جاءه صبيٌ يقرأ عليه بعث به إلى أمين الدين لعلمه بدينه وعفته.

2 -

‌ أحمد بن حذيفة

، شرف الدين، أبو العباس الدمشقي، الدلال في العقار.

ولد سنة اثنتي عشرة، وحدث بجزء ابن أبي ثابت عن كريمة أو مكرم، روى عنه ابن أبي الفتح وأبو محمد البرزالي والطلبة، ومات في ربيع الآخر بدمشق.

ص: 443

3 -

‌ أحمد بن أبي الحرم

، جلال الدين ابن الزين، الدلال في الأملاك أيضاً.

توفي في ربيع الآخر، وكان شاباً مشتغلاً، حسن الكتابة.

4 -

‌ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنظلة

، الشيخ، موفق الدين ابن المعالج الأنصاري، البغدادي.

توفي في ذي الحجة، سمع مسند الشافعي من ابن الخازن وحدَّث.

عاش ثلاثا وستين سنة، وكان شافعياً.

5 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي رقيقة

، الخزرجي، الأستاذ، أبو العباس.

سمع: أبا الربيع بن سالم وأبا علي الشلوبين.

مات في رجب بالمغرب.

6 -

‌ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان

، قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العباس البرمكي، الإربلي، الشافعي.

ولد بإربل سنة ثمانٍ وستمائة، وسمع بها صحيح البخاري من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي وأجاز له: المؤيد الطوسي وعبد المعز الهروي وزينب الشِّعرية، روى عنه المزي والبرزالي والطبقة.

وكان إماماً، فاضلاً، بارعاً، متفنناً، عارفاً بالمذهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامةً في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سَروات الناس، قدم دمشق في شبيبته، وقد تفقَّه بالموصل على كمال الدين موسى بن يونس، وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدين ابن شداد وغيرهما.

ودخل الديار المصرية، وسكنها مدةً، وتأهل بها. وناب في القضاء عن القاضي بدر الدين السنجاري. ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسعٍ وخمسين منفرداً بالأمر، ثم أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربعٍ وستين، ثم عُزل عن القضاء في سنة تسعٍ وستين بالقاضي عز الدين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به.

ص: 444

وقدم من الديار المصرية، فدخل دخولاً لم يبلُغنا أن قاضياً دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغلات والشهود، وكان يوماً مشهوداً. وجلس في منصب حكمه وتكلمت الشعراء.

وكان كريماً، جواداً، ممدَّحاً. ثم عُزِل بابن الصائغ، ودرّس بالأمينية إلى أن مات، وقد جمع كتاباً نفيساً في وفيات الأعيان، وتوفي عشيّة نهار السبت السادس والعشرين من رجب. وشيّعه خلائق.

ومن شعره:

أي ليل على المحب أطاله سائق الظعن يوم زم جماله يزجر العيس طاويا يقطع المهـ ـمة عسفا سهوله ورماله يسأل الربع عن ظباء المصلى ما على الربع لو أجاب سؤاله هذه سنة المحبين يبكو ن على كل منزل لا محاله يا خليلي إذا أتيت ربى الجز ع وعاينت روضه وتلاله قف به ناشدا فؤادي فلي ثم فؤاد أخشى عليه ضلاله وبأعلا الكثيب بيت أغض الـ ـطرف عنه مهابة وجلاله حوله فتية تهز من الخو ف عليه ذوابلا عساله كل من جئته لأسأل عنه أظهر العي غيرة وتباله منزل حقه علي قديم في زمان الصبى وعصر البطالة يا عريب الحمى اعذروني فإني ما تجنبت أرضكم عن ملاله لي مذ غبتم عن العين نار ليس تخبو وأدمع هطاله فصلونا إن شئتم أو فصدوا لا عدمناكم على كل حاله

7 -

‌ إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي

، المسند برهان الدين، أبو إسحاق ابن الدرجي، القرشي، الدمشقي، الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكجك.

ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة في شعبان وأجاز له: أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وإدريس بن محمد العطار، وأبو المفاخر خلف بن أحمد الفراء، وعبيد الله بن محمد بن أبي نصر

ص: 445

اللفتواني، ومحمد بن معمَّر بن الفاخر، والمؤيَّد ابن الإخوة، وأم هانئ عفيفة الفارفانية، وطائفة من الأصبهانيين في عام اثنتين وستمائة، وسمع أجزاء معدودة: من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وحدث بالمعجم الكبير للطبراني.

وكان ثقة، فاضلاً، خيراً، سهل القياد. ولم يظهر سماعه من الكندي وابن الحرستاني إلا بعد موته، روى عن الدمياطي، وابن تيمية، والقحفازي، والمزي، وابن البرزالي، وابن العطار، وجماعة، وحج في آخر عمره، فتوفي يوم عبور الركب في سابع صفر، رحمه الله. ولي منه إجازة.

8 -

‌ إبراهيم بن عمر بن إسماعيل

، الكركي، الشافعي.

توفي بدمشق في رجب، وقد حدث بصحيح البخاري عن ابن الزبيدي، حدثنا عنه إسحاق الآمدي.

9 -

‌ إبراهيم بن أبي بكر

، أمين الدين التفليسي، إمام السلطان الملك الظاهر.

ولد سنة خمس وعشرين، وحدث بدمشق ومصر عن: ابن الجميزي والسِّبط، سمع منه: البرزالي وغيره، ومات بالقاهرة، وقيل: مات سنة ثمانين.

10 -

‌ إدريس بن صالح بن وهيب

، الفقيه، زين الدين القليوبي، خطيب الجامع الأزهر.

ولد سنة ثمان عشرة، ومات في ربيع الآخر، وكان شديد السمرة. له شعرٌ جيد، وفيه تصوُّن وخير.

11 -

‌ إسحاق بن. . . .، ناصر الدين الدمياطي

.

يروي جامع الترمذي عن ابن البناء، توفي بدمياط في ربيع الأول.

12 -

‌ إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين

، الشيخ عماد الدين البعلبكي.

ص: 446

ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من موفق الدين ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن وغيرهم، وكان من خيار من حدث في زمانه، لعلمه ودينه وثقته وورعه، وكان خبيراً بكتابة الحكم والوثائق، دمث الأخلاق، كثير التلاوة، حسن الزّهادة، حنبلي المذهب.

روى عنه أبو الحسين اليونيني، وابن أبي الفتح، وأبو الحجاج المزي، وأبو الحسن ابن العطار، وغير واحد، وأجاز لي مروياته.

توفي في صفر رحمه الله.

وقرأت بخط شيخنا ابن تيمية أنه ولي قضاء بعلبك.

سمعت منه سنن ابن ماجه.

13 -

‌ إسماعيل بن عبد الجبار بن بدر

، الضياء، أبو الفداء النابلسي، ثم الدمشقي.

روى عن الموفق، وزين الأمناء، وعنه المزي والبرزالي وجماعة.

توفي في شعبان.

14 -

‌ إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله

، فخر الدين أبو الطاهر بن أبي القاسم ابن المليجي، المصري، المقرئ، المعدل، مسند القراء في زمانه.

ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة أو قبلها بيسير، وقرأ بالسبع على أبي الجود، وهو آخر من قرأ عليه وفاة، وسمع من أبي الحسن بن جبير البلنسي، وأبي عبد الله بن محمد ابن البناء، وازدحم عليه في آخر عمره الطلبة لعلوهِ لا لإتقانه، فقرأ عليه العلامة أبو حيان، وقطب الدين عبد الكريم، والتقي أبو بكر الجعبري، وجماعة، وأجاز لأبي محمد البرزالي وغيره، ومات في الثاني والعشرين من رمضان، رحمه الله وتساوى القرّاء بعده في إسناد أبي الجود، وكان بارز العدالة، ديناً.

15 -

‌ آقسُنقُر

، الشبلي، الصفوي.

حدث عن: ابن قميرة.

ص: 447

16 -

‌ بيجار بن بختيار

، الأمير، حسام الدين اللاوي، الرومي.

كان له ببلاد الروم قلاع وأموال وحشمة، فنزح إلى المسلمين مهاجراً ومفارقاً للتتار، خذلهم الله، في أواخر الدولة الظاهرية، وحج من الديار المصرية، وأنفق مبلغاً في القربة والخير. وعاد ولزم بيته وترك الإمرة وشاخ.

قال الشيخ قطب الدين: جاوز المائة بسنين، كذا قال، وكف بصره قبل موته بثلاث سنين، توفي في شعبان.

17 -

‌ الحسين بن إياز

، العلامة، النحوي جمال الدين، شيخ العربية بالمستنصرية ببغداد.

له مصنفات في النحو، وتوفي في ذي الحجة، كتب عنه أبو العلاء الفرضي، وابن الفوطي وجماعة، وكان إماماً في النحو والتصريف، قرأ على الشيخ تاج الدين الأرموي.

18 -

‌ الحسين بن عباس بن عبدان

، العدل، شمس الدين المناديلي، الدمشقي والد شيخنا أحمد.

توفي في جمادى الأولى وخلف ثروةً وورثة.

19 -

‌ الحسين بن قتادة بن مزروع

، النسّابة، رضي الدين، أبو محمد العلوي، الحسني، المقرئ، العراقي.

وكان عارفاً بالأنساب والقراءات. أمَّ بالمشهد وكتب الناس عنه.

قال ابن الفوطي: مات في حادي عشر شوال.

20 -

‌ خضر بن عبد الرحمن بن الخضر

، الشيخ، سديد الدين الحموي، العدل، المقرئ، صاحب السخاوي.

أقرأ القراءات وعمر دهراً وجاوز التسعين.

توفي في شوال، وكان شيخ الخانقاه بحماة. وله مشاركة وتفنُّن. وله إجازة من الكندي، وكان يلبس الخرقة عن السَّهروردي.

مولده سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة في سادس ذي القعدة.

ص: 448

21 -

‌ ذو النون بن مفضل بن فخر بن عبد الخالق

، القرشي، السخاوي، أبو الفضل الشافعي، شرف الدين الأميوطي، وأميوط من عمل سخا.

ولي قضاء البهنسا وغيرهما، وله شعرٌ جيد، كتب عنه الدمياطي.

مات في المحرم.

22 -

‌ الزَّين

، رمضان، الخشاب، الدمشقي.

مات في جمادى الأولى.

23 -

‌ زينب بنت تمام بن يحيى

، الحميرية، الدمشقية.

امرأة صالحة عابدة، من بيت الرواية، روت بالإجازة عن: داود بن ملاعب وغيره وماتت في صفر.

24 -

‌ سالم الدليل

، دليل الركب الشامي.

توفي في ربيع الآخر.

25 -

‌ سليمان بن عبد الله بن أمرن

، ويقال: ابن عمران، الشيخ قطب الدين، أبو الربيع الزيلعي الحنفي، خادم المصحف العثماني.

سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الحسن ابن المقير وغيرهم، كتب عنه البرزالي وجماعة كثيرة، وأجاز لي.

وكان شيخاً صالحاً، حسن السَّمت، توفي في رابع ذي القعدة.

26 -

‌ شاذي بن داود بن عيسى بن محمد بن أيوب بن شاذي

، الملك الظاهر، غياث الدين ابن صاحب الكرك، الملك الناصر.

ولد وأبوه صاحب دمشق حينئذٍ سنة خمسٍ وعشرين، ونشأ بالكرك، وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وحدث بدمشق.

وكان ديناً، خيراً، متواضعاً، عاقلاً، يتعانى زي العرب كعمِّه الملك القاهر، وأمه هي ابنة الأمجد حسن ابن العادل.

توفي بالغور.

ص: 449

27 -

‌ عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر

، البغدادي، الحربي، الزاهد، ويعرف بالشيخ عبد الله كُتيلة.

كان فقيراً، صالحاً، عارفاً ربّانياً، مكاشفاً له أحوال وكرامات، وله زاوية وأصحاب، سافر في شبيبته وصحب الكبار، وسمع بدمشق من الشيخ الضياء والفقيه سليمان الإسعردي، قال ابن الفوطي: روى لنا عن الشيخ الإمام موفق الدين المقدسي، وله تصانيف في الزهد، سألته عن مولده، فقال: في سنة خمس وستمائة، يكنى أبا أحمد، مات في منتصف رمضان.

قلت: واشتغل في مذهب أحمد وصحب الشيخ أحمد المهندس، صحبه شيخنا ابن الدباهي، وحكى لي عنه شعيب الكتبي وغيره.

حدثنا ابن الدباهي أنه مع جلالته كان بعض الأوقات يترنم ويغني لنفسه، وأنه كان فيه كيس وظرف وبشاشة، وقال: سمعته يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد وأنا مستلق على ظهري، فما شعرت إلا وأنا واقف بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلق، فلما قدم الركب جاءني إنسان صارخاً فقال: يا سيدي، أنا قد حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم، الشيخ لم يحج العام، قال: فقلت: امضِ لم يقع عليك حِنث.

توفي الشيخ عبد الله كتيلة ببغداد، وهو في عشر الثمانين، رحمة الله عليه.

وقال ابن الفوطي: له من الكتب المهم في الفقه ثمان مجلدات، وكتاب التحذير من المعاصي، ثلاث مجلدات، وكتاب العدة في أصول الدين مجلد، كتاب الإسعاف فيما وقع في السماع من الخلاف مجلد، كتاب الفوز مجلد.

28 -

‌ عبد الجبار بن عبد الخالق بن محمد

بن أبي نصر بن عبد الباقي ابن عكبر، الإمام، الواعظ، العلامة، جلال الدين، أبو محمد البغدادي، أحد

ص: 450

المشاهير.

ولد في حدود العشرين وستمائة، وسمع من ابن اللتي، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وصنف التصانيف، وحدث، أخذ عنه ابن الفوطي، وأبو العلاء الفرضي، وطائفة، ومات في السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى، ودفن في داره.

قرأت بخط الفوطي: توفي رئيس الأصحاب شيخنا جلال الدين الحنبلي مدرس المستنصرية في شعبان، وكان وحيد دهره في علم الوعظ، ومعرفة التفسير، وله مصنفات منها مشكاة البيان في تفسير القرآن، ومنها كتاب مراتع المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين، وكتاب إيقاظ الوعاظ، ولم يخلف في فنه مثله.

قلت: وكان ينظم الشعر، ويتكلم في أعزية الكبار، فيكرم بخلعةٍ أو بذهب.

29 -

‌ عبد الحكم بن بركات

، جلال الدين، أبو محمد، رئيس المؤذنين بجامع مصر.

توفي في ربيع الأول وله ثمانون سنة، سمع من عبد القوي ابن الحباب، وحدث.

30 -

‌ عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس

، الشيخ العلامة، زين الدين، أبو محمد الزواوي، المقرئ المالكي، شيخ القراء بالشام، وشيخ المالكية.

ولد بظاهر بجاية من المغرب سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة أو قبلها بسنة، وقدم ديار مصر في حدود سنة أربع عشرة وستمائة، وأكمل القراءات سنة ست عشرة على أبي القاسم بن عيسى بالإسكندرية، وعرضها أيضاً بدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة سبع عشرة، وسمع منه ومن غيره.

وجوّد القراءات وأتقنها، وصنَّف كتاباً نفيساً في غريب الوقف والابتداء وكتاباً في

ص: 451

عدد الآي وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وامتدت أيامه، وهو ممن جمع بين العلم والعمل.

ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد شمس الدين أبي الفتح سنة بضعٍ وخمسين وستمائة، فقرأ عليه شيخنا برهان الدين الإسكندراني في سنة ست وخمسين، وشيخنا شهاب الدين الكفري، وقرأ عليه خلق كثير، وتصدى لذلك.

وممن قرأ عليه: تقي الدين أبو بكر الموصلي، وعلي بن شعبان، والشيخ محمد المصري، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد ابن النحاس الحنفي، وخلق لا يحضرني ذكرهم.

وولي قضاء المالكية في سنة أربعٍ وستين على كراهيةٍ منه، وكان يخدم نفسه ويحمل الحطب على يده مع جلالته.

وقد أخذ أيضاً عن: أبي عمرو ابن الحاجب، سمع منه: أبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد البرزالي، وأبو الحسن ابن العطار، وآخرون، وعزل نفسه من القضاء يوم موت رفيقه القاضي شمس الدين ابن عطاء، واستمر على التدريس والفتوى والإقراء.

توفي في شهر رجب، وحضر جنازته نائب السلطنة لاجين والعالم، ومات في عشر المائة.

31 -

‌ عبد السميع بن أحمد بن عبد السميع بن يعقوب بن مطروح

، العدل، الإمام وجيه الدين.

ولد سنة تسعٍ وستمائة، ومات بالإسكندرية في نصف ذي الحجة، أكثر عن الصفراوي، وجعفر الهمداني.

32 -

‌ عبد المعطي بن عبد الكريم

، الخطيب، جمال الدين الخزرجي، المصري.

توفي في المحرم بمصر، روى هو وولده محمد عن: ابن اللتي، وروى هو عن: ابن المفضل وجماعة، وقارب مائة عام.

ص: 452

33 -

‌ عطا ملك بن محمد بن محمد

، الأجل، علاء الدين، صاحب الديوان، ابن الصاحب بهاء الدين الجويني، الخُراساني، أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدين.

كان إليهما الحلّ والعقد في دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف.

وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الملك العجمي، فأخذ صاحب الديوان علاء الدين وغله وعاقبه، وأخذ أمواله وأملاكه، وعاقب سائر خواصه، فلما عاد منكوتمر من الشام مكسوراً حمل علاء الدين معهم إلى همذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر، فلما ملك أرغون بن أبغا طلب الأخوين فاختفيا، فتوفي علاء الدين في الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أماناً من أرغون للصاحب شمس الدين وأحضره إليه، فغدر به أرغون وقتله بعد موت أخيه بقليل، ثم فوض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي، والمجد ابن الأثير، والأمير علي جكيبان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام.

وكان علاء الدين وأخوه فيهما كرم وسؤدد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل ورفق بالرعية وعمارة للبلاد.

ولي علاء الدين نظر العراق سنة نيفٍ وستين بعد العماد القزويني، فأخذ في عمارة القرى وأسقط عن الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق، وعمر سوادها وحفر نهراً من الفرات مبدأه من الأنبار ومنتهاه إلى مشهد علي رضي الله عنه، فأنشأ عليه مائة وخمسين قرية.

ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمر صاحب الديوان بغداد حتى كانت أجود من أيام الخليفة، ووجد أهل بغداد به راحة.

وحكى غير واحد أن أبغا قدم العراق، فاجتمع في العيد الصاحب شمس الدين وعلاء الدين ببغداد، فأحصيت الجوائز والصِّلات التي فرَّقا، فكانت أكثر من ألف جائزة وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتاباً، ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار، وقد صنف شمس الدين محمد ابن الصَّيقل الجزري خمسين مقامة وقدمها، فأعطي ألف دينار.

وكان لهما إحسان إلى العلماء والصلحاء،

ص: 453

وفيهما إسلام ولهما نظر في العلوم الأدبية والعقلية.

وفي وقتنا هذا الإمام المؤرخ العلامة أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد ابن الفوطي مؤرخ عصره، وقد أورد في تاريخه الذي على الألقاب ترجمة علاء الدين مستوفاة: صاحب الديوان هو: الصدر المعظَّم، الصاحب، علاء الدين، أبو المظَّفر، عطا ملك ابن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن أيوب بن الفضل بن الربيع الجويني، أخو الوزير شمس الدين.

قرأت بخط الفوطي: كان جليل الشأن تأدب بخراسان وكتب بين يدي والده، وتنقَّل في المناصب إلى أن ولي العراق بعد قتل عماد الدين الدويني، فاستوطنها وعمّر النواحي، وسد البثوق، ووفر الأموال، وساق الماء من الفرات إلى النجف، وعمر رباطاً بالمشهد، ولم يزل مطاع الأمر، رفيع القدر، إلى أن بلي بمجد الملك في آخر أيام أباقا بن هولاكو، وكان موعوداً من السلطان أحمد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنيّةُ دون الأمنية، وسقط عن فرسه فمات، ونقل إلى تبريز فدفن بها.

وله رسائل ونظم، كتب لي منشوراً بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج الدين علي بن أنجب، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وعشرين وستمائة، ومدّة ولايته على بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر.

وقرأت بخطّه وفاة علاء الدين في رابع ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وستمائة.

34 -

‌ علي بن أحمد بن عبد الرحمن

، القاضي بهاء الدين الشهرزوريّ، العدل.

توفي في شوال بدمشق، صحب ابن الصّلاح، وسمع منه وولي قضاء زرع، وكان شاهداً عاقداً بسوق القمح.

ص: 454

35 -

‌ علي بن بشارة

، أبو الحسن الشبلي، والد الشيخ شرف الدين الحسين الحنفيّ.

توفي في ربيع الأول.

36 -

‌ علي بن سلام

، الفقيه، كمال الدين الدمشقي، الشافعي، مدرس الدَّولعية، والد المفتي شرف الدين.

كان فقيهاً، عالماً، متفنّناً، ذكياً، ديّناً، صالحاً، زاهداً، توفي كهلاً في رمضان بكرة الليلة التي احترقت فيها اللبادين وأسواقها.

37 -

‌ علي بن صالح بن أبي علي بن يحيى بن إسماعيل

، أبو الحسن العلويّ، الحسيني، المكي.

سمع من أبي الحسن علي ابن البناء الخلال، حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار واستجازه لي.

وقال شيخنا التوزري: توفي في نصف رجب سنة إحدى، وأما ابن الخباز فقال: توفي في عاشر شوال سنة ثلاثٍ وثمانين، والأول أثبت.

قال البرزالي: سمع الترمذي من ابن البناء ومسند الشافعي من ابن باقا، قال: وهو تاج الدين البهنسي، عاش نحواً من خمس وثمانين سنة، وكان إمام المقام وخطيب المسجد الحرام، ومعروفاً بالصلاح، حضر عند الشيخ أبي عبد الله القرشي، وعادت بركته عليه، وأجاز لنا مروياته.

38 -

‌ علي ابن الأمير ناصر الدين عيسى

ابن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي ابن الأمير أسد الدين، يوسف بن أبي الفوارس، الأمير، عماد الدين القيمري، الكردى، ابن صاحب قلعة قيمر.

بطّل الخدمة، وأقام بالجبل مدة، وتوفي في رجب بالنّيرب، ودفن بتربة جدة سيف الدين التي تجاه مارستانه بالجبل.

وقيمر بقرب إسعرد، استولى عليها التتار،

ومات هذا في الكهولة.

ص: 455

39 -

‌ علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سُراقة

، علاء الدين، أبو الحسن الهمداني، الدمشقي، الكاتب أحد المتصرفين.

باشر في عدة جهات، وحدَّث عن: ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، روى عنه الشيخ برهان الدين الفزاري.

توفي في جمادى الأولى عن تسع وستين سنة.

40 -

‌ عمر بن إسحاق

، الأمير ناصر الدين، رئيس دمياط.

مات في ربيع الأول.

41 -

‌ عمر بن حسين

، المحدّث، الفقيه، جمال الدين الختنيّ، الحنفيّ.

سمع: ابن رواج وابن الجمَّيزي وخلقاً، وطلب وأسمع ولده يوسف، روى عنه ابنه.

مات في ذي الحجة.

42 -

‌ عمر بن منصور بن إسحاق

، الأمير ناصر الدين الأرسوفي.

روى عن أبي عبد الله ابن البناء البغدادي، ومات بدمياط في ربيع الأول، وحمل ودفن بالقرافة، وأظنه هو رئيس دمياط.

43 -

‌ عيسى بن إسماعيل بن عيسى

، أبو التقى المخزومي.

ولد بمنبج سنة ستمائة، ومات في ربيع الآخر، حدَّث عن ابن روزبة.

44 -

‌ عيسى بن علي

، الأندلسي، الكتبي.

سمع السَّخاوي.

45 -

غمراسن - وقيل ي‌

‌ غمراسن - بن عبد الواد سلطان تلمسان

.

غلب على مدينة تلمسان عند ضعف بني عبد المؤمن وطالت أيامه، وكان أحد من يُضرب به المثل في الشجاعة، وهو الذي قتل السعيد علي بن إدريس المؤمني غدراً بنواحي تلمسان.

مات غمراسن في العشرين من ذي القعدة سنة إحدى، وبقي في الملك سبعين عاماً أو أقل، وتملك بعده ابنه عثمان.

46 -

‌ فخر الدين العراقي

، شيخ الصوفية بدمشق.

توفي في جمادى الآخرة.

ص: 456

47 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله

، الرشيد ابن الشيخ المقرئ تقي الدين الناشري، المصري.

سمع من الفارسي فخر الدين وابن باقا، مات في رجب.

48 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران بن كليب

، العابد، الإمام، أبو عبد الله ابن الدهّان.

توفي في شوال بالإسكندرية، روى بالإجازة عن: أبي جعفر الصَّيدلاني وغيره، وسمع من علي بن المفضَّل، وعاش تسعين سنة،

وقيل: مات سنة اثنتين.

سمع منه: أبو حيّان، والصّفي العراقي، والقطب الحلبي.

49 -

‌ محمد ابن الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام

، السلمي، الدمشقي، شرف الدين، إمام المدرسة الظاهرية التي بالقاهرة.

كان أكبر إخوته، توفي في شعبان،

حدَّث عن: أحمد بن محمد بن سيدهم، وعلي بن عبد الوهاب بن الحبقبق وغيرهما، وله مجاميع وفوائد.

50 -

‌ محمد الإمام المدرس صلاح الدين ابن العلامة شمس الدين علي الشَّهرزوري

، الشافعي، مدرس القيمُرية وابن مدرسها، وأبو مدرسها القاضي، الإمام، شمس الدين علي، أبقاه الله وغفر له.

توفي شاباً في رجب، وكذا توفي بعده أخوه شرف الدين أحمد شاباً، وبينهما شهر ويومان، رحمهما الله، فلما أُديرت الدروس في شوال درس بالمدرسة المذكورة القاضي الإمام بدر الدين محمد ابن جماعة، وحضر درسه القضاة والأئمة.

قرأت بخط الإمام أبي عبد الله ابن الفخر: توفي صاحبي المنغَّص على شبابه، صلاح الدين محمد ابن القاضي شمس الدين علي بن محمود يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب وله أربعٌ وثلاثون سنة أو أَزيَد بيسير، وكان حسن الأخلاق، كريم الشِّيم والعشرة، بشوش الوجه، حسن الخَلق والخُلُق،

ص: 457

رحمه الله، وعوض شبابه الجنة، ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر.

51 -

‌ محمد بن محمد وزير ممالك التتار

، الصاحب، شمس الدين الجويني.

قتله أرغون بن أبغا مظلوما في آخر العام، أو في سنة اثنتين.

52 -

‌ محمد بن محمد بن محمود بن نجيب

، أبو البدر الواسطي، المعدل، الفقيه، نزيل بغداد.

تفقّه بالنظامية، وسمع: ابن بهروز وابن الخازن.

توفي في ذي الحجة، ولقبه كمال الدين، مات كهلاً.

53 -

‌ محمود بن سلطان بن محمود

، البعلبكي، الزاهد، القدوة.

صحب أباه وخدمه، وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي وغيره.

ذكره الشيخ قطب الدين، فقال: كان من الأولياء الأفراد وأرباب الأحوال والمعاملات، صحب والده وأخذ عنه، وصحب والدي ولازمه إلى حين وفاته، ولبس الخرقة تبركاً من الشيخ إبراهيم، ولبسها من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر، توفي في خامس رمضان، ودفن بتربة سيدنا الشيخ عبد الله إلى جانب والده، وقد ناهز المائة، ذكر أن والده أخبره أنه لما عاد من وقعة حطين كان لك من العمر أحد عشر شهراً، ووقعة حطين كانت في سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة.

قلت: روى عن البهاء عبد الرحمن، روى عنه شمس الدين ابن أبي الفتح.

54 -

‌ محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن

، العلامة، برهان الدين المراغي، الشافعي.

ولد سنة خمسٍ وستمائة، وسمع بحلب من أبي القاسم بن رواحة، والقاضي زين الدين ابن الأستاذ، روى عنه المزي وابن العطار وابن البرزالي وجماعة، وكان إماماً، مفتياً، مناظراً، أصولياً، كثير الفضائل،

ص: 458

درس وأفتى وأشغل بدمشق مدة، وكان مع براعته في الفضائل صالحاً، زاهداً، متعففاً، عابداً.

قال قطب الدين: عرض عليه قضاء القضاة فامتنع، وعرض عليه مشيخة الشيوخ فامتنع أيضا، وكان لطيف الأخلاق، كريم الشمائل، عارفاً بالمذهب، والأصول، مكمل الأدوات، توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر، ودفن بمقابر الصوفية، قلت: وكان عالماً بالأصلين والخلاف، له حلقة بالجامع، وكان شيخاً طوالاً حسن الوجه، مهيباً، متصوفاً.

وقال لنا ابن أبي الفتح: عُرِضت عليه الوكالة فأباها، وعُرِض عليه القضاء لما عُزل ابن خلكان فأبى ودرس مدة بالفلكية.

55 -

‌ مذكور بن ناصر

، اللَّخمي، المنذري.

مات ببلبيس في صفر، سمع أبي العباس القرطبي.

56 -

‌ المقداد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن المقداد

، الشيخ نجيب الدين، أبو المرهف القيسي، الشافعي.

ولد سنة ستمائة.

سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال لي: هو أبو المرهف الصقلي الأصل، البغدادي المولد، الدمشقي الدار، شيخ جليل، كثير السماع.

سمع ببغداد من عبد العزيز ابن الأخضر، وأحمد ابن الدبيقي، وأبي البقاء العكبري في آخرين، وبمكة من الحافظ أبي الفتوح نصر ابن الحصري شيئاً كثيراً، وأجاز له المؤيد الطوسي والقاسم ابن الصفّار وآخرون.

قلت: وسمع من عبد العزيز بن منينا، وأبي منصور ابن الرزّاز، وأبي القاسم موسى بن سعيد الهاشمي، وثابت بن مشرف، وبمكة من علي ابن البناء، روى عنه الدمياطي وابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو العباس ابن تيمية، والمزي، والقاضي صدر الدين سليمان الهاشمي، والبرزالي، وأبي: أحمد الذهبي، والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة،

ص: 459

وطائفة، وسمع الكثير وحدّث به، وانتفع به الطلبة واشتهر ذكره.

وكان عدلاً، صدوقا، خيرا، تاجراً، توفي في ثامن شعبان، ودفن بسفح قاسيون، أجاز لي مروياته.

57 -

‌ منكوتمر بن هولاكو بن تولي بن جنكزخان

، المغُلي، أخو الملك أبغا ومقدَّم التتار الذين عملوا المصاف في عام أولٍ مع المسلمين بظاهر حمص.

كان ذا شجاعة وإقدام وسفكٍ للدماء وجراءة على الله وعلى عباده.

ذكره ابن اليونيني فقال: هو نصراني، جُرح يوم المصاف وحصل له ألمٌ شديد، وغم على ما جرى عليه، وحدثته نفسه بجمع العساكر من سائر ممالك أبيه وقصد الشام للأخذ بثأره، فبغته موت أبغا، ففتّ ذلك في عضُده، وتملك بعد أبغا أخوه الملك أحمد وهو مسلم، فانكسرت هّمة منكوتمر واعتراه صرعٌ متدارك، فتوفي في العشر الأول من المحرم، ببلد جزيرة ابن عمر، بقرية تل خنزير، وقيل: توفي في أواخر سنة ثمانين، وله نحوٌ من ثلاثين سنة أو أكثر.

58 -

‌ هبة الله

، المعروف بالسديد، الماعز، القبطي، النصراني، مستوفي المملكة.

كان ماهراً في الحساب، مقدَّماً على أبناء جنسه، معروفاً بالأمانة، وله مكانة وافرة عند الملك المنصور والوزير يستضيء برأيه، وما على يده يد، وكان فيه خدمة وتودُّد ومداراة وإقالة لعثرات الكتاب، متمسكاً بملته، كثير الإحسان والصداقات على النصارى.

هلك في عاشر المحرم وهو في عشر السبعين بالقاهرة، وعجّل الله بروحه إلى النار، ورتب السلطان ولده الشيخ الأسعد جرجس مكانه، فتضاعفت منزلته، وشكرت سيرته.

59 -

‌ لاجين الأمير

، حسام الدين العينتابي.

ص: 460

شارك في نيابة السلطنة بحلب، وكان بطلاً شجاعاً، سائساً، جميل الصورة.

60 -

‌ أبو بكر بن عبد الله بن كزمان بن يوسف

، الدمشقي، الفرّاء.

روى عن السخاوي وغيره، وكان شيخاً صالحاً، توفي في شوال.

61 -

‌ أبو طالب بن إسماعيل بن أبي طالب بن بدر

، الدمشقي، العطار، سعد الدين ابن بدر الطويل.

روى عن ابن اللتي، ومات في صفر، وقد رأيته ولم يكن أحد في البلد أطول منه، وكان لا يجد مداساً إلا أن يستعمله على قالب أعد له.

وفيها ولد:

شمس الدين محمد بن أحمد بن تمام السّراج والده في نصف جمادى الأولى بدمشق، وبشر بن إبراهيم البعلي.

ص: 461

سنة اثنتين وثمانين وستمائة

62 -

‌ أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي المحامد إسماعيل بن حامد

، نجم الدين، أبو العباس، ابن القوصي.

شيخ حسن عدل، سمع: أبا محمد ابن البُن، وأبا المجد القزويني، وأبا القاسم بن صصرى، وزين الأمناء وجماعة، روى عنه ابن الخباز والبرزالي وغيرهما.

ومات في ربيع الآخر.

63 -

‌ أحمد ابن السابق بشارة

، الشبلي، عماد الدين.

سمع: من ابن اللتي.

64 -

‌ أحمد بن حجي بن بريد

، الأعرابي، الأمير، شيخ آل مري.

كان أحد الأبطال المذكورين والشجعان المعروفين، كانت غاراته تصل إلى نجد والحجاز ويؤدون له الخفر، حتى إن صاحب المدينة جمازاً، يؤدي له القطيعة ويداريه، وكان له المنزلة الرفيعة عند السلطان الملك الظاهر والسلطان الملك المنصور، وكان يزعم أنه من نسل جعفر البرمكي وزير الرشيد، وأنه من أولاد أخت هارون الرشيد، وكان إذا حضر عند قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان يقول: أنت ابن عمي، ويضيفه القاضي وبينهما مهاداة ولهذا قام معه في نصره لمّا آذاه الأمير علم الدين الحلبي نوبة سنقر الأشقر وكاتب فيه إلى مصر، وكان آفة على الناس في الطرقات، وخلّف عدة أولاد.

65 -

‌ أحمد بن عبد الله بن هبة الله ابن المنصور بالله

، أبو الفضل الهاشمي، المنصوري.

روى عن ابن روزبة، وتوفي في رجب ببغداد.

66 -

‌ أحمد بن علي بن عامر

، العماد المقدسي، الأشتر.

من مشاهير الشُّهود، له ترجمة ضعيفة ويرمى بالتزوير، حدثونا عنه أنه

ص: 462

كان يكتب في كل إثبات يقع في يده ويصيح ويقول بجهل: أنا بقي إسجال على القضاة ما شهدت فيه.

توفي في ذي القعدة، وقد روى لنا ولده السديد عبد الله عن النجيب ابن الصيقل.

67 -

‌ أحمد بن محمد ابن مهنا

، العلامة جمال الدين الحسيني، العبيدلي.

قال الفوطي: عارف بالأنساب وفنون الآداب، أوحد في علمه، صنف كتاب وزاء الزَّوراء، كتب عني وكتبت عنه، مات ببغداد في صفر.

68 -

‌ أحمد بن محمد بن علي

، القدوة الزاهد، نجم الدين ابن القشّ البغدادي، من بقايا المشيخة ببغداد.

كان شيخنا شمس الدين يُثني عليه ويذكره.

قرأت بخط الفوطي: إنه كان ممن صحب الشيخ عثمان القصير وتاب على يده وتفقه لأحمد، وسمع من أصحاب أبي الوقت، وصحب جدي لأمي العفيف ابن الظهيري، ولما رجعت من مراغة أهدى لي فواكه وأعطاني دراهم غير مرة، توفي ببعقوبا في رجب، ودفن إلى جانب شيخه الشيخ علي بن إدريس.

69 -

‌ أحمد بن يحيى بن قمير

، أبو العباس المالكي.

من أعيان الفقهاء، توفي بالدميرتين، وهو في عشر السبعين في رمضان، وكان من الزُّهاد، أخذ عن أبي الحجاج الأقصري.

70 -

‌ أحمد بن أبي الهيجاء

، الزراد، الحريري، الصالحي والد شيخنا أبي عبد الله.

كان رجلاً جيدًا، سمع الكثير من خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي مع ولده، وسمع منه: النَّجم ابن الخباز.

توفي في رمضان وله ثمانون سنة أو نحوها.

71 -

‌ إبراهيم بن تروس بن عبد الله

، برهان الدين الحنبلي، التاجر بقيسارية الفرش.

ص: 463

سمع من السخاوي، والتاج القُرطبي، والرشيد ابن مَسْلَمَة، ثم سمع بنفسه وحصّل، كتب عنه ابن أبي الفتح، وابن البرزالي وجماعة، ومات في ذي القعدة.

72 -

‌ إبراهيم بن المبارك بن أبي البقاء

، الطّيّبي، البغدادي.

سمع من أحمد بن يعقوب المارستاني، وابن القبيطي، وجماعة، ومات في ذي الحجة ببغداد، وحدَّث.

73 -

‌ إبراهيم بن محمد بن أبي العز

، أبو إسحاق الحربي، العتابي.

سمع: عبد الملك بن قيبا، وابن الخازن، وأعز بن العليق، كتب عنه الفرضي، وتوفي في ذي الحجة.

74 -

‌ إبراهيم بن أبي إسحاق بن إبراهيم

، الإمام أبو إسحاق الطرزي، الدَّامغاني، الحنفي.

قال الفرضي: كان مفتياً، عارفاً بالمذهب، زاهداً، قدم بخارى وتفقّه بها، وسمع من أبي المعالي الباخرزي ورجع إلى بلده، قال: توفي في هذه السنة في غالب ظني.

75 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر

، صاحب إفريقية، المجاهد في سبيل الله، أمير المسلمين أبو إسحاق ابن الأمير أبي زكري.

هو الذي توثب على ابن أخيه المخلوع وأقام في المملكة أربعة أعوام، فخرج عليه الدَّعي وقتله صبراً في هذا الوقت، وسنذكر الدعي في العام الآتي.

76 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن أبي القاسم بن أبي طالب بن كُسيرات

، الصدر، مجد الدين، أبو الفداء الموصلي.

ولي المناصب الكبار بالموصل، ثم قدم الشام وولي نظر حمص مدةً، ثم قدم دمشق، فولي نظر الدواوين، فلما تسلطن شمس الدين سنقر بدمشق استوزره، فباشر تلك الأيام مكرهاً، وحصل له من صاحب مصر مصادرة

ص: 464

ونكد، ثم لزم بيته وحج وأقام بطّالاً بجبل قاسيون إلى أن مات في رمضان وقد جاوز السبعين.

77 -

‌ إسماعيل بن هبة الله بن علي بن المقداد

، أبو الفداء، القيسي، ناصر الدين، أخو الشيخ نجيب الدين ووالد صاحبنا علاء الدين وحمو قاضي القضاة شمس الدين محمد ابن الحريري.

توفي في شوال.

78 -

‌ إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد

، العسقلاني، ثم الصالحي، أبو الفداء.

ولد سنة بضعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني، وغيرهم، وكان من الشيوخ المسندين، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون.

وسألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: سمع المسند من حنبل، وسمع من ابن طبرزد عامة ما قرئ عليه بالجبل، وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني وسمعنا منه أشياء كثيرة، وكان أُمّيّاً.

وقال ابن العطار: حضر جزءاً في الرابعة من عمره سنة تسعٍ وتسعين في رجب على أبي المجد الحسن بن الحسن الأنصاري، وتوفي في ذي القعدة.

79 -

‌ بدر بن عبد الله

، الآمدي، الخادم.

يروي عن كريمة، وقد سمع الكثير مع الشَّرَف النابلسي.

كتب عنه علم الدين وغيره، ومات في رجب.

80 -

‌ الحسن بن علي بن عبد الله

، أبو عبد الله الشهرزوري، الفقيه، الشافعي.

إمام، علامة، زاهد، عابد، قائم على المذهب، نزل بغداد، وسمع من المؤتمن ابن قميرة وغيره.

توفي في ذي القعدة، وهو من شيوخ الفرضي.

قال الفوطي: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ كتاب المهذب لأبي إسحاق، وكان أمياً، وكان مدرساً بمدرسة فخر الدين ابن القاضي، سألته عن

ص: 465

مولده فقال: سنة عشر وستمائة تقريباً.

81 -

‌ الحسن بن علي بن عسكر

، أخو الشيخة هدية.

روى عن ابن اللتي وغيره، توفي في ربيع الأول، وكان قيّم حمام، وصحب ابن الكمال وخدمه.

82 -

‌ الحسين بن علي بن أبي المنصور

، الأنصاري الشيخ القدوة صفي الدين أبو عبد الله.

توفي بمصر في ربيع الآخر، وله سبعٌ وثمانون سنة، وكان صاحب زاوية بالقرافة، وتؤثر عنه كرامات وكشف، وكان الوزير وغيره من الأكابر يمشون إليه ويتبركون به، وقد كتب في الإجازات وحدَّث عن أبي الحسن علي ابن البنّاء، أخذ عنه عتيق العُمري وصحبه.

وقفت على كراس لهذا الشيخ في لُقيه الأولياء وفيه عظائم لا تحتمل، والله الموعد.

83 -

‌ خليل بن عبد الغني بن خليل بن مقلّد

، الشيخ، صفي الدين ابن الصائغ، الأنصاري، الدمشقي، الرجل الصالح، ابن عم قاضي القضاة.

توفي في رجب، ودفن بقاسيون، وكان ديّناً، كثير العبادة، لا أعلم له رواية.

84 -

‌ زكريا بن محمود

، الإمام أبو يحيى الأنصاري، الأنسي، القزويني، القاضي عماد الدين، قاضي واسط.

وقد كان قاضي الحلة في أيام الخليفة، وله تصانيف منها كتاب عجائب المخلوقات.

مات في سابع المحرم.

85 -

‌ زهرون بن خلف بن زهرون

، الدمياطي.

توفي في شوال بمصر، وقد حدّث.

86 -

‌ زين الحرمين

، بنت الصاحب كمال الدين عمر ابن العديم، وأمّ المولى الإمام بهاء الدين يوسف ابن العجمي.

ص: 466

توفيت في جمادى الأولى، ولها سماع، ولعلها حدثت وكانت كاتبة خيرة.

87 -

‌ سعيد بن أحمد بن سعيد

، أبو العز الطيبي ابن خطيب الطيب.

شيخ بغدادي، إمام في الفرائض، سمع من أبي الحسن القطيعي، وأبي المنجى ابن اللتي، وجماعة، ومات عن خمسٍ وخمسين سنة في ذي القعدة ببغداد.

88 -

‌ صفية ابنة محمد بن عيسى ابن الشيخ موفق الدين ابن قدامة

، المقدسيَّة، زوجة الشيخ تقي الدين إبراهيم ابن الواسطي.

سمعت من ابن اللتي وجعفر الهمداني، روى عنها علم الدين والطلبة وتوفيت في ربيع الآخر بالجبل.

89 -

‌ عباس بن عمر بن عبدان

، الفقيه، عفيف الدين، أبو الفضل البعلبكي، الحنبلي، المقرئ، الرجل الصالح.

كان إمام مسجد بالعُقيبة، وقد سمع من الشيخ الموفَّق، والبهاء عبد الرحمن، والمجد القزويني، وزين الأمناء ابن عساكر، وقرأ شيئاً من الفقه على الشيخ الموفق أيضاً، روى عنه أبو الحسن ابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة.

توفي الفقيه عباس في ذي الحجة وبلغني أنه قرأ العمدة على الشيخ الموفق.

90 -

‌ عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيّون

، الغساني، الشيخ جمال الدين أبو محمد الجزائري، نزيل دمشق.

شيخ محدث، عالم متقن، كثير الرواية، مليح الكتابة، نسخ الكثير وعني بالحديث، مع فهمٍ ومعرفة وديانة وعبادة وتواضع، فسمع بمصر من جماعة من أصحاب السِّلفي، وحدث عن: أبي الخطاب بن دحية الحافظ، وأخيه أبو عمرو عثمان، ويوسف ابن المخيلي، وأبي الحسن السخاوي، وكريمة القرشية، وأبي عمرو ابن الصلاح، وإبراهيم ابن الخشوعي، ثم لم يزل يسمع ويكتب إلى أواخر عمره.

ص: 467

روى عنه النجم ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن تيمية، وطائفة سواهم، وأجاز لي مروياته، وولي مشيخة النجيبية التي هي سكن أبي الحجاج المزي، وبها توفي في شوال.

91 -

‌ عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم

، الإمام، المفتي، المفنّن شهاب الدين ابن العلامة شيخ الإسلام أبي البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، نزيل دمشق، والد شيخنا.

ولد سنة سبعٍ وعشرين وستمائة بحران، وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وأبي القاسم بن رواحة، وحامد بن أميري، وعلي بن أبي الفتح الكباري، وأبي الحجاج بن خليل، وعيسى الخياط، وقرأ المذهب حتى أتقنه على والده، ودرّس وأفتى وصنف وصار شيخ البلد بعد أبيه وخطيبه وحاكمه.

وكان إماماً متقناً، محققاً لما ينقله، كثير الفنون، جيد المشاركة في العلوم، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة، وكان ديناً، خيراً، متواضعاً، حسن الأخلاق، موطَّأ الأكناف، كريماً جواداً، نبيلاً، من حسنات العصر.

تفقه عليه ولداه أبو العباس وأبو محمد، وحدثنا عنه على المنبر ولده، أيده الله بروحٍ منه، وكان قدومه إلى دمشق بأهله وأقاربه مهاجرًا في سنة سبعٍ وستين وستمائة.

وتوفي ليلة الأحد سلخ ذي الحجة، ودفن بمقابر الصوفية، وكان الشيخ الشهاب من أنجم الهدى، وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس.

92 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مفلح

، المقدسي، الصالحي، قيّم المدرسة الشامية.

روى ابن الزبيدي، وابن اللتي، أخذ عنه ابن الخباز، وابن البرزالي،

ص: 468

وغيرهما، ومات في ربيع الأول.

93 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن عباس بن أحمد بن بشير

، كمال الدين، أبو الفرج اللخمي، المصري، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي، إمام المدرسة المجاهدية.

روى عن أبي القاسم ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وابن البن، روى عنه ابن البرزالي، وابن تيمية، والمزي، والطلبة،، وكان له شعر وفيه نباهة، وخطه مليح.

توفي في شعبان وله خمسٌ وسبعون سنة رحمه الله.

94 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة

، شيخ الإسلام وبقية الأعلام، شمس الدين، أبو محمد وأبو الفرج، ابن القدوة الشيخ أبي عمر، المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، الحنبلي، الخطيب، الحاكم.

ولد في المحرم سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة بالدير المبارك بسفح قاسيون، وسمع حضوراً من ست الكتبة بنت الطرّاح سنة تسعٍ وتسعين، وسمع من أبيه وعمه الشيخ الموفق وعليه تفقه، وعرض عليه المقنع وشرحه عليه، وشرحه في عشر مجلدات.

وسمع أيضاً من حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي المحاسن محمد بن كامل، والقاضي أبي المعالي أسعد بن المنجى، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفتوح الجلاجلي، والشيخ العماد، والشهاب ابن راجح، والشمس البخاري، والبهاء عبد الرحمن، والعزّ ابن الحافظ، والشمس أبي القاسم العطار، وأبي الحسين غالب بن عبد الخالق الحنفي، وأحمد بن محمد بن سيدهم، ومحمد بن وهب بن الزنف، ونصر الله بن نوح المصري، والموفق عبد اللطيف اللغوي، وهبة الله الكهفي، ويوسف بن أبي الحسين الزاهد. وطلب الحديث بنفسه، وكتب وقرأ على الشيوخ، فقرأ على: ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، والضياء المقدسي وطائفة. وسمع بمكة من أبي المجد القزويني، والتقي علي بن باسويه الواسطي، وبالمدينة من أبي طالب عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي، وبمصر من مرتضى بن أبي الجود،

ص: 469

وبركات بن ظافر بن عساكر، وإبراهيم بن الجباب، وجماعة وأجاز له: الإمام أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو سعد عبد الله ابن الصفار، وعفيفة الفارفانية، وأبو الفتح المندائي وخلق كثير.

روى عنه الأئمة أبو زكريا النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وأبو العباس ابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، وأبو عبد الله بن مسلم، والبدر أبو عبد الله التّادفي، والزَّين عبد الرحمن اليلداني، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي وخلق كثير.

وتفقه عليه غير واحد، ودرّس وأفتى، وصنّف، وانتفع به الناس، وانتهت إليه رياسة المذهب في عصره، وكان عديم النظير علماً وعملاً وزهداً وصلاحاً.

ولقد بالغ نجم الدين ابن الخباز المحدث وتعب وجمع سيرة الشيخ في مائة وخمسين جزءاً، تجيء ست مجلدات كبار، ولعل ثلثها مما يختص بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأصحابه، وهلم جرا إلى زمان الشيخ.

وذكر أنه حج ثلاث مرات، الأولى سنة تسعٍ عشرة، والثانية سنة إحدى وخمسين، وحج معه شيخنا تقي الدين سليمان، وكانت وقفة الجمعة، والثالثة سنة ثمانٍ وسبعين لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبه في المنام، فقام بذلك.

وحضر من الفتوحات: الشقيف في سنة ست وأربعين، وصفد في سنة أربعٍ وستين، والشقيف ويافا سنة ست وستين، وحصن الأكراد سنة تسعٍ وستين.

وكان كثير الذكر والتلاوة، سريع الحفظ، مليح الخط بمرة، يصوم الأيام البيض وعشر ذي الحجة والمحرم، وكان رقيق القلب، غزير الدمعة، سليم القلب، كريم النفس، كثير القيام بالليل والاشتغال بالله، محافظاً على صلاة الضحى، ويصلي بين العشاءين ما تيسر، وكان يبلغه الأذى من جماعة فما أعرف أنه انتصر لنفسه، وكان تأتيه صِلات من الملوك والأمراء، فيفرّقها على أصحابه وعلى المحتاجين، وكان متواضعاً عند العامة، مترفِّعاً عند الملوك،

ص: 470

حسن الاعتقاد، مليح الانقياد، كل العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله.

وكان حَسَن المحاورة، ظريف المجالسة، محبوب الصورة، بشوش الوجه، صاحب أناة وحلم ووقار ولطف وفتوة وكرم، وكان مجلسه عامراً بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين، وكان علامة وقته، ونسيج وحده، وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولم أر أحداً يصلي صلاةً أحسن منه، ولا أتم خشوعاً، وكان يدعو بدعاءٍ حسن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.

وكان ربع القامة، وليس بالقصير، أزهر اللون، واسع الوجه، مشرَباً بحمرة، واسع الجبين، أزج الحاجبين، أبلج، أقنى الأنف، كثّ اللحية، سهل الخدين، أشهل العينين، رقيق البشرة، متقارب الخطى، تسرّى أولاً بجاريةٍ ولم تُقم عنده، ثم بأخرى اسمها خطلو، فولدت له أحمد في سنة خمسٍ وعشرين، فصلى بالناس، وحفظ المقنع، وعاش ستة عشرة سنة، ثم ولدت محمداً، فمات سنة ثلاثٍ وأربعين، وله أربع عشرة سنة، وولدت له ثلاث بنات، منهن فاطمة التي ماتت سنة خمسٍ وثمانين، ثم تزوج خاتون بنت السديد عبد الرحمن بن بركات الإربلي في سنة ثمانٍ وثلاثين، فولدت له الشرف عبد الله سنة تسعٍ وثلاثين، والعزّ محمدا سنة ست وأربعين، والقاضي نجم الدين أحمد سنة إحدى وخمسين، ثم ست العرب التي توفيت سنة اثنتين وسبعين عن نحو ثلاثين سنة، وخلّفت الفخر عبد الله ابن شمس الدين محمد ابن الخطيب شرف الدين عبد الله بن أبي عمر، وتوفي الشمس أبو هذا سنة ثمانٍ وستين قبل أخيه الشيخ العز بيسير، ثم تزوج الشيخ بحبيبة بنت التقي أحمد ابن العز، فولدت له علياً، فعاش ست سنين، ومات، ثم ولدت له عليا وعمر وزينب وخديجة، فتوفي عمر سنة خمسٍ وثمانين، وقُتل الفقيه علي سنة سبعمائة بأرض ماردين شهيداً.

وقال أبو الفتح ابن الحاجب الحافظ: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر فقال: فقيه، إمام، عالم، خير، دين، حافظ، تفقه على عمه، وسمع على جماعة كثيرة.

قال ابن الخباز: وكان كثير الاهتمام بأمور الناس كلهم ويسأل عن

ص: 471

الأهل والجيران والأصحاب، لا يكاد يسمع بمريض إلا افتقده، ولا مات أحدٌ من أهل الجبل إلا شيّعه، ولا سمع بمكانٍ شريف إلا زاره ودعا فيه.

وكان كثير التردد إلى مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل، وكان يقصد زيارة قبر والده وجده بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ يس والواقعة وما تيسر ويهديه ويدعو للمسلمين.

وحدثني التاج عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم أن شيخنا رحل إلى يونين، وأقام بها أربعين يوماً يعبد الله ويسأله ويتضرع إليه، وكان معه العز أحمد ابن العماد، قال: وأملى علينا الإمام مفتي الشام محيي الدين يحيى النواوي بدار الحديث، قال: شيخنا الإمام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف، وصاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن واللطائف، أبو الفرج، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي، سمع الكثير وأسمعه وأسمع قديماً في حياة شيوخه، وهو الإمام المتَّفَق على إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو العلوم الباهرة، والمحاسن المتظاهرة.

قال: وحدثنا الإمام أبو إسحاق اللوري المالكي، قال: كان شيخنا شيخ الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، الرباني، شمس الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام أبي عمر ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل، منها: التواضع مع عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضي إلى التشاجر والنفور، والاقتصاد في كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة في كلامه، ولا تقعر، ولا تعظُّم في مشيته ولا تبختر، ولا شطط في ملبسه ولا تكثر، ومع هذا فكانت له صدور المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى في الفصل بين العشائر والقبائل، مع ما أمده الله به من سعة العلم، وفطره عليه من الرأفة والحلم، ألحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث، إلى أن قال: لا يوفر جانبه عمن قصده قريبا كان أو أجنبيا، ولا يدخر شفاعته عمن اعتمده مسلماً كان أو ذمياً، ينتاب بابه الأمراء والملوك، فيساوي في إقباله عليهم بين المالك والمملوك.

وسمعت فخر الدين عمر بن يحيى الكرجي يقول: يا أخي، الشيخ أشهر من أن يوصف، بل أقول: تعذَّر وجود مثله في أعصارٍ كثيرة على ما بلغني من سيرة العلماء.

ص: 472

ولي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربعٍ وستين على كرهٍ منه، سمعت عماد الدين يحيى بن أحمد الحسني الشريف يقول: الشيخ عندي في الرتبة على قدم أبي بكر والشيخ زين الدين الزواوي على قدم عمر، فما رأت عيني مثلهما.

وقال أيضاً: كان الشيخ والله رحمةً على المسلمين، ولولاه راحت أملاك الناس لما تعرَّض إليها السلطان ركن الدين، فقام فيها مقام المؤمنين الصديقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكام، وعملوا في حقه المجهود، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته، يكفيه هذا عند الله.

سمعت الإمام عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد الرَّبعي بالبيمارستان النُّوري يقول: رحمة الله على الشيخ شمس الدين، كان كبير القدر، جعله الله رحمةً على المسلمين، ولولاه كانت أملاك الناس أُخِذت منهم.

ثم ساق ابن الخباز ثناء جماعةٍ كثيرة من الفضلاء على الشيخ، وساق فصلاً طويلاً في نحو من مائتي ورقة، فيه منامات مرئية من عدد كثير للشيخ، كلها تدل على حسن حاله، وأنه من أهل الجنة.

وقد أثنى عليه الشيخ قطب الدين، وقال: ولي القضاء مكرهاً وباشر مدة، ثم عزل نفسه، وتوفر على العبادة، والتدريس والتصنيف، وكان أوحد زمانه في تعدُّد الفضائل، والتفرد بالمحامد، وحج غير مرة، ولم يكن له نظير في خُلُقه وما هو عليه، وكان على قدم السلف الصالح في معظم أحواله، ورثاه غير واحد.

قلت: رثاه قريب ثلاثين شاعراً، وكانت جنازته مشهودة، لم يسمع بمثلها من دهرٍ طويل، حضرها أممٌ لا يحصون، وكان مقتصداً في ملبسه وله عمامة صغيرة بعذَبةٍ بين يديه، وثوب مقصور، وعلى وجهه نور وجلالة، وكان ينزل البلد على بهيمةٍ، ويحكم بالجامع.

ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخباز، وربما اختصر ذلك {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} وقد أجاز لي مروياته، ولله الحمد، وتمرض أياماً، ثم انتقل إلى الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر،

ص: 473

بمنزله بالدير، ودفن عند والده، وقد رثاه القاضي شهاب الدين محمود، الكاتب بقصيدةٍ طويلة أولها:

ما للوجود وقد علاه ظلام أعراه خطب أم عداه مرام وهي نيف وستون بيتاً.

ورثاه الأديب البارع شمس الدين محمد الصائغ بقصيدة أولها:

الحال من شكوى المصيبة أعظمُ حيث الرّدى خصمٌ بعيد يخصم وهي ستة وخمسون بيتاً.

ورثاه المولى علاء الدين ابن غانم بقصيدةٍ حسنة، ورثاه الشيخ محمد ابن الأرموي بقصيدةٍ قرأتها عليه، ورثاه البرهان ابن عبد الحافظ بقصيدة قرأتها عليه أيضاً، ورثاه مجد الدين ابن المهتار بقصيدةٍ، ورثاه نجم الدين علي بن عبد الرحمن بن فليتة التميمي الحنفي بقصيدة، ولم يخلف بعده مثله في جملته.

وقال شمس الدين محمد بن أبي الفتح رحمه الله: مرض شيخنا سبعة عشر يوماً بالبطن، فهو شهيد.

أخبرني شيخنا فخر الدين البعلبكي أنه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه نحو خمسين سنة.

قال ابن أبي الفتح: وكان مع ذلك زاهداً في الدنيا والمناصب، ولي القضاء أكثر من اثنتي عشرة سنة، لم يتناول على ذلك رزقاً، ثم تركه بعد، حدث بالمسند عن حنبل وبكتابي: أبي داود والترمذي عن ابن طبرزد، وبسنن ابن ماجه عن الشيخ الموفق، وبالبخاري عن ابن الزبيدي، وبالدارمي عن ابن اللتي، ولي منه إجازة بخطه بسائر مروياته، وحدثني عنه طائفة من العلماء، رحمه الله تعالى.

95 -

‌ عبد الرحمن بن محمد

، الحسنوي، الجزري.

شيخ، صالح، عابد، عارف، حسن المحاظرة، توفي بدمشق، وله نحوٌ من ثمانين سنة، ورّخه الجزري.

ص: 474

96 -

‌ عبد الرحمن بن أبي بكر بن عمر

، الموصلي.

شيخ صالح ولد ببلد الموصل سنة ستمائة وكتب في الإجازات، وتوفي في شوال بدمشق، وكأنه الذي قبله، فإن ذاك توفي أيضاً في شوال.

97 -

‌ عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان

، العدل، كمال الدين القرشي، الدمشقي.

روى عن ابن اللتي، سمع منه: البرزالي وغيره، ومات في ربيع الآخر.

98 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درباس

، شمس الدين، أبو علي الماراني، المصري، الشافعي.

ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن البتيت، وعبد الله بن محمد بن مجلي، وتفرد بالسماع منهما، وأجاز له مشايخ نيسابور وأصبهان وبغداد.

وكتب عنه المصريون، وله شعر جيد، وهو والد شيخنا إسحاق، توفي بالقرافة في خامس شوال.

99 -

‌ عبد الرزاق بن أسعد بن مكي بن ورخز

، أبو بكر البغدادي، التاجر، المعروف بالكوّاز.

ثقة، صالح، حنبلي، عاش ثلاثاً وثمانين سنة، روى عن محاسن الخزائني، وعبد الرحمن بن كندرتا المشتري، سمع منه صفة المنافق، وتوفي في رمضان.

100 -

‌ عبد الصمد، المغربي، الزاهد

.

ص: 475

كان صوفياً، عارفاً، كبير القدر، توفي بدمشق بمنزله بقرب المنكلانية، وحضره ملك الأمراء والخلق.

مات في ذي الحجة.

101 -

‌ عبد القاهر بن مظفَّر بن المبارك

، البغدادي، الحنفي، سيف الدين، أبو النجيب.

من بيت العلم والعدالة، وكان أعرف الناس بأحوال أهل العراق، عاشر النبلاء، وسمع من أبيه المائة الشريحية، ومن خال أبيه عمر بن أعز بن عمر بن عمويه السهروردي، بسماعهما من أبي الوقت، عنه ابن الفوطي.

مات سنة اثنتين وثمانين، قاله ابن الفوطي.

102 -

‌ عبد القوي بن عبد العزيز بن عبد القوي

بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن الجبّاب، أبو البركات التميمي، السعدي، المصري.

توفي بمصر في ربيع الآخر، يروي عن. . .

103 -

‌ عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي

بن يوسف بن محمد بن قُدامة.

توفي بالجبل في شعبان، يروي عن أصحاب يحيى الثقفي، ومات شاباً، وهو والد العماد أحمد والشمس المحتسب.

104 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عطاء

، الصالح، نور الدين الأذرعي، الحنفي، إمام مسجد خاتون بالجبل.

روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي، ومات في رمضان.

105 -

‌ علي بن عمر ابن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر

ابن الشيخ أبي عمر المقدسي، بدر الدين.

كان رجلاً جيداً ديناً، معروفاً بالأمانة، روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي، كتب عنه ابن الخباز والبرزالي، توفي في رمضان.

106 -

‌ علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة

، علاء الدين الهمذاني، الكاتب الأعرج.

ص: 476

سمع من ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، وعاش ستين سنة، توفي في العشرين من جمادى الآخرة.

107 -

‌ علي بن يعقوب بن شجاع بن علي

بن إبراهيم بن محمد بن أبي زهران، الشيخ عماد الدين أبو الحسن الموصلي، المقرئ، المجود، الشافعي.

إمامٌ بارعٌ في القراءات وعللها ومشكلها، بصيرٌ بالتجويد والتحرير، حاذقٌ بمخارج الحروف، انتهت إليه رياسة الإقراء بدمشق، أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن وثيق الأندلسي وغير واحد.

وكان فقيهاً مبرزاً، يكرر على الوجيز للغزالي، وحفظ الحاوي في آخر عمره، وكان جيد المنطق والأصول، فصيحاً، مفوَّهاً، مناظراً، وفيه عشرة ومردكة على الوجود وبأوٌ وتِيهٌ، الله يغفر عنه، صنف للشاطبية شرحاً يبلغ أربع مجلدات، ولكنه لم يكمله ولا بيّضه.

ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد وفاة الشيخ زين الدين الزّواوي، وكان الشيخ زين الدين يعظمه ويقدمه على نفسه.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بالموصل وأقرأ بدمشق، فممّن قرأ عليه علاء الدين الجنة، وكان والده فقيهاً، فاضلاً، شاعراً، وكذا جده شجاع له شعر، توفي العماد الموصلي في سابع عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير، ومات في عشر السبعين، رحمه الله.

108 -

‌ علي بن أبي بكر بن حسن

، أبو الحسن الكردي، الشهرزوري، البغدادي، الحريمي الزاهد.

كان زاهداً، عابداً كبير القدر، كثير الصمت، صحب الشيخ عثمان القصر، وسمع من ابن بهروز وابن اللتي ومحمد بن واثلة، ومات في ذي القعدة عن سبعين سنة.

كتب عنه الفرضي وغيره.

ص: 477

109 -

‌ عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله

بن علي بن المطهر بن أبي عصرون، الشيخ محيي الدين أبو الخطاب ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي حامد ابن العلامة قاضي القضاة شرف الدين أبي سعد التميمي، الدمشقي، الشافعي.

ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع في الخامسة من عمر بن طبرزد، وسمع من التاج الكندي، ومحمد بن الزنف، وعبد الجليل بن مندويه، والشمس أحمد بن عبد الله السُّلمي وغيرهم، وتعانى الجندية في شبابه، ثم لبس زي الفقهاء بعد وفاة أخيه شرف الدين عثمان، وتوفي فجاءة في ثالث ذي القعدة.

روى عنه ابن الخباز وابن العطار وابن تيمية والمزي والبرزالي، وأبو محمد الحارثي وجماعة، وأجاز لي مروياته.

وكان قليل الفقه، ومع ذلك فدرس بمدرسة جده بدمشق إلى أن مات، وكان وقوراً، مهيباً، حسن الشكل والبزة.

110 -

‌ عمر بن محمد بن أبي بكر

، الشيخ نجم الدين الكريدي، قاضي الصَّلت.

سمع بإربل من عبد الرحمن بن المشتري، وابن المكرم الصوفي، وتوفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة.

وهو أخو محمد، وكان رفيقه في السماع، وحدّث بمصر، ومات في أول سنة تسعٍ وسبعين وستمائة.

111 -

‌ عيسى بن الخضر بن الحسن بن علي

، الصدر، شمس الدين ابن الوزير برهان الدين الزرزاري السنجاري.

كان مليح الشكل والصورة، ناب عن أبيه في الوزارة في أول الدولة المنصورية، ثم عزل، وولي نظر الأحباس وخانقاه سعيد السعداء، ثم درس بمدرسة زين التجار مدةً، ثم قبض عليه وامتحن محنةً شديدةً، وأفرج عنه

ص: 478

وأقام بطّالاً في منزله بالمدرسة المعزية إلى أن توفي في المحرم، وله نيفٌ وأربعون سنة.

112 -

‌ عيسى بن المظفر بن محمد بن إلياس

، الصدر، عز الدين الأنصاري، الدمشقي، ابن الشيرجي، أحد الأعيان.

ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، وكان عدلاً، نبيلاً، محتشماً، عالي الهمة، سمع منه: علم الدين البرزالي وغيره.

توفي في رجب وله خمسٌ وخمسون سنة، ودفن بباب الصغير.

113 -

‌ كامل بن مكارم

، السلماني.

توفي في رمضان بالقاهرة، روى عن ابن رواحة.

114 -

‌ كشتغدي، علاء الدين الظاهري

، أمير مجلس، من كبار الأمراء المصريين.

قال قطب الدين: ظهر قبل وفاته بقليل أنه باقٍ على الرق، فاشتراه السلطان الملك المنصور وأعتقه، وكان أحد الأبطال المذكورين له مواقف مشهورة.

توفي بقلعة الجبل كهلاً، وحضر السّلطان جنازته.

115 -

وأما:‌

‌ كشتغدي الشمسي

، الأمير الرافضي.

فولي الشد بدمشق وغير ذلك، فذكر الشيخ تاج الدين في تاريخه أن ضياء الدين ابن عبد الكافي حدثه أن كشتغدي كان يقعد في الخزانة، ويلعن معاوية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عوتب قال: لعنه الله ولعن من لا يلعنه.

116 -

‌ محمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد

، المفتي، شمس الدين المقدسي، أخو المفتي شرف الدين.

تفقه وبرع في المذهب، وناب في تدريس الشامية البرانية عن الشيخ تقي الدين ابن رزين، ثم اشترك هو والقاضي عز الدين محمد ابن الصائغ في

ص: 479

تدريسها، ثم استقل بها إلى أن مات وناب في الحكم مدةً عن القاضي عز الدين.

وكان فقيهاً صالحاً ورعاً، مشكور السيرة، متين الديانة، ممن جمع بيت العلم والعمل، حدث عن: أبي الحسن السخاوي وغيره، وعنه أبو الحسن ابن العطار، وأبو محمد البرزالي وغيرهما.

ولد سنة سبعٍ وعشرين وستمائة، وتوفي إلى رضوان الله في ثاني عشر ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان، ولي منه إجازة.

117 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي طالب

، ناظر بلاد صفد، مجد الدين الأنصاري.

روى ثلاثيات البخاري، عن ابن الزبيدي، سمع منه ابن البرزالي وغيره، وتوفي في رمضان.

118 -

‌ محمد بن الحسن بن سالم

، العدل، زين الدين ابن الصواف الحمصي، والد شيخنا البدر أحمد.

حدَّث عن الحسن بن صباح، توفي في رجب بدمشق.

119 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران

، وجيه الدين ابن الدّهّان، الإسكندراني، ويعرف بابن أبي طالب.

سمع من علي بن المفضل الحافظ، وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وابن سكينة، وخرج له ناصر الدين المصغوني مشيخة، وكان من أهل القرآن.

ولد سنة اثنتين وتسعين تقريبا، ومات في سنة اثنتين وثمانين بالثغر.

120 -

‌ محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد

، العدل، الرئيس، علاء الدين، أبو المعالي ابن الصائغ، أخو قاضي القضاة عز الدين.

ولي نظر الأسرى، وكان أميناً، كافياً، وافر الديانة، حصل له مرضٌ طال به، ثم انتقل إلى رحمة الله في ذي القعدة، وقد روى عن ابن اللتي، ومكرم،

ص: 480

والسخاوي، حدثنا عنه ابن العطار وغيره، مات في آخر الكهولة، وكان مدرس الفتحية، مدرسة صغيرة عند رحيبة خالد.

121 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل

، الخطيب محيي الدين أبو حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدين ابن الحرستاني، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، خطيب دمشق وابن خطيبها.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز له جده والمؤيَّد الطوسي، وأبو روح الهروي، وزينب الشعرية، وسمع من زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه، والعلم ابن الصابوني، وابن اللتي، والفخر الإربلي، وأبي القاسم بن صصرى، والفخر ابن الشيرجي، وسمع بالقاهرة من عبد الرحيم بن الطفيل.

وحدث بالصحيح وغيره، أقام بصهيون مدةً في حياة أبيه، وولي الخطابة بعد موت أبيه، ودرس بالغزالية وبالمجاهدية وأفتى وأفاد، وكان متصوّناً، حسن الديانة، كثير الفضائل، وله شعر جيد، فمنه في الصقعة الكائنة في دولة الظاهر، قال لنا:

لما وقفت على الرياض مسائلا ما حل بالأغصان والأوراق قالت أتى زمن الربيع ولم أر من كان يألفني من العشاق وتناشدت أطيارها في دوحها لما أضاء الجو بالإشراق وتذكرت أيامها فتنفست فأصابها لهب من الإحراق أبلغهم عني السلام وقل لهم ها قد وفت بالعهد والميثاق فغدوت أندب ما جرى متأسفا والدمع يسبقني من الآماق وكان محيي الدين طيب الصوت، على خطبته روح، وفيه نسكٌ وعبادة وانقطاع وملازمة لبيته، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، وابن البرزالي، وطائفة، وأجاز لي مروياته، ومات في ثامن عشر جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون.

ص: 481

122 -

‌ محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير

، العدل، شرف الدين، أبو عبد الله ابن القوّاس، الطائي، الدمشقي، أخو شيخنا ناصر الدين عمر.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من الكندي والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وأبي يعلى بن أبي لقمة، وابن البن، وأبي الفتوح البكري، وسمع ببغداد من عمر بن كرم، وأجاز له عمر بن طبرزد.

وروى الكثير، وكان شيخاً حسناً، حسن الأخلاق، صحيح السماع، له ثروة وعقار، روى عنه الدمياطي، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وجماعة.

وتوفي في ثاني عشر ربيع الآخر.

123 -

‌ محمد بن عثمان بن عبد الوهاب بن السائق

، الصدر، نجم الدين، ولد العدل الكبير، شرف الدين الدمشقي.

توفي في هذا العام عن أربع وسبعين سنة.

124 -

‌ محمد بن علي بن عثمان

، الصعبي، المصري والد المحدث أمين الدين عبد القادر.

توفي في جمادى الأولى.

125 -

‌ محمد بن علي الأنصاري

، ابن القباقبي، الصدر شمس الدين.

توفي في شوال، ودفن بالجبل، وكان من شيوخ الكتاب، وهو والد مجد الدين يوسف.

126 -

‌ محمد بن عيسى بن سليمان بن رمضان

، أبو عبد الله ابن القيم، أخو شيخنا ضياء الدين علي.

توفي بمصر عن ستِّ وثمانين سنة، وقد حدَّث عن الفخر الفارسي، ومكرَّم، والقاضي زين الدين.

توفي في ربيع الآخر، وولد سنة ستِّ وستمائة.

ص: 482

127 -

‌ محمد بن فتُّوح بن أبي الذِّكر

، المحدث، المفيد، أبو عبد الله المصغوني، الإسكندراني.

من كهول الطلبة، توفي بالإسكندرية في رمضان.

128 -

‌ محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل

، الصدر الكبير، عماد الدين، أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، الدمشقي صاحب الخط المنسوب.

ولد سنة خمس وستمائة، وسمع أباه وداود بن ملاعب، وأبا القاسم ابن الحرستاني وجماعة، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار والمزي والبرزالي وطائفة.

وكان رئيساً محتشماً، متموّلاً، مليح الشكل، متواضعاً وقوراً، مهيباً، وافر الحرمة، كتب على الولي وانتهى إليه التقدُّم في براعة الخط، لا سيما في القلم المحقق، وقلم النسخ، ارتحل غير مرة للتجارة، فسمَّع ولده شيخنا المعمَّر أبا نصر من أصحاب السلفي.

واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهد عند ابن الصائغ بالعادلية وهو طيب، ثم ركب البغلة، وخرج إلى بستانه بالمزة، فتغير عند باب الجابية وأصابه فالج، فركب الغلام خلفه، وأمسكه إلى البستان، واستمر به المرض، وتوفي في ثامن عشر صفر، وحمل إلى سفح قاسيون.

129 -

‌ محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله

، الحافظ، شمس الدين أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، النحوي، أحد الأئمة.

أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك، وصار من كبار أصحابه، ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية، وسمع من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وابن الشيرازي، وابن أبي الخير، وخلق سواهم، وارتحل إلى مصر في شهادة، فسمع من عامر القلعي والعز الحراني وطائفة، وكتب كثيراً بخطه، وخرّج للمشايخ، وقرأ المسند على ابن علان قراءةً لم يسمع الناس مثلها في

ص: 483

الفصاحة والصحة، وحضر جماعة من الأئمة فما أمكنهم يحفظون عليه لحنةً واحدة.

وكان مليح الشكل، حسن العشرة، حلو الشمائل كتب عنه آحاد الطلبة، ومات في عنفوان الشبيبة في سادس عشر جمادى الأولى، وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين أحمد.

ونقل الشهاب الإربلي، عن الشرف يعقوب ابن الصابوني قال: رأيت ابن جعوان في النوم، فاعتنقته وسلمت عليه وقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: كل خير، نحن نفترش السندس رزقكم الله ما رزقنا.

130 -

‌ محمد بن محمد بن حسين بن عبدك

، الشيخ الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله الكنجي، المحدث، الصوفي، نزيل بيت المقدس.

سمع أبا الحسن ابن المقير، وأبا الحسن السخاوي، وأبا عمرو ابن الصلاح، وأبا إسحاق الخشوعي وعبد العزيز بن أبيه وجماعة بدمشق، وعبد الوهاب بن رواج، وفخر القضاة ابن الجباب، وسبط السلفي، ونبا بن هجّام، وجماعة بمصر، وأبا القاسم بن رواحة، وأبا الحجاج بن خليل بحلب، والمؤتمن ابن قميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الزعبي، وأخاه محمداً، وعبد الله بن عمر البندنيجي، وعبد القادر بن الحسين البندنيجي، وفضل الله بن عبد الرزاق، ومحمد بن علي بن بقاء السباك، ومحمد بن نصر ابن الحصري ببغداد، والحسن بن عبد القاهر الشهرزوري الحاكم، وغيره بالموصل، وسرايا بن معالي، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيات بحران.

وخرّج لنفسه معجماً، وحدّث بدمشق والقدس، وكان عُرياً من العربية، قليل البضاعة في الحديث، وكان كثير الأسفار والتطواف.

مات في هذا الحدود تاج الدين، روى عنه ابن أبي الفتح، وابن العطار، وابن الخباز والبرزالي وغيرهم.

ص: 484

وتوفي في رجب ببيت المقدس، كتب إلي بمروياته.

131 -

‌ مات في هذه الحدود تاج الدين محمد ابن زين الدين

مظفَّر بن محمد ابن البققي الحموي الشافعي، من أعيان المدرسين بحماة.

رأيت وفاته بعد الثمانين وستمائة، وهو في عشر السبعين، وأظنه والد المقتول بمصر بعد السبعمائة على الزَّندقة.

132 -

‌ محمد بن مسعود بن أبي الفضل

، بدر الدين الفارقي.

شيخ معمَّر، كتب في الإجازات، وذكر أن مولده بميافارقين سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة، مات في جمادى الآخرة، فإن كان قد ضبط مولده فقد عاش مائةً، وأربع سنين.

133 -

‌ محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان

، الشيخ رشيد الدين، أبو عبد الله بن محمد العامري، الدمشقي.

سمع صحيح مسلم وكتاب دلائل النبوة من أبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث بهما. وروى جزء الأنصاري عن الكندي، والأربعين السُّباعيات عن أبي الفتوح البكري، وأجاز له جماعة.

سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال: كان شيخاً مستوراً، عُمّر وانتفع به، وحدث بكثير من مسموعاته.

قلت: روى عنه هو، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، والناس، ومات في ذي الحجة، وكان فرّاشاً بالمجاهدية.

134 -

‌ محمد بن عبد الله

، الجرديكي، الحلبي، الزاهد.

كان فقيراً صالحاً، كبير القدر، مشهوراً بين الفقراء بالفتوة والخدمة ودماثة الأخلاق، وكان محباً للعزلة، كثير الصمت والرياضة، حسن النزاهة، وهو من بيت إمرة وحشمة، أقام بدمشق في أواخر عمره، وحصل له طرف فالج، وكان مقيماً بمقصورة الحلبيين من الجامع، وبها توفي في ثاني ربيع الأول، وشيعه الخلق، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

135 -

‌ محمود بن أحمد بن منقذ

، الأجل الرئيس جلال الدين.

ص: 485

توفي في ذي الحجة وقد حدث عن أبي القاسم بن صصرى.

136 -

‌ مسافر بن عبد الرحمن

، البطائحي، الأحمدي.

كان في شبوبيته يأكل الحيات ويدخل الأفرِنة، وطال عمره حتى إنه جاوز المائة فيما قيل، وأظنه تاب من أكل الحيات ودخول النار، وأقبل على شأنه.

توفي في شعبان.

137 -

‌ ندى بن سعد الله

، الشرف العرضي، التاجر.

توفي في جمادى الأولى بدمشق.

138 -

‌ نصر الله بن طلائع بن حمدان

، العسقلاني البزار.

روى عن علي بن إسماعيل بن جبارة، وابن منقذ، ومات بمصر في ذي الحجة.

139 -

‌ نصر الله بن علي ابن سنّي الدولة

، العدل ناصر الدين الدمشقي.

روى شيئاً يسيراً، وهو والد شيخنا محمد، توفي في رجب، سمع من عمه قاضي القضاة أبي البركات.

140 -

‌ يحيى بن أحمد بن سالم

، العدل، زين الدين ابن السلالمي، الخشاب.

توفي بدمشق في رجب، سمع من ابن مسلمة، وكان من عدول القيّمة إلى أن مات.

141 -

‌ يحيى، الصدر الجليل

، أبو الحامد محيي الدين ابن الشيخ شمس الدين إبراهيم بن أبي الفضائل، الخالدي، المخزومي، الشبذي.

قال ابن الفوطي: اتّفق له ما لم يتفق لأحدٍ من الاتصال بالسيدة باب جوهر خديجة بنت المستعصم، وكان هولاكو لما غلب نفذها إلى أخيه منكوقان، فدخل بها بتركستان، وأولدها عبد العزيز وعبد الحق وانقرضا، ونقلها إلى وطنها سنة إحدى وسبعين، وكان قد ورد محيي الدين مراغة،

ص: 486

فاجتمع بالأمير مبارك ابن المستعصم مع والده شمس الدين، فكتب عنهما بإملائه مشيخة هي عند أخيه مولانا جمال الدين مسافر ابن شيخنا شمس الدين.

سمع من جده رشيد الدين، ومات في رجب.

142 -

‌ يحيى بن علي بن محمد بن سعيد

، الصدر الكبير، محيي الدين، أبو المفضل التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي.

رئيس محتشم، فاضل، تارك للولايات والمناصب، محب للحديث وأهله، له نظم وأدب.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من أبي محمد ابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي محمد ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء ابن عساكر، وأبي إسحاق الكاشغري.

روى عنه ابن الخباز، والشيخ علي الموصلي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وخلق كثير، وقد رأيته، وأجاز لي مروياته، وتوفي في الثامن والعشرين من شوال.

143 -

‌ يحيى بن علي بن أبي طالب بن أبي عبد الله

بن هبة الله بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم، العدل، محيي الدين، أبو المفضل العلوي، الحسيني، الموسوي، النسيب، الدمشقي، أخو الشريف المعمَّر موسى بن علي.

ولد في رمضان سنة خمسٍ وعشرين وستمائة، وسمع من السراج ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصَّقر، وعلي بن سليمان بن إيداش.

وحدث، وتوفي في تاسع جمادى الآخرة، ودفن بمقابر الصوفية، روى عنه أبو محمد البرزالي.

ص: 487

144 -

‌ يحيى بن علي بن مكي

، الجبرتي، الزيلعي.

سمع: ابن عماد، والهمداني، وحدث.

مات في جمادى الأولى.

145 -

‌ يعقوب بن فضل بن طرخان

، الشريف الجعفري، الفقيه.

يروي عن الحافظ الضياء، توفي في جمادى الأولى، وكان رجلاً صالحاً حنبليّاً، مُتَّبعاً للآثار.

146 -

‌ يوسف بن جامع بن أبي البركات

، العلامة، المقرئ، أبو إسحاق القفصي، الحنبلي، الضرير، مقرئ بغداد.

كان عارفاً باللغة والنَّحو، بصيراً بعلل القراءات، متصدياً لإقرائها، وقد سمع الحديث من عمر بن عبد العزيز ابن الناقد، وتاج النساء عجيبة، وقد دخل دمشق ومصر، وسمع من شيوخها.

أخذ عنه الفرضي، والقلانسي، وقرأ عليه أبو الحسن علي أحمد بن موسى الجزري وغيره، ومات في صفر وله تصانيف في القراءات، ولد سنة ستِّ وستمائة.

147 -

‌ يوسف بن مسعود

، الشيخ جمال الدين الطيبي التاجر.

له رواية، توفي في شعبان.

148 -

‌ أبو بكر، الملك العادل ابن صاحب الكرك

، الملك الناصر داود بن عيسى بن محمد بن أيوب.

رئيس فاضل، عاقل، محتشم، محبوب الصورة، روى عن ابن اللتي، ومات في رمضان.

149 -

‌ أبو بكر بن ممدود بن مثقال

، الشيخ الصالح.

قال ابن الخباز: توفي في خامس ذي الحجة بدمشق، وكان من عباد الله الصالحين، أُخرجت جنازته بالتهليل، وكان يوماً مشهوداً، وعاش أكثر من مائة وأربعٍ وعشرين سنة، كذا قال؛ وهو مجازف، أعني النجم.

150 -

‌ أبو بكر بن يعقوب بن عبد المغيث الموصلي المقرئ

.

ص: 488

سمع بالقاهرة من عبد العزيز بن باقا، وبدمشق من ابن اللتي.

توفي بدار الحديث الكاملية يوم عرفة.

وفيها ولد:

رفيقنا محب الدين عبد الله بن أحمد ابن المحب المقدسي، المحدث والشيخ جمال الدين ابن جملة الشافعي، وناصر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحكيم، الصالحيون، ومحيي الدين عبد القادر ابن شيخنا أبي الحسين اليونيني في المحرم، وعمر ابن الشيخ حسن بن أُمَيلة بالِمزة، وأحمد ابن شيخنا إبراهيم بن أبي اليسر، وتقي الدين سليمان بن مراجل الكاتب.

ص: 489

سنة ثلاث وثمانين وستمائة

151 -

‌ أحمد بن إبراهيم، الرئيس شمس الدين السعردي

، التاجر بقيسارية الشرب.

توفي في رجب، وأحق يوم وفاته.

152 -

‌ أحمد بن براق بن طاهر

، السوادي، المؤدب بجبل قاسيون.

روى عن ابن اللتي، والهمداني، ومات في ثامن عشر رمضان.

153 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن

، محيي الدين التكريتي، المعروف بواعظ تكريت، أحد الفقهاء بالباذرائية بدمشق.

كان ظريفاً، مطبوعاً، طيب المزاج، كثير الهزل والسخف، له وعظ على طريق الهزل، ونال بذلك وجاهةً وحظوة عند الرؤساء، لا سيما الحلبيين في الأيام الناصرية، وكان يلوذ بالوجيه ابن سويد ويصحبه، وقد ضحك الملك الناصر مرةً من ضحكه من خطبته ووعظه، بحيث استلقى ووصله بجملة.

ثم حسنت حاله في الآخر وسرد الصوم، وكان كثير الصلاة وخلّف ثلاثة آلاف درهم، وذهب له ودائع عند التجار.

154 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد القادر

، القاضي محيي الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ.

وكان شاباً فاضلاً، مدرساً، بقيت مدرستاه العمادية والدماغية على إخوته، فناب عنهم الشيخ زين الدين الفارقي رعايةً لأبيهم.

155 -

‌ أحمد بن محمد ابن النجيب

، شهاب الدين الخلاطي، صهر الشيخ أحمد إمام الكلاسة.

سمع مع أولاده من ابن عبد الدائم وجماعة.

توفي في رمضان بدمشق.

ص: 490

156 -

‌ أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار

، القاضي، العلامة، ناصر الدين، ابن المنير الجذامي، الجروي، الإسكندراني، المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها وأخو شيخنا زين الدين علي.

ولد سنة عشرين وستمائة، كان مع علومه له يدٌ طولى في الأدب وفنونه، وله مصنفات مفيدة، وكنيته أبو العباس ابن الإمام العدل وجيه الدين أبي المعالي بن أبي علي، وقد ذكر أبوه في سنة ست وخمسين.

ولناصر الدين ديوان خُطب، وله تفسير حديث الإسراء في مجلد، على طريقة المتكلمين لا على طريقة السلف، وله تفسير نفيس، وهو سبط الصاحب نجيب الدين أحمد بن فارس، فالشيخ كمال الدين ابن فارس شيخ القراء خاله، وقد سمع الحديث من أبيه، ومن: يوسف ابن المخيلي، وابن رواج وغيرهم، وكان لا يناظر تعظيماً لفضيلته، بل تورد الأسولة بين يديه، ثم يسمع ما يجيب فيها، وله تأليف على تراجم صحيح البخاري، وقد ولي قضاء الإسكندرية وخطابتها مرتين، درس بعدة مدارس.

وقيل: إن الشيخ عز الدين ابن عبد السلام كان يقول: ديار مصر تفتخر برجلين في طرفيها، ابن المنير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص.

وله خطبة خطب بها لما دخل هولاكو الشام.

الحمد لله الذي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوب إذا خشعت، والنفوس إذا خضعت، والعزائم إذا اجتمعت، الموجود إذا الأسباب انقطعت، المقصود إذا الأبواب امتنعت، اللطيف إذا صدمت الخطوب وصدعت، رُبَّ أقضيةٍ نزلت فما تقدمت حتى جاءت ألطافٌ دفعت، فسبحان من وسعت رحمته كلَّ شيء، وحقّ لها إذا وسِعت، وسعت إلى طاعته السماوات والأرض حين قال {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} فأطاعت وسمعت، أحمده لصفاتٍ بهرت، وأشكره على نعمٍ ظهرت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً عن اليقين صدرت، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه والفتنة قد

ص: 491

احتدَّت والحاجة قد اشتدَّت، ويد الضلال قد امتدَّت، وظلمات الظلم قد اسودَّت، والجاهلية قد أخذت نهايتها وبلغت غايتها، فجاء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فملك عِنانها وكبت أعيانها، وظهرت آياته في الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي القياصرة فنكّست صلبانها، وفي الأكاسرة فصدّعت إيوانها، فأوضح على يده المحجّة وأبانها، صلى الله عليه وعلى آله فروع الأصل الطيب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها.

أيها الناس، خافوا الله تأمنوا في ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق وإن كثروا، فإن الخوف منهم شركٌ خفي، ألا وإن من خاف الله، خاف منه كل شيء، ومن لم يخفِ الله خاف من كل شيء، وإنما يخاف عز الربوبية من عرف من نفسه ذُلّ العبودية، والاثنان لا يجتمعان في القلب، ولا تنعقد عليهما النية، فاختاروا لأنفسكم، إما الله وإما هذه الدنيا الدنية، فمن كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموماً، ومن كانت زهرتها نصب عينه لم يزل مهزوماً، ومن كانت جِدّتها غاية وجده لم يزل معدماً حتى يصير معدوماً، فالله الله عباد الله، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السعداء إذا وعظتم بالأغيار، أصلحوا ما فسد، فإن الفساد مقدمة الدمار، واسلكوا الجد تنجوا في الدنيا من العار، وفي الآخرة من النار، اتقوا الله وأصلحوا تفلحوا، وسلموا تَسلموا، وعلى التوبة صمموا واعزموا، فما أشقى من عقد التوبة بعد هذه العبر ثم حلها، ألا وإن ذنباً بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها.

توفي ابن المنير في مستهل ربيع الأول بالثغر.

157 -

‌ أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة

، البجائي، المغربي، السلطان الدّعّي، الذي قال: أنا ابن الواثق بالله أبي زكري يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي؛ واسمي الفضل.

ومن خبره أنه سار في جيش وقصد تونس، وتوثب على صاحبها المجاهد أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاتي وظفر به، فقبض عليه، ثم ذبحه صبراً وغلب على إفريقية، وتسمىّ بأمير المؤمنين، وقام بالوقاحة، وتم أمره، وعرف الناس أنه زَغَل.

ص: 492

وكان سيئ السيرة، فانتدب له أبو حفص عمر بن يحيى أخو المجاهد المذكور وقام معه خلق، فخارت قوى الدعي واختفى، فبويع أبو حفص ولقب بالمستنصر بالله المؤيد وظفر بالدعي وعذبه، فأقرّ بأنه أحمد بن مرزوق وأنه كذب، فمات تحت السياط، وكانت دولته دون العامين ولا أعلم متى هلك يقيناً.

158 -

‌ أحمد بن هولاكو بن تولي بن جنكزخان

، المغلي ويسمى بكوتا، وقيل: بكدوا، صاحب العراق وخراسان وأذربيجان والجزيرة والروم.

قيل: إن سبب تسميته بأحمد أن بعض مشايخ الأحمدية دخل النار قدام هولاكو وأحمد حينئذٍ طفل، فأخذه الشيخ ودخل به النار، فسماه أبوه أحمد ووهبه للأحمدية، ثم كانوا يغشونه ويحببون إليه الإسلام، فأسلم وهو صبي، ثم إنه جلس على تخت الملك بعد هلاك أبغا ومنكوتمر أخويه، ومال إلى الإسلام ويسر له قرين صالح، وهو الشيخ عبد الرحمن الذي قدم في الرُّسلية إلى الشام، وسعى في إصلاح ذات البين، ولم تطل أيام الأمير أحمد، ومات شاباً وله بضعٌ وعشرون سنة، وقام في الملك بعده أرغون بن أبغا وهو الذي قتله، وكان أرغون بطرف خراسان يحفظها، فلما مات أبوه وتملك أحمد أقبل أرغون في جيشه فعمل مصافاً مع أحمد، فانكسر جمع أحمد وجرت لهما أمول لا أجيء بها كما ينبغي، فلعن الله ساعة التتر.

قرأت بخط ابن الفوطي: قُتل السلطان أحمد في جمادى الأولى.

قلت: قتلوه بأن قصفوا صُلبه، فمات رحمه الله.

159 -

‌ إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم

، العلامة شرف الدين البكري، الزنجاني، ثم الشيرازي.

مات بشيراز، قاله الفوطي وقال: قدم بغداد حاجاً، صنَّف كتاباً على طريقة جامع الأصول وحدث بمراغة وتبريز بكتاب الأنوار اللمعة في

ص: 493

الجمع بيت الصحاح السبعة تأليف تاج الدين الساوي، سمع منه: الصاحب شمس الدين الجويني وأولاده.

160 -

‌ إسرائيل بن إسماعيل بن شقير

، زكي الدين الدمشقي، التاجر.

شيخ، حسن، معمَّر، قليل الرواية ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم بن صصرى، حمل عنه المزي، والبرزالي، وجماعة، ومات في رمضان.

161 -

‌ إسماعيل بن قايماز

، الأمير ناصر الدين ابن الرومي، الدمشقي.

حدث عن الشرف ابن الصابوني، ومات في جمادى الآخرة، وله خمسٌ وستون سنة.

162 -

‌ بكتوت، الأمير بدر الدين الشَّشَنكير

.

توفي بدمشق، ودفن بتربة الشيخ سليمان ابن الرقي، مات في شعبان.

163 -

‌ بلال، عفيف الدين النفطي المقرئ

، الأسود.

له سماع من السخاوي، وكان مقرئاً بالظاهرية، وتوفي بمصر في ذي الحجة.

164 -

‌ الحسن ابن الصاحب الوزير فلك الدين عبد الرحمن بن هبة الله

، المسيري، قطب الدين.

كان دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالتاريخ والأدب، وأمه بنت شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمُّويه، وخدم جندياً مدةً، ثم سكن بعلبك في سنة ثمانٍ وخمسين وستمائة، ولبس البقيار وخدم بعلبك في الديوان، وولي مشيخة الخانكاه النجمية.

توفي ببعلبك في رجب كهلاً، روى عن جده وكريمة وغيرهما، كتب عنه البرزالي بدمشق وبعلبك.

ص: 494

165 -

‌ حليمة بنت أحمد بن منعة القنوي

.

روت عن جعفر الهمداني، وتوفيت في رمضان.

166 -

‌ داود بن عبد القوي بن قاسم

، العسقلاني، الشافعي.

شيخٌ مصري، حدث عن: عبد العزيز بن باقا، وعلي بن مختار، وجعفر الهمداني، والعلم ابن الصابوني، ومات في رجب.

167 -

‌ رشيد الحبشي

، مولى الصاحب جمال الدين عبد الرحمن ابن محيي الدين يوسف ابن الجوزي.

سمع ابن بهروز، وأبا بكر ابن الخازن وحدَّث، ومات في المحرم.

168 -

‌ الزكي سنقر البياني

، من أعيان البيانية.

عاش نيِّفاً وتسعين سنة.

169 -

‌ سنجر، الضيائي، الصوفي

، البغدادي، الحنبلي.

شيخ، صالح، زاهد، عارف، كبير القدر، روى عن عجيبة الباقدارية.

روى عنه الفرضي وقال: يعرف بالشيخ عبد الله، عتقه ضياء الدين أحمد بن عبد العزيز بن دُلف، توفي في جمادى الأولى.

170 -

‌ شاهنشاه بن عبد الرزاق بن أحمد

، العامري، الذهبي، ناصر الدين.

توفي في المحرم بقرية ونقل إلى قاسيون، روى عن زين الأمناء، سمع منه المزي، والبرزالي.

171 -

‌ طالب، أحد مشايخ الأحمدية بقصر حجاج

.

رجل صالح وقور، يعمل السماع، وله زبون وأصحاب، رحمه الله.

مات في صفر، وشيعه الخلق.

172 -

‌ عبد الله بن علي بن حبيب

، الكاتب، الأستاذ المجود زكي الدين.

أوحد عصره في الخط ببغداد، مات في ربيع الآخر، أرّخه ابن الفوطي.

وكان شيخ رباط، عاش سبعاً وسبعين سنة.

ص: 495

173 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الله

، القاضي، الإمام، معين الدين، أبو محمد النِّكزاوي، المقرئ، النحوي.

ولد بالإسكندرية سنة أربع عشرة، وقرأ بها القراءات على مثل ابن عيسى والصفراوي وصنف في القراءات، وكان مشهوراً بها.

توفي فجاءة في هذا العام، قاله ابن الخباز.

174 -

‌ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سعادة

، المحدث الشهير، جمال الدين، أبو محمد العراقي، المريمي، من ذرية أبي مريم.

كان مقرئاً، محدثاً، بديع الخط، سمع من عبد الله بن ثابت النعال، ومحيي الدين ابن الجوزي، ثم طلب بنفسه فأكثر جدا، وقرأ وتعب.

مات في ثامن ربيع الآخر ببغداد سنة ثلاثٍ كهلاً، أجاز للشيخ صفي الدين عبد المؤمن.

175 -

‌ عبد الله بن محمود بن مودود بن بلدجي

، مجد الدين، أبو الفضل الموصلي، الحنفي، الفقيه، المفتي.

إمامٌ، عالم، مصنِّف، له أصحاب وحلقة إشغال، سمع: أبا حفص بن طبرزد، ومسمار بن العويس، كتب عنه أبو العلاء الفرضي، وأثنى عليه وقال: توفي في تاسع المحرم، وسمعت بقراءة القلانسي عمل يوم وليلة لابن السُّنّي، بسماعه سنة ستٍّ وستمائة من مجد الدين محمد بن محمد الكرابيسي، عن عبد الرزاق القومساني.

وكان مولده في شوال سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، ودفن بمشهد أبي حنيفة ببغداد، وكان يوماً مشهوداً.

قال ابن الفُوطي: مات في العشرين من المحرم، وكان عالماً بالفقه والخلاف والأصول، سمع الكثير في صباه وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان صبوراً على السماع، ولِّي قضاء الكوفة، ثم فوِّض إليه تدريس مشهد الإمام أبي حنيفة، فكان على ذلك إلى أن توفي، سمع البخاري من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وابن روزبة، وله إجازة من المؤيد الطوسي وزينب الشعرية، وسمعنا منه جامع الأصول بإجازته من مصنِّفه

ص: 496

مجد الدين، وكان كثير المحفوظ قد سافر إلى الشام، وقرأ على أبي عمرو ابن الحاجب، ومحيي الدين ابن العربي.

176 -

‌ عبد الرحمن، رسول الملك أحمد بن هولاوو

.

قرأت بخط قطب الدين ابن الفقيه: حدثني عبد الله الموصلي، الصوفي، وكان ممن قدم معه، أنّ عبد الرحمن كان من مماليك الخليفة المستعصم بالله، وكان اسمه قراجا، فلما أُخذت بغداد تزهّد وتسمَّى عبد الرحمن واتصل بالملك أحمد وعظم عنده إلى الغاية، بحيث كان ينزل إلى زيارته وإذا شاهده ترجل ثم قبّل يده وامتثل جميع ما يشير به، وكان جميع ما يصدر عن الملك من الخير بطريقه، فأشار عليه أن يتفق مع الملك المنصور وتجتمع كلمتهم، فندبه لذلك وسيَّر في خدمته جماعة كثيرة من المغول والأعيان فحضر إلى دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، وأقام بمن معه في دار رضوان، ورتّب لهم من الإقامات ما لا مزيد عليه، وبولغ في خدمتهم، وقدم السلطان إلى الشام، فعند وصوله بلغه قتل أحمد وتملك أرغون بعده، فاستحضر الشيخ عبد الرحمن بقلعة دمشق ليلاً، وسمع رسالته، ثم أخبره بقتل مرُسِله، ثم عاد السلطان إلى مصر، وبقي عبد الرحمن ومن معه معتقلين بالقلعة، لكن اختصر أكثر تلك الرواتب وقرر لهم قدر الكفاية، فلما كان في آخر رمضان توفي عبد الرحمن، ودفن بسفح قاسيون وقد نيف على الستين، وبقي من معه على حالهم وتطاول بهم الاعتقال، وأُهمِل جانبهم بالكلية، وضاق بهم الحال في المطعم والملبس، فعمل النجم يحيى شعراً بعث به إلى ملك الأمراء حسام الدين، فمنه:

أولى بسجنك أن يحيط ويقتفي صيد الملوك وأفخر العظماء ما قدر فراش وحداد ونفاط وخربندا إلى سقاء خدموا رسولا ما لهم علم بما يخفي وما يبدي من الأشياء لم يتبعوا الشيخ الرسول ديانة وطلاب علم واغتنام وعاء بل رغبة في نيل ما يتصدق الـ سلطان من كرم وفيض عطاء ويؤملون فواضلا تأتيه من لحم وفاكهة ومن حلواء

ص: 497

نفروا من الكفار والتجأوا إلى الإسلام واتبعوا سبيل نجاء فيقابلون بطول سجن دائما وتحسر ومجاعة وعناء أخبارهم مقطوعة فكأنهم موتى وهم في صورة الأحياء إن كان خيرا قد مضى أو كان شرا قد أمنت عواقب الأسواء وإذ قطعت الرأس من بشر فلا تحفل بما يبقى من الأعضاء في أبيات، فلما سمعها أطلق معظمهم، وبقي في الاعتقال نفرين ثلاثة، قيل: إن صاحب ماردين أشار بإبقائهم.

وكان عبد الرحمن مقاصده جميلة وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة الإسلام واجتماع الكلمة، وله عدة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولما قدم في الرُّسلية كانوا يسيرون به في الليل، وكان يعرف السِّحر والسيمياء وبهذا انفعل له الملك أحمد.

ورأيت في تاريخ أنه كان رومياً من فراشي السُّدّة، وأخذ من الدور، وقت الكائنة جوهراً نفيساً، وأُسِر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمّس وتخشع وطمر الجواهر وصار إلى الموصل، فاتصل بعز الدين أيبك أحد نواب القان، وكان مهووساً بالكيمياء، فربطه عبد الرحمن وسار معه إلى أبغا ودخل، فقال عبد الرحمن لأبغا: إني رأيت في النوم في مكان كذا وكذا جوهراً مدفوناً، فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا، فحفروا فوجدوا ذلك، فخضع له أبغا واحترمه، ثم ربطه بأمر الجن والشعبذة، ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئةٍ واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، فقال له: إن رميته في هذا البحر أنا أُخرجه لك، فرماه، فقال: اصبر إلى غد.

ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة وملأها ملحاً مع الخاتم الآخر وأتاه بالسمكة، وقال: هذه تأتي بالخاتم، ورماها في البحر فغرقت ساعتين، فتحلل الملح فشافت السمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر لذلك واعتقد في عبد الرحمن، فأخذ رصاصة أخفاها في بطن السمكة ورماها فغاصت، وخضع له الملك أحمد أيضاً وحسن إسلامه بسببه.

ص: 498

177 -

‌ عبد الرحمن بن ريان

، السندي.

روى عن أبي جعفر ابن السيدي وغيره، مات ببغداد.

178 -

‌ عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسّان

، القاضي، نجم الدين الجهني، الحموي، الشافعي، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وأبو قاضيها شرف الدين هبة الله.

ولد بحماة سنة ثمانٍ وستمائة وحدث عن: موسى ابن الشيخ عبد القادر، سمع منه: ابنه والحافظ أبو العباس ابن الظاهري، وولده أبو عمرو عثمان، والبدر أبو عبد الله النحوي وجماعة، وكان إماماً، فاضلاً، فقيهاً، أصولياً، أديباً، شاعراً، له خبرة بالعقليات ونظر في الفنون.

وقد سمع من أبي القاسم بن رواحة وغيره، وسماعه من موسى بدمشق، وقد حكم بحماة قديماً بحكم النيابة عن والده شمس الدين، ثم ولّي بعده ولم يأخذ على القضاء رزقاً وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكوراً في أحكامه، وافر الديانة، محباً للفقراء والصالحين كولده، درس وأفتى وصنف وأشغل مدةً وخرج له الأصحاب في المذهب وله شعر رائق، فمنه:

إذا شمت من تلقاء أرضكم برقا فلا أضلعي تهدى ولا أدمعي ترقا وإن ناح فوق البان ورق حمائم سحيرا فنوحي في الدجى علم الورقا فرقوا لقلب في ضرام غرامه حريق وأجفان بأدمعها غرقا سميري من سعد خذا نحو أرضهم يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا وعوجا على أفق توشح شيحه بطيب الشذا المكي أكرم به أفقا فإن به المغنى الذي بترابه وذكراه يستشفى لقلبي ويسترقا ومن دونه عرب يرون نفوس من يلوذ بمغناهم حلالا لهم طلقا بأيديهم بيض بها الموت أحمر وسمر لدى هيجائهم تحمل الزرقا وقولا محبا بالشام غدا لقى لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى تعلقكم في عنفوان شبابه ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أنقى، وكان يمني النفس بالقرب فاغتدى بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقى عليكم سلام الله أما ودادكم فباق وأما البعد عنكم فما أبقى

ص: 499

ثم خرج إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة، يقول فيها:

رقيقكم مملوككم عبد ودكم قصارى مناه أن تديموا له الرقا يعوذ بذا القبر الذي قد حواكم إذا ما نجا أهل السعادة أن يشقا أجرني فإني قد أحاطت بساحتي ذنوب لأثقال الرواسي غدت طبقا وله وكتب بهما إلى الملك المنصور محمد:

خدمتك في الشباب وها مشيبي أكاد أحل منه اليوم رمسا فراع لحرمتي عهدا قديما وما بالعهد من قدم فينسى أنشدني أبو عبد الله محمد بن يعقوب النحوي أن القاضي أبا محمد ابن البارزي أنشده لنفسه في القلم:

ومثقف للخط يحكي فعل سمر الخط إلا أن هذا أصفر في رأسه المسود إن أجروه في المبيض للأعداء موت أحمر توجه القاضي نجم الدين ليحج في سنة ثلاثٍ، فأدركته المنية في ذي القعدة بتبوك، فحمل إلى المدينة، ودفن بالبقيع، رحمه الله، وكتب الدمياطي عن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، عنه.

179 -

‌ عبد الرحيم بن سعد بن أبي المواهب بن سعد

، زين الدين اليحفوفي البعلبكي الفقيه.

صالح، دين، حسن العشرة، حلو المحاظرة، روى عن القزويني، والبهاء عبد الرحمن، روى عنه: أبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، وجماعة، وكان خطيب مشهد علي بظاهر بعلبك.

توفي في سادس جمادى الأولى في المعترك.

180 -

‌ عبد العزيز بن مظفر

، الصدر، عز الدين الدمشقي المطرز.

اتصل بخدمة الملك الناصر فأحبه وحظي عنده، وكان مليح الشكل، حسن البزة، مليح العشرة، ظاهر الحشمة.

توفي في أول السنة بدمشق.

ص: 500

181 -

‌ عبد القادر بن خلف بن سلامش

، البغدادي.

سمع من نصر بن عبد الرزاق الجيلي، كتب عنه الفرضي وقال: مات في ذي القعدة.

182 -

‌ عبد المحسن بن أحمد بن أبي القاسم

، أبو الكرم الأزجي الغزال، عرف بابن الريحاني.

حدث عن إبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي المواقيتي، ومات في رمضان.

183 -

‌ عبد الملك، الملك السعيد

، فتح الدين، أبو محمد ابن السلطان الملك الصالح أبي الخيش إسماعيل ابن العادل، محمد بن أبي الشكر أيوب.

رأيته، وكان شكلاً مليحاً، مزرَّعاً بالشيب، وكان وافر التَّجمل، دمث الأخلاق، له حرمة في الدولة، وكان من أمراء الحلقة، وهو والد الملك الكامل، سمع منه: البرزالي، والطلبة، وتوفي في ثالث رمضان، ودفن بتربة جدته أم الصالح، وشيعه الأمراء والأعيان.

سمع من ابن اللتي وغيره، أتيت منزله وهو يأكل فأطعمني.

184 -

‌ عبد الوهاب بن الحسن

، القاضي أبو محمد ابن الفرات اللخمي، الإسكندراني.

شيخ فقيه، معمر، ولد بالإسكندرية سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وكان يمكنه السماع من عبد الرحمن بن موقى، ولا أعلم هل سمع أم لا.

توفي في جمادى الآخرة وقد تفرد بالإجازة من إسماعيل بن ياسين،، وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي.

185 -

‌ علي بن الحسن بن معالي

، الأديب، فخر الدين ابن الباقلاني، البغدادي، الشاعر.

عاش ثنتين وثمانين سنة، وله شعر كثير.

186 -

‌ علي بن صالح

، الحسيني، إمام المقام.

ص: 501

ذكر في سنة إحدى.

187 -

‌ علي بن يوسف بن جلون

، الشيخ الصالح، نور الدين الحراني، التاجر.

حدث بدمشق عن أبي الحسن بن روزبة، سمع منه: البرزالي، والطلبة، وتوفي في جمادى الآخرة.

188 -

‌ عمر بن محمد

، نجم الدين الكريدي، الشافعي، قاضي الصَّلت، توفي في المحرم.

189 -

‌ عمر بن نصر

، القاضي نجم الدين، أبو حفص الأنصاري، البيساني، الشافعي.

سمع من ابن الزبيدي، وابن اللتي، والتقي بن باسويه وجماعة، وتفقه وبرع في المذهب وأفتى ودرس وناب في القضاء بدمشق ودرس بالرواحية، ثم ولي قضاء حلب مديدة، ومات في شوال رحمه الله.

كتب عنه البرزالي وغيره وولي بعده تدريس الرواحية ناصر الدين ابن المقدسي الذي شنق.

190 -

‌ عيسى بن مهنا

، أمير عرب الشام وشيخ آل فضل، الأمير شرف الدين.

كان ذا منزلة عظيمة عند السلطان الملك المنصور، وقد ملكه السلطان مدينة تدمر بحكم البيع وأورد عنه ثمنها، وكان كريم الأخلاق، حسن الجوار، مكفوف الشرّ، يرجع إلى خير وعقل ورياسة، ولم يكن أحدٌ يضاهيه من ملوك العرب، وله أثر صالح في يوم المصاف بحمص مع منكوتمر، وتوفي بعد الأمير أحمد بن حجي بأربعة أشهر، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب في يوم الجمعة تاسع ربيع الأول، وقام بالأمر بعده ولده الأمير حسام الدين مهنا، فزادت حرمته وامتدت أيامه.

ص: 502

191 -

‌ فاطمة بنت الحافظ أبي القاسم علي ابن الحافظ بهاء الدين

أبي محمد القاسم ابن الحافظ الكبير محدث الشام أبي القاسم علي بن الحسن ابن عساكر، أم العرب الدمشقية.

ولدت سنة ثمانٍ وتسعين وسمعت من عمر بن طبرزد وحنبل المكبر، وأبي الفتوح الجلاجلي، وست الكتبة بنت الطرّاح، وأبي اليمن الكندي، وأجاز لها: أبو جعفر الصيدلاني، ومحمد ابن الفاخر، وأبو الفتوح أسعد العجلي، وعدة من شيوخ العراق وخراسان وأصبهان.

وكانت أصيلةً، جليلة، عالية الإسناد، مُعرقةً في الحديث، وسماعها من عمر، وحنبل في الخامسة، ولها في السادسة أيضاً على عمر.

روى عنها الدمياطي وقطب الدين ابن القسطلاني، ومحمد بن محمد الكنجي، وابن الخباز، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، وطائفة سواهم، وأجازت لي مروياتها، وتوفيت في تاسع عشر شعبان.

192 -

‌ فاطمة بنت محمد بن جامع بن باقي

، نور الهدى التميمية، وأمها بنت السيف الآمدي المتكلم.

توفيت في المحرم وقد روت جزء أبي الجهم عن ابن الزبيدي، وجزء الفلكي عن ابن غسان الحمصي، أظنها ماتت بمصر.

193 -

‌ قُراسُنْقُر المعزي

، الأمير الكبير، شمس الدين.

توفي ببيت لهيا في جمادى الآخرة.

194 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب

، القاضي، الرئيس، عماد الدين ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، ابن الرئيس شرف الدين.

ولد سنة ثلاث عشرة، وسمع: أبا المجد القزويني، وجده الصدر فخر الدين، وأبا عبد الله ابن الزبيدي، وولي نظر الجامع مرةً، ونظر الخزانة، وكان رئيساً محتشماً، متواضعاً، ديناً، روى لنا عنه ابن العطار وغيره.

ص: 503

ولي منه إجازة، وتوفي في ربيع الأول ببستانهم بالعقيبة، وهو والد الصاحب فخر الدين.

195 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن عنان

، الإمام، المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو عبد الله الميدوي، المصري، النحوي.

ولد بالقاهرة سنة إحدى عشرة وستمائة، وسمع الكثير وكتب واشتغل، وكان من العلماء الأتقياء، توفي في صفر وشيعه الخلق إلى القرافة.

سمع من عبد العزيز بن باقا، وابن رواج، وابن الجميزي، وطبقتهم، وقد درس وأعاد وجمع، وكان خصيصاً بالحافظ أبي محمد المنذري، أكثر عنه وولي خزن كتب الكاملية، وطُلب لمشيختها فامتنع مدة، ثم وليها إلى أن مات.

أخذ عنه الحارثي، وأبو عمرو ابن الظاهري، وقطب الدين وقال في تاريخ مصر: أبو عبد الله المقرئ، المحدث، النحوي، كان من العلماء الأتقياء، عارفاً بالقراءات والحديث والنحو، وكتب الكثير، وكان سليم القلب، ذا سمتٍ وصلاح وهدي وخير، على سمت السلف، متصدراً للحديث طول نهاره مدرسا بالمدرسة الكاملية، سمعت منه وانتفعت ببركته وقرأت عليه الشاطبية من حفظي، بسماعه من أبي عبد الله القرطبي، وكان ثقة حجة، وكان له تلميذ يقرأ عليه الحديث، فلما مات بكى وجعل يمرغ وجهه على رجليه ويقول: يا سيدي اطلبني من الله، فإني لا أقدر أرى غيرك قاعداً مكانك، فمات التلميذ من الغد.

196 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن الأزهر

، أبو عبد الله ابن الحافظ أبي إسحاق الصريفيني، من أولاد المحدثين.

سمعه أبوه الكثير من الموفق عبد اللطيف بن يوسف وجماعة، ولم يكن من أهل العلم، وقد أخذ عنه بعض الطلبة.

ص: 504

توفي في شعبان، وسمع الصحيح من ابن روزبة، ومولده بمنبج في سنة عشرين وستمائة.

197 -

‌ محمد بن باخل

، الأمير، شمس الدين الهكاري، متولي الثغر الإسكندري.

توفي في رجب بالإسكندرية، وقد ذكره الحافظ عبد الكريم في تاريخه فقال: محمد بن باخل بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن مرزبان الهكاري، إلى أن قال: كان صارماً عادلاً وله ميل إلى الأدب، سمع جميع سنن ابن ماجه من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، ومقامات الحريري بحران.

وخرج له الحافظ منصور بن سليم، أجاز لي مراراً، ومولده سنة عشرين وستمائة.

قلت: وله نظم جيد.

198 -

‌ محمد بن جبارة

، الفقيه، الإمام، الزاهد، العابد، تقي الدين، المقدسي، الحنبلي.

توفي في ذي الحجة بقاسيون، وهو محمد بن عبد الولي، سمع ببغداد من القطيعي، وهو والد المقرئ شهاب الدين.

199 -

‌ محمد بن الحسين بن الحسن

، نظام الدين، أبو عبد الله الداري، الخليلي، عم الصاحب فخر الدين.

توفي بمصر في ربيع الأول وله إجازة ابن المعطوش، وابن الجوزي وجماعة، وسمع السيرة النبوية من ابن مجلي، وعاش تسعين عاماً، وكان تاجراً متمولاً، كثير البر، خرّج له التقي عُبيد مشيخة، سمع ابن جُبير.

200 -

‌ محمد بن زنطار

، أبو خطّاب الأشرفي، خادم الأثر بدار الحديث.

روى مسند الشافعي، عن ابن الزبيدي، ومات في صفر.

201 -

‌ محمد بن الصّلاح

، العدل، جمال الدين الحنفي، الخشاب.

كان من عدول القيمة بدمشق.

توفي في شعبان.

ص: 505

202 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم

، الفقيه، شمس الدين، أبو عبد الله ابن العلامة تاج الدين الفزاري، الدمشقي، الشافعي.

توفي شاباً في جمادى الآخرة.

203 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن يحيى

، اللوري، أخو الشيخ أبي إسحاق.

سمع معه من الرشيد بن مسلمة، مات بسجلماسة، حج مرتين.

204 -

‌ محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد

، قاضي القضاة، عز الدين، أبو المفاخر الأنصاريّ، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن الصائغ.

ولد سنة ثمانٍ وعشرين وستمائة، وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وأبي الحسن ابن الجميزي، وأبي الحجاج يوسف بن خليل وجماعة، وتفقه في صباه على جماعة، ولازم القاضي كمال الدين التفليسي، وصار من أعيان أصحابه، ثم ولي تدريس الشامية مشاركاً للقاضي شمس الدين ابن المقدسي، بعد فصولٍ جرت، فلما حضر الصاحب بهاء الدين بن حنى إلى دمشق استقل شمس الدين بالشامية وحده وولي عز الدين وكالة بيت المال ورفع الصاحب من قدره ونوَّه بذكره.

ثم عمد إلى القاضي شمس الدين ابن خلِّكان فعزله بالقاضي عز الدين في سنة تسعٍ وستين، فباشر القضاء وظهرت منه نهضة وشهامة وقيام في الحق ودرء للباطل وحفظ للأوقاف وأموال الأيتام والأشراف وتصدى لذلك، فحمدت سيرته وأحبه الناس وأبغضه كل مريب، وأعلا الله منار الشرع به.

وكان ينطوي على ديانة وورع وخوف من الله ومعرفة تامة بالأحكام، ولكنه كانت له بادرة من التوبيخ المحاققة، وكشف الأمور واطراح للرؤساء الذين يدخلون في العدالة بالرياسة والجاه، فتعصبوا عليه وتكلموا فيه وتتبعوا غلطاته، وتغير عليه الصاحب وما بقي يمكنه عزله؛ لأنه بالغ في وصفه عند السلطان، ودام في القضاء إلى أول سنة سبعٍ وسبعين، فعزل وأعيد ابن خلكان، ففرح بعزله خلق، وبقي على تدريس العذراوية، فلما قدم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء، وباشر في أوائل

ص: 506

سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوماً، فتضافروا عليه وسعوا فيه وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي: قد أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيّالة، ففعل ولم يمكَّن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضرٍ أثبته تاج الدين عبد القادر ابن السنجاري عليه بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشَّرف ابن الإسكاف كانت للخادم ريحان الخليفتي، ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي حسام الدين الحنفي، فنفّذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد الواسع الأبهري يحكم، فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم ومنع الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي، ثم نبغ آخر وزعم أن حياصةً مجوهرةً وعصابة بقيمة خمسةٍ وعشرين ألف دينار كانت عند العماد ابن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين ووكلوا علاء الدين علي ابن السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود: كمال الدين ابن النجار، والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي، ثم توقف ابن النجار واقتحم الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى في مظنة الإثبات، ولم يبق إلا أن تحمل المال.

فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهي أن ناصر الدين محمد ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغا كثيراً، فجاء المشد وسأله فقال: أحضر المبلغ إليَّ لأستودعه، فلم أفعل، فأسألوا الأمير بدر الدين أمير مجلس، فإنه الذي أحضر المبلغ، فخرج المشد وسأل أمير مجلس، فصدَّق ما قاله القاضي، فلما كان اليوم السابع طلب المشد لناصر الدين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم، وهدَّده فكتب ذلك، فلما كان يوم الجمعة أدى الشهود عند حسام الدين الحنفي، وهم الجمال الحموي، بعد أن شهد عليه الشيخ تاج الدين وأخوه الشيخ شرف

ص: 507

الدين وغيرهما، أنه لا عِلم له بهذه القضية وشهد الشهاب غازي الأميني، والغرس البياني، فاستفسرهم القاضي حسام الدين فتواقح بعضهم، وكان الجمال من شيوخ الحديث، فأهانه المحدثون وتواصوا أن لا يسمعوا عليه بعدها.

ثم عمل المشد بداره مجلساً للحياصة، فحضر طائفة ممن يبغض ابن الصائغ، منهم: ناظر الصحبة ابن الواسطي، والوكيل ابن السكاكري، وحضر القاضي حسام الدين ومحيي الدين ابن النحاس، ورشيد الدين سعيد، وأحضر ناصر الدين ابن أخي القاضي فقيل: قد أدى الشهود فهل لكم دافع، فأحضر النجم السبتي، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدين على القاضي عز الدين بإسقاط ابن الحموي، وحضر الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي فشهدا على إقرار ابن الحموي أنه لا يعلم هذه القضية، فبدر ابن السكاكري وقال على لسان القاضي: إنه لا يرى ذلك دافعاً، فكتب بذلك صورة مجلس وأمهلوا ليحضر دافعاً، ثم طلب القاضي عز الدين من السلطان أن يحضر بنفسه ويتكلم مع خصمه من غير توكيل منهما في مجلس يعقد، فأجيب إلى ذلك، وعقد المجلس بمحضر من القضاة الأربعة، والشيخ تاج الدين، والشيخ محيي الدين ابن النحاس، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين ابن الصدر سليمان، والقاضي عز الدين المذكور، فقال ابن السكاكري وأشار إلى حسام الدين: أسألك الحكم بما ثبت لموكلي فقال القاضي عز الدين: أنا سألت من السلطان أن يحضر معي خصمي: فطلبوا الملك الزاهر فتغيب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثم قُرئ المحضر، فقال القاضي عز الدين للأوحد: أنا أحلفك بأنك ما تعلم أن شهودك شهود زور، فقال: أنا أصبو عن هذه القضية، ونكل، وقال عز الدين أيضاً: أنا أطلب من الشهود تعيين الحياصة والعصابة، وكم فيهما من جوهر وبلخش، فأفتى بعضهم بلزوم التعيين، وتوقف بعضهم، فقال القاضي حسام الدين: أنا أكشف هذا وأسأل أصحابنا، فإن التعيين يختلف باختلاف الأجناس، وأحضروا في المجلس محضر ابن السنجاري، فقرئ وادعى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدين على القاضي، فقال: لي دوافع، منها أن ابن السنجاري عدوي، ومنها أن ابن الحصيري حكم علي من غير حضوري، ولا حضور وكيلي، فطُلب ابن

ص: 508

الحصيري فلم يتفق حضوره وانفصل المجلس.

ثم اجتمعوا بدار الحديث، وأحضِر ابن الحصيري، فقام عليه الحنفية وقالوا: حكمك لا يصح، فقال: ليس حكمي بباطل، ولكنه لا يلزم الخصم، وبحثوا في ذلك، فأحضر كُتباً ونقولاً، وقال عز الدين: لي بينة تشهد بعداوة ابن السنجاري، فقال: أثبت ذلك يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيام، وطلب ابن السكاكري الحكم من الحنفي على عادته وجرأته، فأخرج القاضي عز الدين فتاوى الفقهاء أن الدعوى من أصلها باطلة، إذ كانت بمجهول، فأفتى بذلك من حضر المجلس، فقال المشد للقاضي، ما تحكم، فقال: لا والله لا أحكم في هذه القضية، وقام منزعجاً وانحلت القضية فكتب بذلك صورة مجلس، ثم بعد أيام قال المشد للقاضي عز الدين: أيش المعمول؟ قال: تصلي ركعتين في الليل، وتدعو الله أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك بعد ذلك فافعل.

ثم سعى نائبا السلطنة حسام الدين طرنطاي ولاجين وعلم الدين الدواداري وبيّنوا للسلطان أن القاضي ما ثبت عليه شيء، وظهر أيضاً أن ريحان الخليفتي توفي سنة أربع وخمسين، وأن المحضر يتضمن أن ريحان سيرَّ الوديعة إلى ابن الإسكاف في أواخر سنة ست وخمسين، ثم قدم تجارٌ واجتمعوا بطرنطاي وعرّفوه: أن ريحان مات وعليه دين نحو اثني عشر ألف دينار، وفاها عنه الخليفة ونحن ما رأينا هذا القاضي، ولا لنا معه غرض، فأمر السلطان بإطلاقه مكرماً، فنزل من القلعة وزار شيخ دار الحديث، وعطف إلى ملك الأمراء لاجين فسلم عليه بدار السعادة، ثم مضى إلى دار القاضي بهاء الدين الذي ولي بعده، فسلم عليه، ثم أقام بمنزله بدرب النقّاشة، وطلع بعد أيام إلى بستانه بحميص، وبه مات إلى رحمة الله، وعند موته توضأ وصلى وجمع أهله وقال: هللوا معي، فبقي لحظة يهلل وعبر إلى الله، وكان آخر قوله: لا إله إلا الله.

توفي في تاسع ربيع الآخر، وله خمس وخمسون سنة، وكان لا يفصح بالراء.

ص: 509

205 -

‌ محمد بن عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي

، الإمام، الزاهد، الصالح، الفقيه، المتقن، تقي الدين المقدسي، الحنبلي، والد شيخنا الشهاب المقرئ.

سمع ببغداد من هذه الطبقة أبي الحسن القطيعي وجماعة، وكان يتعاسر بالتحديث، وسمع بدمشق من أبي القاسم بن صصرى.

توفي في ذي الحجة.

206 -

‌ محمد بن علي بن أحمد ابن السمذي

، أبو محمد الواعظ، ويلقب بالمهدي، خطيب جامع المنصور.

سمع محيي الدين ابن الجوزي وغيره.

207 -

‌ محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلِّكان

، القاضي بهاء الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي بعلبك، أخو قاضي القضاة شمس الدين.

ولد بإربل سنة ثلاثٍ وستمائة، وسمع صحيح البخاري من أبي جعفر ابن مكرم كأخيه وحدث، سمع منه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة، وهو والد النجم ابن خلكان صاحب الفيض والخيال الشيطاني، قدم الشام وهو شاب، فاشتغل وحصّل.

ذكره قطب الدين في تاريخه فقال: كان رجلاً معدوم النظير في كثير من أوصافه عنده التواضع المفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وسلامة الصدر، وحسن العقيدة في الصالحين، وعدم الالتفات إلى الدنيا، ولي قضاء بعلبك إلى حين وفاته، قال: ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية والجراية إلا قوته لا غير، ولا يسأل عما عدا ذلك، وأما بشره وتلقّيه بالترحيب فخارج عن الوصف، ومات ولم يخلف درهماً ولا ديناراً وعليه جملة من الدين، فأُبيعت كتبه في دينه، ومن وقت وفاة أخيه حزن عليه، ولم يكن دمعه يرقأ في غالب أوقاته من حزنه عليه، توفي في الثاني والعشرين من رجب.

ص: 510

، ودفن في تربة الزاهد عبد الله اليونيني.

208 -

‌ محمد بن محمد بن بشارة

، المحدث، شمس الدين الكِلابي، الدمشقي، أحد طلبة الحديث.

توفي شاباً إلى رحمة الله في شعبان، وخطه معروف في الطِّباق.

209 -

‌ محمد بن محمد بن رمضان

، الأجل، شرف الدين الأنصاري، الدمشقي.

توفي في شعبان.

210 -

‌ محمد بن محمد بن محمد

، الوزير الكبير، شمس الدين، أبو المكارم الجويني، وزير الدولة التتارية والحاكم في المغول.

نفذت أقلامه في الأقاليم، وله رسائل وأشعار، وقد ذكره ابن الفوطي مستقصىً في معجم الألقاب وقال: قُتل بنواحي أبهر بعد أن كتب وصيته بيده، سمعنا من لفظه قصائد بتبريز، قتل في رابع شعبان.

211 -

‌ محمد بن محمد بن يحيى

، نجم الدين الكلبي، السبتي، المعدل.

ولد سنة عشر وستمائة، وقدم مصر بعد الثلاثين فسمع من أبي الخطاب الكلبي الحافظ وبدمشق من ابن اللتي والسخاوي، وكريمة وجماعة، وعني بالرواية، وله جموع وتخاريج يسيرة، وكان صدوقاً، خيراً، كتب عنه المزي والبرزالي والجماعة، وتوفي في جمادى الأولى.

لنا منه إجازة.

212 -

‌ محمد بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي

، صاحب حماة، وابن ملوكها، الملك المنصور أبو المعالي ناصر الدين ابن الملك المظفر تقي الدين ابن المنصور.

ملك حماة والمعرّة بعد والده سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وعمره عشر سنين وأيام رعايةً لأمه الصاحبة غازية بنت السلطان الملك الكامل.

وقام بتدبير دولته أمه وسيف الدين طغريل أستاذ الدار وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، وكان فيه كرمٌ وحسن عشرة، ولكنه لعّاب، منهمك على اللهو

ص: 511

وغير ذلك، سامحه الله وتملك بعده ابنه.

213 -

‌ محمد بن معلى بن أبي السعادات بن علوان

، أبو عبد الله الطائي ابن الدباهي، صاحب ديوان المستعصم بالله.

ولد سنة ثمان وستمائة وحدث عن أبي نصر أحمد ابن النرسي.

كتب عنه الفرضي ووثقه وفال: أضر ثم أصم، ومات في شوال، وكان صدرا معظما.

214 -

‌ محمد بن موسى بن النعمان

، الشيخ القدوة، أبو عبد الله، المزالي التلمساني وقيل الفاسي، المغربي.

ولد سنة ست أو سبعٍ وستمائة بتلمسان، وقدم الإسكندرية، فسمع بها محمد بن عماد الحراني، وأبا القاسم عبد الرحمن ابن الصفراوي، وأبا الفضل الهمداني، وبمصر من عبد الرحيم بن الطفيل، وأبي الحسن ابن المقير، وأبي الحسن ابن الصابوني.

وكان فقيها مالكياً، زاهداً عابداً، عارفاً، إلا أنه كان متغالياً في أشعريته، توفي بمصر في تاسع رمضان، ودفن بالقرافة، وشيعه الخلائق، وكان يوماً مشهوداً، وكان يقال: إنه يحفظ كتاب سيبويه.

ومن شعره:

أتطمع أن ترى ليلى بعينٍ وقد نظرت إلى حسنٍ سواها سواها لا يروق الطرف حسناً وأوصاف الجمال لها حماها أتنظرها بعينٍ بعد عيٍن فتلك العينُ يمنعها قذاها قذاها إن أردت يزولُ عنها فعين الغير دهرك لا تراها روى عنه ابن نباتة والقطب عبد الكريم وعدة.

215 -

‌ محمد الشمس السّراب

، السَّقطي.

توفي في رجب، ودفن ببستانه بالربوة، وخلف ولدين يونسية.

ص: 512

216 -

‌ المبارك بن المبارك بن عمرو

، الحكيم البارع، شمس الدين، أبو منصور ابن الصباغ، طبيب المستنصرية.

كان ماهراً في الصناعة، له تصانيف، قد ناهز المائة ونيف عليها، قاله الفوطي.

مات في المحرم، وكان ممتعاً بسمعه وبصره.

217 -

‌ محاسن بن الحسن بن عبد الله

، نجيب الدين، أبو الفضل السُّلمي.

شيخ معمر، كان يمكنه السماع من الخشوعي ونحوه؛ فإنه ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة.

وروى عن أبي القاسم ابن الحرستاني بالإجازة. سمع منه علم الدين، وغيره. وتوفي بنواحي أذرِعات في رجب إن شاء الله. وقد أجاز لي.

218 -

‌ مظفر بن أبي بكر بن مظفر

، العلامة تقي الدين الجوسقي، مدرس الحنابلة بالبشيرية.

كان إماماً، مناظراً، خِلافيّاً، كبير القدر. حدث عن ابن السباك.

مات في ربيع الأول، وعاش سبعين سنة، وكان رأساً في المذهب وأصوله.

219 -

‌ مظفر بن عبد الوهاب بن مشرف

، الدمشقي.

توفي في ذي الحجة. وولد سنة ستمائة. لا أعلم له رواية.

220 -

‌ مكي بن عبد الرحمن بن غنام

، أبو الحرم الحراني.

شيخ صالح، قدم دمشق، وذكر أنه سمع من عبد القادر الرّهاوي. وقد روى بالإجازة عن أحمد ابن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي.

سمع منه: علم الدين وابن الخباز، وغيرهما. ومات في شعبان. وهو زوج ست الدار بنت الشيخ مجد الدين ابن تيميَّة.

ص: 513

221 -

‌ موهوبة، أخت الشيخ أمين الدين عبد الصمد

بن عبد الوهاب بن زين الأمناء ابن عساكر.

سمعت من جدها، ومن ابن صباح. وحدثت.

توفيت في جمادى الأولى. وهي والدة الأخوين شرف الدين وعزيز الدين ابني العماد الكاتب.

222 -

‌ نصر الله بن محمد بن نصر الله

، المولى صفي الدين وزير صاحب حماة.

ولي بعد وفاة أخيه علاء الدين سنة أربعٍ وسبعين. وكان حسن المعاملة للناس.

توفي في سلخ رجب بحماة.

223 -

‌ يحيى بن فرج بن هناب

، صفي الدين الأسود، الشاهد.

توفي في ذي الحجة بدمشق.

224 -

‌ يوسف بن عبد الله بن عمر

، قاضي القضاة بدمشق جمال الدين، أبو يعقوب الزواوي، المالكي. وهو بكنيته أشهر.

ولي القضاء بعد ابن عمه الشيخ زين الدين الزواوي. وتوفي إلى رحمة الله في طريق الحج هو ونجم الدين ابن البارزي. وبقي القضاء بعده شاغراً ثلاث سنين.

225 -

‌ أبو بكر بن عمر بن علي

، البقال الصالح، عرف بأبي السوالم.

شيخ مبارك، روى عن الموفق والقزويني، توفي في ذي الحجة.

226 -

‌ أبو بكر بن يوسف بن صدقة

، ويعرف بالعفيف الأربسي.

ولد سنة سبعٍ وستمائة، وكتب في الإجازات. ومات في رجب.

227 -

‌ أبو الفتح ابن إسحاق بن نصر الله بن هبة الله ابن سني الدولة

، العدل الجليل فخر الدين.

توفي بدمشق في صفر. وله تعليق في التاريخ.

ص: 514

228 -

‌ أبو القاسم بن أحمد

، المراغي، الصَّعيدي، الزاهد.

من المشايخ المشهورين بمصر. توفي في ذي الحجة، وكانت جنازته مشهودة. روى شيئاً من كلام شيخه ابن الصبّاغ عنه. ومات في عشر الثمانين.

229 -

‌ والدة السلطان الملك السعيد بنت مقدَّم الخوارزمية بركة خان

.

توفيت بالقاهرة في وسط السنة، واسمها ألتطمش.

وفيها ولد:

رفيقنا تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في أول صفر، والشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني محدث بغداد، والقاضي جمال الدين أحمد بن إبراهيم العثماني المنفلوطي، وجمال الدين سليمان بن محمد ابن خطيب دمشق عبد الكافي الربعي، وعلي بن عبد الحميد المنبجي المؤذن ابن أخت العطار.

ص: 515

سنة أربع وثمانين

230 -

‌ أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا

، القيسي، التاجر، نجم الدين، أبو العباس.

روى عن أبيه. ومات في المحرم.

231 -

‌ أحمد بن عثمان بن محمد بن الهادي

، شهاب الدين.

دمشقي جليل، روى عن ابن اللتي والسخاوي، كتب عنه الطلبة. ومات في ذي القعدة.

• - أحمد بن محمد الواعظ، هو زين الدين كتاكت، يأتي في الكاف.

232 -

‌ أحمد بن هاشم

، جمال الدين التفليسي.

توفي في شعبان.

233 -

‌ إبراهيم بن إسحاق بن المظفر

، الشيخ برهان الدين، أبو إسحاق، المصري، الوزيري، المقرئ. من حارة الوزيرية بالقاهرة.

ولد سنة تسع عشرة وستمائة، وحفظ العنوان. وقرأ بها - أعني القراءات - على التقي عبد القوي بن مغربل صاحب أبي الجود سنة أربعين، وقرأ بعدة كتب على الكمال الضرير. وراح إلى الصعيد، فقرأ على: محمد بن محمد الفصال. وقرأ بدمشق على علم الدين القاسم وعلى الكمال بن فارس.

وعني بالقراءات وأقرأها. وسمع الحديث، وسمع ابنه إسحاق. قرأ عليه القراءات الشيخ أحمد الحراني، وابنه إسحاق، وغيرهما. وحج في هذه السنة، فأدركه الأجل في الخامس والعشرين من ذي الحجة بين الحرمين، وكان قد سكن بدمشق من بعد سنة ستين.

234 -

‌ إبراهيم بن علي بن شاور

، زين الدين القرشي، الطوخي، المصري، المقرئ، المجوّد.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وقرأ القراءات، وتوفي في شوال.

ص: 516

235 -

‌ إسماعيل ابن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر

ابن الشيخ أبي عمر، المقدسي، نجم الدين.

سمع من الشيخ الموفق وموسى بن عبد القادر.

توفي في شوال بجمّاعيل.

• - أيدكين: هو علاء الدين البندقداري. يأتي في العين.

236 -

‌ أيوب بن أبي الزهر بن معالي

، مجد الدين الأنصاري، ابن الخيسي.

رئيس جليل، سمع الكثير وسمّع أولاده، وهو خال تقي الدين محمد بن الفاضلي. سمع من علم الدين السخاوي واليلداني وجماعة. روى عنه البرزالي فيما أظن، وابن الخباز.

توفي في ربيع الآخر، وله ستون سنة.

237 -

‌ البرهان النَّسفي

، هو أبو الفضائل محمد بن محمد بن محمد الحنفي، العلامة، صاحب التصانيف الكلامية والخلافية، وله مقدمة مشهورة في الخلاف.

شاخ وعُمِّر، وأقرأ الطلبة وسار ذكره، مولده سنة ستمائة. وأجاز لعلم الدين البرزالي في هذه السنة في شعبان من بغداد. ولم تطل أيامه بعد ذلك، بل تأخر إلى سنة سبعٍ وثمانين وستمائة، فسيُعاد.

238 -

‌ حازم ابن القاضي محمد بن حسن بن محمد بن خلف بن حازم

، شيخ البلاغة والأدب، هنيُّ الدين أبو الحسن الأنصاري، المغربي.

توفي سنة أربعٍ، وله ستٌّ وسبعون سنة، أرّخه المطري من أهل قرطاجنة بالأندلس.

239 -

‌ حسن بن سونج

، المحدث أخو الشيخ إسماعيل بن سونج، وأخو صاحبنا الشيخ حسين. وأبوهم هو الحكيم محيي الدين إبراهيم بن أحمد بن سونج الطبيب.

ص: 517

قرأ وكتب، وحصل الأجزاء وأكثر عن أصحاب ابن طبرزد وطبقتهم. ومات شاباً. وكان يلقب بالعماد.

توفي في شعبان. وكان فقيهاً بالشبلية، من فضلائهم.

240 -

‌ الحسن بن محمد بن علي

، نجم الدين الأنصاري، الدمشقي، الكاتب.

خدم الأمير عز الدين أيبك المعظمي، ثم الطواشي رشيد. ثم ولي نظر بعلبك بعد الكمال إبراهيم بن شيث مدةً. ثم عُزِل ولزم منزله بدمشق بدرب الفراش. وخرج مع الجيش لحصار المرقب، فتوفي بنواحي حمص. وكان من قدماء رماة البندق. وقد جاوز السبعين.

241 -

‌ الحسن بن مسعود بن محمد

، خطيب جامع بلهيقا.

قرأت بخط الفرضي: مولده في سنة خمس عشرة وستمائة، ومات في سابع عشر ربيع الأول.

242 -

‌ الحسن الرومي

، شيخ الشيوخ بالقاهرة.

توفي في أواخر العام، وصُلي عليه صلاة الغائب بدمشق، وولي المشيخة بعده الأيكي.

243 -

‌ الحسين بن علي بن أبي بكر بن يونس

، أبو عبد الله ابن الخلال، أخو شيخنا بدر الدين حسن.

روى عن ابن اللتي، وابن المقير، وكريمة، وجعفر. وتوفي بقوص كهلاً.

244 -

‌ الحسين بن همام

، العدل الأجل، أبو عبد الله ابن البياع القرشي.

توفي بمصر في صفر، وولد بدلاص سنة إحدى وستمائة، حدث عن ابن باقا. وتوفي أخوه سنة خمسٍ وتسعين.

245 -

‌ خليل بن يوسف بن خليل

، العدوي.

روى عن أبي الحسن ابن الجمَّيزي والحافظ النشتبري. ولد بإربل سنة سبعٍ وستمائة، وكان يعرف بابن الفحّام. وكان له أصحاب وفقراء بدمشق،

ص: 518

توفي في صفر، سمع منه البرزالي والطلبة، رحمه الله.

246 -

‌ داود بن يحيى بن كامل

، القاضي عماد الدين القرشي، الحنفي، البصروي، والد العلامة نجم الدين القحفازي.

ولي تدريس العزية بالكجك، وناب في القضاء. وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل، وعن أبي إسحاق الصريفيني وعبد الرحمن بن النصولي. وناب عن القاضي مجد الدين ابن العديم.

وكان إماماً، محقِّقاً، صالحاً. ولد سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة. ومات في نصف شعبان.

والعزية كانت دارا لابن منقذ، وكان عماد الدين من بقايا أصحاب الحصيري شيخ الحنفية.

247 -

‌ رمضان بن وفاء

، الخطيب، أبو الوفاء الهمذاني.

كتب عنه ابن الفوطي في الإجازات، وأرّخ موته في ربيع الآخر.

248 -

‌ ست العرب بنت يحيى بن قايماز

، أمُّ الخير الدمشقية.

سمعت من مولاهم التاج الكندي. وحضرت على ابن طبرزد، وسمع منها الكبار، وأجازت لنا مروياتها. ولها إجازة من المؤيد الطوسي وجماعة. روى عنها ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي، وجماعة.

سألت عنها المزيَّ، فقال: شيخة جليلة، كثيرة السماع. سمعت من ابن طبرزد الغيلانيات وغيرها. وحدثت سنين كثيرة.

قلت: ولدت في ربيع الآخر ست تسعٍ وتسعين، وتوفيت في التاسع والعشرين من المحرم.

249 -

‌ سعيد بن علي بن سعيد

، العلامة رشيد الدين أبو محمد البصراوي، الحنفي، مدرس الشِّبلية.

كان إماماً، مفتياً، مدرساً، بصيراً بالمذهب، جيد العربية، متين الديانة،

ص: 519

شديد الورع. عُرِض عليه القضاء أو ذكر له فامتنع.

قال شمس الدين ابن أبي الفتح: سمعت غير واحدٍ يقول: لم يخلّف الرشيد سعيد بعده في المذهب مثله، وكان خبيراً بالنحو، وكانت له يدٌ طولى في النظم والنثر.

ومن شعره: استجرِ دمعك ما استطعت معينا فعساه يمحو ما جنيت سنينا أنسيت أيام البطالة والهوى أيام كنت لذي الضّلال قرينا توفي الرشيد سعيد في شعبان في آخر الكهولة، كتب عنه ابن الخباز وابن البرزالي.

250 -

‌ الصائن، أبو عبد الله البصري

، المقرئ، الضرير، نزيل الروم ومقرئها.

قرأ القراءات وجودها، وبرع في معرفتها. وقدم دمشق فقرأ للسبعة على المنتجب الهمذاني، وكان عارفاً بمذهب الشافعي. أضرّ في أثناء عُمُره، ودخل الروم وقد شاخ، فقرأ عليه طائفة منهم الشيخ وحيد الدين المقرئ إمام الكلاسة. ورأيته يصفه، ويثني على علمه ودينه. وقال لي: توفي في هذه السنة، وفيها قدمت الشام. وقال: اسمه محمد.

251 -

‌ طيٌّ بن مصبح

، البعلبكي، الفقير، الصالح.

حدث عن البهاء عبد الرحمن، أخذ عنه ابن أبي الفتح والبرزالي وغيرهما. ومات في ذي الحجة.

252 -

‌ عبد الله، الملك المسعود

، جلال الدين ولد السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل.

كان من أجمل الناس صورةً، وكان محتشماً، نبيلاً، حسن الأخلاق.

توفي كهلاً بقريةٍ بالمرج، ودفن بتربة عمه الأمجد عباس في نصف جمادى الآخرة.

ص: 520

253 -

‌ عبد الله ابن الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبلي

زين الدين، أبو بكر الدمشقي.

سمع أباه، وسمع بالموصل من عبد المحسن بن عبد الله الطوسي. وبدمشق من أبي محمد ابن البن، والقزويني. وببغداد من عبد السلام الداهري.

وطال عمره، وعلا سندُه، وعاش ثمانين سنة. وأجاز له من أصفهان عفيفة الفارفانية وجماعة، وأجاز له من العراق أبو الفتح المندائي.

روى عنه المزي والبرزالي، وجماعة. ومات في شوال، رحمه الله.

254 -

‌ عبد الله بن محمد بن محمد ابن المجاهد

، القوّاس.

روى عن الشيخ الموفَّق والبهاء وأبي القاسم بن صصرى وجماعة، أخذ عنه ابن الخباز وابن البرزالي والطلبة. ومات في ذي القعدة. وهو أخو شيخنا أحمد ابن المجاهد، وهو لقبٌ لأبيهما. روى عن يحيى الثقفي.

255 -

‌ عبد الحميد بن أحمد

، المنبجي، القاضي مجد الدين الملوحي، قاضي بيسان، وزوج أخت الشيخ علي ابن العطار.

توفي بعجلون.

256 -

‌ عبد الحميد بن فخار بن معد

، الشيخ جلال الدين أبو القاسم الموسوي، الحسيني، الأديب، النسابة.

سمع من عبد العزيز ابن الأخضر، وغيره.

مات في تاسع شوال ببغداد، وقال ابن الفوطي: مات في سابع عشره. سمعت منه.

257 -

‌ عبد الرحمن بن عباس بن محمد بن عنان

، الشيخ الصالح، أبو الفرج الدمشقي الخباز، زوج جدتي.

كان رجلاً صالحاً، خيراً، تالياً لكتاب الله. له بيت وفرنٌ بحكر العنابة، وكنت أفرح بالمبيت عنده للفرجة على العسكر وغير ذلك. روى عن ابن الزبيدي والفخر الإربلي والضياء المقدسي. قال ابن أبي الفتح: هو ابن عم والدتي. وذكر أنه سمع منه الثلاثيات.

ص: 521

قلت: سمع منه البرزالي، وغيره. وتوفي بقرية السمُّوقة من الغوطة في نصف رجب. وكان من أبناء السبعين، وبقي في صحبة أم أبي ثلاثين سنة. ثم توفيت بعد وفاة جدي لأمي، فتزوج بجدتي لأمي.

258 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم

، العلامة نور الدين البصري العبدلياني. منسوب إلى قرية عبدليان.

درّس للحنابلة بالبشيرية مدة، ثم درّس بالمستنصرية بعد ابن عكبر. وله تصانيف منها: كتاب جامع العلوم في التفسير وكتاب الحاوي في الفقه، وكتاب الكافي في شرح الخرقي، والشافي في المذهب. وله طريقة في علم الخلاف.

عاش ستين سنة، وكان يلقب بملك الموت.

مات ليلة عيد الفطر.

259 -

‌ عبد الرحمن ابن الشيخ أبي القاسم

، الحواري.

توفي في شوال، وكان رجلاً صالحاً، خَلََفَ أباه في المشيخة.

260 -

‌ عبد المنعم بن محمد بن أبي جعفر بن عرندة

، أبو الفرج البغدادي الحلبي، والحلبة شرقي بغداد.

كان ثقة، جليلاً، حنبلي المذهب. ولد سنة تسعٍ وستمائة، وسمع: أحمد بن صرما وعلي بن إدريس الزاهد.

روى عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: توفي في ربيع الأول.

سمع الجزء القادري من ابن إدريس. وأجاز لحفيد الكازروني، وللبرزالي.

261 -

‌ عبيد الله بن محمد ابن الشرف أحمد بن عبيد الله

بن أحمد بن محمد بن قدامة، الشمس المقدسي، الحنبلي.

ولد سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة، وسمع من كريمة والضياء، وأحضر على جعفر. وتفقه ودرس وأعاد، وقرأ بنفسه الكثير، وسمع أولاده. وكان

ص: 522

كيِّساً، فاضلاً، محبباً إلى الناس، ذا ثروة ودين وتودُّد. وكان الشيخ شمس الدين يحبه ويفضله على سائر أهله، رحمه الله.

توفي بجماعيل في الثامن والعشرين من شعبان، وقد سمع منه البرزالي وغيره. وصنَّف في الأحكام إلى الحج، فأتقن ذلك.

262 -

‌ عثمان بن أبي محمد بن خولان

، أبو عمرو البعلبكي، التاجر.

كان ثقة، صالحاً. روى عن البهاء عبد الرحمن. وتوفي في صفر. سمع منه: ابن أبي الفتح وابن البرزالي، وجماعة.

263 -

‌ علي بن بلبان

، المحدث علاء الدين، أبو القاسم المقدسي، الناصري الكركي، المشرف.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع ببغداد من أبي الحسن القطيعي وابن السباك وعبد اللطيف ابن القبيطي وطبقتهم، وبدمشق من جعفر الهمداني وكريمة وهذه الطبقة، وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السِّلفي.

وعني بالحديث، وسمع الكثير، وحصّل الأجزاء، وانتخب وخرّج لنفسه وللناس، وروى الكثير من مسموعاته. وكان منقطعاً إلى هذا الفن مغرىً به. ولم يكن مبرزاً فيه ولا متقناً له، وله غلطات وأوهام.

خرّج للشيخ شمس الدين مشيخة، وللتاج ابن الحبوبي مشيخة كبيرة، وللفخر ابن البخاري مشيخة ولنفسه الموافقات. وكان جندياً ثم تركها، ورُتِّب مشرفاً للجامع الأموي. وكان يحضر مدارس الحنفية، ويؤم بمسجد الماشلي.

سمع منه: شيخنا ابن تيمية والمزي والبرزالي، وأبو القاسم بن حبيب، وشهاب الدين ابن المجد الشافعي، وأبو عبد الله ابن الصيرفي، وخلق كثير.

وله شعر حسن ومدائح، وكان خيراً، متواضعاً، متودداً، يستعين بالطلبة على ما يخرجه.

توفي ليلة أول رمضان، ودفن بمقبرة باب الصغير وقد أجاز لي

ص: 523

مروياته.

264 -

‌ علي بن عبد العزيز بن علي بن جابر

، الفقيه، الأديب، البارع، تقي الدين، القرشي البغدادي، المعروف بابن المغربي.

صاحب تلك القصيدة السائرة التي أولها: يا دبدبة تدبدبي أنا علي ابن المغربي مات ببغداد فيما ورخه ابن الفوطي في ثامن ربيع الآخر سنة أربع وثمانين، قال: وقد اعتنى الفقيه قوام الدين الحنفي بجمع ديوانه.

265 -

‌ علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن

، الشيخ علاء الدين، أبو الحسن البكري، المراكشي، الكاتب.

ولد سنة ست عشرة وستمائة بدمشق. وسمع: أبا صادق بن صباح وابن الزّبيدي وابن اللتي وابن أخي أبي البيان والحسين بن إبراهيم بن مسلمة. وروى صحيح البخاري. وكان ذا رواء ووقار وخبرة بأمور الديوان والحساب بحيث يرجع إلى قوله في ذلك.

ولي نظر المارستان النوري مدةً، ثم ولي نظر الدواوين، وكان ترك ذلك أولى به؛ لأنه كان متواضعا صالحاً، له وردٌ بين العشاءين، وكان يركب الحمار ويأتي الديوان.

سمع منه غير واحد. وأجاز لي حديثه. ومات في جمادى الأولى، وعمل نظر البيمارستان النوري مدة بلا جامكية، كان غنيا.

266 -

‌ علي بن محمد بن ميكائيل

، نفيس الدين، وكيل الصاحب شمس الدين الجويني.

صحب السهروردي، وسمع منه كتاب العوارف، كتب عنه ابن الفوطي بمراغة، قال: ومات بالموصل في شهر المحرم سنة أربع.

ص: 524

267 -

‌ علاء الدين البندقدار

، الأمير الذي ينسب إليه السلطان ركن الدين بيبرس البندقداري.

كان من كبار الأمراء الصالحية، وكان عاقلاً ساكناً. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.

كان مملوكاً لجمال الدين ابن يغمور، ثم صار للسلطان نجم الدين أيوب فجعله بندقداره. وعنه انتقل الظاهر إلى نجم الدين لما حبسه واحتاط على موجوده، ولما آل الملك إلى الظاهر كان يحترمه ويرى له حقَّ التربية. وكان هو يبالغ في النصح والخدمة للظاهر، ويفرح به، وهو الذي انتزع الشام للظاهر من الحلبي.

قال ابن اليونيني: ورافقني من مصر إلى دمشق، فرأيت من مكارمه وحسن تربيته ما لا مزيد عليه. وتوفي بالقاهرة، وقد ناهز السبعين.

268 -

‌ كافور الطواشي

، الأمير شبل الدولة أبو المسك الصوابي، الصالحي، النجمي، الصفوي، خزندار خزانة الشام.

ولد سنة بضعٍ وستمائة ظناً. وسمع من السخاوي وابن قميرة، وبمصر من عبد الوهاب بن رواج وغير واحد. وكان ديناً عاقلا خيراً، يحب العلم وأهله، ويعجبه السماع والرواية.

كتب عنه جماعة الطلبة، وحدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار.

توفي ليلة أول رمضان كابن بلبان بقلعة دمشق، وقد نيف على الثمانين. رحمه الله!

269 -

كتاكت، الواعظ، زين الدين أحمد بن محمد الأندلسي، الإشبيلي الأصل، المصري.

ولد بتنيس سنة خمسٍ وستمائة. وكان رأساً في الوعظ، حفظةً للأخبار، وله نظمٌ جيد. وعلى وعظه روح.

ص: 525

توفي بالقاهرة، في ثالث عشر ربيع الأول.

270 -

‌ محمد بن إبراهيم بن علي بن شداد

، الرئيس، المنشئ، عز الدين أبو عبد الله الأنصاري، الحلبي، الكاتب.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بحلب. وكان أديباً فاضلاً، حسن المحاضرة، صنف تاريخاً لحلب وسيرة للسلطان الملك الظاهر الصالحي. وكان من خواص السلطان الملك الناصر يوسف.

ذهب في الرسلية عنه إلى هولاكو وإلى غيره، ثم سكن الديار المصرية بعد أخذ حلب.

وكان ذا مكانةٍ وحرمةٍ عند الملك الظاهر والملك المنصور. وله توصُّل ومداخلة، وفيه تودُّد ومروءة ومسارعة لقضاء حوائج الناس. وقد روى شيئاً، وسمع منه المصريون.

توفي في سابع عشر صفر، ودفن بسفح المقطَّم. وعُرِضت عليه الوزارة زمن الملك السعيد فامتنع، وكان معلومه في الشهر ألف درهم. وله حرمة تامة ورأي.

271 -

‌ محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن

، أبو بكر ابن الحافظ أبي الطاهر ابن الأنماطي، المصري، ثم الدمشقي. نزيل القاهرة.

سألت المزي عنه، فقال: شيخ حسن من أولاد المحدثين. سمَّعه أبوه الكثير من أبي اليمن الكندي وأبي عبد الله ابن البناء وأبي البركات بن ملاعب وأبي القاسم ابن الحرستاني في آخرين. وأجاز له عبد العزيز ابن الأخضر، والمؤيد الطوسي، وخلق يطول ذكرهم.

وحدث بكثير من مروياته. وكان سهلاً في الرواية، سمعنا منه كثيراً بالقاهرة سنة ثلاثٍ وثمانين. وكان قد لفق له أبوه سماع جميع تاريخ ابن عساكر، وهممت بقراءته عليه وكلمته في ذلك ففرح وأجاب، ثم تركته لطوله.

قلت: وقد سمع منه عامة الطلبة بمصر، وانفرد بأشياء كثيرة لم يحدث بها؛ لكون الأصول بدمشق. وتوفي في أول ذي الحجة بالقاهرة. وولد سنة تسعٍ

ص: 526

وستمائة.

وقد حدث بدمشق سنة ثمانٍ وستين، وسمع منه بقراءة ابن نفيس شيخنا ابن تيمية، وأخواه عبد الرحمن وعبد الله خضر، وشهاب الدين ابن المجد عبد الله، ومحمد وإبراهيم ابنا الوجيه ابن منجى، وآخرون.

272 -

‌ محمد بن إياز

، الأمير الكبير، ناصر الدين ابن الأمير افتخار الدين الحراني، الحنبلي.

ولي ولاية دمشق بعد موت الافتخار والده، وأضيف إليه شد الأوقاف والنظر فيها استقلالاً. وكان نائب السلطنة لا يخالفه، ولا يخرج عن رأيه. وله المكانة العالية عند الملك الظاهر، وكلمته مسموعة في سائر الدولة. وكان ذا عقل ورأي وذكاء وخبرة بالأمور، وكان مليح الخط، جيد الفضيلة، كثير المكارم والفُتوَّة.

قال الشيخ قطب الدين: كان يكتب خطاً منسوباً، رأيته يكتب وهو ينظر إلى جهةٍ أخرى، قال: وكان كثير المكارم والستر وقضاء حوائج الناس، يصلح لكل شيء. سمعت بعض الأمراء يقول: والله يصلح لوزارة بغداد في زمن الخلفاء، ولا يقوم غيره مقامه. ثم استعفى من ولاية البلد فأُجيب، ثم ولاه السلطان الملك المنصور نيابة حمص فتوجه على كرهٍ فلم تطل مدته بها.

وتوفي ليلة نصف شعبان بها، فنقل إلى دمشق ودفن بتربة الشيخ أبي عمر، ولم يبلغ الستين. وقد سمع الحديث الكثير، وما أظنه حدّث.

273 -

‌ محمد بن حاتم بن هبة الله بن خلف

، شرف الدين الدلاصي، الأنصاري.

حدث عن عبد العزيز بن باقا. ومات في شوال بمصر.

274 -

‌ محمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد

، الشيخ شرف الدين الإخميمي الزاهد.

روى جزء ابن نجيد عن ابن طلحة النصيبي. سمعه معه الشيخ تقي الدين ابن تيمية والبرزالي، وكان كثير التعبد والاجتهاد، وللناس فيه حسن

ص: 527

اعتقاد. وبعض الناس كان ينسبه إلى التصنُّع، وكان يفتح عليه بأشياء من الأمراء والأكابر، فإذا قوبل بقدرٍ يسير لا يقبله.

وفي الجملة كان جليل القدر، مهيباً، حسن السمت، حلو الكلام. وهو الذي ذكره كمال الدين محمد بن طلحة في تصنيفه في علم الحروف، فذكر أن الشيخ محمداً رأى علياً رضي الله عنه، فأراه دائرة الحروف.

وبمثل هذا تكلم فيه بعض الأئمة، فإن الدخول في علم الحروف ينافي طريقة السلف. وهو في شقٍّ، وما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم في شِق. وهو مما حرمه الله بقوله تعالى:(وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث. وعلم الحروف يشبه الكهانة والنجوم، لا بل هو شرٌ منه. فنسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا.

توفي الشيخ محمد الإخميمي بزاويته بقاسيون، وغسله الشيخ فخر الدين بن عز القضاة والشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شرف الدين الفزاري، وازدحم الناس على نعشه. وكان على جنازته سكون وهيبة، وذلك في جمادى الأولى.

تعلل مدةً، وقد زاره الصاحب تاج الدين ابن حنى، فدفع إليه أربعة آلاف دينار.

وكان أسمر طويلاً نحيفاً مهيباً، ابتلي بوجع ظهره زماناً وما تداوى، وكان صديقاً للشيخ يوسف الفقاعي مدةً، ثم وقع بينهما وتهاجرا.

275 -

‌ محمد بن ربيعة بن حاتم بن سنان

، أبو عبد الله، الحَبلي، المصري، الخرقي. والده الكُتبي المقرئ راوي السيرة عن عبد القوي ابن الجبّاب.

كان موجوداً في هذا السنة. قرأ عليه شيخنا المزي السيرة، وذكره البرزالي في شيوخه بالإجازة.

والحبليّ مستفادٌ مع الحبلي والختلي والجبُّلي والجيلي والجبَلي. وحَبْلَة: مكان باليمن، منه صاحبنا علي بن منصور.

ص: 528

وسمع منه أيضاً ابن سامة، وأبو عبد الله بن نُباتة، وسماعه للسيرة في سنة ثمانٍ وستمائة. ومولده في رمضان سنة سبعٍ وتسعين.

276 -

‌ محمد بن طيبرس

، أبو عبد الله السنقري، البغدادي، الصوفي.

روى عن ابن روزبة، وابن اللتي. ومات في جمادى الآخرة.

277 -

‌ محمَّد بن عامر بن أبي بكر

، أبو عبد الله الغسولي، الصالحي، المقرئ.

شيخ صالح، متواضع، متعفف، خير. روى عن ابن ملاعب والشيخ الموفق وابن راجح، وغيرهم. روى عنه ابن الخباز، وسائر الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة، وقد قارب الثمانين. وهو صاحب الميعاد المشهور عشية السُّبُوت. وكان يعظ عقيب الختم، ثم يدعو.

قال الشيخ تاج الدين في تاريخه: كان يجمع الناس للختم في قبر الست وقبر سعد، وكان طويلاً، حسن الشكل. قال: ثم إنه ابتدع بدعةً سيئة كرهته عليها، جعل يقرأ ختمةً ويهديها للنبي صلى الله عليه وسلم، وختمةً يهديها لإبراهيم الخليل، والله يسامحه.

قلت: أصل المسألة، وهو إهداء ثواب التلاوة فيه نزاع.

278 -

‌ محمد بن عبد الله بن بركات بن إبراهيم

، الكمال ابن الخشوعي، والد شيخنا علي.

حدث، وكتب في الإجازات. ومات في شوال كهلاً. وحدّث عن عمه إبراهيم.

279 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الحسن

، ابن الدّجاجيّة، العدل، نجم الدين الصالحي.

توفي ببستانه، وقد سمع من أبيه وابن صباح وأبي نصر ابن الشيرازي، أخذ عنه علم الدين وغيره. ومات في جمادى الآخرة، شيعه قاضي القضاة، وخلّف أملاكاً.

280 -

‌ محمد بن عبد الغني بن ظافر

، جمال الدين ابن الشيرجي، الإسكندراني، الشافعي، المؤدب.

ص: 529

عُمّر دهراً طويلاً؛ فإنه ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من ابن البنّاء جامع الترمذي، ومن ابن المفضَّل. أجاز للبرزالي، وقال: توفي سنة أربعٍ وثمانين تقريباً.

281 -

‌ محمد بن عثمان بن علي الرومي

، الشيخ شرف الدين ابن الشيخ القدوة الزاهد عثمان، صاحب الزاوية التي بسفح قاسيون.

كان صالحاً، زاهداً، فقيراً واسع الصدر، كريماً، جواداً، لطيفاً، متواضعاً، كيّساً، لا يدّخر شيئاً أصلاً، بل ينفق ما يفتح عليه به. وكان لا يكاد يتردد إلى أحد، ويعمل السّماعات، ويصعد إليه الخلق الكثير من الفقراء والعوام فيرقص سائر السّماع، ويخلع جميع ما عليه على المغاني ويبقى باللباس فقط.

وقد حضر حصار المرقب، ثم عاد إلى دمشق، فتوفي عقيب قدومه بأيامٍ في العشرين من جمادى الأولى، وهو في عشر الثمانين.

282 -

‌ محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد

، العلامة، المنشئ، عز الدين الحلبي.

له فضلٌ وجلالة، صاحب سيرة الملك الظاهر. توفي بمصر في صفر، من أبناء السبعين، له فضلٌ وجلالة.

283 -

‌ محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف

، العلامة رضي الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي، اللغوي.

ولد ببلنسية سنة إحدى وستمائة، وروى عن أبي الحسن ابن المقير، وبهاء الدين ابن الجميزي. وتوفي في يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة.

وكان عالي الإسناد في القرآن؛ فإنه قرأ لوَرْش على الشيخ المعمر محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي الشاطبي، صاحب ابن هذيل سنة بضعٍ وعشرين وستمائة. وسمع منه كتاب التلخيص لأبي عمرو الداني في قراءة ورش.

كان رضي الدين إمام عصره في اللغة، تصدَّر بالقاهرة وأخذ الناس عنه. روى عنه أبو حيان وسعد الدين الحارثي وأبو الحسين اليونيني والمزي،

ص: 530

وابن منير الحلبي، وأبو عمرو ابن الظاهري، وآخرون.

ذكر لي ابن حرمي الفرضي، عن أبي حيان النحوي، عن الرضي الشاطبي قال: أعرف اللغة على قسمين: قسم أعرف معناها وشاهدها، وقسم أعرف كيف أنطق بها فقط.

وسمعت شيخنا أبا الحسين ببعلبك يقول: سألت شيخنا العلامة رضي الدين الشاطبي عما ذكره أبو عمر الزاهد في كتابه ياقوتة الصراط عند قوله عز وجل: (ولآمُرَنَّهُمْ فَليُغَيَّرُنَّ خَلْقَ الِله). قال: يعني الإخصاء. قلت له: هل تعرف الإخصاء بمعنى الخصاء؟ قال: لا أعرف أحداً ذكره، إلا أنني أحفظ بيتين لأهل الأندلس، قال: وهم يسمّون القط قطوساً. وأنشدني البيتين وهما: عجائبُ الدهرِ شتى لا يحاطُ بها منها سماعٌ، ومنها في القراطيسِ وإن أعجبَ ما جاء الزمانُ بهِ فارٌ بحمص لإخصاء القطاطيس قلت: هذه حمص الأندلس. وهي معروفة.

284 -

‌ محمد بن يحيى بن تمام

، الرئيس شمس الدين ابن عماد الدين ابن الحميري، الدمشقي، العدل.

توفي بالمزة في جمادى الآخرة.

285 -

‌ محمد بن يعقوب بن علي

، المولى، مجير الدين ابن تميم.

سكن حماة، وخدم الملك المنصور. وكان جندياً محتشماً، شجاعاً، مطبوعاً، كريم الأخلاق، بديع النَّظم.

توفي بحماة في هذا العام.

ومن شعره: كم فارسٍ صاحبتهُ يوم الوغى وتركته إذ خانه إقدامُه حتى بلغتُ بحد سيفي موضعاً في الحرب لم تبلغ إليه سهامُه، وله:

ص: 531

دعني أخاطر في الحروب بمهجتي إما أموتُ بها وإما أرزقُ فسوادُ عيشي لا أراه أبيضا إلا إذا احمرَّ السِّنان الأزرقُ وله: رعى الله وادي النَّيربين فإنني قضيت به يوماً لذيذاً من العمرِ درى أنني قد جئته متنزهاً فمد لأثوابي بساطاً من الزَّهرِ وأخدمني الماء القُراح فحيثما سنحت رأيت الماء في خدمتي يجري وله: لم لا أهيمُ إلى الرياض وزهره وأقيم منه تحت ظلٍ ضافي والغصنُ يلقاني بثغرٍ باسمٍ والماءُ يلقاني بقلبٍ صافي وله: العفو مستحسنٌ من غير مقتدرٍ فكيف من لم يزل يعفو إذا قدرا والعبدُ فهو فقيرٌ ما له أحدٌ سواكَ فاصفح ولا تُشمِت بي الفقرا وله: ولم أنس قولَ الورد والنار قد سطت عليه فأمسى دمعه يتحدّرُ ترفَّق فما هذي دموعي التي ترى ولكنها روحي تذوب فتقطرُ وله: حاذر أصابعَ من ظلمت فإنها تدعو بقلب في الدُّجى مكسورِ فالورد ما ألقاه في نار الغضا إلا دعاء أصابع المنثورِ وله: ما احمرَّ وجهُ الورد إلا إذ غدا الـ ـمنثورُ يلطم وجههُ بكفوفه ومثله: ومذ قلت للمنثور إني مفضلٌ على حُسنك الورد جلَّ عن شَبهِ تلوّن من قولي وزاد اصفراره وفتح كفيه وأومى على وجهي

ص: 532

وله مرثيةٌ بديعةٌ أولها: فؤاٌد على فقد الحبيب له وقدُ وأجفانُ عينٍ ما لها بالكرى عهدُ وجسمٌ براه لاعجُ الحزن والجوى فما فيه إلا الروحُ والعظمُ والجلدُ منها: فيا قبره ألا رفقتَ بجسمه فقد كان يدميه إذا مسه البردُ وألا كشفت التُّرب عن حسن وجهه فقد كان وجهاً يخجل البدر إذ يبدو وله: يا من تلوَّن في الوداد ولم أزل أبداً بحُسن وداده أتمسكُ الماء منه حياتنا وسرورنا وإذا تلوّن أو تغير يترك وله: مبارز الدين يا من جود راحته وفضله في الورى يُربي على السُّحبِ عندي طريفيّة شهباء تحسبها للحسن قد لبست ثوباً من الشُّهبِ لم ترض بعلاً هلال الأفق من صلفٍ ولا نجوم الثريا موضع اللببِ كم مرةٍ تركت ريح الشمال وقد جاءت تسابقها في غاية التعبِ كريمة تسند الأعراب نسبتها إلى جياد تميمٍ سادة العربِ رأت جوادك في الميدان معترضاً يزهو على الخيل في التقريب والخببِ جاءته خاطبةً لما انثنى وله أصلٌ يماثلها في عزة النسبِ وقد رأته لها كفواً ولو خَطَبَت طرفاً سواه رآها أشرف الرُّتبِ فاحذر تضن عليها فهي شاعرة وشعرها مؤلم في حالة الغضبِ

286 -

‌ محمد بن يوسف بن محمد بن عصمون

، ناصر الدين المالقي.

ولد بمالقة سنة إحدى عشرة. وحدّث عن سبط السِّلفي.

توفي في ذي القعدة بمصر.

287 -

‌ مصطفى بن أبي زرعة بن عبد الرزاق

، صفيُّ الدين الجروي، الدَّلاصي، ثم المصري.

ولد سنة أربعٍ وستمائة. وسمع من علي بن المفضَّل الحافظ وابن باقا وغيرهما. ومات في شعبان.

ص: 533

288 -

‌ مظفر بن علي بن القاسم ابن النشبي

.

مات في سلخ رمضان. روى عنه البرزالي، سمع من فخر الدين عبد الرحمن ابن عساكر وزين الأمناء وابن صصرى. وأجاز له خلق، وولد سنة عشر.

289 -

‌ معتوق بن علي بن عمر

، تقي الدين النصيبي، الفقيه.

ولد سنة ستمائة. وسمع من السخاوي وغيره، لكنه لم يحدث. ومات في ذي الحجة. وكان أحد الشهود.

290 -

‌ نويصر بن عمر بن راهبة

، البعلبكي.

حدث عن البهاء عبد الرحمن، كتب عنه ابن أبي الفتح وابن البرزالي، وجماعة.

291 -

‌ هدية بنت المحدّث المفيد معين الدين إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز القرشي

، الدمشقي.

توفيت في رمضان، روت عن ابن صصرى حضوراً وعن ابن الزبيدي، سمع منها: ابن حبيب، والبرزالي، والمزي.

292 -

‌ يوسف بن إبراهيم بن يوسف

، أبو المظفر ابن الزّراد الدمشقي، سبط ابن الحنبلي.

روى أربعي السلفي، كتب عنه ابن أبي الفتح والبرزالي، وجماعة. ومات في ذي الحجة، حدّث عن عمّ أمه الناصح ابن الحنبلي وأبي عبد الله ابن الزبيدي.

وفيها ولد:

أمين الدين محمد بن إبراهيم الواني المحدث، والمولى السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور. ولد في المحرم

، مكن الله له في الأرض، وأحيا بطول بقائه السنن والفرض.

وصارم الدين إبراهيم بن خليفة

ص: 534

ابن محمد بن خلف المنبجي، وعمر ابن الحسام الأديب، وعماد الدين محمد بن الشرف أحمد ابن الصاحب فخر الدين ابن الشيرجي، وتقي الدين عمر ابن الوزير شمس الدين محمد بن عثمان ابن السلعوس، وصدر الدين محمد بن علي بن أسعد ابن المنجى التنوخيان، والأمين عبد الله بن عبد الله الرهاوي، والشهاب أحمد ابن البدر المراغي، والقاسم بن أحمد بن شقير، والتقي أحمد بن تُبَّع.

ص: 535

سنة خمس وثمانين وستمائة

293 -

‌ أحمد بن الحسن

، الخطيب البارع، البليغ، شرف الدين، أبو الحسين، خطيب الرّصافة، الملقَّب بالأسد.

ولد سنة اثنتين وعشرين. وسمع من عمر بن كرم، وله خُطبٌ أنشأها، والمقامات الخمسين، وغير ذلك.

مات في ربيع الآخر. كتب عنه ابن الفوطي، وغيره.

294 -

‌ أحمد بن شيبان بن تَغلب بن حَيْدَرة

، المعمَّر، المسند، بدر الدين أبو العباس الشيباني، الصالحي، العطار، ثم الخيّاط.

ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة في رجب. ثم كتب بعد: مولدي سنة تسع وتسعين، فعلى هذا سماعه يكون حضورا. ثم وجد مولده بخط أبيه شيبان: في آخر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين.

وسمع من حنبل جميع المسند، ومن عمر بن طبرزد فأكثر، ومن أبي اليمن الكندي وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة كثيرة.

وأجاز له أبو جعفر محمد بن أحمد الصَّيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، والمفتي خلف بن أحمد الفرّاء، وداود بن محمد بن ماشاذة، وزاهر بن أبي طاهر، وعبد الرحيم بن محمد بن حمُّويه الراوي معجم الطبراني الكبير حضوراً، عن أبي نهشل العنبري، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وأبو زرعة عبيد الله ابن اللفتواني، وعفيفة الفارفانية، وطائفة سواهم.

روى عنه الدمياطي والقاضي تقي الدين الحنبلي، وجماعة من القدماء وابن الخباز وابن تيمية والمزي والبرزالي وابن المهندس، وخلق كثير، وحدّث أكثر من أربعين سنة.

وكان شيخاً حسناً، متواضعاً، منقاداً، صحيح السماع، مطبوعاً. له شعر، ختموا عليه مسند الإمام أحمد بدمشق قبل موته بتسعة أيام. وسمعه منه عدد كثير.

توفي في الثامن والعشرين من صفر، وصُلِّي عليه من الغد بعد صلاة

ص: 536

الجمعة بجبل قاسيون. وعاش بضعا وثمانين سنة.

295 -

‌ أحمد بن عامر بن أبي بكر

، نفيس الدين الغسولي، الصالحي.

حدَّث عن: أبي القاسم بن صصرى وأبي عبد لله ابن الزبيدي، وجماعة. وعنه ابن الخباز وابن مسلم والبرزالي، والطلبة.

توفي في شوال بالجبل.

296 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد الهادي

، أبو العباس المقدسي، نزيل القاهرة. هو ابن عم شيخنا العز أحمد ابن العماد.

حدَّث عن: موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وآخرين، روى عنه المزي وابن سامة والمصريون، ويعرف عندهم بالجمال المراوحي.

مات في ثاني عشر صفر، ودفن بالقرافة.

297 -

‌ أحمد بن نصر بن تروس

، أبو العباس الدمشقي.

سمع من الفخر الإربلي ومُكرم بن أبي الصَّقر، وغيرهما. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن حبيب، والبرزالي، وآخرون. مات في هذه السنة.

298 -

‌ أحمد بن محمد بن علي

، أبو العباس الكومذاني، الطبق، التاجر. الرجل الصالح.

سمع من خليل الجوسقي وابن شفنين. مات في صفر، وقد قارب الستين.

299 -

‌ إبراهيم بن سالم بن ركاب

، الأنصاري، الخباز، من أهل جبل الصالحية.

توفي في هذه السنة. وهو والد نجم الدين إسماعيل المحدّث، روى عنه ابنه شيئاً.

ص: 537

300 -

‌ إسماعيل بن إسحاق بن أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ

، أبو محمد وأبو الفداء، ابن صصرى، التغلبي، الدمشقي.

روى عن جده أبي القاسم وأبي علي الإوقي الزاهد، سألت المزي عنه فقال: سمعنا منه مشيخة الفسوي، عن الإوقي، وهو شيخ جليل كان يسكن بداخل باب توما. توفي في رمضان.

قلت: كان قد عمي، ثم أبصر.

301 -

‌ إسماعيل بن جمعة بن عبد الرزاق

، القاضي العالم، أبو إسحاق السامري، النحوي.

حدّث عن أبي بكر ابن الخازن. وله نظم جيد. توفي في أحد الربيعين ببغداد، كتب عنه الفرضي والقلانسي.

302 -

‌ إياس بن عبد الله

، الطيبي، الظاهري، البزاز، من موالي الخليفة الظاهر ابن الناصر.

روى عن أبي الحسن القطيعي وغيره، كتب عنه الفرضي، وكان صاحب ليل وتهجُّد، وهو من مَرَاغة. وكان اسمه عمر فأُسِر، وله عشرُ سنين في سنة ست عشرة في أيام خوارزمشاه.

*- العز بتر الكردي عبد الله، سيأتي.

303 -

‌ بغدي بن علي ابن مَرزبان العراق قُشْتُمُر

، الناصري، الأمير فخر الدين البغدادي، من بقايا الأمراء الخليفتية.

قال ابن الفوطي: مات في نصف رمضان، ودفن عند جده بمشهد

ص: 538

الحسين عليه السلام. لم يُقتل في وقعة بغداد، وخلّص بسبب رجل خوارزمي كان جدّ هذا قد أحسن إليه، فجاء في جيش هولاوو هذا الخوارزمي، فسأل من بقي من أولاد قشتمر وأجارهم. ولفخر الدين هذا مصنف في البزدرة.

304 -

‌ حسن بن عبد الله بن ويحيان

، الراشدي، نسبة إلى بني راشد، قبيلة من البربر، لا إلى الراشدية التي هي من قرى ديار مصر. التلمساني، المقرئ، أبو علي.

شيخ صالح، زاهد ورع، كبير القدر، صاحب صدق ومعاملة. وكان إماماً حاذقاً بالقراءات، بصيراً بالعربية. قدم القاهرة، وقرأ بالروايات على الكمال ابن شجاع الضرير. وجلس للإقراء، وعليه قرأ شيخنا مجد الدين أبو بكر التونسي وشهاب الدين أحمد بن محمد بن جبارة المقدسي. ورأيت كلاً منهما يثني عليه، ويبالغ في وصفه بالعلم والعمل.

وكتب إلي أبو حيّان النحوي يقول: كان الشيخ حسن رجلاً ظاهره الصلاح والدّيانة، يحكي عنه من عاشره أنه كان لا يغتاب أحداً. وكان حافظاً للقرآن ذاكراً للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه. ولم يكن عارفاً بالأسانيد ولا متقناً لتجويد حروف القرآن؛ لأنه لم يقرأ على متقن.

وكان مع ذلك بربرياً، فبقي في لسانه شيء من رطانة البربر. وكان رحمه الله، عنده نزرٌ يسير جداً من علم العربية كمقدمة ابن باب شاذ وألفية ابن معط، يحل ظاهر ذلك لمن يقرأ عليه، وإنما َكانت شهرته بالقراءات.

قلت: لم يتلمذ الشيخ حسن الراشدي لغير الكمال الضرير، ولا تلمذ شيخنا مجد الدين لغير الشيخ حسن. وكلٌّ منهما قد اشتهر ذكره وبَعُد صيته، لاسيما شيخنا، وما ذاك إلا لصدق النية وحسن القصد.

وقد أخذ شيخنا عن الشيخ حسن سنة بضعٍ وسبعين وستمائة، وأخذ عنه ابن جبارة بعد ذلك بنحوٍ من سبع سنين، قال: وأنا آخر من قرأ عليه وأنا غسّلته وألحدته. وأما الشيخ مجد الدين فقدم دمشق وأدرك بها الزواوي، رحمه الله، وحضر مجلس إقرائه.

توفي الشيخ حسن في ثامن وعشرين من صفر بالقاهرة.

ص: 539

305 -

‌ الحسن بن علي بن أحمد ابن القسطلاني

، الشيخ مجد الدين ابن الشيخ تاج الدين.

حدَّث عن: أبي الحسن ابن المقير وغيره. ومات في خامس ربيع الأول بمصر، وله إجازة الفتح ابن عبد السلام.

306 -

‌ الحسين بن عبد الرحمن بن شاس

، قاضي القضاة على مذهب مالك بالديار المصرية، تقي الدين.

حدّث عن: أبي الحسن ابن الجميزي وغيره. وتوفي في مستهل ذي الحجة.

وكان فقيهاً، إماماً، عارفاً بالمذهب، جيد النقل، علامة، لكنه مذموم الأحكام. متسرعاً، متسمحاً في التعديل.

307 -

‌ خديجة بنت الزَّين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة

، أمُّ أحمد.

شيخة صالحة، عابدة، خيّرة. سمعت من غير واحد، وروت بالإجازة عن: أبي المجد زاهر الثقفي، وأسعد العجلي، وأبي الفتح ابن المندائي وعفيفة الفارفانية، وجماعة.

ولدت سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة، ولم يظهر لها شيء عن ابن طبرزد ولا غيره من الكبار، روى عنها ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي وآخرون.

وذكر علم الدين أنها روت بالإجازة عن أبي جعفر الصيدلاني وذلك ممكن، وكانت تلقّن القرآن. قد روت الحديث قديماً، وهي أم شيختنا فاطمة بنت حسين الآمدي، التي روت لنا عن ابن الزبيدي.

أجازت لنا خديجة مروياتها، وماتت في ربيع الآخر قبل أخيها عبد الدائم.

308 -

‌ الخضر ابن المسند رشيد الدين أحمد بن المفرج بن مسلمة

، شرف الدين.

ولد سنة اثنتين وثلاثين. وسمع من أبيه والعلم السخاوي وعبد العزيز ابن أبيه.

ص: 540

توفي يوم عيد الفِطر.

309 -

‌ خليل بن أبي بكر بن محمد بن صدِّيق

، الإمام صفيُّ الدين، أبو الصَّفا المراغي، المقرئ، الفقيه، الحنبلي.

قرأ القراءات بدمشق على تقي الدين ابن باسويه بالعشر. وسمع من القاضي جمال الدين ابن الحرستاني وأبي الفتوح البكري والشمس أحمد بن عبد الله العطار، وأبي البركات بن ملاعب وموسى بن عبد القادر، وجماعة.

وتفقه على الشيخ الموفَّق ودرّس، وأقرأ القراءات والفقه. وكان عارفاً بالمذهب والخلاف والطِّب وغير ذلك، وكان كثير الفضائل وافر الديانة، كثير الورع.

قرأ عليه القراءات: القاضي بدر الدين محمد ابن الجوهري والشيخ أبو بكر الجعبري، وجماعة. وطال عُمُرُه، وروى الكثير. أخذ عنه ابن الظاهري وولده أبو عمرو والدمياطي والقاضي أبو محمد الحارثي وأبو الحجّاج القُضاعي، وأبو محمد عبد الكريم الحلبي وأبو حيّان النَّحوي، وخلق كثير.

وقد ناب في الحكم، وشُكرت سيرته. وكان مشهوراً بالزُّهد والدين.

توفي في سابع عشر ذي القعدة بالقاهرة، وولد قبل الستمائة بمراغة، وقد عاش قريباً من تسعين سنة. رحمه الله!

310 -

‌ ذو الفقار بن محمد بن أشرف بن محمد

، أبو جعفر العلوي، الحسني الشافعي، مدرس المستنصرية.

ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وستمائة بخوي. وسمع ببغداد من الكاشغري وابن الخازن.

مات في شعبان. ومات أبوه سنة ثمانين ببغداد في شعبان، وله ثمانون وثلاث سنين؛ فإن مولده في أول سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة. ولقبُه السيد عماد الدين.

ص: 541

311 -

‌ رابعة بنت ولي العهد أبي العباس أحمد ابن المستعصم بالله

، وتعرف بالسّيّدة النبوية، صاحبة الصاحب الملك هارون ابن الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني، وأمّ أولاده المأمون عبد الله والأمين أحمد وزُبيدة.

ماتت ببغداد ودفنت عند أمها في جمادى الآخرة، وفي هذه الأيام قُتل زوجها هارون، فلم يعلم أحدهما بموت الآخر. وكان صَدَاقها مائة ألف دينار، وهذا ما سُمع إلا لملك.

312 -

‌ الزَّين الورّاق

، قَرابةُ محيي الدين ابن تميم، صديق والدي.

من أبناء الستين. كان عنده حمار ذو قيمة يساوي سبعمائة درهم. وكنت أشتري منه الكاغد، رحمه الله.

أرّخه الشيخ تاج الدين.

313 -

‌ سعيد ابن العلامة رشيد الدين عمر بن إسماعيل

، الفارقيُّ، الأديب، سعد الدين، ثم الدمشقي.

شاب فاضل ذكي شاعر فصيح، اشتغل مدةً على والده، وقال الشعر المليح. وتوفي في المحرم.

314 -

‌ شاميَّة

، أمة الحق بنت المحدّث أبي علي الحسن بن محمد بن أبي الفَتوح البكري.

شيخة، مسندة، معمرة، متفردة. روت عن جدها وجد أبيها، وحنبل بن عبد الله وعمر بن طبرزد وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة. وتفردت بأجزاء عالية، روى عنها الدمياطي وسعد الدين الحارثي وأبو عبد الله ابن الزراد وأبو الحجاج الكلبي وأبو محمد البرزالي وخلق. وحدثت بدمشق ومصر وشيزر.

وكان مولدها بمصر سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة. وتوفيت بشيزر في

ص: 542

أواخر رمضان عند أقاربها، ولها إجازة من أسعد بن روح، وعفيفة الفارفانية.

315 -

‌ الحاج شرف بن مري بن حسن النواوي

، والد شيخ الإسلام محيي الدين.

كان رجلا مباركا دينا. توفي بنوى في رجب، وصُلّي عليه بدمشق صلاة الغائب، وقد جاوز السبعين.

316 -

‌ طاهر بن عمر بن طاهر بن مفرج

، المدلجي، المصري، الزاهد، نزيل دمشق.

قرأ قطعةً من الفقه على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام. وصحب بدمشق الشيخ يوسف الفقاعي، وكان من أخص الأصحاب به. وانقطع في رباط ابن يغمور بالصالحية. وكان صالحاً زاهداً، قانعاً باليسير، متعبدا.

سمع منه البرزالي وغيره عن ابن خليل.

وكان به سعالٌ مزمن، فبقي سنين يأخذ في كوز ماء شعير مدبّر من بُكرةٍ، ويودعه إلى العشاء، ثم يثرد فيه كسرةً ويفطر عليه.

وقال النجم أبو بكر ابن مشرف: دخلت مع الشيخ يوسف رحمه الله إلى بيت طاهر بالرباط، فرأينا بيتاً لم يكنس قط، وتحته حصير رثة سوداء. فقال الشيخ يوسف: ما أعفشك يا طاهر! ثم خرج طاهر للوضوء، فقال لي الشيخ يوسف: طاهر يموت طيّبا. وقال: طاهر طاهر.

وقال الشيخ قطب الدين: تزوج طاهر امرأةً جميلة جداً، وطلقها على كرهٍ لعجزه عنها ولم يقربها.

وذكر النَّجم ابن مشرف قال: مررت على باب الخوّاصين يوم الأحد قبل يوم وقعة حمص سنة ثمانين، فمر بي الشيخ طاهر، وحدثني ما لم أفهمه لاشتغال قلبي، فقال: كأنك ما فهمت؟ قلت: لا والله. قال: اسمع ما أقوله واعتمد عليه، يوم الأحد اليوم؟ قلت: نعم. قال: يوم الجمعة يكون في هذا البلد بشارةٌ بكسر التتر، وشموع توقد بالنهار وسماعات، وما يقدر تلك الليلة

ص: 543

على المغاني. وكان كما قال.

ثم بات عندي بعد ذلك وانشرح، فسألته عما أخبرني به هل رآه يقظة أو مناماً؟ فقال: لا في اليقظة ولا في المنام، بل في حالةٍ بينهما تسمى الواقعة تكون للفقراء. فسألته عن حقيقتها فنفر وغضب.

توفي في خامس شوال.

قلت: كان في الشامية ودار الحديث وتربة، ومهما صحّ له واسى به أولاد شيخه ويقنع بكسرة.

317 -

‌ عائشة بنت سالم بن نبهان

، أم أحمد الجشمية، الحمويه، زوجة المحدّث تقي الدين ابن مزيز وأمّ أولاده.

سمّعها من ابن رواحة، أخذ عنها ابن سامة وغيره.

توفيت سنة خمسٍ ظناً عن سبعين سنة أو نحوها.

318 -

‌ عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس

، أبو بكر التميمي، الإسكندراني، سراج الدين ابن الوزير الصاحب نجيب الدين، وأخو المقرئ كمال الدين ابن فارس.

سمع بدمشق من التاج الكندي وابن الحرستاني وأبي البركات بن ملاعب، وجماعة.

أخذ عنه أبو محمد الحارثي وأبو الحجاج المزي، وجماعة. وكان شيخاً جليلاً، عالي الإسناد، مشهوراً. توفي بالإسكندرية في أول يوم من ربيع الأول، وله بضعٌ وثمانون سنة فيما أحسب. ومولده سنة إحدى وستمائة.

319 -

‌ عبد الله بن حِجي

، عز الدين الشافعي.

كان معيداً بالأمينية، ويعرف بالعز بتر. أعاد بالصالحية بمصر عند ابن عبد السلام، وكان من كبار فقهاء الأكراد. له شكل وصوت جهُوري.

توفي فجاءة رحمه الله.

320 -

‌ عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة

، الزاهد، تاج الدين، أبو محمد المقدسي.

عبدٌ صالح، زاهد، متعبّد، مقبل على شأنه، حافظ لوقته. سمع من موسى بن عبد القادر حضوراً، ومن: الشيخ الموفق والقزويني والبهاء، وجماعة. روى عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي، وجماعة.

ص: 544

عبر إلى رضوان الله ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وقد نيّف على السبعين.

321 -

‌ عبد الدائم بن إسحاق بن مسعود

، العدل، جمال الدين الشَّيباني، الدمشقي.

روى عن كريمة. وتوفي في رمضان كهلاً.

322 -

‌ عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الفرج

، القطيعي، الحنبلي، الدّقّاق، أبو الفرج، المعروف بابن القصّار.

حدث عن: ابن روزبة، ونصر بن عبد الرّزّاق. ومات في شعبان عن ثمانين سنة إلا سنة.

323 -

‌ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي المجد

، نجم الدين القطيعي التاجر، ويعرف بابن ثقاب الحبّ.

أضرّ ولزم بيته. سمع من محمد بن محمد ابن السباّك. ومات في رمضان عن بضعٍ وسبعين سنة.

324 -

‌ عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس

، الشيخ الصالح، أبو محمد ابن الزَّجاج، عفيف الدين العلثي، ثم البغدادي، الحنبلي، السُّني، الأثري.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من أبي العباس أحمد بن صرما والفتح ابن عبد السلام وعلي بن بورنداز، وعبد السلام بن يوسف العبرتي وابن روزبة، وجماعة.

وأجاز له جمال الدين أبو القاسم ابن الحرستاني من دمشق والافتخار الهاشمي من حلب وأبو البقاء العكبري، وجماعة من بغداد. وحدّث بدمشق لما قدمها للحج.

وكان محدّثاً، عالماً، ورعاً، عابداً، أثريّاً، صليباً في السُّنة، شديداً على أهل البدعة. له أتباعٌ، وأصحاب يقومون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

حدّث بدمشق من أجزاء أبي العلاء الفرضي. وتوفي إلى رحمة الله بذات

ص: 545

حجّ راجعاً في سابع عشر المحرم، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

325 -

‌ عبد المحيي بن أحمد بن أبي البركات بن أحمد

، أبو البركات الحنبلي الحريري، محيي الدين الحربي.

روى بالإجازة عن: عبد الوهاب بن سكينة وابن الأخضر. توفي في جمادى الآخرة.

كتب عنه أبو العلاء الفرضي وابن الفوطي. وهو آخر من روى عن مدرس النظامية مجد الدين يحيى بن الربيع بن محراز.

روى عنه أحمد بن يوسف الكواشي.

326 -

‌ عبد المغيث بن محمد بن عبد المعيد ابن المحدّث عبد المغيث ابن زهير

، أبو العز البغدادي، العدل.

سمع: أبا المنجى ابن اللتي وغيره. ومات في رجب.

وقال علم الدين: أجاز لي، وذكر أنه سمع أيضاً من الحسن ابن الزبيدي.

وقال ابن الفوطي: سمع صحيح البخاري من القطيعي.

327 -

‌ عبد المولى، شرف الدين ابن الشيخ تاج الدين

علي ابن القسطلاني.

باشر مشيخة الكاملية بعد أبيه حتى جاء عمه القطب من مكة، سمع ابن المقير وحدّث. مات في رجب.

328 -

‌ عبد الواحد بن علي بن أحمد

، أبو محمد القرشي، الهكاري، الفارقي، الحنبلي.

شيخ صالح، زاهد، متعفف، معمر. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع بالموصل من مسمار بن العويس النيار والحسين بن باز. وقدم دمشق وهو شاب، فسمع من موسى بن عبد القادر والموفَّق ابن قدامة وزين الأمناء وغيرهم. أخذ عنه أبو محمد الحارثي وأبو الحجاج المزي

ص: 546

والمصريّون. وتوفي بالقاهرة في رمضان، رحمه الله.

329 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن قديد

، البغدادي، المقرئ.

عبد صالح خير، سمع: ابن بهروز وابن الخازن. كتب عنه الفرضي.

330 -

‌ عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن تولوا

، الأديب معين الدين، أبو عمرو الفهري، المصري.

ولد بتنيس سنة خمسٍ وستمائة. وسمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي وغيره، وكان أحد الشعراء المحسنين.

أنشدنا عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني وغيره. ومات في سلخ ربيع الأول بالقاهرة.

وله من قصيدة: في ذمة الله أيام العقيق وإن تملك الليث فيها شادن خرقُ يرنو بألحاظِ ريم قطّ ما رمقت فغادرت في البرايا من به رمقُ تألَّفت فيه أضداد بها أبداً على هواه قلوب الناس تتفقُ فالخد والثَّغر ذا جمرٌ وذا بردٌ والوجه والفرع ذا صبحٌ وذا غسقُ ما حلت عن عهد سكان العقيق وهل يحول عنهم محبٌ حبه خلقُ

331 -

‌ عثمان بن أبي محمد بن خولان

، البعلبكي.

رجل خير، وهو أخو عبد الولي، حدث عن البهاء عبد الرحمن. ومات في صفر.

332 -

‌ علي بن الحسين بن يوسف ابن الصّيّاد

، موفَّق الدين، المعري، الحنبلي.

سمع الأربعين الطائية من ابن اللتي ببغداد. مات بالبردان في ربيع الآخر، أجاز للبرزالي ولخلق.

ص: 547

333 -

‌ علي بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مغنين

، كمال الدين، أبو الحسن المتيجي، الإسكندارني.

ولد سنة تسعٍ وستمائة، وسمع من محمد بن عماد الحراني، وجماعة. ومات في ذي الحجة. وكان مؤذن السلطان فقدم وحدث بدمشق.

أخذ عنه المزي والبرزالي، له إجازة ابن منينا وغيره.

334 -

‌ علي بن عبد الله بن هبة الله ابن المنصور

، العدل، أبو الحسن العباسي، المنصوري، شرف الدين ابن الخطيب.

سمع صحيح البخاري من ابن روزبة، وخطب مدة. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. مات في رمضان أو في شوال سنة خمس وثمانين.

335 -

‌ علي بن محمد بن حسين

، كمال الدين ابن الشيخ العارف محمد الفرنثي، الفقير، شيخ الزاوية الفرنثية بعد والده.

سمع: ابن الزبيدي وابن اللتي وجعفر الهمداني، كتب عنه ابن الخباز وابن البرزالي، وجماعة.

وكان فيه عِشرة وانطباع. وقد عمل سماعاً ودعوة للشيخ حسن ابن الحريري غرم عليها ألف درهم مع فقره، لا أثابه الله.

توفي في شعبان، وله تسعٌ وخمسون سنة.

336 -

‌ علي بن أبي الفتح

، المحب السنجاري، المؤدب، والد شيخنا محمد.

ولد سنة ست وستمائة بسنجار، وقدم دمشق. وسمع من مكرم وغيره، وأدب بدرب العسقلاني مدة طويلة، أخذ عنه البرزالي وغيره. ومات في شوال.

337 -

‌ غريب بن حاتم بن عيّاد البعلبكي

.

يروي عن البهاء، سمع منه المزي في شعبان. ومات بعد ذلك بقليل.

ص: 548

338 -

‌ فاطمة بنت أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر ابن قاضي العسكر

، الحلبية.

كان أبوها وعمها عبد الله من شيوخ الدمياطي. وهي سمعت حضوراً من ثابت بن مشرف، أخذ عنها الطلبة. وكانت تسكن بالمزة، وهي شيخة رباط هناك. توفيت في ذي القعدة.

339 -

‌ فاطمة بنت الشيخ شمس الدين عبد الرحمن

بن أبي عمر أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، زوجة العماد إبراهيم بن أحمد الماسح.

كانت دينة عابدة صالحة، روت عن جعفر بن علي الهمداني. وتوفيت في شعبان.

340 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سجمان

، العلامة جمال الدين أبو بكر البكري، الوائلي، الأندلسي، الشريشي، المالكي.

ولد بشريش سنة إحدى وستمائة. وسمع بالإسكندرية من محمد بن عماد، وببغداد من أبي الحسن القطيعي وأبي الحسن بن روزبة وأبي بكر بن بهروز وابن اللتي وياسمين بنت البيطار وأبي صالح الجيلي والأنجب بن أبي السعادات ومحمد ابن السباك وعبد اللطيف ابن القبيطي وطائفة، وبدمشق من مكرم وابن الشيرازي وجماعة، وبإربل من الفخر محمد بن إبراهيم الإربلي، وبحلب من الموفق بن يعيش وجماعة.

وتفقه حتى برع في المذهب، وأتقن العربية والأصول والتفسير، وتفنن في العلوم ودرس وأفتى. وقرأ الحديث، وعني به. وقال الشعر، ودرس بالرباط الناصري بحضور السلطان واقفه.

ثم دخل الديار المصرية ودرس بالفاضلية، وتخرج به جماعة كثيرة، منهم ولده العلامة شيخنا كمال الدين رحمه الله.

ثم إنه قدم إلى بيت المقدس، فأقام به مدة، ثم قدم دمشق وأخذ الناس عنه. وكان من أوعية العلم. صنف لألفية ابن معط شرحاً نفيسا.

وقد مدحه شيخه علم الدين السخاوي بقصيدةٍ مشهورة، وطلب لقضاء دمشق فامتنع زهداً وورعاً، وبقي المنصب شاغراً من أجله إلى إن مات.

ص: 549

ودرس بالمدرسة النورية وبالحلقة التي بالجامع مع مشيخة الرباط ومشيخة أم الصالح. روى عنه ابنه وابن تيمية والمزي وابن العطار والبرزالي والصيرفي وابن الخباز، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته في سنة أربعٍ وسبعين. وقد سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال: هو أحد الأئمة الأعلام المتبحرين في علوم متعددة.

قلت: وأنبأني أبو بكر محمد بن أحمد الوائلي الحافظ، قال: لما أتى شهر رمضان الكائن في سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أُريح نفسي من كد المطالعة والتكرار وأصرف همتي - إذ كنت كثير البطالة - إلى المواظبة على نوافل الصلوات والأذكار. فحين شرعت في ذلك وجدت من قلبي قسوة، ورأيت في صارم عزيمتي عن المضاء فيها نَبوة، وقدت نفسي بزمام الحرص فحرنت وما انقادت، وضربتها بسوط الاجتهاد فتمادت على حرانها بل زادت.

فلما رأيت ذلك علمت أن داءها صار عضالاً، وأن ما رُمتُه من الهُدى صار ضلالاً، فسألت عن عالمٍ بهذه الأمور خبير وطبيب بدواء هذه العلة بصير، فدُللت على أوحد دهره وأفضل علماء عصره، أحسنهم هدياً وسمتاً وأورعهم نطقاً وصمتاً، وأوسعهم في جميع العلوم علماً، وأتقنهم في كل المعاني.

وهو شيخنا العلامة، سيد القراء وحجة الأدباء وعمدة الفقهاء، علم الدين أبو الحسن السخاوي، فكتبت إليه بهذه الأبيات أشكو إليه فيها بثي وحزني، وما استولت عليه هذه النفس العدوة مني، وأسأله كيف خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه؟ وهي: أيا عالما في الناس ليس له مثل وحبرا على الأحبار أضحى له الفضل أيا علم الدين الذي ظل علمه بحورا عذابا منه يغترف الكل لقد حزت من بين الأنام فضائلا فمنها التقى والعلم والخلق السهل

ص: 550

فأنسأ ربي في حياتك إنها حياة لها نفع من الخير ما تخلو وبعد فإني سيدي لك ذاكر أمورا قد أعيتني وعندي لها ثقل ولا بد من شكوى إلى ذي بصيرة يريك سبيل الرشد إن حارت السبل فأصغ إلى قولي أبث صبابتي إليك وأحزاني فقد مضني الثكل أخي ما لقلبي قد قسا فكأنما عليه لذي وعظ وتذكرة قفل فلا هو للقرآن يخشع إن تلا ولا لأحاديث أتتنا بها الرسل ولا يرعوي يوما إلى وعظ واعظ ولا عذل ينهى وإن كثر العذل يسوف بالطاعات مهما أردتها ويسرع في العصيان والغي ما يسل جبان عن الخيرات وقت حضورها وإن حضر العصيان فالبطل الفحل وكل عباداتي رياء وسمعة مشوب جميع القول فيهن والفعل وإن رمت صوما كان لغوا جميعه وعند صلاتي يعتري السهو والخبل وكل الذي آتي من العرف منكر فماذا دهى عقلي أليس له عقل إذا قلت يا نفسي إلى الله فارجعي تراجعني في القول من عنده الكل فإن شاء يهديني اهتديت وإن يشأ يضل فمن ربي الهداية والعدل وإن قلت للجنات والحور فاعملي تقل لي وهل معطي الجنان هو الفعل بل الله يعطيني الجنان تفضلا فمن ربي الإحسان والجود والبذل وقد قهرتني ثم أصبحت عندها أسيراً أخا قيد وفي عنقي غل فكل الذي تبغيه مني حاصل وما أبتغي منها فمن دونه المطل فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها وهل لأسير النفس من قيدها حل لقد خبت إن لم يدركني بلطفه ورحمته رب له اللطف والفضل وها أنا مستهد فكن لي راشدا أبا حسن فالرشد أنت له أهل وجملتها أربعون بيتاً خففت منها.

قال: فكتب إليَّ رحمه الله على كبره وضفعه:

إلى الله أشكو ما شكوت من التي لها عن هدى عدل وليس لها عدل تجور عن التحقيق جور أخي عمى وقد وضحت منه لسالكها السبل

ص: 551

وكيف أرجي أن تتوب وللهوى عليها يد سلطانه ما لها عزل وقد سترت عنها العيوب فما لها بما هي فيه خبرة لا ولا عقل تحيل على المقدور في ترك طاعة فما بالها في الرزق ليس لها مهل وتكذب إن قالت وتغضب تارة وتحرص أحياناً ومن شأنها البخل بذلت لها نصحي وحاولت رشدها وبالغت في عذلي فما نفع العذل فناولتها حبل التقى فتقاعست إلى أن تفانى العمر وانقطع الحبل وأرسل رب الدار يطلب نقلها وليس لها زاد وقد أعجل النقل فيا ويحها إن لم يسامح بعفوه ويا ويلها إن لم يجد من له البذل أتبغي أبا بكر هدى عند مثلها وأنت الذي أضحى وليس له مثل ومثلك يرجى أن يعمر برهة فدونك فاغنمها فأنت لها أهل ولست كمثلي ذا ثمانين حجة بها فاتت الأيام وانقطع الوصل ولم يبق للتأخير وجه وهكذا متى انتهت الآجال لم يسع المطل في أبيات أخر وجملتها ثلاثون بيتاً، قال لنا الشيخ جمال الدين أبو بكر: أنشدنيها ناظمها في الخامس والعشرين من رمضان سنة أربعين.

توفي في رابع وعشرين رجب.

341 -

‌ محمد بن أحمد بن يمن

، الصدر جمال الدين العرضي، ثم الدمشقي.

كان رئيساً محتشماً وافر الحرمة، كثير الأموال والعقار، ذا مروءة وتواضع وبر. وقد تمزقت نعمته وذهب منها دفائن تحت الأرض، وصودر ولده شمس الدين.

توفي في سلخ جمادى الآخرة.

342 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن إسفنديار

، الكازروني، مجد الدين ابن حدنك.

سمع الأربعين الطائية والدارمي من ابن اللتي. ومات في رجب ببغداد.

ص: 552

343 -

‌ محمد بن شبل

، جمال الدين النشابي.

شيخ من أبناء التسعين، روى عن ابن المقير. ومات في شعبان. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة.

344 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر

، أبو عبد لله المقدسي، ابن السراج.

روى عن جعفر الهمداني، كتب عنه علم الدين وقال: مات في جمادى الآخرة.

345 -

‌ محمد بن عبد الله بن المبارك بن مسلم

بن أبي الحسن بن أبي الجود، شمس الدين أبو عبد الله الفارسي، البغدادي، المشهور بابن مسلم.

سمع: أبا علي ابن الجواليقي وابن بهروز، وجماعة. ومن سماعه مغازي موسى بن عقبة على ابن الجواليقي، قال: أخبرنا ابن المقرب.

وكان من كبار العدول. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومات في شهر رمضان.

346 -

‌ محمد بن عبد المنعم بن محمد

، الشهاب ابن الخيمي، الأنصاري، اليمني الأصل، المصري، الصوفي، الشاعر.

حدث بـ جامع أبي عيسى الترمذي، عن علي ابن البنّاء المكي. سألت أبا الحجاج المزي عنه، فقال: هو أبو عبد الله الشاعر، شيخ جليل، فاضل، حَسَن النظم. سمع من ابن البناء وغير واحد، وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة وغيره. وعلت سنُّه وحدث بكثيرٍ من مروياته. لقيته، وسمعت منه بالقاهرة.

قلت: وروى عنه الدمياطي في معجمه. وسمع منه: قطب الدين ابن منير وفخر الدين ابن الظاهري، وخلق من المصريين.

وكان هو المقدَّم على شعراء عصره، مع المشاركة في كثير من العلوم، وكان يعاني الخدم الديوانية، ويباشر وقف مدرسة الشافعي، ومشهد الحسين رضي الله عنه.

وفيه أمانة ومعرفة، وكان معروفاً بالأجوبة المسكتة، ولم يعرف منه غضب.

ص: 553

وطال عمره، وعاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر. وتوفي بالقاهرة في التاسع والعشرين من رجب.

وروى أيضاً عن: عتيق بن باقا وأبي عبد الله بن عبدون البناء. فمن شعره: قسما بكم يا جيرة البطحاء ما حال عما تعهدون وفائي حبي لكم حبي وشوقي نحوكم شوقي وأدوائي بكم أدوائي ما خانكم كلفي ولا نسيتكم روحي ولم تتعدكم أهوائي وجدي بكم مجدي وذلي عزتي والافتقار إليكم استغنائي يا أهل ودي يا مكان شكايتي يا عز ذلي يا ملاذ رجائي كيف الطريق إلى الوصال فإنني من ظلمة التفريق في عمياء روحي تذود على الورود ظما وقد جاءتكم تمشي على استحياء في أبيات.

وله القصيدة البديعة التي سارت، وهي: يا مطلبا ليس لي في غيره أرب إليك آل التقصي وانتهى الطلب وما طمحت لمرأى أو لمستمع إلا لمعنى إلى علياك ينتسب وما أراني أهلا أن تواصلني حسبي علوا بأني فيك مكتتب لكن ينازع شوقي تارة أدبي فأطلب الوصل لما يضعف الأدب ولست أبرح في الحالين ذا قلق باد وشوق له في أضلعي لهب وناظر كلما كفكفت أدمعه صونا لحبك يعصيني وينسكب ويدعي في الهوى دمعي مقاسمتي وجدي وحزني فيجري وهو مختضب كالطرف يزعم توحيد الحبيب ولا يزال في ليله للنجم يرتقب يا صاحبي قد عدمت المسعدين فسا عدني على وصبي لا مسك الوصب بالله إن جزت كثبانا بذي سلم قف بي عليها وقل لي هذه الكثب ليقضي الخد من أجراعها وطرا من تربها وأؤدي بعض ما يجب

ص: 554

ومل إلى البان من شرقي كاظمة فلي إلى البان من شرقيها طرب وخذ يمينا لمغنى تهتدي بشذا نسيمه الركب إن ضلت بك النجب حيث الهضاب وبطحاها يروضها دمع المحبين لا الأنداء والسحب أكرم به منزلا تحميه هيبته عني وأنواره لا السمر والقضب دعني أعلل نفسا عز مطلبها فيه وقلبا لغدر ليس ينقلب ففيه عاهدت قدما حب من حسنت به الملاحة واعتزت به الرتب دان وأدنى وعز الحسن يحجبه عني وذلي والإجلال والرهب أحيا إذا مت من شوقي لرؤيته لأنني لهواه فيه منتسب ولست أعجب من جسمي وصحته من صحتي إنما سقمي هو العجب يا لهف نفسي لو يجدي تلهفها غوثا وواحربي لو ينفع الحرب يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة يا للرجال ولا وصل ولا سبب هبت لنا نسمات من ديارهم لم تبق في الركب من لا هزه الطرب كدنا نطير سرورا من تذكرهم حتى لقد رقصت من تحتنا النجب يا بارقا بأعالي الرقمتين بدا لقد حكيت ولكن فاتك الشنب أما خفوق فؤادي فهو عن سبب فعن خفوقك قل لي ما هو السبب ويا نسيما سرى من جو كاظمة بالله قل لي كيف البان والعذب وكيف جيرة ذاك الحي هل حفظوا عهدا أراعيه إن شطوا وإن قربوا أم ضيعوا ومرادي منك ذكرهم هم الأحبة إن أعطوا وإن سلبوا فاتّفق أنّ نجم الدين ابن إسرائيل الحريري الشاعر حج، فلقي ورقةً ملقاةً، ففتحها فإذا فيها هذه القصيدة فادّعاها.

قال الشيخ قطب الدين: فحكى لي صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر أن ابن إسرائيل وابن الخيمي اجتمعا بعد ذلك بحضرة جماعةٍ من الأدباء، وجرى الحديث في الأبيات المذكورة، فأصر ابن إسرائيل على أنه ناظمها، فتحاكما إلى الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض. فقال: ينبغي لكل واحدٍ منكما أن ينظم أبياتاً على هذا الوزن والروي أستدلُّ بها، فنظم ابن الخيمي:

ص: 555

لله قوم بجرعاء الحِمى غُيُّبُ جنوا عليَّ ولما أن جنوا عتبوا يا قوم هم أخذوا قلبي فلم سخطوا وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا هم العريب بنجدٍ مذ عرفتهم لم يبق لي معهم مالٌ ولا نشبُ شاكون للحرب لكن من قدودهم وفاترات اللّحاظ السُّمر والقضبُ فما أَلَمُّوا بحيٍّ أو ألمَّ بهم إلا أغاروا على الأبيات وانتهبوا عهدت في دمن البطحاء عهد هوى إليهم وتمادت بيننا حقبُ فما أضاعوا قديم العهد بل حفظوا لكن لغيري ذاك العهد قد نسبوا من منصفي من لطيفٍ فيهم غنجٌ لدن القوام لإسرائيل ينتسبُ مبدل القول ظلماً لا يفي بموا عيد الوصال ومنه الذَّنب والغضبُ في لثغة الراء منه صِدق نسبته والمنُّ منه يزور الوعد والكذبُ موحدٌ فيرى كلَّ الوجود له ملكاً ويبطل ما يقضي به الرتبُ فعن عجائبه حدّث ولا حرج ما ينقضي في المليح المطلق العجبُ بدرٌ ولكن هلالاً لاح إذ هو بالـ ـوردي من شفق الخدَّين منتقبُ في كأس مبسمه من حلو ريقته خمرٌ ودُرُّ ثناياه بها حببُ فلفظه أبداً سكران يُسمعنا من مُعرب اللَّحن ما ينسى له الأدبُ تجني لواحظه فينا ومنطقه جنايةً يجتنى من مرّها الضربُ قد أظهر السحر في أجفانه سقماً البرء منه إذا ما شاء والعطبُ حلو الأحاديث والألفاظ ساحرها تُلقى إذا نطق الألواح والكتبُ لم يبق منطقه قولا يروق لنا لقد شكت ظلمه الأشعار والخطب فداؤه ما جرى في الدمع من مهج وما جرى في سبيل الحب محتسبُ ويح المتيَّم شام البرق من أضمٍ فهزه كاهتزاز البارق الحربُ وأسكن البرق من وجدٍ ومن كلفٍ في قلبه فهو في أحشائه لهبُ فكلما لاح منه بارقٌ بعثت قطر المدافع من أجفانه سحبُ وما أعاد نسيمات الغوير له أخبار ذي الأثل إلا هزه الطربُ

ص: 556

واهاً له أعرض الأحباب عنه وما أجدت رسائله الحسنى ولا القربُ ونظم نجم الدين هذه الأبيات: لم يقض من حبّكم بعض الذي يجب قلبٌ متى ما جرى تذكاركم يجبُ ولي وفّيُّ لرسم الدار بعدكم دمع متى جاد ضنّت بالحيا السُّحبُ أحبابنا والمنى تدني مزاركم وربما حال من دون المنى الأدبُ ما رابكم من حياتي بعد بعدكم وليس لي في حياة بعدكم أربُ فأطعموني فأحزاني مواصلة وحلتم فحلا لي فيكم التعبُ يا بارقاً ببراق الحزن لاح لنا أأنت أم أسلمت أقمارها النقبُ ويا نسيماً سرى والعطر يصحبه أجزت حين مشين الخرد العربُ أقسمت بالمقسمات الزّهر يحجبها سمر العوالي والهندية القُضبُ لكدت تشبه برقاً من ثغورهم يا درَّ دمعي لولا الظلم والشنبُ وجيرة جار فينا حكم معتدل منهم ولم يعتبوا لكنهم عتبوا ما حيلتي قربوني من محبتهم وحال دونهم التقريب والخببُ ثم عرضت القصيدتان على ابن الفارض، فأنشد مخاطباً لابن إسرائيل عجز بيت ابن الخيمي: لقد حكيت ولكن فاتك الشنبُ وحكم بالقصيدة لابن الخيمي، واستجود بعض الحاضرين أبيات ابن إسرائيل، وقال: من ينظم مثل هذا ما الحامل له على ادعاء ما ليس له؟ فبدر ابن الخيمي وقال: هذه سرقة عادة لا سرقة حاجة. وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الديار المصرية.

وقد طلب القاضي شمس الدين ابن خلكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة، الأبيات من ابن الخيمي، فكتبها له، وذيّل في آخرها أبياتاً، وسأله الحكم أيضاً بينه وبين من ادّعاها. ووصل بها الذَّيل وهو: والهجر إن كان يرضيهم بلا سبب فإنه من لذيذ الوصل محتسبُ وإن هم احتجبوا عني فإنّ لهم في القلب مشهور حسن ليس يحتجبُ قد نزه اللطف والإشراق بهجته عن أن تمنِّعها الأستار والحجبُ لا ينتهي نظري منهم إلى رتب في الحسن إلا ولاحت فوقها رتبُ

ص: 557

وكلما لاح معنى من جمالهم لبّاه شوق إلى معناه منتسبُ أظل دهري ولي من حبهم طربٌ ومن أليم اشتياقي نحوهم حربُ فالقلب يا صاح مني بين ذاك وذا قلبٌ كمعروف شمس الدين منتهبُ إن الحديث شجون فاستمع عجباً حديث ذا الخبر حسناً كله عجبُ بحر محيط بعلم الدين ذو لجج أمواجه بذكاء الُحسن تنتهبُ خليفة الحكم والحكام سائرهم دون الخليفة هذا الفخر والحسبُ ينأى علواً ويدنيه تواضعه والشمس للنَّفع تنأى ثم تقتربُ زاكي الأصول له بيت علا ونمى وطاب لا صخبٌ فيه ولا نصبُ إليه ترتفع الأبصار خاشعةً مهيبةً وهو للأحكام منتصبُ مولاي أوصافك الحسنى قد اشتهرت فينا تسير بها الأشعار والخطبُ وما ذكرت غريباً بالثناء على علياك لكنها العادات والدربُ وليس لي عادةٌ بالمدح سابقة ما كنت قطُّ بهذا الفن أكتسبُ حسبي قبولٌ وإقبالٌ منحتهما منك ابتداؤهما من خير ما تهبُ وإن شعري لا يسوى السّماع بلى بالقصد أعمالنا تُلغى وتحتسبُ فإن أقصر فجهدي قد بذلت لكم وباذلُ الجهد قد أدى الذي يجبُ وما تجاسر يقضي بالمديح سُدى ما من عبيدك إلا من له أدبُ لكن تفاصيل أبياتي التي سُرقت مني هو الإذن من مولاي والسببُ وكنت أحجمت إجلالاً فأقدم بي أمرٌ مطاعٌ وعفوٌ منك مرتقبُ وقد أتيتك بالأبيات ملحقةً بأختها ليبين الصدق والكذبُ إذا تناسبت الأوصاف بينهما فاحكم هُديت بما قد تشهد النِّسبُ ولي شهودٌ من المولى فراستهُ ونور إيمانه والفضلُ والأدبُ والله إني محبٌ فيك معتقدٌ محبتي قربة من دونها القربُ وكيف لا وهي تنشئ بيننا نسباً إن المودة في أهل النُّهى نسبُ لا زلت في نعمةٍ غراء سابغةٍ تستوجب الفوز في الأخرى وتعتقبُ ومن شعره وكتب به إلى والده تقي الدين إلى الصعيد: دوام الصد صيّرني بعيداً وبعدُ الدار حسّن لي الصُّدودا

ص: 558

وغيبة من يناسب صيَّرتني بحضرة من ينافيني وحيدا أظنّ الطَّرف لما غبتُ عنه وقد ذكروا تيمُّمك الصّعيدا توهّم أن ذاك لفقد ماءٍ فأجرى دمعه بحراً مديداً وحقّك با بخيلاً بالتلاقي لقد علّمت طرفي أن يجودا وإني ميتٌ بالبين حيٌ لأني قد قُتلت به شهيدا وله من قصيدة: خذ من حديث أنيني المتواتر ندب الفؤاد بما تجن ضمائري وافهم فمبهم مضمري قد أعربت عنه إشارات السّقام الظاهرِ وأعِد حديثك يا عذول فإن في أثناء عذلك ما يسر سرائري وأمرتني بُسلوِّهِ وبتركه حاشاك ما أنا طائع يا آمري رشأ نفورٌ صائد ألبابنا وعقولنا فاعجب لصيد النافرِ يدع الدجى صبحاً ضياء جبينه والصُّبح ليلاً بالسّناء الباهرِ واحرَّ أحشائي لشهد بارد في فيه يحميه بلحظٍ فاترِ حجز الكرى عني ونام مًهَنّأ فلهذا أحنّ إلى ليالي الحاجرِ وأحب سفك دمي فما عارضته في ملكه وأعنته بمحاجري ومن شعره أيضاً: يرى حسنها قلبي فإن رام وصفه لساني ولو أني لبيد تبلدا جلت لي غداة الجزع قداً مهفهفاً وجيداً غزالياً وخداً موردا وطرفاً يبث الوجد في الناس لحظهُ فنوناً وكل منه في السُّكر عربدا فكم حزت فيها للخلاعة بيعةً وكم زرت فيها للملاحة مشهدا أبى الحب أن أنسى عهوداً قديمةً على حفظها أعطيت أهل الهوى يدا وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودَّعه: أفدي الذي قد سار كاتم سيره ضنّاً علي بوقفة التوديع يا مانعي ضمَّ الوداع اسلم ودع نار الصبابة كلَّها لضلوعي

ص: 559

347 -

‌ محمد بن عمار

، الفقيه، شمس الدين، قاضي التل. وجبة عسّال.

توفي بالتل في رمضان، وهو والد أصحابنا الشهود.

348 -

‌ محمد بن عمر بن عبد الملك

، الخطيب، جمال الدين، أبو البركات الدِّينوري، الصوفي، الشافعي، خطيب كفربطنا.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدِّينور، وقدم مع والده الزاهد القدوة عز الدين من البلاد، وسكن بسفح قاسيون.

واشتغل جمال الدين في صباه بالحديث ونسخ الأجزاء. وسمع من الناصح ابن الحنبلي وأبي عبد الله ابن الزبيدي والفخر الإربلي والضياء المقدسي وطائفة.

وكان شيخا، عالماً، فاضلاً، مهيباً، مليح الشكل، حسن الأخلاق، حلو المجالسة، محبباً إلى أهل كفربطنا، وله أصحاب ومحبون يعتقدون فيه.

وكان خيراً، حسن الديانة. أقام في خطابة القرية بضعاً وعشرين سنة، وتأهل، وجاءته الأولاد، ونسخ الكثير بخطه. وكان حسن العقيدة، مقبلاً على الأثر والسنة.

سمع منه: الشخ علي الموصلي وابن الخباز وابن العطار والبرزالي وابن مسلم، وطائفة.

توفي في رجب، وولي الخطابة بعده ولده عزيز الدين إبراهيم، فبقي المؤذن ينوب عنه إلى أن بلغ، ثم عزل بكمال الدين ابن خلكان.

349 -

‌ محمد بن محمد بن عبد القادر ابن الصائغ

، عماد الدين، ابن عماد الدين الأنصاري، الدمشقي، المعروف بالسبتي.

كان شاباً رئيساً، توفي في شعبان.

350 -

‌ محمد بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج بن أبي المعالي

، ابن الدَّباب، الإمام العدل، الواعظ، جمال الدين، أبو الفضل البغدادي، البابصري، الحنبلي، ويعرف أيضاً بابن الرّزّاز ولكنه بابن الدّبّاب أشهر. سمي جدُّه بذلك لكونه كان يمشي على تؤدة وسكون.

ولد جمال الدين سنة ثلاثٍ وستمائة في صفر. وسمع الكثير. وأجاز له

ص: 560

خلق. وأول سماعه سنة ست عشرة، فسمع المهروانيات الخمسة من أحمد بن صرما. وسمع جزء ابن الطلاية من الشيخين ابن أبي الجود وعبد السلام بن المبارك البردغولي.

وسمع السادس والسابع من أمالي ابن ناصر على عمر بن أبي السعادات. وسمع مداراة الناس لابن أبي الدنيا على ثابت بن مشرف. وسمع الغنية على ابن مطيع الباجسرائي. وسمع كتاب التفكر والاعتبار من علي بن محمد بن علي ابن السقاء، قال: أخبرنا المبارك بن أحمد الكندي.

وسمع من الفتح بن عبد السلام الثاني من أمالي الوزير. وسمع من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم صفة المنافق وأمالي طراد. وسمع من النفيس الزعيمي الزُهد لابن فضيل، بسماعه من ابن غبرة. وسمع من ابن صرما أيضاً جزء أبي بكر الصيدلاني والتاسع من فضائل الصحابة للدارقطني، والثالث من الحربيات. والأول من صحيح الدارقطني وجزء ابن شاهين والثالث من البر والصلة وثلاثة مجالس الخلدي بسماعه للجميع من الأرموي.

وسمع من أبي الفتح عبد الملك بن أبي الفتح الدلال جزء ابن هزارمرد الصَّريفيني سنة ثمان عشرة، قال: أخبرنا المبارك بن علي السمذي، قال: حدثنا الصريفيني.

قال أبو العلاء الفرضي في حق شيخه ابن الدباب: ثقة، فاضل، صحيح السماع. وسمع منه هو وجمال الدين أحمد ابن القلانسي المحدث وكمال الدين عبد الرزاق ابن الفوطي، وجماعة.

وقد وعظ في شيبته، وأجاز لطائفةٍ من أهل دمشق منهم علم الدين البرزالي. وتوفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمسٍ ودفن بمقبرة الشُّونيزي.

351 -

‌ محمد بن يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح

، الرئيس فخر الدين ابن الإمام جمال الدين ابن الصيرفي، الحراني، الحنبلي.

سمع حضوراً من عمر بن كرم. وسمع من ابن روزبة وأبي الحسن القطيعي وأبي إسحاق الكاشغري، وجماعة.

وكان حفظة للحكايات والشعر والأخبار، حلو المجالسة. توكّل للأمير علم الدين سنجر أمير جندار. وكان

ص: 561

ملازماً للافتخار الحراني، ثم لولده ناصر الدين الوالي. وكان حسن البزة، ظريف الشكل.

سمع منه: المزي والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ولم يكن بالمكثر.

352 -

‌ محمد بن أبي بكر بن علي

، ابن المهدوي، المحدث، موفق الدين العثماني، ثم الديباجي، خطيب المنشية.

سمع من ابن المقير، وجماعة. ومات في شوال.

353 -

‌ مظفر بن محمد بن أبي الفضل

، أبو نصر ابن قصيبات السُّلمي، الدمشقي.

توفي في ذي القعدة، وكان ممن روى الحديث عن: عمر بن كرم وابن صباح، والناصح ابن الحنبلي، وكان عدلاً كبيراً، ديناً. سمع منه الجماعة، وعاش ستاً وسبعين سنة.

لقبه شرف الدين.

354 -

‌ مظفَّر بن أبي بكر الجوسقي الحنبلي

مدرس البشيرية، أبو الميامن.

توفي في ربيع الآخر، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

355 -

‌ منصور بن عقبة بن منصور

، أبو المظفر الشيباني، قاضي هيت.

شاعر فصيح، حدث عن أبي طالب ابن القُبّيطي وغيره. ومات في جمادى الآخرة.

356 -

‌ هدية بنت عثمان بن عبد الله الأبهري

، أم التقى.

توفيت في جمادى الآخرة عن أربعٍ وسبعين سنة.

ص: 562

357 -

‌ وجيه الدين البهنسي

.

الذي ولي شطر قضاء الديار المصرية، ثم عزل بابن الخويّي، كان من كبار الأئمة في الفقه، معدودا من الأذكياء. توفي في جمادى الآخرة.

358 -

‌ يعقوب بن عبد الحق

، أبو يوسف المريني، سلطان المغرب وسيد آل مرين.

كان ملكاً شجاعاً، مقداماً، مهيباً. خرج على الواثق الملقب بأبي دبوس، فالتقاه بظاهر مراكش، فقُتل أبو دبوس وتملك هذا في أول سنة ثمانٍ وستين، وزالت بدولته دولة الموحدين. وقد دخل الأندلس، وتملك الجزيرة الخضراء، واتسعت ممالكه، وخافته الملوك.

مات في المحرم سنة خمسٍ هذه.

359 -

‌ يوسف بن محمد بن عبد الله

، الإمام، الفاضل، الصالح، مجد الدين، أبو الفضائل ابن المهتار المصري، ثم الدمشقي، الكاتب، المجود، المحدث، القارئ بدار الحديث الأشرفية.

ولد في حدود سنة عشر وستمائة. وسمع من ابن صباح وابن الزبيدي والفخر الإربلي وابن اللتي وجعفر الهمداني وابن المقير وابن باسويه ومكرم بن أبي الصقر، وطائفة. وقرأ، وكتب الأجزاء والطباق. وشارك في العلم، وتوحد في كتاب الخط الفائق، وعلم به دهراً. وولي في الآخر مشيخة الدار النورية.

وكان إمام المسجد داخل باب الفراديس. وكان ذا دين وورعٍ تام وصلاح، كف بصره قبل موته بقليل.

سمع منه: ابن العطار وابن الخباز وابن أبي الفتح والمزي، وطائفة سواهم. وأجاز لي مروياته.

توفي في تاسع ذي القعدة، وله بضعٌ وسبعون

ص: 563

سنة.

360 -

‌ يوسف بن يحيى بن محمد بن علي

بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم، الإمام، الفقيه، قاضي القضاة، بهاء الدين أبو الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين ابن قاضي القضاة منتجب الدين القرشي الدمشقي، الشافعي، الزكوي.

ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمائة، وكان جليلاً، نبيلاً، جسيماً وسيماً، ذكياً، سريّاً، كامل الرياسة، وافر العلم، بارعاً في أصول الفقه، بصيراً بالفقه، فصيحاً، مفوَّهاً، حلالاً للمشكلات، غوّاصاً على المعاني.

سريع الحفظ، قوي المناظرة. قيل: إنه كان يحفظ الورقتين والثلاثة للدرس من نظرةٍ واحدة، ويورد الدرس في غاية الجزالة، وكان يذكر في اليوم عدة دورس. وقد سمع بمصر من عبد الوهاب بن رواج وابن الجميزي، وبدمشق من إبراهيم بن خليل، وجماعة.

وكان أديباً أخبارياً كثير المحفوظ، علامة. وكان كريم النفس، كثير المحاسن، مليح الفتاوى. أخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين عمر التَّفليسي. وأخذ عن أبيه. وكان أفضل من أبيه بكثير. وهو ذكي بيت الزكي. وقد مدحه غير واحدٍ من الشعراء، وأخذوا جوائزه، سمع منه علم الدين وجماعة.

وقد رأيته، وكان من أحسن الناس شكلاً. مرض مدة. وتوفي إلى رحمة الله في حادي عشر ذي الحجة، وله خمسٌ وأربعون سنة. وقد ولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين وإلى أن مات، وولي بعده ابن الخويي.

361 -

‌ أبو البركات بن أحمد بن أبي البركات الحربي الحنبلي

، عرف بابن الإسكاف، قيم ضريح الإمام أحمد.

ص: 564

أجاز له عبد الوهاب ابن سكينة وجماعة، وحدث.

توفي في جمادى الآخرة.

362 -

‌ أبو بكر بن حياة بن أبي بكر ابن الشيخ الكبير حياة بن قيس

، الحراني، نزيل رأس عين.

شيخ، صالح، عارف، زاهد، مشهور. حج سنة اثنتين وثمانين، وروى بدمشق عن عيسى الخياط والمرجى بن شقيرة.

توفي برأس عين في ذي القعدة كهلاً.

وفيها ولد:

فخر الدين عبد الرحمن بن محمد ابن الفخر الحنبلي، وأمين الدين عبد الرحمن سبط الأبهري، وناصر الدين محمد بن محمد بن يوسف بن أفتكين، وشمس الدين محمد ابن الشيخ إبراهيم الكردي.

363 -

ومات‌

‌ شيخ الطب ابن القفّ النصراني

بدمشق.

ص: 565

سنة ست وثمانين وستمائة

364 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن حسن بن إبراهيم

، القرشي، الأموي، البهنسي، المفتي، الفقيه، علم الدين القمني، الضرير.

توفي بالقاهرة في جمادى الأولى، ولد سنة عشرين. وروى عن ابن الجميزي وغيره، وأعاد بالظاهرية بالقاهرة، وكانوا يكتبون عنه في الفتوى.

365 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الواحد

، الشيخ شرف الدين الجزري، التاجر السّفّار، المعروف بابن الصُّهيبي.

دخل الهند والبلاد النائية. ذكره صاحبنا شمس الدين الجزري في تاريخه، فقال: أخبرنا شرف الدين ابن الصهيبي سنة أربعٍ وثمانين قال: حدثني النجيب الشهراباني سنة ثمانٍ وستين وستمائة بجزيرة كيش، قال: حدثنا الزاهد علي الكفتي سنة أربعين، قال: حدثنا المعمَّر عبد الأحد السمرقندي، قال: اجتمعت برتن بن معمَّر بسرنديب فقال لي: كنت صغيراً مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق، فمسح رأسي ودعا لي بطول العمر، وذكر حديثاً.

قلت: إنما ذكرت هذا للفرجة، وإلا فهذا النَّمط أقل من أن يعده الحفّاظ في الموضوعات، بل إذا سمعوا من يذاكر به تعجبوا وقالوا:(ويخلق ما لا تعلمون). هذه عجيبة من عجائب بحر الهند.

366 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسن بن عبد السلام

، السَّفاقسي، ثم الإسكندراني، نجيب الدين أبو علي ابن الشيخ شرف الدين ابن المقدسية.

سمع الكثير من خال والده الحافظ أبي الحسن المقدسي وابن عماد، وجماعة من أصحاب السِّلفي.

قال علم الدين البرزالي: لم أرَ بالثغر أكثر حديثاً منه، إلا أنه ثقل سمعه، فعسر السماع منه.

قلت: روى عنه البرزالي والمزي وسائر الرحالة، ولم يدركه

ص: 566

الفرضي، ولا أعلم متى توفي إلا أنه كان حيا في هذا الوقت.

مولده سنة خمسٍ وستمائة بالإسكندرية، وأبوه آخر من روى عن السلفي حضوراً.

367 -

‌ أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن أبي سعد بن أبي عصرون

، القاضي الأجل محيي الدين.

روى عن الرشيد ابن مسلمة. ومات في رمضان بدمشق.

368 -

‌ إبراهيم ابن الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام

، شمس الدين أبو إسحاق السُّلمي، الدمشقي خطيب جامع العقيبة.

كان يتكلم بكلامٍ مسجوع كسجع الكهان، ويزعم أنه يُلقى إليه من الجنّ. وتعانى الوعظ، فكان فيه منحط الرتبة، فتألم أبوه لذلك، فترك الوعظ.

توفي في ربيع الأول، رحمه الله. وفي الجملة كان متزهداً، يلبس ثياباً قصاراً، ويبكي في الخطبة، وفيه سلامة باطن.

ولد سنة إحدى عشرة وستمائة أو بعدها، وحدث عن: أبي محمد ابن البن وزين الأمناء وابن صباح وابن اللتي. أخذ عنه البرزالي والمزي وجماعة، وقد رأيته يخطب.

369 -

‌ إسحاق بن إبراهيم

، الإمام المفتي شهاب الدين المصري، الشافعي، قاضي الحكر بظاهر القاهرة.

توفي في جمادى الأولى.

370 -

‌ إسرائيل بن إبراهيم بن طالب

، المزي.

عاش نيفاً وثمانين سنة. وحدث عن أبي البركات عمر ابن البراذعي. حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار. وسمع منه البرزالي وغير واحد.

371 -

‌ إسرائيل بن عبد العزيز بن أحمد ابن خطيب بيت الآبار

.

حدث عن الفخر الأربلي، أخذ عنه ابن مسلم والبرزالي وابن

ص: 567

الخباز.

مات في أثناء السنة، وهو أخو خطيب أرزونا.

372 -

‌ أيوب بن أبي بكر بن خطلبا

، نجم الدين التَّبنيني، ثم الدمشقي.

حدث عن: ابن اللتي، كتب عنه البرزالي وغيره. ومات في جمادى الآخرة.

373 -

‌ باجو، الأمير الكبير، ركن الدين

.

من مشاهير الأمراء. توفي بغزة، وصلّي عليه بدمشق بالنّية. مات في رمضان، وكان حاجبا مهيبا.

374 -

‌ باشقرد، الأمير علم الدين الصالحي

.

توفي بالقاهرة في رمضان.

375 -

‌ البديع الساعاتي

. الذي عمل ساعات القيمرية.

مات بالبيمارستان.

376 -

‌ بكتي، الأمير سيف الدين الخوارزمي

.

من قدماء الأمراء. وداره هي التي يسكنها بلبان التتري. رأيته، وكان شيخاً مهيباً، تركياً.

377 -

‌ بيليك، الأمير الكبير، بدر الدين الأيدمري

.

من كبراء المصريين، وأظنه من الأمراء الصالحية. رأيته حامل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور يوم عبوره.

قيّد موته الملك المؤيَّد.

378 -

‌ الخضر بن الحسن بن علي

، قاضي القضاة، برهان الدين السنجاري، الزرزاري، الشافعي.

ولد سنة ست عشرة وستمائة، ولي قضاء مصر في الدولة الصالحية فيما

ص: 568

قيل؛ إذ أخوه بدر الدين قاض على القاهرة، وبقي على ذلك إلى أيام الملك الظاهر، فعمل الوزير بهاء الدين ابن حنى عليه حتى عزل وحُبس وضُرب، فبقي معزولاً فقيراً ليس بيده سوى المدرسة المعزِّية.

فلما مات ابن حنى سنة سبعٍ وسبعين سير له الملك السعيد تقليداً بالوزارة، فأحسن إلى آل ابن حنى ولم يؤذهم. وبقي في الوزارة إلى أن تولى الأمير علم الدين الشجاعي شدَّ الدواوين، فسعى في عزله وضربه.

وبقي معزولاً إلى أن مات نجم الدين ابن الأصفوني الوزير، فأعيد إلى الوزارة وبقي مدة، ثم سعى فيه الشجاعي أيضاً وآذاه. ولما توفي القاضي بهاء الدين ابن الزكي بدمشق ذكروه لقضاء الشام، ثم زووه عنه إلى ابن الخويي. ثم ولوه قضاء القضاة بالديار المصرية، فبقي عشرين يوماً. ومات. فيقال: إنه سُمَّ.

وكان لا بأس بسيرته، وفيه مروءة وقضاء لحوائج الناس. وقد روى جزءاً عن عبد الله ابن اللمط. سمع منه البرزالي والمصريون.

قال البرزالي: ولي القضاء نحواً من عشرين يوماً، انقطع منها عشرة أيام. ومات في تاسع صفر. وولي بعده ليومه قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعزّ.

وذكره بعض الأئمة، فقال: كان عنده مشاركة في شيء من الفقه فقط.

379 -

‌ زينب بنت الشيخ موفَّق الدين عبد اللطيف بن يوسف الطبيب اللغوي

.

تروي عن أبيها، حدثت بالقاهرة، وبها ماتت في الثاني والعشرين من شعبان.

أخذ عنها البرزالي والفخر ابن الظاهري وابن سيد الناس،

ص: 569

، وجماعة سواهم.

380 -

‌ زينب بنت محمد بن عبد الله بن عزاز

.

روت عن جعفر الهمداني بمصر. وماتت في جمادى الآخرة.

381 -

‌ ست الدار بنت العلامة مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية

.

توفيت بدمشق. وحدثت عن ابن روزبة وعبد اللطيف بن يوسف. وماتت في عشر السبعين.

روى عنها ابنا أخيها شيخنا أبو العباس وأخوه أبو محمد، والبرزالي، وقاضي القضاة ابن مسلم، وجماعة.

توفيت في أول ربيع الآخر.

382 -

‌ سليمان بن بُليمان بن أبي الجيش بن عبد الجبار بن بليمان

، الأديب شرف الدين أبو الربيع الهمذاني، ثم الإربلي، الشاعر المشهور.

شاعر محسن، سائر القول، له نوادر وزوائد ومزاح حلو. وكان أبوه صائغاً. وهو صائغ، وله أجوبة مسكتة.

ذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخه، فقال: أنشدني لنفسه: اشرب فشربك هذا اليوم تحليل وانف الهموم فقد وافاك أيلول أما ترى الشمس وسط الكأس طالعة منيرة ونطاق البدر محلول والأرض قد كسيت بالغيث حلتها وناظر الروض بالأزهار مكحول ولابن بليمان يهجو الشهاب التلعفري إذ قامر بثيابه حتى بخفافه، أنشدها للملك الناصر: يا مليكا فاق الأنام جميعا منه جود كالعارض الوكاف والذي راش بالعطايا جناحي وتلافى بعد الإله تلافي ما رأينا ولا سمعنا بشيخ قبل هذا مقامر بالخفاف وبها كم يدق في كل يوم في قفاه والرأس والأكتاف أسود الوجه أبيض الشعر في لو ن سحيم وقبحه وخفاف

ص: 570

يدعي نسبة إلى آل شيبا ن وتلك القبائل الأشراف وهم ينكرون ما يدعيه فهو والقوم دائما في خلاف مثل نجد لو استطاعت لقالت ليس هذا الدعي من أكنافي فابسط العذر في هجاء رقيع عادل عن طرائق الإنصاف توفي الشرف بن بليمان في عاشر شهر صفر بدمشق، وله تسعون سنة أو أزيد.

383 -

سنجر، الأمير الكبير علمُ الدين الصالحي، الدُّويدار.

من أعيان الأمراء المصريين. وهو أستاذ الأمير الكبير كُجك المنصوري. توفي بالقاهرة في ربيع الأول.

384 -

‌ شاهلتي بنت محمد بن عثمان

، أم شيخنا عماد الدين محمد ابن البالسي.

روت عن كريمة القرشية. وماتت في جمادى الأولى.

كتب عنها البرزالي وغيره.

385 -

‌ صواب الطُّواشي

، المعروف بعطاء الله.

حدث بالقاهرة عن سبط السِّلفي.

386 -

‌ عبد الله بن أبي محمد ابن الفقاعي

، الشيخ صفي الدين المقرئ، الحنفي، إمام محراب الحنفية بالجامع.

كان من أطيب الناس صوتاً بالقرآن، ولد سنة ثلاث عشرة، وحدّث عن ابن اللتي وغيره. ومات في المحرم.

387 -

‌ عبد الحميد بن أحمد بن عبد الحميد بن أبي طاهر

، الأسدي، الأبهري، الصدر نجم الدين الحاسب، كاتب الجيش.

حُوسب ونوقش، فخرج ليتوضأ فنحر نفسه بالقرب من مخيم أروق.

ص: 571

388 -

‌ عبد الرحمن بن حسن بن يحيى

، الوجيه القيسي، السَّبتي، المحدّث، الرّحّال، أبو القاسم، نزيل دمشق.

كان أحد من عني بالحديث، وكتبه وسماعه والإكثار منه. فلم يشتغل بغيره إلا ما كان من العشرة واللعب في غضون ذلك.

قدم الإسكندرية في سنة خمسٍ وستين، فسمع بها من أصحاب ابن موقى وغيره. وسمع بالقاهرة من النجيب الحراني وابن عزون والطبقة، وسمع بدمشق من ابن عبد الدائم وأصحاب الخشوعي، ثم أصحاب ابن طبرزد والكندي فمن بعدهم.

وكتب العالي والنازل، وحصل الأصول ونسخ الكثير، ولم يزل يقرأ إلى أن مات.

وما حدَّث، ووقف أجزاءه بدار الحديث النورية. وسمع خلق كثير بقراءته. وكان له دربة بالقراءة. ولم يكن فصيحاً، وكان فيه مزاح وانبساط. وله صولةٌ على الصِّبيان وحرص على تسميعهم.

توفي في سابع جمادى الأولى كهلاً، ودفن بمقبرة باب الصغير.

389 -

‌ عبد الرحمن بن أبي علي بن سيما

، تقي الدين الحموي، إمام الجامع الأسفل بحماة.

شيخ معمَّر، روى عن أبي القاسم بن رواحة، وعاش تسعين سنة.

390 -

‌ عبد الرحيم بن داود بن فارس

، أبو محمد المنبجي، خطيب المزة.

سمع الصحيح من ابن روزبة. ومات في صفر، وكان شيخاً مباركاً، حسن الخطابة.

391 -

‌ عبد الصمد بن عبد الوهاب

ابن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد ابن عساكر، الإمام الزاهد، المحدث، أمين الدين، أبو اليمن الدمشقي، الشافعي، نزيل الحرم.

سمع من جده، ومن: الشيخ الموفق وأبي محمد ابن البن وأبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله ابن الزبيدي وابن غسان والقاضي أبي نصر ابن الشيرازي، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي وأبو روح الهروي، وطائفة. وحدث بالحرمين بأشياء.

وكان ثقة عالماً، فاضلاً، جيد المشاركة في العلوم، بديع النَّظم،

ص: 572

صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثني عليه ويصفه بالدين والزُّهد، ومن شعره: عسى الأيام أن تدني الديارا بمن أهوى وقد شطوا مزارا ويصبح شمل أحبابي جميعا وآخذ منهم بالقرب ثارا وتمسي جيرة العلمين أهلي ودارهم لنا يا سعد دارا وبي الرشا الذي ما صد إلا ليبلو في الهوى مني اصطبارا كلفت به من الأعراب ما إن أدار لثامه إلا عذارا يروع الأسد في فتكات لحظ ويحكي ظبية الوادي نفارا روى عنه: أبو الحسن ابن العطار والشيخ علي الواسطي الزاهد، وعلاء الدين بن قرناص، وجماعة. وكتب إلي بمروياته سنة ثلاث وسبعين.

أنشدنا له ابن قرناص: يا نزولا بين سلع وقبا جئتكم أسعى على شقة بين ونعم والله آتي زائرا لمغانيكم على رأسي وعيني إن من أم حماكم آملا راح بالمأمول مملوء اليدين فاشفعوا لي قد تشفعت بكم بوصال واتصال دائمين ومن شعره: يا جيرتي بين الحجون إلى الصفا شوقي إليكم مجمل ومفصل أهوى دياركم ولي بربوعها وجد يثبطني وعهد أول ويزيدني فيها العذول صبابة فيظل يغريني إذا ما يعذل ويقول لي لو قد تبدلت الهوى فأقول قد عز الغداة تبدل بالله قل لي كيف تحسن سلوتي عنهم وحسن تصبري هل يجمل يا أهل ودي بالمحصب دعوة من نازح بلقاكم يتعلل ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وستمائة. وتوفي في جمادى الأولى في وسطه، وقيل: في مستهله.

وكان شيخ الحجاز في وقته،

ص: 573

رحمه الله، وله تواليف في الحديث تدل على حفظه ومعرفته بالأسانيد واعتنائه بعلم الآثار.

392 -

‌ عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن المؤيَّد بن علي

، أبو محمد الهمذاني، ثم المصري، ابن عم شيخنا الأبرقُوهي.

حدّث عن: عبد العزيز بن باقا والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي وغيرهما.

كتب عنه البرزالي وقطب الدين، والجماعة. توفي في شوال.

393 -

‌ عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصَّيقل

، عز الدين، أبو العز الحرّاني، مُسند الدّيار المصرية بعد أخيه.

روى عن يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف، وأبي الفرج محمد بن هبة الله الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي، وعبد العزيز ابن الأخضر، وعزيزة بنت الطّرّاح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة.

وبالإجازة عن ابن كُليب، وتفرّد في وقته ورحل إليه. وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم افتقر.

روى عنه ابن الخباز، والدمياطي، وأبو عبد الله الزّرّاد، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد عبد الكريم، وأبو حيّان النَّحوي، وأبو عمرو ابن الظاهري، وأبو الفتح ابن سيّد الناس، وأبو محمد البرزالي، وخلق من الشباب والفضلاء.

وخرج له شيخنا ابن الظاهري مشيخةً. وأجاز له أيضاً: أبو طاهر المبارك ابن المعطوش، والإمام جمال الدين ابن الجوزي، وعفيفة الفارفانية، وكان هو وأخوه النجيب تاجرين للخليفة. وكان أبوهما فقيهاً، عارفاً بمذهب أحمد، واعظاً مشهوراً. توفي سنة إحدى وستمائة.

وكان العز الحراني شيخاً مطبوعاً، حسن المحاظرة، إلا أنه كان كثير

ص: 574

الخسف. توفي في رابع عشر رجب بمصر. ودفن بالقرافة الصُّغرى، وهو أكبر شيخ لقيه المزي والبرزالي وابن سامة في رحلتهم. وكثير من أسمعته من المذكورين في السنة الخامسة.

قال الدمياطي: ولد بحران سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة، وقد حدّث في سنة تسعٍ وثلاثين مع أخيه بالمطر لابن دريد. وسمع منهما: النجيب ابن شقيشقة وابن الجوهري والضِّياء البالسي، والكبار.

394 -

‌ عبد الغني بن محمد بن أبي الحسن

، أبو محمد الصعبي، المصري.

حدث عن: ابن باقا والعلم ابن الصابوني، روى عنه البرزالي وابن سيد الناس، وجماعة. توفي في جمادى الآخرة.

395 -

‌ عبد القدوس بن إبراهيم بن يحيى

، الشقراوي، الحنبلي.

توفي بقاسيون في جمادى الأولى، وهو أخو شيخنا نجم الدين. سمع من كريمة والضياء، وحدّث.

396 -

‌ عبد المحسن بن سليمان بن عبد الكريم وجيه الدّين المخزومي

، المعروف بابن السلم المصري.

حدّث عن: أحمد بن محمد ابن الجبّاب. ومات في ذي الحجة.

397 -

‌ عثمان بن علي بن عثمان

، فخر الدين الكاشي.

توفي بالقاهرة، سمع: ابن اللتي وغيره. ومات في جمادى الآخرة. وكان أبوه قاضياً بالكرك.

398 -

‌ علي بن زكريا

، المقرئ، العالم، جمال الدين أبو الحسن المنبجيِّ، الحنفي، الفقيه.

روى عن يوسف بن خليل، كتب عنه البرزالي وغيره، وهو أخو الشيخ يحيى المنبجي الملقّن.

وتوفي بالقدس في رمضان.

ص: 575

399 -

‌ علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي

، ابن الحبوبي، شهاب الدّين، أبو الحسن الثعلبي، الدمشقي، الشاهد.

من بيت عدالة ورواية. حدث عن أبي القاسم ابن الحرستاني وأبي المنجى ابن اللتي. وأجاز له: المؤَّيد الطوسي وأبو روح وأبو اليمن الكندي وأبو محمد ابن الأخضر، وعبد القادر الرّهاويّ. كتب عنه ابن الخبّاز والوجيه السبتي، وجماعة.

وسألت أبا محمد البرزالي فضعّفه في الشهادة دون الرواية، وقال: جريء إلى الغاية، ويختلق وينشئ المكاتيب. وبلغني أنه غسل له مرةً أربعة كتب جملة بالعادلية، وأُهين بحضرة القاضي التَّفليسي.

قلت: ثم انصلح أمره بعد ذلك قليلاً. ومات في رجب، وله اثنتان وثمانون سنة. وهو أخو المحتسب تاج الدين يحيى، ووالد شيخنا إبراهيم بن علي.

400 -

‌ علي بن محمد بن يوسف بن عفيف

، أبو الحسن، ضياء الدين، الخزرجي، الغرناطي، الشاعر، الصوفي.

انتسب إلى سعد بن عبادة، وقال الشعر الفائق. أقام بالإسكندرية، وكان مشهوراً بالزهد إلا أن له شعراً يشبه شعر ابن العربي ولم أتحقق أمره، وله مدائح مونقة في النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أضرَّ وزمن وعُمّر دهراً.

وروى عنه من شعره: الدمياطي والبرزالي. وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور بالخزرجي.

سمع من ابن حوط الله وجعفر الهمداني.

401 -

‌ علي بن محمد بن علي بن بركات

، الشيخ بديع الدين الأنصاري، المصري، شيخ الإقراء بالخليل.

كان عارفاً بالقراءات والعربية، قرأ على الكمال الضرير العباسي. وروى بالإجازة عن: ابن رواج وابن الجميزي، وعاش ثمانياً وأربعين سنة. وتوفي في رمضان، وولي مشيخة الخليل بعده البرهان الجعبري.

402 -

‌ عمر بن المغزل

، أخو زينب بنت شكر.

ص: 576

روى عن ابن اللتي وكان فقيراً وهو أخو الجمال المغزل.

403 -

‌ عيسى بن سالم

، العدل، شرف الدين ابن السقلاطوني، الدمشقي.

روى عن السَّخاوي، كتب عنه علم الدين وغيره.

ومات في ذي القعدة.

404 -

‌ عيسى بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي

، الشيخ مجد الدين المقدسي، الحنبلي، نزيل بغداد.

روى عن موسى ابن الشيخ عبد القادر، والشيخ الموفَّق وسمع ببغداد من ابن روزبة وابن اللتي وابن القبيطي.

توفي ببغداد في ربيع الأول وقد قارب الثمانين.

أخذ عنه: الفرضي وابن سامة وطائفة، وكان فقيه مكتب، فيه دين وتقوى. وله عدة إخوة.

405 -

‌ فضائل بن إبراهيم بن أبي الفضل

، الشيخ رضيُّ الدين ابن الحكيم الدمشقي.

شيخ متميز، روى عن ابن الزبيدي وابن صباح، ولد سنة عشرٍ وستمائة، وتوفي في صفر.

406 -

‌ الفضل بن علي بن نصر بن عبد الله بن رواحة

، الرئيس جمال الدين، ناظر بلبيس.

سمع بحلب من عبد اللطيف بن يوسف ويحيى ابن الدّامغاني، وأجاز له: المؤيد الطوسي وأبو روح وجماعة وكان أديباً، فاضلاً، كاتباً.

روى عنه الدمياطي من شعره والبرزالي وجماعة، ومات ببلبيس في جمادى الأولى.

عمل له التقي عُبيد مشيخةً في مجلد.

ص: 577

407 -

‌ كُنينةَ بنت أيبك الجزري

.

روت عن ابن اللتي سماعاً. وسماعها منه بالكرك، وحدثت بمصر، روى عنها البرزالي والطلبة.

وهي بنونين.

ماتت في شوال.

408 -

‌ محمد بن أحمد بن إبراهيم

، العلامة ناصح الدين الخويي، ثم الطبري.

سمع من المرسي والباذرائي.

روى عنه الحافظ عبد الكريم في تاريخه وقال: كان إماماً، أُصولياً، زاهداً، عابداً. ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، ومات في ربيع الأول سنة ست بالقاهرة.

409 -

‌ محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن

بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، الإمام، الزاهد، قطب الدين، أبو بكر، أخو الإمام تاج الدين علي ابن القسطلاني، التوزري الأصل، المصري، ثم المكي، ابن الشيخ الزاهد أبي العباس.

ولد بمصر سنة أربع عشرة وستمائة، ونشأ بمكة وسمع بها جامع الترمذي من أبي الحسن ابن البنّاء وسمع من أبي القاسم السهروردي كتاب عوارف المعارف وسمع من الحسن ابن الزبيدي وجماعة.

وقرأ العلم ودرّس وأفتى، ورحَل في الحديث سنة تسعٍ وأربعين، فسمع من: محمد بن نصر ابن الحصري ويحيى بن القميرة وإبراهيم بن أبي بكر الزعبي، وطائفة كبيرة ببغداد والشام ومصر والموصل، واستجاز حينئذٍ لأولاده السبعة: محمد والحسن وأحمد ومريم ورقية وفاطمة وعائشة. وأسمع بعضهم.

وكان شيخاً، عالماً، عاملاً، زاهداً، عابداً، نبيلاً، جليلاً، مهيباً، جامعا للفضائل، كريم النفس، كثير الإيثار، حسن الأخلاق، قليل المثل. طُلب من مكة إلى القاهرة فولي مشيخة الكاملية إلى أن مات.

وروى الناس عنه الكثير وله شعر مليح.

روى عنه الدمياطي والمزي والبرزالي وخلق لا أعرفهم بعد.

ص: 578

ومات إلى رحمة الله في الثامن والعشرين من المحرم بالكاملية، واجتمعت العامة على الباب يضجون بالبكاء عليه. وأُخرج عقيب الظُّهر من المدرسة والخلائق بين يديه ممتدين إلى تحت القلعة، فتقدم عليه في الصلاة شيخنا جمال ابن النقيب المفسر، ولم يدخل إلى قبره بالقرافة إلى بعد العصر لكثرة الزحام. وكان يوماً مشهوداً.

قال علم الدين البرزالي: حضرت دفنه.

ومن شعره قوله:

ألا هل لهجر العامرية إقصارُ فيُقضى من الوجد المبّرح أوطارُ ويشفى غليلٌ من عليلٍ مولهٍ له النجم والجوزاء في الليل سّمارُ أغار عليه السقم من جنباته وأغراه بالأحباب نأيٌ وتذكارُ ورقّ له مما يلاقي عذوله وأرقه دمع ترقرق مدرارُ يحنّ إلى برق الأبيرق قلبهُ ويخفق إن ناحت حمامٌ وأطيارُ عسى ما مضى من خفض عيشي على الحمى يعودُ، فلي فيه نجومٌ وأقمارُ وله:

إذا كان أنسي في التزامي لخلوتي وقلبي عن كل البريّة خالي فما ضرَّني من كان لي الدّهر قالياً ولا سرَّني من كان فيَّ موالي

410 -

‌‌

‌ محمد بن أحمد

بن محمد بن معضاد

، أبو عبد الله البغدادي.

روى عن ابن اللتي ومحمد بن محمد ابن السباك وغيرهما وكان حنبلياً، مقرئاً، فاضلاً، ضريراً.

مات في ربيع الآخر.

411 -

محمد بن أحمد، الشيخ أبو عبد الله الواني الخلاطي، الصوفي، مؤذن مسجد أبي الدّرداء بالقلعة من دمشق.

شيخ صالح معروف وهو والد رئيس المؤذنين، برهان الدين إبراهيم، توفي في سابع جمادى الأولى وقد شاخ. وقد سمع شيئاً ولم يروِ.

ص: 579

412 -

‌ محمد بن عباس بن أحمد بن عبيد بن صالح

، الحكيم البارع، عماد الدين، أبو عبد الله الربعي، الدنيسري.

ولد بدنيسر سنة خمسٍ أوست وستمائة وقرأ علم الطب حتى برع فيه وساد، وسمع الحديث بالديار المصرية من علي بن مختار العامري وعبد العزيز بن باقا والحسن بن دينار، وعلي ابن المقير وجماعة، وصحب البهاء زهير مدة وتخرَّج به في الأدب والشعر. وتفقه على مذهب الشافعي.

وصنَّف في الطب المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة وأُرجوزة في التّرياق الفاروق وأُرجوزة في تقدمة المعرفة لأبقراط وغير ذلك.

قال الموفَّق أحمد بن أبي أُصيبعة: اشتغل في صناعة الطب اشتغالاً برع به فيها. وحصّل جمل معانيها. وحفظ الصحة حاصلة واستردها زائلة.

اجتمعت به فوجدت له نفساً حاتمية وشنشنة أخزمية وخُلقاً ألطف من النسيم ولفظاً أحلى من مزاج التّسنيم، وأسمعني من شعره البديع. فهو في علم الطب قد تميز على الأوائل والأواخر، وفي الأدب قد عجّز كل ناظمٍ وناثر، هذا مع ما أنه في الفقه سيد زمانه وأوحد أوانه.

قلت: هذه مجازفة قبيحة من الموفَّق لا يزال يرتكبها، نسأل الله العفو.

ثم سافر من دُنيسر ودخل الديار المصرية، ثم رجع إلى الشام وخدم بالقلعة في الدولة الناصرية. ثم خدم بالمارستان الكبير.

وله من أبيات:

وقلت: شُهودي في هواك كثيرةٌ وأصدقُها قلبي ودمعي مسفوح فقال: شهودٌ ليس يُقبل قولُها فدمعك مقذوفٌ وقلبك مجروح وأحسن من هذا قول ابن المي:

ودمعي الذي يملي الغرام مسلسلاً رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح وله:

نعم فليقُل من شاء عني فإنني كلفت بذاك الخال والمقلة الكحلا وعذبني بالصدّ منه وكلما تجنّى فما أشهاه عندي وما أحلا

ص: 580

فحرمت نومي بعدما صدّ معرضاً كما حلّل الهجران مذ حرّم الوصلا غزالٌ غزا قلبي بعامل قدِّهِ ومكّن من أجفانه في الحشا نبلا فلا تعذلوني في هواه فإنني حلفتُ بذاك الحسن لا أسمع العذلا سمع منه: قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى والموفّق أحمد ابن أبي أُصيبعة وأبو محمد البرزالي وطائفة، وكان أبوه خطيباً بدنيسر.

توفي العماد في ثامن صفر.

413 -

‌ محمد بن عبد الحكم بن حسن بن عقيل

بن شريف بن رفاعة بن غدير، الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله السعدي، المصري.

شيخ حسن من بيت الرواية، سمع من جدّه الحسن بعض الخلعيات، قال: أخبرنا جدي لأمي عبد الله بن رفاعة، روى عنه المزي وقطب الدين عبد الكريم والبرزالي وجماعة، ومات في رمضان بمصر. وكان يُعرف بابن الماشطة.

ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية بمصر وكان يقرأ الحديث على كرسي بجامع مصر وغيره.

ولد سنة ثمانٍ وستمائة.

414 -

‌ محمد بن عبيد الله بن هارون بن خطّاب

، العلامة أبو بكر المرسي.

صاحب أدب وبلاغة. كتب الإنشاء لابن هود، ثم لصاحب غرناطة، ثم لصاحب تلمسان، وبها توفي، له نظم رائق. وهو القائل في مليح:

مجمع البحرين أضحى خدهُ إذ تلاقى فيه موسى والخضر

415 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك

، الإمام البليغ، النحوي، بدر الدين ابن الإمام شيخ النُّحاة جمال الدين الطائي، الجياني، ثم الدمشقي.

ص: 581

كان إماماً ذكيّا، فهماً، حادّ الذهن، إماماً في النَّحو، إماماً في المعاني والبيان والمنطق، جيد المشاركة في الفقه والأصول وغير ذلك، أخذ عن والده، وسكن بعلبك مدةً، فقرأ عليه جماعة منهم الإمام بدر الدين ابن زيد، ثم سكن دمشق وتصدّر للإشغال بعد وفاة والده. وكان عجباً في الذكاء والمناظرة وصحة الفهم. وكان مطبوع العشرة وفيه لعبٌ وفراغ. وله تصانيف معروفة في العربية والبديع والمعاني. ومات قبل الكهولة أو في أوائلها من قولنج كان يعتريه كثيراً.

توفي إلى رحمة الله بدمشق في ثامن المحرم، ودفن بمقبرة باب الصغير وكثرُ التأسُّف عليه. وولي بعده الإعادة بالأمينية الإمام كمال الدين ابن الزَّملكاني وله ثمان عشرة سنة وأشهر.

416 -

‌ محمد بن مكي بن أبي القاسم حامد بن عبد الله

، عماد الدين، أبو عبد الله الأصبهاني الأصل، الدمشقي، الزركشي، الرّقّام.

روى عن داود بن ملاعب والأنجب بن أبي السعادات وابن روزبة وخليل الجوسقيّ وسكن القاهرة. وكان ارتحاله إلى بغداد بعد الثلاثين وهو شاب.

روى عنه المصريون والمزي والبرزالي ومات في الثامن والعشرين من شوال.

417 -

‌ محمد بن يحيى بن علي

، المحدث، المسند، أبو صادق، جمال الدين ابن الحافظ الإمام رشيد الدين أبي الحسين القرشي، المصري، العطار.

ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من محمد بن عماد وعبد العزيز بن باقا ويوسف بن شداد القاضي وعبد الصمد الغضاري وعلي بن مختار وطائفة، وعني بالحديث، وكتب وخرّج لنفسه موافقاتٍ ومصافحات، روى عنه المصريون والمزي والبرزالي وابن سامة.

ص: 582

وتوفي رحمه الله في ربيع الآخر.

418 -

‌ محمد بن أبي بكر بن يوسف

بن يحيى ابن خطيب بيت الآبار، عفيف الدين الكاتب.

روى عن ابن اللتي والإربلي، سمع منه: البرزالي وجماعة، وخدم بالمرقب وقت افتتاحه.

ومات في صفر بالمرقب.

419 -

‌ مفضَّل بن إبراهيم بن أبي الفضل

، الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الدمشقي، الطبيب المشهور.

كان بصيراً بالعلاج، ماهراً في الصنعة، ذكياً. ماهراً، حاذقاً. ولد سنة عشر وستمائة.

وكان صالحاً، ديناً، خيراً صحيح العقيدة سافر إلى الترك إلى بلاد الملك بركة وخدمه، وحصّل أموالاً كثيرة لكنها نهبت منه في الرجعة. وعرضوا عليه رياسة الأطباء فأباها، وقد كتب في الإجازات وله سماع.

توفي بدمشق في الثالث والعشرين من صفر.

420 -

‌ موسى بن محمد بن حسين

، الفرنثي، الصالحي، الفقير، أخو الكمال علي.

توفي بزاويته بالجبل وقد روى عن ابن اللتي والهمداني ومات في رمضان، روى عنه ابن الخباز والبرزالي وكان شيخ الزاوية بعد أخيه كمال الدين.

421 -

‌ يحيى بن إسماعيل بن صغير

، الشيخ الصالح، أبو زكريا الحراني.

سمع ببلده من أبي المجد القزويني والموفَّق عبد اللطيف بن يوسف وحدث بدمشق وأخذ عنه طلبة الوقت، ومات في المحرم.

422 -

‌ يحيى بن الخضر بن حاتم بن سلطان

، زكي الدين القليوبي، المصري. ويعرف بابن قمر الدولة.

ص: 583

روى بالإجازة عن: ابن باقا ومكرم وعاش تسعين سنة، كتب عنه المصريون والبرزالي، ومات في جمادى الأولى.

423 -

‌ يحيى بن خلف

، المقاماتي، المصري، ابن أخت الحكمة.

روى عن مُكرم وعاش بضعاً وثمانين سنة، وتوفي في تاسع عشر جمادى الآخرة.

424 -

‌ أبو البدر بن عبد الله بن أبي الزين المصري

، الكاتب.

روى عن ابن اللتي، ومات بمصر في صفر، كتب عنه البرزالي وغيره.

425 -

‌ أبو بكر بن عباس بن جعوان

، المولى مجير الدين الأنصاري، الدمشقي.

حدّث عن: الحافظ الضياء، وتوفي بجبل قاسيون في رجب.

425 م -‌

‌ المرسي الشيخ أبو العباس أحمد بن عمر

بن محمد الأنصاري المرسي الصوفي، نزيل الإسكندرية وتلميذ أبي الحسن الشاذلي.

صحبه نجم الدين الأصبهاني المجاور وياقوت الأسود وطائفة وتاج الدين ابن عطاء الله.

وفيها ولد:

جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن نباتة المصري، الأديب، شاعر وقته، والملك صلاح الدين يوسف ابن الملك الأوحد، وأبو طاهر أحمد بن عبد الله الدريني.

ص: 584

سنة سبع وثمانين وستمائة

426 -

‌ أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قُدامة

، الإمام، الزاهد، شرف الدين ابن الشَّرف، أبو العباس المقدسي، الحنبلي، الفرضي، من بقايا السَّلف.

تفقَّه على تقي الدين أحمد ابن العز ابن الحافظ، وسمع من عمّ أبيه الشيخ موفق الدين، وابن أبي لقمة، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وطائفة.

وروى الكثير، سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، والمزي، وابن مسلم، والبرزالي، وطائفة سواهم، وكان ممن جمع بين العلم والعمل رحمه الله.

توفي في خامس المحرم عن ثلاثٍ وسبعين سنة مبطوناً شهيداً. وكان يشغل بجامع الجبل وله نظم حسن. وكان منقطعاً، قانعاً باليسير، ما له وظيفة.

427 -

‌ أحمد بن ظافر

، أبو العباس المصري، الشرابي.

روى عن عبد الرحيم بن الطُّفيل، ومات في ربيع الأول. وهو أحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ظافر.

428 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد ابن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني

.

قام مقام أبيه عندما استشهد على حمص، وكان فيه فقر وديانة ومكارم، ومات في شوال وهو في عشر الستين، وقد صحب جده الشيخ محمدًا. وله إجازة من ابن روزبة وابن بهروز والأنجب الحمامي، وما أراه حدّث.

429 -

‌ أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله

، تاج الدين، أبو العباس العبدي الحموي، الشافعي، المعروف بابن المغيزل.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع الحديث من ابن رواحة وابن الخازن، ورواه، ومات بحماة في سابع عشر رجب.

وكان فقيها، فاضلاً، مفتياً، مدرساً، مُتفننا. ولي مشيخة الشيوخ بحماة ودرّس بالعصرونية، ودخل بغداد وناظر بها وأكرم مورده. وكان

ص: 585

صاحب ديانة وعبادة وخير ومهابة وورع. ترك المناصب لأولاده واشتغل بنفسه. وأولاده: زين الدين وناصر الدين وفخر الدين.

430 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي سعد

، العدل، جمال الدين الواسطي، خطيب كفرسوسية.

روى عن التقي ابن باسوية، وعاش اثنتين وثمانين سنة.

كتب عنه البرزالي وقال: توفي في ذي الحجة. وكان يشهد تحت الساعات. وله إجازة من ابن أبي لقمة وجماعة.

431 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن عياش

، الصالحي، النجار، المعروف بالباشق، أحد الحريرية.

قُتل بالجبل في جمادى الأولى وأُخِذ قماشه.

432 -

‌ أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى

، البدر ابن خطيب بيت الآبار، المقدسي، الشاهد.

روى عن الفخر الإربلي والتاج القرطبي، ومات في رجب، أخذ عنه ابن الخباز والبرزالي، وهو أخو العفيف والموفَّق.

433 -

‌ أحمد بن أبي بكر بن عبد الباقي بن علي بن حفّاظ

، الصالح، أبو العباس الصالحي، الصحراوي، الفلاح.

رجل مبارك، ساكن ورع، روى عن أبي القاسم بن صصرى وابن أبي لقمة، روى عنه ابن الخباز والبرزالي وجماعة، ومات في ذي القعدة.

434 -

‌ أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي

، جمال الدين، أبو العباس ابن الحموي، الدمشقي.

ولد في حدود سنة ستمائة وحضر جميع الغيلانيات على عمر بن طبرزد، وسمع من الكندي، وعبد الجليل بن مندوية، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وغيرهم. وأجاز له منصور الفُرَاويّ وجماعة، وحدث مدَّة طويلة. وسمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس الموصلي، والوجيه السبتي، وسبط

ص: 586

إمام الكلاسة، والمزي، وابن تيمية، والبرزالي، وطائفة.

ولم يزل مستوراً وظاهره العبادة والنسك حتى اتُّهم بشهادة زورٍ ذكرناها في ترجمة ابن الصائغ وأصرّ عليها، فأهدره الحكام وأُخرِق به. ولم يسمع منه أحدٌ بعدها. ومات على ذلك، تجاوز الله عنه وعنا، وكان قد تفرّد بأجزاء من مروياته، ومات بدويرة حمد في ذي الحجة، وله سبعٌ وثمانون سنة.

قال لي البرزالي: كان يصلي نوافل ويتواضع كثيراً، ويشهد لكل من قصده ويزكي من جاءه. وقد روى البخاري غير مرة.

435 -

‌ إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى

، الإمام الزاهد، القدوة، أبو إسحاق اللوري، الرعيني، الأندلسي، المالكي، المحدث. ولورة قلعة من أعمال الأندلس.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحصن لورة وهي بقرب إشبيلية، حج في شبيبته. وسمع من عبد الوهاب بن رواج، وابن الجمَّيزي، وسبط السلفي، وقدم الشام فسكنها وسمع من ابن مسلمة، ومكي بن علان، وطائفة، وتفقه وعرف المذهب ولزم السُّنَّة، وكتب الكثير بخطه المتقن. وكن إماماً عالماً، محدثاً، متقناً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله، كثير المحاسن، مؤثراً على نفسه ولو كان به خصاصة. ولم يزل لوناً واحداً في السماحة والكرم والسعي في حوائج الفقراء ومصالحهم وخدمتهم وإيجاد الراحة والتلذُّذ بذلك، مع الإعراض عن الدنيا وعن الرياسة.

قيل: إن قضاء المالكية عُرِض عليه بدمشق فامتنع. وكان قبل ذلك فقيراً، مقصوداً بالزيارة لزهده، ولم يكن يذكر بكثير علم. ثم إنه استنابه القاضي جمال الدين أبو يعقوب بنصف المعلوم. ثم سعى له علم الدين الدواداري فولي مشيخة الحديث بالظاهرية، فكان يذكر فوائد حسنة على الميعاد يعلقها في لوح؛ أسماء ونكت. وكان ذكياً يتصرف ويحرر ما يقوله. وكان متودداً محبَّباً إلى الناس.

ص: 587

وولي مشيخة المالكية بعد الشيخ جمال الدين ابن الشُّريشي، وألقى لهم الدروس، وشُكِرت دروسه وفتاويه، وكان كبير المالكية بعد، وقد كتب إلى الدواداري يمدحه:

بلّغ هُديتَ أمير الوفد والحرمِ تحية نشرها مسكٌ لمتنسمِ واشهد عرف نداه إن فيه هدى لآمليه إذا أدخلت في الظلمِ ولُذ بحضرته إن كنت ملتجئاً إن اللياذ به أمنٌ من العدمِ غفر الله للشيخ أبي إسحاق، ما له ولمدح الأمراء، فإن هذا الذي فعله من هناته وزلاته.

وقل له يا أخا ودِّ قواعده قد أسَّستها يد التقوى على القدمِ إن ضاع عهد امرئ عن نأيٍ أو ملل فليس ودي في حال بمنصرمِ وهل تضاع عهود كان مبدؤها على حديث رسول الله في الحرمِ ما ضاع ودٌ وعاه صدر مثلكم حفظ العهود وإن طالت من الكرمِ عليك مني تحيات تجدد من حسن الولاء شبابا غير منهرم توفي أبو إسحاق اللوري بالمنُيبع بظاهر دمشق في الرابع والعشرين من صفر. وقد سمع منه: ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي وجماعة، وأجاز لي مروياته ودفن بمقابر الصوفية.

436 -

‌ إبراهيم بن عثمان بن يحيى بن أحمد

، أبو إسحاق اللمتوني، المراكشي، ثم الدمشقي، ابن مؤذن الكلاسة.

شيخ صالح، معمَّر، مبارك، خير، له دكان في سوق الزيادة، ولد سنة تسعٍ وتسعين بدمشق، وسمع بنفسه من ابن البن والقزويني وأبي القاسم بن صصرى وزين الأمناء وابن الزُّبيدي وطائفة، وسمع أخاه علياً معه من جماعة، وروى الكثير، أخذ عنه المزي والبرزالي والجماعة، وتوفي في مستهل جمادى الآخرة.

437 -

‌ إبراهيم بن فراس بن علي بن زيد

، الرئيس، فخر الدولة ابن نجيب الدولة، أبو إسحاق ابن العسقلاني.

ص: 588

حدث عن زين الأمناء، أخذ عنه البرزالي وابن الخباز وقطب الدين عبد الكريم وجماعة، ومات في شوال.

438 -

‌ إبراهيم بن معضاد بن شدّاد

، الشيخ الزاهد، الكبير، القدوة، أبو إسحاق الجعبري.

روى عن السَّخاوي، كتب عنه البرزالي والمصريون، وسكن مصر دهراً. وكان له مسجد هو شيخه وإمامه. فكان يجلس فيه ويقصّ على الناس ويخوّف ويحذِّر. ولكلامه وقعٌ في النفوس.

وكان زاهداً، عابداً، أمّاراً بالمعروف، قوّالاً بالحق، حلو العبارة، ولأصحابه فيه عقيدة ومغالاة. وله شعر في التصوف والزُّهد. وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم، وقد جاوز الثمانين بسنوات؛ فإنه ولد في سابع عشر ذي الحجة سنة تسعٍ وتسعين بقلعة جَعْبَر.

ورأيت كل من عرفه يعظّمه ويثني على طريقه، رحمة الله عليه، وعليه مآخذ في عباراته.

439 -

‌ آسية بنت زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة

، أمّ عبد الله المقرئة.

كانت تلقّن النساء بالدَّير. وبيتها معمور بالتلاوة والدّرس، أجاز لها سنة ست وستمائة أبو الفخر أسعد بن سعد، وزاهر الثّقفي، وابن سُكَينة، وعمر بن طبرزد، وسمع منها الجماعة.

وتوفيت في خامس رجب.

440 -

‌ إلياس بن عبد الله

، أبو الخضر الرومي، عتيق القاضي ابن اللمغاني.

سمع صحيح البخاري من عبد السلام الداهري بكماله، ومات في ربيع الأول ببغداد، وقد سمع كثيراً.

441 -

أياز، الأمير الكبير، فخر الدين الصالحي، النجمي، المعروف بالمقري.

أحد حُجّاب الملك الظاهر ومن كان يعتمد عليه في المهمات ويثق به.

ص: 589

ترسّل عنه إلى أبغا بن هولاوو وإلى غيره. ولمّا تملك المنصور جعله أمير حاجب وأعطاه خُبزاً كثيراً، وزادت منزلته عنده، وكان أيضاً يندبه للمهمات لعلمه بدرايته ونهضته، حجّ من الشام سنة ستًّ وثمانين، وردّ إلى مصر فتوفي بها في ربيع الأول، وقد نيَّف على الستين.

وقد رأيته بدمشق وكان شيخاً مهيباً، روى عن ابن المقير، وحدّث بالقاهرة ودمشق.

442 -

‌ الباخلي، الأمير الكبير جمال الدّين

، من أمراء دمشق.

توفي في ذي القعدة.

443 -

‌ بدر الدين الآمِديّ

، الكاتب الرئيس، ناظر ديوان دمشق.

توفي في المحرم. ويعرف بابن العطار وبالبدر الطويل واسمه أحمد. وكان أميناً في فنه، ماهراً.

444 -

‌ بدر، الأتابكي الطّواشي

، بدر الدين، عتيق السّتّ أقصرا.

روى عن ابن الزبيدي، وابن صباح، وكريمة، كتب عنه الجماعة وتوفي في ربيع الآخر.

حدث عنه ابن العطار والبرزالي.

445 -

‌ بيليك، الأمير الكبير بدر الدين الصالحي

، المعروف بالأيدمري. من أمراء الألوف.

رأيته يحمل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور سنة ثلاثٍ وثمانين.

توفي في المحرم بالقاهرة. وخلّف ثلاثة بنين ومائة مملوك، ووصّى بهم للسلطان.

446 -

‌ الحسن بن شاور بن طرخان

، الأديب، ناصر الدين الكناني، الشاعر المعروف بابن النقيب وبابن الفقيسي، الجندي، من أعيان الشعراء بالديار المصرية.

مدحه الشهاب محمود الموقّع، ومدح هو الشّهاب. ونظمُه في غاية الجزالة والسهولة، فمن شعره:

ص: 590

إن القطيفةَ التي لا تُشتهى نقلاً وعقلا حُشِيت ببردٍ يابس فلأجل ذاك الحشو تُقلا وله:

أراد الظبيُ أن يحكي التفاتك وجيدك، قلت: لا يا ظبي فاتك. وقدّ الغصن قدّك إذ تثَّنى وقال: الله يبقي لي حياتك ويا آس العذارِ فدتكَ نفسي وإن لم أقتطف بفمي نباتك ويا ورد الخدود حمتكَ مني عقاربُ صدغه فأمن حياتك ويا قلبي ثبت على التّجني ولم يثبت له أحدٌ ثباتك وله:

وبي رشأ نحا قصدًا جميلا فأقبل مُعرباً عن حُسن قصدِه بنُطقٍ ملحة الأعراب فيه وأشهد أنها مُزجت بشهدِه وثغرِ دُرّة الغوّاصِ منه وجوهر ثغره وجمان عقدِه ووجه فيه تكملة المعاني وإيضاح له لمعٌ بوقدِه أخو جُملٍ مفصله يرينا مقدمة المطرز فوق خدِّه وله:

ليس لي في الشراب شرط ولكن أنا شرطي أن لا أعطّل كأسي كم أخذت الكؤوس مثل فؤادي ولكم قد رددتها مثل رأسي وله من قصيدة نبوية:

يا مادحين رسول الله حَسبَكُم تكريرُ مدحٍ وتعظيمٌ وتطويلُ فهو الذي ليس يفنى وصف سُؤدُده وينفد المدح في أدناه والقيلُ يُغنيه عن كل مدحٍ مدح خالقه فإن ذلك تنزيل وترتيلُ ليست قصائد إلا أنها سُوَر من الجليل بها وافاه جبريلُ والمدح شعرٌ وإنشادٌ لمن مدحوا ومدح أحمد قرآنٌ وإنجيلُ وفي المدائح تأويلٌ لمعترضٍ والمصطفى مدحه ما فيه تأويلُ وله:

ص: 591

وخودٍ دعتني إلى وصلها وشرخ شبابي مني ذهب فقلت: مشيبي ما ينطلي فقالت: بلى ينطلي بالذَّهب توفي في منتصف ربيع الأول. وقد روى عنه شيخنا الدمياطي.

447 -

‌ الحسين بن علي بن سلامة

، قاضي بغداد، شرف الدين، أبو عبد الله الهاشمي الشريف.

مات في ربيع الأول وله ثمانون سنة، كتب في الإجازات.

448 -

‌ خَطلَبَا، غرسُ الدين الأرمني

، مولى القاضي زين الدين ابن الأستاذ الحلبي.

مات بحلب في ربيع الأول، وحدّث عن: ابن روزبة وابن الزبيدي والرُكن إبراهيم الحنفي وجماعة كتب عنه شيخنا ابن الظاهري وابنه وابن سامة والبرزالي وآخرون.

449 -

‌ زينب بنت أحمد بن كامل ابن العلم

، المقدسية، القابلة.

امرأة صالحة مُسنّة ولدت في سنة إحدى وستمائة وحضرت ابن طبرزد، وهي بنت عم إبراهيم بن حمد بن كامل. ولها أيضاً سماع من أبي عبد الله ابن الزُّبيدي وكان لها عبادة وفيها ديانة وفيها لطف وخدمة.

توفيت في خامس شوال وقد سمع منها الجماعة. ولها إجازة من أسعد بن سعيد وزاهر الثقفي وعبد الوهاب بن سكينة.

450 -

‌ سعد الخير بن أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر بن علي

، العدل، سعد الدين، أبو محمد النابلسي، الشافعي، الشاهد.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة وسمع الكثير من أبي محمد ابن البن وزين الأمناء وابن صصرى وابن الزبيدي وابن اللتي وابن صباح وخلق سواهم، روى عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي وطائفة وأجاز لي

ص: 592

مروياته.

سألت المزي عنه فقال: شيخ جليل كثير السماع، سمعنا منه كثيراً.

قلت: توفي في جمادى الآخرة.

451 -

‌ سليمان ابن. . .، العلامة علم الدين

، أبو الربيع الفارقي، الحنفي، النحوي.

توفي بالقاهرة في ربيع الأول.

452 -

‌ شعبان بن يونس

، الإربلي، العدوي، الفقير.

رجل صالح، توفي بدمشق في جمادى الآخرة.

453 -

‌ عبد الله ابن المحدث محمد بن عمر

، العثماني، الدمشقي، أبو محمد.

سمع: أباه وأبا القاسم بن صصرى وأجاز له أبو اليُمن الكندي، وتوفي في جمادى الآخرة. وهو في عشر الثمانين، سمع منه: البرزالي والمزي.

454 -

‌ عبد الرحمن بن عبد العظيم بن عبد القوي

، عز الدين ابن العلامة الحافظ زكي الدين المنذري.

توفي بمصر في ذي الحجة. وولد سنة إحدى وثلاثين؛ وسمع من علي بن مختار والحسن بن دينار وابن المقير وجماعة، أخذ عنه المصريون والبرزالي وابن سامة.

455 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الوهاب

، رشيد الدين الفاخوري.

كان يسكن بالمدرسة التّقويّة. وخلّف ثروة. وكان ديّناً خيّراً، روى عن أبي عَمرو ابن الصّلاح.

مات في رمضان.

456 -

‌ عبد الرحمن بن عبد المنعم بن خَلَف

، جمال الدين ابن الدّميريّ، اللخمي، مؤذّن جامع الفسطاط.

ص: 593

سمع من القاضي زين الدين علي بن يوسف الدّمشقيّ، وحدّث. ولمّا فرغ من أذانه أخذته الصَّفراء، فمال فضرب رأسه في الرُكن فمات شهيداً.

وقد أجاز له التاج الكندي وغيره، وهو أخو محيي الدين عبد الرحيم. كتب عنه الجماعة ومات في شعبان.

457 -

‌ عبد الرحمن بن هبة الله بن عبد الوهّاب

، عز الدين، أبو القاسم ابن القدار الأميوطي.

روى عن ابن عماد وجعفر الهمداني ومات بالإسكندرية في شعبان، روى عنه البرزالي والمزي.

458 -

‌ عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن يوسف بن أحمد بن سليم

، المسند شهاب الدين، أبو الفضل، ابن خطيب المزة أبي الحجاج، الموصلي، ثم الدمشقي، المعروف بابن العلم.

ولد بسفح قاسيون في ذي القعدة سة ثمانٍ وتسعين. وسمع في الخامسة من حنبل وابن طبرزد.

سألت أبا الحجاج الكلبي عنه فقال: هو أبو الفضل الدمشقي، نزيل القاهرة. شيخ جليل، فاضل، كثير السماع. سمع المسند جميعه من حنبل حضوراً، وسمع من ابن طبرزد والشيخ أبي عمر في آخرين.

وحدث بعامة مسموعاته.

وقال أبو محمد البرزالي: كان شيخنا شيخا حسناً، ذا فضيلة ونباهة وتديُّن.

روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم في معجمه بيتين أنشدهما إيّاه بمنبج، وسمع منه خلق من أهل مصر والرّحّالة. وعَلَت روايته وتفرّد هناك، وسماعاته من ابن طبرزد في الخامسة، وكان جده خطيباً بالمزة. وكان أبوه وعمه يرويان عن الحافظ ابن عساكر، توفي بالقاهرة في تاسع رمضان. وكان يتعانى الكتابة.

ص: 594

459 -

‌ عبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل

، الفيالي، الأصمّ.

روى عن داود بن ملاعب وابن راجح ونزل القاهرة، روى عنه المصريون والمزي ومات في المحرَّم بالقاهرة. وكانوا يسمعون من لفظه الحديث والحديثين.

460 -

‌ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي

، القاضي الأجل، العلامة، فخر الدين ابن السُّكري، المصري.

توفي في شوال عن ثلاثٍ وثمانين سنة وشهرين ولي بعد حَموه الشيخ بهاء الدين ابن الجُمَّيزي خطابة جامع الحاكم وروى بالإجازة عن: عفيفة الفارفانية والمؤيَّد ابن الإخوة وجعفر بن آموسان وأسعد بن سعيد وعدّة، وكان قوّالاً بالحقّ، كبير القدر. ولي القضاء والمناصب الكبار، ثم عزل نفسه عن الحكم في الدولة الصالحية وأم بجامع الحاكم هو وولده القاضي عماد الدين علي، وكان من أعيان الشافعية رحمه الله تعالى، أخذ عنه القطب والبرزالي والجماعة.

461 -

‌ عبد الغفّار بن محمد بن محمد بن نصر الله ابن المغيزل

.

قيل: توفي فيها. والأصح سنة ثمانٍ، كما يأتي.

462 -

‌ عبد الغني بن يوسف بن غنّوم

، الإمام الفقيه، تاج الدين الإسكندراني.

روى عن ابن عماد ومات في ذي القعدة.

463 -

‌ عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي

، الخطيب الواعظ، قطب الدين، أبو الذكاء القرشي، الزهري، النابلسي، الشافعي.

خطب بالأقصى. وأفتى نحواً من خمسين سنة، وولد في حدود سنة ثلاثٍ وستمائة وسمع من داود بن ملاعب وأبي عبد الله بن البنّاء الصوفي، وأجاز له أبو الفتح المندائي وأبو أحمد بن سكينة والمؤيد الطوسي وجماعة وقد قرأ الأحكام لعبد الحق قراءة بحثٍ على أبي بكر محمد بن

ص: 595

عبد الله المقدسي وقرأ اللمع في النحو على رجل يمني وتفقّه ونظر في العلوم.

روى عنه الدمياطي وابن العطار وابن الخباز والمزي وقاضي حلب زين الدين الخليلي وابن مسلم والبرزالي وآخرون.

وسمع منه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن وأبو الفتح الأبيوردي وأبو العباس ابن الظاهري.

قال لي المزي: شيخ جليل، عالم، فاضل، عالي الإسناد، لكنه غير مكثر.

وقال البرزالي: كان جليل القدر، رفيع الذِّكر، له الأبَّهة والموقع الأسنى في النّفوس مع الدين والفضل. وله ميعاد بعد الصُّبح يلقي فيه من تفسير الثعلبي من حفظه. وذكر أنه على ذهنه من كثرة ترداده.

توفي في سابع رمضان. وكانت جنازته مشهودة، أجاز لي مروياته.

قال علم الدين البرزالي: سافرتُ ليلة موته من القدس ولم يُقدَّر لي شهود جنازته.

464 -

‌ عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن قُديد

، موفق الدين البغدادي، المقرئ، المعيد بمسجد قمرية.

سمع مسند الشافعي على ابن الخازن والدارمي على ابن بهروز، مات في شعبان، ووهم من قال سنة خمس.

465 -

‌ عثمان بن عمر بن ناصر

، كمال الدين، أبو عمرو الأنصاري، العدل، نائب الحسبة بدمشق.

روى عن ابن اللتي ومُكرَّم ومات في صفر. وله شعر مليح، روى عنه ابن الخباز وابن العطار والبرزالي وآخرون وأجاز لي. ومات في عشر الثمانين.

ص: 596

466 -

‌ علي، الملك الصّالح ابن السّلطان الملك المنصور

سيف الدين قلاوون.

عهد إليه والده بالملك من بعده وخُطِب له بذلك، فأدركته المنية وهو شاب. وكان عاقلاً، مليح الكتابة.

توفي في شعبان بعد أخته غازية خاتون زوجة الملك السعيد بشهر، ودُفنا عند أمّهما في تربة بين مصر والقاهرة وخلَّف ابناً اسمه موسى، كبر وتميّز.

وولي ولاية العهد بعده أخوه السّلطان الملك الأشرف في رمضان.

467 -

‌ علي بن أبي الحزم

، العلامة علاء الدين ابن النفيس القرشي، الدمشقي، الطبيب، شيخ الأطباء في عصره.

اشتغل على الشيخ مهذَّب الدين الدّخوار وبرع في الصناعة والعلاج. وصنَّف ونبّه واستدرك وأول وشغل. وألَّف في الطب كتاب الشامل. وهو كتاب عظيم تدل فهرسته على أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيَّضَ منها ثمانين مجلّدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحالة كتاب المهذّب وشرح القانون لابن سينا. وكانت تصانيفه يمليها من ذهنه ولا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحُّره في الفن. وانتهت إليه رياسة الطب بالديار المصرية. وخلّف ثروة واسعة ووقف داره وأملاكه وكتبه على البيمارستان المنصوري، وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين، ولم يخلّف بعده مثله.

وقد كتب إلينا الإمام أبو حيان الأندلسي أن العلاء ابن النفيس كان إماماً في علم الطب، أوحد لا يُضاهى في ذلك ولا يُدانى استحضاراً واستنباطاً. واشتغل به على كبر. صنّف كتاب الشامل وشرح القانون في عدة مجلدات وصنّف أيضاً مختصراً في الطب يسمى الموجز وكتاب المهذّب في الكحل في سفرين، أجاد فيه كل الإجادة.

قال: وأخبرني من رآه يصنّف في الطّبّ أنّه كان يكتب من صدره من غير مراجعة كتاب حالة التصنيف، ولشيخنا علاء الدين معرفة بالمنطق وقد صنَّف فيه مختَصَراً. وقرأتُ عليه من كتاب الهداية لابن سينا في المنطق وقد

ص: 597

صنَّف في الفقه وفي أصول الفقه وعلم الحديث والنَّحو وعلم البيان.

468 -

‌ عمر ابن العدل عماد الدين محمد بن عمر بن هلال

، الشيخ كمال الدين، أبو حفص الأزدي، الدمشقي.

روى عن السخاوي والتاج القرطبي وعاش اثنتين وخمسين سنة، توفي في ذي القعدة. وكان متزهّداً في لباسه وزيّه، تاركاً للرياسة، رحمه الله.

روى عنه أبو محمد البرزالي وغيره.

469 -

‌ عمر بن أبي الحسن بن مفرّج

، البعلبكي، المؤذن.

روى عن أبي المجد القزويني والبهاء عبد الرحمن، أخذ عنه ابن أبي الفتح والبرزالي وأهل بعلبك، ومات في شعبان. وكان ديِّناً، بصيراً بالمواقيت، مات في عشر الثمانين.

470 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيَّد بن علي

، المحدث، نجيب الدين، أبو عبد الله الهمذاني الأصل، المصري.

شيخ عالم، فاضل، قرأ الحديث على عبد العزيز بن باقا وغيره، وسمع من أبي البركات عبد القوي ابن الجباب ومكرم وعلي بن إسماعيل بن جبارة وغيرهم، وله إجازة من عفيفة الفارفانية وعمر بن طبرزد وجماعة.

وصار كاتباً في أواخر عمره، أخذ عنه أبو حيان وأبو الحجاج المزي وأبو محمد البرزالي وأبو عمرو ابن الظاهري وأبو محمد الحلبي وآخرون.

ولد سنة اثنتين وستمائة. ومات في ذي القعدة. وهو قرابة الأبرقُوهي، حصّل والده إسحاق له إجازة عفيفة.

قال الحافظ عبد الكريم: كان عدلاً ثقةً.

471 -

‌ محمد بن خالد بن حمدون

، الزاهد، العابد، القدوة، المحدث، مجد الدين الهذباني، ثم الحموي، الكتبي، الصوفي، العارف.

ص: 598

سمع ببغداد من ابن بهروز الطبيب وإبراهيم ابن الخير وجماعة، وبمصر من ابن الجميزي وبحلب من ابن رواحة وابن خليل، وبدمشق من الرشيد ابن مسلمة وجماعة، وحدّث بالبلاد وجاور بمكة مدّة، وأقام بدمشق بالمدرسة البلخية مدةً، وكان شيخاً، جليلاً، مهيباً، كبير القدر.

كان محيي الدين ابن النحاس يعظّمه ويزوره. وكان جمال الدين ابن الظاهري يعظّمه ويذكر أنه كان شيخاً بحلب، وله زاوية في أيام الملك الناصر.

سمع منه: المزي والبرزالي وجماعة وحدث بأماكن. ومات بحلب في رابع عشر المحرم. ودفن عند الحافظ ابن خليل.

472 -

‌ محمد بن عبد الخالق بن طرخان

، المسند، شرف الدين، أبو عبد الله الأموي، الإسكندراني.

سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن، كثير السَّماع. سمع الكثير من الحافظ أبي الحسن المقدسي وعبد الله بن عبد الجبّار العثماني ومحمد بن عماد وغيرهم، وأجاز له أسعد بن سعيد بن روح وجماعة كثيرون. وكان عسراً في الرواية، قرأت عليه الأربعين في الطبقات لعلي بن المفضّل. وكان مولده في حدود سنة خمس وستمائة.

وذكره البرزالي فزاد في نسبه بعد طرخان: حسين بن مغيث بن عمّار ويعرف بابن السَّخاوي.

سمع الترمذي من أبي الحسن علي ابن البناء والشفا لعياض، من ابن جُبير الكناني، وتفرّد بعُلُوه وأجاز له أسعد وعفيفة الفارفانية وعين الشمس الثقفية وجماعة، وكان أبوه يبيع الحرير، سمع بالثغر من ابن موقى؛ وبمكة من المبارك ابن الطّبّاخ.

قلت: مات محمد في ربيع الآخر.

قال البرزالي: ولد سنة أربعٍ وستمائة.

473 -

‌ محمد بن عبد الرحيم بن مسلم

، كمال الدين الطبيب.

ص: 599

شيخ قديم، عارف بالطب، بصير بأصوله ومفرداته. درس بالدِّخوارية وطال عُمُرُه. وكان فيه صلاح وخير وإيثار للفقراء المرضى.

مات في ربيع الأول بدمشق.

474 -

‌ محمد بن عبد الملك بن محمد

، أبو عبد الله الأصبهاني، ثم الشيرازي.

سمع صحيح البخاري كله من ثابت بن محمد الخجندي في شعبان سنة أربعٍ وثلاثين بشيراز بسماعه من أبي الوقت، أجاز لابن البرزالي في هذا العام.

475 -

‌ محمد بن علي بن أبي بكر بن محمد

، شمس الدين الواسطي.

شيخ صالح، بكّاء، خاشع، روى عن أبي الفتوح محمد ابن الجلاجليّ، سمع منه ابن تيمية والمزي والبرزالي وابن المهندس وآخرون، وتوفي بحوران وقد أجاز لمن أدرك حياته.

476 -

‌ محمد بن محمد بن محمد

، الشيخ برهان الدين النَّسفي، الحنفي، الفيلسوف، المتكلم، المنطيقيّ، صاحب التصانيف.

قال ابن الفوطي: هو شيخنا الحكيم المحقّق، العلامة، المدقّق، له التصانيف الشهيرة. وكان أوحد في الخلاف والفلسفة، مُتِّع بحواسّه. وكان زاهدا وقد لخص تفسير الفخر الرازي. مولده تقريباً سنة ستمائة. ومات في الثاني والعشرين من ذي الحجة ببغداد وكان قدِمها حاجّاً في سنة خمسٍ وسبعين فسكنها واشتغل عليه هارون ابن الصّاحب.

477 -

‌ ميكائيل، الإمام بدر الدين الجيلي

، الشافعي، معيد الباذرائية مرّةً.

توفي في المحرم وكان فقيهاً، صالحاً، مقيماً بالمدرسة الناصرية.

478 -

‌ نصر بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي

، النابلسي، شهاب الدين، أخو سعد الخير.

ص: 600

سمع وأخوه الكثير من ابن البن وابن صصرى وزين الأمناء وابن صباح وطائفة، وكان مكثراً كأخيه، وهذا الأكبر، سمع منه: ابن الخباز وابن نفيس وابن العطار والمزي والبرزالي والجماعة، وعاش ستاً وسبعين سنة وكان في الآخر يرتزق بالشهادة. وله شعرٌ ضعيف. ولي منه إجازة.

توفي في جمادى الأولى.

479 -

‌ ياسين بن عبد الله

، المغربي، الحَجّام، الأسود، الصالح.

كان له دُكان بظاهر باب الجابية. وكان صاحب كشف وكرامات. وقد حجّ أكثر من عشرين مرة وبلغ الثمانين، اتفّق أنه سنة نيِّفٍ وأربعين مرّ بقرية نوى فرأى الشيخ محيي الدين النواوي، وهو صبي فتفرس فيه النجابة واجتمع بأبيه الحاجّ شرف ووصّاه به وحرّضه على حفظ القرآن والعلم. فكان الشيخ فيما بعد يخرج إليه ويتأدب معه ويزوره ويرجو بركته ويستشيره في أمور.

توفي في ثالث ربيع الأول ودفن بمقبرة باب شرقي، رحمه الله وقد أخبر بموت النواوي والده وقال: أين تختار أن يموت، عندكم أو في دمشق؟ ويقال: إنه قتله بالحال لأمرٍ ثم ندم.

480 -

‌ يحيى بن علي بن أبي بكر

، العدل، الفقيه، نجم الدين ابن الإمام جمال الدين الشاطبي، ثم الدمشقي، المقرئ.

روى عن السّخاوي ومات في رجب وكان نقيب الشامية الكبرى. وكان الفقهاء يحبّونه ويشكرونه، وقد سمع وأسمع أولاده كثيراً في حدود الخمسين من ابن مسلمة ومكي بن علان وطائفة، وكان يشهد تحت الساعات، وعاش خمساً وسبعين سنة.

وكان أبوه من كبار القراء بدمشق. وهو فقد تلا بالسَّبع على السخاوي جمعاً، وعرض القصيد في سنة تسعٍ وعشرين وستمائة، وأبوه فقرأ على الشاطبي مفرداً وجامعاً وإجازة في سنة ثمانٍ وثمانين بخط السَّخاوي وبها خطبة حسنة. فقد شهد فيها على الشاطبي جماعة.

أضر النجم قبل موته وخلف أولادا.

ص: 601

481 -

‌ يوسف بن إسحاق بن أبي بكر بن محمد

، عز الدين، أبو يعقوب الطبريّ المكي.

سمع التِّرمذي من علي ابن البّناء، وأجاز لنا سنة ثلاثٍ وسبعين، وروى عنه لنا أبو الحسن ابن العطار. وأدركه ابن الخباز سنة ست وقال: بتنا عنده بالمدرسة وتواعدنا لنسمع منه بكرةً، فرحل الرَّكب بغتةً ولم ألقه يومئذٍ.

قلت: مات سنة سبعٍ أو ثمانٍ، فلم يلحقه البرزالي.

482 -

‌ أبو بكر بن حياة بن يحيى

، الإمام بهاء الدين الرَّقي، الشافعي، معيد العادلية الصغرى.

سمع ببغداد من المبارك بن محمد الخوّاص ومحيي الدين يوسف ابن الجوزي ومات في ذي الحجة.

سمع منه أبو محمد البرزالي.

وفيها ولد:

برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن هلال بن بدوي الزرعي الحنبلي وتقي الدين عبد الله بن محمد ابن الفخر البعلبكي في جمادى الآخرة، وشمس الدين محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي التاجر، وعبد الرحمن ابن الحافظ جمال الدين يوسف المزي يوم الفطر، والصدر سليمان بن داود ابن العطار في شعبان، والقاضي بدر الدين محمد ابن القاضي شهاب الدين أحمد الجعبري في شوال، والمقرئ شمس الدين محمد ابن البصّال.

ص: 602

سنة ثمان وثمانين وستمائة

483 -

‌ أحمد ابن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد

بن علي بن سرور، الشيخ عمادُ الدين المقدسي، الصالحي.

ولد سنة ثمانٍ وستمائة. وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني وابن ملاعب وأبيه والشيخ الموفَّق وطائفة ورحل إلى بغداد متفرجاً، وسمع من عبد السلام الداهري وعمر بن كرم واشتغل، ثم انخلع من ذلك وتمفقر وتجرّد. وكان سليم الصّدر، عديم التكلُّف والتصنع، فيه تعبُّد وزهد وله أتباع ومريدون. وللناس فيه عقيدة. يزوره الصاحب ابن حنى فمن دونه وهو فارغ عنهم، وله حظٌ من صلاة وصيام وذكر إلا أنه كان يأكل الحشيشة فيما بلغني ويقول: هي لقيمة الذِّكر والفكر. وأحسبه صحب الحريري.

سمع منه: المزي والبرزالي والطلبة وأقام مدة بزاويةٍ له بسفح قاسيون عند كهف جبريل وكف بصره.

توفي ودفن يوم عرفة عند قبر والده، رحمه الله.

484 -

‌ أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر

، الشيخ العَلَم ابن الصاحب المصري، الفقير، المجرد.

اشتغل في صباه وحصّل ودرس. وكان ذكيّاً فاضلاً، إلا أنه تجرّد وتمفقر وأطلق طِباعه. وله حكايات في الزوائد والمزاح معروفة. وكان يجارد الرؤساء وغيرهم ويركب في قفصٍ على رأس حَمّال.

مات بمصر في ربيع الآخر. وكان يتعمَّم بشرطوطٍ طويل جداً، دقيق العرض ويعاشر الحرافشة. وله أولاد رؤساء. وكان قليل الخير عرة.

485 -

‌ أحمد بن يوسف بن نصر بن شاذي

، كمال الدّين الفاضليّ.

سمع أبا المحاسن بن أبي لُقمة وأبي محمد ابن البن، وزين الأمناء وجماعة بدمشق، وأبا هريرة ابن الوسطاني وأبا علي ابن الجواليقي وعبد السلام الداهري ومحاسن الخزائني وجماعة ببغداد وولد سنة عشر

ص: 603

وستمائة بمصر وتوفي في جمادى الأولى بدمشق بدرب القاضي الفاضل.

كتب عنه المزي والبرزالي وجماعة وكان يسمع بإفادة القاضي الأشرف.

486 -

‌ أحمد بن أبي بكر بن خليل

، العثماني، المكي، الفقيه، علم الدين الشافعي.

عالم، عامل، حدّث عن ابن الجميزي وعاش نيفاً وخمسين سنة.

487 -

‌ أحمد بن أبي العزّ بن مشرّف بن بيان

، شمس الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، المؤدب، أخو النَّجم والشهاب.

حدّث عن: أبي الحسن ابن المقير ومُكرَّم وغيرهما ومات في شعبان، عن إحدى وستين سنة.

487 -

‌ أحمد بن أبي محمد بن عبد الرزّاق بن هبة الله

، الصالح، المسند، جمال الدين، أبو العباس الصالحي، العطار المغاري.

سمع أبا نصر موسى ابن الشيخ عبد القادر والموفَّق ابن قدامة والنفيس ابن البن والمجد القزويني وأحمد بن طاوس وجماعة، روى عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي وجماعة كثيرة وهو أخو شيخنا عيسى.

ولد في شوال سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي في ثاني ذي الحجة. وكان إمام مغارة الدم. له هيئة وأخلاق رضية وديانة.

489 -

‌ إبراهيم بن سلامة الرَّقّيّ

، الشيخ أبو إسحاق.

توفي بالقاهرة في المحرم، رجل مبارك، سمع كثيرا بمصر ودمشق بعد الثمانين وقبلها ولم يحدِّث.

490 -

‌ إبراهيم بن مسعود بن عبد الله

، أبو إسحاق الدمشقي، الحويري، النّجّار.

كان يسكن بالحويرة التي قِبلي سوق السلاح، مولده بدمشق في جمادى الأولى سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة، سافر إلى بغداد وسمع بها من أبي الفضل عبد السلام الداهري وأبي الحسن ابن القطيعي وجماعة وطال

ص: 604

عُمُره. كتب عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي والطلبة.

مات في ثالث ذي الحجة.

491 -

‌ إسماعيل بن إلياس

، الصاحب، المعظم، مجد الدين ابن الكُتُبي.

قال ابن الفوطي: قُتل في جمادى الآخرة بدار الشاطيا. ذُكر أنه كان يومئذٍ صائماً. وكان من أفاضل الأعيان، مليح الخط. وقد قرأ في الطب والهندسة والأدب ولي الأعمال الجليلة. كتبتُ عنه وكان جميل الجملة والتفصيل.

492 -

‌ إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن طلحة

، أبو الفداء المقدسي، ثم الدمشقي. ويُعرف بابن الحنبلي.

شيخ صالح من بيت حديث، روى عن محمد بن غسّان وغيره، كتب عنه البرزالي ومات في صفر عن ستٍّ وستين سنة.

493 -

‌ إسماعيل بن يحيى بن منصور

، الإمام أبو الطاهر الحَسَنيّ، اليمني.

ولد سنة عشرين وستمائة وكتب عنه أبو العلاء الفرضي وغيره بالقاهرة. وبها مات في ربيع الآخر، سمع من العَلَم ابن الصابوني وابن الجباب. وكان مُعيداً.

494 -

أيدُغدي، الأمير الكبير، علاء الدين الكِبكي، الظاهري، مملوك الأمير الحاجب جمال الدين ابن الدّاية الناصرية.

حضر الوقعة التي بين الملك الناصر والملك المعز أيبك في سنة ثمانٍ وأربعين وهو صبي؛ فاستولى عليه كبك فعُرف به. وكان يراعي أولاد أستاذه جمال الدين ويحسن إليهم. وتنقّلت به الأحوال إلى أن ولي نيابة صفد في الدولة الظاهرية والسعيدية. وولي نيابة حلب وغير ذلك من المناصب. وكان من الفرسان المذكورين بالشجاعة.

ص: 605

توفي ببيت المقدس في رمضان وصُلّي عليه بدمشق صلاة الغائب وهو في عشر الستين.

495 -

‌ بركوت، الجابري، الأسود

، الضرير، الرجل الصالح.

روى بمصر عن: كريمة وأبي القاسم بن رواحة.

ومات في شعبان، كتب عنه الفرضي والبرزالي وجماعة.

496 -

‌ بهجة بنت رضوان بن صبح

، الدمشقية والدة الشيخين وجيه الدين وزين الدين ابني أبي المنجى.

سمعت المائة الفراوية من زوجها عز الدين عثمان بن المنجى.

توفيت في شوال.

497 -

‌ خطّاب بن محمد بن أبي الكرم بن كنانة

، فخر الدين الموصلي، ثم الدمشقي.

روى عن سالم بن صصرى وعبد الوهاب بن رواج وغيرهما، روى عنه البرزالي وابن حبيب وغيرهما. وكان شيخا حسنا معتبرا مات في المحرم.

498 -

‌ خُطْلُغ شاه بن سنجر

، الملك ناصر الدين الصاحبي، الجويني.

شاب عاقل، أديب. كان ينوب عن مخدومه ببغداد إذا غاب عنها وتقلّبت به الأحوال إلى أن ولي بغداد، ثم بُلي بمعاداة سعد الدولة الذمي، فعمل على قتله. ثم نقل فدُفن برباطٍ له ببغداد.

499 -

‌ زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني

، أمّ أحمد الزاهدة، العابدة، المسندة.

سمعت من حنبل وعمر بن طبرزد وأبي المجد الكرابيسي والشمس العطار، وسمعت من ستّ الكَتَبة في الخامسة سنة ثمانٍ وتسعين، وأجاز لها: عبد الوهاب بن سُكَينَة وأبو الفخر أسعد بن سعيد وعفيفة الفارفانية وأبو المجد زاهر الثقفي.

وروت الكثير وطال عمرها. وكانت أسند من بقي من النساء في الدنيا.

ص: 606

سمع منها الحافظان: أبو عبد الله البرزالي، ونافلته أبو محمد، وسمع منها أيضاً: عمر ابن الحاجب وابن الشُّقيشقة. وروت الحديث نيِّفاً وستين سنة.

وروى عنها الدمياطي وسعد الدين الحارثي وزين الدين الفارقي وابن الزّرّاد والمزي وقطب الدين عبد الكريم وخلق كثير، وعاشت أربعاً وتسعين سنة.

وكانت من النساء العوابد الفقيرات المتعفّفات، صاحبة أوراد ونوافل وأذكار وتلاوة وخشية واستغفار، رضي الله عنها.

توفيت في شوال. وقد روت المسند كله وروت شيئاً كثيراً عن ابن طبرزد، وازدحم عليها الطلبة، وهي أخت الفخر علي في الرضاع والسماع.

500 -

‌ ست الفقهاء بنت الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان

، المقدسية.

روت عن أبي المجد القزويني وأبي القاسم بن صصرى وغيرهما.

سمع منها: الجماعة، وماتت في رمضان.

501 -

‌ الصارم المطروحي والي البر بدمشق

، بزغش.

مات في عيد النَّحر. وقد روى ابنه شهاب الدين أحمد الحديث عن القاضي ابن عطاء وهو أخو علاء الدين ابن منجى لأمه وعم صدر الدين. ودارهم عند باب السلامة.

502 -

‌ عبد الله البعلبكي

، المعروف بأخي مهدي. وهو والد صاحبنا الفقيه نجم الدين هاشم.

ولد سنة أربع وستمائة، ومات في ثامن وعشرين من جمادى الأولى ببعلبك، وكان لوناً غريباً ووحشاً عجيباً.

ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان في أول أمره مستقيم الحال، ثم خلط في أقواله وأفعاله وقطع إصبع يده. زعم أنه أمرها فعصته، فقطعها.

وكان لجماعةٍ من أهل الضياع فيه عقيدة عظيمة. وقضى أكثر عمره محبوساً في برج من قلعة بعلبك، وحُبِس معه شخص يعرف بقاسم كان يخدمه ويحترمه.

وكان كثيرٌ ممن يقدَم إلى بعلبك يدخل عليه البرج لرؤيته ومشاهدته وسماع

ص: 607

كلامه. فيتكلم تارةً بالعجمي وتارة بالفرنجي وبغير ذلك، وتظهر منه أنواع من الاختلال والذي ظهر لي من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنه سافر في شبابه إلى حصونهم واجتمع بجماعةٍ من أكابرهم.

قلت: كان ضالاً بلا شك. يتكلم بكفريات، وإذا سأل من يخادمه عن أمرٍ، قال: أنت أعلى وأعلم، وكان إذا ذكروا ابنه يقول: السر بهاشم.

503 -

‌ عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر

بن أبي القاسم بن عبد الرحمن، المفتي، القُدوة، فخر الدين، أبو محمد البعلبكي، الحنبلي.

ولد سنة إحدى عشرة ببعلبك وسمع من أبي المجد القزويني والبهاء عبد الرحمن وابن الزُّبيدي وابن اللتي والفخر الإربلي والناصح ابن الحنبلي ومكرم بن أبي الصقر وجماعة، وقرأ القرآن على خاله القاضي صدر الدين عبد الرحيم بن نصر، وقدم دمشق للاشتغال في سنة ثلاثين، فتفقَّه على الإمام تقي الدين ابن العز وشمس الدين عمر بن المنجى وأبي سليمان ابن الحافظ. وحفظ كتاب علوم الحديث لابن الصلاح وعرضه حفظاً على المصنّف. وقرأ الأصول وشيئاً من الخلاف على السيف الآمدي وعلى القاضي نجم الدين أحمد بن راجح، وقرأ في النحو على أبي عمرو ابن الحاجب، ثم على المجد الإربلي الحنبلي. ثم رجع إلى بلده، وكان الشيخ الفقيه يحبه ويُكرمه وجعله إماماً بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤم به إلى أن انتقل إلى دمشق.

وقد درس بالجوزية نيابة عن القاضي نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين. ودرس بالصدرية وبالمسمارية نيابةً عن بني المنجى. وولي تدريس الحلقة بالجامع ومشيخة مشهد عروة ومشيخة النّورية ومشيخة الصدرية، وروى الكثير وأفتى وأشغل وتخرج به جماعة من الفضلاء.

وكان عديم المثل، كبير القدر. سألت أبا الحجاج الكلبي، عنه فقال: هو أحد عباد الله الصالحين، وأحد من كان يظن به أنه لا يحسن يعصي الله، سمعنا منه طرفاً صالحاً من مسموعاته.

وقال قطب الدين: كان صالحاً، زاهداً، عابداً، فاضلاً، وهو من أصحاب والدي، رحمه الله، اشتغل عليه وقدّمه يصلي به في المسجد. رافقته

ص: 608

في طريق مكة، فرأيته قليل المثل في ديانته وتعبُّده وحُسن أوصافه.

وقال ولده المفتي شمس الدين: كان دائم البِشر يحب الخمول ويؤثره ويلازم قيام الليل من الثلث الأخير ويتلو القرآن بين العشاءين، ويصوم الأيام البيض وستةً من شوال وعشر ذي الحجة والمحرم، لا يخل بذلك، ولقد أخبرنا بأشياء فوقعت كما قال لخلائق. وذلك مشهور عند من يعرفه، وقال لي في صحته وعافيته: أنا أعيش عُمُر الإمام أحمد بن حنبل، لكن شتّان ما بيني وبينه. فكان كما قال، وقال لي: يا بني تنزهت عن الأوقاف إذ كان يمكنني وكان لي شيء، فلما احتجت إليها تناولت منها.

قلت: حكى لي حفيده فخر الدين أنه قدم دمشق ومعه مبلغ جيد من الدارهم، فأكل منه مدّة سنين وأنفق على أولاده حتى كبروا. ثم تردد إلى الجهات. وكان إمام مسجد ابن عمير الذي بإزاء درب طلحة داخل باب توما ويسكن المسجد.

توفي في سابع رجب، ودفن بتربة الشيخ الموفَّق بسفح قاسيون. وقد أجاز لي مروياته، وروى عنه ابن الخباز وابن العطار وشيخنا ابن تيمية والمزي والبرزالي وخلق سواهم.

504 -

‌ عبد العزيز الدّميري

، الزاهد.

شيخ صالح، مشهور، مقصود بالزيارة، جالسه ابن سيد الناس وأرّخه، لقيه بجامع دمنهور ووصفه بالعلم والفهم والصلاح.

505 -

‌ عبد العزيز بن نصر بن أبي الفرج

، الشيخ عز الدين، أبو الفضل ابن الحافظ أبي الفتوح ابن الحصري.

سمع من والده وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي وأبي روح الهروي، سمع منه المصريون والرحالة، ومات في ثامن رمضان ودفن بالقرافة وكان من أبناء الثمانين وقيل بل جاوز التسعين.

506 -

‌ عبد الغفّار بن محمد بن محمد بن نصر الله

، الشيخ نجم الدين

ص: 609

أبو المكارم العبدي، الحموي، الكاتب المعروف بابن المغيزل وبابن المحتسب.

حدّث عن أبي القاسم بن رواحة. وصحب شيخ الشيوخ. وكان كاتب الدَّرج بحماة للملك المنصور ولولده الملك المظفّر، وكان المنصور يحبه ويحترمه. ونال من جهته دنيا واسعة. ووقفا أوقافاً بحماة. وكان أديباً فاضلاً شاعراً، حسن الصُّحبة، كثير المكارم.

ولد سنة أربعٍ وعشرين وستمائة. وهو أخو شيخنا عبد اللطيف ومن نظمه:

هويت بحرياً إذ سمته تقبيل ما في فيه من درِّ ينهرني من فرط إعجابه يا ما أحيلى النهر من بحرِ وله:

يا رب قد أمسيتُ جارَك راجياً حسن المآب وأنت أكرم جارِ فامنن بعفوك عن ذنوبي إنها لكثيرةٌ وقني عذاب النارِ

507 -

‌ عبد القادر بن أبي الرضا بن معافى

، القاضي، أبو محمد، نائب الحكم بالإسكندرية.

كان يروي جامع الترمذي، عن علي ابن البناء، وكان عسراً في الرواية جدا، فلم يسمع منه علم الدين لعسارته.

وذكر لي جمال الدين المزي أنه أتاه ليسمع منه وهو جالس للحكم فقال: نحن جلوس لقضاء أشغال المسلمين. فقلت: فأيش نحن.

توفي في هذه السنة في شوال وسماعه للكتاب في سنة إحدى عشرة وستمائة.

ونقلت من خط الفرضي في شيوخه الذين سمع منهم: عبد القادر بن عبد العزيز بن صالح بن سليمان بن معافى القاضي أبو محمد الكندي، الحجري، المالكي، المفتي، من بيت العلم والرواية. كان لا يروي إلا بالجهد والشفاعات. ناب في الحكم مدة، ثم عزل نفسه ولزم بيته. وسمع أيضاً من ابن عماد والصفرواي. وأقعِد بأخرة. لقبه كمال الدين ابن التقي. وقد تلا بالسبع على الصفراوي.

ص: 610

508 -

‌ عبد القادر بن عبد القادر بن خلف

، السّماكيّ، الأنصاري، الزملكاني.

روى عن عمه الخطيب عبد الكريم الزملكاني، كتب عنه البرزالي وغيره، ومات في رمضان.

509 -

‌ عبد الوهاب بن حمزة بن محمد

، العدل، محيي الدين، قاضي حماة ابن محيي الدين حمزة البهراني، القضاعي، الحموي.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، وسمع بحماة من عز الدين محمد بن يوسف بن عمر بن بهرور - بمهملتين -، عوالي طراد قال: أخبرتنا شُهدة، وسماعه من ابن بهرور حضور، وسمع من ابن رواحة ويوسف بن خليل، وكان عنده فضيلة ونباهة.

توفي في رمضان بحماة، وقد سمع من جدته صفية القرشية. وكان جد أبيه قاضياً بحماة.

510 -

‌ عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع

، الإمام أبو الحسين القرشي، الأموي، العثماني، الأندلسي، الإشبيلي، إمام أهل النحو في زمانه.

ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة. واشتغل على أبي الحسن ابن الدّباج وقرأ عليه كتاب سيبويه. وقرأ القرآن على أبي عمر محمد بن أبي هارون التميمي، عن والده أحمد بن محمد المتوفى سنة خمسٍ وستمائة.

وقرأ أيضاً كتاب سيبويه وغيره على أبي علي الشلوبين وأذِن له في أن يتصدر للإشغال، وصار يرسل إليه الطلبة الصغار ويحصل له منهم ما يكفيه، فإنه كان لا شيء له.

وسمع بعض الموطأ وبعض الكافي على القاضي أبي القاسم بن بقي وأجاز له.

ولما استولى الفرنج على إشبيلية جاء الإمام أبو الحسين إلى سبتة فسكنها وصنّف بها كتاب الإفصاح في شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، بيع بمصر بخمسة وثلاثين ديناراً وهو في أربع مجلدات كبار.

وله كتاب القوانين مجلد كبير، وله تعليق على سيبويه وكتاب كبير في عشر

ص: 611

مجلدات شرحا للجمل، وهو كتاب لم تشذّ عنه مسألة من العربية.

قرأت هذه الترجمة على قائلها أبي القاسم بن عمران وقال: حضرت مجلس الأستاذ أبي الحسين وسمعت عليه وأجازني.

وأجاز عند موته لكل من أدرك حياته بعد أن رغب في ذلك طلبته.

وخَلَفه في موضعه كبير طلبته أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقيّ.

511 -

‌ عثمان بن نصر الله بن حسان

، أبو عمرو الدمشقي، الغلفي، السَّقطيّ.

روى عن أبي القاسم بن صصرى والناصح ابن الحنبلي.

كتب عنه البرزالي وجماعة ومات في شعبان، كان من خيار المسلمين. وكان أبوه شاهداً، سمع من الخشوعي.

512 -

‌ عطية بن إبراهيم بن عبد الرحمن

، الشيخ سديد الدين، أبو الماضي اللَّخمي، الإسكندراني، المالكي.

روى عن محمد بن عماد والصَّفراوي وولد سنة تسعٍ وستمائة، أخذ عنه البرزالي وأبو العلاء الفرضي وجماعة. وحدث في هذا العام ولا أعلم متى مات.

513 -

‌ علي بن أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجَّى

، الرئيس علاء الدين ابن الأجل صدر الدين. وهو ابن واقف الصَّدرية.

توفي ولم يبلغ أربعين سنة. وكان فيه حشمة وعقل وتواضع ودين. وكان صديقاً لأبي.

توفي في شوال.

514 -

‌ علي بن الحسن بن أبي المحاسن بن أبي طالب

، أبو الحسن المقدسي، جدّ صاحبنا شهاب الدين أحمد الظاهريّ لأمه ويعرف بالعفيف الداعي؛ لأنّه كان يدعو بالسبع الكبير عند الفراغ.

وكان إنساناً مباركاً، كثير التلاوة، كتب عنه ابن الخباز وأخذ على الإجازات خطّه ومات في رمضان. وقد ولد بالقدس في سنة ست وستمائة. وسمع سنة ثلاث عشرة من زكريا الحميري، عن النّسابة الجواني، عن ابن

ص: 612

رفاعة، عن الخلعي حكاية المرأة التي رآها الشافعي باليمن لها بدنان.

515 -

‌ علي بن سالم بن سلمان

، علاء الدين الحصني والي زرع.

صودر وطُلب منه مائة ألف درهم وعصر فشنق نفسه بالعذراوية في ربيع الأول. ولعلهم شنقوه سراً، وقد سمع الكثير من ابن عبد الدائم وخلق، وكتب الأجزاء وحدث ووقف أجزاءه.

516 -

‌ علي بن عبد العزيز

، شيخ القراء بالعراق، تقي الدين الإربلي، المقرئ، المقيم بدار القرآن التي أنشأها بهاء الدين الإربلي بدار الخلافة.

وكان فاضلاً، خيراً، كثير الرواية. خرج له جمال الدين القلانسي عوالي مسموعاته ومروياته. وكان كثير المحفوظ، مولده سنة عشرٍ وستمائة في ربيع الأول. ومات في خامس رجب سنة ثمانٍ، ودفن بقرب بشر الحافي، نقلت ذلك من خط ابن الفوطي.

قرئ عليه بإجازته من عبد العزيز ابن الأخضر وأبي منصور بن عفيجة ومحمد بن عبيد الحلاوي ومشرف الخالصي ومحمد بن عبد الله بن المكرَّم وأحمد بن سلمان ابن الأصفر وأحمد بن يحيى ابن الدُّبَيقي وإسماعيل بن حمدي البزّار وسليمان بن محمد الموصلي وخلق.

517 -

‌ علي بن محمد بن منصور بن عفيجة

، عز الدين البغدادي.

سمع مسند عبد بن حميد، من ابن بهروز. وحدث.

مات في ربيع الآخر عن ست وستين سنة.

أجاز للبرزالي.

518 -

‌ عنبر، القيم المزي

.

روى عن أخي مُعتقه خاطب بن عبد الكريم وكان أسود اللون.

مات بالمزة في رمضان.

519 -

‌ فاطمة بنت الزعبي

، المرأة الشاطرة، الحريرية، زوجة الشيخ نجم الدين ابن إسرائيل الشاعر.

ص: 613

كانت مليحةً تتعانى الرجولية، وتحلق رؤوس الفقراء وتشتلّق ولها أخبار.

توفيت في ربيع الأول.

520 -

‌ فخراور بن محمد بن فخراور بن هندوية

، أبو محمد الكنجي، الصوفي، السُّهرُوَردي الزاهد.

روى عن الملك المعظَّم تورانشاه ابن صلاح الدين وإسماعيل بن عزون.

توفي يوم عرفة بالقاهرة، كتب عنه الفرضي وغيره.

521 -

‌ قيصر، أبو محمد المستنصري

، الباذرائي، فرّاش الباذرائية.

حدّث عن: أبي بكر ابن الخازن وغيره.

كتب عنه ابن جعوان وعلم الدين البرزالي.

ومات في صفر.

522 -

‌ محمد بن أحمد بن علي

، الشيخ كمال الدين ابن النجار الدمشقي وكيل بيت المال.

حدّث عن: القزويني وابن أبي لقمة وأبي القاسم بن صصرى وابن البن حضوراً وغيرهم.

كتب عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي وجماعة.

وكان فيه دهاء وشهامة وشرّ، الله يرحمه.

مات فجاءة بقريةٍ وحمل على بغل فتغير. وسُر بموته أضداده. ودفن بقاسيون وله إحدى وسبعون سنة. وقد كان عُزِل وصودر وحمد أمره قبل الثمانين. ثم ولي تدريس الدَولعية فدرّس بها إلى أن مات في شعبان. وكان يدخل في مكس وحيل ويخاف منه. وله ثروة وتجمُّل ودرّس بعده بالدّولعيّة تجاه ابن العطار كمال الدين ابن الزكي.

523 -

‌ محمد بن أحمد بن عطاء الله

، الفقيه شمس الدين المرداوي، الحنبلي، الرجل الصالح.

ص: 614

حدث عن: ابن اللتي وغيره وسمع منه الطلبة ومات في ذي القعدة بالجبل.

524 -

‌ محمد ابن العفيف سليمان بن علي

، التلمساني، الأديب، شمس الدين، الشاعر ابن الشاعر.

تعانى الكتابة، وولي عمالة الخزانة. ومات شاباً وكان فيه عشرة ولعب وخلاعة. وله شعر في غاية الحسن. مات في رجب.

ومن شعره.

ما أنت عندي والقضيـ ـب اللّدن في حدٍّ سوى هذاك حرّكه الهواء وأنت حرّكت الهوى وله:

مولاي إنّا في جوارك خمسةٌ بتنا ببيتٍ ما به مصباح ما فيه لا لحم ولا خُبز ولا ماء ولا شيء له نرتاح ما فاتنا إلا التخلل بالعبا فجسومنا لعبت بها الأرواح كلّ تراه في الكآبة والطوى شَبحاً فنحن الخمسة الأشباح وله:

دمي للهوى إن كان يرضي الهوى حلّ فعدلك لا ربطٌ لديه ولا حلُّ إليك وما موّهت عني فإنما التـ ـتجاهل عند العارفين به جهلُ تحدث في النادي بذكري وذكرها وصار لأهل الحي من أمرنا شغلُ طريدٌ ولي مأوىً مباحٌ ولي حمى وحيدٌ ولي صحبٌ غريبٌ ولي أهلُ وله:

لي من جمالك شاهدٌ وكفيلُ أني عن الأشواق لست أحولُ ما بال خدك جار في تقسيمه لي ناره ولغيري التقبيلُ يا من تقاصر ليله لسروره ليلي بحزن الوجد فيك طويلُ غادرتني بحشى يذوب ومقلة عبرى وجسم خطّهُ التعليلُ في كل جفن للتسهّد موطن وبكل خد للدموع مسيلُ

ص: 615

يا قدّه والرمح فيه نضارةٌ فعلام في حدّ السنان ذبولُ أين المعين على الصّبابة أهلها ليخفّ عني الوجد فهو ثقيلُ وله:

ما للحشيشة فضلٌ عند آكلها لكنه غير مهدي إلى رَشَدِه صفراء في وجهه خضراء في فمه يده حمراء في عينه، سوداء في جسده وله:

لي من هواك بعيده وقريبه ولك الجمال بديعه وغريبه يا من أعيذ جماله بجلاله حذراً عليه من العيون تصيبه إن لم تكن عيني فإنك نورها أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه هل حُرمة أو رحمة لمتيَّمٍ قد قل فيك نصيره ونصيبه وله من قصيدة:

لحاظك أسياف ذكورٌ فمالها كما زعموا مثل الأرامل تغزلُ وما بال برهان العذارمسلّما ويلزمه دورٌ وفيه تسلسلُ ومن قصيدة:

فكم يتجافى خصره وهو ناحل وكم يتحالى ثغره وهو باردٌ وله:

بمن أباحك قتلي علام حرّمت وصلي أنا لك المتمني وغيري المتملي وليس مثلك يهوى في الحب هجران مثلي ما دمت تهوى فواصل فذا ربيعٌ مولي حسبي وحسبك دفن يأتي بفرقة شملِ وبعد ذاك إذا ما رأيت وجهي فولي وله:

أسير لحاظ كيف ينجو من الأسرِ وعاشق ثغر كيف يصحو من السُّكرِ وأي محبٍّ يلتقي الحب قلبُه ويثبت وقتاً ثم يطمع في صبرِ

ص: 616

ولاسيما صبّ يذوب من الهوى بما جل عن حصرٍ بما دقّ من خصرِ يهدّده الواشي فيبكي صبابة فيفرقُ من نهرٍ ويغرق في نهرِ ففي كل جوٍّ منه نقعٌ من الجوى وفي كل قطرٍ منه وقع من القطرِ تعلق في أُفق الملاحة كوكباً تألق دُريّاً وضاحك عن درِّ مضى زمن كانت لديه أحبّة يقومون بالدعوى ويوفون بالنذرِ ليالي ساهرنا الخلاعة عندما وهبنا الكرى فيها لحادثة الدهرِ

525 -

‌ محمد بن صدّيق بن بهرام

، تاج الدين الدمشقي، الصفار، أبوه الذهبي البشكار، أخو محمد بن يوسف بن يعقوب الإربلي الذهبي لأمه.

سمعا من ابن الزبيدي وابن اللتي ومكرم والهمداني، وهو أكبر من أخيه بسنتين. أعرفه جيداً. وكان ديناً، خيراً، حسن السمت، يعمل التخاتج الفضية. وعاش ستاً وستين سنة.

روى عنه ابن الخباز وابن العطار، والمزي وابن البرزالي وجماعة.

ومات في شعبان.

526 -

‌ محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد

، الإمام، المحدث، القدوة، الصالح، شمس الدين ابن الكمال المقدسي، الحنبلي، ابن أخي الحافظ الضياء.

ولد في ذي الحجة سنة سبعٍ وستمائة.

سمع من أبي اليُمن الكندي وأبي القاسم ابن الحرستاني حضوراً، ومن داود بن ملاعب والبكري وأبي الفتوح وموسى بن عبد القادر والشمس أحمد العطار والشيخ العماد إبراهيم والشيخ الموفق وابن أبي لقمة وابن البن وابن صصرى وزين الأمناء وابن راجح وأحمد بن طاوس وابن الزبيدي وخلق كثير.

وحدّث بالكثير نحواً من أربعين سنة. وعُني بالحديث وجمع خرَّج

ص: 617

وكتب الكثير بخطّه. وقرأ على الشيوخ. وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الضّياء.

وكان محدّثاً، فاضلاً، نبيهاً، حسن التحصيل وافر الدّيانة، كثير العبادة، نزِهاً، عفيفاً، مخلصاً، كبير القدر.

روى عنه القاضي تقي الدين سليمان والشيخ تقي الدين ابن تيميَّة وابن العطار والمزي وابن مسلم وابن الخباز والبرزالي، وخلق يبقون إن شاء الله إلى بعد الخمسين وسبعمائة.

وقد حجّ مرتين ودرس بالضيائية وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل. وغزا غير غزوة. وكان كثير التواضع، كثير الذِّكر، حسن الشكل، عليه مهابة وسكون، وفيه مروءة وإيثار.

وسألت عنه المزي فقال: أحد المشايخ الِجلّة المشهورين بالعبادة والورع والعلم والفضل. سمع الكثير من الإمام أبي محمد بن قدامة وغيره، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني كتاب مكارم الأخلاق وأجاز له: المؤيد الطوسي وأبو روح وجماعة.

وقال قطب الدين: توفي ليلة تاسع جمادى الأولى ودفن بمقبرة الشيخ الموفق.

وحكي لي عنه أنّه حفر مكاناً بالصالحية لبعض شأنه، فوجد جرّة مملوءة دنانير وكانت معه زوجته تعينه على الحفر، فاسترجع وطمّ المكان، وقال لزوجته: هذه فتنة ولعل لهذا مستحقّين لا نعرفهم. وعاهدها على أنها لا تشعر بتلك الجرة أحداً ولا تتعرَّض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله، فتركا ذلك تورعاً مع فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزهد.

527 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن دُرارة

، الصالح، المؤذن، أبو الفضل، جمال الدين المصري، المحدث.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع وقد كبر من ابن المقير وابن رواج وجماعة من أصحاب السلفي، ونسخ الكثير ووقف كتبه وأجزاءه، كتب عنه

ص: 618

البرزالي والمصريون، ومات في شعبان.

528 -

‌ محمد بن عبد الواحد ابن الواعظ أبي بكر بن سليمان

بن علي ابن الحموي، العدل، كمال الدين، أحد الشهود تحت الساعات.

روى عن ابن الزبيدي، سمع منه الجماعة، ومات في جمادى الآخرة.

529 -

‌ محمد بن عثمان بن سليمان

، المحدث المفيد، الزاهد، ضياء الدين، أبو عبد الله الزرزاري.

سمع: محمد بن عماد الحراني وجماعة، كتب عنه المصريون.

وذكره الفرضي فقال: محدث مُكثِر، زاهد، عابد، متوجه إلى الله، مراقبٌ للسُّنَّة في حركاته، منقطع. توفي بالقاهرة في تاسع شوال.

وقال غيره: كان يمتنع من التحديث. وتلا بالسبع على: الصفرواي وجعفر وابن الرّمّاح وابن باسوية والعَلَم السخاوي، وألف في مذهب الشافعي أشياء وغسلها.

530 -

‌ محمد بن عمر بن علي بن مرشد

، كمال الدين، أبو حامد ابن الشيخ شرف الدين ابن الفارض.

سمع من أبيه وابن رواج، وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح وجماعة، كتب عنه البرزالي وابن سامة والمصريون.

ومات بالقاهرة في ربيع الأول.

531 -

‌ محمد بن المبارك بن يحيى بن المبارك ابن المخرمي

، كمال الدين ابن الصاحب فخر الدين.

من بيت الرياسة والفضل، سمع من السُّهروردي وحسن ابن السيد، وكان شيخ رباط المستجد، ولد سنة تسعٍ وستمائة ومات في رمضان.

532 -

‌ محمد بن محمود بن محمد بن عبّاد

، الكافي، العلامة، شمس الدين، أبو عبد الله الأصفهاني، الأصولي.

ص: 619

قدم الشام بعد الخمسين وستمائة، فناظر الفقهاء واشتهرت فضائله.

وسمع بحلب من طغريل المحسني وغيره.

وانتهت إليه الرياسة في معرفة أصول الفقه: صنَّف وأقرأ وشرح المحصول لابن خطيب الرّي شرحاً كبيراً حافلاً وصنَّف كتاب القواعد مشتملاً على أربعة فنون: أصول الفقه وأصول الدين والمنطق والخلاف؛ وهو أحسن تصانيفه. وله كتاب غاية المطلب في المنطق. وله معرفة جيدة بالنحو والأدب والشعر، لكنه قليل البضاعة من الفقه والسنة والآثار.

ولي قضاء منبج في الأيام الناصرية، ثم دخل ديار مصر وولي قضاء قوص، ثم ولي قضاء الكرك، ثم رجع إلى مصر وولي تدريس الصاحبية وأعاد وأفاد. ثم ولي تدريس مشهد الحسين وتدريس الشافعي، وتخرَّج به خلق ورحل إليه الطلبة، وكتب عنه الحديث: علم الدين البرزالي وغيره.

وتوفي في العشرين من رجب بالقاهرة. وكان مولده بأصبهان سنة ست عشرة وستمائة.

533 -

‌ محمد بن مظفَّر بن سعيد

، الشيخ شمس الدين الأنصاري، المصري.

سمع: عبد الرحيم بن الطُّفيل ويوسف ابن المخيلي وجماعة.

ورحل إلى الشام، فقرأ بنفسه على ابن رواحة وغيره.

وكان عدلاً حنفياً، فاضلاً، عالماً، يقظاً.

توفي بالفيوم في ذي الحجة.

534 -

‌ محمد بن يحيى بن عطاء الله بن حسين بن خليفة

، الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله الهمداني الإسكندراني، المالكي، الضرير.

ويعرف بابن الحضرمي.

حدث عن: جعفر الهمداني وغيره، وعاش أربعاً وسبعين سنة.

أخذ عنه البرزالي والمزي وجماعة، وكان من كبار المالكية ومن أبناء الدنيا وأُولي الثروة.

ص: 620

مات في رجب.

535 -

‌ محمد بن يحيى بن محمد بن خلف

، أبو عبد الله الهمداني، المصري، الشافعي، كمال الدين المحدّث.

سمع من مرتضى بن حاتم ويوسف ابن المخيلي وعبد الرحيم بن الطفيل، وكان يتعاسر على الطلبة.

توفي في سادس عشر ربيع الآخر.

536 -

‌ محمود، الملك المنصور شهاب الدين

ابن السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن العادل.

رأيته شيخاً مهيباً، أبيض الرأس واللحية، ضخماً، رَبعة من الرجال، مليح الشكل، يلبس قباءً وعمامة مدوَّرة. وقد سلطنه أبوه بدمشق. وركب في الدَّست بأُبَّهة الملك في حدود سنة أربعين وستمائة. وكان يوماً مشهوداً، وقد روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي، كتب عنه جماعة المحدثين؛ وتنقّلت به الأحوال إلى أن احتاج وصار يطلب بالأوراق من الأمراء وغيرهم.

قال لي ابن مكتوم على سبيل المبالغة: رأيته سلطاناً ورأيته يستعطي.

توفي في شعبان ودفن بتربة أم الصالح. وولد ببصرى بقلعتها سنة تسع عشرة.

537 -

‌ مرضي بن إبراهيم بن هلال بن عمر

، رضي الدين ابن العفيف الكلاعي الحموي الشافعي، مدرس العصرونية بحماة ومفتي البلد.

ولد سنة ستمائة ومات في أواخر سنة ثمان، له إجازة من ابن المقير وغيره.

538 -

‌ مظفَّر بن عبد الصمد بن خليل بن مقلِّد

، الشيخ المعمَّر، شمس الدين ابن الصائغ الأنصاري، الدمشقي.

حدَّث عن أبي القاسم ابن الحرستاني وأبي القاسم بن صصرى، ولبس الخرقة ببغداد من الشيخ شهاب الدّين وعاش اثنتين وثمانين سنة.

ص: 621

توفي في مستهل جمادى الأولى بقرية تلتياثا.

أخذ عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي والطلبة وحدثنا عنه القاضي شهاب الدين ابن المجد الإربلي.

539 -

‌ معن، الأمير الكبير عز الدين أيبك أمير شكار

. يعرف بمعن.

قال قطب الدين: كان رجلاً خيّراً، ديّناً، واسطة خير. وله حُرمة وافرة عند الملك المنصور، استشهد في ربيع الأول على حصار طرابلس، جاءه سهمٌ في حدقته فكانت منيّته فيه، ودفن بقبور الشهداء هناك وهو في عشر السبعين.

540 -

‌ منصور، نظام الدين ابن صاحب الديوان علاء الدين عطا ملك

، الجويني، ثم البغدادي.

قتلوه في رجب وهو شاب. وأمه هي شمس والدة الست رابعة بنت ولي العهد أحمد ابن المستعصم بالله. ودفن بتربة والدته. وكان قد سمع المقامات من الشيخ فخر الدين عبد الله عن روايته عن منوجهر، عن المؤلف. وكتب على ياقوت.

541 -

‌ منكورس الأمير ركن الدين الفارقاني

.

قال قطب الدين: كان رجلاً خيراً، مشكور السيرة، مجتهداً في الغزاة، وأمر حصار طرابلس، وكان متسلماً منجنيقاً، فطلع على الستارة بحذرٍ، فجاءه حجر منجنيق أتلفه في ربيع الأول، ودفن هناك بقبور الشهداء.

وأظنه منسوباً إلى الأمير شمس الدين الفارقاني سنقر الظاهري.

ص: 622

542 -

‌ المهذب بن أبي الغنائم بن أبي القاسم

، العدل الكبير، زين الدين التنوخي، الشافعي، كاتب الحكم.

انتهت إليه رياسة الشروط بدمشق. وكان بارعاً فيها بصيراً بعللها، مليح الخط، عدلاً، مبرزاً، خبيراً بالأحكام. وحصّل من الكتابة جملة صالحة، وأُلزم بشهادة ديوان الخزانة مدة، ثم استعفى فأُعفي، وقد طُلب لينوب في القضاء بدمشق في أيام القاضي بهاء الدين ابن الزكي فامتنع من ذلك لأن الكتابة كانت أكثر تحصيلاً له وأهون عليه.

وكان قد قرأ القراءات على السخاوي فيما أرى وتفقه وحدث عن مكرم وابن اللتي وجماعة.

ولد سنة ثمان عشرة وستمائة، وتوفي في حادي عشر رجب، وكانت له جنازة حفلة.

543 -

‌ يحيى بن سالم بن طلائع

، الشيخ زين الدين الياسوفي.

حدَّث عن: ابن الزبيدي، ومات بخانكاه الطواويس في ربيع الآخر.

544 -

‌ يحيى بن عبد الكافي بن يحيى بن مسلم

، الشيخ محيي الدين ابن الشمّاع المصري، وقيل بل لقبه العماد.

ولد سنة تسعٍ وستمائة، وكان له حانوت بالبزّازين، وروى عن فخر القضاة أحمد ابن الجباب، وكان يقال: ما فاتته صلاة في جامع مصر منذ أربعين سنة، فإنه كان ينوب في الإمامة بجامع عمرو بن العاص، سمع منه علم الدين البرزالي وطلبة المصريين.

545 -

‌ يحيى ابن المقرئ عيسى ابن المحدث عبد العزيز بن عيسى

. الشيخ ناصر الدين اللخمي الإسكندراني.

روى عن أبيه ومحمد بن عماد، سمع منه: البرزالي وجماعة.

546 -

‌ يعقوب بن بدران بن منصور بن بدران

، الإمام، المقرئ، المجوِّد، تقي الدين أبو يوسف القاهري، ثم الدمشقي المقرئ المعروف

ص: 623

بالجرائدي. شيخ الإقراء بالمدرسة الظاهرية وغيرها بالقاهرة.

كان إماماً مبّرزاً في علم القراءات، أخذ القراءات بدمشق عن السخاوي وابن باسوية، ورحل إلى أبي القاسم بن عيسى فقرأ عليه وعلى غيره، وحدث عن: ابن الزبيدي وابن اللتي وغيرهما وانتفع به الطلبة.

قرأ عليه ابنه العماد محمد والشيخ نور الدين الشطنوفي وغير واحد وسمع منه المحدثون.

توفي في شعبان؛ وعمل قصيدة في القراءات حل فيها رموز الشاطبية وصرَّح بهم. وأثبت الأبيات، عوض كل بيت فيه رمز، وأقرّ سائر القصيد على حالته.

وفيها ولد:

بدر الدين محمد ابن المولى علاء الدين علي بن محمد بن سلمان بن غانم الشافعي الكاتب، في صفر، وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد الزُّرعي الحنبلي، وجمال الدين محمد ابن محيي الدين ابن قاضي الزبداني، وعز الدين محمد بن أحمد بن المنجى التنوخي، وعلي ابن قطب الدين عبد الكريم المنبجي الحلبي.

ص: 624

سنة تسع وثمانين وستمائة

547 -

‌ أحمد ابن الطبيب الحاذق أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد

بن سونج، الصالحي، أخو شيخ البكرية إسماعيل والمحدّث عماد الدين حسن، والفقير محسن، والموفق محمد العطار.

وخمستهم فيهم دين وجودة.

سمع أحمد من ابن عبد الدائم. ولم يرو.

548 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن عياش الصالحي

.

روى عن ابن اللتي ومات في شوال، حدث عنه البرزالي وغيره.

549 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة

، قاضي القضاة، نجم الدين، أبو العباس ابن شيخ الإسلام شمس الدين ابن أبي عمر المقدسي، الحنبلي.

كان مولده في سنة إحدى وخمسين وستمائة، وسمع حضوراً من خطيب مردا، وسمع من إبراهيم بن خليل وابن عبد الدائم ولم يحدّث.

رأيته، وكان شاباً مليحاً، مهيباً، تام الشكل، بديناً، ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة، وكانت إليه مع القضاء خطابة الجبل والإمامة بحلقة الحنابلة ونظر أوقاف الحنابلة، وكان حسن السيرة في أحكامه، مليح البزة، ذكيّاً، مليح الدرس، له قدرة على الحفظ، وله مشاركة جيدة في العلوم. وله شعر جيد وفضائل، فمن نظمه:

آيات كتب الغرام أدرسها وعبرتي لا أطيق أحبسُها لبست ثوب الضَّنى على جسدي وحُلَّة الصبر لست ألبسُها وشادن ما رنا بمقلته إلا سبى العالمين نرجسُها فوجهه جنة مزخرفة لكن بنبل الحتوف يحرسُها وريقه خمرة معتقة دارت علينا من فيه أكؤسُها يا قمراً أصبحت ملاحته لا يعتريها عيبٌ يدنِّسها

ص: 625

صِل هائماً إن جرت مدامعه تلحقها زفرة تُيبِّسُها ولي نجم الدين القضاء في حياة والده لما عزل نفسه وتوفي في ثالث عشر جمادى الأولى في أول الليل وقيل: في آخر نهار الثاني عشر، ودفن بمقبرة جده من الغد وشيعه الخلق. وعاش ثمانياً وثلاثين سنة، وخلف ابنين: سعد الدين الخطيب وفخر الدين الخطيب، وقد حج مرتين وحضر غير غزوة. وكان يركب الخيل ويلبس السلاح.

550 -

‌ أحمد بن عيسى بن رضوان

، الشيخ كمال الدين ابن الضياء الكناني، العسقلاني، الشافعي، قاضي المحلة.

لا أعلم متى توفي. وقد لقيه الفرضي وسمع منه. في حدود سنة سبعٍ وعشرين وحدّث عن: ابن الجميزي. وكان يعرف بالقليوبي. قد شرح التنبيه في اثني عشر مجلداً. وصنّف في علوم القرآن وكان ديناً، صالحاً، مفتياً.

551 -

‌ أحمد بن عيسى بن حسن

، علم الدين الزَّرزاري السنجاري، ابن أخي قاضي القضاة أبي العباس الخضر.

ولد بالخابور سنة تسعٍ وعشرين وستمائة، وسمع من الساوي وسبط السِّلفي، وحدّث. ومات بالقاهرة في جمادى الأولى.

552 -

‌ أحمد بن منعة بن مطرّف

، الصالح، عماد الدين، الحوراني، الصالحي. والد شيخنا محمد.

روى عن المجد القزويني، كتب عنه ابن الخباز والبرزالي وجماعة. ومات في ربيع الآخر.

553 -

‌ أحمد بن ناصر بن طاهر

، العلامة، برهان الدين الحسيني، الشريف، الحنفي، إمام محراب الحنفية الذي بمقصورة الحلبيين بدمشق.

كان مفتياً، عالماً، زاهداً، عابداً، توفي في بيته بالمنارة الشرقية في شوال، وقد صنف تفسيراً في سبع مجلدات وصنّف في أصول الدين كتاباً فيه سبعون مسألة. وذكر أنه سمع من ابن اللتي وغيره.

ص: 626

وقد ساح مدةً في برية الخطا، وترك دنيا واسعةً وتجارات وفرَّ بدينه وتزهَّد وتصوَّف.

554 -

‌ أحمد بن يوسف بن إسماعيل

، الشهاب المقدسي، الحنبلي، الذهبي، مؤذن المدرسة النورية. أخو الموفق الشاهد.

روى عن ابن المقير ومات في رجب، وكان شيخاً ظريفاً بزي الفقهاء أعرفه.

555 -

‌ إبراهيم بن أسعد بن المظَّفر بن أسعد بن حمزة بن أسد

، الرئيس مجد الدين ابن المولى مؤيد الدين التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي، أخو الصاحب عز الدين حمزة.

كان مليح الكتابة، حسن الشكل والبزة، له إلمام بالأدب، وله شعر وخدم في الجهات. ومات شاباً ولم يعقب في ذي القعدة وله وقفٌ على الصدقة.

556 -

‌ إسحاق بن جبريل

، الحكيم المنجم كرز الدين الديلمي، البويهي.

قال ابن الفوطي: عارف بالمواليد وعملها وبالتقاويم، دائم الاشتغال بهذا الفن. أكثر مواليد أهل بغداد بخطه. له كتاب في التواريخ السماويات والأرضيات. سألته عن مولده، فقال: في سنة تسعٍ وستمائة وفي ذي الحجة توفي.

557 -

‌ إسحاق الفجال

.

صالح، زاهد، يتكلم بأشياء حسنة وحِكَم نافعة.

توفي بدمشق في شوال.

558 -

‌ إسماعيل بن عبد الرحمن بن مكي

، الفقيه، مجد الدين المارديني. كان في الأول حنبلياً، ثم تحول شافعياً وأتقن المذهب. ودرس بالأتابكية بجبل قاسيون، ثم ولي قضاء حلب وذكر أنه قرأ التحصيل بالرّوم

ص: 627

على مصنّفه السّراج الأرموي. وكان إماماً، كثير الفضائل.

توفي بالصالحية وصُلّي عليه بجامع العقيبة. وحُمل إلى مسجد فلوس فدفن بتربة البرهان الموصلي، إلى جانب صاحبه الشيخ مجد الدين محمود الكردي، وبينهما خمسة أيام. ماتا في شوال.

559 -

‌ إسماعيل ابن عز القضاة علي بن محمد بن عبد الواحد بن أبي النمر

، الشيخ الزاهد، العابد، العالم، فخر الدين، أبو الفداء الدمشقي.

كان كاتباً، أديباً، شاعراً، خدم في الجهات، وتزهَّد بعد ذلك، ولد سنة ثلاثين وستمائة، ودخل في جملة الشعراء على الملك الناصر بدمشق، فلمّا انجفل الناس نوبة هولاوو إلى مصر. دخلها وترك الخدمة وتزهّد، وأقبل على شأنه ولزم العبادة، فاجتمع بالشيخ محيي الدين ابن سُراقة فقال له: إن أردت هذا المعنى فعليك بتصانيف محيي الدين ابن العربي. فلما رجح إلى دمشق انقطع ولزم العبادة، وأقبل على كتب ابن العربي فنسخها وتلذذ بها. وكان يلازم زيارة قبره ويبالغ في تعظيمه. والظنّ به أنه لم يقف على حقيقة مذهبه، بل كان ينتفع بظاهر كلامه ويقف عن متشابهه؛ لأنه لم يحفظ عنه ما يُشينه في دينه من قولٍ ولا فعلٍ، بل كان عبداً قانتاً لله، صاحب أوراد وتهجُّد وخوف واتباع للأثر، وصدق في الطلب وتعظيم لحرمات الله. لم يدخل في تخبيطات ابن العربي ولا دعا إليها. وكان عليه نور الإسلام وضوء السنة. رضي الله عنه.

وكان ساكناً بالعزيزية، حافظاً لوقته، كثير الحياء والتواضع والسكينة، كتب الكثير بخطه، وكان شيخنا ابن تيمية يعظمه ويبالغ، حتى وقف له على أبيات أولها:

وحياتكم ما إن أرى لكم سوى إذ أنتم عين الجوارح والقوى فتألم له وقال: هذا الشعر عين الاتحاد.

قلت: إنما إراد أن ينظم قوله: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به. . . . الحديث، فقال: سياق الحديث يدل على بطلان هذا. وهو قوله:

ص: 628

فبي يسمع وبي يبصر، وما في الحديث أن الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى الله عن ذلك.

قلت: لم أجد هذه اللفظة فبي يسمع وبي يبصر، وكان فقيرا ولم يخلف شيئا من الدنيا بتة، ولا كان يملك طاسة، وفرغت نفقته ليلة موته، ومن شعره وكتب به إلى شرف الدين الرقي المجاور:

أوفدَ الله أعطاكم قبولا وكان لكم حفيظاً أجمعينا إنِ الرحمن أذكَرَكم بأمري هناك فقبّلوا عني اليمينا فإني أرتجي منه حناناً لأن إليه في قلبي حنينا وأرجو لثم أيدٍ بايعته إذا عدتم بخيرٍ آمنينا ومن شعره:

أتريد لثم يمينه في بيته من غير ما نَصَب وجهد يُرتضى هيهات إلا أن تخوض بعزمة موج الجبال إليه في بحر الفضا أتنال فرض زيارةٍ لرسوله خير الأنام ولم تذُق مر القضا لم أنس هزّاً للركاب بحيث لا ظلّ فيمنع هيكلي أن يرمضا وتكاد نفسي أن تفيض مشقة لو لم أثبت عندها فأفوّضا وكأنما كسر الفقار مفقَرٌ إذا لم يكد أحد به أن ينهضا وكذا الأخيضر ذاق أصحابي به عند الورود هناك موتاً أبيضا فسقاهم ربي حلاوة رحمة مُزِجت ببرد العفو في كوب الرضا وله:

وزهر شموع إن مَدَدت بَنَانَها لمحو سطور الليل نابت عن البدرِ ففيهنّ كافوريّة خِلت أنها عمود صباحٍ فوقه كوكب الفجرِ وصفراء تحكي شاحباً شاب رأسه فأدمعه تجري على ضيعة العمرِ وخضراء يبدو وقدُها فوق قدّها كنرجسةٍ تُزهى على الغصن النضرِ ولا غرو إن يحكي للأزاهير حُسنها أليس جناها النحلُ قِدماً من الزَّهر

ص: 629

وله، وقد لامه بعض الفضلاء في إقباله الزائد على كتب ابن العربي.

فقال:

يقولون: دع ليلى لبثنة كيف لي وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها ولكن إن استطعتم تردون ناظري إلى غيرها فالعين نصب جمالها فأُقِسم ما عاينتُ في الكون صورةً لها الحُسن إلا قلت: طيف خيالها ومن لي بليلى العامرية إنها عظيم الغنى من نال وهمَ وِصالها وما الشمس أدنى من يدي لامسٍ لها وليس السُّها في بُعد نُقطة خالها ولكن دنت لطفا بنا فتنزلت على عزها في أوجها وجلالها وأبدت لنا مرآتها غيبَ حضرة غدَت هي مَجلاها وسرُّ كمالها فواجبها حبي وممكن جودها وصالي وعدّوا سلوتي من محالها وحسبي فخراً إن نسبتُ لحبها وحسبي قربا أن خطَرت ببالها وله:

يا سيدي قمتُ صُعلوكاً على الباب وطال قرعي بإلحاف وإطنابِ ولو جمعت سؤال السائلين لكم لما انتهت فيك آمالي وآرابي وفي غناك يقلّ الكون أجمعه لسائلٍ واحدٍ يا خير وهابِ ودارُ دنياي ضاقت عن نوالكم لكنّها دارُ أعمال وآدابِ فزوّدوني من فقرٍ ومسكنة ومن سجود ومن تقبيل أعتابِ ومن شعره:

والنّهر قد جُنّ بالغصون هوى فراح في قلبه يمثّلها فغار منه النسيمُ عاشقها فجاء عن وصله يميّلها توفي الشيخ فخر الدين بمنزل أخته بالقرب من المدرسة الجوهرية ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وشيعه الخلق، ودفن بتربة أولاد ابن الزكي إلى جانب قاضي القضاة بهاء الدين بقاسيون، وتُليت على قبره ختمات، ورؤيت له منامات حسنة.

سمع منه: البرزالي وغيره.

ص: 630

وله أوراد وأعمال زكية وخوف وورع يمنعه من جهرمة الاتحادية، وتشعر تقواه بأنه ما دقّق في مذهب الطائفة ولا خاض في بحر معانيهم. ولعل الله حماه للزومه العبادة والإخلاص. وقد نسخ جامع الأصول وانتفع بالحديث، فالله يرحمه.

والظاهر أنه كان يُنزل كلام محيي الدين على محامل حسنة ولمحات للعارفين. فما كل من عظَّم كبيراً عرف جميع إشاراته. بل تراه يتغالى فيه مجملاً ويخالفه مفصّلاً، من غير أن يشعر بالمخالفة. وهذا شأن فرق الأمة مع نبيّها صلى الله عليه وسلم، تراهم منقادين له أيما انقياد، وكل فرقة تخالفه في أشياء جمة، ولا شعور لها بمخالفته. وكذا حال خلائق من المقلدين لأئمتهم يحضّون على اتباعهم بكل ممكن، ويخالفونهم في مسائل كثيرة في الأصول وفي الفروع، ولا يشعرون بل يكابرون ولا ينصفون، نعوذ بالله من الهوى وأن نقول على الله ما لا نعلم. فما أحسن الكف والسكوت، وما أنفع الورع والخشية.

وكذلك الشيعة تبالغ في حبّ الإمام علي ويخالفونه كثيراً ويتأولون كلامه، أو يكذبون بما صح عنه. فلعل الله تعالى أن يعفو عن كثيرٍ من الطوائف بحسن قصدهم وتعظيمهم للقرآن والسُّنّة.

560 -

‌ بلاشو بن عيسى بن محمد

، سيف الدين الجندي.

روى عن السخاوي، كتب عنه الفرضي والبرزالي والجماعة.

ومات في شوال.

561 -

‌ حسّان بن سلطان بن رافع بن منهال بن حسّان بن عيسى

، الفقيه، عماد الدين اليونيني، خطيب قرية زحلة.

ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وسمع من أبي القاسم بن رواحة وإسماعيل بن ظفر، وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي.

وكان صالحاً، خيراً، تالياً، ذاكراً، فقيراً، بيته مأوى الأضياف، توفي في ربيع الآخر.

562 -

‌ حسن بن زيادة بن رسلان

، نفيس الدين المصري.

قال الفرضي: كان إماماً ثقة، مقرئاً، زاهداً، متصدراً بجامع مصر، من

ص: 631

أهل العبادة، روى عن عبد الرحيم بن الطُّفيل، والعَلَم ابن الصابوني، ومات في شعبان.

563 -

‌ الخضر بن سعد الله بن عيسى بن جيش

، عماد الدين الرَّبَعي، المعروف بابن دبُوقا.

أديب كاتب، حَسَن العشرة، كتب الإنشاء للمشد علاء الدين الشُّقيري، ثم ولي مشارفة بعلبك. ونُكب وصودر غير مرة. وله شعر حسن.

توفي كهلاً في سادس ربيع الأول بدمشق.

رى عن: اليلداني ببعلبك، سمع منه: البرزالي.

564 -

‌ ست الأهل بنت المحدّث أبي الفتوح نصر ابن الحصري

.

توفيت بالقاهرة في صفر. قاله الفرضي.

565 -

‌ ست الأمناء بنت أبي نصر عبد الرحيم

بن محمد بن الحسن ابن عساكر.

روت عن أبيها وغيره، كتب عنها البرزالي وجماعة، وماتت في ذي القعدة. وأجاز لها: المؤيَّد وأبو روح.

566 -

طرنطاي، نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدين، أبو سعيد المنصوري، السيفي.

كان من رجال العالم رأياً وحزماً ودهاء وذكاءً وشجاعة وسياسة وهيبةً وسطوة، اشتراه المنصور في حال إمريته من أولاد الموصلي، فرآه نجيباً لبيباً، فترقَّى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوّض إليه جميع أموره واعتمد عليه. فلمّا ولي السلطنة جعله نائبه ورد إليه أمر الممالك، فكان ليس فوق يده يد. وكان له أثرٌ ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السلطان لا يكاد يفارقه إلا لضرورة. وقد سيّره إلى الأمير شمس الدين سُنقُر الأشقر ولمحاصرته، فدخل دمشق دخولاً مشهوداً لا يكاد يدخله إلا سلطان من التجمُّل والزينة ولعب النِّفط. ثم سار إلى صهيون وانتزع من سنقر الأشقر بلاده، وحلف له وأنزله ورجع

ص: 632

وهو معه. وقد حصل طرنطاي من الأموال والخيل والمماليك والأملاك وغير ذلك ما يفوق الإحصاء. وبنى مدرسةً بالقاهرة ووقف على الأسرى. وكان مليح الشكل، مهيباً لم يتكهل.

ولمّا تسلطن الملك الأشرف استبقاه أياماً حتى رتب أموره واستقل بالملك، ثم قبض عليه وكان في نفسه منه، فبسط عليه العذاب إلى أن أتلفه وصبر المسكين صبراً جميلاً، فقيل إنه عُصر إلى أن هلك ولم يسمع منه كلمة.

وكان بينه وبين علم الدين الشجاعي منافسة وإحن، فقيل: إن الملك الأشرف سلّمه إليه ليعذبه، ولما مات حُمل إلى زاوية الشيخ عمر السعودي، فغسلوه وكفّنوه ودفن بظاهر الزاوية، فذكر فقير من الزاوية قال: لما أتوا به كان له رائحة منكرة جداً، ولما غسلوه تهرأ وتزايلت أعضاؤه وذكر أن جوفه كان مشقوقاً، قال ذلك الشيخ قطب الدين.

ثم قال: رحمه الله وعفا عنه فلقد كان معدوم النظير ولولا شُحُّه وبذاذة لسانه لكان أوحد زمانه، قيل: إنه خلَّف من العين المصري ألف ألف دنيار وستمائة ألف دينار، ومن الكلوتات والحوائص والأواني والأسلحة والمتاجر والخيول والغلمان والأملاك ما لا يحصى كثرةً، فاستولى الأشرف على المجموع، وأفضى الحال بأولاده وحُرمه إلى أن بقوا بلا قوت إلا ما يُسيّره لهم بعض الأعيان على سبيل الصلة. إن في ذلك لعبرة. وتوفي ولم يبلغ الخمسين.

قلت: لم يذكر وفاته في أي شهر.

567 -

طيبرس، الأمير الكبير، الحاج علاء الدين الوزيري، صهر السلطان الملك الظاهر.

توفي بمصر في ذي الحجة. وكان ديناً، كثير الصدقات، قليل الأذية، أوصى بثلاثمائة ألف درهم أن تنفق في ضعفاء الجند. ووقف خاناً كبيراً بالعقيبة على الصدقة. وله ولد من أمراء الدولة في هذا الوقت وهو عام أربعة عشر وسبعمائة.

ص: 633

568 -

‌ عبد الله بن خير بن حميد

، أبو محمد القرشي، النحاس.

روى عن محمد بن عماد، ومات بالإسكندرية في تاسع صفر.

كتب عنه أهل الثغر والرحالة.

569 -

‌ عبد الله بن محمد بن حسّان بن رافع

، العدل، عماد الدين، أبو بكر العامري، خطيب المصلى.

سمعه أبوه الكثير حضوراً وسماعاً، وروى عن ابن أبي لقمة وأبي محمد ابن البن وزين الأمناء والقزويني والكاشغري وابن الزبيدي وجماعة.

وسمع بمكة من أبي علي الحسن ابن الزبيدي وإبراهيم بن الخير، أخذ عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي والطلبة، وكان فقيهاً فاضلاً عالي الإسناد مكثراً. أجاز لي مروياته، وتوفي في سابع صفر وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

حج سنة ثمانٍ وعشرين وهو مراهق، وحج سنة ثمانٍ وثمانين، وبين الحجتين ستون سنة.

570 -

‌ عبد الله بن محمد ابن الشَّرَف عبد الله

ابن الشيخ أبي عمر المقدسي، فخر الدين، سبط الشيخ شمس الدين.

سمع الكثير وتفقه ومات شاباً في جمادى الأولى.

571 -

‌ عبد الرحمن ابن الزَّين أحمد بن عبد الملك بن عثمان

، الشيخ شمس الدين، أبو الفرج المقدسي، الحنبلي.

ولد في ذي القعدة سنة ست وستمائة، وسمع حضوراً من عبد الجليل بن مندويه وغيره، ثم سمع من الكندي وأبي القاسم ابن الحرستاني وداود بن ملاعب وأبي عبد الله ابن البناء وأبي الفتوح ابن الجلاجلي وموسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وابن راجح وابن البن وابن أبي لقمة وطائفة، ورحل هو والسيف ابن المجد والتقي ابن الواسطي فسمعوا ببغداد من الفتح بن عبد السلام، وأبي الحسن بن بورنداز، وعبد السلام الداهري، وعمر بن

ص: 634

كرم، وخلق سواهم، وأجاز له: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وعين الشمس الثقفية، وزاهر بن أحمد، وأبو أحمد ابن سكينة، وعمر بن طبرزد.

وكان فقيهاً، عالماً، صالحاً، ثقه، نبيلاً، عابداً، مهيباً، متيقّظاً واسع الرواية، عالي الإسناد. تفرد ببعض مروياته. وسمع منه خلق كثير، منهم: ابن الخباز وأبو الحسن الموصلي وابن العطار وابن مسلم وابن تيمية والمزي والبرزالي وابن المهندس وابن أبي الفتح، وأجاز لي مروياته.

توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة، وقد كمّل ثلاثاً وثمانين سنة، رحمه الله.

572 -

‌ عبد الرحمن ابن مجد الدين محمد بن إسماعيل

بن عثمان ابن عساكر، القاضي الجليل، عماد الدين عبد الرحمن.

روى عن المخلص ابن هلال وغيره، سمع منه: البرزالي وتوفي في ذي القعدة أيضاً وهو في الكهولة، وكان يشهد تحت الساعات.

573 -

‌ عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بن علي

، القاضي، الخطيب، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الرَّبعي، الدمشقي، الشافعي.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وسمع ابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الفضل الهمداني، وطائفة، وخرّج له أبو محمد البرزالي مشيخة سمعها منه هو وابن تيمية شيخنا، والزَّين عمر بن حبيب، وأبو الحسن الختني، وابن مسلم الحنبلي، وخلق سواهم.

وكان إماماً، مفتياً، خبيراً بالمذهب، ناب في القضاء مدة، ثم تركه واقتصر على الخطابة بالجامع. وكان للناس فيه حسن عقيدةٍ لدينه وسكونه وازدحموا على نعشه.

ومات في سلخ جمادى الأولى.

ص: 635

لي منه إجازة بمروياته.

574 -

‌ عبد الكريم بن عبد الله بن بدران

، الدمشقي، السّراج، الحاج أبو محمد.

سمّع أولاده الكثير وحصل الأجزاء. وله سماع قديم من التاج ابن أبي جعفر وجماعة، وما أظنه حدث.

توفي في ذي الحجة، ورأيت سماع البرزالي وابن حبيب منه فيما بعد.

575 -

‌ علي بن ظهير بن شهاب

، الإمام، الزاهد، نور الدين، المصري، المقرئ، الموشي، المعروف بابن الكفتي، شيخ الإقراء بالجامع الأزهر.

أخذ القراءات عن أصحاب الشاطبي وأبي الجود، كابن أبي الحرم الخطيب، ومن شيوخه: الإمام المجوّد أبو إسحاق بن وثيق. قرأ عليه ختمةً للسبعة ويعقوب جمعاً، وكان نور الدين أحد من عني بالقراءات وعِللها وشُهِر بها، مع الورع والدّيانة والصيانة، وقرأ عليه جماعة. وسمع منه المحدثون، روى عن أصحاب السِّلفي ومات في ربيع الآخر.

576 -

‌ علي بن عبد الكريم بن عبد الله بن أبي الفضل

، أبو الحسن الدمشقي، خادم الحافظ زكي الدين عبد العظيم.

شيخ صالح، ديِّن، معمَّر، فاضل.

سمع بدمشق من كريمة والضياء محمد وابن المقير، وسمع بمصر من سبط السلفي وغير واحد.

وكتب بخطه قليلاً وشاخ وتجاوز التسعين. وأخذ عنه الطلبة، ومات في شعبان ببلبيس.

577 -

‌ علي بن يحيى بن محمد

، العدل، كمال الدين، المهدوي، الكاتب.

روى عن التاج ابن أبي جعفر وغيره وكان عفيفاً، نزهاً، حسن البزة، له شعر وفضيلة، ومات في جمادى الأولى.

578 -

‌ علي بن أبي المجد بن منصور

، القصّاب، الصالحي.

شيخ مسن، صحيح السَّماع، روى عن الشيخ الموفق وابن راجح

ص: 636

وغيرهما، كتب عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي وجماعة ومات في ذي الحجة.

579 -

‌ عمر ابن شيخنا الإمام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع

، الفزاري، الفقيه، المحدث، المفيد، أبو حفص.

سمع الكثير وحصّل الفوائد والأجزاء وعني بالرواية. ومات شاباً لم تطلع لحيته بعد، وعاش نحواً من عشرين سنة. ومات في رمضان. وكان ديناً، متواضعاً، ضحوك السن، مطبوعاً.

580 -

‌ عمر بن إسماعيل بن مسعود

بن سعد بن سعيد بن أبي الكتائب، الأديب، العلامة، رشيد الدين، أبو حفص الرَّبعي، الفارقي، الشافعي، الشاعر.

قال: مولدي سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة وسمع جزء البانياسي من الفخر ابن تيمية، ظهر له بعد موته وسمع من أبي عبد الله ابن الزبيدي وعبد العزيز بن باقا وجماعة، وبرع في البراعة والبلاغة والنظم وحاز قصب السَّبق. وخدم في ديوان الإنشاء ومدح السخاوي بقصيدة مُونقة، فمدحه السّخاوي والقصيدتان مشهورتان. وكانت له يدٌ طولى في التفسير والبيان والبديع واللغة، انتهت إليه رياسة الأدب. واشتغل عليه جماعةٌ كبيرة من الفضلاء.

وقد وزر وتقدَّم في دُول وأفتى وناظر ودرّس بالظاهرية وانقطع بها، وله مقدمتان في النحو، كبرى وصغرى. وكان حلو المحاضرة، مليح النادرة، كيّساً، فطناً، يشارك في الأصول والطب وغير ذلك. وقد درس بالناصرية مدةً قبل انتقاله إلى الظاهرية.

وروى عنه من شعره: الدمياطي ورضي الدين ابن دبوقا وأبو الحجاج المزي وأبو محمد البرزالي وآخرون، وكان يكتب خطاً منسوباً فمن شعره قوله:

ص: 637

مرَّ النسيم على الرَّوض البسيم فما شككت أن سليمى حلت السَّلما ولاح برق على أعلا الثّنيّة لي فخِلُت برق الثنايا لاح وابتسما مغنى الحبيبة روّاك السحاب فكم ظمئتُ فيك وكم رويتُ فيك ظما به عهدتُ الهوى خلواً ومنزلنا للهو حلواً وذاك الشمل ملتئما والدّار دانيةً والدهر في شُغُل عما نريد وفي طرف الرقيب عمى والشمس تطلع من ثغرٍ وتغرب في شعرٍ وبجلوسنا إشراقها الظُّلما وظبية من ظباء الأنس ما اقتنصت ولا استباح لها صرف الزمان حِمى وطفاءُ حاجبُها قوسٌ وناظرها سهمٌ إذا ما رنا طرفٌ إليه رمى وجفنُها فيه خمرٌ وهو مُنكسرٌ والخمرُ في القدح المكسور ما عُلما وقدّها ذابلٌ لكنه نضرٌ حلو الجنا يثمر التفاح والعنما ولفظها فيه ترخيمٌ فلو نطقت يوماً لا عصم وافاها وما اعتصما وثغرها يجعل المنظوم منتثراً من اللآلئ والمنثور منتظما تبسمت فبكت عيني وساعَدَها قلبي ولولا لمَى الثغر البسيم لما ولاح لاحٍ عليها قلت: لومك لي لؤم وصَمَّم حتى حبَّبَ الصَّمما تعذيبها لي عذبٌ والشفاه شفا تجني وأجني ولا يبقي اللِّمى ألما ريّا السّوار وظمأى الخصر تحسبه للضعف منفصلاً عنها ومنفصما خودٌ تجمع فيها كل مفترق من المعاني التي تستغرقُ الكلما عطت غزالاً سطت ليثاً، بدت غصنا لاحت هلالاً، هدت نجماً، بدت صنماً لما سرت أسرت قلبي ومذ نزحَت نزحتُ ماء جفونٍ تخجل الدِّيما وصار مربعها قلبي ومرتعها لبي وموردها دمعي الذي انسجما ولم أكن راضياً منها بطيف كرى فاليوم من لي به والنوم قد عُدِما وله:

إن في عينيك معنى حدث النَّرجِس عنه ليت لي من غصنه سهـ ـماً ففي قلبي منه وله في أهل البيت:

ص: 638

ذُريّة في الورى درية زهرٌ يرجى بها الغيث أو يجلى بها الغسق هم معاذي وذخري في المعاد وهم كنزي وحرزي إذا ما ألجم العرق خفضُ الجناح لهم رفعٌ لمنزلتي فاجزم بهذا ولا تنصب فتحترق هم الألى أعربوا مبنى مجدهم بنحوهم كل شأوٍ ليس يلتحق من شاء باهلني باهلته بهم وبعد عن ورود الحوض نستبق وهل أتى شاعر إلا وقلت له في هل أتى مدح أهل البيت متسق وقال:

لشيخنا في النقاء الشيب والكرم حظا كما لسواه الشَّيبُ والهرمُ ولاسمه نسبةٌ والنَّعت ناسبها واشتق منها وفي أثنائها حِكمُ ففي العلاء عليٌ وفي السخا سخاوي وفي علمه بين الورى علمُ شيخ المشايخ في زهدٍ وفي لسن يجول في كل إقليم له قلمُ منها:

مفصّلٌ للقضايا وهو منذ نشا قاضٍ وليس بمنقوص ولا يهمُ طود الحجى راسياً تخشى سكينتُه بدر الدُّجى سارياً تجلى به الظلمُ منها:

لولا علي لعلم النحو أجمعهِ ما كان زيدٌ ولا عمرو ولا الكلمُ فإن تكن بعلي النصر مبتدئاً فإنه بعلي العصر مختتمُ خنق الرشيد الفارقي في رابع محرم ببيته بالظاهرية، وأُخِذ ذهبه ودرّس بعده بالظاهرية علاء الدين ابن بنت الأعز.

قال الشيخ تاج الدين عبد الرحمن: حدثنا قاضي القضاة أنه رأى في رقبته أثر الخنق ورأى الدم قد اجتمع في فمه. ورأى سِنّه مقلوعةً عنده. وكان يقول: لا بد لي أن أَلي وزارة بغداد. وكان ملياً بالنَّظم والنَّثر. لم يزل سعيداً. رأيته في أيام الأشرف وهو كاتب عند الوزير ابن جرير، فولي نظر عمارة دار الحديث وهو إذ ذاك مدرس الفلكية.

ص: 639

قيل: كان أبوه لحّاماً بميّافارقين. كانت جنازته مشهودة. وكان الغالب عليه علم النّجامة.

581 -

‌ عمر بن محمد ابن الشيخ القدوة عثمان

، الرومي، الشيخ الصالح.

مات في ربيع الأول وخَلَفَه في الزاوية أخوه عثمان.

582 -

‌ عمر بن أبي الرجاء ابن السَّلعُوس

، التنوخي، الدمشقي، نجم الدين، عم الصاحب شمس الدين.

روى بالإجازة عن: أبي اليمن الكندي وغيره، ومات في جمادى الأولى، كتب عنه البرزالي وابن الصَّيرفي، وعاش ثمانين سنة.

583 -

‌ فرج الله ابن الوزير شمس الدين محمد بن محمد

، الجويني.

أمر بقتله وقتل إخوته وبني عمه أرغون. وكان هذا صبياً في المكتب، فلمّا جُرّد للقتل بكى وما درى ما يُفعل به وصاح: والله ما بقيت أدع الكُتّاب. فبكا الناسُ له. وقتل أخوه نوروز بالروم. وقُتل أخوهما مسعود بتبريز، نسأل الله العافية.

584 -

قلاوون، السلطان، الملك، المنصور، سيف الدنيا والدين، أبو المعالي وأبو الفتوح، التُّركي، الصالحي، النَّجمي.

اشتُري بألف دينار ولهذا كان في حال إمريته يُسمّى بالألفي، وكان من أحسن الناس صورةً في صباه، وأبهاهم وأهيبهم في رجوليته، كان تام الشكل، مستدير اللحية، قد وخطه الشيب، على وجهه هيبة المُلك، وعلى أكتافه حشمة السلطنة وعليه سكينة ووقار، رأيته مراتٍ آخرها منصرفه من فتح طرابلس، وكان من أبناء الستين.

وحدثني أبي أنه كان في أيام إمرته ينزل إذا قدِم من مصر بدار الزاهر، قال: فأخذوا مني له ذهباً، فذهبت لأطالبه فإذا به خارجٌ في الباب، فقال: أيش أنت؟ قلت: يا خوند لي ثمن ذهب. فقال: اعطوه اعطوه. ووصف لي نغمته،

ص: 640

وأنه منعجم اللسان، لا يكاد يفصح بالعربية وذلك لأنه أُتي به من الترك وهو كبير وكان من أمراء الألوف في الدولة الظاهرية، ثم عمل نيابة السلطنة للملك العادل سلامش ابن الظاهر عندما خلعوا الملك السعيد من السلطنة وحلفوا لسلامش وهو ابن سبع سنين وحلفوا للألفي معه وذُكرا معاً في الخطبة.

قال قطب الدين: وضرِبت السكة على واحدٍ من الوجهين باسم سلامش وعلى وجه باسم أتابكه سيف الدين قلاوون. وبقي الأمير على هذا شهرين وأياماً. وفي رجب من سنة ثمانٍ وسبعين وستمائة خلعوا سلامش وبايعوا الملك المنصور واستقل بالأمر وأمسك جماعة كثيرة من الأمراء الظاهرية وغيرهم. واستعمل مماليكه على نيابة البلاد وكسر التتار سنة ثمانين ونازل حصن المرقب في سنة أربعٍ وثمانين وافتتحه وافتتح، طرابلس وعمل بالقاهرة بين القصرين تربة عظيمة ومدرسة كبيرة ومارستانا للمرضى.

وتوفي في ذي القعدة في سادسه يوم السبت بالمخيَّم ظاهر القاهرة وحُمل إلى القلعة ليلة الأحد. وتسلطن ولده الملك الأشرف. ويوم الخميس مستهل العام الآتي فُرّق بتربته صدقات كثيرة من ذهب وورق شملت الناس. فلمّا كان العشي أُنزِل من القلعة في تابوته وقت العشاء الآخرة إلى تربته بين القصرين. وفُرِّق من الغد الذَّهب على القراء الذين قرؤوا تلك الليلة.

قال المؤيَّد في تاريخه: مات في سنة خمسٍ وأربعين علاء الدين قُراسُنقر العادلي من مماليك السلطان الملك العادل وصارت مماليكه بالولاء للملك الصالح نجم الدين، منهم سيف الدين قلاوون الذي تملك.

585 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد ابن النجيب

، المحدث، المفيد، بدر الدين، سبط إمام الكلاسة.

كان شاباً، فاضلاً، ذكياً، مليح الكتابة، كثير الفوائد، شديد الطلب، حريصاً على الأجزاء والسماعات، ذا همة عالية، سمع الكثير بدمشق،

ص: 641

وبعلبك وخرّج وأفاد. ونسخ الكثير ومات في وسط الطَّلب، فالله يرحمه ويعوضه بالجنة.

توفي في سادس صفر. وكان من أبناء الثلاثين وقد سمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر. وحدث.

586 -

‌ محمد بن الحسن بن عبد الملك بن محمد

، جمال الدين التميمي، السعدي، البوني، المالكي، الطبيب.

روى عن محمد بن عماد وكان طبيباً بالثغر، عاش ثمانياً وستين سنة ومات فجاءة في ربيع الأول، كتب عنه البرزالي وجماعة.

587 -

‌ محمد بن عبد الحق بن مكي بن صالح

، الرئيس رشيد الدين، أبو بكر ابن الرصاص القرشي، المصري.

روى عن ابن عماد والصَّفراوي وابن باقا وجماعة ومات ليلة عاشوراء، كتب عنه المصريون والرّحّالة. وله أخٌ اسمه جمال الدين علي.

حدث عن: ابن باقا وأجاز في سنة أربعٍ وسبعين وستمائة.

588 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن نوح بن محمد

، الفقيه، الرئيس، ناصر الدين ابن المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي.

تفقه على والده العلامة شمس الدين وسمع من ابن اللتي هو وتاج الدين ابن حمُّوية.

وتميّز في الفقه قليلا ودرس بالرواحية وبتربة أم الصالح. ثم داخل الدولة وتوصل إلى أن ولي في سنة سبعٍ وثمانين وكالة السلطان الملك المنصور ووكالة بيت المال ونظر جميع الأوقاف بدمشق. وشرع في فتح أبواب الظُّلم. وخُلِع عليه بالطَّرحة غير مرة وخافه الناس وصارت له صورة كبيرة وعدا طوره وظَلَم وعسف وتحامق، حتى تبرم به نائب السلطنة فمن دونه وكاتبوا فيه، فجاء في جمادى الآخرة من هذه السنة مطالعة بالكشف عنه بما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطنة والبرطيل، فرسموا عليه بالعذراوية وظهر عليه أشياء وضُرب بالمقارع، فباع ما يقدر عليه وحمل مبلغاً من المال وذاق الهوان واشتفى منه الأعادي.

ص: 642

وكان قد عثر السيف السامري وأخذ منه الزنبقية، فمضى السيف إليه إلى العذرواية وتغمّم له تغمُّم تَشَفٍّ، فقال له ناصر الدين: سألتك بالله لا تعود تجيء إليَّ، فقال: مو ينصبر لي، ثم عمل السيف السّامريّ هذه القصيدة:

ورد البشير بما أقر الأعينا فشفى الصدور وبلغ الناس المنى واستبشروا وتزايدت أفراحهم فالكل مشتركون في هذا الهنا وتقدّم الأمر الشريف بأخذ ما نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى يا سيد الأمراء يا شمس الهدى يا ماضي العزمات يا رحبَ الفنا عجّل بذبح المقدسي وسلخه واحقن دماء الإسلام من ولد الزنا واغلُظ عليه ولا ترقّ فكل ما يَلقَى بما كسبت يداه وما جنى فَلَكَم يتيم مُدقع ويتيمة من جوره باتوا على فرش الضنا ولكم غني ظلّ في أيامه مسترفداً للناس من بعد الغنى إن أنكر اللصّ الخبيث فعاله بالمسلمين فأول القتلى أنا ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلما كان ثالث شعبان أصبح المقدسي مشنوقاً بعمامته بالعذراوية، فحضر جماعة عدول وشاهدوا الحال ودفن بمقابر الصوفية.

سمع منه: البرزالي وغيره، رأيته شيخاً مربوعاً وهو يختال في مشيته بالخلعة والطيلسان، عفا الله عنه.

589 -

‌ محمد بن عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر

، العدل، العالم، شمس الدين، ابن المحدّث الرَّسعني، الحنبلي، نزيل دمشق.

كان شيخاً أبيض اللحية، مليح الشكل ولد سنة بضع عشرة وستمائة وسمع من أبي الحسن بن روزبة وابن بهروز ونصر بن عبد الرزاق الجيلي وابن القبيطي وجماعة ببغداد ومن: كريمة وغيرها بدمشق وسكن دمشق وأمَّ بالمسجد الكبير بالرمّاحين. وجلس تحت الساعات، فكان من أعيان الشهود. وكان له شعر جيد. وقد سافر إلى مصر في شهادة.

قال الشيخ قطب الدين: فاجتمعت به هناك غير مرة. وكان يتردد إلى

ص: 643

شمس الدين ابن السَّلعوس ويمدحه قبل إفضاء الوزارة إليه. ولما طال مُقامه بالقاهرة شُنّع بموته واشتهر ذلك بدمشق ثم إنه سافر فسُرِق حماره وما عليه في الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكياً، فلم يحصل له مقصود، فخرج متوجهاً إلى دمشق، فأتى ليسقي فرسه من الشريعة، فغرق ولم يظهر له خبر ووصل فرسه وقماشه إلى دمشق.

وقال علم الدين: غرِق في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.

ومن شعره:

ولو أن إنساناً يُبلغ لوعتي ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا لأسكنتُه عيني ولم أرضها له ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا وله:

ما ابيض من لمتي سوادء في عمري إلا وقد سوَّدت بيضاء في الصُّحف ولا خلوتُ مدى الأيام من لعب إلا ورُحت به صبّا أخا كلفِ وليس لي عمل أرجو النجاة به إلا الرسول وحّبي ساكن النجفِ ومن شعره:

أأيأس من برّ وجودك واصلٌ إلى كل مخلوق وأنت كريمُ وأجزع من ذنبٍ وعفوك شاملٌ لكل الورى طراً وأنت رحيمُ وأجهد في تدبير حالي جهالةً وأنت بتدبير الأنام حكيمُ وأشكو إلى نعماك ذلي وحاجتي وأنت بحالي يا عزيز عليمُ

590 -

‌ محمد بن عبد السلام بن علي

، شرف الدين القُرشي، المصري.

حدث عن يوسف المخيلي وعاش ستاً وستين سنة، ومات في صفر، هو ابن بنت عبد الظاهر بن نشوان.

591 -

‌ محمد بن عبد القوي

، شرف الدين الكناني، المصري، رئيس المؤذنين بجامع الحاكم.

ص: 644

حدث عن: عبد العزيز بن باقا ومات في صفر أيضاً، أخذ عنه جماعة علم الوقت.

592 -

‌ محمد بن علي بن أبي عبد الله بن شمّام

، الشيخ شمس الدين، أبو عبد الله الصالحي، الذهبي.

رجل مطبوع، خيِّر، مسن، من كبار الذهبيين. كان يدق الذهب في بيته بالجبل وله بنات وابن. وكان يعمل مع والدي، فبعثني إليه مرةً بذهبٍ ليدقه وأطعمني شيئاً.

كتب عنه البرزالي والمزي والجماعة وأثنوا عليه وحدث عن: أبي المجد القزويني وابن البن وأبي القاسم بن صصرى وابن الزبيدي وتوفي في المحرم وقد قارب الثمانين. وكان مع كبره رأساً في صنعته.

593 -

‌ محمد بن عمر بن محمد

، شمس الدين، أبو عبد الله البغدادي، الرياني، المشهور بابن المريخ.

شيخ كبير، مكثر من أهل الريان من باب الأزج، أجاز له: أبو اليمن الكندي وابن منينا وعبد العزيز ابن الناقد؛ وسمع صحيح البخاري من إبراهيم ابن القطيعي وسمع من علي بن بورنداز؛ ومن: زيد بن هبة الله وجماعة، مات في ذي القعدة ومولده سنة إحدى عشرة.

594 -

‌ محمد ابن العون يحيى ابن الشمس علي بن محمد

، ابن الوزير، الإمام عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة، الأجل شمس الدين الشيباني، العراقي الأصل، الحنبلي.

ولد بدمشق سنة سبعٍ وستمائة. وسمع ببغداد من عبد السلام الداهري وعلي ابن الجوزي ونصر الجيلي وغيرهم وكان على ديوان بلبيس ناظراً فحدَّث بها، سمع منه: المزي والبرزالي وجماعة وتوفي بها في جمادى الأولى.

595 -

‌ محمد بن يوسف بن عبد الرحمن

ابن العلامة أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون، الإمام، المفتي، الفاضل، شرف الدين الحلبي.

ص: 645

حدث بالحجاز عن ابن روزبة، كتب عنه البرزالي وقال توفي في المحرم راجعاً من الحج عند بركة زيزا وحضرت دفنه هناك. وكان قد ولي قضاء حمص نوبة. وما كان في أقاربه أفقه منه.

596 -

محمد، السيد الجليل، نقيب الأشراف بدمشق، أبو البشائر العلوي، الحسيني، الملقَّب بشرف الملك.

توفي في ربيع الآخر. ودفن عند قبر الشيخ رسلان.

597 -

‌ محمود بن عبد الرحمن بن عطاف

، الفقيه مجد الدين الكردي، الشافعي.

درس مدة: بالأمينية التي ببعلبك، ثم سكن دمشق ودرس بالأكزية وأعاد وأفاد وكان نقّالاً للمذهب، له اختصاص بقاضي القضاة بهاء الدين القرشي.

توفي في حادي عشر شوال وهو في عشر الستين.

598 -

‌ محمود بن يونس

، أبو الثناء الحميري، التفليسي.

شابٌ فاضل، سمع الكثير وعني بالحديث وكتب الطِّباق ومات في شوال وعاش أبوه بعده مدة طويلة وكان يعجن العنبر بالصاغة.

599 -

‌ محمود الرومي

.

شيخ صالح، عاقل، مجاور بالجامع عند صندوقه.

توفي في ربيع الأول. وهو الذي ربى الشيخ الإمام علي الختني، فجلس بعده وتسلم الصندوق.

600 -

‌ مختص، الطواشي الكبير

، الأمير شرف الدين الظاهري، الخادم كان صاحب هيبة وسطوة وحُرمة وافرة. وكان كبير المماليك الظاهرية، توفي في ربيع الآخر ودفن بالقرافة.

601 -

مرضي، العلامة رضي الدين الحموي، الشافعي.

من كبار الشافعية، عاش بضعاً وثمانين سنة، كأنه ولد سنة ستمائة.

ص: 646

602 -

‌ موسى بن هلال بن موسى

، فخر الدين الحنفي، الفقيه، مدرس مسجد خاتون، المدرسة الكبيرة التي على الشرف القِبلي ومفتي دار العدل.

ولم يكن بذاك في الفقه ولكنه كان ذا مداخلة للدولة، صاحب رياسة ومكارم فاختص بعز الدين عبد العزيز بن وداعة الصاحب وبجماعة أمراء وهو ابن أخت قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي.

توفي يوم أول السنة وشيعه القضاة والأعيان. ومات في عشر السبعين.

603 -

‌ موسى، العفيف النصراني

، الشَّوبكي، تاجر السلطان.

مات إلى لعنة الله في آخر رمضان. وكان كثير التّجري على المسلمين والسّعي في مصالح الفرنج والنَّصارى وجلب الممنوعات. ولم يكن يشد زنّاراً وكان متمكناً من الدولة.

قال قطب الدين: حدثني الأمير علم الدين الدواداري قال: حضرت إلى خدمة الأمير حسام الدين طرُنطاي فقيل لي: ما إليه طريق فقعدت أنتظر الإذن، واتفق حضور الأمير حسام الدين لاجين، فقيل له كذلك فقعد؛ وإذا بالعفيف خارج من عنده فقلت للبرددار في ذلك فقال لي: هذا ما أجسر على ردّه.

604 -

‌ مؤمن، شجاع الدين

، نائب ولاية دمشق.

كان مشكور السيرة، حسن التأتي في السياسة وطالت أيامه وكان قد أودع جملةً من الذهب عند صاحب له ليدفنه عنده، فأصابته السكتة ومات، فجاء الشجاع مؤمن إلى أهله وقال: هل ذكرني بشيء؟ قالوا: لا. فرأى أن الكلام لا يفيد، فحمل على قلبه وتعلل ومات غبناً في ثامن عشر رمضان.

605 -

‌ هلال بن محفوظ بن هلال

، الشيخ بدر الدين الرسعني. أخو الشيخ سيف الدين.

شيخ مبارك مقيم بمؤتة في مشهد جعفر الطيار؛ وروى هناك عن: ابن اللتي وله إجازة من عبد العزيز بن منينا وأبي البقاء العُكبري، سمع منه ابن المهندس في هذه السنة؛ ولا أعلم وفاته.

ص: 647

606 -

‌ يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد

، الفاضل، نجيب الدين الهذلي، الحلي، المتكلم. بقية قرامي الشيعة.

لغوي، أديب، حافظ للأحاديث في رأيه ولد بالكوفة سنة إحدى وستمائة وسمع من ابن الأخضر. كذا قال ابن الفوطي وقال: مات ليلة عرفة.

وكان بصيراً باللغة والأدب. وبمقالة الرافضة، كتب عن ابن الفوطي في إجازة.

607 -

‌ يوسف بن سعد الله بن عيسى ابن دبوقا

، الصدر، معين الدين، ناظر البر مع الشريفي.

توفي في شوال.

608 -

‌ أبو الزَّهر بن سالم بن زهير

، الغسولي، ثم الصالحي.

شيخ صالح، مشهور، حدّث عن: ابن اللتي، سمع منه: الطلبة. ومات في شوال أيضاً.

وفيها ولد:

ابن خالي إسماعيل بن علي الذهبي ومحيي الدين عبد القادر بن محمد ابن الفخر الحنبلي في رمضان ومنصور بن خليفة بن محمد المنبجي التاجر وزين الدين عبد الرحمن بن علي بن حمدان الصالحي ابن شمامة رحمه الله، وقاضي الحنفية بحلب ناصر الدين محمد بن عمر ابن العديم وشمس الدين محمد بن علي الحناوي وعلاء الدين علي بن أحمد ابن السَّلعوس.

ص: 648

سنة تسعين وستمائة

609 -

‌ أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله

، السعدي، التميمي، ابن الجباب أبو الفضل الإسكندراني.

عاش سبعين سنة وحدّث عن: مظفر بن الفوي.

610 -

‌ أحمد بن عبد الله بن الزبير

، الخابوري، الإمام، المقرئ، المجود، شمس الدين، خطيب حلب ومقرئها.

كان إماماً ماهراً، محرراً للقراءات ووجوهها وعِللها، مليح الشكل. قوي الكتابة، صاحب نوادر وخلاعة وظرف وله في ذلك حكايات، قرأ القراءات على السخاوي وغيره وسمع بحران من الخطيب فخر الدين محمد ابن تيمية وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ ويحيى ابن الدامغاني وابن روزبة وجماعة وببغداد من عبد السلام بن بكران الداهري وبدمشق من أبي صادق بن صباح.

ومولده بتلال الخابور في سنة ستمائة وقد أسند عنه القراءات والشاطبية الشيخ يحيى المنبجي ورواها عنه في سنة أربع وستين وذلك قبل موته بدهر وأقرأ بالروايات مدةً طويلة.

سمع منه: المزي وابن الظاهري وولده أبو عمرو والبرزالي وابن سامة وغيرهم، توفي بحلب في المحرم وقد قارب التسعين وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، رحمه الله وغفر له.

611 -

‌ إبراهيم بن محمد بن طرخان

، الحكيم، عز الدين، أبو إسحاق الأنصاري، السويدي، ثم الدمشقي، شيخ الأطباء بالشام.

ذكر أنه من ولد سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه. ولد سنة ستمائة بدمشق في ذي القعدة وسمع من داود بن ملاعب وأحمد بن

ص: 649

عبد الله السلمي وعلي بن عبد الوهاب أخي كريمة وتفرد عنه والحسين بن إبراهيم بن مسلمة وزين الأمناء ابن عساكر وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان والرشيد العراقي واستنسخ له الأجزاء وقرأ المقامات في سنة تسع عشرة على التقي خزعل النحوي وأخبره بها عن منوجهر، عن المصنِّف. وقرأ كتباً في الأدب والنحو على الزين ابن معطي وعلى النجيب يعقوب الكندي وأخذ الطب عن المهذب عبد الرحيم الدخوار وغيره وبرع في الطب وصنّف فيه ونظر في علم الأوائل. وله شعر جيد وفضائل وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الكتابة. كتب القانون لابن سينا ثلاث مرات.

وكان أبوه تاجراً من السويداء التي بحوران: ذكره الموفق في تاريخ الأطباء فقال: كان صديقاً لوالدي. وعز الدين ولده أوحد زمانه وعلامة أوانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبو ة، غزير الفتوة وافر السخاء، حافظ الإخاء، اشتغل بصناعة الطب حتى أتقنها إتقاناً لا مزيد عليه، حصّل كلياتها واشتمل على جُزئياتها. واجتمع مع أفاضل الأطباء ولازم أكابر الحكماء. وقرأ في علم الأدب حتى بلغ فيه أعلى الرتب.

إلى أن قال: وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر وأحسنهم إنشاداً وكنت أنا وهو في المكتب وهو أجل الأطباء قدراً وأفضلهم ذكراً وأعرف مداواةٍ وألطف مداراة وأنجح علاجاً وأوضح منهاجاً. ولم يزل في المارستان النوري.

وأنشدني لنفسه فيما كان يعانيه من الخضاب بالكتم:

لو أن تغير لون شيبي يعيد ما فات من شبابي لما وفى لي بما تلاقي روحي من كلفة الخضاب وله كتاب الباهر في الجواهر وكتاب التذكرة الهادية في الطب.

روى عنه ابن الخباز والبرزالي وطائفة واشتغل عليه جماعة

ص: 650

كثيرة ومات في شعبان ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشِّبلية وله تسعون سنة.

612 -

‌ أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولي بن جنكزخان

، ملك التتار وصاحب العراق وخراسان وأذربيجان وغير ذلك.

جلس على تخت الملك بعد قتل عمه الملك أحمد وكان شهما شجاعاً مقداماً، كافر النفس، سفاكاً للدماء، ذا هيبة وجبروت. وكان مليح الصورة وهو أبو قازان وخربندا اللذين تملكا.

حكى عز الدين حسن المتطبب: أنه سمع العماد ابن الخوام الحاسب، ببغداد يقول: شاهدت أرغون بن أبغا وقد صفوا له ثلاث أفراس، فوقف راجلاً عند أولها وطفر في الهواء فركب الثالث منها ولم يتشبس بشيء من الفرسين.

قلت: وكان وزيره سعد الدولة قد استولى على عقله يصرفه كيف أراد وتحكم في دولته تحكماً زائداً وهلك أرغون في هذا العام في سابع ربيع الأول، فيقال إنه سُقي ولم يصح. فاتهم المغول اليهود بقتله ونصوا على سعد الدولة، ومالوا على اليهود قتلاً ونهباً، وأخذوا لهم أموالاً عظيمة وورد الخبر بموت أرغون والسلطان أيده الله على عكا، فكان عام الدمار على اليهود والنصارى فلله الحمد.

613 -

‌ إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن قريش

، القاضي الجليل، ظهير الدين، أبو المجد القرشي، المخزومي، المصري، أخو تاج الدين إسماعيل.

ذكره الفرضي في معجمه.

سمع جامع أبي عيسى من أبي علي ابن البناء وعاش خمساًَ وثمانين سنة. وتوفي بالمحلة في رمضان.

روى عنه الدمياطي والمصريون. ولم يسمع منه البرزالي ولا غيره؛ لغيبته عن مصر.

614 -

‌ إسماعيل بن نور بن قمر

، الهيتي، الصالحي.

ص: 651

روى عن موسى ابن الشيخ عبد القادر والموفق ابن قدامة والنفيس ابن البن، قال المزي: كان شيخاً حسناً، أُميّا، سمعنا منه، قلت: روى عنه ابن الخباز والمزي وابن البرزالي وجماعة ومات في رجب.

615 -

‌ أقبغا، الأمير الكبير سيف الدين المنصوري

.

شاب مليح، رشيق القد. لم يبلغ الثلاثين، كان من أمراء دمشق، قُتل بالبرج الذي تأخر أياماً عن أخذ عكا، رحمه الله.

616 -

‌ آقوش، الأمير جمال الدين الغتمي

، من الأمراء المصريين.

كان موصوفاً بالشجاعة، استشهد على عكا.

617 -

‌ آمنة بنت النجم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف البلخي

.

روت عن أبيها وهي زوجة الزين أحمد بن حسين ابن المناديلي.

618 -

‌ آمنة بنت محمد ابن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم

، المقدسية.

امرأة صالحة، مبتلاة بألمٍ دائماً في رأسها يمنعها الصوم. لها حضور على جدها وروت سنة ست وخمسين عن ابن الزبيدي وماتت في جمادى الآخرة.

كتب عنها الطلبة.

619 -

‌ أيبك، عز الدين المعزي

.

أحد من استشهد من الأمراء على عكا.

620 -

‌ أيدكين، الأمير علاء الدين الصالحي

، العمادي. أحد الأمراء الكبار.

كان ديِّناً، عاقلاً، شجاعاً، رئيساً. أخذه السلطان الملك المنصور في وقعة البحرية مع الملك الناصر يوسف عندما أسروا أستاذه الملك الصالح إسماعيل. ولما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر جعله أمير جنداره.

ص: 652

قال قطب الدين: حكى لي قال: طلبني السلطان على البريد إلى مصر فاستحضرني وشرع يوبخني ويقول: أمير جندار؟ قلت: نعم، أمير جندار. وقاتلنا عسكرك وها أنا بين يديك فافعل مهما تختار. فقال: ما أفعل معك إلا كل خير. وأنعم عليَّ غاية الإنعام. وقد استنابه الملك الأشرف عند سلطنته على صفد. وكان عنده كفاءة ومكارم وحسن تدبير ولين جانب وحسن ظن بالفقراء وود وإخاء. وله في المواقف آثار حميدة. وكان الملك الظاهر يحبه ويحترمه ويقدمه على نظرائه، توفي بصفد في أوائل رمضان.

621 -

‌ أيوب بن أبي الحسن

، الفقير القادري، شيخ الفقراء السلاوية.

توفي رحمه الله في شعبان.

622 -

بيليك، الأمير بدر الدين المسعودي، من أمراء مصر.

كان شجاعاً، مشهوراً بالخير والمكارم، استشهد على عكا.

623 -

‌ جمال الدين المغيثي

.

من الأمراء الذين استشهدوا على عكا.

624 -

‌ داود بن أحمد بن سنقر

، المقدمي، الصوفي، المحدث، أحد الصوفية بالسُّميساطية.

حدث عن: عبد الوهاب بن رواج وابن الجميزي، وكتب الأجزاء والطباق. وخطه معروف، كتب عنه المزي والبرزالي والطلبة. ومات في صفر.

625 -

‌ رشيد الطواشي

، أبو الخير الأشرفي، الفاضلي.

شيخ فاضل، حافظ للقرآن، حدث عن: جعفر الهمداني، روى عنه الطلبة، ومات في ربيع الأول.

626 -

‌ سلامش بن بيبرس بن عبد الله

، السلطان، الملك، العادل ابن الظاهر، ركن الدين.

أجلسوه في السلطنة عندما خلعوا أخاه الملك السعيد، وخطبوا له،

ص: 653

وضربوا السكة باسمه ثلاثة أشهر، ثم شالوه من الوسط وبقي خاملاً، ولما تملك الملّك الأشرف جهّزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة إصطنبول بلاد الأشكري، فمات هناك.

وكان شاباً مليحاً، تام الشكل، رشيق القدّ، طويل الشعر، ذا حياء وعقل، مات هذا العام بإصطنبول، لقبه بدر الدين رحمه الله، ومات وله قريب من عشرين سنة.

627 -

‌ سليمان بن أحمد بن نعمة الله بن علوان

، العمري، الحنبلي، الواسطي.

سمع من الأمير السيد أبي محمد الحسن ابن السيد، ومحمد بن محمد ابن السباك وغيرهما، ومات ببغداد في ذي الحجة، روى عنه الكازروني بالإجازة ويقال له: ألبوقريشي.

628 -

‌ سليمان بن عثمان

، المفتي، الزاهد، الورع، بقية السلف، تقي الدين التركماني، الحنفي، مدرس الشبلية.

ناب في القضاء بدمشق لمجد الدين ابن العديم، ثم استعفى منه ولزم الاشتغال والعبادة، وتوفي في جمادى الأولى، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله، وكان من أعيان الفقهاء.

629 -

‌ سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين

، الشيخ، الأديب، البارع، العفيف التلمساني.

وكان كومي الأصل.

ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان يدّعي العرفان ويتكلم في ذلك على اصطلاحهم، قال: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين والميل إلى

ص: 654

مذهب النُّصيرية، وكان حسن العشرة، كريم الأخلاق، له حرمة ووجاهة. وخدم في عدة جهات بدمشق.

قلت: خدم في جهات المكس وغيرها. وسمع وحدّث بشيء من صحيح مسلم عن ابن الصلاح والسخاوي وجماعة، كتب عنه بعض الطلبة. وكان يتُهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر أنه كان من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وأن عين الموجودات هي الله، تعالى الله عن قولهم عُلوًّا كبيراً. وله في ذلك أشعار ورموز وتغزُّلات.

وذكره شمس الدين الجزري في تاريخه وما كأنه عرف حقيقة أمره، ونقل شيئاً مستحيلاً عنه فقال: عمل في الروم أربعين خلوة، كل خلوة أربعين يوماً، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى.

قلت: وهذا الكلام فيه مجازفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة يوم ولا أدري عمن نقل شمس الدين هذا.

ثم قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى وشرح مقامات النّفري.

قال: وحكى بعضهم قال: طلعت إليه يوم قُبض فقلت: كيف حالك؟ فقال: بخير، من عرف الله كيف يخاف؟ والله مذ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه.

وحكى تلميذه البرهان إبراهيم ابن الفاشوشة قال: رأيت ابنه في مكانٍ بين ركبدارية وذا يكبس رجليه وذا يبوسه، فتألمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشيخ وأنا كذلك، فقال: ما لك؟ فأخبرته بالحال الذي وجدت عليه ابنه محمداً، فقال: أفرأيته في تلك الحال منقبضاً أو حزيناً؟ قلت: سبحان الله كيف يكون هذا؟ بل كان أسرّ ما يكون، فهوَّن الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إذا كان هو مسروراً.

فقلت: يا سيدي فرجّت عني. وعرفتُ قدر الشيخ وسعته وفتح لي باباً كنت عنه محجوباً.

قلت: هذا هو الشيخ الذي لا يستحي الله من عذابه.

ص: 655

وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى، لكنه مشوبٌ بالاتحاد في كثير من الأوقات، فمنه:

أفدي التي ابتسمت وهناً بكاظمة فكان منها هدى الساري بنعمانِ وواجهتها ظباء الرمل فاكتسبت منها محاسن أجيادٍ وأجفانِ يسري النسيم بعطفيها فيصحبه لطف يميل غصن الرَّند والبانِ مرَّت على جانب الوادي وليس به ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني موَّهت عنها بسلمى واستعرت لها من وصفها فاهتدى الشاني إلى شاني تجنّى عليَّ وما أحلى أليم هوًى في حبّها حين ألجاني إلى الجاني وله:

أقول لخفّاق النسيم إذا سرى وقد كاد أن ينجاب كل ظلام تحمّل إلى أهل العقيق رسالتي وخصّهم عني بكل سلامِ وقل لهم: إني على العهد لن أحل وإنّ غرامي فوق كل غرامِ ولو رُمتُ عنكم سلوةً قادني الهوى إلى نحوكم طوعاً بغير زمامِ فيا عاذلي دع عنك عذلي فإنني أخو صبوةٍ لا يرعوي لملام وله من أبيات:

وإذا سبى العذال حُسنك في الهوى يا مُنيتي فالصّبّ كيف يكونُ هب أن عبد هواك أخفى حبه أتراه يخفى والعيون عيونُ في طرفه السّفّاح لكن وجهه الـ ـهادي فليت صدوده المأمونُ وله من أبيات:

وأعِد لي حديثه فلسمعي فرط وجدٍ باللؤلؤ المنثورِ ثم صِف لي ذؤابة منه طالت وَدَجَت فهي ليلة المهجورِ وله:

إلى الراح هبّوا حين تدعو المعابثُ فما الراح للأرواح إلا بواعث هي الجوهر الصرف القديم وإن بدت لها حَبَبٌ زينت به وهو حادث تمزرتها صرفاً فلمّا تصرفت تحكم سك اً بالتراتيب عابث وفاح شذى أنفاسها فتضرّرت نفوسٌ عليها الجهل عاث وعايث

ص: 656

حلفت لهم ما كأسها غير ذاتها فقالوا اتئد فيها فإنك حانث أقم ريثما تُفنيك عنك بوصفها وتذهب عما منك فيها يباحث فإن شاهدت منك العيون عيونها طهرن وإلا فالعيون خوابث وإن لم تبدّل آيةٌ منك آيةً بها فيك قيل اذهب فإنّك ماكث تنكّر في سامٍ وحامٍ حديثها وعزّ فلم يظفر بمعناه يافث وما لبثت في الدهر قطُّ وإنما هو الدهر فيها إن تأملت لابث وهذا الشعر من ألطف ما دفن فيه الاتحاد، وقد ورى بالراح عن معبوده، وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثائية وهي. وقفنا على المُغني قديماً فما أغنى ولا دلّت الألفاظ منه على المعنى وكم فيه أمسينا وبتنا برَبعِه زماناً وأصبحنا حيارى كما بتنا ثملنا ومِلنا والدموع مُدامنا ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا ولم نر للغِيد الِحسان به سنا وهم من بدور التّم في حُسنها أسنى نُسائل بانات الحِمى عن قدودهم ولا سيما في لينها البانة الغنا ونلثم منه التُّربَ أن قد مشت به سُليمى ولبنى لا سُليمى ولا لبنى فوا أسفي فيه على يوسف الحمى ويعقوبه تبيضُّ أعيُنه حُزنا ننادي بناديهم ونُصغي إلى الصدى فيسألنا عنا بمثل الذي قلنا أقمنا نجود الأرض بالأدمُع التي لو أن السحاب الجود تملكها طفنا فلما رأتنا أننا لا نراهم رأيناهم في القرب إذ ذاتنا منا ولكنهم لا يتركونا نراهم إلى أن محونا ثم كانوا وما كنا فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم تراهم وأنى يشهد الفرد من مثنى وأشرقت الدنيا بهم وتزينت بزينة ما أبدوا عليها من المعنى وآنس منهم كل ما كان موحشاً وعاش هنيّاً من بها كان لا يهنا ومن ناولته الكأس معشوقة الحِمى يرى شرهاً أن يشرب الخمر والدِّنا وما صرخ العشاق جهلاً وإنما إذا سكر المشتاق من طربٍ غنّى وله:

ما صادحات الحمام في القُضُب ولا ارتقاص المُدام بالجنبِ

ص: 657

إلا لمعنى إذا ظفرت به ألزمك الجد صورة اللعبِ من أجل ذا في الجمال ما نقلت قوماً عن القبض بسطةُ الطرب قد شاهدوا مطلق الجمال بلا رقيب غيريةٍ ولا حجبِ وأولعوا بالقدود مائسة أعطافها والمباسم الشنبِ وافتتنوا بالجفون إن رمقت ترمي قسياً بأسهم الهدبِ وأسلموا في الهوى أزِمتهم طوعاً بحكم الكواعب العُربِ قد خُلِقَت للجمال أعيُنُهم وطهرت بالمدامع السرب ما لاحظوا رتبة تقيدهم وهم جميعاً عمارة الرُتبِ فطف بحاناتهم عسى قبسٌ من بعض كاساتهم بلا لهبِ تصرف من صرفها همومك أو تصبح بالقوم ملحق النسبِ وكن طفيليهم على أدبٍ فما أرى شافعاً سوى الأدبِ وله يمدح المولى شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب:

جعل الحِمى أُفقاً لمطمح طرفهِ فكفاه بالعبرات صيب وكفه واستقبل الوادي بلحظ هدبه شرك لصيد مهاته أو خشفه حتى إذا عزّ المرام من اللقا حبس الحشى كي لا يطير بكفه قل للفريق عن المحب علمتم إن الفراق لكم علامة حتفه يا ظبي رامة لو تعرض يذبل لظبي جفونك لم يقف عن نسفهِ بالغت في سقمي فأفنى بعضه وصفي من البلوي وقام بوصفهِ منها:

كم عاشق سبق الملام إلى الهوى وتعثرت عذاله من خلفهِ يا بانة الوادي التي ورقاؤها تبكي بكاء إلفٍ نأى عن إلفهِ لك خطرة كقوامه وحمامه كمحبه أبدى جوى لم يخفهِ ومنادمي في رقة الأدب الذي هو كالسُّلاف فتى كرائق صرفهِ سمح السجيَّة مبدع في كلما تبديه من نظم القريض ورصفهِ يا كاتب الفلك اعترف بشفوفه وإذا شككت فيا عُطارد وفه هذا الشهاب الثاقب الدر الذي حاكى سناه عقد جوهر وصفهِ

ص: 658

والنافث السحر الذي لو جسدت كلماته ثغراً لهمت برشفهِ والمستحق على بني الأدب الأولى هو روضة لهم تنسّم عرفهِ صرفت أنامله اليراع لرسم ما أدناه يثني دهرنا عن صرفهِ قلم أراد به الهلال تشبُّها فأقام قامته فلم يستوفه وله من أبيات:

ولي في ظلال السَّرحتين مُنيزل لبسنا به بُرد التواصل مذهبا يروقك أن تروي أحاديث ورقه وتصغي إلى الألحان شوقاً فتطربا وتستنشق الأرواح من نسماته فيفهم معنى الزهر من منطق الصبا توفي العفيف التلمساني في خامس رجب وكتب بخطه: مولدي سنة ست عشرة وستمائة.

630 -

‌ السيف الإربلي

، الشاهد.

كان شيخاً مهيباً، ضخماً، حسن البزة. يجلس في الحصير التي فيها ابن النصير ويعرف الشروط ويكتب خطاً مليحاً ويشهد على القضاة ولم يتزوج ولا حج وكان يقدر على ذلك، فامتنع القاضي المالكي من قبوله وقال: أنت لك مالٌ ولم تحج. فقام وحج وقضى الفريضة وعاد فأدركه أجله في المحرم في الطريق وكنت أراه ملازماً للشهادة.

631 -

‌ عبد الله بن الحسين ابن القاضي

، الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل جمال الدين أبو بكر.

توفي بدمشق في داره كهلاً في صفر.

632 -

‌ عبد الله ابن مجد الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد ابن البعلبكي

، الشيخ بدر الدين، أبو بكر الأنصاري الدمشقي.

شيخ رئيس مسند مسن. ولد سنة ست وستمائة وسمع من داود بن ملاعب والشمس العطار وغيرهما وهو والد شيخنا أمين الدين أحمد. أخذ عنه غير واحد ومات في رجب.

633 -

‌ عبد الله بن أبي الزهر بن عيسى

، عز الدين الصرفندي.

ص: 659

سمع بدمشق من ابن الزبيدي ومحمد بن غسان وابن صباح وغيرهم، كتب عنه المصريون والرحالة ومات في شعبان بالقاهرة.

634 -

‌ عبد الخالق بن مكي بن عثمان

، الدُّنيسري.

حدّث بدمشق عن المحدّث أبي منصور بن الوليد ومات في رجب.

635 -

‌ عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء

، العلامة، الإمام، مفتي الإسلام، فقيه الشام، تاج الدين، أبو محمد الفزاري، البدري، المصري الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفركاح.

ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة وسمع البخاري من ابن الزبيدي وسمع من التقي علي بن باسوية وأبي المنجى ابن اللتي ومكرم بن أبي الصَّقر وابن الصلاح والسخاوي وتاج الدين ابن حموية والزين أحمد بن عبد الملك وخلق سواهم.

وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس، فسمع منه: ولده برهان الدين وابن تيمية والمزي وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وكمال الدين ابن الزملكاني والشيخ علي ابن العطار وكمال الدين عبد الوهاب الشهبي والمجد الصيرفي وأبو الحسن الختني والشمس محمد بن رافع الرَّحبي وعلاء الدين المقدسي والشرف ابن سيده وزكي الدين زكري وخلق سواهم.

وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين. ودرس وناظر وصنَّف. وانتهت إليه رياسة المذهب كما انتهت إلى ولده وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة. وهو أجل من أن ينبه عليه مثلي. وكنت أقف وأسمع درسه لأصحابه في حلقة ابنه. وكان يلثغ بالراء غيناً مع جلالته، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف الجبة، قصيراً أسمر، حلو الصورة، ظاهر الدم، مفركح الساقين بهما حنفٌ ما وريح. وكان يركب البغلة ويحف به أصحابه ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة ويباسطهم ويحضر المغاني وله في النفوس صورة عظيمة لدينه وعلمه

ص: 660

ونفعه العام وتواضعه وخيره ولطفه وجوده.

قرأت بخط الشيخ قطب الدين قال: انتفع به جم غفير ومُعظم فقهاء دمشق وما حولها وقُضاة الأطراف تلامذته. وكان رحمه الله عنده من الكَرَم المفرط وحُسن العشرة وكثرة الصبر والاحتمال. وعدم الرغبة في التكثُّر من الدنيا والقناعة والإيثار والمبالغة في اللُّطف ولين الكلمة والأدب ما لا مزيد عليه، مع الدين المتين وملازمة قيام الليل والورع وشرف النفس وحسن الخلق والتواضع والعقيدة الحسنة في الفقراء والصُّلحاء وزيارتهم. وله تصانيف مفيدة تدل على محله من العلم وتبحره فيه. وكانت له يد في النَّظم والنثر.

قلت: تفقّه في صغره على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام والشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للإشغال وله بضعٌ وعشرون. ودرّس في سنة ثمانٍ وأربعين. وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة.

ولما قدم النواويٌ من بلده أحضروه ليشتغل عليه، فحمل همّه وبعث به إلى مدرس الرواحية، ليصبح له بها بيت ويرتفق بمعلومها. ولم يزل يُشغِل من ذلك الوقت إلى أن مات.

وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وكان إذا سافر إلى زيارة بيت المقدس يتنافس أهل البر في الترامي عليه، وإقامة الضيافات له. وكان أكبر من النواوي، رحمهما الله، بسبع سنين. وكان أفقه نفساً وأذكى قريحة وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير، لكن كان محيي الدين أنقل للمذهب وأكثر محفوظاً منه. وهؤلاء الأئمة اليوم هم خواص تلامذته: ابنه وقاضي القضاة والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وكمال الدين الشهبي وزكي الدين زكريا وكان قليل المعلوم، كثير البركة، مع الكرم والإيثار والمروءة والتّجمّل. كان مدرس الباذرائية ولي تدريسها في سنة سبعٍ وسبعين ولم يكن بيده سواها إلا ما له على المصالح. وكذلك ولده، أمتعنا الله ببقائه.

وتجد غيره له عدة مناصب وعليه ألوفٌ كثيرة من الدَّين. هذا وأين ما بين الرجلين من العِلم والدين.

قال رحمه الله ورضي عنه في سنة ثمانٍ وخمسين حين انجفل الناس:

ص: 661

لله أيام جمع الشمل ما بَرحَت بها الحوادثُ حتى أصبحت سمرا ومبتدأ الحزنِ من تاريخ مسألتي عنكم فلم ألقَ لا عيناً ولا خَبَرا يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم ونحن للعجز لا نستعجز القَدَرا وله:

يا كريم الآباء والأجداد وسعيد الإصدار والإيرادِ كنت سعداً لنا بوعدٍ كريمٍ لا تكن في وفائه كسعادِ توفي الشيخ تاج الدين إلى رضوان الله ومغفرته بالباذرائية، في ضُحى يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة. ودفن بمقابر باب الصغير وشيّعه الخلق وتأسفوا على فقده. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهو والشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر أجل من روى صحيح البخاري عن ابن الزبيدي.

وعاش ستاً وستين سنة وثلاثة أشهر.

636 -

‌ عبد الرحمن محمد بن أبي البدر

، شرف الدين العباسي، البغدادي.

سمع من إبراهيم ابن الخير وعجيبة وجماعة وعاش خمساً وسبعين سنة. مات في رجب.

637 -

‌ عبد العزيز بن علي

، العدل، موفق الدين الشروطي.

روى عن أصحاب السلفي ومات في ربيع الأول.

638 -

‌ عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن نصر الله

.

الإمام بدر الدين، أبو محمد العبدي، الحموي، الشافعي، الفقيه.

إمام، عالم، مدرس، جيد الفتوى وافر الحرمة ببلده. صاحب مكارم ولطف وتواضع. وله نظمٌ ونثر، كتب عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني.

من شعره:

وبي رشأ قد علا شأنه وكل الأنام به مرتبك تملكني وتملكته بنصف الذي لي به قد ملك

ص: 662

أنا عبده وهو عبدي اعجبوا فهل يملك الشخص من قد ملك قلت: يعني تملكني بالعينين وملكته بالعين.

تملكني وتملكته بنصف وربع الذي به ملك أي المال والجمال.

وقد سمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر ابن الخازن وبمصر من الحسن بن دينار وأبي فصيد قايماز المعظمي وعبد الرحيم بن الطُّفيل وبحلب من ابن خليل وبحماة من صفية وجماعة، أخذ عنه البرزالي وكان خطيب حماة بالجامع الأعلى.

639 -

‌ عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع بن عبد الجليل

، القاضي شمس الدين، أبو محمد الأبهري، الشافعي، نزيل دمشق.

شيخ فقيه، جليل، عالم، فاضل وافر الديانة، عالي الرواية، كثير الورع، سمع بالموصل من أبي الحسن بن روزبة وسمع بدمشق من ابن الزبيدي وابن اللتي وابن باسوية وإبراهيم ابن الخُشوعي وجماعة وأجاز له: أبو الفتح المندائي وأبو أحمد ابن سكينة وعين الشمس الثقفية والمؤيد ابن الإخوة وزاهر بن أحمد الثقفي وروى الكثير، أخذ عنه المزي والبرزالي وخلق وأدركه أبو الفتح ابن سيد الناس وأكثر عنه وولي نيابة القضاء لابن الصائغ مدة.

ولد بأبهر في ربيع الأول سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة ومات في شوال بالخانقاه الأسدية. وقد سمع منه حضوراً عبد الرحمن ابن المزي وسبطه الأمين السيواسي ولنا منه إجازة، رحمه الله.

ص: 663

640 -

‌ عبد الولي بن بحتر بن حمادى

، أبو أحمد البعلبكي، الفقير، الصالح، المقيم بمسجد الحلبيين بالقاهرة.

روى عن الفخر الإربلي ويوسف بن خليل ومات في ذي الحجة.

641 -

‌ عبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد

، ناصر الدين الدمشقي، الحنفي، المؤدب بمكتب باب الناطفيين وإمام المدرسة النورية.

شيخ معمّر فاضل، له هيبة على الصبيان. ولد سنة إحدى وستمائة وقرأ القرآن على السخاوي وسمع من ابن اللتي ومكرم وغيرهما وأخذ عنه الحفاظ ومات في جمادى الأولى.

642 -

‌ عبد الولي بن أبي محمد بن خولان

، الأجل، بهاء الدين البعلبكي. عدلٌ متميز، صالح، خير، كثير المكارم.

قال ولده شيخنا أمين الدين محمد: كان له تسعة إخوة وثلاث أخوات وكان يقوم بجميع مصالحهم وكان كتانياً، ثم صار تاجراً في البز. ثم تزوّج وجاءته الأولاد، ثم ترك التجارة وحج وأقبل على العبادة. وكان محبباً إلى الناس كثير الصلاة والصيام والتلاوة.

حدث عن: البهاء عبد الرحمن وغيره وتوفي في شوال وله نحو ثمانين سنة.

قلت: سمع منه: ابن أبي الفتح وابنه والبرزالي وجماعة.

643 -

‌ عبد الوهاب بن محمد بن فارس

، كمال الدين، أبو محمد المري - بالراء - المصري، الشافعي، المعدل.

حدث عن عبد العزيز ابن باقا ومات في ذي القعدة وله سبعٌ وثمانون سنة.

كتب عنه البرزالي وابن سيد الناس وطائفة.

ص: 664

644 -

‌ عزيزة بنت عبد العظيم بن عبد القوي

، المقدسية، زوجة الزين عبد الرحمن بن هارون الثعلبي.

روت عن كريمة وإبراهيم ابن الخشوعي وماتت في شعبان.

645 -

‌ علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد

، الشيخ الإمام، الصالح، الورع، المعمر، العالم، مسند العالم، فخر الدين، أبو الحسن ابن العلامة شمس الدين أبي العباس المقدسي، الصالحي، الحنبلي، المعروف والده بالبخاري.

ولد في آخر سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة. واستجاز له عمه الحافظ الضياء أبو عبد الله أبا طاهر الخشوعي وأبا المكارم اللبان وأبا عبد الله الكراني وأبا جعفر الصيدلاني وأبا الفرج ابن الجوزي والمبارك ابن المعطوش وهبة الله بن الحسن السبط وأبا سعد الصفار ومحمد بن الخصيب القرشي ومحمد بن معمر القرشي وإدريس بن محمد آل والوية وأبا الفخر أسعد بن روح وزاهر بن أحمد الثقفي وأخاه أبا محمود أسعد راوي مسند أبي يعلى عن الخلال وبقاء بن حند والمفتي خلف بن أحمد الفراء وداود بن ماشاذة وعبد الله بن عبد الرحمن البقلي وعبد الله بن مسلم بن جوالق وعبد الوهاب ابن سكينة وأبا زرعة عبيد الله ابن اللفتواني وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني وعفيفة الفارفانية.

أجاز له هؤلاء في سنة ست وتسعين وسنة سبع. وسمع حضوراً في الخامسة من جماعة وسمع المسند من حنبل والسنن لأبي داود والجامع للترمذي والغيلانيات والجعديات والقطيعيات وشيئاً كثيراً من عمر بن طبرزد.

وسمع من أبيه ومحمد بن كامل بن أسد العدل وأسعد بن أبي المنجى القاضي وأبي عمر بن قدامة الزاهد وأبي المعالي محمد بن وهب بن الزنف وعبد الوهاب بن المنجى وتفرد بالرواية عنهم والخضر بن كامل المعبر وعبد الله بن عمر بن علي القرشي وأبي اليمن الكندي وأبي القاسم ابن الحرستاني وأبي الفتوح البكري وأبي القاسم أحمد بن عبد الله السلمي وأبي الحسين غالب بن

ص: 665

عبد الخالق الحنفي وأبي الفتوح ابن الجلاجلي وأبي عبد الله ابن البناء وأبي الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم وأبي محمد بن قدامة وهبة الله بن الخضر بن طاوس وطائفة بدمشق والجبل وأبي عبد الله بن أبي الرداد وأبي البركات عبد القوي ابن الجباب ومرتضى بن حاتم بمصر وأبي علي الإوقي ببيت المقدس وظافر بن شحم وغيره بالثغر ويوسف بن خليل بحلب وعمر بن كرم وعبد السلام الداهري ببغداد.

وروى الحديث سبعين سنة، فإن عمر ابن الحاجب سمع منه سنة عشرين وستمائة وسمع منه: الحافظان زكي الدين المنذري ورشيد الدين القرشي سنة نيفٍ وثلاثين بالقاهرة وقرأ عليه شمس الدين ابن الكمال ابن عمه كثيراً من الأجزاء بعد الخمسين وستمائة وشرع الحفّاظ والمحدثون في الإكثار عنه من بعد الستين ولم يكن إذ ذاك سهلاً في التسميع، فلما كبر وتفرد أحب الرواية وسهّل للطلبة وازدحموا عليه ورحلوا إليه وبَعُد صيته في الآفاق وقُصِد من مصر والعراق وكثرت عليه الإجازات من البلاد وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث إليه شيخنا ابن الظاهري بمشيخةٍ خرّجها له مع البريد، فاشتهر أمرها ونودي لها ونوه بذكرها المحدثون والفقهاء والصبيان وتسارعوا إلى سماعها وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدين الفزاري وكان الجمع نحواً من تسعمائة نفس، فسمعها عليه من لم يسمع شيئاً قبلها ولا بعدها ونزل الناس بموته درجة.

وكان فقيهاً، إماماً، أديباً، ذكياً، ثقة، صالحاً، خيراً ورعاً، فيه كرم ومروءة وعقل وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ المقنع كله على الشيخ الموفق وأذن له في إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبب، فكان يسافر في التجارة في بعض الأوقاف. ومن بعد الثمانين ضعف ولزم منزله وعاش أربعاً وتسعين سنة وثلاثة أشهر.

سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: أحد المشايخ الأكابر والأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث. تفرد بالرواية عن عامة مشايخه سماعاً وإجازة. سمعنا منه أشياء كثيرة جداً. ولا نعلم أن أحداً حصل له من الحظوة في الرواية في هذه الأزمان ما حصل له.

ص: 666

وقال شيخنا ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث.

وقد روى عنه الدمياطي وقاضي القضاة ابن دقيق العيد، وقاضي القضاة ابن جماعة، وقاضي القضاة ابن صصرى، وقاضي القضاة تقي الدين سليمان، وقاضي القضاة سعد الدين مسعود، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وشيخنا أبو حفص ابن القواس، وأبو الوليد بن الحاج، وأبو بكر بن القاسم التونسي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أيوب المقدسي، وأبو الحسن الختني، وأبو محمد ابن المحب، وأبو محمد الحلبي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو عبد الله العسقلاني رفيقنا، وأبو العباس البكري الشريشي، وأبو العباس ابن تيمية.

وإن كان للدنيا بقاء فليتأخرن أصحابه إن شاء الله إلى بعد السبعين وسبعمائة.

وقد رحل إليه أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري فدخل دمشق مسلماً على قاضي القضاة شهاب الدين وقال: قدمت للسماع من ابن البخاري. فقال: أول أمس دفناه. فتألم لموته. وكان في ثاني ربيع الآخر.

ومن شعره:

تكررت السُُّنون علي حتى بُليت وصرت من سقط المتاع وقلّ النَّفع عندي غير أني أعلل للرواية والسماع ولا يدرى ما قرأ عليه الشيخ علي الموصلي والمزي من الكتب والأجزاء، وأما البرزالي فقال: سمعت منه بقراءتي وقراءة غيري ثلاثةً وعشرين مجلداً، وأكثر من خمسمائة جزء. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ثقات.

وقد أجاز لي مروياته في سنة ثلاثٍ وسبعين، ولم أُرزق السماع منه، رحمه الله.

ص: 667

646 -

‌ علي بن أبي صادق الحسن بن يحيى بن صباح

، علاء الدين أبو الحسن القرشي، المخزومي، المصري، ثم الدمشقي، الشافعي.

شيخ ثقة: فاضل، صالح، خير، سمع: أباه وأبا القاسم أحمد بن عبد الله السُّلمي وأبا المجد القزويني وأبا المحاسن بن أبي لقمة وأبا عبد الله ابن الزبيدي.

وولد سنة ست أو سبع وستمائة بدمشق وكان يسكن عند باب توما.

كتب عنه الجماعة وأثنوا عليه. ولي منه إجازة، ومات في شعبان. وكان فقيها بالمدارس.

647 -

‌ علي بن عبد الله بن أبي الفتح

، الحراني، المقرئ، الضرير، نزيل القاهرة ووالد شيخنا محمد العجوي.

حدث عن: ابن روزبة وغيره، سمع منه: البرزالي والقطب، مات في ربيع الآخر.

648 -

‌ علي بن عبد اللطيف بن محمد بن محمد ابن المغيزل

، الفقيه سيف الدين الحموي.

توفي شاباً بحماة في المحرم.

649 -

‌ علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان

، الإمام، علاء الدين، أبو الحسن، ابن الإمام العلامة كمال الدين أبي المكارم، ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي. والد الإمام العلامة مفتي الشام كمال الدين محمد.

كان إماماً جليلاً وافر الحرمة، حسن البزة، مليح الصورة، تام الشكل، مهيباً، درس بالأمينية مدة وتوفاه الله إلى رحمته في ربيع الآخر وقد نيّف على الخمسين.

وقد سمع من الرشيد العطار بمصر ومن خطيب مردا بدمشق. ولم يحدث،

ص: 668

وكان شهماً مقداماً، يُتّقى شره ويخاف ولوعه. شُهِر عن ابن جماعة أنه شرب خمراً ثم أتاه وقال: اجعلني في حل. قال: نعم إذا اعترفت عند قاضٍ. نقلها الشيخ تاج الدين وهذا يدل على دينٍ فيه.

650 -

‌ عمر بن عبد الرحمن بن جبريل

، الشيخ نور الدين الطالقاني، الحنفي.

كان إماماً في المذهب، عارفاً بأصوله، خبيراً بالعربية، فيه زهد وانقطاع وخير، توفي بدمشق في صفر بالمارستان.

651 -

‌ عمر بن غلندي

، الحارس.

سمع من ابن اللتي وحدث، توفي في ربيع الأول.

652 -

‌ عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا

، بهاء الدين، أبو حفص البغدادي الأصل، المصري.

روى عن جده ومحمد بن محمود الدوي ومات في رمضان وله سبعون سنة، سمع منه: البرزالي واليعمري وجماعة.

653 -

‌ عمر بن يحيى بن عمر بن حمد

، الشيخ فخر الدين الكرجي الشافعي، نزيل دمشق.

ولد بالكرج سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة. وقدم دمشق فلزم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وخدمه وتفقه عليه وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي والبهاء عبد الرحمن المقدسي وحدث بالبخاري وبكثيرٍ من مسموعاته. وتزوج ببنت شيخه تقي الدين.

وكان ضعيفاً، حدث بما لم يسمع وذكر أبو عمرو المقاتلي أنه رآه قد ألحق اسم زين الدين الفارقي في الغيلانيات على ابن الصلاح، قال: وكان يُلحِق اسمه في الإسجالات على

ص: 669

القضاة، سامحه الله وغفر له.

قلت: روى عنه جماعة. وحدث عنه أبو الحسن ابن العطار بصحيح البخاري. وأجاز لي مروياته.

ومات الفخر الكرجي والفخر ابن البخاري في يوم واحد ثاني ربيع الآخر وقد شاخ وعجز وانقطع في بيته مدة. وكان شيخ الحديث بالظاهرية من بعد أبي إسحاق اللوري، وشيخ الحديث بالقليجية، فولي بالظاهرية الشيخ عز الدين الفاروثي، وبالقليجية مدرسها بهاء الدين.

654 -

‌ عيسى بن أياز

، شرف الدين ابن فخر الدين والي حماة.

أديب شاعر، محسن، توفي في العشرين من جمادى الآخرة بحماة.

وهذه الأبيات التي غني بها في أيام فتح المرقب، له:

تحن إلى لقائكم القلوب فهل لي من زيارتكم نصيبُ ويصبو نحوكم طرفي وقلبي فذا منكم يصاب وذا يصيبُ أجيران الحمى عودوا مريضاً سلامته هي العجبُ العجيبُ لقد سئم العواذل طول سقمي لفرقتكم وآيسني الطبيبُ

655 -

‌ غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب

، أبو محمد الدمشقي، الحلاوي وكناه الدمياطي: أبا مجاهد.

سمع الغيلانيات من عمر بن طبرزد وقطعةً كبيرة من المسند من حنبل وأقام بقطيا مدةً منقطعاً إلى واليها، وكان يحسن إليه ودخل مصر غير مرة وحدث وتفرد وازدحموا عليه وسمع منه خلق كثير.

قال لي أبو الحجاج المزي: دخلت إلى مسجد قطياً فرأيت شيخاً كأنه باب فسألته: هل تعرف غازي الحلاوي فقال: أنا هو. فقرأت عليه عوالي الغيلانيات.

روى عنه هو، والدمياطي والبرزالي، وأبو حيان النحوي، وأبو محمد بن منير، وأبو الفتح اليعمري وكان شيخاً معمراً، صحيح التركيب،

ص: 670

ممتعاً بحواسه. عاش خمساً وتسعين سنة.

وكان فقيراً، متعففاً، مستوراً، حافظاً للقرآن، ينوب في إمامة جامع قطيا وقيل إنه ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة، فإن القاضي سعد الدين الحارثي كتب تحت خطه في إجازة: سئل عن مولده سنة ثلاثٍ وثمانين فقال: يكون لي اثنان أو ثلاثٌ وتسعون سنة.

قلت: وكان يعرف بابن الرداف ويلقب بالشهاب توفي في رابع صفر بمصر. وقيل: ولد سنة إحدى وتسعين وقيل سنة أربع وتسعين.

656 -

‌ قطز، الأمير سيف الدين المنصوري

.

من أكبر مماليك المنصور وأقدمهم وأحسنهم شكلاً. وكان يشرب، فلما حج ظن الناس أنه يتوب فلم ينته عن الخمر وكان يُندب في المهمات لشجاعته وغنائه.

657 -

‌ قيران، الأمير بدر الدين السكزي

.

أحد من قتل على عكا.

658 -

‌ كُشتُغدي، الأمير علاء الدين الشمسي

، خشداش البيسري.

كان أحد المقدمين الذين ساروا من مصر لانتزاع الشام من سنقر الأشقر.

ذكره قطب الدين فقال: كان عنده تشيُّع وتظهر منه كلمات ينبو عنها السَّمع. وحُبس هو والبيسري مدة، فلما تسلطن الأشرف أخرجهما ورفع منزلتهما وقتل كشتغدي على عكا.

قلت: وله آثار في إصلاح السجن الذي بداخل مشهد علي من جامع دمشق، جاءه سهم فقتله.

659 -

‌ كشتُغدي، الأمير جمال الدين الغري

.

مصري حدث عن أبي القاسم سبط السلفي ومات في صفر.

والغري: بمعجمة ثم مهملة مستفاد مع الغزي بمعجمتين وبالفتح والغُزي بمعجمتين وبالضم والعزّيّ بمهملة ثم معجمة والعربي بزيادة باء.

660 -

‌ لؤلؤ، فتى الصاحب ابن جرير

.

ص: 671

قال البرزالي: روى لنا عن ابن اللتي.

قلت: توفي في ربيع الأول وسمع منه الفرضي أيضاً والمزي.

661 -

‌ محمد بن إبراهيم بن عبد المجيد

، الشيخ أبو عبد الله اللخمي، القوصي، المقرئ، الشافعي.

منقول من تاريخ مصر لشيخنا القطب. وأنه رُبي في حجر العارف أبي الحسن ابن الصباغ وهو آخر أصحابه وقرأ بالثغر على الصفراوي وسمع من إبراهيم بن علي المحلي بخط ابن مسدي.

مولده في صفر سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة ومات بالقاهرة في سابع ذي القعدة سنة تسعين.

662 -

‌ محمد بن أحمد بن أبي الفهم

، العدل، عز الدين ابن البقال، أبو عمرو.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق. وحدث عن السخاوي وإبراهيم ابن الخشوعي وجماعة.

ومات في جمادى الأولى. وهو أخو المعمر علاء الدين علي.

663 -

‌ محمد بن أسعد بن نصر الله بن عبد الكريم

أخي القاضي كمال الدين عبد الصمد ابني محمد ابن الحرستاني، نجم الدين.

توفي بالمارستان عن ثمانين سنة في ذي القعدة.

حدث عن: أبي المجد القزويني وعبد الرحيم بن علي بن مكارم الحداد، أخذ عنه ابن الخباز وابن البرزالي وجماعة.

664 -

‌ محمد بن داود بن محمد بن أبي القاسم

، الأمير بدر الدين ابن الأمير الأجل عماد الدين الهكاري.

جندي محتشم. ولد سنة سبع وثلاثين وسمع من ابن رواحة ويحيى بن قميرة وحدث. ومات بالقدس في شعبان وفُجع به أبوه وكان فارساً شجاعاً، مَهِيباً.

ص: 672

665 -

‌ محمد بن سعد بن المظفر بن المطهر

، شمس الدين، أبو الخير ابن اليزدي، البغدادي، الزاهد، شيخ رباط الخلاطية.

سمع من ابن الخازن وابن قميرة، مات في شوال.

666 -

‌ محمد بن عبد الله بن إبراهيم

، الشيخ صفيُّ الدين ابن المالحاني، المقرئ، البغدادي، التاجر.

سمع الصحيح على ابن القطيعي وابن روزبة وأجاز له داود بن معمر وجماعة.

ولد سنة عشر وستمائة ومات في صفر وأجاز له أبو الفتح الغزنوي وابن صرما، أخذ عنه الفرضي وابن الفوطي.

667 -

‌ محمد بن عبد الخالق بن مزهر

، الإمام شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، المقرئ.

قرأ القراءات على السخاوي وأقرأها وروى الحديث: وكان شيخاً فاضلاً يدري القراءات دراية متوسطة، قرأ عليه شمس الدين الحنفي الأعرج وغيره ومات في رجب وقف كُتُبه بدار الحديث الأشرفية.

668 -

‌ محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح

، شمس الدين، أبو عبد الله الصُّوري، المقدسي، الصالحي ابن عم شيخنا التقي أحمد.

ولد سنة إحدى وستمائة وسمع من أبي اليمن الكندي وهو آخر من سمع منه وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني وابن ملاعب وأبي عبد الله ابن البناء وجماعة.

وتفقه وكتب الخط المنسوب ونسخ بخطه الكتب ورحل إلى بغداد فسمع بها من أبي علي ابن الجواليقي وعبد السلام الداهري وأبي حفص السُّهروردي وغيرهم وأجاز له: عبد العزيز ابن الأخضر وابن طبرزد.

وكان من بقايا الشيوخ المسندين في زمانه، أكثر عنه المزي والبرزالي وابن العطار وابن سيد الناس وجماعة وكان يطلع في الأمانة إلى المرج ويؤدب ويسعى في الرزق وتوفي في منتصف ذي الحجة.

669 -

‌ محمد بن عثمان بن سلامة

، العماد الدمشقي، التاجر.

ص: 673

ولد سنة خمس عشرة وستمائة وسمع من أبي محمد بن البن والبهاء عبد الرحمن وجماعة، كتب عنه ابن الخباز والبرزالي والطلبة غير مرة ومات في شوال. وكان رفيق أبي جعفر ابن الموازيني.

670 -

‌ محمد بن عثمان بن عبد الوهاب

، أبو عبد الله الأبهري، الصوفي، المقرئ.

كان صوفياً بالخانكاه الأسدية وشاهداً بالبياطرة وسمع من أبي القاسم ابن صصرى والقزويني وزين الأمناء وابن الزبيدي، كتب عنه الجماعة. وكان صالحاً خيراً.

توفي في ربيع الأول.

671 -

‌ محمد بن علي بن أبي علي

، العدل، جمال الدين ولد السيف الآمدي.

ولد بحماة سنة اثنتين وستمائة وروى عن القزويني.

672 -

‌ محمد بن قايماز

، شرف الدين الكتبي.

روى عن مكرم.

673 -

‌ محمد بن أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح

محمد بن محمد بن عمروك، أبو بكر البكري، التيمي.

ولد بدمشق سنة سبعٍ وعشرين وسمعه عمه الصدر البكري من ابن اللتي وكريمة ومحاسن الجوبري وغيرهم وسكن مصر وحدث بها؛ وكان من عدولها، توفي في شوال.

كتب عنه البرزالي وقال: هو النجم ابن الشرف.

674 -

‌ محمد، الشمس، المحمدي

، المؤذن، من كبار المؤذنين بدمشق.

توفي في صفر.

675 -

‌ مؤنسة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم العقيلي

.

توفيت بدمشق في رابع ربيع الآخر، روت عن الركن إبراهيم الحنفي، كأخواتها.

ص: 674

676 -

‌ لاجين، الأمير سابق الدين العمادي

. نائب قوص وأعمالها في دولة المعز.

ثم ولي بلبيس وبها توفي في خامس رمضان عن اثنتين وثمانين سنة وكان مملوكاً للصاحب عماد الدين وزير الجزيرة العمرية. وكان ديناً، صالحاً، متصدقاً، قدم مع أستاذه في دولة الكامل وتقدم في أيام الصالح.

677 -

‌ يحيى بن أحمد بن سليمان

، الفقيه، عماد الدين الشافعي، العدل. سبط الإمام أبي عمرو ابن الحاجب.

توفي بدمشق في ربيع الآخر وقد سمع من جده ومن السخاوي ولم يروِ.

678 -

‌ يمك، الأمير الكبير، بهاء الدين الناصري

، الصلاحي.

عتقه الملك الناصر يوسف وتزوج بابنة الملك القاهر عبد الملك ابن الملك المعظم. وحج بالركب الشامي سنة ست وثمانين. وزخرف داره التي بالديماس فوقع من السقالة دهانان فماتا لوقتهما.

وكان تركياً مهيباً، تام الشكل، معروفاً بالشجاعة، توفي بدمشق في رجب.

679 -

‌ يوسف بن إبراهيم بن يوسف

، الشيخ أبو الفضل الرومي، الملطي، الواعظ.

توفي بدمشق في ذي الحجة عن خمسٍ وسبعين سنة، حضرت مجلسه وكان بارد الوعظ.

680 -

‌ يوسف بن يعقوب بن محمد بن علي

، الرئيس المعمر، نجم الدين، أبو الفتح ابن الوزير الصاحب أبي يوسف ابن المجاور الشيباني، الدمشقي، الكاتب.

ولد في سنة إحدى وستمائة وسمع من أبيه والتاج الكندي والخضر بن كامل السروجي وعبد الجليل بن مندوية وزينب بنت إبراهيم القيسي وداود بن ملاعب وهبة الله بن طاوس وعمر بن شقير والحسن ابن

ص: 675

البن وأبي الوحش عبد الرحمن بن نسيم والشيخ الموفق.

وكان شيخًا جليلاً، فاضلاً، أبيض اللحية، حسن البزة، رأيته يحدث غير مرة عند البرادة ووقفت عليه مرة في سنة ست وثمانين فسمعت القارئ يقول له: أخبرك في تاريخ كذا فلان، فحسبت فإذا لسماعه ثمانون سنة. فلبثت سويعة، فقرأ عليه حديث العابد والرمانة وحديث المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، فحفظتهما من ذلك الوقت.

ورأيته أيضًا في ديوان الظلم بدار الطعم، ثم عزل قبل موته بسنتين أو ثلاثة إلى أن مات. ومع هذا فكان صاحب عبادة ودين.

وأجاز له: محمد بن علي القبيطي وأحمد بن الحسن العاقولي وابن الأخضر وعبد العزيز بن منينا وغيرهم.

وكناه بعضهم أبا العز وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة. وكان له مكان كيس على نهر يزيد وقفه زاوية.

وكان قد سمع كتاب تاريخ بغداد للخطيب، من الكندي في سنة سبع وستمائة، سمعه منه: المزي. تفرد به وبشيء كثير وانقطع بموته إسناد عال.

681 -

‌ أبو بكر بن عباس بن عريب

، زين الدين الدمشقي.

حدث بالقاهرة عن: ابن صباح وابن الزبيدي ومات في رمضان.

682 -

‌ أبو بكر، الشيخ اليعفوري

.

شيخ له حال وأصحاب ومولهون. رأيته مرة.

وتوفي بقرية يعفور، صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق في شوال وعلى البرهان الهروي شيخ الصوفية الذين بالقدس.

وفيها ولد:

الخطيب زين الدين عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكناني وسراج الدين عبد اللطيف بن أحمد ابن الكويك الشافعي ومحمد ابن التقي حمزة ابن المجدلي وتقي الدين محمد بن محمد بن أبي الحسن البعلي.

(آخر الطبقة والحمد لله)

ص: 676

‌الطبقة السبعون

691 -

700 هـ

ص: 677

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن‌

‌ الحوادث

الكائنة في هذه الطبقة

‌سنة إحدى وتسعين وستمائة

في صفر أمر نائب دمشق وهو الشجاعي، بإنزال الكأس السماقي البراق من القلعة إلى الجامع، فأنزل والمؤذنون بين يديه يقرؤون والصبيان يصيحون، إلى أن وضع موضع البرادة. وقلعت البرادة ولم يكن هذا الكأس مثقوبًا، فثقبه المرخمون في أيام. وهو كأس كأنه هناب مرحرح، يسع نحو عشرة أرطال ماء أو أقل. وحجره من جنس اللوحين اللذين عن جنبتي محراب جامع دمشق، حجر أملس بصاص مانع قليل الوقوع. ثم أجري فيه الماء وسمرت المغرفتان مع الركن وشربنا منه. ثم أخذوه إلى القلعة وعمل في دار السلطنة بعد أيام.

وفيه أخرب حمام الملك السعيد ولم يكن في الشام بأسرها حمام أحسن منه ومغله عظيم. وكان بينه وبين باب السر الذي للقلعة نحو سبعين ذراعًا. وأخذوا من حجارة بابه وعملوها على باب السر. وخربوا ما حوله من الدور وغيرها.

وفيه كان البناء في القلعة والطارمة بجد وسهر واجتهاد عظيم. وبني باب الميدان بأعمدة كانت في القلعة وعمل له حيطان هائلة العرض. واقتسمت الأمراء عمله وأقيم في زمن يسير بهمة عالية وسرعة زائدة.

وفي ربيع الأول خطب أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله يوم الجمعة

ص: 679

بجامع قلعة الجبل خطبة جهادية، فقيل هي التي لقنه إياها شيخنا الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.

وفيه ولي خطابة دمشق الشيخ عز الدين أحمد ابن الفاروثي وخرج بعد يوم بالناس إلى الصحراء للاستسقاء إلى ميدان الحصى. وذلك في وسط آذار وبعد يوم أو يومين حصل للغوطة صقعة شديدة أعطبت الصحراء والثمار ولم يعهد مثلها من نيف وعشرين سنة.

وفي يوم الاثنين بعد جمعة خرج الناس أيضًا للاستسقاء إلى قريب مسجد القدم وخطب الفاروثي ومشى إلى ثم نائب السلطنة الشجاعي والجيش والخلائق وابتهلوا إلى الله، ثم رزق الله الغيث وجاءت الرحمة.

وفيه درس الشيخ صدر الدين عبد البر بن رزين بالقيمرية لسفر مدرسها القاضي علاء الدين أحمد ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.

وفيه - أعني ربيع الآخر - انتهت عمارة دار السلطنة بقلعة دمشق ودخل فيها نحو أربعة آلاف دينار في الزخرفة. وعمل النائب للسلطان دهليزًا عظيمًا إلى الغاية، طول عموده بضعة وثلاثون ذراعًا ست وصلات، لا يمكن الشخص أن يحضنه والفلكة التي في أعلاه كأنها فردة طاحون. وهو من هذه النسبة. وتنوع في عمل خامه وغرم عليها أموالاً ونصب بالميدان ليراه السلطان، فقاسوا المشاق حتى انتصب، فجاء هواء عاصف فرماه، فشرعوا في عمل دهليز أصغر منه.

وفي جمادى الأولى دخل دمشق الملك الأشرف، ثم صلى بجامع دمشق يوم الجمعة بالمقصورة وأسرجت له شموع كثيرة وخلع على الخطيب عز الدين الفاروثي.

وأقام السلطان بدمشق عشرة أيام وسار إلى حلب فدخلها في أواخر الشهر بالجيوش وضيفه صاحب حماة وبالغ في الاحتفال وأدخله الحمام.

وفيه درس الشيخ صفي الدين الهندي بالظاهرية بعد رواح مدرسها ابن بنت الأعز إلى مصر.

ص: 680

وفيه نكح الأمير شمس الدين الأعسر ابنة الصاحب شمس الدين ابن السلعوس على ألف وخمسمائة دينار.

وفيه حبست الشيخة البغدادية وتعصب عليها جماعة من الأحمدية وأوذيت فصبرت وقالت: أنا لا أترك النهي عن المنكر. ثم سلمها الله بحسن نيتها.

وفي ثامن جمادى الآخرة نازل السلطان وجيوشه قلعة الروم وحاصرها شهرًا وثلاثة أيام.

وفيه نزل الفاروثي عن تدريس النجيبية للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي.

وفيه وقع من أخي رئيس المؤذنين البرهان أمر صعب وهو أنه وعبد أسود تحيلا في النزول على حرم السلطان الذين تركهم بالقلعة وأحضرا سلمًا وأرادا التسلق منه، ففطن لهما وأخذا وكوتب فيهما، فجاء الأمر بتسميرهما، فسمرا وماتا.

وفي حادي عشر رجب فتحت قلعة الروم بالسيف عنوة ودقت البشائر وزينت البلاد وترحل السلطان وبقي عليها عسكر الشام والشجاعي لعمارتها وترميم ما تشعث بالمجانيق. فقدم السلطان حلب وعزل عنها قراسنقر المنصوري وأمر عليها سيف الدين بلبان الطباخي المنصوري متولي الساحل. وأمر على السواحل طغريل الإيغاني. وأمر على قلعة الروم الأمير عز الدين الموصلي.

وفيه فتح الشجاعي الزاكات وهي معاقل للأرمن على الفرات وأخذ منها نحوًا من ألف نفس.

وفيه بدت من الجمال المحقق معيد القيمرية هفوة في الدرس، فقام مدرس القيمرية صدر الدين ابن رزين وشكاه وجرت أمور أوجبت أن المحقق أسلم عند القاضي شرف الدين الحنبلي وحكم بإسلامه وحقن دمه وترك

ص: 681

إعادة القيمرية وقايض نجم الدين الدمشقي إلى إعادة الرواحية.

وفي تاسع شعبان دخل السلطان دمشق مؤيدا منصورًا والأسرى بين يديه، منهم خليفة الأرمن.

وأما نائب السلطنة بيدرا وسنقر الأشقر وقراسنقر وبكتوت العلائي وكثير من الجيش فسار إلى بعلبك، ثم إلى جبل الجرديين ووافاهم من جهة الساحل ركن الدين طقصو وعز الدين أيبك الحموي، فنزلوا على الجبل، فحضر إلى بيدرا من فتر همته عنهم وتمكنوا من أطراف الجيش في تلك الجبال الوعرة ونالوا منهم، فرجع الجيش شبه المقهورين وحصل للجبليين الطمع والقوة، ثم هادنتهم الدولة وخلع على جماعة منهم. وحصل بذلك للعسكر وهن. ثم قدم بيدرا دمشق، فعاتبه السلطان، فتألم ومرض وزاره السلطان، ثم عوفي. وعمل السلطان ختمة بجامع دمشق لعافيته.

وليلة نصف رمضان توفي صدران كبيران موقعان عديما النظير: فتح الدين محمد بن محيي الدين ابن عبد الظاهر ومن الغد توفي سعد الدين سعد الله الفارقي.

وفي رمضان أحضر الأمير علم الدين الدواداري من حبس الديار المصرية إلى دمشق وأنعم عليه السلطان وأعاده إلى الإمرة وأفرج عن أمواله وحواصله. ثم سار صحبة الركاب الشريف.

وفيه ولي خطابة دمشق موفق الدين محمد بن محمد بن حبيش الحموي عوضًا عن الشيخ عز الدين الفاروثي، فباشر يوم الجمعة الثامن والعشرين من رمضان. وحضر السلطان يومئذ بالمقصورة.

وهرب الأمير حسام الدين لاجين بسبب مسك الأمير ركن الدين طقصو وخرج السلطان إلى المرج في طلبه ونادت المنادية بدمشق على الأمير لاجين.

وفي سابع شوال دخل الشجاعي بعسكر دمشق، أتوا من ناحية قلعة الروم. وقد فرغوا من أشغالهم.

ويومئذ قيد شمس الدين الأعسر وبعث إلى مصر.

وعزل الشجاعي من نيابة دمشق بعز الدين الحموي.

وتوجه السلطان إلى مصر في عاشر شوال بسحر وبات أهل الأسواق

ص: 682

بظاهر البلد مرتين بالشمع إلى ميدان الحصى.

وأما لاجين، فلما هرب قصد بعض أمراء العرب بأرض صرخد وطلب منه أن يوصله إلى الحجاز، فقبض عليه وأتى به إلى السلطان يوم الرابع من شوال. فقيده وبعث به إلى مصر.

ثم قيد سنقر الأشقر وبعث به أيضًا.

وولي جمال الدين ابن صصرى نظر الدواوين وأعفي من ذلك محيي الدين ابن النحاس وعوض بنظر الخزانة. وعزل أمين الدين ابن هلال.

ويوم تاسع عشر شوال توجه الركب وأميرهم سيف الدين باسطي المنصوري.

ويومئذ أمسك علاء الدين ابن الجابي خطيب جامع جراح وأخذ ماله واتهم بضرب الزغل. وكان مغرى بالكيمياء فضرب وحبس مدة ثم أطلق بعد شهر ونصف.

وفي ذي القعدة دخل السلطان مصر وأفرج عن حسام الدين لاجين وأعطاه مائة فارس.

وفي ذي الحجة قدم الشام نحو ثلاثمائة فارس من التتار مقفرين وتوجهوا إلى القاهرة.

وفي أواخرها وقيل في أول سنة اثنتين أحضر السلطان بين يديه سنقر الأشقر وطقصو فعاقبهما، فأقرا أنهما عزما على قتله وأن حسام الدين لاجين لم يكن معهم، فأمر بهما فخنقا بوتر وأفرج عن لاجين بعد أن كان الوتر في حلقه. وقيل خنق وترك بآخر رمق، فشفع فيه بيدرا والشجاعي فأطلقه وأنزل الآخران إلى البلد فسلما إلى أهاليهما. وأهلك معهما أمراء منهم جرمك وسنقران والهاروني.

ذكر القصيدة التي أنشأها المولى شهاب الدين محمود في السلطان

وقيل: إنها لغيره، فقد سألته عنها فلم يعرفها وإنما هي لشاعر من تجار بغداد مات سنة بضع وسبعمائة، سمعها منه ابن منتاب. وبعد ذلك ظهرت أنها للمولى شهاب الدين وأخرجها بالخط العتيق وحدث بها. سمعها منه العلائي وغيره.

ص: 683

لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو إذا خفقت في الأفْق هُدْبُ بُنُودِها هوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ وإن نُشرت مثل الأصائِل في وغىً جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ وإن يمّمت زُرْقَ العدى سار تحتها كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ فكم وطئت طوعا وكرها معاقلا مضى الدهر عنها وهي عانسة بكر وإنْ رُمتَ حصناً سابَقَتْكَ كتائبُ من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ فلا حصنٌ إلاّ وهو سجنٌ لأهله ولا جسدٌ إلاّ لأرواحهم قبرُ قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُبح لغيرك إذ غرّتهم المغل فاغتروا وما المغل أكفاء فكيف بأرمن ولكنه غزو وكلهم كفر صرفت إليهم همة لو صرفتها إلى البحر لاستولى على مده الجزر وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها وإنْ عظُمت إلاّ إلى غيرها جسرُ طليعة ما يأتي من الفتح بعدها كما لاح قبل الشمس في الأُفق الفجرُ محجبة بين الجبال كأنها إذا ما تبدّت في ضمائرها سر تفاوت نصفاها فللحوت فيهما مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ فبعضٌ رسا حتّى علا الماءُ فوقَهُ وبعضٌ سما حتّى هَمَا دونَه القَطْرُ أحاط بها نَهران تبرز فيهما كما لاح يوماً في قلائده النَّحْرُ فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه لتحصينها كالبحر بل دونه البحرُ سريع يفوت الطّرْف جرياً وحده كريح سليمان التي يومُها شهرُ منها:

فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا لها كلّ يوم في ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ

ص: 684

غيوثٌ إذا الحربُ العوان تعرّضت لخُطّابها بالنّفس لم يغلها مهرُ ترى الموت معقوداً بهدْب نبالهم إذا ما رماها القوس والنّظر الشزرُ ففي كلّ سَرْج غصْنُ بانٍ مُهَفْهفٌ وفي كلّ قوس مدّه ساعد بدرُ فلو وردتْ ماءَ الفُراتِ خيولُهُمُ لقيل: هنا قد كان فيما مضى نهرُ أداروا بها سوراً فأضحتِ كخنْصَرٍ لدى خاتمٍ أو تحت منطقةٍ خصرُ كأنّ المجانيق التي قُمنَ حولها رواعد سخطٍ وبلها النّار والصّخرُ أقامت صلاةَ الحرب ليلاً صخورُها فأكثرها شَفْعٌ وأقتلها وترُ لها أسهُمٌ مثل الأفاعي طِوالُها فواتك إلاّ أنّ أفتكها البترُ سهامٌ حَكَتْ سهْمَ اللّحاظ بقتلها وما فارقت جفْناً وهذا هو السِّحرُ منها:

فبُشراك أرضَيْتَ المسيحَ وأحمداً وإنْ غضب التكفُور من ذاك والكفرُ فسِرْ حيث ما تختار فالأرض كلّها بحكْمك والأمصار أجمعها مصرُ

‌سنة اثنتين وتسعين وستمائة

في المحرم حكم بدمشق القاضي حسام الدين الحنفي للعناكيين بصحة نسبهم إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أن سعوا وتعبوا.

وفي المحرم جاءت ريح عظيمة على الركب بمعان وبرد ومشقة.

وفيه نزل لصدر الدين ابن الوكيل حموه شيخنا التاج ابن أبي عصرون عن تدريس الشامية الجوانية.

وفيه طلب السلطان من صاحب سيس قلعة بهسنا ومرعش وتل حمدون. أما بهسنا فكانت للناصر صاحب حلب وبها نوابه، فلما أخذ هولاكو البلاد كان في بهسنا الأمير سيف الدين العقرب فباعها لصاحب سيس بمائة ألف درهم وسلمها إليه فبقي على المسلمين منها ضرر، فأذعن صاحب سيس بتسليمها وأضعف الحمل مع ذلك. وتسلمها نواب السلطان في رجب ودقت البشائر.

ص: 685

وفي المحرم قدم الدواداري وجماعة أمراء من الديار المصرية وعز الدين أيبك الخزندار متوليًا نيابة طرابلس عوضًا عن سيف الدين طغريل الإيغاني.

ونزح إلى حلب ابن ملي، فولي بعده تدريس الرواحية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني.

وفيها طهر السلطان أخاه الملك الناصر دام بقاؤه وابن أخيه موسى ابن الملك الصالح واحتفلوا لذلك بالقاهرة احتفالاً زائدًا.

وفيها عمل للسلطان دهليز جليل أطلس مزركش بطراز وغرم عليه أموال عظيمة.

وفيها ولي ولاية البر بدمشق سيف الدين أسندمر في رجب.

وحج بالناس الأمير بكتاش الطيار.

وفي صفر جاءت زلزلة هدمت وأنكت في غزة والرملة والكرك وسار من دمشق أميران وعدد من الحجارين والصناع لإصلاح ما تهدم من أبرجة الكرك.

وفيها مسك الأمير عز الدين أزدمر العلاني وقيد بدمشق وبعث إلى مصر.

وتوجه من دمشق شمس الدين سنقر المساح بطلب إلى مصر وجاء على خبزه بدمشق بلبان الحلبي، الخزندار.

وفي ربيع الآخر توجه على البريد إلى مصر صاحب حماة وعمه الملك الأفضل علي.

وجاء مملوك لسيف الدين طغجي بمرسوم بالحوطة على ابن جرادة، فمسك ونفذ إلى مصر وأخذ ماله ونكب.

وفيه تردد غيارة الفرنج في البحر إلى الساحل وشعثوا بأنطرسوس، فطلعوا إلى صيدا.

وفي جمادى الأولى عزم السلطان على البيكار وتقدمه الأعسر، فهيأ إقامات ومؤنة من الناحية القبلية وقدم الصاحب ابن السلعوس في جمادى الآخرة، ثم قدم بعده بيدرا نائب السلطنة، ثم السلطان فنزل بالقصر.

ص: 686

وفيه تسلم نواب السلطان حصنين للأرمن وهما: كديربرت وأبرما. ثم تسلموا حصن بكازر.

وقد كان السلطان في مجيئه مر بقلعة الشوبك وبالكرك، ثم بعث جماعة لخراب قلعة الشوبك. ثم خرج إلى المرج.

وفي رجب دخل دمشق الأمير الكبير حسام الدين لاجين وصحبته الأمير مهنا بن عيسى وإخوته محتاطًا عليهم وذكر أن السلطان أمر بالقبض عليهم عند سلمية لأمر نقمه عليهم.

وفي أثناء رجب رجع السلطان إلى الديار المصرية.

ودرس بعد الشيخ تقي الدين ابن الواسطي بمدرسة الشيخ أبي عمر الفقيه شمس الدين ابن التاج، ثم عزل بعد ثمانية أشهر.

وفي رجب سافر طوغان نائبًا على قلعة الروم.

وفي آخر رجب انكسفت الشمس وصلى بجامع دمشق خطيبه موفق الدين الحموي وخطب.

وفي رمضان جاء إلى دمشق مرسوم بإلزام الدواوين بالإسلام ومن امتنع يؤخذ منه ألف دينار. فأسلم أربعة في ثامن رمضان.

وفي شوال بلغنا أن السلطان صادر الأمير عز الدين الأفرم أيبك وضيق عليه وأخذ منه أموالاً كثيرة وأعطى خبزه للأمير حسام الدين لاجين المنصوري.

‌سنة ثلاث وتسعين وستمائة

في ثاني عشر المحرم قتل السلطان الملك الأشرف بتروجة، أقدم عليه نائبه بيدرا وعطف عليه بالسيف لاجين.

ثم قتل بيدرا من الغد.

وحلفوا للسلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن المنصور وهو يومئذ ابن تسع سنين.

وهلك الصاحب ابن السلعوس تحت العقوبة المفرطة.

فلما كان العشرين من صفر بلغ المتولي نيابة السلطان كتبغا أن الشجاعي

ص: 687

يريد قتله فتحرز وأعلم جماعة من صاغيته الذين يبغضون الشجاعي. ثم ركب في الموكب فقال له أمير: أين حسام الدين لاجين؟، قال: ما هو عندي، قال: بل هو عندك، ثم مد يده إلى سيفه، فبدره الأزرق مملوك كتبغا وضربه حل كتفه، فسقط وذبحوه بسوق الخيل.

ثم مال أكثر الجيش مع كتبغا ومالت البرجية وبعض الخاصكية إلى الشجاعي لكونه أنفق فيهم في الباطن فيما قيل ثمانين ألف دينار والتزم لهم أن من جاءه برأس أمير فله إقطاعه. وأن يمسك كتبغا على السماط، ثم قتل الشجاعي بعد أيام كما في ترجمته.

ويوم نصف المحرم حضر إلى الخدمة الأميران سيف الدين بهادر رأس النوبة وجمال الدين آقوش الموصلي الحاجب، فوثب عليهما الخاصكية فقتلوهما وأحرقوا جثتيهما ورتبوا الحسام أستاذ دار أتابكًا للعسكر وطلبوا الأمراء المتفقين مع بيدرا على قتل الأشرف، فاختفى لاجين وقراسنقر ولم يقعوا لهم على أثر.

وقبضوا على الأمراء سيف الدين نغية وسيف الدين ألناق وعلاء الدين ألطنبغا الجمدار وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين وحسام الدين طرنطاي الساقي ومحمد خواجا وسيف الدين أروس في خامس صفر. فأمر السلطان بقطع أيديهم، ثم سمروا على الجمال وطيف بهم ومعهم رأس بيدرا، ثم ماتوا.

وفي المحرم خسف القمر.

وصرف من قضاء الديار المصرية ابن جماعة بابن بنت الأعز.

وأفرج عن عز الدين الأفرم.

ورتب في الوزارة تاج الدين محمد ابن فخر الدين ابن حنى.

وفي صفر ولي ولاية دمشق عماد الدين حسن ابن النشابي عوضًا عن عز الدين ابن أبي الهيجاء.

وفي صفر جدد في الجامع إمام زائد بمحراب الصحابة وهو كمال الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي واستمر إلى الآن.

وفي ربيع الأول عاد أهل سوق الحريرين إلى سوقهم. وكان ابن جرادة وكيل طغجي قد ألزمهم بسكناهم في قيسارية القطن من السنة الماضية.

وفيه قدم على حسبة دمشق ونظر ديوان نائب السلطنة كتبغا الرئيس

ص: 688

شهاب الدين أحمد الحنفي ومعه عدة خلع لبسها في أيام متوالية ولبس خلعة الحسبة بطرحة وارتفع شأنه.

وفي رجب قدم دمشق القاضي صدر الدين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين على وكالة بيت المال، فباشر نصف شهر وأعيد تاج الدين ابن الشيرازي.

وفي رجب ركب السلطان الملك الناصر بأبهة الملك وشق القاهرة وضربت البشائر بدمشق وزينوا.

وجاء تقليد عز الدين الحموي باستمرار النيابة وتقليد الأعسر باستمرار الشد وتقليد صاحب حماة ببلده.

وفي شعبان درس بالمسرورية جلال الدين أخو القاضي إمام الدين بعد الركن ابن أفتكين.

وفي رمضان جرد الأمير علم الدين الدواداري بتقدمته إلى ناحية حلب.

وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين من الاختفاء بالقاهرة بوساطة نائب السلطنة كتبغا، فدخل به إلى السلطان فأنعم عليه وأعطاه خبز بكتوت العلائي الذي توفي.

وحج بالشاميين عز الدين أيبك الطويل.

وفي ذي القعدة ولي نظر الدواوين الصاحب أمين الدين سالم بن محمد ابن صصرى عوضًا عن ابن عمه المتوفى جمال الدين.

وفي ذي الحجة قدم قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة على قضاء الشام عوضًا عن المتوفى القاضي شهاب الدين ابن الخويي.

وفي ذي الحجة أخرجت الكلاب من دمشق بأمر ابن النشابي وشدد على البوابين في منعهم من الدخول. ودام منعهم شهرًا أو نحوه، ثم دخلوا.

وفيها كانت فتنة عساف بدمشق ورجم العوام له، لكونه حمى نصرانيًا سب النبي صلى الله عليه وسلم فقبض الحموي النائب على جماعة من العلماء وضرب الشيخ زين الدين الفارقي، رحمه الله، واعتقله مع ابن تيمية وطائفة بالعذراوية مدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ص: 689

‌سنة أربع وتسعين وستمائة

في حادي عشر المحرم تسلطن الأمير زين الدين كتبغا التركي، المغلي المنصوري وتسمى بالملك العادل. وحلف له الأمراء بمصر والشام وزين له البلاد ودقت البشائر وله نحو خمسين سنة. وهو من سبي وقعة حمص الأولى التي في سنة تسع وخمسين، ثم صار إلى الملك المنصور، فكان من خواصه في الأيام الظاهرية. فلما تسلطن جعله أمير مائة فارس، فشهد وقعة حمص سنة ثمانين أميرًا، قدم في التحليف له الأمير سيف الدين طغجي الأشرفي، فحلفهم بدمشق.

وكان رنكه في أيام إمرته هكذا. . . وفي أيام ملكه الرايات الصفر.

وجعل أتابكه الأمير حسام الدين لاجين، فجاء من مصر المسعودي على ديوان لاجين بالشام. وجاء الصاحب توبة على وزارة الشام.

واستسقى الناس في جمادى الأولى مرتين بدمشق بالصحراء.

وفي جمادى الأولى ولي الوزارة بمصر الصاحب فخر الدين عمر ابن الخليلي. وصرف تاج الدين ابن حنى.

وفي رمضان رجع قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى من الديار المصرية بقضاء العسكر الشامي.

وفي رمضان استقرت صلاة محراب الحنابلة قبل الخطيب. وكانوا يصلون بعده، فلما زاحمهم إمام محراب الصحابة في الوقت، أذن لهم في التقدم.

وفيه عزل تاج الدين ابن الشيرازي من نظر الجامع بالرئيس محيي الدين يحيى ابن الموصلي.

وفي شوال كملت عمارة الحمام الكبير والمسجد والسوق وأكثر الحكر الذي أنشأه نائب دمشق عز الدين الحموي بين باب الفراديس ومسجد القصب. وكان يعرف ببستان الوزير. ورأيته مبقلة كبيرة.

وفي شوال ولي خطابة دمشق قاضي القضاة ابن جماعة بعد موت الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.

وفيها حج بالشاميين بهاء الدين قرارسلان المنصوري.

ص: 690

وولي مشيخة النورية الشيخ علاء الدين ابن العطار بعد ابن المقدسي.

وولي الغزالية قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى بعد ابن المقدسي ونزل عن الأمينية للقاضي إمام الدين القزويني.

وفي شوال كسر النيل بديار مصر عن نقص بين وغلت الأسعار ووجل الناس، ثم وقع فيهم أوائل الوباء، ثم عظم في ذي الحجة واستمر إلى السنة الآتية.

وفيها دخل في الإسلام قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار بوساطة نوروز التركي وزيره ومدبر مملكته وزوج عمته واسمه بالعربي محمود. أسلم في شعبان بخراسان على يد الشيخ الكبير المحدث صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ سعد الدين ابن حموية الجويني. وذلك بقرب الري بعد خروجه من الحمام وجلس مجلسًا عامًا فتلفظ بشهادة الحق وهو يتبسم ووجهه يستنير ويتهلل. وكان شابًا، أشقر، مليحًا، له إذ ذاك بضع وعشرون سنة. وضج المسلمون حوله عندما أسلم ضجة عظيمة من المغل والعجم وغيرهم ونثر على الخلق الذهب واللؤلؤ. وكان يومًا مشهودًا. وفشى الإسلام في جيشه بحرص نوروز فإنه كان مسلمًا خيرًا صحيح الإسلام، يحفظ كثيرًا من القرآن والرقائق والأذكار.

ثم شرع نوروز يلقن الملك غازان شيئًا من القرآن ويجتهد عليه. ودخل رمضان فصامه ولولا هذا القدر الذي حصل له من الإسلام وإلا كان قد استباح الشام لما غلب عليه، فلله الحمد والمنة.

‌سنة خمس وتسعين وستمائة

أرسل إلى الديار المصرية غلال كثيرة بسبب القحط.

وفي ثاني عشر المحرم كتب كتاب من مصر فقدم دمشق في أواخر الشهر، فيه أن الإردب بلغ مائة وعشرين درهمًا وأن رطل اللحم بالدمشقي بسبعة دراهم وأن اللبن رطل بدرهمين والبيض ست بيضات بدرهم ورطل الزيت بثمانية دراهم وقلت المعائش بحيث أن البزاز يبقى عشرين يومًا لا يبيع بدرهم وقد أفنى الموت خلقًا كثيرًا وأما الشام فلم يكن مرخصًا وتوقف المطر به وفزع الناس واجتمعنا لسماع البخاري، ففتح الله بنزول الغيث.

وفي سلخ صفر جاءت أخبار مصر بالغلاء وأن الخبز كل خمس أواق

ص: 691

بالدمشقي بدرهم. وأن جماعة عزروا بسبب بيع لحم الحمير والكلاب مطبوخًا.

وأما القمح بدمشق فأبيعت الغرارة بمائة وأربعين إلى وخمسين درهمًا. وبيع اللحم بأربعة دراهم.

وأما الوباء بمصر فيقال: أحصي من مات في صفر فبلغوا مائة ألف وسبعة وعشرين ألفًا والله أعلم بصحة ذلك.

وفي نصف ربيع الأول جاء الخبر من مصر بأن الإردب بمائة وستين درهمًا وأن الخبز بالمصري كل رطل ونصف بدرهم وأنه أحصي من مات من أول يوم من ربيع الأول إلى اليوم السادس فبلغوا خمسة وعشرين ألفًا.

وفيه قدم من الشرق نحو مائة فارس من التتار بأهليهم مقفرين، فسافر بهم الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري إلى القاهرة.

وفي ربيع الآخر وصلت غرارة القمح بدمشق إلى مائة وثمانين درهمًا.

وفيه بلغنا أن الشهاب مفسر المنامات بالقاهرة تغير عليه أميره القائل به ألطبرس ونهب داره وطلب ولده الكبير عبد الرحمن، فهرب وألقى نفسه من مكان عال لينهزم، فبقي أيامًا ومات. ورسم لشهاب الدين بالانتقال إلى الشام، فتحول بأهله وأولاده.

وفيه ظهر بدمشق قتل جماعة من حراس الدروب في كل ليلة واحد أو اثنان، حتى قتل أكثر من عشرة، فاحترز الوالي وغلقت الدروب وجددت شرائج في أماكن. وخفي الأمير أيامًا، ثم ظفروا بحرفوش ناقص العقل، فقرر فاعترف بأنه كان يأتي الحارس وهو نائم فيدق على يافوخه بزلطة فيقتله لوقته فسمروه، ثم خنق.

وجاءت الأخبار بأن الوباء والمرض بالإسكندرية قد تجاوز الوصف وأن الفروج أبيع بها بستة وثلاثين درهمًا وأنه بالقاهرة بقريب العشرين. وأن البيض بالقاهرة ثلاثة بدرهم. وهلكت الحمير والقطاط والكلاب ولم يبق حمار للكراء إلا في النادر.

وفي جمادى الأولى انحط السعر بدمشق، فأبيع القمح غرارة بمائة درهم.

وفيه توفي بالقاهرة قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز وولي

ص: 692

القضاء بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد.

وفي جمادى الآخرة اشتد الغلاء بدمشق حتى بلغت الغرارة مائة وثمانين درهمًا. وبيع الخبز عشر أواق بدرهم. ثم تناقص شيئًا وأما مصر فوصلت الأخبار بالرخص وذهاب الوباء ولله الحمد وأن الإردب نزل إلى خمسة وثلاثين درهمًا. ثم جاءت الأخبار بنزوله إلى خمسة وعشرين درهمًا وأما الحجاز فكان شديد القحط، فيقال إن غرارة القمح بلغت بالمدينة إلى ألف درهم.

وفي شعبان درس بالحنبلية بعد موت ابن المنجى ابن تيمية شيخنا.

وفي رمضان قدمت والدة سلامش ابن الملك الظاهر من بلاد الأشكري إلى دمشق، فنزلت بالظاهرية، ثم توجهت إلى مصر.

ومات المسعودي الأمير ببستانه وجاء بعده على ديوان نائب المملكة حسام الدين لاجين مملوكه الأمير سيف الدين جاغان.

وحج بالشاميين بهادر العجمي.

وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك العادل بالجيش وزينت دمشق لمجيئه وصلى بمقصورة الخطابة وكان أسمر، مدور الوجه، صغير العين، قصيرًا، في ذقنه شعرات يسيرة وله رقبة قصيرة وكان يوصف بالشجاعة والإقدام والدين التام وحسن الخلق وسلامة الباطن والتواضع وترك الفواحش وعدم السفك للدماء وقلة الظلم. لكنه كان يضعف عن حمل أعباء الملك ويعوزه رأي وحزم ودهاء، مع ما فيه من التقوى وحسن الطوية.

وقدم معه الوزير ابن الخليلي فولي قضاء الحنابلة القاضي تقي الدين سليمان وخلع عليه وعلى بقية القضاة وعلى الوزير تقي الدين توبة وعلى قاضي العساكر المنصورة نجم الدين وعلى أخيه الصاحب أمين الدين وعلى المحتسب شهاب الدين الحنفي وعلى الأمراء.

وعزل من الوكالة تاج الدين ابن الشيرازي وصودر وولي مكانه نجم الدين ابن أبي الطيب.

ورسم على أسندمر والي البر وعلى المشد شمس الدين الأعسر وعلى جماعة من الدواوين وصودروا.

ص: 693

وولي البر علاء الدين الجاكي.

وطلب من كل الدواوين جامكية سنة وأخذ مبلغ من شهاب الدين ابن السلعوس وصودر الوالي ابن النشابي. واحتيط على دار الأعسر وباع في المصادرة جملة من أملاكه، حتى صودر المجير الضراب وضرب وكثر العسف من الصاحب ابن الخليلي وداخله ابن مزهر ولازمه وكشف له الأمور، ثم إنه سلطه الله عليه، فأخرق به ورسم عليه.

وقدم صاحب حماة للخدمة وصلى الجمعة بالمقصورة إلى جانب السلطان وبعده أمير سلاح بدر الدين وعن يسار السلطان الشيخ الكبير حسن بن الحريري وأخواه، ثم نائب المملكة حسام الدين لاجين، ثم نائب دمشق عز الدين الحموي، ثم بدر الدين بيسري، ثم قراسنقر المنصوري، ثم الحاج بهادر وخلع على ابن جماعة خلعة خطب بها وسلم عليه السلطان. ثم زار المصحف ولعب من الغد بالكرة.

ثم استناب على الشام سيف الدين غرلو مملوكه وهو شاب أشقر من أبناء الثلاثين وأعطى الحموي خبز غرلو بمصر ثم أعطى شهاب الدين الحنفي وزارة دمشق. وعزل تقي الدين البيع.

وتوجه السلطان إلى جوسية بالجيش وأقام بالبرية أيامًا. ودخل حمص ونزل بمرجها.

‌سنة ست وتسعين وستمائة

في ثاني المحرم دخل السلطان زين الدين كتبغا دمشق راجعًا من حمص، ثم صلى الجمعة بالجامع وأخذ من الناس قصصهم حتى قيل إنه رأى شخصًا بيده قصة فتقدم بنفسه إليه خطوات وأخذها منه. ثم جلس من الغد بدار العدل وكتب على القصص.

وولي حسبة دمشق الزين عمر أخو الصاحب شهاب الدين الحنفي.

وصلى السلطان الجمعة الثانية من المحرم بجامع دمشق، ثم مشى إلى عند المكان الملقب بقبر هود فصلى عنده وصعد في هذا اليوم إلى مغارة الدم وزار، ثم صلى الجمعة الثالثة أيضًا بالجامع.

ص: 694

وأعطى الملك الكامل طبل خاناه.

وفيه قيد أسندمر وحبس وولي الشد فتح الدين ابن صبرة ورسم للأعسر بأن يسافر مع الجيش إلى مصر وولي محيي الدين ابن الموصلي وكالة البيسري وخلع عليه لذلك.

وسافر السلطان من دمشق في ثاني وعشرين المحرم وخرج القضاة لتوديع الصاحب.

ولما كان سلخ المحرم اشتهر بالبلد أن الجيش مختبط وأغلق باب القلعة وتهيأ نائب السلطنة غرلو وجمع الأمراء وركب بعض العسكر على باب النصر، فلما كان قريب العصر وصل السلطان الملك العادل إلى القلعة في خمسة مماليك فقط وكان قد وصل في أول النهار أمير شكار مجروحًا وهو الذي أعلم بالأمر، فدخل الأمراء إلى الخدمة وخلع على جماعة واحتيط على نواب نائب السلطنة الحسام لاجين وحواصله بدمشق.

وكان الأمر الذي جرى بقرب وادي فحمة بكرة الاثنين ثامن وعشرين المحرم وهو أن حسام الدين لاجين قتل الأميرين بتخاص وبكتوت الأزرق العادليين وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند العادل، فلما رأى العادل الهوشة خاف على نفسه وركب فرس النوبة وساق ومعه هؤلاء المماليك، فوصل في أنحس تقويم، كأنه مقدم من الحلقة وعليه غبرة ودوابهم قد شعثت وكلت والسعادة قد ولت عنه.

وأما لاجين فساق بالخزائن وركب في دست الملك وساق الجيوش بين يديه وبايعوه ولم يختلف عليه اثنان وسلطنوه في الطريق.

وبعد يومين وصل إلى دمشق زين الدين غلبك العادلي ومعه جماعة يسيرة من مماليك العادل. ولزم شهاب الدين الحنفي القلعة لمصالح السلطنة وتدبير الأمور.

وكان القمح في هذه المدة بنحو مائة وثمانين درهمًا.

وفي ثالث عشر صفر اشتهر بدمشق سلطنة الملك المنصور حسام الدنيا والدين لاجين. وأنه خطب له بالقدس وغزة وكان العادل قد عزم على مراسلته، ثم بطل ذلك. وأقام هذه المدة بالقلعة وأمر جماعة وأطلق بعض

ص: 695

المكوس. ثم جاء الخبر بزينة صفد ودق البشائر بها وكذلك الكرك ونابلس. فبعث العادل طائفة مع طقصبا الناصري لكشف الأمر، فتوجهوا في ثاني وعشرين صفر، فبلغهم في اليوم دخول السلطان الجديد القاهرة. فردوا.

واتفق في يوم الرابع والعشرين وصول كجكن والأمراء من الرحبة، فلم يدخلوا دمشق، بل نزلوا بقرب مسجد القدم وأظهر كجكن سلطنة المنصور وأعلن بها. فخرج إليه أمراء دمشق طائفة بعد طائفة. وتوجه أميران إلى القاهرة. فتحقق العادل زوال ملكه، فأذعن بالطاعة وقال لهم: يا أمراء، هذا الرجل هو خشداشي وأنا في خدمته وطاعته. وحضر الأمير جاغان الحسامي إلى القلعة، فقال له العادل: أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى تكاتب السلطان وتفعل ما يرسم به، فلما رأى الأمراء منه ذلك تركوه وخرجوا وتجمعوا بباب الميدان وحلفوا لصاحب مصر. وركبت البرد بذلك. واحتفظ بالقلعة وبزين الدين كتبغا وغلقت أكثر أبواب المدينة. ثم دقت البشائر وزين البلد. واختفى الشهاب الحنفي، ثم من الغد اجتمع القضاة بدار السعادة وحلفت الأمراء بحضورهم وحضور سيف الدين غرلو العادلي النائب وأظهر السرور وحلف وقال: أنا الذي عينني للنيابة هو السلطان حسام الدين وإلا فأستاذي كان استصغرني. ثم إنه سافر هو وسيف الدين جاغان.

ثم وصل كتاب السلطان بأنه جلس على كرسي الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر ويوم مستهل ربيع الأول خطب بدمشق له وحضر بالمقصورة القضاة والأمير شمس الدين الأعسر وكان قد قدم وسيف الدين كجكن وسيف الدين سندمر وغيرهم.

وفي تاسع عشر صفر كان ركوب السلطان بمصر بالخلعة الخليفتية والتقليد الحاكمي.

وفي ثامن ربيع الأول توجه من دمشق القاضي إمام الدين القزويني، ثم القاضي حسام الدين الحنفي والقاضي جمال الدين المالكي.

وفي حادي عشر ربيع الأول وصل الأمير سيف الدين جاغان ودخل إلى القلعة هو والحسام أستاذ دار وكان قد جاء إلى دمشق في التحليف وسيف الدين كجكن وقاضي القضاة بدر الدين فتكلم السلطان كتبغا مع

ص: 696

الأمراء بالتركي كلامًا طويلاً وفيه عتب عليهم، ثم إنه حلف يمينًا طويلة يقول في أولها: أقول وأنا كتبغا المنصوري إنني راض بالمكان الذي يعينه السلطان له ولا يكاتب ولا يسارر، ثم خرجوا من عنده. واشتهر أن المكان المعين له صرخد. ولم تذكر في اليمين.

وجاء مع جاغان تولية الوزارة للصاحب تقي الدين توبة بدل الحنفي. وتولية أمين الدين ابن هلال نظر الخزانة وكان قد باشرها شهرًا التقي توبة بعد محيي الدين ابن النحاس. وتولية الحسبة لأمين الدين يوسف الرومي الإمام الحسامي صاحب الأيكي.

وفي سادس عشر ربيع الأول دخل دمشق الأمير سيف الدين قبجق المنصوري على النيابة.

وفي جمادى الأولى ولي قضاء الشام إمام الدين القزويني عوض ابن جماعة وولي ابن جماعة تدريس القيمرية عوض إمام الدين وولي الشد جاغان وممن سافر إلى مصر للهناء، تقي الدين توبة والملك الكامل.

وولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي عوضًا عن أمين الدين ابن صصرى.

وسار الأعسر إلى مصر فولي بها الوزارة مع الشد وسلم إليه ابن الخليلي فصادره.

وفي شعبان قدم الشريف زين الدين ابن عدنان بنظر ادواوين وصرف ابن الشيرجي. ثم جاء توقيع بذلك لأمين الدين ابن هلال. وولي مكانه الخزانة أمين الدين ابن صصرى.

وحج بالشاميين الأمير كرجي وحج الأميران المطروحي وبهادر آص، ثم باشر فخر الدين ابن الشيرجي نظر الخزانة بدل ابن صصرى.

وكان السلطان حسام الدين قد استناب بالديار المصرية قراسنقر ثم قبض عليه في نصف ذي القعدة واستناب مملوكه منكودمر الحسامي، ثم مسك الأعسر في ذي الحجة واحتيط على حواصلهما.

ص: 697

‌سنة سبع وتسعين وستمائة

سافر زين الدين ابن قاضي الخليل في المحرم إلى بعلبك على قضائها.

ويوم السابع والعشرين من المحرم دخل الركب الشامي بعد صلاة الجمعة.

وفي صفر ولي قضاء الحنفية بدمشق جلال الدين ابن القاضي حسام الدين. وأقام والده بمصر في صحابة السلطان، فولاه القضاء وعزل القاضي شمس الدين السروجي.

وفي صفر عوفي السلطان وركب، فدقت البشائر وزينت دمشق. وكان قد وقع وانصدعت رجله وفي ربيع الآخر جددت إقامة الجمعة بالمدرسة المعظمية بجبل قاسيون وخطب بها مدرسها الشيخ شمس الدين ابن العز.

وفيه قبض بمصر على الأمير بدر الدين بيسري وأعيد إلى الوزارة ابن الخليلي.

وفي جمادى الأولى قدم عسكر مصري عليهم الأمير علم الدين الدواداري متوجهين إلى حلب وحضر معه المحدث يوسف بن عيسى الدمياطي طالب حديث.

ثم سار الدواداري وبعض عساكر الشام فنازل ثغر سيس. ووقع الحصار إلى أن أخذت تل حمدون في سابع رمضان ودقت البشائر لذلك. ثم أخذوا قلعة مرعش في أواخر رمضان ودقت البشائر أيضًا وجاءت علم الدين الدواداري رمية حجر في رجله وحج بالناس الأمير عز الدين أيبك الطويل الحاج.

وفي شوال قدم إلى مصر من بلاد الأشكري الملك خضر ابن الملك الظاهر وقد كان بعثه إلى هناك الملك الأشرف.

وفيه فرغوا من بناء المدرسة المنكودمرية بالقاهرة وأديرت وجلس بها المدرسون وهي داخل باب القنطرة.

ص: 698

وفيه أخذ المسلمون قلعة حميمص وقلعة نجيمة من بلاد الأرمن.

وفي ذي الحجة جاء تقليد من صاحب حماة بقضائها للخطيب موفق الدين الحموي فسافر من دمشق.

ووصل في ذي القعدة من مصر بكتمر السلحدار الظاهري، ثم المنصوري على ثلاثة آلاف قاصدين حلب وأصيب جماعة من العسكر في حصار قلاع الأرمن.

وفي ذي الحجة انخسف القمر ومسك بمصر الأمير عز الدين أيبك الحموي.

وفيها ولي بغداد الأمير أيدينا المسلم، فمهد العراق وقمع المفسد وعدل وامتدت ولايته.

‌سنة ثمان وتسعين وستمائة

وطال أمر الغزاة بالثغور، فتسحب بعض الأجناد وضعفوا، فجاء الأمر بالتشديد في ذلك. ونصبت مشانق تحت القلعة والأمر برجوعهم ولا يتخلف أحد أبدًا. فخرجوا بأجمعهم مع نائب السلطنة قبجق في نصف المحرم.

وفيه عزل ابن الجاكي من البر وجاء على ولايته حسام الدين لاجين المنصوري الصغير.

وفي سلخ صفر قدم من الغزاة الأمير علم الدين الدواداري.

وفي سنة ثمان ظهرت الوديعة التي عند فخر الدين الفزاري لعز الدين الجناحي الذي كان نائب غزة وهي ستون ألف دينار عين وجوهر وغيره، مات صاحبها في التجريد بحلب ولم يسلم بها أحد ولم يخلف وارثًا، فحملها المذكور من تلقاء نفسه إلى بيت المال.

وفي ربيع الأول قام جماعة من الشافعية المتكلمين فأنكروا على ابن تيمية كلامه في الصفات. وأخذوا فتياه الحموية فردوا عليه وانتصبوا لأذيته وسعوا إلى القضاة والعلماء، فطاوعهم جلال الدين قاضي الحنفية في الدخول في القضية، فطلب الشيخ، فلم يحضر. فأمر فنودي في بعض دمشق بإبطال العقيدة الحموية، أو نحو هذا. فانتصر له الأمير جاغان المشد واجتمع به

ص: 699

الشيخ، فطلب من سعى في ذلك، فاختفى البعض وتشفع البعض وضرب المنادي ومن معه بالكوافيين وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله:(وإنك لعلى خلق عظيم). ثم حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدين، رحمه الله وحضر جماعة يسيرة وبحثوا مع الشيخ في الحموية وحاققوه على ألفاظ فيها. وطال البحث وقرئ جميعها وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل ورضوا بما فيها في الظاهر ولم يقع إنكار، بحيث انفصل المجلس والقاضي رحمه الله يقول: كل من تكلم في الشيخ فأنا خصمه.

وقال أخوه القاضي جلال الدين: كل من تكلم في ابن تيمية بعد هذا نعزره. حدثني بذلك الثقة. لكن جلال الدين أنكر هذا فيما بعد ونسي فيما أظن. والذين سعوا في الشيخ ما أبقوا ممكنًا من القذف والسب ورميه بالتجسيم. وكان قد لحقهم حسد للشيخ وتألموا منه بسبب ما هو المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته وتوبيخه الأليم المبكي المنكي المثير النفوس ولو سلم من ذلك لكان أنفع للمخالفين، لا سيما عبارته في هذه الفتيا الحموية. وكان غضبه فيها لله ولرسوله باجتهاده، فانتفع بها أناس وانقصم بها آخرون ولم يحملوها. واتفق أن قبل هذا بأيام أنكر أمر المنجمين ومشى إلى نائب نائب السلطنة سيف الدين جاغان، فامتثل أمره وأصغى إلى قوله واحترمه وطلب منه كثرة الاجتماع به، فشرقوا لذلك وفعلوا الذي فعلوا واعتضدوا بشيخ دار الحديث.

وبعث جاغان في الحال جاندارية فضربوا المنادي وجماعة كانوا معه من أذناب الفقهاء. واحتمى صدر الدين ابن الوكيل ببدر الدين الأتابكي واستجار به واختفى الأمين سالم وغيره وفرغت الفتنة ورأى قاضي القضاة إخمادها وتسكينها.

وفيها سار غازان إلى بغداد وجهز عسكرًا إلى البطائح، فأوقعوا بحرامية الأعراب بالبطائح وقتلوا فيهم خلقًا. وأحسن إلى الرعية. وأمر بتصفية النقدين وتهدد في ذلك.

واشتد القحط بشيراز.

قصة قبجق وألبكي والسلحدار وذهابهم إلى التتار

كان هؤلاء وغيرهم قد توحشت خواطرهم وخافوا على أنفسهم مما وقع

ص: 700

من منكودمر الحسامي نائب المملكة، من قيامه في إعدامه جماعة من الأمراء المجردين بحلب بالسم وغير ذلك. وعلموا أن أستاذه لا يزيل خوفه لمحبته له واعتماده عليه في سائر الأمور، فاتفقوا على أن مصلحتهم الدخول إلى عند قازان لأنهم بلغهم إسلامه. فساروا من حمص في ليلة ثامن ربيع الآخر ثلاثتهم والأمير بزلار في خواصهم وساقوا على جهة سلمية من حمص. ورجع طائفة كبيرة من العسكر، فلما كان بعد عشر ليال من مسيرهم وصل البريد إلى دمشق وجماعة، فأخبروا بقتل السلطان ونائبه ومعهم كتب من الحسام أستاذ دار وطغجي وكرجي بالواقعة، فحلفت الأمراء للسلطان الملك الناصر وأحضر من الكرك وملكوه وهذه سلطنته الثانية وساقوا خلف قبجق ليرجع مكرمًا آمنًا، ففات الأمر وعلموا بذلك بأرض سنجار، ثم قيد جاغان والحسام لاجين والي البر وأدخلا القلعة.

ثم بعد خمس أتى الخبر بقتل طغجي وكرجي وطيف برأس كرجي الذي قتل السلطان ونائبه منكوتمر وألقي طغجي على مزبلة ودفن السلطان عند تربة ابن عبود ودفن نائبه عند رجليه، ثم بعد أيام أخرج من الحبس جاغان ووالي البر، ثم جاء البريد باستقرار أتابكية الجيش للأمير حسام الدين لاجين أستاذ دار وبنيابة المملكة للأمير سيف الدين سلار المنصوري مملوك الملك الصالح علي ابن الملك المنصور سيف الدين.

وفي جمادى الأولى ركب السلطان بالقاهرة في الدست والتقليد الحاكمي وقد دخل في خمس عشرة سنة.

وفيه قدم دمشق على نيابتها الأمير جمال الدين الأفرم المنصوري فنزل بدار السعادة. ثم قدم طلبه بعد أيام.

وولي الشد أقجبا المنصوري وولاية البلد جمال الدين إبراهيم ابن النحاس وولاية بر البلد عماد الدين حسن ابن النشابي.

وفيه وقف الدواداري الرواق الذي بداره وجعل شيخه أبا الحسن ابن العطار ونزل فيه عشرة فقهاء وعشرة محدثين، فألقي الدرس بحضرة الواقف في جمع كبير من القضاة والأعيان والأمراء ومد لهم سماطًا وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي.

ص: 701

وفي رجب قدم عسكر من مصر عليهم الأمير سيف الدين بلبان الحبيشي وهو شيخ قديم الإمرة وفيه مسك سيف الدين كجكن وحبس بقلعة دمشق.

وفي رمضان أخرج الأعسر من الحبس بمصر وولي الوزارة وقبل ذلك في شعبان أخرج الأمير قراسنقر المنصوري من الحبس وأعطي الصبيبة وبلادها، فتوجه إليها.

وحج بنا الأمير شمس الدين العينتابي.

وفي شوال جدد مشهد عثمان بجامع دمشق وكان أكثره معطلاً بآلات وخشب وبعضه بيت للخدام، فحرر جميعه وبيض وعمل له طراز مذهب وقرر له إمام راتب. وذلك في مباشرة ناصر الدين أحمد بن عبد السلام للنظر وصار يجلس به قاضي القضاة للأحكام يوم الجمعة بعد ذهاب ملك الأمراء. واستمر إلى الآن.

وفي ذي القعدة توفي البيسري بالجب وتوفي المظفر صاحب حماة.

وفي ذي الحجة كثرت الأخبار بحركة التتار وعزمهم على قصد البلاد وأن المحرك لهمتهم قبجق وبكتمر السلحدار.

وفيه أعيد القاضي حسام الدين الحنفي إلى قضاء دمشق وأعيد السروجي إلى قضاء القاهرة.

وفيه أعطي قراسنقر المنصوري حماة، توفي صاحبها، فسار قراسنقر من الصبيبة إليها.

وفيه كانت على الركب الشامي هوشة بمكة وقتل جماعة وجرح نحو ستين نفسًا ونهب من كان منهم داخل مكة.

‌سنة تسع وتسعين وستمائة

في أول السنة خرج السلطان بالجيوش من مصر للقاء العدو.

وفي صفر درس بالظاهرية القاضي شمس الدين سلمان الملطي نائب الحكم وليها بعد موت شهاب الدين ابن النحاس وولي الريحانية جلال الدين ابن القاضي.

ص: 702

وفي ثامن ربيع الأول دخل السلطان الملك الناصر دمشق وزين البلد. وكان قد طول الإقامة على غزة. وقدم دمشق جفال حلب وحماة وتلك النواحي وقاسوا البرد والوحل. واشتد الأمر وقوي الزر وأقام السلطان في القلعة تسعة أيام وخرج للملتقى وعدت التتار الفرات مع الملك قازان في ستين ألفًا وأكثر ما قيل أنهم مائة ألف ولم يصح. وكثر الدعاء وقنت الناس في الصلوات وعملت الختم بالجامع واجتمعت جيش الإسلام على حمص وحضر الناس لقراءة البخاري بدمشق. وأخذ شيخ دار الحديث الأثر وحمله على رأسه إلى الجامع ومعه القضاة ووضعوه تحت النسر وحفوا به يدعون ويبتهلون يوم الرابع والعشرين من ربيع الأول. وأخذ فقهاء المكاتب الصغار وداروا بهم في المساجد يدعون ويستغيثون ربهم تبارك وتعالى. وفعلت اليهود والنصارى ذلك وحملوا توراتهم وإنجيلهم.

وأما الجيش فإنهم تعبوا للمصاف وبقوا ملبسين على الخيل يوم الثلاثاء، فلم يجيئهم أحد وبلغهم أن التتار بقرب سلمية وأنهم يريدون الرجوع وذلك شناعة ومكيدة، فركب السلطان بكرة الأربعاء وساقوا من حمص إلى وادي الخزندار وقد حميت الشمس، فكانت الوقعة في يوم الأربعاء، الخامسة من النهار، السابع والعشرين من الشهر بوادي الخزندار، شمال حمص بشرق، على نحو فرسخين من حمص أو ثلاثة. والتحم الحرب ودام الطعن والضرب واستحر بالتتار القتل ولاحت أمارات النصر وثبت المسلمون إلى بعد العصر وثبت السلطان والخاصكية ثباتًا كليًا. وانكسرت ميمنة المسلمين وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ وكانوا بضعة وعشرين ألفًا وكان العدو ثلاثة أمثالهم وشرعوا في الهزيمة وقضي الأمر. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وأخذت الأمراء السلطان وولوا وتحيزوا وحموا ظهورهم ومروا على حمص وساروا على درب بعلبك إلى طريق البقاع ومر خلق من الجيش منكسرين عليهم كسفة وكآبة بدمشق.

وأما نحن فوقعت يوم الخميس الظهر بطاقة مضمونها أن أقجبا المشد

ص: 703

وجماعة مجرحين وصلوا إلى قارة وأن أمر المصاف متماسك بعد ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أرجواش نائب القلعة ذلك، فما أمسينا حتى أشهر أن الميمنة انكسرت. ثم قيل إن الجيش جميعه انكسر، فبتنا بليلة الله بها عليم وفترت الهمم عن الدعاء. ودقت البشائر من الغد تطمينًا ثم تبين كذبها. ثم أرسل أرجواش الأنهار على خندق البلد. ثم دقت البشائر عصر يوم الجمعة، فلم يعبأ بها الناس، بل بقوا حائرين في هرج ومرج. وجاء يومئذ خلق من الجند والأمراء، قد وقفت خيولهم وراحت أثقالهم وأمولهم وتمزقوا وقد رموا الجواشن. واستشهد في المصاف جماعة إلى رحمة الله. وشرع الناس في الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت في أمر عظيم، قد أشرفوا على خطة صعبة وبلغنا أن التتار قتل منهم خمسة آلاف وقيل عشرة آلاف. ولم يقتل من الجيش إلا دون المائتين.

حدثني ضوء بن صباح الزبيدي قال: ما رأيت أنفع من الخاصكية لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التتار عند اصفرار الشمس وينكون في التتار، ثم يرجعون إلى السلطان.

وقال غيره: ألقى الله الهزيمة فولوا مدبرين بعد العصر وبقيت العدد والأمتعة ملقاة قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخوذ.

وأما نحن، فشرع الناس يتحدثون في أمر التتار ويذكرون عنهم خيراً وأن ملكهم مسلم وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحدًا. وأن من وجدوه أخذوا فرسه وسلاحه وأطلقوه. وكثرت الحكايات من هذا النمط، حتى قال إنسان كبير: اسكت، هؤلاء خير من عسكرنا وانخدع الناس.

وفي يوم السبت الظهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج وخرج الناس وتهتكت النساء وقيل: دخل التتار. وازدحم الناس في باب الفرج، حتى مات نحو العشرة، منهم النجم البغدادي الذي يقرأ الغزوات تحت قبة عائشة. ثم سكنت بعد لحظة من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدثوا في المصلحة. وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد وعز الدين ابن القلانسي ووجيه الدين ابن المنجى وعز الدين ابن الزكي والشريف زين الدين ابن

ص: 704

عدنان، وسافر مع الجمال ليلتئذ قاضي البلد إمام الدين والقاضي المالكي والمحتسب وابن النحاس الوالي، وامتلأت الطرقات بأهل الغوطة والحواضر، وأحرق أهل حبس باب الصغير الحبس، وخرجوا كلهم، وكانوا أكثر من مائتين، وكسروا أقفال باب الجابية وخرجوا منه.

وأصبح الناس يوم الأحد ثاني ربيع الآخر في خمدة وحيرة، منهم الهارب بأولاده إلى مصر، ومنهم الطامع في عدل التتار، وأنهم مشى بهم الحال نوبة هولاكو، وهم وملكهم كفار، فكيف وقد أسلموا.

ثم اجتمع الكبار بمشهد علي، واشتوروا في الخروج إلى الملك وطلب الأمان، فحضر ابن جماعة والفارقي، وابن تيمية، والوجيه ابن منجى، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، وعز الدين ابن القلانسي، والصاحب ابن الشيرجي، وشرف الدين ابن القلانسي، وأمين الدين ابن شقير، وعز الدين ابن الزكي، ونجم الدين ابن أبي الطيب، وشهاب الدين الحنفي، وغيرهم.

وطلعوا ظهر يوم الاثنين بهدايا للأكل في نحو مائتي نفس، ونودي في البلد من جهة أرجواش: لا يباع من عدد الجند شيء، فسلطانكم باق، وأبيعت الخيل والعدد بأقل ثمن، وبقي البلد بلا والٍ ولا قاض، أما قاضيه الشافعي فهرب هو والمالكي، وأما الحنفي فشهد المصاف وعدم، وأما الحنبلي فإنه أقام بأهل الصالحية ورجوا الخير، وأما محتسب البلد ومشده فهربا، وغلا الخبز، وكثر الشر والهرج، وبقينا كذلك إلى آخر يوم الخميس، وغلا سعر الطحين وسعر الخبز لعدم الطواحين، وعدم الخطب، وقلته في الأفرنة.

وقد كان الشريف القمي بادر إلى المسير إلى التتار، فرجع يوم الخميس ومعه أربعة من التتار، على واحد منهم ثياب المسلمين وكلوته شاش دخاني، ومروا بالمطرزيين يجهرون بالشهادتين، والناس يتسلون بإسلامهم ويطمئنون شيئًا، فلما أصبح نهار الجمعة لم يفتح للبلد باب، ثم كسر قفل باب توما، كسره نائب الوالي الشجاع همام وابن ظاعن، ولم يذكر في الخطبة سلطان، ثم بعد الصلاة وصل إلى ظاهر المدينة جماعة من التتار معهم الملك إسماعيل قرابة قازان، فنزلوا ببستان الظاهر الذي عند الطرن، وحضر معه الفرمان من الملك بالأمان، ونادوا في البلد: افتحوا حوانيتكم، وطيبوا قلوبكم، وادعوا للملك محمود غازان، وقدم كبراء البلد، فذكروا أنهم التقوا قازان بالنبك فوقف

ص: 705

لهم وأكل مما قدموا له، وكان المتكلم الصاحب ابن الشيرجي والذي دعا للملك الخطيب ابن جماعة، وقالوا لهم: قد بعثنا لكم الأمان قبل أن تجيئوا.

وذكروا أن الملك ينزل بالمرج، وأنه لا يفتح إلا باب واحد.

وحضر يوم السبت إسماعيل ومعه الأمير محمد في خدمتهما طائفة من التتار إلى مقصورة الخطابة بعد الظهر فجلسا بها، وحضر الخطيب وابن القلانسي، وابن الشيرجي، وابن منجى، وابن صصرى، وطائفة، واجتمع الخلق لسماع الفرمان، قرأه رجل من أعوان التتار، وبلغ عنه المجاهد المؤذن، وهو: بقوة الله تعالى، ليعلم أمراء التومان والألف والمائة وعموم عساكرنا من المغول والتازيك والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا، أن الله لما نور قلوبنا بنور الإسلام وهدانا إلى ملة النبي عليه السلام {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين، غير متمسكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام ولا لأمورهم التئام ولا انتظام، وكان أحدهم إذا تولى {سَعَى فِي الأَرْضِ} الآية، وشاع أن شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدي الباغية إلى حريمهم وأموالهم، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، مستصحبين للجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا: إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح تلك البلاد أن نزيل العدوان والفساد، ونبسط العدل في العباد، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} الآية، وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما ولوا، وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة، والنذور الأكيدة، من الله علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا نعمته

ص: 706

وأنزل علينا سكينته، فقهرنا العدو الطاغية والجيوش الباغية، فرقناهم أيدي سبأ، ومزقناهم كل ممزق، حتى جاء الحق وزهق الباطل، فازدادت صدورنا انشراحًا للإسلام وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين في زمرة من حبب إليهم الإيمان، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثقة، والنذور المؤكدة، فصدرت مراسمنا العالية أن لا يتعرض أحد من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية، وأن يكفوا أظفار التعدي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، ولا يحوموا حول حماهم بوجه من الوجوه، حتى يشتغلوا بصدور مشروحة وآمال مفسوحة، بعمارة البلاد وبما هو كل واحد بصدده من تجارة وزراعة، وكان في هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرض بعض نفر يسير إلى بعض الرعايا وأسرهم، فقتلنا منهم ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر، وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتة، وأن لا يتعرضوا لأحد من أهل الأديان من اليهود والنصارى والصابئة، فإنهم إنما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا، لأنهم من جملة الرعايا، قال عليه السلام: الإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، فسبيل القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشرفاء والأكابر وعامة الرعايا الاستبشار بهذا النصر الهني والفتح السني، وأخذ الحظ الوافر من الفرح والسرور، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة والمملكة الظاهرة، وكتب في خامس ربيع الآخر.

فلما فرغ من قراءته نثر عليه ذهب وفضة بالمقصورة، ونثر الشريف زين الدين نحو عشرة دنانير، وكان واقفًا مع المغول على السدة، وضجت العامة، ودعوا للملك، وسكن جأشهم بعض الشيء، وجعل نائب البلد الملك إسماعيل وجلس بالقيمرية، وكان فيه عقل وإسلام وقلة شر في الجملة، ثم طلبوا يوم الأحد المال والخيل من العامة.

وفي عاشر ربيع الآخر قرب الجيش من الغوطة، ووقع العبث والفساد وقتلوا جماعة من أهل البر، ونهبوا بقايا من في الضياع، وقد قبجق وبكتمر

ص: 707

في طائفة فنزلوا بالميدان، وتكلموا مع متولي القلعة علم الدين أرجواش المنصوري وراسلوه في تسليم القلعة وأشاروا عليه بذلك، فلم يقبل وصمم، وكانت خيرة، ثم أمروا أعيان البلد بالمشي إليه من الغد، فاجتمعوا به وسألوه وقالوا: هذا فيه حقن لدماء المسلمين، فلم يلتفت عليهم وقد حصن القلعة وهيأ جميع أمورها وسترها وطلع إليها جماعة كبيرة من البلد.

ويوم الثاني عشر منه، دخل السلطان وجمهرة جيشه إلى القاهرة.

وفي هذا اليوم دخل قبجق إلى البلد وجلس بالعزيزية، وأمر الأعيان بمراجعة أرجواش، فكلموه فلم يجبهم وأهانهم، ووقفوا كلهم عند باب القلعة وطلبوا منه رسولاً فأبى، فبعثوا من كلمه، فأغلظ لهم وقال: أنتم منافقون، تلقيتم التتار وسلمتم إليهم البلد وجسرتموهم، ومع هذا فهذه بطاقة صاحب مصر وأنهم اجتمعوا على غزة، وأنهم كسروا الطائفة التي تبعتهم.

وكان المقدم بولاي قد ساق وراء العساكر في نحو عشرة آلاف، فوصل إلى غزة وخرب البلاد وسبى ونهب.

ويوم الخميس ثالث عشر الشهر تحدث الناس بصلاة قازان الجمعة في البلد، فقلق الناس ودربوا الدروب وردموا خلف أبوابها الطين والحجارة.

وكثر دخول التتار إلى بيوت الناس يفتشون على الخيل ويأخذونها ويخطفون ويؤذون، وبات ليلتئذ قبجق عند عز الدين ابن القلانسي، وخطب الخطيب يوم الجمعة بالبلد، وأقام الدعوة للسلطان مظفر الدين محمود غازان ورفع في لقبه، وذلك بحضرة جماعة من المغول، ثم صعد بعد الصلاة قبجق وإسماعيل إلى السدة ودعا عبد الغني المؤذن وذكر ألقاب قازان، ثم قرئ على الناس تولية قبجق لنيابة الشام وأن إليه تولية قضاتها ونوابها، وبلغ الناس عبد الغني، ونثروا على الناس الذهب والدراهم، وحصل فرح ما بتولية قبجق، وتعب قبجق بالتتار كل التعب، ولكنه كان شاطرًا ذا دهاء ورأي وخبرة، قد عرف سياستهم، ونزل شيخ الشيوخ الذي لقازان ولقبه نظام الدين محمود بن علي الشيباني بالمدرسة العادلية، وأظهر العتب على الرؤساء إذ لم يترددوا إليه، وزعم أنه يصلح أمرهم ويتفق معهم على ما يُفعل في أمر القلعة، وأظهر أن قبجق وأمثاله من تحت أوامره.

ص: 708

وأما أهل الصالحية فابتلشوا ونشبوا بالقعود، وجاءهم مقدم، وقعد شحنة لهم، فأكلهم واستحلبهم، وزوجه القاضي بصبية ولم يكن عنده دفع عنهم.

وشرعت التتار في نهب الصالحية والعبث والفساد وبقوا كل يوم يقوى شرهم، ويكثر عبثهم، وأخذوا منها شيئًا كثيرًا من القموح والغلال والقماش والذخائر، وقلعوا الشبابيك وكسروا وأخربوا وأخذوا بسط الجامع، والتجأ الناس إلى دير المقادسة، فانحشروا فيه، فاحتاط به التتار في ثامن عشر الشهر ودخلوه ونهبوا فيه وسبوا الحريم والأطفال، فخرج إليهم شيخ المشايخ النظام في جماعة من التتار فأدركوهم وردوا عن الدير بعض الشيء، وهرب التتار بما حووا وتوجهت فرقة إلى داريا، فاحتمى أهلها بالجامع، فحاصروه وأخذوه ودخلوه ونهبوا وقتلوا وعثروا أهل داريا.

ولم يزالوا يتدرجون في نهب الخيل وسبي أهله قليلاً قليلاً، فرقة تذهب وفرقة تأتي، ونبشوا أطمار القماش والأثاث وعاقبوا وعذبوا، وكان خاتمة أمرهم الدير فاستباحوه، ولم يتركوا به إلا العجائز في البرد والجوع والعري، ودخل الرجال عراة حفاة، عليهم خلقان كأنهم الصعاليك، بل أضعف من الصعاليك لما هم فيه من آلام العقوبات والجوع وشدة البرد والسهر وذهاب الأولاد والحريم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وسارت فرقة إلى المزة وكان بها أكثر أهلها قد اغتروا وقعدوا فأوطؤوهم خوفًا ونهبًا وتبارًا.

وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية تلك الأيام يتردد إلى من يرجو نفعه إلى شيخ المشايخ وإلى العلم سليمان وإلى قبجق. ثم إنه خرج مع جماعة يوم العشرين من الشهر إلى قازان وهو بتل راهط، فأدخل عليه ولم يمكن من إعلام قازان بما يقع من التتار، وخافوا أن يغضب ويقتل أناسًا من المغل، وأذن له في الدعاء والإسراع، وأشار عليه الوزير سعد الدين ورشيد الدين اليهودي مشير الدولة بأن لا يشكو التتار ونحن نتولى إصلاح الأمر ولكن لا بد من إرضاء المغل، فإن منهم جماعة كبيرة لم يحصل لهم شيء إلى الآن.

وعاد الشيخ إلى المدينة، ثم من الغد في اليوم الثاني والعشرين اشتهر أنه لا بد من دخول المغل إلى البلد والنهب وظهر ذلك، وجهز شيخ المشايخ

ص: 709

ثقله من العادلية وخرج إلى الأردو وأشار على من يعرف بالخروج من البلد، فأسرع إليه الأعيان وبذلوا في فداء البلد الأموال، والتمسوا منه أن يتوسط لهم، وكان شيخًا خبيثًا طماعًا وربما فعل ذلك خديعة وقيل: بل لين قازان للمغول، ثم خرج منه مرسوم في جوف الليل بأن: من عاودني في أمر دمشق يموت.

وأما الناس فباتوا في ليلة مزعجة، وأصبحوا في بلاء شديد وترد مفرط، وانضم جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به، وهو في ذلك مصمم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم.

ثم لطف الله وبطل ذلك، ولكن أضعف المقرر على الناس وجبيت الأموال وناب الناس في الترسيم أموال كثيرة، فكان إذا وضع على الإنسان عشرة آلاف ينوبه ترسيم نحو الألفين، وأخذ هذه الأيام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس وسائر الحمير ووقع الضرب والتعليق والعصر، وقرر على سوق الخواصين مائة ألف درهم وعلى الرماحين مائة ألف وعلى أهل سوق علي ستون ألفًا، وعلى الكبار مثل ابن المنجى وابن القلانسي سبعون ألفًا سبعون ألفًا ويلحقها تتمة المائة ألف، والطبقة الثانية ثلاثون ألفًا ونحو ذلك، وألزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد، وأخرق بالكبار وضرب جماعة من الأماثل وكثر النهب وتشليح من يتطرف، واشتد ذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر، وكثرت الضجة بأعالي الدور وهرب الناس من أسطحتهم، وحمل الشيخ شمس الدين ابن غانم إلى الجامع مريضًا وطلب منه مائة ألف، وصودر الفامية والقصابون، وكان مشد المصادرة علاء الدين أستاذ دار قبجق والذي يقرر على الناس الصفي السنجاري، قدم مع التتار والحن والبن أولاد الحريري، وكثرت العوانية وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة ونهب أهراء الأمراء ودورهم.

وذكر الشيخ وجيه الدين ابن المنجى أن الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم سوى ما تمحق من الترسيم والبرطيل وسوى ما استخرج لغيره من الكبار، بحيث إنه اتصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستمائة ألف درهم.

ص: 710

قلت: واشتد البلاء وهلك ناس كثير في هذه المصادرة وافتقروا وإلى اليوم، وبعضهم ركبه الدين، وجبي من بعض الناس على الرؤوس والدور، ثم يوم التاسع والعشرين نودي في البلد بإطلاق الطلب وانصرفت الأعيان إلى بيوتهم.

وفي سلخ الشهر كان قبجق قد سكن بدار السعادة، ويذهب إليها من خان الغرباء، فرموا عليه بالمنجنيق وبالنار من القلعة، فوقع فيها الحريق وابتدئ يومئذ بحصار قلعة دمشق من داخل البلد وخارجه، ودخل المغل للحصار، وملأوا باب البريد إلى الظاهرية إلى ناحية الخاتونية وحارة البلاطة، وباتوا هناك، وعملت هذه الأيام المجانيق للتتار بجامع دمشق وقطعت لها الأخشاب النفيسة من الغيظة، وأحضرت الأعواد الكبار إلى الجامع وبات الترك لحفظها، وكسرت دكاكين باب البريد ونهبت وتحول في الليل جميع أهل تلك النواحي من الأسطحة وذهبت أموالهم وأقواتهم وتعثروا وقاسوا الشدائد ولم يبق بذاك الخط ديار من أهله، ونهبت دار للسكر يومئذ وأبادتها الحرافشة.

وأما الجيوش فدخلت القاهرة وأنفق فيهم السلطان وشرعوا في شراء الخيل والعدد، وغلت هذه الأشياء حتى أبيع الجوشن الذي بعشرة بمائة درهم ونحو ذلك، وكانت نفقة عظيمة لم يعهد مثلها ولا سيما في الشاميين، ولعلها تجاوزت ألف ألف دينار، وأزيحت علل الجيش بكل ممكن، واحتفل سلار لذلك واجتهد بكل ممكن هو وكبار الأمراء، وبعثوا قصادًا يكشفون لهم خبر الشام وبذلوا لهم ذهبًا كثيرًا، ولزم الناس بيوتهم، وخافوا من إلزام التتار لهم بطم خندق القلعة وغير ذلك.

وفي ثاني جمادى الأولى كان قد تبقى بدير المقادسة بعض الشيء وبعض الحريم والرجال والقاضي الحنبلي، فجاءته فرقة من التتار وحرروه نهبًا وسبيًا وأسروا القاضي وأخذوه عريان مكشوف الرأس، وعملوا في رقبته حبلاً، ثم هرب أهل الدير ودخلوا البلد مضروبين مسلوبين، من يراهم يبكي أكثر من بكائهم، ثم أدخل القاضي تقي الدين البلد وقد أسرت بناته وخلق من أقاربه،

ص: 711

ورأى الأهوال، ولعل الله قد رحمه بذلك.

ولما رأى القلعيون حصار التتار لهم أطلقوا النار في دار الحديث الأشرفية وما جاورها والعادلية ودار الملك الكامل ودار بكتوت العلائي وغالب ما حول القلعة، وسلمت الدماغية والعمادية والقيمازية، وبقي الجامع ملآن بالغرباء والمساكين والفلاحين كأنه تحت القلعة.

وقيل إنه أسر من الصالحية نحو الأربعة آلاف ومن باقي الضياع والقدس إلى نابلس إلى البقاع شيء كثير لا يعلمه إلا الله.

وقيل إنه قتل بالصالحية نحو الأربعمائة، وقلع شيء لا يوصف ولا يحد من الأبواب والرخام والشبابيك وغير ذلك، من سائر الأمكنة البرانية ومن الأمكنة الجوانية التي حول القلعة وأبيع بالهوان، وبقي سائر أهل البلد في ثياب ضعيفة وعلى رؤوسهم تخافيف عتيقة خوفًا من التشليح، وتراجع أمر المصادرة والعقوبة إلى حاله، وطلب من المدارس مبلغ كبير، نحو المائة ألف وانعسفت النظار والعمال وغلت الأسعار.

وفي هذه الجمعة قرئ بالجامع فرمان فيه صيانة الجامع وحفظ أوقافه، وأن يصرف في السبيل والحج ما كان يؤخذ لخزائن السلاح، وأن تضرب الدراهم فضة خالصة.

وفي ثاني عشر جمادى الأولى رحل قازان عن الغوطة طالبًا بلاده، وتخلف بالقصر نائبه خطلوشاه في فرقة من الجيش.

وفي ثالث عشر جمادى الأولى أمر أهل العادلية بالخروج منها لأجل حصار القلعة، فخرجوا بمشقة وشدة، وتركوا معظم حوائجهم وأقواتهم فنهبت.

وفي ثامن عشر جمادى الأولى دخل البلد خلق من المغل، وحاصروا القلعة ونقبوا عليها من غربيها، وبقي أهل الظاهرية وهي ملأى بالناس، في ضر وخوف من يزك التتار، وهلكوا من انقطاع الماء وخافوا لا تفعل بهم التتار كما فعلت بالعادلية وأخرجت أهلها، فهربوا من الأسطحة بمشقة زائدة، وأحرقت التتار والكرج والأرمن جامع العقيبة ومارستان الجبل والدهشة والمدرسة الصاحبية والرباط الناصري وأماكن في غاية الكثرة والحسن.

ص: 712

وأحرقت العادلية في ليلة الحادي والعشرين من جمادى الأولى، فهرب من تبقى بالظاهرية عند ذلك.

ويوم الجمعة تاسع عشر الشهر قرئ تقليد قبجق بالنيابة وتقليد الأمير ناصر الدين يحيى بن جلال الدين ابن صاحب ختن بالشد وفيه: إننا نرجع إلى بلادنا، وقد تركنا بالشام ستين ألفًا من جيشنا وإنا سنعود في الخريف لأخذ الديار المصرية.

وفي الثاني والعشرين منه، بطل التتار حصار القلعة، ومشى الناس في تلك النواحي، وقد بقيت بلاقع من الحريق والخراب وذهاب الأبواب والأخشاب.

وفي الثالث والعشرين بطل عمل المنجنيق، فنزل من الغد القلعية ونشروا الأخشاب وأفسدوها وظفروا بالشريف القمي فأسروه وأخذوه إلى القلعة.

ورحل عن البلد النوين خطلوشاه وصاحب سيس، وخف التتار من البلد جدا، وقلعت ستائرهم من أماكنها وتنسم الناس الخير وعبرنا في باب البريد فإذا هو أنحس من خان في منزلة، دكاكينه بوائك وأرضه مرصوصة بالزبل سمك ذراع وأقل، ووصلنا إلى باب النصر، ودقت البشائر يومئذ بالقلعة وجليت لسلامتها ولله الحمد.

وخرج يومئذ من البلد الصفي السنجاري والأمير يحيى ونودي في البلد: اخرجوا غدًا للقاء سلطانكم قبجق، فقد دفع الله عنكم العدو.

ورجع الأمير سيف الدين قبجق وبكتمر السلحدار وألبكي وجماعة من الجند تلفقوا له من البلد وظهروا، وأخذت له عصائب من تربة الملك الظاهر رنك الملك السعيد قد زالت عنها السعادة، فعملت في رمح على رأسه وسللت بين يديه سيوف ونزل في القصر، وخرج الناس إلى الغوطة والجبل ينوحون على مساكنهم من وجه ويفرحون بسلامتهم من وجه.

وحكى لنا ابن تيمية طلوعه إلى خطلوشاه إلى القصر هو والقاضي تقي الدين الحنبلي وغيره، وباتوا بالمنيبع وخاطروا بنفوسهم، وحضر عند خطلوشاه فرآه كهلاً، أمرد، أصفر، كبير الوجه، عليه غضب وزعارة وأنه من

ص: 713

ذرية جنكزخان، ورأى صاحب سيس واقفًا في خدمته وذكر لنا اجتماعه بقازان ودعاءه له بالصلاح واجتماعه بالوزيرين سعد الدين ورشيد الدولة الطبيب والنجيب اليهودي الكحال وشيخ الشلوح والسيد القطب ناظر الخزانة، والأصيل ولد النصير الطوسي ناظر الأوقاف، وهؤلاء متعممو التتار.

وبيعت الكتب وأجزاء الحديث بالهوان، ولم يتورع أحد عن شرائها إلا القليل وكشطت وقفيتها وغسل بعضها للوراقة وعدم شيء كثير من أصول المحدثين وسماعاتهم، وغلت الأسعار ووصل القمح إلى ثلاثمائة درهم وبيع الزبيب أوقيتين ونصف بدرهم، ورطل اللحم بتسعة دراهم وأوقية الجبن بقريب درهم إلى نحو ذلك.

وبقي قبجق يعمل السلطنة ويركب بالشاويشية والعصابة، ويجتمع له نحو مائة فارس، وأمر جماعة، ورأيناهم لابسي الشرابيش. وولي ولاية البلد أستاذ داره علاء الدين وجعله أميرًا، وجهز نحو ألف من التتار إلى جهة خربة اللصوص، وولى شمس الدين ابن الصفي السنجاري حسبة البلد، وركب بخلعة بطرحة، وفتحت أبواب المدينة سوى الأبواب التي حول القلعة.

ويوم الجمعة رابع جمادى الآخرة، صلى الأمير يحيى بالجامع ويومئذ ضربت البشائر بالقلعة وعلى باب قبجق، وسكن في دار بهادر آنص.

وفي وسط الشهر نودي في دمشق بإدارة الخمر والفاحشة، وجعل ذلك بدار ابن جرادة بالسبعة، وضمن ذلك اليوم بنحو الألف.

وخرج جماعة من القلعة وساقوا إلى عند باب الجابية وهرب منهم التتار، فضربت العوام التتار، وحصل بذلك شوشة، وغلق باب الصغير وقتل من التتار جماعة فيما قيل.

وفي العشرين من الشهر، رجع بولاي من الغور بتقدمته وجاؤوا إلى ظاهر دمشق، وخاف الناس، وجبي من البلد لهم جملة، ثم خرج جماعة من

ص: 714

القلعية وخلصوا غنائم التتار، وقتلوا جماعة وقتل منهم أيضًا جماعة واختبط البلد.

وفي الثامن والعشرين من الشهر دخل الخطيب بدر الدين وطائفة إلى القلعة، ومعهم نائب الأمير يحيى، وتكلموا مع أرجواش في صلح يكون بينه وبين نواب التتار وقبجق، فلم يقع اتفاق.

وفي ثاني رجب جمع قبجق الأعيان والقضاة إلى داره وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وعدم المداجاة.

وتوجه يومئذ ابن تيمية إلى مخيم بولاي بسبب الأسرى واستفكاكهم من أصحابه، فغاب ثلاث ليال.

ويوم ثالث رجب توجه جماعة من الرؤساء بطلب إلى مخيم بولاي ورجعوا من الغد، فنهبوا عند باب شرقي وأخذت عمائمهم وثيابهم ودخلوا، فطلبوا في اليوم بعينه فاختفى بعضهم وتوجه البعض، فسافر بولاي والتتار، وأخذوا معهم بدر الدين ابن فضل الله وأمين الدين ابن شقير وعلاء الدين ابن القلانسي وولد شمس الدين ابن الأثير، فأطلقوا من عند الفرات ابن شقير فتوصل إلى حلب.

وفي رابع رجب طلع الناس إلى المنائر، وأخبروا أنهم رأوا خلقًا من التتار رائحين في عقبة دمر. ورحل بولاي إلى بعلبك والبقاع ونظفت ضواحي دمشق منهم والبلد وسافر الناس في عاشر رجب إلى القبلة والشمال ويومئذ صلى قبجق الجمعة في جمع كبير معه بالعدد والسلاح في مقصورة الخطابة.

ويوم ثالث عشر رجب تشوش البلد بسبب رجوع طائفة من التتار إلى ظاهر باب شرقي وكان الناس يتفرجون في غياض السفرجل، فرجعوا مسرعين وشلح بعضهم وأخذ بعض الصبيان، ثم كان هذا آخر العهد بالتتار وكفى الله أمرهم.

وأما قبجق فإنه يوم نصف رجب انفصل عن البلد هو وأتباعه ومعه عز الدين ابن القلانسي، وتوجهوا إلى نحو مصر، فقام أرجواش بأمر البلد وأمر بحفظ الأسوار والمبيت عليها بالعدد وأن من بات في داره شنق وأغلق أبواب البلد، ثم فتح للناس باب النصر بعد ارتفاع النهار وجفل الناس من

ص: 715

الحواضر، فلما كان يوم الجمعة سابع عشر رجب أعيدت الخطبة بدمشق لصاحب مصر بعد ذكر الحاكم بأمر الله، فضج الناس عند ذلك وفرحوا، وكان مدة إسقاط ذلك مائة يوم.

ويومئذ دار ابن تيمية وأصحابه على ما جدد من الخمارات فبدد الخمر وشق الظروف وعزر الخمارين، ثم زين البلد من الغد يوم السبت.

ويوم عاشر شعبان قدم الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق، ثم قدم أمير سلاح والميسرة المصرية بعد يومين، ثم دخلت الميمنة وعليها الحسام أستاذ دار، ثم دخل يوم رابع عشر شعبان القلب وعليه نائب المملكة سلار، ونزل الكل بالمرج.

وفيه ولي القضاء بالشام ابن جماعة وقضاء الحنفية ابن الحريري، ودرس بالأمينية جلال الدين بدلاً عن أخيه المتوفى إلى رحمة الله، وولي نظر الديوان ابن الشيرازي عوضًا عن المتوفى ابن الشيرجي وولي بر البلد الأمير عز الدين أيبك الدويدار النجيبي.

وفي ثامن رمضان رجع سلار بالجيش إلى القاهرة.

وفي شوال بعث الشريف زين الدين ابن عدنان من القاهرة مقيدًا وحبس بحبس باب الصغير.

وفي شوال توجه ملك الأمراء الأفرم إلى جبال الجرد لحربهم، فإنهم كانوا قد بدعوا في الجيش عقيب الكسرة، وأسروا وقتلوا وسلبوا وما أبقوا ممكنًا، ومع هذا فغايتهم أن يكونوا رافضة وإلا فبعض الناس يقول: هم زنادقة منحلين من الدين، فذلوا ودخلوا في الطاعة وقهروا وقرر عليهم مبلغ كبير من المال والتزموا برد جميع ما أخذوه للجند، وأقطعت أرضهم.

وفي ذي القعدة ألزم الناس بتعليق العدد وأمروا بتعلم الرمي، وجددت الإماجات في المدارس والمساجد ونودي في الناس بذلك وأرسل قاضي القضاة إلى جميع المدارس والفقهاء بذلك، وكتب إلى جميع البلاد الشامية في هذا المعنى.

ص: 716

‌سنة سبعمائة

في أولها جلس الديوان المستخدم لاستخراج أربعة أشهر من جميع الأملاك والأوقاف التي بدمشق وظاهرها، فعظم ذلك على الناس وهرب غير واحد واختفى آخرون.

ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار، وشرع الناس في الجفل إلى مصر وإلى الحصون واشتد الأمر في صفر، وغلا الكراء وبلغ كراء المحارة خمسمائة إلى مصر، وأبيعت الأمتعة والنحاس بالهوان، ثم نودي في البلد أن لا يسافر أحد إلا بمرسوم.

وجاءت قصاد المسلمين بركوب التتار، فاختبط البلد.

ودقت البشائر لركوب السلطان من مصر.

ثم جفل من البلد بيت ابن فضل الله في جمع كبير ثم بيت قاضي القضاة وبني صصرى وبني القلانسي وبني المنجى وخلق كثير.

وفي ربيع الأول فترت الأخبار يسيرًا ووصل السلطان إلى غزة، فلما استهل ربيع الآخر كثرت الأراجيف والإزعاج بالتتار، ووصل بعضهم إلى البيرة، فخرج جيش دمشق كله وعرضت العامة والعلماء وغيرهم، فبلغوا خمسة آلاف.

وولي الشد بدمشق عوض أقجبا الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري الحاجب.

وفيه عدى العدو المخذول الفرات، وقنت الخطيب في الصلوات واشتد الأمر ودخلت التتار إلى حلب وتأخر نائبها إلى حماة واكتريت المحارة بثلاثمائة، وخرج الناس هاربين على وجوههم.

ثم نودي في أواخر الشهر بإبطال الجباية وكان قد جبي الأكثر وبقي كل معثر وضعيف وهارب وما نفع الله بما استخرجوا من الأموال وأكلت وتمسخت.

واشتد المطر والوحل إلى الغاية وقاسى المنهزمون الشدائد في الطرق

ص: 717

حتى إن الإمام استصحى في الخطبة.

وساق بتخاص المنصوري إلى السلطان وهو نازل على بدعرش بقرب قاقون ليخبره بأن العدو في البلاد وقد قربوا، فضعف الجيش عن اللقاء وجبنوا، ورحل السلطان إلى الديار المصرية ولم تظهر لمجيئه ثمرة، فوجلت القلوب واختبط البلد، وأيقن الناس بالهرب أو العطب واكتريت المحارة بخمسمائة في الوحل العظيم والبرد الشديد والأمطار، وهلك الدواب والناس في الطرق واستهل جمادى الأولى والناس في حالة الله بها عليم، فخرج يومئذ شيخنا ابن تيمية إلى المرج، واجتمع بنائب السلطنة وسكنه وثبته وأقام عنده يومين، ثم ساق على البريد إلى السلطان فلم يدركه وفات الأمر، فساق إلى القاهرة فدخلها يوم دخول الجيش.

ويوم سابع جمادى الأولى قدم بكتمر السلحدار في ألف فارس وتيقن الناس رجعة المصريين إلى بلادهم، واستمروا في الكري والسفر وانجفل من البلد أمم عظيمة.

ويوم التاسع من الشهر أصبح الناس في خوف مفرط وذلك أن والي البلد ابن النحاس جفل الناس بنفسه، وصار يمر على التجار في الأسواق ويقول: أيش قعودكم؟ ومن قدر على السفر فليبادر، ثم نودي في البلد بذلك الظهر فصاح النساء والأولاد وغلقت الأسواق وبقي الناس في كآبة وخمدة وقالوا: عسكر المسلمين قد فرط فيه، الأمراء المصريون قد رجعوا وعسكر الشام لا يقوم بملتقى قازان لو ثبتوا، كيف وهم عازمون على الهرب؟ والنائب الأفرم من عزمه الملتقى لو ثبت معه الجيش، أما إذا خذلوه واندفعوا بين يدي العدو فما حيلته وتحدث الناس أن قازان يركب من حلب إلينا في عاشر جمادى الأولى، ودخل القلعة في هذا اليوم خلق كثير بأقواتهم وأموالهم حتى ضاقت بالخلق وانرصت حتى رضي كثير من الناس بأن يصح لهم مكان لجلوسهم لا يمكنهم فيه النوم، وحاروا في أمرهم وبولهم، ثم نودي في عاشر الشهر: من قصده الجهاد فليقعد ويتهيأ له ومن هو عاجز فلينج بنفسه.

ص: 718

ثم خرج من القلعة خلق مما حل بهم من الضنك والويل وهجوا إلى مصر والقلاع، وسافر من تبقى بالبلد من الكبار الذين جلسوا جرائد، فسافر قاضي القضاة ابن جماعة والقاضي نجم الدين ابن صصرى والقاضي شمس الدين ابن الحريري وشرف الدين ابن القلانسي ووجيه الدين ابن المنجى واستناب ابن جماعة في القضاء والخطابة التاج الجعبري والبرهان الإسكندراني.

وطلع إلى المرج الشيخ زين الدين الفارقي والشيخ إبراهيم الرقي والشيخ محمد بن قوام والشيخ شرف الدين ابن تيمية وابن جبارة وطائفة وحرضوا الأفرم على الثبات وشكوا إليه ما نزل بالناس وما هم من الجلاء، فتألم لذلك ووعد بخير، ثم قصدوا الأمير مهنا وساقوا وراءه في البرية مسيرة يومين عن البلد، فاجتمعوا به وقو اعزمه على الرجوع وملتقى العدو مع الأفرم، فأجابهم ونالهم في البرية خوف وخرج عليهم حرامية العرب وشهروا عليهم السلاح وسلمهم الله، ثم قدم الأمير عز الدين الحموي بجماعته من صرخد.

وفي سابع عشره وقع يزك الحمويين على غيارة التتار فنصرهم الله وقتل من التتار نحو المائة وقيل أكثر من مائتين وأسروا من التتار بضعة عشر نفسًا، ووقعت بطاقة بذلك وبأن الطاغية قازان رد من حلب وأنه عدى الفرات إلى أرضه في حادي عشر الشهر، وطلب متولي حماة نجدة ومددًا ففرح الناس وبلعوا ريقهم والتجأوا إلى الله في كشف ضرهم، ثم وصل البريد في تاسع عشر وأخبر بتحقق ذلك وأن التتار المتخلفين في بلاد حلب خلق كثير لكنهم في نهاية الضعف والبرد والثلوج، وغلا اللحم في هذه الجمعة بدمشق حتى بلغ الرطل تسعة دراهم وحتى أبيع رأسان بخمسمائة درهم ونزلت الغلة بسبب الجفل إلى مائة درهم.

واستهل شباط والأمطار في غاية الكثرة.

وفي الخامس والعشرين من جمادى الأولى وصل كتاب ابن تيمية بأنه دخل القاهرة في سبعة أيام واجتمع بأركان الدولة وحصل بتحريضه وترغيبه وترهيبه خير وتحركت همم الأمراء، واعتذروا ونودي في القاهرة بالغزاة،

ص: 719

وقوي العزم، وأنه نزل بالقلعة، ثم وصل إلينا يوم السابع والعشرين من جمادى الأولى، ثم خرج الناس من القلعة ووقعت الطمأنينة والحمد لله وبطل الناس القنوت في ثالث جمادى الآخرة. ومشت الأحوال.

ثم في ثالث عشره دخل الأفرم من المرج بعد أن أقام به أربعة أشهر ودخل معه بكتمر السلحدار وعز الدين الحموي وبهاء الدين يعقوبا، وشرع الجفال يجيئون من الصبيبة والحصون، هذا والتتار نازلون بناحية دربساك وبغراس ينتقلون في المراعي ويعيثون ولا لهم من يمنعهم ولا من يطردهم، وما جاوزوا الفرات إلى ثاني رجب.

وفي حادي عشر رجب دخل الأمراء المجردون بحمص واستيقن الناس خروج التتار من الشام وسلم الله.

وفي شعبان قرئت الشروط على أهل الذمة بحضور الأفرم والقضاة، وحصل اتفاق على عزلهم من الولايات ومنعهم من ركوب الخيل ومن العذبات، ثم ألزموا بلبس الأصفر والأزرق من العمائم، فبادروا إلى ذلك، واستمر هذا من حينئذ.

وفي رمضان دخل سيف الدين أقجبا المنصوري القلعة وجعل شريكًا لأرجواش.

وفي ذي القعدة ولي قضاء الحنفية جلال الدين الرومي موضع ابن الحريري ولاه النائب والوزير الأمير شمس الدين الأعسر، وكان قد قدم ثم توجه إلى البلاد الشمالية يكشفها ورجع بعد شهر.

وقدم رسول الملك قازان فجهز إلى الديار المصرية والله يجمع كلمة الإسلام في خير وعافية.

وهذا آخر ما قضى الله لي تأليفه من كتاب تاريخ الإسلام والحمد لله على الإتمام والصلاة على نبينا محمد وآله والسلام.

فرغت منه في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبعمائة، قاله محمد بن أحمد بن عثمان.

ص: 720

بسم الله الرحمن الرحيم

(الوفيات)

‌المتوفون سنة إحدى وتسعين وستمائة

1 -

‌ أحمد بن الحسن بن أبي البركات محمد بن الحسن

بن عبد الله ابن الجباب، السعدي.

روى عن مظفر الفوي ومات بالإسكندرية.

2 -

‌ أحمد بن سعد بن سليمان

، العدل، تقي الدين ابن البوري، البغدادي، التاجر.

ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة وقدم دمشق تاجرًا، فحدث عن: أبي منصور عبد الرحمن بن عثمان بن أبي السعادات القزاز وعلي بن أحمد النيلي المؤدب، سمع منه: أبو محمد البرزالي وجماعة ومات في شوال.

3 -

‌ أحمد الصاحب تاج الدين ابن المولى شرف الدين سعيد

بن شمس الدين محمد ابن الأثير، الحلبي، الموقع، كاتب السر.

توفي بغزة ذاهبًا إلى القاهرة في شوال وكان كبير القدر، رفيع الذكر وزير السر، عديم الشر وبيت ابن الأثير هؤلاء غير بيت ابن الأثير الذين بالموصل.

توفي إلى رحمة الله في تاسع عشر الشهر، ولي كتابة السر بعد فتح الدين ابن عبد الظاهر شهرًا ولحقه، ثم ولي بعده ولده عماد الدين إسماعيل وطلب القاضي شرف الدين عبد الوهاب ابن فضل الله وأشرك بينهما، ثم استقل ابن فضل الله بمفرده، وصرف عماد الدين إلى التوقيع.

4 -

‌ أحمد بن سليمان بن أحمد ابن الرحبي

، البطائحي، أبو العباس، شيخ الأحمدية بالقاهرة.

ص: 721

توفي في ذي الحجة وقد روى عن سبط السلفي، وقدم دمشق في دست الإكرام والمشيخة وكان قد ربط الملك الأشرف وراج عليه.

5 -

‌ أحمد ابن الجمال محمد بن أحمد بن يمن

، العرضي، العدل، شمس الدين سبط القاضي صدر الدين ابن سني الدولة.

له سماع من الرشيد بن مسلمة ولي خطابة المزة مدة وشهد تحت الساعات.

توفي بوادي فحمة في شعبان.

6 -

‌ أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن يوسف

، المقدسي، الصالحي، الحداد، ابن أخت المجاهد.

حضر على ابن الزبيدي، وسمع من جعفر وابن اللتي وتوفي في سلخ السنة.

7 -

‌ أحمد بن يحيى بن علي

، العدل، شهاب الدين الحضرمي، الدمشقي.

توفي في سلخ المحرم، وقد روى عن الرشيد ابن مسلمة، وتوفي أخوه الزين يحيى في ربيع الأول وكان يروي أيضًا عن ابن مسلمة.

8 -

‌ أحمد بن أبي بكر بن مكي بن عبد الصمد

، العدل شهاب الدين ابن المرحل الشافعي، الدمشقي.

توفي يوم عيد الفطر بدمشق، وكان يشهد تحت الساعات. وهو والد الفقيه بهاء الدين.

9 -

‌ أحمد بن يوسف بن يعقوب بن علي

، الأستاذ، أبو جعفر الفهري، اللبلي، أحد المشاهير بالمغرب.

ولد بلبلة من الأندلس عام ثلاثة عشر وستمائة وأخذ بإشبيلية عن: أبي علي الشلوبين وأبي الحسن ابن الدباج وبلبلة عن: يحيى بن عبد الكريم

ص: 722

الفندلاوي وببجاية عن: أبي الحسين ابن السراج، وبتونس عن: أحمد بن علي البلاطي، وبالإسكندرية عن: السبط والمرسي وبمصر عن: محمد بن لب بن خيرة والزكي المنذري وابن عبد السلام وبدمشق عن: الشرف الإربلي وعن: الخسروشاهي المتكلم ومن تواليفه: كتاب شرح الفصيح وكتاب مستقبلات الأفعال وجمع مشيخته، وله عقيدة صغيرة.

قال أبو عبد الله الوادياشي: أخذت عنه سماعًا وإجازة وانتفعت به، مات في غرة المحرم بتونس ودفن بداره.

10 -

‌ إبراهيم بن أياز

، النظامي، الحلبي.

روى عن يوسف بن خليل، ومات بمصر في جمادى الآخرة.

11 -

‌ إبراهيم بن براق بن طاهر

، الشرف الصالحي.

حدث عن: ابن اللتي وجعفر، ومات في المحرم، وحدث بالحجاز وبظاهر عكا، وكان يشهد.

12 -

‌ إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم ابن أمين الدولة

، العدل، كمال الدين، أبو إسحاق الحلبي.

رحل مع الحلبيين إلى بغداد وسمع من أبي إسحاق الكاشغري وابن الخازن وموهوب ابن الجواليقي.

وحدث بمصر وبها توفي في السادس والعشرين من المحرم بالمارستان المنصوري.

وكان له فضيلة، درس بالحلاوية بحلب، حمل عنه سعد الدين الحارثي وابن سامة وطائفة.

13 -

‌ إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد

، الشيخ العابد، زكي الدين ابن المعري، البعلبكي.

ولد سنة تسع وستمائة، وسمع حضورًا من الشيخ الموفق.

حدث عنه محيي الدين ابن اليونيني والبرزالي.

قرأت ترجمته بخط شيخنا أمين الدين محمد بن خولان: زكي الدين أبو إسحاق من أعيان العدول والعلماء العاملين، صحب الفقيه اليونيني وقرأ عليه

ص: 723

المقنع، وصحب الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله اليونيني والشيخ عثمان.

وسمع الكثير على الشيخ البهاء، وابن رواحة، ولم يتزوج قط ولا اشتغل بشيء من المكاسب، وكان قنوعًا، يقوم الليل ويصوم كثيرًا، وغالب أيامه يقرأ نصف ختمة، صحبته قريبًا من عشر سنين، كلانا في بيت واحد ولم أعلم أنه قرأ في يوم أقل من سبعي ختمة سوى التسبيح والأذكار.

وما رأيته نام على جنبه الأيسر قط وقال في مرضه الذي مات فيه: قد عملت كما قال الله سبحانه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقد اتقيت الله ما استطعت وما أعلم أني فعلت كبيرة قط.

ومات بالإسهال في سابع شوال، رحمه الله تعالى.

14 -

‌ إبراهيم ابن مجد الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن رسلان

، ابن البعلبكي برهان الدين.

مات بصفد، روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي وابن المقير.

15 -

‌ إدريس بن محمد بن عبد العزيز

، الشريف، أبو الفضل الحسني، الإدريسي.

مات في أول المحرم بالقاهرة وهو أخو شيخنا جعفر.

سمع وروى عن ابن باقا وكان يمد في الذهب بالقاهرة.

16 -

‌ أسماء بنت أبي بكر بن يونس

، الدمشقية، عمة شيخنا أبي علي ابن الخلال.

روت عن ابن اللتي وجعفر الهمداني، سمع منها: المزي وابن تيمية والبرزالي وجماعة.

وتوفيت في سابع المحرم.

17 -

‌ إسماعيل بن إلياس بن أحمد

، مجد الدين التنوخي، الذهبي.

رجل صالح، انقطع في بستانه بقصر اللباد مدة، وما رأيته قط وذهبت مع أبي غير مرة يعوده وأقف بالدابة.

حدث عن: ابن المقير وابن باسويه وسالم بن صصرى، سمع منه:

ص: 724

الشيخ علي الموصلي والبرزالي والجماعة، ومات في شوال ببستانه.

18 -

‌ إسماعيل ابن شيخنا بهاء الدين محمد بن يوسف ابن البرزالي

، أبو طاهر الشافعي.

شاب، فاضل، دين ولد سنة إحدى وسبعين وحفظ القرآن، وسمع من أحمد بن أبي الخير والقاسم الإربلي والشيخ شمس الدين ابن أبي عمر وطائفة مع أخيه الحافظ علم الدين وأسمعه الكتب الستة والمسند كله ودلائل النبوة للبيهقي وحفظ أكثر التنبيه.

ومرض بالسل ستة أشهر وحصل له في المرض إقبال على الطاعة وملازمة للفرائض، حتى كان يصلي إيماء، وقال له والده قبل موته بيوم: أيش تريد؟ قال: أشتهي أن يغفر الله لي، وأن تقرأ وتهدي إلي، فكان أبوه يقرأ كل يوم سبعًا ويهديه إليه إلى أن مات أبوه.

ولما احتضر كان يقرأ معهم بمشقة سورة يس، ثم قال لوالده: الساعة أموت فأحضروا المغسل، فقال له أبوه: إنه لا يحضر معنا إلا بعد الموت فقال: أنا والله ميت في هذه الساعة فأسرعوا، ثم أذنت العصر فأجاب المؤذن وقال: إني والله أحب لقاء الله وأنا أروح إلى دار السعادة، وكررها، ثم قال: هذه دار الشقاء تتعب وتقتل، ثم غمض عينيه ومات في ذي الحجة.

19 -

‌ الفقيه بكران

، خطيب زملكا.

توفي بالقرية المذكورة في العشرين من المحرم.

20 -

‌ جرمك الناصري

، من كبار الأمراء.

مات في هذه السنة.

21 -

‌ جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن جيش

، الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الربعي، الحراني، ثم الدمشقي المقرئ المجود، الكاتب المعروف بابن دبوقا.

ولد في حدود العشرين وستمائة، وقرأ القراءات على السخاوي، وتعانى الكتابة والخدم، ثم أضر في آخر عمره وانقطع إلى الإقراء والإمامة

ص: 725

بمسجده الذي برأس الخواصين، وكان حلقة إقرائه عند المكان المعروف بقبر هود من الجامع.

وكان شيخًا حسنًا، طويلاً، مليح الأخلاق، موطأ الأكناف، فصيح التلاوة، له عبادة ومعرفة متوسطة بالقراءات، وله مشاركة في العلم والأدب، لكن حدثني شمس الدين الرقي عنه أنه كان يدخل في السيمياء والسحر، قرأ عليه البرهان ابن الكحال وغيره، وقرأ عليه ببعض الروايات صاحبنا بدر الدين ابن بصخان النحوي، وروى الحديث عن: السخاوي وغيره، سمع منه: البرزالي وقرأ عليه القرآن أيضًا، وكنت في أيامه أقرأ للسوسي، على الشيخ محمد الضرير.

توفي في السادس والعشرين من رجب.

22 -

‌ جلال الدين الخبازي واسمه عمر بن محمد بن عمر أبو محمد الخجندي

، الماوراء نهري، الحنفي.

أنبأني الفرضي أنه كان فقيهًا، زاهدًا، عابدًا، متنسكًا، عارفًا بالمذهب صنف في الفقه والأصلين، ودرس بالعزية التي على الشرف بدمشق، ثم حج وجاور سنة، ثم رد إلى دمشق ودرس بالخاتونية التي على الشرف القبلي إلى أن توفي لخمس بقين من ذي الحجة، ودفن بمقابر الصوفية عن اثنتين وستين سنة.

قلت: درس بخوارزم وأعاد بالنظامية ببغداد، مولده بحلب يوم الجمعة الثاني من رجب سنة أربع عشرة وستمائة.

23 -

‌ حاتم بن الحسين بن مرتضى بن أبي الجود حاتم

، المصري.

توفي بمصر في ربيع الآخر وحدث عن جده، سمع منه الفرضي وكناه أبا الجود.

24 -

‌ حرمية بنت تمام بن إسماعيل بن تمام

، أم محمد السلمية، الدمشقية.

ص: 726

امرأة صالحة عابدة، ذات أوراد وخير ولدت في حدود الستمائة وعمرت دهرًا، وروت بالإجازة عن: عين الشمس الثقفية وجماعة، سمع منها: البرزالي وابن سيد الناس والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وجماعة.

توفيت في شوال.

25 -

‌ داود بن مسعود بن أبي الفضل

، الأجل، سيف الدين ابن التنبي.

توفي في صفر، وكان يجلس عند شباك الكاملية، روى عن ابن اللتي.

وكان رجلاً عاقلاً من أولاد الناس، توفي في عشر الثمانين.

26 -

‌ سابق الدين الميداني

.

من كبار أمراء دمشق وكان شيخًا تركيًا قد شاخ وابيضت لحيته وهو معروف بالشجاعة والفروسية.

توفي في شوال وكان علمه أبيض وداره بقرب حمام كرجي.

27 -

‌ سعد الله بن مروان بن عبد الله بن فير

، الصدر، الأديب، العلامة، سعد الدين الفارقي، الكاتب.

كان منشئًا، بليغًا وشاعرًا محسنًا، وكان عدلاً من كبار الموقعين بالديار المصرية، سمع مع أخيه الشيخ زين الدين من كريمة وابن رواحة وابن خليل وجماعة، وحدث بمصر ودمشق، وبها توفي في منتصف رمضان ودفن بسفح قاسيون رحمه الله، مات في الكهولة.

28 -

‌ سليمان بن ثابت بن منيع

، الفقير.

حدث عن ابن رواج ومات بمصر.

29 -

‌ سليمان بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن حمزة

، الشيخ بهاء الدين أبو المجد البهراني، الحموي، سبط علي بن الحبقبق الدمشقي.

ص: 727

سمع من زين الأمناء وابن غسان والناصح ابن الحنبلي والفخر ابن الشيرجي وكريمة بنت الحبقبق وأختها صفية، أخذ عنه المزي والبرزالي والجماعة ومات في أوائل شعبان.

30 -

‌ سليمان بن محمد الفقير

، الحريري، المغربل، المعروف بالغث.

من مشاهير الفقراء المداخلين للأمراء، وكان يصحب الشجاعي وله صورة وفيه مردكة وقلة خير.

توفي في رمضان بدمشق وصلي عليه بدمشق عقيب الجمعة، ولعله رحم بذلك، مات في الكهولة، رأيته وكان مليح الشكل.

31 -

‌ سنقر الأشقر

، الأمير الكبير، الملك الكامل، شمس الدين الصالحي، من أعيان البحرية.

حبسه الملك الناصر بحلب أو غيرها، فلما استولى هولاكو على الشام وجده محبوسًا فأخرجه وأنعم عليه وأخذه معه، فبقي عند التتار مكرمًا وتأهل وجاءته الأولاد، ثم حرص الملك الظاهر خشداشه على خلاصه، فوقع ابن صاحب سيس في أسره، فاشترط على والده أن يسعى في خلاص سنقر الأشقر، وجرت فصول قد ذكرناها ويسر الله وخلص وقدم، فأكرمه الملك الظاهر وسر بقدومه وأعطاه مائة فارس، ثم ولي نيابة دمشق سنة ثمان وسبعين، ثم تسلطن بدمشق في آخر السنة، وجرت له أمور ذكرنا أكثرها في الحوادث وآخر أمره أن الملك الأشرف صلاح الدين في آخر العام خنقه.

رأيته شيخًا أشقر، كبير اللحية، ضخمًا، سمينًا، على عينيه شعرية من الرمد وكان بطلاً شجاعًا كريمًا محببًا إلى الرعية، قليل الأذية، خلف عدة أولاد وبعضهم أمراء، وله ابن في التتار من مقدميهم، وأما رنكه فجاخ أسود بين أبيضين، ثم فوقه وتحته أحمر، وكان يكتب عامته سنقر الأشقر ومات يوم مات وقد قارب السبعين أو جاوزها.

وكان مصافيًا للظاهر وهما أجناد وبينهما ود، ثم كان نظيرًا للظاهر في أيام المعز، ولما تملك الظاهر تذكر صحبته له واشتاق إليه وبلغه بقاؤه مع التتار فحرص على خلاصه كما ذكرنا.

ذكر ذلك ابن عبد الظاهر، فمن جملته أن السلطان من جملة

ص: 728

ما خاطب الأمراء: يا أمراء لو وقعت في الأسر ما كنتم تفعلون؟ فقبلوا الأرض وكان ولد صاحب سيس الذي في الأسر عزيزًا عند أبيه، فلما أراد السلطان أن يبعثه بالغ في إكرامه وأعطاه من الآلات والنفائس جملة وحلفه له، فلما وصل إلى أبيه طار عقل أبيه فرحًا به، ونزل له عن سلطنة الأرمن وانعزل وبعث يقول للظاهر: قد نزلت عن الملك لعتيقك ولدي، ولما قرب وصول سنقر الأشقر خرج الظاهر يتلقاه سرًا وما شعر الأمراء به إلا وقد خرجا معًا من المخيم، ثم أعطاه من الأموال والعدد والخيل والغلمان ما أصبح به من أكبر الدولة، حتى كأنه أصيل في الإمرة، ثم بادر الأمراء بالتقادم إليه، وبقي السلطان عدة أيام يسير إليه كل يوم خلعة بكلوتة زركش وكلابند ذهب وحياصة وفرس وبألف دينار، حتى تعجب الناس، وأقطعه مائة فارس وعمل نيابة دمشق ثم تسلطن بها ولم يطل ذلك، ثم استولى على صهيون وشيزر وبلاطنس وبرزية، ثم أخذت منه شيزر وعوض بأنطاكية، والتزم بإقامة ستمائة فارس.

32 -

‌ شرف الدين ابن خطير الرومي الأمير

، من أمراء دمشق في الدولة المنصورية.

وكان شابًا مليح الشكل، فيه لعب وانبساط، فلما تملك الأشرف وحاصر عكا رآه وخف على قلبه وصار من ندمائه، فأخذه معه إلى مصر ومات شهيدًا على قلعة الروم قبل أن يتكهل، وخلف ابنين أحدهما من حجاب دمشق.

33 -

‌ طقصو من كبار الأمراء المصريين

.

وكان يذكر فيمن يصلح للسلطنة وهو حمو السلطان حسام الدين لاجين، قتله السلطان الملك الأشرف بمصر، فقيل: خنقه لأمر اتهمه به، وكان من أبناء ستين سنة أو نحوها، فيه شجاعة وخبرة بالأمور وسؤدد.

34 -

‌ عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر

، الشيخ الإمام مجد الدين أبو محمد الطبري، المكي، الشافعي، المحدث، المفتي.

ولد بمكة سنة تسع وعشرين وستمائة، وسمع من ابن المقير وابن الجميزي وشعيب الزعفراني وجماعة، وقدم دمشق فلحق بها الرشيد ابن مسلمة ومكي بن علان فسمع منهما، وسمع بمصر من سبط السلفي، وعني

ص: 729

بالحديث وكتب الأجزاء، وبرع في الفقه ودرس وأفتى وولي الإمامة بمكة، ثم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم في أواخر أيامه بيت المقدس وأم بالصخرة، فجمع الله الإمامة له في المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وأفتى بالأماكن المذكورة وكان حسن السمت، كثير التلاوة والتعبد.

كتب عنه أبو الحسن ابن العطار والبرزالي والجماعة، وكتب إلي بمروياته في سنة ثلاث وسبعين وتوفي بالقدس في ثامن عشر شوال.

35 -

‌ عبد الحكم بن مظفر بن رشيق الربعي المالكي

، جلال الدين.

ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر، وله إجازة من بغداد في سنة ثلاث وعشرين وستمائة.

مات في جمادى الأولى، وقد أجاز للبرزالي.

36 -

‌ عبد الرحمن بن سليم بن منصور بن فتوح بن يخلف بن شذرات

، الشيخ علم الدين أبو القاسم ابن العمادية، أخو الوجيه الحافظ.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من ابن عماد الخلعيات وكان فقيهًا عدلاً.

توفي بالإسكندرية في رمضان.

37 -

‌ عبد الرحمن بن عبد النصير بن عبد الوهاب بن سالم

، شرف الدين، الجذامي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بالقارئ.

رجل صالح، فاضل. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، وسمع: محمد بن عماد وابن عيسى. وتوفي في جمادى الأولى، سمع منه: البرزالي وابن سيد الناس.

38 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن منصور

، شهاب الدين القصاع.

عدل، دمشقي، سمع من ابن الزبيدي وابن صباح ومات في صفر وكان يبيع القِصَع.

ص: 730

39 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن ثامر بن هرثمة الرصافي

.

أجاز له ابن الزبيدي وجماعة، مات في جمادى الأولى.

40 -

‌ عبد الرحمن بن محفوظ بن هلال

، العدل، الصالح، الخير، سيف الدين الرسعني.

روى عن الفخر ابن تيمية والموفق الطالباني والمجد القزويني وعبد العزيز بن هلالة وجماعة، وأجاز له علي بن محمد الموصلي، وعبد العزيز بن منينا، سمع منه: المزي وابن سيد الناس والبرزالي وعلاء الدين المقدسي وطائفة، وكان جارنا بدرب الأكفانيين، رحمه الله.

توفي في المحرم.

41 -

‌ عبد الغفار بن عبد اللطيف ابن زين الأمناء الحسن

، فخر الدين أبو محمد ابن عساكر.

سمع من المرسي وجماعة، وأجاز له ابن المقير وحدث. ومات في ثامن ربيع الآخر.

42 -

‌ عبد القادر بن محمد بن مسعود

، كمال الدين النجمي، البواب.

سمع: ابن القطيعي وابن الخير، عنده البخاري بفوت، مات في جمادى الأولى، وسمع أيضا من الداهري.

43 -

‌ عبد المنعم بن عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي

، نجم الدين أبو محمد ابن النجيب ابن الصيقل الحراني العدل، نزيل الإسكندرية.

ولد بحران سنة ثمان وستمائة، وسمع من الفخر ابن تيمية والموفق ابن قدامة والمجد القزويني وابن عماد الحراني والفخر الفارسي، وطبقتهم وكان رئيسًا تاجرًا، دينًا، خيرًا، سمع منه الطلبة، وتفرد بأجزاء وتوفي بالإسكندرية في الثالث والعشرين من شعبان.

44 -

‌ عبد الوهاب بن البدر بن محمد بن الحسين

بن علي بن القاسم ابن الحافظ ابن عساكر، تاج الدين، رفيقنا في المكتب.

ص: 731

شاب مليح الصورة، كثير الحياء، سمع من الفخر ابن البخاري وغيره ومات في ذي القعدة.

45 -

‌ عثمان بن خضر بن غزي بن عامر

، أبو عمرو الأنصاري، المصري، المؤدب.

روى عن مكرم وابن باقا، ومات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين.

46 -

‌ عثمان بن عبد الله بن علاق بن طعان

- ضبطه الفرضي مشددًا - أبو عمرو المدلجي، النحوي، الشافعي.

ولد بعد العشرين وستمائة، وسمع من أبوي الحسن ابن المقير وابن الجميزي ومات في سادس شوال.

47 -

‌ عثمان بن يوسف بن أبي الفرج

، أبو عمرو، شرف الدين التنوخي، خطيب حرستا.

روى عن ابن اللتي، ومات في رجب عن بضع وسبعين سنة.

48 -

‌ علي بن أحمد بن يحيى ابن الشيخ أبي الحسين

، الزاهد.

سمع: ابن اللتي والهمداني.

توفي في ذي القعدة.

49 -

‌ علي بن الحسن بن علي

، الحراني، القلانسي.

شيخ صالح معمر، قال ابن الخباز: كان من أولياء الله الصالحين، توفي يوم سلخ السنة. قال: ومولده بحران سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

50 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن عمر بن علي

، الشيخ معين الدين القرشي، الزهري، الصقلي، الإسكندراني، الكاتب.

روى عن أصحاب السلفي ومات في شعبان بالثغر، سمع منه: البرزالي والرحالة، وولد سنة اثنتي عشرة وستمائة ومن شيوخه جعفر الهمداني.

51 -

‌ علي بن علي بن سعيد

، شمس الدين العجلي، المخرمي، شيخ رباط الإبري.

ينوب في النظر في الوقوف ببغداد، مات في ذي القعدة وله ستون سنة.

ص: 732

52 -

‌ علي بن محمد بن أحمد

، أبو الحسن الحلبي، الميناوي، الزجاج.

شيخ فاضل، عدل من عدول مصر، ولد سنة ثمان وستمائة بحلب، وسمع من أبي الحسن بن روزبة وغيره، ومات في رجب.

حدث عنه البرزالي.

53 -

‌ علي بن أبي بكر بن أبي الفتح

بن محفوظ بن الحسن بن صصرى، الشيخ علاء الدين، أبو الحسن التغلبي، الدمشقي، العدل، الضرير.

من بيت تقدم وعدالة، روى الصحيح عن: عبد الجليل بن مندويه وأحمد بن عبد الله السلمي.

وسمع أيضًا من المجد القزويني، سمع منه: ابن الخباز والمزي والبرزالي وابن سيد الناس وطائفة.

توفي في خامس شعبان، ودفن بسفح قاسيون، وكان من أبناء التسعين، وداره عند باب توما، وبه ختم السماع من ابن مندويه.

*- علي بن أبي القاسم بن عبد الرحمن، معين الدين.

تقدم ذكره.

54 -

‌ عمر بن عبد الله بن عمر بن يوسف خطيب بيت الآبار

، الشيخ خطيب بيت الآبار، نجيب الدين.

روى عن عمومته وعن: الفخر الإربلي وابن اللتي، طلع إليه الطلبة غير مرة وسمعوا منه.

مات في جمادى الآخرة وقد كمل إحدى وسبعين سنة.

55 -

‌ عمر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن علي

، أبو حفص ابن الصيرفي، القرشي، المخزومي، المصري.

روى عن مكرم وغيره ومات في ثامن عشر شعبان.

ص: 733

56 -

‌ عمر بن علي

، أبو الحسن ابن الكدوف، رشيد الدين الأزدي، الإسكندراني.

شيخ مبارك، روى عن أبي القاسم ابن الصفراوي، كتب عنه الفرضي وذكروه لي فلم ألحقه.

57 -

‌ عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن باقا

، بهاء الدين.

روى عن جده ومات في سادس عشر رمضان.

*- عمر بن محمد، هو الجلال، مر.

58 -

‌ عمر بن مكي بن عبد الصمد

، الشيخ الإمام، ذو الفنون، زين الدين ابن المرحل الشافعي وكيل بيت المال بدمشق وخطيبها.

تفقه على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام وغيره، وسمع من الزكي عبد العظيم وغيره وقرأ الكلام والأصول على شمس الدين الخسروشاهي وغيره ودرس وأفتى، وكان من فضلاء الوقت، وما أظنه جاوز السبعين وانتقل إلى الله في ليلة السبت الثالث والعشرين من ربيع الأول ودفن بمقبرة باب الصغير، تقدم في الصلاة عليه الشيخ عز الدين الفاروثي الذي ولي الخطابة بعده، وكانت جنازته مشهودة ورأيته قد أجاب في مسألة الاستواء بالكف عن التأويل والتمسك بما جاء عن السلف، رحمه الله.

59 -

‌ فاطمة بنت أحمد بن يحيى ابن الزاهد أبي الحسين المقدسي

.

سمعت من ابن الزبيدي وابن اللتي وتوفيت في سلخ رجب، وكانت ساذجة بلهاء، سمع منها غير واحد.

60 -

‌ فاطمة بنت محمد ابن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي

، أم محمد.

امرأة صالحة، عابدة، سخية، جليلة، من خيار نساء دير الصالحيين، وهي زوجة الكمال أحمد ابن الكمال وأم أولاده، سمعت من جدها وابن الزبيدي وسمعت حضورًا من الشمس العطار، وتوفيت في صفر وقد نيفت على الثمانين، سمع منها: الطلبة والرحالة.

ص: 734

61 -

‌ قرارسلان

، السلطان الملك المظفر، فخر الدين ابن الملك السعيد نجم الدين أبي الفتح إيل غازي بن أرتق بن غازي بن ألبي بن تمرتاش، صاحب ماردين وابن ملوكها.

ذكرنا والده في سنة ثمان وخمسين، وبقي هذا في الملك ثلاثًا وثلاثين سنة وولي بعده ابنه الملك السعيد داود، ثم ابنه الآخر الملك المنصور نجم الدين غازي، فبقي إلى سنة اثنتي عشرة وستمائة.

فذكر الأمير شمس الدين ابن التيتي وكان قد وزر للمظفر وبعثه رسولاً إلى صاحب مصر السلطان الملك المنصور فاعتقله، قال: تملك المظفر بعد أبيه وحاصره التتار، يعني السعيد، تسعة أشهر ولم يلن جانبه لهم وقال: لو أقمت حتى لا يبقى معي أحد ما نزلت إليهم ولو دخلوا علي لعجلت بإهلاك نفسي، ثم مات في الحصار، فنزل ابنه المظفر إليهم وذكر خدمه المتقدمة وأن أباه هو الذي كان يمنعه من الدخول في طاعتهم، فقبلوا ذلك منه، وأقره هولاكو على مملكة بلده.

قال الشيخ قطب الدين: توفي في هذه السنة.

62 -

‌ محمد، شرف القضاة

، أبو الفتح ابن فخر القضاة أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين ابن الجباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري، الكاتب.

خدم في الدواوين والجهات وروى بالإجازة عن الكندي وابن الحرستاني، وسمع من عم أبيه أبي البركات عبد القوي بن الجباب وعلي بن مختار، وكان عسرًا على الطلبة.

توفي سامحه الله في السادس والعشرين من ذي الحجة وله ثلاث وثمانون سنة.

سمع منه: البرزالي وابن سيد الناس والطلبة وحدث بالسيرة عن أبي البركات.

ص: 735

63 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر

، المولى الصاحب، فتح الدين ابن محيي الدين الجذامي الروحي، المصري، رئيس ديوان الإنشاء ومؤتمن المملكة.

ولد بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الجميزي وغيره، وحدث وبرع في الأدب والرسائل وساد في الدولة المنصورية بفضائله وعقله ورأيه وهمته العالية وتفننه في العلوم والفضائل، وأقام مدة كاتب السر وصاحب الديوان، وكان السلطان يعتمد عليه في الأمور الجليلة ويثق به لدينه وتصونه وعقله وسداده، وإلى ترسله ونظمه المنتهى في الحسن، ومن شعره:

أيا عود الأراك ثملت سكرًا فهل خلفت بعدك من بقايا وهل فضلت من ريق يسير لرشفي فالخبايا في الزوايا فقال أصرت مثلي ذا ارتشاف أنا ابن جلا وطلاع الثنايا وله:

إن شئت تنظرني وتبصر حالتي قابل إذا هب النسيم قبولا لتراه مثلي رقة ولطافة ولأجل قلبك لا أقول عليلا فهو الرسول إليك مني ليتني كنت اتخذت مع الرسول سبيلا وله:

ذو قوام يجور منه اعتدال كم طعين به من العشاق سلب القصب لينها فهي غيظا واقعات تشكوه بالأوراق توفي في منتصف رمضان بقلعة دمشق، ودفن بسفح قاسيون وفجع به أبوه.

64 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر

، العلامة، جمال الدين التلمساني، الزناتي، المالكي، النحوي، أبو عبد الله، المعروف بابن حافي رأسه.

كان من أئمة العربية بالثغر، وكان يحفظ الإيضاح لأبي علي الفارسي،

ص: 736

وكان يقرئ بداره، وقد حدث عن ابن رواج، وقرأ عليه ابن المنير شيئًا من النحو.

ولد بتلمسان سنة ست وستمائة، ولم أظفر بوفاته فكتبته هنا على الظن، فالله أعلم.

65 -

‌ محمد بن عبد الله بن يحيى بن غضبان

، القاضي جلال الدين، أبو عبد الله الكناني، المصري، المعروف بابن نعير.

روى عن مرتضى ابن العفيف ومات ببلبيس في صفر وله اثنان وثمانون عامًا، حدث عنه الحافظ قطب الدين.

66 -

‌ محمد بن عبد الحكم بن عبد المحسن

، الفقيه، المفتي، أبو عبد الله المصري.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة وحدث عن: ابن الجميزي، ومات في ذي الحجة.

67 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن ملهم

، الصدر، عماد الدين القرشي الدمشقي، الصائغ، المعدل.

حضر أجزاء تفرد بسماعها من ابن البن، وسمع من ابن صباح وابن الزبيدي وابن اللتي وجماعة، سمع منه: المزي والبرزالي وأبو الفتح اليعمري وطائفة وكان عديم الفضيلة.

توفي في تاسع عشر شعبان.

68 -

‌ محمد بن عبد الرحيم بن عبد المنعم ابن الدميري

، صدر الدين، إمام السلطان ابن محيي الدين.

توفي بدمشق في رمضان، وروى عن ابن الجميزي.

69 -

‌ محمد بن عثمان بن مكي بن عثمان بن إسماعيل

، شرف الدين السعدي، المصري، الشارعي ابن الإمام جمال الدين أبي عمرو.

ص: 737

كان مؤذنًا بقبة الشافعي، وعمر دهرًا ولد سنة خمس وستمائة وأجاز له الحافظان أبو نزار ربيعة اليمني وأبو الحسن المقدسي.

وسمع من عبد العزيز بن باقا وغيره، سمع منه المصريون والرحالة.

ومات في شوال.

70 -

‌ محمد ابن الشرف أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح

، البكري، نجم الدين أبو بكر.

سمع الكثير وحدث عن ابن اللتي بمصر، ولم يرو بدمشق شيئًا وبها مات في شوال.

71 -

‌ محمد بن محمد بن ورد بن عبد الله

، الفقيه أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي، الصوفي.

سكن مصر برباط الأفرم الكبير وحدث عن: ابن الزبيدي وغيره ومات في شعبان، وسماعه للصحيح في الخامسة.

72 -

‌ محمد ابن كمال الدين المسلم بن عبد الوهاب بن مناقب

، العدل، نظام الدين الحسيني، الدمشقي، الشاهد، أمين الخزانة التي للمصحف بمشهد علي بن الحسين، رضي الله عنه.

روى عن أبيه ودرع بن فارس وعبد العزيز بن أبيه.

توفي في رمضان.

73 -

‌ محمد بن أبي بكر بن داود بن أبي بكر

، أبو عبد الله العماد ابن الهكاري، الشافعي، نزيل الرملة.

روى عن يوسف بن خليل ومات بالرملة في جمادى الأولى، وهو منسوب إلى العمادية من أعمال الموصل.

74 -

‌ محمود ابن قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحمن

ابن العلامة شرف الدين أبي سعد ابن أبي عصرون، نور الدين.

روى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي وأبي روح الهروي، كتب عنه علم الدين وغيره.

ومات في خامس رمضان.

ص: 738

75 -

‌ المسلم بن عبد الوهاب بن مناقب

، كمال الدين الحسيني، المنقذي.

عن: إبراهيم ابن الخشوعي وعمر بن المنجى.

مات في رمضان.

76 -

‌ موسى بن أحمد بن موسى

، العدل ضياء الدين الأشنوي، الشروطي.

حدث عن: يوسف ابن المخيلي وعلي ابن الصابوني، ومات بمصر في صفر.

77 -

‌ نجم الدين، أبو بكر بن أبي العز

بن مشرف بن بيان الدمشقي، التاجر، الكاتب، الأديب.

شاعر لغوي، فصيح، متقعر في حديثه، توفي في صفر، ولم يرو شيئًا وقد قرأ كتب الأدب على الشرف الإربلي، الأديب، وأجاز له ابن اللتي وغيره.

78 -

‌ هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن معد

، القاضي زين الدين، أبو القاسم القرشي، الإسكندراني، ابن البوري، مدرس العادلية ببلده.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من علي بن مختار وغيره، سمع منه الطلبة الذين رحلوا، وقد ولي حسبة الثغر فلم تحمد سيرته، قدم القدس زائرًا فأدركه به أجله في ذي القعدة.

79 -

‌ وجيه الدين ابن كويك

، التكريتي، الكاتب.

ساق بفرسه وهو داخل من كفربطنا، فرمته، فمات لوقته شهيدًا وأظنها وقعت فوقه، وذلك في جمادى الآخرة.

80 -

‌ يحيى بن أحمد بن علي بن ياسين

، محيي الدين ابن المعلم الحميري، الدمشقي.

أحد رواة الصحيح عن ابن الزبيدي، شيخ جليل، خير، سمع منه غير

ص: 739

واحد وتوفي في خامس رجب، وله شعر حسن، وفيه فقر وتواضع.

81 -

‌ يوسف بن عبد العظيم بن يوسف بن علي

، أبو الحجاج ابن الصناج المنذري، المصري، الضرير.

سمع من مكرم وغيره ومات في رجب.

82 -

‌ يوسف بن عبد المحسن بن يوسف

، عز الدين، أبو العز الحمزي، الشارعي، الواعظ، المعروف بابن الزيات.

وهو منسوب إلى درب حمزة بالشارع.

سمع: ابن عماد وابن باقا وكتب عنه المصريون، ومات في حادي عشر شعبان وقد وعظ مدة وأقرأ الوعظ.

83 -

‌ يوسف بن يعقوب بن مهدي

، الفقيه جمال الدين الغماري، المالكي، الشاهد تحت الساعات.

كان يحفظ الملخص للقابسي ونزل بدار الحديث الظاهرية، ومات في المحرم.

84 -

‌ يونس بن علي بن رضوان بن قرسق

، الصدر الأجل، عماد الدين الدمشقي.

حدث بالإجازة عن أبي المجد القزويني، وكان أبوه والي دمشق ومشدها، وكان هذا شيخًا، مهيبًا، طويلاً، يلبس جبة كتابية وعماة بغرزة.

توفي في العشرين من شوال ودفن بتربة أبيه التي عند مسجده بالخريميين.

85 -

‌ أبو بكر بن إبراهيم ابن النقيب

، الشيخ بدر الدين الدمشقي، الشافعي، الفقيه والد الإمام المفتي شمس الدين محمد.

كان صالحًا، ناسكًا، فاضلاً، عاملاً بعلمه، روى عن الرشيد العراقي وفرح الحبشي، حدث عنه أبو الحسن ابن العطار وابن الخباز، ومات في

ص: 740

جمادى الآخرة، أظنه في عشر السبعين وقد أعاد بالإقبالية.

86 -

‌ أبو بكر بن محمد بن ياقوت

، القاضي شرف الدين ابن البوري، القرشي، المصري.

حدث عن عبد الوهاب بن رواج، ومات في صفر.

87 -

‌ أبو الحرم بن سالم

، الفرنثي، الصالحي، الطحان.

روى عن جعفر الهمداني، ومات في ربيع الأول.

88 -

‌ أبو الحرم بن أبي الورد بن عبد الله

، الدمشقي، المغسل.

كان شيخًا بهيًا وقورًا، مليح الشيبة، من كبار المغسلين وله ثروة، توفي بسقبا ودفن بمقابر باب توما في شعبان.

89 -

‌ أبو الفضل بن أبي بكر بن زيتون التونسي

واسمه أبو القاسم.

قاضي تونس وعالمها.

ولد سنة عشرين ورحل فلقي المرسي وابن عبد السلام، وأخذ بتونس عن عبد الرحيم بن طلحة وكان بارعًا في علم الأصلين.

توفي في سابع عشر شهر رمضان بتونس، نقلته من خط محمد بن جابر.

90 -

‌ أبو القاسم ابن الأيسر

، خطيب قلعة رندة بالأندلس.

شيخ محدث معمر من أهل قرشتينانة من قرى رندة، يروي عن أبي القاسم بن بقي وجماعة.

قال لي أبو عبد الله بن ربيع المالقي: أجاز لي هذا وأعطاني نصف دينار، وتوفي بعد التسعين وستمائة.

وفيها ولد:

شرف الدين أحمد ابن شيخنا شهاب الدين الكفري، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن أبي العز الحنفي والقاضي فخر الدين محمد بن علي ابن كاتب قطلبك.

ص: 741

سنة اثنتين وتسعين وستمائة

91 -

‌ أحمد بن علي بن يوسف

، العدل، شهاب الدين الدمشقي، الحنفي، سبط عبد الحق بن خلف الدمشقي، وجد المفتي برهان الدين ابن قاضي حصن الأكراد.

حدث عن: موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق ونيف على الثمانين، كتب عنه ابن الخباز والمزي وابن مسلم وابن المهندز وطائفة وتوفي بقرية بمارع من البقاع في الثامن والعشرين من صفر، وكان من بقايا الشيوخ رحمه الله، سكن ببمارع.

92 -

‌ أحمد بن عمر بن علي بن حمزة

، الجزري، ثم الحلبي، الظاهري، زوج خالة شيخنا أبي العباس ابن الظاهري.

وكان فقيرًا، ملازمًا للزاوية الجمالية، روى عن الفخر الإربلي والعز بن رواحة، سمع منه: قطب الدين عبد الكريم وابن سامة والبرزالي وفخر الدين عثمان ابن الظاهري وآخرون، ومات في ثاني صفر.

93 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله ابن النصيبي

، الشيخ الأجل، كمال الدين أبو العباس الحلبي.

ولد في رجب سنة تسع وستمائة، وسمع من الافتخار الهاشمي وهو آخر من روى عنه وأبي محمد بن علوان وثابت بن مشرف ومحمد بن عمر العثماني وإبراهيم بن عثمان الكاشغري وجماعة، وكان أسند من بقي بحلب.

روى عنه الدمياطي وعلم الدين الدواداري وعلاء الدين ابن العطار وجمال الدين المزي وعلم الدين البرزالي والموفق العطار وأبو عمرو ابن الظاهري وطائفة كبيرة وأجاز لي مروياته، أجاز له جماعة منهم المؤيد الطوسي، وسماعه من الافتخار في الخامسة.

ص: 742

وهو والد تاج الدين محمد، الذي روى لنا عن ابن خليل، مات في المحرم.

94 -

‌ أحمد بن الشيخ وجيه الدين محمد بن عثمان

بن أسعد ابن المنجى، الإمام، الفقيه، الرئيس، شمس الدين، مدرس المسمارية والد صاحبنا الفقيه الإمام عز الدين محمد.

سمع سنة ست وخمسين من نجم الدين المظفر ابن الشيرجي، ولم يرو، توفي في شوال، وكان مليح الشكل، فاضلاً، دينًا، عاقلاً، منقطعًا عن الناس.

95 -

‌ أحمد ابن الحافظ جمال الدين أبي حامد

محمد بن علي بن محمود ابن الصابوني، العدل، شهاب الدين.

سمعه أبوه الكثير واعتنى به، وروى اليسير ولد في صفر سنة ثلاثين وستمائة، وسمع حضورًا من ابن اللتي، وسمع من جعفر وأبي نصر ابن الشيرازي ومكرم ورحل به إلى مصر، فسمع من الحسن بن دينار وابن الطفيل وجده وجماعة وقدم دمشق وحدث بها ولم أدر به، فإنني كنت أسمع الحديث تلك الأيام، ثم رجع إلى مصر وأدركه أجله في خامس ذي الحجة وكان فاضلاً، أديبا، شاعرًا، عالمًا.

سمع منه: المزي وابنه والبرزالي والشهاب أحمد ابن النابلسي وجماعة.

96 -

‌ أحمد بن أبي الطاهر بن أبي الفضل

، تقي الدين المقدسي، الحنبلي.

رجل فاضل، عالي الإسناد، صالح، دين، روى عن الشيخ الموفق وغيره كالقزويني والزبيدي وتوفي في رجب، روى عنه المزي والبرزالي وجماعة.

عاش سبعًا وسبعين سنة.

ص: 743

97 -

‌ إبراهيم بن داود بن ظافر بن ربيعة

، الشيخ جمال الدين، أبو إسحاق العسقلاني، الفاضلي، الدمشقي، المقرئ، الشافعي.

ولد في صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي ومكرم والسخاوي وأبي الحسن ابن الجميزي والفخر الإربلي وطائفة كبيرة.

وقرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي وانقطع إليه ولازمه ثمانية أعوام، وأفرد عليه، ثم جمع عليه للسبعة سبع ختم وأخذ عنه علمًا كثيرًا من التفسير والأدب والحديث، ثم طلب بنفسه وكتب وقرأ الكثير على التقي اليلداني وطبقته.

وكان قارئ الحديث بالفاضلية، ثم صار شيخها وولي مشيخة تربة أم الصالح بعد العماد الموصلي، وراجع الفن، وقرأ عليه جماعة كثيرة منهم الجمال البدوي، والشيخ محمد المصري والشمس العسقلاني، وسمع منه: المزي والبرزالي والطلبة.

وكنا جماعة نجمع للسبعة عليه وهو في بيته قد أصابه شيء من الفالج، فتوفي قبل أن نكمل عليه أنا وابن بصخان وابن غدير وشمس الدين الحنفي النقيب، ووصلت عليه في الجمع إلى أواخر القصص، وكان قد استولى عليه البلغم وتغير حفظه، وكان شيخًا حسنًا، بسامًا، ظريفًا، حلو المجالسة، حسن المشاركة في الفضائل، مليح الشكل والبزة، يشهد على الحكام والله يغفر له ويرحمه.

توفي ليلة الجمعة مستهل جمادى الأولى، ودفن بقاسيون بتربة شيخه علم الدين السخاوي، وقد سمعت منه نونية السخاوي في التجويد وأناشيد وفوائد، وأجاز لي جميع ما يجوز له روايته.

98 -

‌ إبراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله يوسف بن يونس

بن إبراهيم بن سليمان بن ينكو، الشيخ الزاهد، العابد، أبو إسحاق ابن الأرمني ويقال الأرموي، نسبة إلى أرمينية.

ص: 744

ولد سنة خمس عشرة وستمائة بجبل قاسيون، وسمع من الشيخ الموفق ابن قدامة وابن الزبيدي وغيرهما، روى عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي وطائفة.

وكان صالحًا، خيرًا، دينًا، كبير القدر، مقصودًا للتبرك والزيادة، له أصحاب ومحبون ولهم فيه عقيدة حسنة ولما قدم الملك الأشرف دمشق من فتح عكا طلع إليه وزاره وطلب منه الدعاء ووصله، وذلك ليلة الجمعة رابع عشر رجب بعد العشاء.

وقد حدث بكتاب الأمر بالمعروف لابن أبي الدنيا مرات، لأنه تفرد به عن الشيخ الموفق.

توفي في ثاني عشر المحرم وطلع إلى جنازته ملك الأمراء والأمراء والقضاة والعلماء وحمل على الرؤوس، وكان من بقايا الشيوخ، رحمه الله.

وله شعر جيد، فمنه هذه الأبيات السائرة.

سهري عليك ألذ من سنة الكرى ويلذ فيك تهتكي بين الورى وسوى جمالك لا يروق لناظري وعلى لساني غير ذكرك ما جرى وحياة وجهك لو بذلت حشاشتي لمبشري برضاك كنت مقصرًا أنا عبد حبك لا أحول عن الهوى يومًا وإن لام العذول وأكثرا

99 -

‌ إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل

، الإمام، القدوة، الزاهد، تقي الدين، مسند الشام، أبو إسحاق ابن الواسطي، الصالحي، الحنبلي، أحد الأعلام.

ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي عبد الله ابن البناء وأبي البركات بن ملاعب، وأبي الفتوح ابن الجلاجلي وموسى بن عبد القادر وابن راجح والشيخ الموفق وابن أبي لقمة وابن البن، وطائفة سواهم بدمشق، وأبي محمد ابن الأستاذ بحلب والفتح ابن عبد السلام وعلي بن بورنداز وأبي منصور محمد بن عفيجة وأبي هريرة ابن الوسطاني وأبي المحاسن ابن البيع، وأبي علي ابن الجواليقي والمهذب ابن قنيدة ومحاسن الخزائني، وأبي منصور أحمد ابن البراج وأبي حفص السهروردي وعمر بن كرم، ومحمد بن أبي الفتح ابن عصية وياسمين بنت

ص: 745

البيطار وشرف النساء بنت الآبنوسي وطائفة، وأجاز له زاهر الثقفي وأبو الفخر أسعد بن روح وجماعة من أصبهان وأبو أحمد ابن سكينة وابن طبرزد وابن الأخضر، وطائفة من بغداد، وعبد الرحمن بن المعزم من همذان.

وانتهت الرحلة في علو الإسناد إليه، وحدث بالكثير، وكان فقيهًا، عارفًا بالمذهب، درس بمدرسة الصاحبة بالجبل وولي مشيخة الحديث بالظاهرية، استنابه بها عز الدين الفاروثي، فباشرها إلى أن مات وكان صالحًا، عابدًا، قانتًا، خاشعًا، أمارًا بالمعروف، قوالاً بالحق، مهيبًا في ذات الله، خائفًا من الله، كثير التلاوة والأوراد، خشن العيش.

سألت أبا الحجاج الحافظ عنه قال: أحد المشايخ المشهورين بالعلم والعمل والاجتهاد ومن انتهى إليه في آخر عمره علو الإسناد، ورحل إليه من أقطار البلاد، وسمع الكثير بالشام والعراق.

قلت: سمع منه: البرزالي وابن سيد الناس وقطب الدين الحلبي والمزي وابنه والشهاب ابن النابلسي وابن المهندس، وشيخنا ابن تيمية وإخوته والفخر عبد الرحمن بن محمد البعلبكي، وأخوه عبد الله وبدر الدين بن غانم، وخلق كثير ولي منه إجازة.

وانتقل إلى رحمة الله في أواخر يوم الجمعة الرابع عشر من جمادى الآخرة، ودفن من الغد بتربة الشيخ الموفق، وكان الشيخ عز الدين الفاروثي مع جلالته وسنه يمضي إليه ويجلس بين يديه ويقرأ عليه الحديث، رحمهما الله.

وكان على كبر السن يقرأ بالختمة في ركعة.

100 -

‌ إسماعيل بن أحمد بن جميل

بن حمد بن أحمد بن أبي عطاف بن أحمد، المقدسي، الصالحي، البقال.

حدث عن: ابن الزبيدي وابن اللتي، ومات يوم عيد الفطر.

ص: 746

101 -

‌ أفضلية بنت عبد الحق بن مكي ابن الرصاص

، أم الخير القرشية المصرية.

روت بالإجازة عن أبي الفتوح ابن الحصري، وتوفيت في رجب بالقاهرة.

102 -

‌ إمام الدين، التبريزي

، المذهبي، الصوفي.

من كبار الصوفية بدمشق وعلمائهم، اسمه عبد الرحيم بن يحيى.

توفي في المحرم، رحمه الله.

103 -

‌ الحسن بن إبراهيم

، القاضي نجم الدين الكردي، المهراني، الشافعي، الفقيه مدرس الأكزية والصلاحية بدمشق، وأحد المعيدين بالأمينية.

توفي في صفر.

104 -

‌ الحسين بن عبد الله بن أبي الحجاج

، العدل، نجم الدين العدوي، الدمشقي.

يروي عن جعفر الهمداني وغيره وتوفي في رمضان وكان شيخًا كيسًا، ظريفًا.

105 -

‌ خليفة ابن بدر الدين محمد بن خلف بن عقيل

، صارم الدين المنبجي، ثم الدمشقي، التاجر والد المولى صارم الدين إبراهيم وشمس الدين محمود.

توفي في المحرم وكان شابا فاضلاً، دينًا، عاقلاً، توفي عن اثنتين وثلاثين سنة وفجع به أبواه، رحمه الله.

106 -

‌ داود، الملك الزاهر ابن الملك المجاهد أسد الدين

شيركوه ابن الأمير ناصر الدين محمد ابن الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي، الحمصي، ابن صاحب حمص.

ص: 747

من بيت الملك والحشمة، وله قعدد في النسب وكان شيخًا مهيبًا، كثير التلاوة والتنقل، روى بالإجازة عن المؤيد الطوسي يسيرًا، وهو والد الملك الأوحد.

توفي في جمادى الآخرة وكان من أبناء الثمانين، وكان يلقب مجير الدين وإجازته على سبيل التعميم.

107 -

‌ رمضان بن سلامة

، الحداد.

شيخ معمر، ولد بدنيسر سنة ستمائة وسمعوه في الكهولة من طغريل المحسني، كتب عنه الأبيوردي في معجمه وغيره، ومات بمصر في نصف ذي القعدة.

108 -

‌ سابقان واسمه محمود الشيرازي

، الفقير، المقيم بالكلاسة.

كان شهمًا مقدامًا يعطيه الأعيان ويهابونه، مات بالكلاسة ودفن بزاوية القلندرية، وهم تولوا أمره بوصية منه، وحملوه على رقابهم وعظموه، وكان منهم.

توفي في المحرم.

109 -

سنجر، الأمير الكبير، علم الدين الحلبي، الكبير.

أحد الموصوفين بالشجاعة والفروسية وشهد عدة حروب، رأيته شيخًا أبيض الرأس واللحية، من أبناء الثمانين، ولي نيابة دمشق في آخر سنة ثمان وخمسين وتسلطن بها أيامًا وتسمى بالملك المجاهد ولم يتم ذلك، وبقي في الحبس مدة، ثم أخرجه الملك الأشرف وأكرمه ورفع منزلته وكان من بقايا الأمراء الصالحية، وهو الذي حارب سنقر الأشقر وطرده عن مملكة الشام.

قال تاج الدين في تاريخه: حدثني جندي قال: أتيت بأميرنا الحلبي لزيارة الشيخ إبراهيم الحجار، فأنكر عليه كلوته الزركش وقال: انزعها، فما أعجب الأمير، فلما قمنا قال لي: كم يكون سن هذا الشيخ؟ قلت: ثلاثين

ص: 748

سنة، قال: ما حل ذا يكون شيخًا، الله ما بعث نبيًا إلا لأربعين سنة.

110 -

‌ صفية بنت علي بن أحمد بن فضل

، أخت الشيخ تقي الدين ابن الواسطي.

روت عن الشيخ موفق الدين والشهاب ابن راجح ولها حضور في سنة أربع عشرة وستمائة وكانت شيخة رباط، وهي والدة الشيختين عائشة وهدية بنتي عبد الله بن مؤمن النجار، سمع منها: البرزالي وابن النابلسي وجماعة.

ولم أسمع منها وتوفيت في الثامن والعشرين من ذي الحجة رحمها الله، وهي آخر من سمع من الناصح محمد بن إبراهيم.

111 -

‌ عبد الله ابن الشيخ عبد الظاهر بن نشوان

، المولى، العالم، محيي الدين الجذامي، المصري، الكاتب، المنشئ والد المرحوم الصاحب فتح الدين.

سمع من جعفر الهمداني وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان ويوسف ابن المخيلي وجماعة، كتب عنه البرزالي وابن سيد الناس والجماعة وكان بارع الكتابة والإنشاء، له النظم والنثر، وكان ذا مروءة وعصبية، ومن شعره:

ما غبت عنك لجفوة وملال يومًا ولا خطر السلو ببالي يا مانعًا جفني المنام ومانحي ثوب السقام وتاركي كالآل عمن أخذت جواز منعي ريقك الـ معسول ياذا المعطف العسال عن ثغرك النظام أم عن شعرك الـ فحام أم عن جفنك الغزال فأجابني أنا مالك شرع الهوى والحسن أضحى شافعي وجمالي وشقائق النعمان أينع نبتها في وجنتي وحماه رشق نبالي فالصبر أحمد بالمحب إذا ابتلا هـ الحب في شرح الهوى بسؤال توفي الصاحب محيي الدين بالقاهرة في ثالث رجب، وولد في المحرم سنة عشرين

ص: 749

112 -

‌ عبد الله بن أبي القاسم سليمان بن عبد الله

، الأنصاري، الدمشقي، نجم الدين.

مات في ذي القعدة بحصن الأكراد، حضر ابن اللتي وابن المقير، وسمع كريمة، وحدث.

وهو أخو شيختنا فاطمة ووالد المقرئ علاء الدين ابن طليس.

113 -

‌ عبد الله بن غلام الله بن إسماعيل

، أبو محمد ابن الشمعة.

شيخ مصري مشهور، وهو بكنيته أعرف، وسماه بعضهم: شاكر الله، روى عن ابن عماد وعبد القوي ابن الجباب وأبي القاسم ابن الصفراوي وعبد المحسن ابن الدجاجي وعبد الغفار المحلي وغيرهم، وكتب عنه الطلبة، ومات في تاسع عشر شوال.

114 -

‌ عبد الله بن منصور بن علي

، الإمام، مكين الدين، أبو محمد اللخمي، الإسكندراني، المقرئ، المعروف بالمكين الأسمر، مقرئ الإسكندرية.

قرأ القراءات على أبي القاسم الصفراوي وغيره وطال عمره، وأقرأ جماعة وحدث عن أصحاب السلفي، ولما مات شيخنا الفاضلي، وتوجعت لموته وصف لي هذا الشيخ وأنه قرأ على الصفراوي، فبقيت أتلهف على لقيه ولم يكن أبي يمكنني من السفر.

وكان شيخًا صالحًا، عابدًا، عارفًا بالقراءات، توفي في غرة ذي القعدة عن سن عالية، رحمه الله.

115 -

‌ عبد الحميد بن أحمد بن عبد الرحمن

، البجدي، أبو محمد الصالحي، الحنبلي، الصحراوي.

روى عن أبي القاسم بن صصرى وابن الزبيدي وكتائب بن مهدي، ومات في المحرم.

116 -

‌ عبد الحميد ابن فخر الدين عبد الرحمن

ابن مخلص الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن هلال، العدل، الرئيس، عز الدين.

ص: 750

روى عن جده المخلص وعن ابن اللتي وكريمة، كتب عنه علم الدين وغيره، ومات في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين رحمه الله، ولد سنة ثلاثين.

117 -

‌ عبد الرحمن بن سالم بن نصر الله بن واصل

، القاضي عماد الدين الحموي، الشافعي.

ولد سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من صفية القرشية وأبي القاسم بن رواحة وناب في قضاء بلده عن أخيه العلامة جمال الدين، سمع منه: المزي والبرزالي، ومات في سادس شعبان، وكان شيخ حديث بحماة.

118 -

‌ عبد الرحمن بن أبي الحرم ابن الخرقي

، ضياء الدين.

حدث عن: جعفر وكريمة وكان كثير السماع مع أخيه أبي المحاسن، سمعا بإفادة خالهما ابن شعيب، ومات في ربيع الآخر عن اثنتين وستين سنة وكان في الآخر يقرأ على الجنائز كأخيه.

119 -

‌ عبد الرحيم ابن الشيخ عز الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله ابن رواحة

، زين الدين الحموي.

حدث عن: أبيه وعمه، وسمع من أبي بكر محمد بن عمر بن يوسف بن بهروز، وأجاز له الافتخار الهاشمي، كتب عنه البرزالي وغيره، ومات في ذي القعدة بحماة. وكان مولده بها في سنة ثلاث عشرة وستمائة.

120 -

‌ عبد الله ابن الشيخ جمال الدين سليمان بن عبد الكريم بن عبد الرحمن

، نجم الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي والد صاحبنا علاء الدين علي وأخو شيختنا فاطمة.

روى حضورًا عن: ابن اللتي وكريمة وتوفي في سابع ذي القعدة بحصن الأكراد، وسمع من كريمة والسخاوي وإبراهيم ابن الخشوعي.

121 -

‌ عبد العزيز بن إبراهيم بن نصر بن سعيد

، الصالحي، الرقوقي، أخو شيخنا أحمد ابنا أخت شيخنا العز ابن الفراء.

ص: 751

حدث عن ابن الزبيدي، ومات في ثاني عشر شوال.

122 -

‌ عبيد بن محمد بن عباس بن محمد بن موهوب

، الحافظ المفيد، تقي الدين أبو القاسم الإسعردي.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعرد، ودخل مصر في صباه مع أبيه، وسمع من علي بن مختار والحسن بن دينار ويوسف ابن المخيلي وعبد الوهاب بن رواج وعلي ابن المقير وطائفة بمصر وحمزة بن أوس الغزال وسبط السلفي وجماعة بالثغر منهم هبة الله بن محمد المقدسي، وسمع من جماعة بدمشق وكتب الكثير وبرع في الحديث والرجال والتخريح والعالي والنازل، وخرج لجماعة كثيرة وقرأ الكثير، وكان من العارفين بهذا الشأن، مع الثقة والصدق.

كان شيخنا ابن الظاهري يثني عليه ويرجحه على سائر المصريين في الحديث.

وسمع منه: ابن الظاهري وولداه والحارث وولده والمزي وابن منير الحلبي وابن سيد الناس والبرزالي وابن سامة وخلق سواهم، وتوفي في سادس شعبان وله سبعون سنة.

ورأيت تقي الدين محمد بن عزام الإسكندراني بخطه قد نقل سماع التقي عبيد والدمياطي وعيسى السبتي للأربعين البلدانية من المحدث محمد بن محمد بن محارب القيسي في سنة تسع وثلاثين في ذي الحجة بسماعه من السلفي.

123 -

‌ عثمان، الأخي، الكتبي

، المقرئ على الجنائز.

كان شيخًا ضخمًا، سمينًا، جهوري الصوت من سبعية الجنائز بدمشق، منقطع في دكانه بالكتبيين، وكان - عفا الله عنه - تاركًا للصلاة، إلا أنه كثير التلاوة، فأول من يقرأ في السبع الكبير هو وله سبع بين العشاءين تحت قبة النسر، ذكر لي أنه قرأ فيه أكثر من ثلاثمائة ختمة، وكان ليلة الختم يتحيل في شيء من المأكول، ويحمله إلى الفقراء الذين يقرؤون معه.

مات في المحرم وقد جاوز السبعين، وكان أمة بذاته.

ص: 752

124 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار

، سيف الدين ابن الرضي المقدسي.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة،، وسمع حضورًا من موسى بن عبد القادر والموفق، وسماعًا من ابن البن والقزويني وأبي القاسم بن صصرى وجماعة، وقد فاتني السماع منه، سمع منه: أبو العباس ابن النابلسي والطلبة ولازم خدمة الشيخ شمس الدين، وكان يورق ويشهد ويثبت المكاتيب ويعمل النقابة، واشترى من ذلك بستانًا بكفربطنا.

وقيل ولد في رمضان سنة سبع عشرة، ومات في سادس عشر شوال وورثه أخته وبناته.

125 -

‌ علي الصاحب

، المنشئ البارع، بهاء الدين ابن عيسى الإربلي وهو علي ابن الأمير فخر الدين عيسى بن أبي الفتح، الشيباني الكاتب.

مترسل مجيد وشاعر محسن ورئيس نبيل، كتب لمتولي إربل ابن صلايا، ثم خدم ببغداد في الإنشاء في أيام صاحب الديوان، ثم فتر سوقه في دولة اليهود، ثم تراجع بعدهم وسلم، ولم ينكب إلى أن مات وكان صاحب تجمل وحشمة ومكارم وفيه تشيع،، ومات في عشر السبعين ببغداد، وكان أبوه واليًا بإربل.

توفي الصدر بهاء الدين في ثالث جمادى الآخرة، وقد أفرد له عز الدين حسن بن أحمد الإربلي ترجمة في جزء كبير، وقال له: ولدت في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة، وكان أبوه كرديًا واليًا بإربل، فحرص على ابنه هذا حتى برع في الكتابة وتأدب، قال: اشترى لي أول ما اشتغلت نسخة بصحاح الجوهري بأربعمائة درهم، ثم ندم وقال: لو اشترينا بها فدان بقر كان أنفع، ثم خدمت في ديوان الإنشاء بإربل أول ما بقل وجهي.

قلت: وله تواليف أدبية مثل رسالة الطيف، والمقامات الأربع وغيرها، وخلف تركة عظيمة بنحو من ألف ألف درهم، فتسلمها ابنه أبو الفتح ومحقها في نحو من أربعة أعوام، ومات صعلوكًا بإربل.

وقال ابن الفوطي: سكن بهاء الدين بغداد في سنة سبع وخمسين وعمر

ص: 753

بها دارًا جميلة، وكان يتشيع، سمعت عليه كتابه في فضائل الأئمة، روى فيه عن الكمال ابن وضاح والشيخ عبد الصمد، مات وعمل ثالثه فتكلم شيخنا عز الدين الفاروثي، والجلال الكوفي، وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة، هكذا نقلت من خط ابن الفوطي.

126 -

‌ علي بن محمد بن المبارك

، الأديب، كمال الدين ابن الأعمى، الشاعر، صاحب المقامة التي في الفقراء المجردين.

روى عن ابن اللتي وغيره وتوفي في ثالث عشر المحرم، وكان شيخًا كبيرًا من بقايا شعراء الدولة الناصرية، انقطع في أواخر عمره بالقليجية، وكان مقرئًا بالتربة الأشرفية وغيرها.

والأعمى هو نعت لوالده الشيخ ظهير الدين النحوي الضرير الذي كان خطيب بيت المقدس مرة.

127 -

‌ علي بن محمود بن علي بن محمود بن قرقين

، الأمير ناصر الدين.

شيخ جليل، معمر، من أبناء التسعين، أجاز له أبو اليمن الكندي،، وسمع من أبي المجد القزويني والبهاء عبد الرحمن، وكان دينًا خيرًا، حسن السيرة، جميل الذكر، معتمدًا بقلعة بعلبك، سمع منه: المزي وابن تيمية والبرزالي والطلبة وحدث بدمشق وبعلبك.

وتوفي في ثاني شعبان وله اثنتان وتسعون سنة وخمسة أشهر، قاله ابن خولان.

128 -

‌ علي بن محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثم

، العادلي، العدل زين الدين الحنفي.

عدل، خير، مشهور، متميز، روى عن ابن المقير وابن رواج، ومات بالقاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الأول.

132 -

‌ علي ابن السلطان الملك المظفر تقي الدين

محمود ابن المنصور محمد ابن تقي الدين عمر ابن صاحب حماة ويعرف بالأمير علي ويلقب بالملك الأفضل، وهو أخو السلطان الملك المنصور محمد.

ص: 754

توفي بدمشق ووضع في تابوت وصلوا عليه، ثم سافروا به إلى حماة، فدفن عند آبائه، رأيته كهلاً، خفيف اللحية، بعمامة مدورة، وكان من كبار أمراء حماة، وهو والد الأمير الملك عماد الدين متولي حماة يومئذ.

مات في ذي الحجة، وحضر الصلاة عليه نائب السلطنة الحموي والأكابر.

130 -

‌ عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان

القاضي الفقيه عز الدين أبو الفتح ابن قاضي القضاة جمال الدين ابن الأستاذ، الأسدي، الحلبي، الشافعي.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، وسمع الكثير من الموفق عبد اللطيف ومن: ابن اللتي ويحيى بن جعفر ابن الدامغاني والعلم ابن الصابوني والفخر الإربلي وجماعة وكان فقيهًا، صالحًا، دينًا، متزهدًا، متميزًا، درس بالمدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق وحدث بسنن ابن ماجه ومسند الحميدي ومعجم ابن قانع وغير ذلك، وسمع منه خلق وهو آخر من روى بدمشق سنن ابن ماجه كاملاً.

توفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول ودفن بالمزة.

131 -

‌ عيسى بن حسن بن أبي محمد ابن القاهري

، الجلال، أبو محمد.

شيخ صالح، دين، عالي الرواية، حدث عن: أحمد بن عبد الله بن حديد وحمزة بن عثمان والفخر محمد الفارسي وعبد العزيز بن باقا ومكرم بن أبي الصقر وجماعة، سمع منه: المزي والبرزالي والمصريون.

سقط يوم الجمعة الرابع والعشرين من رمضان من جامع ابن عبد الظاهر بالقرافة فمات.

132 -

‌ غلبك، الأمير الكبير زين الدين الفخري

، من أمراء دمشق.

ص: 755

وقد حج بالناس مرة وشكرت سيرته، وذلك في سنة ثمان وثمانين.

133 -

‌ محمد بن إبراهيم بن ترجم بن حازم

، أبو عبد الله المازني، المصري.

شيخ مبارك، مسن، معمر، عالي الرواية، تفرد برواية الترمذي، عن أبي الحسن علي ابن البناء المكي وحدث به بالقاهرة وسمعه منه جماعة كبيرة.

توفي في التاسع والعشرين من رجب وكان من أبناء التسعين، وسمع من عبد القوي ابن الجباب وابن باقا، مولده سنة اثنتين وستمائة.

134 -

‌ محمد بن علي بن داود

، البعلبكي، الدقاق في القماش.

دين، خير، حدث عن: البهاء عبد الرحمن، سمع منه: البرزالي والمزي وابنه والشيخ أبو بكر الرحبي وطائفة، وتوفي في الرابع والعشرين من ذي القعدة وهو في عشر الثمانين.

135 -

‌ محمد بن علي بن محمد

، الإمام أبو عبد الله ابن الزاهد البصري الشافعي.

توفي بالبصرة في جمادى الأولى، قرأته بخط الذهلي.

136 -

‌ محمد بن محمد بن مهيب بن عبد الرحمن بن مجاهر

، الشيخ الجليل محيي الدين الربعي، الصقلي، ثم المصري.

ولد بمصر سنة ثمان وستمائة،، وسمع من مكرم سنة ست عشرة، كتب عنه الفرضي وغيره، ومات في جمادى الآخرة بمصر، وكان فاضلاً، دينًا.

137 -

‌ محمد بن محمد ابن المحدث نصير الدين ابن العدل شمس الدين

، الرسعني، الحنبلي.

كان جارنا وكان شابا مليحًا، سمع من جماعة من أصحاب ابن طبرزد، وقتل شهيدًا بحوران في ذي الحجة وله عشرون سنة.

138 -

‌ محمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف

، الأجل محيي الدين ابن الأنصاري، الحلبي، الكاتب.

كان مع معاناته للكتابة وللخدم شيخ خانقاه سنقرشاه بحلب، وسمع من أبي القاسم بن رواحة والمؤتمن ابن قميرة وابن خليل، ومات في شعبان

ص: 756

وله ثلاث وخمسون سنة، وكان أبوه فخر الدين فقيهًا إمامًا وكان جده العلامة شهاب الدين شيخ الحنفية بحلب وأحد من درس بالمستنصرية ببغداد.

139 -

‌ محمد بن أبي بكر بن غنيم بن حماد

، شمس الدين الحراني، نزيل مصر.

كان بزازًا في الخليع ولد سنة إحدى وعشرين، وروى عن الموفق عبد اللطيف بن يوسف، سمع منه البرزالي والمصريون، ومات في العشرين من صفر بمصر.

140 -

‌ نبأ بن علي بن هاشم بن الحسن

، الأمير الكبير، شمس الدين، ابن الأمير نور الدين ابن المحفدار المصري.

جعله الملك المنصور أمير جندار، وكان دينًا، كثير المروءة، صلى العشاء وقرأ سورة (هل أتى)، وسجد فمات، وذلك في صفر بداره بمصر، ومات في عشر السبعين، قاله شمس الدين الجزري.

141 -

‌ النعمان بن حسن بن يوسف

، قاضي القضاة، معز الدين الخطيبي، الحنفي، قاضي القاهرة.

ناب أولاً عن الصدر سليمان، ثم ولي بعده وقدم دمشق لقضاء الجيوش المنصورة، ورجع وتوفي بالقاهرة.

142 -

‌ يوسف بن إبراهيم بن عقاب

، أبو يعقوب الجذامي، الشاطبي، المقرئ، الزاهد.

قرأ بالسبع على أصحاب ابن نوح الغافقي، سمع منه أبو عبد الله الوادياشي وقال: مات في صفر سنة اثنتين، ومولده سنة ثلاث عشرة.

توفي بتونس وكانت جنازته مشهودة، أكثر عن أبي الحسن علي بن قطرال.

143 -

‌ يوسف بن أبي بكر بن عثمان

، الحراني، الصوفي، تقي الدين النسائي الأصل.

ص: 757

شيخ معمر، روى عن الساوي، ومات في ربيع الآخر وله تسعون سنة، وهو والد العفيف الصوفي، الهندازة.

144 -

‌ أبو محمد بن عبد الوهاب بن محاسن

، الجمال ابن النحائلي.

شيخ معمر من أبناء التسعين، رأيته، روى عن شمس الدين عمر بن المنجى وابن أبي جعفر، سمع منه المزي والبرزالي وجماعة وتوفي في ربيع الأول بدمشق.

وفيها ولد:

الفقيه البارع فخر الدين محمد بن علي المصري، أو سنة إحدى وعماد الدين محمد بن محمد ابن الزملكاني، القاضي والإمام زين الدين محمد بن عبد الله ابن الخطيب زين الدين ابن المرحل.

ص: 758

سنة ثلاث وتسعين وستمائة

145 -

‌ أحمد بن آقوش

، الصدر شهاب الدين.

إمام السلطان وأحد الموصوفين بالتطريب في التلاوة ومعرفة الأنغام والموسيقى، مات في ذي الحجة.

146 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن هبة الله بن أحمد بن الأشقر

، الشيخ عماد الدين الحريمي، الحنبلي، خطيب جامع الحريم.

ولد سنة عشرين وقدم دمشق وحدث عن ابن بهروز والأعز ابن العليق، وكان صالحًا، خيرًا.

توفي ببغداد في رجب.

147 -

‌ أحمد بن عبد الواحد محيي الدين ابن الطرسوسي

، الحلبي، الحنفي.

من أعيان بلده، سمع معنا وكان شيخًا ساكنًا، مهيبًا.

توفي في ذي القعدة بالمزة وخلف ولدين من فضلاء الحنفية وقد باشر ديوان الجامع نيابة عن ابن النحاس.

148 -

‌ أحمد بن محمد بن الحسن

، ابن الغماز، قاضي الجماعة بتونس.

كان إمامًا، محدثًا، فقيهًا، مقرئًا، كبير القدر، يكنى أبا العباس، وكان والده من زهاد بلنسية وفقهائها.

ولد أبو العباس سنة تسع وستمائة، وسمع الكثير من أبي الربيع بن سالم، وطال عمره، وأكثر عنه أهل تونس، منهم الإمام أبو عبد الله بن جابر الوادياشي وذكر لي أنه أكثر عنه وأنه مات سنة ثلاث هذه يوم عاشوراء وقال: سمعت منه التيسير بسماعه من ابن سالم وأبي الحسن بن سلمون.

وقرأ لنافع علي ابن صاحب الصلاة تلميذ ابن هذيل وكان أعلى أهل المغرب

ص: 759

إسنادًا في القرآن رحمه الله، وله معرفة بالفقه والحديث، قرأ عليه بالسبع، يعقوب أبو العباس البطرني وله شعر جيد.

149 -

‌ أحمد ابن الشيخ شمس الدين محمد ابن الكمال عبد الرحيم

، المحدث، موفق الدين خازن كتب الضيائية وقارئ الحديث بها.

سمع وكتب وعني بالحديث وحصل الأجزاء، وصار له فهم ومعرفة لقوة ذكائه وجودة فهمه واعتنائه وكان شابًا حسنًا، دينًا، مطبوع العشرة، كريم الشمائل، محببًا إلى الناس، رأيته مرة واحدة، وقد درس بالضيائية أيضًا.

ومات في ذي الحجة ولم يكمل الثلاثين، وقد سمع من ابن عبد الدائم فمن بعده، وقرأ على أبيه بكفربطنا، وما كأنه حدث.

150 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عرفة

، الشيخ نجم الدين الهاشمي، البغدادي، ابن المحفدار ويعرف بابن الكندران.

سمع: القطيعي، وعلي بن كبة، والمبارك بن علي المطرز، وعنه أبو العباس الكازروني.

مات في رجب.

151 -

‌ أحمد بن محمد بن مرتفع

، أمين الدين، رئيس المؤذنين بالجامع الجديد بمصر.

روى عن نبأ بن هجام، ومات في رمضان.

152 -

‌ أحمد بن يونس بن أحمد بن بركة

، المحدث الصالح، العالم، شهاب الدين، أبو الطاهر الإربلي، الصوفي.

ولد بالقاهرة في سنة إحدى وأربعين وستمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الجميزي وصالح المدلجي والحافظ زكي الدين عبد العظيم ومحمد بن عبد العزيز الإدريسي والصدر البكري وجماعة، ثم إنه طلب الحديث بنفسه في سنة ستين وأكثر عن أصحاب البوصيري، ورحل إلى دمشق فأكثر عن ابن عبد الدائم وأصحاب الخشوعي فمن بعدهم، وجمع لنفسه معجما ونسخ الكثير وحصل ورجع.

ثم قدم دمشق وحدث وروى عنه النجم ابن الخباز والمزي وطائفة وقرأ عليه علم الدين البرزالي صحيح مسلم بروايته عن صالح المدلجي،

ص: 760

ونزل في السميساطية، ثم رجع إلى القاهرة فأقام يسيرًا وتوفي في ثالث عشر المحرم، رحمه الله.

153 -

‌ إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر

، العدل، المرتضى، الأمين، مجد الدين أبو إسحاق القرشي، الجزري، التاجر، والد صاحبنا العدل الرئيس شمس الدين صاحب التاريخ.

ولد سنة تسع وستمائة بالجزيرة العمرية وأكثر الترحال في التجارة إلى العراق والهند واليمن والنواحي، ودخل أكثر من سبعين مدينة وصحب الشيخ عليا الخباز مدة، ثم استوطن دمشق من سنة أربع وخمسين، وولد له جماعة أولاد، أكبرهم سنًا وقدرًا المولى شمس الدين، أبقى الله حياته وعمل بزازًا بالرماحين.

وكان خيرًا صالحًا، صدوقًا، دينا، مقبول القول، حسن البزة وافر الحرمة، توفي في ثاني عشر صفر ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله تعالى.

154 -

‌ إبراهيم بن عبد الرحمن بن سالم

بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ ابن صصرى، الصاحب جمال الدين التغلبي، الدمشقي، ناظر الدواوين.

ولي حسبة دمشق مدة، ثم ولي الديوان، وكان عاقلاً، رئيسًا، متمولاً، مهيبًا، عارفًا، خبيرًا، ذا رأي وصرامة وكفاءة، إلا أنه كان ظالمًا سامحه الله {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا}

توفي ليلة الجمعة في شوال في عشر الخمسين، أو جازها بيسير.

155 -

‌ إبراهيم بن محمد بن منصور

، الرئيس الفقيه، أبو إسحاق الأصبحي ويعرف بابن الرشيد التونسي.

ناب في القضاء وأخذ عن: أحمد بن معاوية وعبد الرحيم بن طلحة.

روى عنه محمد بن جابر الوادياشي وقال: توفي في المحرم سنة ثلاث

ص: 761

وتسعين.

156 -

‌ إدريس بن محمد بن أبي الفرج

المفرج بن الحسين بن إدريس بن مزيز، الشيخ الإمام، المحدث تقي الدين، أبو محمد الحموي.

سمع من أبي القاسم بن رواحة وأخيه النفيس وصفية القرشية والموفق يعيش النحوي ومدرك بن حنيش والقاضي أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم وهذه الطبقة، وكتب الأجزاء، وعني بالحديث وتميز فيه، روى عنه شيخنا الدمياطي والمزي والبرزالي وجماعة.

وذكره المحدث جمال الدين ابن الصابوني في كتاب تكملة إكمال الإكمال في مزيز ومرير، وقال: مرير، بمهملتين، الفقيه أبو طالب مدرك بن أبي بكر بن مرير الحموي، الشافعي، تفقه ببغداد وكان فيه ذكاء مفرط وولي تدريس الأكزية بدمشق وعقود الأنكحة،، وسمع من أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب، ثم ذكر إدريس بن مزيز.

قلت: توفي في العشرين من ربيع الآخر بحماة وقد سمعت من أولاده ست الدار وتاج الدين أحمد وزين الدين عبد الرحيم، وقد حدث بدمشق في سنة ثمانين، وصنف كتاب الأحكام كبيراً رأيته بخطه.

157 -

‌ إسحاق بن إبراهيم بن سلطان

، أبو إبراهيم البعلبكي، الكتاني.

سكن دمشق وحدث بها عن البهاء عبد الرحمن وكان رجلاً خيرًا، صالحًا، تاليًا لكتاب الله، سمعت منه أنا وابن الخباز والمزي وابن النابلسي وجماعة وتوفي في ذي القعدة، وكان إمام مسجد، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

158 -

‌ آمنة بنت التقي محمد ابن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي

.

حضرت جدها وسمعت الصحيح من ابن الزبيدي وحدثت

ص: 762

وتوفيت في رجب، لم أسمع منها وهي زوجة السيف ابن المجد.

وكانت من العوابد.

159 -

‌ بكتاش، الأمير بدر الدين

، أستاذ دار ملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري.

مات في هذه السنة.

160 -

‌ بكتوت، العلائي

، الأمير الكبير بدر الدين.

أمير محتشم، من أكبر أمير بدمشق، ثم انتقل إلى الديار المصرية وعلت رتبته في الدولة الأشرفية،، ومات كهلاً بمصر في جمادى الآخرة.

161 -

‌ بيدرا، المقر العالي

، نائب المملكة الأشرفية، بدر الدين.

كان من أعز الناس عند أستاذه السلطان الملك المنصور، وكان من كبار المقدمين في دولته، فلما تملك الملك الأشرف جعله أتابكه، وكان يرجع إلى دين وعدل، ثم خرج على مخدومه وساق إليه وقتله ورجع تحت عصائب السلطنة وحلفوا له ووعدوه بالملك، فلم يتم له الأمر وقتلوه من الغد في ثالث عشر المحرم، ولم يتكهل.

162 -

‌ تاج الدين ابن الحيوان

، هو الإمام البارع، أبو يوسف موسى بن محمد المراغي، الشافعي.

كان فقيهًا، مناظرًا، عارفًا بالأصول والفقه، توفي فجاءة بدمشق.

رأيته يشتغل بالناصرية وكان معيدها وخلف ولدين فاضلين ماتا شابين،، ومات هو في صفر، ورأيته شيخًا مربوعًا، كبير اللحية.

163 -

حافظ الدين، شيخ بخارى، هو العلامة أبو الفضل،‌

‌ محمد بن محمد بن نصر ابن القلانسي

، البخاري، الحنفي.

ولد في حدود سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من المحدث أبي رشيد الغزال وتفقه على شمس الأئمة الكردري.

ص: 763

روى لنا عنه أبو العلاء الفرضي وقال: كان إمامًا، زاهدًا، قانتًا، ربانيا، صمدانيا، مفتيا، محققا، محدثا، مشارا إليه في حل مشكلات الكشاف جامعا لأنواع العلوم، مدرسا، عارفًا بالفقه والأصلين والتفسير، سخيًا، جوادًا، مشفقًا على الطلبة حج، ودخل الشام وعاد إلى بلاده، توفي في شعبان.

قال: وكان على قاعدة السلف علمًا وعملاً، قد جزأ الليل، فالثلث الأول للراحة والثاني للعبادة والثالث لمطالعة العلم، وكان يتلألأ وجهه نورًا، فلم تر عيناي مثله في سمته وحسن طريقته، قرأ سائر العلوم على شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري، وسمع منه ومن: عبد الله بن إبراهيم المحبوبي وأبي رشيد الغزال وغيرهم، وكان شيخ الإسلام ببلاد المشرق، رحمة الله عليه.

164 -

‌ الحسن بن عيسى بن حسن الشيخ نجم الدين

ابن أخي قاضي القضاة برهان الدين الخضر الزرزاري، السنجاري، ثم المصري.

روى عن الساوي وسبط السلفي، ومات في رجب.

165 -

‌ حسين بن داود

، المجود، شمس الدين الشهرزوري، الكاتب، شيخ معمر جاوز التسعين وحدث عن التاج بن أبي جعفر ومحمد بن أبي العجائز، وكتب عليه جماعة منهم العلامة شرف الدين أحمد ابن المقدسي وتوفي بجبل قاسيون في رجب.

166 -

‌ خليل بن قلاوون

، السلطان، الملك، الأشرف، صلاح الدين ولد السلطان الملك المنصور سيف الدين، الصالحي النجمي.

جلس على تخت الملك في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة، واستفتح الملك بالجهاد وسار، فنازل عكا، وافتتحها ونظف الشام كله من الفرنج، ثم سار في السنة الثانية فنازل قلعة الروم وحاصرها خمسة وعشرين يومًا وافتتحها وفي السنة الثالثة جاءته مفاتيح قلعة بهنسا من غير قتال إلى دمشق، ولو طالت حياته لأخذ العراق وغيرها، فإنه كان بطلاً شجاعًا، مقدامًا، مهيبًا، عالي الهمة يملأ العين ويرجف القلب.

ص: 764

رأيته مرات وكان ضخمًا، سمينًا، كبير الوجه، بديع الجمال، مستدير اللحية، على صورته رونق الحسن وهيبة السلطنة، وكان إلى جوده وبذله للأموال في أغراضه المنتهى، وكان مخوف السطوة، شديد الوطأة، قوي البطش، تخافه الملوك في أمصارها والوحوش العادية في آجامها، أباد جماعة من كبار الدولة، وكان منهمكًا على اللذات لا يعبأ بالتحرز على نفسه لفرط شجاعته وما أحسبه بلغ ثلاثين سنة، ولعل الله عز وجل قد عفا عنه وأوجب له الجنة على كثرة ما فرط في جنب الله، نسأل الله العفو والعافية.

ولما كان في ثالث المحرم توجه من القاهرة هو ووزيره الصاحب الكبير شمس الدين وأمراء دولته، فلما وصل إلى الطرانة فارقه الوزير إلى الإسكندرية فقدمها وعسف وصادر، ونزل السلطان بأرض الحمامات للصيد وأقام إلى يوم السبت ثاني عشر المحرم، فلما كان وقت العصر وهو بتروجة حضر نائب السلطنة بيدرا وجماعة أمراء، وقد كان السلطان أمره بكرة أن يمضي بالدهليز ويتقدم وبقي هو يتصيد وليعود إلى الدهليز عشية، فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشل أمير شكار، فابتدره بيدرا فضربه بالسيف قطع يده وضربه حسام الدين لاجين على كتفه حلها وصاح: من يريد الملك هذه تكون ضربته، يشير إلى بيدرا، فسقط السلطان ولم يكن معه سيف فيما قيل، بل كان في وسطه بند مشدود، ثم جاء سيف الدين بهادر رأس النوبة فأدخل السيف من أسفله فشقه إلى حلقه، وتركوه طريحًا في البرية والتفوا على بيدرا وحلفوا له، وساق تحت العصائب يطلب القاهرة وتسمى فيما قيل بالملك الأوحد، وبات تلك الليلة وأصبح يسير، فلما ارتفع النهار إذا بطلب كبير قد أقبل، يقدمه الأميران: زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ دار يطلبون بيدرا بدم أستاذهم وذلك بالطرانة، فحملوا عليه، فتفرق عنه أكثر من معه، فقتل في الحال وحمل رأسه على رمح وجاؤوا إلى القاهرة فلم يمكنهم الشجاعي من التعدية وكان نائبًا للسلطان في تلك السفرة، فأمر بالشواني والمراكب كلها، فربطت إلى الجانب الآخر، ونزل الجيش على الجانب الغربي، ثم مشت بينهم الرسل على أن يقيموا في السلطنة أخا السلطان وهو المولى السلطان الملك الناصر، أيده الله، فتقرر ذلك، وأجلسوه على التخت السلطاني في يوم الاثنين رابع عشر المحرم بأن يكون أتابكه كتبغا ووزيره الشجاعي، واختفى حسام

ص: 765

الدين لاجين وغيره ممن شارك في قتل السلطان.

قال شمس الدين الجزري في تاريخه: حدثني الأمير سيف الدين أبو بكر ابن المحفدار قال: كان السلطان، رحمه الله، قد نفذني بكرة إلى بيدرا بأن يتقدم بالعسكر، فلما قلت ذلك نفر في وقال: السمع والطاعة، كم يستعجلني، ثم إني حملت الزردخاناه والثقل الذي لي وركبت، فبينما أنا ورفيقي الأمير صارم الدين الفخري وركن الدين أمير جندار عند الغروب سائرين وإذا بنجاب، فقلنا: أين تركت السلطان؟ فقال: يطول الله أعماركم فيه، فبهتنا وإذا بالعصائب قد لاحت، ثم أقبل الأمراء وفي الدست بيدرا، فجئنا وسلمنا، ثم سايره أمير جندار فقال: يا خوند، هذا الذي تم كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم، أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم وها هم حضور، وكان من جملتهم حسام الدين لاجين وبهادر رأس النوبة وشمس الدين قراسنقر وبدر الدين بيسري، ثم شرع بيدرا يعدد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين واستهتاره بالأمراء وتوزيره لابن السلعوس، ثم قال: رأيتم الأمير زين الدين كتبغا؟، قلنا: لا فقال له أمير: يا خوند كان عنده علم من هذه القضية؟ قال: نعم، هو أول من أشار بها، فلما كان من الغد جاء كتبغا في طلب نحو ألفين من الخاصكية وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثم قوس كتبغا وقصد بيدرا وقال: يا بيدرا أين السلطان؟ ثم رماه بالنشاب ورموا كلهم بالنشاب فقتلوه وتفرق جمعه وسيروا رأسه إلى القاهرة، فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم في رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم.

قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين ابن الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدهليز الخبر أن بتروجة طير كثير، فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيرًا كثيرًا، فرمى بالبندق وصرع كثيرًا، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؟ فقلت: ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي، قال: هاته فناولته فأكله ثم قال: امسك فرسي حتى أبول، قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان وأنا

ص: 766

راكب حجرة وما يتفقان، فقال: انزل أنت واركب خلفي وأركب أنا الحجرة وهي تقف مع الحصان إذا كنت فوقه، فنزلت وناولته لجامها وركبت خلفه، ثم نزل هو وجلس يريق الماء وجعل يولع بذكره ويمازحني، ثم قام وركب حصانه ومسك لي الحجرة حتى ركبت وإذا بغبار عظيم فقال لي: سق واكشف الخبر، فسقت فإذا بيدرا والأمراء، فسألتهم عن سبب مجيئهم، فلم يردوا علي وساقوا إلى السلطان، فبدأه بيدرا بالضربة فقطع يده وتممه الباقون، ثم بعد يومين طلع والي تروجة وغسلوه وكفنوه ووضعوه في تابوت، ثم سيروا من القاهرة الأمير سعد الدين كوجبا الناصري فأحضر التابوت ودفن في تربة والدته، وكان من أبناء الثلاثين.

167 -

سنجر، الأمير الكبير، علم الدين الشجاعي، المنصوري.

كان رجلاً طويلاً، تام الخلقة، أبيض اللون، أسود اللحية، عليه وقار وهيبة وسكون وفي أنفه كبر وفي أخلاقه شراسة وفي طبيعته جبروت وانتقام وظلم، وله خبرة تامة في السياسة والعمارات والرأي، ولي شد الديار المصرية، ثم الوزارة، ثم ولي نيابة دمشق، فلطف الله بأهلها وقلل من شره بعض الشيء فوليها سنتين، ثم صرف بعز الدين الحموي وانتقل إلى مصر عالي الرتبة وافر الحرمة، ولقد كان يعرض في تجمل وهيبة لا تنبغي إلا لسلطان، ولما قدم من قلعة الروم كان دخوله عجبًا، طلب جارنا يونس الحريري وأمره أن يعمل له سناجق أطلس أبيض وفيه عقاب أسود، فعملها على هيئة سناجق السلطنة، قال لي يونس: عملناها عرض أربعة أذرع بالجديد، في طول نحو تسعة أذرع.

قلت: كان منها فوق كوساته خمسة صفًا واحدًا، وهي في غاية الحسن واللمعان ولها طزر مقصوصة محررة، أظن فيها:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} وتعجب الناس وقالوا: هذه لا تكون إلا لسلطان وكان رنكه قبل ذلك لت أحمر في بياض ..

وكان له من الخيل المسومة والمماليك الترك والزينة والذهب والرخت

ص: 767

وغير ذلك شيء كثير وكان شجاعًا، مهيبًا، جبارًا، من رجال العالم ولولا جوره لكان يصلح للملك، وكان له في الجملة ميل إلى أهل الدين وتعظيم للإسلام وعمل الوزارة في أول الدولة الناصرية أكثر من شهر.

ثم قتل شر قتلة، عصى في القلعة وجرت أمور، فلما كان يوم الرابع والعشرين من صفر عجز وطلب الأمان، فلم يعطوه أمانًا وطلع إليه بعض الأمراء وقال: انزل إلى عند السلطان الملك الناصر، فمشى معهم، فضربه واحد منهم طير يده، ثم طير آخر رأسه وعلق رأسه في الحال على سور القلعة، ودقت البشائر، ثم طافت المشاعلية برأسه في الأسواق وجبوا عليه والناس يشتمونه لظلمه وعسفه، فلا قوة إلا بالله، ومات وقد قارب الخمسين.

168 -

‌ عائشة بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان

، أم عبد الله المقدسية، زوجة شيخنا نصر الله بن عياش، وأمها هي زينب بنت مكي.

سمعت من أبي المجد القزويني، سمع منها: البرزالي والطلبة وتوفيت في ثالث ربيع الآخر.

169 -

‌ عبد الله بن الحسن بن أبي محمد

، الشيخ رشيد الدين، أبو محمد القاهري، الضرير.

شيخ صالح خير، سمع من أبي طالب بن حديد، والفخر الفارسي وابن باقا وهو أخو عيسى المذكور عام أول.

توفي في جمادى الآخرة، كتب عنه الجماعة وهو آخر من روى عن ابن حديد بالسماع.

170 -

‌ عبد الله بن علي بن منجد

، الأديب البارع، تقي الدين السروجي.

له نظم جيد سائر.

ص: 768

173 -

‌ عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود بن شمائل

، الإمام، أبو محمد البغدادي، الصيدلاني، خطيب جامع فخر الدولة ابن المطلب ووالد الشيخ العلامة الكبير صفي الدين عبد المؤمن، أحسن الله إليه.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى عن عبد الحميد بن بنيمان سبط أبي العلاء، كتب عنه أبو العلاء الفرضي وعبد الرزاق ابن الفوطي مؤرخ العراق وجماعة. وتوفي في أول ذي الحجة.

172 -

‌ عبد الحميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن فارس

، العدل، مكين الدين ابن الزجاج العلثي، البغدادي، الحنبلي.

ولد سنة عشرين وستمائة وقدم دمشق للحج سنة أربع وثمانين. وحدث عن: ابن روزبة والقطيعي، والحسن ابن الأمير السيد والأنجب الحمامي وابن بهروز وجماعة.

مات في أول العام - إن شاء الله - وكان دينا عابدا ثقة.

173 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن

، العدل، نجم الدين المراغي، ثم المصري.

توفي في شعبان، وقد سمع منه البرزالي وغيره بالقاهرة عن ابن خليل.

174 -

عبد الكافي بن عبد القادر بن خلف بن نبهان، الأنصاري، السماكي، الزملكاني، شمس الدين.

مات بزملكا في ذي القعدة. وكان معمرًا.

175 -

‌ عبد الملك بن معالي بن مفضل

، كمال الدين الجزري، ثم الواسطي. نزيل مصر.

روى عن ابن المقير، وابن رواج. وتوفي في جمادى الآخرة.

176 -

‌ عبد الواحد بن عثمان بن عبد الواحد

، ابن قاضي بالس، الرئيس نجم الدين سبط ابن جرير الوزير.

ص: 769

روى عن ابن اللتي، وغيره. ومات يوم عاشوراء.

177 -

‌ علاء الدين الأعمى

، الركني، الأمير الزاهد، قيل: اسمه إيدغدي، ناظر أوقاف القدس، ومنشيء العمارات والربط، وغير ذلك بالقدس والخليل والمدينة النبوية.

كان من أحسن الناس سيرة وأجملهم طريقة. انغمرت الأوقاف في أيامه وتضاعف المغل، واشتهر ذكره، وتوفي إلى رحمة الله بالقدس في شوال، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.

178 -

‌ عمر بن عبد العزيز ابن الشماع

، موفق الدين.

مات بالثغر عن ثمانين سنة في صفر، سمع من أبي البركات محمد بن يحيى المصري وطائفة.

179 -

‌ فخر الدين ابن لقمان

، الوزير الكاتب، شيخ الإنشاء واسمه إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد الشيباني الإسعردي.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة وبرع في الرسائل والأدب ورزق السعادة والتقدم في الدول، وطال عمره. رأيته شيخًا بعمامة صغيرة. وقد حدث عن: ابن رواج، كتب عنه البرزالي والطلبة. وتوفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة بمصر. وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بالنية.

وقد ولي وزارة الصحبة للملك السعيد، ثم وزر مرتين للملك المنصور. وأصله من المعدن من بلاد إسعرد. وكان قليل الظلم، فيه إحسان إلى الرعية. وكان إذا عزل من الوزارة يأخذ غلامه الحرمدان خلفه ويكبر إلى ديوان الإنشاء ما كأن جرى شيء، ولما افتتح الملك الكامل آمد كان ابن لقمان شابًا يكتب على عرصة القمح بها، وينوب عن الناظر. وكان البهاء زهير كبير الإنشاء للكامل، فاستدعى من ناظر آمد حوائج فكانت الرسالة ترد إليه بخط ابن لقمان، فأعجب البهاء زهير خطه وعبارته، فاستحضره وأخذه ونوه به وناب عنه في ديوان الإنشاء، ثم قدم منفيا في الدولة الصالحية وهلم جرا إلى أوائل

ص: 770

الدولة الناصرية - بسط الله عدلها - وانتهت إليه رياسة الإنشاء معرفة وقعددا وسنا، وله ترسل كثير سائر، ونظم حسن.

180 -

‌ كافور الصواف

، عتيق ابن الفوي.

شيخ مبارك، روى عن ابن عماد وغيره، كتب عنه عامة الطلبة. وتوفي بمصر في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وله ثلاث وثمانون سنة. وكان بسوق الأنماطيين.

181 -

‌ كندي بن عمر بن كندي بن سعيد بن علي

، العدل، الصالح، تاج الدين، أبو محمد الكندي، الدمشقي، عامل الأيتام، أخو زينب شيختنا.

حدث عن: كريمة، والضياء. سمع منه: البرزالي وغيره وتوفي في أوائل السنة بحصن بلاطنس.

182 -

‌ كيختو بن هولاكو

، ملك التتار.

تسلطن بعد هلاك أرغون ابن أخيه أبغا في سنة تسعين، وأقام بالروم مدة، ومالت طائفة إلى ابن أخيه بيدو فملكوه، وجرى بينهم خلف. ثم قوي بيدو وتملك العراق وخراسان، وقاد الجيوش، وجبى الأموال. وسار كل منهما لقصد الآخر فالتقوا. وقتل كيختو في هذه السنة، واحتوى بيدو على الأمر، لكن خرج عليه قازان بن أرغون، وكان متسلمًا ثغر خراسان عاصيًا على الرجلين، فلما بلغه قتل كيختو جمع الجيوش وطلب الملك. وكان كيختو له ميل إلى المسلمين وإحسان إلى الفقراء، بخلاف بيدو، فإنه كان يميل إلى النصارى، وقيل: إنه تنصر. وكلاهما ماتا على الشرك والكفر بالله.

183 -

‌ محمد بن أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر

، قاضي القضاة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو عبد الله ابن قاضي القضاة شمس الدين الخويي الشافعي، قاضي دمشق وابن قاضيها.

ولد في شوال سنة ست وعشرين بدمشق، ونشأ بها، واشتغل في صغره. ومات والده وله إحدى عشرة سنة فبقي منقطعًا بالعادلية. ثم أدمن الدرس

ص: 771

والسهر والتكرار مدة بالمدرسة وحفظ عدة كتب وعرضها، وتنبه وتميز على أقرانه. وسمع في صغره من ابن اللتي، وابن المقير، والسخاوي، وابن الصلاح. وأجاز له خلق من أصبهان، وبغداد، ومصر، والشام. وخرج له تقي الدين عبيد الحافظ معجمًا حافلاً. وخرج له أبو الحجاج الحافظ أربعين متباينة الإسناد. وحدث بمصر ودمشق. وأجاز له عمر بن كرم، وأبو حفص السهروردي ومحمود بن منده، وهذه الطبقة.

ولم أسمع منه، بل مشيت إليه وشهد في إجازتي من الحاضرين بالقراءات وامتحنني في أشياء من القراءات، وأعجبه جوابي وتبسم. وكان يحب أرباب الفضيلة ويكرمهم، ويلازم الاشتغال في كبره. ويصنف التصانيف. وكان - على كثرة علومه - من الأذكياء الموصوفين، ومن النظار المنصفين. يبحث بتؤدة وسكينة، ويفرح بالفقيه الذكي ويتألفه، وينوه باسمه. وكان حسن الأخلاق حلو المجالسة، دينًا، متصونًا، صحيح الاعتقاد، مع كثرة نظره في الحكمة والعقليات. وقد صنف كتابًا في مجلد كبير يشتمل على عشرين فنًا من العلم، وشرح الفصول لابن معط، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح، والفصيح لثعلب وكفاية المتحفظ. وقد شرح من أول ملخص القابسي خمسة عشر حديثا في مجلد، فلو تم هذا الكتاب لكان يكون أكبر من التمهيد وأحسن. وله مدائح في النبي صلى الله عليه وسلم وشعره جيد فصيح. وكان يحب الحديث وأهله ويقول: أنا من الطلبة.

درس وهو شاب بالدماغية، ثم ولي قضاء القدس قبل هولاكو وأيامه، ثم انجفل إلى القاهرة فولي قضاء المحلة والبهنسا، ثم قدم الشام على قضاء حلب. ثم رجع وعاد إلى قضاء المحلة. ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية بعد الثمانين، ثم نقل إلى قضاء الشام عند موت القاضي بهاء الدين ابن الزكي.

ص: 772

سمع منه: الفرضي والمزي والبرزالي، والختني، وعلاء الدين المقدسي، والشهاب ابن النابلسي، وروى صحيح البخاري بالإجازة نوبة عكا. وسمع منه خلق. وكان ربعة من الرجال، أسمر، مهيبًا، كبير الوجه، فصيح العبارة، مستدير اللحية، قليل الشيب.

توفي في بستان صيف فيه بالسهم يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان. وصلي عليه بالجامع المظفري بين الصلاتين ودفن عند والده بتربته بالجبل.

وقد سألت شيخنا المزي عنه، فقال: كان أحد الأئمة الفضلاء في عدة علوم. وكان حسن الخلق، كثير التواضع، شديد المحبة لأهل العلم والدين.

وقد استوفى أخباره مجد الدين الصيرفي في معجمه وقال: كان علامة وقته وفريد عصره. وأحد الأئمة الأعلام، وكان جامعًا لفنون من العلم كالتفسير والأصلين، والفقه، والنحو، والخلاف، والمعاني، والبيان، والحساب، والفرائض، والهندسة، ذا فضل كامل، وعقل وافر، وذهن ثاقب رحمه الله.

ومن شعره لما تخلف عن الركب بمكة ثم أصبح ولحق بهم.

إن كان قصدك يفضي إلى عدمي فنظرة منك لا تغلو بسفك دمي يلذ لي فيك ما يرضيك من تلفي وحسن حالي من برئي ومن سقمي كن كيف شئت فما لي قط عنك غنى أنت المحكم في الحالات فاحتكم كم شدة فرجت باللطف منك وقد سألتك اللطف في داج من الظلم

وذكر القصيدة.

184 -

‌ محمد بن أحمد بن عمر

، الإمام، أبو عبد الله ابن الدراج التلمساني، الأنصاري.

نشأ بسبتة يتيمًا، فكلفه الغرفي صاحب سبتة. وكان أحسن أقرانه في زمانه. قرأ القراءات على أبي الحسن ابن الخضار، والنحو على أبي الحسين بن أبي الربيع. وسمع البخاري من أبي يعقوب المجساني، عن ابن الزبيدي

ص: 773

قال لي أبو القاسم بن عمران: كان شيخنا ابن الدراج روضة معارف، متفننًا في العلوم. ولاه أمير المغرب أبو يعقوب المريني قضاء سلا.

مات في رمضان في سنة ثلاث وتسعين كهلاً.

185 -

‌ محمد بن أحمد بن منور بن شخيان

، الصوفي.

سمع يوسف الساوي، مات بمصر في ذي القعدة.

186 -

‌ محمد بن إسرائيل بن يوسف

، شمس الدين الدمشقي، المعمار.

قال البرزالي: حدثنا عن ابن اللتي. ومات في ذي القعدة.

187 -

‌ محمد بن شاهنشاه

، ابن الملك الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه ابن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، الملك الحافظ، غياث الدين.

ولد بدمشق أو ببعلبك في سنة ست عشرة وستمائة، وسمع صحيح البخاري من ابن الزبيدي وحدث به. وأجاز لي مروياته.

وكان أميرًا جليلاً، متميزًا، فاضلاً، نسخ الكثير بخطه المنسوب. وكان يتردد إلى أملاكه بجسرين وخلف عدة أولاد. وتوفي في شعبان.

188 -

‌ محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر

، إمام النحو، محيي الدين، أبو عبد الله الزناتي، الكملاني، المالكي ويعرف بحافي رأسه.

مولده سنة ست وستمائة بتاهرت بظاهر تلمسان، سمع من أبي القاسم الصفراوي، وابن رواج، وجماعة. وتصدر للعربية زمانًا، أخذ عنه تاج الدين الفاكهاني، وطائفة.

توفي في رمضان بالإسكندرية، وتخرج به خلق كثير.

أخذ هو النحو عن أبي محمد عبد المنعم بن صالح التيمي تلميذ ابن بري، وعن أبي زيد عبد الرحمن ابن الزيات، تلميذ محمد بن قاسم بن قنداس، وابن قنداس من أصحاب الجزولي وأبي ذر الخشني. وأخذ حافي رأسه أيضًا

ص: 774

عن نحوي الثغر عبد العزيز بن مخلوف الإسكندراني الجراد.

ولقب بحافي رأسه لحفرة كانت في دماغه. وقيل: كان في رأسه شيء شبه ح. وقيل: لأنه كان أول أمره مكشوف الرأس. وقيل: رآه رئيس بالثغر فأعطاه ثيابًا جددًا لبدنه، فقال هو: هذا لبدني ورأسي حافي. فأمر له بعمامة. فلزمه ذلك.

ومن شعره:

ومعتقد أن الرياسة في الكبر فأصبح مملوكًا بها وهو لا يدري يجر ذيول العجب طالب رفعة ألا فاعجبوا من طالب الرفع بالجر

189 -

‌ محمد الشيخ الزاهد العارف أبي عبد الله

ابن الشيخ القدوة عبد الله ابن الشيخ الكبير غانم بن علي، النابلسي، المقدسي، أبو عبد الله الشافعي.

قدم دمشق وتفقه مدة على الشيخ تاج الدين الفزاري، وأفتى ببلده مدة إلى حين وفاته. وكان إمامًا صالحًا، زاهدًا، قدوة، كبير القدر. له فقراء ومريدون وأمره مطاع وحرمته عظيمة، مع التواضع والمروءة والصفات الجميلة. وانتقل إلى رضوان الله في يوم الأحد الرابع عشر من ربيع الآخر.

190 -

‌ محمد بن عبد الله بن أحمد بن سعيد

، العنسي، أبو عبد الله السبتي.

ولد سنة أربع وستمائة، قال ابن رشيد الحافظ: لا يوثق بقوله إلا أن يوجد شيء من روايته بخط غيره.

مات في ربيع الآخر من العام عن تسع وثمانين سنة. أجاز لابن جابر التونسي.

191 -

‌ محمد بن عبد الحميد بن عبد الله بن خلف

، المحدث، الإمام، الصالح، المفيد، نجم الدين، أبو بكر القرشي، المصري. أحد الطلبة المشهورين.

ص: 775

سمع: النجيب عبد اللطيف، وابن علاق، وابن عزون، وأصحاب البوصيري، فمن بعدهم. وبدمشق ابن عبد الدائم، وطبقته. ودخل اليمن وجاور مدة. وكتب الكثير، وحدث، عاش خمسين سنة.

روى عنه قطب الدين في معجمه ومات في رجب بمكة. وهو أخو شيخنا محمد المؤدب.

192 -

‌ محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة

، شيخنا، شمس الدين، أبو عبد الله الدمياطي، ثم الدمشقي، المقرئ.

ولد في حدود العشرين وستمائة. وقرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، ولازم خدمته وسمع منه ومن: التاج ابن أبي جعفر، وأبي الوفاء عبد الملك ابن الحنبلي، وغيرهم. وحفظ الرائية والشاطبية. وكان ذاكرًا للقراءات ذكرًا حسنًا، طويل الروح، حسن الأخلاق. وكنت أعرف صورته من الصغر، فلما انقطعت آمالنا من الفاضلي عرفت أنه قرأ على السخاوي، فأتيته إلى حلقته، وحدثته في أن يجلس للجماعة، فأجاب، وجلس لنا طرفي النهار بالكلاسة، فكملت عليه القراءات أنا وابن بصخان الدمشقي، وابن غدير الواسطي. وأفرد عليه جماعة، وتوفي والشيخ شمس الدين الحنفي الزنجيلي يجمع عليه ولم يكمل.

وسمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وابن سامة، وسليمان بن حمزة الجامي المقرئ، وجماعة. وكان شيخًا لطيف القد، قصيرًا، أسمر، صغير اللحية، حسن البزة، له ملك ودراهم، أقرأ الجماعة احتسابًا بلا معلوم ولا عوض، والله يسامحه ويثيبه، وحصل له عسر البول، ومات شهيدًا. ولما أيس من نفسه نزل لي عن حلقة إقرائه، وهي من جملة الحلق السبعين. ونزل لسليمان عن السبع المجاهدي. وخلف ولدًا من أبرع الناس خطًا، وأقلهم في الديانة حظًا.

توفي في الحادي والعشرين من صفر، ودفناه بمقابر الصوفية. وقد رويت عنه في المجلد الأول من كتابنا.

ص: 776

193 -

‌ محمد بن عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب

ابن الشيخ أبي الفرج، أبو عبد الله بن أبي الوفاء ابن الحنبلي، الدمشقي.

روى عن أبيه الأربعين السلفية وكان له دكان بالحريريين.

توفي يوم عيد النحر.

194 -

‌ محمد بن عثمان بن أبي الرجاء

، الوزير الكبير الصاحب الأثير، شمس الدين التنوخي الدمشقي، التاجر، ابن السلعوس وزير الملك الأشرف.

كان في شبيبته يسافر في التجارة. وكان أشقر، سمينًا، أبيض، معتدل القامة فصيح العبارة، حلو المنطق، وافر الهيبة والتؤدة، سديد الرأي، خليقًا للوزارة كامل الأدوات، تام الخبرة، زائد الحمق جدًا، عظيم التيه والبأو. وكان جارًا للصاحب تقي الدين البيع، فصاحبه ورأى منه الكفاءة، فأخذ له حسبة دمشق. ذهبت إليه مع الذهبيين ليحكم فيهم، فأذاقنا ذلاً وقهرًا. ثم ذهب إلى مصر وتوكل للملك الأشرف في دولة أبيه فجرت عليه نكبة من السلطان، ثم شفع مخدومه فيه، فأطلق من الاعتقال.

وحج إلى بيت الله، فتملك في غيبته مخدومه الملك الأشرف، وعين له الوزارة. وكان محبًا فيه، معتمدًا عليه، فعمل الوزارة في مستحقها. وكان إذا ركب تمشي الأمراء والكبار في خدمته. ودخل دمشق يوم قدومهم من عكا في دست عظيم وكبكبة من القضاة والمفتين والرؤساء والكتاب، فلم يتخلف أحد. وكان الشجاعي فمن دونه يقفون بين يديه، وجميع أمور المملكة منوطة به. وإذا ركب ركب في عدة مماليك ورؤساء وأمراء، ولا يكاد يرفع رأسه إلى أحد ولا يتكلم إلا الكلمة بعد الكلمة، قد قتله العجب وأهلكه الكبر، فنعوذ بالله من مقت الله. وكان صحيح الإسلام، جيد العقيدة. فيه ديانة وسنة في الجملة.

فارق السلطان كما ذكرنا وسار إلى الإسكندرية في تحصيل الأموال، وفي خدمته مثل الأمير علم الدين الدواداري، فصادر متولي الثغر وعاقبه، فلم ينشب أن جاءه الخبر بقتل مخدومه، فركب لليلته منها هو وكاتبه الرئيس شرف الدين ابن القيسراني - وقال للوالي: افتح لي الباب حتى أخرج لزيارة قبر القباري. ففتح له وسافر. وبلغني فيما بعد أن الوالي عرف الحال وشتم الوزير، ثم أخرجه في ذلة، وجاء إلى المقس ليلاً، فنزل بزاوية شيخنا ابن

ص: 777

الظاهري، ولم ينم معظم الليل. واستشار الشيخ في الاختفاء، فقال له: أنا قليل الخبرة بهذه الأمور، وأشير عليه بالاختفاء، فقوى نفسه وقال: هذا لا نفعله ولو فعله عامل من عمالنا لكان قبيحًا. وقال: هم محتاجون إلي، وما أنا محتاج إليهم. ثم ركب بكرة ودخل في أبهة الوزارة إلى داره، فاستمر بها خمسة أيام، ثم طلب في اليوم السادس إلى القلعة، وأنزل إلى البلد ماشيًا، فسلم من الغد إلى عدوه مشد الصحبة الأمير بهاء الدين قراقوش، سلمه إليه الشجاعي، فقيل: إنه ضربه ألفًا ومائة مقرعة، ثم سلم إلى الأمير بدر الدين المسعودي مشد مصر يومئذ حتى يستخلص منه، فعاقبه وعذبه، وحمل جملة وكتب تذكرة إلى دمشق بسبعة آلاف دينار مودعة عند جماعة، فأخذت منهم.

ثم مات من العقوبة في تاسع صفر، وقد أنتن جسمه، وقطع منه اللحم الميت قبل موته، نسأل الله العفو والعافية. ومات في عشر الخمسين أو أكثر.

195 -

‌ محمد بن محمد بن عقيل

، الأجل، فخر الدين ابن الصدر بهاء الدين ابن التنبي، الكاتب.

روى عن الشيخ الموفق ابن قدامة، والعلم السخاوي. وكتب الخط المليح على طريقة ابن البواب. ولم يتفق لي السماع منه، وتوفي بالجاروخية في جمادى الأولى.

وقد أقام بالمدرسة الضيائية مدة أيام، ثم انتقل منها إلى الجاروخية. وكان قد كتب على الولي. وكان منعزلاً منقبضًا.

• - محمد بن محمد بن نصر، هو حافظ الدين البخاري، ذكرناه بلقبه

196 -

‌ محمد بن أبي طاهر بن عبد الوهاب

، الشيخ بدر الدين أبو عبد الله الشيخي، الحلبي، الصوفي، المروزي الأصل. ويعرف بابن شحتان.

توفي بخانكاه سعيد السعداء، وحدث عن يوسف بن خليل. ومات في ذي القعدة.

ص: 778

• - موسى بن محمد، تاج الدين، مر.

197 -

‌ مؤنسة، الخاتون

، المعمرة وتعرف بالدار القبيطة ابنة السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شاذي.

آخر أولاد أبيها موتًا، روت بالإجازة عن: عفيفة الفارفانية وعين الشمس الثقفية، سمع منها: ابن سيد الناس، وابن حبيب، وأولاد ابن الظاهري، والطلبة. وتوفيت في الرابع والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. وقد قاربت التسعين. وفي إجازتها من عين الشمس تعميم، لأن في الاستدعاء: وللموجودين من نسل أيوب بن شاذي. وكان مولدها سنة ثلاث وستمائة.

198 -

‌ نسب بنت يوسف ابن الأطلسي

.

روت بالإجازة عن أبي الحسن القطيعي وغيره، وماتت بالقاهرة يوم موت بنت العادل أيضًا.

قال علم الدين: قرأت عليها جزءًا خرجه لها سعد الدين الحارثي.

199 -

‌ يعقوب بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر

، عز الدين ابن قاضي اليمن الدمشقي.

ولد سنة ست عشرة وستمائة، وحدث عن: ابن اللتي، ومات بحصن الأكراد في هذه السنة.

200 -

‌ يونس بن علي بن مرتفع بن أفتكين

، الشيخ ركن الدين، أبو الفضائل الحميري، الدمشقي، المصري الأصل، الشافعي، مدرس المسرورية.

صدر جليل متميز، روى عن الناصح ابن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم. وتوفي في شهر رجب.

رأيته وحدثته مرة. وأجاز لي مروياته. وكان ينوب عن القضاة في مصالحة الجوائح ونفذني أبي إليه في طلب جائحة بستان فقضى لنا.

ص: 779

201 -

‌ أبو القاسم بن حماد بن أبي بكر

، الخطيب، المعمر، المقرئ، أبو الفضل الحضرمي، المهدوي، اللبيدي.

لازم القاضي يحيى بن محمد البرقي وانتفع به، وأخذ عنه القراءات وغيرها. وأخذ عن: أبي القاسم بن علي بن البراء، وعبد الرحيم بن طلحة، قرأ عليه: أبو عبد الله الوادياشي وسمع منه.

كف بصره بأخرة، ومات في آخر العام. وكان مولده في أواخر سنة ستمائة، وكان من علماء تونس رحمه الله.

وفيها ولد:

بدر الدين محمد بن يحيى بن الفويره وبهاء الدين محمد ابن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح.

ص: 780

سنة أربع وتسعين وستمائة.

202 -

‌ أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد

، الإمام، العلامة، أقضى القضاة، خطيب الشام، شرف الدين أبو العباس النابلسي، المقدسي، الشافعي، بقية الأعلام.

كان إمامًا، فقيهًا، محققًا، متقنًا للمذهب والأصول والعربية والنظر، حاد الذهن، سريع الفهم، بديع الكتابة، إمامًا في تحرير الخط المنسوب، درس بالشامية الكبرى، وناب في الحكم عن ابن الخويي، وكان من طبقته في الفضائل. وولي دار الحديث النورية. ثم ولي الخطابة. ثم مات حميدًا، فقيدًا، سعيدًا.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة ظنًا بالقدس إذ أبوه خطيبها. وأجاز له الفتح ابن عبد السلام. وأبو علي ابن الجواليقي، وأبو حفص السهروردي، وأبو الفضل الداهري. وسمع من السخاوي، وابن الصلاح، وعتيق السلماني، والتاج القرطبي، وطبقتهم. وكان له حلقة إشغال وفتوى عند باب الغزالية، تخرج به جماعة من الأئمة، وانتهت إليه رياسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين. وأذن لجماعة في الفتوى. وصنف كتابًا في أصول الفقه، جمع فيه بين طريقتي الفخر الرازي والسيف الآمدي.

وكان متواضعًا، متنسكًا، كيسا، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، طويل الروح على التعليم. وكان ينشيء الخطب ويخطب بها، وتفقه على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام بالقاهرة. وجالس أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله وأقرأه العلم والأدب مدة. وكان متين الديانة، حسن الاعتقاد، سلفي النحلة، ذكر لنا الشيخ تقي الدين ابن تيمية أنه قال قبل موته بثلاثة أيام: اشهدوا أني على عقيدة أحمد بن حنبل.

قرأت عليه أربعين حديثًا من مروياته. وتوفي في رمضان عن نيف وسبعين سنة.

ص: 781

203 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج

بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة، الإمام، المقرئ، الواعظ، المفسر، الخطيب، شيخ المشايخ عز الدين، أبو العباس ابن الإمام الزاهد أبي محمد المصطفوي، الفاروثي، الواسطي، الشافعي، الصوفي.

ولد بواسط في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ القراءات على والده وعلى الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، عن أبي بكر ابن الباقلاني. وقدم بغداد سنة تسع وعشرين، وسمع من عمر بن كرم الدينوري، والشيخ شهاب الدين عمر السهروردي ولبس منه خرقة التصوف، وأبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن ابن الزبيدي، وأبي المنجى ابن اللتي، وأبي صالح الجيلي، وأبي الفضائل عبد الرزاق ابن سكينة، والأنجب ابن أبي السعادات، وأبي الحسن بن روزبة، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وعلي بن كبة، وأبي بكر بن بهروز، وسعيد بن ياسين، وأبي بكر ابن الخازن، وأبي طالب ابن القبيطي وطائفة سواهم. وسمع بواسط من أبي العباس أحمد بن أبي الفتح ابن المندائي والمرجى بن شقيرة. وسمع بأصبهان من الحسين بن محمود الصالحاني صاحب أبي جعفر الصيدلاني وغيره. وسمع بدمشق من التقي إسماعيل بن أبي اليسر، وجماعة.

وروى الكثير بالحرمين، والعراق، ودمشق، وسمع منه خلق كثير، منهم: أبو محمد البرزالي، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره صحيح البخاري وكتابي عبد والدارمي، وجامع الترمذي، ومسند الشافعي، ومعجم الطبراني وسنن ابن ماجه، والمستنير لابن سوار، والمغازي لابن عقبة، وفضائل القرآن لأبي عبيد، ونحوًا من ثمانين جزءًا. ولبس منه الخرقة خلق. وقرأ عليه القراءات جماعة، منهم: الشيخ جمال الدين إبراهيم البدوي، والشيخ أحمد الحراني، والشيخ شمس الدين الأعرج وشمس الدين بن غدير.

وكان فقيهًا، سلفيًا، مفتيًا، مدرسًا، عارفًا بالقراءات ووجوهها وبعض عللها، خطيبًا واعظًا، عابدًا، صوفيًا، صاحب أوراد وأخلاق وكرم وإيثار

ص: 782

وإيثار، ومروءة، وفتوة، وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصحبته في الدنيا والآخرة، ويسعهم بخلقه وسخائه، وبسطه، وحلمه، وماله، وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحرمة، له القبول التام من الخاص والعام. وله محبة في القلوب، ووقع في النفوس.

قدم دمشق من الحجاز، بعد مجاورة مدة، سنة تسعين، فسمع من ابن البخاري، وابن الواسطي. وكان حسن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية والإعادة بالناصرية، وتدريس النجيبية. ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين ابن المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا تلعثم. ويخرج من الجمعة وعليه السواد، فيمشي بها ويشيع جنازة، أو يعود أحدًا ويعود إلى دار الخطابة. وله نوادر وسجع وحكايات حلوة في لبسه وخطابه وخطابته وكان ظريفًا، حلو المجالسة، طيب الأخلاق وكان الشجاعي نائب السلطنة قائلاً به، معظمًا له. وكان هو يمشي إليه إلى دار السعادة. وكان بعض الزهاد ينكر ذلك عليه.

ثم إنه عزل عن الخطابة بموفق الدين ابن حبيش الحموي، فتألم لذلك وترك الجهات، وأودع بعض كتبه، وكانت كثيرة جدًا، وسار مع الركب الشامي سنة إحدى وتسعين فحج، وسار مع حجاج العراق إلى واسط.

وكان لطيف الشكل، صغير العمامة، يتعانى الرداء على ظهره، وكان قد انحنى وانتحل واندك من كثرة الجماع والاشتغال والمطالعة والتهجد في الشيخوخة. وخلف من الكتب ألفين ومائتي مجلدة.

توفي بواسط في بكرة يوم الأربعاء سنة أربع في مستهل ذي الحجة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بعد سبعة أشهر.

وسألت الشيخ علي الواسطي الزاهد عن نسبته المصطفوي، فقال: كان والده الشيخ محيي الدين الفاروثي يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وواخاه فلهذا كان يكتب المصطفوي.

وحدثنا ابن مؤمن المقرئ أنه سمع الشيخ عز الدين لما قدم عليهم واسط وقيل له: كيف تركت الأرض المقدسة وجئت؟ فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي: تحول إلى واسط لتموت بها وتدفن عند والدك.

ص: 783

قال لي ابن مؤمن: وآخر درس عمله، عمله بداره، فطلب إليه الفقهاء، وأنا حاضر، فبقي يلقي الكلمات من درسه ثم يغيب من قوة الضعف. وبقي يطلب إليه الفقهاء ويودعهم ويقول: قد عرض لنا سفر فاجعلونا في حل. وبقينا نتعجب من سفره وقد كبر وضعف، فلما كان بعد ثلاثة أيام أو نحوها توفي إلى - رحمة الله - وعد ذلك من كراماته.

ثم حدثني ابن مؤمن، قال: حدثنا القدوة علي الواسطي، قال: قال لنا الشيخ قبل موته بنحو أسبوع: قد عزمت على السفر إلى شيراز في يوم كذا، وأظنني في ذلك اليوم أموت. فاتفق موته في ذلك اليوم.

204 -

‌ أحمد ابن الزين إبراهيم بن أحمد بن عثمان ابن القواس

، الدمشقي، العدل، شمس الدين.

كان ثقة، خيرًا، حسن السمت، روى عن الرشيد ابن مسلمة. ومات في شعبان، له حضور على ابن قميرة.

205 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عبد المطلب

، الدمشقي، الفقير، المعروف بالجازور.

روى عن الشرف المرسي، والصدر البكري، حدث عنه ابن الخباز، والبرزالي. وكان شيخًا صالحًا، قانعًا باليسير، لازمًا لمجالس الحديث، توفي.

توفي في أواخر العام.

206 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم

، شيخ الحرم، محب الدين، أبو العباس الطبري، المكي، الشافعي، الفقيه، الزاهد، المحدث.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من ابن المقير، وشعيب الزعفراني، وابن الجميزي، والمرسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي العطار، وجماعة. وتفقه ودرس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز، صنف كتابًا كبيرًا إلى الغاية في الأحكام رأيته في ست مجلدات، وتعب عليه مدة. ورحل إلى اليمن، وأسمعه للسلطان صاحب اليمن.

روى عنه الدمياطي قصيدة من نظمه، وابن العطار، وابن الخباز،

ص: 784

والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في جمادى الآخرة. وهو والد قاضي مكة جمال الدين محمد، وجد قاضيها نجم الدين.

207 -

‌ أحمد بن عبد الله بن الحسين

، الشيخ جمال الدين المحقق.

فقيه، مدرس، مناظر، جيد المشاركة في الأصول العربية. بارع في معرفة الطب. وكان معيدًا في المدارس الكبار. وحدث عن الكمال ابن طلحة، وغيره. وله نوادر وحكايات، وفيه دهاء وذكاء. والله يسامحه وإيانا.

توفي في رمضان. وكان معيدًا بالقيمرية، ومدرسًا بالفرخشاهية، ومدرس الطب بالدخوارية، وطبيبًا بالمارستان.

مات في معترك المنايا.

208 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن ابن العز محمد ابن الحافظ عبد الغني

، الفقيه الصالح عز الدين المقدسي الحنبلي.

حدث عن: كريمة، والضياء محمد حضورًا. وتوفي في رمضان. وكان أمه عائشة بنت المجد تبكي عليه وتدعو له.

209 -

‌ أحمد بن محمد بن عمر بن كندي

، نجم الدين الشاهد.

توفي بدمشق كهلاً.

210 -

‌ أحمد بن محمد بن صالح

، شهاب الدين العرضي، الشاهد، إمام مسجد الرحبة.

توفي في ربيع الآخر، وقد شاخ، وأم بالمسجد بعده ابنه شمس الدين.

211 -

‌ إبراهيم بن أبي بكر البغدادي

، نزيل دمشق.

سمع ابن قميرة ببغداد، والليداني بدمشق. توفي في ربيع الآخر.

212 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن قريش

، الإمام، المحدث، تاج الدين، أبو الطاهر القرشي، المخزومي، المصري، الشافعي.

ص: 785

من جلة الشيوخ وفضلائهم. طلب الحديث وسمع من جعفر الهمداني، وابن المقير، وابن رواج، وطائفة. وحدث عنه الدمياطي في معجمه. وسمع منه المصريون والرحالة، وتوفي في الثامن والعشرين من رجب، وقد نيف على الثمانين.

وكان صاحب عبادة وزهادة رحمه الله كتب ما لا يوصف حتى الصحيحين والمسند والمعجم للطبراني.

213 -

‌ إسماعيل بن هبة الله بن أبي غانم

محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، الشيخ فخر الدين أبو صالح العقيلي، الحلبي، ابن العديم شيخ خانكاه القديم بحلب.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة، وروى عن زين الأمناء، وسيف الدولة ابن غسان، وعبد الرحيم بن الطفيل، وغيرهم. وحدث بدمشق وغيرها.

مات في ثالث عشر المحرم بحلب. وقد حج في صغره فسمع في الطريق.

214 -

‌ آمنة بنت المنتخب محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين الطاهر

ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد ابن الزكي القرشي.

حضرت جزءًا في الثالثة على عمة أبيها فاطمة بنت محيي الدين المذكور في سنة أربع وثلاثين، قالت: أخبرتنا جدتي لأبي آمنة بنت محمد بن الران قالت: أخبرنا جدي لأمي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي. وأجاز لها القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، وغيره. وتوفيت في رمضان.

215 -

‌ بكتوت الأقرعي

، الأمير الكبير بدر الدين.

ولي شد دمشق في أيام الظاهر، وعزل في أيام السعيد. وولي شد الصحبة للملك المنصور. وهو الذي ضيق على قاضي القضاة وابن الصائغ كما مر.

وكان ظالمًا جبارًا، لا يتبرطل ولا يتطيب، مات في ربيع الأول.

216 -

‌ بيليك، فتى الأمير جمال الدين إيدغدي العزيزي

.

ص: 786

يروي عن سبط السلفي، توفي في رجب.

217 -

‌ تمام بن محمد بن إسماعيل

، العدل كمال الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، نقيب القاضي الحنفي.

شيخ دين، خير، مسن، سمع: محمد بن غسان، وإبراهيم بن خليل، روى عنه ابن الخباز. والطلبة. وسمعت منه. وتوفي في ذي القعدة.

218 -

‌ جابر بن محمد بن قاسم بن حسان

، الإمام أبو محمد الأندلسي، الوادي آشي المقرئ، نزيل تونس. والد صاحبنا أبي عبد الله.

مولده سنة عشر وستمائة. ورحل سنة بضع وثلاثين فحج ودخل الشام والعراق، وقرأ لأبي عمرو على السخاوي، وسمع منه الشاطبية وسمع من ابن القبيطي، وعز الدين عبد الرزاق المحدث. ورجع إلى الأندلس. ثم استوطن تونس قبل السبعين.

سمع منه ولده جملة صالحة. وتوفي في ربيع الأول سنة أربع وتسعين رحمه الله.

219 -

‌ خاتون بنت الملك الأشرف موسى

ابن الملك العادل أبي بكر ابن أيوب.

التي أثبتوا عدم رشدها، وصادروا السامري بسببها. وكانت زوجة الملك المنصور محمود ابن الصالح أبي الخيش، وأم ولديه.

توفيت في هذه السنة.

220 -

‌ داود بن علي بن محمد

، العدل، عماد الدين اللخمي، ابن سبيط الوراق، أحد الشهود.

سمع من ابن الجميزي. وحدث. ومات في ذي الحجة.

221 -

‌ ست الأهل، بنت المولى الرئيس أمين الدين عبد المحسن

بن حمود الحلبي، الكاتب.

روت بالإجازة شيئًا يسيرًا عن أصحاب أبي الوقت. وتوفيت في صفر

ص: 787

بدمشق. وهي والدة العدل شرف الدين ابن الصابوني.

222 -

‌ سليمان بن محمد بن عبد الحق بن خلف

، صدر الدين الحنبلي، الشاهد، أخو الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن عبد الحق.

روى عن جعفر الهمداني، سمع منه غير واحد، وكان من شهود العقيبة، توفي في صفر.

223 -

‌ سونج بن محمد بن سونج بن عمر بن إبراهيم

، أبو علي التركماني، الدمشقي، الفقير.

سمع الصحيح من ابن الزبيدي، وسمع الصحاح الأخر من المشايخ الاثني عشر ابن الصلاح، والسخاوي، وغيرهما. وكان فقيرًا نظيفًا، له شعر محلول، وفيه دين.

سمعت منه بالنيرب وجامع دمشق. وتوفي في شوال عن أربع وسبعين سنة.

224 -

‌ شمس الدين الكردي

، الشافعي، الأقطع. قاضي غزة.

توفي في رجب، وولي الحكم بعده تقي الدين حرمي الخليلي.

225 -

‌ شريف بن يوسف بن مكتوم

، شرف الدين الزرعي، التاجر، أخو أحمد وعثمان.

رووا عن ابن اللتي، وتوفي هذا في صفر. يوصف بصلاح.

226 -

‌ ظافر بن أبي غانم بن سيف

، شهاب الدين الأرفادي، الشاعر.

روى عن الرشيد ابن مسلمة، كتب عنه من القدماء الأبيوردي ومن المتأخرين البرزالي وطبقته. ومات في المحرم بمصر، مولده سنة سبع وعشرين، ولقبه فتح الدين.

وسمع من عثمان بن مكي الشارعي، وإسماعيل بن صارم. وله أبيات ورحلة إلى دمشق.

227 -

‌ عبد الجبار

، جمال الدين قاضي القضاة ببغداد بعد قضاء البصرة.

ص: 788

ولي سنة وتعلل. رجع إلى البصرة فمات بها. وكان قد عزل قاضي بغداد عز الدين أحمد ابن الزنجاني عنها بهذا لأجل ضرره.

228 -

‌ عبد الرحمن بن يوسف بن محمد

، شمس الدين، ابن الشيخ مجد الدين ابن المهتار الدمشقي، نقيب القاضي عز الدين ابن الصائغ، وأمين سلة الحكم.

سمع من مكي بن علان، والرشيد العراقي، وطائفة. ومات في المحرم، وله أربع وخمسون سنة.

229 -

‌ عبد الرحمن بن موسى بن عبد الرحمن بن موسى

، جلال الدين أبو القاسم.

سمع من ابن عماد، وابن شداد، وابن باقا، وطائفة، سمع منه: ابن حبيب. ولم أعرف وفاته.

230 -

‌ عبد الصمد ابن القاضي الخطيب عماد الدين عبد الكريم

ابن القاضي جمال الدين أبي القاسم ابن الحرستاني، الأنصاري، الشيخ الزاهد، العالم، أبو القاسم، جمال الدين.

ولد سنة تسع عشرة وستمائة. وسمع من زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه الواسطي، وجماعة. وكان فقيرًا، صالحًا، خيرًا، فارغًا عن الدنيا، قانعًا باليسير، فيه وله وبله، وله حال وكشف، يمشي ويحدث نفسه. وللناس فيه عقيدة. وكان على ذهنه أشياء مفيدة، وكان الشيخ زين الدين الفارقي يتغالى فيه. وذكر عنه غير كرامة منها أنه أخبره بكسرة التتار سنة ثمانين قبل وقوعها.

سمعت منه أنا، والمزي، والبرزالي، وأحمد ابن النابلسي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. وقد سمع بمصر من عبد الرحيم بن الطفيل أيضًا. وناب في الإمامة بالجامع عن والده، وحضر المدارس. ثم فرغ عن هذه الأشياء.

231 -

‌ عبد الكافي ابن شيخنا شمس الدين عبد الواسع بن عبد الكافي

، الأبهري، ثم الدمشقي، الصوفي، محيي الدين.

ص: 789

روى عن التاج ابن أبي جعفر، وتقي الدين ابن الصلاح. ومات بحلب في ذي القعدة.

سمع منه البرزالي. وكان شاهدًا.

232 -

‌ عبد المحمود بن إلياس

، البزاز، عتيق الأسعد الباذبيني.

شيخ صالح، سمع من نصر بن عبد الرزاق، مات ببغداد في جمادى الأولى.

233 -

‌ عبد الولي بن عبد الرحمن بن رافع

، الشيخ الزاهد، أبو نصر اليونيني. خطيب يونين.

شيخ صالح، زاهد، فقيه حنبلي، من أصحاب الشيخ إبراهيم البطائحي، سمع من ابن اللتي، وابن صباح، وأبي القاسم بن رواحة، وكان حسن الصوت، خشن العيش. فيه فقر وتعفف وترك تكلف.

تفقه بالمسمارية مدة، وولي خطابة يونين نيفًا وأربعين سنة، وبها توفي في رمضان، سمعت منه.

234 -

‌ عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون

، الخطيب، الطبيب، البارع، مجد الدين خطيب النيرب.

روى عن خطيب مردا. وله شعر وأدب وفضائل.

توفي في شوال، وكان من فضلاء الحنفية. درس بالمدرسة الدماغية. وعاش خمسًا وسبعين سنة. وكان طبيب مارستان الجبل.

235 -

‌ عثمان بن أحمد بن منصور بن شخيان

، الخراساني. من صوفية القاهرة.

روى عن الساوي، والسبط، هلك تحت حائط سقط يوم عرفة.

236 -

‌ عز الدين ابن عز الدين

، القيمري، الأمير. أحد أمراء دمشق.

حج بالناس في سنة ثلاث وثمانين. وكان فيه عقل وجودة.

توفي في صفر.

ص: 790

237 -

‌ عساف ابن الأمير أحمد بن حجي

، زعيم آل مري.

أعرابي شريف، مطاع. وهو الذي حمى النصراني الذي سب، فدافع عنه بكل ممكن. وكان هذا النصراني - لعنه الله - بالسويداء وقع منه تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم فطلع الشيخان زين الدين الفارقي، وتقي الدين ابن تيمية في جمع كبير من الصلحاء والعامة إلى النائب عز الدين أيبك الحموي، وكلماه في أمر الملعون، فأجاب إلى إحضاره وخرجوا، فرأى الناس عسافا، فكلموه في أمره، وكان معه بدوي، فقال: إنه خير منكم. فرجمته الخلق بالحجارة. وهرب عساف، فبلغ ذلك نائب السلطنة، فغضب لافتئات العوام. وإلا فهو مسلم يحب الله ورسوله، ولكن ثارت نفسه السبعية التركية، وطلب الشيخين فأخرق بهما، وضربا بين يديه، وحبسا بالعذراوية، وضرب جماعة من العامة، وحبس منهم ستة، وضرب أيضًا والي البلد جماعة، وعلق جماعة، ثم سعى نائب السلطنة كما لقن في إثبات العداوة بين النصراني وبين الذين شهدوا عليه من السويداء ليخلصه بذلك. وبلغ النصراني الواقعة فأسلم، وعقد النائب مجلسًا، فأحضر القاضي ابن الخويي وجماعة من الشافعية، واستفتاهم في حقن دمه بعد الإسلام، فقالوا: مذهبنا أن الإسلام يحقن دمه. وأحضر الشيخ زين الدين الفارقي، فوافقهم، فأطلق. ثم أحضر الشيخ تقي الدين، فطيب خاطره، وأطلقه والجماعة بعد أن اعتقلوا عدة أيام، ثم أحضر النصراني إلى دمشق فحبس، وقام الأعسر المشد في تخليصه، فأطلق وشق ذلك على المسلمين.

وأما عساف فقتله بقرب المدينة النبوية في ربيع الأول من هذه السنة ابن أخيه جماز بن سليمان، وفرح الناس.

وكانت القضية في رجب سنة ثلاث وتسعين، وحينئذ صنف شيخنا ابن تيمية كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول وهو مجلد.

238 -

‌ علي ابن قاضي القضاة زكي الدين الطاهر

ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد ابن الزكي، القرشي، الدمشقي، الشافعي، الشيخ، قطب الدين.

ص: 791

ولد سنة خمس عشرة وستمائة.

قال علم الدين: روى لنا عن علي بن حجاج البتلهي، ومحمد بن طرخان الصالحي. وتوفي في الخامس والعشرين من شعبان، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون.

239 -

‌ علي بن عثمان بن يحيى بن أحمد

، الشيخ الصالح، أبو الحسن اللمتوني الصنهاجي، المغربي، ثم الدمشقي، الشواء، ثم أمين القضاة على السجن.

ولد في سنة ثلاثين وعشرين وستمائة. وسمع من ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، ومكرم، وابن باسويه، وابن غسان، وأبي نصر ابن عساكر، والمسلم المازني، وطائفة، وروى الكثير. وكان إنسانًا مباركًا، قرأت عليه عدة أجزاء.

توفي في سادس عشر ذي القعدة. وهو أخو إبراهيم بن عثمان.

240 -

‌ علي بن محمد بن عبيد الله بن بهرام

، الحاجب الأوحد، شمس الدين الخالدي، البغدادي، ابن مشرف العرض.

كان أبوه مشرف عرض الجيوش في دولة المستعصم.

ولد علي في رمضان سنة عشر وستمائة. وسمع البخاري على ابن القطيعي، وسمع مشارق الأنوار على الصغاني، أجاز للبرزالي.

مات في ثالث جمادى الآخرة ببغداد.

241 -

‌ عمر ابن الأمير أبي زكري يحيى بن عبد الواحد بن عمر

، الهنتاتي، المستنصر بالله المؤيد به، أبو حفص، سلطان إفريقية وابن سلطانها وأخو سلطانها إبراهيم.

تملكها بتونس، وقتل الدعي الذي غلب عليها، الذي ذكرناه في سنة ثلاث وثمانين.

ص: 792

مات في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة أربع. وكان حسن السيرة، فيه خير ونهضة وكفاءة ودين. عهد بالملك إلى ولده عبد الله، فلما احتضر أشار عليه الشيخ أبو محمد المرجاني بأن يخلعه لصغر سنه، فقبل منه وخلعه، وقال: فلمن أولي؟ فأشار عليه بولد الواثق، وهو محمد بن يحيى بن محمد الملقب بأبي عصيدة الذي توفي سنة تسع وسبعمائة، فولاه الأمر من بعده.

242 -

‌ علاء الدين التركي

، الضرير.

شيخ، صالح، زاهد، له زاوية بالمزة، توفي في ربيع الأول. وخلفه في الزاوية عتيقه الشيخ بدر الدين لؤلؤ.

243 -

‌ عيسى، الأمير شرف الدين ابن الجناحي

.

ناب في الشد عن الأمير علم الدين الدواداري، وزار القدس فتوفي به في ذي الحجة، ولم يتكهل.

244 -

‌ فخر الدين، الخلخالي

، الصوفي، الزاهد.

إمام عارف، كبير القدر، توفي بالسميساطية في ربيع الأول.

245 -

‌ كيختو بن هولاكو بن تولي

، المغلي، سلطان الشرق.

ملكوه بعد موت أرغون في ربيع الأول سنة تسعين وأقام بالروم مدة. كاتبته الأمراء، فسار وجلس على التخت، وأمر بقتل جماعة، واستناب على البلاد. واختلف الجيش عليه، ومالت فرقة إلى ابن أخيه بايدو، وملكوه واستولى على العراق وغيرها، فسار لحربه كيختو وعملوا مصافًا، فقتل كيختو. ويقال: بل قبض الأمراء على كيختو، وطلبوا بايدو، فأقبل وتملك. وقتل كيختو وله نحو من ثلاثين سنة. وذلك في سنة أربع وتسعين.

وكان بايدو من كبار دولة كيختو فبعثه إلى العراق ليوقع بالأعراب الحرامية، فما قدر عليهم، بل نهب السواد، وسبى الذرية، وأسر جنده الفلاحين، وعمل كل قبيح ورجع. فغضب عليه كيختو وحبسه ثلاثة أيام وأطلقه، فخرج مضمرًا للشر. وكان كيختو له ميل إلى المسلمين، ويحب

ص: 793

الفقراء.

246 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الله

، المفتي، جمال الدين، ابن الشيخ الإمام محب الدين الطبري، قاضي مكة.

روى عن ابن الجميزي. وكان متقنًا للفقه والعربية، أصابه فالج مدة، ومات في ذي القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير أو قبله، روى لنا عنه أبو الحسن ابن العطار. وأجاز لنا مروياته. وعاش ثمانيًا وخمسين سنة.

توفي في ذي القعدة، وله شعر. وهو والد القاضي نجم الدين.

247 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أبي الفرج

، أبو عبد الله الحميري، الدمشقي، المقدسي الأصل، القواس.

سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي والإربلي، والهمداني. ومات في صفر.

فاتني السماع منه.

248 -

‌ محمد بن أحمد بن منور بن شخيان

، الصوفي، أخو علي.

من مشيخة ابن حبيب، توفي يوم عرفة، روى عن السبط وغيره.

249 -

‌ محمد بن إسماعيل بن مري بن ربيعة

، الشيخ شرف الدين بن حليمة المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

له سماع من المؤتمن بن قميرة وجماعة. ولم يحدث فيما أعلم. ومات في رجب.

250 -

‌ محمد بن علي بن منصور بن محمود

، العماد المقدسي الصالحي، القصاع.

سمع من جعفر الهمداني. وحضر على الإربلي. ومات في ثامن صفر.

251 -

‌ محمد بن عمار

، الرهاوي، الواعظ في الأعزية.

شيخ فاضل، شيعي، على ذهنه أشياء مفيدة، وعلى كلامه رونق.

توفي في ربيع الأول بدمشق.

ص: 794

252 -

‌ محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله

بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة، المولى الصاحب، العالم البارع، جمال الدين، أبو غانم ابن الصاحب العلامة كمال الدين ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي، الكاتب.

حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي. وسمع من ابن رواحة، وابن قميرة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد، وأسمعه من شيوخ بغداد. وطلع من أذكياء العالم، وتفقه وتأدب. وشارك في الفضائل، وبرع في كتابة الخط المنسوب. وسكن حماة. وحدث بها. وكان من سروات بني العديم.

توفي بحماة في حادي عشر ذي الحجة. وكانت له جنازة مشهودة، مشى فيها السلطان الملك المظفر فمن دونه، ودفن بتربته بعقبة نقيرين. وهو والد قاضي القضاة نجم الدين عمر، أيده الله. وكان بارعًا في الفرائض وفي علم الهندسة.

253 -

‌ محمد ابن العماد محمد ابن العزيز

محمد ابن الإمام العلامة البليغ عماد الدين الأصبهاني، الكاتب، هو الإمام الفاضل، شمس الدين الشافعي، الدمشقي. ولد الشيخ شرف الدين، والمولى عزيز الدين.

كان فقيهًا، إمامًا، عارفًا بالمذهب. درس وأعاد وأفاد. وحدث عن ابن المقير، وابن رواحة. وتوفي بجبل قاسيون بمنزله في صفر رحمه الله.

وقيل: توفي سنة خمس، فيحرر.

254 -

‌ محمد بن محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد بن السلم

، القاضي الجليل، جمال الدين ابن القاضي نجم الدين سفير الدولة ابن قاضي القضاة شمس الدين القرشي، النابلسي، الشافعي، قاضي نابلس وابن قاضيها.

إمام جليل، متميز، فاضل، رئيس. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع بالقدس من أبي علي الإوقي مشيخة الفسوي، وغيرها. وكان قاضي نابلس

ص: 795

مدة وأضيف إليه في آخر عمره قضاء القدس، سمعت منه بقراءة الشيخ علي الموصلي، وأبي الحجاج المزي لما قدم علينا في سنة ثلاث وتسعين بدار الحديث النورية.

توفي في عاشر ربيع الآخر.

255 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن عبد العظيم بن عبد اللطيف

، الإمام زين الدين التنوخي، المعروف بالزين المعري.

نشأ بحلب وتفقه بها، وانتقل إلى القاهرة. وكان فقيهًا بارعًا. متفننًا، مجموع الفضائل. أضر في آخر عمره. وحدث عن إبراهيم بن خليل، ومات في سلخ المحرم بمصر.

256 -

‌ محمد ابن نجيب الدين محاسن بن الحسن السلمي

الدمشقي.

أجاز له عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وجماعة. وتوفي في صفر.

257 -

‌ محمد بن نصر بن تروس بن قسطة

، الشيخ الأجل، شمس الدين الدمشقي.

سمع من الإربلي، وابن المقير وأجاز له أبو الحسن القطيعي، وجماعة. وحدث. وتوفي في غرة شعبان.

258 -

‌ محمد الشاب

، أمين الدين ولد الرئيس مجد الدين يوسف بن محمد ابن القباقبي، الأنصاري، الدمشقي الكاتب بديوان الجيش.

وكان مليح الصورة، لطيف الشمائل، عاقلاً. عاش ستًا وعشرين سنة، وفجع به أبوه، ورثاه صاحبنا الإمام نجم الدين علي بن داود القرشي بقصيدة أولها.

أسعدي يا حمام قلبًا عميدا لدروس الفراق أضحى معيدا توفي في ثامن عشر ذي الحجة.

259 -

‌ محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة

، الشيخ تقي الدين، أبو الخطاب البغدادي، القطفتي، الحنبلي، التاجر، المعروف بابن الحامض.

ص: 796

ولد ببغداد سنة أربع عشرة تقريبًا، حدث عن: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي علي الحسن ابن الزبيدي، وابن اللتي، وخليل الجوسقي. وتوفي يوم الجمعة يوم النحر بمصر، كتب عنه المصريون. وتفرد بعدة أجزاء.

260 -

‌ محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر

، الصدر، الرئيس، المؤرخ، الأديب، عز الدين، أبو بكر ابن البزوري، البغدادي، التاجر، الشافعي.

مولده بعد سنة ثلاثين بيسير، سمع من أبي طالب ابن القبيطي، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وغيرهما. وحدث بدمشق، وسمعنا منه.

وكان شيخًا محتشمًا، جليلاً، جميلا وسيمًا، بهيًا، مليح الصورة، رفيع البزة. من كبار التجار وأولي الثروة وأرباب العدالة والمروءة، له مشاركة حسنة في العلم. وصنف تاريخًا كبيرًا ذيل به على المنتظم لابن الجوزي، رأيت منه ثلاث مجلدات سلمت في خزانته التي بتربته بسفح قاسيون، وكان فيها جملة كتب مفيدة.

وكان يحضر مجالس وعظ ابنه الشيخ الواعظ العلامة نجم الدين معتوق بجامع دمشق. وكان قد غاب سنين متطاولة في التجارة ودخل إلى الهند وإلى الصين. فاتفق أنه حج سنة بضع وثمانين، وحج ابنه الواعظ، فالتقيا بالموقف، فلم يكد يعرف أحدهما الآخر من طول الغيبة.

توفي شيخنا في ثامن صفر، ودفن بتربته.

أخبرنا أبو بكر محفوظ، قال: أخبرنا أبو طالب عبد اللطيف، قال: أخبرنا أبو المعالي الباجسرائي، قال: أخبرنا أبو منصور الزاهد، قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي الصواف، قال: أخبرنا بشر بن موسى، قال: أخبرنا أبو بكر الحميدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، قال: أخبرني الربيع بن سبرة، عن أبيه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر.

ص: 797

261 -

‌ محمود بن محمد بن صديق

، أبو الثناء التبريزي، الحداد، بدار الحجارة.

شيخ صالح مبارك. كان سكن ببرزة. وولد بتبريز سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من ابن المقير. والتاج القرطبي، ويوسف بن خليل، كتب عنه البرزالي، وغيره. ومات بالجبل بالمارستان القيمري.

262 -

‌ مجاهد الدين ابن شهوان

، أحد أمراء الحلقة الدمشقية.

توفي في صفر كهلاً. وهو والد الأمير العالم ناصر الدين.

263 -

‌ مظفر ابن الطراح

، الصاحب فخر الدين متولي واسط.

صدر معظم، مهيب، وافر السطوة والناموس. مهد البلاد وعمرها. وخافتة الذعار. وولي عدة ولايات، وله نظم وأدب.

عاش نحوًا من ستين سنة. وقدم أخوه قوام الدين إلى دمشق.

عذب فخر الدين وقتل رحمه الله.

264 -

‌ مقرب بن عبد الرحمن بن مقرب بن عبد الكريم الكندي

، الإسكندراني، البزاز ويسمى أيضًا محمدًا.

سمع: محمد بن عماد، وابن الصفراوي، وعددًا من أصحاب السلفي باعتناء أبيه الحافظ أسعد الدين. وسكن في آخر عمره مصر وحدث بها، كتب إلي بالإجازة، وحدثنا عنه عمر بن حبيب. وتوفي في آخر العام، وأظنه جاوز السبعين.

265 -

‌ موسى بن أبي الفتح بن أبي بكر بن جراح

، الشيخ نجم الدين الكناني، العسقلاني، ثم النابلسي المقدسي.

ص: 798

ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع بدمشق من جعفر الهمداني، وأحمد بن سلامة الحراني. وببغداد من أبي بكر ابن الخازن، وعلي بن معالي، وغيرهما، سمع منه: ابن الخباز، والفرضي، والمزي، والبرزالي. وتوفي بنابلس فيما أحسب.

266 -

‌ موفق الدين مساعد

، الشافعي، الفقيه، أحد الأئمة.

أعاد بالباذرائية مدة. ثم ولي تدريسها فلم يتم ذلك وعزل، فانتقل إلى حماة وأشغل، وكان ذا زهد وانقطاع وتقشف.

توفي في ذي القعدة رحمه الله.

267 -

‌ ياقوت المسعودي

، الخادم الطواشي، افتخار الدين، مشد دار الطراز بالقاهرة.

حدث عن فخر القضاة أحمد بن الجباب. ومات في ذي الحجة.

268 -

‌ يوسف بن علي بن مهاجر

، الصدر الكبير، جمال الدين التكريتي، التاجر البيع. أخو الصاحب تقي الدين توبة.

شيخ جليل ذو حرمة وهيبة. ولي حسبة دمشق مديدة. وتوفي في ليلة الجمعة ثامن رمضان. وهو والد صاحبنا الأمير الأجل علاء الدين وأخيه.

269 -

‌ يوسف بن عمر بن علي بن رسول

، السلطان، الملك، المظفر، شمس الدين ولد السلطان الملك المنصور نور الدين، صاحب اليمن وابن صاحبها.

قتل أبوه سنة ست وأربعين، فقام بالأمر هو، وتملك بعده ولده الملك الأشرف ممهد الدين، فما أسنى، وتملك بعده الملك المؤيد هزبر الدين صاحب اليمن الآن ابن الملك المظفر صاحب الترجمة.

وكان نور الدين عمر مقدم جيوش الملك المسعود أقسيس صاحب اليمن ولد السلطان الملك الكامل صاحب مصر. فلما مات أقسيس بمكة غلب نور الدين على الملك وأطاعته الأمراء، وتملك اليمن نيفًا وعشرين سنة. ثم تملك بعده المظفر، فامتدت أيامه، وبقي في الملك سبعًا وأربعين سنة وأشهرًا. وتوفي في رجب بقلعة تعز وقد نيف على الثمانين. وكان ملكًا همامًا، سمحًا

ص: 799

جوادًا، عفيفًا عن أموال الرعية، كافًا لجنده عن الأذية. وكان مقصدًا للوافدين، موئلاً للقاصدين. حكي لنا أنه جمع لنفسه جزءًا فيه أربعون حديثًا بأسانيد في الترغيب والترهيب. وله مسموعات من مشايخ اليمن بنزول. وقد حج سنة تسع وخمسين.

وضبط القاضي تاج الدين عبد الباقي اليمني عمره أربعًا وسبعين سنة وثمانية أشهر وعشرة أيام. قال: ومدة ملكه ست وأربعون سنة وعشرة أشهر وأحد عشر يومًا. وخلف من الأولاد: الأشرف عمر، والمنصور أيوب، والمؤيد داود، والواثق إبراهيم، والمسعود حسن.

270 -

‌ يوسف بن أبي محمد بن أبي الفتوح

، الشيخ، المقرئ، تقي الدين، أبو الحجاج المقدسي، ثم المصري.

شيخ مسن فاضل. ولد سنة أربع وستمائة. ولو سمع في صغره لكان من كبار المسندين، قرأ القراءات على الرشيد عبد الظاهر بن نشوان. وحدث عن: أبي الحسن ابن الجميزي، سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والبرزالي، وجماعة.

وسكن بالعزيزية مدة، ثم سكن جبل الصالحيين. وأم بالرباط الناصري. ثم عزل في الآخر لضرره وصممه وضعفه. وكان كثير التلاوة، عالي الإسناد في القراءات. وما علمت أحدًا قرأ عليه. وهو والد شيخنا محيي الدين محمد.

توفي في سادس ذي الحجة. وبقي ابنه الآخر إلى سنة بضع وثلاثين وسبعمائة بمصر. وتفرد بإجازة ابن رواج، وغيره.

271 -

أبو بكر بن إلياس بن محمد بن سعيد بن محمد بن هارون، الفقيه، المعمر، الصالح، عز الدين الحميدي، الكردي، الرسعني، الحنبلي.

روى عن الفخر ابن تيمية، والمجد القزويني، سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، وابن حبيب، وجماعة. وكان فقيهًا بالقاهرة بالمدرسة الصالحية،

ص: 800

وساكنًا بمسجد في الشارع. فيه دين وورع. وتوفي في السنة قبل رجب.

272 -

‌ أبو بكر بن عباس بن أبي المكارم

، الصدر الكبير، نجم الدين التميمي، الجوهري.

شيخ كبير، مسن، محتشم، كثير الأموال، بارز العدالة، توفي في سابع عشر شوال، ودفن بالتربة التي أنشأها بمدرسته إلى جانب داره، وخلف أولادًا.

273 -

‌ أبو بكر بن محمد بن ميمون

، القاضي بدر الدين السوسي، المالكي.

تقنطر به فرسه بناحية صيدا، فمات في شوال.

من أعيان الفقهاء، ناب بدمشق ودرس، وله سماع من ابن عبد الدائم.

274 -

‌ أبو الرجال بن مري بن بحتر

، المنيني، الزاهد.

شيخ صالح، زاهد، عابد، قانت، عارف فقير، صادق، صاحب حال وكشف. وكان قد اشتهر ذكره وبعد صيته. وطلع الناس إلى زيارته والتبرك به، وصار من أعيان شيوخ الوقت وكان خيرًا، متواضعًا، فارغًا من التكلف، عديم التصنع.

لم يتفق لي زيارته رحمه الله وقد زرت قبره وهو مدفون إلى جانب شيخه الشيخ جندل.

توفي يوم الثلاثاء عاش المحرم بمنين، وطلع خلق كثير من البلد لشهود جنازته، وعاش ثمانين سنة أو أكثر. وكان سماعاتيًا.

275 -

‌ أبو الفهم بن أحمد بن أبي الفهم بن يحيى بن إبراهيم

، السلمي، الدمشقي، سماه بعض الطلبة تمامًا.

وكان شيخًا عاقلاً، ساكنًا، فقير الحال، قانعًا، رث الهيئة. ولد في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وستمائة وسمع من جده لأمه إسماعيل بن إبراهيم

ص: 801

ابن علي الدمشقي، والشيخ الموفق، وابن صباح، وكريمة القرشية، وغيرهم.

وسمع بمصر من عبد الوهاب بن رواج. وحدث بالقاهرة ودمشق. سمعت منه أنا وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن المظفر النابلسي، وعبد الرحمن بن المزي، وفتاي كيكلدي، وطائفة.

وكان يعرف بابن النميس، ويسكن بنواحي باب توما، توفي في أحد الربيعين.

وفيها ولد:

الفقيه المحدث صلاح الدين خليل بن كيكلدي بن العلائي، والفقيه جمال الدين محمد ابن شيخنا كمال الدين الشريشي، والإمام بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل القرشي، والإمام عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والتاج أحمد بن يحيى بن محمد ابن السكاكري، الشروطي.

ص: 802

سنة خمس وتسعين وستمائة.

276 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي

، القاضي الأجل، علم الدين ابن القماح القرشي، المصري.

توفي في ربيع الآخر عن خمس وستين سنة، سمع المرسي، وطائفة.

277 -

‌ أحمد بن جبريل بن مرزا بن عيسى

، أبو العباس الهذباني، الإربلي، المقرئ.

روى عن إبراهيم بن الخير وسمع بدمشق ومصر. وكان صالحًا، كثير التلاوة يلقن بالمقس. وتوفي في ربيع الأول.

278 -

‌ أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان

بن شبيب بن حمدان بن محمود، العلامة البارع، بقية المشايخ، مسند الوقت، نجم الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي، شيخ الحنابلة، ومصنف الرعاية في الفقه.

ولد في عاشر رمضان سنة ثلاث وستمائة بحران، وسمع من الحافظ عبد القادر خمسة عشر جزءًا، ومن الشيخ فخر الدين ابن تيمية، وابن روزبة، وأبي علي الإوقي، وابن صباح، وابن غسان، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وناظر. وكان من كبار أصحاب الشيخ المجد. وصنف الرعاية الكبيرة والرعاية الصغيرة وحشاهما بالروايات الغريبة التي لا تكاد توجد في الكتب، لكثرة اطلاعه وتبحره في المذهب. وكانت له يد طولى في الأصول، والخلاف، والجبر، والمقابلة. وله قصيدة طويلة في السنة. وسكن بالقاهرة ودرس بها وأشغل. وكنت أتحسر على لقيه. وأجاز لي مروياته. وكان أبوه من فقهاء حران، روى عنهما الدمياطي في معجمه.

وروى عن شيخنا خلق منهم: القاضي سعد الدين الحارثي، وولده، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، وزين الدين ابن حبيب، وفتح الدين ابن سيد الناس، وقطب الدين عبد الكريم، وشمس الدين ابن سامة.

ص: 803

وكان متواضعًا، مطرحًا للتكلف، دينًا، ثقة. انتفع به المصريون. وتوفي في سادس صفر.

279 -

‌ أحمد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم

، شهاب الدين، الصعيدي، المؤدب، أبو العباس. أحد شيوخ الإسكندرية.

ولد في صفر سنة اثنتي عشرة وستمائة بالإسكندرية وقرأ القراءات على أبي القاسم بن عيسى. وسمع على أبي القاسم ابن الصفراوي وأبي الفضل الهمداني. وسمع الكثير، وعني بالحديث. وكان شيخًا صالحًا، خيرًا، ورعًا، له مسجد يؤم به ويؤدب فيه. وكان من بقايا الشيوخ، سمع منه الرحالة. وتوفي في أوائل السنة.

وقرأ أيضًا على الصفرواي، وكان شديد الوسواس، مات في جمادى الأولى.

280 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن حمزة

، صدر الدين الحارثي، المالكي.

ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وسمع من محمد بن عماد، والصفراوي. ومات في أوائل السنة. قاله محمد بن صالح الأطرابلسي صاحبنا. وكان كاتبًا مجودًا بالإسكندرية.

281 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب

بن مناقب بن أحمد، الشريف محيي الدين، أبو الفضائل الحسيني، المنقذي، الدمشقي، خازن المصحف بمشهد علي.

حضر على درع بن فارس العسقلاني. وسمع من ابن اللتي، وابن غسان، وابن صباح، ومكرم، وابن الشيرازي، وتفرد ببعض مروياته. وهو آخر من روى عن درع، سمعت منه جزءين. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن بمقابر باب الصغير.

ص: 804

282 -

‌ أحمد بن عبد الرحيم بن أبي عبد الله

، المحدث، شهاب الدين ابن المقشراني.

سمع الكثير بعد الثمانين، وحصل وتعت. وخطه رديء. وكان فيه تواضع وتودد وإفادة.

توفي في صفر. وله رحلة إلى دمشق.

283 -

‌ أحمد بن عبد الكريم بن عبد القوي

، أبو طاهر المنذري، المصري، ويعرف بابن السميدع. وأخو أبي السعود محمد وعبد القوي.

ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من ابن باقا، ومرتضى بن حاتم، وجماعة.

بقي إلى هذه السنة.

284 -

‌ أحمد بن عبد الملك بن أحمد

، التنوخي، القرطبي.

روى عن ابن رواج بالثغر.

مات في جمادى الأولى.

285 -

‌ أحمد بن نصير بن نبأ بن سليمان

، الشيخ، المحدث، شهاب الدين، أبو البركات ابن الدفوفي، المصري، المقرئ.

ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع من عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي، وابن الجباب، وسبط السلفي، ومن بعدهم من أصحاب البوصيري، وغيره وعني بالحديث. وكتب ونسخ الكثير. وكان من المشهورين بالطلب وضبط الأسماء. وكان نقيبًا بالظاهرية والمنصورية للطلبة، ونسخ كتبًا كبارًا، منها حلية الأولياء لأبي نعيم. وروى عوالي مسموعاته. وسمعت منه أنا وسائر الطلبة، وخطه طريقة حسنة معروفة، صحيحة.

توفي ليلة الجمعة حادي عشر رمضان.

ص: 805

286 -

‌ أحمد بن علي بن عبد الله ابن الظاهري

، الفقيه الحلبي ابن خالة شيخنا جمال الدين.

كان عنده بالزاوية. وحدث عن يوسف بن خليل، سمع منه البرزالي، وجماعة.

287 -

‌ أحمد بن علي بن عبد الكريم بن علي بن أبي القاسم

، الشيخ، الزاهد، المعمر، أبو العباس الأثري، الموصلي.

شيخ كان بدرب القلي، فيه خير وصلاح. ذكر أنه ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولبس الخرقة من القاضي أبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي في سنة أربع عشرة وستمائة. ولو سمع حينئذ من شيوخ بغداد لكان مسند وقته.

توفي يوم الجمعة السادس والعشرين من شعبان، وشيعه الخلق. ودفن بمقبرة باب الصغير، لبس منه علم الدين البرزالي الخرقة.

288 -

‌ أحمد بن عمر بن إسماعيل

، شهاب الدين، أبو العباس النصيبي، الصوفي، الموقت بالقدس.

ولد سنة تسع وثلاثين وستمائة بملطية. وقدم مصر في صغره، وسمع من ابن الجميزي، والسبط. وكان دينًا، خيرًا، عاقلاً، خبيرًا بالمواقيت.

توفي في شعبان، سمع منه أبو الحسن ابن العطار، وابن البرزالي، وجماعة.

289 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن

بن علي بن محمد بن محمد. الإمام، الحافظ، الشريف، السيد عز الدين، أبو القاسم ابن الإمام الشريف أبي عبد الله العلوي، الحسيني، المصري، ويعرف بابن الحلبي. نقيب الأشراف بالديار المصرية.

ولد سنة ست وثلاثين وستمائة. وسمع من فخر القضاة ابن الجباب. ثم سمع من الزكي المنذري فأكثر، ومن: الرشيد العطار، وعبد الغني بن بنين، والكمال الضرير، وطبقتهم ومن بعدهم. وأجاز له ابن رواج، وابن الجميزي، والسبط، وصالح المدلجي، وخلق كثير. وطلب الحديث على الوجه. وكان ذا فهم وحفظ وإتقان. خرج التخاريج المفيدة، وله وفيات ذيل بها على

ص: 806

شيخه المنذري إلى سنة أربع وسبعين وستمائة، هذا الذي اتصل بنا، ولعله ذيل إلى حين وفاته ولم نره.

سمع منه سائر الطلبة، وتوفي إلى رحمة الله في سادس المحرم بالقاهرة.

290 -

‌ أحمد بن محمد ابن الشيخ الفقيه أبي محمد عبد القادر

بن أبي عبد الله ابن البغدادي، زين الدين، أبو العباس المصري.

حضر على جده مجلسًا لابن عساكر. وكان عدلاً شروطيًا.

توفي في ربيع الأول.

291 -

‌ أحمد بن هبة الله بن أحمد بن نصر الله

بن علي بن المفرج بن مسلمة، العدل، عماد الدين، أبو العباس الدمشقي.

ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني. وكان يشهد بسوق القمح.

توفي يوم سلخ السنة.

292 -

‌ أحمد بن أبي بكر ابن النجم محمد بن أبي بكر

بن أحمد بن خلف، البلخي، ثم الدمشقي.

سمع حضورًا من ابن اللتي، وابن المقير، وسماعًا من السخاوي. وحدث.

ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ومات في ذي الحجة بدمشق. وتطلبناه فلم نقع به.

293 -

‌ إبراهيم ابن الضياء محمد بن أبي القاسم بن محمد

، القزويني، ثم الحلبي، شهاب الدين الصوفي. نزل القاهرة.

حدث عن أبيه، وتوفي في ذي الحجة. وقد شاخ.

294 -

‌ إبراهيم بن عبد الرزاق بن أبي بكر بن رزق الله بن خلف

، الفقيه العدل، برهان الدين، أبو إسحاق الرسعني، الحنفي، المعروف بابن

ص: 807

المحدث، أخو الشمس، ابن المحدث العلامة عز الدين.

ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وسمع من والده، وغيره، كتب عنه البرزالي شيئًا من نظمه. وكان يشهد تحت الساعات.

توفي في سادس عشر رمضان.

295 -

‌ أرغون العادلي

، الجمدار، سيف الدين. من أمراء دمشق.

بقي في الإمرية يسيرًا، ومات بدار ابن أتابك في شوال شابًا.

296 -

‌ إسحاق بن عبد الجبار بن أبي الفتح بن عبد الرحمن

، العدل، معين الدين، أبو الطاهر السنجاري، الحنفي، قاضي المقس.

ولد سنة أربع عشرة بسنجار، وروى جزء أبي الجهم عن السراج ابن الزبيدي.

توفي في المحرم.

297 -

‌ الأسعد ابن السديد

، الماعز القبطي.

أسلم في الدولة الأشرفية. وكان مستوفي الديار المصرية، وله خبرة تامة ومكانة كأبيه.

مات في المحرم.

298 -

‌ إسماعيل بن عبد المنعم بن محمد بن أحمد بن يوسف

. شمس الدين، أبو الطاهر ابن الخيمي، الأنصاري، المصري.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، وروى عن ابن باقا، ومرتضى ابن العفيف. وكان خطيبًا بالقرافة الصغرى، وصوفيًا بالخانكاه. وفيه خير ودين. وهو أخو الشهاب ابن الخيمي الشاعر.

سمع منه الطلبة. ومات في ربيع الآخر في تاسع عشره.

299 -

‌ أمة الآخر بنت الناصح عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبلي

.

توفيت في شوال، وهي آخر من مات من إخوتها. ولم ترو شيئًا. واسمها فرد.

300 -

‌ أمينة بنت محمد بن عبد الحق بن خلف

.

ص: 808

ولدت سنة سبع وعشرين، وخدمت جدها وسمعت منه، وماتت في شعبان.

301 -

‌ أيبك الأفرم

، الأمير الكبير، عز الدين الصالحي، الساقي.

سمع من عبد الوهاب بن رواج، وحدث. وكان من كبار الدولة المصرية، له أموال وأملاك وخبز جيد. وفيه خبرة وشجاعة.

صلينا عليه في ثالث عشر ربيع الآخر بدمشق صلاة الغائب يوم الجمعة. ومات بالقاهرة.

302 -

‌ إيل غازي

، الملك السعيد، صاحب ماردين، ابن الملك المظفر ابن السعيد.

قال شمس الدين الجزري: توفي في هذه السنة، وتملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي، قال: ولقبه شمس الدين.

303 -

باسطي، ويقال بالألف واللام. الأمير الكبير سيف الدين المنصوري. من أمراء دمشق.

وقد حج سنة إحدى وتسعين بالركب. وكان يخضب.

304 -

‌ بيليك أبو شامة

، الأمير الكبير، بدر الدين، أبو أحمد المحسني، الصالحي، الحاجب.

عمل الحجابة للمنصور مدة، وأعطي بدمشق خبزًا بعد التسعين. ثم أعيد إلى القاهرة. وكان عاقلاً خبيرًا، له ميل إلى الخير، وفيه دين، روى عن ابن المقير، وابن رواج، وابن الجميزي. ومات وهو في عشر السبعين في تاسع المحرم. ولم يتفق لي السماع منه.

305 -

‌ جمال الدين الأصبهاني

، شيخ الشيوخ بالقاهرة، ومدرس الشريفية.

توفي في المحرم.

ص: 809

306 -

‌ جبريل بن أبي الحسن بن جبريل بن إسماعيل

، المحدث، المسند، أمين الدين، أبو الأمانة، العسقلاني، ثم المصري.

ولد سنة عشر وستمائة. وطلب بنفسه، وسمع من ابن المقير، والعلم ابن الصابوني، وابن الجميزي، وطبقتهم. ورحل إلى دمشق، وأدرك أصحاب الحافظ ابن عساكر. وكان محدثًا، نبيهًا، عارفًا، جيد المشاركة في العلم. وقد أعاد بالظاهرية عند الدمياطي. وكتب عنه الجماعة. وأجاز لي باستدعائي. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول رحمه الله.

307 -

‌ جعفر بن علي بن جعفر بن حسن

، شرف الدين العامري، الموصلي.

سمع بقوله من السهروردي، وابن الزبيدي، وابن رواج، وجماعة. وكتب عنه الدمياطي شعرًا.

أجاز لعلم الدين في ذي القعدة من سنة أربع، وانقطع خبره في سنة خمس.

308 -

الحسن بن عبد الله ابن الشيخ القدوة الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، قاضي القضاة، شرف الدين، أبو الفضل ابن الخطيب شرف الدين أبي بكر المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وسمع من ابن قميرة، وابن مسلمة، والمرسي، واليلداني، وجماعة. وقرأ الحديث بنفسه على الكفرطابي، وغيره. وتفقه على الشيخ شمس الدين عمه، وصحبه مدة، وبرع في المذهب.

وكان مليح الشكل، مديد القامة، حسن الهيئة، له شيب يسير، وفيه لطف ومكارم وسيادة ومروءة، مع الدين والعلم والصيانة والأخلاق الزكية وحسن السيرة في الأحكام.

سمع منه: علم الدين البرزالي، وغيره. وتوفي إلى رحمة الله في ليلة الثاني والعشرين من شوال بالجبل، وشيعه ملك الأمراء والقضاة والكبراء. وكانت جنازته مشهودة. ودفن بمقبرة جده، وقد درس بمدرسة جده وبدار

ص: 810

الحديث الأشرفية وولي القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ. وهو والد صاحبنا الفقيه شرف الدين أحمد - حفظه الله -.

309 -

‌ خديجة بنت الشيخ شمس الدين محمد

ابن العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، والدة الإمام موفق الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الآتي ذكره، ومات قبلها في ربيع الآخر من السنة.

تروي جزءًا عن الكاشغري حضورًا. وهي أخت شيختنا زينب، سمع منها: البرزالي، وغيره. وماتت في سادس رجب بالقاهرة.

310 -

‌ رمضان بن عبد الله بن يوسف

، الشيخ الصالح، المقرئ، أبو محمد الآمدي.

ولد بآمد سنة نيف وعشرين. وسمع بدمشق من النجم ابن البلخي، والصدر البكري. وحدث. وكتب الطلبة عنه قديمًا لأجل اسمه.

توفي في ثاني عشر ربيع الأول. وكان من جماعة الرباط الناصري. وفيه عقل وديانة.

311 -

‌ زينب بنت علي بن أحمد بن فضل

، الشيخة الزاهدة، العابدة أم محمد بنت الواسطي.

ولدت - أظن - في سنة خمس وستمائة، وسمعت سنة إحدى عشرة من الشيخ الموفق جزءًا سمعناه منها. وهي والدة شيخنا الشمس ابن الزراد. وكان أخوها الشيخ تقي الدين مع جلالته يقصد زيارتها والتبرك بها، وكانت قليلة المثل رضي الله عنها.

توفيت في خامس المحرم.

312 -

‌ ست الأمناء آمنة بنت أبي طالب عقيل بن حمزة بن علي

، أم صديق بنت ابن الشقيشقة الشيباني، الصفار، عمة المحدث الكبير

ص: 811

نجيب الدين.

سمعت من أخيها مظفر، ومن كريمة وصفية ابنتي عبد الوهاب، وجهمة بنت مسلمة. وكان أخوها يروي عن الحافظ ابن عساكر، سمع منها: علم الدين والطلبة. وفاتني السماع منها. وتوفيت في ثامن ذي الحجة. وكانت كبيرة.

313 -

‌ ست الفقهاء بنت الإمام عبد الرزاق الرسعني

، أخت الشمس.

روت عن ابن روزبة الثلاثيات.

314 -

‌ السراج الوراق

، المصري الأديب المشهور، رفيق أبي الحسين الجزار.

مات بمصر في جمادى الأولى. اسمه عمر بن محمد بن حسن. وشعره سائر، عاش ثمانين سنة. مدح أكابر.

315 -

‌ سليمان بن أحمد بن سليمان بن أحمد

، عماد الدين المرجاني. أحد شيوخ الإسكندرية.

ولد بعد العشرين، وروى عن محمد بن عماد، وجعفر، روى عنه البرزالي. وكان أبوه من أئمة الثغر وقضاته.

316 -

‌ سليمان بن إبراهيم بن بدران ابن القائد

، شهاب الدين الصالحي، الحنفي، المعروف بالسركسي.

سمع من ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن صباح، والناصح، وجماعة.

وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وتوفي في حادي عشر صفر.

317 -

‌ سليمان بن همام بن مرتضى

، القاضي وجيه الدين ابن البياع المصري، العدل.

روى عن جعفر الهمداني، وتوفي في الخامس والعشرين من صفر بالقاهرة. وأبوه لقبه نصير الدين أبو العزائم القرشي الجشي.

ص: 812

318 -

‌ سليمان بن يوسف بن أبي

، العدل فخر الدين الهكاري.

ولد سنة ثمان وستمائة، وكان من عدول مصر، سمع هو وابنه العدل موفق الدين من سبط السلفي، سمع منه علم الدين.

توفي الفخر في صفر.

319 -

‌ سليمان بن أبي الدر

، الشيخ الحريري، الرقي.

صحب الحريري مدة وتجرد. وكان فيه ديانة وعدالة. ويلبس الفرجية وعلى رأسه قبع دلك.

وهو سبط الرقي صاحب القبة التي بآخر سوق الجبل، وينزل منها إلى طريق عين الكرش، توفي في شوال وقد نيف على السبعين. وكان له سماع من ابن البرهان، والرشيد العطار. وكتب في الإجازات.

320 -

‌ سيدة بنت موسى بن عثمان بن درباس الماراني

، أم محمد.

شيخة صالحة، معمرة، كنت أتلهف على لقيها، ورحلت إلى مصر وعلمي أنها باقية، فدخلت فوجدتها قد ماتت من عشرة أيام. وقد أجاز لها في سنة تسع وستمائة أبو الحسن علي بن هبل الطبيب، وأبو محمد ابن الأخضر، وسليمان الموصلي، وأحمد ابن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وجماعة. وسمعت جزءًا من مسمار بن العويس. وتفردت بالرواية عن هؤلاء، روت بالإجازة عن عين الشمس الثقفية، وجماعة. وعرفت علو روايتها من ثبت أبي القاسم بن حبيب لما قدم علينا، فإنه سمع منها في سنة ثلاث وتسعين هو وأبو الفتح والمصريون.

توفيت يوم الجمعة سادس رجب وأنا بوادي فحمة.

321 -

‌ شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن شبيب بن محمود

، الأديب، العالم، الطبيب، الكحال، البارع، تقي الدين، أبو عبد الرحمن الحراني، الشاعر، نزيل القاهرة. أخو الشيخ نجم الدين.

ولد بعد العشرين وستمائة بيسير، أو فيها، وسمع من ابن روزبة،

ص: 813

والفخر الإربلي، كتب عنه الدمياطي، والقدماء. وكان فيه شهامة وقوة نفس، وله أدب وفضائل. وقد عارض بانت سعاد بقصيدة طنانة يقول فيها:

أباد بي وخدها البيدا فقر بها طرفي وقربها وجناء شمليل إلى النبي رسول الله إن له مجدًا تسامى فلا عرض ولا طول مجد كبا الوهم عن إدراك غايته ورد عقل البرايا وهو معقول مطهر شرف الله العباد به وساد فخرًا به الأملاك جبريل طوبى لطيبة بل طوبى لكل فتى له بطيب ثراها الجعد تقبيل

توفي التقي شبيب الكحال بالقاهرة في الثامن والعشرين من ربيع الآخر.

322 -

‌ ظهير الدين الغوري

، الصوفي، حسين بن عبد الله بن أبي بكر بن علي الحنفي.

من كبار الصوفية بالسميساطية، وله معرفة بالفقه والعربية. وله مشاركة في الحديث والتاريخ. ولم يزل حريصًا على العلم والتحصيل في الشيخوخة.

توفي في سلخ رمضان في عشر السبعين. وهو والد الفقيه شمس الدين الغوري.

323 -

‌ عائشة بنت إبراهيم بن محمد بن النشو

.

سمعت عثمان ابن خطيب القرافة، توفيت في جمادى الآخرة.

324 -

‌ عائشة بنت محمد

، أخت شيخنا جمال الدين ابن الظاهري. أم موسى.

صالحة، عابدة، صائمة الدهر، متواضعة، تخدم الفقراء. ولها إجازة من ابن الزبيدي. وسمعت من أحمد بن سلامة الحراني، النجار وغيره. وحدثت مرات. ومات في صفر.

روى عنها البرزالي، وابن حبيب.

325 -

‌ عبد الله بن محمد

، الباعشيقي. الشيخ الزاهد، الصالح.

توفي بمصر. وقد روى الحديث. وعاش اثنتين وثمانين سنة.

ص: 814

326 -

‌ عبد الله ابن الشيخ نجم الدين عبد الرحمن

ابن العلامة نجم الدين أحمد بن محمد بن راجح، الإمام، الفقيه، المحقق، موفق الدين المقدسي، الحنبلي، سبط الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن العماد.

ولد بالقاهرة وتفقه وبرع وتميز. ولو عاش لساد الطائفة، سمع الكثير مع الحافظ سعد الدين، وغيره. وكان فيه صلاح ومروءة.

توفي شابًا في ربيع الآخر رحمه الله.

327 -

‌ عبد الله بن محمد بن نصر بن قوام بن وهب

، العدل، الصالح، الزاهد، كمال الدين، أبو محمد الرصافي، ثم الدمشقي.

حدث في العام الماضي بشرح السنة ومعالم التنزيل للبغوي، عن القزويني. وسمعنا منه في هذه السنة صحيح البخاري عن ابن الزبيدي. وروى أيضًا عن عمه أبي الفتح ناصر، ووالده، وأبي موسى عبد الله ابن الحافظ. وكان من خيار الشيوخ دينًا وأمانة وصيانة ورزانة. وقد شهد على القضاة من قديم. وسمع منه سائر الطلبة.

ولد في رجب سنة خمس عشرة وستمائة. وتوفي بكرة الجمعة سابع ذي القعدة، فقيل: إنه صلى وسجد لله ومات.

328 -

‌ عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن الحسين بن رزين

، القاضي العالم، صدر الدين، الشافعي، مدرس القيمرية بدمشق.

كان شابًا متواضعًا، متوددًا، يحب العشرة، وفيه ذكاء ومعرفة. توفي في سابع رجب رحمه الله وسامحه -.

329 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران

، الشيخ الإمام، المحدث، المقرئ، الفقيه صدر الدين، أبو القاسم الأوسي، الدكالي، المالكي، الملقب بسحنون.

كان إمامًا، فقيهًا، مفتيًا، متفننًا، كثير الفضائل، قوي العربية، زعر الأخلاق. ولد سنة ست عشرة، وقيل: سنة عشر، وهو أشبه. وقدم الإسكندرية في عنفوان شبابه، وقرأ بها على أبي القاسم الصفراوي، وسمع

ص: 815

منه. ومن: علي بن مختار العامري، وعبد الوهاب بن رواج، وجماعة. وقرأ الحديث على الشيوخ.

سألت أبا الحجاج الكلبي عنه، فقال: شيخ جليل، فاضل، صاحب سنة. لقيته بالإسكندرية سنة أربع وثمانين.

قلت: وقرأت عليه ختمة لورش وحفص. وسمعت منه أنا وابن الظاهري، والمزي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وطائفة. وتوفي وأنا بالإسكندرية في رابع شوال. وقد سمع علي الختمة في أحد عشر يومًا.

330 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدر

، قاضي القضاة، تقي الدين، أبو القاسم ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي، المصري، الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز.

وكان جده لأمه يعرف بالقاضي الأعز. والعلامي، بالتخفيف وهي نسبة إلى قبيلة.

سمع من الرشيد العطار، وغيره. وتفقه على ابن عبد السلام، وعلى والده. وكان فقيهًا، إمامًا، مناظرًا، بصيرًا بالأحكام، جيد العربية، ذكيًا، نبيلاً، رئيسًا، شاعرًا، محسنًا، فصيحًا، مفوهًا، وافر العقل، كامل السؤدد، عالي الهمة، عزيز النفس. روى عنه الدمياطي في معجمه شيئًا من نظمه.

توفي في سادس عشر جمادى الأولى كهلاً، وولي القضاء بعده شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد. وقد كان عمل الوزارة ثم استعفى منها. وقد درس بأماكن كبار، وولي مشيخة السعيدية.

مولده في ثاني عشر رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة. نقلته من خط الحافظ سعد الدين الحارثي رحمه الله وهو عزيز الوجود - أعني ذكر مولده - فإنه كان لا يخبر به أحدًا.

331 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحيم بن علي

، الأجل سعد الدين أبو القاسم ابن زين الدين أبي الحسن ابن القاضي الأشرف بهاء الدين ابن القاضي الفاضل، البيساني الأصل، المصري.

ص: 816

روى عن جعفر الهمداني، وعبد الصمد الغضاري، ويوسف ابن المخيلي، ويوسف بن جبريل بن محبوب، وجماعة. وحضر على ابن باقا. وتفرد بعدة أجزاء. وكان من المكثرين. وكان خازن الكتب التي بمدرسة جده.

سمع منه الجماعة، وتوفي يوم الأحد مستهل رجب.

ومن غرائب الاتفاق أن في هذا الوقت توفي بدمشق رجل باسمه واسم أبيه وجده، وهو:

332 -

‌ عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن

، الفقيه، العدل، جمال الدين الشهرزوري، الشاهد رحمه الله.

333 -

‌ عبد الرحيم بن عبد المنعم بن خلف بن عبد المنعم

، الشيخ، الإمام، المسند، محيي الدين، أبو الفضل ابن الدميري، اللخمي، المصري.

ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع سنة عشر من الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل، وسمع من أبي طالب أحمد بن حديد، وابن أبي الفخر البصري، والزين ابن فتح الدمياطي، وإسماعيل بن ظافر العقيلي، وتفرد بالرواية عن هؤلاء، والفخر الفارسي، وابن باقا، والقاضي زين الدين، وعبد الصمد الغضاري، ومكرم القرشي، ومرتضى بن حاتم. ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي.

وكان من كبار المسندين. فاتني لقيه. وقد سمع منه خلق. وتوفي في سلخ المحرم في عشر المائة.

334 -

‌ عبد الصمد، الفقيه

، خطيب سقبا.

توفي في شوال بالقرية.

335 -

‌ عبد اللطيف ابن الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام

، السلمي، الدمشقي، الشافعي، الفقيه محيي الدين.

ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وروى عن ابن اللتي، ثم طلب الحديث بنفسه بالقاهرة، وقرأ على الشيوخ. وكان أفضل إخوته، قرأ الفقه والأصول وتميز. وكان يعرف تصانيف والده معرفة حسنة.

توفي في ربيع الآخر بالقاهرة.

ص: 817

336 -

‌ عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمود

، القاضي جلال الدين، أبو محمد الأنصاري، المصري، ثم الشامي، الشافعي.

ولد سنة تسع عشرة وستمائة بالقاهرة. وروى لنا مجلس معمر عن ابن المقير. وحدث بالقدس ودمشق والصلت. وكان شيخًا وقورًا، مهيبًا، فاضلاً، عارفًا بالمذهب، حسن الديانة، محمود السيرة. ولي خطابة صفد، وولي القضاء بالصلت وبعجلون وبالقدس. وناب في القضاء بدمشق عن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة. ثم عاد إلى القدس، وتوفي بها في الحادي والعشرين من ربيع الآخر رحمه الله.

رأيت له كتابًا في الفقه علقه على التنبيه.

337 -

‌ عثمان بن أبي الفتح بن إسماعيل

، فخر الدين الخويي، الصوفي، الشاهد، نزيل القاهرة.

روى عن يوسف الساوي. ومات في المحرم، أخذ عنه ابن حبيب.

341 -

‌ عربشاه الرومي

، الذي كان بداريا.

وله هناك أراضي مطلقة من أيام الملك الناصر الحلبي.

توفي المحرم. وكان من أبناء الثمانين.

339 -

‌ علي بن حسن بن بدر بن حفاظ بن بركات

، أبو الحسن الصالحي، الصحراوي.

شيخ مسن، كان يسكن بالعقيبة، روى عن الفخر الإربلي، وابن اللتي، وابن المقير، سمع منه: البرزالي، وفخر الدين المقاتلي، ولم أقع به.

توفي في ليلة السابع والعشرين من رمضان وقد نيف على السبعين. وقد أجاز لي.

340 -

‌ علي بن حمزة بن عبد الرزاق

، أبو الحسن المحجي، الصالحي، الملقب بالفلو.

روى عن ابن اللتي، وتوفي بجبل قاسيون في العشرين من جمادى الأولى.

ص: 818

341 -

‌ علي ابن الشرف عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة

، المقدسي، الصالحي، شرف الدين، نقيب القاضي الحنبلي.

سمع من إبراهيم بن خليل، وغيره. وسمع الكثير بنفسه، ولازم الطلب. ضرب بالدبابيس ليلة ظهور الحرامية بسوق الجبل، ثم مات بعد ليلة رحمه الله ليلة عيد الأضحى وهو كهل.

342 -

‌ علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر

. القاضي الأوحد، زين الدين، أبو الحسن ابن القاضي أبي المعالي الجذامي، الإسكندراني، المالكي. أخو القاضي العلامة ناصر الدين ابن المنير.

صدر جليل، محتشم، وافر الحرمة، مليح الصورة، حسن البزة، كامل الفضيلة. ولي قضاء الثغر مدة، ودرس وأفتى وصنف.

ولد في ربيع الأول سنة تسع وعشرين وستمائة. وروى لنا الأربعين السلفية عن يوسف ابن المخيلي. وحدث بمكة والثغر، وبه توفي يوم عيد الأضحى. وقيل: مات سنة ست في ذي الحجة.

343 -

‌ علي بن محمد بن عبد السلام

، المكي، مؤذن الحرم.

روى عن المرسي، وقعت صاعقة على قبة زمزم فاستشهد رحمه الله في رجب.

344 -

‌ علي بن محمود بن إسماعيل بن فيض

، أبو الحسن الباعشيقي.

شيخ صالح ثقة. ولد سنة اثنتى عشرة وستمائة. وكان أبوه قاضي باعشيقا، وهي من أعمال الموصل، قدم بغداد في شبيبته، وسمع: أبا الحسن محمد بن عبد الواحد بن شفنين، وأبا طالب ابن القبيطي ودخلت مصر، فقيل لي: هو باق، فلم أظفر به. أحسبه مات في هذه السنة.

ص: 819

345 -

‌ عمر بن مسلم بن عمر بن ناصر

، أبو حفص الصالحي، الحجار، البناء.

كان يحضر الحصارات مع الملك الظاهر وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن صباح، والإربلي، وابن اللتي. وكان إنسانًا مباركًا.

توفي بقرية جديا في ثاني شوال، سمع منه الطلبة. ولم أسمع منه.

346 -

‌ كثير بن عمر

، الفقيه الإمام، زين الدين السلمي، من كبار فقهاء الشامية.

وكان يقرئ المبتدئين، توفي في رجب.

347 -

‌ كيكلدي بن ألطنبا الحلبي

.

يروي عن إبراهيم بن خليل، ونحوه. مات في رجب.

348 -

‌ لؤلؤ المسعودي

، الأمير الكبير، بدر الدين.

توفي ببستانه الذي بالمزة إلى جانب حمامه. وكان أميرًا محتشمًا، خبيرًا بالسياسة والظلم. ولي نيابة نائب السلطنة طرنطاي بدمشق مدة. ثم ولي الشد بمصر في الدولة الأشرفية. ثم قدم دمشق على نيابة نائب السلطنة إذ ذاك حسام الدين لاجين المنصوري، فمات في شعبان كهلاً.

349 -

‌ محمد ابن فخر الدين أحمد بن تعاسيف

، سبط المولى فخر الدين ابن الشيرجي.

شاب مليح، حلو الشمائل، عاقل، رئيس، مشتغل، من أبناء عشرين سنة، توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة.

وتوفي يومئذ شاب مليح من ملاح وقته بدمشق.

350 -

‌ محمد ابن بدر الدين ابن طليس

صهر والي المدينة ابن النشابي.

ففجع بهما الآباء - رحمهما الله - وكانا قد جمعا بين الملاحة والحياء والحرية.

351 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد اللطيف

، العلامة، المصنف، ذو الفنون، شمس الدين القرشي، الكيشي. مدرس النظامية ببغداد.

ص: 820

اتفق مولده بكيش سنة خمس عشرة وستمائة. وكان موته بشيراز، وله ثمانون سنة.

352 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سعد

، المقدسي، أبو عبد الله، المعروف أبوه بالتقي ابن الناصح.

سمع من جعفر، وكريمة، وحدث. وتوفي بحصن الأكراد، ذكره البرزالي في شيوخ الإجازة.

353 -

‌ محمد ابن مجد الدين الحسن

ابن الشيخ تاج الدين علي بن أحمد ابن القسطلاني، الإمام تقي الدين، خطيب جامع عمرو بن العاص.

ولي بعد قطب الدين عبد الباقي الأنصاري. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وروى عن السبط. وتوفي في ثالث جمادى الأولى.

354 -

‌ محمد بن سنجر

، المحدث، المفيد، الصالح أبو عمر العجمي، الجندي.

شاب من أولاد الأجناد. دين، متواضع، من طلبة الحديث، قدم دمشق غير مرة، وسمعت بقراءته. وكان حريصًا على الطلب، نسخ الكثير بخطة. وسمع سنة بضع وثمانين ولم يحدث.

مات في أول السنة رحمه الله سمع من غازي الحلاوي وخلق.

355 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن سلطان بن جامع

، الفقيه، عماد الدين، ابن الفقيه ركن الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، إمام مسجد البياطرة وأحد العدول به، وجد صاحبنا المحدث أمين الدين الواني لأمه.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من والده، ومن أبي صادق بن صباح، والقاضي شمس الدين ابن سني الدولة، وغيرهم. وشاخ وانقطع بالمنزل مدة، سمعت منه جزءًا من الخلعيات. وتوفي في الثامن والعشرين من صفر رحمه الله.

356 -

‌ محمد بن عبد السلام بن المطهر

ابن العلامة شرف الدين أبي سعد بن أبي عصرون، الشيخ، الإمام، المسند، تاج الدين أبو عبد الله ابن القاضي شهاب الدين، التميمي الشافعي.

ص: 821

ولد في المحرم سنة عشر وستمائة بحلب، وبها نشأ واشتغل، وقرأ الفقه. وسمع من أبي الحسن بن روزبة، ومكرم بن أبي الصقر، والعلم ابن الصابوني، ووالده شهاب الدين، والعز ابن رواحة، وعبد الرحمن بن أبي القاسم الصوري. وأجاز له المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وزينب الشعرية، والقاسم ابن الصفار، وأبو المظفر عبد الرحيم ابن السمعاني، وأخوه محمد، وشهاب الحاتمي، وأحمد بن شيرويه الديلمي، وإسماعيل بن عثمان القارئ، والافتخار الهاشمي الحلبي، والمحب أبو البقاء العكبري، وسعيد بن الرزاز، وأحمد بن سلمان ابن الأصفر، وطائفة.

ودرس بالشامية الجوانية بدمشق مدة، وكان يورد الدرس إيرادًا مليحًا، وكان فيه جودة وتواضع. وهو من كبار شيوخنا المسندين، سمعت منه عدة أجزاء. وقد حدث: بصحيح مسلم والموطأ وغير ذلك.

توفي في سلخ ربيع الأول، ودفن من الغد بتربتهم عند حمام النحاس.

357 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن عبد الغفار

، النهاوندي، ثم المكي.

سمع من ابن الجميزي بمكة، مات في المحرم، ودفن بالمعلى.

358 -

‌ محمد بن عبد الملك بن عمر

، الشيخ الإمام، الزاهد، العابد، القدوة، شرف الدين الأرزوني.

شيخ مشهور بالصلاح، تام الشكل، أسمر، مهيب، جليل، قليل الشيب، مليح العمامة والبزة، صاحب سمت وهدي ووقار. صحب الكبار وتعبد وانقطع. وكان صحيح البنية، محكم التركيب. إذا رآه الشخص اعتقده كهلاً، فإذا تميزه رآه كبير السن كامل العقل، إلا أنه كان يقول: إنه جاوز المائة. وذاك بعيد، لكنه كان من أبناء الثمانين. وكان له زوايا في أماكن.

توفي في ثالث جمادى الآخرة، ودفن إلى جانب قبر الشيخ تقي الدين ابن الواسطي بتربة الشيخ الموفق. وكانت جنازته مشهودة رحمه الله وذكر لي

ص: 822

أنه سمع الحديث في صباه فأخذت خطه في الإجازة. وكانت وفاته ببيت لهيا.

359 -

‌ محمد ابن الفخر عثمان بن علي

، الإمام، الأديب شرف الدين ابن بنت أبي سعد.

من فقهاء الشباب. له فضائل. لقبه شرف الدين، مات في المحرم.

360 -

‌ محمد بن علي بن أحمد

، الشيخ عماد الدين ابن القسطلاني.

روى عن ابن المقير وغيره، أخذ عنه البرزالي وابن حبيب.

توفي في هذا العام في أوائله. وهو ولد تاج الدين.

361 -

‌ محمد بن محمد

، الإسكندراني، المغازلي.

روى عن جعفر، ويوسف بن المخيلي، وتوفي في أول السنة. وكان ثقة صالحًا، عاش ثمانيًا وستين سنة، ولقيه الفرضي.

362 -

‌ محمد بن محمد بن محمد بن محمد

بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله، الإمام شمس الدين ابن العدل عماد الدين ابن القاضي عزيز الدين ابن العماد الكاتب، الأصبهاني، ثم الدمشقي، الشافعي.

سمع من ابن المقير، وكريمة، وابن رواحة، والسخاوي، وعبد العزيز ابن الدجاجية، وشيخ الشيوخ ابن حمويه، وكان فقيهًا، عارفًا بالمذهب، مدرسًا، فاضلاً، حسن الديانة، له حلقة بجامع دمشق، للإشغال. وأعاد بمدارس بني الزكي، سمع منه: علم الدين، وغيره. ومات ليلة الجمعة رابع عشر صفر بمنزله بسفح قاسيون رحمه الله.

363 -

‌ محمد بن أبي العلاء محمد بن علي بن المبارك

، شيخنا، الإمام العالم، شيخ القراء، موفق الدين أبو عبد الله الأنصاري، الرباني، النصيبي، الشافعي، الصوفي، نزيل بعلبك.

ص: 823

ولد سنة سبع عشرة وستمائة بنصيبين، قرأ على والده ودخل الديار المصرية، فقرأ بمصر على السديد عيسى بن أبي الحرم مكي صاحب الشاطبي، وبالإسكندرية على الشيخ جمال الدين أبي عمرو ابن الحاجب، وسمع منه مقدمته وغير ذلك. وسمع ببعلبك من الشيخ الفقيه وصحبه، واستوطن بعلبك وصار شيخها في التصوف والقراءات. وأم بمسجد كبير له بابان بسوق التجار ببعلبك. وكان يجلس في بعض الأيام ويروي للعامة أحاديث من حفظه.

وقل من رأيت بفصاحته على كثرة من رأيت من القراء، ومنه تعلمت التجويد، وقرأت عليه ختمة للسبعة في أحد وخمسين يومًا ببعلبك في سنة ثلاث وتسعين.

وكان إمامًا فاضلاً، عارفًا بالقراءات معرفة جيدة، وله مشاركة في الفقه والنحو والأدب. وكان شيخ الإقراء بالجامع، وشيخ الصوفية بالخانكاه. وله حرمة وصورة وقرأ عليه القراءات جماعة من أهل بعلبك، ورحل إليه العلم طلحة رفيقنا وقرأ عليه، وهو اليوم شيخ القراءات والعربية بحلب. أنشدني شيخنا موفق الدين لنفسه:

قرأت القرآن وأقرأته ومازلت مغرى به مغرما وطفت البلاد على جمعه فصرت به في الورى مكرما وألفيت إلفي بطلابه فيا نعم ما زادني أنعما ويا فوز من لم يزل دأبه وما أجزل الأجر ما أعظما فلله الحمد مهما أعش وفي الموت أسأل أن يرحما وأصفي الصلاة نبي الهدى ومن فوق كل سماء سما وأفشي السلام على آله وأصحابه والرضى عنهما

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة ببعلبك.

364 -

‌ محمد بن يعقوب بن أبي طالب

، الكتاني، الصالحي.

فقير مبارك، رأيته وكلمناه في السماع منه فقال: روحوا إلى الشيخ ناصر الملقن اقرأوا. فضحكنا منه. وكان فيه وله وسلامة باطن، روى جزءًا من

ص: 824

الخلعيات عن ابن صباح. وهو أخو العفيف أبي بكر النحات الآتي في الكنى.

توفي في رجب.

365 -

‌ محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم

، الإمام العلامة، الصاحب محيي الدين، أبو عبد الله ابن القاضي الإمام بدر الدين ابن النحاس الأسدي، الحلبي، الحنفي.

ولد بحلب سنة أربع عشرة في شوال. وسمع من القاضي بهاء الدين ابن شداد، وجده لأمه موفق الدين يعيش شيئًا يسيرًا. ولم أجده سمع من ابن روزبة، ولا من الموفق عبد اللطيف، ولا هذه الطبقة. وكأنه كان مكبًا على الفقه والاشتغال. وسمع في سنة اثنتين وأربعين ببغداد، وجالس بها العلماء، وناظر وبان فضله. وسمع من أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر ابن الخازن. وسمع بماردين من الحافظ النشتبري. وحج سنة خمس وأربعين مع بني عمه، وسمع من شعيب الزعفراني، وغيره.

وكان صدرًا معظمًا، جليلاً وجيهًا، إمامًا، فقيهًا، مفتيًا، محققًا، متبحرًا في المذهب وغوامضه، موصوفًا بالذكاء وحسن المناظرة. انتهت إليه رياسة المذهب بدمشق. ودرس بالريحانية والظاهرية. وولي قضاء الحنفية بحلب في الدولة الظاهرية. وسلم من التتار واستوطن دمشق، فعومل بالإكرام والاحترام لعلمه ورياسته وخبرته وأمانته، وولي الوزارة مرة، وولي نظر الخزانة. وولي نظر الدواوين. وولي نظر الأوقاف والجامع.

وكان معمارًا مهندسًا، أمينًا، كافيًا، مهيبًا، مخوفًا. وكان موصوفًا بحسن الإنصاف في البحث. وكان يقول: أنا على مذهب أبي حنيفة في الفروع، وعلى مذهب الإمام أحمد في الأصول. وكان يحب الحديث والسنة والسلف، ويطنب في وصف الشيخ عبد القادر. وقد ولي إمرة الحاج من دمشق في سنة خمس وسبعين، فساس الركب وحمدت إمرته.

قرأت عليه جزء البانياسي وسمع منه: ابن الخباز وابن العطار،

ص: 825

والفرضي، والمزي، والبرزالي، وابن تيمية، وابن حبيب، والمقاتلي، وأبو بكر الرحبي، وابن النابلسي، وآخرون. وتوفي عشية نهار الاثنين سلخ ذي الحجة، ودفن بتربته بالمزة من الغد، وحضره نائب السلطنة والقضاة والأعيان.

366 -

‌ محمد بن أبي بكر بن عبد المالك بن مالك

، شمس الدين الحراني، القطان.

شيخ صالح، محب للحديث، سمع من ابن اللتي، وابن رواحة، وابن خليل بحلب. ومات في هذا العام بصفد، سمع منه: المزي، والبرزالي، وغيرهما.

367 -

‌ محمود بن محمد بن أحمد بن مبادر بن ضحاك

، الإمام، المقرئ، الزاهد، العابد، شرف الدين، أبو الثناء التادفي.

ولد بتادف في سنة أربع وعشرين وستمائة، وهي من أعمال حلب. وسمع من ابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. وكان يسمع في الشيخوخة للفائدة. وقد سمع حضورًا في سنة ست وعشرين على أبي إسحاق الصريفيني الحافظ بتادف. وكان صالحًا، زاهدًا، قانتًا لله، مهيبًا، كبير القدر، منقطع القرين، صاحب جد وعمل وصدق. وكان يزور القدس كل سنة ماشيًا. وكان قانعًا متعففًا، شريف النفس، فقيهًا، عالمًا، قرأت عليه جزءًا واحدًا. وتوفي في سلخ رجب. وكان يجلس في البلد بالقيمرية ويلازم التلاوة سرًا بين الصلاتين بجامع الجبل.

368 -

‌ المنجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى بن بركات بن المؤمل

، الإمام العلامة، مفتي المسلمين، زين الدين، أبو البركات ابن الصدر المرتضى، عز الدين، ابن الإمام الكبير العلامة وجيه الدين، التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنبلي.

ولد في عاشر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وستمائة. وحضر على جعفر الهمداني، وابن المقير، وسالم بن صصرى، وسمع من السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد ابن مسلمة. وتفقه على أصحاب جده، وعلى

ص: 826

أصحاب الشيخ الموفق. وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي وغيره. وبرع في المذهب ودرس وأفتى وصنف. وانتهت إليه رياسة المذهب، تفقه عليه: ابن الفخر، وابن أبي الفتح، وابن تيمية، وجماعة من الأئمة.

قرأت بخط شيخنا ابن أبي الفتح: كان رحمه الله إمامًا في الفقه، خبيرًا بعلم الأصول والعربية، مشاركًا في غير ذلك، شرح كتاب المقنع في الفقه شرحًا حسنًا في أربع مجلدات، وفسر الكتاب العزيز ولكنه لم يبيضه، وألقاه جميعًا دروسًا. وشرع في شرح المحصول ولم يكمله واختصر نصفه. وكان له في الجامع حلقة للإشغال والفتوى نحو ثلاثين سنة متبرعًا لا يتناول على ذلك معلومًا. وكانت له أوراد، منها صوم الاثنين والخميس والذكر من حين يصلي الصبح إلى أن يصلي الضحى. وله مع الصلوات تطوع كثير. ويصلي الضحى ويطيلها جدًا. وكان له في آخر الليل تهجد كثير وتيقظ وذكر. وكان له إيثار كبير يفطر الفقراء عنده في بعض الليالي، وفي شهر رمضان كله. وكان مع ذلك حسن الأخلاق، لطيفًا مع المشتغلين، مليح المجالسة. سمع صحيح مسلم على العلم السخاوي ومن حضر معه على ما بين في نسخة ابن عساكر.

قلت: أجاز لي مروياته سنة سبع وسبعين، وقصدته لأسمع منه فقال لي: تعال وقتًا آخر. فاشتغلت ولم يقدر لي السماع منه. وكان مليح الشكل، حسن البزة، كثير التطهر والنظافة. وكان غالب أوقاته في الجامع وفي بيت المأذنة. وكان يجلس للإشغال إلى العمود الثاني الغربي الذي تحت النسر.

توفي إلى - رحمة الله - في يوم الخميس رابع شعبان بين الصلاتين، وتوفيت زوجته بالليل ليلة الجمعة، وهي أم أولاده - حفظهم الله - ست البهاء بنت صدر الدين الخجندي، وصلي عليهما معًا عقيب الجمعة بجامع دمشق، وشيعهما الخلق، وكانت جنازة مشهودة ودفنا بتربته بسفح قاسيون التي شمالي الجامع المظفري.

وكان معروفًا بالذكاء وصحة الذهن، وجودة المناظرة، وطول النفس في البحث، وله ملك وثروة وحرمة وافرة. وقد سئل الشيخ جمال الدين ابن مالك أن يشرح ألفيته في النحو فقال: زين الدين ابن المنجى يشرحها لكم. وكان قد

ص: 827

قرأ النحو على ابن مالك، وبرع فيه، ومحاسنه كثيرة.

369 -

‌ موسى بن محمد بن موسى

، الشيخ المحدث وجيه الدين، أبو القاسم الأنصاري، النفري، المصري.

أحد من عني بهذا الشأن وتجرد له، وتعب في الطلب، وسمع الكثير بمصر والشام، وكتب الكثير، وقرأ بنفسه. وصار له نباهة ومعرفة متوسطة لكثرة ما سمع. وتوفي في جمادى الآخرة بالقاهرة. وكان قد صار من جملة الشهود.

وسمع بعد الستين وستمائة من الرشيد، وطبقته، والنجيب، وابن عزون، وابن علان، والشيخ، وخلق.

370 -

‌ موسى ابن القاضي نجم الدين محمد بن سالم

بن صاعد بن السلم، القاضي شرف الدين، قاضي نابلس وابن قاضيها، وأخو شيخنا قاضيها.

ولي القضاء بعد أخيه، ومات في ذي الحجة. وكان مكرمًا للناس، مفضلاً كأخيه.

371 -

‌ نجاح بن خليل

، أبو محمد، عتيق عيسى بن شهاب المحلي، بواب المسرورية بالقاهرة.

روى عن ابن رواج ومات في ثالث عشر ربيع الأول.

372 -

‌ نصر الله بن عبد الله بن عبد القوي بن نصر

، العدل، فتح الدين ابن الأطروش المصري، الشاهد.

روى أيضًا عن ابن رواج. ومات في ثاني عشر ربيع الأول.

373 -

‌ نصر الله بن محمد بن عياش

بن حامد بن خليف بن عياش، الشيخ ناصر الدين، أبو الفتوح الصالحي، الحنبلي، السكاكيني بدار الحجارة.

ولد في مستهل سنة سبع عشرة وستمائة. وأجاز له الشيخ الموفق، ومحمد بن أبي لقمة، وابن البن. وسمع: أبا المجد القزويني، وأبا القاسم ابن صصرى، وابن غسان، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي،

ص: 828

وأبا موسى بن عبد الغني، والبهاء عبد الرحمن، والجمال أبا حمزة، وجماعة.

ورحل سنة تسع وثلاثين، وسمع: ابن المقير، وابن الجميزي بمصر، وأبا الرضا التسارسي، ويوسف ابن المخيلي، وعبد الوهاب بن رواج، والظهير محمد ابن الجباب، وابن محارب القيسي، وابن ياقوت، والسبط بالإسكندرية.

وحدث بالكثير، فروى عنه ابن الخباز: حدثنا في مشيخته التي حدث بها في سنة اثنتين وستين وستمائة. وكان شيخًا صالحًا، خيرًا متنسكًا، متزهدًا، مليح الشيبة، بشوش الوجه، حلو المحاضرة، متوددًا.

وقد قرأ بعض سماعاته على الشيوخ، وكان محبًا للحديث ويحفظ متونًا كثيرة، سمعت منه جماعة أجزاء. وتوفي إلى رحمة الله في ليلة الجمعة سلخ شوال.

374 -

‌ لاحق النوبي

، سابق الدين المسعودي، الفراش.

خدم فراشًا بالشام. وحدث بمصر عن ابن رواج، سمع منه: البرزالي، وابن حبيب.

375 -

‌ يوسف بن محمد بن عبدان بن يوسف

، البكري، الدمشقي، جمال الدين، المعروف بابن نقيب الفتيان.

ولد في رجب سنة ثلاثين، وأجاز له الإربلي، ومكرم، وجماعة. وسمع حضورًا من ابن اللتي، وحدث، روى عنه ابن الخباز، وغيره. وأجاز لي ولأولاد قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، ولأحمد ابن قاضي القضاة شرف الدين الحنبلي، ولمحمد ابن جمال الدين ابن الفويره، ولعبد الله ابن شمس الدين المهندس، وجماعة.

وتوفي في ثاني عشر شوال. وكان يعرف بالكرباج المؤدب.

376 -

‌ أبو بكر بن عباس بن عجرمة بن أبي منصور الحجار

، الصالحي.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وكان من رواة صحيح البخاري، عن

ص: 829

ابن الزبيدي. وسمع منه الجماعة. وسمعت منه حديثين. وكان رجلاً مباركًا.

توفي في مستهل جمادى الأولى.

377 -

‌ أبو بكر بن عبد الرحمن بن منصور بن جامع

، المحدث الفقيه، مجد الدين الكناني، الموصلي، نزيل دمشق.

شيخ صالح، زاهد، ناسك، فاضل، محدث، كثير السماع في كبره، كثير المطالعة، جيد التحصيل، سمع جزء ابن عرفة من محمد بن إبراهيم بن البرني. وسمع بدمشق من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وأصحاب ابن طبرزد فمن بعدهم.

أم بالمدرسة العادلية مدة، ثم ولي مشيخة الفاضلية بعد الفاضلي. وكنت أسلم عليه ويعجبني سمته وهديه وتواضعه. وأجاز لي، وما أراني سمعت منه. وتوفي في جمادى الأولى وقد نيف على السبعين رحمه الله.

378 -

‌ أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم

، الإمام، العلامة، رضي الدين القسنطيني، الشافعي، النحوي.

ولد سنة سبع وستمائة. وسمع بيت المقدس، وبه نشأ، من أبي علي الإوقي. وبمصر من يوسف ابن المخيلي. وابن المقير، وابن عوف الزهري. وأخذ العربية عن زين الدين يحيى بن معطي، وجمال الدين أبي عمرو ابن الحاجب. وسمع من ابن معط الفقيه وصاهره وتزوج بابنته. وكان من كبار أئمة العربية بالقاهرة.

حدثني شيخنا البدر التادفي أنه بحث على رضي الدين القسنطيني مدة في كتاب سيبويه.

وقد سمع منه جماعة كثيرة. وكان صالحًا، خيرًا، متنسكًا، ساكنًا، متواضعًا، له معرفة تامة بالفقه، ومشاركة في الحديث، وحرمة وجلالة.

أضر بأخرة، وتوفي إلى رحمة الله في شوال. وقيل: توفي في رابع عشر ذي الحجة. والأول أصح.

ص: 830

سمعت منه جماعة أجزاء، وقد حدثني عنه أبو العلاء الفرضي في سنة ثلاث وتسعين. ثم لقيته بعد.

379 -

‌ أبو بكر بن محمد بن غانم بن علي

، النابلسي، شيخ الزاوية.

من بيت المشيخة والصلاح. ولي المشيخة بعد موت أولاد عمه. وقد سمع الحديث بدمشق من ابن عبد الدائم وغيره. وتوفي في حادي عشر جمادى الآخرة.

380 -

‌ أبو بكر بن يعقوب بن أبي طالب

، الكتاني والده، الحجار النحات. ويلقب بالعفيف. وهو أخو محمد المذكور آنفًا.

ولد سنة اثنتين وعشرين. وروى عن ابن الزبيدي، وغيره. وأجاز لي مروياته. وقد حدث عنه ابن الخباز. ومات في السادس والعشرين من رمضان.

381 -

‌ أبو محمد بن أبي جمرة

، المغربي، المالكي، الزاهد.

شيخ فاضل، صالح، قوال بالحق، مشهور بالقاهرة، توفي في ذي القعدة، وصلي عيه بدمشق صلاة الغائب رحمه الله.

382 -

‌ أبو الغنائم بن محاسن بن أحمد بن مكارم

، الحراني، الكفرابي، المعمار، بدر الدين.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحران. وسمع من جده لأمه القاضي جمال الدين أبي بكر بن نصر الحراني، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وحمد بن صديق، وابن المقير، والمرجى بن شقيرة، وغيرهم، سمعنا منه بقراءة المزي. وتوفي في العشرين من ذي الحجة بمنزله بالقصاعين، ودفن بمقابر الصوفية.

383 -

‌ ابن جرادة

.

كان جمالاً، وبدت منه زلة فشق منخراه، ثم ضمن خانًا، ثم ضمن دار الطعم، وضمن الركوة بدمشق، واحتشم، وحصل الأموال، وتوكل لطغجي.

ص: 831

وكان مشرقيًا، ضخمًا، سمينًا، يتعمم بالعسراء، ويركب الخيل المسومة، ويظلم، والناس يدعون عليه. وقد بنى دارًا فاخرة بناحية السبعة، سكنها بعده الأمراء.

ومات بالقاهرة، وكان قد طلب إليها.

وقد توفي في هذه السنة جماعة ليسوا بالمشهورين، وضبطهم الشيخ علم الدين في وفياته.

وفيها ولد:

المرحوم بهاء الدين محمد ابن الحافظ علم الدين البرزالي، وشمس الدين محمد ابن المحيي يحيى ابن القباقبي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن شيخنا البرهان الإسكندري.

ص: 832

سنة ست وتسعين وستمائة

384 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن عبد الضيف بن مصعب

، الصدر نور الدين أبو العباس الخزرجي، الدمشقي.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، قرأ القرآن على السخاوي، وروى الحديث عن التقي اليلداني.

وله أدب قوي وفضيلة وشعر جيد وفصاحة، وكان رئيسًا محتشمًا، فيه زعارة وقوة نفس، أفادني مسألة في النحو.

وتوفي في العشرين من شوال ببستانه بسطرا، الله يسامحه.

385 -

‌ أحمد بن عبد الله بن الحسن

، القاضي، العالم، شهاب الدين ابن الأجل بهاء الدين ابن محبوب البعلبكي، الشافعي، أحد الإخوة الستة وقاضي كرك نوح وأبو قاضيه.

ولد في سنة ثمان وعشرين وستمائة، وكان دينًا، صالحًا، كثير التلاوة، جيد الفضيلة، حسن الأخلاق والتواضع.

توفي بدمشق في شوال.

386 -

‌ أحمد بن عبد الله بن محمد بن الأوحد

، شهاب الدين، القرشي، الحنفي، المعروف بابن الأوحد وبابن الكعكي.

روى عن كريمة، وتوفي في ثاني المحرم بمارستان نور الدين.

387 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحسين

، ناصح الدين الزبيدي، الصوفي، خازن الكتب السميساطية.

سمع من أصحاب ابن طبرزد، وطلب بنفسه، وكان يعيرنا الأجزاء بسهولة.

توفي في ربيع الأول وهو فيما أحسب في عشر السبعين.

388 -

‌ أحمد بن عبد الكريم بن غازي

بن أحمد بن عبد الله، الشيخ زين الدين أبو العباس ابن الأغلاقي، الواسطي ثم المصري.

ص: 833

ولد سنة عشر وستمائة بالقاهرة، وسمع من عبد القوي ابن الجباب وعبد الغفار بن شجاع المحلي ونصر بن جرو والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي وعبد العزيز بن باقا وجعفر الهمداني وهبة الله ابن الواعظ ومكرم بن أبي الصقر وعبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي، وكان إمام مسجد، وينوب في الحسبة بالقاهرة، وكلمته مسموعة، سمعت منه عدة أجزاء.

وقال علم الدين، قرأت عليه أحاديث، وفي صفر توفي.

389 -

‌ أحمد بن عمر بن إلياس بن خضر

، شهاب الدين الرهاوي، التاجر بقيسارية الشرب.

اشتغل وسمع الكثير وأسمع أولاده وتميز، وشهد على القضاة، وله تحصيل جيد وحسن سيرة.

توفي في ربيع الآخر.

390 -

‌ أحمد بن غازي بن علي شير

، التقي، التركماني، الحنفي، الشاهد بالعقيبة.

رجل خير، فاضل، روى عن الحافظ الضياء جزءًا، وتوفي في ربيع الآخر عن بضع وستين سنة.

391 -

‌ أحمد بن محمد بن عبد الله

، شيخنا الحافظ، القدوة، الزاهد، جمال الدين، أبو العباس ابن الشيخ القدوة محمد الظاهري الحلبي، مولى الملك الظاهر صاحب حلب.

ولد في شوال سنة ست وعشرين وستمائة، وسمع سنة إحدى وثلاثين وبعدها من الفخر الإربلي وابن اللتي والموفق يعيش وابن رواحة وابن خليل وابن قميرة وخلق بحلب، وكريمة والضياء وابن مسلمة وخلق بدمشق، وصفية القرشية وجماعة بحماة، وعبد الخالق بن أنجب النشتبري بماردين، وعبد الرزاق بن أحمد بن أبي الوفاء وإبراهيم بن أبي الحسن الزيات وأحمد بن سلامة النجار بحران، وشعيب الزعفراني وابن الجميزي

ص: 834

والمرسي وجماعة بمكة، ويوسف الساوي وأحمد ابن الجباب وخلق كثير بمصر، وهبة الله بن زوين الإسكندراني وطائفة بالإسكندرية، وسمع بحمص وبعلبك والقدس وغير ذلك.

وعني بهذا الشأن أتم عناية وتعب وحصل وكتب ما لا يوصف كثرة، وكانت له إجازات عالية من أبي الحسن القطيعي وزكريا العلبي وابن روزبة وأبي حفص السهروردي والحسين ابن الزبيدي وإسماعيل بن فاتكين والأنجب الحمامي وطبقتهم، وخرج لنفسه أربعين حديثًا في أربعين بلدًا، وانتقى على شيوخ مصر والشام، وخرج لأصحاب ابن كليب، ثم لأصحاب ابن طبرزد والكندي، ثم لأصحاب ابن البن وابن الزبيدي، حتى أنه خرج لتلميذه ومريده الشيخ شعبان، وكان عجبًا في حسن التخريج وجودة الانتخاب، لا يلحقه أحد في ذلك، وقد قرأ القراءات بحلب على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وسمع من نحو سبعمائة شيخ.

وكان دينًا، خيرًا، رضي الأخلاق، عديم التكلف بريئا من التصنع، محببًا إلى الناس، ذا سكينة ووقار وشكل تام ووجه نوراني، وشيبة بيضاء منيرة كبيرة مستديرة، ونفس شريفة كريمة، وقبول تام وحرمة وافرة، والله يرحمه ويجزيه عنا الخير، فلقد أفاد الطلبة وأعانهم بكتبه وأجزائه، وقل من رأيت مثله، بل عدم ولم يزل متشاغلاً بالحديث، مغرى به لنفسه، ثم لأولاده، إلى أن توفي ليلة الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الأول بزاويته الجمالية التي بالمقس، وبه افتتحت السماع في الديار المصرية، وبه اختتمت، وعنده نزلت، وعلى أجزائه اتكلت، وقد سمع منه علم الدين أكثر من مائتي جزء.

392 -

‌ أحمد بن محمد بن علي بن جعفر

، الصدر، الأديب، الرئيس، سيف الدين السامري، التاجر، نزيل دمشق.

شيخ متميز، متمول، ظريف، حلو المجالسة، مطبوع النادرة، جيد الشعر، طويل الباع في المديح والهجاء، وكان من سروات الناس ببغداد، فقدم الشام بأمواله وحظي عند الملك الناصر يوسف وامتدحه، وعمل أرجوزة

ص: 835

مستفيضة في الحط على الدواوين، وله من مطلع قصيدة:

أترى وميض البارق الخفاق يهدي إلى أهل الحمى أشواقي ولعل أنفاس النسيج إذا سرى يحكي تحية مغرم مشتاق وله:

من سر من راء ومن أهلها عند اللطيف الراحم الباري وأي شيء أنا حتى إذا أذنبت لا يغفر أوزاري يا رب ما لي غير سب الورى أرجو به الفوز من النار وكان مزاحًا كثير الهزل لا يكاد يحمل همًا مع أن الصاحب بهاء الدين ابن حنى صادره وأخذ منه نحو ثلاثين ألف دينار عندما قدم أخوه نور الدولة السامري من اليمن، ونكب في دولة الملك المنصور وطلبه الشجاعي إلى مصر وأخذت منه حزرما وغيرها وتمام مائتي ألف درهم، وكان يسكن هذه الدار المليحة التي وقفها رباطًا ومسجدًا، ووقف عليها باقي أملاكه.

وروى عنه الدمياطي في معجمه وذكر أنه يعرف بالمقرئ، ومات في عشر الثمانين في شعبان، ودفن في إيوان داره.

393 -

‌ أحمد بن مظفر

، كمال الدين الحظيري، التاجر.

رجل معمر، متميز، فيه فضيلة ومكارم وعزلة عن الناس، ولد سنة ثمان وستمائة، وقال: إنه سمع المقامات على ابن القبيطي.

توفي في المحرم بدمشق.

394 -

‌ إبراهيم بن عبد العزيز بن أحمد بن يوسف

بن يحيى بن كامل، الإمام، أبو إسحاق، برهان الدين المقدسي، الأباري، خطيب أرزونا.

روى عن الفخر الإربلي، وتوفي في شعبان عن ست وسبعين سنة، فاتني الأخذ عنه.

395 -

‌ إبراهيم بن محمد بن عثمان بن الخضر

، الشيخ بهاء الدين بن الأرزني، الكاتب.

ص: 836

شيخ متميز، مليح الكتابة، حسن الفضيلة، طلب مدة، وكتب الكثير، وسمع من أصحاب الخشوعي، وحدث ببعض الحصون، وتوفي في رجب بحلب.

396 -

‌ أزدمر العلاني

، الأمير الكبير، عز الدين، أخو الحاج علاء الدين طيبرس.

شيخ تركي، مهيب، شجاع، شرس الأخلاق، قليل الفهم، توفي في ذي القعدة بداره التي عند مأذنة فيروز، ودفن بتربة له إلى جانب داره، وحضره ملك الأمراء والدولة.

397 -

‌ إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل

بن سلامة بن علي بن صدقة، العدل، الرئيس، نفيس الدين الحراني، ثم الدمشقي، ناظر الأيتام.

ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع الموطأ من مكرم وحدث، وسمع بنفسه من ابن مسلمة وغيره، وله دار مليحة بالرصيف وقفها دار حديث، فولي مشيختها القاضي تاج الدين الجعبري، وقرأ بها الشيخ علم الدين، ونزل بها الشيخ أبو الحسن الختني وجماعة.

توفي في رابع ذي القعدة.

398 -

‌ بهادر العجمي

، الأمير الكبير، سيف الدين المنصوري.

شاب حسن الشكل، مليح الجملة، موصوف بالديانة والأخلاق الرضية، حج بالناس في السنة الماضية وشكروه.

توفي بالديماس في ربيع الآخر.

399 -

‌ جعفر بن محمد بن عبد الرحيم

بن أحمد بن حجون بن محمد بن حمزة، الإمام، المفتي، ضياء الدين، أبو الفضل الصعيدي، الحسيني، الشافعي.

ص: 837

أفتى بضعًا وأربعين سنة، ودرس بمشهد الحسين وبمدرسة زين التجار، وبرع في المذهب وناظر.

ولد في أواخر سنة ثمان عشرة وستمائة، وسمع وهو شاب من أبي الحسين ابن الجميزي وأبي القاسم السبط، سمعت منه، ومات في ثاني عشر ربيع الأول بمصر.

400 -

‌ حسن، الشيخ نجم الدين الكاتب

.

دمشقي فاضل، كتب لصاحب صهيون، ثم كتب لأولاده من بعده، ثم تزهد في سنة أربع وثمانين وستمائة، ومات في هذه السنة.

لا أعرفه، ولكني رأيت المولى شمس الدين الجزري ذكر ترجمته في تاريخه في كراس كامل، وبالغ في وصفه بالزهد والأحوال والعرفان، وأن له كرامات، ثم سرد شيئًا من حقائقه على نموذج النجم ابن خلكان، وهو بعبارة ركيكة ومعان ردئية، ويفسر معاني الحروف، ومعنى منكر ونكير، نسأل الله السلامة.

401 -

‌ خليفة ابن الشيخ أمين الدين عبد الله بن عبد الأحد بن شقير

، الصدر: شهاب الدين الحراني، التاجر.

كان أرأس إخوته وأحسنهم شكلاً، مع فضيلة ومكارم وأخلاق حسنة، سمع من ابن عبد الدائم، وما حدث.

توفي في صفر بدمشق، وكانت له جنازة حفلة، رحمه الله.

402 -

‌ دانيال بن منكلي بن صرفا

، القاضي ضياء الدين، أبو الفضائل التركماني، الكركي، قاضي الشوبك.

شيخ متميز، مليح الهيئة، تام الشكل، مجموع الفضائل، ولد سنة سبع عشرة وستمائة، وسمع من ابن اللتي بالكرك، وقدم دمشق فقرأ القراءات على السخاوي، وسمع من كريمة وجماعة، ورحل فسمع ببغداد من ابن الخازن وعبد الله بن عمر ابن النخال وهبة الله ابن الدوامي وإبراهيم بن الخير

ص: 838

وجماعة، وبحلب من ابن خليل، وبمصر من يوسف الساوي وابن الجميزي، وولي قضاء الشوبك مدة، ثم سكن دمشق، وولي القضاء بأماكن.

وخرج له علاء الدين علي بن بلبان مشيخة قرأها عليه شيخنا شرف الدين الفزاري، وخرج له شمس الدين ابن جعوان أربعين حديثًا وقرأها عليه، وسمع منه: المزي والبرزالي والطلبة، وكتب عنه الحافظ جمال الدين ابن الصابوني في سنة سبع وأربعين قطعة من شعر السخاوي، وحدث بالكثير، ثم عاد إلى قضاء بلده، ولم ألقه.

توفي في رمضان بالشوبك، وقيل: في شعبان.

403 -

‌ سالم بن أحمد بن سالم بن سيف بن عون

، العدل، فخر الدين ابن السلالمي القرشي، الدمشقي، الخشاب.

سمع من أبي القاسم بن صصرى؛ ومن: الرشيد ابن مسلمة، وكان من شهود القيمة ومن عدول القضاة، فاتني الأخذ عنه، وسمع منه: البرزالي وغيره، وعاش ثمانين سنة، ومات في صفر.

404 -

‌ سنقر، الحاج علاء الدين التركي

، الخزندار، عتيق الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي.

كان من أمراء الحلقة المصرية، وفيه دين وعقل، وكان يتردد إلى شيخنا ابن الظاهري، وأوصى له بمبلغ، وحدث عن: سبط السلفي بجزء الهذلي.

توفي بالقاهرة في حدود صفر.

405 -

‌ الشمس الحلبي النقيب

، واسمه أحمد.

شيخ ضخم، أبيض الشيبة، له رواء ومنظر، عمل النقابة لابن الصائغ ولابن الخويي، وجلس في الآخر يشهد بمسجد البياطرة، وتوفي في ذي القعدة وقد أسن.

406 -

‌ صالح بن سلمان

، الشيخ تقي الدين المغربي، المالكي.

رجل مبارك ابتلي بالفالج مدة، وكان قد سمع من الزين خالد وابن عبد الدائم وطائفة، وحدث.

ص: 839

توفي في ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله.

407 -

‌ طلحة بن محمد بن علي بن وهب

، القاضي العالم ولي الدين ابن العلامة قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد، الشافعي.

ناب في الحكم عن والده، وتوفي شابًا في ربيع الأول.

408 -

‌ عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد بن علوان

، القاضي، الإمام، تاج الدين، أبو محمد، المعري الأصل، البعلبكي، الشافعي، الأديب.

ولد سنة ثلاث وستمائة، وحدث عن: الشيخ الموفق والبهاء عبد الرحمن والمجد القزويني والكاشغري والعز ابن رواحة والتقي أبي أحمد علي بن أحمد بن واصل البصري وأحمد بن هشام اللبلي والزكي أبي عبد الله البرزالي وجماعة، وأجاز له أبو اليمن الكندي، وروى الكثير، وتفرد في زمانه ورحل إليه، وحدث بـ سنن ابن ماجه بدمشق، وسمعناه منه ببعلبك، وأكثرت عنه.

وهو من جلة شيوخي علمًا ودينًا وصلاحًا وعلو إسناد وتواضعًا وأدبًا ومروءة، وله ترسل وشعر جيد، ولي قضاء بعلبك وحمدت سيرته، وكان صاحب أوراد وتهجد وبكاء من خشية الله، وحضرت درسه بالأمينية وهو ابن نيف وتسعين سنة.

توفي ليلة الأربعاء تاسع المحرم، وشيعه خلق كثير، ودفن بمقبرة باب سطحا، وممن حدث عنه أبو الحسين اليونيني وأبو عبد الله بن أبي الفتح وأبو الحجاج المزي، وقد رويت أنا عنه في حياته.

409 -

‌ عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد

، الإمام المحدث القدوة، عفيف الدين، أبو محمد البصري، الحنبلي.

ولد بالبصرة سنة خمس وعشرين وستمائة، وحدث عن: المؤتمن بن قميرة، وفضل الله الجيلي، وجاور بالمدينة أكثر عمره، وحج أربعين حجة متوالية، وكان من محاسن الشيوخ علمًا وعملاً، وله شعر حسن.

ص: 840

سمع منه البرزالي خمسة أجزاء، ووصفه بالسؤدد والحفظ والفضل والعقل، وتوفي في الثالث والعشرين من صفر.

410 -

‌ عبد القادر بن محمد بن أبي الكرم

عبد الرحمن بن علوي بن المعلى بن علوي بن جعفر، القاضي الأجل، تاج الدين ابن القاضي عزيز الدين العقيلي، السنجاري، الحنفي.

ولد بدمشق في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمع الصحيح من ابن الزبيدي، وسمع من الإمامين جمال الدين الحصيري وتقي الدين ابن الصلاح، وولي قضاء الحنفية بحلب، ونظر الأوقاف العصرونية، وقدم دمشق في آخر عمره وحدث بها بالمائة البخارية، ولم يتفق لي أن أسمع منه، ورجع إلى حلب فتوفي في الثامن والعشرين من شعبان.

411 -

‌ عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الواحد

، نجم الدين ابن صدقة الكاتب، ابن عم النفيس، واقف النفيسية.

خدم في جهات الظلم، ومات بصافيثا في ربيع الآخر.

وقد سمع من الرشيد ابن مسلمة، وطلب الحديث فسمع من إبراهيم بن خليل وابن عبد الدائم والطبقة.

وحفظ التنبيه ثم دخل في التصرف.

412 -

‌ عبد الواحد بن كثير بن ضرغام

، الشيخ المقرئ، جمال الدين المصري، ثم الدمشقي، نقيب السبع الكبير والغزالية.

قرأ على السخاوي وحدث عنه، ونسي القراءات، فلهذا لم يقرأ عليه أحد، وكان شيخًا قصيرًا، مسندًا، له مسجد بداخل باب شرقي.

توفي في آخر رجب، وقد روى عنه ابن الخباز في مشيخته، وسمعت منه.

413 -

‌ عثمان بن محمد بن منيع بن عثمان بن شاذي

، شمس الدين المؤذن، ابن البشطاري.

ولد بعد الأربعين بالقاهرة، وسمع من ابن رواج والمرسي، وقدم علينا

ص: 841

مع السلطان، وسمعنا منه، وكان موصوفًا بطيب الصوت ومعرفة الموسيقى.

توفي بقوص في رجب أو شعبان، وعمل المؤذنون بدمشق عزاءه في سادس رمضان.

414 -

‌ عثمان بن موسى بن رافع بن منهال

، أبو عمرو اليونيني، الزاهد، فقيه قرية نبحا من أعمال بعلبك.

سمع: أبا القاسم بن رواحة وإسماعيل بن ظفر، سمع منه ابن أبي الفتح والبرزالي وابن النابلسي وأنا وطائفة، وكان شيخًا مقرئًا، صالحًا وقورًا، حسن السمت.

توفي في أول ربيع الآخر ببعلبك، وعاش أربعًا وسبعين سنة.

415 -

‌ عثمان بن يوسف بن مكتوم بن موهوب

، أبو عمرو السلمي، الزرعي.

ولد سنة أربع وعشرين، وحدث عن: ابن اللتي، وكان بحوران وبها مات في أواخر هذه السنة.

416 -

‌ العلاء بن الليث

، الشيخ الفقير بيشروش الحريرية وكبيرهم.

صحب الشيخ، وكان من أبناء الثمانين، وحج مرات كثيرة، توفي في صفر، رحمه الله.

417 -

‌ علي بن سعيد الزولي

، الرجل الصالح.

سمع الكثير في الكهولة، وكان دينًا، خيرًا، متعففًا، شيخًا طوالاً، أحسبه كرديًا، وكان يبيع في الكتب والكراريس يوم الجمعة ويرتفق بذلك.

توفي في ربيع الأول، وقد نيف على السبعين.

418 -

‌ علي بن محمد ابن المنير

.

فيه اختلاف مذكور في سنة خمس.

ص: 842

419 -

‌ عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض

، قاضي القضاة عز الدين أبو حفص المقدسي، الحنبلي.

ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وسمع من جعفر الهمداني والضياء محمد، وحضر ابن اللتي وانتقل إلى القاهرة، فسمع بها من عبد الوهاب بن رواج وسبط السلفي، وتفقه بها على الشيخ شمس الدين ابن العماد، وبرع في المذهب ودرس وأفتى، وتزوج بابنة الشيخ زينب والدة قاضي الحنابلة اليوم.

سمعت منهما معًا، وكان مشكور السيرة، محمود الأحكام، متثبتًا في القضايا، ممن يركن إلى إثباته لدينه وثباته، وكان أبيض الرأس واللحية سمينًا، تام الشكل، كامل العقل، توفي في صفر.

420 -

‌ عيسى بن يحيى بن أحمد بن محمد بن مسعود

، الشيخ، المحدث، الإمام ضياء الدين أبو الهدى الأنصاري السبتي الصوفي.

ولد بسبتة سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقدم في الصبا واستوطن القاهرة، وسكن دمشق مدة في الدولة الناصرية.

وحدث عن: أبي القاسم ابن الصفراوي ويوسف ابن المخيلي وعلي ابن المقير وعبد الرحيم بن الطفيل والحسن بن إبراهيم بن دينار وحمزة بن عمر الغزال وابن الصابوني وطائفة، وخرج له التقي عبيد أربعين تساعيات أبدالاً، سمعتها منه.

وكان مليح القراءة للحديث، حسن المعرفة، كبير الحرمة، ألبسني الخرقة وذكر لي أنه لبسها بمكة من الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأنشدني في ذلك أبياتًا حسنة، يذكر فيها أنه ما رأى مثل الشيخ في العرفان، وكان متواضعًا، بسامًا، متنسكًا بزي الصوفية والفقهاء.

توفي في تاسع عشر رجب بالقاهرة فجاءة، وكان لشيخنا الدمياطي رفيقًا وصديقًا.

ص: 843

421 -

‌ فضل الله ابن إمام الدين عمر بن أحمد بن محمد

، القاضي بدر الدين القزويني الشافعي.

قدم دمشق ليحج فنزل بتربة أم الصالح عند ابني أخيه القاضي إمام الدين والخطيب جلال الدين، فحصل له ضعف وانزعاج من السفر، ولم يمكنه الحج، فلما عاد رفقته من الحج هم بالعود إلى الروم فلم يمكن.

وكان في شيخوخته يكرر على الوجيز.

وكان له حلقة، إقراء بتبريز، ثم ولي قضاء ينكسار، بلدة بالروم، وكانت له خبرة بالحساب وغير ذلك.

وتوفي في ربيع الآخر، وشيعه الخلق لأجل ابني أخيه، وكان ينطوي على دين وخير وعبادة.

422 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد العزيز

بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي، العدل، الخطيب، معين الدين أبو المعالي ابن الصواف الإسكندراني، المالكي، الشروطي.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع أربعي السلفي من جده، قرأتها عليه، وهو أخو شيخنا شرف الدين يحيى، وكان شيخًا جليلاً، حسن البزة، أبيض اللحية، تام الشكل، ينوب في خطابة الثغر ويعقد الوثائق.

توفي في العشر الأوسط من ربيع الآخر.

423 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الله ابن التليل

، شرف الدين أبو عبد الله الأندلسي، ثم الدمشقي.

محدث صالح، ولد سنة تسع عشرة وستمائة ظنًا، وسمع من السخاوي وشيخ الشيوخ ابن حمويه وابن الصلاح، ولم يدلوني عليه بالقاهرة، وبها مات في ثامن عشر ربيع الأول، ويعرف أيضًا بابن صمادح، كان يذكر أنه من أولاد صاحب المرية المعتصم ابن صمادح.

روى عنه الحافظ عبد الكريم في تاريخه.

424 -

‌ محمد بن بركة بن أبي الحسن بن أبي البركات

، الشيخ أبو عبد الله ابن الشمعي، البغدادي، الحريمي.

ص: 844

شيخ متعفف، قانع باليسير، دين، سمع ببغداد من إبراهيم بن الخير وابن المني وابن قميرة ومحمد بن أبي السهل الواسطي، أفادنا السماع منه أبو العلاء الفرضي وذهب بنا إلى بيته بالعقيبة.

وتوفي في هذه السنة وهو في عشر السبعين.

425 -

‌ محمد بن بلغزا بن محمد بن بلغزا بن دارة بن رستم

، الشيخ قمر الدين البعلبكي، الحنبلي.

رجل عامي، دين، مكثر عن البهاء عبد الرحمن ولد في نصف جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة، وسمع منه جماعة من الكبار ببعلبك.

وكتب إلي بوفاته شيخنا أبو الحسين في رابع المحرم.

426 -

‌ محمد بن جوهر بن محمد

، أبو عبد الله التلعفري، المقرئ، المجود، الصوفي.

ولد بتلعفر سنة خمس عشرة وستمائة، وقرأ على أبي إسحاق بن وثيق لأبي عمرو، وأخذ عنه التجويد ومخارج الحروف، وسمع بحلب من ابن رواحة وابن خليل والصلاح موسى بن راجح وغيرهم، وقدم علينا دمشق فنزل بالخانكاه، وجلس للإقراء والتلقين في سنة تسعين، وقرأت عليه مقدمته في التجويد وجزءًا من الحديث.

وكان شيخًا ظريفًا، فيه دعابة وحسن محاضرة، توفي بالسميساطية في صفر.

427 -

‌ محمد بن حازم بن حامد بن حسن

، الإمام الصالح العابد شمس الدين أبو عبد الله، ابن الشيخ القدوة حازم.

أول سماعه حضور في الخامسة من أبي القاسم بن صصرى، وسمع من ابن الزبيدي والناصح ابن الحنبلي وسيف الدولة ابن غسان والفخر الإربلي وابن اللتي وجماعة، وأكثر عن الحافظ الضياء.

وكان شيخًا زاهدًا وقورًا عالمًا فقيهًا حنبليًا، نوراني الوجه، ظاهر الجلالة، كثير القدر، روى صحيح البخاري في هذه السنة، وقد حدث عنه

ص: 845

ابن الخباز في معجمه سنة اثنتين وستين، وسمع منه جماعة من رفاقنا، وسافر لزيارة المسجد الأقصى، فأدركه الأجل بعد عوده بنابلس في ثامن عشر ذي الحجة، رحمه الله.

428 -

‌ محمد بن عاصم بن عبيد الله

، أبو عبد الله الرندي، الأندلسي.

طالب نبيه، له فهم وعناية بالرواية، رأيته وسلمت عليه بالقاهرة، وكان كهلاً، قد سمع سنة نيف وثمانين وبعدها، وكتب الأجزاء.

توفي في هذه السنة.

429 -

‌ محمد بن عبد الباقي بن عبد الرحمن

، المحدث الرئيس قطب الدين الأنصاري، المصري.

محدث، عارف، فهم، جيد التحصيل، سريع الكتابة، لم أجتمع به، وبلغني أنه يصنف ويجمع، وله طيلسان وبزة جميلة، وكان أبوه عز الدين خطيب مصر، ورأيت خطه مليحًا معلقًا في أجزاء الفرضي، وأحسبه سمع قبل الثمانين، ومات ولم يرو.

430 -

‌ محمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر

، الرئيس ضياء الدين أبو المعالي الحلبي الكاتب، المعروف بابن النصيبي.

ولد في خامس صفر سنة ثمان عشرة، وسمع من الكاشغري حضورًا.

وسمع من ابن روزبة وعبد اللطيف بن يوسف والقاضي يوسف بن شداد وابن اللتي وابن رواحة وطائفة، وطلب الحديث بنفسه وتفقه ودرس بعصرونية حلب، وروى الكثير، وولي المناصب الكبار، ووزر لصاحب حماة، وأجاز لي هو وأخوه مروياتهما، وتوفي بحلب في رجب.

431 -

‌ محمد بن أبي بكر بن بركات بن يوسف بن بطيخ

.

شيخ متعفف، رث الحال، دلال في سوق الرحبة، ولد بين سنجار ورأس عين في حدود العشرين.

وكان أبوه معمارًا للملك الأشرف، فقدم دمشق في خدمته، وسمع محمد من ابن الزبيدي وابن اللتي والناصح ابن

ص: 846

الحنبلي، وكتب عنه الطلبة، وسمعت منه.

ومات في صفر في أواخره، وكان دينًا مصليًا.

432 -

‌ محمد بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم

بن يحيى بن فارس، الإمام رضي الدين أبو عبد الله، المعروف بابن خليل، المكي، الشافعي، شيخ الحرم، والد صاحبنا المحدث عبد الله، أسعده الله.

ولد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة في أيام التشريق بمنى، وروى عن ابن الجميزي وغيره.

وكان فقيهًا، عالمًا، مفتيًا، ذا فضائل ومعارف وعبادة وصلاح وحسن أخلاق.

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة، وقد سمع منه: ابن العطار والبرزالي وجماعة، وأجاز لي مروياته.

433 -

‌ مسيب ابن الشيخ علي الحريري

.

شيخ مبارك من أولاد المشايخ، توفي بقرية بسر في ربيع الآخر، واحتفل الفقراء لموته، وعملوا السماع والطعام على عادتهم.

434 -

‌ نوروز، نائب السلطنة لغازان

.

كان دينًا مسلمًا، عالي الهمة، حرص بغازان حتى أسلم وملكه البلاد، ثم فسد ما بينهما، فقتل غازان أخا نوروز وأعوانه، وجهز لقتاله خطلوشاه النوين، فتقلل جمع نوروز واحتمى بهراة، فقاتل عنه أهلها لدينه، ثم عجزوا عن نصرته وأسر نوروز، ثم قتل وبعث برأسه إلى الملك.

435 -

‌ يحيى بن محمد بن عبد الصمد

بن عبد الله بن عبد الله بن حيدرة، الفقيه محيى الدين أبو المفضل السلمي الزبداني الشافعي، المعروف بابن العدل.

ولد بدمشق في سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وروى لنا عن: ابن الزبيدي وابن اللتي، وحدث بالزبداني ودمشق، ودرس بمدرسة جده العدل.

ص: 847

وكان متواضعًا، متزهدًا، سليم الباطن، حدث عنه ابن الخباز من سنة اثنتين وستين وستمائة، وتوفي في المحرم.

436 -

‌ يوسف بن عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن

، العدل، الجليل بدر الدين أبو المحاسن ابن قاضي القضاة شمس الدين الأذرعي، الحنفي، ثم الصالحي.

فقيه، فاضل، عاقل، مهيب، ولد سنة تسع عشرة وستمائة بالصالحية، وسمع من ابن الزبيدي وجمال الدين ابن الحصيري، وحدث عنه ابن الخباز وغيره، وسمعت منه مع الفرضي.

توفي في ثالث عشر ربيع الأول، ودفن عند والده.

437 -

‌ يوسف بن هلال بن أبي البركات

، أبو الفضل الحلبي الحنفي الفقيه.

أديب عالم، بلغني أن له أرجوزة في الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، ومات في عشر السبعين في المحرم بالقاهرة.

438 -

‌ يوسف بن هبة الله

، الإسرائيلي، المسلم، الشيخ جمال الدين الحلبي، الطبيب، الفاضل، المعروف في القاهرة بالصفدي، لأنه سكن صفد مدة.

له كلام جيد على آيات من كتاب الله يدل على ذكائه واطلاعه، قد كتبه الشيخ أبو بكر بن شرف، وهو الذي أرخ وفاته.

439 -

‌ أبو تغلب بن أحمد بن أبي تغلب بن أبي الغيث

، الشيخ نجم الدين الفاروثي.

ولد في شوال سنة خمس وستمائة ببغداد، ولو سمع بها في صغره لروى لنا عن الحافظ ابن الأخضر وطبقته.

وقد سمع بنفسه، وروى صحيح البخاري عن ابن الزبيدي، وسمع أيضًا من ابن باسويه ويوسف الساوي.

وكان شيخا، صالحًا، خيرًا، أظنه كان يتجر، قرأت عليه أحاديث من

ص: 848

البخاري، ومات في سادس المحرم بدمشق، وابنه من قراء السبع، قلانسي.

وفيها ولد:

الشيخ بهاء الدين محمد ابن إمام المشهد، والأخوان التوأم: عماد الدين عمر وشمس الدين محمد ابنا خطيب بيت الآبار موفق الدين محمد بن عمر.

ص: 849

سنة سبع وتسعين وستمائة

440 -

‌ أحمد بن إسماعيل بن مكارم

، الدمشقي، القلانسي.

فقير صعلوك، سمع مع ابن الخلال من ابن اللتي وجعفر الهمداني وكريمة، سمع منه البرزالي، وتوفي في رجب أو قبله.

441 -

‌ أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المنعم

بن نعمة بن سلطان بن سرور، الشيخ الإمام الكبير شهاب الدين المقدسي، النابلسي، الحنبلي، مفسر المنامات.

ولد بنابلس في ثالث عشر شعبان سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع من عمه التقي يوسف في سنة ست وثلاثين، ومن الصاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي، وسمع بمصر من ابن رواج والساوي وابن الجميزي، وبالإسكندرية من سبط السلفي.

وروى الكثير بدمشق والقاهرة، وكان إليه المنتهى في تعبير الأحلام، قد اشتهر عنه في ذلك عجائب وغرائب، ويخبر صاحب المنام بمغيبات لا يقتضيها المنام أصلاً، وبعض الناس يعتقدون فيه الكشف والكرامات، وبعضهم يقول: ذلك مستنبط من المنامات، وبعضهم يقول: ذلك كهانات أو إلهامات، ولكل منهم في دعواه شبه وعلامات.

حدثني الشيخ تقي الدين ابن تيمية أن الشهاب العابر كان له رئي من الجن يخبره المغيبات، والرجل فكان صاحب أوراد وصلوات، وما برح على ذلك حتى مات.

وله الباع الطويل في التعبير، صنف في ذلك مقدمة سماها البدر المنير قرأها عليه علم الدين البرزالي، وسمعنا منه أجزاء، وكان عارفًا بالمذهب، وقد ذكر لتدريس الجوزية لما قدم علينا ونزل بها، وكان شيخًا حسن البشر، وافر الحرمة، معظمًا في النفوس، أقام بمصر مدة، وقام له بها سوق، وارتبط عليه جماعة، ثم رسم بتحويله من القاهرة.

ص: 850

توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة، ودفن بمقابر باب الصغير، وحضر للصلاة عليه ملك الأمراء والقضاة والخلق، والله أعلم بسريرته.

442 -

‌ أحمد بن عبد الرزاق الخالدي

، الوزير، صاحب ديوان الممالك الغازانية.

قتل هو وأخوه القطب وأخوهما زين الدين، وكان ظالمًا عسوفًا، نسأل الله العفو.

443 -

‌ أحمد بن عثمان بن قايماز بن أبي محمد

، عبد الله التركماني، الفارقي الأصل، الدمشقي، الذهبي، المعروف بالشهاب، والدي، أحسن الله جزاءه.

ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة بدمشق، وبلغ الحلم في سنة هولاكو، وبرع في صنعة الذهب المدقوق وتميز فيها، وسمع صحيح البخاري في سنة ست وستين وستمائة على المقداد القيسي، عن سعيد ابن الرزاز، عن أبي الوقت، وأجاز له تقي الدين ابن أبي اليسر وجمال الدين ابن مالك وجماعة.

وسمع معي ببعلبك من التاج عبد الخالق وزينب بنت كندي وجماعة، وقد استفك من عكا امرأتين، وأعتق غلامين وجارية، وأرجو أن الله قد أعتقه من النار بذلك، وببره وصدقته ومروءته وخوفه من الله ولزومه للصلوات ورحمته للضعيف وصحة إيمانه، وثناء سائر من يعرفه عليه يوم جنازته ظاهرًا وباطنًا فيما علمت، وقد حج سنة ثمان وسبعين حجة الإسلام.

وتوفي صبيح يوم الجمعة سلخ ربيع الآخر، وصلى عليه قاضي القضاة بدر الدين الخطيب، وشيعه إلى المصلى الشمالي جمع مبارك، منهم شيخنا ابن تيمية، وشيخنا برهان الدين الإسكندري، ودفناه بالجبل بتربة اشتراها لنفسه.

قرأت على والدي رحمه الله بالربوة سنة خمس وتسعين، عن إسماعيل بن إبراهيم، أن أبا طاهر الخشوعي أخبرهم، قال: أخبرنا هبة الله الأمين، قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: أخبرنا علي بن محمد الواعظ، قال: حدثنا سليمان الطبراني، قال: سمعت زكريا الساجي، قال: كنا نمشي

ص: 851

في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا، وكان معنا رجل ماجن متهم في دينه فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة ولا تكسروا - كالمستهزئ - فما زال في موضعه حتى جفت رجلاه وسقط.

444 -

‌ أحمد بن عثمان بن أبي الرجاء

، الرئيس شهاب الدين ابن السلعوس، التنوخي، الدمشقي، أخو الصاحب شمس الدين.

رجل عاقل دين، ثقيل السمع، محب لسماع الحديث، كثير البر والصدقة، ولي نظر الجامع، ورزق الجاه العريض في دولة أخيه، ثم ذهب ذلك وعاد إلى حاله.

وسمع من ابن عبد الدائم، وبالإسكندرية في تجارته من عثمان بن عوف، سمع منه البرزالي، وتوفي في جمادى الأولى، رحمه الله، ومات كهلاً.

445 -

‌ أحمد بن المسلم بن محمد بن المسلم

، الأجل عز الدين ابن الشيخ شمس الدين ابن علان القيسي الدمشقي.

ولد سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، وشيخ الشيوخ ابن حمويه والسخاوي وإبراهيم ابن الخشوعي، ولم نر له سماعا من ابن الزبيدي ولا ابن اللتي، وحفظ كتاب التنبيه ثم خدم في الجهات، وولي نظر بعلبك مرات، ولهذا زهدت في الأخذ عنه، ومات معزولا لازما لبيته.

توفي في سابع ربيع الأول وشيعه خلق إلى الجبل.

446 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن عقبة بن هبة الله بن عطاء

، القاضي، الإمام صدر الدين ابن الشيخ محيي الدين البصراوي، الحنفي.

ولد سنة تسع وستمائة ببصرى، ودرس وأفتى، وأعاد بمواضع، وولي قضاء حلب مديدة، ثم عزل، وكان له كفاية بدمشق، ثم إنه قبل موته سافر إلى مصر وتوصل إلى أن حصل تقليدًا بقضاء حلب على مذهب أبي حنيفة، وقدم دمشق فأدركه الموت، وتعجب الناس من حرصه في هذا السن، مع أنه مكفي.

ص: 852

توفي بالجبل في شهر رمضان.

447 -

‌ إسماعيل بن أبي بكر بن صديق

، الفقيه، المقرئ، شهاب الدين الدمشقي، الشافعي، المعروف بالخيوطي.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، وسمع بمصر من ابن الجميزي وغيره، وبدمشق من ابن قميرة وابن الصلاح، وتفقه، ونزل في المدارس، وكان صالحًا، خيرًا، متنسكًا، سمعت منه، ومات في رجب.

448 -

‌ البرهان الختني الحنفي

، الصوفي، واسمه عبد العزيز بن محمد.

شيخ إمام، فاضل، زاهد، كبير القدر، صاحب عبادة وقناعة وتقلل وزهادة، وكان من كبار أهل السميساطية.

توفي في ربيع الأول، رحمه الله.

449 -

‌ التكريتي

، أحد أمراء دمشق المنصورية.

رأيته تركيًا، مليح الشكل، لم يتكهل، واسمه شمس الدين سنقر، وقد ولي أستاذية دار الملك السعيد.

توفي في الغزاة بحلب.

450 -

‌ جبريل بن إسماعيل بن جبريل بن سيد الأهل بن رافع

، أبو الأمانة المقدسي، ثم الشارعي، العطار، الحطاب.

ولد سنة اثنتين وعشرين أو أربع وعشرين وستمائة، وسمع من عبد العزيز بن باقا ومكرم ومرتضى ابن العفيف، وحدث سنة بضع وخمسين، فسمع منه الأبيوردي، وخرج عنه في معجمه، وسمع منه: شيخنا ابن الظاهري والطلبة، ثم سمع منه: قطب الدين وابن سامة والبرزالي، ثم أدركته وسمعت منه جملة من النسائي.

ص: 853

وكان شيخًا، دينًا، خيرًا، متواضعًا، له دكان بالشارع للعطر والسدر، وله مسجد يؤم به، وبلغنا موته في هذه السنة، وقيل: توفي في السنة الماضية، وكأنه أشبه، فإني وجدت أنه توفي بعد ابن الأغلاقي بمدة ليست بالطويلة.

451 -

‌ جوزة، أم يحيى، عتيقة النجم محمد بن أبي بكر البلخي

.

عجوز صالحة، مؤثرة للفقراء، كريمة النفس، حجت سبع مرات، وقل أن تهيأ هذا لامرأة، وسمع منها علم الدين باللجون، وسمعت منها بقراءة الشيخ علي بن نفيس جزءًا روته عن مولاها.

توفيت في إحدى الجماديين.

452 -

‌ الحسن بن علي بن أبي الحسن بن منصور

، الشيخ الصالح، الزاهد، بقية المشايخ ابن الشيخ الحريري.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، وكان شيخ الطائفة الحريرية. وكان مهيبًا، مليح الشيبة، حسن الأخلاق، له مكانة عند الناس وحرمة زائدة، قدم مرات من قرية بسر إلى دمشق، وبها توفي في عاشر ربيع الآخر.

453 -

‌ الحسن بن مظفر بن عبد المطلب

بن عبد الوهاب بن مناقب بن أحمد، الشريف، العدل، شمس الدين، أبو محمد الحسيني، المنقذي، الدمشقي.

ولد سنة ثمان عشرة وستمائة، وروى عن الفخر الإربلي وأبي نصر ابن الشيرازي وعبد العزيز ابن الدجاجية وإبراهيم ابن الخشوعي، وسمعت منه.

ناب في الحسبة مديدة، وشهد تحت الساعات، وابتلي بالبلغم، فكان إذا مشى يعدو بغير اختياره، ثم يسقط، ثم يستريح ويقوم.

454 -

‌ زكي الدين ابن اللبان

.

شيخ متميز، يلبس القباء، ويتعانى الشد، وكان فيه جودة وخير، وهو من أصحاب القاضي ابن الصائغ.

ص: 854

455 -

‌ زين الدين ابن شرف الدين ابن الشيخ حسن بن عدي

بن أبي البركات العدوي، من مشايخ العدوية.

توفي بمصر، وصلوا عليه صلاة الغائب بدمشق في ربيع الآخر.

456 -

‌ زينب بنت جابر بن حبيب الخباز

، أم محمد الصالحية.

عجوز صالحة، تخدم الناس، وتلوذ بالمرداويين، روت عن ابن اللتي، روى عنها ابن الخباز، فضبط وفاتها في شعبان.

457 -

‌ سعيد الكازروني

، الصوفي، الزندبوشي، المقيم بمقصورة الخطابة.

فقير، مليح، فيه دين وصلاح ومروءة وخدمة.

توفي في ربيع الأول في عشر الستين.

458 -

‌ سليمان بن داود بن سليمان بن حميد

بن ماجد بن طرخان بن يوسف بن خالد بن كسا، الضياء أبو الربيع البلبيسي.

ولد سنة ثمان عشرة ببلبيس، وسمع بدمشق من سيف الدولة ابن غسان والناصح ابن الحنبلي ومكرم والإربلي وابن صباح وجماعة، وكانت حرفته الكتابة على باب الولاة ببلبيس، وسمع منه: البرزالي والفرضي وأنا وجماعة، وكان أبوه من أهل العلم.

بلغنا موته في هذه السنة.

459 -

‌ سنجر المصري

، الأمير الكبير علم الدين، من أمراء دمشق.

460 -

‌ شاورشي المنصوري

، الأمير سيف الدين، من أمراء دمشق.

كان يسكن بدرب كسك، مات بحلب في الغزاة في ذي القعدة.

461 -

‌ شاه ست ابنة الشيخ شمس الدين أبي الغنائم المسلم بن محمد بن علان

، القيسي.

ص: 855

ولدت في حدود سنة ثمان عشرة وستمائة، وروت لنا عن عم أبيها مكي بن علان، وسمعت من حموها سالم بن صصرى، وهي والدة الإمام قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى.

توفيت في العشرين من المحرم، وكنيتها أم أحمد، وكانت صالحة خيرة، كثيرة البر، وكف بصرها مدة.

462 -

‌ شهدة بنت محمد بن حسان بن رافع

بن سمير العامرية أمة الرحمن.

ولدت في حدود سنة ثمان وعشرين، وسمعت من جعفر الهمداني، وحضرت الإربلي، وأجاز لها ابن باقا، ومحمد بن عماد، وسمعت أيضًا من والدها خطيب المصلى أبي عبد الله القصر حجاجي، سمعت منها جزئين، وقد حدثت سنة نيف وستين.

توفيت في أوائل السنة، وإلا ففي آخر سنة ست.

463 -

‌ صبيح الحبشي

، المقرئ، فتى صواب المالقي، ثم المصري.

ولد في حدود سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع من ابن المقير وابن رواج، وكان مؤذنًا بمسجد بالحسينية، سمعت منه، ومات في ثاني عشر صفر، رحمه الله.

464 -

‌ صنبغا

.

شهد غزوة سيس فجرح، وجاء إلى دمشق فمات بها في سابع ذي الحجة، وكان أحد الأمراء.

465 -

‌ الطقصبا الناصري

، الأمير الكبير علم الدين سنجر التركي.

شيخ عاقل مهيب، موصوف بالشجاعة، روى عن سبط السلفي، وكان من قدماء أمراء دمشق، أصابه زيار في حصار قلاع الأرمن في ركبته فحمل إلى حلب فمات قبل أن يقدمها، وحصلت له الشهادة إن شاء الله.

ص: 856

توفي في آخر رمضان ودفن بحلب.

466 -

‌ الظهير ابن الفقاعي

، هو محمود بن عثمان بن محمود الدمشقي، الذهبي، التاجر، السفار.

شيخ ضخم، طوال، حسن البزة، من أهل سوقنا، له دكان وصناع، وكان يدير دكان الفقاع التي تحت الساعات، وله ثروة، مرض مدة وتوفي في ذي الحجة وهو في عشر الثمانين.

467 -

‌ عائشة بنت المجد عيسى

ابن الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، الصالحة، العابدة، المسندة، المعمرة، أم أحمد المقدسية، الصالحية.

ولدت في سنة إحدى عشرة وستمائة، وأجاز لها القاضي أبو القاسم ابن الحرستاني وجماعة.

وسمعت من أبيها، والشهاب ابن راجح، والعز محمد ابن الحافظ، وغيرهم حضورًا، وسمعت من جدها وغيره، وتفردت بأجزاء يسيرة. وسمعت أيضًا من البهاء عبد الرحمن والسراج أبي عبد الله بن الزبيدي والضياء المقدسي.

حدث عنها ابن الخباز في حياتها، وسمع منها عامة الطلبة؛ المقاتلي وابن النابلسي والمحب وأنا ويوسف الدمياطي.

توفيت في تاسع عشر شعبان، وكانت قد ثقل سمعها وما نأخذ عنها إلا بكلفة، وهي أخت الحافظ السيف.

468 -

‌ عبد الله التركي

، الشيخ جمال الدين الزرادي، المقرئ، المجود، الضرير.

قرأ القراءات على الزواوي وغيره، وقرأ على الكمال ابن فارس، وكان مقرئًا بالظاهرية وغيرها.

توفي في جمادى الأولى.

ص: 857

469 -

‌ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن وريدة

، الشيخ المعمر كمال الدين أبو الفرج البغدادي، الحنبلي، المقرئ، البزاز، المكبر والده بجامع القصر، شيخ دار الحديث المستنصرية، ويلقب بالكمال الفويره، من الفروهية.

انتهى إليه علو الإسناد في عصره، ولد قبل سنة ستمائة أو فيها، وسمع من أحمد بن صرما وأبي بكر زيد بن يحيى البيع وأبي الوفاء محمود بن منده، قدم عليهم، والمهذب ابن قنيدة وعمر بن كرم ومحمد بن الحسن بن أشنانة وأبي الكرم علي بن يوسف بن صبوخا ويعيش بن مالك ومحمد بن أحمد بن صالح الجيلي وأبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي وسعيد بن ياسين ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي ومحمد بن أبي جعفر ابن المهتدي بالله.

وأجاز له: عمر بن طبرزد وعبد الوهاب ابن سكينة والحسين بن شنيف ومحمد بن هبة الله الوكيل وعبد العزيز ابن الأخضر وخلق، وقرأ للسبعة على فخر الدين محمد بن أبي الفرج الموصلي الفقيه صاحب ابن سعدون القرطبي، وسمع منه كتابي التيسير والتجريد في القراءات. وروى الكثير وعمر دهرًا طويلاً، وكنت في سنة أربع وتسعين وسنة خمس أتلهف على لقيه وأتحسر، وما يمكنني الرحلة إليه لمكان الوالد ثم الوالدة.

ذكره الفرضي، فقال: شيخ جليل، ثقة، مسند، مكثر، ولد سنة ثمان أو تسع وتسعين.

قال: وسمع على أبي الوفاء محمود كتاب الموت وكتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا، وسمع صفة المنافق للفريابي على ابن صرما، وجزء أبي الجهم على ابن قنيدة، وجزء عقلاء المجانين على ابن أبي حرب، وكتاب الإقناع في القراءات الشواذ على عمر بن كرم، عن جده عبد الوهاب الصابوني، عن أبي العز القلانسي، عن أبي علي، عن الأهوازي، وكتاب الهداية لأبي الخطاب على النجم يعيش الأنباري، قال: أخبرنا سعد الله ابن الدجاجي، عن المصنف، ثم ذكر الفرضي عدة أجزاء تركتها.

شاخ الكمال الفويره وانهرم، وتغير قبل موته بأشهر، وقد أذن لي في

ص: 858

الرواية عنه بجميع مروياته، وكتب بيده في ربيع الأول، في حال استقامته، من هذا العام وأجاز معي لمحمد ابن البرزالي رحمه الله، ولأولاده قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، ولمحمد ابن الإمام كمال الدين الشريشي، ولأولاد شمس الدين ابن الفخر الخمسة، ولمحمد ابن جمال الدين ابن الفويره، ولفخر الدين المقاتلي، ولابن عمتي محمد ابن الطحان، وخلق سواهم.

مات في ذي الحجة.

470 -

‌ عبد الرحيم بن خلف بن أبي يعلى بن خلف

، البدر أبو خلف الحارثي، المزي.

شيخ أمي، روى تاريخ من نزل المزة عن عمه خطاب، وسمع منه الجماعة، وما تهيأ لي السماع منه.

471 -

‌ عبد العزيز بن أبي أسلم القاسم بن عثمان

، الشيخ عز الدين أبو محمد البابصري، البغدادي، الحنبلي، الصوفي، الأديب، من أعيان أهل السميساطية.

ولد سنة أربع وثلاثين وستمائة، وسمع مشيخة الباقرحي على ابن الأجل في سنة إحدى وستين وستمائة بسماعه من ذاكر بن كامل، وسمع بدمشق من أصحاب ابن طبرزد، وكان عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأدب والشعر وأيام الناس، ضعف بصره، وطلب من الجماعة أن يسمعوا عليه، فسمع منه: البرزالي وابن الصيرفي وصديقه الإمام شمس الدين ابن الفخر وأولاده وأنا، فروى لنا جزءًا نازل الإسناد عن إبراهيم بن أبي الفاخر، عن محمد ابن مقبل بن المني، وأنشد الجماعة لنفسه ونحن نسمع، في ضوء بصره:

قعدت في منزلي حزينًا أبكي على فقد نور عيني عاندني الدهر فيه حتى فرق ما بينه وبيني وبان عصر الشباب عني فصرت أبكي لفقد ذين وأنشدنا لنفسه:

سماع الحديث عن المصطفى به قد رجوت حصول الشفا

ص: 859

فعنه أخذت الهدى والتقى ومنه عرفت الرضا والوفا ونقل الحديث بلفظ الرواة كؤوس تدار لشرب الصفا وقارئنا قارئ مطرب وبالدار أسماعنا شنفا وأهل الحديث هم الأولياء وهم، شهد الله، أهل الوفا فلا ترغبن إلى غيرهم وإن موه القول أو زخرفا وهي نحو من عشرين بيتًا.

توفي العز البابصري في سابع عشر شوال.

472 -

‌ عبد الكريم بن عساكر بن سعد أخي مكتوم ابني أحمد بن محمد بن سليم

، زين الدين القيسي الشافعي، إمام الباذرائية، والد الشرف عيسى الشاهد.

وسمع من قاضي القضاة شمس الدين يحيى ابن سني الدولة وإسماعيل بن ظفر وجماعة، ولم يحدث.

توفي في شعبان، رأيته، وكان ثقيل السمع.

473 -

‌ عبد الكريم بن محمد بن محمد بن نصر الله

، الصدر العالم شرف الدين أبو السماح العبدي، الحموي الشافعي، ابن المغيزل، وكيل بيت المال بحماة.

شيخ متميز، كريم النفس، له همة وسعي، وفيه خدمة وتودد، ولد بحماة سنة ست عشرة وستمائة، وسمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر ابن الخازن وأبي القاسم بن قميرة، وسمع ببلده من أبي القاسم بن رواحة، وحدث بدمشق وحماة، سمعت منه جزء البانياسي، وتوفي بحماة في رابع عشر المحرم.

474 -

‌ عبد اللطيف بن نصر بن سعيد بن سعد بن محمد بن ناصر

ابن الشيخ أبي سعيد الميهني الشيخي، شيخ الشيوخ بالبلاد الحلبية ابن الشيخ بهاء الدين، يكنى أبا محمد، ويلقب بالنجم.

ص: 860

سمع من جده لأمه حامد بن أميري وعبد الحميد بن بنيمان ويحيى ابن الدامغاني وأبي الحسن بن روزبة وغيرهم، ولد بحمص في سنة تسع وستمائة، واستوطن حلب وحدث بها وكتب إلينا بمروياته.

توفي في أوائل السنة فجاءة، غص بلقمة، وكان مولده اتفاقًا يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول.

475 -

‌ علي بن إسماعيل

، تاج الدين ابن الصاحب مجد الدين ابن كسيرات المخزومي الكاتب.

شاب مليح، تام الشكل، ظاهر الرياسة، له اشتغال ونظم، وفيه مروءة، وسمع كثيرًا مع البرزالي، وكان بينهما مودة وصحبة في الحج، وخدم مدة بطرابلس، وبها توفي في ذي الحجة وله ثمان وعشرون سنة.

476 -

‌ علي بن عبد الواحد بن أحمد بن الخضر

، الرئيس علاء الدين ابن السابق الحلبي، نزيل دمشق.

شيخ جليل متميز، من رؤساء الدولة الناصرية، وخدم في الجهات، وولي نظر مارستان نور الدين، ومات على نظر العشر والوكالة في صفر، وكانت له جنازة حفلة.

477 -

‌ علي بن محمد بن عمرو بن عبد الله بن سعد

، أبو الحسن المقدسي.

ولد سنة ثلاث وعشرين، وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي وجعفر والجمال أبي حمزة، وتوفي في المحرم، قاله ابن الخباز.

478 -

‌ عمر بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى

، العدل موفق الدين ابن خطيب بيت الآبار.

إنسان خير، منقطع عن الناس، ملازم للجماعات والذكر، وقد كان قبل ذلك يخدم في الديوان، ويشهد على القضاة، روى عن الإربلي وابن اللتي

ص: 861

وجماعة، سمعنا منه، ومات في عاشر ربيع الأول.

479 -

‌ عمر بن أبي طالب محمد بن أبي بكر محمد بن أبي طالب

، ناصر الدين أبو حفص الأنصاري الدمشقي، المعروف بابن القطان.

شيخ مبارك أعرج، كنت أراه بالجامع، وما سمعت منه، سمع من كريمة، وخاطب المزي، وجماعة.

ولد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وتوفي في ثامن شعبان، حدث عنه البرزالي وأبو بكر.

480 -

‌ فاخرة بنت أبي صالح عبيد الله بن عمر

بن عبد الرحيم ابن العجمي.

روت عن أبي القاسم بن رواحة، ولنا منها إجازة.

توفيت بشيزر في السادس والعشرين من ربيع الآخر.

481 -

‌ الفاخري، الأمير سيف الدين

.

توفي بالقاهرة في ربيع الآخر.

482 -

‌ كوجبا الناصري

، الأمير سعد الدين متولي الإسكندرية.

روى لنا أحاديث عن النجيب عبد اللطيف، وكان ختن شيخنا ابن الظاهري على ابنته.

توفي بمصر في حادي عشر جمادى الأولى، وكان من أبناء السبعين.

483 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أحمد

، الفقيه العدل، أبو عبد الله التجيبي، المراكشي، المعروف بالدكربة.

ولد سنة سبع وستمائة بمراكش، فأجاز له في سنة عشر أبو محمد بن حوط الله، وأخذ عن والده ومحمد بن عبد الجبار السوسي وعبد الرحمن بن إسماعيل الحداد وطائفة.

ص: 862

قال أبو عبد الله الوادياشي: لقيته فأجاز لي بخطه، ومات بتونس في أول جمادى الأولى سنة سبع.

484 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن يونس

، مجير الدين ابن الخلال ابن عم شيخنا البدر ابن الخلال الدمشقي.

كان يعاني التجارة والسفر ومخالطة الدولة، لقيه البرزالي بالقاهرة، وسمع منه مشيخة العماد عبد الله ابن النحاس، بسماعه منه.

توفي في المحرم بقرية يبرود، ونقل فدفن بتربة جد والدته العماد ابن النحاس، وقد نيف على الخمسين.

485 -

‌ محمد بن الحسن بن علي بن إسماعيل بن عبد الله

، الفقيه، زين الدين الغساني، النديم، الشافعي، قاضي تدمر.

ولد بتدمر سنة اثنتي عشرة، وقدم دمشق فتفقه بها، وأخذ عن ابن الصلاح وتفقه عليه، وذكر أنه سمع منه، وكان متقنًا للفرائض، جيد الفقه، توفي بتدمر، قاله البرزالي في شيوخه بالإجازة.

486 -

‌ محمد بن حسين بن مبادر

، الشيخ القدوة العراقي، المعروف بالزياتيني: صاحب زاوية وفقراء.

أجاز في هذا العام، واتفق أنه كان صائمًا يوم عرفة فحضر مجلس ابن السهروردي وحوله الفقراء وهو يتلو فلما وعظ ابن السهروردي مال الشيخ قليلاً فحمل إلى زاويته ميتًا، ودفن يوم النحر، وكان يومًا مشهودًا.

قال ولده الشيخ أحمد: مولد أبي في شعبان سنة أربع وعشرين وستمائة، ويقال له أيضًا: محمد ابن الزياتين.

487 -

‌ محمد بن حمزة بن أحمد بن عمر ابن القدوة الشيخ أبي عمر

، الإمام الصالح شمس الدين أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي.

ولد في نصف شعبان سنة إحدى وثلاثين، وسمع حضورًا من ابن اللتي،

ص: 863

وجعفر الهمداني، وسمع من كريمة والضياء وجماعة، وتفقه ودرس وأتقن المذهب، وقرأ الحديث بدار الحديث الأشرفية التي بالسفح مدة، وكتب الخط المنسوب، وكان صالحًا خيرًا، أمارًا بالمعروف، داعية إلى السنة والأثر، محطًا على المبتدعة والمخالفين، ناب في القضاء عن أخيه مديدة قبل موته، سمعت منه.

وتوفي في الخامس والعشرين من صفر، رحمه الله.

488 -

‌ محمد بن خلف بن محمد بن عقيل

، الشيخ بدر الدين المنبجي، التاجر، السفار.

رجل جيد، رئيس، متمول، معروف بالدين والعقل والثقة، كان يحضر معنا مجالس الحديث ويسمع أولاد ابنه خليفة.

توفي في ذي الحجة ودفن بمقبرة باب الصغير وهو في معترك المنايا.

489 -

‌ محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم بن واصل

، قاضي حماة، جمال الدين الحموي، الشافعي، أحد الأعلام.

ولد بحماة في ثاني شوال سنة أربع وستمائة، وعمر دهرًا طويلاً، وبرع في العلوم والحكمة والفلسفة والرياضيات والأخبار وأيام الناس، وصنف ودرس وأفتى وأشغل وبعد صيته واشتهر اسمه، وكان من أذكياء العالم.

ولي القضاء مدة طويلة، وحدث عن الحافظ زكي الدين البرزالي بدمشق وببلده، وتخرج به جماعة، وما زال حريصًا على الاشتغال، وغلب عليه الفكر حتى صار يذهل عن أحوال نفسه وعمن يجالسه.

توفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال، ودفن بتربة بعقبة نقيرين عن أربع وتسعين سنة.

490 -

‌ محمد بن سليمان بن معالي بن أبي سعيد

، المقرئ الصالح، بدر الدين ابن المغربي، الحلبي.

ص: 864

ولد في صفر سنة تسع عشرة وستمائة، وسمع بحلب ومصر ودمشق من ابن المقير والسخاوي وكريمة وشيخ الشيوخ ابن حمويه وابن الجميزي وابن خليل وجماعة، وكان شيخًا نظيفًا، منورًا، لطيفًا، متنسكًا، عفيفًا، كثير التلاوة، مليح الكتابة، من خيار الناس، سمع منه الطلبة، وتوفي في منتصف ربيع الأول، رحمه الله.

491 -

‌ محمد بن صالح بن خلف بن أحمد بن علي

، شرف الدين، أبو عبد الله بن أبي التقى الجهني المصري.

سمع من ابن باقا وجعفر الهمداني، وكان من قراء سبع الظاهرية، وله مسجد بدرب ملوخيا، وفيه دين وتواضع، سمعت منه.

ولما قدم المحدث يوسف الدمياطي أخبرني بموته، ولم يعرف متى توفي، وكان مقدم يوسف في جمادى الآخرة.

492 -

‌ محمد بن علي

، الأمير شهاب الدين العقيلي، نائب الدواداري في شد الشام.

قتل في أواخر السنة، وكان قد شاخ وأسن، ثم سمر قاتله.

493 -

‌ محمد بن علي بن محمد ابن الملاق الرقي

، الفقيه، القاضي، بدر الدين الحنفي.

سمع من بكبرس الخليفتي الأربعين الودعانية، سمعها منه الدواداري بالرحبتين، وأجاز للدماشقة سنة سبع وتسعين، وفيها مات في رمضان.

ومولده في أول سنة تسع عشرة وستمائة.

494 -

‌ محمد بن أبي بكر بن محمد

، العلامة شمس الدين الفارسي، العجمي، المعروف بالأيجي.

مولده سنة تسع وعشرين وستمائة، شيخ فاضل، متفنن، عارف بالأصول والكلام والعقليات، موصوف بالذكاء وحل المشكلات، حضرت حلقة إقرائه يومًا مع شيخنا مجد الدين، وقرأ عليه هو والخطيب جلال الدين

ص: 865

وغير واحد، فرأيته رجلاً عالمًا، متواضعًا، مطرح التكلف، صوفي الطريقة، سمعته أكبر من حقيقته، وبلغني أنهم بالغوا في احترامه لما قدم الشام؛ وولي تدريس الغزالية، ثم استناب بها الشيخ شمس الدين إمام الكلاسة، وسار إلى مصر فولي بها مشيخة الشيوخ وأشغل بها، ثم قدم دمشق ونزل بتربة أم الصالح، وهو ضعيف الرجلين من ألم به.

توفي في ثالث رمضان، ودفن بمقابر الصوفية من جنوبيها إلى جانب الشيخ شملة، وشهدت جنازته وكانت حفلة، وأظنه مات في عشر السبعين.

وقد قال مرة بحضرة محيي الدين ابن النحاس: لم يكن أحمد من المجتهدين، فغضبت الحنابلة وعمل الشهاب محمود تلك الأبيات السائرة.

495 -

‌ محمد بن أبي القاسم بن أبي الزهر

، المشد شمس الدين الملقب بالغزال، مشد ديوان الجامع.

توفي في شعبان، وله ابن جندي.

496 -

‌ مسعود الحبشي

، المقرئ، الصوفي.

من فقراء مقصورة الحلبيين بالجامع، وكان صالحًا صادقًا، يلقن القرآن على باب المقصورة، ثم حج وجاور بمكة وتوفي بها، وسمعنا بموته في هذا العام.

497 -

‌ نسب خاتون بنت الملك الجواد مظفر الدين

يونس بن ممدود ابن الملك العادل.

شيخة مسنة جليلة، ولي أبوها سلطنة دمشق، وليت مشيخة رباط بلدق، وكانت تزور الحنابلة فسمعت من إبراهيم بن خليل وخطيب مردا، قرأ عليها علم الدين نسخة أبي مسهر، وماتت في ربيع الأول.

498 -

‌ يحيى بن أسعد

، محيي الدين الواسطي ثم الدمشقي، المعروف بابن البيع.

ص: 866

كتب في الإجازات وله إجازة من عمر بن كرم، والموفق عبد اللطيف.

توفي ببيروت في أوائل السنة.

499 -

‌ يحيى بن عبد الرحمن محيي الدين

، الشماع، خادم سجادة الخطيب بدمشق.

توفي في جمادى الآخرة، وكان من أبناء السبعين، وهو والد الأمين محمد ابن الشماع.

500 -

‌ أبو الحسن

، الشيخ القدوة العالم ولد الشيخ القدوة عبد الله ابن الشيخ غانم الزاهد ابن علي بن إبراهيم المقدسي، النابلسي.

كان فقيهًا، فاضلاً، دينًا، ساكنًا، متقشفًا، متواضعًا، خيرًا، له مشاركة حسنة في الفضائل وشعر رائق وتفكر واعتبار، وله سمت حسن وجلالة.

سمع من ابن عبد الدائم وعمر الكرماني الواعظ، سمع منه: البرزالي، وغيره شيئًا من نظمه.

وكان مولده بنابلس في شوال سنة أربع وأربعين وستمائة، وتوفي في رابع ذي القعدة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله، وهذه الكلمة المشهورة له:

هي النضرة الأولى سرت في مفاصلي شغلت بها في الحب عن كل شاغل وأصبحت من ليلى حليف صبابة شؤوني لا تخفى على كل عاقل أنزه طرفي أن يرى في خيامها سواها وسمعي عن حديث العواذل وأكتم ما بي من هواها صيانة فيظهر تأثير الهوى في شمائلي لها بالحمى عن أيمن الحي منزل أعظمه من دون تلك المنازل أجيرتنا بالخيف إن دام هجركم ولم تسمحوا لي منكم بالتواصل ألا فابعثوا لي من حماكم رسالة تكون إلى قلبي أحب الرسائل ولا تبعثوها في النسيم فإنني أغار عليها من نسيم الأصائل ومن شعره:

بين العقيق وبين بان الأجرع أفنيت ما أبقيته من أدمعي

ص: 867

وحلفت للأحباب يوم ترحلوا إني رجعت ولم أجد قلبي معي وفيها ولد:

المولى صلاح الدين خليل الصفدي وتقي الدين عبد الرحمن ابن الشيخ كمال الدين محمد ابن الزملكاني وظهير الدين إبراهيم بن محمد الجزري قارئ الحديث ومحمد ابن شيخنا الحافظ يوسف المزي والسيد شهاب الدين الحسين الأرموي الحسيني أبو الركب الأديب.

ص: 868

سنة ثمان وتسعين وستمائة

501 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن فراس بن علي بن معروف

، العدل زين الدولة ابن فخر الدولة ابن نجيب الدولة ابن العسقلاني، الكاتب، متولي نظر بانياس.

توفي بها في شوال، ونقل إلى مقبرة باب الصغير، وكان زوج ابنة المولى جمال الدين ابن صصرى، وقد ناب عنه في حسبة دمشق لما غاب.

502 -

‌ أحمد بن إسماعيل بن منصور

، المحدث نجم الدين الحلبي، المعروف بابن التبلي وبابن الخلال.

ولد بحلب سنة إحدى وثلاثين، وسمع من ابن رواحة وابن خليل وجماعة، ولازم السماع مع الدمياطي فأكثر وكتب الطباق وقرأ بنفسه، وكان من عدول حلب، قرأ عليه البرزالي جزء علي بن حرب، برواية العباداني، وأجاز لنا مروياته.

توفي بحلب في شوال.

503 -

‌ أحمد شاه، أمير من أمراء حلب

، توفي بها.

504 -

‌ أحمد بن صالح بن ثامر

، الفقيه العدل كمال الدين ابن القاضي تاج الدين الجعبري.

سمع من النجيب عبد اللطيف، ولم يحدث، وكان شابًا عاقلاً وقورًا، ذا أمانة وعدالة، لم يبلغ الأربعين.

توفي يوم عرفة.

505 -

‌ إبراهيم بن علي بن حسين

، الشيخ الحجار، الصرخدي، الخالدي.

أحد مشايخ دمشق الذين اشتهر شأنهم، كانت له زاوية بالعقيبة، فالتزم أن لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة بالعقيبة، وكان لا يدخل البلد ولا يمضي إلى أحد ولا يأكل الخبز خاصة ولا يشرب الماء، بل ما يقوم مقامهما، وحصلت له دكان جيدة، فجدد له الدولة زاوية هائلة بالمزة، وعملوا أكثرها.

ص: 869

فتوفي بها ولم يفرح بفراغها في سابع ذي القعدة.

506 -

‌ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد

بن عبد الله بن أحمد بن خلف بن إبراهيم، أبو إسحاق ابن الحاج التجيبي القرطبي الفقيه، الحسيب، المحدث.

أخذ عن والده وأبي بكر محمد بن عبد الله بن قسوم وأحمد بن مفرج النباتي وابن الدباج والشلوبين وخلق، وأجاز له أبو الربيع بن سالم.

ولد سنة خمس وعشرين، ومات في ربيع الآخر، سمع منه: أبو عبد الله الوادياشي، كأنه عم أبي الوليد شيخنا.

507 -

‌ أيبك، الأمير عز الدين الموصلي

، المنصوري، نائب طرابلس.

كان دينًا، عاقلاً، مهيبًا وقورًا، مجاهدًا، مرابطًا، جميل السيرة، من خيار الأمراء، رحمه الله.

توفي بطرابلس في أوائل صفر.

508 -

‌ بيسري، الأمير الكبير بدر الدين الشمسي

، الصالحي.

من أعيان الدولة الموصوفين بالشجاعة، وأحد من كان يذكر للسلطنة، وكان من كبار أمراء الدولة الظاهرية، جرت له فصول وتنقلات، وقبض عليه الملك المنصور، وبقي في السجن تسع سنين، ثم أخرجه الملك الأشرف وأعطاه خبزًا، وأعاد رتبته واستمر على ذلك، ثم قبض عليه الملك المنصور لاجين، ثم قام في الملك ثانية السلطان الملك الناصر فلم يخرجه، ثم توفي بقلعة الجبل بالجب في آخر شوال، أو بعد بأيام، وعمل له عزاء بجامع دمشق تحت النسر، وحضر ملك الأمراء والقضاة والدولة.

وله دار كبيرة بين القصرين، وكان محتشمًا، كثير المماليك والتجمل، رأيته شيخًا تركيًا، أبيض اللحية، من أبناء السبعين، رأيته في سنة تسعين،

ص: 870

وبعد ذلك.

509 -

‌ بدر الحبشي الصوابي

، الخادم الطواشي، الأمير بدر الدين أبو المحاسن، وهو منسوب إلى الطواشي صواب العادلي.

كان موصوفًا بالشجاعة والرأي في الحرب والعقل والرزانة والفضل والديانة والبر والصدقة والإحسان إلى أصحابه وغلمانه، وكان أميرًا مقدمًا من أكثر من أربعين سنة، وخبزه مائة فارس.

قرأت عليه جزءًا سمعه من ابن عبد الدائم، وقد حج بالناس غير مرة، وكان كبيرًا مسنًا، بصاص السواد، مهيبًا، نيف على الثمانين، ومات فجاءة بقرية الخيارة ليلة تاسع جمادى الأولى، ودفن بتربته التي بناها بلحف الجبل شمالي الناصرية.

510 -

‌ توبة بن علي بن مهاجر بن شجاع بن توبة

، الصاحب الكبير تقي الدين أبو البقاء الربعي، التكريتي، المعروف بالبيع.

ولد يوم عرفة بعرفة سنة عشرين وستمائة وتعانى التجارة والسفر، وكان يعرف السلطان في حال إمرته ويعامله ويخدمه، وولي البياعة وتنقلت به الأحوال، ثم لما تسلطن مخدومه الملك المنصور ولاه وزارة الشام مدة، ثم عزله، ثم ولي وصودر غير مرة، ثم يسلمه الله، وكان مع ظلمه فيه مروءة وحسن إسلام وتقرب إلى أهل الخير وعدم خبث، وله همة علية ونفس أبيه وفيه سماحة وكرم وبسط وحسن أخلاق ومزاح وعدم جبروت، وكان يقتني الخيل المسومة ويبتني الدور الحسنة ويشتري المماليك الملاح.

وقد عمر لنفسه تربة كبيرة تصلح لملك، وبها دفن، وصلوا عليه بسوق الخيل، وحضره ملك الأمراء والقضاة والكبراء في ثامن جمادى الآخرة.

511 -

‌ جعفر بن علي بن جعفر ابن الرشيد

، الشيخ المعمر شرف الدين الموصلي، المقرئ.

ص: 871

ولد بالموصل في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع وستمائة، وكان سخيًا، فاضلاً، حفظة للأخبار والشعر والأدب.

قال علم الدين البرزالي: ذكر لي أنه سمع من السهروردي كتابه العوارف، بالموصل، وأنه سمع بدمشق من ابن الزبيدي، وبمصر من ابن الجميزي، وبالثغر من ابن رواج.

وقد روى عنه الدمياطي في معجمه شعرًا، وقال فيه: المعروف بابن الحسن البصري.

توفي في العشرين من جمادى الأولى بدمشق.

512 -

‌ جلال الدين النهاوندي

، قاضي صفد، واسمه عثمان بن أبي بكر.

توفي بصفد في المحرم، ولي قضاءها من أول ما فتحت، وبقي في القضاء أربعًا وثلاثين سنة.

513 -

‌ زكي الدين زكري بن محمود

، البصروي، الحنفي، الفقيه، مدرس الشبلية، ومدرس الفرخشاهية.

لم يلبث في تدريس الشبلية إلا أربعين يومًا، ومات في رجب، ودفن بسفح قاسيون.

514 -

‌ سالم بن محمد بن سالم بن الحسن بن هبة الله

بن محفوظ بن صصرى، القاضي، الرئيس، الزاهد، أمين الدين، أبو الغنائم التغلبي، الدمشقي الشافعي.

صدر كبير وكاتب خبير ومحتشم نبيل، له عقل وافر وفضل ظاهر وجلالة وسؤدد وأصالة محتد، وكان مهيبًا، تام الشكل، حسن الهيئة، على جانب وجهه شامة كبيرة حمراء جميلة.

ولد سنة أربع وأربعين وستمائة، وحدثنا عن مكي بن علان، وسمع أيضًا من خطيب مردا والرشيد العطار والرضي ابن البرهان وإبراهيم بن خليل وجماعة.

ص: 872

ولي نظر الخزانة، ونظر الديوان الكبير، وغير ذلك، ثم تنظف من ذلك كله، وحج إلى بيت الله وجاور عنده، ثم قدم دمشق في أوائل هذه السنة ولزم منزله وأقبل على شأنه حتى توفي إلى رحمة الله في بكرة الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة بداره، وكانت جنازته مشهودة، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون، وكثر التأسف عليه، وكان رأسًا في صناعة الديوان، مشكورًا، موصوفًا بالأمانة التامة، طاهر اللسان، ظاهر الصيانة والعدالة.

515 -

‌ سليمان بن قايماز

، الكافوري، الحلبي، الفقير أبو الربيع.

رجل خير، مقيم بالمدرسة الأتابكية ظاهر حلب، سمع من أبي القاسم بن رواحة، وولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، قدم علينا للحج، ونزل بين الفقراء بمقصورة الحلبيين، فسمعنا منه، وكان والده عتيق كافور مولى السلطان نور الدين.

توفي بحلب في رابع عشر ربيع الأول.

516 -

‌ سمنديار بن خضر بن سمنديار

، الجعبري.

شيخ صالح، قانع باليسير، مقيم بالجبل، سمع الكثير مع الشيخ علي الموصلي من ابن عبد الدائم وعمر الكرماني، وحدث.

توفي في ذي القعدة.

517 -

‌ سنقر بن عبد الله

، الموغاني، المحدث أبو سعيد.

رجل نبيه، مفيد، عاقل، متواضع، من طلبة القاهرة، سمع وتعب وكتب، ومات في شعبان بالشارع.

518 -

‌ طغجي، الأمير سيف الدين الأشرفي

.

كان من أحسن الترك وأظرفهم شكلاً، وكان خليل مولاه خليل، فأمره وقدمه وأعطاه الأموال والنفائس وخوله، ثم كان أميرًا في دولة العادل المنصور فخاف من القتل أو الحبس، فشارك في زوال دولة المنصور لاجين، وقام وقعد لحينه، ثم عمل نيابة السلطنة أربعة أيام بعد قتله لاجين، ثم قدم القاهرة الأمير بدر الدين أمير سلاح من البيكار فتلقاه فتباله عليه أمير سلاح

ص: 873

وقال: كان للسلطان عادة أنه يطلع ويتلقانا، فقال: وأين السلطان، قد قتلناه، فعرج بفرسه عنه وقال: إليك عني، أكلما قام سلطان وثبتم عليه! فاعتوره أعوان السلطان الذي قتل بالسيوف فقتلوه بظاهر القاهرة، ورمي على مزبلة وحجه الخلق للفرجة والعبرة، ثم دفن بتربته يوم منتصف ربيع الآخر، وقد نيف على الثلاثين.

519 -

‌ عبد الحافظ بن بدران بن شبل بن طرخان

، الزاهد الحنبلي، القدوة، المسند، الرحالة، أبو محمد عماد الدين النابلسي، المقدسي، شيخ نابلس.

قدم دمشق في صباه وسمع الكثير من الشيخ الموفق وموسى بن عبد القادر وابن راجح وأحمد بن طاوس وزين الأمناء والبهاء عبد الرحمن وابن الزبيدي وجماعة، وأجاز له أبو القاسم ابن الحرستاني وأبو البركات بن ملاعب، وتفرد بأشياء، وقصد للسماع والزيارة والتبرك، وبنى بنابلس مدرسة وجدد طهارة.

وكان كثير التلاوة والأوراد، لازمًا لبيته الذي بجنب مسجده، وقيل: إنه تعاطى الكيمياء مدة ولم تصح له، قرأت عليه عشرة أجزاء، ورحل إليه قبلي ابن العطار والبرزالي وسمعا منه، وزار القدس وسمع منه: ابن مسلم وابن نعمة وجماعة.

وتوفي بنابلس في الرابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن بتربته التي بزاويته بطور عسكر، وقد شارف التسعين، وأول سماعه في سنة خمس عشرة وستمائة.

520 -

‌ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن رافع بن منهال بن عيسى

، الفقيه، الزاهد، العابد، حسام الدين اليونيني، الحنبلي مريد الشيخ إبراهيم البطائحي، وفقيه قرية عمشكا وخطيبها.

شيخ عالم، صالح، عابد، دائم الذكر والتلاوة والمراقبة، كثير الصيام،

ص: 874

قليل الكلام، حسن السمت، صاحب أوراد وتهجد وخوف، صحب الشيخ إبراهيم، ثم صحب الشيخ الفقيه، وروى لنا عن إسماعيل بن ظفر، سمعت منه مع الشيخ شمس الدين ابن أبي الفتح، وسمع منه: البرزالي وابن النابلسي وجماعة.

وتوفي أواخر اليوم المنصف لشعبان بقريته، وكان قد عمل في الكرم بيده، ثم جاء وصلى بالناس العشاء، ثم صلى بهم مائة ركعة صلاة النصف التي روي فيها حديث واه، وأصبح ضعيفًا، وتوفي إلى رحمة الله بسهولة عن نيف وسبعين سنة.

521 -

‌ عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان

، نفيس الدين، قيم مشهد السيدة نفيسة.

روى عن العلم ابن الصابوني وابن الجميزي، قرأت عليه الأربعين السلفية، ومات يوم عاشوراء بالمشهد.

522 -

‌ عبد الملك بن علي بن عبد الملك الكفربطناني القواس

.

شيخ مطبوع، متفقر، كان في شبابه يزمزم للفقراء، روى عن عبد العزيز الكفرطابي، سمع منه البرزالي، وقال: توفي في ذي الحجة.

523 -

‌ علي بن رافع بن علي

، السلمي، المفعلي، ثم الصالحي.

سمع: ابن الزبيدي وجماعة، وحدث.

قال ابن الخباز: مات في رجب سنة ثمان ببيروت.

524 -

‌ علي بن شعبان الفامي بجيرون تحت الدرج

، المقرئ.

رجل خير صالح صادق ملازم للصلوات في جماعة، وفيه ورع وعقل، قرأ القراءات على الزواوي وتفقه، ثم لزم المعيشة والفامية مدة، ثم

ص: 875

بطل وحج وجاور سنة أو أكثر، ثم قدم دمشق، ثم حج، وتوفي في هذه السنة كهلاً رحمه الله، بمكة.

525 -

‌ علي بن عثمان بن يوسف بن عبد الوهاب

، الرئيس علاء الدين بن العدل شرف الدين الدمشقي، التغلبي الكاتب، ابن السائق.

شيخ جليل، بديع الخط، له فضل وأدب وشعر، نسخ كتبًا كثيرة، روى عن الرشيد ابن مسلمة، وكان متخليًا منقطعًا عن الناس، متدينًا، حصل له صمم، فكان إذا حدث يكتب له في الأرض أو في الهواء فيعرف.

توفي في رمضان، وكان من أبناء السبعين، وتقدم في عام اثنتين وثمانين أخوه نجم الدين محمد.

526 -

‌ علي بن محمد بن علي بن بقاء

، الشيخ الزاهد، العابد، المقرئ، البركة، أبو الحسن البغدادي، ثم الصالحي، الملقن بجامع الصالحية.

ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، ورأى الشيخ الموفق، وسمع من ابن صباح والناصح وابن الزبيدي ومحمد بن غسان والجمال أبي حمزة وابن اللتي وكريمة وجماعة، وخرج له البرزالي مشيخة، وكان صالحًا، خيرًا، كبير القدر، مجمعًا على صلاحه وحسن طريقه وتعففه، روى عن ابن الخباز حديثًا في سنة اثنتين وستمائة، وسمعنا منه، وتوفي إلى رضوان الله في رابع شوال.

527 -

‌ علي بن محمد بن أبي عابد مري بن ماضي المقدسي

، ثم الصالحي، الفلاح بجواكير الصالحية.

رجل جيد أمي، حج وحدث عن جعفر الهمداني.

توفي في ثامن عشر صفر، وكان من أبناء السبعين.

528 -

‌ العماد الرام

، شيخ قاعة النشاب.

شيخ مطبوع، كان يذكر أنه سمع من أبي الحسين ابن الصابوني، يكبر

ص: 876

بالعزية التي بالكشك ويعلم الرمي، واسمه عبد السلام بن أبي عبد الله بن عبد السلام الدمشقي ابن المصلي.

توفي في ذي القعدة.

529 -

‌ عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير

، الشيخ المعمر، مسند الشام، ناصر الدين، أبو حفص الطائي، الدمشقي ابن القواس.

ولد سنة خمس وستمائة، وسمع حضورًا في سنة تسع وستمائة من أبي القاسم ابن الحرستاني؛ وسنة عشر من أبي يعلى حمزة بن أبي لقمة؛ وسنة بضع وعشرين من أبي نصر ابن الشيرازي وكريمة، وأجاز له سنة ثمان وستمائة: أبو اليمن الكندي وابن الحرستاني وعبد الجليل بن مندويه وداود بن ملاعب ومحمد بن عبد الله ابن البناء ومحمد بن علي الجلاجلي وأحمد بن محمد سيدهم وهبة الله بن طاوس وتاج الأمناء أحمد بن عساكر وأبو الفتوح ابن البكري، وخلق كثير.

وحج في سنة ثمان وعشرين وستمائة، وكان دينًا خيرًا، أبيض الرأس واللحية، أبيض اللون بحمرة، منور الوجه، رقيق المحاسن، جميل الصورة، حسن الأخلاق، دائم البشر، محبًا للحديث وأهله، مليح الإصغاء، صحيح الحواس، كثير التودد، له بستان بعربيل يقوم بكفايته.

وقد روى الكثير في أواخر عمره، قرأت عليه كتاب المبهج في القراءات، وكتاب السبعة لابن مجاهد، وكتاب الكفاية في القراءات الست عن الكندي، وخرجت له مشيخة صغيرة، وخرج له أبو عمرو المقاتلي مشيخة بالسماع والإجازة، وأكثرنا عنه، وسمع منه خلق منهم: المزي وولده والبرزالي وابن سامة والشيخ علي الموصلي والنابلسي سبط الزين خالد وأبو بكر الرحبي وأبو الفرج عبد الرحمن ابن الحارثي والشمس السراج سبط ابن الحلوانية ومحمد ابن البدر ابن القواس وشهاب الدين ابن عديسة ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي وابن تيمية وأخوه وصدر الدين ابن الوكيل وولده محمد وشمس الدين محمد ابن اللبان والزين عمر الغزاوي وبدر الدين ابن غانم ومحب الدين عبد الله ابن المحب وأخوه

ص: 877

محمد وبهاء الدين يوسف بن جملة وابن المهندس وولده عبد الله والأمين عبد الله الرهاوي الكريدي وبرهان الدين إبراهيم الزرعي الحنبلي وأبو بكر ابن الشيخ محمد بن قوام وعماد الدين ابن الزملكاني وعمه علاء الدين، وعمر ابن شيخ السلامية وابن عمته أحمد بن علي الحصني ومحمد ابن الشيخ إبراهيم البياني وبنو شمس الدين ابن الفخر الأربعة ومحيي الدين المقريزي ومحمد بن عبد الغالب الماكسيني والصفي عبد الكريم ابن المخلص وابن خالي إسماعيل وخالته فاطمة وبنتها ست المنى وفتاي كيكلدي.

توفي في ثاني ذي القعدة بدمشق بمنزله بدرب محرز، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله.

530 -

‌ عيسى بن محمد بن أبي الفتوح

، عماد الدين أبو هاشم ابن البندار العباسي، الجوهري، البغدادي.

سمع من ابن شقيرة وأبي منصور ابن الهني، أخذ عنه ابن سامة وأبو العباس ابن الكازروني.

وقال البرزالي: أجاز لنا سنة سبع وتسعين، ولد سنة عشرين وستمائة.

531 -

‌ فصيح الدين المارديني

، الحنفي، مدرس الشبلية.

اشتغل بحلب وبالروم مدة طويلة، ودرس وأفتى، وولي القضاء ببعض الروم، ثم قدم دمشق وقد شاخ، فبقي مديدة ودرس بالشبلية، وتوفي في سلخ جمادى الأولى، ودفن بالجبل، اسمه أحمد.

532 -

‌ فاطمة بنت حسين بن عبد الله بن عبد الرحمن الآمدي

، المؤذن، أم محمد، وأمها خديجة بنت الزين أحمد بن عبد الدائم، وهي زوجة الزاهد الشيخ علي الملقن.

امرأة صالحة عابدة، مبتلاة بالزمانة، روت صحيح البخاري عن ابن الزبيدي، وروت عن الفخر الإربلي وغيره. 50

ص: 878

توفيت في المحرم، سمعت منها.

533 -

‌ قرارسلان

، الأمير الكبير بهاء الدين المنصوري السيفي.

من المقدمين الكبار بدمشق، وكان مليح الصورة، تام الخلقة، سمينًا، شجاعًا، لما هرب قبجق إلى التتار تكلم هو في الأمور وأمر ونهى، وقد حج بالناس من قريب.

توفي في مستهل جمادى الأولى، ودفن بتربة له بمقابر باب توما.

534 -

‌ كرجي، الأمير سيف الدين الذي قتل الملك المنصور

حسام الدين.

شجاع جريء، قوي البطش، ظالم النفس، قتلوه يوم قتلوا طغجي، وطيف برأسه في القاهرة في منتصف ربيع الآخر.

535 -

‌ محمد بن أحمد بن محمود بن محمد بن محمد

، الرئيس الفاضل زين الدين، أبو عبد الله العقيلي، القلانسي، الدمشقي، الكاتب.

قرأ القرآن على السخاوي، وعرض عليه القصيد، وسمع منه ومن عتيق السلماني ومكي بن علان، وكان شيخًا متميزًا، متواضعًا، كاتبًا، متصرفًا، فيه دين وخير، وكان صديقًا لشيخنا الفاضلي من الصغر.

ولد في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة، وكان إمام مسجد، سمعت منه الشاطبية بقراءة ابن غدير، وقرأ لنا عليه البرزالي أربعة أجزاء، وهو والد الشيخ جلال الدين نزيل القاهرة، وابنه الآخر ناظر خزانة دمشق، يقال له: عز الدين ابن القلانسي الصغير.

توفي في تاسع جمادى الأولى.

536 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر المقدسي

، خطيب الجبل سعد الدين ولد القاضي نجم الدين ابن الشيخ.

شاب ذكي، سريع الحفظ، من أبناء العشرين، خطب مدة، وتوفي في

ص: 879

ذي الحجة، فولي الخطابة بعده أخوه.

537 -

‌ محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله محمد بن أبي نصر

، الإمام، العلامة، حجة العرب، بهاء الدين أبو عبد الله ابن النحاس الحلبي، النحوي، شيخ العربية بالديار المصرية.

ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بحلب، وسمع من ابن اللتي والموفق يعيش النحوي وأبي القاسم بن رواحة وأبي الحجاج بن خليل ووالده، وقرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي، وأخذ العربية عن جمال الدين محمد بن محمد بن عمرون، ودخل الديار المصرية لما خربت حلب، وقرأ القراءات على الكمال الضرير وأخذ عن بقايا شيوخها، ثم جلس للإفادة، وتخرج به أئمة وفضلاء في الأدب.

وكان من أذكياء بني آدم وله خبرة بالمنطق وإقليدس، وهو مشهور بالدين والصدق والعدالة، مع اطراح التكلف وترك التجمل وصغر العمامة، وقد رأيته يمشي بالليل في قصبة القاهرة بقميص وعلى رأسه طاقية فقط، وكان حسن الأخلاق، محببًا إلى تلامذته، فيه ظرف النحاة وانبساطهم، وكان له صورة كبيرة، وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكموه فيها وثوقًا بدينه، وكان يتحدث في تعليمه وخطابه بلغة عامة الحلبيين، ولا يتقعر في عبارته، وكان معروفًا بحل المشكلات والمعضلات، واقتنى كتبًا نفيسة كثيرة، وأظنه لم يتزوج قط.

قال علم الدين البرزالي: كان له أوراد من العبادة، وله تصدير بمصر والقاهرة.

قلت: قرأت عليه جزء بيبى، وتوفي في سابع جمادى الأولى، وشيعه الخلق إلى القرافة الصغرى، ودفن عند والدته، وصلوا عليه بدمشق صلاة الغائب.

وقال الحافظ عبد الكريم في تاريخه: كان شيخ النحاة في وقته، وله مشاركة في العلوم، وكان كثير التلاوة للقرآن، كثير الذكر والصلاة، ثقة،

ص: 880

حجة، دينًا، صالحًا، سريع الدمعة، متوددًا، يسعى في مصالح الناس، صحبته مدة وعرضت عليه ألفية ابن مالك، وسمعت عليه ديوان المتنبي بسماعه من الشرف الإربلي، عن الكندي.

538 -

‌ محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الغني

، أبو الفتح ابن المحدث برهان الدين ابن النشو القرشي.

سمعه أبوه من عثمان ابن خطيب القرافة حضورًا، وسمع من إبراهيم بن خليل وجماعة، وكان من جملة الشهود، روى لنا حديثين، ومات في شوال.

539 -

‌ محمد بن سالم

، القاضي مجاهد الدين الشافعي الفقيه.

ولي قضاء بصرى وقضاء أذرعات، ومات بدمشق في ثاني عشر جمادى الأولى.

540 -

‌ محمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين

، العلامة، الزاهد، الورع، جمال الدين، أبو عبد الله البلخي الأصل، المقدسي الحنفي، المفسر، المعروف بابن النقيب، أحد الأئمة.

ولد سنة إحدى عشرة، ودخل القاهرة ودرس بالعاشورية، ثم تركها وأقام بالجامع الأزهر مدة، وكان صالحًا، زاهدًا، عابدًا، متواضعًا، عديم التكلف، أنكر على الشجاعي مرة إنكارًا تامًا بحيث هابه وطلب رضاه، وكان الكبار يترددون إلى زيارته ويطلبون دعاءه، وقد صرف همته أكثر دهره إلى التفسير، وصنف فيه كتابًا حافلاً، جمع فيه خمسين مصنفًا، وذكر أسباب النزول والقراءات والإعراب واللغات والحقائق وعلم الباطن على ما بلغني، ولم أره بعد، وقيل لي: إنه في خمسين مجلدة، وما أحسبه بيضه، وكان الرجل موصوفًا بكثرة النقل وسعة الدائرة.

سمعت منه من حديث علي بن حرب قال: أخبرنا يوسف ابن المخيلي، وسمع منه: البرزالي وابن سامة، ثم خرج بعدي من القاهرة،

ص: 881

وقدم إلى القدس فتوفي به في المحرم عن سبع وثمانين سنة.

541 -

‌ محمد بن الشجاع بن حسان

، شمس الدين الحريري، التاجر بالخواصين.

توفي في جمادى الأولى عن نحو ثمانين سنة أو أكثر، وخلف ثروة وأملاكًا.

542 -

‌ محمد بن عبد الله بن مسعود بن محمد

، الرئيس شمس الدين (ابن) الأجل جمال الدين اليزدي الكاتب.

توفي ببيروت، وحمل في تابوت فدفن بقاسيون في ذي الحجة.

لم يتكهل، وكان يشهد على القضاة، ويخدم في الجهات.

543 -

‌ محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله

، القاضي كمال الدين ولد قاضي حماة نجم الدين ابن البارزي، الحموي.

فقيه، إمام، مدرس، متزهد، ولد سنة إحدى وأربعين وستمائة، وسمع حضورًا من جده، ومن صفية القرشية، وحدث.

توفي في جمادى الآخرة.

544 -

‌ محمد بن عمر بن أبي بكر

، البانياسي.

شاب، ذكي، متيقظ، قرأ القراءات وبرع فيها، وقرأ الفقه والعربية، وله شعر جيد وإفادات في القراءات، ومات صغيرًا لم يبلغ العشرين أو بلغها، لكنه لم تطلع لحيته.

وسمع معي، وكان عاقلاً هادئ الطبقة، نزل فقيهًا بالظاهرية وغيرها، ومات في ربيع الأول.

545 -

‌ محمد بن علي بن عمر

، التاجر تقي الدين ابن الكومذار البغدادي.

سمع من ابن روزبة وابن القبيطي، أخذ عنه الفرضي وابن سامة.

وكان ثقة مهيبًا، توفي في المحرم.

ص: 882

546 -

‌ محمد بن عيسى بن أحمد بن حواري

، الإمام شمس الدين ابن الخشاب، صهر القاضي حسام الدين الحنفي، مدرس مدرسة القصاعين.

وقد درس قبلها بالشبلية، توفي في سلخ ربيع الأول.

547 -

‌ محمد بن محمود بن عبد اللطيف بن محمد بن سيما

، شمس الدين ابن فخر الدين السلمي، الدمشقي.

روى عن والده، وأجاز له الفتح بن عبد السلام وجماعة ومحمود بن منده.

وتوفي في جمادى الآخرة، وكان ضعيفًا في الشهادة، عاش ستًا وسبعين سنة، وكان من شهود القيمة.

548 -

‌ المبارز

، واسمه عبد الله ابن الظهير ابن سنقر الحلبي، الفقير الحريري.

كان من أولاد الأمراء، وأنفق أموالاً كثيرة وتفقر، توفي في صفر بدمشق.

549 -

‌ مجد الدين الجزري

، الفقيه، النحوي، الصوفي، واسمه عبد الرحيم بن أبي بكر.

كان من كبار النحاة، وله حلقة إشغال وفيه عشرة وانطباع، فابتلي بحب شاب، وقويت عليه السوداء، وفسدت مخيلته، فأغلق عليه الخانقاه الشهابية، وطلع إلى السطح فألقى نفسه إلى الطريق فمات، نسأل الله العافية، وذلك في ثاني عشر رمضان يوم جمعة وقت الصلاة.

550 -

‌ محمود بن محمد ابن القاضي شرف الدين

أبي طالب عبد الله ابن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان ابن القاضي زكي الدين يحيى بن علي بن عبد العزيز، العدل، شهاب الدين، القرشي، الزكوي، الدمشقي، الشاهد، الصوفي بخانكاه خاتون.

ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وروى لنا عن ابن اللتي، وكان ساكنًا منقبضًا عن الناس، من شهود تحت الساعات.

توفي في السادس والعشرين من رجب.

ص: 883

551 -

‌ محيي الدين ابن الموصلي

، واسمه يحيى بن عمر.

صدر كبير، متميز، من أصحاب البغلات، ولي نظر صفد ونظر البر ونظر الجامع، وسمع مع أولاده من ابن عبد الدائم، وهو عم المولى أمين الدين محفوظ.

توفي في منتصف شوال.

552 -

‌ محيي الدين محمد ابن عماد الدين

محمد ابن الشيخ محيي الدين ابن العربي، مدرس مقصورة الخضر التي تعرف بحلقة ابن صاحب حمص، وزوج بنت القاضي بهاء الدين ابن الزكي.

توفي بطرابلس، وكان ذهب إليها متفرجًا فجاء خبره في ذي القعدة.

553 -

‌ الملك المظفر تقي الدين محمود

ابن الملك المنصور محمد ابن المظفر محمود ابن المنصور محمد ابن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، صاحب حماة وابن ملوكها.

ولي سلطنة حماة بعد والده بعهد من السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون، فبقي بها خمس عشرة سنة، وكان شابًا مقارب السيرة، محببًا إلى الرعية، قليل الأذية، حسن الطوية.

توفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة، ودفن عند آبائه بحماة، فأعطيت حماة لقراسنقر المنصوري، ثم بعد السبعمائة تحول إلى نيابة حلب، وأعطيت حماة للعادل زين الدين كتبغا، فلم تطل مدته، وتوفي، فناب بها قبجق المنصوري.

554 -

المغيثي، هو الأمير جمال الدين آقوش نائب البيرة.

ولي البيرة من نحو أربعين سنة، وكان خبيرًا، عاقلاً، حازمًا، قد ضبط الثغر وعرف أحواله، توفي في أواخر السنة.

555 -

‌ منكوتمر

، الأمير سيف الدين الحسامي، التركي، نائب السلطنة.

قتل صبرًا في بكرة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر، وكان قد أسرف في

ص: 884

استئصال كبار الأمراء وجهل وغرته السلامة، فدهي من حيث لم يحتسب.

وكان شابًا لم يتكهل، وله مدرسة بالقاهرة، قتلوه بعد سلطانه.

556 -

‌ موسى بن سنجر

، الأمير جمال الدين أبو محمد ابن الأمير الكبير، علم الدين الدواداري، الصالحي.

شاب عاقل مهيب شجاع، لا بأس بسيرته، روى عن ابن علاق والنجيب عبد اللطيف، وولد بالقاهرة ونشأ بها، قرأ لنا عليه البرزالي جزءًا.

توفي في رابع عشر ذي الحجة، وفجع به أبوه.

557 -

‌ النظام ابن الحصيري

، هو القاضي أبو العباس ابن العلامة جمال الدين محمود بن أحمد البخاري، الحصيري، الحنفي.

ولي تدريس النورية مدة وأفتى، وولي نيابة الحكم مدة، وكان ذكيًا فاضلاً، طلق العبارة، من فضلاء الحنفية.

توفي في ثامن المحرم، ودفن يوم الجمعة بمقابر الصوفية عند والده.

558 -

لاجين، السلطان، الملك المنصور، حسام الدين المنصوري، السيفي.

أمره أستاذه عندما تملك، ثم بعثه نائبًا على قلعة دمشق، فلما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر ودخل القلعة قبض عليه، فلما انكسر سنقر أخرجه الأمير علم الدين الحلبي، ثم رتبه في نيابة السلطنة بمقتضى مرسوم سلطاني، ودخل في خدمته إلى دار السعادة، وتقرر في نيابة دمشق، فعملها إحدى عشرة سنة، ثم عزله الملك الأشرف بالشجاعي.

وكان جيد السيرة، محببًا إلى الدمشقيين، فيه عقل زائد وسكون وشجاعة مشهورة وديانة وإسلام، وكان شابًا لما ولي دمشق، أشقر، في لحيته طول يسير وخفة، ووجهه رقيق معرق وعليه هيبة، وهو تام القامة أو دون ذلك، وفي قده رشاقة.

ص: 885

وقد جرت له فصول وأمور، وخنق بين يدي الملك الأشرف، ثم خلي فإذا فيه روح، ثم ثابت إليه نفسه بعد الإياس فرق له السلطان وأطلقه، ثم أحسن إليه ورده إلى رتبته، وقد ذكرنا من أخباره في دولة الأشرف.

وقيل: إنه إنما قام على الأشرف وشارك في قتله لكونه تحرش بأهله بنت طقصو، فعز ذلك على لاجين، ولما قتل السلطان هو وبيدرا ساق عندما قتل بيدرا واختفى، وتنقل في بيوت، وقاسى جوعًا وخوفًا، ثم أجاره كتبغا وأحسن إليه، ودخل به إلى السلطان الملك الناصر وقرر معه أن يحسن إليه ويخلع عليه، ففعل ذلك السلطان وحلم عنه، وأعطاه خبزًا، فلما تملك كتبغا جعله نائب سلطنته وقدمه على جيوشه، فجازاه بأن وثب عليه، وقتل غلاميه وعضديه وفارسيه بتخاص والأزرق، ثم تغافل عنه لما له من الأيادي البليغة، فهرب كتبغا على فرس النوبة في خمسة مماليك، والتجأ إلى دمشق، وزال ملكه، واستاق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه، وساق تحت العصائب، وما دخل غزة إلا وهو سلطان، وأطاعته الأمراء، ولم يختلف عليه اثنان ولا انتطح فيها عنزان، وزينت له الإقليمان، وتملك في أول صفر، وجلس على سرير الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر سنة ست وتسعين، وبعث على نيابة دمشق قبجق خشداشه، وجعل نائبه للديار المصرية قراسنقر إلى أن تمكن وقبض عليه في ذي القعدة، وأقام في نيابة الملك مملوكه منكودمر، فشرع يحسن له القبض على الأمراء ليصفى الوقت له، وهو لا يكاد يخالفه، فأمسك البيسري وقراسنقر المنصوري وعز الدين أيبك الحموي، وسقى جماعة، وبسبب ذلك هرب قبجق وبكتمر وألبكي وبزلار إلى التتار.

ولم يخرج إلى الشام مدة ملكه، وبقي في الآخر يقلل من الركوب ويتخوف من الأمراء، ولما كان يوم الخميس عاشر ربيع الآخر ركب في موكبه وهو صائم، فلما كان بعد عشاء الآخرة قتل، عمل عليه جماعة من الأشرفية خوفًا منه وأخذًا بثأر أستاذهم، فقرأت بخط ابن أبي الفتح، قال: نقلت من خط القاضي حسام الدين الحنفي: قتل السلطان الشهيد حسام الدين أبو الفتح لاجين الملك المنصور في آخر الساعة الثالثة من ليلة الجمعة الثاني عشر من

ص: 886

جمادى الآخرة في قلعة القاهرة، قتله سبعة أنفس على غرة منه، لأنه كان منكبًا على اللعب بالشطرنج، وما عنده إلا أنا وعبد الله الأمير وبريد البدوي، وإمامه مجير الدين ابن العسال، ولما نظرت رأيت ستة سبعة سيوف تنزل عليه.

قلت: بلغني أن الذي ضربه أولاً على كتفه بالسيف الأمير سيف الدين كرجي مقدم البرجية، ثم أسرع كرجي وطغجي في الحال إلى دار منكوتمر، فدقوا عليه الباب وقالوا: السلطان يطلبك، فنكرهم وخاف وقال: قتلتموه؟ قال كرجي: نعم يا مأبون، وجئنا نقتلك، فاستجار بطغجي، فأجاره وحلف له، فخرج فذهبوا به إلى الجب فأنزلوه، فقيل: إن عز الدين الحموي والأعسر وغيرهما شتموه في الجب لأنه كان سبب حبسهم، ثم مضى طغجي إلى داره، فاغتنم كرجي غيبته، وجاء في جماعة، فأخرجوا منكوتمر بصورة أنهم يقيدونه، فذبحوه ونهبوا داره، واتفقوا في الحال على أن يعيدوا إلى السلطنة المولى الملك الناصر، وأن يكون سيف الدين طغجي نائبه، وحلفوا له على ذلك، ثم أصبحوا يحلفون الأمراء، وأرسلوا سلار وهو يومئذ أمير صغير لإحضار الملك الناصر من الكرك، ثم عمل طغجي نيابة السلطنة من الغد، وركب في الموكب، ومد السماط كأنهم ما عملوا شيئًا.

ووصل الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح من غزوته من الشام، فبلغه الأمر ببلبيس، فانزعج لذلك وساق إليه جماعة أمراء وعرفوه أن الذي جرى لم يكن بأمرهم، فاتفقوا على قتل طغجي وكرجي، فقتلا يوم الثلاثاء الآتي، وذلك أن أمير سلاح لما دخل خرج لتلقيه طغجي وسلم عليه، وتكارشا، ثم قال أمير سلاح: كان لنا عادة من السلطان إذا قدمنا يتلقانا، وما أعلم ذنبي، فقال: ما عرفت ما جرى؟ قتل السلطان، قال: من الذي قتله؟ فقال أمير: قتله كرجي وطغجي، فأظهر الإنكار وقال: كلما قام للإسلام ملك تقتلونه؟! تأخر عني، ثم ساق عنه فأحس طغجي بالأمر وخاف، وهمز فرسه وساق، فانقض عليه أمير فمسكه بدبوقته وقتله هو وأمير آخر، وقتل مع طغجي ثلاثة، ثم ساق الموكب إلى تحت القلعة، وكان كرجي بها يحفظها،

ص: 887

فأعلم بما جرى، فألبس البرجية السلاح، وركب في أكثر من ألف فارس، فركبت الأمراء والحلقة، وأكثر الجيش في خدمة أمير سلاح، وبقوا إلى الرابعة، ثم حملوا على البرجية فهزموهم.

وقيل: إن كرجي حمل وساق معتقدًا أن أصحابه يحملون معه، فتخلوا عنه، وجاء فارس فضربه حل كتفه، وقتلوا معه نغية الكرموني السلحدار، وقتل يومئذ جماعة وطلبوا السلطان من الكرك، وبقي يعلم على الكتب ثمانية أمراء: سلار والشاشنكير وبكتمر أمير جندار وجمال الدين آقوش الأفرم، والحسام أستاذ دار وكرت وأيبك الخزندار والأمير عبد الله، فعلموا ثمان علائم على كتب بطيبة قلب قبجق وبكتمر السلحدار، بناء منهم على أنهم بحمص، ولم يعرفوا برواحهم إلى التتار.

وقتل السلطان حسام الدين وهو فيما أرى في عشر الخمسين أو جاوزها بيسير.

559 -

‌ ياقوت المستعصمي

، المجود، صاحب الخط المنسوب.

رومي الجنس، نشأ بدار الخلافة وأحب الكتابة والأدب، فلما أخذت بغداد سلم، وحصل خطوطًا منسوبة لابن البواب وغيره، كان يعرفها بخزانة كتب الخلفاء، فجود عليها، وعني بذلك عناية لا مزيد عليها، وقويت يده وركبت أسلوبًا غريبًا في غاية القوة، وصار إمامًا يقتدى به، وكان رئيسًا وافر الحرمة ببغداد، كثير التجمل والحشمة.

كتب عليه أولاد الأكابر، وكتب بخطه الكثير، وله شعر جيد، وقد كتب على الزكي عبد الله بن حبيب وصفي الدين عبد المؤمن صاحب الموسيقى، روى عنه أبو عبد الله بن سامة الحافظ وعلم الدين سنجر الكاتب الياقوتي، فمنه:

صدقتم في الوشاة وقد مضى في حبكم عمري وفي تكذيبها وزعمتم أني مللت حديثكم من ذا يمل من الحياة وطيبها وله:

تجدد الشمس شوقي كلما طلعت إلى محياك يا سمعي ويا بصري

ص: 888

وأسهر الليل ذا أنس بوحشته إذ طيب ذكرك في ظلماته سمري وكل يوم مضى لا أراك به فلست محتسبًا ماضيه من عمري ليلي نهار إذا ما درت في خلدي لأن ذكرك نور القلب والبصر توفي الشيخ جمال الدين أبو الدر ياقوت ببغداد في هذه السنة.

560 -

‌ يوسف بن داود بن عيسى بن أبي بكر محمد بن أيوب

، الشيخ الملك الأوحد نجم الدين أبو المحاسن ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين، صاحب الكرك.

ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة بقلعة الكرك، وسمع من أبي المنجى بن اللتي وغيره، وكان شيخًا مهيبًا، جليلاً، رئيسًا، عاقلاً، من أولي الفضل والديانة، وكان يحلق رأسه ويلبس بزي الرؤساء، روى عنه الدمياطي في معجمه، وسمع منه: البرزالي والمقاتلي والطلبة، وقرأت عليه جزء أبي الجهم، وكان فيه إيثار وإحسان، أقام بدمشق وأقام بالقدس، وبه توفي في رابع ذي الحجة، وشيعه الخلق، ودفن برباطه شمالي مسجد بيت المقدس.

561 -

‌ يوسف بن علي بن رسلان

، الشيخ أبو الفضل الواسطي المقرئ.

ولد في حدود العشرين وستمائة ببغداد، ونشأ بواسط فقرأ بها القرآن على المرجى بن شقيرة وسمع منه، وعلى الشريف ابن الداعي وابن حلوبه، وهم من أصحاب أبي بكر ابن الباقلاني، وأقام عند الباذرائي يقرئ ابنه وحاشيته، ثم قدم دمشق في صحابته وأقام بها، وكان إمام مسجد على باب الجابية.

سمعت منه بقراءة الشيخ علي الموصلي، وتوفي في الحادي والعشرين من رمضان.

ص: 889

562 -

‌ يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم

، القاضي الإمام الصدر شهاب الدين ابن الصاحب محيي الدين ابن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي.

ولد بحلب ونشأ بها وتفقه، وخلف أباه في تدريس الظاهرية والريحانية، وولي في أيام والده نظر الخزانة، وولي بعد موت أبيه نظر الجامع، وكان فيه خبرة وأمانة وعقل.

توفي ببستانة بالمزة في ثالث عشر ذي الحجة، وهو في آخر الكهولة.

563 -

‌ يونس بن إبراهيم بن سليمان

، الإمام بدر الدين الصرخدي، الحنفي، خطيب صرخد.

شيخ معمر، فقيه، أديب، شاعر، أقام مدة بمدرسة الكشك منقطعًا متقنعًا باليسير، ثم طلب في أواخر عمره إلى خطابة صرخد، فسار إليها، وذكر أنه سمع من أبي إسحاق الصريفيني، روى عنه ابن الخباز قطعة من شعره يقول فيها:

ظمئت إلى سلسال حسنك مقلة رويت محاجرها من العبرات تشتاق روضًا من جمالك طالما سرحت به وجنت من الوجنات حجبوك عن عيني وما حجبوك عن قلبي ولا منعوك من خطراتي توفي في هذه السنة وله أربع وثمانون سنة.

564 -

‌ أبو بكر، الشيخ الكردي الزاهد

المقيم بدار الحديث الأشرفية.

رجل مهيب، مليح الصورة، مزرع بالشيب، كبير القدر، له حال وكشف، وكان شيخ دار الحديث يتأدب معه ويحترمه، رأيته يسأل شيخنا برهان الدين عن مسألة بدار الحديث، وكان به آلام في جسده، ثم قوي به ذلك وانقطع وهو صابر محتسب.

توفي في المحرم، وشيعناه مع شيخنا ابن تيمية إلى الجبل.

ص: 890

565 -

‌ أبو المحاسن بن أبي الحرم بن أبي المحاسن

بن عبد الرحمن بن علي بن المسلم، الشيخ المقرئ بدر الدين اللخمي ابن الخرقي، الدمشقي.

افتقر وصار يقرأ على الجنائز، وكان قد قرأ على السخاوي وسمع منه ومن جعفر الهمداني وكريمة وإبراهيم ابن الخشوعي وتاج الدين ابن حمويه، وجماعة كثيرة بإفادة خاله جمال الدين ابن شعيب الذهبي، سمع منه البرزالي والمقاتلي والنابلسي وابن بصخان وجماعة، سمعت منه شرح الرائية للسخاوي وغير ذلك.

توفي في ثاني عشر ذي القعدة، وله ثلاث وسبعون سنة.

566 -

‌ أبو يعقوب المغربي

، الصوفي العارف، نزيل القدس.

له كلام في الحقيقة والعرفان، وله أصحاب، وكان يوصف بالصلاح ويقصد بالزيارة، توفي في المحرم.

قال أبو محمد البرزالي: زرته مع شيخنا تاج الدين، رحمه الله، ودعا لنا، وتكلم مع الشيخ في أن الحقيقة ليست منافية للشريعة، وذكر قصة موسى والخضر، وأن موسى نظر إلى الظاهر وخفي عليه الباطن، فلما علم حصل الوفاق.

قلت: سألت شيخنا ابن تيمية عنه فقال: كان من الاتحادية، حدثني من سمعه يقول هذا القول ويكرره: الوجود واحد وهو الله، ولا أرى الواحد، ولا أرى الله.

وفيها ولد:

المحدث عفيف الدين عبد الله بن محمد ابن المطري المديني وبدر الدين محمد بن محمد بن نعمة النابلسي وفخر الدين عثمان بن أبي بكر الحراني ابن المغربل والصلاح محمد بن محمد بن سيف الحراني.

ص: 891

سنة تسع وتسعين وستمائة

567 -

‌ أحمد بن زيد بن أبي الفضل الصالحي

، الفقير المعروف بالجمّال، بتشديد الميم.

سمع صحيح البخاري بفوت، أخذ عنه الجماعة، وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى بالجبل، سمعت منه ميعادًا من الصحيح.

568 -

‌ أحمد بن زيد بن طريف

، الفقيه، المحقق، جمال الدين العرماني، الشافعي، أحد أصحاب الشيخ شرف الدين المقدسي.

كان متعينًا للتدريس والفتوى، وعاش نيفًا وأربعين سنة، وتوفي ببستان على ثورا في آخر السنة.

569 -

‌ أحمد ابن الفقيه أبي الربيع سليمان بن أحمد بن إسماعيل بن عطاف

، المقرئ الصالح أبو العباس المقدسي، ثم الحراني، ثم الصالحي.

سكن أبوه، وكان من كبار الحنابلة بحران، فولد له بها في سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من والده ومن أبي المجد القزويني وأبي الحسن بن روزبة، سمعنا منه جزء ابن عرفة وشيئًا من البخاري، وكان شيخًا صالحًا، حسن السمت، مقيمًا نحو أربعين سنة بتربة تقي الدين عباس ابن العادل، وقد حدث بصحيح البخاري، ومات في أيام التتار بداخل دمشق، بعد أن أخذت بناته وأهله وسلب فيمن سلب، وهذه خاتمة خير.

570 -

‌ أحمد ابن الوالي

، الأمير علم الدين سنجر الحراني.

توفي في رمضان.

571 -

‌ أحمد بن شمخ بن ثابت بن عنان

، خطيب داريا زين الدين ابن خطيبها الفقيه أبي علي السنبسي العرضي ثم الداراني.

ولد بداريا في صفر سنة اثنتين وثلاثين، وسمع من أبيه، وعبد العزيز الكفرطابي، وحضر شعبان ابن الحمصي، ومحمود بن خضير، وابن زهير الدارانيين، وكان له شهرة ووجاهة، وحصل له تمحيص وشهادة، وقتله التتار

ص: 892

يوم أخذهم داريا في ربيع الآخر، وقتلوا أكثر رجالها أو كثيرًا منهم، لكونهم امتنعوا بالجامع.

572 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عمر بن عوض بن خلف بن راجح

، التقي المقدسي الصالحي، أخو القاضي عز الدين عمر والشرف محمد ابن رقية.

توفي في شعبان.

573 -

‌ أحمد ابن القدوة الزاهد عبد الله بن عبد العزيز بن مهاد

، الفقيه، الزاهد، المقرئ، شهاب الدين، أبو العباس اليونيني، البعلبكي، الحنفي.

ولد سنة عشرين وستمائة، وسمع حضورًا من البهاء عبد الرحمن، وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي وابن ظفر، وكان من فقهاء الظاهرية ويسكن بالجبل بخط المعظمية، وفيه دين وتواضع وفقر، سمعنا منه، وتوفي في الحادي والعشرين من ربيع الآخر شهيدًا، عذبه التتار ورفسوه فمات رحمه الله بالجبل.

• - أحمد بن عبد الواحد، يأتي.

574 -

‌ أحمد بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود بن بدر

، القاضي الأوحد علاء الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن القاضي الأعز أبي القاسم العلامي، المصري، الشافعي، ابن بنت الأعز.

ولد في العشر الأوسط من شعبان سنة ثمان وأربعين وستمائة بالقاهرة، كان إمامًا، عالمًا، فاضلاً، رئيسًا، كبيرا، أديبًا، شاعرًا، ماهرًا، فقيهًا، عالمًا بالفقه والأصول، مناظرًا، بحاثًا، ذا ذهن ثاقب ودرس صائب، جمع بين الرياسة والوجاهة والفضيلة التامة في أنواع العلوم، رحمه الله، قدم دمشق وولي تدريس الظاهرية والقيمرية، وكان مليح الشكل، لطيف الشمائل، يتحنك بطيلسانه ويركب البغلة، وكان أسود اللحية، ثم عاد إلى الديار المصرية وأقام بها مديدة.

وتوفي في ربيع الآخر، وكان ظريفًا، بساما، فصيحًا، محتشمًا، ذا

ص: 893

مكارم، وله نظم جيد، ولم يرو شيئًا، وقد ولي حسبة القاهرة، ودرس بالقطبية والهكارية، وهو أخو الأخوين: قاضي القضاة صدر الدين عمر وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن.

575 -

‌ أحمد بن عثمان بن مفرج

، البعلبكي الحمامي القيم.

كان خيرًا، متواضعًا، خدومًا، وكسرت رجله وعرج فلزم العبادة ومسجد الحنابلة، وكان يحضر معنا السماع، ولم نسمع منه، وظهر له سماع من أبي القاسم بن رواحة في سنة إحدى وعشرين وستمائة، وسمع من ابن المقير، وحدث، أخذ عنه البرزالي وابن النابلسي، ومات في ثالث ربيع الآخر عن بضع وثمانين سنة، وقد سافر إلى بغداد وغيرها ورأى الناس.

576 -

‌ أحمد بن علي بن محمد بن قيصر

، البغدادي، الحمصاني، سبط ابن البليبل.

شيخ من أهل الصالحية، روى عن ابن اللتي وجعفر الهمداني، لم ألقه.

مات في رجب.

577 -

‌ أحمد بن عيد

، الفقيه الصرخدي، نقيب العذراوية.

توفي في شوال.

578 -

‌ أحمد بن فرح بن أحمد بن محمد

، الإمام، الحافظ، الزاهد، بقية السلف، شهاب الدين، أبو العباس اللخمي، الإشبيلي الشافعي.

ولد في ثالث ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة بإشبيلية، وأسر في أخذ الفرنج إشبيلية سنة ست وأربعين، وخلصه الله، وقدم الديار المصرية سنة بضع وخمسين، فتفقه بها على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام قليلاً وسمع منه، ومن شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري الحموي والمعين أحمد ابن زين الدين وإسماعيل بن عزون والنجيب ابن الصيقل وابن علاق وطائفة، وبدمشق من شيخ الوقت ابن عبد الدائم وعمر الكرماني وفراس العسقلاني وخلق، وعني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه وفقهه، حتى صار

ص: 894

من كبار الأئمة، وذلك مضاف إلى ما فيه من الورع والصدق والنسك والديانة والسمت الحسن والتعفف وملازمة الاشتغال والإفادة، وكان فقيهًا بالشامية وبها يسكن، وله حلقة للإشغال بكرة بجامع دمشق، عرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فامتنع.

وكان رجلاً مهيبًا، مديد القامة، يعتم بكر وهو بزي الصوفية، سمعت عليه واستفدت منه، وله قصيدة مليحة غزلية في صفات الحديث، سمعتها منه، أولها:

غرامي صحيح والرجاء فيك معضل وحزني ودمعي مرسل ومسلسل وهي عشرون بيتًا سمعها منه شيخانا: الدمياطي واليونيني سنة بضع وستين، وسمع منه البرزالي والمقاتلي والنابلسي وأبو محمد بن أبي الوليد وكان من ألزم الطلبة له.

وكان مقيمًا بالشامية، ولم يسلم بظاهر البلد مكان سواها، فلما اشتد به الإسهال دخل البلد للتداوي، فأقام يومين وعبر إلى الله تعالى بتربة أم الصالح في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الآخرة، وشيعه الخلق إلى مقابر الصوفية.

579 -

‌ أحمد بن القاسم بن جعفر بن دبوقا

، شهاب الدين، أخو الشيخ المقرئ رضي الدين.

توفي في شعبان، ودفن بالصالحية.

580 -

‌ أحمد بن محمد بن عباس بن جعوان

، الإمام المحقق الزاهد شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، أخو الحافظ شمس الدين.

روى جزء ابن عرفة عن ابن عبد الدائم، وسمع مع أخيه كثيرًا، وأقبل على الفقه فبرع فيه وأفتى، وانقطع وانقبض عن الناس، رأيته رجلاً أسمر، تام الشكل، مهيبًا، متنسكًا، متقشفًا.

توفي ببيته في الناصرية بدمشق في الثاني والعشرين من شعبان، وكان من تلامذة النواوي رحمهما الله، مات في الكهولة.

581 -

‌ أحمد بن محمد بن أبي الفتح محمد بن أحمد

، الشيخ أبو العباس ابن المجاهد المقدسي، الصالحي، الحداد.

ص: 895

ولد في حدود العشرين وستمائة أو قبلها، وسمع من أبي القاسم بن صصرى وابن الزبيدي والإربلي والناصح ابن الحنبلي وابن اللتي وكتائب بن مهدي وابن جزي الرقي، وأجاز له الشيخ الموفق وابن أبي لقمة، سمعنا منه، ووجد مقتولاً، رحمه الله، بالجبل في أواخر جمادى الأولى.

582 -

‌ أحمد بن أبي بكر محمد بن حمزة بن منصور

، الطبيب الفاضل نجم الدين أبو العباس الهمذاني ثم الدمشقي، المعروف بالحنبلي، طبيب مارستان الجبل.

ولد سنة خمس أو ست وعشرين ومات في رمضان بدويرة حمد، وولي مشارفة الجامع في هذه السنة بعد أخيه لأمه الشمس الحنبلي، وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي والحصيري، قرأت عليه ثلاثيات البخاري.

583 -

‌ أحمد بن محمد

، ناصر الدين الحلبي الخياط، من فقهاء الشامية.

توفي في شوال.

584 -

‌ أحمد بن مفضل بن عيسى

، الفاضل الأديب شمس الدين ابن أخي الصاحب جمال الدين ابن مطروح الأنصاري الشاعر الضرير.

توفي في السابع والعشرين من رمضان كهلاً، وله شعر كثير، فمنه:

رويد الهوى كم ذا يريق دمي عمدا ويفني وجودي في أهيل الحمى وجدا ولي بالكثيب الفرد أنه وامق تذيب الحديد الصلب والحجر الصلدا وكم وقفة لي بالغوير ورامة أبث غرامًا جاوز الوصف والحدا وهي جلدي عن حمل ما أنا واجد وجار الهوى ظلمًا ولم يألني جهدا أراقت دمي في الحب ذات تمنع خذوا قودي منها فقد قتلت عمدا فتاة بوعد الوصل تمطل صبها وكم أنجزت بالصد عشاقها وعدا

585 -

‌ أحمد بن محسن

- بالتشديد - بن ملي بن حسن بن عبق

ص: 896

ابن ملي، العالم، البارع، الكبير نجم الدين، المعروف بابن ملي، الأنصاري البعلبكي، الشافعي، المتكلم.

ولد سنة سبع عشرة ببعلبك وسمع من البهاء عبد الرحمن وأبي المجد القزويني، وابن الزبيدي وابن رواحة. واشتغل بدمشق وأخذ العربية عن أبي عمرو ابن الحاجب، والفقه عن ابن عبد السلام، والحديث عن الزكي المنذري، والأصول عن جماعة والفلسفة والرفض عن جماعة. ودرس وأفتى وناظر وأشغل وتخرج به الأصحاب.

وكان متبحرًا في العلوم، كثير الفضائل، أسدًا في المناظرة، فصيح العبارة، ذكيًا، متيقظًا، فارهًا، حاضر الحجة، حاد القريحة، مقدامًا، شجاعًا. أشغل مدة بدمشق ومدة بحلب. ودخل مصر غير مرة. وكان شهمًا جريئًا، مشتلقًا يخل بالصلوات ويتكلم في الصحابة، نسأل الله السلامة. وكان يقول في الدرس: عينوا آية حتى نتكلم عليها. ثم يعينون ويتكلم على تفسيرها بعبارة جزلة كأنما يقرأ من كتاب.

قرأ عليه البرزالي موطأ القعنبي وغير ذلك. وسمع منه الطلبة. ولم أسمع منه. وكان عارفًا بالحكمة والطب ومذهب الأوائل. وكانت وفاته في جمادى الأولى بقرية بخعون من جبل الضنيين وبلغني عنه عظائم.

586 -

‌ أحمد بن مكي بن عثمان

، الموصلي، ثم الصالحي، النساج.

أحد من كتب في الإجازات وحدث.

قال ابن الخباز: سمع من ابن اللتي. واستشهد في ربيع الآخر وبقي أيامًا على سطح لم يعلم به.

587 -

‌ أحمد بن موسى بن محمد

، فخر الدين ابن المفتي تاج الدين ابن الحيوان المراغي، ثم الدمشقي، الشافعي، مدرس الإقبالية.

توفي في المحرم شابًا.

588 -

‌ أحمد بن هبة الله ابن تاج الأمناء

أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين ابن عساكر، شيخنا، المسند الجليل، شرف الدين، أبو الفضل.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح

ص: 897

الهروي وزينب بنت الشعري وأبو المظفر ابن السمعاني والقاسم ابن الصفار وطائفة من الخراسانيين. وسمع من عم أبيه زين الأمناء والقزويني وأبي القاسم بن صصرى وعز الدين ابن الأثير وابن صباح وابن غسان وابن الزبيدي والمسلم المازني ومحمد بن المجاور ومكرم وأبي بكر محمد ابن الشيرجي وابن إيداش السلار وابن أبي يداس البرزالي وعبد الرزاق ابن سكينة وطائفة سواهم.

وسمع الكثير وأسمعه. وحدث بالصحيحين مرات، وبمسند أبي يعلى ومسند أبي عوانة ومسند أبي العباس السراج وتفسير البغوي بفوت وموطأ أبي مصعب والزهد للبيهقي ومشيخة أبي المظفر السمعاني وأجزاء كثيرة لا يمكن ضبطها ورسالة القشيري وأكثرت عنه أنا والمزي والبرزالي والمقاتلي والختني والنابلسي وسمع منه خلق كثير. وانتهى إليه علو الإسناد بدمشق.

وكان شيخًا مهيبًا، تركي الأم، فيه خير وإيثار وعدالة وعنده عامية، خرج له ابن المهندس مشيخة في أربعة أجزاء وسمعها منه أهل البلد وأهل الجبل، وكانت له قاعة كيسة عند المعينية، فاحترقت فيما احترق حول القلعة، فانتقل إلى درب الأكفانيين وقاسى مشقة ومصادرة. وتوفي وهو قاعد ولم تلين مفاصله، فبقي مقرفصًا على النعش، وصلينا عليه بالجامع وشيعه عدد كثير، وخرجنا به من نقب في السور بقرب باب النصر، وهي أول جنازة أخرجت على العادة. وقبل ذلك كان الناس يخرجون أمواتهم كيف جاء بحسب الحال. ودفناه بتربة بني عساكر التي في أول مقابر الصوفية يوم الخامس والعشرين من جمادى الأولى.

589 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن أبي عمرو

، البرهان، المصري، الإسكندراني، تلميذ العفيف التلمساني.

وكان يبالغ في تعظيمه. وكان يشهد بسوق القمح ويبخل عن نفسه ويقتر عليها، فمات على حصير وهو في حال ضنك. وقد سمع الكثير من أصحاب الخشوعي مع ابن جعوان وغيره. وخلف جملة من المال.

ص: 898

توفي بالرواحية في المحرم.

590 -

‌ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن خلف بن راجح بن بلال

، الشيخ عماد الدين ابن القاضي نجم الدين المقدسي، الصالحي، الحنبلي، الماسح.

عدل، خير، خبير بقسمة الأرضين. أقامه القضاة لذلك، ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع من والده وإسماعيل بن ظفر، والضياء الحافظ. وحضر على ابن الزبيدي بعض البخاري. وأجاز له عمر بن كرم وأبو الوفاء محمود بن منده وجماعة، سمعنا منه. وهو ابن بنت الشيخ العماد. سلب وذهب أهله وقماشه ودخل البلد فقيرًا، وقاسى الجوع وشحذ متخفيًا. ثم طلع الجبل وقرب الأجل، فتوفي في الرابع والعشرين من رجب ووقع أجره على الله.

591 -

‌ إبراهيم بن شعيفات

، الجمال الفاكهاني.

صاحب مخازن وثروة ودائرة، مات في أيام من ذي القعدة.

592 -

‌ إبراهيم بن عنبر

، المارداني، قيم الماردانية ثم قيم التربة الأسدية ومؤذنها.

ولد في رجب سنة ست وعشرين. وحدثنا عن ابن اللتي.

توفي في أوائل ربيع الآخر بالجبل. وكان أبوه عبدًا حبشيًا.

593 -

‌ إبراهيم بن نصر الله

ابن الشيخ الزاهد إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، صاحبنا جمال الدين الحموي ابن أخي قاضي القضاة.

كان شابًا مليحًا، تام الشكل، له فضيلة وعقل وفيه حسن عشرة. وكان يشهد تحت الساعات.

توفي في ربيع الأول وله خمس وعشرون سنة، سامحه الله وإياناه.

594 -

‌ إبراهيم بن يحيى بن يوسف بن طرخان

، الفقيه برهان الدين، الكناني، العسقلاني، الحنبلي، المعروف في مصر بالغزاوي.

ولد بغزة سنة ثلاث وعشرين وستمائة واشتغل بالقاهرة وسمع بها من

ص: 899

عبد الوهاب بن رواج ويوسف الساوي وابن الجميزي وجماعة وكان عدلًا صالحًا، عالمًا، مقرئًا، يشهد بين القصرين وعمي في أواخر عمره. لم ألقه. ومات في المحرم.

595 -

‌ إبراهيم بن أبي الحسن بن عمرو بن موسى بن عميرة

، أبو إسحاق المرداوي، الصالحي، الفراء ابن عم عز الدين إسماعيل ابن الفراء وكان من أقرانه.

أصابه ارتعاش وفالج مدة، سمع من الشيخ الموفق والمجد القزويني والجمال أبي حمزة وكريمة والبهاء عبد الرحمن وجماعة، روى عنه ابن الخباز في سنة اثنتين وستين في معجمة وسمع منه جماعة كثيرة. ومات شهيدًا في وقعة الصالحية.

596 -

‌ إبراهيم العجمي

، مؤذن بيت لهيا.

قام مع التتر فشنق.

597 -

آقوش، الأجل، حسام الدين، أبو الحمد الافتخاري، الشبلي.

رجل جيد، متميز، مشكور، حسن الخط، له اعتناء بالفضيلة وبالخطوط المنسوبة وتحصيلها وحدث قديمًا مع أستاذه الطواشي شبل الدولة كافور الصفوي خزندار قلعة دمشق. وكان ينظر في وقف التربة الكاملية، سمع بالقاهرة من ابن رواج والساوي وجماعة وسمع بدمياط كتاب الناسخ والمنسوخ للحازمي من الجلال الدمياطي وسمع بدمشق من المؤتمن بن قميرة وابن مسلمة، وسمع منه الطلبة، وقرأت عليه الناسخ والمنسوخ.

مولده بالكرج في سنة ثلاثين وستمائة تقريبًا. وتوفي بدمشق في ثالث عشر ذي القعدة.

598 -

إمام الدين، هو قاضي الشام،‌

‌ أبو المعالي عمر ابن القاضي سعد الدين بن عبد الرحمن

ابن إمام الدين عمر بن أحمد بن محمد القزويني، الشافعي.

ولد بتبريز سنة ثلاث وخمسين وستمائة واشتغل في العجم والروم.

ص: 900

وقدم دمشق في الدولة الأشرفية هو وأخوه الخطيب جلال الدين فأكرم مورده، وعومل بالاحترام والإجلال لرياسته وفضله وعلمه، وكان تام الشكل، مسمنًا وسيمًا، جميلًا، حسن الأخلاق، متواضعًا، فاضلًا، عاقلًا. درس بدمشق بعدة مدارس، ثم ولي القضاء في سنة ست وتسعين وصرف القاضي بدر الدين، فأحسن السيرة ودارى الناس وساس الأمور. ولما بلغه خبر الهزيمة ركب وانجفل إلى القاهرة، فدخلها وأقام بها جمعة وتوفي وشيعه خلق، وقد صلوا عليه بعد ذلك بمدة صلاة الغائب في تاسع شعبان. وكانت وفاته في الخامس والعشرين من ربيع الآخر وله ست وأربعون سنة.

599 -

‌ الأمين المنجم واسمه سالم الموصلي

.

شيخ متميز في النجوم وحل الأزياج وحسابها وعمل التقاويم والفسار، مات بدمشق في ذي القعدة.

600 -

‌ أيوب بن يوسف بن محمد بن عبد الملك

بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، نجم الدين، أبو عبد الله الجماعيلي، المقدسي، الحنبلي، خطيب جماعيل والد صاحبنا تقي الدين عبد الله الجماعيلي، المقرئ.

ولد سنة سبع وعشرين وستمائة وسمع من خطيب مردا وعلي بن صالح شيخ أجاز له الصيدلاني، روى عنه ابن الخباز وغيره، وكان فقيهًا مباركًا، له مدة يخطب بالقرية. رأيته وقد جاء يسلم على شيخنا ابن تيمية.

توفي في أواخر السنة بجماعيل.

601 -

‌ أيوب بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم

، الإمام، العالم، بهاء الدين، أبو صابر ابن النحاس الأسدي، الحلبي، الحنفي، مدرس القليجية وشيخ الحديث بها.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة وسمع من مكرم والموفق يعيش وابن رواحة وابن خليل وجماعة بحلب وقال لنا: إنه سمع من ابن روزبة صحيح البخاري وسمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر ابن

ص: 901

الخازن وأبي بكر ابن النحال وابن العليق وفضل الله الجيلي وابن السكن وغيرهم، وسمع بالقاهرة من يوسف الساوي وغيره. وبمكة من شعيب الزعفراني وبهاء الدين ابن الجميزي.

وقدم دمشق من حلب فقيرًا، فنزل بالخانكاه مدة. ثم أعطي تدريس القليجية وكان شيخًا فاضلًا، مطبوعًا، حسن الأخلاق، صحيح الاعتقاد، كثير المسموع، محبًا للحديث. روى سنن الدارقطني وأشياء كثيرة.

توفي في ثاني عشر شوال ودفن بمقابر الصوفية.

602 -

‌ بلال المغيثي الطواشي

، الأمير الكبير، حسام الدين، أبو المناقب الحبشي، الجمدار، الصالحي.

كان لالا الملك الصالح على ولد السلطان الملك المنصور. ثم جعله الملك العادل يتكلم في أمر السلطان الملك الناصر وينظر في مصالحه. وهو كبير الخدام المقيمين بالحرم النبوي، وله أموال طائلة وغلمان وحرمة في الدولة، حدث بدمشق ومصر. وقرأت عليه جماعة أجزاء يرويها عن ابن رواج وكان فيه دين وبر وصدقات.

حضر المصاف ورد، فأدركه أجله بالسوادة وحمل إلى قطية فدفن بها في تاسع ربيع الآخر. وكان من أبناء التسعين. وكان ضخمًا، مهيبًا، تام الشكل، حالك السواد.

603 -

جاغان، الأمير الكبير، سيف الدين المنصوري، الحسامي.

كان فيه دين وعقل. وكان أشقر مليح الشكل. مات قبل الكهولة بأرض البلقاء في شوال، وصلوا عليه صلاة الغائب.

604 -

‌ جمال الدين ابن الهندي

، الفقيه العدل، أحمد بن محمود الشافعي.

توفي بمسجده شمالي العقيبة. وكان ثقة أمينًا، من أبناء السبعين، توفي في شعبان. وهو والد بدر الدين وأخويه.

605 -

‌ حازم بن عبد الغني بن حازم

، الجماعيلي، التاجر.

ص: 902

حافظ للقرآن، كثير التلاوة وهو ختن القاضي تقي الدين سليمان على بنته الكبرى.

مات يوم عاشوراء بالجبل.

606 -

‌ حبيبة بنت الكمال أحمد ابن الكمال عبد الرحيم

، أخت الضياء وزينب.

أجاز لها السبط وسمعت من خطيب مردا وإبراهيم بن خليل وهي زوجة الشهاب أحمد ابن الناصح. توفيت قبله بيسير وحدثت.

607 -

‌ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنوشروان

، قاضي القضاة، حسام الدين، أبو الفضائل ابن قاضي القضاة تاج الدين أبي المفاخر، الرازي، ثم الرومي، الحنفي.

ولد في ثالث عشر المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بأقصرا، إحدى مدن الروم وولي قضاء ملطية أكثر من عشرين سنة. ثم نزح إلى الشام سنة خمس وسبعين وستمائة خوفًا من التتار، فأقام بدمشق، ثم ولي قضاءها في سنة سبع وسبعين بعد الصدر سليمان وامتدت أيامه إلى أن تسلطن حسام الدين لاجين، فسار إليه سنة ست وتسعين، فأقبل عليه وأحب مقامه عنده لمودة بينهما من أيام نيابته على دمشق وولاه القضاء بالديار المصرية وولى ابنه جلال الدين مكانه بدمشق. وبقي معظمًا وافر الحرمة، فلما زالت دولة حسام الدين لاجين قدم القاضي حسام الدين دمشق في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين على مناصبه وقضائه بدمشق وعزل ولده.

وكان مجموع الفضائل، كثير المكارم، متوددًا إلى الناس، له أدب وشعر وفيه خير ومروءة وحشمة. حضرت مجلسه فجرى شيء من الكلام، فرأيته يرجح طريقة السلف ويصوبها.

ثم إنه خرج في الغزاة وشهد المصاف وكان آخر العهد به والأصح أنه لم يقتل في المصاف، وكثرت الأخبار بمروره مع المنهزمين بناحية جبل الجرديين وأنه أسر وبيع للفرنج وأدخل إلى قبرس هو وجمال الدين المطروحي الحاجب. وقيل: إنه تعاطى الطب والعلاج وأنه جلس يطبب

ص: 903

بقبرس وهو في الأسر ولكن لم يثبت ذلك، فالله أعلم بما صار إليه.

608 -

‌ الحسن بن حمزة

، العدل، المرتضى، بدر الدين الحسيني الشريف.

من أعيان شهود تحت الساعات، توفي في المحرم بالجبل. وخرج قاضي القضاة إمام الدين وشهد دفنه.

609 -

‌ الحسن بن علي بن عيسى بن الحسن

، الإمام، المحدث، شرف الدين ابن الصيرفي، اللخمي، المصري، شيخ الحديث بمدرسة الفارقاني.

فقيه، محدث، مفيد، صدوق، خير، دين، متواضع، حسن الأخلاق، مليح الشيبة، سمع من عبد الوهاب بن رواج وأبي الحسن ابن الجميزي ويوسف الساوي وفخر القضاة ابن الجباب والمؤتمن بن القميرة والزكي عبد العظيم والرشيد العطار. وبالإسكندرية من سبط السلفي وجماعة.

سمعت منه. وتوفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة وهو في عشر الثمانين أو نيف عليها.

610 -

‌ الحسن بن علي بن يوسف بن هود

، الشيخ، الزاهد الكبير، بدر الدين، أبو علي، ابن هود المرسي.

أحد الكبار في التصوف على طريقة أهل الوحدة، أعاذنا الله من ذلك.

قال علم الدين البرزالي: سألته عن مولده فقال: في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمرسية.

وذكر أن أباه كان نائب السلطنة بمرسية عن أخيه الخليفة الملقب بالمتوكل أبي عبد الله محمد بن يوسف بن هود صاحب الأندلس.

قلت: وحصل لهذا المرء زهد مفرط وفراغ عن الدنيا وسكرة عن إياه وغفلة متتابعة، فسافر وترك الحشمة وتغرب وصحب ابن سبعين واشتغل بالفلسفة والطب وترهات الاتحادية وزهديات الصوفية وخلط هذا بهذا.

وحج ودخل اليمن وقدم الشام، رأيته مرات وكان أشقر، أزرق، ذا شيبة وهيبة وسكون وفنون وتلامذة وزبون وعلى رأسه قبع دلك. وعلى

ص: 904

جسده دلق وكان غارقًا في الفكر، قليل الصلاة والذكر، متواصل الأحزان، عديم اللذة كأنه فاقد، وفيه انقباض عن الناس وسكوت متواصل وأعرف، وقد حمل مرة إلى والي البلد وهو سكران، أخذوه من حارة اليهود فأحسن الوالي به الظن وسرحه.

وقال بعض الناس: إنما سقاه اليهود ليغضوا منه بذلك خبثًا منهم.

قال الشيخ تاج الدين في تاريخه: وفي سنة خمسة وثمانين تحدث الناس أن ابن هود وجد سكرانًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وقيل: إنه أخذ إلى الوالي فاعترف، ثم سرحه وأخرج من الأندلسية.

وقال شيخنا عماد الدين الواسطي وكان من أكبر المحطين عليه لما رأى منه أتيته وقلت له: أريد أن تسلكني. فقال لي: من أي الطرق تريد أن تسلك؟ من الموسوية أو العيسوية أو المحمدية؟ أي أن كل الملل توصل إلى الله.

وقال: كان إذا طلعت الشمس استقبلها وصلب على وجهه، لا أدري ما يقصد بذلك.

وله أبيات مشهورة في الاتحاد وهي:

علم قومي بي جهل.

يقول فيها:

أنا رب أنا عبد أنا بعض أنا كل أنا دنيا أنا أخرى أنا هجرأنا وصل أنا معشوق لذاتي لست عني الدهر أسلو وقد صحبه العفيف عمران الطبيب والشيخ سعيد المغربي وغير واحد من هؤلاء، اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

وكان له مشاركات جيدة في العلوم، توفي في السادس والعشرين من شعبان وصلى عليه قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة ودفن بسفح قاسيون وكان يعجبني سمته وصمته ولعله رجع وأناب.

611 -

‌ حسن بن هارون بن حسن

، الفقيه الصالح نجم الدين الهذباني الشافعي، أحد أصحاب الشيخ محيي الدين النواوي.

دين، خير، ورع، قانع، متتبع، عنده فوائد كثيرة وطلب للعلم، سمع

ص: 905

من ابن عبد الدائم وجماعة. ولم يحدث.

توفي في تاسع شعبان وهو كهل.

612 -

الحكيمي، الأجل عز الدين مملوك الأمير علم الدين أرجواش.

شاب حسن، عاقل، عزيز عند مخدومه، نزل المدينة من جهة أرجواش وعمل الولاية أيامًا. توفي في رمضان.

613 -

‌ خضر بن دانيال

، زين الدين الزرادي، المقرئ، الضرير.

توفي في شعبان. وكان يخيط الثياب ويدخل الخيط في الإبرة وهو أعمى.

614 -

‌ خضر بن علي بن أقجا

، الأمير الأجل، شمس الدين الأوشري.

روى عن الشرف الإربلي والنظام عبد الله ابن البانياسي.

توفي في وسط العام.

615 -

‌ خطاب بن محمد بن زنطار بن حريز بن رافع

، معين الدين اللخمي، الأشرفي، خازن النعل الذي بدار الحديث.

روى لنا عن: فرح الحبشي وعثمان ابن خطيب القرافة.

ولد سنة ثمان وأربعين وتوفي في خامس شعبان وكان عاقلًا له خبرة بالأمور.

616 -

‌ خديجة بنت أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شكر

، زوجة الشمس محمد ابن العماد عبد الحميد المقدسي.

روت عن جعفر الهمداني وتوفيت بالبلد عند البغدادية في الثاني والعشرين من جمادى الأولى.

617 -

‌ خديجة بنت التقي محمد بن محمود بن عبد المنعم المراتبي

، الحنبلي، أم محمد.

عجوز صالحة، عابدة، خيرة، كثيرة التلاوة، من خير نساء الدير، روت عن ابن الزبيدي والإربلي، وهي بنت الزاهدة حبيبة بنت الشيخ أبي عمر.

ص: 906

سمعنا منها وتوفيت في التاسع والعشرين من جمادى الأولى في عشر الثمانين.

618 -

‌ خديجة بنت يوسف بن غنيمة بن حسين

، العالمة، الفاضلة، أمة العزيز، البغدادية ثم الدمشقية، وتعرف ببنت القيم.

كان أبوها قيم حمام، فحرص عليها لما رأى نجابتها وأسمعها الكثير، وعلمها الخط والقرآن والوعظ وغير ذلك. وكانت تعظ النساء، ثم تركت ذلك ولزمت بيتها. وهي زوجة الحاج محمود الذهبي.

ولدت سنة ثمان وعشرين وستمائة وسمعت من مكرم وابن الشيرازي وابن اللتي وابن المقير وكريمة، وبمصر من علي بن مختار العامري وأبي الحسن ابن الجميزي، وحدثت بدمشق والعلا وتبوك، وجودت على الولي وابن الشواء والرضي التونسي والنجار، لكن لم تقو يدها وقرأت مقدمتين في العربية أو أكثر وأعربت على النحاة. قرأ لنا عليها البرزالي، أبقاه الله، مقامات الحريري وكانت قد تفردت بها بدمشق.

توفيت في مستهل شعبان.

619 -

‌ الرشيد أوحشتني المسلماني

، كاتب البيوتات.

دفن في ذي الحجة بتربته بمقبرة باب شرقي.

620 -

‌ رضوان بن أحمد بن عبيد

، السوادي المقرئ، الرجل الصالح. كان يلقن بدار الحديث وبالجامع احتسابًا.

روى لنا جزء الوخشي، عن ابن الأوحد.

توفي في رمضان وقد نيف على الستين.

621 -

‌ الزويزاني

، الأمير عز الدين أيبك الحاجب.

توفي بنواحي عسقلان في شعبان وقد جاوز السبعين.

622 -

‌ زينب بنت إسماعيل ابن المحب محمد بن عمر الحراني

، أم أحمد.

ص: 907

سمعت من خطيب مردا ومحمد بن عبد الهادي وإبراهيم بن خليل. وحدثت.

توفيت في جمادى الآخرة.

623 -

‌ زينب بنت عمر بن كندي بن سعيد بن علي

، أم محمد بنت الحاج زكي الدين الدمشقي، زوجة ناصر الدين ابن قرقين، معتمد قلعة بعلبك.

امرأة صالحة، خيرة، لها بر وصدقة. بنت رباطًا ووقفت أوقافًا، وعاشت في خير ونعمة وحجت وروت الكثير وتفردت في الوقت. أجاز لها المؤيد الطوسي وأبو روح الهروي وزينب الشعرية والقاسم ابن الصفار وأبو البقاء العكبري وعبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي وأحمد بن ظفر بن هبيرة. حدثت بدمشق وبعلبك. وتوفيت في التاسع والعشرين من جمادى الآخرة بقلعة بعلبك عن نحو تسعين سنة.

سمع منها: أبو الحسين اليونيني وأولاده وأقاربه، وابن أبي الفتح وابناه، والمزي وابنه الكبير، والبرزالي، وابن النابلسي، وأبو بكر الرحبي، وابن المهندس، وأحمد ابن الدريبي، وأبي وخالي، وخلق من أهل بعلبك. قرأ عليها ابن سامة صحيح مسلم وقرأت عليها من أول الصحيح إلى أول النكاح، وسمعت ما بقي من الكتاب على ابن عساكر. وسمعت منها عدة أجزاء رحمها الله.

624 -

‌ زين الدين ابن القصاع

، الدمشقي. واسمه محمد ابن الشرف إبراهيم بن إسماعيل.

شهد على القضاة. وكان من عدول القيمة، توفي في شوال.

625 -

‌ زين الدين ابن المغيزل

، هو الخطيب أبو عبد الله ابن الشيخ تاج الدين أحمد بن محمد بن محمد ابن المغيزل الحموي، خطيب الجامع الأسفل.

سمع من شيخ الشيوخ عبد العزيز وتوفي بحماة في المحرم.

626 -

‌ سالم بن ناصر

، الفقيه شرف الدين قاضي قارا وخطيبها.

ص: 908

فصيح، مفوه، شاعر، فيه مكارم ومروءة، أقام بقارا مدة وبها توفي في الرابع والعشرين من رمضان.

627 -

‌ سعد الله بن عقبة الحنفي

.

هلك في الجبل بالبرد والعذاب. له إجازة من ابن الزبيدي.

628 -

‌ سعيد الدين الكاساني الفرغاني

، الصوفي، شيخ خانكاه الطاحون.

رأيته شيخًا مزرع الشيب، مات بالخانكاه في سابع عشر ذي الحجة وكان من رؤوس الاتحادية.

فاضل في فنه، بصير بأقوال القوم. قرأ هو والأيكي على الشيخ صدر الدين القونوي هذا العلم. وهو قرأ على ابن العربي. وقد شرح قصيدة ابن الفارض في السلوك في مجلدتين واسمه محمد بن أحمد واشتهر بالشيخ سعيد.

629 -

‌ سليمان بن أحمد بن هبة الله بن أحمد ابن عساكر

، صاحبنا شمس الدين.

سمع معنا الكثير على والده. وسمع قبلي من جماعة وورث أباه وعاش بعده أيامًا، فورثه ابن عم أبيه الشيخ الفخر ابن عساكر.

توفي في ثالث رجب. وكان من أبناء الثلاثين.

630 -

‌ سليمان بن عبد الله بن علي بن منصور بن رطلين

، الفقيه العالم جمال الدين أبو منصور البغدادي الحنبلي.

ولد في حدود الثلاثين وستمائة. وكان من فقهاء المدارس. وفيه ديانة ومروءة وله بيت بالجوزية.

قرأ عليه أبو محمد البرزالي كرامات الأولياء للخلال، بسماعه من الأعز ابن العليق.

توفي في رجب.

631 -

سنجر، الأمير الكبير العالم المحدث علم الدين، أبو موسى التركي البرلي الدويداري الصالحي.

ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، وقدم من الترك في حدود الأربعين

ص: 909

وستمائة. وكان مليح الشكل، مهيبًا، كبير الوجه، خفيف اللحية، صغير العين، ربعة من الرجال، حسن الخلق والخلق، فارسًا، شجاعًا، دينًا، خيرًا، عالمًا، فاضلًا، مليح الخط، حافظًا لكتاب الله. قرأ القرآن بمكة على الشيخ جبريل الدلاصي وغيره. وحفظ الإشارة في الفقه لسليم الرازي وهي في أربعة كراريس. وحصل له عناية بالحديث وبسماعه سنة بضع وخمسين، فسمع الكثير وكتب بخطه وحصل الأصول. خرج له المزي جزأين عوالي وخرج له البرزالي معجمًا في أربعة عشر جزءًا وخرج له ابن الظاهري قبل ذلك شيئًا.

وحج ست مرات. وكان يعرف عند المكيين بالستوري لأنه أول من سار بكسوة البيت بعد أخذ بغداد من الديار المصرية، وقبل ذلك كانت تأتيها الأستار من الخليفة. وحج مرة هو واثنان من مصر على الهجن.

وكان من أمراء الحلقة في الأيام الظاهرية، ثم أعطي إمرية بحلب، ثم قدم دمشق وولي الشد مدة. ثم كان من أصحاب سنقر الأشقر، ثم مسك، ثم أعيد إلى رتبته وأكثر وأعطي خبزًا وتقدمة على ألف وتنقلت به الأحوال وعلت رتبته في دولة الملك المنصور لاجين وقدمه على الجيش في غزاة سيس.

وكان لطيفًا مع أهل الصلاح والحديث، يتواضع لهم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم، وله معروف كثير وأوقاف بالقدس ودمشق. وكان مجلسه عامرًا بالعلماء والأعيان والشعراء. وقد مدحه جماعة كبيرة ودونت مدائحه في مجلدتين وفيها قطع مؤنقة.

وسمع الكثير بمصر والشام والحجاز. وروى عن: الزكي عبد العظيم والرشيد العطار والكمال الضرير وابن عبد السلام والشرف المرسي وعبد الغني بن بنين وإبراهيم بن بشارة وأحمد بن حامد الأرتاحي وإسماعيل بن عزون وسعد الله بن أبي الفضل التنوخي وعبد الله بن يوسف بن اللمط وعبد الرحمن بن يوسف المنبجي ولاحق الأرتاحي وأبي بكر بن مكارم وفاطمة بنت الملثم بالقاهرة. وفاطمة بنت الحزام الحميرية بمكة؛ وابن عبد الدائم وطائفة بدمشق وهبة الله بن زوين وأحمد ابن النحاس

ص: 910

بالإسكندرية وعبد الله بن علي بن معزوز بمنية بني خصيب وبأنطاكية وحلب وبعلبك والقدس وقوص والكرك وصفد وحماة وحمص وينبع وطيبة والفيوم وجدة. وقل من أنجب من الترك مثله، وقد سمع منه خلق بدمشق والقاهرة. وشهد الوقعة وهو ضعيف، ثم التجأ بأصحابه إلى حصن الأكراد فتوفي به في ليلة الجمعة ثالث رجب.

632 -

‌ سنجر الجمالي

، علم الدين، مولى الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي.

يروي جزء الذهلي، عن السبط. قتل يوم المصاف هو ورفيقه أيدكين الجمالي العزيزي أحد من سمع المرسي والأمير منكبرس الجمالي العزيزي.

633 -

‌ شجاع الدين محمد بن شهري الكردي

، الأمير، نائب بعلبك.

شيخ كبير من أبناء الثمانين. توفي ببعلبك في رجب. وكان عاقلًا محمود السيرة، قليل الشر، ضبط بعلبك من التتار وامتنع عليهم بإعانة أهلها، فلم يقدروا عليها.

634 -

‌ شمس الدين الحنيبلي

، مشرف الجامع المعمور.

كهل، حسن الشكل، له هيبة وصورة، سمع من ابن عبد الدائم وعمر الكرماني. ولم يرو. واسمه محمد ابن الظهير يحيى بن محمود، الأصبهاني الأصل الدمشقي، وعرف بالحنيبلي لأنه أخو الأخوين: النجم والشهاب ابني الحنبلي لأمهما.

توفي رابع ربيع الأول.

635 -

‌ الشمس الأحول

، كاتب مصطبة الوالي.

أكثر الفضول وتعاون أيام التتار، فلما انقلعوا مسك وشنق في ثالث شوال، هو وكاتب يهودي.

ثم شنق بعد يومين إبراهيم مؤذن بيت لهيا لقيامه وشره وسمر الشريف القمي وابن العوني البرددار وابن خطليشي المزي وقطع لسان

ص: 911

ابن ظاعن من نقباء الوالي وقطعت يد الدلدرمي ورجله وكحل الشجاع همام فمات بعد يوم، ومات الدلدرمي بعد ثلاث، وكحل مندوة الجندي الكردي وليس له ذنب إلا قيامه في خدمة قبجق.

636 -

‌ شمس الدين ابن الصائغ

، الأنصاري، الدمشقي، الكاتب، عبد الله ابن الشيخ عماد الدين عبد العزيز.

كان أشقر، سمينًا، رئيسًا، يخدم في ديوان الخاص. وله عقل ومروءة وفيه محافظة على الصلوات وديانة وسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر. وما حدث.

قال أبو محمد البرزالي: حدثني ثقة رآه في النوم فسأله: ماذا لقيت؟ قال: كل خير.

مات كهلًا.

637 -

‌ شهاب الدين

، إمام مغارة العزيز بجبل قاسيون وشيخ زاوية ابن المجاور.

شيخ حسن، عاقل، فاضل، من فقهاء الظاهرية والغزالية. غص فمات فجاءة في نصف شعبان، رحمه الله.

638 -

‌ صدقة بن علي بن حسين بن عبد العزيز بن هلالة

، الشيخ المقرئ محب الدين اللخمي، الإشبيلي، الطبيري.

شيخ عالم قرأ القراءات وروى عن إبراهيم بن خليل وابن البرهان. وله حلقة بجامع دمشق. وأظنه ابن حبشية.

توفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة. وكان مولده بإشبيلية.

639 -

‌ صديق بن محمد بن صديق

، الفلاح ببيت الآبار.

شيخ أمي جاهل، بلغني أنه يتهاون بالصلاة، فلم أسمع منه. روى عن الإربلي وغيره.

توفي بالمدينة بعد رواح التتار.

ص: 912

640 -

‌ صفية بنت عبد الرحمن بن عمرو الفراء

، أخت شيخنا عز الدين.

سمعنا منهما جزءًا. رويا عن الشيخ الموفق وكان فيها خير وصلاح وهي داية بالجبل، توفيت بالجبل بعد دخول أهل الجبل إلى البلد شهيدة بالبرد والجوع عن سبع وثمانين سنة. وسماعها في الخامسة.

أخبرنا إسماعيل وصفية قالا: أخبرنا ابن قدامة، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد، قال: أخبرنا رزق الله، قال: أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا ابن البختري، حدثنا يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا طلحة بن عمرو، عن ابن طاوس، أن أباه كان يصوم بعد الفطر ستة أيام ويقول: تعدل صيام السنة، ثلاثين بعشرة أشهر وستة أيام بشهرين.

641 -

‌ صواب الطواشي

، شمس الدين الحبشي، خادم القاضي شرف الدين عبد الرحمن عم قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى.

سمع من خطيب مردا وإبراهيم بن خليل وابن البرهان وحدث. وكان من أبناء السبعين فيما أحسب.

توفي في ثالث عشر جمادى الآخرة.

642 -

‌ طلحة بن الخضر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الحسن بن علي

، وعلي هو القاضي الزكي ابن المنتجب القرشي، قاضي قضاة دمشق.

ولد شمس الدين طلحة بعد الأربعين، وسمع من مكي بن علان والصدر البكري، سمعنا منه. وتوفي في الرابع والعشرين من رجب.

643 -

‌ الطيار، الأمير الكبير، بدر الدين بكتاش

. من كبار الأمراء المنصورية بدمشق.

أدركته طلائع التتار بفلسطين ومعه حريمه وأصحابه، فثبت وأبلى بلاء حسنًا وقاتل حتى قتل وحصل له خاتمة خير، فإنه كان مسرفًا على نفسه.

ص: 913

وكان من أبناء الستين. وقد حج بالناس مرة سنة اثنتين وتسعين.

644 -

‌ عبد الله ابن العز أحمد ابن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي

، تقي الدين المقدسي، الحنبلي، النقيب.

ولي نقابة القاضي الحنبلي بعد التتار وقبل موته بشهر، وحدث عن إبراهيم بن خليل وغيره، وعاش ثمانيًا وأربعين سنة وسمع من جده وأخي جده محمد، وكان مليح الخط نسخ الكثير وتفقه، ومات في ثاني عشر شعبان.

645 -

‌ عبد الله ابن الفقيه عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي

،، الإمام تقي الدين عبد الله المقدسي، الحنبلي، الصالحي.

إمام، مفت، مدرس، صالح، عارف بالمذهب، متبحر في الفرائض والجبر والمقابلة، كبير السن.

توفي في العشر الأوسط من ربيع الآخر بالجبل، رحمه الله.

646 -

‌ عبد الله بن علي بن سوندك بن كيار

، الفقيه، الأديب، كمال الدين الكركي.

شيخ فاضل، أديب، لغوي، من نقباء السبع، سمع الكثير مع الشيخ علي الموصلي. وله أسمعة قديمة وروى نسخة أبي مسهر، عن ابن خليل. وأول سماعه سنة تسع وأربعين.

توفي في رجب بالمارستان.

• - عبد الله بن محمد، الشيخ أبو محمد المرجاني.

مشهور بكنيته، سيأتي إن شاء الله.

647 -

‌ عبد الحميد بن رضوان بن إسماعيل

، جمال الدين العامري. المعروف بالبسطي.

سمع من عتيق السلماني حديث ابن راهويه. ولم يحدث، ومات في جمادى الأولى ودفن بالبلد بداره.

648 -

‌ عبد الدائم بن أحمد بن علي بن ربح

، الشيخ الصالح، أبو أحمد المحجي، الصالحي، القباني.

ص: 914

رجل جيد، متواضع، سمع: ابن الزبيدي وابن اللتي وابن المقير والإربلي والعلم ابن الصابوني وجعفرًا الهمداني وجماعة. حدث عنه ابن الخباز في معجمه سنة اثنتين وستين. وعاش إلى هذا الوقت وسمعنا منه. وكان وزانًا بسوق الجبل.

توفي في تاسع جمادى الأولى بالجبل.

649 -

‌ عبد الرحمن بن عبد الله ابن الشيخ أبي الحسن

علي بن الحسين ابن المقير، المقرئ، الزاهد، المجاهد، أبو جعفر البغدادي، الملقن على باب الغزالية، الخياط.

ولد سنة تسع وعشرين وستمائة. وسمع من أبي جعفر ابن السيدي وإبراهيم بن الخير وابن قميرة وابن المني وغيرهم ببغداد. وأجاز له جده وأبو المنجى ابن اللتي والناصح ابن الحنبلي ومكرم وجماعة. وروى الكثير. وكان ملازمًا للسماع مع الشيخ علي، وكان شيخًا صالحًا، خشن العيش، حريصًا على تسميع صبيان حلقته، فكان يحصل لهم القرآن والحديث.

خرج في الجيش وحضر المصاف واستشهد في ربيع الأول عن سبعين سنة.

650 -

‌ عبد الرحمن بن عمر بن صومع

، أبو محمد الديرقانوني، ثم الصالحي، سبط الزين ابن عبد الدائم.

رجل صالح، خير، شهيد، روى عن ابن اللتي وجعفر الهمداني والضياء المقدسي وسمع منه الجماعة. ووجدنا له بعد موته حضورًا في البخاري. ضربت عنقه بالصالحية ولم يتفق دفنه لشدة البلاء. وكان صائمًا من أيام. وكان قد جاوز السبعين.

651 -

‌ عبد الرحمن بن محمد بن علي

، المؤرخ المحدث أبو زيد الأنصاري، الأسيدي، القيرواني، المعمر، صاحب تاريخ القيروان.

ولد بها سنة خمس وستمائة في ذي الحجة، وأخذ عن عبد الرحيم بن طلحة وعبد السلام بن عبد الغالب الصوفي وطائفة. وأجاز له ابن رواج

ص: 915

وابن الجميزي وسبط السلفي وجماعة وخرج أربعين تساعيات بالإجازة، سمع منه محمد بن جابر الوادياشي. ومن خطه نقلت ترجمته.

مات ببلده في نصف ربيع الآخر سنة تسع وتسعين.

652 -

‌ عبد الرحيم ابن الوزير صفي الدين إبراهيم بن هبة الله

بن عبد الله بن مرزوق، العسقلاني، التاجر، السفار.

سمع من كريمة والسخاوي وجماعة وأجاز للبرزالي.

توفي بمقدشوه.

653 -

‌ عبد الرحيم بن عمر بن عثمان

، الإمام، المفتي، الزاهد، جمال الدين، أبو محمد الباجربقي، الموصلي، الشافعي.

شيخ فقيه، محقق، نقال، طويل، مهيب، ساكن، كثير الصلاة، ملازم للجامع والإشغال، له حلقة تحت النسر إلى جانب البرادة وكان لازمًا لشأنه حافظًا للسانه منقبضًا عن الناس على طريقة واحدة، وقد أشغل بالموصل وأفاد. ثم قدم دمشق في سنة سبع وسبعين بأولاده، فخطب بجامع دمشق نيابة ودرس بالغزالية نيابة وولي تدريس الفتحية وحدث بجامع الأصول لابن الأثير عن واحد عن المصنف. وله نظم ونثر وسجع ووعظ. قد نظم كتاب التعجيز وعمله برموز وهو والد الشيخ المشهور محمد ابن الباجربقي الذي حكم المالكي بقتله لزندقته وضلاله.

توفي الشيخ جمال الدين في خامس شوال وصلينا عليه عقيب الجمعة رحمه الله وقد ولي قضاء غزة سنة تسع وسبعين.

654 -

‌ عبد العزيز ابن فخر الدين عبد الرحمن

ابن الشيخ مخلص الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن ابن الشيخ أبي المكارم بن هلال، الأزدي، العدل، الجليل، شرف الدين.

ولد سنة ست وثلاثين وروى عن جده وعن السخاوي وابن أبي جعفر وجماعة وشهد على القضاة وتكلم في القيم.

ص: 916

توفي في شعبان.

655 -

‌ عبد العزيز بن محمد بن عبد الحق بن خلف بن عبد الحق

، العدل الإمام الفقيه، أبو محمد الدمشقي، الشافعي، الشروطي.

ولد سنة خمس وعشرين في شعبان. وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي وأبي صادق بن صباح والإربلي وجعفر الهمداني وجماعة، وأجاز له جماعة من بغداد. وتفقه وشارك في العلوم والفضائل وتميز ودرس بالمدرسة الأسدية. وكان من كبار عدول القضاة وأخبرهم وأحسنهم كتابة.

سمع منه الجماعة وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة بالمدرسة الناصرية.

656 -

‌ عبد العزيز بن يحيى بن علي بن أبي بكر

، عز الدين الشاطبي، ثم الدمشقي، المقرئ، نقيب الغزالية والسبع.

ولد سنة خمس وأربعين وحضر على ابن مسلمة والرشيد العراقي وجماعة، وسمع من خطيب مردا واليلداني وفرج الحبشي، وكتب في الإجازات ولم يحدث.

توفي في صفر.

657 -

‌ عبد العزيز ابن قاضي القضاة محيي الدين

يحيى ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد ابن الزكي، القاضي الرئيس، عز الدين، أبو محمد القرشي، الدمشقي، الشافعي، مدرس العزيزية والتقوية. وأحد من ولي نظر الجامع غير مرة.

كان صدرًا، رئيسًا، محتشمًا، مليح الشكل. درس وأفتى وتصدر في المجالس وعين للقضاء. قرأ عليه البرزالي نسخة أبي مسهر، بروايته حضورًا عن إبراهيم بن خليل.

مولده في العشرين من رمضان سنة أربع وخمسين وتوفي في حادي عشر ذي الحجة ودفن بتربتهم بالجبل.

658 -

‌ عبد اللطيف بن عبد العزيز ابن الشيخ مجد الدين عبد السلام بن عبد الله

، ابن تيمية، الخطيب، العدل، نجم الدين الحراني، الحنبلي.

روى عن جده وعن عيسى بن سلامة وابن عبد الدائم وخطب بحران

ص: 917

سنوات. وكان خيرًا، عدلًا، مشكورًا، متحرزًا.

توفي في رمضان عن إحدى وستين سنة. وكان أشقر، طويلًا، لم يشنه شيب. ودفن بمقابر الصوفية إلى جانب عمه الإمام شهاب الدين ابن تيمية.

659 -

‌ عبد المؤمن بن حسن

، الأجل، أمين الدين، النصيبي، التاجر بسوق علي.

عدل، خير، ملازم لمجالس الذكر. سمع أولاده كثيرًا في حدود السبعين وسمع معهم، كتب عنه الدمياطي مع جلالته في كتاب العقد المثمن.

توفي في صفر.

660 -

‌ عبد الوهاب الأسود

، ابن الشيخ زين الدين عمر الوكيل، أخو الشيخ صدر الدين، وأمه حبشية.

تفقه وحفظ وحضر المدارس، ثم تمفقر وتجرد وحج وجرد العالم.

توفي شابًا في صفر ودفن عند أبيه.

661 -

‌ عبد الولي بن علي بن أحمد بن أبي الغنائم

، عماد الدين ابن السماقي، الطحان، الصالحي.

خير، دين، له بر وصدقة، روى لنا عن ابن اللتي. ومات في وسط الشدة فدفن ببستان القط داخل دمشق.

662 -

‌ عبد الولي بن أحمد بن مشهور

، الشيخ الصالح، إمام مسجد حميص.

روى عن ابن عبد الدائم، سمع منه علم الدين وتوفي يوم الأضحى.

663 -

‌ عبيد الله ابن الجمال أبي حمزة

أحمد بن عمر بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، المقدسي، جمال الدين أبو محمد العلاف، عم قاضي القضاة تقي الدين سليمان.

ولد في حدود الثلاثين وسمع من جعفر وكريمة والضياء.

أخذ عنه الجماعة. وكان دينًا، متواضعًا، يتسبب لعياله. وكان قد دخل البلد، ثم بادر

ص: 918

بالخروج عند رحيل العدو، فأدركه أجله في ثاني جمادى الآخرة. سمعت منه خمسة أحاديث.

664 -

‌ العز ابن صدقة

، الكاتب. وهو أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل الحراني، ثم الدمشقي.

رئيس متميز، متمول، يخدم في الجهات، روى عن مكي بن علان وابن مسلمة ومات في جمادى الآخرة عن خمس وستين سنة.

665 -

‌ علي بن إبراهيم ابن الخطيب يحيى بن عبد الرزاق بن يحيى

، العدل، المسند، مؤيد الدين أبو الحسن الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، ابن خطيب عقربا.

ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من جده والناصح ابن الحنبلي وابن غسان والإربلي وابن اللتي والقاضي ابن الشيرازي وسالم بن صصرى ومحمد بن نصر القرشي، وحج فسمع بالمدينة النبوية من النجم ابن سلام، وكان رجلًا دينًا متوددًا متواضعًا. ولي مخزن الأيتام وناب في نظر الجامع وغير ذلك وشهد على القضاة.

توفي في منتصف رجب.

666 -

‌ علي بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد

، الشيخ أبو الحسن المقدسي، الصالحي، قيم جامع الجبل.

شيخ صالح، عابد، كثير التلاوة. انقطع وأصابه زمانة وكان لا يبرح المصحف بين يديه، فقيل: إنه يتلو كل يوم ختمة. وابتلي قبل الموت بالتتار وعذبوه وحموا له سيخًا ووضعوه على فرجه ومات شهيدًا في العذاب، رضي الله عنه، عن نحو ثمانين سنة أو أزيد.

سمع من البهاء عبد الرحمن وابن صباح والزبيدي وابن غسان ومكرم والإربلي وأبي موسى ابن الحافظ وجماعة بدمشق، ولزم جعفرًا الهمداني ونسخ عنه أجزاء بخط وحش. ورحل إلى بغداد وسمع من الكاشغري وجماعة وجود القرآن بواسط. ثم رجع وسكن بعلبك في خدمة الشيخ الفقيه وأجاز له ابن راجح ومسمار ابن العويس وجماعة. وتفرد

ص: 919

برواية أجزاء، فمن ذلك الرابع من حديث ابن البختري، تفرد به عن الكاشغري وجزء الدقيقي.

667 -

‌ علي ابن الصدر بهاء الدين بن عبد الله بن محبوب

، البعلبكي، ثم الدمشقي، المولى علاء الدين الكاتب.

إنسان عاقل، دين، خبير بالكتابة، حسن المشاركة في العلم. خدم في ديوان ابن أتابك وغيره. وكانت أمه حبشية.

توفي في الثالث والعشرين من رمضان وقد قارب الخمسين.

668 -

‌ علي بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن عبدوس

، الشيخ أبو الحسن ابن الحلاوي الحراني، الزاهد، الصوفي، خال شيخنا ابن تيمية.

روى عن عيسى الخياط. وصحب المشايخ وتجرد وسافر ولقي الكبار وحفظ عنهم كثيرًا من أخبار الصوفية وآدابهم. وأنفق ماله في وجوه الخير واختل عقله مرة من الذكر والعبادة وعولج ثم تماثل وكان مقيمًا بالخانكاه الأسدية.

توفي إلى رحمة الله في سادس عشر رمضان، روى عنه البرزالي.

669 -

‌ علي ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن

بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.

شاب حسن وفقيه متقن، حسن الديانة والتواضع، مطرح التكلف، مقتصد في لباسه وأموره. درس بحلقة الحنابلة بجامع دمشق وبمدرسة جده أبي عمر. وأم مدة بالجامع المظفري وأصيب مع الناس بحريمه وماله وتوجه إلى الشرق في تخليص أهله هو وجماعة من المقادسة وغيرهم، فخرجت عليهم فرقة من التتار فقتلتهم في سادس عشر ذي القعدة بديار بكر.

670 -

‌ علي بن مطر بن ربح بن حميد

، أبو الحسن المحجي، الصالحي، الفامي، البقال.

فقير دين متواضع متعفف مبارك خاشع، روى عن ابن الزبيدي،

ص: 920

وابن اللتي والإربلي. سمعنا منه. وقد حدث بعد الستين. وهو عم عبد الدائم القباني وأصغر منه.

قتل شهيدًا بعد الشدائد بالصالحية عن أربع وسبعين سنة.

671 -

‌ عماد الدين ابن النشابي

، الأمير والي دمشق واسمه حسن بن علي بن محمد.

تعلم الصياغة، ثم خدم جنديا وتقلبت به الأحوال وولي ولايات بالبر، ثم ولي ولاية دمشق مدة، ثم ولي ولاية البر. ثم أعطي الطبل خاناه. وكان شاطرًا، كافيًا، ناهضًا في ولايته، له خبرة بالأمور ومعرفة بسياسة البلد. وكان من أبناء الخمسين أو أقل.

توفي بالبقاع وحمل فدفن بسفح قاسيون بتربة مليحة في شوال.

672 -

‌ عماد الدين ابن الأثير

، هو إسماعيل ابن الصدر تاج الدين أحمد بن سعيد ابن الأثير الحلبي الكاتب.

ولي كتابة الدرج بعد والده بالديار المصرية مدة، ثم تركها دينًا وتورعًا وله خطب مدونة. وهو الذي علق شرح العمدة عن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد.

عدم في الوقعة.

673 -

‌ عمر بن إبراهيم بن حسين بن سلامة بن الحسين

، الإمام، الأديب، المسند، المعمر، جمال الدين، أبو حفص الأنصاري، العقيمي، الرسعني.

ولد برأس عين سنة ست وستمائة. وذكر لنا أن الكندي أجاز له وأن الاستدعاء كان بخط الشيخ الموفق، رحمه الله. وأن الإجازة ذهبت منه أيام هولاكو، فسمعنا عليه بها وسمع من المجد القزويني وأبي الحسن بن روزبة وأبي القاسم بن رواحة. ثم قدم دمشق في شبيبته واشتغل وسمع من أبي عبد الله ابن الزبيدي وعبد السلام بن أبي عصرون ومحمود بن قرقين والضياء الحافظ، وتنزل بالمدرسة الشامية، إذ مدرسها القاضي شمس الدين

ص: 921

أبو نصر ابن الشيرازي. وقرأ العربية وبرع في الشعر والترسل. وكان يذكر في الأيام الناصرية ويعد من الشعراء. وقد كتب عنه الصاحب كمال الدين ابن العديم برأس عين. وبقي إلى هذا الوقت وتنقل في الخدم. وكان موصوفًا بالدين والأمانة والصيانة والعدالة وله حرمة ومخالطة للعلماء.

قال الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني عنه انتهت إليه مشيخة الشعر وفنونه. وتنقل في الخدم السلطانية.

قلت: وروى عنه الدمياطي في معجمه:

يا راكبًا نحو الغوير مغورًا فذكر أبياتًا.

وروى عنه ابن الخباز وابن الصيرفي والمقاتلي وطائفة ومن شعره:

أغصن النقا أين القدود الموايس وأين الظباء النافرات الأوانس لقد درست أطلالهن وهل ترى يهيج الشجا إلا الطلول الدوارس وعندي دواع جمة لفراقهم على أنني من ذلك الوصل آيس مهاة كناس فارقته فما لها شبيه سوى ما مثلته الكنائس بجفني على آثارهم مطلق دمي ودمعي وقلبي للصبابة حابس أبى بيننا إلا جماحا وقسوة تذوب لمرماها نفوس نفائس توفي الأديب جمال الدين ابن العقيمي - وعقيمة قرية كبيرة مقابلة سنجار - في السابع والعشرين من شوال وقد جاوز ثلاثًا وتسعين سنة.

674 -

‌ عمر بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة

، الحاج الصالح، أبو حفص الفامي، المعروف باللاوي، ابن الشيخ زين الدين المقدسي.

ولد في حدود سنة خمس وعشرين وحضر على أبي موسى ابن الحافظ عبد الغني في سنة ثمان وسمع من ابن الزبيدي وابن صباح والناصح ابن الحنبلي وجعفر الهمداني والفخر الإربلي وجماعة.

عذبه التتار أشد عذاب، ثم حمل إلى البلد وهو في حال نحسة، قد وقع أجره على الله. ورزئ في الأهل والمال فتعلل، وتوفي بدرب القلى في جمادى الأولى ودفن بالكشك من أجل التتار.

ص: 922

675 -

‌ عمر بن حسن بن جبريل

، العدل زين الدين الحموي، الشاهد، نقيب قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة.

توفي في سلخ شعبان كهلًا.

676 -

‌ عمر بن محمد

، الشيخ نور الدين الهمذاني، المرجاني، التاجر والد المولى الرئيس شهاب الدين ابن المرجاني الدمشقي.

توفي في مستهل المحرم وشيعه قاضي القضاة والأكابر لمكان ولده وكان قد جاوز السبعين.

677 -

‌ عمر بن ناصر بن نصار

، الجمال العرضي الشاعر الكاتب.

توفي في رمضان.

678 -

‌ عمر بن يحيى بن أبي بكر بن طرخان

، أبو حفص البعلبكي، الدلال. ويعرف بابن المعري.

شيخ خضيب عامي ليس بعدل، وسماعه صحيح من الإربلي وابن رواحة، سمع منه البرزالي والنابلسي وأنا على سبيل التكاثر والشره.

ومات في أيام التتار ودفن بداخل بعلبك وهو في عشر الثمانين.

679 -

‌ عيسى بن أحمد بن طالب

، علم الدين الخشاب، الدمشقي.

قال البرزالي: توفي في العشرين من شوال ودفن بباب الصغير، روى لنا عن المرسي والبكري.

680 -

‌ عيسى بن أحمد بن علي

، الشرف ابن النحاس الحلبي، ثم الصالحي.

روى عن ابن اللتي. وكان ضعيف العقل، لم أسمع منه. وكان رجلًا جيدًا. قتلته التتار بالصالحية. وكان يركب فرسًا ويتعانى الجندية فيضحك منه الصبيان.

681 -

‌ عيسى بن بركة بن والي

، الرجل الصالح، أبو محمد السلمي المفعلي، ثم الصالحي الحنبلي المقرئ المؤدب، ويقال له: تبع.

ص: 923

رجل خير، صالح، كثير التلاوة، خشن العيش، يعلم الصغار ويكابد العيال ويكثر حمد الله على كل حال. ولد بجبل بني هلال في حدود العشرين وستمائة. وقدم الصالحية وتلقن وسمع من ابن اللتي والضياء وعبد الحق والرضي عبد الرحمن. سمع منه الجماعة وحدث قديمًا.

وجد ميتًا في بيت من بيوت المدرسة بالجبل، فقيل: إنه عذب بالرمي في الماء وكانت أيامًا شديدة البرد، فمات من ذلك ومن العري والجوع، رحمة الله عليه.

682 -

الغرزي، هو الأمير الكبير سيف الدين بكتوت الغرزي، العزيزي الناصري.

شيخ مليح الشكل، نضر الوجه، أبيض الشيبة من أهل الدين والجهاد وحضور الجماعات وله همة على كبر السن، سمع هو وأولاده من النجيب عبد اللطيف. وكان حاجب الشام.

توفي في خامس ربيع الأول ودفن بسفح قاسيون.

683 -

‌ فاطمة بنت الإمام أبي العباس أحمد بن أحمد بن عبيد الله

.

روت عن إبراهيم بن خليل وأجاز لها السبط، سمع منها البرزالي وجماعة وتوفيت في رجب.

684 -

‌ فاطمة بنت عبد الله ابن الرضي عبد الرحمن

بن محمد بن عبد الجبار، أم محمد أخت زينب.

سمعت من كريمة والضياء واليلداني ووجد لها حضور في سنة ثمان وثلاثين. وهي زوجة الشهاب ابن أبي راجح.

توفيت في شعبان.

685 -

‌ فاطمة بنت الصدر المرتضى مجد الدين

، أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن رسلان بن فتيان ابن البعلبكي والدة القاضي شهاب الدين أحمد ابن الشرف حسن ابن الحافظ.

وكانت من نساء الدير، ذات عبادة وصلاح وختم لها بخير. وابتليت بالتتار وأسروا أحباءها وأقاربها، فصبرت واحتسبت وأقبلت على الذكر والتسبيح تلك الأيام.

ص: 924

قال علم الدين: روت لنا بالإجازة عن محمود بن منده ومحمد بن عبد الواحد المديني. وتوفيت في سادس ذي القعدة.

686 -

‌ فتح الدين ابن الزملكاني

، هو العدل الفقيه المؤرخ أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري السماكي الشافعي. والد الشيخ شرف الدين ونظام الدين وعلاء الدين. وعم شيخنا الإمام كمال الدين.

ولد سنة خمس وأربعين وستمائة وروى عن خطيب مردا والصدر البكري واليلداني وجماعة وشرع في تاريخ كبير على نمط تاريخ القاضي شمس الدين ابن خلكان ولو كمل لجاء في ثلاثين مجلدًا. وعمل فيه إلى حرف الجيم، في نحو ثلاثة مجلدات.

توفي في ثالث عشر صفر.

687 -

‌ فخر الدين ابن الشيرجي

، هو الرئيس الصاحب، أبو الفضل سليمان ابن الشيخ عماد الدين بن محمد ابن شرف الدين أحمد ابن الشيخ فخر الدين محمد بن عبد الوهاب ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي.

سمع من الشيخ تقي الدين ابن الصلاح والشرف المرسي. ولم يحدث وتعانى الكتابة وولي نظر الديوان الكبير. وكان من أكابر البلد ورؤسائها الموصوفين بالكرم والحشمة والسؤدد والإحسان. وكان فيه عقل وتواضع وسكينة.

ولما استولى التتار على البلد ألزموه بوزارتهم والسعي في تحصيل الأموال، فدخل في ذلك مكرهًا أو مختارًا، فكان قليل الأذية، حسن الطوية. فلما قلعهم الله تعالى تمرض ومات في التاسع والعشرين من رجب وهو في عشر السبعين ومشى الأعيان في جنازته إلى باب البريد فجاء مرسوم من أرجواش بردهم ونهاهم عن حضور الجنازة وضربوا الناس. فلما وصلت الجنازة إلى جهة القلعة أذن لولده شرف الدين في اتباعها.

688 -

‌ الفلك ابن الفاخر

، هو الشيخ المعمر علي بن محمد بن أبي المفاخر العلوي، الحسيني الواسطي الصوفي.

ص: 925

ولد في جمادى الآخرة سنة ستمائة وخدم جنديًا مع الأمير باتكين بالبصرة وبإربل. وقدم دمشق سنة ثلاث وأربعين وصار تاجرًا، ثم عاد إلى العراق وحج وجاور، ثم في الآخر قدم دمشق ونزل بالخانكاه الأندلسية وكان الكبر ظاهرًا عليه والهرم. وكان يمكنه السماع ببلده من أبي الفتح المندائي. ولو تهيأ ذلك لصار مسند الوقت.

توفي في أوائل ربيع الآخر ودفن بخان ابن المقدم.

689 -

‌ القشتمري، الأمير الكبير سيف الدين بلبان

. من أمراء دمشق.

توفي بداره بدرب الريحان في المحرم.

690 -

‌ القمي الشريف

.

إنسان أعجمي، مليح الشكل، حسن البزة، يحضر المدارس ويناظر، وله فضيلة وتحصيل ومادة كلامية، وفيه رفض وقلة دين، فقام مع التتار وداخلهم، وآذى المسلمين ورافع الأعيان وشفى غيظه من أهل السنة. ثم اغتر وقعد، فقبض عليه أرجواش، ثم سمر هو وابن العوني البرددار وابن خطليشي.

واسم القمي: شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد ابن المرتضى العلوي. كان يلبس بقيارًا.

691 -

كرت ويقال: كرد، الأمير سيف الدين المنصوري، نائب طرابلس.

أمير فارس شجاع من الأبطال المذكورين وفيه دين وخير. وله معروف وصدقة واعتناء بأهل الحرمين. وله رباط بالقدس ومحاسن. وكان مملوكًا للأمير ضياء الدين ابن الخطير، ثم جعله السلطان حسام الدين لاجين حاجبًا وقد أبلى بلاء حسنًا يوم الوقعة وقتل جماعة من التتار، ثم حمل وخاض فيهم، فاستشهد رحمه الله.

692 -

‌ الكمال

.

من أعيان مقرئي الجنائز. وكان مؤذنًا بالجامع، اسمه أحمد بن خلف، وتوفي في ذي الحجة كهلًا وكان فيه عقل ودين.

ص: 926

693 -

‌ ليشة بنت مفاخر بن تمام بن عبد الرحمن بن حمزة ابن البن الأسدي

، أم أحمد، من أهل حمورية.

ربيت يتيمة عند الرشيد ابن مسلمة وسمعت منه. أخذ عنها الفرضي والبرزالي وجماعة ولم أسمع منها.

توفيت أيام التتار بالبلد ودفنت إلى جانب السور.

694 -

‌ مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن

، أبو الحكم ابن المرحل، الأديب شاعر المغرب.

ولد بمالقة سنة أربع وستمائة وله اليد البيضاء في النظم والنثر أخذ عن الشلوبين وابن الدباج وعدة. روى لنا عنه أبو القاسم بن عمران ومحمد بن أحمد القيسي وغيرهما واستوطن سبتة وبها مات في سنة تسع وتسعين.

ومن شعره:

يا أيها الشيخ الذي عمره قد زاد عشرًا بعد سبعينا سكرت من أكؤس خمر الصبا فحدك الدهر ثمانينا وليته زادك من بعد ذا لأجل تخليطك عشرينا ورأيت له قصيدة أزيد من ألفي بيت، قد نظم فيها التيسير في وزن الشاطبية ورويها بلا رمز.

وله:

مذهبي تقبيل خد مذهب سيدي ماذا ترى في مذهبي لا يخالف مالكًا في رأيه فعليه جل أهل المغرب وعندي مقطعات من شعره سوى هذا.

695 -

‌ محمد بن أحمد بن نوح بن أحمد بن زيد بن محمد بن عصفور

، الأديب الفاضل، أبو عبد الله الإشبيلي.

شيخ مطبوع، حلو المجالسة، دمث الأخلاق، متفنن في الأدب والشعر واللغة وله نصيب من علم القرآن والأثر والبلاغة والحساب. وله يد بيضاء في القريض وفيه ديانة وتعفف وخير وعقل، جالسته مرات وكان قد أخذ عن علماء المغرب. وهو ابن أخت أبي الحسن بن عصفور صاحب المقرب.

طلع أمينًا إلى مسرابا بالمرج فتوفي بها في ذي القعدة. وولد بإشبيلية في

ص: 927

أول سنة إحدى وثلاثين وخرج منها في سنة ست وأربعين عند استيلاء الفرنج عليها، فأقام بمالقة مدة ثم بتونس. وقدم دمشق سنة تسعين.

كتب عنه من شعره: علم الدين والختني.

696 -

‌ محمد بن أحمد بن عبد المحسن

، الحسيني، الغرافي، أخو شيخنا تاج الدين.

رأيته بمصر وكان يروي عن ابن بهروز حضورًا وسمع من أصحاب السلفي. أخذ عنه ابن حبيب وابن سيد الناس.

توفي في صفر سنة تسع. قاله البرزالي وقال: كان صوفيًا بالسعيدية وكان رأسًا في الرمي وله تلامذة، سمع مجلسي السلمي وابن بالويه من ابن الصابوني.

697 -

‌ محمد بن أبي حمزة أحمد بن عمر

ابن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، المقدسي، السيف أبو عبد الله. عم القاضي تقي الدين وأخو الجمال عبيد الله.

روى أيضًا عن جعفر وكريمة والضياء، كأخيه. وماتا في سنة وكان رجلًا صالحًا، فقيرًا، يخرج أمينًا إلى الضياع ويتصيد بالحجل.

توفي في الرابع والعشرين من شوال بالجبل وقد قارب السبعين.

698 -

‌ محمد بن أحمد بن نوال بن عثور بن علي

، أبو عبد الله الرصافي، ثم الصالحي.

ولد ليلة عرفة سنة أربع وعشرين بالصالحية. وسمع الصحيح من ابن الزبيدي وسمع من الضياء. وكان فقيرًا يقرأ على الموتى ويوهب الشيء، سمعنا منه.

توفي بالبلد ودفن بخان ابن المقدم في قوة الشدة.

699 -

‌ محمد بن أحمد بن صلاح

، الشمس، الشرواني، الصوفي، شيخ الخانقاه الشهابية.

ص: 928

كان عارفًا من الفلسفة بالرياضي والنجوم والأرصاد والأحكام ويخبر ذلك ويقرئه ويشارك في غيره من العقليات.

توفي في ثاني المحرم عن ستين سنة.

700 -

‌ محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله

، الخطيب، زين الدين ابن المحتسب تاج الدين الحموي ابن المغيزل.

سمع من شيخ الشيوخ شرف الدين.

ومات في المحرم ودفن عند أبيه.

701 -

‌ محمد ابن العز أحمد ابن العماد عبد الحميد

بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة، شرف الدين الحنبلي.

ولي حسبة الصالحية وسمع من المؤتمن ابن قميرة والمرسي واليلداني وعم والده محمد بن عبد الهادي وجماعة. وأجاز له ابن القبيطي والكاشغري وابن رواج وجماعة.

ولد في ربيع الأول سنة أربعين وستمائة وحدث. وقدم من مصر إلى صفد وقد حصل شيئًا. ومن عزمه العود إلى لقاء العسكر، فعدم ولم يظهر أثره، رحمه الله.

702 -

‌ محمد بن آدم

، شمس الدين الدربندي، الصوفي، الشاهد.

توفي في جمادى الآخرة. وكان فقيهًا بالمدارس.

703 -

‌ محمد ابن الحسام

، الناصري.

كان ملازمًا لأولاد الناصر صاحب الكرك وكان جنديًا، فاضلًا، أديبًا، ذكر أنه سمع من ابن اللتي.

مات في آخر شوال.

704 -

‌ محمد بن درباس بن باساك بن درباس

، ناصر الدين الجاكي، الكردي، الجندي، الحنبلي.

ولد بالرها سنة سبع وعشرين وستمائة وسمع من عيسى الخياط ومجد الدين ابن تيمية بحران؛ ومن الرشيد العطار بمصر ومن الضياء صقر بحلب ومن جماعة وكان صالحًا فاضلًا. وكان من أعيان الجند، فقطع خبزه من القاهرة، فحج وقدم دمشق وافتقر وصبر.

ص: 929

توفي في شوال.

705 -

‌ محمد بن سعيد بن عبد الله

، الفقيه، تقي الدين المدني، الحجازي، الأسود. قارئ الحديث بالمدينة النبوية.

أقام بدمشق أيام التتار وتعب وآلى على نفسه أن لا يخرج بعدها من المدينة من المشاق الذي قاسى وانتظر سفر الحجاج، فلم يحج أحد من دمشق، فسافر إلى القاهرة، فأدركه أجله بها في شوال وكان فاضلًا في الأدب، جيد الشعر، من أبناء الأربعين.

706 -

‌ محمد بن سلمان بن حمائل بن علي

، الشيخ، الإمام، البارع، الأديب، البليغ، ذو الفضائل، شمس الدين ابن غانم المقدسي، الشافعي، سبط الشيخ القدوة الكبير غانم النابلسي، رحمه الله.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة واشتغل وحصل وتفقه وشارك في الفنون، وسمع بنابلس في سنة ثلاث وثلاثين من الشيخ تقي الدين يوسف بن عبد المنعم. وقدم دمشق في حدود الأربعين وأدرك بها الأئمة الكبار وسمع من الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وتاج الدين ابن حمويه وابن أبي جعفر القرطبي والرشيد ابن مسلمة وجماعة. وكان من أعيان فضلاء الوقت ومتميزيهم، موصوفًا بالخبرة والرأي والمعرفة والتقدم وحسن المذاكرة وتحصيل الكتب النفيسة وجودة الكتابة والإنشاء وغير ذلك من المعارف، ولي تدريس العصرونية وغيرها وكتب في ديوان الرسائل مدة.

سمع منه البرزالي وابن سامة والمقاتلي وجماعة وسمعت منه كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا. وهو والد المولى الأوحد علاء الدين، أبقاه الله.

توفي يوم الجمعة سادس عشر شعبان ودفن من الغد بسفح قاسيون.

707 -

‌ محمد بن سليمان بن داود

، الجزري.

شيخ صالح، خير، حافظ لكتاب الله، مديم لطلب الحديث وسماعه وتحصيل بعض مروياته، سمع من ابن البخاري وطبقته. وكان من صوفية

ص: 930

الرباط الناصري، فقتل شهيدًا بظاهر الرباط، ثم وجد فدفن بعد أيام في الخامس والعشرين من جمادى الأولى. واحترق بيته وذهبت أجزاؤه.

708 -

‌‌

‌ محمد بن سليمان

بن أبي العز بن وهيب

، الإمام المفتي شمس الدين ابن العلامة الأوحد شيخ الطائفة قاضي القضاة صدر الدين الحنفي، مدرس النورية والعذراوية.

كان من كبار الحنفية، مقصودًا بالفتوى، أفتى نيفًا وثلاثين سنة وناب في القضاء عن أبيه بدمشق. وكان منقبضًا عن الناس، كثير الانقطاع، عديم المخالطة، تاركًا للرياسة والرعونة.

توفي إلى رحمة الله في سادس عشر ذي الحجة بالمدرسة النورية ودفن بالجبل.

709 -

محمد بن سليمان، الإمام المفتي وجيه الدين الرومي، القونوي، الحنفي، إمام الربوة.

شيخ فاضل، متواضع، أبيض اللحية. أم بالربوة مدة وخطب بالنيرب نيابة. وولي في الآخر تدريس العزية التي بالميادين. وأعاد وأفتى وكان يشهد.

توفي يوم الجمعة يوم عرفة. بت عنده ليلة بالربوة وكان حسن المحاضرة، متواضعًا.

710 -

‌ محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد

، الإمام المفتي البارع شمس الدين، أبو عبد الله ابن الشيخ المفتي الزاهد فخر الدين البعلبكي الحنبلي.

ولد سنة أربع وأربعين وستمائة، وسمع من خطيب مردا وشيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري والفقيه محمد اليونيني والزين ابن عبد الدائم والرضي ابن البرهان والنجم الباذرائي وجماعة. وتفقه على والده وعلى الشيخ شمس الدين بن قدامة وجمال الدين ابن البغيدادي ونجم الدين بن حمدان. وقرأ الأصول على مجد الدين الروذراوري وبرهان الدين المراغي. وقرأ الأدب على الشيخ جمال الدين ابن مالك والشيخ أحمد المصري، وقرأ المعاني والبديع على بدر الدين ابن مالك، وحفظ القرآن

ص: 931

وصلى بالناس ابن تسع وحفظ المقنع ومنتهى السول للآمدي ومقدمتي أبي البقاء. ثم قرأ معظم الشافية لابن مالك.

وكان أحد الأذكياء المناظرين والأئمة المدرسين. وكان عارفًا بالمذهب وأصوله وبالنحو وشواهده وله معرفة حسنة بالحديث والأسماء وغير ذلك، وعناية بالرواية. أسمع أولاده الحديث وتوفي إلى رحمة الله وهم صغار، فلطف الله بهم وحفظوا القرآن والعلم، ونشؤوا في صيانة وخير.

توفي في تاسع رمضان وقد روى اليسير. وفاتني السماع منه.

711 -

‌ محمد ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن

ابن الشيخ أبي عمر، الفقيه العدل عز الدين المقدسي الحنبلي والد الإمام نجم الدين.

سمع من اليلداني وخطيب مردا وإبراهيم بن خليل وجماعة. وأجاز له سبط السلفي. وسافر مع جماعة من العدول في أمر الدولة فأكرم لمكان أبيه وخلع عليه بطيلسان في سنة أربع وسبعين، سمعت منه. وتوفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة.

712 -

‌ محمد بن عبد الغني بن عبد الكافي

بن عبد الوهاب بن محمد بن أبي الفضل، الشيخ زين الدين الأنصاري، ابن الحرستاني وعبد الوهاب هو أخو قاضي القضاة أبي القاسم ابن الحرستاني.

ولد في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة وسمع من ابن صباح وابن اللتي وغيرهما وحدث بالدارمي، قرأه عليه ابن حبيب. وكان ذهبيًا بقيسارية المد، له حرمة ووجاهة في سوقه لدينه ومكارمه وتواضعه وفضيلته. فإنه كان حافظًا للقرآن، حفظة للحكايات والأشعار، يوردها إيرادًا جيدًا. وكان يلقب بالنحوي. وقد اجتمعنا به مرات وكنا نفرح به ونحن صغار. وكان يطلع إلى بستاننا بأهله.

وهو أخو القاضي أحمد الذهبي، زوج خالتي سمعت منهما وتوفي الزين النحوي في سابع عشر ذي القعدة بدمشق وصلي عليه يوم الجمعة.

ص: 932

713 -

‌ محمد بن عبد القوي بن بدران

، الإمام، المفتي، النحوي، شمس الدين، أبو عبد الله المقدسي، المرداوي، الجماعيلي، الحنبلي.

ولد بمردا سنة ثلاثين وقدم إلى الصالحية، فقرأ وتفقه على الشيخ شمس الدين وغيره. وبرع في العربية واللغة وأشغل ودرس وأفتى وصنف. وكان حسن الديانة، دمث الأخلاق، كثير الإفادة، مطرحًا للتكلف. ولي تدريس الصاحبية مدة. وكان يحضر دار الحديث ويشغل بها وبالجبل. وقد سمع من خطيب مردا ومحمد بن عبد الهادي وعثمان ابن خطيب القرافة ومظفر ابن الشيرجي وإبراهيم بن خليل وتاج الدين عبد الوهاب ابن عساكر وطائفة. وقرأ بنفسه على الشيوخ. وله قصيدة دالية في الفقه وحكايات ونوادر وكان من محاسن الشيوخ.

توفي في ثاني عشر ربيع الأول. ودفن بمقبرة المرداويين بالجبل.

وقد أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك وغيره. وأخذها عنه القاضيان شمس الدين ابن مسلم وجمال الدين ابن جملة وجماعة، ونظم قصيدة دالية في ثمانية عشر ألف بيت في المذهب تنبئ بإمامته، رحمه الله.

714 -

‌ محمد بن عبد الكريم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة

، ناصر الدين، أبو السعود المنذري، المصري، القرافي.

ولد سنة ست وثلاثين وسمع من ابن المقير وابن الجميزي وابن قميرة وسبط السلفي وكان ثقة، صدوقًا. سمعت منه مجلس معمر.

توفي في أحد الربيعين ودفن عند عمه الحافظ زكي الدين. وهو أخو شيخنا عبد القوي. وأحسب عبد القوي مات قبله.

715 -

‌ محمد بن عبد الوهاب بن أحمد

بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين، القاضي، الرئيس، زين الدين ابن الجباب، السعدي، المصري، ناظر الخزانة.

سمع من جده ومن علي بن مختار وابن الجميزي. وكان رئيسًا نزهًا،

ص: 933

متواضعًا، مائلًا إلى التزهد والدين، موصوفًا بالأمانة، قرأت عليه جزءًا. وتوفي في حادي عشر ربيع الأول وقد كمل خمسًا وسبعين سنة.

716 -

‌ محمد بن عسكر بن شداد

، الفقيه الزاهد، شمس الدين الزرعي.

رأيته يبحث بالظاهرية وكان على رأسه خرقة. وبلغني أنه لم يكن في بيته حصير. ومكث سنوات يصوم الدهر ويقرأ كل يوم ختمة.

مات في ثالث شوال بدمشق، رحمه الله.

717 -

‌ محمد بن علي بن أحمد بن فضل

، المسند، المبارك، شمس الدين، أبو عبد الله، أخو الإمام القدوة تقي الدين ابن الواسطي.

ولد سنة خمس عشرة وستمائة تقريبًا وحضر على الشيخ الموفق وموسى بن عبد القادر والشهاب ابن راجح وغيرهم. وسمع من ابن أبي لقمة والقزويني وابن البن وابن صصرى والبهاء وابن صبّاح والكاشغري، وابن غسان وابن الزبيدي وعمر بن شافع وطائفة. وكان من بقايا الشيوخ المسندين. خرجت له عوالي في جزء ضخم وخرج له ابن النابلسي مشيخة في جزئين.

وروى عنه في حياته: ابن الخباز وابن العطار وسمع منه بشر كثير منهم: المزي والبرزالي وابن سيد الناس والمقاتلي والمجد الصيرفي والمحب المقدسي وابن المهندس ونجم الدين القحفازي النحوي وشمس الدين ابن المهيني.

وقاسى التتار، ثم دخل البلد فقيرًا وتوفي في منتصف رجب.

718 -

‌ محمد بن محمد بن أبي عابد مري بن ماضي

، الصالحي، الصحراوي.

روى عن جعفر الهمداني، أخذ عنه البرزالي والمقاتلي ولم أسمع منه. جرح وأوذي ومات في جمادى الأولى.

ص: 934

719 -

‌ محمد ابن القاضي بهاء الدين

محمد ابن بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان، القاضي، عماد الدين الشافعي، قاضي عجلون.

رئيس جليل، صاحب مكارم. قرأ عليه علم الدين جزءًا بإجازته من ابن الجميزي والسبط.

توفي في ربيع الآخر بقلعة عجلون.

• - محمد بن محمد، هو الخطيب موفق الدين. يأتي بلقبه.

720 -

‌ محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك

، تقي الدين، المعروف بالأسد ولد العلامة حجة العرب جمال الدين.

بلغني أن والده صنف الألفية لأجله ليحفظها، فلم يحذق في نحو، وكان طيب الصوت، يقرأ بالظاهرية وغيرها. وله مسجد ومجلس مع الشهود.

توفي في شوال.

721 -

‌ محمد بن محمد بن يوسف بن نصر

، صاحب الأندلس، أمير المسلمين، أبو عبد الله ابن الأحمر.

تملك بعد والده سنة إحدى وسبعين وامتدت أيامه ومات في هذه السنة في عشر الثمانين وتملك بعده ابنه محمد تسعة أعوام وخلع. ومملكة الأندلس اليوم في قدر نصف مملكة الشام بل أقل.

722 -

‌ محمد بن مظفر بن قيماز

، شمس الدين الدمشقي، السقطي بالزيادة.

ولد في حدود العشرين وستمائة وقرأ القرآن على الفقيه سليمان بن عبد الكريم، فسمعه من ابن المقير وكريمة والسخاوي ونسخ بخطه شيئًا من سماعه. وله ثبت وإجازات، سمعنا منه نسخة فليح وكان جده عتيق سلامة الرقي صاحب القبة التي بالصالحية.

توفي في عاشر جمادى الآخرة.

ص: 935

723 -

‌ محمد ابن القاضي الشديد أبي الفضل

معالي بن فضل الله بن معالي بن بركات، ابن الملاق، زين الدين الرقي، الكاتب بدمشق في ديوان السكر.

ولد سنة اثنتين وعشرين بالرقة وسكن دمشق من أول الدولة الظاهرية، ولي أبوه القضاء والوزارة بالرقة؛ وهم بيت قديم بالرقة.

روى بالإجازة عن عبد السلام الداهري والسهروردي، سمع منه البرزالي وغيره ومات عقيب التتار بدمشق وورثة الأمين إسماعيل الشاهد قواليج.

724 -

‌ محمد بن مكي بن أبي الذكر بن عبد الغني

، الشيخ شمس الدين أبو عبد الله بن أبي الحرم القرشي، الصقلي، ثم الدمشقي، نزيل القاهرة وأحد الرقامين بدار الطراز.

ولد في رجب سنة أربع وعشرين. وسمع من ابن صباح وابن الزبيدي وابن اللتي، ومكرم، والإربلي، وابن الشيرازي، وابن المقير وكريمة وجماعة. وحدث بالصحيح عن ابن الزبيدي. وكان مكثرًا، صحيح السماع، سمع منه المصريون والرحالة. وقرأت عليه عشرة أجزاء.

توفي في الحادي والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. ومن مسموعه كتاب التيسير من محيي الدين ابن العربي قال: أخبرنا أبو الحسن بن هذيل إجازة.

725 -

‌ محمد بن نصر الله بن محمود

، الشهاب العطار، الشيباني، الدمشقي.

سمع من ابن مسلمة وفرج الحبشي. ولم يحدث. ومات في ربيع الأول.

726 -

‌ محمد بن هاشم ابن الشريف البهاء عبد القاهر

الشروطي ابن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الربيع بن سليمان بن حمزة، الشريف المعمر، شمس الدين، أبو عبد الله الهاشمي، العباسي، الصالحي. من ولد الأمير صالح بن علي.

ص: 936

شيخ عدل، دمشقي، أصيل، مشهور. ولد في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وستمائة وروى عن عم أبيه الفضل بن عقيل. وحدث بالصحيح غير مرة عن ابن الزبيدي.

وحدث بالإجازة من أبي روح وليس اسمه مصرحًا في الإجازة.

وكان يمكنه السماع من الكندي وطبقته، فلم يظهر له ذلك وانقطع في الآخر ببستانه ببيت لهيا بناحية المصيصة وبه كان موته في تاسع رمضان، يوم مات شمس الدين ابن الفخر ودفن بمقبرة باب الفراديس.

سمع منه المزي وابنه والبرزالي والمقاتلي والنابلسي وشهاب الدين الظاهري وكان شيخًا كبيرًا فانيًا.

أخبرنا أبو المحاسن محمد، قال: أخبرنا أبو المحاسن الفضل سنة خمس وعشرين وستمائة قال: أخبرنا حسان الزيات، فذكر مجلسًا سمعه من الفقيه نصر.

• - محمد بن يوسف بن إسماعيل، هو الموفق.

727 -

‌ محمد بن يوسف ابن الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف

بن محمد بن أبي يداس، الشيخ الإمام العدل المرتضى بهاء الدين أبو الفضل بن أبي الحجاج ابن البرزالي، الإشبيلي الأصل الدمشقي الشافعي.

ولد في رجب سنة ثمان وثلاثين وستمائة وأحضره والده على جماعة منهم: السخاوي وابن الصلاح وكريمة وعتيق السلماني والمخلص ابن هلال والتاج ابن أبي جعفر ومحاسن الجوبري والمرجى بن شقيرة وطائفة. ثم توفي والده شابًا وخلفه طفلًا له خمسة أعوام، فربي في حجر جده لأمه الشيخ الإمام علم الدين القاسم بن أحمد اللورقي وقرأ عليه القراءات وشيئًا من الفقه والنحو، وكتب الخط المنسوب وبرع فيه ونسخ جملة من الكتب. وأجاز له طائفة من شيوخ بغداد ومصر والشام. وقرأ عليه ولده الحافظ أبو محمد القاسم - أبقاه الله - شيئا كثيرا، حتى إنه قرأ عليه الكتب الستة بالإجازات. وحدث بدمشق ومصر والحجاز. وبرع في كتابة الشروط وكتب الحكم للقضاة ومهر في ذلك، ورزق حظوة مع التصون والديانة والتقوى والتحري والنزاهة والوقار والتعبد.

ص: 937

وكان قليل المثل في فنه، تفضل وزكاني مرة عند القاضي جمال الدين الزرعي.

توفي يوم الجمعة العشرين من شوال ودفن بعد العصر بمقبرة باب شرقي، عند والده.

728 -

‌ محمد بن يوسف بن خطاب بن حسن

، شمس الدين التلي، الصالحي، الحنبلي.

رجل مبارك، كثير الحج، قرأ لنا عليه البرزالي جزءًا عن جعفر الهمداني. ومات في السابع والعشرين من جمادى الأولى وقد قارب السبعين.

729 -

‌ مريم بنت أحمد بن حاتم بن علي

.

دينة، صالحة، مبتلاة بالآلام، صابرة، محتسبة. روت عن الإربلي وحضرت على البهاء عبد الرحمن، سمعت منها جزءًا.

مولدها ببعلبك سنة اثنتين وعشرين وستمائة وتوفيت بها في التاسع والعشرين من رمضان.

وهي أخت الشيخ الزاهد إبراهيم بن حاتم.

730 -

‌ مريم بنت أحمد ابن الإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد المقدسي

، أم عبد الله.

حضرت على الفقيه محمد بن عبد الملك بن عثمان وأجاز لها أبو طالب بن القبيطي وأبو إسحاق الكاشغري. وهي أخت المحدث محب الدين عبد الله وزوجة أحمد بن أبي محمد المغاري. سمع منها محب الدين عبد الله والبرزالي وجماعة. وماتت في جمادى الأولى داخل المدينة ودفنت إلى جانب السور.

731 -

‌ المطروحي

، الأمير جمال الدين آقوش الحاجب.

شيخ مليح الشكل، مديد القامة، ظاهر الهيبة. كان حاجبًا، جليلًا، خبيرًا، عاقلًا، ناهضًا، مجملًا لمنصبه. أعطي الطبلخاناه في أواخر عمره.

ص: 938

جهل أمره من بعد الوقعة فقيل: إن الكسروانيين باعوه للفرنج.

732 -

‌ منصور بن عبد الكريم

، أبو أحمد ابن العجمي السراوي ويعرف بابن الحمصي أيضًا.

ولد بحمص سنة خمس وأربعين. وأقام مدة في بستان في جوار خان الطعم، ثم انتقل إلى حمص. وكان فيه زهد وانقطاع.

توفي في ربيع الآخر بعد أن شهد الوقعة.

733 -

‌ منكبرس الجمالي

، الأمير الكبير ركن الدين، أبو سعيد التركي الساقي، أحد غلمان الأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي.

بطل شجاع، مهيب، من أمراء الدولة المنصورية والأشرفية. وولي نيابة غزة في الدولة الحسامية وبعد ذلك سمعت منه بحضرة شيخنا ابن الظاهري وكان يتردد إلى الشيخ. شهد المصاف وثبت، فجاءته ضربة في وجهه، فصرخ في أصحابه وحمل بهم في التتار، فجاءه سهم واشتغل عنه أصحابه بالعدو، ثم رجعوا فوجدوه قد استند إلى رمحه ومال، فلم يدركوه إلا وقد سقط، فترجلوا إليه، ثم عجزوا عن دفنه.

روى عن سبط السلفي. وكان ممن جاوز السبعين.

734 -

‌ موفق الدين الخطيب الحموي

. هو أبو المعالي محمد بن محمد بن المفضل بن محمد بن عبد المنعم بن حسين بن حمزة بن حسين بن أحمد بن علي بن طاهر بن حبيش، القاضي الإمام الخطيب المفتي، ولد القاضي عز الدين أبي المبشر، ابن القاضي نجم الدين أبي المكارم، ابن القاضي مهذب الدين أبي عدي، ابن القاضي تاج الدين أبي سالم، ابن القاضي أمين الدين أبي القاسم، حسين بن حمزة البهراني، القضاعي، الحموي الشافعي، المعروف بابن حبيش.

ولد في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحماة، وتفقه بها وحصل وشارك في الفضائل وسمع من أبي القاسم بن رواحة والكمال بن طلحة وجماعة. وروى لنا بالإجازة عن جده لأمه أبي

ص: 939

المشكور مدرك بن أحمد بن مدرك بن حسين بن حمزة القضاعي.

وكان إمامًا، جليلًا، كبير القدر وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير البيت. ولي خطابة حماة مدة، ثم نزح عنها لتهديد السلطان له لما أنكر وأراق الخمور، فأقام بدمشق مدة، ثم ولي خطابتها سنة ثلاث وتسعين. ثم عزل ثم طلب إلى حماة وولي قضاءها مدة. ثم قدم إلينا منجفلًا، فتعب وحضر أجله، فتوفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة بدرب القاضي الفاضل عند ابنته، ودفن بمقبرة باب الفراديس.

وكان شيخًا ضخمًا، تام الشكل، أبيض اللحية، حسن البزة، جهوري الصوت، من أهل الدين والخير والسنة.

735 -

موفق الدين، هو محمد بن يوسف بن إسماعيل بن إبراهيم بن طلحة المقدسي، الحنبلي، الشاهد.

رجل جيد، خير، متنسك، متودد إلى الناس، روى لنا عن ابن المقير.

توفي في رابع شعبان عن خمس وسبعين سنة.

736 -

‌ موفق الدين الكحال

، هو الحكيم أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن محمد بن نبيل العبادي.

رجل جيد، متميز في الكحالة، روى عن الرضي ابن البرهان، كتب عنه البرزالي وغيره.

توفي كهلًا في ذي الحجة وله أولاد.

737 -

‌ موفق الدين اليسري

، البغدادي، الفقيه الحنبلي.

من أعيان شيوخ الحنابلة بدمشق، توفي في رجب، وصلي عليه عقيب الجمعة هو وعشرة أنفس، أحدهم الشيخ يونس اليونسي عم الشيخ سيف الدين الرجيحي.

738 -

‌ الموفق القيسي

، الشيخ الجنائزي، نقيب الوعاظ والموتى.

ص: 940

مات في رجب.

739 -

‌ ناصر الصالحي

، المقرئ، الملقن، أخو أمين الدين الخياط، الفقير، الصوفي.

توفي في رمضان، كان له حلقة كبيرة بالتلقين بجامع الجبل.

740 -

‌ النجيب محمد ابن شيخنا الكمال محمد بن أبي الفتح نصر الله بن إسماعيل

، ابن النحاس الأنصاري، الدمشقي، الكاتب.

رئيس متميز، كاف في التصرف، سمع جزء ابن عرفة من ابن عبد الدائم.

توفي زمن التتار بحصن صافيثا. وهو والد المولى أمين الدين.

741 -

‌ النجيب، نجيب بن محمد بن يوسف

، الخلاطي، الصوفي، المقيم بالقيمرية التي بالقباقبيين.

شيخ ضخم، تام الخلقة، أبيض اللحية، كبير السن. كان يصلي بالأمراء القيمرية، وله صوت طيب وكلام في التصوف.

توفي في أول يوم من جمادى الآخرة وقد نيف على التسعين. وقد كتب في إجازة لابن الخباز في آخر سنة ثمانين وستمائة: مولدي في سنة أربع وستمائة بخلاط.

742 -

‌ نجم الدين الديلمي الشافعي

.

فقيه بالمدارس بدمشق. له خبرة بالحاوي وفيه خير وسكون، مات يوم الفطر.

743 -

‌ نوح بن عبد الملك ابن الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك ابن المقدم

، الأمير نجم الدين أبو البقاء.

ولد سنة أربع وعشرين وأصيب يوم المصاف وحمل إلى حماة فدفن بها، روى عن ابن رواحة، سمع منه البرزالي وغيره. وهو من أمراء حماة.

744 -

‌ النور ابن عبد الكافي

، هو عبد الله ابن شيخنا العدل ضياء الدين ابن الخطيب الكبير جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي، الدمشقي الشروطي، الأديب.

ص: 941

ولد سنة أربع وستين وستمائة وسمع من جماعة مع عمه الحافظ علي بن عبد الكافي. وكان حسن الكتابة، جيد النظم، فيه لعب وعشرة وانطباع واشتلاق.

توفي في ربيع الأول. رحمه الله.

745 -

‌ النورس المؤذن

، النحاس إبراهيم.

من مؤذني الجامع، توفي في صفر.

746 -

‌ النورس الخياط

، المجاور بالحائط الشمالي، محمد بن حامد التنوخي، أخو الشيخ أحمد الأعقف الحريري.

توفي في شوال.

747 -

‌ هدية بنت الشيخ عبد الحميد بن محمد بن سعد بن إبراهيم المقدسي

، المرداوي، أم محمد.

امرأة صالحة، دينة، زوجة الفقيه أحمد المرداوي وأم أولاده: عبد الحميد وعبد الرحمن ومحمد وعائشة، روت صحيح البخاري عن ابن الزبيدي وسمعنا منها.

توفيت في ربيع الآخر.

748 -

‌ همام، شجاع الدين

، النقيب بدار الولاية بدمشق.

كحلت عيناه ومات بعد يوم وكان قد أعان التتار. وما كان بذاك الظالم، سامحه الله.

749 -

‌ وهبان بن علي بن محفوظ بن أبي الحياء

، زين الدين، أبو الكرم الشيبي، الجزري، المؤذن.

روى لنا عن عبد العزيز بن باقا وحدث بدمشق ومصر. وكان مؤذنًا بدار السلطنة معمرًا.

ولد بجزيرة ابن عمر سنة أربع وستمائة. ومات بالقاهرة في ربيع الأول.

750 -

‌ يحيى بن أحمد بن يحيى

، الشيخ جمال الدين الحنفي.

ص: 942

انقطع عن الخدم والكتابة ولازم الخير والعبادة وهو والد المحتسب الرئيس بهاء الدين ابن عليمة.

توفي في رجب.

751 -

‌ يوسف ابن القاضي محيي الدين محمد بن محمد

بن عبد الرحمن ابن الأستاذ القاضي بهاء الدين الأسدي، الحلبي، الشافعي، قاضي سرمين.

ولد سنة تسع وثلاثين بحلب وسمع من ابن رواحة والمؤتمن بن قميرة وابن خليل. وحدث بدمشق، ومصر، وحلب، وسرمين، وولي قضاءها مدة.

توفي بدمشق في أواخر رجب.

752 -

‌ يوسف ابن الشيخ تاج الدين موسى بن محمد بن الحيوان

، بهاء الدين الأديب.

شاب ذكي، فاضل، تفقه وحصل وسمع الحديث ونظم الشعر الجيد. ثم تمفقر ولازم ابن الباجربقي، فأفسد عقيدته ودمر عليه. وكان كيسًا متواضعًا حسن العشرة. وهذا من شعره:

أناشدكم بالله إلا وقفتم ليقضي أوطارًا من الوصل مغرم أخو صبوة ما زال يكتم حبه فأظهر قاني الدمع ما كان يكتم يقولون لي ما العشق والوجد والأسى وما البعد حتى يشتكيه المتيم فواحسرتي من طول حزني ولوعتي يهون أمر الحب من ليس يعلم توفي البهاء يوسف ابن الحيوان في ثاني ذي القعدة وقد قارب الثلاثين.

753 -

‌ يوسف بن أبي نصر بن أبي الفرج بن أبي نصر ابن الشقاري

، الشيخ الأمير المسند عماد الدين أبو الحجاج الدمشقي.

ولد في حدود سنة عشر وستمائة. وسمع الصحيح من ابن الزبيدي وابن الصلاح وسمع من الناصح ابن الحنبلي والفخر الإربلي والرشيد ابن الهادي والسخاوي. وولي إمرة الحاج مرات متعددة، وأنفق في ذلك وفي وجوه البر أموالًا كثيرة. وكان رجلًا جيدًا، متواضعًا، سليم الباطن، سهل

ص: 943

العريكة، فيه دين وعدالة وسماحة. وكان جيد السيرة والمداراة في الطريق. وقف بالنيرب تربة مليحة نقية وخانكاه ومسجدًا. ووقف على ذلك أماكن. وحدث بالصحيح غير مرة وحدث بالحرمين. وكان محبًا للرواية، رحمه الله. قرأت عليه الصحيح في عشرة أيام.

توفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر ودفن بداره، ثم نقل إلى تربته بعد خمسين يومًا.

754 -

‌ أبو بكر بن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى

، الشيخ محيي الدين ابن الخطيب نجيب الدين المقدسي، ابن خطيب بيت الآبار. مؤذن القرية.

ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع أباه وعمه وجدته أم البنين زينب بنت عبد الرزاق وابن اللتي والإربلي والتاج القرطبي وتوفي في عاشر شعبان.

سمعت منه المائة الشريحية وهي جزء عدته نيف وستون حديثًا.

755 -

‌ أبو حامد بن محمد بن مسعود بن الحسن بن سعد الله بن سرايا

، الحراني، المقرئ، مؤذن جامع جراح.

ولد بحران سنة عشرين. وسمع: ابن اللتي وابن رواحة وابن خليل بحلب، وكان يلازم السبع الكبير وبه سمعت منه.

توفي في وسط ربيع الآخر ودفن من غير غسل إلى جانب السور، رحمه الله.

756 -

‌ أبو طالب، العلوي

، الحسيني، المعمار.

شيخ سمين، فيه سنة ودين وبغض للمبتدعين. وله دكان بالرحبة لبيع الأبواب والرخام وآلات العمارة.

توفي في ذي القعدة.

ص: 944

757 -

‌ أبو عبد الله المرجاني

، الواعظ، المذكر، الزاهد، القرشي، التونسي.

كان متفننًا، عالمًا، مفسرًا، مذكرًا، حلو العبارة، كبير القدر، له شهرة في الآفاق. قدم الإسكندرية مرة وذكر بها وبالديار المصرية.

سألت الفقيه أبا مروان المالكي وكان قد صحبه، فأثنى عليه وأسهب في وصفه وقال: كان مقتصدًا في لباسه، يتطلسن فوق العمامة على زي علماء بلده. وكان بارعًا في مذهب مالك، رأسًا في التفسير، عارفًا بالحديث، له قدم في التصوف والعبادة والزهد. وكان أشقر أشهل، أبيض الرأس واللحية، خفيف اللحم لم يصنف شيئًا، ولا كان أحد يقدر أن يعيد ما يقوله لكثرة ما يقول على الآية، وربما فسر في الآية الواحدة على لسان القوم ثلاثة أشهر. خلف كتبًا كثيرة وعدة أولاد.

قلت: توفي في هذا العام وصلوا عليه بالقاهرة صلاة الغائب في رابع عشر رمضان. وكانت وفاته بتونس ودفن بظاهرها بجبل الزلاج وشيعه سائر أهل تونس. وكان جمعًا مشهودًا وحضره صاحب تونس المستنصر بالله أبو عبد الله محمد ابن الواثق يحيى ابن المستنصر أبي عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي، وعاش اثنتين وستين سنة، وكانت وفاته ليلة السبت الثاني والعشرين من ربيع الآخر من السنة.

وفيها ولد:

القاضي عماد الدين ابن قاضي القضاة علم الدين ابن الأحنائي، وبدر الدين محمد بن علي بن محمد ابن السكاكري، وجمال الدين إبراهيم بن يونس الغانمي.

ص: 945

سنة سبعمائة

758 -

‌ أحمد بن إبراهيم بن أبي بكر

، الفقيه، شهاب الدين ابن الجزري، أخو العدل شمس الدين.

شاب فاضل، كثير المحفوظ، من أبناء الثلاثين. قرأ الفقه والأصلين والعربية وسمع الكثير مع الشيخ علم الدين. وكان متواضعًا، متوددًا، جيد الفهم.

توفي في تاسع عشر المحرم، رحمه الله.

763 -

‌ أحمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحيم

، العدل، الأمين، أبو بكر ابن العجمي الحلبي.

مات في حدود سنة سبعمائة، حدثنا عن ابن اللتي حضورًا. وسمع من ابن رواحة وابن خليل وابن مسلمة. وكان عاقدًا بمصر قارب السبعين سنة.

760 -

‌ أحمد ابن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي

بن يوسف بن محمد بن قدامة، الشيخ المسند المبارك عز الدين أبو العباس المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

ولد تقريبًا سنة اثنتي عشرة، وسمع من: الشيخ موفق الدين ابن قدامة وموسى بن عبد القادر وابن راجح وابن أبي لقمة والبهاء وأبي القاسم بن صصرى وشمس الدين أحمد البخاري وابن غسان وابن الزبيدي وجماعة.

خرجت له مشيخة في ثلاثة أجزاء وسمعها خلق. وعدم منها جزءان زمان التتار. وظهر له أيام التتار سماع مسند أبي داود الطيالسي، من الشيخ الموفق وأظن له فوت. وقد حدث بالكثير وصار من أعيان المسندين في زمانه وقصد بالزيارة وبقيت له صورة كبيرة.

وكان قد انقطع في جنينته بالجبل وأقبل على الخير والذكر والتطوع.

ص: 946

وكان متواضعًا، ظريفًا، متوددًا، صحيح السماع. تفرد بشيوخ وأجزاء عالية وظهر له حضور بعد موته من الشمس أحمد بن عبد الله العطار وتفرد بذلك.

توفي في ثالث المحرم وله ثمان وثمانون سنة.

761 -

‌ أحمد بن محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مفلح

، الشيخ، الصالح، الفاضل، المسند، عماد الدين ابن المولى الأديب العالم شمس الدين المقدسي، الصالحي، الحنبلي.

ولد سنة سبع عشرة وستمائة، يروي عن: المجد القزويني وابن الزبيدي والإربلي وابن اللتي وابن المقير وجماعة.

وأجاز له الشيخ الموفق والفتح ابن عبد السلام ومسمار بن العويس وطائفة. وحدث قبل الستين وستمائة وإلى أن مات. وكان شيخًا صالحًا، خيرًا وقورًا، صحب الصالحين وحج مرات وحدث بالحجاز وحماة ودمشق وأماكن وسمع منه خلق.

توفي في رابع عشر المحرم.

762 -

‌ أحمد بن ياقوت النابلسي

، الشيخ الصالح المقرئ، شهاب الدين ابن الأرمنية.

ولد سنة سبع عشرة، وسمع من: خطيب مردا ومن الجمال عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة وتفقه عليه. وكان إمام مسجد شيخنا العماد بن بدران. سمعت منه أنا والبرزالي ومات في صفر.

763 -

‌ إبراهيم بن علي الصهيوني

، المقرئ.

ولد باللاذقية سنة أربعين وستمائة وسمع من ابن عبد الدائم. أخذ عنه البرزالي. وكانت له حلقة تلقين بجامع دمشق وله أولاد حفظوا القرآن.

توفي في المحرم.

764 -

‌ إبراهيم ابن الشيخ علي بن محمد بن علي بن بقاء

، الصالحي، الملقن ابن الملقن.

ص: 947

رجل صالح، روى عن ابن عبد الدائم. وكان من أبناء الأربعين.

توفي في صفر.

765 -

‌ إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن سونج

، الصالحي، المعروف بابن الحكيم. وكان يعرف بالشيخ إسماعيل البكري.

شيخ صالح مشهور، له أصحاب وطريقة وعرف بالبكري لأنه كان يتوب ويأخذ العهد لأبي بكر الصديق. وكانت سوقه نافقة وحلقته عامرة. وفيه في الجملة خير ودين وسنة وتواضع، وحسن سمت، وله أبهة المشيخة، ويعمل السماعات والأوقات الطيبة، وله زاوية بالجبل، وحلقة بجامع دمشق بعد الصلاة، ويحفظ كثيرًا من الحديث والرقائق ملحونًا. سمع من ابن عبد الدائم؛ ولم يحدث وهو أخو حسن وحسين.

اتفق أنه طلع إلى جبل لبنان بأصحابه فمرض بالاستسقاء وقدم قرية فقال: ها هنا أموت. وعين موضعًا لدفنه. فلما مات عظمه أهل تلك الجهة وبنوا على قبره، رحمه الله.

توفي كهلًا في السابع والعشرين من جمادى الآخرة.

766 -

‌ إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو بن موسى بن عميرة

، الشيخ العدل، الجليل، المسند الصالح، عز الدين، أبو الفداء ابن المنادي وابن الفراء المرداوي، ثم الصالحي، الحنبلي.

ولد سنة عشر وستمائة. وسمع من الشيخ الموفق فأكثر ومن ابن البن وابن راجح وابن أبي لقمة والقزويني والبهاء عبد الرحمن وأبي القاسم بن صصرى وابن الزبيدي وابن صباح وجماعة. وخرجت له مشيخة في جزء واحد وحدث بالكثير. وروى الصحيح وشرح السنة ومعالم التنزيل مرات. وكان محبًا للحديث، كثير التلاوة والذكر والطاعة، حسن الأخلاق، دائم التواضع، حسن الهيئة والبزة، مبادرًا إلى التسميع، حيث ما قيد انقاد. وفاتني عليه كتابا محيي السنة البغوي بالكسل والتسويف وسمعت عليه بحمد الله جملة صالحة وانقطع بموته شيء كثير.

ص: 948

وكان من محاسن الشيوخ. وكان له كفاية جيدة من ملكه وأكثر ذلك بالعقيبة، فاحترق وأصيب في الجبل في نفسه وأهله ودخل البلد ضعيف الحال وبقي مسكينًا بعد النعمة، عليه فروة عتيقة وعلى رأسه خرقة وسخة. وقاسى بردًا وجوعًا ولطف الله به وعوضه بالصبر والاحتساب وحمل عنه، وانتقل إلى رحمة الله بكرة الجمعة سابع جمادى الآخرة بسفح قاسيون بجنينته، وصلي عليه بالجامع المظفري، عقيب الجمعة.

767 -

الإسنائي، هو الإمام الفاضل عز الدين إسماعيل بن علي المصري، الشافعي.

كان رئيسًا له شكل مهيب واشتغال ومعرفة. وكان يكتب في الفتاوى. ولي نظر الأوقاف بحلب مدة ومات بالقاهرة.

768 -

‌ إلياس بن عثمان

، الفقيه سعد الدين الخويي، الحنفي، معيد الظاهرية والشبلية.

توفي بدمشق في ربيع الأول، من كبار الحنفية.

769 -

‌ أيدمر الظاهري

، الأمير الكبير عز الدين نائب دمشق في أواخر دولة الملك الظاهر.

رأيته في هذه السنة عابرًا إلى الجامع، شيخًا، عليه قباء أبيض وتخفيفة، لا يؤبه له، فأعجبني سمته وشيبته. وقد حبس مدة في الدولة المنصورية وأطلقه الملك الأشرف، فقدم دمشق وأقام برباطه الذي على ثورا عند الجسر الأبيض. وتوفي في ثاني ربيع الأول ودفن بتربته التي مع الرباط وقد شاخ.

770 -

‌ جوهر الطواشي صفي الدين الحبشي

، الظهيري، التفليسي.

سمع الكثير وعني بالرواية واستنسخ الأجزاء وأكثر عن أصحاب ابن طبرزد وغيرهم، روى لنا جزءًا عن أحمد بن أبي الخير سلامة، ووقف أجزاءه، ووقف وقفًا على قراءة قرآن، وكرسي حديث، وكان صالحًا، مباركًا، حسن الخلق، أوذي أيام التتار وسلبوه.

ص: 949

توفي في رابع عشر رمضان وهو في أوائل الشيخوخة.

771 -

‌ حسن الكردي

.

شيخ صالح، زاهد، صاحب حال وكشف. وكان كبيرًا معمرًا، من أبناء التسعين. وهو مقيم بالشاغور بحاكورة له يزرع بها القنبيط والبقل ويرتفق بذلك ويطعم كل من يدخل لزيارته. وكان يصلي الجمعة ويجلس مع الشيخ علي السقباني. ويقال: إنه عند الموت اغتسل وأخذ من شعره واستقبل القبلة وركع ركعات وعبر إلى الله في رابع جمادى الأولى.

772 -

‌ حسين بن علي بن حسين بن مناع

، العدل الأجل شرف الدين التكريتي التاجر.

رجل متميز، عاقل، مهيب، له ثروة، وفيه ديانة وأمانة. سمع من ابن عبد الدائم ولم يحدث.

توفي كهلًا في صفر.

773 -

حينئذ، هو الفقيه المناظر محيي الدين عبد القادر بن أحمد البغدادي.

فقيه كهل، تام الشكل، لديه معرفة وفضل وكان في بحوثه يكثر من قول حينئذ فلقب بذلك. وكان يحضر المدارس وجلس يشهد في الآخر. وحصل له خاتمة خير، فإنه سقط من سلم فمات يوم الجمعة ثاني رمضان.

774 -

‌ خديجة بنت القاضي كمال الدين إسحاق

بن خليل بن فارس الشيباني الشافعي.

روت لنا بالإجازة عن ابن صباح وابن اللتي وابن باسويه والإربلي وجماعة. وتوفيت بأذرعات عند أخيها القاضي محيي الدين في المحرم.

775 -

‌ الخضر بن عبد الرحمن بن الخضر بن الحسين

بن الخضر بن الحسين بن عبد الله بن عبدان، الشيخ الأصيل، شمس الدين، بقية المسندين، أبو القاسم بن أبي الحسين الأزدي، الدمشقي، الكاتب.

كان شيخًا بشوشًا، متوددًا، عاميًا، ناقص الفضيلة، ارتزق بالخدم في

ص: 950

جهات المكس وغيرها، ثم في آخر أمره عزل وبطل.

ولد في ربيع الأول سنة سبع عشرة وستمائة، وتفرد بأشياء من المرويات والشيوخ. روى عن النفيس ابن البن مغازي ابن عائذ وعن أبي القاسم بن صصرى وأبي المجد القزويني وزين الأمناء والمعافى بن أبي السنان والمسلم المازني وابن غسان. وحضر على ابن أبي لقمة. وأجاز له الشيخ الموفق والفتح ابن عبد السلام. خرج له الشيخ علم الدين مشيخة، وسمع منه خلق على ضعفه، منهم المزي وابن حبيب والمحب وابن النابلسي والواني والشهاب المنبجي وابنه عبد الرحمن. وحضر عليه محمد ابن المزي.

توفي في أول ذي الحجة ودفن بتربة آبائه عند الكهف.

776 -

‌ خليل بن إسماعيل بن نابت

، بالنون، المحدث الفقيه فخر الدين الأنصاري القدسي.

فقيه ذكي، متيقظ، كثير العلم، حسن البحث، فاضل في الحديث. رحل إلى مصر وإلى دمشق ولقي المشايخ وكتب. وكان محدث القدس ومفيده.

توفي في ربيع الأول. ودرس في القدس بالأمجدية وغيرها. وعاش إحدى وأربعين سنة. روى عن العز الحراني. روى عنه ابن الخباز مع تقدمه.

777 -

‌ داود بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد

، الأمير الرئيس الجليل عماد الدين ابن الأمير بدر الدين الهكاري المقدسي الدار.

وبالقدس ولد في سنة تسع وستمائة. سمع من: ابن اللتي وحامد بن أبي العميد القزويني والمحدث زكي الدين البرزالي وأبي القاسم بن رواحة وأبي الحجاج بن خليل، وأبي القاسم بن قميرة بحلب، والتاج ابن أبي جعفر بدمشق، وعمار بن منيع بحران، وعبد الغني بن بنين بمصر.

وكان فاضلًا، نبيلًا، جليلًا، بطلًا، شجاعًا، سمحًا، كريمًا، لم يزل يركب ويتصيد إلى أن مات. وولي نيابة قلعة جعبر في دولة الناصر. وكان محبًا

ص: 951

للحديث والسنة. حدث بدمشق والقدس وفاتني لقيه، فإنني قصدته بالقدس مقدمي من مصر، فإذا هو بدمشق، فأتيت دمشق فإذا هو رجع على أريحيا وجئت على نابلس.

توفي في رجب وله إحدى وتسعون سنة.

778 -

‌ الزكي، الزعيم مفسر المنامات

بجامع دمشق.

كان ضريرًا، مليح الشكل، جيد التعبير، وهو عبد اللطيف الحراني، أخو الشيخ أحمد المنجنيقي الفقير.

توفي في ربيع الآخر كهلًا.

779 -

‌ زينب، أم الخير بنت قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد

ابن الزكي، القرشي، الدمشقي، الشافعي. زوجة النظام عبد الله ابن البانياسي.

روت لنا عن: أبي الحسن بن المقير، وعلي بن حجاج البتلهي وأبي القاسم بن رواحة وفتوح بن نوح الخويي. وسمعت أيضًا من: محيي الدين ابن العربي صاحب التصانيف. سمعنا منها ببستان أولادها عند بركة الحميريين أنا والبرزالي والمقاتلي وابن النابلسي وجماعة. وتوفيت بالبستان في تاسع شعبان ودفنت بالجبل.

780 -

‌ زينب بنت يوسف بن عمر ابن خطيب بيت الآبار

.

روت عن الفخر الإربلي، لم أسمع منها. وتوفيت في ربيع الآخر.

781 -

‌ ست الأمناء بنت الشيخ صدر الدين أسعد بن عثمان

بن أسعد ابن المنجى، والدة الخطيب معين الدين ابن المغيزل وإخوته وتدعى أم عز الدين.

ولدت سنة ثمان وعشرين أو نحوها. وروت عن جدها. جفلت مع

ص: 952

الناس إلى مصر، فأدركها الموت بالسعيدية قبل بلبيس في ربيع الأول، رحمها الله.

782 -

‌ الشريف الدقاق

.

كهل، مهيب، حسن البزة، تام الشكل، كثير الأموال، من أعيان تجار الخواصين ورؤسائهم، وله أولاد ملاح يركبون الخيل ويتجملون.

مات في ربيع الأول، وقد صودر أيام التتار، وأخذوا منه ثلاثين ألفا أو أزيد.

وحدثني أبي أن والد هذا كان منجما بعقبة الكتان، قال: وكنت أراه عنده وهو فقير شاب، ثم صار دقاقا مدة فصمد وحصل، ثم صار تاجرا، وأقبلت عليه الدنيا.

783 -

الشريفي، الأمير الكبير جمال الدين آقوش والي البلاد القبلية بالشام.

كان ذا صرامة ومهابة وسطوة وعسف، حتى هذب الناحية.

مات في شوال.

784 -

‌ الصدر المغسل الحراني

، محمد بن منصور بن منصور.

كهل، فقيه، عالم، متميز في التغسيل، وفيه دين ومروءة، وهو عم صاحبنا الفقيه عبادة، أحسن الله إليه.

توفي في ذي القعدة ببستانه عند عين الكرش.

785 -

الطباخي، ملك الأمراء، سيف الدين بلبان المنصوري.

أمير جليل، موصوف بالشجاعة والحشمة وكثرة الغلمان والعدد والخيول وجودة السياسة. عمل نيابة حلب مدة ونيابة طرابلس وغير ذلك.

توفي بالساحل في ربيع الأول كهلًا.

786 -

‌ عائشة بنت القاضي إسحاق بن خليل الشيباني

، أم عيسى، أخت خديجة المذكورة.

روت لنا بالإجازة مع أختها عن ابن اللتي وابن صباح وجماعة.

ص: 953

وتوفيت بدمشق ودفنت عند أبيها بقاسيون.

787 -

‌ عبد الله بن عمرو

، القاضي بدر الدين الحسباني، قاضي بلاطنس.

توفي بها في المحرم.

788 -

‌ عبد الله الفاتولة

، الحلبي، ثم الدمشقي.

شيخ مسن، حرفوش، مكشوف الرأس، عليه دلق رقيق وسخ من رقاع، وله مجمرة يتوضأ بها، ويجلس عند قناة عقبة الكتان، ويكابد البرد والمشقة ولا يسأل أحدًا فيما علمت، ولا يقرب الصلاة وعقله ثابت. ورأيتهم يذكرون له كرامات وكشفا من بابة كشف الرهبان والكهان. وكان الصبيان يعبثون به فيزط عليهم.

توفي في شوال وصلي عليه بجامع دمشق عقيب الجمعة، وازدحم الناس على نعشه وكانت جنازته مشهودة وكان لهم فيه اعتقاد ويعدونه من عقلاء المجانين، ودفن بالجبل بتربة المولهين.

789 -

‌ عبد الرحمن ابن الشيخ الزاهد إبراهيم بن سعد الله بن جماعة

، الشيخ العالم الصالح، زين الدين أبو الفرج الكناني الحموي، شيخ البيانية بحماة، وأخو قاضي القضاة.

ولد في سنة سبع وعشرين وستمائة وتوفي بحماة في سابع شعبان، رأيته بدمشق شيخًا وقورًا، عاقلًا، حسن السمت، خيرًا.

790 -

‌ عبد الرحمن بن حصن بن غيلان

، أبو محمد النحلي، البعلبكي، المقرئ الزاهد، أخو الشيخ الزاهد أبي الحسن.

روى عن الشيخ الفقيه محمد وأجاز لنا. وكان صالحًا، صوامًا قوامًا، كثير التلاوة والملازمة لمسجد الحنابلة ببعلبك، من خيار عباد الله. وكان من أصحاب الفقيه محمد، صحبه الشيخ إبراهيم الصياح وحكى عنه.

توفي في سابع عشر رجب وله نيف وسبعون سنة.

791 -

‌ عبد الرحيم بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز

، الشيخ عز الدين أبو أحمد البغدادي، الحنبلي.

ص: 954

سمع ابن اللتي وابن القبيطي وعبد الله بن علي بن ثابت ابن النعال وغيرهم. مولده تقريبًا سنة عشر وستمائة. وأجاز لنا.

مات في سادس ربيع الأول.

792 -

‌ عبد الرحيم بن يعقوب بن محمد بن أحمد

بن هبة الله بن أحمد بن قرناص، الشيخ شهاب الدين الحموي.

ولد بحماة سنة سبع وعشرين كابن جماعة المذكور. وسمع من صفية القرشية وغيرها بحماة، ومن يوسف بن خليل بدمشق، ومن ابن مسلمة بدمشق. وطلب بنفسه وكتب أجزاء، سمع منه علم الدين بالمدينة النبوية. وتوفي في هذه السنة ببلده.

793 -

‌ عبد الغني بن قائد

، المكبر للأئمة المطوعة بالجامع.

مات في شعبان. وقد سمع معنا الحديث.

794 -

‌ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز

، نجم الدين ابن العنيقة، العطار.

سمع بحران من محمد بن عبدان وعبد القادر عبد الله ابن تيمية شيئًا من مسند الإمام أحمد. سمع منه البرزالي. ومات في رجب.

795 -

‌ عبد الملك بن عبد الرحمن بن عبد الأحد

بن عبد العزيز بن أبي نصر بن حماد بن صدقة، الشيخ جمال الدين ابن العنيقة الحراني، العطار، التاجر.

ولد بحران سنة ثمان عشرة وستمائة تقريبًا، وتفرد بالرواية عن معالي بن سلامة العطار. وسمع بحلب من ابن رواحة وابن خليل ويعيش النحوي. وسمعت منه خمسة أجزاء أو أزيد. وكان رجلًا دينًا، عاقلًا، مسندًا، موصوفًا بالشجاعة والإقدام في أيام أسفاره في التجارة.

توفي في أواخر ربيع الأول بين الصالحية والعباسة مع الجفال ودفن بالعباسة.

ص: 955

796 -

‌ عبد المنعم بن عبد اللطيف ابن زين الأمناء

أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن، شرف الدين، أبو محمد ابن عساكر الدمشقي.

شيخ فقير، متعفف، كثير القراءة في المصحف في الجامع، متواضع، مطرح التكلف ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع حضورًا من ابن غسان والمسلم بن أحمد.

وروى عن أبي نصر ابن الشيرازي وابن اللتي ومكرم والإربلي وكريمة وغيرهم. وله إجازات من جماعة. سمعت منه أجزاء عديدة.

وكان في الآخر من جملة فقراء الخانكاه الحسامية وبها توفي في ثامن عشر رجب، رحمه الله.

797 -

‌ عثمان ابن الشيخ شرف الدين

محمد ابن الشيخ القدوة عثمان الرومي، شيخ زاوية جده وأبيه التي بالجبل.

كان فيه مروءة وخدمة للفقراء وسمع من ابن عبد الدائم.

توفي ليلة عيد النحر.

798 -

‌ عثمان بن عبد الرحمن

، الشيخ فخر الدين المعري، المقرئ.

ولد سنة أربع وأربعين وستمائة وقدم دمشق فاشتغل بها وتفقه. وقرأ القراءات على الزواوي وغيره. وولي إمامة المدرسة الظاهرية. وسمع الحديث من ابن عبد الدائم وغيره. وكانت له حلقة يجلس بين باب الزيادة وباب المقصورة وتلقن عليه جماعة.

توفي في صفر.

799 -

‌ عز الدين محمد بن أبي الهيجاء بن محمد

، الأمير، الفاضل، الهذباني الإربلي، والي دمشق.

ولد سنة عشرين بإربل وقدم الشام في شبيبته. واشتغل وجالس العز الضرير. وكان جيد المشاركة في التارخ والأدب والكلام. وهو معروف بالتشيع والرفض. وكان شيخًا كرديًا، مهيبًا، يلبس عمامة مدورة ويرسل شعره على أكتافه. ولي ولاية دمشق مدة، وكان جيد السياسة، خبيرًا.

ص: 956

وكان موته بالسوادة برمل مصر في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة.

800 -

‌ علي بن موسى بن سليمان

، علاء الدين ابن الكاتب فخر الدين ابن ستيت.

قتله العشير بأرض صرخد. كان شابًا حسنًا، شجاعًا، سمع معنا وقبلنا سنة بضع وثمانين. وقرأ بنفسه وكتب الطباق.

801 -

‌ العماد الفصاص

، الفقير الأحمدي، الرفاعي، المزمزم.

كان شيخا مليح الهيئة، أبيض الشيبة، له حرمة بين الفقراء وصورة وفيه دين وخير. حضرت سماعه وكان مطربًا فيه روح وحس.

توفي في ربيع الأول. وكان من أبناء الثمانين.

802 -

‌ عمر بن عباس بن أبي بكر بن جعوان

، العدل، الجليل، شمس الدين، عم الحافظ الأديب شمس الدين محمد بن محمد الأنصاري، الدمشقي.

ولد سنة ست وثلاثين. وسمع من الشيخ الضياء. سمعت منه بالمدينة النبوية. وكان رجلًا جيدًا متواضعًا. أصيب بحريق أملاكه وذهاب ماله زمن التتار. وتوفي في ثاني عشر صفر، رحمه الله.

803 -

‌ عمر بن غلام الله بن رضوان بن الحسن

، شمس الدين المصري، الأشرفي، أحد الحريرية.

كان ينتمي إلى الحريرية ويلي شيئًا من المكوس، سمع من ابن الزبيدي وابن اللتي، وحدث ولم أسمع منه قصدًا.

توفي في رابع صفر وله اثنتان وثمانون سنة ومولده وموته بدمشق.

804 -

‌ عيسى بن عمر بن أبي بكر

، الشيخ الشرف ابن الأغر المقدسي، إمام مسجد الخواصين المعلق.

رجل دين، منقبض عن الناس، يحضر بدار الحديث الظاهرية. وسمع الحديث وسمع قبل السبعين ولم يحدث.

ص: 957

توفي في جمادى الأولى.

805 -

‌ عيسى بن عبد الغني بن حازم

، أبو محمد الجماعيلي، ثم الصالحي، التاجر.

ولد سنة ثمان وأربعين وروى عن خطيب مردا والتقي اليلداني وغيرهما. وتوجه في تخليص أولاده من التتار، فأدركه أجله بخلاط في هذه السنة.

806 -

الفاشوشة، الشيخ الكبير، شمس الدين إبراهيم بن أبي بكر بن عبد العزيز الجزري، الكتبي.

ولد سنة اثنتين وستمائة. وكان يذكر أنه سمع من فخر الدين ابن تيمية بحران. وكان تاجرًا في الكتب، له دكان كبيرة وكتب كثيرة وخبرة تامة بالكتب وله فضيلة ومذاكرة.

عاش ثمانيًا وتسعين سنة وكان إلى آخر وقت يقرأ الخط الرفيع بلا كلفة.

توفي في رجب. وكان يترفض.

807 -

كرجي، الأمير الكبير، عز الدين أيبك.

من كبار أمراء دمشق ومقدميهم. وكان فارسًا مجاهدًا، يحفظ أحاديث الجهاد وحج بالناس.

توفي في ذي القعدة.

808 -

‌ محمد بن إبراهيم بن علي

، الصالح، الزاهد، موفق الدين ابن القدوة الإمام تقي الدين ابن الواسطي.

سمع الكثير على أصحاب ابن طبرزد وكان صالحًا، منقبضًا عن الناس، مشتغلًا بنفسه، منفردًا، كثير التلاوة، يصوم يومًا ويفطر يومًا.

توفي في المحرم.

809 -

‌ محمد بن جعفر بن محمد الآملي

، شمس الدين ابن خال صفي الدين محمود الأرموي المحدث.

سمع كثيرًا مع ابن عمته وكتب بخطه ولم يبلغ الثلاثين. وكان يلقب بغندر.

ص: 958

توفي في المحرم.

810 -

‌ محمد بن حسن بن يوسف بن موسى

، الفقيه الزاهد المعمر، صدر الدين، أبو عبد الله الأرموي.

ولد سنة عشر وستمائة وقدم دمشق، فسمع من: الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وحضر حلقته، وسمع من: كريمة وعتيق السلماني وابن قميرة وشيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه وابن أبي جعفر وجماعة. وينزل في دار الحديث من أيام ابن الصلاح وفي المدارس. وكان فقيهًا زاهدًا، عابدًا، متهجدًا ورعًا، متنسكًا، ما أظنه تزوج. سمعنا منه معشر الطلبة ونعم الشيخ كان.

توفي بالمرستان الصغير في الرابع والعشرين من شعبان وقد كمل التسعين.

811 -

‌ محمد بن أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله

، الشيخ الصالح، أبو عبد الله الكنجي، المجاور بجامع دمشق من نحو ستين سنة.

سمع من الزين خالد والخطيب عماد الدين ابن الحرستاني وابن عبد الدائم وجماعة. سمعت منه أحاديث وكان دينًا، خيرًا، عاقلًا وهو والد محمد صاحب الخزانة بالجامع.

توفي في رابع عشر ربيع الآخر. وكان من أبناء التسعين.

812 -

‌ محمد بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي

، العدل شمس الدين ولد الخطيب جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي.

شاهد جليل، مشكور مشهور، من كتاب الحكم كأخيه ضياء الدين ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة. وروى لنا جزء ابن عرفة عن النجيب الحراني.

توفي في تاسع رمضان ببستانه.

ص: 959

813 -

‌ محمد بن محمد بن منجى

، العدل زكي الدين الحموي.

سمع من عبد المنعم بن أبي المضاء مجلس بلوغ السبعين، لابن عساكر؛ قرأه عليه علم الدين بحماة.

توفي في جمادى الآخرة.

814 -

‌ محمد بن منصور بن موسى

، الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الحلبي الحاضري المقرئ النحوي.

قرأ القراءات على الكمال الضرير والشيخ علي الدهان. وقرأ العربية على الشيخ جمال الدين ابن مالك وكان أحد شيخي الإقراء بالتربة العادلية وله تصدير في جامع دمشق بمعلوم شيخنا التاذفي. قرأت عليه القراءات أنا وابن غدير في سنة اثنتين وتسعين ولم يكن بذاك الحاذق فيها ولا في النحو، بل له معرفة متوسطة.

توفي في خامس صفر عن بضع وستين سنة.

815 -

‌ محمد بن أبي زيد

، الشيخ شمس الدين الصوفي، شيخ خانكاه خاتون.

كان شيخًا ملسنًا، فصيحًا، سمينًا، فيه شهامة وتبحر وشطارة، توفي في ربيع الأول.

816 -

‌ محمد بن أبي غانم

، الشمس المعري، إمام مسجد التوثة الذي بداخل باب شرقي.

كان فقيهًا بالمدارس وتلقن عليه خلق.

توفي في ذي الحجة.

817 -

‌ محمود بن علي بن محمود

، الحاج الصالح، شرف الدين السراج، شريك الشرف ابن بصخان بالسراجين.

كان حريصًا في كبره على العلم وله دار مليحة عند الديماس، سمع فيها البخاري وشرح السنة والتفسير وغير ذلك بقراءة ابن نفيس، وبسببه سمع صاحبنا المقرئ بدر الدين ابن بصخان فإنه كان في حجره، ثم

ص: 960

كان ملازمًا للجامع يجلس عند الباجربقي. وقد أجاز لنا مروياته.

توفي في رجب وكان من أبناء السبعين.

818 -

‌ محمود بن أبي بكر بن أبي العلاء

بن علي بن أبي العلاء، الإمام، المحدث، الفرضي، شمس الدين، أبو العلاء البخاري، الكلاباذي، الحنفي، الصوفي.

ولد بمحلة كلاباذ في سنة أربع وأربعين وتفقه ببخارى وسمع بها في سنة سبعين وحولها. ثم قدم العراق سنة بضع وسبعين فسمع بها من محمد ابن أبي الدينة ومحمد بن عمر ابن المريخ وابن بلدجي وابن الدباب وطائفة، وبالموصل من الشيخ موفق الدين الكواشي المفسر وجماعة، وبماردين ودنيسر، وقدم دمشق سنة أربع وثمانين فسمع بها ورحل إلى مصر سنة سبع وثمانين فأكثر بها وبدمشق. وكتب الكثير بخطه المليح الحلو وصنف في الفرائض تصانيف. وكان بارعًا فيها. له أصحاب يشتغلون عليه.

وكان دينًا، نزهًا ورعًا، متحريًا، متقنًا، كثير المعارف، حسن العشرة، كثير الإفادة، محبًا للطلبة، سمع من سبعمائة وخمسين شيخًا وسود معجمًا لنفسه، استفدنا منه وكان لا يمس الأجزاء إلا على وضوء، روى عنه شيخنا الدمياطي في معجمه وفاة ابن أبي الدينة، وسمع منه المزي وأبو حيان وابن سيد الناس والبرزالي وقطب الدين والمقاتلي والمجد الصيرفي وطائفة. وقد سمع أشياء نازلة بمرو وسرخس ودامغان، وحج سنة سبع وتسعين.

حدثنا أبو العلاء الفرضي، قال: أخبرنا أحمد بن معشر ببخارى، قال: حدثنا أبو رشيد الغزال، فذكر حديثًا، ولما انقضت أيام التتار سافر من دمشق خوفًا من الغلاء إلى ماردين، فأقام بها أشهرًا وتوفي في أوائل ربيع الأول عن ست وخمسين سنة.

وكان أشقر، ربع القامة وافر اللحية، كبير الهامة، منعجم اللسان، كثير

ص: 961

التودد، حسن الديانة والمعتقد. وكان من أعيان صوفية الخانقاه وقف أجزاءه بالخانقاه وتركها ولم يسافر بها.

819 -

‌ النجم ابن عبيد الله

، هو الفقيه، أبو العباس أحمد ابن الإمام شمس الدين عبيد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله، المقدسي.

شاب فاضل، خير، متواضع، حسن البشر. سمعه أبوه من جماعة، وحضر ابن عبد الدائم. ولم يحدث.

820 -

‌ النجم ابن عساكر

، هو محمد بن إبراهيم بن محمود ابن تاج الأمناء ابن عم بهاء الدين القاسم بن مظفر الطبيب، وهو عم الإمام شرف الدين حسين بن سلام لأمه.

كان فيه زهد وانجماع وانقباض وفيه دين ومعرفة، توفي كهلًا في ذي الحجة وله سماعات ولم يحدث.

821 -

‌ يحيى بن إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد العسقلاني

ثم الصالحي اللبان.

روى عن الحافظ الضياء وسعيدة بنت عبد الملك، سمع منه الطلبة. وما سمعت منه.

توفي في حدود ربيع الآخر.

822 -

‌ يحيى، الملك إمام الدين البكري

، القزويني، صاحب الديوان بالعراق.

مات بالحلة ونقل إلى بغداد فدفن بمدرسته بدرب فراشا، وولي منصبه ابنه افتخار الدين.

823 -

‌ يحيى بن عبد الله بن منصور

، الشيخ محيي الدين الزرعي، الحنبلي، خطيب زرع.

قدم دمشق فتمرض بها خمسة أيام. ومات في نصف ربيع الأول.

824 -

‌ يوسف بن أحمد بن أبي بكر بن علي

بن إسماعيل بن عمر بن عبد المجيد، المسند، المعمر، بقية الرواة، أبو علي الغسولي، المرجي ثم الصالحي، المعروف بابن غالية.

ص: 962

ولد سنة اثنتي عشرة بقاسيون وسمع من موسى بن عبد القادر والشيخ الموفق وتفرد في وقته. وسمع منه خلق. سمعت منه بجامع الجبل وبدار الدواداري وبالنورية وبمنزلنا، قرأت عليه للأولاد.

وكان شيخًا ساكنًا، فقيرًا، متعففًا، وقد بدت منه هنات في وسط عمره، ثم كبر وصلح أمره وكان حجارًا، ثم عجز وشاخ ولزم بيته. وقد غاب مدة في الحصون يخدم حجارًا بها وحدث قديمًا في سنة خمس وستين، ثم غاب ونسي، ثم ظهر في آخر سنة أربع وتسعين ففرحنا به لأنه كان قد انقطع من دمشق حديث المخلص، فظهر له سماع المنتقى من سبعة أجزاء والثاني من حديث زغبة عن الليث. ودللنا عليه فأتيناه.

وسمع منه: المزي والبرزالي والمقاتلي وابن النابلسي والمحب والصدر أبو بكر ابن خطيب حماة والشهاب ابن عديسة ونجم الدين القحفازي وخلق.

توفي في ثالث عشر جمادى الآخرة وجبوا له كفنًا، رحمه الله.

825 -

أبو جلنك، هو الفقيه، الأديب، الشاعر، شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحلبي.

مشهور بالعشرة والنوادر والفضيلة وفيه همة وشجاعة، نزل من قلعة حلب في طائفة للإغارة والكسب، فلاطخوا التتار، فوقعت في فرسه نشابة، فوقف وبقي هو راجلًا. وكان ضخمًا، سمينًا، فأسروه وأحضر بين يدي المقدم، فسأله عن عسكر المسلمين، فكثرهم ورفع شأنهم، فأمر به فضربت عنقه وحصلت له خاتمة صالحة. فالله يختم لنا بخير في عافية ويرزقنا الإخلاص ويمدنا بالتوفيق، إنه كريم وهاب.

ومات في سنة سبعمائة خلق بدمشق.

ص: 963

وفيها ولد:

الخطيب بدر الدين محمد ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني، والمولى شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله كاتب السر، والأمير عماد الدين محمد ابن قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وزين الدين عمر بن عبد العزيز الفارقي المؤذن.

وهذا آخر الطبقة السبعين، وهنا نقف ونحمد الله عودًا على بدء، ونسأله أن يصلي على محمد وآله ويسلم.

ص: 964