الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتي عشرة وسبع مئة
المُحَرّم
أوّلُه الثُّلاثاء كامل، وهو التّاسعُ من شَهْر أيّار.
3514 -
في عَشِيّة الأربعاء، ثانيه، تُوفِّي علاءُ الدِّين عليُّ
(1)
ابنُ الشَّيخ جمالِ الدِّين أحمدَ بنِ محمود بن عبد الله، ابنُ الهِنْديّ، نقيبُ دارِ الحديث الأشْرَفية، ودُفِنَ يوم الخميس بسَفْح قاسيون عند والده.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حجَّ وجلسَ مع الشُّهود بالعُقَيْبة، وكانَ فقيهًا بالمدارس، رحمه الله تعالى.
3515 -
وفي ليلة الجُمُعة أول الليل الرَّابع من المُحرّم تُوفِّي الشَّيخُ الجليلُ الصَّدْرُ الفاضلُ الكبيرُ عفيفُ الدِّين أبو الفَضَائل عبدُ الخالق
(2)
ابنُ الصَّدْرِ علاءِ الدِّين أبي عليّ ابنِ زَيْن الدِّين عَمْرو بن مُحمد بن عَمْرو بن الفارع الحَمَويُّ الشّافعيُّ، بداره بدَرْب العَجَم بدمشق، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمعة بجامع دمشق، ودُفن بسَفْح جبل قاسيون.
ومولدُه في سَلْخ رَجَب سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة.
رَوَى لنا عن شيخ الشُّيوخ شَرَفُ الدِّين عبد العزيز الحَمَويّ "جُزء ابن عَرَفة"، قراءةٌ عليه في سنة خَمْسٍ وخمسين وست مئة، وعن ابن عبد الدّائِم، والنَّجيب عبد اللَّطيف، وسَمِعَ من الباذرائيِّ، وجماعة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 699 هـ.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 352، والمعجم المختص، ص 135، ووقعت فيه وفاته سنة 713 هـ، وأعيان العصر 3/ 22، والدرر الكامنة 3/ 107، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 712 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 119.
وكان موصوفًا بالمُروءةِ والمَكَارم وقَضاءِ الحُقوق.
وهو ابنُ أُخت قاضي القُضاة تقيّ الدِّين ابن رَزِين.
وكان تَقَدّم له اشتغالٌ، وحَفِظَ "التنبيه"، وقَرأَ الحديثَ، ثم خَدَمَ بعضَ الأمراء بالقاهرة، ثم وَلِيَ نظرَ الصَّدقات بدمشقَ مدّةً.
• - وفي يوم السَّبْت خامس المُحَرَّم تَوجَّه من دمشق الأميرُ عزُّ الدِّين الزَّرْدَكاش، وأميران آخران، وهما: بَلَبان الدِّمشقيُّ، وآخر، إلى الأمير جمال الدِّين الأفْرم، وتَوجَّهوا كلُّهم إلى الأمير شَمْس الدِّين قَرَاسُنْقُر، وانحازُوا عن البلاد، وأقاموا عند مُهَنّا في البرّية، وكاتبُوا السُّلْطان
(1)
.
3516 -
وفي يوم الثلاثاء الثامن من المُحرّم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ بقيّة السَّلف أبو إسحاق إبراهيمُ
(2)
بنُ داود بن نَصْر الهكاريُّ الصُّوفيُّ، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبُرة باب الصَّغير بالقُرْب من قُبور الصَّحابة، رضي الله عنهم.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، كثيرَ التِّلاوة والعِبادة، وأقرأ النّاسَ القُرآنَ مدّةً طويلةً بجامع دمشق، وكانَ من أصحاب الشَّيخ شَمْس الدِّين الخابُوريّ خَطِيب حَلَب.
وَرَوى لنا "جُزءَ ابن عَرَفة" عن شيخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين عبد العزيز الأنصاريِّ. وجاوزَ الثَّمانين من العُمُر، رحمه الله تعالى.
• - وفي يوم الجُمُعة حادي عَشَر المُحَرَّم صُلِّي بجامع دمشقَ على غائبينِ ماتا بالقاهرة، وهما: قاضي القضاة سَعْد الدِّين مَسْعود الحارثيّ الحَنْبليّ.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 188، والبداية والنهاية 16/ 95 - 96.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 136، والدرر الكامنة 1/ 27. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 712 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120.
والقاضي مُحيي الدِّين ابن قاضي القُضاة زَيْن الدِّين المالكيّ. وقد تقدَّم موتُهما في ذي الحِجّة
(1)
.
• - وفي يوم السَّبْت التاسع عَشَر من المُحَرَّم وَصلَ القاضي شَرَفُ الدِّين ابنُ فَضْل الله إلى دمشقَ متولِّيًا صحابةَ دِيوان الإنشاء بدمشق، عِوَضًا عن أخيه مُحيي الدِّين.
ورُسِم باستمرار أخيه في الدِّيوان ولم يَنْقص من معلومهما شيء، وخرجَ النّاسُ لتلقّيه والسَّلام عليه وتَجْديد العَهْد به.
• - وفي عَشِيّة الأحد العِشْرين من المُحَرَّم وصَلَت كُتُب الحُجّاج وأخبارُهم، وأنها كانت سنةً كثيرةَ الأمطار والمياهِ، رَخيصةَ الأسعار، وأنَّ الماءَ وُجد في الرجوع في المَفَازة المُشِقّة من المدينة الشَّريفة إلى هُدَيّة في أربعة مَواضع، وأنهم مُطِروا بالمدينة النَّبويّة، وبعَرَفات المُشَرَّفة مَطَرًا كثيرًا، والحمدُ لله.
• - ووَصلَ الرَّكْبُ الحِجازيّ إلى دمشقَ المَحْروسة بُكْرة الثُّلاثاء التاسع والعشرين من المُحَرَّم، وخَرجَ النّاسُ لتلقِّيهم، نائبُ السَّلْطنة والقُضاة والأكابر كما جَرَت العادة.
• - وفي سَلْخ المُحرّم وَصلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين ألْطُنْقش إلى دمشق.
صَفَر
أوله الخَمِيس، ناقِص.
3517 -
في سَحَر يوم الاثنين خامس صَفَر تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ أمُّ عبدِ الله عزُّ النساء
(2)
بنتُ الشَّيخ العَدْل شَمْسِ الدِّين مُحمد بن عبد العزيز بن
(1)
يعني في السنة الماضية.
(2)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 94، وذكرها الذهبي فيمن توفي سنة 712 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120.
عليّ بن هبة الله بن خَلْدون بدارِها بدمشق، ودُفِنَت من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربةٍ لهم.
رَوَت لنا بالإجازة عن عبد اللطيف ابن القُبّيطيُّ، والكاشْغَري، وابن أبي الفخار الهاشميِّ.
وكانت امرأةً كبيرةً من بنات الثَّمانين، وكان والدُها من أعيان العُدُول تحت السّاعات بدمشق.
3518 -
وفي آخر نهار الأربعاء سابع صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الزّاهدُ العابدُ بقيّةُ السَّلف الصَّالح زَيْنُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(1)
بنُ مُحمد بن أبي بكر بن عليّ بن موسى بن عبد الرحمن الشَّيْبانيُّ الفارقيُّ، ثم الحَمَويُّ، خَطيب قَرْية يَلْدا
(2)
، بالقرية المَذْكورة، ودُفِنَ يوم الخَمِيس ثامن الشَّهْر بمقبُرة القَرْية، وحَضَرَهُ خَلْقٌ كثيرٌ.
ومولدُه بحَلَب سنة ست وعِشْرين وست مئة.
وأقامَ بقرية يَلْدا أكثر من ثلاثين سنة. ورَوَى شيئًا نازلًا عن الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن أبي عُمر "الخُطَب النُّباتية" وغيرها. وكانَ رَجُلًا صالحًا، مُباركًا، مَقْصودًا بالزِّيارة، وقرأ القُرآن وشيئًا من الفقه. وكانت أخلاقُه كريمةً، لطيفةً، وانحنَى كثيرًا. وكان يدخل إلى البَلَد بعد مدّة فيتبرّك النّاسُ به، ويقبِّلون يدَهُ، ويلتمسون دعاءَهُ.
وأسمعتُ عليه ابني مُحمدًا أحاديثَ من "جُزء الأنصاريّ".
3519 -
وفي يوم الخميس ثامن صَفَر تُوفِّي عليُّ
(3)
بنُ صنافر الحَرّانيّ، خال جمال الدِّين يوسف بن عُبيد ابن الحرّانيِّ التّاجر.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 381.
(2)
من قرى غوطة دمشق (معجم شيوخ السبكي، ص 409).
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ من الحرّانيِّين المَشْهورين، ودُفِنَ بالصُّوفية، وحضرَهُ جَمْعٌ كبير.
3520 -
وفي يوم الاثنين ثاني عَشَر صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ عُمرُ
(1)
بنُ حَسّان بن عليّ الحَرّانيُّ، بوّاب باب الزِّيادة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
وسَمعَ معنا كثيرًا من أصحاب ابن طَبَرْزَد.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، صالحًا، وكان والدُه من الصَّالحين المعروفين بحرّان.
• - وفي ليلة الثلاثاء ثالث عَشَر صفَر خُسِفَ القَمَر قبل عِشاء الآخرة، وصَلَّى الخَطيب جلالُ الدِّين عِشاء الآخرة، ثم شُرِعَ في صَلاة الخُسوف فقرأ في القيام الأول بقاف، وفي القيام الثاني بـ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ، وفي القيام الثالث بالواقعة، وفي الرابع بالقيامة. وخطبَ على المِنْبر، وأقامَ هذه السُّنّة.
• - وفي يوم الثلاثاء ثالث عَشَر صَفَر وَصلَ البَريدُ بمرسوم سُلْطانيّ بالاحتياط على أموالِ الأمراءِ الخارجين عن الطاعة: الأمير شَمْس الدِّين قَرَاسُنْقُر، والأمير جمال الدِّين الأفْرَم، والأمير عزُّ الدِّين أيدَمُر الزَّرْدَكاش، وغِلْمانِهم وذخائرِ هم وحواصلِهم وأملاكِهم
(2)
.
• - ووَصلَ الخبرُ إلى دمشق في سابع صَفَر أنه قُطِعَ خُبز مُهنّا وجُعل عِوَضه أخوه مُحمد
(3)
.
• - وفي هذا التاريخ طُلِبَ من دمشق ابن الزَّرَدْكاش، وابن الأفْرَم، فجُهّزا إلى القاهرة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: ذيل العبر، ص 65، والبداية والنهاية 16/ 96.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 96.
3521 -
وفي يوم الأربعاء الثاني والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ ثابتُ
(1)
بنُ أحمد ابن الحافظ رشيد الدِّين يحيى بن عليّ بن عبد الله القُرَشيُّ المِصْريُّ، المعروف جدّه بالعَطّار، بمِصْر، ودُفن بالقَرَافة.
رَوَى الحديثَ عن جدِّه، وسَمِعَ منه الطلبةُ لتحصيل حَرْف الثاء. فإنه قليل في الرُّواة.
ومولدُه في عاشر المُحَرَّم سنة أربعٍ وخمسين وست مئة بمِصْر.
3522 -
وفي هذا اليوم تُوفِّي القاضي صَدْرُ الدِّين سُليمانُ
(2)
ابنُ القاضي نَجْم الدِّين داود بن مروان المَلَطيُّ الحَنَفيُّ، مدرِّس الظاهرية بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الخَمِيس بالقَرَافة.
• - وقَدِم الأميرُ رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس العلائيُّ نائبُ حِمْص إلى دمشقَ وتَوجَّه إلى الدِّيار المِصْرية بُكْرة الخَمِيس الثاني والعشرين من صَفَر، وعادَ إلى نيابتِه، ثم مُسِكَ بعد شَهْر ونصف
(3)
.
3523 -
وفي يوم الخَمِيس الثاني والعشرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفقيهُ الزّاهدُ شَرَفُ الدِّين إبراهيمُ
(4)
ابنُ الشَّيخِ أحمدَ بنِ حاتِم بن علي البَعْلَبَكّيُّ، ببَعْلَبَك، ودُفن من يومه بمقبُرة الشَّيخ عبد الله اليُونيني ظاهر بَعْلَبَك.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجده رشيد الدين يحيى توفي سنة 662 هـ، وترجمته في ذيل مرآة الزمان 2/ 314، وتاريخ الإسلام 15/ 65، والعبر 3/ 306، وتذكرة الحفاظ 4/ 156، وفوات الوفيات 4/ 295، وذيل التقييد 2/ 304.
(2)
ترجمته في: الجواهر المضية 1/ 251، والدرر الكامنة 2/ 292، والمنهل الصافي 6/ 30.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 198، ذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96.
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 68، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 116، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 124، وأعيان العصر 1/ 47، والوافي بالوفيات 5/ 311، والدرر الكامنة 1/ 6، والمنهل الصافي 1/ 39، وشذرات الذهب 8/ 54.
وكان شيخًا صالحًا، مُباركًا، من أصحاب الشَّيخ الفقيه مُحمد اليونينيّ، صَحِبه كثيرًا، واشتغلَ عليه بالفقه، وكان كثيرَ الصَّلاة والصِّيامِ، يبدأ من لَقِيَ بالسَّلام، يحبُّ الإصلاحَ بينَ النّاس، ويُعلِّم من أمكنَهُ أمرَ الدِّين، فقيرَ النَّفْس، لم يشتغل بشيءٍ من أسبابِ الدُّنيا ومكاسبها.
مولدُه في سنة إحدى وثلاثين وست مئة ببَعْلَبَك.
وكان إمامَ مسجد مطاعن، وهو بسوق جَفْنة.
سَمِعَ من سُليمان الإسْعِرديّ، وأبي سُليمان ابن الحافظ عبد الغني، ومُحمد بن إسماعيل خطيب مَرْدا. وأجازَ له ابنُ اللَّتِّيّ، وابن بَهْروز، ونَصْر بن عبد الرَّزاق، والأنجب الحَمّاميُّ، وابن رُوْزْبة، وابن القُبَّيطيِّ، والكاشْغَريُّ وابنُ الخازن، وغيرهم.
وأضرَّ في آخر عُمُره، وثَقُلَ سَمْعُه، وشُقّ السماعُ عليه. سَمِعْنا منه بدمشقَ وبَعْلَبَك.
3524 -
وتُوفِّي الفقيهُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ محمود بن مَنْصور الخيّاطُ، النَّقِيبُ بالتُّربة الأشرفية، والسّاكنُ بدُوَيْرة حَمْد، في يوم الاثنين السّادس والعِشْرين من صَفَر، ودُفِنَ من يومه بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ قَدِمَ من الحجّ ومرضَ أول قُدُومه قبل دخوله الحَمّام، فبقيَ دونَ الشَّهر وماتَ، تقبَّل اللهُ حجّة وعَوّضَهُ بالجنّة.
كانَ حفظ "التَّنْبيه"، واشتغلَ، وتزوَّج بنتُ شَمْس الدِّين إمام الحنابلة، وماتت عندَهُ، ثم تزوَّج بنتَ شَمْس الدِّين ابن شِبْل المالكيّ، وحَصّل جهات. وكانَ صاحب سَعْيٍ واجتهاد.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3525 -
وفي يوم الأحد الخامس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الفاضلُ الصَّدْرُ أمينُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(1)
بنُ إسماعيل بن أبي صالح الدمشقيُّ، ثم الحَلبيُّ، الكاتب، المَعْروف بالمُسْلمانيِّ، بسَفْح جبل قاسيون، ودُفِنَ من يومِه به، بتُربةٍ له.
ومولدُه في رَمَضان سنة خمسٍ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وهداهُ الله إلى الإسلام في ذي الحِجّة سنة أربع وخَمْسين وست مئة بالرُّها. وكان من المَشْهورين بكتابة الدِّيوان. وَلِيَ نَظَر الحَشْر وغيره.
رَوَى لنا جزءًا فيه "عوالي مالك" للخَطِيب، عن الشَّيخ تَقِيّ الدِّين ابن أبي اليُسْر، وكان بينهما مُرافقة في ديوان السُّكّر. وحَجَّ إلى بيت الله الحَرَام، وكان عنده انقطاعٌ وسكونٌ ورياضة، وكانَ من أصحاب العَفِيف التِّلِمسانيّ وأضرابِه.
3526 -
وفي صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ المُحَدِّثُ عزُّ الدِّين أبو المُظَفَّر يوسُفُ
(2)
بنُ الحَسَن بنِ مُحمد بن محمود بن الحَسَن الأنصاريُّ الخَزْرجيُّ الشّافعيُّ الزَّرَنْديُّ، وهو متوجِّه من المدينة النَّبوية -على ساكنها أفضل الصَّلاة والسَّلام- إلى العِراق، ووَصلَ خبرُه إلى دمشقَ في رَجَب.
وكانَ شَيْخًا فاضلًا، له معرفةٌ باللُّغةِ والحديث، وهو حَسَنُ الشَّكل، كثيرُ التَّواضع.
مولدُه سنة ست وخَمْسين وست مئة بزَرَنْد.
وأقامَ ببغدادَ مدّةً، وسكنَ بمكةَ والمدينة واستوطنَها وتأهَّل بها، وحجّ أربعين حجّة وسافرَ في حال إقامته بالمدينة إلى العِراق والشّام وديار مِصْر.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 20.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 6/ 223.
وسَمِعَ بمكّة "التَّرمذيّ" على يوسُف بن إسحاق الطَّبَريِّ، عن ابن البَنّاء، وسَمِعَ ببغدادَ من الرَّشيد بن أبي القاسم، وبالقاهرة من الدِّمياطيّ.
وحَمَلَ أولادَهُ إلى دمشقَ قبل موتِه بسنتين، وقرأ لهم "صحيحَ البخاري" وغيره.
قرأتُ عليه بمَسْجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثٍ وسبع مئة، وفي سنة عَشْرٍ وسبع مئة.
ربيع الأول
أوله الجُمُعة ناقص، سابع تمّوز.
• - وَصلَ في أول يوم من شَهْر ربيع الأول إلى دمشقَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين أرغون والعَسْكر، والمُقَدَّم الأمير حُسام الدِّين قرا لاجِين من حِمْص، فأقامُوا إلى يوم الخَمْيس الرّابع عَشَر منه، وتَوجَّهوا إلى القاهرةِ بعد أن حَصلَ اليأس من قَرَاسُنْقُر ومَن تَبِعَهُ، وتحقّق دخولهم إلى مملكة التَّتار
(1)
.
• - وفي يوم السَّبْت ثاني ربيع الأول قَدِمَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين سُودي إلى دمشقَ متوجِّهًا إلى حَلَبَ مُتولِّيًا نيابةَ السَّلْطنة بها. وخَرجَ نائبُ السَّلْطنة الأميرُ جمالُ الدِّين الكَرَكيُّ والأمراءُ إلى تَلَقّيه ورجعوا وحَضَرُوا السِّماط
(2)
.
• - وقُرئ كتابٌ سُلْطانيٌّ فيه مرسومٌ للأمير جمالِ الدِّين النَّائب المَذْكور بالتَّوجُّه إلى حَضْرة السُّلْطان بالقاهرة، فسافرَ من ساعتِه على البَرِيد ولم يتأخَّر
(3)
.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 96.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 196 - 197، وذيل العبر، ص 65، والبداية والنهاية 16/ 96.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 199، والبداية والنهاية 16/ 96.
• - وفي هذا اليوم طُلِبَ على البَريد الصَّدْرُ قُطبُ الدِّين موسَى ابنُ شيخ السَّلامية ناظرُ الجَيْش، فتَوجَّه عَصْر النَّهار
(1)
.
• - وتَكَلَّمَ بعد سَفَر نائب السَّلْطنة في النيابة الأميرُ حُسامُ الدِّين قَرَا لاجِين أيامًا إلى حين سَفَره.
3527 -
وفي سَحَر الاثنين الرابع من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الصَّدْرُ الفاضلُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن عبد الله بن عبد الرَّحمن ابن العَسْقلانيّ الدِّمشقيُّ، بقرية المِزّة، ودُفِنَ من يومِه بسَفْح قاسيون.
وكان من الكُتّاب المُتَصرِّفين. وَلِيَ النَّظرَ بعدّة جهات في البرِّ وفي البَلَد، وعنده فضيلةٌ وأدبٌ، وله نَظْم واشتغالٌ مُتَقدّم.
سَمِعَ من ابنِ البُرهان "صحيحَ مُسلم"، وسَمِعَ "جُزءَ ابن عَرَفَة" من ابن عبد الدّائم، ورواه لنا عنه. وسَمِعَ من عبد الله ابن الخُشْوعيّ، وابن الأوحد وابن خَطيب القَرَافة، وابن أبي اليُسْر، وغيرِهم.
• - وفي حادي عَشَر شَهْر وبيع الأول وَلِيَ القضاءَ بالدِّيار المِصْرية على مَذْهب الإمام أحمد قاضي القُضاة تَقِيُّ الدِّين أحمدُ ابن قاضي القُضاة عزّ الدِّين عُمر بن عبد الله بن عُمر بن عِوَض المَقْدسيُّ، وهو ابن بنتُ الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن العِماد.
وكان المَنْصب شاغرًا نحو ثلاثة أشهر
(3)
.
(1)
الخبر في: ذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه محمد توفي سنة 730 هـ. وترجمته في معجم شيوخ السبكي، ص 445، والدرر الكامنة 5/ 456.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 197، وذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96، والسلوك 2/ 480.
• - وفي السادس عَشَر من ربيع الأول وَصَلَ الخبرُ إلى دمشقَ بتولية قُطْبِ الدِّين ابن شَيْخ السَّلامية نظرَ ديوان الجُيوش بالدِّيار المِصْرية، عِوَضًا عن فَخْر الدِّين المَعْروف بكاتب المماليك السُّلطانية، وأنّ فَخْرَ الدِّين عُزِلَ ونُكِبَ وصُودِرَ في عاشر الشَّهْر، وبعد ذلك، وأُخِذَ منه جملةٌ مُستكثرةٌ
(1)
.
• - ووَصلَ إلى دمشقَ ثلاث تَقَادم من الدِّيار المِصْرية، منهم الأمير سَيْف الدِّين تَمُر السَّاقي نائبًا بطرابُلُس، وهو الذي كان بحِمْص في يوم الجُمُعة الثاني والعِشْرين من شهْر ربيع الأول، ونزلوا بالمَرْج، ثم تَوجَّهوا إلى القَصَب.
• - ثم استقرَّ الأميرُ سَيْفُ الدِّين بطرابُلُس عِوَضًا عن الأفرم
(2)
.
• - وفي الثامن والعِشْرين من ربيع الأول وصلَ كتابُ السُّلْطان إلى دمشقَ وقُرئ بسُوق الخَيْل على الأمراء، ولم يكن بدمشق نائبٌ يتضمّن الثَّناء على الأُمراء ووصيّتهم بالثُّغور، وأنّ النائبَ يصِل.
• - وفي أواخر ربيع الأول وَصلَ الأمراء قَرَاسُنْقُر، والأفْرم، والزَّرْدَكاش، ومن معهم وغِلْمانهم نحوٌ من أربعين نَفْسًا إلى ماردين، وتلقّاهم صاحبُها وحَمَل إليهم بأمر خَرْبَنْدا ستين ألف دِرْهم. وفي كل يوم مئة مكّوك شَعِير، وخَمْسين رأسًا من الغنم، وأقاموا عنده في بُستانٍ تسعة أيام، وتَوجَّهوا، وودَّعهم، وأرسلَ ولدَهُ معهم إكرامًا لهم.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 197، وذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96، والسلوك 2/ 480.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 197، وذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96، والسلوك 2/ 481.
ربيع الآخر
أوله السَّبْت، كامل.
3528 -
في يوم السَّبْت مُستَهَلّ ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الفاضلُ المُقْرئُ فَخْرُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(1)
بنُ مُحمد بن عبد الله المغربيُّ المَرّاكُشيُّ. وقعَ في حَمّام السَّلّارِية وماتَ هناك وغُسّل بالرَّواحية، وصُلّي عليه عَصْر النَّهار بالجامع، ودُفن بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، فقيهًا، مُبارَكًا، مَشْكورًا، اشتغلَ كثيرًا بالعِلْم، ونسخ بخَطِّه، وكانَ إمام المَدْرسة الرَّواحية، وفقيهًا بالمَدارس، وقرأ بالرِّوايات على الزَّواويّ. ورَوَى الحَديث عن الرَّشيد بن مَسْلَمَة، وسَمِعَ من جماعة، منهم: شَمْس الدِّين مُحمد بن سعْد المَقْدسيُّ، وعبدُ الله ابن الخُشُوعيّ، وابنُ طَلْحة، وإسماعيل العراقيّ، والعِمادُ ابن عبد الهادي، واليَلْدانيُّ، والكَفْرَطابيُّ، والسَّديدُ بن عَلّان، والباذرائيُّ، وعثمانُ ابنُ خَطِيب القَرَافة، والنَّجم ابن النّور البَلْخيُّ، وابنُ عبد الدّائم.
سألتُ ابن الشَّاطبيّ عن مِقْدار عُمُر المَرّاكُشي المَذْكور، فقال: هو أكبر منّي بخَمْس سنين وأكثر.
ومولدُ الشَّاطبيّ سنة سبع وثلاثين وست مئة، فيكون قد قارب الثَّمانين بمُقتضَى ذلك.
3529 -
وفي يوم الخَمِيس السّادس من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ الفاضلُ الأديبُ الصَّدْرُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخِ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 333، والدرر الكامنة 3/ 80.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 68، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 47، ومعرفة القراء الكبار 2/ 732، وأعيان العصر 1/ 222، وغاية النهاية 1/ 58، والدرر الكامنة 1/ 161، وشذرات الذهب 8/ 54.
نَجْمِ الدِّين سُليمان بن مَرْوان بن عليّ بن سَحَاب ابن البَعْلَبَكّيِّ، بداره بدَرْب البَقْل بدمشق، وصُلِّي عليه عَصْر هذا اليوم بجامع دمشق، ودُفِن بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكانَ تاجرًا بالخَوّاصين مدّةً، ثم تَرَكَ ذلك وشَهِدَ على الحُكّام، ودَخلَ في شَهادة القِيمة. وكانَ تَقدَّم له اشتغالٌ بالعربية والأدب ونَظْمِ الشِّعر، وله قصائد حِسانٌ، وقرأ القُرآن على الشَيْخ عَلَم الدِّين السَّخاويًّ، وعَرَض عليه من حِفْظه "الشّاطبية"، ورواها لنا عنه مرّات متعدّدة، ورَوَى لنا عنه أيضًا "جُزء سُفيان"، و"جُزء الصَّفّار"، و"الأربعين السِّلَفية"، و"تاريخ هاشم بن مَرْثَد". ورَوَى لنا "نسخة أبي مُسْهِر" عن المشايخ الأربعة: التاج ابن الشِّيرازيّ، وابن عَلّان، وابن ريش، وإبراهيم بن خليل، وغير ذلك.
ومولدُه في سنة سبع وعِشْرين وست مئة بدمشق.
3530 -
وفي خامس ربيع الآخر تُوفِّي الأميرُ سيفُ الدِّين قُطْلُوبك
(1)
الشَّيْخيُّ، أحدُ أمراء دمشق.
3531 -
وفي التاسع من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الملكُ المَنْصورُ نَجْمُ الدِّين أبو الفَتْح غازي
(2)
ابن الملك المُظَفَّر فَخْر الدِّين قَرَارَسْلان ابن الملك السَّعيد نَجْم الدِّين غازي ابن الملك المَنْصور ناصر الدِّين أرْتُق بن غازي بن ألْبي بن تَمرتاش بن غازي بن أرْتُق، صاحب مارِدين، ودُفن بمدرستهم تحت القَلْعة عند أبيه وأجدادِه.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 204، وأعيان العصر 4/ 126، والبداية والنهاية 16/ 101، والدرر الكامنة 4/ 296، والنجوم الزاهرة 9/ 224.
(2)
ترجمته في: المختصر في أخبار البشر 4/ 67، وذيل العبر، ص 69، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 120، وأعيان العصر 4/ 23، والبداية والنهاية 16/ 101، والسلوك 2/ 483، وجاءت فيه وفاته في رجب، والنجوم الزاهرة 9/ 224، وشذرات الذهب 8/ 57.
وكان شَيْخًا في عَشْر السَّبعين.
أقامَ في سَلْطنة ماردِين نحو عِشْرين سنة، وليها بعد أخيه السَّعيد داود، وَوَلِيَ بعدَهُ ولدُهُ الأميرُ عليّ، ولُقِّب بالعادل، فبقيَ سبعة عَشَر يومًا، وماتَ في الشهر المَذْكور. ووَلِيَ بعدَهُ أخوه الملك الصّالح ابن الملك المَنْصور المَذْكور.
ووَصلَ الخَبَرُ إلى دمشقَ بموتِ الملك المَنْصور المَذْكور في الثالث والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
وكانَ رَجُلًا كامل الخِلْقة، سَمِينًا، بدينًا، إذا رَكِب تكون خَلْفه محفّة دائمًا خَوْفًا من تَعَبٍ يحصل له، فتكون المحفّة مُهَيّأة له. وفي مَرَضه أخْرَجَ أهلَ السُّجون وتَصَدَّق.
• - وفي بُكْرة الأحد تاسع ربيع الآخر مُسِكَ بحِمْص الأميرُ رُكْن الدِّين بَيْبَرس العلائيُّ، وحُمِلَ إلى دمشقَ آخر يوم الاثنين، مَسَكهُ قَجْلِيس مملوك السُّلطان، والقَرَمانيُّ، وغيرُهما.
• - وفي يوم الاثنين عاشِر ربيع الآخر مُسِكَ بدمشقَ من أعيان الأُمراء أربعة أول النَّهار، وهم: الأميرُ سَيْفُ الدِّين طوغان، والأميرُ رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس السِّلَحْدار المِعْروف بالمَجْنون، والأميرُ عَلَمُ الدِّين سَنْجَر البَرْوانيّ، والأميرُ رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس التاجيُّ. ومُسِكَ في آخر النَّهار الأمير سَيْف الدِّين كُشْلي، وكانَ وَصلَ مع العلائي
(1)
.
• - وفي ليلة الأربعاء ثاني عشر الشَّهْر المَذْكور تَوجَّه الأُمراء الستة المَذْكورون، ومعهم من يَحْفظهم من الأمراء والجُنْد إلى الكَرَك.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 96.
• - وفي ليلة الثاني عَشَر من ربيع الآخر وقعَ حريقٌ داخل باب السَّلامة، احترق فيه أماكن ودُورٌ منها دار نَجْم الدِّين بن أبي الفَوَارس عاملِ الصَّدَقات
(1)
.
3532 -
وفي يوم الجُمُعة رابع عَشَر ربيع الآخر تُوفِّي القاضي عزُّ الدِّين عبدُ العزيز
(2)
بنُ عبّاس بن سَلامة بن عبد العزيز، قاضي الصَّنَمَين ودُفِنَ من يومِه بها وكان قاضيها من نحو خَمْسين سنة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، كريمًا، خَيِّرًا، وأضيفَ إليه في أواخر عُمُره قضاءَ نَوَى أيضًا. ووجدتُ لوالده سماعًا بدمشقَ على ابن الزَّبِيدِيّ.
3533 -
وفي السّابع عَشَر من ربيع الآخر تُوفّي ابنُ السَّنْهُوريِّ
(3)
، الكاتبُ المَشْهور، بالقاهرة.
3534 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثامن عَشَر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الخَطيبُ عَفيفُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(4)
ابنُ الشَّيخ الخَطِيب أبي عبد الله مُحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفَتْح المَرْداويُّ المَقْدسيُّ، خَطيب مَرْدا، بها، ودُفن هناك.
ومولدُه تقريبًا سنة ثلاثين وست مئة بمَرْدا.
وكانَ وردَ دمشقَ مع والدِه، وقرأ الحَديث بنفسِه في سنة ثلاثٍ وخَمْسين، وسَمِعَ الكثيرَ على والدِه، وابنِ عبدِ الدّائم، وخَطبَ مدّةً طويلةً بالقَرْية المَذْكورة، وحَدَّثَ قديمًا. سَمِعَ منه ابنُ الخبّاز سنة خَمْسٍ وستين وست مئة.
قرأتُ عليه بدمشقَ ومَرْدا.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 97.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
هو تاج الدين عبد الرحيم بن تقي الدين عبد الوهاب بن الفضل بن السنهوري. وترجمته في: نهاية الأرب 32/ 203، والسلوك 2/ 484، والدرر الكامنة 3/ 152.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 43، والدرر الكامنة 3/ 132.
3535 -
وفي الثامن عَشَر من ربيع الآخر تُوفِّي بحَلَب الصَّدْرُ الكبيرُ شهابُ الدِّين غازي
(1)
ابن شَمْس الدِّين أحمد ابن الواسطيّ.
وكانَ ناظرًا هناك، ووَلِيَ نَظرَ حَلَب غير مَرّة، ووَلِيَ نَظرَ طرابُلُس، ونَظر دمشق، ووَلِيَ وزارة الصُّحبة في الدولة المَنْصورية. وكالن شَيْخًا كبيرًا من أبناء الثَّمانين. ولم يَزل يتنقّل في الخِدَم السُّلْطانية، وله حُرمةٌ وقِدَمُ هِجْرة.
• - وفي التاسع عَشَر من ربيع الآخر وَصلَ الخبرُ إلى دمشقَ بمَسْك الأمير رُكْن الدِّين بَيْبَرس الدَّوادار نائبُ السَّلْطنة، والأمير جمال الدِّين آقوش الكَرَكيُّ نائب دمشق، والأمير شَمْس الدِّين سُنْقُر الكماليّ الحاجب، وأنهم حُبِسُوا في بُرْجٍ بقَلْعة القاهرة، وخمسة غيرهم من الأمراء لم أضبط أسماءَهم
(2)
.
• - وفي يوم الخَمِيس العِشْرين من ربيع الآخر دخلَ دمشقَ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين تَنْكَز الملكيُّ الناصريُّ مُتولِّيًا نيابةَ السَّلْطنة بالشّام المَحْروس، ووَصلَ معه جماعة من المماليك السُّلطانية الأمراء، منهم الأمير الحاج سَيْف الدِّين أرقطاي أقامَ بدمشقَ على خُبز بَيْبَرس العلائيّ، وخرجَ أهلُ دمشق للتلقِّي والفُرْجة، واحتفلوا لذلك، ونزلَ بدار السَّعادة، وعند وصوله وقعَ مطرٌ جيِّد، وهذا اليوم هو الرابع والعِشْرين من آب. وحضرَ يوم الجُمُعة إلى الجامع وصَلَّى بمَقْصورة الخَطابة، وأُشعِلت الشُّموع في طريقه
(3)
.
3536 -
وفي يوم السَّبْت الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 203، وأعيان العصر 4/ 21، والسلوك 2/ 484، والدرر الكامنة 4/ 251.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 199، وذيل العبر، ص 66، والبداية والنهاية 16/ 96 - 97، والسلوك 2/ 481.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 200، وذيل العبر، ص 67، والبداية والنهاية 16/ 97، والسلوك 2/ 481.
الأجلُّ الأديبُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ شَيْخنا شهابِ الدِّين أحمدَ بن سُليمان بن مَرْوان بن عليّ بن سَحاب، ابنُ البَعْلَبَكيِّ، الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْرَ هذا اليوم بالجامع المُظَفَّري بسَفْح قاسيون، ودُفن بتُربة والدِه.
وقد تقدَّمت وفاة والده في هذا الشَّهر.
وكان شاهدًا بالكُشْك، ويَنْسخ بالأجرة، وله نَظْم.
ومولدُه في ثامن ذي القَعْدة سنة ست وأربعين وست مئة بدمشق.
رَوَى لنا عن ابن أبي اليُسْر، وسَمِعَ من جماعةٍ.
• - وفي يوم السَّبْت المَذْكور وصلَ مع البَريد توقيعٌ لشَمْسِ الدِّين أبي طالب ابن زين الدِّين بن حُمَيْد بنَظر ديوان الجَيْش بالشّام، عِوَضًا عن قُطْب الدِّين ابن شيخ السَّلامية، فباشره أيامًا.
ثم وَصلَ الصَّدْرُ مُعينُ الدِّين ابن حَشِيش ناظرًا
(2)
.
3537 -
وفي يوم الأحد الثالث والعِشْرين من ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ غازي
(3)
بنُ سُليمان بن داود الدّلّال بسُوق السِّلاح الحَنْبليّ، ودُفِنَ من يومه بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، كثيرَ الاجتهاد والعبادة، وأضرَّ في آخر عُمُره، وكان يَبْذل مَجْهوده في مُلازمة الصَّلاة في الجماعة، ويتردَّد فى مع المَشقّة والكُلْفة.
وكانَ زوج خالة أولاد الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن الفَخْر البَعْلَبَكيّ.
وسَمِعَ معنا من جماعةِ من الشُّيوخ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة والده في هذا الشهر كما سيذكر المؤلف.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 97.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكمَاب.
ومولدُه بُكْرة السَّبْت عاشِر جُمادى الأولى سنة تسعٍ وثلاثين وست مئة بقَلْعة الكَرَك.
• - وفي السّابع والعِشْرين من ربيع الآخر وَصلَ توقيعٌ لقاضي القُضاة نَجْم الدِّين ابن صَصْرَى بإعادة قضاء العَسْكر إليه وبنَظر الأوقاف، وأن لا يُشاركه أحدٌ في الاستنابة بالبلاد الشامية، وأن يجري في ذلك على عادة القُضاة الشّافعية المتقدِّمين
(1)
.
• - وفي هذا التّاريخ وَصلَ المَرْسوم بالاحتياط على دُور الأُمراء المَمْسوكين وحَوَاصلهم وذخائِرِهم وخُيولِهم، فاحتيطَ على ذلك برِفْق.
3538 -
وفي بُكْرة الثلاثاء سابع عَشَر شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ مُحمد بنِ هاوون بن مُحمد بن هارون بن عليّ بن حُمَيد الثَّعْلبيُّ الدِّمشقيُّ، قارئ الحَديث بالقاهرة، وحضرَ جنازتَهُ خلقٌ عظيم، ودُفِنَ بمكان موته خارج باب النَّصر.
ومولدُه في سنة ستّ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكان مُسند القاهرة في وقتِه.
روى عن ابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتِّيّ، والنَّاصح ابن الحَنْبلي، وجَعْفر الهَمْدانيِّ، وابن الشِّيرازيِّ، وابن رَوَاحة، والفَخْر الإرْبِليِّ، وابن المُقَيَّر، ومُكْرَم بن أبي الصَّقْر، والمُسلَّم بن أحمد المازنيِّ، وجماعةٍ بعضُهم سَماعًا، وبعضهم حُضورًا.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 97.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 69، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 115، والمعجم المختص، ص 173، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 51، وأعيان العصر 3/ 516، والوافي 22/ 152، والبداية والنهاية 16/ 101، وذيل التقييد 2/ 217، والسلوك 2/ 483، والدرر الكامنة 4/ 144، وشذرات الذهب 8/ 56. وتصحفت نسبته إلى (التغلبي) في بعض المصادر.
وخَرَّج له تَقِيُّ الدِّين السُّبكي "مَشيخةً".
وكان رَجُلًا صالحًا مَشْهورًا بقراءة الحَديث، مَعْروفًا بالخَيْر.
قرأتُ عليه قطعةً من أول "جزء بِيْبَى الهَرْثَميّة".
جُمادى الأولى
أوله الاثنين، ناقص.
3539 -
في يوم الاثنين ثامن جُمادى الأولى تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ أقضى القُضاة مُحيي الدِّين يحيى بن صالح بن عتيق الزِّواويُّ المالكيُّ، بالمَدْرسة الشَّرابِيشية بدمشق، ودُفن يوم الثُّلاثاء عند والده بمقبُرة الأشراف خارج بابي الجابية والصَّغير.
وكان شابًّا، وكتبَ الخَطَّ المَنْسوب، واشتغلَ، وحَفِظ، ودَرّس بعد والدِه.
• - وفي هذا التاريخ سافرَ من دمشقَ إلى القاهرةِ الأمراءُ المِصْريّون ومَن معهم من الجَيْش.
• - وفي السّادس من جُمادى الأولى وَصلَ الخَبَرُ إلى دمشقَ بمباشرة سَيْف الدِّين أرغون الدوادار النّاصريُّ نيابةَ السَّلْطنة بالدِّيار المِصْرية، وبخلاصِ فَخْر الدِّين كاتب المَماليك، ورجوعه إلى فى يوان الجَيْش، مع استمرار قُطب الدِّين
(2)
.
• - وفي ليلة الجُمُعة الثاني عَشَر من جُمادى الأولى وَصلَ الصَّدْرُ الكبيرُ مُعينُ الدِّين هبةُ الله بن حَشِيش من الدِّيار المِصْرية إلى دمشق، مُتولِّيًا نظر ديوان الجَيْش بدمشق، وجُعِلَ شَمْس الدِّين ابن حُمَيْد في
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 710 هـ.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 97.
هذا الدِّيوان مكان فَخْر الدِّين ابن المُنذر، ورُسِمَ لفَخْر الدِّين بنظر جَيْش طرابُلُس، فتَوجَّه إليها
(1)
.
3540 -
وفي ليلة السَّبْت الثالث عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ الأديبُ المُحدِّثُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
ابنُ الشَّيخ عمادِ الدِّين إبراهيم بن عبد المُحْسن بن عبد الحميد بن عبد المحسن بن عبد الصَّمد بن الحَسَن بن الحُسين بن قُرْناص
(3)
الخُزاعيّ الحَمَويُّ، بظاهر دمشق، وصُلِّي عليه ظُهر السَّبْت بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
ومولدُه بحَماة في أواخر سنة أربع وخَمْسين وست مئة.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، فاضِلًا، اشتغلَ وحَصَّل وسافرَ إلى الحجاز، واليَمَن، وديار مِصْرَ، وأقامَ بها، وكتبَ بخطِّه كثيرًا. وله نَظْمٌ حَسَنٌ، كتبتُ عنه منه. ولما وَردَ دمشقَ قُرِّر له مَعْلومٌ على الإقراءِ بالجامع، وذكرَ درسًا، وحضره القُضاة والأعيان، وكان خَطبَ بحماة في حُوَيْص.
• - وفي يوم الاثنين نصف جُمادى الأولى دخلَ الشَّيخُ مُحمدُ بنُ قوام من الصّالحية إلى جامع دمشق، واجتمعَ معه جمعٌ كبيرٌ، وكتبوا مَحْضرًا في ابن زُهْرة المَغْربيّ الذي كان جلسَ بالكلّاسة يتكلَّم على النّاس، وشَهِدَ فيه عليه جماعةٌ باستهانة المُصحف الشَّريف والكلام والوقيعة في بَعْض العُلماء، وتكلَّموا في أمره مع نائب السَّلْطنة. فرُسِمَ بإحضارِه وحُضورهم معه بدار العَدْل، فطُلِبَ ونُودي عليه، فلم يوجد، وحَضَروا إلى دار العَدْل من الغد،
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 197، والبداية والنهاية 16/ 97.
(2)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 157، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 8، وأعيان العصر 3/ 249، والدرر الكامنة 4/ 6.
(3)
قيده السيد الزبيدي بضم القاف في تاج العروس 18/ 98.
واشتدَّ عليه الطَّلبُ والنِّداء ثلاثة أيام، فحَضرَ ليلة الخَمِيس ثامن عَشَر الشَّهْر، فاجتمعَ الجماعة له وحَضَروا معه بدار السَّعادة بين يدي نائب السَّلْطنة، وحَضرَ القُضاة وبعض الفُقهاء وأحضروا المَغْربيّ، وقُرِئَ المَحْضر، وتأخَّر حضور الشُّهود، فأشارَ قاضي القُضاة نَجْم الدِّين بإسلامه وحَقْن دمه، وأمر بتعزيره فعُزِّر تعزيرًا بَلِيغًا على دابّة، ووَجْهُهُ إلى عجز الدّابة وهو مَكْشوف الرَّأس، وطيفَ به في البَلَد وظاهره، وهو يُضْرَب بالدّرة، ويُنادَى عليه: هذا جزاء من يتكلَّم في العِلْم بغير معرفة. ثم أُمِر به إلى الحَبْس، فباتَ به ليلة ثم أُطلِقَ، وبقي بعد ذلك أيامًا بدمشق خاملًا مَكسورًا. ثم تَوجَّه إلى القاهرة، وغابَ عن دمشق مدّةً يسيرةً، ثم حضرَ إليها في العِشْرين من شَعْبان على البَريد ورجعَ إلى حالِه
(1)
.
• - وفي يوم الأربعاء سابع عَشَر جُمادى الأولى وَصلَ الأميرُ الكبيرُ عِمادُ الدِّين صاحب حَماة من القاهرة إلى دمشق مُكْرَمًا، ثم تَوجَّه إلى بلده.
• - وفي يوم الجُمُعة تاسع عَشَر جُمادى الأولى وَصلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين بهادُر آص من نِيابةِ صَفَد إلى دمشق، وحَضَرَ إلى صَفَد مَن باشَر عِوَضه من مماليك السُّلْطان، فتوجَّه النّاس إليه وهَنَّوه بذلك
(2)
.
• - وفي يوم الخَمِيس ثامن عَشَره خرجَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين بَلَبان البَدْرِيُّ من نيابة قَلْعة دمشق، ودخلَ عِوَضه الأمير عزّ الدِّين أيبك الجَمَاليّ
(3)
.
• - وفي يوم الجُمُعة تاسع عَشَر جُمادى الأولى قُرئ كتاب السُّلطان على السُّدّة بجامع دمشق يتضمّن أنه لا يُولَّى أحدٌ ببذل فإنّ ذلك يُفْضي إلى
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 98.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 201، والبداية والنهاية 16/ 98.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 201، والسلوك 2/ 483.
تولية غير الآهل، ومنع الآهل، وفيه الوصيّة بالرعيّة، وذلك بحُضُور نائب السَّلْطنة الأمير سَيْف الدِّين تنكز، قرأه الشَّيخ كمالُ الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ، وبَلَّغه عنه ابن صَبِيح المؤذِّن
(1)
.
3541 -
وفي ليلة الخَمِيس ثامن عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّيت الشَّيخةُ أُمُّ مُحمد هَدِيّةُ
(2)
بنتُ عليّ بن عَسْكر البغداديِّ، الهرّاس جدّها، اللّبّان أبوها، بالقُدْس الشَّريف، ودُفِنَت يوم الخَميس بمامُلّا.
وكانت امرأةً صالحةً، كثيرةَ الصَّلاة والنَّوافل. رَوَت عن ابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتِّيّ، وجَعْفر الهَمْدانيّ، وغيرِهم.
ومولدُه سنة ستّ وعِشْرين وست مئة بالصّالحية.
قرأتُ عليها "مُسند الدّارميّ" ورافقتُها في السَّفَر من دمشقَ إلى البيت المُقَدَّس، فقرأتُ عليها بعَجْلون والبيت المُقَدَّس وبلد الخَليل عليه السلام، وبالأردن عند جَسْر دامية، وغير ذلك، وكانت تتردَّد إلى بيتنا، وتقيمُ عندنا الأيام المُتوالية.
وسَمِعَ منها جماعة من الطَّلَبة عندنا، وكانَ لها تَرْداد إلى القُدْس، وفي آخر عُمُرها عَزَمَت على التَّوجُّه إليه وكانت ضَعِيفة، فيَسَّر اللهُ تعالى أمرَها، وسافرت فأقامت أشهُرًا وماتت هناكَ وحصلَ لها ما كانت تختاره، رحِمها الله تعالى.
3542 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثالث والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 98.
(2)
ترجمتها في: ذيل العبر، ص 70، وذيل تاريخ الإسلام، ص 115 - 116، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 362، وبرنامج الوادي آشي، ص 172، وأعيان العصر 5/ 542، وذيل التقييد 2/ 397، وشذرات الذهب 8/ 57.
القاضي ضياءُ الدِّين عبد الواحد
(1)
المالكيُّ، بخان الزَّكاة جوار الكامليّة بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
وكانَ شيخًا صالحًا، فقيهًا مالكيًّا، قديمًا خيِّرًا.
جمادى الآخرة
أوّله الثلاثاء، كامل.
3543 -
في يوم الأحد الثّالث عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ عمادُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام العَلّامة شيخ الإسلام قاضي القُضاة شَمْسِ الدِّين أبي بَكْر مُحمد ابن الشَّيخ الإمام القُدْوة الزّاهد شيخ الإسلام عمادِ الدِّين أبي إسماعيل إبراهيم بن عبد الواحد بن عليّ بن سُرُور بن رافع بن حسن بن جَعْفر المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، وكانت وفاتُه خارج باب النَّصْر ظاهر القاهرة، ودُفِنَ عند والدِه بالقَرَافة.
وكانَ شَيْخًا صوفيًّا بخانقاه سعيد السُّعداء وإمام مَسْجد بالقاهرة.
سَمِعَ ببغداد من الكاشْغَري، وابن الخازن. وبالقاهرة من ابن رَوَاج، وسِبْط السِّلَفي، وغيرهما.
ومولدُه في سنة سبع وثلاثين وست مئة ببغدادَ.
قرأتُ عليه المَجْلس الأول من السادس من "أمالي المَحاملي"، بسماعِه من ابن الجُمَّيْزي.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 70، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 117، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 83، وأعيان العصر 1/ 313، والوافي بالوفيات 7/ 319، وذيل التقييد 1/ 376، والسلوك 2/ 483، والدرر الكامنة 1/ 285، والمنهل الصافي 2/ 67، وجاء فيه أن وفاته سنة 710 هـ، وشذرات الذهب 8/ 55.
رَجَب
أوله الخميس، ناقصٌ.
3544 -
في يوم الأحد رابع رَجَب تُوفِّي القاضي الصَّدْرُ الرَّئيسُ الأوحدُ تاجُ الدِّين أبو المَعالي أحمدُ
(1)
ابنُ القاضي عِماد الدِّين أبي الفَضْل مُحمد ابن القاضي الإمام شَمْس الدِّين أبي نَصْر مُحمد بن هبة الله بن مُحمد بن هبة الله بن يحيى بن بُنْدار بن مَمِيل الشِّيرازيُّ الدِّمشقيِّ، ببُستانه بالمِزّة، ودُفِنَ بُكْرة الاثنين بسَفْح قاسيون بتُربة والدِه بالقُرب من الجامع المُظَفَّري.
وكانَ من أعيان الدِّمشقيِّين. وَلِيَ وكالة بَيْت المال، والحِسْبة، ونظر الدَّواوين، ونظرَ الجامع، ونظرَ ديوان الخِزَنْدار، وتَقَلَّب في المَنَاصب مدّةً.
ولما تُوفِّي لم يكن بيده منصبٌ.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ أيضًا من والده وعَمِّه وجماعة.
ومولدُه يوم الخَمِيس بعد العَصْر سادس عَشَر شَهْر ربيع الآخر سنة ست وخَمْسين وست مئة بدمشق.
• - وفي يوم الاثنين خامس رَجَب أخرِجَ المَحْمَل السُّلْطانيّ من القَلْعة وطافوا به حَوْل البَلَد والقضاة والأُمراء بين يديه، وخَرجَ النّاسُ للفُرْجة، وحَصلَ بذلك الإعلام بالحجّ في هذا، والحمدُ لله.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 68، وذكر وفاته في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120، وترجمه الصفدي في أعيان العصر 5/ 147، لكنه توهم فذكر اسم أبيه محمد، وساق ترجمة البرزالي، مع أنه ترجم لأبيه عماد الدين محمد بن محمد بن هبة الله الخطاط المشهور في الوافي وذكر أنه توفي سنة 682 هـ (الوافي 1/ 201 - 202).
• - وحَصلَ في شَهْر رَجَب تشويشٌ بدمشق بسبب حَرَكة ملك التَّتار، وأنّه وصلَ إلى قُرب إرْبِل والمَوْصل، وأنّ ذلكَ وقعَ بطلب قَرَاسُنْقُر وإشارته عليه بذلك، واستمرَّ ذلك في شَعْبان أيضًا
(1)
.
• - وفيه تقدَّمَ ملكُ التَّتار إلى سِنْجار وأقامَ عليها أيامًا. وكانت الأخبار والقُصّاد تَرِد إلى دمشقَ بذلك، والنّاسُ في خَوْفٍ ووجَلٍ وحَيْرة.
3545 -
وفي ليلة الجُمُعة سادس عَشَر رَجَب تُوفِّي الشَّريفُ عليُّ
(2)
بنُ عيّاد النّاسخ الحِيريُّ الإدريسيُّ الحَسَنيُّ، ودُفِنَ من الغدِ خارج باب تُوما بالقُرب من قبّة الشَّيخ رَسْلان، رحمه الله.
نسخَ كثيرًا مدّة خَمْسين سنة. وكانَ رَجُلًا مُباركًا، مُلازمًا لمَشْهد عليّ رضي الله عنه بالجامع. وأصلُهُ من المَغْرب، وقَدِمَ والده دمشق واستوطنها.
ووُلِدَ هو بدمشق سنة أربعين وست مئة تقريبًا.
وذكرَ لي أنّه سَمِعَ من الباذرائي، والزَّيْن خالد، وغيرهما. وكتب على العفيف بالعزيزية.
3546 -
وفي يوم الاثنين الثاني عَشَر من رَجَب تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ الملكُ المُظَفَّر شهابُ الدِّين غازي
(3)
ابنُ السُّلْطان الملك النّاصر صلاح الدِّين داود ابن السُّلطان الملك المعظَّم شَرَف الدِّين عيسى ابن السُّلْطان الملك
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 98.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 204، وذيل العبر، ص 71، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 96، وأعيان العصر 4/ 19، والبداية والنهاية 16/ 102، والسلوك 2/ 483، والدرر الكامنة 4/ 252، والمنهل الصافي 8/ 361، والنجوم الزاهرة 9/ 244، وشذرات الذهب 8/ 56. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 712 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120.
العادل سَيْف الدِّين أبي بكر مُحمد بن أيوب بالقاهرة، بحارة زَوِيلة، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
وكانَ قد حجَّ وزارَ البيت المُقَدَّس، وقَدِمَ دمشقَ وأقامَ بها ثم عادَ إلى القاهرة، فأقامَ بها يومين أو ثلاثة، وماتَ، رحمه الله تعالى، وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، كبيرَ القَدْر، محتَرَمًا، مُبَجَّلًا، عندَهُ فضيلةٌ وتواضُعٌ.
رَوَى لنا عن خطيب مَرْدا، والصَّدْر البَكْريّ.
ومولدُه ليلة السَّبْت عاشِر جُمادى الأولى سنة تِسْع وثلاثين وست مئة بقَلْعة الكَرَك.
وصَلَّينا عليه بدمشق يوم الجُمُعة مُستهلّ شَعْبان، وعُمِلَ عزاؤه بُكْرة السَّبْت بالمَدْرسة العادلية بدمشق، وحَضرَ قاضي القُضاة وجماعة.
3547 -
وفي خامس رَجَب تَوجَّه من دمشق إلى القاهرة الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ الصَّدْرُ الكاملُ قاضي القُضاة شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ إبراهيم بن إبراهيم
(2)
بن داود بن حازم الأذرعيُّ الحَنَفيُّ، فدخلَها في يوم الجُمُعة الثالث والعِشْرين من الشَّهْر متمرِّضًا، فنزلَ بخانقاه سعيد السُّعداء، فأقامَ خمسةَ أيام وتُوفِّي بها في يوم الأربعاء الثامن والعِشْرين من رَجَب، ودُفِنَ من يومه بمقبُرة الصُّوفية خارج باب النَّصْر، وصَلَّينا عليه بجامع دمشق يوم الجُمُعة مُنْتَصف شعْبان.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا من أعيان مَذْهبه، يعرفُ الفقه والأصول والنَّحْو، ودَرَّسَ مدّةً بالمَدْرسة الشِّبْلية ظاهرَ دمشق، ووَلِيَ القضاءَ بدمشقَ سنة كاملة.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 118، وأعيان العصر 4/ 221، والبداية والنهاية 16/ 102، والسلوك 2/ 484، والدرر الكامنة 5/ 1، والدارس 1/ 410.
(2)
صحح عليه الناسخ دلالة على صحة تكراره.
ورَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، قرأتُ عليه بدمشقَ وتَبُوك في طريق الحجاز.
ومولدُه سنة أربع وأربعين وست مئة تقريبًا بأذرِعات.
3548 -
وفي الثاني والعِشْرين من رَجَب تُوفِّيت أمُّ أحمد فاطمةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ الصّالح عمادِ الدِّين إسماعيل بن إبراهيم بن سُلْطان البَعْلَبَكّيِّ، بها.
وكانت امرأةً صالحةً. رَوَت لنا عن الشَّيخ الفقيه مُحمد اليُونينيِّ. وكانَ والدُها إمامًا بقرية بيت نائل، مَعْروفًا بالصَّلاح والدِّيانة.
وهي خالة شَمْس الدِّين مُحمد ابن النَّجْم بن الحَبّال البَعْلَبَكّيّ.
ضبط لنا موتها الفقيهُ أحمد الدُّرَيْنيُّ.
3549 -
وفي آخر ليلة الخَمِيس قبل الصُّبْح الثاني والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ المُسندُ بقيّةُ المَشايخ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ نَصْر الله بن عُمر بن عبد الواحد بن عبد الله القُرشيُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بابن الصَّوّاف، بسُوقِ الغَنَم خارج باب زَوِيلة، ظاهرَ القاهرة، ودُفِنَ في اليوم المَذْكور بالقَرَافة.
رَوَى عن ابن باقا مُعْظَم كتاب "السُّنَن" للنَّسائيّ، وسَمِعَ أيضًا من جَعْفر الهَمْدانيّ، وابن الصّابونيّ، وأجازَ له محمود بن مَنْدَة، ومُحمد بن عبد الواحد المَدِينيُّ، وجماعةٌ من أصبهان.
ومولدُه تقريبًا سنة عِشْرين وست مئة.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 105.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 71، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 117، والوافي بالوفيات 22/ 273، وأعيان العصر 3/ 570، وذيل التقييد 2/ 225، والسلوك 2/ 483، والدرر الكامنة 4/ 160، والمنهل الصافي 8/ 232، وحسن المحاضرة 1/ 389، وشذرات الذهب 8/ 56.
كتب إلينا بالإجازة. وكانَ قد تَفَرَّد بالرِّواية عن ابن باقا، وقصدَهُ الطَّلبة وأخذوا عنه، وحَدَّثَ بالقَدْر الذي سَمِعَه من النَّسائي غير مرة.
3550 -
وفي يوم الخَمِيس الثاني والعِشْرين من رَجَب تُوفِّيت زَهْراءُ
(1)
بنتُ قاضي القُضاة شَمْس الدِّين عبد الله بن مُحمد بن عَطاء الحَنَفيُّ، ودُفِنَت يوم الجُمُعة بالجَبَل.
وهي أمُّ علاء الدِّين على بن ناصر الدِّين داود بن بَدْر الدِّين يوسُف بن أحمد بن مُقَلَّد الأذرعيِّ الحَنَفيِّ.
3551 -
وفي يوم السَّبْت الرّابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّيت ستُّ العُلماء
(2)
المَعْروفة بالبُلْبُل، شيخة رِباط دَرْب المِهْرانيّ بدمشق، ودُفِنَت يوم الأحد بالجَبَل، وحَضَرها جَمْعٌ كبير من النُّسوان.
وكانت مَشْهورة بالوَعْظ وحُسْن الأداء واللفظ، وحجَّت وعَتقت. وكان لها وِرْدٌ من اللَّيل.
3552 -
وفي ليلة الخَمِيس التاسع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الصَّدْرُ نَجْمُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ بهاء الدِّين عبد الله بن الحَسَن بن مَحْبوب البَعْلَبَكّيُّ، ودُفِنَ من الغد بمقبُرة الصُّوفية.
وكانَ مُباشرًا ديوان المارستان، وديوان الأيتام، وعندهُ مروءة وحُسن صُحبة.
• - وفي هذا اليوم خُلِعَ على الصّاحب عزّ الدِّين ابن القَلانسيّ خِلْعةً ولَبِسها في الجنازة المَذْكورة.
(1)
ترجمتها في: أعيان العصر 2/ 384.
(2)
ترجمتها في: أعيان العصر 2/ 402، والدرر الكامنة 2/ 260.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
شَعْبان
أوله الجُمُعة، كامل.
3553 -
في يوم الاثنين الرّابع من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُسنِدُ الأصيلُ بقيّةُ السَّلَفِ شَرَفُ الدِّين أبو البَرَكات عبدُ الأحد
(1)
ابنُ الشَّيخ شَمْس الدِّين أبي القاسم ابن الشَّيخ الإمام الخَطيب سَيْف الدِّين عبد الغني ابن الشَّيخ الإمام العلّامة الخَطيب شيخ الإسلام فَخْر الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن أبي القاسم بن مُحمد بن تَيْميّة الحَرّانيُّ، بداره بدَرْب العَدَس بدمشق، وصُلِّي عليه بجامع دمشق في اليوم المَذْكور بين الصَّلاتين، ودُفِنَ بمقبُرة الصّوفية عند والدِه وأهلِه.
ومولدُه بحَرّان في سنة ثلاثين وست مئة.
وسَمِعَ بحَلَب من ابن اللَّتِّيّ، وابن رَوَاحة في سنة أربع وثلاثين وست مئة، وهو حاضر في الخامسة. وسَمِعَ بحرّان من عُلْوان ابن جُمَيْع، وصدقة ابن الطَّراجهيلي، والمُرَجَّى بن شُقَيْرة، وغيرِهم.
وحَدَّت بـ"مُسنَد الدّاوميّ" بالقاهرة ودمشق، وحدَّثُ بـ"جزء أبي الجَهْم" و"المئة الشُّرَيْحية" و"البَعْث" لابن أبي داود
(2)
، وغير ذلك.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، صالحًا، عَدْلًا، وكان له دُكّان بالرّمّاحين، ثم تركَ البيعَ والشِّراءَ ولَزِمَ العبادةَ، وانقطعَ عن النّاس إلى أن ماتَ على طريقةٍ حَمِيدة وسيرةٍ سَدِيدةٍ، رحمه الله تعالى.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 436، وذيل العبر، ص 71، وبرنامج الوادي آشي، ص 147، وأعيان العصر 3/ 9، والوافي بالوفيات 18/ 5، وذيل التقييد 2/ 114، والدرر الكامنة 3/ 100، وشذرات الذهب 8/ 55.
(2)
في الأصل: "لأبي داود"، وهو سبق قلم، وتقدم على الوجه في 1/ 463 و 2/ 159 و 3/ 67، 151، 318.
3554 -
وفي عَشِيّةِ يوم الثُّلاثاء خامس شَعْبان تُوفِّي الحاجّ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ شيخِنا أبي الحَرَم بن عُثمان بن يحيى السَّنْبُوسكيُّ الصَّحْراويُّ، ودُفِنَ ظُهر يوم الأربعاء بمقبُرة الشَّيخ موفَّق الدِّين بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في سنة أربع وخَمْسين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حجَّ إلى بيت الله الحَرام، وسَمِعَ من عُمر بن مُحمد الكِرْمانيِّ، وحَدَّثَ.
قرأتُ عليه، عنه.
• - وخُسِفَ القَمَرُ ليلة الجُمُعة، وهي ليلة النِّصف من شَعْبان، وصَلَّى الخَطيبُ صلاةَ الخُسُوف وخَطَب.
• - ودَرَّسَ بالمَدْرسة الشِّبْلية ظاهر دمشق الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ شَمْسُ الدِّين عبدُ الله بن حَجّاج بن عُمر الكاشْغَريُّ يوم الأحد السّابع عَشَر من شَهْر شَعْبان، عِوَضًا عن القاضي شَمْس الدِّين الأذْرِعي، رحمه الله.
3555 -
وفي السّادس عَشَر من شَعْبان تُوفِّي بحماة القاضي الصَّدْرُ الفاضلُ نُور الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ زَيْن الدِّين عبد الرَّحيم ابن الشَّيخ عزِّ الدِّين عبد الله بن الحُسين بن رَوَاحة الأنصاريُّ الحَمَويُّ.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا، عاقِلًا. وَلِيَ كتابة الدَّرْج بطرابُلُس مدّةً، وعُزِلَ قبل موته، وعُوِّض عنه بابن مُقْبِل الحِمْصيّ، فنزح عن البَلَد وانتقلَ إلى حَماة، وعاشَ قليلًا وماتَ، وحمه الله.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 702 هـ، وأخوه محمود توفي سنة 723 هـ، وترجمته في الدرر الكامنة 6/ 103.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 204، وأعيان العصر 1/ 262، والوافي بالوفيات 7/ 56، وجاء فيهما اسمه أحمد بن عبد الرحمن بن رواحة.
كتبتُ عنه أبياتًا من شِعْره.
3556 -
وفي ليلة الاثنين الخامس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ مُحمدُ
(1)
بنُ عبد الله البَعْلَبَكّيُّ، خادم الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن الدُّباهيِّ رحمهما الله تعالى، ودُفِنَ من الغد بالجَبَل إلى جانب قَبْر الشَّيخ شَمْس الدِّين المَذْكور.
وكانَ بينهما صُحْبة متأكّدة من مُدّةٍ طويلةٍ. وكانَ رَجُلًا صالحًا، مُلازمًا للجماعة وتلاوة القُرآن.
3557 -
وفي يوم الأربعاء السّابع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ نورُ الدِّين يوسُف
(2)
بنُ أحمد الرُّوميُّ اللاذقيُّ، أحد الصُّوفية بالسُّمَيْساطيّة، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، وحضره جماعة.
وهو الذي وقفَ بالخانقاه نسخةً جليلةً من "جامع الأصول" لابن الأثير، كانت للبَرْواناه.
3558 -
وفي شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفاضلُ الأديبُ الكاملُ شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ موسى، ابنُ القُدسيِّ، بالقاهرة.
وكانَ عارفًا بصناعة الإنشاء، مُقْتَدرًا على النَّظْم والنَّثْر، مشهورًا بذلك، من فُضَلاء الكُتّاب، وله سيرة للسُّلطان الملك المَنْصور قلاون وأولاده، وخَدَمَ الشُّجاعيَّ، وأميرَ سلاح، وغيرَهما. وكان عنده حِكْمةٌ وفَلْسَفةٌ وغيرُ ذلك.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 204، وجاء فيه محمد بن خليل المقدسي، وفوات الوفيات 4/ 42، وأعيان العصر 5/ 284، والوافي بالوفيات 5/ 93، والسلوك 2/ 484، والدرر الكامنة 6/ 23، والنجوم الزاهرة 9/ 223، وشذرات الذهب 8/ 58. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 712 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120.
شَهْر رَمَضان
أوله الأحد، ناقصٌ.
3559 -
في يوم الثُّلاثاء ثالث رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ قائد بن أحمد الحَنَفيُّ البُصْرويُّ، بالمدرسة الصّادرية، ودُفِنَ من يومِه خارج باب الجابية بمقبُرة أُوَيْس، رحمة الله عليه.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا من أصحاب قاضي القُضاة صَدْر الدِّين الحَنَفيّ، وكان يخدمه ويقوم بأموره، ولمّا وَلِيَ الحُكْم جعله نَقِيبًا له.
وماتَ في عَشْر السَّبعين، وحمه الله تعالى.
• - وقُرِئ كتابُ السُّلْطان بجامع دمشق يوم الجُمُعة ثالث عَشَر رَمَضان يتضمَّن إطلاقات جنايات القَتْلَى، وأنّ من قُتِلَ يُتَتبع قاتله ويُقتَصّ منه، ولا يُجَنَّى أحدٌ بسبب ذلك، ويتبع في ذلك حُكْم الشَّرع الشَّريف.
قَرأ الكتابَ على السُّدّة الشَّيخُ كمال الدِّين الزَّمَلُكانيّ بحُضور نائبِ السَّلْطنة
(2)
.
3560 -
وفي يوم الخَمِيس ثاني عَشَر رَمَضان تُوفِّيت بنتُ الصّاحب شَمْس الدِّين ابن السَّلْعُوس
(3)
، ودُفِنَت من الغد بالجَبَل، وهي زوجة تَقِيّ الدِّين ابن الصّاحب شهاب الدِّين الحَنَفيّ.
• - وفي يوم الاثنين السّادس عَشَر من رَمَضان ورد المَرْسوم السُّلْطانيّ للأمير سَيْف الدِّين بهادُر الشَّمْسِيِّ أحدِ الأُمراء بدمشقَ أن يكون نائبًا بالقَلْعة
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 98.
(3)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات سنة 693 هـ.
المَحْروسة، ويكون الأمير عزّ الدِّين أيبك الجَمَاليّ مُتولِّي القَلْعة، فدخلَها وباشرَ النيابةَ.
• - وفي أوائل رَمَضان قويت أخبار التَّتار بدمشقَ ودخلَ أهل الحَوَاضر والقُرى إلى البَلَد، وجَفَلَ جمعٌ كبيرٌ من دمشقَ إلى القاهرةِ والحُصُون، وأحاطَ التَّتارُ بالرَّحْبة مُستهلّ رَمَضان، وأقاموا عليها ثلاثة وعِشْرين يومًا قاتلوا فيها قتالًا شديدًا خمسة أيام أو نَحْوَها، وباقي الأيام كانت أيامَ حَصْرٍ من غير قتال، والنائب بها الأميرُ بَدْرُ الدِّين موسى الأزْكَشي فقاتَلُهم هو ومن عنده ثم توسَّط رشيد الدَّولة مشير دولة ملك التَّتار في القَضِية، وأشارَ على أهل القَلْعة بأن ينزل منهم جماعةٌ إلى بين يدي الملك خَرْبَنْدا، ويُهْدُون إليه هديّة، ويَطْلبون منه العَفْو والصَّفْح، فأجابوا إلى ذلك، ونَزَلَ قاضي البَلَد نَجْم الدِّين إسحاق، ومعه جماعةٌ، فطلبوا ذلك وأهدوا خمسة من الخَيْل وعشرة أباليج من السُّكّر، فقبلَ ذلك ورَحَل عنهم وتأخَّرت العَساكر من حَلَب، وأجفل أهلُ حَلَب ونواحيها، وخَربت البَلَدُ، ثم تراجعَ جَيْش حَلَب وعادوا إليها لما تحقَّقوا أنه ليس من ناحيتهم أحدٌ من التَّتار. وتأخَّرت العَساكرُ المِصْرية، وكَثُر الخَوْف بدمشق، وخَرجَ النّاسُ مُسْرعين وغَلَت المحائرُ والأكريةُ. وحَصلَ أيضًا بحِمْص جَفْلٌ كثيرٌ وتَشَعَّت البلدُ.
وأمّا بَعْلَبَك فإنَّ النّاسَ جَفَلُوا إليها من دمشق، ورغبوا في التَّحَصُّنِ فيها لحصانة قَلْعتها وشهامة أهلِها، وقَنَتَ الخَطيبُ بدمشقَ في الصَّلوات الخَمْس يوم الجُمُعة ثالث عَشَر رَمَضان، وتبِعه الأئمّةُ، واجتهدَ النّاسُ في الدُّعاء في القُنوت وعَقِيب الصَّلوات وفي التَّراويح بصَرْف العدوّ عنهم وعن أهل الرَّحْبة المُحاصرين.
فلمّا وصلت الأخبار في آخر يوم من شَهْر رَمَضان برجوع التَّتار إلى بلادِهم ونزوحِهم على الرَّحْبة وعن البلاد الشّامية تركَ الأئمّة القُنوت لزوال النازلة،
وسُرّ النّاس بذلك، وشكروا الله تعالى على هذه النِّعْمة الجليلة، وضُرِبت البشائرُ بقَلْعة دمشق وخطبَ الخَطيب يوم العيد وذكرَ هذه النِّعمة وأمرَ بالشُّكر عليها وحَضَّ على ذلك.
وكانَ سبب رحيل ملك التَّتار بجيوشه عن الرَّحْبة أمورٌ منها غلاء الأسعار وقلّة العَلَف من التبن والشَّعير. ومنها موت الخَيْل، وموت طائفة من العَسْكر. ومنها خروج قاضي الرَّحْبة ومن معه إلى حَضْرَته وطلبهم منه الأمان والعَفْو في هذا الشَّهْر الشَّريف وإشارة الرَّشيد بذلك عليه وموافقته جُوبان نائبُ السَّلْطنة على ذلك، وهذه أمور يَسَّرَها اللهُ تعالى، وأوقع في نُفُوسِهم الرَّحِيل، ووَقَى الله شَرّهم، وأعانَ الطائفة الضَّعيفة المَحْصورة في هذا الحِصْن بغير حولٍ منهم ولا قوّة، فله الحَمْدُ والشُّكْر حَمْدًا كثيرًا دائمًا على كلِّ حال
(1)
.
3561 -
وفي مُنْتصف رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ فَخْرُ الدِّين أبو عَمْرو عُثمانُ
(2)
بنُ أبي مُحمد بن أبي القاسم الخَضِر بن عبد المجيد بن الحَسَن بن عامر بن حَسَن، ابنُ قاضي الباب الحَلَبيُّ، بالقاهرة.
ومولدُه بحَلَب في عاشر رَجَب سنة سبع وثلاثين وست مئة.
رَوَى عن يوسُف بن خَليل الحافظ الجزءَ الثّالث من "صفة الجنّة" لأبي نُعَيْم.
وكان يُعرف بابن صَقْر.
3562 -
وفي الحادي والعِشْرين من شهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ خليل
(3)
الجيلانيُّ.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 201 - 203، وذيل العبر، ص 67، والبداية والنهاية 16/ 99.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 263.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ من شُيوخ القاهرة من ذُريّة الشَّيخ عبد القادر الجِيليّ، وكان مُقيمًا بدمشقَ مدّةً، ثم انتقلَ إلى الدِّيارِ المِصْرية فأقامَ بها ومات هناك.
شَوّال
أوّله الاثنين.
• - في عَشِيّة الاثنين ثامن شَوّال دُقَّت البشائر بقَلْعة دمشق بسبب خُروج السُّلْطان من الدِّيار المِصْرية قاصدًا الشّامَ، وكانَ خروجُه يوم الثُّلاثاء ثاني شَوّال
(1)
.
3563 -
وفي يوم الثُّلاثاء تاسع شَوّال تُوفِّي عمادُ الدِّين إسماعيلُ
(2)
ابنُ الأمير الكبير عَلَم الدِّين سَنْجَر، الدَّواداريُّ الصّالحيُّ، وصُلِّي عليه عَصْر اليوم المَذْكور، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون، وله من العُمُر أربعون سنة.
وكانَ سَمِعَ من بعض مشايخنا، مثل ابن البُخاري، وابن الواسطي، وجماعة.
3564 -
وفي يوم السَّبْت ثالث عَشَر شَوّال تُوفِّي الطواشيُّ الكبيرُ عزُّ الدِّين دينارُ
(3)
بنُ عبد الله الكامليُّ، عَتِيق ابن سُوَيْد، ودُفِنَ بُكْرة الأحد بسَفْح قاسيون.
وكانَ خادمًا مُحْتَشمًا، عارفًا بالأمور. رَوَى عن ابن عبد الدّائم.
سَمِعَ منه ابني مُحمد، وجماعة.
3565 -
وفي يوم الأحد رابع عَشَر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الزّاهدُ إبراهيمُ
(4)
بنُ مُحمد بن مطهر الشِّيْحي الصُّوفيُّ بالسُّمَيْساطية، ودُفِنَ بمقبُرة الصُّوفية، وحضرَهُ جميع الصُّوفية وخَلْق من الفُقراء.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 99.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وقد تقدمت ترجمة أبيه في وفيات رجب سنة 699 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ من بيتِ المَشْيخةِ من ذُرِّية الشيخ أبي سَعِيد بن أبي الخَيْر المِيْهَنيّ، وعنده صلاحٌ وديانة ومحبّة للعِلْم. وسَمِعَ معي من الفاروثيّ.
• - وفي يوم الاثنين مُنْتَصف شَوّال خَرجَ المَحْمل السُّلطانيُّ والرَّكبُ الشّاميُّ إلى الحِجاز الشَّريف، وأميرُ الحاجّ الأميرُ حُسام الدِّين لاجِين الصَّغير، وهو الذي كان والي البَرِّ بدمشق مدّةً
(1)
.
• - وفي يوم الخَمِيس ثامن عَشَر شَوّال وَصلَ إلى دمشقَ تَقَادم من العَسْكر المِصْريّ نحوٌ من أربعة آلاف فارس، ومعهم الخَطِيري، وبهادُر المُعِزّي، وابن الوَزِيري.
ثم وَصلَ يوم السَّبْت العِشْرين منه تقادم أيضًا نحوٌ من العَدَد المَذْكور، ومعهم الأمير سَيْف الدِّين قُلِّي، وعزّ الدِّين أيدَمُر الدوادار
(2)
.
• - ثم وَصلَ يوم الثُّلاثاء الثالث والعِشْرين من شَوّال السُّلطانُ الملكُ النّاصرُ سُلْطان المُسلمين -أعزَّ اللهُ أنصارَهُ- بالجُيوش المَنْصورة المِصْرية، ونزلَ بالقَلْعة المَحْروسة، واحتفلَ النّاسُ لدخوله، وزُيِّن البَلَدُ، وضُرِبَت البَشَائرُ، فأقامَ بالقَلْعة ليلتين، وانتقلَ إلى القَصْر.
ثم دَخلَ البَلَد يوم الجُمُعة، وصَلَّى بالمَقْصورة، وخَلَعَ على الخَطيب، وعادَ إلى القَصْر، وجلسَ فيه يوم الاثنين تاسع عِشْري الشَّهْر، وعَمِلَ دار العَدْل، وحَضَر القُضاة، وأربابُ الوظائف
(3)
.
• - ووَصلَ الوزيرُ أمينُ الدِّين من القاهرة إلى دمشقَ يوم الثُّلاثاء آخر الشَّهْر المَذْكور
(4)
.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 99.
(2)
الخبر في المصدر السابق.
(3)
الخبر في المصدر السابق.
(4)
الخبر في المصدر السابق.
3566 -
وفي يوم الأحد الحادي والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُسندُ بَدْرُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ زين الدِّين مُحمد بن الحَسَن بن سالم الحِمْصيُّ الصوّاف، بدمشق، ودُفِنَ بُكْرة الاثنين بمقابر باب الصَّغير بالقُرب من الصَّحابة رضي الله عنهم.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا على طريقة حَمِيدة. رَوَى عن جماعة، منهم: السَّخاويُّ، وعُمرُ بن عبد الوهّاب ابنُ البَرَاذعيِّ، وشيخُ الشُّيوخ ابن حَمُّوْيَة، وعَتِيق السَّلْمانيُّ، والقُرْطُبيُّ، ويحيى بن عبد الرَّزاق المَقْدسيُّ، وأخوه سالم خَطيب عَقْرَبا.
وذكرَ أنه قرأ القُرآن على السَّخاويِّ، واشتغلَ بالعِلْم، وحَضرَ المَدارس.
ومولدُه سنة إحدى وثلاثين وست مئة بدمشق.
3567 -
وفي ليلة الاثنين الثاني والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الأجلُّ العَدْلُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
ابنُ الشَّيخ بدرِ الدِّين أحمدَ بن أبي الفَهْم بن ناصر بن سالم الأنصاريّ الدِّمشقيّ، المَعْروف بابن البَقّال، وصُلِّي عليه ظُهر الاثنين المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا، عُمِّر، وانقطعَ بالكلّية، وتغيَّرت أحوالُه، وجفاهُ أهلُه، وكانَ له مِلْك وثَرْوة، وكانَ يُسافر في التِّجارة والكَسْب، ولما وقعت واقعة بغداد سنة ستٍّ وخَمْسين وست مئة كانَ ببغدادَ، وذهبَ أكثرُ ما كانَ بيدِه، وسَلَّمه اللهُ تعالى. وكان يلبس البَطِيحة على زيّ الدِّمشقيِّين القُدماء وفوقها البَقيار، ويحضر مجالس الحُكّام ويشهدُ عليهم.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 90.
(2)
ذكره الذهبي في المتوفين سنة 711 هـ من ذيل سير أعلام النبلاء، ص 120.
رَوَى لنا عن الشَّيخ الإمام أبي عَمْرو بن الحاجب، والشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاويّ، وإبراهيم ابن الخُشُوعيِّ، وأبي طالب بن صابِر، وغيرِهم.
وماتَ في عَشْر التِّسعين.
وكان والدُه صاحب دُكّان بقَيْسارية الفُرُش. وجَدّه كانَ من جماعة الحافظ أبي القاسم بن عساكر، كتبَ عنه جملةً من الكُتُب ولازَمَ مجلسَهُ.
3568 -
وفي شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ زَيْنُ الدِّين أبو مُحمد الحَسَنُ
(1)
بنُ عبد الكريم بن عبد السَّلام بن عبد الله بن فَتْح الغُماريُّ الأصل، المِصْريُّ المَولد والدّار، المالكيُّ، سِبْط الشَّيخ المُقْرئ زيادة بن عِمْران بمصرَ.
وكانَ شَيْخًا مُعَمّرًا، مولدُه في ذي الحِجّة سنة سَبْع عَشْرة وست مئة.
سَمِعَ من الشَّيخ المُقرئ أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللَّخْميِّ الإسكندريِّ في سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة كتاب "العُنوان في القراءات" وكتاب "التَّذْكرة" لابن غُلْبون، و"المُحدِّث الفاصل" للرامهُرمُزيِّ، و"الناسخ والمَنْسوخ" لأبي داود السِّجِسْتاني، و"الثمانين" للآجُرّيّ، و"جزء الجابري"، والثالث من "الهاشميّات"، وجُزءًا من "حديث الحارث بن أبي أسامة"، والسّادس والثامن من انتخاب السِّلَفيّ من "أصول جَعْفر السرّاج"، و"الأربعين" لابن شَنْبُوية، و"قصيدة دوقلة"، و"قصيدة ذي الرُّمّة". وكانَ قد تفرَّد بالرِّواية عن الشَّيخ المَذْكور.
(1)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 734، وذيل العبر، ص 72، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 118، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 210، والوافي بالوفيات 12/ 73، وأعيان العصر 2/ 199، وذيل التقييد 1/ 503، وغاية النهاية 1/ 217، وتوضيح المشتبه 6/ 350، والسلوك 2/ 483، والمقفى الكبير 3/ 193 (1167)، والدرر الكامنة 2/ 121، وتبصير المنتبه 3/ 1085، والمنهل الصافي 5/ 84، والدليل الشافي 1/ 263، وحسن المحاضرة 1/ 389، وسلم الوصول 5/ 165، وشذرات الذهب 8/ 55، وتاج العروس، مادة "غمر".
3569 -
وفي ليلة سَلْخ شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ مَجْدُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ دَيْلَم بن مُحمد الشَّيْبيُّ المكيُّ، شَيْخ بني شَيْبة وشيخ الكَعْبة المُشرَّفة والحَرَم الشَّريف، وصُلِّي عليه بُكْرة الغد ودُفِنَ بالمَعْلَى.
رَوَى عن ابن مُسْدي، وسَمِعَ من الشَّيخ شَرَف الدِّين ابن أبي الفَضْل المُرْسيّ.
أجازَ لنا من مكّة في سنة تسعين وست مئة، ولم يَحْصل لي به اجتماعٌ.
ذو القَعْدة
أوله الأربعاء.
• - في أول يوم من شَهْر ذي القَعْدة وَصلَ إلى دمشقَ الشَّيخُ الإمامُ العلّامة تَقِيُّ الدِّين ابن تيميّة، وكانَ خَرجَ من القاهرةِ صُحْبة الجَيْش قاصدًا الغزاة، فلمّا وَصلَ معهم إلى عَسْقلان تَوجَّه إلى البيت المُقَدَّس وجعلَ طريقَهُ على عَجْلون وبعض بلاد السَّواد وزُرَع، ووَصلَ إلى دمشقَ في التّاريخ المَذْكور بعد غَيْبته عنها أكثر من سَبْع سنين، ومعه أخواه وجماعةٌ من أصحابه. وخَرجَ خَلْقٌ كثيرٌ لتَلقِّيه، وسُرُّوا بمقدمِه وسلامتِه وعافيتِه، نفعَ اللهُ تعالى به ومَتَّع بطول بقائه
(2)
.
• - وسافرَ السُّلْطان الملكُ النّاصرُ من دمشقَ بُكْرة الخَمِيس ثاني ذي القَعْدة ومعه جماعةٌ من خواصِّه وعَسْكره نحوٌ من أربعين أميرًا إلى الحِجاز
(1)
ترجمته في: العقد الثمين 3/ 38، وقال مؤلفه:"وتوفي ابن ديلم في غرة شهر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وسبع مئة بمكة، نقلت وفاته من خط جدي الشريف علي الفاسي"، ولعل هذا أضبط من قول المؤلف، ووقع في المنهل الصافي 1/ 296:"عاشر ذي القعدة"، ولعله تحريف من "غرة ذي القعدة"، وله ترجمة في النجوم الزاهرة 9/ 223، والدليل الشافي 1/ 46.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 99 - 100، والنهج السديد 3/ 227.
الشَّريف، وفرَّق الجُيوش بالبلاد الشّامية، وتركَ بدمشقَ جماعةً منهم الأمير سَيْف الدِّين أرغون
(1)
.
• - وفي مُستَهلِّ ذي القَعْدة تَولَّى الشَّيخُ كمالُ الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ وكالةَ بيت المال بدمشق، عِوَضًا عن الشَّيخ كمال الدِّين ابن الشَّرِيشيّ، وخُلِعَ عليه يوم الجُمُعة ثالث الشَّهْر، وصَلَّى بها، وحَضرَ بالشُّبّاك عند قاضي القُضاة
(2)
.
• - وتكلَّم بعد سَفَر السُّلطان الوزيرُ الصّاحبُ أمينُ الدِّين في الأموال، وطالب أربابَ الولايات، وأمرَ بالاستخراج والعُقُوبة. وممّن صُودِرَ مُحيي الدِّين ابن فَضْل الله، وأُخِذَ منه جُملةٌ، وانقطعَ عن وظيفتِه في ديوان الإنشاء، وحصلَ له ولغِلْمانه وأتباعه نَكَدٌ وتَشْويش، ثم سَلَّمه الله تعالى
(3)
.
3570 -
وفي يوم الجُمُعة ثالث ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ نَجْم الدِّين داود
(4)
الكُرْديُّ، مُدرِّس المَدْرسة الصَّلاحية بالقُدْس الشَّريف.
وكانَ رَجُلًا حَسَنًا، دَرَّسَ بالمَدْرسة المَذْكورة أكثر من ثلاثين سنة، وَلِيها بعد القاضي مُحيي الدِّين قاضي غَزّة، ووَصلَ خَبَر موته إلى دِمشق، فعُيِّن للمَدْرسة من دمشق الشَّيخ شهاب الدِّين ابن جَهْبل، فوَلِيها وتوجَّه إليها بعد عيد الأضحى في أواخر السَّنة.
3571 -
وفي يوم الاثنين الثّالث عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي المُعَلِّم شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(5)
بنُ أيوب بن أبي بكر الكُتُبيُّ المُجَلّد،
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 202، والبداية والنهاية 16/ 100، والسلوك 2/ 482.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 100.
(3)
الخبر في المصدر السابق.
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 72، والدارس 2/ 306، والأنس الجليل 2/ 105، وشذرات الذهب 8/ 55، وذكره الذهبي في المتوفين سنة 712 هـ من ذيل سير أعلام النبلاء ص 120.
(5)
ذكره الذهبي في وفيات السنة من ذيل السير، ص 120.
المَعْروف بابن الأطروش، بدمشق، وصُلِّي عليه عَصْر هذا اليوم بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
ومولدُه بدمشق في سنة ثلاثين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَنَ الأخلاق، مَشْهورًا بالتَّجْليد الجَيِّد، ومَعْرفة الكُتُب. وله نَظْم، وعنده معرفةٌ، وحجَّ إلى بيتِ الله الحرام.
ورَوَى لنا عن عَتِيق السَّلْمانيِّ "عوالي حِسَان" لابن عَساكر
(1)
، و"حديث إسحاق بن راهُوْية"، وحَدَّث بالقاهرة أيضًا.
3572 -
وفي يوم الاثنين السّابع والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ مَنْكلي بن عبد الله الذَّهَبيُّ الحَلَبيُّ بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ هناك بقُرْب تربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، خيِّرًا، وضيء الوجه.
سَمِعَ بحَلَب من إبراهيم بن خليل. ورَوَى لنا عنه.
مولدُه بحَلَب، وأقامَ مدّة بمدرسة الشَّيخ أبي عُمر إلى حين موتِه، وماتَ في عَشْر الثَّمانين، رحمه الله تعالى.
3573 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثّامن والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ المُسْندةُ الأصيلةُ أمُّ مُحمد ستُّ القُضاة
(3)
بنتُ القاضي مُحيي الدِّين يحيى ابن القاضي تاج الدِّين أبي المَعالي أحمد ابن أقضَى القُضاة شَمْس الدِّين أبي نَصْر مُحمد بن هبة الله بن مُحمد بن هبة الله ابن الشِّيرازيِّ، الدِّمشقيةُ، بمنزلها داخل باب الفَرَاديس، ودُفِنَت من الغد بسَفح قاسيون.، وكانت امرأةً كبيرةً قاربت التِّسعين.
(1)
ذكرها الحافظ ابن حجر في المعجم المفهرس 267.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 60، والدرر الكامنة 4/ 160.
(3)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 293، وأعيان العصر 2/ 400، والدرر الكامنة 2/ 262، وذكر الذهبي وفاتها في السنة من ذيل السير، ص 120.
رَوَت عن كريمة بنت عبد الوَهّاب "مشيختَها" ثمانيةَ أجزاء، و"الزُّهّاد والعُبّاد" لابن الأزهر البَلْخيِّ، لم يُوجد لها سوى ذلك.
وتَزوّجت بالشَّيخ مَجْد الدِّين الروْذْراورِيّ، ثم بالبَدْر أبي المَحاسن ابن الخِرَقيّ، ثم بزَيْن الدِّين عبد الرَّحمن بن نَصْر بن عُبيد الحَنَفيّ، وماتت عنده بعد أن أقامت في صُحبته اثنين وخَمْسين سنة، رحمها الله تعالى وإيّانا.
ذو الحِجّة
أوله الخَمِيس بثبوتٍ حَصَل في اليوم الثامن.
3574 -
وَصلَت القُصّاد من العِراق بعد عيد الأضحى وأخبروا بموت قاضي بغداد عزّ الدِّين النِّيليُّ
(1)
المالكيُّ، وأنه وَلِيَ القاضي جلال الدِّين عبد الملك المَرَاغي قضاءَ القُضاة، واستنابَ ببغدادَ لملازمته للملك، فإنّه مُدَرِّس الشافعية في المَدْرسة التي تُحْمَل معه، وفيها مُدَرِّس للشّافعية، والحنفيّة والشِّيعة، ومَدرِّس للطبّ والنُّجوم والفلسفة
(2)
.
3575 -
وفي يوم الثُّلاثاء العِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الصَّدْر الأجلُّ الأصيلُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ العَدْل عِماد الدِّين أبي حامد الحُسَين ابن الحافظ عِمادِ الدِّين أبي القاسم على ابن الحافظ بهاء الدِّين أبي مُحمد القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم عليّ بن الحَسَن بن هبة الله بن عبد الله بن
(1)
هو عز الدين أبو محمد الحسن بن القاسم بن هبة الله النيلي المالكي، مدرس الطائفة المالكية بالمدرسة المستنصرية، ترجمة ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 4/ الترجمة 103 (من طبعة العلامة مصطفى جواد)، والغريب أنه مالكي يدرس الشافعية!
(2)
هذه مدرسة غريبة لم يُعهد مثلها، إذ يُدرس فيها المذهب الشيعي مع الشافعية والحنفية، والظاهر أنها من اختراع خَرْبندا فإنه كان قد تشيّع.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 413، والدرر الكامنة 5/ 169.
الحُسَين ابن عَسَاكر، ببُستانِه بالنَّيْرب، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بالجامع المُظَفَّري، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون.
وكانَ رَجُلًا حَسَنًا. رَوَى لنا الأول من "حديث الجَصّاص" عن ابن أبي اليُسْر، وسَمِعَ على جماعةٍ، وشَهِدَ على الحُكّام بدمشقَ، ووَلِيَ ولايات من جهات الكتابة، وحجّ، وأقامَ باليمن مدّة.
وكانَ له ثلاثة أولاد نُجَباء حِسان، قَدَّمهم بين يديه، رحمهم الله تعالى.
3576 -
وفي يوم السَّبْت الرابع والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ عليُّ
(1)
بنُ حسن بن عيسى الهَذَبانيُّ الكُرْديُّ الإرْبِليُّ، بالمَدْرسةِ العَزِيزية بدمشق، ودُفِنَ ضُحَى نهار الأحد بمقابر باب شَرْقي، وحضرَهُ جمع كبير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، نزل قرية سَقْبامن غُوطة دمشق في سنة ثمانين وست مئة. وأقام بها مدّة طويلةً، ثم انتقلَ إلى البَلَد، وكان سليمَ الصَّدْر، مباركًا، له منامات صالحة، وإخباراتٌ صادقةٌ، رحمه الله تعالى.
3577 -
وفي هذه السَّنة مات ملكُ دَشْت القَبْجَق وما والاها من المَماليك الدّاخلة فيها، وهو المعروف بطُقْطَطَاي
(2)
.
وذُكِرَ أنّ الصَّحيح في اسمه توتقتقا.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
هكذا مجود اسمه في النسخة الخطية، وفي أكثر المصادر "طقطاي" بطاء واحدة، والمذكور في النسخة يوافق ما قيل في أن الصحيح في اسمه:"توتقتقا"، وترجمته في: ذيل العبر، ص 72، وفيه:"طقططية"، وأعيان العصر 2/ 614، والوافي بالوفيات 16/ 469، والدرر الكامنة 2/ 389، والمنهل الصافي 6/ 425، وفيه أنه توفي سنة 716 هـ، والنجوم الزاهرة 9/ 226 وفيه وفاته في سنة 713 هـ، وكذا وقعت وفاته في الدارس 1/ 252، وله ترجمة في سلم الوصول 2/ 185، وشذرات الذهب 8/ 73 وفيه وفاته سنة 716 هـ، والبدر الطالع 1/ 303.
وقيل: إنَّ موتَه في شَهْر ربيع الأول في محلِّ مُلْكه، وبلغَ من العُمُر ثلاثين سنة، وبقيَ ملكًا ثلاثًا
(1)
وعِشْرين سنة، فإنّهُ جَلَسَ على سَرِير المُلك، وعُمُره سَبعْ سنين، وكان كافرًا على مَذْهب عَبَدة الأصنام يحبّ الأيغورّية، وهم البخْشِية والسَّحَرة ويُعظِّمهم. وكان فيه عَدْل ومَيْل إلى أهل الخَيْر من كل مِلّة، وكانَ يرجِّح المُسلمين على غيرِهم، ويُحبّ الحُكماء والأطبّاء ويكثر عَطاءهم. وجيوشه كثيرةٌ جدًّا، قيل: إنه وقَعَت بينه وبين أعدائه من الخَوارج عليه حَرْب، فجَرَّد من عَساكره من كل عشرة واحدًا، فبلغ عدد المجرَّدين مئتي ألف فارس وخَمْسين ألف فارس.
وكان له وَلَد لم يُرَ في الجَمَال أحسنَ منه. وكان على دين الإسلام يُحبُّ سَمَاع تِلاوة القُرآن العَظيم وإنْ لم يَفْهَمها. وكانَ قد نَوَى أنه إنْ مَلَكَ البلاد لا يترك في مَمْلكته غير الإسلام، فماتَ في حياة والدِه، وتركَ وَلَدًا. فلمّا ماتَ والدُه عَهِدَ إلى ابنِ ابنِه المَذْكور، فلم يتمّ الأمرُ له، واستولَى على المُلْك بعدَه ابنُ أخيه أزْبَك خان، وهو شابٌّ حَسَنٌ الصُّورة أيضًا، فائقُ الجمال، حَسَن الإسلام، شُجاع، قتلَ عدّة من الأُمراء والأعيان، وقَتَلَ جماعةً كثيرةً من الإيغورية، وهم البخْشِية والسَّحَرة، وأظهرَ كلمة الإسلام، وجلسَ على سرير المُلْك في أواخر رَمَضان من هذه السَّنة سنة اثنتي عَشْرة وسبع مئة.
وهذه المملكة هي المَشْهورة بمملكة بَرَكة ابن عمّ هلاوو، وكانت وفاتُه سنة خَمْسٍ وستِّين وست مئة.
ومَلَك بينَه وبينَ طُقْطَطَاي ثلاثة من المُلوك، وهم: منكوتَمُر، وتوتامنكو، وتولابوقا.
وذكرَ الشَّيخُ الفاضل علاء الدِّين النُّعمان الخُوارزميُّ الحَنَفيُّ، لما قَدِمَ دمشق سنة عَشْر وسبع مئة أنَّ طول هذه المملكة مَسِيرة ثمانية أشْهُر، وعَرضها ستة أشهر تقريبًا، والله أعلم.
(1)
في الأصل: "ثلاثة".
سنة ثلاث عَشْرة وسبع مئة
المُحَرَّم
• - في يوم السَّبْت مُستهلّ المُحَرَّم وَصلَ إلى دمشقَ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين قَجْليس المَلَكيُّ النّاصريُّ من الحِجاز الشَّريف وأخبرَ برجوع السُّلْطان من الحِجاز بعد قضاء فريضة الحجّ، وأنه فارقَهُ من المدينة الشَّريفة النَّبوية، وأنَّ السُّلطانَ قد قارب البلاد، فدقَّت البَشائر بذلك، ثم وَصلَ البَريدُ وأخبرَ بأنه دَخلَ الكَرَك في ثاني المُحَرَّم يوم الأحد، ووَصلَ السُّلْطان الملكُ النّاصرُ إلى دمشقَ يوم الثُّلاثاء حادي عشر المُحَرَّم، ونزلَ بالقَصْر وخرجَ النّاسُ لتلقّيه، وصَلَّى الجُمُعة وابع عَشَر الشَّهْر بمَقْصورة الخَطابة بجامع دمشقَ وكذلك الجُمُعة التي بَعْدها، ولعب في المَيْدان بالكُرَة يوم السَّبْت نِصْف الشَّهر
(1)
.
• - ووَلِيَ نَظَرَ الدَّواوين القاضي شَمْس الدِّين عبد الله غبريال يوم الأحد سادس عَشَر المُحَرَّم عِوَضًا عن أمينِ الدَّولة وبَدْر الدِّين ابن أبي الفَوارس. وخُلِعَ على الصّاحب أمين الدِّين أمين الملك. ووَلِيَ الأميرُ فَخْر الدِّين إياز الشَّمْسِي الأعْسَري شَدَّ الشّام، عِوَضًا عن الأمير بَدْر الدِّين القَرَمانيّ، وأُمِرَ القَرَماني بالتَّوجّه إلى نِيابة الرَّحْبة. وخُلِعَ على قاضي القُضاة نَجْم الدِّين ابن صَصْرَى، وعلى فَخْر الدِّين ناظر جَيْش مِصْر المعروف بكاتب المماليك، ووَلِيَ شَرَفُ الدِّين ابن صَصْرى صَحابة الدِّيوان وخُلِعَ عليه
(2)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 205، وذيل العبر، ص 73، والبداية والنهاية 16/ 102 - 103، والسلوك 2/ 485.
(2)
الأخبار المذكورة في: نهاية الأرب 32/ 205، والبداية والنهاية 16/ 103، والنهج السديد 3/ 232 - 233.
• - ووَصلَ رَكْب الحاجّ الشّاميّ إلى دمشقَ يوم الأربعاء السادس والعِشْرين من المُحَرَّم وقت الظُّهْر أسرعوا ليدركوا السُّلْطان بدمشقَ، ويُخْلُوا له الطريق. وقَبَّل أميرُ الحاجّ الأمير حُسام الدِّين لاجِين الصَّغير يَد السُّلطان.
• - وتَوجَّه السُّلْطان راجعًا إلى الدِّيار المِصْرية من دمشق في بُكْرة يوم الخَمِيس عَقِيب الفَجْر السّابع والعِشْرين من المُحَرَّم، وتوجَّهت الجُيوش قبله ومعه
(1)
.
• - ووَلِيَ ولاية البَرِّ بدمشقَ زَيْن الدِّين أُغْلُبَك العادلي، عِوَضًا عن طُرُنْطاي الحَمَويّ، فأقامَ أيامًا، ثم وَلِيَ بعدَه أستاذ دار طرقشي، وباشرَ نَظرَ الأوقاف بهاء الدِّين الحَنَفيُّ، ووَلِيَ نَظَر الجامع فَخْرُ الدِّين ابن شَيْخ السَّلاميّة، عِوَضًا عن ابن الصَّدْر سُليمان. وباشرَ شَدَّ الأوقاف في هذه المدّة بَدْرُ الدِّين بَكْتاش المَنْكُورسيّ، وكانت مباشرتُه في أواخر السَّنة الخارجة، عِوَضًا عن الأمير عزّ الدِّين شَهْري، وكان عارفًا بالأمور، وفيه شَهامة، وعنده إقدام، ولة نَفْس من الأمير سَيْف الدِّين أرغون نائب السَّلْطنة
(2)
.
3578 -
وفي ليلة السَّبْت الثامن من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ العالمُ العاملُ الزّاهدُ أبو مُحمد عبدُ الله
(3)
بنُ عِمْران بن موسى البَسْكَريُّ المَغْربيُّ، بالمدينة الشَّريفة النَّبوية، ودُفِنَ من الغد بالبَقِيع.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 103.
(2)
الأخبار في: نهاية الأرب 32/ 205، وذيل العبر، ص 73، والبداية والنهاية 16/ 103، والسلوك 2/ 485.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 59، وهو منسوب إلى "بَسْكَرة"، بلدة من بلاد المغرب، ضبطها الحازمي وابن ماكولا بكسر الباء الموحدة والراء، لكن قال السمعاني في "البسكري" من الأنساب:"وقدِم علينا فقيه فاضل سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة من هذه البلدة مرو عندنا وتوفي في هذه السنة وكان يذكر نسبته البَسكري بفتح الباء، وأما الأمير ابن ماكولا فذكره بالكسر". قلنا: وأهل البلد أعرف ببلدتهم. وينظر: معجم البلدان 1/ 422.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، جاورَ مدّةً طويلة بالمدينة الشِّريفة، وعندهُ فَضْل وتواضع، وكانَ مَقْصودًا بالزِّيارة، معروفًا بالعِبادة والانقطاع. وكان مُبتلًى بالبواسير، وله نَظْمٌ وكلامٌ حَسَن.
زُرتُه غير مرّة في بيته برباط دكالة، وكتب إليّ بوفاته أبو مُحمد عبد الله ابن الغَرَابيليّ الواسطيُّ.
3579 -
وفي ليلة السَّبْت وَقْت التَّسْبيح التاسع والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي ابني أبو الفَضْل مُحمد
(1)
بنُ القاسم بن مُحمد بن يوسُف بن مُحمد بن يوسف بن مُحمد البِرْزاليُّ، بمنزلنا بالقُرب من الظّاهرية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبُرة الباب الشَّرقي إلى جانب قبر والدي، وحضرَهُ جَمْعٌ كبيرٌ.
ومولدُه ليلة العِشْرين من المُحَرَّم سنة خَمْس وتسعين وست مئة. عاش ثماني عَشرة سنة وأيامًا، رحمَهُ الله تعالى.
خَتَمَ القُرآنَ العظيم في السنة الثامنة، وصَلَّى به التَّراويح سَنَتين، وجَوَّد قراءته، وقرأه بالروايات السَّبْع، وحَفِظَ "الشّاطبية"، و"الرّائية"، و"كتاب التَّنْبيه" في الفقه، و"الجُرجانية"، و"مُخْتَصر النّواوي" في عُلوم الحَديث. ولازمَ زكيّ الدِّين زَكْري مدّة سنين، وقرأ عليه في الفقه ولازمَ كمال الدِّين ابن قاضي شُهْبَة مدّة وقرأ عليه في النَّحو، وجَوَّد الخَطَّ مدّة على الشِّهاب غازي، ثم بعده على النَّجم الكاتب، وجاد خطُّه، ونَسَخَ "الشّاطبيّة" غير مرّة، وكذلك "الرّائية" و"فضائل الأعمال" للمَقْدسي وقطعةً من أول "تفسير البَغَوي"، إلى قوله تعالى:{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37]، و"علوم الحَديث"
(1)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 253، والوافي بالوفيات 4/ 250، والدرر الكامنة 5/ 403.
للنَّواوي. وسَمِعَ على خَلْق كثير عدّتهم تسع مئة شيخ وسبعة من الرِّجال والنِّساء، وزار القُدس الشَّريف، وحجَّ معي إلى بَيْتِ الله الحَرام سنة عَشْر وسبع مئة فقضى فريضةَ الحجّ، وسَمِعَ بالحرمين الشَّريفين، وتَزَوَّج بعد ذلك وتَرَك حَمْلًا انفصلَ ليلة الاثنين الخامس والعِشْرين من جُمادى الأولى، وسُمِّي أحمد، واستَجَزتُ له الشُّيوخ العوالي بدمشق، وعاشَ خَمْسين يومًا، ومات بُكْرة الخامس عَشَر من رَجَب من السَّنة، ودُفِنَ إلى جانب والده رحمهما الله تعالى.
3580 -
وفي ليلة الأحد سَلْخ المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ السدِّين الخُوارِزْميُّ
(1)
الصُّوفيُّ شيخُ خانكاه الطاحون، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ شَيْخًا مَشْهورًا عند الصُّوفية، وله كلام في التَّصَوّف، رحمه الله تعالى.
صَفَر
3581 -
في ليلة الأحد سابع صَفَر أو ليلة الاثنين ثامنه تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن إسحاق بن الخَضِر بن كامل بن سالم بن سُبَيع السُّروجيُّ الأصْل، ثم الدِّمشقيُّ، ثم الصّالحيُّ، ثم المَقْدسيُّ، بالبيت المُقَدَّس، ودُفِنَ بمقبُرة مامُلّا.
ومولدُه سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، جاورَ بالقُدْس مدّة، وكان له بيت حَسَن بالمَسْجد الأقصى.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجده الخضر بن كامل توفي سنة 608 هـ وترجمته في العبر 5/ 27، وتاريخ الإسلام 13/ 190، وأمه عزية تقدمت ترجمتها في وفيات سنة 676 هـ.
سَمِعَ من إبراهيم بن خليل، وابن عبد الدّائم، وعبد الله ابن الخُشُوعيّ، وجماعة.
وهو من بَيْت رِواية. سَمِعَ والدُه من ابن طَبَرْزَد حُضورًا، وسَمِعَ جدّه من الخُشُوعي، وسَمِعَ جدّ والده من نَصْر الله المِصِّيصيّ، وأبي الدُّرّ ياقوت مولى ابن البُخاري.
وكانت أمّه من المَقادسة، وهي عِزّية بنت مُحمد بن عبد الملك.
لقيتُه بعَجْلون وقرأتُ عليه "نسخة أبي مُسْهِر"، عن ابن خليل، و"حديث أيوب السَّخْتِيانيّ" عن ابن عبد الدائم.
• - ومرَّ الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين بن الوكيل، والأمير ألْطُنْبُغا الأشرفيّ، والأمير موسى بن مُهَنّا بدمشق يوم الاثنين آخر النَّهار الثاني والعِشْرين من صَفَر على البَريد، قاصدينَ الأمير حُسام الدِّين مُهَنّا بن عيسى من جهة السُّلْطان، وتَوجَّهوا إليه إلى تَدْمر. ثم مَرَّ الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين ورفيقُه ألْطُنْبُغا بدمشق عَشِيّة الاثنين خامس شَهْر ربيع الآخر، وتوجّها إلى القاهرة في سابعه.
ثم قَدِمَ صَدْرُ الدِّين دمشق مرة ثانية في تاسع جُمادى الآخرة، وتوجَّه إلى مُهَنّا، ثم رجعَ في رَجَب، وتَوجَّه إلى الدِّيار المِصْرية
(1)
.
3582 -
وصُلِّي عَقِيب صلاة الصُّبح بجامع دمشق على جنازة ناصر الدِّين
(2)
ابن المَهْمَنْدار أخي الأمير شهاب الدِّين في يوم الأربعاء الرابع والعِشْرين من صَفَر.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 103. وجاء في حاشية الأصل بلاغ بالمقابلة.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه شهاب الدين أحمد بن آقوش العزيزي، ستأتي ترجمته في وفيات سنة 719 هـ، والمهمندار: هو الذي يتلقى الرسل الواردين على المملكة (صبح الأعشى 4/ 22).
3583 -
وفي سَحَر يوم الجُمُعة السّادس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي القاضي الإمامُ العالمُ الخَطيبُ الصَّدْرُ الكبيرُ عمادُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ شيخِنا القاضي فَخْر الدِّين عبد العزيز ابن قاضي القُضاة عمادِ الدِّين عبد الرحمن بن عبد العَليّ بن مُعَرّف، ابن السُّكّريِّ، المِصْريُّ بمدرسته المَعْروفة بمنازل العزّ بمصرَ المَحْروسة، ودُفِنَ من يومِه بالقَرَافة.
ومولدُه في الخامس والعِشْرين من المُحرَّم سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة.
وكان مدرِّسًا بمَشْهد الحُسين، رضي الله عنه بالقاهرة، وبمدرسة مَنازل العزّ بمِصْرَ، وخطيبًا بالجامع الحاكميّ بالقاهرة، ووَلِي أيضًا إمامة مَشْهد الستّ نَفِيسة، رضي الله عنها، والنَّظر على أوقافه. وكان مَذْكورًا في رؤساء الدِّيار المِصْرية، وعنده عَقْل وافر وديانة. وأُرْسِلَ رسولًا من سُلْطان الدِّيار المِصْرية إلى ملك التَّتار.
ورَوَى لنا عن جدِّه لأمّه الشَّيخ بهاء الدِّين ابن الجُمَّيْزيّ. وحَدَّثَ بالقاهرة، ودمشق، رحمه الله.
ربيع الأول
3584 -
في يوم الاثنين السّادس من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ المُحدِّث كمالِ الدِّين أحمد ابن الكمال عبد الرَّحيم بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرَّحمن بن إسماعيل بن مَنْصور المَقْدسيُّ الحنبليُّ، المَعْروف بالضِّياء، السّالك طريقَ الفَقْر، وكانت وفاتُه في آخر النَّهار، ودُفِنَ بعد المَغْرب من ليلة الثُّلاثاء بسَفْح قاسيون عند أهله.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 210، وذيل العبر، ص 74، وأعيان العصر 3/ 415، والوافي بالوفيات 21/ 248، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 138، والدرر الكامنة 4/ 72، وشذرات الذهب 8/ 60 ز وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 123.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 146، والدرر الكامنة 5/ 54.
وكان شيخًا مُخالطًا للفقراء طول عُمُره، وحضرَ الغَزَوات الظاهرية مع المَشايخ.
وسَمِعَ من المُرْسِيّ حُضُورًا، ومن خَطِيب مَرْدا، والبَكْري، وابن سَعْد، ومُحمد بن عبد الهادي، وعبد الله ابن الخُشُوعيّ، وابن عبد الدّائم، وجماعة.
وله إجازةُ بعض أصحاب السِّلَفيّ وشُهْدَة.
ومولدُه في سنة أربع وأربعين وست مئة في أوائلها. ولمّا ماتَ عَمُّ والده الحافظ ضياء الدِّين مُحمد كان هو حَمْلًا في بَطْن أمِّه.
3585 -
وفي يوم السَّبْت حادي عَشَر شَهْر ربيع الأول تُوفِّي شَمْس الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ عُثمان بن حَمْدان التَّغْلِبيُّ، المَعْروف بابن البيّاعة.
وكانَ شاعرًا، فاضِلًا، مؤرِّخًا، وله مَدْح في الأميرِ عَلَم الدِّين الدَّواداريّ، وغيره من أرباب الولايات، وكان مُشِدّ الرَّقِيق، ويَخْدم في الجهات السُّلْطانية.
ومن شِعره:
نَعم غرامي بنَجْدٍ فوق ما زعموا
…
أفْنَى ويَبْقَى وهذا بعضُ ما عَلِموا
حَدِّثْ، فَدَيْتُكَ، عن ذاكَ الحِمَى وأعِدْ
…
ففي حديثك ما يُشْفَى به الألمُ
ليسَ الحِمَى غير قَلْبي بالذين به
…
ففيه نارُهم بالشَّوْقِ تَضْطَرِمُ
بانُوا فبان الغَضَا ذاوٍ ومَنْهَلُهُ
…
غَوْرٌ وأنوارُهُ من بعدهم ظُلَمُ
خيَّمْتَ يا وَجْدُ في قَلْبي لفَقْدهم
…
فلا رأت وَحْشةً من أهلِها الخِيَمُ
ولا تغيَّرَ واديهمْ ولا أفَلَتْ
…
بُدورُهُ وسَقَتْ أكنافَهُ الدِّيَمُ
فالقَلْبُ في حُرَقٍ والطَّرْف في غرقٍ
…
والصَّبرُ مُنْثَلمٌ والدَّمْعُ مُنْسَجِمُ
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 570، والدرر الكامنة 5/ 291.
3586 -
وفي يوم الجُمُعة سابع عَشَر ربيع الأول تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ حَسَن بن عليّ بن سعيد النابُلُسيُّ الخُيوطيُّ، الأمشاطيُّ بالزيادة، وكانت وفاتُه ببُستانٍ بقرية جَوْبر، ودُفِنَ بمقبُرة باب الفَراديس.
3587 -
وفي يوم الجُمُعة الرّابع والعِشْرين من ربيع الأول تُوفِّي الحاجُ الكبيرُ ناصرُ
(2)
بنُ مُحمد بن ناصر الكَيْلانيُّ التّاجرُ السّفّار، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون.
وكان شيخًا من أعيان التُّجّار، وتركَ نعمةً وثروةً وأولادًا.
3588 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثّامن والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين حَمْد
(3)
بن عبد المُنْعم بن البَيِّع الحَرّانيُّ، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، من التُّجّار المَعْروفين، وفيه صَدَقة ومَعْروف.
وهو خال عزّ الدِّين عبد العزيز بن تَيْمية.
3589 -
وفي ليلة الاثنين العِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفّي الشَّيخُ الصّالحُ فَخْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(4)
بنُ عبد الله بن محمود بن عُمر بن مُحمد بن بَلْدَق الحَرّانيُّ الخَيّاط، ويُكْنَى أبا يوسف، ودُفِنَ من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه شمس الدين محمد توفي سنة 772 هـ، وترجمته في الوفيات لابن رافع 2/ 369، والدرر الكامنة 5/ 171. وخاله عبد العزيز بن تيمية توفي سنة 736 هـ، وترجمته في معجم شيوخ الذهبي 1/ 398، وذيل التقييد 2/ 129.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أحمد أقربائه في وفيات سنة 673 هـ.
سَمِعَ من إبراهيم بن خليل، ومُحمد بن عبد الهادي، والنَّجيب عبد اللطيف الحَرّاني، وغيرِهم.
وكانَ من أبناء السَّبعين.
ذكرَ لي أنه وُلِدَ بعد الخُوارزمية والغلاء بسنة بحَرّان.
ربيع الآخر
3590 -
في يوم الأحد الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفقيهُ المُحدِّثُ الزّاهدُ فَخْرُ الدِّين أبو عَمْرو عُثمانُ
(1)
بنُ مُحمد بن عُثمان بن أبي بكر بن مُحمد بن داود التَّوْزَريُّ المالكيُّ، بمكّة، شرَّفها الله تعالى، ودُفِنَ هناك.
ومولدُه في ثامن شَهْر رَمَضان سنة ثلاثين وست مئة بمِصْر.
وكانَ شيخًا صالحًا، ومُحدِّثًا مَشْهورًا، من قُرّاء الحَديث المَعْروفين؛ سَمِعَ بمِصْر من الشَّيخ بهاء الدِّين ابن الجُمَّيْزي، وسِبْط السِّلَفي. وسَمِعَ بها أيضًا، وبالشّام من جماعةٍ من أصحاب البُوصيريّ، والخُشُوعيّ، وقرأ الكُتُب الكبار مثل:"مُسنَد الإمام أحمد" رضي الله عنه، و"المُعجم الكبير" للطبراني.
وذكرَ لي أنه قرأ "صحيح البخاري" أكثر من ثلاثين مرّة، وقال: أنا كنتُ قارئ الحَديث بالدِّيار المِصْرية بعد موت المكين الحِصْنِيّ
(1)
ترجمته في: تلخيص مجمع الآداب 3/ 68، والمعجم المختصر، ص 155، وتذكرة الحفاظ 4/ 197، وذيل العبر، ص 74، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 123، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 437، ومعرفة القراء الكبار 2/ 733، وبرنامج الوادي آشي، ص 155، وأعيان العصر 3/ 228، والوافي بالوفيات 19/ 507، ومرآة الجنان 4/ 190، والبداية والنهاية 16/ 104، والعقد الثمين 6/ 41، وذيل التقييد 2/ 172، وغاية النهاية 1/ 510، والسلوك 2/ 492، والدرر الكامنة 3/ 262، وسلم الوصول 4/ 296، وشذرات الذهب 8/ 60 وغيرها.
وله شيوخ كثيرةٌ بالسَّماع والإجازة يزيدون على ألف شَيْخ. وكانَ يقيمُ بمكّة، ويتردَّد إلى الدِّيار المِصْرية، ثم سكنَ مكّة مدّة طويلة إلى أن ماتَ بها.
كتبَ إليّ بوفاته الفقيه عبد الله بن خليل.
وكانَ مَشْهورًا بمكّةَ بالصَّلاح والحَديث، مقصودًا بالزِّيارة. وممّن أجازَ له أبو الحَسَن بن المُقَيَّر.
اجتمعتُ به بمِصْرَ، وسَمِعتُ بقراءته قطعةً من "مُعجم الطبراني الصغير" على الخَطيب فَخْر الدِّين عبد العزيز ابن السُّكّري، وقرأتُ عليه بظاهر القاهرة الأول من "فوائد المَدِينة" تخريج ابن مُسدّي، لابن الجُمَّيْزي. ثم قرأتُ عليه بمكّة "فوائد المَدِينة" الثلاثة المَذْكورة، والثاني من "المَحَامليّات"، ومجلسًا من "أمالي نَصْر بن عبد العزيز الشِّيرازيِّ"، و"ثلاثيّات البُخاريّ"، وبمِنَى "الثمانين الآجُرّية"، والأول من "الثَّقَفيات"، ومنتَقى منها فيه سبعة وأربعونَ حديثًا، وذلك سنة ثلاث وسبع مئة. ثم قرأتُ عليه بمكّةَ في سنة عَشْر وسبع مئة "المُسلسل بالأوليّة" بطُرُقه الثلاثة، وسمعتُ منه "الأربعين لابن الجُمَّيْزي، تخريج العَطّار، وجزءًا من "فوائد الهاشمي" و"الإيادي". وقرأتُ عليه بمنَى ثاني "المَحامليّات" مرة ثانية. ومنتَقَى لطيفًا من "الثَّقفيّات" فيه عَشَرة أحاديث. وكان ذلك آخر عَهْدي به، رحمه الله تعالى.
3591 -
وفي ليلة الثُّلاثاء العِشْرين من شهر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ أبو الحَسَن
(1)
ابن الشَّيخ مُحمد ابن الشَّيخ الكبير عليّ الحَرِيريّ، ودُفِنَ عند الشَّيخ رَسْلان ظاهر دمشق.
ومولدُه سنة تسع وأربعين وست مئة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه توفي سنة 651 هـ، وترجمته في الوافي بالوفيات 4/ 183.
ورافقتُه في الحَجّ سنة عَشْرٍ وسَبعْ مئة. وذكرَ لي أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، وتابَ على يدِه، ولازمَ صيام رَجَب وشَعْبان اثنتي عشرة سنة في آخر عُمُره.
3592 -
وفي يوم الجُمُعة الثّالث والعِشْرين من شهر ربيع الآخر تُوفِّي المعلّم زَيْن الدِّين عُمرُ
(1)
بنُ أبي بكر بن بك بن عبد الله الخُوارِزْميُّ التُّركمانيُّ الخيّاط المُشْرِف، ودُفِنَ من يومِه بمقابر باب الفراديس.
3593 -
وفي يوم السَّبْت الرّابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو الفِداء إسماعيلُ
(2)
بنُ عبد الواحد بن إسماعيل بن مسلم الحَرّانيُّ الحَنبليُّ، المَعْروف أبوه بعَبْدان، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ هناك.
وكانَ فَقِيرًا مُباركًا، ساكنًا بالصّالحية، مواظبًا للجُلوس بحَلْقة الحَنابلة بجامع دمشق، وأُصيبَ سنة غازان، وأُسِر بعضُ أهله، ودخلَ البلادَ بسببهم فلم يقع لهم على خَبَر، فلمّا جَفَل النّاس سنة اثنتي عشرة جَفَلَ معهم بأهله إلى الدِّيار المِصْرية وأقامَ مدّةً، ثم رَجعَ بمُفرده إلى دمشق فأقامَ نحو شهرٍ ومات.
ومولدُه في نِصْف رَجَب سنة سبع وأربعين وست مئة.
قرأتُ عليه "جزء الأصمّ" بسماعه من ابن عبد الدّائم بإجازته من خطيب المَوْصل، وسَمِعَ أيضًا من أيوب الفُقّاعي الحَمّاميّ.
3594 -
وفي يوم الاثنين السّادس والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابن شَرَفِ الدِّين محمود بن إسماعيل بن مَعْبَد البَعْلَبكيُّ ببَعْلَبَكّ.
وكانَ وَقَفَ دارَ حديث.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 682 هـ، وأخوه علاء الدين علي توفي سنة 723 هـ، وترجمته في البداية والنهاية 16/ 170.
3595 -
وفي يوم الخَمِيس التاسع والعِشْرين من وبيع الآخر تُوفِّي الطّواشيّ ظهيرُ الدِّين مُختارُ
(1)
بنُ عبد الله الشِّبْليّ، أحد الخِزَنْدارية بخِزانة قَلْعة دمشق.
3596 -
وفي سَلْخ شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو الخَيْر مِثْقالُ
(2)
بنُ عبد الله الحَبَشيُّ الأشرفيُّ الصلاحيُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ من يومِه خارج باب النَّصْر ظاهر القاهرة.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، شَيْخًا كبيرًا، بوّابًا بالتُّربة الصّالحية بين القَصْرين. حَدَّثُ بمجلسي "الشافعي" و"البَخْتَري"، عن سِبْط السِّلفي؛ قرأتُهما عليه.
جُمادى الأولى
3597 -
في ليلة الجُمُعة مُستهلّ جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئُ تَقِيُّ الدِّين أبو بكر
(3)
بن مُحمد بن عليّ الجَعْبَريُّ، المَعْروف أبوه بأبي شامة، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بمَقابر باب الفَراديس ظاهر دمشق.
وكانَ من القُرّاء المُجَوِّدين. قرأ بالعراق، وديارِ مِصْرَ، وأقرأ بالرِّوايات، وانتفعَ به جماعةٌ. وكان له حلقة بجامع دمشق. وكان مؤذِّنًا بمسجد الجَوْزة.
• - وفي يوم الجُمُعة مُستهلّ جُمادى الأولى لَبِسَ الصَّدْرُ فَخْرُ الدِّين عبد العزيز بن أحمد بن الحُسين ابن شيخ السَّلامية خِلْعة نَظَر الجامع بطَرْحة، وجَلَسَ بها في الدِّيوان. وقد كان باشرَ النَّظر قبلَ ذلك عِوَضًا عن جمال الدِّين ابن الصَّدْر سُلميان.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 125، وفيه كنيته أبو العز، والدرر الكامنة 4/ 322.
(3)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 727، وغاية النهاية 2/ 206.
3598 -
وفي يوم الاثنين حادي عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي فَخْرُ الدِّين عُثمانُ
(1)
ابنُ شيخِنا عَفيفِ الدِّين مُحمد بن أبي بكر بن يوسُف، ابنُ خَطيب بيت الآبار، بمِصْياف، ودُفِنَ هناك عند والدته.
وكانَ كاتبًا مَعْروفًا، خَبِيرًا بصناعة الكتابة. خَدَمَ في ديوان الخِزَنْدار، ووَلِيَ نظرَ بعْلَبَك، وغيرَ ذلك، وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، بشوشَ الوجه، كثيرَ المُروءة. وماتَ وهو ابن خمس
(2)
وأربعين سنة.
3599 -
وفي يوم الجُمُعة الثاني والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ تَقِيُّ الدِّين أبو بكر
(3)
بنُ خَطّاب بن عبد الله المَوْصليُّ، الإمام بالخانقاه الأَسَدية، ودُفِنَ من يومِه بمقبُرة الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، خيِّرًا.
ومولدُه في سنة ستٍّ وثلاثين وست مئة بالمَوْصل.
3600 -
وفي يوم الاثنين حادي عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ بهاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(4)
بنُ يونُس بن خليل بن مقاتل ابن القَطّان، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
كَتبَ إليّ بموته المُقاتليُّ.
وكانَ سَمِعَ من النَّجيب عبد اللَّطيف، وحَدَّث، وكان من العُدُول الكُتّاب. خدم مرّةً شاهدًا بالخِزانة السُّلْطانية، وخَدَم مرّة بديوان سَلّار بالشَّوْبك.
3601 -
وفي ليلة السَّبْت الثالث والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 686 هـ.
(2)
في الأصل: "خمسة".
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
كذلك.
القاضي الإمام شَرَفُ الدِّين أبو مُحمد مُنِيفُ
(1)
بنُ سُلَيمان بن كامل بن مَنْصور بن عُلْوان بن رَبِيعة المَوَازينيُّ السُّلَمِيُّ الزُّرَعيُّ، بالقُدس الشَّريف، ودُفِنَ من الغد بمقبُرة مامُلّا.
وكانَ فقيهًا فاضلًا، عَفيفًا، مُحْترزًا، وله نَظْمٌ، وعنده فوائد، ووَلِيَ عدّة ولايات من أعمال دمشق نحوًا من أربعين سنة، وكانَ مَشْكورًا في جميع ولاياته.
ومن الأماكن التي تولّاها مدينة بَعْلَبك، وآخر ولاياته مدينة القُدْس، أقامَ بها مدّةً إلى حين موته.
ورَوَى الحديثَ عن ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، ويوسُف بن مَكْتُوم، وغيرِهم.
قرأتُ عليه "جُزء ابن عَرَفة" بدمشق والقُدس.
ومولدُه يوم الأربعاء الرابع عَشَر من صَفَر سنة ثلاثٍ وأربعين وست مئة، بزُرَع.
3602 -
وفي يوم السَّبْت الثالث والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ مُحمدُ
(2)
بنُ الصّارم لؤلؤ بن عبد الله الأعْرَج النَّحّاس، بمِصْياف، ودَفِنَ من يومِه هناك.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، له نَهْضةٌ وهمّةٌ.
وسَمِعَ معي على ابن البُخاري وغيره.
• - وفي يوم الخَمِيس الثامن والعِشْرين من جُمادى الأولى مُسِكَ أمينُ المُلْك وزير الدِّيار المِصْرية وجماعة من الكُتّاب المُسلمانيِّين وصُودِرُوا
(3)
.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 344، والدرر الكامنة 6/ 132، وفيه وفاته في ربيع الآخر، والأُنس الجليل 2/ 122.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 207، والبداية والنهاية 16/ 103.
جُمادى الآخرة
3603 -
في بُكْرة الأربعاء رابع جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخ أبو العبّاس أحمدُ
(1)
بنُ عبد الرَّحمن بن إسحاق بن الخَضِر بن كامل بن سالم بن سُبَيْع بن يوسُف بن إبراهيم الدِّمشقيُّ الصالحيُّ، ودُفِنَ ظُهرَ اليوم المَذْكور بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربة المَرْدَاويِّين.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، حافظًا لكتابِ الله تعالى، كثيرَ التِّلاوة. صَحِبَ الشَّيخ العِماد ابن العِماد مدّةً، وهو من بيت الرِّواية والحَديث.
عاشَ نحوًا من ستين سنة.
ورَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم.
3604 -
وفي يوم الخَمِيس خامس جُمادى الآخرة تُوفِّي الأميرُ عَلَمُ الدِّين سَنْجَر
(2)
الألفيّ، بالحُسَينية من وادي بَرَدا. وكان موته فُجاءةً.
وكانَ تولَّى ولاية نابُلُس.
3605 -
وفي ليلة الجُمُعة سادس جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخ أبو العبّاس أحمدُ
(3)
بنُ نعمة بن سَلْمان بن سَلِيم الصّالحيُّ السِّمْسار بسوق الصّالحية، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بالجامع المُظَفَّري، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون ظاهرَ دمشق، وهو في عَشْر الثَّمانين.
رَوَى لنا عن المُرْسيِّ، واليَلْدانيِّ. وكانت له إجازةٌ بغداديةٌ مؤرَّخة بجُمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وست مئة، أجازَهُ فيها ابنُ القُبَّيْطيِّ، والكاشْغَريُّ،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 192، والدرر الكامنة 2/ 320.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه محمد ستأتي ترجمته في وفيات سنة 719 هـ.
وابن أبي الفَخار، وأحمدُ المارستانيُّ، وابنُ الخازن، وابن شفنِين، وابن النَّخّال، وغيرُهم.
وكانَ جدُّه من قرية دير ماسك من عَمَل صَرْخَد.
• - وفي يوم الجُمُعة السادس من جُمادى الآخرة وَصلَ الخَبرُ إلى دمشقَ بصَرْف أمينِ المُلْك عن الوزارة بالدِّيار المِصْرية، وأنّه صُودِرَ وأقيمَ عِوَضه بَدْر الدِّين ابن التُّركماني الذي كان والي الجيزية
(1)
.
3606 -
وفي يوم الثُّلاثاء ضُحَى النَّهار العاشِر من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المحدِّثُ شهابُ الدِّين أبو بَكْر أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن أبي القاسم بن بَدْران بن أيّان
(3)
الآنميُّ الدَّشتيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، سَمِعَ بحَلَب من ابن رَوَاحة، ويعيش النَّحْوي، وابن قُمَيْرة، وابن خليل. وبحماة من النَّفيس بن رَوَاحة. وبحَرّانَ من عبد الرَّزاق بن أحمد بن أبي الوفاء، وابن الخَيّاط، وابن سلامة النَّجّار. وبدمشق من الحافظ ضياء الدِّين المَقْدسيّ، والشَّيخ تَقِيّ الدِّين ابن الصَّلاح، وابن مَسْلَمة، والسَّديد بن علّان. وله حُضور على جَعْفر الهَمْدانيِّ. وكان قد تفرَّدَ بدمشقَ ببعض مَسْموعاتِه وبعض شيوخِه.
ومولدُه سنة أربع وثلاثين وست مئة بحَلَب.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 207، والبداية والنهاية 16/ 103.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 75، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 122، والمعجم المختص، ص 36، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 101، وأعيان العصر 1/ 350، والوافي بالوفيات 8/ 82، وذيل التقييد 1/ 393، وتوضيح المشتبه 1/ 124، والدرر الكامنة 1/ 346، والمنهل الصافي 2/ 157، وشذرات الذهب 8/ 59.
(3)
أيان: قال: وأيان بياء آخر الحروف مشددة. (توضيح المشتبه 1/ 124).
3607 -
وفي يوم الاثنين سادس عَشَر جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ أبي الفَضْل بن سُلْطان الجَعْبَريُّ، المَعْروف بالخَطيب، نزيلُ القاهرة. وكانت وفاتُه بمَسْجد الحَلَبيِّين بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الثلاثاء بتُربة الشَّيخ جمال الدِّين ابن الظّاهري خارج باب النَّصْر.
وكان رَجُلًا مُباركًا، صالحًا.
رَوَى الجزء الثاني من التاسع من "الألف" لابن حَمْدان، تخريج الحاكم، عن الشَّيخ عماد الدِّين أبي الفَضْل مُحمد بن حامد بن أبي العَمِيد القَزْوينيّ، عن ابن الجُنَيد بأصبهان، عن زاهر الشَّحّاميّ، عن الكَنْجَرُوذيّ، عنه.
ومولدُه سنة أربعٍ وعشرين وست مئة.
3608 -
وفي ليلة الخَمِيس التاسع عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي الصَّدْرُ عزُّ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ العَدْل شهابِ الدِّين أحمد بن عُمر بن إلياس الرُّهاويُّ، وهو مُعتَقَل بالمَدْرسة العَذْراوية بدمشق، ودُفن من الغد بمقابر باب الصَّغِير.
وكان شابًّا بلغَ من العُمُر خمسًا
(3)
وثلاثين سنة.
وكان كاتبًا جيِّدًا، باشَر استيفاءَ الأوقاف وغيرَ ذلك، وكانَ له اختصاص بأمين المُلك، فلما مُسِك الوزير بالدِّيار المِصْرية اعتُقِلَ هو ورُسِّم عليه، وأُمر بحَمْله على البَرِيد إلى الدِّيار المِصْرية، فمَرِضَ ومات. وكان سَمِعَ كثيرًا من الأحاديث على أصحاب ابن طَبَرْزَد، والكِنْدي، وغيرهم.
ومولدُه سنة ثمانٍ وسبعين وست مئة.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 325، والدرر الكامنة 5/ 399.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 303، والدرر الكامنة 5/ 76.
(3)
في الأصل: "خمسة".
3609 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي والعشرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ المُقْرئُ المُجيدُ الزّاهدُ الوَرعُ بقيّةُ السَّلَف تقيُّ الدِّين أبو بكر
(1)
بن عُمر ابن المشيّع الجَزَريُّ، المَعْروف بالمَقَصّاتيِّ، بسَكَنِه بباب البَرِيد، وصُلِّي عليه في الثالثة في نهار السَّبْت بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون قُبالة الرِّباط النّاصريّ.
وكان رَجُلًا صالحًا، مُواظبًا على الإقراء من أكثر من خَمْسين سنة بالعراق والشّام، عارفًا بالقراءات السَّبْعة وغيرها من العَشَرة، وكثير من الشواذّ، وعنده طرفٌ من العربية، وفيه وَرَعٌ واجتهاد.
وَرَوى القراءات و"التَّيْسير" عن الشَّيخ عبد الصَّمد بن أبي الجَيْش البغداديّ، ووَلِيَ الإمامةَ بالرِّباط الناصريِّ، والمَدْرسة الظّاهرية، ودارِ الحديث الأشْرَفية، ونابَ في الإمامة والخطابة بجامع دمشق أكثرَ من عَشْر سنين.
ومولدُه بالجَزِيرة، ونشأ بالمَوْصل، وأقام ببغدادَ ودمشقَ وجاوزَ الثَّمانين، رحمه الله تعالى.
3610 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ تاجُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ أحمد بن محمد الآمُليُّ، الشّافعيُّ، ودُفِنَ خارج باب الجابية جوار تُربة أقْجَبا.
وكانَ فقيهًا فاضلًا، مُواظبًا على حُضور المَدارس والشَّهادة، وحَجَّ معنا سنة عشر وسبع مئة.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 74، ومعرفة القراء الكبار 2/ 725، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 413، وأعيان العصر 5/ 442، والبداية والنهاية 16/ 105، وغاية النهاية 1/ 183، والسلوك 2/ 491، والدرر الكامنة 1/ 54، والدارس 1/ 90، وشذرات الذهب 8/ 59.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في الدرر الكامنة 3/ 255.
3611 -
وفي ليلة الاثنين الثالث والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّيت أمُّ مُحمد رُقيّةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ صفيّ الدِّين أبي القاسم بن عُثمان بن مُحمد الحَنَفيِّ، ودُفِنَت من الغد بسَفْح قاسيون بالقُرب من التُّربة المُعَظَّمية. وهي والدة أقضى القُضاة شَمْس الدِّين ابن العزّ الحَنَفيِّ.
ومولدُها سنة خمسٍ وأربعين وست مئة.
وكانت امرأةً صالحةً، حجّت مع زوجها ثلاث مرّات.
3612 -
وفي يوم الجُمُعة السابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّيت أمُّ مُحمد زينبُ
(2)
بنتُ القاضي شَمْس الدِّين إبراهيم ابن قاضي القُضاة نَجْم الدِّين مُحمد ابن قاضي القُضاة صَدْر الدِّين أحمد بن يحيى بن هبة الله ابن سَنِيّ الدَّولة، ودُفِنَت بعد صلاة الجُمُعة بمقبُرة باب الصَّغِير عند زوجها الشَّيخ نَجْم الدِّين ابن أبي الطيِّب، رحمهما الله تعالى.
وكانت من بنات الأربعين تقريبًا.
رَجَب
• - في يوم الخَمِيس رابع عَشَر رَجَب أُخرجَ المَحْملُ السُّلطانيّ من القَلْعة بدمشق، وطيفَ به حول البَلَد، وركبَ الأعيانُ أمامه وخَرجَ النّاسُ للتفرُّج وفرحوا بأمرِ الحجّ، وعُيِّن الأميرُ سَيْفُ الدِّين بَلَبان التَّتَري لإمرة الحجّ
(3)
.
3613 -
وفي عَشِيّة الخميس رابع رَجَب تُوفِّي أبو بكر
(4)
ابنُ الشَّيْخ عُمر بن عليّ بن حياة الحرّانيُّ، ودُفن يوم الجُمُعة بسَفْح قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وابنها شمس الدين الحنفي توفي سنة 722 هـ، وترجمته في: البداية والنهاية 16/ 158، والدرر الكامنة 5/ 517.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات سنة 710 هـ.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 104 وذكر الخبر في شوال.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكان شابًّا ابن ستة عَشَر سنة، وفيه معرفةٌ ونباهةٌ وعَقْل.
• - وفي أول هذا الشَّهر استُخرِجت أموالٌ من أموالِ أسنْدَمُر نائبِ حَلَب من الذَّهَب والفِضّة بَلَغت أكثر من ست مئة ألف دِرْهم ورُفِعَت إلى بَيْت المال، وذلك من جهة زَوْجته وابنته وأتباعه.
3614 -
وفي يوم الأربعاء عاشر رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ شهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ مُحمد بن صَيْلان الحَرّانيُّ التاجرُ، بالقاهرة، وكان تَوجَّه إليها في تجارة، فأقامَ أيامًا يسيرة وماتَ.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، له دكانٌ بالرَّمّاحين بدمشق.
3615 -
وفي يوم الأحد رابع عَشَر رَجب تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ عَلَمُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابن النَّصير ابن أمين الدَّولة عبد الله بن الأصفر المِصْريُّ الحنفيُّ بالجَوْذرية، بالقاهرة، ودُفن من الغد.
ومولدُه في سنة تسعٍ وعشرين وست مئة.
سَمِعَ من ابن رَوَاج، ومن ابن الجُمَّيْزي. ومن مسموعاته "مَشيخة ابن الجُمَّيْزي" عليه، وحَدَّثَ بها.
وأجازَ لنا من أكثر من عِشْرين سنة.
3616 -
وفي العِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ بَدْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ عبد الحافظ ابن الشَّيخ الصّالح عبد الحميد بن مُحمد بن أبي بكر بن ماضي النابُلُسيُّ المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، بنابُلُس.
وكان شيخًا مَعْروفًا ببلده، من أولاد المَشايخ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ من ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وستأتي ترجمة أخيه إبراهيم في وفيات سنة 718 هـ.
رَوَى لنا عن خطيب مَرْدا. وسَمِعَ منه الطلبةُ الرَّحّالون.
ومولدُه في عاشِر ربيع الأول سنة ثلاثٍ وثلاثين وست مئة بنابُلُس.
3617 -
وفي يوم السَّبْت العِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشُّيخُ المُسنِدُ الجليلُ شَرَفُ الدِّين أبو الفَضَائل مُحمدُ
(1)
ابنُ الخَطيب عمادِ الدِّين داودَ بن عُمر بن يوسف بن يحيى بن عُمر بن كامل بن يوسُف بن يحيى، ابنُ خَطيب بيت الآبار، بالقَرْية المَذْكورة، ودُفن بُكْرة يوم الأحد بمقبرُتهم قُبالة جامع القَرْية.
ومولدُه سنة أربع وثلاثين وستم مئة تقريبًا.
ووجدتُ سماعَه بخط والدِه وهو في السنة الثالثة في الثاني عَشَر من جُمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وست مئة.
رَوَى لنا عن السَّخاويِّ، وشيخِ الشُّيوخ تاج الدِّين ابن حَمُّوْيَة، وإبراهيم بن الخُشُوعيّ، وعزّ الدِّين ابن عَساكر، وعَتِيق السَّلْمانيِّ، والصَّفِيّ عُمر ابن البَرَاذعيِّ القُرشيِّ، والرَّشيدِ بن مَسْلَمَة، وإسحاق بن طَرْخان الشاغوريِّ، والمُرجَّى بن شُقَيْرة، والحافظ ضياء الدِّين المَقْدسيِّ، وابن الصَّلاح، وجماعةٍ غيرهم.
وكان رَجُلًا حَسَنًا، سَهْلًا في التَّسميع، طيِّب الأخلاق.
3618 -
وفي يوم الأربعاء الرابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ الفاضلُ نَجْم الدِّين يعقوبُ
(2)
بنُ عليّ بن رُوميان التّروخاليُّ
(3)
الرُّوميُّ الحَنَفيُّ ودُفِنَ ظُهر الخَمِيس بمقابر الصُّوفية ظاهر دمشق.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 186، وأعيان العصر 4/ 438، والدرر الكامنة 5/ 178، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على هذه النسبة مع طول البحث والفحص.
وكانَ إمامًا بالمَقْصورة الحَنَفية الشَّرقية من أكثر من عِشْرين سنة، وله تدريس وإعادة. وكان من الفُضَلاء الصُّلَحاء.
3619 -
وفي ليلة الخَمِيس الخامس والعِشْرين من رَجَب تُوفِّيت بَهْجةُ
(1)
بنتُ قاضي القُضاة عزِّ الدِّين أبي المَفَاخر مُحمد بن عبد القادر بن عبد الخالق الأنصاريِّ ابن الصَّائغ، ودُفِنَت من الغد بسَفْح قاسيون بتُربة والدِها.
عاشت ثلاثين سنة، رحمها الله تعالى.
3620 -
وفي ليلة السَّبْت السابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي كمالُ الدِّين
(2)
ابن شَيْخ السَّلامية، ودُفِنَ ظُهْر السَّبْت بسَفْح قاسيون، وكان يومًا مَطِيرًا.
وكانَ أحدَ المُسْتوفين بدمشقَ، وخدمَ قبل ذلك بقَلْعة الرُّوم كاتب دَرْج، وخدمَ في جهات من بلاد حَلَب. وكان رَجُلًا جيِّدًا، ليِّنَ الجانب، لطيفَ الكلمة، قاضيًا لحوايج النّاس، رحمه الله تعالى.
• - وعُمِلَ بدمشقَ أربع مَجَانيق، واحد لقَلْعة دمشق، والثلاثة تُحْمل إلى الكَرَك، ورُمي باثنين منها على باب المَيْدان الأخضر ظاهر دمشق في يوم الاثنين التاسع والعِشْرين من رَجب، وحَضَر الأمراءُ ونائبُ السَّلْطنة وعامّة البَلَد، وامتلأت الطُّرق بالنّاس لأجل رؤية ذلك والفُرْجة
(3)
.
شَعْبان
3621 -
في ليلة الأحد خامس شَعْبان تُوفِّي الفقيهُ إبراهيمُ
(4)
بنُ أحمد بن عُمر بن خالص الذَّهَبيُّ الدِّمشقيُّ، ودُفِنَ من الغد بمقبُرة باب الفَرَاديس.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات سنة 683 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجاء بعد هذا اللقب فراغ في الأصل قدر كلمة.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 103.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكان شابًّا صالحًا، اشتغل وحفظ وتَعَبّد، وأقامَ بالقُدس نصف سنة، وعادَ إلى دمشقَ فمَرِضَ وقَوِيَ مرضُه، وماتَ رحمه الله تعالى.
3622 -
وفي يوم الأحد خامس شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفقيهُ العالمُ برهانُ الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(1)
بنُ مُحمد بن أبي بَكْر الخَزْرجيُّ البيانيُّ الدِّمشقيُّ، بالقُدس الشَّريف، ودُفِنَ من يومِه بمقبُرة مامُلّا.
وكان إمام قبّة الصَّخْرة بالمَسْجد الأقصى، وتقدّمَ له اشتغالٌ بالفِقه، وكان يتكلَّم مع الفُقهاء في الدُّروس، ثم تَزَهَّد، وصَحِبَ ابنَ هود مدّة، وسافرَ معه إلى اليَمَن وحجّ ثم عادَ، وأقامَ بدمشقَ مدّةً، ثم انتقلَ إلى البَيْت المُقَدَّس، وأقامَ به سنين إلى أن مات، رحمه الله.
رَوَى الحديثَ عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ أيضًا من ابن النُّشْبيّ، وابن أبي اليُسْر، وجماعة.
وكانَ من طَلَبة الشَّيخ يحيى المَنْبِجِي المُقْرئ.
3623 -
وفي يوم الأحد ثاني عَشَر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ شَمْسُ الدِّين سالمُ
(2)
بنُ عيسى ابن القاضي نَجْم الدِّين مُحمد بن سالم بن صاعد بن السلم القُرَشيُّ النابُلُسيُّ، بدمشق، ودُفن بمقابر باب الصَّغِير.
وكان فقيهًا، وشاهدًا، وحَكَمَ بالقُدْس نيابةً عن عمّه القاضي جمال الدِّين قاضي نابُلُس.
• - ووَصلَت الأخبارُ بحَفْر النَّهر الذي سَعَى فيه الأمير سَيْف الدِّين سودي رأس النَّوبة نائبُ السَّلْطنة بحَلَب، وأنّ طوله من نهر السَّاجور إلى نهر قُوَيق
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 124.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده في وفيات سنة 679 هـ.
أربعون ألف ذراع، وعرضه ذِراعان، وعُمقه ذراعان تقريبًا، وأنه أُنفقَ عليه ثلاث مئة ألف درهم، النِّصفُ من مال النَّائب المَذْكور، والنِّصْفُ من مال السُّلطان، نصرهُ الله تعالى، وحُفِرَ بالعَدْل والإنصاف ولم يُظلم فيه أحد
(1)
.
رَوَى لنا ذلك العدل عزّ الدِّين الحَمَويُّ.
3624 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ تاجُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ عليّ بن هَمّام، إمامُ الجامع الصَّالحيِّ، بالشارع خارج باب زَوِيلة ظاهر القاهرة المَحْروسة. وكانت وفاتُه بسَكَنِهِ بالجامع المَذْكور، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
سَمِعَ من الحافظ زكيّ الدِّين عبد العظيم، وأجازَ له ابن رَوَاج، وغيرُه.
وهو والد المُحَدِّث الفاضل تَقِيّ الدِّين المَعْروف بابن الإمام.
3625 -
وفي عَشِيّة الأربعاء الثاني والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ العَدْلُ الرَّضيُّ مُفتي المُسْلمين شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ أحمد بن شِبْل الجَزَريُّ، المَعْروف بالبَغْداديِّ، المالكيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بالجامع بدمشق، ودُفِنَ بمقبُرة الباب الصَّغِير.
ومولدُه سنة سبع وأربعين وست مئة بالجَزِيرة.
وأسرَهُ التَّتار وعُمُره اثنتا عشرة سنة، ونشأ ببغدادَ وغيرها وتفقَّه على مَذْهب مالك، رضي الله عنه، وكانَ كثيرَ الاشتغال والمُطالعة، وأقامَ بدمشقَ مدّةً،
(1)
الخبر في: أعيان العصر 2/ 488، والبداية والنهاية 16/ 103، والسلوك 2/ 491، والدرر الكامنة 2/ 328، والمنهل الصافي 6/ 182.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 211، والسلوك 2/ 492، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 242، والدرر الكامنة 5/ 46، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
وأفتى واشتُهِرَ بالفتوى، وكان مُواظبًا للجُلوس مع الشُّهود تحت السّاعات، وعُرِضَ عليه نيابة الحُكْم بدمشق، فامتنعَ وحَلَف، وذكرَ أنّ الشَّهادة أسْلَم له. وكان مُتواضعًا، قائمًا بحقوق عياله، رَجُلًا مُباركًا.
3626 -
وفي أواخر شَعْبان تُوفِّي بَدْرُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الصَّدْر ناصر الدِّين أبي المَكارم مُحمد ابن الشَّيخ الإمام الفقيه العلّامة الزّاهد مُفتي المُسلمين شَمْسِ الدِّين أبي مُحمد عبد الرَّحمن بن نُوح بن مُحمد المَقدسيُّ الشّافعيُّ، ببلد بانياس، ودُفِنَ هناك.
ومولدُه سنة ستٍّ وخَمْسين وست مئة بدمشق.
سألتُ عمَّهُ بهاءَ الدِّين عن وفاته فذكر لي أنه وردَ عليه في أول شَعْبان وهو متمرّض، وأنّهُ قال له: أجلس إلى بعد النِّصف، فلم يمكنه لأجلِ عياله، فرجعَ فأقام أيامًا ومات، وكان قد أُرْضِيَ بعد موت والده بتدريس الرَّواحية، فدرَّس بها مدّةً يسيرةً، ثم انتُزعت منه. وكان فقيرًا قَضَى غالب عُمُره في ضيقٍ من العَيْش. ورَوَى لنا "انتخاب الطبرانيّ" على ابن فارس، عن ابن عبد الدّائم.
شهر رَمَضان
3627 -
في يوم السَّبْت سابع عَشَر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ تاجُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ شيخِنا شَرَفِ الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ الإمام جمالِ الدِّين أبي عَمْرو عُثمان بن مكّي بن عُثمان بن إسماعيل الشارعيُّ الواعظُ بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 689 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 691 هـ وجده جمال الدين عثمان بن مكي توفي سنة 659 هـ، وترجمته في: الذيل والتكملة 4/ 57، وتاريخ الإسلام 14/ 914، والعبر 3/ 295.
وكان من أعيان المَشايخ الوَعّاظ بالقاهرة، وله نَظْم جيِّدٌ، ورَوَى الحَديث عن جدِّه المَذْكور.
• - وتَوجَّه من دمشقَ إلى الدِّيارِ المِصْرية الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين عبدُ الله غَبْريال ناظرُ الدَّواوين بدمشق المَحْروسة بطلبٍ سُلْطانيٍّ في اليوم العِشْرين من شَهْر رَمَضان، وكذلك تَوجَّه قبله بأيام الصَّدْر معين الدِّين ابن حَشِيش ناظرُ ديوان الجَيْش بدمشق
(1)
.
3628 -
وفي ليلة الجُمُعة آخر شَهْر رَمَضان تُوفِّي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ العِماد مُحمد بن مَنْصور، المَعْروف بابن الطَّحّان، أخو بَدْر الدِّين حَسَن، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكان رَجُلًا مُباركًا، كثيرَ الخَيْر، وهو وأخوه ممّن صَحِبَ الشَّيخ عِماد الدِّين الواسطيَّ، وحَصَلَ لهما النفعُ به.
وكان عُمُره ستًّا وأربعين سنة.
3629 -
وفي يوم الجُمُعة سَلْخ رَمَضان صُلِّي بجامع دمشق على غائبٍ مات بمَلَطية بالرُّوم، وهو الشَّيخ الصّالح ضياءُ الدِّين المَلَطيُّ
(3)
.
شَوّال
• - وقعَ ليلة عيد الفِطْر مَطَرٌ وثَلْجٌ بدمشقَ وشَقّ الخُروج إلى المُصَلَّى، فأشارَ نائبُ السَّلْطنة والأمراءُ بإقامة العيد عندَهم بدار السَّعادة، فحُمِلَ من الجامع مِنْبرٌ إلى هناك ورَكِبَ الخَطيبُ وصلَّى بهم العيدَ، وخطبَ وقامَ عنه بالوظيفة في الجامع شَمْس الدِّين المُدرِّس ببَعْلَبك المَعْروف بابن المَجْد
(4)
.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 104.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
(4)
الخبر في: ذيل العبر، ص 74.
• - وفي يوم الخَمِيس سادس شَوَّال عَرَضَ ثلاثةٌ من الأُمراء وبعض المُقَدّمين بسبب التَّوجُّه إلى جهة الرَّحْبة، وكان منهم الأميرُ سَيْفُ الدِّين أرقطاي الحاج عَرَضَ عَرْضًا حَسَنًا، واحتفلوا لذلك بخلاف المُعتاد.
• - وفي يوم السَّبْت ثامن شَوَّال تَوجَّه الرَّكْب المُبارك من دمشق إلى الحجاز الشريف، وأميرُ الرَّكب الأميرُ سَيْفُ الدِّين بَلَبان المعروف بالتَّتَريِّ، وكان رَكْبًا كبيرًا اجتمعَ فيه من بلاد الشّام والشَّرق ما لم يَجْتمع مثلُهُ من مدّة. وممّن حجّ الأمير عماد الدِّين صاحبُ حَمَاة، والأميرُ شَمْس الدِّين سُنْقر النُّوريّ، وكان خُروجهم في أواخر كانون الأصمّ في مَطَرٍ وثَلْج. ثم بعدَ الخروج من دمشقَ جُعل أمير الحجّ الأمير سَيْف الدِّين قُطْلُبك ابن الشَّشْنَكير
(1)
.
3630 -
وفي يوم السَّبْت الثامن من شَوَّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ مُحمدُ
(2)
بنُ أحمدَ بن طاهر البالِسِيُّ، بمَحَلّة السَّبعة ظاهر دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكان رَجُلًا مُباركًا، اشتغلَ كثيرًا بالعِلْم، فقرأ القراءات، وكان يُقْرئ ويُعَلِّم في ناحيته، انتفعَ به جماعةٌ، وكانَ من أصحاب الشَّيخ تاج الدِّين وأخيه شَرف الدِّين، رحمهما الله تعالى، وله شِعْر.
3631 -
وفي عَشِيّة الأربعاء التاسع عَشَر من شَوَّال تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ الصَّدْرُ الكبيرُ العَدْلُ الأصيلُ نَجْمُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(3)
ابنُ الصَّدْر جمالِ الدِّين أبي الفَضْل مُحمد بن أبي مُحمد الحَسَن بن عليّ بن مَحْفوظ بن
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 104.
(2)
ترجمته في: غاية النهاية 2/ 64، والدرر الكامنة 5/ 48.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 89، والدرر الكامنة 1/ 310.
الحَسَن بن الحَسَن بن مُحمد بن الحَسَن بن أحمد بن مُحمد بن صَصْرَى التَّغْلِبيُّ الدِّمشقيُّ، بداره بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بمقابر باب تُوما جوار مقبُرة الشَّيخ رَسْلان، رحمة الله عليه.
وكانَ شيخًا حَسَنًا، فيه ديانةٌ ومَعْرفةٌ، وخَدَمَ في عِدّة جهات كتابيّة، ورَوَى الحَديث عن الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاويّ، وعبد العزيز ابن الدَّجاجية، وأبي المَكارم عبد الواحد بن هلال، وعَتِيق السَّلْمانيّ، وغيرهم، وتفرَّد بعدّة أجزاء من أجزاء الحَديث.
ومولدُه في ثالث شَهَر رَمَضان سنة خمسٍ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
3632 -
وفي يوم الجُمُعة الحادي والعِشْرين من شَوَّال صُلِّي بجامع دمشق على غائب، هُو الشَّيخُ عزّ الدِّين الكُوْلَميُّ
(1)
التّاجرُ الكبيرُ، المُقيمُ بالإسكندرية، توفي بها رحمه الله.
3633 -
وفي ليلة الاثنين الرابع والعِشْرين من شَوَّال تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الزّاهدُ بقيّةُ السَّلف شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ عبد الرَّحمن بن عُمر بن عِوَض بن خَلَف بن راجح المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، المَعْروف بابن التَّاج، بسَفْح قاسيون، وصُلِّي عليه ظُهر الاثنين بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بتُربة الشَّيخ مُوفَّق الدِّين رحمه الله.
ومولدُه سنة خَمْسٍ أو ستٍّ وثلاثين وست مئة تقريبًا في شَهْر رَمَضان منها.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 211، وذيل العبر، ص 75، وأعيان العصر 3/ 106، والوافي بالوفيات 18/ 563، والسلوك 2/ 492، والدرر الكامنة 3/ 182 وفيه عبد العزيز بن منصور الكريميّ، والنجوم الزاهرة 9/ 229 وفيه وفاته سنة 714 هـ.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 211، وذكره فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
وكان شيخًا مُباركًا، حَسَنَ السَّمْت من مشايخ الصَّالحية المَعْروفين، وعنده فقهٌ، وله اشتغالٌ بالعلم، ويحفظُ كثيرًا من الأحاديث والرَّقائِق، وكانَ يُثابر على فِعْل الخَيْرات ويعودُ المَرْضى وَيسْعَى في تجهيزِهم وتكفينِهم بعد الموت، ويحضرُ الجنائز، ويلقّن الأموات بعد الدَّفْن، ويَدْعو عَقِيب القُرآن في المجالس العامة، ويكتبُ الصَّدَاقات، ويعقدُ عُقودَ الأنْكِحة، ويقضي حوائجَ النّاس، ويأمرُ بالمعروف ويَنْهى عن المُنْكَر، ويدخلُ على الأمراء ويتكلَّم معهم فيما يَنْفعهم. وَولِيَ مشيخة الحَديث بدار الحَديث الأشرفية التي بالصَّالحية.
ورَوَى عن الحافظ ضياء الدِّين المَقْدسي حُضورًا، وعن خَطيب مَرْدا، والشَّرف المُرْسي، وإسماعيل العِراقيّ، وابن سَعْد، وإبراهيم بن خليل، والأخوين: مُحمد، وعبد الحميد ابنَي عبد الهادي وغيرِهم.
3634 -
وفي يوم الاثنين الرابع والعِشْرين من شَوَّال تُوفِّي أبو بكر البالسِيُّ
(1)
التّاجرُ.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، يُخالطُ الأُمراء والرُّؤساء، ويقضِي حوائجَهُم. ودُفِنَ بباب الصَّغير وحضرَهُ جماعةٌ، منهم الشَّيخُ مُحمدُ بن قوام، والشَّيخُ كمالُ الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ، والأميرُ زَيْنُ الدِّين كَتْبُغا الحاجبُ.
3635 -
وفي اليوم المَذْكور تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ صَفِيُّ الدِّين أبو العلاء سُليمانُ
(2)
بنُ موسى بن أبي العلاء المُسْلِمانيُّ الصُّوفيُّ الكاتب، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، وحضرَهُ شيخُ الشُّيوخ وجماعة الصُّوفية.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، أسْلَم وحَسُنَ إسلامُه، وأقامَ عند الصُّوفية مدّة سنين، وكان يباشرُ شيئًا من وَقْفهم ويَعْمل الحِسَاب مع العامل لمعرفته بذلك، فإنه
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 457.
كان فيه ماهرًا، عارفًا خبيرًا إلى غاية، وله "مُقدّمة في صناعة الدّيوان" وما يُحتاج إليه وباشرَ جهاتٍ، وحَصّل أموالًا. وكانَ إسلامه في الدَّولة الأشرفية.
ذو القَعْدة
3636 -
في يوم الأربعاء عاشِر ذي القَعْدة تُوفِّي الأميرُ جمالُ الدِّينُ إبراهيمُ
(1)
بنُ خالد بن عبّاس الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ، المَعروفُ بابن النَّحّاس، وصُلِّي عليه ظُهْرَ الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفن بمقبُرة باب الصَّغير.
وكانَ هو وأبوه من أهل سُوق النَّحّاسين بدمشق، وكان يخدمُ الأُمراء، وخَدَمَ الأميرَ جمال الدِّين الأفرمَ، فلمّا أفضت إليه نيابة السَّلْطنة وَلَّى المَذْكورَ ولاية الحَرب بدمشق، وبَقِيَ على ذلك مدّةً، ثم ضعُف بصره، فنابَ عنه ولده مدّةً، ثم عَمِي بالكلّية فصُرِفَ واستُبدلَ به، ولزِمَ بيته، وكانَ له ثروةٌ ومِلْك وحِشْمة، وظهرَ سماعُه قبل موته على الأخوين النحّاسَيْن ابنَي طَعّان في سنة تسعٍ وأربعين وست مئة للجُزء المعروف بـ"عوالي مالك" للخَطِيب، ولم يُسْمَع عليه.
3637 -
وفي بُكْرة الثلاثاء التاسع من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ المُسنِدُ علاءُ الدِّين أبو سعيد بَيْبَرس
(2)
بنُ عبد الله التُّركيُّ العَدِيميُّ، عتيقُ قاضي القُضاة مَجْدِ الدِّين عبد الرَّحمن ابن الصّاحِب كمال الدِّين عُمر بن
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 71.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 191، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 194، وذيل العبر، ص 76، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 124، والوافي بالوفيات 10/ 351، وأعيان العصر 2/ 75، وذيل التقييد 1/ 491، والسلوك 2/ 492 وفيه ركن الدين، والدرر الكامنة 2/ 40، والمنهل الصافي 3/ 476، وشذرات الذهب 8/ 59.
أبي جَرَادة، المَعْروف بابن العَدِيم، بحلب، وصَلَّى عليه القاضي كمال الدِّين ابنُ العَدِيم الحنفيُّ، ثم صَلَّى عليه مرةً ثانية عند التُّربة القاضي زَيْنُ الدِّين الشَّافعيُّ قاضي القُضاة بحَلَب، ودُفِنَ في اليوم المَذْكور بتُربة مواليه خارج باب النَّيْرَب ظاهرَ حَلَب المَحْروسة جوار سَيِّدة بنت الصَّاحب كمال الدِّين ابن العَدِيم، رحمهم الله.
كتب إليّ بذلك زَيْن الدِّين ابن حَبيب.
وكان قد قارب التِّسعين من العُمُر، وانفردَ برواية "جُزء البانياسيّ"، عن الكاشْغَري، وبرواية الأول والثاني من "فوائد العِيْسَويّ"، عن ابن الخازن، وبرواية "مَشْيخة ابن شاذان" الكُبرى، عن ابن قُمَيْرة. وسَمِعَ "كتاب المُصافحة" للبَرْقاني، على ابن النّخّال، و"جُزء التَّرْقُفي" على مَوْهوب ابن الجواليقيّ، والأول الكبير من "حديث ابن السَّمّاك"، على صالح ابن الشَّيْبي، و"جزء الحَفّار" على هبة الله ابن الدَّوّامي، وغير ذلك، وحَدّث بذلك، وقصدَهُ الطلبة ورَحَلُوا إليه.
قدِمَ علينا دمشقَ جافلًا في سنة تسعٍ وتسعين وست مئة، وقرأتُ عليه "جُزء البانياسيّ"، و"جُزء الحفّار"، والأول والثاني من "حديث العِيْسوي"، وكنتُ قرأتُ عليه قبل ذلك "جُزء البانياسيّ" بحَلَب في سنة خَمْسٍ وثمانين وست مئة.
3638 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السّادس عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الفقيهُ الخَطيبُ تاجُ الدِّين أبو مُحمد عبد الرَّحمن
(1)
بنُ مُرَجَّى بن مُكَنَّى خَطيب قرية تلتياثا، بها، ودُفِنَ من الغد بمقابر القَرْية المَذْكورة.
وكانَ فقيهًا بالمَدْرسة الشّامية وغيرها من المَدَارس.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3639 -
وفي يوم الثُّلاثاء سادس عَشَر ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ مُحيي الدِّين عبدُ الرَّحيم
(1)
ابنُ الشَّيخ العَدْلِ كمالِ الدِّين عبد الوَهّاب بن مُحمد بن فارس المُقْرئ، بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد بمقابر باب النَّصْر.
سَمِعَ من الحافظ زكيّ الدِّين عبد العظيم، ورَشِيد الدِّين العَطّار، وحَدَّث.
وسُئِلَ عن مولدِه فقال: وُلدتُ ليلة وفاة الملك الكامل ابن العادل.
3640 -
وفي يوم الأحد الثامن والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الأميرُ جمالُ الدِّين آقوش
(2)
الكَنْجي، النائبُ بحِصْن مِصْياف، ووَصلَ خبرُهُ إلى دمشقَ سَلْخ الشَّهْر.
وكانَ شيخًا كبيرًا، أقامَ في نيابة الحِصْن المَذْكور مدّةً طويلةً من الأيام الظاهرية، لكنّه عُزِلَ مرّات، ثم يُعادُ، وخَلَّف أموالًا، وبَلَغَ التسعين من العُمُر، وحَجَّ.
3641 -
وفي يوم الاثنين التاسع والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الحاجُّ عليُّ
(3)
ابنُ الثِّقة شيخ قَرْية الحديثة من غُوطة دمشق، بها، ودُفِنَ هناك في اليوم المذكور.
وكانَ شيخًا مُسِنًّا، ابتُلِيَ مدّةً بعُسْر الإراقة، وكان يُقاسي من ذلك شِدّة. وله ثَرْوة وأملاك وبَسَاتين.
ذو الحِجّة
3642 -
في يوم الثُّلاثاء مُستهلّ ذي الحِجّة تُوفِّي ناصرُ الدِّين صَدَقةُ
(4)
ابنُ الأمير الكبير بَدْر الدِّين بَكْتوت الأتابكيُّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 690 هـ.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 212، وأعيان العصر 1/ 577، والسلوك 2/ 492.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 694 هـ.
وكانَ شابًّا لم يبلغ الثَّلاثين، وخَلَّف تَركةً جيِّدة، ولم يخلِّف وارثًا، وأوصى بحجِّه بألفَي دِرْهم.
• - وفي يوم عيد الأضحى خَطبَ بدمشقَ القاضي نَجْمُ الدِّين إسحاقُ بنُ إسماعيل قاضي الرَّحْبة نيابة عن خطيب الجامع.
3643 -
وفي ليلة مُستهلِّ ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الفاضلُ المُقْرئ شَرَفُ الدِّين أبو بكر
(1)
بنُ يوسُف بن سَلْمان الحمويُّ، بحَمَاة.
وكانَ من أعيان الفُضَلاء بها في الفقه، والقراءة، والحَدِيث، وغير ذلك، وأقامَ بدمشقَ مدّة يسيرةً، وصار إمامًا بالجامع عند قَبْر زكريّا، عليه السلام، ثم عادَ إلى بَلَده وبَطَلَت هذه الإمامةُ.
3644 -
وفي يوم الأحد ثالث عَشَر ذي الحِجّة غَرق أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن أحمد بن يوسف بن سالم المِنْبِجيُّ، بجزيرة الفيل بديار مِصْر.
وكانَ شابًّا ابن ست
(3)
وثلاثين سنة. وسَمِعَ الكثير بديار مِصْرَ والشّام مع عمِّه قُطْب الدِّين عبد الكريم بن عبد النُّور الحَلَبيّ.
• - وفي يوم الجُمُعة الثامن عَشَر من ذي الحِجّة وَصلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين قَجْلِيس المَلَكيُّ الناصريُّ إلى دمشق، وتَوجَّه إلى حَلَب ثم عادَ منها ودخلَ دمشقَ يوم الأحد السّابع والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وعمه عبد الكريم بن عبد النور توفي سنة 735 هـ وترجمته في ذيل العبر، ص 186، والمعجم المختص، ص 150، وتذكرة الحفاظ 4/ 196، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 412، وبرنامج الوادي آشي، ص 77، وأعيان العصر 3/ 135، والوافي بالوفيات 19/ 80، وذيل تذكرة الحفاظ للحسيني، ص 7، ومعجم شيوخ السبكي 1/ 261، والبداية والنهاية 16/ 266، والجواهر المضية 1/ 235، وذيل التقييد 2/ 142، وغاية النهاية 1/ 402، والسلوك 3/ 191، والدرر الكامنة 3/ 198 وغيرها.
(3)
في الأصل: "ستة".
• - وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من ذي الحِجّة وَصلَ القاضي قُطْبُ الدِّين موسى بنُ أحمد بن الحُسين، المَعْروف بابن شيخ السَّلامية إلى دمشقَ متولِّيًا نظرَ الجَيْش بها على ما كانَ عليه أولًا
(1)
.
3645 -
وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ يوسفُ
(2)
ابنُ الشَّيخ عليّ ابن الشَّيخ الكبير عليّ الحَرِيريُّ.
• - وفي يوم الاثنين الثامن والعِشْرين من ذي الحِجّة ظَهَرت المناشيرُ بدمشقَ للأمراء والمقدَّمين والجُنْد بما أطلقَهُ لهم السُّلطانُ من الأخْباز والإقطاعات، وسُلِّمت إلى أربابها في هذا اليوم وبعدَهُ، وبقيَ الأمرُ على ذلك أيامًا وذلكَ بعد إراكة الإقطاعات الشّامية ومُباشرة السُّلْطان، نصره الله، لذلك بنفسه من مدّة أربعة أشْهر
(3)
.
3646 -
وفي يوم الاثنين الثامن والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو بكر
(4)
الحرّانيُّ، المَعْروف بابن العَسْقلانيِّ، ودُفِنَ ظُهْرَ اليوم المَذْكور بمقبُرة باب الصَّغير.
ومولدُه تقريبًا سنة اثنتين وثلاثين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، كثيرَ التِّلاوة، صاحبَ وِرْدٍ من الليل، ولهُ اعتكافٌ وعبادةٌ واجتهادٌ، وانقطعَ في آخر عُمُره عن الجامع المَعْمور نحو سنتين، وتغيَّر ذهنُه.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 104.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وستأتي ترجمة أبيه في وفيات سنة 715 هـ.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 208، وذيل العبر، ص 73، والبداية والنهاية 16/ 104، والسلوك 2/ 488.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3647 -
وفي ليلة الخَمِيس السّابع عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ أبو إسحاق إبراهيمُ
(1)
ابنُ الشَّيخ القُدْوة مُحمد بن عبد الله الظاهريُّ الحَلَبيُّ، بظاهر القاهرة، ودُفِنَ من الغد عند أخيه بمقابر باب النَّصْر.
ومولدُه بحَلَب سنة سبع وأربعين وست مئة.
حضرَ على الحافظ يوسُف بن خليل بحَلَب، وسَمِعَ من أخيه إبراهيم وجماعة. ورحلَ مع أخيه إلى حَرّان سنة أربع وخَمْسين وست مئة. وسَمِعَ من إبراهيم بن أبي الحَسَن ابن الزَّيّات "جُزء ابن عَرَفة"، عن ابن أبي الوَفاء. ودخلَ القاهرةَ مع أخيه بعد أخْذ حَلَب واستوطنَها، وسَمِعَ من عبد الغني بن بَنِين، ومن أصحاب البُوصيري، وابن ياسين، وسَمِعَ أيضًا بدمشقَ من ابن عبد الدّائم وغيرِه. وخَرَّج له أخوه "عوالي" من حديثه. وله إجازةٌ من إبراهيم بن الخَيِّر، ومُحمد بن المَنّي، والأعزّ بن العُلِّيق، ويحيى وأحمد ابنَي القُمَيْرة، وجماعة من بَغْداد.
وقَدِمَ علينا دمشقَ سنة ستٍّ وسبع مئة، وقرأتُ عليه "عوالي الحارث بن أبي أُسامة" بروايته عن يوسُف بن خليل حُضُورًا في أول سنةٍ من عُمُره.
3648 -
وفي ليلة الأحد العِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ المُحَدِّثُ الفاضلُ أمينُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ القادر
(2)
بنُ مُحمد بن أبي الحَسَن بن عليّ بن عثمان ابن الصّعبيِّ، المِصْريُّ، بمِصْر، ودُفِنَ من الغد.
(1)
ترجمته في: الجواهر المضية 1/ 46، وذيل التقييد 1/ 444، والدرر الكامنة 1/ 69، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
(2)
ذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ من ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124، وذكر ولادته في سنة 632 هـ في تاريخ الإسلام 14/ 98.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا من أهل الحَدِيث والدِّيانة. رَوَى عن الشَّيخ زكيّ الدِّين عبد العظيم، ورَشيد الدِّين العَطّار، وعبد الغني بن بَنِين، وعُثمان بن مكي الشارعيّ، ومَن بعدهم من أصحاب البُوصيري، وغيرِه.
وسماعاته في سنة تسع وأربعين وست مئة وبعدها، وكانت أجزاؤه وأصولُه عنده، وأجازَ لي ما يرويه.
3649 -
وفي يوم السَّبْت تاسع عَشَر ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ المُقرئُ النَّحويُّ الزّاهدُ الورعُ بقيّةُ السَّلف نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
بنُ يوسُف بن جَرِير
(2)
الشَّطْنوفيُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد بالقَرافة.
سَمِعَ من النَّجيب عبد اللطيف الحَرّاني "أمالي ابن مَلّة" و"أمالي الخَلّال".
وكان مَشْهورًا بالقراءات والعربية، وله مناصبُ وجهاتٌ. وأقرأ النّاس، ورَوَى الحَديث.
(1)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 742، وأعيان العصر 3/ 582، وغاية النهاية 1/ 585، والدرر الكامنة 4/ 167، وبغية الوعاة 2/ 213، وطبقات المفسرين للداوودي 1/ 441، وسلم الوصول 5/ 62، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 713 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 124.
(2)
هكذا في النسخة، لكن قيّده عبد الرزاق بن حمزة الحنفي في نهاية الغاية (الورقة 174)، فقال:"بالحاء المهملة والراء ثم آخر الحروف ثم زاي".
سنة أربع عَشْرة وسبع مئة
المُحَرَّم
• - في يوم السَّبْت الرابع من المُحَرَّم وصلَ القاضي شَمْسُ الدِّين عبدُ الله غَبْرِيال إلى دمشقَ من القاهرة مستمرًّا على نَظَرِ الدَّواوين بالشام، وتلقّاه الأعيانُ والأكابرُ
(1)
.
• - وفي بُكْرة الخَمِيس تاسع المُحَرَّم وَصلَ الأميرُ الكبيرُ العالمُ الفاضلُ الملكُ عمادُ الدِّين إسماعيلُ ابن الأفضل عليّ ابن السُّلطان الملك المظفَّر صاحبُ حَماة من الحجاز الشَّريف إلى دمشق، ومعه جماعة من غِلْمانه، وتوجَّه في اليوم المذكور إلى بَلَده
(2)
.
• - وفي يوم الجُمُعة يوم عاشوراء قُرِئَ بجامع دمشقَ على السُّدّة كتابُ مولانا السُّلْطان بحضور ملك الأمراء والأمراء وعامّة النّاس، يتضمَّنُ إطلاق جُمَل كثيرة من البواقي لمدّةٍ أوّلها سنة ثمانٍ وتِسْعين وست مئة، وآخرها آخر سنة ثلاث عشرة وسبع مئة، وذُكِرَت جُمَلُها وتفاصيلها، قرأه المولَى جمالُ الدِّين ابن القلانسيّ كاتب الدَّرْج الشَّريف، وبَلَّغه بَدْرُ الدِّين ابن صَبِيح المؤذِّن. وتوفَّرت الأدعيةُ لمولانا السُّلْطان
(3)
.
• - ثم قُرئ في يوم الجُمُعة الرابع والعِشْرين من المُحَرَّم مرسومٌ سُلْطانيٌّ بإطلاقِ ما يؤخذ من المَسْجونين بسبب الحَبْس، وأن لا يُؤخذ من كُلِّ واحد أكثر من نصْف دِرْهم. ومَرْسومٌ آخر بإطلاق السُّخَر والقَصب
(4)
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 105.
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 73.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 215، والبداية والنهاية 16/ 105، والسلوك 2/ 496.
(4)
لم نفهم المراد بالقصب هنا.
عن الفَلّاحين. قرأهُما الشيخ كمال الدِّين ابن الزَّمَلُكاني، وبَلَّغ عنه أمين الدِّين محمد بن مؤذِّن النَّجِيبيُّ
(1)
.
• - وفي شَهْر المُحَرَّم أحضرَ السُّلطانُ بالدِّيار المصرية -أعزّ الله أنصارَهُ - الفقيهَ نورَ الدِّين عَلِيًّا البَكْريَّ بين يديه، وهمَّ بقتله، ثم رَسَم بقَطْع لسانه، فشُفِعَ فيه، وبَكَى الأمراءُ، فأمرَ بنفيه إلى بَلْدةٍ بالصَّعِيد، ومنعَهُ من الفَتْوى والكلام في العِلْم، وذلك لاجترائه وتَسَرُّعه في الإفتاء بالقَتْل والتَّكْفير والتَّفْسيق
(2)
.
3650 -
وفي يوم الخَمِيس الثالث والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ سلامةُ
(3)
بنُ سالم بن سلامة الجَعْبَريُّ، قيمُ دار الحديث النُّورية بدمشق، وكان موته بها قبل العَصْر، وصُلِّي عليه بالجامع، ودُفِنَ آخر النَّهار بمقابِر باب الصَّغير.
جاوزَ الثَّمانين وأقامَ بالمكان المَذْكور نحو خَمْسين سنة.
وسَمِعَ الحديث من شيوخه: ابنِ النّابُلُسيّ، وابن الصّابونيِّ، ومَن بعدهما، ومن جماعةٍ غيرِهم، وحَدَّث.
وكانَ من أصحاب الشَّيخ أبي بكر بن فِتيان الشَّطِّي.
صَفَر
• - في يوم السَّبْت ثاني صَفَر وَصلَ الرَّكْبُ الشامي من الحِجاز الشَّريف إلى مدينة دمشق، ودخلَ المَحْمَل السُّلطانيُّ وأميرُ الحاج الأمير سَيْفُ الدِّين قُطْلُوبك بن الشَّشْنَكِير.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 215، والبداية والنهاية 16/ 105، والسلوك 2/ 496.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 212 - 214، والبداية والنهاية 16/ 105 - 106.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في أعيان العصر 3/ 285 في ترجمة علي بن إسماعيل بن يوسف.
3651 -
وفي يوم السَّبْت ثاني صَفَر تُوفِّي القاضي
…
الدِّين
(1)
عبدُ الرَّحيم قاضي حَرْبَى من عَمَل بَغْداد
(2)
.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، أقامَ مدّةً بالمدرسة الباذرائية، وباشرَ نَظرَ الوَقْف الطيبرسيِّ على الأسْرَى.
• - وفي يوم الجُمُعة مُسْتهلّ صَفَر قُرئ مرسومٌ سلطانيٌّ بإطلاق ضَمَان القوّاسين، ونَقابة الشَّدِّ، وغير ذلك. قرأه الشَّيخُ كمال الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ على السُّدّة، بحضور نائبِ السَّلْطنة وقاضي القُضاة
(3)
.
3652 -
وفي يوم الجُمُعة ثامن صَفَر تُوفِّي فَخْرُ الدِّين أبو محمد عبدُ الرحمن
(4)
ابن الشَّيخ العَدْل شَرَف الدِّين عبد العزيز ابن العَدْل فَخْر الدِّين عبد الرَّحمن ابن العَدْل مُخْلِص الدِّين عبد الواحد بن عبد الرَّحمن بن عبد الواحد بن هِلال الأزْديُّ الدِّمشقيُّ، ببستانه بالنَّيْرب ظاهر دمشق، وصُلِّي عليه عَقِيب صَلاة الجُمُعة بالجامع المُظَفَّري بسَفْح جبل قاسيون، ودُفِنَ بتربتهم بالقرب من المدرسة الرَّكْنية الحَنَفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُنْقطعًا عن النّاس، ملازمًا لبيته وعياله، ليسَ له تعلُّقٌ بغير ذلك. ورَوَى شيئًا من الحديث عن ابن أبي اليُسْر، وسَمِعَ من جماعة، وحجّ، وحدَّث بطريق الحجاز.
ومولدُه في نِصْف المُحَرَّم سنة ثلاثٍ وستّين وست مئة بدمشق.
(1)
هكذا في الأصل بَيّض له المؤلف ولم يعد إليه، ولم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب لنعرف لقبه.
(2)
معجم البلدان 2/ 237.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 215، والبداية والنهاية 16/ 106، والسلوك 2/ 496.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 31، والدرر الكامنة 3/ 121.
3653 -
وفي يوم السَّبْت تاسع صَفَر تُوفِّي بَدْرُ الدِّين حُسينُ
(1)
بنُ مبارك بن عبد الله الحنبليُّ الأسود، عَتِيق الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن العِماد الحنبليّ، بالقاهرة.
وكانَ سَمِعَ كثيرًا على النَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وجماعة. ومن مسموعه "ثمانيات" النَّجيب المذكور.
3654 -
وفي يوم الجُمُعة خامس عَشَر صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ أحمدُ
(2)
الحَرّانيُّ، المعروف بالمَنْجَنيقيّ، الفقيرُ الحَرِيريّ، بالمارستان الصغير بدمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، آخر النَّهار.
وكان فقيرًا معروفًا من الحريرية، ثم إنّه أقامَ مدّةَ سنين في آخر عُمُره بالمَقْصورة الكندية بجامع دمشق عند الفُقراء الحَلَبيِّين.
وذكرَ لي أنه سِبْط الشَّيخ أحمد بن سلامة النَّجّار الحَرّانيّ المُحَدِّث الزّاهد، وأنّ له مسموعاتٌ وإجازاتٌ.
3655 -
وفي يوم الجُمُعة المَذْكور تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ الجُوَيْنيِّ، ودُفِنَ أيضًا بالصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُقيمًا ببلدة أوانا من عَمَل بغدادَ، له بها زاوية وسِماط، وفيه ديانةٌ وصلاحٌ، وحجّ، ورجعَ من الحجّ وهو مريض، ونزل بالمدرسة المُعينية الحَنَفية بدمشق، فأقامَ نصفَ شَهْر وماتَ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجده أحمد بن سلامة النجار توفي سنة 646 هـ، وترجمته في تكملة إكمال الإكمال، ص 347، والعبر 3/ 253، وتاريخ الإسلام 14/ 541، وذيل طبقات الحنابلة 3/ 536، والمقصد الأرشد 1/ 112، وشذرات الذهب 7/ 404.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3656 -
وفي عَشِيّة الجُمُعة قبل المَغْرب خامس عَشر صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ زينُ الدِّين عليُّ
(1)
بنُ أبي الفَتْح التّاجرُ الدِّمشقيُّ، المَعْروف باللَّحفيِّ، بداره عند باب الخوّاصين، وصُلِّي عليه ظُهر السَّبْت بالجامع، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بتربة بنواحي حَمّام النَّحاس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وحجَّ وعادَ من الحجِّ مريضًا فأقامَ نصف شهر ومات.
3657 -
وفي يوم الأحد وَقْت العَصْر السابع عَشَر من صفَر تُوفِّي الشَّيخُ المُسنِد الصّالحُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ جمال الدِّين أحمدَ ابن الإمام أبي بكر مُحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرَّحمن بن إسماعيل بن مَنْصور المَقْدسيُّ، الصّالحيُّ الحَنْبليُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ في يوم الاثنين بمقبُرة الشَّيخ الموفَّق عند أهله.
ومولدُه في سنة ست وثلاثين وست مئة، بسَفْح قاسيون.
سَمِعَ من الرَّشيد بن مَسْلَمة، والإمام شَرَف الدِّين المُرْسيِّ، والبَكْريِّ، وابن الجَوْزيِّ المؤرِّخ
(3)
، واليَلْدانيِّ، وخَطِيب مَرْدا، وإبراهيم بن خليل، وعبد الحميد ومحمد ابني عبد الهادي، ومحمد بن أبي بكر البَلْخيِّ، وغيرِهم.
وأجازَ له من بغداد: ابنُ القُبَّيطيِّ، والكاشْغَريُّ، وإبراهيم بن الخَيِّر، وابن أبي الفخار، وأحمد المارستانيُّ، وابن النَّخّال، وابن الخازن، وابن شُفْنِين، وابن النَّجّار المؤرِّخ، ويحيى الصَّرْصَريُّ، وجماعةٌ. وأجازَ له جماعةٌ من شيوخ دمشق، والمَوْصل، وحَرّان، وماردين، وحَلَب، وغيرها من البلاد، وذلكَ كلّه بإفادة أخيه لأبيه الإمام المُحدِّث مُحبّ الدِّين عبد الله.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 167، والدرر الكامنة 5/ 81.
(3)
يعني: سبط ابن الجوزي.
وكانَ هذا الشَّيخُ رَجُلًا جيِّدًا فيه لُطْفٌ، وعليه سُكونٌ، ومات على طريقة حَسَنة.
3658 -
وفي العَشْر الأوسط من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الأجلُّ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ شَيْخِنا مُحيي الدِّين يحيى بن أحمد بن عليّ بن ياسين الحِمْيَريُّ، المعروف والده بابن المُعَلِّم، ببيته عند حَمّام السلم بدمشق، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون ظاهر دمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ساكنًا. سمِعَ من ابن عبد الدّائم، ورَوَى لنا عنه. وسَمِعَ أيضًا من عُمر الكِرْمانيِّ. وكانَ له مِلْكٌ يَرْتزقُ منه.
ومولدُه بدمشق بحارة قَطامش في سنة ثلاثٍ وخمسين وست مئة تقريبًا.
3659 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السادس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ شَرَف الدِّين أبو العباس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام قطب الدِّين أبي بكر مُحمد بن أحمد بن عليّ بن مُحمد بن الحَسَن، ابنُ القَسْطَلَانيِّ، المكّيُّ، باللؤلؤة على الخَلِيج بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
قرأتُ عليه "جزء ابن نُجَيد" بسماعه من الشَّيخ شَرَف الدِّين المُرْسيّ.
ومولدُه بمكّة في جُمادى الآخرة سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُباركًا، من بَيْت الصَّلاح والمَشْيَخة، حدَّثَ جماعةٌ من أهلِه، وسمِعَ أيضًا من أمّ الحَسَن فاطمة بنت نِعْمة بن سالم الحِمْيريّة في آخر سنة خمسٍ وخمسين وست مئة بمكةَ "الجُمُعة" للنَّسائيّ، عن البُوصيريّ.
3660 -
وفي بُكْرة الجُمُعة التاسع والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الفقيهُ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 299، وأعيان العصر 5/ 300، والدرر الكامنة 6/ 34.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 217، والعقد الثمين 3/ 126.
الصّالحُ شَرَفُ الدِّين حَرِيزُ
(1)
بنُ سعيد بن حُمَيد الحَوَاريُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبُرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَعْمور الأوقات بالخَيْر، وافرَ المروءة، مُحْسنًا إلى الغرباء والضُّعفاء بحسب الإمكان. وكان يشهدُ تحت السّاعات.
ربيع الأول
3661 -
في يوم الثُّلاثاء عاشر ربيع الأول تُوفِّيت صالحةُ
(2)
بنت الصَّدْر عزيزِ الدِّين الحَسَن بن عليّ بن محمد ابن العماد الكاتب، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون.
وكانت امرأة جيِّدة، مُتْقِنة، قائمةً بمصالح بيت والدها، وتَزَوَّجت بابنِ عمِّها عزِّ الدِّين عبد الغفّار، ثم فارقها وتَزَوَّجت بابن عمِّ والدها مَجْد الدِّين وماتت عنده.
وحَجّت معنا في سنة ثلاث وسبع مئة، وسَمِعَتْ بقراءتي في الطَّريق شيئًا من الحديث.
3662 -
وفي يوم الجُمُعة ثالث عَشَر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ أحمدُ
(3)
بنُ عليّ بن يحيى بن أبي بكر بن حَياة الحَرّانيُّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُباركًا، وله جمالٌ يكريها إلى الحجاز الشَّريف كل سنة.
وهو أخو الشَّيخ عُمر، وحَضَرَ جنازته خَلْقٌ كثيرٌ من الأعيان وغيرهم.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنته عائشة لها ذكر في توضيح المشتبه 2/ 293.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه عليّ توفىِ في سنة 740 هـ، وترجمته في الوفيات لابن رافع 1/ 293.
• - وفي شهر ربيع الأول رُسِمَ بمَسْك شهاب الدِّين ابن قُطَّيْنِه
(1)
الزُّرَعيّ التّاجر، وتاجره عبد الكريم الحَرِيري بسبب مرافعة وَقَعت في حَقِّهما من شخص نَسَبهُ إلى مكاتبة قَرَاسُنْقُر وأنَّ لهما تجارةٌ في السِّلاح إلى بلاد التَّتار وغير ذلك، ثم ظهرَ لأولياء الأمر كَذِب المُرافع، فرُسِمَ بتعزيره وقَطْع لسانه فقُطِعَ وطيفَ به على جَمَل، ونُودي عليه في تاسع عَشَر الشَّهر المَذْكور بعد الضَّرْب البَلِيغ، ثم ماتَ، وانتصر ابن قُطَّيْنِه انتصارًا عظيمًا في هذه الواقعة.
3663 -
وفي أوائل شَهْر ربيع الأول توفِّي شَرَفُ الدِّين مُحمدُ بنُ أحمد بن سَنْجَر
(2)
المُعَظَّميُّ، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكان جدّه من غِلْمان عزّ الدِّين صاحب صَرْخَد، وهو زوجُ بنت عِماد الدِّين ابن الشَّيخ مُحيي الدِّين ابن العَرَبي.
• - وفي يوم الأحد الثاني والعِشْرين من ربيع الأول جَلَس القُضاة بجامع دمشق لاستعراضِ الشُّهود، فقُرِئت أسماء بعضِ المَراكز فحصلَ التَّوَقّف في جماعةٍ، وأوصاهُم الحُكام بأمورٍ منها: أن يجلسَ أحدٌ منهم في مَسْجد ولا في مركزين، وأن لا يثبت أحدٌ منهم الكُتُب، بل يقتصر على الشَّهادة ويتولَّى الإثبات بالوكلاء، ونَهَوهم عن الغيبة، وعن أخذِ الأُجرة على أداء الشَّهادات، وأمروهم بالتَّناصف في أمر المَعِيشة، ثم جَلَسُوا لذلك مَجْلسًا آخر، وتواعَدُوا على الحُضور في مَجْلس ثالث فلم يتّفق، فاستمرّ النّاس في أماكنهم ولم يُصْرف أحدٌ
(3)
.
• - وفي يوم الأربعاء الخامس والعِشْرين من ربيع الأول عُقِدَ مجلسٌ بدار قاضي القضاة نَجْم الدِّين الشافعيّ، لبَدْر الدِّين محمد بن أحمد بن بَصْخان المُقْرئ،
(1)
قيّده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 7/ 230.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجده الأمير سنجر المعظمي الذي اعتقله المظفر قطز سنة 657 هـ، ولا نعلم عنه شيئًا بعد ذلك، انظر: نزهة الأنام ص 254، والسلوك 1/ 508، والنجوم الزاهرة 7/ 73.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 106.
وأُنْكِرَ عليه شيء مما يُقْرِئ به، وبُحثَ معه في ذلك، ومُنِعَ منه، فاختارَ ترك الإقراء بالكليّة، فبقيَ أيامًا. ثم إنه وافقَ الجماعة واستأذنَ الحاكمَ في الإقراء، فأذِن له، فجلسَ بالجامع بين الظُّهر والعَصْر، وصارَت له حلقة يُقرئ فيها القُرآن والنحو، وقبل ذلك إنما كان يُقرئ في بَيْته
(1)
.
• - وفي شَهْر ربيع الأول وصلَ إلى دمشقَ الصّاحبُ شَرَفُ الدِّين يعقوب بن مُزْهِر من حَلَب متوجِّهًا على البَرِيد إلى الدِّيار المِصْرية.
• - ووَصلَت أخبارُ الغارة على دُنَيْسَر في شَهْر ربيع الأول إلى دمشقَ، وذلك أنَّ العَسْكر دخلُوها ونَقَبوا جامعها وقُتِلَ من أهلها جماعةٌ نحو الأربع مئة، وقُتلَ من عَسْكر المسلمين جماعة، وخُرِّب البَلَد، وانتزحَ النّاسُ منه. ووَصلَ جماعة ممن أُسِرَ منه إلى دمشق في أواخر شهر ربيع الآخر
(2)
.
3664 -
وفي يوم الخَمِيس تاسع عَشَر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ المُعَمَّر أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ مَحْمود بن الحُسَين بن الحَسَن المَوْصليُّ، المَعْروف بحَيّاك الله بالسَّلام، بمَنْزله في سُوَيْقة الرِّيش من الحِكْر ظاهر القاهرة، ودُفِنَ بُكْرة الجُمُعة بالقَرَافة قريبًا من ابن أبي جَمْرة.
ربيع الآخر
• - في يوم الاثنين ثامن شَهْر ربيع الآخر وَصلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين بَلَبان التَّتَريُّ إلى دمشقَ من الحجاز الشَّريف على طريق الدِّيار المِصْرية بعد إذن أبي الغَيْث بن أبي نُمَيّ له ولبقيّة العسكر المُجَرَّدين في السَّفَر، وكانت إقامتهم هناك نحو شهرين.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 106.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 215، وذيل العبر، ص 76.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 217، والسلوك 2/ 500، والدرر الكامنة 6/ 2، والنجوم الزاهرة 9/ 227، وشذرات الذهب 8/ 64.
• - وفي يوم الثُّلاثاء تاسع ربيع الآخر حَصَل تَشْويشٌ للحكام بدمشقَ بدار العَدْل من بَدْر الدِّين بَكْتاش المَنْكُورسيّ مُشِدُّ الأوقاف، وغَضِبَ قاضي القُضاة صَدْرُ الدِّين الحنفيُّ، وامتنعَ من الحُكْم، ووافقَهُ بعضُ القُضاة أيامًا. ثم دخلَ الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين في القضية وطَيَّب خواطر الحُكّام، ومَشَى المَنْكُورسيُّ إلى قاضي القُضاة الحَنَفي إلى بستانه فعادوا إلى المُباشرة.
• - وفي يوم الاثنين ثامن ربيع الآخر قَدِمَ دمشقَ القاضي حسامُ الدِّين القَرمي من صَفَد فأقامَ أيامًا واجتمعَ بقاضي القُضاة، ثم رَجَعَ إلى قضاء صَفَد على عادته.
3665 -
وفي الثاني من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّيت زوجةُ الشَّيخ شَرَفِ الدِّين محمد ابن الشَّيخ عُثمان الرُّوميِّ
(1)
، بسَفْح قاسيون.
وكانت امرأة كبيرة من أقارب بني زُوَيْزان.
وهي والدة الشَّيخ عُمر والشَّيخ عُثمان اللذين ماتا قبلها بمدّة. ووالدةُ الشَّيخ عليّ الذي تأخَّر بعدَها.
ولها علينا حُقوق في أيام الشَّيخ زوجها، رحمه الله تعالى.
• - وفي شهر ربيع الآخر تَغَيَّب عن دمشق الفقيهُ المُقرئُ شَمْسُ الدِّين مُحمد بن أيوب بن عليّ الشافعيّ، نقيبُ المَدْرسة الشامية التي ظاهر دمشق ولم يُعرف خَبَرُه وذلك بسبب دَينٍ تَحَمَّلَهُ، وبقيَ الأمرُ على ذلك أيامًا، وسَعَى أرباب الديون ففُتِحَ بيتُه بالشامية وباعوا حوائجه فلم يَجِدُوا له شيئًا، وأُخِذت وظائفه. ثم ظهرَ في ذي القَعْدة من السنة وكان متغيّبًا بظاهر دمشق.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة زوجها شرف الدين محمد بن عثمان الرومي في وفيات سنة 684 هـ.
3666 -
وفي الثاني عَشَر من ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ مَجْدُ الدِّين أبو مُحمد عيسى
(1)
بنُ عبدِ الرَّحمن بن أحمد بن عبد الكريم، ابنُ المَعَرِّيِّ، البعلبكّيُّ، بها.
وكانَ شَيْخًا من أهل بَعْلَبَك من بيتٍ مَعْروف بالعَدالة والدِّيانة.
سَمِعَ من أبي سُليمان عبد الرَّحمن ابن الحافظ عبد الغني ببَعْلَبَك، وحَدَّثَ عنه.
ومولدُه في ذي الحِجّة سنة سبع وثلاثين وست مئة ببَعْلَبَك.
قرأتُ عليه "مَجْلس البطاقة" بسماعه من أبي سُليمان المَذْكور. وكانت قراءتي عليه في سنة سبع مئة ببَعْلَبَك.
• - وفي يوم السَّبْت العِشْرين من ربيع الآخر، وهو ثالث آب، سَعَى من دمشق عبد السَّلام المِصْريُّ والغَزّاويُّ إلى غَبَاغِب وعادا من يومهما ولم يسبق أحدهما الآخر.
وقبل ذلك سَعَى عبد السَّلام المَذْكور من حِمْص إلى دمشقَ يوم سبْت أيضًا، ثم سَعَى في السَّبْت الذي بعده حُميد المُكاري على باب الفَرَج من حِمْص أيضًا فتأخَّر قليلًا، فحُكِمَ عليه بالغَلَب، وكان وصوله إلى الخان وَقْت العصر ولكنّه ثارَ عليه فتْقٌ أخّره، وكان له جماعة متعصِّبون، فتألّموا لذلك كثيرًا.
• - وفي العِشْرين من ربيع الآخر وَصلَ بعضُ القُصّاد إلى دمشقَ وخُلِعَ عليه، وتوجَّه إلى القاهرة، واشتهرَ أنَّ قرَاسُنْقُر وثبَ عليه بالمدينة السُّلطانية رجلان فجرحاه، وقُتِلَ أحدهما وسَلِمَ الآخرُ، ثم وَصلَت الأخبارُ بأنه رَكِبَ بعد ذلك وطابَ من هذه الجراحة.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 85، وأعيان العصر 3/ 713، والدرر الكامنة 4/ 239.
3667 -
وفي يوم السَّبْت العِشْرين من شهر ربيع الآخر تُوفِّي عزُّ الدِّين الصِّهْيونيُّ
(1)
، عَتِيق الحرّانيِّ، أحجُ رجال الحَلْقة الشّامية، ودُفِنَ يوم الأحد.
وكانَ مَشْكُورًا، وهو حَمْو علاء الدِّين عليّ السَّرّاج.
3668 -
وفي الثامن والعِشْرين من ربيع الآخر تُوفِّي الأميرُ الأجَلُّ عمادُ الدِّين إسماعيلُ
(2)
ابنُ المالك المُغِيث شهاب الدِّين أبي الفَتْح عبد العزيز ابنُ السُّلطان المَلِك المُعَظّم شَرَف الدِّين عيسى ابن السُّلطان الكَبير المَلِك العادل سَيْف الدِّين أبي بَكْر محمد بن أيوب بحَماة. وكان موته يوم جُمُعة أو يوم سبت. كتبَ إليّ بذلك شهابُ الدِّين محمد بن إبراهيم بن قُرْناص.
وكانَ هذا الشَّيِخ جُنْديًّا بحَماة من أولاد الملوك، وسَمِعَ الحديث من خَطِيب مَرْدا، وحَدَّثَ.
أجازَ لنا من حَماة سنة ثمانٍ وسَبْع مئة.
• - وفي أواخر شَهْر ربيع الآخر وصلَ إلى دمشقَ من القاهرة الشَّيخُ سَيْفُ الدِّين عليّ الآمُليُّ، واجتمعتُ به، وذكرَ أنَّ مولدَهُ سنة إحدى وأربعين وست مئة بآمُل طَبَرستان، وأنّه مُقيمٌ بمكةَ من نحو ثلاثين سنة، وأقامَ بدمشقَ نحو شهرين وتوجَّه إلى بغدادَ، وهو مشهورٌ بمعرفة النُّجوم.
3669 -
وفي ليلة الاثنين التاسع والعِشْرين من ربيع الآخر تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ فَخْرُ الدِّين أقْجَبا
(3)
الظاهريُّ، أحدُ الأمراء بدمشق، ودُفِنَ ضُحَى نهار الاثنين قبالة زاوية الشَّيخ محمد بن قوام بسَفْح قاسيون، وحَضَرهُ نائبُ السَّلْطنة وجماعةٌ من الأمراء والأعيان.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 218، وأعيان العصر 1/ 501، والسلوك 2/ 499 - 500، والدرر الكامنة 1/ 437.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 218، والسلوك 2/ 500، والنجوم الزاهرة 9/ 228.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُلازمًا للصَّلوات بجامع دمشق، قديمَ الهِجْرة، ثابت العدالة.
ماتَ في عَشْر الثَّمانين، وكان حضورُه عند الملك الظاهر مع كرمون، وكان من أُمراء الحج؛ حَجَّ بالنّاسِ سنة ثلاثٍ وسبع مئة من دمشق.
جُمادى الأولى
3670 -
في ليلة السَّبْت رابع جُمادى الأولى تُوفِّي محمدُ
(1)
بنُ سَلْمان بن شِهابِ الدِّين أحمد بن قُطَّيْنِه الزُّرَعيُّ التّاجرُ الحَرِيريُّ.
وكانَ من أبناء العِشْرين.
وتُوفِّيت معه زوجتُه وولدُه، انفصلَ منها ميتًا، ودُفِنَ الثلاثة يوم السَّبْت بعد أنْ صُلِّي عليهم بجامع العُقَيْبة.
3671 -
وفي ليلة الخَمِيس تاسع جُمادى الأولى تُوفِّيت أمّ محمد فاطمةُ
(2)
بنتُ بهاء بن أحمد بن بُهَيّ المِزّي بالمِزّة، ودُفِنَت يوم الخَمِيس بين الصَّلاتين بمقابر باب الصَّغير في قبر أمّي.
وهي بنت خالتي، وكانت امرأةً جيِّدة، ماتت في عشر الخَمْسين.
وهي زوجة الزين أبي بكر بن عامر أحد المؤذِّنين بالجامع، وخَلّفت أولادًا منه، وسَمِعَت معي قليلًا، وكتبتُ اسمَها في الإجازات من أول طَلَبي لسماع الحديث.
3672 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجده أحمد بن قُطّينه توفي سنة 723 هـ،
وترجمته فىِ توضيح المشتبه 7/ 230.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
المُقرئ الفقيهُ الصّالحُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ مَنْصور بن مُسَلَّم بن عَبْدوس الحَرّانيُّ الحَنْبليُّ، المعروفُ بابن المَعْصَرانيِّ، ودُفِنَ يوم السَّبْت بعد الظُّهر بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، مَشْكورَ السِّيرة، إمامَ مسجدٍ بالرَّمّاحين. وكانَ له حانوت بسوق النَّحّاسين مدّةً، وكان عنده معرفة بتَعْبِير الرُّؤيا يقصده النّاسُ لذلك.
وسَمِعَ الحديث معنا من جماعة وقبْلنا أيضًا، ولم يُحدِّث.
• - وفي شَهْر جُمادى الأولى سافرَ نائبُ السَّلْطنة بدمشق الأميرُ سَيْفُ الدِّين تَنْكز إلى الصَّيْد، فعمدَ بعضُ المماليك بدارِ السَّعادة وقتلوا واحدًا منهم ذَبَحوهُ وهربوا، فرُسِمَ بطلبهم، فأُحْضِروا تحت الحَوْطة، وحضرَ عَقِيب ذلك ملكُ الأمراء المَذْكور من السَّفَر فرَسَم بتوسيطهم، وكانَ شراء أحدهم أكتر من عشرة آلاف دِرْهم.
3673 -
وفي يوم السَّبْت ثامن عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئُ عليُّ
(2)
بنُ يوسُف بن نُباتة، بالمارستان الصَّغير بدمشق.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا صُوفيًّا بخانقاه الطّاحون ومُقرئًا بالسَّبْع، قرأ على الشَّيخ مُحمد المِصْريّ، ووَصلَ على الشَّيخ مَجْد الدِّين التُّونسيّ إلى سُورة يوسف، وكانَ له نُسْخة بـ"شَرْح الشاطبية" للفاسيّ.
3674 -
وفي يوم الأحد تاسع عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي الشِّهابُ محمود
(3)
، المَعْروف بالعُصْعُص، بدمشقَ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
وكانَ له دخولٌ على الأمراء، وخَدَمَ الأمير عزّ الدِّين الحَمَويّ؛ توكَّل لأولاده بعد موته، وكانَ يقتني الجَوَاري المُغَنّيات ويُحبّ الطَّرَب.
3675 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الحادي والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي أحمدُ
(1)
ابنُ الفقيه علاء الدِّين عليّ بن عبد الله بن داود الجَنّانِيُّ بالمَدْرسة الأمينية بدمشق، ودُفِنَ من الغد بعد الظُّهر بسَفْح قاسيون.
وكانَ شابًّا ابن عِشْرين سنة، حَفِظَ القرآن وكتب جيِّدًا.
3676 -
وفي العَشْر الأخير من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ عثمانُ
(2)
المَعْروف بالقطّان، ودُفِنَ بباب الصَّغِير.
وكانَ إمامَ المَدْرسة الباذرائية مدّةَ سنين، ثم انفصلَ منها قبل مَوْتِه بمدّةٍ، وكان فيه ديانةٌ وقوّةُ نَفْس.
3677 -
وفي جُمادى الأولى تُوفِّي ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ فَرَج الله بن أبي المَجْد الفَرّاء، ثم صارَ جُنْديًّا.
وكانَ سَمِعَ معي سنة ستٍّ وتسعين بزَمَلُكا وتزوّج ببنت الحاجّ عبد الله عَتِيق ابن حسّان التّاجر.
• - وفي السّادس والعِشْرين من جُمادى الأولى قَدِمَ إلى دمشقَ من الدِّيار المِصْرية الملكُ المجاهدُ آنص وَلَد السُّلطان الملك العادل كَتْبُغا ومعه أختُه
(4)
وزوجتُه بنت السُّلطان الملك الظاهر، وعَقَدَ عَقْد أختيه على الأميرين زَيْن الدِّين أغلُبُك، وسَيْف الدِّين أوران.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
هكذا في النسخة، وسيأتي أنه عَقَد عقد أختيه
…
• - وفي الثامن والعِشْرين من جُمادى الأولى سافرَ الأمير عزّ الدِّين ابن صَبْرة من دمشقَ إلى طرابُلُس بمرسوم السُّلْطان أميرًا هناك، وقُطِعَ خبزُه الذي بدمشق، وأُقطع للأمير عزّ الدِّين أيدَمُر السّاقي.
جمادى الآخرة
3678 -
في بُكْرة الثُّلاثاء الخامس من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ تقيُّ الدِّين يوسُفُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الإمام العلّامة مُفْتي المُسلمين رشيدِ الدِّين إسماعيل بن عُثمان بن محمد القُرشيُّ، المَعْروف بابن المُعَلِّم، بالقاهرة جوار الجامع الأزهر، ودُفِنَ من يومه بالقَرَافة. وفَقَدَه أبوهُ وعاشَ بعده شهرًا كاملًا.
وكانَ المَذْكور فقيهًا، دَرَّس بمدرسة والده البَلْخية بدمشق، وكَتَبَ في الفتوى، ثم توجَّه هو ووالده في الجَفْل إلى القاهرة، وأقاما هناك مدّة إلى أن أدركهما أجَلُهما.
3679 -
وفي ليلة الجُمُعة ثامن جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ عليُّ
(2)
بنُ جَمّاز بن عيسى الحَلَبيُّ الضريرُ الشافعيُّ، ودُفِنَ بمقبُرة الشَّيخ رَسْلان.
وكان فقيهًا بالشّامية وغيرها، وأقرأ القرآنَ بجامع دمشق مدّة.
3680 -
وفي يوم السَّبْت تاسع جُمادى الآخرة تُوفِّي مُخْلصُ الدِّين حَسَنُ
(3)
ابنُ أبي طالب عبد الكريم، المَعْروف بابن المُخْلِص، البَعْلَبكّيُّ، بدمشق.
وهو سِبط القاضي تاج الدِّين عبد الخالق البَعْلَبكّيِّ، رحمه الله.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 612، والدرر الكامنة 6/ 221، وشذرات الذهب 8/ 62.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده لأمه عبد الخالق البعلبكي في وفيات سنة 696 هـ.
3681 -
وفي يوم السَّبْت تاسع جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئُ مُحمدُ
(1)
بنُ خَلِيل بن يحيى بن تَمّام الحَرّانيُّ الحَنْبليُّ المَنَاخليُّ، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، إمامَ مسجدِ دَرْب الدَّعوة بدمشق، وله أولاد خَلَفُوه في حانوته وصناعتِه.
3682 -
وفي ليلة الأحد عاشر جُمادى الآخرة تُوفِّي المُجاهد إبراهيمُ
(2)
بنُ أحمد بن محمود، متولِّي وقْف مسجد أبي صالح المُخْتَصّ بالحنابلة ظاهر الباب الشرقي.
وكانَ رَجُلًا فيه شهامةٌ وخِبْرةٌ.
3683 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثاني عَشَر جُمادى الآخرة تُوفِّي محمودُ
(3)
ابنُ مَجْدِ الدِّين نصرِ الله بن أحمد بن ناصر بن قِوَام.
وكانَ شابًّا حَسَنًا، يحفظُ القرآنَ، وماتَ أبوه وهو صغيرٌ فربِّاهُ عمُّه نَجْمُ الدِّين حَسّان بن أحمد، وعاشَ نحوَ الثَّلاثين لم يُكْمِلها.
3684 -
وفي ليلة الخميس الرابع عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي الفقيهُ مُحيي الدِّين أحمدُ
(4)
ابنُ الشَّيخ شَمْس الدِّين مُحمد بن إبراهيم بن عليّ الرقِّيُّ، الشافعيُّ، بالمَدْرسة العَذْراوية، ودُفِنَ باب الصَّغِير.
وكانَ شابًّا فاضلًا، مُشْتغلًا، حَفِظَ عدّة كُتُب، وكَتَبَ جيِّدًا، ونَظَمَ الشِّعْرَ، وجلسَ مع الشُّهود، ولم يكمل الثلاثين.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 383.
3685 -
وفي يوم الجُمُعة مُنْتصف جُمادى الآخرة تُوفِّي علاءُ الدِّين عليُّ
(1)
ابنُ الحاج نَجْم الدِّين أيوب بن مُحمد بن أبي الوَرْد الفُقّاعيُّ العطّار، بباب البَريد.
وكانَ شابًّا عَطّارًا، ثم صارَ جُنْديًّا، وماتَ في السَّفَر في إقطاعه. وكانت وفاتُه بعَجْلون ودُفِنَ هناك، ووَصلَ خبرُه إلى دمشقَ ظُهْر يوم الاثنين.
3686 -
وفي ليلة الأحد السابع عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي ناصرُ الدِّين عُمرُ
(2)
بنُ عثمان بن مَنْصور الرَّحَبيُّ، ودُفِنَ من الغد بسَفْح قاسيون.
وكان رَجُلًا جيِّدًا جُنديًّا من أقارب الشُّجاع النَّقيب.
3687 -
وفي عَشِيّة الأحد السابع عَشَر من جُمادى الآخرة دُفِنَ علاءُ الدِّين عليُّ
(3)
ابنُ الأمير عمادِ الدِّين حَسَن، ابنُ النُّشّابِيِّ، بسَفْح قاسيون، وصَلُوا به ميتًا من بَيْروت، وكان مُقيمًا بها واليًا عليها.
وكانَ شابًّا كافيًا، خَبيرًا، من الجُنْد المعروفين.
3688 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخ الأمين العَدْلُ المُسنِدُ الأصيل زَيْنُ الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(4)
ابنُ الشَّيخ العَدْل نَجْم الدِّين عبد الرَّحمن ابن القاضي تاج الدِّين أحمد ابن القاضي العلّامة شَمْس الدِّين أبي نَصْر مُحمد بن هبة الله بن مُحمد بن هبة الله بن يحيى، ابنُ الشِّيرازيِّ، الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه ظُهر الثُّلاثاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 699 هـ.
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 77، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 128 وفيه وفاته سنة 715 هـ، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 139، وأعيان العصر 1/ 80، والوافي بالوفيات 6/ 42، والدرر الكامنة 1/ 39، والمنهل الصافي 1/ 98، وشذرات الذهب 8/ 61.
وكانَ شَيْخًا بهيّ الصُّورة، مليحَ الشَّكْل، له قَدَمٌ في الشَّهادة، ويَحْفظ القُرآنَ، وله مسجدٌ يؤمّ فيه، ولازمَ في آخر عُمُره الجامعَ وحُضُور الجماعات، وحج إلى بيتِ الله الحرام.
ورَوَى الحديثَ عن الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاوي، وكَرِيمة القُرشية، وجدِّه أبي المعالي أحمد، وشيخ الشُّيوخ تاج الدِّين ابن حَمُّوْيَة، وعَتِيق السَّلْمانيّ، وابن مَسْلَمة، وابن علّان، وعزّ الدِّين ابن عساكر النَّسّابة، ونجم الأُمناء الأزْديّ، وأحمد بن ريش، وجماعة. وخُرِّجت له "مشيخةٌ" عن أكثر من خمسين شيخًا، خَرَّجها له المُحدِّث صلاحُ الدِّين خليل ابن العلائيُّ، وحَدَّث بها، وتفرَّد بعدّة أجزاء.
ومولدُهُ في أول يوم من المُحَرَّم سنة أربع وثلاثين وست مئة بدمشق، كَمَّلَ الثَّمانين وتجاوزها بشهور، رحمه الله.
3689 -
وفي يوم الأربعاء العِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الحاجُّ حُسَينُ
(1)
ابنُ الشَّيخ المُقْرئ عفيفِ الدِّين عليّ بن حَسَن المَقْدسيُّ الخَفّافُ، بجَيْرون، ودُفِنَ بالقرب من قبّة الشَّيخ رَسْلان.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُحِبًّا للخَيْر.
وهو خال الفقيه العَدْل شهاب الدِّين أحمد الظاهريّ.
3690 -
وفي يوم الخَمِيس الحادي والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي علاءُ الدِّين عليُّ
(2)
بنُ محمد بن بِشارة بن ذُبْيان الكِلابيُّ، ودُفِنَ من يومه بمقبُرة أُوَيس خارج باب الجابية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنته ضيفة توفيت سنة 743 هـ، وترجمتها في الوفيات لابن رافع 1/ 440، والدرر الكامنة 2/ 372.
وكانَ سَمِعَ كثيرًا من أصحاب ابن طَبَرْزَد وغيرِهم بإفادة أخيه المُحَدِّث شَمْس الدِّين محمد رحمه الله. ومن مسموعه كتاب "الحِلْية" لأبي نُعَيْم، على ابن أبي الخَيْر، وحَدَّثَ بطريق الحجاز في سنة عشر وسبع مئة بأحاديث.
وماتت والدته قبله بأيام يسيرة.
3691 -
وفي بُكْرة هذا اليوم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُحَدِّثُ أحمدُ
(1)
بنُ شُجاع بن أبي الهَيْجاء الغُرَيبيُّ، ببَعْلَبَك.
وكان رَجُلًا صالحًا.
كتب إليّ بذلك ابنُ زوجته الفقيه أحمد ابنُ الدُّرَيْنيّ.
• - وفي يوم السَّبْت الثالث والعِشْرين من جُمادى الآخرة توجّه من دمشق عسكر إلى حَلَب فيه مقدّمان كَبيران وهما الأمير سَيْف الدِّين كُجْكُن، والأمير الحاج سَيْف الدِّين أرقطاي، وخرجَ طُلْبُهما بتجمُّلٍ وافر
(2)
.
3692 -
وفي يوم السَّبْت الثالث والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين مَلِك تَمُر
(3)
النّاصريُّ، ويُعرف بالدم الأسود.
وكانَ من أُمراء دمشق، أميرَ سِتّين، وسكَنَهُ بالعُقَيبة عند حَمّام الجلال.
3693 -
وفي يوم السَّبْت المَذْكور تُوفِّي الحاج عبد الله
(4)
التّاجر عَتِيق ابن حَسّان، ودُفِنَ عند صِهْره ناصر الدِّين الفَرّاء، المقدَّم ذِكْره.
وكان من التُّجار المعروفين.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابن زوجته أحمد بن عبد الله الدريني توفي
سنة 735 هـ، وترجمته في المعجم المختص، ص 22.
(2)
الخبر في: السلوك 2/ 497.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 218، وأعيان العصر 5/ 448، والوافي بالوفيات 26/ 46 (ط. التراث)، والسلوك 2/ 500، والدرر الكامنة 6/ 122، والنجوم الزاهرة 9/ 228.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3694 -
وفي يوم الأحد الرابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الفقيهُ صفيُّ الدِّين محمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ تقيّ الدِّين عبد الله بن محمد بن عبد الصمد الأنصاريُّ المَوْصليُّ، التّاجر، بجَيْرون، ودُفِنَ بجُنَينته بأرض النَّيْرب.
وكانَ سَمِعَ "الأربعين" للقُشَيريِّ، على نَصْر الله بن حواري مع والده في شَعْبان سنة سَبْع وستين وست مئة. وأجازَ له ابنُ عبد الدّائم وجماعةٌ. وكانَ فَقِيهًا في المَدارس.
3695 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أحمدٌ
(2)
الدَّبابيسيُّ، مؤذِّن مَسْجد الزَّيْنَبي
(3)
داخل باب تُوما، والمُلقّن للكتاب العزيز به احتسابًا من مدّة سنين، ودُفِنَ بمقبُرة باب توما، وحضرَهُ جمعٌ كبيرٌ لصلاحه واجتهاده وزُهدِه.
3696 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العالمُ العاملُ محمدٌ
(4)
الفارقيُّ، ودُفِنَ من الغد قُبالة زاوية الشَّيخ محمد بن قِوَام.
وكانَ من الصُّلَحاء الأخيار الأتقياء.
3697 -
وفي أواخر جُمادى الآخرة وردَ الخَبَرُ بموت إبراهيم
(5)
ابن شَرَف الدِّين عيسى ابنُ نُور الدِّين أحمد بن مُصْعَب، تُوفِّي ببعض قُرى دمشق.
وكان شابًّا.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ينظر: مسجد الزينبي في الدارس 2/ 248، وله ذكر في تاريخ الإسلام 13/ 411 و 15/ 294 وغيره.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(5)
كذلك.
رَجَب
3698 -
وفي ليلة الخَمِيس الثالث عَشَر من رَجَب تُوفِّي السَّيدُ الشَّريفُ الصَّدْرُ الرئيسُ النَّقيبُ الكاملُ أمينُ الدِّين أبو الفَضْل جعفرُ
(1)
ابنُ الشَّريف الزّاهد مُحيي الدِّين مُحمد بن عَدْنان بن الحَسَن الحُسَينيُّ، نقيبُ الأشراف بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهر الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَ بتُربتهم ظاهر دمشق قبالة مسجد الذُبّان بين بابي الجابية والصَّغِير.
وكان حَسَنَ الهيئة، لطيفَ الكَلِمة، حَسَنَ الخُلُق، عارفًا بصناعة الكتابة.
وَلِيَ النقابةَ والنَّظرَ على الأشْراف، ووَلِيَ نظرَ الدَّواوين بدمشقَ المَحْروسة وغير ذلك من الجهات والمَناصب.
ومولدُه مستهلّ رَجَب سنة خَمسٍ وخمسين وست مئة.
ذكرَهُ لي أبوه.
3699 -
وفي يوم السَّبْت بعد العَصْر مُنْتصف رَجَب تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين سُوْدِي
(2)
نائبُ السَّلْطنة بالبلاد الحَلَبية، وكانت وفاته بحَلَب، ودُفِنَ ليلة الأحد بالقُرب من تُربة قَرَاسُنْقُر، ووَصلَ خبرُه إلى دمشق سابع عَشَر الشَّهْر، وصُلِّي عليه بجامع دمشق يوم الجُمُعة الحادي والعِشْرين من الشَّهر المَذْكور.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 78، وأعيان العصر 2/ 157، والوافي بالوفيات 11/ 152، والسلوك 2/ 499، والدرر الكامنة 2/ 87، وشذرات الذهب 8/ 62. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 714 هـ، من ذيل سير أعلام النبلاء، ص 127.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 215، وذيل العبر، ص 77، وأعيان العصر 2/ 487، والوافي بالوفيات 16/ 42، والبداية والنهاية 16/ 108، والسلوك 2/ 499، والدرر الكامنة 2/ 328، والمنهل الصافي 6/ 182، والنجوم الزاهرة 9/ 229.
وكانَ مَشْكورَ السِّيرةِ في ولايته، محمودَ الطَّريقةِ، وله مكانةٌ عند السُّلطان.
3700 -
وفي ضَحَى نهار السَّبْت مُنْتصف رَجَب تُوفِّي القاضي الصَّدْر الكبير بهاءُ الدِّين ابن أبي سَوَادة
(1)
الحَلَبيُّ، صاحبُ ديوان الإنشاء بحَلَب، وكانت وفاته بها، ودُفِنَ من يومه.
3701 -
وفي عَشِيّة الجُمُعة الحادي والعِشْرين من رَجب تُوفِّي عزُّ الدِّين عبد العزيز
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام مُفْتِي المُسلمين عمادِ الدِّين محمد بن عبد الكريم بن عُثمان الماردينيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، الحنفيُّ، ودُفِنَ يوم السَّبْت بسَفْح قاسيون.
وكانَ شابًّا من أبناء الأربعين، وكانَ شاهِدًا بسوق القَمْح، وناظرَ المَدْرسة الماردانية بالجَبَل.
3702 -
وفي أول رَجَب وصلَ خبرُ مَوْت الشَّيخ عُمر
(3)
الخَزِيْرَجيّ بمدينة الخليل عليه السلام، وكان مُقيمًا بجَبَل قاسيون فوقَ مغارة الدَّم، وصُلِّي عليه بدمشق صلاة الغائب في رابع عَشَر رَجَب.
• - وأُخرجَ المَحْمَل السُّلْطاني من القَلْعة وداروا به حَوْل البَلَد بسبب التجهّز إلى الحجاز الشَّريف يوم الخَمِيس سادس رَجَب، وعُيِّن لإمرة الحاجّ الأمير شَمْس الدِّين سُنْقُر الإبراهيميّ.
3703 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع رَجَب مات مُعافَى
(4)
الطَّبِيب، وكان يجلس بباب البَريد.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 216، وأعيان العصر 2/ 485، والدرر الكامنة 4/ 103، والنجوم الزاهرة 9/ 228، المنهل الصافي 8/ 130.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 676 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
كذلك.
وهو معروف بالطبّ من مدّةٍ طويلة، وكان يهوديًّا.
3704 -
وفي الحادي عَشَر من رَجَب تُوفِّي الحاجُّ عليُّ
(1)
بن مظفّر القَوّاس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ديِّنًا.
3705 -
وفي الثاني عَشَر من رَجَب تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين بَيْدَرة
(2)
العادليُّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ أمير أربعين، وتَزَوَّج ببنت أستاذه الملك العادل كَتْبُغا، وماتَ قبلَ دُخوله بها، فزُوِّجت بعده بالأمير سَيْف الدِّين أَوْران السِّلَحْدارُ الناصريّ، وكانَ يسكنُ بدار طوغان.
• - وفي الثاني عَشَر من رَجَب وَصَل القاضي شَرَفُ الدِّين يعقوب بن مُزْهِر من الدِّيار المِصْرية على خَيْل البَرِيد، فأقامَ بدمشق أيامًا وتوجَّه إلى حَلَب على وَظيفته.
3706 -
وفي الثاني عَشَر من رَجَب وصلَ خبرُ وفاة النّائب
(3)
بقَلْعة الصُّبَيْبة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، شَكَرَهُ النّاسُ لما جَفَلُوا إليها في سنة الرَّحْبة.
3707 -
وفي يوم الاثنين الرابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ الصَّدْرُ الكبيرُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(4)
ابنُ الشَّيخ زين الدِّين المُهَذَّب بن أبي الغنائم بن أبي القاسم التَّنُوخيّ، بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامعها، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون عند والده.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، ولا نعرف من هو.
(4)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 270، والدرر الكامنة 5/ 522.
وكانَ من أعيان الشُّهود وكُتّاب الحُكْم، وفيه تَجَمُّل، وحَصَّلَ ثورةً، وخلَّف تركةً جيِّدًة لأولاده.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدائم. وكانَ سَمِعَ من جماعةٍ غيره، وأجازَ له عُثمان ابن خطيب القَرَافة، وجماعة.
وكانَ من أبناء السِّتين.
3708 -
وفي يوم الثُّلاثاء الخامس والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الزّاهدُ العابدُ برهانُ الدِّين إبراهيمُ
(1)
ابنُ الشَّيخ نُور الدِّين عليّ ابن الشَّيخ أحمد ابن الشَّيخ غانم المَقْدسيُّ، بالقُدس الشَّريف، ودُفِنَ بمقبُرة مامُلا.
وكان رَجُلًا صالحًا، مواظبًا على العبادة، وكانَ شيخَ الخانقاه بالقُدس.
ومولدُه تقريبًا في سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة.
ووَصلَ الخبرُ إلى دمشق، وصُلِّي عليه يوم الجُمُعة بالنِّية خامس شَعْبان.
• - وفي أوائل رَجَب وَصَلَت الأخبارُ إلى دمشقَ برجوع حُمَيْضة بن أبي نُمَيّ أميرُ مكّةَ إلى مكة -شَرَّفها الله تعالى- وذلك أنّ العَسْكرَ المُجَرَّد أقامَ بمكّة بعد خروج الحاج مدّة شهرين، وقَصَّرَ أبو الغيث أخو حُمَيْضة في حَقّهم، وتَوَهَّم منهم، وصارَ يتكسب عليهم، وكَتَبَ لهم خَطّه: إنه استغنَى عنهم، فتوجَّهوا إلى الدِّيار المِصْرية. فلما علم حُمَيْضة بسَفَرهم حَضَرَ إلى مكّةَ بعدَ جُمُعه وقاتل أخاه، وقُتِلَ نحو خمسة عَشَر ومن الخَيْل أكثر من عشرين فرسًا، وملْكَ مكّة، ولجأ أبو الغَيْث إلى أخواله من هُذَيل بوادي نَخْلة مَكْسورًا.
ثم إنّ حُمَيْضة أرسلَ خَيْلًا إلى السُّلْطان فحَبَسَ رسولَهُ ولم يَرْض عنه، وأرسل بعده أبو الغَيْث هديّة، فوعدَ السُّلطان بنصره وإرسالِ عَسْكرٍ إليه.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه أحمد له ترجمة في توضيح المشتبه 9/ 22.
وقيل: إنّ أبا الغَيْث استنصر بصاحب المدينة النبوية مَنْصور بن جَمّاز، فأجابَ إلى نَصْره امتثالًا لمَرْسوم السُّلطان
(1)
.
3709 -
وفي يوم السَّبْت ثامن رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ تقيُّ الدِّين رَجَب
(2)
بن أشْبرك التُّركمانيُّ، المَعْروف بالعَجَميِّ، بزاويته ظاهر القاهرة تحت القَلْعة، وصُلِّي عليه تحت القَلْعة، ودُفِنَ من الغد يوم الأحد بقرافة مِصْر الصُّغرى.
وكان شيخًا كبيرًا، له مكانة عند السُّلْطان والدَّولة، وعنده فُقراء وأتباع. ووصل خبرُه إلى دمشق مع البَرِيد في ثاني عَشَر رَجَب، وعُمِلَت له خِتَم وأعزية عند صاحبِه الشَّيخ إبراهيم الدِّهِسْتانيّ، وصُلِّي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق يوم الجُمُعة رابع عَشَر رَجَب.
وكانَ شيخ طائفة العَجَم المقيمين تحت قَلْعة الجبل، وبلغ من العُمُر إحدى وثمانين سنة.
3710 -
وفي ليلة الخَمِيس ثالث عَشَر رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الخطيبُ زَيْنُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ شيخِنا مُحيي الدِّين أبي بكر بن عبد الله بن عُمر بن يوسُف، ابنُ خطيب بيت الآبار، بقرية عَقْرَبا، ودُفِنَ بها.
وكانَ يَخْطب بها من مدّة سنين. وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورًا بين جماعتِه وأهلِ قريته.
3711 -
وفي العَشْر الأوسط من رَجَب تُوفِّي الأميرُ عزُّ الدِّين أيبك
(4)
الأشْكَرِيُّ، أحدُ الحُجّاب بدمشق.
(1)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 73 - 74، ونهاية الأرب 32/ 208 - 209، وذيل العبر، ص 76، والسلوك 2/ 497.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 365، والسلوك 2/ 500، والدرر الكامنة 2/ 235.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 699 هـ.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 645، والدرر الكامنة 1/ 502.
3712 -
وفي نِصْف رَجَب بَلَغني مَوْت الأمين مُحمد
(1)
ابنِ الشَّيخ إسماعيل بن إبراهيم بن عُثمان، المَعْروف بابن الحَرْفُوش، من أهل الصّالحية، وأنّ موته كان في جُمادى الآخرة
رَوَى لنا "جزء ابن زَبّان" عن عبد الوَهّاب ابن النّاصح، عن الخُشُوعي، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم أيضًا. وكان صَحْراويًّا.
ومولدُه سنة ثمانٍ وخَمْسين وست مئة.
3713 -
وفي ليلة الجُمُعة الحادي والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّريفُ مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّريف عليّ الحُسَينيُّ، الوكيلُ بباب الحُكْم، الحَنْبليُّ. وكانَ أبوه من نُقباء القاضي ابن خَلِّكان.
وكانَ محمدٌ المَذْكور رَجُلًا جيِّدًا، ملازِمًا لقراءة آيات الحَرَس بعد العِشاء مع الحنابلة.
3714 -
وفي يوم الجُمُعة الحادي والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي يحيى
(3)
السَّلّاميُّ التّاجر، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا.
وهو أخو قاسم وعُمر، وهم تُجّار عُقلاء عليهم السَّكِينة والوَقار.
• - وفي عَشِيّة الجُمُعة التاسع والعِشْرين من رَجَب مَرَّ بدمشق الأمير سَيْفُ الدِّين ألْطُنْبُغا الصّالحيُّ الحاجبُ متوجِّهًا إلى نِيابةِ السَّلْطنة بحَلَب، عِوَضًا عن سُودِي رحمه الله
(4)
.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 106، وتذكرة النَّبيه 2/ 58.
3715 -
وفي بُكْرة الجُمُعة التّاسع والعِشرين من رَجَب قُتِل موسى
(1)
بنُ سِمْعان النَّصْرانيُّ الكَرَكيُّ، كاتبُ الأمير سَيْف الدِّين قُطْلُوبَك من الشَّشْنَكِير على كُفْره وسبِّه وتَجَرُّئهِ على الرَّسول صلى الله عليه وسلم والمُسلمين، وذلك بُحكْم القاضي جمال الدِّين المالكيّ.
3716 -
وفي سَحَر يوم الأربعاء الخامس من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ مُفتي المُسلمين رَشيدُ الدِّين أبو الفِدَاء إسماعيلُ
(2)
بنُ عُثمان بن مُحمدُ القُرشيُّ الحَنَفيُّ، المَعْروف بابن المُعَلِّم، بداره جوار الجامع الأزهر بالقاهرة، وصُلِّي عليه الظُّهْرَ بالجامع الأزهر، ودُفِنَ بالقَرَافة.
وكانَ شيخًا جليلًا من أعيان الفُقهاء والمُفْتين، لديه علوم شتّى من القراءات، والفقه، والنَّحو، وعنده زهادةٌ وانقطاعٌ عن الناس. ودَرَّس بدمشق بالمَدْرسة البَلْخيّة مدّةً ثم تركها لولده، ثم تَوجّها في الجَفْل إلى القاهرة وأقاما بها إلى الموت، وعُرض عليه قَضاء دمشق فامتنعَ.
رَوَى "ثلاثيّات البُخاري" عن ابن الزَّبِيدي، وانفردَ بالرِّواية عنه في الدِّيار المِصْرية، ورَوَى عن النَّسّابة ابن عساكر، والسَّخاوي، وابن مَسْلَمة، والقُرطُبي، وابن الصَّلاح، وجماعة.
ومولدُه بدمشق سنة ثلاث وعِشْرين وست مئة، جاوزَ التسعين من العُمُر.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 217، والسلوك 2/ 500.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 77، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 176، ومعرفة القراء الكبار 2/ 732، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 125، وبرنامج الوادي آشي، ص 116، وأعيان العصر 1/ 501، والوافي بالوفيات 9/ 155، والبداية والنهاية 16/ 108، ومرآة الجنان 4/ 190، والجواهر المضية 1/ 154، والسلوك 2/ 498، والدرر الكامنة 1/ 439، والمنهل الصافي 2/ 398، وبغية الوعاة 1/ 451، وحسن المحاضرة 1/ 468، والدارس 1/ 369، وسلم الوصول 1/ 320، وشذرات الذهب 8/ 61.
3717 -
وفي بُكْرة يوم السَّبْت التاسع والعِشْرين من رَجَب وقتَ أذان الصُّبْح تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عليّ بن ساعد بن إسماعيل بن جابر بن ساعد الحَلَبيُّ بالقاهرة، ودُفِنَ من يومه.
وأصله من الرَّقّة، ومولدُه بحَلَب في سنة سبع وعِشْرين وست مئة.
سَمِعَ من يوسُف بن خليل الحافظ قطعةً من "المُعجم الكبير" للطَّبَرانيِّ. وسَمِعَ من شَمْس الدِّين يوسُف سَبْط الجوزي "مَشْيخة" جدِّه
(2)
، ومن مُحمد بن سَعْد المَقْدسيّ الأول والثاني من "حديث عليّ بن حُجْر".
وأجازَ لنا جميع ما يرويه.
3718 -
وفي التاسع أو العاشر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ القُدوةُ الصَّدْرُ الكبيرُ شهابُ الدِّين أبو القاسم عبدُ المَحْمود
(3)
بنُ أبي المكارم عبد الرَّحمن ابن الشَّيخ عمادِ الدِّين أبي جعفر محمد ابن الشَّيخ الإمام القُدْوة شهاب الدِّين أبي حَفْص عُمر بن محمد بن عبد الله السُّهْرَوردي البغداديُّ، ببغدادَ، ودُفِنَ عند آبائه بالوَرْديّة.
ووَصلَ إلينا خبرُه في شَهْر رَمَضان.
وكانَ شيخًا كبيرًا، جليلَ القَدْر، صدرَ العراق، وله أموالٌ جزيلةٌ وحِشْمةٌ وافرة وكلمةٌ نافذة، لَبِسَ الخِرْقة من جدِّه أبي جعفر محمد، ورَوَى عنه "سداسيّات" القاسم ابن عَساكر.
(1)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 179، والدرر الكامنة 5/ 317، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 714 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 126.
(2)
جده هو الواعظ المشهور الجوزي المتوفي سنة 597 هـ، ومشيخته مطبوعة مشهورة.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 78، وأعيان العصر 3/ 169، والوافي 19/ 148، والدرر الكامنة 3/ 227، وشذرات الذهب 8/ 62.
ولي منه إجازة، وكان يجلسُ للوَعْظ في أوقاتٍ من السنة ويَجْتَمع الخَلْق فيها.
3719 -
وفي رَجَب تُوفِّي تاجُ الدِّين محمودُ
(1)
بنُ كامل بن حَسَن التَّفْلِيسيُّ التاجر، المعروف ببَرَنْدَة، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
وخَلَّف تركةً وأولادًا.
شَعْبان
3720 -
في يوم الخَمِيس خامس شَعْبان تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين بكتَمُر
(2)
نائب الأمير سَيْف الدِّين سَلّار، وكانت وفاتُه بدمشق، ودُفِنَ بتُربتِه التي كان أنشأها لدَفْن مملوكه، وهي قُبالة زاوية الشَّيخ عامر العُرْضِي، على الطريق ظاهر باب الصَّغِير.
• - وفي يوم الجُمُعة السّادس من شَعْبان صُلِّي بجامع دمشق على جماعة غائبين، منهم: بُرهان الدِّين إبراهيم بن علي بن أحمد ابن الشَّيخ غانم، تُوفِّي بالقُدْس الشَّريف وقد تقدَّم تاريخ موته.
ومنهم:
3721 -
الشَّيخ تقيُّ الدِّين مُحمد
(3)
بن مُحمد بن عُثمان ابن شيخ دير ناعِس، تُوفِّي بالقَرْية المَذْكورة.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا من بَيْت المشايخ.
ومنهم:
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
3722 -
مَجْدُ الدِّين إسماعيل
(1)
القُونَويُّ والد الشَّيخ علاء الدِّين القُونَوي، تُوفِّي بحَلَب.
3723 -
وفي يوم السَّبْت السابع من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العابدُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ عبدِ الله بن أبي عليّ بن عُبادة الأنصاريُّ الخَزْرجيُّ، المعروف بالزَّجّاج، الصّابونيُّ، بدمشق، ودُفِنَ من يومِه بسَفْح قاسيون قُبالة زاوية صِهْرِه الشَّيخ محمد بن قِوَام.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، مَرض مدّةً، وكانَ صابرًا، مُحْتسبًا، يَسْكنُ بدَرْب الفراش.
سَمِعَ من عبد العزيز الكَفْرَطابيِّ، وإسماعيل العراقيِّ. ورَوَى؛ سَمِعْنا منه "سُنن" الإمام الشافعيّ، رضي الله عنه، راوية ابن عبد الحَكَم، و"جزء أسِيد بن عاصم".
ومولدُه تقريبًا في سنة ثلاثٍ وثلاثين وست مئة بدمشق.
3724 -
وفي يوم الاثنين التاسع من شَعْبان تُوفِّي بهاء الدِّين الدَّيْسَني
(3)
الجُنْديُّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، ساكنًا بدَرْب الدَّوْلعية، مشكورَ السِّيرة، ديِّنًا، وصارَ حاجبًا عندَ الصّاحب نَجْم الدِّين البُصْرَاوي أيام وزارته، وأُصِيب بولدٍ له غَرق قبلَ موته بمدّة، وصَبَر واحتَسب.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه قاضي القضاة علاة الدين علي توفي سنة 729 هـ، وترجمته في ذيل العبر، ص 162، والمعجم المختص، ص 162، وأعيان العصر 3/ 285، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 132، والسلوك 3/ 123، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 271، والدرر الكامنة 4/ 29، وغيرها.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 52.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
• - وفي شَهْر شَعْبان باشرَ ولاية البَرِّ بدمشق الأميرُ شَرَفُ الدِّين عيسى بن البُرطاسي، عِوَضًا عن الأمير عَلَم الدِّين أستاذ دار الأمير طرقشي.
• - وفي يوم الاثنين تاسع شَعْبان ركب نقيبُ الأشراف شَرفُ الدِّين عدنان ابن الشَّريف أمين الدِّين جَعْفر ابن الشَّريف مُحيي الدِّين مُحمد بن عَدْنان الحُسيني، بدمشق، بخلعة النقابة بطَرْحة، وسَلّم على القُضاة وأولياء الأمر. وَلِيَ ذلك عِوَضًا عن والده، رحمه الله تعالى، وهو شاب، وقُدِّم على غيره لعقله وفهمه وبيته
(1)
.
3725 -
وفي يوم الاثنين تاسع شَعْبان وُلد لي ولدٌ سمّيته عبد الرَّحمن، وكان ذلك بعد الظُّهر وقت صلاة الخطيب أو بعدها بيَسير، فعاشَ حتى كمّل الأربعين يومًا، وماتَ بُكْرة الاثنين الحادي والعِشْرين من رَمَضان، ودُفِنَ عند قَبْر والدي خارج الباب الشرقي.
كتبتُ له إجازة، وأخذت له خُطوط جماعةٍ من الشُّيوخ.
3726 -
وفي يوم الخَمِيس ثاني عَشَر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الحاجُّ إبراهيمُ
(2)
بنُ عليّ بن سَلامة، المَعْروف بابن الغاويِّ، الحَرّانيُّ، التاجر بسوق البطائن، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكان رَجُلًا صالحًا، سَلِيم الباطن، مَشْهورًا بالخَيْر، وله كرامات.
3727 -
وفي يوم الخَمِيس ثاني عَشَر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ زَيْنُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(3)
بنُ عبد العزيز بن أبي العَسَاكر سُلْطان بن راهب الحَمَويُّ بحَماة.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 106.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة عم أبيه موفق الدين بن راهب في وفيات سنة 665 هـ.
أجازَ لنا من المَعرّة في سنة سَبْع وتسعين وست مئة، ورَوَى الحديثَ عن عَمِّ والدِه الشَّيخ موفَّق الدِّين بن راهِب، وهو أحد الشُّيوخ البيانية.
• - وفي يوم الجُمُعة ثالث عَشَر شَعْبان صُلِّي بجامع دمشق على غائبين وهما: الشَّيخ رشيد الدِّين، إسماعيل بن المُعَلّم، وولده تَقِيّ الدِّين يوسُف، ماتا بالقاهرة المَحْروسة، وقد تقدَّم ذِكرهما.
3728 -
وفي يوم السَّبْت الرابع عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ علاءُ الدِّين عليّ
(1)
، المَعْروف بابن البابا الحَنَفيُّ، إمام المدرسة القيمازية الحنفية بدمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورَ السِّيرة.
3729 -
وفي يوم الأربعاء ثامن عَشَر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ مَنْصورُ
(2)
بنُ ناصر الأذرعيُّ الحَنَفيُّ، الوكيل بباب الحُكْم الحَنَفيّ، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وله أولاد منهم الفقيه علاءُ الدِّين عليّ الشاهد تحت القَلْعة.
3730 -
وفي يوم السَّبْت الحادي والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ زَيْنُ الدِّين عبد الرَّحمن
(3)
بن عليّ بن مَنْصور التَّكْرِيتيُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ هناك.
وكانَ شيخًا مُباركًا وهو أخو ناصر الدِّين مَنْصور التّاجر.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه علاء الدين علي توفي سنة 746 هـ، وهو مترجم في الدرر الكامنة، وحفيدة شرف الدين أحمد بن عليّ بن منصور بن ناصر توفي سنة 782 هـ، وهو مترجم في إنباء الغمر 1/ 221، وشذرات الذهب 8/ 472، وتاج التراجم، ص 119، وحسن المحاضرة 1/ 472.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه محمد بن أحمد كان حيًا سنة 740 هـ، كما في ذيل التقييد 1/ 153.
3731 -
وفي ليلة الأحد الثاني والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ جمالُ الدِّين داودُ
(1)
بنُ أحمد بن عبّاس الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن الخِيَميِّ، بالمارستان الصَّغير، ودُفِنَ ظُهر الأحد بمقبُرة باب الصَّغِير.
وكان شيخًا كمّل السَّبْعين، وله شِعْر.
وهو خال شهاب الدِّين أحمد ابن عِماد الدِّين إسماعيل بن غانم المؤذِّن.
وكتب عنه من شعره عزُّ الدِّين حَسَن الإرْبِليُّ، ورثاه مُجيرُ الدِّين الخيّاط، وكان بينهما صُحْبة متأكّدة.
3732 -
وفي ليلة الخَمِيس السادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّيت والدة بهاء الدِّين حَسَن
(2)
ابن سيِّدنا قاضي القُضاة نَجْم الدِّين ابن صَصْرَى، واسمها لؤلؤة عتيقة ابن الخَليليّ، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون.
3733 -
وفي يوم الجُمُعة السابع والعِشْرين من شَعْبان صُلِّي بجامع دمشق على غائب ماتَ بالقاهرة، وهو شَمْس الدِّين عبدُ الله
(3)
ابنُ القاضي فَخْر الدِّين ناظر الجُيوش المَعْروف بكاتب المماليك.
وكانَ قد نشأ وتأهّل للمناصب، وفقدَهُ والدُه، وكَتبَ نائبُ السَّلْطنة بدمشق وغيرُه إلى والدِه بالتَّعْزية فيه.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وزوجها قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن سالم بن صصرى توفي سنة 723 هـ، وهو مترجم في معجم شيوخ الذهبي 1/ 91، والمعجم المختص، ص 37، وذيل العبر، ص 128، وتذكرة الحفاظ 4/ 191، وفوات الوفيات 1/ 125، وأعيان العصر 1/ 327، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 20، والسلوك 3/ 60، والدرر الكامنة 1/ 312، وغيرها.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وبقي والده كاتب الممالك إلى سنة 732 هـ، حيث توفي فيها، وترجمته في المختصر لأبي الفدا 4/ 105، وذيل العبر، ص 173.
3734 -
وفي يوم الخَمِيس السادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّريفُ نَجْمُ الدِّين
(1)
، وَلَدُ الشَّريف النَّقِيب شَرَف المُلْك مُحمد ابن الشَّريف وَلِي الدَّولة أحمد ابن أبي الجِنّ الحُسَينيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق.
3735 -
وفي آخر يوم الجُمُعة السّابع والعِشْرين من شَعْبان وَصلَ الخَبَرُ بموتِ الصّاحب شَرَف الدِّين يَعْقوب
(2)
ابن مَجْد الدِّين مُظفَّر ابن شَرَف الدِّين أحمد بن مُزْهر، وأنّ وفاتَهُ كانت بحَلَب في الثامن عَشَر من شَعْبان، وأنّ وصولَهُ إلى حَلَب في هذه السَّفْرة كان في مُسْتَهلّ شَعْبان المَذْكور، فأقامَ أيامًا قليلة وتَمَرَّض ومات.
ومولدُه سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة بنابُلُس.
وكانَ من شيوخ الكُتّاب المعروفين بالنَّهْضةِ والكفاءةِ والخِبْرةِ التّامة، وفيه عَصَبيّةٌ ومروءةٌ. وكانَ كثيرَ البِرِّ بأهلِه وأقاربِه ومَن يلوذُ به. وباشرَ النَّظرَ بدمشقَ وحَلَب وطرابُلُس وغيرَ ذلك من المَناصب.
3736 -
وفي الحادي والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(3)
ابنُ الشَّيخ تقيِّ الدِّين أحمدَ بنِ عبد الرَّحمن بن عبد المؤمن بن أبي الفَتْح الصُّوريُّ، ثم الصّالحيُّ، وكانت وفاته بصَفَد.
ومولدُه سنة ثمانٍ وخَمْسين وست مئة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وعميد هذه الأسرة العلوية هو أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن الحسيني المعروف بابن أبي الجن المتوفي سنة 508 هـ، وهو مترجم في تاريخ دمش لابن عساكر 41/ 245، وتاريخ الإسلام 11/ 115، وغيرهما، وهم نقباء الأشراف في بلاد الشام.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 218، وتالي وفيات الأعيان، ص 177، وذيل العبر، ص 78، وأعيان العصر 5/ 583، والوافي بالوفيات 28/ 531، والبداية والنهاية 16/ 108، والسلوك 2/ 499، والدرر الكامنة 6/ 205، والنجوم الزاهرة 9/ 227.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 354.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ من جماعةٍ غيره.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، بَسّامًا، حَسَنَ الخُلُق، من أولاد الشُّيوخ.
3737 -
وفي ليلة الاثنين سَلْخ شَعْبان تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين كُهُرداش
(1)
الزّرّاق، وكان موته بدار القَيْمُريّ خَلْف المدرسة القَيمُريّة بدمشق.
3738 -
وفي يوم الاثنين تاسع شَعْبان تُوفِّي القاضي صَدْرُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ القاضي مَجْد الدِّين عيسى ابن الخَشّاب وكيل بَيْت المال بالدِّيار المِصْرية، وكانت وفاته بداره بخَط المَدْرسة الصّالحية بالقاهرة قبل الظُّهْر، ودُفِنَ من الغد بُكْرة النَّهار بالقَرَافة عند والدِه.
ومولدُه في سنة تسع وستين وست مئة.
شَهْر رَمَضان
3739 -
وفي يوم الثُّلاثاء مُسْتَهلّ رمضان تُوفِّي الأمير حُسام الدِّين قَرَاطرنطيه
(3)
بدمشق.
وكان أميرًا بحَلَب، ونُقِلَ إلى دمشقَ على خُبْز الأمير المَعْروف بالدَّم الأسود، فوصلَ إلى دمشقَ مريضًا وأقامَ أيامًا وماتَ. وأوصَى إلى سَيْف الدِّين بلاط وغيره.
3740 -
وفي يوم الثُّلاثاء مُسْتَهلّ رَمَضان تُوفِّي بَدْرُ الدِّين السَّرْمِينيُّ
(4)
، نائب قَرَاسُنْقُر المَنْصُوريِّ.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 218، وأعيان العصر 4/ 161، والسلوك 2/ 499، والدرر الكامنة 4/ 315، والنجوم الزاهرة 9/ 228، والمنهل الصافي 9/ 153، والدليل الشافي 2/ 562.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 219، وتالي وفيات الأعيان 7/ 275، وأعيان العصر 1/ 308، وغاية النهاية 1/ 94، والسلوك 2/ 500، والدرر الكامنة 1/ 275.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وهو منسوب إلى سرمين، مدينة من أعمال حلب وطرف جبل السماق (معجم البلدان 3/ 215).
3741 -
وفي ليلة الأربعاء ثاني رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ عمادُ الدِّين إسماعيلُ
(1)
بنُ شَمْس الدِّين داود بن مُساعد بن نَعْسان الحَنَفيُّ بقَلْعة دمشق، ودُفِنَ بمَقْبُرة باب الصَّغِير.
ومولدُه سنة اثنتين وأربعين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ليِّنَ الكلمة، فصيحَ العِبارة، مشكورَ السِّيرة، له وجاهةٌ بالقَلْعة عند النُّواب بها، وحَجَّ وقَدِمَ من الحجّ مُتَمرِّضًا وطالَ مَرَضُه، وأُخِذَت بعضُ جهاته، واستمرَّ مرضُه إلى أن ماتَ. وكان أصيبَ في غيبَته ببنتٍ له أمّ أولاد.
• - وفي أول شَهْر رَمَضان أُعيدَ الشَّيخُ نَجْم الدِّين ابن هلال إلى مُباشرة ديوان الأيتام بدمشق.
3742 -
وفي ليلة الأحد سادس رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ حَسَنُ
(2)
بنُ عليّ بن ثابت التَّلباشَرِيُّ، بالمارستان الصَّغير، ودُفِنَ ظُهْرَ الأحد بمقابر باب الفراديس عند أمِّه.
وكان سَمِعَ معنا كثيرًا.
3743 -
وفي يوم الأحد سادس رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ مُحمدُ
(3)
بنُ عُمر بن مُحمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهَرَويُّ الصّالحيُّ، المَعْروف بمحمود الأعْسَر، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ عَصْر اليوم المَذْكور على باب تُربة الشَّيخ أبي عُمر.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك، وهو منسوب إلى تل باشر، قلعة بشمالي حلب (معجم البلدان 2/ 40).
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 257، والدرر الكامنة 5/ 372، وذكره الذهبي في المتوفين سنة 714 هـ، من ذيل السير، ص 126.
رَوَى لنا عن الحافظ ضياء الدِّين مُحمد، وسَمِعَ من الشَّرَف المُرْسِي أيضًا. وله إجازة في سنة تسع وثلاثين وست مئة وبعدها من ابن القُبَّيطيِّ، والكاشْغَرِيِّ، وابن أبي الفَخَار الهاشميِّ، وأحمد بن يعقوب المارستانيِّ، وابن شُفنِين، وابن النَّجّار المؤرّخ، ويحيى الصَّرْصَريِّ، والصَّغانيِّ، وجماعةٍ.
وكان حَسَنَ الخُلُق، وهو الحَكَم بين المُصارعين. وقد حَدَّث أبوه وأعمامه.
وكانَ له أخٌ اسمُه أحمد
(1)
، سَمِعَ من ابن اللَّتِّيّ، وأمّا هو فلم يَسْمع منه.
3744 -
وفي يوم الاثنين سابع رَمَضان تُوفِّي قَيْسُ
(2)
ابنُ الشَّيخ عُمر بن عليّ بن يحيى بن حَياة الحَرّانيُّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكان شابًّا، حَجّ وتَزَوَّجَ، وحضرَ جنازته جمعٌ كبير بسبب والده.
3745 -
وفي ليلة الخَمِيس سابع عَشَر رَمَضان تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ شَرَفُ الدِّين عليُّ
(3)
ابنُ الشَّيخ الإمام الزّاهد شَمْس الدِّين عبد اللطيف بن عُمر بن أحمد بن مُحمد القَزْوينيُّ الكُرْجيُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبُرة الباب الصَّغير عند عمِّه الشَّيخ بَدْر الدِّين فضل الله بن عُمر.
ومولدُه بقَزْوين في سنة سبعين وست مئة تقريبًا، ونشأ بالروم، وقَدِمَ دمشق مع عَمِّه المَذْكور في سنة خمس وتسعين، فأقامَ بها إلى أن مات.
وكان فقيهًا مشتغلًا، أعادَ ببعض المدارس، وكانت جنازته حَفِلة.
وهو ابنُ عمّ الخطيب جلال الدِّين خَطِيب دمشق.
(1)
لم نقف على ترجمة أخيه أحمد هذا.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وبيته مشهور، وستأتي ترجمة قريبه الشيخ أبي قيس يوسف بن قيس بن أبي بكر بن حياة الحراني في وفيات سنة 719 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3746 -
وفي ليلة الأربعاء تاسع شَهْر رَمَضان تُوفِّي ببَعْلَبَك شُجاع الدِّين أبو بَكْر
(1)
بن عبد الرَّحيم بن محمد بن حامد ابن البرديّ.
كتَبَ به إليَّ أحمد ابن الدُّرَيْنيّ، وذكرَ أنه حدَّث.
وهو أخو شيخنا نَجْم الدِّين أيوب الذي تُوفِّي في آخر سنة ستٍّ وسبع مئة
(2)
، رحمهما الله تعالى.
3747 -
وفي يوم الأحد ثالث عَشَر شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ حُسامُ الدِّين لاجين
(3)
الأزهريُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الاثنين بالقَرَافة.
وكانَ شيخًا كبيرًا جاوزَ المئة بثلاث سنين، وجاورَ بالجامع الأزهر مدّةَ سبعين سنة، وصُلِّي عليه بجامع دمشق سابع عَشَر شَوّال.
3748 -
وفي يوم الجُمُعة الثامن عَشَر من شَهْر رَمَضان تُوفِّي المُقرئُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(4)
بنُ يونُس بنِ عُثمان، المؤذِّن بجامع دمشق، المَعْروف بالهُدْهُد.
وكان يقرأ في الخِتَم، وصوتُه صوتٌ حَسَن.
3749 -
وفي ليلة السَّبْت تاسع عَشَر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الأديبُ الفاضلُ جلالُ الدِّين عبدُ الله
(5)
ابنُ الشَّيخ ظَهِير الدِّين عليّ بن مُحمد بن محمود بن أبي العزّ بن إبراهيم، ابنُ الكازَرُونيِّ، البَغْداديُّ الكاتبُ، ودُفِنَ بمقابر الصّوفية.
وكانَ عنده أدبٌ، وله نَظْم جيِّد، كَتَبَ عنه منه صاحبنا عزُّ الدِّين الإرْبِليُّ، وأضرَّ في آخر عُمُره، ورُتِّب صُوفيًّا بخانقاه الطّاحون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
تقدمت ترجمته في موضعها.
(3)
ترجمته في أعيان العصر 4/ 179، والدرر الكامنة 4/ 316.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(5)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 130، والدرر الكامنة 3/ 59.
وكان أبوه
(1)
من عُدُول بَغْداد.
رَوَى عن ابن الدُّبَيْثيّ، وغيرِه، ولي منه إجازةٌ.
3750 -
وفي الثالث أو الرابع من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ زكريا بن أبي العَشَائر الماردينيُّ بالفَيّوم من الدِّيار المِصْرية.
ومولدُه في سنة تِسْع وعِشْرين وست مئة بماردين.
رَوَى الجُزء الثاني من "مَشْيخة ابن مَسْلَمة" عنه، وكان مُقيمًا بدمشق يَصْحبُ القاضي مُحيي الدِّين ابن الزَّكيّ، وأولاده، ويَنْتَمِي إلى ابن العَرَبي. ثم إنَّهُ سافرَ في الجَفْل إلى القاهرة واستوطنها.
وأجاز لنا بدمشقَ والقاهرة.
3751 -
وفي ليلة الجُمُعة الخامس والعِشْرين من رَمَضان تُوفِّي الحاجُّ أبو الحَسَن عليُّ
(3)
بنُ عُمر بن عبدِ المُحْسن الدمشقيُّ النَّجّار، الواسطيّ كان أبوه، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الباب الشَّرْقي.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، سَمِعَ من يحيى ابن الحَنْبليّ آخر أصحاب الخُشُوعيِّ، ورَوَى لنا عنه.
ومولدُه تقريبًا سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة بدمشق.
(1)
هو المعروف بالظهير الكازروني المتوفى سنة 697 هـ، وصاحب التاريخ المشهور الذي ينقل منه صاحب الكتاب المسمى بالحوادث والذهبي في تاريخ الإسلام، وله مختصر التاريخ الذي حققه علامة العراق الدكتور مصطفى جواد ونشر ببغداد سنة 1970 م. وترجمة الكازروني في الكتاب المسمى بالحوادث، ص 536، وأعيان العصر 3/ 480، والوافي 22/ 140، وغيرها.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 214، والدرر الكامنة 1/ 154.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي خاله سنة 721 هـ، وترجمته في ذيل العبر، ص 120، وذيل التقييد 1/ 107، والدرر الكامنة 5/ 142، وشذرات الذهب 8/ 101.
وربّاه خاله شَيْخُنا الحاجّ محمد بن أبي بكر بن مُشَرَّف.
3752 -
وفي بُكْرة السَّبْت السادس والعِشْرين من رَمَضان تُوفِّي الملك شَمْس الدِّين دُوباج
(1)
بن فيلشاه بن رُسْتُم، صاحب كَيْلان، بقُباقِب
(2)
بين الرَّحْبة ودمشق، وهو قاصدٌ الحجَّ، وحُمِلَ إلى دمشق، وخرجَ النّاسُ إلى جَنازته بُكْرة الأحد خامس شَوّال، فصُلِّي عليه ودُفِنَ بتُربة اشتُريَت له بسَفْح قاسيون جوار مَكْتب الأعزازيّ، وعُمِّرت التُّربة وأُنفقَ عليها جُملة كثيرة، وعُمُره يومئذٍ أربعٌ وخمسون سنة.
وبَقِيَ في مملكة كَيْلان خَمْسًا وعِشْرين سنة. وأوصَى أن يَحُجّ عنه جماعة ففُعِلَ ذلك.
وهو من بَيْت مملكة.
• - وفي يوم الثُّلاثاء آخر رَمَضان مَرَّ القاضي عمادُ الدِّين إسماعيلُ بنُ مُحمد بن عبد الله ابن القَيْسرانيِّ، بدمشق وأقامَ بها أيامًا، وتَوَجَّه إلى حَلَب متولِّيًا صاحب ديوان الإنشاء بها مكان ابن سَوَادة.
شَوّال
3753 -
في ليلة الاثنين سادس شَوّال تُوفِّيت أمُّ عبدِ اللطيف مَحْبُوبةُ
(3)
ابنةُ قاضي القُضاة إمام الدِّين عُمر بن عبد الرَّحمن بن عُمر القَزْوينيِّ، ودُفِنَت عند قبر زَوْجها شَرَف الدِّين بمَقابر باب الصَّغير.
وبينهما دُون العِشْرين يومًا.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 127، وذيل العبر 79، وأعيان العصر 2/ 358، والبداية والنهاية 16/ 106، والدرر الكامنة 2/ 229، والدارس 2/ 191.
(2)
معجم البلدان 4/ 303.
(3)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات ربيع الآخر سنة 699 هـ.
3754 -
وفي يوم الجُمُعة عاشر شَوّال تُوفِّي القاضي الأجلُّ الفقيهُ العالِمُ العَدْلُ الرَّضِيُّ الأصيلُ شهابُ الدِّين أبو الفِدَاء إسماعيلُ
(1)
بنُ صالح بن هاشم بن عبد الله ابنُ العَجَميِّ، الحَلَبيُّ الشّافعيُّ، بحَلَب، ودُفِنَ بمَقبُرة الجُبَيل.
رَوَى عن يوسُف بن خليل الحافظ، وغيرِه. وكانَ عَدْلًا كبيرًا، وينوبُ في الحُكْم بحَلَب.
ومولدُه سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة بحَلَب.
أخبرني بوفاته زينُ الدِّين ابن حَبِيب.
• - وتَوجَّه الرَّكْبُ الشّامّي من مدينة دمشق إلى الحِجاز الشَّريف في يوم الاثنين الثالث عَشَر من شَوّال، وفيه خَلْقٌ كثيرٌ من الغُرباء، وأميرُهم الأمير الكبير شَمْسُ الدِّين سُنْقُر الإبراهيميُّ، والقاضي مُحيي الدِّين قاضي الزَّبَدانيِّ، ومن جُمْلة الحجّاج تقيُّ الدِّين ابن السَّلْعوس، وشَرَفُ الدِّين قَيْروان الشَّمْسِي، وكمال الدِّين ابن المُنَجَّى، وجماعة
(2)
.
3755 -
وفي يوم الجُمُعة سابع عَشَر شَوّال تُوفِّي
(3)
وَلَد الشَّيخ سَيْف الدِّين الرُّجَيْحيُّ
(4)
اليونسيُّ، وكان أصغر أولاده، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق.
3756 -
وفي يوم الأحد التاسع عَشَر من شَوّال تُوفِّي سُلَيْمان
(5)
التُّركمانيُّ المولَّه، ودُفِنَ يوم الاثنين بمقبُرة الباب الصَّغير.
وكان يومًا كثيرَ الثَّلْج. وهو الذي كانَ يَجْلِسُ على مَصْطبةٍ بسوقِ العُلْبيّين، وأقامَ قبلَ ذلك بالسِّقاية التي على باب المارستان الصَّغِير مدّةً،
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 174، والدرر الكامنة 1/ 437.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 107.
(3)
بعد هذا بياض مقدار كلمة.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في سنة 706 هـ (3026).
(5)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 79، والبداية والنهاية 16/ 109، وشذرات الذهب 8/ 62.
وكانَ لا يتّقي النَّجاسات، ولا يُصَلِّي، ومع ذلك كان يَتَردّد إليه جماعةٌ ويَقِفُون عندَهُ، ويسمعون كلامَهُ، ويذكرون عنه أنه يُخْبِرهم ويكاشِفُهم.
3757 -
وفي يوم الثُّلاثاء الحادي والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الأميرُ الأجلُّ عَلَمُ الدِّين سَنْجَرُ
(1)
بنُ عبد الله، المَعْروف بالأيكيّ، عتيقُ القاضي شَرَفِ الدِّين بن فَضْل الله، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية بتُربة أستاذِه أولًا الشَّيخ شَمْس الدِّين الأيكيّ، وحضرتُ جنازتَه رحمه الله تعالى، وحَضَرَهُ جماعة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وبَقِيَ مدّة يَسُوق في البَرِيد.
3758 -
وفي آخر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ أبو عليّ سَنْجَرُ
(2)
بنُ عبد الله، عتيقُ كمالِ الدِّين ابن الدُّوريّ، البَغْداديّ، بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، عندَهُ حكايات من أخبار واقعة بَغْداد وغيرِها، وفيه فَهْمٌ ومعرفة.
3759 -
وفي مُسْتهلِّ شَوّال تُوفِّي الخَطيبُ شَمْسُ الدِّين عبدُ الرحمن
(3)
ابنُ الخَطيب عمادِ الدِّين الحيْلاويّ، خَطيب الجامع المُظَفَّري، بمدينة إرْبِل.
وكانَ خطيبًا بالجامع المَذْكور من نحو ستين سنة، وكانت وفاته بإرْبِل. ووَلِيَ مكانه في الخطابة ولدُه نَجْمُ الدِّين.
3760 -
وفي يوم السَّبْت حادي عَشَر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ صفيُّ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(4)
بنُ مُحمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن مُحمد بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 129، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 315، والوافي بالوفيات 7/ 320، والعقد الثمين 3/ 128، وذيل التقييد 1/ 375، والدرر الكامنة 1/ 285، والمنهل الصافي 2/ 69.
إبراهيم الطَّبَريُّ المَحْتِد، المكيُّ الشّافعيُّ، بمكةَ. شَرَّفها الله تعالى، ودُفِنَ بالمَعْلى، وحضرَهُ خلقٌ كثير.
ومولدُه تقريبًا في أواخر سنة ثلاثٍ وثلاثين وست مئة، أو أول سنة أربع وثلاثين بمكة.
وكان رَجُلًا مُباركًا، وأضرّ مدّةَ سنين، ثم رَدَّ الله عليه بصرَهُ.
سَمِعَ "صحيحَ البُخاري" بكماله من عبد الرَّحمن بن أبي حَرَمي المكيّ، بسماعه من عليّ بن عَمّار الطرابُلُسيِّ، بسَماعه من أبي مَكْتوم بن أبي ذَرّ الهَرَويّ، بسماعه من والده عن شيوخه الثلاثة
(1)
، وسَمِعَ من شُعيب الزَّعْفَرانيّ ومن ابن الجُمَّيْزي، والمُرْسيّ، وجماعة.
قرأتُ عليه بمكة "جُزء القزاز"، وبعض "جزء مُطيّن"، وبعَرَفة المشرَّفة "منتقى من الثقفيات" فيه سبعة وأربعون حديثًا، وبمِنَى الجزء الثاني من "حديث سَعْدان بن نَصْر"، و"منتقى من الثقفيّات" فيه عشرة أحاديث، و"مسلسلات أبي بكر بن شاذان".
وكان سمِعَ من ابن الجُمَّيْزي "الثقفيّات العَشرة"، و"المحامليّات الثلاثة"، و"جزء سُفيان"، والسابع من "حديث ابن السَّمّاك"، والرابع من "الإغراب" للنَّسائي، و"فوائد العِراقيِّين" للنقاش، و"الثمانين الآجُريّة"، و"المسلسلات" للطُّرَيْثِيثيّ، و"اختلاف الحديث" للشافعيّ، خمسة أجزاء، الأول من "جامع عبد الرزاق"، والأول من "غرائب مالك" لدَعْلَج، وغير ذلك.
وهو أخو الشَّيخ رضيّ الدِّين إبراهيم إمام المقام الشَّريف، نفع الله ببركته.
(1)
شيوخه الثلاثة هم الرواة عن الفربري الراوي عن البخاري، وهم: الكشميهني، والمُستملي، وابن حَمُّوْية.
ذو القَعْدة
3761 -
في يوم السَّبْت ثاني ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الصّالح المُسْنِد أبي عبد الله مُحمد بن أحمد بن عبد الرَّحمن بن عليّ البِجَّديُّ، ثم الصّالحيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه ظُهر اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّري، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه سنة ثمانٍ وخَمْسين وست مئة بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا كثيرَ المَوَدّة، مُواظبًا على الحَجِّ.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وعُمر الكِرْمانيِّ، وسَمِعَ معنا كثيرًا.
3762 -
وفي يوم الاثنين رابع ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العابدُ حُسام الدِّين حَسَنُ
(2)
بنُ مُحمد بن أبي بَكْر اللَّهاوريُّ الهِنْديُّ الصّوفيُّ بالمارستان بدمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ شيخًا كبيرًا، كثيرَ الصَّلاةِ والصَّدَقةِ والحَجِّ والمُجاورة، صوفيًّا، قائمًا بوظائف التَّصوّف.
سَمِعَ بمكّةَ من أبي اليُمْن عبد الصَّمد بن عَساكر، وسَمِعَ معي بدمشق، وكان النّاسُ يطلبون دعاءَهُ ويقبِّلونَ يدَه.
• - وفي يوم الخَمِيس سابع ذي القَعْدة وصل القاضي بَدْرُ الدِّين مُحمد بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه في سنة 722 هـ، وترجمته في ذيل العبر، ص 124، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 145، وأعيان العصر 4/ 249، والدرر الكامنة 5/ 52. وأخوه عبد الرحمن توفي سنة 738 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 374، وبرنامج الوادي آشي، ص 145، والوفيات لابن رافع 1/ 199، وذيل التقييد 2/ 95، والدرر الكامنة 3/ 131. وأخته زينب توفيت في سنة 722 هـ، وترجمتها في الدرر الكامنة 2/ 253.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
عُثمان ابن الحدّاد الآمِديُّ، ثم المِصْريُّ إلى دمشقَ من القاهرة متولِّيًا الحِسْبة بدمشق وخُلِعَ عليه، وباشرَ عِوَضًا عن فَخْر الدِّين البُصْراويّ
(1)
.
• - وفي يوم الخَمِيس الحادي والعِشْرين من ذي القَعْدة وصلَ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين بَلَبان المَنْصوريُّ، المَعْروف بطُرْنا إلى دمشقَ من صَفَد، فلمّا وَصلَ مُسِكَ وحُبِسَ بالقَلْعة، وكانَ نائب السَّلْطنة بصَفَد، ووَلِيَ عِوَضَه الأمير الكبير سَيْف الدِّين بَلَبان البَدْرِيّ، وتَوجَّه من دمشقَ في يوم الجُمُعة الثاني والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور
(2)
.
3763 -
وفي يوم الثُّلاثاء التاسع عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخ أبو بكر
(3)
بنُ عبد الغَنِي بن سُرور الصُّماديّ، العَلّاف بسوق الصّالحية، ودُفِنَ من الغد بمقبَرة الصُّماديِّين بسَفْح قاسيون.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، رَوَى لنا عن خطيب مَرْدا. ورَوَى الحافظ ضياءُ الدِّين المَقْدسي عن والده في "سِيْرة المقادسة".
3764 -
وفي يوم الأحد السابع عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الصَّدْرُ الرئيسُ فَخْرُ الدِّين سُليمانُ
(4)
ابنُ الشَّيخ فَخْر الدِّين عُثمان ابن الشَّيخ الإمام صفيِّ الدِّين أبي القاسم بن مُحمد بن عُثمان البُصْراويُّ الحَنَفيُّ، بالبرّية، وحُمِلَ إلى بُصْرى فدُفِنَ بها يوم الاثنين ثامن عَشَره.
وكان عَقِيب عزله من الحِسْبة بدمشق توجَّه إلى بُصْرَى ومن نيّتِه قصدُ الدِّيار المِصْرية، فأدركه أجَلُه سريعًا.
وكان شابًّا كريمًا، حَسَن الأخلاق.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 107.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 216، والبداية والنهاية 16/ 107.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 301.
3765 -
وفي يوم العِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ القُدْوة سراجُ الدِّين عُمرُ
(1)
بنُ أبي الفُتُوح الدَّمامِينيُّ، ودُفِنَ من يومه بالقَرافة.
ومولدُه في سنة سبع وأربعين وست مئة.
3766 -
وفي يوم السَّبْت الثاني والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ بَدْرُ الدِّين يونُس
(2)
بنُ موسى بن يونُس الطُّورِيُّ ببَعْلَبَك.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُبارَكًا، فاضِلًا، صالحًا؛ سَمِعَ بقراءتي كتاب "مُجابي الدَّعوة" لابن أبي الدُّنيا، على خاله الشَّيخ شَمْس الدِّين بن غانم بعَرَفات المُشَرَّفة في سنة ثمانٍ وثمانين وست مئة.
• - وفي يوم الثُّلاثاء الخامس والعِشْرين من ذي القَعْدة تَوجَّه إلى القاهرة من دمشق الصَّدرُ فَخْرُ الدِّين مُحمد بنُ المنذر ناظرُ الجيش بطرابُلُس، وكان قد حَصَلَ له أذًى من نائب السَّلْطنة هناك، فغابَ مدّةً يسيرةً وعادَ على وظيفته ومَنْصبه.
• - وفي ذي القَعْدة حصلَ للأمير جمالِ الدِّين الرَّحَبِيّ والي دمشق تَرْسيمٌ وحَبْسٌ ومصادرةٌ من نائب السَّلْطنة، ولم يُغَيَّر من الولاية.
3767 -
وفي ذي القَعْدة تُوفِّي الحاجّ عليُّ
(3)
بنُ عبد الحقّ بن مِنْهال الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن الشّاويش.
وكانَ رَجلًا مُباركًا يسكنُ بدرب النّاصح داخل باب شَرْقي، ويواظب على حُضُور الصَّلَوات بالجامع المَعْمور، وله أورادٌ، وهو مَشْهورٌ بالخَيْر، وبينه وبين علاء الدِّين ابن السَّكاكري قَرَابة.
(1)
ترجمته في: طبقات الأولياء، ص 463، وحسن المحاضرة 1/ 524، وابنه علي بن عمر بن أبي الفتوح مترجم في ذيل التقييد 2/ 207، والدرر الكامنة 4/ 108.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في غاية النهاية 1/ 612، وفيه الطيوري.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3768 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السّادس والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو يعقوب يوسُفُ
(1)
بنُ مُبَشّر المَغْربيُّ بحارة زَوِيلة، ودُفِنَ من الغد بمقبَرة باب النَّصْر.
وكانَ صاحبَ الشَّيخ نَصْر المَنْبِجيّ.
3769 -
وفي يوم الجُمُعة بعد العَصْر التاسع والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الأجلُّ الصَّدْرُ العَدْلُ بَدْرُ الدِّين أبو الفَضْل مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ المُسْندِ الصَّدْرُ شَرَفِ الدِّين محمد بن عبد المُنعم بن عُمر بن عبد الله بن غَدِير الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن القَواس، وصُلِّي عليه ضُحَى نهار السَّبْت مُسْتَهلّ ذي الحِجّة بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بتربتهم بالقُرْب من المَدْرسة الرُّكْنية الحَنَفية.
ومولدُه في خامس رَمَضان سنة أربع وخَمْسين وست مئة بدمشق.
رَوَى لنا عن شَيْخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين عبد العزيز الأنصاريُّ، ورشيد الدِّين العَطّار القُرشيِّ الحافظ، وإسماعيل بن صارِم الخياط.
وسَمِعَ أيضًا من ابن عبد الدّائم، وفِراس العَسْقلانيّ، والنَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وابن أبي اليُسْر، وجماعة. وحَضَرَ على عبد الله ابن الخُشُوعيّ، وعبد الحَمِيد بن عبد الهادي. وله إجازةٌ من الصَّدْر البَكْريِّ، والشَّرف الإرْبليِّ، وإبراهيم بن خليل، وابنِ السُّروريّ، والكَفْرَطابيّ، وغيرِهم.
(1)
لعله يوسف بن مبشر الصنهاجي الراوي عن أبي الحسن شريح والمذكور في الذيل والتكملة لابن عبد الملك 5/ 356.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 270، وبرنامج الوادي آشي، ص 129، وذيل التقييد 1/ 235، والدرر الكامنة 5/ 460، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 714 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 127.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، قاضيًا لحوائج أصحابِه، بَشُوشَ الوجهِ، حَسَنَ الملتَقَى، وجلسَ مدّة مع الشُّهود تحتَ السّاعات.
وسَمِعْنا على والده وعمّه وجدّه لأمّه وأخواله، رحمهم الله تعالى.
3770 -
وفي بُكْرة يوم الأربعاء السّادس من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
بنُ مُحمد بن خَطّاب الباجيُّ الشافعيُّ، بالقاهرة بالجَوْذَرية، ودُفِنَ من يومِه بالقَرَافة.
وكانَ بقيّة المَشايخ العُلَماء بديار مِصْر، مُتفنِّنًا، مُصَنّفًا، مُعتَمَدًا في الفَتْوى، ووَلِيَ وكالةَ بيت المال بالكَرَك في الأيام الظّاهرية. وتُوفِّي وهو مُدَرِّس السَّيْفية والصَّيْرَمية بالقاهرة. ورَوَى "جزء ابن جَوْصا" عن الشَّيخ أبي العبّاس التِّلِمْسانيّ، سَمِعه منه بدمشق، ووَصلَ خَبَرُ موتِه إلى دمشقَ في ذي الحِجّة بعد العِيد، وصُلِّي عليه في أول السنة الآتية.
وأجازَ لنا جميعَ مالَهُ روايته.
ومولدُه في سنة إحدى وثلاثين وست مئة.
واختصرَ "المُحرّر" في الفِقه و"عُلوم الحديث"، و"المَحْصول" و"الأربعين" للرّازي، بعبارةٍ مُخْتصرةٍ واضحةٍ. رحمه الله تعالى.
ذو الحِجّة
3771 -
في ليلة الأربعاء الخامس من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الأجلُّ بَدْرُ الدِّين إبراهيمُ
(2)
بنُ عُمر بن غَنائم، المَعْروف بالصّابونِيِّ، السّاكنُ بدَرْب السِّلسلة، ودُفِنَ من الغد بباب الصَّغِير.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 219، وذيل العبر، ص 80، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 135، والوافي بالوفيات 21/ 453، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 339، والسلوك 2/ 499، والمقفى الكبير 7/ 39، والدرر الكامنة 4/ 120، وسلم الوصول 2/ 382، وشذرات الذهب 8/ 62.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ تاجرًا بسُوق الزِّيادة، ثم تركَ ذلك واشتغلَ بالتِّجارة قي الصّابون، وحَصَّل أملاكًا، وقاربَ الثَّمانين، وخَلَّف أولادًا.
• - وفي يوم الخَمِيس السّادس من ذي الحِجّة باشرَ ولاية البَرِّ بدمشقَ الأميرُ علاءُ الدِّين عليُّ بنُ محمود بن مَعْبَد البَعْلَبكيُّ، عِوَضًا عن الأمير شَرَف الدِّين عيسى ابن البرطاسيّ، وعادَ ابنُ البرطاسيّ إلى طَرابُلُس بعد العيد أميرًا هناك
(1)
.
• - وفي يوم عيد الأضحى وَصلَ إلى دمشقَ من القاهرةِ الأميرُ علاءُ الدِّين ابن صُبْح، وركبَ بسوق الخَيْل، وسَلَّم عليه الأمراءُ، وفَرِحَ له النّاسُ بخلاصه من السِّجْن وإطلاقه
(2)
.
3772 -
وفي ليلة الأحد السّادس عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ الفاضلُ العَدْلُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(3)
بنُ مُسَلَّم بن أحمد بن نَعْسان البُصْراويُّ الحَنَفيُّ، بالمَدْرسة الشِّبْلية ظاهر دمشق ودُفِنَ ضُحَى يوم الأحد بسَفْح قاسيون.
ومولدُه سنة أربع وأربعين وست مئة بالكُفَيْر من عَمَل بُصْرَى.
وكانَ فقيهًا فاضلًا، مُلازمًا للاشتغال والمُطالعة، وحجّ مرّات، ودَرَّس بالمَدْرسة الدِّماغية، وكان مواظبًا على الشَّهادة والتردُّد إلى القُضاة.
حَدَّثَ عن القاضي شَمْس الدِّين ابن عطاء بأحاديث من "المُسْنَد"، و"الغَيْلانيّات".
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 107.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 107.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 384، وفيه أحمد بن مسلم بن أحمد بن بعيثان!
قرأتُ عليه لابني مُحمد، رحمه الله، بطريق الحِجاز الشَّريف بالزَّرْقاء، وبوادي القُرى.
3773 -
وفي ليلة يوم عَرَفة تُوفِّيت الشَّيخة الصّالحة السَّيِّدةُ العالمةُ أمُّ زينب فاطمةُ
(1)
بنتُ عَبّاس بن أبي الفَتْح بن محمد البَغْداديةُ، بالحُسَيْنية ظاهر القاهرة، وكان لها يوم مَشْهود.
وكانت امرأةً جليلةً، عظيمةَ القَدْر، كثيرةَ العِلْم والعَمَل على طريقةٍ حَسَنة، مُجتهدة في العبادة، خَشِنةَ المَلْبس، ملازمةً لنفع النّاس، مواظبةً على الأمر بالمَعْروف والنَّهْي عن المُنْكَر، لا يأخذها في ذلك لومة لائم ولا عَذْل عاذل. انتفعَ بها النّاسُ بدمشق والقاهرة، وجميع أصحابها خَيِّرات صالحات.
• - وفي هذا الشَّهْر رُسِمَ لنائب السَّلْطنة وجميع عَسْكر دمشق بالتجهُّز إلى حَلَب، فشَرَع الجيشُ في التَّهيئ والتَّجَهّز وشَري الآلات وتَكْميل العُدَد، وإصلاح ما يُحتاج إلى إصلاح، وقَوِيت الحَرَكة، ووَصَلت الأخبار بخُروج ستّ تَقادم من الدِّيار المِصْرية.
• - ووَصلَ كتابُ السُّلطان - أعزَّ اللهُ أنصارَهُ - وقُرئ في السّابع والعِشْرين من ذي الحِجّة ومن مَضْمُونه أنّ الأمير سَيْف الدِّين نائبَ السَّلْطنة بدمشق يكون مُقدَّمًا على المِصْريِّين والشاميِّين، وأنّهم يُسْرعون في السَّفَر بحيث يَصِلُون إلى حَلَب في خامس المُحَرَّم
(2)
.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 80، وأعيان العصر 4/ 28، والبداية والنهاية 16/ 109، وحسن المحاضرة 1/ 390، وشذرات الذهب 8/ 63، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 714 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 126.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 107 - 108، والسلوك 2/ 498.
3774 -
وفي ليلة الأربعاء السّادس والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي فَخْرُ الدِّين أحمدُ
(1)
ابنُ الشُّجاع عبد الله ابن القاضي الصَّدْر الكبير عَلَم الدِّين أبي المَعالي قَيْصر بن أبي القاسم بن عبد الغَنِي بن مُسافر بن حَسّان السُّلَمِيُّ الحَنَفيُّ، ودَفِنَ من الغد بمَقبَرة أولاد الشَّيْرَجيّ بمقابر باب الصَّغِير.
وكانَ من أبناء سِتّين سنة، وأنفقَ نعمةً كثيرةً وماتَ أبوه شابًّا وهو طِفْل. وكانَ جدُّه عَلَم الدِّين يُعْرَف بتعاسِيف، ماتَ سنة تسع وأربعين وست مئة
(2)
.
• - وفي يوم الخَمِيس السابع والعِشْرين من ذي الحِجّة خُلِعَ على الصّاحب عزّ الدِّين ابن القَلانِسيِّ لاستمرارِه على نَظَر الخاص السُّلطانيّ، وعلى الصّاحب شَمْس الدِّين عبد الله وزير دمشق لتوليته الأوقاف المَنْصورية بدمشق، وعلى شِهاب الدِّين أحمد بن قُطَّيْنِه الزُّرَعيّ التّاجر لتوليته وكالة الخَواصّ السُّلْطانية.
3775 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ ناصرُ الدِّين أبو مُحمد مَنْصورُ
(3)
بنُ مُحمد بن كَثِير الدِّمشقيُّ، المَعْروف بالغانميِّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بالمُصَلّى ظاهر دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغِير.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي جده في سنة 649 هـ، وترجمته في المختصر في أخبار البشر 3/ 186، ونهاية الأرب 29/ 424، وتاريخ الإسلام 14/ 626، والجواهر المضية 1/ 415، والسلوك 1/ 476، وحسن المحاضرة 1/ 542، وسلم الوصول 3/ 32.
(2)
ترجمته في: صلة التكملة للحسيني 1/ 242، وتاريخ الإسلام 14/ 626، والطالع السعيد، ص 469، والوافي 24/ 304، وغيرها.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، صالحًا، اشتغَلَ على الشَّيخ تاج الدِّين وحَفِظَ "التنبيه"، وعَلَّق عنه من شرحه.
ومولدُه في سنة سَبْع وأربعين وست مئة.
وهو ابنُ أخت الشَّيخ شَمْس الدِّين بن غانم.
وسَمِعَ شيئًا على الشَّيخ تقيّ الدِّين ابن أبي اليُسْر، ولم يُحَدِّث.
3776 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّيت فاطمةُ
(1)
بنتُ يحيى والدة أقضى القُضاة نَجْم الدِّين الدِّمشقيِّ، نائبِ الحُكْم بدمشق، وصُلِّي عليها عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَت بمقابر باب الصَّغير.
وكانت امرأةً، صالحةً، بَلَغت من العُمُر ستًّا وثمانين سنة.
3777 -
وفي يوم الجُمُعة الثامن والعِشْرين من ذي الحِجّة صُلِّي بجامع دمشق على غائب، وهو الشَّيخُ الصَّدْرُ الكبيرُ العَدْلُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ محمود بن أبي الفَتْح، ابنُ الكُوَيك التَّكْريتيُّ.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، كثيرَ الخير ملازمًا للصَّلاة في الجماعات، صاحبَ برٍّ وصَدَقةٍ وسكِينةٍ ووقارٍ وعدالةٍ وأمانةٍ.
وكانت وفاتُه في ثامن عَشَر ذي القَعْدة بالإسكندرية.
• - وفي يوم السَّبْت التاسع والعِشْرين من ذي الحِجّة وَصلَ طائفةٌ كبيرةٌ من الجَيْش المِصْريُّ إلى دمشق متوجِّهين إلى البلاد الشَّمالية، والمُقَدَّم عليهم الأميرُ سَيْفُ الدِّين بكتَمُر المَعْروف بالبُوبَكْريِّ، وفيهم الأمير
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 253، والوافي بالوفيات 30/ 300، (ط. التراث)، والدرر الكامنة 6/ 3.
سَيْفُ الدِّين قُلِّي والأمير بَدْر الدِّين ابن الوَزِيريّ، والأمير سَيْف الدِّين قَجْليس، وابن الحاج طَيْبرس، وابن طُرُنْطاي، وابن سَلّار، وساطي، وغيرُهم، وكانوا ستة آلاف، سَلَّمَهُم الله تعالى
(1)
.
• - وفي يوم الثُّلاثاء رابع ذي الحِجّة وقعت حَرْب بين الأخَوَين حُمَيْضة وأبي الغَيْث ولَدَي أبي نُمَيّ بالقُرب من مكةَ، وانتصرَ حُمَيْضة، وجُرِحَ أبو الغَيْث، ثم ذُبِحَ بأمر أخيه.
وكانت جماعة أبى الغَيْث أكثر عَدَدًا، ولكن رُزِق حُمَيْضة النَّصْر واستقرَّ بمكّة
(2)
.
3778 -
وفي هذه السَّنة سنة أربع عَشْرة وسبع مئة تُوفِّي أبو الحَسَن عليُّ
(3)
بنُ طَرِيف بن زَكْري المَحَجِّي، المَعْروف بالكُتَيْلة، من أهل الصّالحية، وكانَ موتُه بحَلَب.
وَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ من جماعةٍ، وحجَّ معنا سنة عَشْر وسبع مئة.
3779 -
وفيها تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ الفقيهُ فَخْرُ الدِّين عثمانُ
(4)
، المَعْروف بابن البَزّاز، الإسكندريُّ، بها، في النِّصف الثاني من السَّنة.
وكانَ من أعيان الشّافعية، وقَدِمَ علينا دمشق في سنة فَتْح عَكّا، وأقامَ مدّة وحَضَرَ الدُّروس، وظهرت فضيلتُه وجودة بَحْثه.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 108، والسلوك 2/ 498.
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 74، ونهاية الأرب 32/ 209، وذيل العبر، ص 76، والسلوك 2/ 497.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 4/ 66.
(4)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 262، وتبصير المنتبه 1/ 414، وهو عثمان بن محمد بن علي الكتاني العسقلاني.
3780 -
وفيها، في أوائل السَّنة تُوفِّيت أمُّ أحمد زَيْنَبُ
(1)
بنتُ فَخْر الدِّين سُليمان ابن الخَطيب عمادِ الدِّين داود بن عُمر بن يوسُف، ابنُ خَطِيب بيت الآبار، وبَلَغني ذلك في شَهْر ربيع الآخر.
ومولدُها سنة أربع وثلاثين وست مئة تقريبًا.
وسَمِعتْ "جُزء ابن عَرَفة" على اليَلْدانيِّ، بقراءة جَدِّها حُضُورًا في الرّابعة من عُمُرها في جُمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وست مئة بجامع بيت الآبار؛ وقرأتُهُ عليها بقريةٍ تلتياثا عند ولدها ابن عيّاش.
3781 -
وفيها تُوفِّي الشَّيخُ أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ العَفِيف محمد ابن العَلَم أحمد بن كامل بن عُمر المقدسيُّ، المَعْروف بالطَّبّاخ بالقُدْس الشَّريف.
ومولدُه سنة تسع وثلاثين وست مئة تقريبًا أو سنة أربعين وست مئة.
وكانَ من أهل الصّالحية، وسَمِعَ بها من خطيب مَرْدا، ومحمد بن عبد الهادي، وإبراهيم بن خليل، وابنِ عبد الدّائم، وغيرِهم، وانتقلَ إلى القُدس وأقامَ به مدّةً إلى حين موته، وحَدَّث هناك.
قرأتُ عليه عدّة أجزاء.
3782 -
وفيها تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو زكريّا يحيى
(3)
بنُ عيسى بن مُحمد البالِويُّ، ثم الصّالحيُّ الخَيّاط، بحِمْص.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وأخوها المحدث داود توفي سنة 751 هـ، وترجمته في معجم شيوخ السبكي، ص 182، والدرر الكامنة 2/ 222.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي والده في سنة 663 هـ، وترجمته في تاريخ الإسلام 15/ 89.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
ومولدُه في سنة خَمْسين وست مئة تقريبًا ببلد بالِو
(1)
بقُرْب آمِد من ديار بكر.
وهو ابنُ أخي الشَّمْس البالِويّ إمام المُرْشِدية بالصّالحية.
وكانَ يحيى المَذْكور رَجُلًا جيِّدًا، حَسَنَ الشَّكْل، خيِّرًا.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، ذكرَ لي وفاتَهُ ابنُ المُحِبّ في نِصْف السَّنة.
3783 -
وفي ليلة الأحد سادس عَشَر ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ الأصيلُ المُسْنِدُ شمْسُ الدِّين أبو بكر أحمدُ
(2)
ابنُ الإمام مُحيي الدِّين محمد ابن الشَّيخ شَرَف الدِّين أبي طالب عبد الرَّحمن بن عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن الحَسَن، ابنُ العَجَميِّ، بحَلَب.
ومولدُه في ثاني جُمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وست مئة بحَلَب.
سَمِعَ من جدِّه، والحافظ يوسُف بن خليل، وابن رَوَاحة، والضياء صَقَر، وغيرِهم. وحَضَرَ على المُوفَّق يعيش النَّحْويّ. وكان مُكْثِرًا، اعتنَى به والدُه وأسمعَهُ، وهو من المُكْثرينَ عن ابن خليل.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، كثيرَ السُّكون، قليلَ الكلام، مواظبًا لمدرسةِ جَدِّه التي فيها قَبْره، وكان يَعْتَريه في بعض الأوقات غَفْلة وعُسْر في التَّسْميع، رحمه الله تعالى.
3784 -
وفي أواخر ذي الحِجّة تُوفِّي القاضي الصَّدْر الكَبير سَعْدُ الدِّين
(1)
قال ياقوت: "قلعة حصينة وبلدة من نواحي أرمينية بين أرزن الروم وخلاط"(معجم البلدان 1/ 330).
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 127 - 128، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 94، وأعيان العصر 1/ 344، والوافي بالوفيات 8/ 44، وذيل التقييد 1/ 387، والدرر الكامنة 1/ 321.
الحَسَن
(1)
ابن القاضي مَجْد الدِّين عبدِ الرَّحمن، ابنُ الأقْفَهسِيّ، بالقاهرة فُجاءةً.
وكانَ ناظر الخِزانة السُّلطانية بالدِّيار المِصْرية، وله مكانة عند السُّلطان والدَّولة، ويُعرَف بابن الأقفاصِيّ.
قَدِمَ علينا دمشقَ، وسَمِعَ بقراءتي شيئًا من الحَديث.
ووَلِيَ عِوَضه الصّاحبُ ضياء الدِّين النَّشائي، ووَلِيَ الصّاحبُ أمينُ المُلْك ناظر النُّظّار بالدِّيار المِصْرية.
3785 -
وفي يوم الجُمُعة سابع ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو الثَّناء محمودُ
(2)
ابنُ الرَّيِّس عبد الخالق بن مُحمد بن سَريّ بن أحمد بن أبي الوَحْش المِزِّيُّ، المَعْروف بابن رَيِّس المِزّة، بها، ويُلَقَّب بالنَّجْم، وبالشَّرَف أيضًا.
سَمِعَ عدّة أجزاء على خَطِيب مَرْدا بالمِزّة في رَجَب سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة، وهو في السَّنة الخامسة من عُمُره، وحَدَّث بالمِزّة وبالرَّملة أيضًا.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 219، وأعيان العصر 2/ 195، وفيه وفاته سنة 715 هـ، والدرر الكامنة 2/ 119، وفيه وفاته سنة 715 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه عبد الرحمن توفي سنة 721 هـ، وترجمته في معجم شيوخ الذهبي 1/ 363، والدرر الكامنة 3/ 118.
سنة خمس عَشْرة وسبع مئة
المُحَرَّم
• - في يوم الاثنين مُستَهلّ المُحَرَّم توجَّه من دمشقَ نائبُ السَّلْطنة الأميرُ سَيْفُ الدِّين تَنْكز وصُحْبتُه مَن تأخَّرَ من جَيْش دمشقَ قاصدين مدينة حَلَب
(1)
.
• - وفي السابع عَشَر من المُحَرَّم وَصلَ الخبرُ إلى دمشقَ أنّ العساكر وَصلَت إلى حَلَب في يوم الخَمِيس حادي عَشَر المُحَرَّم وتوجَّهت منها في يوم الأحد رابع عَشَرِه إلى عَيْن تاب، وأقامَ بها قاضي القُضاة نَجْم الدِّين ابن صَصْرَى وجماعة من المُتَعمِّمين، وتَوجَّه الجَيْش منها في السّادس عَشَر من الشَّهْر المَذْكور إلى بلاد الرُّوم إلى مدينة مَلَطْية
(2)
.
3786 -
وفي يوم الجُمُعة السّادس والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الصَّدْرُ الكبيرُ علاءُ الدِّين عليُّ
(3)
ابنُ الشَّيخ موفَّق الدِّين يحيى، ابنُ البارزيِّ، الحَمَويُّ، المَعْروف بابن الوليِّ، بحَماة، وصُلِّي عليه بالجامع النُّوريّ، ودُفِنَ بالتُّربة السَّيْفية.
• - وتعجَّلَ وصولُ الحاجّ في هذه السَّنة فوَصلَ منهم أكثرَ من ثلاثين راحلة إلى بُصْرَى في يوم الجُمُعة خامس المُحَرَّم، ووَصلَ منهم إلى دمشقَ الشَّيخُ علي البَعْلَبَكيُّ المؤذِّن فقيه مُهنّا في يوم السَّبْت، ثالث عَشَر المُحَرَّم، وتواصلَ النّاسُ قليلًا قليلًا إلى أن دخلَ الرَّكبُ والمَحْمَلُ السُّلطانيُّ، وأميرُ
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 220، والبداية والنهاية 16/ 109 - 110، والسلوك 2/ 501.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 220، والبداية والنهاية 16/ 110، والسلوك 2/ 501.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه عبد الرحمن توفي سنة 733 هـ، وترجمته في الدرر الكامنة 3/ 127.
الحاجّ الأمير شَمْس الدِّين سُنْقُر الإبراهيميّ في يوم السَّبْت السّابع والعِشْرين من المُحَرَّم.
• - وفي يوم الأحد الثامن والعِشْرين من المُحَرَّم كُسِفَت الشَّمْس، وصَلَّينا صلاةَ الكُسوف بجامع دمشق، وخطبَ الخطيبُ جلالُ الدِّين وحضرنا خُطبتَهُ.
• - وفي بُكْرة يوم الأحد الثامن والعِشْرين من المُحَرَّم وَصَلت الأخبارُ بأنَّ يَزَكَ المُسلمين كَسَرَ كشّافةَ التَّتار عند مَلَطْية، ثم حَصَروا البَلَد. ثم وَصلَ في آخر هذا اليوم إلى دمشق الأمير الكبير سَيْفُ الدِّين قَجْليس ومعه ناصرُ الدِّين دوادار نائبُ السَّلْطنة بدمشق وأخبرا بالوصول إلى مَلَطْية بُكْرة الأحد الحادي والعِشْرين من المُحرَّم ووجدا البَلَد قد حُصِّن وتهيّأ أهلُه للدَّفْع عنهم، فلما رأوا كَثْرة الجَيْش خرجَ إليهم متولّي البلد والقاضي ومَن معهما وطَلَبوا الأمان فأمّنوا المُسلمين، ودُخلَ البلد وقُتِلَ به من الأرمن خَلْق ومن النَّصارى، وأُسِرَ شيء كثير، وتعدّى ذلك إلى المُسلمين، وحَصلَ للنّاس مكاسب كثيرة، وخرب قطعة كبيرة من البَلَد، ورجعَ الجَيْش منها يوم الأربعاء الرابع والعِشْرين من الشَّهر إلى عَيْن تاب، ثم انتقلوا منها إلى مَرْج دابِق
(1)
.
وتَوجَّه الأميرُ سَيْفُ الدِّين وناصر الدِّين الدَّوادار من دمشقَ إلى القاهرةِ ليلة الاثنين التاسع والعِشْرين من المُحَرَّم، وحالَ وصولهما إلى دمشقَ زُيِّنت على جاري العادة، واستمرَّت الزِّينة أسبوعًا، ودُقَّت البشائر بقَلْعة دمشق، ثم عادا إلى دمشقَ من القاهرة في ثامن صَفَر وتوجّها إلى العَسْكر المَنْصور
(2)
.
3787 -
وفي العَشْر الأوسط من المُحَرَّم تُوفِّي السَّيِّدُ الشَّريف الإمام العلّامة
(1)
دابق: بكسر الباء الموحدة، وروي بفتحها أيضًا (معجم البلدان 2/ 416).
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 220 - 221، والبداية والنهاية 16/ 110، والسلوك 2/ 501 - 502.
الفاضل رُكنُ الدِّين أبو مُحمد الحَسَنُ
(1)
بنُ شَرَف شاه الحُسينيُّ الإستراباذيُّ بمدينة المَوْصل، ودُفِنَ عند مَشْهد الكَفّ، وحَضرَ جنازتَهُ عامّةُ النّاس.
وكانَ من الفُضلاء المَشْهورين من أصحاب النَّصِير الطُّوسيّ، وله مصنَّفات منها:"شَرْح أُصول ابن الحاجب" و"شَرْح مقدّمته في النَّحو"، وغير ذلك. وكان مدرِّسًا، وله إدرارات وحُرْمة وافرة، وبَلَغت جامكيّته في المَوْصل في كل يوم ستين دِرْهمًا، و"شَرح الحاوي الصَّغير" في الفقه شَرْحين، الثاني أجوَد من الأول.
3788 -
وفي الخامس والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي نورُ الدِّين عليٌّ
(2)
المِصْريُّ، أحد المؤذِّنين بجامع دمشق، وكانت وفاته بعين تاب، وعُمِلَ عزاؤه بجامع دمشق في حادي عَشَر صَفَر.
وكانَ صَيِّتًا مَشْهورًا.
صَفَر
3789 -
في يوم الاثنين السادس من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفقيهُ النَّحويُّ أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ عليّ بن يحيى بن عليّ الغَرْناطيُّ، بالمدينة الشَّريفة النبوية، على ساكنها أفضل الصَّلاة والسَّلام.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 136، وذيل العبر، ص 83، والوافي بالوفيات 12/ 54، وأعيان العصر 2/ 196، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 407، والسلوك 2/ 511 - 512، والدرر الكامنة 2/ 118، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 214، والنجوم الزاهرة 9/ 231، وبغية الوعاة 1/ 521 وسلم الوصول 2/ 36، وشذرات الذهب 8/ 87، وفيه وفاته سنة 718 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 604، والعقد الثمين 2/ 218، وغاية النهاية 2/ 212، والدرر الكامنة 5/ 353، والتحفة اللطيفة 2/ 548، وبغية الوعاة 1/ 193، وسلم الوصول 3/ 206، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 138.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا في أنواع من العِلْم، وجاورَ بمكّةَ والمدينة مدّة، وسَمِعَ بالمَغْرب "الموطأ" من أبي محمد بن هارون، وسَمِعَ بالحجاز من جماعة، وشرح "الجُمَل" للزَّجّاجي، وله نَظْمٌ كثيرٌ، من ذلك أكثر من ألفَي بيت في المديح النبويّ.
ومولدُه في سنة إحدى وسبعين وست مئة بأحواز غَرْناطة.
كتبتُ عنه من نَظْمه وسمعتُ بقراءته.
3790 -
وفي يوم الأربعاء التاسع صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الأصيلُ مُحيي الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ الشَّيخ العَدْل الكبير فَخْر الدِّين أبي الثَّناء محمود بنِ عبد اللطيف بنِ مُحمد بن سيما بن عامر بن إبراهيم بن سالم السُّلَمِيُّ الدِّمشقيُّ، بقرية البلاط من غُوطة دمشق، ودُفِنَ يوم الخَمِيس بمقابر باب الصَّغير ظاهر دمشق.
ومولدُه ليلة الخَمِيس ثامن عَشَر شَعْبان سنة إحدى وثلاثين وست مئة بمحلّة القصّاعين بدمشق.
أُحضِرَ على والده وهو في السنة الثالثة من عُمُره، وسَمِعَ بنفسه وهو كبير من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليُسْر، وجماعة. وأجازَ له من دمشق أبو نَصْر ابن الشِّيرازيّ، والإرْبِليُّ، ومُكْرَم، وابن المُقَيَّر، وكريمة، ومن ديار مصر أبو الخطّاب ابن دِحْية، وأبو القاسم ابنُ الصَّفْراويِّ، ومُرتَضَى بن حاتم، وجماعة. وكانَ رَجُلًا صالحًا، متعفِّفًا، مُنقطعًا عن النّاس، وخالطَ الفُقراء، وكانَ كثيرَ الخُشوع والرقّة.
وهو من بَيْت العدالة والأمانة؛ وَلِيَ أبوه الحِسْبة بدمشق، وماتَ وهو صغير، وكانت وفاتُه في شَوّال سنة أربع وثلاثين وست مئة، رحمهما الله تعالى.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 83، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 54، والدرر الكامنة 4/ 150، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
3791 -
وفي ليلة السَّبْت الثاني عَشَر من صَفَر تُوفِّي الصَّدْرُ الكبيرُ الأصيلُ العَدْلُ الرِّضي شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ العَدْل جمالِ الدِّين أبي الفَضْل مُحمد بن أبي الفَتْح نَصْر الله بن المظفَّر بن أسعد بن حَمْزة بن أسد بن عليّ بن مُحمد التَّمِيميُّ الدِّمشقيُّ، ابنُ القَلانسيِّ، بداره بدمشق، ودُفِنَ من الغد بسَفْح قاسيون بمقبَرة بني صَصْرَى، بالقُرب من المدرسة الرُّكنية.
ومولدُه في السابع والعِشْرين من شَعْبان سنة ستّ وأربعين وست مئة بدمشق.
سَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من الرَّضِيّ ابن البُرْهان، ورَوَى منه
(2)
أربعين حديثًا. وله إجازة عُثمان ابن خطيب القَرَافة، وعبد الله ابن الخُشُوعي، وجماعة.
وكانَ من أعيان دمشق وأكابرها، وباشرَ وكالة السُّلطان مدّةً، وكانت حُرمتُه وافرة وأخلاقُه حَسنة، وشَهدَ في القِيْمة مدّةً مع الأكابر ثم تركها.
• - وفي أول صَفَر وَصلَ النائبُ بمَلَطية إلى دمشق وتَوجَّه إلى القاهرة
(3)
.
• - ووَصلَ في وَسَط الشَّهْر قاضيها الشَّريف شَمْس الدِّين ومعه جماعة، وأقاموا بدمشق
(4)
.
• - ووَصلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين قَجْليس بجَمْع من الأسرى في يوم السَّبت السّادس والعِشْرين من الشَّهْر، ونُودِي في هذا الشَّهْر بدمشق: إنّ من
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 231، والبداية والنهاية 16/ 112، والسلوك 2/ 512، وفيه وفاته في شهر محرم، والدرر الكامنة 5/ 512.
(2)
يعني: روى من صحيح مسلم أربعين حديثًا.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 221، والبداية والنهاية 16/ 110، والسلوك 2/ 502.
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 221، والبداية والنهاية 16/ 110، والسلوك 2/ 502.
أخفَى أحدًا من المُسلمين الواصلين من مَلَطْية من امرأةٍ أو صبيٍّ أو طفلٍ صغير حلّ ماله ودمه، وغلّظ في ذلك استدراكًا لما فَرَط
(1)
.
3792 -
وفي يوم السَّبْت الثاني عَشَر من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ عبدُ الله
(2)
بنُ إبراهيم بن سالم، ابنُ البَغْداديّ، بالقاهرة، بمسجده داخل باب الزهومة، ودُفِنَ من الغد خارج باب النَّصْر بمقبَرة الصُّوفية، وقد بلغ ثمانين سنة.
وسَمِعَ كثيرًا من الشُّيوخ مع الشَّيخ جمال الدِّين ابن الظّاهريِّ.
3793 -
وفي يوم الجُمُعة الثامن عَشَر من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ ناصر الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(3)
ابنُ شَيْخنا العَدْل كمال الدِّين عبد الوَهّاب ابن القاضي مُحيي الدِّين حَمْزة بن محمد بن الحُسين بن حمزة البَهْرانيُّ الحَمَويُّ، بحماة، ودُفِنَ بالباب الغربيّ.
ومولدُه في رَجَب سنة خمسٍ وأربعين وست مئة بحماة.
وكانَ له مسجدٌ وقراءة، وَيجْلسُ مع الشُّهود ببلده، وحضرَ جُزءًا لطيفًا وهو في أول سنة من عُمُره على والدة جدِّه صفيّة بنت عبد الوهّاب القُرشية. وحَدَّثَ بالجُزء مرّاتٍ بحماة ودمشق، سمعتُهُ منه بهما، وهو من حديث أبي بَكْر بن زياد النَّيْسابوريّ، وكان قَدِمَ دمشقَ في سنة سبع وسبع مئة، وسمع منه جماعة من الطلبة. وكان جدُّه قاضيًا بحَمَاة، وهو من بيتٍ مَشْهور.
3794 -
وفي ليلة الأحد العِشْرين من صَفَر تُوفِّي الحاجّ الأمينُ الصّالحُ إبراهيمُ
(4)
بنُ عُمر بن المهذَّب الواسطيُّ، التّاجرُ السَّفّار، ببستانٍ بجَوْبر، ودُفِنَ يوم الأحد بسَفْح قاسيون بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 221.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 7.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 695، والدرر الكامنة 3/ 502.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَعْروفًا بالأمانة والدِّيانة، ومُلازمة الجامع، وحُضور الجماعات. سافرَ في التِّجارة، وطَلَب الكَسْب في البلاد البعيدة، ودخل بلاد الخطا، ورأى هلاوو ملكَ التَّتار بسمرقند وهو قاصدٌ أخْذَ بَغْداد. ومولدُه بالمَوْصل، وأُسِر من حَلَب ولم يبلغ الثَّمانين.
3795 -
وفي يوم الأربعاء الثالث والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي القاضي الإمامُ الفقيهُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
بنُ مُحمد بن أبي الفَضْل الجَعْبَريُّ الشافعيُّ، بزُرَع، ودُفِنَ هناك في اليوم المَذْكور، وكان قاضيًا بها.
ووَلِيَ قَبْلها عدّة بلاد من عَمَل دمشق، مثل بُصْرَى، والمَجْدَل، وكَرْك نُوح، وغير ذلك، وأقامَ مدّةً بدمشق وأفتَى بها، وحجّ، ودخلَ اليَمَن واجتمع بصاحبها.
3796 -
وفي ليلة الثُّلاثاء التاسع والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ مُفتي المُسلمين صفيُّ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ عبد الرَّحيم بن مُحمد الأُرْمَويُّ، ثم الهِنْديُّ، الشّافعيُّ، بمنزله بالمَدْرسة الظّاهرية بدمشق، ودُفِنَ يوم الثُّلاثاء بمقابر الصُّوفية.
ومولدُه في ليلة الجُمُعة ثالث ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وست مئة.
نقلتُه من خَطّه. وذكرَ لي أنه وُلد بالهند. وكانَ له جدٌّ لأمِّه فاضل من أهل العلم هو شيخه، قرأ عليه وماتَ سنة ستين وست مئة، وخرجَ من
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 713 هـ.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 232، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 137، وذيل العبر، ص 83، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 216، وأعيان العصر 4/ 501، والوافي بالوفيات 3/ 239، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 162، والبداية والنهاية 16/ 113، والسلوك 2/ 512، والدرر الكامنة 5/ 262، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 227، والدارس 1/ 97، وشذرات الذهب 8/ 68.
دَهْلي البلد المَشْهور بالهند في رجب سنة سبع وستين وست مئة. ودخلَ اليَمَن، وأكرمه الملك المُظفَّر، وأعطاهُ أربع مئة دينار، وحجّ، وأقامَ بمكةَ نحوًا من ثلاثة أشهر، ثم ركبَ البَحْر ودخلَ الدِّيار المِصْرية في سنة سبعين وست مئة وأقامَ بها أربع سنين، ثم سافرَ إلى الرُّوم على طريق أنطالية، وأقامَ بها إحدى عَشْرة سنة، منها خمسة بقُونية، وخمسة بسِيواس، وسنة بقَيْسارية، ودرَّس بقُونية، وسِيواس، واجتمعَ بالقاضي سراج الدِّين وأكرَمَهُ، وقال: لي في الرُّوم ثلاثين سنة ما رأيتُ مثله. وخرجَ من الرُّوم في سنة خمسٍ وثمانين وست مئة، وقَدِمَ دمشق وأقام بها واستوطنها، وعقد حلقة الأشْغال بالجامع المَعْمور، وقرأ عليه أعيانُ الطلبة وفُضَلاء المُشْتغلين.
وصَنّف في الأصول والكلام عدّة مصنَّفات: ودَرَّس بدمشق بالدَّوْلَعية والرَّواحية والأتابكية والظّاهرية، وكانَ مقصودًا بالاستفتاء، ويَكْتبُ كثيرًا في الفتاوى. وفيه عبادةٌ وديانةٌ ومودّةٌ وحُسْنُ تعهُّد لمعارفه وأصحابه وكان يُفطر عنده في شهر رمضان نحو عَشَرة من الفُقراء الضُّعفاء، ووقف كُتُبه وجعلَ مَقَرَّها بدار الحَديث الأشرفية، رحمه الله تعالى.
3797 -
وفي صُبْح نهار الاثنين الحادي والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ الفاضلُ مُفتي المُسلمين ذو الفَضائل شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ أبي القاسم بن جَمِيل الرَّبَعيُّ التونِسيُّ المالكيُّ، بالقاهرة بحارة البَرْقية، ودُفِنَ من يومه بالقَرَافة.
ومولدُه في سنة تسع وثلاثين وست مئة.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 231، وذيل العبر، ص 84، وأعيان العصر 5/ 70، والسلوك 2/ 511، والدرر الكامنة 5/ 410، وطبقات المفسرين للداوودي 2/ 232، وشذرات الذهب 8/ 69. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 138.
سمِعَ بدمشقَ في سنة ثلاثٍ وسبعين وبعدها مع ابن جَعْوان، والحارثيِّ، وغيرهما، وحَدَّثَ. وكانَ من الفُضلاء المَشْهورين، ووَلِيَ القضاءَ بالإسكندرية مدّة.
3798 -
وفي صَفَر تُوفِّي الصَّدْرُ الكبيرُ أصيلُ الدِّين وَلَدُ الشَّيخ نَصِير الدِّين مُحمد
(1)
بن مُحمد الطُّوسي، ببغدادَ، ودُفِنَ عند والده بمَشْهد موسى والجَوَاد، رضي الله عنهما.
وكانَ ناظرَ الأوقاف ومُنَجِّمًا عند ملك التَّتار، وله حُرْمة وجامكية وافرة.
ربيع الأول
3799 -
في يوم الجُمُعة الثاني من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي القاضي الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضلُ نَجْمُ الدِّين أبو الفِداء إسحاقُ
(2)
ابنُ القاضي مَجْد الدِّين إسماعيل بن أبي القاسم بن الحَسَن بن أبي القاسم المِقْداديُّ الكِنْديُّ الرَّحَبِيُّ، بمدينة دمشق، ودُفِنَ بعد العَصْر بمقابر باب الصَّغير.
ومولدُه في خامس ربيع الأول سنة إحدى وخَمْسين وست مئة بالرَّحْبة.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا، صالحًا، وَلِيَ قضاء الرَّحْبة سبعًا وثلاثين سنة، ووليه أيضًا والدُه وجدُّه، وقَدِمَ إلى دمشق للاشتغال سنة أربع وستين، فأقامَ مدّةً، ولازمَ الشَّيخ تاج الدِّين الفَزَاريَّ، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وغيرِهما.
وكانَ مَشْكورَ السِّيرة في ولايته، يحبُّه أهلُ بَلَده ومَن يقدم إليه من الأُمراء والجُنْد والتُّجار والفُقراء وغيرِهم، ويُثْنون عليه، ولما قَدِمَ إلى دمشق
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 541، والنجوم الزاهرة 9/ 232، وسلم الوصول 5/ 367، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 165، وأعيان العصر 1/ 484، والدرر الكامنة 1/ 423، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
قبل موتِه بسنة وأشهُر وَلِيَ بها نيابةَ الخطابة بجامع دمشق، وخَطَبَ في العيدين، وسُرَّ النّاسُ بإمامته لصلاحه وعِفّته وانقطاعه.
ورَوَى الحَديث بالرَّحْبة ودمشق.
3800 -
وفي يوم الأحد رابع شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ العَدْلُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ رَمَضان بن عبد الله بن يوسُف الآمديُّ الحَنَفيُّ، ودُفِنَ من الغد بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، أحد الشُّهود بمَسْجد البَياطرة، بدمشق، وكانَ مَشْكور السِّيرة، قليلَ الكلام، كثيرَ السُّكون، وكان مُقرئًا بالرِّباط النّاصريّ، وسَمِعَ فيه من ابن أبي الخَيْر.
وكانَ والده من المُرتَّبين بالرِّباط المَذْكور، وسَمِعتُ منه.
• - وفي بُكْرة يوم الجُمُعة السادس عَشَر من شَهْر ربيع الأول وَصلَ إلى دمشق نائب السَّلْطنة الأميرُ سَيْفُ الدِّين تَنْكز - أعزّه الله تعالى - ومعه الجيوشُ الشامية والمِصْرية من غَزْوة مَلَطْية، وخرجَ النّاسُ لتَلَقِّيهم، وأقامَ المِصْريّون قليلًا وتوجَّهوا إلى القاهرة المَحْروسة
(2)
.
3801 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثالث عَشَر شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئ شَمْسُ الدِّين أبو إبراهيم مُحمدُ
(3)
بنُ إبراهيم بن يوسُف بن فارس المَعَرِّيُّ، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُقْرئًا، صالحًا، وُلِدَ بالمَعَرّة، وحُمِلَ منها إلى دمشق سنة أخْذ هلاوو لها وعُمُره خمسُ سنين، وحجَّ اثنتي عَشْرة حجّة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ربيع الأول سنة 695 هـ.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 221، والبداية والنهاية 16/ 110.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وسَمِعَ معي بالكَرَك، وكان إمامَ مسجد دَرْب العَدَس إلى أن مات.
3802 -
وفي السّابع عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي بالمَعَرّة الأميرُ الكبيرُ صارمُ الدِّين عُثمانُ
(1)
بنُ إسماعيل بن عُثمان، المَعْروف بحاجب صَفَد، ودُفِنَ بها وهو راجع من أخذ مَلَطْية.
عاشَ ثمانيًا وخَمْسين سنة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورَ السِّيرة، عُيِّن لشدّ دمشق، وكانَ يَسْكن بدَرْب الفَرّاش، وخَلَّف أولادًا وذرِّيّة.
وكانَ جدُّه من مماليك الدَّوادار الرُّوميّ الظّاهريّ.
3803 -
وفي يوم الاثنين التاسع عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي مُحمدُ
(2)
بنُ علاءِ الدِّين عليّ بن عُمر بن نَصْر الله ابن أخت شمْس الدِّين ابن أفتكين.
وكانَ رفيقُنا في الحجِّ سنة ثمانٍ وثمانين وست مئة، وهو صَبِيٌّ. وسَمِعَ بقراءتي بالحِجاز الشَّريف.
• - وفي يوم الاثنين التاسع عَشَر من شَهْر ربيع الأول وَصلَ إلينا الخبرُ بدمشق بمسك الأمير سَيْف الدِّين بكتَمُر الحاجب، والأمير علاء الدِّين أيدُغْدي شُقَيْر، والأمير سَيْف الدِّين بهادُر المُعِزِّي، وأمير آخر يُعرف بالخازن، وأنَّ ذلك كان يوم الخَمِيس مُستهلّ هذا الشَّهْر لأمر اتفقوا عليه من الخُروج على السُّلْطان، واحتيط بدمشق على موجود الحاجب، وأيدُغْدي شُقَيْر في الثامن والعِشْرين من ربيع الأول، وظَهرَ للحاجب أموال ومتاجر وأعشاب وأمتِعة
(3)
.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 215، والدرر الكامنة 3/ 247.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 222، والبداية والنهاية 16/ 110، والسلوك 2/ 502.
3804 -
وفي يوم الأربعاء الثامن والعِشْرين من ربيع الأول تُوفِّيت والدة المُحدِّث فَخْر الدِّين المُقاتليِّ
(1)
بظاهر دمشق، وصُلِّي عليها بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَت بمقابر باب الفَراديس.
3805 -
وفي يوم الخَمِيس التاسع والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ العَدْل مُعين الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ جمالِ الدِّين مُحمد بن مُحمد بن الجُنَيد الآمديُّ، فُجاءةً بدمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، وهو في عَشْر الستِّين.
وكانَ جَلَسَ مع الشُّهود ثم تَركَ ذلك وتوكَّلَ للأمراء، ودخلَ في أمور الدُّنيا.
ربيع الآخر
3806 -
في يوم الجُمُعة مُستهلّ شهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ المُقرئُ العَدلُ صَدْرُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحيم
(3)
ابنُ الشَّيخ بهاءِ الدِّين عبد الله بن الحَسَن بن مَحْبوب، ودُفِنَ يوم السَّبْت بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورًا، مواظبًا على التِّلاوة، يشهدُ قُبالة المَدْرسة المِسْمارية.
وجاوزَ الخَمْسين، وسَمِعَ على جماعةٍ مع إخوتِه.
3807 -
وفي عَشِيّة الاثنين الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ تقيُّ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(4)
ابنُ الشَّيخ عمادِ الدِّين عُثمان بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
كذلك.
حَسَن بن ناصر الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بابن السَّكاكينيِّ، ودُفِنَ ضُحى يوم الثُّلاثاء بمَقبَرة باب الصَّغير.
ومولدُه في سنة سَبْع وستين وست مئة بدمشق.
وكان رَجُلًا جيِّدًا من رفاقنا بالمدارس ودارِ الحديث، وسَمِعَ كثيرًا على الشُّيوخ وكانَ له اعتناءٌ بذلك، وبيننا وبينه صُحْبة متأكّدة، ومُجالسةٌ كثيرة، رحمه الله تعالى. ولما دخلَ القاهرة في الجَفْل سَمِعَ من الأبَرْقُوهيِّ، وحَدَّث عنه بدمشق بـ "مجلس رِزْق الله التَّميميّ".
3808 -
وفي الخامس من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ زَيْنُ الدِّين عبد الحقّ
(1)
بنُ فِتْيان بن عبد المجيد بن أحمد بن عبد الله القُرشيُّ، ودُفِنَ بسَفْح المُقَطَّم.
ومولدُه بمِصْرَ في سنة خمس وأربعين وست مئة.
وكانَ عَدْلًا صُوفيًّا بخانقاه سعيد السُّعداء، سَمِعَ من الحافظ رشيد الدِّين العَطار، والرَّضيّ ابن البُرهان، وحَدَّث.
• - وفي يوم الخَمِيس الرابع عَشَر من شَهْر ربيع الآخر وَصلَ الأميرُ سيفُ الدِّين قَجْليس إلى دمشق، وسافرَ منها ورجعَ بُكْرة الاثنين الثامن عَشَر منه، ومعه الأمير سَيْف الدِّين تَمُر السّاقيُّ نائبُ السُّلطان بطرابُلُس فمُسِكَ بدمشق هو والأمير سَيْف الدِّين بهادُر آص في اليوم المَذْكور، وسافَرَا ليلة الثُّلاثاء تاسع عَشَرِه، ومع كل واحدٍ منهما من يَحْفظه ويخدمه. وحُمِلَ الأمير سَيْف الدِّين تَمُر إلى القاهرة، والأمير سَيْف الدِّين بهادُر آص إلى الكَرَك، وتألّم
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وحفيده محمد بن محمد بن عبد الحق توفي سنة 743 هـ، وترجمته في المعجم المختص، ص 258، ومعجم شيوخ السبكي، ص 447.
النّاس للأمير سيْف الدِّين بهادُر آص كثيرًا، وبَكُوا عليه، وأكثروا من الدُّعاء له، وضاقَت الصُّدُور بسببِه، وظهر ذلك في البَلَد
(1)
.
• - وفي يوم السَّبْت السادس عَشَر من ربيع الأول وَصلَ من القاهرة إلى دمشقَ رجل ميِّت مُسمَّر على جَمَل، ونُودي عليه: هذا جزاء من يتكلَّم فيما لا يَعْنيه، ونحو ذلك. وقيل: إنه النَّجمُ أيوب بنُ أحمد ابن النَّجْم شيخ حِطِّين كان جدّه، وإنه كان سبب الفِتْنة التي أوجبت مَسْك الحاجب وأيدُغدي شُقَير ومن معهما.
3809 -
وفي يوم الاثنين الثامن عَشَر من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس
(2)
الحُساميُّ المَنْصوريُّ، ويُعرَف بالمَجْنون بحِمْص.
وكانَ من مُقَدَّمي الحَلْقة بدمشق ومن أعيان الجُنْد، وسكنه بالزلّاقة داخل باب الصَّغير.
3810 -
وفي يوم الأربعاء العِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الحاجُّ عُثمانُ
(3)
بنُ مكّي شيخُ قرية زَمَلُكا، ودُفِنَ يوم الخَمِيسن وحضرَهُ جَماعةٌ.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْهورًا بقريته، مقبولَ القول في الشَّهادة، رحمه الله تعالى.
• - وفي يوم الخَمِيس الحادي والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر وَصلَ الصَّدْرُ الكبيرُ عزّ الدِّين ابن مُيَسَّر إلى دمشق متولِّيًا الحِسْبة ونظرَ الأوقاف، وخُلِعَ عليه بطَرْحةٍ، وباشرَ المَنْصبين، وانصرفَ بَدْرُ الدِّين ابن الحدّاد من الحِسْبة، وبهاء الدِّين الحَنَفي من نَظَر الأوقاف
(4)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 224، والبداية والنهاية 16/ 111، والسلوك 2/ 502.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 76، والدرر الكامنة 2/ 50.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
3811 -
وفي يوم الاثنين الخامس والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّيت المرأةُ الصّالحةُ عائشةُ
(1)
بنتُ عبد القاهر بن يحيى ابن قاضي بالِس، ودُفِنَت يوم الثُّلاثاء بمقابر باب الصَّغير.
وهي والدةُ الفقيه علاء الدِّين ابن قاضي بالِس الحَنَفيّ.
• - وفي يوم الثُّلاثاء السّادس والعِشْرين من ربيع الآخر وَصلَ إلى دمشقَ بقيّة عَسْكرها المجرَّدين بحَلَب.
• - وذكرَ بعضُهم أنّهُ بعد رحيل العَسْكر من مَلَطْية بثلاثة أيام حَضرَ إليها أهل كَرْكَر والكَحتين
(2)
، وكانَ طلعَ من المغائر من اختبَى من الأرْمَن وغيرهم، فاحتاطوا بها، وقتلوا من الأرمن نحو ثلاث مئة، وأسرُوا نحو مئة، وبعثوا منهم إلى حَلَب ستين نَفْسًا، وسَيَّروا خُمُس السُّلطان، وغَنِموا غلالًا كثيرة.
وبعدَ ذلك حضرَ جوبان إلى مَلَطية وآمن من بقي فيها وسدّ أبوابها وهي سبعة، وتركَ واحدًا منها للخُروج إلى البَساتين، وأمرَ مَن فيها بالعمارة، وجرَّد بها ألفَي فارس من التَّتار وهي في إقطاعه أطلقها له خَرْبَندا في سنة أربع عَشْرة، ووَلَّى فيها من جهته شَخْصًا كرديًّا، فأساءَ المُعاملة مع أهلها، فحملهم ذلك على مُكاتبة السُّلطان، وأحَبُّوا أن يكونُوا من رَعِيّته، وأُسِرَ الكُرْديّ النّائب المُشار إليه، ثم إنه هَرَب ولحِقَ بجوبان.
وقيل: إنّ بعد ذلك كُلّه حَصلَ بمَلَطْية نقصٌ كثيرٌ في الزَّرْع والثِّمار بسبب الجَراد
(3)
.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
(2)
هكذا في النسخة، والمحفوظ أن الموضع يسمى "الكحتا" وهي قلعة، وينسب إليه الكحتاوي، كما في مسالك الأبصار 3/ 537، ونيل الأمل في ذيل الدول لابن شاهين الظاهري 5/ 175.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 221.
جُمادى الأولى
3812 -
في يوم الاثنين ثاني جُمادى الأولى تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ أحمدَ بنِ عبد الغني ابن العَلّانيِّ الحَرّانيُّ الحَنبليُّ، ودُفِنَ من يومه بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ فقيهًا فاضلًا، صالحًا، مُواظبًا على الاشتِغال والقِيام بالأولاد والعِيال مع الفَقْر وقِلّة الأسباب. جاوز الخَمْسين.
3813 -
وفي يوم الأحد مُستهلّ جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ عبدُ الله
(2)
ابنُ الشَّيخ مُسَيَّب ابن الشَّيخ عليّ الحَرِيريُّ، ودُفِنَ يوم الاثنين بمقابر الصُّوفية، رحمه الله.
3814 -
وفي ليلة الأحد ثامن جُمادى الأولى تُوفِّي الصَّدْرُ الفاضلُ الفقيهُ عزُّ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ أقضَى القُضاة شَمْس الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ شَرَف الدِّين مُحمد بن أبي العزّ بن صالح الحَنَفيُّ، ودُفِنَ يوم الأحد بسَفْح جَبَل قاسيون بالقُرب من المَدْرسة المعظَّمية.
وكان شابًّا حَسَنًا، وأصيبَ به والدُه، آجَرُه الله فيه، وكانَ قد تأهّل للمَناصب وخَطَبَ عن والده ونابَ عنه في مُباشرة نَظَر المَدْرسة الظاهرية وغير ذلك.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه أحمد توفي سنة 745 هـ، وترجمته في المعجم المختص، ص 34، وذيل طبقات الحنابلة 5/ 127، والمقصد الأرشد 1/ 178، وشذرات الذهب 8/ 247.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه توفي سنة 722 هـ، وترجمته في الجواهر المضية 2/ 122، والدرر الكامنة 5/ 517، وشذرات 8/ 106، وأخوه علي توفي سنة 746 هـ، وترجمته في ذيل العبر، ص 215، والدرر الكامنة 4/ 141.
3815 -
وفي عاشر جُمادى الأولى تُوفِّي عزيزُ الدِّين محمدُ
(1)
بنُ عبد العزيز بن عبد الرَّحيم ابن القاضي عزيز الدِّين مُحمد بن أبي الكَرَم السِّنْجاريُّ الحَنَفيُّ بحَلَب.
وكانَ من نُظّار أوقاف ابن عُصْرُون، وأقامَ بدمشق مدّةً، ثم انتقلَ إلى حَلَب وسكنَها إلى حينِ وفاته. وكانَ شَهِدَ على الحُكّام، وفيه رياسةٌ ومعرفةٌ.
• - وفي يوم الخَمِيس الثاني عَشَر من جُمادى الأولى وَصلَ إلى دمشقَ من الدِّيار المِصْرية الأميرُ الكبيرُ سَيْف الدِّين كَسْتاي بن عبد الله المَلَكيُّ الناصريُّ، وأقامَ أيامًا وتوجَّه طرابُلُس متولِّيًا نيابةَ السَّلْطنة بها عِوَضًا عن تَمُر السّاقي
(2)
.
3816 -
وفي الخامس عَشَر من جُمادى الأولى أو السّادس عَشَر منه تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالِمُ الفقيهُ المُقرئُ النَّحويُّ جمالُ الدِّين أبو الفِداء إسماعيلُ
(3)
بنُ مُحمد بن إسماعيل بن سَعْد الله الحَمَويُّ الحَنَفيُّ، المَعْروف بابن الفُقّاعيِّ، بحَمَاة.
وكانَ شيخًا فاضلًا، مُتَفَنِّنًا، عارفًا بالقراءات، خَبِيرًا بالتَّجْويد، حَسَنَ الأداء، مع المَعْرفة بالفقه والنَّحو والأدب، وله نَظْمٌ جيِّدٌ، وعندهُ فضيلةٌ تامّة. وكان مدرِّسًا بمَدْرسة الطَّواشي بحَمَاة.
ومولدُه في شَهْر رَجَب سنة اثنتين وأربعين وست مئة.
ووَلِيَ المَدْرسةَ المَذْكورة بعده قاضي القُضاة ناصرِ الدِّين الحَنَفيّ ابن العَدِيم الحاكمُ بحَمَاة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 224، والبداية والنهاية 16/ 111، والسلوك 2/ 502.
(3)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 752، وأعيان العصر 1/ 526، وغاية النهاية 1/ 167، والدرر الكامنة 1/ 449، وبغية الوعاة 1/ 454، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 401.
• - وفي جُمادى الأولى حُصِرَ مَشْهد الحُسين، رضي الله عنه، بكربلاء بسبب النِّزاع الواقع بين النَّقيبين ابن أبي الفائز، وابن حُسَيْنك في أمر النَّقابة، فإنَّ كلًّا منهما يريد الاستقلال بها، وكانَ حَصَلَ بينهما قتالٌ في السَّنة الماضية، وقُتِلَ بينهما من أهل المَشهد من الطائفتين نحو أربع مئة نَفَر، وعندَ ذلك تَوجَّه ابن أبي الفائز إلى خَرْبَندا سُلْطان العراق وشَكَى حالَهُ إليه وبَذَل أموالًا جَمّة، فقووه بنحو ألف وخَمْس مئة فارس، فرجعَ بهم إلى المَشْهد في هذا الشَّهْر، وحاصرَ ابن حُسَيْنك وأصحابَهُ، وتشعَّث البَلَد وانتقلَ بعضُ أهلِه عنه بسبب هذه الفتنة، واستمرَّ الحصارُ مدّةً.
نقلتُ ذلك من خَطِّ عزِّ الدِّين حَسَن الإرْبِليّ.
• - وفي يوم الأربعاء تاسع عَشَر جُمادى الأولى وَصلَ إلى القاهرةِ رسولُ صاحب اليَمَن وصُحْبته هدايا وتُحَف كثيرة
(1)
.
• - وفي ليلة الاثنين الثالث والعِشْرين من جُمادى الأولى وقعَ حريقٌ داخل باب الصَّغير بدمشق احترقت فيه حوانيت ودُورٌ، وهلكَ فيها أموال وأمتعةٌ. وذلك قبالة مسجد الشِّنْباشِي
(2)
.
3817 -
وفي يوم الأحد الثاني والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ عليُّ
(3)
ابنُ الشَّيخ عليّ بنِ أبي الحَسَن بن مَنْصور الحريريُّ، بقرية بُسْر
(4)
من عمل زُرَع، ودُفِنَ يوم الاثنين بها عند والده، ووَصلَ خبرُه
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 224.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 465، والوافي بالوفيات 21/ 346، والبداية والنهاية 16/ 114، والدرر الكامنة 4/ 104، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
(4)
معجم البلدان 1/ 420، وتوضيح المشتبه 1/ 503.
إلى دمشق، وصُلِّي عليه بجامعها يوم الجُمُعة السّابع والعِشْرين من جُمادى الأولى المَذْكور.
وكانَ شيخًا مَشْهورًا، مُكَرَّمًا عندَ النّاس وله حُرمة عند الدَّولة، وجاوزَ السَّبعين.
ومولدُه في سنة ثلاثٍ وأربعين وست مئة.
وتُوفِّي والده في رَمَضان سنة خمسٍ وأربعين وست مئة
(1)
، وهو طفلٌ صغير.
3818 -
وفي جُمادى الأولى تُوفِّي القاضي الإمامُ العلّامةُ كمالُ الدِّين مُوسى
(2)
بنُ بهاء الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ كمال الدِّين مُوسى ابن الشَّيخ رَضِيّ الدِّين يونُس المَوْصليُّ، الحاكم بالمَوْصل. وكانت وفاتُه بالمدينة السُّلطانية، كان تَوجَّه إليها في مُهمٍّ له، فأدركَهُ أجلُهُ هناك ووَلِيَ قضاءَ المَوْصل بعده ولدُه.
جُمادى الآخرة
• - وفي أول جُمادى الآخرة وَلِيَ القاضي الشَّريف شَمْسُ الدِّين قاضي مَلَطْية تَدْريس المَدْرسة الخاتونية ظاهر دمشق، ودَرَّس بها في يوم الأربعاء السادس عَشَر من الشَّهْر المَذْكور، وحَضرَ عندهُ قاضِي القُضاة وأعيانُ المُدَرِّسين بمَرْسوم نائب السَّلْطنة
(3)
.
(1)
ترجمته في: ذيل الروضتين، ص 180، وتاريخ الإسلام 14/ 520، والعبر 5/ 185، وسير أعلام النبلاء 23/ 224، وفيه مصادر ترجمته الأخرى، وهو كبير الصوفية البطلة الحريرية، قال الإمام الذهبي: قرأت بخط السيف الحافظ: "كان الحريري من أفتن شيء وأضره على الإسلام، تظهر منه الزندقة والاستهزاء بالشرع"(السير 23/ 225).
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 485، والدرر الكامنة 6/ 146، وفيه الإربلي وذكرهُ الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
وهو رَجلٌ جيِّد عندهُ فضيلةٌ وحُسْن خُلُق.
ومولدُه في سنة تسع وخَمْسين وست مئة.
وخَطَب بمَلَطْية وهو صبيٌّ دون البُلُوغ، ووَلِيَ قضاءَها مع الخطابة نحو عِشْرين سنة.
3819 -
وفي يوم الجُمُعة رابع جُمادى الآخرة تُوفِّي جمال الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ شَيْخنا الشَّيخ نَجْم الدِّين عبد الله ابن الشَّيخ الإمام جمالِ الدِّين سُليمان بن عبد الكريم المُقرئ الدِّمشقيُّ الأنصاريُّ، بقَرْية المِزّة، ودُفِنَ هناك.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، جَلَسَ شاهدًا بمَسْجد البَياطرة مدّةً، ثم تركَ ذلك.
ومولدُه في سنة اثنتين وستين وست مئة.
• - وفي يوم الجُمُعة رابع جُمادى الآخرة أُعيد القاضي بَدْر الدِّين ابن الحدّاد إلى الحِسْبة بدمشق وانفصلَ منها الصّاحبُ عزُّ الدِّين ابن مُيَسَّر، واستمرَّ في نَظَر الأوقاف خاصّة
(2)
.
3820 -
وفي يوم الأحد سادس جُمادى الآخرة تُوفِّي الحكيمُ الفاضلُ بهاءُ الدِّين عبدُ السَّيِّد
(3)
ابنُ المُهذَّب إسحاق بن يحيى الطبيب الكَحّال، ودُفِنَ من يومه بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، أسلمَ وحَسُن إسلامُهُ، وتَعَلَّم القُرآن، وجالسَ العُلماء. وكان قبل ذلك دَيّان اليَهُود ومن أعيانهم.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي جده سُليمان في سنة 642 هـ، وترجمته في تاريخ الإسلام 14/ 410، وذكر الذهبي أخاه عليًا في مواليد سنة 678 هـ، في تاريخ الإسلام 15/ 370، وتقدمت ترجمة أخته فاطمة في وفيات ربيع الآخر سنة 708 هـ.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 65، والبداية والنهاية 16/ 114، والدرر الكامنة 3/ 162، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
3821 -
وفي ليلة الأربعاء تاسع جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين أبو المَفاخر أحمدُ
(1)
ابنُ تاج الدِّين عبد الله بن شَرَف الدِّين أحمد ابن القاضي شَرَف الدِّين أبي طالب عبد الله بن زَيْن القُضاة أبي بكر عبد الرَّحمن ابن القاضي أبي المَكارم سُلْطان ابن قاضي القُضاة زكيّ الدِّين أبي المُفَضَّل يحيى بن عليّ بن عبد العزيز القُرشيُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروفُ بالقاضي شُقَيْر، بمَسْجده بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ من الغد بتُربة والده وأقاربه بالجَبَل.
وكانَ شيخًا مَشْهورًا بين الفُقراء.
مولدُه في رَمَضان سنة ثلاثين وست مئة بدمشق.
رَوَى عن ابن مَسْلَمة، والمُرْسيّ، وتاج الدِّين القُرْطُبيِّ، وأمين الدِّين عبد المُحسن الحَلَبيِّ الكاتب، والمُعَظَّم ابن صلاح الدِّين، واليَلْدانيِّ، وجماعةٍ. وله إجازةُ ابن القُبّيْطيِّ، وابنِ الخازن، وابن النّخّال، وابن النَّجار المؤرِّخ، وغيرِهم.
• - وفي يوم الأربعاء تاسع جُمادى الآخرة ذكرَ الدَّرْس قاضي القُضاة نَجْمُ الدِّين ابن صَصْرَى الشّافعيُّ بالمَدْرسة الأتابكية، بسَفْح قاسيون، عِوَضًا عن الشَّيخ صَفِيّ الدِّين الهِنْديّ
(2)
.
• - وفي يوم الأربعاء سادس عَشَر جُمادى الآخِرة ذكرَ الدَّرْس الشَّيخ كمالُ الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ بالمَدْرسة الظاهرية بدمشق، عِوَضًا عن الشَّيخ صَفيِّ الدِّين الهِنْديّ
(3)
.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 48، وأعيان العصر 1/ 330، والوافي بالوفيات 7/ 138، والدرر الكامنة 1/ 209، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء ص 139.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
3822 -
وفي يوم الجُمُعة ثامن عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ أبي الفَتْح الدِّمشقيُّ، المَعْروف بالنّاسخ نقيبُ وكيل بيت المال، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ موته فُجاءةً، وكان مَشْهورًا بعَمَل الشِّعْر، مدحَ الأكابر.
3823 -
وفي جُمادى الآخِرة تُوفِّي الحُسام التُّركمانيُّ
(2)
المُنَجِّم تحت القَلْعة ظاهر دمشق.
وكانَ له شُهْرة، وعنده جرأة فيما يقوله.
3824 -
وفي ليلة الأحد العِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ عُمر بن محمود البابيُّ الحَلَبيُّ، المَعْروفُ بابن جَحْفَل، الشّافعيُّ، معيدُ المَدْرسة الباذرائية، وكانت وفاتُه بها، ودُفِنَ من الغد بمقابر الصُّوفية، وقد بلغ السَّبعين أو قارَبَها.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وفَقِيهًا فاضلًا، وعنده مَعْرفةٌ بالنَّحو، وفيه سكونٌ كثيرٌ وانقطاعٌ وملازمةٌ لبيتِه.
3825 -
وفي يوم الأحد العِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي التاج عبدُ الرَّحمن ابنُ الشيخ بَدْرِ الدِّين موسى
(4)
بن أبي الفَضْل بن عُمر الناسخ ابن المَنادِيليّ.
وكانَ شيخًا جاوزَ السَّبْعين، ونسخَ كثيرًا، ووقعت له واقعة أوجبت قَطْعَ يده، فصارَ بعد ذلك يَنْسخ بالشِّمال كتابةً جيِّدة، وبَقِيَ على ذلك مدّةَ سنين، ولم يكن له سَبَبٌ غير النَّسخ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 679، والدرر الكامنة 5/ 373.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 47، والدرر الكامنة 3/ 141.
ووجدتُ سماعَهُ بعد موتِه على العَفِيف مُحمد بن زَكَريّا بن رَحْمة لمشيختِه في سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة.
• - وفي يوم الأحد العِشْرين من جُمادى الآخِرة وَصلَ الأميرُ الكبيرُ بَدْرُ الدِّين ابنُ الوزيريِّ من القاهرة إلى دمشق مُقيمًا بها أحد الأُمراء.
3826 -
وفي يوم الخَمِيس الرابع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ علاءُ الدِّين ابن وَدَاعة
(1)
ناظر تُرْبة عمِّه بالصّالحية.
3827 -
وفي يوم الاثنين رابع عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي عزُّ الدِّين عبدُ العزيز
(2)
ابنُ الشَّيخ ضياءِ الدِّين خليل بن عليّ بن أحمد بن مُحمد بن عليّ بن جَمِيل المعافريُّ المالِقيُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ هناك.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وكان أبوه شيخًا صالحًا، مَشْهورًا بالخَيْر، إمامًا بالمُرْشِديّة.
3828 -
وفي يوم الثُّلاثاء خامس عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ زَيْنِ الدِّين مُحمد بنِ عبد السَّلام بن هارون الفَرّاء.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا مُلازمًا للخَيْر.
3829 -
وفي يوم الأحد السابع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّريفُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(4)
ابنُ شَيْخِنا الشَّريف العَدْل نظام الدِّين مُحمد ابنِ الشَّريف كمال الدِّين المُسَلَّم بن عبد الوَهّاب بن مناقِب بن أحمد الحُسَينيُّ المُنْقِذِيُّ، ودُفِنَ من يومِه بظاهر دمشق بين باب الجابية وباب الصَّغير عند مسجد الذبّان.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في رمضان سنة 691 هـ.
وكانَ قد أضرَّ مدّةَ سنين، ووَلِيَ خَزْن المُصْحف الكَرِيم بمَشْهد عليّ، رضي الله عنه، بالجامع إلى حين موته.
سَمِعَ من خطيب مَرْدا، والفقيه مُحمد اليُونينيّ، وجَدِّ والدي الشَّيخ عَلَم الدِّين القاسم بن أحمد الأندلسيّ، وغيرهم.
3830 -
وفي بُكْرة الثُّلاثاء التاسع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الأميرُ الأجلُّ ناصحُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(1)
ابنُ الأمير شهابِ الدِّين إسماعيلَ ابن الأمير بهاءِ الدِّين عليّ بن ألب قش الإرْبِليُّ، ثم الدِّمشقيُّ، ودُفِنَ ظُهْر الثُّلاثاء بسَفْح قاسيون.
وكانَ شيخًا كبيرًا قاربَ الثمانين أو جاوزَها، وكان يُعْرف بابن العالِمة، فإنَّهُ سِبط العالمة بنت ابن الحَنْبليّ.
رَوَى لنا عن الأمير ركن الدِّين ابن قَرَاطاي الإرْبلِيّ، وجماعة.
رَجَب
• - في يوم الجُمُعة الثاني من رَجَب خَطَب بجامع دمشق الشَّيخُ الفقيه زكيُّ الدِّين زَكْرِي بن يوسُف الشّافعيُّ نيابةً عن الخَطيب جلال الدِّين.
• - وفي يوم الخَمِيس الثامن من رَجَب أُخْرجَ المَحْمَل السُّلطانيّ من القَلْعة وداروا به حَوْل البَلَد، وخرجَ النّاسُ معه، وشَرعَ النّاسُ في التَّهيئ للحجّ، وعُيِّن للإمرة الأمير سَيْف الدِّين طقتَمُر الموساويُّ.
3831 -
وفي يوم السَّبْت السابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ الفاضلُ الصّالحُ زَيْنُ الدِّين أبو زكريّا يحيى
(2)
بنُ سُلَيْمان بن مَرْوان بن عليّ بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 369.
سَحاب ابن البَعْلَبكيِّ، ببُستانِه بظاهر دمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الأحد بالجامع المُظَفَّريّ بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ عند والدِه بالقُرْب من المَدْرسة الرُّكنية شَرْقيّ الصّالحية.
وكانَ قاربَ الستِّين.
وهو فقيهٌ فاضلٌ، صالحٌ، نَزِهُ النَّفْس، متورِّعٌ، كثيرُ الانقطاع والتخلِّي، مواظبٌ على الاشتغال، عنده وسواس في الطَّهارة.
وسَمِعَ من ابن أبي اليُسْر، ورَوَى لنا عنه.
3832 -
وفي يوم الاثنين التاسع عَشَر من رَجَب تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ عزُّ الدِّين الحُسينُ
(1)
بنُ عُمر بن مُحمد بن صَبْرة، بطرابُلُس، ودُفِنَ هناك، وجاوزَ السَّبعين، وقيل إنّه بَلَغ الثَّمانين.
وكانَ من أمراء دمشق ووَلِيَ حاجبًا بها مدةً، وفي آخر عُمُره نُقل إلى طرابُلُس وجُعل أميرًا بها وضَعُف إقطاعه وكثُر دَيْنه، وأدركَهُ أجَلُه هناك، وكان من أرباب البيوت وذوي المُروءات.
3833 -
وفي ليلة السَّبْت الرابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ حُسينُ
(2)
بنُ سَرْحان بن نَعْسان الحُبْراصِيُّ الدَّلوزيُّ الحَنْبليُّ، بسَفْح قاسيون، وصلَّينا عليه ظُهْر السَّبْت بالجامع المُظَفَّري، ودُفِنَ هناك.
وكانَ فقيهًا صالحًا، مُبارَكًا، صاحبَ عيال ومُكابدةٍ للفَقْر.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 232، وفيه عمرو، وأعيان العصر 2/ 281، والسلوك 2/ 512، والدرر الكامنة 2/ 181، وفيه عمرو، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وهو منسوب إلى "حبراص" مدينة بالشام، نسب إليها بعض العلماء، كما في وفيات ابن رافع 2/ 134، وذيل التقييد 2/ 9، والدرر الكامنة 6/ 25، والنجوم الزاهرة 11/ 12. أما نسبته "الدلوزي" فلم نقف عليها.
3834 -
وفي ليلة الأربعاء الثامن والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ زَيْنُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ فارس الحَرَستانيُّ بقية حَرَسْتا، ودُفِنَ من الغد هناك.
وكانَ مُشْرِفًا على المَساجد البَرّانية، وله مكانةٌ وحُرْمةٌ في قَرْيته.
• - وفي أواخر رَجَب أُخرج من السِّجْن بالقاهرة الأمير جَمَال الدِّين آقش نائبُ الكَرَك ونائبُ دمشق وجُعل أميرًا بالدِّيار المِصْرية
(2)
.
شَعْبان
• - في الثاني من شَعْبان تَوجَّه من القاهرة إلى الحِجاز الشَّرِيف الأميرُ السَّيِّدُ أسدُ الدِّين أبو عُرادة رُمَيْثَة ابن الأمير الشَّريف نَجْم الدِّين أبي نُمَيّ مُحمد ابن الأمير بهاء الدِّين أبي سَعْد الحَسَن بن عليّ الحَسَنيُّ، ومعه جماعة من الجُنْد والعَرَب نحو الثلاث مئة، وجماعة من الحُجّاج من أهل القاهرة، ومن المَغاربة وغيرُهم، ومنهم أمينُ الدِّين مُحمد ابن الواني، وفَخْر الدِّين عبد الرَّحمن ابن البَعْلَبكّيِّ، ووَصلُوا إلى مكّة في نِصف رَمَضان
(3)
.
3835 -
وفي العَشْر الأول من شَعْبان تُوفِّي مَجْدُ الدِّين سَنْجَر
(4)
الطبيب غلامُ ابن الصَّبّاغ، ببغدادَ.
وكانَ طبيبًا فاضِلًا، برعَ في صِناعته صناعة الطِّبِّ، وتقدَّم فيها وفي كتابة الدَّواوين ونَظَرها. وَلِيَ نظرَ المَدْرسة النِّظامية وغيرها وحَصَّل أموالًا جمّة، وكانَ لا يمشي إلى المَرِيض إلّا بأُجرةٍ وافرة نحو ستة دَراهم أو أكثر.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 225، والبداية والنهاية 16/ 111.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 225.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 472، والدرر الكامنة 2/ 320.
• - وفي أوائل شَعْبان تَوَجَّه جَيْشٌ من حَلَب عدّته نحو خمسة آلاف، ومُقَدّمهم الأميرُ ناصرُ الدِّين ابن العَيْنتابيّ إلى حِصار قَلْعة عَرقْنيّة
(1)
، وهي قَلْعة من أعمال آمِد، فلما وَصلَ إليها الجَيْش تسلَّمها من غير حَرْب، وقتل أهلها، ومُسِكَ أخو مَنْدو وقُطِعَ رأسُهُ وسُلِخَ وعُلِّق على القَلْعة. وأغارَ الجيش على عدّة ضياع أكراد وأرمن فكَسَب وغَزَى. ورجعَ سالمًا إلى حَلَب في أوائل شَهْر رَمَضان. ووَصلَ المقدّم ناصرُ الدِّين المَذْكور إلى حَلَب في نصف رَمَضان.
وكانَ المَقْصود من هذه الغارة أن يُمْسَك مَنْدو من هذه القَلْعة فلم يوجد هناك، وأن يملكوا قَلْعة جَرْمَك وهي قريبة من خَرْتَ بِرْت ومن كَرْكَر بمواطأةٍ من نائبها فلم يوافقهم على ذلك.
وبَلَغَنا أنّ التخميس الذي حَصلَ للسُّلطان من هذه الغارة من الغنم خاصة أربعة آلاف رأس
(2)
، ومن الجَوَاري خمس
(3)
وعِشْرون جارية.
نقلتُ ذلك من خطّ عزّ الدِّين حَسَن الإرْبليّ
(4)
.
3836 -
وفي يوم الثُّلاثاء خامس شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(5)
بنُ عبد المُنعم بن عبد الرَّحمن بن عبد الواحد الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن الخبّاز، وصُلِّي عليه بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
(1)
هكذا في النسخة مجودة، وفي نهاية الأرب:"قلعة أرفقين"، ولم نقف عليهما في كتب البلدان والتواريخ.
(2)
في نهاية الأرب: "خمسة آلاف".
(3)
في الأصل: "خمسة".
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 226.
(5)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، أمَّ بمَسْجد طُوغان بالفُسْقار
(1)
نحو أربعين سنة، وانتقلَ عنه في أواخر عُمُره إلى إمامة مَسْجدٍ آخر. وكان بيده حَلْقة مُصَدَّرة وأسباع يقرأ فيها، وحَجَّ غير مرّة.
وسَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من ابن عبد الدّائم بقراءة ابن فَرْح، وسَمِعَ من جماعةٍ من الشُّيوخ مثل ابن أبي اليُسْر، وابن النُّشْبي، وشهاب الدِّين أبي شامة.
وجاوزَ السَّبعين. سألتُه عن مولدِه فقال: أذكُر دخولَ النّاصر من حَلَب إلى دمشقَ وأنا صَغِير.
3837 -
وفي ليلة الأربعاء السّادس من شَعْبان تُوفِّي الحاجُّ عبدُ الله
(2)
لؤلؤ الفَرّاش بالتُّربة الظاهرية، عتيق القاضي ابن خَلِّكان، ودُفِنَ من الغد بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا قائمًا على عِياله وأولادِه، وأقام بالظّاهرية سنين كثيرة.
3838 -
وفي العَشْر الأول من شَعْبان تُوفِّي الأميرُ زَيْنُ الدِّين ابن رَمْداش
(3)
أحد الأمراء بدمشق.
3839 -
وفي العَشْر الأول من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخ أبو الحَسَن عليُّ
(4)
بنُ بَيَان بن عُمر بن أحمد الصّالحيُّ بالقُدس الشَّريف، وجاوزَ السَّبعين.
رَوَى لنا عن خطيب مَرْدا. وكانَ يتعيّش بجَيْرون بحمل الشّواء ويبيعُ الكُبُود والغُدَد. ومنشؤهُ ومَرْباه بالصّالحية، وكان أبوه شَوّاءٌ بها.
3840 -
وفي يوم الاثنين رابع شَعْبان تُوفِّيت ابنة الشَّيْخ فَخْر الدِّين
(1)
مسجد ابن طوغان بالفسقار حذاء درب القصاعين يصعد إليه بدرج، كما في الدارس 2/ 233.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
(4)
كذلك.
موسى الحَنَفيِّ
(1)
زوجة الصّاحب شهاب الدِّين الحَنَفيِّ، أمُّ أولاده، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون.
3841 -
وفي يوم الجُمُعة ثامن شَعْبان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ بَدْرُ الدِّين موسى
(2)
ابن سَيْف الدِّين أبي بكر بن مُحمد الأزْكَشيُّ، بداره بمَيْدان الحَصَا ظاهرَ دمشق، ودُفِنَ عند القُبَيْبات، وحَضَرَ الجنازة نائبُ السَّلْطنة وجماعة.
وهو الذي كانَ نائب السَّلْطنة بثغر الرَّحْبة لما حَصَرها التَّتارُ في سنة اثنتي عشرة وسَبْع مئة، وشُكِرَت سيرتُه.
شهر رَمَضان
3842 -
في ليلة السَّبْت الثامن من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ بُرهان الدِّين إبراهيمُ
(3)
بنُ إسماعيل بن الحاجب سالم الحَمَويُّ البَيَانيُّ، ودُفِنَ من الغد بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ شَيْخًا من أهل القُرآن، وأصابته رَعْشة وضَعُف في آخر عُمُره، وسَمِعَ الحديثَ من جماعةٍ من شيوخِنا ونَحْوهم، ولم يُحدِّث.
3843 -
وفي يوم الجُمُعة الرابع عَشَر من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الفقيهُ الإمامُ شهابُ الدِّين أحمدُ
(4)
بنُ حُسَين بن عبد الرَّحمن القُوصيُّ الشّافعيُّ، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ فَقِيهًا، فاضِلًا، خَيِّرًا، اشتغلَ وحَصَّل وتَنَبّه، وسَمِعَ الحديثَ، وكان مَشْكور السِّيرة.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 232، وأعيان العصر 5/ 476، والسلوك 2/ 512، والدرر الكامنة 6/ 149، والنجوم الزاهرة 9/ 232.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
ترجمته في: السلوك 2/ 511.
3844 -
وفي يوم السَّبْت مُنْتصف شَهْر رَمَضان تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ بُرهان الدِّين إبراهيمُ
(1)
بن محمد المِصْريُّ، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ شابًّا لم يُكْمل الثُّلاثين، وذكرَ أنَّهُ حفظ "الوَسِيط" وأنه عرضَ نحو النِّصْف منه، وحفظ في آخر عُمُره "الأربعين" للرّازي، وكانَ كثير التَّكرار، مُلازمًا للنَّسْخ والاستنساخ، وأقامَ بالمَدْرسة الظّاهرية بدمشق مدّة.
• - وفي أول رَمَضان قَدِمَ إلى بغدادَ قراسُنْقُر المَنْصوريّ ومعه زوجتُه الخاتون بنت أبغا ملكُ التَّتار، فأقامَ ببغداد ثلاثة أشهر ونِصْف إلى أواخر السَّنة، وانصرفَ إلى خدمةِ خَرْبَندا، وكانت عَزِيمته أن يغار على أطرافِ البلاد، فلم يُؤذَن له في ذلك ووَثَب عليه رجلٌ من الفِداوية في ذي القَعْدة، فلم يَصِل إليه، وقُتلَ الفِداويُّ
(2)
.
• - ولمّا بلغَ الأمير حُمَيضة بن أبي نُمَيّ وُصولُ العَسْكر مع أخيه وأنهم قاربوا مكة نزحَ قبلَ وصولهم بستة أيام وأخذَ المال النَّقْد والبَزّ وهو مئة حِمْل، وأحرقَ الباقي في الحِصْن الذي له بالجديد
(3)
، وبينَ مكّة وبينه ثلاثة أيام، وقَطَع ألفَي نَخْلة. وكان مَرضَ قبل ذلك في شَعْبان وتغيَّر سمعُه، وحضرَ إلى البيت الحَرام وتابَ، وذُكِرَ عنه أنه ما يتعرَّض لأذَى المُجاورين ولكن للتُّجّار وغيرهم.
وكانَ وصول العَسْكر إلى مكّة يوم السَّبْت مُنْتصف رَمَضان وأقاموا بها ثلاثة عَشَر يومًا، ثم تَوَجَّهوا إلى الخُلَيف
(4)
، وهو حِصْن بينه وبين مكّة ستة أيام، والتجأ حُمَيضة إلى صاحِبِه، وصاهرَهُ لعلّه يَحْتَمِي به، فواقَعَ العَسْكر حُمَيْضة
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 112.
(3)
معجم البلدان 2/ 115.
(4)
معجم البلدان 2/ 387.
وصاحب الحِصْن المَذْكور، وأخذَ جميع أموال حُمَيْضة وخزانته، ونُهِبَ الحِصْن وأُحرق، وأُسِرَ ولدُ حُمَيْضة ابن اثنتي عَشْرة سنة، وسُلِّم إلى عمِّه رُمَيْثة.
ثم رجعَ الجَيْش إلى مكّة فوصلوها في الخامس والعِشْرين من ذي القَعْدة واستقرُّوا إلى أن حَضَروا المَوْقف وحَجّوا، ورَجَعُوا مع المِصْريِّين. واستقرَّ الأميرُ رُمَيْثة بمكّةَ، ونَجَا أخوه حُمَيْضة بنفسه ولحِقَ بالعراق
(1)
.
كتبَ إليّ بذلك أمينُ الدِّين الواني.
• - وفي يوم الأربعاء السادس والعِشْرين من شَهْر رَمَضان ذكرَ الدَّرسَ بالمَدْرسة العادلية الصَّغيرة الفقيهُ الإمامُ فَخْرُ الدِّين مُحمدُ بنُ عليّ المِصْريُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بابن كاتب قُطْلُوبك بمُقتَضى نزول مُدَرِّسها الشَّيخ الإمام العلّامة كمال الدِّين ابن الزَّمَلُكانيّ له عنها، وحضرَ ذلك الشَّيخُ كمالُ الدِّين المَذْكور، وقاضِي القُضاة الشّافعيّ، وقاضِي القُضاة الحَنَفيُّ، والخَطيب، وجماعة
(2)
.
• - وفي شهْر رَمَضان كَمُلَت عِمارة القَيْساريّة المُلَقَّبة بالدَّهْشة والسُّوق المُجاور لها جوار اللبّادين والوَرّاقين، وسَكنَ في ذلك التُّجار، وحَصَلَ بذلك زيادة كثيرة في وَقْف الجامع المَعْمور بحُسْن نَظَر الصّاحب شَمْس الدِّين وهِمّته ومُباشرته
(3)
.
3845 -
وفي شَهْر رَمَضان كُتب محضرٌ في رجلٍ يُعرف بأحمد
(4)
الدَّوسيِّ الأقباعيّ، وشُهِدَ عليه فيه بأمور عَظِيمة من تَرْكَ الواجبات، واستحلال
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 225.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 111.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 112.
(4)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 226، وفيه في ثالث شوال، وذيل العبر، ص 82، والبداية والنهاية 16/ 112، وفيه الزويني، وشذرات الذهب 8/ 65.
المُحَرَّمات، والتهاون بالشَّريعة، والغَضّ من مَنْصب النُّبُوّة، ورُفِعَ أمره إلى القاضي المالكيّ، وثبت ذلك عنده، وأُعذِرَ إليه، فلم يأت بدافع، فحَكَم بإراقة دَمِه وإنْ أسْلَم، فاعتُقل أيامًا. ثم رَسَم نائبُ السَّلْطنة بتنفيذ حُكْم الشَّرْع فيه، فأُخرِجَ إلى ظاهر البَلَد وضُربت رقبته وأراحَ الله تعالى من شَرِّه وكُفْره وتَجَرّيه. وكان قَتْله في ثامن شَوّال.
• - وفي أواخر رَمَضان وَصلَ قَفَلٌ من المَوْصل وأخبرَ بعضُ التجّار أنّ الأفرم حصلَ له فالج شديدٌ وهو مقيمٌ بهَمَذان أطلقه له خَرْبَندا ملكُ التَّتار.
شَوّال
3846 -
في بُكْرة يوم الاثنين مُسْتهلّ شَوّال يوم عيد الفطر تُوفِّي الصَّدْرُ الرئيسُ الأصيلُ العَدْلُ الرَّضيُّ نظامُ الدِّين أبو عليّ الحَسَنُ
(1)
ابنُ الصَّدْر مؤيَّد الدِّين أبي المَعالي أسْعَد ابن الصَّدْر عزّ الدِّين أبي غالب المُظَفَّر ابن الصَّدْر الوزير مؤيَّد الدِّين أبي المَعالي أسعَد ابن الشَّيخ الرَّئيس أبي يَعْلَى حَمْزة بن أسد بن عليّ بن مُحمد التَّميميُّ، ابنُ القلانسيِّ، ببُستانِه بأرض مَقْرَى من غُوطة دمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ عند والده بتُربتهم بالقُرب من التُّربة السَّرْكَسِية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مشكورَ السِّيرة، له ما يَكْفيه وهو منقطعٌ عن النّاس.
سَمِعَ حُضورًا من الرَّضِيّ ابن البُرْهان، وسَمِعَ من ابن أبي اليُسْر، وجماعة، وحَدَّث.
ومولدُهُ في أوائل سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة بدمشق.
(1)
ترجمته في: الوافي بالوفيات 11/ 404، والمنهل الصافي 5/ 68، وذكره الذهبي فيمن توفي في سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
3847 -
وفي ليلة الخَمِيس رابع شَوّال تُوفِّيت المرأةُ الصّالحةُ الأصيلةُ الكبيرةُ أمُّ مُحمد ستُّ الوزراء
(1)
ابنةُ الشَّيخ العَدْل الصَّدْر الرَّئيس تاج الدِّين أبي المُفَضَّل يحيى بن مَجْد الدِّين أبي المَعالي مُحمد ابن شَمْس الدِّين أبي العبّاس أحمد ابن الشَّيخ المُسنِد الكبير أبي يَعْلى حَمْزة بن عليّ بن هبة الله، ابنُ الحُبُوبيّ، الثَّعْلبيِّ الشّافعيِّ، بدارها بدمشق، وصُلِّي عليها ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَت بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربة حَموها عليّ الصَّيْرفيّ بالقُرب من التُّربة الحِلّية.
وكانت امرأةً صالحةً مباركةً، حجَّت وأعتقت ولازمت الخَيْر وأهلَهُ، وغَلَبت عليها السَّوداء في آخر عُمُرها فتغيَّر ذِهْنها نحو سنة، وماتت على ذِكْرٍ وخَيْر وحُضور وتيقُّظ.
ومولدُها في الخامس والعِشْرين من شَوّال سنة تسع وثلاثين وست مئة بدمشق.
ولها إجازةٌ من الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاويِّ، والحافظ ضياء الدِّين المَقْدسيِّ، وعزِّ الدِّين ابن عَساكر النَّسّابة، والضِّياء عَتِيق السَّلْمانيِّ، وتاج الدِّين القُرْطُبيِّ، وسالم بن عبد الرَّزاق خَطِيب عَقْرَبا، وأخيه الجمال يحيى، والعِزّ أحمد بن رِيش، والصَّفيّ عُمر ابن البراذعيّ، والرَّشِيد بن مَسْلَمة، والسَّديد بن عَلّان، وغيرهم.
وحدَّثَت قديمًا، قرأ عليها ابنُ خالها الإمام المُحدِّث شَمْس الدِّين ابن جَعْوان، وسَمِعَ منها الطلبة. وهي من بيت العَدالة والرِّواية.
وكانَ ولدُها من أعيان أهل دمشق ورؤسائهم، وَلِيَ نَظَر الحِسْبة بها، ووكالة بَيْت المال، وكان مَشْكورَ السِّيْرة، حَسَنَ الهيئة، مَهِيبًا، رحمهما الله تعالى.
(1)
ترجمتها في: أعيان العصر 2/ 401، والدرر الكامنة 2/ 263، وشذرات الذهب 8/ 65.
3848 -
وفي ليلة السَّبْت سادس شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو أحمد داودُ
(1)
بنُ يحيى بن داود الدِّمشقيُّ الفقير الحَرِيريُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير، وحضرَهُ جماعة، وكان يومًا مطيرًا.
ومولدُه في سنة ستٍّ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكانَ يَذْكر أنه سَمِعَ على ابن المُقَيَّر بالقاهرة، ولم يُوجد ذلك، وإنّما رَوَى عن الرَّشيد الحافظ، والشَّيخ عزّ الدِّين ابن عبد السَّلام، والكمال الضَّرير صِهْر الشّاطبيّ، وسَمِعَ من غيرِهم أيضًا.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَنَ الأخلاق، متودِّدًا، متواضعًا، يَحْفظ شيئًا من حكايات الفُقراء، وكان يُعرَف بين الفُقراء الحريرية بالدَّشْت.
وسألتُه عن ذلك فقال: شَبَّهونِي بالشَّيخ محمود الدَّشْتِيّ في زراءة المَلْبس والعَفاشة
(2)
.
• - وفي يوم الاثنين الثامن من شوّال خَرجَ المَحْمَل السُّلطانيُّ والسَّبيل، وأميرُ الحاجّ الأمير سَيْفُ الدِّين طقتَمُر السِّلَحْدار المُوسَاويُّ، والرَّكْب المُبارك إلى الحِجاز الشَّريف.
وكانَ رَكْبًا كبيرًا فيه جَمْعٌ كبير من الغُرباء. ومِمَّن حجَّ في هذه السَّنة: قاضي القُضاة زَيْنُ الدِّين قاضي حَلَب، والقاضي ناصرُ الدِّين ابن العَديم قاضي حَمَاة، وشَمْس الدِّين ابن القاضي شَرَف الدِّين ابن البارِزي قاضي حَمَاة، وصلاح الدِّين ابن المُغَيْزِل خَطيب حَمَاة، وشَمْسُ الدِّين قاضي مارِدين، وشَمْسُ الدِّين قاضي مَلَطْية، وهو قاضي الرَّكْب، وتقيُّ الدِّين ابن الفاضليّ،
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 239، وذكره الذهبي في وفيات سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
(2)
العفاشة من الناس: من لا خير فيهم (المعجم الوسيط 2/ 611).
وبُرْهانُ الدِّين المؤذِّن، وعفيفُ الدِّين ابن مَرْزوق، ومُحيي الدِّين كاتب مَلِك الأمراءِ، وصِهْره فَخْرُ الدِّين المِصْريُّ
(1)
.
3849 -
وفي ليلة الاثنين ثامن شَوّال تُوفِّي الفقيه العَدْلُ شَمْس الدِّين محمدُ
(2)
بنُ عبد الرَّحمن بن سُليمان بن فَزارة الكَفْريُّ الحَنَفيُّ، ودُفِنَ من الغد بمقابر باب الفَراديس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورَ السِّيرة، يُحبّ الفُقراء ويَخْدمهم. ومرضَ مدّة بالاستسقاء وكانَ راضيًا شاكِرًا، وماتَ على خَيْر.
وهو ابنُ أخي الشَّيخ شهاب الدِّين الكَفْريّ، نفع الله به.
3850 -
وفي ليلة الاثنين مُنْتصف شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ شَرَف الدِّين نَصِير بن تَمّام بن مَعالي الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ المؤذِّنُ بجامع دمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ في قَبْر والدِه بمقابر باب الفَراديس.
وكانَ مؤذِّنًا بالجامع من مُدّةٍ طَويلة، وكَبُر وضَعُف وهو مواظبٌ على الوظيفة والصُّعود إلى المنارة، وكان كثير الزِّيارة لقَبْر والدِه، مُلازمًا لذلك.
وهو ابنُ أخت العَدْل ضياء الدِّين يوسف بن تَمّام السُّلمِيّ الحَنَفيّ.
وسَمِعَ الحديثَ من نَجْم الدِّين ابن الشَّيْرَجيّ، والتاج عبد الوَهّاب بن عَساكر، وعبّاس بن نَصْر الحَمَويّ، وغيرهم، وحَدَّث.
ومولدُه في سنة أربع وثلاثين وست مئة بدمشق.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 112.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وستأتي ترجمة عمه في وفيات سنة 719 هـ.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 295، والدرر الكامنة 6/ 29، وفيه مات في شوال سنة 720 هـ، وهو خطأ ظاهر.
3851 -
وفي ليلة السَّبْت ثالث عَشَر شَوّال تُوفِّي بهاء الدِّين يوسُف
(1)
ابنُ القاضي جمالِ الدِّين أبي بكر بن عيّاش الخابوريُّ، المَعْروف بالرَّحَبيِّ، ببَعْلَبَك، عند والدِه، وكان قاضيًا بها وفقدَهُ أبوه ولم يبلغ الثلاثين من العُمُر.
3852 -
وفي يوم الأحد الحادي والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ عيسى بن رَسْلان المِصْريُّ، ثم الدِّمشقيُّ ابن الشَّرائحيِّ، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، كثيرَ الصَّوم والعبادة. ووَلِيَ مَشيخةَ الخانكاه بالقَصّاعِين مدّةً، ثم وَلِيَ مَشيخةَ الخانكاه الشِّهابية، وماتَ بها، وجاوزَ الثمانين.
ذو القَعْدة
3853 -
في يوم السَّبْت الثاني عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي زَيْنُ الدِّين عُمرُ
(3)
بنُ يعقوبَ الحَمَويُّ النَّحّاسُ، أحد المؤذِّنين بجامع دمشق.
3854 -
وفي يوم الأحد الثالث عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الرئيسُ الصَّدْرُ الفاضلُ المُسْنِدُ تاج الدِّين أبو المَكارم محمدُ
(4)
ابنُ الشَّيخ الجليل المُسْنِدِ الزّاهد بقيّة المَشايخ كمال الدِّين أحمد ابن زَيْن الدِّين مُحمد بن عبد القاهر بن هبة الله، ابنُ النَّصِيبيّ، الحَلَبيُّ، بمدينة حَلَب، ودُفِنَ عند المَقام، وكانت له جنازة مشهودةً.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه سنة 723 هـ، وترجمته في الدرر الكامنة 1/ 542، وأخوه محمد توفي سنة 769 هـ، وترجمته في الدرر الكامنة 5/ 145، وشذرات الذهب 8/ 370.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 85، والدرر الكامنة 5/ 88، وشذرات الذهب 8/ 69، وذكره الذهبي في وفيات سنة 715 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 139.
ومولدُه في التاسع والعِشْرين من رَمَضان سنة إحدى وأربعين وست مئة بحَلَب.
أُحضِر على ابن قُمَيْرة، وسَمِعَ من يوسُف بن خَلِيل جملةً من الأجزاء والكُتُب، وسَمِعَ من أبي طالب عبد الرَّحمن ابن العَجَميّ، وجماعة. ووَلِيَ وكالة بيت المال بحَلَب مع تَدْريس العَصْرونية، ووَلِيَ نظرَ الأوقاف، وكتابة الدَّرْج، وتَقَلَّبَ في الخِدَم، وجَرَت له نَكْبةٌ في أيام الأمير حُسام الدِّين طرنطاي وقُيِّدَ وسُجِنَ بالقاهرة مدّةً، وكان من الرُّؤساء المعروفين بحَلَب.
3855 -
وفي يوم الثُّلاثاء مُنْتصف ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الأجلُّ العَدْلُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ الشَّيخ الصَّدْر العَدْل زَيْنُ الدِّين أبي إسحاق إبراهيمَ بنِ أحمد بن عُثمان بن عبد الله بن غَدِير الطائيُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروفُ بابن القَوّاس، وصُلِّي عليه عَصْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربة والدِه بناحية، حَمّام النّحاس.
ومولدُه في سنة أربع وخَمْسين وست مئة.
وهو من بيت عَدالة وأمانة، أسْمَعَهُ والدُهُ بدمشق من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وبالدِّيار المِصْرية من الرَّشيد العَطّار الحافظ، وشَيْخ الشُّيوخ شَرَفِ الدِّين عبد العزيز الأنصاريِّ، وإسماعيل بن صارِم الخَيّاط، وفِراس بن عليّ العَسْقلانيّ، والمُعين أحمد ابن القاضي زَيْن الدِّين الدِّمشقي، وجماعة. وصاهرَ قاضِي القُضاة جمال الدِّين المالكي، ورُزِقَ الأولاد من ابنتِه، وحَدَّث بـ"جُزء ابن عَرَفة".
3856 -
وفي يوم السَّبْت التاسع عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّيت أمُّ مُحمد ستُّ القُضاة
(2)
، بنتُ شِهاب الدِّين مُحمد بن عليّ بن الحَسَن بن عَوَانة بن
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 5.
(2)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 291.
شِهاب النُّمَيريِّ، بقَرْية كَفْر بَطْنا من غُوطة دمشق، وحُمِلَت يوم الأحد فدُفِنَت بسَفْح قاسيون بتُربةٍ لأهلِها.
ومولدُها تقريبًا سنة خَمْسين وست مئة.
وكانت امرأةً جيِّدةً، تَقْرأ في المُصحف وتطالعُ شيئًا من الأحاديث والأدعية، وبيتها مَشْهور بكَفْر بَطْنا بالحِشْمة والثَّروة.
وهي زوجة شَرَف الدِّين حَسَن ابن الأمير.
رَوَت بالإجازة عن عبد الرَّحمن بن مكّي سِبْط السِّلَفيّ، ولها إجازة الحافظ عبد العظيم المُنْذري، والفقيه عزّ الدِّين ابن عبد السَّلام، وعبد الغني بن بَنِين، ومُحمد بن الأنْجَب النَّعال، وخَطِيب مَرْدا، واليَلْدانيّ، وإبراهيم بن خليل، والعماد ابن النَّحّاسٍ، والأخوين مُحمد وعبد الحميد ابني عبد الهادي، وعبد الله ابن الخُشُوعيِّ، وسِبْط الجوزيِّ، وجماعةٍ. ورَوَى أبوها عن ابن اللَّتِّيّ. ورَوَى جدُّها عن أبي طاهر الخُشُوعيّ.
3857 -
وفي أوّلِ ليلة الاثنين الحادي والعِشْرين من ذي القَعْدة عَقِيب صلاة المَغْرب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ قاضي القُضاة مُفْتي المُسلمين تَقيّ الدِّين أبو الفَضْل سُليمانُ
(1)
بنُ حَمْزة بن أحمد بن عُمر ابن الشَّيخ الإمامُ القدوةُ بقية السَّلف أبي عُمر مُحمد بن أحمد بن مُحمد بن قُدامة بن مِقْدام بن نصير المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، بمنزله بدَيْر الحَنابلة بسَفْح جَبَل قاسيون، ودُفِنَ بُكْرة الاثنين بتُربة جدِّه الشَّيخ أبي عُمر، رحمهما الله تعالى.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 232، وذيل العبر، ص 85، والمعجم المختص، ص 104، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 268، والوافي بالوفيات 15/ 370، وأعيان العصر 2/ 433، والبداية والنهاية 16/ 113، وذيل طبقات الحنابلة 4/ 398، وذيل التقييد 2/ 7، والسلوك 2/ 511، والدرر الكامنة 2/ 285، والنجوم الزاهرة 9/ 231، والمقصد الأرشد 1/ 412، والدارس 1/ 40، وشذرات الذهب 8/ 66، وغيرها.
ومولدُه في نصف رَجَب سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة بسَفْح قاسيون.
وكانَ شيخًا جليلًا، فَقِيهًا كبيرًا، بهيّ المَنْظر، وضيءَ الشَّيْبة، حسنَ الشَّكل، مواظبًا على حُضورِ الجماعات وعلى قيام الليل والتِّلاوة والصِّيام، له أورادٌ وعبادةٌ، وكان عارفًا بالفقه، خُصوصًا كتاب "المُقْنع" قرأهُ وأقرأهُ مرّات كثيرة. وكانت له حَلْقة بالجامع المُظَفَّريّ، وقرأ عليه جماعةٌ، ودَرَّس "الكافي" جميعَهُ، وكانَ يذكر الدَّرسَ ذِكْرًا حَسَنًا مُتْقنًا، ويحفظه من ثلاث مرّات ونَحْوها. وكانَ قويّ النَّفْس، ليِّنَ الجانب، حَسَن الخُلُق، متودِّدًا إلى النّاس، حريصًا على قضاء الحَوائج وعلى النَّفْع المتعدّي.
وحَدَّث بـ"ثلاثيّات البُخاري" في سنة ستٍّ وخَمْسين وست مئة، وحَدَّث بجميع "الصَّحيح" في سنة ستين وست مئة، ودَرَّس بالمَدْرسة الجَوْزية بدمشق في سنة ستٍّ وستِّين وست مئة، ووَلِيَ القضاءَ في سنة خَمْسٍ وتسعين وست مئة.
سَمِعَ من ابن اللَّتِّيّ، وجعفر الهَمْدانيّ، وكَرِيمة القُرَشيّة، وابن الجُمَّيْزي، وإسماعيل بن ظَفَر، والحافظ ضياء الدِّين المَقْدسي، وأكثَرَ عنه، وابن قُمَيْرة، وحَضَرَ على ابن الزَّبِيدي، والفَخْر الإرْبلي، وابن المُقَيَّر، وجدّه الجمال أبي حمزة أحمد بن عُمر، وعبد الحقّ بن خَلَف. وله إجازات كثيرة.
فمن شيوخه البَغْداديِّين: أبو حَفْص عُمر بن كَرَم الدِّيْنَوَري، والإمام أبو حَفْص عُمر بن مُحمد السُّهرَوَرديّ، وأبو الحَسَن ابن القَطِيعيُّ، والحَسَن بن الأمير السَّيِّد، وإسماعيل ابن باتكين، والأنْجب الحَمّاميُّ، وزكريّا العُلْبيُّ، وابن رُوْزْبة، وابنُ الدُّبَيْثيِّ، وهبة الله ابن كمال الحَرْبيُّ، ويونُس بن مُسافر، وياسمين بنت البَيْطار، وابن بَهْروز.
ومن شيوخه المِصْريِّين: مُحمد بن عِماد الحَرّانيُّ، وعيسى بن عبد العزيز، وعبد الرَّحيم بن الطُّفَيل، وعبد العزيز بن أحمد بن باقا، وعبد المُحسن السَّطحيُّ، وابن الرَّمّاح المُقرئ، وأبو بكر مُحمد بن مُحمد ابن المأمون، ومرتَضى بن حاتم.
ومن شيوخه الأصبهانيِّين: أبو عبد الله مُحمد بن عبد الواحد المدينيُّ، ومُحمد بن زُهير شعرانه، وثابت بن مُحمد الخُجَنْديُّ، وجامع بن إسماعيل راوي "جُزء لُوَين" وعبد الأعلى ابن القطّان، ومُحمد بن خليل الرّارَانيُّ، وأبو الفُتوح ابن الوثابيّ، ومحمود بن إبراهيم بن مَنْدة، وأختاه: أسماء وحُمَيْراء.
ومن شيوخه الدِّمشقيِّين: الحَسَن بن صَبّاح، وأبو موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغَنِي، وعبد الرَّحيم بن مُحمد بن عَسَاكر، وابن باسُوْيَة المُقْرئ، ومُحمد بن غسّان، وابن الشِّيرازيّ، والمُسَلَّم بن أحمد المازنيُّ، ومُكْرَم بن أبي الصَّقْر.
وأجازَه من حَلَب: القاضي ابن شدّاد.
ومن المَوْصل: المُعافى بن أبي السِّنان.
ولازم الشَّيخ شَمْس الدِّين عبد الرَّحمن ابن الشَّيخ أبي عُمر، وعنه أخذ الفقه والفَرائض وغير ذلك. وقرأ الحَديث بنفسه على جماعةٍ من الشُّيوخ. وقرأ الكتبَ الكبارَ، وحَدَّث بالكثير من سماعاته، وإجازاته. وشيوخه بالسَّماع نحو مئة شيخ، وبالإجازة أكثر من سبع مئة شيخ. وخُرِّجت له المَشْيخات والعَوَاليُ المُصافحات والموافقات، ولم يَزَل يُقرأ عليه إلى قبل موته بيوم، فإنه ماتَ فجاءةً بعد فراغه من مَجْلس الحُكْم بالجَوْزية وطلوعه بعد العَصْر ووصوله إلى بيتِه عَرَضَ له تغيُّر يسير وحَضَرَ أجلُه إلى رحمة الله تعالى.
3858 -
وفي يوم الاثنين الحادي والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي علاءُ الدِّين عليُّ
(1)
ابنُ شَمْس الدِّين عُمر بن عبّاس بن أبي بَكْر بن جَعْوان الأنصاريُّ، ودُفِنَ بمَسْجد الشَّيْرَجيّ خارج باب الصَّغير.
وكانَ سَمِعَ من أصحاب ابن طَبَرْزد. ماتَ شابًّا ولم يَرْو شيئًا. وكان قد جلسَ شاهدًا بالبياطرة، وترك أولادًا.
3859 -
وفي بُكْرة الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ بقيّةُ السَّلَف أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ عُمر بن سيْف بن حَمْد بن منازل بن قُدامة المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، المَعْروف بالتائه، ودُفِنَ من يومه بمقابر باب الصَّغير.
ومولدُه تقريبًا سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة بالقُدْس الشَّريف.
وكانَ رَجُلًا صالحًا أقرأ النّاس مدّةً بمَدْرسة الشَّيخ أبي عُمر، وباشرَ الإمامةَ بالسّامَرِيّة بدمشق في آخر عُمُره مدّة، وكان عليه جلالة وديانة، وعنده فَضْلٌ ومعرفة.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم. وسَمِعَ كثيرًا بالصّالحية.
3860 -
وفي بُكْرة السَّبْت السّادس والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ الصَّدْرُ نَجْمُ الدِّين أبو مُحمد يوسُفُ
(3)
ابنُ شَمْس الدِّين مُحمد بن أبي المَنْصور بن أبي المَعالي بن أبي الطَّيِّب المِصْريُّ الأصل، المَعْروفُ جدّه بالمُخْلص، ودُفِنَ من يومِه بسَفْح قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات صفر سنة 700 هـ، وأخته زينب توفيت في شوال سنة 726 هـ، وترجمتها في الدرر الكامنة 2/ 252.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه محمد توفي بعد سنة 739 هـ، وترجمته في ذيل التقييد 1/ 243.
ومولدُه ليلة الجُمُعة الثالث والعِشْرين من رَجَب سنة ستٍّ وعِشْرين وست مئة بقَلْعة صَرْخَد.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا من خيارِ الكُتّاب المُتصرِّفين معرفةً وأمانةً وديانةً، وهو من بيت كتابةٍ ورياسةٍ، وأَقعِدَ في آخر عُمُره ستّ سنين.
رَوَى عن ابن أبي اليُسْر، وعن أمين الدِّين عبد المُحسن الحَلَبيّ.
3861 -
وفي ليلة الأحد السّابع والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّيت ستّ الوزراء
(1)
، فاطمةُ بنتُ الشَّيخ مُحيي الدِّين عبد الرَّحيم بن عبد المُنعم بن خَلَف ابن الدَّمِيري، بحارة الرُّوم بالقاهرة، ودُفِنَت من الغد بالقَرافة بقُرب الفَخْر الفارسيّ.
• - وفي أواخر ذي القَعْدة أغارَ سُليمانُ بنُ مُهَنّا بن عيسى ومعه جماعة من العرب والتَّتار فوق الألف على أزواق تُرْكمان فيما بين تَدْمر والقَرْيتين، ونهبوا شيئًا كثيرًا
(2)
.
ذو الحِجّة
3862 -
في ليلة الأربعاء سابع ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّريفُ العَدْلُ المُسْنِدُ الكبيرُ عزُّ الدِّين أبو الفَتْح موسى
(3)
ابنُ الشَّريف علاءِ الدِّين عليّ بن أبي طالب بن أبي عبد الله بن أبي البَرَكات بن هبة الله بن الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن أبي الطيِّب طاهر بن أبي عبد الله الحُسَين بن موسى بن إبراهيم المُرْتَضى بن موسى بن جعفر بن مُحمد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات محرم سنة 695 هـ.
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 77، ونهاية الأرب 32/ 227.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 86، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 346، وبرنامج الوادي آشي، ص 140، وأعيان العصر 5/ 484، والجواهر المضية 2/ 187، وذيل التقييد 2/ 279، والسلوك 2/ 512، والدرر الكامنة 6/ 143، وحسن المحاضرة 1/ 390، وشذرات الذهب 8/ 69.
أبي طالب رضي الله عنه الحُسَيْنيُّ المُوسويُّ، بالقاهرة بدَرْب شمْس الدَّولة، ودُفِنَ من الغد خارج باب النَّصْر جوار أمير سلاح عند أخيه محمد عطوف
(1)
.
ومولدُه يوم الثُّلاثاء ثالث عَشَر ذي الحِجّة سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة بالمَدْرسة المُعينية بدمشق المَحْروسة.
ولم يزل بدمشق شاهدًا، فَقِيهًا بالمدارس إلى سنة الجَفْل سنة سَبْع مئة، تَوجَّه إلى القاهرة المَحْروسة واستوطنها إلى أن ماتَ، رحمه الله تعالى.
رَوَى عن مُكْرَم بن أبي الصَّقْر، والفَخْر الإرْبليّ، وجدّه لأمِّه الرَّشيد النَّيْسابوريّ، مدرِّس المَدْرسة المُعينية، ومكّي بن علّان، وأبي طالب مُحمد بن عبد الله بن صابر، والرَّشيد بن مَسْلَمة، وسَمِعَ "صحيح مُسلم" من الشُّيوخ الاثني عشر، وسَمِعَ "جُزء الأنصاري" على أربعةٍ وأربعين شيخًا، وحَدَّث بالقاهرة بـ"الموطأ" عن مُكْرَم في آخر عُمُره، وشَرَعَ فَتْح الدِّين ابن سيِّد النّاس بعد ذلك عليه في "صَحيح مُسلم" فقرأ نصفَهُ في خمسة مجالس، وانقطعَ الشَّيخُ عن الميعاد خمسة أيام وماتَ ولم يُكْمِل الكتاب، وكانَ قد اجتمعَ لسماعِه خَلْق كثير بالشارع بالمهذّبية.
• - وفي يوم الأربعاء ثامن ذي الحِجّة وُلِدَ لمولانا السُّلْطان الملك النّاصر ولد ذَكَر، وَصلَ الخبر بذلك إلى دمشق بعد أسبوع فدُقَّت البشائر وزُيِّنت البلاد
(2)
.
3863 -
وفي عَشِيّة الأحد السّادس والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ العَدْلُ ناصرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخِ الإمامِ العالمِ
(1)
تقدمت ترجمته في وفيات سنة 710 هـ.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 227، والبداية والنهاية 16/ 112.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 86، وأعيان العصر 5/ 323، والوافي بالوفيات 5/ 265، وذيل التقييد 1/ 283، والدرر الكامنة 6/ 69، وشذرات الذهب 8/ 69.
الزّاهدِ المُحدِّث بقيّة السَّلف مَجْد الدِّين أبي الفَضْل يوسُف بن مُحمد بن عبد الله بن المِهْتار الكاتب المِصْريُّ الأصل، الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ، خارج باب الفَراديس بدمشق، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر من يوم الاثنين بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون في قَبْرٍ كانَ أعدَّه لنفسه بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين ابن قُدامة، رحمه الله.
ومولدُه في الخامس والعِشْرين من شَهْر رَجَب سنة سَبْع وثلاثين وست مئة بدمشق.
سَمِعَ من ابن الصَّلاح، والمُرَجّى بن شُقَيْرة الواسطيّ، ومكيّ بن علّان، وشَرَف الدِّين المُرْسيّ، وجماعة يبلغ عددهم أكثر من ستّين، وانفردَ برواية "علوم الحَديث" لابن الصَّلاح عن مؤلفه مدة سنين، وبقطعةٍ كبيرِة من "سُنَن البَيْهقي"، وبـ"الطوالات" للتَّنُوخي، وبـ"الزُّهد" للإمام أحمد رضي الله عنه، وغير ذلك. وأجازَ له من دمشقَ السَّخاويُّ، وشيخُ الشُّيوخ ابن حَمُّوْيَة، وإبراهيم ابن الخُشُوعيِّ، وعبدُ الحقّ بن خَلَف وجماعة. ومن الدِّيار المِصْرية فخر القضاة ابن الجَبّاب، وظافر بن سحم المُطَرِّز، وسِبْط السِّلَفيِّ، وابن رَوَاج، وعليّ بن زيد التَّسَارسيُّ، وعَلَمُ الدِّين عليّ ابن الصّابونيِّ، وابنُ الجُمَّيْزيِّ، والسَّرّاج مُحمد بن يحيى بن ياقوت، وهبة الله بن مُحمد المَقْدسيُّ، وهم من أصحاب السِّلَفِيّ. وأجازَ له أيضًا أبو الحَسَن ابن المُقَيَّر.
وحَدَّث بالكثير؛ قرأتُ عليه "الاعتقاد" و"الآداب" للبيهقيِّ، و"عُلُوم الحَديث" و"الطوالات" للتَّنُوخيّ، وقطعةً من الأجزاء، وحَدَّث بـ"الزُّهد" للإمام أحمد رضي الله عنه بكماله.
سنة ست عشرة وسبع مئة
المُحَرَّم
3864 -
في ليلة الجُمُعة مُستَهلّ المُحَرَّم تُوفِّي الموفَّق سالمُ
(1)
بنُ إلياس الطَّبيبُ، وصُلِّي عليه يوم الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقْبُرة الباب الصَّغير.
وكانَ فاضلًا مَعْدودًا من الأطباء الجِياد في وَقْته. وكانَ أبوهُ حَجّامًا نَصْرانيًّا، داخل باب الجابية.
• - وفي الحادي عَشَر من المُحَرَّم تَكَمَّل تَفْرقة المثالات الشَّرِيفة السُّلطانية بالإقطاعات، التي اتفقَ عليها الحال بعد إراكة الأخْبار بالدِّيار المِصْرية، وعُرِض الجَيْش في هذا التاريخ، وأبطلَ السُّلْطانُ بعضَ المَكُوس بالدِّيار المِصْرية، منها ساحل الغلّة والسّاسة والمشاعليّة
(2)
.
3865 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثاني عَشَر المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الفاضلُ الأديبُ ناصرُ الدِّين أبو بكر
(3)
بنُ عُمر بن أبي بَكْر بن إسماعيل بن عُمر بن بَخْتيار، المَعْروف بابن السَّلّار، بسَفْح جَبَل قاسيون، ودُفِنَ يوم الأربعاء بتُربة الشَّيخ الأُرمَويّ.
ومولدُه ليلة الاثنين تاسع عَشَر شَهْر رمَضان سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة بسَفْح قاسيون أيضًا.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وكَتَبنا عنه من شِعْره.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في البداية والنهاية 16/ 114، والنهج السديد 3/ 255.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 729، والوافي بالوفيات 10/ 239، والسلوك 2/ 521، والدرر الكامنة 5/ 383، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 143.
وكانَ فاضِلًا، له عِبارةٌ حَسَنة، ونظرٌ في الفَضائل، وذِهْن جَيِّد، وشعْرٌ كثير. وكانَ عاليَ الهِمّة، عزيزَ النَّفْس من بيتِ إمرةٍ وحِشْمةٍ
(1)
.
3866 -
وفي يوم الجُمُعة خامس عَشَر المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ أبي مُحمد سَلْمان بن سالم بن بَدْران الأرْزُونيُّ، ثم الصّالحيُّ، المَعْروف بابن المُطوّع، وصُلِّي عليه عَصْر اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ تحت تُربة ابن النُّشّابِيّ بسَفْح قاسيون، وكانَ قد قارب الثمانين.
وله إجازة مؤرَّخة بسنة تسع وثلاثين وست مئة، أجازَهُ فيها من بغداد عبدُ اللطيف ابن القُبَّيْطيِّ، والكاشْغَريُّ، وابنُ أبي الفَخار، وأحمدُ بنُ يعقوب المارستانيُّ، وأبو بَكْر ابن الخازن، وعبد الله ابن النَّخّال، ومَنْصور بن المُعَوَّج، وإبراهيمُ بن الخَيِّر، وعُمر بن الناقد، وأبو عبد الله ابن النَّجّار الحافظ، وجماعةٌ غيرُهم.
ورَوَى لنا بالسَّماع عن خَطِيب مَرْدا الفقيه محمد بن إسماعيل، وابن عبد الدّائم.
وأبوه سَلْمان، رَوَى لنا عن ابن اللَّتِّيّ. سَمِعَ منه ابنُ الخَبّاز في سنة خمسٍ وستين وست مئة. وكانا من الصُّلَحاء الأخيار.
3867 -
وفي يوم الاثنين ثامن عَشَر المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفقيهُ الفاضلُ بَدْرُ الدِّين مُوَنِّس
(3)
بنُ مَعْمَر بن مُحارب الكِنانيُّ الخَرَاجيُّ السَّواديُّ الشّافعيُّ، ودُفِنَ يوم الثُّلاثاء بمقابر باب الفَرَاديس، وقد بلغَ ستِّينَ سنة.
(1)
جاء في حاشية النسخة بلاغ بالمقابلة.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 46، وفيه أحمد بن سليمان.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 349، وتوضيح المشتبه 8/ 307. وقيّد الذهبي مُوَنّس بالتثقيل.
وكانَ فقيهًا، فاضِلًا، وقرأ عليه جَماعةٌ، وكانَ فقيهًا بالمدرسة النّاصرية، وإمامًا بمَسْجد الجَوْزة ظاهر البَلَد، وجَلَس يشهدُ بالعُقَيْبة مدّةً قليلة في آخر عُمُره، رحمه الله.
وسَمِعَ على ابن البُخاري "مشيختَهُ".
• - وفي المُحَرَّم وقعت فتنةٌ ونزاع بمدينة بعْلَبَك بسبب العَقائد بين الشّافعية والحنابلة، ووَصلَ جمعٌ كبير من أعيان الطائفتين إلى مدينة دمشق، وحَضَرُوا بدار السَّعادة بين يدي نائب السَّلْطنة في يوم الثُّلاثاء سادس عَشَر المُحرَّم وأصْلَح بينهم، واتفقَ الأمر وانفصلَ الحالُ على خَيْرٍ من غَيْر مُحاققة ولا تَشْويش على أحدٍ من الفَرِيقين
(1)
.
• - وفي المُحَرَّم حَصَلت مُرافعةٌ في حق بعضِ أربابِ الدَّولةِ بدمشق ونُسِبَت إلى سَيْف الدِّين أبي بكر بن الجاكي، وأنَّه أرسلَها مع شَيْخ المَجْدل فأحْضَرُوه فأنكرَ، ثم اعترف وادّعَى أنّ ذلك كان باتفاقِ جماعةٍ من الأعيان، فلم يُسْمع كلامُه فيهم، وضُرِبَ ضَرْبًا كثيرًا وحُبِسَ ولم يُلتَفَت إلى كلامِه. وكانَ وَلِيَ ولاية البِقاع. وكانَ عَسُوفًا ذُكِرَ عنه أنه كان يُنَعِّل النّاسَ بنِعال الخَيْل.
صَفَر
• - في يوم السَّبْت مُستَهلّ صَفَر دَخَلَ الحُجّاج إلى دمشقَ -تقبَّلَ اللهُ منهم- والمَحْمَل السُّلطانيّ، وأميرُ الرَّكْب الأميرُ سَيْف الدِّين طقتَمُر الموساوي السِّلَحْدار.
3868 -
وفي يوم الأربعاء ثالث عَشَر صَفَر تُوفِّيت أمُّ مُحمد رُقيّةُ
(2)
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 115.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أخيها نفيس الدين في سنة 696 هـ، وأخيها عز الدين في وفيات جمادى الآخرة سنة 699 هـ.
بنتُ الشَّيخ العَدْل شَمْس الدِّين مُحمد بن عبد الواحد بن سَلامة بن صَدَقة الحَرّانيِّ، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون.
وهي أخت العَدْل نَفِيس [الدِّين]
(1)
إسماعيل، وعزِّ الدِّين أحمد، وزوجة مؤيَّد الدِّين أحمد ابن مَجْدِ الدِّين ابن عَساكر.
• - وفي يوم الأحد سادس عَشَر صَفَر قُرئَ تقليدُ الشَّيخ الإمام الزّاهدِ قاضي القُضاة شَمْسِ الدِّين أبي عبد الله مُحمد ابن الشَّيخ الصّالح الفقيه أبي مُحمد مُسَلَّم بن مالك بن مَزْروع الحَنْبليِّ، نفعَ الله ببركته، بتولية قضاء الحَنابلة ونظر أوقافهم على قاعِدةِ مَن تَقَدَّمه. وكانت قراءته بجامع دمشق تحت النَّسْر بحضور قاضي القُضاة والصّاحب وجماعة من الأعيان، ومَشَى من الجامع إلى دار السَّعادة للسَّلام على نائب السَّلْطنة، وعادَ وهو لابسٌ الخِلْعة السُّلطانية ماشِيًا، والصّاحِبُ وجماعة من الأعيان معه مُشاة، ثم نزع الخِلْعة عَقِيب قراءة التَّقْليد، وتَوجَّه إلى الصّالحية وباشَرَ الحُكْم في غَدِ هذا اليوم بالمَدْرسة الجَوْزية على العادة. وتاريخُ تَقْليدِه سادس ذي الحِجّة من السَّنة الماضية بعد وفاة قاضي القُضاة تقيّ الدِّين، رحمه الله، بنصف شَهْر.
وبعدَ أيام يسيرة استنابَ في الحُكْم الشَّيخَ الإمامَ شَرَفَ الدِّين عبدَ الله ابن الشَّيخ شَرَفِ الدِّين الحَسَن ابن الحافظ جمال الدِّين عبد الله ابن الحافظ عبد الغني المَقْدسيّ
(2)
.
• - وفي يوم الاثنين السابع عَشَر من صَفَر وَصلَ الشَّيخُ الإمامُ كمالُ الدِّين ابن الشَّرِيشيّ من القاهرة إلى دمشق متولِّيًا وكالةَ بيتِ المال كما كان عليه أولًا، وخُلِعَ عليه في اليوم المَذْكور، ولَبِسها ورَكبَ بها للسَّلام على نائبِ السَّلْطنة
(3)
.
(1)
ما بين الحاصرتين زيادة متعينة أخلت بها النسخة الخطية.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 233، والبداية والنهاية 16/ 115.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 115.
• - وفي صَفَر قُبِضَ على الصَّدْر الكبير الصّاحب عزّ الدِّين ابن القَلانسي، واعتُقِلَ بالعَذْراوية، وأُخِذَ منه نحو خَمْسين ألف دِرْهم، ثم أُطْلِق له ما كانَ أُخِذَ منه، فاسترجعَ ذلك وخَلَصَ على وجهٍ حَسَن، وانفصَل من نَظَر دِيوان الخاص
(1)
.
ربيع الأول
3869 -
في ليلة الثُّلاثاء ثاني شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الحاج الأمين الصّالح شَرَفُ الدِّين فَضْلُ
(2)
ابنُ الحاجّ عبد الكريم الدَّيْريُّ، التّاجرُ، ودُفِنَ ظُهْر الثُّلاثاء بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، من أهل الدِّيانة والصِّدْق، وسَمِعَ الحديثَ وأسمَعَ أولادَهُ.
3870 -
وفي سَحَر يوم الجُمُعة ثاني عَشَر شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ الأمينُ العَدْلُ بَدْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الفقيه العَدْل جمالِ الدِّين أبي العبّاس أحمد بن محمود بن عبد الله، المَعْروفُ بابن الهِنْديّ، الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ صُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ثم صُلِّي عليه مرّةً أخرى بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في العَشْر الأخير من رَجَب سنة أربع وستين وست مئة بظاهر دمشق.
وكانَ شاهدًا تحتَ السّاعات، ويشهدُ على القُضاة، وله خِبْرةٌ بالكتابة الدِّيوانية ومَعْرفة الحِساب، وخَدَم في عَمالة ديوان الأيتام وغيرها من الجهات. ولمّا تُوفِّي كان مُتولِّيًا أوقافَ الخانقاه السُّمَيْساطية. رَوَى لنا "جُزء ابن عَرَفة" عن ابن عبد الدّائم. وسَمِعَ من ابن أبي اليُسْر وغيرهما.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 115.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
3871 -
وفي يوم الثُّلاثاء سادس عَشَر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ عزُّ الدِّين أبو الحَجّاج يوسُفُ
(1)
بنُ مُحمد بن يحيى، ابنُ الواسطيّ، ثم الإسكندريُّ، أخو الشَّيخ نَجْم الدِّين ابن المُقْرئ، بثغرِ الإسكندرية، وصُلِّي عليه بالمَيْدان خارج باب البَحْر، وحَضَرهُ جمعٌ كبير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، يأمرُ بالمَعْروف، ويتكلَّم في المَصالح.
سَمِعَ "صحيحَ مسلم" من الشَّيخ شَرَف الدِّين المُرْسي، ولم يَرْو شيئًا، وسَمِعَ أيضًا من النَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيّ.
3872 -
وفي بُكْرة الجُمُعة السّادس والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ مُحمد بن أحمدَ بن منوّر بن شيخيان الخُراسانيُّ الصّوفيُّ، بالقاهرة، برَبْع الشَّرابِيشيِّ، جوار الجامع الأقْمَر، ودُفِنَ من يومه بمقبُرة باب النَّصْر.
سَمِعَ عدّة أجزاء من سِبْط السِّلَفي، منها سابع "المَحَامليّات" و"الشُّكْر" لابن أبي الدُّنيا، و"التَّوكُّل" له، والتّاسع والعاشر من "الثَّقَفيّات".
وكانَ صُوفيًّا بالخانقاه، وإمامَ مَسْجد كهرداش بالقاهرة.
ربيع الآخر
3873 -
في ليلة الأحد ثالث عَشَر شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الخَطيبُ العَدْلُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ الخَطيب تَقِيّ الدِّين عبد الرَّحيم بن داود بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ذكره الذهبي في المتوفين سنة 716 هـ من ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144، وتقدمت ترجمة عمه عثمان بن أحمد في وفيات سنة 694 هـ من هذا الكتاب، وذكر الذهبي أباه محمد بن أحمد في وفيات سنة 693 هـ (تاريخ الإسلام 15/ 774).
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات صفر سنة 686 هـ.
فارس بن أبي الفَضْل عبد الرَّحمن بن بَرَكات بن أحمد بن عبد الحميد المَنْبِجيُّ، خَطيب قرية المِزّة من غُوطة دمشق، بها.
وكانَ ضَرَبَهُ شخصٌ بسُوق المِزّة في رأسه فتمرَّضَ أيامًا وماتَ. واقتُصَّ من الضّارب بعد موت الخَطيب، وشُنِق بالمِزّة.
وكانَ الخَطيب المَذْكور خَطِيبًا بالمِزّة من مدّةٍ طويلة، وصَوْته صوتٌ بليغٌ، ويَحْفظ كثيرًا من الخُطَب المطَوَّلة ويؤدِّيها أداءً جيِّدًا، ويشهدُ تحتَ السّاعات. ماتَ في عَشْر الستِّين.
ووَلِيَ عِوَضه في الخطابة الشَّيخُ شِهابُ الدِّين أحمدُ بنُ عبد الرَّحمن المَنْبِجيُّ، الفقيهُ المُقرئُ.
• - وفي شَهْر ربيع الآخر قَدِمَ إلى دمشقَ من القاهرةِ الأميرُ فَضْل بن عيسى أخو مُهَنّا، ومعهُ مَرْسوم أن يكون عِوَضًا عن أخيه مُهَنّا، وأُجْرِيَ له إقطاعات جيِّدة. وتاريخ تقليده سادس عَشَر ربيع الآخر، وأقامَ بدمشق أيامًا وتَوجَّه إلى بلادِه وإقطاعه مُكْرمًا، وأطلَقَ السُّلطان لابن أخيه موسى بن مُهَنّا بعضَ ما كانَ بيد والدِه. وكان ذلك بسبب دخول مُهَنّا إلى بلاد التَّتار واجتماعه بملكهم خَرْبَنْدا
(1)
.
3874 -
وفي ليلة الأربعاء سادس عَشَر ربيع الآخر تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ المُقْرئ المُعَمِّر الكبير. نظام الدِّين مُحمد بن عبد الكريم التِّبْرِيزيُّ الشّافعيُّ، بالمارستان بدمشق، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُشتغلًا، مُتَقَنِّعًا، متعفِّفًا، أحد فُقهاء المَدْرسة الشّامية البَرّانية المُقِيمين بها.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 235، والبداية والنهاية 16/ 115، والنهج السديد 3/ 259.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 454.
3875 -
وفي ليلة الخَمِيس سابع عَشَر ربيع الآخر تُوفِّي الحاجُّ عبدُ الله
(1)
الفارقيُّ عتيقُ ابنِ مَسْلَمة، ودُفِنَ من الغَد بمقابر باب الصَّغير عند التُّربة المَعْروفة ببلال، رضي الله عنه.
وكانَ قيّمًا بالمَدْرسة الشّامية الجوّانية من مدّةٍ طويلةٍ، وله حقٍّ على الفُقهاء، وتركَ أولادًا فُقهاء في المَدارس.
3876 -
وفي يوم الأحد المُوفي عِشْرين من ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ نجيبُ الدِّين عبدُ الباقي
(2)
بنُ عبد الملك بن عبد الباقي الحَجّاويُّ المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، بالقاهرة. وكان موته فُجاءةً؛ حَضرَ الدَّرْس وخرجَ من درس المَدْرسة الأشرفية، فقُرِّبت إليه دابّة ليركبها، فخَرَجت من تحته فسقطَ ومات، وصُلِّي عليه الظُّهر عند المَدْرسة المَذْكورة جوار مَشْهد السيِّدة نَفِيسة ظاهر القاهرة، ودُفِنَ بالقَرَافة الصُّغرى.
وكانَ فقيهًا صالحًا من أعيان الحَنابلة، وكانَ إمامًا بالمَدْرسة الصّالحية. رَوَى عن النَّجيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ.
ومولدُه تقريبًا في سنة خمسٍ أو ستٍّ وثلاثين وست مئة.
• - وفي يوم الاثنين الثامن والعِشْرين من ربيع الآخر وَصلَ المولى الملك عمادُ الدِّين إسماعيل ابن الأفضل عليّ ابن الملك المُظفَّر محمود صاحب حَماة إلى دمشقَ متوجِّهًا إلى خِدْمة السُّلْطان، أعزّ الله أنصاره
(3)
.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابن أخيه قاضي القضاة موفق الدين عبد الله بن محمد توفي سنة 769 هـ، وترجمته في ذيل التقييد 2/ 60، والسلوك 4/ 321، والدرر الكامنة 3/ 80، والمنهل الصافي 7/ 118، والمقصد الأرشد 2/ 58، وشذرات الذهب 8/ 369.
(3)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 78 - 79.
3877 -
وفي يوم الاثنين الثامن والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر توفِّيت أمُّ مُحمد زينبُ
(1)
بنتُ عبد الباقي بن عليّ بن عبد الباقي بن عليّ بن حِفَاظ الصالحيُّ، فُجاءةً بقَرْية كَفْر بَطْنا من غُوطة دمشق، وحُمِلَت إلى سَفْح جَبَل قاسيون فدُفِنَت به بعد المَغْرب ليلة الثُّلاثاء بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
وكانت امرأةً صالحةً، خيِّرةً، أصيبت بجماعةٍ من الأولاد.
وهي زوجة الشَّيخ الإمام شَمْس الدِّين عُبَيد الله بن مُحمد المَقْدسيِّ أمُّ أولاده.
رَوَت لنا بالسَّماع عن أبي العزّ بن صُدَيْق الحَرّانيّ، وبالإجازة عن سِبْط السِّلَفيّ.
• - وفي شَهْر ربيع الآخر قَدِمَ الأميرُ بهاءُ الدِّين رَسْلان الدَّوادار دمشق وتَوجَّه إلى حَلَب، ثم عادَ إلى دمشق، ثم تَوجَّه إلى حَلَب مرّة ثانية، وعادَ وتَوجَّه إلى الدِّيار المِصْرية في مَهَمّات السَّلْطنة، وجُرِّدَ جيشٌ من دمشق إلى الشِّمال فغابَ عن دمشق نحو شَهْرين، منهم الأمير سَيْفُ الدِّين غَرْلو العادليُّ، ولاجِين الحُساميُّ، نائب البَرّ، كانَ.
3878 -
وفي يوم الثُّلاثاء التاسع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ عمادُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(2)
بنُ صالح بن هاشِم بن عبد الله، ابن العَجَميِّ، الحَلَبيّ، بحَلَب، ودُفِنَ عند أهله بالجُبَيل.
وكانَ مُكْثِرًا عن ابن خليل. سَمِعَ "المُستخرج" على مُسلم، لأبي نُعَيم، و"حديث العشرة" من أصحاب الحَدّاد، و"جُزء الجابريّ"، وغير ذلك. وحَدَّثَ، وسَمِعَ منه الطَّلبةُ والرَّحّالون.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 251.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
جُمادى الأولى
• - في خامس جُمادى الأولى وَصلَ إلى دمشقَ الأميرُ صلاحُ الدِّين يوسُفُ بنُ الأسْعَد الدَّوادار ابن الوجيه أبي الفَضائل، مُشِدّ البلاد الحَلَبية إلى دمشق، وتوجَّه إلى الدِّيار المِصْرية إلى باب مولانا السُّلْطان.
3879 -
وفي يوم الاثنين خامس جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ المُعَمَّرُ كمالُ الدِّين أبو عبد الله محمدُ
(1)
بنُ محمدِ بن أبي الفَتْح بن هبة الله الأنصاريُّ الرُّهاويُّ، ثم الدِّمشقيُّ، التّاجرُ الطِّيبنيُّ، ودُفِنَ يوم الثُّلاثاء بسَفْح قاسيون بالقُرْب من تُربة صاحب كَيْلان.
ومولدُه في نِصْف شَعْبان سنة ستٍّ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكانَ شيخًا حَسَنًا عنده فضيلةٌ وكتابةٌ جيِّدة، وسافرَ في التِّجارة إلى البلاد، ودخلَ جزيرة قبرص، وكانَ يُذاكر مُذاكرةً حَسَنة. وذكرَ أنَّ والدَهُ من حَلَب، وأنَّ جدَّه من الرُّها.
رَوَى لنا عن مكّي بن علّان بالإجازة، وكانَ يخبُرُ أنَّهُ سَمِعَ منه، وأنَّهُ كانَ جاره في الدُّكان بقَيْسارية الفُرُش بدمشق.
3880 -
وفي ليلة الأحد الثامن عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي سَيْفُ الدِّين بَلَبان
(2)
بنُ عبد الله عَتِيق بكتَمُر السّاقي العَزِيزي بالقاهرة.
كتبَ إلينا بوفاته الشَّيخُ أبو بكر الرَّحَبيّ.
3881 -
وفي يوم الاثنين تاسع عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الجليلُ الفاضلُ الشَّريفُ شهابُ الدِّين أبو القاسم مُحمدُ
(3)
بنُ عبد الرَّحمن بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 236، والبداية والنهاية 16/ 188، والدرر الكامنة 5/ 247، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
عبد الله الكاشْغَريُّ، شيخُ الشُّيوخ بدمشق بالخانقاه السُّمَيْساطية، ودُفِنَ من يومِه بمقابر الصُّوفية.
وكانَ شيخًا مَشْهورًا بالتَّصوُّف والتَّجْريد، سافرَ البلاد، وورد دمشقَ، ووَلِيَ بها المَشْيخة مدّةَ سنين إلى حين وفاته. وكانَ يَذْكُر هذا النَّسَب له مُحمد بن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن عبد الرَّحيم بن عبد الكريم بن مُحمد بن على بن الحَسَن بن الحُسَين بن يحيى ابن الإمام موسى بن جعفر الصّادق.
وماتَ وله ثلاثٌ وستّون سنة.
• - وفي حادي عِشْري جُمادى الأولى وهو ثامن عَشَر مُسرى كَسَروا النِّيل المُبارك بعدما وَفَّى العادة، وذلكَ قبل كَسْرِه في السَّنة الخالية بأحد عَشَر يومًا. وكانَ في السَّنة الخالية أيضًا بَدْري.
كذا وردَ كتابُ الأمير نَجْم الدِّين ابن المَحَفَّدار.
• - وفي يوم الاثنين السّادس والعِشْرين من جُمادى الأولى باشَرَ قاضي القُضاة نَجْمُ الدِّين ابنُ صَصْرَى الشافعيّ -أيَّده اللهُ تعالى- مَشيخةَ الشُّيوخ بدمشق، وحَضرَ عند الصُّوفية بالخانقاه السُّمَيْساطيّة، عِوَضًا عن الكاشْغَريّ، وذلك لاختيار الصُّوفية له وسؤالهم تولِيَته من نائبِ السَّلْطنة، وقُرئ تقليدُهُ بذلك في التاريخ المَذْكور بحُضور جماعةٍ من الأعيان
(1)
.
3882 -
وفي يوم الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ نَجْمُ الدِّين أبو المَحامد عيسى
(2)
ابنُ الشَّيخ شهاب الدِّين أبي مُحمد شاه
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 236، والبداية والنهاية 16/ 115.
(2)
ترجمته في: أعيان العمر 3/ 722، والدرر الكامنة 4/ 246، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
أرمَن ابن الشَّيخ صلاح الدِّين صالح بن عبد الله الأبُلُسْتانيُّ الرُّوميُّ، المَعْروف بالسُّيُوفي، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ شيخًا كبيرًا، مَقْصودًا بالزِّيارة، وأطلقَ له السُّلطان قرية الفِيجة، وله أولادٌ وحُرْمة عندَ الدولة.
3883 -
وفي ليلة الأربعاء الثامن والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ الصَّدْرُ الكبيرُ شَمْسُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ القادر
(1)
ابنُ الشَّيخ العَدْل جمال الدِّين يوسُف بن المُظَفَّر بن صَدَقة ابن الحَظِيري، وصُلِّيَ عليه ظُهر الأربعاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
ومولدُه في الثاني والعِشْرين من صَفَر سنة خَمْسٍ وثلاثين وست مئة بدمشق.
رَوَى لنا عن ابن رَوَاج سَمَاعًا، وعن جَماعة من شُيوخ الدِّيار المِصْرية بالإجازة، منهم نحو عِشْرين رَجُلًا من أصحاب السِّلَفيّ، مثل ابن الصَّفْراويّ، وابن الجَمَل العامريّ، وابن الطُّفَيْل، وحَسَن بن دينار، وحَسّان المَهْدويّ، ومنصور ابن الدِّماغ، وأسعد بن قادوس.
وكانَ شيخًا جليلًا؛ أحدَ كُتّاب الدِّيوان المَشْهورين بالأمانة الوافرة والخِبْرة التامّة والصِّيانة والنَّزاهة، باشرَ نَظرَ الخِزانة، ونَظرَ الجامع، ونَظرَ المارستان، وغير ذلك من الجهات الحُكْمية والسُّلْطانية.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 141، وذيل العبر، ص 87، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 407، وأعيان العصر 3/ 121، والوافي بالوفيات 19/ 43، وذيل التقييد 2/ 142، وتوضيح المشتبه 3/ 278، والسلوك 2/ 519، والدرر الكامنة 3/ 192، وشذرات الذهب 8/ 70. ووقعت نسبته في ذيل العبر وذيل السير وأعيان العصر والسلوك "الخطيري" وهو تصحيف، وقد فقيده الذهبي في "الحظيري" من المشتبه، وتبعه العلامة ابن ناصر الدين في التوضيح 3/ 278، فقيده بالحروف فقال: "بفتح أوله وكسر الظاء المعجمة وسكون المثناة تحت وكسر الراء".
جُمادى الآخرة
• - في يوم الاثنين ثالث جُمادى الآخرة باشرَ الصَّدْرُ بهاءُ الدِّين إبراهيمُ ابنُ الشَّيخ جمال الدِّين يحيى، الحَنَفيُّ، نَظرَ المارستان النُّوريّ، عِوَضًا عن ابن الحَظِيريّ رحمه الله
(1)
.
3884 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ عليٌّ
(2)
الرُّوميُّ المقيمُ بالمَجْدَل، ماتَ بدمشق بالمارستان، وحُمِلَ إلى المَجْدَل ليُدفَن بها في زاويته عند أهله.
وكانَ له تَعَلُّق بالدَّولة، وأطلقَ له السُّلْطان المَجْدَل، فبقِيَ بيده مدّةً يسيرة ومات.
3885 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفقيهُ شَرَفُ الدِّين أبو الثَّناء محمودُ
(3)
بنُ أحمد بن عَمْرو بن أحمد التَّغْلِبيُّ الزُّرَعِيُّ الحَنْبليُّ، بدمشق، ودُفِنَ من يومِه بمقبُرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في شَهْر رَمَضان سنة خَمْسٍ وثلاثين وست مئة بزُرَع.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، كثيرَ التِّلاوة والخَيْر، ووَلِيَ وكالةَ بيتِ المال بزُرَع مدّةَ اثنتي عَشْرة سنة نيابةً عن الشَّيخ زين الدِّين ابن المُرَحِّل، وضَعُفَ بصرُه في آخر عُمُره، وأقامَ بدمشق إلى أن ماتَ.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ أيضًا من غيرِه.
3886 -
وفي يوم الثُّلاثاء حادي عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 116.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 6/ 79.
الفاضلُ العَدْلُ شَرَفُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ بكتَمُر بن عبدِ الله العِزِّي الصَّرْخَديُّ، المَعْروف بابنِ التُّريكيِّ، خَطيبُ قَرْية أرْزُونا، بها، ودُفِنَ هناك، وهو في عَشْر الستِّين.
وكانَ فقيهًا وعنده معرفة النَّحْو، ومَرِضَ مدّةً طويلةً، وكانَ سَمِعَ من ابن البُخاري "المشيخة"، وأجازَ له في سنة ثلاثٍ وستِّين وبعدها جماعةٌ من شيوخ دمشق والقاهرة بإفادة ابن الخَبّاز، منهم: إسماعيلُ ابنُ الدَّرَجيِّ، ويوسُفُ بنُ مَكْتوم، وابنُ عبد الدّائم، والنَّجيبُ عبد اللطيف، وابنُ عَزّون، وابنُ عَلّاق، وأبو شامة، وعبد الهادي القَيْسي، ولم يُحدِّث بشيء.
3887 -
وفي يوم السَّبْت مُنْتصف جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ المُقْرئُ شَرَفُ الدِّين أبو البَرَكات صالحُ
(2)
ابنُ الشَّيخ المُحَدِّث ناصرِ الدِّين أبي نَصْر مُحمد بن عَرَبشاه بن أبي بَكْر بن أبي نَصْر الهَمَذانيُّ، ثم الدِّمشقيُّ بالنَّيْرب من غُوطة دمشق، ودُفِنَ ضُحى السَّبْت هناك بتُربة ابن الشَّقاريّ.
ومولدُه في العِشْرين من شَوّال سنة خَمْسٍ وخَمْسين وست مئة بدمشق.
أحضرَهُ أبوهُ على إبراهيم بن خليل، والرَّضيّ ابن البُرْهان في سنة سَبْع وخَمْسين، وسَمِعَ من الزَّين خالد، وابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، والضِّياء يوسُف ابن خَطِيب بَيْت الآبار، وعُمر الكِرْمانيّ، وعليّ بن الأوحد، ومظفَّر ابن الحَنْبليّ، وجماعة، وأجازَهُ سنةَ مولدِه جماعةٌ، منهم: الصَّدْرُ البكريُّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أخوه محمد بن بكتمر سنة 721 هـ وهو مترجم في معجم شيوخ الذهبي 2/ 178، وتوضيح المشتبه 6/ 255 وقيّد "العزي" بالحروف.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 305، والبداية والنهاية 16/ 119، وذيل التقييد 2/ 18، والدرر الكامنة 2/ 359.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكورَ السِّيرة، مَعْروفًا بحُسْن الصَّوت وجَوْدة التِّلاوة، وطِيْب النَّغْمة، وحَدَّث.
سمِعْنا منه "جُزء ابن عَرَفة"، و"جُزء ابن الفُرات".
3888 -
وفي مُنْتصف جُمادى الآخِرة تُوفِّيت أمُّ عبد الله، رُقيّةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ الإمام المُحدِّث نَجْم الدِّين موسى بنِ إبراهيمَ بن يحيى الشَّقْراويِّ الحَنْبليِّ، بالعُقَيْبة ظاهرَ دمشق، ودُفِنَت بسَفْح جَبَل قاسيون عند والدِها.
ومولدُها تقريبًا سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة.
ذَكَرت لي أنَّ عُمُرها في سنة التَّتار سنة ثمانٍ وخَمْسين وست مئة سنة ونِصْف.
وكانت امرأةً جيِّدةً لم يُولد لها.
سَمِعت "جُزء ابن عَرَفة" على ابن عبد الدّائم، وغير ذلك، وحَدَّثت. سَمِعْنا منها.
3889 -
وفي ليلة الأربعاء تاسع عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين كَسْتاي
(2)
المَلَكيُّ الناصريُّ، نائبُ السَّلْطنة بطرابُلُس وأعمالها. وكان موتُهُ ودفنُه بها بعد أن مَرِضَ مدّةَ عِشْرين يومًا.
وكانَ من أعيان الدَّولةِ وكبارِ الأُمراءِ، وفيه ديانةٌ وخَيْرٌ.
3890 -
وفي يوم الجُمُعة الحادي والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات جمادى الآخرة سنة 702 هـ.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 236، وذيل العبر، ص 87، وفيه كشته، وأعيان العصر 4/ 158، والوافي بالوفيات 24/ 339، والسلوك 2/ 520، والدرر الكامنة 4/ 312، والنجوم الزاهرة 9/ 237، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
بَدْرُ الدِّين حَسَنُ
(1)
ابنُ شيخِنا بَدْر الدِّين عليّ بن عُمر ابن الشَّيخ جمال الدِّين أبي حَمْزة أحمد بن عُمر ابن الشَّيخ أبي عُمر مُحمد بن أحمد بن مُحمد بن قُدامة المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ بتُربة جدِّه.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ديِّنًا، مَشْكورَ السِّيرةِ. وسَمِعَ كثيرًا من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيرِهم. وكان نَقِيبًا عند ابن عمِّه قاضِي القُضاة تَقِيّ الدِّين، وكانَ زوج ابنتِه وله منها أولاد.
3891 -
وفي يوم الثُّلاثاء الخامس والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ المُقْرئُ بُرهانُ الدِّين إبراهيمُ
(2)
بنُ جعفر بن إبراهيم ابن الكَحّال الحرّانيُّ، ودُفِنَ يوم الأربعاء بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ مُقْرئًا مُجَوّدًا، حَسَن الأداء، قرأ السَّبْعة على رَضِيّ الدِّين ابن دَبُوقا، عن السَّخاويّ، وأقرأ جماعةً.
وسَمِعَ معنا الحَديثَ على الشُّيوخ أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيرِهم. وكانَ من أقراننا.
3892 -
وفي ليلة الخَمِيس السابع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ الصَّدْرُ الكبيرُ بهاءُ الدِّين أبو المَحَاسن يوسُفُ
(3)
ابنُ الصَّدْر كمال الدِّين أحمد بن عبد العزيز بن مُحمد بن عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحمن بن طاهر ابن العَجَميِّ، الحَلَبيُّ،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 381، وأعيان العصر 5/ 603، والبداية والنهاية 16/ 119، والدرر الكامنة 6/ 217، والدارس 1/ 360، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
سِبطُ الصّاحب كمال الدِّين ابن العَديم، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَ بتُربة خاله ووالدته قبالة جَوْسق ابن العَدِيم ظاهر دمشق.
ومولدُه في سنة خَمْسٍ وخَمْسين وست مئة.
رَوَى لنا "جُزء ابن عَرَفة" عن النَّجيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وسَمِعَ كثيرًا وَقرأ الفقهَ، واشتغلَ وحَصَّل، وكتبَ المَنْسوبَ، ودَرَّس بحَمَاةَ ودمشقَ، ووَلِيَ كتابةَ الإنشاءِ بدمشق، وحَكَم أيضًا بحَمَاة نيابةً. وكانَ صالحًا، ديِّنًا، مُبارَكًا، مُواظبًا على فِعْل الخَيْر، مَشْكورَ السِّيرةِ، مُحَبَّبًا إلى النّاس.
• - وفي يوم السَّبْت التاسع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة قَدِمَ علينا دمشقَ الخَطيبُ مُعين الدِّين ابن المُغَيْزل خَطيب حَمَاة، وتَوجَّه النّاسُ إلى رُؤيتِه، ونَزَلَ بالمَدْرسة العادلية عند قاضي القُضاة نَجْم الدِّين، وحَدَّثَ بدمشق وأقامَ إلى أثناء شَهْر رَمَضان، ثم عادَ إلى بَلَدِه.
• - وفي يوم الأحد سَلْخ جُمادى الآخِرة وَصلَ الملكُ عِمادُ الدِّين إسماعيل صاحبُ حَمَاة من الدِّيار المِصْرية إلى دمشقَ، ورجعَ إلى بَلَدِه على عادتِه مُكَرَّمًا
(1)
.
رَجَب
3893 -
في ليلة الاثنين مُستهَلّ رَجَب تُوفِّي القاضي الأجَلُّ الصَّدْرُ الكبيرُ العَدْلُ الصّاحبُ عزُّ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الصَّدْر الكبير جمالِ الدِّين مُحمد بن أحمد بن مُيَسَّر المِصْريُّ، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون ظاهر دمشق.
(1)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 82.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 246، والبداية والنهاية 16/ 116، والسلوك 2/ 519، والدرر الكامنة 1/ 339، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
ومولدُه ليلة الثُّلاثاء الحادي والعِشْرين من رَمَضان سنة تسع وثلاثين وست مئة بمِصْر.
وكانَ رَجُلًا كبيرًا، وَلِيَ الأنظار الكِبار، وتَقَدَّم في الدُّول، ومن جُملة ولاياته نَظر الدَّواوين بالدِّيار المِصْرية، ونَظَر دمشق، ونَظَر الإسكندرية، ونَظَر طرابُلُس، ونَظَر الأوقاف بدمشق والحِسْبة بها، وماتَ وهو مُتولِّي نَظرَ الأوقاف بدمشق، وكانَ فيه ديانةٌ ومحبّةٌ لأهل الخَيْر، وكَرَمٌ، وحُسْنُ صُحْبة.
3894 -
وفي ليلة الأحد السّابع من رَجَب تُوفِّي الحاجُّ أبو بكر
(1)
بن الأُزَيْرق البالسيُّ، التّاجرُ السَّفّارُ، ودُفِنَ بالصّالحية وحضَرَهُ جَمْعٌ.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا.
3895 -
وفي ليلة الأحد سابع رَجَب تُوفِّي عزُّ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ القاضي بهاءِ الدِّين يوسُف بن أحمدَ بنِ عبد العزيز، ابنُ العَجَميِّ، ودُفِنَ من الغَد عند والدِه، وبينهما في الوفاةِ عَشرة أيام.
وكانَ شابًّا اشتغلَ وحَفِظَ وسَمِعَ الحديثَ.
• - وفي يوم الأحد السّابع من رَجَب تَوجَّه من دمشق الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين أرقطاي الحاجّ المَلَكيُّ النّاصريُّ إلى حِمْص متولِّيًا نيابةَ السَّلْطنة بها.
ونُقِلَ النّائبُ بها الأميرُ شِهابُ الدِّين قَرَطاي إلى نِيابةِ السَّلْطنة بطرابُلُس وأعمالها، عِوَضًا عن الأمير سَيْف الدِّين كستاي، رحمه الله تعالى.
ووَلِيَ نيابةَ الكَرَك الأميرُ سَيْفُ الدِّين طُقْطية النّاصريُّ، عِوَضًا عن الأمير سَيْف الدِّين بيبُغا
(3)
.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه قبل قليل.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 237، والبداية والنهاية 16/ 116.
3896 -
وفي ليلة الثُّلاثاء تاسع رَجَب تُوفِّي الكمال الفَرّاء
(1)
الأعناكيُّ الجَعْفريّ، ودُفِنَ بالصّالحية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وتَرَكَ أولادًا وثَرْوةً.
• - وفي يوم الأربعاء عاشِر رَجَب ذكرَ الدَّرس القاضي نَجْمُ الدِّين الدمشقيُّ نائب الحُكْم بدمشق بالمَدْرسة النَّجِيبية، عِوَضًا عن بهاء الدِّين ابن العَجَميّ، رحمه الله
(2)
.
3897 -
وفي ليلة الخَمِيس حادي عَشَر رَجَب تُوفِّي الفقيهُ علاءُ الدِّين عليُّ
(3)
بنُ عبد الله بن داود الجنانيُّ الفَزَاريُّ الشّافعيُّ، السّاكن بالمَدْرسة الأمينية، وكانت وفاتُه بها، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، فقيهًا، له مَحْفوظات واشتغال، وخَطُّه خطٌّ حَسَن، وله نَظْم، وقاربَ السَّبعين.
• - وفي يوم الخَمِيس حادي عَشَر رَجَب طافوا بدمشق بمَحْمل السُّلْطان ليُعلِموا النّاسَ بالحجّ، وأُحْضِرَ السَّنْجَق إلى الجامع يوم الجُمُعة الذي يليه، واستمرَّ ذلك إلى وقت سَفر الرَّكْب.
3898 -
وفي يوم الخَمِيس الحادي عَشَر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ المُحَدِّثُ الفاضلُ العَدْلُ الرَّضِيُّ القاضي زَيْنُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحيم
(4)
ابنُ الشَّيخ الإمام الحافظِ تَقِيّ الدِّين أبي مُحمد إدريس بن مُحمد بن أبي
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 116، والدارس 1/ 360.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 387، والدرر الكامنة 3/ 147.
الفَرَج المُفَرِّج بن إدريس بن مُزَيز التَّنُوخيُّ الحَمَويُّ، وصُلِّي عليه يوم الجُمُعة ببلد تِيْزين
(1)
من عَمَل حَلَب، وكانَ قاضيًا هناك، ووَلِيَ قبل ذلك قضاء المَعَرّة أيضًا.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسنَ الأخْلاقِ، مليحَ الكِتابةِ.
رَوَى لنا "جُزء ابن عَرَفة" عن شَيْخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين الأنصارايِّ، وسَمِعَ أيضًا بالقاهرة من إسماعيل بن عَزّون، وسَمِعَ بدمشق من ابن أبي اليُسْر، وجماعة.
• - وفي ليلة السَّبْت ثالث عَشَر رَجَب خُسِفَ القَمَرُ جميعُه في أواخر اللَّيل، وصلَّى نائبُ الخَطيب بجامع دمشق صلاة الكُسُوف وخَطَب، وفرغَ من ذلك قبل الأذان، واستمرَّ الكُسوفُ إلى طُلُوع الشَّمس.
3899 -
وفي ليلة الأربعاء سابع عَشَر رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفاضلُ المُقْرئُ النَّحويُّ المُحدِّثُ الأديبُ المُنشئُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ المُظَفَّرِ بن إبراهيمَ بن عُمر بن زيد بن هبة الله الكِنْديُّ الإسكندريُّ، ثم الدِّمشقيُّ، ببُستانِه عند قُبّة المسجف، ودُفِنَ بالمِزّة.
ومولدُه في سنة أربعين وست مئة تقريبًا أو قبلها بقليل.
(1)
معجم البلدان 2/ 66.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 140، وذيل العبر، ص 87 - 88، والمعجم المختص، ص 177، وتذكرة الحفاظ 4/ 197، ومعجم شيوخ الذهبي 3/ 546، وفوات الوفيات 3/ 98، والوافي بالوفيات 22/ 199، وأعيان العصر 3/ 546، والبداية والنهاية 16/ 119، وذيل التقييد 2/ 224، وغاية النهاية 1/ 517، والسلوك 2/ 519، والدرر الكامنة 4/ 154، والنجوم الزاهرة 9/ 235، والدارس 1/ 85، وسلم الوصول 2/ 395، وشذرات الذهب 8/ 71، والبدر الطالع 1/ 498، وغيرها.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا، اشتغلَ في شَبِيبنه بأنواع من العِلْم، فقرأَ القُرآن بالسَّبْع على الشَّيخ عَلَم الدِّين القاسم الأندلسيِّ، وعلى الشَّيخ زين الدِّين الزَّواويِّ. وسَمِعَ الحديثَ، وطَلَبَ بنفسه، وحَصَّلَ، وظهرَ سماعُه على مئتي شَيْخ، منهم: عُثمان ابنُ خَطِيب القَرافة الرّاوي عن السِّلَفيّ بالإجازة، وابنُ البُرهان، وإسماعيل ابنُ الدَّرَجيّ، والصَّدرُ البَكْريُّ، وابنُ المُهَيْر، وابنُ عَوّة الجَزَريُّ
(1)
، وشَرَف الدِّين عبد العزيز الأنصاريُّ، والنَّجيب عبد اللَّطيف، والعماد مُحمد بن حامد القَزْوينيُّ، ومحمد بن سُلَيمان الصِّقِلِّيُّ، وعُمر الكِرْمانيُّ، والزَّيْن خالد.
ومنهم من أصحاب الثَّقفيّ سبعة: إبراهيمُ بنُ خليل، وابنُ عبد الدّائم، وعبدُ الله ابن الخُشُوعيِّ، والعمادُ ابنُ عبد الهادي، والكَفْرطابيُّ، وبهاءُ الدِّين نقيبُ الأشراف، وأبو طالب ابنُ السُّرُوريِّ.
ومنهم من أصحاب الخُشُوعيِّ أكثر من ثلاثين رَجُلًا، ومنهم جماعة كثيرة من أصحاب حَنْبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وغيرهم.
وحَصَّلَ طَرَفًا من اللُّغة والنَّحو والأدَب، وكانَ له شِعْرٌ جيِّد فيه المَعاني المبتكرة الحِسَان. وكَتَبَ الخطَّ المَنْسوب وأتقنَهُ، وكانَ كاتبًا عند ابن وَدَاعة ناظر دمشق وبه عُرِف، ثم تنقَّل في الخِدَم السُّلْطانية فأقامَ ناظرًا بالبِيْرة مدّةً،
(1)
في الأصل: "الجوزي"، وهو تحريف، فهو جزري من أهل جزيرة ابن عمر، قيده الإمام العلامة أبو حامد ابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال، ص 261، فقال: "عَوَّة: بالعين المهملة المفتوحة والواو المشددة المفتوحة
…
وشيخنا أبو حفص عمر بن أبي نصر بن أبي الفتح بن أبي نصر بن محمد بن عَوَّة الجزري التاجر، من أهل جزيرة ابن عمر
…
وتوفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ست وخمسين وست مئة بدمشق".
وترجمة عز الدين الحسيني في صلة التكملة، وقيده بالحروف كما قيده ابن الصابوني (1/ 406)، وهو مترجم أيضًا في تاريخ الإسلام 14/ 833، والعبر 5/ 234 وغيرهما.
ثم عادَ إلى دمشق وباشرَ ديوان الجامع وكتابة الإنشاء، ووَلِيَ مَشيخةَ دار الحَديث النَّفِيسيّة عَشْر سنين إلى أن ماتَ، وقرأ "صحيحَ البُخاري" مرّات، وأسمَعَ ورَوَى عن جماعةٍ من شيوخه. وكانَ يحبُّ السَّمَاع والتَّسْميع، وجمعَ كتابًا سَمّاه "التَّذكرة الكِنْديّة" وهو أكثر من خَمْسين مُجلَّدًا، ووقفَهُ بالخانكاه السُّمَيْساطيّة، وأكثره فوائد أدبية وأشعار مُنتَخَبة.
3900 -
وفي ليلة الأربعاء سابع عَشَر رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ أحمدُ
(1)
ابنُ بَدْر الدِّين حَسَن ابن الأمير حُسام الدِّين بَلَبان التُّركيُّ، السَّلُوقيُّ جدّه، سِبطُ الشَّيخ شَرَف الدِّين عُمر الناسخ، بالمارستان بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ هناك بعد الظُّهْر يوم الأربعاء عند والدتِه وأهلِه.
ومولدُه سنة إحدى وسبعين وست مئة بالصّالحية.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، يَحْفظ القرآن.
وهو أخو زَوْجتي وخال الأولاد.
وحَدَّث بشيءٍ عن أصحابِ ابن طَبَرْزَد، وكان سَمِعَ كثيرًا بالصّالحية.
3901 -
وفي بُكْرة الاثنين الثاني والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الخَطيبُ الفقيهُ العَدْلُ تَقِيُّ الدِّين أبو التُّقَى صالحُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام الخَطيب مَجْدِ الدِّين عبد الوَهّاب بن أحمد بن أبي الفَتْح بن سُحْنُون التَّنُوخيُّ الحَنَفيُّ. وكانت وفاتُه بمنزله جوار جامع النَّيْرب، وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بجامع النَّيْرب، ودُفِنَ عند والدِه فَوْق جَسْر المُعِزِّي عند الدّوّاسة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب. وتوفيت أخته دنيا في سنة 759 هـ، وترجمتها في: الوفيات لابن رافع 2/ 210، وذيل التقييد 2/ 365، والدرر الكامنة 2/ 229.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 547، والدرر الكامنة 2/ 358.
ومولدُه يوم الأربعاء عاشِر صَفَر سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة بجامع النَّيْرب.
ونَظَم أبوه في اسمه عند ولادته هذين البيتين:
تيمَّنْتُ فيه غبْطةً باسم صالح
…
فسمَّيتُه مُستهديًا برشادِه
عَسَى اللهُ فينا أنْ يمنّ بفَضْلِه
…
فيُحييه عَبْدًا صالحًا من عبادِه
وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وإبراهيم بن حَمْد بن كامل، وغيرهم. وحَدَّث.
سَمِعْنا منه "حديث بُشْرَى الفاتنيّ" عن العَسْكريّ، بسماعِه من ابن عبد الدّائم. وكانَ ذا هيئةٍ حَسَنةٍ، وفيه كَرَمٌ وتودُّدٌ. وكانَ يجلسُ مع الشُّهود قُبالة القَلْعة، ووَلِيَ مكانَهُ ولدُهُ مَجْدُ الدِّين إبراهيم، واستمرَّ في خطابة النَّيْرب على عادة والدِه وجدِّه.
3902 -
وفي شَهْر رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفاضلُ نَجْمُ الدِّين سُلَيمانُ
(1)
بنُ عبدِ القويّ بن عبد الكريم بن سعيد الطُّوفيُّ البَغْداديُّ الحَنْبليُّ، ببَلَد الخليل عليه السلام.
وكانَ قَدِمَ علينا دمشقَ من العراق، ثم تَوجَّه إلى القاهرةِ وأقامَ بها مدّةً، ثم تَوجَّه إلى الحِجاز وحَجَّ وجاورَ.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا، واتُّهِم بالقاهرة بالرَّفْض، وعَزَّرَهُ القاضي شَمْسُ الدِّين ابنُ الحارثي وأشهَرَهُ، وبَلَغنِي أنه تاب قبل موتِه من ذلك ومن هَجْوِ النّاس.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 153، وذيل العبر، ص 88، وأعيان العصر 2/ 445، وذيل طبقات الحنابلة 4/ 404، والسلوك 2/ 519، والدرر الكامنة 2/ 295، والمقصد الأرشد 1/ 425، وبغية الوعاة 1/ 599، وطبقات المفسرين للأدنه وي، ص 264، وسلم الوصول 2/ 148، وشذرات الذهب 8/ 71.
شَعْبان
3903 -
في يوم الخَمِيس التاسع من شَعْبان تُوفِّي القاضي الكبيرُ الأصيلُ قُطبُ الدِّين أبو طالب عبدُ الرَّحمن
(1)
ابنُ عمادِ الدِّين أبي بكر مُحمد ابن الشَّيخ الإمام كمالِ الدِّين أبي القاسم عُمر بن عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن الحَسَن، ابنُ العَجَميِّ، بحَلَب، وصُلِّي عليه من الغَد بعد الجُمُعة ودُفِنَ بمقبُرة أهلِه بالجُبَيل.
وكان وَلِيَ قضاء سَرْمين.
وهو والد الشَّيخ عزّ الدِّين عبد المُؤمن
(2)
.
ومولدُه في خامس شَعْبان سنة ثلاثٍ وأربعين وست مئة.
3904 -
وفي ليلة الخَمِيس عاشِر شَعْبان تُوفِّي الطّواشيُّ الأميرُ الكبيرُ ظَهِيرُ الدِّين مُختار
(3)
، المَعْروف بالبِلْبِيسيِّ، الخِزَنْدار بقَلْعة دمشق، وكانت وفاتُه بها، ودُفِنَ ضُحَى الخَمِيس خارج باب الجابية بتُربته التي عَمَرها ووقفَ عليها أوقافًا وقرَّر فيها مُقرئين بالنَّوبة ليلًا ونهارًا.
وكانَ حَسَنَ الشَّكْل، فيه خَيْرٌ وأخلاقٌ حسنةٌ وسكونٌ ووقارٌ، ويَحْفظُ القُرآن ويتلُوه بصوتٍ حَسَن. وأنشأ مكتبًا للصِّبيان قُبالة القَلْعة، ووقفَ عليهم وَقْفًا، وكان يُفَرِّق عليهم الجامكيّة في آخر الشَّهْر، ويَسْتَعلم ما ازدادوه من المَحْفُوظ ويمتحنهم ويُسَرّ بحفْظِهم وتِلاوتهم. وكانَ وَلِيَ الخِزَنْداريّة
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 136.
(2)
توفي عز الدين عبد المؤمن في جمادى الآخرة من سنة 741 هـ، وهو مترجم في المختصر لأبي الفدا 4/ 135، وتاريخ ابن الوردي 2/ 473، ووفيات ابن رافع 1/ 366، والدرر الكامنة 3/ 225 وغيرها، وهو من شيوخ المؤلف وإن تأخرت وفاته عنه.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 246، وأعيان العصر 5/ 413، والبداية والنهاية 16/ 120، والسلوك 2/ 521، والدرر الكامنة 6/ 105، والنجوم الزاهرة 9/ 237، والدارس 2/ 221.
بالدِّيار المِصْرية، ووَلِيَ على الممالك السُّلطانية مكان الطّواشِي فاخِر، وكان له خُبْزُ بطبلخاناه.
3905 -
وفي يوم الأربعاء السادس عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الوَزِيريِّ، وكانت وفاتُه بدار الجاولي ظاهر دمشق، ودُفِنَ من يومِه بعد العَصْر برأس مَيْدان الحَصَا فوق خان النَّجِيبنيّ.
وكانَ من أعيان الأُمراء، وعندَهُ فضيلةٌ ومَعْرفةٌ، وتكلَّم في الدِّيارِ المِصْرية في أمرِ الأوقاف والقُضاة والمُدَرِّسين، ونابَ بدار العَدْلِ عن السُّلْطان مدّةً، وباشرَ أميرَ حاجبٍ بالقاهرة، ثم صُرِفَ عن ذلك، ونُقِلَ إلى دمشقَ وجُعِلَ أميرًا بها إلى أن مات.
ولمّا كانَ بالدِّيار المِصْرية كان يُنْدَب في المَهمّات والكَشْف على الولاة والعمائر وغير ذلك لِمَا عنده من النَّهْضةِ والكفاءةِ وجَوْدة الرَّأي.
3906 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ بَدْرُ الدِّين أبو إبراهيم سَعْدُ
(2)
بنُ أبي عبد الله مُحمد بن يوسُف بن سَعْد بن بَدْر ابن مُفرّج النابُلُسيُّ، بظاهر دمشق، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع العُقَيبة، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
ومولدُه في سنة خَمْس وأربعين وست مئة بظاهر دمشق.
وكانَ رَجُلًا فقيرًا يُنادي على الكُتُب.
رَوَى لنا "جُزء ابن عَرَفة" عن شيخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين الأنصاري.
وهو أخو القاضي جلال الدِّين يوسُف قاضي بَعْلَبَك. وهما ابنا أخي الشَّيخ الحافظ زَيْن الدِّين خالد النابُلُسيّ، رحمهم الله تعالى.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 246، وأعيان العصر 5/ 298، والبداية والنهاية 16/ 116، والسلوك 2/ 521.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 264.
3907 -
وفي أول ليلة الجُمُعة ثامن عَشَر شَعْبان تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ الكبيرةُ المُعَمَّرة، أمُّ عبد الله ستُّ الوُزراء
(1)
بنتُ الشَّيخ الإمام العالم شَمْس الدِّين أبي الفُتوح عُمر ابن الشَّيخ الإمام العلّامة وجيه الدِّين أبي المَعالي أسْعَد بن المُنَجَّى بن بَرَكات بن المؤمَّل التَّنُوخيِّ الحَنْبليِّ، بدمشقَ، عند دار التَّقِيّ تَوْبة الوزير داخل باب الجابية، وصُلِّي عليها بجامع دمشقَ عَقِيب الجُمُعة، ودُفِنَت بتُربتهم بالقُرب من الجامع المُظَفَّريّ بسَفْح قاسيون.
ومولدُها في أواخر سنة ثلاثٍ وعِشْرين وست مئة أو أوائل سنة أربع وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكانت امرأةً خَيِّرةً فيها مروءةٌ، وعندها معرفةٌ وفَصاحةٌ وكَرَم أخلاق. رَوَت "صحيحَ البُخاري" عن ابن الزَّبِيديّ بدمشق أكثر من عَشْر مرّات، منها ثلاث بقراءتي، وبالدِّيار المِصْرية خَمْس مرّات. ورَوَت "مُسنَد الشّافعي" عن ابن الزَّبِيديّ أيضًا مرّات متعدِّدة. ورَوَت عن والدِها وكانَ من أعيان الفُقهاء والمُدَرِّسين، وتزوَّجت بأربعة أزواج آخرهم نَجْم الدِّين عبد الرَّحمن ابن الشِّيرازيّ، ووُلِدَ لها ثلاث بنات، ولم تُرْزَق وَلدًا ذَكَرًا، وحَجّت مرَّتين، سنة ابن النَّحّاس، وسنة كَنْجَك، رحمها الله.
3908 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع عَشَر شَعْبان تُوفِّي القاضي الفقيهُ الإمامُ العالمُ الخَطيبُ المدرِّسُ جمالُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام العَلّامة قاضي القُضاة بَدْر الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن إبراهيم بن سَعْد الله بن
(1)
ترجمتها في: نهاية الأرب 32/ 247، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 142، وذيل العبر، ص 88، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 292، وأعيان العصر 2/ 398، والوافي بالوفيات 15/ 117، وذيل التقييد 2/ 376، والسلوك 2/ 521، والدرر الكامنة 2/ 263، والمنهل الصافي 5/ 382، وفيه توفيت سنة 717 هـ، والنجوم الزاهرة 9/ 237، وشذرات الذهب 8/ 73.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 247، والسلوك 2/ 522.
جَماعة الشّافعيُّ، عندَ أذان العَصْر بمنزله بالجامع الأقْمَر بالقاهرة، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة بقُرب الإمام الشّافعيّ، رضي الله عنه، ووَصلَ خبرُه إلى دمشق، وصُلِّي عليه بجامعها يوم الجُمُعة ثامن رَمَضان، وخرجَ أبوه من القاهرة قاصدًا زيارةَ القُدْس فأقامَ أيامًا ورجعَ إلى القاهرة في آخر رَمَضان.
3909 -
وفي ليلة الاثنين التاسع عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئ شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عبد الحميد بن عبد الله بن خَلَف بن عبد الله بن حُسَين بن عبد الكريم القُرشِيُّ المؤدِّب، المِصْريُّ، الفقيهُ المالكيُّ، بمِصْرَ، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة.
رَوَى "الأربعين السِّلَفية" عن ابن الجَبّاب، ورَوَى عن ابن الجُمَّيْزي الثالث من "فوائد المدينة"، وسَمِعَ "صحيحَ مُسلم" بكماله من فَخْر القُضاة ابن الجَبّاب، عن المأمونيِّ. وكان متصدِّرًا بجامع مِصْر.
ومولدُه بمسجد القَلْعي بمصرَ المَحْروسة في سنة ستٍّ وعِشْرين وست مئة تقريبًا.
وذكرَ أخوه المحدِّثُ نَجْمُ الدِّين أبو بكر مُحمد أنَّ مولدَ أخيه المَذْكور في سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة تقريبًا أيضًا.
3910 -
وفي ليلة الاثنين الحادي والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الجَمَال عبدِ الملك ابن الحاجّ مُحمد بن خالد بن إبراهيم الحَرّانيُّ الخيّاطُ، على باب دَرْب العَجَم بدمشق، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 206، وذيل التقييد 1/ 148، وفيه مات في رجب، والدرر الكامنة 5/ 241.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة ابن عَمَّته في وفيات رمضان سنة 708 هـ.
ومولدُه في سنة ستٍّ وخَمْسين وست مئة بحَرّان.
رَوَى لنا أحاديث من "جُزء ابن عَرَفة" عن ابن عبد الدّائم.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَنَ الخُلُق، ليِّنَ الجانب، فيه مَرَحٌ ودُعابةٌ.
وهو ابن عَمّة الشَّيخ أمين الدِّين ابن شُقَيْر الحَرّانيّ.
3911 -
وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو الثَّناء محمودُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الفقيه الإمام العلّامة مُفْتي المُسلمين تَقِيّ الدِّين مُحمد بن محمود بن عبد المُنعم المراتِبيُّ، بالمارستان بالصّالحية ظاهر دمشق، ودُفِنَ من يومه بسَفْح قاسيون.
رَوَى لنا عن الرَّشيد بن مَسْلَمة، وسَمِعَ أيضًا من المُرْسي، واليَلْدانيِّ، وجماعةٍ، وأجازَ له في سنة تسع وثلاثين وست مئة الكاشْغَريُّ، وابنُ القُبَّيطيِّ، وابنُ أبي الفَخار، وأحمد بن يعقوب المارستانيُّ، وابنُ الخازن، ومُحمدُ بن عبد الواحد بن شُفْنِين، وعبد الله ابن النَّخّال، وابن العُلِّيق، وابن الدَّوامي، وابن النَّجّار الحافظ، وجماعةٌ غيرُهم.
وهو ابن حبيبة بنت الشَّيخ أبي عُمر بن قُدامة المَقْدسىّ، رحمهم الله تعالى.
وكانَ أبوه من أعيان الحَنابلة الفُضَلاء.
وأمّا هو فكانَ رَجُلًا خَيِّرًا، وثَقُل سمْعُه في أواخر عُمُره كثيرًا.
• - وفي يوم الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من شَعْبان احترقَ قبالة تُربة أمّ الصّالح بدمشق دار شِهاب الدِّين أحمد العَطّار المؤذِّن، وتَشَعَّثَت أماكن إلى جانبِها، وسَلّم اللهُ تعالى، وماتَ تحتَ الهَدْم جماعةٌ.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 335، وتوضيح المشتبه 8/ 97، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
• - وفي يوم الخَمِيس الرابع والعِشْرين من شَعْبان وَصلَ من القاهرة إلى دمشق القاضي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ بنُ يحيى بن مُحمد بن أبي بكر عبد الله بن نَصْر الحَرّانيُّ مُتولِّيًا نَظرَ الأوقاف، عِوَضًا عن ابن مُيَسَّر. وهو شيخٌ حَسَنُ الهيئةِ من بيت خَيْرٍ وصلاح
(1)
.
وكانَ أخوه القاضي شَرَفُ الدِّين عبدُ الغني قاضي الحَنابلة بالدِّيار المِصْرية.
3912 -
وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ مُحمد
(2)
البَطائحيُّ الرِّفاعيُّ، أخو الشَّيخ عمادِ الدِّين القَصّاص.
وكان شَيْخًا له زاوية ظاهر دمشق قُبالة المُصَلّى.
3913 -
وفي السّابع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي بالقاهرة شابٌّ فاضلٌ أعمَى، يُعرف بشهابِ الدِّين أحمدَ
(3)
، ابنُ الطاراتيِّ.
وكانَ يتوقَّد ذكاءً، وكلِّ مَن رآهُ أثنَى عليه وعلى جَودة ذِهْنه وإدراكِه.
3914 -
وفي يوم الاثنين الثامن والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ سَيْفُ الدِّين أبو بكر
(4)
بنُ قَيْصر بن أبي الهَيْجاء بن خالد، العَطّارُ بالسُّوق الكبير، المَعْروف بابن البَيْروتيِّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، وخَلَّف أولادًا وثَرْوة.
وكانَ في مبدأ عُمُره خَيّاطًا، وقاربَ الستّين.
3915 -
وفي ليلةِ الثُّلاثاء التّاسع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي علاءُ الدِّين عليُّ
(5)
ابنُ الأمير شِهابِ الدِّين أحمد بن عيسى بن أيدَمُر الكامليُّ، المَعْروفُ بابن دَمَرباش بالقاهرة، ودُفِنَ خارج باب النَّصْر.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 116 - 117.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
(4)
كذلك.
(5)
كذلك.
وكانَ شابًّا حَسَنًا من أهل دمشق، تَوجَّه في هذا الشَّهْر إلى القاهرةِ فدخلَها مَريضًا فأقامَ ستة أيام ومات.
شَهْر رَمَضان
3916 -
في بُكْرة الأربعاء مُستهلّ شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ جمالُ الدِّين أبو مُحمد حمزةُ
(1)
بنُ عبد الله بن حَمْزة بن أحمد بن عُمر ابن الشَّيخ أبي عُمر مُحمد بن أحمد بن مُحمد بن قُدامة المَقْدسيُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ ظُهرَ النَّهار المَذْكور بتُربة الشَّيخ الموفَّق، رحمه الله.
ومولدُه سنة خَمْسٍ وأربعين وست مئة تقريبًا بالصّالحية.
وحَضرَ في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة على الجَمَال الصُّوريِّ، وسَمِعَ من ابن سَعْد، وخَطِيب مَرْدا، ومُحمد بن عبد الهادي، وابن خليل، وابن عبد الدّائم، وجماعة. وحَدَّث، وسَمِعَ منه الطَّلبةُ. وأجازَهُ من بغدادَ في سنة خَمْسين وست مئة المُبارك بن مُحمد بن مَزْيَد الخَوّاص، ومُحمد بن عليّ بن بقاء ابن السَّبّاك، وجماعةٌ، ومن القاهرةِ سِبْط السِّلَفيِّ، ومن حَلَب والمَوْصل وحَرّان وغيرِها.
وكانَ يَحْفظُ القُرآن، ويواظبُ القِراءةَ بسُبُع الحنابلةِ بعد الظُّهْر بجامع دمشق، ويلازمُ بابَ الحُكْم عند عَمِّه قاضي القُضاة تَقِيّ الدِّين، ويسترزق معَ الوكلاء.
3917 -
وفي يوم الأربعاء سابع رَمَضان تُوفِّي القاضي تاجُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ القاضي زَيْن الدِّين عُمر بن إسماعيل الحَنَفيُّ الدِّمشقيُّ، بالمَدْرسة الأزكشيّة بالقاهرة، ودُفِنَ من الغَد بمقابر باب النَّصْر.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 217.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 360.
3918 -
وفي سَحَر الخَمِيس ثاني رَمَضان تُوفِّي الشُّجاع عبدُ الرَّحمن
(1)
بنُ عبدِ الرَّحيم بن مُحمد بن عُبيد الله بن عازر، بالصّالحية، ودُفِنَ في يوم الخَمِيس المَذْكور بسَفْح قاسيون.
ومولدُه سنة ستِّ وخَمْسين وست مئة تقريبًا بسَفْح قاسيون.
رَوَى لنا عن عُمر الكِرْمانيّ.
وكانَ له أخٌ اسمُه أحمد أكبر منه بثلاثين سنة. سَمِعنا منه عن ابن اللَّتِّيّ. وأبوهما عبدُ الرَّحيم كان بيع اللَّحْم بسوق الصّالحية، وحَدَّث بإجازة الأصبهانيِّين.
3919 -
وفي ليلة السَّبْت رابع رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ نورُ الدِّين عبدُ الله
(2)
ابنُ الشَّيخ عُمر الجَزَريّ، ودُفِنَ من الغَد بمقبُرة الباب الصَّغير.
وكانَ أخوه الشَّيخ أبو بَكْر ماتَ قبله بنحو عِشْرين يومًا. وكانا أخَوَين توْأمين صالِحَيْن من أولاد المَشايخ، ويُعْرفُ أبوهما بشيخ أرض نَبات من أراضي الجزيرة العُمَريّة.
• - وولدَ لي ولدٌ في ليلة الخَمِيس ثامن شَهْر رَمَضان وقت الفَراغ من التَّراويح، وسمّيته عبد الله، بارَكَ الله لنا فيه، عاشَ سنة ونِصْفًا وماتَ.
3920 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع عَشَر رَمَضان ماتَ نَجْمُ الدِّين عبدُ الرَّزاق
(3)
ابنُ الشَّيخ شهابِ الدِّين أحمد بن صالح الدُّنَيْسَريُّ التّاجرُ، بقَرْية دَيْر عليّ بالقُرب من دمشق مقتولًا، قتلَهُ بعضُ الفلّاحين، ودُفِنَ بالقرية المَذْكورة، وفَرحَ جماعةٌ بموتِه لدخولِه في مُرافعاتٍ وأمورٍ لا يَنْبَغي الدُّخول فيها.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في نهاية الأرب 32/ 179.
3921 -
وفي يوم الأربعاء خامس عَشَر رَمَضان تُوفِّي الحاجُّ عبدُ الله
(1)
المَعْروف بالجَبْصِينيِّ، شيخ سُوق الرَّحْبة بدمشق.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا مَشْهورًا، وله وقفٌ على قراءة حَدِيث.
3922 -
وفي يوم الأربعاء خامس عَشَر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ عُمر
(2)
الفقيرُ المَعْروف بالمُلْعِق.
وكانَ فقيرًا مِسْكينًا، رَثَّ الحال، مَشْهورًا، يؤذيه الصِّبْيان، وغيرُهم ويَحْتَمِل. ويذكر أنه قرابة الحاجّ علي المُغَرْبل التّاجر بقَيْسارية الشُّرُب، كان.
3923 -
وفي ليلة الجُمُعة سابع عَشَر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ ناصرُ الدِّين محمدُ
(3)
بنُ عُمر بن أبي بكر الخِلاطيُّ، إمامُ مَسْجد ابن القُطَّيْنِه بدَرْب الدَّعوة، ودُفِنَ يوم الجُمُعة بمقبُرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، كثيرَ الخَيْر، حافِظًا للقراءات السَّبْعة، جَيِّد الأداء. وسَمِعَ معي كثيرًا بالصّالحية على القاضي تَقِيِّ الدِّين. وحجّ في آخر عُمُره.
3924 -
وفي يوم السَّبْت ثامن عَشَر رَمَضان تُوفِّي الجَمَال إبراهيم
(4)
الخَشّاب، المَعْروف بابن الصُّورية، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
ووقفَ وقفًا على قراءة حديث بمَسْجد القَطّانين عند قَناة العَلَق داخل الباب الشَّرقيّ بدمشق.
3925 -
وفي ليلة الثاني عَشَر من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ الشَّريفُ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(5)
بنُ عبد العظيم بن سَلْمان بن عبدِ الكريم بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
(4)
كذلك.
(5)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكره الذهبي في مواليد سنة 639 هـ من تاريخ الإسلام 14/ 310.
أبي السَّعادات إبراهيم الحُسينيُّ المُرْسِيُّ، بالقاهرة، بالقُرْب من الجامع الأزْهَر، ودُفِنَ من الغَد بالرَّوْضة.
ومولدُه في عاشِر المُحرَّم سنة تسع وثلاثين وست مئة بمِصْرَ.
سَمِعَ من ابن رَوَاج، وابن الجُمَّيْزيّ، والسّاويّ، وسِبْط السِّلَفي، وحَدَّث بـ"جُزء عبّاس التّرقُفي" وغيره.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، عَدْلًا، ويباشرُ بعضَ الأوقاف، وعندَهُ عن ابن رَوَاج ستة عَشَر جُزءًا.
3926 -
وفي يوم الأحد الثامن عَشَر من رَمَضان تُوفِّي الصّاحبُ الصَّدْرُ الكبيرُ العالمُ الفاضلُ ضياءُ الدِّين أبو بكر
(1)
بنُ عبد الله بن أحمدَ بن مَنْصور بن أحمد بن شِهاب النَّشائِي، بالقاهرة بالجَوْذريّة، ودُفِنَ من يومِه بالقَرَافة.
وقيل: إنَّهُ تُوفِّي ليلة التاسع عَشَر من الشَّهْر المَذْكور.
وكانَ مَشْكورَ السِّيرة، فَقِيهًا، فَرَضيًّا، مُحَدِّثًا، من أصحاب شَيْخنا الدِّمياطيّ المُلازمين له، ووَلِيَ الوزارةَ بالدِّيار المِصْرية مدّةً، وعندَ موتِه كانَ ناظر الخِزانة السُّلْطانية، وولِيها مكانه القاضي تَقِيُّ الدِّين أحمد بن عُمر بن عبد الله بن عُمر بن عِوَض الحَنْبليُّ، قاضي القُضاة بالدِّيار المِصْرية.
3927 -
وفي يوم الاثنين التاسع عَشَر من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ محبُّ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
ابنُ الشَّيْخ الإمام العَلّامة شيخ الإسلام
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 248، وأعيان العصر 1/ 719، والوافي بالوفيات 10/ 237، والسلوك 2/ 520، والدرر الكامنة 1/ 530، وحسن المحاضرة 2/ 258، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 248، وأعيان العصر 3/ 502، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 367، والبداية والنهاية 16/ 120، والعقد المذهب، ص 389، والسلوك 2/ 521، والدرر الكامنة 4/ 135، والنجوم الزاهرة 7/ 228، وحسن المحاضرة 1/ 422، وشذرات الذهب 8/ 67، وفيه وفاته سنة 715 هـ.
قاضي القُضاة تَقِيُّ الدِّين أبي الفَتْح مُحمد ابن الشَّيخ مَجْدِ الدِّين عليّ بن وَهْب القُشَيْرىُّ، المَعْروفُ بابن دقيق العيد، بالقاهرة، ودُفِنَ من يومه عندَ والدِه بالقَرَافة.
وقيل: إنَّ وفاتَهُ ليلة العِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
ومولدُه في ثاني عَشَر صَفَر سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة بقُوص.
وحَضرَ على تاج الدِّين عبدِ الوَهّاب ابن عَساكر لمّا قَدِمَ عليهم حاجًّا، وسَمِعَ من جماعةٍ، وكانَ مُدرِّسًا بالمَدْرسة الكَهَارِية بالقاهرة، وفيها مات.
وهو زوج ابنة الإمام الحاكِم بأمر الله أمير المؤمنين، رحمه الله تعالى.
3928 -
وفي عَشِيّة الأحد التاسع عَشَر من رَمَضان تُوفِّيت أمُّ عُمر فاطمةُ
(1)
بنتُ النّاصح عبدِ الرَّحمن بن مُحمد بن عَيّاش بن حامِد بن خُلَيْف الصّالحيُّ، وصُلِّي عليها ظُهْرَ يوم الاثنين بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون عند أهلِها.
وقد قارَبَت الثمانين.
قرأتُ عليها "جُزء البانياسي" بالإجازةِ من ابن القُبَّيْطي، وابن أبي الفَخَار، والكاشْغَريّ.
ولها إجازةٌ من جماعةٍ من البَغْداديِّين، وكانت امرأةً صالحةً خَيِّرةً.
3929 -
وفي العِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الفقيهُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ حَسَن بن حَيْدر الرُّهاويُّ، ابنُ بواب المَدْرسة العَذْراوية، وكانت وفاتُه بمدينة المَحَلّة، ودُفِنَ من يومِه هناك.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 109، والدرر الكامنة 4/ 262.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ شابًّا لم يَبْلغ الثلاثين من العُمُر، وحَفِظَ "التنبيه" وغيرَهُ بدمشق. ثم إنّه سافرَ إلى الدِّيار المِصْرية وأقامَ بالمَحَلّة مدّةً إلى أن أدركَهُ أجَلُهُ. وكانَ صارَ هناك شاهدًا، وسَمِعَ شيئًا من الحَديث بدمشقَ والقاهرة. وكانَ له ثَبَت وإجازات.
3930 -
وفي يوم الأربعاء الثاني والعِشْرين من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الفاضلُ العَدْلُ شَرَفُ الدِّين أبو أحمد فَلاحُ
(1)
بنُ عليّ بن سالِم الشافعيُّ، البُصْرَويُّ، ودُفِنَ من الغَد بمقابر باب الفَرَاديس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، صالحًا، فيه ديانة وخَيْر، وله اشتغالٌ ومحفوظٌ، وكانَ يشهد بالبياطرةِ مدّةً طويلةً، ثم انتقلَ إلى سوق القَمْح واستمرَّ به إلى حين مَوتِه.
ومولدُه تقريبًا في سنة أربعين وست مئة بقَرْية مُعَرّبة من عَمَل بُصْرَى.
3931 -
وفي ليلة الأحد السّادس والعِشْرين من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الزّاهدُ بقيّةُ السَّلف مُحيي الدِّين أبو زكريّا يحيى
(2)
ابن الشَّيخ الإمامِ الصّالحِ كمالِ الدِّين أحمد بن نِعْمة بن أحمد بن جَعْفَر بن حُسَين بن حَمّاد المَقْدسيُّ الشافعيُّ، الإمامُ بمشهد عليّ رضي الله عنه بجامع دمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الأحد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر باب كَيْسان عند والدِه وأخويه.
ومولدُه في سنة ثلاثين وست مئة تقريبًا بالقُدس.
وأوّل سماعِه بدمشقَ في شَعْبان سنة أربعين وست مئة، سَضمِعَ من والده، ومكيّ بن عَلّان، والمُرْسيِّ، والفقيه محمد اليُونينيِّ، وشيخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين الأنصاريِّ، وإسماعيل العِراقيِّ، والنَّجْم البَلْخِيِّ، وابن خَطيب
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 155، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 366، وأعيان العصر 5/ 548، وذيل التقييد 2/ 303، والدرر الكامنة 6/ 179.
القَرَافة، وابنِ عبدِ الدّائم، وجماعة. وأجازَ له السَّخاويُّ، والقُرطبيُّ، وعَتِيقٌ السَّلْمانيُّ، وابنُ الصَّلاح، والعزُّ ابنُ عَساكر، وعُمرَ ابن البَرّاذعيِّ، وجماعةٌ.
وكانَ له اشتغالٌ بالعلم في أول عُمُره، وعندَهُ سلامه صَدْر وسُكُون، ودَرَّسَ وأعادَ بدمشق والقاهرة. وكان صالحًا مُبارَكًا، موصوفًا بالخَيْر والدِّين.
3932 -
وفي يوم الجُمُعة الرابع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ المُقرئُ عمادُ الدِّين أبو عبد الله محمدُ
(1)
بنُ أبي مَنْصور بن أبي النُّور بن أبي المَحَاسن بن عبد الواحد الدِّمشقيُّ الحَنَفيُّ العَطّارُ، ودُفِنَ يوم السَّبْت بمقابر الباب الصَّغير.
ومولدُه في ليلة التّاسع والعِشْرين من ذي القَعْدة سنة تسع وأربعين وست مئة بدمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، من أهل القُرآن، له إمامةٌ وقراءة.
رَوَى لنا عن ابن أبي اليُسْر، وسَمِعَ معنا "المُسنَد" بكماله، على ابن عَلّان.
3933 -
وفي سَلْخ رَمَضان تُوفِّي القازانيُّ
(2)
من مماليك السُّلطان، وكان أمير خَمْسين بالقاهرة.
كتب إليَّ به الشَّيخ أبو بكر الرَّحَبيّ.
شَوّال
3934 -
في ليلة الأحد الثّالث من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ الزّاهدُ بقيّةُ المشايخ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الإمام
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 6/ 21.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 89، والدرر الكامنة 1/ 310، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 144.
صَفِيّ الدِّين أبي بَكْر مُحمد بن حامد بن أبي بَكْر بن مُحمد بن يحيى بن الحُسَين التَّنُوخِيُّ الأُرمَويُّ، ثم القَرَافيُّ الصُّوفيُّ، وكانت وفاتُه بالخانقاه السُّمَيْساطية، وصُلِّي عليه ظُهر الأحد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
ومولدُه في الثاني عَشَر من جُمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وست مئة بقَرْية الكَفْز
(1)
من وادي بَرَدا من عَمَلِ دمشق.
وسَمِعَ من أبي القاسم عبد الرَّحمن بن مكّي سِبْط السِّلَفيّ عدّة أجزاء، ورَواها عنه، منها "الشُّكْر" و"التوكُّل"، كلاهما لابن أبي الدُّنيا، و"الأربعون السِّلَفية"، و"جُزء ابن عَرَفة"، والتاسع والعاشر من "الثَّقَفِيات"، وسَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من الرَّضِيّ ابن البُرهان، وحَدَّث به عنه. وسَمِعَ من الصّائن ابن الأنْجَب النَّعّال "مَشْيختهُ"، ومن الحافظ عبد العظيم المُنذري "الأربعين" له في الجهاد، ومن جماعة غيرِهم. ولَبِسَ الخِرْقة من الشَّيخ عمادِ الدِّين أبي جَعْفر مُحمد ابن الشَّيخ شِهاب الدِّين السُّهْرَوَرديّ.
وكانَ شيخًا حَسَنًا من أعيان الصُّوفية، كثير التلاوة، عزيز النَّفس، حَسَن المجالسة، لم يكن له تعلُّق بغير طريقة التصوُّف وملازمة الخانقاه إلى أن ماتَ على طريقةٍ حسنة، رحمه الله تعالى.
3935 -
وفي ليلة الأحد ثالث شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ العَدْلُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الإمام العالِم الخَطيب شيخ القُرّاء بُرهان الدِّين أبي إسحاق إبراهيم بن فَلاح بن مُحمد الإسكندريُّ، وصُلِّي عليه ظُهرَ الأحد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبُرة الباب الصَّغير عند والدِه.
ومولدُه في سنة خمسٍ وستين وست مئة بدمشق.
(1)
هكذا في النسخة الخطية، ولم نقف عليها.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 17.
وكانَ رَجُلًا جيَّدًا.
رَوَى لنا عن ابن أبي اليُسْر، وسَمِعَ من جماعة من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيره. وكانَ شاهدًا إلى أن مات.
3936 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الخامس من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ رشيدُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(1)
ابنُ شَيْخنا سَيْف الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ الإمام جَمال الدِّين أبي حَمْزة أحمد بن عُمر ابن الشَّيخ الإمام القُدْوة أبي عُمَر مُحمد بن أحمد بن مُحمد بن قُدامة المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الثُّلاثاء بالجامع المُظَفَّريِّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
ومولدُه في سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة تقريبًا.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ من غيرِه.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا من أهلِ القُرآن، وأسر التَّتار أهلَهُ، وسافَرَ إلى البلاد في طَلَبهم، وتَغرَّب مدّةً ثم عادَ. وكانَ كثيرَ المَرَض، فقيرًا، لم يزل على ذلك إلى أن ماتَ، وكانَ يقرأ في سُبُع الحَنابلة بجامع دمشق.
وهو ابنُ عمِّ قاضي القُضاة تقيّ الدِّين الحَنْبليّ.
• - وفي يوم السَّبْت تاسع شَوّال تَوجَّه المَحْمَل السُّلطانيُّ والرَّكْب المُبارك الشاميُّ من مدينة دمشق إلى الحِجاز الشَّريف، وأميرُ الحاجّ الأميرُ سَيْفُ الدِّين أرْغون السِّلَحْدار النّاصريُّ، السّاكنُ عندَ دار الطِّراز بدمشق. وحَجَّ في هذه السَّنة من الدِّيار المِصْرية الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين أرْغون الدَّوَادار نائبُ السَّلْطنة المُعَظَّمة وقاضي القُضاة بَدْر الدِّين ابن جَماعة
(2)
.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 374.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 117.
3937 -
وفي ليلة الاثنين حادي عَشَر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ مُظَفَّر بن تَمّام الدِّمشقيُّ النّحّاسُ، إمامُ المَدْرسةِ النّاصرية، بدمشقَ، ودُفِنَ بمقابر الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، قاضيًا لحوائج النّاس، مَشْكورَ السِّيرة، ونَسَخَ بخَطِّه جُمْلةً من الكُتُب، وحَفِظَ "التنبيه" في صِغَرِه في مدّةٍ يسيرة. سَمِعَ حديث يحيى بن يحيى بن إياز عَتِيق ابن جامع، بسَماعه من الحَرَستانيّ.
3938 -
وفي يوم الأربعاء العِشْرين من شَوّال تُوفِّيت المرأةُ الكبيرةُ الصّالحةُ ستُّ النِّعَم
(2)
بنتُ عبدِ الرَّحمن بن عليّ بن عَبْدوس الحَرّانيةُ، ودُفِنَت من يومها بمقابر الصُّوفية، وحَضَرَها خلقٌ كثيرٌ.
وهي والدةُ الشَّيخ تقيّ الدِّين ابن تيميّة، أدامَ اللهُ النَّفْعَ به.
ومولدُها تقريبًا في سنة خَمْسٍ وعِشْرين وست مئة.
وولدَت تِسْعة أولاد من الذُّكور، ولم تُرزَق بنتًا. وكانت صالحةً خَيِّرةً مُباركة، من بيتِ عِلْمٍ وصَلاح.
3939 -
وفي ليلة السَّبت الثّالث والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقرئُ المُسْنِدُ صَدْرُ الدِّين أبو الفِداء إسماعيلُ
(3)
ابنُ الشَّيخ شَمْس الدِّين أبي الحجّاج يوسُف ابن الشَّيخ نَجْم الدِّين أبي السِّر مَكْتُوم بن أحمد بن
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمتها في: البداية والنهاية 16/ 121.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 89، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 145، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 181، والوافي بالوفيات 9/ 246، وأعيان العصر 1/ 532، ومرآة الجنان 4/ 255، وذيل التقييد 1/ 477، والسلوك 2/ 519، والدرر الكامنة 1/ 457، والمنهل الصافي 2/ 429، والدارس 2/ 192، وشذرات الذهب 8/ 70.
مُحمد بن سُلَيْم القَيْسي، السُّوَيْديُّ الأصْل، الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق. ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في سنة ثلاث وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكانَ من بقايا المُسْنِدين. قرأتُ عليه "مُسنَد الدّارميّ"، والمُنْتَخَب من "مُسنَد عَبْد بن حُمَيْد"، و"جزء أبي الجَهْم"، والثاني من "حديث المُخَلِّص"، و"المئة الشُّرَيْحية"، بسماعه لذلك من ابن اللَّتِّي، و"مُوطأ مالك" رواية يحيى بن بُكَيْر، بسماعه من مُكْرَم بن أبي الصَّقْر، وكانَ قد تفرَّد به بدمشق.
ورَوَى لنا أيضًا عن السَّخاوي، والقاضي شَمْس الدِّين يحيى ابن سَنِيّ الدَّولة، والمُحدِّث إسماعيل بن ظَفَر النّابُلُسيّ، والقاضي أبي نَصْر ابن الشِّيرازيّ، وجدّه مَكْتوم القَيْسي، والقاضي نَجْم الدِّين ابن راجح الشافعيِّ، وغيرِهم. وتَفرَّدَ ببعضِ مسموعاتِه وبعضِ شُيوخه. وخُرِّجت له "مشيخة" وحَدَّث بها غير مرّة.
وذَكَر لي أنه قرأ على الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاوي، برواية أبي عَمْرو، وعاصم، وابن كثير. وماتَ الشَّيخُ ولم يُكْمِل السَّبْعة، وقرأ على جَدّ والدي الشَّيخ عَلَم الدِّين الأندلسيّ.
وكانَ فقيهًا بالمَدارس، ومُقْرئًا بالزُّوَيزانية. وذكرَ لي أنه كان صديقًا لجدّي أبي المَحَاسن يوسُف بن مُحمد البِرْزالي إمام مَسْجد فُلُوس، وأنَّهُ كان يُصلِّي خَلْفَه المغرب، ويُجالسه إلى العشاء. وحَجّ سنة إحدى عَشْرة وسبع مئة، وحَدَّثَ بالحَرَمين وبطريق الحِجاز. وانتفعَ النّاسُ به. وكانَ حَسَنَ الخُلُق، سَهْلًا في التَّسْمِيع، مُحبًّا للطَّلَبة.
جلسَ لنا يومًا بالقَيْمُرية من بُكْرةٍ إلى العَصْر، فقرأتُ عليه فيه "المُنْتَخب من مُسنَد عبد بن حُمَيد"، وكانت له هِمّة مع كِبَر السّنّ، يُصَيِّف في البُستان، ويحضر إلى الجُمُعة ويُبَكِّر إليها، ويَجْلس بعدها إلى العَصْر في الجامع.
وتَزَوّج في آخر عُمُره بنتًا صغيرةً بِكرًا، وكانت هي وأهلها يَخْدمونه ويُكْرمونه، ويَقُومون بأمرِه على أحسنِ حال إلى أن ماتَ.
3940 -
وفي ليلةِ السَّبْت سَلْخ شَوّال تُوفِّي جمالُ الدِّين داودُ
(1)
بنُ سُلَيْمان، والدُ الشَّيخ أمين الدِّين سُلَيْمان الطَّبِيب، ودُفِنَ بمقبُرة باب تُوما.
ذو القَعْدة
3941 -
في يوم الاثنين ثاني ذي القَعْدة تُوفِّيت زوجة قاضي القُضاة عزّ الدِّين ابن الصّائغ
(2)
، ودُفِنَت يوم الثُّلاثاء بسَفْح قاسيون بتُربة زَوْجها.
وهي والدة القاضي الإمام بَدْرِ الدِّين أبي اليُسْر، والقاضي علاءِ الدِّين يَحْفظهما اللهُ تعالى.
• - وفي يوم الخَمِيس الخامس من ذي القَعْدة وَصلَ إلى دمشق من زيارة البَيْت المُقَدَّس الأميرُ سَيْفُ الدِّين تَنْكَز ملكُ الأمراء بالشّام المَحْروس، وكانَ غابَ عن دمشق نحو عِشْرين يومًا، تَقَبَّل اللهُ منه
(3)
.
• - ووصلَ أيضًا إلى دمشقَ في التاريخ المَذْكور الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين بكتَمُر الحاجب مُكَرَّمًا، مُنْعَمًا عليه بإخْراجِه من السِّجْن، فأقامَ أيامًا بدمشقَ، ونظرَ في مَصالحِه وقَضَى أشغالَهُ، وتوجَّهَ يوم العاشِر من الشَّهْر إلى نِيابةِ السَّلْطنة بصَفَد وأعمالها. وكانَ وَصلَ الخَبَرُ بخُروجِه من الحَبْس وتوليته صَفَد
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة ابنه سليمان في وفيات شعبان سنة 702 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة زوجها قاضي القضاة عز الدين محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق المعروف بابن الصائغ في وفيات ربيع الآخر من سنة 683 هـ.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 117.
قبل ذلك بنحو نِصْف شَهْر. ونُقِلَ قاضي صَفَد حُسام الدِّين القَرْمي إلى قَضاء طرابُلُس وأعمالِها من جهة السُّلْطان، وأُعِيدت صَفَد وأعمالها إلى ولاية قاضي القُضاة بدمشقَ فولّاها القاضي شَرَف الدِّين ابن جلال الدِّين النَّهاونديّ الذي كان متولِّيًا بطرابُلُس
(1)
.
• - ووَصلَ أيضًا إلى دمشقَ في التاريخ المَذْكور صُحْبة الأمير سَيْف الدِّين الحاجب الطَّواشي ظهيرُ الدِّين مُختار المَعْروف بالزُّرَعيِّ، متولِّيًا الخِزَنْداريّة بقَلْعة دمشق، عِوَضًا عن ظَهِير الدِّين البِلْبِيسي، رحمه الله، فخُلِعَ عليه وباشرَ الوظيفة
(2)
.
3942 -
وفي العَشْر الأول من ذي القَعْدة وصَلَت الأخبار إلى دمشق بموتِ خَرْبَنْدا
(3)
، واسمُه خُدَابَنْدا مُحمد بن أرْغون بن أبَغَا بن هَلاوو ملك العِراق، وخُراسان، وعِرَاق العَجَم، والرُّوم، وأذْرَبِيجان، والبلاد الأرّانية، وديار بَكْر.
وقيل: إنَّ موتَه كان في ليلةِ السّابع والعِشْرين من رَمَضان من هذه السَّنة، ودُفِنَ بتُربتِه بالمدينة التي أنشأها وعَمَرها، واسمُها: السُّلطانية الغِياثية، وجاوزَ الثَّلاثين من العُمُر.
وكانَ موصوفًا بالكَرَم ومَحَبّة اللَّهْو واللَّعِب والعَمَائر. وأقامَ سنة في أول سَلْطنته على مذهب أهل السُّنة، ثم تَرَفَّض واستمرَّ على ذلك إلى أن ماتَ، وجَرَت فِتَنٌ في بلادِه بهذا السَّبب.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 117، والسلوك 2/ 516.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 117.
(3)
ترجمته في: المختصر في أخبار البشر 4/ 80، ونهاية الأرب 32/ 244، وذيل العبر، ص 88 - 89، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 147، وأعيان العصر 4/ 314، والوافي بالوفيات 2/ 185، والبداية والنهاية 16/ 117، والسلوك 2/ 515، والدرر الكامنة 5/ 113، وشذرات الذهب 8/ 74، وغيرها من التواريخ المستوعبة لعصره.
3943 -
وفي ليلة الاثنين أول الليل التاسع من ذي القَعْدة تُوفِّي الحاجُّ أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(1)
بنُ يحيى بن عبدِ الرَّحمن بن مَعَالي بن حَمْد المَقْدسيُّ الصّالحيُّ، ابن المُطَعِّم، ويُعرف بطُرْزُل، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون.
سَمِعَ من خَطيب مَرْدا حُضُورًا، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وحَدَّث. وماتَ في عَشْر السَّبْعين.
وخَلَّف تركةً نحو عِشْرين ألفًا، وكانَ يُطَعِّم في الأشجار، ويتردَّدُ إلى جُبّة عُسّال
(2)
ووادي بَرَدا في معيشتِه وتجارتِه.
وهو ابنُ أخي شَيْخنا عيسى المُطَعِّم.
3944 -
وفي يوم الثُّلاثاء عاشِر ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الكاتبُ المُجَوِّدُ الفاضلُ نَجْمُ الدِّين مُوسى
(3)
بنُ عليّ بن مُحمد الحَلَبيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، المَعْروفُ بابن البُصَيْص، ودُفِنَ من يومِه بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه سنة إحدى وخَمْسين وست مئة، عاشَ خَمْسًا وستين سنة.
وكانَ مُقَدَّمًا على الكُتّاب في وقتِه، وجلسَ لذلك في حَداثة سِنِّه، فكتبَ النّاسُ عليه وانتفعُوا به نحوًا من خَمْسين سنة، وله شِعْرٌ، وعندهُ فضيلةٌ وأخلاقٌ حَمِيدةٌ ومقاصدُ جميلةٌ.
3945 -
وفي يوم الثُّلاثاء سابع عَشَر ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 384، وعَمُّهُ عيسى مطعم الأشجار تأتي ترجمتِه في وفيات سنة 719 هـ.
(2)
سماها ياقوت جبة عُسَيل، ناحية بين دمشق وبعلبك (معجم البلدان 2/ 108).
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 248، وذيل العبر، ص 89، وأعيان العصر 5/ 481، والبداية والنهاية 16/ 121، والسلوك 2/ 521، والدرر الكامنة 6/ 140، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 143.
المُقْرئُ المُجيدُ الزّاهدُ العابدُ بقيّةُ السَّلَفِ الصّالح تَقِيُّ الدِّين أبو بَكْر
(1)
بنُ مُحمد بن أبي بَكْر بن أبي الكَرَم المَوْصليُّ، ودُفِنَ آخر النَّهار المَذْكور بمقبَرة الباب الصَّغِير على باب تُرْبة فَخْر الدِّين العَزَازِيّ، رحمه الله تعالى.
وسألته عن مَولِده فذكرَ أنَّهُ في سنة ثلاثٍ وثلاثين وست مئة تَقْريبًا بالمَوْصل. وقال لي: دخلتُ دمشقَ في أول سنة ستّ وخَمْسين وست مئة، وعُمُري ثلاث وعِشْرين سنة.
وقرأ القراءات على الشَّيخ زَيْن الدِّين الزَّواوي، وكانَ شيخَ المُتَصَدِّرين للتَّلْقين بجامع دمشق، ويُقرئُ أيضًا بالرِّوايات. أقامَ يُقرئ نحو خَمْسينَ سنة، وكانَ صالحًا، مُباركًا، حَسَنَ الخُلُق، عندَهُ فضيلةٌ وله خُطَبٌ وتَصْدِيقات يَجْمعها للصِّبيان يوردونها عند خَتْمِهم، وخَتَمَ عليه خَلْقٌ كثيرٌ ممّن قرأ عليه وممّن قرأ على أصحابه وتلامذته، وعلى غيرهم، كانوا يَقْصدون الخَتْم عليه لكِبَره وصلاحِه. وكانَ شيخَ الميعاد المَنْسوب إلى ابن عامر في ليالي الأحد. وسَمِعَ الحَديث من ابن أبي اليُسْر، وأيوب الحَمّاميِّ، وأبي بكر الهَرَويِّ، وشيخِنا ابن عَلّان، وغيرِهم، وحَدَّث.
قرأتُ عليه "تاريخ داريّا" للخَوْلانيّ بقَرْية داريّا بسَماعه من أيّوب الحَمّاميّ، بسَماعه من الخُشُوعيِّ.
حضرَ جنازتَهُ جمعٌ كبيرٌ من الأعيانِ والعُلماءِ والصُّلَحاءِ وعامّة النّاس، رحمهُ اللهُ تعالى.
3946 -
وفي بُكْرة الأحد الثاني والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 418، ومعرفة القراء الكبار 2/ 748، والبداية والنهاية 16/ 121، والدرر الكامنة 1/ 547، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 145.
الصّالحُ المُقْرئُ الزّاهدُ العابدُ المُجتهدُ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ الخَطيب سَلامة بنِ سالم بن أبي الحَسَن بن يَنْبُوت الماكسينيُّ، بالمَدْرسة الصّارِمية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الأحد بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير بالقُرب من قَبْر الفَنْدلاويّ، وحَضرَ جنازتَهُ جمْعٌ كبيرٌ حُزِروا بعشرة آلاف وأقلّ من ذلك.
وكانَ شيخًا صالحًا، مُلازمًا لإقراءِ القُرآن من أكثر من خَمْسين سنة، وكانَ يُفَصِّح الألسِنةَ ويُعَلِّم الحُرُوف الصَّعْبة ويواظب على الجُلُوس بالجامع والإقامة به، وأوقاتُه مَعْمُورة بالتِّلاوة والصَّلاة والعِبادة ليلًا ونهارًا.
وقرأ عليه جماعةٌ كبيرةٌ من أهل دمشق، وحَفِظوا عليه الكتابَ العزيز وانتفعُوا به.
ومولدُه بماكسين في سنة اثنتين وثلاثين وست مئة تقريبًا، رحمهُ اللهُ تعالى.
وسَمِعَ الحديثَ من الحافظ أبي البَقاء زَيْن الدِّين خالد النابُلُسيِّ، وابن أبي اليُسْر، وعُمر بن مُحمد الكِرْمانيّ، ورَوَى عنهم.
وذكرَ أنَّ والدَهُ ماتَ سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة، وكانَ هو إذ ذاك رَجُلًا ابن عِشْرين سنة أو نحوها.
3947 -
وفي يوم السَّبْت الثامن والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي بحَمَاة رَجلٌ صالحٌ اسمُهُ الشَّيخُ أحمدُ
(2)
بنُ سِباع، وصُلِّي عليه بجامع السُّوق الأعْلَى، ودُفِنَ بالمُصَلَّى ظاهر البَلَد، وكانت له جنازةٌ كبيرةٌ حَضَرَها مُعظم أهل البَلَد من الصُّلحاء والكِبار والأعيان والعامّة.
(1)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 121، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 145.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
ذو الحِجّة
3948 -
في آخر ليلة السَّبْت السّادس من ذي الحِجّة تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ الكبيرةُ أمُّ أحمد فاطمةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ نَفِيس الدِّين أبي البَرَكات مُحمد بن الحُسَين بن عبد الله بن رَوَاحة الأنصاريّةُ الحَمَويّةُ، بمدينة حَماة، وصُلِّي عليها ظُهْرَ السَّبْت بجامع حَمَاة الأعلى؛ تَقَدَّم في الصَّلاة عليها قاضي القُضاة شَرَف الدِّين بن البارزي، ودُفِنَت جوار مَسْجد يُعْرَف ببني رَوَاحة داخل الباب القِبْليّ عندَ أخٍ لها.
رَوَت عن عَمِّها عزِّ الدِّين عبد الله، وهي آخر من رَوَى عنه، وحَدَّثت بالقاهرة وحَمَاة وطرابُلُس.
وكانت زَوْجة ابن عَمِّها شيخِنا زَيْن الدِّين عبدِ الرَّحيم بن عبد الله، أمُّ ولَدِه الصَّدْر الفاضل المُنْشِئ نُور الدِّين أحمد، وأصيبت بوَلَدِها المَذْكور ماتَ قبلها بمدّةٍ.
3949 -
وفي عَشِيّة الثاني من ذي الحِجّة تُوفِّي بمكةَ الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ عزُّ الدِّين عُمرُ
(2)
بنُ أحمد بن أحمد بن مَهْدي المُدْلجِيُّ النَّشائيُّ، وصُلِّي عليه بعد العَصْر خَلْف المَقام، ودُفِنَ بالمَعلّاة.
وكانَ قَدِمَ مكةَ في رَمَضان فأقامَ نحو ثلاثة أشْهُر، وماتَ، رحمهُ اللهُ تعالى.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 112، وذيل العبر، ص 89، ومرآة الجنان 4/ 255، وشذرات الذهب 8/ 74، وذكرها الذهبي فيمن توفي سنة 716 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، 145.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 591، وفيه النسائي، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 371، والعقد الثمين 6/ 283، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 226، والدرر الكامنة 4/ 176، وبغية الوعاة 2/ 215، وسلم الوصول 2/ 410، وشذرات الذهب 8/ 80، وفيه وفاته سنة 717 هـ.
3950 -
وفي يوم عَرَفة تُوفِّي عِمادُ الدِّين إسماعيلُ
(1)
ابنُ نَجْم الدِّين عبد الله الفُوعِيُّ، ودُفِنَ من يومِه بسَفْح قاسيون.
وكانَ وكيل الأمير سَيْف الدِّين قَجْليس، وفيه نَهْضةٌ وكفاءةٌ، وحَصَّل ثروةً، ودخل في أسبابِ الدُّنيا، وعَمَر الحوانيت على باب الصَّغير لموكّله المَذْكور. وكان يُذْكَرُ عنه وعن والدِه تَشَيُّعٌ.
• - وعَقِيب عيد الأضحى وصَلَت الأخبار إلى دمشق باستقرار وَلَد خَرْبَندا في المُلْك بعد أبيه، وأنه خُطِب له في جَمِيع مَمْلكة والدِه، واسمه أبو سَعِيد، وهو صَبِيٌّ عُمُره إحدى عَشْرة سنة، وأنَّ أربابَ دولتهم مُصَادرون ومَطلُوبون بالأموال، وأنَّ خَرْبَنْدا كان سُمَّ، وعاشَ بعد ذلك عِشْرين يومًا أو نَحْوها، وقَتَلَ جماعةً ممّن اتُّهم بذلك، أو وافقَ عليه من الرِّجال والنِّساء، واستمرَّ في الوِزارة عليّ شاه التِّبريزيُّ، وتَولَّى تدبيرَ الدَّولة والجيوش الأمير جُوبان
(2)
.
• - ووَصلَ الخَبَرُ في التّاريخ المَذْكور بأنَّ الشَّريفَ حُمَيْضةَ بن أبي نُمَيّ الحَسَنيَّ المكيَّ كانَ قد لَحِقَ بخَرْبَندا، وأقامَ في بلادِه أشهُرًا، وطَلَب منهُ جَيْشًا يغزو بهم مكّةَ، وساعدَهُ جماعةٌ من الرّافضة على ذلك، وجَهَّزوا له جَمْعًا من خُراسانَ وكانوا مُهْتَمّين بذلك، فقدَّرَ اللهُ تعالى مَوْت خَرْبَندا وبَطل ذلك بحَمْد الله تعالى، وفَرِحَ المُسلمونَ أهل السُّنة والجَماعة بما يَسَّرهُ اللهُ تعالى عندَ موتِ خَرْبَندا من إهانة الرَّوافض وإذلالهم في جَميع مملكته، ومن إعزازِ أهلِ السُّنة وإعادةِ الخُطُب في جَميع ممالكة بذكْرِ الشَّيْخين رضي الله عنهما، فإنَّ أهلَ السُّنة كانُوا في غَمٍّ شديد من ذلك من مدّة سِنين، وجَرَت فِتَنٌ عظيمةٌ
(1)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 123، والدرر الكامنة 1/ 454.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 118، والنهج السديد 3/ 262.
بسبب ذلك وقتال وحُروب بأصبهان وهَراة وبَغْداد وساوة وإرْبِل وغيرها من بلادِ مملكته
(1)
.
ثم إنّ مُحمد بن عيسى أخا مُهَنّا هو وجَمْعٌ من العَرَب وقعوا على حُمَيضة وعلى الدَّلْقَنْدي، وكانَ معهما جَمْعٌ وأموالٌ فقهرَهُم وغَنِمَ ما معهم، ودَثَر
(2)
حُميْضة، وكان الدَّلْقَنْدي رَجُلًا رافضيًّا
(3)
من أعيان دَوْلة التَّتار قد قامَ بنَصْرِه وجَمَعَ له الأموال والرِّجالَ على أن يأخذَ له مكةَ ويقيمه بها. فلما وَقعَ ذلك على يدِ مُحمد بن عيسى وكانَ له مدّة ببلاد التَّتار قد خرجَ عن طاعةِ السُّلطان كاتبَ، فأُذِنَ له في الحُضُور، فحضرَ إلى دمشق أبيضَ الوَجه عَقِيب هذه الواقعة وأكرَمَهُ نائبُ السَّلْطنة كرامةً كثيرةً، وتَوجَّه إلى باب السُّلْطان مُكْرَمًا
(4)
.
3951 -
وفي ليلة التاسع عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي القاضي عَلَمُ الدِّين مُحمدُ
(5)
بنُ الخَضِر الحاكم بالمَنُوفيّة بالدِّيار المِصْرية، وكانت وفاتُهُ بالقاهرة، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة.
3952 -
وفي يوم الأربعاء بُكْرة النَّهار الرابع والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العلّامةُ صَدْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(6)
ابنُ
(1)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 80، ونهاية الأرب 32/ 245، والبداية والنهاية 16/ 118.
(2)
دثر: اندثر.
(3)
في الأصل: "رجل رافضي".
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 118.
(5)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(6)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 249، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 146، وذيل العبر، ص 90، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 259، وفوات الوفيات 4/ 13، وأعيان العصر 5/ 5، والوافي بالوفيات 4/ 264، ومرآة الجنان 4/ 256، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 253، والبداية والنهاية 16/ 122، وطبقات الشافعيين لابن كثير 1/ 944، والعقد المذهب، ص 392، والسلوك 2/ 520، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 233، والدرر الكامنة 5/ 373، والنجوم الزاهرة 9/ 233، وسلم الوصول 3/ 215، وشذرات الذهب 8/ 74، وغيرها.
الشَّيخ الإمام العَلّامة مُفْتي المُسْلمين زَيْن الدِّين عُمر بن مكّي بن عبد الصَّمَد الشافعيُّ، المَعْروفُ بابن وكيل بَيْت المال، وبابن المُرَحِّل بدارٍ في الجَمَلون قريبًا من الجامع الحاكميِّ بالقاهرة، ودُفِنَ من يومِه بالقُرْب من الشَّيخ أبي مُحمد بن أبي جَمْرة بتُربة القاضي فَخْر الدِّين ناظر الجَيْش بالقَرافة.
ومولدُه في شَوّال سنة خَمْسٍ وستِّين وست مئة بدِمْياط.
وكانَ من أعيان الفُضَلاء، صاحب فُنُون وعُلوم، وأفتَى وله اثنتان وعِشْرون سنة. ودَرَّس بالمَدارس الكِبار بالبلاد الشّامية والدِّيار المِصْرية، وكانَ النّاسُ مُجمعينَ على كَثْرةِ فَضَائِله وعُلومِه، وله صِيْتٌ مشهورٌ بينَ النّاس بالفَضِيلة، وله تقدُّمٌ عندَ السُّلطان والدَّولة، وباشرَ مشيخةَ دار الحديث الأشرفية بدمشقَ مدّةً، ثم نَزَحَ عن دمشق وأقامَ بحَلَب مدّة، ثم انتقلَ إلى الدِّيار المِصْرية وسكنَها إلى أن ماتَ بها. وكانَ كثيرَ الاشتغال والنَّظَر والبَحْث، يَعرفُ الفقهَ، والأصْلَيْن، والنَّحوَ، والطِّبّ، والأدَب، وغير ذلك. وله شِعْر كثير رَقِيق من جيِّد الشِّعر، وكانَ له أصحابٌ وأتباع ومُحِبُّون تأسّفوا لفَقْده. ولمّا كانَ بدارِ الحَدِيث رَوَى قطعةً كبيرةً من "صحيح مُسلم" عن الأمين الإرْبِليِّ، والعامريِّ، والمِزِّي مَشايخنا، وكانَ سمِعَ "مُسنَد الإمام أحمد" رضي الله عنه، على ابن علّان، وسَمِعَ الكُتُب السِّتّة على شُيوخنا، ووَصَل الخَبَر بموتِه إلى دمشقَ في آخر يوم من السَّنة مع البَرِيد، وعُمِلَ عزاؤه بُكْرة الجُمُعة ثالث المُحَرَّم من السَّنة الآتية تَحْت النَّسْر بجامع دمشق. وفي هذا اليوم صُلِّي عليه صَلاة الغائب، ورثاهُ بعضُ الفُضَلاء: نَجمُ الدِّين الصَّفَدي، وعلاءُ الدِّين بن غانِم، ونَجْمُ الدِّين القَحْفازي، وغيرهم من الشُّعراء، ووصفُوا فضائلَهُ ومناصبَهُ ومروءتَه، رحمهُ اللهُ تعالى.
3953 -
وفي سَحَر الاثنين التاسع والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ أمُّ الخَيْر عائشةُ
(1)
بنتُ شَيْخنا الشَّيخ الإمام القُدْوة الفقيه الحافظ قُطْب الدِّين أبي بَكْر مُحمد ابن الشَّيخ السَّيِّد القُدْوة أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن القَسْطَلّانيّ، وتُسَمَّى ستّ الكُلّ، بمكّة، زادَها اللهُ تعالى شَرَفًا، ودُفِنَت أول النَّهار عند جَدِّها الشَّيخ أبي العبّاس بمَقْبَرة مكّة المُسَمّاة بالمَعْلَى.
وهي زَوْجة الشَّيخ مُحبّ الدِّين ابن الطَّبَريّ.
ومولدُها تقريبًا سنة ثلاثٍ وأربعين وست مئة بمكّة.
سَمِعتْ حُضُورًا في الثالثة من بعض شُيوخ مكّةَ في سنة ستٍّ وأربعين وست مئة، ولها إجازة كُتِبَت في هذه السَّنة. وممّن أجازَ لها: إبراهيمُ بنُ الخَيِّر، وأبو جَعْفر بنُ السِّيِّديّ، والأعزَ بنُ العُلِّيق، وابنُ الجُمَّيْزيِّ، وعبدُ الرَّحمن بن أبي حَرَمي، ويوسُف بن خليل، وجَماعة.
وكانت امرأةً صالحةً، مُباركةً.
3954 -
وفي ليلة سَلْخ ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ أمينِ الدِّين عبدِ الرَّحمن بنِ شَرَف الدِّين أبي الحَسَن ابن فَخْرِ الدَّولة سناءِ المُلْك هبة الله بن مِسْكين الحَرِيريّ كان أبوه، بمِصْر.
ومولدُه في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة بمِصْرَ.
سمِعَ من الرَّشيد العَطّار، والكمال الضَّرير، وابن البُرهان، وغيرِهم، وكانَ أمينًا بمصبغة الحرير بمِصْر.
ضبطَ لنا موتَهُ بَدْرُ الدِّين محمد ابن الشَّيخ جمال الدِّين المِزِّيّ.
(1)
ترجمتها في: العقد الثمين 8/ 270.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
سنة سَبْع عَشْرة وسبع مئة
المُحَرَّم
• - في يوم الجُمُعة الثالث من المُحَرَّم صُلِّي بجامع دمشق على غائبٍ وهو الشَّيخُ الإمامُ صَدْرُ الدِّين مُحمدُ بنُ عُمر بن مكيّ، المَعْروف بابن وكيل بَيْت المال، ويُعرَف والدُه بابن المُرَحِّل أيضًا، تُوفِّي بالدِّيار المِصْرية.
وقد تَقَدَّم ذِكر وفاته في آخر السنة الخارجة، رحمهُ اللهُ تعالى
(1)
.
3955 -
وفي ليلة الاثنين السّادس من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفاضلُ المُحدِّثُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ مُحمد بن عبد الله الخُتَنِيُّ
(3)
، الشّافعيُّ وصُلِّي عليه ظُهْر يوم الاثنين بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
ومولدُه في سنة سَبْعين وست مئة تقريبًا.
وكانَ صاحبَنا ووفيقَنا جُلّ عُمُره، واشتغلَ وحَصَّلَ، وكانَ يحفظ أشياءَ حَسَنة من اللُّغة والأنساب، وله نُسَخٌ بالكُتُب المتداولة بين الطَّلَبة، مثلَ "التَّنْبيه" في الفقه، و"الأحكام" لعبد الغني، و"الأربعين" للنَّواوي، و"الجُرْجانية"، وغير ذلك، قد أتقنها وصَحَّحَها وقابلَها غيرَ مرّة. وكانَ النّاسُ يقابلون نُسَخَهم عليها ويُصَحِّحونَ عليه، وكانَ كثيرَ النَّفْع والإفادة، وسَمِعَ كثيرًا من الحَديث
(1)
الترجمة رقم (3952).
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 92، وفيه "الجبني" مُصحف، والمعجم المختص، ص 90، وتذكرة الحفاظ 4/ 199، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 43، وفيه الجبني أيضًا، والبداية والنهاية 16/ 128، وتوضيح المشتبه 2/ 210، وشذرات الذهب 8/ 81، وفيه الجبني أيضًا، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 717 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 146.
(3)
قيده العلامة ابن ناصر الدين بالحروف بضم الخاء المعجمة وفتح المثناة فوق، تليها نون، (توضيح المشتبه 2/ 210).
على جماعةٍ من شيوخِنا مثل ابن البُخاري، وابنِ الواسطيِّ، ومَن بَعْدهما، وقرأ كثيرًا من الكُتُب، وسَمِعَ النّاسُ معه، وكانت الألسنة مُجْمعةً على الثَّناءِ عليه، وكانَ متواضعًا، خَيِّرًا، صالحًا، مُباركًا، عَفِيفًا، نَزِهَ النَّفْس، لا يُزاحم أحدًا.
ورثاهُ الشَّيخُ علاءُ الدِّين بن غانِم بأبيات وأثنَى عليه، وذكرَ ما كانَ عليه من الخَيْر والطريقة الحَمِيدة، رحمهُ اللهُ تعالى.
3956 -
وفي الثامن من المُحَرَّم تُوفِّي الصَّدْرُ علاءُ الدِّين عليُّ
(1)
بنُ مُظفّر بن قُرْناص الحَمَويُّ، بحَمَاة.
وهو والدُ بَدْر الدِّين عبد الله.
3957 -
وفي ليلة الاثنين الثالث عَشَر من المُحَرَّم تُوفِّي أحمدُ
(2)
ابنُ الحاجّ نَجْم الدِّين مُحمدِ بنِ عبد الخالق بن عبد المُنْعم الحَنَفيُّ، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ شابًّا، قرأ على الجنائز مدّة، وصاو يَنُوبُ عن النّاصح النَّقِيب.
• - وفي أول ليلة الرّابع عَشر من المُحَرَّم خُسِفَ القَمَرُ وصُلِّيت صلاةُ الخُسُوف بجامع دمشق بين المَغْرب والعشاء، وفُرِغَ منها، وصُلِّيت العشاءُ عَقِيبها، وخَطَبَ نائب الخَطيب الشَّيخُ زكيّ الدِّين زَكْرِي الشّافعيُّ.
3958 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الحادي والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ ناصرُ الدِّين ناصرُ
(3)
بنُ أحمد بن محمد الدَّولويُّ الرُّوميُّ، مُدرِّسُ المَدْرسة الفَرُّخشاهيّة، الحَنَفية، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب. وآل قرناص حمويون معروفون، وترجم الحافظ ابن حجر لحفيده أبي الفتح مظفر بن عبد الله بن مظفر المتوفى سنة 730 هـ، (الدرر الكامنة 4/ 247 و 6/ 113).
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك، ولم نقف على نسبته "الدولوي"، إلى أي شيء هي.
وكانَ فقيهًا فاضِلًا، صاحبَ فُنونٍ وبحثٍ ومُناظرة، وكانَ أيضًا صالحًا، زاهدًا، خَشنَ المأكل والمَلْبس، ليسَ له في الرِّياسةِ نَصِيبٌ، رحمهُ اللهُ تعالى.
• - وفي بُكْرة الأحد السّادس والعِشْرين من المُحَرَّم دَخلَ المَحْمَل إلى دمشقَ والرَّكْب الشاميُّ من الحِجاز الشَّريف، وأميرُ الحاجّ الأميرُ سَيْفُ الدِّين أرْغون السِّلَحْدار النّاصريُّ، السّاكنُ عند دار الطِّراز بدمشق، ومنهم الشَّيخُ رضيُّ الدِّين المَنْطِيقيُّ الحَنَفيُّ، وعلاءُ الدِّين المَقْدسيُّ، وجمالُ الدِّين بن جُمْلة
(1)
، وبَدْر الدِّين بن الكاتبيّ الحَرّانيُّ الحَنْبليُّ، وشهابُ الدِّين بن العُدَيْسة، وعلاءُ الدِّين بن المِقْداد، وبَدْر الدِّين بن صبيح المؤذِّن، وولده، وجمال الدِّين بن مروان، وولده إبراهيم، وموفَّق الدِّين خطيب بيت الآبار، وأحمد الورّاق.
3959 -
وفي الرّابع من المُحَرَّم تُوفِّي القاضي الفقيهُ الإمامُ جلالُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ عبدِ الله بن عبد القَويّ بن الحَسَن بن أبي المَجْد بن ناجي بن سُلَيمان المُدْلِجيُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بالعَصْلُوجيِّ، بمِصْرَ، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة.
وكانَ ففيهًا مُدَرِّسًا بمِصْرَ. رَوَى كتاب "الشِّهاب" للقُضاعيّ، عن الحافظ رشيدِ الدِّين العَطّار القُرشيّ. سَمِعَ منه أمينُ الدِّين الواني وغيرُه.
ومولدُه في صَفَر سنة ستٍّ وأربعين وست مئة.
ونابَ في الحُكْم بمِصْرَ عن ابنِ دقيقِ العيد.
(1)
بالجيم، وهو قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي ثم الصالحي الشافعي المتوفى سنة 738 هـ، وترجمته في ذيل العبر، ص 202، والمعجم المختص، ص 297، وأعيان العصر 5/ 595، وتوضيح المشتبه 2/ 446، وغيرها.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 409، والدرر الكامنة 4/ 88.
صَفَر
3960 -
في يوم الاثنين الخامس من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الفاضلُ نَجْم الدِّين أبو الثَّناء محمودُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الفقيه الإمام شَرَف الدِّين مُحمد بن حَمْدان بن جَرّاح بن الحَسَن بن مُحمد بن أحمد النُّمَيْريّ، بقَرْية كَفْر بَطْنا من غُوطة دمشق، ودُفِنَ في يومه بمقبَرة يَعْقوبا جوار كَفْر بَطْنا.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، خيِّرًا، مُباركًا.
مولدُه بكَفْر بَطْنا، ولم يزل مُقيمًا بها إلى أن ماتَ.
سَمِعَ من أبي العزّ بن صُدَيْق الحَرّانيِّ، ونَجْم الدِّين بن الشَّيْرَجيّ، والنَّجيب بن شُقَيْشِقَة، والمُحبّ عبد الله المَقْدسيِّ المُحدِّث، وغيرِهم، ورَوَى عنهم. وأجازَ له في سنة خَمْسين وست مئة أبو القاسم عبد الرَّحمن بن مكّي سِبْط السِّلَفي، والحافظ زكيُّ الدِّين عبدُ العظيم، والشَّيخُ عزُّ الدِّين بن عبد السَّلام، وعبد الغني بن بَنِين، والصّائن مُحمد بن الأنجب النَّعّال، والعِماد بن عبد الهادي، وأخوه الفقيه مُحمد، والشَّيخ شَمْس الدِّين الواعظ سِبْط ابن الجَوْزي، وعبد الله بن الخُشُوعيّ، وخَطِيب مَرْدا، وإبراهيم بن خليل، وغيرهم، وسَمِعَ من الشَّيخ شَرَف الدِّين الإرْبليّ "مقامات الحَرِيري".
وكانَ والده من أهل حَرّان، ونَزَل كَفْر بَطْنا واستوطنها. وكانَ فقيهًا فاضلًا، وشاعِرًا مُجيدًا. ماتَ سنة اثنتين وستّين وست مئة. وكتبَ عنه الدِّمياطي من شِعْره في "مُعجَمه".
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 336، والدرر الكامنة 6/ 94.
3961 -
وفي يوم الجُمُعة سادس عَشَر صَفَر تُوفِّيت ستّ العُدُول
(1)
بنتُ الشَّيخ الصَّدْر فَخْر الدِّين أبي الثَّناء محمود بن عبد اللَّطيف بن مُحمد بن سيما بن عامر بن إبراهيم بن سالم السُّلَميِّ الدِّمشقيِّ.
وكانت امرأة كبيرة ما أعرفُ لها رواية.
وسَمِعنا من وَلدِها عبد الحَميد الصّائغ، ومن أخويها شَمْس الدِّين مُحمد، ومُحيي الدِّين عليّ، رحمهما اللهُ تعالى.
وكانت وفاة والدها في سنة أربع وثلاثين وست مئة.
3962 -
وفي ليلة الأحد الخامس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّيت ستّ الأهل
(2)
بنت نَجْم الدِّين نَجْم بن يوسُف بن أحمد بن نَجْم بن الحَنْبليّ، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون.
وهي زوجة الشَّيخ ضياء الدِّين بن عبد الكافي، أمّ أولاده. وكانت امرأةً كبيرةً من بيتِ عِلْم وصَلاح.
• - وفي شَهْر صَفَر شُرِعَ في عِمارة جامع ظاهر دمشق خارج باب النَّصْر قُبالة حِكْر السُّمّاقُ، وحَضَرَ إليه القُضاة والعُلماء لتحرير قبلتِه، وتَرَدّدوا بسبب ذلك مرّات، واستقرَّ الحال في أمرِها في يوم الأحد الخامس والعِشْرين
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وأبوها توفي سنة 634 هـ، كما ذكر المؤلف، وترجمته في التكملة لوفيات النقلة 3/ 458، وتاريخ الإسلام 14/ 159، وتقدمت ترجمة أخيها علي في وفيات صفر سنة 715 هـ، وترجمة أخيها الآخر محمد في وفيات جمادى الآخرة سنة 698 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وأبوها توفي سنة 637 هـ، وترجمته في التكملة لوفيات النقلة 3/ 537 هـ، وتاريخ الإسلام 14/ 259.
من صَفَر وذلك بمَرْسوم السُّلطان، وإعانته، وإشارةِ الأمير سَيْف الدِّين نائب السَّلْطنة ورغبته في ذلك طلبًا للأجْرِ والثَّواب
(1)
.
وفي يوم الخَمِيس ثامن صَفَر تُوفِّي بمكّة الشَّيْخان الصالحان:
3963 -
عليُّ
(2)
بنُ بُحَيْر الشَّيْبيُّ.
3964 -
ونَجْمُ الدِّين، عبدُ الله
(3)
بنُ مُحمد بن أبي المَكَارم الحَمَويُّ. ودُفِنا في اليوم المَذْكور بالمَعْلَى.
فأمّا ابن بُحَيْر، فكانَ فاتحَ الكَعْبة المُعظَّمة، وشيخ الحَرَم. رَوَى عن أمينِ الدِّين عبد الصَّمد بن عَساكر. سَمِعَ منه ابن قطرال، والغَرناطيُّ، وابنُ خليل. وهو من أقران نَجْم الدِّين الطَّبَري قاضي مكةَ. ومولد القاضي في سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة.
وأمّا نَجْم الدِّين الحَمَويُّ فكانَ شيْخًا صالحًا، أقامَ مدّةً طويلةً بمكّةَ، وصاهر الشَّيخَ رضيَّ الدِّين، إمامَ المقام. وكانَ من أصحاب الشَّيخ نَجْم الدِّين بن الحَكِيم الحَمَويّ، ويحفظ عنه حكايات وأشياء حَسَنة.
• - وفي يوم الخَمِيس التاسع والعِشْرين من صَفَر وَصَلَت الأخبارُ إلى دمشقَ بأنّ السَّيْل حَصل ببَعْلَبَك وأهلكَ شيئًا كثيرًا من النّاس والدُّور والعمائر، وأخربَ سُور البَلَد، وحائِط الجامع
(4)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 249، والبداية والنهاية 16/ 123.
(2)
ترجمته في: العقد الثمين 6/ 147، وتوضيح المشتبه 1/ 354.
(3)
ترجمته في: العقد الثمين 5/ 277 نقلًا من هذا الكتاب.
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 249 - 250، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 151 - 152، وذيل العبر، ص 91، والبداية والنهاية 16/ 124.
ووقفتُ على كتابٍ من نَجْم الدِّين بن المَعَرِّي إلى الشَّيخ كمالِ الدِّين بن الزَّمَلُكانيّ حَرَسَهُ الله، فيه: ويُنْهي أنَّه لما كانَ نهار الثُّلاثاء سابع عِشْري صَفَر وقعَ في المدينة راعدٌ عظيم، ووقعَ عَقيبهُ سَيْل عظيم، وخُسِفَ سُور البَلَد من جهة الشِّمال ودخلَ المدينة، وأخربَ أماكنَ كثيرة تزيد على ثُلُث البَلَد، ووصلَ إلى الجامع ودخلَ إليه، وارتفعَ فيه ما يزيد على قامةٍ ونِصْف، ثم إنَّه قوي على الحائط الغربي وأخربَهُ، وأخربَ من رباع الجامع وغيرها شيئًا كثيرًا، وعُدِمَ تحت الرَّدْم خَلْق كثير لا يَعْلمهم إلّا الله تعالى من الرِّجال والنِّساء والأطفال، وعُدِمَ جميعُ ما كانَ في الجامع من الآلات. وكانَ يومًا مَشْهودًا، وتهتَّكَ النّاسُ والنَّدْبُ والعويلُ في أقطار البَلَد، وهذا الذي ذكرَهُ المملوك هو بعضُ ما جَرَى، وليسَ الخبر كالعيان. ووُجِدَ الشَّيخُ عليُّ بنُ مُحمد ابن الشَّيخ عليّ الحَرِيريّ غَرِيقًا في الجامع، ومعه خَلْقٌ كثير، ولطَفَ اللهُ تعالى بخَلْقه كونه ما جاء في الليل.
ثم قرأ علينا قاضِي القُضاة نَجْم الدِّين - أيَّدهُ اللهُ تعالى - كتابَ العِمّاديّ النّائب ببَعْلَبَك إليه، وكتاب نائبه القاضي جَمال الدِّين الرَّحَبِي قاضي بَعْلَبك بنحوٍ من ذلك، وتَوجَّه من دمشق الأميرُ بَدْرُ الدّين مُحمد بن مَعْبَد إلى بَعْلَبَك لرؤية الحال وكَشْف الأمور، فرجَعَ ومعه هذا الكتاب:"قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59]، وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} [آل عمران: 13]، فمن لمح هذه الواقعة العظيمة بعين الاعتبار، وشاهدها بقَلْب الافتكار، حَمِدَ اللهَ تعالى حيثُ أرادَه بخيره، وجعلَ عِبْرة نفسِه بغَيْرِه، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82، 83] ".
ولمّا كانَ بين الظُّهْر والعَصْر من نهار الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من صَفَر سنة سَبْع عَشْرة وسَبْع مئة أرسلَ اللهُ تعالى سحابةً عظيمةً ذات رَعْدٍ وبَرْق ومَطَر غزير وبَرَد وودق، فسالت منها الأوديةُ شَرْقيّ بَعْلَبَك المَحْروسة، وحَمَلت ما مَرَّت عليه من أشجار العِنَب وغيرِه، فانفرقت على البَلَد فرقتين، فِرْقة في الناحية الشَّرْقية بقبلةٍ سالت حتى انتهت إلى النَّهْر، وبَحَّرَت بَحْرةً عظيمةً على السُّور حتى كادت تبلغ شُرُفاته ارتفاعًا، وتزايدت في طُوله عِظَمًا وارتفاعًا، فلطفَ اللهُ تعالى وثَبَت السُّور وما كاد، فتصرَّفت مع جَرَيان النَّهر، ولم يَحْصل بحمدِ الله بسببها كبيرُ أمرٍ ولا كثيرُ فسادٍ.
والفرقة الثانية رَكبت البَلَد فيما بين باب دمشق وباب نَحْلَة
(1)
شرقيّ البَلَد بشمال، وانزَجَرت هُناك على السُّور نَحْوًا من ذلك المِنْوال، فلمّا اجتمعت وثقلت خَرَقت من السُّور ما مساحته في الطُّول أربعون ذراعًا، مع أنه مُحْكَمُ البُنيان، شديدُ الأركان، وحصلَ لِما يليه التَّصدُّع مع أنّ سُمْكه خمسة أذرُع، فأخذت بُرجًا على التمام والكَمال، وبعض بَدَنةٍ عن اليمين، وبعض بَدَنةٍ عن الشِّمال. وهذا البُرج ذَرْعُه من كل جانب خَمسة عشر ذِراعًا، فحملَهُ الماءُ وهو على حاله لم يَنْقُص حتى مرَّ على فَسْحةٍ عظيمة نحو خَمْس مئة ذِراع من الأرض. وأخذ السَّيْل في البَلَد إلى جهة الغرب جاريًا، فما مَرَّ بشيء في طريقه إلّا جعله خاويًا، ولا على شاخص من البناء وغيره إلّا جَعَلَهُ للأرض مُساويًا، فخرَّب المساكنَ، وأذهبَ الأموال، وغَرَّقَ الرِّجالَ والحريمَ والأطفالَ، وأثكَلَ الأُمّهات والآباء، وأيَّم الأزواجَ، وأيتَمَ الأبناء، ثم لم يزل حتى دخلَ الجامع الأعظم والمَدْرسة التي تليه فانْجَزَر بهما حتى كاد يبلغ رؤوس العُمُد في تناهيه، فأتلفَ ما فيهما من المَصَاحف والرَّبَعات وكُتُب العُلوم والأحاديث
(1)
بالحاء المهملة، قرية بينها وبين بعلبك ثلاثة أميال (معجم البلدان 5/ 275).
النبويات، وشعَّثَ فيهما وخَرَّب وغَرَّق ما أزعجَ القُلُوب وأقْلَق، وانفجر بالجدار الغَرْبيّ من الجامع فهدَمَهُ، وأخذَ ما مرّ عليه من البُنيان، وهذا مشاهَدٌ بالعَيان، حتى بلغَ خَنْدق القَلْعة المَنْصورة، فخرق من سُور البَلَد الغربيّ المُلاصق لها ما مقداره خَمْسة وعِشْرون ذِراعًا، وخرجَ من البَلَد، فما مرَّ على بُستانٍ إلّا وأجابته أشجاره سراعًا، وما قيلَ يا أرضُ ابْلَعِي ويا سَماءُ أقْلِعي، حتى صارت ذو المَسَاكن على الطُّرقات، وأصحاب الأمْوال يستحقُّون الصَّدَقات، وتَهدَّمت المَساجد وتَعَطَّلت الصَّلوات.
ولقد جَرَى في هذا اليوم من العَجَائب ما لا يُعدُّ، ومن الغَرائبِ ما لا يُحَدُّ، حتى أخبرَ الثقاتُ أنّه نَزَلَ من السَّماء عَمُودٌ عظيمٌ من نار في أوائل السَّيْل، ورؤي من الدُّخان، وسُمِعَ من الصَّرخات في الأكوان ما يُضْعف الحِيَل، وسَلِمَ في مظنّةِ العَطَب مَن كَتَبَه اللهُ سالمًا على ضَعْفِه، وعَطَب في مظنّة السَّلامة من قَضَى بحَتْفِه. وكانت مساحة ما أُخِذَ من البنيان في العُرْض نحوًا من مَساحة ما انخرَقَ من السُّور المُتَقدِّم يزيد في بعض الأماكن وقد يَنْقص في بعض. وطُول ما خَرَقه السَّيل المَذْكور من السُّور إلى السُّور. وأمّا ما على جَنَبات مَجْرَى الماءِ من المَسَاكن القَرِيبة إليه والبناءِ الذي يَحْكُم الماء عليه فشعَّث في ذلك ما لا يُحَدّ، وتَلفَ فيه من الأموال والأثاث والمَتاع والغِلال ما لا يُعدُّ، وهَلكَ في بعض الحَمّامات من النِّساء والأطفال سبعة نَفَر مع سَلامة خَلْقٍ كَثِير، ووُجِدَ في الأماكن المُسْتَفِلة من الغَرْقَى جَمْعٌ كبير، وتَعَطَّلت بعضُ الطَّواحين والأوقاف والحَمّامات، وتَشَعَّثَ البيمارستان، وأفْضَت المَرْضَى فيه إلى المَمَات، ومعَ هذا، فما دَفعَ اللهُ كانَ أعظَمَ وأكْبَر، وما بَقِيَ من العامرِ والأحياءِ فهو أكْثَر، وحَصَلت الشَّهادة الموجِبة للجِنان للأموات، والمَوْعظة المودية إلى رِضَى الرَّحمن للأحياء في جَمِيع الجهات.
ويَشْهدُ بصحّة ذلك خَطّ الحاكم بأعاليه، وشَهادة من يَضَع شهادته فيه. وخط الحاكم ثَبَت عِنْدي مَضْمونه، وعاينتُ بعضَ ذلك، وكتب أبو بكر الخابُوري.
وممَّن شَهِدَ فيه: الشَّيخُ قُطْبُ الدِّين بنُ اليُونِينيّ، وابنُ أخيه مُحيي الدِّين، وشَمْسُ الدِّين بنُ المَجْد، ومُحيي الدِّين الخَطِيب، ونَجْمُ الدِّين باجُوك، وصَدْرُ الدِّين بنُ زيد، وهو كاتبُ الكتاب المَذْكور، وأخوه تاج الدِّين زَيْد، وعزُّ الدِّين بنُ العَنْبريّ، ونُور الدِّين بنُ رضيّ، وشَمْسُ الدِّين فُرَيْح، وخَلْق كثير سواهم.
وبعد ذلك وقفتُ على وَرقةٍ فيها: إنَّ البيوتَ والحَوَانيت التي تَهَدَّمت في هذه الواقعة ببَعْلَبَك نحو ست مئة بَيْت وحانوت، وخَرِبَ من البَساتين نحو العِشْرين، ومن الطَّواحين ثمانية، خارجًا عن الجامع والمَدْرسة الأمينية. وأمّا الدُّور التي دخلَ إليها السَّيْلُ وعدم ما فيها فكثيرةٌ لم تُحْصَر، وعُدِمَ من النّاس المَعْروفين مئة وأربعة وأربعون من الرِّجال والنِّساء والصِّبْيان، وذلك سوى الغُرباء.
شَهْر ربيع الأول
3965 -
في يوم الثُّلاثاء ثاني عَشَر شَهْر وبيع الأول تُوفِّي العِماد عبدُ الرَّحيم
(1)
ابنُ الشَّيخ عليّ بن إبراهيمَ المَوْصليُّ، الجابي بالمَدْرسة الدَّوْلَعية، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، وكان موتُه فُجاءةً.
وكانَ شابًّا عاقِلًا، وله شيء جَمَعهُ، وكانَ يُقْرِضُ وَيقْضِي حوائج النّاس، ويُخْرِجُ الزَّكاة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3966 -
وفي ليلة الأربعاء الثالث عَشَر من ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ الفاضلُ أبو أحمد شِبْلُ
(1)
بنُ سَعْد الحَوَاريُّ الحَنْبليُّ، ودُفِنَ من الغَد بمقبَرة الباب الصَّغير، وله خَمْسٌ
(2)
وخَمْسون سنة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُبارَكًا، كثيرَ الفَضِيلة والدِّيانة والعِفّة والنَّزاهة من خيار المُسلمين.
• - وفي يوم السَّبْت السّادس عَشَر من شَهْر ربيع الأوّل جلسَ بجامع دمشق على المِنْبر الصَّدْرُ كمالُ الدِّين مُحمدُ ابنُ شيخِنا عزّ الدِّين مَحْفوظ بن البُزُوريّ، البَغْداديُّ التّاجرُ، ووعظَ النّاسَ وأجادَ وأحْسَنَ، وفَرِحَ النّاسُ، وتَذاكروا مجالسَ أخيه الشَّيخ نَجْم الدِّين مَعْتوق، ووصفُوا حُسْنَها، رحمهُ اللهُ تعالى.
• - وفي يوم الأحد السّابع عَشَر من شَهْر ربيع الأول وصلَ من القاهرةِ إلى دمشقَ الأميرُ مُحمدُ ابنُ الأمير عيسى بن مُهَنّا من حَضْرة السُّلْطان مُكَرَّمًا مُبَجّلًا، مُنْعَمًا عليه، وتَلَقّاهُ نائبُ السَّلْطنة وحَضرَ إليه غيرَ مرّة، وهو رجلٌ كبيرُ القَدْر، فيه الخَيْر والدِّين والعَقْل الوافر، وفَرِحَ النّاسُ بحُضورِ أميرِ العَرَب بين يدي السُّلطان وإقباله عليه ورُجوعه سالمًا إلى قَوْمِه
(3)
. وهو أخو الأمير مُهَنّا بن عيسى.
3967 -
وفي ليلة الخَميْس الحادي والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ المُقْرئُ شِهابُ الدِّين أحمدُ
(4)
بنُ مُحمد بنِ إبراهيمَ المَرَاغيُّ الرُّوميُّ، ودُفِنَ بمقبَرة الصُّوفية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
في الأصل: "خمسة".
(3)
الخبر في: السلوك 2/ 524.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 316، والبداية والنهاية 16/ 128، والدرر الكامنة 1/ 287، والدارس 1/ 453.
وكانَ إمام الحَنَفية بجامع دمشق، ومُدَرِّسًا بالمَدْرسة المُعِينية، وشَيْخًا بالخانقاه الخاتونية ظاهر دمشق، وباشَرَ غير ذلك من الجِهات، وتَرَكَ الجهات المَذْكورة لولديه في حَياته، وكانَ باشرَ إمامةَ نائب السَّلْطنة الأميرِ جمالِ الدِّين الأفْرَم مدّةً، وتقدَّم عندَهُ، وكانَ يحبُّه ويُكْرمُه. وكانت فيه مُروءةٌ وافرةٌ وإعانةٌ للضَّعيف وقيامٌ في الحَقّ. وكانَ بَنَى على الشَّرَف زاويةً حَسَنةً فيها أماكن نَزِهة ومواضع طيِّبة، وكان النّاسُ يَقْصدونه ويقيمونَ عنده فيلقاهم بانشراحٍ وسَعةِ صَدْرٍ ومكارم أخلاق.
3968 -
وفي ليلة الجُمُعة الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ المُباركةُ أمُّ مُحمد فاطمةُ
(1)
بنتُ عبدِ الرَّحمن بن عَمْرو بن مُوسى بن عَمِيرة، المَعْروف والدها بالفَرّاء وبالمنادِي أيضًا، الصّالحيةُ الحَنْبليةُ، وصُلِّي عليها عَقِيب الجُمُعة بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَت بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين بن قُدامة. وقد جاوزت التسعين.
وكانَ مولدُها تقريبًا في سنة ستّ وعِشْرين وست مئة.
سَمِعت من ابن الزَّبِيديّ حُضُورًا ميعادين من "صحيح البُخاري"، وهما التاسع والعاشر من اثنين وعِشْرين مِيعادًا، وأولهما باب الرِّكاب والغَرْز للدّابة
(2)
، وآخرهما باب نسبة أهل اليَمَن
(3)
، ورَوَت ذلك غيرَ مرّة، ولا يُعْلَم لها رِواية غيره، ولم يُوجد اسمُها في الطبقة، وإنّما وجدناهُ في أوراق الأسْماء، وعلى اسمِها علامة سَمَاعها للمِيعادين المَذْكورين.
وكانت امرأةً صالحةً، خَيِّرةً، مُباركةً، وأُقعِدَت في آخر عُمُرها.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 108، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 146، وذيل التقييد 2/ 386، والدرر الكامنة 4/ 261.
(2)
صحيح البخاري 4/ 37 قبل حديث (2865).
(3)
هكذا في النسخة، والذي في البخاري:"نِسْبة اليمن" 4/ 219 قبل حديث (3507).
وهي زَوْجة ابن عمِّها الشَّيخ إبراهيم بن أبي الحَسَن بن عَمْرو الفرّاء.
سَمِعْنا منها ومن زوجِها المَذْكور، ومن أخوَيها: الشَّيخ عزّ الدِّين إسماعيل، وصفيّة، رحمهُم اللهُ تعالى.
وكانَ أبوها دلّالًا بالخوّاصين.
3969 -
وفي يوم الأحد ثالث شَهْر ربيع الأول تُوفِّي القاضي الفقيهُ الإمامُ نَجْمُ الدِّين أبو سُلَيْمان داودُ
(1)
بنُ مَرْوان بنِ داودَ المَلَطيُّ الحَنَفيُّ، بالمَدْرسةِ الظّاهريةِ بالقاهرة، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا من أعيان الحَنَفية، دَرَّسَ بعدّة مَدارس، ووَلِيَ قضاءَ العَسْكر. وكانَ تقدَّم إلى دمشقَ ويَحْكم فيها نيابةً عن قاضي القُضاة حُسام الدِّين أيّام إقامته. وكانَ فيه مُروءة وتَعَصُّب.
شَهْر ربيع الآخر
• - في يوم الثُّلاثاء عاشِر شَهْر ربيع الآخِر وَقَعَ حريقٌ جوار المارستان الصَّغير بدمشق، وسَلَّم اللهُ تعالى المارستان، وتَشَعَّثت أماكن يسيرة.
3970 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السابع عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ تاجُ الدِّين أبو مُحمد فائِدُ
(2)
بنُ رِضْوان بن فائِد بن راضِي بن سَلَامة بن حَسَن بن أحمد القُرَشيُّ العَجْلونيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر هذا اليوم بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
ومولدُه بمِنَى، شَرَّفَها اللهُ تعالى، في أحدِ أيام مِنَى من سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 350، والجواهر المضية 1/ 239، والدرر الكامنة 2/ 224، والمنهل الصافي 5/ 305، والدليل الشافي 1/ 296.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 98.
وكانَ يَجْلسُ مع الشُّهود، وكَتَب بينَ يدي قاضِي القُضاة حُسام الدِّين الحَنَفيِّ مدّةً، ثم خَدَمَ في جهات الكِتابةِ، وتَنقَّلَ في جهاتٍ كبارٍ وصِغار، ولمّا ماتَ كانَ عاملًا بديوان الحَشْر.
رَوَى لنا عن ابن أبي اليُسْر.
3971 -
وفي سَحَر الأربعاء الثّامن عَشَر من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ المُقرئُ بَدْرُ الدِّين عُثمانُ
(1)
بنُ سَيْف بن أبي الفَضْل القُرَشيُّ الدِّمشقيُّ القوّاسُ، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغِير، وبلغَ التِّسعين.
وكانَ شيخًا مُبارَكًا، كثيرَ التِّلاوة، حافظًا لكتابِ الله، وكانَ قرأ القراءات بالرِّوايات على الشَّيخ عَلَم الدِّين القاسم الأندلسيّ، والشَّيخ زَيْن الدِّين الزَّواوي، وكانت له حَلْقة تَصْدِير بالجامع.
وهو والد صاحبنا ناصر الدِّين مُحمد بن القَوّاس.
• - وفي العَشْر الأُول من شَهْر ربيع الآخِر حَصَلت غارة من عَسْكر حَلَب على مدينة آمِد، ووَقعَ أسرٌ ونَهْبٌ وسَبْيٌ، ووَصلَ خبرُها إلينا بدمشق في أول جُمادى الأولى
(2)
.
3972 -
وفي عَصْر يوم الثُّلاثاء الرابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الأمينُ العَدْلُ الصَّدْرُ فَخْر الدِّين أبو مُحمد عُثمانُ
(3)
بنُ
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه محمد توفي سنة 753 هـ. وترجمته في الوفيات لابن رافع 2/ 126، وذيل التقييد 1/ 171، والدرر الكامنة 5/ 292.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 124.
(3)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 128، وذكر الذهبي مولده في سنة 646 هـ، من تاريخ الإسلام 14/ 560، وكان ابنه القاضي بدر الدين محمد بن عثمان أحد كتاب الدَّرْج، توفي سنة 730 هـ، وترجمته في أعيان العصر 4/ 559، والوافي بالوفيات 4/ 88، والدرر الكامنة 5/ 296 وغيرها.
أبي الوَفاء بن نِعَم الدِّين العَزازيُّ رحمه الله، ولم يَجْتمع في جنازةٍ ما اجتمعَ له من العالَم، وصُلِّي عليه ضَحْوة يوم الأربعاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بتُربتِه بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، صالحًا، مُبارَكًا، كثيرَ الأمانة، وافرَ المُروءة، مواظِبًا على التِّلاوةِ والبِرِّ والصَّدَقةِ وفِعْلِ المَعْروف، مَشْكورَ السِّيرةِ، أجمعَ النّاسُ يوم موتِه على الثَّناءِ عليه ووَصْفِه بكلِّ جميل.
رَوَى لنا عن ابن أبي اليُسْر، وأيوب الحَمّاميّ.
وممّا اشتُهِرَ من أمانته رَدّه لوَدِيعة الأمير عزِّ الدِّين الجَنَاحيّ نائب غَزّة، وكان أودعه إيّاها، ومقدارُها ستّون ألف دينار من عَيْن وجَوْهر وغير ذلك. وماتَ المَذْكور في التَّجْريد بحَلَب، ولم يكن اطَّلَع على الوَدِيعة أحدٌ، فاجتمعَ فَخْرُ الدِّين بوُلاة الأمر وعَرَّفهم بالوَدِيعة ديانةً وأمانةً، وبراءةً لذمّته، جَزاهُ اللهُ خَيْرًا.
جُمادى الأولى
• - وَصلَت الأخبارُ في جُمادى الأولى أنَّ الأميرَ مَنْصورَ بنَ جَمّاز أُعيد إلى المدينةِ الشَّريفةِ النَّبويّة، حَضرَ معهُ أميرٌ من الدِّيار المِصْرية إليها وقَرَّرَهُ فيها على عادتِه، وقد كانَ في آخرِ السَّنة الخارجة بعد الحجِّ أخذَهُ من المدينةِ الأميرُ سيْفُ الدِّين أرْغون نائب السَّلْطنة إلى الدِّيار المِصْرية، وقَرَّر عِوَضه ابنَ أخِيه فبقيَ في القاهرة مدّة يسيرة، ثم أنعمَ عليه السُّلْطان ورضيَ عنه وأعادَهُ
(1)
.
(1)
الخبر في: السلوك 2/ 526.
وبَلَغَنا أيضًا أنَّ بعدَ استقرارِه في المدينةِ أغارَ عليه أولادُ أخيه وألْجأوه إلى جَبَلٍ، وحَصَلَ بالمدينةِ تَشْويش، ثم سلَّمه اللهُ تعالى واستقرَّ أمرُه.
• - وفي مُستَهلِّ هذا الشَّهْر جلسَ أبو سَعِيد بن خَرْبَنْدا على تَخْت المُلْك وذلك بالمدينةِ السُّلْطانيةِ وعُمُره يومئذٍ إحدى عَشْرة سنة.
• - وفي يوم الخَمِيس الرابع من جُمادى الأولى خَرجَ السُّلْطان - أعزَّ اللهُ أنصارَهُ - من القاهرة، ووَصلَ إلى غزّة في ليلة الجُمُعة الثاني عَشَر منه، وتَوجَّه من دمشقَ نائبُ السَّلْطنة لتلقّي السُّلْطان في يوم الثُّلاثاء تاسعه، فاجتمعَ به بالقُرْب من حُسْبان وبِرْكة زَيزاء وخَلَعَ عليه وعلى مَن صَحِبَهُ من الأُمراء، وأذِنَ لهم في الرُّجوع، فعادُوا إلى دمشقَ ووصلُوا إليها في يوم الخَمِيس الخامس والعِشْرين من هذا الشَّهْر. وتَوجَّه السُّلطانُ إلى الكَرَك وأقامَ في أراضيه وأراضي الشَّوْبَك أيامًا، ثم رَدَّ راجعًا إلى القاهرة ودخلَها في الثامن عَشَر من جُمادى الآخرة
(1)
.
• - وفي يوم السَّبْت السّابع والعِشْرين من جُمادى الأولى قَدِمَ دمشقَ المَحْروسة قاضِي القُضاة فَخْر الدِّين أبو العبّاس أحمدُ ابنُ القاضي تاج الدِّين أبي الخَيْر سَلَامة ابن القاضي الإمام زَيْن الدِّين أبي العبّاس أحمدَ بن سَلَامة الإسكندريُّ المالكيُّ، متولِّيًا قضاءَ القُضاة بالشّام المَحْروس على مَذْهب الإمام مالك رضي الله عنه، وخَرَجَ القُضاةُ والأعيانُ للقائِه، وقُرئَ تَقْليدُهُ بجامع دمشق يوم الأحد ثاني يوم وصولِه بحضورِ الأعيان والفُقهاء وعامّة النّاس، وهو مؤرِّخ بالثاني عَشَر من شَهْر ربيع الآخر، وفيه أنه وَلِيَ عِوَضًا عن القاضي جمال الدِّين الزَّواوي لضَعْفه واشتدادِ مَرَضِه
(2)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 253 - 254، والسلوك 2/ 523.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 125.
جُمادى الآخرة
• - في يوم الأربعاء مُستهلّ جُمادى الآخِرة ذَكَرَ الدَّرْسَ قاضي القُضاة فَخْرُ الدِّين بنُ سَلَامة المالكيُّ بجامع دمشق والمَدْرسة النُّورية، وحَضرَ عندَهُ القُضاةُ والأعيانُ، وهو إمامٌ كبيرٌ من فُضَلاءِ مَذْهبه المَشْهورين بالدِّيار المِصْرية، جَمَعَ بين الفِقهِ والدِّينِ والصَّرامةِ، وشَرَفِ البَيْت، وطهارةِ النَّشْأة، ونَزاهة النَّفْس، ونَقاءِ السّاحة، وهو من قُضاة العَدْل، مَرْضِيُّ السِّيْرة، محمودُ الطريقة.
• - وفي يوم الاثنين السّادس من جُمادى الآخرة وَصلَ الخبرُ إلى دمشقَ بخَلاص الأمير سَيْف الدِّين بَهادُر آص وأنّه حُمِلَ من الكَرَك إلى القاهرةِ مُكْرَمًا مُنْعَمًا عليه، وأنَّ السُّلطانَ رضيَ عنه، ففَرِحَ أهلُه وغِلْمانُه وجميعُ النّاس، فإنّه أميرٌ مَحْبوب إلى الرَّعيّة لجودتِه وكَثْرةِ صَدَقاتِه وعَقْلِه وسُكُونِه
(1)
.
3973 -
وفي عَشِيّة الثُّلاثاء سابع جُمادى الآخرة تُوفِّي عِمادُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ الصَّدْرِ شهابِ الدِّين أحمدَ ابن فَخْر الدِّين عُثمان بن أبي الرَّجاء بن أبي الزَّهْر التَّنُوخيُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن السَّلْعُوس، ببُستانِه بالرَّبْوة، ودُفِنَ بُكْرةَ الأربعاء بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ حجَّ كثيرًا، وفيه مَيْلٌ إلى الفُقراء وله إحسان إليهم، وكان يَعْتَريه في بعض الأوقات نَقْصٌ في عَقْلِه، وله تِجارةٌ وتَكَسُّبٌ، وفيه عِشْرةٌ وكَيْسٌ، وكانَ في أيام عَمِّه شَهِدَ على قاضي القُضاة شهاب الدِّين بن الخُوَيِّي.
ومولدُه في سنة ستٍّ وستِّين وست مئة بدمشق.
وأسمَعَهُ والدُه كثيرًا. ومن شيوخِه القاضي ابن عَطاء، وابن عَلّان، وابن البُخاري، وحَدَّثَ بطريق الحِجاز بالعُلَى.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 125، والسلوك 2/ 524.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 113، وتحرفت فيه وفاته إلى سنة 719 هـ.
قرأتُ عليه لابني مُحمد، رحمه الله "نُسْخة غُنْجار"، بسَماعِه من القاضي شَمْس الدِّين بن عطاء.
3974 -
وفي يوم الأربعاء الثامن من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ بَدْرُ الدِّين أبو القاسم
(1)
بنُ مُحمد بن خالد بن إبراهيم الحَرّانيُّ، ودُفِنَ آخر هذا اليوم بمقابر الصُّوفية عند والدته، وحَضَرهُ جَمْع كبير.
ومولدُه تقريبًا في سنة خَمْسين وست مئة، أو إحدى وخَمْسين بحرّان.
وتفقّه ولازمَ الاشتغالَ على شُيوخ مَذْهبه مدّةً، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وابن الصَّيْرفيّ، والقاضي شَمْس الدِّين الحَنْبليّ، والقاضي شَمْس الدِّين الحَنَفيّ، وجماعة كبيرة. وكانَ إمامًا بالمَدْرسة الجَوْزية، وفقيهًا بالمَدارس، ودَرَّس بالمَدْرسة الحَنْبلية نيابةً عن أخيه لأمِّه الشَّيخ الإمام شيخ الإسلام تَقِيّ الدِّين بن تَيْميّة، نَفَعَ اللهُ تعالى به، وباشرَ إمامةَ المَسْجد الكبير بالرَّمّاحين المَعْروف بالحَنابلة، وأفتَى.
وكانَ فَقِيهًا مُبارَكًا، كثيرَ الخَيْر، قليلَ الشَّرِّ، حَسَن الخُلُق، مُنْقطعًا عن النّاس، وحَصَّلَ شيئًا من المال، وكانَ يَتَّجِر ويَتكَسَّب، وخَلَّف لأولاده تَرِكةً. ورَوَى "جُزء ابن عَرَفة" مرّاتٍ عديدة.
3975 -
وفي يوم الخَمِيس التاسع من جُمادى الآخِرة تُوفِّي قاضي القُضاة جمالُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الصّالح أبي الرَّبيع سُلَيْمان بن
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 426، وذيل طبقات الحنابلة 4/ 421، وشذرات الذهب 8/ 83.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 278، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 142، وذيل العبر، ص 93، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 194، وبرنامج الوادي آشي، ص 138، وأعيان العصر 4/ 456، والوافي بالوفيات 3/ 137، والبداية والنهاية 16/ 128، وذيل التقييد 1/ 128، وتوضيح المشتبه 6/ 422، والسلوك 2/ 527، والدرر الكامنة 5/ 190، والنجوم الزاهرة 9/ 39، وشذرات الذهب 8/ 82.
سُومر الزَّواويُّ المالكيُّ، بدمشق، بالمَدْرسة الصَّمْصَامية المالكية، وصُلِّي عليه عَقِيب صَلاة الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير في طَرَف المقبَرة قُبالةَ مسجد النارنج، وحَضَرَ خلقٌ كثيرٌ، وأثنَى النّاسُ عليه وعلى سيرتِه.
ومولدُه في سنة تسع وعِشْرين وست مئة، أو في سنة ثلاثين تقريبًا.
وقال لي: دخلتُ الإسكندريةَ من المَغْرب يوم عيد الفِطْر سنة خَمْس وأربعين وست مئة ولم أكُن احتلمتُ، وإنّما احتلمتُ بعد ذلك بسنَتَين، وبَلَغني موت والدي في سنة سَبْع وأربعين، فلم أرجع إلى المَغْرب، وكانَ يذكر له نَسَبًا أكثر من عِشْرين اسمًا، ولكنْ غالبها مُشْكِلة تَحْتاج إلى ضَبْط، فلذلك تركتُها.
واشتغلَ بالفِقه بالدِّيار المِصْرية، وسَمِعَ الحديثَ من الشَّيخ شَرَفِ الدِّين المُرْسيّ، والإمام أبي العَبّاس أحمد بن عُمر القُرْطُبيّ، والشَّيخ عزِّ الدِّين بن عبد السَّلام، وأبي مُحمد عبد الله بن عبد الرَّحمن بن برطلة المُرْسي، وغيرهم.
وكانَ بالقاهرة من أعيان العُدُول والعُقّاد، ونابَ في الحُكْم بالشَّرْقية والغَرْبية، ونابَ بالقاهرة، وتَرَجَّح لتولية القَضاء بالدِّيار المِصْرية عَقِيب وفاة ابن شاس، فلم يتمّ ذلك، ووَلِيَ ابنُ مَخْلُوف. ثم إنه وَلِيَ قضاء دمشق.
وقَدِمَ علينا في عاشِر جُمادى الأولى سنة سبع وثمانين وست مئة، واستمرَّ قاضيًا بدمشق نحو ثلاثين سنة، وكانَ فيه صَرامة وقوّة في الأحْكام، وبتٍّ لها، وظهرَ في أيامه من أحْكام مَذْهب مالك ما لم يَكُن مَعْروفًا قبل ذلك، وعَمَرَ المَدْرسةَ النُّورية والمَدْرسة الصَّمْصامية، وحَصَلَ له في وَسط ولايته رَعْشَة واشتدَّت به، وكانَ يقومُ بوظيفةِ القَضاء بكُلْفةٍ ومَشَقّة، وثَقُلَ لسانُه عن الكلام، وبَقِيَ كذلك إلى أن ماتَ، وانصرفَ عن الحُكْم قبل موتِه بنحو عِشْرين يومًا.
وحَدَّثَ بـ "صحيح مُسلم" وبـ "موطّأ مالك" رواية يحيى بن يحيى، وبكتاب "الشِّفاء" للقاضي عِياض، وغير ذلك.
3976 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخِ الإمامِ الزّاهدِ القُدْوةِ صلاحِ الدِّين موسى ابنِ الشَّيخ الإمامِ الفقيهِ المُحَدِّث الزّاهدِ شهابِ الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن خَلَف بن راجِح بن بلال المَقْدسيُّ، ثم الصّالحيُّ، الحَنْبليُّ، ودُفِنَ من الغَد بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في حادي عَشَر شَوّال سنة إحدى وأربعين وست مئة.
وكانَ شيخًا حَسَنًا، له نَظْم، وعندهُ فَضِيلةٌ، وسافرَ إلى البلاد في طَلَب الأسْرَى، واجتمعَ بأعيانِ تلك الدِّيار، وأكرمُوه.
سمِعَ من ابن قُمَيْرة الجُزء الرابع من "حديث الصَّفّار" بسَماعِه من شُهْدَة، وحَدَّثَ به مرّات عدّة، وسَمِعَ من ابن مَسْلَمة، والمُرْسِي، واليَلْدانيِّ، وابن سَعْد، وخَطِيب مَرْدا، ومُحمد وعبد الحَميد ابنَي عبد الهادي، وإبراهيم بن خليل، وجماعةٍ غيرِهم.
وكانَ والدُه فقيهًا، وقَرأ طرفًا من الخِلاف، وكَتَبَ الخَطَّ الحَسَن، ثم إنه سلكَ طريقة أهل الفَقْر والتَّجْريد، وساحَ في البلاد. وله شِعْرٌ حَسَن يَسْلُك فيه مَسْلَك أهل التَّصوّف. وماتَ في سنة ثلاثٍ وأربعين
(2)
، وكان ولدُهُ هذا رضيعًا.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 291، وذيل العبر، ص 94، والوافي بالوفيات 5/ 93، وأعيان العصر 5/ 284، وفوات الوفيات 4/ 42، والدرر الكامنة 6/ 22، وشذرات الذهب 8/ 83.
(2)
ترجمته في: صلة التكملة للحسيني 1/ 143، وتاريخ الإسلام 14/ 485، وذيل طبقات الحنابلة 3/ 511، وغيرها.
3977 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثامن والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الطَّواشِيُّ الصّالحُ ظهير الدِّين مُختار
(1)
العزّيُّ القلانسيُّ، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا فيه خَيْر ومودّة وتَواضُع ونُصْح وشَفَقة، وحَجَّ غير مرّة، وكانَ كثيرَ التِّلاوة، مُلازمًا للتَّكْرار، ماتَ ولم يَبلُغ خَمْسين سنة.
ورافقناهُ في الحجّ، وسَمِعَ معنا من بعض الشُّيوخ.
3978 -
وفي الثاني عَشَر من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ المُعَمَّر علاءُ الدِّين أبو أحمد كُشْتُغدي
(2)
بنُ عبد الله الصَّيْرفيُّ الخَطائيُّ بالجَوْذَريّة، بالقاهرة.
وكانَ شَيْخًا مُعَمَّرًا، جاوزَ التِّسعين.
سمِعَ من النَّجيب الحَرّانيِّ، ومن بعضِ أصحاب البُوصِيريِّ والخُشُوعيِّ، وله وَلَدان سَمِعا معه، وهما: ناصر الدِّين مُحمد، وشهاب الدِّين أحمد، جُنديّان بالحَلقة المِصْرية.
وضَبَطَ وفاته لنا ابنُ المِزِّي في يوم الاثنين ثالث عَشَر الشَّهْر المَذْكور.
3979 -
وفي يوم الأحد تاسع عَشَر جُمادى الآخِرة هلكَ بَرْصُوما
(3)
النَّصْرانيُّ، وكان مُقِيمًا بدَيْر شعرانة في آخِر مِصْر المَحْروسة، ويتردَّد إليه جماعة من أهلِ مِلّتِه، وجماعةٌ من المُسلمين من ضُعفاء العَقْل.
كتبَ إليّ بذلك فَخْرُ الدِّين المُقاتليّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 158، والدرر الكامنة 4/ 313.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
شَهْر رَجَب
• - وفي ليلة الاثنين رابع رَجَب وَصلَ إلى دمشقَ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين بهادُر آص المَنْصوريُّ، ودخلَ دارَهُ وقت العِشاء، وسُرَّ النّاسُ بسلامتِه وخلاصه من السِّجْن، وتوفَّرت الأدعيةُ للسُّلْطان، أعزّ الله أنصاره
(1)
.
• - وفي يوم الاثنين رابع رَجَب تَوجَّه الشَّيخُ علاءُ الدِّين بنُ غانِم، وأخوه الشَّيخُ شهابُ الدِّين إلى القاهرةِ المَحْروسة على البَرِيد بطلبٍ من السُّلْطان، ولمّا وَصَلا أُكْرِما، ورُسِمَ للشَّيخ علاءِ الدِّين بكتابَةِ السِّرِّ بحَلَب، فاستعفَى من ذلك، وعُرِض عليه الإقامة بالقاهرة، فلم يَخْتَر سوى بَلَدِه ووطنِه، فرُسِم له بزيادةٍ في مَعْلُومه بدمشق، ورُسِم لهما بخِلْعَتين، فرجعا إلى دمشقَ على البَرِيد، ووَصَلا في مُسْتهَلِّ شَهْر رَمَضان، وحُمِلَت إليهما الخِلْعتان فلبساها، وحَضَرَ النّاسُ إليهما للتَّهنئةِ بالقُدُوم والسَّلامة واستقرار الخاطِر بدمشق.
• - وفي يوم الاثنين الحادي عَشَر من رَجَب أُخرِجَ المَحْمَل السُّلْطانيّ من القَلْعة المَحْروسة بدمشق، ورَكِبَ النّاسُ أمامَهُ، وخَرجَ النّاسُ للتفرُّج، ولم يَحْضُر نائبُ السَّلْطنة لمرضِه، ولا قاضي القُضاة الشّافعي لسَفَرِه، وعَلِمَ النّاسُ بالحجِّ والإذن بتوجُّه الرَّكْب، وحُمِلَ السَّنْجَق إلى الجامع أيام الجُمَع، وتَوفَّرت الأدعيةُ للسُّلْطان، نَصَرهُ اللهُ تعالى.
3980 -
وفي يوم الأربعاء الثالث عَشَر من رَجَب تُوفِّي الصَّدْرُ مَجْدُ الدِّين مُحمد
(2)
وَلدُ الشَّيخ الصَّدرِ الكَبيرِ القاضي شَمْسِ الدِّين مُحمد بنِ يحيى ابن قاضي حَرّان، وهو وَلَد ناظر الأوقاف بدمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ شابًّا، ماتَ في عَشْر الثَّلاثين من العُمُر.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 256، والبداية والنهاية 16/ 125، والسلوك 2/ 524.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
• - وفي ليلة الخَمِيس رابع عَشَر رَجَب خُسِفَ القَمَرُ وصلَّينا صلاةَ الخُسُوف بجامع دمشق.
3981 -
وفي يوم الخَمِيس رابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ مُحمدِ بن عليّ بن مُلاعِب بن حَرّاز الصّالحيُّ القبّانيُّ، وكذلك كانَ أبوه، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه تقريبًا سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة.
وسَماعه من ابن عبد الدّائم في سنة اثنتين وستِّين وست مئة، رَوَى لنا عنه.
وكانَ يَزِنُ بالقَبّان بدمشق عند العطارين بالسُّوق الكبير.
ورَوَى والدُه عن موسى ابن الشَّيخ عبد القادر الجِيليّ، والشَّيخ موفَّق الدِّين.
3982 -
وفي يوم الجُمُعة مُنتَصف رَجب تُوفِّي الشَّيخُ بُرْهانُ الدِّين
(2)
البُخاريُّ الصُّوفيُّ القَصّار، بالخانقاه السُّمَيْساطية، وصُلِّي عليه بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا حَسَنًا، كثيرَ السُّكُون، يَحضُر معنا دارَ الحَديث الأشرفية.
3983 -
وفي يوم الجُمُعة مُنْتَصف رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ أبو بكر
(3)
بنُ مُحمد الإسْعِرديُّ، المَتَطَبِّب، وكان مُشْتَغلًا وله كتبٌ.
وهو أخو عبد الله السِّعِرْتي الإصطرلابيّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في تاريخ الإسلام 14/ 871، وتقدمت ترجمة أبيه في ذي القعدة سنة 678 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وجاء بعد هذا فراغ في أصل النسخة قدر ثلاث كلمات.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
3984 -
وفي ليلة الأحد السّابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي زَيْن الدِّين أبو مُحمد عبد الرَّحمن
(1)
ابنُ الشَّيخ شِهاب الدِّين أحمد بن عبد الرَّحمن بن حَسَن بن حامد بن حَسَن بن إدْرِيس بن حُمَيْد المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، المَعْروفُ بابن القِيْراط، بقَرْية الأشْعَريّ، من الشُّعْراء، ودُفِنَ هناك يوم الأحد بعد الظُّهْر.
ومولدُه يوم الثُّلاثاء سادس عَشَر رَمَضان سنة إحدى وستِّين وست مئة بسَفْح قاسيون.
رَوَى لنا "جزء ابن عَرَفة" عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ من جماعةٍ من شُيوخ الصّالحية، من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيرِهم. وكانَ يَحْضر عند قاضي القُضاة تَقِيّ الدِّين الحَنْبليّ ويَشْهد عليه وعلى غيرِه.
3985 -
وفي يوم السَّبْت الثّالث والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي العَدْلُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ شيْخِنا كمالِ الدِّين عبد الرَّحيم بن عبد المُحْسِن بن حَسَن بن ضِرْغام المَنْشاويُّ، الحَنْبليُّ بالقاهرة، ودُفِنَ من الغَد بالقَرَافة.
ومولدُه في سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة.
سَمِعَ "جُزء ابن عَرَفة" من النَّجِيب عبد اللَّطيف الحَرّانيُّ، وكانَ شاهدًا بين القَصْرين، ويَخْدم على المَطْبخ السُّلْطانيّ.
• - ووَصلَ كتابُ فَخْر الدِّين المُقاتليُّ يُخْبِرُ فيه أنّهُ حصلَ في هذه السَّنة من زيادة النِّيل ما لم يَتّفق من سِنِين، وهو أنه بَلَغ ستة أصابع من تِسْعة عَشَر
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 356، وفيه عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن الحسن.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 199.
ذِراعًا، وكُسِرَ بالوفاء قبل النَّيْروز بمدّة، وخافَ النّاسُ من الغَرَق بسبب ذلك، وتَقَطَّعت به جُسور كبيرةٌ، وغَرِقَ كثير من البلاد المُسْتَفِلة، وغَرِقت مُنْية الشَّيْرَج ليلًا، وذهبَ للنّاس فيها من الأموال الذَّهَب والفِضّة والبَساتين والدُّور والكَتّان والغِلال شيءٌ كثيرٌ
(1)
.
• - وأنَّهُ كانَ للأمير سَيْف الدِّين بَكْتَمُر السّاقي إصطبلٌ بأرض بِرْكة الفِيل، والأرض لورثةِ المَلكِ الظّاهر وقْفٌ عليهم، فتعرَّضَ إليهم. وقيل: إنّ الأرضَ زادت معهم، فأُرسل وكيلُ بَيت المال ونُوّاب الحُكْم والعُدُول وأميرٌ لقياس الأرض فلم تَزِد شيئًا، فأُرسلوا مرّةً أُخرى، وقيل: إنها زادت قِطْعة، فقالوا: أعطونا أرضَ الإصطبل عِوَضًا عن هذه القِطْعة الزائدة، فقيل: الأرضُ وَقْف، وما يُمْكن التَّعْويض، لكن نُشْهدُ علينا بقبض أُجرة الأرض مهما أدرتُم من السِّنين، فلم يَحْصُل الرِّضَى بذلك، فقيل: للسُّلْطان إنّ مَذْهب أبي حَنِيفة يجوز فيه التَّعْويض. فطُلِبَ قاضي القُضاة شَمْس الدِّين بن الحَرِيري الحَنَفيّ وطُلبَ منه ذلك، فامتنعَ من الحُكْم بالمُقايضة، وقال: هذه رِواية عن أبي يوسُف وحده، وأنا لا أعملُ بها. فوَلَّى السُّلطانُ بمصرَ القاضي سرَاج الدِّين عُمَر صِهْر السّروجي حاكمًا، وعَزَلَ قاضي القُضاة شَمْس الدِّين عن مِصْر، فأجابَ سراجُ الدِّين إلى الحُكْم بالتَّعويض واختارَهُ، وبَقِيَ على قَضاءِ مِصْرَ مدّة يسيرة وماتَ. وأعيدَ قاضي القُضاة شَمْس الدِّين وعَظُمت مكانتُهُ بهذه الواقعة، وخُلِعَ عليه خِلْعة سَنِيّة
(2)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 254 - 255.
(2)
الخبر في: ترجمة شمس الدين الحريري محمد بن عثمان بن أبي الحسن المتوفى سنة 728 هـ في أعيان العصر 4/ 564، والدرر الكامنة 5/ 291 وغيرهما.
شَهْر شَعْبان
3986 -
في يوم الخَمِيس الخامس من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ أبو مُحمد عبدُ الله
(1)
بنُ عليّ بن أحمد الشَّرِيشيُّ الشّافعيُّ المؤدِّب، ودَفِنَ من يومِه بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مواظبًا على وظائفه ومَسْجده ومَكْتَبه، وفيه فَضِيلةٌ، وجَوَّد الخطَّ وأحسنَ على طريقة بلادِنا، ونَسَخَ جملةً من الكُتُب. وله نَظْمٌ حَسَنٌ، مَدحَ قاضي القُضاة عزِّ الدِّين بن الصّائغ، وقاضي القُضاة بهاء الدِّين بن الزَّكِي، والشَّيخ زَيْن الدِّين الفارِقيّ، وغيرِهم. وكانَ يَحْفظ القُرآنَ حِفْظًا مُتْقَنًا.
وسألته عن مولدِه فقال: في سنة اثنتين وأربعين وست مئة تقريبًا بمدينة إشبيلية. وقال لي: أذكرُ أخذَ إشبيليةَ من المُسلمين، وكانَ ذلك في رَجَب سنة ستّ وأربعين وست مئة. وكان أبُوه أيضًا مُؤدِّبًا بشَرِيش مَعْروفًا بذلك.
وسَمِعَ أبو مُحمد هذا كثيرًا من الأحاديث النَّبوية بدمشق من الكُتُب والأجزاء. وكانَ مواظبًا لذلك. وحَدَّث معنا بمجالس رَمَضان الثلاثة من "أمالي الجَوْهري" عن ابن عَلّان. وله مَرْثيّة رَثَى بها الشَّيخَ مُحيي الدِّين النَّواويّ، رَواها لنا عنه الشَّيخ علاءُ الدِّين بن العَطّار في جَمْعه لأخبارِ الشَّيخ، وكان هو حاضرًا فسُرَّ بذلك.
3987 -
وفي يوم الاثنين التاسع من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ فَخْرُ الدِّين عُثمانُ
(2)
بنُ يعقوبَ بنِ إبراهيم المارِدينيُّ، المَعْروف بالفَرّاش، المُقيم بمَقْصورة الحَلَبيِّين، بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، حَسَنَ الخُلُق، خَيِّرَ الطِّباع، كثيرَ المودّة والتَّواضع.
سَمِعَ معَنا كثيرًا لمّا قَدِمَ الشَّيخ جمال الدِّين بن الظّاهريّ لتسميع وَلَدِه فَخْر الدِّين وكانَ يخدمُه ويواظبُه.
3988 -
وفي ليلة الخَمِيس الثاني عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الفقيهُ الفاضل شَمْسُ الدِّين محمدُ
(1)
ابنُ النَّجْم إبراهيم بن عُثمان بن عليّ بن اللَّبّان الشافعيُّ، وصُلِّي عليه من الغَد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، فَقِيهًا فاضِلًا، صالحًا، كثيرَ الخَيْر، مُحِبًّا لأهلِ العِلْم والصَّلاح، مُلازمًا للاشتغال بالفِقه، وكَتَبَ بخطِّه عدّة كُتُب، وصاهرَ الشَّيخ شمْسَ الدِّين بن النَّقيب وتَزَوَّج بابنته، وأسكنَهُ بمدرستِه الصّارمية، وبها ماتَ.
3989 -
وفي حادي عَشَر شَعْبان تُوفِّي القاضي عمادُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ محمدِ بن يعقوب الأنصاريُّ المِصْريُّ الكاتبُ، المَعْروف بالنُّوَيْريِّ، بطرابُلُس، ودُفِنَ بها، وكان يومئذٍ صاحب ديوانها.
كانَ من أجودِ النّاسِ طِباعًا، ويَحْفظ الكتاب العزيز، وهو كثيرُ التِّلاوة له، ويَصُوم الخَمِيس دائمًا، وله حُسْن عقيدة في الفُقَراء، وعنده بِرٌّ كثيرٌ وصَدَقةٌ، وخدم في الأنظار الكِبار بمصرَ والشام، تَولَّى نَظَرَ المَرْج والغُوطة والإقليم، ونُقِلَ منه إلى صَحابة الدِّيوان بدمشقَ وإلى نَظَرِ صَفَد، ومن صَفَد إلى الكَرَك مدّةً طويلة، وأُعيدَ إلى صَفَد، وآخر وَقْت وَلِيَ صحابة دِيوان طرابُلُس. وكانَ كريمًا مُتواضعًا لا يدَّخِر شيئًا، كثيرَ النَّفقات، وماتَ في عَشْر الثمانين، رحمه الله.
ضبطَهُ وذكرَ ذلك من أمرِه الشَّيخُ شَمْس الدِّين الجَزَريّ المؤرِّخ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 278، وأعيان العصر 5/ 194، والسلوك 2/ 529، والدرر الكامنة 5/ 513، وهو ابن خال الشهاب النويري صاحب نهاية الأرب.
3990 -
وفي الخامس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ عمادُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عبد المؤمن بن عبد الكريم بن عبد المُحسن بن عبد الله بن مُحمد البُوصِيريُّ الصَّعِيديُّ الإسكندريُّ، بها، ويُلقَّب أيضًا بالجَمال.
وكانَ شَيْخًا كَتّانيًّا، سَمِعَ من سِبْط السِّلَفي، وحَدَّث.
وأجازَ لنا قبل موتِه بنحو ثلاثين سنة.
3991 -
وفي يوم الخَمِيس السّادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الأميرُ زَيْنُ الدِّين مُبارك
(2)
المَنْصوريُّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ أميرَ خَمْسين بدمشق، ثم نُقِلَ إلى طرابُلُس فعمِيَ هناك، فقُطِعَ خُبْزُه، ثم إنه قَدَحَ عينه فأبصرَ ولم يُعَد إليه الخُبْز.
3992 -
وفي يوم الجُمُعة السّابع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي القاضي الأجَلُّ الصَّدْرُ الرَّئيسُ العالمُ الفاضِلُ عزُّ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ شيخِنا القاضي الإمام العالِم الصَّدْرِ الرَّئيس سَعْدِ الدِّين أبي الفَضْل سعْدِ الله ابن الشَّيخ الفقيه العَدْل بَدْرِ الدِّين مَرْوان بن عبد الله الفارقيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة المِزّة، وعُمُره اثنتان وخَمْسون سنة.
وسَمِعَ معي من ابن علّان، وغيرِه.
وكانَ فاضِلًا، حَسَن الكتابة، مُتَعيِّنًا بين كُتّاب الدَّرْج، مَشْكورَ السِّيرة، مُواظبًا على وظيفتِه، وخَلَّفَ عدّة أولادٍ، منهم اثنان خَدَما عَقِيب موتِه في ديوان الإنشاء.
3993 -
وفي ليلة الأحد التاسع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي صلاحُ الدِّين
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 185.
مُحمدُ
(1)
بنُ أيوب بن خَليفة الدِّمشقيُّ، الشعّارُ والدُه، ودُفِنَ من الغَد بمقبَرة الباب الصَّغير، وله من العُمُر أربع
(2)
وعِشْرون سنة.
سَمِعَ معنا على جماعةٍ من الشُّيوخ، وكَمَّل حِفْظ "التَّنْبيه" و"الأحكام"، ونَظَمَ شيئًا من الشِّعْر. وكان شابًّا عاقلًا، فيه نَباهةٌ ومَعْرفةٌ وحُسن مَوَدّة.
شَهْر رَمَضان
3994 -
وفي يوم الثُّلاثاء الثاني من شَهْر رَمَضان تُوفِّي القاضي الصَّدْرُ الكبيرُ العالمُ الفاضلُ البارعُ الكاملُ شَرَفُ الدِّين أبو مُحمد عبد الوَهّاب
(3)
ابنُ الصَّدْر جمال الدِّين فَضْل الله، ابنُ المُجَلِّي القُرشِيُّ العَدَويُّ العُمَريُّ، وصُلِّي عليه ضُحى يوم الأربعاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جبل قاسيون.
ومولدُه في سابع ذي الحِجّة سنة ثلاثٍ وعِشْرين وست مئة بدمشق.
وكانَ مُقَدَّم كُتّاب الإنشاء بالدِّيار المِصْرية والبلاد الشّامية، ومُتولّي أمر أسرار الدَّولة. وكان فاضِلًا، عارفًا بتَدْبير الممالك. قَضَى مُعْظَم عُمُره في ذلك، ولم يَزَل قائمًا بهذه الوَظِيفة، مثابرًا عليها، كافيًا فيها إلى أن تُوفِّي، ولم يَتَغيَّر عليه شيءٌ من حواسِّه، بل كانَ يَرْكب ويُسافر، ويَكْتُب كتابةً حَسَنةً، ويَضْبط أمرَ الدِّيوان، ويَخْدم السُّلْطان أتمّ خدمة، وكان مَشْكورَ السِّيرة، حَسَن الخُلُق، مُحبًّا للخَيْر، له عَقيدةٌ في أهل العِلْم والدِّين، لا يُسمع منه إلّا الخَيْر ويَقْضِي حاجةَ من قَصَدَهُ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
في الأصل: "أربعة".
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 279، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 149، وذيل العبر، ص 94، وفوات الوفيات 2/ 421، وأعيان العصر 3/ 191، والوافي بالوفيات 19/ 317، والبداية والنهاية 16/ 129، والسلوك 2/ 527، والدرر الكامنة 3/ 263، والمنهل الصافي 7/ 387، والنجوم الزاهرة 9/ 240، وحسن المحاضرة 1/ 570، وشذرات الذهب 8/ 83، وغيرها.
سَمِعَ وهو كبيرٌ ابن خَمْس
(1)
وأربعين سَنة من ابن عبد الدّائم المَقْدسي "جُزء ابن عَرَفة"، و"جُزء الحَوْراني"، وحَدَّث بهما عنه، وأجازَ له الرَّشيدُ بنُ مَسْلَمة، والسَّديد بن عَلّان، وجماعةٌ، ولم تكن روايته على مِقْدار عُمُره.
ورثاهُ القاضي شِهابُ الدِّين محمود بقصيدةٍ عِدّتُها ثلاثة وأربعون بيتًا، أوّلها:
لتَبْكِ المَعالي والنُّهَى الشَّرَفَ الأعلى
…
وتَبْك الوَرَى الإحسانَ والحِلْمَ والفَضْلا
وفارقَ منه الدَّسْتُ صَدْرًا مُكَملًا
…
رَحِيبًا يردّ الحَزْنَ تَدْبِيرُه سَهْلا
تولَّى حَمِيدًا ما أساءَ إلى امرئ
…
فأغضَبَهُ قولًا وكَمْ سرَّه فِعْلا
ولا شانَ مَرْزوقًا، ولا سَبَّ مُسْلمًا
…
ولا تاه كِبْرًا منذ كان، ولا استعلَى
سأنْدِبُه عُمْري، وأرثيه جاهِدًا،
…
وأُكثِرُ فيه من بُكائِي وإن قَلّا
ولم لا وقد صاحَبْتُهُ جُلّ مُدَّتي
…
أراهُ أبًا بَرًّا ويَعْتَدّني نَجْلا
ومنها:
عزاؤك محيي الدين في الذّاهب الذي
…
قَضَى إذ قَضَى فَرْض المناقب والنَّفْلا
وقالوا قَضَى عُمرًا طويلًا، نَعَم قَضَى
…
زَمانًا ولم تُعرَف له صَبْوةٌ أصلا
وكانَ حَمِيدَ الظنِّ جدًّا بربِّه
…
ويُحسِنُ في أهل التُّقَى القولَ والفِعْلا
ورثاهُ أيضًا الشَّيخُ علاءُ الدِّين بن غانِم، والشَّيخُ نَجْمُ الدِّين حَسَن بن مُحمد القُرشيُّ الصَّفديُّ بقصيدةٍ تُقارب خَمْسين بيتًا، ومَطْلعُها:
نُكِبَتْ شُمُوس العُلَى وجدًا على الشَّرَف
…
وأصبحت في حَضِيض من خَوِي الأسف
(1)
في الأصل: "خمسة".
وأجادَ فيها كل الإجادة. وعِدّة القصائد التي رُثِي بها تُناهز خَمْس عَشْرة قصيدة، وجمالُ الدِّين بن نُباتة، وغيرهم.
3995 -
وفي ليلة السَّبْت السّادس من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ أحمد بن عَزّاز بن نائِل المَرْداويُّ الحَنْبليُّ، ودُفِنَ من الغَد بسَفْح قاسيون بمقبَرة المَرْداويِّين.
وكانَ شيخًا صالحًا، سَمِعَ من خَطِيب مَرْدا، وابن عبد الدّائم، ورَوَى لنا عنهما.
ومولدُه تقريبًا سنة ثلاثين وست مئة بقَرْية مَرْدا.
سَمِعْت أنه من أقْران ابن عبد القَوِي، وكان غالب إقامته بمَرْدا، ويَتَردَّدُ إلى الصّالحية ويقيمُ بها.
3996 -
وفي ليلة الخَمِيس الحادي عَشَر من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ جمالُ الدِّين أبو المَحَاسن يوسُفُ
(2)
بنُ أحمد بن جَعْفر بن يوسُف بن عبد الجبّار الشّاطبيُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه من الغَد على باب جامع جَرّاح عَقِيب الظُّهر، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير بالقُرب من قبّة القَلَنْدَريّة.
ومولدُه في شَوّال سنة ثمانٍ وسبعين وست مئة بجزيرة الأندَلُس.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا، اشتغلَ بفُنون، وحَصَّلَ فضائلَ، وله نَظْمٌ ونَثْرٌ، وفيه أمانةٌ ونَهْضةٌ ودِيانةٌ، وشهِدَ له قاضي القُضاة بَدْر الدِّين بن جَماعة وغيرُه بأهليّة التَّدْريس والإشْغال والإفادة، ووَلِيَ خطابةَ جامع جَرَاح أشهُرًا يسيرةً، وكانَ يَخْطب من إنشائه وأدركَهُ أجَلُهُ. ولم يَبْلغ الأربعين.
أنشدنِي من نَظْمه عدّةَ قَصائد، وكَتَبها لي بخَطِّه في جُزء.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 148.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 381، وأعيان العصر 5/ 604، والدرر الكامنة 6/ 216.
3997 -
وفي ليلةِ الاثنين مُنْتَصف شَهْر رَمَضان تُوفِّيت أمُّ إبراهيم خَديجةُ
(1)
بنتُ بَلَبان بنِ عبد الله، عَتِيقِ الشَّيخ شَمْس الدِّين سِبْط الجَوْزي، وصُلِّي عليها ظُهْر الاثنين، بجامع دمشق، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون بتُربة الشَّيخ شمْس الدِّين المَذْكور.
وكانت امرأةً مُباركةً، خَيِّرةً، جاوزَت السَّبعين. سَمِعَت من مُعْتِق والدِها المَذْكور في سنة إحدى وخَمْسين وست مئة حُضُورًا.
وهي زوجةُ ناصرِ الدِّين بن المُقَدَّم أمُّ وَلَدِه فَخْر الدِّين عُثمان.
ورَوَت "جُزء ابن عَرَفة" قبل مَوْتها بيومين بجامع دمشق عن مُعتِق والدها، وعن ابن عبد الدّائم. سمعهُ منها جمعٌ كبير، واغتبط الطَّلبةُ بالأخذ عنها، فإنّها ماتت فجاءةً، وفَرِحنا لها
(2)
بالتَّحْديث في آخر عُمُرها، رحمها الله تعالى.
3998 -
وفي شَهْر رمَضان تُوفِّي الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ نَجْم الدِّين عُثمان بن عبد الله بن عَلّاق بن طَعّان المُدْلِجيُّ، بالقاهرة، في اليوم الذي ماتَ فيه علاء الدِّين بن عبد الظّاهر الموقِّع.
ومولدُه في ثامن رَمَضان سنة ستِّين وست مئة.
وكانَ رَوَى عن أصحاب البُوصِيري: ابن عَزّون، وابن زين الدِّين، وغيرهما. ومن سَماعاته "الجُمُعة" للنَّسائيّ، و"مَجْلس البِطاقة"، و"سُداسيّات الرّازي"، وكان شاهدًا بباب زَوِيلة، ومُقرئًا بالمَنصورية.
ويُعرَف بابن الأعمى.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وأخوها عمر توفي سنة 742 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 70، والوفيات لابن رافع 1/ 409، والجواهر المضية 1/ 389، وذيل التقييد 2/ 235، والدرر الكامنة 4/ 185، وأخوها محمد توفي سنة 724 هـ، وترجمته في معجم شيوخ الذهبي 2/ 179.
(2)
في الأصل: "لنا".
(3)
ترجمته في: غاية النهاية 2/ 179.
3999 -
وفي يوم الأربعاء الثّالث من شهْر رَمَضان تُوفِّي القاضي الصَّدْرُ الرَّئيسُ العالمُ الفاضِلُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ شيخِنا القاضي فَتْح الدِّين أبي عبد الله مُحمد ابن شَيْخِنا القاضي مُحيي الدِّين أبي الفَضْل عبد الله ابن الشَّيخ الصّالح المُقْرئ رشيد الدِّين أبي مُحمد عبد الظّاهر بن نَشْوان بن عبد الظّاهر بن عليّ بن نَجْدة السَّعْدِيُّ الجُذاميُّ المِصْريُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الخَمِيس بالقَرَافة، مَرِض أسبوعًا واحدًا.
وكانَ صَدْرًا فاضلًا، رئيسًا، كاملَ الرِّياسة، من أعيان المُوَقِّعين بالدِّيار المِصْرية.
ورثاهُ القاضي شهابُ الدِّين محمود بقَصيدةٍ عِدَّتها تسعةٌ وأربعون بيتًا، أولها:
الله أكبرُ أيُّ ظلٍّ زالا
…
عن آمليه وأيُّ طَوْدٍ مالا
ومنها:
أنْعِي إلى النّاس المَكارمَ والنَّدَى
…
والجُودَ والإحسانَ والإفضَالا
أنْعِي علاءَ الدِّين صدْرَ زمانِهِ
…
خُلُقًا وخَلْقًا بارعًا وجَلالا
ومُهَذَّبًا ملأ القُلُوبَ مَهابةً
…
والسَّمْعَ فَضْلًا والأكُفَّ نَوَالا
وكانَ فيه ديانةٌ وخَيْرٌ. كَتَبَ مُصْحفًا بخطِّه، وسَمِعَ الحديثَ من جماعةٍ، ونَسَخَ عدّةَ كُتُب من الأحاديث النَّبوية، وكانَ مُثابرًا على قضاءِ الحَوائج، وبَيتُهُ مَجْمَع الفُضَلاء.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 279، وذيل العبر، ص 94، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 154، والوافي بالوفيات 22/ 52، وأعيان العصر 3/ 487، وذيل التقييد 1/ 184، والسلوك 2/ 529، والدرر الكامنة 4/ 129، والنجوم الزاهرة 9/ 241، وسلم الوصول 2/ 384، وشذرات الذهب 8/ 84.
4000 -
وفي الثالث والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ بهاءُ الدِّين رَسْلان
(1)
الدَّوادار الملكيُّ النّاصريُّ، بالقاهرة.
وخَلَّف تركةً طائلةً من المال والأثاث والقُماش والدَّواب والرَّقيق والأمْتعة، وكانَ دوادارَ السُّلْطان ومن أعيانِ الدَّولة، وتَردَّدَ مراتٍ إلى دمشق وغيرِها في المُهمّات السُّلْطانية.
• - وبَلَغَنا أنَّ في الخامس من رَمَضان وَصلَ إلى بغدادَ ملكُ تلكَ البلاد، وهو أبو سَعِيد بن خَرْبَنْدا بن أرْغون، وهو صَبِيٌّ دون البُلُوغ، ومعه نحو خمسة عَشَر ألفًا من الجَيْش.
4001 -
وبَلَغَنا في نِصْف رَمَضان أنَّ الشَّيخَ الأديبَ الفاضلَ شمْسَ الدِّين أبا العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ أبي المَحَاسن يَعْقوب بن إبراهيم بن أبي نَصْر الطِّيْبِيّ
(3)
الأسدِيُّ، تُوفِّي في السادس من شَهْر رَمَضان المَذْكور، وكانت وفاتُه بطرابُلُس.
وكان كاتب الدَّرْج هناك من مدّة سنين، وكان فاضِلًا في النَّظْم والنَّثْر.
ومولدُه في العِشْرين من ذي الحِجّة سنة تسع وأربعين وست مئة.
كتبتُ عنه قصيدةً نَظَمَها في واقعة شَقْحب، عِدّتُها خمسة وتسعون بيتًا، وغير ذلك.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 280، وأعيان العصر 1/ 449، والوافي بالوفيات 8/ 346، والسلوك 2/ 528، والدرر الكامنة 1/ 414، والمنهل الصافي 2/ 300، والنجوم الزاهرة 9/ 241، وفي جميع المصادر ورد اسمه أرسلان.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 281، والوافي بالوفيات 8/ 297، وأعيان العصر 1/ 437، والدرر الكامنة 1/ 405، والمنهل الصافي 2/ 267، والنجوم الزاهرة 9/ 240، وشذرات الذهب 8/ 79.
(3)
قيده الصفدي بالحروف فقال: "بكسر الطاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها باء موحدة"(الوافي 8/ 297).
4002 -
وبَلَغَنا في نِصف رَمَضان أنَّ الصَّدْرَ زَيْنَ الدِّين عليَّ
(1)
ابنَ فَخْر الدِّين عبد السَّلام بن عليٍّ التّاجرَ تُوفِّي بمدينة تِبْريز.
وهو من التُّجّار الأعيان المَشْهورينَ، وهو الذي أنفقَ على جِنازة القُطْب الشِّيرازيّ مع وفاءِ دَينٍ كان عليه نحو عِشْرين ألف دِرْهم، الدَّين من ذلك ثمانية عَشَر ألف دِرْهم، وكُلِّف الجنازة ألف وثمان مئة دِرْهم.
وزَيْنُ الدِّين عليٌّ المَذْكور هو ابنُ عَمّة شَمْس الدِّين الطِّيْبِي. وكانت وفاة زَيْن الدِّين عليّ المَذْكور في رابع عَشَر رَجب من السَّنة.
ضَبَطَ ذلك وحَرَّرَهُ الشَّيخُ عزّ الدِّين حَسَن الإرْبِليُّ الطَّبِيب الصُّوفيّ.
4003 -
وفي ليلة الأربعاء الرابع والعِشْرين من شهْر رَمَضان تُوفِّي الإمامُ العالمُ الفاضِلُ الصَّدْرُ شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله الحُسَين
(2)
ابنُ الإمام كمالِ الدِّين على بن إسحاق بن سَلّام الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ، ودُفِنَ من الغَد بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في سنة ثلاثٍ وسبعين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا، صَحيحَ الذِّهن، حَسَنَ المُناظرة، فصيحَ العِبارة، أفتَى وأعادَ بالمَدْرسة الظّاهرية، ودَرَّس بالمَدْرسة الجاروخية وبالمَدْرسة العَذراوية، وقُرِّرَ له مَعْلومٌ على الفَتْوى بدار العَدْل. وكانَ يحضر مع القُضاة والأعْيان. وكانَ كريمَ النَّفْسِ، واسعَ الصَّدْرِ، كثيرَ النَّفقةِ، وتركَ عليه دَينًا كثيرًا، وكانَ فيه مُروءةٌ وعَصَبِيّةٌ وحياء.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 95، وأعيان العصر 2/ 269، والوافي بالوفيات 13/ 23، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 408، والبداية والنهاية 16/ 130، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 215، والدرر الكامنة 2/ 173، وشذرات الذهب 8/ 81، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 717 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 146.
4004 -
وفي ليلة الأربعاء الرّابع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي شجاعُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(1)
بن بَدْر الحَلَبيُّ ثم الدِّمشقيُّ الأقْباعيُّ، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس.
وكان شيخًا حَسَنًا.
وهو والدُ الفقيه بَدْر الدِّين مُحمد بن الأقْباعيّ.
4005 -
وفي يوم الأربعاء الرّابع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ حَسَنُ
(2)
بنُ مَزْيَد بن أُمَيْلة بن جُمُعة المَرَاغيُّ، بقَرْية المِزّة، ودُفِنَ من الغَد هناك.
وكانَ شَيخًا كبيرًا، صالحًا، مُبارَكًا. وكانَ يَسْمَع معنا على الشُّيوخ ويُسمِع أولادَهُ، ثم إنّه انقطَعَ وضَعُف.
• - وفي يوم الأربعاء الرّابع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان أمرَ قاضي القُضاة فَخْر الدِّين المالكيُّ بتعزير أربعةٍ من شُهُود المراكزِ بدمشقَ بسبب شهادةٍ وَقّعوا فيها، فطيفَ بهم على دَوابّ، ورَفِعَت العَمائم عن رُؤوسِهم، ومَرُّوا بهم في أسواق البلد ومراكز الشُّهود ومجامِع النّاس، وأخرِجُوا على تلك الحال إلى ظاهر البَلَد، وطافُوا بهم حَوْل البَلَد، والنِّداء عليهم، والضَّرْب بالدُّرّة في ظُهُورِهم. وكان يومًا عَظِيمًا بدمشق تألَّمَ النّاسُ لهم، ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه عمر توفي سنة 778 هـ، وترجمته في معجم شيوخ السبكي 1/ 312، وذيل التقييد 2/ 237، والسلوك 5/ 23، والدرر الكامنة 4/ 187، والنجوم الزاهرة 11/ 144، وابنه الآخر محمد توفي سنة 740 هـ، وترجمته في ذيل التقييد 1/ 116.
شَوّال
4006 -
في يوم الاثنين السّادس من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ عليُّ
(1)
بنُ زَكْرِي بن عُمر الإرْبِليُّ، المَعْروف بالكَرَكيِّ، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، يَحْفظ "التَّنْبيه"، ويُكَرِّر عليه، ويَحْفظ قِطْعةً كبيرةً من شرْحه، ويُعيدُ للطَّلَبة ويقرؤون عليه مَحْفوظاتِهم، وعندَهُ طولة رُوح في ذلك. وكانَ فَقِيهًا ومُقْرِئًا بالمَدْرسة الظّاهرية وساكِنًا بها، ويُصَلِّي عن الإمام بها إذا غابَ.
4007 -
وفي ليلة الاثنين سادس شَوّال تُوفِّي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ سَلامة بن رَشِيد الدِّمياطيُّ، القَيِّمُ أبوه بالعَذْراوية، وهو مُحمد الكبير، بَلَغ من العُمُر ثمانيًا
(3)
وعِشْرين سنة.
وكانَ فَقيهًا بالمَدارس، وشاهدًا بالعُقَيبة، وعاشَ أبوه بعده ثلاث سنين.
• - وفي يوم الاثنين السّادس من شَوّال ذَكَرَ الدَّرْسَ بالمَدْرسة الجاروخية القاضي جمالُ الدِّين مُحمد ولدُ الشَّيخ الإمام كمالِ الدِّين بن الشَّرِيشيّ، عِوَضًا عن شَرَفِ الدِّين بن سَلّام، وحَضَرَ عنده القُضاةُ والأعيانُ وأثنوا عليه، وفَرِحوا لوالده به
(4)
.
• - وفي يوم الأربعاء الثامن من شَوّال ذَكَرَ الدَّرْس بالمَدْرسة الحَنْبلية بدمشق الشَّيخُ الإمامُ الزّاهدُ مُفتِي المُسلمينَ بقيّةُ السَّلَف الصّالحين شَرَفُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله ابنُ الشَّيخ شهابِ الدِّين بن تَيْميّة، وحَضَرَ عندهُ جماعةٌ من الأعْيان، وأقامَ وظيفةَ المَدْرسة عِوَضًا عن أخيه لأمِّه الشَّيخ بَدْر الدِّين أبي القاسم الحَرّانيّ، رحمه الله، وتَوجَّه عَقِيب ذلك إلى الحِجاز،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
في الأصل: "ثمانية".
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 125.
فأقامَ الوظيفة أخوهُ الأكبر شيخُ الإسلام تَقِيُّ الدِّين، واستمرَّ يتردَّدُ إلى المَدْرسةِ في بَعْض أيام الأسبوع، ثم حَضَرَ شَرَفُ الدِّين من الحِجاز، ولم يَخْتر التَّردُّدَ إلى المَدْرسة وإلقاء الدُّروس، فاستمرَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين، نفعَ الله بهما
(1)
.
• - وفي يوم الخَمِيس التاسع من شَوّال خَرَجَ المَحْملُ السُّلْطانيّ والرَّكْبُ الشّاميُّ من دمشق، وأميرُ الحاجّ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين كُجْكُن المَنْصوريُّ. وممّن تَوجَّه قاضي القُضاة نَجْمُ الدِّين بن صَصْرَى الحاكم بالشّام المَحْروس - أيَّده اللهُ تعالى - وابن أخته شَرَف الدِّين، ووالدتُه، وجماعةٌ من أهلهم، والقاضي جلال الدِّين الحَنَفيّ، وأهلُه، وجماعة معهُ، وبَدْرُ الدِّين بن العَزازيّ، وبَنِي الشِّيْرازيّ تاج الدِّين وكمال الدِّين أخوه، رحمه الله، وعِزُّ الدِّين بن القَلَانسيّ ناظِر الخِزانة، وعمادُ الدِّين ابن بَدْر الدِّين، ابنُ الشَّيْرَجيِّ ناظرُ الشّامية البَرّانية، وأمينُ الدِّين ابنُ المَوْصليِّ، وشَرَفُ الدِّين حُسَيْنُ بنُ العِماد الكاتب، وضياءُ الدِّين بن الإسكندريِّ، والأخَوان الشَّيْخان: إبراهيمُ وعبدُ القادر ابنا بَرَكات البَعْلَبَكيِّ، والشَّيخُ الإمامُ شَرَفُ الدِّين عبدُ الله بن تَيْميّة، وابنُ عَمِّه عزّ الدِّين، وصارمُ الدِّين بن خَلَف، وأخوهُ شَمْسُ الدِّين مَحْمُود
(2)
.
• - وفي العَشْر الأُوَل من شَوّال وَصلَت الكُتُبُ والأخبارُ بإبطالِ الخُمُور والفَواحِش من طرابُلُس والسّاحل جميعِه، وقُرِئَت بذلكَ الكُتُب السُّلْطانية على المَنابر بتلك البلاد جَميعها، وسُرَّ المُسلمون بذلك، وتَوفَّرت الأدعيةُ للسُّلطان - نَصَرهُ الله تعالى - وفي المَرْسوم إبطال جِهات الأفْراح بالفُتُوحات وتَقْدِيرُها في السَّنة سَبْعون ألف دِرْهم، وإبطال السُّجون عَشَرة آلاف، وسُخَر الأقْصَاب خَمْسة آلاف، وعَفاية البَيّاتة عَشَرة آلاف، وحَقّ الدُّيوك
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 125.
(2)
الخبر في المصدر السابق.
ثلاثةُ آلاف، وهبةُ البَيادر ألفٌ، وضَمَان المشْعَل أربعةُ آلاف، وما استجدَّ من حَشِيشٍ ومِلْح وضيافة ستة آلاف، وأن يُعمَر ببلاد النَّصَيْرية، في كُلِّ قرية مَسْجد، ويُمنعوا من الخطاب. وتاريخ المَرْسوم سابع شَوّال
(1)
.
4008 -
وفي يوم السَّبْت الثامن عَشَر من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ مُحمدٌ
(2)
المَغْربيُّ الضَّرِيرُ، فقيه عَيْن عَرَب
(3)
وخَطِيبُها، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ فقيهًا صالحًا، ذَكِيًّا، عنده فِقهٌ وفَرائض وأحاديث وفَوائد، وأقامَ بالقَرْية المَذْكورة خَطِيبًا أكثر من عِشْرين سنة، ووُلِدَ له بها الأولاد.
• - وفي يوم الأحد التاسع عَشَر من شَوّال ذَكَرَ الدَّرْسَ الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ صَدْرُ الشّافعيّةِ كَمالُ الدِّين بن الزَّمَلُكانيّ، نَفَعَ اللهُ به، بالمَدْرسة العَذْراوية، وحَضرَ عندَهُ جماعةٌ من الفُضَلاء، عِوَضًا عن شَرَف الدِّين بن سَلّام
(4)
.
4009 -
وفي ليلة الخَمِيس الثالث والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي المُحَدِّثُ الفاضلُ فَخْرُ الدِّين أبو عَمْرو عُثمانُ
(5)
بنُ بَلَبان بنِ عبدِ الله المُقاتليُّ، ودُفِنَ يوم الخَمِيس بمقابر باب النَّصْر خارج القاهرة المَحْروسة، وكانت له جنازة حَفِلة.
ومولدُه سنة خَمْسٍ وسبعين وست مئة بدمشق.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 261، والبداية والنهاية 16/ 125، والسلوك 2/ 429.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
يلاحظ قدم تسمية هذا الموضع، والذي هو اليوم قضاء، وتسكنه القبائل العربية ومنهم العميرات بأفخاذهم المتنوعة، ويصر بعض الأكراد على تسميتها "كوباني".
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 125.
(5)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 95، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 153، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 433، وتذكرة الحفاظ 4/ 200، والمعجم المختص، ص 154، وأعيان العصر 3/ 218، والوافي بالوفيات 19/ 472، والسلوك 2/ 529، وحسن المحاضرة 1/ 390، وشذرات الذهب 8/ 84، وذكر الذهبي مولده في تاريخ الإسلام 15/ 303، وذكر التاج السبكي ابنه محمد بن عثمان في معجم شيوخه، ص 423، وذكر أنه توفي سنة 734 هـ.
وكانَ طَلَب الحَديث، وسَمِعَ من جماعة بدمشق، وكانَ فيه نَباهةٌ وفَضِيلةٌ وذَكاءٌ، وخَرَّج لجماعةٍ، ورَحَلَ إلى حَلَب والقاهرة، وسَمِعَ من جماعةٍ، ثم إنّه رجعَ إلى القاهرةِ وأقامَ بها أكثرَ من إحدى عَشْرة سنة إلى أن أدركَهُ أجَلُه هناك، وحَصَلَ له بالقاهرةِ وجاهةٌ، وتَعَرَّفَ بالأكابرِ بحيثُ صارَ مُعيدًا في الحَديث بالقُبّة المَنْصورية، وكانت فيه مُروءة وعَصَبِيّة، وله همّةٌ ومَعْرفةٌ بمخالطةِ النّاسِ والتَّقرُّب إليهم، وحَصَّل كُتُبًا جيّدةً وأجزاءَ وفوائد.
وبَلَغَنا خَبَر وفاتِه بدمشقَ بعد تاريخ موتِه بنصف شَهْر، فصُلِّي عليه بجامع دمشق يوم الجُمُعة تاسع ذي القَعْدة بالنِّية، رحمهُ اللهُ تعالى.
4010 -
وفي شَوِّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أبو نَصْر فَتْحُ
(1)
بنُ سَعيد بن جابر الإشبيليُّ المَغْربيُّ، ودُفِنَ بمقابر باب الصَّغير.
وكانَ شيخًا كبيرًا جاوزَ الثَّمانين، وفيه صَلاحٌ ومعرفةٌ وفَهْمٌ، وأقامَ بدار الحَديث النُّورية مدّةً إلى أن ماتَ بها، رحمهُ اللهُ تعالى.
4011 -
وفي ليلة الجُمُعة الرّابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّيت أمُّ مُحمد سارةُ
(2)
بنتُ شَيْخِنا الشَّيخ الفَقِيه الصّالحُ المُسْنِد العَدْلُ شَمْس الدِّين أبي الفَرَج عبد الرَّحمن ابن الشَّيخ زَيْن الدِّين أحمد بن عبد المَلِك بن عُثمان بن عبد الله بن سَعْد بن مُفْلح بن هبة الله بن نُمَير المَقْدسيِّ الصّالحيِّ، وصُلِّي عليها عَقِيب الجُمُعة بالجامع المُظَفَّريِّ، ودُفِنَت عند والدِها بسَفْح قاسيون.
سَمِعتْ من إبراهيم بن خَلِيل، ورَوَت لنا عنه. قرأتُ عليها بطريق الحِجاز في اللَّجُون من عَمَل الكَرَك، وفي الحِجْر.
وهي زوجة الأمير جمال الدِّين آقوش الجُلُبّاني البَرِيديّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 281، وأعيان العصر 2/ 393، والدرر الكامنة 2/ 254.
4012 -
وفي يوم الأحد السّادس والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي كمالُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ عليّ بن عبدِ المُؤمن ابنِ الشَّيخ كمال الدِّين أبي نَصْر عبدِ العزيز بن عبد المُنْعم بن الخَضِر بن شِبْل بن عبدٍ الحارثيُّ الدِّمشقيُّ، ودُفِنَ من الغَد بمقبَرةٍ لهم بمقابِر باب الفَرَاديس.
وكانَ شابًّا يَشْهدُ تحتَ السّاعات، وصاهَرَ الشَّيخَ علاءَ الدِّين بن النَّصِير الكاتب.
• - وفي بُكْرة الثُّلاثاء الثّامن والعِشْرين من شَوّال وَصلَ إلى دمشقَ من القاهرة القاضي الإمامُ العالمُ الصَّدْرُ الكبيرُ الكاملُ شهابُ الدِّين محمودُ بنُ سَلْمان الحَلَبيُّ الكاتبُ، متولِّيًا كتابةَ السِّرِّ بدمشقَ المَحْروسة، عِوَضًا عن الشَّيخ شَرَف الدِّين بن فَضْل الله، رحمهُ اللهُ تعالى، وحَضَرَ بين يَدَي نائب السَّلْطنة، فأكْرَمهُ وسُرَّ به
(2)
.
4013 -
وفي أوائل شَوّال تُوفِّي المُحَدِّثُ الفاضلُ جمالُ الدِّين يوسُفُ
(3)
بنُ عبد العزيز بن يوسف بن أبي العِزّ بن عزيز بن يَعْقوب بن نَعْمُون بن دوالة الحَرّانيُّ، بالقاهرة.
وكانَ رَجُلًا فاضلًا، صاحبَ حديثٍ ولُغةٍ، من طَلَبة الحَديث المَعْروفين. رَوَى شيئًا عن العزّ عبد العزيز الحَرّانيِّ، وسَمِعَ كثيرًا.
4014 -
وفي سلْخ شوّال من السَّنة المَذْكورة تُوفِّي الصّاحبُ الصَّدْرُ الكبيرُ الفاضلُ أَنِيس المُلوك بَدْرُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(4)
بنُ إبراهيم، سِبْط ابن قِنّيتو الإرْبِليّ، الشّاعر، بمدينة إرْبِل.
(1)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 182.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 126، والسلوك 2/ 527.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 130، نقلًا من هذا الكتاب، والدرر الكامنة 3/ 108، والمنهل الصافي 7/ 152.
وكانَ مولدُه يوم الثُّلاثاء تاسع ذي الحِجّة سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة، بمدينة المَوْصل، لكنْ منشؤه ودارُه إلى حين وفاته مدينة إرْبِل.
وكانَ شاعِرًا فاضِلًا، مَدّاحًا للمُلوك ولأعيان النّاس، كثيرَ الأسفار إليهم، وحَصَّلَ بالشِّعْر رَزْقًا كثيرًا، ثم صارَ بعد ذلك يُعاني التِّجارة. وشِعْرُه كثيرٌ بإرْبِل. وكانَ كثيرًا ما يقول:"وهذا شِعْري ممّا يُنبَذُ ويُلْقَى لا ممّا يُحْفَظُ ويُرْوَى".
فمن مَشْهور شِعْره قوله تشبيبًا:
ولقد رأيتُ الأقحوانةَ جادَها
…
غَيْثٌ كثَغْر أشنبٍ فيه لَمَى
فلثمتُها وَجْدًا بثَغْرِ مُعَذِّبي
…
وجَرَت شؤون مَدَامِعِي شَوْقًا دَمَا
وقال:
ومُدامةٍ حَمْراء تُشـ
…
ــبه خَدَّ مَن أهوَى ودَمْعِي
يسعى بها قمرٌ أعـ
…
ــزّ عليَّ من نَظَرِي وسَمْعِي
وقال يصف مُغنّية:
وغريرةٍ هَيْفاء ناعمة الصِّبا
…
طَوْع العَناقِ مريضة الأجْفانِ
غنَّت وماسَ قوامها فكأنها الـ
…
ــورقاءُ تَسْجع فوقَ غُصن البانِ
وأشعاره كثيرة لكنْ ليسَ منها في هذه البلاد شيء، وأكثرها بإرْبِل والمَوْصل، فاعلم ذلك
(1)
.
ضَبَطَ لنا وفاةَ هذا الرَّجل وحالَهُ الشَّيخُ عزُّ الدِّين حَسن الإرْبِليُّ الطبيب، فإنّه بَلَديُّهُ وهو خَبِيرٌ به من البلاد.
(1)
ذكر منها ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 4/ 327.
ذو القَعْدة
4015 -
في ليلة الأحد الحادي عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الفقيهُ المُقْرئُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ العَدْل نَجْم الدِّين أبي مُحمد عبد الرَّحيم بن عليّ بن حاتِم بن عُمَر بن مُحمد بن يوسُف البَعْلَبكيُّ الحَنْبليُّ، المَعْروفُ بابن الحَبّال بالقاهرة.
وكانَ أقامَ مدّةً بدمشقَ وطرابُلُس، وتَوجَّه إلى القاهرةِ لشَغْلِ فأدركَهُ أجَلُه هناكَ، وكانَ كَهْلًا.
سَمِعَ من ابن عَلّان ببَعْلَبك، وسَمعَ معنا من جماعةٍ من الشُّيوخ بدمشق وبَعْلَبك، وكانَ فيه مُرُوءةٌ وقَضاءُ حاجةٍ، وله اشتغالٌ وفيه خَيْرٌ.
ووالدُه من شيوخِنا، وهو حيّ إلى الآن، جاوزَ الثَّمانين، وهو من أعيان العُدُول ببلدِه
(2)
.
4016 -
وفي يوم الأربعاء رابع عَشَر ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الفاضِلُ نبيهُ الدِّين أبو مُحمد نَبيهُ
(3)
بنُ بَيَان بن ثابت الحَلَبيُّ الشّافعيُّ بالمَدْرسة الباذرائية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْرَ اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وسألتُه عن مولدِه فقال: كنتُ سنة أخذ التَّتار حَلَب ابن سَبْع أو ثمان، فيكون مولدُه، تقريبًا، سنة خَمْسين وست مئة، أو نحوها.
سَمِعَ من عُمر بن مُحمد الكِرْمانيّ، وابن أبي اليُسْر، ويوسُف بن مَكْتُوم، وغيرِهم. ورَوَى وسَمِعَ منه الطَّلبةُ. وكانَ مواظبًا على الاشتغال بالفِقه وشيءٍ من العَربية، وهو مطبوعٌ، حَسَنُ الأخلاق، مُقْتَنِعٌ بالمَدْرسة الباذرائية، لا يتردَّد
(1)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 240، وتوفي أخوه إبراهيم بن عبد الرحيم سنة 744 هـ عن اثنتين وأربعين سنة، وهو مترجم في الدرر الكامنة 1/ 40.
(2)
ذكر الذهبي مولده في مواليد سنة 637 هـ، من تاريخ الإسلام 14/ 260.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 352، والدرر الكامنة 6/ 153.
إلى أحدٍ، ولا يُخالطُ غيرَ فُقهاء المَدْرسة. وهو من المَعْروفين بصُحْبة الشَّيخ تاج الدِّين، رحمهُ اللهُ تعالى، وكانَ الشَّيخ يُحِبُّه ويُباسِطُه. وأمّا ولده الشَّيخ بُرهان الدِّين فكانَ يُكْرمُه ويُثْني عليه بالفَضِيلة والدِّين، وهو صاحب ظُرْف ونُوادر وتَواضع، هداهُ اللهُ للإسلام من صِغَرِه، ورَبّاه الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين التاذفي.
4017 -
وفي يوم الخَمِيس الثاني والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ مُحيي الدِّين يوسُفُ
(1)
بنُ مُحمد بن أبي الرَّجاء بن أبي الزَّهْر التَّنُوخِيُّ، المَعْروف بابن السَّلْعُوس، الطَّبيب الكَحّال.
وكان رَجُلًا جيِّدًا، مُواظبًا على الجُلُوس بالفُسْقارِ، وفيه ديانةٌ وشَفَقةٌ على الفُقراء، وقاربَ الثَّمانين من العُمُر.
وهو ابنُ عَمِّ الصّاحب شَمْسِ الدِّين بن السَّلْعُوس. وكانَ في أيّامه صارَ له تقدُّمٌ ووجاهةٌ بين الأطبّاء.
• - وفي يوم الأحد الخامس والعِشْرين من ذي القَعْدة ذكرَ الدَّرْسَ بالمَدْرسةِ الصَّمْصامية المالكية القاضي الفقيهُ الإمامُ العالمُ نُورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بنُ عبد النَّصِير السَّخاويُّ المِصْريُّ المالكيُّ، نائبُ الحُكْم العزيز بدمشق، وحَضَرَ الدَّرْسَ جماعةٌ من العُلماء وأعيانِ النّاس.
وكانَ الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين ناظرُ الدِّيوان بدمشق وَقَفَ على هذه المَدْرسةِ وَقْفًا، ونظرَ في أمرِها، ورتَّبَ فيها فُقَهاء
(2)
.
• - وفي يوم الأحد الخامس والعِشْرين من ذي القَعْدة ذكرَ الدَّرْسَ بالمَدْرسة الدَّخْوارِيّة مَدْرسة الطِّب جمالُ الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة ابن عمه الوزير شمس الدين بن السلعوس في وفيات سنة 693 هـ، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات شعبان سنة 672 هـ.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 126.
شهاب الدِّين أحمد الكَحّال، وتَرتَّب في رياسة الطِّب بدمشق، عِوَضًا عن أمينِ الدِّين سُليمان الطَّبِيب، وذلك بمَرْسوم نائِب السَّلْطنة واختيارِه لذلك
(1)
.
• - واجتمعَ في مارِدِين قُفْلٌ كبيرٌ تُجّار، وفيهم جَماعة من الجُفّال بسبب الغَلاء وخَرَجوا منها إلى رأس العَيْن قاصدين الشّام، فلمّا تكمَّلوا برأس العَيْن سافرُوا منها في اليوم الثامن من ذي القَعْدة، فلمّا جاوزوا رأس العَيْن بمرحلتين ووَصلُوا إلى المكان المَعْروف بخان التّاجر أدركهم جماعة من التَّتار نحو ستّين فارسًا من أصحاب أمير اسمه تُوماي مُقَدَّم ألف فارس من أُمراء سُوتاي النّائب بديار بَكْر وما جاورَها إلى حدود العِراق، فطَلَبُوا أعيانَ القُفْل وعَنَّتُوهم، وقالوا للتُّجار: أنتُم خَرَجْتُم وما أدَّيتم كل ما عليكم، وقالوا للجُفّال: أنتُم أخْرَبتُم البلادَ وهَرَبتم، ونحنُ معنا مَرْسوم بقتل كل من يَهْرب إلى الشّام. وقالوا للتجّار أيضًا: إنّما تَمَكَّنَ هؤلاء من النُّزوح إلى الشّام بسببكم، وقبضوا على عَشَرة منهم، وأبعدوا بهم عن القُفْل، وأظهروا أنَّهم يَسْتخرجون منهم ما تأخّر عليهم من حُقوق ومُداراة، فقتَلُوهم، ثم فَعَلُوا ذلك بجماعةٍ بعدَ جماعة، فأحسَّ القُفْل بالشَّرِّ، فأكثَرُوا الصّراخ والعَوِيل فمالَ التَّتارُ عليهم بالنشاب وأضعفُوهم وشَتَّتُوهم، ثم شَرَعُوا بعدَ ذلك يَسْتَخرجون أموالَهُم ويَقْتُلونهم حتى قَتَلُوا الجميعَ، وبقي من أولاد الجُفّال نحو سبعين صَبِيًّا، فقالوا: مَن يقتل هؤلاء منّا، فقال رجلٌ منهم: أنا أقتلهم بشرط أن تَجْعلوا لي زيادة في القِسْمة، فأعطوه عن قَتْل كُلِّ صبيٍّ دينارًا، فقتلَهُم بأسْرِهم، وهناك صَهاريج قديمة ليسَ فيها ماء، فجعلوا كلّما قَتَلُوا جماعة ألقوهم فيها حتى ملأوا خمسة صَهاريج، وبَلَغ القتلَى تسع مئة، منهم تُجّار ست مئة، ومن الجُفّال ثلاث مئة، منهم من وأس عَيْن مئة وخَمْسون، ومن مارِدِين مئة، ومن دُنَيْسر خَمْسون،
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 126، والدارس 2/ 104.
وفيهم من النِّساء ثمانون، ومن الصِّبيان سَبْعون، وهم الذين تقدَّم ذِكْر قتْلهم، ولم يَسْلم من الجميع سِوَى تُرْكماني خَرَجَ من بعض الصَّهاريج وبه رَمَق، وتوصَّل إلى جُمْلين، وعَرَفَ النّاسُ الخَبرَ منه، فوصلَ الخبرُ إلى رأس العَيْن في تاسع عَشَر ذي القَعْدة. ووَصلَ خَبَرُ هذا القُفْل إلى دمشق في أيام عيد الأضْحَى.
وبَلَغَنا بعد ذلك أنَّ سُوتاي مَسَكَ الحراميّة وحَبَسَهم ولم يَنْفَلت منهم سوى اثنين، وأنه جَمَعَ الأموال والتزمَ بإيصالها إلى مُسْتَحقِّيها، وأنَّه حَضَرَ جماعةٌ وأخذوا ما عَرَفوه من أموال أقاربهم، ولَحِقهم في ذلك غَرامة ما بين النِّصف إلى الثُّلثُ، وتألَّم النّاسُ لهذه الواقعة كثيرًا، وضاقَت الصُّدُور، فلا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله
(1)
.
ضَبَطها لنا وفَحَصَ عن أمرها، وسألَ عنها التُّجّار والمُسافرين حتى تحرَّرت: عزُّ الدِّين حَسَن الإرْبِليُّ الصّوفيُّ الطَّبيبُ.
4018 -
وفي ليلة السَّبْت ثالث ذي القَعْدة تُوفِّي الأميرُ عمادُ الدِّين إسماعيلُ
(2)
بنُ مَسْعود بن مُحمد بن أحْمَديل المَقْدسيُّ الجُولانيُّ
(3)
، بمنزله بقَلْعة بَعْلَبك، ودُفِنَ يوم السَّبْت المَذْكور جوار تُربة الشَّيخ عبد الله اليُونيني.
ومولدُه سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة، أو تِسْع وثلاثين، نيَّف على ثمانيةٍ وسبعين سنة من العُمُر.
وهو أسنُّ من الشَّيخ قُطْبِ الدِّين بن اليُونيني بقَرِيب سنة. وكانَ طال مَرَضُه نحو سَنَتَيْن. سَمِعَ الجزء الثالث من "حديث عليّ بن حُجْر" على الشَّيخ شَمْس الدِّين مُحمد بن سَعْد المَقْدسيّ في جُمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وست مئة. وحَدَّث، وكان متولِّيًا قَلْعة بَعْلَبك، وقَبْلَ ذلك كان يَنُوب ببَعْلَبك
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 126.
(2)
ترجمته في: توضيح المشتبه 3/ 476.
(3)
بضم الجيم، قيده العلامة ابن ناصر الدين، وهو مستفاد مع الجَوْلاني بفتح الجيم والخولاني بالخاء المعجمة.
عن شُجاع الدِّين بن شهري مُدّةً طويلةً. وكانَ يحفظ أشياءَ حَسَنة، وله أخلاقٌ جميلةٌ، وكانَ أهل البَلَد يحبّونه، ولمّا ماتَ تألّموا لفَقْدِه.
ذو الحِجّة
4019 -
في بُكْرة الخَمِيس السّادس أو السّابع من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ المُقْرئُ العَدْلُ الرَّضِيُّ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ شَيْخنا العَدْل الكبير، الفاضل زَيْن الدِّين أبي الفَضائل المُهَذَّب بن أبي الغَنائم بن أبي القاسم التَّنُوخِيُّ بمَسْجد فَيْروز، خارج باب الفَراديس، ظاهر دمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في ثامن عَشَر ذي القَعْدة سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة بدمشق، كمَّل الستِّين.
وكانَ عَدْلًا جيِّدًا، مُحْتَرِزًا، وعندَهُ معرفةٌ بالشُّروط، وكتبَ لجماعةٍ من نُواب القُضاة، وكانَ يَشْهد تحت السّاعات، ويشهدُ على الحُكّام، ووَلِيَ نَظَرَ ديوان السُّبُع، ثم عُزِلَ عنه. وكانَ حفظَ "الشّاطبية"، وقرأ ببعض الرِّوايات على ابن مُزْهر، وكانَ فيه دِيانة وأمانة، وعندَه تَقْوى، وله خُلُق صَعْب.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ من ابن أبي اليُسْر، وجماعة من أصحاب ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ من شيوخِنا، وغيرِهم.
4020 -
وفي عَشِيّة الجُمُعة وقت المَغْرب السّابع من ذي الحِجّة تُوفِّي الصَّدْرُ الرَّئيسُ شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ القاضي الصَّدْرِ الكبيرِ جمالِ الدِّين إبراهيمَ ابن الصَّدْر شَرَف الدِّين عبدِ الرَّحمن ابن العَدْل أمينِ الدِّين سالم ابن الحافِظ بهاءِ الدِّين أبي المَواهب الحَسَن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى
(1)
ترجمته في: ذيل التقييد 2/ 224.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 280، والبداية والنهاية 16/ 130، والسلوك 2/ 529، والعقد الثمين 1/ 398.
التَّغْلِبيُّ الدِّمشقيُّ، حاجًّا مُلبّيًا مُحْرِمًا، بظاهرِ مكّةَ - شرَّفها اللهُ تعالى - ودُفِنَ ضَحْوة السَّبْت يوم التَّرْوِية بمقبَرة الحَجُون على باب مكّة.
وكانَ مَرِضَ ببَدْر، واستمرَّ مرضُه أسبوعًا، وعُمُره خمس
(1)
وثلاثون سنة.
وشَهِدَ له النّاسُ بالخَيْر بسبب هذه الخاتمة، وكانَ باشرَ بدمشق نَظرَ الإشراف، ونَظرَ الجامع، وصحابة الدِّيوان الكبير، وباشرَ بحَمَاة نَظوَ الدِّيوان. وكانَ له همّة، وفيه مَعْرفةٌ وكفاءةٌ وتنفيذٌ للأُمور.
وكانَ سَمِعَ كثيرًا من الأحاديث النبوية. وحَضَرَ بقراءتي وهو رَضِيعٌ على والدتِه وجدتِه وخالِه، ثم سَمِعَ معنا على الشَّيخ فَخْر الدِّين ابن البخاري "مَشْيختَه" بكمالها.
4021 -
وفي يوم الجُمُعة الخامس عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ الفقيهُ نَجْمُ الدِّين موسى
(2)
ابنُ الشَّيخ بهاءِ الدِّين يحيى بن إسرائيلَ البُصْرَويُّ، ابنُ أختِ زَكيِّ الدِّين زَكْري البُصْرَويِّ، مدرِّس الشِّبْليّة، رحمه الله، وكانت وفاتُه بمكّة، شرَّفَها اللهُ تعالى.
وكانَ مَرِضَ بالإسْهال، واشتدَّ الأمرُ به في أيام الحجّ، وكانَ مَشْكُور السِّيرةِ، مَرْضِيَ الطَّرِيقة.
4022 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئ زَيْنُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ سُلَيْمان بن أحمد بن يوسُف بن عليّ الصِّنهاجيُّ المالكيُّ البَيّاتيُّ المَرّاكِشيُّ، بالإسكندرية.
(1)
في الأصل: "خمسة".
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه سليمان توفي سنة 744 هـ، وترجمته في الوفيات لابن رافع 1/ 464، والدرر الكامنة 2/ 310، وتقدمت ترجمة خاله في وفيات رجب سنة 698 هـ.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 96، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 156، وأعيان العصر 4/ 457، وتوضيح المشتبه 1/ 613، والسلوك 2/ 529، وحسن المحاضرة 1/ 390، وشذرات الذهب 8/ 84.
سَمِعَ من ابن رَوَاج الستّة الأجْزاء الأواخر من "الثَّقَفيات"، وسَمِعَ من مظفَّر بن الفُوّيّ.
ومولدُه تقريبًا في سنة أربعين وست مئة.
وكانَ إمامَ مَسْجد قَدّاح بالثَّغْر المَحْروس.
وأجازَ لنا ما يَرْويه، كَتَبَ إليَّ بوفاته زكريّا الطَّرابُلُسيّ.
4023 -
وفي العَشْر الأُول من ذي الحِجّة تُوفِّي ناصرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ يوسُف بن مَسْعود بن أحمد بن أحْمَديل المَقْدسيّ، ببَعْلَبك المَحْروسة.
وهو ابنُ أخي عِماد الدِّين الجُولانيِّ المُقَدَّم ذِكْره، بينهما في الوفاة نحو الشَّهر، وكانَ أسنّ من عَمِّه المَذْكور.
سَمِعَ من إسماعيل العراقيّ قِطْعةً من "سُنن النَّسائيّ"، وسَمِعَ منه "التَّوكّل" لابن أبي الدُّنيا، وغير ذلك. وله إجازةُ الرَّشيد بن مَسْلَمة، وغيرِه. وحَدَّث. وكانَ معتمدًا بقَلْعة بَعْلَبَك.
4024 -
وفي ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين بن بَرْق الفَقِير الحَرِيريُّ
(2)
.
وكانَ شيخًا كبيرًا، مَعْروفًا بين الفُقراء الحَريرية.
4025 -
والشَّيخ محمد
(3)
المَعْروف بالأرْغَل.
وكانَ ذكيًّا فَطِنًا يعرفُ صَنائعَ كثيرة ويُتقنُ ما يَعْمله. وحجَّ معنا، واستصحَبَ معه طاقة من عَمَلِه ورَكَّبها بالحَرَم النَّبوي، وجاءت مَلِيحة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 717 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 146.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
4026 -
والحاجُّ شَرَفُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(1)
بنُ نَصْر الله بن أبي بَكْر الخَشّاب المِعْمار.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَقْبول القبول
(2)
. وخَلَّف أولادًا صِغارًا، وكان مُصاهرًا للفُقراء السَّلاوية، وفيه خَيْرٌ وسُكُون.
وكانت وفاتُهم بدمشق.
• - وحَجَّ في هذه السَّنة الأميرُ مُهَنّا بنُ عيسى، وولدُه سُليمان في نحوٍ من ستة ألاف، ولم يجتمع بأحدٍ من المِصْريِّين والشاميِّين.
وحَجَّ أخوه مُحمد بن عيسى في نَحو أربعة آلاف وحَجَّ الأميرُ سَيْف الدِّين قَجْليس، والأميرُ شَرَف الدِّين حُسين بن جنْدر الرُّوميّ
(3)
.
• - وفي آخر السَّنة وَصلَ الخَبرُ إلى دمشقَ أنّهُ خرجَ جماعةٌ من النُّصَيْرية عن الطاعة بجَبَلة، وأقامُوا شخصًا ادّعوا أنه المَهْديّ، وقاتَلُوا المُسلمين، واجتمعَ القُضاة والفُقهاء بجامع دمشق، وعُرِضَ ذلك عليهم، وأفتوا بما يَنْبغي اعتمادُه معهم.
وبعد ذلك وقَفْتُ على مَحْضرٍ ملخّصه أنَّهُ لما كانَ يوم الجُمُعة الثاني والعِشْرين من ذي الحِجّة سنة سَبْع عَشرة بعد صلاة الجُمُعة حَضَرت النُّصَيرية الكَفَرة الفَجَرة إلى مدينة جَبَلة، وعِدَّتُهم أكثر من ثلاثة آلاف، يقدمهم شَخْص يَدَّعِي تارةً أنه مُحمد بن الحَسَن المَهْدي القائم بأمر الله، وتارةً يَدَّعِي أنه عليّ بن أبي طالب فاطِرِ السَّماوات والأرض، وتارةً يَدَّعِي أنّهُ مُحمد بن عبد الله، وأنَّ البلادَ بلاده، والمَمْلكة الإسلامية مملكتُه، وأنَّ المُسلمين كَفَرة، وأنَّ دِين النَّصَيْرية هو الحَقّ، وأنَّ السُّلْطانَ الملك النّاصر صاحب البلاد ماتَ من
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
هكذا في الأصل، ولعل الصواب:"مقبول القول".
(3)
الخبر في: السلوك 2/ 527 - 528.
ثمانية أيام، واحتَوَى المَذْكور على عُقُول جماعة من مُقَدَّمِي النَّصَيريّة، وعيّن لكلّ إنسان منهم تَقْدمة ألف، ونيابة قَلْعة من قِلاع المُسلمين من المملكة الإسلامية، وفَرَّق عليهم إقطاعات الأُمراء والحَلقة.
وافترقَت الطائفة المَذْكورة ثلاثَ فِرَق على مدينة جَبَلة.
فِرْقةٌ ظَهَرت قِبْليّ البَلَد بشَرْق، فخرجَ عليهم عَسْكر المُسلمين فكَسَرهم وقتلَ منهم جماعةٌ عِدّتهم مئة وأربعة وعِشْرون نَفَرًا، وقُتِلَ من المُسلمين نَفَرٌ يسير، وهُزِمَت الفرقة المَذْكورة، وجُرِحَ من المُسلمين جمال الدِّين مُقدَّم العَسْكر بجَبَلة.
وفرقةٌ ثانية ظَهَرت قِبْليّ جَبَلة بغرب على جانب البَحْر.
وفرقةٌ ثالثة ظَهَرت شَرْقيّ جَبَلة بشمال، وكَثروا على المُسلمين وكَسَرُوهم، وهَجَموا جَبَلة، ونَهَبُوا الأموالَ، وسَبَوا الأولادَ، وهتكوا الحَرِيم، وقتلوا جماعةً بجَبَلة من المُسلمين، ورَفَعُوا أصواتَهم بقول: لا إله إلّا عليّ، ولا حِجَاب إلّا مُحمد، ولا باب إلّا سَلْمان، وبسبّ أبي بَكْر وعُمر رضي الله عنهما.
وبَقِيَ الشُّيوخ والصِّبْيان والنِّساء من المُسلمين يضجّون: واإسلاماه، واسلطاناه، واأمراءاه، ولم يَكُن لهم مُنْجِدٌ في تلك الحالة إلّا الله تعالى، وجَعَلُوا يتضرَّعون ويَبْتَهلون. وجَرَى في هذا اليوم أمر عظيم.
ثم إنَ الشَّخصَ المَذْكور جمعَ الأموالَ المأخوذة وقَسَمها على مُقَدَّميهم بقريةٍ يقال لها بسُيْسِيل، وقال إنه لم يَبْق للمُسلمين ذِكْر ولا خَبَر ولا دَوْلة، ولو كنتُ في عَشَرة أنفس بقَضِيب واحد بلا سَيْف ولا رُمْح انتصرتُ على المُسلمين وقتلتهم. وأظهرَ دينَ النُّصَيريّة، ونادَى في البلاد: إنَّ المُقاسمة عليهم بالعُشْر لا غير، وأمرَ أصحابَهُ بخراب المَساجد وجعلها خَمّارات، ومَسَكَ
النُّصَيرية جماعةً من المُسلمين بجَبَلة وأرادوا قَتْلهم وقالوا لهم: آمنوا بمحمد بن الحَسَن، وقولوا: لا إله إلّا عليّ واسجدُوا لمحمد بن الحَسَن المَهْدي فإنّه إلهُكُم يُميتُكُم ويُحييكُم، فمَن قالَها حَقَنَ دمَهُ وصانَ مالَهُ، وأُعْطِي فرمانًا.
وكانُوا في اليوم المَذْكور قبل دُخول جَبَلة كَبَسوا زَوْق سلَيمان التُّركمان، وزَوْق تُركمان من جهة حَلَب، وأخذوا أموالَهُم وأولادَهم وحَرِيمَهم. وكانَ الغالب على الجَمْع المَذْكورين طائفة يقال لها العبديون، ومنهم الشَّخْص المَذْكور، وطائفة من الحَرّانية، وجَمْع من بلاد المَرْقَب
(1)
والعَلِيقة
(2)
والمَنْيَقة
(3)
.
وفي عَشِيّة اليوم المَذْكور وَصلَ الأميرُ بَدْرُ الدِّين التّاجي مُقَدَّم عَسْكر اللاذقية، وباتَ يحرس جَبَلة، ولولا حضوره ومعه العَسْكر كان عَزْم المَذْكورين على دُخول جَبَلة مرةً ثانية والشَّخْص المَذْكور جامع بخَيْلِه ورَجْله بقرية اسمها الصُّوَيْعة من عمل جَبَلة.
وهذا المَحْضَر ثابت عند قاضي جَبَلة نائب قاضِي طرابُلُس
(4)
.
ثم بعد ذلك بقَليل قُتِلَ مُقَدَّمهم واضمحَلّ أمرُهم وتَلاشَى، وكَفَى الله تعالى الشَّرَّ ودمَّرَهُم ومَزَّقَهُم، وكانَ ذلك جُرأة عَظِيمة منهم وقِلّة عَقْل وجَهْل مُفرط
(5)
.
(1)
المرقب: قلعة حصينة تشرف على مدينة بانياس (معجم البلدان 5/ 108).
(2)
العليقة: حصن منيع من حصون الإسماعيلية (نهاية الأرب 30/ 249)، وضبطه الرحالة ابن بطوطة فقال: على لفظ واحدة العليق (الرحلة 1/ 56).
(3)
المَنْيَقَة: حصن من حصون الإسماعيلية أيضًا، مرّ به ابن بطوطة وضبطه بفتح الميم وإسكان الياء وفتح الياء والقاف (الرحلة 1/ 56)، وانظر نهاية الأرب (30/ 253).
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 277 - 278، والبداية والنهاية 16/ 127، والسلوك 2/ 525.
(5)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 278، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 152 - 153، وذيل العبر، ص 92، والسلوك 2/ 525.
سنة ثمان عشرة وسبع مئة
المُحَرَّم
4027 -
في ليلة الجُمُعة السّادس من المُحَرَّم تُوفِّي رُكْنُ الدِّين بَيْبَرس
(1)
الشَّرِيفيُّ، الساكن بدَرْب المِسْك، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ جنديًّا، صالحًا، تاليًا للقُرآن العظيم، حَسَنَ القِراءة.
4028 -
وفي يوم الجُمُعة سادس المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ فَخْرُ الدِّين إسماعيل
(2)
ابن شَيْخنا العَدْل شَرَف الدِّين مظفّر بن مُحمد بن أبي الفَضْل السُّلَميُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروفُ بابن قُصَيْبات، ودُفِنَ يوم السَّبْت بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، جاورَ بالمدينة النَّبوية مدّةً، وسَمِعَ شيئًا من الأخوين ابنَي الحِمْيَريّ، وحَضَرَ في سَمَاع "صحيح البُخاري" على المشايخ الثمانية والعِشْرين، وما حَدَّث.
4029 -
وفي ليلة عاشوراء تُوفِّي الشَّيخُ أبو العبّاس أحمدُ
(3)
بنُ مُحمد بن مُحمد بن نَجْم الرفاء الدِّمشقيّ، المَعْروف بابن قَمَر، ودُفِنَ من الغد بمقبَرة الباب الصَّغير ظاهر دمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ساكنًا، وقورًا.
ومولدُه في يوم عاشوراء سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة يوم الأربعاء بسَفْح جَبَل قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ذي القعدة سنة 685 هـ.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 356.
سَمِعَ من ابن عبد الدّائم، ورَوَى لنا عنه. وسَمِعَ أيضًا من أيبك عَتِيق القاضي المِصْريّ، وجماعة.
وذكرَ لي أنَّ والدَهُ كانَ يُعْرف بابن السّابق، وكانَ مُقْرِئًا يُلَقِّن بجامع دمشق، وفقيرًا مع الفُقراء، وجاوزَ المئة، وتأخَّرت وفاتُه إلى بعد سنة سَبْع مئة، وأنَّ جدَّه مُحمد بن نَجْم كانَ من أهل المدينة النبوية، وانتقلَ إلى دمشق، وكانَ يَسُوقُ الصِّبيان إلى المَكاتب.
4030 -
وفي يوم الجُمُعة أول النَّهار الثّالث عَشَر من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ المُحَدِّثُ بُرهانُ الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(1)
بنُ عبدِ الكريم بن راشِد الذَّهبيُّ القُرشيُّ الدِّمشقيُّ وصُلِّي عليه بجامع دمشق عَقِيب الجُمُعة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بتُربة العزِّ المطرّز فوق الجامع من جهة الشَّرق.
ومولدُه بدمشق في سنة تسع وعِشْرين وست مئة تقريبًا.
وكانَ له دُكّانَ بالذَّهَبيّين، وطلبَ الحَديثَ مدّةً، وحَصَّلَ الإجازات والأثبات والنُّسَخ، وسَمِعَ كثيرًا، وأسمَعَ أولادَه، ولم يسْمَع في صِغَره شيئًا، وإنَّما سَمِعَ بعد تكمّل الثلاثين.
وكانَ سليم الصَّدْر لا يَحْقدُ على أحدٍ، ومَن أخبرَهُ بشيء صَدَّقه.
سَمِعَ من ابن عبد الدّائم، والزَّين خالد المُحَدِّث، وابن أبي اليُسْر، وعُمر الكِرْمانيّ، وعبد الرَّحمن بن سالم الأنباريِّ، والمَجْد ابن عساكر، ويوسُف بن مَكْتوم، والزَّين عليّ بن الأوحد، وعبد العزيز بن عبد، والكَمَال بن فارس، وغيرهم.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 143، والمعجم المختص، ص 58، والدرر الكامنة 1/ 43، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 718 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 162.
وهو جَدُّ صلاح الدِّين خَلِيل بن العَلائي لأمِّه ونَسيبه. أحَبَّ الحَديثَ والطَّلَب.
4031 -
وفي يوم الجُمُعة قبل العَصْر الثّالث عَشَر من المُحَرَّم تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ أمُّ أحمد ستّ العَرَب
(1)
بنتُ الشَّيخ الصّالح المُقْرئ أبي الحَسَن عليّ بن مُحمد بن عليّ بن بقاء البَغْداديِّ المُلَقِّن، ودُفِنَت في آخر النَّهار بسَفْح جَبَل قاسيون ظاهر دمشق.
رَوَت لنا عن ابن عبد الدّائم، وهو جدّ أمّها للأُمّ، ولها إجازة من سِبْط السِّلَفي، والحافظ عبد العَظِيم، وجماعة. ورَوَت قبل مَوْتها بقليل بالإجازة عن كَرِيمة القُرَشيّة.
وسألتُها عن مولدِها فقالت: بعد الخُوَارزمية بقليل. سَمِعنا منها ومن والدها ومن أولادها الثلاثة: أحمد
(2)
، وعبد الرَّحمن
(3)
، وزَيْنب
(4)
، أولاد الشَّيخ مُحمد البِجَّدِيّ
(5)
.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في شوال سنة 698 هـ.
(2)
ذكر الذهبي أنّه ولد سنة 658 هـ، (تاريخ الإسلام 14/ 908).
(3)
توفي سنة 738 هـ، وهو مترجم في معجم شيوخ الذهبي 1/ 374، والوفيات لابن رافع 1/ 199، وذيل التقييد 2/ 95، والدرر الكامنة 3/ 131، وغيرها.
(4)
توفيت سنة 742 هـ، وهي مترجمة في وفيات ابن رافع 1/ 397، والدرر الكامنة 2/ 253.
(5)
هو محمد بن أحمد بن عبد الرحمن البِجَّدي المتوفى سنة 722 هـ، وهو منسوب إلى بِجّد قرية من قرى الزبداني، وقيدها الإمام الذهبي في المشتبه بكسر الباء الموحدة وتشديد الجيم وفتحها، وتابعه على ذلك العلامة ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 9/ 38، وقال:"وقد ضبطه الفرضي بفتحتين، قلت: مع التشديد، والأول معروف، يعني: الكسر". قلنا: وممن قال بالفتح الحافظ ابن حجر في الدرر 5/ 52، وأما في التبصير 4/ 1432، فقد ذكر قول الذهبي ولم يعترض، والعلامة ابن ناصر الدين أعلم بأهل بلده وأفهم. وتنظر ترجمته في معجم شيوخ الذهبي 2/ 145، وأعيان العصر 4/ 294، والوافي بالوفيات 2/ 146، فضلًا عما ذكرناه.
4032 -
وفي ليلة السَّبْت الحادي والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ قاسم
(1)
ابنُ الشَّيخ الصّالح أحمدَ بنِ مُظفَّر بن مُعَمَّر بن المُعلّم العُرْضيُّ الشّاغُوريُّ، ودُفِنَ من الغد بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانت له هِمّةٌ ودخولٌ على الأُمراء، وبَنَى زاوية وجَدَّدَ وعَمَّرَ، وماتَ شابًّا وأُصيب بموتِه أبُوه، وحضرَ الأُمراءُ والأصحابُ إليه للتَّعْزية.
4033 -
وفي بُكْرة السَّبْت الحادي والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العابدُ الفاضلُ شَرَفُ الدِّين عبد القاهر
(2)
بن أبي العِزّ بن أبي سَعْد بن نُمَيْران الحَرّانيُّ الصَّيْرفيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير بتُربة الأعْزازي.
ومولدُه في أوائل سنة تسع وأربعين وست مئة بحَرّان.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، عنده ديانةٌ وأمانةٌ ومعرفةٌ وفضيلةٌ، وله أورادٌ وبِرٌّ وصَدَقةٌ، ويحفظُ كثيرًا من أحوال الصّالحين وكَراماتهم، ويتكلَّم في الحقيقة، وله مَقال.
وهو أخو الشَّيخ أبي سَعْد الصَّيْرفيّ، ماتَ قبله بنحو ثلاثين سنة. وكانَ صالحًا، صاحب كَرَامات كثيرة وأوراد وافرة وكَشْف واطلاع.
• - ووَصلَ جماعةٌ من الحُجّاج إلى دمشق يوم الثُّلاثاء سابع عَشَر المُحَرَّم، ووصلت كُتُب الحُجّاج يوم الخَمِيس تاسع عَشَرِه وهي مُشْتَملة على ما حصل في هذه السَّفرة من غلاء الزّاد والعُلُوفات، وموتِ الجِمَال وهرب الجَمَّالين، وأمّا الماء فكانَ كثيرًا، وتوجَّه النّاسُ للقاء الحُجّاج عَقِيب الجُمُعة ومن الغد وبعد ذلك. وكانَ قد تَوجَّه أيضًا جماعة للتلقي قبلَ وصول الكُتُب بأيام،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
واحتفلَ النّاسُ لتلقِّي سَيِّدنا قاضي القُضاة نَجْم الدِّين بن صَصْرَى الحاكم بالشّام المَحْروس، أيَّدَهُ الله تعالى، بحيث وصلَ أوائلهم إلى تَبُوك لِمَا يَنْبغي من تَعْظِيمه وتعظيم مَنْصبه ورُتْبته، ولِمَا له من المَكارم والحُقوق على النّاس.
وكانَ وصولُ المَحْمَل والرَّكْب إلى مدينة دمشق في يوم الاثنين سَلْخ المُحَرَّم.
• - ووَصلَت الأخبارُ في أول هذه السَّنة إلى دمشقَ بما حَصَل بديارِ بَكْر، والمَوْصل، وإرْبِل، ومارِدِين، والجَزِيرة، ومَيّافارقين، وغيرها من الغَلاءِ العَظيم والجَلاء وخَرَاب البلاد وبَيْع الأولاد.
أمّا مارِدِين فبلغ ثَمَن الرِّطْل الدِّمشقيّ من الخُبز ثلاثة دَرَاهم إلى أربعة ولم يُوجد في الغالب مع عَدَم بقيّة الأقوات، وماتَ من أهلها جَمْعٌ كبير، وجَلا أكثر أهل بلادها، وأكلَ النّاسُ فيها المَيْتة، وباعَ بعض النّاس أولادَهُم.
وأما جزيرة ابن عُمر فقيل إنّه ماتَ بها من أول هذه السَّنة إلى سَلْخ ربيع الآخر منها خَمْسة عشر ألفًا بالجُوع والوَباء، وأبيعَ من الأولاد نحو ثلاثة آلاف صَبِيّ، وكانَ يُباع الصَّبيّ من نحو الخَمْسين درهمًا إلى العَشَرة، ويَشْتَريهم التَّتارُ، وكانَ المارّ بها يمرُّ من باب الجَبَل إلى باب الشَّطِّ، فلا يَجِد أحدًا، غير أنَّ روائحَ الجِيَف تخرج من البُيوت، وصارت الكلاب تأكل الجِيَف وتأوي إلى الجامع، وبُطّلت الجُمُعة نحو شَهر.
وأما مَيّافارقين فماتَ غالب أهلها بحيث مَرّ المارّ بأسواقها فلم يَجِد غير ستّ حوانيت.
وأمّا المَوْصل فكانَ الغَلاءُ والجَلاءُ وموتُ النّاس فيها أشدّ من مارِدِين، وكذلك بيعَ الأولاد، بحيث خَلَت الدُّور من أهلها، وأكلُوا الميتات، وباعوا كلَّ عَزِيز ونَفِيس، باعَ رجلٌ ولدَهُ باثني عَشَر دِرْهمًا، وقال:
هذا الولد لما خَتَنْتُه أنفقتُ على الخِتان خَمْسين دينارًا، وكانَ المُشْترون يقصدونَ أن لا يشتروا أولاد المُسلمين، فكانت المرأة أو الصَّبية تجعل نفسها نَصْرانية وتقرّ بالنَّصرانية ليُرغَب فيها.
وأما مدينة إرْبِل فكانَ حالها كذلك أكلَ أهلُها جميعَ النَّبات الموجود، ثم أكلوا قُشُور الشَّجر وقلوبها، ثم أكلوا المَيْتات، وجاءَهُم الموت الذَّرِيع، وشَرَعوا يَنْزحون عنها، فتَوجَّه منهم جماعة من الحَوَاضر نحو أربع مئة بَيْت إلى جهة مدينة مَرَاغة فوقعَ عليهم ثَلْج في الطرق وبَرْد شديد فماتوا كلّهم، وخَرَجت طائفة أُخرى أكثر من الأولى، وكانت من البَلَد من السَّواد والفَلّاحين، صُحْبة أردُو التَّتار، فوصلوا إلى عَقَبة، فتركَهُم التَّتار في أسفل العَقَبة ومَنَعُوهم من الصُّعود معهم عَجْزًا عن تَقْوِيتِهم وإطعامهم، فماتُوا كلّهم.
ووَصلَ كتاب قاضي البَلَد إلى المَوْصل وفيه: إنا اعتبرنا جُملةَ مَن بقي من أهل البَلَد، فكانوا نحو خَمْس مئة بَيْت من خمسة عَشَر ألف بيت، والمُتَعيّنون ممّن بقي نحو خَمْسين بيتًا، والباقون ضُعفاء وفقراء.
وأما أهل سِنْجار فكانَ أمرُهم أخفّ، وكذلكَ أهل العراق خصوصًا أهل بغداد فلم يصل أمرُهم إلى بيع الأولاد وأكْل الميتات، ولكن قَلَّ زَرْعهم بسبب قلّة الأمطار.
ومما حُكِيَ أنَّ عَمَل دُجَيْل ثلاث مئة وستون قرية لم يُزرَع منها سوى ستّ قُرى، والباقي خرب بسبب أنَّ ماءَ دجلة لم يصل إليها. وكذلك النَّخِيل أصابه في سنة سَبْع عشرة وسبع مئة بَرْد وثَلْج أضعفَ بعضَهُ وأفسدَ بعضَهُ. وجاءت سنة ثمان عشرة بغير مَطَر فلم يحصل منه شيء.
وكانَ سبب الغَلاء أولًا بمدينة سنْجار وديار بَكْر الجَراد في سنة ست عَشْرة وسبع مئة.
وهَلَّت سنة سَبْع عَشْرة وسبع مئة بغير مَطَر، فاشتدّ الغلاء ضعفَ ما كانَ. فلمّا هَلَّت سنة ثماني عَشْرة عَظُمت البَلِيّة بسبب استمرار الحال من قِلّة المَطَر وموت الفلّاحين وجَلائهم من البِلاد، وبسبب جَوْر الدَّولة التَّتارية، ومَوْت الملك خَرْبَندا، وتغيُّر الدَّولة، وبسبب غاراتٍ وَقَعَت عندهم من ناحية الشّام ومن الأكْراد.
وفي شهْر رَجَب وشَعْبان ورَمَضان من سنة ثماني عَشْرة وردت الأخبار بأنّ المَوْت قد قلّ في جَمِيع البلاد المَذْكورة، ولكن الغلاء مُستمرّ في المَوْصل والعِراق.
وأمّا سِنْجار ومارِدِين فرخص القُوت فيها
(1)
.
نَقَلْتُ ذلك من خط عزّ الدِّين الحَسَن بن أحمد بن زُفَر الإرْبِليِّ الصُّوفيِّ الطَّبِيب، واختصرتُ بعضَهُ.
4034 -
وفي المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الكبيرُ الأصيلُ المُعَمَّر قُطْبُ الدِّين أبو حَفْص عُمرُ
(2)
ابنُ القاضي بهاءِ الدِّين عبد العزيز بن الحُسَين بن عَتِيق بن الحُسَين بن رَشِيق الرَّبَعِيُّ المالكيُّ المِصْريُّ، بها.
وكانَ من العُدُول، ويَخْدمُ بمشهَد السيِّدة نَفِيسة. سَمِعَ من ابن المُقَيَّر، ومُحيي الدِّين يوسف بن الجَوْزيّ.
ومولدُه بمِصْر في أحد الجُمادَيين سنة إحدى وعِشْرين وستِّ مئة بدَرْب البلاط.
وهو من بيتٍ كبير مَعْروف بالفِقه والدِّين؛ كانَ والدُهُ فقيهًا، عالمًا، وكانَ جدُّه أبو عليّ الحُسَين، شيخَ المالكية بمِصْر.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 292 - 294، وذيل العبر، ص 96، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 160 - 161، والبداية والنهاية 16/ 131، والسلوك 3/ 3.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 638، والوافي بالوفيات 22/ 515، وذيل التقييد 2/ 244، والدرر الكامنة 4/ 201، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 718 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 162.
صَفَر
4035 -
في يوم الأحد السّادس من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ أمينُ الدِّين حُسَينُ
(1)
بن الشَّيخ مُحيي الدِّين إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ سونج السّالك طريقَ الفَقْرِ، المَعْروف بالبَكْري، المقيم بالأزْبَهارية
(2)
خارج باب الفَرَاديس بين السُّورَيْن، وصُلِّي عليه الظُّهْر بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، ونُودي له في البَلَد.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا يَنْسخ ويُطالع، وكانَ له جماعة إخوةٍ صالِحُون أخيار ماتوا قبله، وسَمِعُوا كلّهم الحَديث.
وكانَ حُسَين هذا رفيقَنا في السَّماع بالصّالحية على أصحاب ابن طَبَرْزَد، وأسمعَهُ أخوه المُحَدِّت عماد الدِّين حَسَن كثيرًا، وكانَ من أقراننا، رحمه الله تعالى.
• - وفي بُكْرة الاثنين السّابع من صَفَر وَصلَ القاضي كَرِيمُ الدِّين عبدُ الكريم ابنُ العَلَم هبةِ الله وكيل الخَوَاصّ السُّلْطانية بالبلاد جَمِيعها، ونزلَ بدار السَّعادة، وأقامَ أربعةَ أيام، وأمرَ ببناء جامع بالقُبَيْبات قِبْليّ دمشق، وتوجَّه إلى البَيْت المُقَدَّس فأقامَ به مثل ذلك، وتصدَّق بصدقاتٍ وافرة، ورجعَ إلى القاهرة، وشُرِعَ في الجامع المَذْكور بعد سفره
(3)
.
• - وفي يوم الأربعاء ثاني صَفَر كانَ جماعةٌ من زَوْق علاء الدِّين الدَّرْبَساكِيّ مُقَدَّم التُّركمان جالسين بالزَّوْق المَذْكور بالأرض التي بينَ أرض الرُّكَيْكة بين قرية تلّ زُبَيْد وبينَ قرية المُعَيْصِرة من الجَوْن من عَمَل طرابُلُس بعد صلاة الظُّهْر، فثارت عليهم رِيحٌ عاصفٌ من جهة البَحْر فقويت على بيوت الدَّرْبَساكيِّ المَذْكور،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في ترجمة أخيه حسن المتقدمة ترجمته في وفيات سنة 684 هـ (وترجمته في تاريخ الإسلام 15/ 517)، وتقدمت ترجمة أخيه إسماعيل في وفيات جمادى الآخرة سنة 700 هـ.
(2)
هذه المدرسة لها ذكر في ذيل مرآة الزمان 2/ 53.
(3)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 282، والبداية والنهاية 16/ 131، والسلوك 3/ 3.
وكَسَّرَت البيوتَ، ولم يُعْدَم له شيءٌ من الأموال والأنفُس، ثم تَعَدَّت الرِّيحُ إلى بيوت الحاج طَرَالي بن ألْبكي، فكوّنت عَمُودًا أغبر مُتَّصلًا بالسَّحاب صورة تِنّين، وبَقِيت على بيوته ساعةً زمانية تَرُوح عنه يمينًا وشمالًا، ثم تَعُود إلى البيوت، فما تركَتْ له شيئًا لا من البُيوت ولا من الأثاث. ولما عاين ذلك طرالي المَذْكور قال: يا ربّ قد أخذتَ جميعَ الرِّزق وتركتَ العائلة بلا رِزْق، أيش تركتَ لهم حتى أُطعمهم؟ فعادت الرِّيح ودارت على بيوته صُورة تنّين فأهلكتهُ وأهلكت زوجتَهُ وابنته وابني ابنته وجاريته، وجماعةً عددهم أحدَ عَشَر نَفَرًا، وتجرّح ثلاثة أنفُس من ملاقاة الأخشاب والحِجارة عند تواتر الرِّياح، وخَطَفَت الرِّيحُ جَمَلين لطرالي وارتفعت الرِّيحُ بهما في الجوّ مقدار عَشَرة أرماح، وتَقَطَّع القِماش والأثاث وتفرَّق في الجوّ وغابَ عن العُيون، وطَوَت الرِّيحُ قُدور النُّحاس والصّاجات وصارَت قِطَعًا بعضها على بعض، وحَمَلت الرِّيحُ جاريةَ طرالي المَذْكور من مكانٍ إلى مكانٍ بعيد مسافته قدر سبقين نشّاب، وإلى جانب الزَّوْق عربٌ خَطَفت الرِّيحُ منهم أربعة أجمال وارتفعت بهم في الجوّ، ووقعوا قِطَعًا، وهلكَ معهم دوابّ كثيرة. ثم وقعَ بعد ذلك مَطَر وبَرَد قِطَع كبار، تقديرُ القطعة ثلاث أواق ودونها على هيئة أشطاف الحِجارة، منها مثلّث ومُرَبّع، وهلكَ من الزَّرْع والغلّات شيء كثير. وعِدّة القُرى اللاتي أصابَها ذلك أربعة وعِشْرون، منها قُرَى لا تردّ البذار، ومنها ما يردّ النِّصف والثُّلُث ونحو ذلك. وهذه القرى بالسّاحل.
ورُسِم للأمير شهاب الدِّين نائبِ السَّلْطنة بطرابلس بالكَشْف عن ذلك، ونُدِبَ من مَجْلس الحُكْم بطرابُلُس من يشاهد ذلك من العُدُول. وكُتِبَ بذلك محضرٌ وثُبِّت عند قاضِي طرابُلُس ووضعَ خطَّهُ عليه
(1)
.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 286 - 287، وذيل العبر، ص 96، والبداية والنهاية 16/ 132، والسلوك 3/ 4، وغيرها.
4036 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثامن من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ عز الدِّين عبدِ الغني ابن قاضِي حَرّان شَمْس الدِّين مُحمد ابن القاضي جَمَال الدِّين أبي بكر عبد الله بن نَصْر الحَرّانيُّ، التاجرُ بسُوق البَطَائن بدمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا ديِّنًا أمينًا وخَلَّف أولادًا، منهم: العَدْلُ بَدْرُ الدِّين مُحمد.
وكانَ مولدُه في سنة ست وأربعين وست مئة بحَرّان.
ووجدتُ سماعَهُ على الشَّيخ جمال الدِّين بن الصَّيْرَفي لجزءٍ من حديث ابن أبي داود، بسماعه من أبي الفَرَج بن القُبَّيْطيّ، عن عليّ بن عبد السَّيِّد بن الصَّبّاغ، عن ابن هَزَارمَرْد، عن ابن زُنْبُور، عنه.
4037 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الخامس عَشَر من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ العَدْلُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ يوسُفَ بن خَيْر الإرْبِديُّ، ودُفِنَ بمقابر باب الفَراديس.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، خيِّرًا، صاحبَ عيال، وكانَ أقرأ بعضَ أولاد قاضي القُضاة بَدْر الدِّين بن جَمَاعة للكتابِ العزيز، وكانَ يَشْهد بالعُقَيْبة.
4038 -
وفي ليلة الاثنين الثاني والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ السَّيِّدُ القُدوةُ العالمُ العاملُ بقيّةُ السَّلفِ أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الصّالح عُمر ابن السَّيِّد القُدْوة الكَبير العارف أبي بَكْر بن قِوام بن عليّ بن قِوام البالِسيُّ، بالزّاوية المَعْروفة به غَرْبي الصّالحية ظاهر دمشق، ونُودي له في
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 515، والدرر الكامنة 5/ 268.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 96، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 168، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 260، والوافي بالوفيات 4/ 284، والبداية والنهاية 16/ 135، والدرر الكامنة 5/ 383، وشذرات الذهب 8/ 89.
البَلَد بُكْرة واجتمعَ النّاسُ، وخرجَ الأعيان والأكابر وعامّةُ النّاس إلى الزّاوية، فصُلِّي عليه على بابها ودُفِنَ بها عند والده وجدِّه، رحمهم الله تعالى، وانصرفَ النِّاسُ من الجنازة قبل الظُّهْر.
ومولدُه في سنة خَمْسين وست مئة بمدينة بالس.
وسمِعَ من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وحَدَّث، وكانَ شيخًا صالحًا، بَشُوش الوجه، مَقْصدًا لكلّ أحد، قاضِيًا للحُقوق، قائمًا بالمَصَالح، عنده عِلْمٌ وفَهْمٌ ومعرفةٌ، وله قَبولٌ من النّاس، ولم يَكْن له مُرَتّب على الدَّولة ولا لزاويته، وعُرِضَ ذلك عليه فامتنعَ، وجَمَعَ لجدِّهِ ترجمةً فيها قِطْعة من أخباره وكَرَاماته، قرأتُها عليه.
4039 -
وفي يوم الاثنين الحادي والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ يعقوب بن إلياس الحَمَويُّ النَّحويُّ، بحَمَاة، ودُفِنَ هناك بمقابر الباب القِبْليّ، ووَصلَ خبرُه إلى دمشق في ثاني ربيع الأول.
وكانَ مَشْهورًا بمعرفة النَّحو والمَعَاني والبَيان، وله مُشاركات في غير ذلك، وصَنَّفَ كتابًا في المَعَاني والبيان سَمّاه "ضَوْء المِصْباح". وكانَ متصدِّرًا بجامع حَمَاة الأعلى، وفَقيهًا بالمَدَارس، وله اختصاصٌ بالأمير بَدْر الدِّين حَسَن ابن الأمير عليّ ابن السُّلْطان الملك المُظفَّر صاحب حَمَاة، وله عنده منزلةٌ كبيرة.
4040 -
وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الفقيهُ شهابُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ القاضي بهاء الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ نَجْم الدِّين حَسَن بن إبراهيم بن عليّ الكُرْديُّ المِهْرانيُّ، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 302، وأعيان العصر 5/ 308، والوافي بالوفيات 5/ 235، والدرر الكامنة 6/ 40، وبغية الوعاة 1/ 272، وسلم الوصول 3/ 287.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده في وفيات صفر سنة 692 هـ.
وكانَ يشهدُ تحتَ القَلْعة ويكتبُ الشُّرُوط كتابةً حسنةً، وعنده ديانةٌ وقلّة خلطة بالنّاس، وجَمَعَ من كتابته شيئًا، وورثه أبوهُ.
4041 -
وفي أواخر شَهْر صَفَر المَذْكور تُوفِّي الحَكِيم شهابُ الدِّين أحمد
(1)
المَغْربيُّ، رئيسُ الطبِّ بالدِّيار المِصْرية.
وقيل: إنّه خَلّف من الذَّهَب العين ما قيمتُه شط مئة ألف دِرْهم.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا يعرفُ الطِّبَّ والمَنْطق وعلم الهَنْدسة والنُّجوم، وكانَ لا يتعدَّى في تَعْليمه لفظَ الكتاب. وكانَ يهوديًّا وأسلمَ سنة تسعين وست مئة. وكانَ اسمه في اليهودية سُلَيْمان.
ضَبَط ذلك عزّ الدِّين الإرْبِليُّ، ونقلتُه من خطِّه.
شَهْر ربيع الأول
• - في أول يوم من شَهْر ربيع الأول وَصلَت الأخبارُ إلى دمشقَ بإخراجِ الأمير سَيْفِ الدِّين طُغاي من الدِّيار المِصْرية وتوليته نيابةَ السَّلْطنة بصَفَد، وبتولية الصّاحبِ أمينِ الدِّين المَعْروف بأمينِ المُلك نَظَرَ الدَّواوين بطرابُلُس وأعمالِها، وهو الذي كانَ وَلِيَ الوزارة بالدِّيار المِصْرية.
أمّا الأميرُ سَيْف الدِّين فإنَّ سفرَهُ من القاهرة كانَ في يوم الثُّلاثاء الثّالث والعِشْرين من صَفَر ودخوله إلى صَفَد يوم الخَمِيس تاسع ربيع الأول وأقامَ بها شَهْرين ثم مُسِكَ وحُمِلَ إلى الدِّيار المِصْرية.
وأمّا أمينُ المُلك فإنَّهُ وَصلَ إلى دمشقَ يوم الخَمِيس ثاني شَهْر ربيع الأول، وتوجَّهَ منها إلى طرابُلُس، وقَرِّرَ له معلومٌ وافرٌ زيادةً على من تَقَدَّمه
(2)
.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 442، واشتهر ابنه جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتوفي سنة 756 هـ، وترجمته في الوافي بالوفيات 5/ 314، وأعيان العصر 1/ 54، والدرر الكامنة 1/ 16، والمنهل الصافي 1/ 35.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 282 - 284، والبداية والنهاية 16/ 132.
4042 -
وفي يوم الأحد الخامس من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
بنُ مُظَفَّر بن أبي القاسم بن إسماعيل بن الحَسَن الكلابيُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن العُصَيْفِير، وصُلِّي عليه عَصْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وسألتُه عن مولدِه فذكر أنّه وُلدَ قبل مَوْت المَلكِ الأشْرَف موسَى بسنة، وكانت وفاتُه في سنة خمس وثلاثين وست مئة.
ووَليَ مرّةً نيابةَ الولاية بباب البَرِيد، وكانَ عليه وَقْفٌ يَرْتَزِق منه. ورَوَى أبوهُ عن ابن الحَرَستانيِّ، وذكرَ لي أنَّ بينهم وبين ابنِ الحَرَستانيّ، وابن الحُبُوبيّ قَرَابة.
4043 -
وفي يوم السَّبْت الرابع من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ تاجُ الدِّين أبو الفِدَاء إسماعيلُ
(2)
بنُ عيسى بن مَسْعود بن هارون بن يوسُف المَقْدسيُّ الصُّوفيُّ الأعرج، بالمارستان بدمشق.
ومولدُه في نصف رَمَضان سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة ببلْبِيس.
وكانَ شَيْخًا من أهل القُرآن والتَّصوّف. أقامَ مدّة صوفيًّا بخانكاه خاتُون ظاهر دمشق.
ورَوَى لنا من "صَحِيح مُسلم" عن ابن عبد الدّائم.
وهو ابن أخِي الشَّيخ أبي بكر الرُّوَيس، رحمهُما الله تعالى.
4044 -
وفي يوم الثُّلاثاء رابع عشر شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ مُحمدُ
(3)
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات محرم سنة 675 هـ، وجده في وفيات سنة 674 هـ.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 447.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
ابنُ يحيى بنِ عبد الله البَيْطار، الفقيهُ الحَنَفيُّ المُقرئُ النّاسخُ، بالصّالحية، ودُفِنَ هناك.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، صالحًا، وعنده فَضِيلةٌ، ونسخَ كثيرًا، وكانَ النّاسُ يَجْلسون في دكّانِه ويأنسون به، وكانَ ينسخُ كُرّاسًا في يومه كتابةً حَسَنة، ويَضْرب بالمطرقة. وكانَ صَدِيقًا للملك أسَدِ الدِّين بن المُغِيث بن المُعَظَّم، وفقيهًا بالمَدَارس التي تحت نظره.
4045 -
وفي يوم الثُّلاثاء الرّابع عَشر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي مُحمدُ
(1)
بنُ علاءِ الدِّين عليّ ابن الحاجّ هِنْدي بن عُبيد، ودُفِنَ آخر النَّهار بمقبَرة الباب الصَّغير بتُربةٍ لوالده، وكانَ في عَشْر الأربعين.
وكانَ شابًّا حَسَنًا، تاجرًا، حَسَن السِّيْرةِ، وابتلاهُ الله ثلاث سنين بالجُذام، وتَوَفّاه على خَيْر.
4046 -
وفي ليلة السَّبْت الثامن عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن أنس الدِّمشقيُّ الحجازيُّ الأصل، الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وذكرَ لي أنَّ مولدَهُ بدمشق في سنة سَبْع وثلاثين وست مئة تقريبًا.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا، فقيهًا، صالحًا، عَفِيفًا، خَيِّرًا، مُتَقَنِّعًا، يحفظ "التَّنْبيه" ويُقرئه ويُلَقِّنه ويُصَحِّحه للطَّلَبة، وانتفعَ به جماعة. وكانَ فقيهًا بالمَدْرسة النّاصرية والمَدْرسة الظّاهرية إلى أن ماتَ، وحَجّ غيرَ مرّة، ودخلَ القاهرةَ واجتمعَ بالشَّيخ عزِّ الدِّين بن عبد السَّلام، ودخلَ بلاد الصَّعيد، وسَمِعَ بدمشقَ من ابن البُرهان "صحيح مُسلم" و"موطّأ أبي مُصْعَب"، وحَدَّث.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 85.
4047 -
وفي يوم الاثنين العِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ حَسَنُ
(1)
بنُ حَيْدر الرُّهاويُّ، البوّاب بالعَذْراوية، والمؤذِّن بمئذنتها، ودُفِنَ من يومِه بمقبَرة الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا له هِمّة ويُعْرفُ بعِدّةِ ألْسُن. وله أصحاب من الجُند.
وكانَ ولدُهُ مُحمد ماتَ قبله بسنةٍ ونِصْف بالمَحَلّة من الدِّيار المِصْرية.
4048 -
وفي ليلة الأربعاء الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي ابني عبد الله
(2)
، ودُفِنَ بُكْرة النَّهار عند والدي خارج الباب الشَّرْقي، وكانَ له من العُمُر سنة ونصف ونصف شَهْر، جعله الله لنا فَرَطًا وذُخْرًا، آمين. وكنتُ كتبتُ له الإجازات، وأحضرتُه على جماعةٍ من الشُّيوخ.
4049 -
وفي بُكْرة الاثنين السّابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الصَّدْرُ شَرَفُ الدِّين أبو الفَتْح أحمدُ
(3)
ابنُ الصَّدْر الرَّئيس فَخْر الدِّين أبي الرَّبيع سُلَيْمان ابن شَيخِنا القاضي الصَّدْر الكبير العَدْل الزّاهد عمادِ الدِّين أبي عبد الله مُحمد ابنِ الصَّدْرِ الكبيرِ الزّاهد شَرَف الدِّين أبي الفتح أحمد ابنِ الشَّيخ الصَّدْرِ الرَّئيسِ الفاضلِ المُحَدِّثِ العَدْلِ فَخْرِ الدِّين أبي بكر مُحمد بن عبد الوَهّاب بن عبد الله الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروفُ بابن الشَّيْرَجيِّ، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بتُربتهم المَشْهورة بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في سنة ثلاث وخمسين وست مئة؛ رأيته بخَطِّه.
وكانَ من بيت مَعْروف بالرِّياسة والعَدَالة، وفيه مُروءة وتودّد. وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وعُمر بن مُحمد الكِرْماني، وأبي المُظَفَّر يوسُف بن النابُلُسي،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 316، والسلوك 3/ 9، والدرر الكامنة 1/ 160.
وجماعة، وحَدَّث، وكانَ متولِّيًا نَظرَ المَدْرسة الشّامية الجَوّانية وغيرها إلى أن ماتَ، وباشرَ أيضًا نَظَر الشّامية البَرّانية مدّة.
وكانَ والدُه مباشِرًا نَظرَ الدَّواوين بدمشق، فلما دخلَ التَّتارُ إلى دمشقَ سنة غازان صارَ في خِدْمتهم لأجل وظيفتِه، وماتَ في ذلك الوَقْت عَقِيب خُروج التَّتار، فحصلَ لولدِه هذا أذًى وحَبْسٌ ومُصادرة، وتَعلّق عليه الدَّولة والنّاس، ولم يَتَخلَّص إلا بعد شدّةٍ ونَكَدٍ كثيرٍ.
4050 -
وفي عَشِيّة الاثنين السّابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ أبو سُلَيْمان أحمدُ
(1)
بنُ سُلَيْمان بن سالم بن عَبْدان الحَوْرانيُّ الأصل، ثم الصّالحيُّ، الفاميُّ الخَبّازُ، المَعْروفُ بالدُّشَيْشَة، وصُلِّي عليه ظُهْر الثُّلاثاء بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
ومولدُه في سنة ستٍّ وأربعين وست مئة تقريبًا بالصّالحية.
ذكرَ الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين ابنُ الحافظ يوم جنازته قال: هو من أقراني. وكانَ عَرِيفَنا في الكتاب، سَمِعَ من خَطيب مَرْدا، ورَوَى عنه.
وكانَ مَشْهورًا في الصّالحية، ودُكّانه مَقْصُودة.
شَهْر ربيع الآخر
4051 -
في ليلة السَّبْت الثالث من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ الفاضِلُ الزّاهدُ الأديبُ البارعُ تقيّ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الله
(2)
ابنُ الشَّيخ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 45، والدرر الكامنة 1/ 160.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 165، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 371، وفوات الوفيات 2/ 161، وأعيان العصر 2/ 641، والبداية والنهاية 16/ 137، وذيل طبقات الحنابلة 4/ 426، والدرر الكامنة 3/ 9، والمنهل الصافي 7/ 67، والمقصد الأرشد 2/ 22، وشذرات الذهب 8/ 88.
أحمدَ بنِ تَمّام بن حَسّان التَّلِّيُّ، ثم الصّالحيُّ الحَنْبليُّ، ودُفِنَ من الغد قبل الظُّهْر عند أبويه بمقابر المَرْداويّين، بالقرب من تُرْبة الشَّيخ أبي عُمر بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في سنة خمسٍ وثلاثين وست مئة.
ذكرَ لي أنَّ الشَّيخ العِماد بن العِماد أخبرَهُ بذلك.
وحَجّ في سنة إحدَى وخَمْسين وست مئة وهي سنة حجّ ابن وَدَاعة. وفيها حَجّ الشَّيخ شَمْسُ الدِّين بن أبي عُمر.
وكانَ شيخًا فاضلًا، بارعًا في الأدب، حَسَنَ الصُّحبة، مليحَ المُحاضرة، صَحِبَ الفُضَلاءَ والفُقَراءَ، وتَخَلَّق بالأخلاق الجَمِيلة، وقرأ النَّحْو على الشَّيخ جمالِ الدِّين بن مالك وعلى ولدِه بَدْر الدِّين، وصَحِبه ولازَمَهُ مدّةً، وأقامَ بالحجاز مدّةً، واجتمعَ بالتّقيّ الحَوْرانيِّ، وابن سَبْعين، وسافَرَ وطوَّفَ وأقامَ بالدِّيار المِصْرية مدّةً، وسَمِعَ الحَديثَ من ابن قُمَيْرة، وتفرَّدَ عنه بالجُزء الرّابع من "حديث الصَّفّار" ومن المُرْسيّ، واليَلْدانيّ، وخَطيب مَرْدا، والكَفْرَطابيّ، وإبراهيم بن خليل، وجماعة.
وخَرَّجَ له فَخْرُ الدِّين بنُ البَعْلَبكّي "مشيخةً" قرأتُها عليه، وكتَبْنا عنه من نَظْمه. وكانَ زاهدًا مُتَقلِّلًا من الدُّنيا، لم يكن له أثاثٌ ولا طاسَة ولا فِراش ولا سِراج ولا زُبْدِيّة
(1)
، بل كانَ بيته خاليًا من ذلك كُلِّه؛ حدَّثني بذلك أخوهُ الشَّيخ مُحمد.
وقال لي القاضي شهابُ الدِّين محمود الكاتب: صحِبتُه من أكثر من خَمْسين سنة، وأثنَى عليه ثناءً جميلًا، وعَظَّمه وبَجَّلهُ ووصفَهُ بالزُّهد والفراغ من الدُّنيا. وذكر نحو ما ذكرَ أخوه.
(1)
الزبدية: الإناء من الخزف الصيني (تكملة المعاجم لدوزي 5/ 282).
وقال عزُّ الدِّين الحَسَنُ بن أحمد الإرْبِليُّ المتطبّب: كَتَبَ لي الشَّيخ تقيّ الدِّين بن تمّام مُدْرَجًا بخَطّه يشتمل عدّة قصائد، منها:
أسكّانَ المعاهِد من فؤادي
…
لكم في كلِّ جارحةٍ سُكونُ
أكرّر فيكم، أبدًا، حديثي
…
فيحلو والحَديث بكم شُجُونُ
وأنظمُهُ عقودًا من دموعي
…
فتنثره المحاجرُ والجُفُونُ
وأبتكِرُ المعاني في هواكمْ
…
وفيكُم كلُّ قافيةٍ تَهُونُ
وأسأل عنكم النَّكباء سرًّا
…
وسِرُّ هواكُمُ سرٌّ مَصُونُ
واعتنق النَّسيم لأن فيه
…
شمائلَ من معاطفكم تَبِينُ
فكمْ لي في محبّتكم غرامٌ
…
وكم لي في الغرام بكم فنونُ
وقال أيضًا من قصيدة:
بِيضُ الوجوه إذا افترّت مباسمُهُم
…
فاللؤلؤ الرطبُ حُلْوٌ كلُّهُ نَسَقُ
تَقَسَّم الحُسْنُ عنهم في الأنام
…
كما تجمّع الفضلُ فيهم وهو مفترقُ
كم زُرتُهم وغُصونُ الدَّوحِ دانيةٌ
…
أجني الثمارَ بها عفوًا وأرتزقُ
هُمُ الذين دَعَوني عبدهم، صدقوا
…
لمّا استرقّوا وقد مَنُّوا وما عتقوا
تحلوا الأحاديثُ عنهم كلّما ذُكِروا
…
فكيف إن شافهوا يومًا بما نطقوا
إني لأشكُرُ ما أوْلُوه من نِعَمٍ
…
شكرًا عليه قلوبُ الخلق تتّفقُ
وقال:
يا من عَصيْتُ عواذلي في حبِّه
…
وأطعتُ قلبي في هواهُ وناظري
لي في هواك صَبابةٌ عُذريّة
…
علقت بأذيال النَّسيم الحاجري
وحديثُ وجْدي في هواك مكرر
…
فلذلك يحلو إذ يمُرّ بخاطري
خيّمت في قلب عليك خفوقة
…
وسكنت طيّ جوانحي وسرائري
قَسَمًا بما تُثْني الصبا من ذابلٍ
…
يختال بالقمر المنير الزاهرِ
ما حلّ في قلبي سواك ولا خلّى
…
إلّا هواك مُنادمي ومُسامري
كيف السَّبيلُ إلى وصالك في الكَرَى
…
والطيفُ يجنح عن جفون الساهرِ
يا هاجري ذلكَ الصبابة في الهوى
…
ولهًا عليك وما لها من آخرِ
وقال:
بعينيك لا تُبدي محاسنك التي
…
شغلتَ بها فِكري وأودعتَها قلبي
ولا تُثْنِ من أعطافك القدَّ مائسًا
…
وصُنْ سِحْرَ عينيك التي سلبت لُبّي
ولا ترمِ عن لحظٍ بطرْفك عامدًا
…
فلحظُك أمضى في القلوب من القُضْبِ
تبسَّمت عن ثغرٍ كأنَّ حَبا به
…
يفوق انتظام الدّرّ باللؤلؤ الرطبِ
ففي كلِّ مَعْنًى منك زاد بي الهوى
…
وأحلى الهوى مازاد في شغف الحبِّ
ولي فيك أنفاسٌ تفيض مدامعًا
…
وحسْبي إذا فاضت جفوني بها حبسي
أراك فأسلو كلّ شيء أريده
…
وألهو بمرآك الذي حُسنُه يُسْبي
وأنت إلى نفسي ألذُّ من المُنَى
…
وأحلى إلى قلبي من الباردِ العَذْبِ
وقرأت عليه جزءًا يَشْتملُ على أكثر من مئتين وعِشْرين بيتًا، كتبهُ لي المَولى بَدْرُ الدِّين وَلَدُ الشَّيخ علاء الدِّين بن غانِم، وهو في مَدْح النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفيه قصيدة في وقعة شَقْحب.
4052 -
وفي عَشِيّة الأحد الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ عَلَمُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
بنُ عبد الرَّحمن بن عبد الكريم بن
(1)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 330، والدرر الكامنة 1/ 195 وفيه وفاته سنة 719 هـ، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 718 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 163.
عليّ بن جعفر بن دُراده القُرشيُّ المِصْريُّ بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الاثنين وقت الظُّهْر.
سَمِعَ من ابن رَوَاج كتاب "المُحَدِّث الفاصل" للرامَهُرمُزيّ، و"النّاسخ والمنسوخ" لأبي داود، و"سؤالات ابن الجُنَيد يحيى بن مَعِين"، و"مَجْلس القَطّان"، و"اشتقاق الأسماء" للخَلّال، ومَجْلسًا من "حديث ابن المُظَفّر"، وجزءًا من "حديث أبي يَعْلَى الخليلي"، ومجلسي "السُّلَمِي" و"ابن بالُوْيَة"، وغير ذلك. سَمِعَ منه الطلبةُ والرَّحّالونَ.
وَلِيَ منه إجازة في سنة ثلاثٍ وثمانين وست مئة.
وكانَ ساكنًا بتُرْبة الصّالح بالقَرَافة الكبرى، وضَعُف بصرُه.
وسمعتُ من عمِّه جمال الدِّين مُحمد، ولم أسمع منه.
4053 -
وفي عَشِيّةِ الثُّلاثاء ثالث عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي شمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الفقيهِ العالم شهابِ الدِّين أحمد بن المُخْلِص نَصْر بن مُحمد الآمِديُّ، الخَيّاطُ جدّه، ودُفِنَ يوم الأربعاء بمقابر باب الفَرَاديس.
وكانَ شابًّا ابن خَمْسٍ وعِشْرين سنة.
حَفِظَ عدّة كتب، ورُتِّب بالمَدارس، وتزوَّجَ ووُلدَ له.
وكانَ أبوه فقيهًا، فاضِلًا، صالِحًا، ماتَ أيضًا شابًّا، وفَقَدَهُما المُخْلِص المَذْكور، فقد الوَلَد، ثم فقدَ وَلَد الوَلَد، ثم ماتَ بعدهما بمدّة قريبة، رحمهم الله.
• - وفي يوم الخَمِيس مُنتَصف شَهْر ربيع الآخر اجتمعَ قاضي القُضاة شَمْس الدِّين الحَنْبليُّ بالشَّيخ العَلّامة تَقِيِّ الدِّين بن تَيْميّة، وأشارَ بتَركِ الإفتاء
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
في مسألة الحَلف بالطَّلاق، فقبلَ الشَّيخ إشارتَهُ وعرفَ نصيحتَهُ وأجابَ إلى ذلك رعايةً لخَواطِر الجماعة المُفْتِين
(1)
.
4054 -
وفي يوم الخَمِيس بعد أذان العَصْر الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ المُقْرئُ الزّاهدُ نَجْمُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن صُبْح بن هِلال، إمامُ مَسْجد ابن القَيْسرانيِّ، بالشّارع ظاهر القاهرة، وصُلِّي عليه بسُوق الخَيْل تحت القَلْعة المَنْصورة، وكانت جنازتُه مَشْهورة حضرَها خلقٌ كثيرٌ لم يَسَعهم المُصَلَّى، ودُفِنَ يوم الجُمُعة قبل الصَّلاة.
سَمِعَ من ابن البُرْهان، والنَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيّ، وبعض أصحاب البُوصِيري. وكانَ فقيهًا، ويَنْسخ بمَسْجدِه، وحَدَّث.
جُمادى الأولى
• - في يوم السَّبْت مُسْتَهلّ جُمادى الأولى وردَ البريدُ إلى دمشقَ ومعه كتاب السُّلْطان بالمَنْع من الفَتْوى في مَسألة الحَلف بالطَّلاق التي رآها الشَّيخ تَقِيُّ الدِّين بن تَيْميّة وأفتَى بها وصَنَّف فيها، والأمْر بعَقْد مَجْلس في ذلك فعُقِدَ يوم الاثنين ثالث الشَّهْر المَذْكور بدارِ السَّعادة، وانفصلَ الأمرُ على ما أمر به مولانا السُّلْطان - أعزَّ اللهُ أنصارَهُ - ونُودِيَ بذلك في البَلَد يوم الثُّلاثاء رابع الشَّهْر المَذْكور
(3)
.
• - وفي عاشر جُمادى الأولى وَصلَ الخَبَرُ إلى دمشقَ بمَسْك الأمير
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 132.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 318.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 132.
سَيْف الدِّين طُغاي من صَفَد وأنَّ ذلكَ وقعَ في يوم السَّبْت ثامن الشَّهْر المَذْكور، وحُمِلَ إلى الدِّيار المِصْرية، ومُسِكَ أيضًا بالدِّيارِ المِصْرية جماعة من أصحابه
(1)
.
• - ونُقِلَ الأميرُ سَيْفُ الدِّين أرقطاي من نِيابة حِمْص إلى نيابة صَفَد. ووَلِيَ النِّيابةَ بحِمْص الأميرُ بَدْرُ الدِّين القَرَمانيّ.
ونُقِلَ عزّ الدِّين النّائب بقَلْعة دمشق إلى نِيابة الكَرَك، وعُوِّض عنه بقَلْعة دمشق الأمير سَيْف الدِّين بهادُر الشَمْسيّ
(2)
.
4055 -
وفي شَهْر جُمادى الأولى في النِّصف الثاني منه قُتِلَ رشيدُ الدَّولة أبو الفَضْل فَضْلُ الله
(3)
بنُ أبي الخَيْر بن عالي الهَمَذانيُّ، المَشْهور برشيد الطَّبيب.
وكانَ بعد موت خَرْبَنْدا قد عُزِلَ من وظائفه ومَنَاصبه ودارَى بجُمْلةٍ كثيرةٍ من الأموال، ثم إنّه نُسِبَ إلى أنّه سَقَى خَرْبَنْدا السُّمَّ، فطُلِبَ على البَرِيد إلى المدينةِ السُّلْطانية، وأُحضِرَ بين يدي جُوبان، وقيل له: أنتَ قتلتَ المَلِك. فقال: كيفَ أفعل ذلك، وأنا كنتُ رَجُلًا يَهُوديًّا عَطّارًا طَبِيبًا، ضعيفًا بينَ النّاس، فصرْتُ في أيامه وأيام أخيه مُتَصَرِّفًا في أموال المَمْلكة، ولا يَتَصرّف النُّوّاب والأُمراءُ في شيءٍ إلّا بأمري، وحَصَّلتُ في أيامهما من الأموال والجَوَاهر والأملاك ما لا يُحْصَى، فأحْضِرَ الطبيب الجلال بن الحزاز طبيب خَرْبَنْدا، فسألوه عن موت خَرْبَنْدا وقالوا له: أنتَ قتلتَهُ. فقال: إنَّ الملكَ أصابتهُ هَيْضة قويّة، فأسهلَ بسببها نحو ثلاث مئة مَجْلس، وتقيّأ قيْئًا كثيرًا، فطَلَبني وعَرَض عليَّ
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 283، والبداية والنهاية 16/ 132.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 284، والسلوك 3/ 5.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 294، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 148، وذيل العبر، ص 92 - 92، وفيه وفاته سنة 717 هـ، وأعيان العصر 4/ 41، والوافي بالوفيات 24/ 78، والبداية والنهاية 16/ 132 - 133، وتوضيح المشتبه 6/ 69، والسلوك 3/ 11، والدرر الكامنة 4/ 271، وطبقات المفسرين للداوودي 2/ 34، وشذرات الذهب 8/ 81.
هذا الحال. فاجتمعَ الأطبّاء بحُضُور الرَّشيد على إعطائه أدوية قابضة مُخْشِنَة للمعِدة والأمعاء، فقال الرَّشيد: عندَهُ امتلاء، وهو يحتاج إلى الاستفراغ بعدُ، فسقيناهُ برأيه دواءً مُسْهِلًا فانْسَهَلَ به نحو سبعين مَجْلسًا وماتَ. وصَدَّقه الرَّشيدُ على ذلك. فقال الجُوبان: فأنتَ يا رشيد قتلتَهُ، فأمرَ بقتله، واستأصلوا جميعَ أموالِه وأملاكِه، وقَتَلُوا قبله ولدَهُ إبراهيم من أبناء ست عَشْرة
(1)
سنة. وحُمل برأس الرَّشِيد إلى تِبْريز، ونُودي عليه: هذا رأس اليَهوديّ الذي بَدَّل كلامَ الله، لعنَهُ الله، وقُطِّعت أعضاؤه، وحُمِلَ كل عُضْو إلى بَلَدٍ، وأُحرِقَت الجُثّة، وقامَ في ذلك الوزير عليّ شاه التِّبريزي.
وكانَ قَتْلُ الرَّشيد وهو من أبناء الثَّمانين. وخَلَّف عِدّة أولاد. وله مصنَّفات وعَمَائر عَظِيمة، وكانت رُتْبتُه فوقَ رُتبة الوزير.
حرَّرَ ذلك عزُّ الدِّين الإرْبِليُّ، ولخّصتُهُ من خَطِّه.
وكانَ الرَّشيدُ عدوًّا للإسلام تَسَتَّر بالإسلام، وكانَ مُلْحِدًا، ولما قَدِم علينا تاجُ الدِّين الأفْضَلِي التِّبريزي حاجًّا إلى دمشقَ في رَمَضان من هذه السَّنة زُرْناهُ، فذكر قَتْلَ الرَّشِيد والنِّداء عليه، وقال: قَتْلُه أعظم من قَتْل مئة ألفٍ من النَّصارَى، فإنَّه كانَ يكيدُ الإسلامَ.
قال عزُّ الدِّين الإرْبِليُّ: والأفْضلِيُّ كانَ قد تَكَلَّم في الرَّشِيد مرّةً وقال: هو يَهُوديّ وقد بَدّل كلامَ الله، فقَصدَهُ الرَّشِيد لينتقِمَ لنَفْسِه منه، فاختفَى الأفْضَلِيُّ منه مدّة، ثم وقعت فيه شَفاعة فعَفَى عنه وطَلَبَهُ إليه وطيَّبَ قلبَهُ وخَلَعَ عليه خِلْعةً سَنِية، فلم يقبلها منه، وبَقِيَ في نَفْس الأفْضَلِيُّ عليه إلى الآن يذمّه حيًّا ومَيِّتًا، والرَّشِيدُ ما دَخَلَ في الإسلام كَرْهًا، وقد كانَ يُناصِحُ المُسلمينَ ويَخْدمُهم في كلِّ الأحوال.
(1)
في الأصل: "ست عشر".
وحَكَى لنا نَجْم الدِّين قاضي الرَّحْبة ما رآهُ من الرَّشِيد من الشَّفَقة على أهل الرَّحْبة والسَّعْي لهُم في حَقْن دمائِهم وكيفَ ساعدَهُم على خلاصِهم من الشَّرِّ وإصلاح أمورِهم مع المَلِك، وقال لهم: كلُّ ما يَجْري يَعْلم به مَخْدُومكم، يعني السُّلْطان المَلك النّاصر، وله في تِبْريز مآثر عَظِيمة من البِرّ، وكانَ مَشْغولًا بسعادتِه عن معاداة الإسلام وكَيْده، ولم يكن يتتبع إلّا أعداءَهُ ومَن يقصد أذاهُ سواءً كانَ مُسلمًا أو كافِرًا أو صالِحًا أو فاسِقًا.
جُمادى الآخرة
4056 -
في ليلة الجُمُعة السّادس من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(1)
ابنُ شَيْخِنا كمالِ الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ أبي مُحمد عبد الله ابن الشَّيخ المُسْنِد المُحَدِّث أبي طاهر بَرَكات بن إبراهيم بن طاهر القُرشيُّ الخُشُوعيُّ الدِّمشقيُّ الكَلْوَتاتيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب صلاة الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بالقرْب من تُربة صاحب كَيْلان.
ومولدُه في سنة أربع وأربعين وست مئة تقريبًا بدمشق.
سَمِعَ من جَدِّه المَذْكور ورَوَى عنه، وكانَ يُسافر في طلب الرِّزْق والتَّكَسُّب، ودَخلَ البلادَ ولازمَ السَّفَر نحو خَمْس عَشْرة سنة، وأقامَ بنابُلُس مدّةً.
4057 -
وفي آخر ليلة الأربعاء الحادي عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي قاضي القُضاة زين الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ مَخْلُوف بن ناهِض بن مُسَلَّم بن
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 42، والدرر الكامنة 4/ 129.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 159، وذيل العبر، ص 97، والوافي بالوفيات 22/ 189، وأعيان العصر 3/ 542، والبداية والنهاية 16/ 138، والسلوك 3/ 10، والدرر الكامنة 4/ 152، والنجوم الزاهرة 9/ 242، وحسن المحاضرة 1/ 458، وفيه وفاته 713 هـ، وشذرات الذهب 8/ 89.
مُنْعِم بن خَلَف النُّوَيريُّ المالكيُّ، الحاكمُ بالدِّيار المِصْرية بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الأربعاء قريب الظُّهْر بسَفْح المُقَطَّم، وصَلَّينا عليه بجامع دمشق يوم الجُمُعة العِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
ومولدُه بالنُّوَيْرة
(1)
من أعمال البَهْنَساوية من ديار مِصْر في سنة أربع وثلاثين وست مئة.
وسَمِعَ من الإمام شَرَفِ الدِّين المُرْسِيّ في سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة، ورَوَى عنه، وسَمِعَ أيضًا من الشَّيخ عز الدِّين بن عبد السَّلام، وغيرهما، ووَلِيَ قضاء الدِّيار المِصْرية في أواخر سنة خمس وثمانين وست مئة، عَقِيب وفاة ابن شَاس، وطالَت مُدّته. وكانَ كثيرَ المُروءةِ والاحتمال، وله إحسانٌ إلى الفُقهاء والعُدُول ومن يَقْصده. وكانَ فقيهًا مالكيًّا، وقد دَرِبَ الأحكامَ وفَصْل القَضايا.
• - ووَصلَ الخَبَرُ في التّاريخ المَذْكور أنَّه عُيِّنَ لقضاءِ المالكية بدِيارِ مِصْرَ، عِوَضًا عن ابن مَخْلوف تَقِيُّ الدِّين بنُ الإخْنائيِّ، وتاج الدِّين بن النِّظام، وابن بنت الشّاذليّ، وغيرهم. ورُجِّح ابن الإخْنائيّ، ووَلِيَ القَضاء، وهو فقيهٌ صالحٌ، متقشّفٌ، مَعْروفٌ بالعِلْم والدِّين، من خيارِ عبادِ الله المؤمنين
(2)
.
4058 -
وفي يوم الجُمُعة الثّالث عَشَر من جُمادى الآخِرة تُوفِّي بُرهانُ الدِّين إبراهيمُ
(3)
بنُ أبي العلاء المُقْرئُ، المَعْروفُ بابن شُغْلان، ودُفِنَ يوم السَّبْت بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا كثيرَ الصَّبْر والاحتمال، مَشْهورًا بالقراءة، مَقْصودًا في الخَتمات، وكانَ يشهدُ عندَ المَدْرسة المِسْمارية، وله قراءةٌ في التُّربة الظّاهرية. ومات كهلًا.
(1)
معجم البلدان 5/ 312.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 133.
(3)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 138.
4059 -
وفي يوم السَّبْت الرّابع عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي جمالُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الغَنِيّ
(1)
ابنُ الشَّيخ الصّالح عُرْوة بن عبدِ الصَّمد بن عُثمان الرَّسْعَنِي، ودُفِنَ من يومِه قبل الظّهْر بمقبَرة الشَّيخ رَسْلان خارج باب توما.
وكانَ شيخًا جاوزَ الثَّمانين.
وسَمِعَ بحَلَب في سنة أربع وأربعين وست مئة على الشَّيخ عِزِّ الدِّين عبد الرَّازق الرَّسْعَني المَعْروف بالمُحَدِّث.
وكانَ حَسَن الخُلُق، خفيفَ الرُّوح، يتردَّدُ إلى الأعيان وغيرِهم من جميع الطوائف ويحاضِرُهم ويلاطِفُهم ويَسْتَجْدِي منهم.
وذكر لي أنه كانَ يخرجُ من بيتِهِ بُكْرة ويدورُ، وما يَرْجع إلى منزلِه إلّا بعَشَرة دراهم ونحوها في غالب الأوقات، وينفقُ على عيالِه ويُوسِّعُ عليهم، غَفرَ اللهُ له ورحمه.
4060 -
وفي يوم الخَمِيس وَقْت العَصْر ثاني عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العَدْلُ عِمادُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ جمال الدِّين عبد العزيز ابن عِماد الدِّين أحمد بن جَعْفر بن عُمر بن اللَّهِيب الأزْديُّ المالكيُّ، ودُفِنَ يوم الجُمُعة بالقَرَافة.
ومولدُه في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة بمِصْر.
سَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من ابن البُرْهان، وحَدَّثَ وكانَ فقيهًا مُعِيدًا، يَشْهد بالقَلْعة.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 187.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 202.
4061 -
وفي جُمادى الآخرةِ تُوفِّي الشَّيخُ المُسْنِدُ جلالُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ جمال الدِّين مُحمد بن عيسى بن الحَسَن بن أبي القاسم القاهريُّ الصُّوفيُّ، طبّاخ الصُّوفية، بالقاهرة.
وكانَ خادم الصُّوفية أيضًا بخانقاه سَعِيد السُّعداء. سَمِعَ من ابن القُمَيْرة كتاب "الفَرَج بعد الشِّدّة" لابن أبي الدُّنيا، وسَمِعَ من السّاوي "المَنَامات" للبَرَدَانيِّ، وسَمِعَ من ابن الجُمَّيْزي "الأربعين" التي له، تَخْريج الرَّشِيد العَطّار، وسَمِعَ من سِبْط السِّلَفي "الأربعين البُلْدانية" للسِّلَفي، والسّابع من "المحامليّات"، وحدَّث؛ وسَمِعَ منه النّاسُ.
وحَدَّثَ أبوه أيضًا في سنة ثمانين وست مئة عن السّاوي.
شَهْر رَجَب
• - في يوم الجُمُعة رابع رَجَب عَزَلَ قاضي القُضاة نَجْمُ الدِّين بن صَصْرَى الشّافعيُّ نائبَهُ القاضي نَجْم الدِّين الدِّمشقيّ عن الحُكْم، وبَقِيَ مَعْزولًا جُمُعة، ثم أعيدَ وباشرَ يوم الجُمُعة حادي عَشَرِه.
4062 -
وفي ليلة السَّبْت خامس رَجَب تُوفِّيت المرأةُ الصّالحةُ أمُّ قُضاة سَدِيديّة
(2)
بنتُ عزِّ القُضاة عليّ بنِ مُحمد بن أبي النَّمِر، أخت الشَّيخ فَخْر الدِّين إسماعيل ابن عزِّ القُضاة، ودُفِنَت يوم السَّبْت بسَفْح جَبَل قاسيون بالقُرب من التُّربة الزّاهرية.
وكانت امرأةً صالحةً جاوزَت الثَّمانين، ولها أوراد وعبادَة وسلامة صَدْر.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 97، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 718 هـ في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 162.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أخيها فخر الدين إسماعيل في وفيات رمضان سنة 689 هـ.
ذَكَرتْ لي أنها أصغر من أخيها بخَمْس سنين، وكانَ مولدُه سنة ثلاثين وست مئة. وذكرتْ أنَّ والدَها تُوفِّي وعُمُرها سَبْع سنين في زمن الخُوارزمية، وكانت أمُّها من جَوَاري المَلِك المُعظَّم ابن العادل.
وهي زَوْجة شَيْخنا رضي الدِّين جَعْفر بنِ دَبُوقا المُقْرئُ الضَّرير
(1)
.
وكانَ أخوها فَخْرُ الدِّين المَذْكور يتردَّدُ إليها في كلِّ يوم محبّةً لها وحُنُوًّا عليها، وماتَ في بيتِها، رحمَهُم اللهُ تعالى.
4063 -
وفي يوم الثُّلاثاء بعد العَصْر ثامن رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ شهابُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ شَمْس الدِّين مُحمد، ويُسَمّى جَوْشن بن ذِغْفل بن غالي بن جَوْشن التَّمِيميُّ الدّارِيُّ المِزِّي، بجُنينته بقرية المِزّة، وصُلِّي عليه ضُحَى نهار الأربعاء، ودُفِنَ بمقبَرة لهم بالمِزّة.
وسألتُهُ عن مولدِه فقال: في الثالث والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول سنة ستٍّ وثلاثين وست مئة، بدَرْب الفَرّاش.
سَمِعَ من خَطيب مَرْدا، ورَوَى عنه. وكانَ من أهل المِزّة، وله سَكَنٌ في البَلَد أيضًا.
وقال لي شَمْس الدِّين مُحمدُ بنُ إبراهيم بن مَنْصور المِزّي: كانَ هذا الرَّجُل ديِّنًا، حَسَنَ المُعاملة، عليه سَكِينةٌ. وكانَ كثيرَ الخَيْر، قليلَ الشرِّ، مُلازمًا لبيتِه، حَسَنَ الاعتقاد في النّاس.
• - وفي يوم الخَمِيس عاشِر رَجَب لَبِسَ الأميرُ صَلاحُ الدِّين يوسُفُ ابنُ المَلِك الأوْحَد شاذي ابن المَلِك الزّاهر داود ابن المَلِك المُجاهِد شِيْركُوه ابن ناصر الدِّين مُحمد بن أسد الدِّين شِيْركُوه بن شاذي خِلْعة
(1)
تقدمت ترجمته في وفيات سنة 691 هـ.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 91، والدرر الكامنة 1/ 311.
الإمرة بدمشق، وكانَ قد سافر إلى الدِّيار المِصْرية وقَدَّم تقدمةً حَسَنةً، وأقبلَ عليه السُّلْطان وأكرَمَهُ ورَسَم له بالإمرة
(1)
.
• - وفي يوم الاثنين الرّابع عَشَر من رَجَب أُخرجَ المَحْمَل السُّلْطانيُّ من قَلْعة دمشق وطافُوا به حول البَلَد، وحَضرَ الأمراءُ والقُضاةُ وأربابُ المَناصبِ على العادة، وعُيِّن لإمرة الحاجّ الأميرُ علاءُ الدِّين بن مَعْبَد والي البَرِّ، وحُمِلَ السَّنْجَق بعد ذلك في أيام الجُمَع إلى الجامع المَعْمور على العادة.
4064 -
وفي عَشِيّة الاثنين الرّابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي عزُّ الدِّين عبدُ العزيز
(2)
بن علاءِ الدِّين عليّ بن بِشْر الحَرّانيُّ التّاجرُ ابنُ أخت الشَّيخ أمينِ الدِّين بن شُقَيْر، وصُلِّي عليه ظُهْر الثُّلاثاء بجامع دمشق، وحَضرَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين بن تَيْميّة من المِزّة إلى سُوق الخَيْل فصَلَّى عليه، ثم رَجعَ إلى المِزّة، وكانَ إذ ذاك مُقيمًا بها، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، وأصيبت به والدته.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا فيه خَيْرٌ ودِين.
عاشَ خمسًا وأربعين سنة.
وكانَ أخوه شهابُ الدِّين أحمد ماتَ قبله بأربع سِنينَ بالقاهرة. رحمَهُما اللهُ تعالى.
4065 -
وفي يوم الجُمُعة وَقْت أذان الجُمُعة الثامن عشر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ السَّيِّدُ الزّاهدُ الوَرِعُ بقيّةُ السَّلَف أبو الوليد مُحمدُ
(3)
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 133.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة خاله ابن شقير في وفيات رمضان سنة 708 هـ.
(3)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 168، وذيل العبر، ص 97، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 144، والوافي بالوفيات 2/ 144، وأعيان العصر 4/ 238، والبداية والنهاية 16/ 138، والسلوك 3/ 10، والدرر الكامنة 5/ 82، وسلم الوصول 4/ 285، وشذرات الذهب 8/ 91.
ابنُ الإمام أبي القاسم أحمدَ ابنِ الإمام الكبير القاضي أبي الوليد مُحمد بن أبي القاسم أحمد بن عبد الله بن أبي جَعْفر أحمد بن خَلَف بن إبراهيم بن أبي عيسى التُّجِيْبيُّ القُرطُبيُّ، ثم الإشْبِيليُّ، المَعْروف بابن الحاجّ، ونُودِيَ له في البَلَد، وصُلِّي عليه عَقِيب العَصْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغِير جوار الفِنْدلاويّ، وحَضَرهُ جمعٌ كثيرٌ، واتَّفقَ النّاسُ على الثَّناءِ عليه ووَصْفِهِ بالصَّلاح والجَلالة.
ومولدُهُ بإشبيلية يوم الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من ذي الحِجّة سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة، رحمهُ اللهُ تعالى.
وأسلافُهُ كانوا بقُرطُبة من زمن عُمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وانتقَلَ جدُّه إلى إشبيلية بسبب الفِرَنج، ووَلِيَ قضاءَها، ومات أبوهُ ثم جدُّه كلاهما في سنة إحدى وأربعين وست مئة. وكانت لهم أموالٌ جَمّةٌ ونِعَمٌ كثيرةٌ تَمَحَّقت بسبب الانتزاح من قُرْطُبة، ثم بسببِ مُصادرة ابن الأحْمَر، فإنّه أخذَ من جَدِّه القاضي أبي الوليد عِشْرين ألف دينار في مدّة شَهْر، وأرسلوا كُتُبهم إلى سَبْتة فعُدِمَت.
ورُبّي أبو الوليد هذا يَتِيمًا عند أمِّه وانتقلوا إلى شَرِيش وإلى غَرْناطة، ثم أقامَ هو بتُونس مدّة خَمْس سنين، ثم حجَّ ورجعَ مع الشاميّين، وأقامَ بدمشق من سنة أربع وثمانين وست مئة إلى أن ماتَ. ووَلِيَ إمامةَ المالكية بجامع دمشقَ في نِصْف ذي الحِجّة سنة اثنتين وسبع مئة، ولم يَزَل مُلازمًا لها إلى حين موتِه. وسَمِعَ في مدّةِ إقامته بدمشقَ هو وولداهُ من شَيْخنا ابن البُخاري وجَماعة من الشُّيوخ، وحَدَّث، وعُرِضَ عليه الحُكْم بدمشقَ نِيابةً عن المالكيّ فامتنعَ من ذلك.
وكانَ على طريقةٍ حَسَنةٍ، وكَتَبَ بخطِّه جُمْلةً من الكُتُب نحو مئة مُجَلّدة لنفسِه وإعانةً لولديه على الاشْتِغال بالعِلْم. واشتغلَ في مبدأ عُمُره في الفقه
والعَرَبية واللغة والأدب. وكانَ قليل الخلطة بالنّاس، وله عِدّةٌ كاملة من الخَيْل والسِّلاح أعدَّها للغزاة من مالِه. وكانَ له وِرْد من الليل لم يَزَل مُحافظًا عليه إلى أن ماتَ. ورُوي له مناماتٌ صالحة.
4066 -
وفي عَشِيّة الأربعاء الثالث والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشُّجاع عبد الرَّحيم
(1)
بن قاسم بن إسماعيل الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ المُقْرئُ المُؤذِّنُ، والد ناصح الدِّين مُحمد النَّقِيب، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر يوم الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بتُربةِ ولَدِه المَذْكور.
ومولدُه في حدود سنة أربعين وست مئة بدمشق.
رَوَى لنا عن الشَّيخ شَرَفِ الدِّين الحُسَين بن إبراهيم الإرْبِليّ، والنَّجْم بن النُّشْبِيّ، وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، كثيرَ الحجِّ والصَّلاة، وكانَ يقرأ على الجَنائز، ثم ضعُفَ عن ذلك، ولم يَزَل مؤذِّنًا بالجامع إلى أن ماتَ.
وهو خال الشَّيخ شهاب الدِّين الواعظ المُقْرئ.
4067 -
وفي ليلة الأربعاء سَلْخ رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ محمود
(2)
الكَيْلانيُّ، الحَنْبليُّ، نائبُ إمام الحنابلة بجامع دمشق، ودُفِنَ من الغد بباب الصَّغير بالقُرب من قَبْر الشَّيخ أبي الفَرَج.
وكانَ مُواظبًا على تَلْقِين القُرآن والجُلُوس بالجامع شرْقيّ مِحْراب الحَنابلة.
4068 -
وفي أواخِر رَجَب تُوفِّي شَرَفُ الدِّين عبدُ الرَّحيم
(3)
ابنُ القاضي بَدْر الدِّين إبراهيم ابن الشَّيخ نَجْم الدِّين حَسَن بن إبراهيم بن عليّ المِهْرانيُّ الكُرديُّ، قاضِي اللاذقية، بها.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 390، والدرر الكامنة 3/ 154.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده في وفيات صفر سنة 692 هـ.
وكانَ وَليَ عدّةَ جهاتٍ في البَرِّ، وكانَ شَكْلًا حَسَنًا، كبيرَ العِمامة، أسودَ اللحيةِ. ماتَ كَهْلًا.
• - وفي أواخِر رَجَب وَرَدت الأخبارُ أنَّه وَقَعَ بظاهر حِمْص سَيْلٌ وخَرَّب حائط المَيْدان وبَعْض خان السَّبِيل وأماكن، ووَصلَ إلى الخَنْدق، ووَقَى الله داخل البَلَد فلم يَحْصل منه ضَرَر بسبب نُزوله في الخَنْدق
(1)
.
شَعْبان
4069 -
في يوم السَّبْت ثالث شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ الأمينُ الثِّقةُ المُقْرئُ بَدْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ أمينِ الدِّين عبد المُؤمن بن حَسَن بن يونُس النَّصِيبيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، التّاجرُ، ودُفِنَ يوم الأحد بمقبَرة الباب الصَّغير ظاهر دمشق.
ومولدُه في سنة ستّ وخَمْسين وستّ مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَنَ المُعاملة، مَشْكورَ السِّيرة، تاجرًا بسُوق عليّ، ومقرئًا بالتُّربةِ الظّاهريّةِ، وسَمِعَ كثيرًا من ابن أبي اليُسْر، ويحيى بن الحَنْبليُّ، وابنِ النّابُلُسيّ، والشَّيخ شَمْس الدِّين الحَنْبليّ، وإسماعيل بن العَسْقلانيِّ، وغيرِهم.
• - وفي يوم الثُّلاثاء السّابع من شَعْبان خرجَ المؤقّتون إلى المَكان الذي خارج الباب الشَّرقي عند القَبْر المَعْروف بقَبْر ضِرار، رضي الله عنه، الذي أمرَ الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين ناظر الدَّواوين بدمشق ببنائِه من ماله جامِعًا، وحَرَّروا قِبْلتَهُ.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 133.
(2)
ذكر الذهبي مولده في تاريخ الإسلام 14/ 857، ولم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه أمين الدين عبد المؤمن بن حسن في وفيات صفر من سنة 699 هـ.
وفي شَهْر شَعْبان كَمُل عِمَارة الجامع الذي أمرَ نائبُ السَّلْطنة بالشّام المَحْروس سَيْفُ الدِّين تَنْكَز ببنائِه، وهو ظاهر دمشق خاوج باب النَّصْر في طريق القُصَيْر ومقابر الصُّوفية بالقُرْب من حكر السُّمّاق، وأُنفِق فيه أموالٌ كثيرةٌ، وأُقِيمت به الجُمُعة يوم العاشِر من شَعْبان، وخَطَبَ به الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ المُفْتِي نَجْمُ الدِّين عليّ بن داود بن يحيى الحَنَفيُّ، المَعْروف بالقَحْفازِيِّ. وهو من أعيان الفُضَلاء أصحاب الفُنون المتعدِّدة. وحَضَرَ الواقفُ مَلِكُ الأمراء سَيْف الدِّين المَذْكور، وقُضاة القُضاة بالشّام الأربعة وخَلْقٌ من العُلماء والأُمَراء، وقرأ القُرّاء أصحاب الصَّوْت، وأنشدَ المُنْشِدُون، وتَوفَّرت الأدعيةُ للواقف، تَقبَّل اللهُ منه
(1)
.
• - وفي هذا الشَّهْر أيضًا كَمُلت عِمارة الجامع الذي أذِنَ القاضي كريمُ الدِّين وكيلُ السُّلْطان - أعزّ الله نَصْرهُ - في بنائه من ماله بالقُبَيْبات في آخر مَيْدان الحَصَا قِبْليّ دمشق، وأُقِيمَت فيه الجُمُعة في سابع عَشَر شَعْبان، وخَطَبَ فيه الشَّيخُ الإمامُ العالمُ العاملُ الزّاهدُ العابدُ الوَرعُ بقيّةُ السَّلفِ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ ابنُ الشَّيخ السَّيِّد الزّاهد عبد الأحد بن يوسُف ابن الرَّزيز الحَرّانيُّ، ثم الآمِديُّ، الحَنْبليُّ، وأحْسَنَ في أداءِ الخُطْبة والتِّلاوة، وحَضرَ جماعةٌ من القُضاة والعُلماء وأرباب الدَّولة، وقصدَ النّاسُ الصَّلاةَ في هذا الجامع والائتمام بالخَطِيب المَذْكور لصلاحِه وعِفّتِه وحُضُورِه وحُسْن تَلَفُّظه وتِلاوته
(2)
.
4070 -
وفي الرّابع عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ عزُّ الدِّين طقْطَيه
(3)
بن عبد الله النّاصري الجَمَدار، ودُفِنَ بالقُبَيْبات برأسِ مَيْدان الحَصَا.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 613، والسلوك 3/ 11، والدرر الكامنة 2/ 390، والنجوم الزاهرة 9/ 242. وجاء في جميع المصادر "طقطاي".
وكانَ أميرًا بدمشق، وعنده أمينُ الدِّين ابن النَّحّاس كاتبٌ، فوَلِيَ نيابةَ السَّلْطنة بالكَرَك، وسافرَ معه المَذْكور وحَظِيَ عنده، ثم إنه عُزِلَ وعادَ إلى دمشق أميرًا. وانتقلَ أمين الدِّين المَذْكور من خِدْمته إلى ديوان الإنشاء بدمشق.
4071 -
وفي شَعْبان قبل النِّصْف منه تُوفِّي القاضي بهاءُ الدِّين عليُّ
(1)
ابنُ جَمَال الدِّين أبي المَنْصور بن مُظَفَّر بن هَمّام الوقاريّ
(2)
المَعَرِّي ببيت جَنا
(3)
، وكانَ قاضيًا بها.
ووَليَ قبلَ ذلك قضاءَ الرَّحْبة مدّة سنين، وقبلَ ذلك كانَ متولِّيًا بعَرْقا
(4)
، ووَلِيَ غير ذلك.
4072 -
وفي شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ مُحمد
(5)
المَعْروف بجَيْش بن مُحمد ابن الشَّيخ نُور الدَّولة عليّ ابن الشَّيخ إسماعيل المَقْدسيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، القَطّانُ، المؤذِّنُ بالمُطَرِّزيين.
وكانَ مَشْهورًا هناك، وقد رَوَى الحَديث جماعةٌ من أقاربه.
4073 -
وفي يوم الأربعاء نِصْف شَعْبان تُوفِّي سَيْفُ الدِّين بهادُر
(6)
الصَّصْرَويُّ الجُنْديُّ، السّاكنُ بدَرْب المَسْرُورِيّة، عتيقُ الزَّيْن إسحاق بن إسماعيل بن صَصْرَى، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
هكذا مجودة في النسخة، ولم نقف على هذه النسبة إلى أي شيء هي إلا أن تكون إلى "الوقار".
(3)
هكذا في النسخة، ولم تذكرها كتب البلدان ولعلها قرية عين جَنّا التي بعجلون وهي مساكن عشيرة القضاة.
(4)
هي قلعة عرقا، لها ذكر في نهاية الأرب 30/ 282، 283، 343.
(5)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(6)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، والصصروي: نسبة إلى معتقه ابن صَصْرَى.
4074 -
وفي يوم الخَمِيس السّادس عَشَر من شَعْبان تُوفِّي عِمادُ الدِّين داودُ
(1)
بنُ مُحمد بن مُوسك، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ شابًّا عاقلًا. رُبِّي هو وأخوهُ الأسَد في صيانةٍ وتَجَمُّل. وكانَ له حظٌّ وافرٌ من الجَمَال، وبيتهم بيت إمرةٍ وحِشْمة.
4075 -
وفي يوم الأحد ثامن عَشَر شَعْبان تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين بلاط
(2)
بطرابُلُس، ودُفِنَ هناك.
وكانَ مَعْروفًا بالعَقْل والدِّيانة وحُسْن الصُّحْبة، وكانَ مُتَقَدِّمًا في أيام الأمير رُكن الدِّين الشَّشْنَكِير، وحَصَلَ له خُمُولٌ بعدَ ذلك، ونُقِلَ إلى دمشق، ثم إلى طرابُلُس، وسَلَّمهُ اللهُ تعالى لديانتِه وعَقْلِه.
4076 -
وفي يوم الثُّلاثاء العِشْرين من شَعْبان تُوفِّيت أمُّ مُحمد صَفِيّةُ
(3)
بنتُ شَيْخِنا الصّالح أبي العبّاس أحمد بن أبي بكر بن عبد الباقي بن عليّ الصّالحيِّ البُسْتانيِّ الصَّحْراويِّ، ببستان الحُجّاج
(4)
، وصُلِّي عليها ظُهْر الثُّلاثاء بالجامع المُظَفَّريّ بسَفْح قاسيون.
أجازَ لها في سنة خَمْسين وست مئة سِبْط السِّلَفِيّ، والحافظُ عبدُ العظيم، ومُحمدُ بنُ الأنْجَب النَّعّال، وجماعةٌ. ورَوَت بإجازة السِّبْط.
وهي والدةُ صاحبِنا شَرَف الدِّين مُحمد ابن الشَّرَف عبدِ الرَّحمن بن مُحمد بن أحمد بن عبدِ الله المَقْدسيِّ الذي تُوفِّي من مدّة سنين برأسِ العَيْن.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 28.
(3)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 307، وتقدمت ترجمة والدها في وفيات ذي القعدة من سنة 687 هـ.
(4)
الضبط من الأصل.
وكانَ لها أخت اسمها صَفِيّة أيضًا، واسمها في إجازات المُحبّ عبد الله في سنة أربعين ونحوها. ماتَت سنة الخُوارزمية، ووُلِدَت هذه بعدها، فلْيُعلَم ذلك.
4077 -
وفي ليلة الخَمِيس الثاني والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ حميدُ الدِّين
(1)
…
البُخاريُّ
(2)
الحَنَفيُّ، بقَلْعةِ دمشق، ودُفِنَ من الغد بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَن الهيئة، ووعظَ في بعضِ البلادِ على العَجَم، وقَدِمَ دمشقَ، ووَلِيَ إمامةَ مَسْجدٍ بالقَلْعة، عِوَضًا عن العِماد إسماعيل الحَنَفيّ، رحمه الله، وخَلَّف أولادًا، واستمرَّ المسجدُ لهم، وتَرَك كُتُبًا كثيرةً.
4078 -
وفي يوم الجُمُعة الثالث والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ كمالُ الدِّين أبو مَنْصور إسحاقُ
(3)
بنُ مَنْصور بن مُحمد الصُّمَيْديُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بمصلَّى العِيْدين، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، مواظبًا على التِّلاوة وقيام اللَّيل، له وِرْدٌ لا يَتْركه. وكانَ يَشْهدُ بالمَناخِليّينَ، ويَحْضر المَدارس. وكانَ تَزوَّجَ ببنت الشَّيخ نَجْم الدِّين موسى الشَّقْراويّ الحَنْبليُّ
(4)
، وسَمِعَ معه الحَديثَ من الشَّيخ شَمْس الدِّين بن أبي عُمر، وغيرِه من أصحاب ابن طَبَرْزَد.
وكانَ من أبناء السَّبْعين.
وهو حَمْو الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن النَّقِيب الشّافعيّ.
(1)
بعد هذا فراغ قدر كلمة تركه المؤلف ولم يعد إليه.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه أبو الفتح منصور توفي سنة 751 هـ، وترجمته في الوفيات لابن رافع 2/ 133، والدرر الكامنة 6/ 125.
(4)
هو نجم الدين موسى بن إبراهيم بن يحيى بن علوان الأزدي الشقراوي المتقدمة ترجمته في وفيات سنة 702 هـ من هذا الكتاب.
4079 -
وفي يوم السَّبْت الرابع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ العَدْلُ مُحيي الدِّين أبو زكريّا يحيى
(1)
بنُ يحيى بن موسَى بن عُمر بن عبد العزيز الزَّواويُّ المالكيُّ، وصُلِّي علية ظُهْر الأحد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وسألتُهُ عن مولدِه فقال: في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة بالدِّيار المِصْرية، وانتقلتُ منها إلى دمشق صَغِيرًا، ولم أدخل المَغْرب، وبعضُ المالكية كانَ يذكر أنّ مولدَهُ قبل هذا التاريخ بنحو عَشْر سنين.
وسَمِعَ من الرَّضِيّ ابن البُرْهان، وابن عبدِ الدّائم، وحَدَّث. وكانَ رَجُلًا جيِّدًا فَقِيهًا من الشُّهود المَعْروفين، أقامَ مدّةً يشهدُ بمسجد البَيَاطرة، وله مَعْرفة بالفَرائض، وعنده دِيانة، وفيه تَوَاضع.
وكانَ الشَّيخُ زينُ الدِّين الزَّواويُّ ابنُ عمَّة والدِهِ، والقاضي جَمَال الدِّين أبو يَعْقوب الزَّواويّ ابن عمّ والدِه.
4080 -
وفي يوم الأحد السّادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الطَّواشيُّ حُسامُ الدِّين بِلال
(2)
، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ خادمًا على باب التُّربة الظّاهرية.
4081 -
وفي ليلة الجُمُعة السّادس عَشَر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليّ
(3)
بن نَصِير
(4)
بن يانِس بن يَحْيى الحَبّال الصُّوفيُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ يوم الجُمُعة.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 376، وذيل التقييد 2/ 309، والدرر الكامنة 6/ 198، وفيه يحيى بن موسى بن عمر.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
كذلك.
(4)
الضبط من الأصل.
وكانَ صديقًا لذُريّة المَلِك النّاصر داود، وسَمِعَ "جزءَ ابن عَرَفة"، و"مَجْلس البِطاقة".
4082 -
وفي سابع عشر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ كمالِ الدِّين عبدِ الوَهّاب بنِ مُحمد بن فارس بن حُسَين بن إسماعيل المُرِّيُّ الشّافعيُّ، بالقاهرة.
سَمِعَ من الشَّيخ زكيِّ الدِّين عبدِ العظيم، وكانَ ساكنًا بمَيْدان القَمْح، وإمامَ مسجدٍ داخلَ بابِ الشَّعْرية.
وكانَ والدُهُ من الرُّواة المَشْهورينَ وعُدُولِ القاهرة المُبَرِّزِين، رَوَى لنا عن ابن باقا.
ماتَ في أواخر سنة تسعين وست مئة.
والمُرِّي: نسبة إلى مُرّة بن عَوْف القُرَشيّ.
شَهْر رَمَضان
4083 -
في يوم الجُمُعة مُسْتَهلّ شَهْر وَمَضان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ سيف الدِّين أرغون
(2)
السِّلَحْدار، الساكن عند دار الطِّراز بدمشق.
وكانَ أميرَ الرَّكب الشّاميّ المُتوجّه إلى الحجاز في سنة سمسا عشرة وسَبْع مئة.
4084 -
ووَصلَ إلى دمشقَ مع الحُجّاج الشَّيخُ تاجُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(3)
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ذي القعدة سنة 690 هـ.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 462.
(3)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 143، والدرر الكامنة 3/ 132، وشذرات الذهب 8/ 89. وسيأتي ذكر وفاته ثانية في ص 366 (الترجمة 4139).
ابنُ الشَّيخ فَخْر الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ أفْضَل الدِّين أبي حامد التِّبْريزيُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بالأفْضَلِيُّ.
وكُنّا سَمِعْنا بذِكْره وصَلاحِه ومُعاداتِه للرَّشِيد مُشِير دولة خَرْبَنْدا في أيام دولته، وأنّه يعظُ النّاسَ ويُعَلِّمهم الخَيْر، ولا يَقْبل لأحدٍ شيئًا، ويتَقَنَّع باليَسِير فقصدناهُ زائرينَ.
وسألته عن مولدِه فقال: سنة إحدى وستين وست مئة بتِبْريز، ولم أسافِر منها غير هذه السَّفْرة، ودعا لنا بدَعواتٍ صالحة، وحَجَّ ورَجعَ مع العِراقيين قاصدًا بَلَده، فأدركه أجَلُه ببغدادَ بعد دخولِه إليها بأيام في العَشْر الأول من صَفَر
(1)
، ودُفِنَ بمقبَرة الشُّونِيزيّ.
• - وفي يوم الاثنين حادي عَشَر رَمَضان تَوجَّه من دمشقَ الشَّيخُ الإمامُ شَمْسُ الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ بَدْر الدِّين أبي بَكْر بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن النَّقيب الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ إلى مدينة حِمْص مُتولِّيًا قضاءَها عِوَضًا عن القاضي فَخْر الدِّين عُثمان بن مُحمد بن البارِزيّ الحَمَويّ، وكانَ عَزَلَ نفسَهُ بسبب ما حَصَلَ في حقِّه من الأذى من نائب السَّلْطنة يومئذٍ الأمير بَدْر الدِّين القَرَماني، ووَصلَ إلى دمشقَ وأقامَ بها إلى أن انقضَى رَمَضان وسافَر إلى حَمَاة.
وأما الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين المَذْكور فإنَّه وَلِيَ مَخْطوبًا مَطْلوبًا مَرْغوبًا فيه، وخَرجَ النّاسُ والأعيان لتوديعِه، واستنابَ في جهاتِه بدمشق
(2)
.
• - ووَصلَ أيضًا الشَّيخُ علاءُ الدِّين النُّعمان بن دَوْلَت شاه بن عليّ الخُوارِزميُّ فأقام أيامًا وتَوَجَّه إلى باب السُّلْطان بالقاهرة، ثم حَجَّ من هناك، وأقامَ بالقاهرة مدّة سنة ونِصْف، ورجعَ إلى مَخْدومه الملك أزْبَك خان.
(1)
يعني سنة 719 هـ.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
وهو رَجُلٌ فاضِلٌ، سافرَ من بَلَدِه وعُمُرُه إحدى وعِشْرُون سنة، فطافَ البلادَ واجتمعَ بالفُضَلاءِ، وحَصَّل المَنْطقَ والجَدَلَ والطبَّ، وعادَ إلى بلدِه سنة إحدى وسَبْع مئة، واتَّصلَ بملكها تلك دَمر، وخَدَم عنده طَبِيبًا، وصارَ كبيرَ أطبّاء المارستان بخُوارزم، ثم أوصلَهُ إلى الملك تَخْتاي بن بَرَكة ملكِ بلاد دَشت القَبْجَاق، فحظِيَ عنده فلما ماتَ هذا المَلِك ووَلِيَ بعده أُزْبَك خان ارتفعَت عنده منزلته، وكانَ يُجالسه ويقضِي حوائجَهُ ويُنْعِم عليه.
وهذا الملك أُزْبَك خان من أبناء الثلاثين عنده إسلامٌ وعَقْلٌ، وهو حَسَنُ الهيئة والصُّورة، وسَيَّر مبلغًا مع علاء الدِّين النُّعْمان المَذْكور ليُعمّر ببعضه خانكاه بالقُدس، ويفرِّق البعضَ على المُجاورين بالحَرَمين الشَّرِيفين.
ومولدُ النُّعمان في نِصْف رَمَضان سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة بخُوارزم
(1)
.
• - وقَدِمَ الشَّيخُ الإمامُ الفاضلُ نظامُ الدِّين مُحمدُ ابنُ رُكْن الدِّين مُحمد بن محمود القُونَويُّ المولدِ والدّار الرّازيُّ الأصل، المَعْروفُ بابن النَّقِيب، من الرُّوم قاصدًا الحَجّ، وهو شيخٌ فاضلٌ.
مولدُهُ خامس عَشَر جُمادى الأولى سنة أربع وخَمْسين وست مئة بقُونية، ونشأ بها، وحَصَّل.
ثم إنّه أقامَ بدوقات مُدَرِّسًا، وله بها ثلاثون سنة، وله معرفةٌ بالأصول والنَّحو والمَنْطق والخِلاف ومُشاركة في الفِقه.
وهو من أصحاب القاضي سِرَاج الدِّين الأُرمَويّ، وكانَ أبوه نَقِيبًا بين يديه.
4085 -
وفي يوم الأحد عاشر رَمَضان تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ علاءُ الدِّين
(1)
الخبر في: أعيان العصر 5/ 522 (في ترجمة النعمان بن دولات شاه).
أقْطُوان
(1)
السّاقيُّ الظّاهريُّ، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بالقُبَيْبات، وعُمِّرَ وجاوَزَ الثَّمانين.
وكانَ صالحًا يقومُ اللَّيل ويُصَلِّي مع الجَماعة، وعنده نَبَاهة، ويَحْفظ أشياء زُهْدية. وكانَ نابَ في السَّلْطنة بقَلْعة القاهرة في سَلْطنة المَلِك السَّعيد بن الظّاهر عند تَوجّهه إلى الشّام، رحمه الله تعالى.
4086 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثاني عَشَر شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ عُمرُ
(2)
بنُ مُحمد بن محمود الكَرَكيُّ البُصْرَويُّ الأصل، المَعْروف بالزَّيْلَعِيِّ، المُجاور على باب الكَلّاسة، ودُفِنَ آخر النَّهار بمقابر باب الصَّغير بناحية أُوَيس، وله من العُمُر ثلاث
(3)
وثمانون سنة تقريبًا، منها أربعون سنة كانَ مُجاورًا بالجامع.
وكانَ مَشْهورًا مَعْروفًا بين الفُقراء. ونِسْبتُهُ في الفَقْر إلى الشَّيخ غانِم المَقْدسيِّ النابُلُسيِّ.
• - وفي هذا الشَّهْر شَهْر رَمَضان وَصَلت الأخبارُ بسَيل حصلَ بسَلَمْيَة وبالشَّوْبَك، وأنَّه خَرَّب الدُّور وحَمَل الأمتِعة، وأنَّ غِرارةَ القَمْح كانت في هذه السَّنة بمكة بمئتي دِرْهم، وبالمدينة النَّبوية بست مئة دِرهَم
(4)
.
4087 -
وفي تاسع عَشَر هذا الشَّهْر، أو العِشْرين منه، قُتِلَ الحاجيّ الدَّلْقَنْديّ
(5)
، قتلَهُ جُوبان نائبُ المَلِك لأبي سَعِيد بن خَرْبَنْدا، بسبب أنه اتُّهِمَ أنّه اتفقَ هو وعدّة أُمراء على قَتْله وقَتْل الوزير عليّ شاه التِّبْريزيّ.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 90، وأعيان العصر 1/ 559، والسلوك 3/ 11، والدرر الكامنة 1/ 469، والنجوم الزاهرة 9/ 242.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
في الأصل: "ثلاثة".
(4)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(5)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 295.
ودَلْقَند: قرية من عَمَلٍ منسوبٍ إلى مدينة سِمْنان من مُدن خُراسان. نقلتُه من خَط عِزّ الدِّين الإرْبِليّ.
4088 -
وفي ثامن عَشَر رَمَضان تُوفِّي بالقاهرةِ الشَّيخُ الحاجُّ شهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
…
(2)
، أخو فَخْر الدِّين ابن كُسَيْرات لأمِّه.
وكانَ فَرّاش الطَّشْتَخاناه السُّلْطانية، وكانَ خدم الشَّشْنَكِير، والطّبَاخيّ، وجماعة من الأُمراء.
4089 -
وفي ليلة الجُمُعة التاسع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُسْنِدُ المُعَمَّر أبو بكر
(3)
ابن الشَّيخ الإمام المُحَدِّث المُسْنِد المُعَمَّر زين الدِّين أبي العبّاس أحمد بن عبد الدّائم بن نِعْمة بن أحمد بن مُحمد بن إبراهيم بن أحمد بن بُكَيْر المَقْدسيُّ الصّالحيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ عند والده بتُربة الشَّيخ أبي عُمر بسَفْح قاسيون.
وقال لي: إنَّ مولدَه سنة حِصار النّاصر داود، وكانَ ذلك في سنة ستٍّ وعِشْرين وست مئة.
وسمعتُ القاضي تقيَّ الدِّين سُلَيْمان يقول: مولدُ الحاج أبي بَكْر في سنة خَمْس وعِشْرين وست مئة، ووُجِدَ سماعُه على سَعِيدة بنت عبد المَلِك المَقْدسية في أواخر سنة سَبْع وعِشْرين. وسَمِعَ من الفَخْر الإرْبِليّ في أول سنة ثلاثين وهو حاضرٌ. وُجد ذلك بخط الحافظ ضياء الدِّين. وسَمِعَ "صحيحَ البُخاري"
(1)
ترجمته في: شذرات الذهب 8/ 86، وفيه اسمه المهتار شهاب الدين أحمد بن رمضان عُرف بابن كسيرات، مهتار الطشتخاناه.
(2)
فراغ في الأصل قدر كلمة.
(3)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 161، وذيل العبر، ص 98، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 402، وذيل التقييد 2/ 327 والسلوك 3/ 10، والدرر الكامنة 1/ 523، والنجوم الزاهرة 9/ 242، وسلم الوصول 1/ 78، وشذرات الذهب 8/ 87.
في آخر سنة ثلاثين على ابن الزَّبِيدي سَمَاعًا، لم يَذْكر سَيْفَ الدِّين ابن المَجْد كاتب السَّماع أنه حُضُور. وسَمِعَ أيضًا من النّاصِح ابن الحَنْبلي، وجَعْفر الهَمْدانيّ، وسالم بن صَصْرَى، وجماعة غيرهم.
وخَرّجتُ له "مشيخةً" عن نَحْو عِشْرين شيْخًا، وتَفَرَّد بالسَّماع من شيخين: النّاصح وسالم المَذْكورين. وله إجازةُ ابن القَطِيعيِّ، وابن رُوْزْبَة، وابن بَهْروز، وعبد الواحد بن نزار الحَمّال، وياسمين بنت البَيْطار، وجماعةٍ من أصحاب ابن البَطِّي وشُهْدَة، وغيرِهما.
وكانَ شيخًا صالحًا، حجَّ ثلاث مرّات، وله عِبادةٌ، وكانَ كثيرَ الصَّلاة والدُّعاء، وعَمِيَ، وثَقُلَ سمْعُه وضَعُفَ، ومع ذلكَ كانَ يَمْشي إلى حُضُور الجماعة ومَجَالس الحَديث، وكانَ يُنْصِتُ إلى ما يُقرأ عليه ويَفْهم، ويسأل عمّا لا يَعْرفه، ويُكثِر الصَّلاةَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وله هِمّةٌ ونَهْضةٌ في أمر دينِه ودُنياه، وشَهِدَ جنازتَه خَلْقٌ كثيرُ لكِبَر سِنِّه وديانتِه ورِوايتِه للحَديث النَّبوي، وموتُه في آخر جُمُعة من شَهْر رَمَضان. وأثنَى النّاسُ عليه، وحَدَّثَ في حياةِ والدِه، وكَتَبَ في الإجازاتِ في سنة ثلاثٍ وستِّين وست مئة.
شَوّال
4090 -
في ليلة الأحد ليلة عِيد الفِطْر مُسْتَهلّ شوّال تُوفِّي زَيْنُ الدِّين أبو بكر
(1)
ابنُ الشَّيخ الفقيه العَدْل نَجِيب الدِّين عامر بن أبي بَكْر بن شَرِيط الحَوّاريُّ
(2)
، ثم الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر يوم العيد المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الصُّوفية عند والديه.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكره الذهبي في مواليد سنة 648 هـ (تاريخ الإسلام 14/ 613).
(2)
لعله منسوب إلى حَوّار، بالفتح وتشديد الواو، كورة بحلب بين عزاز والجومة، أو إلى حَوّار من قرى منبج (وينظر: معجم البلدان 2/ 315).
ومولدُه في سنة ثمان وأربعين وست مئة.
وكانَ مؤذِّنًا بجامع دمشق، وإمام مَسْجد، وفقيهًا بالمَدارس، ومؤدِّبًا بمكتب ابن زويزان بقَصْر حَجّاج.
رَوَى لنا عن ابن عبد الدّائم، وسَمِعَ أيضًا من الرَّضِيّ ابن البُرْهان، والقاضي صَدْر الدِّين ابن سَنِيّ الدَّولة، وابن أبي اليُسْر، والشَّيخ شهابِ الدِّين أبي شامة، وجماعة غيرهم.
• - وفي يوم الاثنين التاسع من شَوّال خَرَجَ المَحْمَل السُّلْطانيُّ من دمشقَ إلى الحِجازِ الشَّريف، وأميرُ الحاجّ الأمير علاءِ الدِّين ابن مَعْبَد والي البَرِّ بدمشق، وقاضي الرَّكْب قاضي القُضاة زَيْن الدِّين ابن قاضي الخَلِيل الحاكم بحَلَب. ومن أعيان الحُجّاج الشَّيخُ بُرهان الدِّين ابن الشَّيخ تاج الدِّين الشّافعيّ مُفْتِي دمشق، والشَّيخُ كمالُ الدِّين ابن الشَّرِيْشي وكيلُ بَيْت المال بدمشق، وولدُه، والصَّدْرُ بَدْرُ الدِّين ابن العَطّار. ومن أصحابنا: عمادُ الدِّين ابن سُلْطان البعلبكيُّ، وشَمْسُ الدِّين ابن الشَّيخ إبراهيم الكُرْدي، والشَّيخُ عبد الله بن أردبين الإسكندريُّ، ومُجِير الدِّين ابن مَرْوان، وشَمْس الدِّين مُحمد ابن أخي القاضي نَجْم الدِّين الدِّمشقيّ
(1)
.
4091 -
وفي يوم السَّبْت رابع عشر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ شهابُ الدِّين أحمدُ
(2)
بنُ عامر بن بَذّال الزُّرَعيّ، بها، ودُفِنَ هناك.
وكانَ شَيْخًا من أبناء الثَّمانين، وله هِمّةٌ وافرةٌ، وكانَ وَلِيَ وكالةَ بيتِ المال بزُرَع مدّةً، وله جماعةُ أولادٍ. وسَمِعَ من الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن الشَّيخ أبي عُمر هو وولدُه شَمْس الدِّين عامر لمّا قَدِمَ عليهم الشَّيخ، رحمهُ اللهُ تعالى.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4092 -
وفي شَهْر شَوّال تُوفِّي يونُسُ
(1)
ابنُ الشَّيخ كمال الدِّين عليّ بن عُمر بن عبد العزيز بن الحَسَن ابن القاضي زكيِّ الدِّين عليّ بن مُحمد بن يحيى القُرَشيُّ.
وكانَ عليه وقفٌ من أجدادِه.
4093 -
والشَّيخ يوسُفُ
(2)
ابنُ الشَّيخِ الصّالحِ القُدْوةِ إبراهيمَ ابنِ الشَّيخ الكبيرِ عبد الله الأُرْمَويّ.
وهو من بيتِ مَشْيخةٍ وصَلاح.
4094 -
وفي ليلة الاثنين سلْخ شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ الصَّدْرُ الكبيرُ الكاملُ كمالُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الإمام العلّامة جمالِ الدِّين أبي بَكْر مُحمد بن أحمد بن مُحمد بن عبد الله بن سَحْمان البَكْريُّ الوائليُّ الشَّرِيشيُّ، بمنزلةِ الحَسَا بين الكَرَك ومُعان
(4)
، وهو متوجِّه إلى الحِجاز الشَّريف بأولادِه وأهلِه، ودُفِنَ بالمَنْزلة المَذْكورة إلى جانب الطَّرِيق في يوم
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وآل الزكي من البيوتات الدمشقية المشهورة، وهم أخوال بني عساكر، ومن أكثرهم شهرة هو محيي الدين أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن يحيى قاضي قضاة الشام خطيب أول جمعة بعد تحرير المسجد الأقصى المبارك من الصليبيين الأنجاس سنة 583 هـ، والمتوفى سنة 598 هـ، وترجمته مشهورة مذكورة في سير أعلام النبلاء 21/ 359 والتعليق عليها.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أخيه محمد في وفيات رمضان سنة 711 هـ.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 291، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 150، وذيل العبر، ص 99، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 84، والمعجم المختص، ص 33، وفوات الوفيات 1/ 120، وأعيان العصر 1/ 317، والوافي بالوفيات 7/ 337، والبداية والنهاية 16/ 139، وذيل التقييد 1/ 372، والسلوك 3/ 8، والمقفى الكبير 1/ 432، والدرر الكامنة 1/ 291، والمنهل الصافي 2/ 71، والنجوم الزاهرة 9/ 243، وبغية الوعاة 1/ 358، والدارس 1/ 25، وشذرات الذهب 8/ 85.
(4)
بضم الميم، وهو ضبط المحدثين، أما اللغويون فيفتحون الميم، كما في معجم البلدان 5/ 153.
الاثنين المَذْكور، ووَصلَ خبرُه إلى دمشقَ، وصُلِّي عليه بجامعها صلاةَ الغائب في يوم الجُمُعة ثامن عَشَر ذي القَعْدة، رحمهُ اللهُ تعالى.
ومولدُه في رَمَضان سنة ثلاثٍ وخَمْسين وست مئة بمدينة سِنْجار.
وكانَ شَيْخًا فاضلًا، مُتَفَنِّنًا من أعيانِ الشّافعيّةِ المُفْتين المُدَرِّسين، وله معرفةٌ بالأصولِ والعَربيةِ والأدبِ والنَّظْم والنَّثْر. وكانَ حَسَنَ الذِّهْن، صحيحَ المُناظرة، جيِّد العبارة، مليحَ الكِتابة، وله تَعَاليق وفَوَائد، وسَمِعَ "جُزء ابن عَرَفة" من النَّجِيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وحَدَّث به مرّات، وسَمِعَ من جماعةٍ من أصحابِ ابن طَبَرْزَد وغيرهم بالقاهرة ودمشق والقُدْس، وقَرأ بنفسِه الكُتُب الكِبار وطَلَب مدّة ورَحلَ إلى الدِّيار المِصْرية والإسكندرية، وحَكَمَ بدمشقَ نيابةً عن قاضِي القُضاة بَدْر الدِّين ابن جَمَاعة مدّةً، ثم تَركَ النِّيابةَ ودَرَّس بالشّامية البَرّانية مدّةً، ثم عُوِّض عنها بالمَدْرسةِ النّاصرية، وأقامَ مُدَرِّسًا بها عِشْرين سنة، وأخذَها منه الشَّيخُ زَيْنُ الدِّين الفارقيُّ، وقاضي القُضاة بَدْر الدِّين، ثم استعادَها منهما، ووَلِيَ وكالةَ بَيْت المال بدمشقَ أكثر من اثنتي عَشْرة سنة، ووَلِيَ مَشْيخةَ دارِ الحَدِيث الأشْرَفية ثماني سنين، ووَلِيَ مَشيخةَ الحَديث بالتُّربةِ الصّالحيةِ مكان والده، وبَقِيَ شيخًا بها ثلاثًا
(1)
وثلاثين سنة، وهي أول مَناصبه، ووَلِيَ مَشيخةَ الرِّباط النّاصريّ بالصّالحية أكثر من خَمْس عَشْرة سنة، وكانَ مَشْكورَ السِّيرة في الجِهات التي بيَدِه، له نَهْضة وهِمّةٌ وأمانةٌ وافرةٌ، وحِرْصٌ على تَثْمِيرِ الأوقاف وإيصالها إلى أهلِها. وكانَ حَجَّ سنة ثلاثٍ وسَبْع مئة، وحَدَّثَ بالحِجاز.
قرأت عليه "جُزء ابن عَرَفة" بالمدينةِ النَّبوية، على ساكِنِها أفْضَل الصَّلاة والسَّلام.
(1)
في الأصل: "ثلاثة".
ذو القَعْدة
4095 -
في يوم الثُّلاثاء مُسْتَهلّ ذي القَعْدة تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ أمُّ عبد الرَّحمن زينبُ
(1)
بنتُ شَمْس الدِّين عبد الله ابن الشَّيخ المُقْرئُ الصّالحُ الزّاهدُ العابدُ رَضِيّ الدِّين أبي مُحمد عبد الرَّحمن بن مُحمد بن عبد الجبّار المقدسيُّ وصُلِّي عليها عَصْر النَّهار المَذْكور بالجامع المُظَفَّريِّ، ودُفِنَت بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
سَمِعتْ من الحافظِ ضياءِ الدِّين مُحمد بن عبد الواحد المَقْدسيِّ، وتَفَرَّدت عنه بأكثر من عَشَرة أجزاء، وسَمِعَت من اليَلْداني، ومن عَمِّها مَجْد الدِّين أحمد ابن الرضيّ عبد الرَّحمن، وغيرهم. وأجازَها سِبْط السِّلفيّ، وجماعة، وجاوَزَت الثَّمانين.
ووجدتُ سماعَها في أواخر سنة إحدى وأربعين وست مئة وهي حاضِرة.
وكانت امرأةً صالحةً من نساءِ الجَبَل، وأُصِيبت في سنة التَّتار بابنتِها وجماعةٍ من أقارِبِها، وصَبَرت واحتَسَبَت، وأُصِيْبَت في آخر عُمُرها بولدِها الكبير زَيْن الدِّين عبدِ الرَّحمن ابن الشَّيخ شهابِ الدِّين ابن القِيْراط المَقْدسيّ.
4096 -
وفي ليلة الخَمِيس الثالث من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضلُ الصّالحُ بُرهان الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(2)
ابنُ الشَّيخ عزّ الدِّين عبد الحافِظ ابن الشَّيخ الصّالح الزّاهد أبي مُحمد عبد الحميد بن مُحمد بن أبي بَكْر بن ماضِي المَقْدسِيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر يوم الخَمِيس المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 250، وذكرها الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 163.
(2)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 55، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 138، وذيل طبقات الحنابلة 4/ 429، والدرر الكامنة 1/ 36، والمقصد الأرشد 1/ 331، وشذرات الذهب 8/ 87.
وكانَ من أبناء السَّبْعين.
سَمِعَ حُضورًا في رَجَب سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة من الفقيهِ مُحمد بن إسماعيل خَطِيب مَرْدا بنابُلُس، وأقامَ بدمشقَ وتفقَّه، وسَمِعَ الحَديثَ، ونَسَخَ بخطِّه كثيرًا، وكانَ شاهدًا، وفَقِيهًا بالمَدارس من أهلِ الدِّين والعَفَاف والفَضِيلةِ، وكانَ كثيرَ السُّكُون، قليلَ الكَلام، وله قصيدةٌ حَسَنةٌ رَثَى بها الشَّيخَ شَمْس الدِّين ابن أبي عُمر، رحمه الله.
4097 -
وفي يوم الخَمِيس ثالث ذي القَعْدة تُوفِّي التَّقيُّ سُلَيْمانُ
(1)
ابنُ الصَّفِيّ أحمد بن سَيْف بن أبي الفَضْل القَوّاس، المؤذِّن كانَ أبوه، ودُفِنَ يوم الجُمُعة عندَ والدِه بباب الصَّغير.
وكانَ من أبناء الأربعين.
وقرأ مُدّة على الجَنَائز، وكانَ يَحفظُ فُصُولًا وأدعيةً يُحْسِنُ إيرادَها في الأعزية.
4098 -
وفي ليلة السَّبْت خامس ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخ الكبيرُ الفاضلُ الواعظُ المُقْرئُ شهابُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابن الشَّيخ المُقْرئ زَيْنُ الدِّين أبي بَكْر بن أحمد، البغداديُّ أبوه، الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْرَ السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابرِ الباب الصَّغير بقبرٍ كانَ أعَدَّه لنفسِه، وكانَ يومًا مَطِيرًا.
ومولدُه بدمشقَ في سنة ثلاث وثلاثين وست مئة.
وكانَ شَيْخ القُرّاء على الجَنائز ومُقَدَّمهم، ويَتكَلَّم في المَحَافل في التَّهاني والتَّعازي، ويُورد خُطَبًا مُسْتَحْسنةً، ويَنْظِمُ في الوَقائع ما يُناسب ذلك، وكانَ
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 139، وشذرات الذهب 8/ 86.
يَعرفُ المُوسيقا والشَّعْبَذة وضَرْب الرَّمْل، وكانَ يَحضرُ عند النّاس في مَجالس الفَرَح واللَّهو والعِشْرة والبَسْط، ثم انقطعَ عن ذلك لكِبَر سنِّه.
وكانَ أبوه يُعرف بحِطّة. وكانَ أيضًا مُقْرئًا على الجَنَائز، وظريفًا مطبوعًا، رحمهُما الله.
4099 -
وفي ليلة السَّبْت خامس ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ نَجْمُ الدِّين أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخِ الإمامِ تاجِ الدِّين موسَى بن عبد العزيز بن سوّار الحَنَفيّ، وكانت وفاتُه بقَرْية زَمَلُكا من غُوطة دمشق، ودُفِنَ هناك.
وكانَ أبوهُ مُدَرِّسًا بالمَدْرسة الإقْبالية الحَنَفية، ودَرَّسَ هو أيضًا بها في حياةِ والدِه ولم يستمرّ ذلك.
4100 -
وفي بُكْرة الأحد السّادس من ذي القَعْدة تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ العابدةُ أمُّ مُحمد عائشةُ
(2)
بنتُ شَيْخنا الصَّدْر العَدْلِ زينِ الدِّين إبراهيمَ بن أحمدَ بن عُثمان بن عبد الله بن غَدِير الطّائيِّ الدِّمشقيِّ، المَعْروف بابن القَوّاس، وصُلِّي عليها ظُهْر الأحد المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَت بسَفْح جَبَل قاسيون. وكانت وفاتُها بعد أن صَلَّت الصُّبْح يوم الأحد المَذْكور، وكانَ يوم طين، ووَحْل عَقِيب الثَّلْج.
ومولدُها في سنة خمس وأربعين وست مئة تقريبًا، أو قبلها.
وكانت امرأةً صالحةً، كثيرةَ العبادة، مُلازمةً للتَّقوى، حَجَّت غيرَ مرّة، وجاوَزَت بمكّةَ سنين.
وهي زَوْجة، الصَّدْر علاء الدِّين ابن صَدْر الدِّين ابن المُنَجَّى، وكانَ من خيارِ النّاس، ومع ذلك كانَ يُفَضِّلها على نَفْسه، أجازَ لها أبو القاسم بن قُمَيْرة في رَمَضان سنة تسع وأربعين وست مئة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمتها في: العقد الثمين 8/ 265، والدرر الكامنة 3/ 2.
ورَوَت لنا عنه، وأجازَها أيضًا ابنُ مَسْلَمة، ومكّي بن عَلّان، وبهاء الدِّين زُهَير القُوصي، وابن زِبْلاق، وابن دَفْتر خوان، والسُّلَيْماني، والنُّور بن سعيد، والتَّلَعْفَري، وهؤلاء السَّبعة من أعيان الشُّعراء، وغيرُهم.
4101 -
وفي يوم الثُّلاثاء مُنْتَصف ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُعَمَّرُ الكبيرُ أبو مُحمد يونُسُ
(1)
بنُ حَمْزة بن عبّاس الإرْبِليُّ العَدَويُّ القَطّان، السّاكن بالصّالحية، ودُفِنَ هُناك في اليوم المَذْكور، وحَضَرَهُ خلقٌ كثيرٌ.
وكانَ مَشْهورًا بطُول العُمُر، ذكرَ أنّ مولدَهُ في سنة ستٍّ وست مئة بإرْبل.
رَوَى بالإجازةِ العامّة عن داود بن مَعْمَر بن المَفاخر. وكانَ يُمكن أن يَرْوِي عمّن هو أقدم منه، ولكن لم يُقدِم الطَّلَبةُ على ذلك.
4102 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العابدُ عبدُ الله
(2)
…
(3)
المُغِيثيُّ، بسَفْح قاسيون، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة، ودُفِنَ بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، عليه آثار العبادة ظاهرة، وحَجّ وجاورَ.
4103 -
وفي ليلة الجُمُعة الثامن عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي فَتْح الدِّين أبو بَكْر
(4)
ابن الشَّيخ الإمام الزّاهد المُقْرئ الخَطِيب بُرْهان الدِّين إبراهيم بن
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 680، والدرر الكامنة 6/ 260.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
فراغ في الأصل قدر كلمة تركه المؤلف ولم يعد إليه.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات شوال سنة 702 هـ، وتقدمت ترجمة أخته محمد في وفيات شوال سنة 716 هـ، وأخوه علي توفي سنة 749 هـ، وترجمته في معجم شيوخ السبكي 1/ 268، وأخوه أحمد توفي سنة 729 هـ، وترجمته في معجم شيوخ الذهبي 1/ 30، وذيل التقييد 1/ 294.
فلاح بن مُحمد بن حاتِم الجُذاميُّ الإسكندريُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ عند والده بمقبَرة باب الصَّغير.
وكانَ فقيهًا بالشّامية، ثم تَرَكها، وصارَ خَطِيبًا بجامع التلّ، وخَطبَ بالمَسْجدِ المُجاور للزّاوية الثابتيّة برأسِ سُوق خان السُّلْطان ظاهر باب الجابية. وسَمِعَ كثيرًا مع إخوته من شَيْخِنا ابن البُخاريّ، وغيره.
4104 -
وفي ليلة الخَمِيس الرابع والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ الصّالحُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عليّ بن أبي بَكْر بن عليّ بن الحَسَن بن أحمد بن يوسُف بن أسد التَّمِيميُّ الجَوْهريُّ، الكُلْويُّ أبوه، الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة بني الشَّيْرَجِيّ بباب الصَّغير.
ومولدُه في يوم الأربعاء الثامن والعِشْرين من شَهْر رَجَب سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة ببلد بال من عَمَل شِيراز، بينه وبين شيراز سبعة أيام.
وكانَ أبوه من مدينة كُلْوة
(2)
، وهي جزيرة في البَحْر كانت للزَّنْج، وكانَ تاجرًا يَحْفظ القُرآن، وأمّا هو فكانَ شَيْخًا صالحًا، مواظِبًا على الصَّلوات بجامع دمشق سافر في صِباه إلى كيْش وهُرْمُز ثم إلى ظفار وعَدَن، ودخلَ الحِجاز، وحجَّ غيرَ مرةٍ وجاورَ وطَوَّفَ في الحِجاز، ثم رَجعَ إلى عَدَن، ثم سافرَ إلى السُّومنات بالهند، وسَمِعَ بها من المُحَدِّث كمال الدِّين أحمد بن الدَّخْمِيسيّ، وروى لنا عنه، ثم سافرَ إلى مَقْدِشوه مدينة على ساحل البَحْر
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 251، والدارس 1/ 161.
(2)
ضبطت في النسخة بضم الكاف ضبط القلم، لكن ياقوت الحموي قيدها بالحروف فقال:"بالكسر ثم السكون وفتح الواو والهاء، بلفظ واحدة الكِلَى"، ومعلوم أن واحدة الكلى:"كُلْية" بالضم كما في معجمات اللغة، وينظر المعجم الوسيط، ص 797.
وأقامَ بها مدّةً، ثم إلى هُرْمُز وكيْش، ودخلَ البَصْرةَ وأقامَ بها مدّةً، ثم دخلَ بغدادَ وتفقّه بها، ثم عادَ إلى البَصْرة، ثم توجَّه منها مع العَرَب في البَرِّية فوصلَ حَمَاة، ودخلَ دمشقَ في سنة ثمانٍ وثمانين وست مئة سنة طرابُلُس، وأقامَ بالمَدْرسة الباذرائية مدّةً طويلةً فقيهًا، ثم صارَ مُعيدًا بها بعد بَدْر الدِّين البابيّ، وكانَ حَرِيصًا على الإقْراء والإفادة مُلازمًا لذلك، وكانت وفاتُه ببيت الإعادة بالمَدْرسة المَذْكورة.
4105 -
وفي يوم السَّبْت السّادس والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ الفقيهُ المُقْرئُ النَّحويُّ الأُصوليُّ مَجْدُ الدِّين أبو بكر
(1)
بنُ مُحمد بن قاسم التُّونِسيُّ الشّافعيُّ، بدارِه، بحِكْر الجَلال في طرف العُقَيْبة، وصُلِّي عليه ظُهْر الأحد بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس عند والدِه.
ومولدُه تقريبًا في سنة ستِّ وخَمْسين وست مئة بتُونس.
وسافَرَ إلى الدِّيار المِصْرية، وأقامَ بالقاهرةِ مدّةً، واشتَغَلَ بها بالنَّحْو والقِراءات على الشَّيخ حَسَن الرّاشديّ، وحَضَرَ عند الشَّيخ بهاءِ الدِّين ابن النَّحّاس الحَلَبِيِّ النَّحويِّ، ودخلَ دمشقَ في ولاية قاضي القُضاة عزِّ الدِّين النوبة الثانية، وحضرَ عند الشَّيخ زَيْن الدِّين الزَّواويِّ، ورُتِّب صُوفيًّا بالخانكاه الشِّهابية، وجَلَسَ للإقراء بالجامع، ثم سكنَ العُقَيْبة ونابَ في الإمامة بجامعها، ثم اشتُهِرَ أمرُه وكثُرت فَضَائلُهُ، وحَضرَ الدُّروس، ووَلِيَ مشيخةَ الإقراء بالتُّربة
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 165، وذيل العبر، ص 99، ومعرفة القراء الكبار 2/ 741 ومعجم شيوخ 2/ 417، وأعيان العصر 2/ 32، والوافي بالوفيات 4/ 351، وغاية النهاية 1/ 183، وتوضيح المشتبه 9/ 265، والسلوك 3/ 10، والدرر الكامنة 1/ 551، والنجوم الزاهرة 9/ 243، وبغية الوعاة 1/ 471، والدارس 1/ 244، وشذرات الذهب 8/ 86.
الصّالحية والتُّربة الأشْرَفية، وغيرهما. ووَلِيَ حَلْقة النَّحو بالمَدْرسة النّاصرية، ودَرَّس بمدرسةٍ صَغيرةٍ تُعْرف بالأصبهانية، وصارَ شيْخ البلد في عِلْم القِراءات والعَرَبية مع المُشاركة في الفقهِ والأصول وغير ذلك.
وكانَ مُنْقَطعًا عن النّاس يحبُّ الخَلْوة والانفِرادَ، وعندَهُ ديانةٌ وصَلاحٌ، وله طريقةٌ جميلةٌ، وفيه مودّةٌ ولُطْفٌ. وسَمِعَ من شَيْخِنا ابن البُخاري "مشيخَتَهُ" تَخْريج ابن الظّاهريّ، وانتقَى له منها جُزءًا شَمْسُ الدِّين الذَّهبيّ وحَدَّث به، وسَمِعَ بقراءتي "صحيح مُسلم" على الشَّيخ شَرَف الدِّين الفَزَاري، وسمِعَ من غيرهما، رحمهُ اللهُ تعالى.
4106 -
وفي يوم الجُمُعة رابع ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفاضلُ علاءُ الدِّين عليُّ
(1)
بنُ حُسام الدِّين بَيَات بن مُخْتار البَغْداديُّ، المَعْروف بالخَطائِيِّ، بمدينة حَمَاة.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا في أكثر العُلُوم العَقْلية خاصّة، وكانَ طَبِيبًا فاضِلًا، لكنّهُ كانَ تَركَ الطِّبَّ وغيرَهُ بسبب ضَعْف كانَ قد حَصَلَ في عَيْنَيه.
وَردَ إلى دمشقَ في شُهُور سنة ستٍّ وسَبْع مئة فأقامَ بها مدّةً بالمَدْرسة القَيْمُرية، ونَزَّلَهُ الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين ابنُ الوَكِيل بدار الحَديثِ الأشْرَفية، وكانَ يَحضرُ معنا ويلازمُ الوَظِيفة، ثم سافَرَ إلى حَمَاة فقرأ عليه مَلِكُها الملكُ عِمادُ الدِّين كتاب "التَّذْكرة" في الهيئة، تَصْنِيف النَّصِير الطُّوسيّ، وقَرَّرَ له جِرايةً وجامكيّة في الشَّهْر مئة وثلاثين دِرْهمًا، بَقِيَ هكذا سنتين، ثم وَردَ إلى دمشق، ثم سافَرَ منها إلى بغداد، ثم رجعَ إلى حَمَاة فتُوفِّي بها في التّاريخ المَذْكور، وخَلَّف مالًا وأثاثًا وحِمْلًا من الكُتُب أُخِذَ لبيتِ المال.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
قال عزُّ الدِّين الإرْبِليُّ: سألتُهُ عن مولدِه ونحنُ بالمَدْرسة التَّقْوية بدمشق قبل سَفَره إلى بغدادَ، فقال: وُلدتُ ببغدادَ سنة تسع وخَمْسين وست مئة في ثامن عَشَر رَجَب منها، ونشأتُ بها، واختصصتُ في الطِّب بخدمة الصَّدْر ظهير الدِّين ابن مَحَاسن. وذكر لي جماعةً فُضَلاءَ من مشايخِه الذينَ أخذَ عنهم العِلْمَ.
ذو الحِجّة
4107 -
في بُكْرة الأربعاء مُسْتَهلّ ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العَلّامةُ قاضي القُضاة فَخْرُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ القاضي تاج الدِّين أبي الخَيْر سَلَامة ابن القاضي زَيْن الدِّين أبي العبّاس أحمد بن سَلامة الإسكندريُّ المالكيُّ بالمَدْرسة الصَّمْصامِيّة المالكيّة بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير عند قَبْر الشَّيخ أبي الحجّاج الفِنْدلاوي.
ومولدُه بالإسكندرية في شَوّال سنة إحدى وسبعين وست مئة.
وكانَ إمامًا في مَذْهبه، وله مشاركةٌ في العُلُوم من التَّفْسيرِ والحَديثِ والأُصولِ والتّاريخ، وغير ذلك، وهو من بيتٍ كبيرٍ في بَلَدِه، نَشأ في الاشتغال ولازمَ التفقُّه مدّةً، وجَلَس للإفادةِ وانتفعَ به النّاسُ، ثم وَلِيَ نيابةَ الحُكْم ببلده، وكانَ مَشْكورَ السِّيرةِ، جَمَعَ بين الفِقْه والدِّين والصَّرامة والبَيْت والنَّزاهة، واشتُهِرَ صيتُه وارتفعَ ذِكْرُه، فوَلِيَ قضاءَ القُضاة بالبلاد الشّامية على مَذْهبه، ووَصلَ إلى دمشقَ ولم يكن دَخَلها قبل ذلك فأقامَ بها حاكمًا محمودَ الطريقة، مَرْضيّ السِّيرةِ مدّةَ سنة ونصف وأدركَهُ أجَلُه بها، وحَضَرَ جنازتَهُ جَمْعٌ كبيرٌ، وأجمعوا على الثَّناء عليه في عِلْمِه ودينِه، رحمهُ الله تعالى.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 291، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 150، وذيل العبر، ص 100، وأعيان العصر 1/ 223، والبداية والنهاية 16/ 140، والسلوك 3/ 9، والدرر الكامنة 1/ 162، وحسن المحاضرة 1/ 545، والدارس 2/ 12، وشذرات الذهب 8/ 86.
4108 -
وفي يوم الجُمُعة ثالث ذي الحِجّة تُوفِّي الحاجُّ الأمينُ سَيْفُ
(1)
بنُ إسماعيلَ الحَرّانيُّ التاجرُ، ودُفِنَ عندَ وَلَدِه بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، وله أولاد تجّار، وتَقَدّمه في الوفاة منهم شَمْس الدِّين مُحمد، وكانَ رَجُلًا صالحًا، عندهُ عِلْمٌ وعَمَلٌ وتَقْوَى، رحمهُما اللهُ تعالى.
4109 -
وفي ليلة الاثنين سادس ذي الحِجّة تُوفِّي الفقيهُ الفاضلُ عمادُ الدِّين سُلَيْمانُ
(2)
ابنُ القاضي الإمام العلّامةُ بقيّة السَّلَف تَقِيِّ الدِّين مُحمد بن حياة بن يحيى بن مُحمد الرَّقِّيُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون عند عَمِّه الشَّيخ بهاءِ الدِّين أبي بكر بالقُرْب من الرِّباط النّاصريّ.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا فيه فَضِيلةٌ وديانةٌ.
ومولدُه في شَهْر رَمَضان سنة سبعين وست مئة بدمشق.
وسَمِعَ معي بدمشق والحِجَاز الشَّريف، وكانَ رفيقَنا في الحَجِّ في سنة ثلاثٍ وسَبْع مئة، وكانَ كثيرَ التِّلاوة في الطَّريق. ولما وَصَلْنا إلى تَبُوك تَرَدَّد إلى زيارةِ قَبْر والدِه مرّات.
4110 -
وفي ليلة الأربعاء الثامن من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ المُقْرئُ الصّالحُ العابدُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ نُصَيْر بن صالح بن جِبْريل بن خَلَف المِصْريُّ الصُّوفيُّ، بالمَدْرسة الظاهرية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات محرم سنة 676 هـ.
(3)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 724، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 296، وذيل التقييد 1/ 272، وغاية النهاية 2/ 269، والدرر الكامنة 6/ 29، وحسن المحاضرة 1/ 506.
ومولدُه في سنة خَمْسين وست مئة تقريبًا بمِصْر.
قَدِمَ دمشقَ وقرأ القرآن بالرِّوايات على الشَّيخ رَشِيد الدِّين ابن أبي الدُّرّ، والشَّيخ زين الدِّين الزَّواويِّ، وغيرِهما. وسَمِعَ جملةً كثيرةً من الحَديث، وحَدَّث بـ "جُزء ابن جَوْصا" عن كمالِ الدِّين عبد العزيز بن عبد الحارث، وكانَ يَحْفظ "التَّنْبيه" ويُصَحِّحه للطَّلَبة، وعندَهُ مَعْرفة بالنَّحو ومُشاركة في الفَضِيلة، وأقامَ مدّةً بالخانكاه السُّمَيْساطية، وله حَلْقة بالجامع يُقْرئ القُرآن العَظِيم تَلْقينًا وتَجْويدًا، ثم قُصِدَ لإقراء السَّبْعة، فقرأ عليه جَماعةٌ من الطَّلَبة وانتفَعُوا به، ووَلِيَ مشيخةَ الإقراء بدارِ الحَدِيث الأشْرَفية بدمشق.
وكانَ رَجُلًا صالحًا مُتَصوِّنًا، مُلازِمًا للطاعات، حَرِيصًا على الخَيْرات، عليه هيبة الطّاعة.
• - وفي يوم السَّبْت الحادي عَشَر من ذي الحِجّة تَوجَّه الأميرُ فَخْرُ الدِّين إياس الشَمْسِي من دمشقَ إلى طرابُلُس وجُعِلَ أميرًا هُناك، وعُزِلَ من ولايةِ الشَّدِّ بدمشق
(1)
.
4111 -
وفي يوم السَّبْت حادي عَشَر ذي الحِجّة تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ سيْفُ الدِّين بهادُر
(2)
الشَمْسِي بقَلْعةِ دمشق، ودُفِنَ بسَطْح المِزّة تحتَ تُرْبة المَسْعودي، وكانَ موتُه فُجاءةً. وكانَ أميرًا ثم إنَّهُ تَرَك الإمْرةَ ولَبِسَ زِيّ الفُقَراء مدّةً، ثم أُعيدَ إلى الإمْرةِ ووَلِيَ نيابةَ القَلْعةِ المَنْصورةِ بدمشق إلى أن تُوفِّي بها.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 291، وأعيان العصر 2/ 53، والسلوك 3/ 11، والدرر الكامنة 2/ 37، والنجوم الزاهرة 9/ 244.
ووَلِيَ بعده في نيابة السَّلْطنة بالقَلْعة الأمير الكبير عَلَم الدِّين سَنْجَر الدَّميثري، ووَصلَ من القاهرةِ على البَرِيد بعد أيام يسيرة في العِشْرين من الشَّهْر وخُلِعَ عليه.
• - وفي يوم الأحد الثاني عَشَر من ذي الحِجّة وصلَ إلى دمشقَ نائبُ السَّلْطنة بها الأميرُ سيْفُ الدِّين تَنْكَز - أعزّه الله تعالى - وكانَ تَوجَّه إلى البلاد القِبْليّة بسبب التَّصَيُّد وغابَ عن دمشق شَهْرًا وثلاثة أيام.
• - وفي يوم الجُمُعة السّابع عَشَر من ذي الحِجّة أُقيمت الجُمُعة بالجامع الذي أمرَ بعمارته الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين ناظرُ دمشق، وأنفقَ عليه جُملةً من المال، تَقَبَّلَ الله منه، وهو ظاهرُ دمشقَ خارج الباب الشَّرقي جوار قَبْر ضِرار بن الأزْوَر، رضي الله عنه، وخَطَبَ الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئ شَمْسُ الدِّين مُحمد البُدَيْوِي، المَعْروف بالنَّيْرَبانيِّ، وحَضَر في هذا اليوم جَماعةٌ من القُضاةِ والعُلماءِ وأعيانِ الدَّولة
(1)
.
4112 -
وفي ليلة الأحد التاسع عَشَر من ذي الحِجّة قُتِلَ جمالُ الدِّين يوسُفُ
(2)
ابنُ فَخْر الدِّين موسَى بن سُلَيْمان الكَرَكيُّ، المَعْروف بابن سُتَيْت الكاتب، ظاهر دمشق، ودُفِنَ بالصّالحية، وأُصيبت به والدتُه.
وكانَ سمِعَ بقراءتي على شَيْخنا تاج الدِّين الفَزَاريّ.
• - وفي يوم الاثنين العِشْرين من ذي الحِجّة باشَرَ الشَّيخُ الإمامُ شمْسُ الدِّين مُحمد بن أحمد بن عُثمان الذَّهَبيُّ مَشْيخَة الحَديث بالتُّربةِ الصّالحيةِ بدمشق، عِوَضًا عن الشَّيخ كمال الدِّين ابن الشَّرِيشيّ، وذَكَرَ دَرْسًا، وحَضَرَ عنده جماعةٌ
(3)
.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 134.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أخيه علي في وفيات سنة 700 هـ.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 135.
• - وفي يوم الثُّلاثاء الحادي والعِشْرين من ذي الحِجّة عُقِدَ مَجْلس بدار السَّعادة حَضَرَهُ القُضاة والفُقَهاء، وأُحضِرَ الفَقِيه زَيْن الدِّين عبدُ الرَّحمن بن عُبَيْدان البَعْلَبَكيُّ الحَنْبليُّ، وأُحضِر خَطُّه بأنّه رأى الحَقَّ سُبحانه وشاهدَ المَلَكُوت الأعلى، ورأى الفِرْدَوس، ورُفِعَ إلى فَوْق العَرْش، وسَمِعَ الخطابَ، وقيل له: قد وهبتُكَ حال الشَّيخ عبد القادِر، وأنَّ اللهَ تعالى أخذَ شيئًا كالرِّداء من الشَّيخ عبد القادِر فوضَعَهُ عليه، وأنّهُ سَقاهُ ثلاثة أشْربةٍ مختلفة الألْوان، وأنَّه قَعَدَ بين يدي اللَّه عز وجل مع مُحمد وإبراهيم ومُوسى وعيسى والخَضِر صَلَّى اللهُ عليهم وسَلَّم. وقيل له: إنَّ هذا مكانٌ ما تَجَاوَزَه وليٌّ قطّ. وقيل له: إنّك تَبْقَى قُطْبًا عِشْرين سنة. وذكرَ أشياء أُخَر، فاعترفَ أنّه خطّه، فأُنكِرَ ذلك عليه، فبادَرَ وجَدَّد إسلامَهُ، وحَكَمَ قاضي القُضاة الشّافعيّ بحَقْنِ دَمِه، وأمر بتَعْزِيرِه، فعُزِّر في البَلَد وحُبِسَ أيامًا، ثم أُخْرِجَ.
وكانَ قد أُذِنَ له في الفَتْوَى وعُقُود الأنكحة، فمُنِعَ من ذلك
(1)
.
• - وفي يوم الأربعاء الثاني والعِشْرين من ذي الحِجّة باشرَ الشَّيخُ بَدْرُ الدِّين مُحمد بنُ أحمد بن بَصْخان مشيخةَ الإقراء بالتُّربة الصّالحية، عِوَضًا عن الشَّيخ مَجْد الدِّين التُّونِسِي، وذكرَ دَرْسًا وحَضَرَ عنده جماعةٌ وباشرَ قبلَهُ بأيام الشَّيخ مُحمدُ بنُ خَرُوف المَوْصليُّ مَشيخةَ الإقراء بالتُّربة الأشْرَفية، عِوَضًا عن مَجْد الدِّين التُّونِسِيّ
(2)
.
4113 -
وفي ليلة الخَمِيس العِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ مُحيي الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الإمام صَدْرِ الدِّين إبراهيمَ
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 135.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 135.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 25، والدرر الكامنة 1/ 92.
ابن الشَّيخ مُحيي الدِّين أحمدَ بن عُقْبة بن هبة الله بن عَطاء بن ياسين البُصْرَويّ الحَنَفيُّ، بالمَدْرسة الرُّكْنِية بسَفْح قاسيون، وصُلِّي عليه ظُهْر الخَمِيس بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ عند والدِه.
ومولدُه في أوائل سنة ثلاثين وست مئة. سمعتُ ذلك منه.
وسَمِعَ من الفقيه مُحمد خَطيب مَرْدا، ورَوَى لنا عنه. وكانَ فقيهًا، كثيرَ النَّقْل للمَذْهب، مُفتيًا مُدَرِّسًا، وَلِيَ تَدْريس الرُّكْنية بعد موت والدِه، واستمرَّ بها إلى أن ماتَ.
• - وفي يوم الخَمِيس الثالث والعِشْرين من ذي الحِجّة باشرَ الشَّيخُ الإمامُ الحافظُ جمالُ الدِّين المِزّي مشيخةَ دار الحَديث الأشْرَفية بدمشق، عِوَضًا عن الشَّيخ كمالِ الدِّين ابن الشَّرِيشي، رحمه الله
(1)
.
4114 -
وفي يوم الجُمُعة الرّابع والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ نَجْمُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ
(2)
بنُ يحيى بن أحمدَ بنِ طيّء بن عليّ البَعْلَبَكيُّ، بها، ودُفِنَ من يومِه بمقبَرة باب سَطْحا.
ومولدُه في ثاني عَشَر ربيع الأول سنة ثمانٍ وعِشْرين وست مئة ببَعْلَبك.
وكانَ أحدَ العُدُول ببلدِهِ، ووَلِيَ وكالةَ بَيْت المال به مدّةً طويلةً.
سمِعَ الحَديثَ من الشَّيخ المُحَدِّث تَقِيِّ الدِّين سُلَيْمان بن إبراهيم بن هبة الله بن رَحْمة الإسْعِردي، ورَوَى لنا عنه. وسَمِعَ أيضًا من عبد الرَّحيم بن القناري.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 135.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 110.
4115 -
وفي ليلة السَّبْت الثامن عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ المُحَدِّثُ الزّاهدُ جمالُ الدِّين أبو مُحمد رافعُ
(1)
بنُ هِجْرس بن مُحمد بن شافِع السَّلّامي الصُّمَيديّ، بالقاهرة، ودُفِنَ يوم السَّبْت قبل الظُّهْر.
وكانَ فقيهًا، مُحَدِّثًا، صالحًا، مَعْروفًا بالدِّيانة والاشتغال بالعِلْم، وكانَ مُقِيمًا بدمشقَ مع إخوتِه، وسَمِعَ من الشَّيخ شَمْس الدِّين، وفَخْر الدِّين ابن البُخاري، وابنِ الصّابُونيّ، وجماعة. ثم إنّه انتقلَ إلى القاهرةِ وأقامَ بها أكثرَ من ثلاثين سنة، وسَمِعَ بها الكثير، ورَحَلَ إلى الإسكندرية، وصارَ من قُرّاء الحَديثِ المَشْهورين، وتَزَوَّجَ ووُلدَ له، ثم قَدِمَ علينا دمشقَ زائرًا لأهلِه في سنة أربع عشرة وسَبْع مئة، فأقامَ شَهْرًا، وأسمعَ ولدَهُ "صحيح البُخاري". وقَرأ هو على الشَّيخ جمال الدِّين المِزَّي كتابَهُ "تهذيب الكَمال"
(2)
، ثم عادَ إلى القاهرةِ واستمرَّ بها إلى أن ماتَ. وكانَ حجَّ من القاهرة، وسَمِعَ بالحِجاز الشَّريف.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 157، والمعجم المختص، ص 98، والوافي بالوفيات 14/ 71، وأعيان العصر 2/ 364، وغاية النهاية 1/ 282، والدرر الكامنة 2/ 233، والمنهل الصافي 5/ 340، والدليل الشافي 1/ 303. وابنه محمد هو صاحب كتاب "الوفيات" الذي ذيّل به على هذا الكتاب، وتوفي سنة 774 هـ.
(2)
وصلت إلينا أجزاء كثيرة من "تهذيب الكمال" بخط مؤلفه المزي، وفيها طباق السماعات، وثبت المزي خطه بسماع جمال الدين رافع وولده محمد في نهاية كل جزء من أجزاء الكتاب مع جماعة آخرين، وكان القارئ هو الشيخ رافع هذا، وفيما يأتي نص سماع الأجزاء 61 - 63، من التهذيب:"سمع هذا الجزء والجزءين قبله علي بقراءة الإمام جمال الدين أبي محمد رافع بن أبي محمد بن محمد بن شافع السَّلّامي ابنه محمد، وعلاء الدين طيبرس بن عبد الله الفاروخي، وأولادي محمد وزينب وابن أخيهما عمر بن عبد الرحمن وأخته خديجة وأمهما فاطمة بنت محمد بن عبد الخالق وبنت خالهم خديجة بنت محمد بن إبراهيم بن صديق وأختها آسية، وصح ذلك يوم الأحد العاشر من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وست مئة. وكتب مصنّفه يوسف المزي".
4116 -
وفي ليلة الجُمُعة السّابع عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي القاضي العالمُ الفاضلُ الصَّدْر جمالُ الدِّين أبو بكر
(1)
بنُ إبراهيم بن حَيْدَرة بن عليّ بن حَيْدَرة بن عليّ بن عَقِيل القُرَشِيُّ، المَعْروف بابن القَمّاح، بالقاهرة، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة الصُّغْرَى.
ومولدُه في العَشْر الأُول من رَبِيع الآخِر سنة سَبْع وثلاثين وست مئة بالقاهرة، بعد مَوْت والدِه بأسبوع.
واشْتَغلَ بالفِقْه على الشَّيخ عِزِّ الدِّين ابن عبد السَّلام وعَرَضَ عليه كتاب "التَّنْبيه"، ثم اشتَغلَ بعده على السَّدِيد التَّزْمَنتي، وغيره، وقَرأ الفرائض. وله شِعْرٌ كثيرٌ، وجاوَرَ بمكّةَ سنة، ووَلِيَ عدّة ولايات من جِهات الكِتابة بالقاهرة وأعمالِها وبلاد الشام، وقَدِمَ علينا في المُحَرَّم سنة اثنتي عَشْرَة وسَبْع مئة مدينة دمشق مُتَوجِّهًا إلى حَلَبَ متولِّيًا بها وكالة بَيْت المال.
وقرأتُ عليه "الأربعين الصُّغْرى" للبَيْهقي، بسماعِه من الشَّيخ شَرَف الدِّين ابن أبي الفَضْل المُرْسِي، عن أبي رَوْح.
وهو عَمّ القاضي شَمْس الدِّين مُحمد ابن القاضي عَلَم الدِّين أحمد بن إبراهيم بن القَمّاح نائب الحُكْم بالقاهرةِ المَحْروسة.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 35، والسلوك 3/ 9، والدرر الكامنة 1/ 521، وفيه وفاته سنة 728 هـ.
سنة تسع عشرة وسبع مئة
المُحَرَّم
• - في أول ليلةٍ من المُحَرَّم حَصَلَ بدمشق هواءٌ شديدٌ مُزْعجٌ سَقَطَت منه حِيطان كثيرة من طَبلات الأسْطِحة وغيرِها، وتَكسَّرت أشجارٌ كثيرة، ووَجِلَ النّاسُ لذلك، ولَطَفَ اللهُ سبحانه
(1)
.
4117 -
وفي يوم الأربعاء السّادس من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(2)
بنُ عُثمان بنِ عبدِ الرَّحمن العَنَابُوسيُّ، النّابلسيُّ، المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، بسَفْح جَبَل قاسيون، وصُلِّي عليه عَقِيب ظُهْر الأربعاء، ودُفِنَ هناك.
ومولدُه تقريبًا سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، ونَسَخَ كثيرًا بخَطِّه، وله اشتغالٌ بالعِلْم، وفيه مروءةٌ وديانةٌ وانقطاعٌ، وعِزّةُ نَفْس، ومَحَبّةٌ للحَديث وأهلِهِ. سمِعَ من الشَّيخ شَمْسِ الدِّين ابن أبي عُمر، وابن البُخاريّ، وابن شَيْبان، وجماعة من شيوخِنا. وحَدَّث بـ "فضائل فاطمة" عليها السلام، لابنِ شاهين بخُلَيْص بين الحَرَمين الشَّرِيفين، سَمِعَهُ منه ابني مُحمد، رحمه الله، وكانَ صاحبُنا ويَقْصد الاجتماع بنا بطريق الحِجاز، رحمهُ اللهُ تعالى.
• - وفي يوم الأحد السّابع عَشَر من المُحَرَّم باشرَ الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ الخَطيبُ نَجْمُ الدِّين عليّ ابن الشَّيخ عمادِ الدِّين داود بن يحيى بن كامل القُرَشيُّ البُصْرويُّ الحَنَفيُّ، المَعْروف بالقِحْفَازيِّ التَّدريسَ بالمَدْرسةِ الرُّكْنية
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 295، والبداية والنهاية 16/ 140، والسلوك 3/ 15.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 125.
بسَفْح قاسيون، عِوَضًا عن الشَّيخ مُحيي الدِّين أحمد بن عُقْبة الحَنَفيِّ، وحَضَرَ عنده القُضاة وأعيانُ المدرِّسين، واستمرَّ بها مدّةً، ثم اطَّلعَ على شروطِ واقفها من السَّكَن فيها والإمامة بها، فتَرَكها من غير عِوَض، ولم يأخذ من الجامكية على التَّدْريس بها شيئًا، وبقيت مدّةً خاليةً عن مدرِّس
(1)
.
4118 -
وفي ليلة الجُمُعة الثاني والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ المُقْرئُ المُسْنِدُ الأصيلُ نَجْمُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحيم
(2)
ابنُ الشَّيخ المُحَدِّثِ مُحيي الدِّين أبي زكريّا يحيى بن عبد الرَّحيم بن المُفَرِّج بن عليّ بن المُفَرِّج بن عَمْرو بن الخَضِر بن مُحمد بن الحَسَن بن مَسْلَمة الأمويُّ الدِّمشقيُّ، بدَرْب الحَبّالين بدمشقَ، ودُفِنَ ضُحَى نهار الجُمُعة بمقبَرة الباب الصَّغير في قَبْرٍ كانَ اشتراه لنفسِة بأربعين دِرْهمًا.
ومولدُه يوم الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من رَمَضان سنة اثنتين وأربعين وست مئة، بحارة قُطامش بدار ابن الحُبُوبي بدمشق.
حَفِظَ القُرآن العَظيم على الصَّلاح الفارسيّ، وكَمَّلَهُ على الشَّيخ مُحمد الحَوْرانيّ إمام مَشْهد أبي بَكْر، رضي الله عنه، وتَعَلَّم صَنْعة الكوافي وارتزقَ
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 171، وذيل العبر، ص 106، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 391، والوافي بالوفيات 18/ 398، وأعيان العصر 3/ 61، وذيل التقييد 2/ 112، والدرر الكامنة 3/ 158، وشذرات الذهب 8/ 94.
(2)
الخبر في ترجمة نجم الدين القحفازي هذا، وبقي هذا الشيخ إلى سنة 745 هـ حيث توفي في رجب منها، وترجمته في وفيات ابن رافع 1/ 493، والتعليق عليها، ونقل جل ترجمته في معجم شيوخ المؤلف البرزالي، فقال:"سمع منه البرزالي وذكره في معجمه فقال: اشتغل وحَصّل وتميز في الفقه والعربية وغيرهما. وله ذهن جيّد، ومناظرة صحيحة، وهو ملازم للإقراء بالجامع، وله شعر جيد. وسمع معي بطريق الحجاز سنة ثمان وثمانين وست مئة، وولي خطابة جامع تنكز، وهو أول من خطب فيه، ودرّس بالركنية بالجبل مدة، ثم تركها؛ لأنه اطلع على أنَّ من شروط واقفها على المدرس السكن بها. . . إلخ".
منها مدّةً، ثم ضَعُف عنها وصارَ يقرأ على القُبُور عند الدَّفْنَ والأعزية، وكانَ يقرأ على قُبُور معيَّنة بباب الصَّغير في أيام من الأسبوع ويحصل له بذلك بلغة، وكانَ مُلازمًا لتِلاوة القُرآن.
سَمِعَ بإفادة والده من عمِّ والدِه الرَّشِيد أبي العبّاس أحمد بن المُفَرِّج بن مَسْلَمة، والسَّديد أبي مُحمد مَكّي بن عَلّان، ومُحمد بن عبد الهادي، والصَّدْر البَكْريّ، وابنِ عبدِ الدّائم، وجماعة. وحَضَرَ على الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخاويّ، وعَتِيق السَّلْماني، وعُمر بن البَرَاذعِيِّ. وأجازَ له إبراهيمُ بنُ الخَيِّر، ومُحمدُ بن المَنِّي، والأعز بنُ العُلِّيق، وابنُ القُمَيْرة، وأخوه أحمد، وموهوب بنُ الجَوَاليقيِّ، وجماعةٌ من بغدادَ، وغيرِها. وكانَ أبوه من طَلَبة الحَديث، سَمِعَ ورَحلَ وكَتبَ، ثم انقطعَ عن ذلك، ودَخلَ في جهات الكِتابة.
وخَرَّجْتُ للشَّيخ نَجْم الدِّين المَذْكور مَشْيخةً عن ثلاثين شَيْخًا وقرأتُها عليه بجامع دمشق، وسَمِعَها جماعةٌ. وأسمعَ وأجازَ قديمًا، رأيتُ خَطّه في استجازة في سنة إحدى وسَبْعين وست مئة.
• - وفي يوم الثُّلاثاء السّادس والعِشْرين من المُحَرَّم وَصلَ توقيعٌ سُلْطانيّ ووكالة شرِيفة من مَوْلانا السُّلْطان بتوليةِ القاضِي جَمال الدِّين وَلَد المَوْلَى شرَف الدِّين ابن القَلانِسيّ وكالةَ بَيْت المال المَعْمُور بدمشقَ وأعمالها، وخُلِعَ عليه يوم الخَمِيس الثامن والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور، وحَضرَ مَجْلس الحُكْم بالجامع يوم الجُمُعة وعليه الخِلْعة السُّلْطانية، وسمِعَ الدَّعْوى عن بيت المال عِوَضًا عن الشَّيخ كمال بن الشَّرِيشيّ، رحمهُ اللهُ تعالى
(1)
.
• - وفي يوم الخَمِيس الثامن والعِشْرين من المُحَرَّم وَصلَ إلى دمشقَ الرَّكْبُ الشّاميُّ، والمَحْمل السُّلْطانيُّ من الحِجاز الشَّريف، وأميرُ الحاجّ الأميرُ
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 140، والسلوك 3/ 15.
علاءُ الدِّين ابن مَعْبَد، والقاضي قاضِي القُضاة زينُ الدِّين الحاكم بحَلَب. ومن الحُجّاج الشَّيخ بُرْهان الدِّين ولد الشَّيخ تاج الدِّين الفَزَاريُّ الشّافعيُّ، والقاضِي بَدْر الدِّين ابن العَطّار، وصلاح الدِّين ابنُ قُطْب الدِّين ابن شيخ السلامية.
قال عزُّ الدِّين الإرْبِليّ: وأخبَرنا جماعةٌ من أصحابِنا من حُجّاج الشّام والعِراق قالوا: وَردَ في هذه السَّنة حاجُّ العِراق في تَجَمُّل وحِشْمة، وكانَ فيه من الأعيان جماعة مَشْهورون، منهم الشَّيخ شرَفُ الدِّين ابن الشَّيخ عَدِيّ - قدَّسَ اللهُ رُوحَه - والحاجي يُولاواج نائبُ السَّلْطنة بالعِراق، ووَصلَ على يدِه حَلْقتان من ذَهَب مُرصَّعَتان باللؤلؤ والبَلَخْش
(1)
، كل حَلْقة وزنُها ألف مِثْقال، وفي كُلِّ حَلْقة ستّ لؤلؤات فاخِرات، وبينها ستّ قِطَع بَلَخْش فاخِر، وأرادَ أن يعلّقها بباب الكَعْبة، فمنَعَهُ من ذلك أميرُ الرَّكْب المِصْري، وقال: هذا لا يُمْكن إلا بإذنٍ من مولانا السُّلْطان - خَلّد الله مُلْكه - فقال الحاجّي يُولاواج: هذه الحَلْقتان نذْرٌ كانَ نَذَرَهُ الوزير عليّ شاه وزير أبي سَعِيد بن خَرْبَنْدا بأنّه مَتَى ظَفَر بخواجا رَشِيد الدَّولة وقتلَهُ أن يُعلِّق على باب الكَعْبة حَلْقَتين من ذَهَب مُرَصَّعات بالجَوْهر. فقيل: إنّهم أذِنوا له في تَعْلِيقهما زَمَنًا قليلًا، ثم رَفَعُوهما.
• - وأخبَرنا بعضُ حُجّاج الشّام بأنَّ أميرَ الرَّكْبِ المِصْريّ قَبضَ على الأميرِ رُمَيْثَة بنِ أبي نُمَيّ أميرِ مكّةَ يوم الثُّلاثاء رابع عَشَر ذي الحِجّة سنة ثمان عَشْرة بعد انقضاء أيام التَّشْريق، وحُمِلَ إلى مِصْر تحت الاحتياط. فلما وَصلَ أكرمَهُ السُّلْطان، وأجرَى عليه في كُلِّ شَهْر ألفَ دِرْهم، فبَقِيَ كذلك مُكَرَّمًا
(1)
البَلَخْش: ياقوت وردي اللون، واللفظة مشتقة من بلخشان التي تستعمل كثيرًا لتدل على ولاية بدخشان، وفي ابن البيطار: الياقوت البدخشي، والعامة يقولون: البَلَخْش (تكملة المعاجم لدوزي 1/ 419).
نحو أربعة شُهور، وهَرَبَ من القاهرةِ إلى الحِجاز، وعَلِمَ السُّلْطان بهزيمتِه في اليوم الثاني، فكَتبَ إلى شيخ آل الحارث يقول له: هذا هَرَبَ على بلادك مُعتمدًا عليكَ ولا أعرفه إلّا منكَ. فركبَ شيخ آل الحارث الهُجُن السُّبَّق، وسارَ خَلْفه مُجِدًّا، فأدركَهُ نائمًا تحتَ عَقَبَة أيْلة، فجلسَ عند رأسِه وقال له: اجلس يا أسودَ الوَجْه. فانتبهَ رُمَيْثَة وقال: صَدَقْتَ والله لو لم أكُن أسودَ الوَجْه ما نِمْتُ هذه النَّومة المشؤومة حتَّى أدركتَنِي، فقبضَ عليه وحَمَلَه إلى حَضْرةِ السُّلْطان فألقاهُ في السِّجْن وضَيَّقَ عليه، فقيل لنا: إنَّه وقعَ برَمي الدَّم. وكانَ قَبَضَ عليه شيخُ آل الحارث في جُمادى الأولى سنة تِسْع عَشْرة
(1)
.
صَفَر
• - في مُسْتَهلّ صَفَر عزل القاضي شَمْس الدِّين ابن العزّ الحَنَفيّ نَفْسَهُ عن مباشرة الحُكْم بدمشق، بسبب أنَّ نائبَ السَّلْطنة عاتَبَهُ على تعزير جُنْديّ، وأغلظَ له في الكلام. ثم إنَّ الصّاحبَ شَمْس الدِّين استرضاهُ وباشرَ في الثّالث عَشَر من الشَّهْر المَذْكور.
• - وفي يوم الأربعاء الخامس من صَفَر ذكرَ الدَّرْسَ بالمَدْرسة النّاصرية بدمشقَ قاضي القُضاه نَجْم الدِّين ابن صَصْرَى الشِّافعيُّ، وحَضرَ عنده القُضاة والعُلماءُ والفُقهاءُ عِوَضًا عن الشَّيخ كمال الدِّين ابن الشَّرِيشيّ
(2)
.
• - وفي يوم الاثنين عاشر صَفَر باشرَ شَدَّ الدَّواوين بدمشقَ الأميرُ جمالُ الدِّين آقُش الرَّحَبيُّ، عِوَضًا عن فَخْر الدِّين إياس الشَّمْسِيّ، وانصرفَ بذلك عن ولاية البَلَد، وكانَ مباشِرًا لها من شَهْر ذي القَعْدة سنة سَبْع وسَبْع مئة،
(1)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 85، ونهاية الأرب 32/ 295 - 296، والسلوك 3/ 16.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 140.
وصُرِفَ عنها في رَمَضان سنة تسع وسَبْع مئة عَشَرة أيام، ثم أُعيدَ. وكانَ مَشْكورَ السِّيرةِ في الولاية.
وباشرَ مكانَهُ في الولايةِ بدمشقَ الأميرُ عَلَمُ الدِّين الطّرقشي السّاكن بالعُقَيْبة
(1)
.
• - وفي العاشر من صَفَر نُودِيَ بدمشقَ بالصِّيام لأجل الخُرُوج إلى الاستسقاء، وقُرئ "صحيحُ البُخاري" بالجامع تحت النَّسْر في سَبْعة أيام، ودَعَا النّاس عَقِيب الصَّلوات، واستَسْقَى الخَطيبُ في خُطَب الجُمَع مرّات، وكذلك الخُطباء، وبعد ذلك خرجَ النّاس للاستسقاء العامّ إلى قَرِيب مَسْجد القَدَم قِبْليّ البَلَد في يوم السَّبْت مُنْتَصف صَفَر، وهو سابع نَيْسان. وكانَ يومًا عَظِيمًا حافِلًا، حضرَهُ خَلْقٌ عظيمٌ، وصَلَّى وخَطبَ بالنّاسِ الشَّيخُ الإمامُ القاضي الخَطِيبُ الصّالحُ الزّاهدُ صدرُ الدِّين سُلَيْمان الجَعْفَريُّ، وتَبَرَّك النّاسُ به وأمَّنُوا على دُعائه. وخرجَ نائبُ السَّلْطنة والأمراء والأكابر مُشاةً إلى المَوْضع المَذْكور خاضِعِين لله تعالى طالبينَ رضاه ورحمتَهُ، فمَنَّ اللهُ تعالى بوقوع المَطَر في يوم الأحد ثاني يوم الاستسقاء، وفي يوم الاثنين ثالثه، وَصلَت الأخبارُ بوقوع المَطَر في البِلاد وحَصَلَ خَيرٌ كثيرٌ بفضل الله تعالى
(2)
.
4119 -
وفي يوم السَّبْت الخامس عَشَر من صَفَر تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(3)
ابنُ القاضي ناصِر الدِّين ناصِر الزُّرَعيُّ، قاضِي نابُلُس، بها.
وكانَ شابًّا، فَقِيهًا، فاضِلًا، حَسَنَ السِّيرة، ووجدَ عليه أبوهُ ولازمَ قَبْرَه بُكْرةً وعَشِيّة، وحجَّ في سنتِه.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 141.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 296، والبداية والنهاية 16/ 141، والسلوك 3/ 15.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه سنة 728 هـ، وترجمته في أعيان العصر 5/ 495.
4120 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الخامس والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ الأديبُ الفاضلُ الصَّدْرُ تَقِيُّ الدِّين أبو مُحمد حمزة
(1)
ابنُ الشَّيخ جمالِ الدِّين عُمر بن أبي بَكْر بن محمود بن مَسْعود المَجْدَلِيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، بالعُقَيْبة ظاهر دمشق، ودُفِنَ من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربة الشَّيخ أبي عُمر بن قُدامة.
ومولدُه بدمشقَ في شَهْر رَمَضان سنة خَمْسين وست مئة.
وكانَ اشْتغلَ بالأدبِ وحَفِظَ، وقرأ على الشُّيوخ، ولازمَ ابنَ الظَّهِير، وأجادَ الخَطَّ المَنْسوب، ونسخَ بخطِّهِ قطعةً صالحةً، وسمِعَ من ابن عبد الدّائم، ولازمَ الشَّيخَ شَمْسَ الدِّين الحَنْبليّ، وكتبَ عنه من مَسْموعاته، وصاهَرَه، وخَدَمَ الأميرَ عَلَمَ الدِّين الدَّواداري مدّةً، وكَتبَ له. وكانَ يُنشئ ويَتَرَسَّل. وفي آخر عُمُره خَدَم عند المَلِك الكامِل، وكانَ قبله عندَ المَلِك الأوحد ابن الزّاهر، وحَصلَت له أمراض، وكانَ يَتَصرَّف ولم يَنْقطع سِوَى يوم واحد، رحمهُ اللهُ تعالى.
4121 -
وفي السّابع والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّيخُ المُقْرئُ الصّالحُ كمالُ الدِّين إبراهيمُ
(2)
بنُ مُحمد بن سَوّار
(3)
الرُّوميُّ، إمام مَسْجد الحَدّادين، ودُفِنَ بمقابر باب كَيْسان.
وكانَ شيخًا عاشَ خَمْسًا وثمانين سنة، ومولدُه بحَلَب، وأسرَه التَّتارُ منها، ثم إنّهُ خَلص وأقامَ بالرُّوم بقَيْسارية ثلاثين سنة، وتزوَّجَ ورُزِقَ الأولاد هُناك، ثم رجعَ إلى البلاد فأقامَ بحَلَب، وخَطَب بقريةِ المَلُّوحَة
(4)
مدّةً قليلةً، ثم انتقلَ إلى دمشقَ وأقامَ بها نحو ثلاثين سنة، ولقَّنَ القُرآن مُعْظَم عُمُره.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 195.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
الضبط من الأصل.
(4)
قال ياقوت: بالفتح ثم تشديد اللام وضَمّها وحاء مهملة، قرية كبيرة من قرى حلب (معجم البلدان 5/ 195).
4122 -
وفي صَفَر تُوفِّي الأميرُ جمالُ الدِّين آقوش
(1)
الأرْجُواشيّ. وكانَ قد وَلِيَ أستاذ داريّة نائب السَّلْطنة بدمشق.
4123 -
وعلاءُ الدِّين عليُّ
(2)
ابنُ جَمالِ الدِّين يوسُف أخي الصّاحب تَقِيِّ الدِّين تَوْبة البَيِّع.
وكانَ من الأجناد المَعْروفين.
4124 -
وناصرُ الدِّين مُحمد
(3)
، وَلَد جمال الدِّين آقُش الجُلُبّانِيُّ البَرِيديُّ، السّاكنُ بالصّالحية، وأصيبَ به والدُه، ولم يكن له وَلَد ذَكَرٌ سِواه.
وكانَ رفيقَنا في الحجّ، وسَمِعَ بقراءتي باللَّجون.
وهو سِبْط شَيْخِنا شَمْس الدِّين ابن الزَّيْن، رحمه الله.
• - وفي أواخر صَفَر تَوجَّه الأميرُ سَيْفُ الدِّين البَدْريُّ إلى نِيابةِ السَّلْطنة بحِمْص، عِوَضًا عن الأميرِ بَدْر الدِّين القَرَمانيِّ، ووَصلَ القَرَمانيُّ إلى دمشقَ بعد ذلك بأسبوع في ليلة الخَمِيس رابع ربيع الأول.
4125 -
وفي يوم الخَمِيس السّابع والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الشَّريفُ المُحَدِّثُ الزّاهدُ أبو عبد الله مُحمدُ
(4)
بنُ مُحمد بن عبد الرَّحمن الحُسَينيُّ الفاسيُّ، وصُلِّي عليه في اليوم المَذْكور بجامع مِصْر العَتِيق، ودُفِنَ بالقَرَافة.
وكانَ قَدِمَ في هذه السَّنة مع الحُجّاج إلى مِصْر فتُوفِّي بها. وكانَ رَجُلًا صالحًا، مُحَدِّثًا، مُعْتَنيًا بالحَديثِ والرِّواية وتسميع أولاده.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أخيه تقي الدين توبة في جمادى الآخرة سنة 698 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
ترجمته في: ذيل التقييد 1/ 229، والعقد الثمين 2/ 298 - 312، وهي ترجمة رائقة، والدرر الكامنة 5/ 445.
• - وفي اليوم التاسع والعِشْرين من صَفَر وقعَ الابتداءُ في جَلْي رُخام حِيْطان الجامع الأمويّ بدمشق، فجَلَوا جَمِيع الرُّخام الذقي على الحِيطان وعلى العضائد، وجَلَوا جميعَ النُّقوش المَنْقوشة على الحِيطان الدّاخلة والخارجة، وجَلَوا الأبوابَ النُّحاس، وجَدَّدوا على أبواب الجامع نُقُوشًا وكتابات كانت قد إمَّحَت وتَغَيَّرت، وجَدَّدوا ثلاثة عَشَر ضِلْعًا من أضلاع قُبّة النَّسْر الخَشَب، وأداروا أيديهم في إصْلاح الرُّخام المُكَسَّر، وإلى غير ذلك.
قال بعضُ كُتّاب العَمائر: وقد بَلَغت الغَرامة على هذا العَمَل إلى سَلْخ شَعْبان من السَّنة أكثر من عَشَرة آلاف دِرْهم، وما تَمَّ المَقْصود من الإصلاحات جَمِيعها
(1)
.
• - وفي أول صَفَر المَذْكور جَمَعَ الشَّريفُ جلال الدِّين الأعناكيُّ نائبُ الحِسْبة بدمشق المنَجّمين، ونَهاهُم أن يَكْتُبوا على التقاويم النُّجومية أحكامًا، ولم يُسْمَع منه.
شَهْر ربيع الأول
4126 -
في ليلة السَّبْت السّادس من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الزّاهدُ المُقْرئُ بقيّةُ السَّلَف أمينُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن أبي الفَتْح الأنصاريُّ الخَيّاط المُلَقِّن، ودُفِنَ ظُهْر السَّبْت بمقبّرة الشَّيخ أبي عُمر.
وكانَ شَيْخًا صالحًا، مُباركًا، وعنده فَهْمٌ ومعرفةٌ، وكانَ مُقيمًا بتُربة الجَوْهريِّ بسَفْح قاسيون، ومُلازمًا الجُلوسَ في المَسْجدِ المُجاورِ لها للتِّلاوة والإقراء والاعتكاف.
وهو حَمْو الشَّيخ إبراهيم الرَّقِّيّ، رحمهُما اللهُ تعالى.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 141.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ ضَعُفَ بصرُه في أواخر عُمُره، وزادَ الضَّعْفُ، وكانت له هِمّةٌ وقيامٌ في الحَقِّ وإنكارُ المُنْكَرات.
4127 -
وفي ليلة الاثنين الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ كمالُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشيخ عِزِّ الدِّين مَحْفوظ بن مَعْتُوق، ابنُ البُزُوريِّ، البَغْداديُّ، بسَفْح جَبَل قاسيون، ودُفِنَ بتُربة والدِه هناك.
وكانَ رَجُلًا تاجِرًا، عاقِلًا، عنده سُكُون ودِيانة وفَضِيلة، ووعظَ بجامع دمشق غيرَ مرّة.
وهو أخو الشَّيخ نَجْم الدِّين ابن البُزُوري الواعظ لأبيه.
ماتَ وهو في عَشْر الأربعين لم يبلُغْها.
وسَمِعَ من شيخِنا ابن البُخاري "جُزءَ الأنْصاري" وغيرَهُ، ولم يُحَدِّث.
• - واجتمعَ القُضاةُ بدمشقَ على تَرْك الحُكْم، وطُوِيَت حُصُرُ الشُّهود في الخامس والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول بسبب قَضِيّة شَرْعية أُخْرِق فيها ببعضِ الشُّهود ورُسِّم عليهم، وخِيفَ عليهم من التَّعْزِير، وبَقِيَ الأمرُ على ذلك ثلاثة أيام، ثم عادَ الأمرُ إلى العادة بعدَ الاجتماع بنائبِ السَّلْطنة وتَعْظِيمه الشَّرعَ وعَتَبَه على الحُكّام إذْ لم يُعَرِّفوه بالواقعة، وحَصَلَ في نفسه شيءٌ من القُضاة بهذا السَّبب، ثم تَناقَصَ قليلًا قليلًا.
4128 -
وفي يوم الاثنين سَلْخ وبيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ ناصرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ أبي العبّاس أحمد بن أبي العِزّ بن محمود،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات صفر سنة 694 هـ، وترجمة أخيه نجم الدين يعقوب في وفيات سنة 702 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وله ذكر في تاريخ الإسلام 14/ 709، والسير 23/ 279، وأعيان العصر 1/ 175.
المَعْروف بابن الدِّماغ المِصْريُّ، ودُفِنَ من الغد يوم الثُّلاثاء مُسْتَهلّ ربيع الآخر بالقَرَافة.
سَمِعَ من سِبْط السِّلَفي ورَوَى عنه، وكانَ شيْخًا جاوزَ الثَّمانين.
نقلتُ وفاتَهُ من خَطِّ الشَّيخ فَخْر الدِّين النُّوَيريِّ المالكيِّ.
شَهْر ربيع الآخر
• - في يوم الخَمِيس الثالث من شَهْر ربيع الآخِر سافرَ من دمشقَ الصّاحب شَمْس الدِّين ناظر الدَّواوين بدمشقَ إلى القاهرة، وعادَ مُكَرَّمًا، ودخلَ دمشقَ في يوم الخَمِيس الرّابع والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
• - وفي يوم الأربعاء التاسع من شَهْر ربيع الآخِر وَصلَ من القاهرةِ إلى دمشقَ الشَّيخُ كمالُ الدِّين أبو القاسم أحمدُ ابنُ القاضي عِمادِ الدِّين، ابنُ الشِّيرازيِّ، وبيدِه توقيعٌ سُلطانيٌّ بتَدْريس المَدْرسة النّاصرية، عِوَضًا عن الشَّيخ كمال الدِّين ابن الشَّرِيشيّ، وذكرَ الدَّرْس بها في يوم الاثنين الرّابع عَشَر من الشَّهْر المَذْكور
(1)
.
4129 -
وفي ليلة السَّبْت الثاني عشر من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الفاضِلُ العَدْلُ فَخْرُ الدِّين عُثمانُ
(2)
بنُ داود بن مُحمد الشّافعيُّ، المَعْروف بالحَرِيريِّ، ودُفِنَ من الغد بمقابر باب تُوما.
وكانَ إمام مَسْجد بسُوَيقة باب تُوما، وفَقِيهًا بالمَدارس وأحد الشُّهود، واشتغلَ بالفِقْه، وكانَ من أصحاب القاضي شَرَف الدِّين ابن المَقْدسيّ، وباشرَ خَطابة المِزّة مدّة، وسَكَنها نيابةً عن ابن يُمْن.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 141.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 249.
• - وفي يوم السَّبْت الثاني عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر تَوجَّهَ الشَّيخُ الإمامُ شِهابُ الدِّين ابن المَجْد عبد الله الشّافعيُّ إلى القاهرة، ومعهُ ضياءُ الدِّين ابنُ الإسكندريِّ، وشهابُ الدِّين ابن المِهْتار على البَرِيد بمَرْسُوم سُلْطانيٍّ بسبب شَهادةٍ شَهِدُوها على الأمير سيْف الدِّين أسَنْدَمُر، رحمه الله، ورَجَعوا سالمينَ في خَيْرٍ وعافية، وكانت غَيْبتُهم مدّة شَهْرٍ وأيام.
• - ووَصلَ بَدْرُ الدِّين مُحمد وَلَد القاضي تاج الدِّين صالح الجَعْبَري من القاهرة، ومعه تَوْقيع بإمامة المِحْراب الغَرْبي بالكَلّاسة من جاع دمشق، فباشَرَ الصَّلاةَ فيه يوم الجُمُعة عَصْر النَّهار الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر عَقِيب صَلاة الخَطِيب.
4130 -
وفي ليلة الاثنين الرّابع عَشَر من شَهْر ربيع الآخَر تُوفِّي الشَّيخُ الخَطِيب المُعَمَّر شَمْسُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ أبي بَكْر بن رَجَب الرُّوميُّ الحَنَفيُّ الخَرْتَبِرْتيُّ، خَطِيب قَلْعة دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا جاوزَ التِّسعين، وكانَ بيدِه تَدْريس بجامع القَلْعة، فقُرِّر ولدُه في الخَطابة، ووَليَ الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ مُحيي الدِّين يحيى بن سُلَيْمان بن على الرُّومي، المَعْروف بالأسْمَر التَّدْريس المَذْكور، وباشَرَهُ في يوم الأحد العِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
4131 -
وفي ليلة السَّبْت التاسع عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ الأمينُ الأصيلُ علاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
ابنُ الشَّيخ العَدْلِ بَدْرِ الدِّين
(1)
ترجمته في: الجواهر المضية 1/ 62، والمنهل الصافي 1/ 227، وهو منسوب إلى "خرت برت"، التي ذكرها ياقوت في معجم البلدان 2/ 355، وقال: وهو اسم أرمني، وهو الحصن المعروف بحصن زياد الذي يجيء في أخبار بني حمدان في أقصى ديار بكر من بلاد الروم بينه وبين ملطية مسيرة يومين.
(2)
ترجمته في: ذيل التقييد 2/ 212.
مُحمد بن أبي بَكْر بن قاسم بن غَنِيمة الإرْبِليُّ التّاجرُ، وصُلِّي عليه ضُحَى نهار السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربةٍ جوار تُربة المُوَلَّهين.
ومولدُه في التاسع من المُحَرَّم سنة سبْع وأربعين وست مئة بدمشق.
وسَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من الرَّضِيّ ابن البُرْهان الواسطيّ بالقاهرة، وله إجازةٌ منه، ومن النَّجِيب عبد اللَّطيف الحَرّانيِّ، وإسماعيل بن عَزُّون، وتاج الدِّين القَسْطَلّانيِّ، وجماعة، وحَدَّث. وكانَ تاجرًا بقَيْسارية الشُّرُب، ثم صارَ سِمْسارًا، وكانَ مَقْصودًا لدينِه وعَقْلِه فانكسرَ وساعدَهُ النّاسُ على وفاءِ بعض الدَّيْن، وانقطعَ في بيتِه. ولم يَزَل على ذلك إلى أن ماتَ.
وهو ابنُ أخي شَيْخِنا أمين الدِّين القاسم بن أبي بَكْر الإرْبِليّ الذي سَمِعنا عليه "صحيحَ مُسلم" عن المؤيَّد الطُّوسيّ.
4132 -
وفي بُكْرة الأربعاء الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الشَّيخُ الأجَلُّ العَدْلُ شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عبد الله بن عُمر بن عِوَض بن خَلَف بن راجِح المَقْدسيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بتُربة الشَّيخ أبي عُمر بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في الثالث والعِشْرين من جُمادى الآخِرة سنة أربع وأربعين وست مئة بسَفْح قاسيون.
ويُعرَف بابن رُقيّة، وأمُّه رُقيّة بنتُ عبدِ المَلِك بن عبد المَلِك المَقْدسيِّ، أخت شَيْخِنا كمالِ الدِّين عبد الرَّحيم.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 203، والدرر الكامنة 5/ 225، وسقطت فيه معظم الترجمة ولم يبق إلا الاسم، وكأنها اختلطت بترجمة أخرى.
وسَمِعَ الحَديثَ من شمْسِ الدِّين مُحمد بن سَعْد المَقْدسيِّ، وإبراهيم بن خليل، وخَطيب مَرْدا، وإسماعيل العِراقي، وابن عبد الدّائم، وجماعةٍ. وأجازَ له عبدُ الرَّحمن بن مكّي سبْطُ السِّلَفيّ، والحافظ عبدُ العظيم المُنْذري، وجماعةٌ. ورَوَى الحَديثَ، وصارَ نَقِيبًا للقاضي الحَنْبلي مدّةً، وكانَ يشهدُ على القُضاة، ووَلِيَ الحِسْبةَ بالصّالحية إلى أن ماتَ. وكانَ مُتودِّدًا، حَسَنَ الخُلُق، فيه كَرَمٌ ومُروءة.
وكانَ له أخٌ من أبيه، وهو القاضِي عزُّ الدِّين عُمر، وَلِيَ قضاءَ الدِّيار المِصْرية هو وولدُه القاضي تَقِيُّ الدِّين أحمد.
وذكرَ لي أنّه دخلَ القاهرة في حياة الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن العِماد، وسَمِعَ بها الحَديث.
4133 -
وفي عَشِيّة الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّي الأميرُ سَعْدُ الدِّين مَسْعودُ
(1)
ابنُ الأمير بَدْرِ الدِّين قَرَاسُنْقُر الشَّشْنَكِير الرُّوميُّ، بظاهر دمشق، ودُفِنَ، ثم نُقلَ بعد ستّ ليالٍ إلى تُربةٍ له بالقُدْس الشَّريف.
وكانَ تَولَّى القُدْس مدّةً، وصارَ حاجبًا بدمشق.
وهو أخو الأمير سَيْف الدِّين قُطْلُوبك بن الشَّشْنَكِير.
4134 -
وفي يوم الثُّلاثاء التاسع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّيت أمُّ أحمد فاطمةُ
(2)
بنتُ الشَّيخ الأمين عِمادِ الدِّين أحمد بن مَنَعة بن مُطَرِّف بن طَرِيف القَنَويُّ، ثم الصّالحيُّ. وكانَ موتها ببستان الأعْسَر بالسَّهْم عند ولدها. ودُفِنَت يوم الأربعاء مُسْتَهلّ جُمادى الأولى بسَفْح قاسيون بتُربة المرادويِّين.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 428، والدرر الكامنة 1/ 113.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 104، والدرر الكامنة 4/ 260.
وكانت امرأةً صالحةً من بَيْت قوم صالحين.
ومولدُها بعد الأربعين وست مئة بقليل.
سمعَتْ من خَطِيب مَرْدا، ورَوَت عنه.
سَمِعْنا منها ومن والدِها.
جُمادى الأولى
4135 -
في ليلة الأحد الخامس من جُمادى الأولى تُوفِّيت الشَّيخةُ الأصيلةُ أمُّ مُحمد نَخْوَةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ الإمام زَيْن الدِّين مُحمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن عبد الواحد بن النَّصِيبيِّ الحَلَبِيِّ، بمدينة حَمَاة، وصُلِّي عليها ضَحْوة نهار الأحد بجامع السُّوق الأسْفل؛ تَقدَّم في الصَّلاة عليها قاضي القُضاة شَرَفُ الدِّين ابنُ البارزيّ، ودُفِنَت بتُربةِ بَنِي قُرْناص
(2)
ظاهر حَمَاة الشَّرقي.
ومولدُها في سنة أربع وثلاثين وست مئة بطريق الحِجاز الشَّريف في الرَّجْعة. كذا أخبرني ابنُ أخيها تاجُ الدِّين ابنُ النَّصِيبيّ.
وكانت امرأةً صالحةً، حاجّة، سَمِعَت من يوسُف بن خليل الحافظ، ورَوَت عنه، سَمِعَ منها جماعةٌ كبيرةٌ، وقَصَدها الطَّلبةُ، وكانت مقيمة بحَمَاة.
وهي زَوْجة الصَّدْر عزِّ الدِّين، عبد الرَّحمن بن قُرْناص ناظر الجَيْش بحَمَاة. ورَوَت أيضًا بدمشقَ وحَلَب.
(1)
ترجمتها في: ذيل العبر، ص 106، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 355، وذيل التقييد 2/ 395، والدرر الكامنة 6/ 155، وشذرات الذهب 8/ 96. وذكرها الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 164.
(2)
قيده السيد الزبيدي بضم القاف (تاج العروس 18/ 98).
4136 -
وفي بُكْرة الأحد ثاني عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي الفقيهُ إبراهيمُ
(1)
ابنُ الحاجّ عُمرَ بن عبد الواحد بن أبي الحجر الحَرّانيُّ، التّاجرُ أبوه، بسُوق البطائِن، ودُفِنَ ظُهْر الأحد بمقبَرة عاتكة ظاهر دمشق.
وكانَ شابًّا ابن اثنتين وعِشْرين سنة.
وحَفِظَ الكتاب العزيز، و"التَّنْبيه" في الفقه، و"الأحكام"، والفَرَائض، و"الشّاطبية" وغير ذلك، وقرأ بالرِّوايات على الشُّيوخ، وكانَ كثيرَ التكرار، ورُتِّب بالمَدَارس، ثم اقتصرَ على المَدْرسة الباذرائية، وماتَ وهو من فُقهائها. وسَمِعَ معنا كثيرًا، واستجازَ لنفسِه ولإخوتِه، وعَرَفَ شيوخَ الرِّواية، وكانت له هِمّةٌ.
• - وفي يوم الجُمُعة العاشر من جُمادى الأولى انصرفَ الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين الجَعْفَريُّ عن نِيابةِ الحُكْم بدمشق، عزلَهُ قاضي القُضاة نَجْمُ الدِّين، وبَقِيَ معزولًا نحو ثلاثة أشهر ثم أعادَهُ، وباشرَ في يوم الاثنين ثامن شَعْبان.
4137 -
وفي يوم الاثنين الثّالث عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الفاضلُ الفقيهُ المُقْرئُ شهابُ الدِّين أبو عبد الله الحُسَينُ
(2)
بنُ سُلَيْمان بن فَزَارة بن بَدْر الكَفْريُّ البُصْرَوي الحَنَفيُّ، بالمَدْرسة الطَّرْخانية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون عند قَبْر والدِه.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 169، وذيل العبر، ص 106، والمعجم المختص ص 198، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 215، وأعيان العصر 2/ 268، والوافي بالوفيات 12/ 268، والبداية والنهاية 16/ 143، والجواهر المضية 1/ 211، وغاية النهاية 1/ 241، والدرر الكامنة 2/ 168، والمنهل الصافي 5/ 157، والنجوم الزاهرة 9/ 245، والدارس 1/ 406، وشذرات الذهب 8/ 93.
ومولدُه تقريبًا في سنة سَبْع وثلاثين وست مئة.
وسَمِعَ الحَديثَ من كمال الدِّين ابن طَلْحة، وابن عبد الدّائم، والصَّفِيّ إسماعيل ابن الدَّرَجيِّ، وابن أبي اليُسْر، وغيرهم، وقَرأ بنفسِه "كتاب التِّرمذي" وغيرَهُ، وكتبَ بخطِّه "الهِداية" في الفقه، و"شَرْحَ الشّاطبية" لأبي شامة، وغيرَ ذلك. وتفقَّهَ وقرأ القراءات على الشَّيْخ عَلَم الدِّين القاسم بن أحمد الأندَلُسي، وتَفَرَّد بالإقراء عنه مُدّة سنين، وقَصَدَهُ الطَّلبةُ لعُلُوّ إسناده، وجَمَعَ عليه السَّبعة أكثر من عِشْرين طالبًا. وكانت له مُشاركةٌ في النَّحو والأدب، ومُجالستُهُ حَسَنة، وفوائدُه كثيرةٌ، وبَقِيَ مدرِّسًا بالطَّرْخانية أكثرَ من أربعين سنة. وكانَ مُعيدًا في المدارس، ووَلِيَ نِيابةَ الحُكْم بدمشق عن القاضي شَمْس الدِّين الأذْرِعي مدّةَ ولايته. وكانَ رَجُلًا مُباركًا كثيرَ الخَيْر، وأضرَّ في أواخِر عُمُره، وانقطعَ في بيتِه مُواظبًا على التِّلاوة والذِّكْر وإقراء الكتاب العزيز إلى أن ماتَ على هذه الحالة، رحمه الله.
4138 -
وفي ليلة الأربعاء مُنْتَصف جُمادى الأولى تُوفِّي فَخْرُ الدِّين عُثمان
(1)
بن مُحمد بن عُثمان، ابنُ العَنْبريِّ، الكُوافيُّ
(2)
، ودُفِنَ ظُهْرَ الأربعاء بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَشْكور السِّيرة، وله دكانَ مَشْهورة بسُوق القَمْح، وله وظيفة بالمارستان النُّوري. وبينه وبين الشَّيخ كمال الدِّين الزَّمَلُكانيّ قَرَابة.
• - وفي يوم الخَمِيس السّادس عشر من جُمادى الأولى وَلِيَ القاضي فَخْرُ الدِّين عبدُ العزيز بنُ أحمدَ ابنِ شَيْخ السَّلامية الحِسْبة بدمشق، عِوَضًا عن القاضي بَدْر الدِّين ابن الحَدّاد.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لعله كان يعمل أو يخيط الكوافي، جمع كوفية.
ووَلِيَ القاضي بَدْر الدِّين ابن الحَدّاد المَذْكور نَظَرَ الجامع المَعْمُور بدمشق، عِوَضًا عن فَخْر الدِّين المَذْكور، وخُلِعَ عليهما، وباشَرَ كُلُّ واحدٍ منهما وظيفتَهُ
(1)
.
4139 -
وفي أوائل جُمادى الأولى وَصلَ القُفْلُ من بغداد وأخبروا بوفاة الشَّيخ الإمام الزّاهدِ تاج الدِّين عبدِ الرَّحمن
(2)
بنِ مُحمد بن أبي حامد التِّبريزيِّ الشّافعيِّ، المَعْروف بالأفضليِّ، وأنَّ وفاتَهُ كانت ببغدادَ عندَ وصوله إليها من الحِجاز الشَّريف في العَشْر الأول من صَفَر.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، فَقيهًا، مُباركًا.
مولدُه في سنة إحدى وستِّين وست مئة بتِبْريز.
وكانَ مُتْقِنًا مُتَنزّهًا عَمّا في أيدي النّاس، لا يَقْبل من أحدٍ شيئًا، لا قَلِيلًا ولا كَثِيرًا، وبهذا السَّبَب عَظُم شأنُه عندَ أهل بَلَده. ولمّا تُوفِّي ببغدادَ دُفِنَ في مقبَرة الشُّونِيزيّ، رحمه الله.
4140 -
وفي ليلة الاثنين العِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الفَقيهُ العَدْلُ جمالُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحمن
(3)
ابنُ الشَّيخ نُور الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن عبد الرَّحمن بن مُحمد بن عَطاء بن حَسَن بن عَطاء بن جُبَيْر بن جابر بن وُهَيْب الأذْرِعيُّ الأصل، الصّالحيُّ الحَنَفيُّ، ودُفِنَ بُكْرة الاثنين تحتَ المَدْرسة المُعَظَّمِية بسَفْح قاسيون بتُربة قاضِي القُضاة شَمْس الدِّين بن عَطاء عَمّ والدِه.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 141.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 166، والوافي بالوفيات 18/ 259، وأعيان العصر 3/ 37، والبداية والنهاية 16/ 143، والدرر الكامنة 3/ 132، وشذرات الذهب 8/ 89، وجاءت فيه وفاته سنة 718 هـ. وتقدم في الرقم (4084).
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 370، والدرر الكامنة 3/ 126.
ومولدُه في سنة إحدى وخَمْسين وست مئة.
سَمِعَ من ابن عبد الدّائم، ورَوَى عنه، وكانَ إمامًا بالخَاتُونية بسَفْح جَبَل قاسيون، وشاهدًا بمَسْجد قَصْر حَجّاج. وكانَ بَشوشَ الوَجْه، حَسَنَ الخُلُق، وكانَ والدُهُ رَجُلًا صالحًا، مُبارَكًا، رَوَى عن ابن اللَّتِّيّ.
4141 -
وفي ليلة الأربعاء الثاني والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عبدِ الواحد بن عبد الرَّزاق بن أحمد بن حسن المَحَجِّيُّ الأصل، الصّالحيُّ العَطّار، المَعْروف بالحَكِيم، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بمقبَرتهم عند تُربة ابن النُّشَابيِّ بسَفْح جَبَل قاسيون.
سَمِعَ من الشَّيخ بَدْر الدِّين عُمَر بن مُحمد بن أبي سعْد الكِرْمانيّ، وغيره، وحَدَّث، وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، صالحًا.
ومولدُه في سنة ستٍّ وخَمْسين وست مئة تقريبًا قبل سنة التَّتار بسنتين، وكانَ لا يأكلُ اللَّحْم، ويذكرُ أنَّ أكْلَهُ يَضُرّه.
4142 -
وفي ليلة الخَمِيس الثالث والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّيت المرأةُ الصّالحةُ الأصيلةُ أمُّ عليّ نَفِيسةُ
(2)
بنتُ الشَّيخِ الصَّدْرِ العالمِ العَدْلِ فَخْرِ الدِّين أبي بَكْر مُحمد بن تَمّام بن يحيى بن عبّاس بن يحيى بن الحِمْيَريِّ، وصُلِّي عليها ظُهْر الخَمِيس بجامع دمشق، ودُفِنَت بمقبَرة الباب الصَّغير.
سَمِعَت من الشَّيخ أبي البَقَاء خالد النابُلُسي الحافظ في سنة سَبْع وخمسين وست مئة، ورَوَت عنه، وكانت صالحةً مُبارَكةً، كثيرةَ الخَيْر.
وهي زوجةُ الشَّيخ شِهاب الدِّين ابن السَّلْعُوس.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 227.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات رجب سنة 669 هـ.
وبَلَغت من العُمُر ثمانيًا
(1)
وستِّين سنة تقريبًا، لم تَصِلْ إلى السَّبْعين.
• - وفي جُمادى الأولى، وقيل: في ربيع الآخر، جَرَت غَزْوةٌ عظيمةٌ بالمَغْرب بين صاحِب غَرْناطة مَلِك المُسلمين وبين الإفْرَنج بالقُرب من غُرْناطة، بعد أن بَذَل المُسلمون للفِرَنج أموالًا مُعَجَّلةً ومؤجَّلة، فلم يَقْبلوا ذلك، فالتجأ المُسلمون إلى الله تعالى، ودبَّروا تَدْبيرًا حَسَنًا، والتقوا معهم، فكَسَرَهُم الله تعالى مع كَثْرتهم وقِلّة المُسلمين. وذُكِرَ أنَّ عِدّة رؤوس الإفرنج بَلَغت ثمانين ألفًا، وأُسِرَ أكثر من تِسْعة آلاف، واستُشْهِدَ من المسلمين سَبْعةَ عَشَر أميرًا، وحَصَلَ للمُسلمين غنائمَ كثيرة من الذَّهبِ والفِضّةِ والذَّخائِر والعُدَدِ والخَيْل والسِّلاح، وقُسِمَ ذلك على المُسلمين
(2)
.
• - وبعدَ ذلك بشُهور جَرَت حَرْبٌ شديدة بالمَغْرب أيضًا بين صاحب سَبْتة والإفرنج، وانتصرَ المُسلمون وقُتِلَ الإفرنج وأُخِذَت مَرَاكبهم، وكانت أربعة عَشَر مَرْكبًا فيها شيء كثيرٌ من السِّلاح والعُدَد.
وكانَ بين واقعة غَرْناطة وواقعة سَبْتة نحو تسعة أشهر، وسيأتي ذِكْر ذلك في جُمادى الآخِرة سنة عِشْرين وسَبْع مئة عندَ وصوله إلى دمشقَ واشتهارِ الخَبَر بذلك.
4143 -
وفي يوم الجُمُعة الرّابع والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الصَّدْرُ مُحيي الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ مُفَضَّل بن فَضْل الله المِصْريُّ الكاتبُ، ودُفِنَ آخر النَّهار بتُربةِ ابن هلال قُبالة زاوية ابن قِوام بسَفْح قاسيون.
وبَلَغ من العُمُر ستًّا وأربعين سنة.
(1)
في الأصل: "ثمانية".
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 85، ونهاية الأرب 32/ 309 - 318، وذيل العبر، ص 104 - 105، والسلوك 3/ 19، وشذرات الذهب 8/ 83.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 268، والبداية والنهاية 16/ 144، والدرر الكامنة 6/ 13.
وكانَ مَشْكور السِّيرةِ، فيه ديانةٌ ومحبّةٌ للصّالحين، وحَجَّ، وكانَ صاحب ديوان نائبِ السَّلْطنة بدمشق ومُستوفِي الأوقاف المَبْرُورة، وله جامكية في ديوان الإنشاء.
4144 -
وفي يوم الأربعاء التاسع والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ الفاضلُ زَيْنُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحيم
(1)
بنُ عليّ بن عبد الرَّحيم البَغْداديُّ الدّارقَزِّيُّ، فُجاءةً، ودُفِنَ من يومه بسَفْح قاسيون.
ومولدُه سنة إحدى وأربعين وست مئة تقريبًا بدارِ القَزِّ ببغدادَ.
ودَخلَ دمشقَ في سنة خمس وخَمْسين وست مئة، وتَوَجَّه إلى القاهرة، وصَحِبَ الشَّيخَ شَمْسَ الدِّين ابن العِماد الحَنْبليّ وسَمِعَ منه، ولَبِسَ منه خِرْقة التَّصوّف وسَمِعَ من الحافظ رَشِيد الدِّين العَطّار القُرَشيّ، وكمال الدِّين الضَّرير المُقْرئ، وعبد الرَّحمن بن يوسف المَنْبِجِيِّ، وعبد الله بن عَلّاق، والنَّجيب عبدِ اللَّطيف الحَرّانيِّ، وجماعةٍ، ولازمَ سماعَ الحَديث مدّةَ سنين، ثم انتقلَ إلى دمشقَ وسَمِعَ من الشَّيخ شَمْس الدِّين ابن أبي عُمَر، وابن عَلّان، وابن البُخاريّ، وجماعة، ولازمَ السَّماع مع الشَّيخ عليّ المَوْصليِّ، وغيرِه من الطَّلَبة.
وكانَ شَيْخًا صالحًا، حَسَنَ البِشْر، مليحَ الوَجْه، ونَسَخَ بخطِّه كثيرًا. وكانَ يكتُبُ المصاحِفَ على الرَّسْم، ويُفْرد رواية كل إمام من السَّبْعة في مُصْحَف، ويَعْمَل البَناكِيم والسّاعات في غايةِ الجَوْدة والصِّحّة، يقصدُه النّاس لذلك ويَرْغَبون في عَمَلِه دونَ غيرِه.
4145 -
وفي يوم الخَمِيس سَلْخ جُمادى الأولى تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ
(1)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 143، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 390، والدرر الكامنة 3/ 153.
سَيْفُ الدِّين غُرْلو
(1)
بنُ عبد الله العادلي، بدارِه ظاهر دمشق، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار المَذْكور بجامع مَلِك الأمراء جوار دارِه، ودُفِنَ بتُربتِه بسَفْح قاسيون، وحضرَ جنازتَهُ وعزاءَهُ مَلِكُ الأُمراء وأعيانُ الدَّولة.
وكانَ من أكابرِ الأُمراء بدمشق، ووَلِيَ نِيابةَ السَّلْطنةِ بدمشقَ نحو ثلاثة أشهر في آخر دولة أستاذه المَلِك العادِل كَتْبُغا في آخر سنة خَمْسٍ وتِسْعين وست مئة وأول سنة ستٍّ وتِسْعين. وبعد ذلك لم يزل مُقَدَّمًا مُتَعيَّنًا لشجاعته ونُصْحِه.
وماتَ في عَشْر الستِّين.
4146 -
وفي مُسْتَهلّ جُمادى الأولى سُمِّر بَيْلِيك غُلام الجمال رئيس قَرْية المِزّة، وشُنِقَت زَوْجتُه معه لأنه اطُّلِعَ عليهما أنهما خَنَقا ثلاث نِسْوةٍ، وقيل: امرأتين، وأقَرّا بذلك على أنفسهما. وبَقِيَ بَيْلِيك مُسَمَّرًا سَبْعة أيام. وفي اليوم الثامن شَنَقُوه. ونُفِيَ الشُّجاع بَرْدادار مَلِك الأُمراء إلى مدينةِ حَمَاة لأنهم لَطَّخوه أيضًا في هذه القضية لكنّه لم يَثْبُت عليه شيء فعُزِلَ من البَرْدَدَارية، ونُفيَ مدّةً ثم عاد
(2)
.
4147 -
وفي جُمادى الأولى تُوفِّي شابٌّ بالصّالحية، وهو غازِي
(3)
بن عليّ ابن الأمير شَرَفِ الدِّين يعقوب بن المُعْتَمِد، من بَيْتٍ مَعْروف.
وهو خال مُحمد بن شَرَف الدِّين أحمد ابن قاضي القُضاة تقيِّ الدِّين الحَنْبليّ، رحمهُ اللهُ تعالى.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب، 32/ 306، وذيل العبر، ص 107، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 173، والوافي بالوفيات 9/ 294، والبداية والنهاية 16/ 144، والسلوك 3/ 19، والدرر الكامنة 1/ 465، والنجوم الزاهرة 9/ 245، والدارس 2/ 208.
(2)
الخبر في: ذيل العبر، ص 101.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده والي دمشق في وفيات سنة 670 هـ.
جُمادى الآخرة
• - في بُكْرةِ الثُّلاثاء خامس جُمادى الآخِرة وَصلَ إلى دمشقَ قاضي القُضاة شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ ابنُ قاضي القُضاة مُعين الدِّين أبي بَكْر ابن الشَّيخ الإمام زَكِيِّ الدِّين ظافر الهَمْدانيُّ المالكيُّ، متولِّيًا قضاءَ المالكية بها، واجتمعَ بنائبِ السَّلْطنة ونزلَ بالمَدْرسة الصِّمْصَامية المالكية، فحَكَمَ بها، ولَبِسَ الخِلْعة، وقُرئ تقليدُهُ يوم الجُمُعة ثامن الشَّهْر المَذْكور.
وكانت ولايتُهُ في آخر ربيع الأول، عِوَضًا عن قاضي القُضاة فَخْر الدِّين ابن سَلامة الإسكندريّ. وبَقِيَ المَنْصب شاغِرًا بين مَوْتِ المَذْكور، ووصولِ القاضي شرَف الدِّين أكثر من نِصْف سنة
(1)
.
4148 -
وفي يوم السَّبْت التاسع من جُمادى الآخرة تُوفِّي زَيْنُ الدِّين ظَبْيانُ
(2)
بنُ فارس بن ظَبْيان الحَلَبِيُّ الخَرْدَفُوشيُّ، ودُفِنَ يوم الأحد بالقُرْب من قُبّة الشَّيخ رَسْلان خارج باب تُوما.
رَوَى "جُزء ابن جَوصا" بالإجازة عن أصحاب الخُشُوعي لغَرَابة اسمه. وكانَ مُواظبًا على السَّماع معنا على بهاءِ الدِّين ابن عَساكر.
4149 -
وفي يوم الاثنين الحادي عَشَر من جُمادى الآخرة تُوفِّي القاضي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(3)
ابنُ جَلال الدِّين مُحمد بن عليّ بن أبي طاهر المُوسَوِيُّ الحُسَينيُّ المَلَطيُّ، المَعْروف بقاضي مَلَطْية، ودُفِنَ آخر النَّهار بمقابر الصُّوفية عند قَبْر الشَّيخ شَمْس الدِّين الأيْكيّ، وعُمُره ستّون سنة.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 297، والبداية والنهاية 16/ 141.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 398، والخردفوشي: تاجر الخردة.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 183، والدرر الكامنة 5/ 471.
وكانَ خَطيبًا بمَلَطْية مدّةً طويلةً، ثم جُمِعَ له بين الخَطابة والقَضاء بها مدّةً أُخرى. ولما انتقلَ إلى دمشقَ وَلِيَ تَدْريس الخاتونية التي ظاهر دمشق، واستمرَّ بها إلى أن ماتَ. وحَجَّ من دمشق، وكانَ قاضي الرَّكْب. وكانت فضيلتُهُ في شيءٍ من الأدَب، وله شِعرٌ، وعندَهُ مُشاركةٌ، ووَلِيَ مكانَهُ في تَدْريس المَدْرسةِ الخاتونية التي ظاهر دمشق الشَّيخُ بَدْرُ الدِّين ابنُ المَوْلى جمالِ الدِّين ابن الشَّيخ بَدْرِ الدِّين ابن الفُوَيْرِه السُّلَمِيُّ الحَنَفيُّ، ودَرَّس بها في الشَّهْر المَذْكور، وعُمُره خَمْس
(1)
وعِشْرون سنة. وكانَ أفتَى قبل ذلك.
4150 -
وفي يوم السَّبْت سادس عَشَر جُمادى الآخِرة تُوفِّي القاضي الإمامُ العالمُ الصَّدْرُ الكبيرُ الكاملُ بَدْرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ مَنْصور بن إبراهيمَ بن مَنْصور، ابنُ الجَوْهريِّ، الحَلَبيُّ، ثم المِصريُّ، بالمَدْرسةِ العادليةِ الكبيرة بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون بتُربة ابن هِلال قُبالة زاوية ابن قوام.
ومولدُه بحَلَب في ثالث عَشَر صَفَر سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة.
سَمِعَ الحَديثَ بحَلَب من إبراهيم بن خليل، وسَمِعَ بالدِّيار المِصْرية من الشَّيخ كمال الدِّين الضَّرير المُقْرئ، وإسماعيلَ بنِ عَزُّون، وأحمدَ ابن القاضي زَيْن الدِّين، وابنِ عَلّاق، والنَّجِيب عبد اللَّطيف الحَرّانيِّ، وغيرِهم. ولازمَ السَّماع مدّةً مع الشَّيخ جمال الدِّين ابن الظّاهري، وقَدِمَ إلى دمشق في سنةِ
(1)
في الأصل: "خمسة".
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 171، وذيل العبر، ص 107، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 290، وأعيان العصر 5/ 282، والوافي بالوفيات 5/ 76، وغاية النهاية 2/ 266، والسلوك 3/ 20، والدرر الكامنة 16/ 19، والنجوم الزاهرة 9/ 246، وحسن المحاضرة 1/ 391، وشذرات الذهب 8/ 94.
ثلاث وثمانين وست مئة صُحْبةَ الشَّيخ جمال الدِّين المَذْكور، وسَمِعَ معه جُملةً من حديث ابن طَبَرْزَد، وعلى جماعةٍ من الشُّيوخ.
وكانَ له أثبات وإجازات، وقَرأ القِراءات، وتَفَقّه وشاركَ في الفَضائل، وكانَ له مَعْروف وبِرّ ومالٌ يَصْرفه في مَصَارف الخَيْر، وله مَقَاصد حَسَنة، وكانَ مُتَّبعًا للكتاب والسُّنة، وافرَ الدِّيانة، شديدَ التَّحَري في أموره، عليه وقارٌ وجلالة، وكانَ مُعَظَّمًا في الدَّولة المَنْصورية، مُكَرَّمًا مُحْتَرمًا، مَشْهورًا بالرِّياسة والدِّيانة، ولم يُباشر شيئًا من المَنَاصب، وعُرِضَت عليه الوِزارة في دَوْلة المَلِك العادل كَتْبُغا فامتنعَ من ذلك، وصَنَّفَ في ذلك جُزءًا فيه: إنَّ الوزارة مُتضمّنة للمَكُوس، وإنما يَقْدم عليها من لا يُفَكِّر في يوم الحِساب، ولا يَخافُ عاقبة الدّارين، وذكرَ أنَّ فيها خَطَرًا من سَبْعة وُجوه.
وكانَ، رحمه الله، يحبّ الكُتُبَ النَّفِيسةَ، وجَمَعَ منها جملةً كبيرةً، واجتمعَ عليه في أواخِر عُمُره مبلغ كبير من الدِّين، وانقطعَ عن التَّرْداد إلى الدَّولة، وماتَ غريبًا خامِلًا، وحجَّ في عُمُرِه مرّات، وحَضَرَ عدّة غَزَوات، وأنفقَ في سبيلِ الله، ورَوَى الأحاديثَ النَّبويةَ، وكانَ يُحبُّ الصّالحينَ والعُلماء، وكانَ سريعَ الدَّمْعة، غزيرَ البُكاء، رحمهُ اللهُ تعالى.
4151 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثاني عَشَر من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الصِّالحُ العابدُ بَقِيّةُ السَّلَف أبو قَيْس يوسُفُ
(1)
بنُ قَيْس بن أبي بَكْر ابن الشَّيخ القُدْوة حَياة بن قَيْس بن سُلْطان بن رَحّال الحَرّانيُّ، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ من الغد بعد صلاة الظُّهْر بزاويته عند أخيه عُمَر بن قيس.
ومولدُه في سنة ثلاث وثلاثين وست مئة بحران.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذَّهبي 2/ 390، والدرر الكامنة 6/ 240.
وكانَ شيْخًا صالحًا مُنْقَطعًا عن النّاس، مُعَظَّمًا عند أهل بَلَدِه، انتهت إليه المَشْيخة، وعُمِّر وضَعُفَ وانحنَى، وكانَ يُقْصَد بالزِّيارة، ويُطْلَب منه الدُّعاء، ويقبِّل النّاسُ يدَهُ ويَتَبرَّكُون به. وسَمِعَ من إبراهيم بن خليل بحَلَب، فإفادة ابن الظّاهري في صَفَر سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة، وحَدَّث.
4152 -
وفي ليلة الخَمِيس الحادي والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الأميرُ الكبيرُ جَمالُ الدِّين آقُش
(1)
بنُ عبد الله الرَّحَبِيُّ المَنْصوريُّ، ودُفِنَ بُكْرة الخَمِيس بمقابر الصُّوفية.
وكانَ عُمُره خَمْسًا وخَمْسين سنة تقريبًا.
وهو من قريةٍ من قرى إرْبِل أهلُها نَصَارى فغارت عليهم العَرَب فسُبِيَ وبيعَ من نائب الرَّحْبة، فأقامَ بها مدّةً، ثم انتقلَ إلى السُّلْطان المَلِك المَنْصور وهو من عُتَقائه، ووَلِيَ ولايةَ دمشق أكثر من إحدى عَشْرة سنة، ثم نُقِلَ منها إلى شَدِّ الدَّواوين فباشره أربعة أشْهُر وعَشَرة أيام وماتَ.
وكانَ مَشْكور السِّيرة، قريبًا إلى النّاس، فيه تواضعٌ وحُسْن خُلُق. وكانَ النّاس يُحِبّونه ولا يختارون غيرَهُ في الولاية.
4153 -
وفي يوم الأربعاء العِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ الخَطيبُ مَجْموع الفَضَائل صَلاح الدِّين أبو المَحَاسن يوسُفُ
(2)
ابنُ عزِّ الدِّين مُحمد ابن الشَّيخ الإمام الخَطِيب الزّاهد بَدْر الدِّين أبي مُحمد عبد اللَّطيف بن مُحمد بن مُحمد بن أبي الفَرَج نَصْر الله الحَمَويُّ الشّافعيُّ، المَعْروفُ بابن المُغَيْزِل، بحَمَاة، ودُفِنَ بمقبَرتهم بعَقَبة نَقِيرين قِبْليّ البَلَد.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 1/ 576، والبداية والنهاية 16/ 144، والدرر الكامنة 1/ 476.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 167، وأعيان العصر 5/ 660، والوافي بالوفيات 29/ 339، والبداية والنهاية 16/ 145، والدرر الكامنة 6/ 242.
ومولدُه في ذي الحِجّة سنة ثمانٍ وستين وست مئة بحَمَاة.
وكانَ رَجُلًا فاضِلًا، مُتَعيّنًا في بَلَده في الفَتْوى والإشغال والتَّصْنيف. وكانَ مُدَرِّسًا وخَطِيبًا بجامع السُّوق الأسفل بحَماة. وسَمِعَ من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وحَدَّثَ.
ورافقتُهُ في السَّفَر إلى الحجِّ سنة ثمانٍ وثمانين وست مئة، وسمِعَ بقراءتي مُعْظَم ما قرأتُه في هذه السَّفْرة، وكَتَبتُ له بذلك ثَبَتًا في ثلاثة كراريس.
وكانَ قَدِمَ دمشق مع جَدِّه في سنة تسع وسبعين، وفي سنة ثمانين. وسَمِعَ من الشَّيخ شَمْس الدِّين الحَنْبليّ، وجماعةٍ، وحَدَّث.
4154 -
وفي ليلة الأحد الرابع والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العلّامةُ القاضي فَخْرُ الدِّين أبو عَمْرو عُثمانُ
(1)
بنُ عليّ بن يحيى بن هبة الله بن إبراهيم بن المُسَلَّم بن عليّ الأنصاريُّ الشّافعيُّ، المَعْروفُ بابن بنت أبي سَعْد، ودُفِنَ من الغد بالقَرَافة.
ومولدُه في الحادي والعِشْرين من رَجَب سنة تِسْع وعِشْرين وست مئة بقَرْية داريّا من قُرَى دمشق.
رَوَى شيئًا من "صَحيح مُسلم" عن الرَّضِيِّ ابن البُرْهان، وسَمِعَ أيضًا من الكَمال الضَّرير المُقْرئ. وكانَ من بقايا العُلماء، ونابَ في الحُكْم بالقاهرة مدّةً، ووَلِيَ مكانه في مِيعاد جامع ابن طُولون الشَّيخ علاء الدِّين القُونَوي شَيْخ الخانقاه، وفي ميعاد الجامع الأزهر شَمْس الدِّين ابن عَدْلان.
نقلت وفاتَهُ من خَطِّ الشَّيخ فَخْر الدِّين النُّوَيري المالكيّ.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 307، وأعيان العصر 3/ 220، والبداية والنهاية 16/ 145، والسلوك 3/ 20، والدرر الكامنة 3/ 257، والنجوم الزاهرة 9/ 247.
4155 -
وفي يوم الثُّلاثاء بعد العَصْر السّادس والعِشْرين من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ العالمُ العاملُ القُدْوةُ العارفُ الزّاهدُ العابدُ أبو الفَتْح نَصْرُ
(1)
بنُ سَلْمان بن عُمر المَنْبِجيُّ، ودُفِنَ من الغدِ بتُربتِه بالقُرْب من زاويته بالحُسَينية.
وسَمِعَ الحَديث من إبراهيم بن خَلِيل بحَلَب، وسَمِعَ بالدِّيار المِصْرية على النَّجِيب عبد اللَّطيف، والكَمال الضَّرِير المُقْرئ، وغيرهم، وقَرأَ القُرآنَ بالرِّوايات، وتَفَقَّه. وكانَ شَيْخًا صالحًا، مُنْقطعًا بزاويته بالحُسَيْنية خارج باب النَّصْر ظاهر القاهرة، وكانَ النّاسُ يقصدونَهُ من العُلَماءِ والوُزراءِ والأُمراءِ والكُتّابِ وأربابِ الدَّولة، وكانت له عبادةٌ كثيرةٌ من الصَّلاةِ والذِّكْرِ والحَجِّ والمُجاورةِ، وكانَ مُواظبًا على ذلك مُلازمًا له، وله أوقات مُعَيّنة نحو نِصْف السَّنة لا يَجْتَمع فيها بأحدٍ، وكانَ لا يَخْرج من زاويته إلا لصَلاةِ الجُمُعة خاصّةً، أقامَ على ذلك مدّةً طويلةً.
نَقَلتُ وفاتَهُ من خَطِّ فَخْر الدِّين النُّوَيريِّ.
4156 -
وفي يوم الخَمِيس الثامن والعِشْرين من جُمادى الآخِرة توفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشيخ العَدْلِ عزِّ الدِّين إسماعيلَ بن مُحمد بن عبد الغَنِي بن أبي مُحمد بن خَلَف بن إسماعيل القُرَشيُّ، المَعْروفُ بابن النَّشْو، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس.
ومولدُه في سنة تسع وأربعين وست مئة بدمشق.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 307، وذيل العبر، ص 107، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 167، ومعرفة القراء الكبار 2/ 735، وأعيان العصر 5/ 502، والبداية والنهاية 16/ 145، والجواهر المضية 2/ 194، وغاية النهاية 3/ 160، والسلوك 3/ 20، والدرر الكامنة 6/ 158، والنجوم الزاهرة 9/ 244، وشذرات الذهب 8/ 95.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
سَمِعَ بإفادة عَمِّه من الرَّضِيِّ ابن البُرهان، وعبد الله ابنِ الخُشُوعيِّ، والأخوين عبدِ الله وعبدِ الرَّحمن ابنَي أحمد بن طَعّان، ويوسُف بن مَكْتُوم، وابنِ عبدِ الدّائم، وجماعةٍ. وله إجازاتٌ.
وكانَ صوفيًّا بالخانقاه، ثم صارَ شاهدًا، وكانت بينَهُ وبين ابن السَّلْعُوس الوزير قَرابة، فحَصَلَ له في أيام وزارته قُرْبٌ منهُ ووجاهةٌ عند النّاسِ بسببِ ذلك.
• - وفي ضَحْوة الجُمُعة ثامن جُمادى الآخِرة وَصلَ الأميرُ سُلَيْمانُ ابنُ الأمير مُهَنّا بن عيسى إلى دمشقَ طالبًا طاعةَ السُّلْطان، فتلقّاهُ نائبُ السَّلْطنة بالإكْرام الوافر، وسافَرَ بُكْرة السَّبْت إلى مِصْر، وتَقَدَّمه قَودُه قبل وُروده إلى دمشق، وكانَ على ما قيل فرس من الخُيول العَربية الجِياد، وأربعينَ هَجِينًا ونَفَائس أُخْرَى
(1)
.
وفي أوائل شَهْر رَجَب وَصلَ سُلَيْمان المَذْكور من حَضْرة السُّلْطان ونَزلَ بدارِ بشارة النَّصْرانيّ، ثم نُقِلَ منها إلى جوار الأمير زَيْن الدِّين كَتْبُغا الحاجمط، وصَلَّى يومَ الجُمُعة سابع رَجَب بالجامع عند نائِب السَّلْطنة ومعه جَمْعٌ من العَرَب.
وبَلَغَنا أن السُّلْطان أقبلَ عليه إقبالًا تامًّا، وأكرَمَهُ إكرامًا زائدًا، وأطلقَ له من المالِ النَّقْد نحوًا من مئتي ألف دِرْهم، وأطلقَ له من البلاد بُصْرَى وأذرِعات مُضافًا إلى ما بيَدِه، وكانت بيدِه حِبْراص
(2)
.
وأولاد الأمير مُهَنّا بن عيسى ثلاثة عَشَر، وهم: موسى، وسلَيْمان، وأحمد، وحَمَا، وفَيّاض، وهَيَازع، وجَبّاب، وجُوَيْف، وقارا، وشُعَيْبة، وتُوَيْلَة، وله من العامريّة ابنان.
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 297.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 297.
ذَكرَ ذلك الشَّيخ عليّ ابن الشَّرائِحِي البَعْلَبَكي، المَعْروف بفقيه مُهَنِّا.
4157 -
وفي شَهْر جُمادى الآخِرة المَذْكور تُوفِّي الشَّيخُ عُمرُ
(1)
بنُ عُثمان بن عُمر بن عليّ الصُّوفي الإرْبِليُّ، بدمشقَ، وقد بَلَغَ من العُمُر نحو ثمانين سنة.
وكانَ فقيرًا صالحًا، مُبْتلًى بكَثْرة الأمراض، وأقامَ مدّةً صُوفيًّا بخانكاه خاتون.
وسَمِعَ بقراءتي "صحيحَ البُخاري" على ابن مُشَرَّف.
• - وفي هذا الشَّهْر بَلَغَنا أنَّ مكة - حَرَسها اللهُ تعالى من الآفات - قد كَثُر فيها الأمنُ والعَدْلُ، ورَخصت فيها الأسعارُ بحيثُ أنه أبِيْعَت فيها غِرَارة القَمْح بمئة وعِشْرين دِرْهمًا.
شَهْر رَجَب
4158 -
في ليلة السَّبْت الثامن من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ داودُ
(2)
بنُ يوسُف بن بَدْر النابُلُسِيُّ، إمامُ مَسْجد العَنّابة بالمِزّةِ، ودُفِنَ من الغد بسَطْح المِزّة.
وكانَ شَيْخًا صالحًا، وأقامَ بالمَسْجد المَذْكور إمامًا أكثرَ من أربعين سنة، ولّاه إمامته ابن خَلِّكان.
• - وفي يوم الخَمِيس الثّالث عَشَر من رَجَب أُخْرِجَ المَحْمَل السُّلْطانيُّ من القَلْعة بدمشق، وداروا به حَوْل البَلَد، ورَكِبَ المؤذِّنون بين يديه، واحتُفِلَ بأمرِه، وأُعْلِمَ النّاسُ بأمرِ الحَجِّ، وعُيِّن للإمرة على الحَجِيج الأميرُ عِزُّ الدِّين أيبك أمير عَلَم المَنْصوريُّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 224.
• - وفي يوم الجُمُعة الرّابع عَشَر من رَجَب صُلِّي بجامع دمشق على ثلاثةٍ من الأعْيان صلاة الغائب، وهم: الشَّيخُ الزّاهدُ القُدْوةُ نَصْر المَنْبِجيّ، والشَّيخُ الإمامُ القاضي فَخْرُ الدِّين ابن بنت أبي سعْد، ماتا بالقاهرة، والشَّيخُ الإمامُ الخَطِيب صلاح الدِّين ابن المُغَيْزِل، تُوفِّي بحَمَاة. رحمهُم اللهُ تعالى، وقد تقَدَّمت وفياتهم في الشَّهْر الماضي.
4159 -
وفي ليلة الجُمُعة الرّابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ جمالُ الدِّين عُمرُ
(1)
بنُ عليّ بن يحيى بن أبي بَكْر ابن الشَّيخ القُدْوة حَياة بن قَيْس الحَرّانيُّ، وصُلِّيَ عليه عَقِيب صَلاةِ الجُمُعة بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا تاجرًا من بَيْت المَشْيخة، له حُرْمةٌ ومكانةٌ عندَ الدَّولة، وأقامَ مدّةً برأس العَيْن، وكانَ شيخَ تلك الدِّيار، وكانَ في حال إقامَتِه هُناك يُناصِح المُسلمين، فلما انتقلَ إلى دمشقَ وسَكَنها استمرَّ على المُناصحة والتَّحَدُّث مع القُصّاد ومُكاتبة السُّلْطان.
4160 -
وفي ليلة الاثنين السّابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي صلاحُ الدِّين عبدُ الله
(2)
ابنُ القاضي شرَفِ الدِّين عبدِ الوَهّاب بن فَضْل الله بن مُجَلِّي القُرَشيُّ العَدَويُّ، ودُفِنَ بتُربةٍ له جوار المَدْرسة العِزّية التي عندَ الورّاقة ظاهر دمشق بعد أن صُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر من يوم الاثنين بجامع دمشق.
وكانَ شابًّا عاقِلًا، عندَهُ فَهْمٌ، ومَعْرفةٌ، وكانَ مُتَجَنّدًا.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب. وتقدمت ترجمة جده أبي بكر بن حياة في وفيات ذي القعدة سنة 685 هـ.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 696، والدرر الكامنة 3/ 51.
4161 -
وفي بُكْرة الاثنين السّابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ نِعْمةَ بنِ سَلْمان بن سالم السُّلَمِيُّ، الحَوْرانيُّ الأصْل، ثم الصّالحي، المُتَعَيِّش بالصّالحية، وَقَعَ من سطْحٍ فماتَ وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون.
سَمِعَ من الشَّيخ شَرَف الدِّين المُرْسي، ورَوَى عنه، وكانَ سَمَاعه عليه في سنة ستٍّ وأربعين وست مئة. وكانَ حَجّارًا، بنّاءً، نَحّاتًا، صَحْراويًّا، وحَضَرَ الغَزَوات وفَتَحَ الحُصُون، وضَعُفَ حالُه بعد سنة قَزَان
(2)
، وافتقَرَ إلى غاية، وأُسِرَ أولادُه.
وأصلُهُ من قَرْية دَيْر ماسك من عَمَل صَرْخَد.
وذَكرَ لنا أنه أصْغَر من أخيه أحمد بنحو ثلاث سنين، ولم يَكُن أحمد يحقِّق مولدَهُ، ولكنَّهُ سَمِعَ الحَديث في رَجَب سنة إحدى وأربعين وست مئة.
4162 -
وفي ليلة الأربعاء التاسع عَشَر من رَجب تُوفِّي الحاج أحمدُ
(3)
بنُ عليّ بن أبي مُحمد بن يوسُف السُّوقِيُّ الصّالحيُّ، ودُفِنَ من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا مُباركًا، يَسْكُن بالصّالحية بالقُرْب من المُصَلَّى.
وهو أخو أبي بَكْر، وقد سَمِعا من الشَّيخ زَيْن الدِّين ابن عبد الدّائم، ورَوَيا عنه.
4163 -
وفي يوم الاثنين الرابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(4)
ابنُ صلاح الدِّين مُحمد ابن الملك الأمْجَد مَجْد الدِّين حَسَن ابنِ
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 297، والدرر الكامنة 6/ 30.
(2)
يعني: غازان، وهي سنة 699 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وهو منسوب إلى سوق بوادي بردى، وترجم ابن رافع في الوفيات 2/ 385 لابن أخيه محمد بن أبي بكر السوقي الصالحي المتوفى سنة 773 هـ.
(4)
ترجمته في: السلوك 3/ 20.
السُّلْطان المَلِك النّاصر داود ابن المُعَظَّم ابن العادل، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وسَمِعَ "صحيحَ البخاري" بمَشْهد عُثمان على الشُّيوخ الثلاثة.
4164 -
وفي يوم الجُمُعة الثامن والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي شِهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ عبد القادر بن إبراهيم المَقْدسيُّ، ثم الدِّمشقيُّ العَطّار، بدَرَج جَيْرون.
وكانَ شيْخًا كبيرًا، واقتصرَ في آخِر عُمُره، وضَعُفَ حالُه بعد أن كانت دُكّانه مَقْصودةً مَشْهورةً.
4165 -
وفي صَبِيحة يوم الخَمِيس سادس رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الصّالحُ أبو عبد الله مُوسَى
(2)
بنُ مُحمد بن أبي بَكْر بن سالم بن سَلْمان المَرْداويُّ، الحَنْبليُّ، بقَرْية مَرْدا، ودُفِنَ هناك.
ومولدُه سنة خَمْسٍ وأربعين وست مئة بمَرْدا.
وكانَ فَقِيهًا صالحًا، حَسَنَ الهيئةِ، مَلِيحَ الشَّيْبة، قَدِمَ دمشقَ وحَفِظَ "المُقْنِع"، و"ألفيّة ابن مُعطِي"، وحَصَّل كُتبًا، وكانَ يُطالع ويَنْقل، وسَمِعَ من خَطِيب مَرْدا بها، وبدمشقَ من ابن عبد الدّائم، وعُمَر الكِرْمانيّ، وجَماعة، ومَرِضَ بالفالج مدّةً طويلةً، وانقطعَ بالكُلّية عَشْر سِنين، منها سبْع سِنين لا يَقْدر يُصَلِّي إلا بمن يُعينه في السُّجود ويُجْلِسُهُ منه، وكانَ يَجْمع بين الصَّلاتين، تَقَبَّلَ اللهُ منه.
• - وقال عزُّ الدِّين الحَسَن بن أحمد الإرْبِليُّ الطَّبيب: وفي شَهْر رَجَب وَردَ من الحُجّاج جماعةٌ وأخبروا بأنَّ أربابَ الدَّولة التَّتارية قد وَقَعَ بينهم
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 487، والدرر الكامنة 6/ 146.
خُلْفٌ شديدٌ وقد استحالُوا على أتابِكِهِم ومُقَدَّم جُيُوشِهم، وهو الأميرُ جُوبان نائبُ السَّلْطنة لأبي سعِيد ابن المَلِك خَرْبَنْدا، وتَغَيَّروا عليه وكَرِهُوا نيابتَهُ عليهم، وأنه وَقَعَت بينَهُم بسبب ذلك مَقْتَلة في مكانٍ يُسَمَّى ألاداغ، وقُتِلَ منهم نحو ثلاثين ألفَ نَفَر أو أكثر، حتى كادَ أن يَزُول مُلْكُهم، ولم يَزَل هذا الخَبَر يزيدُ ويَنْقُص إلى أن وردَ الشَّيخ مُحمد ابن الشَّيخ أبي بكر القَطّان الإرْبِليُّ حاجًّا، فأخبَرَني بأكثر تَفْصيل هذا الأمر على جليّته، قال:
كانَ سَبَب الحَرْب التي وَقَعَت في أرْباب الدَّولة التَّتارية هو أنَّ المَلِك أبا سَعِيد ابن المَلِك خَرْبَنْدا انحصرَ من جهة نائِبه الأمير جُوبان، لأنَّ جُوبانَ استولَى على الأموال والجُيوش، وصارَ الجميعُ في حُكْمه وتحتَ تَصَرُّفه، ولم يَبْقَ لأبي سَعِيد إلا الاسم، وطَرَدَ أقوامًا كانُوا مُقَرَّبين إلى حَضْرة أبي سعِيد، وقَرَّب أقوامًا كانوا مَبْغُوضين إلى أبي سَعِيد، وقتلَ الأمير زَنْبو، وهذا الأمير كانَ متولِّي تَرْبية أبي سَعِيد، وهو عنده بمنزلةٍ كبيرة، وأنَّ أبا سَعِيد عَجَز عن مَسْكِه وقَتْله، فأفشَى سِرَّهُ إلى بعضِ أُمراء دَولته، وهو الأمير إيْرَنْجِي
(1)
خال أبيه خَرْبَنْدا وإلى الأمير قُرْمُشي بن اليناخ
(2)
، وإلى الأمير دُقْماق، فقالوا: إنْ رَسَمْتَ لنا أن نَخْرجَ عليه ونَكْبسهُ ونَقْتلهُ، أو نُصَرَّح له بالحَرْب فَعَلْنا ما أردتَ من ذلك. قال: فجَرَت بينَهُ وبين أمرائِه في ذلك مُكاتبات، ووَقعَ الاتفاق فيها على أنهم يَقْتلونَهُ على أيّ حالٍ كان.
قال: ووَقَعَ هذا الاتفاق والكَبْسة التي كَبَسوا فيها جُوبان في شَهْر جُمادى الأولى من السَّنة المَذْكورة، قال: فاتَّفقَ الأميرُ إيْرَنْجِي، وهو يومئذٍ
(1)
قيده الصفدي بالحروف فقال: "بكسر الهمزة وسكون الياء آخر الحروف وراء بعدها نون ساكنة وجيم وياء آخر الحروف"(أعيان العصر 1/ 666)، وقيده ابن تغري بردي في المنهل الصافي 3/ 187 بفتح الألف والباقي مثله.
(2)
هكذا مجود في النسخة، وفي نهاية الأرب:"النياج".
مُقَدّم عَشَرة آلاف فارس، والأميرُ قُرْمُشِي، وهو أيضًا مُقَدّم عَشَرة آلاف فارس، والأميرُ دُقْماق مثلهم أيضًا، والأميرُ أَرُس أخو دُقْماق، ومُحمد هَرْزة، ويوسُف بُكا، وبهاء الدِّين يعقوب المَعْروف بالمَسْخَرة، وكل هؤلاء أعيان مُقَدَّمون في الدَّولة، وغير هؤلاء ممّن يطول شَرْح ذِكْرهم، على أن يَعْمَلوا لجُوبان دَعْوة يَقْبِضون عليه فيها إمّا بحَرْبٍ أو بغير حَرْب. قال: فسيَّر إليه قُرْمُشي يسأله أن يَعْمَل له دَعْوة في نواحي عَمَله قريب من بلاد كُرْجِستان، وسَيَّر له تقادمَ وهَدَايا، فقبلها جُوبان، وأجابَ إلى حُضور الدَّعوة، فعمل قُرْمُشي الدَّعوة في نواحي كُرْجِستان في موضع منه يُسمّى سُرْمارَى، وهذا مكان تكون فيه بيوت قُرْمُشي وجيشه، فلما تهيّأت الدَّعوة وكملت، وجُوبان قد تهيَّأ هو وأصحابه وخواصّه لحضورها إذ جاءه رجل أقْطَجي من جماعة قُرْمُشي في خفْية ونَصَحَهُ وأخبره بالذي قد انطوَى الجماعةُ عليه من قَبْضه وقَتْله وقال له: لا تَلْبث، فالسَّاعة يَكْبسُونكَ، قال: وانتبَهَ جُوبان لمصلحته، وقَبِلَ نُصْحَهُ، وقال: أنا أحتاط على رُوحي وأهرب بحيثُ لا يَعْلَم بي أحدٌ، فإنْ كانَ هذا المُناصح صادقًا فقد عملتُ بالاحتياط، وإن كانَ كاذِبًا فاقدر على عُذْر أقولُه يكون فيه رِضَاهُم. قال: وقامَ في الحال وهَرَب وتَرَك مُخيَّمهُ وخَيْلهُ وأموالَهُ وأصحابَهُ وبيوتَهُ على حالها، ولم يُخْبر أحدًا من أصحابه بخَبَرِه، وأخذَ معه حينَ هربَ ولدًا له اسمه حَسَن، وأقبل قُرْمُشي في عَشَرة آلاف فارس من التَّتار والكُرْج والفُرْس، فسأل عن جُوبان، فقيل له: هو جالس في مُخَيَّمه ينتظرُ حُضُور الدَّعوة، فقصدَهُ قُرْمُشي وهجمَ على مُخَيَّمه وكَبَسه وشَهَرَ السَّيْف، وثارَ أصحاب جُوبان مَذْعورين ما يَدْرون ما الخَبَر، غير أنهم قاتلوا قتالًا شديدًا بحيث أنه قُتِلَ من الفَرِيقين نحو ثلاث مئة فارس بالتَّقْريب، وخَلَصَ قُرْمُشي إلى خَيْمة جُوبان وكشفَ
الخَيْل عنها فلم يَجِد فيها غيرَ إنسانٍ واحد اسمه أحي أبو بَكْر، فسأله قُرْمُشي عن جُوبان فقال: هَرَب وحدَهُ، ولم يَعْرف أحدٌ منّا بهزيمتِه. قال: فضرب قُرْمُشي عُنُق أحي أبو بَكْر المَذْكور، ونَهَبَ مُخَيَّم جُوبان وأموالَهُ وخَيْلَهُ وموجودَهُ، وساقَ خَلْف جُوبان هو ورفاقه المَذْكورون.
وأمّا جُوبان فإنه لم يَزَل هاربًا إلى أن وصلَ إلى مدينة مَرَنْد وليسَ معه غير نَفَرين من أصحابه، فتلقّاه الأميرُ ناصرُ الدِّين ملك مَرَند، وأمَدَّهُ بالخَيْل والمال والسِّلاح، ووَصلَ معَه إلى قريةٍ كبيرةٍ من تِبْريز تُسمّى دينه صُوفيان، ووَصلَ خبرُه منها إلى تِبْريز، فخرجَ إليه الوزير تاجُ الدِّين عليّ شاه التِّبْريزيُّ وزيرُ المَلِك أبي سَعِيد ومعهُ ألف فارس مُسَلَّحة بالسِّلاح التّام، فأنزلَهُ وأكرمَهُ، وأخرجَ إلى لقائِه أهلَ تِبْريز بالفَرَح والسُّرور، ونُصِبَت له القِباب، وأمدُّوه بالأموال والسِّلاح، فباتَ في تِبْريز ليلةً، وخرجَ منها مُتوجِّهًا إلى المدينة السُّلْطانية إلى حَضْرة المَلِك أبي سعيد واستصحَبَ الوزير عليّ شاه معَهُ، ودخلَ عليّ شاه بينَ يديه إلى حَضْرة أبي سَعِيد، وقال له: يا مَلِك الوَقْت هذا جُوبان هو لكَ بمنزلة الوالد، وهو شَفِيقٌ على الدَّولة، خبيرٌ بأمورها، وهؤلاء يَحْسدونه ويُريدون يُوقِعُون العَداوة بينَه وبينَ المَلِك حتى يَقْتله، فإذا قُتِلَ تَمَكَّنوا من المَلِك ولَعِبُوا بالدَّولة وولَّوا مَن أرادُوا وعَزَلوا مَن أرادُوا وليسَ في وجوهِهِم من يَمْنعهم من أغراضِهم الفاسدة إلّا هذا الرَّجُل. وقد بَلَغَني أنَّ الأميرَ إيْرَنْجِي قال: إنَّ ابني "عليّ" أحقّ بالمُلْك من أبي سَعِيد، وهذا جُوبان رَجُلٌ مأمونٌ شفيقٌ على مولانا السُّلْطان، ولا يَحْصل للمَلِكِ نائبٌ مثله، وقال من هذا القَوْل وأشباهه شَيْئًا كثيرًا، ولم يزل بأبي سَعِيد حتى رضِيَ عنه.
وأمّا جُوبان فإنَّه أُذِنَ له فدخلَ على أبي سَعِيد وكَفَنُهُ بيدِه، فألقاهُ وبَكَى بكاءً طويلًا، وقال: يا مَلِكَ العالم قُتِلَت وجالي وأعْواني، ونُهِبَت أموالي، وانكَسَرت حُرْمتي، وبقيتُ وَحِيدًا، فإنْ كانَ القانُ - أعزَّهُ اللهُ تعالى - يريد قَتْلي فيقتلني السّاعة بين يديه كيفَ شاءَ، ولا يُشَمِّتْ بيَ الأعداءَ، فإنّي غُلامُ القان وأقلُّ عَبِيده وعَبِيد والدِه، فتبرّأ أبو سَعِيد من أنَّهُ قصدَ لجُوبان سُوءًا وقال له: هؤلاء أعداؤك حَسَدوك على قُرْبك مِنّي وخَرَجوا عليَّ وعليكَ فدُونك وإيّاهم، فإنِّي لم آمُرْهم فيكَ بشيءٍ. قال: فمَرْسومك أُحاربهم وآخُذُ حَقّي منهم. قال: نعم. قال: فأسأل المَلِكَ أن يُساعدني عليهم فإنهم رُؤساء الجَيْش، وأنا الآن ما بَقِيَ معي أحد إلّا القليل، فأجابَهُ أبو سعيد إلى ما سألَ، وجَهَّزَ له جَيْشًا كثيفًا يكون نحو عَشَرة آلاف فارس، وجعل مُقَدَّمه الأمير طاز ابن الأمير كَتْبُغا نَوِين الذي قُتِلَ بأرض الشّام على عين جالوت، وجاءَهُ الأميرُ قَرَاسُنْقُر المَنْصورِيُّ أيضًا في ثلاث مئة فارس مُلَبّسة بالحديد والسِّلاح التامّ على زيّ عَساكر مِصْرَ والشّام، وجاءَهُ ابنه دمرْداش من جهة ثَغْر الرُّوم بطائفةٍ كبيرةٍ من الجيوش المُجَمَّعة. وركبَ أبو سعيد أيضًا في خاصة جَيْشه، وساق معهم ليُبيّن لجُوبان أنّه معهُ لا مَعَهُم.
وأمّا قُرْمُشي وإيْرَنْجِي ودُقْماق فإنهم ساقُوا خَلْف جُوبان إلى أن وَصَلوا إلى مدينة تِبْريز، فغُلّقت أبوابها دُونَهم وخِيفَ منهم القَتْل والنَّهْب، واضطربَ البلدُ اضطرابًا شديدًا، وخرجَ إليهم نائبُها وهو الحاجّي قُطُق بمأكولٍ ومَشْروب وعُلُوفات، فمَسَكوه وعَلَّقُوه برجليه، وأخذوا منه سبعين ألف دينار رائج عنها من الدَّراهم أربع مئة ألف دِرْهم وعشرون ألف دِرْهم، وجَعَلُوا ذَنْبه أنهم قالوا له: لأي شيءٍ خَدَمتُم جُوبان وتلقّيتُمُوه بالإكرام وغَلَّقْتُم أبوابَ المدينة دُوننا، ولا فَرْق بيننا وبينه. ثم ساقوا مُتَوجِّهين، ولم يَلْبثوا خارج تِبْريز إلا دُون يوم
حتى وَصلوا إلى مدينة من أعمال أذْرَبِيجان اسمها ميانة، ثم ساقُوا منها إلى مدينة زَنْكان، ومنها إلى ضَيْعة اسمها دية مَنارة، فتوافوا هم وجُوبان في هذا المكان، ووَقَعت العَيْن في العَيْن.
فلما رأى الأمير إيْرَنْجِي أبا سَعِيد وأعلامَهُ تَحيَّرَ وقال لأصحابه: هذا كانَ معنا صار علينا وما نَدْري كيفَ نَصْنَع بحَرْبه. فقال له قُرْمُشي: لا بدَّ من الحَرْب فاثبت لهم فإنَّ السُّلْطان في الباطن مَعَنا وما رَكِبَ مع جُوبان إلّا ليُبَرّئ عِرْضه في الظّاهر من هذه القضية، فتصافَفَ الجَيْشان، وخافَ إيْرَنْجِي أن يُبادي أبا سَعِيد بالحَرْب، وكذلك سائر من كانَ معه تَحَيَّروا في هذا الحَرْب كيف يكون سوى قُرْمُشي فإنه سيَّر إلى جُوبان يقول له: عَلِّم لي علامةً اقصُدُها وأجيء إلى طاعتك وأصالحك وتبطل هذه الحَرْب، فعَلَّم له جُوبان عَلَمًا، ولم يقف تحته خَوفًا من غَدْرٍ يقع. فلمّا رأى قُرْمُشيّ العلّامة التي قيلت له حَمَل على مَوْضع تلكَ العلّامة ظنًّا أن جُوبان تحتها، فلم يَجِدْه، ومدّ يده بالسَّيف، والتحمت الحَرْب، وتَقَدَّم الأمير طاز والأمير قَرَاسُنْقُر المَنْصوريُّ، وقاتلا قتالًا شديدًا، ودارت الحَرْب بينهم قليلًا، وانكسرَ إيْرَنْجِي ورفاقه، والتجأ أكثر من كانَ معهم من العَساكر إلى تحت أعلام أبي سَعِيد، وقالوا: كيفَ يحلّ لنا نُقاتل سُلْطاننا أو نخرج عليه لأجل أقوام خَوَارج، ودارت الدائرة على إيْرَنْجِي ورفاقه المَذْكورين، وهَرَب إيْرَنْجِي فأدركوه وقَبَضوا عليه، وتَتبَّعوا قُرْمُشي حتى أدركوهُ، وكذلك فعلوا بدُقْماق وأخيه، وحُمِلُوا جميعهم إلى المدينة السُّلْطانية، وعُمِلَ لهم يَرْغُو، أي عقد لهم مَجْلس، فقالوا كُلُّهم عن يدٍ واحدة: ما عَمِلْنا هذا الذي عَمِلْناه إلا باتِّفاق أبي سَعِيد معنا وبإذْنِه لنا في ذلك، حتى قال قُرْمُشي لجُوبان: أنا جاءني يوسُف بُكا ومُحمد هَرْزه برسالة أبي سَعِيد في حَرْبك وقبضك وقَتْلك. قال: فأحضرَ جُوبان المَذْكورين، وقال: أنتما
رُحتما برسالة من أبي سَعِيد إلى قُرْمُشي في أمر كذا وكذا؟ فقالا: نعم. فأنكرَ أبو سعيد ذلك، وقال: أنا ما عِنْدي خَبَرٌ من هذا، ويوسفُ بُكا ومُحمد هَرْزة كَذَبا عليَّ فاعمل معهما الذي يَجِب عليهما من حدّ الكَذِب والافتراء على السُّلْطان.
قال: فثبت على الجميع القَتْل بالياسَة
(1)
التَّتارية والسِّياسة الشَّرعية.
قال: وأما إيْرَنْجِي فلما حَكَموا عليه بالقَتْل قيل إنه قال لأبي سَعِيد: هذا ما هو خَطّك معي بالإذن لنا في قَبْض جُوبان وقَتْله؟
قال: وأخرج خَطًّا من خَرِيطته بذلك وشَتَمَ المَلِك، اجترأ عليه لكونه خال والده، فجَحَدَ المَلِكُ أبو سَعِيد جميعَ ذلك، وحُكِمَ على الكُلّ بالقَتْل والشُّهْرة، وقال لجُوبان: اعمل معهم بمقتَضَى الياسّة، فإنَّ هؤلاء خَرَجوا عليَّ وعليك وقصدوا قتلك وفساد حالك.
قال: فتسلَّمَهُم جُوبان وقَتَلهُم، فأول من ابتدأ بقتل إيْرَنْجِي، وقال: هذا يَنْبغي أن يُعَذَّب قبل أن يُقتل فقَنَّرُوه بين أضلاعه بقَنَانِير
(2)
الحديد، فبسطَ لسانه بالسبِّ الفاحِش لأبي سَعِيد، فأرادُوا أن يَقْطَعُوا لسانَهُ، فعجزوا عن ذلك، فضَربُوه بسيخ حَدِيد تَحْتَ حَنكِه خرجَ من دِماغِه فماتَ، فبَقِيَ مُقَنَّرًا مَيتًا يومين، ثم قَطعُوا رأسَهُ وطافُوا به بلاد خُراسان وأذْرَبِيجان والعِراقين والرُّوم ودِيار بَكْر، وقَنَّرُوا قُرْمُشي قُبالة إيْرَنْجِي، وكذلك فَعلُوا بدُقْماق وأخيه أرُس.
قال: وكانَ إيْرَنْجِي أميرًا كبيرًا، كثيرَ الحُرْمة والأصالة، وكانَ جبَارًا، ظالمًا، عَسُوفًا، وكانَ مُتَسلّم ثَغْر الرُّوم مدّةً، ثم نُقِلَ إلى آخِر العِراق ودِيار بكر مُدّة، ثم بَقِيَ مُقَدَّمًا نوينًا على عَشَرة آلاف من غير أن يكون ناظرًا في ثَغْرٍ من الثُّغور إلى أن قُتل.
(1)
هو قانون المغول الذي وضعه جنكيزخان.
(2)
جمع قنارة، وهي الصنارة، أو كلاليب الحديد.
قال: وأمّا قُرْمُشي فهو ابن اليناخ، وكانَ أبوه اليَنَاخ نائبَ المَلِك في دولة أرْغون ابن أبَغا، وكانَ هو مُقَدَّمًا على عَشَرة آلاف فارس، وكانَ مُتَسلِّم ثَغْر بلاد الكُرْج. وكانَ أميرًا جَبّارًا، شُجاعًا، مُسْرعًا في الأمور، وَقِحًا، طالبًا لأتابكية الجَيْش مكان والدِه.
وأمّا دُقْماق فكانَ أميرًا كبيرًا، مُقَدّمًا عند خَرْبَنْدا، ولم يَكُن عنده أعزّ منه ولا أقرب ولا أرفع منزلة.
هذا آخر ما أخبرني به الشَّيخُ مُحمد ابن الشَّيخ أبي بكر القَطّان.
فلما كانَ في أواخِر سنة تِسْع عَشْرة المَذْكورة وردَ علاءُ الدِّين عليّ بنُ النَّجِيب التّاجر السَّفّار من المدينة السُّلْطانية، وأخبرني بنحو الذي تَقَدَّم، وقال: كنتُ في المدينة المَذْكورة وجُوبان قد تَتبَّعَ الأمراءَ الذين خَرَجُوا عليه، فقبضَ منهم من أول شَهْر جُمادى الآخِرة إلى آخِر شَوّال نحو سَبْعة وثلاثين أميرًا، فقَتَلَهُم وشرَّد جموعَهُم وأخذَ أموالَهُم وصادَرَ عُمّالَهُم وتُجّارَهُم، وكلّ مَن كانَ يلوذُ بهم، وحصَّل من الأموال أضعافَ ما راحَ له.
قال: وبَقِيَ إيْرَنْجِي ثلاثة أيام مُقَنَّرًا مَيّتًا. قال: وقُنِّر معه في يومه دُقْماق وأخواه: أرُس، والأمير بَكْتوت.
قال: وفي اليوم الثاني قَنَّروا يوسف بُكا وأخاه أيضًا، والأمير تُوماي.
قال: وهذا تُوماي هو الأمير الذي كانَ مُتَسَلّم حماية دَرْب الشّام الذي من جهة رأس العَيْن إلى البِيرة من جِهةِ سُوتاي، وهو الذي قَتَل جميعَ القُفْل الذي مَرَّ به في شُهور سنة ست عَشْرة وسَبْع مئة، وخَبَرُه مَشْهور.
قال: وفي اليوم الثالث قُتِلَ لدُقْماق ابنان صَغِيران يكون عُمُر كلّ واحدٍ منهما بالتَّقْريب نحو سَبْع سنين.
قال: وكانَ دُقْماق مُسلمًا حَسَنَ الإسلام، ديِّنًا، مُحِبًّا للعَرَب، كثيرَ الصَّدقة، مُحْتَشِمًا، رئيسًا، عالي الهِمّة.
قال: وفي اليَوْم الرّابع قَتَلُوا ابنًا لإيْرَنْجِي اسمه وفادار، كانَ من أبناء خَمْس عَشْرة سنة.
قال: وقُتِلَ له ابنٌ في الوَقْعة اسمه الأمير عليّ، وقَطَعُوا رأسَهُ وألقوه إلى أمِّه كَنْجَشْبك، وكانت حاضِرة المَصَاف، فانزَعَجَت لذلك ولم تَصْبر دون أنْ حملت على أبي سَعِيد، فأدركتها الخَيْل فصَرعُوها وهَلَكت تحت الأرجُل. قال: وكانت بنت السُّلْطان أحمد بن أبَغا.
قال: وفي اليوم السّابع أحضَرُوا قُرْمُشي بن اليَنَاخ فحَلَقُوا ذَقْنهُ وألبسوهُ طَرْطُورًا وسَمَّروه، وطافوا به المدينة السُّلْطانية ثم أحضرُوه بين يدي جُوبان وضرَبُوه بالنُّشّاب إلى أن ماتَ. ثم أحضروا أخاهُ من ثَغْر خُراسان وقَتَلُوه ساعة حضر.
قال: وأحْضَرُوا بنت إيْرَنْجِي، واسمها قُطْلُوشاه خاتُون. وكانت إحدى زَوْجات خَرْبَنْدا، وكانت في غاية الحُسْن والجَمَال ليقتلُوها. وقال أبو سَعِيد: هذه سَقَت أبي السُّمَّ، فشفعَ فيها عليّ شاه الوزير وأخذَها وزَوَّجها في الحال لخَوَاجا دمشق أحَد أولاد جُوبان.
قال: وأمّا امرأة دُقْماق فكات مَعْشوقة لخَرْبَنْدا، ولم تَكُن زوجته فزوّجوها بالأمير طاز بن كَتْبُغا نَوِين، وولّوه مكان قُرْمُشي بن اليناخ على ثَغْر كُرْجِستان، وسَكَنَت الفِتْنة، وانصلحَ أمرُ الدَّولة.
قال: وجميع المَذْكورين بعد تَقْنِيرهم ومَوْتهم أُحْرِقُوا بالنّارِ حتَّى صارُوا حُممةً، ولم تُدفَن لأحدٍ منهم رِمّة، بل تلاشوا في بازار السُّلْطانية وفَنُوا
(1)
.
(1)
نقل النويري جل هذا الخبر في: نهاية الأرب 32/ 298 - 302 من هذا الكتاب تصريحًا، وهو ملخص في ذيل العبر، ص 101 - 103، وأعيان العصر 1/ 666 - 668، والوافي بالوفيات 10/ 22، والمنهل الصافي 3/ 186 - 187 وغيرها.
شَعْبان
4166 -
في يوم الاثنين مُسْتَهلّ شَعْبان تُوفِّيت الشَّيخةُ أمُّ الفُقراء
(1)
بنتُ الشَّيخ إبراهيمَ بنِ عبد العزيز خادِم الشَّيخ عليّ الزُّعْبِيّ، وخادِم قُبّة الشَّيخ رَسْلان، ودُفِنَت جوار قُبّة الشَّيخ رَسْلان، رحمة الله عليه، ظاهر دمشق.
وكانت امرأة جَيِّدةً فقيرةً، مَشْهورةً، كَبُرَت ولم تَتزوَّج.
وهي أخت فاطمة زَوْجة نَجْم الدِّين بن إسرائيل، وأخت الشَّيخ إسماعيل. وسَمِعَت معي بالقُدْس، وكَتَبتُ اسمَها في طبقة السَّماع "أَمَة الفقراء". وذُكِرَ لي أنها بَلَغت السَّبعين.
4167 -
وفي يوم الخَمِيس رابع شَعْبان تُوفِّي الحاجُّ مَعْتوق القَيِّم
(2)
بحمّام سامةَ.
وكانَ شيْخًا مَشْهورًا بالحَجِّ. حَجَّ أكثرَ من أربعين حجّة، وصارَ يَعْرفُ الطّريق والمَنازل واحدةً واحدةً. قال لي: دفنّا بَدْر الدِّين يوسُف بن القَلانسي بفَلاةٍ من الأرض. فلما حجَّ أخُوه المولَى عزّ الدِّين بعد سنين طَلَبني، فأرَيْته مكانَ القَبْر.
4168 -
وفي ليلة الجُمُعة خامس شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ العَدْلُ الفاضِلُ بدرُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيخِ الأمينِ العَدْلِ الصّالحِ عِمادِ الدِّين أبي بَكْر عَتِيق بن عبد الجَبّار بن عَتِيق بن مُحمد بن عَتِيق
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 229، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 164.
الأنصاريُّ الصِّقِلِّيُّ، ثم الدِّمشقيُّ، وصُلِّيَ عليه عَقِيب صلاة الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في عاشر رَمَضان سنة تسع وثلاثين وست مئة بدمشق، كذا ذكرهُ لي، ثم أحْضَرَ إليَّ خطَّ جدِّهِ وصورتُه: وُلِدَ مُحمد الثاني بن عَتِيق بن عبد الجَبّار في اليوم الثاني من شَهْر رَمَضان سنة تسع وثلاثين وست مئة.
وأمّا أخوه مُحمد الذي قَبْله فمولدُه في سنة ثلاث وثلاثين وست مئة، عاشَ عَشْر سِنين وماتَ.
وسَمِعَ هذا بعد موتِه على أبي البَرَكات عُمر بن عبد الوَهّاب بن مُحمد القُرشيّ ابن البَرَاذِعيّ "مَجْلس أهلية الإمامة" لابن عَساكر في يوم عَرَفة سنة ستٍّ وأربعين وست مئة، ولم يَظْهر له سِواه، وحَدَّث به مرّات كثيرة، وتفرَّدَ بروايتِه.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، شاهدًا تحتَ السّاعات، وعندَهُ معرفةٌ بالشُّرُوط، وكَتَبَ مدّةً طويلةً بين يدي القاضي شَمْس الدِّين ابن العزّ الحَنَفيّ. ثم إنّه في أواخِر عُمُره عَمِيَ، وانقطعَ عن التَّسبّب بالشَّهادة والكتابة، ولازمَ التِّلاوة، ورَتَّبه القاضي شَممْس الدِّين المَذْكور مُقْرئًا بالتُّربة الظّاهرية، وكانَ يَعْرف الخُطوطَ ويشهد عليها عند المالكيّ قبل العَمَى، رحمه الله.
4169 -
وفي يوم الجُمُعة الخامس من شَعْبان تُوفِّي شِهابُ الدِّين غازي
(1)
بنُ إبراهيم بن نَحْلة التّاجر، صِهْر شِهاب الدِّين بن السَّلْعوس.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، ومن هذا البيت، نعني: نَحْلَة - بفتح النون وسكون الحاء المهملة وفتح اللام تليها هاء - أبو الحسن علي بن يحيى بن عثمان بن أحمد بن أبي المنى بن نحلة الدمشقي المتوفى سنة 722 هـ، وترجمته في أعيان العصر 3/ 572، وتوضيح المشتبه 8/ 294، والدرر الكامنة 4/ 162.
• - وفي يوم الجُمُعة الخامس من شَعْبان وَلِيَ الشَّيخ مُحمدُ بنُ كامل قضاءَ تَدْمُر مُضافًا إلى ما كانَ بيدِه من قضاء عُرْض، عِوَضًا عن القاضي شَرَف الدِّين أحمد ابن القاضي زَيْن الدِّين مُحمد بن الحَسَن بن عليّ بن إسماعيل بن خَلَف الغَسّانيِّ التَّدْمُريِّ الشّافعيِّ.
وكانت وفاتُه قبل ذلك بقَلِيل.
• - وفي يوم الاثنين الثامِن من شَعْبان أُعيدَ القاضي صَدْرُ الدِّين الجَعْفَريُّ، المَعْروف بخَطِيب داريّا إلى نِيابةِ الحُكْم بدمشق فحَضرَ وجَلَسَ في هذا اليوم بالمَدْرسة العادلية بعد انفصالِه عنه مدّة تُقارب ثلاثة أشْهُر.
4170 -
وفي يوم الجُمُعة الحادي عشر من شَعْبان تُوفِّي شَمْسُ الدِّين عامرُ
(1)
ابنُ الشَّيخ شِهابِ الدِّين أحمد بن عامر بن بَذّال الزُّرَعيُّ، بقَرْية المِزّة ودُفِنَ هناك.
وكانَ شاهدًا ويَكْتُب الشُّروطَ، وسَمِعَ هو وأبوه من الشَّيخ شَمْس الدِّين الحَنْبليِّ لمّا قَدِمَ عليهم زُرَع.
وبينَ وفاتِه ووفاةِ والدِه دون تِسْعة أشهُر
(2)
.
4171 -
وفي السّادس عشر من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ عَلَمُ الدِّين سلَيْمانُ
(3)
بنُ الحُوَيْليّ، نَسِيب ابن الشَّهِيد، بنابُلُس، وصُلِّي عليه بجامع دمشق في يوم الجُمُعة السّادس والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
وكانَ موصوفًا بالمَكارِم والدِّيانةِ والمُرُوءة، وكانَ كاتِبًا يَخْدمُ في الدَّواوين، ووَليَ نَظرَ ديوان سَلّار بنابُلُس، ثم تركَ ذلك، وتَمَرَّض مدّةً، وماتَ على طاعةٍ وخَيْرٍ، وكانَ مرضُه بالاستسقاء.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم يترجم المؤلف للوالد.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
سمعتُ الشَّيخَ علاءَ الدِّين بنَ غانِم يُثني عليه ثناءً كثيرًا ويقول: كانَ من خِيار النّاس.
4172 -
وفي يوم الخَمِيس الثامن عشر من شَعْبان وَصلَ الخَبَرُ إلى دمشقَ بموتِ القاضي تَقِيِّ الدِّين حَرَمي
(1)
بن كَوْكَب بن حَرَمي الدّاريُّ الخَليليُّ، بمدينة غَزّة، وكانَ قاضيًا بها.
وكانَ من أعيان القُضاة، وَلِيَ قَضاء الخَلِيل مدّةً، ووَلِيَ قضاءَ لُدّ والرَّمْلة، ثم أُضيفَ إليه قَضاء غَزّة، ثم انفصلَ عن ذلك، ثم وَلِيَ قضاءَ بَعْلَبك، ثم أُعيدَ إلى غَزّة واستقلَّ بها إلى أن ماتَ.
وكانَ يَخْطب في بعض هذه الولايات مع القَضاء، وكانَ مَوْصوفًا بحُسْن الخَطابة، وهو فقيهٌ مَعْروفٌ ممَّن اشتغلَ بدمشق، وحَصَّل وتَمَيَّز، وبَقِيَ قاضِيًا في البلادِ ستًّا
(2)
وثلاثين سنة، وكانَ مَوْصوفًا بالكَرَم وحُسْنِ الخُلُق، وطَلاقَةِ الوَجْه والبَشَاشة. وحَدَّث؛ سَمِعَ منه المُقَاتليُّ بغَزّة شيئًا عن القاضي عزّ الدِّين بن الصّائغ، ثم ظَهرَ له سمَاع من شَيْخِنا ابن الدَّرَجيّ.
4173 -
وفي يوم الأربعاء الرابع والعِشْرين من شعْبان تُوفِّي الشَّيخُ المُقْرئُ ناصرُ الدِّين أبو مُحمد إسحاقُ
(3)
ابنُ الشَّيخ الإمام المُقْرئ الزّاهد بُرْهان الدِّين أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن المظَفَّر الوَزِيريُّ القاهريُّ، ثم الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 106.
(2)
في الأصل: "ستة".
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 163، ومعرفة القراء الكبار 2/ 721، وذيل التقييد 1/ 478، وغاية النهاية 1/ 155، والدرر الكامنة 1/ 423، وجاءت فيه وفاته سنة 718 هـ، وحسن المحاضرة 1/ 506.
قرأ القراءات على والدِه وعلى ابن فارِس، وسَمِعَ من الكمال الضَّرِير صِهْر الشّاطبيّ "الشّاطبيةَ"، و"التَّيْسيرَ"، وتَفَرَّد بروايتهما عنه بدمشق. وسَمِعَ من الحافظ زكيّ الدِّين عبد العظيم المُنْذريِّ "مُعْجَمه" وهو ثمانية عَشَر جُزءًا
(1)
، وتَفَرَّد به أيضًا بدمشق، وسَمِعَ بدمشقَ من ابن عبد الدّائم، وجماعة. وكانت له إجازات، وعندَهُ من فَوائد والدِه، وكانت له حَلْقة وجهات قِراءة، وكانَ مؤدِّبًا للصِّبْيان بمكتَب الأيتام داخل باب الفَرَج.
ورافقْتُه في الحَجِّ سنة عَشْر وسَبْع مئة، وقرأتُ عليه بالمدِينة النَّبوية وغيرِها من طريق الحِجاز.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَن الخُلُق، فقيرًا له عِيال وأولادٌ وهو قائمٌ بأمرِهم.
4174 -
وفي عَشِيّة الخَمِيس الخامس والعِشْرين من شَعْبان بَلَغَنِي موت شرَف الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ شَرَف الدِّين مُحمد ابن شَيْخِنا نَجْم الدِّين الحُسَين بن عبد الله بن الحَسَن بن حَمْزة بن عليّ بن حَمْزة بن أبي الحَجْحَاج العَدَويّ، الحَلَبيُّ الأصل، ثم الدِّمشقيُّ، وكانت وفاتُهُ بزُرَع في تاسع عَشَر شَعْبان المَذْكور.
وكانَ شابًّا عاقِلًا، وفيه دِينٌ وخَيْرٌ، رحمه الله.
4175 -
وفي يوم السَّبْت السّابع والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي زَيْنُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(3)
، ابنُ الآمديِّ، المؤذِّنُ بجامع دمشق.
وكانَ شابًّا من المؤذِّنين وله صَوْتٌ حَسَنٌ رقيقٌ، وحَجَّ، وتزوَّج بزوجة الشَّيخ مُحمد المِصْري المُقْرئ بعد وفاتِه.
(1)
فُقد هذا المعجم النفيس، فلا نعلم اليوم له وجودًا في خزائن المخطوطات العالمية.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده نجم الدين الحسين بن عبد الله العدوي في وفيات سنة 692 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4176 -
وفي بُكْرة يوم الثُّلاثاء سادس شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ شَمْس الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ الحَسَن بن عليّ بن خَلِيفة بن يَخْلف ابن الإمام الجَزائري القُرَشِيُّ، ودُفِنَ من يومِه بالقَرَافة.
ومولدُه في يوم الأحد مُسْتَهلّ صَفَر سنة خمس وثلاثين وست مئة بجزائر بني مَزْغنّه
(2)
.
رَوَى "جُزء ابن نُجَيْد" عن الشَّيخ شَرَف الدِّين المُرْسِي، وسَمِعَ من الصّاحب كمال الدِّين بن العَدِيم. وكانَ أمينًا على مَطْبَخ السُّكَّر بمِصْر، ويُعْرَف بالرَّصْدِيّ لسَكَنه بالرَّصْد
(3)
.
كَتَبَ إليَّ بوفاتِه الشَّيخ أبو بكر الرَّحَبيّ. ثم نُقِلَت وفاتُه من خَطّ الشَّيخ فَخْر الدِّين النُّوَيري المالكيّ، وذكر أنه تُوفِّي بُكْرة الثُّلاثاء سادس عَشَر شَعْبان، ودُفِنَ من يومِه بعدَ الظُّهْر، وهذا هو الصَّحيح.
شَهْر رَمَضان
4177 -
وفي ليلة الثُّلاثاء مُسْتَهلّ شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ عبدُ الله
(4)
بن مُحمد بنِ ناصِر التَّدْمُريُّ الفَقِير، المُجاور بالكَلّاسة، ويُعْرَف بالمَنْطِيقيِّ، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا عنده سُكون، وصَحِبَ الحَرِيريّة، وأقامَ بالزَّاوية عندهم مدّةً، ثم أقامَ بالقُدْس مدّةً، وتَزَوَّج ورُزِقَ الأولاد، ثم رَجعَ إلى دمشقَ وانقطعَ بالكَلّاسةِ، وكانت له خِزَانة فيها.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 160، وفيه وفاته سنة 716 هـ.
(2)
هكذا في النسخة، وهي مدينة الجزائر، عاصمة الجمهورية الجزائرية، وتعرف بجزائر بني مَزْغنّاي، وينظر معجم البلدان 2/ 132.
(3)
ينظر عن الرَّصْد: خطط المقريزي 1/ 236.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4178 -
وفي ليلة الخَمِيس الثالث من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الإمام العَلّامة جمال الدِّين مُحمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطّائيُّ الجَيّانيُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه الظُّهْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون عند والدِه بتُربة القاضي عِزّ الدِّين بن الصّائغ.
وكانَ شيْخًا حَسَنًا بَهِيَ المَنْظر، مَليحَ الشَّيْبة، كثيرَ التِّلاوة والتَّلْقين، مُلازمًا للجامع من أكثر من أربعين سنة. وله خِزَانة وبَيْت بالمئذنة الشَّرقية. وسَمِعَ "جُزءَ الأنصاريّ" على بعض الشُّيوخ بقراءة ابن جَعْوان تِلْميذ والدِه، ولم يُحَدِّث.
4179 -
وفي يوم الجُمُعة رابع شَهْر رَمَضان تُوفِّي الفَقيهُ أمينُ الدِّين عبد العالي
(2)
بنُ أبي القاسم بن عبد العالي السَّواديُّ الحَرِيميُّ البُشْراويُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا له هِمّة، وفيه كفاءةٌ ونَهْضةٌ. وكانَ يلوذُ بشَرَفِ الدِّين بن المُنَجّى مُدَرِّس المِسْمارية، وخَلَّف عَشَرة أولاد، ولم يَبْلغ الأربعين من العُمُر.
• - وفي يوم السَّبْت الخامس من رَمَضان وَصلَ السَّيْلُ إلى ظاهرِ دمشق وتَلِفَ للنّاس شيءٌ كثيرٌ، وانزعجَ النّاسُ وحَصَلَ الخَوْف، وانتقلَ النّاسُ من منازلِهم، ولم تَطُل مُدّتُه، ولطفَ اللهُ تعالى، وكانَ مجيءُ هذا السَّيْل من آبِل السُّوق
(3)
ووادي هُرَيْرة والحُسَيْنِية، أُمْطِرَت هذه الأماكن مَطَرًا عظيمًا وسالَ منه السَّيْل المَذْكور
(4)
.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 457، وتقدمت ترجمة أخيه وسميّه بدر الدين محمد في وفيات سنة 686 هـ، وترجمة أبيه الإمام جمال الدين بن مالك النحوي المشهور في وفيات سنة 672 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
قرية كبيرة من غوطة دمشق من ناحية الوادي (معجم البلدان 1/ 50، وتوضيح المشتبه 1/ 136).
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 302، وذيل العبر، ص 103، والبداية والنهاية 16/ 142.
• - وفي يوم السَّبْت خامس رَمَضان نُقِلَ الأميرُ عَلَمُ الدِّين الطَّرقشِي من ولاية البَلَد إلى شَدِّ الدَّواوين، وعُوِّض عنه في الولاية بالأمير صارم الدِّين إبراهيم الجَوْكَنْداري، وخُلِعَ عليهما، وباشرَ كلٌّ منهما وظيفتَهُ.
4180 -
وفي يوم السَّبْت الخامس من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ العارفُ أبو العبّاس أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ القُدْوةِ الزّاهدِ أبي إسحاق إبراهيمَ ابن الشَّيخ الكبيرِ الزّاهدِ العابدِ أبي مُحمد عبد الله، ويُسَمّى يوسف أيضًا، ابنِ يونُس بن إبراهيم بن سُلَيْمان بن البنكو
(2)
الأُرْمَويُّ، ودُفِنَ من يومِه بسَفْح قاسيون عند والدِه وأهلِه.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، مُنْقطعًا، قليلَ الاختلاط بالنّاس، حافظًا لنفسِه، مَجْموعًا على طاعةِ الله تعالى ولزوم بيته.
وهو سِبْط الشَّيخ غانِم المَقْدسيّ.
وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم "جُزء ابن عَرَفة" ورَوَاه عنه مَرّات، وسمِعَ أيضًا من النَّجيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ في سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة، ومن غيرِهما.
وهو من بيتِ المَشْيخةِ والصَّلاح والعِبادة.
4181 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثامن من رَمَضان تُوفِّي القاضي شَمْسُ الدِّين أبو الطّاهر إبراهيمُ
(3)
ابنُ قاضي القُضاة شَرَف الدِّين أبي القاسم هبة الله ابن القاضي نَجْم الدِّين أبي مُحمد عبد الرَّحيم ابن القاضي شَمْس الدِّين أبي الطّاهر
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات محرم سنة 692 هـ.
(2)
قيده الصفدي في الوافي بالحروف فقال: "بالباء ثاني الحروف والنون والكاف والواو"(الوافي 6/ 36)، ووقع في المطبوع من تاريخ الإسلام 15/ 744 بالياء من غلط الطبع، وهو مصحح في حاشية نسخة الدكتور بشار من الكتاب، وقوبل هذا المجلد من تاريخ الإسلام والقنابل تتساقط على مدينة السلام في نيسان سنة 2003 هـ.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 1/ 84.
إبراهيم بن هبة الله بن المُسَلَّم بن هبة الله بن حَسّان بن مُحمد بن مَنْصور بن أحمد الجُهَنيُّ الحَمَويُّ، المَعْروفُ بابنِ البارزِيِّ، بحَمَاة، ودُفِنَ من الغد بمقبَرتهم بباب حِمْص بذَيْل عَقَبة شَرْشَر، وحَضَرَهُ جمعٌ كبيرٌ، وتردَّدَ النّاس إلى عَزائِه وقَبْرِه.
ومولدُه في رَجَب سنة ثلاثٍ وسبعين وست مئة.
وكانَ فقيهًا قاضيًا ببلدِه، ينوبُ عن والدِه، وأُصيبَ به والدُه، وتألَّمَ النّاسُ له، وكُتِبت إليه التَّعازي من البلاد، وصُلِّي عليه بجامع دمشق يوم الجُمُعة الثامن عَشَر من رَمَضان المَذْكور بعد موتِه بعَشَرة أيام، وحَجَّ ثلاث مَرّات، وقَدِمَ دمشقَ غير مرّة. وسَمِعَ بقراءتي على القاضي تَقِيَّ الدِّين الحَنْبليّ، وغيرِه.
4182 -
وفي بُكْرة الأربعاء تاسع رَمَضان تُوفِّي الصَّدْرُ بهاءُ الدِّين يوسُفُ
(1)
بنُ شِهاب الدِّين إسماعيل بنِ بَدْر الدِّين مُحمد بن عبد القادِر، المَعْروفُ بابن المُرَحِّل، التّاجِر السَّفّار، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير، وجاوزَ السِّتين من العُمُر.
4183 -
وفي يوم الخَمِيس العاشِر من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ أمينُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ شيخِنا شَرَفِ الدِّين مُظفَّر بن مُحمد بن أبي الفَضْل بن عبد الوَهّاب السُّلَميُّ الدِّمشقيُّ المَعْروفُ بابن قَصَيْبات التّاجرُ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا من بَيْتٍ، وله مِلْكٌ وتِجارةٌ. واسمه في طَبَقة "صحيح البُخاري" على الشُّيوخ الثمانية والعِشْرين، منهم ابن أبي اليُسْر، ولم يُحَدِّث.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 685 هـ.
4184 -
وفي يوم الجُمُعة حادي عشر رَمَضان تُوفِّي الفَقيهُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ أحمد بن مَنْصور الرُّصافيُّ الشّافعيُّ، المَعْروف بابن البَقّال، ودُفِنَ بعد العَصْر بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، فَقِيهًا، مُقْرِئًا، مَشْكورَ السِّيرة، فيه ديانةٌ وسُكونٌ وخَيْرٌ، وحَجَّ غير مرّة. وعاشَ أربعًا وأربعين سنة.
4185 -
وفي ليلة الاثنين الرّابع عَشَر من رَمَضان تُوفِّي الفَقيهُ عِمادُ
(2)
ابنُ القاضي شِهابِ الدِّين أحمدَ بن أبي بَكْر بن حِرْز الله الإرْبِديُّ الشّافعيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر بجامع الصّاحب، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الشَّرقي.
وكانَ شابًّا لم يبلغ الثَّلاثين.
وله نَظْمٌ، وكانَ يَشْهد بالكُشْك.
4186 -
وفي ليلة الثُّلاثاء النِّصف من شَهْر رَمَضان تُوفِّيت المرأةُ الصّالحةُ أم مُحمد فاطمةُ
(3)
بنتُ الشَّيخ الفَقيه أبي مُحمد عبد الوَهّاب ابن الفقيه أبي الحَجّاج يوسُمف بن مُحمد بن خَلَف بن مُحمد بن أيوب الأنصاريِّ القَصْريِّ المالكيِّ، المَعْروف بابن رُشيِّق
(4)
.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه سنة 727 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 115، وأعيان العصر 1/ 195، وتوضيح المشتبه 3/ 173، والدرر الكامنة 1/ 125، وبقي أخوه حسن بن أحمد بن محمد بن أبي بكر إلى سنة 762 هـ حيث توفي في ذي القعدة منها، كما في الدرر الكامنة 2/ 110 - 111.
(3)
ترجمتها في: ذيل مشتبه النسبة، ص 27، وتبصير المنتبه 2/ 605.
(4)
قيدته كتب المشتبه بضم الراء وفتح الشين المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف وكسرها، كما في المشتبه، ص 317، وتوضيح المشتبه 4/ 195، وغيرهما، وعبد الوهاب والد فاطمة توفي سنة 650 هـ كما سيذكر المؤلف، وترجمته في: تاريخ الإسلام 14/ 639، وتوضيح المشتبه 4/ 193 - 195 وغيرهما.
وكانت امرأةً صالحةً، عابدةً كثيرةَ الأوراد والنَّوافِل، ودُفِنَت بمقبَرة الصُّوفية ظاهر دمشق.
وكانَ والدُها من الفُضَلاء الصُّلَحاء، المتصدِّرين بجامع مِصْر.
ماتَ سنة خَمْسين وست مئة، وله ثلاثٌ وستّون سنة.
وذكَرَت أنه لمّا ماتَ أبوها كانَ عُمُرها عَشْر سِنين.
4187 -
وفي ليلة الأربعاء السّادس عَشَر من رَمَضان تُوفِّي الأميرُ سَيْفُ الدِّين شبُوجي
(1)
الملكيُّ النّاصريُّ.
وكانَ أميرًا جيِّدًا مَشْكور السِّيرة.
وهو صِهْر الأمير بَدْر الدِّين بَكْتاش المَنْكُبَرسِيّ
(2)
.
4188 -
وفي يوم الخَمِيس عَصْر النَّهار سابع عَشَر رَمَضان تُوفِّيت أمُّ مُحمد عائشة
(3)
بنت الشَّيخ الصّالح أبي مُحمد مُسْلم بن مالك بن مَزْروع الزَّيْنِيِّ، ثم الصّالحيِّ، وصُلِّي عليها عَقِيب الجُمُعة بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَت بتُربة الشَّيخ موفَّق الدِّين الحَنْبليّ.
وكانت امرأةً صالحةً مُبارَكةً، فَقيرةً، سمِعَت من ابن عبد الدّائم قطعةً من "صَحيح مُسلم" ورَوَت عنه.
4189 -
وفي ليلة الخَمِيس الرابع والعِشْرين من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفَقيهُ الإمامُ الكبيرُ عزُّ الدِّين أبو حَفْص عُمرُ
(4)
بنُ أحمدَ بن خَضِر بن يوسُف
(1)
لم نقف على خبر أو ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
هكذا في النسخة الخطية، وهو خطأ صوابه:"المنكورسي"، كما في جميع مصادر ترجمته وأخباره، وقد عُمّر فجاوز المئة بسبع سنين، وتوفي سنة 757 هـ، وترجمته في: أعيان العصر 1/ 699، والدرر الكامنة 2/ 16 وغيرهما.
(3)
ترجمتها في: ذيل التقييد 2/ 381، وتحرفت فيه وفاتها إلى سنة 717 هـ.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
الكُرْديُّ، الهَكّاريُّ، بالمَدْرسة الشّامية ظاهرَ دمشق، ودُفِنَ بتُربة الحاجب بالقُرْب من مَسْجد القَدَم قِبْليّ دمشق، بُكْرة الخَمِيس، وعُمِلَ عند قَبْره خَتْمة ليلة الجُمُعة، واحتفلَ الحاجبُ الأميرُ زَيْن الدِّين كَتْبُغا لذلك، وأحْضَرَ للنّاس مآكِلَ كثيرة، وقامَ بهذا الأمر.
وكانَ عُمُره إحدى وتسعين سنة تقريبًا.
كذلك أخبَرَني، رحمه الله، فإنّي سألتُه عن مولدِهِ في دَرْس الشّامية في شَهْر رَمَضان سنة إحدى عَشْرة وسَبعْ مئة. فقال: عُمُري الآن ثلاثٌ
(1)
وثمانون سنة.
وكانَ فَقِيهًا مَعْروفًا، من كِبار جماعة الشَّيخ تاج الدِّين، رحمه الله، وفيه مروءةٌ وحُسْن خُلُق وقضاء حاجة، وحَجَّ مع شَيْخِه المَذْكور، وكانَ يحبُّه وَيزُورُه في بيتِه ويُكْرمُه ويُجْلِسُه إلى جانبه في حَلْقتِه، وصَحِبَهُ مدّةً طويلةً. ولمّا وُلِدَ له الشَّيخ بُرْهان الدِّين أهدَى إليه نُسْخةً بـ "الوسيط"، وقال: هذه لهذا الوَلَد يَذْكر الدَّرْس منها إن شاءَ الله، فكانَ الأمر كما قال. وكانَ الشَّيخُ بُرهانُ الدِّين يَرْعَى له ذلكَ، ويَعْرف صُحْبتَهُ لوالدِه، فكانَ يقومُ بمصالِحِه عندَ احتياجِه وضَرُورتِه إلى ذلك مدّةَ سِنين، وسَمِعَ الحَديثَ مع شَيْخِه من يوسُف بن مَكْتُوم القَيْسي، وأحمد بن أبي الخَيْر، وحَدَّثَ.
• - وفي يوم الثُّلاثاء التاسع والعِشْرين من شَهْر رَمَضان جُمِعَ القُضاةُ والفُقهاءُ عندَ نائبِ السَّلْطنةِ بدارِ السَّعادة، وقُرِئ عليهم كتاب السُّلْطان وفيه فَصْلٌ يتعلَّق بالشَّيخ تَقِيِّ الدِّين ابن تَيْميّة بسبب الفَتْوى في مسألة اليمين بالطَّلاق وأُحضِرَ وعُوتِبَ على فُتْياهُ بعدَ المَنْع، وانفصلَ المَجْلس على تأكيد المَنْع
(2)
.
(1)
في الأصل: "ثلاثة".
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 303، وذيل العبر، ص 103، والبداية والنهاية 16/ 142.
4190 -
وفي يوم الأربعاء سلْخ رَمَضان تُوفِّي بالقُدْس الشَّريفُ الشَّيخُ العالِمُ الفاضِلُ الزّاهدُ أبو الحَسَن عليُّ
(1)
بنُ أحمد بن حَدِيدة الأنصاريُّ الأندَلُسِيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بالمَسْجد الأقصى.
وكانَ على رأسِ السَّبعين من العُمُر.
وكانَ شَيْخًا فاضلًا ذكرَ أنه حَفِظ "الموطّأ" وقرأهُ، وقرأ "صحيحَ مُسلم" ببجّايةَ على شَيْخه ابن كُحَيْلة قراءةَ تَفَقُّهٍ وتَفَهُّم. وكانَ حافظًا للقُرآن، ويَعْرفُ طَرَفًا صالحًا من التَّفْسير، وله مجالسُ يَتكلَّم فيها من حِفْظه في التَّفسير والحَديث، وأخذَ طريقة التَّصوّف عن أبي عبد الله السّاحليّ خَطِيب مالقة، وعن أبي مُحمد المَرْجاني. ولمّا قَدِمَ المَرْجانيّ ديار مِصْر أدركَهُ وأقامَ معه بها. ثم إنّهُ عادَ إلى المَغْرب إلى بَلَد مولدِه الجَزائر، وجلسَ للنّاسِ وتكلَّم عليهم، وله أتباعٌ ومُحِبُّون وزَوَايا بالمَدِيّة
(2)
ومِلْيانة
(3)
، وعادَ بعد ذلك إلى الدِّيار المِصْرية، وأقامَ بالإسكندرية مدّةً، وتَكَلَّم فيها على النّاس، وأقامَ بالقُدْس مدّةً، وكانَ يسافر منه ثم يَرْجع إليه. وحجَّ خَمْس مرّات.
ذَكرَ لي ذلك من حاله الفَقيه أبو فارِس عبد العزيز بن مُحمد الآسفِي، الصِّنهاجي.
4191 -
وفي شَهْر رَمَضان تُوفِّي سَيْفُ الدِّين جاريك
(4)
القَبْجَاقيُّ، عَتِيق الصّاحب عزّ الدِّين بن القَلانسي.
وهو زَوْج بنت أخيه نظام الدِّين.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 4/ 13.
(2)
المديّة، من مدن الجزائر، لها ذكر في معجم البلدان 5/ 53.
(3)
مدينة معروفة بآخر إفريقية (معجم البلدان 5/ 196).
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4192 -
وفاطمةُ
(1)
بنتُ الشَّيخ مُحمد بن عُمر بن أبي بكر بن قِوَام البالسيِّ.
4193 -
ومُحمدُ
(2)
ابنُ تَقِيِّ الدِّين أحمدَ بنِ أبي بَكْر بن مُحمد بن طَرْخان، من شباب الصّالحية.
4194 -
وفي الحادي والعِشْرين من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ زكيُّ الدِّين أبو بَكْر عبدُ الله
(3)
بنُ الأكْرَم أبي البَرَكات بن أبي الفَرَج بن فَضل المِصْريُّ، بمِصْر، ودُفِنَ بالقَرَافة.
ومولدُه في ذي القَعْدة سنة سَبْع وثلاثين وست مئة.
سَمِعَ من الحافظ رشيد الدِّين العَطّار "الجُمُعة" للنَّسائي، وغير ذلك، وسَمِعَ "جُزء ابن فِيل"، و"جُزء ابن عَرَفة". وكانَ شَيْخًا حَسَنًا فاضِلًا، له تَصْنيفٌ وشِعْرٌ، وكانَ كاتبًا. وهو من أصحاب الشَّيخ أبي عبد الله بن النُّعمان. وكانَ يُعرف بالزُّراف.
كَتبَ إليّ بوفاتِه الشَّيخ أبو بكر الرَّحَبي. ثم وجدتُ وفاتَهُ بخطِّ الشَّيخ فَخْر الدِّين النُّوَيْريِّ المالكيِّ، وذكرَ أنه في العَشْر الأُخَرِ من شَهْر رَمَضان. وكذلك وجدتُهُ بخطِّ أحمد بن أيبك الحُساميّ أحد الطَّلَبة.
4195 -
وتُوفِّي بمكّةَ، شَرَّفَها اللهُ تعالى، الشيخُ الصّالحُ مُحيي الدِّين يحيى
(4)
بنُ سلَيْمان بن محمود الذَّهَبِيُّ الدِّمشقيُّ في الثالث من شَهْر رَمَضان، وكانَ مُجاورًا بها.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، صالحًا، مُواظِبًا على الخَيْر، حَسَن الخُلُق، وأوصَى بمئة دِرْهم للفُقراء المُجاورين.
(1)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في وفيات صفر السنة الفائتة.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 21.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
شَوّال
4196 -
في يوم السَّبْت الثالث من شَوّال تُوفِّي الحاج بَدْر الدِّين حَسَنُ
(1)
بنُ إبراهيم بن عبد الله، التّاجرُ بسُوق الزِّيادة، ودُفِنَ من يومِه بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَجَّ غيرَ مرّةٍ، وفيه إقبالٌ على الخَيْر.
وهو زَوْج أخت ناصر الدِّين بن الخِيَمِي، وحَمْو إسماعيل بن مَجْدِ الدِّين الجَزَريّ الذَّهبيّ.
ورافقتُه في الحَجِّ سنة ثلاث وسَبْع مئة، وسَمِعَ بقرائتي ببُصْرَى، ومُعان، والمَدينة النَّبوية.
ولم يَبْلغ الستِّين.
4197 -
وفي يوم الأحد الرابع من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ عُمر
(2)
السِّنْجاريُّ، المَعْروف بالقَيِّم، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا صالحًا مَشْهورًا، بَقِيَ مدّة قَيّمًا بحَمّام نُور الدِّين، ثم انقطَعَ بالجامع، وكانَ يَجْتَمع حوله جَماعة. وكانَ الشَّيخ شرَف الدِّين الفَزَاريُّ يُحبُّه ويُعَظِّمُهُ. ثم إنّه في آخر عُمُره ضَعُف عن المُلازمة للجامع، وانقطعَ، وكبر، وجاوزَ التِّسعين.
4198 -
وفي يوم الأحد رابع شَوّال تُوفِّي الحاجُّ أبو بَكْر
(3)
ابن الشَّيخِ عبدِ الله بن يحيى الصَّوّاف الرُّصافيُّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
كذلك.
وكانَ شَيْخًا صاحبَ ثَرْوة، وخَلَّفَ تركةً بأكثر من ثلاث مئة ألف دِرْهم، وأوصَى في مَرَضِه وبَرَّ رَحِمَهُ، وفَرَّق بنفسِهِ.
4199 -
وفي يوم الاثنين الخامس من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ إسماعيلُ
(1)
ابنُ الشَّيخ إبراهيم بن عبد العزيز، المَعْروف والده بخادم الشَّيخ عليّ الزُّعْبِيّ، ودُفِنَ داخل قُبّة الشَّيخ رَسْلان ظاهر دمشق في القَبْر الذي دُفِنَ فيه أبوهُ والشَّيخ أبو النَّجْم خادم الشَّيخ رَسْلان والشَّيخ نَجْم الدِّين بن إسرائيل، والشَّيخ مَنْصور بن أحمد ابن الشَّيخ عليّ الحريري.
وكانَ رَجُلًا جاوزَ الستِّين وحَجَّ غيرَ مرّةٍ، وكانَ هو وأبوهُ يَخْدمان قُبّة الشَّيخ رَسْلان رحمة الله عليه.
وكانت وفاتُه بعد أختِه أمِّ الفُقراء المُقَدَّم ذِكْرها بشَهْرين وخَمْسة أيام.
4200 -
وفي ليلة الأربعاء سابع شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ أبو مُحمد عبدُ الله
(2)
ابنُ الشَّيخ الفقيه الصّالح أبي إبراهيم إسماعيل الصِّنهاجيُّ الآزْمُوريُّ، وَقْت المَغْرب، بظاهر دمشق بالقُبَيْبات، ودُفِنَ يوم الأربعاء بعد الظُّهْر بمقبَرة الباب الصَّغير، وقاربَ السَّبعين.
وكانَ فقيهًا أُصوليًّا، حَفِظَ "الموطّأ"، وهو ابن ثلاث عشرة سنة. ووَلِيَ قضاءَ مدينة سلا نحو سنتين، وقَدِمَ دمشقَ للحجِّ، واجتمعَ بالشَّيخ صَفِيِّ الدِّين الهِنْديّ، وصَدْرِ الدِّين بن الوكيل، ثم عادَ إلى الغَرْب وأقامَ نحو عَشْر سِنين، ثم قَدِمَ دمشقَ مرّةً أُخرى، وأقامَ بها سنة، وماتَ. وكانَ والدُه خَطِيب آزْمُور
(3)
.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 20.
(3)
آزمور من ناحية مراكش، كما في التكملة لابن الأبار 3/ 436، والروض المعطار، ص 5، ووفيات الأعيان 7/ 18.
4201 -
وفي ليلة الجُمُعة تاسع شَوّال تُوفِّي الفَقيهُ الصّالحُ زَيْنُ الدِّين عُمرُ
(1)
بنُ يوسُف بن هاشم الحَنَفيُّ، المقيمُ بالمَدْرسة القَيْمازية، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وكانَ رَجُلًا صالحًا مُشْتغلًا بالعِلْم، وكانَ يجلسُ مع الشُّهود إلى جانب القَيْمازية. وكانَ رفيقَنا في الحَجّ.
4202 -
وفي ليلة الجُمُعة تاسع شَوّال تُوفِّي كمالُ الدِّين أحمدُ
(2)
بنُ مُحمد بن بَدْر الزُّوَيْزانيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير، وكانَ شابًّا ابن عِشْرين سنة.
وحفظَ "المِنْهاج"، وكتاب ابن الحاجب في الأُصول، وغيرهما. وكانَ يعرف الحِساب.
وهو ابنُ زَوْجة الفقيه جمال الدِّين يوسف الشّاطبي، وهو الذي رَبّاه وأشغَلَهُ وكَتَبَ له الكُتُب، وسَعَى في تَنْزيله بالمَدَارس، وعاشَ بعد موتِ الشّاطبي سنتين وأيامًا، رحمهُما الله تعالى.
• - وفي يوم الجُمُعة التاسع من شوّال خَطَب الشَّيخُ صَدْرُ الدِّين الجَعْفَريُّ نائبُ الحُكْم العزيز بدمشق، بجامع العُقَيْبة ظاهر دمشق، عِوَضًا عن بَدْر الدِّين بن ناصِر الدِّين بن عبد السَّلام.
• - وفي يوم الجُمُعة السّادس عَشَر من شَوّال خَطَب بَدْر الدِّين حَسَن العَقْرَبانيُّ بجامع جَرّاح، عِوَضًا عن صَدْر الدِّين الجَعْفَريّ.
• - وفي يوم السَّبْت العاشر من شَوّال خَرَجَ المَحْملُ السُّلْطانيّ والرَّكْب من دمشقَ إلى الحِجاز الشَّريف، وأميرُ الحاجِّ هو الأميرُ عزّ الدِّين أيبك المَنْصوري
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
أمير عَلَم، وممَّن حَجَّ من دمشق: قاضِي القُضاة صَدْرُ الدِّين الحَنَفيُّ والقاضي نَجْمُ الدِّين الدِّمشقيُّ، وهو قاضي الرَّكْب، وبُرْهانُ الدِّين الحَنَفيُّ المَعْروفُ بابن عبد الحَقّ، وشَرَفُ الدِّين بنُ تَيْميّة، ورضِيُّ الدِّين المَنْطِيقيُّ الحَنَفيُّ، وإمامُ الدِّين بنُ الشَّرَف النّاسخ، وشَمْسُ الدِّين بنُ هلال، وسيْفُ الدِّين بنُ رَمَضان، وبَدْرُ الدِّين بنُ الجُوَخِيّ، وعَلاءُ الدِّين بنُ السَّلْعُوس، وأولاد ابن تروس، وشَمْسُ الدِّين بنُ الرُّزَيْز خَطِيب جامع القُبَيْبات، وشمْسُ الدِّين بنُ رَشِيق المالكيُّ، وشَمْس الدِّين نَقِيب المالكيّ
(1)
.
• - وحَجَّ في هذه السَّنة من الدِّيار المِصْرية مَوْلانا السُّلْطان المَلِك النّاصر سُلْطان الإسلام والمُسْلمين، تَقَبَّلَ اللهُ منه، وحَجَّ معَهُ جَمْعٌ كبيرٌ من أهلِهِ ومماليكِه وأمراءِ دَوْلتِه وأعيان مَمْلكتِه. وحَجَّ مع الرَّكْب المِصْري قاضِي القُضاة بَدْرُ الدِّين بنُ جَماعة الحاكم بالدِّيار المِصْرية. وكانَ خُرُوج السُّلْطان وأتباعِه من القاهرة بعدَ خُروج الرَّكْب بنحو شَهْر. وممَّن حَجَّ معَهُ من أعْيان الدَّولة وكيلُهُ القاضي كَرِيم الدِّين، والقاضي فَخْرُ الدِّين ناظر الجُيُوش، والقاضي عَلاءُ الدِّين بن الأثير صاحب ديوان الإنشاء. وتَوَجَّه من الشّام إلى الدِّيار المِصْرية المَلِك عِماد الدِّين صاحب حَمَاة، والصّاحب شَمْس الدِّين ناظر دمشق، وحَجّا في خِدْمة السُّلْطان
(2)
.
4203 -
وفي يوم السَّبْت عاشر شَوّال تُوفِّي صارِمُ الدِّين إبراهيمُ
(3)
بنُ سَيْف الدِّين قَلِيج بن عبد الله الخَطائيُّ، وأوصَى إلى الأميرِ حُسام الدِّين طُرُنْطاي الحاجِب.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 142.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 303، وذيل العبر، ص 104، والبداية والنهاية 16/ 142.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4204 -
وفي يوم السَّبْت عاشِر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الفَقيهُ العَدْلُ شَرَفُ الدِّين عبدُ الحميد
(1)
ابنُ الشَّيخ بُرْهان الدِّين إسحاق بن خَلَف التُّرْكُمانيُّ، المَعْروف بالمارِدِينيِّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون يوم الأحد.
وكانَ شاهدًا بسُوق القَمْح، ومُدَرِّسًا بالمَدْرسة الماردانية، وحَصَلَت المَدْرسة لولدِه الفقيه شمْس الدِّين مُحمد ودَرَّس بها.
4205 -
وفي يوم السَّبْت عاشر شوّال ذُبِحَت جُمَيِّع
(2)
بنتُ عبدِ المَلِك أمُّ عبد المَلِك وأبي بكر التّاجرين ابنَي عمّ بَدْر الدِّين ابن المُحَدِّث الكاتب.
وكانت هذه المَرْأة امرأةً صالحةً قد تَجَهَّزت للحَجِّ هي وولدُها أبو بَكْر، فخَرَجت من بيتِها تُوَدِّع بعضَ المَعارف، فدخلَ سارقٌ من الجِيْران إلى البَيْت بدَرْب سُوَيْد وهي غائبة، فجاءَت وأدركتهُ، فخافَ منها وعَلِمَ أنها عرفتهُ، فبادَرَ إليها وذَبَحها، وعُرِفَ في يومِه ومُسِكَ وشُنِقَ، وتَوَقَّف ولدُها المَذْكور في السَّفَر، ثم قَوِيَ عَزْمُه وتَوجَّه للحجِّ.
4206 -
وفي ليلة الاثنين الثاني عَشَر من شَوّال تُوفِّي الصَّدْرُ بَدْرُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ مُجاهد بن أبي الفَوَارس النّابُلُسِيُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ وَلِيَ عدّة جهات من جهات الكِتابة، منها نَظَر الدَّواوين بدمشق، ثم إنه عُزِلَ، وبَقِيَ بطّالًا خامِلًا مُتَمَرِّضًا مدّةٌ، وكانَ فيه صَدَقة وإيثار ومَعْرفة بالكتابة وخِبْرة.
4207 -
وفي ليلة الثُّلاثاء الثّالث عَشَر من شَوّال تُوفِّي الفَقيهُ العَدْلُ
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 109، والدرر الكامنة 5/ 313.
بهاءُ الدِّين أبو بَكْر
(1)
ابنُ الشَّيخ الصّالح تَقِيّ الدِّين عبد الله بن سَلْمان الجَعْبَريُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الثُّلاثاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير بالقُرْب من قَبْر الشَّيخ أبي الوليد المالكيّ بوصيّةٍ منه، وجاوز الخَمْسين من العُمُر.
وكانَ شاهدًا تحتَ السّاعات، وعندهُ فضيلةٌ، وله اشتغالٌ ومَحْفوظ. وهو ابنُ أخْت القاضي تاج الدِّين الجَعْبَريّ.
• - وفي يوم الثُّلاثاء الثّالث عَشَر من شوّال تَوَجَّه الصّاحبُ شَمْسُ الدِّين من دمشقَ إلى القاهرةِ ليحجّ في خِدْمة السُّلْطان، وخرجَ لتوديعِه القُضاة والأعْيان.
4208 -
وفي يوم الأحد حادي عَشَر شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ كمالُ الدِّين مَنْصورُ
(2)
بنُ نَصْر الله بن مَنْصور بن عبد الوَهّاب بن مَنْصور، من أهل قرية بَيْت الآبار، بها، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر بجامعها، ودُفِنَ بمقبَرتها، وتَقَدَّم في الصَّلاة عليه الخَطِيبُ موفَّق الدِّين خَطيبُ القَرْية، وتَوَجَّه عَقِيب ذلك إلى الحِجاز الشَّريف.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَجَّ، وله مَعْرفةٌ ومطالعةٌ للكُتُب، وسَمِعَ كتاب "اقتضاء العَمَل"، للخَطِيب على الشَّيخ عمادِ الدِّين داود خَطِيب بيت الآبار، وعلى أخيه المُوفَّق في سنة إحدى وخَمْسين وست مئة.
4209 -
وفي ليلةٍ يُسْفِر صَبَاحُها عن يوم الأحد رابع شَوّال تُوفِّيت الشَّيْخةُ الصّالحةُ أمُّ الحياء زاهِدَةُ
(3)
بنتُ الشَّيخ مُحمد بن عبد الله الظّاهريِّ،
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة خاله أحمد بن صالح بن ثامر القاضي تاج الدين الجعبري، في وفيات ذي الحجة سنة 698 هـ.
(2)
ترجمته في: ذيل التقييد 2/ 285، والدرر الكامنة 6/ 128.
(3)
ترجمتها في: الدرر الكامنة 2/ 242.
وصُلِّي عليها من الغد بظاهر باب النَّصْر، ودُفِنَت بتُربة أخيها بمَقْبَرة باب النَّصْر ظاهر القاهرة.
نَقَلتُ ذلكَ من خَطِّ الشَّيخ فَخْر الدِّين النُّوَيْريِّ المالكيِّ، ثم وَصلَ إليَّ كتابُ ابنُ أخيها الشَّيخ فَخْر الدِّين عُثمان بمثل ذلك.
وهي أخت الشَّيخ الحافظ جمال الدِّين أحمد، وسَمِعَتْ معهُ من إبراهيم بن خليل. وكانت تَخْدم الفُقراء بنَفْسها، ولم تَتزوَّج.
سَمِعتُ عليها حديثين من أول "نُسْخة أبي مُسْهِر"، وعَشَرة أحاديث من أول "انتخاب الطَّبَراني لابنِه على ابنِ فارِس".
4210 -
وفي يوم الاثنين الثاني عَشَر من شَوّال تُوفِّيت الشَّيخةُ الصّالحةُ أمُّ مُحمد هَدِيّةُ
(1)
بنتُ عبد الله بن عبد المُؤمن بن أبي الفَتْح بن وثّاب الصُّوريِّ الصّالحيِّ، ودُفِنَت يوم الثُّلاثاء بسَفْح قاسيون.
وكانت امرأةً صالحةً، كبيرةً، جاوَزَت الثَّمانين، وبَقِيت في آخر عُمُرها مريضةً نحوًا من أربع سِنين وهي صابرة مُحْتَسبة.
أجازَها أبو طالب عبدُ اللَّطيف بنُ القُبَّيْطِيّ، والكاشْغَرِيّ، وأبو تَمّام بن أبي الفَخار، وأحمدَ المارستانيّ، وابن الخازن، وأبو الكَرَم بن شُفْنِين، ومَنْصور بن السَّكَن، وقَمَر بن نَطّاح، وإبراهيم بن الخَيِّر، ومُحمد بن المَنِّي، والأعز بن العُلِّيق، وابن النَّخّال، وابن السَّيِّدي، وعبد المَلِك بن قِيْبَا، وجماعة، وتاريخ الإجازة في جُمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وست مئة.
وقالت لي في أول سنة ست وسبع مئة: لي سبعون سنة.
وقرأتُ عليها في رَجَب سنة أربع وثمانين وست مئة.
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 361.
وكانَ أبُوها من أصحاب الكِنْديّ، رَوَى عنه الدِّمياطيّ في "مُعْجَمه"، وماتَ في أواخر سنة تِسْع وخَمْسين وست مئة
(1)
.
وأمُّها شَيْخَتُنا صَفِيّةُ
(2)
أختُ الشَّيخ تَقِيّ الدِّين بن الواسطيّ. رَوَت لنا عن الشَّيخ موفَّق الدِّين، رحمهُم اللهُ تعالى.
4211 -
وفي ليلة الاثنين السّادس والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ عامرُ
(3)
بنُ عَمُّور بن شَعْبان العُرْضيُّ، ودُفِنَ بالقُرْب من زاويته خارج باب الصَّغير ظاهر دمشق.
وكانَ له دُخولٌ على الأُمراء، وله مُرَتَّبات على الدَّولة، وفيه مُروءة وخِدْمة للنّاس.
• - وفي يوم الأحد الخامس والعِشْرين من شَوّال ذكرَ الدَّرْسَ بمَدْرسة الشَّيخ أبي عُمر بسَفْح قاسِيُون الإمامُ الفاضِلُ بُرْهانُ الدِّين إبراهيمُ بنُ أحمدَ بن هِلال الزُّرَعيُّ الحَنْبليُّ، في الوَقْف الجَدِيد الذي وقفَهُ الأميرُ سَيْفُ الدِّين بكتَمُر والي الوُلاة، وحَضرَ الدَّرْسَ جَمْعٌ كبير من القُضاة والعُلماء، وكانَ دَرْسًا حَفِلًا.
والمُدَرِّسُ كثيرُ الفَضِيلة، طَلْقُ العِبارة، سريعُ الإدراك، عندَهُ فُنونٌ من العِلْم.
4212 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(4)
بنُ غازِي بن عبد الله الزّاهدِيُّ، ودُفِنَ من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون.
(1)
توفي في بكرة الرابع عشر من ذي الحجة من السنة، وهو مترجم في صلة التكملة للحسيني 1/ 461، وتاريخ الإسلام 14/ 914، وأخوه عبد الرحمن توفي في الثاني من شهر رجب سنة 657 هـ، وهو مترجم في الصلة أيضًا 1/ 415، وتاريخ الإسلام 14/ 862، وظنه بعض من لا معرفة له بهذا العلم هو والد هدية المذكورة!
(2)
تقدمت ترجمتها في وفيات سنة 692 هـ، ووقع في الأصل "ضيفة"، سبق قلم من الناسخ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(4)
كذلك.
وكانَ قَيِّمًا بدارِ الحَديث الأشْرَفية ونَقِيب السُّبُع بها، وجابيًا بها، وأحدَ المُرَتَّبين من الطَّلَبة بها، وعندَهُ أمانةٌ ومَعْرفةٌ، وسَمِعَ الحَديثَ من جماعةٍ، وكانَ يُفَسِّر المَنامات.
وهو أخو المُعِين خَطّاب بن مُحمد بن زنْطار الأشْرَفيّ لأمِّه
(1)
.
4213 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الحاجُّ الأمينُ أبو مُحمد واثِقُ
(2)
بنُ مُحمد بن عُثمان بن واثِق الرَّقِّيُّ التّاجِر، وصُلِّي عليه ظُهْر الثُّلاثاء بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، بَشُوش الوَجْه، خَيِّرًا، مُبارَكًا.
سألتُه عن مولدِه في سنة ثلاثٍ وسبع مئة، فقال: قد جاوَزْتُ الخَمْسين، ومولدِي بالرَّقّة.
وسَمِعَ "جُزءَ الأنصاري"، من أبي المُرَجَّى مُؤَمَّل بن مُحمد البالِسيُّ، ومُحمد بن عبد المُنعم بن غَدِير بن القَوّاس، وحدَّثَ به، وأقامَ مدّةً، له دكّانٌ بسُوق عليّ، ثم انتقلَ إلى سُوق الدَّهْشَة، ولم يَزَل به إلى أن ماتَ.
4214 -
وفي ليلة الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الحاجُّ الأمينُ شَمْسُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ عبد الخالق بن خَضِر المِزّيُّ التّاجرُ السَّفّارُ، وصُلِّي عليه من الغد الظُّهْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ شيْخًا جاوزَ الثَّمانين.
(1)
تقدمت ترجمته في وفيات شعبان سنة 699 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة خاله يحيى في وفيات شعبان سنة 668 هـ.
وهو مَعْروفٌ بالتِّجارة والثَّرْوة، وضَعُف في آخر عُمُره. سمِعَ الحَديثَ من خالَيْه العَدْلَين: فَخْرِ الدِّين محمود، وعِمادِ الدِّين يحيى ابنَي تَمّام الحِمْيَريّ، وغيرِهما، ولم يُحَدِّث.
4215 -
وفي ليلة الجُمُعة سَلْخ شوّال تُوفِّي الشَّيخ شَمْسُ الدِّين عبدُ الله
(1)
ابنُ القاضي الإمام مُحيي الدِّين مُحمد بن يعقوب بن إبراهيم، ابنُ النَّحّاس الأسدِيُّ الحَلَبيُّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع المِزّة، ودُفِنَ بالمِزّة عندَ والدِه.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُنْقَطعًا عن النّاس، مَشْكورَ السِّيرة.
4216 -
وفي شَوّال تُوفِّي عُمرُ
(2)
أخو سُلَيْمان المُنْشِد.
وكانَ رَجُلًا صالحًا.
4217 -
وشَرَفُ الدِّين أحمدُ
(3)
بنُ شَمْس الدِّين مُحمد ابنِ الشَّيخِ جمالِ الدِّين عبد الله بن مَسْعود، ابنُ اليَزْديِّ بطرابُلُس، وكانَ يَخْدم هناك.
وله مكانةٌ، وفيه فَضِيلةٌ، وقُصِدَ ومُدِحَ.
4218 -
وفي سَلْخ شَوّال تُوفِّي بَدْرُ الدِّين يوسُفُ
(4)
بنُ عبدِ الرَّحمن ابن الشَّيخ علاءِ الدِّين عليّ ابن الشَّيخ الإمام سَيْف الدِّين عبدِ الغني ابن الشَّيخ العلّامة فَخْر الدِّين مُحمد بن أبي القاسم بن تَيْميّة، بالقاهرة.
وكانَ فَقِيهًا مُشْتَغِلًا.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ذي الحجة سنة 695 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ذي الحجة سنة 698 هـ، وترجمة جده عبد الله في وفيات صفر سنة 677 هـ.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة جده في وفيات ربيع الآخر سنة 701 هـ.
ذو القَعْدة
4219 -
في يوم الأربعاء الخامس من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ أبو أحمد عبدُ المُحْسِن
(1)
بنُ عبدِ القُدُّوس بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم العَكِّيُّ، الشَّقْراويُّ، ثم الصّالحِيُّ الحَنْبليُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الأربعاء بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
ومولدُه في سنة تِسْع وأربعين وست مئة بالصّالحية ظاهر دمشق.
سَمِعَ قِطْعةً من أول "صَحيح مُسلم" على الفقيه مُحمد بن عبد الهادي في سنة إحدَى وخَمْسين، وكَتَبَ أنّهُ حَضَرَ في الرابعة وسَمِعَ من خَطِيب مَرْدا في سنة ثلاث وخَمْسين، وكَتَبَ أَنَّهُ حَضَر في الخامسة وسمِعَ "جُزءَ ابن فِيْل" من ابن عَوّة الجَزَريّ، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وشَيْخ الشُّيوخ شرَفِ الدِّين عبد العزيز الأنصاريِّ، وجماعة، وحَدَّث، وسَمِعَ منه النّاس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا فيه مَعْرفةٌ ونَهْضةٌ، ويُعانِي الأمانةَ في القُرَى، ويتوكَّل في قَضَايا لبعض أرباب الدُّنيا ويَتَسبَّب لعيالِه.
4220 -
وفي يوم الجُمُعة السّابع من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ رفيعُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ الصّالح المُقْرئ وحيدِ الدِّين أبي حامد يحيى بن أحمد بن خَداداذ الخِلَاطيُّ، الصُّوفيُّ بالسُّمَيْساطية، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، وبَلَغَ من العُمُر
…
(3)
ووَلِيَ الخِدْمة بالخانكاه مدّةً، وأقامَ بالقاهرة مدّةً، ودَخلَ حَلَبَ وسافرَ في آخر عُمُره إلى القُدْس، ورَجعَ من الزِّيارة فبقيَ أيامًا وماتَ.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 215.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
هكذا في الأصل، تركه ولم يعد إليه.
4221 -
وفي يوم الأحد التاسع من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُقْرئُ تَقِيُّ الدِّين أحمد
(1)
الخِلّاطيُّ، الصُّوفيُّ بالسُّمَيْساطية، المَعْروف بالكَلْوَتَاتيِّ، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الصُّوفية.
وكانَ من أهل القُرآن وفيه إيثارٌ وبِرٌّ، وتأخَّرَ معه شيء من الدُّنيا ففرَّقَهُ جميعَهُ قبلَ موتِه، وماتَ فقيرًا. وكانَ قد كبر وضعُفَ وأضرَّ في آخر عُمُره.
4222 -
وفي يوم الاثنين العاشر من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ العالمُ الصَّدْرُ كمالُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخ النَّجِيب أبي الفَتْح نَصْر الله بن إسماعيل بن نَصْر بن الخَضِر بن خَلِيفة بنُ النَّحّاس، الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه بجامع دمشق في الثالثة من يوم الاثنين، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل قاسيون، وكانت جنازتُه حَفِلة.
ومولدُه في مُسْتَهلّ رَجَب سنة تِسْع وثلاثين وست مئة بسَفْح قاسيون ظاهر دمشق.
سَمِعَ من الشَّيخ عِمادِ الدِّين أبي بَكْر عبد الله بن الحَسَن بن الحَسَن بن النَّحّاس الأنصاريِّ في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة، ثم صَحِبَ الشَّيخَ تاجَ الدِّين عبدَ الرَّحمن، رحمه الله، واشْتغلَ عليه بالفِقْه. وكانَ الشَّيخُ يُثنِي عليه وعلى جَوْدة ذِهْنه. وسَمِعَ معه الحَديثَ من خَطِيب مَرْدا، والقاضي صَدْر الدِّين بن سَنِيّ الدَّولة، والخَطِيب عِماد الدِّين بن الحَرَستانيّ، وزَيْن الدِّين خالد، وابن عبد الدّائم، وغيرِهم. وسَمِعَ أيضًا "صَحِيح مُسلم"، و"مُوطّأ" أبي مُصْعَب، عن مالك من ابن البُرْهان، وحَدَّثَ بهما وبـ "السيرة النَّبوية" عن خَطيب
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 292، وذيل التقييد 1/ 271، والدرر الكامنة 6/ 27، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 164.
مَرْدا، وخَدَم في جهات الكِتابة مدّةً طويلةً. وفي أواخر عُمُره تَوجَّه إلى حَمَاة وحَدَّثَ بها بـ "صَحِيح مُسلم" وغيره، وحَدَّثَ بحَلَب، وانتشرت الرِّواية عنه.
وكانَ شَيْخًا مُباركًا، كثيرَ التِّلاوة، له وِردٌ من اللَّيل، وله دَعَوات وأذكار وأوراد يحافظ عليها، وعندَهُ حُسْن خُلُق ومُروءة وافرة وتعهّد للإخوان والأصحاب.
4223 -
وفي ليلة الخَمِيس الثّالث عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي مُجِيرُ الدِّين مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الصَّدْر نَجْم الدِّين مُحمد بن فَخْر الدِّين المُفَضَّل بن مُحمد بن سَعْد الله بن الوَزّان الحَنَفيّ، ودُفِنَ من الغد بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ فَقِيهًا حَنَفيًّا يَحضرُ المَدَارس، وكانت له ثَرْوةٌ ولم تَكُن تَظْهَر عليه، وهو من بَيْت رياسةٍ وكتابةٍ.
ولي إجازة من والدِه. وماتَ في صَفَر سنة ثمانٍ وسبْعين وست مئة ورَوَى عن الشَّيخ موفَّق الدِّين.
4224 -
وفي يوم الجُمُعة الحادي والعِشْرين من ذي القَعْدة صُلِّي بجامع دمشق صلاةُ الغائِب على المَلِك المُعَظَّم شرَفِ الدِّين أبي البَرَكات عيسى
(2)
ابنُ المَلِك الزّاهر مُجِير الدِّين أبي سُلَيْمان داود ابنِ المَلِك المُجاهد أسدِ الدِّين أبي الحارث شِيْركوه ابن المَلِك القاهر ناصرِ الدِّين مُحمد ابن الأمير الكبير المَلِك أسدِ الدِّين شِيْركوه بن شاذِي، وكانت وفاتُه بالقاهرة، تَوَجَّه إليها يَطْلب الزيادة في إقطاعِه ومعه هَدِيّة جَلِيلة، فعُرِضَت على السُّلْطان وقَضَى حاجتَهُ وأكرَمَهُ، وجعلَهُ أحد أُمراء دمشق، وجازاه على الهَدِية، كل ذلك وهو مُتَمَرِّض
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكر الذهبي وفاة جده في سنة 650 هـ، في سير أعلام النبلاء 23/ 284.
(2)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 309، وأعيان العصر 3/ 715، والسلوك 3/ 20، والدرر الكامنة 4/ 238، والنجوم الزاهرة 9/ 247. وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 164.
فأدركَهُ أجلُه في يوم الخَمِيس سادس ذي القَعْدة، ودُفِنَ يوم الجُمُعة بالقَرَافة بتُربة أولادِ المُلوك.
وكانت أخبارُ إمْرَتِه وإقبال السُّلْطان عليه وَصَلَت إلى دمشق، وفَرِحَ أهلُه، ثم وَصلَ الخَبَرُ سَرِيعًا بموتِه، فعادَ الفَرحُ حُزْنًا. وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، بَشُوشَ الوَجْه، مُكْرِمًا للنّاس، مُشْتَغلًا بنفسِه وأهلِه، مُلازمًا لدارِه.
وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وغيرِه، ورَوَى الحَديث.
ومولدُه بدمشق في يوم الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من شَهْر رَمَضان سنة خَمْسٍ وخَمْسين وست مئة.
4225 -
وفي يوم السَّبْت قبل العَصْر مُنْتَصف ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ رُكْنُ الدِّين أبو الخَيْر مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الإمام مَجْد الدِّين أبي مُحمد عبد الله بن الحُسَين بن عليّ الإرْبِليُّ الأصل، الزَّرْزَارِيُّ الكُرْديُّ، وصُلِّي عليه ظُهْر الأحد بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير جوار الشَّيخ أبي الفَرَج بن الحَنْبليّ، وحَضَرَهُ جَمْعٌ كبيرٌ.
وكانَ إمامًا بالمَدْرسة القَيْمُرية مدّة اثنتين وأربعين سنة إلى أن ماتَ مُواظبًا على الوظِيفة المَذْكورة، حَسَنَ السَّمْت، كثيرَ الصَّمْت، قليلَ الاختلاطِ بالنّاس، وحَفِظَ كتاب "التَّنْبيه" في صِغَرِه، وسَمِعَ الحَديثَ من شَيْخ الشُّيوخ شَرَفِ الدِّين عبد العزيز الأنصاريّ، ورَوَى عنه "جُزء ابن عَرَفة" بالقاهرةِ ودمشقَ مرّات، وسَمِعَ منه النّاس، وكانَ الثَّناءُ عليه وافرًا.
ومولدُه في يوم الأحد أوائل النَّهار الحادي والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخِر سنة ثلاث وخَمْسين وست مئة بحَلَب بالمَدْرسة العَصْرُونية.
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 199، وذيل التقييد 1/ 135.
• - وفي يوم الاثنين السّابع عشر من ذي القَعْدة تَوجَّه من دمشقَ الأميرُ ناصرُ الدِّين الخِزَنْدار السَّيفيُّ وفي عَزمه أن يَصِلَ إلى المدينة النَّبوية - على ساكنها أفضل الصَّلاة والسَّلام - للقاءِ مَوْلانا السُّلْطان عَقِيب حَجِّه ومعه الهَدايا الوافرة من جِهَة مَخْدومه مَلِكِ الأُمراء بدمشق الأمير سَيْف الدِّين تَنْكَز، أعزَّهُ اللهُ تعالى.
4226 -
وفي يوم الجُمُعة الثامن والعِشْرين من ذي القَعْدة تُوفِّي أحمدُ
(1)
بنُ عُمر ابن الشَّيخ شِهابِ الدِّين أحمدَ بنِ عُمر بن قُطَّيْنِه الزُّرَعيُّ التّاجرُ، ودُفِنَ بباب الفَرَاديس.
وكانَ جدُّه أصيبَ بوالدِه، ثم أصيبَ به.
وكانَ شابًّا حَسَنًا، مَشْكورَ السِّيرة.
ذو الحِجّة
4227 -
في يوم الأحد مُسْتَهلّ ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(2)
بنُ نَجْم الدِّين يحيى بنِ تاج الدِّين أبي البَرَكات موسى الصّائِغ، المَعْروف بابن صَف عذارة، ودُفِنَ بباب الصَّغير.
وكانَ شَيْخًا، وأوصَى بثُلُث تَرِكتِه يُشْتَرى بها وَقْفٌ للصَّدَقة، وهو أربع مئة دينار وكَسر، ووقفَ وَقْفًا على من يقرأ "صَحيح البُخاري" كُلّ سنة في شَهْر رَمَضان بالإسناد.
4228 -
وفي يوم الأربعاء الرّابع من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ علاءُ الدِّين عليّ
(3)
، المَعْروف بابن الصِّقِلّيّ الشَّمّاع بباب البَرِيد، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس.
وكانَ شَيْخًا قد أسنَّ وله جماعة أولاد.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات صفر سنة 705 هـ.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 300، وتحرفت فيه وفاته إلى سنة 709 هـ.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4229 -
وفي يوم الجُمُعة السّادس من ذي الحِجّة تُوفِّي عزُّ الدِّين إبراهيمُ
(1)
ابنُ الشَّيخ شِهابِ الدِّين أحمدَ بن إسرائيل الكَحّال، ودُفِنَ آخر النَّهار بباب الصَّغير.
وكانَ شابًّا ابن ثلاث
(2)
وعِشْرين سنة.
وحَفِظَ كُتُب الطِّبِّ المُتَداولة، وجلسَ للمُعالجة.
4230 -
وفي يوم السَّبْت السّابع من ذي الحِجّة تُوفِّي الأميرُ الأجَلُّ شَرَفُ الدِّين قَيْران
(3)
الشَّمْسِيُّ، ودُفِنَ من يومِه.
وكانَ يَنُوب في الشَّدِّ بدمشقَ وعندَهُ خِبْرة ومَعْرفة.
4231 -
وفي يوم الأحد الثامن من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الحاجُّ زَيْن الدِّين أبو الفَضْل
(4)
بنُ أبي الفَرَج بن نَصْر العَسْقلانيُّ الجَرَائحيُّ، ودُفِنَ من يومِه بباب الصَّغير.
وكانَ شيْخًا مَشْهورًا من أعْيانِ أهل صنْعتِه، ونَسَخَ بخَطِّه كتاب "تاريخ الأطبّاء" لابن أبي أُصَيْبعة، وكانَ يَذْكر أنه ذَيَّل عليه جماعةً من المُتأخِّرين.
4232 -
وفي يوم الأربعاء الحادي عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي نَجْمُ الدِّين عبدُ الرَّحمن
(5)
ابنُ الشَّيخ جمالِ الدِّين الإرْبِليُّ، بالمَدْرسة التَّقَوِية بدمشق، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس.
وكانَ خَدَمَ مرّةً بمَطْبَخ السُّكَّر ثم بَطَّل عنه، واستمرَّ بَطّالًا إلى أن ماتَ. وكانَ والدُه شيْخًا بالخانكاه الشِّهابية.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
في الأصل: "ثلاثة".
(3)
ترجمته في: النجوم الزاهرة 9/ 245.
(4)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(5)
كذلك.
وكانَ جدُّه الشَّيخُ عمادُ الدِّين شَيْخًا بالخانكاه النَّجِيبية.
وهو أخو بهاءِ الدِّين عبدِ الله أحدِ الكُتّاب المَعْروفين، خَدَمَ بدمشقَ وحِمْص.
4233 -
وفي ليلة السَّبْت الرّابع عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُسْنِدُ المُعَمَّرُ بَقِيّةُ المَشَايخ شَرَفُ الدِّين أبو مُحمد عيسى
(1)
ابنُ الشَّيخ بهاءِ الدِّين عبدِ الرَّحمن بن مَعَالي بن حَمْد بن أحمد بن إسماعيل بن عَطّاف بن مُبارَك بن عليّ بن أبي الجَيْش المَقْدسيُّ، ثم الصّالحيُّ، المُطَعِّم في الأشْجَار، والدَّلّال في العَقار، وكانت وفاتُه بجُنَيْنَتِه بحِكْر ابن القَلانسيِّ بسَفْح جَبَل قاسيون، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر من اليوم المَذْكور بالجامع المُظَفَّريّ بسَفْح قاسيون، ودُفِنَ بالسّاحةِ بالقُرْب من تُربة المُوَلَّهين.
ومولدُه في سنة خَمْسٍ وعِشْرين وست مئة؛ أخبَرَني بذلك القاضي تَقِيّ الدِّين سُلَيْمان.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، لا يُعْرَفُ منه إلّا الخَيْر، وسَمِعَ من ابن الزَّبِيديِّ، وابن اللَّتِّيّ، والفَخْر مُحمد بن إبراهيم الإرْبِليِّ، وجَعْفر الهَمْدانيِّ، وكريمة القُرشية، والحافظ ضياءِ الدِّين المَقْدسيِّ، وغيرِهم. وتَفَرَّدَ بأجزاءَ عالية، وسمِعَ منه ابنُ الخَبّاز قديمًا في سنة ستين وست مئة ونَحْوها، وحَدَّث بالكثير، وقَصَدهُ النّاسُ، وكانت له إجازات من دمشق، ومِصْرَ، وبغداد في سنة اثنتين وثلاثين وست مئة.
أجازَ له من دمشق: أبو صادق الحَسَن بن صَبّاح، وابن باسُوْيَة، وأبو نَصْر بن الشِّيرازيِّ، ومُكْرَم بن أبي الصَّقْر، وغيرُهم.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 108، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 85، وأعيان العصر 3/ 712، والبداية والنهاية 16/ 145، وذيل التقييد 2/ 262، وتوضيح المشتبه 5/ 61، والدرر الكامنة 4/ 239، وفيه وفاته سنة 717 هـ، وسلم الوصول 2/ 434، وشذرات الذهب 8/ 94.
ومن ديار مِصْر: عبدُ الرَّحيم بن الطُّفَيْل، والحَسَنُ بنُ دينار، وحُسَين الشّاطبيِّ، وحَمْزَة بنُ الغَزّال الأنصاريِّ، وظافِر بن شَحْم، وعبدُ الخالق بن إسماعيل، وعبدُ العزيز بن النَّقّار، وعبدُ المُحسن السَّطْحِيُّ، وعليُّ بنُ مُختار العامِريُّ، ومُحمد بن مُحمد بن سَعِيد المأمونيُّ، ومُرتضَى بن حاتِم الحارثيُّ، ومُحمد بن مُحمد بن أبي عليّ النُّوقانيُّ، وغيرُهم.
ومن بغدادَ: أبو الحَسَن بن القَطِيعيّ، وابن رُوْزْبة، وابن بَهْرُوز، وعبد الواحد بن نِزَار الحَمّال، وأبو بكر بن عُمَر بن كمال الحَرْبي، وأبو صالح نَصْر بنُ الجِيليِّ، والكاشْغَريُّ، والأنْجَب الحَمّاميُّ، وأبو الفَرَج الضَّحّاك بن الأطروش، وعبدُ العزيز بن دُلَف، وعبد اللَّطيف بنُ القُبَّيْطيِّ، وأحمد المارستانيُّ، وخليل الجَوْسَقيُّ، وعبدُ اللَّطيف بنُ التَّعاوِيذيِّ، وعُثمان بن نَصْر المَسْعوديُّ، وأبو عليّ المُبارك بن المُطَرِّز، ومُحمد بن ياقوت عَتِيق الجَازريّ، ومُحمد بن مُحمد بن الحَسَن، ابنُ السّبّاك، ومُحمد بن عبد الواحد بن المُتَوكِّل على الله، ويحيى بنُ مَسْعود بن مُطْلَق ويُسمَّى ثامرًا، وجمالَ النِّساء بنتُ ابن الغَرّاف، وزُهْرة بنتُ ابن حاضر الأنْباريّ، وياسمين بنتُ سالم البيطار، وجَماعة.
ووالدُه البَهاءُ عبد الرَّحمن المُطَعِّم ذكرَهُ ابن الحاج في
(1)
"مُعْجَمِه". وقال: كانَ شَيْخًا كريم النَّفْس، طيِّبَ الأخْلاق، يُطَعِّم في البَسَاتين، وكانَ عارفًا بصَنْعته. وهو من بَيْت صَلاح، ورَوَى الحَديثَ أيضًا.
4234 -
وفي الرّابع عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ سَعِيدُ الدِّين البِسْطاميُّ
(2)
، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون بزاوية الشَّيخ سَعْد الدِّين بن حَمُّوْيَة.
(1)
في الأصل: "من".
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا. بَلَغنِي أنَّهُ عاشَ ستًّا وتِسْعين سنة.
وكانَ صالحًا مُبارَكًا، وصَحِبَ المَشايخَ، وكانَ من مُرِيدي الشَّيخ سَعْد الدِّين المَذْكور، وله طُرُق في خِرْقة التصوُّف، وكانَ يَنْسخُ، وكتبَ عدّة مَصاحف، وكانَ سَلِيمَ الصَّدْر، خيِّرًا، وكانَ شديدَ العُجْمة في كلامِه مع طُول مُقامه في الشّام، وضَعُفَ في آخِر عُمُرِه وانقَطَع مدّة سِنين. وكانَ أحدَ الصُّوفية بالخانكاه الأسَدِية. وكانَ التَّتار في سنة قَازان أسَرُوا له وَلَدًا صَغيرًا وبَقِيَ مدّةً، ثم إنَّ اللهَ مَنَّ عليه برُجُوعِه وخلاصِه ففَرحَ به، وبَقِيَ يَخْدمه ويقوم بمصالحه إلى أن ماتَ.
4235 -
وفي بُكْرة يوم الاثنين السّادس عَشَر من ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الأمينُ جمالُ الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(1)
ابنُ الفَقيه العَدْل عزِّ الدِّين عليّ ابن الشَّيخ الإمام الفاضِل نَصِير الدِّين مُحمد بن غالب بن مُحمد بن مِرَي بن عبد الله الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ التّاجرُ، وصُلِّي عليه عَقِيب الظُّهْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة باب الفَرَاديس.
ومولدُه في سنة خَمْس وثلاثين وست مئة تقريبًا بدمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا فيه خَيْرٌ وديانةٌ. سَمِعَ من الشَّيخ عَلَم الدِّين السَّخَاويّ "جُزءَ سُفيان بن عُيَيْنة"، و"حديثَ إسماعيل الصَّفّار"، و"نُسْخة فُلَيح بن سُلَيْمان"، و"أمالي ابن عبد كُويه الثلاثة"، و"حديثَ السِّلَفي" عن خالد التّاجر، وغيرَه، و"مَجْلس ابن أبي حاتِم القَزْويني"، وتَفرَّدَ بروايتِها عنه، وكانت لهُ منه إجازة. وسَمِعَ أيضًا من المُحَدِّثِ شَمْسِ الدِّين النُّشْبِيّ. وماتَ أبوه شابًّا وهو صَغِيرٌ فربّاه جدُّه وكانَ تاجرًا بجَيْرون وعليه وَقْف.
4236 -
وفي بُكْرة الخَمِيس السّادس والعِشْرين من ذي الحِجّة تُوفِّي
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 146، والدرر الكامنة 1/ 52، وذكره الذهبي فيمن توفي سنة 719 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 164.
شِهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ رَسْلان بن عبد العزيز الحَرّانيُّ، المَعْروفُ بابن الحَمّامية بسَفْح قاسيون، وصُلِّي عليه الظُّهْر بالجامع المُظَفَّريّ ودُفِنَ هناك.
وكانَ رَجُلًا حَسَنًا، وَلِيَ ولايةَ القُدْس مدّةً، وكانَ قبل ذلك أستاذَ دار المَلِك الأوحَد ابنِ الزّاهر، وكانَ مُحافِظًا على الصَّلَوات في الجَماعةِ ويَسْكن جوار المَدْرسة الشِّبْلية بالصّالحية، ويلازم الصَّلوات بها.
4237 -
وصُلِّي بجامع دمشق صلاة الغائب على الشَّيخ عمادِ الدِّين موسى
(2)
بنِ سَعْد بن هلال سِبْط الشَّيخ شَمْس الدِّين بن الجَوْزيّ الواعظ في يوم الجُمُعة السّابع والعِشْرين من ذي الحِجّة. وكانت وفاتُه بعد عيد الأضحى بقَرْية صَغْبِين
(3)
بجَبَل لبنان.
وكانَ شَيْخًا كبيرًا صالحًا، مُقيمًا هناك جَمِيع عُمُرِه.
4238 -
وفي أواخِر السَّنة تُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ المُحَقِّق العارفُ سَعْد الدِّين أبو مُحمد مَسْعودُ
(4)
بنُ سَعِيد بن يحيى بن عبد الله الشّافعيُّ بجِيْزَة مِصْرَ، ودُفِنَ بزاويتِه بها.
ومولدُه في سنة سَبْع وثلاثين وست مئة بخَمِينا
(5)
بمِصْر.
وكانَ شَيْخًا له مَعْرفة بالحِسَاب، حَسَنَ الخَطِّ، ومذاكرتُه في التَّصوّف حَسَنةٌ، وله بدايةٌ حَسَنةٌ وسُلُوك، ويَحْفظ حكايات عن المَشَايخ، وله هيئةٌ مَلِيحةٌ، وخُلُق حَسَن، وسَمِعَ "صَحيحَ البُخاري" من الرَّشِيد العَطّار الحافظ.
كتبَ إليَّ بذلك الشَّيخُ أبو بكر السَّمَنُّوديّ.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
لم نقف عليها في المصادر البلدانية المتوفرة.
(4)
ترجمته في: أعيان العصر 5/ 427، وذيل التقييد 2/ 287، والدرر الكامنة 6/ 111.
(5)
لم نقف عليها في المصادر المتوفرة.
سنة عِشْرين وسبع مئة
المُحَرَّم
4239 -
في ليلة الأربعاء الثاني من المُحَرَّم تُوفِّيت أمُّ عبدِ الله ستُّ الخُطباء
(1)
ابنةُ الشَّيْخ العَدْل المُحَدِّث ضياءِ الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن مُحمد بن عليّ بن مُحمد البالسيِّ، وصُلِّي عليها من الغد، ودُفِنَت بسَفْح جَبَل قاسيون.
ومولدُها في سنة ستٍّ وأربعين وست مئة.
سَمِعَتْ على سَدِيد الدِّين مكّي بن عَلّان في ذي القَعْدة سنة خَمْسين وست مئة، وهي في آخر الخامسة، ولها إجازةٌ من بَغْداد من جماعةٍ، منهم: أبو عبد الله مُحمد بن مُقْبل بن المَنِّي، وعبد العزيز بن الزَّبِيديّ، وأبو جعفر بن السّيِّدي، والأعزّ بن العُلِّيق، والمُؤْتَمِن بن قُمَيْرة، وحَدَّثت قديمًا.
سَمِعنا منها في سنة ثلاثٍ وثمانين وست مئة.
4240 -
وفي يوم الاثنين سابع المُحَرَّم تُوفِّي الفقيهُ تَقِيُّ الدِّين يَمَانُ
(2)
بنُ مَسْعود بن يَمَان الزِّيتاويُّ النابُلُسيُّ الحَنْبليُّ، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ فَقِيهًا اشتغلَ وحَصَّلَ وصاهَرَ الشَّيخَ شمْس الدِّين بن عبد القَويّ، وسَمِعَ الحَديثَ على جماعةٍ، وقرأ "صحيحَ البُخاري".
4241 -
وفي يوم الثُّلاثاء ثامن المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الصَّدْرُ الأصيلُ أمينُ الدِّين الحَسَن
(3)
ابنُ الشَّيخِ نِظام الدِّين مُحمد بن الحُسَيْن بن الحَسَن بن
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 285، وذكرها الذهبي فيمن توفي سنة 720 هـ، في ذيل سير أعلام النبلاء، ص 176.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 6/ 213.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 143.
إبراهيم بن الخَلِيليِّ، المِصْريُّ. وكانت وفاتُه وَقْت الظُّهْر بمِصْرَ، ودُفِنَ يوم الأربعاء بالقَرَافة الصُّغرى.
وكانَ من الصُّدُور الأعيان بمِصْرَ، وكانَ يقيمُ ببِلْبِيس أيضًا. رَوَى عن الرَّضِيّ بن البُرْهان التّاجر من "صَحيح مُسلم".
وكانَ أبوه شَيْخًا جليلًا، مَعْروفًا بالبِرّ والدِّين والثَّرْوة والتِّجارة. خَرَّج له تَقِيُّ الدِّين عُبيد الإسْعِرديّ "مَشيخةً". سمِعَ "السِّيرة النَّبوية" من ابن مُجَلِّي، وأجازَ له ابنُ الجَوْزي، وابنُ المَعْطوش، وغيرُهما. عاشَ تِسْعين سنة، وماتَ سنة ثلاثٍ وثمانين وست مئة.
وهو ابن عمّ الصاحب فَخْر الدِّين عُمر بن عبد العزيز بن الخليليّ.
4242 -
وفي ليلة الجُمُعة الحادي عَشَر من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العالمُ القاضِي زَيْنُ الدِّين أبو القاسم مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخِ الإمامِ عَلَم الدِّين مُحمد بن الحُسَين بن عَتِيق بن رَشِيق المِصْريُّ المالكيُّ، بمِصْر، ودُفِنَ يوم الجُمُعة بعد الصَّلاة بتُربتهم بالقَرَافة الصُّغْرى.
ومولدُه في سنة ثمان وعِشْرين وست مئة.
وسَمِعَ "الأربعين" المُخَرَّجة لابن الجُمَّيْزي عليه، وسَمِعَ "صحيحَ مُسلم" من ابن البُرْهان. وكانَ شيخًا فَقِيهًا، عارفًا بالمَذْهب
(2)
، مُفتيًا، ووَلِيَ قضاءَ الإسكندرية نحو اثنتي عَشْرة سنة؛ وليها مرّةً قَبْل شَرَف القُضاة ابن الرِّيغِي نحو سنة أو أكثر، ثم وَلِيها بعدَهُ بقيّة المُدّة، ثم عُزِلَ واستمرَّ مَعْزولًا إلى
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 334، وذيل سير أعلام النبلاء، صر 188، وذيل العبر، ص 112، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 268، وأعيان العصر 5/ 132، والوافي بالوفيات 1/ 231، وذيل التقييد 1/ 222، والسلوك 3/ 33، والدرر الكامنة 5/ 438، والنجوم الزاهرة 9/ 250.
(2)
عَلّق أحدهم في حاشية النسخة بقوله: "هذا غلط ووهم، كان قليل الفقه جدًّا، ونُقد عليه أشياء في حُكمه من قلة الفقه".
أن ماتَ. وكانَ متعيّنًا للقَضاء لبيته وكِبَر سِنّه، وعَيّنه قاضِي القُضاة بَدْرُ الدِّين بنُ جماعة لقضاءِ دمشقَ، وكانَ يقول: ما عِنْدي مثله. وله نَظْم. منه ما كانَ يكتبه في الإجازة:
أجَزْتُ لهم، أبقاهُم الله، كَلّما
…
رويتُ عن الأشياخ في سالف الدَّهر
وما سمِعَتْ أُذُناي من كل عالمٍ
…
وما جادَ من نَظْمي وما راق من نَثْري
على شرط أصحابِ الحَديث وضَبْطهم
…
بريء من التصحيف عارٍ من النُّكر
وبالله تَوفِّيقي عليه توكُّلي
…
له الحمد في الحالين في العُسْر واليُسْر
(1)
4243 -
وفي ليلة الجُمُعة الحادي عَشَر من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّريفُ جلالُ الدِّين أبو زكريّا يحيى
(2)
بنُ شَرَفِ الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن مَجْدِ الدِّين أبي القاسم بن أبي الجِنّ الحُسَيْنيُّ المَرجانيُّ، المَعْروف بالخَوَاتِيميِّ، ودُفِنَ بباب الصَّغير، وعُمِلَ عزاؤه بُكْرة السَّبْت بمَشْهد عليّ رضي الله عنه، بجامع دمشق.
وكانَ شَيْخًا بَلَغَ من العُمُر ثمانيًا
(3)
وسَبْعين سنة.
أخبَرني بذلك ابنه قال: وُلِدَ أبي ببغدادَ قبل أن تُؤخذ بثلاث عَشْرة سنة.
• - ووَصلَ أمينُ المُلْك ناظرُ طرابُلُس إلى دمشقَ فأقامَ أيامًا وتوجَّهَ منها في يوم الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من المُحَرَّم إلى القُدْس الشَّريف للإقامةِ به. وكانَ طلب الإقالةَ من مُباشرة نَظَر طرابُلُس والإذن له في الإقامة بالقُدْس، وأن يُقرَّر له ما يَكْفيه، فأجيبَ إلى ذلك
(4)
.
(1)
الأبيات في أعيان العصر 4/ 15، و 5/ 133.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
في الأصل: "ثمانية".
(4)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 320، والبداية والنهاية 16/ 146، والسلوك 3/ 25.
4244 -
وفي أوائل المُحَرَّم تُوفِّي الصَّدْرُ العالمُ قوامُ الدِّين أبو مُحمد الحَسَنُ
(1)
ابنُ الصَّدْر نَجْم الدِّين مُحمد بن جَعْفر بن الطَّراح الواسطيّ ببغدادَ، ودُفِنَ بمَشْهد موسى والجَوَاد، رضي الله عنهما.
ومولدُهُ يوم الاثنين تاسع شَهْر ربيع الأول سنة خَمْسين وست مئة ببغدادَ.
وكانَ باشرَ عِدّة ولايات: منها نَظَر النُّظار ممّا يَتَعلّق بولاية أخيه فَخْر الدِّين. وكانَ مُحتَرمًا مُكْرَمًا، له أملاك ونِعْمة ومُزارعة وتِجارة.
وهو رجلٌ فاضلٌ كثيرُ الاشتغال والمَوَاظبة على الكتابة والمُطالعة، وله مَعْرفة بالنَّحو والأدب والمَنْطق والتاريخ، وله جَمْعٌ وتصنيف وشِعر، وكانَ حَسَن المُجالسة، قليلَ الخُروج من بَيْته، مُوفّرًا على مُطالعة الكُتُب الأدبية يؤلّف منها أشياء حَسَنة.
وكانَ قُدومه دمشق في سنة سَبْع وتسعين وست مئة، فبقِيَ نحو سنتين، وقُرّر له في الشَّهْر ثلاث مئة دِرْهم على المَصَالح، ثم إنَّهُ سافرَ إلى العراق سنة التَّتار وباعَ جُملةً من كُتُبه وحوائجه، وجَمَعَ نحو ثلاث مئة دينار وتَجَهّزَ بها، ووَصلَ إلى بغدادَ وأقامَ بها في ضِيقٍ، ثم سافرَ إلى تِبْريز فأكرمَهُ القُطْب الشِّيرازيُّ وكانَ يبرّه، ثم عادَ إلى بغدادَ فوَلِيَ نَظَر المُسْتَجَد، ومشيخةً.
وأمّا أخوه الكبير فَخْرُ الدِّين فكانَ عارفًا بتَحْصِيل الأموال وعِمارة الأرضين وقَمْع المُفْسِدين. وَلِيَ نيابةَ واسط والحِلّة والكُوفة مدّةً طويلةً. وكانَ كريمًا شُجاعًا فاضلًا في عِلْم الإنشاء والنَّظْم ومُباشرة الدِّيوان. ولم يَزَل على ذلك إلى أن قُتِلَ ببغدادَ تحت دار الشاطِئية، وكانَ عليه دُيون أكثر من مئة ألف دينار وصُودِرَ وأهله وأقاربه وأتباعه. وكانَ يُكاتب سُلْطان المُسلمين.
(1)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 192، وفوات الوفيات 1/ 365، وأعيان العصر 2/ 244، والوافي بالوفيات 12/ 264، والسلوك 3/ 32، والدرر الكامنة 2/ 141.
وكانَ الملكُ الأشْرَفُ ابنُ الملك المَنْصور، رحمهما الله تعالى، أرسلَ إليه تَوْقيعًا وعَلَمًا وخاتمًا، وتَقَرَّر بينهما أنَّهُ إذا دخل السُّلْطان أرضَ العِراق يَقْدم عليه بجيشه فإنه كانَ نائبَ سَلْطنة. ولما وردَ أخوه قوام الدِّين المَذْكور إلى الدِّيار المِصْرية في سَلْطنة الملك الناصر ودَوْلة سَلّار والشَّشْنَكِير أراهمُ التَّوقيع والعَلَم والخاتم، فأكرَمُوه وأحسَنُوا إليه، وبسبب ذلك قُرّر له الثلاث مئة دِرْهم المَذْكورة على المَصَالح.
• - وفي يوم السَّبْت الثاني عَشَر من المُحَرَّم دخلَ السُّلْطانُ المَلِكُ النَّاصر - نصرَهُ الله وتَقبَّل منه - إلى القاهرة من الحِجاز الشَّريف، وزُيِّن البلدُ لذلك
(1)
.
• - ووَصلَ إلى دمشقَ في يوم الأحد الثّالث عَشَر منه الصَّاحبُ شَمْسُ الدِّين من الحِجاز الشَّريف، ومعه الأمير ناصرُ الدِّين الخِزَنْدار السَّيْفي، وكانَ تَلَقَّى السُّلْطان إلى المدينة الشَّريفة النَّبوية، وكانا فارقا السُّلْطانَ من عقبة أيْلَة، ودُقّت البشائر بدمشق عَقِيب ذلك لسلامة السُّلْطان وعافيته وقضاء مَنَاسِكه، ووصوله إلى مُستقَرِّ مُلْكه. ثم وصلَ إلى دمشقَ الأميرُ ناصرُ الدِّين الدَّوَادار السَّيْفيّ، من القاهرة في ليلة الثاني والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور.
4245 -
وفي يوم الثُّلاثاء الثاني والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّيت والدةُ الشَّيخ علاء الدِّين بن العطار
(2)
، ودُفِنَت بسَفْح قاسيون بُكْرة الأربعاء، بَلغَت الثَّمانين.
• - وفي يوم الخَمِيس الرابع والعِشْرين من المُحَرَّم وَصلَ المَلِكُ عمادُ الدِّين إسماعيل ابن الأفْضَل عليّ ابن المَلِك المُظَفَّر ابن المَنْصور
(1)
الخبر في: السلوك 3/ 23.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وابنها علاء الدِّين العطار هو علي بن إبراهيم بن داود توفي سنة 724 هـ، وهو أخو الإمام الذهبي من الرضاعة وهو مترجم في المعجم المختص، ص 156، وتذكرة الحفاظ 4/ 198، وذيل العبر، ص 136، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 7، وطبقات السبكي 10/ 130 وغيرها.
صاحب حَمَاة إلى دمشق، فأقامَ بعض يوم وتَوَجَّه إلى بَلَدِه بعد أن حَصَل له الحَجُّ ومُرَافقة السُّلْطان من القاهرةِ إلى مكّةَ والرُّجوع معَه إلى القاهرة. ولمّا وَصلَ معَه إلى القاهرةِ أنعمَ عليه السُّلْطان ولقَّبَهُ بالمَلِك المؤيَّد وأذِنَ في أن يُخْطَب له بحَمَاة وأعمالِها، وأن يُخاطب بالمقام العالي المَوْلوي السُّلْطانيّ المَلكيّ المؤيَّديّ على ما كانَ عليه عمُّه المَلِك المَنْصور، فدخلَ حَمَاة في أُبَّهة السَّلْطنة وتَلَقّاه النّاسُ وخُطِب له
(1)
.
4246 -
وفي ليلة الاثنين الثامن والعِشْرين من المُحَرَّم تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ العالمُ الفاضِلُ نورُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(2)
بنُ أبي بَكْر بن نَصْر بن بُحْتُر بن خَوْلان الحَنَفيّ، بسَفْح قاسيون، وصُلِّي عليه ظُهْر الاثنين بالجامع المُظَفَّريّ، ودُفِنَ هناك عند أقاربِه.
ومولدُه في تاسع عَشَر شَوّال سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة.
وسَمِعَ الحَديث من ابن عبد الدّائم، وعبد الوَهَّاب ابن النَّاصح الصَّحْراوي، والشَّيخ شمْس الدِّين بن أبي عُمر، وابن البُخاري، والحافظَين: ابن النابُلُسي، وابن هامل، وجماعة. وحدَّث بـ "جُزء ابن عَرَفَة" غير مرّة، وكانَ فَقيهًا فاضِلًا، حَسَنَ الأخلاق، مُدَرِّسًا ومُعيدًا ومُفتيًا، ومن أعيان الشُّهود.
• - وفي يوم الأربعاء سَلْخ المُحَرَّم وَصلَ المَحْمَلُ السُّلْطانيُّ والرَّكْبُ الشَّاميُّ إلى دمشقَ. وكانَ الأميرُ عزُّ الدِّين أيبك أميرُ عَلَم هو أميرُ الرَّكْب. وأقامَ بمكّةَ من الحُجّاج: شِهاب الدِّين بن المَرْجانيّ السَّنة كُلّها بسبب إصلاح مَسْجد الخِيف بمِنى وتَرْميمِه، وأنفقَ عليه من مالِه كما ادَّعَى عِشْرينَ ألفًا، تَقَبَّل اللهُ منه.
(1)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 87 - 88، ونهاية الأرب 32/ 319، والسلوك 3/ 24.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 65، والدرر الكامنة 4/ 40.
صَفَر
4247 -
وفي يوم الاثنين بعد صَلاة العَصْر السَّادس والعِشْرين من صَفَر ضُرِبَت رَقَبةُ إسماعيل
(1)
المُقْرئ بين القَصْرين بالقاهرة، وحضرَ ذلك السّادةُ الحُكّام الأربعة بإيوان المالكية من المَدْرسة الصّالحية. وكانَ المُشِير بقتله قاضي القُضاة تَقِيّ الدِّين المالكيّ، وحَضَرَ جماعةٌ كبيرةٌ من الفُقهاء المالكية والشّافعيّة، وغيرُهم. وكانَ يومًا مَشْهودًا.
وهذا الرجل رُمِيَ بالزَّنْدقة وبأمورٍ عِظام، من سَبّ الأنبياء عليهم أفضل الصَّلاة والسَّلام، وغير ذلك، وثَبَت ذلك عليه.
نقلتُ ذلك من خَطِّ القاضي فَخْر الدِّين النُّوَيريّ المالكيِّ.
• - وفي يوم الاثنين السَّادس والعِشْرين من صَفَر عُرِض بدمشقَ العَسْكر المُجَرّد إلى سيس وهم ثلاثة آلاف، والمُقدَّمون عليهم الأمراء جُوبان، والقَرَماني، وبَكْتوت الشَّمْسي، والمُقدَّم على الجميع جُوبان
(2)
.
4248 -
وفي يوم الخَمِيس الثاني والعِشْرين من صَفَر تُوفِّي الطَّواشيُّ أبو الطَّيِّب شجاع الدِّين عَنْبَر
(3)
الخادم عَتِيق الأمير سَيْف الدِّين بكتَمُر الساقي العزيزي، ودُفِنَ بالقَرَافة.
سَمِعَ من إسماعيل بن عَزّون، والنَّجِيب عبد اللطيف، وحَدَّث. جاوزَ الثَّمانين.
وكانَ خادمًا بباب دار الدَّرْفيل. رَوَى كتاب "الثَّبَات عندَ المَمَات" لابن الجَوْزي، ورَوَى قِطْعة من "المُعجم الكبير" للطَّبَرانيّ.
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 321، وذيل العبر، ص 109، وأعيان العصر 1/ 499، والسلوك 3/ 32، والدرر الكامنة 1/ 436، والنجوم الزاهرة 9/ 249.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 324، والسلوك 3/ 25.
(3)
ترجمته في: الدرر الكامنة 4/ 233.
كتبَ إليَّ بوفاته ناصر الدِّين بن الجَوْهريّ.
• - وفي آخر صَفَر باشرَ نيابةَ الحُكْم بدمشقَ القاضي شَمْس الدِّين مُحمدُ بنُ عبد الله بن أحمد القَفْصي المالكيُّ، استنابَهُ قاضِي القُضاة شَرَف الدِّين المالكي، وكانَ حضرَ معه من القاهرة ورافقه.
شَهْر ربيع الأول
• - في يوم الاثنين الرابع من شَهْر ربيع الأول سافرَ من دمشق قَفْلٌ
(1)
إلى المَوْصل وتوجَّه مَعَهُم الشَّيخُ الصَّالحُ المُقْرئُ مُحمدُ بنُ الخَرُوف المَوْصليُّ، وكانَ قَدِمَ دمشقَ وأقامَ جها مُدّة وسافرَ إلى الدِّيار المِصْرية، ورجعَ ووَلِيَ مَشْيخة الإقراء بالتُّربة الأشرفيةِ بدمشق، وباشَرَ ذلكَ مدّةً، ثم إنه حَنّ إلى وَطَنه فعادَ إليه، ووَلِيَ مكانَهُ في المَشْيخة المَذْكورة شِهاب الدِّين أحمد بن النَّقيب البَعْلَبَكيّ المُقْرئ، وباشرَ الوظيفةَ، وذكر دَرْسًا في يوم الأحد عاشِر ربيع الأول.
4249 -
وفي بُكْرة الثُّلاثاء الخامس من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ مُحمدُ
(2)
ابنُ الحاجّ عُمر بن أبي الحَسَن بن مُفَرِّج البَعْلَبَكّيُّ المُؤذِّن، المَعْروف بالقاضي، ببَعْلَبَك، ودُفِنَ من يومه بباب سَطْحا.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، وهو من أولاد شيوخنا.
4250 -
وفي بُكْرة الاثنين الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخ الصَّالحُ حُسام الدِّين أبو مُحمد، آقُش
(3)
الرُّومي، المُؤذِّن بجامع
(1)
قال السيّد الزبيدي في "قفل" من تاج العروس: "القَفْل: بالفتح، الرجوع ويستعمل أيضًا في الذهاب، وهو أيضًا القافلة، لغة مصريّة".
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات شعبان سنة 687 هـ.
(3)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 184، والدرر الكامنة 1/ 470، وفيهما اسمه آقوش.
دمشق، عَتِيق الشَّيخ قُطْب الدِّين اليُونِيني، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، وعُمِلَ عَزاؤه بُكْرة الثُّلاثاء على باب مئذنة العَرُوس.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مُواظبًا على التِّلاوة وقيامِ اللَّيل، وكانَ ضوفيًّا بالخانكاه الأسَدِيّة، وسمِعَ من ابن أبي اليُسْر، وابن عَبْد، وغيرهما، وحَدَّث.
وذكرَ لي أنَّ مولدَهُ في سنة أربعين وستمائة تَقْريبًا، وأنّه أُبيعَ بحَلَب لقاضي القُضاة كمال الدِّين ابن الأستاذ، وعُمُره أربع سَنِين، ولم يَعْرف من أيّ بَلَد هو، وأقامَ عندَهُ مدّة، ثم إنَّهُ مَرّ معه ببعلبك فأطلَقَهُ لقُطْب الدِّين ابن الشَّيخ الفقيه مُحمد اليُونينيّ، وهو دُون البُلُوغ، فأقامَ مدّة في حياة الشَّيخ الفقيه، وبعد موتِه، ثم انتقلَ إلى دِمَشق، وأقامَ مُدّةً مؤذِّنًا بتُربة أمِّ الصَّالح، ثم نُقِلَ منها إلى جامع العُقَيْبة، ثم نُقِلَ إلى جامع دمشق في سنة سَبْعين وست مئة، واستمرَّ على ذلك إلى أن ماتَ.
4251 -
وفي يوم الاثنين الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ المُقْرئُ فَخْرُ الدِّين أبو عَمْرو عُثمانُ
(1)
بنُ أبي المَعَالي بن خَضِر التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ، بالمارستان الصَّغِير بدمشق، وصُلِّي عليه في أواخر النَّهار بجامع دمشق، ودُفِنَ بمَقْبَرة الباب الصَّغير.
وسَمِعَ من ابن أبي اليُسْر، وحدَّث عنه، وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا، أحد قُراء التُّربة الظاهرية، وكانَ يقرأ في الخِتَم مع ابن الفُقَّاعي بصَوْتٍ حَسَن، ثم ضَعُف في أواخر عُمُره، وانقطعَ بإيوان المَدْرسة الظاهرية مُدّة سِنين، ولازمَ التَّلاوة والذِّكْر، وكان مُنْتظرًا للموت.
(1)
ترجمته في: توضيح المشتبه 3/ 398، والدرر الكامنة 3/ 263.
وسألتُهُ عن مولدِه فذكرَ أنّه سنة أربع وأربعين وست مئة تَقْريبًا بالمَعَرّة. ثم سألته بعد سنين فقال: سنة أربعين وست مئة، والله أعلم.
4252 -
وفي يوم الاثنين الحادي عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
بنُ بَدْر الدِّين مُحمد بن أحمد بن مُبارك المَرَاغيُّ قبل الظهر، بحَمّام ابن مُوسك بدمشق فُجاءةً، وحُمِلَ إلى المَدْرسة المَسْرُورية مَيْتًا، ووضِعَ في الإيوان وأُخِّر إلى يوم الثلاثاء احتياطًا، فدُفِنَ بُكْرة الثلاثاء بمقبَرة الصُّوفية عند والدِه.
وكانَ شابًّا ابن خَمْس
(2)
وثلاثين سنة.
وفيه مودّةٌ وخِدْمة، وكانَ يحفظُ القُرآنَ، وحَفِظَ "التَّنْبيه"، وسمِعَ معنا كثيرًا من الأحاديث النَّبوية، وتألّمنا لموتِه، وارتاعَ النّاسُ لذلك، فإنَّهُ حَضَرَ المَدارس، وقَضَى أشغالَهُ وتوجَّه إلى الحَمّام فماتَ، رحمه الله.
• - ووصلَ كتاب الشَّيْخ فَخْرِ الدِّين النُّوَيريِّ المالكيِّ من القاهرة وهو مؤرَّخ بالثالث والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول، وفيه أنَّ مكّةَ شَرَّفها الله تعالى طيِّبة في هذا العام من كَثْرة المِياه والخَيْر والأمْن، وقد سافرَ إليها الأمير رُكْن الدِّين بَيْبَرس الحاجب مُقيمًا بها في جماعةٍ كبيرة معه وأُرْسِلَ إليه من الغِلال ما له قِيْمةٌ كثيرةٌ.
4253 -
وفي بُكْرة الثلاثاء الثاني عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ الصالحُ زَيْنُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ
(3)
بنُ أبي الحَسَن بن مَرْزُوق السَّلاميُّ
(1)
ذكره الذهبي فيمن ولد سنة 684 هـ (تاريخ الإسلام 15/ 534).
(2)
في الأصل: "خمسة".
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
التّاجرُ بدمشق، وصُلِّي عليه الظُّهْر بالجامع المَعْمور، ودُفِنَ بمقبَرة القُبَيْبات قِبليّ دمشق.
ومولدُه سنة خَمْسين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا، حافظًا للقُرآن الكَرِيم، وبَنَى رباطًا بالقُدْس الشَّريف، وكان كَثِير الإقامة هُناك، وحَجَّ وجَاوَر، ودخلَ البلادَ البعيدة في التِّجارة، وطَلَب التكسُّب وسَمِعَ من ابن البُخاري، وحَدَّث.
4254 -
وفي يوم الاثنين الثامن عَشَر من شَهْر ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ العدل عِزُّ الدِّين أبو مُحمد عبدُ العزيز
(1)
بنُ عُمر بن أبي بَكْر بن موسى بن أبي الفَضْل بن أحمد بن عَبّاس الغَسّانيُّ الحَمَويُّ، المَعْروف بسِبْط غازي، بالمَدْرسة العزيزية بدمشق، وصُلِّي عليه بُكْرة الثلاثاء بجامع دمشق، ودُفِنَ قِبْليّ البَلَد بالقُرب من مسجدِ القَدَم.
ومولدُهُ في الرابع والعِشْرين من جُمادى الآخرة سنة أربعٍ وأربعين وست مئة بحَمَاة.
وكان مَشْهورًا بالدِّيانة والعِفّةِ والصِّدْق والتَّقَلُّلِ من الدُّنيا، وعندَهُ انجماعٌ عن الناسِ وقلّة مُخالطة لهم، وكانَ يَشْهدُ تحتَ السّاعات ويشهدُ على القُضاة، وحجَّ كثيرًا وجاورَ بالحرمين الشَّريفين. وكانَ كثيرَ الأسفارِ، وعندَهُ مَعْرفةٌ بالأمور، وكانَ صوفيًّا مَعْروفًا بالتَّصوُّف. وسَمِعَ بالقاهرة من النَّجيب عبدِ اللَّطيف الحَرّاني، وأبي العبّاس أحمد ابن القاضي زين الدِّين عليّ بن يوسُف الدِّمشقيِّ، وتاج الدِّين بن القَسْطَلَّانيّ، وشَرَف الدِّين بن أبي القاسم، وأقامَ
(1)
ترجمته في: المعجم المختص، ص 146، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 399، والدرر الكامنة 3/ 176.
مُدّةً بالقاهرة، وصاهَرَ قاضي القُضاة تَقِيّ الدِّين بن رَزِين، وسَمِعَ بدمشقَ من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وبمكِّةَ من الشَّيخ مُحبّ الدِّين الطَّبَري في سنة سَبْعٍ وستّين وست مئة. وكان قد حَصَّلَ جُملةً من مَسْموعاته، وحَدَّث بالبلاد، وله نَظْم، وخَطَبَ بالمِزّة نيابةً.
وكانَ على طريقةٍ حَسَنةٍ، عزيزَ النَّفْس، كثيرَ العبادة، مُجْتهدًا في الخَيْرات.
4255 -
وفي يوم الاثنين الخامس والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول ضُرِبَت بظاهر دمشق رَقَبة شَخْصٍ ادَّعَى أنّه نَبِيٌّ وأصرَّ على ذلك، ورُوجِعَ فاستمرَّ على الإصرار، وخُوِّفَ فلم ينفع فيه التَّخْويف، وكانَ قبل ذلك مُواظبًا للجامع ويقرأ القُرآن.
وقيل: إنَّهُ كانَ من غِلْمان الأمير التَّاجي، وإنَّ اسمَهُ كان أقْجَبا
(1)
، ثم سُمّي عبد الله، وهو رُوميّ أشقَر، خفيفُ اللِّحية، أزْرَق العينين.
• - وفي الثالثة والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول خَرَجَ من دمشقَ جَيْش إلى حَلَب أمراء ومُقَدَّمون، ثم تَوَجَّه بعدَ ذلك بنحو عِشْرين يومًا طائفةٌ أُخْرَى مقدَّمهم الأمير سيْفُ الدِّين كُجْكُن وقَصَدوا إخراجَ عَرَب مُهَنّا من الشام، وغابُوا عن دمشقَ أكثر من ثلاثة أشهر
(2)
.
4256 -
وفي يوم الجُمُعة آخر جُمُعة من شَهْر ربيع الأول عُدِمَ بسَفْح قاسيون الشَّيخُ الصَّالحُ أبو عبد الله مُحمدُ
(3)
بنُ أحمدَ بنِ مُحمد بن أحمد بن
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 323، والبداية والنهاية 16/ 147.
(2)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 329، والبداية والنهاية 16/ 147، والسلوك 3/ 28.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 691 هـ، وتوفي أخوه عبد الرحمن سنة 732 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 356، والدرر الكامنة 3/ 113.
يونُس بن يوسُف بن حَسَن الحَدَّاد المَقْدِسيُّ الصَّالحيُّ، ووُجِدَت حوائجه على حافةِ نَهْر يزيد، والظَّاهر أنه غَرق ولم يُوقف على أمرِه ولا ظهَرَت جثّتُه.
وكانَ رَجُلًا مُباركًا يعملُ صنعتَهُ في بيته.
ومولدُه في سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة.
وحَضَرَ على خَطِيب مَرْدا وعُمُره سنة، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وحَدَّث هو وأبوه.
شَهْر ربيع الآخر
4257 -
وتُوفِّي الشَّيخُ ابن أحمد
(1)
بن عليّ بن قُصَّة المَقْدسيُّ الجابي بالمَدْرسة الرَّواحية بدمشق في يوم السَّبْت، ودُفِنَ بُكْرة الأحد مُستهلّ ربيع الآخر بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا، أمينًا، فيه مُروءة.
ورافقتُه إلى القُدس الشَّريف مَرّتين، وسَمِعَ بقراءتي على جماعةٍ.
• - وفي ليلة الثُّلاثاء الثالث من شهْر رَبِيع الآخِر سافَرَ الصَّاحبُ شَمْسُ الدِّين ناظر الدَّواوين بدمشق إلى الدِّيار المِصْرية، وودَّعَهُ الناسُ في الليل، فغابَ عن دمشق مدّة أربعين يومًا.
(1)
هكذا في الأصل: "ابن أحمد"، ولم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب. وعرف من بني قُصّة المقادسة شجاع بن مُفَرّج بن قُصَّة المقدسي الجَبَلي - نسبة إلى جبل قاسيون - المتوفى سنة 613 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/ 387، وتاريخ الإسلام 13/ 371، وتوضيح المشتبه 7/ 108، وابنته آسية بنت شجاع المتوفاة سنة 643 هـ، وترجمتها في تاريخ الإسلام 14/ 438.
4258 -
وفي يوم الثلاثاء الثالث من شَهْر ربيع الآخَر تُوفِّي الشَّيخُ أبو عليّ حَسَن
(1)
بن عُمر بن عيسى بن خَلِيل الكُرْديُّ، ودُفِنَ بجيزة مِصْر.
وكانَ في آخر عُمُره مُسْند الدِّيار المِصْرية. سَمِعَ حُضورًا من ابن اللَّتِّيّ "مُسند الدَّارِمي"، و"مُسند عَبْد بن حُمَيد"، و"جُزء أبي الجَهْم"، و"المئة الشُّريحية"، وغير ذلك. وسَمِعَ من مُكْرَم بن أبي الصَّقْر "الموطّأ"، رواية ابن بُكَيْر، عن مالك، وغيرَهُ. وسَمِعَ من السَّخاوي. وكانَ أبوه فَرّاشًا بتُربة أمِّ الصالح بدمشق، وبسببِ ذلك حَصَلَ له هذا السَّماع، وقرأ القرآن على السَّخَاوي. ثم إنه انتقلَ إلى ديارِ مِصْرَ، وسكنَ الجِيزيّة، وكانَ يؤذِّن ويبيع الوَرَق على باب الجامِع ولم يَعْرفه أحد، وكانَ بيده ثَبَت فظهَرَ أمرُهُ في سنة اثنتي عشرة وست مئة، وفَرِحَ به الناس وأخذوا عنه، ثم ثَقُل سَمْعه، فشقّ السَّماع عليه.
وكانَ مولدُه في سنة ثلاثين وست مئة تقريبًا.
4259 -
وفي ليلة السَّبْت السابع من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الحاجُّ نَجْمُ الدِّين أيوبُ
(2)
بنُ عُثمان بن يَعِيش الخَشّاب، وصُلِّي عليه ظُهْر السَّبْت بجامع دمشق، ودُفِن بتُربتِه خارج الباب الشَّرقيّ.
وكانَ يُخالطُ الأُمراءَ ويتوكَّل لهم، وحَصَّلَ بسبب ذلك ثَرْوة، وصارَ له جاهٌ وحُرْمة عندَ النّاس.
• - وفي يوم الاثنين الثاني من شَهْر ربيع الآخر عُقِدَ عَقْد السُّلْطان المَلِك الناصر سُلْطان المُسْلِمين - نَصَره الله تعالى - على المرأة التي حُمِلت
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 112، والوافي بالوفيات 12/ 195، والسلوك 3/ 32، والمنهل الصافي 5/ 114، وحسن المحاضرة 1/ 391، والدارس 1/ 246.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
إليه من بلاد القَبْجَاق من بنات المُلوك، وكَتَبَ الصَّدَاق القاضي علاء الدِّين بن الأثير، وحَضَرَهُ قاضي القُضاة بَدْر الدين، وخَلَعَ السُّلْطانُ عليهما وعلى وَكِيله القاضي كَرِيم الدِّين وعلى جماعةِ المَرْأة وأتباعها وخَدَمِها
(1)
.
• - ووَصلَت الأخبارُ في شَهْر ربيع الآخر إلى دمشقَ بأنه بَرَزَ مَرْسومُ السُّلْطان بالاحتياط على ما كانَ بيد العَرَب من الإقطاعات جَمِيعها، وأنَّهُ غَضِبَ عليهم وأمرَ بإخراجِهم من بلاد الشام، وهم مُهنّا بن عيسى وأولاده وجماعته، والأمراء الذينَ معه.
وكانَ السُّلْطان أحسنَ إليهم وأقطعَهُم ورَسَم لهم بالأموال الكثيرة. وبَلَغَنا أنه وصلَ إليهم في سنة تِسْع عَشْرة وسبع مئة من خزانة دمشق ألف ألف دِرْهم وخَمْس مئة ألف دِرْهم.
• - ووَصلَت الأخبارُ في شَهْر ربيع الآخر إلى دمشقَ بدخول العَسَاكر المُجَرّدة إلى بلاد سِيس، وأنَّهم عاثوا فيها سبعة عَشَر يومًا، وحَرَّقوا وقَطَعُوا الأشجارَ، وأنه غَرِقَ من عَسْكر الشّام في نَهْر جَهان نحو ألف فارس من الطرابُلُسيّين وغيرهم
(2)
.
4260 -
وفي يوم الاثنين التاسع من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ كمالُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرَّحيم
(3)
بن عبد المُحسن بن حَسَن بن ضِرْغام بن صَمْصَام بن فَضَائل الكِنَانِيُّ المَنْشاويُّ الحَنْبليُّ، ودُفِنَ من يومه بقَرَافة مِصْر الصُّغرى.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 147، والسلوك 3/ 25 - 26.
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 88، ونهاية الأرب 32/ 325، والبداية والنهاية 16/ 147.
(3)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 187، وذيل العبر، ص 113، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 388، والسلوك 3/ 32، والدرر الكامنة 3/ 151، وشذرات الذهب 8/ 97.
ومولدُه في سنة سَبْعٍ وعِشْرين وست مئة بقَرْية المَنْشِيّة، وهي مَنْشِيّة قَنَاطر الأهرام.
وكانَ عَدْلًا بالقاهرة وخَطِيبًا بالمَنْشِيّة المَذْكورة، وحَجَّ، وسمِعَ على سِبْط السِّلَفي عدّة أجزاء منها "جُزء الذُّهلي"، والسابع من "المَحَامليّات"، وحَدَّث قَديمًا، وسَمِعَ أيضًا من الصَّدْر البَكْري، وغيره.
وكتبَ الشَّيخ أبو بَكْر الكَتّاني إليَّ من القاهرة يَذْكر أنَّ هذا الشَّيخ اختلَّ عَقْله قبل موتِه بنحو أربعة أشهر.
4261 -
وفي بُكْرة الأربعاء حادِي عَشَر شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ المُقْرئُ شَمْسُ الدِّين أبو مُحمد مُوسى
(1)
بنُ عبدِ العزيز بن جَعْفر بن شَمْخ البَعْلبكيُّ، بها، ودُفِنَ من يومه بمقبَرة الشَّيخ عبد الله اليُونينيِّ.
ومولدُه في سنة ستٍّ وثلاثين وست مئة ببَعْلَبك.
سَمِعَ من الشَّيخ الفقيه مُحمد اليُونينيّ، وحَدَّث عنه، وكانَ من أهل القُرآن والدِّين والصَّلاح والخَيْر. صَحِبَ الشَّيخ الفقيه وقرأ عليه أكثر الخِرَقي، ولم يَشْتغل بشيءٍ من أُمور الدُّنيا ومكاسبها. وكانَ مُلازمًا للخَيْر من صِغَره لم يَزَل على طريقة حَسَنة إلى أن ماتَ.
قرأتُ عليه "مَجْلس أبي مُسلم الكاتب الصَّغِير" في سنة إحدى وثمانين وست مئة ببَعْلَبك.
4262 -
وفي ليلة الجُمُعة الثالث عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر تُوفِّيت المرأةُ الصَّالحةُ أمُّ أحمد خَديِجةُ
(2)
بنتُ التّاج عبد الرَّحمن بن عُمر بن عِوَض المَقْدسيّة، الصَّالحيّة، وصُلِّي عليها عَقِيب صَلاة الجُمُعة بالجامع المُظَفَّري،
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 346، وتوضيح المشتبه 5/ 358.
(2)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 228، وتقدمت ترجمة أخيها محمد في وفيات سنة 713 هـ.
ودُفِنَت بتُربةِ الشَّيخ موفَّق الدِّين عندَ أخيها الشَّيخ شَمْس الدِّين بن التّاج.
ومولدُها تقريبًا في سنة أربعين وست مئة.
وماتَ أبُوها وعُمُرها أقلّ من سنة، وأجازَها الشَّيخُ ضياءُ الدِّين عبدُ الخالق النَّشْتَبْريُّ من مارِدِين، ويوسُفُ بنُ خليل من حَلَب، وابنُ مَسْلَمة، وابنُ عَلّان بدمشق، وجماعة غيرُهم، وحَدَّثت. وكانت صالحةً خَيِّرة، تَزَوَّجت بابنِ عَمِّها الشَّرف المُحْتَسب، ثم تَزَوَّجت بناصر الدِّين بن السَّلّار، وهي أمُّ ولدِه شهاب الدِّين أحمد.
4263 -
وفي يوم الجُمُعة ثالث عَشَر شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي شَرَفُ الدِّين أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ شَرَفِ الدِّين عليّ بن عبد الرَّحمن بن عبد الوَهّاب الأنصاريُّ، المعروفُ بابن الإسكاف، ودُفِنَ عَصْر النَّهار المَذْكور برباط والدِه بسَفْح قاسيون.
وكانَ ناظرًا على وَقْف والده، ويَشْهد على القُضاة، وكانَ أبوه من أعيانِ التُّجار أرباب الثَّروة ومن المَشْهورين بالدِّيانة وإنفاقِ المال في وجوه الخَيْرات.
4264 -
وفي ليلة الجُمُعة السّابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ إبراهيم
(2)
الدِّهِسْتانيُّ، بزاويته بالقُرْب من سُوق الخَيْل ظاهر دمشق، وصُلِّي عليه عَقِيب الجُمُعة بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بزاويته المَذْكورة.
وكان شَيْخًا كبيرَ السِّنِّ، يذكرُ أنه سنة أخْذ بَغْداد كان عُمُره نحو الأربعين، وخِرْقتُهُ رفاعية، وكانَ مشهورًا بالمَشْيخة، مُحْتَرَمًا مُكْرَمًا، وكانَ فيه مودّة وتَرَدُّد
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات سنة 671 هـ.
(2)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 150، والمنهل الصافي 1/ 192، والدارس 2/ 156، وسلم الوصول 4/ 326.
إلى النّاس وقضاءٌ لِحُقُوقِهم، وعندَهُ جماعةٌ من الفُقراء، وكانَ يحضر إلى الجُمُعة هو وجماعتُهُ، ويُصَلُّون تحت قُبّة النَّسْر بجامع دمشق دائمًا.
ودِهِسْتان عملٌ من رُسْتاق مازَنْدَران وليس بمدينةٍ ولا قَرْية
(1)
.
4265 -
وفي يوم الجُمُعة السابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ الحاجُّ مُحمدُ
(2)
بنُ محمود بن عليّ الشَّحّامُ المُقْرئُ، وصُلِّي عليه بجامع دمشق عَقِيب العَصْر، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير، وحضرَهُ جمعٌ كبيرٌ.
وكانَ شَيْخًا مليحَ الشَّيْبةِ تامَّ الشَّكْل مواظِبًا على قِراءة القُرآن وإقرائه، وكانَ شيخَ مِيعاد ليالي الأحد المَنْسوب إلى ابن عامر، وسافَرَ قبل موته بقليل إلى القُدْس الشَّريف هو وجماعة كبيرة وكانُوا يَخْدمونه ويُكْرمونه ووصل مُتَمرِّضًا إلى دمشقَ وبقي أيامًا وماتَ.
4266 -
وفي شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الشَّيخُ ضياءُ الدِّين عبدُ الملك
(3)
بنُ مُحمد بن صالح بن أبي الفَضْل بن زَيْد بن ياسين الدَّوْلعيُّ، بدمشق.
وكانَ شيخًا من بَيْتٍ وعليه وَقْفٌ. وَوَلِيَ جدّه خَطابة دمشق مدّةً يسيرةً بعد أخيه الشَّيخ جمال الدِّين صاحب المَدْرسة بجَيْرون، ثم عُزِلَ وَوَلِيَ بعده ابنُ طَلْحة.
(1)
قال ياقوت: "بلد مشهور في طرف مازندران قرب خوارزم وجرجان"(معجم البلدان 2/ 492).
(2)
ترجمته في: البداية والنهاية 16/ 150.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي جده عبد الملك بن زيد الدولعي، خطيب دمشق سنة 598 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 12/ 1149، وطبقات الشافعية للسبكي 7/ 187، وذيل التقييد 2/ 154، وتوضيح المشتبه 7/ 147، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 31، وشذرات الذهب 6/ 547، وغيرها.
4267 -
وفي شَهْر ربيع الآخر تُوفِّي الحاجُّ أبو حَفْص عُمرُ
(1)
ابنُ الشَّيخ تَقِيّ الدِّين أحمد بن عبد الرَّحمن بن عبد المُؤمن بن أبي الفَتْح الصَّالحيُّ الحَنْبليُّ، بالبقاع من عَمَل دمشق.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَن الهَيْئة، مليحَ الشَّيْبة، مَشْكورَ السِّيرة، كثيرَ التودُّد، وحَضَرَ على خَطِيب مَرْدا، وسمِعَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وجماعة.
ورافَقتُه في طريق القُدس، وقرأتُ عليه بالقُدْس والخَليل عليه السلام.
ومولدُه ليلة الأربعاء العِشْرين من جُمادى الآخرة سنة خَمْسين وست مئة بسَفْح قاسيون.
جُمادى الأولى
4268 -
في يوم الأربعاء عاشر جُمادى الأولى تُوفِّيت أسماءُ
(2)
بنتُ عماد الدِّين يحيى بن تَمَّام بن الحِمْيَريّ، والدَةُ الصَّدْر تَقِيّ الدِّين عُمر ابن الصّاحب شَمْس الدِّين بن السَّلْعُوس، ودُفِنَت بسَفْح جبل قاسيون، وجاوزَت السَّبعين.
وكانت أكبر من بنت عَمِّها نَفِيسة بنت فَخْر الدِّين مُحمد بثلاث سنين.
• - وفي يوم الخَمِيس الحادي عَشَر من جُمادى الأولى وصلَ إلى دمشقَ الأميرُ الكبيرُ سَيْفُ الدِّين قَجْليس من الدِّيار المِصْرية فأقامَ يومًا، وتَوَجَّه إلى جهة الرَّحْبة، واجتمعَ الجَيْشُ المَجَرَّد مع كُجْكُن من دمشق، وكانوا قَرِيبًا من
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات جمادى الآخرة سنة 701 هـ، وتوفي ابنه علي سنة 772 هـ، وترجمته في: الدرر الكامنة 4/ 104.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيها في شعبان سنة 668 هـ، وتوفي أخوها علي سنة 726 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 63، وذيل التقييد 2/ 227. وتوفي ابنها عمر ابن السلعوس سنة 731 هـ، وترجمته في: البداية والنهاية 16/ 241، والدرر الكامنة 4/ 221.
عَشَرة أمراء، ونائب طرابُلُس، وجماعة من عَسْكر طرابُلُس وحِمْص ممّن كان في غَزْوة سِيس، ومُقَدَّم الجميع الأميرُ سيفُ قَجْليس، وأخرجُوا العربَ مُهَنّا وأولادَهُ وأمراء العَرَب الذين معه من الشّام، ومَنَعُوهم الغَلّة والمِيْرة. وكانت مُدّة غَيْبة الأمير سَيْف الدِّين المذكور من يوم خَرَج من دمشق إلى يوم دَخَلها أربعة أشهر وأيام.
4269 -
وفي ليلة الأحد رابع عَشَر جُمادى الأولى تُوفِّي جمالُ الدِّين إبراهيمُ
(1)
ابنُ القاضي شِهابِ الدِّين أحمدَ بن أبي بَكْر بن حِرْز الله الإرْبِديُّ، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الشَّرقي، ووقَعَ عَقِيب الجنازة مَطَرٌ كثير، وكانَ ذلك في وَسَط حَزِيران في الصَّيف.
ومولدُهُ في الثامن والعِشْرين من شَوّال سنة اثنتين وثمانين وست مئة بدمشق.
وكانَ له نَظْمٌ وعنده فَهْمٌ ومَعْرفةٌ، وفيه نَهْضة وكفاءة، وكانَ يَشْهد بمركز المِسْمارية، وخَدَمَ كاتبًا عند سيْف الدِّين بُغا المَنْكُوتَمُريّ، وأوصَى في مَرَضِه وصيّةً حَسَنةً، وذكرَ فيها أشياءَ مَلِيحةً تدلُّ على دِيْنٍ وخَيْر وحُسْنِ عَقِيدة.
4270 -
وفي يوم الخَمِيس الثامن عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيخِ شهابِ الدِّين أحمدَ بن عبدِ الكريم بن عبد الصَّمد، المَعْروف بابن الكرشْت
(3)
، ودُفِنَ بسفح قاسيون، وكانَ جاوزَ الأربعين.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه سنة 727 هـ، وترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 115، وأعيان العصر 1/ 195، وتوضيح المشتبه 3/ 173، والدرر الكامنة 1/ 125، وتوفي أخوه حسن في سنة 762 هـ، وترجمته في: الدرر الكامنة 2/ 110.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتوفي أبوه شهاب الدين أحمد سنة 735 هـ، وهو مترجم في الدرر الكامنة 1/ 207، وشذرات الذهب 8/ 193.
(3)
هكذا مجودة في الأصل، وكذا جاءت في أعيان العصر 1/ 248، والوافي بالوفيات 7/ 30، وتحرفت في الدرر الكامنة إلى:"المكوشة" وفي شذرات الذهب إلى: "المكوشت"!
وكانَ له دُكّان بسوق الكوافيّين، وفقده أبُوه، واحتَسَب وصَبَر.
4271 -
وفي يوم الجُمُعة التاسع عَشَر من جُمادى الأولى تُوفِّي جمالُ الدِّين عُمرُ
(1)
ابنُ الشَّيْخ شَمْس الدِّين مُحمد بن سَلْمان بن حَمَائِل، المَعْروف بابن غانِم، ودُفِنَ آخر النَّهار بسَفْح قاسيون قُباله الجامع المُظَفَّري.
وجاوزَ الخَمْسين.
وكانَ سَمِعَ معنا "مُسند الإمام أحمد" على ابن عَلّان، وغير ذلك. وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، قليلَ المُخالطة للنّاس، مُقْتَنِعًا.
4272 -
وفي يوم الجُمُعة التاسع عَشَر من جُمادى الأُولى تُوفِّي الأميرُ علاءُ الدِّين قَطْلِيجا
(2)
وَلَدُ الأميرِ الكبيرِ سَيْف الدِّين بَلَبان الجَوْكَنْدار ببستانِه بسَطْرا، مات في عَشْر الأربعين من عُمُره.
وكانَ أحد الأمراء بدمشق أمير خَمْسين، ودُفِنَ بسفح قاسيون.
4273 -
وفي يوم الأحد الحادي والعِشْرين من جُمادى الأولى تُوفِّي الشَّيخ الإمامُ المُقرئُ الصَّالحُ بقيّةُ السَّلَف وحيدُ الدِّين أبو حامد يحيى
(3)
بنُ أحمدَ بن خُداداد الخِلاطيُّ الشافعيُّ، إمامُ الكَلّاسة، وصُلِّي عليه ضَحْوة النَّهار المَذْكور، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية، وحَضَرهُ جَمْعٌ كبير.
وكانَ شيْخًا مُبارَكًا، مُلازِمًا لإِقراء القُرآن بالرِّوايات. وكانَ عارفًا بهذا الفنّ. قرأ بـ "الرُّوم" على الصَّائِن البَصْريّ، ووَلِيَ إمامة الكَلّاسة نحو خَمْس عَشْرة سنة، وَقبْلها كان يؤمّ بمَشْهد ابن عُرْوة، ووَلِيَ مشيخةَ الخانكاه الأسَدِيّة، وكان مُقيمًا بها إلى أن ماتَ وبلغَ الثَّمانين من العُمُر.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 4/ 218.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 4/ 128، والدرر الكامنة 4/ 298.
(3)
ترجمته في: معرفة القراء الكبار 2/ 747، وأعيان العصر 5/ 546، وغاية النهاية 2/ 365، والدرر الكامنة 6/ 177.
• - وفي يوم الأربعاء الرابع والعِشْرين من جُمادى الأولى ذَكَر الدَّرْس الشَّيخُ مُحيي الدِّين الأسْمَر الحَنَفيُّ بالمَدْرسة الرُّكْنية بسَفْح قاسيون، وأُخِذَت منه الجَوْهرية وتَدْريس جامع القَلْعة، فأعطِيَ التَّدْريس بجامع القَلْعة لعماد الدِّين بن محيي الدِّين بن الطَّرَسُوسيّ الحَلَبيّ الحَنَفيّ، فَدَرَّس به يوم الخَمِيس الخامس والعِشْرين من الشهر المَذْكور، وأُعطِيَ تَدْريس الجَوْهَرية لشَمْس الدِّين الرَّقِّيّ الحَنَفيِّ الأعْرَج فدرَّس بها يوم الأحد الثامن والعِشْرين من الشَّهْر المَذْكور، وأخذَ منه إمامةُ المَسْجد النُّوري المُجاور لكَنِيسة اليَهُود، فأعْطِيَ لعماد الدِّين بن الكَيّال، وأُخِذَت منه إمامة الرَّبوة فأُعْطِيَت للشَّيخ مُحمد الصِّينيّ صاحب نائِب السَّلْطنة
(1)
.
4274 -
وفي شَهْر جُمادى الأولَى تُوفِّي القاضي زَيْنُ الدِّين عُمر
(2)
ابنُ الشَّيخ الفقيه القاضي عُثمان بن مُحمد بن عُمر بن أحمد الحُلْوانيُّ الأصلِ، ثم المَدَنيُّ، المَعْروفُ بابن الصَّائِن، وكانت وفاتُه ظاهر دمشق.
وكانَ قاضيًا بزُرَع، ثم ضَعُفَ بسبب أمراضٍ اعتَرتهُ فعُزِلَ وقَدِمَ دمشق، واستمرّ به المَرَضُ إلى أن ماتَ.
4275 -
وفي يوم الاثنين التاسع والعِشْرين من جُمادى الأُولى تُوفِّي شَمْسُ الدِّين سَعِيدُ
(3)
ابنُ الصَّدْر شَرَف الدِّين مُحمد ابن الصَّدْر الكبيرِ شمْس الدِّين سَعِيد بن مُحمد بن سعِيد بن الأثير، سِبْط القاضي مُحيي الدِّين بن فَضْل الله، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكانَ شابًّا ابن ثماني عَشْرة سنة، وباشَرَ الكتابة بدِيوان الإنشاء، وفُجِعَت به والدته وكان تَزَوَّج ولم يَدْخل بالزَّوْجة.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 147.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 411، والدرر الكامنة 2/ 271.
جُمادى الآخرة
4276 -
في يوم الأحد الخامس من جُمادى الآخرة تُوفِّي عمادُ الدِّين يوسُف
(1)
بن مُحمد بن يوسُف السَّقطِيُّ، التّاجرُ بسُوق الزِّيادة، ببستانٍ بالصَّالحية عند الشِّبْلية فُجاءة. وكانَ قَضَى نهار السَّبْت في راحة، وأصبحَ يوم الأحد وعَزَم هو وأصحابُه أن لا يَدْخُلوا البَلَد فأدركَهُ أجلُهُ وحُمِلَ إلى باب الصَّغِير فدُفِنَ هناك.
وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا يُحِبُّ الفُقراء، وفيه بِرٌّ ومَعْروف، وحجّ.
4277 -
وفي الخامس من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ جلالُ الدِّين أحمدُ
(2)
ابنُ تاج الدِّين عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن محمود بن مَوْدود بن بُلْدِجِي المَوْصليُّ الحَنَفيُّ، بخانكاه النَّيْرب، ودُفِنَ بمقبَرة النَّيْرب ظاهر دمشق.
وكانَ فاضِلًا، وله نَظْمٌ، وهو من بَيْتٍ مَعْروف بالعِلْم والفَضِيلة، حضرَ إلى دمشق فأدركَهُ أجَلُه به.
4278 -
وفي العَشْر الأول من جُمادى الآخِرة تُوفِّيت أُمُّ أبي بَكْر عائشةُ
(3)
بنتُ مُحمد بن جَمِيل بن حَمْد بن أحمد بن أبي عَطَّاف الصَّالحية بسَفْح جَبَل قاسيون، ودُفِنَت هناك.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
هو من بيت العلم والعدالة والفقه والتدريس في الموصل، ترجم كمال الدين بن الفوطي لأخيه عماد الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد الرحيم في تلخيص مجمع الآداب 4/ الترجمة 1100 (ط. العلامة مصطفى جواد)، وأخيه الآخر مجد الدين أبي البقاء عبد الدائم بن عبد الرحيم (4/ 442 ط. إيران)، وجده عماد الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن محمود بن مودود المدرس المشهور المتوفى سنة 641 هـ (4/ الترجمة 1105 من طبعة العلامة مصطفى جواد)، وقد تقدم من هذه العائلة غير واحد.
(3)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، ولها ذكر في ترجمة أختها فاطمة، في الدرر الكامنة 4/ 265، وتوفيت أختها سنة 730 هـ، وترجمتها في أعيان العصر 4/ 29، ومعجم شيوخ السبكي 1/ 620، والدرر الكامنة 4/ 265.
أجازَ لها في سنة ستٍّ وأربعين وست مئة يوسُف بنُ خَلِيل من حَلَب، ومَجْد الدِّين بن تَيْميّة، وأحمد بن سَلامة النَّجّار من حَرّان، وأجازَها من القاهرة عبدُ الرَّحمن بن مكّي سِبْط السِّلّفي، وزكيُّ الدِّين عبدُ العظيم، وجماعة.
وكانَ أبوها سافرَ إلى اليَمَن وهي صَغِيرة بنتُ أربعين يومًا أو نَحْوها، ولم يَرْجع وماتَ هناك، وخَلَّف تَرِكة.
وهي زَوْجة ابن عَمِّها إبراهيم بن أحمد بن جَمِيل. وهي أصغَر من أختِها فاطمة، وكانَ أبوهما من أصحاب ابن طَبَرْزَد.
4279 -
وفي الحادي عَشَر من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الأميرُ الأجلُّ فَتْحُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
ابنُ الصَّدْر جمال الدِّين أحمد بن هاشِم بن أحمد بن عُمر التَّفْلِيسيُّ بمدينة حِمْص، ودُفِنَ هناك.
ومولدُهُ في سنة ثمانٍ وخمسين وست مئة بالقاهرة.
وسَمِعَ "جزء ابن عَرَفَة" على النَّجيب عبد اللَّطيف الحَرّانيّ في شَهْر رَمَضان سنة خَمْسٍ وستّين وست مئة، وحُمِلَ إلى دِمَشق بعد ذلك في سنة سبْعٍ وستّين وست مئة، وسَمِعَ من جماعة. وكانَ له ثَبَت وإجازات.
وهو جنديٌّ مُتَميِّزٌ، له هيئةٌ حَسَنةٌ، وعنده مَعْرفةٌ، ويَكْتُب كتابةً حَسَنة. وكان أبُوه وعَمُّه ظهيرُ الدِّين ظاهر من الأُمراء أصْحاب الثَّروة والأموال.
4280 -
وفي الثَّامِن عَشَر من جُمادى الآخِرة تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ أحمدُ
(2)
بنُ عُبيد بن إبراهيم بن غَشْم
(3)
، بنابُلُس.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكره الذهبي في مواليد سنة 658 هـ (تاريخ الإسلام 14/ 908).
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
هذا الاسم قيّده المنذري بفتح الغين المعجمة وسكون الشين المعجمة (التكملة 3/ 524)، والغَشْم: الغَصْب في لغة العرب (معجم البلدان 4/ 205)، ولم نقف على ترجمة له.
وقيل: إنَّهُ تُوفِّي في يوم الاثنين الحادِي والعِشْرين منه، وحَضَرَ جنازتَهُ جَمْعٌ كبير، ووصلَ خبره إلى دمشق، وصُلِّي عليه صلاة الغائِب في يوم الجُمُعة تاسع رَجَب.
وكانَ رَجُلًا صالحًا، كريمَ النَّفْس، مُلازِمًا لإطعام الواردين عليه. وكان من قَرْية مَخْنا
(1)
من عَمَل نابُلس. وعاش خَمْسًا وأربعين سنة.
وصار مكانه في المشيخة أخوه غَشْم
(2)
.
4281 -
وفي يوم الثُّلاثاء الثامن والعِشْرين من جُمادى الآخرة تُوفِّي الشَّيخُ الصَّدْرُ الأصيلُ كمالُ الدِّين أبو إسحاق إبراهيمُ
(3)
ابنُ الشَّيخِ الصَّدْرِ الكبيرِ وجيهِ الدِّين أبي المَعالي مُحمد ابن الصَّدرِ عزِّ الدِّين عثمان ابن الشَّيخ الإمام العلّامة وجيه الدِّين أبي المعالي أسْعَد بن المُنَجّى التَّنُوخِيُّ، ببُستانه بالرَّبْوة ظاهر دمشق، وصُلِّي عليه بُكْرة الأربعاء بالنَّيْرب، ثم بالجامع المُظَفّريّ بسفح قاسيون، ودُفِنَ بتُربة والده بالقُرْب من الجامع المذكور.
ومولدُه في رجب سنة اثنتين وستّين وست مئة.
سَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وغيرِهما، وحَدَّث، وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا، مَشْكورَ السِّيرة. أثنَى الناسُ عليه في جَنازتِه بالخَيْر وعَدَم الشَّرِّ.
وهو من بيت مَعْروف.
(1)
لم نقف عليها في كتب البلدان المتوفرة.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(3)
ترجمته في: الملقبين بكمال الدين من تلخيص مجمع الآداب، ولكن لم يبق منها إلا الاسم وتحرف فيه "المنجى" إلى "النجا"(ط. إيران)، وتوفي أبوه سنة 701 هـ وتقدمت ترجمته فيها، وأخوه شمس الدين أحمد تقدمت ترجمته في وفيات سنة 692 هـ، وأخوه الآخر شرف الدين محمد توفي سنة 725 هـ، وهو مترجم في معجم شيوخ الذهبي 2/ 274، والدرر الكامنة 5/ 463، وغيرهما ولهم ذريّة مشهورة بالعلم والمعرفة.
4282 -
وفي جُمادى الآخرة قُتل الأميرُ عزُّ الدِّين حُمَيْضَةُ
(1)
ابنُ الأمير الشَّريف أبي نُمَيّ، صاحب مكة.
وكان قد خَرَج عن طاعة السُّلْطان، وَوَلَّى السُّلطان بمكة أخاه سَيْفَ الدِّين عُطَيْفَة، وبقيَ هو في البَرّيّة والطَّلَب عليه، وأهل مكة خائفون من شَرِّه. وكان شُجاعًا، قامعًا لأهلِ الفَسَاد. وكان في السنة الماضية سنة حَجّ السلطان هَرَب من مماليكه ثلاثة ولجأوا إلى حُمَيْضة، ثم إنهم خافُوا من دُخُوله في الطاعة، وأنه يُرْسلهم إلى حضرة السُّلْطان فقتَلُوه، وتَوَجّهوا في وادي بَني شُعبة، وحَضَرُوا إلى مكة، فقُيّد الذي تولَّى قتله منهم وأُرسل إلى الدِّيار المِصْرية فاعتُقِل، ثم قُتِلَ في شَوّال.
• - وفي يوم السَّبْت الحادي عَشَر من جُمادَى الآخرة وَصلَ إلى دمشقَ الجَيْشُ المُجَرَّد إلى سِيس، وقد تقدَّم توجُّهُه من دمشق، ومُقَدِّمُهم الأميرُ سَيْف الدِّين جُوبان، ولما وَصَلُوا إلى حَمَاة تَوجَّه مَعَهُم الأميرُ بَدْرُ الدِّين حَسَن أخو صاحِب حَمَاه، ومعه جَمَاعة من الحَمَويّين، ولمّا وَصَلُوا إلى حَلَب تَوجَّه معهُم الأميرُ علاءُ الدِّين أَلْطُنْبُغا نائبُ السَّلْطنة بحَلَب، ومعه جَيْشُ حَلَب. ووصلَ أيضًا إلى حَلَب الأميرُ شهابُ الدِّين قَرَطاي نائبُ السَّلْطنة بطرابُلُس، ومعه جيش طرابُلُس، ومُقَدَّم الجميع نائبُ حَلَب، وتوجَّهوا إلى مَرْج أنطاكية، وكانُوا أكثر من عِشْرين ألفًا، وأقامُوا بالمَرْج المذكور أقلّ من شَهْر، ثم دَخَلُوا إلى بلاد الأرْمَن من باب اسكندرونة فوصَلُوا إلى
(1)
ترجمته في: المختصر في أخبار البشر 4/ 89، ونهاية الأرب 32/ 323 - 324، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 192، وذيل العبر، ص 113، وأعيان العصر 2/ 303، والوافي بالوفيات 13/ 203، والعقد الثمين 4/ 232، والسلوك 3/ 29، والدرر الكامنة 2/ 198، وشذرات الذهب 8/ 97، والبدر الطالع 1/ 238.
النُّقَيّر
(1)
وهي قَلْعة برأس جَبَل، ثم إلى تلّ حَمْدون
(2)
، ثم وَصَلُوا إلى نَهْر جاهان فخاضُوه من مَخَاضة العامودين، وغَرِقَ فيه جماعةٌ من الأمراء والجُنْد والغِلْمان وبعض الأطلاب سلم، وبعضهم غَرِق من الطُّلْب الثلاثة والأربعة والخَمْسة، وبعض الأطلاب غَرِقَ أكثرهم، وغالب ما وقعَ ذلك للطرابُلُسيّين، وممّن غَرِقَ منهم: ابن دَربساك أميرٌ شجاع من التُّركمان، وأميران من أقاربه، وأميرُ عَشَرة من الحلبيّين من الشُّجعان اسمه سيفُ الدِّين بُرْج. ثم رحلوا إلى ناورزه
(3)
وهي قَلْعة حَصِينة، ثم نَزَلُوا على سيس وهي قَلْعة حَصِينة وحاصروها ثلاثة أيام وضَيَّقوا على أهلِها وأحْرَقوا دار المُلْك التي في البَلَد عَلَّقوا فيها النِّيران فانهدَمَت، وقَطَعُوا أشجارَ البَسَاتين، وساقُوا الأبقار والجَوَاميس والأغْنام، ثم نَزَلوا على قَلْعة تِبْنين وأخذوا منها كثيرًا من المَوَاشي وأحرقوا زَرْعها، ثم تَوَجّهوا إلى مدينة المِصّيصة فأحرقوا زَرْعها وأخربوا طائفةً من البيوت والمساكن، ثم توجهوا إلى أذنة فأخرَبُوا غالبَ أسوارِها ودار المُلْك والأسواق، وتَوجَّه بعضُ العَسْكر إلى طَرَسُوس وفَعَلُوا مثل ذلك، وأحرَقُوا الضِّياع والزُّرُوع التي كانت بها قِبلة بشام وشرقًا بِغْرب، ثم عادُوا على الطريق المَذْكورة، وخاضُوا النَّهر المَذْكور ولم يُعدَم فيه في الرَّجعة سوَى شخصٌ واحد، ووَصَلُوا إلى حَلَب، وتَوجَّه جماعةٌ من العَسْكر الأميرُ شهابُ الدِّين قَرَطاي، وعَسْكر طرابُلُس، وعَسْكر حِمْص خَلْف العرب، وانضافوا إلى الجَيْش الذي مُقَدَّمهم الأمير سَيْف الدِّين قَجْليس، فأخرجوا مُهنّا بن عيسى أمير آل فَضْل وأولادَهُ وأتباعه
(1)
هو غير "النّقير" الذي ذكره ياقوت في معجم البلدان 5/ 301، فهذا له ذكر في ذيل العبر للذهبي، ص 195.
(2)
له ذكر في تاريخ الإسلام 15/ 698 وغيره.
(3)
لم نقف عليها.
وأمراءَهُ، وعِدّتهم اثنان وسبعون أميرًا من البلاد الشّامية، وساقُوا خلفهم إلى عانة والحديثة
(1)
، وبعد ذلك عادُوا إلى بلادهم، وأمّا بقيّة الجَيْش فإنهم أقاموا بحَلَب نحو شَهْر
(2)
.
4283 -
ومات بحَلَب الأميرُ بَدْرُ الدِّين بَكْتُوت
(3)
الشَّمْسيُّ، وكانَ مَرِيضًا، فأقامَ بحَلَب ولم يَدْخل بلاد سِيس بسببِ مَرَضه، واستمرَّ مَرَضُه إلى أن ماتَ.
• - وبعد ذلك عادَ الجَيْش إلى دِمَشق وَوَصلُوا في التاريخ المُتَقدِّم.
وسبب هذه الغَزْوة أنَّ السُّلْطان - نَصَرَهُ اللهُ تعالى - طلَبَ من صاحب سِيس البلادَ والقِلاع التي فَتَحها المُسلمون في أيام المَلِك المَنْصور لاجِين وهي من نَهْر جَاهان إلى بُغراس، وعِدّتها ستّ قلاع: إياس، وكواره، وتَلّ حَمْدون، وسروندكار، ونُجَيْمة، والنُّقَيّر، فأجابُوا إلى ذلك بِشَرْط أن يَدْخل إليهم طائفة يَسِيرة من العَسْكر، وظهرَ للسُلْطان غَدْوهم فأمرَ بدخول الجَيْش، فلما دَخَلُوا وجَرَى ما تقدّم ذِكْره علموا أنه لم يكن قَصْدهم تَسْليم شيءٍ من ذلك.
• - ولمّا وَصلَ الجَيْش في الرَّجْعة إلى نَهْر جاهان بَلَغَهُم هناك مَوْت صاحب سِيس، وهو الذي تَمَلّك بعد والدِه الذي حَضَر إلى دمشق سنة قَزَان.
وبلاد الأَرْمَن الكِبار خَمْسة: آياس، وسيس، والمِصِّيصة، وأَذَنَة، وطَرَسُوس. ومملكة الأرْمَن صغيرة مَسِيرة أربعة أيام طُولًا في أربعة عُرْضًا
(1)
يلاحظ أنَّ ألبو عيسى المقيمون بالفلوجة ونواحيها من نَسْلهم، وشيخهم الشيخ بركات السعدون العيفان، وأخوه الدكتور الفاضل أبو سعدون مَعن سُعودي من أعيان أهل عرعر.
(2)
الخبر في: المختصر في أخبار البشر 4/ 88، ونهاية الأرب 32/ 329، وذيل العبر، ص 110، والبداية والنهاية 16/ 147 - 148، والسلوك 3/ 25.
(3)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 325.
بالتَّقريب، وهي قِلاعٌ كَثِيرة أكثر من مئتي قَلْعة، وحَصَلَ في هذه الغَزْوة من الغَنَائم جواميس كثيرة وأبقار هذا مُعْظَم الغَنِيمة.
وبعد ذلك عَبَرت طائفة من الحَلَبيّين إلى بلاد الأرْمَن وكَسَبوا وغَنِموا ورجعوا سالمين، ثم طائفة ثانية كذلك، ثم طائفة ثالثة خَرَجوا سالمين من غير كَسْب، ثم رابعة، فَحَصَل بينهم وبين الأرْمَن حَرْب شديد، وخرجَ على المُسلمين كَمِينٌ من الإفْرنج والأرْمَن فقتلوا من المُسلمين جماعةً وأسرُوا جماعةٌ، منهم: أميران: ألْطُنْبُغا العادلي، وأمير من التُّركمان.
• - وفي وَسَط هذه السَّنة في جُمادى الآخرة اشتُهِرَ بدمشقَ كتابٌ وَصلَ من القاهرةِ بغَزْوةٍ عظيمةٍ وقَعَت في المَغْرب في العام الماضي وكَتَبَ النّاسُ به نُسخًا وقرأوه في عِدّة مَوَاضع. ووَردَ أيضًا من الإسكندرية كتابٌ فيه ذِكْرُ ذلك. ثم تبيّن أنّ فيه زيادة ونَقْصًا.
فلمّا وردَ الشَّيخُ مُحمد بنُ عبد الله بن عبدِ الرَّحمن بن يحيى بن ربيع المالِقيُّ من الحَجّ سألناه عن ذلك، وهو ثقةٌ فاضلٌ من بَيْتٍ طيّبٍ عارفٍ بالوَقْعة مَعْرفة تامّة، فكتب لنا بخَطِّه:
"الحمدُ لله على نِعَمه وترادُف آلائه ومِنَنه، والصَّلاة التامّة على سيِّدنا مُحمد وعلى آله، وبعدُ،
فإنَّه لمّا بَلَغ النَّصارى - دَمَّرَهُم الله تعالى - حالَ أمير المُسلمين بجَزيرة الأندَلُس، حاطها الله، السُّلطان الغالِب بالله أبي الوليد إسماعيل ابن كَبِير الرُّؤساء أبي سَعِيد فَرَج بن إسماعيل بن نَصْر سِبْط أميرِ المُسلمين المُجاهد الغالِب بالله أبي عبد الله مُحمد ابن أمير المُسلمين يوسُف بن نَصْر، المَعْروف بابن الأحْمَر - أيَّدَ اللهُ أمرَهُ وأسعدَ زمانه وعَصْرَه - وأنه أخذَ بالعَزْم في تَحْصِين البلاد والثُّغور وإصلاح حال الخاصة والجُمْهور، وأنَّهُ جعلَ ذلك من
آكد أعمالِه السَّنِيّة وأشغالِه، بخلاف مَن تَقَدَّم من أخواله، كَبُرَ ذلك على الأعْداء، وأخَذُوا في نُزول الجَزِيرة الخَضْراء بالابتداء، وطَمعُوا في ذلك في أقرب أمَدٍ قَبْل تَحْصِينها بالبِنَاء والعُدَد، فأخذ أعداءُ اللهِ في إصلاحِ المَرَاكب والاستنفار حينَ أرادَ الله تَعْجِيلهم إلى النِّار، وصارُوا يَخْرجون من جَمِيع بلادِهم البَعِيدة إلى البلاد القَرِيبة لأرض المُسلمين. ودخلَ سلْطان قَشْتالة - وهي إقليم يَشْتَمل على بلادٍ كثيرة، واسمُه دُون بَطره - إلى طُلَيطُلة محلّ بابهم اللَّعين، فسجدَ له وتَضَرَّعَ بين يديه، وعَرَّفَهُ بما عَزَمَ عليه وسأل منه إعانة جميع السَّلاطين ليخلصوا بجزيرة الأندلس مُسْتَرِيحين من المُسلمين، فاستَحْسَن رأيَهُ، وأكد عَزْمهُ، وأخذَ منه على ما قالَ عُهُودًا وأَيمانًا، ووعدَه زُورًا وبُهتانًا، وزادَهُم في العزم نُفُورًا، ووعدَهم بالنَّصْر {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: 120]. ولما بلغَ المُسلمين ذلك عَزَموا على أن يُوجِّهوا إلى سُلْطان المغرب أبي سعيد عُثمان ابن السُّلطان أبي يوسف يَعْقوب بن عبد الحق المَرِينيّ مَن يُعَوَّل عليه ويُرْجَى إسعافُه إذا وصلَ إلى بين يَدَيه، فعبرَ البَحْرَ السادةُ الصُّلَحاء الخُطباء العُلماء أبو عبد الله الطَّنْجاليُّ محدِّثُ الأندلس وعالمُها، وأبو عبد الله السَّاحِلي عابدُ الأندَلُس، وأبو جعفر بنُ الزيّات الصُّوفي، وأبو تَمَّام غالب الغَرْناطي البَيّازيُّ الصَّالحُ الزَّاهدُ، وصَحِبَهُم جماعةٌ من النّاس، ووَصَلُوا حَضْرته مدينةَ فاس، فعرَّفُوه الحالَ، وأفْصَحُوا له المَقال، وطلبوا من جَيْشه وإعانته، على أن ترجع رُنْدة والجزيرة الخَضْراء إلى مُلْكه وإيالته، فكأنّهم يُكَلِّمونَ في ذلك أهل القُبُور، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]، وكانَ بما طُلِبَ منه ظَنِين، ورَدَّهم على عَجَلٍ خائِبِين، فوجدَ المُسلمون من ذلك وَجْدًا عَظيمًا، فلجأوا إلى الله {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]، فأخذَ المُسلمون في إصْلاح الجَزِيرة الخَضْراء وحَصَّنُوها بالعُدَد والبناء.
ولما عَلِمَ أعداءُ الله برجُوعهم خائِبِين أبْرَموا الحَرَكة مُسْرعين، فخَرجُوا والنَّحْس يقدمُهم، والقَضَاء يُزْعِجُهم للموت، ويُسلمهم في جَيْشٍ لا يحصره عَدَد ولا إحصاء، ولا يَقْدر أحد في تَقْديره على استقصاء، وناهِيكَ من جَيْشٍ اشتملَ على خمسةٍ وعِشْرين سُلْطانًا، منهم صاحبُ اشتُونَة
(1)
، وقَشْتالة
(2)
، والفُرنتيرة
(3)
، وآرغون
(4)
، وطَلبيرة
(5)
، فظهرَ لهم أن يَصِلُوا إلى غَرْناطة المَحْروسة ليظهر للمُسلمين ما معهم من العُدّة والعَدَد، وَيسْتأصلوا بالفَساد، ويَمْشُوا كذلك على جَمِيع البلاد، إلى أن يصلوا الجزيرة الخضراء فينزلُوها برًّا وبحرًا ويأخذوها عَنْوةً وقَهْرًا.
وكانت عُدّة الجَيْش من المَنْجَنيقات والأثْقال والطَّعام قد أوصلته المَرَاكب إلى جَبَل الفَتْح وطَريف، لمجاورتهما للجزيرة طُول العام. وقد كانَ وَصلَ إلى الزُّقاق ثلاثة عَشَر جَفْنًا
(6)
كبارًا غَزْوانيّة، وتَرَدَّدوا بين الجزيرة والمَرِّيّة
(7)
، فوَصَلُوا إلى غَرْناطة ونَزَلوا منها على نَحْوٍ من عَشَرة أميال بمَوْضع يقال له قَنْطرة بَيّنُوس بالقُرْب من جَبَل إلبيرة
(8)
، فملأوا البَسِيط،
(1)
مجودة الضبط في الأصل، ولعلها هي التي ذكرها ياقوت بلفظ "أشتون"، وقال:"حصن بالأندلس من أعمال كورة جيان"(معجم البلدان 1/ 196)، وغيرها محققو نهاية الأرب 32/ 311 إلى "أسبونة".
(2)
إقليم عظيم بالأندلس عاصمته: طليطلة (معجم البلدان 4/ 352).
(3)
الضبط من الأصل، وهو لفظ لاتيني معناه الحدود، وبالانكليزية " Frontier"، ولعلها اسم مقاطعة تحد المملكة الإسلامية يومئذٍ وتفصلها عن الممالك النصرانية.
(4)
Aragon، وهي أرجُونة التي ذكرها ياقوت في معجم البلدان 1/ 144 وقال:"بلد من ناحية جيان بالأندلس".
(5)
Talvera ، معجم البلدان 4/ 37 وهي مدينة كبيرة على تاجُه من أعمال طليطلة.
(6)
الجفن: من أنواع السفن الحربية.
(7)
مرفأ عظيم ومدينة كبيرة من كورة ألبيرة (معجم البلدان 5/ 119).
(8)
معجم البلدان 1/ 244.
{وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20]. وامتدّت الجُيُوش في طُول وادي شنّيل
(1)
، وتَوَاصَلَت وجاءت وتَكَاثرت، ولم يَكُن لهم بُدَّ من النُّزول على الوادي بالطُّول، لئلا تَمْنَعهم الكثرة إلى الماء الوُصول. فكانَ ذلك من جُملة العَوْن على إتْلافهم ونَقْصِهم من أطْرَافهم، ولمّا عَلِمَ المُسلمون باستقرارهم هنالك، نَظَرُوا لهم أسباب المَهَالك.
وعَزَمَ سُلْطان المُسلمين - أيّدَهُ الله - على أميرِ جَيْشه الشَّيخ الصَّالح المُجاهد أبي سَعِيد عُثمان بن أبي العُلَى، أعزَّهُ الله، أن يَخْرج إليهم بإنجاد حُمَاة المُسلمين، وعِلْية أصناف المُجاهِدين صَبِيحة يوم الاثنين الخامس عَشَر من شَهْر ربيع الآخِر سنة تسع عَشْرة وسَبْع مئة، وأخذَ النّاسُ في الأُهْبة لذلك يوم الأحد قبله.
ولما كانَ عَشِيّة يوم الأحَد غارت سَرِيّةٌ من الجَيْش على ضَيْعةٍ من ضِياع السُّلْطان القَريبة من البَلَد، فخرجَ لهم جُملةٌ من فُرسان الأنْدَلُس الرُّماة المعروفين برُماة الدَّار يَقْطعوهم عن الجَيْش، ومَنَعُوهم الوُصول إليه جُملةً، وأخذُوا أمامَهم فارّين لجهة أرضِ المُسلمين، فتبعوهم الليلَ كُلّه، وأصْبَحُوا بأرض لَوْشَة
(2)
، فاستأصَلُوهم بالقَتْل والأسْر، وكانَ أول النَّصْر.
وأصبحَ يوم الاثنين المُبارك على المُسلمين وقد غابَ من جميع المُسلمين هؤلاء الفُرسان الذين يُنْتَفع برمايتِهم ومُحاولتهم
(3)
في مثل هذا المكان، فلم يُبال الشَّيخ أبو سَعِيد - أدامَ الله حياته - بمَغِيبهم، وعَزَم على الخُروج لأعداءِ الله يوم عِيْدهم، فإنه كان اليوم الرابع والعِشْرين من شَهْر حَزِيران، وهو يوم العنصرة
(1)
هو نهر شنيل، ويعرف بنهر الثلج، وينظر عنه نزهة المشتاق للإدريسي 2/ 569، 571، وفي معجم ياقوت:"نهل سنجل"(معجم البلدان 1/ 174 و 3/ 264 و 5/ 26).
(2)
من عمل غرناطة غربي إلبيرة (معجم البلدان 5/ 26).
(3)
هكذا في الأصل، ولعل الصواب:"وجادلتهم" بالجيم بدل الحاء المهملة.
أكبر أعيادهم، فخرج لهم مُسْتَمْسكًا بطاعة الرَّحمن في جماعةٍ نظيفةٍ من الفُرسان، منهم ابنا أخيه الشَّيْخان الشَّقيقان: أبو يحيى، وأبو مُعَرّف أميرا جيش مالَقة
(1)
ابنا الشَّيخ الشهيد أبي مُحمد عبد الله بن أبي العُلَى، ومنهم أخوهم للأب الشَّيْخ أبو عامر خالد أمير جَيْش رُنْدَه
(2)
، ومنهم الشَّيخ العارفُ أبو مَسْعود مُحمد بن علي البابني، ومنهم أمير جَيْش الخضراء الشَّيخ المُرابط أبو عَطِيّة مُناف بن ثابت المَغْراويُّ، وأمير لوشة الشَّيخ أبو المَكارم زَيّان بنُ عبد المؤمن، ولكل واحدٍ من هؤلاء أولادٌ وأتباعٌ ونَظَرٌ حَسَنٌ وأمرٌ مُطاع. وخَرَجَ مع هؤلاء الفُرسان جُملةُ رجالٍ أنْجاد نحوٌ من خَمْسة آلاف رَجُل من أهل غَرْناطة، فعزمَ الشَّيخ أبو سعيد - أعزَّه الله - ومَن معه عليهم أن يَرْجعوا عن أثره حَوْطةً عليهم بجَمِيل نَظَره، وأن يكون طريق الجَبَل لهم مُصاحبًا، لكونه أمْنَع، ووَصَّاهم أن يكونوا بمَوْضع مَعْلوم هنالك، فلم يتقدّموا عن حدِّه، وأعطاهُم الله ونَصَرهم، وما النَّصْر إلّا من عنده.
ووَصلَ فُرْسان المُسْلمين في ثالثةٍ من النَّهار إلى قُرْب الجَيْش فوَقَعوا ناظِرين، وعَلِمُوا أنَّ اللهَ محيطٌ بالكافرين، فلما رآهُم أعداءُ الله أدرَكَهُم العُجْب والاغترار، وخَرَجَ وزيرُ سُلْطانهم فقال للمُسلمين: ما هذا العار تُشغبون السُّلطان قبل غَذَائه وتُشْغِلُونه عن عِيده بقتال أعدائِه، وما جئنا إلّا برَسْمِكُم وفَسادِ ثَمَركم وزَرْعكم فلُوذوا بالأوطان، واتَّقوا غَضَب السُّلطان لئلّا يَتَغَيّظ عليكم فَيركَب، ولا مَلْجأ لكم منه ولا مَهْرب، فعندَ ذلك حَصَلَ للشَّيخ أبي سَعِيد حالٌ أخرجَهُ عن عَقْله، فنزلَ عن فرسه باكيًا متضرّعًا إلى رَبِّه، وعَلَت أصوات المُسلمين إلى الله بالدُّعاء والضَّجِيج، وأخذ أعداءُ الله في العَجاج والعَجِيج.
(1)
عن مالقة: معجم البلدان 5/ 43.
(2)
حصن بين إشبيلية ومالقة (معجم البلدان 3/ 73).
ثم وقفَ الشَّيخُ أبو سَعِيد فرأى مَن كانَ بقي بغَرناطة من الفُرسان واصلًا على إثره، وكُلّ مَن معهُ واقفًا عليه ومُسْتَطْلعًا لنظرِه، فذكرَ الله تعالى وصَلَّى على نبيّه وحرّض المُسلمين على جِهاد عَدُوِّه، واستعاذ وقرأ:{يَسْتَبْشِرُونَ} [آل عمران: 171]، و {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227]. ثم رجعَ للصَّلاة والدُّعاء والرَّغْبة من الله في النَّصْر على الأعداء. وعند ذلكَ ركب جَيْش الروم بكُلِّيّته، ومالَ على المُسلمين بجُمْلتِه، ولم يَعْلموا برجال المُسلمين الغادية، فَتَركُوا الجهة العُليا من المنزلة خالية، وجاءوا إلى جَيْش المُسلمين وهم على فَنائه مُعَوِّلين، فما راعَ المُسلمين بحمد الله حالهم من الدُّنوّ والقُرب و {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: 12]. واستمرَّ الشَّيخُ أبو سعيد على تَتْمِيم رُكُوعه، ووقفَ كلُّ مَن معه مُنْتَظِرًا لركوبه وطُلُوعه، ولما رأى أعداءُ الله المُسلمين قد صَبَرُوا وثَبَتُوا توقفوا وبُهِتُوا، وخرج من الفريقين فُرسان يُحَرِّكون القتالَ، ووجّه الشَّيخُ فأمرَهُم أن يَسْبوا طرف المَحلّة، فأفادت الحِيلة، وتَمَكّنت العِلّة، واستُشْهِدَ في خلال ذلك أميرُ رُنْدة، واختارَ الله تعالى له ما عندَه، وعَلِمَ نِيّته في الجهاد فأتمّ قَصْدَه، فاجتهدَ قرابتُهُ في طَلَب الثأر، واستعانوا بالواحد القَهّار، وحَصْحَص الحَقُّ، واتَسعَ على أعداءِ الله الخَرْقُ، وعُلِمَ أنّ ما أرادَهُ الخالق فلا يردُّه الخَلْقُ، وظهرَ في المَحلَّة النّار، وتَوَاصلت لهم برجال المُسلمين الأخبار، فمالوا بحملتِهم إلى المَحَلّة مُسْرعين، فغُلِبُوا هنالك وانقَلَبُوا صاغِرين، وجاءَهُم من كل الجهات المَوْت، وفَزعوا فلا فَوْت، وتَحَكَّمت سيوفُ الله من رقابِهم، وحَلَّ البلاءُ بصغيرِهم وكَبيرهم، فما زالَ المُسلمون يَقْتلون في الموضع من السّاعة السّابعة إلى الغُروب، ويَحْمَدُون الله على نَيل المَرْغوب.
ولمّا دخلَ الليلُ وأظلم طمَعَ بعضُهم في الهُرُوب، ليسلم، فتقدَّم المُسلمون إلى الطُّرق والبُلْدان، وجاءَهُم العَذَابُ من كل مَكان، ودارَت عَلَيْهِم الأرضُ، وصارَ بعضُهم يَهْرب من البَعْض، وغابَ الجَيْشُ عن غَرْناطة في قَتْلهم ثلاثة أيام، وصارُوا يهيمون في أرض المُسلمين حَيَارى، ويَخْرجون من الجوع والخَوْف سُكارى، وما زال المُسلمون شَهْرًا أو نحو شَهْرٍ يَنْتَهِبُونهم بالقَتْل والأسْرِ. ولما عَلِمَ أهلُ غَرْناطة بهذه البُشْرَى خرجُوا لفَيءِ الأموال وضَمِّ الأسْرَى، فوجدُوا من المالِ والذَّخائِر كل عَجِيب، واستَمْتَعُوا في عُبَّاد الصَّلِيب، فأسَرُوا منهم نَحْوًا من خَمسة آلاف وأزْيَد ما بينَ رجال ونِساء وأولاد، وبَقِيَ المُسلمون يَجْبون موضع الجَيْش نحوًا من عَشَرة أيام متوالية، ويَشْكُرون اللهَ على النِّعَم الصَّافية، وخَرَجَ حُذّاق المُسْلمينَ لعدّة القَتْلَى من الكافرين، فأجمعَ كُلُّهم على أنَّهم أزيد من خَمْسين ألفًا، ومنهم من قالَ سِتِّين ألفًا وما بين ذلك.
وقيل: إنَّ الوادي قَتَل منهم مِثْلَ هذا العدد لقلّة مَعْرِفتهم به، وثِقَلهم بالعُدَد.
وأمّا الذين قُتِلُوا في الجِبَال والشّعاري وسائِر بلاد المُسلمين فلا يُحْصَى كَثْرة، ولا يَبْلغ قَتْلى المَحَلّة عُشره، على أنَّ جميعَ المُلوك الخَمْسة والعِشْرين، وُجِدُوا بالمحلّة مَقْتولين، ووجَدُوا اللعين دُون بطرُه وعَمَّه دُون جَوَان في جُمْلَتهم، ولَعِبَ الناسُ بجِيفَتِهم، وصُبِّر وعُلِّق دُون بطرُه على باب الحَمْراء بغَرْناطة. وأمّا عَمُّه فكانَ ممّن يَخْدم المُسلمين، فَفُدِيت جُثته بشيءٍ كثير، وأسارى مُنْقطعين، وزادَ الأُسَارى في بَقِية أيام الشهر نَحو نِصْفهم ممّا ألفه أهلُ الحُصُون والبلاد القَرِيبة من أرضهم.
وكانَ المُسلمون يَحْتاجون في كُلِّ يوم لقُوتِ الأسْرَى وقُوت مَن يَحْرسهم ويَحْرس الدَّوابَ خَمْسة آلاف دِرْهم. وزَعَمَ النّاسُ أنَّ الذي أُلْقِيَ من الذَّهَب والفِضّة بالمَحلّة كانَ سَبْعين قِنْطارًا، ولم يَظْهر من ذلك سِوَى رُبْع هذا المِقْدار. وأمّا الدوابّ والأخْبِية والعُدَد فشيءٌ ملا لا يُوقف له على عَدَد. ولقد عُزِمَ على بَيْع ما يَحْصل منها وقِسْمته، فلم يُطِق أحدٌ من المُشْتَغِلين لمحاولته، وبَقِيَ المَبِيع في الأُسارى والدَّوابّ وبَعْض الأسباب ستة أشهر مُتوالية، فلم يَتَخَلّص، وهي حتى الآن باقية. ولحِقَ النّاس من طول البَيْع المَلَل وداخَلَهُم العَجَز عن الشِّرَاء والكَسَل ونِهاية ما كانَ فرسان المُسلمين في ذلك اليوم بعد رُجُوع الرُّماة مما كانوا فيه ألفين وخَمْس مئة فارس، ولم يُسْتَشْهَد منهم سِوَى أحدَ عَشَر رَجُلًا منهم خالد بن عبد الله المَذْكور، وعُمر بن تاجزَّرْت، وكانَ من خِيار الفُرسان.
ولمّا كانَ يوم الخَمِيس العاشر من المُحَرَّم مُفْتَتَح عام عِشْرين وسَبْع مئة عزم الشَّيخُ أبو يحيى أميرُ جَيْش مالقة، حاطَها اللهُ أن يَتَوَجّه إلى رُنْدة وَيجْتَمع فيها بابنه مَسْعود الذي تَولَّى أمرَ جَيْشِها بعدَ عَمِّه الشَّهِيد خالد، ويَصِل إليه الشَّيخُ أبو عطيّة مُناف بن ثابت وَيتَوجَهوا للإغارة على شَرِيش
(1)
من بلاد النَّصارَى، فَتَحها اللهُ، فنقلَ ذلك إلى النَّصارى، دَمَّرَهُم الله، المُجاورين لمالقة ولبلاد المُسْلمين المُجاورة لها، فَعَزَمُوا على أن يَغاروا على قامِرة
(2)
وحِصْن قوْج
(3)
من نظر مالقة، وبالقُرب منها، فارتَقَبُوا يوم انفصالِه.
(1)
Jerez قاعدة كورة شذونة (معجم البلدان 3/ 340).
(2)
هكذا في نهاية الأرب أيضًا 32/ 317 - 318، ولم نقف عليه، والقاف بدل الكاف الأعجمية (G).
(3)
الضبط من الأصل، ولم تذكره كتب البلدان.
وكانَ يوم الخَمِيس واجتَمَعُوا في نَحْو الألف فارس، وخَمْسة آلاف راحل من أهل إسْتجة
(1)
، وشنتيالة
(2)
، وأشونَة
(3)
، واسْتبّة
(4)
، وبَلِيّ
(5)
، وأليَسَانة
(6)
، وقَبْرَة
(7)
، ومَرْشانة
(8)
. وكان أعداءُ الله في الحَشْد الأوّل قد خافُوا على هذه البلاد المُجاورة للمُسْلمين، فتَركُوا أكثرَ أهلِها لها حارسين، وبها مُقِيمين، فوَصَلُوا صَبِيحة السَّبْت، ودخَلُوا قامِرة المَذْكورة، وأُخِذَ جميع كَسْب سُلطان المُسلمين وكثير من كَسْب الرَّعية، وخَرَجوا به مُطْمَئنّين لآخرِ أرض المُسلمين.
وكانُوا في ليلة السَّبْت قد اجتَمَعُوا بفارِسَيْن من المُسلمين كانا يَمْشيان من انتَقِيرة
(9)
إلى رُنْدَه طامعين في اللُّحُوق بالجَيْش والدُّخول معه للإغارة، فأخذ أعداءُ الله الفارس الواحد وسألُوه، وتَحَقَّقُوا الحال زيادةً لما كان عندهم. وهرب الآخر فأصبَحَ بحِصْن ارتُجيْطر حِصْن الوزير الحَكِيم، رحمه الله، فوجدَ به الشَّيخ أبا يَحيى مُقلعًا لرُنْدَه قد حَبَسه اللهُ به يوم الجُمُعة، فعرَّفَهُ بالحال وهو بجماعة مالقة خاصّة، فلم يَكُن له بُدّ من الرُّجوع إلى النَّصارى، فَحَظَر على حِصْن أطِيْبَة
(10)
وأخذ من فرسانها، وتألّف معه نحوٌ من ثلاث مئة فارس
(1)
معجم البلدان 1/ 174.
(2)
هي شنتجالة (الروض المعطار، ص 347).
(3)
حصن أشونة (نزهة المشتاق 2/ 572).
(4)
Eatepa ويسمى اصطبة، تبعد 23 كيلو متر عن أشونة (الروض المعطار، ص 45 والتعليق عليه).
(5)
معجم البلدان 1/ 494.
(6)
أكثر أهلها يهود وبها ربض يسكنه المسلمون (نزهة المشتاق 2/ 571).
(7)
Cabra، مدينة تبعد عن قرطبة ثلاثون ميلًا (الروض المعطار، ص 453).
(8)
Marchena، من حصون المرية (الروض المعطار، ص 542).
(9)
نزهة المشتاق 2/ 570، تبعد عن مالقة 35 ميلًا.
(10)
هكذا موجودة في النسخة، وفي نهاية الأرب "طبية" من غير ألف. نهاية الأرب 32/ 318.
ممّن يعوّل عليهم وترك الضُّعفاء والثَّقَلة في الساقة، ونَهَضَ إلى حيث ذَكَرَ له الفارسُ أنَّهُ لقِيهم أول اللَّيل في دُخولهم فوجدهم ثمَّ قد خَرَجوا بالمَغْنَم بموضعٍ يقال له بَرْجَة
(1)
من تحت حصن بيْربى
(2)
، وذلك بعد الظهر، فأخذَ أعداءُ الله وطَلَعوا في كُدْيَةٍ عاليةٍ، ونَزَلَ أنجادُ فُرْسانهم للقتال مع المُسلمين فقاتَلُوهم قتالًا شديدًا ضُرِبَ فيه للمُسلمين نحوٌ من ثلاثة وستين فرسًا ومات أكثرهم، واستُشْهِدَ رجلٌ واحد يقال له سَعْد الهَدَّار، وقُتِلَ من فُرْسان النَّصارى كثيرٌ، ثم ظَهَرت ساقة المُسْلمين على الأثر واصلة مع أهل بُرْغُه، والطوْرون
(3)
، فارتجعَ من عاشَ من فُرسان النَّصارى إليهم للكُدْية، وحَصَّنوا على أنفُسِهم بالبَرَاذع والدوابّ والدَّرَق، وامتَنَعُوا فيها، ووصلَ الرُّماة من انتقيرة وحِصْن المنشاة. وكان العون من الله تعالى عليهم، فما زَالوا يُجاولُوهم
(4)
ويقاتلوهم
(5)
إلى ثُلُث الليل الآخر، وفي ثُلُث الليل الآخر أذْعَن من بَقِيَ منهم في قَيْد الحياة للأسْرِ، فأُلقي منهم نيّفٌ على الخَمْس مئة أحياء أُسِروا كُلّهم وسائرهم موتَى بالرِّماح والسِّهام. ورجعَ الشَّيخُ أبو يحيى بِهِم إلى مالقة بِبُروزٍ عظيم، وجَعَلَ منهم أربع مئة أسير واثنين وثمانين أسيرًا في حَبْلِ واحدٍ وسائرهم مُثْقَلين
(6)
بالجِرَاح
(7)
، وأخذ دوابّهم فركّبهم عليهم بعُدّة عَظِيمة، وأخذَ منهم قاضِي النَّصارى
(1)
من أعمال إلبيرة (معجم البلدان 1/ 374).
(2)
هكذا موجودة في النسخة الخطية، ولم نقف على هذا الحصن، ووقع في المطبوع من نهاية الأرب:"سم لي"، وهو تحريف غريب.
(3)
لم نقف عليهما، وهما مجودتا الضبط في النسخة.
(4)
في الأصل: "يحاولوهم" بالحاء المهملة.
(5)
في نهاية الأرب 32/ 318: "يقاتلونهم".
(6)
هكذا في النسخة، وكأنها هكذا في الكتاب الذي كتبه الشيخ الأندلسي، والصواب:"مثقلون".
(7)
تصحفت في المطبوع من نهاية الأرب إلى: "الخراج"، وهذا الكتاب كثير التصحيف والتحريف.
بإسْتِجة وجعلَ ما ضُمَّ للمَغْنَمِ من عُدَّتهم
(1)
من السُّيوف والرِّماح على خَمْسةٍ وأربعين بَغْلًا، ومن القُسِيّ على خمسة عَشْرة دابّة، والدّرق كذلك على نحو من ثلاثة عَشَرَ. وأراح الله تعالى من هؤلاء الأعداء الشِّرار، وجُمِعَ الكُلُّ على عَجَلٍ في النار، والحمد لله"
(2)
.
شَهْر رَجَب
4284 -
وفي ليلة الجُمُعة الثاني من رَجَب تُوفِّي شَرَفُ الدِّين أحمدُ
(3)
ابنُ الشَّيْخ بُرْهان الدِّين إبراهيمَ بن مُحمد بن أحمد الوانيُّ، رئيسُ المؤذِّنين بجامع دمشق ودُفِنَ إلى جانب زَاوية الشَّيخ نَصْر المَنْبِجيّ ظاهر القاهرة.
وكانَ شابًّا، له دُكّان في الشَّمْعِيّين بباب البَرِيد. وجاوزَ العِشْرينَ من عُمُره.
وأسْمَعَهُ أخوه كثيرًا من العَوَالي، وكان قد تَوجَّه للحجّ مع والِده وأخيه، فأدركَهُ أجَلُه في الطريق.
(1)
في نهاية الأرب: "عدوهم"، وهو تحريف قبيح.
(2)
ذكر تفاصيل هذه الواقعة شهاب الدين النويري في نهاية الأرب 32/ 309 - 318، قال في أولها:"وصل الخبر بها إلى الديار المصرية في سنة عشرين وسبع مئة، واجتمع بي من حضر هذه الوقعة وقصَّ عليَّ نبأها وعلقت ذلك منه، ثم فقدته، ورأيت هذه الواقعة قد ذكرها الشيخ شمس الدين الجزري في تاريخه عن الشيخ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن ربيع المالقي وملخص ما نقله عنه. . .". ولا ندري فيما إذا كان الشمس ابن الجزري قد أخذ النص من الكتاب الذي كتبه المالقي أم نقله من كتاب البرزالي هذا. على أنّ مجموعة من الموارد قد ذكرت هذه الواقعة بشيء من الاختصار منها: ذيل العبر، ص 104 - 106، وتاريخ ابن الوردي 2/ 269، والبداية والنهاية 16/ 148، والإحاطة 1/ 221 وغيرها.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه توفي سنة 735 هـ، وترجمته في: ذيل العبر، ص 185، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 151، وأعيان العصر 1/ 123، والدرر الكامنة 1/ 62، وشذرات الذهب 8/ 191، وأخوه توفي سنة 735 هـ، وترجمته في: المعجم المختص، ص 213، وتذكرة الحفاظ 4/ 201، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 138، وأعيان العصر 4/ 215، والدرر الكامنة 5/ 18، وشذرات الذهب 8/ 194.
• - وفي شَهْر رَجَب وأواخر جُمادى الآخرة حَصَل بالدِّيار المصْرية للنّاس مرضٌ كثير قلَّ أنْ سلِمَتْ منه دار وغَلَت الأدْوية والأشْرِبة، وازدَحَم النّاسُ على العَطّارين، ولكن كانَ المَوْت قليلًا والمَرَض سلِيمًا، وكانَ ذلك في شَهْر مُسْرَى من شُهُور القِبْط وَقْت زيادة النِّيل، وأول شَهْر مُسْرَى كان ثامِن عَشَر جُمادى الآخِرة، وكانَ الخامس والعِشْرين من تَمّوز.
وكَتَب إليَّ الشَّيخُ فخرُ الدِّين بن الظّاهري كتابًا يذكرُ فيه أنه مَرِض جميعُ من عنده، وبَقِيَ أربعة أيام ما يَجِدُ من يَشْتري له حاجة ولا قُوتًا، وأنَّ الرُّمّانة الحامضة أبِيْعَت بثلاثة أرباع نُقْرة، والقَرَاصية الحامضة أبيع الرِّطْل المِصْري منها بأربعة دَرَاهم نُقرة، وأبيع العُنّاب الرِّطل المِصْري بستة دراهم نُقْرة، وكذلكَ الإجاص، وأبيع الرِّطْل المِصْري من قَلْب اللَّوز بأوبعة دَرَاهم نُقْرة، وذكرَ أشياء من الشِّدَّة، ثم لطفَ اللهُ تعالى.
• - وأُخرِجَ المَحْمَل السُّلطاني من القَلْعة وطافوا به ظاهر البَلَد على العادة في يوم الخَمِيس مُنْتصف رَجَب.
• - وفي يوم الاثنين التاسع عَشَر من وَجَب وَصلَ إلى دمشقَ الأميرُ سيفُ الدِّين كُجْكُن والأُمراء والجَيْش المُجَرَّد معه من دمشق لإخراج مُهَنّا وأصحابه وأمرائِه من الشام وطَردُوهم عنها إلى بلاد العِراق.
4285 -
وفي يوم الثُّلاثاء العِشْرين من رَجَب تُوفِّي الأميرُ جارِيْك عبد الله
(1)
السَّاكِن بظاهر دمشق عند المَدْرسة الشامية، ودُفن بالقُبَيْبات.
وكان أمير خَمْسين.
(1)
ترجمته في: أعيان العصر 2/ 147، والدرر الكامنة 2/ 81 وقيّد "جاريك" بالحروف فقال:"بكسر الراء وسكون التحتانية بعدها كاف".
• - وفي يوم الخَمِيس الثاني والعِشْرين من رَجَب عُقِدَ مَجْلس بدار السَّعادة وحَضرهُ نائبُ السَّلْطنة بدمشقَ والقُضاةُ وجماعةٌ من المُفْتِين، وحَضرَ الشَّيخ تقيّ الدِّين بن تَيْميّة، وعاودُوه في الإفتاء في مسألة الطَّلاق وعاتَبُوه على ذلك وحاققوهُ وحَبَسوه بالقَلْعة
(1)
.
• - وفي يوم الاثنين السادس والعِشْرين من رَجَب وَليَ الأميرُ علاءُ الدِّين بنُ مَعْبد شدَّ الأوقاف المَبْرورة، وخُلِعَ عليه، عِوَضًا عن بَدْر الدِّين المَنْكُورسيّ، وذلك مُضافًا إلى ما هو متولّيه من ولاية البَرِّ بدمشق لكفاءَتِه وحُسْنِ سيرتِه وعِفَّتِه.
4286 -
وفي يوم الثلاثاء السّابع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الأميرُ علاءُ الدِّين عليّ
(2)
ابنُ جمال الدِّين إبراهيم بن خالد، المَعْروف بابن النَّحّاس، بقريةٍ من قُرى حَوْران، وعُمِلَ عزاؤه بدمشق.
وكانَ باشرَ ولاية دمشق هو وأبوه.
ورأيتُ سماعَهُ على القاضي شَمْس الدِّين بن عطاء الحَنَفي في "سُنن أبي داود".
4287 -
وفي يوم الخَمِيس التاسع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّيت والدةُ القاضي تَقِيِّ الدِّين بن الزَّكيّ
(3)
، ودُفِنَت بتُربتِهم بسَفْح جَبَل قاسيون.
4288 -
وفي يوم الخَمِيس التاسع والعِشْرين من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 330 - 331، والبداية والنهاية 16/ 148.
(2)
ترجمته في: أعيان العصر 3/ 253، والدرر الكامنة 4/ 3.
(3)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وابنها القاضي عبد الكريم بن يحيى بن محمد تقي الدين بن الزكي، توفي سنة 747 هـ، وترجمته في الوفيات لابن رافع 2/ 31، والدرر الكامنة 3/ 206 وغيرهما.
العَدْلُ الرَّضِيُّ المُحَدِّثُ الفاضلُ شَرَفُ الدِّين أبو يوسُف يَعْقوبُ
(1)
ابنُ الشَّيخ الإمام المُقْرئ جمالِ الدِّين أحمد بن يَعْقوب بن عبد الله الحَلَبيُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ من يومِه بمقبَرة باب النَّصْر.
وكان مَرِضَ مرضةً طويلةً نحو سنة ونِصْف، وتَغيَّر ذهنه فيها، وجاوزَ السَّبعين.
وكانَ الشَّيخُ جمالُ الدِّين بنُ الصَّابونيّ تَزَوَّج بخالته ورُبِّي عنده، وقرأ عليه شيئًا من الحَديث وتَخَرَّج به وانتفعَ بصُحْبته ولازمَهُ، فلذلك عُرف بابن الصَّابوني.
سَمِعَ بالقاهرة من ابنِ عَزُّون، وابنِ زَيْن الدِّين الدمشقيِّ، وابن عَلّاق، والنَّجيب عبد اللَّطيف، وجماعة.
وسَمِعَ بدمشقَ من ابن أبي اليُسْر، وابن عَبْدٍ، وعبد الوَهَّاب بن النَّاصح، وجماعةٍ من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيرهم، ولازمَ الطَّلَب والكتابةَ والسَّماعَ والقراءةَ مدّةً، ثم إنَّهُ صارَ شاهدًا، وكتبَ الحُكْم عند القُضاة وتَعَيَّن في هذه الوَظِيفة، وأقامَ بدمشق مدّةً، وبالقاهرة مدّة، وباشَرَ بالقاهرةِ مَشْيخة الحديث بالمَدْرسة المَنْكُودَمُرية.
كتبَ إليَّ بوفاتِه زَيْنُ الدِّين أبو بَكْر الرَّحَبِيُّ.
4289 -
وفي يوم السَّبْت السابع عَشَر من رَجَب تُوفِّي الشَّيخُ العَدْلُ فتحُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الوَهّاب
(2)
ابنُ الشَّيخ نِظام الدِّين مُحمد بن مُحمد بن
(1)
ترجمته في: نهاية الأرب 32/ 334، والمعجم المختص، ص 296، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 379، وذيل التقييد 2/ 312، والاغتباط، ص 380، والدرر الكامنة 3/ 202.
(2)
ترجمته في: الجواهر المضية 1/ 335، والدرر الكامنة 3/ 239، والمنهل الصافي 7/ 396، ونقل الحافظ ابن حجر ترجمته من معجم شيوخ ابن رافع السلامي. وذكر الذهبي مولده في تاريخ الإسلام 14/ 284.
مُحمد بن عُثمان البَلْخيُّ الأصل، الحَلَبيُّ المَولد، المَعْروفُ بابن النِّظام البَغَداديّ، بالقاهرة، ودُفِنَ يوم السَّبْت بالقَرَافة.
وكانَ أحد الشُّهود بالقُرب من جامع ابن طولون. سَمِعَ من والده "جُزء ابن نُجَيْد" بسماعِه من المؤيَّد الطُّوسي، وذلك في سنة تسع وأربعين وست مئة بحَلَب، وذكرَ أنه سَمِعَ غير ذلك. وحَدَّث؛ سَمِعَ منه الطَّلبة، وأجازَ لنا.
ومولدُه في خامس عَشَر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وست مئة بحَلَب.
كتبَ إليَّ بوفاتِه أبو بَكْر الرَّحَبِيُّ.
شَهْر شَعْبان
4290 -
وفي يوم الأحد الثاني من شَعْبان تُوفِّي الافتخارُ ياقوتُ
(1)
بنُ إبراهيمَ المَحَلِّيُّ القَضَائيُّ الخُوَيّي فَرّاش التُّربة العادلية، ودُفِنَ آخر النَّهار بتُرْبة مَخْدومه قاضي القُضاة شهاب الدِّين الخُويّيِّ بسَفْح قاسيون.
وكان رَجُلًا جيِّدًا.
4291 -
وفي يوم الاثنين الثالث من شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ الفاضِلُ الأديبُ البارعُ شمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ حَسَن بن سِبَاع بن أبي بَكْر الخِذَاميُّ، المِصْريُّ الأصل، ثم الدِّمشقيُّ، الصَّائغُ، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 114، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 183، وفوات الوفيات 3/ 326، وأعيان العصر 4/ 397، والوافي 2/ 361، والبداية والنهاية 16/ 150، وتوضيح المشتبه 2/ 258، والسلوك 3/ 57، والدرر الكامنة 5/ 158، والنجوم الزاهرة 9/ 248، وتاج التراجم، ص 258، وبغية الوعاة 1/ 84، وشذرات الذهب 8/ 98.
وسألتُه عن مولدِه فقال: في سنة خَمْس وأربعين وست مئة تقريبًا بدمشق. وذكر أنّ والدَهُ من مصر، وأنَّهُم من جزيرة قَوْسَنِيّا
(1)
من عَمَل المحلّة.
وسَمِعَ الحديثَ من ابن أبي اليُسْر، وحَدَّث وكان أديبًا، فاضِلًا، عارفًا بفنّ الأدب، له النَّظْم والنَّثر، وله مَعْرفة بالعَرُوض والقَوَافي وعِلْم البَدِيع، ولديه طَرَف جَيّد من اللُّغة والنَّحو وشَرَح "مَقْصورة ابن دُرَيْد"، وله نَظْم في العَرُوض. وصَنَّفَ قصيدةً عدّتها ألفا بيتٍ تائيّة ذكرَ فيها العُلوم والصَّنائع، وهي دالّة على فَضِيلة كبيرة. وكانَ يُقرئُ النَّحوَ والأدبَ والكُتبَ الأدبية، ويَعْملُ صَنْعة الصِّياغة، ويُقْرئ في دُكّانِهِ.
وكان كَيّسَ الأخلاق، لطيفَ المُحاضرة، متودِّدًا إلى النّاس، كثيرَ التَّواضع، صَبُورًا على الأذَى، وحَجّ، وأصيبَ بولدٍ كبير، ومَدَح القُضاةَ والأكابر. وله مَرْثيّة في الشَّيخ شمْس الدِّين الحَنْبليّ، وله في وَاقعة شَقْحَب ومَدْحِ السُّلطان كراريس نَظْمًا ونَثْرًا.
4292 -
وفي يوم الثلاثاء رابع شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ بَدْر الدِّين أبو مُحمد عبدُ اللَّطيف
(2)
ابنُ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّين أبي القاسم ابنِ الشَّيْخ الإمامِ الخطيب سَيْفِ الدِّين عبد الغني ابنِ الشَّيخ الإمامِ العَلّامة الخَطِيب فَخْر الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن أبي القاسم بن مُحمد بن تَيْميّة الحَرّانيُّ، التّاجرُ بسوق
(1)
في الأصل: "قويسنا"، وهو تحريف ظاهر، وقد ذكرها ياقوت في معجم البلدان مرتين، الأولى في "جزيرة قُوْسَنِيَّا"، وقال:"بعضهم يقول: قوسينا: كورة بمصر بين الفسطاط والإسكندرية كثيرة القرى وافرة"(معجم البلدان 2/ 138)، والثانية في حرف القاف، قال:"قَوْسَنِيَّا: بفتح القاف وسكون الواو وفتح السين المهملة وكسر النون وياء مشددة وألف مقصورة، جزيرة قوسنيا، كورة من كور مصر بين القاهرة والإسكندرية"(معجم البلدان 4/ 413)، ولها ذكر في تكملة المنذري 2/ 287 وغيرها.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه عبد القاهر تقدمت ترجمته في وفيات شوال سنة 671 هـ. وتقدمت ترجمة عمه علي في وفيات سنة 701 هـ.
الرَّمّاحين، وصُلِّي عليه عَصْر النَّهار المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية عند أهلِه.
ومولدُه في أواخِر سنة خَمْسٍ وأربعين وست مئة بحَرّان.
ورَوَى بالإجازة عن الأعَز بن العُلِّيق، وابن القُمَيْرة، وعبد العزيز بن الزَّبِيديّ، وإياس عَتِيق القاضي الحجّة ابن الشَّهْرَزُوريِّ
(1)
، وغيرهم.
وممّن أجاز له: مُحيي الدِّين بنُ الجَوْزيّ، ومجدُ الدِّين بنُ تيميّة، وعزُّ الدِّين عبد الرزاق الرَّسْعَنِيُّ، وكمالُ الدِّين بن العَدِيم، وتاجُ الدِّين بن السَّاعي المؤرِّخ.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مواظِبًا على تِجارته، وله أولاد تُجّار، وهو من بَيْتِ عِلْمٍ ودِين.
4293 -
وفي يوم الثُّلاثاء الرَّابع من شَعْبان تُوفِّيت المرأةُ الكبيرةُ الصَّالحةُ أمُّ مُحمد ستّ الأمَل
(2)
بنتُ شَيْخنا زَيْن الدِّين إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن عبد الله بن غَدِير بن القَوّاس الطائيِّ، بِبُستان بالمِزّة، ودُفِنَت يوم الأربعاء بسَفْح جبل قاسيون.
ومولدُها تقريبًا في سنة أربعين وست مئة.
وهي أكبر من أخيها شَمْس الدِّين أحمد، وهي زَوْجة شيخنا شَرَف الدِّين مُحمد بن عبد المُنعم بن القَوّاس أمُّ ولده بَدْر الدِّين مُحمد.
(1)
شطح قلم الناسخ فكتب "الشهروردي"، وإياس بن عبد الله هذا هو عتيق القاضي أبي منصور المظفر بن عبد القاهر الشهرزوري المتوفى سنة 653 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 14/ 741.
(2)
لم نقف على ترجمة لها في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة والدها زين الدين إبراهيم في وفيات سنة 701 هـ، وترجمة زوجها شرف الدين محمد بن عبد المنعم في وفيات سنة 682 هـ، وتوفي ابن أخيها تقي الدين عبد الرحمن بن شمس الدين أحمد سنة 743 هـ، وهو مترجم في وفيات ابن رافع 1/ 429 والتعليق عليها، وأخوها كمال الدين محمد هو الآتي بعد هذه الترجمة.
رَوَت بالإجازة عن ابن القُمَيْرة. وممّن أجازَ لها: الرَّشِيد بن مَسْلَمة، ومَكِّي بن عَلّان. ومن الشُّعراء: البهاء زُهير، وابنُ زبلاق، والنُّور بن سَعِيد، والسُّلَيْمانيُّ، والتَّلَعْفَرِيُّ، وابنُ دَفْتر خوان، وجماعةٌ.
4294 -
وفي يوم الأربعاء الخامس من شَعْبان تُوفّي كمالُ الدِّين أبو المَعَالي مُحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيْخِ العَدْلِ زين الدِّين إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ عُثمان بن عبد الله بن غَدِير الطائيُّ الدِّمشقيُّ، المَعْروف بابن القوّاس، بظاهر دمشق، ودُفن بتُربتهم بسَفْح جبل قاسيون.
ومولدُه في سنة اثنتين وخَمْسين وست مئة بدمشق.
وكانَ شاهدًا، وخَدَم بديوان الحَشْر، وأحضرَهُ أبوه على الصَّدْر البَكْريّ، وخَطِيب مَرْدا، والفقيه مُحمد اليُونِينيِّ، وعبد الله بن الخُشُوعيِّ. وسَمِعَ من ابن عبد الدَّائم، وابن أبي اليُسْر، وجَمَاعةٍ. وسَمِعَ بالدِّيار المِصْرية من الرَّشيد العَطار، وإسماعيل بن صارِم، وأحمد ابن القاضي زَيْن الدِّين الدِّمشقيِّ، وشيخ الشُّيوخ شَرَف الدِّين عبد العزيز الأنصاريِّ، وغيرِهم.
وجمعتُ له من الشُّيوخ سَبْعةً وثمانين شَيْخًا. وكان قد تَفَرَّدَ بالرِّواية عن بعضِهم.
4295 -
وفي يوم الأربعاء خامس شَعْبان تُوفِّي شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(2)
ابنُ الحاجّ إسماعيل بن يوسُف بن عبد الرحمن الأنصاريُّ، التّاجرُ بالخَوَّاصِين، ودُفِنَ آخر النَّهار بباب الصَّغير.
وكان مَشْهورًا بالتِّجارة، وله اختلاطٌ بالنّاس، وأبوهُ ابنُ عَمّة عَلاءِ الدِّين بن الحِمْيَريّ.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 5/ 2.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
وجدتُ سماعَهُ بعد موتِه على ابني الحِمْيريّ: فخرِ الدِّين، وعمادِ الدِّين.
4296 -
وفي ليلة السَّبْت ثامن شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ يعقوبُ
(1)
بنُ أبي القاسم بن يوسُف ابن الشَّيخ الكبير أبي القاسم العَوْفيُّ الحُوَّاريُّ، بقَرْية حُوَّارَى، ودُفن يوم السَّبْت هناك، وحَضرهُ أهلُ القُرى، وأقامُوا على قَبْره أيامًا.
وكان من بَيْت مَشيخةٍ وزاويةٍ وفُقراء.
4297 -
وفي يوم الاثنين العاشر من شَعْبان تُوفِّي شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ شُجاع الدِّين أبي مُحمد عبد الخالق بن مُحمد بن سَرِيّ بن أحمد بن أبي الوَحْش المِزّي، بدمشق، ودُفِنَ يوم الثلاثاء بمقبَرة المِزّة عند والدِه.
ومولدُه في سنة خَمْسٍ وأربعين وست مئة بالمِزّة.
سَمِعَ من خَطِيب مَرْدا عدّةَ أجزاء بالمِزّة، وأجازَ له اليَلْداني، وإبراهيم بن خليل، وغيرُهما. وكان في أكثر عُمُره رئيسًا بالمِزّة، وأقامَ مدّةً بطرابُلُس والمَجْدل في خِدمة الولاةِ، ولما ماتَ كان مَعْزولًا عن ذلك جميعه.
4298 -
وفي يوم الأربعاء الرابع من شَعْبان تُوفِّي القاضي زَيْنُ الدِّين أحمدُ
(3)
ابنُ قاضي القُضاة تقيّ الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن الحُسين بن رَزِين الشافعيُّ بالكَرَك.
وكان مُتَولّيًا النَّظَرَ ووكالةَ بَيْت المال هناك، ووَلِيَ بالقاهرة نظرَ ديوان الطِّراز، وسَمِعَ من ابن عَلّاق، والنَّجيب عبد اللطيف الحَرّانيِّ، وغيرهما.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وذكره الذهبي في مواليد سنة 645 هـ من تاريخ الإسلام 14/ 540.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات رجب سنة 680 هـ، وترجمة أخيه عبد البر في وفيات رجب سنة 695 هـ، وترجمة أخيه الآخر عبد اللطيف في وفيات جمادى الآخرة سنة 710 هـ.
ومولدُه في سنة سَبْعٍ وخَمْسين وست مئة يوم الأربعاء.
كتبَ إليّ بوفاتِه من القاهرة الشَّيخ أبو بَكْر الرَّحَبيُّ.
4299 -
وفي يوم الجُمُعة ثالث عَشَر شَعْبان تُوفِّي الشَّيخُ الصالحُ أحمد
(1)
الرَّحَبيُّ، بالقاهرة بالمارستان.
كَتَبَ إليَّ بوفاته الشَّيخ أبو بَكْر الرَّحَبيُّ، وقال: إنّه من أصحابِ الشَّيخ مُحيي الدِّين النَّواوي.
4300 -
وفي يوم الأربعاء السادس والعِشْرين من شَعْبان تُوفِّي الأميرُ الأجلُّ جمالُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الرحمن
(2)
ابنُ شَيْخِنا الصّاحب فَتْح الدِّين عبد الله بن مُحمد بن أحمد بن خالد بن مُحمد بن نَصْر بن صَغِير، ابنُ القَيْسرانيِّ، الحَلَبيُّ، بالقاهرة، ودُفِنَ بالقَرَافة.
ذَكرَ لي أنّه وُلِدَ بحَلَب ونُقِلَ منها صغيرًا، وسَكنَ الدِّيار المِصْرية، وصار جُنْديًّا، وهو رجلٌ حَسَن، وعنده فَضِيلةٌ.
سَمِعَ بحَلَب من الشَّيخ شرَف الدِّين أبي طالب عبد الرَّحمن بن العَجَميِّ "الأربعين الآجُّريّة" في مُحَرَّم سنة سَبْع وخَمْسين وست مئة، قرأتُها عليه بدمشق، وسألتُه عن مولدِه، فقال: أخي أكبر منّي بأربع سنين.
ومولدُ أخيه شَرَف الدِّين في أحد الجُماديّين سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة.
كَتَبَ إليّ بوفاته الشَّيخ أبو بَكْر الرَّحَبيُّ، ثم وجدتُ وفاتَهُ بخط أحمد بن أيبك الحُساميُّ، وذكرَ أنَّهُ سمِعَ منه في رَجَب قبل موتِه بقليل أحاديث رُباعيّات من "صَحيح مُسلم".
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 122 - 123.
• - وفي يوم الجُمُعة الثامن والعِشْرين من شَعْبان مُسِكَ الأميرُ عَلَمُ الدِّين الجاوليُّ بمدينة غَزّة، وحُمِلَ إلى الإسكندرية.
وقيل: كان سبب مَسْكه أنه كانَ عنده أستاذ دار قَدِيم وفيه ظُلْمٌ فأبعدَهُ، فتَوجَّه إلى بابِ السُّلطان، وذكرَ أنّ أستاذَهُ يتَوجَّه إلى الحجّ، وقد تهيّأ لذلك وأنفق نَفَقاتٍ زائدة بحيث بَلَغ كَرْي الجِمال التي حَمَلت ما معه من القَمْح والشَّعِير ثمانين ألف دِرْهم. وقد هيّأ شيئًا كثيرًا من الخَيْل والهُجُن والسِّلاح وقَصْده دُخول اليَمَن، والانتزاح من البلاد، فرُسم بمَسْكه، ووَقَعَت الحَوْطة على أملاكِه وموجودِه. ولما وصلَ الخبرُ إلى أهل مكة، شَرَّفها الله تعالى، بذلك تألّموا لِما فاتهم من بِرّه وصَدَقاته في هذه السنة
(1)
.
• - وفي العَشْر الأُول من شَعْبان أُريقت الخُمُور في خَنْدق قَلْعة المدينة السُّلْطانية، ثم أُحْرِقت الظُّروف.
وذُكِرَ أنّ سببَ ذلك أنه وقعَ في رَجَب بالمدينة المَذْكورة بَرَد كِبار وُزِنت منه بَرَدَة، فكان وزنها ثمانية عَشَر دِرْهمًا، وأهلكَ مواشي كثيرةً، وأعقبَهُ سيْل خِيفَ منه على البَلَد، واشتدَّ الخَوْف، ولجأ النّاسُ إلى الله تعالى. ثم مَنَّ اللهُ تعالى بالسَّلامة، فسألَ المَلِك أبو سعيد بن خَرْبَنْدا الفُقهاءَ عن سَبَب ذلك، فقالوا له: من الجَوْر والظُّلْم وإظهار الفَوَاحش، وأنَّه بالقُرْب من المَساجد والمَدارس والخَوانك خَمّارات، وحانات، فأمرَ بتَبْطيل الخمّارات والحانات في سائر مملكته، وأبْطَلَ مَكْس الغلّة، ورُسِّم على الخَمّارين بالمدينة السُّلطانية، وأُلزِموا بإحضار الخُمُور في الظروف إلى تحت القَلْعة، فأحْضَرُوها على الدَّوابّ وأكتاف الحَمّالين، فاجتمعَ من ذلك أكثر من عَشَرة آلاف ظَرْف. فلما كَمل جَمْعها حضرَ الوزير تاجُ الدِّين عليّ شاه راجلًا وأعوانُه وخواصّ
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 331، والبداية والنهاية 16/ 149، والسلوك 3/ 29.
الدَّولة معه، وأُريقت الظُّروف المَذْكورة جميعها في الخَنْدق، ثم أُحرقت الظروف، وبَقِيت النّار تعمل فيها يومين.
حَكَى ذلك تاجرٌ مَوْصليٌّ حضرَ الواقعة. قال: وسافرتُ بعد ذلك إلى تِبْريز، فرأيتُ الخُمور مُراقةً في الأزقّة، وقد فُعِلَ من ذلك بتِبْريز دون ما وقعَ بالسُّلطانية. قال: ثم قدمت المَوْصل فرأيت الذي فُعِلَ بها من ذلك دُون ما شاهدته بتِبْريز بكثير
(1)
.
شَهْر رَمَضان
4301 -
وفي ليلة الثلاثاء ثالث رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الفقيهُ الإمامُ القاضي شَمْسُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
بنُ إبراهيم بن عليّ بن مُسَلَّم بن أبي سَعْد الرَّقِّيُّ الشافعيُّ، بالمَدْرسةِ العَذْراوية بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في ليلة النِّصف من شَعْبان سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة بدمشق.
سَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وحدَّث عنه. وكانَ فقيهًا اشتغلَ وحَصَّلَ وجلسَ مع الشُّهود مدّةً طويلةً، ووَلِيَ قضاء بُصْرَى مدّةً ثم تركَهُ واستقرَّ خاطرُهُ على تَرْك القضاء. وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، سَلِيمَ الصَّدْر، حَسَن الخُلُق.
4302 -
وفي ليلة الثلاثاء ثالث رَمَضان تُوفِّي الصَّدْرُ الفاضلُ بهاءُ الدِّين أبو الحَسَن عليّ
(3)
ابن الشَّيخ مُوفّق الدِّين عيسى بن أبي القاسم بن مَنْصور
(1)
الخبر في: نهاية الأرب 32/ 335 - 336، والبداية والنهاية 16/ 149 والسلوك 3/ 30.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 134، وذيل التقييد 1/ 92، والدرر الكامنة 5/ 15.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأخوه أبو بكر توفي في ربيع الأول سنة 739 هـ، وترجمته في: الوفيات لابن رافع 1/ 250، وتوفي ابنه محمد في شوال سنة 778 هـ، وترجمته في: ذيل التقييد 1/ 183، والدرر الكامنة 5/ 335.
الدمشقيُّ الحَنَفيُّ، وصُلِّي عليه ظُهر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في صَفَر سنة خَمْسٍ وستّين وست مئة.
وكان رَجُلًا جيِّدًا فيه مُروءةٌ وعَصبيّةٌ وقيامٌ مع أصحابه. واشتغلَ، ووَلِيَ تَدْريس المَدْرسة العِزّية بالكُشْك مدّةً وعَمَّرها وعَمَّر وَقْفها، واستمرَّ فيها إلى أن مات بها.
وسَمِعَ معَنا من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وغيرِهم.
4303 -
وفي يوم الثلاثاء ثالث شَهْر رَمَضان تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(1)
ابنُ الشَّيخ فَتْح الدِّين محمود بن عليّ بن إبراهيمَ العامليُّ، إمامُ مَسْجد القَصَب، ودُفِنَ من الغد بسَفْح جَبَل قاسيون، عند والدِه.
وكانَ حَضرَ معَنا سَمَاع "مَشْيخة ابن البُخاري" عليه في سنة سَبْعٍ وثمانين وست مئة، وهو في السنة الرابعة.
وحدَّث بأحاديث منها بالعُلَى، بطَرِيق الحِجَاز الشَّريف في سنة عَشْرٍ وسَبْع مئة. وكانَ خَلَفَ والدَهُ في إمامةِ المَسْجد المَذْكور، وجلسَ يَشْهدُ على باب المَدْرسة الزَّنْجيلية ظاهر دمشق.
4304 -
وفي ليلة الثلاثاء عاشر شَهْر رَمَضان تُوفِّي بدرُ الدِّين هِلالُ
(2)
ابنُ الشَّيخِ الإمام الصَّالحِ القاضي الخَطِيب صَدْر الدِّين سُليمان بن هلال بن شِبْل الجَعْفريُّ، ودُفِنَ بُكْرة الثلاثاء بمقبَرة الباب الصَّغير.
(1)
لم نقف على ترجمته، وتقدمت ترجمة والده في وفيات ذي قعدة سنة 708 هـ.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه توفي في ذي القعدة سنة 725 هـ، وترجمته في: ذيل العبر، ص 142، وفوات الوفيات 2/ 82، وأعيان العصر 2/ 458، والوافي بالوفيات 15/ 438، وطبقات الشافعية للسبكي 10/ 40، والبداية والنهاية 16/ 187، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 262، والدرر الكامنة 2/ 309، والدارس 1/ 356، وشذرات الذهب 8/ 121.
وكان يَشْهدُ ويحضرُ بعضَ المَدارس، وأصيبَ به والدُهُ، وصَبَرَ واحتَسَب، وسَمِعَ بقراءتي على ابن مُشَرَّف بدارَيّا، وكمّل ثلاثينَ سنة من العُمُر.
4305 -
وفي ليلة الخَمِيس الثاني عَشَر من رَمَضان تُوفِّيت المرأةُ الصالحةُ الكبيرةُ أمُّ مُحمد ستُّ الفُقهاء
(1)
بنتُ يوسُف بن مُحمد الحَمَوية، بسَفْح قاسيون، ودُفِنَت ظُهْر الخَمِيس بالقُرْب من المَدْرسة المُعَظَّمية.
سَمِعَتْ من البَلْداني بقراءة الفاضِلِيّ، وإفادته في بُستان الفاضل.
وكانت امرأةً جيِّدةً، صالحةً، حاجّة، لها مِلْكٌ ونِعْمةٌ وبِرٌّ ومَعْروف، وكانت تَصُوم الأشهر الثلاثة وغيرها من الأيام الفاضِلة، وتَحْفظ أحاديثَ وأخبارًا في الزُّهد وتُوردها عندَ مَن يَجْتَمِع بها من النُّسوان، وفيها حياءٌ وبِرٌّ وصَدَقةٌ، وكانت تُخَيّط احتسابًا إلى أن ماتت.
ومولدُها في سنة أربع وثلاثين وست مئة تقريبًا.
وذكرتْ أنَّ والدَها كانَ فَقِيهًا. وجَدَّها كانَ خَطِيب حَمَاة. وتَزَوَّجت بالمَجْد أيوب بن أبي الزَّهْر بن الخِيْسيّ
(2)
، وهي أمُّ أولادِه: مُحمد، وعليّ، وأحمد، وهم رجالٌ أخيار.
• - وفي يوم الأحد مُنْتصف شهْر رَمَضان وصلَ الأميرُ سيفُ الدِّين قَجْلِيس المَلَكيُّ النَّاصريُّ إلى دمشقَ من بلادِ الشمال، وكانَ بين خُرُوجه من دمشقَ ودخوله إليها في هذه السَّفْرة أربعة أشهر وأيام، وأقامَ بدمشقَ قليلًا، وتَوجَّه إلى القاهرة المَحْروسة، وكانَ مُقَدَّمًا على الجَيْش الذين اجتمعُوا معه، وهم: الأمير سَيْف الدِّين كُجْكُن بمن معه من الأُمراء والجُنْد من دمشق، والأميرُ شِهاب الدِّين قَرَطاي نائب طرابُلُس ومن معه من عَسْكَر طرابُلُس، ودمشق،
(1)
ترجمتها في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 290.
(2)
تقدمت ترجمته في وفيات سنة 684 هـ.
وحِمْص، وهم طائفة ممّن كان مُجَرَدًا بسِيس، وساقُوا خَلْفَ مُهنّا وأولادِه وأمرائِه، وهم اثنان وسَبْعون أميرًا، وأخرَجُوهم من الشّام إلى عانة والحَدِيثة، وحَصَل للجَيْش حَرٌّ وعطَش في هذه السَّفْرة في البرِّيّة، وسَلَّم اللهُ تعالى.
• - وسافَرَ الصَّاحبُ شَمْسُ الدِّين ناظر الدَّواوين من دمشقَ في شَهْر رَمَضان للاحتياط على ما يتعلَّق بالجَاولي نائب السَّلْطنة بغَزّة، فغابَ أيامًا وعادَ إلى دمشقَ ووصلَ إليها يوم الثلاثاء السابع عَشَر من رَمَضان، ووَلِيَ غَزّة الأمير حُسام الدِّين لاجِين المَعْروف بالصَّغِير، متولِّي البَرّ كانَ بدمشقَ من مدّة سِنين، وتَوَجَّه إلى غَزَّة عَقِيب الجاولي.
4306 -
وفي يوم الاثنين السادس عَشَر من شَهْر رَمَضان تُوفِّي الأميرُ الأجلُّ بدرُ الدِّين أبو أحمد دلادَمُر
(1)
بنُ عبد الله عَتِيق الأمير سَيْف الدِّين بكتَمُر السَّاقي بحَوْران، بقَرْيةٍ اسمُها طيرة بُرَيْد، ودُفِنَ هناك.
وله من العُمُر ثلاث
(2)
وسَبْعون سنة تقريبًا.
سمِعَ من عبد الله بن عَلَّاق المِصْري، ورَوَى عنه، وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، مَعْروفًا بالدِّيانة والأمانة، وعندَهُ فضيلة وكفاءة، ويكتبُ خَطًّا حَسَنًا، وله كُتُب يطالع فيها، وكانَ أستاذ دار الأمير علاءِ الدِّين طيبُغا السِّلَحْدار.
4307 -
وفي يوم الأربعاء الثامن عَشر من رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ شَرَفُ الدِّين مُحمدُ
(3)
بنُ بَدْر الدِّين مُحمد بن عبد القادر، المَعْروف بابن المُرَحِّل، ودُفِنَ يوم الخَمِيس بمقبَرة الباب الصَّغير.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، مُواظبًا على تِلاوة القُرآن، مُنْقطعًا عن النّاس، جاوزَ الثَّمانين.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
في الأصل: "ثلاثة".
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وبنو المُرَحِّل. أصلهم من مالقة بالأندلس.
4308 -
وفي يوم الخَمِيس تاسع عَشَر شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصَّدْرُ الأصيلُ فخرُ الدِّين أبو الهُدَى أحمدُ
(1)
بنُ إسماعيل بن عليّ بن مُحمد بن الجَبَّاب المِصْريُّ، ودُفِنَ بالقَرَافة.
سَمِعَ من عبد الرَّحمن بن مَكّي سِبْط السِّلَفي "جُزء الذُّهْلي" و"جُزء الصُّولِي"؛ والأول والثاني من "حديث ابن بِشْران"، وأربعة أجزاء من حديث المُزَكِّي الخامس والسادس والسابع والتاسع. وحَدَّث، وأجازَ لنا.
ومولدَهُ لسَبْعٍ بَقِين من جُمادى الآخرة سنة ثلاثٍ وأربعين وست مئة.
كتب إليّ بوفاته أبو بَكْر الرَّحَبيّ.
وكان صدرًا كبيرًا من صُدُور المِصْريّين من بَيْت مشهور.
4309 -
وفي يوم الأحد التاسع والعِشْرين مِن شَهْر رَمَضان تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ علمُ الدِّين أبو مُحمد عَلَمُ
(2)
بنُ محمود بن عُمر الحَرّانيُّ الحَنبليُّ، ودُفِنَ يوم الاثنين يوم عيد الفِطْر، بالقُرْب من قُبّة الشَّيخ رَسْلان خارج باب تُوما.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، مُواظِبًا على تِلاوة القُرآن، كثيرَ السُّكون، متواضعًا. وسَمِعَ الحَديث، وأسمَعَ أولادَهُ، ونابَ في الخطابة ببَيْت لِهْيا عن صِهْره فَخْر الدِّين العَجْلونيّ.
وحَفِظَ "العُمْدة" في الفقه للشَّيخ موفَّق الدِّين و"العُمْدة" في الأحْكام للحافظ عبد الغَنِي، وعَرَضهما على الشَّيخ شَمْس الدِّين الحَنْبليّ.
ومولدُهُ تقريبًا في سنة ست وأربعين وست مئة بحَرّان.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 114، ومعجم شيوخ الذهبي 1/ 39، وذيل التقييد 1/ 298، والسلوك 3/ 32، والدرر الكامنة 1/ 121، وحسن المحاضرة 1/ 391، وشذرات الذهب 8/ 97.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وابنه أحمد توفي في ذي الحجة سنة 742 هـ، وترجمته في: الوفيات لابن رافع 1/ 414، والدرر الكامنة 1/ 238.
شَهْر شَوّال
4310 -
وفي ليلة الأربعاء الثالث من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين أبو الفَتْح مُحمدُ
(1)
بنُ عبد الرَّحيم بن عبّاس بن أبي الفَتْح بن عبد الغَنِي بن أبي مُحمد بن خَلَف بن إسماعيل القُرشيُّ، المَعْروفُ بابن النَّشْو، وصُلِّي عليه عَقِيب ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير.
ومولدُه في ليلة الخَمِيس تاسع عَشَر جُمادى الأولى سنة إحدى وأربعين ولست مئة بالقَرَافة الصُّغرى.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا، حَسَن الشَّكْل، عنده أمانةٌ ومَعْرفة، وسافرَ في التِّجارة إلى بَغْداد وديار مِصْر. وكانَ له مِلْكٌ. وأسمعَهُ خالُه الشَّيخُ بُرْهان الدِّين إبراهيمُ بنُ مُحمد بن عبد الغني القُرَشيُّ ابن النَّشْو بالقاهرة من ابن رَوَاج، ويوسف السَّاويِّ، وفَخْرِ القضاة ابن الجَبّاب، والشَّيخ بهاء الدِّين بن الجُمَّيزيِّ، وغيرِهم. وسَمِعَ بدمشق أيضًا. وخَرَّج له فخرُ الدِّين بن البَعْلبكيِّ "مَشيخةً" في أربعة أجزاء عن نحو عِشْرين شَيْخًا، قرأتُها عليه. ومن الأجزاء التي تفرَّد بها بدمشقَ وقُرِئَت عليه مِرارًا كتاب "المُحدِّث الفاصل" للرامَهُرْمُزيّ سبعة أجزاء، و"نُسخة وكيع بن الجَرّاح"، و"حديث إسماعيل الصَّفّار" عن الصَّغَاني، والدُّوري، و"مَجْلس ابن مَيْلة"، و"مُسْنَد عائشة" رضي الله عنها، للمَرْوَزي، والأجزاء الثلاثة من "المَحَامليّات" السادس والسابع والثامن، والتاسع من "المُزَكيّات"، وغير ذلك.
(1)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 114، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 176 - 177، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 213، وأعيان العصر 4/ 511، والوافي بالوفيات 3/ 248، وذيل التقييد 1/ 155، والدرر الكامنة 5/ 257، وشذرات الذهب 8/ 98.
• - وفي العَشْر الأُول من شَوّال وَصلَ الماءُ إلى القَناة والجامع الكَرِيمي بالقُبَيْبات ظاهر دمشق، وكانَ الواقف اشتَرَى له حجر ما مَزّيّ من نَهْر داريّا بخمسةٍ وأربعين ألفًا، وبَنَى قناةً وأجراهُ فيها، ومَرّ به على كَفْر سُوسية. ولمّا وَصلَ الماءُ حَصلَ للنّاس به نَفْعٌ كثير، وكَثُر الأنس بهذه الجِهة وقَصَدها النّاسُ للرّاحة والتَّفَرُّج، وانتفعَ النّاسُ بالحوض الكبير المَبْنيّ قُبالة الجامع المَذْكور، وشَرِبَ منه النّاس والدَّوابّ والمُسافرون وأهلُ المكان
(1)
.
4311 -
وفي يوم الأربعاء عاشر شَوّال تُوفِّي الزَّيْنُ الحَلَبِيُّ المُقْرئُ
(2)
على الجَنائز.
• - وفي يوم الخميس الحادي عَشَر من شَوّال خرجَ المَحْمَلُ السُّلْطانيُّ من دمشقَ إلى الحِجاز المُبارك، وأميرُ الرَّكْب الأميرُ صلاحُ الدِّين ابنُ المَلِك الأوحد ابن الزّاهِر ابن صاحِب حِمْص. وتَوَجَّه في هذه السَّنة الأميرُ زينُ الدِّين كَتْبُغا الحاجِب، والأميرُ ناصرُ الدِّين الدَّوَادَار السَّيْفيُّ. ومن القُضاة والعُلماء: الإمامُ قاضِي القُضاة شرَفُ الدِّين بنُ البارزي قاضي حَمَاة، والشَّيخُ كمالُ الدِّين بنُ الزَّمَلُكانيِّ، والقاضي شَمْس الدِّين بنُ العِزّ الحَنَفيُّ، والخطيبُ مُعِينُ الدِّين بنُ المُغَيْزِل خَطِيب حَمَاة، والقاضي عزِّ الدِّين ابنُ قاضي القُضاة تَقِيّ الدِّين الحَنْبليِّ، والقاضي نورُ الدِّين السَّخاويُّ المالكيُّ، وهو قاضي الرَّكْب. ومن الصُّدور والأعيان: الشَّيخُ علاءُ الدِّين بنُ غانِم، والقاضي قُطْبُ الدِّين ابنُ شيخ السَّلامية، والقاضي بَدْرُ الدِّين بنُ العَطّار، وفخرُ الدِّين بنُ مَحْبوب، وشهابُ الدِّين بنُ نَجْم الدِّين بن هلال، ومن الفُقهاء ورُواة الأحاديث النَّبوية الشَّيخُ عفيفُ الدِّين ابنُ المَجْد عبد الله إمامُ التُّربة الظاهرية،
(1)
الخبر في: ذيل العبر، ص 110، والبداية والنهاية 16/ 149.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
والشَّيخُ زَيْن الدِّين أبو بَكْر مُدَرِّس القَلِيجية، وعزُّ الدِّين عبدُ الرحمن ابنُ الشَّيخ عز الدِّين إبراهيم بن عبد الله ابن الشَّيخ أبي عُمَر، وشِهاب الدِّين بن الحَلَبِية المُقْرئ، ومُحِبُّ الدِّين ابنُ المُحبّ الحَنْبليُّ المُحَدِّث
(1)
.
• - وحَجَّ من الدِّيار المِصْرية في هذه السنة قاضِي القُضاة شَمْسُ الدِّين الحَنَفيُّ بنُ الحَريريّ، وقاضِي القُضاة تَقِيُّ الدِّين أحمدُ بنُ عُمر الحَنْبليُّ، والشَّيخُ مَجْدُ الدِّين حَرَميّ، والشَّيخ فَخْرُ الدِّين التُّركمانيُّ الحَنَفيُّ، والقاضي شَرَفُ الدِّين عيسى المالكيُّ، وهو قاضي الرَّكْب المِصْريّ، وخلقٌ كثيرٌ
(2)
.
كَتَبَ إليَّ أبو بَكْر الرَّحَبيُّ يذكرُ أنه منذُ خَمْسين سنة ما خرجَ من القاهرة رَكبٌ مِثْل هذا الرَّكْب، وكانَ في رَكْبهم مَحَامل كثيرة، قيل إنَّها كانت سَبْعةً وعِشْرين مَحْمَلًا.
• - وكَمَلَ الحَمّام الذي بالقُرْب من خان السُّلْطان خارج باب تُوما ظاهر دمشق، ودخلَهُ النّاسُ في نِصْف شَوّال. وهذا الحمّام ابتدأ بعمارته ناصرُ الدِّين بن المَهْمَندار وماتَ، فاشتراهُ، وكَمَّل عمارتَهُ الأميرُ سَيْفُ الدِّين ألْجَيْ بُغا العادليُّ، وهو حَمّام كبيرٌ فسيحٌ، فيه ثلاثون جُرْنًا، ويَشْتَمِل على أربع مَقَاصير، وأوجِرَ في كُلّ يوم بخمسةٍ وعِشْرين دِرْهمًا
(3)
.
4312 -
وفي يوم السَّبْت السَّابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ أمينُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(4)
بنُ أبي بَكْر بن إبراهيم بن هبة الله بن
(1)
الخبر في: ذيل العبر، ص 110 - 111، والبداية والنهاية 16/ 149.
(2)
الخبر في المصادر السابقة.
(3)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 149.
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 115، وذيل سير أعلام النبلاء، ص 177، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 312، وأعيان العصر 4/ 354، والوافي بالوفيات 2/ 265، ونكت الهميان، ص 232، والدرر الكامنة 5/ 136، وشذرات الذهب 8/ 98.
طارق بن سالم الأسَديُّ الحَلَبِيُّ النَّحّاسُ، بالمَدْرسةِ القَلِيجية بدمشق، وصُلِّي عليه بجامع دمشق بين الصَّلاتين، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية.
وسألتُه عن مولدِه، فقال: أخي أيوب أكبر منّي بخَمْس سنين، وأنا أكبر من أخي إسحاق بخَمْس سنين. وكانَ مولدُ أيوب في سنة سَبْع عَشْرة وست مئة.
وكانَ شَيْخًا صالحًا، سليمَ الصَّدْر، كثيرَ الخَيْر، قليلَ الشَّرِّ، وعُمِّر، وترك التِّجارة، ولازمَ الجامع، وكانَ يَحْضر إليه بنفسِه، ثم ضَعُف فصارَ يُقاد، ثم ضَعُف فصارَ يُحْمل.
وذكرَ لي أنَّهُ لم يَتَزوَّج قَطُّ ولا تَسَرَّى ولا احتلَمَ إلا في النَّوم، وحجَّ مَرّات، منها مَرّة في سنة خَمْسٍ وأربعين وست مئة على طَرِيق الدِّيار المِصْرية، وسَمِعَ في هذه السَّفْرة بحَمَاة من صَفِيّة القُرَشيّة، وبالقاهرة من يوسف السّاويِّ، وابن الجُّمَّيْزيّ وغيرهما، وبمكّةَ من شُعَيْب الزَّعْفَرانيِّ، وشَرَف الدِّين المُرسِي. وسَمِعَ بحَلب من يوُسفَ بن خليل، والضِّياء صَقْر. وكان قليلَ السَّماع. وأجازَه في سنة اثنتين وأربعين وست مئة الكاشْغَريُّ، وابنُ الخازن، وابن النَّخّال، وإبراهيم بن الخَيِّر، وابنُ النَّجّار، وابنُ الوليد، والصَّغَانيُّ صاحب "مَشَارق الأنوار"، وجَماعةٌ.
ومن الأجزاء التي تَفَرَّد بها السَّماع بدمشق "الأربعون السِّلَفية"، و"الأربعون الثَّقَفية"، و"مَشْيخة ابن الجُّمَّيْزي"، و"الثمانون" للآجُرِّي، و"المَنَامات" للبَرَداني، و"الأسلاف" للمُسَيَّبِي، و"جُزء لُوَين"، وخَرَّج له فَخْرُ الدِّين البَعْلبكيُّ "مَشيخةً" وحَدَّث بها مرّات.
4313 -
وفي يوم السَّبْت السابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي شهابُ الدِّين
أحمدُ
(1)
بنُ عليّ بن أبي بَكْر الحَنَفيُّ، المَعْروف بابن الفَرّاش، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكان يَشْهد على باب المَدْرسة الزَّنْجِيلية خارج باب تُوما، وصارَ نَقِيبًا لقاضي القُضاة حُسام الدِّين الحَنَفيّ.
4314 -
وفي يوم السَّبْت السابع والعِشْرين من شَوّال تُوفِّي جمالُ الدِّين مُحمد
(2)
ابنُ الصَّدْر بَدْر الدِّين أحمد ابن الشَّيْخ جمال الدِّين مُحمد بن أحمد بن محمود، المَعْروف بابن الجُوَخِي
(3)
، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون، وفُجِعَ به والدُه. وكان مَرِيضًا عند موتِه فحُمِلَ في الجنازة في مَحَفَّة، وتألّم النّاسُ لهما.
وكانَ حَفِظَ الكتابَ العزيز وأَمَّ به في صَلاة التَّراويح، وحَفِظ شيئًا من النَّحو، وكانَ فيه نَباهة وذَكَاء ورِياسة.
ماتَ في السَّنة الرابعة عَشْرة من عُمُره، ولم يَبْلغ مبلغَ الرِّجال.
4315 -
وفي يوم عيد الفِطْر تُوفِّي الشَّيخُ شَرَفُ الدِّين أبو طالب عبدُ الرَّحيم
(4)
ابنُ مُحيي الدِّين مُحمد ابنِ الشَّيخ الإمامِ شَرَف الدِّين أبي طالب عبد الرَّحمن بن عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن الحَسَن بن العَجَميّ، الحَلَبِي، بحَلَب، وهو في عَشْر الثَّمانين.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وأبوه توفي في رمضان سنة 764 هـ، وترجمته في: ذيل العبر، ص 361، وأعيان العصر 1/ 383، ومعجم شيوخ السبكي 1/ 123، والوفيات لابن رافع 2/ 264، والسلوك 4/ 272، والدرر الكامنة 1/ 296، وتقدمت ترجمة جده في وفيات ربيع الآخر سنة 707 هـ.
(3)
قيد العلامة ابن ناصر الدين هذه النسبة فقال: "بضم أوله وفتح الواو وكسر الخاء المعجمة"(توضيح المشتبه 2/ 514).
(4)
ترجمته في: ذيل العبر، ص 115، والدرر الكامنة 3/ 155.
وله حضُورٌ على يوسُف بن خليل الحافِظ، وُجِدَ له عليه "جُزء مُحمد بن عاصم"، و"أحاديث أبي عَمْرو السَّقَطي"، و"حديث بَكْر بن بَكَّار"، و"حديث الأزْرق"، والثالث من "الإخشيديّات"، و"رُباعيّات الصَّحابة" من تَخْريجه، وسَمِعَ من ضِياءِ الدِّين صَقْر، ومن جَدِّه الشَّيخ شرَف الدِّين بن العَجَمي، وحدَّث. وسَمِعَ منه الطَّلبةُ.
وكان من بَيْتٍ كبيرٍ، وأسَرَهُ التَّتارُ، وبقيَ عندهم مدّةً، ثم عادَ إلى بَلَدِه. كَتَبَ إليّ بتاريخ موتِه زَيْنُ الدِّين بن حَبِيب.
شَهْر ذي القَعْدة
4316 -
وفي يوم الجُمُعة العاشر من ذي القَعْدة تُوفِّي بدرُ الدِّين حَسَنُ
(1)
ابنُ المعلّم عُمَر المُهَنْدس، الساكن بالعُقَيْبة ظاهر دمشق، ودُفِنَ آخر النَّهار بتُربةٍ له في طَرَف مقبَرة باب الفَرَاديس.
وكان مُهَنْدسًا في خِدْمة السُّلْطان، وطَلَبهُ السُّلْطان الملكُ النَّاصرُ إلى القاهرة بسبب عمائرَ له، وصارَ له عنده منزلة، وأقطعَهُ إقطاعًا، وصارَ جُنديًّا.
4317 -
وفي يوم الثلاثاء الرابع عَشَر من ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ نَجْمُ الدِّين أبو مُحمد عبدُ الملك
(2)
ابنُ الشَّيخ فَخْر الدِّين عبد القاهر ابن الشَّيخ الإمام الخَطِيب سَيْف الدِّين عبد الغَنِي ابن الشَّيخ الإمام العَلَّامة الخَطِيب فَخْر الدِّين أبي عبد الله مُحمد بن أبي القاسم بن مُحمد بن تَيْميّة الحَرّانيُّ، فُجاءةً، بحَمّام الكَمَالي داخل باب الجابية بعد خُرُوجه من الحَمّام، وغُسِّل في الحَمّام المَذْكور، وصُلِّي عليه بجامع دمشقَ بين الصَّلاتين، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية عند أهلِه.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 1/ 421، والدرر الكامنة 3/ 219.
ومولدُهُ بحَرّان في ليلة الثلاثاء قريب ثُلُث الليل الأول السابع والعِشْرين من شَهْر ربيع الأول سنة ستٍّ وأربعين وست مئة.
وكانَ رَجُلًا جيِّدًا من بَيْتِ عِلْم ودِين، وكانَ يَجْلس مع الشُّهود بمَسْجد الصّاغة العَتِيقة مدّةً طويلةً. وكانَ شَيْخًا بخانكاه القَصْر ظاهر دمشق، وفي أواخر عُمُره انقطعَ عن ذلك، وسَمِعَ الحديثَ من ابن عبد الدّائم، وابن أبي اليُسر، وغيرهما. وروى "جُزء ابن عَرَفَة" مَرّات، ورَوَى بالإجازة عن الأعَزّ بن العُلِّيق، ويحيى بن قُمَيْرة، وعبد العزيز بن الزَّبِيديّ، وجماعة.
4318 -
وفي ليلة الثُّلاثاء سابع ذي القَعْدة تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ أبو الطّاهر
(1)
بنُ يوسُف بن أبي الطّاهر بن مُحمد بن أحمد بن أبي المَكارم المَرْدَاويُّ، بالقُدْس الشَّريف، ودُفِنَ بمقبَرة السّاهرة.
وكانَ رَجُلًا جَيِّدًا من أهل القُرآن، خَرَجَ من قَرْيتِه إلى حُضُور غَزْوة أرْسُوف في سنة ثلاثٍ وستين وست مئة، ورجعَ من الغَزَاة، وسكنَ الصّالحية ظاهر دمشق، وأقامَ بالمَدْرسة الضِّيائية خَمْسًا وعِشْرين سنة، وقرأ القُرآن، وسَمِعَ الحديثَ من جماعةٍ، وكانَ مُخْتصًّا بالشَّيْخ شَمْس الدِّين بن الكَمَال، وكانَ يَمْشِي مع ولدِهِ يُسْمِعه الحديثَ على الشُّيوخ، وأجازَ له من بَغْداد الشَّيخ يحيى الصَّرْصريُّ وجماعة، ثم عادَ إلى قَرْيته، فأقامَ بالقُدْس في أواخر عُمُره، ورُتِّبَ إمامًا للحنابلة بالمَسْجد الأقصى.
ومولدُهُ في سنة ثمانٍ وأربعين وست مئة تقريبًا. ومن الشُّيوخ الذينَ سَمِعَ منهم بدمشق البَدْر عُمر الكِرْمانيّ، وابن أبي اليُسْر، وابن النَّابلسيّ، وابن هامِل.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
4319 -
وفي يوم الجُمُعة آخر جُمُعة من ذي القَعْدة تُوفِّي قاضِي القُضاة شَمْس الدِّين أبو الفَضْل عبدُ الله
(1)
ابنُ قاضِي القُضاة مُهَذّب الدِّين أبي المَعَالي مُحمد بن سليمان بن مُجَلِّي الدُّنَيْسَري، ثم المارِديني، بمارِدِين، ودُفِنَ عندَ والدِه.
ومولدُهُ في رَجَب سنة ست وأربعين وست مئة بمارِدِين.
ولِيَ قضاءَ مارِدِين عَقِيب مَوْت والدِه في ربيع الأول سنة ستٍّ وستّين وست مئة، فبَقِيَ قاضيًا خَمْسًا
(2)
وخَمْسين سنة وأشهُرًا، وبَقِيَ أبوه قبله في مَنْصب القَضاء خَمْسًا
(3)
وثلاثين سنة.
وكانَ والدُه من أهل دُنَيْسَر، وحَجّ القاضي شمْس الدِّين المَذْكور ثلاث مرّات، سنة إحدى وثمانين، وسنة ستٍّ وسبْع مئة، وسنة خَمْس عشرة وسَبْع مئة، ودخل بغدادَ مع صاحِب مارِدِين.
وهو شَيْخٌ حَسَنٌ، كريمُ النَّفْس، له حُرْمةٌ ومكانة، وعليه سكينةٌ وَوَقارٌ. سَمِعَ من والدِه، ومن الصَّاحب شَرَف الدِّين إسماعيل بن أبي سَعْد الآمديّ ابن التِّيتي، وسَمِعَ منه كثيرًا، وله نُوّابٌ في البَلَد المُضَافة إلى مارِدِين، مثل دُنَيْسَر، ورأسِ عَيْن، ونَصِيبين، والهَتّاخ
(4)
، وجُمْلين، والصّوْر، وغير ذلك. وكانت له جامكيةٌ وجراية كل شَهْر نحو ألفَي دِرْهم، ووَلِي القَضاء بعده ولدُه القاضي مُهَذّب الدِّين مُحمد. ولمّا وَردَ دمشقَ في الحَجّة الثالثة، اجتمعتُ به غيرَ مَرّة، وكتبتُ عنه قَصِيدة في الخُلفاء نَظْم ابن التِّيتِي المَذْكور، سمِعَها منه.
(1)
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/ 72.
(2)
في الأصل: "خمسة".
(3)
كذلك.
(4)
الهَتّاخ: قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميافارقين (معجم البلدان 5/ 392).
4320 -
وفي آخر يوم من ذي القَعْدة تُوفِّي الأميرُ جمالُ الدِّين آقُش
(1)
الجُلُبّانيُّ، بمدينة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ودُفِنَ بالبَقِيع.
وسبب مَوْتِه أنّه وَقَع من مصطبةٍ فانفلَقَ رأسُه وتَعَذَّر سفَره مع الرَّكْب، فبقِيَ بعدهم بالمَدِينة أربعة أيام، وماتَ.
وكان رَجُلًا جيِّدًا.
وهو صِهْر شَيْخنا شَمْس الدِّين بن الزَّيْن المَقْدسيّ، وكانَ ساكنًا في المَوْضع الذي كانَ به بُدَيْر الحَوْرانيّ، بسَفْح جَبَل قاسيون، بالقُرْب من المَدْرسة الصّاحبية. وحَجّ معَه في هذه السَّفْرة الشَّيخُ شهابُ الدِّين بن الحَلَبِيّة المُقْرئ.
ذَكرَ لي أنه قَصَدَهُ في ذلك وعَزَمَ عليه، وأنَّهُ اعتذرَ إليه بأمور فأزالَ أعذارَهُ، ووَفَّى دَينه. ولما وقعَ وتَرَكوه بالمدينة أوصَى بخدمته وتَكْمِيل حَجّه، وإعادتِه إلى أهلِه، رحمه الله تعالى.
شَهْر ذي الحِجّة
4321 -
وفي يوم الأحد رابع ذي الحِجّة تُوفِّي شهابُ الدِّين أحمدُ
(2)
بنُ التُّلَيْل بقرية جَرْمانا
(3)
، وصُلِّي عليه العَصْر بجامع العُقَيْبة، ودُفِنَ بسَفْح قاسيون.
وكان شَيْخًا بَلغَ السَّبْعين.
وخَدَمَ الفُقراء بنفسِه ومالِه، وكانَ ورثَ من أبيه ثلاث مئة ألف دِرْهم أنفقَها كُلَّها. وكانَ عليه وَقْفٌ بجَرْمانا وغيرِها. وكان يَلْبَس زِيّ الفُقراء العَسَليَّ وغيرَه، ويَصْحب تقيّ الدِّين بن تَمّام، والشَّيْخ مظفَّر المِزّي.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
كذلك.
(3)
معجم البلدان 2/ 129، وهي قائمة إلى اليوم.
• - وفي ليلة الخَمِيس مُنْتصف الشَّهْر كُسِفَ مُعْظَم القَمَر في وَسَط الليل، وصَلَّى الخطيبُ صلاةَ الكُسُوف، وخَطَبَ، ونُودِيَ في مواذن الجَامع، واجتمعَ جماعة، وأُقيمت هذه السُّنّة.
4322 -
وفي ليلة الأربعاء رابع عَشَر ذي الحِجة تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ أبو بَكْر
(1)
ابنُ الشَّيخ حَسَن ابن الشَّيْخ عليّ الحَرِيريّ، ودُفِنَ يوم الأربعاء بمَقْبَرة أهله بقَرْية بُسْر بحَوْران.
وقارب السَّبْعين من العُمُر.
وكانَ رَجُلًا مُبارَكًا، مَشْكورَ السِّيرة، وصُلِّي عليه بجامع دمشقَ يوم الجُمُعة سَلْخ الشَّهر المَذْكور.
• - وفي العَشْر الأُول من ذي الحِجّة دُخِلَ إلى الخانكاه الفَخْرية بالقُدْس في ليلةٍ مُظْلِمة إلى بَيْت الطّواشي البوّاب بها فذُبِحَ، وأُخِذَ من بيته أكثر من سَبْعة عَشَر ألف دِرْهم.
وهو من غِلْمان صاحب الخانكاه القاضي فَخْر الدِّين ناظِر الجُيُوش بالدِّيار المِصْرية، ومُسِكَ جماعةٌ من الصُّوفية وغيرهم وحُبِسُوا، وعُوقِبَ جماعة، وحَصلَ للنّاس ألمٌ شديدٌ بسبب هذه الواقعة.
4323 -
وفي ليلة الأربعاء رابع عَشَر ذي الحجة تُوفِّي قاضي القُضاة كمالُ الدِّين أبو حَفْص عُمرُ
(2)
ابنُ شَيْخِنا قاضي القُضاة عِزِّ الدِّين عبد العزيز ابن الصَّدْرِ الكبيرِ مُحيي الدِّين مُحمد ابن قاضِي القُضاة نَجْم الدِّين أبي الحَسَن أحمد بن هبة الله بن مُحمد بن هبة الله بن أبي جَرَادة الحَلَبِيُّ الحَنَفيُّ بحَلَب، وكانت جنازته حَفِلةً، حَضَرَها نائب السَّلْطنة ماشيًا، وأعيانُ الدَّولة.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: الجواهر المضية 1/ 392، والسلوك 3/ 33، والدرر الكامنة 4/ 201.
ومولدُه في سنة ثلاثٍ وسَبْعين وست مئة.
وكانَ صَدْرًا كبيرًا، مُحْتَشِمًا، وَليَ قضاءَ حَلَب مدّةً، وكانَ له بها تَدَاريس وأنظار ومَنَاصب، وقامَ بذلك جَمِيعه بعدَهُ ولدُهُ قاضي القُضاة ناصرُ الدِّين مُحمد قاضي حَمَاة، نُقِلَ من حَمَاة إلى حَلَب.
4324 -
وفي ليلة السبت الرابع والعِشْرين من ذي الحجّة تُوفِّي الشَّيخُ الصَّالحُ المُقْرئُ أبو عبد الله مُحمدُ
(1)
بنُ عبدِ الخالق بن عبد الله بن سَيْف بن عَوْن القُرَشيُّ البيانيُّ الدِّمشقيُّ، وصُلِّي عليه يوم السَّبْت بعد الظُّهر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغِير عند والدِه قُبالة زاوية الشَّيخ عامر اليُونُسِي، وشهِدَهُ جَمْعٌ كبير.
وكان رَجُلًا صالحًا، مَشْهورًا بالخَيْر واللُّطْفِ والجَوْدة والبِرِّ. وممّا وُصِفَ به أنه كانَ لا يَغْتابُ أحدًا ولا يَسْمَع الغِيْبَة، وأنه كان يَلْتَقِي الحُجّاج قي كُلِّ سنة بِهَديّة ويُفَرِّقها على مَن يَعْرف ومَن لا يَعْرف. وكانَ إمامًا برِباط الشَّيْخ أبي البَيان، وله حَلْقة مُصَدَّرة بجامع دمشق.
وسَمِعَ من أبي الفَضْل إسماعيل بن أحمد بن الحُسين العِراقيِّ، ورَوَى عنه.
وسألتُهُ عن مولده فقال: في ليلة الحادي عَشَر من شَهْر رَمَضان سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة بدمشق.
• - وفي يوم الأربعاء الحادي والعِشْرين من ذي الحِجة وَصَلَ إلى دمشقَ مَجْدُ الدِّين إسماعيل بن مُحمد بن ياقوت السَّلّامِيُّ التّاجرُ من المدينة السُّلْطانية، وخرجَ لتَلقّيه جماعةٌ من الجُنْد، ونزلَ بدار السَّعادة فأقامَ يومًا وتَوَجَّه إلى القاهرةِ على البَرِيد واشتُهِرَ أنه وَردَ في صُلْحٍ بينَ سُلْطان المُسلمين وبين مَلِك التَّتار، وأنَّهُ وَصلَت على يدِه هديةٌ جليلةٌ فيها
(1)
ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي 2/ 207.
خَرْكاه
(1)
مُجَوْهَرة، وأشياء من آلات الجُنْد، وخَيْمة سقلاط، ومماليك تُرْك، وجَوَاري، وجِمَال بَخَاتي، وقُمَاشٌ نَفِيس، وخُوذة مَكْتوبٌ عليها أكثر الخَتْمة الشَّرِيفة، وغير ذلك.
وكانَ وصول الهَدِيّة إلى دمشقَ بعده بنحو نِصْف شَهْر
(2)
.
4325 -
وفي صَبِيحة يوم الثلاثاء السابع والعِشْرين من ذي الحِجّة وُجدَ مجدُ الدِّين إسماعيلُ
(3)
ابنُ القاضي نَجْم الدِّين إسحاق بن إسماعيل ابن قاضي الرَّحْبة مَقْتولًا تحتَ جَسْر باب السَّلامة ظاهِر دمشق، وُجِدَت جُثّتُهُ بغير رأس فأُخْرِجت، وعُرِف أنها جثّته بعلاماتٍ فيه، وتَبَيَّن أنّ قاتلَهُ شابٌّ نَصْرانيٌّ لحّامٌ اسمه يَعْقوب، كان يُعَاشِرُه، فمُسِكَ واعترفَ، وسُئِلَ عن رأسِه وثِيابِه، فقال: رَمَيتها في الماء. وغُسِّلت جُثّتُه وكُفِّنت، وصُلِّي عليها، ودُفِنَت بمقابر باب الصَّغير عند والدِه بتُربة الشَّيْخ تاج الدِّين، رحمه الله.
ثم وُجِدَ الرَّأسُ في الماء قَرِيبًا من المَوْضع الذئي وُجِدَت فيه الجُثّة بعد ثلاثة عَشَر يومًا، وجَدُّه صيّاد يصطادُ السَّمَك فأحضرَهُ إلى الوالي، ودُفِنَ يوم عاشوراء على الجثّة.
وكانَ، رحمه الله، فَقِيهًا بالمَدارس، وحَفِظَ "التَّنْبيه"، وكانَ يَجْلس مع الشُّهود.
ومولدُه في سنة ثمانين وست مئة.
وقُتِلَ قاتلُه النَّصْرانيُّ المَذْكور في الثالث والعِشْرين من صَفَر من السَّنة الآتية، وإنّما أُخِّر هذه المدّة لأجل غَيْبة أخي المَقْتول شهابِ الدِّين أحمد،
(1)
الخركاه: الخيمة.
(2)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 149.
(3)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب، وتقدمت ترجمة أبيه في وفيات ربيع الأول سنة 715 هـ.
فلما حَضَر من الرَّحْبة وطالب بقَتْله حُكِمَ بقتلِه، وبعدَ القَتْل أحْرَقه العوامّ، ولم يُمْكِن منعهم من ذلك.
4326 -
وفي يوم الأربعاء الثامن والعِشْرين من ذي الحِجة توفِّي الشَّيخُ العَدلُ نَجْمُ الدِّين مُحمدُ
(1)
بنُ إسحاق بن إبراهيم بن العَنَزِيُّ الحَمَويُّ، بحَمَاة، وحَضَرَ جنازتَه خَلْقٌ كثير.
وخَلَّفَ ثلاثةَ أولادٍ صِغار، وكانَ عَدْلًا مَشْهورًا ببلدِه.
4327 -
وفي ليلة الأحد الخامس والعِشْرين من ذي الحِجة تُوفِّي الشَّيخُ الفاضلُ المُقْرئُ المُسْنِدُ عمادُ الدِّين أبو عبد الله مُحمدُ
(2)
ابنُ الشَّيْخ الإمامِ العالِم المُقْرئ تقيِّ الدِّين أبي يوسُف يَعْقوب بن بَدْران بن مَنْصور بن بَدْران بن مَنْصور الأنصاريُّ، الدِّمشقيُّ المَوْلد، القاهريُّ المَنْشأ، المعروفُ بابن الجَرَائِديِّ، بالمارستان بالقُدْس الشَّريف، وصُلِّي عليه بالمَسْجد الأقصى، ودُفِنَ بمقبَرة ماملا.
ومولدُه في ثالث شَهْر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وست مئة بدمشق.
وسَمِعَ من ابن الجُّمَّيْزيّ، وسِبْط السِّلَفيّ، والحافظين زكيِّ الدِّين عبد العظيم، ورشيد الدِّين العَطّار، ورَوَى عنهم، وسافَرَ، ودخلَ اليَمَن، وحَجّ، وله مَحْفُوظات، واشتغلَ بالعِلْم، وقرأ القِراءات على الشَّيخ كمالِ الدِّين الضَّرير، ورَوَى "الشَّاطبيةَ"، عن أصحاب ناظِمِها، وكانَ يَحْفظها، وعندَهُ طرفٌ من الحِسَاب والجَبْر والمُقابلة والنَّحو، وكتبَ الخَطَّ المَنْسُوب.
(1)
لم نقف على ترجمة له في غير هذا الكتاب.
(2)
ترجمته في: ذيل سير أعلام النبلاء، ص 187 - 188، ومعجم شيوخ الذهبي 2/ 303، وأعيان العصر 5/ 307، والوافي 5/ 225، وغاية النهاية 2/ 281، والدرر الكامنة 5/ 58 (ط. جاد الحق).
وقَدِمَ علينا دمشقَ في سنة سَبْع وسَبْعِ مئة، وأقامَ مدّةَ سنين، ثم إنّه تَوَجَّه إلى القُدْس الشَّريف وأقامَ به إلى أن ماتَ، رحمهُ الله تعالى.
• - وكان الحَجُّ في هذه السَّنة طَيِّبًا اجتمعَ فيه خَلْقٌ عظيمٌ، ووقفَ النّاسُ بعَرَفَة يوم الجُمُعة بلا خلاف، وحَضَرَ المَوْقف عالَمٌ كبيرٌ من البُلْدان.
قال الشَّيخُ رَضِيُّ الدِّين إبراهيمُ بنُ الطَّبَري إمامُ المقام الشَّريف: من عُمري أحجّ، ولم أرَ مثل هذه الوَقْفة.
ووَصَلَ في كُتُب بعض الجماعة أنَّهُ مع كَثْرة النّاسِ أبيعِ الشَّعِير الكَيْل بأربعة عَشَر وخَمْسة عَشَر وأكثر، وأوّل من قَدِمَ مكّةَ القاضي فَخْر الدِّين ناظِر الجَيْش وَصلَ في الثاني عَشَر من ذي القَعْدة، وكان خُرُوجه من القاهرةِ في السادس عَشَر من شَوّال، فتَوجَّه أولًا إلى القُدس الشَّريف، وسافرَ منه على الطريق الشَّاميّ. وهو الذي أخبر بمَسْك الجاولي
(1)
.
• - وفي الثالث والعِشْرين من ذي القَعْدة وصلَ نائبُ السَّلْطنة الأميرُ سيفُ الدِّين أرْغون هو وبيتُه وأولادُهُ ومماليكُه، ومعه الأمير رُمَيثة بن أبي نُمَيّ، وتألّمَ لذلك أهلُ مكّةَ، لكنَّ أمرَ مكّةَ إلى أخيه عُطَيْفة، وهو مَشْكورُ السِّيرة، وأهلُ مكّةَ يُحِبُّونه لعَدْله، وجاءَ إلى مكّةَ في هذه السَّنة من اليمنيّين والكَارِم خَلْقٌ كثيرٌ بسبب عَدْله.
• - وأُقِيمَ في هذه السَّنة من سُنَن الحَجّ أنَّهُم صَلّوا الصَّلَوات الخَمْس بمِنَى، وأقامُوا بها إلى أن أشْرَقت الشَّمْس، وصَلَّى جماعةٌ الظُّهرَ والعَصْر يوم عَرَفة بنَمِرة، وخَطَب خَطِيبُ مكّةَ بها بحُضُور نائب السَّلْطنة وجماعة، ووَقَفَ النّاسُ بعَرَفة إلى بعد دُخُول وَقْت المَغْرب، ومَشَى نائبُ السَّلْطنة من مكّةَ إلى عَرَفات.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 149.
وحَضَرَ الرَّكْبُ العِراقيّ في تَجَمُّلٍ كثيرٍ ومَعَهُم مَحْملٌ عليه ذَهَبٌ كثيرٌ وفيه لؤلؤ وجَوْهر قُوِّم بمئة تُومان ذَهَب، فحَسَبْنا ذلك بمئتي ألف دينار وخَمْسين ألف دينار من الذَّهَب المِصْريّ.
وبَلَغَنا أنّه لما وَصَلُوا به من المَدِينة السُّلْطانية إلى بَغْدادَ أنزلوهُ بالمَدْرسة المُسْتَنْصرية ونُودِيَ بين يديه: من أرادَ الحَجَّ في سَبِيل السُّلْطان ابن السُّلْطان الملك النَّاصر، والسُّلْطان ابن السُّلْطان أبي سَعِيد بن خَرْبَنْدا. ومن الحُجّاج مع الرَّكْب العِراقيّ خال السُّلْطان أبي سَعِيد، وغِياث الدِّين صاحب هَرَاة، وهو أميرُ الرَّكْب، وأخو شِحْنَة بَغْداد، ومن خُراسان صَدْرُ الدِّين بن حَمُّوْيَة، ومن كِرْمان عمادُ الإسلام، ومن بغداد جمالُ الدِّين بن العاقُولي، ونُور الدِّين الحَكِيم، ومن واسط تقيّ الدِّين عبد المُحْسِن
(1)
.
• - ووصلَ الجَمَاعةُ الذينَ مَعَهُم الشَّعِيرِ والدَّقِيق والرُّمّان وغير ذلك إلى الرَّكْب الشَّاميّ، إلى رأس عَقَبَة الأُخَيْضر، وأبيعَ الشَّعيرُ بتَبُوك الكَيْل بأربعة وبخَمْسة، وكان قبل ذلك بليلتين أبيع بسَبْعة عَشَر دِرْهمًا، ولم يَجِد الرَّكْبُ الشَّاميُّ في الرَّجْعة في المَفَازة بين العُلَى وتَبُوك ماءً، لكنْ حَصَلَ من البَرْد ما أغْنَى عنه، ولله الحمد
(2)
.
(1)
الخبر في: البداية والنهاية 16/ 149.
(2)
هذا آخر ما وجد من الكتاب، وهو آخر المجلد الثاني من نسخة المؤلف التي كتبها الشيخ محمد بن محمد بن علي الأنصاري المعروف بابن الحبوبي سنة 721 هـ، وقابلها على المؤلف، ووافق الفراغ من تحقيقه والتعليق عليه في العشرين من رمضان سنة 1439 هـ.