الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجابة الغوث ببيان حال النقباء والنجباء والأبدال والأوتاد والغوث
تأليف جناب حضرت شيخنا
شيخ الطريقة والحقيقة سيدى
العارف بربه تعالى الشيخ
محمد افندي عابدين
عفا الله عنه
بسم لله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرف هذه الأمة المحمدية بأنواع التشريف. وشرع لها شرعا رصينا وحكما مبينا وكلفها باسهل تكليف * وجعل منها عبادا عبادا بادروا إلى امتثال أوامره واجتناب نواهيه. حتى اماتوا انفسهم واغرقوها في بحار حياة التوحيد والتنزيه * وجعل منها أوتادا ونقباء واقطابا * وابدالا واخيارا واوتادا وانجابا * فرحم بهم عباده الضعفا * والبس بعضهم جلباب الستر والخفا وجردهم عن الكدورات البشريه، واغرقهم في بحار الاحديه. واشهدهم اسرار اسمائه وصفاته. وجعل قلوبهم مشكاة لاشعة تجلياته. والصلاة والسلام على من الكل مقتبس من نبراس انواره * وملتمس من فيض عرفانه واسراره ومغترف من بحار شرعه وهداه. ومقتطف من ثمار جوده وجدواه وعلى آله واصحابه الذين لهم الغاية القصوى في هذا الشأن * والخبول المضمرة بين الفرسان في السابق إلى هذا الميدان (وبعد) فيقول اسير وصمة ذنبه. وارجى عفو ربه. محمد امين. المكنى بابن عابدين غفر الله ذنوبه. وستر عيوبه * قد كنت جمعت رسالة بسؤال بعض الاعيان. عن امر القطب الذي يكون في كل زمان واوان. وعن الابدال والنقباء والنجبا وعدتهم على طريق البيان * وبادرت إلى ذلك بعد طلب الاذن من حضرتهم العليه. وقراءة الفاتحة إلى ارواحهم الزكيه عسى الله أن ينفعنا بنفحة من نفحاتهم. ويعيد علينا من عظيم بركاتهم وجمعت ما وقفت عليه من كلام الأئمة المعتبرين. ووفقت للاطلاع عليه من كتب الساده المعمرين (ورتبت) ماجعته على أربعة ابواب وخامة (وسميت) ذلك باجابة الغوث * ببيان حال النقبا والنجبا والابدال والاوتاد والغوث. وكتبت له نسخة وارسلتها إليه ثم رأيت أشياء تناسب المقام ويستحسن ذكرها ذووا الافهام. احببت الحاقها الاستشفاء العليل. وربما حصل بعض تغيير وتبديل. ولكن ابقيت التسمية والترتيب. وسألت المعونة من القريب المجيب (الباب الأول) في بيان الاقطاب والابدال والاوتاد والنجبا والنقبا وبيان صفتهم وعددهم ومساكنهم (فالاقطاب) جمع قطب وزان قفل وهو في اصطلاحهم الخليفة الباطن وهو سيد أهل زمانه سمى قطبا الجمعه الجميع المقامات والاحوال ودورانها عليه مأخوذ من قطب الرحى الحديدة التي تدور عليها * وفى شرح تائية سيدى الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض لسيدى الشيخ عبد الرزاق القاشاني القطب
في اصطلاح القوم اكمل إنسان متمكن في مقام الفردية تدور عليه أحوال الخلق وهو اما قطب بالنسبة إلى ما في عالم الشهادة من المخلوقات يستخلف بدلا عنه عند موته من اقرب الابدال منه فح يقوم مقامه بدل هو اكمل الابدال، واما قطب بالنسبة إلى جميع المخلوقات في عالمى الغيب والشهادة ولا يستخلف بدلا من الابدال ولا يقوم مقامه أحد من الخلائق وهو قطب الاقطاب المتعاقبة في عالم الشهادة لا يسبقه قطب ولا يخلفه آخر وهو الروح المصطفوي صلى الله تعالى عليه وسلم المخاطب بقول لولاك لولاك لما خلقت الافلاك انتهى يعنى لا يخلقه غيره في هذا المقام الكامل وإن خلفه فيما دونه كالخلفاء الراشدين ولا ينافي ما سيأتي. وفى بعض كتب العارف بالله تعالى سيدى محى الدين بن عربي قال أعلم انهم قد يتوسعون في اطلاق لفظ القطب فيسمون كل من دار عليه مقام من المقامات قطبا وانفرد به في زمانه على ابناء جنسه وقد يسمي رجل البلد قطب ذلك البلد وشيخ الجماعة قطب تلك الجماعة ولكن الاقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذا الاسم مطلقا من غير اضافة لا يكون إلا واحدا وهو الغوث أيضا وهو سيد الجماعة في زمانه ومنهم من يكون ظاهر الحكم ويحوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة كابي بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان الله تعالى عليهم. ومنهم من يحوز الخلافة الباطنة فقط كأكثر الاقطاب وفي الفتاوى الحديثية لابن حجر رجال الغيب سموا بذلك لعدم معرفة أكثر الناس لهم رأسهم القطب الغوث الفرد الجامع جعله الله دائرا في الآفاق الأربعة اركان الدنيا كدوران الفلك في افق السماء وقد ستر الله تعالى احواله عن الخاصة والعامة غيره عليه غير أنه يرى عالما كجاهل وابله كفطن وتاركا كآخذ قريبا بعيدا سهلا عسرا آمنا حذرا ومكانته من الأولياء كالنقطة من الدائرة التي هي مركزها به يقع صلاح العالم انتهى وفى المعدن العدنى في اويس القرني للمنلا على القارى قال واما قطب الابدال في زمانه عليه الصلاة والسلام فالذي في ظنى أنه اويس القرني انتهى وفى شرح منظومة الخصائص النبوية لشيخ مشايخنا الشهاب أحمد المنبنى قال وذهب التونسى من الصوفية إلى أن اول من تقطب بعده صلى الله تعالى عليه وسلم ابنته فاطمة ولم ار له في ذلك سلفا واما اول من تقطب بعد عصر الصحابة فعمر بن عبد العزيز وإذا مات القطب خلفه أحد الامامين لانهما بمنزلة الوزيرين أحدهما مقصور على مشاهدة عالم الملكوت والآخر على عالم الملك والامام الذي نظره في عالم الملكوت اعلا مقاما من الآخر انتهى (والابدال) بفتح الهمزة جمع بدل سموا بذلك لما سيأتي في الحديث كلما مات رجل ابدل الله مكانه رجلا
أو لأنهم ابدلوا اخلاقهم السيئة ورضوا انفسهم حتى صارت محاسن اخلاقهم حلية اعمالهم أو لأنهم خلف عن الانبياء كما سيأتي في كلام أبي الدرداء رضى الله تعالى عنه أو لما نقله الشهاب المنبنى عن العارف ابن عربى قال وإذا رحل البدل عن موضع ترك بدله فيه حقيقة روحانية تجتمع إليها ارواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه هذا الولى فإن ظهر شوق من اناس ذلك الموطن شديد لهذا الشخص تجدت لهم تلك الحقيقة الروحانية التي تركها بدله فكلمتهم وكلموها وهو غائب عنها وقد يكون هذا من غير البدل لكن الفرق أن البدل يرحل ويعلم أنه ترك غيره وغير البدل لا يعرف ذلك وإن تركه انتهى وفي شرح التائية للقاشاني المراد بالابدال طائفة من أهل المحبة والكشف والمشاهدة والحضور يدعون الناس إلى التوحيد والاسلام الله تعالى بوجودهم العباد والبلاد ويدفع عن الناس بهم البلاء والفساد كما جاء في الحديث النبوى حكاية عن الله تعالى أنه قال (إذا كان الغالب على عبدى الاشتغال بى جعلت همه ولذته في ذكرى فإذا جعلت همه ولذته في ذكرى عشقني وعشقته ورفعت الحجاب فيما بيني وبينه لا يسهو إذا سهى الناس أولئك كلامهم كلام الانبياء واولئك هم الابدال حقا أولئك الذين إذا اردت باهل الأرض عقوبة أو عذابا ذكرتهم فيه فصرفته بهم عنهم) والابدال اربعون رجلا لكل واحد منهم درجة مخصوصة ينطبق اول درجاتهم على اخر درجات الصالحين واخرها على اول درجة القطب كلامات واحد منهم ابدل الله تعالى مكانه احدا يدانيه ممن تحته وظهر التبدل في كل من هو أدنى درجة منه فح يدخل في اول درجاتهم واحد من الصالحين وينخرط في سلك الابدال ولا يزال عددهم كاملا حتى إذا جاء امر الساعة قبضوا جميعا كما جاء في الخبر انتهى وفى كتاب احياء علوم الدين للامام حجة الإسلام الغزالي نفعنا الله تعالى به من كتاب ذم الكبر والعجب قال أبو الدرداء رضى الله تعالى عنه أن الله تعالى عبادا يقال لهم الابدال خلف من الانبياء هم اوتاد الأرض فلما انقضت النبوة ابدل الله تعالى مكانهم قوما من امة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لم يفصلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة ولا حسن حلية ولكن بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر لجميع المسلمين والنصيحة لهم ابتغاء مرضاة الله تعالى بعير تخين وتواضع في غير مذلة وهم قوم اصطفاهم الله تعالى واستخلصهم لنفسه وهم اربعون صديقا ثلاثون رجلا قلوبهم على مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام لا يموت الرجل حتى يكون الله تعالى قد انشأ من يخلفه. واعلم يا اخى انهم
لا يلعنون شيأ ولا يؤذونه ولا يحقرونه ولا يتطاولون عليه ولا يحسدون احدا ولا يحرصون على الدنيا هم اطيب الناس خيرا وألينهم عريكة واسخاهم نفسا علامتهم السخاء وسجيتهم البشاشة وصفتهم السلامة ليسوا اليوم في خشية وغدا في غفلة ولكن مداومون على حالهم الظاهر وهم فيما بينهم وبين ربهم لا تدركهم الرياح العواصف ولا الخيلى المجراة قلوبهم تصمد ارتياحا إلى الله تعالى واشتياقا إليه وقدما في استباق الخيرات {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} قال الراوى قلت يا أبا الدرداء ما سمعت بصفة اشد على من هذه الصفة فكيف لى أن ابلغها فقال ما بينك وبين أن تكون في اوسعها إلا أن تبغض الدنيا فانك إذا ابغضت الدنيا اقبلت على حب الآخرة وبقدر حبك للآخرة تزهد في الدنيا وبقدر ذلك تبصر ما ينفعك فإذا علم الله تعالى من عبد حسن الطلب افرغ عليه السداد واكتنفه بالعصمة واعلم يا ابن اخى أن ذلك في كتاب الله تعالى المنزل {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} قال يحيى بن كثير فنظرنا في ذلك فما تلذذ المتلذذون بمثل حب الله تعالى وابتغاء مرضاته انتهى (فائدة) قال العارف ابن عربي في كتابه حلية الابدال اخبرنى صاحب لى قال بينا انا ليلة في مصلاى قد أكملت وردى وجعلت رأسى بين ركبتى اذكر الله تعالى إذا حسست بشخص قد نفض مصلاي من تحتى وبسط عوضا منه حصير أو قال صل عليه وباب بيتي على مغلق قد اخلنى منه فزع فقال لى من يانس بالله تعالى لم يجزع ثم اننى الهمت الصوت فقلت ياسيدى بماذا تصير الابدال ابدالا فقال بالاربعة التي ذكرها أبو طالب في القوت الصمت والعزلة والجوع والسهر ثم انصرف ولا اعرف كيف دخل ولا كيف خرج وبابى مغلق انتهى قال العارف ابن عربي هذا رجل من الابدال اسمه معاذ بن اشرس والأربعة المذكورة هي عماد هذا الطريق الاسنى وقوائمه ومن لا قدم له فيها ولا رسوخ فهو تايه عن طريق الله تعالى وفي ذلك.
قلت
يا من أراد منازل الابدال
…
من غير قصد منه للاعمال
لا تطمعن بها فلست من اهلها
…
إن لم تزاحمهم على الأحوال
واصمت بقلبك واعتزل عن كل من
…
يدنيك من غير الجيب الوالى
وإذا سهرت وجعت نلت مقامهم
…
وصحبتهم في الحل والترحال
بيت الولاية قسمت ساداتنا اركأنه
…
سادتنا فيه من الابدال
ما بين صمت واعتزال دائم
…
والجوع والسهر النزيه العالي
انتهى نقله الشهاب المنينى في شرح منظومة الخصائص (والاوتاد) جمع وتد بالكسر والفتح لغة قال العارف ابن عربى في بعض مؤلفاته وهؤلاء قد يعبر عنهم بالجبال كقوله تعالى (الم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا) لان حكم هؤلاء في العالم حكم الجبال في الأرض فإنه بالجبال يسكن ميل الأرض * قال الشهاب المنينى عن المناوى الاوتاد أربعة في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون احدهم يحفظ الله تعالى به المشرق والآخر المغرب والآخر الجنوب والآخر الشمال * قال ابن عربي ولكل وتدمن الاوتاد الأربعة ركن من اركان البيت ويكون على قلب نبي من الانبياء فالذى على قلب آدم له الركن الشامى والذي على قلب إبراهيم له العراقى والذي على قلب عيسى له اليمانى والذي على قلب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم له ركن الحجر الاسود وهو لنا بحمد الله تعالى انتهى والنجباء جمع نجيب وقد يقال فيه انجاب على غير القياس لمزاوجة الابدال والاقطاب والجمع المقيس نجباء مثل كريم وكرماء قال سيدى العارف ابن عربي في بعض مؤلفاته معزيا للفتوحات ومن الأولياء النجبا وهم ثمانية في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم أهل علم الصفات الثمانية السبعة المشهورة والادراك الثامن ومقامهم الكرسي لا يتعدون ولهم القدم الراسخ في علم تسيير الكواكب من جهة الكشف والاطلاع من جهة الطريقة المعلومة عند العلماء بهذا الشأن انتهى (والنقبا) جمع نقيب قال في الصحاح النقيب العريف وهو شاهد القوم وضمينهم انتهى قال العارف ابن عربي هم الذين حازوا علم الفلك التاسع والنجباء حازوا علم الثمانية الافلاك التي دونه وقال أيضا في موضع آخر ومن الأولياء رضى الله تعالى عنهم النقباء وهم اثنا عشر نقيبا في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون على عدد بروج الفلك كل نقيب عالم بخاصية برج وبما اودع الله تعالى في مقامه من الاسرار والتأثيرات وما تقطع الكواكب السيارة والثوابت فإن للثوابت حركات وقطعا في البروج لا يشعر به في الحسن لانه لا يظهر ذلك إلا في آلاف من السنين واعمال أهل الرصد تقصر عن مشاهدة ذلك، واعلم أن الله تعالى قد جعل بايدى هؤلاء النقباء علوم الشرائع المنزلة ولهم استخراج خبايا النفوس وغوائلها ومعرفة مكرها وخداعها وابليس مكشوف عندهم يعرفون منه ما لا يعرفه من نفسه انتهى وبقى الامامان وتقدم الكلام فيهما وقسم يقال له (الافراد) ذكرهم العارف ابن عربي في بعض كتبه قال ونظيرهم من الملائكة الارواح المهيمة وهم الكروبيون معتكفون في حضرة الحق تعالى لا يعرفون سواه ولا يشهدون سوى ما عرفوا منه ليس لهم
بذواتهم علم عند نفوسهم وهم على الحقيقة ما عرفهم سواهم مقامهم بين الصديقية والنبوة انتهى (فصل) في الكلام في عددهم وبيان مساكنهم نقل البرهان إبراهيم اللقانى في شرح منظومته الكبير المسمى بعمدة المريد الجوهرة التوحيد عن حواشى الشفا لابن التلمساني قال نقل الخطيب في تاريخ بغداد عن الكتاني ما نصه النقاء ثلاثمائة والنجباء سبعون والبدلاء اربعون والاخيار سبعة والعمد ويقال لهم الاوتاد أيضا أربعة والغوث واحد فمسكن النقباء المغرب ومسكن النجباء مصر ومسكن الابدال الشام والاخيار سياحون في الأرض والعمد في زوايا الأرض ومسكن الغوث مكة فإذا عرضت الحاجة من امر العامة ابتهل فيهما النقباء ثم النجباء ثم الابدال ثم الاخيار ثم العمد اجيب فريق اوكلهم فذاك والا ابتهل الغوث فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته انتهى وقال ذو النون المصرى رضى الله تعالى عنه النقباء ثلثمائة والنجباء سبعون والبدلاء اربعون والاخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد وحكى أبو بكر المطوعى عمن رأى الخضر عليه السلام وتكلم معه وقال له اعلم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما قبض بكت الأرض وقالت الهى وسيدى بقيت لا يمشى على نبي إلى يوم القيمة فأوحى الله تعالى إليها اجعل على ظهرك من هذه الأمة من قلوبهم على قلوب الانبياء عليهم الصلاة والسلام لا اخليك منهم إلى يوم القيمة قالت له وكم هؤلاء قال ثلثمائة وهم الأولياء وسبعون وهم النجباء واربعون وهم الاوتاد وعشرة وهم النقبا وسبعة وهم العرفا وثلاثة وهم المختارون وواحد وهو الغوث فإذا مات نقل من الثلاثة واحد وجعل الغوث مكانه ونقل من السبعة إلى الثلاثة ومن العشرة إلى السبعة ومن الأربعين إلى العشرة ومن السبعين إلى الأربعين ومن الثلاثمائة إلى السبعين ومن سائر الخلق إلى الثلاثمائة هكذا إلى يوم ينفخ في الصور انتهى (قلت) وفيما ذكر هنا من تعيين العدد بعض مخالفة لما مر وكأن ذلك والله تعالى اعلم أن من ذكر الأكثر بين الجميع ومن ذكر الأقل اقتصر على بيان من هم رؤساء أهل تلك الدرجة وارسخ قدما من بقيتهم فيها وكذا يقال فيما سيأتي وهو احسن مما اجاب به بعضهم من أن العدد لا مفهوم له على الاصح انتهى لان في بعضهم التقييد بانهم لا يزيدون ولا ينقصون وسيأتي غير هذا الجواب فتدبر (الباب الثاني) فيما ورد فيهم من الآثار النبوية الدالة على وجودهم وفضلهم على سائر البرية قد ذكر نبذة من ذلك العلامة ابن حجر في الفتاوى الحديثية والشهاب أحد المنيني في شرح منظومته عن الحافظ السيوطي والامام المناوى وكذا المنلا على القاري في المعدن العدني في اويس
القرنى فيها ما روى عن الامام على كرم الله تعالى وجهه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال رواه الطبراني وغيره، وفي رواية عنه مرفوعا وسبوا ظلمهم (ظلمتهم). وفى أخرى لا تعموا فإن فيهم الأبدال. وفى أخرى الأبدال بالشام والنجباء بالكوفة. وفى أخرى إلا أن الاوتاد من أهل الكوفة والأبدال من أهل الشام * وفى أخرى النجاء بمصر والاخيار من أهل العراق والقطب في اليمن والأبدال بالشام وهم قليل (قلت) وقوله في هذه الرواية النجباء بمصر مع قوله في السابقة والنجباء بالكوفة يفيد انهم ليسوا مخصوصين بكونهم في أحد هذين المحلين بل تارة يكونون بالكوفة وتارة بمصر فلا منافاة والله تعالى اعلم. واخرج أحمد عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول الأبدال بالشام وهم اربعون رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الاعداء ويصرف عن أهل الشام بهذا العذاب (قلت) وفى شرح الشهاب المنيني ولا ينافي تقييد النصرة هنا باهل الشام اطلاقها في الأحاديث الآخر لان نصرتهم لمن هم في جوارهم اتم وإن كانت اعم انتهى * واخرج ابن أبي الدنيا عنه سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الأبدال وهم ستون رجلا فقلت يا رسول الله حلهم لى قال ليسوا بالمتنطعين ولا بالمبتدعين ولا بالمتعمقين لم ينالوا ما نالوا بكثرة صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكن بسخاء الانفس وسلامة القلوب والنصيحة لأئمتهم. وعن أنس رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال البدلاء اربعون رجلا اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشر بالعراق كلامات منهم واحد ابدل الله تعالى مكانه اخر فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة رواه الحكم الترمذى. وفي رواية أيضا عنه مرفوعا أن الأبدال اربعون رجلا واربعول امرأة كلما مات رجل ابدل الله مكانه رجلا وكلما ماتت امرأة ابدل مكانها امرأة أخرجه الديلمى في مسند الفردوس وفي رواية عنه أيضا أن بدلاء امتى لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاتهم ولا صيامهم ولكن دخلوها بسلامة صدورهم وسخاوة انفسهم أخرجه ابن عدى والخلال وزاد في خيره والنصح للمسلمين * وفى رواية أخرى بإسناد حسن عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فيهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد الابدال الله تعالى مكانه آخر قال قتادة لسنا نشك أن الحسن منهم. وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال ما خلت الأرض من بعد نوح عليه السلام عن سبعة يرفع الله تعالى بهم عن أهل الأرض. وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهم
قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل ابدل الله من الخمسمائة مكانه وادخل من الأربعين مكانه قالوا يا رسول الله دلنا على اعمالهم قال يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من اساء إليهم ويتواسون فيما آتيهم الله أخرجه أبو نعيم وغيره. وفي رواية عنه مرفوعا لكل قرن من امتى سابقون رواه أبو نعيم في الحلية والحكيم الترمذى وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن الله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم والله في الخلق اربعون قلوبهم على قلب إبراهيم والله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل والله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل والله في الخلق واحد قلبه على قلب اسرافيل فإذا مات الواحد ابدل الله مكانه من الثلاثة وإذا مات من الثلاثة ابدل الله مكانه من الخمسة وإذا مات من الخمسة ابدل الله مكانه من السبعة وإذا مات من السبعة ابدل الله مكانه من الأربعين وإذا مات من الأربعين ابدل الله مكانه من الثلاثمائة وإذا مات من الثلاثمائة ابدل الله مكانه من العامة فيهم يحيي ويميت وينبت ويدفع البلاء قيل لابن مسعود كيف يحيي بهم ويميت قال لأنهم يسئلون الله تعالى اكثار الامم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيقصمون ويستسقون فيسقون ويسألون فينبت لهم الأرض ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء أخرجه ابن عساكر * قال بعضهم لم يذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن احدا على قلبه إذ لم يخلق الله تعالى في عالمى الخلق والامر اعز واشرف واكرم والطف من قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم فقلوب الانبياء والملائكة والاولياء بالإضافة إلى قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم كاضافة سائر الكواكب إلى اضاءة الشمس ولعل ذلك لانه مظهر الحق بجميع صفاته بخلاف غيره فإنه يكون مظهرا لبعض صفاته في صور تجلياته على مكنوناته (أقول) ومقتضى ذلك أن لم يرد عنه عليه الصلاة والسلام أن احدا على قلبه فتأمله مع قول العارف ابن عربي فيما تقدم في الكلام على الأوتاد من أن احدهم على قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم ونسب ذلك المقام لنفسه وهو قدس الله سره ونفعنا به مقامه اجل من أن يوصف كما يعلم ذلك من نور الله تعالى بصيرته وطهر من داء الحسد سريرته وكأنه لما كان اجل أهل تلك الدرجة باطلاع الله تعالى بطريق الكشف وكان منهم من هو على قلب إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وليس فوقه في العلوم والمعارف سوى نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم قال أنه على قلبه بيانا لعلو مقامه على سائر اقرانه وإن لم يكن على
قلبه حقيقة ومن كل وجه فتأمل والمراد بكون احدهم على قلب نبي أو ملك كما قال قدس سره في بعض كتبه انهم يتقلبون في المعارف الالهية بقلب ذلك الشخص إذ كانت واردات العلوم الالهية انما ترد على القلوب وكل علم يرد على قلب ذلك الأكبر من ملك أو رسول فإنه يرد على هذا القاب الذي هو على قلبه قال وربما يقول بعضهم فلان على قدم فلان وهو بهذا المعنى نفسه انتهى (تنبيه) قال الشهاب المنينى قد طعن ابن الجوزى في احاديث الأبدال وحكم بوضعها وتعقبه السيوطي بان خبر الأبدال صحيح وإن شئت قلت متواتر واطال ثم قال مثل هذا بالغ حد التواتر المعنوى بحيث يقطع بصحة وجود الأبدال ضرورة انتهى وقال السخاوى خبر الأبدال له طرق بالفاظ مختلفة كلها ضعيفة ثم ساق الأحاديث الواردة فيهم ثم قال وأصح مما تقدم كله خبر أحد عن علي رضى الله تعالى عنه مرفوعا البدلاء يكونون بالشام وهم اربعون رجلا كلما مات رجل ابدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينصر بهم على الاعداء ويصرف بهم عن أهل الشام العذاب ثم قال السنحاوى رجاله رجال الصحيح غير شريح بن عبيد وهو ثقة انتهى وقال شيخه الحافظ ابن حجر في فتاويه الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح وما لا يصح واما القطب فورد في بعض الآثار واما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت وفى بعض الروايات أن من علامات الأبدال أن لا يولد لهم وانهم لا يعلنون شيأ انتهى. لكن قد تقدم وسيأتي أيضا في كلام سيدنا الإمام الشافعي تفسير القطب بالغوث فدل على ثبوته وعلى أنهما شيء واحد فاعلم ذلك وكأن مراد الحافظ ابن حجر بعدم ثبوته عدم وروده في الأحاديث النبوية الصحيحة ويكفى في ثبوته شهرته واستفاضة اخباره وذكر بين أهل هذا الطريق الطاهر والله تعالى اعلم انتهى وفي الفتاوى الحديثية ذكر الحديث الاخير عن الإمام اليافعي لكن مع اختصار ومع مغايرة في اللفظ ثم قال قال الإمام اليافعي قال بعض العارفين والواحد المذكور في هذا الحديث هو القطب وهو الغوث الفرد ثم قال والحديث الذي ذكره صح فيه فوائد خفية منها أن وقد يجاب بان تلك الاعداد اصطلاح بدليل وقوع الخلاف في بعضهم كالابدال فقد يكونون في ذلك العدد نظروا إلى مراتب عبروا عنها بالابدال والنقباء والنجباء والاوتاد وغير ذلك مما مر والحديث نظر إلى مراتب أخرى والكل متفقون على وجود تلك الاعداد (ومنها) أنه يقتضى أن الملائكة افضل من الانبياء والذي دل عليه كلام أهل السنة والجماعة إلا من شذ منهم أن الانبياء افضل من جميع الملائكة (ومنها) أنه يقتضى أن ميكائيل افضل من جبرائيل والمشهور خلافه وإن
اسرافيل افضل منهم وهو كذلك بالنسبة لميكائيل واما بالنسبه لجبريل ففيه خلاف والادلة فيه متكافئة فقيل جبريل افضل لأنه صاحب السر المخصوص بالرسالة إلى الانبياء والرسل والقائم بخدمتهم وتربيتهم وقيل اسرافيل لأنه صاحب لسر الخلائق اجمعين اذ اللوح المحفوظ في جبهته لا يطلع عليه غيره وجبريل وغيره انما يتلقون ما فيه عنه وهو صاحب الصور القائم ملتقما له ينتظر الساعة والامر به لينفخ فيه فيموت كل شيء إلا من استثنى الله تعالى. واعلم أن هذا الحديث لم أر من خرجه من المحدثين الذين يعتمد عليهم لكن وردت أحاديث تؤيد كثيرا مما فيه ثم ساقها وقال في اثنائها ولا تخالف بين الحديثين أي حديثي أبي نعيم واحد المتقدمين في عدد الإبدال لأن البدل له اطلاقات كما يعلم من الأحاديث الآتية في تخالف علاماتهم وصفاتهم أو انهم قد يكونون في زمان أربعين وفي آخر ثلاثين لكن ينكر على هذا رواية ولا الأربعون كلما مات رجل الخ انتهى وهو مؤيد لما قلناه سابقا وذكر فيها واقعة مع بعض مشايخه لا بأس بذكرها قال ولقد وقع لى في هذا البحث غريبة مع بعض مشايخى هي أني إنما ربيت في حجور بعض أهل هذه الطائفة اعنى القوم السالمين من المحذور واللوم فوقر عندى كلامهم لأنه صادف قلبا خاليا فتمكنا فلما قرأت في العلوم الظاهرة وسنى نحو أربعة عشر سنة بقراءة مختصر أبي شجاع على شيخنا أبي عبد الله المجمع على بركته ونسكه وعلمه الشيخ محمد الجويني بالجامع الازهر بمصر المحروسة فلازمته مدة وكنت عنده فانجر الكلام يوما إلى ذكر القطب والنجباء والنقباء والأبدال وغيرهم ممن من فبادر الشيخ إلى انكار ذلك بغلظة وقال هذا كله لا حقيقة له وليس فيه شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقلت له وكنت اصغر الحاضر بن معاذ الله بل هذا صدق وحق لا مرية فيه لان اولياء الله تعالى اخبروا به وحاشاهم من الكذب وممن نقل ذلك الإمام اليافعي وهو رجل جمع بين العلوم الظاهرة والباطنة فزاد انكار الشيخ واغلاظه على فلم يسعنى إلا السكوت فسكتت واضمرت أنه لا ينصرني الا شيخنا شيخ الإسلام والمسلمين وامام الفقهاء والعارفين أبو يحيى ذكريا الأنصارى وكان من عادتى أن اقود الشيخ محمد الجويني لأنه كان ضريرا واذهب انا وهو إلى شيخنا المذكور اعنى شيخ الإسلام زكريا يسلم عليه فذهبت انا والشيخ محمد الجويني إلى شيخ الإسلام فلما قربنا من محله قلت للشيخ الجويني لا باس أن اذكر لشيخ الإسلام مسئلة القطب ومن دونه وننظر ما عنده فيها فلما وصلنا إليه اقبل على الشيخ الجوينى وبالغ في اكرامه وسؤال الدعاء منه ثم دعا لى
بدعوات منها اللهم فقهه في الدين وكان كثيرا ما يدعو لى بذلك فلما تم الشيخ وأراد الجويني الانصراف قلت لشيخ الإسلام ياسيدى القطب والاوتاد والنجباء والابدال وغيرهم ممن يذكره الصوفية هل هم موجودون حقيقة فقال نعم والله يا ولدى فقلت له ياسيدى إن الشيخ واشرت إلى الشيخ الجويني ينكر ذلك ويبالغ في الرد على من ذكره فقال شيخ الإسلام هكذا يا شيخ محمد وكرر ذلك عليه حتى قال له الشيخ محمد يا مولانا شيخ الإسلام آمنت بذلك وصدقت به وقد تبت فقال هذا هو الظن بك يا شيخ محمد ثم قمنا ولم يعاتبنى الجويني على ما صدر منى انتهى. وفي كتاب الاجوبة المحققة الاسئلة المفرقة الشيخ مشايخنا إسماعيل العجلوني عن السيرة الحلبية وعن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث من كن فيه فهو من الابدال اللذين بهم قوام الدنيا وأهلها الرضاء بالله والصبر عن محارم الله والغضب في ذات الله. وفي الحلية لأبي نعيم من قال كل يوم عشر مرات اللهم اصلح أمة محمد اللهم فرج الكرب عن أمة محمد اللهم ارحم أمة محمد كتب من الابدال انتهى وقال الشبراملسى في حواشى المواهب معنى كونه من الابدال أنه مثلهم وصفا ومصاحبة بحيث يحشر معهم يوم القيامة لا ذاتا فلا ينافي أن من قال ذلك يكون منهم وإن فرض أن له أولادا كثيرة انتهى. (الباب الثالث في الكلام على بعض أحوال القطب الغوث نفعنا الله تعالى به) تقدم ما يفيد أن مسكن القطب مكة أو اليمن والظاهر أنه باعتبار بعض أوقاته أو أغلبها يؤيد هذا ما نقله الإمام العارف سيدى عبد الوهاب الشعراني عن شيخه العارف ذي الامداد الربانى سيدى على الخواص حيث قال في كتابه الجواهر والدرر قلت لشيخنا رضى الله تعالى عنه هل القطب الغوث مقيم بمكة دائما كما يقال فقال رضى الله تعالى عنه قلب القطب طواف بحضرة الحق تعالى لا يخرج من حضرته كما يطوف الناس بالبيت الحرام فهو يشهد الحق تعالى في كل جهة ومن كل جهة لا تحيز عنده للحق تعالى بوجه من الوجوه كما يستدير الناس حول الكعبة ولله تعالى المثل الأعلى إذ هو رضى الله تعالى عنه متلق عن الحق تعالى جميع ما يفيضه على الخلق من البلاء والامداد فرأسه دائما يكاد يتصدع من ثقل الواردات واما جسده فلا يختص بمكة ولا غيرها بل هو حيث شاء الله تعالى. وسمعته يقول أكمل البلاد البلد الحرام وأكمل البيوت البيت الحرام وأكمل الخلق في كل عصر القطب فالبلد نظير جسده والبيت نظير قلبه ويتفرع الامداد عنه للخلق بحسب استعدادهم وإنما كانت الامدادات أكثرها تنزل بمكة لقوله تعالى {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} لاسيما من أتاه محرما من بلاد بعيدة إذ
الامدادات الالهية لا تنزل على عبد إلا إذا مجرد من رؤية حسناته وصار فقيرا قال تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ولذلك وردان من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فيولد هناك ولادة جديدة وربما كانت حسنات بعض الناس كالذنوب بالنظر إلى ذلك المحل الاقدس فقلت له فهل يحيط أحد من الأولياء باخلاق القطب رضى الله تعالى عنه فقال قل من الأولياء من يعرف القطب فضلا عن أن يحيط باخلاقه بل قال بعضهم أن القطب الغوث لا يرى إلا بصورة استعداد الرآى انتهى (وقال أيضًا سألت شيخنا رضى الله تعالى عنه عن مدة القطب هل له مدة معينة إذا وليها ولى وهل يصح عزل القطب أم لا يعزل إلا بالموت فقال رضى الله تعالى عنه ذهب جماعة إلى أن مدة القطب كغيرها من الولايات يقيم فيها صاحبها ما شاء الله تعالى ثم يعزل والذي أقول به وساعده الوجود أن القطبية ليس لها مدة معينة وإذا وليها صاحبها لا يعزل إلا بالموت لأنَّه لا يصح في حقه خروج عن العدل حتى يعزل قال وإيضاح ذلك أن الفروع تابعة للأصول وقد أقام صلى الله تعالى عليه وسلم في القطبية الكبرى مدة رسالته وهى ثلث وعشرون سنة على الأصح واتفقوا على أنه ليس بعده أحد أفضل من أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه وقد أقام في خلافته عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سنتين ونحو أربعة أشهر وهو أول اقطاب هذه الأمة وكذلك مدة خلافة عمر وعثمان وعلي ومن بعدهم إلى ظهور المهدى عليه السلام وهو آخر الاقطاب من الخلفاء المحمديين ثم ينزل بعده قطب وقته وخليفة الله تعالى في الأرض عيسى بن مريم عليه السلام فيقيم في الخلافة أربعين سنة كما ورد فعلم أن الحق عدم تقدير مدة القطابة بمدة معينة وإن كانت ثقيلة على صاحبها كالجبال فإن الله تعالى يعينه عليها إذ لا ينزل بلاء من السماء والأرض إلا بعد نزوله على القطب ولذلك كان من شأنه دائما تصدع الرأس حتى كأن أحدا يضربه فيها يطير ليلا ونهارا قال وبلغنا عن الشيخ أبي النجا سالم المدفون بمدينة فوه أنه أقام في القطبية أربعين يوما ثم مات وقيل أنه أقام فيها عشرة أيام وبلغنا مثل ذلك عن الشيخ أبي مدين المغربي فقلت لشيخنا فهل يشترط أن يكون القطب من أهل البيت كما قاله بعضهم فقال لا يشترط ذلك لأنها طريق وهب يعطيها الله تعالى لمن شاء فتكون في الإشراف وغيرهم انتهى {فصل} قد علمت مما ذكر أن القطب مختف عن أكثر الناس وأنه لا يطلع عليه إلا الافراد منهم وكأنه لعظم ما تحمله من الواردات وثقل أعبائها التي تعجز عنها المخلوقات وعظم ما كساه الله تعالى من الهيبة والوقار لا تكاد تطيق رؤيته الابصار، وقد أفصح
عن ذلك الإمام الشعرانى في كتابه المذكور حيث قال قال شيخنا رضى الله تعالى عنه وأكثر الأولياء ولا يصح لهم الاجتماع به ولا يعرفونه فضلا عن غيرهم فإن من شأنه الخفاء ولو أنه ظهر لشخص لم يستطع أن يرفع رأسه في وجهه إلا إن كان مؤهلا لذلك وقد أدخلوا شخصا على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فارعد من هيبته فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد هذا حال من رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع أنه أكثر الخلق تواضعا والقطب بيقين نائبه في الأرض (قلت) وقد حكى السيد الشريف الشيخ شرف الدين العالم الصالح بزاوية الخطاب بمصر المحروسة قال حكى لي سيدى الشيخ عثمان الخطاب أنه لما حج معه شيخه العارف بالله تعالى سيدى الشيخ أبو بكر الدقدوسي رحمه الله تعالى سأله أن يجمعه بالقطب بمكة فقال يا عثمان لا تطيق رؤيته فقال لابد واقسم على شيخه بين زمزم والمقام وقال لا تقم من هنا حتى يحضر فصارت رأس سيدى عثمان تنقل إلى أن وصلت لحيته بين أفخاذه قهرل عليه فجاء القطب فجلس وصار يتحدث مع الشيخ أبي بكر زمانا ثم قال له القطب استوص بعثمان خيرا فإنه أن عاش صار رجلا من رجال الله تعالى فلما أراد القطب الانصراف قرأ الفاتحة وسورة لإيلاف قريش ثم عاد وانصرف فلما شيعه الشيخ أبو بكر ورجع صار يكبس رقبة سيدى عثمان زمانا حتى استطاع أن يسمع كلامه وقال يا عثمان هذا حالك من سماع كلامه فكيف لو رأيت شخصه ومن ذلك الوقت ما كان سيدى عثمان يجتمع بشخص ويفارقه حتى يقرأ الفاتحة وسورة قريش تبركا بما سمعه من هدى القطب رضى الله تعالى عنه فاعلم ذلك انتهى كلام سيدى الشعراني. وقال العلامة الشيخ محمد الشوبرى في جواب سؤال ورد عليه في هذا الشأن قال الإمام الشافعي نفعنا الله تعالى به في كتابه كفاية المعتقد في أثناء كلام نفله عن بعض العارفين وقد سترت أحوال القطب وهو الغوث عن العامة والخاصة غيرة من الحق تعالى عليه غير أنه يرى عالما كجاهل وابله كفطن تاركا اخذا قريبا بعيدة سهلا عسرا آمنا حذرا وكشف أحوال الأوتاد للخاصة وكشف أحوال الابدال للخاصة والعارفين وسترت أحوال النجبا والنقبا عن العامة خاصة وكشف بعضهم لبعض وكشف حال الصالحين للعموم والخصوص {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} انتهى (الباب الرابع) في بيان ما ينزل على القطب وكيفية تصرفه فيما يرد عليه قال سيدي عبد الوهاب الشعرانى في الجوهر والدرر قلت لشيخنا رضى الله تعالى عنه هل ينزل على القطب البلاء النازل على الخلق ثم ينتشر منه كما ينزل عليه النعم والامداد
أم حكم الإفاضة خاص بالنعم فقط فقال رضى الله تعالى عنه نعم ينزل عليه البلاء الخاص بأهل الأرض كلهم ثم يفيض عنه فإذا نزل عليه بلية تلقاها بالخوف والقبول ثم ينتظر ما يظهره الله تعالى في اللوح المحفوظ والاثبات الخصيصة بالإطلاق والسراح فإن ظهر له المحو والتبديل نفذ قضاء الله تعالى وإمضاء بواسطة أهل التسليك الذين هم سدنة حضرته بحيث لا يشعرون الأمر مفاضا عليهم منه رضى الله تعالى عنه فإن ظهر له الاثبات لذلك وعدم المحو دفعه إلى أقرب عدد ونسبة منه وهما الإمامان فيتحملانه ثم يدفعانه إلى أقرب نسبة منهما وهم الاوتاد الأربعة وهكذا حتى يتنازل إلى أهل دائرته جميعا فإن لم يرتفع تفرقته الافراد وغيرهم من العارفين إلى احاد عموم المؤمنين حتى يرفعه الله عز وجل بتحملهم وكثيرا ما يجد أحد في نفسه ضيقا وحرجا لا يعرف سببه وبعضهم يحصل له قلق يمنعه من النوم بالليل وبعضهم يحصل له غفلة وكثرة صمت حتى لا يستطيع النطق بحرف واحد وكل ذلك من البلاء الذي توزع عليهم ولو لم يحصل توزيع لتلاشى من نزل عليهم البلاء في طرفة عين فلذلك قال الله تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)} (الخاتمة) وحيث انجر بنا الكلام إلى ما ذكرنا من أمر القطب أعاد الله تعالى علينا من بركاته. ولمحنا بلمحة من لمحاته. وبيان شأنه العجيب وحاله الغريب. الذي هو شيء خارج عن العادة وأمر خارق لا يظهر الأعلى يد من أيده الله تعالى وأراده، فلنصرف عنان مطية البنان، ونحل عقال راحلة البيان، نحو الكلام على الكرامات، وخوارق العادات وتقدم بين يدى ذلك الكلام على الولى الذي تظهر على يديه (فنقول) قال سيدنا الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيرى في الرسالة (فإن قيل) فما معنى الولى قبل محتمل أمرين أحدهما أن يكون فعيلا مبالغة من الفاعل كالعليم والقدير وغيرهما ويكون معناه من توالت طاعته من غير تخلل معصية ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول وجريح بمعنى مجروح وهو الذي يتولى الحق سبحانه حفظه وحراسته على الادامة والتوالى فلا يلحق به الخذلان الذي هو قدرة العصيان ويديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعات قال الله تعالى (وهو يتولى الصالحين) انتهى وهو يفيد اشتراط كون الولى محفوظا كما يشترط في النبي أن يكون معصوما ولكن على معنى أن الله يحفظه من تماديه في الزلل والخطأ أن وقع فيهما بإن يلهمه التوبة فيتوب منهما وإلا فهما لا يقدحان في ولايته كما صرح به في الرسالة، وفيها قيل للجنيد العارف يزنى يا أبا القاسم فاطرق مليا ثم رفع
رأسه وقال وكان أمر الله قدرا مقدورا، وفيها أيضًا (فإن قيل) فما الغالب على الولى في أوان صحوه (قيل) صدقه في أداء حقوقه سبحانه ثم رفقه وشفقته على الخلق في جميع أحواله ثم انبساط رحمته لكافة الخلق ثم دوام عنهم بجميل الحق وابتدائه لطلبة الإحسان من الله تعالى إليهم من غير التماس منهم وتعليق الهمة بنجاة الخلق وترك الانتقام منهم والتوقى عن استشعار حقد عليهم مع قصر اليد عن أموالهم وترك الطمع من كل وجه فيهم وقبض اللسان عن بسطه بالسوء فيهم والتصاون عن شهود مساويهم ولا يكون خصما لأحد في الدنيا والآخرة انتهى (إذا علمت) ذلك فنقول الكرامة هي ظهور أمر خارق للعادة على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي من الأنبياء مقترنا بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح غير مقارن لدعوى النبوة وبهذا يمتاز عن المعجزة وبمقارنة صحيح الاعتقاد والعمل الصالح عن الاستدراج وعن مؤكدات تكذيب الكذابين كما روى أن مسيلمة (بكسر اللام) دعا لأعور أن تصير عينه العورا صحيحة فصارت عينه الصحيحة عورا وبصق في بئر لتزداد حلاوة مائها فصار ملحا أجاجا ومسح على رأس يتيم فصار أقرع وهذا يسمى إهانة كما امتازت بكونها على يد ولى عما يسمى معونة وهي الخوارق الظاهرة على أيدى عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكاره. وبهذا ظهر أن الخوارق أربعة معجزة وكرامة وإهانة ومعونة وعليه اقتصر بعضهم. وزاد بعض المتأخرين الارهاص أي التأسيس وهو ما يكون قبل دعوى النبوة كتسليم الحجر وإظلال الغمام قبل البعثة على النبي عليه الصلاة والسلام والاستدراج وهو ما يظهر على يد ظاهر الفسق وهى طبق دعواه بلا سبب كما وقع لفرعون السحر والشعبذة وهو ما يكون بسبب كأكل الحيات وهى تلدغه ولا يتأثر لها (ثم أعلم) أن كل خارق ظهر على يد أحد من العارفين فهو ذو جهتين جهة كرامة من حيث ظهوره على يد ذلك العارف وجهة معجزة للرسول من حيث أن الذي ظهرت هذه الكرامة على يد واحد من أمته لأنَّه لا يظهر بتلك الكرامة الآتي بها ولى إلا وهو محق في ديانته وديانته هي التصديق والإقرار برسالة ذلك الرسول مع الاطاعة لأوامره ونواهيه حتى لو ادعى هذا الولى الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن وليا ولم يظهر ذلك على يده فالخارق بالنسبة إلى النبي لا يكون إلا معجزة سواء ظهر من قبله فقط أو من قبل احاد أمته وبالنسبة إلى الولى لا يكون إلا كرامة لخلوه عن دعوى من ظهر على يده على النبوة فالنبي لابد من علمه بكونه نبيا ومن قصده إظهار خوارق العادات ومن حكمه قطعا بموجب المعجزات بخلاف الولى قاله بعض
المحققين، وقد أشار إلى ذلك أيضًا الإمام القشيرى في رسالته، ثم قال وهذا أبو يزيد البسطامي سئل عن هذه المسئلة فقال مثل ما حصل للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كثل زق فيه عسل ترشح منه قطرة فتلك القطرة مثل ما لجميع الأولياء وما في الظرف مثل ما لنبينا عليه الصلاة والسلام انتهى. وفيما مر إشارة إلى جواز كون الكرامة من جنس ما وقع معجزة للأنبياء كانفلاق البحر وانقلاب العصى حية واحياء الموتى خلافا لمن منع كونها من جنس ذلك زعما منهم أنها لا تمتاز عن المعجزة إلا بذلك وفى عمدة المريد للبرهان اللقانى قال السعد نقلا عن الإمام في رد هذه المقالات وهذه الطرق غير سديدة والمرضى عندنا تجويز جميع خوارق العادات في معرض الكرامات وإنما تمتاز عن المعجزات بخلوها عن دعوى النبوة حتى لو ادعى الولى النبوة صار عدو الله تعالى لا يستحق الكرامة بل اللعنة والاهانة انتهى. ثم نقل فيها مثله عن الإمام النووى حيث جعل ما قاله البعض غلطا وانكار اللحس وإن الصواب جريانها بقلب الاعيان ونحوه قلت ومشى عليه الإمام النسفى ونظمه شارح الوهبانية فقال:
وإثباتها في كل ما كان خارقا
…
عن النسفي النجم يروى وينصر
فاعلم ذلك (تتمة) قال في الرسالة واعلم أنه ليس للولى مساكنة (أي سكون) إلى الكرامة التي تظهر عليه ولا له ملاحظة وربما يكون لهم في ظهور جنسها قوة يقين وزيادة بصيرة تتحقهم أن ذلك فعل الله تعالى فيستدلون بذلك على صحة ما هم عليه من العقائد وبالجملة فالقول بجواز ظهورها على الأولياء واجب وعليه جمهور أهل المعرفة ولكثرة ما تواتر بأجناسها الاخبار والحكايات صار العلم بكونها وظهورها على الأولياء في الجملة علما قويا انتفى عنه الشكوك ومن توسط هذه الطائفة وتواتر عليه حكاياتهم وأخبارهم لم يبق له شبهة في ذلك على الجملة ومن دلائل هذه الجملة نص القرآن في قصة صاحب سليمان عليه الصلاة والسلام حيث قال {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} ولم يكن نبيا والأثر عن أمير المؤمنين عمر رضى الله تعالى عنه صحيح أنه قال يا سارية الجبل في حال خطبته في يوم الجمعة وتبليغ صوت عمر رضى الله تعالى عنه إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرز من مكامن العدو من الجيل في تلك الساعة، ثم قال بعد كلام ذكره ومما شهد من القرآن على إظهار الكرامات على الأولياء قوله تعالى في قصة مريم ولم تكن نبيا ولا رسولا {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} وكان يقول أنى لك هذا فتقول مريم هو من عند الله وقوله سبحانه لمريم {وَهُزِّي إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} وكان في غير أوان الرطب، وكذلك قصة أصحاب الكهف والأعاجيب التي ظهرت عليهم من كلام الكلب معهم وغير ذلك، ومن ذلك قصة ذى القرنين وتمكينه سبحانه له مما لم يكن لغيره، ومن ذلك ما أظهر على يد الخضر من إقامة الجدار وغيره من الأعاجيب وما كان يعرقه مما خفى على موسى عليه الصلاة والسلام كل ذلك أمور ناقضة للعادة اختص الخضر بها ولم يكن نبيا بل كان وليا ثم نقل من الآثار والأخبار والحكايات العجيبة عن الاخيار من الصحابة والتابعين، والأئمة المعتبرين وأطال في ذلك جدا، مما لا يستطيع له المنكر ردا، ولو التزمنا ذكر ذلك لخرجنا عن المقصود، فسبحان الملك المعبود، الذي تفرد في الوجود بإفاضة الخير والجود. يمنح من فضله ما شاء. ويختص برحمته من يشاء نسأله سبحانه وتعالى أن يميتنا على حبهم، وإن يسقينا من رحيقهم وشربهم، وأن يعيد علينا من بركاتهم الظاهرة، وينفعنا بأنفاسهم الطاهرة ويلبسنا من حللهم الفاخرة. ويجعلنا من أشياعهم في الدنيا والآخرة أنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين. وصلى الله تعالى على سيدنا وسندنا محمد خير المقربين، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه وأحزابه. إلى يوم الدين نجز تحرير هذه المقالة في نهار الاربعا الثامن من شواله سنة 1224 قال سيدى المؤلف رحمه الله تعالى وقد يسر المولى ختم تهذيب هذه المقالة وتذهيب دملج هذه العجالة بتوسلات الهمت لهذا العبد الضعيف، بهؤلاء القوم ذوى المقام المنيف راجيا من الله تعالى القبول، بحرمة نبيه النبيه الرسول، وأتباعه ذوى القرب والوصول، عوالى الفروع ثوابت الأصول، فقلت، وعلى الله اتكلفت
توسل إلى الله الجليل باقطاب
…
وقف طارقا باب الفتوح على لباب
وبالسادة الابدال دوما ذوى النقبا
…
وبالسادة الاوتاد ثم بانجاب
كذلك بالاخيار والنقبا تفز
…
بخير على قطر السما والحصى رابي
فهم عدة للناس من كل نازل
…
بهم يتقى من كل ضير واوصاب
أولئك أقوام رقوا ذروة العلى
…
وحلوا مقاما ليس يدرى باطناب
وراضوا بما ارضاضو نفوسا وما رضوا
…
لها غير ذل وانكسار باعتاب
ففازوا بعز لا ينال لغيرهم
…
بخدمة مولى عنه ليسوا بغياب
فكن راقيا في حبهم صهوة وكن
…
لخود هداهم خير ساع وخطاب
وكن دائما مستمسكا لائذا بهم
…
ودع قول أفاك جهول ومرتاب
وقل سيدى يا من له الأمر كله
…
ومنه يفاض الخير من غير تطلاب
سألتك بالمختار سيدهم ومن
…
علا كل عبد ناسك لك اواب
محمد المبعوث من خير عنصر
…
واشرف آباء واظهر اصلاب
باكرم آل طاهرين من الردى
…
وارفع اتباع واشرف أصحاب
بصديقه خير الأئمة بعده
…
كذا عمر الفاروق ذاك ابن خطاب
بعثمان ذي النورين جامع ذكره
…
بحيدرة الضرغا اشجع غلاب
وبالقرني المحجوب عن أهل عصره
…
أويس امام الفضل من غير حجاب
باهل اجتهاد في القضايا ومن غدا
…
لهم تابعا للفضل والعلم طلاب
بقطب رحى هذا الزمان وحزبه
…
ائمة هذا الكون منحة تواب
اغثنى اغثنى يامجيب ونجنى
…
بهم من همومى ثم ضيقى واتعابى
وكن راجا ضعفى وغافر ذلتي
…
وذنبي الذي اعي الأساة واودى بى
وكن مشفعا لى يوم ليس ينافع
…
سوى العفو من مال وخل واتراب
ويمم مدى الازمان بي منهج التقى
…
بتسيير الطاف وتيسير أسباب
حقق رجائي منك واستر تفضلا
…
ذنوبي من العفو الجميل باثواب
كذلك اشباخي وصحي ووالدى
…
طرا وانصارى جميعا واحبابي
وصل وسلم يا الهي مباركا
…
على المصطفى خير الورى مر احقاب
وآل و أصحاب وحزب به اقتدوا
…
فهم خير أصحاب وآل واحزاب