الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحرير العبارة فيمن هو أحق بالإجارة
للعلامة المرحوم السيد محمد عابدين رحمه الله تعالى آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أجر من اتقاه اعظم اجر* واسكنه جنته وجعلها له خير مقر* والصلاة والسلام على نبيه الاتقى الابر* ذى الخلق الكريم والوجه الاغر * وعلى آله واصحابه ذوى الفضل المستقر * والذكر الحسن المستمر * صلاة وسلاما دائمين عدد القطر والدر والذر (وبعد) فيقول أفقر العباد * إلى عفو مولاه يوم التناد * محمد امين بن عمر عابدين الماتريدى الحنفى* عامله ربه بلطفه الخفى* هذه رسالة سميتها تحرير العبارة * فيمن هو اولى بالاجارة * حملنى على جمعها ما اشتهر على السنة العوام من الناس والخواص من ان المستأجر الأول احق بالاجارة من غيره ويجرونه على عمومه بلا اختصاص * مع ان هذا الحكم ببعض الصور خاص* ولم ينص على تعميمه كما يقولونه ناص فأردت تحرير هذا المقام * وتقريبه إلى الأفهام * بما يرفع الاوهام * عن الخواص والعوام * خدمة لشريعة خير الأنام * عليه افضل الصلاة والسلام وبنيت هذه الرسالة على مقدمة لتمهيد المقصود من الكلام * ومقصد في تحرير ما هو المرام* وخاتمة فيما يستتبعه المقام * فأقول * وبحوله سبحانه أصول واجول (المقدمة) في نقل عبارات التمهيد المقصود * يتضح بها المرام بعون الملك المعبود (قال) في الهداية ويجوز ان يستأجر الساحة ليبنى فيها أو ليغرس فيها نخلا أو شجرا لأنها منفعة تقصد بالاراضى ثم إذا انقضت مدة الإجارة لزمه ان يقلع البناء والفرس ويسلمها فارغة لأنهما لا نهاية لهما ففى ابقائهما ضرر بصاحب الأرض بخلاف ما إذا انقضت والزرع بقل حيث يترك باجر المثل إلى زمان الادراك لان له نهاية معلومة فامكن رعاية الجانبين قال إلا ان يختار صاحب الأرض ان يغرم له قيمة ذلك مقلوعا ويتملكه وهذا برضا صاحب الفرس والشجر إلا ان تنقص الأرض بقلعهما فح يتملكهما بغير رضاه أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا والارض لهذا لان الحق له فله ان لا يستوفيه قال وفى الجامع الصغير إذا انقضت الإجارة وفى الأرض رطبة فانها تقلع لان الرطاب لا نهاية لها فأشبه الشجر انتهى كلام الهداية (وقال) في متن الملتقى وصح استيجار الأرض للزرع ان بين ما يزرع أو قال على ان يزرع ما شاء وللبناء والفرس وإذا انقضت المدة لزمه ان يقلعهما ويسلمها فارغة إلا ان يغرم المؤجر قيمة ذلك مقلوما يرضى صاحبه وإن كانت الأرض تنقص بقلمه فبدون رضاه أيضا أو يرضيا بتركه فيكون البناء والفرس لهذا والارض لهذا والرطبة كالشجر والزرع يترك باجر المثل إلى ان يدرك انتهى. وهكذا في عامة المتون والشروح
والفتاوى فلا حاجة إلى التطويل والاطناب وانت خبير بأن صريح عباراتهم ان المستأجر يجير على تسليم الأرض للمؤجر فارغة وأنه ليس له ان يبقى البناء والغراس في الأرض بدون رضا المؤجر وهذا بعمومه شامل للارض الملك والوقف (لكن) ذكر في البحر عن القنية ما نصه استأجر ارضا وقفا وغرس فيها وبنى ثم مضت مدة الإجارة فلا مستأجر ان يستبقيها باجرا لمثل إذا لم يكن في ذلك ضرر ولو أبى الموقوف عليهم إلا القلع ليس لهم ذلك انتهى * قال في البحر وبهذا يعلم مسئلة الأرض المحتكرة وهى منقولة أيضا في اوقاف الخصاف انتهى* والاستحكار عقد اجارة يقصد بها استبقاء الأرض مقررة للبناء والفرس أو لاحدهما كذا في الفتاوى الخيرية * وكتب الخير الرملى في حاشيته على البحر قوله وبهذا يعلم أي بقوله استأجر ارضا وقفا الخ وقوله وهى منقولة أي مسئلة الاستبقاء انتهى (و) حاصله أن مسألة القنية لم ينفرد بها صاحب القنية بل ذكرها الخصاف أيضا وقد رمز لها في القنية (سم قع) فالرمز الأول ان كان بالسين المهملة فهو لاسمعيل المتكلم أو بالمعجمة فهو لشرف الأئمة المكى والثانى للقاضى عبد الجبار * قال في الفنية قيل لهما أي لصاحبى الرمز بن قلوابى الموقوف عليهم إلا القلع هل لهم ذلك قالا لا (قال) الخير الرملى في حاشية البحر وقد قالو إلا تعويل ولا التفات إلى كل ما قاله صاحب القنية مخالفا للقواعد ما لم يعضده نقل من غيره وقد عضد بما في اوقاف الخصاف ووجهه امكان رعاية الجانبين من غير ضرر فعليه إذا مات أحدهما فللمستأجر أو ورثته الاستبقاء فيكون مخصصا لكلام المتون ووجهه أيضا عدم الفائدة في القلع إذ لو قلع لا تؤجر بأكثر منه حتى لو حصل ضرر ما من أنواع الضرر بأن كان المستأجر أو وارثه مفلسا أو سئ المعاملة أو متغلبا يخشى على الوقف منه أو غير ذلك من أنواع الضرر يجب ان لا يجبر الموقوف عليهم تأمل انتهى كلام الخير الرملى (قلت) وحاصله ان كلام المتون والشروح وإن كان شاملا للوقف والملك لكن كلام القنية حيث اعتضد بما ذكره الخصاف صار مخصصا لكلام المتون والشروح بالملك ويكون الوقف خارجا عن ذلك فللمستأجر الاستبقاء باجر المثل بشرط عدم الضرر على الوقف اصلا (لكن) قد اضطرب كلام الخير الرملى في فتاواه فتارة افتى بهذا وتارة افتى باطلاق المتون والشروح حيث (سئل) في ارض سلطانية أو وقف معدة لغراس العنب والتين والزيتون وغير ذلك من الاشجار وتبقى في ايدى غارسيها بأجرة المثل ما دامت الاشجار بها وتدفع أجرة مثلها انشأ رجل بطائفة منها غراسا بعدان استاجرها
ممن له ولاية ذلك مدة سنين عينها بأجرة معلومة هي أجرة مثلها ومات الموجر قبل مضى المدة هل للمستأجر استبقاؤها حيث لا ضرر على الجهة التي تصرف الاجرة عليها ويعظم ضرره بقلع غرسه ولا تؤجر بعد قلعه بأكثر من الأجرة المعينة لها أم لا (أجاب) نعم له الاستبقاء حيث لا ضرر على الجهة ولزوم الضرر على الفارس ثم نقل ما مر عن القنية والبحر ثم قال وانت على علم ان الشرع يابى الضرر خصوصا والناس على هذا وفى القلع ضرر عليهم وفى الحديث الشريف عن النبي المختار لا ضرر ولا ضرار والله تعالى اعلم (وفى) الخيرية بعد ذلك بفاصل يسير (سئل) فيما إذا استأجر رجل ارض بستان اوقف مدة سنة لزرع الباذنجان والرطبة والبقول ونحو ذلك مما ليس لانتهائه وقت معلوم ومضت مدة الإجارة هل يقلع من ارض الوقف وتسلم ارض بستان لناظره أم لا (أجاب) نعم يقلع وتسلم الأرض لناظر الوقف كما صرحت به المتون قاطبة (سئل) في ارض اوقف اجرها الناظر عليها مدة سنين للغرس وانتهت المدة والغرس باق فما الحكم (أجاب) يلزم المستأجر قلع الفراس وتسليم الأرض فارغة ان لم تنقص الأرض بالقلع فإن نقصت فالناظر ان تملك الشجر للوقف بقيمته حال كونه مقلوعا جبرا على صاحب الشجر وإن كانت لا تنقص لا يتملكه جبر أو يلزم بالقلع وتسليم الأرض للناظر وإن تراضيا على تجديد الإجارة وابقاء الغرس جاز انتهى (وفيها) بعد ذلك (سئل) في رجل احكر آخر ارضا بمبلغ للبناء بها فاحكر المستحكر قطعة منها الرجل ومات المستحكر الأول فهل يبطل الاحكار الأول والثانى بموته وللقيم ان يطالب برفع البناء وتسليم الأرض فارغة حيث لا ضرر على الأرض بالرفع أم لا (أجاب) نعم بموت المستحكر ينفسخ الاحكار الأول والثانى وللقيم ان يطالب برفع البناء وتسليم الأرض فارغة كما هو مستفاد من اطلاقهم والله تعالى اعلم (وفى) الخيرية أيضا قبل ذلك (سئل) في رجل استأجر ارضا وقفا من متول عليه اجارة طويلة وغرس فيها ثم مات المستأجر قبل انتهاء المدة فهل تنفسخ بموته على قول من جوزها في الوقف للضرورة وإذا قلتم نعم فاحكم الغرس (أجاب) قال في الهداية في الأوقاف لا تجوز الإجارة الطويلة كيلا يدعى المستأجر ملكها وهى ما زاد على ثلاث سنين وهو المختار انتهى * وإذا قلنا بجوازها على القول المقابل لهذا تنفسخ الإجارة بموت المستأجر والحال هذه فيكلف وارثه قلع الاشجار ان لم يضر بأرض الوقف فإن اخر تملكه الناظر بقيمته مستحق القلع للوقف
هذا هو المختار كما نص عليه الأئمة الاخيار وعليه أصحاب المتون وقد صرح في القنية ان له ان يستبقيها باجر المثل وإن أبى الموقوف عليهم وبمثله صرح الخصاف وهو خلاف ما في المتون والله تعالى اعلم انتهى (اقول) فهذه الاجوبة كلها سوى الجواب الأول مبنية على ما هو مقتضى اطلاق المتون من ان المستأجر ليس له الاستبقاء بعد فراغ مدته أو انفساخ الإجارة بموته ونحوه إلا برضى المؤجر سواء كانت الأرض وقفا أو ملكا وإن كلام القنية والخصاف لا يعارض اطلاق المتون * وبهذا يعلم ان ما أجاب به عن السؤال الأول مخالف لاطلاق المتون فلا يعول عليه ولذا افتى بخلافه في مواضع متعددة* ويمكن الجواب عما افتى به اولا بابداء الفارق وهو ان الأرض في السؤال الأول معدة للغرس ولان تبقى في ايدى غارسيها بأجرة المثل كما هو مصرح به في صدر السؤال فإذا كانت العادة فيها جارية على ذلك فتصير كأن الواقف شرط فيها ذلك فيتبع شرطه كالاراضى السلطانية المعدة لذلك أيضا ويكون المستأجر احق بها لان له فيها حق القرار وهو المعبر عنه بالكردار (قال) في كتاب المزارعة من الفتاوى الخيرية (سئل) في رجل مزارع في اراضى بيت المال والوقف والتيار يؤدى قسمها للجهات المذكورة مدة عمره مات عن ابن وبنت هل تقسم بينهما قسمة ما يملكه من الأموال الذكر مثل حظ الانثيين أم لا وتبقى في يد الابن المتعاطى للفلاحة فيها ولا شيء للبنت فيها (أجاب) المزارع في الأرض السلطانية أو الوقف أو التيمار لا يملك الأرض وإنما هو احق بمنفعتها من غيره حيث لم يكن خائنا ولا معطلا لها تعطيلا يضر بيت المال والوقف فلا تقسم قسمة ما يملكه الميت من المال باجماع العلماء وتبقى في يد ابنه المزارع حيث كان صالحا كما كان أبوه على وجه الاحقية من الغير والله تعالى اعلم (سئل) في قرية يزرع ارضها المزارعون بالحصة وهى وقف أو سلطانية ورجل من أهل القرية واضع يده عليها مدة سنين يزرعها ويدفع ما هو المتعين من الحصة تلقاها عن أبيه بحيث ان مدته مدة أبيه عليها تزيد على أربعين سنة ويريد رجل ان يرفع يده عنها ويزرعها مدعيا ان له فيها حصة هل ترفع يده عنها أم لا ولا يملك المدعى رفع يده عنها (أجاب) لا ترفع يده عنها ففى الحاوى الزاهدى والقنية له حق القرار في ارض وقف أو سلطانية ويتصرف فيها غيره وهو يراه ولم يمنعه ليس له حق الاسترداد انتهى بعد ان رمر (بخ) ثم قال قول (بخ) احوط فإذا كان هذا فيمن له حق القرار فما بالك بالمزارع الذي ليس له حق القرار وهو المسمى بالكردار وهو ان يحدث المزارع في الأرض بناء أو غراسا أو كبسا بالتراب صرح به غالب أهل الفتاوى المعتبرة
والكتب الصحيحة المشتهرة وبه يعلم حكم اراضى بلادنا التي بايدى المزارعين فافهم والله سبحانه اعلم (سئل) في ارض سلطانية أو وقف بيد زراع مداومين على مزارعتها مدة سنين هل ترفع يدهم عنها بغير جنحة ما داموا قائمين بمزارعتها ويؤدون ما عليها أم لا وهل إذا اختار أحد مزارعيها الفراغ عنها لمزارع آخر صالح يصح فراغه ويسوغ للمفروغ له مزارعتها أم لا * وهل إذا ترك رجل منهم مزارعة ارضه استراحة لتغل الغلة المرغوب فيها سنة أو سنتين ترفع يده عنها وتدفع لغيره أم لا ما لم يكن خائنا أو عاجزا أو يتركها ثلاث سنين متوالية (أجاب) لا ترفع يدهم عنها بغير وجه إذ المقصود منها متوفر ومن فرغ لمزارع صالح فقد اتى بصالح ولم يعمل عملا غير صالح فيصح ولا اعتراض عليه وللمفروغ له مزارعتها ولا ترفع ايدى المزارعين عنها بغير حجة يأتون بها حيث قاموا بمزارعتها وادوا ما عليها ولا جناح على من تركها سنة أو سنتين لتغل الغلة المرغوب فيها فلا يقابل بالمنع والدفع الغيره ما لم يكن خائنا أو عاجزا اوتار كالها ثلاث سنوات متواليات والله تعالى اعلم انتهى* وفي الفتاوى الرحيمية (سئل) عن ارض من اراضى قرية موقوفة على جهة بر بيد جماعة من غير اهلها يزرعونها ويدفعون قسم خارجها لمتولى الوقف مدة تزيد على خمس عشرة سنة فهل لمتولى الوقف أو لغيره من الحكام انتزاعها من يدهم ودفعها لاهل القرية أم لا (أجاب) إذا ثبت أنهم معطلوها ثلاث سنين تنزع من ايديهم وبينة انها معطلة تقدم لأنها خلاف الظاهر واما إذا لم تقم بينة على التعطيل وكان كما ذكر فليس لاحد ان ينتزعها من ايديهم بغير وجه شرعى فهى كالارض المحجرة في اباحة التصرف وقد قال عمر - رضى الله تعالى عنه - ليس لمحجر بعد ثلاث سنين حق وبذلك استقر القانون السلطانى المقنن على وجه الشرع الشريف فلا تجوز مخالفة ولى الأمر نصره الله تعالى واهلك عدوه آمين (سئل) عن فلاح مزارع في ارض وقف بالحصة تركها اختيارا سنين فزرعها آخر بإذن من له الاذن والآن يريد التارك ان يرفع يده عنها هل له ذلك اولا (أجاب) ليس له ذلك بل لو كان له فيها حق القرار وتركها بالاختيار سقط حقه فبالاولى إذا تركها كذلك وله فيها مجرد حق المنفعة كما صرح بالاولى في الحاوى والقنية وتبقى في يد المزارع الثاني بإذن المتكلم عليها والحالة هذه والله تعالى اعلم انتهى تنبيه قد يثبت حق القرار بغير البناء والغرس بأن تكون الأرض معطلة فيستأجرها من المتكلم عليها ليصلحها للزراعة ويحرثها ويكبسها وهو المسمى بمشد المسكة فلا تنزع من يده ما دام يدفع ما عليها من القسم المتعارف كالعشر ونحوه وإذا مات عن ابن توجه لابنه فيقوم مقامه فيها وكذا
لو فرغ عنها وفرضها لغيره بإذن المتولى أو كانت الأرض وقفا أو بإذن نائب السلطان وهو التمارى والزعيم لو سلطانيه* وقد رأيت بخط شيخ مشايخنا خاتمة الفقهاء الشيخ إبراهيم السايحانى الغزى المسكة عبارة عن استحقاق الحراثة في ارض الغير وذكر في الحامدية قبل ذلك انها لا تورث وإنما توجه للابن القادر عليها دون البنت ثم نقل عن مجموعة عبد الله أفندي انها عند عدم الابن تعطى لبنته فإن لم توجد فلاخيه لاب فإن لم يوجد فلاخته الساكنة فيها فإن لم توجد فلامه (وذكر العلائى) في خراج الدر المنتقى تنتقل للابن ولا تعطى البنت حصة وإن لم يترك ابنا بل بنتا لا تعطى ويعطيها صاحب التيمار لمن أراد وفى سنة ثمانية وخمسين وتسعمائة في مثل هذه الاراضى التي تحيي وتفتح (لعله وتفلح) بعمل وكلفة دراهم فعلى تقديران تعطى للغير بالطابو فالبنات لما كان يلزم حرمانهن من المال الذي صرفه ابوهن ورد الأمر السلطانى بالاعطاء لهن لكن تنافس الاخت البنت في ذلك فيؤتى بجماعة ليس لهم غرض فاى مقدار قدروا الطابويه تعطيه البنات وياخذن الأرض (وايضا في الحامدية) إذا وقع التفويض بلا اذن صاحب الأرض لا تزول الأرض عن يد المفوض حقيقة فكانت في يد المفوض إليه عارية وإذا كانت الأرض وقفا فتفويضها متوقف على اذن الناظر لا على اجازة العشرى ولا تؤجر ممن لا مسكة له مع وجوده بدون وجه شرعى وإذا زرع اجنبى فيها بلا اذن صاحب المسكة ولا وجه شرعى يؤمر بقلع الزرع ويسقط حقه أي حق صاحب المسكة بتركها ثلاث سنوات اختيارا وعند الحنابلة لا تكون المسكة في الاراضى الموقوفة وإنما تكون في الخراجية انتهى ما ذكره السايحانى رحمه الله تعالى (وفى) الحامدية أيضا في مزرعة وقف تعطلت بسبب تعطل قناتها ودثورها آجرها الناظر لمن يعزل قناتها ويعمرها من ماله ليكون مرصدا له عليها للضرورة الداعية واذن له بحرثها وكبسها بالتراب وتسويتها ليكون له حق القرار فيها المعبر عنه بالمسكة وبالغراس والبناء ليكون ذلك ملكاله فإنه يصح (وفيها) ارض وقف سليخة غير صالحة للزراعة اذن المتولى لرجل بحرثها وكبسها واصلاحها وزراعتها ففعل ذلك في ست سنوات ثم تولى على الوقف آخر يريد رفع يد الرجل عنها بدون وجه شرعى (فأجاب) بأنه حيث ثبت له حق القرار فيها تبقى بيده باجر مثلها أو بأداء قسمها المتعارف لجهة الوقف (وفيها) عن البحر عن القنية يجوز للمستأجرين غرس الاشجار والكروم في الأرض الموقوفة إذا لم يضر بالارض بلا صريح الاذن من المتولى دون حفر الحياض وإنما يحل للمتولى الاذن فيما يزيد الوقف به خيرا قال
مصنف القنية قلت وهذا أن لم يكن لهم فيها حق قرار العمارة اما إذا كان فلا يحرم الحفر والفرس والحائط من ترابها الوجود الاذن في مثلها انتهى (وافتى) في الحامدية بأن من فرغ عن مشد مسكته في ارض وقف سليخة بإجازة المتولى ليس له الرجوع وبانه يتوقف صحة الفراغ في ارض وقف عليها عشر لتيمارى على اذن المتولى لا على اذن صاحب العشر وبانه إذا كان الميت اشجار ومشد مسكة في ارض وقف تنتقل لورثته بعده وكذا لو كان في وسطها شجرتان كبيرتان بخلاف ما لو كانتا في جانب من الأرض كالمسناة والجداول أو كانت خالية عن ذلك وكان له ابن ذكر فابنه احق بالتوجيه له من غيره (وفيها) عن النهاية في باب ما تجب فيه الشفعة أن الشفعة تجب في الأراضي التي تملك رقابها حتى أن الأراضي التي حازها الإمام لبيت المال ودفعها إلى الناس مزارعة فصار لهم فيها قرار البناء والاشجار لو بيعت هذه الأراضي فيبيعها باطل وبيع الكردار إذا كان معلوما يجوز ولكن لا شفعة فيها انتهى (اقول) وفى المغرب والقاموس الكردار بكسر الكاف مثل البناء والاشجار والكبس إذا كبسه من تراب نقله من مكان كان يملكه ومنه قول الفقهاء يجوز بيع الكردار ولا شفعة فيه لأنه نقلى انتهى (وفى) التجنيس لصاحب الهداية رجل اشترى من رجل سكنى له في حانوت رجل آخر مركبا بمال معلوم وقد أخبره البائع بأن أجرة هذا الحانوت ستة ثم ظهر بعد ذلك أن اجرته عشرة ليس له أن يرده على البائع لان العيب في غير المشترى ولصاحب الحانوت أن يكلف المشترى رفع السكنى وإن كان على المشترى ضرر لأنه شغل ملكهـ انتهى (وفى) الفصل السادس عشر من جامع الفصولين عن الذخيرة شرى سكنى في دكان وقف فقال المتولى ما اذنت له بالسكنى وامره بالرفع فلو شراء بشرط القرار يرجع على بائعه والا فلا يرجع عليه بثمنه ولا بنقصانه انتهى (قلت) ومفهومه انه لو اذن المتولى بوضع السكنى ليس له رفعه لان المستأجر ثبت له حق القرار وهذا في الوقف فلا ينافي ما مر عن التجنيس من أن لصاحب الحانوت أن يكلف المشترى رفع السكنى لان ذاك في الملك بقرينة التعليل بقوله لأنه شغل ملكه والفرق أن الوقف معد للايجار فايجاره من ذى اليد بأجرة مثله اولى من ايجاره من اجنبي لما فيه من النظر للوقف والنظر للمستأجر الذي وضع السكنى بالأذن وثبت له حق القرار بخلاف الملك فإن لصاحبه أن لا يؤجر ليسكنه بنفسه أو يعيره أو يرهنه أو يبيعه أو يعطله (واستفيد) من كلام التجنيس وجامع الفصولين أن السكنى عبارة عن عين قائمة من بناء أو خشب تركب في الحانوت مثلا بإذن المتولى تباع وتوهب وتورث فهي من نوع الكردار المتقدم وقد ذكر في الظهرية في آخر كتاب
الدعاوى أنواع الكردارات من كردار الحمام وكردار العطار وكردار الكرم ونحو ذلك (وبه علم) أن الكردار لا يلزم أن يكون متصلا بالارض فيصدق على ما ينقل ويحول مثل كردار الحلاق والقهوانى والحمامى ويصدق على ما يركب في الحوانيت مثل الاغلاق والرفوف ونحو ذلك وهذا هو المسمى بالجدك وهذا غير الخلو الذي ذكره في الأشباه فإنه منزلة مشد المسكة المار وهو وصف لا عين قائمة فلا يجوز بيعه ولا يورث وإنما ينتقل إلى الولد بطريق الاحقية كما مر (وما) ذكره في الأشباه من جواز بيع الخلو بناء على اعتبار العرف الخاص ردوه عليه وقد الف في رده العلامة الشرنبلالي رسالة خاصة وحيث لم يجز بيع الخلو فلا يجوز بيع المسكة (قال) العلامة الشيخ علاء الدين في الدر المختار في اوائل كتاب البيوع ما نصه وفي معين المفتى للمصه معزيا للو أو الجية عمارة في ارض رجل بيعت فإن بناء أو اشجار اجاز وإن كرابا أو كري أنهار ونحوه ما لم يكن ذلك بمال ولا بمعنى مال لم يجز قلت ومفاده أن بيع المسكة لا يجوز وكذا رهنها ولذا جعلوه الآن فراغا كالوظائف فليحور انتهى كلام الشيخ علاء الدين (واما) ما في القنية والحاوى الزاهدى من أنه يثبت حق القرار في ثلاثين سنة في الأرض السلطانية والملك وفى الوقف في ثلاث سنين ولو باع حق قراره فيها جاز وفي الهبة اختلاف ولو تركها بالاختيار تسقط قدميته انتهى (فالمراد) بحق القرار في قوله ولو باع حق قراره الأعيان المتقومة لا مجرد الأمر المعنوى بقرينة قوله في البزازية ولا شفعة في الكردار أي البناء ويسمى بخوارزم حق القرار لأنه نقلى النهى. فقد سمى البناء حق قرار ومثله ما قدمناه عن النهاية وقد صرح أيضا بهذا المراد العلامة الشرنبلالي في رسالته (و) نقل في الحامدية عن صرة الفتاوى عن خزانة المفتيين رجل تصرف في الأرض الميرية عشر سنين ثبت له حق القرار ولا تؤخذ من يده انتهى * وهذا خلاف ما مر عن القنية والحاوى من أنه يثبت في ثلاثين سنة في الأرض السلطانية والملك والله تعالى اعلم. وتمام الكلام على هذه المسائل مبسوط في كتابنا العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية فمن أراد الزيادة على ما ذكرناه هنا فلينظره في باب مشد المكسة هناك (فصل) قد ظهر لك مما قررناه وما نقلناه عن المتون وغيرها أن المستأجر بعد فراغ مدة اجارته يلزمه تسليم الأرض وليس له استبقاء بنائه أو غراسه بلا رضى المتكلم على الأرض إلا إذا كان له فيها زرع فإنه يترك فيها بأجر المثل إلى أن يدرك لان له نهاية معلومة بخلاف البناء والغراس وصول الرطبة التي تبقى في الأرض لا إلى مدة معلومة فليس له استبقاء ذلك بل يقلع ذلك ويسلم الأرض فارغة ما لم يكن في القاع ضرر على الأرض فإن المؤجر يتملك ذلك جبر
على المستأجر بقيمته مقلوعا إلا أن يتراضيا على بقائه (وعلمت) أن هذا شامل للأرض الملك والوقف إلا إذا كانت أرض الوقف معدة لذلك كالقرى والمزارع التي اعدت للزراعة والاستبقاء في ايدى فلاحيها الساكنين فيها والخارجين عنها بأجرة المثل من الدارهم أو بقسم من الخارج كنصفه وربعه ونحو ذلك مما هو قائم مقام أجرة المثل ومثل ذلك الأراضي السلطانية فإن ذلك كله لا يتم عمارته والانتفاع به المعتبر الا ببقائه بايدى المزارعين فإنه لولا ذلك ما سكن أهل القرى المذكورة فيها فانهم إذا علموا أنهم إذا فلحوا الأرض وكروا انهارها وغرسوا فيها اخذت منهم واخرجوا منها ما فعلوا ذلك ولا سكنوها فكانت الضرورة داعية إلى بقائها بأيديهم إذا كان لهم فيها كردار أو مشد مسكة ما داموا يدفعون أجرة مثلها ولم يعطلوها ثلاث سنين كما مر لأن تعطيلها اقل من ذلك قد يكون لاستراحة الأرض حتى تقل الغلة المقصودة فإن عطلوها أكثر سقط حقهم ودفعت لغيرهم (وكذا) لو امتنوا من دفع أجر المثل أو ما قام مقامه من القسم المتعارف والا فهم احق من غيرهم رعاية للجانبين ودفعا للضرر عن الفريقين فإن بذلك يحصل النفع لهم ولجهة الوقف أو الميرى ومثل ذلك الحوانيت أي الدكاكين الموقوفة المعدة للاستغلال إذا كان فيها للمستأجر سكنى موضوع بإذن المتولى وقام المستأجر بعمارتها وثبت له فيها حق القرار وصار له فيها الكردار المعبر عنه في زماننا بالجدك كما مر لا تنزع من يده ولا تؤجر لغيره ما دام يدفع اجر المثل والمراد باجر المثل فيها هو ما تستأجر به إذا كانت خالية عن البناء (ففى وقف البحر الرائق) عن المحيط وغيره حانوت وقف وعمارته ملك لرجل أبى صاحب العمارة أن يستأجر باجر مثله ينظر أن كانت العمارة لو رفعت يستأجر بأكثر مما يستأجر صاحب العمارة كلف رفع العمارة ويؤجر من غيره لأن النقصان عن اجر المثل لا يجوز لغيره ضرورة وإن كانت لا تستاجر بأكثر مما يستأجره لا يكلف وتترك في يده بذلك الاجر لأن فيه ضرورة انتهى (وفى) فصول العمادى واقعة الفتوى استأجر عرضة موقوفة من المتولى مدة باجر المثل وبنى عليها بإذن المتولى فلما مضت المدة زاد آخر على اجر تلك المدة للمدة المستقبلة فرضى صاحب السكنى بتلك الزيادة هل هو اولى نعم هو اولى اهـ يعني صاحب البناء اولى بالاجارة إذا رضى بالزيادة بعد انتهاء المدة لأن له حق القرار فلا يكلف بالقلع (اقول) وينبغى أن يقال مثل ذلك في مشد المسكة فإن صاحب المشد وإن لم يكن له في الأرض عين قائمة لكن له فيها تعب وخدمة حيث حرثها وكربها وكرى انهارها حتى صارت قابلة للزراعة فتعتبر أجرة مثلها على تقدير كونها معطلة
خالية عن ذلك الذي فعله فيها فيؤخذ منه بقدره وكذا من قام مقامه من ولد أو مفروغ له ومثل ذلك ينبغي أن يقال في الجدك فتعتبر أجرة الحانوت خالية عن جدكه القائم فيها وعما انفقه عليها حتى صارت قابلة لتمام الانتفاع (وهذا) كله غير واقع في زماننا فإن صاحب المشد أو الجدك لا يدفع أجر المثل ولا نصفه بل ولا عشره ومثله صاحب الغراس والبناء في البساطين ونحوها وهو المسمى في عرفنا صاحب القيمة وبسبب ذلك صار الجدك يباع ثمن كثير ويرغب المشترى في ذلك لعلمه بأنه يدفع اقل من عشر أجرة الحانوت ويشترى الجدك الذي يساوى في نفسه شيئا يسيرا ثمن كثير جدا هو في الحقيقة ثمن الحانوت وكذا القيمة المعروفة في البساتين (قال) العلامة قنالي زاده في رسالته المؤلفة في الاستبدال أن مسائل البناء على ارض الوقف والغراس عليها كثيرة الوقوع في البلدان خصوصا دمشق فإن بساتينها كثيرة واكثرها اراض اوقاف غرس عليها المستأجرون وجعلوها املاكا وأكثر اجاراتها بأقل من أجر المثل ابتداء واما بزيادة الرغبات وكذلك حوانيت البلدان فإذا طلب المتولى أو القاضي رفع اجازاتها إلى أجر المثل يتظلم سكانها ومستأجروها ويزعمون أنه ظلم عليهم وهم ظالمون وبعض الصدور والاكابر أيضا قد يعاونونهم ويزعمون أن هذا تحريك فتنة فيجب على كل قاض عادل عالم وكل قيم امين غير ظالم أن ينظر فإن كان بحيث لو رفع وبقيت الأرض بيضاء نقية يستأجرها المستأجرون بأكثر بزيادة لا يتغابن فيها الناس وثبت ذلك بخبر اثنين خبيرين يقول لصاحب البناء اما أن تفسخ وترفع البناء والغراس أو تقبلها بهذه الأجرة فإن قبلها تبقى الإجارة والا يرفع بناءه وغرسه وقلما يضر رفعه بالأرض فلا يبالي به إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى فعلم بهذا أن هذه علة قديمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (والمقصد) في تحرير ما هو المرام من هذا الكلام حيث علمت ما قررناه من كلام علمائنا ظهر لك أنه إذا فرغت مدة اجارة المستأجر وليس له في الأرض كردار من بناء او غراس أو كبس ولا مشد مسكه وجب عليه تسليم الأرض للمؤجر إذا امتنع من ايجارها له وليس للمستأجر أن يقول انا احق باستيجارها لأنها كانت بيدى اذ لا قائل بذلك من أهل مذهبنا ولا وجه له اصلا مع ما يلزم على ذلك من الضرر والاستيلاء على الأوقاف ونحوها بلا مسوغ شرعى حيث تبقى الأرض بيده مدة طويلة لا يقدر المؤجر على ايجارها لغيره ويتحكم به المستأجر وربما كان مفلسا او سيء المعاملة أو متغلبا لا يقدر المؤجر على تحصيل الأجرة منه مع أنه إذا كان المستأجر أو وارثه كذلك وكان له في الأرض كردار من بناء وغراس يؤمر بقلعه وتسليم الأرض للمؤجر كما قدمناه عن حاشية
الخير الرملي وصرح في الاسعاف وغيره بأنه لوتبين أن المستأجر يخاف منه على رقبة الوقف يفسخ القاضي الإجارة ويخرجه من يده انتهى فهذا إذا كانت مدة الإجارة باقية فكيف إذا فرغت وانقضت ولم يبق له فيها حق اصلا وهذا أيضا إذا كان يدفع أجرة المثل تماما فكيف إذا كان لا يستأجر إلا بدون أجرة المثل (وبهذا) ظهر غلط ما يعتقده كثير من أهل زماننا من أن المستأجر الأول احق ويسمونه ذا اليد ويقولون لو أو جرت لغيره لا يصح الايجار ومنشأ غلطهم ما وقع في بعض الكتب فيما لو زادت أجرة المثل في اثناء المدة من أن للمتولى فسخ الإجارة وايجارها لغيره إلا إذا رضى المستأجر الأول بدفع الزيادة فإنه يكون احق من غيره (قال) في البحر من كتاب الوقف وحاصل كلامهم في الزيادة أن الساكن لو كان غير مستأجر أو مستأجر أو مستأجارا اجارة فاسدة فإنه لا حق له وتقبل الزيادة ويخرج ويسلم المتولى العين إلى المستأجر وإن كان مستأجرا اجارة صحيحة فإن كانت الزيادة تعنتا فهي غير مقبولة اصلا وإن كانت لزيادة أجر المثل عند الكل عرض المتولى الزيادة على المستأجر فإن قبلها فهو الاحق والا آجرها من الثاني انتهى (فقد) شرط لكونه الأول احق شرطين (الأول) كونه مستأجر الجارة صحيحة ومن شروط صحتها كونه مستأجرا من الابتداء باجر المثل فلو بدونه بغين فاحش كانت فاسدة فيوجرها اجارة صحيحة من الأول أو من غيره باجر المثل كما في الدر المختار من الاجارات وهو المذكور في عامة الكتب كما في حاشية الحموى على الأشباه (الثاني) أن يقبل الزيادة فإن لم يقبلها و كانت بقدر أجر المثل لا زيادة ضرر وتعنت تؤجر من غيره واما ما في الثالث عشر من جامع الفصولين أو آجره باجر مثله ثم زاد أجر مثله لا تفسخ ولو آجره بأقل وجب الأقل فلو زاد آخر فللمتولى أن يخرج الأول إلا أن يستأجره الأول باجر مثله انتهى فلا ينافي ما قلناه لأن مراده بالأقل ما كان بغين يسير إذ لو كان بغين فاحش تكون فاسدة وله أن يؤجرها من غيره كما سيأتي عن الخانية ويدل عليه قوله وجب الأقل إذ لو كان غبنا فاحشا يلزم اتمام أجر المثل كما صرحوا به (اقول) ووجه كونه احق من غيره فيما إذا كان مستأجرا إجارة صحيحة وزادت أجرة المثل في اثناء المدة ورضى بدفع الزيادة هو ان زيادة أجرة المثل في اثناء المدة علة لتمكن المؤجر من فسخ الإجارة لدفع الضرر عن الوقف فإذا قبل المستأجر الزيادة ورضى بدفعها فقد زال الضرر وانتفت العلة المسوغة للفسخ فيكون احق من غيره لأن عقد اجارته كان صحيحا في الابتداء والمدة باقية لم تفرغ ولكنه عرض في الأثناء ما يسوغ بفسخ ذلك العقد الصحيح فإذا انتفت العملة المسوغة للفسخ بقبوله
الزيادة فكأنه لم يعرض ذلك المسوغ اصلا فيمضى على عقده الصحيح أو يفسخه معه ويجدد له عقدا أخر بالأجرة الثانية إلى انتهاء مدته فإذا انتهت المدة لم يبق له حق فح يخير المؤجر بين ابقائها معه بتجديد عقد آخر أو ايجارها لغيره باجر المثل إلا إذا كان له فيها حق القرار فلا تؤجر ثانيا من غيره لأنه وإن انتهت مدته وفرغ عقد اجارته لكن له فيها حق آخر فيكون ايجارها لغيره تضييعا لحقه فتؤجر منه بأجر المثل وكلما زاد أجر المثل يزاد عليه فإذا قبل ذلك يكون احق ويكون فيه رعاية للجانبين جانب جهة الوقف وجانب المستأجر على ما قدمناه (واما) إذا لم يكن له فيها حق القرار وفرغت مدة اجارته فلا قائل بأنها حق من غيره وأنه يلزم المؤجر ايجارها منه فإن هذا مخالف لما أطبقت عليه كتب ائمتنا متونا وشروحا وفتاوى من أنه بعد انتهاء المدة يلزم المستأجر تسليم الأرض فارغة وقلع بنائه وغراسه إلا إذا كانت معدة لذلك وثبت له فيها حق القرار كما علمت من استثناء أصحاب الفتاوى ذلك فيبقى ما عداه داخلا في اطلاق عبارات المتون والشروح (واما) مسئلة زيادة الأجرة فهى غير داخلة في كلام المتون وغيرها لأنها مصورة فيما إذا زادت أجرة المثل في اثناء المدة لا بعد انتهائها فإذا كانت الزيادة في اثناء المدة كان المستأجر الأول احق إذا قبل الزيادة لأن له حقا وهو بقاء عقد اجارته الصحيح كما اشار إليه في الفتاوى الرحيمية بقوله فإن قبلها فهو الاحق لحقه القائم انتهى ولذا لو كان عقده فاسدا لم يكن احق من غيره مع انهم يعاملون الفاسد معاملة الصحيح في كثير من المواضع وهنا لم يعاملوه معاملته فكيف إذا فرغت مدة عقده ولم يبق له عقد اصلا لا صحيح ولا فاسد فكيف يسوغ لعاقل فضلا عن فاضل أن يقول أنه احق من غيره ولا تخرج الأرض من بده ما دام يطلب ايجارها ولو في مدة خمسين سنة مثلا حتى يتوصل إلى دعوى ملكيتها ويتحكم في المؤجر ويترفع عليه لعلمه أنه لا يمكنه أن يخرجها من يده (فإن قلت) يمكن أن يكون أهل زماننا قاسوا هذه المسئلة على مسئلة ما إذا زاد أجر المثل في اثناء المدة وقبلها المستأجر (قلت) القياس له شروط مقررة في كتب الأصول منها وجود الجامع بين المقيس والمقيس عليه وقد علمت مما قررناه آنفا الفرق الواضح بين المسئلتين فلا جامع بينهما على أن القياس وظيفة المجتهد المطلق أو المجتهد المقيد كاصحاب الإمام وليس زماننا زمان اجتهاد ألا ترى ما ذكره في الخلاصة من أن فقيها من الفقهاء قال للصدر الشهيد انت مجتهد فقال ايها الفقيه ذهب الاجتهاد مع اهله وانا إذا عرفت أقوال العلماء وحكيتها على وجهها فاى نعمة اعظم منها وقال أيضا في كتاب القضاء القاضي
إذا قاس مسئلة على مسئلة وحكم وظهر رواية أن الحكم بخلافها فالخصومة المدعى عليه يوم القيمة على القاضي وعلى المدعى لأن القاضي آثم بالاجتهاد لأنه ليس أحد من أهل الاجتهاد في زماننا والمدعى آثم باخذ المال انتهى فإذا لم يكن الصدر الشهيد مجتهدا وقال الاجتهاد ذهب مع اهله مع علو مقامه في العلم والفقه وقد استشهد في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وتوفى صاحب الخلاصة في سنة سبعين وخمسمائة فما بالك باهل زماننا هذا (وقد) نقلوا عن ائمتنا أنه لا يحل لاحد أن يفتى بقولنا حتى يعلم من اين قلنا أي حتى يعلم المفتى دليل الحكم ووجهه فإذا كان دليله القياس على غيره مثلا وعرف وجه الحاقه بالمقيس عليه يكون قد عرف علة الحكم فإذا وقعت حادثة وجدت فيها تلك العلة بعينها يعلم انها من جزئيات ذلك الحكم الذي قاله المجتهد بخلاف ما إذا لم يعلم العلة فإنه يكون إلى الخطأ اقرب منه إلى الصواب كما في مسئلتنا هذه فإن الفقهاء قالوا إذا زادت أجرة المثل في اثناء المدة وقبل المستأجر الأول الزيادة فهو أحق واهل زماننا سمعوا أن المستأجر الأول إذا قبل الزيادة فهو احق فقالوا إذا فرغت مدة اجارته كان احق إذا قبل الزيادة أيضا فاخطأوا حيث لم يعرفوا وجه الاحقية في المسئلة المنصوصة وهو كون مدته باقية وقبوله لما هو علة لفسيخ الموجر عقد الإجارة وانه بقبوله ذلك تزول علة الفسيخ فيكون احق وهذا الوجه لم يوجد فيما إذا فرغت المدة ونظير ذلك أن ائمتنا الثلاثة اتفقوا على أنه لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره من الطاعات ثم جاء من بعدهم من المتأخرين فافتوا بجواز الأجرة على التعليم وعلى الأذان والامامة لأن المعلمين في الصدر الأول كان لهم عطايا من بيت المال تقويم بكفايتهم وكذا المؤذنون والأئمة ثم انقطع ذلك وآل الأمر إلى أن المعلمين ونحوهم إذا اشتغلوا بذلك لا يمكنهم تحصيل ما يكفيهم ويكفى عيالهم إلا باخذ الأجرة فافتى المتأخرون بجواز أخذ الأجرة خوفا على القرآن من الضياع وعلى الأذان والامامة اللذان هما من شعائر الدين لعلمهم بأن الأمر لو كان كذلك في الصدر الأول لقال ائمتنا الثلاثة بجواز أخذ الأجرة لهذه الضرورة وهى خوف الضياع فإذا كانت هذه العلة سببا لمخالفة المتأخرين لأصل المذهب كيف يسوغ لاحد أن يقول بجواز أخذ الأجرة على جميع الطاعات الحاقا لها بالتعليم والاذان والامامة مع عدم الجامع وهو خوف الضياع (وبه) ظهر خطأ من قال أيضا بجواز الأجرة على تلاوة القرآن واهداء ثوابها للميت فإن منشأه الغفلة عن وجه ما قاله المتأخرون من الضرورة المذكورة وانت تعلم أنه لا ضرورة لاخذ الأجرة على مجرد التلاوة واهداء ثوابها للميت فإنه لا يلزم من منع
ذلك ضياع القرآن فكيف يسوغ مخالفة المذهب الذي عليه ائمتنا الثلاثة بدون وجود العلة التي هي سبب مخالفة المتأخرين الا ترى أنه لو انتظم بيت المال وصار للمعلمين والائمة والمؤذنين عطايا منه تكفيهم كما كان في الصدر الأول لا يمكن المتأخر بن أن يقولوا بجواز أخذ الأجرة فانهم لم يخالفوا المتقدمين إلا لهذه الضرورة فإذا زالت العلة لم يبقى وجه للمخالفة فمن علم وجه قول المتأخرين وعرف من اين قالوا علم قطعا أنه لا يجوز أخذ الأجرة على التلاوة المجردة ولا على نحو الصوم والصلاة ومن لم يعلم ذلك قال برأيه ما قال وركب متن عميا توقعه في الاهوال (ثم اعلم) أن ما ذكرنا من أن المستأجر الأول احق مبنى على أن المتولى له فسخ الإجارة بالزيادة العارضة في اثناء المدة وهى رواية شرح الطحاوى اما على رواية أهل سمرقند من أنه ليس له الفسخ لأن العبرة لابتداء العقد فلا يتأتى القول بأنه احق من غيره بالاستئجار لأن عقد اجارته باق لا يمكن فسخه (قال) في الخانية من كتاب الاجارات المتولى إذا آجر حام الوقف من رجل ثم جاء آخر وزاد في أجرة الحمام قالوا أن كان حين آجر الحمام من الأول آجره بأجرة مثله أو بنقصان يسير يتغابن الناس في مثله فليس للمتولى أن يخرج الأول قبل انقضاء مدة الإجارة وإن كانت الإجارة الأولى بما لا يتغابن فيه تكون فاسدة وله أن يؤاجرها اجارة صحيحة اما من الأول أو من غيره بأجرة المثل أو بالزيادة على قدر ما يرضى به المستأجر وإن كانت الإجارة الأولى باجر المثل ثم ازداد أجر مثلها كان للمتولى أن يفسخ الإجارة وما لم يفسخ يكون على المستأجر المسمى كذا ذكره الطحاوى انتهى (وفيها) أيضا من كتاب الوقف في فصل اجازة الوقف رجل استأجر أرض وقف ثلاث سنين بأجرة معلومة هي أجر المثل فلما دخلت السنة الثانية كثرت رغبات الناس وازداد أجر الأرض قالوا ليس للمتولى أن ينقض الإجارة لنقصان أجر المثل لأن أجر المثل انما يعتبر وقت العقد ووقت العقد كان المسمى أجر المثل فلا يعتبر التغير بعد ذلك انتهى فقد مشى اولًا على رواية شرح الطحاوى وثانيا على رواية أهل سمرقند (وفى) الذخيرة إذا استأجر ارض الوقف ثلاث سنين بأجرة معلومة هي أجر المثل حتى جازت الإجارة فرخصت الأجرة لا تنفسخ وإذا زاد أجر مثلها بعد مضى مدة على رواية أهل سمرقند لا يفسخ العقد وعلى رواية شرح الطحاوى يفسخ ويجدد العقد والى وقت الفسخ يجب المسمى لما مضى وإذا كانت الأرض بحال لا يمكن فسخ الإجارة بإن كان فيها زرع لم يستحصد بعد فالى وقت زيادته يجب المسمى بقدره وبعد الزيادة إلى تمام السنة يجب أجر مثلها وزيادة الاجر تعتبر
إذا زادت عند الكل هذه الجملة في مزارعة شرح الطحاوى انتهى (وقد) ذكر هذه المسئلة في انفع الوسائل وأكثر فيها من النقول عن كتب أئمتنا المعتبرة فمنهم من اقتصر على رواية شرح الطحاوى كقاضي خان في الاجارات وصاحب القنية والبدائع والينابيع وغيرهم ومنهم من اقتصر على الرواية الأخرى كقاضي خان في الوقت والخاصى في فتاويه والحسام الشهيد في واقعاته وصاحب خزانة الأكل وصاحب الأحكام ومنية المفتى والمحيط ومنهم من ذكر الروايتين كصاحب الذخيرة وتتمة الفتاوى وليس في شيء مما نقله عن هذه الكتب ذكر العرض على المستأجر الأول ولا ذكر أنه احق (نعم) ذكر ذلك في جامع الفصولين فقال ولو غلت الأجرة لا تفسخ في رواية لأن أجر المثل يعتبر وقت العقد وتفسيح في رواية ويجدد العقد والى وقت الفسخ لزم المسمى الأول ثم فيما بعد، لورضى المستأجر الأول بالزيادة فهو أولى من غيره ولو لم يمكن فسخ العقد بأن كان فيها زوع فالى وقت زيادته لزم المسمى الأول وبعد الزيادة يجب أجر مثلها وزيادة الأجرة تعتبر أو زادت عند الكل حتى لو زاد واحد تعنتا لا تعتبر هذه الزيادة انتهى. وعليه مشى صاحب البحر كما قدمناه وتبعه تلميذه التمرتاشى في متن التنوير من كتاب الوقف (وقد) يقال أن ما صرح به في جامع الفصولين هو مرادهم وإن سكتوا عنه لأن قولهم على رواية شرح الطحاوى يفسخ ويجدد العقد يشير إلى تجديده مع المستأجر الأول وفائدة التجديد الزامه بالزيادة العارضة لأنه قبل الفسيخ لا يلزمه إلا المسمى والمراد بالفسخ والتجديد قبول المستأجر الزيادة من وقتها لأنه لا يكون إلا بالرجوع عن العقد الأول الذي كان بدون هذه الزيادة لكن الظاهر أن الفسخ غير لازم ويكون قبوله الزيادة بالعقد الأول بمنزلة زيادة المشترى في ثمن المبيع فانها تلزم بدون فسخ العقد نعم يلزم الفسخ لو امتنع من قبول الزيادة لتؤجر من غيره (ثم) ما ذكر من هاتين الروايتين قال بعض العلماء انهما قريبتان من التساوى في القوة والرجحان لم ار الترجيح الصريح إلا فيما نقله في انفع الوسائل عن فتاوى برهان الدين أبي المعالى محمود بن عبد العزيز أنه يفتى بأن له فسخ العقداى فهو ترجيح لرواية شرح الطحاوى لكن لو حكم حنفى أو غيره برواية أهل سمرقند كان مجمعا عليه وليس لحنفى آخر نقضه انتهى (قلت) لكن صرح في إجارات الدر المختار بأن المختار قبول الزيادة فيفسحها المتولى فإن امتنع فالقاضى ثم قال بعد اسطر للمتولى فسخها وعليه الفتوى وقال في شرح الملتقى اما على رواية شرح الطحاوى فيفسخ وتجدد للآتى من الزمان وهو الصحيح وعليه الفتوى انتهى (قلت) وبه
افتى في الخيرية وهو الموافق لقولهم أنه يفتى بما هو انفع للوقف (وفى) اجارات متن التنوير وشرحه الدر المختار وكذا يفتى بكل ما هو انفع للوقف فيما اختلف العلماء فيه حتى نقضوا الإجارة عند الزيادة الفاحشة نظرا للوقف وصيانة الحق الله تعالى حاوى القدسى انتهى (و) يشير إلى هذا قول البدائع آجر داراهي ملكه ثم غلا أجر الدار ليس له أن يفسخ العقد إلا في الوقف فإنه يفسخ نظرا للوقف انتهى ومقتضى هذا أنه لو حكم قاضى حنفى برواية عدم الفسيخ لا ينفذ حكمه لأن القاضي ليس له الحكم بخلاف معتمد مذهبه كما صرحوا به من (الخامة) فيما يستتبعه المقام ويحسن به الختام وهوانه لوثبت عند الحاكم وقت العقدان الأجر هو أجر المثل فهل تقبل الزيادة بعده أم لا ذكر في الدر المختار أنه تقبل الزيادة وإن شهدوا وقت العقد بأنها باجر المثل وعزاء في شرح الملتقى إلى انفع الوسائل وقال واعتمده في الأشباه وغيرها فيه منحها المتولى فإن امتنع فالقاضى ثم قال وقد خالف فيه شيخ شيخنا الحانوتى في فتاويه فجزم بإن بينة الأثبات مقدمة وهي التي شهدت بأن الأجرة أجرة المثل وقد اتصل بها القضاء فلا تنقض قال وبه أجاب بقية المذاهب انتهى قلت فليحفظ هذا فإنه أكثر وقوعا واقل وقوفا انتهى (اقول) والظ أنه اشتبه عليه الأمر فإن ما في انفع الوسائل هو ما لو شهدت البينة أن الأجرة في ابتداء العقد أجرة المثل وحكم بها الحاكم ثم زادت الأجرة في اثناء مدة العقد زيادة معتبرة عند الكل وشهد أهل الخبرة بذلك تقبل وللمتولى الفسخ وما في الحانوتى هو ما لو شهدت البينة الثانية بإن الأجرة التي كانت وقت العقد دون أجرة المثل فأجاب بقوله أجاب الشيخ نور الدين الطرابلسي قاضي القضاة الحنفى بأن بينة الأثبات مقدمة وهي التي شهدت بأن الأجرة أجرة المثل وقد اتصل بها القضاء فلا تنقض وأجاب الشيخ ناصر الدين اللقاني المالكي وقاضي القضاة أحمد بن النجار الحنبلي بجوابي كذلك فاجبت نعم الاجوبة المذكورة صحيحة انتهى كلام الحانوتي. ووجهه ما قالوا من أنه إذا تعارضت البينتان وسبق القضاء بإحداهما لا تسمع الثانية وهنا كذلك تعارضت البينتان في شيء واحد وهو الأجرة الواقعة في ابتداء العقد في انها أجرة المثل أو دونها وسبق القضاء بالاولى فلا تسمع الثانية بخلاف ما إذا شهدت الثانية بإنها الجرة المثل زادت زيادة معتبرة في اثناء المدة فانها تسمع لأنها شهدت بأمر عارض غير ما شهدت به البينة الأولى فلم تتعارض البينتان كما لا يخفى (نعم) افتى الحانوتى أيضا بأنه لو حكم الحاكم بأن الإجارة وقعت اولا باجرة المثل بعد دعوى وقوعها بدون أجرة المثل ثم ادعى عند حنبلى بأن أجرة المثل قد زادت
فحكم الحنبلى بصحة الإجارة وعدم قبول الزيادة بسبب تغير أجرة المثل لأن العبرة لوجودها في وقت العقد فإنه يصح وليس للحنفى نقض الإجارة بالزيادة كما لو حكم الحنبلى بصحة الإجارة الطويلة بعد أن وقعت الدعوى بأنها فاسدة فإنه ليس للحنفى ابطالها أيضا لوجود حكم الحنبلي بعد الدعوى بخصوص الحادثتين انتهى ملخصا وانت خبير بأن عدم قبول الزيادة هنا بسبب حكم الحنبلى الرافع للخلاف لا بسبب كون البينة الأولى اتصل بها القضاء فلا يخالف هذا ما افتي به اولا كما علمت (لا يقال) أن حكم الحاكم اولا بكونها أجرة المثل وبصحة العقد مانع لدعوى الزيادة العارضة لتضمنها فسخ العقد المحكوم بصحته (لانا نقول) حكمه اولا بما ذكر لا يمنع اعتبار ما يعرض كما لو عرض موجب للفسخ غير الزيادة العارضة (وقد) صرح بذلك الحانوتى أيضا في فتاويه فقال ولا يمنع الحاكم الحنفى من قبول الزيادة حكم الحنبلي بصحة الإجارة ولو وقعت بعد دعوى شرعية لأن الفسخ بقبول الزيادة حادثة أخرى لم يقع الحكم بها انتهى (قلت) وكذا لو حكم الحنبلى أيضا في ابتداء العقد بصحة الإجارة وبعدم انفساخها بموت أحد المتعاقدين أو بالزيادة العارضة لأن الحكم لا يصح إلا بعد تقدم دعوى من خصمين وعدم الانفساخ بالموت أو بالزيادة العارضة لم يقع فيه التخاصم اولا ولا يصح الحكم به إلا إذا مات أحدهما أو زادت الأجرة فادعى خصم على آخر عند الحاكم الحنبلي مثلا بالفسخ فحكم بعدمه فهذا حكم صحيح يمنع الحنفى من الحكم بخلافه لأنه وقع بعد حادثة (قال) في الفواكه البدرية أن القضاء في حقوق العباد يشترط له الدعوى والمخاصمة الموصلة له شرعا على وجه تحصل المطابقة بين الدعوى والحجة والمقضى به الأماكان على سبيل الاستلزام الشرعي وليس للقاضى أن يتبرع بالقضاء بين اثنين فيما لم يتخاصما إليه فيه وإن حصل بينهما التخاصم فيما لا تعلق له بذلك في الجملة انتهى (وفى رسالة العلامة قنالى زاده ولا يكفى في ذلك أن يعقد الإجارة اولا عند حاكم لا يرى فسخ الإجارة بالزيادة العارضة ولا كتابته في صك الإجارة ولا قوله في صك الإجارة أنه ثبت عندى انها أجرة المثل ولا قوله الغيت الزيادة العارضة فلا يفسخ بها أن وقعت لأن هذه في الحقيقة كلها فتاوى لا احكام نافذة لأن الحكم النافذ الذي يجعل المختلف فيه متفقا عليه هو ما يكون على وجه خصم جاحد كما ثبت في موضعه انتهى والله سبحانه اعلم (تتمة) ذكر في شرح الأشباه للبيرى عن الحاوى الحصيرى إذا زاد أجر المثل زيادة فاحشة كان المولى أن يفسخ الإجارة والزيادة الفاحشة مقدرة بنصف الذي آجر اولا لان الإجارة تنعقد ساعة فساعة حيث وجدت المنفعة انتهى ونقل ذلك العلامة
قنالى زاده عن الحاوى ثم قال وهذا قول لم نره لغيره والحق أن كل ما لا يتغابن الناس بمثله فهو زيادة فاحشة نصفا كانت أو ربعا وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين في المختار انتهى (قلت) ويؤيد ما في البحر حيث قال ولعل المراد بالزيادة الفاحشة ما لا يتغابن الناس فيها كما في طرف النقصان فأنه جائز عن المثل أن كان يسيرا والواحد في العشرة يتغابن الناس فيه كما ذكروه في كتاب الوكالة وهذا قيد حسن يجب حفظه فإذا كانت أجرة دار عشرة مثلا وزاد أجر مثلها واحدا فانها لا تنقض كما لو أجرها المتولى بتسعة فانها لا تنقض بخلاف الدرهمين في الطرفين انتهى. ويؤيده أيضا ما في البيرى عن الفيض لو آجر ثمانية وآجر مثله عشرة تنفسخ انتهى (لكن) ذكر في البحر أيضا عن القنية ما نصه وفي القنية في الدور والحوانيت المسجلة في يد المستأجر يمسكها بغبن فاحش نصف المثل أو نحوه لا تعذر أهل المحلة في السكوت عنه إذا امكنهم دفعه ويجب على الحاكم أن يأمره بالاستيجار بأجر المثل ويجب عليه أجر المثل بالغا ما بلغ وعليه الفتوى وما لم يفسخ كان على المستأجر الأجر المسمى انتهى فقوله نصف المثل أو نحوه يؤيد ما في الحاوى الحصيرى لكنه يفيد عدم التقدير بالنصف بل هو أو ما يقاربه ولعل في المسئلة روايتين والمشهور الآن بين الموثقين التقدير بالخمس وفي الفتاوى الخيرية ما يفيده والاحوط الانفع للوقف ما في البحر والفيض والله سبحانه اعلم وهذا آخر ما يسره المولى سبحانه وتعالى على عبد الحقير في ربيع الثاني من شهور سنة ست واربعين ومأتين والف والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم