المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إرشاد الأنام إلى أصول ومهمات دين الإسلام سؤال وجواب - إرشاد الأنام إلى أصول ومهمات دين الإسلام

[عمر العمر]

فهرس الكتاب

إرشاد الأنام إلى أصول ومهمات دين الإسلام

سؤال وجواب

ص: 1

‌تَقْدِيمُ

سَمَاحَةِ الْمُفْتِي الْعَامِّ لِلْمَمْلَكَةِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ عَلَى كِتَابِ «إِرشَادِ الأَنَامِ إِلَى أُصُولِ وَمُهِمَّاتِ دِينِ الإِسْلَامِ» ؛ الَّذِي أَعَدَّهُ الدُّكْتُور: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُمَر، وَهُوَ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ قَدِ احْتَوَى الْمَسَائِلَ الْمُهِمَّةَ فِي أَبْوَابِ التَّوْحِيدِ وَعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، مَعَ ذِكْرِ أَحْكَامِ الوُضُوءِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالحَجِّ بِاخْتِصَارٍ.

وَقَدْ أَلْفَيْتُهُ كِتَابًا مُفِيدًا فِي مَادَّتِهِ الَّتِي تَمَّتْ صِيَاغَتُهَا عَلَى شَكْلِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ بِعِبَارَةٍ سَهْلَةٍ؛ لَيَسْهُلَ قِرَاءَتُهَا وَفَهْمُهَا لِلْقَارِئِ، وَيَحسُنُ أَنْ يُتَرْجَمَ الْكِتَابُ إِلَى اللُّغَاتِ الْأُخْرَى؛ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُ كَذَلِكَ غَيْرُ النَّاطِقِينَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

الْمُفْتِي الْعَامُّ لِلْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ

رَئِيسُ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ الرَّئِيسُ الْعَامُّ لإِدَارَةِ الْبُحُوثِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْإِفْتَاءِ

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ آلِ الشَّيْخِ

ص: 5

‌تَقدِيمُ مَعَالِي الشَّيخِ

د. صَالِحِ بنِ فَوْزَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْفَوْزَان

عُضْوِ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ، اطَّلَعْتُ عَلَى رِسَالَةٍ لِلشَّيْخِ: عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَر، بِعُنْوَانِ:«إِرْشَادِ الأَنَامِ إِلَى أُصُولِ وَمُهِمَّاتِ دِينِ الإِسْلَامِ» ، فَوَجَدْتُهَا مُفِيدَةً وجَيِّدَةً مَعَ اخْتِصَارِهَا، فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرًا وَنَفَعَ بِهَا، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ.

كَتَبَهُ

صَالِحُ بْنُ فَوْزَانَ الفَوْزَان

عُضْوُ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ

فِي 10/ 2/ 1437 هـ

ص: 7

‌مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا للتَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ تَعلُّمَ التَّوْحِيدِ وَالْمُعْتَقَدِ الصَّحِيحِ وَأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ وَأَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ؛ حَتَّى تَكُونَ الْعَقِيدَةُ عَقِيدَةً صَحِيحَةً، وَالْعِبَادَةُ عِبَادَةً مَشْرُوعَةً خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، مُوَافِقَةً لِشَرْعِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ الْمُخْتَصَرَةَ، فِي ضَوْءِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمَا سَطَّرَهُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ، وَأَئِمَّةُ الدَّعْوَةِ، مِنْ رَسَائِلَ نَافِعَةٍ مُهِمَّةٍ، وَسَمَّيْتُهَا:«إِرْشَاد الأَنَامِ إِلَى أُصُولِ وَمُهِمَّاتِ دِينِ الإِسْلَامِ» ، وَجَعَلْتُهَا مُقَسَّمَةً عَلَى أَبْوَابٍ، وَبِطَرِيقَةِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ؛ لِتَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الْفَهْمِ، وَإِدْرَاكِ الصَّوَابِ.

وَاللهَ تَعَالَى أَسَأَلُ أَنْ يَجْعَلَهَا خَالِصَةً لِوَجْهِهِ، مُوَافِقَةً لِمَرْضَاتِهِ، نَافِعَةً لِعِبَادِهِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

ص: 9

(1) بَابُ الأُصُولِ الثَّلَاثَةِ

‌س 1: مَا الْأُصُولَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ مَعْرِفَتُهَا؟

الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ مَعْرِفَتُهَا هِيَ:

1 -

مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ ....

2 -

مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ دِينَهُ.

3 -

مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌س 2: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1].

* * *

ص: 11

‌س 3: بِمَاذَا عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

عَرَفْتُ رَبِّي بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37].

وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ: السَّمَوَاتُ السَّبْعُ، وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُمَا.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [السجدة: 4].

* * *

‌س 4: مَا دِينُكَ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

دِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَهُوَ: الْاسْتِسْلَامُ للهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

* * *

ص: 12

‌س 5: مَا مَرَاتِبُ الدِّينِ؟

مَرَاتِبُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْإِيمَانُ.

3 -

الْإِحْسَانُ.

* * *

‌س 6: مَنْ نَبِيُّكَ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

نَبِيِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخِلِيلِ -عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ-.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].

* * *

ص: 13

(2) بَابُ أَرْكَانِ الإِسلَامِ وَمَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ

‌س 7: مَا أَرْكَانُ الإِسْلَامِ؟

أَرْكَانُ الإِسْلَامِ خَمْسَةٌ وَهِيَ:

1 -

شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

2 -

إِقَامُ الصَّلَاةِ.

3 -

إِيتَاءُ الزَّكَاةِ.

4 -

صَوْمُ رَمَضَانَ.

5 -

حَجُّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

* * *

‌س 8: مَا مَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

مَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: 62].

* * *

ص: 15

‌س 9: مَا أَرْكَانُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَهَا رُكْنَانِ:

الْأَوَّلُ: النَّفْيُ، وَهُوَ قَوْلُ:(لَا إِلَهَ).

الثَّانِي: الْإِثْبَاتُ، وَهُوَ قَوْلُ:(إِلَّا اللهُ).

والدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}

(1)

[البقرة: 256]، فَقَوْلُهُ:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} هَذَا دَلِيلُ النَّفْيِ، وَقَوْلُهُ:{وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} هَذَا دَلِيلُ الْإِثْبَاتِ.

* * *

‌س 10: مَا شُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟

شُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْعِلْمُ الْمُنَافِي لِلْجَهْلِ.

2 -

الْيَقِينُ الْمُنَافِي للشَّكِّ.

3 -

الْإِخْلَاصُ الْمُنَافِي لِلشِّرْكِ.

4 -

الصِّدْقُ المُنَافِي لِلْكَذِبِ.

5 -

الْمَحَبَّةُ الْمُنَافِيَةُ لِلْبُغْضِ.

(1)

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رحمه الله: «الْعُروَةُ الوُثقَى: لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ» . [«تَفسِير الطَّبَرِي» (4/ 560)].

ص: 16

6 -

الانْقِيَادُ الْمُنَافِي للتَّرَكِ.

7 -

الْقَبُولُ الْمُنَافِي لِلرَّدِّ.

8 -

الْكُفْرُ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ.

وَقَدْ جُمِعَتْ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ:

عِلْمٌ يَقِينٌ وَإِخْلَاصٌ وَصِدْقُكَ مَعْ

مَحَبَّةٍ وَانْقِيَادٍ وَالْقَبُولِ لَهَا

وَزِيدَ ثَامِنُهَا الْكُفْرَانُ مِنْكَ بِمَا

سِوَى الْإِلَهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَدْ أُلِهَا

* * *

‌س 11: مَا مُقْتَضَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟

مُقْتَضَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ:

1 -

الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى بِتَحْقِيقِ تَوْحِيدِهِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ، (وَهَذَا مُقْتَضَى الْإِثْبَاتِ).

2 -

الْكُفْرُ بِكُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَالمُشْرِكِينَ، وَاجْتِنَابُ نَوَاقِضِ الدِّينِ، (وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى النَّفْيِ).

* * *

‌س 12: مَا مَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

مَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ: هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ، وَالْإِيمَانُ بِالْقَلْبِ، بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَأَنَّهُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ

ص: 17

وَالْمُرْسَلِينَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].

* * *

‌س 13: مَا مُقْتَضَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟

مُقْتَضَى شَهَادَةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَاجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، وَأَلَّا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ.

* * *

ص: 18

(3) بَابُ أَركَانِ الإِيمَانِ وَثَمَرَاتِهِ

‌س 14: مَا أَرْكَانُ الْإِيمَانِ؟

أَرْكَانُ الْإِيمَانِ سِتَّةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى.

2 -

الْإِيمَانُ بِمَلَائِكَتِهِ.

3 -

الْإِيمَانُ بِكُتُبِهِ.

4 -

الْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ.

5 -

الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ.

6 -

الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى.

* * *

‌س 15: مَا مَعْنَى الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى؟

الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى: هُوَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِوُجُودِ اللهِ تَعَالَى، وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.

* * *

ص: 19

‌س 16: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: تَحْقِيقُ تَوْحِيدِ اللهِ تَعَالَى، بِأَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ للهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

الثَّانِيَةُ: كَمَالُ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَخَوْفِهِ، وَرَجَائِهِ، بِمُقْتَضَى أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا.

الثَّالِثَةُ: تَحْقِيقُ مُقْتَضَى عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ.

* * *

‌س 17: مَا مَعْنَى الْإيمَانِ بِالْمَلَائِكَةِ؟

الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ: هُوَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِوُجُودِهِمْ، وَأَنَّهُمْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.

فَنُؤْمِنُ بِمَنْ سَمَّى اللهُ مِنْهُمْ كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ.

* * *

‌س 18: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَةِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَةِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: الْعِلْمُ بِعَظَمَةِ اللهِ تَعَالَى، وَقُوَّتِهِ، وَسُلْطَانِهِ، فَإِنَّ عَظَمَةَ الْمَخْلُوقِ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الْخَالِقِ، وَمِنْ ذَلِكَ: عِظَمُ كَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَعِظَمُ خَلْقِ جِبْرِيلَ عليه السلام، وَعِظَمُ خَلْقِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ.

ص: 20

الثَّانِيَةُ: مَحَبَّةُ اللهِ تَعَالَى وَشُكْرُهُ عَلَى عِنَايَتِهِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، حَيْثُ وَكَّلَ مَلَائِكَةً يَقُومُونَ بِحِفْظِهِمْ.

الثَّالِثَةُ: التَّرْغِيبُ فِي الْحَسَنَاتِ، وَالتَّرْهِيبُ مِنَ السَّيِّئَاتِ، حَيْثُ وَكَّلَ اللهُ مَلَائِكَةً يَقُومُونَ بِكِتَابَةِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

* * *

‌س 19: مَا مَعْنَى الْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ؟

الْإِيمَانُ بِالْكُتُبِ: هُوَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِالْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى رُسُلِهِ، وَأَنَّهَا كَلَامُهُ، وَأَنَّهَا حَقٌّ وَنُورٌ، فَنُؤْمِنُ بِمَا سَمَّى اللهُ مِنْهَا كَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ، وَمَا لَمْ يُسَمِّهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ هُوَ أَفْضَلُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَخَاتَمُهَا؛ وَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ بِحِفْظِهِ، وَنَسَخَ بِهَ جَمِيعَ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ.

* * *

‌س 20: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: الْعِلْمُ بِرَحْمَةِ اللهِ وَعِنَايَتِهِ بِعِبَادِهِ، حَيْثُ أَنْزَلَ الْكُتُبَ لِهِدَايَتِهِمْ.

الثَّانِيَةُ: الْعِلْمُ بِحِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرْعِهِ، حَيْثُ شَرَعَ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا يُنَاسِبُ أَحْوَالَهُمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48].

ص: 21

الثَّالِثَةُ: شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى بِإِنْزَالِ كُتُبِهِ.

الرَّابِعَةُ: عِبَادَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ الْمُرْسَلِ.

* * *

‌س 21: مَا مَعْنَى الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ؟

الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ هُوَ: التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِرِسَالَتِهِمْ وَنُبُوَّتِهِمْ، فَنُؤْمِنُ بِمَنْ سَمَّى اللهُ مِنْهُمْ، كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَنُؤْمِنُ بِأَنَّ أَفْضَلَهُمْ وَخَاتَمَهُمْ هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌س 22: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: الْعِلْمُ بِرَحْمَةِ اللهِ تِعَالَى وَعِنَايَتِهِ بِعِبَادِهِ، حَيْثُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ لِهِدَايَتِهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالدِّينِ الْقَوِيمِ.

الثَّانِيَةُ: عِبَادَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ الْمُرسَلُ.

الثَّالِثَةُ: مَحَبَّةُ الرُّسُلِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وَتَعْظِيمُهُمْ، وَالثَّناءُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ، عَلَى قِيَامِهِمْ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ.

الرَّابِعَةُ: شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى، بَإِرْسَالِ رُسُلِهِ.

ص: 22

‌س 23: مَا مَعْنَى الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ؟

الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ هُوَ: التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، الَّذِي يُبْعَثُ النَّاسُ فِيهِ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ.

* * *

‌س 24: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: الرَّغْبَةُ فِي فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَزِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ؛ رَجَاءً لِثَوَابِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الثَّانِيَةُ: الرَّهْبَةُ مِنْ فِعْلِ الْمَعَاصِي، وَاقْتِرَافِ السَّيِّئَاتِ؛ خَوْفًا مِنْ عِقَابِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الثَّالِثَةُ: تَسْلِيَةُ الْمُؤْمِنِ عَمَّا يَفُوتُهُ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا الْفَانِي، بِمَا يَرْجُوهُ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ الْبَاقِي.

* * *

‌س 25: مَا مَعْنَى الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟

الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ: هُوَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَالْإِقْرَارُ الْكَامِلُ بِعِلْمِ اللهِ تَعَالَى بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِهَا، وَكِتَابَتِهِ لَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَمَشِيئتِهِ لِوُقُوعِهَا، وَخَلْقِهِ لَهَا.

* * *

ص: 23

‌س 26: مَا ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ بِالقَدَرِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الأُولَى: صِدْقُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَالْاعْتِمَادُ عَلَيهِ عِنْدَ فِعْلِ الْأَسْبَابِ، فَمَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

الثَّانِيَةُ: الْيَقِينُ التَّامُّ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مَنْعِهِ، وَبِدَفْعِ الْمَرْهُوبِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ لَوُقُوعِهِ.

الثَّالِثَةُ: الصَّبْرُ وَالرِّضَا بِمَا يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْمَصَائِبِ؛ فَلَا يَتَسَّخَطُ وَلَا يَجْزَعُ عِنْدَ وُقُوعِهَا، وَإِنَّمَا يَقُولُ:«قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ»

(1)

.

الرَّابِعَةُ: شُكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ، وَعَدَمُ إِعْجَابِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ حُصُولِ مُرَادِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ وَفَضْلِهِ.

الْخَامِسَةُ: هِدَايَةُ الْقَلْبِ وَتَمَامُ التَّسْلِيمِ، وَالرَّاحَةُ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11].

السَّادِسَةُ: السَّلَامَةُ مِنَ الْحَسَدِ؛ لأَنَّ الحَاسِدَ مُعتَرِضٌ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، بِتَمَنِّيهِ زَوَالَ النِّعْمَةِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللهُ لِلمَحْسُودِ.

* * *

(1)

روَاهُ مُسلمٌ (2664) كتَابُ القَدَر، والمُثبَتُ فِي «صَحِيح مُسلِم» هُو بتَخفِيفِ الدَّال، وهُوَ مَا رَجَّحَهُ سمَاحَةُ شَيخِنَا ابنِ بَازٍ رحمه الله كمَا فِي شَرحِهِ عَلى «كتَابِ التَّوحِيد» .

ص: 24

(4) بَابُ الإِحْسَانِ وَثَمَرَاتِهِ

‌س 27: مَا مَعْنَى الْإِحْسَانِ؟

الْإِحْسَانُ: هُوَ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.

* * *

‌س 28: مَا مَرَاتِبُ الْإِحْسَانِ؟

الْإِحْسَانُ مَرْتَبَتَانِ، هُمَا:

الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: مَرْتَبَةُ الْمُشَاهَدَةِ الْقَلْبِيَّةِ، وَهِيَ أَنْ يَعْبُدَ الْعَبْدُ رَبَّهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَهَذِهِ أَعْلَى الْمَرْتَبَتَيْنِ.

الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: مَرْتَبَةُ الْمُرَاقَبَةِ، وَهِيَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللهَ يَرَاهُ فِي أَيِّ مَكَانٍ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].

* * *

‌س 29: مَا ثَمَرَاتُ الْإِحْسَانِ؟

ثَمَرَاتُ الْإِحْسَانِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

الْأُولَى: خَشْيَةُ اللهِ تَعَالَى فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ.

ص: 25

الثَّانِيَةُ: إِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ للهِ تَعَالَى، وَبَذْلُ الْجُهْدِ فِي تَحْسِينِهَا وَإِكْمَالِهَا.

الثَّالِثَةُ: مَعِيَّةُ اللهِ الْخَاصَّةُ بِالْمُحْسِنِينَ.

الرَّابِعَةُ: الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَرُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى.

* * *

ص: 26

(5) بَابُ التَّوْحِيدِ وَفَضَائِلِهِ

‌س 30: مَا مَعْنَى التَّوْحِيدِ؟ وَمَا أَقْسَامُهُ؟

التَّوْحِيدُ هُوَ: إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ.

وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ:

1 -

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ.

2 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ.

3 -

تَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.

* * *

‌س 31: مَا مَعْنَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ؟

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ: إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِأَفْعَالِهِ.

وَقِيلَ: هُوَ إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالْمُلْكِ وَالتَّدْبِيرِ.

* * *

ص: 27

‌س 32: هَلْ يَكْفِي تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ لِلدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ؟

لَا يَكْفِي تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ لِلدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يُقِرُّونَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا خَالِقَ إِلَّا اللهُ، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87].

* * *

‌س 33: مَا أَهَمِّيَّةُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ؟

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ تَتَلَخَّصُ أَهَمِّيَّتُهُ فِي الْأُمُورِ التَّالِيَةِ:

1 -

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ يَسْتَلْزِمُ تَوْحِيدَ الْأُلُوهِيَّةِ، وَدَلِيلٌ مُوصِلٌ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

2 -

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ بِالقَضَاءِ وَالْقَدَرِ؛ لأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ اللهِ تَعَالَى، فَمَنْ جَحَدَ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.

3 -

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْ نَتَائِجِهِ التَّوَكُّلُ، الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَقَامَاتِ الدِّينِ وَدَرَجَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.

4 -

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ يُحَصِّنُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ خَطَرِ الْإِلْحَادِ، وَشُبُهَاتِ الْمُلْحِدِينَ.

* * *

ص: 28

‌س 34: مَا مَعْنَى تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ؟

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ: هُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ.

وَقِيلَ: هُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ.

* * *

‌س 35: مَا أَهَمِّيَّةُ تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ؟

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ أَهَمُّ أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ؛ لِلْأَسْبَابِ التَّالِيَةِ:

1 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ: مَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله.

2 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ: الْغَايَةُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.

3 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ: دَعْوَةُ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا، وَلِأَجْلِهِ وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَقْوَامِهِمْ.

4 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ: حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ.

5 -

تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ: أَسَاسُ صِحَّةِ الْأَعْمَالِ، وَقَبُولِ الْعِبَادَةِ.

* * *

‌س 36: مَا مَعْنَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؟

تَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ هُوَ: إِفْرَادُ اللهِ سبحانه وتعالى بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ بِإِثْبَاتِ مَا أَثْبَتَهُ، وَنَفْيِ مَا نَفَاهُ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ، وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ.

ص: 29

‌س 37: مَا طَرِيقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؟

طَرِيقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ هِيَ: إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، إِثْبَاتًا بِلَا تَمْثِيلٍ، وَنَفْيُ مَا نَفَاهُ اللهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَنْزِيهُهُ عَنْ ذَلِكَ، تَنْزِيهًا بِلَا تَعْطِيلٍ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

فَقَوْلُهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَقَوْلُهُ:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رَدٌّ لِلتَّعْطِيلِ.

* * *

‌س 38: مَا أَهَمِّيَةُ تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؟

يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، لِلْأَسْبَابِ التَّالِيَةِ:

1 -

الْعِلْمُ بِأَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ.

2 -

الْعِلْمُ بِأَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ هُوَ الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى.

3 -

زِيَادَةُ الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى؛ فكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ مَعْرِفَةً بِأَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ؛ ازْدَادَ إِيمَانُهُ وَقَوِيَ يَقِينُهُ.

4 -

تَقْوِيَةُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ؛ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ.

5 -

الْإِيمَانُ بِأَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَمَعْرِفَتُهَا، يَتَضَمَّنُ أَنْوَاعَ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةَ:

ص: 30

تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.

6 -

الْوِقَايَةُ مِنَ التَّشْبِيهِ أَوِ التَّعْطِيلِ فِي أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، كَمَا حَصَلَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ أَوِ الْمُعْتَزِلَةِ أَوِ الْأَشَاعِرَةِ.

* * *

‌س 39: مَا فَضَائِلُ التَّوْحِيدِ؟

فَضَائِلُ التَّوْحِيدِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

1 -

عِصْمَةُ الدَّمِ وَالْمَالِ.

2 -

تَفْرِيجُ كُرُبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

3 -

النَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَالتَّمْكِينُ فِي الْأَرْضِ.

4 -

الْهُدَى الْكَامِلُ، وَالْأَمْنُ التَّامُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

5 -

الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالثَّوَابُ الْعَظِيمُ فِي الْآخِرَةِ.

6 -

تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ.

7 -

الْفَوْزُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

8 -

التَّحَرُّرُ مِنْ رِقِّ الْمَخْلُوقِينَ، وَالتَّعَلُّقِ بِهِمْ، أَوْ خَوْفِهِمْ، أَوْ رَجَائِهِمْ.

9 -

النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ.

10 -

دُخُولُ الْجَنَّةِ.

* * *

ص: 31

(6) بَابُ الرِّدَّةِ

‌س 40: مَا مَعْنَى الرِّدَّةِ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

الرِّدَّةُ هِيَ: الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].

* * *

‌س 41: مَا أَقْسَامُ الرِّدَّةِ؟

الرِّدَّةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، وَهِيَ:

1 -

الرِّدَّةُ بِالقَوْلِ.

2 -

الرِّدَّةُ بِالْفِعْلِ.

3 -

الرِّدَّةُ بِالاعْتِقَادِ.

4 -

الرِّدَّةُ بِالشَّكِّ.

5 -

الرِّدَّةُ بِالتَّرْكِ.

ص: 33

‌س 42: مَا أَمْثِلَةُ الرِّدَّةِ بِالْقَوْلِ؟

الرِّدَّةُ بِالْقَوْلِ تَكُونُ بِعِدَّةِ أُمُورٍ، مِنْهَا:

1 -

سَبُّ اللهِ تَعَالَى، أَوْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

2 -

الاسْتِهْزَاءُ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، أَوِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، أَوْ شَعَائِرِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ.

3 -

ادِّعَاءُ عِلْمِ الْغَيْبِ.

4 -

ادِّعَاءُ النُّبُوَّةِ.

5 -

دُعَاءُ غَيْرِ اللهِ، فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ.

* * *

‌س 43: مَا أَمْثِلَةُ الرِّدَّةِ بِالْفِعْلِ؟

الرِّدَّةُ بِالْفِعْلِ تَكُونُ بِعِدَّةِ أُمُورٍ، مِنْهَا:

1 -

السُّجُودُ لِغَيْرِ اللهِ، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ أَوْ لِلْقُبُورِ.

2 -

الذَّبْحُ لِلْجِنِّ، لِأَجْلِ رَجَائِهِمْ أَوِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ، أَوِ الذَّبْحُ لِلْمَوْتَى تَقَرُّبًا لَهُمْ.

3 -

إِلْقَاءُ الْمُصْحَفِ فِي الْأَمَاكِنِ النَّجِسَةِ.

4 -

عَمَلُ السِّحْرِ، وَتَعَلُّمُهِ وَتَعْلِيمُهُ.

* * *

ص: 34

‌س 44: مَا أَمْثِلَةُ الرِّدَّةِ بِالاعْتِقَادِ؟

الرِّدَّةُ بِالاعْتِقَادِ تَكُونُ بِعِدَّةِ أُمُورٍ، مِنْهَا:

1 -

اعْتِقَادُ الشَّرِيكِ للهِ تَعَالَى.

2 -

اعْتِقَادُ عَدَمِ البَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ عَدَمِ وُجُودِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

3 -

اسْتِحْلَالُ مَا حَرَّمَ اللهُ، مِثْلُ: اسْتِحْلَالِ الزِّنَا، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ، أَوِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ.

4 -

جَحْدُ شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ وَفَرَائِضِهِ، كَجَحْدِ الصَّلَاةِ أَوِ الزَّكَاةِ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ أَوِ الْحَجِّ.

* * *

‌س 45: مَا أَمْثِلَةُ الرِّدَّةِ بِالشَّكِّ؟

الرِّدَّةُ بِالشَّكِّ تَكُونُ بِعِدَّةِ أُمُورٍ، مِنْهَا:

1 -

الشَّكُّ فِي الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ وُجُودِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

2 -

الشَّكُّ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، أَوْ صَلَاحِيَتِهِ لِهَذَا الزَّمَانِ.

3 -

الشَّكُّ فِي رِسَالَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِي صِدْقِهِ.

4 -

الشَّكُّ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَأَنَّهُ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى.

* * *

ص: 35

‌س 46: مَا أَمْثِلَةُ الرِّدَّةِ بِالتَّرْكِ؟

الرِّدَّةُ بِالتَّرْكِ تَكُونُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا؛ لِقَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ: تَرْكَ الصَّلَاةِ»

(1)

.

* * *

(1)

) روَاهُ مُسلِمٌ (82).

ص: 36

(7) بَابُ الشِّرْكِ فِي الْعِبَادَةِ

‌س 47: مَا مَعْنَى الشِّرْكِ فِي الْعِبَادَةِ؟ وَمَا هِيَ أَقْسَامُهُ؟

الشِّرْكُ هُوَ: اتِّخَاذُ شَرِيكٍ مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي الْعِبَادَةِ.

وَهُوَ قِسْمَانِ:

1 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ.

2 -

الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ.

* * *

‌س 48: مَا الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ؟

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ هُوَ: صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى.

* * *

‌س 49: اذْكُرْ أَمْثِلَةً عَلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ؟

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ لَهُ أَمْثِلَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:

الاسْتِغَاثَةُ بِالْمَوْتَى، وَالذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ -مِنَ الْقُبُورِ أَوِ الْجِنِّ أَوِ الشَّيَاطِينِ-، وَمِنْ ذَلِكَ أَيضًا: طَلَبُ المَدَدِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، أَوْ تَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ.

ص: 37

‌س 50: مَا مَفَاسِدُ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ؟

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ خَطَرُهُ عَظِيمٌ، وَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

1 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَأَعْظَمُ الظُّلْمِ، وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ.

2 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُخْرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ.

3 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُحْبِطُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ.

4 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ.

5 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يَمْنَعُ دُخُولَ الْجَنَّةِ، وَيُخَلَّدُ صَاحِبُهُ فِي النَّارِ إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ.

* * *

‌س 51: مَا أَسْبَابُ الوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ؟

أَسْبَابُ الوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ أَهَمِّهَا:

1 -

الْغُلُوُّ فِي الصَّالِحِينَ.

2 -

الْجَهْلُ بِحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ، وَالمَعْنَى الصَّحِيحِ لِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

3 -

اتِّبَاعُ الْهَوَى.

4 -

التَّقْلِيدُ الْأَعْمَى.

* * *

ص: 38

‌س 52: مَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟

الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ هُوَ: كُلُّ مَا نَهَى عَنْهُ الشَّرْعُ، مِمَّا هُوَ وَسِيلَةٌ إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، وَجَاءَ فِي النُّصُوصِ تَسْمِيَتُهُ شِرْكًا.

* * *

‌س 53: اذْكُرْ أَنْوَاعَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ؟

الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ قِسْمَانِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: شِرْكٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ:

1 -

شِرْكٌ بِالْأَقْوَالِ، كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ، وَقَوْلِ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ.

2 -

شِرْكٌ بِالْأَفْعَالِ، مِثْلُ: لُبْسِ الْحَلْقَةِ وَالْخَيْطِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ أَوْ دَفْعِهِ، وَتَعْلِيقُ التَّمَائِمِ خَوْفًا مِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا.

الْقِسْمُ الثَّانِي: شِرْكٌ خَفِيٌّ، وَهُوَ الرِّيَاءُ فِي الْعِبَادَةِ.

* * *

‌س 54: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ وَالشِّرْكِ الْأَصْغَرِ؟

الْفَرْقُ بَيْنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ وَالشِّرْكِ الْأَصْغَرِ فِي الْأُمُورِ التَّالِيَةِ:

1 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُخْرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ لَا يُخْرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ، لَكِنَّهُ يُنْقِصُ التَّوْحِيدَ.

ص: 39

2 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُنَافِي أَصْلَ التَّوْحِيدِ، وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يُنَافِي كَمَالَ التَّوْحِيدِ الوَاجِبِ.

3 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُحْبِطُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ، وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ لَا يُحْبِطُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ، وَإِنَّمَا يُحْبِطُ الرِّيَاءُ الْعَمَلَ الَّذِي قَارَنَهُ فَقَطْ.

4 -

الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ يُخَلَّدُ صَاحِبُهُ فِي النَّارِ، وَالشِّرْكُ الْأَصْغَرُ لَا يُخلَّدُ صَاحِبُهُ فِيهَا إِنْ دَخَلَهَا.

* * *

ص: 40

(8) بَابُ النِّفَاقِ

‌س 55: مَا مَعْنَى النِّفَاقِ؟ وَمَا هِيَ أَقْسَامُهُ؟

النِّفَاقُ هُوَ: إِظْهَارُ الْخَيْرِ وَإِبْطَانُ الشَّرِّ.

وَهُوَ قِسْمَانِ:

1 -

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ، وَيُسَمَّى: النِّفَاقَ الْأَكْبَرَ.

2 -

النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ، وَيُسَمَّى: النِّفَاقَ الْأَصْغَرَ.

* * *

‌س 56: مَا النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ؟

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ: هُوَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ، وَإِبْطَانُ الْكُفْرِ.

* * *

‌س 57: مَا أَنْوَاعُ النِّفَاقِ الاعْتِقَادِيِّ؟

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ:

1 -

تَكْذِيبُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

2 -

تَكْذِيبُ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.

ص: 41

3 -

بُغضُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

4 -

بُغْضُ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.

5 -

الْمَسَرَّةُ بِانْخِفَاضِ دِينِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

6 -

الْكَرَاهِيَةُ لانْتِصَارِ دِينِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌س 58: مَا النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ؟

النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ: هُوَ عَمَلُ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمُنَافِقِينَ، مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ، كَالْكَذِبِ وَالخِيَانَةِ وَالتَّكَاسُلِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

* * *

‌س 59: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ النِّفَاقِ الاعْتِقَادِيِّ وَالنِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ؟

الْفَرْقُ بَيْنَ النِّفَاقِ الاعْتِقَادِيِّ وَالنِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ فِي الْأُمُورِ التَّالِيَةِ:

1 -

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ يُخرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَالنِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ لَا يُخْرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ.

2 -

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ: اخْتِلَافُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي الاعْتِقَادِ، وَالنِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ: اخْتِلَافُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي الْأَعْمَالِ دُونَ الاعْتِقَادِ.

3 -

النِّفَاقُ الاعْتِقَادِيُّ: لَا يَصْدُرُ مِنْ مُؤْمِنٍ، وَأَمَّا النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ فَقَدْ يَصْدُرُ مِنَ الْمُؤْمِنِ.

* * *

ص: 42

(9) بَابُ العِبَادَةِ الْمَشرُوعَةِ وَالبِدَعِ الْمَمنُوعَةِ

‌س 60: لِمَاذَا خَلَقَنَا اللهُ تَعَالَى؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

خَلَقَنَا اللهُ تَعَالَى لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

* * *

‌س 61: مَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ؟

العِبَادَةُ: هِيَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ.

* * *

‌س 62: مَا شُرُوطُ قَبُولِ الْعِبَادَةِ؟

الْعِبَادَةُ تَكُونُ مَقْبُولَةً بِشَرْطَيْنِ:

1 -

الْإِخْلَاصُ للهِ تَعَالَى.

2 -

الْمُتَابَعَةُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 43

* * *

ص: 44

‌س 63: مَا مَعْنَى الْإِخْلَاصِ للهِ تَعَالَى؟

الْإِخْلَاصُ: هُوَ تَصْفِيَةُ الْعِبَادَةِ مِنْ جَمِيعِ شَوَائِبِ الشِّرْكِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ.

* * *

‌س 64: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْإِخْلَاصِ للهِ تَعَالَى؟

الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْإِخْلَاصِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5].

* * *

‌س 65: مَا مَعْنَى الْمُتَابَعَةِ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

الْمُتَابَعَةُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم هِيَ: الاقْتِدَاءُ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى، بِأَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ مُوَافِقَةً لِلسُّنَّةِ، خَالِيَةً مِنَ الْبِدْعَةِ.

* * *

‌س 66: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

* * *

ص: 45

‌س 67: مَا مَعْنَى الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ؟

الْبِدْعَةُ هِيَ: كُلُّ مَا أُحْدِثَ فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ مِنَ الْكِتَابِ، أَوْ مِنَ السُّنَّةِ، وَبِفَهْمِ سَلَفِ الْأُمَّةِ.

* * *

‌س 68: مَا حُكْمُ الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ، مَعَ الدَّلِيلِ؟

كُلُّ بِدْعَةٍ فِي الدِّينِ مُحَرَّمَةٌ وَضَلَالَةٌ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»

(1)

.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

(2)

.

* * *

‌س 69: مَا أَقْسَامُ الْبِدَعِ فِي الدِّينِ؟

البِدَعُ فِي الدِّينِ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: بِدْعَةٌ قَوْلِيَّةٌ اعْتِقَادِيَّةٌ، كَمَقَالَاتِ الْجَهْمِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَالْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ، وَسَائِرِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ وَاعْتِقَادَاتِهِمْ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ أَخْطَرُ أَنْوَاعِ الْبِدَعِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: بِدْعَةٌ فِي الْعِبَادَاتِ، وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ:

(1)

رَوَاهُ البُخارِيُّ (2697)، ومُسلِمٌ (1718).

(2)

روَاهُ مُسلِمٌ (867).

ص: 46

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: بِدْعَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُبْتَدَعُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، كَالاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: بِدْعَةٌ إِضَافِيَّةٌ، وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُبْتَدَعُ الْمُضَافُ إِلَى أَصْلٍ مَشْرُوعٍ، بِتَغْيِيرِ صِفَتِهِ؛ كَالذِّكْرِ الْجَمَاعِيِّ، أَوِ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِهِ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، أَوْ تَخْصِيصِ وَقْتٍ لَهُ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ تَخْصِيصُهُ، كَصِيَامِ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.

* * *

‌س 70: اذْكُرْ أَمْثِلَةً عَلَى الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ؟

الْبِدَعُ فِي الدِّينِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ أَبْرَزِهَا مَا يَلِي:

1 -

بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ.

2 -

بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ.

3 -

بِدْعَةُ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ، وَاتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ، وَشَدِّ الرِّحَالِ إِلَيْهَا.

* * *

‌س 71: مَا أَسْبَابُ الوُقُوعِ فِي الْبِدَعِ؟

الْوُقُوعُ فِي الْبِدَعِ لَهُ أَسْبَابٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:

1 -

الْجَهْلُ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ.

2 -

تَرْكُ عَمَلِ الصَّحَابَةِ، وَفَهْمِهِمْ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

ص: 47

3 -

اتِّبَاعُ الْهَوَى.

4 -

التَّقْلِيدُ الْأَعْمَى.

5 -

التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ.

* * *

ص: 48

(10) بَابٌ جَامِعٌ فِي عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ

‌س 72: مَنِ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنَ النَّارِ مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ؟

الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنَ النَّارِ هُمْ: أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

* * *

‌س 73: مَنْ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُمُ: الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْأَخْذِ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالعَمَلِ بِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فِي الْقَوْلِ، وَالْعَمَلِ، وَالاعْتِقَادِ.

وَقِيلَ: أَهْلُ السُّنَّةِ هُمْ: أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُسْتَمْسِكُونَ بِالْإِسْلَامِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَسَارَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَلِذَلِكَ يُسَمَّوْنَ بِـ «السَّلَفِيَّةِ» .

* * *

‌س 74: مَا سَبَبُ تَسْمِيَتِهِمْ بِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؟

سَبُبُ تَسْمِيَتِهِمْ بِـ (أَهْلِ السُّنَّةِ)؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِسُّنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وسُمُّوا بِـ (الْجَمَاعَةِ)؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا.

ص: 49

‌س 75: مَا سَبَبُ تَسْمِيَتِهِمْ بِـ «السَّلَفِيَّةِ» ؟

سَبَبُ تَسْمِيَتِهِمْ بِـ «السَّلَفِيَّةِ» ؛ لِأَنَّهُمْ سَارُوا عَلَى مِنْهَاجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ

(1)

.

* * *

‌س 76: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُمُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ؟

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُمُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الافْتِرَاقِ الْمَشْهُورِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً. قِيلَ: مَنْ هُمْ

يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي». وَفِي لَفْظٍ: «الْجَمَاعَةُ»

(2)

.

* * *

‌س 77: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلُوِّ، وَصِفَةِ الاسْتِوَاءِ؟

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلُوِّ، وَصِفَةِ الاسْتِوَاءِ، هُوَ مَا

(1)

وَلَيْسَ مِنَ السَّلَفِيَّةِ فِي شَيءٍ مَنْ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُم بِالسَّلَفِيَّةِ الْجِهَادِيَّةِ، الَّذِي يَقُومُ مَنْهَجَهُم عَلَى الْغُلُوِ فِي التَّكْفِيرِ، وَالْجِهَادِ الْبِدْعِيِّ، بِاسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى وُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَالسَّلَفُ الصَّالِحُ بَرِيئُونَ مِنْهُم وَمِنْ أَفْعَالِهِمْ.

(2)

روَاهُ التِّرمذِيُّ (2641)، وأَبُو دَاودَ (4596)، وابْنُ مَاجَه (3992)، وصَحَّحهُ الألبَانِيُّ فِي «صَحِيحِ ابْنِ مَاجَه» (2/ 364).

ص: 50

أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى فِي السَّمَاءِ، فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتِهِ، مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِه، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ.

* * *

‌س 78: مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلوِّ؟

الدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلُوِّ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} [الملك: 16].

وقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، وَغَيْرُهَا مِنَ الْآيَاتِ.

* * *

‌س 79: مَا الدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلُوِّ؟

الدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْعُلُوِّ: حَدِيثُ الْجَارِيَةِ، حِينَمَا سَأَلَهَا النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَيْنَ اللهُ؟ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»

(1)

.

* * *

‌س 80: مَا الدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الاسْتِوَاءِ؟

الدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الاسْتِوَاءِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].

(1)

روَاهُ مُسلِمٌ (537).

ص: 51

وَجَاء فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فِي سُورَة [الأعرَاف: 54]، وَسُورَةِ [يُونُس: 3]، وَسُورَةِ [الرَّعْد: 2]، وَسُورَةِ [الفُرقَان: 59]، وَسُورَةِ [السَّجدَة: 4]، وَسُورَة [الحَدِيد: 4].

* * *

‌س 81: مَا مَعنَى الاسْتِوَاءِ؟

مَعنَى الاسْتِوَاءِ: الْعُلُوُّ وَالارْتِفَاعُ، يَعْنِي: عَلَا وَارْتَفَعَ عَلَى الْعَرْشِ، فَمَعْنَى الاسْتِوَاءِ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَمَّا الْكَيْفِيَّةُ فَهِيَ مَجْهُولَةٌ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رحمه الله:«الاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ» ؛ أَي: السُّؤَالُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ عَلَى جَمِيعِ الصِّفَاتِ أَنَّهَا مَعْلُومَةُ الْمَعْنَى، مَجْهُولَةُ الْكَيْفِيَّةِ.

* * *

‌س 82: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؟

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْقُرْآنِ أنَّهُ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، حُرُوفُهُ، وَمَعَانِيهِ، مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، تَكَلَّمَ اللهُ بِهِ حَقِيقَةً، وَأَلْقَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ فَنَزَلَ بِهِ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

* * *

ص: 52

‌س 83: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ هُوَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى؟

الدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، وَالْمُرَادُ بِكَلَامِ اللهِ فِي الْآيَةِ: الْقُرْآنُ.

* * *

‌س 84: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُنَزَّلٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} [الفرقان: 1].

والدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَجَعَلَ الْأَمْرَ غَيْرَ الْخَلْقِ، وَالْقُرْآنُ مِنَ الْأَمْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، وَلِأَنَّ كَلَامَ اللهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَاتُهُ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ.

* * *

‌س 85: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى؟

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِي الْجَنَّةِ.

* * *

‌س 86: مَا الدَّلِيلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ؟

الدَّلِيلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ

ص: 53

نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23].

وَقَوْلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ»

(1)

.

* * *

‌س 87: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْإِيمَانِ؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْإِيمَانَ: قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ.

* * *

‌س 88: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ؟

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»

(2)

. فَجَعَلَ الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ.

* * *

(1)

رَواهُ البُخَاريُّ (7434)، ومُسلِمٌ (633).

(2)

رَواهُ البُخَارِيُّ (9)، وَمُسلِمٌ (35) وَاللفْظُ لَهُ.

ص: 54

‌س 89: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟

الدَّلِيلُ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31].

وَالدَّلِيلُ عَلَى إِمْكَانِيَّةِ نُقْصَانِهِ وَضَعْفِهِ: قَوْلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»

(1)

.

* * *

‌س 90: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي فَاعِلِ الْكَبِيرَةِ، مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ؟

حُكْمُ فَاعِلِ الْكَبِيرَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].

* * *

‌س 91: مَا حُكْمُ تَكْفِيرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

تَكْفِيرُ الْمُؤْمِنِ حَرَامٌ، وَمِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ»

(2)

.

(1)

روَاهُ مُسلِمٌ (49).

(2)

روَاهُ البُخارِيُّ (6105).

ص: 55

‌س 92: مَا مَوْقَفَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَنَعِيمِهِ؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَهُوَ سُؤَالُ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِنَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

(1)

.

* * *

‌س 93: مَا عَقِيدَةُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي لُزُومِ الْجَمَاعَةِ، مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ؟

يَعْتَقِدُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وُجُوبَ لُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِهِمْ، وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}

[آل عمران: 103].

* * *

‌س 94: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ، مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ؟

يَعْتَقِدُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وُجُوبَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِوُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَعْرُوفِ.

(1)

روَاهُ البُخارِيُّ (798)، وَمُسْلِمٌ (589).

ص: 56

وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ»

(1)

.

* * *

‌س 95: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ؟

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ هِيَ: سَلَامَةُ قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْبُغْضِ، وَسَلَامَةُ أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الطَّعْنِ وَاللَّعْنِ وَالسَّبِّ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يُحِبُّونَهُمْ، وَيَعْرِفُونَ قَدْرَهُمْ، وَيَتَرَضَّوْنَ عَنْهُمْ، وَيَتَّبِعُونَهُمْ بِإِحْسَانٍ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].

* * *

‌س 96: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ يُحِبُّونَهُمْ لِأَمْرَيْنِ: لِإِيمَانِهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَغْلُونَ فِي مَحَبَّتِهِمْ بِعِبَادَتِهِمْ مِنْ دُونِ اللهِ، أَوِ اعْتِقَادِ عِصْمَتِهِمْ.

(1)

روَاهُ البُخَاريُّ (7144)، ومُسلِمٌ (1839).

ص: 57

‌س 97: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ؟

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ أَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ، وَمُقْتَضَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

وَالْوَلَاءُ مَعْنَاهُ: مَحَبَّةُ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ.

وَالْبَرَاءُ مَعْنَاهُ: الْبَرَاءَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَافِرِينَ، وَعَدَمُ مُوَالَاتِهِمْ، وَتَرْكُ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ ظُلْمُهُمْ، أَوِ التَّعَدِّي عَلَيْهِمْ، أَوْ مَنْعُ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ، بَلْ جَاءَ الْإِسْلَامُ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمُسَالِمِينَ مِنْهُمْ.

* * *

‌س 98: مَا عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي عِيسَى عليه السلام

عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي عِيسَى عليه السلام: أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، عَبْدٌ لَا يُعْبَدُ، وَرَسُولٌ لَا يُكَذَّبُ، وَأَنَّهُ بَشَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، مَخْلُوقٌ مِنْ أُمٍّ بِلَا أَبٍ.

* * *

‌س 99: مَا مَوْقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَدْيَانِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ قَدْ نَسَخَ كُلَّ الْأَدْيَانِ السَّابِقَةِ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ دِينًا بَعْدَ بِعْثَةِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْإِسْلَامَ.

ص: 58

‌س 100: مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الدِّينُ الْحَقُّ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ بَاطِلَةٌ؟

الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الدِّينُ الْحَقُّ، وَبُطْلَانُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85].

* * *

‌س 101: مَا الدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا أُرْسِلَ بِهِ؟

الدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَبِالْإِسْلَامِ الَّذِي جَاءَ بِهِ: هُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»

(1)

.

* * *

‌س 102: مَا مَوْقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ؟

مَوْقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ التَّسلِيمُ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَالانْقِيَادُ لَهَا، وَعَدَمُ مُعَارَضَتِهَا بِرَأْيٍ، أَوْ عَقْلٍ، أَوْ تَقْلِيدٍ،

(1)

روَاهُ مُسلِمٌ (153).

ص: 59

أَوِ اتِّبَاعِ هَوًى.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

* * *

‌س 103: مَا مَوْقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ وَمَا غَايَتُهُ؟ وَأَهَمُّ شُرُوطِهِ؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْجِهَادَ هُوَ ذِرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَشْرُوعٌ لِغَايَةٍ عَظِيمَةٍ، بِأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا.

وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرُوطٍ؛ مِنْ أَهَمِّهَا: الْقُدْرَةُ وَالاسْتِطَاعَةُ، وَأَنْ يَكُونَ تَحْتَ رَايَةٍ يَعْقِدُهَا وَلِيُّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ»

(1)

.

* * *

‌س 104: مَا مَوْقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْجَمَاعَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ، وَالَّتِي يُسَمُّونَهَا (جِهَادًا)؟

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَتَبَرَّءُونَ مِنْ أَفْعَالِ الْإِرْهَابِيِّينَ وَإِنْ سَمَّوْهَا جِهَادًا؛

(1)

رَوَاهُ البُخَاريُّ (2957)، ومُسلِمٌ (1841).

ص: 60

لِأَنَّهُمْ عَلَى مَنْهَجِ الْخَوَارِجِ، وَلِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ أَفْعَالٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَهَا آثَارٌ سَيِّئَةٌ؛ مِنْ تَشْوِيهِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَتَرْوِيعِ الْآمِنِينَ، وَقَتْلِ الْأَبْرِيَاءِ الْمَعْصُومِينَ.

* * *

ص: 61

(11) بَابُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ

‌س 105: مَا مَعْنَى الوُضُوءِ؟

الوُضُوءُ هُوَ: الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ عَلَى أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ، بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.

* * *

‌س 106: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ؟

الوُضُوءُ هُوَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].

وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»

(1)

.

* * *

(1)

رَوَاهُ البُخارِيُّ (6954) ومُسلِمٌ (537).

ص: 63

‌س 107: مَا شُرُوطُ الوُضُوءِ؟

شُرُوطُ الوُضُوءِ عَشَرَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْعَقْلُ.

3 -

التَّمْيِيزُ.

4 -

النِّيَّةُ.

5 -

اسْتِصْحَابُ حُكْمِ النِّيَّةِ، بِأَلَّا يَنْوِيَ قَطْعَهَا حَتَّى تَتِمَّ طَهَارَتُهُ.

6 -

انْقِطَاعُ مُوجِبِ الوُضُوءِ.

7 -

اسْتِنْجَاءٌ أَوِ اسْتِجْمَارٌ قَبْلَهُ، مِنْ حَدَثِ الْبَوْلِ أَوِ الْغَائِطِ.

8 -

طَهُورِيَّةُ الْمَاءِ وَإِبَاحَتُهُ.

9 -

إِزَالَةُ مَا يَمْنَعُ وُصُولُهُ إِلَى الْبَشَرَةِ.

10 -

دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ.

* * *

‌س 108: مَا فُرُوضُ الوُضُوءِ؟

فُرُوضُ الوُضُوءِ سِتَّةٌ، وَهِيَ:

1 -

غَسْلُ الوَجْهِ، وَمِنْهُ الْمَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ.

ص: 64

2 -

غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ.

3 -

مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَمِنْهُ الْأُذُنَانِ.

4 -

غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ.

5 -

التَّرْتِيبُ، وَمَعْنَاهُ: التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الوُضُوءِ بِأَنْ يَغْسِلَ الْوَجْهَ أَوَّلًا، ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ يَمْسَحَ الرَّأْسَ، ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الوُضُوءِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ.

6 -

الْمُوَالَاةُ، وَمَعْنَاهَا: أَنْ يَكُونَ غَسْلُ أَعْضَاءِ الوُضُوءِ مُتَوَالِيًا، حَسَبَ الْإِمْكَانِ.

* * *

‌س 109: مَا صِفَةُ الوُضُوءِ؟

صِفَةُ الوُضُوءِ، كَمَا جَاءَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أَوَّلًا: يَبْدَأُ الْمُتَوَضِّئُ بِالاسْتِنْجَاءِ أَوْ الاسْتِجْمَارِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ

(1)

.

ثَانِيًا: إِذَا كَانَ مُحْدِثًا، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالوُضُوءِ مُبَاشَرَةً.

ثَالِثًا: يَنْوي رَفْعَ الْحَدَثِ بِقَلْبِهِ، دُونَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِلِسَانِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ.

رَابِعًا: يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي بِدَايَةِ الوُضُوءِ غَسْلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

(1)

الاسْتِنجَاءُ وَالاسْتِجمَارُ مَعنَاهُمَا: إزَالةُ النَّجاسَةِ مِنْ مَخرَجِ البَولِ أوِ الغائِطِ، والفَرقُ بَينهُمَا أنَّ الاستِنجَاءَ يكُونُ بِالمَاءِ، وَأمَّا الاستِجمَارُ فيَكونُ بِالحجَرِ ونَحوِهِ.

ص: 65

خَامِسًا: يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ كُلِّ غُرْفَةٍ، يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى وَيَسْتَنْثِرُ بِالْيَدِ اليُسْرَى، وَالاسْتِنْشَاقُ هُوَ إِدْخَالُ الْمَاءِ إِلَى الْأَنْفِ، وَالاسْتِنْثَارُ هُوَ إِخْرَاجُهُ مِنْهُ.

سَادِسًا: يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَحَدُّ الْوَجْهِ: مِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ عَرْضًا، وَمِنْ مَنَابِتِ شَعَرِ الرَّأْسِ إِلَى أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ طُولًا.

سَابِعًا: يَغْسِلُ يَدَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَبْدَأُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْيَدِ الْيُسْرَى، وَالْمِرْفَقَانِ دَاخِلَانِ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ.

ثَامِنًا: يَمْسَحُ جَمِيعَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، يَبُلُّ يَدَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُمِرُّهُمَا مِنَ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مُقَدَّمِهِ.

تَاسِعًا: يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْخِلَ سَبَّابَتَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَيَمْسَحُ بِإِبْهَامَيْةِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ.

عَاشِرًا: يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

(1)

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَبْدَأ بِالرِّجْلِ اليُمْنَى ثُمَّ الرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَالْكَعْبَانِ دَاخِلَانِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: بَعْدَ أَنْ يَنْتَهِيَ مِنَ الوُضُوءِ، يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: «أَشْهَدُ أَنْ

لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ هَذَا بَعْدَ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

(1)

الكَعْبَانِ هُمَا: العَظمَانِ البَارزَانِ فِي أسفَلِ السَّاقِ عَلى جانِبَي القَدَم، وفِي كُلِّ قَدمٍ كَعبَانِ.

ص: 66

وَإِذَا اقْتَصَرَ المُتَوَضِّئُ فِي غَسْلِ كَفَّيْهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَالْمُسْتَحَبُّ: ثَلَاثًا ثَلَاثًا.

* * *

‌س 110: مَا نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ؟

نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مُطْلَقًا.

2 -

زَوَالُ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ نَوْمٍ مُسْتَغْرِقٍ.

3 -

أَكْلُ لَحْمِ الْإِبِلِ.

4 -

مَسُّ الذَّكَرِ بِدُونِ حَائِلٍ.

* * *

‌س 111: مَا مَعْنَى الْغُسْلِ؟

الْغُسْلُ هُوَ: اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.

* * *

‌س 112: مَا مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ؟

مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ:

1 -

خُرُوجُ الْمَنِيِّ دَفْقًا بِلَذَّةٍ.

ص: 67

2 -

الْجِمَاعُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إِنْزَالٌ.

3 -

خُرُوجُ دَمِ الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ.

* * *

‌س 113: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عِنْدَ حُصُولِ أَحَدِ مُوجِبَاتِهِ؟

الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].

* * *

‌س 114: مَا صِفَةُ الْغُسْلِ؟

الْغُسْلُ عَلَى نَوْعَيْنِ وَهُمَا: الْغُسْلُ الْكَامِلُ، وَالْغُسْلُ الْمُجْزِئُ.

وَصِفَةُ الْغُسْلِ الْكَامِلِ: أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ، ثُمَّ يُسَمِّي وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيُخلِّلُ شَعَرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ بَقِيَّةَ جَسَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَأَمَّا صِفَةُ الْغُسْلِ الْمُجْزِئِ: فَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ، ثُمَّ يُسَمِّي، وَيُعَمِّمُ بَدَنَهُ بِالْمَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً، مَعَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ.

* * *

ص: 68

‌س 115: مَا مَحَاسِنُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؟

مَحَاسِنُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ أَهَمِّهَا:

1 -

أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ عَظِيمٌ، يَدْعُو إِلَى الطَّهَارَةِ الْحِسِّيَّةِ، وَالطَّهَارَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ.

2 -

رَفْعُ الدَّرَجَاتِ، وَمَحْوُ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ.

3 -

الاسْتِعْدَادُ لِمُنَاجَاةِ اللهِ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ.

4 -

الْحِفَاظُ عَلَى صِحَّةِ الْبَدَنِ وَسَلَامَتِهِ وَنَشَاطِهِ.

* * *

ص: 69

(12) بَابُ الصَّلَاةِ

‌س 116: مَا مَعْنَى الصَّلَاةِ؟

الصَّلَاةُ: هِيَ التَّعَبُّدُ للهِ تَعَالَى بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ، مُفْتَتَحَةٍ بِالتَّكْبِيرِ، وَمُخْتَتَمَةٍ بِالتَّسْلِيمِ.

* * *

‌س 117: مَا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ؟

الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَهِيَ:

1 -

الْفَجْرُ (رَكْعَتَانِ).

2 -

الظُّهْرُ (أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ).

3 -

الْعَصْرُ (أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ).

4 -

الْمَغْرِبُ (ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ).

5 -

الْعِشَاءُ (أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ).

* * *

ص: 71

‌س 118: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ؟

الصَّلَاةُ هِيَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43].

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»

(1)

.

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَكُفْرِ جَاحِدِهَا.

* * *

‌س 119: مَا حُكْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ؟ وَمَا الدَّلِيلُ؟

تَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ مُخْرِجٌ مِنَ الْإِسْلَامِ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ: تَرْكَ الصَّلَاةِ»

(2)

.

* * *

(1)

رَواهُ البُخَاريُّ (8) ومُسلِمٌ (21).

(2)

رَواهُ مُسلِمٌ (82).

ص: 72

‌س 120: مَا شُرُوطُ الصَّلَاةِ؟

شُرُوطُ الصَّلَاةِ تِسْعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْعَقْلُ.

3 -

التَّمْييزُ.

4 -

رَفْعُ الْحَدَثِ.

5 -

إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنَ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ

(1)

.

6 -

سَتْرُ الْعَوْرَةِ.

7 -

دُخُولُ الْوَقْتِ.

8 -

اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ.

9 -

النِّيَّةُ.

* * *

‌س 121: مَا أَرْكَانُ الصَّلَاةِ؟

أَرْكَانُ الصَّلَاةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رُكْنًا، وَهِيَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1 -

الْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ.

(1)

البُقْعَةُ: هِيَ مَكَانُ الصَّلاةِ وَمَوضِعُ السُّجُودِ.

ص: 73

2 -

تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ.

3 -

قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ.

4 -

الرُّكُوعُ.

5 -

الاعْتِدَالُ بَعْدَ الرُّكُوعِ.

6 -

السُّجُودُ عَلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ.

7 -

الرَّفْعُ مِنَ السُّجُودِ.

8 -

الْجِلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

9 -

الطُّمَأْنِينَةُ فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ.

10 -

التَّرْتِيبُ.

11 -

التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ.

12 -

الْجُلُوسُ لَهُ.

13 -

الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

14 -

التَّسْلِيمَتَانِ.

* * *

ص: 74

‌س 122: مَا أَهَمِّيَّةُ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ؟

سُورَةُ الْفَاتِحَةِ: هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا، وَعَدَدُ آيَاتِهَا بِالْإِجْمَاعِ: سَبْعُ آيَاتٍ، وَالبَسْمَلَةُ -عَلَى الصَّحِيحِ- لَيْسَتْ مِنْهَا، وَهِيَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 1 - 7].

* * *

‌س 123: مَا وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ؟

وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1 -

جَمِيعُ التَّكْبِيرَاتِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.

2 -

قَوْلُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فِي الرُّكُوعِ.

3 -

قَوْلُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِلْإِمَامِ، وَالْمُنْفَرِدِ.

4 -

قَوْلُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ لِلْكُلِّ.

5 -

قَوْلُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى فِي السُّجُودِ.

6 -

قَوْلُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

7 -

التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ.

8 -

الْجُلُوسُ لَهُ.

ص: 75

‌س 124: مَا التَّشهُّدُ الْأَوَّلُ؟

التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي: «التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» .

* * *

‌س 125: مَتَى يَكُونُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ؟

يَكُونُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ إِذَا جَلَسَ الْمُصَلِّي بَعْدَ رَفْعِهِ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ أَوِ الْمَغْرِبِ أَوِ الْعِشَاءِ.

* * *

‌س 126: مَا التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ؟

التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي: «التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .

* * *

ص: 76

‌س 127: مَتَى يَكُونُ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ؟

التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ يَكُونُ إِذَا جَلَسَ الْمُصَلِّي بَعْدَ رَفْعِهِ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ.

* * *

‌س 128: مَا سُنَنُ الصَّلَاةِ؟

سُنَنُ الصَّلَاةِ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: سُنَنُ الْأَقْوَالِ، وَمِنْهَا:

1 -

دُعَاءُ الاسْتِفْتَاحِ، وَالتَّعَوُّذُ، وَالْبَسْمَلَةُ، وَالتَّأْمِينُ.

2 -

مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فِي تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

3 -

مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فِي الدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

4 -

الدُّعَاءُ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.

5 -

الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَصَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.

6 -

الْإِسْرَارُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ.

7 -

قِرَاءَةُ مَا زَادَ عَنْ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مِنَ الْقُرْآنِ.

ص: 77

النَّوْعُ الثَّانِي: سُنَنُ الْأَفْعَالِ، وَمِنْهَا:

1 -

وَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَثْنَاءَ الْقِيَامِ.

2 -

رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ أَوِ الْأُذُنَيْنِ، فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ: عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.

3 -

جَعْلُ الرَّأْسِ حِيَالَ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ.

4 -

مُجَافَاةُ الْعَضُدَيْنِ عَنِ الْجَنْبَيْنِ، وَالْبَطْنِ عَنِ الْفَخِذَيْنِ فِي السُّجُودِ.

5 -

رَفْعُ الذِّرَاعَيْنِ عَنِ الْأَرْضِ عِنْدَ السُّجُودِ.

6 -

الافْتِرَاشُ، وَهُوَ: جُلُوسُ الْمُصَلِّي عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصْبُ الْيُمْنَى فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنَ الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ.

7 -

التَّوَرُّكُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي الصَّلَاةِ الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَهُوَ: جُلُوسُ الْمُصَلِّي عَلَى مَقْعَدَتِهِ، وَجَعْلُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى تَحْتَ الْيُمْنَى، وَنَصْبُ الْيُمْنَى.

* * *

‌س 129: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا؟

الرُّكْنُ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَالْوَاجِبُ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا، وَأَمَّا تَرْكُهُ سَهْوًا فَيُجْبَرُ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَأَمَّا السُّنَنُ: فَفِعْلُهَا مُسْتَحَبٌّ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا، لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا.

* * *

ص: 78

‌س 130: مَا صِفَةُ الصَّلَاةِ؟

صِفَةُ الصَّلَاةِ الْوَارِدَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1 -

يَسْتَقْبِلُ الْمُسْلِمُ الْقِبْلَةَ، نَاوِيًا الصَّلَاةَ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِقَلْبِهِ، وَلَا يَتَلَفَّظُ بِهَا بِلِسَانِهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، قَائِلًا:«اللهُ أَكْبَرُ» نَاظِرًا بِبَصَرِهِ إِلَى مَحَلِّ سُجُودِهِ.

2 -

يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَكَانِ وَضْعِهِمَا، فَقِيلَ: عَلَى الصَّدْرِ، وَقِيلَ: تَحْتَ السُّرَّةِ، وَقِيلَ: فَوْقَهَا، وَاخْتَارَ بَعْضُهُم أَنَّ الْمُصَلِّي مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ.

3 -

يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الصَّلَاةَ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدْعِيَةِ الاسْتِفْتَاحِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ:«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكُ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» ، فَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ السَّلَفِ يَسْتَفْتِحُونَ بِهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَجْهَرُ بِهِ يُعَلِّمُهُ النَّاسَ.

4 -

يَقُولُ بَعْدَ دُعَاءِ الاسْتِفْتَاحِ: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ.

5 -

يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، جَاعِلًا رَأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ، لَا يَخْفِضُهُ وَلَا يَرْفَعُهُ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، مُفَرِّجًا أَصَابِعَهُ، وَيَطْمَئِنُّ فِي رُكُوعِهِ وَيَقُولُ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا.

ص: 79

6 -

يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مُعْتَدِلًا، رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، قَائِلًا أَثْنَاءَ الاعْتِدَالِ:«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» إِنْ كَانَ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ قِيَامِهِ:«رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، وَإِنْ شَاءَ زَادَ:«مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ، سَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ مَأْمُومًا، وَيَطْمَئِنُّ فِي هَذَا الْقِيَامِ، وَيَقْبِضُ يَدَيْهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهُمَا.

7 -

يَسْجُدُ مُكَبِّرًا، وَاضِعًا رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، مُسْتَقْبِلًا بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ الْقِبْلَةَ، ضَامًّا أَصَابِعَ يَدَيْهِ، وَيَسْجُدُ عَلَى أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ: الْجَبْهَةِ مَعَ الْأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَبُطُونِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَيَطْمَئِنُّ فِي سُجُودِهِ وَيَقُولُ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، وَيُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنِهِ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَفَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ، وَيَرْفَعُ ذِرَاعَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ.

8 -

يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا، وَيَجْلِسُ مُطْمَئِنًّا، وَيَفْرِشُ قَدَمَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَيَقُولُ:«رَبِّ اغْفِرْ لِي» وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» .

9 -

يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مُكَبِّرًا، وَيَفْعَلُ فِيهَا كَمَا فَعَلَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى.

10 -

يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا، وَيَنْهَضُ قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ

(1)

،

(1)

وَإِنْ لَم يَسهُلْ عَلَيهِ؛ اعْتمَدَ عَلى الأَرْضِ، واستَحبَّ بَعضُ العُلمَاءِ أَنَّه يَجلِسُ قَبلَ النُّهوضِ إِلَى الرَّكعَةِ الثَّانيَةِ وَقَبْلَ النُّهوضِ إِلَى الرَّكعَةِ الرَّابعَةِ جِلْسةً تُسمَّى «جِلسَةَ الاسْتراحَةِ» .

ص: 80

إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ، وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى.

11 -

إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةٌ -أَيْ: رَكْعَتَيْنِ- كَصَلَاةِ الْفَجْرِ أَوْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، جَلَسَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، نَاصِبًا رِجْلَهُ الْيُمْنَى مُفْتَرِشًا رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، قَابِضًا أَصَابِعَهُ كُلَّهَا إِلَّا السَّبَّابَةَ، فَيُشِيرُ بِهَا إِلَى التَّوْحِيدِ

(1)

، وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَرُكْبَتِهِ.

12 -

يَقْرَأُ التَّشَهُّدَ فِي هَذَا الْجُلُوسِ، وَهُوَ قَوْلُ:«التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ الْإِبْرَاهِيمِيَّةَ بِأَنْ يَقُولَ:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» ، ثُمَّ يَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ فَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» ، ثُمَّ يَدعُو بِمَا شَاءَ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

(1)

وَهُناكَ صِفَةٌ أُخرَى لأَصابعِ الْيَدِ اليُمنَى وَردَتْ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ: أَنْ يَعقِدَ الخِنْصَرَ وَالبِنْصَرَ، ويُحلِّقَ الإِبهَامَ مَعَ الوسْطَى، وَيُشِيرَ بِالسَّبَّابَةِ.

ص: 81

13 -

يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَيَحْذِفُ السَّلَامَ، وَمَعْنَى الحَذْفِ: عَدَمُ الْمَدِّ وَالْإِطَالَةِ، قَائِلًا:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ شِمَالِهِ مِثْلَ ذَلِكَ قَائِلًا:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» .

14 -

إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ ثُلَاثِيَّةً كَالْمَغْرِبِ، أَوْ رُبَاعِيَّةً كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، فَإِنَّهُ يَقْرَأُ التَّشَهُّدَ الْمَذْكُورَ آنِفًا، وَهُوَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَقَطْ، ثُمَّ يَنْهَضُ قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، قَائِلًا:«اللهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ، ثُمَّ يُكْمِلُ بَقِيَّةَ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ الإِبْرَاهِيمِيَّةَ، بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَبَعْدَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، ويُسَمَّى هَذَا التَّشَهُّدِ بِالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ مَرَّتَيْنِ، كَمَا فَعَلَ فِي السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ الثَّنَائِيَّةِ.

15 -

يُسْتَحَبُّ لِلمُصَلِّي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ السَّلَامِ مُبَاشَرَةً: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهُ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام» ، ثُمَّ يَقُولُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجِدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ، «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» .

ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ (33) مَرَّةً، وَالْحَمْدُ للهِ (33) مَرَّةً، وَاللهُ أَكْبَرُ (33) مَرَّةً،

ص: 82

ثُمَّ يَقُولُ تَمَامَ الْمِائَةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .

ثُمَّ يَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَالْمُعَوِّذَاتِ؛ وَهِيَ: سُورَةُ الْإِخْلَاصِ وَسُورَةُ الْفَلَقِ وَسُورَةُ النَّاسِ.

* * *

‌س 131: مَا مُبْطِلَاتُ الصَّلَاةِ؟

مُبْطِلَاتُ الصَّلَاةِ أَهَمُّهَا ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1 -

الْكَلَامُ عَمْدًا، وَأَمَّا مَنْ تَكَلَّمَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا؛ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ.

2 -

الضَّحِكُ.

3 -

الْأَكْلُ أَوِ الشَّرْبُ.

4 -

كَشْفُ الْعَوْرَةِ عَمْدًا.

5 -

الانْحِرَافُ الْكَثِيرُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، أَوِ اسْتِدْبَارِهَا.

6 -

الْعَبَثُ الْكَثِيرُ الْمُتَوَالِي فِي الصَّلَاةِ.

7 -

انْتِقَاضُ الطَّهَارَةِ.

8 -

تَرْكُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، أَوْ تَرْكُ وَاجِبٍ مِنْ وَاجِبَاتِهَا عَمْدًا.

ص: 83

وَهُنَاكَ أُمُورٌ مُحَرَّمَةٌ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الصَّلَاةِ:

كَرَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ مُسَابَقَةِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ، أَوْ حُضُورِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ.

* * *

‌س 132: مَا مَحَاسِنُ الصَّلَاةِ؟

مَحَاسِنُ الصَّلَاةِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ أَهَمِّهَا:

1 -

الصَّلَاةُ تَمْحُو الْخَطَايَا وَالزَّلَّاتِ، وَتُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَالسَّيِّئاتِ.

2 -

الصَّلَاةُ شِعَارُ الصَّالِحِينَ، وَصِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ.

3 -

الصَّلَاةُ تَجْعَلُ الْمُسْلِمَ فِي ذِمَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَتَحْفَظُهُ مِنَ الشُّرُورِ وَالْمَصَائِبِ.

4 -

الصَّلَاةُ طُمَأْنِينَةٌ لِلْقَلْبِ، وَانْشِرَاحٌ لِلصَّدْرِ، وَقُرَّةٌ لِلْعَيْنِ.

5 -

الصَّلَاةُ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ.

6 -

الصَّلَاةُ يُسْتَعَانُ بِهَا عِنْدَ النَّوَائِبِ وَالشَّدَائِدِ.

* * *

ص: 84

(13) بَابُ الزَّكَاةِ

‌س 133: مَا مَعْنَى الزَّكَاةِ؟

الزَّكَاةُ: هِيَ حَقٌّ وَاجِبٌ، فِي مَالٍ خَاصٍّ، لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ.

* * *

‌س 134: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ؟

الزَّكَاةُ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ قَرِينَةُ الصَّلَاةِ، وَأَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ.

أَمَّا الْكِتَابُ؛ فَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].

وَأَمَّا السُّنَّةُ؛ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِي الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»

(1)

.

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِهَا، وَكُفْرِ جَاحِدِهَا.

(1)

رَواهُ البُخارِيُّ (8)، ومُسلِمٌ (21).

ص: 85

‌س 135: مَا الْأَمْوَالُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؟

الْأَمْوَالُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ:

1 -

السَّائِمَةُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.

2 -

الْخَارِجُ مِنَ الْأَرْضِ.

3 -

النَّقْدَانِ: وَهُمَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَكَذَلِكَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِنَ الْعُمْلَاتِ الْوَرَقيَّةِ.

4 -

عَرُوضُ التِّجَارَةِ.

5 -

الْمَعَادِنُ وَالرِّكَازُ

(1)

.

* * *

‌س 136: مَا شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ؟

شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْحُرِّيَّةُ.

3 -

مِلْكُ النِّصَابِ.

(1)

المَعَادنُ: هِي كُلُّ مَا خرَجَ مِنَ الأرْضِ ممَّا يُخلَقُ فِيهَا مِنْ غَيرِها ممَّا لَهُ قِيمَةٌ.

والرِّكازُ: هُو مَا يُوجدُ فِي الأرْضِ مِنْ دَفْنِ الجَاهليَّةِ.

ص: 86

4 -

اسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ.

5 -

تَمَامُ الْحَوْلِ فِي النَّقْدَيْنِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ

(1)

.

* * *

‌س 137: مَنْ هُمْ أَهْلُ الزَّكَاةِ؟

أَهْلُ الزَّكَاةِ هُمْ: الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا، وَهُمُ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ حَصَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].

* * *

‌س 138: مَا مَحَاسِنُ الزَّكَاةِ؟

مَحَاسِنُ الزَّكَاةِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

1 -

إِعَانَةُ الْمُحْتَاجِينَ، وَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ.

2 -

تَحْقِيقُ التَّعَاوُنِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَتَثْبِيتُ أَوَاصِرِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ.

3 -

تَطْهِيرُ النَّفْسِ، وَتَزْكِيَتُهَا، وَإِبْعَادُهَا عَنْ خُلُقِ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ.

(1)

أمَّا الخَارجُ منَ الأرْضِ مِنَ الحُبوبِ والثِّمارِ فتَجبُ زكَاتُهُ عِنْدَ حصَادِهِ؛ وَأمَّا المَعدِنُ والرِّكازُ فتَجِبُ فيهِ الزَّكاةُ عِنْدَ وجُودِهِ؛ وَأمَّا نتَاجُ السَّائمَةِ، ورِبحُ التِّجارَةِ، فحَولُهُمَا حَولُ أصْلِهِمَا.

ص: 87

4 -

الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمَالِ، وَاسْتِجْلَابُ الْبَرَكَةِ، وَالزِّيَادَةِ، وَالْخُلْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى.

5 -

نُزُولُ الْخَيْرَاتِ، وَدَفْعُ الشُّرُورِ وَالْعُقُوبَاتِ.

* * *

ص: 88

(14) بَابُ الصَّوْمِ

‌س 139: مَا مَعْنَى الصَّوْمِ؟

الصَّوْمُ: هُوَ التَّعَبُّدُ للهِ تَعَالَى بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَسَائِرِ الْمُفَطِّرَاتِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

* * *

‌س 140: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟

صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَفَرَائِضِهِ الْعِظَامِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ.

أَمَّا الْكِتَابُ؛ فَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

وأما السنةُ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِي الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»

(1)

.

(1)

رَواهُ البُخارِيُّ (8)، ومُسلِمٌ (21).

ص: 89

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكُفْرِ جَاحِدِهِ.

* * *

‌س 141: مَا الحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الصِّيَامِ؟

الحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الصِّيَامِ: أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَحْقِيقِ التَّقْوَى، بِفِعْلِ أَوَامِرِ اللهِ وَتَرْكِ نَوَاهِيهِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

وَقَولُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»

(1)

.

* * *

‌س 142: مَا شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ؟

شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ سِتَّةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْبُلُوغُ.

3 -

الْعَقْلُ.

4 -

الْقُدْرَةُ عَلَى الصَّوْمِ.

(1)

رَواهُ البُخارِيُّ (1903)، وَأَهْلُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ.

ص: 90

5 -

الْإِقَامَةُ.

6 -

الْخُلُوُّ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

* * *

‌س 143: مَا الْأَعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِلْفِطْرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ؟

الْأَعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ خَمْسَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْمَرَضُ أَوِ الْكِبَرُ، اللَّذَانِ يَشُقُّ مَعَهُمَا الصِّيَامُ.

2 -

السَّفَرُ.

3 -

الْحَيْضُ أَوِ النِّفَاسُ.

4 -

الْحَمْلُ، مَعَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْحَامِلِ أَوْ جَنِينِهَا.

5 -

الرَّضَاعُ، مَعَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمُرْضِعِ أَوْ رَضِيعِهَا.

* * *

‌س 144: مَا مُفْسِدَاتُ الصَّوْمِ؟

مُفْسِدَاتُ الصَّوْمِ سَبْعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْجِمَاعُ.

2 -

إِنْزَالُ الْمَنِيِّ بِاخْتِيَارِهِ.

3 -

الْأَكْلُ أَوِ الشُّرْبُ عَمْدًا.

4 -

مَا كَانَ بِمَعْنَى الْأَكْلِ أَوِ الشُّرْبِ، مِثْلُ الْإِبَرِ الْمُغَذِّيَةِ، أَوْ حَقْنِ الدَّمِ فِي الصَّائِمِ، أَوْ غَسِيلِ الْكُلَى.

ص: 91

5 -

إِخْرَاجُ الدَّمِ بِالْحِجَامَةِ، وَمِثْلُهَا التَّبَرُّعُ بِالدَّمِ.

6 -

التَّقَيُّؤُ عَمْدًا، وَهُوَ إِخْرَاجُ مَا فِي الْمَعِدَةِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ.

7 -

خُرُوجُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

* * *

‌س 145: مَتَى تَكُونُ مُفْسِدَاتُ الصَّوْمِ مُفَطِّرَةً لِلصَّائِمِ؟

مُفْسِدَاتُ الصَّوْمِ لَا تُفَطِّرُ الصَّائِمَ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَهِيَ:

1 -

أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ، وَعَالِمًا بِالْوَقْتِ.

2 -

أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا.

3 -

أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا.

* * *

‌س 146: مَا هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا تُعْتَبَرُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّوْمِ؟

هُنَاكَ أُمُورٌ تَقَعُ مِنَ الصَّائِمِ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّوْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ:

1 -

اسْتِخْدَامُ قَطْرَةِ الْعَيْنِ، وَقَطْرَةِ الْأُذُنِ، بِخِلَافِ قَطْرَةِ الْأَنْفِ فَإِنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي الصِّيَامِ.

2 -

اسْتِعْمَالُ بَخَّاخِ الرَّبْوِ، وَغَازِ الْأُكْسُجِينِ.

3 -

اسْتِعْمَالُ الْإِبَرِ غَيْرِ الْمُغَذِّيَةِ مِثْلُ الْإِبَرِ الْمُسَكِّنَةِ لِلْأَلَمِ، وَكَذَلِكَ اللِّقَاحَاتُ، وَإِبْرَةُ الْأَنْسُولِينِ لِمَرْضَى السُّكَّرِ.

ص: 92

4 -

ذَوْقُ الطَّعَامِ دُونَ دُخُولِهِ إِلَى الْجَوْفِ.

5 -

اسْتِعْمَالُ التَّحَامِيلِ، وَالْحُقَنِ الشَّرَجِيَّةِ.

6 -

ابْتِلَاعُ الرِّيقِ.

7 -

اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ، وَأَمَّا الْبَخُورُ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ.

8 -

التَبَرُّدُ بِالْمَاءِ وَمُمَارَسَةُ السِّبَاحَةِ.

9 -

خُرُوجُ الْمَذْيِ، وَكَذَلِكَ الاحْتِلَامُ مَعَ نُزُولِ الْمَنِيِّ مِنَ النَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

10 -

السِّوَاكُ وَتَفْرِيشُ الْأَسْنَانِ بِالْمَعْجُونِ، مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْ دُخُولِ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَى الْجَوْفِ.

11 -

الْأَكْلُ أَوِ الشُّرْبُ نَاسِيًا.

12 -

اسْتِعْمَالُ مِنْظَارِ الْمَعِدَةِ.

* * *

‌س 147: مَا مُسْتَحَبَّاتُ الصِّيَامِ؟

يُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُرَاعِيَ فِي صِيَامِهِ الْأُمُورَ التَّالِيَةَ:

1 -

السَّحُورُ، وَتَأْخِيُرُهُ إِلَى قُبَيْلِ الْفَجْرِ.

2 -

تَعْجِيلُ الْفِطْرِ.

3 -

الدُّعَاءُ أَثْنَاءَ الصِّيَامِ.

ص: 93

4 -

الْإِكْثَارُ مِنَ الصَّدَقَةِ.

5 -

قِيَامُ اللَّيْلِ، وَأَدَاءُ الرِّجَالِ لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ.

6 -

الْعُمْرَةُ.

7 -

كَثْرَةُ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ.

8 -

كَثْرَةُ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى.

9 -

الاجْتِهَادُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

10 -

الاعْتِكَافُ، وَهُوَ: لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَحَرِّيًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ.

* * *

‌س 148: مَا مَحَاسِنُ الصَّوْمِ؟

مَحَاسِنُ الصَّوْمِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

1 -

الْوُصُولُ إِلَى تَقْوَى اللهِ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ.

2 -

تَعْوِيدُ النَّفْسِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ، كَالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ.

3 -

التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللهِ عَلَى الْعَبْدِ، مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.

4 -

التَّذْكِيرُ بِحَاجَةِ الْفُقَرَاءِ، لِمُوَاسَاتِهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ.

5 -

الْمُحَافَظَةُ عَلَى صِحَّةِ الْبَدَنِ وَسَلَامَتِهِ.

* * *

ص: 94

(15) بَابُ الْحَجِّ

‌س 149: مَا مَعْنَى الْحَجِّ؟

الْحَجُّ هُوَ: قَصْدُ الْمَشَاعِرِ الْمُقَدَّسَةِ لِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، وَوَقْتٍ مَخْصُوصٍ، تَعبُّدًا للهِ عز وجل.

* * *

‌س 150: مَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ؟

الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَفَرَائِضِهِ الْعِظَامِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ.

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].

وأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِي الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»

(1)

.

(1)

رَواهُ البُخارِيُّ (8)، ومُسلِمٌ (21).

ص: 95

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الحَجِّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكُفْرِ جَاحِدِهِ.

* * *

‌س 151: مَا شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ؟

شُرُوطُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِسْلَامُ.

2 -

الْعَقْلُ.

3 -

الْبُلُوغُ.

4 -

كَمَالُ الْحُرِّيَّةِ.

5 -

الاسْتِطَاعَةُ.

* * *

‌س 152: مَا أَنْوَاعُ أَنْسَاكِ الْحَجِّ؟

أَنْسَاكُ الْحَجِّ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ:

1 -

التَّمتُّع: وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ التَّحَلُّلُ مِنْهَا، ثُمَّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ (وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ).

2 -

الْقِرَانُ: وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا.

3 -

الْإِفْرَادُ: وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالحَجِّ فَقَطْ.

ص: 96

وَأَفْضَلُ الْأَنْسَاكِ: التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْقِرَانُ، ثُمَّ الْإِفْرَادُ.

وَالْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ سَوَاءٌ، إِلَّا أَنَّ الْقَارِنَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَالْمُفْرِدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.

* * *

‌س 153: مَا صِفَةُ الْحَجِّ؟

صِفَةُ الْحَجِّ بِحَسَبِ أَفْضَلِ أَنْسَاكِ الْحَجِّ، وَهُوَ التَّمَتُّعُ، بِالْإِجْمَالِ وَالاخْتِصَارِ، عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1 -

يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحْرِمَ لِلْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ، أَوْ مَا يُحَاذِيهِ، فَإِذَا وَصَلَهُ اغْتَسَلَ وَتَطَيَّبَ إِنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَ الْإِحْرَامِ؛ إِزَارًا وَرِدَاءً، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَا أَبْيَضَيْنِ، وَالْمَرْأَةُ تَلْبَسُ مَا تَشَاءُ مِنَ الثِّيَابِ غَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ بِزِينَةٍ، ثُمَّ يَنْوِي الْإِحْرَامَ بِالعْمْرَةِ بَعْدَ صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ عُمْرَةً» ، وَيُكْثِرُ مِنَ التَّلْبِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُ:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» . وَيَجْهَرُ بِهَا الرِّجَالُ وَلَا تَجْهَرُ بِهَا النِّسَاءُ، وَلَا يَزَالُ الْمُعْتَمِرُ يُلَبِّي حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ.

2 -

إِذَا وَصَلَ الْمُعْتَمِرُ إِلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، يَبْتَدِئُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُكَبِّرًا، وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَيَذْكُرُ اللهَ وَيَدْعُوهُ بِمَا يَشَاءُ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَخْتِمَ كُلَّ شَوْطٍ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ:«رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» ، ثُمَّ يُصَلِّي خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَوْ

ص: 97

بَعِيدًا عَنْهُ إِنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ.

3 -

يَخْرُجُ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الطَّوَافِ إِلَى الصَّفَا، وَيَصْعَدُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلًا الْكَعْبَةَ، وَيَحْمَدُ اللهَ وَيُكَبِّرُهُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا تَيَسَّرَ، رَافِعًا يَدَيْهِ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ يَنْزِلُ وَيَسْعَى سَعْيَ الْعُمْرَةِ، سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، يُسْرِعُ فِي سَعْيِهِ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَيَمْشِي الْمَشْيَ الْمُعْتَادَ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا، ثُمَّ يَصْعَدُ عَلَى الْمَرْوَةِ وَيَحْمَدُ اللهِ، وَيَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، وَيُكَرِّرُ إِنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثًا.

وَلَيْسَ لِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ؛ بَلْ يَأْتِي الطَّائِفُ وَالسَّاعِي بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، مَعَ الْعِنَايَةِ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.

4 -

إِذَا أَتَمَّ الْمُعْتَمِرُ سَعْيَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِنَّهُ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ شَعَرَ رَأْسَهُ، وَالْأَفْضَلُ التَّقْصِيرُ؛ لِيَكُونَ الْحَلْقُ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْحَجِّ، وَبِذَلِكَ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ، وَبَعْدَهَا يُبَاحُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ.

5 -

إِذَا جَاءَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ -وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ- فَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَانِهِ، وَيَغْتَسِلُ وَيَتَطَيَّبُ إِنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَ الْإِحْرَامِ، وَيَقُولُ:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ حَجًّا» ، ثُمَّ يُكْثِرُ مِنَ التَّلْبِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُ: «لَبَّيْكَ

ص: 98

اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ،

لَا شَرِيكَ لَكَ»، وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.

6 -

يَخْرُجُ إِلَى مِنًى، وَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، وَالصَّلَاةُ الرُّبَاعِيَّةُ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا رَكْعَتَيْنِ قَصْرًا، بِلَا جَمْعٍ.

7 -

إِذَا طَلَعَتْ شَمْسُ يَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، يَتَوَجَّهُ الْحَاجُّ إِلَى عَرَفَاتٍ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، ثُمَّ يُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ قَصْرًا، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَكَّدَ مِنْ دُخُولِهِ حُدُودَ عَرَفَاتٍ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، ثُمَّ يُكْثِرُ فِيهَا مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ، رَافِعًا يَدَيْهِ تَأَسِّيًا بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ عَرَفَاتٍ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.

8 -

إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَخْرُجُ الْحَاجُّ مِنْ عَرَفَاتٍ مُتَّجِهًا إِلَى مُزْدَلِفَةَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مُلَبِّيًا، فَإِذَا وَصَلَهَا صَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعًا وَقَصْرًا، ثُمَّ يَبْقَى بِهَا إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَيُسْفِرَ الصُّبْحُ، وَيْكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ، رَافِعًا يَدَيْهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

9 -

يَسِيرُ الْحَاجُّ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى مِنًى مُلَبِّيًا، وَإِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَالنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، أَوْ كَانَ قَوِيًّا بِرِفْقَتِهِم، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسِيرَ إِلَى مِنًى فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَمَّا بَاقِي الْحَصَى فَيَلتَقِطُهُ مِنْ مِنًى، وَإِذَا أَخَذَ جَمِيعَ الْحَصَى مِنْ مِنًى فَلَا بَأْسَ.

10 -

إِذَا وَصَلَ الْحَاجُّ إِلَى مِنًى فَإِنَّهُ يَقُومُ بِالْأَعْمَالِ التَّالِيَةِ:

(أ) رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى)، وَهِيَ الْقَرِيبَةُ مِنْ مَكَّةَ، بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ

ص: 99

مُتَعَاقِبَاتٍ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

(ب) ذَبْحُ الْهَدْيِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دُونَ الْمُفْرِدِ.

(ج) حَلْقُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ تَقْصِيرُهُ، وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ، وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْهُ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ.

وَهَذَا التَّرْتِيبُ هُوَ الْأَفْضَلُ، وَإِنْ قُدِّمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَلَا حَرَجَ.

وَبِالرَّمْيِ، وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ، يَتَحَلَّلُ الْحَاجُّ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ، فَيَلْبَسُ ثِيَابَهُ، وَيَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاءَ، وَلَو تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ بِالرَّمِي فَقَطْ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ.

11 -

يَذْهَبُ الْحَاجُّ إِلَى مَكَّةَ لِيَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الثَّانِي، وَبِهَذَا التَّحَلُّلِ يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى النِّسَاءُ.

وَيَجُوزُ لِلحَاجِّ تَأْخِيرُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِلَى مَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، وَالانْتِهَاءِ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَإِذَا كَانَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ آخِرَ أَعْمَالِ الْحَاجِّ؛ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ.

12 -

يَرْجِعُ الْحَاجُّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى مِنًى، وَيَبِيتُ فِيهَا لَيَالِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ (لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ)، وَإِنْ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ فَجَائِزٌ.

13 -

يَرْمِي الْحَاجُّ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ، وَالْيَوْمِ الثَّانِيَ عَشَرَ، وَكَذَلِكَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ إِذَا تَأَخَّرَ، يَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الصُّغْرَى

ص: 100

وَهِيَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ الْجَمْرَةِ الوُسْطَى، ثُمَّ الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، يَرْمِي كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مُتَعَاقِبَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى يَوْمَيِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ؛ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ مِنًى قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِيَ عَشَرَ، فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي مِنًى، لَزِمَهُ الْبَقَاءُ لِلْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَرَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ فِيهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَأَخَّرَ، وَيَبِيتَ لَيْلَةَ الثَّالِثَ عَشَرَ.

وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَوِ الضَّعِيفِ أَنْ يُنِيبَ عَنْهُ نَائِبًا يَرْمِي عَنْهُ، حَيْثُ يَرْمِي النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ عَنْ مُنِيبِهِ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ.

14 -

إِذَا أَرَادَ الْحَاجُّ الرُّجُوعَ إِلَى بَلَدِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَهَذَا الطَّوَافُ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْحُجَّاجِ إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَأَهْلَ مَكَّةَ، وَبِهَذَا الطَّوَافِ تَنْتَهِي جَمِيعُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَللهِ الْحَمْدُ.

* * *

‌س 154: مَا أَرْكَانُ الْحَجِّ؟

أَرْكَانُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِحْرَامُ.

2 -

الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ.

3 -

طَوَافُ الْإِفَاضَةِ.

4 -

السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

ص: 101

‌س 155: مَا وَاجِبَاتُ الْحَجُّ؟

وَاجِبَاتُ الْحَجِّ سَبْعَةٌ، وَهِيَ:

1 -

الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ

(1)

.

2 -

الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إِلَى اللَّيْلِ لِمَنْ أَتَاهَا نَهَارًا.

3 -

الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ يَوْمِ النَّحْرِ.

4 -

الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

5 -

رَمْيُ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ بِالتَّرْتِيبِ.

6 -

الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ.

7 -

طَوَافُ الْوَدَاعِ لِغَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَلِغَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ.

(1)

المَوَاقِيتُ المَكانيَّةُ للحَجِّ خَمْسَةٌ:

الأَولُ: ذُوالحُلَيْفَةِ: وهُو مِيقاتُ أَهلِ المَدينَةِ، وَمَنْ أتَى عَلى طَرِيقِهِم، ويَبعُدُ عَنْ مَكَّة (420 كِيلُو مِترًا)، فَهُو قَريبٌ جدًّا مِنَ المَدينَةِ، ولكِنَّهُ أبعَدُ المَواقِيتِ عَنْ مكَّةَ.

والثَّانِي: الجُحْفَة: وَهِي مِيقاتُ أَهلِ الشَّامِ، ومَن أتَى عَلى طَريقِهِم، وَالنَّاسُ اليَومَ يُحرِمُونَ مِنْ رَابِغ، وتَبعُدُ عَنْ مَكَّة شَمَالًا (186 كِيلُو مِترًا).

وَالثَّالِثُ: قَرْنُ الْمَنازِل (السَّيْلُ الكَبِيرُ): وَهُو مِيقاتُ أَهلِ نَجدٍ، وَمَنْ أَتَى عَلى طَريقِهِم، وَيبعُدُ عَنْ مَكَّةَ شَرقًا (78 كِيلُو مِترًا).

وَالرَّابِعُ: يَلَمْلَمُ: وَهُوَ مِيقَاتُ أَهلِ اليَمنِ، ومَن أتَى عَلى طَريقِهِم، وَيَبعُدُ عَنْ مكَّةَ جَنُوبًا مسَافَةَ

(120 كِيلُو مِترًا).

وَالخَامسُ: ذَاتُ عِرقٍ: وهِيَ مِيقَاتُ أَهلِ العِراقِ، وتَبعُدُ عَنْ مَكَّةَ شَرقًا بمَسافَةٍ قَدرُهَا (100 كِيلُو مِترًا).

ص: 102

‌س 156: مَا سُنَنُ الْحَجِّ؟

سُنَنُ الْحَجِّ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا:

1 -

الاغْتِسَالُ وَالتَّطيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.

2 -

طَوَافُ الْقُدُومِ لِلْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ.

3 -

الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ.

4 -

الاضْطِبَاعُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ.

5 -

صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ.

6 -

الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ.

7 -

التَّلْبِيَةُ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

8 -

الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي مُزْدَلِفَةَ عِنْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ.

* * *

‌س 157: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ؟

الرُّكْنُ: لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ.

وَالْوَاجِبُ: يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ.

وَأَمَّا السُّنَنُ: فَفِعْلُهَا مُسْتَحَبٌّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا.

ص: 103

‌س 158: مَا مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ؟

مَحْظُورَاتُ الْإِحْرَامِ: هِيَ الْأَشْيَاءُ الْمَمْنُوعَةُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: قِسْمٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ مَحْظُورَاتٍ:

1 -

الْجِمَاعُ، وَهُوَ أَشَدُّ الْمَحْظُورَاتِ.

2 -

الْمُبَاشَرَةُ لِشَهْوَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.

3 -

عَقْدُ النِّكَاحِ.

4 -

إِزَالَةُ الشَّعَرِ مِنَ الرَّأْسِ أَوِ الْبَدَنِ.

5 -

تَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ.

6 -

اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ.

7 -

قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ.

8 -

لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: قِسْمٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الذُّكُورِ فَقَطْ، وَهُمَا مَحْظُورَانِ:

1 -

تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ بِمْلَاصِقِ.

2 -

لُبْسُ الْمَخِيطِ عَلَى الْبَدَنِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: قِسْمٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الْإِنَاثِ فَقَطْ، وَهُوَ لُبْسُ النِّقَابِ أَوِ الْبُرْقُعِ

(1)

.

(1)

المُحْرِمَةُ تُغَطِّي وَجْهَهَا بِخِمَارِهَا إِذَا كَانَ حَولَهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَولَهَا رِجالٌ أجَانِبُ فَإنَّهَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا.

ص: 104

‌س 159: مَا حُكْمُ مَنِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ؟

فَاعِلُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ:

الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَفْعَلَ الْمَحْظُورَ عَالِمًا ذَاكِرًا مُخْتَارًا، بِلَا عُذْرٍ وَلَا حَاجَةٍ، فَهَذَا آثِمٌ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ أَوْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَفْعَلَ الْمَحْظُورَ عَالِمًا ذَاكِرًا مُخْتَارًا لِحَاجَةٍ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ أَوْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَفْعَلَ الْمَحْظُورَ إِمَّا جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ نَائِمًا، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ، وَلَكِنْ إِذَا زَالَ الْعُذْرُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّخَلِّي عَنْ الْمَحْظُورِ فَوْرًا.

* * *

‌س 160: مَا مَحَاسِنُ الْحَجِّ؟

مَحَاسِنُ الْحَجِّ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ أَهَمِّهَا:

1 -

اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ بِلَادِ الْعَالَمِ، وَحُصُولُ الْمَوَدَّةِ، وَالْمَحَبَّةِ، وَالتَّعَارُفِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

2 -

إِظْهَارُ الْوَحْدَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، يَجْتَمِعُونَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَزَمَانٍ وَاحِدٍ، وَبِلِبَاسٍ وَاحِدٍ، لَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَعَرَبِيٍّ وَأَعْجَمِيٍّ، وَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ.

3 -

التَّذْكِيرُ بِالْآخِرَةِ، وَوُقُوفِ الْعِبَادِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ

ص: 105