المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقدمة حديث ابن عباس رضي الله عنهما في تهجده مع النبي - إسبال الكلام على حديث ابن عباس في القيام

[أحمد الزومان]

فهرس الكتاب

‌المقدمة

حديث ابن عباس رضي الله عنهما في تهجده مع النبي صلى الله عليه وسلم رواه عنه أكثر من عشرين نفسًا ورواه عنهم الجم الغفير فاختلفت ألفاظه وتعارضت ولم يتفق الرواة إلا على أصل الصلاة فاختلفوا في وقت دخول ابن عباس رضي الله عنهما بيت النبي صلى الله عليه وسلم هل دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم أو قبله؟ وبسبب قدومه هل قدم بسبب هدية العباس للنبي صلى الله عليه وسلم أو بهدية وموعدة النبي صلى الله عليه وسلم للعباس أو لينظر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل هو بطلب أبيه أو من قبل نفسه أو بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بالنوم عنده؟ وهل صلى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة العشاء ركعتين أو أربعًا؟ وهل نام مع النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الحجرة أو في مكان آخر؟ ومتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم للقيام؟ وفي عدد الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم من آخر سورة آل عمرآن؟ وفي عدد مرات القراءة. وفي صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. وفي موضع سواكه في الوضوء. وهل كان يستاك بين كل ركعتين؟ وهل فرق قيامه أم وصله؟ وكم صلى؟ وبكم أوتر؟ وفي ألفاظ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور. وهل هو في الصلاة أو خارجها؟ وصلاته ركعتين بعد الوتر غير راتبة الفجر. وهل نام بعد التهجد أو بعد راتبة الفجر؟ وهل ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي استيقظ أو أيقضته خالته ميمونة رضي الله عنها أو النبي صلى الله عليه وسلم. وهل أمسك بيده أو بعضده أو برأسه أو بذؤابته أو بأذنه حينما حوله إلى يمينه؟ وهل صلى مع النبي التهجد كله أو بعضه؟ أو لم يصل معه إلا راتبة الفجر؟ وغير ذلك من الاختلاف بين الثقات.

ومخالفة بعض الضعفاء أو تفردهم ببعض الزيادات كترحيب النبي صلى الله عليه وسلم بابن عباس رضي الله عنهما والدعاء له وخلع النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه قبل النوم ونوم ابن عباس رضي الله عنهما في ناحية الحجرة ووضوء النبي صلى الله عليه وسلم من المخضب وتهجد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ووقوف ابن عباس رضي الله عنهما خلف النبي صلى الله عليه وسلم وعن يمينه ثم حوله إلى يساره وقراءة سور معينة في التهجد كالبقرة وآل عمرآن والسور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في وتره وفي راتبة الفجر والتسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السجدتين وتطويل أركان الصلاة وقنوت النبي صلى الله عليه وسلم آخر تهجده ودعاء القنوت الطويل وأنَّ ذلك كان في الشتاء وكان ابن عباس يومئذ ابن عشر سنين وأنَّ ميمونة رضي الله عنها كانت حائضًا فتوضأت وجلست تذكر الله وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ» ؟

ص: 5

وقد عني أهل العلم بجمع ألفاظ الحديث والجمع بينها قال أبو بكر بن خزيمة: قد خرجت ألفاظ خبر ابن عباس في كتاب الكبير

(1)

وجمع الشوكاني فوائد الحديث بجزء سماه: رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس

(2)

.

فحديث ابن عباس رضي الله عنهما من الأحاديث المشكلة لكثرة التعارض بين رواياته الصحيحة وبعضها في الصحيحين أو أحدهما.

قال البزار: هذا الحديث قد روي عن ابن عباس بألفاظ مختلفة

(3)

روي عن ابن عباس من غير وجه بأسانيد مختلفة وباختلاف ألفاظ فذكرنا كل حديث في موضعه بلفظه

(4)

. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية ابن عباس عنه وكل يذكر عن ابن عباس في روايته ما يجب أن يعاد الحديث من أجله

(5)

.

وقال ابن عبد البر: رواه عن ابن عباس جماعة وفي ألفاظ الأحاديث عنهم من طرقهم اختلاف كثير

(6)

.

في هذا الحديث عن ابن عباس اختلاف في ألفاظه كثير

(7)

.

وسبب الإشكال -إضافة لكثرة الاختلاف في روايات الثقات- اختلافها اختلاف تعارض ولا يمكن الجمع بينها فلا بد من الترجيح.

قال ابن حجر: الحاصل أنَّ قصة مبيت ابن عباس رضي الله عنهما يغلب على الظن عدم تعددها فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها ولا شك أنَّ الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم ولا سيما إن زاد أو نقص

(8)

.

(1)

صحيح ابن خزيمة (2/ 150).

(2)

انظر: ص: (954).

(3)

مسند البزار (11/ 453).

(4)

مسند البزار (11/ 282).

(5)

مسند البزار (11/ 226).

(6)

التمهيد (13/ 207).

(7)

التمهيد (13/ 217).

(8)

فتح الباري (2/ 484).

ص: 6

وأشكل علي قديمًا نوم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أثناء تهجده. فبذلت وسعي في جمع طرق الحديث والحكم عليها وفق المنهج الذي جرى عليه أئمة الحديث ناقلًا ما وقفت عليه من أقوالهم في الحكم على الروايات. والترجيح بين الروايات الصحيحة المتعارضة في حال تعذر الجمع ويبقى هو اجتهادي فما كان من صواب فهو من الله وما كان من خطأ فلعله يشفع لي أنَّي بذلت وسعي في طلب الوصول للصواب. فعلت ذلك تشبهًا بأهل العلم فمن سنتهم إفراد حديث بالشرح

(1)

.

وجعلت الكتاب أحد عشر بابًا الباب الأول روايات الحديث والباب الثاني دراسة الروايات المتعارضة ومن الباب الثالث إلى الباب العاشر المسائل العلمية الواردة في روايات الحديث والباب الحادي عشر فوائد الحديث.

وسميته إسبال الكلام على حديث ابن عباس في القيام

(2)

.

تنبيه: ذكرت منهجي في البحث في مقدمة كتاب الطلاق السني والبدعي.

كتبه

أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الرحمن الزومان

القصيم/ بريدة

مساء الأربعاء 11/ 4/ 1440 هـ

ahmedalzoman@gmail.com

(1)

منهم ابن القاص له جزء في فوائد حديث أبي عمير والقاضي عياض ومحمد بن عبد الكريم القزويني الرافعي شرحا حديث أم زرع بجزء مستقل وصلاح الدين العلائي له نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد. وشيخ الإسلام ابن تيمية شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه «يا عبادي إنِّي حرمت الظلم على نفسي» مطبوع ضمن مجموع الفتاوى (18/ 137 - 209) وكذلك شرحه الشوكاني في كتاب مطبوع سماه نثر الجوهر على حديث أبي ذر. وقد يسر الله لي شرح حديث جابر رضي الله عنه بكتاب مطبوع سميته: تذكير الناسك بفوائد أجمع أحاديث المناسك.

(2)

من المجاز: قولهم: أسبل عليه، إذا أكثر كلامه عليه، مأخوذ من السَبَل، وهو: المطر يقال أسبل المطر والدمع إذا هطلا.

انظر: الزاهر (1/ 483) والنهاية في غريب الحديث (2/ 340) وتاج العروس (29/ 170).

ص: 7

‌الباب الأول

روايات الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

-

‌تمهيد

روى الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما جمع فرواه:

1: مولاه كريب بن أبي مسلم.

2: سعيد بن جبير.

3: عامر بن شراحيل الشعبي.

4: علي بن عبد الله بن عباس.

5: عطاء بن أبي رباح.

6: أبو المتوكل علي بن داود.

7: أبو نضرة المنذر بن مالك.

8: سُمَيْع مولى ابن عباس.

9: عكرمة بن خالد.

10: مِقْسَم بن بُجْرة.

11: حبيب بن أبي ثابت.

12: مجاهد بن جبر.

13: عبد المؤمن الأنصاري.

14: حُنِين مولى ابن عباس.

15: أبو العالية رُفِيع بن مهران.

16: معبد أو أبو معبد مولى ابن عباس.

17: إسحاق بن عبد الله بن الحارث.

18: طلحة بن نافع الإسكاف.

19: عمر بن أبي حفص.

20: نصر بن عمران الضبعي.

21: يحيى بن الجزار.

تنبيه: ترتيب الروايات حسب الصحة.

ص: 9

‌الرواية الأولى

رواية كريب عن ابن عباس

رضي الله عنهما

الرواة عن كريب:

1: مخرمة بن سليمان. 2: سلمة بن كهيل. 3: بكير بن عبد الله الأشج. 4: شريك بن عبد الله. 5: عمرو بن دينار الأثرم. 6: سالم بن أبي الجعد. 7: حبيب بن أبي ثابت. 8: ابنه رِشْدِين. 9: يزيد بن أبي زياد الكوفي.

‌أولًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب

الرواة عن مخرمة بن سليمان:

1: مالك. 2: عبد ربه بن سعيد. 3: عياض بن عبد الله. 4: الضحاك بن عثمان. 5: سعيد بن أبي هلال.

1: الإمام مالك (1/ 121) عن مخرمة بن سليمان عن كريب أنَّ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره: «أنَّه بات

(1)

ليلة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله، في طولها. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم «قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران» . ثم قام إلى شن

(2)

معلق فتوضأ منه، فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها

(3)

، فصلى ركعتين.

(1)

بات دخل في الليل نام أو لم ينم كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]. وبات في الحديث تامة فهي بمعنى نام وضمير المتكلم في محل رفع فاعل.

انظر: تهذيب اللغة (14/ 237) ولسان العرب (2/ 16) وتاج العروس (4/ 462).

(2)

الشن والشنة: القربة الخلق. انظر: (ص: 734).

(3)

يفتلها: أي يدلكها. والفتل لشحمة الأذن لرواية مسلم (185)(763).

انظر: أعلام الحديث (1/ 231) والكواكب الدراري (6/ 91) وإرشاد الساري (1/ 265) وحاشية السندي على ابن ماجه (1/ 412).

ص: 11

ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم أوتر ثم اضطجع، حتى أتاه المؤذن. فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح».

ورواه أحمد (2165)(3362) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي والبخاري في مواضع (183) حدثنا إسماعيل ح (1198) ح (4571) حدثنا علي بن عبد الله حدثنا عبد الله بن يوسف ومسلم (182)(763) حدثنا يحيى بن يحيى وأبو داود (1367) حدثنا القعنبي والنسائي (1620) أخبرنا محمد بن سلمة قال أنبأنا بن القاسم وابن ماجة (1363) حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، حدثنا معن بن عيسى يروونه عن مالك بن أنس به.

المشكل في هذه الرواية:

الأول: قوله: «بيده» ويأتي أنَّها المحفوظة عن مالك

(1)

.

الثاني: في رواية مالك ذكر أربع عشرة ركعة من غير الوتر وبين أنَّ منها ركعتي الفجر فالركعات المذكورة اثنتا عشرة ركعة من غير الوتر وراتبة الفجر ويأتي - إن شاء الله - توجيه ذلك

(2)

.

2: عبد ربه بن سعيد: رواه البخاري (698) حدثنا أحمد

(3)

ومسلم (184)(763) حدثنى هارون بن سعيد الأيلي قالا حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو عن عبد ربه بن سعيد عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّه قال نمت عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة «فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام فصلى، فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه، فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة، ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ

(4)

، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ».

(1)

انظر: (ص: 183).

(2)

انظر: (ص: 204).

(3)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 191) لم أره منسوبًا في شيء من الروايات لكن جزم أبو نعيم في المستخرج أنَّه ابن صالح وأخرجه من طريقه.

(4)

نفخ: تنفس بصوت حتى يسمع منه صوت النفخ. انظر: مجمع بحار الأنوار (4/ 748).

ص: 12

قال عمرو فحدثت به بكير بن الأشج فقال حدثنى كريب بذلك.

وعبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري النجاري وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وقال ابن أبي حاتم عن أبيه لا بأس به قلتك يحتج بحديثه قال: هو حسن الحديث ثقة.

وابن وهب هو عبد الله. وعمرو هو ابن الحارث.

المشكل في هذه الرواية: في هذه الرواية النوم بعد راتبة الفجر وفي رواية مالك وعياض والضحاك وابن أبي هلال عن مخرمة عن كريب نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر وقبل راتبة الفجر وهو المحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان ويأتي أنَّ المحفوظ نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر

(1)

.

3: عياض بن عبد الله الفهري: رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري، ثنا أحمد بن صالح وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) حدثنا محمد بن المظفر إملاء ثنا علي بن أحمد بن سليمان ثنا هارون بن سعيد الأيلي قالا ثنا عبد الله بن وهب عن عياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية فأتيته وهو في بيت ميمونة رضي الله عنها فَرَقَّدَتْنِي على فضل وسادة فنام حتى إذا كان شطر الليل

(2)

قام فنظر في السماء ثم تلا آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى ختمها ثم عمد إلى شجب

(3)

من ماء معلق فتسوك وتوضأ فأسبغ الوضوء

(4)

ولم يهرق من الماء إلا قليلًا حتى حركني فقمت فتوضأت فقمت عن يساره فحولني عن يمينه فجعل يقرأ وهو يفتل أذني -يأتي قريبًا- فصلى عشر ركعات ثم أوتر ثم نام وكان إذا نام نفخ ثم أتاه بلال رضي الله عنه فأيقظه للصلاة فقام فركع ركعتين خفيفتين ثم خرج إلى الصلاة» ورواته ثقات.

محمد بن المظفر البزاز البغدادي قال الدارقطني ثقة مأمون وعلى بن أحمد ترجم له ابن يونس في تاريخه فقال: علي بن أحمد بن سليمان بن ربيعة المصري: يعرف بعلّان بن الصِّيقل

ثقة كثير الحديث

كان أحد كبراء عدول البلد وبقية رواته ثقات. عدا شيخ الطبراني فلم أقف له على ترجمة لكن تابعه الثقة.

ورواه مسلم (183)(763) حدثني محمد بن سلمة المرادي حدثنا عبد الله بن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان بهذا الإسناد وزاد: «ثم عمد إلى شجب من ماء فتسوك، وتوضأ،

(1)

انظر: (ص: 251).

(2)

الشطر: يطلق على نصف الشيء وعلى جزئه وإن لم يكن نصفًا توسعًا بالكلام واستكثارًا للقليل.

انظر: مشارق الأنوار (2/ 251) والقاموس المحيط ص: (415) والمصباح المنير (1/ 312) والمغرب في ترتيب المعرب: (250).

(3)

الشَجْب: السقاء إذا بلى وصار شنًا ويقال سقاء شاجب أَي يابس مأخوذ من الشجب، وهو الهلاك. وهو الشن والقربة المذكور في بعض الروايات. والمشجب خشبات موثقة تنصب فتنشر عليها الثياب وغيرها.

انظر: الفائق في غريب الحديث (2/ 223) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 444) ولسان العرب (1/ 484) والمصباح المنير (1/ 305).

(4)

إسباغ الوضوء: إكماله وإتمامه.

انظر: مشارق الأنوار (2/ 205) وتفسير غريب ما في الصحيحين ص: (430) ومختار الصحاح ص: (141) وتاج العروس (22/ 500).

ص: 13

وأسبغ الوضوء، ولم يهرق من الماء إلا قليلًا، ثم حركني فقمت» وسائر الحديث نحو حديث مالك.

المشكل من ألفاظ في هذه الرواية:

الأول: إتيان ابن عباس رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم بسبب الهدية.

ويأتي أنَّ المحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان رواية مالك في الموطأ من غير ذكر سبب النوم والله أعلم

(1)

.

الثاني: النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أيقظ ابن عباس رضي الله عنهما لصلاة التهجد وهي رواية شاذة

(2)

.

4: الضحاك بن عثمان: رواه مسلم (185)(763) حدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن

(1)

انظر: (ص: 160).

(2)

انظر: (ص: 174).

ص: 14

أبي فديك أخبرنا الضحاك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فقلت لها إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني

(1)

، قال: فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى

(2)

حتى إنِّي لأسمع نَفَسَه راقدًا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين» وفي متنه شذوذ.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: طلب ابن عباس رضي الله عنهما من خالته إيقاضه لصلاة التهجد وهي رواية شاذة والمحفوظ استيقاظ ابن عباس رضي الله عنهما

(3)

.

الثاني: نوم النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة راتبة الفجر محتبيًا وهي رواية شاذة والمحفوظ نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر مضطجعًا

(4)

.

5: سعيد بن أبي هلال: رواه أبو داود (1364)(1366) حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد حدثني أبي والنسائي في الكبرى (399) وفي المجتبى (686) أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب قالا حدثنا الليث قال حدثنا خالد عن ابن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان أنَّ كريبًا مولى ابن عباس رضي الله عنهما أخبره قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما قلت كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل قال: «بت عنده ليلة وهو عند ميمونة، رضي الله عنها فنام حتى إذا ذهب ثلث الليل - أو نصفه - استيقظ، فقام إلى شن فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام فقمت إلى جنبه

(1)

شحمة الأذن: ما لان من أَسفلها عند مُعَلَّق القُرط.

انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين ص: (155) ولسان العرب (12/ 319) والمغرب في ترتيب المعرب ص: (245) وتاج العروس (32/ 456).

(2)

الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه يجمعهما - بحبل أو غيره - مع ظهره ويشده عليها وقد يكون الاحتباء باليدين.

انظر: غريب الحديث للخطابي (3/ 37) والنهاية في غريب الحديث (1/ 335) وتفسير غريب ما في الصحيحين ص: (217) ولسان العرب (14/ 161).

(3)

انظر: (ص: 175).

(4)

انظر: (ص: 257).

ص: 15

على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنَّه يمس أذني كأنَّه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة، ثم سلم، ثم صلى حتى صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام، فركع ركعتين، ثم صلى للناس» رواته ثقات وفي متنه شذوذ. وخالد هو ابن يزيد الجمحي.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: الشك في وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم للتهجد والمحفوظ قيام النبي صلى الله عليه وسلم نصف الليل

(1)

.

الثاني: افتتاح القيام بركعتين خفيفتين وهي رواية شاذة فلم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما

(2)

.

الثالث: نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر والمحفوظ نومه بعد راتبة الفجر

(3)

.

‌ثانيًا: رواية سلمة بن كهيل عن كريب

الرواة عن سلمة بن كهيل:

1: سفيان الثوري. 2: شعبة بن الحجاج. 3: سعيد بن مسروق. 4: عُقِيل بن خالد. 5: محمد بن إسحاق. 6: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

1: سفيان الثوري: رواه البخاري (6316) حدثنا علي بن عبد الله ومسلم (181)(763) حدثني عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي وأحمد (3184) قالوا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ورواه عبد الرزاق (3862)(4707) قالا حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند ميمونة رضي الله عنها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

انظر: (ص: 198).

(2)

انظر: (ص: 201).

(3)

انظر: (ص: 251).

ص: 16

فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه

(1)

، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها

(2)

، ثم توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ،

(3)

فصلى، فقمت فتَمَطِّيْت

(4)

، كراهية أن يرى أنِّي كنت أرتقبه، فتوضأت، فقام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر ثم اضطجع فنام حتى نفخ

(5)

، وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ، وكان يقول في دعائه:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» .

قال كريب: وسبع في التابوت، فلقيت رجلًا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر:«عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري» وذكر خصلتين.

(1)

قال النووي - في شرح مسلم (6/ 65) -: هذا الغسل للتنظيف والتنشيط للذكر.

وانظر: إكمال المعلم (3/ 118) وشرح أبي داود لابن رسلان (19/ 248).

وبوب عليه أبو داود: بابٌ في النوم على طهارة. والصحيح أنَّ تطهر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الاستيقاظ الثاني. انظر: (ص: 135).

والعطف في قوله: «وجهه ويديه» لا يفيد الترتيب فالعطف بالواو لمطلق الجمع والمعهود من فعل النبي صلى الله عليه وسلم غسل الكفين أولًا لأنَّهما آلة التنظيف.

(2)

الشِّنَاق: يطلق على السير الذي تعلق به القربة، وعلى الخيط الذي يشد به فمها. يقال شنق القربة وأشنقها إذا أوكأها، وإذا علقها. وقوله:«فأطلق شِنَاقها» أي حل الخيط الذي تربط به القربة ليتوضأ.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 133) والفائق في غريب الحديث (2/ 263) والنهاية في غريب الحديث (2/ 506) ولسان العرب (10/ 188).

(3)

بين وضوءين: وضوءًا خفيفًا ووضوءًا كاملًا جامعًا لجميع السنن.

أبلغ: أوصل الماء إلى المواضع التي يجب إيصال الماء إليها.

لم يكثر: اكتفى بأقل من الثلاث في الغسل فتكون مفسرة لقوله: بين وضوءين. ويحتمل لم يكثر من صب الماء.

انظر: الكواكب الدراري (22/ 131) وإرشاد الساري (9/ 183).

(4)

تمطيت: التمطي التمدد وأصله الدال مددت وقيل أصله الطاء من المطا وهو الظهر وهذا قول الأصمعي وهو أظهر لأنَّ المتمطي يمد مطاه بتمطيه أي ظهره. فعلى هذا أصله تمطط فاستثقلوا الجمع بين الطاءات فقالوا: تمطى.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 223) وغريب الحديث للخطابي (2/ 265) ومشارق الأنوار (1/ 378).

(5)

انظر: (ص: 259).

ص: 17

تنبيهان:

الأول: قوله «عَصَبِي وَلَحْمِي» هذه الزيادة لا تصح لجهالة الرجل المبهم وبعض الشراح يجعله علي بن عبد الله بن عباس

(1)

والزيادتان منكرتان

(2)

.

الثاني: قوله: «منها ركعتا الفجر» في رواية عبد الرزاق وبقية الروايات لم تنص على ركعتي الفجر لكن يفهم من السياق أنَّها منها.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام

توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ» وهو المحفوظ

(3)

.

الثاني: قوله «فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه» والمحفوظ أخذه بيده والأخذ بالأذن بعد الإدارة

(4)

.

الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا

» يأتي بيان الثابت من ذلك

(5)

.

الرابع: قوله: «فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر ثم اضطجع فنام» المحفوظ قيام النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة ركعة

(6)

ونومه بعد راتبة الفجر

(7)

.

تنبيه: قال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 215) حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن أسامة قال حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ثم قام فقضى حاجته ثم أخذ كفا من ماء فمسح به وجهه وكفيه ثم قام» .

(1)

انظر: فتح الباري (1/ 334) وإرشاد الساري (9/ 184).

(2)

انظر (ص: 227).

(3)

انظر: (ص: 135).

(4)

انظر: (ص: 186).

(5)

انظر: (ص: 226).

(6)

انظر: (ص: 236).

(7)

انظر: (ص: 251).

ص: 18

قال أحمد بن صالح روى هذا الحديث عن كريب نحو من ثمانية لم يقولوا ما قاله سلمة بن كهيل قال أبو عمر أفسده سلمة بن كهيل وقلب معناه.

وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ضعفه شديد قال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمصر، ولم أحدث عنه لما تكلموا فيه وقال ابن عدي: صاحب حديث كثير، أنكرت عليه أشياء، وهو ممكن يكتب حديثه مع ضعفه.

فهذه الرواية منكرة والحديث في مصنف عبد الرزاق (3862)(4707) بلفظ غسل كما تقدم (ص: 16) وكذلك رواه عن عبد الرزاق أحمد (2555) وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَري عند الطبراني في الكبير (11/ 419) بلفظ الغسل.

من القائل فلقيت رجلًا؟

تقدم -قريبًا- قول كريب: وسبع في التابوت، فلقيت رجلًا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر: ....

اختلف في قائل فلقيت رجلًا من ولد العباس رضي الله عنه

فقيل:

1: كريب

(1)

: وهو ظاهر الكلام فلم يتقدم ذكر غيره.

2: سلمة بن كهيل

(2)

: وهو خلاف سياق الكلام فلم يتقدم له ذكر لكن يقوي ذلك أمران:

الأول: كريب أخص في ابن عباس رضي الله عنهما من ابنه علي فيستبعد أن يروي كريب عن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بخلاف سلمة بن كهيل فهو في رتبة تلاميذ علي بن عبد الله بن عباس.

الثاني: في رواية عقيل بن خالد عند مسلم - تأتي

(3)

- قال سلمة حدثنيها كريب فحفظت منها ثنتي عشرة ونسيت ما بقي.

(1)

انظر: إكمال المعلم (3/ 124) وفتح الباري (11/ 118) وإرشاد الساري (9/ 184).

(2)

انظر: إكمال المعلم (3/ 124) والكواكب الدراري شرح البخاري (22/ 132) وشرح مسلم للنووي (6/ 66) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (29/ 214) وفتح الباري (11/ 118) وإرشاد الساري (9/ 184).

(3)

انظر: (ص: 23).

ص: 19

ففي هذه الرواية تصريح سلمة بن كهيل بنسيانه ويستبعد أن يحصل النسيان منهما والله أعلم.

المراد من قول كريب وسبع في التابوت:

أصل التابوت الأضلاع بما يحويه القلب وغيره، ويسمى كل ما يحتوي على شيء تابوتًا

(1)

واختلف بمراد كريب بالتابوت على أقوال:

الأول: الصندوق الذي تحفظ فيه الحوائج فالكلمات السبع محفوظة عندي في كتاب في التابوت

(2)

.

الثاني: الأضلاع وما يحويه فهو وعاء القلب يقال لمن يحفظ العلم علمه في التابوت مستودع تشبيهًا بالتابوت الذي كالصندوق يحرز فيه المتاع أي وسبع في قلبي لكن نسيتها

(3)

هذا على أنَّ النسيان من كريب وليس من سلمة بن كهيل.

الثالث: البدن فبدن الإنسان كالتابوت للروح فالخصال السبع تتعلق بالبدن

(4)

وهذا الأقرب على القول بأنّ النسيان من سلمة بن كهيل وليس من كريب والله أعلم.

2: شعبة بن الحجاج: رواه أبو داود الطيالسي (2706) وأحمد (2563) حدثنا محمد بن جعفر ومسلم (187)(763) حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر وابن ماجه (508) حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي وابن خزيمة (127) نا يحيى بن حكيم، نا ابن عدي والطبراني في الكبير (11/ 420) حدثنا معاذ

(1)

انظر: المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (1/ 214) ولسان العرب (2/ 17) وتاج العروس (2/ 78).

(2)

انظر: مشارق الأنوار (1/ 118) والمجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (1/ 214) وفتح الباري (11/ 117).

(3)

انظر: شرح مسلم للنووي (6/ 66) والنهاية في غريب الحديث (1/ 179) والكواكب الدراري شرح البخاري (22/ 132) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (29/ 214) وفتح الباري (11/ 117) ولسان العرب (2/ 17) وتاج العروس (2/ 78).

(4)

انظر: مشارق الأنوار (1/ 118) والمفهم (3/ 395) والكواكب الدراري شرح البخاري (22/ 132).

ص: 20

بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد قالوا: حدثنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت في بيت خالتي ميمونة رضي الله عنها، فرقبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فبال، ثم غسل وجهه وكفيه، ثم نام، ثم قام، فعمد إلى القربة فأطلق شناقها

(1)

، ثم صب في الجفنة، أو القصعة

(2)

، وأكبَّ

(3)

يده عليها، ثم توضأ وضوءًا حسنًا بين الوضوءين، ثم قام يصلي، فجئت فقمت عن يساره، فأخذني، فأقامني عن يمينه، فتكاملت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، قال:، ثم نام حتى نفخ، وكنا نعرفه إذا نام بنفخه، ثم خرج إلى الصلاة فصلى، وجعل يقول في صلاته أو في سجوده:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْنِي نُورًا» قال شعبة: أو قال: «اجْعَلْ لِي نَوَرًا» .

تنبيهان:

الأول: في رواية مسلم وابن ماجه والطبراني قال سلمة فلقيت كريبًا فحدثني عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الثاني: روايتا ابن ماجه وابن خزيمة مختصرتان.

ورواه مسلم (0)(763) حدثنى إسحاق بن منصور حدثنا النضر بن شميل أخبرنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل عن بكير عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال سلمة فلقيت كريبًا فقال قال ابن عباس رضي الله عنهما كنت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر بمثل حديث غندر. وقال: «وَاجْعَلْنِى نُورًا» ولم يشك.

(1)

انظر: (ص: 17).

(2)

انظر: (ص: 837)

(3)

أكبَّ على الشيء أقبل عليه يفعله وألقاه وكببت الإناء إذا قلبته. «وأكب يده عليها» وضعها في الإناء يغترف منه.

انظر: غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 483) ومشارق الأنوار (1/ 333) ومختار الصحاح ص: (265) ولسان العرب (1/ 695).

يأتي في رواية محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب بلفظ: «ثم استفرغ منها في إناء» .

ص: 21

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم صب في الجفنة، أو القصعة» والمحفوظ الوضوء من القربة

(1)

.

الثاني: الشك في قوله «وجعل يقول في صلاته أو في سجوده» والمحفوظ الدعاء في السجود

(2)

.

3: سعيد بن مسروق: رواه بن أبي شيبة (2/ 491) حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل، عن أبي رشدين كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فرأيته قام من الليل قومة فصلى إمَّا إحدى عشرة ركعة وإما ثلاث عشرة ركعة» وإسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة (10/ 221) بنفس السند ولفظه: «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» .

وتابع ابن أبي شيبة هَنَّاد بن السَّرِي فرواه النسائي (1121) أخبرنا هَنَّاد بن السَّرِي، عن أبي الأحوص به ولفظه:«بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وبات رسول صلى الله عليه وسلم عندها، فرأيته قام لحاجته فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومة أخرى فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء، ثم قام يصلي وكان يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» ، ثم نام حتى نفخ، فأتاه بلال رضي الله عنه فأيقظه للصلاة».

(1)

انظر: (ص: 150).

(2)

انظر: (ص: 228).

ص: 22

ورواه مسلم (188)(763) حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وهَنَّاد بن السَّرِي قالا حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن أبى رشدين مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها. واقتص الحديث ولم يذكر غسل الوجه والكفين غير أنَّه قال: «ثم أتى القربة فحل شناقها فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومة أخرى، فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء، وقال: «أَعْظِمْ لِي نُورًا» ولم يذكر: «وَاجْعَلْنِي نُورًا» .

وأحال على الرواية السابقة لمحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سلمة، عن كريب.

أبو الأحوص: هو سلام بن سليم.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام،

ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء» والمحفوظ الوضوء في القومة الثانية

(1)

.

الثاني: قوله: «فصلى إمَّا إحدى عشرة ركعة وإما ثلاث عشرة ركعة» والمحفوظ إحدى عشرة ركعة.

4: عُقِيل بن خالد: رواه مسلم (189)(763) حدثنى أبو الطاهر حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن سلمان الحجرى عن عُقِيل بن خالد أنَّ سلمة بن كهيل حدثه أنَّ كريبًا حدثه أنَّ ابن عباس، رضي الله عنهما بات ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القربة، فسكب منها فتوضأ ولم يكثر من الماء، ولم يقصر في الوضوء وساق الحديث [رواية سعيد بن مسروق المتقدمة] وفيه قال: «ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ تسع عشرة كلمة، قال سلمة: حدثنيها كريب، فحفظت منها ثنتي عشرة، ونسيت ما بقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَمِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي

(1)

انظر: (ص: 148).

ص: 23

نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ فِى نَفْسِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا».

المشكل في هذه الرواية: قوله: «فحفظت منها ثنتي عشرة ونسيت ما بقي» يأتي بيان المحفوظ من ألفاظ الدعاء

(1)

وموضعه

(2)

.

5: محمد بن إسحاق: رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (105) - حدثنا عبيد الله بن سعد، ثنا عمي، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد، كلاهما عن كريب، عن عبد الله بن عباس قال: بعثني أبي العباس رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة في حاجة له، فلما بلغته إياها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» وكان في بيت ميمونة رضي الله عنها فبت عندهما، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة رضي الله عنها في الحجرة وتوسدا وسادة لهما من أدم محشوة ليفًا

(3)

، وبت عليها معترضًا عند رأسيهما، فهب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فتعار

(4)

ببصره في السماء، ثم تلا هؤلاء الآيات من آل عمران:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى انتهى إلى خمس آيات، ثم عاد لمضجعه فنام هويًا من الليل

(5)

، ثم ذهب فتعار ببصره في السماء فتلاهن، ثم قام إلى شن معلقة،

(6)

، ثم استفرغ منها في إناء، ثم توضأ الوضوء، ثم

(1)

انظر: (ص: 226).

(2)

انظر: (ص: 228).

(3)

الليف: ما يغطي أصول (الكرب) عسبان النخل وهو قريب من الشبك بني اللون وسمي ليفًا لأنَّه يلاف منه أي يؤخذ منه. انظر: (ص: 842).

(4)

تعار من الليل: هب من نومه واستيقظ وقيل لا يقال تعار إلا إذا كان مع استيقاظه صوت.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 135) وأعلام الحديث (1/ 643) والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 190) وتهذيب اللغة (1/ 76) ولسان العرب (4/ 92).

وقوله: «فتعار ببصره في السماء» أي فتعار فقام فنظر ببصره إلى السماء كما يأتي في رواية شريك عن كريب.

(5)

الهوي: الحين الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل يقال: مضى هوي من الليل وهزيع سمي بالمصدر لأنَّ الليل يهوي كل ساعة. انظر: المجموع المغيث (3/ 518) والنهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 285) والفائق في غريب الحديث (4/ 119) ولسان العرب (15/ 372).

(6)

انظر: (ص: 734).

ص: 24

أخذ بردًا له حضرميًا

(1)

فتوشحه

(2)

، ثم دخل البيت فقام يصلي، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقمت إلى الشن فاستفرغت منه، ثم توضأت كما رأيته توضأ، ثم دخلت عليه البيت فقمت عن يساره، فأدارني حتى جعلني عن يمينه، ثم وضع يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها

(3)

،، فجعل يمسح بها أذني، فعرفت أنَّه إنَّما صنع ذلك ليونسني بيده في ظلمة البيت، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة من الليل، وركعتين بعد طلوع الفجر قبل الصبح، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء، فقال لي سلمة: قد ذكر لي كريب دعاءه فلم أحفظ منه إلا اثنتي عشرة كلمة، قوله:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن فقام وفي رواية: «ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال رضي الله عنه فآذنه للصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ» ورواته ثقات عدا ابن إسحاق فهو صدوق.

عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وعمه يعقوب بن إبراهيم.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فلما بلغته إياها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» المحفوظ إرسال العباس رضي الله عنه ابنه عبد الله رضي الله عنه ليحفظ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

البرد ثوب يعصب ثم يصبغ فيبقى ما لم يصبه الصبغ أبيض. وحضرميًا نسبة لحضرموت ويقال برد يماني. وهو الملحفة في رواية سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: مشارق الأنوار (1/ 83) والمحكم والمحيط الأعظم (1/ 451) ولسان العرب (1/ 604) والنظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (1/ 113).

(2)

التوشح بالبرد وغيره مثل التأبط والاضطباع وهو أن يدخل الثوب من تحت يده اليمنى فيلقيه على عاتقه الأيسر كما يفعله المحرم. انظر: تهذيب اللغة (5/ 95) والمحكم والمحيط الأعظم (3/ 469) ولسان العرب (2/ 633) والمصباح المنير (2/ 358).

(3)

انظر: (ص: 11).

(4)

انظر: (ص: 160).

ص: 25

الثاني: قوله: «أدم محشوة ليفًا» ليس محفوظًا

(1)

.

الثالث: قوله: «ثم تلا هؤلاء الآيات من آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى انتهى إلى خمس آيات

فتلاهن» المحفوظ قراءة عشر آيات من آخر آل عمران

(2)

.

الرابع: قوله: «ثم استفرغ منها في إناء ثم توضأ الوضوء» المحفوظ الوضوء من القربة

(3)

.

الخامس: قوله: «ثم أخذ بردًا له حضرميًا فتوشحه» ليس محفوظًا

(4)

.

السادس: قوله: «فعرفت أنَّه إنَّما صنع ذلك ليونسني بيده في ظلمة البيت» المحفوظ من مس الأذن بعد أن غفا

(5)

.

السابع: قوله: «ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة من الليل، وركعتين بعد طلوع الفجر قبل الصبح» المحفوظ صلاة ثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر

(6)

.

الثامن: قوله: «ذكر لي كريب دعاءه فلم أحفظ منه إلا اثنتي عشرة كلمة»

(7)

.

التاسع: قوله: «ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن» ويأتي أنَّ صفة الاضطجاع لم تحفظ

(8)

.

6: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثني أبي، عن ابن أبي ليلى، ح، وحدثنا عيسى بن محمد السمسار الواسطي، ثنا وهب

(1)

انظر: (ص: 167).

(2)

انظر: (ص: 138).

(3)

انظر: (ص: 150).

(4)

انظر: (ص: 200).

(5)

انظر: (ص: 182).

(6)

انظر: (ص: 202).

(7)

انظر: (ص: 221).

(8)

انظر: (ص: 258).

ص: 26

بن بقية، أنا خالد، عن ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأحفظنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصنع، فجاء من المسجد فأتى ناحية الدار فقضى حاجته، ثم أتى القربة فأطلق شناقها

(1)

فغسل وجهه ويديه، ثم أخذ مضجعه فمكث ما شاء الله، ثم قام فأتى ناحية الدار، ثم أتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين لم يكثر إهراقة الماء وقد أسبغ الوضوء، ثم أتى المسجد. قال: فصنعت كما صنع، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فمدها من خلفي فأقامني، عن يمينه وصلى ثمان ركعات وأوتر بثلاث، ثم صلى ركعتين، ثم قال:«اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي، وَنُورًا فِي بَصَرِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَنُورًا مِنْ خَلْفِي، وَنُورًا عَنْ يَمِينِي، وَنُورًا عَنْ شِمَالِي، وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، وَنُورًا مِنْ فَوْقِي، اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» وإسناده ضعيف جدًا وفي متنه بعض النكارة.

محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف، قال الحافظ ابن حجر: صدوق سيء الحفظ جدًا.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم أتى المسجد» والمحفوظ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته

(2)

.

الثاني: قوله: «وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي» يأتي بيان الثابت

(3)

.

الثالث: «صلى ثمان ركعات وأوتر بثلاث» يسلم من كل ركعتين وأوتر بواحدة

(4)

.

(1)

انظر: (ص: 17).

(2)

انظر: (ص: 194).

(3)

انظر: (ص: 226).

(4)

انظر: (ص: 230).

ص: 27

‌ثالثًا: رواية بكير بن عبد الله عن كريب

الرواة عن بكير بن عبد الله:

1: عمرو بن الحارث. 2: سلمة بن كهيل.

1: عمرو بن الحارث: رواه البخاري (698) حدثنا أحمد ومسلم (184)(763) حدثنى هارون بن سعيد الأيلي قالا حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث عن بكير الأشج عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما. وتقدمت في رواية مخرمة بن سليمان عن كريب.

2: سلمة بن كهيل: رواه مسلم (187)(763) حدثني إسحاق بن منصورحدثنا النضر بن شميل أخبرنا وابن ماجه (508) حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي والطبراني في الكبير (11/ 420) حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، قالا ثنا يحيى بن سعيد قالا: حدثنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل عن بكير عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وتقدمت في رواية سلمة بن كهيل عن كريب.

‌رابعًا: رواية شريك بن عبد الله عن كريب:

الرواة عن شريك بن عبد الله:

1: محمد بن جعفر بن أبي كثير. 2: سليمان بن بلال.

1: محمد بن جعفر: رواه مسلم (190)(763) حدثني أبو بكر بن إسحاق والبخاري (4569)(7452) قالا حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس قال: «بت في بيت ميمونة رضي الله عنها ليلة، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها، لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر، أو بعضه، قعد فنظر إلى السماء فقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] ثم قام فتوضأ واستن، ثم صلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى للناس الصبح» .

في رواية البخاري (4569) «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 28

مع أهله ساعة، ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر، قعد فنظر إلى السماء، فقال:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} ثم قام فتوضأ واستن فصلى إحدى عشرة ركعة»، ثم أذن بلال رضي الله عنه، «فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الصبح» .

تنبيه: رواية مسلم مختصرة.

محمد بن جعفر بن أبى كثير وثقه يحيى بن معين وابن حجر والذهبي وقال ابن المديني: معروف. وقال النسائي: صالح.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: «لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل» هذا هو المحفوظ في سبب نوم ابن عباس رضي الله عنهما

(1)

.

الثاني: قوله: «فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد»

(2)

.

الثالث: قوله: «فلما كان ثلث الليل الآخر، أو بعضه، قعد فنظر إلى السماء» المحفوظ القيام نصف الليل

(3)

.

الرابع: قوله: «فقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}» يأتي أنَّه قرأ عشر آيات

(4)

.

2: سليمان بن بلال: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا شريك بن أبي نمر أنَّ كريبًا مولى ابن عباس أخبره: أنَّه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف من العشاء الآخرة، انصرفت معه، فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجرة،

(1)

انظر: (ص: 160).

(2)

انظر: (ص: 130).

(3)

انظر: (ص: 198).

(4)

انظر: (ص: 138).

ص: 29

وأنا في البيت قال: فقلت: والله لأرمقنَّ الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنظرنَّ كيف صلاته، قال: فاضطجع مكانه في مصلاه، حتى سمعت غطيطه قال: تَعَارَّ

(1)

، فقام، فنظر إلى السماء، وفكر، ثم قرأ الخمس الآيات من سورة آل عمران، ثم أخذ سواكًا، فاستن، ثم خرج، فقضى حاجته، ثم رجع إلى شن

(2)

معلقة، فصب على يده، ثم توضأ، ولم يوقظ أحدًا، ثم قام، فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد، حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرار، فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال رضي الله عنه، فآذنه بالصبح، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصبح» ورواته محتج بهم وفي متنه شذوذ.

إبراهيم بن سليمان بن داود البَرَلُّسِي ترجم له الذهبي في السير فقال الإمام، الحافظ، المتقن، أبو إسحاق إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن جوصا يقول: ذاكرت أبا إسحاق البَرَلُّسِيَّ وكان من أوعية الحديث. وقال ابن يونس: كان أحد الحفاظ المجودين الثقات الأثبات.

ويحيى بن صالح الوحاظي جهمي وثقه ابن معين وابن عدي والخليلي وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم. وسليمان بن بلال القرشي وثقه أحمد وابن معين وابن سعد وابن عدي.

وشريك بن عبد الله بن أبي نمر قال يحيى بن معين، والنسائي وابن الجارود: ليس به بأس. ووثقه محمد بن سعد وأبو داود وقال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطاء.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين» المحفوظ أربع ركعات

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 24).

(2)

انظر: (ص: 11).

(3)

انظر: (ص: 128).

ص: 30

الثاني: قوله: «وذلك في الشتاء» لا يصح تحديده بالشتاء

(1)

.

الثالث: قوله: «ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجرة، وأنا في البيت» المحفوظ نوم ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة

(2)

.

الرابع: قوله: «ثم قرأ الخمس الآيات من سورة آل عمران» المحفوظ قراءة عشر آيات

(3)

.

الخامس: قوله «ثم قام فصلى ركعتين ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما» ليس محفوظًا

(4)

.

السادس: قوله: «ثم توضأ، ولم يوقظ أحدًا» هذا هو المحفوظ

(5)

.

السابع: قوله: «ثم صنع ذلك خمس مرار» لا يصح

(6)

.

‌خامسًا: رواية عمرو بن دينار عن كريب:

الرواة عن عمرو بن دينار:

1: سفيان بن عيينة. 2: داود بن عبد الرحمن العطار. 3: حاتم بن أبي صغيرة.

الأول: سفيان بن عيينة رواه عنه:

1: أحمد (1914)(1915) حدثني سفيان والبخاري (138)(859) حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان ومسلم (186)(763) حدثنا ابن أبي عمر ومحمد بن حاتم عن ابن عيينة - قال ابن أبى عمر حدثنا سفيان - عن عمرو بن دينار عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما «أنَّه بات عند خالته ميمونة رضي الله عنها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ من شن معلق

(7)

وضوءًا خفيفًا، فقمت فصنعت مثل ما

(1)

انظر: (ص: 200).

(2)

انظر: (ص: 167).

(3)

انظر: (ص: 138).

(4)

انظر: (ص: 216).

(5)

انظر: (ص: 148 - 155).

(6)

انظر: (ص: 216).

(7)

قوله: «شن معلق» وتقدم (ص: 24) في رواية محمد بن إسحاق «شن معلقة» فالتذكير باعتبار اللفظ والتأنيث باعتبار القربة. انظر: عمدة القاري (2/ 369).

ص: 31

صنع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني

(1)

فجعلني عن يمينه، فصلى، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ».

تنبيه: روايتا أحمد مختصرتان.

2: ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (264) حدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيدني علمًا وفهمًا» وإسناده ضعيف.

شيخ ابن جرير الظاهر أنَّه سفيان بن وكيع. وسفيان بن وكيع توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: كان صدوقًا إلا أنَّه ابتلي بورَّاقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه. فهذه الرواية منكرة والله أعلم.

الثاني: داود بن عبد الرحمن العطار: رواه البخاري (726) والترمذي (232) والنسائي (442) قالوا حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن كريب، مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي، فجعلني عن يمينه، فصلى ورقد، فجاءه المؤذن، فقام وصلى ولم يتوضأ» .

الثالث: حاتم بن أبي صغيرة: رواه الحاكم (3/ 534) أخبرنا أبو عبد الله الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (3/ 1038) قالا ثنا مسدد بن مسرهد، ثنا يحيى بن سعيد وأحمد (3051) وابن أبي شيبة (12/ 111) قالا حدثنا عبد الله بن بكر، يرويانه عن حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، أنَّ كريبًا، أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرني، فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله

(1)

أي أداره من خلفه حتى لا يمر بين يديه. انظر: مطالع الأنوار (2/ 444) وإكمال المعلم (3/ 123) وشرح مسلم للنووي (6/ 70) ونخب الأفكار (5/ 191).

ص: 32

صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست

(1)

، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي:«مَا شَأْنِي أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟» ، فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ قال: فأعجبته، فدعا الله لي أن يزيدني علمًا وفهمًا قال: ثم «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى سمعته ينفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، الصلاة فقام فصلى، ما أعاد وضوءًا» ورواته ثقات.

وحاتم بن أبي صغيرة ثقة وثقه أحمد والبزار وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وابن شاهين والعجلي وقال ابن سعد ثقة إن شاء الله وذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا ولم يخرج له ولا مسلم من رواية عمرو بن دينار فالذي يظهر لي أنَّ هذه الرواية شاذة لمخالفة حاتم بن أبي صغيرة سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وكذلك مخالفة بقية الرواة عن كريب وعن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة.

أبو عبد الله الصفار هو محمد بن عبد الله الصفار.

تنبيه: رواية ابن أبي شيبة: «فدعا الله لي أن يزيدني علمًا وفهمًا» .

ورواية إبراهيم الحربي: «أقامني حذاءه، فلما أقبل على صلاته انخنست» .

المشكل من ألفاظ هذه الروايات:

الأول: قوله: «فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست» وقوله: «مَا شَأْنِي أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟» وقوله: «أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟» لا يصح

(2)

.

الثاني: قوله: «فدعا الله لي أن يزيدني علمًا وفهمًا» لا يصح

(3)

.

(1)

خَنَسْتُ: تأخرت. انظر: غريب الحديث للحربي (3/ 1039) والنهاية في غريب الحديث (2/ 83) وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 310) ولسان العرب (6/ 71).

(2)

انظر: (ص: 181).

(3)

انظر: (ص: 191).

ص: 33

‌سادسًا: رواية سالم بن أبي الجعد

رواه أحمد (2321) حدثنا عثمان بن محمد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم، في الصلاة عن شماله فأقامني عن يمينه» ورواته ثقات.

وسالم بن أبي الجعد مدلس لكن ذكره ابن حجر في الطبقة الثانية ممن احتمل الأئمة تدليسهم.

المحفوظ عن الأعمش عن سميع مولى ابن عباس - ويأتي في الرواية الثامنة - لكن ممن الخطأ؟

فعثمان بن محمد هو ابن أبي شيبة قال عنه الحافظ ابن حجر: ثقة حافظ شهير وله أوهام.

وجرير بن عبد الحميد ساء حفظه بآخره والأعمش على جلالة قدره اضطرب في بعض روايات حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

‌سابعًا: رواية حبيب بن أبي ثابت عن كريب

رواه أبو داود (1653) حدثنا محمد بن عبيد المحاربي والنسائي في الكبرى (1339) أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، والبزار (5220) حدثنا علي بن المنذر قالوا: حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن حبيب، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاها إياه من إبل الصدقة فلما أتاه وكانت ليلة ميمونة وكانت ميمونة رضي الله عنها خالة ابن عباس رضي الله عنهما فأتى المسجد فصلى العشاء ثم جاء فطرح ثوبه

(1)

ثم دخل مع امرأته في ثيابها فأخذت

(1)

قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 386) كل ما يلبس على البدن فهو ثوب، سواء كان شاملًا له أو لبعضه، وسواء كان مخيطًا أو غير مخيط، فالإزار ثوب، والقميص ثوب، والقباء ثوب، والسراويل ثوب، والتبان ثوب.

وقال ابن الملقن في شرح العمدة (6/ 33) الثوب لغة غير المخيط كالرداء والإزار ويطلق على المخيط كالقميص وغيره.

ص: 34

ثوبي فجعلت أطويه تحتي ثم اضطجعت عليه ثم قال لا أنام الليلة حتى أنظر إلى ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام حتى نفخ حتى ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ثم قام فخرج فبال ثم أتى سقاء موكأ فحل وكاءه ثم صب على يديه من الماء ثم وطئ على فم السقاء

(1)

فجعل يغسل يديه ثم توضأ حتى فرغ وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليل من أجلي ثم قام يصلي فقمت ففعلت مثل الذي فعل ثم أتيته فقمت عن يساره فتناولني بيده فأقامني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع حتى جاءه بلال رضي الله عنه فأذن بالصلاة فقام فصلى ركعتين قبل الفجر» ورواته ثقات.

لكن حبيب بن أبي ثابت اضطرب في متنه وإسناده وهذه الرواية شاذة.

وأشار إلى شذوذ هذه الرواية النسائي بقوله: خالفه سعيد بن جبير. والبزار بقوله: هذا الحديث لا نعلم أحدًا قال: عن حبيب، عن كريب، غير محمد بن فضيل. وقد خالفه الثوري وحصين، فقالا: عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال البزار: هذا الحديث لا نعلم أحدًا قال: عن حبيب، عن كريب، غير محمد بن فضيل. وقد خالفه الثوري وحصين، فقالا: عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 321) روايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛ فإنَّ حبيب بن أبي ثابت إنَّما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه وقال (9/ 126) ذكر الإمام أحمد، أنَّ الأعمش وهم في إسناده. وكذلك أشار ابن عبد البر في التمهيد (13/ 216) إلى شذوذ هذه الرواية.

تنبيه: رواية أبي داود مختصرة: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل، أعطاها إياه من الصدقة» .

(1)

حتى لا يهراق الماء.

ص: 35

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل» المحفوظ ليحفظ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

الثاني: قوله: «أعطاها إياه من إبل الصدقة» لا يصح

(2)

.

الثالث: قوله: «ثم جاء فطرح ثوبه» تبديل الثياب للنوم ليس محفوظًا.

الرابع: قوله: «فأخذت ثوبي، فجعلت أطويه تحتي، ثم اضطجعت عليه» المحفوظ نومه على الوسادة

(3)

.

الخامس: قوله: «ثم أتى سقاء موكأ فحل وكاءه ثم صب على يديه من الماء ثم وطئ على فم السقاء فجعل يغسل يديه ثم توضأ» لا يصح

(4)

.

السادس: قوله: «وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليل من أجلي» المحفوظ كراهة أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يرقبه

(5)

.

السابع: قوله: «فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع حتى جاءه بلال رضي الله عنه فأذن بالصلاة فقام فصلى ركعتين قبل الفجر» المحفوظ صلاة ثلاث عشرة ركعة براتبة الفجر والنوم بعدها

(6)

.

‌ثامنًا: رواية رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه

الرواة عن رِشْدِينَ:

1: حَبان بن علي العنزي. 2: محمد بن فضيل.

1: حَبان بن علي: رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (16) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن حَبان بن علي عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فقلت: إنَّي

(1)

انظر: (ص: 160).

(2)

انظر: (ص: 160).

(3)

انظر: (ص: 167).

(4)

انظر: (ص: 152).

(5)

انظر: (ص: 152).

(6)

انظر: (ص: 202).

ص: 36

أريد أن أبيت عندكم الليلة فقالت: وكيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد والوساد واحد قال: فقلت: لا حاجة لي في فراشكم أفرش نصف إزاري وأمَّا الوساد فإنَّي أضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوساد. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته ميمونة رضي الله عنها بما قال ابن عباس رضي الله عنهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ» وإسناده ضعيف جدًا.

حَبان بن علي العنزي ضعيف ورِشْدِينَ بن كريب ضعفه شديد قال أبو حاتم منكر الحديث وفيه غفلة ويحدث بالمناكير عن الثقات ضعيف الحديث وقال ابن عدي أحاديثه ما أقل من يتابعه عليها وهو مع ضعفه يكتب حديثه فهذه الرواية منكرة.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قولها: «كيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد والوساد

» لا يصح

(1)

.

الثاني: قوله: «هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ» لا يصح

(2)

.

2: محمد بن فضيل: رواه أحمد (3427) والترمذي (3275) حدثنا أبو هشام الرفاعي وابن أبي حاتم [تفسير ابن أبي كثير (4/ 230) واللفظ له] حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني والحاكم (1/ 320) حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ثنا محمد بن أحمد بن هارون العودي ثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة قالوا حدثنا محمد بن فضيل عن رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين اللتين قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة فقال: «رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِدْبَارَ النُّجُومِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِدْبَارَ السُّجُودِ» وإسناده ضعيف جدًا.

ولفظ رواية أحمد: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت إلى جنبه عن يساره، فأخذني

(1)

انظر: (ص: 163).

(2)

انظر: (ص: 163).

ص: 37

فأقامني عن يمينه» قال: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «وأنا يومئذ ابن عشر سنين» .

والحديث منكر تفرد به رِشْدِينَ عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم أنَّ ضعفه شديد.

قال: الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن فضيل

وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس من شرط هذا الكتاب وتعقبه الذهبي بقوله: قلت رشدين ضعفه أبو زرعة والدارقطني.

وقال ابن كثير: حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنَّه بات في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها، وصلى تلك الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة» ثابت في الصحيحين وغيرهما. فأمَّا هذه الزيادة فغريبة لا تعرف إلا من هذا الوجه ورشدين بن كريب ضعيف، ولعله من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا عليه، والله أعلم.

المشكل من هذه الرواية:

الأول: قوله «ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتين بعد المغرب إدبار السجود» . ويأتي بيان نكارته

(1)

.

الثاني: قوله: «وأنا يومئذ ابن عشر سنين» وهي رواية منكرة.

تاسعًا: رواية يزيد بن أبي زياد الكوفي عن كريب

رواه مسلم في التمييز (49) حدثني الحسن الحلواني وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قالا ثنا عبيد الله بن عبد المجيد ثنا كثير بن زيد حدثني يزيد بن أبي زياد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طول الوسادة واضطجعت في عرضها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ونحن نيام ثم قام فصلى فقمت عن يمينه فجعلني عن يساره فلما صلى قلت يا رسول الله وساقه» وإسناده ضعيف.

أبو عبد الله يزيد بن أبي زياد الكوفي إلى الضعف أقرب قال أحمد ليس حديثه

(1)

انظر: (ص: 250).

ص: 38

بذاك وضعفه ابن معين وقال أبو حاتم والنسائي ليس بالقوي وقال أبو زرعة لين يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي مع ضعفه يكتب حديثه وقال الدارقطني: لا يخرَّج عنه في الصحيح ضعيف يخطئ كثيرًا ويلقن إذا ألقن وقال ابن حبان كان صدوقًا إلا أنَّه لما كبر ساء حفظه وتغير وكان يلقن ما لقن فوقعت المناكير في حديثه فسماع من سمع منه قبل التغير صحيح وقال الفسوي كانوا يتكلمون فيه لتغيره فهو على العدالة والثقة ووثقه ابن شاهين وأحمد بن صالح المصري وقال ابن سعد كان ثقة في نفسه إلا أنَّه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب.

فهذه الرواية في أحسن الأحوال شاذة إن لم تكن منكرة لمخالفتها روايات الثقات.

قال مسلم: هذا خبر غلط غير محفوظ لتتابع الأخبار الصحاح برواية الثقات على خلاف ذلك أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما إنَّما قام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله حتى أقامه عن يمينه وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سائر الأخبار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ الواحد مع الإمام يقوم عن يمين الإمام لا عن يساره

صح بما ذكرنا من الأخبار الصحاح عن كريب وسائر أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أقامه عن يساره وهم وخطأ غير ذي شك.

وضعف الحديث ابن رجب في فتح الباري (6/ 199).

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فقمت عن يمينه فجعلني عن يساره» والمحفوظ تحويله إلى يمينه

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 186).

ص: 39

‌الرواية الثانية

رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

الرواة عن سعيد بن جبير:

1: ابنه عبد الله. 2: الحكم بن عتيبة. 3: جعفر بن إياس. 4: يحيى بن عباد. 5: يحيى بن دينار الرُمَّاني. 6: أبو إسحاق السبيعي. 7: حبيب بن أبي ثابت. 8: مسلم البَطِين. 9: عبد الأعلى بن عامر. 10: سلمة بن كهيل. 11: جعفر بن أبي المغيرة. 12: عكرمة بن خالد المخزومي. 13: موسى بن أبي عائشة.

‌أولًا: رواية عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه

رواه البخاري (699) حدثنا مسدد والنسائي أخبرنا يعقوب بن إبراهيم (806) وأحمد (3379) قالوا حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بتُّ عند خالتي ميمونة رضي الله عنها «فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه» .

المشكل من ألفاظ هذه الرواية: قوله: «فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه» والمحفوظ أخذ بيدي

(1)

.

‌ثانيًا: رواية الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير

الرواة عن الحكم بن عتيبة:

1: شعبة. 2: محمد بن قيس.

1: شعبة بن الحجاج: رواه أبو داود الطيالسي (2632) وابن الجعد في مسنده (149) وأحمد (3160) حدثنا حسين ح (3159) عن محمد بن جعفر ح (3165) عن بهز بن أسد والنسائي في الكبرى (407) أنبا عمرو بن يزيد قال حدثنا بهز

(1)

انظر: (ص: 186).

ص: 41

والبخاري عن آدم (117) ح (697) عن سليمان بن حرب وأبو داود (1357) عن ابن المثنى حدثنا ابن أبي عدي والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو عامر ح وحدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد يروونه عن شعبة قال حدثنا الحكم قال سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، ثم قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ»

(1)

أو كلمة تشبهها، ثم قام، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، ثم نام، حتى سمعت غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة».

حسين هو ابن محمد بن بهرام وبهز هو ابن أسد وآدم هو ابن أبي إياس وابن المثنى هو محمد وابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم.

تنبيه: روايات أبي داود الطيالسي وأحمد (3159)(3260) مختصرة فيها الوتر بخمس.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات» هذا هو المحفوظ في راتبة العشاء

(2)

.

الثاني: قوله: قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ» المحفوظ قوله بعد استيقاظه

(3)

.

الثالث: قوله: قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ» المحفوظ أحد اللفظين الغلام أو الغليم

(4)

.

(1)

الذي يغلب على ظني أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك مخاطبًا ابن عباس رضي الله عنهما لينظر هل هو مستيقظ أو نائم؟ والله أعلم.

(2)

انظر: (ص: 128).

(3)

انظر: (ص: 172).

(4)

انظر: (ص: 170).

ص: 42

الرابع: قوله: «فصلى خمس ركعات» يأتي الكلام على إشكال هذه الرواية

(1)

.

الخامس: قوله: في رواية بهز بن أسد «ثم صلى خمس ركعات، قال: ثم صلى ركعتين، قال: ثم نام حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة» المحفوظ النوم بعد راتبة الفجر ثم خرج عند الإقامة

(2)

.

2: محمد بن قيس: رواه أبو داود (1356) حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا محمد بن قيس الأسدي عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى

(3)

، فقال:«أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» قالوا: نعم، فاضطجع حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله، «قام فتوضأ، ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن، لم يسلم إلا في آخرهن» ورواته ثقات.

محمد بن قيس الأسدي وثقه تلميذه وكيع وغيره وبقية رواته ثقات.

المشكل في هذه الرواية:

الأول: قوله: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى، فقال:«أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» والمحفوظ عن شعبة «أنام الغلام؟» بعد استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

الثاني: قوله: «صلى سبعًا أو خمسًا» والثابت إحدى عشرة ركعة

(5)

.

ثالثًا: رواية أبي بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشية

رواه عنه هشيم بن بشير واختلف عليه في لفظه فرواه:

1: البخاري (5919) حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا الفضل بن عنبسة، أخبرنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، ح وحدثنا قتيبة، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن

(1)

انظر: (ص: 205).

(2)

انظر: (ص: 251).

(3)

المساء من بعد الظهر إلى صلاة المغرب. وقال بعضهم: إلى نصف الليل. انظر: الدلائل في غريب الحديث (2/ 897) وتهذيب اللغة (13/ 82) ولسان العرب (15/ 281) وتاج العروس (39/ 530).

(4)

انظر: (ص: 172).

(5)

انظر: (ص: 202).

ص: 43

جبير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها خالتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، قال: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره قال: فأخذ بذؤابتي

(1)

فجعلني عن يمينه».

2: البيهقي (3/ 95) أخبرنا أبو علي الروذباري، وأبو عبد الله بن برهان، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسين بن الفضل القطان، وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قالوا: ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا الحسن بن عرفة، والطبراني في الكبير (12/ 55) حدثنا بشر بن موسى، ثنا موسى بن داود، والبخاري (5919) حدثنا عمرو بن محمد، وأبو داود (611) حدثنا عمرو بن عون وأحمد (1846) وابن أبي شيبة (2/ 86) قالوا حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال:«بت ليلة عند خالتي ميمونة بنت الحارث، رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، فقام يصلي من الليل، فقمت عن يساره لأصلي بصلاته، قال: فأخذ بذؤابة كانت لي أو برأسي حتى جعلني عن يمينه» .

فرواه الفضل بن عنبسة وقتيبة بن سعيد عن هشيم بن بشير بلفظ: «فأخذ بذؤابتي» ولم يشكا

ورواه ابن أبي شيبة وأحمد وعمرو بن محمد وعمرو بن عون والحسن بن عرفة وموسى بن داود عن هشيم بلفظ: «فأخذ بذؤابة كانت لي أو برأسي» بالشك ورواية الشك أصح فرواتها أجل وأكثر فالمحفوظ عن سعيد بن جبير ذكر الرأس والله أعلم.

المشكل في هذه الرواية: قوله: «فأخذ بذؤابة كانت لي أو برأسي» والمحفوظ يدي

(2)

.

(1)

الذؤابة: الشعر المضفور من شعر الرأس، وقال بعضهم: الذؤابة: ضفيرة الشعر المرسلة، فإن لويت فعقيصة، وقد تطلق على كل ما يرخى وذؤابة كل شيء: أعلاه. انظر: المجموع المغيث (1/ 689) والنهاية في غريب الحديث (2/ 151) وتهذيب اللغة (15/ 20) وتاج العروس (2/ 416).

(2)

انظر: (ص: 186).

ص: 44

رابعًا: رواية يحيى بن عبَّاد الأنصاري

الرواة عن يحيى بن عبَّاد:

1: عبد المجيد بن سهيل. 2: أشعث بن سَوَّار. 3: حُرَيْث بن أبي مطر.

1: عبد المجيد بن سهيل: رواه النسائي في الكبرى (406) أخبرنا محمد بن علي بن ميمون، والطبراني في الكبير (12/ 31) حدثنا علي بن عبد العزيز قالا: حدثنا القعنبي، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 29) أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إبراهيم بن حمزة، وأبو داود (1357) حدثنا قتيبة ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص:(313) حدثنا بشر بن الحكم قالوا: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد المجيد، عن يحيى بن عباد، عن سعيد بن جبير، «أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما حدثه:«أنَّ أباه عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بعثه في حاجة له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها خالة ابن عباس فدخل عليها فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد قال: ابن عباس رضي الله عنهما «فاضطجعت في حجرتها وجعلت في نفسي أحصي كم يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء وأنا مضطجع في الحجرة بعدما ذهب الليل فقال: «أَرَقَدَ الْوَلِيدُ؟» فتناول ملحفة

(1)

على ميمونة رضي الله عنها قال فارتدى ببعضها وعليها بعض ثم قام فصلى ركعتين حتى صلى ثماني ركعات ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن ثم قعد فأثنى على الله بما هو له أهل ثم أكثر من الثناء وكان في آخر كلامه أن قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي سَمْعِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي بَصَرِي، وَاجْعَلْ لِي نُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا، بَيْنَ يَدَيَّ وَنُورًا، مِنْ خَلْفِي وَزِدْنِي نُورًا» ورواته ثقات وفي بعض ألفاظه شذوذ.

عبد العزيز بن محمد الداروردي قال أحمد بن حنبل: كان معروفًا بالطلب وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم

(1)

وهي البرد الحضرمي المذكور في رواية كريب.

ص: 45

فيخطئ، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو زرعة: سيئ الحفظ فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في موضع آخر: ليس به بأس.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فجاء وأنا مضطجع في الحجرة بعدما ذهب الليل» المحفوظ من قدوم ابن عباس رضي الله عنهما بعد صلاة العشاء ولم يتأخر النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

الثاني: قوله: «أَرَقَدَ الْوَلِيدُ؟» المحفوظ بعد الاستيقاظ

(2)

.

الثالث: قوله: «أَرَقَدَ الْوَلِيدُ؟» المحفوظ «الغلام» أو «الغليم»

(3)

.

الرابع: قوله: «فتناول ملحفة على ميمونة رضي الله عنها قال فارتدى ببعضها وعليها بعض لم يحفظ كون القصة في الشتاء

(4)

.

الخامس: قوله: «ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن» المحفوظ الوتر بركعة

(5)

.

السادس: قوله: «ثم قعد فأثنى على الله بما هو له أهل ثم أكثر من الثناء وكان في آخر كلامه أن قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي .. » الثناء شاذ والمحفوظ الدعاء كان في السجود

(6)

.

تنبيه: رواية أبي داود مختصرة فيها ذكر الصلاة فقط ورواية ابن نصر ذكر روايات لألفاظ الدعاء.

2: رواية أشعث بن سَوَّار: رواه البزار (4995) حدثنا محمد بن مرزوق، قال:

(1)

انظر: (ص: 163).

(2)

انظر: (ص: 172).

(3)

انظر: (ص: 171).

(4)

انظر: (ص: 200).

(5)

انظر: (ص: 236).

(6)

انظر: (ص: 228).

ص: 46

حدثنا عمرو بن صالح، قال: حدثنا الأشعث بن سَوَّار، عن أبي هبيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بعثني أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت ليلة خالتي فجئت فاضطجعت على الفراش فقال: «نَامَ الْغُلامُ؟» ولم أنم، وأنا أسمع كلامه قال: فصلى أربع ركعات يطيل فيهن القراءة والركوع والسجود قال: ثم اضطجع قال: ثم قام فصلى خمس ركعات وقمت فتوضأت وقمت عن يساره فأخذ بيدي من خلفه فأقامني عن يمينه قال: ففهمت من دعائه، وهو يقول:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا، وعَن يَمِينِي نُورًا، وعَن يَسَارِي نُورًا وَقُدَّامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورًا» وإسناده ضعيف.

عمرو بن صالح قاضي رامهرمز قال البخاري مشهور الحديث وذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن عدي له غير هذا الحديث مما لا يتابع عليه وقال الذهبي في الميزان تُكُلِم فيه وقال في الضعفاء منكر الحديث وقال في تاريخ الإسلام وثقه يحيى بن معين. وأشعث بن سوَّار ضعيف وقد اضطرب فيه فتارة يجعله من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وتارة عن معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما

(1)

. وبقية رواته ثقات.

قال البزار: لا نعلم أسند أبو هبيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، إلا هذا الحديث، وأبو هبيرة اسمه يحيى بن عباد رجل من أهل الكوفة ثقة.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «نَامَ الْغُلامُ؟» المحفوظ بعد الاستيقاظ

(2)

.

الثاني: قوله: «فصلى أربع ركعات يطيل فيهن القراءة والركوع والسجود ثم اضطجع» الإطالة فيهن ليست محفوظة

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 107).

(2)

انظر: (ص: 172).

(3)

انظر: (ص: 129).

ص: 47

الثالث: قوله: «ثم قام فصلى خمس ركعات» المحفوظ القيام بإحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين

(1)

.

3: رواية حُرَيْث بن أبي مطر: رواه ابن ماجه (476) حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، عن ابن أبي زائدة، عن حُرَيْث بن أبي مطر، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة الأنصاري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«كان نومه ذلك، وهو جالس» يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناده ضعيف.

حُرَيْث بن أبي مطر ضعفه شديد قال ابن معين لا شيء وقال عمرو بن علي ضعيف وقال أبو حاتم ضعيف الحديث وقال البخاري فيه نظر وقال مرة ليس بالقوي عندهم وقال النسائي والدولابي وعلي بن الجنيد والأزدي متروك. فهذه الرواية منكرة السند والمتن.

المشكل في هذه الرواية: قوله: «كان نومه ذلك، وهو جالس» المحفوظ نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر مضطجعًا

(2)

.

خامسًا: رواية أبي هاشم يحيى بن دينار الرُمَّاني

رواه الطبراني في الكبير (12/ 60) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا جابر بن كردي، وابن الأعرابي في معجمه (403) نا الدقيقي وأحمد (3291) قالوا حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسين، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم رجع إليها، وكانت ليلتها، فصلى ركعتين، ثم انفتل، فقال: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» وأنا أسمعه، قال: فسمعته قال في صلاته: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» وإسناده حسن وفي متنه شذوذ.

(1)

انظر: (ص: 230).

(2)

انظر: (ص: 251).

ص: 48

سفيان بن حسين أبو الحسن الواسطي في حفظه شيء قال المروزي عن أحمد ليس بذاك في حديثه عن الزهري وقال يعقوب بن شيبة صدوق ثقة وفي حديثه ضعيف وقال النسائي ليس به بأس إلا في الزهري وقال عثمان بن أبي شيبة كان ثقة إلا أنَّه كان مضطربًا في الحديث قليلًا وقال العجلي ثقة وقال ابن سعد ثقة يخطاء في حديثه كثيرًا وقال ابن عدي هو في غير الزهري صالح وفي الزهري يروي أشياء خالف الناس وقال ابن خراش لين الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال أمَّا روايته عن الزهري فإنَّ فيها تخاليط يجب أن يجانب وهو ثقة في غير الزهري وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به.

تنبيه: في رواية أحمد قال: «في مصلاه» .

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» المحفوظ قوله بعد الاستيقاظ

(1)

.

الثاني: قوله: «فصلى ركعتين» والمحفوظ في راتبة العشاء أربع ركعات

(2)

.

الثالث: قوله: فسمعته قال في صلاته: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا

» المحفوظ في السجود

(3)

.

سادسًا: رواية أبي إسحاق السبيعي

«أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]» .

واختلف عليه فالرواة عنه:

1: ابنه يونس. 2: ابن ابنه إسرائيل. 3: شريك بن عبد الله. 4: زكريا بن أبي زائدة. 5: سلام بن سليم. 6: زهير بن معاوية.

(1)

انظر: (ص: 172).

(2)

انظر: (ص: 128).

(3)

انظر: (ص: 228).

ص: 49

1: يونس بن أبي إسحاق: رواه النضر بن شميل عند ابن نصر - مختصر قيام الليل ص:) 268) - وأبو أحمد عند ابن ماجه (1172) وشَبَابة بن سَوَّار عند ابن أبي شيبة (2/ 299) والنسائي في الكبرى (1340) وأبي يعلى (2555) وابن ماجه (1172) يرويانه عن يونس عن أبيه أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم ورواته ثقات.

ورواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قبل الاختلاط.

2: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق: واختلف عليه فرواه:

1): عبد الله بن رجاء عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) وحُجين بن المثنى عند أحمد (3521) ووكيع عند ابن أبي شيبة (2/ 299) ومالك بن إسماعيل عند الدارمي (1627) وعبيد الله بن موسى عند البزار (4760) وأحمد بن يونس عند ابن المنذر (5/ 203) يروونه عن إسرائيل عن جده أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم ورواته ثقات.

2): ابن أبي شيبة (2/ 299) عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا.

ص: 50

ورواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق في صحيح البخاري (5901)(6399) ومسلم (172)(2380) فهي محمولة على السماع قبل الاختلاط والله أعلم.

3: شريك بن عبد الله بن أبي نمر واختلف عليه فرواه:

1): إسحاق بن عيسى عند أحمد (2715) وعلي بن حُجْر عند الترمذي (462) والنسائي في الكبرى (435) يرويانه عن شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم.

وعلي بن حُجْر وإسحاق بن عيسى ثقتان.

2): النسائي في الكبرى (436) أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: أبو نعيم، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا.

وأحمد بن سليمان الرهاوي قال عنه تلميذه النسائي ثقة مأمون صاحب حديث وقال ابن أبي حاتم صدوق ثقة. ويأتي عن أحمد بن سليمان موقوفًا.

4: زكريا بن أبي زائدة: رواه أبو أسامة حماد بن أسامة عند النسائي (1702) والدارمي (1630) عن زكريا عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا ورواته ثقات.

ورواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق في البخاري (3022) ومسلم (1618) فهي محمولة على قبل الاختلاط والله أعلم.

5: رواية أبي الأحوص سلام بن سليم: رواه ابن أبي شيبة (2/ 299) حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا ورواته ثقات.

أبو الأحوص روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط.

فيونس بن أبي إسحاق وزكريا بن أبي زائدة يرويانه مرفوعًا ورواه أبو الأحوص موقوفًا ووافقه زهير بن معاوية وروايته ضعيفة واختلف على إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وشريك بن عبد الله فجاء عنهما على الوجهين ورواية الرفع أقوى. لكنْ أبو إسحاق مدلس ولم أقف على تصريح له بالسماع.

والذي يظهر لي أنَّ هذه الرواية ضعيفة السند شاذة المتن حيث لم تذكر السور في رواية الحكم بن عتيبة وغيره والله أعلم.

6: رواية زهير بن معاوية: رواه النسائي (1703) أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا وإسناده ضعيف.

زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط قاله أحمد وأبو زرعة. وتقدم عن أبي نعيم عن شريك عن سعيد مرفوعًا.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية: قوله: «إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والقراءة بسبح والكافرون

ص: 51

والإخلاص في الوتر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما لا تصح

(1)

.

سابعًا: رواية حبيب بن أبي ثابت

الرواة عن حبيب بن أبي ثابت:

1: سليمان بن مهران. 2: كامل بن العلاء.

1: رواية سليمان بن مهران الأعمش: رواه النسائي في الكبرى (405) أخبرنا قتيبة بن سعيد، وابن ماجه (288) حدثنا سفيان بن وكيع وأبو يعلى (2681) حدثنا عمرو بن محمد الناقد والبزار (5081) حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ والطبراني في الكبير (12/ 17) حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ح وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني النفيلي والحاكم (1/ 145) أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ علي بن عبد الصمد علان، ثنا أبو الأحوص محمد بن حيان وابن أبي شيبة (1/ 169) وأحمد (1884) قالوا حدثنا عَثَّام بن علي، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك» .

ظاهر السند الصحة فلذا صححه الحاكم وقال البزار الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن الأعمش إلا عَثَّام وعَثَّام ثقة.

لكن قال ابن رجب في الفتح (5/ 321) روايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛ فإنَّ حبيب بن أبي ثابت إنَّما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه وقال (9/ 126) ذكر الإمام أحمد، أنَّ الأعمش وهم في إسناده. فحبيب اضطرب في متنه وإسناده.

تنبيه: لفظ رواية البزار: «إذا قام من الليل بدأ بسواك، أو قال: تسوك» .

المشكل من هذه الرواية: قوله «يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك» والمحفوظ السواك قبل الوضوء

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 240).

(2)

انظر: (ص: 146).

ص: 52

2: كامل بن العلاء: رواه أبو داود (850) حدثنا محمد بن مسعود، حدثنا زيد بن الحباب وابن ماجه (898) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا إسماعيل بن صَبيح، والطبراني في الكبير (12/ 20) حدثنا زكريا بن حمدويه البغدادي، ثنا عبيد بن إسحاق العطار، قالوا ثنا كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«بت عند خالتي ميمونة، رضي الله عنها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا، فاستقى ماءًا، فتوضأ، ثم قرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 191] إلى آخر السورة، ثم افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها، ثم ركع، فقال: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، ثم سجد، فقال:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، ثم رفع رأسه، فقال بين السجدتين:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي» ، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية آل عمران حتى ختمها، ثم ركع وسجد، ثم فعل كما فعل في الأولى، ثم اضطجع، ثم قام فزعًا ففعل مثلما فعل في الأوليين فقرأ حرفًا حرفًا حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث، ثم صلى ركعتي الفجر، ثم قال:«اللهُمَّ اجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَفي قلبي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ بَيْنَ يَدَيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» وإسناده ضعيف جدًا.

زكريا بن حمدويه الصفار مترجم له في تاريخ الإسلام وتاريخ بغداد ولم أقف على من وثقه.

وعبيد بن إسحاق العطار ضعيف ترجم له الذهبي في الميزان فقال: ضعفه يحيى وقال البخاري: عنده مناكير وقال الأزدي: متروك الحديث وقال الدارقطني: ضعيف وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر وقال ابن حبان في المجروحين ممن يروي عن الأثبات مالا يشبه حديث الثقات لا يعجبني الاحتجاج بما انفرد من الأخبار ورضيه أبو حاتم. إضافة إلى الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت فقد اضطربت روايته.

فهذه الرواية منكرة السند والمتن فخالف حبيب بن أبي ثابت الحفاظ الذين

ص: 53

رووه عن سعيد بن جبير في عدم تخلل النوم الصلاة وفي عدد ركعات الوتر وعدم ذكر السورة التي قرأها وموضع الدعاء وأذكار الركوع والسجود والجلسة بين السجدتين والله أعلم.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا

افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها،

ثم قام فقرأ في الركعة الثانية آل عمران حتى ختمها» لا يصح

(1)

.

الثاني: قوله: «ثم ركع فقال: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، ثم سجد فقال:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، ثم رفع رأسه فقال بين السجدتين:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي» لا يصح التسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السجدتين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

(2)

.

الثالث: قوله: «حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين» لا يصح تفريق القيام

(3)

.

الرابع: قوله: «وأوتر بثلاث» المحفوظ بسلامين

(4)

.

الخامس: قوله: «ثم صلى ركعتي الفجر ثم قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا،

» المحفوظ الدعاء في السجود

(5)

.

تنبيه: رواية أبي داود مختصرة بلفظ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» .

وكذلك رواية ابن ماجه بلفظ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْزُقْنِي، وَارْفَعْنِي» وتأتي ألألفاظ المحفوظة من هذا الدعاء

(6)

.

(1)

انظر: (ص: 213).

(2)

انظر: (ص: 217).

(3)

انظر: (ص: 207).

(4)

انظر: (ص: 236).

(5)

انظر: (ص: 228).

(6)

انظر: (ص: 226).

ص: 54

ثامنًا: رواية مسلم بن عمران البَطِين

رواه ابن أبي شيبة (2/ 299) حدثنا شاذان وأحمد (2772) حدثنا إبراهيم بن أبي العباس والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا لوين والطبراني في المعجم الأوسط (3068) حدثنا بشر بن موسى قال: نا يحيى بن إسحاق السيلخيني قالوا حدثنا شريك، عن مُخَول، عن مسلم البَطِين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: يقرأ في الأولى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] وفي الثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وفي الثالثة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]»» وإسناده حسن وذكر السور شاذ والله أعلم.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن مُخَول إلا شريك. وشريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيرًا. ومُخَول هو ابن راشد.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية: قوله: «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: يقرأ في الأولى:

» لا تثبت قراءة هذه السور في الوتر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

(1)

.

تاسعًا: رواية عبد الأعلى بن عامر

رواه البزار (4759) حدثنا القاسم بن وهب، قال: حدثنا الحسن بن عطية، قال: حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر في الركعة الأولى ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} والثانية ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} والثَّالِثة ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» وإسناده ضعيف.

القاسم بن وهب الكوفي لم أقف على من عدَّله والحسن بن عطية القرشي قال أبو حاتم وابن حجر صدوق. وعبد الأعلى بن عامر ضعيف في حفظه، توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق يهم.

(1)

انظر: (ص: 240).

ص: 55

فهذه الرواية إن لم تكن شاذة فهي منكرة والله أعلم.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية: كالتي قبلها.

عاشرًا: رواية سلمة بن كهيل

رواه الطبراني في المعجم الأوسط (2172) حدثنا أحمد قال: نا جابر بن كردي الواسطي قال: نا سعيد بن عامر قال: نا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» ورواته ثقات.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا سعيد بن عامر.

أحمد هو ابن يحيى بن زهير ثقة. وجابر بن كردي الواسطي قال النسائي لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه مسلمة بن قاسم. وسعيد بن عامر وثقه ابن معين وابن قانع والعجلي وقال أبو حاتم كان رجلًا صالحًا وكان في حديثه بعض الغلط وهو صدوق وقال ابن سعد كان ثقة صالحًا وذكره ابن حبان في الثقات.

وهذه الرواية منكرة السند فشعبة تارة يروي الحديث عن سلمة بن كهيل عن كريب وتارة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير ولم يروه شعبة عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير وفيها شذوذ في المتن فتفرد بذكر القراءة سعيد بن عامر عن شعبة وكذلك لم يذكره غيره ممن رووه عن سلمة بن كهيل والله أعلم.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية: كالتي قبلها.

الحادي عشر: رواية جعفر بن أبي المغيرة

رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (552) حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، نا أحمد بن القاسم بن عطية، نا أحمد بن عبد الرحمن الدَّشْتَكي، حدثني أبي، عن أبيه، نا أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَطْلُع من مصلاه ثلاث مرات في الليلة إلى السماء يقترِي: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي

ص: 56

الْأَلْبَابِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194]» وإسناده ضعيف.

عبد الرحمن بن أبي حاتم وشيخه ثقتان وأحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدَّشْتَكي هو وأبوه ثقتان وجده ذكره ابن حبان في ثقاته.

وأشعث بن إسحاق القمي وثقه ابن معين والنسائي وقال البزار: روى أحاديث لم يتابع عليها وقد احتمل حديثه.

وجعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي ذكره ابن حبان في الثقات ونقل عن أحمد بن حنبل توثيقه وقال ابن مندة ليس بالقوي في سعيد بن جبير. فهذه الرواية منكرة - والله أعلم - لمخالفتها روايات الثقات الذين رووه عن سعيد بن جبير.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «يَطْلُع من مصلاه ثلاث مرات في الليلة إلى السماء» تفريق الصلاة غير محفوظ

(1)

.

الثاني: قوله: يَقْتَرِيءُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} المحفوظ عشر آيات

(2)

.

الثاني عشر: رواية عكرمة بن خالد المخزومي

رواه ابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665) قالا نا أحمد بن منصور المروزي، أخبرنا النضر بن شميل، وأحمد (3480) حدثنا يزيد وأحمد أيضًا (3492) حدثنا روح قالوا أخبرنا عباد بن منصور، نا عكرمة بن خالد المخزومي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، فبت عندها، فوجدت ليلتها تلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم دخل بيته، فوضع رأسه على وسادة من أدم حشوها ليف» ، فجئت فوضعت رأسي على ناحية منها، «فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر فإذا عليه ليل، فعاد فسبح وكبر حتى نام، ثم استيقظ وقد ذهب شطر الليل أو قال: ثلثاه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(1)

انظر: (ص: 209).

(2)

انظر: (ص: 138).

ص: 57

فقضى حاجته، ثم جاء إلى قربة على شجب

(1)

فيها ماء، فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرة، ثم غسل قدميه - قال يزيد: حسبته قال: ثلاثًا ثلاثًا - ثم أتى مصلاه، فقمت وصنعت كما صنع، ثم جئت فقمت عن يساره، وأنا أريد أن أصلي بصلاته، فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا عرف أنِّي أريد أن أصلي بصلاته، لفت يمينه

(2)

فأخذ بأذني، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى أنَّ عليه ليلًا ركعتين، فلما ظن أنَّ الفجر قد دنا، قام فصلى ست ركعات، أوتر بالسابعة، [وفي رواية أحمد (3492) «حتى إذا أضاء له الصبح قام فصلى الوتر تسعَ ركعات، يسلم في كل ركعتين، حتى إذا فرغ من وتره»][وفي رواية ابن خزيمة وابن المنذر: «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من الليل مثنى، ركعتين ركعتين، فلما طلع الفجر الأول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى تسع ركعات، يسلم في كل ركعتين، وأوتر بواحدة وهي التاسعة»] حتى إذا أضاء الفجر، قام فصلى ركعتين، ثم وضع جنبه فنام، حتى سمعت فخيخه، ثم جاءه بلال رضي الله عنها، فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى وما مس ماءًا» وإسناده ضعيف جدًا.

عباد بن منصور ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء وقال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم كان ضعيف الحديث يكتب حديثه وقال أبو داود ليس بذاك وعنده أحاديث فيها نكارة وقال النسائي ليس بحجة

وقال الدارقطني ليس بالقوي وقال أحمد كانت أحاديثه منكرة وقال ابن سعد هو ضعيف عندهم وله أحاديث منكرة وقال الجوزجاني سيء الحفظ وتغير أخيرًا.

وقد اضطرب في متنه وخالف في إسناده والمحفوظ ما يأتي

(3)

رواية عبد الله بن طاوس ومِسْعِر بن كِدَام ومحمد بن شريك عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرسلة.

وهذه الرواية مضطربة المتن منكرة السند والله أعلم.

(1)

انظر: (ص: 845).

(2)

لفت يمينه: لفت الشيء إذا لواه. انظر: تهذيب اللغة (14/ 203) ولسان العرب (2/ 85).

(3)

انظر: (ص: 87).

ص: 58

روح هو ابن عبادة ويزيد هو ابن هارون.

تنبيه: روايتا ابن المنذر وابن خزيمة مختصرتان.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «وسادة من أدم حشوها ليف» المحفوظ ذكر الوسادة فقط

(1)

.

الثاني: قوله: «فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر فإذا عليه ليل، فعاد فسبح وكبر حتى نام» ليس محفوظًا

(2)

.

الثالث: قوله: «ثم استيقظ وقد ذهب شطر الليل أو قال: ثلثاه» المحفوظ القيام نصف الليل

(3)

.

الرابع: قوله: «فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، .... » المحفوظ الوضوء أقل من ثلاث

(4)

.

الخامس: قوله: «حتى إذا عرف أنِّي أريد أن أصلي بصلاته» منكر.

السادس: قوله: «فأخذ بأذني، فأدارني» المحفوظ الأخذ باليد ومس الأذن لطرد النوم

(5)

.

السابع: قوله: «أوتر بالسابعة» «أوتر بواحدة وهي التاسعة» المحفوظ صلاة إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين

(6)

.

الثالث عشر: رواية موسى بن أبي عائشة

اختلف على موسى بن أبي عائشة فتارة يرويه مسندًا وتارة مرسلًا فرواه:

1: البيهقي (3/ 45) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا

(1)

انظر: (ص: 167).

(2)

انظر: (ص: 135).

(3)

انظر: (ص: 135).

(4)

انظر: (ص: 148).

(5)

انظر: (ص: 186).

(6)

انظر: (ص: 236).

ص: 59

إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد حدثنا سلم بن إبراهيم الوراق حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتى الفجر اضطجع» إسناده ضعيف جدًا.

سلم بن إبراهيم الوراق ضعفه شديد قال أبو حاتم سمعت منه في الرحلة الأولى وسألت ابن معين عنه فتكلم فيه ولم يرضه وقال الصغاني عن ابن معين كذاب وقال ابن أبي حاتم عن أبيه شيخ وذكره ابن حبان في الثقات. وفيه أيضًا جهالة المبهم وبقية رواته ثقات.

2: قال البيهقي: رواه غيره عن شعبة عن موسى عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعًا كذا في هذه الروايات.

ص: 60

الرواية الثالثة

رواية عامر بن شراحيل الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه أحمد (2409) حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم، وعبد الصمد والبخاري (728) حدثنا موسى، والطبراني في الكبير (12/ 91) حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي، ثنا غسان بن الربيع، قالوا حدثنا ثابت بن يزيد، وابن ماجه (973) حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قالا حدثنا عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «قمت ليلة أصلي عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي أو بعضدي

(1)

حتى أقامني عن يمينه، وقال بيده من ورائي».

أبو سعيد هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وموسى هو ابن إسماعيل التَبُوذَكي وعاصم هو ابن سليمان الأحول.

المشكل من ألفاظ في هذه الرواية:

الأول: قوله: «فأخذ بيدي أو بعضدي» والمحفوظ بيدي

(2)

.

تنبيهان:

الأول: رواية ابن ماجه من غير شك ولفظها: «فأخذ بيدي، فأقامني عن يمينه» .

الثاني: في رواية البخاري «بيده من ورائي» قال الحافظ ابن حجر: «من ورائي» في رواية الكشميهني «بيده من ورائه» وهو أوجه

(3)

.

قال أبو عبد الرحمن

(4)

: وهي رواية أحمد والطبراني.

(1)

العضد: ما بين الكتف والمرفق.

انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 252) ولسان العرب (3/ 292) والكليات ص: (984).

(2)

انظر: (ص: 186).

(3)

فتح الباري (2/ 213).

(4)

ما يمر في هذا الكتاب وغيره من قال أبو عبد الرحمن المقصود به المؤلف وهو إلتفات عند بعض علماء المعاني.

ص: 61

‌الرواية الرابعة

رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه

-

الرواة عن علي بن عبد الله بن عباس:

1: ابنه محمد. 2: المنهال بن عمرو. 3: داود بن علي. 4: منصور بن المعتمر.

أولًا: رواية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس

رواه أحمد (3531) ثنا هشام بن عبد الملك ثنا أبو عوانة ومسلم (191)(763) حدثنا واصل بن عبد الأعلى، وأبو داود (1353) حدثنا عثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا محمد بن فضيل، وأبو داود (1353) حدثنا محمد بن عيسى والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور قالا حدثنا هشيم والنسائي (1705) أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا حسين عن زائدة والبزار (5223) حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا هشيم يروونه عن حصين والنسائي (1704) أخبرنا محمد بن رافع والبزار (5222) حدثنا عبدة بن عبد الله وأحمد (3261) قالوا ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان والنسائي (1706) أخبرنا محمد بن جبلة قال حدثنا معمر بن مخلد -[قال النسائي] ثقة - قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد فثلاثتهم - حصين بن عبد الرحمن والثوري وزيد بن أبي أنيسة - يروونه عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، «أنَّه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا» .

ص: 63

تنبيهان:

الأول: قال أبو داود «ثم أوتر - قال عثمان -: بثلاث ركعات فأتاه المؤذن، فخرج إلى الصلاة، وقال ابن عيسى: ثم أوتر، فأتاه بلال رضي الله عنه، فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، ثم اتفقا

»

ويأتي أنَّ قوله: «فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر» شاذ والله أعلم.

الثاني: روايات النسائي والطحاوي ورواية أحمد (3261) مختصرة وأحال البزار إلى رواية الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب.

ففي هذه الرواية الصلاة ست ركعات وتخللها نوم والوتر بثلاث فمجموع الصلاة تسع ركعات.

وحبيب بن أبي ثابت الكوفي اختلف عليه في رواياته:

1: حبيب بن أبي ثابت عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما. الرواية الأولى.

2: حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما الرواية الثانية.

3: حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

4: حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما الرواية الحادية عشرة.

5: حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما. الرواية الحادية والعشرين.

قال ابن رجب في الفتح (5/ 321) روايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛ فإنَّ حبيب بن أبي ثابت إنَّما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه. فالظاهر أنَّ ابن رجب يرجح رواية حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه والله أعلم.

وكذلك اختلف عليه في متنه وحبيب ثقة لكنَّه يخطئ أحيانًا ويدلس قال ابن حبان وابن خزيمة كان مدلسًا وقال القطان والعقيلي له غير حديث عن عطاء لا يتابع عليه وليست بمحفوظة وقال ابن عدي حدث عنه الأئمة وهو ثقة حجة كما

ص: 64

قال ابن معين.

وقد أعل الحفاظ حديثه بالاضطراب في السند والمتن فبوب النسائي في الصغرى (3/ 236): ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر.

وقال الدارقطني في الإلزامات والتتبع ص: (324) أخرج [مسلم] أيضًا حديث حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه وفيه على حبيب سبعة أقاويل.

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (3/ 122) حديث واصل الذى خالف الجمهور وقد اختلف عليه فيه عن حبيب بن أبي ثابت واضطرب فيه كثيرًا، فعنه فيه - فيما ذكر الدارقطني - سبعة أقاويل، وقد غمزه بذلك، وهو مما استدركه على مسلم لاضطراب قوله واختلاف روايته.

وقال النووي في شرح مسلم (5/ 75) هذه الرواية فيها مخالفة لباقي الروايات في تخليل النوم بين الركعات وفي عدد الركعات فإنَّه لم يذكر في باقي الروايات تخلل النوم وذكر الركعات ثلاث عشرة

ولا يقدح هذا في مسلم فإنَّه لم يذكر هذه الرواية متأصلة مستقلة إنما ذكرها متابعة والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 484) في رواية علي بن عبد الله بن عباس عند مسلم ما يخالفهم

فزاد على الرواة تكرار الوضوء وما معه ونقص عنهم ركعتين أو أربعًا ولم يذكر ركعتي الفجر أيضًا وأظن ذلك من الراوي عنه حبيب بن أبي ثابت فإنَّ فيه مقالًا وقد اختلف عليه فيه في إسناده ومتنه.

قال أبو عبد الرحمن: حبيب بن أبي ثابت لم يتفرد به فقد تابعه المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه.

وعلي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسجاد ثقة قليل الحديث وغلبت عليه العبادة فالذي يغلب على الظن أنَّ المخالفة في بعض ألفاظ الحديث منه والله أعلم.

ص: 65

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود» ليس محفوظًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

(1)

.

الثاني: قوله: «فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات» تقدم قريبًا ويأتي زيادة بيان

(2)

.

الثالث: قوله: «كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات» ليس محفوظًا.

الرابع: قوله: «فخرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا

» المحفوظ في السجود

(3)

.

‌ثانيًا: رواية المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس

رواه أبو يعلى (2545) حدثنا زهير، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) حدثنا علي بن معبد قالا ثنا شبابة بن سوار، وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، نا أحمد بن سنان، نا أبو أحمد، والطبراني في الكبير (10/ 334) حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم والبزار (5221) حدثنا نصر بن علي، قال: أخبرنا أبو أحمد قالوا: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه رضي الله عنه قال:«أمرني العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: «بت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت إلى المسجد، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العشاء الآخرة، حتى لم يبق في المسجد أحد غيره، قال: ثم مر بي فقال: «مَنْ هَذَا؟» قلت: عبد الله، قال:«فَمَهْ؟»

(4)

قلت: أمرني العباس أن أبيت بكم الليلة، قال:«فَالْحَقْ» ، قال: فلما انصرف دخل فقال: «أَفْرِشُوا عَبْدَ اللهِ»

(5)

، فأُتِيتُ بوسادة من مسوح

(6)

، قال: وتقدم إلي العباس رضي الله عنه: «لا

(1)

انظر: (ص: 230).

(2)

انظر: (ص: 208).

(3)

انظر: (ص: 228).

(4)

مه: ما الاستفهامية وحذفت الألف ودخلت عليها هاء السكت. انظر: مغني اللبيب (2/ 348).

(5)

منصوب بنزع الخافض.

(6)

المِسْح: الكساء من الشعر وجمع القلة أمْساح والكثرة مُسُوح. ووسادة من مسوح أي من شعر.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (3/ 219) ولسان العرب (2/ 596).

ص: 66

تنم حتى تحفظ صلاته»، قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام حتى سمعت غطيطه،

(1)

فاستوى على فراشه فرفع رأسه إلى السماء فقال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثلاث مرات، ثم تلا هذه الآية من آخر سورة آل عمران حتى ختمها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، ثم قام، ثم استن بسواكه

(2)

وتوضأ، ثم دخل في مصلاه فصلى ركعتين ليستا بقصيرتين ولا بطويلتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه ففعل كما فعل في المرة الأولى، ثم استن بسواكه وتوضأ، ثم دخل مصلاه فصلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه ففعل كما فعل، فصلى ثم أوتر، فلما قضى صلاته سمعته يقول:«اللهُمَّ اجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ عَنْ يَمِينِي نُورًا، وَاجْعَلْ عَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي مِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ أَسْفَلِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» ورواته ثقات.

رواه أبو يعلى (2545) حدثنا زهير، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) - مختصرًا - حدثنا علي بن معبد قالا ثنا شبابة بن سوار، وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) - مختصرًا - حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، نا أحمد بن سنان، نا أبو أحمد، والطبراني في الكبير (10/ 334) حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم قالوا: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه رضي الله عنه قال: فذكره ورواته ثقات.

وأيضًا لم يتفرد به علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه فتابعه أبو المتوكل.

تنبيه: رواية الطحاوي وأبي الشيخ مختصرة وذكر البزار إسناده وأحال على

(1)

الغطيط هو صوت يخرجه النائم مع نفسه وهو النفخ المذكور في بعض الروايات. انظر: غريب الحديث للحربي (2/ 639) ومشارق الأنوار (2/ 133) وجمهرة اللغة (1/ 149) ومقاييس اللغة (4/ 384).

(2)

استن إذا استاك والاستنان استعمال السواك افتعال، من الأسنان أي يمره عليها. المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (2/ 138) ومجمع بحار الأنوار (3/ 133) ومختار الصحاح ص:(155) وتاج العروس (35/ 229).

ص: 67

رواية الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العشاء الآخرة، حتى لم يبق في المسجد أحد غيره» المحفوظ أنَّه سبق النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

الثاني: قوله: «أمرني العباس رضي الله عنه أن أبيت بكم الليلة،

قال: وتقدم إلي العباس رضي الله عنه: لا تنم حتى تحفظ صلاته» هذا هو المحفوظ في سبب نومه

(2)

.

الثالث: قوله: «أُتِيت بوسادة من مسوح» المحفوظ ذكر الوسادة فقط

(3)

.

الرابع: قوله: «فرفع رأسه إلى السماء فقال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثلاث مرات» ليس محفوظًا

(4)

.

الخامس: ثم تلا هذه الآية من آخر سورة آل عمران حتى ختمها إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}» المحفوظ قراءة عشر آيات من آخرها

(5)

.

السادس: قوله: «فصلى ركعتين ليستا بقصيرتين ولا بطويلتين» لم يصح قدر الصلاة ولا السور التي قرأها في صلاته من حديث ابن عباس رضي الله عنه

(6)

.

السابع: قوله: «ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه ففعل كما فعل في المرة الأولى،

ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه

» المحفوظ عدم الفصل بين التهجد

(7)

.

الثامن: قوله: «فلما قضى صلاته سمعته يقول: «

وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا

» المحفوظ الدعاء في السجود

(8)

.

(1)

انظر: (ص: 163).

(2)

انظر: (ص: 160).

(3)

انظر: (ص: 167).

(4)

انظر: (ص: 145).

(5)

انظر: (ص: 138).

(6)

انظر: (ص: 213).

(7)

انظر: (ص: 207، 231).

(8)

انظر: (ص: 228).

ص: 68

ثالثًا: رواية دواد بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

ورواه عن دواد بن علي:

1: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. 2: الحسن بن عمارة. 3: محمد بن سليمان بن أبي ضمرة.

1): محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (314) حدثنا علي بن سهل، ثنا عفان وابن خزيمة (1119) ثنا محمد بن خلف العسقلاني، ثنا آدم، بن أبي إياس والطبراني في المعجم الأوسط (3696) حدثنا عمر بن حفص السدوسي قال: نا عاصم بن علي يروونه عن قيس بن الربيع، ورواه الترمذي (3419) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: حدثني أبي قالا حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بعثني العباس رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبت عنده، فصلى فقال في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعْثِي

(1)

، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتُصْلِحُ بِهَا دِينِي، وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي

(2)

، وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانًا صَادِقًا، وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ. اللَّهُمَّ أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي، وَضَعُفَ عَمَلِي، افْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ، فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ، وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ، وَفِتْنَةِ الْقُبُورِ، اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي وَضَعُفَ عَنْهُ عَمَلِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ أُمْنِيَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ، أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ، وَأَسْأَلُكَهُ يَا

(1)

تجمع بها ما تفرق من أمري. انظر: غريب الحديث للحربي (1/ 321) والنهاية في غريب الحديث (2/ 478) ولسان العرب (2/ 161).

(2)

ظاهري بالأعمال الصالحة. انظر: فيض القدير (2/ 112).

ص: 69

رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَآلِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ، سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ، نُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ، وَعَلَيْكَ الِاسْتِجَابَةُ، وَهَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ، وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ، أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ، وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ، مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ، الرُّكَّعِ السُّجُودِ، الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بِالْعِزِّ

(1)

وَقَالَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ، سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ، سُبْحَانَ الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي، وَنُورًا فِي بَصَرِي، وَنُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا فِي عِظَامِي، وَنُورًا بَيْنَ يَدَيَّ، وَنُورًا مِنْ خَلْفِي، وَنُورًا عَنْ يَمِينِي، وَنُورًا عَنْ شِمَالِي، وَنُورًا مِنْ فَوْقِي، وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، اللَّهُمَّ زِدْنِي نُورًا، وَأَعْطِنِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» وإسناده ضعيف وفي بعض ألفاظه نكارة.

ابن أبي ليلى وداود بن علي ضعيفان.

وتابعه عمر بن أبي حفص عن ابن عباس رضي الله عنهما عند محمد بن نصر المروزي في قيام الليل - الرواية (19) - وهي رواية منكرة.

المشكل في هذه الرواية: قوله: فصلى فقال في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ

وَنُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا فِي عِظَامِي» الثابت من ذلك الدعاء بالنور في السجود

(2)

.

2): الحسن بن عمارة: رواه البيهقي في الدعوات (69) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، وأبو محمد بن أبي حامد المقرئ، وأبو صادق بن أبي الفوارس العطار قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن

(1)

عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» رواه مسلم (2620).

(2)

انظر: (ص: 226، 228).

ص: 70

يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خلي، حدثنا أحمد يعني ابن خالد الوهبي، حدثنا الحسن وهو ابن عمارة عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما «

فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته جلس فدعاء بهذا الدعاء» فذكر نحو حديث ابن أبي ليلى السابق مع اختلاف يسير فيه وإسناده ضعيف جدًا.

الحسن بن عمارة ضعفه شديد فالحديث منكر ويأتي أنَّ السخاوي يرى أنَّ الحسن أسقط ابن أبي ليلى.

المشكل في هذه الرواية: كالتي قبلها.

3): محمد بن سليمان بن أبي ضمرة: رواه تمام (1318) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، أنبأ أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، ثنا نصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة الحمصي، ثنا أبي، ثنا داود بن علي عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:«أردت أن أعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فسألت عن ليلته، فقيل: لميمونة الهلالية رضي الله عنها، فأتيتها، فقلت: إنِّي تنحيت عن الشيخ، ففرشت لي في جانب الحجرة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم صلاة العشاء الآخرة، دخل إلى منزله، فحس حسي فقال: «يَا مَيْمُونَةُ مَنْ ضَيْفُكِ؟» قالت: ابن عمك يا رسول الله عبد الله بن عباس، قال: فآوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فراشه، ولما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه، ثم قال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ حَيُّ قَيُّومٌ» ثم رجع إلى فراشه، فلما كان في ثلث الليل الآخر، خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه وقال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ عز وجل حَيُّ قَيُّومٌ» ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحل شناقها

(1)

، ثم توضأ فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى مصلاه وكبر، فقام حتى قلت: لن يركع، ثم ركع، فقلت: لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه ثم سجد، فقلت: لن يرفع رأسه، ثم جلس، فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم، ثم قام فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم، وصلى ثلاثًا أوتر بهن بعد الاثنتين، وقام في الواحدة الأولى، فلما ركع الركعة الآخرة، فاعتدل

(1)

انظر: (ص: 17).

ص: 71

قائمًا من ركوعه قنت، فقال: «اللَّهُمَّ بِأَنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَتَحْفَظُ بِهَا عَيْبَتِي

(1)

، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ، وَمَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّكَ سُمَيْعُ الدُّعَاءِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ، وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ، كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِيَ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ وَدَعْوَةِ الثُّبُورِ، اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ عَمَلِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ فَأَسْأَلْكَاهُ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ، حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ، نُحِبُّ بِحُبِّكَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ذِي الْجَلَالِ الْحَبْلِ الشَّدِيدَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ، وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ، الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ، وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ، وَهَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، اللَّهُمَّ اعْطِنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا» ثم قال:«سُبْحَانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَلَاقَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ، سُبْحَانَ مَنْ أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ، سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالطَّوْلِ، سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ» ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر، فركع في منزله، ثم خرج، فصلى بأصحابه رضي الله عنهم صلاة الصبح» وإسناده ضعيف.

نصر بن محمد ضعفه أبو حاتم. وأبوه ذكره ابن حبان في ثقاته وقال الحافظ ابن حجر: مقبول.

والحديث مداره على داود بن علي وهو ضعيف ذكره ابن حبان في ثقاته وقال

(1)

عيبة الرجل: موضع سره الذين يأتمنهم على أمره. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 138).

ص: 72

يخطئ قال ابن معين أرجو أنَّه ليس يكذب وقال ابن عدي؛ عندي أنَّه لا بأس بروايته عن أبيه عن جده وقال الذهبي ليس بحجة.

فالحديث منكر اضطربت ألفاظه.

وأشار إلى نكارة الحديث الترمذي فقال: حديث غريب، لا نعرفه مثل هذا من حديث ابن أبي ليلى إلا من هذا الوجه، وقد روى شعبة، وسفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض هذا الحديث، ولم يذكره بطوله.

وقال الذهبي في السير (6/ 160) له [داود بن علي] حديث طويل في الدعاء تفرد به عنه ابن أبي ليلى، وقيس، وما هو بحجة، والخبر يعد منكرًا، ولم يقحم أولو النقد على تليين هذا الضرب لدولتهم.

وقال السخاوي في الأجوبة المرضية (3/ 1141) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فقيه عالم صدوق لكنَّه سيء الحفظ مضطرب الحديث ليس بحجة. والحسن بن عمارة أشد ضعفًا منه لاتهامه بالكذب بل قال أحمد في رواية: أحاديثه موضوعة، ويروى عن ابن المديني أنَّه قال: كان يضع وأشار ابن حبان إلى أنَّه صاحب حديث الدعاء الطويل بعد الوتر وهو جالس يعني هذا.

قلت [القائل السخاوي]: بل الظاهر أنَّ الحديث لابن أبي ليلى وأخذه منه ابن عمارة ودلسه، فقد قال ابن حبان أيضًا: كانت بليته التدليس عن الثقات ما وضع عليهم الضعفاء بأن يسقط الضعفاء ويرويها عن مشائخه الثقات - انتهى كلامه.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «أردت أن أعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فسألت عن ليلته» المحفوظ أنَّ أباه رضي الله عنه أرسله ليحفظ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

الثاني: قوله: «تنحيت عن الشيخ، ففرشت لي في جانب الحجرة» المحفوظ نومه معهما على وسادة واحدة

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 160).

(2)

انظر: (ص: 167).

ص: 73

الثالث: قوله: «فحس حسي فقال: «يَا مَيْمُونَةُ مَنْ ضَيْفُكِ؟» قالت: ابن عمك يا رسول الله عبد الله بن عباس» المحفوظ دخول ابن عباس رضي الله عنهما بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء

(1)

.

الرابع: قوله: خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه، ثم قال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ حَيُّ قَيُّومٌ» المحفوظ قراءة عشر آيات من آل عمران

(2)

.

الخامس: قوله: «فلما كان في ثلث الليل الآخر،

ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحل شناقها، ثم توضأ فأسبغ وضوءه» المحفوظ الصلاة نصف الليل

(3)

.

السادس: قوله: «فقام حتى قلت: لن يركع، ثم ركع، فقلت: لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه ثم سجد، فقلت: لن يرفع رأسه، ثم جلس، فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم» لم تحفظ صفة الصلاة ولا السور التي قرأها

(4)

إنَّما المحفوظ عدد الركعات.

السابع: قوله: «كل ركعة دون التي قبلها» كالذي قبله.

الثامن: قوله: «فلما ركع الركعة الآخرة، فاعتدل قائمًا من ركوعه قنت، فقال: «اللَّهُمَّ بِأَنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي مُخِّي، وَعَظْمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي» لم يحفظ القنوت ولا الدعاء إلا الدعاء بالنور في السجود

(5)

.

التاسع: قوله: «فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر» لم يحفظ وقت الفراغ من الوتر

(6)

.

رابعًا: رواية منصور بن المعتمر

رواه الطبراني في الأوسط (38) حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثني أبي، عن

(1)

انظر: (ص: 163).

(2)

انظر: (ص: 138).

(3)

انظر: (ص: 198).

(4)

انظر: (ص: 213).

(5)

انظر: (ص: 220، 242).

(6)

انظر: (ص: 244).

ص: 74

أبيه قال: حدثني داود بن عيسى الكوفي، عن منصور بن المعتمر قال: حدثني علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي، أنَّ أباه رضي الله عنه، بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة قال: فوجدته جالسًا مع أصحابه رضي الله عنهم في المسجد، فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب، قام يركع حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء، وثاب الناس

(1)

، ثم صلى الصلاة، فقام يركع حتى انصرف من بقي في المسجد، ثم انصرف إلى منزله، وتبعته، فلما سمع حسي قال:«مَنْ هَذَا؟» والتفت إلي فقلت: ابن عباس قال: «ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ؟» قلت: ابن عم رسول الله. قال: ««مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟» فقلت: بعثني أبي بكذا وكذا. قال: «السَّاعَةَ جِئْتَ؟» فقلت: لا. فقال: «إِذْ لَمْ تَنْصَرِفْ إِلَى سَاعَتِكَ هَذِهِ فَلَسْتَ مُنْصَرِفًا» . فدخل منزله، ودخلت معه. فقلت: لأنظرنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، فنام حتى سمعت غطيطه

(2)

، ثم استيقظ فرمى ببصره إلى السماء وتلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات الخمس، حتى انتهى إلى:{إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194] ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي عِنْدِكَ نُورًا» وإلى جانبه مخضب من برام

(3)

مطبق عليه سواك

(4)

، فاستن

(5)

، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام أيضًا حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم دعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا

(1)

ثاب الناس: عادوا ورجعوا لصلاة العشاء ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125] فيرجعون إليه مرة بعد مرة. انظر: غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 173) ومشارق الأنوار (1/ 135) والنهاية في غريب الحديث (1/ 227) وتهذيب اللغة (15/ 113).

(2)

انظر: (ص: 67).

(3)

المخضب هو مثل الإجانة التي يغسل فيها الثياب ويقال له المركن ومن برام أي حجر فالمخضب إناء من حجر.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 91) والنهاية في غريب الحديث (1/ 121)(2/ 39) ومشارق الأنوار (1/ 85، 289) ومجمع بحار الأنوار (1/ 168).

(4)

مطبق عليه سواك أي فوقه سواك كقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [الملك: 3] أي بعضها فوق بعض.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (6/ 292) وتهذيب اللغة (9/ 32) ولسان العرب (10/ 210) وتاج العروس (26/ 55).

(5)

انظر: (ص: 67).

ص: 75

بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها، ثم قال:«أَنَامَ الْغُلَامُ؟» فقلت: لا. فقمت فتوضأت، ثم أقبلت فجئت إلى ركنه الأيسر، فأخذ بأصبعيه في أذني، فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة» وإسناده ضعيف جدًا.

أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ضعفه شديد ترجم له الذهبي في الميزان فقال: له مناكير قال أبو أحمد الحاكم: فيه نظر. وترجم ابن حبان لأبيه في الثقات فقال: محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي من أهل دمشق يروي عن أبيه روى عنه أهل الشام ثقة في نفسه يتقى حديثه ما روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأخوه عبيد فإنَّهما كانا يدخلان عليه كل شيء.

قال أبو عبد الرحمن: هذا من رواية أحمد بن محمد عنه. فالحديث منكر.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فوجدته جالسًا مع أصحابه رضي الله عنهم في المسجد، فلم أستطع أن أكلمه،

حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء،

ثم انصرف إلى منزله، وتبعته، فلما سمع حسي قال:«مَنْ هَذَا؟» والمحفوظ أنَّه سبقه للبيت بعد صلاة العشاء

(1)

.

الثاني: قوله: «فلما صلى المغرب، قام يركع حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء» ليس محفوظًا

(2)

.

الثالث: قوله: «ثم صلى الصلاة، فقام يركع حتى انصرف من بقي في المسجد» المحفوظ صلاة الراتبة أربعًا في البيت

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 163).

(2)

انظر: (ص: 127).

(3)

انظر: (ص: 128).

ص: 76

الرابع: قوله: «مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ» ليس محفوظًا

(1)

.

الخامس: قوله: «بعثني أبي بكذا وكذا» المحفوظ أرسله ليحفظ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

السادس: قوله: «وتلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران: الآيات الخمس» المحفوظ قراءة عشر آيات

(3)

.

السابع: قوله: «ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا،

»

ثم توضأ ثم ركع ركعتين» المحفوظ الدعاء في السجود

(4)

.

الثامن: قوله: «وإلى جانبه مخضب من برام مطبق عليه سواك، فاستن، ثم توضأ» المحفوظ الوضوء من القربة

(5)

.

التاسع: قوله: «ثم عاد فنام أيضًا حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام

ثم نام .... » تخلل النوم القيام ليس محفوظًا من حديث ابن عباس

(6)

.

العاشر: قوله: «ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها، ثم قال: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» فقلت: لا. المحفوظ أنَّه صلى معه الصلاة كلها

(7)

.

الحادي عشر: قوله: «فأخذ بأصبعيه في أذني، فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن» المحفوظ أنَّه أخذ بيده

(8)

.

(1)

انظر: (ص: 166).

(2)

انظر: (ص: 160).

(3)

انظر: (ص: 138).

(4)

انظر: (ص: 228).

(5)

انظر: (ص: 150).

(6)

انظر: (ص: 207).

(7)

انظر: (ص: 189).

(8)

انظر: (ص: 186).

ص: 77

‌الرواية الخامسة

رواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

الرواة عن عطاء:

1: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. 2: قيس بن سعد. 3: عبد الملك بن أبي سليمان.

‌أولًا: رواية ابن جريج عن عطاء

بن أبي رباح

رواه أحمد (3469) ثنا عبد الرزاق - (3861) - وابن بكر ومسلم (192)(763) حدثنى محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر قالا أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بت ذات ليلة عند خالتي ميمونة رضي الله عنها «فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متطوعًا من الليل، فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى القربة، فتوضأ، فقام فصلى، فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت من القربة، ثم قمت إلى شقه الأيسر، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن» .

‌ثانيًا: رواية قيس بن سعد عن عطاء

بن أبي رباح

رواه مسلم (0)(763) حدثنى هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع قالا حدثنا وهب بن جرير أخبرني أبى قال سمعت قيس بن سعد يحدث عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بعثني العباس رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت خالتي ميمونة رضي الله عنها فبت معه تلك الليلة «فقام يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فتناولني من خلف ظهره فجعلني على يمينه» .

ثالثًا: رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي

رواه أحمد (2245) ثنا أسحاق بن يوسف ومسلم (0)(763) حدثنا ابن نمير حدثنا أبي وأبو داود (610) حدثنا مسدد عن يحيى قالوا حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فأطلق القربة فتوضأ، ثم أوكأ القربة، ثم قام إلى الصلاة، فقمت فتوضأت كما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه

ص: 79

فأقامني عن يمينه، فصليت معه».

وابن نمير هو محمد بن عبد الله.

تنبيهان:

الأول: قوله «بيمينه» عند أبي داود.

الثاني: رواية مسلم مختصرة «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها» قال مسلم نحو حديث ابن جريج وقيس بن سعد.

المشكل في هذه الرواية:

الأول: قوله «بيمينه» والمحفوظ عدم تعيين اليد

(1)

.

الثاني: قوله: «ثم أوكأ القربة» شاذ سندًا صحيح من جهة المعنى

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 188).

(2)

انظر: (ص: 154).

ص: 80

‌الرواية السادسة

رواية أبي المتوكل علي بن داود عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه مسلم (48)(256) حدثنا عبد بن حميد وأحمد (2484)(3266) قالا حدثنا أبو نعيم حدثنا إسمعيل بن مسلم حدثنا أبو المتوكل أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما حدث «أنَّه بات عند نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية التي في آل عمران [190 - 191] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ} حتى بلغ، {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع، فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى»

تنبيه: رواية مسلم مختصرة.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم تلا هذه الآية التي في آل عمران

» المحفوظ قراءة عشر آيات

(1)

.

الثاني: قوله: «ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية،

ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية» النوم أثناء القيام ليس محفوظًا

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 138).

(2)

انظر: (ص: 207).

ص: 81

‌الرواية السابعة

رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه ابن خزيمة (1103) نا أحمد بن المقدام العجلي، والطبراني في الكبير (12/ 166) حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد قالا نا بشر بن المفضل، وابن خزيمة (1121) ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، نا إسماعيل بن عُلِية والبزار (5320) حدثنا أبو موسى، قال: حدثنا غسان بن مضر والخطابي في غريب الحديث (1/ 176) حدثنا محمد بن هاشم بن هشام نا زكريا بن يحيى الحنائي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عباد بن العوام قالوا: نا أبو مسلمة، سعيد بن يزيد بن مسلمة عن أبي نضرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «زرت خالتي ميمونة رضي الله عنها فوافقت ليلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر طويل

(1)

، فأسبغ الوضوء، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت، ثم جئت فقمت إلى جنبه، فلما علم أنِّي أريد الصلاة معه أخذ بيدي فحولني عن يمينه، فأوتر بتسع أو سبع، ثم صلى ركعتين، ووضع جنبه حتى سمعت ضَفِيزه

(2)

، ثم أقيمت الصلاة فانطلق، فصلى» ورواته ثقات.

قال البزار: هذا الحديث قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما بألفاظ مختلفة، ولا نعلمه يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.

تنبيه: الحديث في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا عباد بن العوام، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«زرت خالتي ميمونة رضي الله عنها فوافقت ليلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقام من الليل يصلي، ثم نام فلقد سمعت صَفِيره، قال: ثم جاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة فخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، ولم يمس ماء» .

(1)

السحر: آخر الليل. وقيل: الوقت الذي قبل طلوع الفجر. وقيل: من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (3/ 184) ولسان العرب (4/ 350) وتاج العروس (11/ 513).

(2)

قال الزمخشري في الفائق (2/ 343): حتى سمع ضفيزه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ وروي: فخيخه وغطيطه وخطيطه ورواه بعضهم: صفيره. ومعنى الخمسة واحد وهو نخير النائم.

ص: 83

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر طويل» المحفوظ القيام نصف الليل

(1)

.

الثاني: قوله: «أخذ بيدي فحولني عن يمينه» هذا هو المحفوظ

(2)

.

الثالث: قوله «فأوتر بتسع أو سبع» المحفوظ الوتر بثلاث يسلم من كل ركعتين

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 198).

(2)

انظر: (ص: 185).

(3)

انظر: (ص: 236).

ص: 84

‌الرواية الثامنة

رواية سُمَيْع مولى ابن عباس عنه

رضي الله عنهما

رواه أحمد (3441) حدثنا عبد الرزاق، [(3865)] ح (3349) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي والدارمي (666) أخبرنا قبيصة، قالوا أخبرنا سفيان، وأبو يعلى (2570) حدثنا زهير، حدثنا أحوص بن جوَّاب الضبي، حدثنا عمار بن رزيق، وأحمد (2321) حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير يروونه عن الأعمش، عن سُمَيْع الزيات، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّه قال:«كنت قمت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى شماله، فأدارني فجعلني عن يمينه» ورواته ثقات.

زهير هو ابن حرب وقبيصة هو ابن عقبة السوائي وسفيان هو الثوري وجرير هو ابن عبد الحميد.

فهذه الرواية هي المحفوظة من حديث الأعمش وتقدمت روايته في الرواية: الأولى والثانية والرابعة.

ص: 85

‌الرواية التاسعة

رواية عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

الرواة عن عكرمة بن خالد:

1: عبد الله بن طاوس. 2: مِسْعِر بن كِدَام. 3: محمد بن شريك.

‌أولًا: رواية عبد الله بن طاوس عن عكرمة بن خالد

الرواة عن عبد الله بن طاوس:

1: معمر بن راشد. 2: وُهَيْب بن خالد.

1: معمر: رواه عبد الرزاق (4706) عن معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كنت في بيت ميمونة رضي الله عنها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت معه على يساره فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه، ثم صلى ثلاث عشرة ركعة حتى حزرت قدر قيامه في كل ركعة قدر {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} مرسل رواته ثقات.

قال الإمام أحمد: عكرمة بن خالد لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما شيئًا إنمَّا يحدث عن سعيد بن جبير.

ورواه أحمد (3449) وعبد بن حميد (691) وأبو داود (1365) حدثنا نوح بن حبيب ويحيى بن موسى والنسائي في الكبرى (1425) أخبرنا محمد بن رافع عن عبد الرزاق به.

المشكل في هذه الرواية:

الأول: قوله: «حزرت قدر قيامه في كل ركعة قدر: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}» يأتي أنَّه لم يثبت في تقدير القيام شيء

(1)

.

الثاني: قوله: «صلى ثلاث عشرة ركعة» المحفوظ ثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 214).

(2)

انظر: (ص: 202).

ص: 87

2: وُهَيْب بن خالد: رواه أحمد (2276) حدثنا عفان والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد وابن حبان (2627) حدثنا أبو يعلى - (2465) - حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قالوا حدثنا وُهَيْب عن عبد الله بن طاوس عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل يصلي، فقمت فتوضأت فقمت عن يساره، فجذبني فجرني، فأقامني عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة، قيامه فيهن سواء» مرسل رواته ثقات.

وُهَيْب بن خالد بن عجلان ثقة وثقه ابن سعد وأبو داود الطيالسي والعجلي وقال ابن معين من أثبت شيوخ البصريين وقال ابن مهدي كان من أبصر أصحابه بالحديث والرجال. وقال أبو داود تغير وُهَيْب بن خالد وكان ثقة.

المشكل في هذه الرواية: قوله: «قيامه فيهن سواء» لم يثبت في صفة القيام شيء

(1)

.

‌ثانيًا: رواية مِسْعِر بن كِدَام عن عكرمة بن خالد

رواه الطبراني في الأوسط (1322) حدثنا أحمد قال: نا الحسين بن عبد الرحمن الجَرْجَرَائى قال: نا وكيع، عن مسعر، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها، «فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ، ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بثلاث، ثم اضطجع» مرسل إسناده حسن.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن مسعر إلا وكيع، تفرد به الحسين.

والحسين بن عبد الرحمن الجَرْجَرَائى ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر مقبول وقد توبع والله أعلم.

‌ثالثًا: رواية محمد بن شريك عن عكرمة بن خالد

قال ابن رجب في فتح الباري (6/ 200) خرجه أبو نعيم في كتاب الصلاة: حدثنا محمد بن شريك: ثنا عكرمة بن خالد، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: «بت عند رسول

(1)

انظر: (ص: 213).

ص: 88

الله صلى الله عليه وسلم فِي بيت ميمونة رضي الله عنها وهي خالته، فلما قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي قمت خلفه، فأهوى بيده فأخذ برأسي، فأقامني عَنْ يمينه إلى جنبه» مرسل رواته ثقات.

قال ابن رجب: محمد بن شريك هذا، مكي، وثقه الإمام أحمد.

تنبيه: لم أقف على الحديث في نسختي من كتاب الصلاة لأبي نعيم الطبعة الأولى من طبعة مكتبة الغرباء بتحقيق: صلاح بن عايض الشلاحي.

المشكل من هذه الرواية:

الأول: قوله «قمت خلفه» المحفوظ قيامه عن يساره

(1)

.

الثاني: قوله «فأهوى بيده فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه إلى جنبه» المحفوظ أخذه بيده لا برأسه

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 185).

(2)

انظر: (ص: 186).

ص: 89

‌الرواية العاشرة

رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه النسائي في الكبرى (407) أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال: «بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «نَامَ الْغُلَامُ؟» بعدما صلى العشاء الآخرة ثم صلى بعدها أربعًا ثم قام الليل فجئت فقمت عن يساره فاجتذبني فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين فنام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة» ورواته ثقات.

أبو زيد سعيد بن الربيع قال عنه أحمد: شيخ ثقة لم أسمع منه شيئًا وقال أبو حاتم صدوق.

لكن رواه محمد بن جعفر وعلي بن الجعد وبهز بن أسد وغيرهم - الرواية الثانية - عن شعبة عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وهم أكثر وأوثق من سعيد بن الربيع في شعبة فروايتهم مقدمة فالصحيح حديث الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

المشكل في هذه الرواية:

الأول: قوله: «نَامَ الْغُلَامُ؟» بعدما صلى العشاء الآخرة المحفوظ بعد الاستيقاظ من النوم

(1)

.

الثاني: قوله: «فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين» المحفوظ إحدى عشرة ركعة

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 172).

(2)

انظر: (ص: 202).

ص: 91

‌الرواية الحادية عشرة

رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) حدثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا هشام بن عمار والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4502) - واللفظ له - حدثنا أبو أمية، حدثنا معلى بن منصور الرازي، والبيهقي (3/ 41) أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسن السراج حدثنا مطين حدثنا عبد الرحمن بن يونس الرقى وأبو نعيم في الحلية (5/ 62) حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا داود بن رشيد قالوا أخبرنا عطاء بن مسلم، حدثنا العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال: «بت عند خالتي ميمونة، رضي الله عنها فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ثم قنت ودعا، ثم ركع» .

ورواية الطبراني مطولة وفيها «فأتى سواكًا له ومطهرة فاستاك حتى سمعت صرير ثناياه تحت السواك، وهو يتلو هؤلاء الآيات:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ثم وضع السواك، ثم قام إلى قربة، فحل شناقها

(1)

فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئًا من عمله، فلما توضأ دخل مسجده فصلى أربع ركعات، فقرأ في كل ركعة مقدار خمسين آية يطيل فيها الركوع والسجود، ثم جاء إلى مكانه الذي كان عليه فاضطجع هويًا

(2)

فنفخ، وهو نائم، فقلت: ليس بقائم الليلة حتى يصبح فلما ذهب ثلث الليل أو نصفه أو قدر ذلك قام فصنع مثل ذلك، فدخل مسجده فصلى أربع ركعات على قدر ذلك ثم جاء إلى مضجعه فاتكأ عليه فنفخ، فقلت: ذهب به النوم ليس بقائم حتى يصبح، ثم قام حين بقي سدس الليل أو أقل فاستاك، ثم توضأ ثم دخل مسجده فكبر فافتتح بفاتحة الكتاب ثم قرأ {سَبِّحِ

(1)

انظر: (ص: 17).

(2)

انظر: (ص: 24).

ص: 93

اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ثم ركع وسجد ثم قام فقرأ فاتحة الكتاب و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم ركع وسجد، ثم قام فقرأ فاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم قنت فركع، وسجد فلما فرغ قعد حتى إذا ما طلع الفجر ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال:«قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت، وصليت خلفه فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم ركع، وسجد ثم قام في الثانية فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فلما سلم سمعته يقول:«اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمْنِ تَحْتِي نُورًا، وَاَعْظِمْ لِي نُورًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ» وإسناده ضعيف وتقدم (ص: 65) أنَّ حبيب بن أبي ثابت اضطرب في إسناده ومتنه وفي متنه نكارة.

وظاهر رواية الطبراني أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر لا قيام الليل وهذا من اضطراب عطاء بن مسلم الخفاف وهو ضعيف قال أبو حاتم كان شيخًا صالحًا وكان دفن كتبه فلا يثبت حديثه وليس بقوي وضعفه أبو داود وقال الطبراني تفرد بأحاديث وقال أحمد مضطرب الحديث وقال ابن عدي له أحاديث وفيها بعض ما ينكر عليه. وبه أعل الحديث البيهقي فقال: وهذا ينفرد به عطاء بن مسلم. وهو ضعيف. وقال أبو نعيم: غريب من حديث حبيب والعلاء، تفرد به عطاء.

وحبيب بن أبي ثابت مدلس فيخشى أنَّه أسقط شيخه فرواه عن ابن عباس رضي الله عنهما من غير واسطة.

وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم الطرسوسي.

تنبيه: رواية البيهقي وأبي نعيم مختصرة: «أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث قنت فيها قبل الركوع» .

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئًا من عمله» المحفوظ كراهية أن يعلم أنَّه كان يراقبه

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 155).

ص: 94

الثاني: قوله: فصلى أربع ركعات

فاضطجع هويًا

فلما ذهب ثلث الليل أو نصفه أو قدر ذلك قام فصنع مثل ذلك، فدخل مسجده فصلى أربع ركعات

ثم جاء إلى مضجعه، فقلت: ذهب به النوم ليس بقائم حتى يصبح، ثم قام حين بقي سدس الليل أو أقل فاستاك، ثم توضأ ثم دخل مسجده

» المحفوظ الصلاة نصف الليل من غير فصل بنوم

(1)

.

الثالث: قوله: «فقرأ في كل ركعة مقدار خمسين آية يطيل فيها الركوع والسجود» لم يحفظ مقدار القراءة

(2)

.

الرابع: قوله: «ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» لم تحفظ السور في الوتر وفي بقية الصلاة

(3)

.

الخامس: قوله: «ثم قنت ودعا، ثم ركع» لم يحفظ القنوت في الوتر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولا من غيره

(4)

.

السادس: قوله: «حتى إذا ما طلع الفجر ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت، وصليت خلفه فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم ركع، وسجد ثم قام في الثانية فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} » المحفوظ أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم التهجد كله لا راتبة الفجر

(5)

.

السابع: «فلما سلم سمعته يقول: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا،

» المحفوظ الدعاء في السجود

(6)

.

(1)

انظر: (ص: 198، 207).

(2)

انظر: (ص: 213).

(3)

انظر: (ص: 213، 240).

(4)

انظر: (ص: 242).

(5)

انظر: (ص: 189).

(6)

انظر: (ص: 228).

ص: 95

‌الرواية الثانية عشرة

رواية مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) أخبرنا جرير، عن ليث، عن مجاهد ويحيى بن عباد، أو أحدهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«نمت عند خالتي ميمونة رضي الله عنه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فتسوك، ثم أتى القربة فتوضأ، ثم قمت أنا فتوضأت. قال: ولا أدري أذكر السواك؟، ثم قمت، عن شماله فأخذني فأدارني حتى جعلني، عن يمينه وجعل يمسح رأسي، ثم صلى أربعًا، ثم أوتر، ثم صلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى صلاة الفجر» وإسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

وجرير هو ابن عبد الحميد. وتقدمت رواية: يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما. في الرواية الثانية.

ورواه الطبراني في الكبير (11/ 69) حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«كنت في بيت خالتي ميمونة رضي الله عنه فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ فقمت عن شماله فأدارني بيديه فأقامني عن يمينه» .

المشكل من هذه الرواية:

الأول: قوله: «ثم صلى أربعًا، ثم أوتر» والمحفوظ صلاة إحدى عشرة ركعة

(1)

.

الثاني: قوله: «ولا أدري أذكر السواك» والسواك قبل الوضوء محفوظ

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 202).

(2)

انظر: (ص: 146).

ص: 97

الرواية الثالثة عشرة

رواية عبد المؤمن الأنصاري

رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته، ثنا أبو يزيد الخراز، ثنا النضر بن شميل، ثنا يونس، عن أبي إسحاق، حدثني عبد المؤمن الأنصاري، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائمًا، قلت: والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا، ثم صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» وإسناده ضعيف.

عبد المؤمن الأنصاري ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فقال: عبد المؤمن روى عن ابن عباس رضي الله عنهما روى عنه يونس بن أبي إسحاق. وأبو يزيد الخراز لم أعرفه. وأبو إسحاق السبيعي صرح بالسماع والراوي عنه ابنه يونس وروى عنه قبل الاختلاط وبقية رواته ثقات.

وعبد الله بن محمد بن جعفر هو أبو الشيخ المصنف المشهور.

قال ابن رجب في فتح الباري (6/ 199 - 200) روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أقامه عن يساره، وروي أنَّه قام خلفه، وكلاهما لا يصح - وذكر الحديث ثم قال: - إسناد مجهول.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائمًا، قلت: والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا» الشرب قائمًا والحلف غير محفوظ

(1)

.

الثاني: قوله: «ثم صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت»

(1)

انظر: (ص: 156).

ص: 99

المحفوظ وقوفه عن يساره ثم حوله ليمينه

(1)

.

الثالث: قوله: فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» الدعاء له بالحكمة محفوظ

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 185).

(2)

انظر: (ص: 945).

ص: 100

الرواية الرابعة عشرة

حُنِين مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه الطبراني في الكبير (11/ 428) حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا خليفة بن خياط، ثنا حُبَاب بن عبد الله الدارمي، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن حُنِين، مولى ابن عباس، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ، فتوضأ واستاك فعل ذلك من الليل مرارًا» وإسناده ضعيف.

حُبَاب بن عبد الله الدارمي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا

ويعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن حُنِين ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وبقية رواته ثقات. وهذه الرواية منكرة.

وعبدان هو عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي.

المشكل في هذه الرواية: قوله: «ثم استيقظ، فتوضأ واستاك فعل ذلك من الليل مرارًا» المحفوظ السواك والوضوء والصلاة مرة واحدة

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 207).

ص: 101

الرواية الخامسة عشرة

رواية أبي العالية رُفِيع بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) وعنه أحمد وابنه عبد الله (2313) وأبو يعلى (2487) وابن شاهين في ناسخ الحديث (195) حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ورواه أبو داود (202) حدثنا يحيى بن معين، وهنَّاد بن السَّرِي، وعثمان بن أبي شيبة والترمذي (77) حدثنا إسماعيل بن موسى، وهناد، ومحمد بن عبيد المحاربي وأبو يعلى (2610) حدثنا ابن نمير، والدارقطني (1/ 159) حدثنا محمد بن عبد الله بن غيلان نا أبو هشام الرفاعي والبيهقي (1/ 121) بإسناده عن زكريا بن عدي

وابن شاهين في ناسخ الحديث (195) بإسناده عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج ومحمد بن حجاج بن يزيد الضبي قالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي، فقلت: يا رسول الله، إنَّك قد نمت، قال «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» وإسناده ضعيف.

في الحديث أربع علل:

الأولى: تفرد الدالاني: فتفرد به أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني به عن بقية أصحاب قتادة.

قال أبو داود: حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني، عن قتادة. وقال الدارقطني: تفرد به أبو خالد عن قتادة ولا يصح.

وقال ابن شاهين تفرد بهذا الحديث عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، لا أعلم رواه غيره.

وقال البيهقي: تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني. وقال في الخلافيات (1/ 257) تفرد بآخر هذا الحديث أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن قتادة وأنكره عليه جميع أئمة الحديث. وقال

ص: 103

ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 149) عند أهل الحديث منكر لم يروه مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي خالد الدالاني عن قتادة بإسناده.

وأبو خالد الدالاني لا يحتمل تفرده قال: الدارمي عن ابن معين ليس به بأس وكذا قال: أحمد والنسائي وقال أبو حاتم صدوق ثقة وقال الحاكم أبو أحمد: لا يتابع في بعض حديثه وقال ابن سعد منكر الحديث وقال ابن حبان كان كثير الخطأ فاحش الوهم خالف الثقات في الروايات حتى إذا سمعها المبتدي في هذه الصناعة علم أنَّها معمولة أو مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق فكيف إذا انفرد بالمعضلات وذكره الكرابيسي في المدلسين وقال الحاكم إنَّ الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان وقال ابن عبد البر ليس بحجة وقال البخاري صدوق، وإنَّما يهم في الشيء.

الثانية: الانقطاع بين أبي خالد الدالاني وقتادة وبين قتادة وأبي العالية: قال الترمذي - العلل الكبير (1/ 148) - سألت محمدًا [البخاري] عن هذا الحديث فقال: لا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة، قلت: أبو خالد كيف هو؟ قال: صدوق، وإنَّما يهم في الشيء، قال محمد: وعبد السلام بن حرب صدوق.

وقال أبو داود: ذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فانتهرني استعظامًا له، وقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة، ولم يعبأ بالحديث.

ونقل البيهقي قول أبي داود السابق وقال: يعني به ما ذكره البخارى من أنَّه لا يعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة.

وقتادة مدلس ولم يسمعه من أبي العالية قال أبو داود: قال شعبة: إنَّما سمع قتادة، من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متى، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس رضي الله عنه، حدثني رجال مرضيون منهم عمر رضي الله عنه، وأرضاهم عندي عمر رضي الله عنه. ونقله البيهقي (1/ 121) وعقبه بقوله: سمع أيضًا حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيما يقول عند الكرب، وحديثه فى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به - موسى صلى الله عليه وسلم وغيره.

وقال ابن حزم في المحلى (1/ 226) عبد السلام ضعيف لا يحتج به، ضعفه

ص: 104

ابن المبارك وغيره، والدالاني ليس بالقوي، روينا عن شعبة أنَّه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها، فسقط جملة ولله الحمد.

قال أبو عبد الرحمن: تقدم قول البخاري عبد السلام بن حرب صدوق.

وقال ابن قدامة في المغني (1/ 166) الحديث الذي ذكروه منكر قاله أبو داود وقال ابن المنذر: لا يثبت وهو مرسل يرويه قتادة عن أبي العالية قال شعبة: لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها.

الثالثة: نكارة متنه: قال أبو داود: قوله: «الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني، عن قتادة وروى أوله جماعة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يذكروا شيئًا من هذا وقال البيهقي في الكبرى (1/ 122) مخرج في الصحيحين من حديث الثورى [تقدم في الرواية الأولى من طريق كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما دون الزيادة التى تفرد بها أبو خالد الدالاني. وكذلك رواه سعيد بن جبير وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما فى حديث المبيت دون تلك الزيادة. ونومه هذا كان مضطجعًا، وكان صلى الله عليه وسلم يترك الوضوء منه مخصوصًا.

وتقدم -قريبًا- قوله في الخلافيات: تفرد بآخر هذا الحديث أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن قتادة وأنكره عليه جميع أئمة الحديث.

قال أبو عبد الرحمن: تقدم نوم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر هذه الزيادة في الرواية الأولى رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين «ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ» .

والرواية الثانية رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس في البخاري «ثم نام، حتى سمعت غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة» .

الرابعة: الاختلاف في رفع الحديث ووقفه على ابن عباس رضي الله عنهما قال الترمذي - العلل الكبير (1/ 148) - سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس رضي الله عنه قوله: ولم يذكر فيه أبا العالية.

وقال الترمذي في الجامع (1/ 113) وقد روى حديث ابن عباس رضي الله عنهما، سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولم يرفعه.

ص: 105

وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 58) رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة موقوفًا. ولم أقف على هذه الرواية مسندة.

فالحديث منكر لتفرد أبي خالد الدالاني به وتقدم -قريبًا- قول أبي دواد حديث منكر وقول ابن عبد البر عند أهل الحديث منكر وقول الدارقطني: لا يصح وتضعيف ابن قدامة للحديث.

وقال ابن المنذر في الأوسط (1/ 256) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما لا يثبت من حديث أبي خالد الدالاني وقد ذكرته وعلله في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب.

وتقدم قول البيهقي: تفرد بآخر هذا الحديث أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن قتادة وأنكره عليه جميع أئمة الحديث وقال النووي في المجموع (2/ 20) حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث وممن صرح بضعفه من المتقدمين أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود: قال أبو داود وإبراهيم الحربي هو حديث منكر ونقل إمام الحرمين في كتابه الأساليب إجماع أهل الحديث على ضعفه وهو كما قال.

وقال الذهبي في مهذب سنن البيهقي (514) روي مرفوعًا ولا يصح.

تنبيه: لفظ رواية ابن أبي شيبة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ، حَتَّى يَضْطَجِعَ، فَإِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» . فليس فيها ذكر نوم النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده لكن قوله صلى الله عليه وسلم: «ليْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ» تدل على النوم والله أعلم.

وابن نمير هو محمد بن عبد الله وأبو هشام الرفاعي هو محمد بن يزيد.

المشكل في هذه الرواية: زيادة: «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» ويأتي الكلام على مسألة انتقاظ الوضوء بالنوم

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 377).

ص: 106

الرواية السادسة عشرة

معبد أو أبو معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه تمَّام في فوائده (1341) أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن قبان البغدادي، ثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب القاضي، ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا شريك، عن الأشعث بن سَّوار، عن أبي هبيرة، عن معبد، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«أنًّ النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو جالس ثم قام فصلى ولم يتوضأ» وإسناده ضعيف.

أشعث بن سَّوار ضعيف وقد اضطرب في الحديث فتارة يجعله من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما الرواية الثانية - وتارة عن معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وشريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطاء كثيرًا لكن الظاهر أنَّ الخطأ من أشعث بن سَّوار والله أعلم.

وأبو هبيرة هو يحيى بن عباد. ومولى ابن عباس رضي الله عنهما اختلف في اسمه فقال البخاري في التاريخ الكبير نافذ أو معبد وقال أبو معبد اسمه نافد.

المشكل في هذه الرواية قوله: «نام وهو جالس» والمحفوظ نوم النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعًا

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 256).

ص: 107

الرواية السابعة عشرة

إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه أحمد (2567) قال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخطه قال: حدثنا عبيد الله بن محمد، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) أخبرنا أبو يعلى، نا عبد الله بن بكار، والطبراني في المعجم الأوسط (650) حدثنا أحمد قال: نا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي قالوا حدثنا محمد بن ثابت العبدي العَصَري، قال: حدثنا جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: «تضيفت ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالتي وهي ليلة إذ لا تصلي، فأخذت كساء فثنته، وألقت عليه نمرقة

(1)

، ثم رمت عليه بكساء آخر، ثم دخلت فيه، وبسطت لي بساطًا إلى جنبها، وتوسدت معها على وسادها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صلى العشاء الآخرة، فأخذ خرقة فتوزر بها، وألقى ثوبه، ودخل معها لحافها، وبات حتى إذا كان من آخر الليل، قام إلى سقاء معلق فحركه، فهممت أن أقوم فأصب عليه، فكرهت أن يرى أنِّي كنت مستيقظًا، قال: فتوضأ، ثم أتى الفراش، فأخذ ثوبيه، وألقى الخرقة، ثم أتى المسجد، فقام فيه يصلي، وقمت إلى السقاء، فتوضأت، ثم جئت إلى المسجد فقمت عن يساره، فتناولني فأقامني عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم قعد، وقعدت إلى جنبه، فوضع مرفقه إلى جنبي، وأَصْغَى

(2)

بخده إلى خدي، حتى سمعت نفس النائم، فبينا أنا كذلك إذ جاء بلال، رضي الله عنه فقال: الصلاة يا رسول الله، فسار إلى المسجد، واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال رضي الله عنه في الإقامة» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده محمد بن ثابت العبدي ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء وقال أبو حاتم ليس بالمتين يكتب حديثه وقال البخاري يخالف في بعض حديثه وقال النسائي ليس به بأس وقال مرة ليس بالقوي وقال ابن عدي عامة أحاديثه مما لا

(1)

نمرقة ونمرق: وسادة، وجمعها: نمارق. انظر: (ص:).

(2)

أصغى: مال إليه ومنه قولهم: الصبي أعلم بمصغى خده أي هو أعلم إلى من يلجأ.

انظر: المخصص (3/ 350) والمحكم والمحيط الأعظم (6/ 35) ولسان العرب (14/ 461) وتاج العروس (38/ 425).

ص: 109

يتابع عليه وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالمتين عندهم وقال أبو داود السجستاني ليس بشيء فالحديث منكر السند وفي متنه نكارة.

قال ابن الملقن في الإعلام (2/ 540) ورد في رواية ضعيفة في مبيته عندها أنهَّا كانت حائضًا.

تنبيهان:

الأول: قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث إلا جبلة بن عطية، تفرد به: محمد بن ثابت.

هكذا في سند الطبراني عبد الله بن الحارث والظاهر أنَّ في السند سقطًا والله أعلم.

الثاني: رواية الطبراني مختصرة.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «وهي ليلة إذ لا تصلي» لم يثبت كونها حائضًا

(1)

.

الثاني: قوله: «فأخذتْ كساء فثنته، وألقت عليه نمرقة، ثم رمت عليه بكساء آخر، ثم دخلت فيه» لا يصح

(2)

.

الثالث: قوله: «فأخذ خرقة فتوزر بها، وألقى ثوبه

فتوضأ، ثم أتى الفراش، فأخذ ثوبيه، وألقى الخرقة» لا يصح تبديل الثياب للنوم لا عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا عن غيره

(3)

.

الرابع: قوله: «ثم أتى المسجد، فقام فيه يصلي» المحفوظ تهجده في بيته صلى الله عليه وسلم

(4)

.

الخامس: قوله: «وصليت معه ثلاث عشرة ركعة» المحفوظ ثلاث عشرة ركعة

(1)

انظر: (ص: 261).

(2)

انظر: (ص: 167).

(3)

انظر: (ص: 131).

(4)

انظر: (ص: 194).

ص: 110

مع راتبة الفجر

(1)

.

السادس: قوله: «ثم قعد، وقعدت إلى جنبه، فوضع مرفقه إلى جنبي، وأَصْغَى بخده إلى خدي، حتى سمعت نفس النائم» المحفوظ اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر

(2)

.

السابع: قوله: «فسار إلى المسجد، واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال رضي الله عنه في الإقامة» المحفوظ صلاة راتبة الفجر قبل النوم في البيت

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 202).

(2)

انظر: (ص: 251).

(3)

انظر: (ص: 197).

ص: 111

الرواية الثامنة عشرة

رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) قالا حدثنا إبراهيم بن منقذ بن عبد الله الخولاني والطبراني في الكبير (11/ 135) حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا محمد بن سِماعة الرملي، ح، وحدثنا محمد بن جابان الجنديسابوري، ثنا محمد بن أبان البلخي قالوا ثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد العباس رضي الله عنه ذودًا من الإبل

(1)

، فبعثني إليه بعد العشاء، وكان في بيت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوسدت الوسادة التي توسدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنام غير كبير أو غير كثير، ثم قام صلى الله عليه وسلم، فتوضأ فأسبغ الوضوء، وأقلَّ هِرَاقَة الماء، ثم افتتح الصلاة، فقمت فتوضأت، فقمت عن يساره، وأخلف بيده فأخذ بأذني فأقامني عن يمينه، فجعل يسلم من كل ركعتين، وكانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ» ؟ قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال:«إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ» ، فلما انفجر الفجر [رواية ابن المنذر: فلمَّا أبصر الفجر

(2)

قام فأوتر بركعة، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» وإسناده ضعيف جدًا.

(1)

الذود من الإبل: ما بين الثنتين وقيل ما بين الثلاث إلى خمس وقيل إلى التسع وقيل إلى العشر وقيل إلى خمس عشرة وقيل إلى عشرين.

انظر: مشارق الأنوار (1/ 271) والنهاية في غريب الحديث (2/ 171) وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 366) والمصباح المنير (1/ 211).

(2)

بوب ابن خزيمة على الحديث باب ذكر خبر روي في وتر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفجر مجمل غير مفسر أوهم بعض من لم يتبحر العلم ولم يكتب من العلم ما يستدل بالخبر المفسر على الخبر المجمل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بعد طلوع الفجر الثاني.

وبوب على رواية عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير - الرواية الثانية - باب ذكر الدليل على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنَّما أوتر هذه الليلة التي بات ابن عباس فيها عنده بعد طلوع الفجر الذي يكون بعد طلوعه ليل لا نهار، لا بعد طلوع الفجر الثاني الذي يكون بعد طلوعه نهار، مع الدليل على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يركع ركعتي الفجر عند فراغه من الوتر، بل أمسك بعد فراغه من الوتر حتى أضاء الفجر الثاني الذي يكون بعد إضاءة نهار ولا ليل.

ص: 113

أيوب بن سويد ضعفه شديد ترجم له في تهذيب التهذيب فقال: أيوب بن سويد الرملي أبو مسعود السيباني

(1)

قال أحمد: ضعيف وقال ابن معين: ليس بشيء يسرق الأحاديث

وقال البخاري: يتكلمون فيه وقال النسائي: ليس ثقة وقال أبو حاتم: لين الحديث.

وعتبة بن أبي حكيم الهمْداني اختلف فيه وتوسط الحافظ ابن حجر فيه فقال: صدوق يخطاء كثيرًا.

قال الطبراني في الأوسط (7229) لم يرو هذا الحديث عن عتبة بن أبي حكيم إلا أيوب بن سُوَيْد.

فهذه الرواية منكرة السند وفي متنها نكارة قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 132) هذا غريب جدًا.

وأيوب بن سويد الرملي، ضعيف. وضعف الحديث ابن الملقن في الإعلام (2/ 540) وضعف إسناده الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة.

تنبيه: رواية الطبراني مختصرة.

المشكل من ألفاظ هذه الرواية:

الأول: قوله: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد العباس رضي الله عنه ذودًا من الإبل» المحفوظ إرسال العباس رضي الله عنه ابنه عبد الله رضي الله عنه ليحفظ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

الثاني: قوله: «فبعثني إليه بعد العشاء» المحفوظ دخوله بعد العشاء

(3)

.

الثالث: قوله: «فنام غير كبير أو غير كثير، ثم قام صلى الله عليه وسلم، فتوضأ فأسبغ الوضوء، وأقل هراقة الماء» المحفوظ القيام كان نصف الليل

(4)

.

الرابع: قوله: «ثم افتتح الصلاة، فقمت فتوضأت، فقمت عن يساره» المحفوظ

(1)

السَيْباني نسبة إلى سيبان بطن من حمير.

(2)

انظر: (ص: 160).

(3)

انظر: (ص: 163).

(4)

انظر: (ص: 198).

ص: 114

أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم التهجد كله

(1)

.

الخامس: قوله: «وكانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله» لم يرد من طريق صحيح

(2)

.

السادس: قوله صلى الله عليه وسلم «أشيطانك أقامك؟ قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال: «إي والذي بعثني بالحق ولي، غير أنَّ الله أعانني عليه، فأسلم» لم يرد من طريق صحيح

(3)

.

السابع: قوله: «فلما انفجر الفجر فلمَّا أبصر الفجر قام فأوتر بركعة. لم يحفظ وقت فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من الوتر فلم يرد من طريق صحيح

(4)

.

الثامن: قوله: «ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» الاضطجاع على الشق الأيمن لم يأت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما من طريق صحيح فالمحفوظ الاضطجاع فقط

(5)

.

(1)

انظر: (ص: 189).

(2)

انظر: (ص: 261).

(3)

انظر: (ص: 261).

(4)

انظر: (ص: 244).

(5)

انظر: (ص: 258).

ص: 115

‌الرواية التاسعة عشرة

رواية عمر بن أبي حفص عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (243) حدثنا أبو زرعة، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، حدثني سليمان بن بلال، عن عيسى بن يزيد، عن عمر بن أبي حفص، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه انصرف ليلة صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فسمعه يدعو في الوتر فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي

(1)

، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي

(2)

، وَتَحَفَظُ بِهَا غَائِبِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ ذَا الْأَمْرِ الرَّشِيدِ وَالْحَبْلِ الشَّدِيدِ، أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ، وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، وَإِنَّكَ فَعَالٌ لِمَا تُرِيدُ، اللَّهُمَّ هَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ، وَهَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الِاسْتِجَابَةُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ، وَمَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ، سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ، أُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ، وَأُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ فَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَقَالَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ، سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالطَّوْلِ» وإسناده ضعيف جدًا.

عيسى بن يزيد ضعفه شديد ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فقال عيسى بن يزيد الليثي يقال هو ابن داب روى عن

وعمر بن أبي حفص عن ابن عباس رضي الله عنهما روى عنه سليمان بن بلال

سمعت أبي يقول ذلك ويقول إن كان ابن داب فهو منكر الحديث.

(1)

انظر: (ص: 69).

(2)

انظر: (ص: 69).

ص: 117

وشيخه عمر بن أبي حفص قال البخاري في التاريخ الكبير عمر بن أبي حفص المديني، أراه ابن أبي عتاب.

وابن أبي عتاب ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 402) عن الحديث: منكر.

وقال الألباني في الضعيفة (2916) إسناد ضعيف جدًا، عيسى بن يزيد وهو ابن داب الليثي المدني قال الذهبي: كان أخباريًا علامة نسابة، لكن حديثه واهٍ. قال: خلف الأحمر: كان يضع الحديث. وقال البخاري وغيره: منكر الحديث.

وعمر بن أبي حفص لم أعرفه.

تنبيه: تقدم نحوه في الرواية الرابعة من رواية دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه وهي رواية منكرة.

المشكل من هذه الرواية: قوله: «فسمعه يدعو في الوتر فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً

» لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في الوتر لا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولا من حديث غيره

(1)

.

(1)

انظر: رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: 66).

ص: 118

الرواية العشرون

رواية أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه أحمد (2978) حدثنا هشام ح (2020) حدثنا يحيى ح (3120) محمد بن جعفر والبخاري (1138) حدثنا مسدد حدثنا يحيى ومسلم (194)(764) حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا غندر ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر والترمذي (442) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع قالوا - هشام بن القاسم الليثي ويحيى القطان وغندر محمد بن جعفر ووكيع بن الجراح - حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» .

وهذه الرواية ليست نصًا في قيام ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم فلذا أخرتها. والمحفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر.

ص: 119

‌الرواية الحادية والعشرين

رواية يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما

-

رواه الإمام أحمد (2709) حدثنا أبو أحمد ح (2997) حدثنا يحيى بن آدم والنسائي (1707) أخبرنا هارون بن عبد الله قالا حدثنا أبو بكر النهشلي عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثمان ركعات، ويوتر بثلاث، ويصلي ركعتين قبل صلاة الفجر» ورواته ثقات.

يحيى بن الجزار العرني وثقه أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وغيرهم.

وأعل الحديث بثلاث علل:

الأولى: الانقطاع: ترجم مغلطاي ليحيى في إكمال تهذيب الكمال فقال: قال: في تاريخ ابن أبي خيثمة: لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما وتعقبه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب فقال وفيه نظر فإنَّ ذاك إنَّما وقع في حديث مخصوص.

الثانية: اضطراب حبيب بن أبي ثابت في إسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم بيانه في الرواية الرابعة.

الثالثة: الاضطراب في إسناد الحديث ومتنه بوب النسائي في سننه (3/ 236 - 237) ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر وذكر بعض طرق الحديث منها هذه الرواية ثم قال:

خالفه عمرو بن مرة، فرواه عن يحيى بن الجزار، عن أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1708)

أخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بتسع» خالفه عمارة بن عمير، فرواه عن يحيى بن الجزار، عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 121

(1709)

أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا حسين، عن زائدة، عن سليمان، عن عمارة بن عمير، عن يحيى بن الجزار، عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل تسعًا، فلما أسن وثقل صلى سبعًا» .

وهذه الرواية كالتي قبلها ليست نصًا في صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

ص: 122

‌الباب الثاني

مختلف الروايات

‌تمهيد

في الروايات السابقة تعارض وبعض الروايات المتعارضة صحيحة فيتعين الجمع بينها إن أمكن أو الترجيح وورد في بعض الروايات الصحيحة والضعيفة زيادات شاذة ومنكرة ففي هذا الباب دراسة ذلك.

الفصل الأول: روايات تطوع النبي صلى الله عليه وسلم قبل نومه.

الفصل الثاني: روايات استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم وطهارته.

الفصل الثالث: الروايات المتعلقة بابن عباس رضي الله عنهما.

الفصل الرابع: روايات تهجد النبي صلى الله عليه وسلم.

الفصل الخامس: وتر النبي صلى الله عليه وسلم.

الفصل السادس: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر وخروجه للصلاة.

الفصل السابع: ما يصح وما لا يصح من ألفاظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 123

‌الفصل الأول

روايات تطوع النبي صلى الله عليه وسلم قبل نومه

1: تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد المغرب إلى العشاء وراتبة العشاء.

2: حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله قبل نومه.

3: خلع النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه عند النوم.

ص: 125

‌تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد المغرب إلى العشاء وبعد العشاء

في رواية منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس: «فلما صلى المغرب، قام يركع حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء، وثاب الناس، ثم صلى الصلاة، فقام يركع حتى انصرف من بقي في المسجد، ثم انصرف إلى منزله» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهذه الزيادة منكرة سندًا ومتنًا فلم أقف على هذه الزيادة في غير هذه الرواية.

ص: 127

‌راتبة العشاء

‌راتبة العشاء ركعتان

جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية:

1: سعيد بن جبير: عن سفيان بن حسين عن أبي هاشم يحيى بن دينار الرماني عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم رجع إليها، وكانت ليلتها، فصلى ركعتين، ثم انفتل» رواه أحمد (3291) وابن الأعرابي في معجمه (403) والطبراني في الكبير (12/ 60).

يحيى بن دينار ثقة فالظاهر أنَّ الخطأ من سفيان بن حسين الواسطي ففي حفظه شيء وتقدم الكلام عليه وقد خالف رواية شعبة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير فذِكرُ الركعتين في أحسن أحوالها شاذة والله أعلم.

2: رواية شريك بن أبي نمر عن كريب: جاء من رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا شريك بن أبي نمر أنَّ كريبًا مولى ابن عباس أخبره: أنَّه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء» . ولا يصح ذكر الركعتين ويحتمل أنَّ الخطأ من يحيى بن صالح الوحاظي قال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم. أو من فوقه.

ورواه البخاري (4569)(7452) من طريق محمد بن جعفر بن أبى كثير عن كريب من غير هذه الزيادة وتأتي رواية مالك عن مخرمة بن سليمان، عن كريب بذكر أربع على التوجيه الآتي والله أعلم.

ص: 128

راتبة العشاء أربع ركعات: جاءت راتبة العشاء أربع ركعات عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية:

1: شعبة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير: «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (117).

2: الأشعث بن سَوَّار، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن سعيد بن جبير:«فصلى أربع ركعات يطيل فيهن القراءة والركوع والسجود قال: ثم اضطجع» رواه البزار (4995) وإسناده ضعيف اضطرب فيه أشعث بن سَوَّار.

3: مالك عن مخرمة بن سليمان، عن كريب:«وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

وفي روايته ذكر ثنتي عشرة ركعة من غير الوتر فيحمل قوله في أول الحديث: «فصلى ركعتين، ثم ركعتين» على الأربع التي قبل النوم المذكور في رواية شعبة السابقة والله أعلم.

4: مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما: «بعدما صلى العشاء الآخرة ثم صلى بعدها أربعًا ثم قام الليل» رواه النسائي في الكبرى (408) ورواته ثقات.

لكنَّ ليس بمحفوظ من رواية مقسم إنَّما عن سعيد بن جبير والله أعلم.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ المحفوظ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة العشاء أربع ركعات فالإمام مالك وشعبة أحفظ ممن خالفهما لكن إطالة القراءة والركوع والسجود فيهن لا تصح والله اعلم.

ص: 129

‌حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله قبل نومه

في رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة، ثم رقد» عند البخاري (4569)(7452) ومسلم (190)(763).

ص: 130

‌خلع النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه عند النوم

جاء من رواية:

1: حبيب بن أبي ثابت عن كريب: «فصلى العشاء ثم جاء فطرح ثوبه ثم دخل مع امرأته في ثيابها» . عند أبي داود (1653) والنسائي في الكبرى (1339) والبزار (5220) وهي رواية شاذة.

2: إسحاق بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صلى العشاء الآخرة، فأخذ خرقة فتوزر بها، وألقى ثوبه، ودخل معها لحافها، وبات حتى إذا كان من آخر الليل، قام إلى سقاء معلق فحركه، فهممت أن أقوم فأصب عليه، فكرهت أن يرى أنِّي كنت مستيقظًا، قال: فتوضأ، ثم أتى الفراش، فأخذ ثوبيه، وألقى الخرقة» عند أحمد (2567) وأبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

ولم أقف في روايات حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما يقوي هاتين الروايتين فخلع النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه عند النوم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما منكر والله أعلم.

ص: 131

‌الفصل الثاني

روايات استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم وطهارته

1: استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الليل.

2: مسح النبي صلى الله عليه وسلم النوم عن وجهه.

3: عدد الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم من آخر سورة آل عمران.

4: عدد مرات قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.

5: قول النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الملك القدوس ثلاثًا.

6: سواك النبي صلى الله عليه وسلم قبل الوضوء.

7: صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

8: الظرف الذي توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم.

9: ربط النبي صلى الله عليه وسلم القربة بعد الفراغ من الوضوء.

10: سبب عدم إعانة ابن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم على وضوئه.

11: شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا.

ص: 133

استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الليل

أولًا:‌

‌ استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الليل وذكره لله حتى نام:

جاء في رواية:

1: سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر فإذا عليه ليل، فعاد فسبح وكبر حتى نام، ثم استيقظ وقد ذهب شطر الليل - أو قال: ثلثاه - فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى حاجته، ثم جاء إلى قربة على شجب فيها ماء،

» رواه أحمد (3480) وإسناده ضعيف وهي رواية منكرة سندًا ومتنًا. تفرد بالزيادة عباد بن منصور وضعفه شديد ولم أقف على من تابعه على هذه الزيادة.

2: علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه: «لما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه، ثم قال: «نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ حَيُّ قَيُّومٌ» ثم رجع إلى فراشه، فلما كان في ثلث الليل الآخر، خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه وقال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ عز وجل حَيُّ قَيُّومٌ» ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحل شناقها، ثم توضأ فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى مصلاه» رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف وهي رواية منكرة سندًا ومتنًا.

تفرد بهذه الزيادة داود بن علي بن عبد الله بن عباس وهو ضعيف.

ثانيًا: رواية‌

‌ الاستيقاظ الأول وقضاء الحاجة والنوم بعده:

جاء من رواية سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس واختلف عليه فرواه:

1: سعيد بن مسروق وعُقِيل بن خالد عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «قام لحاجته فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين» رواه مسلم (188)(189)(763).

2: سفيان الثوري عند البخاري (6316) ومسلم (181)(763) وشعبة عند مسلم (187)(763) عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ

ص: 135

وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ» وفي هذه الرواية غسل الوجه واليدين. وروايتهما أرجح لجلالة قدر سفيان فلا يقارن بأبيه وبعقيل ووافقه شعبة وهو أيضًا إمام في الحفظ.

3: عمرو بن دينار وشريك بن عبد الله عن كريب ومحمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب ولم يذكروا الاستيقاظ الأول وتقدمت رواياتهم في الرواية الأولى.

وكذلك لم يذكر في الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما فلم يذكر في رواية:

1: مالك (1/ 121) عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما.

2: عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما. الرواية التاسعة.

3: أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما. الرواية السابعة.

4: سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا في رواية أبي داود الطيالسي.

والذي يظهر لي أنَّ عدم ذكر النوم في الروايات السابقة من باب الاختصار فرواية غسل الوجه واليدين محفوظة والله أعلم.

ص: 136

‌مسح النبي صلى الله عليه وسلم النوم عن وجهه

بيده

جاء من رواية الإمام مالك (1/ 121) عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما «حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده» .

هكذا «بيده» بالإفراد في نسختي من الموطأ تحقيق عبد الباقي وكذلك في شروح الموطأ التمهيد (13/ 206) والمنتقى (2/ 167) طبعة الكتب العلمية الطبعة الأولى وشرح الزرقاني (1/ 356) طبعة الكتب العلمية الطبعة الأولى.

ورووه بأسانيدهم عن مالك أحمد (2165) والبخاري (183)(1198)(4572) ومسلم (182)(763) وأبو داود (1367) والنسائي (1620) وابن ماجه (1363) بلفظ يده بالإفراد.

وفي نسخة للموطأ تحقيق الأعظمي «بيديه» بالتثنية وكذلك رووه بأسانيدهم عن مالك البخاري (4571) وابن حبان (2579)(2592) وأبو نعيم (1738) في مستخرجه على مسلم وغيرهم بلفظ التثنية.

والذي يظهر لي أنَّ رواية التثنية رواية بالمعنى لكن لا فرق بين الروايتين فهما بمعنى واحد فرواية «بيده» لفظ عام فتعم كلا اليدين والله أعلم.

تنبيه: بعض روايات الحديث كرواية أحمد (3362) لم تتعرض لذكر اليد.

ص: 137

قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من آخر آل عمران

‌عدد الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم من آخر آل عمران:

اختلفت الروايات في عدد الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم من آخر آل عمران على أربع روايات:

الأولى: آية واحدة. الثانية: آيتان. الثالثة: خمس آيات. الرابعة: عشر آيات.

أولًا: قراءة آية من آل عمران: شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما فَقَرَأَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] ويأتي من رواية سليمان بن بلال عن شريك بذكر خمس آيات فالظاهر أنَّ الاختلاف من شريك فهو يخطئ والله أعلم.

ثانيًا: قراءة آيتين من آل عمران: عن أبي المتوكل «أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما بات عند نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية التي في آل عمران [190 - 191] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ} حتى بلغ {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}» رواه أحمد (2484)(3266) ومسلم (48)(256) ورواته ثقات لكن قراءة الآيتين شاذة لمخالفته للرواية الصحيحة والله أعلم.

ثالثًا: قراءة خمس آيات من آخر آل عمران: جاء من:

1: رواية شريك بن عبد الله عن كريب: «ثم قرأ الخمس آيات من سورة آل عمران» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) وتقدم أنَّه اختلف على شريك في عدد الآيات.

2: رواية ابن إسحاق، عن سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد، كلاهما عن كريب:«ثم تلا هؤلاء الآيات من آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى انتهى إلى خمس آيات» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) وذكر القراءة شاذ فلم يذكر في روايات الحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما الذين رووه عن سلمة بن كهيل عن كريب من غير ذكر القراءة.

ص: 138

3: رواية: علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه: «تلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات الخمس حتى انتهى إلى: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}» [آل عمران: 190 - 194]. رواه الطبراني في الأوسط (38) وهذه الرواية منكرة.

4: رواية سعيد بن جبير: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَطْلُع من مصلاه ثلاث مرات في الليلة إلى السماء يقترِيء: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194]» رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (552) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة - والله أعلم - لمخالفتها روايات الثقات الذين رووه عن سعيد بن جبير من غير ذكر القراءة.

رابعًا: قراءة عشر آيات من آخر آل عمران:

جاء من رواية: 1: كريب. 2: علي بن عبد الله بن عباس. 3: سعيد بن جبير.

أولًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواها عنه:

1: مالك (1/ 121) عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: عياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «تلا آخر سورة آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ} حتى ختمها» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

فظاهر رواية مالك لم يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم آخر آية من السورة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} وظاهر رواية عياض بن عبد الله ورواية عبد الله بن عباس الآتية أنَّه قرأها فهل يقال رواية مالك أرجح أو يقال قوله: «حتى ختمها» باعتبار الأغلب فقرأ آخر السورة ولم يبق منها إلا آخر آية فتكون رواية قراءة عشر آيات على ظاهرها أو يقال رواية حتى ختمها على ظاهرها فذكر عشر آيات وأهمل ما زاد على العقد فرواية العشر ورواية الختم من باب المجاز

ص: 139

على أحد التقديرين فلا تعارض بين الروايتين على كلا التوجيهين وهذا أولى من ترجيح رواية مالك لا سيما أنَّ في رواية البخاري (4570) عن علي ابن المديني، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك عن مخرمة بن سليمان، عن كريب «قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران، حتى ختم» والله أعلم.

ثَانيًا: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه عنه:

1: حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه: «فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة» رواه مسلم (191)(763) وتقدم (ص: 63) أنَّها رواية مضطربة شاذة لكن أصل القراءة من آخر آل عمران محفوظ والله أعلم.

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه:«فقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} حتى ختم السورة» رواه أبو يعلى (2545) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) ورواته ثقات. وفي متنه شذوذ.

ثالثًا: رواية سعيد بن جبير: رواه كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير:«ثم قرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى ختم السورة» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20). وهذه رواية منكرة تخالف رواية الحفاظ لحديث سعيد بن جبير من غير ذكر القراءة.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ المحفوظ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عشر آيات أو ختم آل عمران فهي أصح الروايات والله أعلم.

عدد مرات قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أواخر سورة آل عمران:

روى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم آخر سورة آل عمران عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: علي بن عبد الله بن عباس. 4: أبو المتوكل علي بن داود.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: سلمة بن كهيل. 3: شريك بن عبد الله.

ص: 140

أولًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواه:

1: مالك: «قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه، فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: عياض بن عبد الله: «ثم تلا آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى ختمها

فصلى عشر ركعات ثم أوتر» رواته ثقات.

رواه مسلم (183)(763) والطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741).

تنبيه: لم يسق مسلم لفظه وأحال إلى رواية مالك السابقة.

ثانيًا: رواية محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب: «فتعار ببصره في السماء، ثم تلا هؤلاء الآيات من آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى انتهى إلى خمس آيات، ثم عاد لمضجعه فنام هويًا من الليل، ثم ذهب فتعار ببصره في السماء فتلاهن» رواه محمد بن نصر -مختصر قيام الليل- ص: (105) ورواته ثقات عدا ابن إسحاق فهو صدوق.

في هذه الرواية القراءة من آخر آل عمران مرتين وهي زيادة شاذة تفرد بها ابن إسحاق فلم يذكرها الحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما في رواياتهم عن سلمة بن كهيل وكذلك تخالف رواية الحفاظ مالك وغيره عن مخرمة بن سليمان.

ثالثًا: شريك بن عبد الله رواه عنه:

1: محمد بن جعفر بن أبي كثير: «فلما كان ثلث الليل الآخر، قعد فنظر إلى السماء، فقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، «ثم قام فتوضأ واستن فصلى إحدى عشرة ركعة» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (4569).

2: سليمان بن بلال: «فنظر إلى السماء، وفكر، ثم قرأ الخمس الآيات من سورة آل عمران، ثم أخذ سواكًا، فاستن، ثم خرج، فقضى حاجته، ثم رجع إلى

ص: 141

شن معلقة، فصب على يده، ثم توضأ، ولم يوقظ أحدًا، ثم قام، فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد، حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرار، فصلى عشر ركعات» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

يحمل قوله «ثم صنع ذلك خمس مرار» على الصلاة دون القراءة ليوافق رواية محمد بن جعفر بن أبي كثير عن شريك. ويأتي أنَّ تكرار الاستيقاظ والصلاة ليس محفوظًا.

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رواه عنه:

1: حبيب بن أبي ثابت: «فتوضأ، ثم قرأ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 191] إلى آخر السورة، ثم افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها

ثم اضطجع، ثم قام فزعًا ففعل مثلما فعل في الأوليين فقرأ حرفًا حرفًا حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث» رواه أبو داود (850) وابن ماجه (898) والطبراني في الكبير (12/ 20) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة تخالف روايات الثقات عن سعيد بن جبير فلم يذكروا قراءة الآيات.

2: جعفر بن أبي المغيرة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَطْلِع من مصلاه ثلاث مرات في الليلة إلى السماء يقتريء: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194] رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (552) وإسناده ضعيف.

وهذه الرواية منكرة لمخالفتها روايات الثقات الذين رووه عن سعيد بن جبير من غير ذكر القراءة من آخر آل عمران.

الرواية الثالثة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه:

1: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: «فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]

ص: 142

فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات» رواه مسلم (191) (763). وهذه الرواية مضطربة وتقدم (ص: 64) إعلال الحفاظ لها.

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس:«ثم استيقظ فقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} حتى ختم السورة، ثم مسح ثلاثًا ثم قام فبال، ثم استن بسواكه ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه. ثم استيقظ ثم استوى على فراشه وفعل كما فعل في المرة الأولى، ثم مسح ثلاثًا وقرأ الآيات من آخر سورة آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} حتى ختم السورة. ثم قام فاستن بسواكه ثم توضأ، ثم صلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه. ثم استيقظ ففعل كما فعل في المرتين الأوليين فصلى ست ركعات ثم أوتر بثلاث» رواه أبو يعلى (2545) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) رواته ثقات.

3: منصور بن المعتمر: «استيقظ فرمى ببصره إلى السماء وتلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات الخمس، حتى انتهى إلى: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194] .... ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم دعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند.

وفي روايات علي بن عبد الله بن عباس قراءة آخر آل عمران ثلاث مرات والذي يظهر لي أنَّ الخطأ من علي بن عبد الله بن عباس والله أعلم.

ص: 143

الرواية الرابعة: رواية أبي المتوكل علي بن داود عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران [190 - 191] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ} حتى بلغ {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع، فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى» رواه أحمد (2484)(3266) ومسلم (48)(256).

الترجيح: المحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان وسلمة بن كهيل وشريك بن أبي نمر عن كريب القراءة من آخر آل عمران مرة واحدة.

وفي رواية محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل القراءة مرتين.

وفي رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير وفي رواية أبي المتوكل عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواية منصور بن المعتمر ومحمد بن علي بن عباس والمنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس القراءة ثلاثًا.

وفي رواية حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير ورواية منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس القراءة أربع مرات.

وفي رواية سليمان بن بلال عن شريك القراءة خمس مرات.

والمحفوظ القراءة مرة واحدة والله أعلم.

ص: 144

‌قول النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الملك القدوس ثلاثًا

جاء من رواية المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما قال:«فنام حتى سمعت غطيطه فاستوى على فراشه فرفع رأسه إلى السماء فقال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثلاث مرات، ثم تلا هذه الآية من آخر سورة آل عمران حتى ختمها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، ثم قام، رواه أبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات.

لكن قوله: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» شاذ.

ص: 145

‌سواك النبي صلى الله عليه وسلم قبل الوضوء

رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: أبو المتوكل. 3: علي بن عبد الله بن عباس. 4: سعيد بن جبير. 5: مجاهد بن جبر. 6: حُنِين.

أولًا: رواية كريب رواه عنه:

1: عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان: «ثم عمد إلى شجب من ماء فتسوك، وتوضأ، وأسبغ الوضوء» رواه مسلم (183)(763).

2: محمد بن جعفر عن شريك: «ثم قام فتوضأ واستن فصلى إحدى عشرة ركعة» رواه البخاري (4569) ومسلم (190)(763).

ثانيًا: رواية أبي المتوكل علي بن داود: «ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى» رواه مسلم (48)(256).

ثالثًا: رواية علي بن عبد الله بن عباس رواه عنه:

1: حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: «أنَّه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ فتسوك وتوضأ» رواه مسلم (191)(763).

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس:«ثم قام، ثم استن بسواكه وتوضأ، ثم دخل في مصلاه فصلى ركعتين ليستا بقصيرتين ولا بطويلتين، ثم عاد إلى فراشه فنام» رواه أبو يعلى (2545) ورواته ثقات.

3: منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس: «وإلى جانبه مخضب من برام مطبق عليه سواك، فاستن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف.

وتقدم (ص: 65) أنَّ رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه شاذة.

رابعًا: رواية سعيد بن جبير رواه:

1: الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك» رواه أحمد (1884) والنسائي في الكبرى

ص: 146

(405)

وأبو يعلى (2681) وغيرهم. رواته ثقات لكنَّها رواية شاذة قد اضطرب فيها حبيب بن أبي ثابت.

ورواه البزار (5081) بلفظ: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل بدأ بسواك، أو قال: تسوك» .

قال البزار: هذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن الأعمش إلا عثام وعثام ثقة.

ورواية البزار توافق المحفوظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في رواية كريب ورواية أبي المتوكل لكن المحفوظ رواية الجماعة عن عثام بن علي والله أعلم.

2: كامل أبو العلاء، عن حبيب، عن سعيد بن جبير:«فقام فاستَنَّ ثم خرج إلى صحن الدار» رواه أبو محمد جعفر الخُلْدِي الخوَّص - مجموع فيه ثلاثة أجزاء حديثية تحقيق نبيل جرار (127) - وهي رواية ضعيفة مضطربة.

خامسًا: رواية مجاهد بن جبر: عن ليث، عن مجاهد ويحيى بن عباد، أو أحدهما،:«نمت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فتسوك، ثم أتى القربة فتوضأ» ، ثم قمت أنا فتوضأت. قال: ولا أدري أذكر السواك، ثم قمت» رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) إسناده ضعيف.

سادسًا: رواية حُنِين مولى ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم استيقظ، فتوضأ واستاك فعل ذلك من الليل مرارًا» رواه الطبراني في الكبير (11/ 428) وهي رواية منكرة.

ففي الروايات السابقة تقديم السواك على الوضوء عدا رواية شريك عن كريب ورواية حنين عن ابن عباس رضي الله عنهما ففيهما تقديم الوضوء على السواك وشريك يخطئ أحيانًا فهذا من خطئه والله أعلم وكذلك رواية الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير فيها السواك بين كل ركعتين وهي خطأ والمحفوظ تقديم السواك على الوضوء والله أعلم.

ص: 147

‌وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

-

‌صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

-

جاء بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما من رواية:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: طلحة بن نافع.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: عمرو بن دينار: «فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (859).

2: سلمة بن كهيل عن كريب ورواه عنه:

1): سفيان الثوري: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

2): شعبة بن الحجاج: «فقام فبال، ثم غسل وجهه وكفيه، ثم نام، ثم قام إلى القربة فأطلق شناقها، ثم صب في الجفنة، أو القصعة، فأكبه بيده عليها، ثم توضأ وضوءًا حسنًا بين الوضوءين» رواه مسلم (187)(763).

3): سعيد بن مسروق: «ثم أتى القربة فحل شِنَاقها فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومة أخرى، فأتى القربة فحل شِنَاقها، ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء» رواه مسلم (188)(763).

ويحمل قوله «توضأ وضوءًا بين الوضوءين» على غسل الوجه والكفين للجمع بينها وبين رواية ابنه سفيان وشعبة.

4): عُقِيل بن خالد: «فتوضأ ولم يكثر من الماء ولم يُقَصِّرْ في الوضوء» رواه مسلم (189)(763).

5): محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: «فقضى حاجته، ثم أتى القربة فأطلق شناقها فغسل وجهه ويديه، ثم أخذ مضجعه

ثم أتى القربة فأطلق شناقها، ثم

ص: 148

توضأ وضوءًا بين الوضوءين لم يكثر إهراقة الماء وقد أسبغ الوضوء» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

3: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب ورواه عنه:

1): مالك: «فتوضأ منه فأحسن وضوءه» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2): عياض بن عبد الله الفهري: «فتسوك وتوضأ وأسبغ الوضوء ولم يهرق من الماء إلا قليلًا» رواه مسلم (183)(763).

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير رواه عنه:

1: محمد بن قيس الأسدي عن الحكم بن عتيبة: «حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله قام فتوضأ ثم صلى» رواه أبو داود (1356) ورواته ثقات.

2: حبيب بن أبي ثابت: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا فاستقى ماءً فتوضأ» رواه أبو داود (850) وابن ماجه (898) والطبراني في الكبير (12/ 20) وهي رواية منكرة.

3: عكرمة بن خالد المخزومي: «ثم جاء إلى قربة على شَجْب فيها ماء، فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرة، ثم غسل قدميه - قال يزيد: [بن هارون] حسبته قال: - ثلاثًا ثلاثًا» رواه أحمد (3480) وهي رواية منكرة.

الرواية الثالثة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فتوضأ فأسبغ الوضوء وأقلَّ هِرَاقَة الماء» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) والطبراني في الكبير (11/ 135) وهي رواية منكرة السند.

الترجيح: الصحيح رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته وغسل وجهه ويديه ولم يتوضأ ثم نام ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين وهو الموصوف بالوضوء الخفيف الذي أسبغ فيه ولم يكثر وهذا الوضوء أقل من الثلاث فيحتمل أنَّه غسل أعضاءه مرة أو مرتين ولم تبين الروايات الصحيحة عدد غسل الأعضاء أمَّا رواية غسل الأعضاء ثلاثًا فهي رواية منكرة والله أعلم.

ص: 149

‌الظرف الذي توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم

-

اختلفت الرواية في الظرف الذي توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم فأكثرها أنَّه توضأ من القربة وفي بعضها أنَّه صبَّ الوَضُوء بإناء وفي بعضها أنَّه توضأ من مخضب.

فالروايات التي فيها ذكر ظرف الوضوء عن:

1: كريب. 2: عطاء بن أبي رباح. 3: حبيب بن أبي ثابت. 4: سعيد بن جبير. 5: علي بن عبد الله بن عباس. 6: عبد المؤمن الأنصاري. 7: مجاهد ويحيى بن عباد أو أحدهما.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: عمرو بن دينار. 3: شريك بن عبد الله. 4: سلمة بن كهيل. 5: حبيب بن أبي ثابت.

1: مخرمة بن سليمان عن كريب ورواه عنه:

1): مالك: «ثم قام إلى شن معلق، فتوضأ منه، فأحسن وضوءه» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2): عياض بن عبد الله الفهري: «ثم عمد إلى شجب من ماء فتسوك، وتوضأ، وأسبغ الوضوء، ولم يهرق من الماء إلا قليلًا» رواه مسلم (183)(763).

3): سعيد بن أبي هلال: «استيقظ فقام إلى شن فيه ماء فتوضأ وتوضأت معه» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) رواته ثقات.

2: عمرو بن دينار عن كريب: «فتوضأ من شن معلقة وضوءًا خفيفًا» رواه البخاري (138)(859) ومسلم (186)(763).

3: سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله عن كريب: «ثم رجع إلى شن معلقة، فصب على يده، ثم توضأ، ولم يوقظ أحدًا، ثم قام، فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم ووافقت هذه

ص: 150

الرواية رواية الجماعة عن كريب في أنَّ ظرف الوضوء القربة.

4: سلمة بن كهيل عن كريب رواه عنه:

1): سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل: «ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

2): شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل: «ثم قام، فعمد إلى القربة فأطلق شناقها، ثم صب في الجفنة، أو القصعة، وأكب يده عليها، ثم توضأ وضوءًا حسنًا بين الوضوءين» رواه أبو داود الطيالسي (2706) وأحمد (2563) ومسلم (187)(763) وابن خزيمة (127) والطبراني في الكبير (11/ 420). وفي هذه الرواية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من الجفنة أو القصعة.

3): سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل: «فأتى القربة فحلَّ شِنَاقَها ثم توضا وضوءًا هو الوضوء» رواه مسلم (188)(763).

4): عُقِيل بن خالد عن سلمة بن كهيل: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القربة فسكب منها فتوضأ ولم يكثر من الماء ولم يُقَصِّرْ في الوضوء» رواه مسلم (189)(763).

5): محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل: «ثم قام إلى شن معلقة، ثم استفرغ منها في إناء، ثم توضأ الوضوء» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ورواته محتج بهم.

6): محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل: «ثم أتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين لم يكثر إهراقة الماء وقد أسبغ الوضوء، ثم أتى المسجد» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) إسناده ضعيف.

فاختلف على سلمة بن كهيل في لفظه فظاهر رواية سفيان الثوري ووالده وعقيل بن خالد عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من القربة. ورواية شعبة ومحمد بن إسحاق أنَّه أفرغ من القربة وتوضأ من الإناء.

والذي يترجح لي أنَّ المحفوظ عن سلمة بن كهيل الوضوء من القربة فسفيان

ص: 151

لا يقل قدرًا في حفظه عن شعبة وقد وافق غيره ممن رووه عن كريب وغيره بذكر الوضوء من القربة والله أعلم.

5: الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن كريب:«ثم أتى سقاءً موكًا فحل وكاءه ثم صب على يديه من الماء ثم وطئ على فم السقاء فجعل يغسل يديه ثم توضأ حتى فرغ» رواه النسائي في الكبرى (1339) والبزار (5220) ورواته ثقات. لكن المتن منكر والسند شاذ والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما

رواه عنه:

1: ابن جريج: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى القربة فتوضأ فقام يصلي» رواه مسلم (192)(763).

2: عبد الملك بن أبي سليمان: «فأطلق القربة فتوضأ ثم أوكأ القربة ثم قام إلى الصلاة» رواه أحمد (2245) وأبو داود (610) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1751) وأبو عوانة في مستخرجه على مسلم (2291).

تنبيه: في رواية أحمد وأبي نعيم وأبي عوانة: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الليل إلى سقاية فتوضأ ثم قام فصلى» .

والحديث في مسلم (0)(763) حدثنا ابن نمير حدثنا أبي ولم يسق لفظه

الرواية الثالثة: رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«قام إلى قربة، فحل شناقها فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئا من عمله، فلما توضأ» رواه الطبراني في الكبير (12/ 132) إسناده ضعيف وهي رواية شاذة وفي متنه نكارة.

الرواية الرابعة: رواية سعيد بن جبير رواه عنه:

1: كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت:«فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا فاستقى ماءً فتوضأ» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20)» إسناده ضعيف.

وهذه الرواية منكرة السند والمتن فالمحفوظ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يستقِ الماء إنَّما توضأ من القربة.

ص: 152

2: عكرمة بن خالد المخزومي: «ثم جاء إلى قربة على شجب فيها ماء، فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرة، ثم غسل قدميه» رواه أحمد (3480) وإسناده ضعيف وهذه الرواية مضطربة المتن منكرة السند والله أعلم.

والمحفوظ من رواية سعيد بن جبير الوضوء مجملًا.

الرواية الخامسة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رواه عنه:

1: داود بن علي: «ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحل شِنَاقَها ثم توضا فأسبغ وضوءه ثم قام إلى مصلاه» رواه تمام في فوائده (1318) وهي رواية منكرة.

2: منصور بن المعتمر: «وإلى جانبه مخضب من برام مطبق عليه سواك، فاستن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام أيضًا» رواه الطبراني في الأوسط (38) والحديث منكر السند والمتن والمحفوظ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من القربة.

الرواية السادسة: رواية عبد المؤمن الأنصاري عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائمًا» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) إسناده ضعيف وفي متن الحديث نكارة.

الرواية السابعة: رواية مجاهد ويحيى بن عباد أو أحدهما عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم أتى القربة فتوضأ، ثم قمت أنا فتوضأت» رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) وضعف إسناده شديد.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ المحفوظ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من القربة وهي معلقة فعطاء بن أبي رباح لم يختلف عليه في ذكر الوضوء من القربة وكذلك من رواه عن كريب إلا رواية سلمة بن كهيل فخالف شعبة ووافقه محمد بن إسحاق وتقدم ترجيح رواية الثوري الموافقة لرواية الجماعة عن كريب وغيره ورواية «وطئ على فم السقاء ثم توضأ» منكرة وباقي الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما التي تعرضت لذكر ظرف الوضوء ضعيفة والله أعلم.

ص: 153

‌ربط النبي صلى الله عليه وسلم القربة بعد الفراغ من الوضوء

في رواية أبي داود (610) حدثنا مسدد عن يحيى حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما «فأطلق القربة فتوضأ، ثم أوكأ القربة» وهي رواية شاذة سندًا ومعناها صحيح.

ص: 154

سبب عدم إعانة ابن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم على وضوئه

الرواية الأولى: رواية سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فقمت فتمطيت، كراهية أن يرى أنِّي كنت أرتقبه، فتوضأت» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الرواية الثانية: رواية حبيب بن أبي ثابت عن كريب: «وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليلة من أجلي» رواه النسائي في الكبرى (1339) وهي رواية شاذة والمحفوظ عن كريب وغيره الرواية السابقة.

الرواية الثالثة: رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئًا من عمله» رواه الطبراني في الكبير (12/ 132) وإسناده ضعيف وهي رواية شاذة.

الرواية الرابعة: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما «فهممت أن أقوم فأصب عليه، فكرهت أن يرى أنِّي كنت مستيقظًا، قال: فتوضأ» رواه أحمد (2567) والحديث منكر السند.

ص: 155

‌شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا

جاء من رواية عبد المؤمن الأنصاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فتوضأ وشرب قائمًا، قلت: والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا، ثم صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) إسناده ضعيف جدًا وهذه الرواية منكرة السند والمتن ولم أقف على الشرب قائمًا إلا في هذه الرواية والله أعلم.

ص: 156

الفصل الثالث

الروايات المتعلقة بابن عباس رضي الله عنهما

1: سن ابن عباس رضي الله عنهما.

2: هل عرض النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عباس رضي الله عنهما النوم عنده؟

3: سبب نوم ابن عباس عند النبي صلى الله عليه وسلم.

4: وقت دخول ابن عباس بيت ميمونة رضي الله عنهم.

5: قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما مرحبًا.

6: اضطجاع ابن عباس رضي الله عنهما على الوسادة مع النبي صلى الله عليه وسلم وصفة الفراش.

7: قول النبي صلى الله عليه وسلم الغلام أو الغليم أو الوليد.

8: وقت قول النبي صلى الله عليه وسلم أنام الغلام؟

9: استيقاظ ابن عباس رضي الله عنهما.

10: روايات موقف ابن عباس رضي الله عنهما أول الصلاة وتحويله.

11: ملخص الروايات.

12: موقف ابن عباس رضي الله عنهما في صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم.

13: صفة تحويل النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما.

14: بأي اليدين أدار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما؟

15: مقدار صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم.

16: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وقوله: شيخ قريش.

ص: 157

‌سن ابن عباس رضي الله عنهما

-

في رواية أحمد (3427) عن محمد بن فضيل عن رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه قال ابن عباس رضي الله

«وأنا يومئذ ابن عشر سنين» وهي رواية منكرة تفرد بها رشدين عن أبيه.

ولم أقف على تحديد سنِّه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما إلا في هذه الرواية.

والظاهر أنَّ سن ابن عباس رضي الله عنهما يومئذ عشر سنين أو أقل والله أعلم قال ابن حجر: ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث. وقيل بخمس. والأول أثبت، وهو يقارب ما في الصحيحين عنه [البخاري (76) ومسلم (504)]: أقبلت وأنا راكب على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت سن الاحتلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار

الحديث

(1)

.

(1)

الإصابة في تمييز الصحابة (2/ 330).

ص: 158

‌هل عرض النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عباس رضي الله عنهما النوم عنده؟

كل الروايات التي وقفت عليها عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ «بِتُّ» ونحوه ما عدا رواية:

1: محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ورواته ثقات عدا ابن إسحاق والكلام فيه مشهور.

وهذه الرواية تخالف رواية الحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما عن سلمة بن كهيل رووه بلفظ «بِتُّ» ورواياتهم أرجح فهذا اللفظ شاذ والله أعلم.

2: رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما: «إنِّي أريد أن أبيت عندكم الليلة فقالت [ميمونة رضي الله عنها: وكيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد والوساد واحد» رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (16) وهي رواية منكرة.

3: منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه: قال: «السَّاعَةَ جِئْتَ؟» فقلت لا فقال: «إِذْ لَمْ تَنْصَرِفْ إِلَى سَاعَتِكَ هَذِهِ فَلَسْتَ مُنْصَرِفًا فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَدَخَلْتُ مَعَهُ» رواه الطبراني في الأوسط (38) وهي رواية منكرة.

الترجيح: المحفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما لفظ «بِتُّ» ونحوه وما عداه فهو إمَّا شاذ أو منكر والله أعلم.

ص: 159

‌سبب نوم ابن عباس عند النبي صلى الله عليه وسلم

-

أغلب الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما لم تبين سبب نومه عند النبي صلى الله عليه وسلم والروايات التي بينت سبب نومه مختلفة جاء ذلك في رواية:

1: عطاء بن أبي رباح. 2: كريب. 3: علي بن عبد الله بن عباس. 4: طلحة بن نافع. 5: حبيب بن أبي ثابت.

الرواية الأولى: رواية عطاء بن أبي رباح:

قال بعثني العباس رضي الله عنه إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى بيت خالتي ميمونة رضي الله عنها فبت معه تلك الليلة «فقام يصلي من الليل» رواه مسلم (0)(763).

ولم تبين هذه الرواية لماذا بعثه؟.

الرواية الثانية: رواية كريب عن ابن عباس رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: شريك بن عبد الله بن أبي نمر. 3: سلمة بن كهيل.

أولًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1: عياض بن عبد الله الفهري: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية فأتيته وهو في بيت ميمونة رضي الله عنها» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

ورواه مسلم (183)(763) بإسناده عن عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان وقال نحو حديث مالك.

2: مالك: رواه البخاري (4570) حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس به قال: «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها، فقلت: لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

»

والحديث في الموطأ (1/ 121)«أنَّه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله، في طولها» . ولم تتعرض لسبب نومه.

ورواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس (183) وعن عبد الله بن يوسف

ص: 160

(1198)

عن مالك بلفظ رواية الموطأ السابقة ورواه أحمد (2165) عن عبد الرحمن بن مهدي بلفظ الموطأ ورواه أحمد (3362) في موضع آخر عن عبد الرحمن بن مهدي بلفظ: «لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم» . فالظاهر أنَّ ابن مهدي يروي الحديث أحيانًا بالمعنى والله أعلم.

فالمحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان رواية مالك في الموطأ من غير ذكر سبب النوم والله أعلم.

ثانيًا: رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب ورواه عنه:

1: محمد بن جعفر: «بت في بيت ميمونة رضي الله عنها ليلة، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها، لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل» رواه مسلم (190)(763) والبخاري (7452).

ورواه البخاري (4569) بنفس السند بلفظ: «فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد» ولم يذكر: «لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل» .

2: سليمان بن بلال: «فقلت: والله لأرمقنَّ الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنظرنَّ كيف صلاته» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

فالظاهر أنَّ نوم ابن عباس رضي الله عنهما في رواية شريك لأجل معرفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل محفوظ وفعل ابن عباس بأمر أبيه رضي الله عنهما لرواية عطاء بن أبي رباح السابقة والله أعلم.

ثالثًا: رواية سلمة بن كهيل عن كريب ورواه عنه:

1: محمد بن إسحاق: بعثني أبي العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة في حاجة له، فلما بلَّغته إياها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» رواته ثقات عدا ابن إسحاق ففيه كلام يسير.

2: ابن أبي ليلى: بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت:«لأحفظنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصنع» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) إسناده ضعيف.

ورواه الحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما عن سلمة بن كهيل ولم يذكروا سبب

ص: 161

نوم ابن عباس رضي الله عنهما فالظاهر أنَّ ذكر السبب في رواية سلمة بن كهيل غير محفوظ والله أعلم.

الرواية الثالثة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما رواه عنه:

1: المنهال بن عمرو: «وتقدم إلي العباس: لا تنم حتى تحفظ صلاته» رواه أبو يعلى (2545) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات.

2: منصور بن المعتمر: «بعثني أبي رضي الله عنه بكذا وكذا

فقلت: لأنظرنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة» رواه الطبراني في الأوسط (38) إسناده منكر.

الرواية الرابعة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد العباس ذودًا من الإبل، فبعثني إليه بعد العشاء» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) والطبراني في الكبير (11/ 135) إسناده منكر.

الرواية الخامسة: رواية حبيب بن أبي ثابت:

«أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رضي الله عنه بَكَارة فاستصغرها، ثم قال لي: انطلق بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني، فقل: إنَّا قوم نعمل فإن كان عندك أسنَّ منها فابعث بها إلينا، فأتيت بها» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة.

الترجيح: أقوى الروايات رواية عطاء بن أبي رباح حيث لم يختلف عليه في أنَّ الذي بعث ابن عباس أبوه العباس رضي الله عنهما ولكن لم تبين رواية عطاء الحاجة وبينت رواية شريك بن عبد الله عن كريب ورواية المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس أنَّ الحاجة النظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالذي يظهر لي أنَّ العباس بعث ابنه عبد الله رضي الله عنهما لينام عند النبي صلى الله عليه وسلم ويحفظ صلاته لا سيما أنَّ ابن عباس كان صغيرًا فتطلعه لمعرفة قيام النبي صلى الله عليه وسلم غير قوي بخلاف أبيه رضي الله عنه والله أعلم.

ص: 162

‌وقت دخول ابن عباس بيت ميمونة رضي الله عنهم

-

الرواة عن ابن عباس رضي الله عنهما الذين ذكروا وقت إتيان ابن عباس لبيت خالته ميمونة رضي الله عنهم هم:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: مِقْسَم بن بُجْرة. 4: علي بن عبد الله بن عباس. 5: طلحة بن نافع.

الرواية الأولى: رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: شريك بن عبد الله بن أبي نمر. 3: رشدين بن كريب.

1: مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1): عياض بن عبد الله الفهري: «بعثني أبي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية فأتيته وهو في بيت ميمونة رضي الله عنه فرقدتني على فضل وسادة» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) ورواته ثقات وفي بعض ألفاظه شذوذ.

2): محمد بن إسحاق: «بعثني أبي العباس رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة في حاجة له، فلما بلغته إياها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ورواته ثقات عدا ابن إسحاق فهو صدوق.

2: شريك بن أبي نمر: «فلما انصرف من العشاء الآخرة، انصرفت معه» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم وفي متنه شذوذ.

3: رشدين بن كريب: «أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فقلت: إنِّي أريد أن أبيت عندكم الليلة فقالت: وكيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد والوساد واحد قال: فقلت: لا حاجة لي في فراشكم. أفرش نصف إزاري وأما الوساد فإنِّي أضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوساد. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته ميمونة رضي الله عنها بما قال ابن عباس رضي الله عنهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ» رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (16) وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

ص: 163

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: الحكم بن عتيبة: «بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى، فقال: «أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» قالوا: نعم، فاضطجع» رواه أبو داود (1356) ورواته ثقات.

2: يحيى بن عباد: أنَّ أباه عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بعثه في حاجة له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت ميمونة بنت الحارث خالة ابن عباس رضي الله عنهم فدخل عليها فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد قال ابن عباس رضي الله عنهما فاضطجعت في حجرتها وجعلت في نفسي أحصي كم يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء وأنا مضطجع في الحجرة بعدما ذهب الليل فقال: «أَرَقَدَ الْوَلِيدُ؟» رواه النسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) والبيهقي (3/ 29) ورواته ثقات وفي بعض ألفاظه شذوذ.

3: عكرمة بن خالد المخزومي «أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، فبت عندها، فوجدت ليلتها تلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم دخل بيته، فوضع رأسه على وسادة من أدم حشوها ليف» ، فجئت فوضعت رأسي على ناحية منها» رواه أحمد (3480)(3492) وهذه الرواية منكرة السند.

الرواية الثالثة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «نَامَ الْغُلَامُ؟» بعدما صلى العشاء الآخرة» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات.

الرواية الرابعة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه عنه:

1: المنهال بن عمرو: «فانطلقت إلى المسجد، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العشاء الآخرة، حتى لم يبق في المسجد أحد غيره، قال: ثم مر بي فقال: «مَنْ هَذَا؟» قلت: عبد الله، قال:«فَمَهْ؟» قلت: أمرني العباس رضي الله عنه أن أبيت بكم الليلة، قال:«فَالْحَقْ» رواه أبو يعلى (2545) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات.

2: داود بن علي بن عباس: «أردت أن أعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فسألت عن ليلته، فقيل: لميمونة الهلالية رضي الله عنها، فأتيتها، فقلت: إنِّي تنحيت عن الشيخ،

ص: 164

ففرشت لي في جانب الحجرة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم صلاة العشاء الآخرة، دخل إلى منزله، فحس حسي فقال:«يَا مَيْمُونَةُ مَنْ ضَيْفُكِ؟» قالت: ابن عمك يا رسول الله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما» رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف.

3: منصور بن المعتمر: «فوجدته جالسًا مع أصحابه رضي الله عنهم في المسجد، فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب، قام يركع حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء، وثاب الناس، ثم صلى الصلاة، فقام يركع حتى انصرف من بقي في المسجد، ثم انصرف إلى منزله، وتبعته، فلما سمع حسي قال: «مَنْ هَذَا؟» والتفت إلي فقلت: ابن عباس. قال: «ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ؟» قلت: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟» فقلت: بعثني أبي بكذا وكذا. قال: «السَّاعَةَ جِئْتَ؟» فقلت: لا. فقال: «إِذْ لَمْ تَنْصَرِفْ إِلَى سَاعَتِكَ هَذِهِ فَلَسْتَ مُنْصَرِفًا» فدخل منزله، ودخلت معه» رواه الطبراني في الأوسط (38) وهذه الرواية منكرة السند.

الرواية الخامسة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«كان النبي صلى الله عليه وسلم وعد العباس رضي الله عنه ذودًا من الإبل فبعثني إليه بعد العشاء، وكان في بيت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوسدت الوسادة التي توسدها رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند.

الترجيح: في رواية مخرمة بن سليمان عن كريب إتيان ابن عباس رضي الله عنهما بعد العشاء وهي أصح الوارد وكذلك في رواية المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس وتابعه منصور بن المعتمر وهي رواية ضعيفة.

والروايات الأخرى إمَّا لم تتعرض للوقت أو ليس فيها النص عليه.

فالذي يترجح لي أنَّ وقت قدوم ابن عباس رضي الله عنهما بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء لا سيما أنَّ الغالب ممن هو في سن ابن عباس يصلي العشاء في المسجد والله أعلم.

ص: 165

‌قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما مرحبًا

جاء في رواية منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما: «مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة سندًا ومتنًا ولم أقف على هذه الزيادة إلا في هذه الرواية والله أعلم.

ص: 166

اضطجاع ابن عباس رضي الله عنهما على الوسادة مع النبي صلى الله عليه وسلم وصفة الفراش

رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: علي بن عبد الله بن عباس. 3: سعيد بن جبير. 4: طلحة بن نافع. 5: إسحاق بن عبد الله بن الحارث.

أولًا: رواية كريب رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: سلمة بن كهيل. 3: يزيد بن أبي زياد. 4: شريك بن عبد الله بن أبي نمر. 5: حبيب بن أبي ثابت.

1: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب:

رواه عنه:

1: مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «فرقَّدَتني على فضل وسادة فنام» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

قوله: «فضل وسادة» أي في عرضها والله أعلم.

2: رواية محمد بن إسحاق سلمة بن كهيل عن كريب: «فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة رضي الله عنها في الحجرة وتوسدا وسادة لهما من أدم محشوة ليفًا، وبت عليها معترضًا عند رأسيهما» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) رواته ثقات عدا ابن إسحاق ففيه كلام يسير.

وفي هذه الرواية ذكر وصف الوسادة من جلد محشوة ليفًا ولم يذكره بقية الرواة عن كريب ويأتي أنَّه ثابت من غير حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلا مانع من

ص: 167

تحسين هذه الزيادة والله أعلم.

3: رواية يزيد بن أبي زياد عن كريب: «فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي طول الوسادة واضطجعت فِي عرضهَا» رواه مسلم في التمييز (49) إسناده ضعيف.

أخطأ يزيد بن أبي زياد في موقف ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم أمَّا في النوم على الوسادة فحفظه والله أعلم.

4: رواية شريك بن أبي نمر عن كريب: «بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف من العشاء الآخرة، انصرفت معه، فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجرة، وأنا في البيت قال: فقلت: والله لأرمقن الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنظرنَّ كيف صلاته، قال: فاضطجع مكانه في مصلاه، حتى سمعت غطيطه» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم وفي متنه شذوذ.

في هذه الرواية لم ينم ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم على وسادة واحدة وهذه الرواية شاذة خالف شريك رواية مالك وعياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان عن كريب ورواية سلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد عن كريب.

وشريك بن عبد الله بن أبي نمر قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطاء.

5: رواية حبيب بن أبي ثابت عن كريب: «فأخذت ثوبي، فجعلت أطويه تحتي، ثم اضطجعت عليه» رواه النسائي في الكبرى (1339) والبزار (5220) ورواته ثقات. لكن المتن منكر والسند شاذ والله أعلم.

ثانيًا: علي بن عبد الله بن عباس رواه عنه:

1: المنهال بن عمرو: «بوسادة من مُسُوح [زاد أبو يعلى: حشوها ليف]» رواه أبو يعلى (2545) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات لكن أصل رواية علي بن عبد الله بن عباس شاذة.

والمسوح الصوف.

ص: 168

2: داود بن علي: «فسألت عن ليلته، فقيل: لميمونة الهلالية رضي الله عنها، فأتيتها، فقلت: إنِّي تنحيت عن الشيخ، ففرشت لي في جانب الحجرة» رواه تمام في فوائده (1318) وهي رواية منكرة.

ثالثًا: رواية عكرمة بن خالد المخزومي، عن سعيد بن جبير:

«فوضع رأسه على وسادة من أدم حشوها ليف، فجئت فوضعت رأسي على ناحية منها» رواه أحمد (3480)(3492) وابن خزيمة (1094) وإسناده ضعيف. وهي رواية مضطربة المتن منكرة.

رابعًا: رواية طلحة بن نافع عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فتوسدت الوسادة التي توسدها» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وضعف هذه الرواية شديد.

خامسًا: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث:

«فأخذت كساء فثنته وألقت عليه نمرقة [وسادة]، ثم رمت عليه بكساء آخر، ثم دخلت فيه، وبسطت لي بساطًا إلى جنبها، وتوسدت معها على وسادها» عند أحمد (2567) وأبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

الترجيح: نوم ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم على وسادة واحدة صح من رواية مخرمة بن سليمان وسلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما.

أمَّا نوم النبي صلى الله عليه وسلم وحده جاء من رواية شريك عن كريب وهي رواية شاذة ونوم ابن عباس رضي الله عنهما وحده جاء من رواية علي بن عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير وطلحة بن نافع عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي روايات ضعيفة.

فنام النبي صلى الله عليه وسلم هو وزوجه ميمونة رضي الله عنها في طول الوسادة ونام ابن عباس رضي الله عنهما في عرضها. أمَّا نوع الوسادة ففي بعضها من جلد محشوة ليفًا وهو المحفوظ وفي بعضها من صوف محشوة ليفًا ولا تصح.

ص: 169

أمَّا صفة فراش النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلم أقف عليه إلا من رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث

(1)

وهي رواية منكرة.

ويأتي

(2)

إن شاء الكلام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم من غير حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(1)

الرواية (17).

(2)

انظر: (ص: 839).

ص: 170

‌قول النبي صلى الله عليه وسلم الغلام أو الغليم أو الوليد

لفظ الغلام والغليم رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: سعيد بن جبير. 2: علي بن عبد الله بن عباس. 3: مِقْسَم بن بُجْرة.

الرواية الأولى: رواية سعيد بن جبير رواه عنه:

1: الحكم بن عتيبة ورواه عنه:

1): آدم عند البخاري (117) وأبو داود الطيالسي (2632) وأبو الوليد الطيالسي عند الدارمي (1290) ومحمد بن جعفر عند أحمد (3159) وبهز بن أسد عند أحمد (3165) يروونه عن شعبة عن الحكم بالشك «الغليم أو الغلام» .

2): محمد بن قيس الأسدي عن الحكم بلفظ: «الغلام» عند أبي داود (1356) ورواته ثقات.

والمحفوظ من رواية الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواية شعبة بالشك والله أعلم.

2: أبو هاشم يحيى بن دينار الرماني بلفظ: «الغلام» رواه أحمد (3291) وابن الأعرابي في معجمه (403) والطبراني في الكبير (12/ 60) وإسناده حسن.

3: يحيى بن عباد: «الوليد» رواه النسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) والبيهقي (3/ 29) ورواته ثقات وفي بعض ألفاظه شذوذ.

والحديث من رواية عبد العزيز بن محمد الداروردي وهو ثقة يخطئ.

الرواية الثانية: رواية منصور بن المعتمر علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه:

بلفظ: «الغلام» رواه الطبراني في الأوسط (38) وهي رواية منكرة سندًا ومتنًا.

الرواية الثالثة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة:

بلفظ «الغلام» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات لكن رواية مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما رواية شاذة والمحفوظ ما تقدم عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الترجيح: الذي يظهر لي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بأحد اللفظين «الغلام» أو «الغليم» ولم أقف على رواية ترجح أحد اللفظين والله أعلم.

ص: 171

‌وقت قول النبي صلى الله عليه وسلم أنام الغلام؟

وقت قول النبي صلى الله عليه وسلم «أنام الغلام» رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: سعيد بن جبير. 2: مِقْسَم بن بُجْرة.

الرواية الأولى: رواية سعيد بن جبير ورواه عنه:

1: الحكم بن عتيبة. 2: يحيى بن عباد. 3: يحيى بن دينار.

1: الحكم بن عتيبة: رواه عنه شعبة بن الحجاج واختلف عليه في لفظه:

1): «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، ثم قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ» أو كلمة تشبهها، ثم قام، فقمت عن يساره» رواه أبوداود الطيالسي (2632) وأحمد (3160) حدثنا حسين وأحمد (3159) عن محمد بن جعفر والبخاري عن آدم (117) عن شعبة وهو المحفوظ.

تنبيه: في رواية أحمد (3165) عن بهز بن أسد عن شعبة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء فصلى أربعا، ثم قال:«أنام الغليم - أو الغلام -؟» - قال: شعبة أو شيئا نحو هذا - قال: ثم نام، قال: ثم قام فتوضأ؟ والمحفوظ بعد النوم لا قبله والله أعلم.

ولم يذكر النوم والغلام في روايات ابن الجعد (149) والبخاري (697) وأبي داود (1357) والنسائي في الكبرى (407).

2): محمد بن قيس الأسدي عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى، فقال:«أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» قالوا: نعم، فاضطجع حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله رواه أبو داود (1356) ورواته ثقات.

وهذه الرواية فيها شذوذ من وجهين فالمحفوظ قول النبي صلى الله عليه وسلم «نَامَ الْغُلَيِّمُ» وليس «أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» وكان ذلك بعد استيقاظه من النوم لا قبله.

2: أبو هبيرة يحيى بن عباد: «فجاء وأنا مضطجع في الحجرة بعدما ذهب الليل فقال: «أَرَقَدَ الْوَلِيدُ؟» فتناول ملحفة على ميمونة رضي الله عنها قال فارتدى ببعضها وعليها

ص: 172

بعض ثم قام فصلى» رواه النسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) والبيهقي (3/ 29) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد المجيد بن سهيل، عن يحيى بن عباد، رواته ثقات وفي متنه شذوذ.

ورواه الأشعث بن سَوَّار عن أبي هبيرة فاضطجعت على الفراش فقال: «نَامَ الْغُلامُ؟» ولم أنم، وأنا أسمع كلامه قال: فصلى أربع ركعات يطيل فيهن القراءة والركوع والسجود قال: ثم اضطجع» رواه البزار (4995) وأشعث ضعيف واضطرب في إسناده.

3: أبو هاشم يحيى بن دينار الرُمَّاني، عن سعيد بن جبير:«فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم رجع إليها، وكانت ليلتها، فصلى ركعتين، ثم انفتل، فقال: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» وأنا أسمعه، قال: فسمعته قال في صلاته: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا

» رواه الطبراني في الكبير (12/ 60) وابن الأعرابي في معجمه (403) وأحمد (3291) عن يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسين، عن أبي هاشم وإسناده حسن.

فالمحفوظ من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سأل هل صلى ابن عباس رضي الله عنهما؟ بعد استيقاظه للتهجد فهي المحفوظة من رواية شعبة عن الحكم عن سعيد وكذلك رواية يحيى بن عباد، وأبي هاشم الرُمَّاني عن سعيد بن جبير والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «نَامَ الْغُلَامُ؟» بعدما صلى العشاء الآخرة» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات.

وتقدم - الرواية العاشرة - أنَّ المحفوظ الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواية مقسم بن بجرة عن ابن عباس رضي الله عنهما ليست محفوظة والله أعلم.

فالمحفوظ ما تقدم عن شعبة عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

ص: 173

‌استيقاظ ابن عباس رضي الله عنهما

-

اختلفت الروايات هل ابن عباس رضي الله عنهما استيقظ أو أيقضه النبي صلى الله عليه وسلم؟

فرواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: عطاء بن أبي رباح. 4: أبو المتوكل علي بن داود. 5: مِقْسَم بن بُجْرة. 6: أبو نضرة المنذر بن مالك. 7: عكرمة بن خالد. 8: مجاهد بن جبر. 9: عبد المؤمن الأنصاري. 10: حبيب بن أبي ثابت. 11: علي بن عبد الله بن عباس. 12: طلحة بن نافع.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: سلمة بن كهيل. 2: مخرمة بن سليمان. 3: عمرو بن دينار. 4: شريك بن عبد الله.

أولًا: رواية سلمة بن كهيل عن كريب رواه عنه:

1: سفيان الثوري: «فصلى، فقمت فتمطيت، كراهية أن يرى أنِّي كنت أرتقبه، فتوضأت، فقام يصلي، فقمت عن يساره» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

2: شعبة بن الحجاج: «ثم توضأ وضوءًا حسنًا بين الوضوءين، ثم قام يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه، فقمت عن يساره» رواه مسلم (187)(763).

في رواية الثوري وشعبة وغيرهما عن سلمة بن كهيل أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي استيقظ.

ثانيًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1: مالك: «فقمت فصنعت مثل ما صنع» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: عبد ربه بن سعيد: «فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام فصلى، فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه» رواه مسلم (184)(763).

ص: 174

3: سعيد بن أبي هلال: «استيقظ، فقام إلى شن فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام فقمت إلى جنبه» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) ورواته ثقات.

4: الضحاك بن عثمان: «فقلت لها [ميمونة رضي الله عنها إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إلى جنبه» رواه مسلم (185)(763).

ولم أقف على قوله: «أيقظيني» في روايات مخرمة بن سليمان عن كريب ولا عن غيره فهذه الزيادة شاذة والله أعلم.

5: عياض بن عبد الله الفهري: «فتسوك، وتوضأ، وأسبغ الوضوء، ولم يهرق من الماء إلا قليلًا، ثم حركني فقمت» رواه مسلم (183)(763).

هذه الرواية تخالف رواية مالك ومن تابعه عن مخرمة فلفظ: «حركني» شاذ والله أعلم.

ثالثًا: رواية عمرو بن دينار: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا، فقمت فصنعت مثل ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (138) ومسلم (186)(763).

رابعًا: رواية سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر: «ثم توضأ ولم يوقظ أحدًا» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم وفي متنه شذوذ.

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير:

«ثم قام، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (117).

الرواية الثالثة: رواية عطاء بن أبي رباح:

«فقام يصلي من الليل فقمت عن يساره» رواه مسلم (763).

ص: 175

الرواية الرابعة: رواية أبي المتوكل علي بن داود:

«فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى القربة، فتوضأ، فقام فصلى، فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت من القربة» رواه مسلم (192)(763).

الرواية الخامسة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة:

«ثم قام الليل فجئت فقمت عن يساره فاجتذبني فجعلني عن يمينه» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات.

الرواية السادسة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك:

«ثم قام يصلي فقمت، فتوضأت، ثم جئت فقمت إلى جنبه» رواه ابن خزيمة (1103) والطبراني في الكبير (12/ 166) والبزار (5320) ورواته ثقات.

الرواية السابعة: رواية عكرمة بن خالد رواه عنه:

1: عبد الله بن طاوس: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت معه» رواه عبد الرزاق (4706) وأحمد (2276) مرسل رواته ثقات.

2: محمد بن شريك: «فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي قمت» رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة - فتح الباري لابن رجب (6/ 200) - مرسل رواته ثقات.

الرواية الثامنة: رواية مجاهد بن جبر:

«ثم أتى القربة فتوضأ، ثم قمت أنا فتوضأت» رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) إسناده ضعيف.

الرواية التاسعة: رواية عبد المؤمن الأنصاري:

«والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) إسناده ضعيف.

الرواية العاشرة: رواية حبيب بن أبي ثابت:

«ثم قام إلى قربة، فحل شناقها فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر

ص: 176

شيئًا من عمله،

حتى إذا ما طلع الفجر ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال:«قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت، وصليت خلفه فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم ركع، وسجد ثم قام في الثانية فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} » رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

الرواية الحادية عشرة: رواية علي بن عبد الله بن عباس:

«فاستن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام

ثم استن، ثم توضأ، ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها، ثم قال:«أَنَامَ الْغُلَامُ؟» فقلت: لا. فقمت فتوضأت، ثم أقبلت فجئت إلى ركنه الأيسر، فأخذ بأصبعيه في أذني، فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن» رواه الطبراني في الأوسط (38) إسناده ضعيف وهذه رواية منكرة.

الرواية الثانية عشرة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف:

«ثم قام صلى الله عليه وسلم، فتوضأ فأسبغ الوضوء، وأَقَلَّ هِرَاقَة الماء، ثم افتتح الصلاة، فقمت فتوضأت» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) والطبراني في الكبير (11/ 135) إسناده ضعيف جدًا وهذه الرواية منكرة.

الترجيح: المحفوظ أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما كان مستيقظًا لكنَّه تظاهر بالنوم كراهة أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يرقبه كما في رواية الثوري فاستيقظ ابن عباس رضي الله عنهما ولم يوقظه النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم من رواية الكافة عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي رواية سليمان بن بلال عن شريك التصريح بأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يوقظ أحدًا وهي رواية بالمعنى ومعناها صحيح والله أعلم.

أمَّا قوله: فحركني وقوله لميمونة رضي الله عنها «أيقظيني» فروايتان شاذتان ورواية: «ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «قُمْ» فمنكرة والله أعلم.

ص: 177

‌روايات موقف ابن عباس رضي الله عنهما أول الصلاة وتحويله

موقف ابن عباس رضي الله عنهما أول الصلاة وتحويل النبي صلى الله عليه وسلم له جاء من رواية:

1: الشعبي. 2: عطاء بن أبي رباح. 3: كريب. 4: سعيد بن جبير. 5: أبي نضرة المنذر بن مالك. 6: سميع مولى ابن عباس رضي الله عنهما. 7: عكرمة بن خالد. 8: طلحة بن نافع. 9: عبد المؤمن الأنصاري. 10: إسحاق بن عبد الله.

الرواية الأولى: رواية الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«قمت ليلة أصلي عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي - أو بعضدي - حتى أقامني عن يمينه، وقال بيده من ورائي» رواه أحمد (2409) والبخاري (728) وابن ماجه (973).

والمحفوظ بيدي وهي رواية ابن ماجه وتوافق الرواية المحفوظة عن الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الرواية الثانية: رواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رواه عنه:

1: ابن جريج: «قمت إلى شقه الأيسر، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن» رواه مسلم (192)(763).

2: قيس بن سعد: «فقمت عن يساره، فتناولني من خلف ظهره فجعلني على يمينه» رواه مسلم (0)(763).

3: عبد الملك بن أبي سليمان واختلف عليه في لفظ فرواه:

1): أبو داود (610) حدثنا مسدد عن يحيى عن عبد الملك بن أبي سليمان به بلفظ: «فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه فأقامني عن يمينه» ورواته ثقات.

عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ثقة حافظ إلا أنَّه يخطئ وصفه بذلك أحمد وابن حبان وغيرهما

فخالف في هذه الرواية بقية الرواة عن عطاء وعن غيره بذكر يمينه فهي رواية

ص: 178

شاذة والله أعلم.

ويحيى هو القطان.

2): رواه أحمد (2245) ثنا أسحاق بن يوسف عن عبد الملك بن أبي سليمان به بلفظ: «قمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدارني من خلفه حتى أقامني عن يمينه» ورواته ثقات.

إسحاق بن يوسف هو المخزومي.

في روايات عطاء أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما وقف عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فأداره من وراء ظهره فجعله عن يمينه. ومثلها ما يأتي من رواية عمرو بن دينار عن كريب.

الرواية الثالثة: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: شعبة عن الحكم بن عتيبة: «فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه» رواه البخاري (117).

2: الفضل بن عنبسة وقتيبة بن سعيد عن هشيم بن بشير عن أبي بشر جعفر بن إياس: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره فأخذ بذؤابتي فجعلني عن يمينه» رواه البخاري (5919).

3: ابن أبي شيبة (2/ 86) وأحمد (1846) والبخاري (5919) عن عمرو بن محمد وأبو داود (611) عن عمرو بن عون والبيهقي (3/ 95) عن الحسن بن عرفة والطبراني في الكبير (12/ 55) عن موسى بن داود يروونه عن هشيم عن أبي بشر جعفر بن إياس: «فقمت عن يساره لأصلي بصلاته، فأخذ بذؤابة كانت لي - أو برأسي - حتى جعلني عن يمينه» ورواية برأسي أصح فرواتها أجل وأكثر.

4: عبد الله بن سعيد بن جبير: «فقمت عن يساره فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه» رواه أحمد (3379) والبخاري (699) والنسائي (806).

فرواية شعبة عن الحكم ذكرت التحويل فقط ورواية أبي بشر وعبد الله بن

ص: 179

سعيد ذكرت الأخذ بالرأس حين التحويل وهي المحفوظة أمَّا ذكر الذؤابة فلم أقف على متابع لها فهي رواية شاذة والله أعلم.

5: عكرمة بن خالد المخزومي: «حتى إذا عرف أنِّي أريد أن أصلي بصلاته، لفت يمينه فأخذ بأذني، فأدارني حتى أقامني عن يمينه» رواه أحمد (3480) وهي رواية منكرة.

الرواية الرابعة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فقمت إلى جنبه، فلما علم أنِّي أريد الصلاة معه أخذ بيدي فحولني عن يمينه» رواه ابن خزيمة (1103) ورواته ثقات.

الرواية الخامسة: رواية سُمَيْع مولى ابن عباس عنه رضي الله عنهما:

«قمت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى شماله، فأدارني فجعلني عن يمينه» رواه أحمد (3441) وغيره ورواته ثقات.

الرواية السادسة: رواية عكرمة بن خالد عن ابن عباس رواه عنه:

1: عبد الله بن طاوس: «فقمت معه علي يساره، فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه» رواه عبد الرزاق (4706) مرسل رواته ثقات.

2: محمد بن شريك: «قمت خلفه، فأهوى بيده فأخذ برأسي، فأقامني عَنْ يمينه إلى جنبه» رواه أبو نعيم في الصلاة - فتح الباري (6/ 200) - وهي رواية شاذة.

الرواية السابعة: رواية كريب رواه عنه:

1: عمرو بن دينار. 2: سلمة بن كهيل. 3: مخرمة بن سليمان. 4: سالم بن أبي الجعد. 5: يزيد بن أبي زياد.

1: عمرو بن دينار ورواه عنه:

1): سفيان بن عيينة: «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه» رواه البخاري (138) ومسلم (186)(763).

ص: 180

قوله: «فأخلفني» أي أداره من خلفه حتى لا يمر بين يديه فهذه الرواية كرواية عطاء السابقة.

2): داود بن عبد الرحمن العطار: «فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي، فجعلني عن يمينه» رواه البخاري (726) والترمذي (232) والنسائي (442).

3): حاتم بن أبي صغيرة: «فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي: «مَا شَأْنِي أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟» ، فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟» رواه ابن أبي شيبة (12/ 111) وأحمد (3051) والحاكم (3/ 534) ورواته ثقات وهي رواية شاذة لمخالفتها رواية ابن عيينة وبقية الرواة عن كريب وغيره فالمحفوظ من رواية عمرو بن دينار عدم التعرض للإدارة وتوجه رواية داود بن عبد الرحمن العطار الأخذ بالرأس بعد الإدارة والله أعلم.

2: روية سلمة بن كهيل عن كريب ورواه عنه:

1): سفيان الثوري: «فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

قوله: «فأخذ بأذني» تقدم أنَّه أخذه بيده وإنَّما الأخذ بالأذن بعد الإدارة والله أعلم.

2): شعبة: «فقمت عن يساره، فأخذني فأقامني عن يمينه» رواه مسلم (187)(763).

3): محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد، كلاهما عن كريب:«فقمت عن يساره، فأدارني حتى جعلني عن يمينه، ثم وضع يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، فجعل يمسح بها أذني، فعرفت أنَّه إنَّما صنع ذلك ليونسني بيده في ظلمة البيت» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ومحمد بن إسحاق صدوق وبقية رواته ثقات.

ص: 181

في هذه الرواية أخذ الأذن بعد الإدارة كرواية الضحاك بن عثمان عن مخرمة.

لكن قوله: «فعرفت أنَّه إنَّما صنع ذلك

» يأتي في رواية سعيد بن أبي هلال: «كأنَّه يمس أذني كأنَّه يوقظني» وفي رواية الضحاك بن عثمان «فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني» وهي أصح.

4): ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل:«جئت فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فمدها من خلفي فأقامني، عن يمينه» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

قوله: «فمدها من خلفي» أي أدارني من خلفه.

ففي رواية الثوري عن سلمة بن كهيل الإدارة بالأذن ولم تتعرض له رواية شعبة ووافقه ابن إسحاق والذي يظهر لي أنَّه المحفوظ من رواية سلمة بن كهيل عن كريب وهي رواية الأكثر ورواية ابن أبي ليلى لا تصلح لمعارضة رواية شعبة.

3: مخرمة بن سليمان عن كريب ورواه عنه:

1): سعيد بن أبي هلال: «فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنَّه يمس أذني كأنَّه يوقظني» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) ورواته ثقات.

2): عبد ربه بن سعيد: «فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه» رواه مسلم (184)(763).

3): عياض بن عبد الله: «فقمت عن يساره فحولني عن يمينه فجعل يقرأ وهو يفتل أذني فصلى عشر ركعات ثم أوتر» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ومسلم - مختصرًا - (183)(763) ورواته ثقات.

4): الضحاك بن عثمان: «فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني» رواه مسلم (185)(763).

ص: 182

أخذ الأذن في هذه الرواية بعد الإدارة وتحمل عليها رواية مالك التالية.

5): مالك: «ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها» رواه البخاري (183) ومسلم (182)(763).

قوله: «فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده» بعد الإدارة كما تقدم من رواية عياض بن عبد الله والضحاك بن عثمان عن مخرمة ومن رواية هلال بن أبي سعيد عن مخرمة ومما يدل على ذلك قوله «فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها» فلو كان ابن عباس رضي الله عنهما عن يساره لكان الأقرب أن يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليسرى ويأخذ بأذن ابن عباس رضي الله عنهما اليسرى.

ففي هذه الرواية اختصار فلم يذكر في هذه الرواية الوقوف الأول عن يساره والله أعلم.

فالذي يظهر لي أنَّ المحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان عن كريب عدم التعرض للإدارة وذكر اليد في رواية الضحاك ليست محفوظة والله أعلم.

4: سالم بن أبي الجعد عن كريب: «قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن شماله فأقامني عن يمينه» رواه أحمد (2321) ورواته ثقات.

وذكر كريب ليس بمحفوظ إنَّما المحفوظ عن الأعمش عن سميع مولى ابن عباس رضي الله عنهما.

5: يزيد بن أبي زياد الكوفي عن كريب: «فقمت عن يمينه فجعلني عن يساره» رواه مسلم في التمييز (49) وهي رواية منكرة.

فالمحفوظ من رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما عدم التعرض لذكر الإدارة هل هي باليد أو الرأس؟ والله أعلم.

الرواية الثامنة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف:

«فقمت عن يساره، وأخلف بيده، فأخذ بأذني فأقامني عن يمينه» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وهذه الرواية منكرة السند.

ص: 183

الرواية التاسعة: رواية عبد المؤمن الأنصاري:

«صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) وهي رواية منكرة.

الرواية العاشرة: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فقمت عن يساره، فتناولني فأقامني عن يمينه» رواه أحمد (2567) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة السند.

ص: 184

‌ملخص الروايات

السابقة

‌موقف ابن عباس رضي الله عنهما في صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم

-

الأول: كان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم ثم جعله عن يمينه: جاء في رواية جمع منهم:

1: الشعبي عند البخاري (728) وغيره.

2: عطاء بن أبي رباح عند مسلم في عدة روايات منها (192)(763).

3: سعيد بن جبير عند البخاري في عدة مواضع منها (117)(5919)(699).

4: أبو نضرة المنذر بن مالك عند ابن خزيمة (1103) ورواته ثقات.

5: سُمَيْع مولى ابن عباس عند أحمد (3441) وغيره ورواته ثقات.

6: عبد الله بن طاوس عن عكرمة بن خالد عند عبد الرزاق (4706) مرسل رواته ثقات.

7: كريب في روايات أصحها ما عند البخاري في مواضع منها (138)(183)(726)(6316) ومسلم (181)(182)(184)(185)(186)(187)(763).

وهو المحفوظ في موقف ابن عباس رضي الله عنهما وما يخالفه لا يصح.

الثاني: صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم جاء في رواية:

1: حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار عن كريب عند ابن أبي شيبة (12/ 111) وأحمد (3051) والحاكم (3/ 534) ورواته ثقات وهي رواية شاذة.

2: عبد المؤمن الأنصاري عند أبي نعيم في الحلية (1/ 315) وهي رواية منكرة.

3: مرسل عكرمة بن خالد عند أبي نعيم في الصلاة - فتح الباري لابن رجب (6/ 200) - وهي رواية شاذة.

الثالث: صلاته عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ثم حوله إلى يساره: رواه يزيد بن أبي زياد الكوفي عن كريب عند مسلم في التمييز (49) وهي رواية منكرة.

والمحفوظ عن كريب وغيره تحويله إلى يمينه والله أعلم.

ص: 185

‌صفة تحويل النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما

-

في الراويات السابقة النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يحوله أخذ برأسه وبذؤابته وبأذنه وبيده وبعضده وبعضها لم تتعرض بأي شيء أخذ:

الأول: الأخذ بالرأس جاء من رواية:

1: سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواية سعيد بن جبير صحيحة لكنَّها تخالف رواية الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه أخذ بيده.

2: داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن كريب وتقدم أنّ المحفوظ عن كريب عدم التعرض لذكر الإدارة هل هي باليد أو بالرأس وتوجه على الأخذ بالرأس بعد الإدارة والله أعلم.

3: محمد بن شريك عن عكرمة بن خالد مرسلًا وهو شاذ.

الثاني: الأخذ بالأذن جاء من رواية:

1: سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما والقول فيها كالقول في رواية داود بن عبد الرحمن.

2: طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي رواية منكرة السند.

الثالث: الأخذ باليد جاء من رواية:

1: الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

2: عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.

3: أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

4: الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم أنَّ المحفوظ من رواية كريب عدم التعرض للإدارة.

5: عبد الله بن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرسلًا.

ص: 186

6: ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي رواية ضعيفة.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ المحفوظ رواية الأخذ باليد لصحة سندها وكثرة رواتها والله أعلم.

أمَّا رواية العضد فجاءت في رواية الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما بالشك والمحفوظ الأخذ باليد والأخذ بالذؤابة رواية شاذة والله أعلم.

ص: 187

‌بأي اليدين أدار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما

ما تقدم من الروايات الصحيحة إمَّا لم تتعرض لذكر اليد أو ذكرت اليد من غير تعيين هل هي اليمنى أو اليسرى؟ وجاء ذكر التحويل بيده اليمنى في إحدى روايتي عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وهي رواية شاذة وفي رواية عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير وهي رواية منكرة.

فلم أقف على رواية صحيحة تعين تحويل النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما بأي اليدين والسنة استخدام اليمنى في الأشياء المستطابة واليسرى بضدها لكن إدارته باليسرى أيسر والله أعلم.

ص: 188

‌مقدار صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم

-

روي أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما لم يصل مع النبي صلى الله عليه وسلم وروي صلاته معه الوتر وصلاته معه كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

الأولى: رواية أنَّه لم يصل معه: جاء في رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ثم ركع وسجد ثم قام فقرأ فاتحة الكتاب و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم ركع وسجد، ثم قام فقرأ فاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ثم قنت فركع، وسجد فلما فرغ قعد حتى إذا ما طلع الفجر ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت، وصليت خلفه فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم ركع، وسجد ثم قام في الثانية فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} » رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) وإسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

ظاهر هذه الرواية أنَّه صلى معه راتبة الفجر فقط وهذا من اضطراب عطاء بن مسلم الخفاف بالحديث.

الثانية: رواية صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم الوتر فقط: جاء في رواية:

1: الأشعث بن سَوَّار، عن أبي هبيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم قام فصلى خمس ركعات وقمت فتوضأت وقمت عن يساره فأخذ بيدي من خلفه فأقامني عن يمينه قال: ففهمت من دعائه

» رواه البزار (4995) وإسناده ضعيف.

2: منصور بن المعتمر عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها، ثم قال: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» فقلت: لا. فقمت فتوضأت، ثم أقبلت فجئت إلى ركنه الأيسر، فأخذ بأصبعيه في أذني، فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده منكر.

الثالث: رواية صلاته كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم: جاء في رواية إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "ثم أتى المسجد، فقام فيه يصلي، وقمت إلى السقاء، فتوضأت، ثم جئت إلى المسجد فقمت عن يساره، فتناولني فأقامني عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة،

جاء بلال رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله، فسار إلى

ص: 189

المسجد، واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال رضي الله عنه في الإقامة" رواه أحمد (2567) وغيره وإسناده منكر.

فالحديث نص في صلاة ابن عباس رضي الله عنهما كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لكنَّه لا يصح إلا أنَّ معناه - في الجملة - صحيح فهو ظاهر الأحاديث الصحيحة ومنها:

1: رواية عبد ربه بن سعيد عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس: «فتوضأ، ثم قام يصلي، فقمت على يساره، فأخذني، فجعلني عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن، فخرج، فصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري (698) ومسلم (184)(763).

2: رواية سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فقام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

فابن عباس رضي الله عنهما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم حين شرع في التهجد فصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة على ما تقدم ترجيحه والله أعلم.

ص: 190

‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وقوله: شيخ قريش

1: «صليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرني، فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي: «مَا شَأْنِي أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟» ، فقلت: يا رسول الله، أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ قال: فأعجبته، فدعا الله لي أن يزيدني علمًا وفهمًا» رواه ابن أبي شيبة (12/ 111) وأحمد (3051) والحاكم (3/ 534) وهذه الرواية شاذة.

2: «صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) وإسناده ضعيف. وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

قوله: شيخ قريش:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ» رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (16) وإسناده ضعيف. وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

وتأتي دراسة ما تقدم في فضائل ابن عباس رضي الله عنهما

(1)

.

(1)

انظر: (931).

ص: 191

‌الفصل الرابع

روايات تهجد النبي صلى الله عليه وسلم

-

1: تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.

2: وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم.

3: الصلاة كانت في الشتاء.

4: افتتاح القيام بركعتين خفيفتين.

5: عدد ركعات قيام النبي صلى الله عليه وسلم.

6: السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم ومقدار الصلاة.

7: التسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السجدتين.

8: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور.

9: ملخص روايات دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور.

10: موضع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور.

11: سلام النبي صلى الله عليه وسلم من كل ركعتين.

12: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر غير راتبة الفجر.

ص: 193

‌تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيته

المكان الذي تهجد فيه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: مِقْسَم بن بُجْرة. 4: أبو نضرة المنذر بن مالك. 5: حبيب بن أبي ثابت. 6: علي بن عبد الله بن عباس. 7: مجاهد بن جبر. 8: طلحة بن نافع. 9: إسحاق بن عبد الله بن الحارث.

الرواية الأولى: رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: سلمة بن كهيل. 3: عمرو بن دينار. 4: شريك بن عبد الله بن أبي نمر.

أولًا: رواية مخرمة بن سليمان رواه عنه:

1: مالك: «ثم قام يصلي

ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: عبد ربه بن سعيد: «فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام فصلى، فقمت عن يساره،

، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ» رواه مسلم (184)(763).

3: عياض بن عبد الله الفهري: «فصلى عشر ركعات ثم أوتر ثم نام وكان إذا نام نفخ ثم أتاه بلال رضي الله عنه فأيقظه للصلاة فقام فركع ركعتين خفيفتين ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في المستخرج (1741) ورواته ثقات. وأصل الحديث في مسلم (183)(763).

4: سعيد بن أبي هلال: «صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام، فركع ركعتين، ثم صلى للناس» رواه أبو داود (1364) والنسائي (686) ورواته ثقات.

ثانيًا: رواية سلمة بن كهيل رواه عنه:

1: سفيان الثوري: «فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ،

ص: 194

وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

2: شعبة بن الحجاج: «ثم قام يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه،

ثم خرج إلى الصلاة فصلى» رواه مسلم (187)(763).

3: محمد بن إسحاق: «فأتاه بلال رضي الله عنه فآذنه للصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ» رواه محمد بن نصر في مختصر قيام الليل ص: (105) ورواته ثقات عدا ابن إسحاق فالخلاف فيه معروف.

4: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: «فجاء من المسجد فأتى ناحية الدار

ثم قام فأتى ناحية الدار، ثم أتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين لم يكثر إهراقة الماء وقد أسبغ الوضوء، ثم أتى المسجد. قال: فصنعت كما صنع» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

في هذه الرواية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى تهجده في المسجد وهي زيادة منكرة تخالف رواية الحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما ممن رووه عن سلمة بن كهيل التي ظاهرها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته.

ثالثًا: رواية عمرو بن دينار: «فصلى، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (138) ومسلم (186)(763).

رابعًا: رواية شريك بن عبد الله رواه عنه:

1: محمد بن جعفر: «صلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى للناس الصبح» رواه البخاري (4569).

2: سليمان بن بلال: «ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال رضي الله عنه، فآذنه بالصبح، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصبح» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

ص: 195

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه:

1: الحكم بن عتيبة: «ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (117).

2: عكرمة بن خالد المخزومي: «ثم جاءه بلال، فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى» رواه أحمد (3480)(3492) وابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665) وإسناده ضعيف وهذه رواية منكرة.

الرواية الثالثة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم خرج إلى الصلاة» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات.

الرواية الرابعة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم صلى ركعتين، ووضع جنبه حتى سمعت ضفيزه، ثم أقيمت الصلاة فانطلق فصلى» رواه ابن أبي شيبة (1/ 133) وابن خزيمة (1103)(1121) والطبراني في الكبير (12/ 166) والبزار (5320) ورواته ثقات.

الرواية الخامسة: رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم دخل مسجده» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة وقد اضطرب في إسناده ومتنه حبيب بن أبي ثابت.

الرواية السادسة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه:

«فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهذه رواية منكرة.

ص: 196

الرواية السابعة: رواية مجاهد بن جبر:

«ثم صلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى صلاة الفجر» رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة.

الرواية الثامنة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فأوتر بركعة، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة.

الرواية التاسعة: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم أتى المسجد، فقام فيه يصلي، وقمت إلى السقاء، فتوضأت، ثم جئت إلى المسجد فقمت عن يساره، فتناولني فأقامني عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم قعد، وقعدت إلى جنبه،

جاء بلال، رضي الله عنه فقال: الصلاة يا رسول الله، فسار إلى المسجد، واتبعته، فقام يصلي ركعتي الفجر، وأخذ بلال رضي الله عنه في الإقامة» عند أحمد (2567) وأبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

الترجيح: الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية كريب وسعيد بن جبير ومِقْسَم بن بُجْرة وأبي نضرة المنذر بن مالك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة فظاهر هذه الروايات أنَّه صلى التهجد وراتبة الفجر في بيته ثم خرج فصلى بالناس صلاة الصبح وجاء في روايتي ابن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن كريب وإسحاق بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه صلى في المسجد وهما روايتان منكرتان وكذلك جاء في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي رواية مضطربة سندًا ومتنًا ويمكن حمل المسجد فيها على مكان السجود في بيته ففي حديث عائشة رضي الله عنها فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»

(1)

.

فالمحفوظ في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تهجد في بيته.

(1)

رواه مسلم (486).

ص: 197

‌وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم

-

لم يُذكَر وقتُ قيام النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الروايات المحفوظة عن ابن عباس رضي الله عنهما فلم أقف على وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية:

1: كريب. 2: أبي نضرة المنذر بن مالك. 3: طلحة بن نافع الإسكاف.

الرواية الأولى: كريب التي فيها وقت القيام رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان ورواه عنه:

1): مالك: «حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري (183)، (1198) ومسلم (182)(763).

2): عياض بن عبد الله الفهري: «فنام حتى إذا كان شطر الليل قام فنظر إلى السماء» روه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ومسلم - مختصرًا - (183)(763). ورواته ثقات.

في هذه الرواية الجزم بأنَّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بعد نصف الليل

3): سعيد بن أبي هلال: بلفظ «حتى إذا ذهب ثلث الليل - أو نصفه - استيقظ» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399).

وفي هذه الرواية قيام النبي صلى الله عليه وسلم في أول الثلث الثاني من الليل أو نصفه.

2: محمد بن جعفر بن أبي كثير عن شريك بن عبد الله: «فلما كان ثلث الليل الآخر، أو بعضه» رواه البخاري (4569)(7452).

في هذه الرواية وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم أول الثلث الأخير من الليل أو بعد ذلك وهذا يخالف رواية مالك السابقة.

3: محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد، عن كريب:«فنام هويًا من الليل» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105).

الهوي: الحين الطويل من الزمان وخصه البعض بالليل. ومضى هوي من

ص: 198

الليل، أي هزيع منه

(1)

.

ورواه - وتقدم في الرواية الأولى - عن سلمة بن كهيل سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وسعيد بن مسروق وعُقِيل بن خالد. ولم يشيروا إلى وقت القيام فالذي يظهر لي أنَّ هذه اللفظة شاذة إضافة لذلك هل هي من رواية سلمة بن كهيل أو من رواية محمد بن الوليد عن كريب؟. ومحمد بن الوليد بن نويفع مجهول لم يرو عنه غير ابن إسحاق وذكره ابن حبان في ثقاته.

الرواية الثانية: رواية أبي نضرة: مدار الحديث على سعيد بن يزيد بن مسلمة ورواه:

1: ابن خزيمة (1103) والطبراني في الكبير (12/ 166) بإسناديهما عن بشر بن المفضل: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر طويل» .

وبشر بن المفضل قال عنه أحمد بن حنبل: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.

2: ابن أبي شيبة (1/ 133) والبزار (5320) بلفظ «من الليل» .

وتحمل الروايات على رواية نصف الليل والله أعلم.

الرواية الثالثة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف: «فنام غير كبير أو غير كثير ثم قام صلى الله عليه وسلم» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وهذه الرواية منكرة السند وفي متنها نكارة.

الترجيح: الذي يظهر لي أنَّ وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم نصف الليل لرواية مالك ولم يجزم به تحديدًا وشك في رواية سعيد بن أبي هلال وجزم به عياض بن عبد الله في روايته عن مخرمة بن سليمان والله أعلم.

(1)

انظر: المجموع المغيث (3/ 518) والنهاية في غريب الحديث (5/ 285) ولسان العرب (15/ 372) ومجمع بحار الأنوار (5/ 181).

ص: 199

‌الصلاة كانت في الشتاء

جاء ذلك في رواية:

1: شريك بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء» عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم وذكر الركعتين شاذ.

ولم أقف على نص صريح أنَّ هذا كان في الشتاء إلا من هذه الرواية وما يأتي يفهم منه ذلك لكنَّه ليس صريحًا.

2: سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«فتناول ملحفة على ميمونة رضي الله عنها قال فارتدى ببعضها وعليها بعض ثم قام فصلى» عند النسائي في الكبرى (406) وغيره ورواته ثقات.

3: سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد عن كريب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«ثم أخذ بردًا له حضرميًا فتوشحه، ثم دخل البيت فقام يصلي» عند محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (105) - ورواته ثقات لكن إسناده شاذ والله أعلم.

ص: 200

‌افتتاح القيام بركعتين خفيفتين

جاء في رواية سعيد بن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنَّه يمس أذني كأنَّه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة، ثم سلم» رواه أبو داود (1364) والنسائي (686).

سعيد بن أبي هلال قال عنه أبو حاتم لا بأس به وقال ابن سعد كان ثقة إن شاء الله وقال الساجي صدوق كان أحمد يقول ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث وقال العجلي بصري ثقة ووثقه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهم. فهو ثقة يخطئ أحيانًا وزاد «فصلى ركعتين خفيفتين» ورواه من غير هذه الزيادة عن مخرمة بن سليمان الثقات مالك وعياض بن عبد الله وعبد ربه بن سعيد وكذلك رواه الثقات سلمة بن كهيل وشريك بن عبد الله وعمرو بن دينار الأثرم رووه عن كريب من غير هذه الزيادة وكذلك الثقات الذين رووه عن ابن عباس رضي الله عنهما لم أقف في رواياتهم على افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين فهذه الزيادة شاذة والله أعلم.

ص: 201

‌عدد ركعات قيام النبي صلى الله عليه وسلم

-

عدد ركعات قيام النبي صلى الله عليه وسلم رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: عكرمة بن خالد. 3: حبيب بن أبي ثابت. 4: سعيد بن جبير. 5: مِقْسَم بن بُجْرة. 6: علي بن عبد الله. 7: أبو المتوكل علي بن داود. 8: المنذر بن مالك. 9: مجاهد. 10: طلحة بن نافع. 11: إسحاق بن عبد الله بن الحارث. 12: أبو جمرة الضبعي.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: سلمة بن كهيل. 2: شريك بن عبد الله. 3: مخرمة بن سليمان.

1: رواية سلمة بن كهيل عن كريب رواه عنه:

1): سفيان الثوري: «فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

تنبيه: قوله: «منها ركعتا الفجر» ليس في رواية مسلم وغيره لكن يفهم ذلك من السياق.

2): شعبة بن الحجاج: «فتكاملت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ وكنا نعرفه إذا نام بنفخه، ثم خرج إلى الصلاة فصلى» رواه مسلم (187)(763).

وهذه الرواية محمولة على رواية سفيان الثوري فثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر والله أعلم.

3): سعيد بن مسروق: «فرأيته قام من الليل قومة فصلى إمَّا إحدى عشرة ركعة وإمَّا ثلاث عشرة ركعة» رواه بن أبي شيبة (2/ 491) إسناده صحيح.

ورواه مسلم (188)(763) وأحال على رواية شعبة السابقة.

والمحفوظ رواية ابنه سفيان إحدى عشرة ركعة من غير ركعتي الفجر ويمكن حمل الشك على اعتبار راتبة الفجر من عدمها والله أعلم.

ص: 202

4): محمد بن إسحاق: «ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة من الليل، وركعتين بعد طلوع الفجر قبل الصبح» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ورواته ثقات عدا ابن إسحاق فصدوق.

وهي رواية شاذة والمحفوظ من رواية سلمة بن كهيل عن كريب ثلاث عشرة ركعة مع ركعتي الفجر.

5): محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: «صلى ثمان ركعات وأوتر بثلاث، ثم صلى ركعتين» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

ابن أبي ليلى ضعيف من قبل حفظه لكنَّه وافق الجماعة في عدد الركعات فروايته محفوظة.

2: رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب رواه عنه:

1): محمد بن جعفر: «فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال رضي الله عنه، فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الصبح» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (4569).

2): سليمان بن بلال: «فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال رضي الله عنه، فآذنه بالصبح، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

وشريك بن عبد الله صدوق يخطاء لكنَّه وافق الجماعة فروايته محفوظة والله أعلم.

3: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1): عبد ربه بن سعيد: «فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة، ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى» رواه مسلم (184)(763).

فالثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر والله أعلم.

2): عياض بن عبد الله الفهري: «فصلى عشر ركعات ثم أوتر ثم نام» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

ص: 203

ورواه مسلم (183)(763) وقال الحديث نحو حديث مالك.

وقوله: «ثم أوتر» أي بواحدة والله أعلم.

3): الضحاك بن عثمان: «فصلى إحدى عشرة ركعة» رواه مسلم (185)(763).

4): سعيد بن أبي هلال: «فصلى ركعتين خفيفتين، قلت: فقرأ فيهما بأمِّ القرآن في كل ركعة؟ ثم سلم، ثم صلى، حتى صلى إحدى عشرة ركعةً بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول اللَّه، فقام فركع ركعتين» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) وفي المجتبى (686) ورواته ثقات.

5): مالك: «فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

في رواية مالك ذكر ثنتي عشرة ركعة من غير الوتر فيحمل قوله في أول الحديث: «فصلى ركعتين ثم ركعتين» على الأربع التي قبل النوم المذكور في رواية شعبة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير «ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام» فتكون صلاته آخر الليل ثمان وأوتر بثلاث والله أعلم.

فتوجيه رواية مالك صلى أربع ركعات بعد العشاء ثم صلى بعد استيقاظه ثمان ركعات ركعتين ركعتين ثم أوتر بثلاث ثم صلى راتبة الفجر لتوافق ما تقدم من روايات عن مخرمة بن سليمان وسلمة بن كهيل وشريك بن عبد الله عن كريب والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: عبد الله بن طاوس رواه عنه:

1): معمر: «ثم صلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر» رواه عبد الرزاق (4706) مرسل رواته ثقات.

2): وُهَيْب بن خالد: «فصلى ثلاث عشرة ركعة قيامهن فيهن سواء» رواه أحمد (2276) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) وأبو يعلى (2465) وعنه وابن

ص: 204

حبان (2627) مرسل رواته ثقات.

تحمل الثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر كالرواية السابقة واللاحقة.

2: مِسْعِر بن كِدَام: «ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بثلاث ثم اضطجع» رواه الطبراني في الأوسط (1322) مرسل إسناده حسن.

الرواية الثالثة: رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«صلى ثمان ركعات، ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم قنت ودعا» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4502) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

الرواية الرابعة: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: الحكم بن عتيبة. 2: يحيى بن عباد. 3: حبيب بن أبي ثابت. 4: عكرمة بن خالد المخزومي.

1: رواية الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير رواه:

1): شعبة بن الحجاج: «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، ثم قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ؟» أو كلمة تشبهها، ثم قام، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، ثم نام، حتى سمعت غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (117).

قوله: «ثم صلى ركعتين، ثم نام» قال ابن رجب في الفتح (9/ 126) الظاهر أنَّ الركعتين بعد الخمس هما ركعتا الفجر.

قوله: «فصلى خمس ركعات» فيه إشكال من وجهين:

الأول: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل خمس ركعات وأجاب عن ذلك ابن حجر في الفتح (2/ 484) فقال: رواية الحكم وقع فيها تقصير فعند النسائي من طريق يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثمان ركعات ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن فبهذا يجمع بين رواية سعيد ورواية كريب.

ص: 205

قال أبو عبد الرحمن: يأتي الاختلاف على يحيى بن عباد ففي رواية الأشعث بن سوار عنه كرواية شعبة وهي المحفوظة والله أعلم.

وعلى توجيه الحافظ ابن حجر عدد الركعات ثلاث عشرة ركعة فيأتي إشكال آخر وهو إن حملناه على حديث شعبة عن الحكم عن سعيد بن جبير أنَّه صلى أربعًا قبل النوم فتكون صلاة التهجد تسعًا والمحفوظ أنَّها إحدى عشرة ركعة وإن قلنا ثلاث عشرة ركعة براتبة الفجر فظاهر الحديث خلاف ذلك وعلى كلٍ لا بد من تأويل الحديث ليوافق بقية الروايات.

الثاني: في هذه الرواية الوتر كان خمسًا وتعارض ما تقدم من الوتر بثلاث ويأتي (ص: 236) الكلام على هذه المسألة إن شاء الله.

2): محمد بن قيس: «قام فتوضأ، ثم صلى سبعًا - أو خمسًا - أوتر بهن، لم يسلم إلا في آخرهن» .

رواه أبو داود (1356) ورواته ثقات.

في هذه الرواية الشك في عدد ركعات الوتر والمحفوظ من رواية سعيد بن جبير الوتر بخمس.

2: يحيى بن عباد رواه عنه:

1): عبد المجيد بن سهيل: «فقام فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس ولم يجلس بينهن» رواه أبو داود (1357) والنسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (313) ورواته ثقات.

2): أشعث بن سوَّار: «ثم قام فصلى خمس ركعات وقمت فتوضأت وقمت عن يساره فأخذ بيدي من خلفه فأقامني عن يمينه قال: ففهمت من دعائه

» رواه البزار (4995) وإسناده ضعيف.

وهذه الرواية وإن كانت أضعف سندًا من رواية عبد المجيد بن سهيل عن يحيى بن عباد إلا أنَّها توافق رواية شعبة في الوتر بخمس فهي أرجح والله أعلم لا سيما أنَّ رواية عبد المجيد بن سهيل من طريق عبد العزيز الداروردي وهو إذا

ص: 206

حدث من حفظه أخطأ والله أعلم.

3: حبيب بن أبي ثابت: «حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث، ثم صلى ركعتي الفجر» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وإسناده ضعيف.

فهذه الرواية منكرة السند والمتن فخالف حبيب بن أبي ثابت الحفاظ الذين رووه عن سعيد بن جبير في عدم تخلل النوم الصلاة وفي عدد ركعات الوتر.

4: عكرمة بن خالد المخزومي: «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى أنَّ عليه ليلًا ركعتين فلما ظن أنَّ الفجر قد دنا قام فصلى ست ركعات أوتر بالسابعة [وفي رواية أحمد (3492) حتى إذا أضاء له الصبح قام فصلى الوتر تسع ركعات يسلم في كل ركعتين حتى إذا فرغ من وتره] [وفي رواية ابن خزيمة وابن المنذر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من الليل مثنى ركعتين ركعتين، فلما طلع الفجر الأول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى تسع ركعات يسلم في كل ركعتين وأوتر بواحده وهي التاسعة] حتى إذا أضاء الفجر قام فصلى ركعتين ثم وضع جنبه فنام حتى سمعت فخيخه ثم جاءه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة فخرج فصلى وما مس ماءً» رواه أحمد (3480)(3492) وابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665) وإسناده ضعيف.

هذه الرواية منكرة المتن فالمحفوظ من رواية سعيد بن جبير الوتر بخمس. ومنكرة السند فهي من طريق عباد بن منصور وضعفه شديد وقد اضطرب في متنه وخالف في إسناده والمحفوظ ما تقدم من رواية عبد الله بن طاوس ومِسْعِر بن كِدَام ومحمد بن شريك عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرسلة.

فعدد ركعات الصلاة من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما مشكلة وقد استشكلها أهل العلم.

فتقدم رأي الحافظ ابن حجر أنَّ رواية شعبة عن الحكم وقع فيها تقصير فلم يذكر الثمان ركعات قبل الوتر بخمس وتقدم الجواب عليه.

وقال ابن رجب في فتح الباري (9/ 124) رده الأثرم بمخالفته الروايات الكثيرة الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أوتر تلك الليلة بركعة بعد أن صلى قبلها

ص: 207

ركعتين، ثم ركعتين ستًا أو خمسًا. وقال العيني في شرح سنن أبي داود (5/ 262)«ثم أوتر بخمس ولم يجلس بينهن» يخالفه عامة ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، فما روته العامة منه ومن غيره خلاف ذلك، أولى مما رواه سعيد ابن جبير وحده.

فالذي يظهر أنَّ عدد الصلاة ليس محفوظًا من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

الرواية الخامسة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«بعدما صلى العشاء الآخرة ثم صلى بعدها أربعًا ثم قام الليل فجئت فقمت عن يساره فاجتذبني فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين فنام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات. لكنَّ ليس محفوظًا من رواية مقسم إنَّما عن سعيد بن جبير.

الرواية السادسة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه عنه:

1: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه: «ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث» رواه مسلم (191)(763).

ففي هذه الرواية الصلاة ست ركعات وتخللها نوم والوتر بثلاث فمجموع الصلاة تسع ركعات.

وحبيب بن أبي ثابت الكوفي اختلف عليه في رواياته في أسانيدها فما تقدم من رواياته:

1: حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما.

2: حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

3: حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

4: حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

قال ابن رجب في الفتح (5/ 321) روايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛

ص: 208

فإنَّ حبيب بن أبي ثابت إنَّما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه. فالظاهر أنَّ ابن رجب يرجح رواية حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه والله أعلم.

وكذلك اختلف عليه في متنه وحبيب ثقة لكنَّه يخطئ أحيانًا ويدلس قال ابن حبان وابن خزيمة كان مدلسًا وقال القطان والعقيلي له غير حديث عن عطاء لا يتابع عليه وليست بمحفوظة وقال ابن عدي حدث عنه الأئمة وهو ثقة حجة كما قال ابن معين.

وقد أعل الحفاظ حديثه بالاضطراب في السند والمتن فبوب النسائي في الصغرى (3/ 236): ذكر الاختلاف على حبيب بن أبي ثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوتر.

وقال الدارقطني في الإلزامات والتتبع ص: (324) أخرج [مسلم] أيضًا حديث حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه وفيه على حبيب سبعة أقاويل.

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (3/ 122) حديث واصل الذي خالف الجمهور وقد اختلف عليه فيه عن حبيب بن أبي ثابت واضطرب فيه كثيرًا، فعنه فيه - فيما ذكر الدارقطني - سبعة أقاويل، وقد غمزه بذلك، وهو مما استدركه على مسلم لاضطراب قوله واختلاف روايته.

وقال النووي في شرح مسلم (6/ 75) هذه الرواية فيها مخالفة لباقي الروايات في تخليل النوم بين الركعات وفي عدد الركعات فإنَّه لم يذكر في باقي الروايات تخلل النوم وذكر الركعات ثلاث عشرة

ولا يقدح هذا في مسلم فإنَّه لم يذكر هذه الرواية متأصلة مستقلة إنما ذكرها متابعة والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول.

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 484) رواية علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند مسلم ما يخالفهم

فزاد على الرواة تكرار الوضوء وما معه ونقص عنهم ركعتين أو أربعًا ولم يذكر ركعتي الفجر أيضًا وأظن ذلك من الراوي عنه حبيب بن أبي

ص: 209

ثابت فإنَّ فيه مقالًا وقد اختلف عليه فيه في إسناده ومتنه.

قال أبو عبد الرحمن: لم ينفرد به حبيب بن أبي ثابت فتابعه المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه.

وكذلك لم يتفرد به علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه فتابعه أبو المتوكل في روايته الآتية.

وعلي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسجاد ثقة قليل الحديث وغلبت عليه العبادة فالذي يغلب على الظن أنَّ المخالفة في بعض ألفاظ الحديث منه والله أعلم.

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس:«حتى صلى ست ركعات وأوتر بثلاث» رواه أبو يعلى (2545) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) ورواته ثقات.

وتخلل النوم أثناء القيام شاذ والمحفوظ النوم بعد الفراغ من راتبة الفجر.

3: منصور بن المعتمر: «فاستن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام أيضًا حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم دعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها، ثم قال: «أَنَامَ الْغُلَامُ؟» فقلت: لا. فقمت فتوضأت، ثم أقبلت فجئت إلى ركنه الأيسر، فأخذ بأصبعيه في أذني، فأدارني حتى أقامني إلى ركنه الأيمن، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف.

في هذه الرواية الصلاة ست ركعات والوتر وهي رواية منكرة السند والمتن.

4: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس: «فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم، وصلى ثلاثًا أوتر بهن بعد الاثنتين، وقام في الواحدة الأولى، فلما ركع الركعة الآخرة، فاعتدل قائمًا من ركوعه قنت» رواه تمام (1318) إسناده ضعيف والحديث منكر السند والمتن.

ص: 210

والمحفوظ من رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه ست ركعات والوتر بثلاث والله أعلم.

الرواية السابعة: رواية أبي المتوكل علي بن داود عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى ثم اضطجع ثم قام، فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك فتوضأ، ثم قام فصلى» رواه مسلم (48)(256). وهذه الرواية مختصرة.

ورواية علي بن عبد الله بن عباس وأبي المتوكل عن ابن عباس رضي الله عنهما فيهما نكارة من وجهين:

الأول: تخلل النوم أثناء الصلاة.

الثاني: عدد الركعات.

فهما روايتان شاذتان لمخالفتها رواية الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما في عدد الركعات فهم أحفظ وأجل قدرًا وأكثر عددًا.

الرواية الثامنة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فأوتر بتسع أو سبع» رواه ابن خزيمة (1103) والطبراني في الكبير (12/ 166) والبزار (5320) ورواته ثقات لكنَّها رواية شاذة.

الرواية التاسعة: رواية مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم صلى أربعًا، ثم أوتر، ثم صلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى صلاة الفجر» رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (874) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

الرواية العاشرة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فجعل يسلم من كل ركعتين،

فلما انفجر الفجر، قام فأوتر بركعة» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند والمتن ولم تبين عدد الصلاة.

ص: 211

الرواية الحادية عشرة: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فأقامني عن يمينه، فصلى وصليت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم قعد

فقام يصلي ركعتي الفجر» رواه أحمد (2567) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

الرواية الثانية عشرة: رواية أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي:

قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» رواه البخاري (1138) ومسلم (194)(764). والحديث ليس نصًا في صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم فلذا أخرته وتحمل الثلاث عشرة ركعة على التهجد وركعتي الفجر والله أعلم.

الترجيح: المحفوظ قيام النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة ركعة رواه سلمة بن كهيل وشريك بن عبد الله بن أبي نمر ومخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي مرسل عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد اضطرب حبيب في الحديث سندًا ومتنًا لكنَّ لم يختلف عليه في عدد الركعات.

وما يخالف روايات إحدى عشرة ركعة إمَّا ضعيف أو صحيح - كرواية أبي جمرة الضبعي - فيوجه الحديث ليوافق روايات إحدى عشرة ركعة والله أعلم.

ص: 212

‌السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم ومقدار الصلاة

‌قراءة البقرة وآل عمران:

في رواية: كامل أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ثم افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها، ثم ركع،

، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية آل عمران حتى ختمها، ثم ركع وسجد،

ثم اضطجع، ثم قام فزعًا ففعل مثلما فعل في الأوليين فقرأ حرفًا حرفًا حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث

» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وأبو محمد جعفر الخُلْدِي الخوَّص - مجموع فيه ثلاثة أجزاء حديثية (127) - وهو حديث ضعيف مضطرب السند

(1)

فلا يصح تعيين السور ولا قوله فزعًا.

‌كل ركعة مقدار خمسين آية:

جاء في رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما «فصلى أربع ركعات، فقرأ في كل ركعة مقدار خمسين آية يطيل فيها الركوع والسجود،

فدخل مسجده فصلى أربع ركعات على قدر ذلك» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) وهذه الرواية منكرة

‌ركعتان ليستا بقصيرتين ولا بطويلتين:

في رواية المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما قال:«فصلى ركعتين ليستا بقصيرتين ولا بطويلتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه ففعل كما فعل في المرة الأولى، ثم استن بسواكه وتوضأ، ثم دخل مصلاه فصلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا قصيرتين، ثم عاد إلى فراشه فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه ففعل كما فعل، فصلى» رواه أبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (553) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات.

لكن صفة الركعتين شاذة.

(1)

انظر: التسبيح في الركوع والسجود.

ص: 213

‌تقدير القيام بقدر: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} وبكونه متساويًا:

تقدير القيام بالمزمل وبكونه متساويًا جاء في رواية من مرسل عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما فرواه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: عبد الله بن طاوس. 2: مِسْعَر بن كدام. 3: محمد بن شريك.

1: عبد الله بن طاوس رواه عنه:

1): معمر، عن عبد الله بن طاوس:«حزرت قدر قيامه في كل ركعة قدر: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}» رواه عبد الرزاق (4706) مرسل رواته ثقات.

2): وُهَيْب بن خالد عن عبد الله بن طاوس: «فصلى ثلاث عشرة ركعة، قيامه فيهن سواء» رواه أحمد (2276) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) وأبو يعلى (2465) وابن حبان (2627) مرسل رواته ثقات.

2: مِسْعَر بن كدام: «ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بثلاث، ثم اضطجع» رواه الطبراني في الأوسط (1322) مرسل إسناده حسن.

3: محمد بن شريك: «بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي بيت ميمونة رضي الله عنها فلما قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي قمت خلفه، فأهوى بيده فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه إلى جنبه» رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة - فتح الباري لابن رجب (6/ 200) - مرسل رواته ثقات.

فاختلف على عبد الله بن طاوس في لفظه ففي رواية معمر قدَّر قيامَه في كل ركعة بقدر (قراءة المزمل) وفي رواية وُهَيْب بن خالد أخبر أنَّ قيامه في الصلاة سواء ولم تتعرض رواية مِسْعَر بن كدام لقدر القراءة ولم تتعرض رواية محمد بن شريك لعدد الركعات.

ولم أقف على تقدير القيام في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما بقدر سورة المزمل إلا في رواية معمر، عن عبد الله بن طاوس، عن عكرمة بن خالد وهي مع إرسالها شاذة لمخالفتها رواية الثقات عن عكرمة بن خالد وبقية الرواة عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 214

وكذلك رواية وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاوس بكون القيام في الصلاة متساويًا شاذة لما تقدم والله أعلم.

‌كل ركعة دون التي قبلها:

جاء من رواية داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم» رواه تمام (1318) وهي رواية منكرة.

ص: 215

‌تناسب أركان الصلاة

جاء في رواية:

1: حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنهما: «أنَّه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات

»

رواه أحمد (3531) ومسلم (191)(763)، وأبو داود (1353) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) وهي رواية مضطربة السند والمتن اضطرب فيها حبيب بن أبي ثابت وقد أعلها الحفاظ النسائي والدارقطني والقاضي عياض والنووي والحافظ ابن حجر.

2: إبراهيم بن أبي داود عن يحيى بن صالح الوحاظي عن سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد، حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرار، فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) وهي رواية شاذة.

والخطأ يحتمل من إبراهيم بن أبي داود أو من شريك وهي تخالف رواية محمد بن جعفر عن شريك عند البخاري (4569) ومسلم (190)(763) وكذلك رواية بقية الثقات عن كريب وعن ابن عباس رضي الله عنهما من غير ذكر صفة القيام والله أعلم.

3: جاء من رواية داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«فقام حتى قلت: لن يركع، ثم ركع، فقلت: لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه ثم سجد، فقلت: لن يرفع رأسه، ثم جلس، فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم، ثم قام فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها» رواه تمام (1318) وهي رواية منكرة.

ص: 216

‌التسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السجدتين

جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما من حديث كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت واختلف عليه في سنده ومتنه فرواه:

1: كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«ثم افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها، ثم ركع، فقال: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، ثم سجد، فقال:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، ثم رفع رأسه، فقال بين السجدتين:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي» ، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية آل عمران حتى ختمها، ثم ركع وسجد، ثم فعل كما فعل في الأولى، ثم اضطجع، ثم قام فزعًا ففعل مثلما فعل في الأوليين فقرأ حرفًا حرفًا حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث

» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وهو حديث منكر.

2: أبو محمد جعفر الخُلْدِي الخوَّص - مجموع فيه ثلاثة أجزاء حديثية (127) - أخبرنا القاسم: حدثنا مُخَول: حدثنا كامل أبو العلاء، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعم أنَّه قام يتطوع، فقام فاستن ثم خرج إلى صحن الدار فقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ} [آل عمران: 190] حتى ختم السورة، ثم دخل فصلى فافتتح البقرة فقرأها حرفًا حرفًا، ثم ركع، فكان يقول في ركوعه: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، ثم رفع رأسه فحمد الله عز وجل بما شاء الله أن يحمده، ثم سجد، فكان يقول في سجوده:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ما شاء الله أن يقول، ثم رفع رأسه فقال بين السجدتين:«ربِّ اغفِر لي وارحمْني واجبُرني وارفعْني وارزُقْني واهدِني» ثم سجد الثانية، فقال:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ثم رفع رأسه فقام فقرأَ آل عمران حرفًا حرفًا حتى ختمها، ثم ركع فقال فيها كما قال في الأولى حتى أتمَّ الركعتين. ثم وضع جنبه فنام، وقام فزعًا فاستَنَّ، ثم خرج إلى صحن الدار فقرأَ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخرِ السورة، ثم ركع ركعتين مثل الأُوليين حتى أتمَّ ثماني ركعات، ينام بين كلِّ ركعتين ويستَنُّ

ص: 217

ويقرأ آخر آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخرها ثم أَوتر بثلاث فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قام فركع ركعتي الفجر وكان يقول:«اللهمَّ اجعَلْ في قَلبي نورًا، وفي سَمعي نورًا، واجعَلْ في بَصري نورًا، ومِن بينِ يديَّ نورًا، وأَعظِمْ لي نورًا، ومِن فَوقي نورًا، ومِن تَحتي نورًا، وعن يَميني نورًا، وعن شِمالي نورًا، وأَعظِمْ لي نورًا» ثم جاء بلال رضي الله عنه فدعاه إلى الصلاة» إسناده ضعيف.

القاسم بن محمد بن حماد الدلال ضعيف ضعفه الدارقطني والحاكم والذهبي وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه الخليلي. إضافة إلى اضطراب كامل أبي العلاء.

3: إسماعيل بن صبيح عن كامل أبي العلاء حدثني حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي» رواه أبو داود (850) والترمذي (284) وابن ماجه (898) والحاكم (1/ 271) إسناده ضعيف.

4: أحمد (2890) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين السجدتين في صلاة الليل «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي» ثم سجد» إسناده ضعيف.

5: أحمد (3504) حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا كامل، عن حبيب عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«بت عند خالتي ميمونة رضي الله عنها، قال: فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فذكر الحديث، قال: ثم ركع، قال: فرأيته قال في ركوعه: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ثم رفع رأسه، فحمد الله ما شاء أن يحمده، قال: ثم سجد، قال: فكان يقول في سجوده: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» قال: ثم رفع رأسه، قال: فكان يقول فيما بين السجدتين: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي» إسناده ضعيف.

6: قال الترمذي (2/ 77) روى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلًا.

كامل بن العلاء مختلف فيه، وثقه ابن معين، وضعفه آخرون، وقال ابن حبان:

ص: 218

كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من حيث لا يدري، فلما فحش ذلك من أفعاله بطل الاحتجاج بأخباره

ففي الحديث علتان:

الأولى: مداره على كامل بن العلاء وهو ضعيف واضطرب في إسناده فتارة يجعله عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير وتارة يجعله عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما وثالثة يشك هل هو من رواية حبيب عن سعيد أو عن ابن عباس رضي الله عنهما.؟ وتارة يرويه مرسلًا.

واختلف عليه في لفظه فروايتا أحمد وأبي داود والترمذي ليس فيها ذكر القراءة.

الثانية: حبيب بن أبي ثابت اضطرب في سنده ومتنه وتقدم.

قال ابن رجب في الفتح (7/ 275) في إسناده كامل بن العلاء؛ وثقه ابن معين وغيره، وقال النسائي: ليس بالقوي، وتكلم فيه غير واحد. وقد اختلف عليه في وصله وإرساله. ونحوه لابن التركماني في الجوهر النقي (2/ 122). وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 216) حديث غريب أخرجه أبو داود

والترمذي.

فالتسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السجدتين لم أقف عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما إلا في بعض روايات كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت وهي رواية منكرة والله أعلم.

ص: 219

‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور

سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل النور رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: حبيب بن أبي ثابت. 4: علي بن عبد الله بن عباس. 5: عمر بن أبي حفص.

الرواية الأولى: رواية سلمة بن كهيل عن كريب رواه عنه:

1: سفيان الثوري: وكان يقول في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» . قال كريب: وسبع في التابوت، فلقيت رجلًا من ولد العباس رضي الله عنه فحدثني بهن فذكر:«عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ» رواه عبد الرزاق (3862) وأحمد (3184) والبخاري (6316) ومسلم (181)(763).

تنبيهات:

الأول: في رواية عبد الرزاق وأحمد ومسلم «وعَظِّم لِي نُورًا» بدل «وَاجْعَلْ لِي نُورًا» .

الثاني: في رواية عبد الرزاق وزادني يحيى في هذا الحديث، عن الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» قال كريب: وست عندي في التابوت: «وَعَصَبِي، وَمُخِّي، وَدَمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي، وَعِظَامِي» .

الثالث: في هذه الرواية الكلمات سبع عشرة كلمة وهذا يخالف رواية عقيل بن خالد - الآتية - ففيها تسع عشرة كلمة.

2: شعبة: «وكان يقول في سجوده أو قال في صلاته شك شعبة: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي

ص: 220

سَمْعِي نُورًا، وَفِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَعِنْ أَمَامِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَاجْعَلْنِي نُورًا» أو:«اجْعَلْ لِي نُورًا» شك شعبة. رواه أبو داود الطيالسي (2706) وأحمد (2563) ومسلم (187)(763) والطبراني في الكبير (11/ 420).

تنبيه: في رواية الطبراني «وَاجْعَلْ لِي نُورًا» من غير شك وكذلك في رواية الثوري عن سلمة بن كهيل من غير شك.

3: رواية سعيد بن مسروق: وكان يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه ابن أبي شيبة (10/ 221) ومسلم (188)(763) والنسائي (1121).

4: عُقِيل بن خالد: «ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذٍ تسع عشرة كلمة. قال سلمة حدثنيها كريب فحفظت منها ثنتي عشرة ونسيت ما بقى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَمِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي نَفْسِى نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه مسلم (189)(763).

5: محمد بن إسحاق: «ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءً فقال لي سلمة: قد ذكر لي كريب دعاءه فلم أحفظ منه إلا ثنتي عشرة كلمة قوله: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) رواته ثقات عدا ابن إسحاق فهو صدوق.

في رواية عقيل بن خالد ومحمد بن إسحاق الذي نسي سلمة بن كهيل وظاهر رواية الثوري أنَّ الذي نسي كريب.

ص: 221

6: رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ثم قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي، وَنُورًا فِي بَصَرِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَنُورًا مِنْ خَلْفِي، وَنُورًا عَنْ يَمِينِي، وَنُورًا عَنْ شِمَالِي، وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، وَنُورًا مِنْ فَوْقِي، اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

الرواية الثانية: رواية سعيد بن جبير رواه عنه:

1: يحيى بن عباد: وكان في آخر كلامه أن قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي سَمْعِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي بَصَرِي، وَاجْعَلْ لِي نُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا، بَيْنَ يَدَيَّ وَنُورًا، مِنْ خَلْفِي وَزِدْنِي نُورًا» رواه النسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (313) ورواته ثقات.

تنبيه: في رواية الطبراني وابن نصر زيادة: «وَزِدْنِي نُورًا ثلاثًا» .

2: أبو هاشم يحيى بن دينار الرماني: قال في صلاته: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه الطبراني في الكبير (12/ 60) وابن الأعرابي في معجمه (403) وأحمد (3291) وإسناده حسن.

تنبيهان:

الأول: في رواية الطبراني: «وَأَعْطِنِي نُورًا» بدل «وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» .

الثاني: لم يذكر في معجم ابن الأعرابي «وَفِي سَمْعِي نُورًا» .

3: حبيب بن أبي ثابت: ثم صلى ركعتي الفجر ثم قال: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَفي قلبي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ بَيْنَ يَدَيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وإسناده ضعيف وهذه رواية منكرة.

ص: 222

الرواية الثالثة: رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

فلما سلم سمعته يقول [في القنوت]: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمْنِ تَحْتِي نُورًا، وَاَعْظِمْ لِي نُورًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) وإسناده ضعيف.

الرواية الرابعة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه عنه:

1: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: فخرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا» رواه أحمد (3531) ومسلم (191)(763) وأبو داود (1353).

تنبيه: في رواية أحمد زيادة: «وَاجْعَلْ عَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا» وليس فيها «وَفِي لِسَانِي نُورًا» .

2: المنهال بن عمرو: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي قَلْبِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه أبو يعلى (2545) والطبراني في الكبير (10/ 334) ورواته ثقات وفي متنه شذوذ.

تنبيه: زاد الطبراني «وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا» .

3: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس ورواه عنه:

1): محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: فصلى فقال في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، ونُورًا فِي قَبْرِي، ونُورًا فِي سَمْعِي ونُورًا فِي بَصَرِي، ونُورًا فِي شَعْرِي، ونُورًا فِي بَشَرِي، ونُورًا فِي لَحْمِي، ونُورًا فِي دَمِي، ونُورًا فِي عِظَامِي، ونُورًا بَيْنَ يَدَيَّ، ونُورًا مِنْ خَلْفِي، ونُورًا عَنْ يَمِينِي، ونُورًا عَنْ شِمَالِي، ونُورًا مِنْ

ص: 223

فَوْقِي، ونُورًا مِنْ تَحْتِي، اللَّهُمَّ زِدْنِي نُورًا، وَأَعْطِنِي نُورًا، واجْعَلْ لِي نُورًا» رواه الترمذي (3419) ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص:(314) وابن خزيمة (1119) والطبراني في المعجم الأوسط (3696) إسناده ضعيف.

2): الحسن بن عمارة: إذا فرغ من صلاته جلس فدعا بهذا الدعاء: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي، وَنُورًا فِي بَصَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا فِي مُخِّي، وَنُورًا فِي عِظَامِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَنُورًا مِنْ خَلْفِي، وَنُورًا مِنْ فَوْقِي، وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، اللَّهُمَّ زِدْنِي نُورًا، وَأَعْطِنِي نُورًا» رواه البيهقي في الدعوات (69) وإسناده ضعيف وهو حديث منكر.

3): محمد بن سليمان بن أبي ضمرة: قنت فقال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَشَعْرِي، وَبَشَرِي، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، اللَّهُمَّ اعْطِنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا» رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف وهو حديث منكر.

4): منصور بن المعتمر: وتلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران

الآيات الخمس

ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي عِنْدِكَ نُورًا» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهو حديث منكر.

الرواية الخامسة: رواية عمر بن أبي حفص

فسمعه يدعو في الوتر فقال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ فَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (243) وإسناده ضعيف وهو حديث منكر.

ص: 224

‌ملخص روايات دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور

ما تقدم من روايات صحيحة بعضها مختصر وفي بعضها زيادات فعدد كلمات الدعاء:

الأول: خمس كلمات: قال في صلاته: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» . في رواية يحيى بن دينار الرماني عن سعيد بن جبير عند أحمد والطبراني في الكبير وابن الأعرابي في معجمه.

الثاني: ثمان كلمات: «اللهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي سَمْعِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا فِي بَصَرِي، وَاجْعَلْ لِي نُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَاجْعَلْ لِي نُورًا، بَيْنَ يَدَيَّ وَنُورًا، مِنْ خَلْفِي وَزِدْنِي نُورًا» .

في رواية يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير ثمان جمل عند النسائي في الكبرى والطبراني في الكبير وابن نصر في مختصر قيام الليل مع زيادة جملتين في رواية يحيى بن دينار «وَفِي لِسَانِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» .

الثالث: تسع كلمات: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا» في رواية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه رواه مسلم (191)(763) وغيره.

الرابع: عشر كلمات: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» .

في رواية:

1: سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل في الصحيحين.

2: شعبة عن سلمة في مسلم.

3: حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما وفيه «وَاَعْظِمْ لِي نُورًا» بدل «وَاجْعَلْ لِي نُورًا» عند الطبراني في الكبير وهي رواية ضعيفة.

ص: 225

الخامس: إحدى عشرة كلمة جاء في رواية:

1: سعيد بن مسروق في مسلم كرواية الثوري وشعبة وفيه زيادة «وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» فتكون الجمل إحدى عشرة جملة.

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس العشر وجعل بدل «وَاجْعَلْ لِي نُورًا» «وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا» وزاد الحادية عشرة «وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» عند أبي يعلى والطبراني في الكبير ورواته ثقات.

3: حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير لكن جعل «وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» بدلًا من «وَاجْعَلْ لِي نُورًا» وزاد الحادية عشرة «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا» عند الطبراني في الكبير وهي رواية ضعيفة.

السادس: ثنتا عشرة كلمة: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَمِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَمِنْ بَيْنِ يَدَىيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي نَفْسِى نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» .

في رواية:

1: عُقِيل بن خالد عند مسلم.

2: محمد ابن إسحاق عن سلمة بن كهيل عند ابن نصر المروزي.

عدد كلمات الدعاء: الذي وقفت عليه في كلمات الدعاء إحدى وثلاثين كلمة.

‌الثابت من الدعاء:

الذي تبين لي أنَّ الثابت من الدعاء أربع عشرة كلمة وهي: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» «وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي نَفْسِي نُورًا» «وَزِدْنِي نُورًا» «وعظِّم لِي نُورًا» .

تنبيه: الذي يظهر لي أن لفظة «أَعْطِنِي نُورًا» بمعنى «اجْعَلْ لِي نُورًا» فيكون أحد اللفظين رواية بالمعنى والله أعلم.

ص: 226

‌الزيادات الضعيفة:

«وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا» وهي زيادة شاذة «نُورًا فِي شَعْرِي، ونُورًا فِي بَشَرِي، ونُورًا فِي لَحْمِي، ونُورًا فِي دَمِي، ونُورًا فِي عِظَامِي، ونُورًا فِي مُخِّي، وَنُورًا فِي قَبْرِي» وهي زيادات منكرة وزيادة «وعَصَبِي» في رواية المبهم من ولد العباس وهي منكرة والله أعلم.

وهذه الثمان لم تثبت من جهة الرواية والله أعلم.

ص: 227

‌موضع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور

اختلف الروايات في موضع قول النبي صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا

»:

الأول: بعد استيقاظه قرأ خمس آيات من آل عمران ودعا فعل ذلك أربع مرات: في رواية منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن عباس وهي رواية ضعيفة.

الثاني: في قنوت الوتر من رواية:

1: عمر بن أبي حفص، عن ابن عباس عند محمد بن نصر. وهي رواية منكرة.

2: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عند تمام. وهي رواية منكرة.

الثالث: قبل السلام من الوتر: في رواية يحيى بن عباد، عن سعيد بن جبير عند محمد بن نصر. وهي رواية شاذة.

الرابع: بعد الوتر من رواية:

1: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس عند الطبراني في الكبير. وهي رواية شاذة.

2: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عند الترمذي والبيهقي. وهي رواية منكرة.

الخامس: بعد راتبة الفجر من رواية:

1: ابن إسحاق، عن سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد، عن كريب عند محمد بن نصر المروزي. وهي زيادة شاذة.

2: ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن كريب عند الطبراني في الكبير. وهي زيادة منكرة ويأتي أنَّ المحفوظ عن سلمة بن كهيل عن كريب في السجود.

3: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عند ابن خزيمة. وهي رواية منكرة.

4: كامل أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عند الطبراني في الكبير.

ص: 228

5: حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني في الكبير. ورواية حبيب بن أبي ثابت مضطربة.

السادس: عندما خرج إلى الصلاة: من رواية حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عند مسلم وغيره. وهي رواية شاذة واختلف على حبيب بن أبي ثابت في إسنادها ومتنها.

السابع: في دعائه في رواية:

1: الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب عند البخاري وغيره. ولم تبين هذه الرواية موضعه وبينته رواية سعيد بن مسروق - الآتية - أنَّه في السجود.

2: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عند محمد بن نصر في قيام الليل. وهي رواية منكرة.

الثامن: في صلاته: في رواية أبي هاشم يحيى بن دينار الرماني عن سعيد بن جبير عند الطبراني في الكبير. ولم تبين هذه الرواية موضعه وبينته رواية سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن كريب.

التاسع: الشك في صلاته أو سجوده: في رواية شعبة عن سلمة بن كهيل عن كريب عند مسلم وغيره.

وتحمل هذه الرواية على رواية سعيد بن مسروق على أنَّه يمكن الجمع بين رواية صلاته وسجوده فلا تنافي بينهما.

العاشر: في سجوده: في رواية سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل، عن كريب عند ابن أي شيبة وغيره.

فبينت هذه الرواية أنَّه في السجود وتحمل عليها رواية الشك السابقة ولا تنافيها رواية: في دعائه ورواية: في صلاته.

الترجيح: الذي يظهر لي أنَّ المحفوظ في موضع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هو ما جاء في رواية سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن كريب في السجود من غير ذكر عدد مرات قولها لما تقدم والله اعلم.

ص: 229

‌سلام النبي صلى الله عليه وسلم من كل ركعتين

كان النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده يسلم من كل ركعتين رواه عن ابن عباس:

1: كريب. 2: علي بن عبد الله بن عباس. 3: سعيد بن جبير. 4: طلحة بن نافع.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله عن كريب: «فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء،

ثم قام، فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد، حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرار، فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم وفي متنه شذوذ.

الرواية الثانية: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه:

1: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: «ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث» رواه مسلم (191)(763).

وتقدم إعلال الحفاظ النسائي والدارقطني والقاضي عياض والنووي وابن حجر لهذه الرواية. لكن الذي يظهر أنَّ ذكر السلام من كل ركعتين محفوظ دون عدد الركعات والنوم والله أعلم.

2: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس: «ثم قام فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم، وصلى ثلاثًا أوتر بهن بعد الاثنتين»

ص: 230

رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف.

والحديث منكر السند والمتن.

3: منصور بن المعتمر: «ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام أيضًا حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم دعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم صلى صلاة عرفت أنَّه يوتر فيها» رواه الطبراني في الأوسط (38) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

الرواية الثالثة: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه:

1: عبد المجيد بن سهيل عن يحيى بن عباد: «ثم قام فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن» رواه أبو داود (1357) والنسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (313) ورواته ثقات.

والمحفوظ رواية أشعث بن سوار عن يحيى بن عباد وهي كرواية شعبة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بذكر الوتر بخمس فقط.

2: حبيب بن أبي ثابت: «حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث، ثم صلى ركعتي الفجر» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وإسناده ضعيف.

وهذه الرواية منكرة السند والمتن فخالف حبيب بن أبي ثابت الحفاظ الذين رووه عن سعيد بن جبير في عدم تخلل النوم الصلاة وفي عدد ركعات الوتر والله أعلم.

وفي رواية الأعمش عن حبيب: «يصلي ركعتين، ثم يستاك» وتقدم أنَّها رواية منكرة.

3: عكرمة بن خالد المخزومي: «فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من الليل

ص: 231

مثنى ركعتين ركعتين» رواه أحمد (3492) وابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665) وإسناده ضعيف وهذه الرواية مضطربة المتن منكرة السند والله أعلم.

فالذي يظهر لي أنَّ ذكر الصلاة ركعتين ركعتين لم يصح من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

الرواية الرابعة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فجعل يسلم من كل ركعتين،

فلما انفجر الفجر قام فأوتر بركعة» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

قال ابن رجب: الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في وصفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بات عند خالته ميمونة رضي الله عنها، يدل عليه: أنَّه صلى الله عليه وسلم يسلم من كل ركعتين وأوتر بواحدة

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم من كل ركعتين صح ذلك في رواية مالك عن مخرمة بن سليمان ورواية سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله وجاء في رواية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه. وما عدا ذلك فروايات صحيحة لكنَّها مجملة ذكرت عدد ركعات القيام فقط أو صريحة ذكرت السلام من كل ركعتين لكنَّها لا تصح والله أعلم.

(1)

فتح الباري (9/ 104).

ص: 232

‌صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر غير راتبة الفجر

في رواية بهز قال حدثنا شعبة قال حدثني الحكم قال سمعت سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما «ثم صلى خمس ركعات، قال: ثم صلى ركعتين، قال ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه. ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة» رواه أحمد (3165) والنسائي في الكبرى (407).

فزاد بهز بن أسد ركعتين بعد الوتر وقبل راتبة الفجر مخالفًا بقية من رووه عن شعبة وبهز ثقة لكن زيادة الركعتين شاذة في ما ظهر لي حيث لم أقف عليها في روايات حديث ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

ص: 233

‌الفصل الخامس

وتر النبي صلى الله عليه وسلم

-

1: عدد ركعات وتر النبي صلى الله عليه وسلم.

2: القراءة في الوتر.

3: قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر.

4: وقت فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من الوتر.

ص: 235

‌عدد ركعات وتر النبي صلى الله عليه وسلم

-

عدد ركعات وتر النبي صلى الله عليه وسلم رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: عكرمة بن خالد. 3: حبيب بن أبي ثابت. 4: علي بن عبد الله بن عباس. 5: طلحة بن نافع. 6: سعيد بن جبير. 7: مقسم بن بجرة. 8: أبو نضرة المنذر بن مالك.

الرواية الأولى: رواية كريب رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: سلمة بن كهيل. 3: شريك بن عبد الله.

1: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1): مالك: «فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763)

2): عياض بن عبد الله الفهري: «فصلى عشر ركعات ثم أوتر» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

ورواه مسلم (183)(763) وقال الحديث نحو حديث مالك.

2: رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن كريب: «صلى ثمان ركعات وأوتر بثلاث ثم صلى ركعتين» رواه الطبراني في الكبير (11/ 419) وإسناده ضعيف.

ذكر الوتر بثلاث شاذ من رواية سلمة بن كهيل عن كريب فالحفاظ الثوري وشعبة وغيرهما ذكروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مجملة.

ثالثًا: رواية سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله عن كريب: «فلما دخل البيت، ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، وذلك في الشتاء،

ثم قام، فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما

ص: 236

مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد، حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرار، فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

وهذه الرواية توافق رواية الحفاظ مالك وعياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب الوتر بواحدة.

الرواية الثانية: رواية مِسْعِر بن كِدَام عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم صلى ثمان ركعات ثم أوتر بثلاث» رواه الطبراني في الأوسط (1322) مرسل إسناده حسن.

الرواية الثالثة: رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«صلى ثمان ركعات، ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4502) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

الرواية الرابعة: رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه رواه عنه:

1: حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه: «ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث» رواه مسلم (191)(763).

2: المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد الله بن عباس:«حتى صلى ست ركعات وأوتر بثلاث» رواه أبو يعلى (2545) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286) ورواته ثقات.

فالمخالفة في حديث علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه في عدد الركعات والنوم أثناء القيام أمَّا الوتر بثلاث فهو محفوظ من رواية غيره فلا مخالفة والله أعلم.

3: دواد بن علي بن عبد الله بن عباس: «فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون

ص: 237

التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم، وصلى ثلاثًا أوتر بهن بعد الاثنتين» رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف والحديث منكر السند والمتن.

الرواية الخامسة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فجعل يسلم من كل ركعتين

فلما انفجر الفجر قام فأوتر بركعة» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

الرواية السادسة: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير رواه عنه:

1): شعبة بن الحجاج: «فصلى خمس ركعات» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (117).

2): محمد بن قيس: «صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن» رواه أبو داود (1356) وورواته ثقات.

والمحفوظ من رواية سعيد بن جبير الوتر بخمس.

2: يحيى بن عباد: «ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن» رواه أبو داود (1357) والنسائي في الكبرى (406) والطبراني في الكبير (12/ 31) ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (313) ورواته ثقات.

3: حبيب بن أبي ثابت: «حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث» رواه الطبراني في الكبير (12/ 20) وإسناده ضعيف.

فهذه الرواية منكرة السند والمتن فهي تخالف رواية شعبة وغيره الوتر بخمس.

4: عكرمة بن خالد المخزومي: «يسلم في كل ركعتين، حتى إذا فرغ من وتره، أمسك يسيرًا» رواه أحمد (3492) وابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665) وإسناده ضعيف وهي رواية منكرة السند والمتن.

والمحفوظ ما تقدم عن عكرمة بن خالد مرسلًا والله أعلم.

ص: 238

وتقدم

(1)

استشكال الحفاظ ابن حجر وابن رجب والعيني لرواية سعيد بن جبير فعدد الصلاة فيها ليس محفوظًا والله أعلم.

الرواية السابعة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فصلى خمس ركعات» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات وليس محفوظًا والمحفوظ الرواية السابقة شعبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الرواية الثامنة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فأوتر بتسع أو سبع» رواه ابن خزيمة (1103) والطبراني في الكبير (12/ 166) والبزار (5320) ورواته ثقات.

وهو شاذ فلم يذكر أحد من الرواة عن ابن عباس رضي الله عنهما الوتر بسبع أو تسع والله أعلم.

قال ابن رجب: الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في وصفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بات عند خالته ميمونة رضي الله عنها، يدل عليه: أنَّه صلى الله عليه وسلم يسلم من كل ركعتين وأوتر بواحدة

(2)

.

الترجيح: الذي يظهر لي أنَّ ما زاد على الوتر بثلاث لا يصح فالثابت الوتر بثلاث وبواحدة ولا يظهر لي تعارض بينها فمن ذكر الوتر بواحدة أراد آخر تسليمة في الصلاة ومن ذكر الوتر بثلاث باعتبار قصر القراءة فيها فهي ليست كالثمان التي قبلها والله أعلم.

(1)

انظر: (ص: 205).

(2)

فتح الباري (9/ 104).

ص: 239

‌القراءة في الوتر

قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بسبح والكافرون والإخلاص في وتره رواه عن ابن عباس:

1: سعيد بن جبير. 2: حبيب بن أبي ثابت.

الرواية الأولى: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

أولًا: مسلم البَطِين: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: يقرأ في الأولى ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواه ابن أبي شيبة (2/ 299) وأحمد (2772) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) والطبراني في المعجم الأوسط (3068) وإسناده حسن. وذكر السور شاذ والله أعلم.

ثانيًا: سلمة بن كهيل: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواه الطبراني في الأوسط (2172) ورواته ثقات. وهذه الرواية منكرة السند شاذة المتن.

ثالثًا: أبو إسحاق السبيعي: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» واختلف عليه فرواه:

1: ابن أبي شيبة (2/ 299) وابن نصر - مختصر قيام الليل ص: (268) - وابن ماجه (1172) والنسائي في الكبرى (1340) وأبو يعلى (2555) وابن ماجه (1172) عن يونس بن أبي إسحاق مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم ورواته ثقات.

2: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق واختلف عليه فرواه:

1): ابن أبي شيبة (2/ 299) وأحمد (3521) الدارمي (1627) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 287) والبزار (4760)(5/ 203) مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم ورواته ثقات.

2): ابن أبي شيبة (2/ 299) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما ورواته ثقات.

3: شريك بن عبد الله بن أبي نمر واختلف عليه فرواه:

ص: 240

1): أحمد (2715) والترمذي (462) والنسائي في الكبرى (435) مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم ورواته ثقات.

2): النسائي في الكبرى (436) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما ورواته ثقات.

4: النسائي (1702) والدارمي (1630) عن زكريا بن أبي زائدة مرفوعًا ورواته ثقات.

5: ابن أبي شيبة (2/ 299) عن أبي الأحوص سلام بن سليم موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما ورواته ثقات.

6: النسائي (1703) عن زهير بن معاوية موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما وإسناده ضعيف.

وروايات رفع الحديث عن أبي إسحاق أرجح من روايات الوقف لكن أبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح بالسماع والحديث ضعيف من جهة السند أيضًا فلم تذكر السور في الروايات الثابتة عن ابن عباس رضي الله عنهما من روايات سعيد بن جبير وغيره.

رابعًا: عبد الأعلى بن عامر: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر في الركعة الأولى ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواه البزار (4759) وإسناده ضعيف.

الرواية الثانية: رواية حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4502) وإسناده ضعيف.

وحبيب بن أبي ثابت اضطرب في الحديث سندًا ومتنًا فذكر السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في وتره منكر والله أعلم.

فالذي يظهر لي أنَّ القراءة بسبح والكافرون والإخلاص في وتر النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما لا تصح والله أعلم.

ص: 241

‌قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر

رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: حبيب بن أبي ثابت. 2: علي بن عبد الله بن عباس. 3: عمر بن أبي حفص.

الرواية الأولى: رواية حبيب بن أبي ثابت:

«ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، وسبح اسم ربك الأعلى، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، ثم قنت ودعا، ثم ركع» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4502) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة. وتقدم أنَّ حبيب اضطرب في حديث ابن عباس رضي الله عنهما سندًا ومتنًا.

الرواية الثانية: رواية داود بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنهما رواه عنه:

1: محمد بن سليمان بن أبي ضمرة: «فلما ركع الركعة الآخرة، فاعتدل قائمًا من ركوعه قنت، فقال: «اللهم بأنِّي أسألك رحمة من عندك

» رواه تمام (1318) وإسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة.

2: الحسن بن عمارة: «

فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته جلس فدعا بهذا الدعاء

» رواه البيهقي في الدعوات (69) وإسناده ضعيف وهي رواية منكرة.

3: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: واختلف عليه في لفظه: ففي رواية الترمذي (3419) وابن خزيمة (1119) والطبراني في المعجم الأوسط (3696)«فلمَّا صلى الركعتين قبل الفجر قال: .... » .

وفي رواية محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (314) «فصلى فقال في دعائه

» ولم يذكر موطن الدعاء.

فالحديث مداره على داود بن علي وهو ضعيف واختلف عليه في لفظه ولم يذكر القنوت من هو أوثق منه ممن رواه عن علي بن عبد الله بن عباس وتقدمت رواياتهم.

ص: 242

الرواية الثالثة: رواية عمر بن أبي حفص عن ابن عباس رضي الله عنهما:

«فسمعه يدعو في الوتر فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً

» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (243) وهي رواية منكرة.

فقنوت النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر لم يصح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولا عن غيره والله أعلم

(1)

.

(1)

انظر: رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: 66).

ص: 243

‌وقت فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من الوتر

يأتي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام بعد فراغه من الوتر قبل أذان الفجر لكن متى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من وتره؟

وهل هناك فاصل كبير بين فراغه من الوتر وطلوع الفجر؟ لا سيما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام للتهجد نصف الليل على ما تقدم هذا ما أحاول الإجابة عليه.

أولًا: الروايات التي ذكرت نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر من غير تحديد وقته: تأتي في نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر ومنها رواية:

1: مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» رواه البخاري في مواضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى حتى إنِّي لأسمع نفسه راقدًا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين» رواه مسلم (185)(763).

ثانيًا: الروايات التي فيها ذكر وقت الوتر:

1: رواية عكرمة بن خالد المخزومي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«فلما ظن أنَّ الفجر قد دنا قام فصلى ست ركعات، أوتر بالسابعة، حتي إذا أضاء الفجر قام فصلى ركعتين» رواه أحمد (3480). المراد بالفجر الفجر الصادق.

وفي رواية: «فلمَّا طلع الفجر الأول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى تسع ركعات يسلم في كل ركعتين، وأوتر بواحدة. وهي التاسعة، ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك حتى أضاء الفجر جدًا، ثم قام، فركع ركعتي الفجر» رواه ابن خزيمة (1094) وابن المنذر في الأوسط (2665).

الفجر الأول الكاذب وأضاء الفجر أي الثاني الصادق.

وفي رواية «حتى إذا طلع الفجر الأول، أمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم هُنَيَّة، حتى إذا

ص: 244

أضاء له الصبح، قام فصلى الوتر تسع ركعات، يسلم في كل ركعتين، حتى إذا فرغ من وتره، أمسك يسيرًا، حتى إذا أصبح في نفسه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركع ركعتي الفجر» رواه أحمد (3492) وهذه الرواية منكرة مضطربة السند والمتن.

حتى إذا أصبح في نفسه: أي اتضح طلوع الفجر الصادق وذلك مع بدء الإسفار والله أعلم.

2: رواية محمد بن سليمان بن أبي ضمرة عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس رضي الله عنهما: «فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر، فركع في منزله، ثم خرج، فصلى بأصحابه رضي الله عنهم صلاة الصبح» رواه تمام (1318) وهي رواية منكرة.

3: طلحة بن نافع، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«فلما انفجر الفجر، قام فأوتر بركعة» رواه ابن خزيمة (1093).

وفي رواية «فلمَّا أبصر الفجر قام فأوتر بركعة» رواه ابن المنذر في الأوسط (2664) وهي رواية منكرة. أي الفجر الكاذب والله أعلم.

في هذه الروايات أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الفجر الأول وهو الكاذب وهي روايات ضعفها شديد لا تصلح للاعتبار وبين الفجر الكاذب والصادق أربعون دقيقة تقريبًا فيظهر الفجر الكاذب ويستمر عشرين دقيقة تقريبًا ثم يختفي ويظلم الأفق عشرين دقيقة تقريبًا ثم يظهر الفجر الصادق

(1)

.

والروايات الصحيحة التي وقفت عليها لم يرد فيها وقت فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من وتره والله أعلم.

(1)

رقبت الفجر الكاذب قريبًا من سامودة من قرى محافظة حفر الباطن في 1/ 3/ 1432 هـ وقريبًا من الأسياح من محافظات القصيم في 28/ 9/ 1432 هـ.

ص: 245

‌الفصل السادس

صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر وخروجه للصلاة

1: تخفيف راتبة الفجر والقراءة فيها.

2: تفسير إدبار النجوم وأدبار السجود.

3: وقت اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه لصلاة الصبح.

4: صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر.

5: صفة اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم.

6: نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في نومه.

7: استيقاظ ميمونة رضي الله عنها.

ص: 247

‌تخفيف راتبة الفجر

والقراءة فيها

تخفيف راتبة الفجر

جاء تخفيف راتبة الفجر من رواية كريب رواه عنه:

1: مخرمة بن سليمان. 2: ابنه رِشْدِين.

أولًا: رواية مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: مالك: «فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763).

2: الضحاك بن عثمان: «فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين» رواه مسلم (185)(763).

3: عياض بن عبد الله الفهري: «فركع ركعتين خفيفتين ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

ثانيًا: رواية رِشْدِينَ عن أبيه كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فصلى ركعتين خفيفتين اللتين قبل الفجر» رواه الترمذي (3275) وهي رواية منكرة.

فأكثر الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما لم تبين صفة راتبة الفجر فبعضها لم تذكر عدد ركعات الصلاة كرواية عمرو بن دينار عن كريب ورواية عطاء بن أبي رباح وأبي المتوكل علي بن داود عن ابن عباس رضي الله عنهما. وبعضها ذكرت عدد ركعات القيام فقط - إحدى عشرة ركعة - أو تذكر راتبة الفجر معها على سبيل الإجمال - ثلاث عشرة ركعة - كرواية الثوري وشعبة وسعيد بن مسروق وعُقِيل بن خالد ومحمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب ورواية شريك بن عبد الله عن كريب ورواية سعيد بن جبير وأبي جمرة نصر بن عمران وعكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وتخفيف راتبة الفجر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيره ويأتي (ص: 248) إن شاء الله.

ص: 248

‌القراءة في راتبة الفجر

في رواية عطاء بن مسلم، حدثنا العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما، فلما فرغ قعد حتى إذا ما طلع الفجر ناداني قلت: لبيك يا رسول الله، قال:«قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت، وصليت خلفه فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم ركع، وسجد ثم قام في الثانية فقرأ بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فلما سلم سمعته يقول: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا،

» رواه الطبراني في الكبير (12/ 131) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

ولم أقف على القراءة في راتبة الفجر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما إلا في رواية حبيب بن أبي ثابت وتقدم أنَّها مضطربة سندًا ومتنًا.

ص: 249

‌تفسير إدبار النجوم وأدبار السجود

في رواية رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما ثم خرج إلى الصلاة فقال يا ابن عَبَّاسٍ «رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِدْبَارَ النُّجُومِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أدْبَارَ السُّجُودِ» رواه الترمذي (3275) وابن أبي حاتم [تفسير ابن أبي كثير (4/ 230)] والحاكم (1/ 620) وإسناده ضعيف.

وهذه الرواية منكرة تفرد بها رشدين عن أبيه.

ص: 250

‌وقت اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه لصلاة الصبح

روى اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم واستئذان بلال رضي الله عنه له للصلاة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: سعيد بن جبير. 2: أبو نضرة المنذر بن مالك. 3: طلحة بن نافع. 4: كريب. 5: عكرمة بن خالد. 6: علي بن عبد الله بن عباس.

الرواية الأولى: رواية شعبة عن الحكم بن عتبة عن سعيد بن جبير: «فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، ثم نام، حتى سمعت غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة» رواه البخاري (117).

في هذه الرواية نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر ولم تتعرض لاستئذان بلال رضي الله عنه.

الرواية الثانية: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك: «فأوتر بتسع أو سبع، ثم صلى ركعتين، ووضع جنبه حتى سمعت ضفيزه، ثم أقيمت الصلاة فانطلق فصلى» رواه ابن خزيمة (1103) ورواته ثقات.

هذه الرواية كالتي قبلها.

الرواية الثالثة: رواية طلحة بن نافع الإسكاف: «قام فأوتر بركعة، ثم ركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) والطبراني في الكبير (11/ 135) وإسناده ضعيف جدًا.

هذه الرواية كرواية سعيد بن جبير لكن فيها استئذان بلال رضي الله عنه.

الرواية الرابعة: رواية كريب واختلف عليه في متنه فرواه عنه:

1: سلمة بن كهيل. 2: عمرو بن دينار. 3: مخرمة بن سليمان. 4: شريك بن عبد الله.

1: سلمة بن كهيل ورواه عنه:

1): سفيان الثوري: «فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري

ص: 251

(6316)

ومسلم (181)(763).

2): شعبة: «فتكاملت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ وكنا نعرفه إذا نام بنفخه، ثم خرج إلى الصلاة فصلى» رواه مسلم (187)(763).

رواية شعبة كرواية سفيان لكن ليس فيها استئذان بلال رضي الله عنه.

3): محمد بن إسحاق: «ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة من الليل، وركعتين بعد طلوع الفجر قبل الصبح

ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن فقام - وفي رواية: - ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال رضي الله عنه فآذنه للصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص:(105). وإسناده حسن.

4): سعيد بن مسروق: «فأتاه بلال رضي الله عنه فأيقضه للصلاة» رواه النسائي (1121) ورواته ثقات.

والصلاة هي صلاة الفجر حملًا على الروايات السابقة والله أعلم.

فلم يُخْتَلف على سلمة بن كهيل عن كريب على أن نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر حتى استأذنه بلالٌ رضي الله عنه لصلاة الفجر.

2: عمرو بن دينار الأثرم عن كريب: «فجعلني عن يمينه، فصلى، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ» رواه البخاري (138) ومسلم (186)(763).

ظاهر هذه الرواية كالروايات التي قبلها.

3: مخرمة بن سليمان واختلف عليه في متنه فرواه عنه:

1): مالك: «ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» رواه البخاري (183) ومسلم (182)(763).

2): عياض بن عبد الله الفهري: «ثم أوتر، ثم نام وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه فأيقظه للصلاة، فقام فركع ركعتين خفيفتين، ثم خرج إلى الصلاة» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات

ص: 252

3): سعيد بن أبي هلال: «حتى صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال رضي الله عنه، فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام، فركع ركعتين، ثم صلى للناس» رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) ورواته ثقات.

في هذه الروايات نام النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر واستيقظ وصلى راتبة الفجر بعد إتيان بلال رضي الله عنه والظاهر أنَّ هذا هو المحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان عن كريب لكنَّه خالف عمرو بن دينار وسليمان بن كهيل عن كريب وهما أحفظ منه فالظاهر أنَّ روايته غير محفوظة لا سيما أنَّه اختلف عليه في لفظه.

4): الضحاك بن عثمان: «فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى

(1)

حتى إنِّي لأسمع نفسه راقدًا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين» رواه مسلم (185)(763).

هذه الرواية كالتي قبلها نام النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر لكن ظاهرها أنَّ صلاة راتبة الفجر قبل إتيان بلال رضي الله عنه ولم تتعرض للنوم بعد راتبة الفجر وفي متنها شذوذ.

5): عبد ربه بن سعيد: «فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة، ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى» رواه مسلم (184)(763).

هذه الرواية تخالف المحفوظ من رواية مالك وغيره عن مخرمة بن سليمان وتوافق المحفوظ عن كريب من رواية عمرو بن دينار وسلمة بن كهيل فهي شاذة والله أعلم.

4: شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب: «ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال رضي الله عنه،، فآذنه بالصبح، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصبح» رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5289) ورواته محتج بهم.

هذه الرواية كالمحفوظ من رواية مخرمة بن سليمان عن كريب لكنَّها لم تتعرض للنوم بعد الوتر وهي رواية شاذة.

(1)

انظر: (ص: 15).

ص: 253

الرواية الخامسة: رواية مسعر بن كدام عن عكرمة بن خالد المخزومي: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فتوضأ، ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بثلاث، ثم اضطجع» رواه الطبراني في الأوسط (1322) مرسل إسناده حسن.

في هذه الرواية نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر ولم تتعرض لما بعد النوم.

الرواية السادسة: رواية حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه: رواه عنه حصين بن عبد الرحمن واختلف عليه في لفظه فرواه:

1: أبو عوانة الوضاح اليشكري عند أحمد (3531) ومحمد بن فضيل عند أبي داود (1353) عن حصين بن عبد الرحمن به «فأتاه بلال رضي الله عنه المؤذن -، فخرج إلى الصلاة» ورواته ثقات.

2: محمد بن عيسى عن هشيم عند أبي داود (1353) عن حصين به: «فأتاه بلال رضي الله عنه، فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة» ورواته ثقات.

ومحمد بن عيسى بن نجيح ثقة قال ابن حبان من أعلم الناس بحديث هشيم. لكن تحديد وقت الإتيان حين طلوع الفجر لم أقف على أحد ذكره لا من حديث محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه ولا عن غيره فالروايات التي وقفت عليها مطلقة وظاهرها عند الإقامة فالذي يظهر لي أنَّ زيادة «حين طلع الفجر» شاذة والله أعلم.

والحديث رواه مسلم (191)(763) بلفظ: «فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة» وتقدم أنَّ في بعض ألفاظه شذوذًا.

وأصل الحديث اضطرب فيه حبيب بن أبي ثابت في إسناده ومتنه.

الترجيح: في رواية سعيد بن جبير وأبي نضرة المنذر بن مالك وطلحة بن نافع - وضعفها شديد - عن ابن عباس رضي الله عنهما نام النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر حتى صلاة الفجر.

ص: 254

واختلف على كريب فرواه عمرو بن دينار وسلمة بن كهيل كرواية سعيد بن جبير وهي المحفوظة من حديث كريب ووافقهما عبد ربه بن سعيد عن مخرمة بن سليمان لكنَّ المحفوظ عن مخرمة بن سليمان عن كريب النوم بعد الوتر وصلاة راتبة الفجر بعد الاستيقاظ من النوم حين استئذان بلال رضي الله عنه وتابع شريكُ بن عبد الله بن أبي نمر مخرمةَ بن سليمان في صلاة راتبة الفجر بعد النوم وبعد استئذان بلال رضي الله عنه وشريك صدوق يخطاء وكذلك تابع مخرمة عكرمة بن خالد في النوم بعد الوتر وهو مرسل. واختلف على علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه وهو حديث مضطرب.

فالذي يظهر لي أنَّ المحفوظ رواية سعيد بن جبير ومن وافقه في نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر إلى استئذان بلال رضي الله عنه لإقامة صلاة الفجر وهذا هو الظاهر من عمل النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يجيء المؤذن فيؤذنه» رواه البخاري (6310) ومسلم (724) والله أعلم.

ويحتمل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام مرتين بعد الوتر وبعد راتبة الفجر قال البيهقي: وقد يحتمل أن يكونا محفوظين [من حديث عائشة رضي الله عنها فنقل مالك أحدهما [النوم بعد الوتر]، ونقل الباقون الآخر [النوم بعد راتبة الفجر]، واختلف فيه أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد يحتمل ذلك ما احتمل رواية مالك والله أعلم

(1)

.

قال أبو عبد الرحمن: المحفوظ من رواية كريب نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر وخالف مخرمة بن سليمان عن كريب فجعله بعد الوتر وقد اختلف عليه فالظاهر أنَّ روايته شاذة للمخالفة فلا يصح حملها على تعدد النوم ولا تتقوى بمتابعة شريك بن عبد الله ورواية عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما لضعفهما والله أعلم.

فالذي يظهر لي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام في هذه الليلة بعد راتبة الفجر واستيقظ عند إقامة الصلاة والله أعلم.

(1)

السنن الكبرى (3/ 45).

ص: 255

‌صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر

اختلف في صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم هل نام مضطجعًا أو محتبيًا أو قاعدًا؟

فالروايات في صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم على أربعة أوجه مبهمة لم تبين صفة النوم وبعضها نام مضطجعًا وبعضها نام محتبيًا وبعضها قاعدًا.

أولًا: النوم مضطجعًا جاء من رواية:

1: مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب رواه البخاري (183) ومسلم (182)(763).

2: سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

3: محمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) وإسناده حسن.

4: عمرو بن دينار عن كريب رواه البخاري (138)(859) ومسلم (186)(763).

5: مِسْعَر بن كِدَام عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه الطبراني في الأوسط (1322) مرسل إسناده حسن.

ثانيًا: النوم من غير بيان صفته جاء من رواية:

1: عبد ربه بن سعيد عن مخرمة بن سليمان عن كريب رواه مسلم (184)(763).

2: عياض بن عبد الله عن مخرمة بن سليمان عن كريب رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

3: سعيد بن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان عن كريب رواه أبو داود (1364) والنسائي في الكبرى (399) ورواته ثقات.

4: شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل عن كريب رواه مسلم (187)(763).

فتحمل هذه الروايات على رواية الاضطجاع.

ثالثًا: النوم محتبيًا: جاء من رواية الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب: «بت ليلة عند خالتي ميمونة بنت الحارث، رضي الله عنها فقلت لها: إذا قام

ص: 256

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني،

فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى حتى إنِّي لأسمع نَفَسه راقدًا» رواه مسلم (185)(763).

الضحاك بن عثمان الأسدي وثقه ابن سعد وأحمد وابن معين وابن المديني وأبو داود وابن بكير وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو زرعة ليس بقوي وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وهو صدوق وقال ابن نمير لا بأس به جائز الحديث وقال ابن عبد البر كان كثير الخطأ ليس بحجة.

فالضحاك بن عثمان ذكر الاحتباء مخالفًا مالكًا عن مخرمة بن سليمان عن كريب وسفيان الثوري ومحمد بن إسحاق عن سلمة بن كهيل عن كريب وعمرو بن دينار عن كريب فرووه بلفظ مضطجعًا فهذه الرواية شاذة وكذلك لفظ: «إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني» .

رابعًا: رواية النوم قاعدًا:

1: رواية معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو جالس، ثم قام فصلى، ولم يتوضأ» رواه تمام في فوائده (1341) وهي رواية مضطربة.

2: رواية حريث بن أبي مطر، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة الأنصاري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«كان نومه ذلك، وهو جالس» رواه ابن ماجه (476) وهي رواية منكرة السند والمتن.

3: رواية إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«ثم قعد، وقعدت إلى جنبه، فوضع مرفقه إلى جنبي، وأصغى بخده إلى خدي، حتى سمعت نفس النائم» رواه أحمد (2567) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

تنبيه: الاحتباء أخص من القعود فكل محتبٍ قاعد وليس كل قاعدٍ محتبيًا فالقعود أعم من الاحتباء.

الترجيح: المحفوظ في نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر في هذا الحديث مضطجعًا وما يخالفه لا يصح والله أعلم.

ص: 257

‌صفة اضطجاع النبي

صلى الله عليه وسلم

على المحفوظ في الرواية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام مضطجعًا اختلف في صفة الاضطجاع:

اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن من رواية:

1: كريب. 2: طلحة بن نافع.

1: رواية كريب: رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (105) - حدثنا عبيد الله بن سعد، ثنا عمي، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن سلمة بن كهيل الحضرمي، ومحمد بن الوليد، كلاهما عن كريب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما «

ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن فقام» وفي رواية: «ثم اضطجع فنام حتى نفخ» وهي رواية شاذة.

فرواه سفيان الثوري عند البخاري (6316) ومسلم (181)(763) وغيرهما وشعبة بن الحجاج عند أحمد (2563) ومسلم (187)(763) وغيرهما عن سلمة بن كهيل عن كريب بذكر الاضطجاع فقط

وكذلك كل من رواه عن كريب ممن ذكروا الاضطجاع لم يذكروا الشق الأيمن فزيادة محمد بن إسحاق شاذة والله أعلم.

2: رواية طلحة بن نافع: رواه أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:«ثم ركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» عند ابن خزيمة (1093) وغيره وهي رواية منكرة.

فالمحفوظ اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما من غير التعرض لصفة الاضطجاع والله أعلم.

ص: 258

‌نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب. 2: سعيد بن جبير. 3: مِقْسَم بن بُجْرة. 4: أبو نضرة المنذر بن مالك.

الرواية الأولى: رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: عمرو بن دينار: «ثم اضطجع، فنام حتى نفخ» رواه البخاري في أكثر من موضع منها (138) ومسلم (186)(763).

2: سلمة بن كهيل عن كريب رواه عنه:

1): سفيان الثوري: «فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ» رواه البخاري (6316) ومسلم (181)(763).

2): شعبة بن الحجاج: «فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ» رواه مسلم (187)(763).

3): محمد بن إسحاق: «فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ» رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (105) ورواته ثقات وابن إسحاق الكلام فيه معروف.

3: مخرمة بن سليمان عن كريب رواه عنه:

1): عبد ربه بن سعيد: «ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ» رواه مسلم (184)(763).

2): الضحاك بن عثمان: «ثم احتبى حتى إنِّي لأسمع نفسه راقدًا» رواه مسلم (185)(763).

3): عياض بن عبد الله الفهري: «ثم أوتر، ثم نام وكان إذا نام نفخ» رواه الطبراني في الكبير (11/ 422) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1741) ورواته ثقات.

الرواية الثانية: رواية الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير رواه عنه:

1: شعبة «ثم نام حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم خرج إلى الصلاة» رواه

ص: 259

البخاري في مواطن منها (117).

2: عكرمة بن خالد المخزومي: «ثم وضع جنبه فنام، حتى سمعت فخيخه» رواه أحمد (3480) إسناده ضعيف وهذه الرواية منكرة.

الرواية الثالثة: رواية مِقْسَم بن بُجْرة عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فنام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه» رواه النسائي في الكبرى (407) ورواته ثقات.

الرواية الرابعة: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ووضع جنبه حتى سمعت ضفيزه» رواه ابن خزيمة (1103)(1121) والطبراني في الكبير (12/ 166) والبزار (5320) ورواته ثقات.

فنفخ النبي صلى الله عليه وسلم في نومه - وهو من العوارض البشرية الذي لا يتعلق به مدح أو ذم لذاته - ثابت من رواية كريب وسعيد بن جبير ومِقْسَم بن بُجْرة وأبي نضرة المنذر بن مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 260

‌استيقاظ ميمونة رضي الله عنها

-

جاء في رواية:

1: طلحة بن نافع، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«وكانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله، فقال لها: «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ؟» قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال:«إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ» رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) وإسناده ضعيف.

وهذه الزيادات في الحديث منكرة سندًا ومتنًا ولم أقف عليها في غير هذا الرواية والله أعلم.

2: إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«وهي ليلة إذْ لا تصلي» عند أحمد (2567) وأبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (483) والطبراني في المعجم الأوسط (650) وهي رواية منكرة.

ولم أقف على رواية صحيحة صريحة أنَّ ميمونة رضي الله عنها استيقظت في هذه الليلة والله أعلم.

ص: 261

‌الفصل السابع

ما يصح وما لا يصح من ألفاظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما

-

ص: 263

تمهيد

تقدم الكلام على زيادات حديث ابن عباس رضي الله عنهما وبيان المحفوظ من الروايات وما هو شاذ ومنكر وهذا ملخص لما تقدم مرتبًا على الوقت من قدوم ابن عباس رضي الله عنهما إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح.

1: الثابت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

2: ما لا يصح من ألفاظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 264

‌الثابت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

-

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بعثني العباس رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة وهو في بيت خالتي ميمونة رضي الله عنها فبت معه تلك الليلة، لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم تحدث مع أهله ساعة، فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله، في طولها فنام ثم قام فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلق فتسوك، وتوضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ، ثم قام يصلي. فقمت فتمطيت، كراهية أن يرى أنِّي كنت أرتقبه، فصنعت مثل ما صنع، فقمت عن يساره فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك من وراء ظهره فجعلني عن يمينه فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، وكان يقول في سجوده «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي نَفْسِي نُورًا وَزِدْنِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا وعظِّم لِي نُورًا» فصلى إحدى عشرة ركعة فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ».

ص: 265

‌ما لا يصح من ألفاظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما

-

‌أولًا: ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم

-.

1: تنفل النبي صلى الله عليه وسلم بعد المغرب إلى أذان العشاء في المسجد.

2: ترحيب النبي صلى الله عليه وسلم بابن عباس رضي الله عنهما.

3: طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عباس رضي الله عنهما أن ينام عنده.

4: قدوم النبي صلى الله عليه وسلم البيت بعدما ذهب الليل.

5: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة العشاء ركعتين.

6: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة العشاء ركعتين وأربعًا.

7: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة رضي الله عنها من ضيفها؟

8: استبدال النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه للنوم وخلعها بعد الاستيقاظ.

9: صفة الوسادة أنَّها من مسوح وحشوها ليف. والمحفوظ وسادة من غير ذكر صفتها.

10: فراش النبي صلى الله عليه وسلم كساء مثني، وفوقه كساء آخر يلتحف به.

11: وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بعد قضاء حاجته.

12: استيقاظ النبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما علم أنَّ عليه ليلًا سبح وكبر حتى نام والمحفوظ استيقاظه لحاجته ثم نام.

13: وضع السواك على المخضب.

14: استيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم حينما بقي ثلث الليل الآخر وبسحر والمحفوظ نصف الليل.

15: قيام النبي صلى الله عليه وسلم من النوم فزعًا.

16: القراءة أقل من عشر آيات من آخر آل عمران.

ص: 266

17: تكرار النظر في السماء وقراءة آيات آل عمران.

18: قول النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الملك القدوس ثلاثًا حين رفع بصره إلى السماء.

19: قول النبي صلى الله عليه وسلم: نامت العيون وغارت النجوم والله حي قيوم حين رفع البصر إلى السماء.

20: استقاء النبي صلى الله عليه وسلم الماء والمحفوظ وضوءه من القربة.

21: صب ماء الوضوء في جفنة ووطؤه فم السقاء وربط القربة بعد الوضوء ووضوءه من المخضب والمحفوظ الوضوء من القربة قائماً.

22: وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا والمحفوظ أقل من ذلك ويحتمل غسل الأعضاء مرة أو مرتين والله أعلم.

23: تكرار الوضوء والسواك.

24: شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا.

25: وقت تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء.

26: قول النبي صلى الله عليه وسلم الوليد أو الغلام أو الغليم والمحفوظ أحد الأخيرين.

27: قول النبي صلى الله عليه وسلم «أصلى الغلام؟» والمحفوظ «أنام الغلام؟» .

28: قول النبي صلى الله عليه وسلم أنام الغلام؟ قبل نومه والمحفوظ بعد استيقاظه صلى الله عليه وسلم.

29: إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما.

30: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ مع كل واحد قرين كافر حتى نفسه صلى الله عليه وسلم.

31: توشح النبي صلى الله عليه وسلم ببرد حضرمي وارتداؤه ملحفة ميمونة رضي الله عنها.

32: افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين.

33: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعضد وبذؤابة وبرأس وبأذن ابن عباس رضي الله عنهما حين تحويله والمحفوظ الأخذ باليد.

ص: 267

34: تعيين يد النبي صلى الله عليه وسلم اليمنى التي أدار بها ابن عباس رضي الله عنهما.

35: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما عن سبب صلاته خلفه.

36: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما بزيادة العلم والفهم وإيتاءه الحكمة وقوله: «هذا شيخ قريش» .

37: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أذن ابن عباس رضي الله في الصلاة لتونيسه من وحشة ظلمة البيت والمحفوظ حينما أغفى لطرد النوم.

38: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من إحدى عشرة ركعة وأقل منها.

39: تعيين السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده.

40: تقدير قدر القراءة في القيام بالمزمل وبخمسين آية.

41: أطالة القيام وكونه وسطًا وكل ركعة مثل التي قبلها وأقل من التي قبلها.

42: أطالة الركوع والسجود.

43: التسبيح في الركوع والسجود والدعاء بين السحدتين.

44: الدعاء الطويل في الصلاة.

45: السواك بعد كل ركعتين.

46: تخلل النوم تهجد النبي صلى الله عليه وسلم.

47: وتر النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من واحدة. والمحفوظ الوتر بثلاث بسلامين.

48: القراءة بسبح والكافرون والإخلاص في الوتر.

49: القنوت في الوتر.

50: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر.

51: ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على ربه عز وجل قبل الدعاء.

52: ألفاظ: «نُورًا فِي شَعْرِي، ونُورًا فِي بَشَرِي، ونُورًا فِي لَحْمِي، ونُورًا فِي دَمِي، ونُورًا فِي

ص: 268

عِظَامِي، ونُورًا فِي مُخِّي، وَنُورًا فِي قَبْرِي وعَصَبِي وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا».

53: الدعاء بالنور في غير السجود.

54: نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الوتر وفي السجود وإخباره أنَّه لا وضوء على من نام مضطجعًا والمحفوظ نومه بعد راتبة الفجر.

55: نوم النبي صلى الله عليه وسلم محتبيًا وجالسًا وعلى شقه الأيمن ووضع مرفقه على الأرض وخده على يده فصفة النوم لم تحفظ في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

56: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر بعد استئذان بلال رضي الله عنه.

57: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر في المسجد.

58: قراءة الكافرون والإخلاص في راتبة الفجر.

59: قول النبي صلى الله عليه وسلم «ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتين بعد المغرب أدبار السجود» .

‌ثانيًا: ما يتعلق بميمونة رضي الله عنها

-.

60: قول ميمونة لابن عباس رضي الله عنهم كيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد والوساد واحد؟

61: طيُ ميمونة رضي الله عنها الكساء لينام عليه النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كساء فوقه لحافًا.

62: استيقاظ ميمونة رضي الله عنها.

63: كون ميمونة رضي الله عنها حائضًا تلك الليلة ووضوءها وذكرها لله.

‌ثالثًا: ما يتعلق بابن عباس رضي الله عنهما

-.

64: بعث العباس ابنه رضي الله عنهما بهدية ولطلب إبل وعده إياها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إياها من الصدقة.

65: قدوم ابن عباس رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم بعد المغرب ولم يكلمه لجلوسه مع الصحابة رضي الله عنهم.

ص: 269

66: انتظار ابن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد العشاء حتى خرج من في المسجد والمحفوظ أنَّه سبق النبي صلى الله عليه وسلم.

67: قول ابن عباس رضي الله عنهما «وأنا يومئذ ابن عشر سنين» .

68: فراشُ ابن عباس رضي الله عنهما بساط إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم.

69: توسد ابن عباس رضي الله عنهما ثوبه.

70: نوم ابن عباس رضي الله عنهما متنحيًا عنهما.

71: طلب ابن عباس من خالته ميمونة رضي الله عنهم إيقاظه.

72: امتناع ابن عباس رضي الله عنهما من الصب على النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يدع التهجد لأجله والمحفوظ كراهة أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه يرقبه.

73: حلف ابن عباس رضي الله عنهما ليفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

74: شرب ابن عباس رضي الله عنهما قائمًا.

75: وقوف ابن عباس رضي الله عنهما خلف النبي صلى الله عليه وسلم وتعليله بعدم مصافة النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّه أجل في عينيه وأعز من أن يصافه.

76: وقوف ابن عباس رضي الله عنهما عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وتحويله إلى يساره.

77: صلاة ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر وبعض التهجد والمحفوظ صلاته معه التهجد كله.

ص: 270

‌الباب الثالث

المسائل العلمية الواردة في روايات الحديث

ص: 271

تمهيد

في هذا الباب وما بعده أذكر المسائل العلمية الواردة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما سواء كانت هذه المسائل في الروايات الصحيحة أو الضعيفة مرتبًا هذه المسائل على ما جرى عليه المحدثون والفقهاء في ترتيب أبواب الفقه ومسائله وأتطرق للخلاف مرجحًا في نهاية كل مسألة مقدمًا ما يتعلق بالعقيدة.

الفصل الأول: القرين.

الفصل الثاني: ترك العبادة خشية الرياء.

ص: 272

‌الفصل الأول

القرين

1: تعريف القرين.

2: القرين من الشيطان.

3: القرين في القرآن.

4: أحاديث القرين.

5: عودة الضمير في كلمة (أسلم) في حديث القرين.

6: عصمة الأنبياء عليهم السلام.

7: القرين من الملائكة.

ص: 273

‌تعريف القرين

لغة: المصاحب، والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه والقرين: يكون في الخير والشر

(1)

.

شرعًا: القرين وهو شيطان الآدمي الذي قرن به ووكل به

(2)

.

‌القرين في القرآن:

دلت نصوص القرآن والسنة على أنَّ لكل إنسان قرينًا من الشياطين من ذلك:

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 36 - 38].

تنبيه: اختلف المفسرون في المراد بالقرين في بعض الآيات هل هو الملك أو الشيطان كما في قوله تعالى: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق: 27]

(3)

.

أو هو شيطان الجن أو الإنس كما في قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: 25]

(4)

.

(1)

انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 54) والقاموس المحيط ص: (1224) ولسان العرب (13/ 336).

(2)

انظر: مشارق الأنوار (2/ 179) وتفسير النسفي (3/ 366).

(3)

انظر: تفسير البغوي (7/ 361) وزاد المسير (4/ 161).

(4)

انظر: تفسير البغوي (7/ 171) وتفسير القرطبي (15/ 231).

ص: 274

‌أحاديث القرين

جاء ذكر قرين بني آدم من شياطين الجن في أحاديث:

1: عائشة. 2: عبد الله بن مسعود. 3: ابن عمر. 4: شريك بن طارق. 5: ابن عباس. 6: المغيرة بن شعبة. 7: أبي أمامة. 8: أبي هريرة. 9: أبي مالك الأشعري رضي الله عنهم.

الحديث الأول: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلًا، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال:«مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟» فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ» قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: «نَعَمْ» قلت: ومع كل إنسان؟ قال: «نَعَمْ» قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه

عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ» قالوا: وإياك؟ يا رسول الله قال: «وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ»

(2)

.

(1)

رواه مسلم (2815).

(2)

الحديث من رواية منصور بن المعتمر عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ورواه عن منصور:

1: جرير بن عبد الحميد: رواه مسلم (69)(2814) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم - قال إسحاق: أخبرنا، وقال عثمان: حدثنا - جرير، عن منصور، والبزار (1870) حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا جرير، عن منصور وابن حبان (6417) أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن منصور به وإسناده صحيح.

أبو الجعد جاء في ترجمته في تهذيب الكمال وتهذيبه: رافع أبو الجعد الغطفاني الكوفي. روى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما وعنه ابنه سالم بن أبي الجعد والشعبي وذكره ابن حبان في الثقات وروى له مسلم حديثًا واحدًا في القرين من الجن قلت [ابن حجر] وقال أبو القاسم البغوي يقال إنَّه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ذكره أبو نعيم وابن عبد البر وغيرهما في الصحابة رضي الله عنهم. وبقية رواته ثقات.

قال البزار: هذا الحديث بهذا اللفظ لا نحفظه عن عبد الله رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد.

تنبيه: لم يذكر البزار لفظه وأحال على رواية شيبان الآتية.

2: سليمان بن طرخان التيمي: رواه البزار (1871) حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: نا المعتمر، والطبراني في الكبير (10/ 218) حدثنا العباس بن محمد المجاشعي الأصبهاني، ثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، ح وحدثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثنا يحيى بن حبيب بن عربي، ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن منصور، به إسناده صحيح.

تنبيه: لم يذكر الطبراني لفظه وأحال على رواية شيبان التالية.

3: شيبان بن عبد الرحمن النحوي: رواه الطبراني في الكبير (10/ 218) حدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا عبد الله بن رجاء، أنا شيبان، عن منصور والطحاوي في شرح مشكل الآثار (109) حدثنا فهد قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، وحدثنا أبو أمية قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قالا: أخبرنا شيبان، عن منصور به إسناده صحيح.

4: زياد بن عبد الله: رواه أحمد (4378) حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، حدثنا منصور به إسناده حسن.

زياد بن عبد الله صدوق وبقية رواته ثقات.

5: عمار بن رزيق: رواه مسلم (69) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن آدم، عن عمار بن رزيق، عن منصور به إسناده حسن.

عمار بن رزيق لا بأس به وبقية رواته ثقات.

6: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق: رواه ابن المقرئ في معجمه (707) حدثنا أبو الحسن إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن حكيم ثنا أبو يعقوب إسحاق بن خلدون ثنا محمد بن مصعب، ثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، وسالم بن أبي الجعد، عن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل إسناده ضعيف.

محمد بن مصعب بن صدقة القرقساني ضعيف وإسحاق بن خالد البالسي الذي يقال له ابن خلدون ذكره ابن حبان في ثقاته.

فهذه الرواية شاذة فيها مخالفة في متن الحديث وإسناده.

تنبيهان:

الأول: في السند: ثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله رضي الله عنه. والتصحيح من الإبانة الكبرى (1470).

الثاني: «إلا أنِّي آمره فيطيعني» بدل «فلا يأمرني إلا بخير» .

7: سفيان الثوري: رواه أحمد (3792) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان ومسلم (69) حدثنا ابن المثنى، وابن بشار، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان وابن خزيمة (658) حدثنا محمد بن بشار، نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان وأحمد (2814) حدثنا يحيى، عن سفيان ح (3770) حدثنا أسود بن عامر، حدثنا سفيان بن سعيد الثوري والدارمي (2730) أخبرنا محمد بن يوسف، عن سفيان والطبراني في الكبير (10/ 218) حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» . قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: «وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» إسناده صحيح.

قال ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 47) انفرد بإخراجه مسلم من حديث منصور وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص: (32) انفرد به مسلم فكأنَّ ذلك إشارة منهما إلى شذوذ هذه الزيادة والله أعلم.

تنبيهات:

الأول: في رواية أحمد (2814)«فلا يأمرني إلا بحق» وهي رواية بالمعنى فرواية الجمهور عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره «فلا يأمرني إلا بخير» .

الثاني: لم يسق الطبراني لفظه وأحال على رواية شيبان وليس فيها الملائكة.

الثالث: رواه الدارقطني في علله (5/ 343) حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَمَعَهُ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» ورواته ثقات.

قال الدارقطني: قال عباس الترقفي: عن الفريابي، عن الثوري، عن منصور، عن سالم، عن مسروق، ووهم فيه، والصواب عن سالم، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه.

8: شعبة بن الحجاج: رواه البيهقي في دلائل النبوة (7/ 101) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا لَهُ شَيْطَانٌ» فقالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ فقال: «وَلَا أَنَا، وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي بِإِسْلَامِهِ، أَوْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ» إسناده حسن.

رواته ثقات عدا محمد بن إسحاق فهو صدوق.

قال البيهقي: كأن شعبة أو من دونه شك فيه. قال أبو عبد الرحمن: المحفوظ رواية الجماعة: «حَتَّى أَسْلَمَ» .

فرواه جرير بن عبد الحميد وشعبة وسليمان التيمي وشيبان بن عبد الرحمن وإسرائيل بن يونس وهم حفاظ وتابعهم عمار بن رزيق وزياد بن عبد الله البكائي. بلفظ: «وكل به قرينه من الجن» وخالفهم سفيان الثوري فزاد: «وقرينه من الملائكة» قال الدارقطني: أثبت أصحاب منصور، الثوري، وشعبة، وجرير الضبي.

فالظاهر أنَّ رواية جرير بن عبد الحميد وشعبة أرجح لمتابعة الحفاظ له فزيادة «وقرينه من الملائكة» شاذة لتفرد سفيان بها ولم يتابع عليها من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولم أقف على شاهد مرفوع صحيح صريح لها. وتقدم ما يفهم منه أنَّ ابن كثير وابن الجوزي يريان شذوذ هذه الزياة والله أعلم.

ص: 275

الحديث الثالث: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

1: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ»

(1)

.

2: عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فُضِّلْتُ عَلَى آدَمَ عليه السلام بِخَصْلَتَيْنِ:

(1)

رواه مسلم (506).

ص: 277

كَانَ شَيْطَانِي كَافِرًا فَأَعَانَنِي اللهُ حَتَّى أَسْلَمَ وَكُنَّ أَزْوَاجِي عَوْنًا لِي، وَكَانَ شَيْطَانُ آدَمَ كَافِرًا وَزَوْجَتُهُ كَانَتْ عَوْنًا لَهُ عَلَى خَطِيئَتِهِ»

(1)

.

الحديث الرابع: حديث شريك بن طارق رضي الله عنه

عن شريك بن طارق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ» ، قالوا: ولك يا رسول الله؟ قال: «وَلِي، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ»

(2)

.

الحديث الخامس: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

1: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ» . قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: «نَعَمْ، وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي

(1)

رواه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 488) أخبرنا أبو سعيد عبد الملك بن أبى عثمان الزاهد، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أنبأنا أبو بكر محمد بن حمويه بن عباد السراج، وابن الجوزي في العلل المتناهية (280) أخبرنا القزاز قال نا أحمد بن علي الحافظ قال حدثني أبو طالب يحيى بن علي الدسكري كان نا أبو أحمد محمد بن أحمد بن القاسم بن الغطريف العبدي قال نا أبو بكر محمد بن حمويه بن عباد السراج حدثنا محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر بمكة، حدثنا إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال البيهقي: فهذا رواية محمد بن الوليد بن أبان وهو في عداد من يضع الحديث. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدي: محمد بن الوليد كان يضع الحديث ويوصله ويسرق ويقلب الأسانيد والمتون وسمعت الحسين بن أبي معشر يقول هو كذاب.

تنبيهان:

الأول: في رواية البيهقي إبراهيم بن صدقة، عن يحيى بن سعيد والظاهر أنَّ هذا تصحيف فإبراهيم بن صرمة صهر يحيى بن سعيد الأنصاري يروي عنه.

الثاني: تأتي رواية إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وإبراهيم بن صرمة ضعفه شديد.

(2)

رواه البزار - كشف الأستار (2439) - حدثنا بشر بن معاذ العقدي، ثنا أبو عوانة والطبراني في الكبير (7/ 309) حدثنا أحمد بن عمرو القطراني، ثنا كامل بن طلحة الجحدري، ثنا أبو عوانة وابن حبان (6416) أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز، بالبصرة، حدثنا بشر بن معاذ العقدي، حدثنا أبو عوانة، والطبراني في الكبير (7/ 309) حدثنا المقدام بن داود، ثنا أسد بن موسى، ثنا شيبان يرويانه عن زياد بن علاقة، عن شريك بن طارق رضي الله عنه، قال: فذكره ورواته ثقات.

صححه ابن حبان وصحح إسناده الألباني في تعليقاته على ابن حبان (6382).

أبو عوانة هو وضاح اليشكري وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي.

قال البزار: لا نعلم روى شريك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثين.

ص: 278

عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ»

(1)

.

2: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «وكانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ» ؟ قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال:«إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ»

(2)

.

الحديث السادس: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا جُعِلَ مَعَهُ قَرِينٌ مِنَ الْجِنِّ» ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ»

(3)

.

الحديث السابع: حديث أبي أمامة رضي الله عنه

(1)

رواه أحمد وابنه عبد الله (2319) قالا حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير، والبزار - كشف الأستار (2440) - حدثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير والطبراني في الكبير (12/ 110) حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا يحيى بن معين، ثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فذكره إسناده ضعيف.

قابوس بن أبي ظبيان ضعيف قال أحمد ليس بذاك وقد روى عنه الناس وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال النسائي ليس بالقوي ضعيف وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا بأس به وقال ابن سعد فيه ضعف ولا يحتج به وقال الدارقطني ضعيف ولكن لا يترك وقال ابن حبان كان رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له فربما رفع المراسيل وأسند الموقوف - وأبوه ثقة - ووثقه يعقوب بن سفيان وقال العجلي كوفي لا بأس به ووثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى. فتفرده بالحديث يدل على ضعفه والله أعلم.

وجرير هو ابن عبد الحميد وأبو ظبيان هو حصين بن جندب الجنبي.

(2)

الحديث منكر رواه ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) انظر: الرواية (18).

(3)

رواه الطبراني في الكبير (20/ 421) حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، ثنا أبو أحمد حماد الكوفي، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره إسناده ضعيف.

أبو حماد المفضل بن صدقة الكوفي، ترجم له الذهبي في الميزان فقال: عن زياد بن علاقة،

روى عباس، عن يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك. زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبو حماد الكوفي، عن زياد بن علاقة: سمعت جريرًا رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لا يرحم لا يرحم،

قال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأسًا. وكان أحمد بن محمد بن شعيب يثنى عليه ثناءً تامًا. وقال الأهوازي: كان عطاء بن مسلم يوثقه. وبقية رواته ثقات.

تنبيه: في السند تصحيف والتصحيح من كتب التراجم وفي مجمع الزوائد (8/ 225): رواه الطبراني، وفيه أبو حماد المفضل بن صدقة وهو ضعيف. والظاهر أنَّ في السند سقطًا فهارون بن زيد بن أبي الزرقاء يروي عن أبيه عن أبي حماد المفضل بن صدقة والله أعلم.

ص: 279

في حديث أبي أمامة رضي الله عنه «وَمَلِكُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ»

(1)

.

الحديث الثامن: حديث أبي هريرة رضي الله عنه

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخَصْلَتَيْنِ كَانَ

(1)

رواه الطبراني في الكبير (8/ 234) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا سهل بن عثمان، ثنا المحاربي، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فاستفتح الصلاة، فرأى نخاعة في القبلة، فخلع نعله، ثم مشى إليها فحتها، ففعل ذلك ثلاث مرات، فلما قضى صلاته أقبل على الناس بوجهه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ فِي مَقَامٍ عَظِيمٍ بَيْنَ يَدَيْ رَبٍّ عَظِيمٍ يَسْأَلُ أَمْرًا عَظِيمًا الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ وَمَلِكُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَا يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدْمِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ لِيَعْرُكْ فَلْيُشَدِّدْ عَرْكَهُ، فَإِنَّمَا يَعْرُكُ أُذُنِيِّ الشَّيْطَانِ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِذَا تَكَشَّفَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ الْحُجُبُ، أَوْ يُؤْذَنُ فِي الْكَلَامِ شَكَا مِمَّا يَلْقَى مِنْ ذَلِكَ» إسناده ضعيف جدًا.

مطرح بن يزيد ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء وقال أبو زرعة ضعيف الحديث وقال أبو حاتم ليس بالقوي ضعيف الحديث يروي أحاديث عن ابن زحر عن علي بن يزيد فلا أدري البلاء منه أو من علي بن يزيد وقال النسائي ضعيف وقال مرة ليس بشيء وقال ابن عدي وبجانب روايته عن ابن زحر والضعف على حديثه بين.

وعبيد الله بن زحر ضعفه شديد ضعفه أحمد وقال ابن معين ليس بشيء وقال ابن المديني منكر الحديث ووثقه أحمد بن صالح وقال أبو زرعة لا بأس به صدوق وقال الحاكم لين الحديث وقال النسائي ليس به بأس وقال ابن عدي ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه ونقل الترمذي في العلل عن البخاري أنَّه وثقه وقال البخاري في التاريخ مقارب الحديث ولكن الشأن في علي بن يزيد وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات فإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن متن ذلك الخبر الا مما عملته أيديهم. قال ابن حجر: ليس في الثلاثة من اتهم إلا علي بن يزيد وأما الآخران فهما في الأصل صدوقان وإن كانا يخطئان.

وعلي بن يزيد الألهاني ضعفه شديد: قال يحيى بن معين علي بن يزيد عن القاسم عن أبي إمامة رضي الله عنه ضعاف كلها وقال يعقوب علي بن يزيد واهي الحديث كثير المنكرات وقال العلاء عن ابن معين أحاديث عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد ضعيفة وقال محمد بن يزيد المستملي عن أبي مسهر ما أعلم إلا خيرًا وقال الجوزجاني رأيت غير واحد من الأئمة ينكر أحاديثه التي يرويها عنه عبيد الله بن زحر وابن أبي العاتكة ثم رأيت جعفر بن الزبير وبشر بن نمير يرويان عن القاسم أحاديث تشبه تلك الأحاديث وكان القاسم خيارًا فاضلًا ممن أدرك أربعين من المهاجرين والأنصار وأظنهما أتيا من قبل علي بن يزيد وقال محمد بن إبراهيم الكناني الأصبهاني قلت لأبي حاتم ما تقول في أحاديث علي بن يزيد عن القاسم عن أبي إمامة رضي الله عنه قال ليست بالقوية هي ضعاف وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي ليس بثقة وقال في موضع آخر متروك الحديث وقال الأزدي والدارقطني والبرقي متروك. فالحديث منكر.

القاسم هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة رضي الله عنه.

ص: 280

شَيْطَانِي كَافِرًا فَأَعَانَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ حتى أَسْلَمَ» ونسيت الخصلة الأخرى.

(1)

.

الحديث التاسع: حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه

حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه مرفوعا -: «إنَّ القرينَ هو كاتبُ السيئاتِ»

(2)

.

تنبيه: رويت أحاديث ليست صريحة في القرين تأتي في المسألة التالية: القرين من الملائكة.

(1)

رواه البزار (7826) حدثنا صالح بن معاذ أبو بشر، قال: حدثنا إبراهيم بن صرمة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

إبراهيم بن صرمة الأنصاري ترجم له الذهبي في الميزان فقال: ضعفه الدارقطني وغيره، وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر المتن والسند. قال أبو حاتم: شيخ. وقال ابن معين: كذاب خبيث. فالحديث منكر.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 225) فيه إبراهيم بن صرمة وهو ضعيف.

ويحيى بن سعيد هو الأنصاري وسعيد هو ابن أبي سعيد المقبري.

تنبيه: تقدم الحديث من رواية محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر بمكة، حدثنا إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما وهو حديث موضوع.

(2)

ذكره ابن رجب في الفتح (3/ 124) وقال: ورد في حديث خرجه الطبراني وإسناده شامي ضعيف.

قال أبو عبد الرحمن: لم أقف عليه.

ص: 281

‌الخلاف في عودة الضمير في كلمة (أسلم) في حديث القرين

قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث القرين «فأسلمُ» هل هو فعل مضارع؟ فالفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم النبي صلى الله عليه وسلم من وسوسة القرين.

أو أفعل تفضيل؟ فسلامة النبي صلى الله عليه وسلم ليست كسلامة غيره.

أو هو فعل ماضٍ فأسلمَ؟ فالفاعل القرين وعلى هذا التقدير دخل القرين في الإسلام.

أو انقاد مع كفره فلا يأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بخير بخلاف غيره فيوسوس له بالشر. هذا محل الخلاف.

القول الأول: أسلمُ منه: فالقرين كافر لكنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يسلم من وسوسته اختار ذلك سفيان بن عيينة

(1)

ومحمد بن الصباح الدولابي شيخ الإمام أحمد

(2)

.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ» قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: «نَعَمْ» قلت: ومع كل إنسان؟ قال: «نَعَمْ» قلت: ومعك؟ يا رسول الله قال: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَم» .

الدليل الثاني: عن شريك بن طارق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ» ، قالوا: ولك يا رسول الله؟ قال: «وَلِي، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ» .

وجه الاستدلال: الشيطان لا يسلم فيحمل أسلم على سلامة النبي صلى الله عليه وسلم منه

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا مانع أن يخص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بإسلام قرينه

(4)

.

(1)

انظر: غريب الحديث للخطابي (3/ 253) ودلائل النبوة للبيهقي (7/ 101) وشرح السنة (14/ 409) وذم الهوى ص: (174).

(2)

انظر: السنة للخلال ص: (191).

(3)

انظر: دلائل النبوة للبيهقي (7/ 101) وغريب الحديث للخطابي (3/ 253) والمفهم (7/ 402).

(4)

انظر: مرقاة المفاتيح (1/ 138) وشرح المشكاة للطيبي (1/ 205).

ص: 282

الثاني: هذا التوجيه صرف للفظ عن ظاهره

(1)

.

الدليل الثاني: ببقاء القرين على كفره تظهر فضيلة مجاهدة النبي صلى الله عليه وسلم للشيطان

(2)

.

الدليل الثالث: الأصل كفر القرين

(3)

ولا دليل صحيح صريح بإسلام قرين النبي صلى الله عليه وسلم.

القول الثاني: خضع وانقاد: «فأسلمَ» فعل ماضٍ أي استسلم القرين قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية

(4)

وابن أبي العز الحنفي

(5)

وذكر هذا القول الدارمي

(6)

والنووي

(7)

وابن رجب

(8)

ولم ينسبوه للقائلين به.

الدليل الأول: في حديث شريك بن طارق رضي الله عنه، «إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» .

وجه الاستدلال: لا يصلح حمل لفظ أسلم على الدخول في الإسلام فيحمل على الإسلام الظاهر وهو الانقياد

(9)

.

الرد: تقدم أنَّه لا مانع من إسلامه فيكون من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: لم يثبت ما يدل على ذلك.

الدليل الثاني: في رواية لحديث ابن مسعود رضي الله عنه «فاستسلم»

(10)

.

وجه الاستدلال: هذه الرواية صريحة في انقياد القرين.

(1)

انظر: منهاج السنة (8/ 271).

(2)

انظر: ذم الهوى ص: (174) وآكام المرجان في أحكام الجان ص: (51).

(3)

انظر: شرح مسلم للأبي (7/ 207).

(4)

انظر: منهاج السنة (8/ 271).

(5)

انظر: شرح الطحاوية ص: (344).

(6)

قال الدارمي في سننه (2/ 210): من الناس من يقول أسلم: استسلم، يقول: ذل.

(7)

قال النووي في شرح مسلم (17/ 230): اختلفوا على رواية الفتح قيل أسلم بمعنى استسلم وانقاد.

(8)

قال ابن رجب في الفتح (1/ 133): ومنهم من فسره بأنَّه استسلم وخضع وانقاد كرهًا، وهو تفسير ابن عيينه وغيره.

قال أبو عبد الرحمن: ظاهر كلام ابن رجب لا فرق بين القول الأول والثاني.

(9)

انظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 133).

(10)

قال القاضي عياض في إكمال المعلم (8/ 350): رواه بعضهم فى غير الأم [مسلم]: «فاستسلم» .

وقال النووي في شرح مسلم (17/ 230): جاء هكذا في غير صحيح مسلم «فاستسلم» .

ص: 283

الرد من وجهين:

الأول: ذكر هذه الرواية القاضي عياض والنووي ولم يذكرا من رواها ولم أقف عليها مسندة.

الثاني: تقدم قول الدارمي: من الناس من يقول أسلم: استسلم، يقول: ذل. فالدارمي لم يجعلها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل أنَّه حصل لبس عند من ذكرها رواية مسندة والله أعلم.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أو كلمة نحوها - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي»

(1)

.

وجه الاستدلال: استسلام شيطان الجن للنبي صلى الله عليه وسلم له نظائر فلفظ «أسلم» المحتمل يحمل على الاستسلام لتعذر حمله على الدخول في الإسلام.

الرد من وجهين:

الوجه الأول: تقدم.

الوجه الثاني: على القول بأنَّ أسلمُ أفعل تفضيل فيكون استسلام القرين نسبيًا لا مطلقًا.

تنبيه: ليس هناك كبير فرق بين القول الأول والثاني فالقرين باقٍ على كفره.

القول الثالث: أسلمَ من الإسلام: ذكر الخطابي أنَّه قول عامة الرواة إلا ابن عيينة

(2)

(1)

رواه البخاري (461) ومسلم (541).

(2)

قال في غريب الحديث (3/ 253) عامة الرواة يقولون: فأسلم على مذهب الفعل الماضي، يريدون أنَّ الشيطان قد أسلم إلا سفيان بن عيينة، فإنَّه يقول: فأسلم: أي أسلمُ من شره، وكان يقول: الشيطان لا يسلم.

ص: 284

ونسبه للجمهور القرطبي

(1)

وابن الجوزي

(2)

واختاره ابن خزيمة

(3)

وابن حبان

(4)

والطحاوي

(5)

والقاضي عياض

(6)

والنووي

(7)

وبدر الدين الشبلي

(8)

وابن حجر الهيتمي

(9)

والسيوطي

(10)

وأحمد شاكر

(11)

.

الدليل الأول: في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه:«إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» .

الدليل الثاني: في حديث شريك بن طارق رضي الله عنه «إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» .

الاستدلال من وجوه:

الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم «فلا يأمرني إلا بخير» يدل على إسلامه

(12)

.

الرد من وجوه:

الوجه الأول: لا يأمر إلا بخير لذلته وعجزه لا لصلاحه ودينه

(13)

.

الوجه الثاني: في قصة أبي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان: «دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، حتى تختم الآية، فإنَّك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح

»

(14)

(1)

انظر: المفهم (7/ 401).

(2)

انظر: ذم الهوى ص: (174).

(3)

انظر: دلائل النبوة للبيهقي (7/ 101).

(4)

انظر: صحيح ابن حبان (14/ 327).

(5)

انظر: شرح مشكل الآثار (1/ 105).

(6)

انظر: إكمال المعلم (8/ 350).

(7)

انظر: شرح النووي على مسلم (17/ 230).

(8)

انظر: آكام المرجان في أحكام الجان ص: (53).

(9)

انظر: الفتاوى الحديثية ص: (52).

(10)

انظر: الخصائص الكبرى (2/ 189).

(11)

انظر: تعليق أحمد شاكر على شرح الطحاوية ص: (344).

(12)

انظر: ذم الهوى ص: (174) وآكام المرجان في أحكام الجان ص: (51).

(13)

انظر: مجموع الفتاوى (17/ 523).

(14)

رواه البخاري (2311). وانظر فتح الباري (4/ 488).

ص: 285

فقد يأمر الشيطان بالخير

(1)

.

الوجه الثالث: جاءت نصوص كثيرة من الوحيين يستدل بها على وقوع اللَّمَم من النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد: الأمر بالشر يقع من المسلم فكون القرين يأمر النبي صلى الله عليه وسلم باللَّمَم نادرًا لا يدل على إسلامه.

الوجه الرابع: لو دخل في الإسلام لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بل يتأمر بأمره صلى الله عليه وسلم

(2)

.

الرد: جاء في رواية: «إلا أنِّي آمره فيطيعني» .

الجواب: تقدم أنَّها رواية شاذة.

الوجه الخامس: هذا التوجيه صرف للفظ عن ظاهره لأنَّ الشيطان لا يكون مؤمنًا

(3)

.

الرد: تقدم أنَّ ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: تقدم أنَّ هذا يحتاج إلى دليل ولم يوجد.

الثاني: يزول عنه اسم الشيطان ويصير مسلمًا إذا أمر بالخير

(4)

.

الرد: تقدم.

الدليل الثالث: في حديث ابن مسعود رضي الله عنه «فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِحَقٍّ» .

وجه الاستدلال: تقدم.

الرد من وجهين:

الأول: الوجوه المتقدمة.

الثاني: تقدم أنَّ هذه رواية بالمعنى والمحفوظ «فلا يأمرني إلا بخير» .

الدليل الرابع: في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ

(1)

انظر: شرح المشكاة للطيبي (1/ 45).

(2)

انظر: منية المنعم شرح مسلم (4/ 311).

(3)

انظر: منهاج السنة (8/ 271).

(4)

انظر: دلائل النبوة للبيهقي (7/ 101) والمفهم (7/ 402).

ص: 286

أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ» قالوا: وإياك؟ يا رسول الله قال: «وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» .

وجه الاستدلال: في الحديث قرينه من الجن ولم يقل شيطانه والجن فيهم المسلم والكافر

(1)

.

الرد: تقدم في حديث عائشة وحديث شريك بن طارق رضي الله عنهما بلفظ «شيطان» .

الدليل الخامس: في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي بِإِسْلَامِهِ، أَوْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ» .

وجه الاستدلال: الحديث نص في إسلام القرين.

الرد: تقدم أنَّ لفظ «بإسلامه» ليس محفوظًا وإنَّما المحفوظ «فأسلم» .

الدليل السادس: في حديث عائشة رضي الله عنها: «وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ» .

وجه الاستدلال: الظاهر أنَّ الشيطان هو الذي أسلم فالضمير في أسلم يعود على أقرب مذكور وهو الشيطان

(2)

.

الرد: يحتمل أنَّ (حتى) بمعنى: كي، فالتقدير: أعانني كي أسلم منه فعلى هذا التقدير الضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

الدليل السابع: من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم إسلام قرينه

(4)

.

الرد: تقدم.

القول الرابع: أسلمُ أفعلُ تفضيل: فتقديره: فأنا أسلمُ منكم ذكره ابن الملَك الحنفي

(5)

وعلى القارئ

(6)

ولم يذكرا قائله.

(1)

انظر: تعليق أحمد شاكر على شرح الطحاوية ص: (344).

(2)

انظر: المفهم (7/ 402).

(3)

انظر: المفهم (7/ 402).

(4)

انظر: الفتاوى الحديثية للهيتمي ص: (52) والخصائص الكبرى (2/ 189).

(5)

انظر: شرح المصابيح (1/ 85) ومبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار (2/ 128).

(6)

انظر: مرقاة المفاتيح (1/ 138).

ص: 287

الدليل الأول: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2].

الدليل الثاني: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117].

الدليل الثالث: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55].

الدليل الرابع: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19].

الدليل الخامس: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في افتتاح النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل: «فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ»

(1)

.

الدليل السادس: في حديث علي رضي الله عنهم في افتتاح النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة: «اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ،

، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»

(2)

.

الدليل السابع: عن عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» يتأول القرآن»

(3)

.

الدليل الثامن: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال:«أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»

(4)

.

الدليل التاسع: عن عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أتصنع هذا، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»

(5)

.

(1)

رواه البخاري (105) والحديث مخرج في كتاب أذكار الصلاة (ص: 105).

(2)

رواه مسلم (95) والحديث مخرج في كتاب أذكار الصلاة (ص: 95).

(3)

رواه البخاري (817) ومسلم (484).

(4)

رواه البخاري (4836) ومسلم (2819).

(5)

رواه البخاري (4837) ومسلم (2820).

ص: 288

الدليل العاشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:«فِي سُجُودِهِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ»

(1)

.

الدليل الحادي عشر: في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه:«إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» .

الدليل الثاني عشر: في حديث شريك بن طارق رضي الله عنه: «وَلِي، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم» .

وجه الاستدلال: ظاهر نصوص الكتاب والسنة السابقة وغيرها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد يقع منه اللَّمَم فيكون قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابقة «فأسلمُ» أفعل تفضيل أي: فأنا أسلمُ منكم ففي أغلب الأوقات «لا يأمرني إلا بخير» فيحمل النفي على أعم الأوقات

(2)

. فلا بد من الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض فجمهور المتقدمين على وقوع الصغائر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكنَّهم لا يقرون عليها.

قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات

وأمَّا الصغائر .. فجوزها جماعة من السلف وغيرهم على الأنبياء وهو مذهب أبي جعفر الطبري وغيره من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين

وذهبت طائفة أخرى من المحققين من الفقهاء والمتكلمين إلى عصمتهم من الصغائر كعصمتهم من الكبائر

من جوز الصغائر ومن نفاها عن نبينا صلى الله عليه وسلم مجمعون على أنَّه لا يقر على منكر من قول أو فعل

(3)

.

وقال القرطبي: قال الطبري وغيره من الفقهاء والمتكلمين والمحدثين: تقع الصغائر منهم. خلافًا للرافضة حيث قالوا: إنَّهم معصومون من جميع ذلك، واحتجوا بما وقع من ذلك في التنزيل وثبت من تنصلهم من ذلك في الحديث،

(1)

رواه مسلم (483).

(2)

انظر: شرح المصابيح (1/ 85) ومبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار (2/ 128) ومرقاة المفاتيح (1/ 138).

(3)

الشفا (2/ 327 - 332). وانظر: إكمال المعلم (1/ 573 - 574).

ص: 289

وهذا ظاهر لا خفاء فيه. وقال جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك

(1)

وأبي حنيفة

(2)

والشافعي

(3)

: إنِّهم معصومون من الصغائر كلها كعصمتهم من الكبائر أجمعها، لأنَّا أمرنا باتباعهم

(4)

.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: القول بأنَّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف حتى إنِّه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي أنَّ هذا قول أكثر الأشعرية وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء بل هو [هكذا هو ولعلها زائدة] لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول ولم ينقل عنهم ما يوافق القول [قال جامع الفتاوى: بياض قدر ستة أسطر] وإنَّما نقل ذلك القول في العصر المتقدم عن الرافضة ثم عن بعض المعتزلة

(5)

ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين. وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنَّهم غير [الظاهر أنَّ (غير) زائدة] معصومين عن الإقرار على الصغائر ولا يقرون عليها ولا يقولون إنِّها لا تقع بحال وأول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولًا لذلك: الرافضة فإنِّهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل

(6)

والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق

(1)

قال ابن العربي في أحكام القرآن (4/ 51) الأنبياء معصومون عن الكبائر إجماعًا، وفي الصغائر اختلاف؛ وأنا أقول: إنِّهم معصومون عن الصغائر والكبائر، لوجوه بيناها في كتاب النبوات من أصول الدين.

(2)

قال الكاساني - في بدائع الصنائع (3/ 18) الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عن الكبائر والمعاصي.

(3)

قال أبو يحيى زكريا الأنصاري - في أسنى المطالب (4/ 175) -: (والأنبياء معصومون قبل النبوة من الكفر وفي) عصمتهم قبلها من (المعاصي خلاف و) هم معصومون (بعدها من الكبائر) ومن كل ما يزري بالمروءة (وكذا) من (الصغائر) ولو سهوًا (عند المحققين) لكرامتهم على الله تعالى أن يصدر عنهم شيء منها وتأولوا الظواهر الواردة فيها وجوز الأكثرون صدورها عنهم سهوًا إلا الدالة على الخسة كسرقة لقمة.

(4)

تفسير القرطبي (1/ 211). وانظر بقية كلامه.

(5)

انظر: عصمة الأنبياء للرازي ص: (27).

(6)

مجموع الفتاوى (4/ 319 - 320).

ص: 290

للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقًا والرد على من يقول إنِّه يجوز إقرارهم عليها وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنَّما تدل على هذا القول. وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء فإنَّ القائلين بالعصمة احتجوا بأنَّ التأسي بهم مشروع وذلك لا يجوز إلا مع تجويز كون الأفعال ذنوبًا ومعلوم أنَّ التأسي بهم إنَّما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه

(1)

. وكذلك ما احتجوا به من أنَّ الذنوب تنافي الكمال أو أنَّها ممن عظمت عليه النعمة أقبح. أو أنَّها توجب التنفير أو نحو ذلك من الحجج العقلية فهذا إنَّما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه

(2)

.

وقال شيخنا محمد العثيمين: النبي صلى الله عليه وسلم تجوز عليه الذنوب

، لكن هناك ذنوبًا لا يمكن أن تقع من النبي صلى الله عليه وسلم

الرسل قد يقع منهم الذنب لكنَّهم معصومون من الاستمرار فيه

(3)

.

القول الخامس: التوقف: هذا رأي الإمام أحمد

(4)

.

القول السادس: جواز الأمرين: اختاره ابن هبيرة

(5)

.

الترجيح: كثرة الأقوال في هذه المسألة وتوقف الإمام أحمد فيها يدل على تعارض الأدلة فيها وصعوبة الترجيح.

ومع ذلك - فأشارك برأيي في المسألة - فالذي يترجح لي أنَّ عودة الضمير في أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم وسلامته صلى الله عليه وسلم في الحديث ليست مطلقة فيسلم في أغلب الأوقات - سواء قلنا إنَّ أسلم فعلُ ماضٍ أو مضارع أو اسم تفضيل حيث لا يوجد ما يمنع

(1)

مجموع الفتاوى (4/ 292). وانظر: منهاج السنة (2/ 401 - 414).

(2)

مجموع الفتاوى (4/ 293). وانظر بقية كلامه.

(3)

فتح ذي الجلال والإكرام (3/ 228).

(4)

قال الخلال في السنة (1/ 191) قال أبو عبد الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان» قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال:«ولا أنا، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلم» . قال أبو عبد الله: لا أدري هو يسلم منه أو إبليس أسلم، قلت: إنَّ قومًا يقولون إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يسلم منه، قال: لا أدري.

(5)

انظر: الإفصاح (2/ 122).

ص: 291

ذلك من جهة القواعد النحوية - جمعًا بين حديث القرين ونصوص الوحيين التي تفيد وقوع اللَّمَم منه صلى الله عليه وسلم ولا يقر عليه والأصل في القرين من الشيطان الكفر ولم أقف على دليل صريح صحيح على إسلام قرين النبي صلى الله عليه وسلم فيبقى كقرين غيره كافرًا لكنَّ لا يسلط القرين على النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر والله أعلم.

ص: 292

‌القرين من الملائكة

جاء ذكر القرين من الملائكة في:

1: حديث جابر رضي الله عنه. 2: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

الحديث الأول: حديث جابر رضي الله عنه.

عن جابر رضي الله عنه قال: «إذا دخل الرجل بيته أو أوى إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان، فقال الملك: اختم بخير، وقال الشيطان: اختم بشر، فإن حمد الله وذكره أَطْرَدَه، وبات يكلؤه، فإذا استيقظ ابتدره ملك وشيطان فقالا مثله، فإن ذكر الله وقال: الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها، الحمد لله الذي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41]، الحمد لله الذي {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} إِلى {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65]، فإن مات مات شهيدًا، وإن قام فصلى صلى في فضائل»

(1)

.

وهذا الموقوف له حكم الرفع لكن الذي يظهر لي أنَّ دلالته ليست ظاهرة بحيث يثبت به حكم شرعي حيث لم أقف على دليل صريح في وجود القرين من الملائكة كقرين الشياطين والله أعلم.

الحديث الثاني: حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

1: في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» . قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: «وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» وتقدم أنَّ زيادة الملائكة شاذة.

2: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إنَّ للملك لمة، وللشيطان لمة. فلمة الملك: إيعاده بالخير وتصديق بالحق، ولمة الشيطان: إيعاد بالشر وتكذيب بالحق. فمن

(1)

الحديث رواه أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما واختلف عليه في رفعه ووقفه والمحفوظ وقفه رواه البخاري في الأدب المفرد (1214) - وغيره - ورواته ثقات. انظر: أذكار الاستيقاظ من النوم.

ص: 293

أحسَّ من لمة الملك شيئًا فليحمد الله عليه، ومن أحسَّ من لمة الشيطان شيئًا فليتعوذ بالله منه. ثم تلا هذه الآية:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268]»

(1)

.

(1)

رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه:

1: عطاء بن السائب. 2: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. 3: عامر بن عبدة.

الرواية الأولى: رواية عطاء بن السائب: اختلف على عطاء بن السائب فروي عنه موقوفًا ومرفوعًا.

أولًا: الموقوف رواه:

1: الطبري في تفسيره (3/ 59) حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني عن ابن مسعود رضي الله عنه فذكره رواته ثقات عدا شيخ الطبري.

المثنى بن إبراهيم الآملي لم أقف على من عَدلَّه.

قال الطحاوي: حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد. فهذه الرواية على ضعفها أقوى روايات عطاء.

واضطرب عطاء بن السائب في إسناده فتارة يجعله موقوفًا وتارة مرفوعًا وتارة عن مرة الهمداني وتارة عن أبي الأحوص وتارة بالشك.

2: الطبري في تفسيره (3/ 59) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير بن سليمان، قال: حدثنا عمرو، عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن عبد الله رضي الله عنه إسناده ضعيف.

محمد بن حميد الرازي ضعيف. ورواية عمرو بن أبي قيس عن عطاء بعد اختلاطه.

3: الطبري في تفسيره (3/ 60) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن مرة بن شراحيل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، إسناده ضعيف.

ابن حميد ضعيف ورواية جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.

4: الطبري في تفسيره (3/ 59) حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص أو عن مرة قال: قال عبد الله رضي الله عنه إسناده ضعيف.

رواية ابن علية إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط. وأبو الأحوص هو عوف بن مالك وتقدم من رواية حماد بن سلمة عن مرة الهمداني ويأتي من رواية مسعر عن عطاء عن أبي الأحوص.

5: مسعر، عن عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة، عن ابن مسعود رضي الله عنه انظر: تفسير ابن كثير (1/ 321) - إسناده ضعيف.

لم أقف عليه وما أظهر من السند ضعيف فرواية مسعر بن كدام عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.

ثانيًا المرفوع: رواه الترمذي في جامعه (2988) والعلل الكبير (2/ 88) حدثنا هناد والنسائي في الكبرى (11051) أنا هناد بن السري وأبو يعلى (4999) - وعنه ابن حبان (997) - حدثنا هناد بن السري، والطبري في تفسيره (3/ 59) حدثنا هناد وابن أبي حاتم في تفسيره (2810) حدثنا أبو زرعة، ثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا إسناده ضعيف.

رواية أبي الأحوص عوف بن مالك عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط. وتقدم من رواية أبي الأحوص عن عطاء موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه.

قال الترمذي في الجامع: هذا حديث حسن غريب وهو حديث أبي الأحوص لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص.

- قال أبو عبد الرحمن: يأتي - قريبًا - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا -

وقال الترمذي في العلل: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى بعضهم هذا الحديث عن عطاء بن السائب وأوقفه. وأرى أنَّه قد رفعه غير أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، وهو حديث أبي الأحوص.

الرواية الثانية: رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: واختلف عليه فيه فروي موقوفًا ومرفوعًا:

أولًا: الموقوف: رواه عبد الرزاق في تفسيره (348) حدثنا معمر، وأبو داود في الزهد (164) قال: نا محمد بن عبيد، قال: نا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فذكره موقوفًا مرسل رواته ثقات.

رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود رضي الله عنه مرسلة. وابن ثور هو محمد الصنعاني.

ثانيًا: المرفوع: رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره - تفسير ابن كثير (1/ 321) - عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن رسته، عن هارون الفروي، عن أبي ضمرة عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود رضي الله عنه، مرفوعًا مرسل رواته ثقات.

محمد بن أحمد هو الحافظ أبو أحمد الأصبهاني، الحافظ المعروف بالعسال، صاحب المصنفات المشهور. وهارون الفروي هو ابن موسى وأبو ضمرة هو أنس بن عياض.

ويفهم من قول البخاري: رفعه غير أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، وهو حديث أبي الأحوص أنَّ هذه الرواية خطأ. وكذلك قول الترمذي لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص والله أعلم. ولم يذكر أبو حاتم إلا رواية الوقف.

الرواية الثالثة: رواية عامر بن عبدة البجلي: رواه الطبري في تفسيره (3/ 59) حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن فطر، عن المسيب بن رافع وأحمد في الزهد (854) حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، حدثني أبو إياس البجلي قال: سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يقول:«من تطاول تعظمًا خفضه الله عز وجل، ومن تواضع لله تخشعًا رفعه الله عز وجل، وإنَّ للملك لمة وللشيطان لمة، فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا الله عز وجل، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق، فإذا رأيتم ذلك فتعوذوا بالله عز وجل» رواته ثقات.

تقدم أنَّي لم أقف على من عَدلَّ المثنى بن إبراهيم الآملي. ويغلب على ظني أنَّ في إسناد رواية أحمد سقطًا فأحمد يروي عن إسرائيل بن يونس بواسطة شيوخه والله أعلم.

فالذي يظهر ثبوته بمجموعه موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه والله أعلم.

قال ابن أبي حاتم في علله (2224) قال أبو زرعة: الناس يوقفونه عن عبد الله رضي الله عنه؛ وهو الصحيح. وقال أبي: هذا من عطاء بن السائب؛ كان يرفع الحديث مرة، ويوقفه أخرى، والناس يحدثون من وجوه عن عبد الله رضي الله عنه موقوف. ورواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوف، وذكر أشياء من هذا النحو موقوف. وجعله من كلام ابن مسعود رضي الله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية - مجموع الفتاوى (4/ 31) - وابن القيم - الفوائد ص:(147) - وتقدم ترجيح الترمذي رواية الوقف.

ص: 294

والأثر له حكم الرفع لكنَّه كأثر جابر رضي الله عنه دلالته ليست ظاهر في ملازمة الملك للإنسان فاللمة هي الهمة والخطرة تقع في القلب، فإلمام الملك أو الشيطان القرب من الآدمي

(1)

ولا يلزم من ذلك الملازمة ففي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أتى بامرأة مُجِح على باب فسطاط، فقال:«لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا» ، فقالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ،

»

(2)

. فوطء المرأة قرب منها من غير ملازمة لها. والله أعلم.

هذا الذي وقفت عليه فيما يتعلق بالقرين من الملائكة - وفوق كل ذي علم عليم - وذكر ابن الأثير

(3)

وابن كثير

(4)

ومرتضى الزَّبيدي

(5)

وابن باز

(6)

بأنَّ للآدمي قرين من الملائكة يحثه على الخير.

تنبيه: بعض أهل العلم من المفسرين وغيرهم يطلقون اسم القرين على الكرام الكاتبين وليس هذا محل البحث.

(1)

انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 273).

(2)

رواه مسلم (1441).

المرأة المجح: الحامل التي دنت ولادتها. انظر: النهاية في غريب الحديث (1/ 240).

(3)

انظر: جامع الأصول (8/ 545).

(4)

انظر: البداية والنهاية (1/ 47).

(5)

انظر: تاج العروس (35/ 541).

(6)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (9/ 371).

ص: 296

‌الفصل الثاني

ترك العبادة خشية الرياء

ما اعتاده المسلم والمسلمة من أعمال الخير التي يداومون عليها لا تترك إذا كانوا بحضرة الناس خشية الرياء

فعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ»

(1)

.

قال أبو عبيد: قال جرير

(2)

: معناه أنَّ يريد الرجل أن يعمل الخير فيدعه حياءً من الناس كأنَّه يخاف مذهب الرياء يقول: فلا يمنعك الحياء من المضي لما أردت قال أبو عبيد: والذي ذهب إليه جرير معنى صحيح في مذهبه

ولكن الحديث

ليس يجيء سياقه ولا لفظه على هذا التفسير ولا على هذا يحمله الناس وإنَّما وجهه عندي أنَّه أراد بقوله: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت إنَّما هو من لم يستحِ صنع ما شاء على جهة الذم لترك الحياء

(3)

.

وعن الحسن البصري، قال: «ما من أحد عمل عملًا إلا سار في قلبه سَوْرَتان

(4)

، فإذا كانت الأولى منهما لله فلا تَهيدَنَّه الآخرة»

(5)

.

(1)

رواه البخاري (3483)(3484).

(2)

رواية جرير بن عبد الحميد عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عند ابن ماجه (4183).

(3)

غريب الحديث (3/ 31).

(4)

قال ابن الأثير في النهاية (2/ 420) سورة أي ثورة من حدة. ومنه يقال للمعربد سوار. ومنه حديث الحسن ....

(5)

رواه أبو عبيد، في غريب الحديث (4/ 451) قال: سمعت ابن عدي يحدث، عن عوف، عن الحسن، قال: فذكره إسناده صحيح.

ابن عدي هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي نُسِب لجده. وعوف هو ابن أبي جميلة العبدي.

وله طريق آخر ضعيف يأتي في أثر ابن سيرين.

ورواه البيهقي في شعب الإيمان (6884) أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، نا أبو الحسن الكازري، أنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، به. أبو عبد الرحمن السلمي يأتي قريبًا أنَّه ضعيف وبقية رواته محتج بهم.

أبو الحسن الكارَزي هو محمَّد بن محمَّد بن الحسن النيسابوري وعلي بن عبد العزيز هو الحافظ البغوي.

ص: 297

قال أبو عبيد: لا تَهيدَنَّه: لا تصرفنه عن ذلك ولا تزيلنه يقال منه: هِدْتُ الرجل أَهِيده هَيْدًا وهادًا إذا زجرته عن الشيء وصرفته عنه

والذي أراد الحسن

إذا صحت نيته في أول ما يريد الأمر من البر فعرض له الشيطان فقال: إنَّك تريد بهذا الرياء فلا يمنعنه ذلك من الأمر الذي تقدمت فيه نيته.

وعن الحارث بن قيس قال: «إذا هممت بخير فلا تؤخر، وإذا أتاك الشيطان وأنت تصلي، فقال: إنَّك ترائي، فزدها طولًا»

(1)

.

وروي عن محمد بن سيرين، أنَّه قال:«ما أراد رجل من الخير شيئًا إلا سار في قلبه سوراته فإذا كانت الأولى فلا تَهيدَنَّك الآخرة»

(2)

.

وروي عن الفضيل بن عياض أنَّه قال: «ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله عنهما»

(3)

.

فالإخلاص أن لا يكون للناس أي حظ من العبادة، ولا يترك المتعبد شيئًا منها لأجلهم

(4)

.

(1)

رواه وكيع في الزهد (259) - وعنه ابن أبي شيبة (2/ 476) وأحمد في الزهد (2092) - حدثنا الأعمش، والطبري في تهذيب الآثار - مسند عمر رضي الله عنه (1141) - حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو بكر عياش، عن الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن الحارث بن قيس الجعفي قال: فذكره رواته ثقات.

والحارث بن قيس الجعفي من كبار تابعي الكوفة.

(2)

رواه البيهقي في الشعب (6883) أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ، نا أبو عبد الله البوشنجي، نا ابن عائشة، نا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد - وأثنى عليه ابن عائشة، قال: وكان ثقة - نا عوف، قال: سمعت محمد بن سيرين، يقول:

قال إبراهيم بن حبيب، فحدثت به أبي، فقال: كان الحسن يقوله إسناده ضعيف.

رواته ثقات عدا أبا نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، لم أقف على من تكلم فيه.

وأبو عبد الله البوشنجي هو محمد بن إبراهيم العبدري وابن عائشة، هو عبيد الله بن محمد القرشي وعوف هو ابن أبي جميلة.

(3)

رواه البيهقي في شعب الإيمان (6879) أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت علي بن بندار، يقول: سمعت عبد الله بن محمود، يقول: سمعت محمد بن عبد ربه، يقول: سمعت الفضيل، يقول: فذكره إسناده ضعيف.

أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري ضعيف. قال الذهبي: تكلموا فيه، وليس بعمدة. ومحمد بن عبد ربه بن سليمان المروزي ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: يخطاء ويخالف. وترجم له ابن حجر في لسان الميزان فقال: روى له البيهقي في الشعب حديثًا منكرًا من روايته عن الفضل بن موسى السيناني وعنه صالح بن كامل وضعفه. وعبد الله بن محمود هو السعدي المروزي.

(4)

انظر: شرح عمدة الأحكام لابن العطار (3/ 1719).

ص: 298

قال أبو الفرج بن الجوزي: ترك الطاعات خوفًا من الرياء فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين فهذا ينبغي أن يترك؛ لأنَّه معصية، وإن كان الباعث على ذلك الدين وكان ذلك لأجل الله عز وجل مخلصًا فلا ينبغي أن يترك العمل؛ لأنَّ الباعث الدين، وكذلك إذا ترك العمل خوفًا من أن يقال: مراء، فلا ينبغي ذلك لأنَّه من مكايد الشيطان

(1)

.

وقال النووي: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفًا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعًا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل رحمه الله: أن ترك العمل لأجل الناس رياء.

ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئًا عظيمًا من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين

(2)

.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فإنَّه يصليه حيث كان ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس إذا علم الله من قلبه أنَّه يفعله سرًا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص؛ ولهذا قال الفضيل بن عياض:

وفعله في مكانه الذي تكون فيه معيشته التي يستعين بها على عبادة الله خير له من أن يفعله حيث تتعطل معيشته ويشتغل قلبه بسبب ذلك فإنَّ الصلاة كلما كانت أجمع للقلب وأبعد من الوسواس كانت أكمل

(3)

.

وما روي عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما: «وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليلة من أجلي» ورواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما: «فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئًا من عمله» لا تصحان والمحفوظ أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما كان مستيقظًا لكنَّه تظاهر بالنوم كراهة أن

(1)

انظر: الآداب الشرعية (1/ 283) ومختصر منهاج القاصدين ص: (286).

(2)

الأذكار ص: (10).

(3)

مجموع الفتاوى (23/ 174).

ص: 299

يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يرقبه

(1)

.

وعلى فرض صحته فكان النبي صلى الله عليه وسلم يترك بعض العمل خشية أن يفرض على أمته لا لأجل خشية الريا فيحمل عليه والله أعلم

(2)

.

وقد يترك النبي صلى الله عليه وسلم العبادة بحضرة الناس ويصليها في بيته لمصلحة شرعية فعن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر، فقام أيضًا حتى كنا رهطًا فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنَّا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له: حين أصبحنا أفطنت لنا الليلة؟ قال: فقال: «نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ»

(3)

. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم قيام رمضان عدة ليالي ثم تركه خشية أن يفرض عليهم

(4)

.

(1)

انظر: (ص: 155).

(2)

انظر: فتح الباري (2/ 483).

(3)

رواه مسلم (1104).

قال النووي في شرحه (7/ 303) دخل رحله: أي منزله قال الأزهري رحل الرجل عند العرب هو منزله سواء كان من حجر أو مدر أو وبر أو شعر وغيرها.

(4)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (12).

ص: 300

‌الباب الرابع

الطهارة

ص: 301

‌تمهيد

في هذا الباب ذكرت مسائل الطهارة الواردة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في سبعة فصول

الفصل الأول: أحكام السواك.

الفصل الثاني: أحكام الوضوء.

الفصل الثالث: الاستعانة على طهارة الحدث.

الفصل الرابع: الخلاف في انتقاض الوضوء بالنوم.

الفصل الخامس: قراءة القرآن والذكر للمحدث حدثًا أصغر.

الفصل السادس: قراءة القرآن من غير نية التعبد بالتلاوة هل تعطى أحكام القرآن؟

الفصل السابع: وضوء الحائض وقت الصلاة وذكرها لله.

ص: 302

‌الفصل الأول

أحكام السواك

1: السواك للصلاة.

2: السواك في المسجد.

3: محل السواك من الوضوء.

ص: 303

‌السواك للصلاة

تحرير محل الخلاف: قال ابن الملقن: اجتمع بحمد الله وعونه من الأحاديث من حين شرع المصنف في ذكر السواك إلى هذا المكان زيادة على مائة حديث كلها في السواك ومتعلقاته، وهذا عظيم جسيم، فواعجبًا سنة واحدة تأتي فيها هذه الأحاديث ويهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء المشتغلين. وهي خيبة عظيمة نسأل الله المعافاة منها

(1)

.

فاستقر الإجماع على استحباب السواك عند الوضوء والصلاة

(2)

فليس الخلاف في أصل استحباب السواك للصلاة إنَّما الخلاف في مسألتين:

الأولى: السواك للصلاة إذا كان في المسجد وتأتي هذه المسألة

(3)

.

الثانية: هل السواك سنة مطلقًا لكل صلاة أو لا؟

وأهل العلم لهم في هذه المسألة ثلاثة أقوال: قول يستحب للحاجة. وقول لا يستحب إذا استاك للوضوء وقول يستحب مطلقًا.

القول الأول: يستحب السواك للحاجة: فإذا لم تطل المدة بين السواك والصلاة لا يستحب وإذا طالت المدة استحب فلا يستحب إذا استاك للفريضة الاستياك

(1)

البدر المنير (2/ 68).

(2)

انظر: شرح سنن أبي داود للعيني (1/ 175) والتمهيد (7/ 200) وإكمال المعلم (2/ 57) والمفهم (1/ 509) وشرح الرسالة لقاسم بن عيسى (1/ 111) ورياض الأفهام شرح عمدة الأحكام (1/ 247) وطرح التثريب (2/ 70) والسواك لأبي شامة ص: (50) والمغني (1/ 78) والمبدع (1/ 98).

قال النووي في شرح مسلم (3/ 181) السواك سنة ليس بواجب في حال من الأحوال لا في الصلاة ولا في غيرها بإجماع من يعتد به في الإجماع وقد حكى الشيخ أبو حامد الإسفرايني عن داود الظاهري أنَّه أوجبه للصلاة وحكاه الماوردي عن داود وقال هو عنده واجب لو تركه لم تبطل صلاته وحكي عن إسحاق بن راهويه أنَّه قال هو واجب فإن تركه عمدًا بطلت صلاته وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره نقل الوجوب عن داود وقالوا مذهبه أنَّه سنة كالجماعة ولو صح إيجابه عن داود لم تضر مخالفته في انعقاد الإجماع على المختار الذي عليه المحققون والأكثرون وأما إسحاق فلم يصح هذا المحكي عنه والله أعلم.

(3)

انظر: (ص: 323).

ص: 304

للنافلة بعدها وإذا استاك للوضوء لا يستاك للصلاة بعده وهو مذهب المالكية

(1)

واختاره أبو شامة شهاب الدين المقدسي الشافعي

(2)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ أَوْ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ سِوَاكٌ وَلَأَخَّرْتُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» .

وجه الاستدلال: كما أن الوضوء لا يندب للراتبة التي بعد الفريضة فكذلك السواك

(3)

.

الرد من وجوه:

الأول: أكثر روايات الحديث بلفظ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .

الثاني: يأتي خلاف الحفاظ هل المحفوظ حديث أبي هريرة أو حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما؟ ورجح البخاري حديث زيد بن خالد رضي الله عنه وهو بلفظ «كل الصلاة» .

الثالث: متى يستحب تجديد الوضوء؟ من مسائل الخلاف

(4)

.

الدليل الثاني: عن أم حبيبة رضي الله عنه، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَوْلَا أَنْ

(1)

انظر: التبصرة (1/ 15) وشرح التلقين (1/ 167) والشرح الصغير (1/ 88) والشرح الكبير (1/ 102).

(2)

قال أبو شامة في السواك وما أشبه ذاك ص: (55) إذا استاك للفريضة كفاه لما يصليه بعدها من النوافل تبعًا لها وكذا إذا توضأ لفريضة واستاك في وضوئه وصلى عقب الوضوء بحيث لم يتخلل زمان يتغير فيه الفم لا يحتاج إلى إعادة السواك عند الدخول في الصلاة

فلا يستحب تجديد السواك. وقال ص: (72) كراهة ما يفعله عوام النساك من استصحابهم السواك إلى المساجد واستعمالهم فيها عند افتتاحهم لكل صلاة من فرض ونفل وبعد كل ركعتين.

(3)

انظر: فتح الباري (2/ 376).

(4)

انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 240) وشرح خليل للخرشي (1/ 312) والمجموع (1/ 469) والإنصاف (1/ 147).

ص: 305

أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا يَتَوَضَّؤونَ»

(1)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاستياك عند كل صلاة فلم ينقل عنه أنَّه يفتتح كل صلاة بسواك

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: يأتي استياك النبي صلى الله عليه وسلم بين كل ركعتين من التهجد لكنَّه لا يصح.

الثاني: ما يدل على السنة قد يكون قولًا وفعلًا أو فعلًا أو قولًا والسواك لكل صلاة من السنة القولية.

الدليل الرابع: لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه جدد الوضوء لشيء من السنن إذا

(1)

رواه أحمد (26223) والبخاري في التاريخ الكبير (9/ 19) قال علي وابن أبي خيثمة في تاريخه (2502) حدثنا أبي - وعنه أبو يعلى في مسنده (7127) - وأبو يعلى (7143) حدثنا روح بن عبد المؤمن المقرئ قالوا: - أحمد وعلي بن المديني وأبو خيثمة روح بن عبد المؤمن المقرئ - حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبي الجراح، مولى أم حبيبة، عن أم حبيبة رضي الله عنها، أنَّها حدثته، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكرته وإسناده حسن.

أبو الجراح مولى أم حبيبة رضي الله عنها ذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه العجلي ووثقه الذهبي في الكاشف وقال في الميزان وثق وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وكذلك البخاري وقال الحافظ ابن حجر مقبول وفي تاريخ ابن أبي خيثمة تحديثه لابن عمر عن أم حبيبة رضي الله عنهم. وبقية رواته ثقات.

ومحمد بن إسحاق صرح بالسماع في رواية أحمد والبخاري في الكبير ورواية أبي خيثمة عن ابن إسحاق بعد اختلاطه ولا يضر. ويعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد حفيد عبد الرحمن بن عوف.

وحسن إسناد الحديث الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 107) وجود إسناده العيني في نخب الأفكار (1/ 402).

تنبيه: قال البخاري: قال عبيد بن يعيش عن ابن إسحاق عن محمد بن طلحة عن سالم عن أم حبيبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وأبو الجراح أكثر وأصح. فالبخاري يرى المحفوظ رواية سالم بن عبد الله، عن أبي الجراح، عن أم حبيبة رضي الله عنها.

(2)

انظر: كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (1/ 269) وبريقة محمودية (4/ 188).

ص: 306

كان على طهارة فكذا إذا كان على سواك لكن لو تغير فمه استاك كما لو أحدث توضأ

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: قياس السواك على الوضوء قياس مع الفارق لعدة أمور منها اختلاف المشقة بينهما

(2)

وللاختلاف في سبب المشروعية فالوضوء تعبد محض بخلاف السواك اختلف في مشروعيته هل هو تعبد أو من باب النظافة؟.

الثاني: تقدم أنَّ مسألة تجديد الوضوء من مسائل الخلاف.

الدليل الخامس: كما أنَّه على وضوء فهو على سواك

(3)

.

الرد: كالذي قبله.

الدليل السادس: كما أنَّه لا يستحب تجديد الوضوء فكذلك لا يستحب تجديد السواك

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح القياس.

الثاني: مسألة تجديد الوضوء من مسائل الخلاف وتقدمت.

الدليل السابع: شرع السواك لإكمال التنظف والمصلي يناجي ربه فاستحب أن يناجيه طيب الفم فإذا تغير الفم شرع له السواك

(5)

.

الرد: ليست مشروعية السواك للنظافة فقط فهو عبادة فيستحب السواك عند الوضوء ولو كانت أسنانه نظيفة ولا رائحة لفيه.

(1)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (59).

(2)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (55).

(3)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (55).

(4)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (55).

(5)

انظر: شرح التلقين (1/ 167).

ص: 307

القول الثاني: السواك للوضوء: فلا يستحب للصلاة إلا إذا لم يستك عند الوضوء وهو مذهب الأحناف

(1)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«لوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ»

(2)

.

(1)

قال الزبيدي في الجوهرة النيرة (1/ 30) عندنا من سنن الوضوء وعند الشافعي من سنن الصلاة وفائدته إذا توضأ للظهر بسواك وبقي على وضوئه إلى العصر أو المغرب كان السواك الأول سنة للكل عندنا وعنده يسن أن يستاك لكل صلاة، وأمَّا إذا نسي السواك للظهر ثم ذكر بعد ذلك فإنَّه يستحب له أن يستاك حتى يدرك فضيلته وتكون صلاته بسواك إجماعًا.

وانظر: البحر الرائق (1/ 42) وحاشية ابن عابدين على الدر المختار (1/ 233) والنهر الفائق (1/ 40).

(2)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه جاء من رواية جمع عن أبي هريرة رضي الله عنه أهمهما رواية:

1: حميد بن عبد الرحمن بن عوف. 2: سعيد بن أبي سعيد المقبري.

أولًا: رواية حميد بن عبد الرحمن بن عوف: رواه الشافعي - البدر المنير (1/ 699) - وأحمد (9612) عن عبد الرحمن بن مهدي وابن خزيمة (140) نا علي بن معبد وابن المنذر في الأوسط (1/ 489) حدثنا إبراهيم بن عبد الله وأحمد (10318) قالوا حدثنا روح والنسائي في الكبرى (3044) أنبأ قتيبة بن سعيد والنسائي في الكبرى (3045) أنبأ محمد بن سلمة قال حدثنا ابن القاسم والنسائي في الكبرى (3043) أنبأ محمد بن يحيى والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 43) حدثنا ابن مرزوق، قالا: ثنا بشر بن عمر والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 43) حدثنا يونس، وابن أبي عقيل قالا: أنا ابن وهب يروونه - الشافعي وابن مهدي وروح بن عبادة وابن القاسم وقتيبة بن سعيد وبشر بن عمر وعبد الله بن وهب - عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: فذكره وإسناده صحيح.

والحديث رواه مالك (1/ 66) عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال:«لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك، مع كل وضوء» موقوفًا على أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه له حكم الرفع.

قال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 194) هذا الحديث يدخل في المسند لاتصاله من غير ما وجه ولما يدل عليه اللفظ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 700) قال ابن خزيمة: يشبه أن يكون مالك قد كان حدث به مرفوعًا، ثم شك في رفعه فوقفه كما قال الشافعي: كان مالك إذا شك في الشيء انخفض والناس إذا شكوا ارتفعوا.

وقال البخاري في صحيحه مع الفتح (4/ 158) وقال أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» فذكره معلقًا بصيغة الجزم. وصححه ابن دقيق في الإمام (1/ 354).

تنبيه: لفظ النسائي (3044)«لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك» ولفظ رواية النسائي الأخرى (3045): «بالسواك مع كل صلاة أو كل وضوء» . ولفظ رواية عبد الله بن وهب عند الطحاوي: «مع كل صلاة» .

ثانيًا: رواية سعيد بن أبي سعيد المقبري: رواه عبد الله بن المبارك في مسنده (63) وعنه النسائي بإسناده في الكبرى (3034) ورواه ابن أبي شيبة (1/ 168) حدثنا أبو أسامة، وابن نمير وأحمد (7364) والدارقطني بإسناده في النزول (38) عن يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن السراج عند النسائي في الكبرى (3032) والحاكم (1/ 146) وخالد بن الحارث عند النسائي في الكبرى (3037) وأبان بن يزيد العطار عند الدارقطني في علله (10/ 354) وإسحاق الأزرق عند الدارقطني في النزول (39) ومعتمر بن سليمان عند الدارقطني في النزول (42) وروح بن القاسم عند الدارقطني في النزول (43) وداود بن عبد الرحمن العطار عند ابن حبان (1540) يروونه عن عبيد الله بن عمر به عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وإسناده صحيح.

قال الحاكم: صحيح على شرطهما جميعًا، وليس له علة.

عبيد الله بن عمر هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

والحديث اختلف في متنه وإسناده.

أولًا: الاختلاف في المتن فرواه:

1: ابن ماجه (287) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة، وعبد الله بن نمير، به ورواه البزار (8450) حدثنا عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: حدثنا أبو أسامة به ولفظه عندهما «عند كل صلاة» ورواته ثقات.

عبيد بن إسماعيل الْهَبَّارِي من شيوخ البخاري ووثقه الدارقطني. وأبو أسامة حماد بن أسامة. والحديث في مصنف ابن أبي شيبة بلفظ «عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وتقدم.

2: النسائي في الكبرى (3035) أنبأ مجاهد بن موسى قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا عبيد الله به ولفظه «عند كل صلاة» ورواته ثقات.

ولفظ الصلاة ليس بمحفوظ فخالف مجاهد بن موسى - وهو ثقة - الجماعة الذين رووه عن يحي بن سعيد بلفظ الوضوء وهي رواية الجماعة عن عبيد الله بن عمر.

ثانيًا: الاختلاف في السند فرواه:

1: النسائي في الكبرى (3038) أنبأ عمرو بن عثمان والدارقطني في النزول (44) حدثنا أبو محمد بن صاعد، ومحمد بن سليمان النعماني، قالا: ثنا محمد بن عمرو بن حنان قالا حدثنا بقية عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَافْتَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ» ورواته ثقات.

قال الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (5467) تفرد به بقية عن عبيد الله عن المقبري عن أبيه.

وبقية بن الوليد صرح بسماعه في رواية الدارقطني وهذه الرواية شاذة فرواية الحفاظ عن عبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه.

2: محمد بن إسحاق واضطرب في إسناده ومتنه فرواه:

1): البزار (8422) حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ورواته محتج بهم.

الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني وثقه تلميذه البزار ووثقه الخطيب البغدادي.

2): أحمد (10240) حدثنا ابن أبي عدي، والنسائي في الكبرى (3040) أخبرني عمرو بن هشام حدثنا محمد بن سلمة والدارمي (1484) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 42) والدارقطني في النزول (47) يروونه بأسانيدهم عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف والبيهقي بإسناده (1/ 36) عن أحمد بن خالد يروونه - محمد بن أبي عدي ومحمد بن سلمة وإبراهيم بن سعد وأحمد بن خالد الوهبي - عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عطاء، مولى أم صبية عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وإسناده ضعيف.

عطاء قيل مولى أم صبية وهو الصحيح وقيل مولى أم صفية وقيل مولى أم سلمة رضي الله عنها ذكره ابن حبان في ثقاته وقال الذهبي مجهول.

3): محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه. يأتي.

4): محمد بن إسحاق عن أبى جعفر عن جابر رضي الله عنه. يأتي.

فاضطرب محمد بن إسحاق في إسناده وفي متنه فتارة يذكره بلفظ الصلاة وتارة بلفظ الوضوء.

3: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن: واختلف عليه في إسناده فرواه:

1): أبو داود الطيالسي (2328) حدثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ سِوَاكٌ، وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وإسناده ضعيف.

وكذلك رواه أبو نعيم في السواك عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه. انظر: البدر المنير (1/ 717).

2): النسائي في الكبرى (3039) أنبأ قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف.

أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن ضعيف قال البخاري: منكر الحديث ونقل عن ابن مهدي قوله: أبو معشر تعرف وتنكر وقال أحمد كان صدوقًا لكنَّه لا يقيم الإسناد ليس بذاك. وقال ابن حبان: كان ممن اختلط في آخر عمره وبقي قبل أن يموت سنتين في تغير شديد لا يدري ما يحدث به فكثر المناكير في روايته من قبل اختلاطه فبطل الاحتجاج به.

والمحفوظ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه. والليث هو ابن سعد.

4: قال الدارقطني في علله (2734) رواه عبد الله بن خلف الطفاوي، عن هشام بن حسان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وخالفه عبد الأعلى، ويزيد بن هارون، فقالا: عن هشام بن حسان، عن عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو الصواب.

5: عبد الرزاق (2106) عن عبد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ» .

فجعله عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر وهل هذا تصحيف في الكتاب أو خطأ في الرواية؟ الله أعلم. وعبد الله بن عمر أخو عبيد الله وهو ضعيف.

ص: 308

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى

ص: 309

أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ سِوَاكٌ، وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى

ص: 310

نِصْفِ اللَّيْلِ»

وجه الاستدلال: السواك مستحب للوضوء فإذا لم يستك مع الوضوء استاك للصلاة

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: هذا اللفظ لا يصح.

الثاني: استحبابه للوضوء لا ينفي استحبابه لغير الوضوء كالصلاة ودخول البيت.

الدليل الثاني: عن حذيفة رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه»

(2)

.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم عمد إلى شجب من ماء، فتسوك وتوضأ وأسبغ الوضوء»

(3)

.

الدليل الرابع: في حديث سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها «كنَّا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصل التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني»

(4)

الدليل الخامس: عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلي، فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر

(1)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (65) والبناية شرح الهداية (1/ 145) ومعارف السنن (1/ 146).

(2)

رواه البخاري (889) ومسلم (255).

(3)

رواه مسلم (183)(763).

(4)

رواه مسلم (746).

ص: 311

بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، ثم ركع فمكث راكعًا بقدر قيامه، ويقول في ركوعه:«سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ، ثم سجد بقدر ركوعه، ويقول في سجوده:«سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ثم قرأ آل عمران ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك»

(1)

.

(1)

رواه أحمد (23460) حدثنا الحسن بن سوَّار، والنسائي (1132) أخبرني هارون بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن سوَّار، والنسائي (1049) أخبرنا عمرو بن منصور يعني النسائي، قال: حدثنا آدم بن أبي إياس، قالا: حدثنا الليث بن سعد وأبو داود (873) حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب والترمذي في الشمائل (296) حدثنا محمد بن إسماعيل والبزار (2750) حدثنا محمد بن مسكين، والطبراني في الكبير (18/ 61) حدثنا بكر بن سهل، قالوا: ثنا عبد الله بن صالح والبزار (2751) أخبرنا سلمة، قال: أخبرنا زيد بن الحباب، قالوا - الليث وعبد الله بن وهب وعبد الله بن صالح وزيد بن الحباب - حدثنا معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس الكندي، أنَّه سمع عاصم بن حميد، يقول: سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه، يقول: فذكره ورواته ثقات.

حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه مداره على معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس الكندي، عن عاصم بن حميد، عنه.

ومعاوية بن صالح الحضرمي وثقه ابن سعد وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد والنسائي وأبو زرعة وابن معين في رواية وفي رواية أخرى قال صالح وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى أنَّه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه وقال ابن خراش صدوق وقال ابن عمار زعموا أنَّه لم يكن يدري أي شيء في الحديث وقال ابن عدي له حديث صالح وما أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق إلا أنَّه يقع في حديثه إفرادات وقال ابن أبي خيثمة كان معاوية يغرب بحديث أهل الشام جدًا. قال أبو عبد الرحمن: هذا منه فعمرو بن قيس الكندي، وعاصم بن حميد حمصيان.

وعمرو بن قيس الكندي وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد صالح الحديث.

وعاصم بن حميد السكوني وثقه الدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات وقال البزار لم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه.

والحديث صححه النووي في الأذكار (143) وحسنه الحافظ في تخريجها (2/ 72) وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 330): رجال إسناده ثقات، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (776).

تنبيهات:

1: ليس في رواية أحمد والطبراني ذكر السجود وذكره.

2: رواية البزار (2751) لم يذكر لفظها وأحال على رواية (2750).

3: ليس في رواية أبي داود ذكر الوضوء والسواك.

4: في رواية النسائي (1049) الركوع مع ذكره فقط.

ص: 312

الدليل السادس: عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني رجل رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في سفره، فقلت: لأرمقنَّ الليلة كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما صلى العشاء، وهي التي تدعى العتمة اضطجع فنام هويًا من الليل، ثم استيقظ فنظر في السماء، فقال:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194] قال الرجل: ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى قرابه، فاستخرج منه سواكًا، ثم اصطب من إداوته ماء في قدح له فاستن ثم صب في يده ماء، فتوضأ، ثم قام، فصلى. قال الرجل: حتى قلت: قد صلى قدر ما نام، ثم سلم، ثم اضطجع، فنام، حتى قلت: قد نام قدر ما صلى، ثم استيقظ ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم نظر في السماء، وتلاوته ما تلا من القرآن، واستنانه، ووضوئه، وصلاته، ثم فعل مثل ذلك في النوم، حتى قضى صلاته، ثم استيقظ وفعل كما فعل أول مرة، فعل ذلك ثلاث مرات»

(1)

.

الدليل السابع: عن الحجاج بن عمرو المازني قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد بعد نومه، وكان يستن قبل أن يتهجد»

(2)

.

وجه الاستدلال: نقل الصحابة رضي الله عنهم استياك النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى التهجد وذلك قبل الوضوء ولم ينقلوا أنَّه كان يتخلل صلاته سواك

(3)

.

الدليل الثامن: عن صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرمقت صلاته ليلة «فصلى العشاء الآخرة، ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر آخر سورة آل عمران، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين، فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين لا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ ففعل ذلك، ثم لم يزل يفعل

(1)

انظر: (ص: 604).

(2)

انظر: (ص: 605).

(3)

انظر: فتح الباري (1/ 356).

ص: 313

كما فعل أول مرة حتى صلى إحدى عشرة ركعة»

(1)

.

الدليل التاسع: في حديث عائشة رضي الله عنها، «ثم ينصرف فيغفي قليلًا فأقول: هذا غفا أم لا؟ حتى يأتيه المؤذن فيقول مثل ما قال في الأولى، ثم يجلس فيدعو بالسواك فيستن ويتوضأ، ثم يركع ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة، فكانت هذه صلاته ثلاث عشر ركعة»

(2)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبلهما.

الرد: الحديثان منكران.

الدليل العاشر: السواك فيه نظافة فهو يناسب الطهارة فيكون من أجزائها

(3)

.

الرد: السواك فيه شائبة تعبد فيستحب ولو كان الفم نظيفًا.

القول الثالث: استحباب السواك مطلقًا: فيستحب السواك بين كل ركعتين سواء استاك للوضوء أو لا. صلى قبلهما صلاة بسواك أو لا. وهذا قول لبعض الأحناف

(4)

وهو مذهب الشافعية

(5)

والحنابلة

(6)

واختاره ابن حزم

(7)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي

(1)

الحديث منكر انظر: (ص: 609).

(2)

انظر: (ص: 609).

(3)

انظر: الكوكب الدري (1/ 54).

(4)

انظر: البناية (1/ 148) وحاشية ابن عابدين على الدر المختار (1/ 234).

(5)

انظر: المجموع (1/ 274) وتحفة المحتاج (1/ 77) والإقناع مع حاشية الخطيب (1/ 181) ومغني المحتاج (1/ 96).

تنبيه: قال أبو شامة في السواك ص: (55) هل يختص ذلك بالفرائض الخمس وما ضاهاها من النوافل التي تنفرد عنها كالوتر والعيدين والاستسقاء والكسوف وقيام الليل أو يشرع ذلك في كل نافلة وإن اتصلت بالفريضة كالسنن الرواتب؟ لم أر من أصحابنا ولا غيرهم من تعرض لبيان ذلك ....

قال أبو عبد الرحمن: يقصد متقدمي الشافعية أمَّا المتأخرون فينصون على هذه المسألة في المراجع المتقدمة وغيرها وكذلك غيرهم إلا الحنابلة فلم أقف على نص خاص لهم فكلامهم عام.

(6)

انظر: المغني (1/ 78) والفروع (1/ 126) والإنصاف (1/ 118) والممتع شرح المقنع (1/ 165).

(7)

انظر: المحلى (2/ 218).

ص: 314

لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ - ورواية البخاري مَعَ - كُلِّ صَلَاةٍ»

(1)

.

وجه الاستدلال: كل من ألفاظ العموم فيعم كل صلاة

(2)

.

الرد من وجوه:

الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه جاء بلفظ الصلاة والوضوء وهما بمعنى واحد فالسواك عند الوضوء للصلاة غالبًا؛ فذكر السواك مع الوضوء لأنَّه وقت تنظيف الفم وذكره عند الصلاة لأنَّها المقصودة بالطهارة

(3)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: يأتي أنَّ الصحابة رضي الله عنهم فهموا من الحديث استحباب السواك للصلاة.

الجواب الثاني: السواك كما هو مشروع في غير هذين الموضعين فهو مشروع فيهما ولا تعارض بين الأحاديث حتى يحتاج للتأويل.

الثاني: كل صلاة يحتمل الصلاة والوضوء ولفظ الوضوء لا يحتمل إلا الوضوء فيحمل عليه

(4)

.

الجواب: كالذي قبله.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، رضي الله عنه «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أُمِر بالسواك لكل صلاة»

(5)

.

(1)

رواه البخاري (887) ومسلم (252).

(2)

انظر: المجموع (1/ 274) وشرح العمدة لابن العطار (1/ 147).

(3)

انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (65) والبناية شرح الهداية (1/ 145).

(4)

انظر: معارف السنن (1/ 146).

(5)

الحديث مداره على محمد بن إسحاق واختلف عليه فيه فرواه:

1: الدارمي (661) وأبو داود (48) وابن أبي عاصم (2247) في الآحاد والمثاني قالا حدثنا محمد بن عوف الطائي وابن خزيمة (15)(138) نا محمد بن يحيى، والطبراني، [تهذيب الكمال (4/ 117)] قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قالوا: ثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي، والبزار (3382) أخبرنا إبراهيم بن سعيد، وابن خزيمة (15) ثنا محمد بن منصور أبو جعفر، ومحمد بن شوكر بن رافع البغداديان قالوا: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، والحازمي في الاعتبار (42) أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب الطرقي بها، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن محمد الرازي، حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثنا يونس بن بكير، يروونه - إبراهيم بن سعد وأحمد بن خالد الوَهْبِي ويونس بن بكير - عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلت: أرأيت وضؤ ابن عمر رضي الله عنهما لكل صلاة طاهرًا، وغير طاهر، عم ذاك؟ فقال: حدثته وفي بعضها حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب، أنَّ عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، رضي الله عنه حدثها «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أُمِر بالسواك لكل صلاة» ، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يرى أنَّ به قوة، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة» ورواته محتج بهم.

2: أحمد (21453) حدثنا يعقوب حدثنا أبي والفسوي في المعرفة (1/ 263) حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم القرشي الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن يحيى اللخمي يرويانه عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال، قلت له: فذكره ورواته محتج بهم.

قال: البزار (8/ 307) هذا الكلام لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه.

فالحديث من رواية محمد بن إسحاق مدلس لكن صرح بسماعه في رواية أحمد قال أحمد: كان ابن إسحاق يدلس إلا أنَّ كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال. ورواية أحمد من رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بذكر التحديث. وكذلك صرح بسماعه في رواية ابن خزيمة (15) والحاكم (1/ 155) فانتفت شبهة التدليس عن ابن إسحاق في هذه الرواية.

لكن بقي الاختلاف في الحديث على إبراهيم بن سعد الزهري فرواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه واختلف عليه فيه فرواه:

1: الإمام أحمد عن يعقوب عن أبيه وجعله من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أسماء بنت زيد عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه وتابع إبراهيم بن سعد سعيد بن يحيى اللخمي واختلف في اللخمي فقال: دحيم ما هو عندي ممن يتهم بالكذب وقال أبو حاتم محله الصدق وقال ابن حبان ثقة مأمون مستقيم الأمر في الحديث وقال الدارقطني ليس بذاك.

2: إبراهيم بن سعيد الجوهري عند البزار ومحمد بن منصور الطوسي ومحمد بن شوكر البغدادي عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه وجعلوه من رواية عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أسماء بنت زيد عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه.

والثلاثة ثقات فهل ترجح روايتهم على رواية الإمام أحمد مع جلالة قدره لأنَّهم أكثر وتوبع.

فتابع إبراهيم بن سعد في هذه الرواية أحمد بن خالد الوهبي - وثقه ابن معين وقال الدارقطني لا بأس به - ويونس بن بكير - توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يخطئ - يحتمل والله أعلم.

فالخلاف هل هو من رواية عبد الله أو عبيد الله إبنا عبد الله بن عمر؟ وكلاهما ثقة أجاب ابن كثير - في تفسيره (2/ 22) - عن هذا الاختلاف بقوله: أيًا ما كان، فهو إسناد صحيح، وقد صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث والسماع من محمد بن يحيى بن حبان، فزال محذور التدليس، لكن قال الحافظ ابن عساكر: رواه سلمة بن الفضل وعلي بن مجاهد عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان به، والله أعلم.

قال أبو عبد الرحمن: يأتي أنَّها رواية منكرة. فالموقوف على ابن عمر رضي الله عنهما والمرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم إسناده حسن والله أعلم.

والحديث صححه ابن خزيمة والحاكم (1/ 156) وقال أبو موسى المديني في اللطائف من دقائق المعارف ص: (173) حديث ثابت أخرجه أبو داود السجستاني رحمه الله في سننه، واختلف في إسناده على وجوه. وحسنه الحازمي وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص (1535) والألباني في صحيح أبي داود (38).

3: ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 90) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، نا ابن حميد، نا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أسماء بنت الخطاب، عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة، فشق ذلك عليه، فخفف عنه، فأُمِر بالسواك» وإسناده ضعيف.

محمد بن حميد الرازي وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى، وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات، وقال ابن وارة: كذاب. واضطرب في الحديث فتارة يجعله عن عبد الله بن حنظلة وتارة عن أنس رضي الله عنهما.

وسلمة بن الفضل الأبرش توسط فيه الحافظ فقال: صدوق كثير الخطأ. وتابعه علي بن مجاهد - تحفة الأشراف (5247) وتهذيب الكمال (4/ 117) - وعلي بن مجاهد بن مسلم ضعيف قال أحمد وابن معين ما أرى به بأسًا وفي رواية عن ابن معين: قال كان يضع الحديث وقال يحيى بن الضريس كذاب لم يسمع من ابن إسحاق وذكره ابن حبان في ثقاته.

فهذه الرواية منكرة والله أعلم.

4: الترمذي (58) حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة طاهرًا أو غير طاهر» ، قال: قلت لأنس رضي الله عنه: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءًا واحدًا. وإسناده ضعيف.

وتقدم أنَّ حميدًا الرازي اضطرب في إسناده.

قال الترمذي في العلل الكبير ص:) 128) لم يعرف محمد [البخاري] هذا من حديث حميد.

وقال الترمذي بعد أنَّ أخرجه: حديث أنس رضي الله عنه غريب من هذا الوجه، والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر، عن أنس رضي الله عنه.

قال أبو عبد الرحمن: حديث عمرو بن عامر الأنصاري رواه البخاري (214) حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ح وحدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يتوضأ عند كل صلاة» قلت: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث.

سفيان هو الثوري ويحيى هو ابن سعيد القطان.

فائدة: ذكر الحديث ابن حجر - في نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين ص: (69) - وبرهان الدين البقاعي - في النكت الوفية بما في شرح الألفية (1/ 394) - هذا الحديث في رواية الصحابة رضي الله عنهم عن التابعين. وأسماء بن زيد بن الخطاب اختلف في صحبتها.

ص: 315

الدليل الثالث: عن أم حبيبة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على

ص: 316

أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤون».

ص: 317

الدليل الرابع: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» قال [أبو سلمة]: «فكان زيد بن خالد رضي الله عنه، يضع السواك منه موضع القلم من أذن الكاتب، كلما قام إلى الصلاة استاك»

(1)

.

(1)

الحديث رواه:

1: أحمد (16600) حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا حرب يعني ابن شداد، عن يحيى، حدثنا أبو سلمة، وحدثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده صحيح.

عبد الصمد هو ابن عبد الوارث ويحيى هو ابن أبي كثير.

2: ابن أبي شيبة (1/ 168) حدثنا يعلى بن عبيد وأحمد (16584) ثنا يعلى ومحمد ابنا عبيد وأحمد (21176) ثنا علي بن ثابت والبزار (3767) حدثنا هشام بن يونس وأحمد (16600) قالا حدثنا محمد بن فضيل وأبو داود (47) حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عيسى بن يونس والترمذي (23) حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة والنسائي في الكبرى (3041) أخبرني عمرو بن هشام، قال: حدثنا محمد بن سلمة، يروونه - يعلى ومحمد ابنا عبيد وعلي بن ثابت ومحمد بن فضيل وعيسى بن يونس وعبدة بن سليمان ومحمد بن سلمة - عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» قال: فكان زيد بن خالد رضي الله عنه يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة إلا استن ثم رده إلى موضعه وإسناده حسن لكنَّه حديث مضطرب.

قال الترمذي وابن القيم في المنار المنيف ص: (28) حديث حسن صحيح.

تنبيهان:

الأول: رواية أحمد (16584) والنسائي ليس فيها فعل زيد بن خالد رضي الله عنه.

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم «وَلَأَخرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» في رواية أحمد (16584) والترمذي.

3: أحمد (9264) ثنا يحيى وأحمد (7461) ثنا أبو عبيدة الحداد - كوفي ثقة - وأحمد (8928) ثنا معاوية ثنا زائدة والترمذي (22) حدثنا أبو كريب وأحمد (8929) قالا: حدثنا عبدة بن سليمان يروونه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ورواته ثقات.

محمد بن عمرو الليثي ثقة يخطئ وبقية رواته ثقات.

تنبيه: لفظ رواية أحمد (7461)«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ أَوْ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ سِوَاكٌ وَلَأَخرْتُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» .

أبو عبيدة الحداد هو عبد الواحد بن واصل وزائدة هو ابن قدامة ومعاوية هو ابن عمرو الأزدي وأبو كريب هو محمد بن العلاء.

وأمام هذا الاختلاف اختلف حكم أئمة الشأن في المحفوظ من هذه الروايات.

قال المزي في تحفة الأشراف (3766) قال س: محمد بن عمرو أصلح من ابن إسحاق في الحديث - وكلام النسائي ليس موجودًا في نسختي من سنن النسائي الكبرى طبعة دار الكتب العلمية - فالنسائي يرجح حديث أبي هريرة رضي الله عنه. لكن يشكل على ذلك أنَّ النسائي رواه عن عمرو بن هشام الحراني، عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن زيد بن خالد رضي الله عنه.

وقال الترمذي: حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما عندي صحيح لأنَّه قد روي من غير وجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، إنَّما صح لأنَّه قد روي من غير وجه. وأما محمد [البخاري] فزعم أنَّ حديث أبي سلمة، عن زيد بن خالد أصح. فالبخاري يرجح رواية زيد بن خالد رضي الله عنه قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (3/ 163) البخاري يقول حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد رضي الله عنه أصح قلت [الحافظ ابن حجر] كأنَّه ترجح عنده بمتابعة يحيى بن أبي كثير وهو متجه ومع ذلك فعلقه بصيغة التمريض للاختلاف الواقع فيه والله أعلم.

قال أبو عبد الرحمن: الذي يظهر لي أنَّ حديث زيد بن خالد رضي الله عنه صحيح فهو أصح الروايات بغض النظر عن اضطراب ابن إسحاق فتقدمت رواية أحمد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زيد بن خالد رضي الله عنه. والترمذي يصحح الروايتين.

ص: 318

وجه الاستدلال: الأحاديث تعم كل صلاة وهو الذي فهمه زيد بن خالد رضي الله عنه.

الرد: كالذي قبله.

الجواب: تقدم.

الدليل الخامس: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «يصلي ركعتين، ثم يستاك»

(1)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بين كل ركعتين من قيام الليل

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم ضعف الحديث.

الثاني: هذه الرواية مختصرة ففي رواية مسلم «ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث» وهي رواية شاذة

(3)

فاستاك النبي صلى الله عليه وسلم بعد النوم وليس البحث في هذه المسألة

(4)

.

(1)

انظر: (ص: 52).

(2)

انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 562).

(3)

انظر: (ص: 63).

(4)

انظر: السواك وما أشبه ذاك (ص: 58).

ص: 319

الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نضع سواك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طهوره. قالت: قلت: يا رسول الله ما تدع السواك. قال: «أَجَلْ لَوْ أَنِّي أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنِّي عِنْدَ كُلِّ شَفْعٍ مِنْ صَلَاتِي لَفَعَلْتُ»

(1)

.

وجه الاستدلال: شرع النبي صلى الله عليه وسلم السواك لكل ركعتين.

الرد: الحديث منكر.

الدليل السابع: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب»

(2)

.

(1)

رواه أبو يعلى (4904) حدثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض، حدثنا مالك بن سعير بن الخمس، حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

أبو عبيدة بن فضيل بن عياض اختلف في توثيقه.

ومالك بن سعير بن الخمس قال أبو زرعة وأبو حاتم والدارقطني صدوق وقال أبو داود ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات وقال الأزدي عنده مناكير.

والسري بن إسماعيل ابن عم الشعبي ضعفه شديد قال أحمد: ترك الناس حديثه. وقال النسائي وأبو داود متروك. وقال ابن عدي وأحاديثه التي يرويها لا يتابعه عليها أحد خاصة عن الشعبي فإنَّ أحاديثه عنه منكرات وهو إلى الضعف أقرب. وبقية رواته ثقات.

(2)

رواه تمام (1579) أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمَّد بن جعفر الكندي: نا أبو جعفر أحمد بن عمرو بن إسماعيل الفارسي الورّاق المقعد: نا أحمد بن النعمان والبيهقي (1/ 37) أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أبو القاسم: سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا الحضرمي حدثنا عثمان بن أبي شيبة قالا - أحمد بن النعمان وعثمان بن أبي شيبة - حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

يحيى بن يمان ضعفه شديد قال ابن معين والنسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.

قال البيهقي: قال أبو القاسم لم يروه عن سفيان إلا يحيى. قال الشيخ [البيهقي]: ويحيى بن يمان ليس بالقوي عندهم، ويشبه أن يكون غلط من حديث محمد بن إسحاق الأول إلى هذا.

ونقل ابن عبد الهادي في تعليقته على علل ابن أبي حاتم (141) قول البيهقي وأعقبه بقوله: يعني من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، والله أعلم. وتقدم أنَّه من فعل خالد بن زيد رضي الله عنه.

وفي علل ابن أبي حاتم (141) قال أبو زرعة: هذا وهم؛ وهم فيه يحيى بن يمان. فهذه الرواية منكرة وتقدم أنَّ محمد بن إسحاق اضطرب في الحديث.

سفيان هو الثوري وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

تنبيه: بحثت عن الحديث في المطبوع من معاجم الطبراني فلم أقف عليه.

ص: 320

وجه الاستدلال: يلازم النبي صلى الله عليه وسلم حمل السواك ومما يتأكد استحبابه له الصلاة فدل ذلك على أنَّه يستاك لكل صلاة

(1)

.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل الثامن: عن صالح بن كيسان، قال:«كان الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروح والسواك على أذنه»

(2)

.

الدليل التاسع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسوكتهم خلف آذانهم يستنون بها لكل صلاة»

(3)

.

وجه الاستدلال: كان الصحابة رضي الله عنهم يلازمون حمل السواك ويستاكون بها لكل صلاة.

الرد: الأثران لا يصحان.

(1)

انظر: شرح أبي داود للعيني (1/ 149).

(2)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 171) حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، قال: فذكره مرسل وإسناده حسن.

وقال (1/ 169) حدثنا أبو خالد الأحمر، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان «أنَّ عبادة بن الصامت رضي الله عنه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يروحون والسواك على آذانهم» مرسل إسناده حسن.

أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر صدوق يخطئ لكن توبع. وأسامة بن زيد الليثي اختلف الأئمة في توثيقه وتضعيفه وتوسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يهم.

وجاء في تحفة التحصيل صالح بن كيسان رأى ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم واختلف في سماعه منهما وأثبته يحيى بن معين ولم يدرك عقبة بن عامر رضي الله عنه بل هو عنه مرسل.

ووفاة عقبة بن عامر سنة ثمان وخمسين فإذا لم يدرك عقبة بن عامر رضي الله عنه فهو لم يدرك عبادة بن الصامت رضي الله عنه قطعًا فوفاته سنة أربع وثلاثين وبقية رواته ثقات.

(3)

رواه ابن الأعرابي في معجمه (2020) نا عبد الله بن محمد بن إبراهيم الكشوري، حدثني عبد الله بن الصباح بن ضمرة الصنعاني ابن عم المثنى بن الصباح، نا يحيى بن ثابت، عن مالك، عن أبي زناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف.

يحيى بن ثابت الُجَنَدي كاتب الإمام مالك ذكره ابن حبان في ثقاته وظاهر كلام الدارقطني تضعيفه. وبقية رواته ثقات.

قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (6/ 244) أورده الدارقطني في غرائب مالك عن أبي طالب الحافظ عنه وقال لا يثبت تفرد به يحيى.

ص: 321

الترجيح: الذي ظهر لي من السنة العملية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك عند الوضوء ولم أقف على سواك النبي صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة فرضًا أو نفلًا في حديث صحيح لكن جاء في السنة القولية الأمر بالسواك قبل الصلاة وهو ظاهر عمل زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه فالقول باستحباب السواك لكل صلاة - استاك مع الوضوء أو لا، تقدم الصلاة صلاة بسواك أو لا - لا مانع من دخوله في عموم أحاديث السواك للصلاة. والذي اختاره لخاصة نفسي الاكتفاء بالسواك عند الوضوء لأنَّه ظاهر السنة العملية وأستاك للصلاة إذا لم أتسوك عند الوضوء والله أعلم.

ص: 322

‌السواك في المسجد

تقدم الكلام على مسألة السواك للصلاة وهذه المسألة حكم السواك في المسجد سواء أراد الصلاة أو لا.

لأهل العلم في هذه المسألة قولان: قول بالكراهة وقول بالاستحباب.

القول الأول: يكره السواك في المسجد: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

.

تنبيه: تقدم أنَّ مذهب الأحناف استحباب السواك للوضوء لا للصلاة ومذهب المالكية استحباب السواك للحاجة.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ» فتركوه حتى بال، ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له:«إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عز وجل، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه»

(3)

.

(1)

قال أبو سعيد محمد بن محمد الحنفي في بريقة محمودية (4/ 188) صرح بعضهم بكراهة الاستياك في المسجد؛ لأنَّه ربما يجرح الفم.

وقال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 42) قولهم يستحب عند القيام إلى الصلاة ينافي ما نقلوه من أنَّه عندنا للوضوء لا للصلاة خلافًا للشافعي وعلله السراج الهندي في شرح الهداية بأنَّه إذا استاك للصلاة ربما يخرج منه دم، وهو نجس بالإجماع.

وانظر: حاشية ابن عابدين (1/ 233) والبناية (1/ 145).

قال أبو عبد الرحمن: دعوى الإجماع على نجاسة الدم ناقشتها في غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 63).

(2)

قال الفاكهي في رياض الأفهام (1/ 278) مذهبنا: كراهة الاستياك في المسجد؛ خشية أن يخرج من فيه دم ونحوه مما ينزه المسجد عنه. وانظر: المفهم (1/ 509) وأسهل المدارك (2/ 389) والفواكه الدواني (1/ 212).

(3)

رواه البخاري (219) ومسلم (285) واللفظ له.

مَهْ اسم فعل بمعنى اكفف. انظر: شرح ابن عقيل (2/ 147).

لَا تُزْرِمُوهُ: لا تقطعوا بوله عليه. انظر: مشارق الأنوار (1/ 310).

ص: 323

وجه الاستدلال: السواك من باب إزالة الأذى فلا يصلح في المسجد

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: السواك من الأمور التعبدية وليس من باب إزالة الأذى.

الثاني: لو وجد أذى مع السواك يجعله في منديل ونحوه

(2)

.

الدليل الثاني: عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة رضي الله عنها، بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت:«بِالسِوَاك»

(3)

.

وجه الاستدلال: يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بالسواك فدل ذلك على أنَّه يتجنب استعمال السواك في المساجد والمحافل وحضرة الناس

(4)

.

الرد من وجوه:

الأول: يحتمل ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بالسواك؛ لأنَّه كان يبدأ بصلاة النافلة

(5)

.

الثاني: صح عنه السواك للوضوء والصلاة فليس في سواكه إذا دخل بيته ما يدل على عدم مشروعية السواك في المسجد عند إرادة الصلاة.

الثالث: يأتي الحديث في أدلة من يرى استحباب السواك في المسجد.

الدليل الثالث: قال القرطبي: لم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه تسوك في المسجد

(6)

.

الرد من وجهين:

الأول: عدم ورود نص صحيح صريح في سواك النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد لا يلزم منه عدم استحبابه في المسجد لمن لم يتسوك مع الوضوء فلا يلزم في كل السنة أن تثبت

(1)

انظر: المفهم (1/ 544).

(2)

انظر: طرح التثريب (2/ 141).

(3)

رواه مسلم (253).

(4)

انظر: المفهم (1/ 509).

(5)

انظر: المفهم (1/ 509).

(6)

انظر: المفهم (1/ 509).

ص: 324

بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد يجتمع الفعل والقول كالسنن الرواتب وقد تثبت بالقول ولم يرد الفعل كصيام الست من شوال والسواك للصلاة في المسجد كذلك فهو داخل في عموم «عند كل صلاة» سواء كانت في المسجد أو غيره والله أعلم

(1)

.

الثاني: قال الزركشي: بلغ التواتر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك عند كل صلاة وأكثر صلاته في المسجد

(2)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: استياك النبي صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة لم يبلغ حد التواتر إنَّما المتواتر من قوله صلى الله عليه وسلم «عند كل صلاة» و» عند كل وضوء»

(3)

.

الجواب الثاني: الأصل في نوافل النبي صلى الله عليه وسلم في البيت وهي أكثر من الصلوات الخمس.

الدليل الرابع: عن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة قال: ذاكرت عمر بن عبد العزيز يوم نزول عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن المنبر يوم الجمعة وقوله: يا أيها الناس إنَّي نسيت السواك، فنزل فاستن، ثم رجع إلى المنبر، فقال عمر:«أما إنَّ من السنة في السواك يوم العيد كهيئته في يوم الجمعة»

(4)

.

وجه الاستدلال: نزل عثمان رضي الله عنه ليستاك خارج المسجد فدل ذلك على منع السواك في المسجد

(5)

.

الرد: الأثر موضوع.

(1)

انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 564).

(2)

إعلام الساجد بأحكام المساجد ص: (377).

(3)

انظر: قطف الأزهار المتناثرة (20).

(4)

رواه عبد الرزاق (5745) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن أبيه قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة ضعفه شديد، كذبه أحمد وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء وقال النسائي: متروك الحديث وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في جملة من يضع الحديث وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به.

(5)

انظر: فتح الباري لابن رجب (8/ 125).

ص: 325

الدليل الخامس: السواك من باب إزالة القذر والوسخ، ولا يليق بالمسجد

(1)

.

الرد: السواك مستحب ولو لم يكن في الفم أذى

(2)

.

الدليل السادس: يخشى خروج دم ينزه المسجد عنه

(3)

.

الرد من وجوه:

الأول: يستحب أن يكون السواك متوسطًا بين الليونة واليبوسة فخشية خروج الدم مأمونة

(4)

.

الثاني: خروج الدم بسبب السواك نادر فلا يتعلق به حكم.

الثالث: ينزه المسجد عن البصاق فيه ولو بصق في منديل ونحوه فلا محذور في ذلك فالسواك من باب أولى

(5)

.

القول الثاني: يستحب السواك: لدخول المسجد سواء صلى أو لا وهو مذهب الشافعية

(6)

والحنابلة

(7)

.

الدليل الأول: عن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، رضي الله عنه «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أُمِر بالسواك لكل صلاة» .

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسواك لكل صلاة وهذا عام في المسجد أو غيره والأصل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

انظر: المفهم (1/ 509).

(2)

انظر: إعلام الساجد بأحكام المساجد ص: (377).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (1/ 145) والبحر الرائق (1/ 42) وحاشية ابن عابدين (1/ 233) والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 564).

(4)

انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 233) والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 564).

(5)

انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 564).

(6)

انظر: تحفة المحتاج (1/ 78) وحاشية القليوبي (1/ 75) وتحفة الحبيب على شرح الخطيب (1/ 183) وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (1/ 182).

(7)

انظر: شرح الخرقي للزركشي (1/ 30) وكشاف القناع (1/ 73) وشرح منتهى الإرادات (1/ 52) ومطالب أولي النهى (1/ 82).

ص: 326

الدليل الثاني: عن أم حبيبة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤون» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الدليل الثالث: عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة رضي الله عنها، بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت:«بِالسِوَاك» .

وجه الاستدلال: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك لمقابلة أهله فكذلك يستحب إذا دخل المسجد فهو مأوى الملائكة وصالحي الآدميين

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: هل سواك النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته من باب حسن المعاشرة أو لأجل صلاة النفل محل خلاف.

الثاني: السواك لدخول المسجد وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرعه فلا يستحب

(2)

.

الدليل الرابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة، فحكها بيده ورئي منه كراهية، أو رئي كراهيته لذلك وشدته عليه، وقال:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ - فَلَا يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ قَالَ، أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا»

(3)

.

وجه الاستدلال: البزاق بالثوب ومثله المنديل في المسجد جائز بالإجماع

(4)

فكذلك السواك ولو فرض حصول أذى بسبب السواك يجعله في المنديل.

الدليل الخامس: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن زيد بن خالد

(1)

انظر: كشاف القناع (1/ 73) والشرح الممتع (4/ 362).

(2)

انظر: الشرح الممتع (4/ 362).

(3)

رواه البخاري (417).

(4)

انظر: الاستذكار (1/ 300) وفتح الباري (1/ 512) ومجموع الفتاوى (22/ 201).

ص: 327

الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» قال [أبو سلمة]: «فكان زيد بن خالد رضي الله عنه، يضع السواك منه موضع القلم من أذن الكاتب، كلما قام إلى الصلاة استاك» .

وجه الاستدلال: زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه يستاك كلما قام إلى الصلاة والظاهر أنَّ هذه الصلاة في المسجد لأنَّها الأكثر ولأنَّ أبا سلمة لا يطلع على صلاته في بيته غالبًا فخالد بن زيد رضي الله عنه يرى أنَّ أدلة السواك للصلاة عامة سواء كان في المسجد أو غيره والله أعلم

(1)

.

الدليل السادس: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر، بقنو يعلق في المسجد للمساكين»

(2)

.

وجه الاستدلال: يجوز الأكل في المسجد مع مظنة تلويثه وهو من الأمور المباحة فجواز السواك فيه أولى

(3)

.

الدليل السابع: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «حفظت لك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ في المسجد»

(4)

.

وجه الاستدلال: إذا جاز الوضوء في المسجد وقد يكون معه سواك فالسواك في المسجد أولى بالجواز

(5)

.

(1)

انظر: غاية المقصود شرح سنن أبي داود (1/ 208).

(2)

رواه الإمام أحمد (14452)(14453) وأبو داود (1662) بإسناد حسن.

وصححه ابن خزيمة (2469) وابن حبان (3289) والألباني في صحيح أبي داود (1464) وقال ابن كثير في تفسيره (2/ 181) إسناده جيد قوي.

(3)

انظر: فتح الباري لابن رجب (3/ 163) وإعلام الساجد بأحكام المساجد ص: (329) وكشاف القناع (2/ 374).

(4)

رواه أحمد (22579) وابن أبي شيبة (1/ 37) قالا حدثنا وكيع، عن أبي خلدة خالد بن دينار، عن أبي العالية، قال، قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده صحيح.

أبو العالية هو رفيع بن مهران.

تنبيه: في مسند أحمد المطبوع عن أبي خالد والصحيح عن أبي خلدة وجاء على الصحيح في إتحاف الخيرة المهرة (1030).

(5)

انظر: الأوسط لابن المنذر (5/ 131) ومجموع الفتاوى (22/ 201).

ص: 328

الدليل الثامن: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب»

(1)

.

وجه الاستدلال: محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على السواك وأشد ما يتأكد له السواك الصلاة ومن ذلك صلاة الفرض في المسجد.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل التاسع: عن صالح بن كيسان، قال:«كان الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروح والسواك على أذنه»

(2)

.

الدليل العاشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسوكتهم خلف آذانهم يستنون بها لكل صلاة»

(3)

.

وجه الاستدلال: الصحابة رضي الله عنهم يستاكون لكل صلاة وأغلب صلاتهم في المسجد فدل ذلك على استحباب السواك لكل صلاة فرض أو نفل ولو كانت في المسجد من غير كراهة.

الرد: الأثران ضعيفان.

الترجيح: دلت النصوص على استحباب السواك للصلاة وهي نصوص عامة فيدخل في العموم الصلاة في المسجد وهو ظاهر عمل زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه لا سيما إذا لم يتسوك عند الوضوء.

أمَّا استحباب السواك مطلقًا لدخول المسجد قياسًا على دخول البيت فتقدم الجواب عليه واختار شيخنا محمد بن عثيمين استحباب السواك قبل كل صلاة

(4)

وهذا قول بين القولين والله أعلم.

(1)

انظر: (ص: 320).

(2)

انظر: (ص: (321.

(3)

انظر: (ص: 321).

(4)

انظر: الشرح الممتع (4/ 362).

ص: 329

‌محل السواك من الوضوء

تقدم أنَّ أهل العلم مجمعون على استحباب السواك للوضوء واختلفوا في موضعه من الوضوء وأهل العلم لهم في المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول: قبل الوضوء: وهو مذهب المالكية

(1)

وقول للأحناف

(2)

وقول للشافعية

(3)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم عمد إلى شجب من ماء، فتسوك وتوضأ وأسبغ الوضوء» .

وجه الاستدلال: ظاهر هذه الرواية أنَّ السواك سبق الوضوء.

الدليل الثاني: عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: «كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلي،

».

الدليل الثالث: عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني رجل رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم « .... فاستخرج منه سواكًا، ثم اصطب من إداوته ماء في قدح له فاستن ثم صب في يده ماء، فتوضأ، ثم قام، فصلى» .

وجه الاستدلال: تسوك النبي صلى الله عليه وسلم قبل الشروع في الوضوء.

القول الثاني: عند المضمضة: فيستحب السواك قبل المضمضة وهو مذهب الأحناف

(4)

وقول للمالكية

(5)

وقول للشافعية

(6)

ومذهب الحنابلة

(7)

.

(1)

انظر: شرح التلقين (1/ 127) والذخيرة (1/ 277) والتوضيح (1/ 178) وشرح خليل للخرشي (1/ 272).

(2)

انظر: البناية (1/ 149) والبحر الرائق (1/ 42) والدر المختار مع حاشية ابن عابدين (1/ 233).

(3)

انظر: أسنى المطالب (1/ 43) ومغني المحتاج (1/ 95) ونهاية المحتاج (1/ 178) وحاشية القليوبي (1/ 77).

(4)

انظر: فتح القدير (1/ 22) وتحفة الفقهاء (1/ 13) والجوهرة النيرة (1/ 30) والبحر الرائق (1/ 42).

(5)

انظر: شرح الرسالة لزروق (1/ 110) ومواهب الجليل (1/ 382) وكفاية الطالب وحاشية العدوي (1/ 231).

(6)

انظر: تحرير الفتاوى (1/ 117) وتحفة المحتاج (1/ 76) ومغني المحتاج (1/ 95) وحاشية إعانة الطالبين (1/ 82).

(7)

انظر: المبدع (1/ 107) وكشاف القناع (1/ 93) وشرح منتهى الإرادات (1/ 57) وكشف المخدرات (1/ 60).

ص: 330

الأدلة السابقة: فليس هناك وقت طويل بين السواك قبل الوضوء أو عند المضمضة.

الدليل الرابع: لتزيل المضمضة الأذى بعد السواك فهو أكمل في النظافة

(1)

.

القول الثالث: قبل الوضوء أو مع المضمضة أو بعد الوضوء: قول لبعض المالكية

(2)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم استيقظ، فتوضأ واستاك فعل ذلك من الليل مرارًا» .

وجه الاستدلال: في هذه الرواية استاك النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوضوء.

الرد: هذه الرواية منكرة

(3)

.

الدليل الثاني: السواك لا يختص بالوضوء

(4)

.

الرد: السواك لا يختص بالوضوء لكن السنة إذا استاك للوضوء أن يستاك قبل المضمضة لإزالة الأذى الذي خلفه السواك.

الترجيح: الذي يظهر لي أنَّه ليس هناك كبير فرق بين قول من قال قبل الوضوء ومن قال قبل المضمضة قال ملا علي القارئ: صرحوا بأنَّ محله قبل المضمضة ولعل مرادهم أنَّه آخر وقته إذ يجوز تقديمه على غسل يده كما صرح به بعضهم

(5)

وظاهر السنة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك قبل أن يشرع في الوضوء والله أعلم.

(1)

انظر: البحر الرائق (1/ 42) وحاشية ابن عابدين (1/ 233).

(2)

انظر: مواهب الجليل (1/ 381) وكفاية الطالب (1/ 231).

(3)

انظر: (ص: 101).

(4)

انظر: مواهب الجليل (1/ 381).

(5)

فتح باب العناية بشرح النقاية (1/ 49).

ص: 331

‌الفصل الثاني

أحكام الوضوء

1: مقدار ماء طهارة النبي صلى الله عليه وسلم.

2: حكم الإكثار من الماء في طهارة الحدث.

3: صفات الوضوء الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

4: الفصل بين المضمضة والاستنشاق.

5: حكم الزيادة على الثلاث في غسل أعضاء الوضوء.

6: الحكم الوضعي للزيادة على الثلاث في الوضوء.

7: فضيلة الوضوء.

8: هل يحصل على فضيلة الوضوء من زاد على الثلاث؟

ص: 333

‌مقدار ماء طهارة النبي صلى الله عليه وسلم

-

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقتصد في ماء الوضوء ففي رواية عُقِيل بن خالد، عن سلمة بن كهيل، عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما «فتوضأ ولم يكثر من الماء، ولم يقصر في الوضوء»

(1)

.

وفي رواية عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما «أسبغ الوضوء، ولم يهرق من الماء إلا قليلًا»

(2)

.

وهذه القلة مقدرة بالمد وهو ربع صاع فعن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد»

(3)

.

وربما توضأ بأقل من المد فعن أم عمارة بنت كعب رضي الله عنها، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأتي بماء في إناء قدر ثلثي الْمُدِّ

»

(4)

.

(1)

رواه مسلم (189)(763). انظر: (ص: 23).

(2)

رواه مسلم (183)(763). انظر: (ص: 14).

(3)

رواه البخاري (201) ومسلم (325)، المد = 0. 688 لتر، الصاع = 2. 75 لتر.

(4)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 89).

ص: 334

‌حكم الإكثار من الماء في طهارة الحدث

أجمع أهل العلم على النهي عن الإسراف في ماء الطهارة واختلفوا هل هو على سبيل التحريم أو الكراهة على قولين

(1)

:

القول الأول: يحرم إكثار الماء: قال به بعض الأحناف

(2)

وبعض الشافعية

(3)

وبعض الحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].

وجه الاستدلال: يدخل في الآية الإسراف في ماء الطهارة.

الرد من وجهين:

الأول: الإسراف مجاوزة الحد والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحد حدًا في مقدار الطهارة ونهى عن تجاوزه إنَّما أقتصد بماء الطهارة وهذا على سبيل الاستحباب لا الوجوب والله أعلم.

الثاني: لا يتلف المال بكثرة صب الماء ولا يتضرر البدن كما يحصل بالإسراف في المأكل والمشرب.

الدليل الثاني: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثًا، ثلاثًا قال:«هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ»

(5)

.

(1)

انظر: رياض الأفهام (1/ 422) والعدة شرح عمدة الأحكام (1/ 235)

(2)

انظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (80).

(3)

انظر: المجموع (2/ 190) والنجم الوهاج في شرح المنهاج (1/ 358).

(4)

انظر: ذم الموسوسين ص: (75 - 76).

(5)

رواه أحمد (6646) وأبو داود (135) والنسائي (140) وابن ماجه (422) بإسناد حسن.

وفي إسناده: يعلى بن عبيد بن أبي أمية: ثقة، وفي حديثه عن الثوري لين وهذا منه، لكن توبع في رواية أبي داود.

وصحح الحديث: ابن خزيمة (174) والنووي في المجموع (1/ 438) وابن حجر في التلخيص (82) وابن الملقن في البدر المنير (3/ 334) والشوكاني في نيل الأوطار (1/ 168) والألباني في صحيح ابن ماجه (3339) وحسنه أبو المحاسن المرداوي في كفاية المستقنع (90) وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6684).

في رواية أبي داود: «

فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ

» قوله: أو نقص زيادة شاذة من رواية أبي عوانة وهو ثبت إذا حدث من كتابه، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم، فلعلها من أوهامه، والله أعلم. ووجهها بعض أهل العلم كالبيهقي في السنن الكبرى (1/ 79) بنقص غسل العضو كله أو بعضه قال البيهقي: يحتمل أن يريد به نقصان العضو.

ص: 335

وجه الاستدلال: الإسراف في الوضوء إساءة وتعدي وظلم وهذه الثلاثة محرمة.

الرد: الحديث وارد في الزيادة على غسل الأعضاء ثلاثًا.

الدليل الثالث: عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يتوضأ، فقال:«لَا تُسْرِفْ، لَا تُسْرِفْ»

(1)

.

الدليل الرابع: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد رضي الله عنه، وهو يتوضأ، فقال:«مَا هَذَا السَّرَفُ» فقال: أفي الوضوء إسراف؟، قال:«نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ»

(2)

.

الدليل الخامس: عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: «اقتصد في الوضوء، ولو كنت على

(1)

رواه ابن ماجه (424) حدثنا محمد بن المصفى الحمصي قال: حدثنا بقية، عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 601) في إسناده محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (150) حديث ابن عمر رضي الله عنهما ضعيف الفضل بن عطية ضعيف وابنه كذاب وبقية مدلس. وحكم عليه الألباني بالوضع في ضعيف ابن ماجه (95).

(2)

رواه أحمد (7025) وابن ماجه (425) حدثنا محمد بن يحيى قالا: حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، فذكره إسناده ضعيف جدًا.

الكلام في عبد الله بن لهيعة مشهور. وحُيَيُّ بن عبد الله قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: أرجو أنَّه لا بأس به إذا روى عنه ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ: صدوق يهم. فتفرد ابن لهيعة وحُيَيِّ بن عبد الله بالحديث يدل على نكارته والله أعلم.

وضعف الحديث النووي في الخلاصة (212) وابن حجر في التلخيص (1/ 255) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (150) هذا إسناد ضعيف لضعف حيي بن عبد الله وعبد الله بن لهيعة.

ص: 336

شاطاء نهر»

(1)

.

وجه الاستدلال: النهي عن الإسراف في ماء الطهارة.

الرد من وجهين:

الأول: ما تقدم لا يصح.

الثاني: لو صح لحمل على كراهة التنزيه.

القول الثاني: يكره إكثار الماء: وهو مذهب الأحناف

(2)

والمالكية

(3)

والشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

.

الأدلة: ما تقدم - قريبًا - من تطهر النبي صلى الله عليه وسلم بالماء القليل.

وجه الاستدلال: الإكثار من الماء حين التطهير خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيكره.

الترجيح: الذي يترجح لي كراهة إكثار الماء أثناء الوضوء والغسل فالسنة الاقتصاد في الماء فمن يتطهر من الصنبور يقلل تدفق الماء أثناء التطهر.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 67) حدثنا يزيد وأبو عبيد في الطهور (110) ثنا هشيم، ومحمد بن يزيد، يروونه عن العوام بن حوشب، عمن أخبره عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: فذكره إسناده ضعيف.

رواته ثقات عدا شيخ العوام بن حوشب المبهم.

يزيد هو ابن هارون ومحمد بن يزيد هو الكلاعي الواسطي.

(2)

انظر: فتح القدير (1/ 31) وبدائع الصنائع (1/ 23) والدر المختار وحاشية ابن عابدين (1/ 258) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (80).

(3)

انظر: الشرح الكبير (1/ 104) ومواهب الجليل (1/ 371) وأسهل المدارك (1/ 59) والثمر الداني (1/ 70).

(4)

انظر: الحاوي (1/ 133) والنجم الوهاج في شرح المنهاج (1/ 358).

(5)

انظر: المبدع (1/ 200) وكشاف القناع (1/ 103) وشرح منتهى الإرادات (1/ 110) ومطالب أولي النهى (1/ 184).

ص: 337

‌صفات الوضوء الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم

-

الأولى: ثلاثًا: عن حُمْرَان مولى عثمان أنَّه، رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض، واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

(1)

.

الثانية: مرتين: عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين»

(2)

.

الثالثة: مرة: عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أنَّه توضأ فغسل وجهه، أخذ غرفة من ماء، فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء، فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله، يعني اليسرى» ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ»

(3)

.

الرابعة: المخالفة بين أعضاء الوضوء: يتمضمض ويستنثر ويغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين، ورجليه مرة، قيل لعبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري، رضي الله عنه:«توضأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم: فدعا بإناء فأكفأ منها على يديه فغسلهما ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض، واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(4)

.

(1)

رواه البخاري (159) ومسلم (226).

(2)

رواه البخاري (158).

(3)

رواه البخاري (140).

(4)

رواه البخاري (185) ومسلم (235).

ص: 338

‌الفصل بين المضمضة والاستنشاق

كان النبي صلى الله عليه وسلم يصل المضمضمة والاستنشاق فيتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أخذ غرفة من ماء، فمضمض بها واستنشق» وفي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه «فمضمض، واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثًا» وتقدما قريبًا.

وروي عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما وليس صريحًا في الفصل بين المضمضة والاستنشاق - «فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا» وهي رواية منكرة

(1)

والمحفوظ من رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما من غير ذكر عدد لكنَّها أقل من ثلاث فغسل أعضاءه مرة أو مرتين ففي رواية الثوري عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما «ثم توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر»

(2)

والله أعلم.

قال ابن القيم: ولم يجاء الفصل بين المضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة

(3)

، لكن في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق ولكن لا يُروى إلا عن طلحة عن أبيه عن جده ولا يعرف لجده صحبة

(4)

.

(1)

انظر: (ص: 58).

(2)

رواه البخاري (6316) ومسلم (763).

(3)

قال أبو عبد الرحمن: مراده حديث صحيح صريح والله أعلم

(4)

زاد المعاد (1/ 192 - 193)، وقال النووي في المجموع (1/ 360): أمَّا الفصل فلم يثبت فيه حديث أصلًا، وإنَّما جاء فيه حديث طلحة بن مصرف وهو ضعيف كما سبق.

قال أبو عبد الرحمن: حديث طلحة بن مصرف رواه أبو داود (139) وفي إسناده: ليث بن أبي سليم ضعيف، ومصرف والد طلحة مجهول، وجد طلحة كعب بن عمرو أو عمرو بن كعب اختلف في صحبته، والحديث ضعفه أبو حاتم في علل ابنه (131) وابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 316، 318) وابن الملقن في البدر المنير (3/ 278) والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (57) وأبو الطيب محمد شمس الحق في غاية المقصود (1/ 404) والمباركفوري في تحفة الأحوذي (1/ 125) والألباني في ضعيف أبي داود (24).

وانظر: سنن البيهقي (1/ 51) والإمام (1/ 481 - 482) والبدر المنير (3/ 277 - 284) والتلخيص الحبير (1/ 133 - 134).

ص: 339

‌حكم الزيادة على الثلاث في غسل أعضاء الوضوء

المسألة السابقة حكم إكثار الماء أثناء التطهر ولو اقتصر على العدد الوارد في طهارة الحدث أمَّا هذه المسألة فحكم الزيادة على غسل الأعضاء ثلاثًا في الوضوء حتى لو لم يكثر من صب الماء وإن كان الإكثار من الماء لا ينفك عن هذه المسألة لأنَّ ما زاد على الثلاث ليس مشروعًا فيكون أكثر من صب الماء والله أعلم.

القول الأول: تجوز الزيادة على الثلاث: وهو مذهب الأحناف

(1)

ووجه للشافعية

(2)

وقول لبعض الحنابلة

(3)

.

الدليل الأول: عن الحسن بن علي رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «دَعْ مَا يَرِيبُكَ، إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ»

(4)

.

وجه الاستدلال: يدخل في الحديث الزيادة على الثلاث لطمأنينة القلب

(5)

.

الرد من وجهين:

الأول: من يغسل أعضاءه ثلاثًا ولم يطمئن فهذا موسوس أمره الشارع بعدم الالتفات لهذه الوساوس.

الثاني: من زاد على الثلاث معتدٍ ظالم شرعًا.

الدليل الثاني: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «الوضوء على الوضوء نور على نور» .

وجه الاستدلال: الزيادة على الثلاث من باب الوضوء على الوضوء إذا نواه

(6)

.

(1)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 46) وبدائع الصنائع (1/ 22) والبناية (1/ 170) والدر المختار وحاشية ابن عابدين (1/ 240).

(2)

انظر: الحاوي (1/ 133) والمجموع (1/ 439).

(3)

انظر: الإنصاف (1/ 136).

(4)

رواه أحمد (1729) وغيره بإسناد صحيح.

انظر: رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: 31).

(5)

انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 31).

(6)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 22).

ص: 340

الرد من وجهين:

الأول: يذكره بعض فقهاء الأحناف

(1)

وغيرهم وليس له أصل قال السخاوي: حديث: الوضوء على الوضوء نور على نور، ذكره الغزالي في الإحياء، فقال مخرجه [العراقي]: لم أقف عليه

(2)

، وسبقه لذلك المنذري

(3)

، وأمَّا شيخنا [ابن حجر] فقال: إنَّه حديث ضعيف، رواه رزين في مسنده

(4)

.

وقال العيني: مشهور في كتب الفقه لم يذكر في كتب الحديث المشهورة المعتبرة

(5)

. وقال السيوطي: لم نر أحدًا أخرجه

(6)

.

الثاني: الزيادة على الثلاث ليست من تجديد الوضوء فتجديد الوضوء بعد الفراغ منه لا في أثنائه.

الدليل الثالث: الزيادة على الثلاث زيادة عمل وبر

(7)

.

الرد: لو كان برًا لأمر به الشارع ولم ينه عنه.

الدليل الرابع: يلزم من القول بتحريم الزيادة على الثلاث أو كراهتها أنَّه لا يندب تجديد الوضوء على الإطلاق

(8)

.

الرد: تقدم.

القول الثاني: تكره الزيادة على الثلاث: قول للأحناف

(9)

ومذهب المالكية

(10)

(1)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 22) والمحيط البرهاني (1/ 46).

(2)

انظر: الإحياء مع المغني عن حمل الأسفار (1/ 135).

(3)

انظر: الترغيب والترهيب (1/ 223).

(4)

المقاصد الحسنة (1264).

(5)

البناية (1/ 170).

(6)

الحاوي للفتاوي (1/ 338).

(7)

انظر: بحر المذهب (1/ 108).

(8)

انظر: فتح الباري (1/ 234).

(9)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 46) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (80).

(10)

انظر: الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (1/ 102) ومرشد المبتدئين (1/ 397) وشرحي الرسالة لابن ناجي التنوخي وزروق (1/ 122) وأسهل المدارك (1/ 59).

ص: 341

والشافعية

(1)

والحنابلة

(2)

واختاره البيهقي

(3)

.

الأدلة: أدلة التحريم الآتية.

وجه الاستدلال: قال البخاري: بين النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ فرض الوضوء مرة مرة، وتوضأ أيضًا مرتين وثلاثًا، ولم يزد على ثلاث، وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

الرد: الكراهة كراهة تنزيه عند أصحاب هذا القول وكراهة تحريم عند القائلين بالتحريم. ويأتي الجواب على حمل الكراهة على التنزيه.

القول الثالث: تحرم الزيادة على الثلاث: قول لبعض الأحناف

(5)

وقول للمالكية

(6)

ووجه للشافعية

(7)

ورواية عند الحنابلة

(8)

واختاره ابن قدامة

(9)

وابن باز

(10)

ومال إليه ابن المبارك

(11)

وشيخنا العثيمين

(12)

.

الدليل الأول: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثًا، ثلاثًا قال: «هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ

(1)

انظر: الحاوي (1/ 133) والمجموع (1/ 439)(2/ 190) ومغني المحتاج (1/ 100) ونهاية المحتاج (1/ 189).

(2)

انظر: الفروع (1/ 152) والمبدع (1/ 11) والإنصاف (1/ 136) وكشاف القناع (1/ 103).

(3)

بوب في السنن الكبرى (1/ 464) على حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما باب كراهية الزيادة على الثلاث.

(4)

صحيح البخاري مع فتح الباري (1/ 232).

(5)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 46).

(6)

انظر: التبصرة (1/ 8) ومرشد المبتدئين (1/ 397) وشرحي الرسالة لابن ناجي التنوخي وزروق (1/ 122) وروضة المستبين (1/ 205).

(7)

قال الروياني في بحر المذهب (1/ 108) اختار أبو حامد أنَّه لا يكره، لأنَّه زيادة عمل وبر، والأصح أنَّه يكره، وقيل: يحرم وليس بشيء. وانظر: المجموع (1/ 439).

(8)

انظر: الفروع (1/ 152) والمبدع (1/ 11) والإنصاف (1/ 136).

(9)

انظر: ذم الموسوسين ص (75).

(10)

انظر: فتاوى نور على الدرب (5/ 46).

(11)

قال الترمذي (1/ 64) قال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم.

(12)

قال في الشرح الممتع (6/ 392) الزيادة على الثلاث في الوضوء إمَّا محرمة، وإمَّا مكروهة كراهة شديدة.

ص: 342

عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ»

(1)

.

الاستدلال من وجوه:

الأول: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه مسيء والإساءة محرمة.

الرد الأول: أساء معناه ترك الأولى لمخالفته السنة وهذه الإساءة والتعدي والظلم لا تقتضي العصيان

(2)

.

الجواب: وقع في المحضور لأنَّه سماه معتديًا.

الثاني: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه معتدٍ وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].

الرد الثاني: تعدى حد السنة

(3)

.

الجواب: الأصل في التعدي التحريم.

الثالث: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه ظالم والظلم محرم

(4)

.

الرد الثالث: أي وضع الشيء في غير موضعه فالظلم مجاوزة الحد

(5)

.

الجواب: الأصل تحريم مجاوزة الحد الشرعي.

الرد الرابع: يحمل على الاعتقاد، فمن زاد على الثلاث، لأنَّه لم يرها سنة؛ فهو مسيء معتدٍ ظالم أمَّا من رأى الثلاث سنة ليس كذلك إذا زاد عليها

(6)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: «مَنْ» من ألفاظ العموم فتعم كل من زاد.

(1)

انظر: (ص: 335).

(2)

انظر: نهاية المطلب (1/ 74) والبيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 135).

(3)

انظر: نهاية المطلب (1/ 74) والبيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 135).

(4)

انظر: ذم الموسوسين ص (75 - 76) وإغاثة اللهفان (1/ 127).

(5)

انظر: نهاية المطلب (1/ 74) البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 135).

(6)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 22).

ص: 343

الجواب الثاني: من لم يعتقد الثلاث سنة مسيء متعدٍ ظالم زاد على الثلاث أو لم يزد.

الدليل الثاني: عن أبي نعامة قيس بن عَبَاية أنَّ عبد الله بن مغفل رضي الله عنه سمع ابنه يقول: اللهم إنِّي أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني! سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ»

(1)

.

وجه الاستدلال: الزيادة على الثلاث من الاعتداء في الطهور والاعتداء محرم.

الرد: تقدم أنَّه تعدى حد السنة وليس آثمًا.

الجواب: تقدم.

الترجيح: الذي يترجح لي تحرم الزيادة على الثلاث في الوضوء لأنَّها إساءةٌ وتعدٍ وظلمٌ شرعًا ما لم تكن الزيادة من غير اختيار المتوضئ كالموسوس والساهي والله أعلم.

(1)

رواه أحمد (16359) وأبو داود (96) وابن ماجه (3864) بإسناد صحيح.

في إسناده سعيد بن إياس الجُرَيْري ثقة اختلط قبل وفاته، وممن سمع منه قبل الاختلاط حماد بن سلمة كما في هذا الحديث. وقد حسن إسناد الحديث ابن كثير في تفسيره (2/ 222) وصححه ابن حبان (6764) والحاكم (1/ 540) وابن حجر في التلخيص (195) والألباني في صحيح أبي داود (87).

ص: 344

‌الحكم الوضعي للزيادة على الثلاث في الوضوء

قال النووي: إذا زاد على الثلاث فقد ارتكب المكروه ولا يبطل وضوؤه هذا مذهبنا ومذهب

العلماء كافة وحكى الدارمي في الاستذكار عن قوم أنَّه يبطل كما لو زاد في الصلاة وهذا خطأ ظاهر

(1)

. ونقل ابن حجر كلام الدارمي وتعقبه بقوله: قياس فاسد

(2)

.

وقال: شمس الدين البرماوي: شذ بعضهم فقال: تبطل الوضوء

(3)

.

(1)

المجموع (1/ 440).

(2)

فتح الباري (1/ 234).

(3)

اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (2/ 134).

ص: 345

‌فضيلة الوضوء

رُتِب على الوضوء الشرعي فضائل منها:

1: تكفيرُ الخطايا: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ»

(1)

.

2: فتح أبواب الجنة: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدث الناس فأدركت من قوله: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قال: فقلت: ما أجود هذه! فإذا قائلٌ بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر رضي الله عنه قال: إنِّي قد رأيتك جئت آنفًا قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أو فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»

(2)

.

3: انحلال عقد الشيطان: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ»

(3)

.

(1)

رواه مسلم (244).

(2)

رواه مسلم (234).

(3)

رواه البخاري (1142) ومسلم (776).

ص: 346

‌هل يحصل على فضيلة الوضوء من زاد على الثلاث؟

قال ابن قدامة: تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم الزائد على ثلاث مسيئًا ظالمًا يلزم منه ألا يكون ممن أحسن وضوءه؛ فلا يدخل فيمن له ثواب مَنْ أحسن، وهو خليق ألا ينال بركة الوضوء وفضيلته؛ لغلوه في الدين، ومخالفة سنة سيد المرسلين، وكونه من جملة المعتدين. فإنَّ عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول

وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة: 190] فأي مصيبة أعظم من أن يصير الإنسان إلى حال لا يحبه الله تعالى، ويكون مسيئًا متعديًا ظالمًا بالفعل الذي صار به غيره مطيعًا مرضيًا عنه، محطوطة خطاياه تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء

(1)

.

وقال ابن القيم: الموسوس مسيءٌ متعدٍ ظالمٌ بشهادة رسول الله، فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسيء به، متعد فيه لحدوده!؟

(2)

.

وقال: إذا قرنت هذا الحديث - حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وعلمت أنَّ الله يحب عبادته، أنتج لك من هذا أنَّ وضوء الموسوس ليس بعبادة يقبلها الله تعالى، وإن أسقطت الفرض عنه فلا تفتح أبوابُ الجنة الثمانيةُ لوضوئه يدخل من أيها شاء

(3)

.

(1)

ذم الموسوسين ص (75 - 76).

(2)

إغاثة اللهفان (1/ 127).

(3)

إغاثة اللهفان (1/ 142).

ص: 347

‌الفصل الثالث

الاستعانة على طهارة الحدث

ص: 349

‌تمهيد

1: الاستعانة على الطهارة بإحضار الماء.

2: الاستعانة على الطهارة بصب الماء.

3: الاستعانة بغسل أعضاء الطهارة.

4: الحكم التكليفي للقادر إذا استعان بغيره لغسل أعضاء الطهارة.

5: الحكم الوضعي لطهارة من غسلت أعضاؤه.

تنبيه: تعبير الفقهاء بلفظ الاستعانة المقتضي طلبها جرى على الغالب، وإلا فالظاهر أنَّه لا فرق بين طلبها، وعدمه كما يدل عليه تعليلهم والله أعلم

(1)

.

(1)

انظر: أسنى المطالب (1/ 42) ومغني المحتاج (1/ 103).

ص: 351

‌الاستعانة على الطهارة بإحضار الماء

أهل العلم لهم في مسألة إحضار الماء للمتوضئ والمغتسل قولان قول بالجواز وقول بالكراهة:

القول الأول: الجواز: قال به عثمان وعلي وأبو هريرة وعبد الله بن زيد المازني رضي الله عنهم وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

وشيخنا ابن عثيمين

(5)

.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأُتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضوء، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال: «فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضؤا من عند آخرهم»

(6)

.

الدليل الثاني: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «عادني النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدني لا

(1)

انظر: فتح القدير (1/ 31) والبحر الرائق (1/ 56) وحاشية ابن عابدين (1/ 251) وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 44).

(2)

قال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 317) قال الجزولي

: لا خلاف في النيابة على صب الماء أنَّها جائزة.

وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 221) والتاج والإكليل (1/ 322) وأسهل المدارك (1/ 53).

فإذا جاز الصب فإحضار الماء أولى بالجواز والله أعلم.

(3)

قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 340) إن استعان بغيره في إحضار الماء لوضئه فلا بأس به ولا يقال إنَّه خلاف الأولى لأنَّه ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة.

وانظر: أسنى المطالب (1/ 42) ومغني المحتاج (1/ 103) ونهاية المحتاج (1/ 194).

(4)

قال الرحيباني في مطالب أولي النهى (1/ 122)(و) يباح له (معين)

(وتركهما) - أي: التنشيف والمعين - (أفضل)، لما في ذلك من الرغبة في العبادة.

وانظر: المغني (1/ 131) والمبدع (1/ 131) وكشاف القناع (1/ 106).

(5)

انظر: الشرح الممتع (1/ 220).

(6)

رواه البخاري (169) ومسلم (2279).

ص: 352

أعقل، فدعا بماء فتوضأ، ثم رش علي منه، فأفقت،

»

(1)

.

الدليل الثالث: عن ميمونة رضي الله عنها، قالت: «أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة،

»

(2)

.

الدليل الرابع: في حديث سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها «كنَّا نُعِد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ

»

(3)

.

الدليل الخامس: عن أم عمارة بنت كعب رضي الله عنها، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأتي بماء في إناء قدر ثلثي الْمُدِّ

»

(4)

.

وجه الاستدلال: في هذه الأحاديث أحضر الصحابة رضي الله عنهم ماء الطهارة للنبي صلى الله عليه وسلم فدل على جوازه من غير كراهة

(5)

.

الدليل السادس: عن حمران، أنَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه: «دعا بوضوء فتوضأ

»

(6)

.

الدليل السابع: عن النَّزَّال بن سَبْرة عن علي رضي الله عنه أنَّه صلى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة، حتى حضرت صلاة العصر، ثم أُتِي بماء، فشرب وغسل وجهه ويديه، وذكر رأسه ورجليه،

»

(7)

.

الدليل الثامن: عن أبي زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة رضي الله عنه، دارًا بالمدينة، فرأى أعلاها مصورًا يصور، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقوا ذَرَّةً» ثم دعا بتور من ماء، فغسل

(1)

رواه البخاري (4577) ومسلم (1616).

(2)

رواه البخاري (265) ومسلم (317).

(3)

رواه مسلم (746).

(4)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 89).

(5)

انظر: فتح الباري (1/ 286، 363) والبناية شرح الهداية (1/ 193).

(6)

رواه البخاري (164) ومسلم (226).

(7)

رواه البخاري (5616).

ص: 353

يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: منتهى الحلية

(1)

.

الدليل التاسع: قيل لعبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه: توضأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم «فدعا بإناء

»

(2)

.

وجه الاستدلال: في هذه الآثار إحضار ماء الطهار للصحابة رضي الله عنهم من غير نكير فدل على جوازه من غير كراهة

(3)

.

الدليل العاشر: ينقل بعض أهل العلم الإجماع على جواز الاستعانة في إحضار الماء من غير كراهة

(4)

.

الرد: لا إجماع فالخلاف مشهور.

الدليل الحادي عشر: إحضار الماء غير واجب في الطهارة فلو وقف تحت ميزاب فجرى الماء عليه ونوى الطهارة أجزاه

(5)

.

بقية الأدلة: الأدلة الآتية في جواز صب الماء على المتوضئ من غير كراهة.

القول الثاني: الكراهة: روي عن عمر وعلي وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم وهو قول للأحناف

(6)

(1)

رواه البخاري (5953).

أبو زرعة هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه اختلف في اسمه.

(2)

رواه البخاري (186) ومسلم (235).

(3)

انظر: عمدة القارئ (2/ 377).

(4)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 178) وعمدة القارئ (2/ 305).

(5)

انظر: المهذب مع المجموع (1/ 338).

(6)

قال الحصكفي في الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (1/ 250): (وعدم الاستعانة بغيره) إلا لعذر وأمَّا استعانته عليه الصلاة والسلام بالمغيرة رضي الله عنه فلتعليم الجواز. قال ابن عابدين: كذا في البزازية، ومفاده أنَّ الاستعانة مكروهة حتى احتيج إلى هذا الجواب.

وانظر: تبيين الحقائق (1/ 43) ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي ص: (75، 81).

ص: 354

(1)

انظر: المغني (1/ 131) والإنصاف (1/ 165) وكشاف القناع (1/ 107) وحاشية ابن قاسم (1/ 210).

(2)

الحديث جاء عن:

1: عائشة رضي الله عنها. 2: ابن عباس رضي الله عنهما. 3: زياد بن أبي زياد. 4: العباس بن عبد الرحمن.

1: حديث عائشة رضي الله عنها: رواه أحمد بن منيع - المطالب العالية (96) - ومحمد بن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 278) قالا: حدثنا أبو العلاء، الحسن بن سوار أخبرنا ليث بن سعد وحميد في الأموال (2120) ثنا عبد الله بن صالح، والطبراني في مسند الشاميين (1996) حدثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن صالح قالوا: حدثنا معاوية بن صالح، أنَّ أبا حمزة، حدثه، أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكل صدقته إلى غير نفسه حتى يكون هو الذي يضعها في يد السائل، ولا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل وضوءه إلى غير نفسه حتى يكون هو الذي يهييء وضوءه لنفسه، حتى يقوم إليه من الليل» مرسل رواته ثقات لكنَّه شاذ.

معاوية بن صالح وثقه ابن مهدي وأحمد والنسائي والعجلي وأبو زرعة وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى أنَّه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه وقال ابن عدي له حديث صالح وما أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق إلا أنَّه يقع في حديثه إفرادات وقال حميد بن زنجويه قلت لابن المديني إنَّك تطلب الغرائب فأت عبد الله بن صالح فاكتب عنه كتاب معاوية بن صالح.

وأبو حمزة عيسى بن سليم قال ابن حجر صدوق له أوهام من السابعة - من كبار أتباع التابعين - فروايته عن عائشة رضي الله عنها مرسلة ويحتمل أنَّها معضلة.

فالذي يظهر لي شذوذ الحديث لتفرد أبي معاوية عن أبي حمزة والله أعلم.

2: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: رواه ابن ماجه (362) حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد قال: حدثنا مطهر بن الهيثم قال: حدثنا علقمة بن أبي جمرة الضبعي، عن أبيه أبي جمرة الضبعي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه» إسناده ضعيف جدًا.

مطهر بن الهيثم ضعفه شديد قال ابن يونس متروك الحديث وقال ابن حبان منكر الحديث وقال العقيلي لا يصح حديثه.

وعلقمة بن أبي جمرة الضبعي قال الذهبي مستور مقل وقال ابن حجر مجهول. فالحديث منكر.

قال ابن حجر في التلخيص (1/ 168) فيه مطهر بن الهيثم، وهو ضعيف. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (128) إسناد ضعيف علقمة بن أبي جمرة مجهول ومطهر بن الهيثم ضعيف وقال الألباني في الضعيفة (4250) ضعيف جدًا.

3: مرسل زياد بن أبي زياد: رواه محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 278) أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا كثير بن زيد عن زياد بن أبي زياد مولى عياش بن أبي ربيعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كانت خصلتان لا يكلهما إلي أحد: الوضوء من الليل حين يقوم والسائل يقوم حتى يعطيه» مرسل إسناده ضعيف.

محمد بن عبد الله الأسدي الزبيري ثقة وكثير بن زيد الأسلمي في حفظه شيء وثقه ابن عمار الموصلي وقال أحمد وابن عدي لا بأس به وقال يعقوب بن شيبة ليس بذاك وقال أبو زرعة صدوق فيه لين وقال أبو حاتم صالح ليس بالقوي يكتب حديثه وقال النسائي ضعيف وقال أبو جعفر الطبري ممن لا يحتج بنقله.

وزياد بن ميسره ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا ووثقه ابن عبد البر وقال ابن حجر ثقة عابد من الخامسة.

4: مرسل العباس بن عبد الرحمن: رواه ابن أبي شيبة (1/ 195) حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن العباس بن عبد الرحمن المدني قال:«خصلتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلهما إلى أحد من أهله، كان يناول المسكين بيده، ويضع الطهور من الليل ويخمره» مرسل إسناده ضعيف جدًا.

موسى بن عبيدة الربذي ضعفه شديد قال الإمام أحمد لا يكتب حديثه وقال النسائي ضعيف وقال ابن عدي الضعف على رواياته بين وقال ابن معين ليس بشيء وقال مرة لا يحتج بحديثه.

والعباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال ابن حجر مستور من الثالثة.

وأصح الروايات السابقة حديث عائشة رضي الله عنه وهو منقطع شاذ ومرسل زياد بن أبي زياد ضعيف وحديث ابن عباس رضي الله عنهما ومرسل العباس بن عبد الرحمن لا يصلحان للاعتبار. وفي متن الحديث نكارة فهو يخالف الأحاديث الثابتة في إحضار ماء الوضوء للنبي صلى الله عليه وسلم وصب الماء عليه.

ص: 355

(1)

رواه أبو يعلى (231) حدثنا أبو هشام، والبزار - كشف الأستار (260) - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي وابن حبان في المجروحين (3/ 53) أخبرنا الحسن بن أحمد بن بسطام قال حدثنا أبو سعيد الأشج قالا حدثنا النضر بن منصور، حدثنا أبو الجنوب، قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال البزار: لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن عمر رضي الله عنه بهذا الإسناد.

النضر بن منصور ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: يأتي بما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز عندي الاحتجاج بخبره إذا انفرد.

وكذلك أبو الجنوب ضعفه شديد ترجم له الذهبي في الميزان فقال: عقبة بن علقمة [ت]، أبو الجنوب. عن علي رضي الله عنه قال أبو حاتم: ضعيف بين الضعف. لا يشتغل به. وكذا ضعفه الدارقطني، وساق له في سننه

رواه النضر بن منصور الفزاري عنه. والنضر واهٍ.

فالحديث منكر.

وأبو هشام الرفاعي هو محمد بن يزيد. وأبو سعيد الأشج كنية ولقب عبد الله بن سعيد الكندي.

قال ابن الملقن في التوضيح (4/ 281) والحديث عن علي رضي الله عنه لا يصح؛ لأنَّ رواية النضر بن منصور، عن أبي الجنوب، عن علي رضي الله عنه، وهما غير حجة في الدين فلا يعتد بنقلهما.

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 168) قال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: النضر بن منصور، عن أبي الجنوب، وعنه ابن أبي معشر تعرفه؟ قال: هؤلاء حمالة الحطب.

ص: 356

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى طهارته بنفسه ولا يعينه عليها أحد.

الرد: الأحاديث الواردة في عدم استعانة النبي صلى الله عليه وسلم في الطهارة لا تصح.

الدليل الثالث: ما يروى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّا لا نستعين على الوضوء بأحد» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: الحديث لا أصل له

(1)

.

الدليل الرابع: عن عبد الله الرومي قال: كان عثمان رضي الله عنه يقوم من الليل فيلي طهوره بنفسه، فيقال له: لو أمرت بعض الخدم، فقال:«إنِّي أحب أن أليه بنفسي»

(2)

.

(1)

قال النووي في المجموع (1/ 339) حديث إنَّا لا نستعين على الوضوء بأحد فباطل لا أصل له.

(2)

الأثر مداره على علي بن مسعدة، عن عبد الله الرومي واختلف عليه في لفظه فرواه:

1: ابن أبي شيبة (1/ 195) حدثنا أبو أسامة، عن علي بن مسعدة، قال: حدثنا عبد الله الرومي قال: فذكره إسناده ضعيف.

علي بن مسعدة قال ابن معين صالح وقال أبو حاتم لا بأس به وقال البخاري فيه نظر وضعفه أبو داود وقال النسائي ليس بالقوي وقال ابن عدي أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان لا يحتج بما لا يوافق فيه الثقات وعبد الله الرومي وثقه العجلي وقال ابن حجر مقبول.

2: محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 44) قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة وابن شبة في أخبار المدينة (3/ 235) حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي والبلاذري في أنساب الأشراف (1236) حدثنا عمرو بن محمد الناقد وأحمد بن إبراهيم الدورقي يروونه عن حماد بن أسامة وأحمد في الزهد (676) حدثنا محمد بن بكر، يرويانه - حماد بن أسامة ومحمد بن بكر - عن علي بن مسعدة عن عبد الله الرومي قال: كان عثمان رضي الله عنه يلي وضوء الليل بنفسه. قال فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك. فقال: «لا. الليل لهم يستريحون فيه» إسناده ضعيف.

فرواه بهذا اللفظ الجماعة عن حماد بن أسامة وتابعه محمد بن بكر البرساني وهو المحفوظ والله أعلم فلعل الاضطراب في متنه من علي بن مسعدة أو من شيخه والله أعلم. ومفهوم هذه الرواية يوافق الثابت عن عثمان رضي الله عنه في الاستعانة على الوضوء.

ورواه عبد الله بن المبارك في الزهد (1233) قال: أخبرنا الزبير بن عبد الله، أنَّ جدته، أخبرته، وكانت خادمًا لعثمان بن عفان رضي الله عنه، قالت:«كان عثمان رضي الله عنه لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجد يقظانًا فيدعوه، فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر» إسناده ضعيف.

الزبير بن عبد الله ذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم صالح وقال ابن عدي أحاديثه منكرة المتن والإسناد. ورهيمة خادم عثمان بن عفان رضي الله عنه ذكرها ابن حبان في ثقاته.

ص: 357

الدليل الخامس: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لا أبالي أعانني رجل على طهوري أو ركوعي»

(1)

.

وجه الاستدلال: كان عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم لا يستعينون على الوضوء.

الرد من وجهين:

الأول: الوارد عنهم لا يصح والثابت عنهم خلاف ذلك.

الثاني: لو صح لحمل على الإعانة بمباشرة الوضوء جمعًا بينه وبين الثابت عنهم

(2)

.

(1)

قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 64) وعن أيفع أو أيمع عن ابن عمر رضي الله عنهما: «لا أبالي أعانني رجل على طهوري أو ركوعي» وهذا منكر لأنَّ مجاهدًا وعباية قالا: وضينا ابن عمر رضي الله عنهما. ولم أقف عليه مسندًا.

(2)

انظر: فتح الباري (1/ 286).

ص: 358

‌الاستعانة على الطهارة بصب الماء

أهل العلم لهم في المسألة قولان قول بالجواز وقول بالكراهة:

القول الأول: الجواز: وهو مذهب عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر ونسب لأبي هريرة

(1)

ولعبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنهم والضحاك بن مزاحم

(2)

وهو مذهب سفيان الثوري وعبد الرزاق - يأتي عنهما في أثر ابن عمر رضي الله عنهما وهو مذهب الأحناف

(3)

والمالكية - وتقدم - والشافعية

(4)

والبخاري

(5)

والعيني

(6)

.

الدليل الأول: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال:«كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير، فقال لي: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» قلت: نعم «فنزل عن راحلته، فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه، وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة فغسل ذراعيه ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه» فقال: «دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ»

(1)

انظر: الأوسط في السنن (1/ 487).

(2)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 281).

(3)

انظر: فتح القدير (1/ 31) والبحر الرائق (1/ 56) وحاشية ابن عابدين (1/ 251) وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 44).

(4)

قال النووي في المجموع (1/ 341) إن استعان به في صب الماء عليه فإن كان لعذر فلا بأس وإلا فوجهان حكاهما المتولي وغيره أحدهما يكره والثاني لا يكره لكنَّه خلاف الأولى وهذا أصح.

وانظر: الحاوي (1/ 134) وأسنى المطالب (1/ 42) ونهاية المحتاج (1/ 194).

(5)

بوب البخاري في صحيحه - مع الفتح (1/ 286) - باب الرجل يوضئ صاحبه.

قال ابن حجر: استدل البخاري من صب الماء عليه عند الوضوء أنَّه يجوز للرجل أن يوضئه غيره لأنَّه لما لزم المتوضئ الاغتراف من الماء لأعضائه وجاز له أن يكفيه ذلك غيره بالصب والاغتراف بعض عمل الوضوء كذلك يجوز في بقية اعماله.

قال أبو عبد الرحمن: في صحة هذه النسبة نظر فتأتي - قريبًا - الأحاديث والآثار في لفظ (وضأ) والمقصود بها الصب فالذي يظهر لي أنَّ مراد البخاري الصب لا مباشرة غسل الأعضاء.

قال عبد الكريم الرافعي القزويني في التدوين في أخبار قزوين (1/ 496) ترجم البخاري الباب بالرجل يوضاء صاحبه وأراد به إعانته على الوضوء. وهذا الذي فهمه العيني في العمدة (2/ 363، 364) والله أعلم.

(6)

انظر: عمدة القارئ (2/ 363).

ص: 359

ومسح عليهما»

(1)

.

الدليل الثاني: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته، قال أسامة بن زيد رضي الله عنه فجعلت أصب عليه ويتوضأ، فقلت يا رسول الله أتصلي؟ فقال: «المُصَلَّى أَمَامَكَ»

(2)

.

وجه الاستدلال: صب الصحابة رضي الله عنهم على النبي صلى الله عليه وسلم ماء الوضوء

(3)

.

الرد: هذا كان في السفر فهو للحاجة

(4)

.

الجواب: تأتي أحاديث الصب على النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر وهي لا تصح وجاء عن الصحابة رضي الله عنهم الصب في الحضر.

الدليل الثالث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلل لحيته وقال: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عز وجل»

(5)

.

(1)

رواه البخاري (206) ومسلم (274).

(2)

رواه البخاري (181) ومسلم (1280).

(3)

انظر: فتح الباري (3/ 520) وعمدة القارئ (2/ 366).

(4)

انظر: فتح الباري (1/ 285) وعمدة القارئ (2/ 366).

(5)

الحديث رواه عن أنس رضي الله عنه:

1: محمد بن خالد الضبي. 2: الوليد بن زوران. 3: سليمان التيمي. 4: عيسى بن يزيد. 5: ثابت البناني. 6: معاوية بن قرة.

1: رواية محمد بن خالد الضبي: رواه البيهقي (1/ 54) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدورى حدثنا معاذ بن أسد حدثنا الفضل بن موسى حدثنا السكري يعني أبا حمزة عن إبراهيم الصائغ عن أبي خالد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره مرسل رواته محتج بهم.

أبو خالد محمد بن خالد الضبي قال أبو حاتم ليس بحديثه بأس وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه ابن معين وقال الأزدي منكر الحديث وقال الذهبي وابن حجر صدوق. وقال العلائي: محمد بن خالد الضبي كوفي روى عن أنس رضي الله عنه في تخليل اللحية قال أحمد بن حنبل من أين أدرك محمد بن خالد أنسًا رضي الله عنه أو رآه؟! وقال ابن معين لم يسمع من أنس رضي الله عنه ووثقه. وبقية رواته ثقات. وهذه الرواية أقوى طرق الحديث التي وقفت عليها.

وأبو حمزة السكرى هو محمد بن ميمون المروزى وإبراهيم الصائغ هو ابن ميمون المروزي.

2: رواية الوليد بن زوران: رواه أبو عبيد في الطهور (298) قال: ثنا علي بن معبد وأبو داود (145) حدثنا أبو توبة يعني الربيع بن نافع وأبو يعلى (4269) حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم يروونه عن أبي المليح، عن الوليد بن زوران، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال فذكره إسناده ضعيف.

الوليد بن زوران قال أحمد ما لي به تلك المعرفه وذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر لين الحديث وقال أبو داود لا ندري سمع من أنس رضي الله عنه أو لا.

وأبو المليح هو الحسن بن عمر الرقي.

تنبيه: لفظ رواية أبي داود «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ» .

3: رواية سليمان بن طرخان التيمي: رواه أبو يعلى (4071) حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد القرشي الرقي، حدثنا بقية بن الوليد، والطبراني في الأوسط (4664) حدثنا عبد الرحمن بن عمرو أبو زرعة قال: نا علي بن عياش الحمصي قالا: حدثنا علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي قال: حدثني سليمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:«وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر، فمسح على الخفين والعمامة» إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سليمان التيمي إلا علي بن الفضيل.

وعلي بن الفضيل لم أقف له على ترجمة. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 255) فيه علي بن الفضيل بن عبد العزيز، ولم أجد من ذكره.

4: رواية عيسى بن يزيد الأزرق: رواه الطبراني في الأوسط (5127) حدثنا محمد بن هشام المستملي ح (2976) حدثنا إسماعيل قالا: نا داود بن حماد بن فرافصة البلخي قال: نا عتاب بن محمد بن شوذب ابن أخي عبد الله بن شوذب، عن عيسى الأزرق، عن مطر الوراق، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره مرسل إسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن مطر الوراق إلا عيسى الأزرق، ولا عن عيسى إلا عتاب بن محمد، تفرد به: داود بن حماد.

داود بن حماد ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: كان صاحب حديث حافظًا يغرب وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا ونقل الذهبي في الميزان قول ابن القطان: حاله مجهولة. فتعقبه ابن حجر في لسان الميزان بقوله: قلت: بل هو ثقة فمن عادة أبي زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة.

وعتاب بن محمد ذكره ابن حبان في ثقاته وقال مستقيم الحديث وذكر البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال الذهبي ما أعرفه.

وعيسى بن يزيد الأزرق ذكره ابن حبان في ثقاته وذكر البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال البيلماني: فيه نظر. وقال ابن حجر: مقبول.

ومطر بن طهمان الوراق ذكره ابن حبان في ثقاته وقال يحيى بن سعيد وأحمد سيئ الحفظ وقال النسائي ليس بالقوي وروايته عن أنس رضي الله عنه مرسلة ذكر ذلك أبو زرعة والعجلي. فهذه الرواية منكرة.

5: رواية ثابت البناني ورواه:

1): العقيلي في الضعفاء الكبير (3/ 155) حدثنا عبدان بن أحمد المروزي قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا عمر بن حفص العبدي أبو حفص، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

عمر بن حفص العبدي ترجم له العقيلي فقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن أبي حفص العبدي، فقال: تركنا حديثه وحرقناه حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى قال: عمر بن حفص أبو حفص العبدي ليس بشيء حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: عمر بن حفص العبدي ليس بالقوي.

2): العقيلي (3/ 157) حدثنا محمد بن الفضل بن جابر السقطي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الثقفي قال: حدثنا عمر بن ذؤيب، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي ذكره ابن حبان في ثقاته وقال الأزدي منكر الحديث وقال ابن أبي حاتم أدركته ولم أكتب عنه.

وترجم العقيلي لعمر بن ذؤيب فقال: عن ثابت مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولعله عمر بن حفص بن ذؤيب. وبقية رواته ثقات.

فرواية ثابت البناني منكرة.

6: رواية معاوية بن قرة: رواه ابن عدي (3/ 199) ثنا علي بن الجعد أخبرني سلام الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال ابن عدي: هذا الحديث ليس البلاء فيه من زيد العمي البلاء من الراوي عنه سلام الطويل ولعله أضعف منه.

وزيد بن الحواري العمي ضعيف قال ابن عدي هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم.

وسلام بن سلم ويقال ابن سليم الطويل ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيئ وقال أحمد: منكر الحديث وقال النسائي: متروك. فهذه الرواية منكرة.

وأقوى طرق حديث أنس رضي الله عنه التي وقفت عليها مرسل أبي خالد محمد بن خالد الضبي ويحتمل أنَّها تعود إلى الطرق الضعيفة أمَّا رواية الوليد بن زوران فإضافة إلى ضعفها احتمال انقطاعها وبقية الروايات إمَّا عن مجهول أو مسلسلة بالضعفاء أو ضعفها شديد فالذي يظهر لي ضعف الحديث ومما يدل على نكارته لم يروه خاصة أنس رضي الله عنه ممن لازموا أنسًا رضي الله عنه وحفظوا حديثه والله أعلم.

ص: 360

الدليل الرابع: عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا قال: «اسْكُبِي لِي وَضُوءً» فسكبت له في ميضأة وهي الركوة تأخذ مدًا وثلثًا، أو مدًا وربعًا من الماء، فقال:«اسْكُبِي عَلَى يَدَيَّ»

(1)

.

(1)

الحديث رواه عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن الربيع رضي الله عنها ورواه عنه:

1: بشر بن المفضل عند أبي عبيد في الطهور (106) وأبي داود (126) والطبراني في الكبير (24/ 270).

2: زهير بن محمد التميمي عند الطبراني في الكبير (24/ 270).

3: عبيد الله بن عمرو الرقي عند ابن المنذر (333).

4: شريك بن عبد الله النخعي عند الطبراني في الكبير (24/ 269) وابن ماجه (390) والبيهقي (1/ 237).

5: محمد بن عجلان عند أبي عبيد في الطهور (318).

وعبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف من قبل حفظه قال ابن سعد وأحمد منكر الحديث وقال يعقوب صدوق وفي حديثه ضعف شديد جدًا وقال الجوزجاني أتوقف عنه عامة ما يرويه غريب وقال أبو زرعة مختلف عنه في الأسانيد وقال أبو حاتم لين الحديث ليس بالقوي ولا ممن يحتج بحديثه وقال النسائي ضعيف وقال ابن خزيمة لا أحتج به لسوء حفظه.

فتفرد عبد الله بن محمد بالحديث يدل على نكارته والله أعلم

تنبيه: روى الحديث غير من ذُكِرُوا لكن ليس في رواياتهم ذكر الصب.

ص: 362

الدليل الخامس: في حديث قيام ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «

وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليل من أجلي

»

(1)

.

الدليل السادس: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:«صببت على النبي صلى الله عليه وسلم الماء في السفر والحضر في الوضوء»

(2)

.

الدليل السابع: عن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال: «وضأت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم

»

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 155).

(2)

رواه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 96) وابن ماجه (391) قالا حدثنا بشر بن آدم والطبراني في الأوسط (2684) حدثنا إبراهيم قال: نا أبي قالا حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني الوليد بن عقبة قال: حدثني حذيفة بن أبي حذيفة الأزدي، عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال: فذكره إسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن حذيفة بن أبي حذيفة إلا الوليد، تفرد به زيد.

وزيد بن الحباب وثقه ابن المديني والعجلي والدارقطني وأحمد بن صالح وقال أحمد وأبو حاتم صدوق وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطاء يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير وأما روايته عن المجاهيل ففيها المناكير وهذا منه فالوليد بن عقبة العنسي مجهول ذكر ذلك الذهبي وابن حجر.

وحذيفة بن أبي حذيفة ذكره البخاري وقال: لم يذكر حذيفة سماعًا من صفوان رضي الله عنه وذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر مقبول. فالحديث منكر والله أعلم.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 251) رواه البخاري في تاريخه

وأشار إلى تضعيفه فقال: ولم يذكر حذيفة سماعًا من صفوان رضي الله عنه وقال ابن حجر في التلخيص (109) فيه ضعف وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه (87).

(3)

رواه أحمد (19796) حدثنا أبو أحمد، والطبراني في الكبير (20/ 229) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافع، عن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال:«هَلْ لَكَ فِي فَاطِمَةَ تَعُودُهَا؟» فقلت: نعم، فقام متوكئًا علي، فقال:«أَمَا إِنَّهُ سَيَحْمِلُ ثِقَلَهَا غَيْرُكَ، وَيَكُونُ أَجْرُهَا لَكَ» قال: فكأنَّه لم يكن علي شيء حتى دخلنا على فاطمة رضي الله عنها، فقال لها:«كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟» قالت: والله لقد اشتد حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي قال:«أَوَمَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْمَا، وَأَكْثَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا» إسناده ضعيف.

خالد بن طهمان مختلط قال أبو حاتم هو من عتق الشيعة محله الصدق وقال أبو عبيد لم يذكره أبو داود إلا بخير وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطي ويهم. وقال ابن معين ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين وكان قبل ذلك ثقة وقال ابن عدي ولم أر له في مقدار ما يرويه حديثًا منكرًا. فخالد بن طهمان متشيع والحديث في بدعته لكن موطن الشاهد ليس في بدعته.

وأبو أحمد هو محمد بن عبد الله الزبيري الأسدي.

ص: 363

الدليل الثامن: عن أم عياش رضي الله عنها قالت: «كنت أوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا قائمة، وهو قاعد»

(1)

.

الدليل التاسع: عن ثابت البناني قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: «صببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء بيدي فقال لي: «يَا غُلَامُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ،

»

(2)

.

(1)

رواه ابن ماجه (392) حدثنا كردوس بن أبي عبد الله الواسطي والطبراني في الأوسط (5268) حدثنا محمد بن أحمد بن هشام الحربي قال: نا الفضل بن أبي طالب قالا: حدثنا عبد الكريم بن روح قال: حدثنا أبي روح بن عنبسة بن سعيد بن أبي عياش مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن أبيه عنبسة بن سعيد، عن جدته أم أبيه، أم عياش رضي الله عنها، وكانت أمة لرقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فذكره إسناده ضعيف.

قال الطبراني لا يروى هذا الحديث عن أم عياش رضي الله عنها إلا بهذا الإسناد، تفرد به: عبد الكريم بن روح.

وعبد الكريم بن روح بن عنبسة ضعيف قال أبو حاتم مجهول وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطاء وضعفه الدارقطني. وأبوه روح بن عنبسة ذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال ابن حجر والخزرجي مجهول وأبوه عنبسة بن سعيد قال الذهبي لا يعرف وقال ابن حجر مجهول. فالحديث منكر.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 251) في إسناده عبد الكريم بن روح البصري قال الرازي: مجهول. وقال الدارقطني: ضعيف. وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (1/ 170) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (139) إسناد مجهول وعبد الكريم مختلف فيه وضعف الحديث العيني في عمدة القارئ (2/ 365) والألباني في ضعيف ابن ماجه (88).

(2)

رواه العقيلي في الضعفاء الكبير (3/ 444) حدثنا جدي، وابن الأعرابي في معجمه (699) نا محمد بن سنان قالا حدثنا بكار بن عدي العقيلي، حدثنا الفضل بن العباس أبو العباس، حدثنا ثابت البناني قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول:«صببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء بيدي فقال لي: «يَا غُلَامُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ، وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ لَقِيتِ مِنْ أُمَّتِي يُكْثِرْ حَسَنَاتِكَ، وَسَلِّمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ يُكْثِرْ خَيْرَ بَيْتِكَ، وَوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَارْحَمِ الصَّغِيرَ تُرَافِقُنِي غَدًا فِي الْجَنَّةِ» إسناده ضعيف جدًا.

بكار بن عدي لم أقف له على ترجمة.

والفضل بن العباس البصري مجهول قال العقيلي: مجهول بالنقل عن ثابت، لا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله وقال الذهبي لا يعرف.

ص: 364

الدليل العاشر: عن أميمة رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كنت أوضئه صلى الله عليه وسلم أفرغ على يديه الماء

»

(1)

.

الدليل الحادي عشر: عن جابر رضي الله عنه قال: «وضأت النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع فرأيته يخلل لحيته بأصابعه كأنَّها أنياب مشط»

(2)

.

الدليل الثاني عشر: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح على خفيه بعدما أنزلت المائدة»

(3)

.

(1)

حديث منكر رواه محمد ابن نصر المروزي - في تعظيم قدر الصلاة (912) - وغيره.

انظر: الاستيعاب لأدلة حكم تارك الصلاة ص:) 73).

(2)

رواه ابن عدي (1/ 403) حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا شريح بن يونس حدثنا أصرم بن الصالح الخراساني حدثنا مقاتل بن حيان عن الحسن عن جابر رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال ابن عدي أصرم بن الصالح أبو الصالح النيسابوري عن مقاتل بن حبان منكر الحديث سمع منه حسين بن منصور سمعت ابن حماد يقول قال البخاري مثله ولم يقل سمع منه الحسين بن منصور وقال النسائي فيما أخبرني محمد بن العباس عنه قال أصرم بن الصالح النيسابوري يروي عن مقاتل بن حيان متروك الحديث.

وقال ابن عدي له أحاديث عن مقاتل مناكير كما قاله البخاري والنسائي وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق وليس له كبير حديث. فالحديث منكر.

(3)

رواه عبد الرزاق (759) - والطبراني في الأوسط (3004) والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 464) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق - عن ياسين عن حماد بن أبي سليمان، عن ربعي بن حراش، عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

ياسين بن معاذ الزيات ضعفه شديد قال ابن معين: ليس حديثه بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي وابن الجنيد: متروك. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات. فذكر التوضئة منكر.

وأشار إلى نكارة لفظ: «وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم» الطبراني بقوله: تفرد به عبد الرزاق ورواه شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن جرير والعقيلي بقوله: هذا يروى عن جرير من طرق صحاح من غير هذا الوجه.

فالحديث رواه جمع منهم شعبة عند البخاري (387) وأبو معاوية محمد بن خازم وعيسى بن يونس ووكيع بن الجراح وسفيان بن عيينة وعلي بن مسهر عند مسلم (272) يروونه عن الأعمش، قال: سمعت إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، قال: رأيت جرير بن عبد الله رضي الله عنه «بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى» فسئل، فقال:«رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا» من غير ذكر التوضئة.

ص: 365

الدليل الثالث عشر: عن معاوية رضي الله عنه قال: «صببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وضوءه

»

(1)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: هذه الأحاديث ضعيفة وبعضها ضعفها شديد.

الدليل الرابع عشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، اللتين قال الله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حتى حج وحججت معه، وعدل وعدلت معه بإداوة فتبرز، ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، اللتان قال الله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ قال: «واعجبًا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة

»

(2)

.

الدليل الخامس عشر: عن الحسن، قال: رأيت أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه «يُصَب عليه من إبريق»

(3)

.

(1)

رواه الطبراني في الأوسط (2204) حدثنا أحمد بن الحسين بن مابهرام الإيذجي قال: نا الجراح بن مخلد قال: نا يحيى بن غالب بن راشد العبشمي قال: حدثني أبي، عن غالب القطان، عن الحسن قال: سمعت معاوية رضي الله عنه يخطب وهو يقول: «صببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وضوءه، فرفع رأسه إلي، فقال: «أَمَا إِنَّكَ سَتَلِي أَمْرَ أُمَّتِي بَعْدِي، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزْ، عَنْ مُسِيئِهِمْ» قال: فما زلت أرجوها حتى قمت مقامي هذا» إسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يروه عن غالب القطان إلا يحيى بن غالب بن راشد.

يحيى بن غالب ترجم له الذهبي في الميزان فقال: يحيى بن غالب عن أبيه، عن الحسن في فضائل معاوية رضي الله عنه، فذكر خبرًا موضوعًا.

وغالب القطان هو ابن أبي غيلان.

(2)

رواه البخاري (5191) ومسلم (1479).

(3)

رواه أبو عبيد في الطهور (119) وابن أبي شيبة (1/ 37) وابن سعد في الطبقات الكبرى (7/ 115) قالوا ثنا ابن علية إسماعيل بن إبراهيم، عن شعيب بن الحبحاب، عن الحسن، قال: فذكره وإسناده صحيح.

سئل أبو زرعة هل لقى الحسن أحدًا من البدريين قال رآهم رؤية رأى عثمان بن عفان وعليًا رضي الله عنهما قيل له سمع منهما حديثًا؟ قال: لا.

ص: 366

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 39) حدثنا زيد بن الحباب، عن محمد بن يزيد، عن مجمع بن عتاب، عن أبيه، قال: وضأت عليًا رضي الله عنه فحرك خاتمه.

محمد بن يزيد ترجم له البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فقالا العطار روى عن مجمع بن عتاب. ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال محمد بن يزيد الحارثي يروي عن مجمع بن عتاب الشقري روى عنه زيد بن حباب.

وترجم له في تهذيب الكمال وتهذيبه فقال: - تمييز - محمد بن يزيد الحنفي الكوفي العطار روى عن أبي بكر بن عياش وعنه ابنه عبد الله قلت [ابن حجر] قرأت بخط الذهبي فيه جهالة انتهى وقد ذكره مسلمة بن قاسم في تاريخه ووثقه وقال

وكان عطارًا.

ومجمع بن عتاب ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وأبوه عتاب بن شمير رضي الله عنه صحابي.

ورواه البيهقي (1/ 57) أخبرنا أبو طاهر الفقيه من أصل سماعه أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصرى أخبرنا أبو أحمد: محمد بن عبد الوهاب أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا عبد الصمد بن جابر بن ربيعة الضبي قال سمعت مجمع بن عتاب بن شمير عن أبيه رضي الله عنه قال: فذكره

وعبد الصمد بن جابر ذكره ابن حبان في ثقاته وترجم له في المجروحين فقال: روى عنه الفضل بن دكين يخطاء كثيرًا ويهم فيما يروي على قلة روايته سمعت الحنبلي يقول سمعت أحمد بن زهير يقول سئل يحيى بن معين عن عبد الصمد بن جابر بن ربيعة فقال ضعيف. ولم يتفرد به.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 39) حدثنا وكيع، عن محمد بن يزيد، عن رجل، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه مثله. فأبهم وكيع شيخه وشيخ شيخه.

ورواه الدولابي في الكنى (2/ 548) أخبرني أحمد بن شعيب قال: أنبأ أحمد بن سليمان قال: حدثنا زيد بن حباب قال: أبو رفاعة عبد القاهر بن تليد بن رفاعة العامري قال: حدثتني الزبراء جارية امرأة علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالت: وضأت عليًا رضي الله عنه في الطشت فوضع يده على منكبي وقال: استمسكي لا تضرطي يا زبراء رواته ثقات غير الزبراء مولاة علي رضي الله عنها وقيل مولاة زوجته لم أقف لها على ترجمة.

وأحمد بن شعيب هو الحافظ النسائي وشيخه هو الرهاوي.

قال أبو عبد الرحمن: الأثر ثابت بمجموعه والله أعلم.

(2)

رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما:

1: مجاهد بن جبر. 2: عباية بن رفاعة. 3: عثمان مولى آل الزبير.

1: مجاهد: رواه ابن أبي شيبة (1/ 19) حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«إن كنت لأسكب عليه الماء، فيغسل رجليه» إسناده صحيح.

أبو بشر هو جعفر بن إياس.

2: عباية بن رفاعة بن رافع: رواه ابن أبي شيبة (9/ 105) حدثنا يعلى وابن المنذر في الأوسط (331) حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، قالا حدثنا أبو حيان، عن عباية قال:«وضأت ابن عمر رضي الله عنهما فقمت، عن يمينه أفرغ عليه الماء» إسناده صحيح.

قال عبد الرزاق: وضأت أنا الثوري فأقامني عن يمينه.

يعلى هو ابن عبيد الطنافسي وإسحاق هو ابن إبراهيم الدَّبَري وأبو حيان هو يحيى بن سعيد التيمي.

3: عثمان مولى آل الزبير: رواه ابن أبي شيبة (1/ 18) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عثمان، قال:«- وكان من غلمة ابن الزبير رضي الله عنهم: وضأت ابن عمر رضي الله عنه فرأيته يمسح ظاهر أذنيه» رواته ثقات عدا مولى آل الزبير فذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ص: 367

وجه الاستدلال: في هذه الآثار صُبَّ ماءُ الوضوء على الصحابة رضي الله عنهم من غير إنكار فدل على جوازه من غير كراهة

(1)

.

الدليل الثامن عشر: قال الشوكاني: الاستعانة بالغير على صب الماء،

مجمع على جوازه وأنَّه لا كراهة فيه

(2)

.

الرد: لا إجماع في المسألة.

القول الثاني: الكراهة: وهو قول للأحناف

(3)

ووجه في مذهب الشافعية

(4)

ورواية عند الحنابلة

(5)

.

وتقدم في إحضار ماء الطهارة ما روي عن عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم كراهة إحضار الماء فالصب أولى بالكراهة - والله أعلم - لكنَّها لا تصح والثابت عنهم خلاف ذلك.

(1)

انظر: فتح الباري (9/ 292).

(2)

نيل الأوطار (1/ 176).

(3)

انظر: تبيين الحقائق (1/ 43) والدر المختار وحاشية ابن عابدين (1/ 250) ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي ص: (75، 81).

(4)

انظر: المجموع (1/ 341) ومغني المحتاج (1/ 103).

(5)

انظر: المغني (1/ 131) والإنصاف (1/ 165) وكشاف القناع (1/ 107) وحاشية ابن قاسم (1/ 210).

ص: 368

وتقدمت أدلة هذا القول

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّه يجوز للمتطهر من الحدث الاستعانة بغيره بصب الماء من غير كراهة لما تقدم.

(1)

انظر: (ص: 354).

ص: 369

‌الاستعانة بغسل أعضاء الطهارة

تحرير محل الخلاف: من غسل أعضاءه غيره بالوضوء أو الغسل لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يكون عاجزًا عن الطهارة فالأمر جائز من غير خلاف بل يجب عليه بالإجماع ويأتي.

الثانية: أن يكون قادرًا على الطهارة فهذا محل الخلاف ويتعلق بهذه المسألة أمران حكم الفعل وهل تصح الطهارة وهو محل البحث.

ص: 370

‌الحكم التكليفي للقادر إذا استعان بغيره لغسل أعضاء الطهارة

القول الأول: تحرم الاستعانة: وهو مذهب المالكية

(1)

والحنابلة

(2)

ونسب لداود

(3)

.

الدليل: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].

وجه الاستدلال: أمر الله عز وجل كل قائم إلى الصلاة أن يغسل أعضاء وضوءه فدل على أنَّه يجب على المتوضاء أن يغسل أعضاء وضوءه بنفسه والبيان الواقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوءه وفي تعليمه لغيره يؤيد ذلك ويقويه فمن زعم أنَّه يجوز ويجزاء العبد وضوءٌ وضأه غيره فعليه الدليل ولا دليل يدل على ذلك أصلًا

(4)

.

الرد: هل المطلوب تطهير الأعضاء من غير النظر للفاعل كفروض الكفايات أو الواجب الطهارة من المكلف نفسه كسائر فروض الأعيان هذا محل الخلاف

(5)

.

الدليل الثاني: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه وكل غسل أعضاء وضوءه إلى أحد وكذلك لم يأت من أقواله ما يدل على جواز ذلك، فمن قال: يجوز ويجزئ عن المكلف نيابة غيره في الطهارة فعليه الدليل

(6)

.

(1)

قال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 317) الاستنابة في الدلك فإن كانت من ضرورة جازت من غير خلاف وينوي المغسول لا الغاسل، وإن كانت لغير ضرورة فلا يجوز من غير خلاف.

وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 221) والشرح الكبير (1/ 135) والتاج والإكليل (1/ 322).

(2)

انظر: الفروع (1/ 156) والإنصاف (1/ 166) وكشاف القناع (1/ 107) والروض الندي (1/ 55).

(3)

انظر: بحر المذهب (1/ 77).

(4)

انظر: السيل الجرار (1/ 93).

(5)

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 108).

(6)

نيل الأوطار (1/ 176).

ص: 371

الرد من وجهين:

الأول: لا يختلف في كون الأفضل أن يتولى الشخص الطهارة بنفسه إنَّما الخلاف في الإجزاء فيحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم على الكمال لا الوجوب.

الثاني: تأتي أدلة الجواز مع الكراهة.

القول الثاني: تكره الاستعانة: وهو مذهب الأحناف

(1)

والشافعية

(2)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} .

وجه الاستدلال: المطلوب إصابة الماء الأعضاء المذكورة سواء فعل ذلك من عليه الوضوء، أو الغسل، أو التيمم، بنفسه أو بغيره

(3)

لكنَّه يكره لأنَّه ترفه زائد لا يليق بالمتعبد وخروجًا من الخلاف

(4)

.

الرد: تقدم.

الدليل الثاني: أجمع أهل العلم على أنَّه لا يسقط الوضوء على من قطعت يداه إذا وجد من يوضؤه فلو كانت الطهارة تجب عليه بنفسه لسقطت عن الأقطع

(5)

.

الرد: الواجبات مع العجز يسقط بعضها إلى غير بدل وبعضها إلى بدل فهل طهارة الأقطع من الأول أو الثاني؟ فإن كانت من الثاني فلا يصح تطهير الغير مع القدرة.

بقية الأدلة: الأدلة السابقة على جواز الاستعانة بإحضار الماء والصب على

(1)

انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 251).

(2)

انظر: المجموع (1/ 341) وأسنى المطالب (1/ 42) ومغني المحتاج (1/ 103) ونهاية المحتاج (1/ 194).

(3)

انظر: شرح مشكل الآثار (14/ 35) وكشاف القناع (1/ 107).

(4)

انظر: أسنى المطالب (1/ 42) وكشاف القناع (1/ 107).

(5)

انظر: شرح مشكل الآثار (14/ 35) والمجموع (1/ 392).

ص: 372

المتطهر.

وجه الاستدلال: لما لزم المتوضئ الاغتراف من الماء لأعضائه وجاز له أن يكفيه ذلك غيره بالصب والاغتراف بعض عمل الوضوء كذلك يجوز في بقية أعماله

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: قياس مع الفارق فالاغتراف من الوسائل لا من المقاصد

(2)

.

الثاني: دل الإجماع على جواز الصب

(3)

فخرج بالإجماع.

الترجيح: الذي يظهر لي كراهة أن يتولى تطهير أعضاء الطهارة غير المتطهر من غير حاجة لأنَّ هذا خلاف عمل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضي الله عنهم والله أعلم.

(1)

انظر: فتح الباري (1/ 286).

(2)

انظر: فتح الباري (1/ 286) وعمدة القارئ (2/ 364).

(3)

نيل الأوطار (1/ 176).

ص: 373

‌الحكم الوضعي لطهارة من غسلت أعضاؤه

تقدم في المسألة السابقة حكم استعانة القادر بغيره لغسل أعضاء الطهارة وفي هذه المسألة إذا استعان هل تصح طهارته أم لا؟

القول الأول: لا تصح الطهارة: قول للمالكية

(1)

ورواية في مذهب الحنابلة

(2)

ونسب لداود الظاهري

(3)

وللظاهرية

(4)

واختاره الشوكاني

(5)

.

الأدلة: تقدمت في عدم جواز استعانة المتطهر بغيره لتطهير أعضائه.

القول الثاني: تصح الطهارة: وهو مذهب الأحناف

(6)

والمالكية

(7)

والشافعية

(8)

والحنابلة

(9)

.

الدليل الأول: قال النووي: لا نعلم في هذه المسألة خلافًا لأحد من العلماء إلا

(1)

انظر: مواهب الجليل (1/ 317) وأسهل المدارك (1/ 53) وشرح الزرقاني على خليل (1/ 114) والفواكه الدواني (1/ 214).

(2)

انظر: الفروع (1/ 156) والإنصاف (1/ 167) والمبدع (1/ 131).

(3)

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 108).

(4)

انظر: نيل الأوطار (1/ 176).

تنبيه: لم أقف على رأي ابن حزم في هذه المسألة في مظانَّه من المحلى.

(5)

انظر: السيل الجرار (1/ 93) ونيل الأوطار (1/ 176).

(6)

قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/ 34) من ولى ذلك غيره من نفسه، أو انغمس في ماء حتى مر على جميع أعضائه التي أمر أن يوضئها في وضوئه لصلاته، أو في غسله من جنابته، وتمضمض مع ذلك واستنشق، أجزأه ذلك، وممن ذهب إلى ذلك منهم: أبو حنيفة وأصحابه.

(7)

انظر: مواهب الجليل (1/ 317) وأسهل المدارك (1/ 53) وشرح الزرقاني على خليل (1/ 114) والفواكه الدواني (1/ 214).

(8)

قال النووي في المجموع (1/ 341) إن استعان بغيره فغسل له أعضاءه صح وضوؤه لكنَّه يكره إلا لعذر.

(9)

قال المرداوي في والإنصاف (1/ 166): لو وضأه غيره بإذنه ونواه المتوضئ فقط. صح على الصحيح من المذهب، وقيل: يشترط أيضًا نية من يوضئه إن كان مسلمًا. وعنه لا يصح مطلقًا من غير عذر، وهو من المفردات.

وانظر: الفروع (1/ 156) والمبدع (1/ 131) وكشاف القناع (1/ 107).

ص: 374

ما حكاه صاحب الشامل عن داود الظاهري أنَّه قال لا يصح وضوؤه إذا وضأه غيره ورد عليه بأنَّ الإجماع منعقد على أنَّ من وقع في ماء أو وقف تحت ميزاب ونوى صح وضوؤه وغسله

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: الخلاف مشهور.

الثاني: الوقوف تحت الميزاب من عمل المكلف لا من عمل غيره.

الثالث: صحة الوضوء على القول بعدم اشتراط دلك أعضاء الطهارة وهذا محل خلاف.

الدليل الثاني: أجمعوا أنَّه جائز للمريض أن يوضئه وييممه غيره إذا لم يستطع، ولا يجوز أن يصلى عنه إذا لم يستطع، فدل أنَّ حكم الوضوء بخلاف حكم الصلاة

(2)

.

الدليل الثالث: الاعتماد على نية المتوضئ لا على فعل الموضَّئ كمسألة الميزاب

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: هل الاعتماد على نية المتوضئ أو ومعها نية الموضَّئ؟ محل الخلاف

(4)

.

الثاني: تقدم الرد على القياس على الميزاب.

الدليل الرابع: الفعل من المكلف غير واجب في الطهارة، ولهذا لو وقف تحت

(1)

المجموع (1/ 341).

(2)

انظر: شرح البخارى لابن بطال (1/ 279) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 282).

(3)

انظر: المجموع (1/ 341) وكشاف القناع (1/ 107).

(4)

انظر: وأسنى المطالب (1/ 42) والإنصاف (1/ 167).

ص: 375

ميزاب أو مطر، ونوى الطهارة، وأمر الماء على أعضاء الطهارة أجزأه

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: هل غسل أعضاء الطهارة واجب على المكلف أم لا هذا محل الخلاف.

الثاني: تقدم أنَّ القياس على الميزاب قياس مع الفارق.

بقية الأدلة: الأدلة السابقة في جواز الاستعانة بغسل أعضاء الطهارة.

الرد: تقدم عدم صحة قياس غسل الأعضاء على إحضار الماء والصب.

الترجيح: الذي ترجح لي صحة طهارة من طهره غيره من غير عذر فالواجب هو تطهير الأعضاء فيحصل بفعل المكلف أو غيره والله أعلم كطواف القادر راكبًا أو محمولًا

(2)

والله أعلم.

(1)

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 108).

(2)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (2/ 200).

ص: 376

‌الفصل الرابع

انتقاض الوضوء بالنوم

ص: 377

‌تمهيد

هل النوم حدث؟

الخلاف في انتقاض الوضوء بالنوم.

القول الأول: لا ينقض النوم الوضوء مطلقًا.

القول الثاني: ينقض النوم الوضوء مطلقًا.

القول الثالث: انتقاض الوضوء ببعض هيئات النوم دون بعض:

أولًا: نوم المضطجع.

ثانيًا: نوم القاعد.

ثالثًا: نوم القائم والراكع والساجد.

ضابط القلة والكثرة عند من يفرقون بين قليل النوم وكثيره.

الترجيح.

ص: 379

‌هل النوم حدث؟

سبب الخلاف في مسألة انتقاض الوضوء بالنوم من عدمه راجع إلى الخلاف في النوم هل هو حدث بذاته كسائر الأحداث الموجبة للوضوء أو ليس بحدث؟

فقبل ذكر الخلاف في مسألة انتقاض الوضوء بالنوم أذكر الخلاف في النوم هل هو حدث؟.

اختلف أهل العلم في الجملة على قولين:

القول الأول: النوم حدث بذاته: وهو قول من يرى انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا ويأتي ذكر القائلين به.

الدليل الأول: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن

(1)

من غائط وبول ونوم»

(2)

.

الاستدلال من وجهين:

الأول: النوم في الحديث مطلق فيتناول كل نوم.

الثاني: قُرِن النومُ بالغائط والبول وهما ينقضان الوضوء بالإجماع فيستوى النوم معهما في الحكم.

الرد: يأتي قريبًا.

الدليل الثاني: ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وجه الاستدلال: النوم حدث لأنَّه علة استطلاق الوكاء.

الرد: يأتي قريبًا.

(1)

أي لكن إذا كان الحدث من الغائط والنوم والبول فلا ننزع بل نتوضأ ونمسح عليهما.

(2)

رواه أحمد (17625) والترمذي (96) - وقال: حديث حسن صحيح- والنسائي (126) وابن ماجه (478) بإسناد حسن. وانظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 93).

ص: 380

القول الثاني: النوم ليس بحدث: وهو قول من لا يرى انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا أو يرى انتقاضه في بعض الأحوال ويأتي ذكرهم.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي»

(1)

.

الدليل الثاني: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم نام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن، فخرج، فصلى ولم يتوضأ»

(2)

.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني»

(3)

.

الدليل الرابع: عن بريدة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم: «صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه» فقال له عمر رضي الله عنه: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه، قال:«عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ»

(4)

.

الدليل الخامس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم»

(5)

.

الدليل السادس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون» .

وكذلك بقية الأدلة الآتية التي يستدل بها على عدم انتقاض الوضوء بالنوم.

وجه الاستدلال: في هذه الأحاديث وغيرها نام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ولم يتوضأ وأقرَّ أصحابه رضي الله عنهم فصلوا بعد نومهم ولم يتوضؤوا فلو كان النوم حدثًا بذاته لتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ولأمر أصحابه رضي الله عنه بالوضوء.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ النوم ليس بحدث إنَّما هو مظنة الحدث لما تقدم من أدلة والله أعلم.

(1)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(2)

رواه البخاري (698) ومسلم (763). انظر: (ص: (11.

(3)

رواه مسلم (763) وانظر: (ص: 15).

(4)

رواه مسلم (277).

(5)

رواه البخاري (642)(6292) ومسلم (123)(124) - (376).

ص: 381

‌الخلاف في أثر النوم في انتقاض الوضوء

اختلف أهل العلم في حكم انتقاض الوضوء بالنوم على أربعة أقوال - في الجملة - قول بعدم النقض مطلقًا وقول بالنقض مطلقًا وقول بالانتقاض في بعض الهيئات دون بعض وقول بالانتقاض بغلبة النوم على النائم من عدمه.

‌القول الأول: لا ينقض النوم الوضوء مطلقًا:

قال به أبو موسى وأبو أمامة وروي عن ابن عمر رضي الله عنهم ونسب لسعيد بن المسيب

(1)

والأعرج

(2)

ولأبي مجلز لاحق بن حميد

(3)

والأوزاعي

(4)

ونسب لأحمد

(5)

واختاره ابن المنذر

(6)

.

(1)

قال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 245) روي عن سعيد بن المسيب أنَّه كان ينام مرارًا مضطجعًا ينتظر الصلاة ثم يصلي ولا يعيد الوضوء للصلاة. وقال ابن حجر في الفتح (1/ 315) صح عن

وسعيد بن المسيب أنَّ النوم لا ينقض مطلقًا. ونسبه له ابن قدامة في المغني (1/ 165).

قال أبو عبد الرحمن: مذهب سعيد بن المسيب عدم النقض إلا بالاستغراق ويأتي.

(2)

قال البغوي في شرح السنة (1/ 339) يروى عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنَّ النوم لا يوجب الوضوء بحال، وهو قول الأعرج.

ونسبه للأعرج ابن قدامة في المغني (1/ 165).

(3)

انظر: عارضة الأحوذي (1/ 104). ونسبه له ابن قدامة في المغني (1/ 165).

(4)

قال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 242) روى محمود بن خالد عن الأوزاعي قال لا وضوء من النوم وإن توضأ ففضل أخذ به وإن ترك فلا حرج ولم يذكر عنه الفضل [هكذا في المطبوع] بين أحوال النائم. وقال ابن حزم في المحلى (1/ 224) ذهب الأوزاعي إلى أنَّ النوم لا ينقض الوضوء كيف كان.

وتأتي نسبة انتقاض الوضوء له إذا استثقل نومًا قاعدًا.

(5)

قال الزركشي في شرحه على الخرقي (1/ 59) نقل عنه [أحمد] الميموني: لا ينقض بحال لكن نفاها الخلال.

وانظر: الاختيارات ص: (16) والمبدع (1/ 159) والإنصاف (1/ 199).

(6)

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 259) أسعد الناس بهذا القول من قال: ليس على من نام مضطجعًا وضوء حتى يوقن بحدث غير النوم.

وقال: (1/ 251) لا يخلو النوم في نفسه من أن يكون حدثًا ينقض الطهارة، أو غير حدث فإن كان النوم حدثًا كالغائط والبول فعلى النائم الوضوء على أي جهة كان النوم كسائر الأحداث أو لا يكون النوم حدثًا يوجب الوضوء فليس يجب على نائم الطهارة على أي جهة كان النوم منه حتى يكون معه حدث يوجب الوضوء.

وقارن به قوله في الإقناع (1/ 46) الذي يوجب الوضوء خروج الغائط، والريح من الدبر، وخروج البول من ذكر الرجل، وقبل المرأة، والمذي، والنوم وإن قل على أي حال كان النوم. وهو ظاهر كلامه في الإشراف (1/ 75).

وقال ابن حجر في الفتح الباري (1/ 314) نقل بن المنذر وغيره عن بعض الصحابة رضي الله عنهم والتابعين المصير إلى أنَّ النوم حدث ينقض قليله وكثيره وهو قول أبي عبيد وإسحاق بن راهويه قال ابن المنذر وبه أقول.

ص: 382

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6].

وجه الاستدلال: ذكر سبحانه نواقض الوضوء ولم يذكر النوم

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: وردت الآية في النوم أي إذا قمتم إلى الصلاة من النوم ومن نام قد يكون نائم متطهرًا أو غير متطهر.

الثاني: الآية ذكر فيها بعض النواقض وبينت السنة الباقي فلم يذكر الإغماء وهو ناقض للوضوء بالإجماع

(2)

.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه أنَّه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنَّه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: «لا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»

(3)

.

وجه الاستدلال: النوم ليس بحدث في عينه وإيجاب الوضوء لاحتمال خروج الريح والأصل عدمه فلا يجب الوضوء بالشك

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: حديث الشك حال اليقضة والخلاف في انتقاض الوضوء حال النوم.

(1)

انظر: المجموع (2/ 18).

(2)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 100).

(3)

رواه البخاري (137) ومسلم (361).

(4)

انظر: المجموع (2/ 18).

ص: 383

الثاني: ورد الأمر بالوضوء من النوم فلا بد من الجمع بين النصوص المتعارضة.

الدليل الثالث: عن بريدة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم: «صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه» فقال له عمر رضي الله عنه: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه، قال:«عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ»

(1)

.

وجه الاستدلال: من عادة النبي صلى الله عليه وسلم النوم فنام ولم يتوضأ فدل ذلك أنَّ النوم لا ينقض الوضوء

(2)

.

الرد: النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره بدلالة حديث عائشة رضي الله عنها الآتي.

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي»

(3)

.

الدليل الخامس: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم نام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن، فخرج، فصلى ولم يتوضأ» .

الدليل السادس: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو ساجد، فما يعرف نومه إلا بنفخه، ثم يقوم فيمضي في صلاته»

(4)

(1)

رواه مسلم (277).

(2)

انظر: معرفة السنن والآثار (1/ 206).

(3)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(4)

الحديث مداره على إبراهيم بن يزيد النخعي ورواه عنه:

1: سليمان بن مهران الأعمش. 2: حماد بن أبي سليمان. 3: فضيل بن عمرو التميمي. 4: منصور بن المعتمر.

الرواية الأولى: رواية الأعمش: واختلف عليه في جعل الحديث عن ابن مسعود أو عائشة رضي الله عنهما:

أولًا: حديث ابن مسعود رضي الله عنه: رواه ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا إسحاق بن منصور والطبراني في الكبير (10/ 90) حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا سعيد بن سليمان، والبزار (1520) حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا محمد بن الصلت قالوا حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش والترمذي في العلل الكبير (1/ 150) حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا علي بن الحسن، عن أبي حمزة، يروونه - منصور بن أبي الأسود وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري - وعبد الله بن القدوس علل الدارقطني (799) - عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: فذكره وإسناده صحيح.

منصور بن أبي الأسود وثقه يحيى بن معين في رواية وفي أخرى قال: ليس به بأس وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان فى ثقاته.

وأبو حمزة السكري وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان في ثقاته.

وعبد الله بن عبد القدوس التميمي توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق رمي بالرفض، وكان أيضًا يخطاء. وبقية رواته ثقات.

سعيد بن سليمان هو سعدوية ويوسف بن موسى هو القطان ومحمد بن الصلت هو الأسدي. وعلي بن الحسن هو العبدي.

ورجح الدارمي رواية ابن مسعود رضي الله عنه من طريق الأعمش على روايته عن عائشة رضي الله عنها قال الترمذي: في العلل الكبير (1/ 150) سألت عبد الله بن عبد الرحمن فقال: حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه أصح.

وقال الدارقطني في علله (5/ 167) أشبهها بالصواب حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه.

ويأتي الحديث معضلًا عن منصور عن إبراهيم النخعي. والأعمش أحفظ من منصور بن المعتمر لحديث النخعي والظاهر صحة الروايتين لما يأتي.

ومال البخاري إلى ترجيح حديث ابن مسعود رضي الله عنه من طريق الأعمش ولم يجزم بخطأ حديث عائشة رضي الله عنها قال الترمذي: في العلل الكبير (1/ 150) سألت محمدًا عن هذا الحديث فقلت: أي الروايتين أصح؟ فقال: يحتمل عنهما جميعًا، ولا أعلم أحدًا من أصحاب الأعمش قال: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها إلا وكيعًا فقوله:، ولا أعلم أحدًا من أصحاب الأعمش قال: .... كأنَّه لم يطمئن إلى تفرد وكيع حيث لم يتابعه الثقات على ذلك وإلا فقد توبع.

ثانيًا: حديث عائشة رضي الله عنها: رواه أحمد (24515) وابن ماجه (474) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة [(1/ 132)] وعلي بن محمد، وابن شاهين ناسخ الحديث ومنسوخه (196) حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قالوا: حدثنا وكيع وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (197) حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن عامر، وأحمد بن عبد الوارث الحارثي، قالا: حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة، قال: حدثنا شريك ورواه إسحاق بن إبراهيم الشهيدي، عن أبي معاوية، - علل الدارقطني (3617) يروونه - وكيع وشريك بن عبد الله وأبو معاوية محمد بن خازم - عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ، ثم يقوم، فيصلي، ولا يتوضأ» ورواته ثقات.

أحمد بن محمد بن سعيد ترجم له الذهبي في الميزان فقال: أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ أبو العباس، محدث الكوفة، شيعي متوسط. ضعفه غير واحد، وقواه آخرون. قال ابن عدي: صاحب معرفة وحفظ وتقدم في الصنعة، رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، ثم قوَّى ابن عدي أمره، وقال: لولا أنَّي شرطت أن أذكر كل من تكلم فيه - يعني ولا أحابي - لم أذكره للفضل الذي كان فيه من الفضل والمعرفة، ثم لم يسق ابن عدي له شيئا منكرًا

وقال البرقاني: قلت للدارقطني: إيش أكثر ما في نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير. وروى حمزة بن محمد بن طاهر عن الدارقطني، قال: كان رجل سوء، يشير إلى الرفض. وسئل الدارقطني، عن ابن عقدة، فقال: لم يكن في الدين بالقوي، وأكذب من يتهمه بالوضع، إنَّما بلاؤه من هذه الوجادات.

وقال الذهبي: انتشر حديثه، وبعد صيته، وكتب عمن دب ودرج من الكبار والصغار والمجاهيل، وجمع الغث إلى السمين، والخرز إلى الدار الثمين.

والقاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة قال الدارقطني ليس بالقوي وقال ابن عبد الهادي غير مشهور بعدالة ولا جرح وتابعه أحمد بن عبد الوارث الحارثي ولم أقف عليه وتقدم أنَّ الحافظ ابن عقدة يروي عن المجاهيل.

ومحمد بن سعيد بن زائدة قال أبو حاتم شيخ قديم دلنا عليه ابن نمير لا بأس به.

قال الدارقطني في علله (14/ 266) كذلك قيل عن إسحاق بن إبراهيم الشهيدي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، ولا يصح عن أبي معاوية.

فوكيع بن الجراح جعل الحديث من رواية الأعمش عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد النخعي عن عائشة رضي الله عنها وتوبع لكن لا تتقوى بها روايته.

فتابعه شريك بن عبد الله النخعي وهو صدوق يخطاء كثيرًا إضافة إلى ضعف وجهالة بعض رواة إسناده.

كذلك رواه ابن أبي شيبة عن شريك عن منصور عن إبراهيم النخعي مرسلًا وهي أرجح.

وكذلك تابعه أبو معاوية محمد بن خازم وهو من أحفظ الناس لحديث الأعمش وتقدم عن الدارقطني أنَّها خطًا ولم أقف على سندها وتأتي رواية أبي معاوية عن حجاج بن أرطاة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم وهي رواية اضطرب فيها حجاج.

وكذلك رواه ورقاء، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها ويأتي أنَّها رواية شاذة.

فلم تبقَ إلا رواية وكيع واختلف في روايته عن الأعمش فقيل لعيسى بن يونس، وكيع سمع من الأعمش، وهو صغير، قال: لا تقولوا ذاك، إنَّه كان ينتقيها ويعرفها وكان ابن مهدي لا يعدل بوكيع أحدًا فهو مقدم في الأعمش لكن رواية الجمع مقدمة عليه.

وتقدم الحديث عن منصور بن أبي الأسود وأبي حمزة السكري وعبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه والذي يظهر لي ترجيح هذه الرواية على رواية وكيع فهم جمع إضافة إلى رواية الحجاج بن أرطاة الآتية وهي مضطربة لكنَّها في الجملة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه. وتأتي رواية الحديث عن منصور بن المعتمر عن النخعي معضلًا والظاهر أنَّه لا تعارض بينها وبين وصل الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه فإبراهيم النخعي تارة يصله وتارة يرسله ورواه الثوري عن منصور عن إبراهيم موقوفًا من فتواه - يأتي - ولا تعارض بين هذه الروايات والله أعلم. وتقدم ترجيح الدارقطني والدارمي لحديث ابن مسعود رضي الله عنه.

ونظرًا لأنَّ روايات الحديث المختلفة متقاربة في القوة فلذا اختلف قول الدارقطني فرجح حديث منصور عن إبراهيم معضلًا - ويأتي ترجيحه - وتردد البخاري في الجزم برد حديث عائشة رضي الله عنها والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية حماد بن أبي سليمان وفضيل بن عمرو التميمي: رواه الحجاج بن أرطاة واضطرب في إسناده فرواه:

1: أبو يعلى (5224) حدثنا أبو خيثمة، وأحمد (4041) قالا حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم، حدثنا الحجاج، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينام مستلقيًا حتى ينفخ، ثم يقوم، فيصلي ولا يتوضأ» وإسناده ضعيف.

2: ابن ماجه (475) حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن حجاج، عن فضيل بن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم قام، فصلى» وإسناده ضعيف.

فاضطرب فيه حجاج بن أرطاة فتارة يجعله عن حماد بن أبي سليمان وتارة يجعله عن فضيل بن عمرو.

والحجاج بن أرطاة صدوق كثير الخطأ والتدليس ومع ضعف هذه الرواية تصلح شاهدًا لرواية الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه والله أعلم.

الرواية الثالثة: رواية منصور بن المعتمر: رواه:

1: ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا شريك وابن شاهين في ناسخ الحديث (198) حدثنا جعفر بن أحمد بن حمدان الموصلي، قال: حدثنا محمد بن زياد الزيادي، قال: حدثنا فضيل يعني: ابن عياض - يروونه شريك وفضيل بن عياض - وشعبة وأبو عوانة اليشكري علل الدارقطني (799) وزائدة بن قدامة علل الدارقطني (3617) - عن منصور عن إبراهيم، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام في المسجد حتى نفخ، ثم قام فصلى ولم يتوضأ» معضل رواته ثقات.

شيخ ابن شاهين ترجم له الخطيب في تاريخه فقال: جعفر بن حمدان بن يحيى، أبو القاسم الشحام الموصلي

روى عنه

وأبو حفص بن شاهين. وكان مكفوف البصر، ورواياته مستقيمة. وترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ومحمد بن زياد الزيادي ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ربما أخطأ.

وشريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطاء كثيرًا وهو متابع للثقات وبقية رواته ثقات.

قال الدارقطني في علله (14/ 267) المرسل أشبهها بالصواب عن منصور.

فالثقات فضيل بن عياض وشعبة وأبو عوانة اليشكري وزائدة بن قدامة جعلوه عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي معضلًا وتابعهم شريك في هذه الرواية - وهي أرجح - مما تقدم عن شريك عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا.

وتابع منصور مغيرة بن مقسم فالذي يظهر لي أنَّ أقوى طرقه المعضل مع ما تقدم من صحة وصل الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه.

فيترجح المرسل ب:

1: منصور بن المعتمر أثبت من الأعمش عند يحيى القطان وأحمد.

2: لم يختلف على منصور في إرسال الحديث بخلاف الأعمش فتقدم الاختلاف عليه.

3: تابع منصور الثقة مغيرة بن مقسم.

2: ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام في ركوعه وسجوده، ثم يصلي، ولا يتوضأ» معضل رواته ثقات.

هشيم بن بشير مدلس.

3: عبد القاهر بن شعيب بن الحبحاب، عن ورقاء، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها. علل الدارقطني (3617)(799) وإسناده ضعيف.

عبد القاهر بن شعيب بن الحبحاب ذكره ابن حبان في الثقات وقال صالح جزرة: لا بأس به.

وورقاء بن عمر وثقه وكيع وأحمد وابن معين وفي رواية عنه قال صالح وقال معاذ بن معاذ ليحيى القطان سمعت حديث منصور قال نعم فقال ممن قال من ورقاء قال لا يساوي شيئًا وقال العقيلي تكلموا في حديثه عن منصور وقال ابن عدي روى أحاديث غلط في أسانيدها وباقي حديثه لا بأس به.

فهذه الرواية شاذة من وجهين وصل الحديث وجعله عن عائشة رضي الله عنها. والمحفوظ عن منصور المعضل والله أعلم.

ص: 384

......................................................................................

ص: 385

............................................................................

ص: 386

وجه الاستدلال: نام النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء صلاته وصلى بعد نومه ولم يتوضأ

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره، فيعلم ما حوله وإن كان نائمًا

(2)

.

الثاني: يأتي الاستدلال بحديث عائشة رضي الله عنها بانتقاض الوضوء بالنوم.

الدليل السابع: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة، فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:«لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ اللَّيْلَةَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ»

(3)

.

الدليل الثامن: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء، وهي التي تدعى العتمة، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأهل المسجد حين خرج عليهم:«مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرَكُمْ» وذلك قبل أن يفشو

(1)

انظر: المحلى (1/ 225).

(2)

انظر: المحلى (1/ 225).

(3)

رواه البخاري (571) ومسلم (639).

ص: 388

الإسلام في الناس

(1)

.

وجه الاستدلال: نام الصحابة رضي الله عنهم وظاهر الحديث أنَّ نومهم طويل ولم يتوضؤوا فدل ذلك على عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

الرد: هذا أول الإسلام فيحمل على أنَّه قبل تشريع انتقاض الوضوء بالنوم جمعًا بينه وبين نصوص انتقاض الوضوء بالنوم والله أعلم.

الدليل التاسع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم»

(2)

.

الدليل العاشر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون»

(3)

.

(1)

رواه البخاري (569) ومسلم (638).

(2)

البخاري (642)(6292) ومسلم (123)(124) - (376).

(3)

حديث أنس رضي الله عنه رواه عنه قتادة السدوسي ورواه عنه:

1: هشام الدستوائي. 2: شعبة بن الحجاج. 3: معمر بن راشد. 4: محمد بن سليم الراسبي. 5: سعيد بن أبي عروبة.

الرواية الأولى: رواية هشام بن أبي عبد الله الدستوائي: رواه أبو داود (200) حدثنا شاذ بن فياض وابن المنذر في الأوسط (1/ 259) حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا وهب بن جرير والسراج (1103) حدثنا عبيد الله بن سعيد، ثنا يحيى بن سعيد والدارقطني (1/ 131) حدثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو هشام الرفاعي نا وكيع قالوا: حدثنا هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون» وإسناده صحيح.

شاذ بن فياض توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق له أوهام وأفراد وهو متابع ليحيى القطان ووكيع.

وإبراهيم بن عبد الله ترجم له في الميزان ولسانه فقال: إبراهيم بن عبد الله السعدي النيسابوري صدوق

قال أبو عبد الله الحاكم كان يستخف بمسلم فغمزه مسلم بلا حجة انتهى. قال ابن أبي حاتم .. سئل أبي عنه فقال شيخ وذكره ابن حبان في الثقات. وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي توسط فيه ابن حجر فقال: ليس بالقوي وبقية رواته ثقات.

وهب بن جرير هو الأزدي. وعبيد الله بن سعيد هو أبو قدامة اليشكري.

وصحح الحديث الدارقطني.

قوله: «حتى تخفق رؤوسهم» بمعنى ينامون في الرويات الآتية فالجالس إذا نام خفق رأسه والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية شعبة: رواه عنه:

1: يحيى بن سعيد القطان. 2: خالد بن الحارث

أولًا: يحيى بن سعيد القطان عن شعبة: اختلف عليه فرواه:

1: الإمام أحمد وعبيد الله بن سعيد: رواه أحمد (13529) والسراج (1102) حدثنا عبيد الله بن سعيد قالا حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون» وإسناده صحيح.

أبو قدامة عبيد الله بن سعيد اليشكري قال الحاكم: أبو قدامة أحد أئمة الحديث متفق على إمامته وحفظه وإتقانه.

2: محمد بن بشار واختلف عليه فيه فرواه:

1): الترمذي (78) حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: - كلفظ رواية أحمد - وإسناده صحيح.

قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

2): البيهقي (1/ 120) أخبرناه أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا تمتام حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» وإسناده صحيح.

على بن أحمد بن عبدان وثقه الخطيب وأحمد بن عبيد الصفار قال البغدادي ثقة ثبت صنف المسند وجوده. ومحمد بن غالب تمتام قال الدارقطني ثقة مأمون إلا إنَّه كان يخطئ. لكنَّه لم يخالف فلفظ هذه الرواية هو المحفوظ من رواية محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد القطان والله أعلم.

وقوله: «على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» زيادة لا تخالف بقية روايات حديث أنس رضي الله عنه فالظاهر أنَّ هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين عن عبد العزيز بن صهيب «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه رضي الله عنهم ثم جاء فصلى بهم» يدل على ذلك سواء قلنا هما حديث واحد أو حديثان والله أعلم.

3): ابن حزم في المحلى (1/ 224) حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقومون إلى الصلاة» ورواته ثقات.

محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام، الحافظ، المتقن، اللغوي، العلامة، أكثر وجود. كان أحد الثقات الأعلام. ويصحح ابن حزم رواية محمد بن سعيد بن نبات عن أحمد بن عون الله عن قاسم بن أصبغ.

لكن قوله: «فيضعون جنوبهم» شاذة تخالف رواية الترمذي ومحمد بن غالب تمتام عن محمد بن بشار وأيضًا تخالف رواية أحمد بن حنبل وعبيد الله بن سعيد عن يحيى القطان وخالد بن الحارث عن شعبة عن قتادة ولها شاهد من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وهي شاذة والله أعلم.

قال ابن هانئ - مسائله عن أحمد (42) - قيل له: حديث أنس رضي الله عنه، «إنَّهم كانوا يضطجعون» قال: ما قال هذا شعبة قط. وقال: حديث شعبة: «كانوا ينامون» وليس فيه «يضطجعون» وقال هشام: «كانوا ينعسون» وقد اختلفوا في حديث أنس رضي الله عنه.

وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 507) ولا يلتفت إلى رواية الفرد عن شعبة ممن ليس له حفظ ولا تقدم في الحديث من أهل الاتقان.

ثانيًا: خالد بن الحارث: رواه مسلم (376) حدثني يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد وهو ابن الحارث، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه، يقول:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون» قال: قلت: سمعته من أنس رضي الله عنه قال: إي والله.

الرواية الثالثة: رواية معمر بن راشد: رواه عبد الرزاق (483) عن معمر، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:«لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة، وإنَّي لأسمع لبعضهم غطيطًا - يعني وهو جالس - فما يتوضؤون» . قال معمر: فحدثت به الزهري، فقال رجل عنده: أو خطيطًا، قال الزهري:«لا، قد أصاب غطيطًا» وإسناده صحيح.

جاء في ترجمة معمر من التهذيب قال عبد الرزاق عن معمر: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثًا إلا كأنَّه ينقش في صدري.

لكن قال ابن رجب في الفتح (1/ 299) رواية معمر، عن قتادة ليست بالقوية. قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد. قال الدارقطني في العلل: معمر سيء الحفظ لحديث قتادة.

وفي هذه الرواية زيادتان:

الأولى: قوله: «يوقظون للصلاة» وهذه الزياد تفيد استغراقهم في النوم ولم أقف عليها في بقية الروايات فهي زيادة شاذة والله أعلم.

الثانية: قوله: «إنِّي لأسمع لبعضهم غطيطًا» فلا تخالف بقية الروايات فالغطيط يكون أحيانًا أول النوم والله أعلم.

ورواه البيهقي (1/ 120) أخبرنا أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ والدارقطني (1/ 130) قالا أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز نا محمد بن حميد نا ابن المبارك أنا معمر به وإسناده ضعيف.

محمد بن حميد الرازي وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى، وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات، وقال ابن وارة: كذاب.

وعبد الله بن محمد هو أبو القاسم الحافظ البغوي. وصحح الحديث الدارقطني

قال الدارقطني: قال ابن المبارك هذا عندنا وهم جلوس ومثله عند البيهقي وقال: وعلى هذا حمله عبد الرحمن بن مهدي والشافعي.

الرواية الرابعة: رواية أبي هلال محمد بن سليم الراسبي: رواه ابن الجعد (3125) وأحمد بن منيع - المطالب العالية (154/ 3) - ثنا عبد الملك التمار والدارقطني (1/ 130) قرئ على أبي القاسم بن منيع وأنا أسمع حدثكم طالوت بن عباد والسراج - المسند (22) - حدثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة ثنا سليمان بن حرب والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3444) حدثنا محمد قال: حدثنا حجاج قالوا حدثنا أبو هلال عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:«كنا نجيء إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنا من ينعس أو ينام فلا نحدث وضوءًا» وإسناده حسن.

أبو هلال الراسبي قال ابن معين صدوق وقال مرة ليس به بأس وليس بصاحب كتاب وقال ابن أبي حاتم أدخله البخاري في الضعفاء وقال أبو داود ثقة ولم يكن له كتاب وقال النسائي ليس بالقوي وقال أحمد بن حنبل يحتمل في حديثه إلا أنَّه يخالف في قتادة وهو مضطرب الحديث وقال البزار احتمل الناس حديثه وهو غير حافظ وقال ابن عدي بعد أنَّ ذكر له أحاديث كلها أو عامتها غير محفوظة وله غير ما ذكرت وفي بعض رواياته ما لا يوافقه عليه الثقات وهو ممن يكتب حديثه. وفي هذا الحديث وافق الثقات في روايته عن قتادة.

وطالوت بن عباد ترجم له في الميزان ولسانه فقال: الصيرفي صاحب تلك النسخة العالية شيخ معمر ليس به بأس قال أبو حاتم صدوق وأمَّا ابن الجوزي فقال من غير تثبت ضعفه علماء النقل. قلت [الذهبي] إلى الساعة افتش فما وقفت بأحد ضعفه

وذكره ابن حبان في الثقات وكناه أبا عثمان وقال الحاكم في التاريخ سئل صالح جرزة عنه فقال شيخ صدوق.

وعبيد الله بن جرير بن جبلة بن أبي رواد العتكي ذكره ابن حبان في ثقاته. وبقية رواته ثقات.

أبو القاسم بن منيع هو عبد الله بن محَمَّد البغوي وعبد الملك التمار هو أبو نصر ابن عبد العزيز القشيرى وشيخ الطحاوي هو ابن خزيمة وشيخه هو حجاج بن منهال. وصحح الحديث الدارقطني.

الرواية الخامسة: رواية سعيد بن أبي عروبة: رواه أبو داود - في مسائله عن أحمد ص: (439) - ثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى والبزار (7077) حدثنا ابن مثنى، حدثنا عبد الأعلى وأبو يعلى (3199) حدثنا عبيد الله، حدثنا خالد وابن المنذر في الأوسط (1/ 260) حدثنا محمد بن نصر، ثنا عبدة بن سليمان يروونه عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه؛ «أنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ» ورواته ثقات.

سعيد بن أبي عروبة مختلط لكن رواه عنه عبدة بن سليمان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وخالد بن الحارث وهم من أحفظ الناس لحديثه.

وابن المثنى هو محمد عبيد الله هو بن عمر القواريري.

لكن هذه الرواية فيها شذوذ من وجهين:

الأول: قوله: «يضعون جنوبهم» .

الثاني: قوله: «فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ» .

فهاتان الزيادتان تخالفان رواية هشام الدستوائي والمحفوظ من رواية شعبة ومن تقدم ذكرهم ممن رووه عن قتادة. ولوضع الجنوب شاهد من رواية محمد بن عبد السلام الخشني عن محمد بن بشار عن يحيى القطان عن شعبة عن قتادة وتقدم شذوذها.

تنبيه: في المطالب العالية (154/ 2) قال البزار: حدثنا ابن المثنى، ثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه. ومثله في كشف الاستار (282).

قال أبو داود في مسائله ص: (438) سمعت أحمد بن محمد بن حنبل، يقول: اختلف شعبة، وسعيد، وهشام في حديث أنس رضي الله عنه:«كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون» في اللفظ، وكلهم ثقات. فيفهم منه التوقف وتقدم إنكاره للاضطجاع في رواية شعبة والله أعلم.

قال أبو عبد الرحمن: الذي يترجح لي أنَّ رواية سعيد بن أبي عروبة شاذة فرواية هشام فيها ذكر النوم فقط ولم يختلف عليه وكذلك وافقه شعبة في المحفوظ من روايته إضافة لموافقة معمر وأبي هلال الراسبي عن قتادة فهي المحفوظة من رواية قتادة عن أنس رضي الله عنه والله أعلم.

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 503 - 507) قال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين: سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة

وقال إسحاق بن هانئ: سألت أبا عبد الله قلت: أيما أحب إليك في حديث قتاد: سعيد بن أبي عروبة أو همام أو شعبة أو الدستوائي؟ فسمعته يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: سعيد عندي في الصدق مثل قتادة، وشعبة ثبت، ثم همام. قلت: والدستوائي؟ قال: والدستوائي أيضًا ....

وقال البرديجي: شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه صحيح، فإذا ورد عليك حديث لسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا، وخالفه هشام وشعبة، حكم لشعبة وهشام على سعيد،

قلت [ابن رجب]: مراده أنَّ الحفاظ من أصحاب قتادة ثلاثة: شعبة وسعيد وهشام، والشيوخ من أصحابه مثل حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم.

فأما الحفاظ الثلاثة: فإذا روى سعيد حديثًا عن قتادة وخالفه فيه شعبة وهشام فالقول قولهما، وسيأتي فيما بعد قوله [البرديجي]: إنَّ القول قول رجلين من الثلاثة من غير تعيين، وقوله أيضًا: إنَّه إذا روى هشام وسعيد بن أبي عروبة شيئًا وخالفهما شعبة فالقول قولهما .... وقال البرديجي أيضًا: إذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث، وإن انفرد واحد من الثلاثة في حديث نظر فيه، فإن كان لا يعرف متن الحديث إلا من طريق الذي رواه كان منكرًا.

ص: 389

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: يحمل على النوم غير المستغرق جمعًا بينه وبين النصوص الأخرى.

الدليل الحادي عشر: عن عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ، ثم يقوم، فيصلي، ولا يتوضأ» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح عن عائشة رضي الله عنها إنَّما المحفوظ من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المتقدم.

ص: 393

الثاني: تقدم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره.

الدليل الثاني عشر: عن أنس رضي الله عنه؛ «أنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ» .

وجه الاستدلال: من يضع جنبه غالبًا يستغرق في النوم.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم أنَّ وضع الجنوب شاذ والمحفوظ نومهم وفي بعضها تخفق رؤوسهم.

الثاني: لا تلازم بين الاستغراق في النوم ووضع الجنب.

الدليل الثالث عشر: عن قيس بن عباد، قال: رأيت أبا موسى رضي الله عنه صلى الظهر ثم استلقى على قفاه فنام حتى سمعنا غطيطه فلما حضرت الصلاة قام فقال: «هل وجدتم ريحًا أو سمعتم صوتًا؟» قالوا: لا، فصلى العصر ولم يتوضأ»

(1)

.

الدليل الرابع عشر: عن شرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد الألهاني قالا:«كان أبو أمامة رضي الله عنه ينام وهو جالس حتى يمتلئ نومًا، ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ»

(2)

.

(1)

رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 260) حدثنا محمد بن نصر، ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا الفضل بن موسى، عن حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن قيس بن عباد، قال: فذكره ورواته ثقات.

ورواه ابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/ 125) بإسناده عن ابن المنذر وصححه.

يزيد النحوي هو ابن أبي سعيد.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا يحيى بن سعيد، عن طارق بياع النوى، قال: حدثتني منيعة ابنة وقاص، عن أبيها؛ أنَّ أبا موسى رضي الله عنه كان ينام بينهن حتى يغط، فننبهه، فيقول:«هل سمعتموني أحدثت؟» فنقول: لا، «فيقوم فيصلي» وإسناده ضعيف.

طارق بياع النوى ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكرا وقاص البصري ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وابنته منيعة ذكرها ابن أبي حاتم ولم يذكر فيها جرحًا ولا تعديلًا.

قال ابن حجر في الفتح (1/ 315) صح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ النوم لا ينقض مطلقًا.

(2)

رواه البيهقي في الخلافيات (1/ 263) بإسناده عن الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد عن أبي أمامة رضي الله عنه وابن المنذر في الأوسط (1/ 257) حدثنا محمد بن علي، ثنا سعيد وابن أبي شيبة (1/ 132) قالا حدثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد الألهاني قالا: فذكراه وإسناده حسن.

الحديث من رواية إسماعيل بن عياش ويحتج بحديثه عن الشاميين خاصة، وهذه منها فشيخاه شرحبيل بن مسلم الخولاني ومحمد بن زياد الألهاني شاميان. ومحمد بن علي الذي يظهر لي أنَّه ابن زيد الصائغ المكي فهو الذي له رواية عن سعيد بن منصور وهو ثقة.

ولابن المنذر شيخ آخر وهو محمد بن علي النجار الصنعاني ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وهو يروي عن عبد الرزاق ولم أقف له على رواية عن سعيد بن منصور والله أعلم.

ص: 394

وجه الاستدلال: أبو موسى وأبو أمامة رضي الله عنهما يريان عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

الرد: المسألة من مسائل الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم يأتي أنَّ أنس رضي الله عنه يرى انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا وابن عمر رضي الله عنهما المحفوظ عنه التفريق بين القاعد والمضطجع وأبو هريرة رضي الله عنهم يرى عدم الانتقاض إلا بالاضطجاع.

الدليل الخامس عشر: عن عطاء العمري قال: «دخل ابن عمر رضي الله عنهما المسجد فرأيته يصلي قبل صلاة الفجر ويتلفت كأنَّه يبادر الفجر ثم ركع ركعتين مع الفجر أو قبله، ثم رأيته مستلقيًا على ظهره حتى عرفت أنَّه قد نام ثم قام فصلى» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: الأثر لا يصح.

الثاني: كالذي قبله.

‌القول الثاني: ينقض النوم الوضوء مطلقًا:

قال به أنس بن مالك وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهم والمحفوظ عنه التفريق بين نوم المضطجع والقاعد - وقال به عطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبر

(1)

وهو وجه

(1)

قال البيهقي (1/ 119) وبإسناده [قال أخبرنا أبو بكر الحارثي الأصبهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو عامر: موسى بن عامر] حدثنا الوليد قال وأخبرني أبو عمرو عن ابن جريج عن عطاء ومجاهد قالا: «من نام راكعًا أو ساجدًا توضأ» ورواته ثقات.

وقال ابن وهب - المدونة (1/ 10) - بلغني عن عطاء بن أبي رباح ومجاهد: «أنَّ الرجل إذا نام راكعًا أو ساجدًا فعليه الوضوء» .

وروى عبد الرزاق (475) عن ابن جريج قال: قال عطاء: «إذا ملكك النوم فتوضأ قاعدًا أو مضطجعًا» ورواته ثقات.

ابن جريج هو عبد العزيز بن عبد الملك ينسب لجده.

وهذا الأثر لا يخالف الذي قبله إنَّما فيه أنَّ نوم المستغرق ينقض. لكن يشكل على رواية البيهقي:

ما رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، أنَّه قال:«من نام ساجدًا، أو قائمًا، أو جالسًا فلا وضوء عليه، فإن نام مضطجعًا فعليه الوضوء» ورواته ثقات.

فهل لعطاء روايتان الله أعلم. ونسب له النقض بالنوم مطلقًا ابن حزم فقال في المحلى (1/ 223) وهذا قولُ [النقض مطلقا]

وعطاء.

ص: 395

للأحناف

(1)

ورواية عن مالك

(2)

وقول للشافعي

(3)

واختاره المزني

(4)

وابن القاسم

(5)

وربيعة الرأي وابن أبي سلمة

(6)

وابن حزم

(7)

ونسب لإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام

(8)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].

(1)

انظر: المبسوط (1/ 199) والبحر الرائق (1/ 72) وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 53) والجوهرة النيرة (1/ 38).

(2)

انظر: التوضيح (1/ 200) وشرح التفريع (1/ 58) وشرح الرسالة لابن ناجي (1/ 79).

(3)

قال الرافعي في العزيز (1/ 160) وعن الشافعي رضي الله عنه قول آخر أنَّ تلك الحالة أيضًا لا تستثنى بل النوم في عينه حدث، لإطلاق ما سبق من الأخبار، وكما في سائر الأحداث لا فرق فيها بين حالتي القعود وغيرها، وإلى هذا القول صار المزني.

(4)

انظر: نهاية المطلب (1/ 122).

(5)

انظر: التبصرة (1/ 78) وشرح التلقين (1/ 180) والتوضيح (1/ 200) وشرح الرسالة لزروق (1/ 79).

(6)

قال في المدونة (1/ 10) قال ابن وهب: وإنَّ ربيعة بن أبي عبد الرحمن كانت في يده مروحة وهو جالس فسقطت من يده المروحة وهو ناعس فتوضأ، وقال قال ابن أبي سلمة: من استثقل نومًا فعليه الوضوء على أي حال كان. وانظر: التبصرة (1/ 78).

(7)

انظر: المحلى (1/ 222).

(8)

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 104) قليل النوم وكثيره ينقض الوضوء قاله إسحاق وأبو عبيد.

وانظر: فتح الباري (1/ 314). وتأتي نسبة انتقاض الوضوء إذا غلب النوم على عقل النائم لهما.

ص: 396

وجه الاستدلال: الآية نزلت عند قيامهم من النوم فصار القيام من النوم سببًا لنزولها فاقتضت إيجاب الوضوء بقليله وكثيره

(1)

.

الرد: تقدم الاستدلال بالآية على عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا والجواب على الاستدلال بها.

الدليل الثاني: في حديث عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي»

(2)

.

وجه الاستدلال: ينام قلب الكل عدا النبي صلى الله عليه وسلم فينتقض الوضوء بكل نوم

(3)

.

الرد: علل النبي صلى الله عليه وسلم عدم انتقاض الوضوء بإدراكه فيقاس عليه من لم يستغرق بالنوم.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثًا؛ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»

(4)

.

وجه الاستدلال: ظاهر الحديث الوضوء على كل نائم لأنَّه لم يخص نائمًا على حال دون حال

(5)

.

الرد من وجوه:

الأول: الحديث محمول عند بعض أهل العلم على الاستحباب فالأصل طهارة اليد

(6)

.

الثاني: الحديث محمول عند بعض أهل العلم على نوم الليل الذي يغلب فيه

(1)

انظر: شرح التلقين (1/ 181).

(2)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(3)

انظر: المحلى (1/ 225).

(4)

رواه البخاري (162) ومسلم (278).

(5)

انظر: الأوسط (1/ 251) والاستذكار (1/ 148).

(6)

انظر: التمهيد (18/ 252).

ص: 397

الاضطجاع والاستغراق لذكر البيتوتة وهي في الليل

(1)

فلا دلالة في الحديث على انتقاض الوضوء بكل نوم.

الثالث: على القول بوجوب غسل اليدين بعد النوم فلا يلزم من نجاسة اليدين انتقاض الطهارة.

الدليل الرابع: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم» .

الاستدلال من وجهين:

الأول: النوم في الحديث مطلق فيعم كل نوم

(2)

.

الرد: مطلق النوم ينصرف إلى النوم المعروف، وهو نوم المضطجع أو النوم الكثير الذي يغلب على النفس فيحمل عليه جمعًا بينه وبين الأحاديث الأخرى التي تدل على عدم انتقاض الوضوء بالنوم

(3)

.

الثاني: قرن النوم بالغائط والبول والغائط والبول ينقضان الوضوء بالإجماع فيستوي النوم معهما في الحكم

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: دلالة الاقتران دلالة ضعيفة.

الثاني: على القول بدلالة الاقتران يخرج النوم بدلالة النصوص الأخرى.

الدليل الخامس: ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ

(1)

انظر: التمهيد (18/ 251) والاستذكار (1/ 151).

(2)

انظر: شرح التلقين (1/ 181) وبدائع الصنائع (1/ 31).

(3)

انظر: شرح مشكل الآثار (9/ 63) والتمهيد (18/ 246) وبدائع الصنائع (1/ 31).

(4)

انظر: الأوسط (1/ 251) والمحلى (1/ 223) وفتح الباري (1/ 314).

ص: 398

نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ»

(1)

.

(1)

حديث: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ» روي من حديث علي ومن حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

أولًا: حديث علي رضي الله عنه: الحديث رواه جمع منهم أحمد (889) حدثنا علي بن بحر وأبو داود (203) حدثنا حيوة بن شريح الحمصي، في آخرين وابن ماجه (477) حدثنا محمد بن المصفى الحمصي والدارقطني (1/ 161) حدثنا أبو حامد نا سليمان بن عمر الأقطع وابن المنذر في الأوسط (1/ 252) حدثنا علي بن الحسن، ثنا إسحاق [مسند إسحاق بن راهويه (3809)] يروونه عن بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» مرسل إسناده ضعيف.

بقية بن الوليد مدلس وصرح بسماعه في روايتي أحمد ويحتمل أنَّ هذا من تصرف الرواة - ففي الأوسط من رواية إسحاق بن راهويه تصريح بقية وفي مسند إسحاق بالعنعنة - فإن لم يكن هذا من تصرف بعض الرواة فتدليسه تدليس تسوية فلا يكفي تصريحه فقط والله أعلم.

والوضين بن عطاء مختلف في توثيقه وثقه أحمد ودحيم، وقال أبو داود: صالح الحديث. وقال ابن عدي ما أدري بأحاديثه بأسًا وضعفه ابن سعد وقال أبو حاتم: يعرف وينكر. وقال السعدي: واهي الحديث.

وتعقبه الذهبي بقوله: قال السعدي: واهي الحديث، والقول فيه قول دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، لأنَّه أعرف به.

وعبد الرحمن بن عائذ وثقه النسائي وضعفه الأزدي وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: قيل إنَّه لقي عليًا رضي الله عنه. وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وقال ابن حجر في التقريب ثقة من الثالثة ووهم من ذكره في الصحابة رضي الله عنهم وقال أبو حاتم وأبو زرعة رواية عبد الرحمن بن عائذ عن علي رضي الله عنه مرسلة.

قال ابن أبي حاتم في علله (106) سئل أبو زرعة عن حديث: ابن عائذ، عن علي رضي الله عنه بهذا الحديث. فقال: ابن عائذ عن علي رضي الله عنه مرسل. ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه تضعيف الحديث.

وقال ابن حزم في المحلى (1/ 218) حديث علي رضي الله عنه فراويه أيضًا بقية عن الوضين بن عطاء، وكلاهما ضعيف. قال أبو عبد الرحمن تقدم الخلاف في الوضين.

ووافق ابنُ القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 9) عبدَ الحق بإعلاله بالانقطاع وزاد عليه بضعف بقية والوضين. وبجهالة عبد الرحمن بن عائذ وتُعقِب بتجهيله لعبد الرحمن بن عائذ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 427 - 428) الذي يعل به حديث علي رضي الله عنه أمران:

الأول: أنَّ في إسناده جماعة تكلم فيهم؛ أولهم بقية، وهو ثقة في نفسه، لكنَّه يدلس عن الكذابين.

ثانيهم: الوضين بن عطاء بن كنانة أبو كنانة الشامي، وفيه لين.

الأمر الثاني: الانقطاع بين عبد الرحمن وعلي رضي الله عنه.

وقال ابن الملقن (2/ 432) الحافظ زكي الدين المنذري؛ قال في كلامه على أحاديث المهذب: حديث علي رضي الله عنه حديث حسن. والشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: رواه أبو داود في جماعة وفي إسناده شيء، وهو - إن شاء الله - حسن، وحسنه النووي أيضًا، ولا يخفى ما فيه.

وقال ابن عبد الهادي في تعليقة على علل ابن أبي حاتم ص: (71) إسناده غير قوي، فإنَّ ابن عائذ، عن علي رضي الله عنه، مرسل والوضين: مختلف في عدالته.

وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 117) بقية متكلم [فيه] عن الوضين بن عطاء وهو واهٍ

وابن عائذ الازدي مجهول ولم يسمع من علي رضي الله عنه.

تنبيه: رواية أحمد فيها قلب لفظها: «إِنَّ السَّهَ وِكَاءُ الْعَيْنِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 82): السه يعني حلقة الدبر والوكاء أصله هو الخيط أو السير الذي يشد به رأس القربة فجعل اليقظة للعين مثل الوكاء للقربة يقول: فإذا نامت العين استرخى ذلك الوكاء فكان منه الحدث.

ثانيًا: حديث معاوية رضي الله عنه: الحديث رواه عطية بن قيس، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما واختلف عليه في رفعه ووقفه فرواه عنه:

1: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم. 2: مروان بن جناح.

الرواية الأولى: رواية أبي بكر بن أبي مريم: رواه الدارمي (725) أخبرنا محمد بن المبارك وأبو يعلى (7372) حدثنا إبراهيم بن الحسين الأنطاكي، والدارقطني (1/ 160) حدثنا أبو حامد محمد بن هارون نا سليمان بن عمر والطبراني في الكبير (19/ 372) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي، ثنا حيوة بن شريح الحمصي، ح وحدثنا الحسين بن السميدع الأنطاكي، ثنا محمد بن المبارك الصوري، وابن عدي (2/ 38) ثنا أحمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة ثنا سليمان بن عمر الرقي والبيهقي (1/ 118) أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني حدثنا يزيد بن عبد ربه قالوا حدثنا بقية ورواه الدارقطني (1/ 160) حدثنا محمد بن هارون أبو حامد نا عيسى بن مساور والطبراني في الكبير (19/ 372) حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا علي بن الحسين الخواص الموصلي، قالا ثنا الوليد بن مسلم يرويانه - بقية بن الوليد والوليد بن مسلم - عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلاعي عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّمَا الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» وإسناده ضعيف جدًا.

الحديث مداره على أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم وضعفه شديد قال أحمد في رواية عنه ليس بشيء وقال أبو زرعة ضعيف منكر الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث طرقه لصوص فاخذوا متاعه فاختلط وقال الجوزجاني ليس بالقوي وقال النسائي ضعيف وقال ابن حبان كان من خيار أهل الشام لكن كان رديء الحفظ يحدث بالشيء فيهم فكثر ذلك منه حتى استحق الترك وقال ابن عدي الغالب على حديثه الغرائب وقلما يوافقه الثقات. وقد خالف في رفع الحديث فهذه الرواية منكرة والله أعلم.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 429 - 430) حديث معاوية رضي الله عنه فالذي يعل به أيضًا أمران:

الأول: حال أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ....

الثاني: أنَّه روي موقوفًا،

وأعله ابن حزم بأمر ثالث فقال في محلاه [(1/ 218)]: هذا حديث ساقط؛ لأنَّه من رواية بقية - وهو ضعيف - عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو مذكور بالكذب، عن عطية بن قيس وهو مجهول. انتهى كلامه.

ونسبته عطية بن قيس إلى الجهالة من الغرائب

ثلاثة وثقوه: مسلم، وأبو حاتم، وابن القطان.

وكذلك أعله بالوجهين الأولين الزيلعي في نصب الراية (1/ 46).

وقال ابن عبد الهادي في تعليقه على علل ابن أبي حاتم ص: (72) إسناد ضعيف، وأبو بكر بن أبي مريم تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقد خالفه غيره. وحديث علي رضي الله عنه المتقدم أقوى من حديث معاوية رضي الله عنه هذا، نص عليه الإمام أحمد بن حنبل. والصواب في حديث معاوية رضي الله عنه أنَّه موقوف عليه.

قال أبو عبد الرحمن: ترجيح إحدى الروايات على غيرها لا يقتضي تصحيح الحديث كما هو متقرر والله أعلم.

وضعف الحديث أبو حاتم - علل ابنه (106) - وأشار إلى ضعف الحديث الذهبي في مهذب سنن البيهقي (510) بقوله: أبو بكر ضعيف. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 247) فيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف لاختلاطه.

تنبيه: قال عبد الله بن أحمد: - مسند أبيه (16437) - وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا بكر بن يزيد، وأظنِّي قد سمعته منه في المذاكرة فلم أكتبه، وكان بكر ينزل المدينة، أظنَّه كان في المحنة كان قد ضرب على هذا الحديث في كتابه قال: حدثنا بكر بن يزيد، قال: أخبرنا أبو بكر يعني ابن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلابي، أنَّ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

الرواية الثانية: رواية مروان بن جناح: رواه البيهقي (1/ 118) أخبرنا أبو سعد الصوفى أخبرنا أبو أحمد بن عدى الحافظ [الكامل (2/ 38)] ثنا عبد الله بن محمد بن مسلم الجوربذي ثنا صالح بن شعيب ثنا محمد بن أسد ثنا الوليد ثنا مروان بن جناح عن عطية بن قيس عن معاوية رضي الله عنه قال: «العين وكاء السه» وإسناده ضعيف.

شيخ ابن عدي ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام الحافظ الناقد المتقن الأوحد، أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، أحد الرحالين. ويقال له: الجوربذي؛ من قرية جوربذ

حدث عنه:

وأبو أحمد بن عدي،

وجمع وصنف

من الأثبات المجودين في أقطار الأرض.

وصالح بن شعيب ترجم له ابن منده في الكنى والألقاب فقال: أبو حامد: صالح بن شعيب الإسفراييني. حدث عن: محمد بن أسد الخشني. ولم أقف على جرح أو تعديل فيه.

ومحمد بن أسد ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام، الحافظ، البارع، شيخ خراسان أبو عبد الله محمد بن أسد الإسفراييني، الخوشي -بواو- ويقال: الخشي. قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي بمكة

وسئل عنه، فقال: صدوق. وقال أبو أحمد الحاكم: كان أحد أركان الحديث، ولما بلغ إسحاق بن راهويه موته دخل على ابن طاهر الأمير، فقال: آجرك الله في نصف خراسان. وقال الخطيب، وغيره: كان ثقة.

ومروان بن جناح وثقه دحيم وأبو داود وأبو علي الحسين بن علي الحافظ النيسابوري، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج بهم وقال الدارقطني: لا بأس به. وتفرد برواية الوقف.

والوليد بن مسلم صرح بالسماع وهو مدلس تدليس تسوية ورواية مروان بن جناح عن عطية بن قيس بالعنعنة وكذلك رواية عطية بن قيس عن معاوية رضي الله عنه لكن ترجيح الوليد بن مسلم رواية مروان على رواية أبي بكر بن عبد الله تدل على سماع مروان من عطية بن قيس فتبقى عنعنة عطية والله أعلم.

قال ابن عدي: الوليد ومروان أثبت من ابن أبي مريم.

وتقدم أنَّ ترجيح إحدى الروايات على غيرها لا يقتضي تصحيح الحديث.

ص: 399

الاستدلال من وجهين:

الأول: «مَنْ» اسم موصول فيعم كل نائم.

الثاني: النوم حدث لأنَّه علة استطلاق الوكاء فيجب الوضوء من دون تخصيص حال من حال، ولا كثير نوم من قليله

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث ضعيف.

الثاني: لو صح الحديث فاستطلاق الوكاء يتحقق بالنوم المستغرق لا بكل نوم فعموم الحديث مخصوص بأدلة أخرى ويأتي الحديث في أدلة من يفرق بين نوم المستغرق وغيره

(2)

.

الدليل السادس: عن أنس رضي الله عنه، قال:«إذا وجد الرجل طعم النوم جالسًا كان أو غير ذلك فعليه الوضوء»

(3)

.

وجه الاستدلال: يرى أنس رضي الله عنه انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا

(4)

.

الرد: تقدم أنَّ المسألة من مسائل الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم وليس قول بعض أولى من بعض.

(1)

انظر: المحلى (1/ 230) وبدائع الصنائع (1/ 31).

(2)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 31).

(3)

رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 254) حدثنا موسى بن هارون، ثنا سريج بن يونس، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أنس رضي الله عنه، قال: فذكره ورواته ثقات.

أبو معاوية هو محمد بن خازم وعاصم هو ابن سليمان الأحول.

(4)

انظر: الأوسط (1/ 253).

ص: 402

الدليل السابع: عن نافع: «أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان ينام اليسير فى المسجد الحرام فيتوضأ» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: كالذي قبله.

الثاني: يأتي - في الحاشية - توجيهه

(1)

.

الدليل الثامن: أهل العلم مجمعون على إيجاب الوضوء على من زال عقله بجنون أو أغمي فكذلك النائم لأنَّه زائل العقل

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: قياس مع الفارق.

الثاني: زوال العقل يحصل بنوم المستغرق لا بكل نوم فيعلق الحكم به.

الدليل التاسع: الطهارة ثابتة بيقين، ولا يزال اليقين إلا بيقين مثله، وخروج شيء من النائم ليس بيقين فلما أمر النائم بالوضوء دل أنَّ النوم حدث بعينه

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: هذا محل الخلاف وتقدم أنَّ الراجح أنَّ النوم مظنة الحدث وليس بحدث.

الثاني: يأتي الاستدلال بهذا الدليل في من يفرق بين نوم المستغرق وغيره.

الدليل العاشر: النوم حدث فينقض قليله وكثيره

(4)

.

(1)

انظر:) ص: (415.

(2)

انظر: الأوسط (1/ 251).

(3)

انظر: المبسوط (1/ 199).

(4)

انظر: المحلى (1/ 229).

ص: 403

الرد: كالذي قبله.

فهذان قولان متقابلان في النقض وعدمه وجمهور أهل العلم وسط بين هذين القولين فخصوا انتقاض الوضوء إمَّا بهيئة النائم أو بغلبة النوم على النائم من عدمه.

‌القول الثالث: انتقاض الوضوء ببعض هيئات النوم دون بعض:

فالنائم إمَّا أن ينام مضطجعًا أو قاعدًا أو قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا.

ص: 404

‌أولًا: نوم المضطجع

لا ينتقض الوضوء إلا نوم المضطجع: قال به أبو هريرة وابن عمر وروي عن عمر وابن مسعود وجابر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وقال به إبراهيم النخعي

(1)

وحماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة

(2)

ونسب لسفيان الثوري وابن المبارك

(3)

وداود الظاهري

(4)

.

وكذلك ينتقض الوضوء بالاضطجاع في مذهب الأحناف

(5)

ورواية عن مالك

(6)

ومذهب الشافعية

(7)

والحنابلة

(8)

لكنَّهم لا يخصونه به كما سيأتي.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا هشيم، قال أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنَّه قال:«من نام ساجدا، أو قائما، أو جالسًا فلا وضوء عليه، فإن نام مضطجعًا فعليه الوضوء» وإسناده صحيح. مغيرة هو ابن مقسم.

ورواه عبد الرزاق (488) عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: سألته عن الرجل ينام وهو راكع أو ساجد قال: «لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه» وإسناده صحيح. منصور هو ابن المعتمر.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا وكيع، وابن الجعد في مسنده (267) يرويانه عن شعبة، قال: سألت الحكم وحمادًا عن الرجل ينام قاعدًا قالا: «لا وضوء عليه» قلت: فمضطجع؟ قالا: «عليه الوضوء» وإسناده صحيح.

(3)

قال الترمذي (1/ 113) اختلف العلماء في الوضوء من النوم، فرأى أكثرهم: لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعدًا أو قائمًا حتى ينام مضطجعًا، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، وأحمد.

وقال ابن المنذر في الأوسط (1/ 256) قالت فرقة ثالثة: لا يجب على النائم الوضوء حتى يضع جنبه، هذا قول الحكم وحماد وسفيان الثوري وقال الثوري: إن نام قائمًا أم قاعدًا لم يعد وضوءه.

(4)

قال ابن حزم في المحلى (1/ 224) ذهب داود بن علي إلى أنَّ النوم لا ينقض الوضوء إلا نوم المضطجع فقط.

(5)

انظر: المبسوط (1/ 199) وفتح القدير (1/ 42) وبدائع الصنائع (1/ 30) والبحر الرائق (1/ 72).

(6)

قال القاضي عبد الوهاب في التلقين ص: (14) النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم من اضطجاع أو سجود أو جلوس أو غير ذلك وما دون الاستثقال يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في الجلوس.

وانظر: الاستذكار (1/ 148) ومنح الجليل (1/ 66) وبلغة السالك (1/ 98) وحاشية الدسوقي (1/ 119).

(7)

انظر: الأم (1/ 12) والحاوي (1/ 182) والعزيز (1/ 159) والمجموع (2/ 17).

(8)

انظر: المغني (1/ 165) والكافي (1/ 43) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والممتع شرح المقنع (1/ 207).

ص: 405

الدليل الأول: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم» .

وجه الاستدلال: الأصل انتقاض الوضوء بالنوم إلا ما خصه الدليل ونوم المضطجع لم يخص

(1)

.

الرد: دل الدليل على تعليق الحكم بالنوم المعتاد وهو الذي يذهب معه الإدراك لا بهيئة النوم فقط.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وَضُوءَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ»

(2)

.

(1)

انظر: الممتع شرح المقنع (1/ 207).

(2)

حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه رواه عن عمرو بن شعيب:

1: ليث بن أبي سليم. 2: يعقوب بن عطاء بن أبي رباح. 3: مقاتل بن سليمان. 4: صدقة بن عبد الله الدمشقي.

أولًا: رواية ليث بن أبي سليم: رواه الطبراني في الأوسط (6060) حدثنا محمد بن يونس العصفري قال: نا إسحاق بن إبراهيم السواق قال: نا عبد القاهر بن شعيب قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر، عن ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وَضُوءَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» وإسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ليث إلا الحسن بن أبي جعفر، تفرد به عبد القاهر بن شعيب.

إسحاق بن إبراهيم العبدي السواق ذكره ابن حبان في ثقاته وعبد القاهر بن شعيب بن الحبحاب قال الحافظ ابن حجر: لا بأس به والحسن بن أبي جعفر الجفري ضعفه شديد، قال عمرو بن علي والبخاري والساجي منكر الحديث وضعفه أحمد ويحيى بن سعيد والنسائي وترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه واشتغل بالعبادة عنها فإذا حدث وهم فيما يروي ويقلب الأسانيد وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلًا. وليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

ثانيًا: رواية يعقوب بن عطاء بن أبي رباح: رواه الدارقطني (1/ 160) حدثنا محمد بن جعفر المطيري نا سليمان بن محمد الجنابي نا أحمد بن أبي عمران الدورقي نا يحيى بن بسطام نا عمر بن هارون عن يعقوب بن عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَمَنْ وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده عمر بن هارون البلخي ضعفه شديد قال يحيى بن معين ليس بشيء وقال النسائي متروك الحديث وقال الذهبي تركوه وكذبه بعضهم.

روى الضياء المقدسي النهي عن سب الأصحاب (34) أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن علي بن محمد الفراء وأبو محمد طغدي بن خطلخ الأميري إذنًا قال أخبرنا أبو الوقت عبد الأول السجزي قال أنبأنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد المعلم قراءة عليه قال أنبأنا الأمير أبو خلف بن أحمد بن محمد قدم علينا هراة أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ثنا محمد بن هارون بن عيسى بن أمير المؤمنين المنصور قال حدثني العباس بن الفضل أبو الفضل الهاشمي وإبراهيم بن إسحاق الشهيدي قالا ثنا يعقوب بن حميد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول حج هارون الرشيد أمير المؤمنين فدعاني فقال يا سفيان إنَّ أبا معاوية الضرير حدثني عن أبي جناب الكلبي عن أبي سليمان الهمداني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيكون بعدي قوم لهم نبز يسمون الرافضة وآية ذلك أنَّهم يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فإذا وجدتموهم فاقتلوهم فإنَّهم مشركون.

فقلت يا أمير المؤمنين اقتلهم بكتاب الله فقال يا سفيان وأين موضع الرافضة من كتاب الله فقلت أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} إلى قوله {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] يا أمير المؤمنين فمن غاظه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر. وإسناده ضعيف.

أبو القاسم عبيد الله بن علي الفراء مترجم له في تاريخ الإسلام وشذرات الذهب والثقات ممن لم يقع في الكتب الستة وفيها قال تلميذه ابن القطيعي: عدل في روايته ضعيف في شهادته.

وترجم له الخطيب في تاريخه وقال: عزل من العدالة لما ظهر من دنسه وخلاعته وتناوله ما لا يجوز. وتابعة طُغْدي بن خطلخ وقيل ابن ختلخ وقيل ابن ختلغ ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام وابن العماد في شذرات الذهب والخطيب في تاريخ بغداد وأثنوا عليه لكن لم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وترجم له ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة وقال: المحدث الحافظ الفرضي الزاهد وذكره قاسم بن قُطْلُوْبَغَا في الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة.

وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي ترجم له ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد فقال: كان شيخًا صدوقًا أمينًا، من مشايخ المتصوفين ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه. وله أصول حسنة وسماعات صحيحة. وذكره قاسم بن قُطْلُوْبَغَا في الثقات. وقال الذهبي في السير: الإمام، الزاهد، الخير، الصوفي، شيخ الإسلام، مسند الآفاق.

ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال أبو حاتم: ليس بالمتين يكتب حديثه وقال ابن عدي له أحاديث صالحة وهو ممن يكتب حديثه وعنده غرائب وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ يعتبر حديثه.

وسليمان بن محمد الجنابي وشيخه أحمد بن محمد بن أبي عمران الدورقي لم أقف على من عدلهما. والمطيري نسبة لمطيرة سامراء.

قال البيهقي في الخلافيات (1/ 264) روي من أوجه عن يعقوب بن عطاء وإسناده ضعيف.

وبعمر بن هارون أعل الحديث ابن الملقن في البدر المنير (2/ 442) وابن الجوزي في التحقيق (1/ 171).

ثالثًا: رواية مقاتل بن سليمان: رواه ابن عدي في الكامل (6/ 438) ثنا معاوية ثنا أحمد ثنا أبو حيوة أخبرنا مقاتل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده مقاتل بن سليمان بن بشير الخراساني البلخي صاحب التفسير ضعفه شديد قال عبد الصمد بن عبد الوارث: قدم علينا مقاتل بن سليمان فجعل يحدثنا عن عطاء، ثم حدثنا بتلك الأحاديث عن الضحاك، ثم حدثنا بها عن عمرو بن شعيب فقلنا له: ممن سمعتها قال: منهم كلهم ثم قال: لا والله لا أدري ممن سمعتها قال: ولم يكن بشيء وقال وكيع: أردنا أن نرحل إلى مقاتل فقدم علينا فأتيناه فوجدناه كذابًا فلم نكتب عنه، وقال عمرو بن علي والعجلي: متروك الحديث كذاب وقال ابن سعد: أصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه، وقال البخاري: منكر الحديث سكتوا عنه، وقال الدارقطني: يكذب.

قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 442) مقاتل بن سليمان المفسر الكذاب وقال ابن حجر في الدراية (1/ 33) إسناد واهٍ جدًا.

رابعًا: رواية صدقة بن عبد الله الدمشقي: رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث (194) حدثنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق، قال: حدثنا أيوب بن سليمان يعني الصفدي، قال: حدثنا عبد الوهاب الحوطي، قال: حدثنا بقية، عن صدقة بن عبد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «مَنْ نَامَ سَاجِدًا فَعَلَيْه الْوُضُوءُ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده بقية بن الوليد مدلس تدليس تسوية وقد عنعنه. وصدقة بن عبد الله الدمشقي ضعفه شديد ترجم له في تهذيب التهذيب فقال: صدقة بن عبد الله السمين أبو معاوية ويقال أبو محمد الدمشقي

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه ما كان من حديثه مرفوعًا فهو منكر

وقال ابن معين والبخاري وأبو زرعة والنسائي ضعيف وقال مسلم منكر الحديث وقال عثمان الدارمي عن دحيم ثقة وقال أبو زرعة الدمشقي عن دحيم مضطرب الحديث ضعيف

وقال الدارقطني متروك. وأعله ابن شاهين بصدقة بن عبد الله.

فطرق حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ضعفها شديد لا تصلح للاعتبار فالحديث منكر والله أعلم.

ص: 406

الدليل الثالث: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل وجب علي الوضوء؟ قال: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ»

(1)

.

(1)

رواه ابن عدي (2/ 55) ثنا عبدان ثنا محمد بن عبيد بن حساب ثنا قزعة بن سويد حدثني بحر بن كنيز السقاء عن ميمون الخياط عن أبي عياض عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل وجب علي الوضوء؟ قال: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» .

ثناه محمد بن أحمد بن عنبسة ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية عن عيسى بن إبراهيم عن بحر السقاء عن أبي عياض عن حذيفة قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم في المسجد فضربني برجله فقلت يا رسول الله أوجب علي الوضوء قال: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» وإسناده ضعيف جدًا.

قَزَعَة بن سُويد ضعيف. وميمون الخياط ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: يعتبر حديثه من غير رواية بحر عنه.

وبحر بن كنيز السقاء ضعفه شديد قال النسائي والدارقطني: متروك وقال البخاري: ليس بقوي عندهم وقال ابن معين: لا يكتب حديثه وقال أبو حاتم: ضعيف. وعبدان هو ابن أحمد الأهوازي.

ورواه البيهقي (1/ 120) أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ به

قال البيهقي: هذا الحديث تفرد به بحر بن كنيز السقاء وهو ضعيف لا يحتج بروايته.

ورواه العقيلي (2/ 75) حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن الربيع البوراني قال: حدثنا حماد بن واقد الصفار قال: حدثني بحر السقاء، عن ميمون الخياط، عن ضبة بن جوين، عن أبي عياض، عن حذيفة رضي الله عنه قال: بينا أنا في المسجد، إذ أغفيت، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على منكبي، فقال:«مَا هَذَا؟» فرفعت رأسي فقلت: يا رسول الله، علي في هذا وضوء؟ قال:: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» حدثناه بشر بن موسى قال: حدثنا يحيى بن إسحاق السايلجيني قال: حدثنا قزعة بن سويد، عن بحر السقاء، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

قال العقيلي: جميعًا لا يحفظان من وجه يثبت.

قال ابن حزم في المحلى (1/ 227) لا تحل روايته إلا على بيان سقوطه؛ لأنَّه رواية بحر بن كنيز السقاء، وهو لا خير فيه متفق على إطراحه. وضعف الحديث النووي في المجموع (2/ 19، 20).

ص: 408

الدليل الرابع: عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم قال:«الْوُضُوءُ عَلَى مَنِ اضْطَجَعَ»

(1)

.

الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي، فقلت: يا رسول الله، إنَّك قد نمت، قال «لَيْسَ عَلَى مَنْ

(1)

رواه الطبراني في الكبير (8/ 290) حدثنا أحمد بن علي القاضي الحمصي، ثنا أبو موسى الهروي، ثنا عطاء بن جبلة، عن الأعمش، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

عطاء بن جبلة الفزاري قال الذهبي شيخ بغدادي واهٍ، وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.

وجعفر بن الزبير ضعفه شديد كذبه شعبة، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: تركوه. وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بين. وقال ابن حبان روى جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه نسخة موضوعة أكثر من مائة حديث.

والقاسم بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الدمشقي، مولى آل معاوية وصاحب أبي أمامة رضي الله عنه اختلف في توثيقه. وبقية رواته ثقات.

وأبو موسى الهروي هو إسحاق بن إبراهيم.

ص: 409

نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ»

الدليل السادس: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «يعاد الوضوء من سبع

والنوم المضطجع»

(1)

.

وجه الاستدلال: في هذه الأحاديث إيجاب الوضوء على من نام مضطجعًا دون غيره.

الرد: هذه الأحاديث ضعفها شديد فلا يقوي بعضها بعضًا.

الدليل السابع: ما يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ»

(2)

.

(1)

حديث يعاد الوضوء من سبع: روي موصولًا ومعضلًا:

الموصول: رواه البيهقي في الخلافيات (637) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن منصور المذكر حدثنا سهل بن عفان السجزي ثنا الجارود بن يزيد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعاد الوضوء من سبع من إقطار البول والدم السائل والقيء ومن دسعة يُملأ بها الفم والنوم المضطجع وقهقهة الرجل في الصلاة ومن خروج الدم» وإسناده ضعيف جدًا.

قال البيهقي: سهل بن عفان مجهول والجارود بن يزيد ضعيف في الحديث ولا يصح هذا.

قال ابن حجر في الدراية (1/ 33) إسناده واهٍ جدًا وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 44) فيه سهل بن عفان. والجارود بن يزيد وهما ضعيفان.

المعضل: رواه أبو عبيد في الطهور ص: (266) حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد قال: ثنا حجاج، عن زكريا بن سلام، عن عبيدة بن حسان، وحمزة بن دينار، يرويان الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«يُعَادُ الْوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ نقْطَان بَوْلٍ، أَوْ قَيْءٍ ذَارِعٍ، أَوْ دَمٍ سَائِلٍ، أَوْ نَوْمٍ مُضْطَجِعٍ، أَوْ دَسْعَةٍ يَمْلَأُ الْفَمَ، أَوْ قَهْقَهَةٍ فِي صَلَاةٍ، أَوْ حَدَثٍ» معضل إسناده ضعيف جدًا.

زكريا بن سلام ذكره ابن حبان في ثقاته وذكر من شيوخه عبيدة بن حسان.

وعبيدة بن حسان السنجاري يروي عن الحسن البصري قال أبو حاتم منكر الحديث وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.

وحمزة بن دينار يروي عن الحسن. قال الذهبي لا أعرفه.

وحجاج هو ابن محمد المصيصي.

(2)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه:

1: البيهقي في الخلافيات (1/ 256) أخبرنا أبو سعد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي [الكامل (3/ 129)] أنا الحسين بن إسماعيل القاضي ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا الربيع بن بدر عن عوف عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِذا اسْتحق أحدكُم؛ فَاسْتحقَّ نومًا وَجبَ عَلَيْهِ الْوضُوء» وإسناده ضعيف جدًا.

قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد لا يرويه عن عوف غير الربيع ولا أعلم رواه عن الربيع غير يحيى بن أبي بكير.

والربيع بن بدر ضعفه شديد قال ابن معين: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عدي: عامة رواياته لا يتابع عليها. فالحديث منكر والله أعلم.

عوف هو ابن أبي جميلة المعروف بالأعرابي ومحمد هو ابن سيرين.

تنبيهان:

الأول: في نسختي من الكامل الحسن بن إسماعيل والتصويب من الخلافيات.

الثاني: قوله: «إذا استحق» هكذا في نسختي من الكامل وفي الخلافيات «إذا استحد» ولفظ الموقوف «من استحق النوم؛ فقد وجب عليه الوضوء» .

2: البيهقي في الخلافيات (381) أخبرنا أبو بكر الحارثي أنا أبو محمد بن حيان ثنا الحسن بن علي الطوسي وأبو المظفر - حديث شعبة (45) - حدثنا أبو الفضل العباس بن إبراهيم قالا ثنا أبو غسان مالك بن الخليل قال ثنا محمد بن عباد الهنائي قال ثنا شعبة عن الجريري عن خالد بن علاق قال ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» رواته محتج بهم وهو شاذ.

العباس بن إبراهيم، القراطيسي وثقه الخطيب والذهبي وأبو غسان مالك بن الخليل البصري قال النسائي ومسلمة: لا بأس به. وذكره ابن حبان في ثقاته. ومحمد بن عباد الهنائي قال أبو حاتم وابن حجر صدوق. فرفع الحديث الهنائي أو من تحته ويأتي عن ابن الجعد عن شعبة به موقوفًا ووافقه على وقفه الثوري وشعبة وابن علية وحماد بن سلمة وجعفر بن سليمان الضبعي. فالصحيح وقفه على أبي هريرة رضي الله عنه.

قال البيهقي في الخلافيات لا يصح وقال في السنن (1/ 119) روي ذلك مرفوعًا ولا يصح رفعه.

وقال الدارقطني في العلل (1600) رواه محمد بن عباد الهنائي، عن شعبة، عن الجريري، عن خالد بن غلاق، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا. وخالفه عفان، وغيره فرووه، عن شعبة موقوفًا. وكذلك رواه هشيم، وسفيان الثوري، عن الجريري موقوفًا، وهو الصواب. وقال الألباني في الضعيفة (954) شاذ لا يصح.

3: سئل الدارقطني في علله (1521) عن حديث يروى عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ» .

فقال: يروى عن يوسف بن يعقوب الضبعي، عن شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإنَّما يروى هذا عن شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله.

وأثر ابن عباس رضي الله عنهما إسناده ضعيف ويأتي.

ص: 410

وجه الاستدلال: استحقاق النوم وضع الجنب فيجب الوضوء على المضطجع

(1)

.

(1)

انظر: سنن البيهقي (1/ 119).

ص: 411

الرد: لا يصح الحديث مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم إنَّما هو موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه.

الدليل الثامن: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ»

(1)

.

وجه الاستدلال: عموم الحديث يدخل فيه المضطجع.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل التاسع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «من استحق النوم؛ فقد وجب عليه الوضوء»

(2)

.

(1)

يأتي تخريجه: (ص: 419).

(2)

رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه:

1: خالد بن غلاق. 2: يزيد بن قسيط. 3: عبد الرحمن بن هرمز.

أولًا: رواية خالد بن غلاق: رواه ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا هشيم، وابن علية وابن الجعد (1452) عن شعبة وابن المنذر في الأوسط (1/ 254) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج، ثنا حماد، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 69) حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا حماد بن سلمة وابن المنذر في الأوسط (1/ 254) حدثنا إسحاق، عن عبد الرازق، [(481)] عن جعفر بن سليمان وغيره. ورواه - المدونة (1/ 10) - علي بن زياد عن سفيان يروونه عن سعيد الجريري، عن خالد بن غلاق، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده حسن.

خالد بن غلاق ويقال ابن علاق القيسي ويقال العيشي قال ابن حجر في التهذيب ذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه ابن سعد وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال ابن حجر مقبول وقال يحيى بن معين: لم يحدث عنه إلا الجريري. ولم يتفرد به خالد بن غلاق.

وسعيد بن إياس الجُرَيْرِي ثقة، إلا أنَّه اختلط قبل وفاته لكن رواه عنه الثوري وشعبة وابن علية وحماد بن سلمة وهم ممن روى عنه قبل الاختلاط.

تنبيهات:

الأول: قال ابن أبي شيبة: زاد ابن علية: قال الجريري: فسألنا عن استحقاق النوم؟ فقالوا: إذا وضع جنبه.

الثاني: في مصنف عبد الرزاق عن هلال العبسي، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه والتصحيح من الأوسط.

الثالث: روي مرفوعًا - وتقدم - ورفعه شاذ.

ثانيًا: رواية يزيد بن قسيط: قال ابن وهب - المدونة (1/ 10) - وابن المنذر في الأوسط (1/ 258) حدثنا محمد بن علي، ثنا سعيد، ثنا عبد الله بن المبارك، والبيهقي (1/ 122) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا على بن الحسن بن شقيق حدثنا عبد الله هو ابن المبارك يرويانه ابن وهب وابن المبارك عن حيوة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن قسيط أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول:«ليس على المحتبى النائم ولا على القائم النائم ولا على الساجد النائم وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ» وإسناده حسن.

يزيد بن عبد الله بن قسيط قال ابن معين: ليس به بأس وقال النسائي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ وقال ابن عدي مشهور عندهم وهو صالح الروايات وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث.

وحيوة بن شريح وحميد بن زياد ثقتان. ومحمد بن علي لعله بن زياد العطار وهو ثقة. وسعيد هو ابن منصور.

قال ابن حجر في التلخيص (1/ 211) روى البيهقي من طريق يزيد بن قسيط،

إسناده جيد.

ثالثًا: رواية عبد الرحمن بن هرمز الأعرج: رواه الحارث بن أبي أسامة - المطالب العالية (152) - حدثنا محمد بن عمر، ثنا ابن أبي ذئب، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن الأعرج قال:«رأيت أبا هريرة رضي الله عنه ينام قاعدًا حتى أسمع غطيطه، ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ» وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن عمر الواقدي متروك. وعمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر مقبول.

وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن.

ص: 412

وجه الاستدلال: تقدم قريبًا.

الرد: مسألة انتقاض الوضوء بالنوم محل خلاف عند الصحابة رضي الله عنهم.

الدليل العاشر: عن نافع أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما: «كان إذا نام قاعدًا لم يتوضأ، وإذا نام مضطجعًا توضأ»

(1)

.

(1)

رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما:

1: مولاه نافع. 2: مجاهد بن جبر. 3: ثابت بن عبيد. 4: عمر بن محمد.

أولًا: رواية نافع: رواه مالك (1/ 22) وعبد الرزاق (485) عن معمر، عن أيوب، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 68) حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد، عن أيوب وابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا حفص، عن يحيى بن سعيد وابن المنذر في الأوسط (1/ 257) حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أنا يزيد بن هارون، أنا يحيى بن سعيد والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 68) حدثنا صالح قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يحيى بن سعيد وعبد الرزاق (484) عن عبد الله بن عمر والبيهقي (1/ 120) أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالا حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب. قال وحدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك مالك بن أنس وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد والليث بن سعد وابن سمعان يروونه عن نافع أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما فذكره وإسناده صحيح.

ثانيًا: رواية مجاهد بن جبر: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 67) حدثنا صالح قال: حدثنا سعيد وابن أبي شيبة (2/ 253) قالا حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن مجاهد، قال:«كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم يحتبي ونحن حوله، فإن رأى أحدًا منا نعس حركه - قال: - وكان ينعس وهو محتبٍ، ثم تقام الصلاة فينهض ويصلي» ورواته ثقات.

صالح بن عبد الرحمن بن عمرو قال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمصر ومحله الصدق، وبقية رجاله ثقات، وحصين بن عبد الرحمن السلمي تغير بآخره ورواية هشيم عنه قبل ذلك وسعيد هو الحافظ ابن منصور.

ثالثًا: رواية ثابت بن عبيد: رواه عبد الرزاق (486) عن الثوري، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد قال:«انتهيت إلى ابن عمر رضي الله عنهما وهو جالس ينتظر الصلاة فسلمت عليه فاستيقظ، فقال: «أبا ثابت» ؟ قال: قلت: نعم قال: «أسلمت؟» قال: قلت: نعم قال: «إذا سلمت فأسمع، وإذا ردوا عليك فليسمعوك» ، ثم قام فصلى، وكان محتبيًا قد نام» ورواته ثقات.

رابعًا: رواية عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: رواه البيهقي (1/ 119) أخبرنا أبو بكر الحارثي الأصبهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو عامر: موسى بن عامر حدثنا الوليد بن مسلم قال وأخبرني عمر بن محمد عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أنَّه كان إذا غلبه النوم فى قيام الليل أتى فراشه فاضطجع فرقد رقاد الطير، ثم يثب فيتوضأ ويعاود الصلاة» ورواته ثقات.

عمر بن محمد يروي عن أبيه محمد وأبوه محمد بن زيد يروي عن جده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

تنبيهان:

الأول: جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على أنَّه يرى انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

قال البيهقي (1/ 119) أخبرنا أبو بكر الحارثي الأصبهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو عامر: موسى بن عامر حدثنا الوليد بن مسلم قال وأخبرني أبو عمرو عن نافع: «أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان ينام اليسير فى المسجد الحرام فيتوضأ» ورواته ثقات.

أبو بكر الحارثي الأصبهاني هو أحمد بن محمد التميمي

وأبو محمد بن حيان هو الحافظ أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان وأبو عمرو هو الأوزاعي.

قال أبو عبد الرحمن: لم يبين في هذا الأثر صفة النوم إضافة إلى أنَّه يحتمل أنَّه أراد تجديد الوضوء أو أراد النشاط ودفع النوم جمعًا بينه وبين رواية الجماعة عنه بالتفريق بين نوم الجالس والمضطجع والله أعلم.

الثاني: جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما ما يستدل به على أنَّه يرى عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

فروى ابن المنذر في الأوسط (1/ 260) حدثنا يحيى بن محمد، ثنا الحجبي، ثنا أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، قال:«دخل ابن عمر رضي الله عنهما المسجد فرأيته يصلي قبل صلاة الفجر ويتلفت كأنَّه يبادر الفجر ثم ركع ركعتين مع الفجر أو قبله، ثم رأيته مستلقيًا على ظهره حتى عرفت أنَّه قد نام ثم قام فصلى» وإسناده ضعيف.

يحيى بن محمد بن يحيى الملقب بحيكان قال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت منه وهو صدوق. وقال الذهبي في السير الحافظ المجود الشهيد وقال ابن حجر ثقة حافظ. وعطاء العمري ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن القطان مجهول الحال وقال الحافظ ابن حجر مقبول.

ولم يتابع عطاء على ذلك بل المحفوظ عن ابن عمر رضي الله عنهما الوضوء من النوم مضطجعًا. وبقية رواته ثقات.

والحَجَبي هو عبد الله بن عبد الوهاب وأبو عوانة هو وضاح اليشكري.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 315) صح عن أبي موسى الأشعري وابن عمر وسعيد بن المسيب أنَّ النوم لا ينقض مطلقًا.

قال أبو عبد الرحمن: الذي وقفت عليه لا يصح. وعلى فرض ثبوت الأثر فيحمل على النوم اليسير الذي لا يزول به الشعور والله أعلم فالمحفوظ عنه التفريق بين نوم الجالس وغيره والله أعلم.

ص: 413

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الحادي عشر: عن زيد بن أسلم، أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:«من نام مضطجعا فليتوضأ»

(1)

الدليل الثاني عشر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:«إذا نام أحدكم مضطجعًا، فليتوضأ، فقيل له: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ مُضْطَجِعًا فَلَا يَتَوَضَّأُ» ، فقال: لستم كرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء علمه»

(2)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا زيد بن الحباب وعبد الرزاق (482) يرويانه عن مالك بن أنس، [(1/ 21)] عن زيد بن أسلم، أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: فذكره مرسل رواته ثقات.

رواية زيد بن أسلم عن عمر رضي الله عنه مرسلة.

ورواه البيهقي في الكبرى (1/ 119) بإسناده عن مالك به وقال: هذا مرسل. وقال الذهبي في مهذب سنن البيهقي (512) منقطع.

ورواه محمد بن عمر الواقدي فاضطرب في إسناده فرواه الحارث بن أبي أسامة - المطالب العالية (148) - حدثنا محمد بن عمر، ثنا أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن أسلم عن عمر رضي الله عنه، وهو المحفوظ.

ورواه البيهقي (1/ 119) أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد حدثنا أبو جعفر الرزاز حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا الواقدي حدثنا أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر رضي الله عنه. وأسلم مولى عمر رضي الله عنه له عنه رواية لكن رواية الواقدي رواية منكرة فالواقدي متروك.

قال الذهبي في مهذب سنن البيهقي (513) الواقدي تالف.

(2)

رواه إسحاق بن راهويه - المطالب العالية (147) - أخبرنا يحيى بن آدم، ثنا المسعودي، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: فذكره مرسل إسناده ضعيف.

عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي: صدوق مختلط ولم يتبين لي رواية يحيى بن آدم عنه هل هي قبل الاختلاط أو بعده؟. ورواية إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرسلة.

ص: 415

الدليل الثالث عشر: عن محمد وأبي بكر ابني المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:«من نام وهو قاعد فلا وضوء عليه، ومن نام مضطجعًا فعليه الوضوء»

(1)

.

الدليل الرابع عشر: عن مولى زيد - قال: استفتيت زيد بن ثابت رضي الله عنه في النوم قاعدًا، فلم ير به بأسًا، قلت: أرأيت إن وضعت جنبي قال: «توضأ»

(2)

.

وجه الاستدلال: يرى عمر وابن مسعود وجابر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم انتقاض الوضوء بالاضطجاع.

الرد من وجهين:

الأول: المسألة من مسائل الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم.

الثاني: هذه الآثار لا تصح.

الدليل الخامس عشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«وجب الوضوء على كل نائم، إلا من أخفق خفقة برأسه»

(3)

.

وجه الاستدلال: تقدم قريبًا.

الرد من وجهين:

الأول: كالذي قبله.

(1)

رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 68) حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا خالد بن إلياس، عن محمد وأبي بكر ابني المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: فذكره وإسناده ضعيف.

خالد بن إلياس ضعفه شديد قال الإمامان البخاري وأحمد: منكر الحديث. وبقية رواته ثقات.

وأبو عامر العقدي هو عبد الملك بن عمرو القيسي.

(2)

رواه الحارث بن أبي أسامة - المطالب العالية (149) - حدثنا محمد بن عمر، ثنا ابن أبي سبرة، عن عاصم بن عبيد الله، (عن حرملة) - مولى زيد - فذكره وإسناده ضعيف.

في إسناده: محمد بن عمر الواقدي وأبو بكر ابن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة قد ينسب إلى جده متروكان.

(3)

انظر: (ص: (419.

ص: 416

الثاني: كالذي قبله.

الدليل السادس عشر: الإجماع: قال أبو عبيد: ثلاث منها لا اختلاف بين الناس فيها وهي: إقطار البول، والنوم المضطجع، والحدث

(1)

.

وقال ابن عبد البر: أمر مجتمع عليه في النائم المضطجع إذا غلب عليه النوم واستثقل نومًا

(2)

.

وقال الكاساني: النوم مضطجعًا في الصلاة أو في غيرها بلا خلاف بين الفقهاء، وحكي عن النَّظَام

(3)

أنَّه ليس بحدث، ولا عبرة بخلافه لمخالفته الإجماع، وخروجه عن أهل الاجتهاد

(4)

.

الرد: لا إجماع في المسألة والخلاف من لدن الصحابة رضي الله عنهم ومن أتى بعدهم.

فلذا قال ابن قدامة: النوم ناقض للوضوء في الجملة في قول عامة أهل العلم إلا ما حكي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

(5)

.

(1)

الطهور ص: (266).

(2)

الاستذكار (1/ 148).

(3)

إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام أبو إسحاق البصري من رؤوس المعتزلة متهم بالزندقة ذكر له ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص: (68) عدة مسائل خرق فيها الإجماع منها هذه المسألة.

(4)

بدائع الصنائع (1/ 31).

(5)

المغني (1/ 165).

ص: 417

‌ثانيًا: نوم القاعد

اختلفوا فيه على قولين قول بالتفريق بين القليل والكثير وقول بعدم الانتقاض مطقًا:

القول الأول: ينقض كثيره دون قليله: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال به محمد بن مسلم الزهري

(1)

وهو رواية عن مالك

(2)

وهو مذهب الحنابلة

(3)

ونسب للأوزاعي

(4)

.

الدليل الأول: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم» .

وجه الاستدلال: دل الحديث على انتقاض الوضوء بالنوم ويخص بالكثير لخروج القليل بالأحاديث التي يستدل بها على عدم انتقاض نوم القاعد مطلقًا

(5)

.

(1)

رواه عبد الرزاق (480) عن معمر، عن الزهري قال:«إذا نام وهو جالس نومًا مثقلًا أعاد الوضوء، فأمَّا إذا كان تغفيفًا فلا بأس» وإسناده صحيح.

وقال ابن وهب - المدونة (1/ 10) - عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: «إنَّ السنة فيمن نام راكعًا أو ساجدًا فعليه الوضوء» مرسل رواته ثقات. يونس بن يزيد هو الأيلي.

ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/ 129): أخبرني محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال:«كانوا لا يرون بغرار النوم بأسًا» - يعني أنَّه لا ينقض الوضوء - وإسناده ضعيف.

محمد بن كثير بن أبي عطاء المصيصي قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط.

قال البغوي في شرح السنة (1/ 339) أراد بغرار النوم: قلته.

(2)

قال القاضي عبد الوهاب في التلقين ص: (14) النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم من اضطجاع أو سجود أو جلوس أو غير ذلك وما دون الاستثقال يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في الجلوس.

وانظر: الاستذكار (1/ 148) وشرح التلقين (1/ 184) ومنح الجليل (1/ 66).

(3)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمغني (1/ 165) والفروع (1/ 178) والإنصاف (1/ 199، 200).

(4)

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 255) قال الأوزاعي: إذا استثقل نومًا قاعدًا توضأ فأمَّا من كان نومه غرارًا كما قال الزهري ينام ويستيقظ فلا وضوء عليه.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 242) قال الوليد سمعت أبا عمرو يعني الأوزاعي يقول إذا استثقل نوما توضأ.

وتقدم نسبة القول له بعدم النقض مطلقًا.

(5)

انظر: المغني (1/ 165) والممتع شرح المقنع (1/ 207).

ص: 418

الرد: يحمل الحديث على النوم المعتاد الذي توضع فيه الجنوب

(1)

.

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ» .

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«وجب الوضوء على كل نائم، إلا من أخفق خفقة برأسه»

(2)

.

الرد من وجهين:

(1)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 394).

(2)

أثر ابن عباس رضي الله عنهما جاء عن:

1: يزيد بن أبي زياد. 2: عطاء بن أبي رباح.

أولًا: رواية يزيد بن أبي زياد: روي موقوفًا ومرفوعًا:

الموقوف: رواه عبد الرزاق (479) عن الثوري وابن المنذر في الأوسط (1/ 253) حدثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله قال: أخبرني سفيان وابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا ابن إدريس يرويانه عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فذكره وإسناده ضعيف.

قال ابن حجر في التقريب يزيد بن أبي زياد الهاشمي ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن.

وابن إدريس هو عبد الله ومقسم هو ابن بجرة.

ورواه البيهقي (1/ 119) بإسناده عن الثوري به وقال: هكذا رواه جماعة عن يزيد بن أبي زياد موقوفًا وروى ذلك مرفوعًا ولا يثبت رفعه. وقال ابن حزم في المحلى (1/ 224) والذهبي في مهذب سنن البيهقي (514) لا يصح.

المرفوع: رواه البيهقي في الخلافيات (377) أخبرنا أبو عبد الله أخبرني إسماعيل بن نجيد السلمي ثنا أحمد بن داود السمناني ثنا العلاء بن سعيد الكندي ثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ» وإسناده ضعيف.

نقل البيهقي عن شيخه أبي عبد الله الحاكم قوله: هكذا رواه العلاء بن سعيد ووهم في إسناده.

وتقدم قول البيهقي: وروى ذلك مرفوعًا ولا يثبت رفعه.

ثانيًا: رواية عطاء بن أبي رباح: رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا وكيع، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«من نام وهو جالس فلا وضوء عليه، فإن اضطجع فعليه الوضوء» وإسناده ضعيف.

المغيرة بن زياد الموصلي قال ابن حبان في المجروحين: كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات فوجب مجانبة ما انفرد من الروايات وترك الاحتجاج بما خالف الأثبات والاعتبار بما وافق الثقات في الروايات.

ص: 419

الأول: كالذي قبله.

الثاني: تقدم أنَّ انتقاض الوضوء بالنوم من مسائل الخلاف عند الصحابة رضي الله عنهم.

الدليل الرابع: نوم اليسير من القاعد لا يمكن التحرز منه فعفى عنه

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الأحاديث التي فيها نوم الصحابة رضي الله عنه لم تفرق بين القليل والكثير

(2)

.

الثاني: لم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضي الله عنهم هل نومكم قليل؟ هل مكن أحدكم مقعدته؟ هل كان أحدكم مستندًا؟ وغير ذلك فلو كان الحكم يختلف لسألهم والله أعلم

(3)

.

القول الثاني: لا ينتقض وضوء القاعد مطلقًا: روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما وروي عن الشعبي - يأتي - وهو قول في مذهب أبي حنيفة

(4)

وهو مذهب الشافعية

(5)

ورواية عند الحنابلة

(6)

وقال به أبو ثور

(7)

.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم» .

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤن» .

وفي رواية «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤن»

وجه الاستدلال: صلوا بذلك الوضوء ونوم بعضهم كثير

(8)

.

(1)

انظر: الكافي في فقه أحمد (1/ 43).

(2)

انظر: المجموع (2/ 19).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 393).

(4)

انظر: المبسوط (1/ 202) وفتح القدير (1/ 43) وبدائع الصنائع (1/ 31) والبحر الرائق (1/ 73).

(5)

انظر: الحاوي (1/ 180) ونهاية المطلب (1/ 124) والعزيز (1/ 159) والمجموع (2/ 15).

(6)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 58) والمبدع (1/ 160) والإنصاف (1/ 200).

(7)

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 259) كان أبو ثور يقول: إن نام جالسًا لم يتوضأ وإن نام مضطجعًا توضأ.

(8)

انظر: المجموع (2/ 19).

ص: 420

الرد من وجوه:

الأول: ليس فيها ذكر القلة والكثرة ولا حال من نام كيف نام، من جلوس أو اضطجاع أو اتكاء أو تورك أو استناد فلا يخصص بنوم القاعد الكثير

(1)

.

الجواب: الأصل أنَّ من ينتظر الصلاة الجلوس لا الاضطجاع.

الثاني: ليس في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بنومهم

(2)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: ظاهره علم النبي صلى الله عليه وسلم بهم لأنَّهم بين يديه.

الجواب الثاني: على فرض عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بهم فالله يعلم فالإقرار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تشريع

فعن جابر رضي الله عنه قال: «كنا نعزل، والقرآن ينزل، لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن»

(3)

.

الدليل الثالث: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وَضُوءَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» .

الدليل الرابع: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل وجب علي الوضوء؟ قال: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» .

الدليل الخامس: عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم قال:«الْوُضُوءُ عَلَى مَنِ اضْطَجَعَ» .

الدليل السادس: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «يعاد الوضوء من سبع

والنوم المضطجع».

وجه الاستدلال: في الأحاديث عدم انتقاض وضوء الجالس ولم تفرق بين كثير أو قليل فتبقى على إطلاقها.

الرد: لا تصح الأحاديث.

(1)

انظر: المحلى (1/ 228).

(2)

انظر: المحلى (1/ 229).

(3)

رواه البخاري (5209) ومسلم (1440) واللفظ له.

ص: 421

الدليل السابع: عن عبد الكريم أبي أمية، أنَّ عليًا، وابن مسعود رضي الله عنهما، والشعبي، قالوا:«في الرجل ينام وهو جالس ليس عليه وضوء»

(1)

.

وجه الاستدلال: علي وابن مسعود رضي الله عنهم يريان عدم انتقاض وضوء القاعد مطلقًا.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في المسألة.

الثاني: الأثر لا يصح.

الدليل الثامن: ما يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» .

وجه الاستدلال: استحقاق النوم وضع الجنب فلا ينتقض وضوء القاعد مطلقًا.

الرد: لا يصح رفع الحديث إنَّما هو موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه.

الدليل التاسع: ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وجه الاستدلال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم العينين وكاء السه في حفظ السبيل فكذلك الأرض تخلف العينين في حفظ السبيل قل النوم أو كثر

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث لا يصح.

الثاني: يحمل الحديث على نوم غير الممكن جمعًا بين الأحاديث

(3)

.

الجواب: لو صح الحديث لتعلق الحكم بالإدراك مع قطع النظر عن هيئة النوم.

(1)

رواه الطبراني في الكبير (9/ 249) حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق [(489)] عن ابن التيمي، عن منصور، عن عبد الكريم أبي أمية، فذكره وإسناده ضعيف.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 248) عبد الكريم ضعيف، ولم يدرك عليًا ولا ابن مسعود رضي الله عنهما.

ابن التيمي هو معتمر بن سليمان.

تنبيه: في مصنف عبد الرزاق عن فطر، عن ابن عبد الكريم بن أبي أمية وهو تصحيف.

(2)

انظر: الحاوي (1/ 180).

(3)

انظر: المجموع (2/ 19).

ص: 422

الدليل العاشر: عن نافع أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما: «كان إذا نام قاعدًا لم يتوضأ، وإذا نام مضطجعًا توضأ» .

وجه الاستدلال: لا يرى ابن عمر رضي الله عنهما انتقاض الوضوء بنوم القاعد مطلقًا.

الرد: الصحابة رضي الله عنهم مختلفون في مسألة انتقاض الوضوء بالنوم.

الدليل الحادي عشر: عن محمد وأبي بكر ابني المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:«من نام وهو قاعد فلا وضوء عليه، ومن نام مضطجعًا فعليه الوضوء» .

الدليل الثاني عشر: عن مولى زيد - قال: استفتيت زيد بن ثابت رضي الله عنه في النوم قاعدًا، فلم ير به بأسًا، قلت: أرأيت إن وضعت جنبي قال: «توضأ» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: الأثران لا يصحان.

الثاني: كالذي قبله.

الدليل الثالث عشر: الطهارة ثابتة بالإجماع واختلفوا ببقائها بعد أن نام جالسًا فلا يجب أن تنقض طهارة مجمع عليها إلا بإجماع مثله

(1)

.

الرد: لا يتعلق الحكم بطهارة القاعد بل بكل نائم متطهر وأصحاب هذا القول لا يقولون به.

الدليل الرابع عشر: النوم حدث فخرج نوم القاعد بالإجماع

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم ترجيح أنَّ النوم ليس بحدث أنَّما هو مظنة الحدث.

الثاني: تقدم ذكر القائلين بعدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا من الصحابة رضي الله عنهم ومن أتى بعدهم.

(1)

الأوسط (1/ 259).

(2)

انظر: المبسوط (1/ 201).

ص: 423

الدليل الخامس عشر: النوم ليس بحدث وإنَّما هو سبيل إلى الحدث فإذا وجد على هيئة لا تكون سبيلًا إليه انتفى الحكم عنه فلا تنتقض طهارة القاعد

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: المخالف ينازع في كون النوم ليس بحدث.

الثاني: لا يعلق الحكم بالهيئة إنَّما يعلق ببقاء الإدراك من عدمه.

الدليل السادس عشر: لما لم يكن قليل نوم الجالس حدثًا لم يكن كثيره حدثًا

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح قياس كثير النوم على قليله من القاعد أو غيره.

الثاني: تقدم قول من يرى أنَّ قليل النوم وكثيره حدث ينقض الوضوء.

الجواب: الأدلة تدل على خلاف هذا القول.

الدليل السابع عشر: مقعدة القاعد مستقرة على الأرض فيأمن خروج شيء منه

(3)

.

الرد: يعلق الحكم بأمن الخروج لا بهئية النوم.

تنبيه: نوم القاعد المحتبي: لا ينتقض وضوءه في مذهب الأحناف

(4)

والمالكية

(5)

وفي مذهب الشافعية

(6)

لا ينتقض وضوءه إذا مكن مقعدته من الأرض.

وينقض قليل نومه وكثيره في مذهب الحنابلة وفي رواية عندهم ينقض الكثير دون القليل

(7)

.

(1)

انظر: الحاوي (1/ 180).

(2)

انظر: الحاوي (1/ 181).

(3)

انظر: المبسوط (1/ 202).

(4)

انظر: فتح القدير (1/ 43) والبحر الرائق (1/ 73) وحاشية الشبلي على تبيين الحقائق (1/ 52).

(5)

انظر: المدونة (1/ 9) والمقدمات (1/ 8) والتوضيح (1/ 200) ومواهب الجليل (1/ 427).

(6)

انظر: نهاية المطلب (1/ 124) والعزيز (1/ 159) والمجموع (2/ 17) وأسنى المطالب (1/ 56).

(7)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمغني (1/ 166 - 167) والفروع (1/ 179) والإنصاف (1/ 201).

ص: 424

‌ثالثًا: نوم القائم والراكع والساجد

اختلفوا فيه على ثلاثة أقول قول بالانتقاض مطلقًا وقول بعدم النقض مطلقًا وقول بالتفريق بين القليل والكثير.

القول الأول: ينتقض الوضوء بالنوم قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا مطلقًا: وهو قول الشافعي الجديد

(1)

ومذهب الحنابلة

(2)

.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي» .

وجه الاستدلال: دل على أنَّ نوم ماعدا النبي صلى الله عليه وسلم ناقض للوضوء فغيره ينام قلبه إذا نام

(3)

.

الرد: دل الحديث على تعلق الحكم بزوال الشعور - وذلك بالاستغراق - لا بهيئة النوم.

الدليل الثاني: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم» .

وجه الاستدلال: الأصل في النوم نقض الوضوء ولم يرد في تخصيص نوم القائم والراكع والساجد من عموم النقض نص ولا هو في معنى المنصوص لكون القاعد متحفظًا لاعتماده بمحل الحدث إلى الأرض بخلاف الراكع والساجد

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث محمول على النوم المعتاد.

الثاني: قياس عدم انتقاض وضوء القائم والراكع على القاعد من باب أولى

(1)

انظر: الحاوي (1/ 182) ونهاية المطلب (1/ 123) والعزيز (1/ 160) والمجموع (2/ 15).

(2)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمغني (1/ 166) والفروع (1/ 178) والإنصاف (1/ 200).

(3)

انظر: المحلى (1/ 225) والحاوي الكبير (1/ 182).

(4)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمغني (1/ 166) والممتع شرح المقنع (1/ 208).

ص: 425

فنومهما أخف من القاعد.

الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ» .

وجه الاستدلال: يدخل في عموم الحديث نوم القائم والراكع والساجد.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل الرابع: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«وجب الوضوء على كل نائم، إلا من أخفق خفقة برأسه» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: كالذي قبله.

الثاني: المسألة من مسائل الخلاف عند الصحابة رضي الله عنهم.

الدليل الخامس: ما كان حدثًا في غير الصلاة كان حدثًا في الصلاة كسائر الأحداث

(1)

.

الرد: تقدم أنَّ النوم ليس بحدث إنَّما هو مظنة الحديث.

القول الثاني: لا ينتقض الوضوء من القائم والراكع والساجد مطلقًا: وهو مذهب الأحناف

(2)

ورواية في مذهب المالكية - في القيام والركوع دون السجود -

(3)

(1)

انظر: الحاوي الكبير (1/ 182).

(2)

قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 72) لا ينقض نوم القائم ولا القاعد، ولو في السرج أو المحمل كما في الخلاصة ولا الراكع ولا الساجد مطلقًا إن كان في الصلاة وإن كان خارجها فكذلك إلا في السجود، فإنَّه يشترط أن يكون على الهيئة المسنونة له بأن يكون رافعًا بطنه عن فخذيه مجافيًا عضديه عن جنبيه.

وانظر: المبسوط (1/ 199) وفتح القدير (1/ 42) وبدائع الصنائع (1/ 31).

(3)

يأتي العزو قريبًا.

ص: 426

وقول الشافعي القديم

(1)

وقول للحنابلة

(2)

ونسب لابن المبارك

(3)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64].

وجه الاستدلال: خرج مخرج المدح فينتفى معه إبطال العبادة

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: من أدركه الليل يقال بات، نام أو لم ينم فلا يلزم من البيتوتة النوم

(5)

.

الثاني: على فرض أنَّ الآية تفيد النوم في الصلاة ففيها مدحهم لمكابدتهم العبادة ولم تتعرض لحكم الوضوء.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ»

(6)

.

الدليل الثالث: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ»

(7)

.

(1)

قال الجويني في نهاية المطلب (1/ 124) نص الشافعي في القديم على أنَّ من نام على هذه الهيئات في الصلاة، لم ينتقض وضوءه، وإن نام في غير الصلاة قائمًا، أو راكعًا، أو ساجدًا، انتقض وضوءه.

وانظر: الحاوي (1/ 182) والعزيز (1/ 160) والمجموع (2/ 15).

(2)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمبدع (1/ 160).

(3)

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 105) قال ابن المبارك

من نام على هيئة من هيئآت الصلاة لم ينتقض وضوءه.

وفصَّل ابن المنذر فقال في الأوسط (1/ 258) إذا نام رجل ساجدًا في الصلاة فليس عليه الوضوء وإذا نام ساجدًا في غير الصلاة فعليه الوضوء وإن تعمد للنوم ساجدًا في الصلاة فعليه الوضوء هذا قول ابن المبارك.

تنبيه: الشافعية والحنابلة يخصون الحكم إذا نام وهو في الصلاة والأحناف يعدون الحكم خارج الصلاة وتقدم كلامهم.

(4)

انظر: الحاوي الكبير (1/ 182).

(5)

انظر: تفسير البغوي (6/ 94) وتفسير الزمخشري (3/ 292).

(6)

رواه البخاري (212) ومسلم (786).

(7)

رواه البخاري (213).

ص: 427

وجه الاستدلال: النعاس لا يبطل الصلاة فلا تنتقض طهارة القائم والراكع والساجد

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: إذ بلغ الناعس حدًا لا يدري ما يقول فهو في حال ذهاب العقل، ولا يختلفون أنَّ من ذهب عقله بطلت طهارته، فيلزم أن يكون النوم كذلك

(2)

.

الجواب: يحمل على بداية النعاس فلا يزول شعوره بالكلية إنَّما يُخلِّط في كلامه.

الثاني: أُمِر الناعسُ بالإنصراف ولو كانت طهارته تبقى لما أمر بالانصراف

(3)

.

الجواب: علل الحكم حتى لا يُخلِّط في صلاته ولو كانت طهارته تنتقض لأمره بالوضوء.

الدليل الرابع: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو ساجد، فما يعرف نومه إلا بنفخه، ثم يقوم فيمضي في صلاته»

وجه الاستدلال: نام النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده وأتم صلاته فدل ذلك على عدم انتقاض وضوء الساجد.

الرد: لا يصح قياس النبي صلى الله عليه وسلم على غيره.

الدليل الخامس: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا نَامَ الْعَبْدُ سَاجِدًا بَاهَى اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَعْبُدُنِي وَرُوحُهُ عِنْدِي وَهُوَ سَاجِدٌ»

(4)

.

(1)

انظر: شرح مشكل الآثار (9/ 61).

(2)

انظر: المحلى (1/ 230).

(3)

انظر: الخلافيات (1/ 251).

(4)

حديث المباهاة جاء من حديث:

1: الحسن البصري. 2: أنس رضي الله عنه. 3: أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. 4: أسامة بن زيد رضي الله عنهما.

الحديث الأول: حديث الحسن البصري: اختلف عليه في وصله وإرساله فرواه:

1: سلام بن مسكين. 2: المبارك بن فضالة.

الرواية الأولى: رواية سلام بن مسكين موقوفًا: رواه أحمد في الزهد (1606) حدثنا عبد الصمد ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (299) حدثنا الدورقي، ثنا موسى بن إسماعيل، قالا ثنا سلام بن مسكين، قال: سمعت الحسن، يقول:«إِذَا نَامَ الْعَبْدُ سَاجِدًا بَاهَى اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَعْبُدُنِي وَرُوحُهُ عِنْدِي وَهُوَ سَاجِدٌ» مرسل رواته ثقات.

وتابع سلام بن مسكين حزم بن أبي حزم القطعي وتأتي.

عبد الصمد هو ابن عبد الوارث والدورقي هو أحمد بن إبراهيم.

قال ابن حزم في المحلى (1/ 228) هذا لا شيء؛ لأنَّه مرسل لم يخبر الحسن ممن سمعه. وصحح إسناده الألباني في الضعيفة (953) وقال فرجع الإسناد إلى أنَّه من مرسل الحسن البصري فهو علته.

الرواية الثانية: رواية مبارك بن فضالة: واختلف عليه في وصله وإرساله:

أولًا: المرسل: رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (298) حدثنا الحسن بن عيسى، أنا ابن المبارك، أنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: أنبئت أنَّ ربنا، تبارك وتعالى يقول:«إذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رُوحُهُ عِنْدِي، وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي» وإسناده ضعيف.

مبارك بن فضالة قال أبو زرعة يدلس كثيرًا فإذا قال حدثنا فهو ثقة وقال أبو داود إذا قال حدثنا فهو ثبت وكان يدلس وقال مرة كان شديد التدليس. وقد عنعن واضطرب في إسناده.

ثانيًا: الموصول: رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث (199) حدثنا محمد بن جعفر بن يزيد المطيري، قال: حدثنا حماد بن الحسن، قال: حدثنا حجاج بن نصير، قال: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل» : «انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي، وَبَدَنُهُ سَاجِدٌ لِي» مرسل إسناده ضعيف.

قال الدارقطني في علله (1552) يرويه عباد بن راشد، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: حزم بن أبي حزم، عن الحسن: بلغنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت سماع الحسن من أبي هريرة رضي الله عنه، وقيل للشيخ أبي الحسن: فقد قال موسى بن هارون: إنَّه سمع منه، فقال: شعبة أعلم، قال: ولم يسمع الحسن من أبي هريرة، رضي الله عنه وحكي لنا عن محمد بن يحيى الذهلي، أنَّه قال: لم يسمع منه.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 445) منقطع؛ لأنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه، كما قاله الجمهور، وقال يونس بن عبيد: ما رآه قط، وذكر أبو زرعة وأبو حاتم أنَّ من قال عن الحسن، ثنا أبو هريرة رضي الله عنه؛ فقد أخطأ، وخالف في ذلك قتادة فقال: إنَّما أخذ الحسن عنه.

وقال الألباني في الضعيفة (953) فيه ثلاث علل:

1: حجاج بن نصير، قال الحافظ: ضعيف كان يقبل التلقين.

2: المبارك بن فضالة ضعيف أيضًا، قال الحافظ: صدوق، يدلس ويسوي.

3: الحسن وهو البصري، فإنَّه على جلالته كان يدلس،

على أنَّه اختلف في ثبوت سماعه من أبي هريرة رضي الله عنه

قلت [الألباني]: وعباد بن راشد صدوق له أوهام، فمتابعته للمبارك تذهب بالعلة الثانية، فيبقى في الحديث العلة الثالثة، وبها أعل الحديث ابن حزم.

قال أبو عبد الرحمن: لم أقف على رواية عباد بن راشد حتى نعلم هل هي تصلح للاعتبار أم لا؟

فالذي يظهر لي أنَّ المحفوظ عن الحسن البصري المرسل ووصله إن لم يكن شاذًا فهو منكر والله أعلم.

الحديث الثاني: حديث أنس رضي الله عنه رواه:

1: ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (406) حدثني محمد بن عثمان حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة حدثنا شيخ من أهل البصرة عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بالْعَبْد إذا نام وهو سَاجِدٌ يقول: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هذا نَفْسُهُ عِنْدِي وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي» وإسناده ضعيف.

شيخ زائدة بن قدامة مجهول وبقية رواته ثقات.

قال الألباني في الضعيفة (6730) هذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الشيخ البصري، فإنَّه لم يسم؛ فهو مجهول.

2: الآجري في فضل قيام الليل (22) حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي في المسجد الحرام قال حدثنا صامت بن معاذ قال قرأنا على أبي قرة موسى بن طارق قال ذكر زمعة بن صالح عن زياد بن سعد عن أبان ابن أبي عياش عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى حَتَّى يُدْرِكَهُ النُّعَاسُ وَهُوَ سَاجِدٌ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُبَاهِي بِهِ الْمَلائِكَةَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي نَفْسُهُ عِنْدِي وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي» وإسناده ضعيف جدًا.

صامت بن معاذ الجندي ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: يهم ويغرب. وزمعة بن صالح الجندي ضعيف. وأبان بن أبي عياش ضعفه شديد قال أحمد بن حنبل لا يكتب عنه كان منكر الحديث ترك الناس حديثه وقال يحيى بن معين والنسائي والرازي والدارقطني متروك وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا يتعمد الكذب لكنَّه يشتبه عليه ويغلط. وبقية رواته ثقات.

قال ابن حجر في التلخيص (1/ 212) وروي من وجه آخر، عن أبان، عن أنس رضي الله عنه وأبان متروك. وقال الألباني في الضعيفة (953) هذا سند ضعيف جدًا.

3: تمام في فوائده (1670) أخبرنا أبو الحسن علي بن جعفر بن عبد الله بالرملة، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا يزيد بن موهب، ثنا إسحاق بن عبد الواحد، عن داود بن الزبرقان، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَامَ الْعَبْدُ فِي سُجُودِهِ بَاهَى اللَّهُ عز وجل بِهِ مَلَائِكَتَهُ» قال: «انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي» وإسناده ضعيف جدًا.

شيخ تمام أبو الحسن علي بن جعفر الرملي مترجم له في تاريخ دمشق ولم أقف على من وثقه.

وإسحاق بن عبد الواحد القرشي قال ابن حجر: محدث مكثر مصنف تكلم فيه بعضهم.

وداود بن الزبرقان الرقاشي ضعفه شديد قال البخاري: حديثه مقارب. وقال ابن معين: ليس بشئ. وقال أبو زرعة: متروك. وقال أبو داود: ضعيف ترك حديثه. وقال الجوزجاني: كذاب. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وبقية رواته ثقات.

ويزيد هو ابن خالد ينسب لجده الأعلى موهب وسليمان التيمي هو أبو المعتمر.

ورواه البيهقي في الخلافيات (1/ 259) بإسناده عن محمد بن الحسن به وقال ليس هذا بالقوي. وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 212) رواه البيهقي في الخلافيات من حديث أنس رضي الله عنه، وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف.

الحديث الثالث: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: رواه البزار - كشف الأستار (715) - حدثنا محمود بن بكر بن عبد الرحمن، حدثني أبي وابن شاهين في ناسخ الحديث (200) حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، قال: حدثنا بكر بن عبد الرحمن، عن عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ، رَجُلٌ قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَحْسَنَ الطُّهُورَ وَصَلَّى، وَرَجُلٌ نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَرَجُلٌ - أحسبه - كَانَ فِي كَتِيبَةٍ، فَانْهَزَمَتْ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ جَوَادٍ لَوْ شَاءَ أَنْ يَذْهَبَ لَذَهَبَ» وإسناده ضعيف جدًا.

الحديث مداره على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف وشيخه عطية بن سعد العوفي أشد ضعفًا منه ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: سمع من أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أحاديث فلما مات أبو سعيد رضي الله عنه جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فيحفظه وكناه أبا سعيد ويروي عنه فإذا قيل له من حدثك بهذا فيقول حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنَّه يريد أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وإنَّما أراد به الكلبي فلا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 256) فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير لسوء حفظه لا لكذبه.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 447) علته: عطية هذا؛ وهو ضعيف بالإجماع، وانفرد ابن معين في قوله فيه: هو صالح الحديث. وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (1/ 212).

وللحديث طريق آخر ليس فيه موطن الشاهد فرواه:

1: أحمد (11352) حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا هشيم، قال: مجالد أخبرنا، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ: الرَّجُلُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلصَّلَاةِ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلْقِتَالِ» وإسناده ضعيف.

مجالد بن سعيد الأكثر على تضعيفه، كان ابن مهدي لا يروي عنه، وكان أحمد بن حنبل لا يراه شيئًا، وقال الدوري عن ابن معين: لا يحتج بحديثه، وسئل أبو حاتم يحتج بمجالد قال: لا، وقال النسائي: ليس بالقوي ووثقه مرة، وقال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة وعن غير جابر وعامة ما يرويه غير محفوظة، وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق وقال الدارقطني مجالد: لا يعتبر به.

وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وأبو الوَدَّاك هو جبر بن نوف.

2: ابن ماجه (200) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا عبد الله بن إسماعيل، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: لِلصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ، وَلِلرَّجُلِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلِلرَّجُلِ يُقَاتِلُ، - أراه قال -: خَلْفَ الْكَتِيبَةِ» وإسناده ضعيف.

عبد الله بن إسماعيل مجهول والحديث منكر.

الحديث الرابع: حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما: رواه أبو القاسم الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (2/ 110) أنبأ سليمان بن أحمد بن حسنويه بقراءة والدي -رحمهما الله- أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن محمد المخلدي سنة ست وخمسمائة ثنا أبو علي أحمد ابن طاهر القومساني ثنا إبراهيم بن حمير ثنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي ثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر بن بكر ثنا عيسى بن عبد الله العثماني ثنا عبد الله بن حبيق حدثني يوسف بن أسباط ثنا أبي قال دخلت مسجدًا بالكوفة فإذا أنا بشاب يناجي ربه وهو في سجوده يقول سجد وجهي متعفرًا في التراب لخالقي وحق لي فقمت إليه فإذا هو علي بن الحسين بن زين العابدين فلما انفجر الفجر نهضت إليه فقلت يا ابن رسول الله تعذب نفسك وقد فضلك الله بما فضلك فبكى.

ثم قال حدثني عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت من خشية الله وعين فقئت في سبيل الله وعين غضت عن محارم الله وعين باتت ساهرة يباهي الله تعالى به الملائكة يقول انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي وقد تجافى بدنه عن المضاجع يدعوني خوفًا وطمعًا في رحمتي اشهدوا أنَّي قد غفرت له» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده عيسى بن عبد الله العثماني قال الذهبي: اتهم بالكذب. وأورد ما يدل على ذلك الخطيب في تاريخه في ترجمته لأبي العباس الفضل بن العباس بن علي الهروي.

وفي إسناده من لم أقف لهم على تعديل ومن اختلف في توثيقه فالحديث منكر والله أعلم.

تنبيه: قوله: ابن زين العابدين [ابن] زائدة فمن شيوخ زين العابدين عمرو بن عثمان بن عفان.

فالذي يظهر لي عدم صحة حديث مباهاة الله بالنائم في صلاته وأصح طرق الحديث مرسل الحسن البصري وحديث أنس رضي الله عنه رواية ابن أبي الدنيا وبقية طرقة لا تصلح للاعتبار.

قال النووي في المجموع (2/ 20) حديث المباهاة بما سبق من الاتفاق على ضعفه. وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 444) حديث ضعيف؛ يروى من طرق وقال (2/ 447) وقد ظهر - بحمد الله ومنه - ضعف الحديث من طرقه؛ فلا يحتج به إذًا، وقد أسلفنا الجواب عنه على تسليم صحته.

ص: 428

وجه الاستدلال: سماه ساجدًا مع نومه، فأوجب هذا نفي الحدث عنه

(1)

وإنَّما يكون جسده في الطاعة إذا بقي وضوءه

(2)

فلو كان النوم في الصلاة حدثًا لما كان جسده في طاعة الله تعالى

(3)

.

الرد من وجوه:

الأول: حديث ضعيف.

الثاني: لو صح الحديث لكان تسميته ساجدًا باعتبار ما كان عليه فمدحه على مكابدة العبادة

(4)

.

الثالث: لا مانع أن يكون في عبادة باعتبار نيته وإن كان على غير طهارة.

الدليل السادس: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا وَضُوءَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» .

الدليل السابع: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل وجب علي الوضوء؟ قال: «لَا حَتَّى تَضَعَ جَنْبَكَ» .

الدليل الثامن: عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ، ثم قال:«الْوُضُوءُ عَلَى مَنِ اضْطَجَعَ» .

(1)

انظر: الحاوي الكبير (1/ 182) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 59).

(2)

انظر: المبسوط (1/ 201).

(3)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 31).

(4)

انظر: المجموع (2/ 20).

ص: 432

وجه الاستدلال: في هذه الأحاديث انتقاض الوضوء بالاضطجاع دون غيره

(1)

.

الرد: هذه الأحاديث لا يصح منها شيئ وضعفها شديد فلا يقوي بعضها بعضًا.

الدليل التاسع: عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي، فقلت: يا رسول الله، إنَّك قد نمت، قال «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» .

وجه الاستدلال: في الحديث نفي الوضوء على من نام ساجدًا وأوجبه على المضطجع بعلة استرخاء المفاصل، وزوال مسكة اليقظة، ولا يوجد هذا حال القيام والركوع والسجود لأنَّ الإمساك فيها باقٍ

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث لا يصح.

الثاني: الحديث مقابل بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه:«مَنْ نَامَ سَاجِدًا فَعَلَيْه الْوُضُوءَ» وهو حديث ضعيف أيضًا.

الدليل العاشر: الأصل الطهارة، فلا تزول بالشك

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا يتعلق الحكم ببقاء الطهارة بكونه قائمًا أو راكعًا أو سجدًا والقائلون بهذا القول لا يرون عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

الثاني: إذا تعذر اليقين يعمل بغلبة الظن فيعلق انتقاض الوضوء بزوال الشعور لا بهيئة النائم.

الدليل الحادي عشر: قال الطحاوي: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته قد كانوا في النوم على ما قد ذكرناه عنهم في هذه الآثار قولًا وفعلًا بلا اختلاف منهم فيه أنَّه لا ينقض وضوءهم إلا في خاص من النوم، والأولى في ذلك أن

(1)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 31).

(2)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 31).

(3)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59).

ص: 433

يكون ذلك الخاص هو الذي خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ووصفه باسترخاء المفاصل الذي لا يكون معه ضبط النائم لنفسه عن الأسباب التي تنقض وضوءه، ومعقول مع ذلك أنَّ القائم والقاعد والساجد معدوم ذلك منهم، وأنَّ المضطجع موجود ذلك فيه

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: تقدم خلاف الصحابة رضي الله عنهم في انتقاض الوضوء بالنوم فمنهم من يرى الانتقاض مطلقًا ومنهم من يرى عدم الانتقاض مطلقًا ومنهم من يخصه بهيئة خاصة.

الثاني: تقدم أنَّ حديث «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» لا يصح.

الثالث: ضبط النائم لنفسه عن الأسباب التي تنقض وضوءه ببقاء إدراكه من زواله بالكلية لا بهيئة النوم.

الدليل الثاني عشر: الحاجة تدعو إليه ولا يمكن لمجتهد ونحوه الاحتراز منه إلا بعسر فعفي عنه كما عفي عن أشياء كثيرة في الصلاة للحاجة

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ» وفي حديث أنس رضي الله عنه: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ» .

الثاني: الأركان في الصلاة والشروط ومنها الطهارة لا يعفى عنها.

القول الثالث: ينقض من القائم والراكع والساجد كثير النوم لا قليله: وهو

(1)

شرح مشكل الآثار (9/ 69).

(2)

انظر: المبسوط (1/ 201) والمجموع (2/ 20).

ص: 434

رواية في مذهب المالكية

(1)

والحنابلة

(2)

.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم» .

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون» .

وفي رواية «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون» .

وجه الاستدلال: قياسه على نوم الجالس، لأنَّه في معناه

(3)

.

الرد: لا يصح قياسه على القاعد فلا يتحفظ كالجالس

(4)

.

الجواب: تمكن النوم من القائم والراكع والساجد أقل من الجالس.

‌ضابط القلة والكثرة عند من يفرقون بين قليل النوم وكثيره

من القاعد والقائم والراكع والساجد:

(1)

قال محمد عليش في منح الجليل (1/ 66): قال ابن بشير

متى كان النوم ثقيلًا نقض كان النائم مضطجعًا أو ساجدًا أو جالسًا أو قائمًا وإن كان خفيفًا فلا ينقض على أي حال كان النائم وهذه طريقة اللخمي واعتبر في التلقين صفة النوم مع الثقل وصفة النائم مع غيره فقال وأمَّا النوم الثقيل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم مضطجعًا أو ساجدًا أو جالسًا وأمَّا غير الثقيل فيجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود لا في القيام والجلوس.

وقال ابن رشد في المقدمات (1/ 8) واختلف في الركوع فقيل إنَّه كالقيام وقيل إنَّه كالسجود

وإذا نام ساجدًا لم يجب عليه الوضوء إلا أن يطول، وقيل إنَّه يجب عليه بالاستثقال وإن لم يطل. وإذا نام جالسًا أو راكبًا فلا وضوء عليه إلا أن يطول. وإذا نام قائمًا أو محتبيًا فلا وضوء عليه وإن طال لأنَّه يثبت.

وانظر: مناهج التحصيل (1/ 112) والتلقين وشرحه للمازري (1/ 184).

(2)

قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (1/ 160)(وعنه: أنَّ نوم الراكع أو الساجد لا ينقض يسيره) لأنَّهما من الصلاة أشبه الجالس، وظاهره أنَّه ينقض اليسير منهما على المذهب، وهو كذلك، وقياسهما على الجالس غير مستقيم، لأنَّ محل الحدث فيهما منفتح بخلاف الجالس.

وانظر: المغني (1/ 166) والفروع (1/ 178) والإنصاف (1/ 200).

(3)

انظر: الكافي (1/ 43) والممتع شرح المقنع (1/ 208).

(4)

انظر: الكافي (1/ 43).

ص: 435

الأول: يرجع فيه للعرف: وهو مذهب الحنابلة

(1)

واختاره الموفق ابن قدامة

(2)

.

الدليل: يعرف التحديد بالتوقيف ولا توقيف في المسألة

(3)

.

الثاني: الكثير ما يتغير به هيئة النائم مثل أن يسقط على الأرض أو يرى حلمًا: قول للحنابلة

(4)

.

الثالث: حد القلة ركعتان: قول للحنابلة

(5)

.

الرابع: الثقيل ما لا يشعر صاحبه بالأصوات أو بسقوط حبوة بيد أو بسقوط شيء بيده أو بسيلان ريقه: وهو مذهب المالكية

(6)

.

القول الرابع: لا ينقض الوضوء إلا نوم المستغرق: روي عن عبد الله بن عمرو وعائشة رضي الله عنهم وقال به الحسن البصري وسعيد بن المسيب

(7)

وعكرمة مولى ابن

(1)

انظر: الكافي (1/ 43) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والفروع (1/ 178) والإنصاف (1/ 201).

(2)

انظر: المغني (1/ 167).

(3)

انظر: المغني (1/ 167) والمبدع (1/ 159).

(4)

انظر: المغني (1/ 167) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمبدع (1/ 159) والإنصاف (1/ 201).

(5)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 59) والمبدع (1/ 159) والإنصاف (1/ 201).

(6)

انظر: الشرح الكبير (1/ 119) وشرح زروق للرسالة (1/ 79) وشرح خليل للخرشي (1/ 303) ومنح الجليل (1/ 66).

(7)

روى عبد الرزاق (478) عن ابن التيمي، عن أبيه قال: سألت الحسن، عن الرجل نام وهو ساجد قال:«إذا خالطه النوم فليتوضأ» . قال: «ورأينا الحسن في المقصورة يخفق برأسه، ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ» وإسناده صحيح.

ابن التيمي هو معتمر بن سليمان.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 134) حدثنا وكيع، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، والحسن قالا:«إذا خالط النوم قلبه قائمًا، أو جالسًا توضأ» ورواته ثقات.

سعيد بن أبي عروبة ثقة أعلم الناس بحديث قتادة لكنَّه مختلط لكن رواية وكيع عنه صحيحة قال يحيى بن معين لوكيع تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنَّما سمعت منه في الاختلاط!؟ فقال رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستوٍ؟ وتأتي متابعه أبان بن يزيد لسعيد. وفيهما عنعنة قتادة.

فرواه أبو بكر الأثرم (134) حدثنا عفان حدثنا أبان حدثنا قتادة عن الحسن وسعيد قالا: «إذا استثقل نومًا وإن كان قاعدًا توضأ» ورواته ثقات.

عفان هو ابن مسلم وأبان هو ابن يزيد العطار.

ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 254) حدثنا موسى بن هارون، ثنا سريج بن يونس، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أنس رضي الله عنه، قال:«إذا وجد الرجل طعم النوم جالسًا كان أو غير ذلك فعليه الوضوء» وكان الحسن البصري يقول: «إذا خالط النوم قلب أحدكم فليتوضأ» ورواته ثقات.

وروى ابن أبي شيبة (1/ 134) عن ابن إدريس وعبد الرزاق (476) يرويانه عن هشام، عن الحسن قال:«إذا نام قاعدًا، أو قائمًا فالوضوء» وإسناده صحيح.

ابن إدريس هو عبد الله وهشام هو ابن حسان القردوسي. ويحمل هذا الأثر على المستغرق جمعًا بينه وبين ما تقدم والله أعلم.

ص: 436

عباس

(1)

وطاوس بن كيسان

(2)

وعَبِيدة بن عمرو السلماني

(3)

ومحمد بن سيرين

(4)

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 113) - (1416) ط: دار القبلة - حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة؛ «أنَّه كان لا يرى بأسًا بالنوم في القعود، ويكرهه في الاضطجاع» وإسناده صحيح.

ابن عليه هو إسماعيل بن إبراهيم وأيوب هو السختياني.

ولم أقف عليه في نسختي من طبعة الدار السلفية.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 134) حدثنا وكيع، عن عمر بن الوليد الشَني، عن عكرمة، قال:«إنَّما هو وكاء فإذا نام توضأ» ورواته محتج بهم.

عمر بن الوليد الشَني ترجم له في الميزان ولسانه فقال: قال النسائي: ليس بالقوي ولينه يحيى القطان ووثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا.

وهذه الرواية لا تخالف التي قبلها فالذي يظهر أنَّ الانتقاض عند عكرمة بالاستغراق والله أعلم.

(2)

رواه عبد الرزاق (487) عن ابن جريج، عن إبراهيم بن ميسرة، أنَّ طاوسًا، قدم يوم الجمعة وابن الضحاك يخطب الناس قال: فلما صلينا وخرجنا قال: «ما قال حين رقدت؟» وإسناده صحيح.

ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز ينسب لجده.

وابن الضحاك هو عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس جمع له يزيد بن عبد الملك بين إمرة المدينة وإمرة مكة. انظر: البداية والنهاية (13/ 5).

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 133) حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن طاوس؛ أنَّه سئل عن الرجل ينام وهو جالس؟ قال:«إنَّما هو وكاء، فإذا ضيعته» . أي: يقول: يتوضأ. وإسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم قال ابن حجر: صدوق اختلط جدًا و لم يتميز حديثه فترك.

ويحتمل أنَّ طاوسًا لا يرى انتقاض نوم القاعد وبه وجَّه الأثر ابن عبد البر في التمهيد (18/ 251) والله أعلم.

(3)

رواه عبد الرزاق (491) عن معمر، عن أيوب ح (490) عن هشام بن حسان، وابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا وكيع، عن ابن عون وابن إدريس، عن هشام يرويانه عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة، عن الرجل ينام وهو ساجد أيتوضأ؟ قال:«هو أعلم بنفسه» وإسناده صحيح.

أيوب هو السختياني وابن إدريس هو عبد الله وابن عون هو عبد الله.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 132) حدثنا ابن إدريس، عن هشام، قال:«رأيت ابن سيرين يخفق برأسه، ثم يقوم فيصلي» وإسناده صحيح.

ابن إدريس هو عبد الله وهشام هو ابن حسان القُرْدُوسي.

ورواه أبو بكر الأثرم (137) حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد في الذي ينام قائمًا أو قاعدًا قال: «هو أعلم بنفسه» وإسناده صحيح.

عبيد الله بن معاذ هو العنبري. وأشعث هو ابن عبد الملك الحمراني.

ص: 437

وعروة بن الزبير

(1)

ونسب لمكحول

(2)

وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام

(3)

وهو مذهب مالك

(4)

ورواية عند الحنابلة

(5)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(6)

والصنعاني

(7)

وابن باز

(8)

وشيخنا ابن عثيمين

(9)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني»

وجه الاستدلال: غفا ابن عباس رضي الله عنهما في صلاته ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء فدل على أنَّه لا ينتقض الوضوء إلا بالنوم المستغرق

(10)

.

الدليل الثاني: في حديث عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي» .

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 134) حدثنا عفان، قال: حدثنا أبان العطار، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:«إذا استثقل نومًا وهو قاعد توضأ» وإسناده صحيح.

عفان هو ابن مسلم والعطار هو ابن يزيد.

(2)

قال ابن العربي في العارضة (1/ 108) فعله مكحول حتى غط ولم يتوضأ. وقال: أنا أعلم ببطني.

ونسب له ابن حزم عدم النقض مطلقًا فقال: - في المحلى (1/ 224) - ذهب إلى أنَّ النوم لا ينقض الوضوء كيف كان .... وعن مكحول.

(3)

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 255) قال إسحاق: كلما نام حتى غلبه على عقله توضأ. وبه قال القاسم بن سلام.

وتقدمت نسبة انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا لهما.

(4)

قال في المدونة (1/ 9) قال مالك: من نام في سجوده فاستثقل نومًا وطال ذلك أنَّ وضوءه منتقض. قال: ومن نام نومًا خفيفًا - الخطرة ونحوها - لم أر وضوءه منتقضًا.

قال: وقال مالك فيمن نام على دابته قال: إن طال ذلك به انتقض وضوءه وإن كان شيئًا خفيفًا فهو على وضوئه.

قال: وقال مالك: من نام وهو محتبٍ في يوم الجمعة وما أشبه ذلك فإنَّ ذلك خفيف ولا أرى عليه الوضوء لأنَّ هذا لا يثبت، قال: فإن نام وهو جالس بلا احتباء؟ قال: هذا أشد لأنَّ هذا يثبت وعلى هذا الوضوء إن كثر ذلك وطال.

وانظر: التبصرة (1/ 78) والشرح الكبير (1/ 119) وشرح التلقين (1/ 183) وشرح التفريع (1/ 58).

(5)

انظر: الفروع (1/ 179).

(6)

انظر: الاختيارات ص: (16) والفروع (1/ 179).

(7)

انظر: سبل السلام (2/ 27).

(8)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (10/ 143).

(9)

انظر: الشرح الممتع (1/ 276).

(10)

انظر: فتح الباري (1/ 314).

ص: 438

وجه الاستدلال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه يدرك ما حوله فلو أحدث لعلم بذلك فيقاس عليه صلى الله عليه وسلم غيره ممن لم يستغرق بالنوم فلا ينتقض وضوءه

(1)

.

الرد: يحتمل أنَّها خشيت طلوع الفجر عليه وهو لم يوتر

(2)

.

الجواب: لا مانع من الأمرين والله أعلم.

الدليل الثالث: عن أنس بن مالك قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه ثم جاء فصلى بهم» .

الدليل الرابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون» .

وفي رواية «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون»

وجه الاستدلال: نام كثير من الصحابة رضي الله عنهم ولم يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم هل رأيتم رؤيا؟ أو هل مكن أحدكم مقعدته؟ أو هل كان أحدكم مستندًا؟ وهل سقط شيء من أعضائه على الأرض؟ فلو كان الحكم يختلف لسألهم. فدل ذلك على أنَّ موجب الوضوء نوم المستثقل الذاهب بالحس بحيث لا يعلم بالحدث إذا خرج منه

(3)

.

الدليل الخامس: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة، فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:«لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ اللَّيْلَةَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ» .

الدليل السادس: عن عائشة، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء، وهي التي تدعى العتمة، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأهل المسجد

(1)

انظر: أعلام الحديث (1/ 233) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 471).

(2)

انظر: المسالك في شرح الموطأ (2/ 497).

(3)

انظر: إكمال المعلم (2/ 232) ومجموع الفتاوى (21/ 393).

ص: 439

حين خرج عليهم: «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرَكُمْ» وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: ظاهر الحديث أنَّ نومهم مستغرق ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء فلعله قبل تشريع الوضوء من النوم فالقصة في أول الإسلام والله اعلم.

الدليل السابع: ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وجه الاستدلال: استطلاق الوكاء يتحقق بالنوم المستغرق فيعلق الحكم به.

الرد: الحديث ضعيف.

الدليل الثامن: عن عبد الله بن عمرو وعائشة رضي الله عنهم قالا: «من نام على كل حال لا يعقل، فعليه الوضوء»

(1)

.

وجه الاستدلال: علق ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم انتقاض الوضوء بزوال الإحساس.

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح الأثر.

الثاني: تقدم أنَّ الصحابة رضي الله عنهم مختلفون في المسألة.

الدليل التاسع: قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنَّ غلبة النوم وتمكنه حدث

(1)

رواه الحارث بن أبي أسامة - المطالب العالية (150)(151) حدثنا محمد بن عمر، ثنا مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وعن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قالا: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

السند مداره على محمد بن عمر الواقدي وهو متروك وبقية رواته محتج بهم.

فبكير بن عبد الله الأشج يرويه عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ويرويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

تنبيه: قال المزني في مختصره ص: (4) روي عن عائشة رضي الله عنها «من استجمع نومًا مضطجعًا أو قاعدًا» . قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 212) لم أقف بعد على إسناد حديثها.

ص: 440

يوجب الوضوء

(1)

فنوم المستغرق ينقض الوضوء بالإجماع ويبقى ما عداه على الأصل.

الرد: لا إجماع في المسألة والخلاف من لدن الصحابة رضي الله عنهم ومن أتى بعدهم.

الدليل العاشر: قال إسحاق بن راهويه وهم يجمعون على أنَّ كل من أغمي عليه فقد انتقضت طهارته، وليس بينهما فرق، وليس في المغمى عليه أثر صحيح أنَّه ينتقض وضوءه، وفي النوم غير حديث

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: فرق بين المغمى عليه والنائم فالنائم يستيقظ إذا أوقظ بخلاف المغمى.

الثاني: أحاديث انتقاض الوضوء بالنوم محمولة على المستغرق جمعًا بينهما وبين الأحاديث التي تدل على عدم انتقاض الوضوء بالنوم.

الدليل الحادي عشر: النوم مظنة الحدث ومع استثقال النوم لا يعلم بالخارج فيقوم مقامه كسائر المظان

(3)

.

الرد: تقدم الخلاف هل النوم حدث أو مظنة الحدث.

الجواب: تقدم أنَّ الدليل دل على أنَّه ليس بحدث فلم يبق إلا مظنة الحدث.

الدليل الثاني عشر: الناس إذا كانوا قعودًا أو قيامًا في الصلاة أو في انتظارها أو في مجالسهم ينعس أحدهم وينام ولم يؤمر أحدٌ بالوضوء في مثل هذا وهذا مما تعم به البلوى فلو كان ناقضًا لبينته الشريعة

(4)

.

الرد: وردت النصوص العامة بانتقاض الوضوء من النوم.

الجواب: الوارد يحمل على النوم المعتاد الذي توضع فيه الجنوب ويستغرق

(1)

الاستذكار (1/ 151).

(2)

مسائل حرب الكرماني/ السريع ص: (149).

(3)

انظر: الكافي في فقه أحمد (1/ 43) والممتع شرح المقنع (1/ 207).

(4)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 395).

ص: 441

النائم بحيث لا يعلم لو أحدث

(1)

.

الدليل الثالث عشر: طهارة من نام نومًا غير مستغرق متيقنة والحدث محتمل فيتمسك باليقين

(2)

.

الرد: تقدم الاستدلال بهذا الدليل على عدم انتقاض الوضوء بالنوم مطلقًا.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ الوضوء لا ينتقض إلا بالاستغراق في النوم الذي يزول به الاحساس من غير تقييده بهيئة معينة وبهذا تجتمع الأدلة التي ظاهرها التعارض والله أعلم.

(1)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 394).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 394).

ص: 442

الفصل الخامس

قراءة القرآن والذكر للمحدث حدثًا أصغر

1: قراءة القرآن للمحدث حدثًا أصغر.

2: ذكر الله للمحدث حدثًا أصغر أو أكبر.

ص: 443

‌قراءة القرآن للمحدث حدثًا أصغر

تجوز قراءة القرآن للمحدث حدثًا أصغر بدلالة السنة والإجماع

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال بت ليلة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي

»

(1)

.

وجه الاستدلال: بوب البخاري على الحديث: باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

(2)

. ووجه الترجمة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات قبل الوضوء.

الرد من وجهين:

الأول: نوم النبي صلى الله عليه وسلم لا ينتقض به الوضوء ففي حديث عائشة رضي الله عنها: «إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي

(3)

»

(4)

.

الثاني: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم الآيات على سبيل الذكر فلا تعطى حكم تلاوة القرآن ويأتي الكلام على هذه المسألة

(5)

.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ»

(6)

.

وجه الاستدلال: الحديث عام متطهرًا ومحدثًا ويدخل في الذكر قراءة القرآن

(1)

رواه البخاري (183) ومسلم (763). انظر الرواية (1).

(2)

صحيح البخاري مع فتح الباري (1/ 286).

(3)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(4)

انظر: فتح الباري (1/ 288) وعمدة القاري (2/ 368).

(5)

انظر: (ص: (447.

(6)

رواه مسلم (373).

ص: 444

لكن الجنابة مخصوصة من عموم الحديث

(1)

.

الرد: القرآن أعظم الذكر لكن كلمة الذكر تطلق غالبًا على غير القرآن.

الدليل الثالث: استقر إجماع أهل العلم على أنَّ المحدث حدثًا أصغر يجوز له أن يقرأ القرآن

(2)

.

(1)

انظر: إكمال المعلم (2/ 227).

(2)

انظر: المنتقى شرح الموطأ (2/ 407) والاستذكار (2/ 473) والمسالك شرح الموطأ (2/ 500) وإكمال المعلم (3/ 121) والمجموع (2/ 163) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 291) ومجموع الفتاوى (21/ 461) وقضاء الأرب في أسئلة حلب ص: (383) وشرح أبي داود للعيني (1/ 177) وتبيين الحقائق (1/ 291) وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (1/ 414).

ص: 445

‌ذكر الله للمحدث حدثًا أصغر أو أكبر

يجوز ذكر الله للمحدث حدثًا أصغر أو أكبر بدلالة السنة والإجماع والنظر.

الدليل الأول: في حديث أم عطية رضي الله عنها: «

حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ»

(1)

.

وجه الاستدلال: يستحب للحيض حضور مجالس الذكر والتكبير يوم العيد.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخَنَس منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» ، قال كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال:«سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ»

(2)

.

وجه الاستدلال: مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مجلس ذكر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه أنَّه لا محذور في جلوسه معه وإن كان محدثًا حدثًا أكبر والله أعلم.

الدليل الثالث: الإجماع فيجوز الذكر للمحدث حدثًا أكبر بإجماع أهل العلم

(3)

.

الدليل الرابع: القياس فإذا جازت قراءة القرآن للمحدث حدثًا أصغر فجواز الذكر من باب أولى

(4)

.

(1)

رواه البخاري (971) ومسلم (890).

(2)

رواه البخاري (283) ومسلم (371). انخنستُ: مضيت عنه مستخفيًا.

(3)

انظر: شرح مسلم للنووي (4/ 91) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (5/ 59) وفتح الباري لابن رجب (2/ 42).

(4)

انظر: نخب الأفكار (2/ 215).

ص: 446

‌الفصل السادس

قراءة القرآن من غير نية التعبد بالتلاوة هل تعطى أحكام القرآن؟

تحرير محل الخلاف: من يقرأ القرآن لا يخلو من ثلاث أحوال:

الأولى: نية أنَّ المتلو قرآن مع نية التعبد لله بالتلاوة فيعطى أحكام القرآن وهذا من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة.

الثانية: لا ينوي أنَّه قرآن ولا ينوي التعبد لله بالتلاوة مثل قول بسم الله عند الوضوء والأكل والحمد لله بعد الأكل والعطاس وقوله لغيره: خذ الكتاب بقوة وادخلوها بسلام آمنين. وقد تواترت التسمية والحمد عند الأكل من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل ذلك لأنَّه يقصد الذكر ولم أقف على خلاف في أنَّ هذا لا يعطى أحكام القرآن.

قال ابن قدامة: لا خلاف في أنَّ [الجنب والحائض والنفساء] لهم ذكر الله تعالى، ويحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم، ولا يمكنهم التحرز من هذا

(1)

.

وكذلك أدلة القول الثاني الآتية:

فالحال الأولى والثانية لا تدخلان في بحثنا.

الثالثة: أن ينوي أنَّه قرآن لكن لا ينوي التعبد لله بالتلاوة كذكر الآية في باب الاستدلال وقراءة الفاتحة في الرقية وقول إنِّا لله وإنِّا إليه راجعون عند المصيبة وقوله حينما يركب السيارة سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وقراءة آية في كتاب فقه وقراءة القرآن في الخطبة والموعظة وغير ذلك.

فهل يعطى حكم المتعبد بالتلاوة فيحرم عليه إن كان محدثًا حدثًا أكبر وتستحب له البسملة والاستعاذة ومراعاة أحكام التجويد وغير ذلك من أحكام التلاوة أو لا؟.

(1)

المغني (1/ 134).

ص: 447

لأهل العلم في هذه المسألة قولان.

القول الأول: تعطى أحكام القرآن بالنية: فإن نوى أنَّها قرآن حينما يقرأ الآيات أو السورة ولو لم ينو التعبد لله بالتلاوة فتعطى أحكام القرآن وإن لم ينوِ أنَّها قرآن فلا تعطى حكم القرآن وهذا مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

.........................

(1)

قال ابن مازة في المحيط (2/ 75) إذا أراد [الخطيب] أن يقرأ سورة، فإنَّه يتعوذ في أولها ويسمي وإن قرأ آية من القرآن اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: يتعوذ ويسمي وأكثرهم قالوا: يتعوذ ولا يسمي،

وأصل الاختلاف في القراءة في غير الخطبة إذا أراد أن يقرأ سورة يتعوذ ويسمي، وإذا أراد أن يقرأ آية هل يسمي؟ فعلى الاختلاف.

وقال ابن عابدين في منحة الخالق على البحر الرائق (1/ 544) إذا أتى بشيء من القرآن لا يسن التعوذ قبله إلا إذا قصد به التلاوة، وأمَّا لو أتى بالبسملة لافتتاح الكلام أو بالحمدلة لقصد الشكر لا على قصد القرآنية فلا يسن التعوذ.

وقال في حاشيته على الدر المختار (2/ 191) لو أنَّ رجلًا أراد أن يشكر فيقول الحمد لله رب العالمين لا يحتاج إلى التعوذ قبله، وعلى هذا، الجنب إن أراد بذلك القراءة لم يجز أو افتتاح الكلام جاز.

وانظر: الفتاوى التاتارخانية (2/ 567) ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص: (196) وحاشية ابن عابدين على الدر المختار (3/ 21).

(2)

قال القرافي في الذخيرة (1/ 308) قال صاحب الطراز يقرأ [الجنب] الآية ونحوها على وجه التعوذ ولا يعد قارئًا ولا له ثواب القراءة

والمتعوذ لا يعد قارئًا وكذلك المبسمل والحامد.

وقال خليل في التوضيح (1/ 218) لا يباح ذلك [للجنب] على معنى القراءة، بل هو على معنى التعوذ أو الرقى أو الاستدلال ونحوه.

وقال العدوي في حاشيته على شرح خليل للخرشي (1/ 341)

والاستدلال كآية الدين لمن احتاج إلى الكلام في الدين

ويترتب على كونه لا يعد قارئًا أنَّه لا يطلب منه أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأجل القراءة.

وقال الكشناوي في أسهل المدارك (1/ 70)(وله تلاوة الآيات) أي اليسيرة للتعوذ والرقى، أو الاستدلال، كأن يقرأ آية أو آيتين كآية الكرسي والمعوذتين، أو كالآيتين اللتين في آخر سورة البقرة وهي {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] إلخ وكل ذلك يجوز للجنب قراءتها.

وانظر: الشرح الصغير (1/ 122) وشرح مختصر خليل للخرشي (1/ 341) ومواهب الجليل (1/ 463) ومنح الجليل (1/ 78).

(3)

قال النووي في المجموع (2/ 162) لو كان يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه قراءتها ذكره القاضي حسين في الفتاوى لأنَّه يقصد القرآن للاحتجاج: قال أصحابنا ولو قال لإنسان خذ الكتاب بقوة ولم يقصد به القرآن جاز وكذا ما أشبهه ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند المصيبة (إنا لله وإنا إليه راجعون) إذا لم تقصد القرآن: قال أصحابنا الخراسانيون ويجوز عند ركوب الدابة أن يقول (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين).

وقال الشربيني في مغني المحتاج (1/ 118)(وتحل) لجنب (أذكاره) وغيرها كمواعظه وأخباره وأحكامه (لا بقصد قرآن)

فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم، وإن أطلق فلا كما نبه عليه في الدقائق لعدم الإخلال بحرمته؛ لأنَّه لا يكون قرآنًا إلا بالقصد، قاله المصنف وغيره. وظاهر أنَّ ذلك جارٍ فيما يوجد نظمه في غير القرآن .. كالبسملة والحمدلة، وما لا يوجد نظمه إلا فيه كسورة الإخلاص وآية الكرسي وهو كذلك

بل أفتى شيخي [الرملي] بأنَّه لو قرأ القرآن جميعه لا بقصد القرآن جاز.

وقال البكري في حاشية إعانة الطالبين (1/ 120) إن قصد القرآن وحده أو قصده مع غيره كالذكر ونحوه فتحرم [القراءة على الجنب] فيهما. وإن قصد الذكر وحده أو الدعاء أو التبرك أو التحفظ أو أطلق فلا تحرم، لأنَّه عند وجود قرينة لا يكون قرآنًا إلا بالقصد ولو بما لا يوجد نظمه في غير القرآن، كسورة الإخلاص.

وانظر: أسنى المطالب (1/ 67) وتحرير الفتاوى (1/ 136) ونهاية المحتاج (1/ 221) وتحفة المحتاج (1/ 94).

قال البيهقي في تفسير الإمام الشافعي (2/ 669) أخبرنا أبو عبد الحافظ، أخبرني أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد الحافظ الاسترابادي، قال سمعت أبا سعيد محمد بن عقيل الفاريابي، يقول: قال المزني والربيع -رحمهما الله تعالى- -: «كنا يومًا عند الشافعي، إذ جاء شيخ، فقال له: أسأل؟ قال الشافعي: سل، قال:(إيش) الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: ومن أين قلت اتفاق الأمة، من كتاب الله؛ فتدبر الشافعي رحمه الله ساعة. فقال الشيخ: أجلتك ثلاثة أيام. فتغير لون الشافعي، ثم إنَّه ذهب فلم يخرج أيامًا قال: فخرج من البيت في اليوم الثالث، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلم فجلس، فقال حاجتي؟ فقال الشافعي -رحمه الله تعالى-: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] لا يصليه جهنم على خلاف سبيل المؤمن إلا وهو فرض. قال: فقال: صدقت. وقام وذهب. قال الشافعي رحمه الله: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى وقفت عليه.

قال السبكي في طبقات الشافعية (2/ 245) إن ثبتت هذه الحكاية فيمكن أن يكون هذا الشيخ الخضر عليه السلام وقد فهمه الشافعى حين أجله واستمع له وأصغى لإغلاظه في القول واعتمد إشارته وسند هذه الحكاية صحيح لا غبار عليه.

تنبيه: قول للشافعية ما لا يوجد نظمه إلا في القرآن فيعطى حكم القرآن مطلقًا. قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (1/ 67) ما لا يوجد نظمه إلا في القرآن كسورة الإخلاص وآية الكرسي يمنع منه وإن لم يقصد به القراءة وبذلك صرح الشيخ أبو علي والأستاذ أبو طاهر والإمام كما حكاه عنهم الزركشي ثم قال ولا بأس به.

وانظر: تحفة المحتاج (1/ 94) ومغني المحتاج (1/ 118) ونهاية المحتاج (1/ 221).

ص: 448

والحنابلة

(1)

والظاهر أنَّه مذهب عطاء بن أبي رباح

(2)

وسفيان بن عيينة

(3)

وعبد الرحمن بن مهدي

(4)

وقال به شيخنا

(1)

قال المرداوي في الإنصاف (1/ 244) قال في الرعاية الكبرى: له [الجنب] قراءة البسملة تبركًا وذكرًا. وقيل: أو تعوذًا أو استرجاعًا في مصيبة، لا قراءة، نص عليه، وعلى الوضوء، والغسل، والتيمم، والصيد، والذبح، وله قول {الحمد لله رب العالمين} عند تجدد نعمة، إذا لم يرد القراءة.

وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات (1/ 102) له (قول ما وافق قرآنًا) من الأذكار (ولم يقصده) أي القرآن كالبسملة والحمد لله رب العالمين، وآيات الاسترجاع والركوب، فإن قصد حرم. وكذا لو قرأ ما لا يوافق ذكرًا ولم يقصد به القرآن.

وقال ابن قدامة في المغني (1/ 134) يحرم عليهم [الجنب والحائض والنفساء] قراءة آية فأمَّا بعض آية؛ فإن كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية، والحمد لله، وسائر الذكر، فإن لم يقصد به القرآن، فلا بأس

وإن قصدوا به القراءة أو كان ما قرأوه شيئًا يتميز به القرآن عن غيره من الكلام، ففيه روايتان.

وانظر: الفروع (1/ 201) ومعونة أولي النهى (1/ 356) وكشاف القناع (1/ 148) والروض الندي (1/ 64).

(2)

روى عبد الرزاق (2575) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت لو استدركني آيات فقرأتهن عليك أستعيذ؟ قال: «لا، إن شئت، ولكن إن عرضت قرآنًا، وابتغيت في صلاة أو غيرها عرضًا قراءة تقرؤها فاستعذ لها» ، قلت: أرأيت لو صليت ركعتين خفيفتين أستعيذ لها؟ قال: «نعم» وإسناده صحيح.

استدرك: أصلح خطأه أو أكمل نقصه أو أزال عنه لبسًا. انظر: المعجم الوسيط (1/ 281).

(3)

وعبد الرحمن بن محمَّد المشهور بابن دوست ثقة مصنف مشهور.

وأبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف وثقه تلميذه الدارقطني وغيره.

ومحمد بن هارون بن عيسى ضعفه الدارقطني وقال الخطيب البغدادي في أحاديثه مناكير كثيرة.

ويعقوب بن حميد بن كاسب توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال صدوق ربما وهم

وفيه من لم أعرفه ولم أنشط للتنقيب عنهم لأنَّ الأثر ضعيف.

(4)

رواه أبو نعيم في الحلية (9/ 11) حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الرحمن بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن عمر قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: وأراد أن يبيع، أرضًا له، فقال الدلال: أعطيت بالجريب خمسين ومائتي دينار فيما أحفظ، ولكن نظر إلى أرض خراب، ونخل بادية العرق فلو كانت مسمدة رجوت أن أبيع الجريب بفضل خمسين دينارًا، وقد كثر أربعة آلاف دينار يكون مائة ألف درهم أذهب أنا وغلامك، نسمدها ونبيعها، ولعلك لا تنظر إليها ولا تراها. فغضب وقال: أربعة آلاف دينار؟ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [المائدة: 100] لا، ولا كذا، وأظنَّه قال: ولا مائة ألف دينار»

فإذا نحن بالرجل الذي ذكر قد أقبل فلما سلم عليه رحب به، وقربه، وأجلسه إلى جنبه، وطلق إليه، وصرف الناس عنه، قلت له: أبا سعيد، أما تعرف الرجل الذي أجلسته إلى جنبك؟ هو الذي وقع فيك، ونال منك، فقال:«بسم الله الرحمن الرحيم {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]» رواته ثقات عدا شيخ أبي نعيم فلم أقف له على ترجمة وقد أكثر عنه في كتبه وكناه بأبي عبد الله ووصفه بالفقيه وقال الألباني في الصحيحة (2881)(3582) لم أعرفه. وذكر الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (2/ 743) حديثًا من رواية أبي نعيم عن أحمد بن إسحاق وقال رجاله ثقات.

وعبد الرحمن بن محمد هو ابن سلم أبو يحيى الرازي الأصبهاني. وعبد الرحمن بن عمر هو رسته.

وفي فوائد أبي عثمان البحيري (13) سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، يقول: حدثني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه، ثنا جعفر بن محمد الزعفراني، قال: سمعت عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني، يقول: كنا في مجلس عبد الرحمن بن مهدي، إذ دخل عليه شاب فذكره ورواته ثقات.

أبو عبد الله محمد بن عبد الله هو الحاكم صاحب المستدرك.

ص: 450

الشيخ محمد العثيمين

(1)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98].

وجه الاستدلال: القرآن لفظ عام يعم القليل والكثير مع نية القرآن

(2)

.

الرد: الاستعاذة المأمور بها في الآية إنَّما هي عند قراءة القرآن للتلاوة تعبدًا لا لغيرها والله أعلم

(3)

.

الدليل الثاني: في حديث أبي سفيان رضي الله عنه في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]

»

(4)

.

(1)

قال ابن عثيمين في شرح الأربعين النووية ص: (301) ما قصد به الاستدلال فإنَّه لا يتعوّذ فيه بخلاف ما قصد فيه التلاوة.

وقال في فتاوى نور على الدرب (4/ 462) إذا دعا الإنسان [في السجود] بشيء من القرآن فلا حرج عليه

أما إذا قصد بذلك قراءة القرآن كأن يقرأ الفاتحة مثلًا أو الكافرون أو ما أشبه ذلك فهذا منهيٌ عنه ونظير ذلك الجنب. الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل فلو دعا بشيء من القرآن فلا بأس لو قال الجنب بسم الله الرحمن الرحيم يقصد البسملة لم يقصد القراءة فلا حرج بل لو قال الجنب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنَّك أنت الوهاب فلا حرج عليه ما دام قد قصد الدعاء.

وفي ثمرات التدوين (170): بعض خطباء الجمعة إذا بلغ ذكر آية أثناء خطبته، رتلها ترتيلًا، فهل يعد ذلك من البدعة؟ فأجاب: لا. والشيخ يستعيذ إذا قرأ آية في الخطبة انظر: الضياء اللامع (1/ 6، 8، 10).

(2)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 47) ومنحة الخالق على البحر الرائق (1/ 544).

(3)

انظر: الحاوي للفتاوي (1/ 298) وشرح الأربعين النووية لابن عثيمين ص: (301).

(4)

رواه البخاري (7) ومسلم (1773).

ص: 451

وجه الاستدلال: في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل آيتان من كتاب الله. الأولى: البسملة فعادته صلى الله عليه وسلم افتتاح المكاتبات بها والآية الثانية صفة دعوة أهل الكتاب ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن لأرض العدو وحينما يمسون الكتاب ويقرؤونه لا يعتقدونه قرآنًا فدل على أنَّ كتابة القرآن إذا لم يقصد بها القرآن لا تعطى حكمه والله أعلم

(1)

.

الدليل الثالث: عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى»

(2)

.

وجه الاستدلال: ما يُقْرأ يحتمل القرآن وغيره فتعينه النية فلا يعد قارئًا مع عدم نية القرآن

(3)

.

الدليل الرابع: عن ربيعة بن عبد الله التيمي، أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال:«يا أيها الناس إنَّا نمر بالسجود، فمن سجد، فقد أصاب ومن لم يسجد، فلا إثم عليه ولم يسجد عمر رضي الله عنه»

(4)

.

وجه الاستدلال: سجد عمر رضي الله عنه للتلاوة وأقره الصحابة رضي الله عنهم حينما قرأ في الخطبة فدل ذلك على أنَّ من قرأ بنية القرآن يعطى أحكام القرآن

(5)

.

الرد: يفرق بين من قرأ آية ونحوها مستشهدًا ونحوه ولو قصد القرآن ومن قرأ بقصد تلاوة القرآن كالنحل و (ق).

(1)

انظر: الحاوي (1/ 144) ونهاية المطلب (1/ 99) والمجموع (2/ 68) ونهاية المحتاج (1/ 221).

(2)

رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

(3)

انظر: المجموع (2/ 163) ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (1/ 221) وحاشية العدوي على شرح خليل للخرشي (1/ 341).

(4)

رواه البخاري (1077).

(5)

انظر: فتح الباري (2/ 559).

ص: 452

القول الثاني: لا يعطى أحكام القرآن: قال به السيوطي

(1)

وابن عاشور

(2)

والظاهر أنَّه اختيار بن حزم

(3)

.

وهذا القول أعم من القول الأول من وجه حيث لم يشترطوا عدم نية القرآن وأخص من وجه فكلامهم حين إيراد الآية في الاستدلال ونحوه ولا يلزم أنَّهم لا يُعَدُّون الحكم لغير ذلك لكن ينسب لهم القول على منطوق كلامهم.

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال بت ليلة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي

»

(4)

.

الدليل الثاني: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال:«أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئًا، ثم سمعته وهو

(1)

قال السيوطي في الحاوي للفتاوى (1/ 297 - 298) الذي ظهر لي من حيث النقل والاستدلال أنَّ الصواب أن يقول [إذا أراد إيراد آية]: قال الله تعالى، ويذكر الآية ولا يذكر الاستعاذة فهذا هو الثابت في الأحاديث والآثار من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم والتابعين فمن بعدهم

فإنَّ الباب باب اتباع.

(2)

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير (14/ 278) الاستعاذة مشروعة للشروع في القراءة أو لإرادته، وليست مشروعة عند كل تلفظ بألفاظ القرآن كالنطق بآية أو آيات من القرآن في التعليم أو الموعظة أو شبههما، خلافًا لما يفعله بعض المتحذقين إذا ساق آية من القرآن في غير مقام القراءة أن يقول كقوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسوق آية.

(3)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 248) قال بعضهم: لو كان التعوذ: فرضًا؛ للزم كل من حكى عن أحد أنَّه ذكر آية من القرآن: أن يتعوذ ولا بد. قال علي: وهذا عليهم لا لهم؛ لأنَّهم متفقون على استحباب التعوذ عند قراءة القرآن؛ ولا يرون التعوذ عند حكاية المرء قول غيره؛ فصح أنَّ التعوذ الذي اختلفنا فيه فأوجبناه نحن ولم يوجبوه هم - إنَّما هو عند قراءة القرآن، كما جاء في النص، لا عند حكاية لا يقصد بها المرء قراءة القرآن.

(4)

رواه البخاري (183) ومسلم (763) وهو مخرج في (ص: 11).

ص: 453

مولٍ يضرب فخذه، وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]

(1)

.

الدليل الثالث: عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: «إِنِّي لأظن رجلًا، لو لم يطف بين الصفا والمروة، ما ضره، قالت: «لم؟» قلت: لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] إلى آخر الآية، فقالت:«ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، ولو كان كما تقول لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وهل تدري فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر، يقال لهما إساف ونائلة، ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة، ثم يحلقون، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية، قالت: فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخرها، قالت: فطافوا»

(2)

.

وجه الاستدلال: ظاهر النصوص الكثيرة

(3)

الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم والتابعين حينما يقرأون القرآن من غير إرادة التعبد بالتلاوة لا يستعيذون ولا يبسملون

(4)

.

الترجيح: حين ذكر الآية أو السورة من باب الذكر أو التعوذ أو الاستدلال أو التذكير أو غير ذلك قصدُ كونه من القرآن مرادًا ولا ينفك ذلك في حال حضور العقل لكن لكونه حجة يعمل به لا لكونه قرآنًا مطلقًا كما في باب التعبد بالتلاوة فيؤتى في هذا الباب بما ورد فيه النص سواء كان من القرآن أو السنة فمثلًا من يأتي بأذكار الصباح والمساء يأتي بالثابت من القرآن والسنة فالذي يظهر لي أنَّه لا يعطى أحكام القرآن ولا يشترط أن لا ينوي به القرآن ولكن لو قرأ القرآن بنية التلاوة كمن قرأ سورة (ق) في خطبة الجمعة فتعطى أحكام القرآن والله أعلم.

(1)

رواه البخاري (1127) ومسلم (775).

(2)

رواه البخاري (1790) ومسلم (1277).

(3)

انظر: كتاب التفسير من صحيح البخاري مع فتح الباري (8/ 155 - 744) وكتاب التفسير من صحيح مسلم (4/ 2312 - 2323).

(4)

انظر: الحاوي للفتاوى (1/ 197).

ص: 454

تنبيهان:

الأول: روي حديث في الاستعاذة لقراءة القرآن للذكر ولا يصح

(1)

.

الثاني: قول المستدل ونحوه: قال الله تعالى: بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يذكر الآية فيجعل الاستعاذة من كلام الله تعالى.

قال السيوطي: إن قال: قال الله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر الآية ففيه من الفساد جعل الاستعاذة مقولًا لله وليست من قوله، وإن قدم الاستعاذة ثم عقبها بقوله: قال الله وذكر الآية فهو أنسب من الصورتين، غير أنَّه خلاف الوارد، وخلاف المعهود من وصل آخر الاستعاذة بأول المقروء من غير تخلل فاصل

(2)

.

(1)

عن معقل بن يسار رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ الثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، إِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ» رواه أحمد (19795) والترمذي (2922) - وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه - وابن السني (80) وغيرهم وإسناده ضعيف.

انظر: كتاب أحاديث وآثار أذكار الصلاة وأدعيتها (ص: 83).

(2)

الحاوي للفتاوي (1/ 298). وانظر: حاشية ابن عابدين على الدر المختار (3/ 21) وشرح الأربعين النووية للعثيمين ص: (301).

ص: 455

‌الفصل السابع

وضوء الحائض وقت الصلاة وذكرها لله

لا تجب الصلاة على الحائض بل تحرم عليها وهذا معلوم من دين الإسلام بالضرورة لكن هل إذا دخل وقت الصلاة يستحب للحائض الوضوء وذكر الله؟

لأهل العلم في المسألة قولان قول بالمشروعية وقول بعدمها.

القول الأول: الاستحباب: روي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه وقال به عطاء بن أبي رباح -والظاهر أنَّه قول معمر بن راشد-

(1)

والحسن البصري

(2)

ومكحول الشامي

(3)

وإسحاق بن راهويه

(4)

وروي عن أبي جعفر الباقر

(5)

وهو مذهب

(1)

أثر عطاء بن أبي رباح رواه:

1: ابن أبي شيبة (2/ 342) حدثنا حفص بن غياث والدارمي (976) حدثنا يعلى، وحرب بن إسماعيل الكرماني - مسائلة كتاب الطهارة/ ت عامر بهجت (1260) - حدثنا أبو معن قال: ثنا خالد بن الحارث قالوا: حدثنا عبد الملك، عن عطاء، في المرأة الحائض «توضأ عند وقت كل صلاة، ثم تستقبل القبلة، وتسبح، وتكبر، وتدعو الله عز وجل» وإسناده صحيح.

يعلى هو ابن عبيد الطنافسي وأبو معن هو زيد بن يزيد الرقاشي.

تنبيه: في رواية حرب التصريح بأنَّ عبد الملك هو ابن أبي سليمان.

2: عبد الرزاق (1222) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أكانت الحائض تؤمر أن تتوضأ عند وقت كل صلاة، ثم تجلس فتكثر وتذكر الله ساعة؟ قال:«لم يبلغني في ذلك شيء وإن ذلك لحسن» . قال معمر: «وبلغني أنَّ الحائض كانت تؤمر بذلك عند وقت كل صلاة» وإسناده صحيح.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) حدثنا يزيد بن هارون، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، قال: سمعته يقول: «في الحائض توضأ عند كل صلاة وتذكر الله» إسناده صحيح.

يزيد بن إبراهيم هو التستري.

(3)

رواه الدارمي (977) أخبرنا محمد بن يزيد، حدثنا ضمرة، حدثنا السيباني وهو يحيى بن أبي عمرو، من أهل الرملة حدثنا مكحول، قال:«تؤمر الحائض تتوضأ عند مواقيت الصلاة، وتستقبل القبلة وتذكر الله تعالى» ورواته ثقات.

ضمرة بن ربيعة الفلسطيني وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وقال أبو حاتم: صالح. وقال الساجي: صدوق يهم، عنده مناكير. وبقية رواته ثقات.

(4)

انظر: مسائل حرب - الطهارة ت/ عامر بهجت ص: (620) وفتح الباري لابن رجب (2/ 130).

(5)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، قال:«إنَّا لنأمر نساءنا في الحيض أن يتوضأن في وقت كل صلاة، ثم يجلسن ويسبحن ويذكرن الله» إسناده ضعيف جدًا.

جابر بن يزيد الجعفي ضعفه شديد.

وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق. وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ص: 457

الأحناف

(1)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «كانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله»

(2)

.

وجه الاستدلال: توضأت ميمونة رضي الله عنها وجلست خلف النبي صلى الله عليه وسلم تذكر الله ولم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد: الحديث منكر.

الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ عمر، قال: يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ»

(3)

.

وجه الاستدلال: يستحب للجنب وهو محدث الوضوء فكذلك الحائض.

الرد: الجنب يرتفع الحدث عن أعضاء الوضوء بخلاف الحائض فحدثها باقٍ.

الدليل الثالث: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها عندما حاضت وأدركها الحج: «

اغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلَتْ

»

(4)

.

(1)

قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 349) قال في النهر: قالوا بوضوء الحائض يصير مستعملًا؛ لأنَّه يستحب لها الوضوء لكل فريضة وأن تجلس في مصلاها قدرها كي لا تنسى عادتها، ومقتضى كلامهم اختصاص ذلك بالفريضة، وينبغي أنَّها لو توضأت لتهجد عادي أو صلاة ضحى وجلست في مصلاها أن يصير مستعملًا، ولم أره لهم اه وأقره الرملي وغيره، ووجهه ظاهر فلذا جزم به الشارح، فأطلق العبادة تبعًا لجامع الفتاوى فإنَّه، قال: يستحب لها أن تتوضأ في وقت الصلاة وتجلس في مسجدها تسبح وتهلل مقدار أدائها لئلا تزول عادة العبادة.

وانظر: فتح القدير (1/ 142) والبحر الرائق (1/ 336) والفتاوى الهندية (1/ 42).

(2)

عند ابن خزيمة (1093) وابن المنذر في الأوسط (2664) من رواية طلحة بن نافع الإسكاف عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي رواية منكرة. انظر: الرواية (18).

(3)

رواه البخاري (287) ومسلم (306).

(4)

رواه مسلم (1213) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

ص: 458

الدليل الرابع: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس رضي الله عنها عندما ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحُلَيْفَة: «اغْتَسِلِي واسْتَثْفرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي

»

(1)

.

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحائض والنفساء بالاغتسال للإحرام فدل على مشروعية الطهارة للحائض.

الرد: اغتسال الحائض والنفساء للنظافة لا لرفع الحدث لأنَّه قبل الطهارة

(2)

.

الدليل الخامس: عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، أنَّه كان «يأمر المرأة الحائض عند أوان الصلاة، أن توضأ وتجلس بفناء مسجدها فتذكر الله وتسبح»

(3)

.

وجه الاستدلال: يرى عقبة بن عامر رضي الله عنه استحباب وضوء الحائض واشتغالها بالذكر وقت الصلاة.

الرد: الأثر لا يصح.

الدليل السادس: حتى لا تنسى الحائض ما اعتادته من الصلاة.

الرد: هذا مما وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلو كان مشروعًا لأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولفعلته أمهات المؤمنين وبقية الصحابيات رضي الله عنهن.

الدليل السابع: منعت من الصلاة حال الحيض ولم تمنع من الذكر.

الرد: كالذي قبله.

(1)

رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(2)

انظر: معالم السنن (2/ 128) وأسنى المطالب (1/ 471) والبحر الرائق (1/ 336) والكافي في فقه أحمد (1/ 391) وفتح الباري لابن رجب (2/ 131).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) والدارمي (975) قالا أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني خالد بن يزيد الصدفي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، فذكره وإسناده ضعيف.

خالد بن يزيد الصدفي وأبوه لم أقف لهما على تعديل قال ابن يونس في تاريخه: خالد بن يزيد بن أسيد بن هدية بن الحارث الصدفي: يحدث عن أبيه. وبقية رواته ثقات.

وأشار إلى ضعفه ابن رجب في الفتح (2/ 130) بقوله: روي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

ص: 459

القول الثاني: عدم المشروعية: وهو رأي طاوس بن كيسان

(1)

والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان

(2)

وأبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي

(3)

وإبراهيم بن يزيد النخعي

(4)

وسعيد بن عبد العزيز التنوخي

(5)

ونسبه ابن عبد البر وابن رجب لأكثر العلماء

(6)

وهو مذهب المالكية

(7)

والشافعية

(8)

والظاهر أنَّه مذهب الحنابلة

(9)

.

(1)

رواه عبد الرزاق (1221) عن معمر، عن ابن طاوس قال: قلت له: هل كان أبوك يأمر النساء عند وقت الصلاة بطهور وذكر؟ قال: «لا» وإسناده صحيح.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 342) حدثنا ابن مهدي، عن شعبة، قال: سألت الحكم وحمادًا عنه «فكرهاه» وإسناده صحيح.

تنبيه: قال الدارمي (973): أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا يحيى بن أيوب، قال: سمعت الحكم بن عتيبة، يقول:«كان يعجبهم في المرأة الحائض أن تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تسبح الله وتكبره في وقت الصلاة» ورواته محتج بهم. ولا يعارض ما سبق فلم ينسب الحكم بن عتيبة ذلك لنفسه والله أعلم.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 342) حدثنا وكيع، عن سفيان والدارمي (974) أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان وابن أبي شيبة (2/ 342) حدثنا معتمر وحرب بن إسماعيل الكرماني - مسائلة كتاب الطهارة/ ت عامر بهجت (1261) - حدثنا إسحاق قال: ثنا المعتمر بن سليمان يرويانه عن سليمان التيمي، قال: قلت لأبي قلابة: الحائض تتوضأ عند وقت كل صلاة، وتذكر الله؟ فقال:«ما وجدت لهذا أصلًا» إسناده صحيح.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 342) حدثنا وكيع، عن شريك، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:«بدعة» إسناده حسن.

شريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيرًا وبقية رواته ثقات.

(5)

انظر: الاستذكار (1/ 338) وفتح الباري لابن رجب (2/ 131).

(6)

قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 131) أنكر ذلك أكثر العلماء ....

(7)

قال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 338) من السلف من كان يرى للحائض ويأمرها أن تتوضأ عند وقت الصلاة وتذكر الله وتستقبل القبلة ذاكرة لله جالسة

قال أبو عمر هو أمر متروك عند جماعة الفقهاء بل يكرهونه.

وقال ابن الجلاب في التفريع - مع شرحه لابن ناجي (1/ 113) - ليس على الحائض والنفساء أن تتوضأ عند النوم حتى تطهرا فتغتسلا. قال ابن ناجي: أي ليس ذلك المستحب عليها.

وانظر: المدونة (1/ 30) وتفسير القرطبي (3/ 57).

(8)

قال النووي في المجموع (2/ 156) لا يستحب هذا الوضوء للحائض والنفساء نص عليه الشافعي في البويطي واتفق عليه الأصحاب

وهذا ما دامت حائضًا فأمَّا إذا انقطع حيضها فتصير كالجنب يستحب لها الوضوء في هذه المواضع لأنَّه يؤثر في حدثها كالجنب.

وانظر: البيان (1/ 252) والتهذيب في فقه الشافعي (1/ 325) وروضة الطالبين (1/ 87).

(9)

قال ابن قدامة في الكافي (1/ 59) يستحب للجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ

ويستحب له الوضوء إذا أراد أن يأكل أو يعود للجماع، ويغسل فرجه، فأمَّا الحائض فلا يستحب لها شيء من ذلك، لأنَّ الوضوء لا يؤثر في حدثها، ولا يصح منها.

وقال ابن مفلح الحفيد في المبدع (1/ 259) يمنع [الحيض] صحة الطهارة، وحكاه بعضهم اتفاقًا [يقصد في المذهب والله أعلم]، لأنَّه حدث يوجب الطهارة، واستمراره يمنع صحتها كالبول، ولا يمنع غسلها كجنابة، نص عليه، بل يسن.

وانظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 131) وشرح منتهى الإرادات (1/ 138).

ص: 460

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»

(1)

.

وجه الاستدلال: هذا العمل لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم للحائض.

الرد: تقدم عن ميمونة رضي الله عنها.

الجواب: تقدم أنَّ ضعفه شديد.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنِّي امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي»

(2)

.

وجه الاستدلال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحائض ولو كان الوضوء والذكر وقت الصلاة مشروعًا لها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لها

(3)

.

الدليل الثالث: الوضوء لا يؤثر في حدث الحائض لأنَّه مستمر فلا تصح الطهارة مع استمراره

(4)

.

الرد: يؤثر في الحدث كوضوء الجنب.

(1)

رواه مسلم (1718).

(2)

رواه البخاري (228) ومسلم (333).

(3)

انظر: تفسير القرطبي (3/ 57).

(4)

انظر: روضة الطالبين (1/ 87) والكافي في فقه أحمد (1/ 59).

ص: 461

الجواب: تقدم.

الترجيح: الذي يترجح لي عدم مشروعية وضوء الحائض وقت الصلاة واشتغالها بالذكر فلو كان مشروعًا لأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل عن الصحابيات رضي الله عنهن بأسانيد صحيحة وتقدم قول إبراهيم النخعي بدعة وقول أبي قلابة ما وجدت لهذا أصلًا والله أعلم.

ص: 462

‌الباب الخامس

صلاة التطوع

الفصل الأول: أحكام الحركة التي ليست من جنس الصلاة.

الفصل الثاني: أحكام راتبة الفجر.

الفصل الثالث: التنفل بين صلاة المغرب والعشاء.

الفصل الرابع: مقدار راتبة العشاء.

الفصل الخامس: أحكام قيام الليل.

الفصل السادس: الجهر في صلاة الليل فرضه ونفله.

الفصل السابع: الجماعة في صلاة النفل.

ص: 463

‌الفصل الأول

أحكام الحركة التي ليست من جنس الصلاة

(1)

(1)

الحركة التي ليست من جنس الصلاة محلها مكروهات الصلاة فجعلتها في باب صلاة التطوع حتى لا أفرد لها بابًا خاصًا.

ص: 465

‌تمهيد

الحركة نوعان الأول: من جنس الصلاة وهي إمَّا ركن أو مستحب والثاني: حركة ليست من جنس الصلاة وهي موضوع البحث:

الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة.

أولًا: الحركة المباحة.

ثانيًا: الحركة المكروهة.

ثالثًا: الحركة المستحبة.

رابعًا: الحركة الواجبة.

خامسًا: الحركة المحرمة.

ضابط الكثرة والقلة في الحركة.

حكم سجود السهو للحركة التي ليست من جنس الصلاة.

ص: 466

‌الأول: حكم الحركة التي ليست من جنس الصلاة

الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة

(1)

:

‌أولًا: الحركة المباحة

وهي ثلاثة أنواع:

النوع الأول: الحركة القليلة للحاجة.

النوع الثاني: الحركة الكثيرة غير المتوالية.

النوع الثالث: الحركة الكثيرة المتوالية حال الاضطرار.

والأنواع الثلاثة جائزة ولا تبطل الصلاة بها وهو مذهب أبي بكر الصديق وأبي برزة الأسلمي رضي الله عنه والأحناف

(2)

والمالكية

(3)

والشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية

(6)

والسعدي

(7)

وتلميذه شيخنا العثيمين

(8)

وابن حزم - في الجملة -

(9)

وهي من مسائل الإجماع في الجملة.

(1)

تنبيه: قلة من ينصون على أنَّ الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة لكنَّ الفروع الفقهية المذكورة في كتب أهل العلم تدل على ذلك.

(2)

انظر: المبسوط (1/ 352) والمحيط البرهاني (1/ 395) وفتح القدير (1/ 352، 357) والبناية (2/ 522).

(3)

انظر: التوضيح (1/ 404) والقوانين الفقهية ص: (60) وشرح الخرشي على خليل (2/ 39) ومنح الجليل (1/ 181).

(4)

انظر: نهاية المطلب (2/ 207) والعزيز (2/ 52) والمجموع (4/ 93) وأسنى المطالب (1/ 182، 183).

(5)

انظر: الكافي (1/ 171) والمغني (2/ 79) والممتع (1/ 454، 460) والإنصاف (2/ 97، 129).

(6)

انظر: مجموع الفتاوى (22/ 624)(23/ 227).

(7)

انظر: القواعد والأصول الجامعة ص: (138) والإرشاد إلى معرفة الأحكام ص: (51).

(8)

انظر: الشرح الممتع (3/ 356).

(9)

قال في المحلى (3/ 73) ما عمله المرء في صلاته مما أبيح له من الدفاع عنه وغير ذلك فهو جائز، ولا تبطل صلاته بذلك، وكذلك المحاربة للظالم، وإطفاء النار العادية، وإنقاذ المسلم، وفتح الباب؛ قل ذلك العمل أم كثر؟. وكل ما تعمد المرء عمله في صلاته مما لم يبح له عمله فيها بطلت صلاته بذلك قل ذلك العمل أم كثر؟.

ص: 467

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239].

وجه الاستدلال: أهل العلم مجمعون على أنَّ المصلي في شدة الخوف يصلي راكبًا أو ماشيًا وصلاته صحيحة ولو كثرت حركته نقل الإجماع ابن عطية

(1)

والجويني

(2)

والجصاص

(3)

والقرطبي

(4)

.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

وجه الاستدلال: المصلي لا بد له فيها من عمل قليل يدفع المار ويسوي ثوبه ويميط عنه الأذى إن أصابه فلو فسدت صلاته بهذا لحصل حرج شديد وهو منتفٍ شرعًا

(5)

.

الدليل الثالث: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

وجه الاستدلال: لا بد للمصلي من رعاية التعظيم والخشوع في صلاته فهو لبها، ويتعذر إن لم يتعسر كون المصلي على هيئة واحدة في جميع صلاته فلا يخلو من حركة فيُسِّرَ بالعفو عن القدر الذي لا يدل على الاستهانة بالصلاة

(6)

.

الدليل الرابع: عن عائشة رضي الله عنه قالت «كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي،

(1)

قال في تفسيره (1/ 324) حالة الخوف الطارئة أحيانًا، فرخص لعبيده في الصلاة رجالًا متصرفين على الأقدام، وركبانًا على الخيل والإبل، ونحوه إيماء وإشارة بالرأس حيث ما توجه، هذا قول جميع العلماء.

(2)

قال في نهاية المطلب (2/ 590) الأصل الذي لا خلاف فيه أنَّ الصلاة تقام راكبًا وماشيًا.

(3)

قال في شرح مختصر الطحاوي (2/ 174) لا خلاف أنَّ استدبار القبلة والمشي جائزان في الصلاة في حال الخوف.

(4)

قال في تفسيره (3/ 146) إجماع العلماء أن يكون الإنسان حيثما توجه من السموت ويتقلب ويتصرف بحسب نظره في نجاة نفسه.

(5)

انظر: بحر المذهب (2/ 114) والمهذب مع المجموع (4/ 92).

(6)

انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (2/ 206) والعزيز شرح الوجيز (2/ 52).

ص: 468

في قبلته فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما»، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح

(1)

.

وجه الاستدلال: غَمْزُ النبي صلى الله عليه وسلم لرجلي عائشة رضي الله عنها للحاجة وهو عمل قليل فدل على جوازه من غير كراهة

(2)

.

الدليل الخامس: عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم فصلى أبو بكر رضي الله عنه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أن امكث مكانك» ، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر رضي الله عنه حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، فلما انصرف قال:«يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ» فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ، مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ التُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ»

(3)

.

وجه الاستدلال: في الحديث التصفيق في الصلاة والتفات أبي بكر رضي الله عنه وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم له وتأخر أبي بكر رضي الله عنه خطوات وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وهذه عدة أفعال قليلة - من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه رضي الله عنهم ليست من جنس الصلاة للحاجة

(4)

.

الدليل السادس: عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال: «بينا أنا أصلي مع

(1)

رواه البخاري (513) ومسلم (513).

(2)

انظر: المسالك في شرح الموطأ (2/ 484) والتوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 404) وفتح الباري لابن رجب (9/ 329) وشرح أبي داود للعيني (3/ 281).

(3)

رواه البخاري (513) ومسلم (421).

(4)

انظر: أعلام الحديث (1/ 657) ونخب الأفكار (7/ 50) والتوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 408) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 278) وفتح الباري (2/ 170).

ص: 469

رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ»

(1)

.

وجه الاستدلال: أقر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم فدل على جواز الحركة اليسيرة للحاجة من غير كراهة

(2)

.

الدليل السابع: عن الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها - قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ، قال: إنَّي سمعت قولكم «وإنِّي غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات - أو سبع غزوات - وثماني وشهدت تيسيره» ، وإنِّي إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي»

(3)

.

وجه الاستدلال: مشى أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه خطوات ويرى أنَّ ذلك مما جاءت الشريعة بجوازه للحاجة.

الدليل الثامن: في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه: «أنَّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر، - وصف همام حيال أذنيه - ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى،

»

(4)

.

(1)

رواه مسلم (537).

(2)

انظر: شرح مسلم للنووي (5/ 28).

(3)

رواه البخاري (1211).

(4)

قال مسلم (401) حدثنا زهير بن حرب، حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، ومولى لهم أنَّهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر رضي الله عنه: أنَّه

«عفان هو ابن مسلم. وهمام هو ابن يحيى العوذى.

ص: 470

وجه الاستدلال: التحف النبي صلى الله عليه وسلم بثوبه بعد تكبيرة الإحرام وهذا عمل يسير للحاجة

(1)

.

الدليل التاسع: في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة - امرأة من الأنصار رضي الله عنهم قد سماها سهل رضي الله عنه «مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ» فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بها فوضعت هاهنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي»

(2)

.

وجه الاستدلال: تحرك النبي صلى الله عليه وسلم حركة كثيرة غير متوالية بصعوده على درج المنبر ونزوله القهقرى مرارًا لأجل تعليم أصحابه رضي الله عنهم بالفعل وقد علمهم قبل ذلك بالقول فدل على أنَّ الحركة الكثيرة إذا لم تكن متوالية لا تفسد الصلاة

(3)

.

الدليل العاشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ اللهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ - أَوْ كُلُّكُمْ - ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، فَرَدَّهُ اللهُ خَاسِئًا»

(4)

.

وجه الاستدلال: خنق النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان وهم بربطه بسارية من سواري

(1)

انظر: شرح مسلم للنووي (4/ 151).

(2)

رواه البخاري (917) ومسلم (544).

الغابة: شمال المدينة تبعد عن المسجد (15) كم تقريبًا وهي أرض سبخة وهي المعروفة اليوم بالخُلْيل.

(3)

انظر: أعلام الحديث (1/ 359) وفتح الباري (2/ 400).

(4)

رواه البخاري (461) ومسلم (541).

يفتك: أصل الفتك مجاء الإنسان إلى آخر على غرة وغفلة فيقتله. فذعته: خنقته.

ص: 471

المسجد فدل على أنَّ قدر هذا العمل لا يفسد الصلاة

(1)

.

الدليل الحادي عشر: عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص وهي ابنة زينب رضي الله عنهما بنت النبي صلى الله عليه وسلم على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها»

(2)

.

وجه الاستدلال: وضعُ أمامة رضي الله عنها وحملُها في صلاة الفرض عمل كثير غير متوالٍ للحاجة جائز ولا يفسد الصلاة

(3)

.

الدليل الثاني عشر: الإجماع فأهل العلم مجمعون على أنَّ الحركة اليسيرة لا تبطل الصلاة والكثيرة غير المتوالية - وإن كانوا يختلفون في بعضها هل هي من الكثير أو القليل؟ - نقل الإجماع ابن عبد البر

(4)

والروياني

(5)

وأبو بكر ابن العربي

(6)

والعمراني

(7)

وابن بطال

(8)

والرافعي

(9)

(1)

انظر: شرح البخاري لابن بطال (3/ 200).

(2)

رواه البخاري (516) ومسلم (543).

(3)

انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 145) والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 152).

(4)

قال في التمهيد (20/ 95) أجمع العلماء أنَّ العمل الخفيف في الصلاة لا يفسدها مثل حك المرء جسده حكًا خفيفًا وأخذ البرغوث وطرده له عن نفسه والإشارة والالتفات الخفيف والمشي الخفيف إلى الفرج ودفع المار بين يديه وقتل العقرب وما يخاف أذاه بالضربة الواحدة ونحوها مما يخف والتصفيق للنساء ونحو هذا كله ما لم يكن عملًا متتابعًا.

وانظر: التمهيد (14/ 155) والاستذكار (2/ 349).

(5)

قال في بحر المذهب (2/ 114) العمل القليل لا يبطل الصلاة عامدًا كان أو ساهيًا، وهذا إجماع.

(6)

قال في المسالك شرح الموطأ (3/ 203) جواز العمل الخفيف في الصلاة، والعلماء يجمعون على جوازه.

(7)

قال في البيان (2/ 315) إنَّ عمل في الصلاة عملًا ليس من جنسها

فإن كان قليلًا، مثل: دفع المار بين يديه، وفتح الباب، وخلع النعل، وإصلاح الرداء عليه، والحمل، أو الوضع، أو الإشارة، وما أشبه ذلك

لم تبطل صلاته

وهو إجماع لا خلاف فيه.

(8)

قال في شرح البخاري (2/ 145) العمل الخفيف فى الصلاة العلماء مجمعون على جوازه.

(9)

قال في العزيز (2/ 54): أجمعوا على أنَّ الكثير إنَّما يبطل بشرط أن يوجد على التوالي. ويحتمل كلامه عموم أهل العلم أو الشافعية خاصة والله أعلم.

ص: 472

والنووي

(1)

والعلائي

(2)

وابن نجيم

(3)

وصديق حسن خان

(4)

.

‌ثانيًا: الحركة المكروهة

الحركة اليسيرة إذا كانت لغير حاجة تكره ولا تبطل الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(5)

والمالكية

(6)

والشافعية

(7)

والحنابلة

(8)

وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية

(9)

وشيخنا العثيمين

(10)

وشيخه السعدي

(11)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: «هُوَ اِخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُهُ اَلشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ اَلْعَبْدِ»

(12)

.

الدليل الثاني: عن سهل بن الحَنْظَلَّية رضي الله عنه قال: «ثوب بالصلاة - يعني صلاة

(1)

قال في روضة الطالبين (1/ 293) اتفقوا على أنَّ الكثير منه يبطل الصلاة والقليل لا يبطل

ثم أجمعوا على أنَّ الكثير إنَّما يبطل إذا توالى.

(2)

قال في نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد ص: (280) لا خلاف فيه في الشيء اليسير من العمل بل حكى صاحب الشامل الإجماع على أنَّ تعمد الفعل اليسير لا يقطع الصلاة كدفع المصلي من يمر بين يديه.

(3)

قال في البحر الرائق (2/ 19) اتفقوا على أنَّ الكثير مفسد والقليل لا لإمكان الاحتراز عن الكثير دون القليل فإنَّ في الحي حركات من الطبع وليست من الصلاة فلو اعتبر العمل مفسدًا مطلقًا لزم الحرج في إقامة صحتها.

(4)

قال في الروضة الندية - مع تعليقات الألباني - (1/ 309) اتفقوا على أنَّ العمل اليسير لا يبطل الصلاة.

(5)

انظر: المبسوط (1/ 352) والبحر الرائق (2/ 26، 37) والبناية (2/ 522) والدر المختار (2/ 423).

(6)

انظر: الشرح الكبير (1/ 254) ومواهب الجليل (2/ 258) والتاج والإكليل (2/ 317) ومنح الجليل (1/ 163).

(7)

انظر: أسنى المطالب (1/ 183) وتحفة المحتاج (1/ 237) ونهاية المحتاج (2/ 58) وتحفة الحبيب (2/ 258).

(8)

انظر: الكافي (1/ 171) والمغني (1/ 661) والإنصاف (2/ 129) وكشاف القناع (1/ 398).

(9)

انظر: مجموع الفتاوى (22/ 560).

(10)

انظر: الشرح الممتع (3/ 356).

(11)

انظر: القواعد والأصول الجامعة ص: (138) والإرشاد إلى معرفة الأحكام ص: (51).

(12)

رواه البخاري (751).

ص: 473

الصبح -، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب»

(1)

.

وجه الاستدلال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الالتفات ينقص أجر الصلاة والتفت النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة للحاجة وأقر أبا بكر رضي الله عنه حينما التفت فدل على كراهة الالتفات من غير حاجة وجوازه للحاجة والله أعلم.

الدليل الثالث: عن أبي بكرة رضي الله عنه: أنَّه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ»

(2)

.

وجه الاستدلال: خطا أبو بكرة رضي الله عنه خطوات حتى دخل في الصف فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن تكرار ذلك ولم يأمره بإعادة الصلاة فدل ذلك على أنَّ العمل اليسير من غير حاجة يكره ولا يفسد الصلاة

(3)

.

الدليل الرابع: عن معيقيب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال:«إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً»

(4)

.

وجه الاستدلال: رخص النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية التراب في الصلاة وبين أنَّ تركه أولى فدل على كراهته لعدم الحاجة له حيث تمكن التسوية قبل التحريم والله أعلم

(5)

.

الدليل الخامس: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخْلَفَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ»

(6)

.

وجه الاستدلال: حول النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما من خلفه للنهي عن المرور بين يدي المصلي مع أنَّ الأيسر تحويله من بين يديه.

(1)

رواه أبو داود (916) والنسائي في الكبرى (8870) بإسناد صحيح.

وانظر غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 291). والتثويب بالصلاة: أي الإقامة.

(2)

رواه البخاري (783).

(3)

انظر: نهاية المطلب (2/ 205).

(4)

رواه البخاري (1207) ومسلم (546).

(5)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 292).

(6)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 32).

ص: 474

‌ثالثًا: الحركة المستحبة

وهي الحركة اليسيرة التي يتوقف عليها كمال الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

(1)

تستحب الحركة في الصلاة عند الأحناف ومن ذلك:

1: إذا أتى مصلٍ ثالث يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام وهذا على سبيل الاستحباب فلو وقف أحدهما عن يمين الإمام والآخر عن شماله فصلاتهم صحيحة في مذهب الأئمة الأربعة.

2: إذا سقطت قلنسوة المصلي أو عمامته في الصلاة فالأفضل عندهم إعادتها.

انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 111) والدر المختار مع حاشية ابن عابدين (2/ 408) ومعارف السنن (2/ 315).

3: يستحب رد المار بين يدي المصلي وسترته عند بعض الأحناف. انظر: المبسوط (1/ 349) والبناية (2/ 517).

4: الأفضل تسوية الحصا في الصلاة إذا كان لإصلاح صلاته عند بعض الأحناف. انظر: البحر الرائق (2/ 35).

(2)

تستحب الحركة في الصلاة عند المالكية ومن ذلك:

1: تأخر المأموم إذا أتى ثانٍ مع جواز مصافة الإمام والتقدم عليه عندهم وتأتي المسألتان (ص: 791، 797).

2: يندب رد السترة التي بين يدي المصلي إذا سقطت.

انظر: الشرح الكبير (1/ 280) ومنح الجليل (1/ 181) وحاشية العدوي على شرح خليل للخرشي (2/ 38) وحاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 254).

3: يندب رد الرداء إذا سقط عن منكبيه.

انظر: الشرح الكبير (1/ 280) ومنح الجليل (1/ 181) وحاشية العدوي على شرح خليل للخرشي (2/ 38) وحاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 254).

(3)

تستحب الحركة في الصلاة عند الشافعية ومن ذلك:

1: رد المار بين المصلي وسترته.

انظر: العزيز (2/ 55) والمجموع (3/ 249) وتحفة المحتاج (1/ 236) ونهاية المحتاج (2/ 54).

2: يندب قتل الحية والعقرب في الصلاة.

انظر: المجموع (4/ 105) وأسنى المطالب (1/ 183) ومغني المحتاج (1/ 282) وحاشية القليوبي (1/ 279).

3: يستحب للمرأة التنبيه بالتصفيق.

انظر: أسنى المطالب (1/ 181) وتحفة المحتاج (1/ 232) ومغني المحتاج (1/ 280) وحاشية القليوبي وعميرة (1/ 278).

(4)

تستحب الحركة في الصلاة عند الحنابلة ومن ذلك:

1: يستحب تأخر المأموم عن الإمام إذا أتى ثالث مع جواز صلاة أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله عندهم. انظر: (ص: 792).

2: يستحب رد المار بين يدي المصلي.

انظر: الإنصاف (2/ 93) وكشاف القناع (1/ 375) وشرح منتهى الإرادات (1/ 260) ومطالب أولي النهى (1/ 481).

ص: 475

وقال به شيخنا العثيمين

(1)

وشيخه السعدي

(2)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55].

وجه الاستدلال: الواو في قوله تعالى: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} واو الحال فامتدحهم الله بإعطاء الزكاة وهم يصلون فدل ذلك على استحباب إعطاء الزكاة في الصلاة

(3)

.

الرد من وجهين: اختلف في الواو في الآية هل هي واو الحال أو واو العطف.

الوجه الاول: على القول بأنَّ الواو واو الحال فالرد من وجهين:

الأول: المقصود بالركوع الخضوع كما قيل: لا تذل الفقير علك أن

تركع يومًا والدهر قد رفعه

(4)

.

الثاني: قال القرطبي: يحتمل أن يكون المدح متوجهًا على اجتماع حالتين، كأنَّه وصف من يعتقد وجوب الصلاة والزكاة، فعبر عن الصلاة بالركوع، وعن الاعتقاد للوجوب بالفعل، كما تقول: المسلمون هم المصلون، ولا تريد أنَّهم في تلك الحال مصلون

(5)

.

الثالث: قال ابن كثير: توهم بعضهم أنَّ هذه الجملة في موضع الحال من قوله: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي: في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره؛ لأنَّه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من

(1)

انظر: الشرح الممتع (3/ 356).

(2)

انظر: القواعد والأصول الجامعة ص: (138) والإرشاد إلى معرفة الأحكام ص: (51).

(3)

انظر: أحكام القرآن للجصاص (2/ 625) وتفسير البغوي (3/ 73) وتفسير القرطبي (6/ 144) وزاد المسير (1/ 561) وتفسير الزمخشري (1/ 649) والدر المصون (4/ 314).

(4)

انظر: زاد المسير (1/ 561) وتفسير الزمخشري (1/ 649) والدر المصون (4/ 314) والتحرير والتنوير (6/ 240).

(5)

تفسير القرطبي (6/ 144).

ص: 476

العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى

(1)

.

الوجه الثاني: على القول بأنَّ الواو واو العطف فالعطف عطف جمل فجملة: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} معطوفة على ما قبلها: واختلف في تفسيرها على أقوال:

الأول: الركوع الإتيان بالنوافل وعبر بالركوع لشرفه فهم يصلون الفرض ويؤتون الزكاة ويتنفلون بالصلاة وفصل بين فرض الصلاة ونفلها بالزكاة وهذا في القرآن كثير فتذكر الزكاة بعد الصلاة المفروضة

(2)

.

الثاني: جملة: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} تدل على الدوام لاسميتها فعطفها على ما قبلها ذاكرًا صفاتهم فمن صفاتهم إقامة الصلاة والمداومة عليها

(3)

.

الدليل الثاني: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»

(4)

.

وجه الاستدلال: في الحديث الأمر بمدافعة المار بين يدي المصلي حتى لا يتسبب في نقص أجر صلاته فدل على استحباب العمل القليل إذا كان لمصلحة الصلاة فالوسائل لها أحكام المقاصد

(5)

.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني» تقدم قريبًا.

وجه الاستدلال: حول النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما إلى يمينه لأنَّه السنة وأخذ بشحمة

(1)

تفسير ابن كثير (2/ 71).

(2)

انظر: تفسير القرطبي (6/ 144) والتحرير والتنوير (6/ 240).

(3)

انظر: الدر المصون (4/ 314) والتحرير والتنوير (6/ 240).

(4)

رواه البخاري (509) ومسلم (505).

(5)

انظر: الاستذكار (2/ 273) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (6/ 62) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 147) والعزيز شرح الوجيز (2/ 55) وأسنى المطالب (1/ 183) وتحفة المحتاج (1/ 236) ومغني المحتاج (1/ 283).

ص: 477

أذنه ليقبل على صلاته وهذا عمل يسير لمصلحة الصلاة

(1)

.

الدليل الرابع: في حديث جابر رضي الله عنه: «ثم جاء جبار بن صخر رضي الله عنه فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فقال هكذا، بيده - يعني شد وسطك - فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يَا جَابِرُ» قلت: لبيك، يا رسول الله قال:«إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ»

(2)

.

الاستدلال من وجوه:

الأول: دفع النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا وجبارًا رضي الله عنهما خلفه لأنَّ السنة وقوف الاثنين فأكثر خلف الإمام.

الثاني: رمق النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا رضي الله عنه ثم أشار إليه بشد ثوبه ففعل جابرٌ رضي الله عنه وهذه أفعال قليلة من مصلحة الصلاة

(3)

.

‌رابعًا: الحركة الواجبة

وهي القليلة التي يتوقف عليها صحة الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(4)

والمالكية

(5)

(1)

انظر: إكمال المعلم (3/ 120) والتوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 404) ومنح الجليل (1/ 181).

(2)

انظر: (ص: 760).

(3)

انظر: شرح أبي داود للعيني (3/ 164).

(4)

تجب الحركة في الصلاة عند الأحناف ومن ذلك:

1: إذا أخطأ القبلة وعلم في الصلاة يجب أن يستدير لها وإلا فسدت صلاته.

انظر: الهداية (1/ 49) ومنية المصلي ص: (161) والجوهرة النيرة (1/ 133) وحاشية ابن عابدين (2/ 116).

2: إذا انكشفت عورته ولم يغطها في الحال فسدت صلاته.

انظر: فتح القدير (1227) ومنية المصلي ص: (158) وتبيين الحقائق (1/ 256) وحاشية ابن عابدين (2/ 82).

3: إذا أصابته نجاسة ولم يلقها فسدت صلاته.

انظر: منية المصلي ص: (158) وبدائع الصنائع (1/ 221) والمحيط البرهاني (1/ 486) وحاشية ابن عابدين (2/ 82).

(5)

تكون الحركة في الصلاة واجبة عند المالكية ومن ذلك:

1: إذا تبين للأعمى أنَّه منحرف عن القبلة انحرافًا كثيرًا يستقبل القبلة وتصح صلاته وإلا فسدت.

انظر: الشرح الكبير (1/ 227) والشرح الصغير (1/ 198) وشرح الخرشي على خليل (1/ 510) ومنح الجليل (1/ 143).

2: إذا سقطت عليه نجاسة غير معفو عنها، وكان قادرًا على إزالتها - بشروطهم - ولم يزلها بطلت صلاته.

انظر: التلقين ص: (34) وشرح التلقين (2/ 660) والفواكه الدواني (1/ 358) وشرح زروق على الرسالة (1/ 226).

3: إذا تعمد ترك تغطية العورة بعد انكشافها بطلت صلاته.

انظر: التلقين ص: (34) وشرح التلقين (2/ 660) ومواهب الجليل (2/ 179).

ص: 478

والشافعية

(1)

والحنابلة

(2)

وابن حزم - في الجملة -

(3)

وقال به شيخنا العثيمين

(4)

وشيخه السعدي

(5)

.

(1)

تجب الحركة في الصلاة عند الشافعية ومن ذلك:

1: إذا تبين خطؤه في القبلة استدار إليها وبنى على صلاته وإلا بطلت.

انظر: روضة الطالبين (1/ 219) وتحفة المحتاج (1/ 178) ومغني المحتاج (1/ 215) ونهاية المحتاج (1/ 447).

2: إذا انكشفت عورته فسترها في الحال لم تفسد صلاته وإلا فسدت.

انظر: نهاية المطلب (2/ 198) والعزيز (2/ 6) وروضة الطالبين (1/ 272) وتحفة المحتاج (1/ 221).

3: لو وقعت عليه نجاسة فزالت في الحال لم تفسد صلاته وإلا فسدت.

انظر: العزيز (2/ 6) والمهذب مع المجموع (4/ 76) وروضة الطالبين (1/ 272) وتحفة المحتاج (1/ 221).

(2)

تجب الحركة في الصلاة عند الحنابلة ومن ذلك:

1: لو انكشفت عورته فغطاها سريعًا لم تفسد صلاته وإلا فسدت.

انظر: كشاف القناع (1/ 269) وشرح منتهى الإرادات (1/ 188) ومعونة أولي النهى (2/ 13) ومطالب أولي النهى (1/ 333).

2: لو سقطت عليه نجاسة فأزالها سريعًا لم تفسد صلاته وإلا فسدت.

انظر: كشاف القناع (1/ 290) وشرح منتهى الإرادات (1/ 201) ومعونة أولي النهى (2/ 46) ومطالب أولي النهى (1/ 363).

3: إذا تبين خطؤه في القبلة أثناء الصلاة لزمه التوجه لها وإلا فسدت صلاته.

انظر: كشاف القناع (1/ 312) وشرح منتهى الإرادات (1/ 215) ومعونة أولي النهى (2/ 75) ومطالب أولي النهى (1/ 393).

(3)

من الحركة الواجبة عند ابن حزم:

1: رد المار بين يدي المصلي. انظر: المحلى (3/ 87).

2: ما يتأذى به في الصلاة. انظر: المحلى (3/ 84، 86).

3: إنكار المنكر في الصلاة. انظر: المحلى (3/ 91).

(4)

انظر: الشرح الممتع (3/ 356).

(5)

انظر: القواعد والأصول الجامعة ص: (138) والإرشاد إلى معرفة الأحكام ص: (51).

ص: 479

الدليل الأول: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال:«إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة»

(1)

.

وجه الاستدلال: التوجه إلى القبلة واجب فاستدارتهم للكعبة واجبة لأنَّها مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

الدليل الثاني: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم فلما انصرف، قال:«لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟» فقالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت فخلعنا، قال:«إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَهُ فَلْيَنْظُرْ فِيهَا فَإِنْ رَأَى بِهَا خَبَثًا فَلْيُمِسَّهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا»

(2)

.

وجه الاستدلال: تجنب النجاسة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

‌خامسًا: الحركة المحرمة

وهي الكثيرة المتوالية حال الاختيار

الحركة الكثيرة المتوالية حال الاختيار محرمة وتفسد الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(3)

والمالكية

(4)

والشافعية

(5)

والحنابلة

(6)

وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية

(7)

وشيخنا العثيمين

(8)

وشيخه السعدي

(9)

.

(1)

رواه البخاري (403) ومسلم (526).

(2)

رواه أحمد (10769)(11467) وأبو داود (650) بإسناد صحيح.

وانظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 32).

(3)

انظر: المبسوط (1/ 352) وفتح القدير (1/ 351) والبناية (2/ 505) وحاشية ابن عابدين (2/ 403).

(4)

انظر: الشرح الكبير (1/ 280) ومختصر ابن الحاجب وشرحه التوضيح (1/ 404) والقوانين الفقهية ص: (60) ومنح الجليل (1/ 181).

(5)

انظر: نهاية المطلب (2/ 207) والبيان (2/ 315) والمجموع (4/ 93) وأسنى المطالب (1/ 182).

(6)

انظر: المغني (2/ 79) والممتع (1/ 460) والإنصاف (2/ 129) وكشاف القناع (1/ 398).

(7)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 227).

(8)

انظر: الشرح الممتع (3/ 356).

(9)

انظر: القواعد والأصول الجامعة ص: (138) والإرشاد إلى معرفة الأحكام ص: (51).

ص: 480

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].

وجه الاستدلال: الحركة الكثيرة المتوالية حال الاختيار تبطل الصلاة ويحرم إبطال الفرض من غير عذر.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»

(1)

.

وجه الاستدلال: الحركة الكثيرة المتوالية في غير الاضطرار خلاف عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره فتبطل الصلاة بها.

الدليل الثالث: الإجماع: أجمع أهل العلم على أنَّ العمل الكثير في غير حال الاضطرار محرم ومفسد للصلاة نقل الإجماع ابن عبد البر

(2)

وابن حزم

(3)

وابن بطال

(4)

والقاضي عياض

(5)

وابن قدامة

(6)

والعلائي

(7)

والنووي

(8)

(1)

رواه مسلم (1718).

(2)

قال في الاستذكار (2/ 349) أجمع العلماء أنَّ العمل الكثير الذي يبين به ترك الصلاة له لا يجوز وكذلك فهو مفسد للصلاة.

وانظر: التمهيد (20/ 95).

(3)

قال في مراتب الإجماع ص: (27) اتفقوا أنَّ الأكل والقهقهة والعمل الطويل بما لم يؤمر به فيها ينقضها إذا كان تعمد ذلك كله وهو ذاكر.

(4)

قال في شرح البخاري (3/ 200) أجمعوا أنَّ الكثير منه لا يجوز.

(5)

قال في إكمال المعلم (2/ 419) اتفقوا على أنَّه لا يجوز له المشي من مقامه إلى رده والعمل الكثير في مدافعته.

(6)

قال في الكافي (1/ 164) إن كثر متواليًا أبطل الصلاة إجماعًا، وإن قل لم يبطلها.

(7)

قال في نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد ص: (280) الفعل الكثير إن كان عمدًا أبطل الصلاة بالإجماع في حال الاختيار إلا في صورة واحدة عند من يقول بها [البناء على الصلاة إذا أحدث].

(8)

قال في روضة الطالبين (1/ 293) اتفقوا على أنَّ الكثير منه يبطل الصلاة والقليل لا يبطل.

ص: 481

وابن تيمية

(1)

وابن الملقن

(2)

وابن حجر

(3)

وابن مفلح الحفيد

(4)

والمرداوي

(5)

وابن نجيم

(6)

.

الدليل الرابع: الحركة الكثيرة المتوالية حال الاختيار تقطع الموالاة بين أركان الصلاة فلا تصح

(7)

.

(1)

قال في مجموع الفتاوى (23/ 227) العمل الكثير فإنَّه لا يجوز لغير عذر بالاتفاق.

(2)

قال في التوضيح (9/ 298) اغتفار العمل اليسير في الصلاة دون الكثير، والإجماع قائم على أنَّه غير جائز.

(3)

قال في الفتح (3/ 83) أجمع الفقهاء على أنَّ المشي الكثير في الصلاة المفروضة يبطلها.

(4)

قال في المبدع (1/ 164)(فإن طال) أي: كثر (الفعل)

متواليًا (أبطلها) إجماعًا.

(5)

قال في الإنصاف (2/ 129) الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدًا، بلا نزاع أعلمه.

(6)

قال في البحر الرائق (2/ 19) اتفقوا على أنَّ الكثير مفسد.

(7)

انظر: الممتع شرح المقنع (1/ 460) والمبدع (1/ 164).

ص: 482

‌الثاني: ضابط الكثرة والقلة في الحركة

تقدم الإجماع على أنَّ الحركة الكثيرة المتوالية من غير ضرورة تفسد الصلاة وأنَّ الحركة القليلة لا تفسد الصلاة قال الرافعي: لا خلاف أنَّه يفرق فيه بين القليل والكثير

(1)

.

وليس في المسألة نص صريح يرفع الخلاف قال ابن عبد البر: ليس عن العلماء فيه حد محدود ولا سنة ثابتة وإنَّما هو الاجتهاد

(2)

وقال ابن بطال: لم يحدوا القليل، ولا الكثير، وإنَّما هو اجتهاد واحتياط

(3)

.

قال أبو عبد الرحمن: والأمر كما ذكر الإمامان ليس فيه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنَّما هو اجتهاد واختلف المجتهدون من أهل العلم في تحديد القلة والكثرة على أقوال:

القول الأول: يفوض تحديد القلة والكثرة إلى رأي المبتلى به: قال به بعض الأحناف

(4)

.

الرد: الناس مختلفون فمنهم المفَرِّط ومنهم المُفْرِط فلا ينضبط الحكم.

(1)

العزيز (2/ 52).

تنبيه: قال ابن حزم في المحلى (3/ 94) كل من فرق بين قليل العمل وكثيره فلا سبيل له إلى دليل على ذلك، ولا بد له ضرورة من أحد أمرين لا ثالث لهما: إمَّا أن يحد في ذلك برأيه حدًا فاسدًا ليس هو أولى به من غيره بغير ذلك التحديد، فيحصل على التحكم بالباطل، وأن يشرع في الدين ما لم يأذن به الله، وإمَّا أن لا يحد في ذلك حدًا، فيحصل على أقبح الحيرة في أهم أعمال دينه، وعلى أن لا يدري ما تبطل به صلاته مما لا تبطل به، وهذا هو الجهل المتعوذ بالله منه؟.

وهذا تماشيًا مع مذهبه في عدم اعتبار القياس وإن كان يرى جواز بعض الحركات التي لم يرد فيها نص كالتروح من الحر في الصلاة لدخولها في عموم نصوص رفع الحرج ويرى وجوب دفع ما يؤذيه ليتفرغ لصلاته. انظر: المحلى (3/ 84).

فأهل العلم لم يعتدوا بخلافه في مسألة الحركة لشذوذه ونقلوا الإجماع والله أعلم.

(2)

التمهيد (20/ 99).

(3)

شرح صحيح البخاري (3/ 200).

(4)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 395).

ص: 483

القول الثاني: ثلاث حركات كثيرة وما دونها قليلة: قول للأحناف

(1)

والحنابلة

(2)

والشافعية في بعض الحركات

(3)

.

الرد من وجوه:

الأول: التحديد يحتاج إلى نقل وليس في المسألة نص على التفريق بين ثلاث حركات وما دونها

(4)

.

الثاني: ما تقدم من أدلة كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر أكثر من حركتين

(5)

.

الثالث: قد تكون الحركة الواحدة أكثر منافاة لهيئة الصلاة من الثلاث فتحريك الأصبع ثلاثًا أقل منافاة للصلاة من لو قفز في صلاته

(6)

.

القول الثالث: القليل ما لا يسع زمانه فعل ركعة والكثير ما يسعها: وهذا القول وجه للشافعية

(7)

.

الرد: كالذي قبله.

(1)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 395) وفتح القدير (1/ 351) والبحر الرائق (2/ 20).

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 390) ليس الاعتماد عليه.

(2)

انظر: المبدع (1/ 164).

قال ابن رجب في الفتح (6/ 204) الصحيح عند أصحابنا أنَّه يرجع فيه إلى عرف الناس من غير تقدير له بمرة أو مرتين. ومنهم من قدره بالمرة والمرتين، وجعل الثلاث في حد الكثرة، وكلام أحمد مخالف لهذا مع مخالفته للسنن والآثار الكثيرة.

(3)

قال النووي في روضة الطالبين (1/ 293 - 294) والثلاث: كثير قطعًا

ثم المراد بالفعلة الواحدة التي لا تبطل، ما لم يتفاحش، فإن أفرطت كالوثبة الفاحشة أبطلت قطعًا وكذا قولهم: الثلاث المتوالية تبطل أراد: والخطوات ونحوها فأمَّا الحركات الخفيفة، كتحريك الأصابع في سبحة، أو حكة، أو حل وعقد، فالأصح: أنَّها لا تضر وإن كثرت متوالية والثاني: تبطل كغيرها.

وانظر: العزيز (2/ 54) وأسنى المطالب (1/ 183) ونهاية المحتاج (2/ 51).

(4)

انظر: المغني (2/ 79).

(5)

انظر: المغني (2/ 79) وفتح الباري لابن رجب (6/ 205) ورياض الأفهام شرح عمدة الأحكام (2/ 616).

(6)

انظر: روضة الطالبين (1/ 293).

(7)

استغربه الرافعي في العزيز (2/ 53) وذكره النووي في روضة الطالبين (1/ 293) وقال في المجموع (4/ 93) وهو ضعيف أو غلط.

ص: 484

القول الرابع: ما يفعل عادة بيد واحدة قليل وبيدين كثير: وهذا قول للأحناف

(1)

ووجه للشافعية

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم في حديث جابر رضي الله عنه: «فقال هكذا، بيده - يعني شد وسطك -» وشد الإزار بيدين لا بواحدة.

الثاني: الأكل والشرب بيد واحدة ويفسدان الصلاة

(3)

.

القول الخامس: الكثير ما يكون مقصودًا للفاعل بأن أفرد له مجلسًا على حدة: وهذا قول للأحناف

(4)

.

قال ابن برهان هذا القائل يستدل بامرأة صلت فلمسها زوجها أو قبلها بشهوة تفسد صلاتها، وكذا إذا مص صبي ثديها وخرج اللبن تفسد صلاتها.

الرد: الفروع المذهبية محل خلاف فلا تصلح أن تجعل ضابطًا فقهيًا.

القول السادس: ما ظن الناظر له أنَّه ليس في صلاة فهو كثير وإلا فقليل: وهو مذهب الأحناف

(5)

والمالكية

(6)

ووجه للشافعية

(7)

وقول للحنابلة

(8)

.

الرد: بادي الرأي هذا الضابط حسن لكنَّ النصوص ترده فمثلًا من يصعد

(1)

انظر: المبسوط (1/ 353) والمحيط البرهاني (1/ 395) وفتح القدير (1/ 351) وحاشية ابن عابدين (2/ 285).

(2)

انظر: المجموع (4/ 93) وروضة الطالبين (1/ 293). واستغربه الرافعي في العزيز (2/ 53).

(3)

انظر: البحر الرائق (2/ 20).

(4)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 395) والبحر الرائق (2/ 24) وحاشية ابن عابدين (2/ 385).

(5)

انظر: المبسوط (1/ 353) والمحيط البرهاني (1/ 395) وفتح القدير (1/ 351) والبحر الرائق (2/ 20).

(6)

انظر: عقد الجواهر الثمينة (1/ 118) والذخيرة (1/ 513) وبلغة السالك (1/ 231) وحاشية البناني على شرح الزرقاني لخليل (1/ 431).

(7)

انظر: نهاية المطلب (2/ 207) والعزيز (2/ 53) والمجموع (4/ 93) وروضة الطالبين (1/ 293).

(8)

انظر: المبدع (1/ 164).

ص: 485

المنبر وينزل القهقرى ومن يحمل صبيًا أو يقتل عقربًا لا يظن ظان أنَّه في صلاة وورد النص بجواز ذلك في الصلاة

(1)

.

القول السابع: العرف: وهذا قول للأحناف

(2)

ومذهب الشافعية

(3)

الحنابلة

(4)

.

الرد: العادة يرجع فيها إلى ما ليس فيه نص شرعي بخلاف الحركة ففيها نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا القول في نظري أقوى الأقوال التي وقفت عليها في هذه المسألة.

الترجيح: كثرة الخلاف في هذه المسألة يدل على أنَّ المسألة من مسائل الاجتهاد التي ليس فيها نص رافع للخلاف فيظهر رجحان قول من الأقوال وأطال ابن نجيم الكلام على المسألة وختمه بقوله: لقد صدق من قال كثرة المقالات تؤذن بكثرة الجهالات

(5)

.

فالذي يترجح لي أنَّ الضابط في حد القلة هو المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يقاس عليه وما زاد عليه فهو كثير والله أعلم.

قال ابن المنجى [اليسير] ما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم مما روي، والكثير ما زاد على ذلك وعد كثيرًا في العرف

(6)

.

وقال ابن قدامة يرجع في الكثير واليسير إلى العرف فيما يعد كثيرًا أو يسيرًا وكل ما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو معدود يسيرًا

(7)

.

(1)

انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 53) والمجموع (4/ 93) وروضة الطالبين (1/ 293).

(2)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 395).

(3)

انظر: نهاية المطلب (2/ 206) والعزيز (2/ 53) والمجموع (4/ 93) وأسنى المطالب (1/ 183).

(4)

انظر: الكافي (1/ 164) والمغني (2/ 79) والممتع (1/ 485) والمبدع (1/ 164).

(5)

البحر الرائق (2/ 24).

(6)

الممتع (1/ 485).

(7)

المغني (2/ 79).

ص: 486

‌الثالث: سجود السهو للحركة التي ليست من جنس الصلاة

تحرير محل الخلاف: تقدم أنَّ الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة فسجود السهو لا يشرع في الواجب والمستحب لأنَّه لجبر الخلل في الصلاة ولا خلل بفعل واجب أو مستحب فيها وإن كانت الحركة محرمة فتبطل الصلاة بها فبقيت الحركة المباحة والمكروهة فهل يشرع لهما سجود سهو أم لا؟.

القول الأول: لا يسجد للسهو: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

الأدلة: ما تقدم من أدلة الكتاب والسنة والإجماع على صحة الصلاة مع الحركة المباحة والمكروهة.

وجه الاستدلال: أباح ربنا عز وجل الحركة في صلاة الخوف وصدرت أفعال - ليست من جنس الصلاة - من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه رضي الله عنهم ولم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم للسهو ولم يأمر أصحابه رضي الله عنهم بذلك فدل ذلك على عدم مشروعية سجود السهو لها والله أعلم

(5)

.

القول الثاني: يسجد للسهو: قول للحنابلة

(6)

وقال به ابن حزم إذا فعله سهوًا

(7)

.

(1)

انظر: التجريد (2/ 716) والجوهرة النيرة (1/ 199) والبحر الرائق (2/ 175) والبناية (2/ 730).

(2)

انظر: الشرح الكبير (1/ 284) والشرح الصغير (1/ 254) وشرح الخرشي على خليل (2/ 38) ومنح الجليل (1/ 181).

(3)

انظر: البيان (2/ 334) وتحفة المحتاج (1/ 242) ومغني المحتاج (1/ 291) ونهاية المحتاج (2/ 70).

(4)

انظر: الكافي (1/ 164) والممتع (1/ 486) والإنصاف (2/ 129) وكشاف القناع (1/ 398).

(5)

انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 280) ومغني المحتاج (1/ 291) والممتع شرح المقنع (1/ 486) وكشاف القناع (1/ 398).

(6)

انظر: الإنصاف (2/ 129) والكافي (1/ 165).

(7)

قال في المحلى (3/ 73): كل ما فعله المرء ناسيًا في صلاته ما لم يبح له فعله: فصلاته تامة، وليس عليه إلا سجود السهو فقط؛ قل ذلك العمل أم كثر.

ص: 487

الدليل: سجود السهو لجبر خلل الصلاة فيسجد للحركة التي تخل بالصلاة.

الرد من وجهين:

الأول: الحركة في الصلاة مما وجد سببها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرع لها سجود السهو بقوله ولا بفعله.

الثاني: لا يصح قياس سجود السهو للحركة التي ليست من جنس الصلاة وهي منهي عنها على ما جاء النص بسجود السهو له من ترك المأمور به والله أعلم

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي عدم استحباب سجود السهو للحركة المباحة والمكروهة في الصلاة والله أعلم.

(1)

انظر: كشاف القناع (1/ 398).

ص: 488

‌الفصل الثاني

أحكام راتبة الفجر

ص: 489

‌تمهيد

أهم الأحكام المتعلقة براتبة الفجر:

1: تخفيف راتبة الفجر.

2: القراءة في راتبة الفجر.

3: الإسرار والجهر في القراءة براتبة الفجر.

4: قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعذر.

5: وقت قضاء الراتبة.

6: المفاضلة في مكان صلاة راتبة الفجر.

7: الاضطجاع بعد راتبة الفجر على الشق الأيمن.

ص: 490

‌تخفيف راتبة الفجر

اختُلِف في راتبة الفجر هل تطول فيها القراءة أو تخفف؟ على قولين في الجملة.

القول الأول: تطويل الراتبة لمن فاته حزبه من الليل: قال به الحسن البصري

(1)

ونسب لأبي حنيفة

(2)

وسفيان الثوري

(3)

.

ولم أقف على دليل لهم والذي يغلب على ظنَّي أنَّ الإطالة لأجل استدراك ما فات من القيام لكن النبي صلى الله عليه وسلم شرع الاستدراك ضحى ففي حديث عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملًا أثبته، وكان إذا نام من الليل، أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»

(4)

.

القول الثاني: استحباب تطويل الراتبة: قال به عطاء بن أبي رباح

(5)

وإبراهيم

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 244) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث أبي المشرفي، عن الحسن، قال:«لا بأس أن يطيل ركعتي الفجر، يقرأ فيهما من حزبه إذا فاته» وإسناده حسن.

ليث أبو المشرفي ترجم له ابن أبي حاتم ونقل عن يحيى بن معين قوله: ليس به بأس وذكره ابن حبان في ثقاته وذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا فهو حسن الحديث والله أعلم. وسفيان هو الثوري.

(2)

قال الكشميري في معارف السنن (4/ 60 - 61) جعله الحافظ في الفتح [قال ابن حجر في الفتح (3/ 47) ذهب بعضهم إلى إطالة القراءة فيهما وهو قول أكثر الحنفية] قول أكثر الحنفية وليس كذلك

استحباب التخفيف وقراءة سورتي الإخلاص فيهما بل لم يذكر في هذه الكتب المتداولة غير هذا أصلًا

ولعله لمن فاته حزبه من الليل لا مطلقًا ويدل عليه قوله [أبي حنيفة]: ربما قرأت أي قلما قرأت.

(3)

قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 46) قال الثوري يخفف فإن فاته شيء من حزبه بالليل فلا بأس أن يقرأه فيهما ويطول.

(4)

رواه مسلم (746).

(5)

رواه عبد الرزاق (4766) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت لو جئت المسجد حين انتشر الفجر أطولهما أم أحذفهما؟ قال: «طولهما إن شئت ما لم يخرج الإمام» وإسناده صحيح.

ص: 491

بن يزيد النخعي

(1)

وروي عن مجاهد بن جبر

(2)

ونسب لأبي حنيفة

(3)

.

الدليل الأول: عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ»

(4)

.

وجه الاستدلال: تدخل راتبة الفجر في الحديث فيستحب تطويلها

(5)

.

الرد: راتبة الفجر مخصوصة بتخفيف النبي صلى الله عليه وسلم لها.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

(6)

.

وجه الاستدلال: لما كانت راتبة الفجر أشرف التطوع كان أولى بهما أن يفعل فيهما أشرف ما يفعل في التطوع من إطالة القراءة

(7)

.

الرد: هذا رأي مقابل فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل الثالث: عن سعيد بن جبير، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما أطال ركعتي

(1)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 300) حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام الدستوائي، قال: ثنا حماد، عن إبراهيم، قال:«إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا الركعتين اللتين قبل الفجر» ، قلت لإبراهيم، أطيل فيهما القراءة؟ قال:«نعم إن شئت» وإسناده حسن.

رواته ثقات على كلام مشهور في حماد بن أبي سليمان. وابن خزيمة هو محمد بن راشد ومسلم بن إبراهيم هو الفراهيدي.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 244) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد، قال:«لا بأس أن يطيل ركعتي الفجر» وإسناده ضعيف للمبهم.

(3)

قال الطحاوي - مختصر اختلاف العلماء (1/ 223) - الحسن بن زياد عن أبي حنيفة ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من القرآن

قال أبو جعفر وهذا مما لا اختلاف فيه عن أبي حنيفة ولا عن أحد من أصحابه. وقال في شرح معاني الآثار (1/ 300) بهذا نأخذ لا بأس أن يطال فيهما القراءة؟ وهي عندنا أفضل من التقصير.

(4)

رواه مسلم (756).

(5)

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 300) ومختصر اختلاف العلماء (1/ 223).

(6)

رواه مسلم (725).

(7)

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 300).

ص: 492

الفجر»

(1)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل راتبة الفجر أحيانًا.

الرد: الحديث مرسل وإسناده ضعيف.

القول الثالث: يستحب تخفيف الراتبة: قال به ابن عمر وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم وهو مذهب الأحناف

(2)

والمالكية

(3)

والشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

وقال به سعيد بن المسيب

(6)

والحسن البصري ومحمد بن سيرين

(7)

وابن المنذر

(8)

وابن خزيمة

(9)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(10)

وابن القيم

(11)

وابن باز

(12)

وشيخنا محمد العثيمين

(13)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها كانت تقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 244) حدثنا وكيع، قال: حدثنا مسعر، عن شيخ من الأنصار، قال مسعر: أراه عثمان، عن سعيد بن جبير، قال: فذكره مرسل إسناده ضعيف. شيخ مسعر مبهم ولم يجزم باسمه.

(2)

انظر: معارف السنن (4/ 60) ومنية المصلي ص: (254) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (388). ويأتي أنَّ مذهب الأحناف القراءة بالكافرون والإخلاص.

(3)

قال زروق في شرح الرسالة (1/ 185) وفي ضمن ما ذكر تخفيفها ولا خلاف بأنَّه سنتها. ويأتي خلاف المالكية هل يكتفي بالفاتحة أو يقرأ معها سورة من قصار المفصل.

(4)

انظر: المجموع (4/ 26) وروضة الطالبين (1/ 338) وبحر المذهب (2/ 222) وتحفة المحتاج (1/ 261).

(5)

انظر: الفروع (1/ 544) والمبدع (2/ 14) وشرح منتهى الإرادات (1/ 293) ومطالب أولي النهى (2/ 46).

(6)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 244) حدثنا وكيع وعبد الرزاق (4767) يرويانه عن الثوري، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن سعيد بن المسيب قال:«كانتا تخففان الركعتان قبل صلاة الفجر» وإسناده صحيح.

(7)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 243) حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن الحسن، ومحمد؛ «أنَّهما كانا لا يزيدان إذا طلع الفجر على ركعتين خفيفتين» وإسناده صحيح. ابن إدريس هو عبد الله وهشام هو ابن حسان.

(8)

انظر: الأوسط (5/ 226).

(9)

انظر: صحيح ابن خزيمة (2/ 162).

(10)

انظر: مجموع الفتاوى (19/ 171).

(11)

انظر: بدائع الفوائد (1/ 138) وزاد المعاد (1/ 318).

(12)

انظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز (10/ 337).

(13)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 111).

ص: 493

ركعتي الفجر فيخفف، حتى إنِّي أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟»

(1)

.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يجيء المؤذن فيؤذنه»

(2)

.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح»

(3)

.

الدليل الرابع: عن ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين»

(4)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف راتبة الفجر وأمرنا بمتابعته في قوله صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي

(5)

»

(6)

.

الدليل الخامس: عن أنس بن سيرين، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة أطيل فيهما القراءة؟، فقال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة، وكأن الأذان بأذنيه»

(7)

.

وجه الاستدلال: حينما سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن تخفيف راتبة الفجر فأخبر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يخففهما كأنَّه قد سمع الإقامة

(8)

.

الدليل السادس: عن صلة بن زفر، قال: «أتيت حذيفة رضي الله عنه في داره، ثم أتينا

(1)

رواه البخاري (1171) ومسلم (724).

(2)

رواه البخاري (6310) ومسلم (724).

(3)

رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763) وتقدم تخريجه (ص: 12).

(4)

رواه مسلم (723).

(5)

رواه البخاري (631) عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه.

(6)

انظر: المجموع (4/ 27).

(7)

رواه البخاري (995) ومسلم (749).

(8)

انظر: إكمال المعلم (3/ 104) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 474).

ص: 494

المسجد، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم أقيمت الصلاة»

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب تخفيف راتبة الفجر وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم أقف على خلاف في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 243) حدثنا ابن نمير، عن أبي يعفور، عن إبراهيم، عن صلة، قال: فذكره وإسناده صحيح.

ابن نمير هو عبد الله وأبو يعفور هو عبد الرحمن بن عبيد.

ص: 495

‌القراءة في راتبة الفجر

اختلف من يعتد بخلافهم هل تقرأ الفاتحة فقط في راتبة الفجر؟ أم يقرأ معها شيء من القرآن.

القول الأول: لا يقرأ فيها شيء من القرآن: ذكر هذا القول الطحاوي ولم ينسبه لأحد

(1)

ونقله عنه ابن الملقن

(2)

ونسبه ابن حجر لأبي بكر الأصم وإبراهيم بن عليه

(3)

ونسبه العيني لهما وللظاهرية وقال لا صلاة إلا بقراءة وما اعتبرنا خلاف هؤلاء

(4)

. وقال: خلاف هذه السنة الصحيحة التي لا معارض لهما

(5)

فهذا القول شاذ وذكره من باب استقصاء الأقوال.

الدليل: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها كانت تقول:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف، حتى إنِّي أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟»

(6)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف راتبة الفجر حتى شكَّت عائشة رضي الله عنها هل قرأ الفاتحة؟ أم لا

(7)

.

الرد من وجوه:

(1)

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 296) باب القراءة في ركعتي الفجر قال أبو جعفر: قال قوم لا يُقْرأ في ركعتي الفجر ....

(2)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 172).

(3)

انظر: فتح الباري (3/ 46).

إبراهيم بن إسماعيل بن عليه وأبو بكر الأصم عبد الرحمن بن كيسان من المعتزلة لهما شذوذ في مسائل محل إجماع عند أهل السنة فيريان عدم جواز عقد الإجارة والتسوية في الدية بين الرجل والمرأة ومن شذوذ أبي بكر الأصم منعه الشفعة في العقار. انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (2/ 555)(3/ 402)(2/ 614).

(4)

عمدة القاري (6/ 248).

(5)

شرح أبي داود للعيني (5/ 148).

(6)

رواه البخاري (1171) ومسلم (724).

(7)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 172).

ص: 496

الأول: تقوله على سبيل التعجب من تخفيفه القراءة مقارنة بتطويله القيام

(1)

.

الثاني: هل قرأ فيهما بأم القرآن أي مقتصرًا عليها أو ضم إليها غيرها وذلك لإسراعه بقراءتها

(2)

.

الثالث: تأتي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالكافرون والإخلاص وبآيتي البقرة وآل عمران وهي نص في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

القول الثاني: يقرأ بهما بالفاتحة: فعله عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وهو المشهور من مذهب مالك

(4)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها كانت تقول:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف، حتى إنِّي أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟» .

الرد من وجوه:

الأول: قال الطحاوي: لم نجد شيئًا من صلوات التطوع لا يقرأ فيه بشيء ويقرأ فيه بفاتحة الكتاب خاصة ولم نجد شيئًا من التطوع كره أن يمد فيه القراءة

(5)

.

الوجوه الباقية: تقدمت.

الدليل الثاني: عن عبد الرحمن بن جبير «أنَّه سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقرأ في ركعتي الفجر بأم القرآن لا يزيد معها شيئًا»

(6)

.

(1)

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 297) وفتح الباري (3/ 47).

(2)

انظر: فتح الباري (3/ 47).

(3)

انظر: الفواكه الدواني (1/ 301).

(4)

انظر: التمهيد (24/ 46) وشرحي الرسالة لزروق وابن ناجي (1/ 185) وكفاية الطالب (1/ 359) والفواكه الدواني (1/ 301).

(5)

شرح معاني الآثار (1/ 298).

(6)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 300) حدثنا يونس، وفهد، قالا: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا بكر بن مضر، قال: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الرحمن بن جبير فذكره وإسناده صحيح. يونس هو ابن عبد الأعلى وفهد هو ابن سليمان وجعفر بن ربيعة هو الكندي وعبد الرحمن بن جبير هو المصري.

ص: 497

الرد من وجهين:

الأول: هذا مقابل عمل النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: اقتصار عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما على الفاتحة في راتبة الفجر اكتفاءً بالواجب ولا يدل على أنَّه لا يرى استحباب قراءة سورة معها.

الدليل الثالث: الراتبة مع الصبح كالرباعية ركعتان بالحمد وسورة وركعتان بالحمد فقط

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: هذا رأي مقابل النص.

الثاني: يستحب أن يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة من الرباعية سورة أحيانًا

(2)

.

الثالث: الراتبة متقدمة على الفرض فعلى هذا يقرأ فيها دون الفرض.

القول الثالث: تقرأ مع الفاتحة سورة من قصار المفصل: رواية عن مالك

(3)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}»

(4)

.

وجه الاستدلال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم بالكافرون والإخلاص وهما من قصار المفصل.

الرد: النبي صلى الله عليه وسلم كان يخص بعض الصلوات بهاتين السورتين فقرأ بهما في راتبة الفجر والمغرب

(5)

وركعتي الطواف

(6)

وفي الركعتين الأخيرتين من الوتر.

(1)

انظر: شرح خليل للخرشي (2/ 137).

(2)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 242).

(3)

انظر: شرح الرسالة لابن ناجي (1/ 185) شرح زروق للرسالة (1/ 185) وكفاية الطالب (1/ 359) والفواكه الدواني (1/ 301).

(4)

رواه مسلم (726).

(5)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 270).

(6)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (2/ 195).

ص: 498

القول الرابع: القراءة مع الفاتحة بالكافرون والإخلاص: روي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم واختاره أصحابه

(1)

وعبد الرحمن بن يزيد النخعي

(2)

ومحمد بن سيرين

(3)

وغنيم بن قيس

(4)

وقتادة

(5)

وروي عن سعيد بن جبير

(6)

وهو مذهب

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 243) حدثنا أبو خالد الأحمر، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 300) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، يرويانه عن الأعمش، عن إبراهيم، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 300) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال «كان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرؤون في الركعتين قبل الفجر:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » ورواته محتج بهم.

أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان صدوق يخطئ وأبو بكرة بكار بن قتيبة ذكره ابن حبان في ثقاته. وبقية رواته ثقات.

وأبو داود هو الطيالسي.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 243) حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد «أنَّه كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » وإسناده صحيح.

الحسين بن علي هو الجعفي وزائدة هو ابن قدامة ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي يروي عن خاله عبد الرحمن بن يزيد.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 243) حدثنا ابن إدريس، عن هشام ح حدثنا أزهر، عن ابن عون، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سيرين؛ عن ابن سيرين «أنَّه كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» وإسناده صحيح.

عبد الله بن محمد بن سيرين ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وهو متابع لهشام بن حسان وبقية رواته ثقات. وابن دريس هو عبد الله وابن عون هو عبد الله.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 242) حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي السليل، عن غنيم بن قيس، قال:«كُنَّا نؤمر أن ننابذ الشيطان في الركعتين قبل الصبح، أو قبل الغداة ب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» وإسناده صحيح.

سعيد بن إياس الجريري مختلط لكن رواية إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية عنه قبل الاختلاط.

وأبو السليل هو ضريب القيسي الجريري.

(5)

رواه عبد الرزاق (4787) عن معمر، عن قتادة قال:«كان يُسْتَحب أن يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» وإسناده صحيح.

(6)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 242) حدثنا عباد، عن حصين، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير «أنَّه كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب: ب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » وإسناده ضعيف.

حصين بن عبد الرحمن السلمي تغير بآخره وهل رواية عباد بن العوام عنه قبل الاختلاط؟ لم يتبين لي وفي مسلم رواية لعباد عن حصين لكنَّه توبع فالله أعلم.

ص: 499

الأحناف

(1)

واختاره ابن المنذر

(2)

وابن العربي

(3)

وابن القيم

(4)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» .

وجه الاستدلال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في راتبة الفجر مع الفاتحة بالكافرون والإخلاص.

الرد: تأتي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا بآيتي البقرة وآل عمرن.

الدليل الثاني: عن إبراهيم النخعي، قال «كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الصبح {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}»

(5)

.

الدليل الثالث: سئل ابن عباس رضي الله عنهما ما تقرأ في ركعتي الفجر؟ فقال: «{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}»

(6)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

(1)

انظر: منية المصلي ص: (254) وفتح القدير (1/ 294) والبحر الرائق (2/ 85) وحاشية ابن عابدين (2/ 461).

(2)

انظر: الأوسط (5/ 227).

(3)

انظر: عارضة الأحوذي (2/ 215).

(4)

انظر: بدائع الفوائد (1/ 138) وزاد المعاد (1/ 318).

(5)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 242) حدثنا ابن علية، وغندر، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 300) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود يروونه عن شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم، فذكره مرسل رواته محتج بهم.

قال العلائي: إبراهيم بن يزيد النخعي أحد الأئمة تقدم أنَّه كان يدلس وهو أيضًا مكثر من الإرسال وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله كما تقدم وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود رضي الله عنه.

وإبراهيم بن مهاجر صدوق وأبو بكرة بكار بن قتيبة ذكره ابن حبان في ثقاته وبقية رواته ثقات. وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم وغندر هو محمد بن جعفر وأبو داود هو الطيالسي.

(6)

رواه عبد الرزاق (4791) عن ابن جريج، عن رجل، عن سعيد بن جبير: أنَّه سأل ابن عباس أو سئل ابن عباس رضي الله عنهما فذكره وإسناده ضعيف.

ابن جريج مدلس وقد أبهم شيخه قال الإمام أحمد: ابن جريج إذا قال: قال فلان وقال فلان وأخبرت جاء بمناكير وقال الدارقطني: شر التدليس تدليس ابن جريج فإنَّه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح.

ص: 500

الرد من وجهين:

الأول: الأثران ضعيفان.

الثاني: كالذي قبله.

القول الرابع: القراءة مع الفاتحة بالكافرون والإخلاص أو آيتي البقرة وآل عمران: قول لبعض الأحناف

(1)

وقول للمالكية

(2)

ومذهب الشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

واختاره ابن خزيمة

(5)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(6)

وابن باز

(7)

وشيخنا محمد العثيمين

(8)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» .

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية التي في البقرة [136] وفي الآخرة منهما {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52]

(9)

.

(1)

انظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (388).

(2)

انظر: شرح الرسالة لابن ناجي (1/ 185) وحاشية ضوء الشموع (1/ 438) والتمهيد (24/ 46).

(3)

انظر: المجموع (4/ 27) وروضة الطالبين (1/ 338) وأسنى المطالب (1/ 207) وتحفة المحتاج (1/ 261).

(4)

انظر: المغني (1/ 764) والإنصاف (2/ 176) وكشاف القناع (1/ 423) وشرح منتهى الإرادات (1/ 293).

(5)

انظر: صحيح ابن خزيمة (2/ 163).

(6)

انظر: مجموع الفتاوى (19/ 171).

(7)

انظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز (10/ 337).

(8)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 111).

تنبيه: أغلب أصحاب هذا القول يذكرون آية [آل عمران: 64]{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} والمحفوظ آية: (52) ويأتي بيانه.

(9)

رواه مسلم (727). بهذا اللفظ من رواية مروان الفزاري وعيسى بن يونس، ورواه يعلى بن عبيد عند أحمد (2046) وعبد الله بن نمير عند أحمد (2039) وزهير بن معاوية عند أبي داود (1259) جميعهم عن عثمان بن حكيم وكلهم ثقات. ورواه عنه أبو خالد الأحمر عند مسلم فخالفهم فقال في الركعة الثانية {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64].

وأبو خالد الأحمر قال عنه ابن عدي: أُتي من سوء حفظه فيغلط ويخطيء، فهذا من أخطائه فهذه الرواية شاذة، والله أعلم، وقد أشار مسلم إلى اختيار الرواية الأولى، فجعلها الأصل وبعد أن أخرج رواية أبي خالد الأحمر قال: وحدثني علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن عثمان بن حكيم في هذا الإسناد بمثل حديث مروان الفزاري، ولرواية أبي خالد الأحمر متابعة عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق آخر عند أحمد (2382) وإسنادها ضعيف لإبهام الراوي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 501

‌الجهر والإسرار في راتبة الفجر

أهل العلم لهم في المسألة قولان: قول بالجهر وقول بالإسرار.

القول الأول: يجهر بالقراءة: قول للمالكية

(1)

ومذهب الحنابلة

(2)

والظاهر أنَّه مذهب محمد بن سيرين

(3)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}»

(4)

.

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية التي في البقرة [136] وفي الآخرة منهما {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52].

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في راتبة الفجر فحفظ الصحابة رضي الله عنهم قراءته

(5)

.

الرد: يجهر النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا ببعض القراءة لتحفظ قراءته ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب، وسورتين يطول في الأولى، ويقصر في الثانية ويسمع الآية أحيانًا»

(6)

.

(1)

انظر: التبصرة (2/ 482) وشرح الرسالة لابن ناجي (1/ 185).

(2)

قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 344)(ويكره جهره) أي: المصلي (في نفل نهارًا) لحديث «صلاة النهار عجماء» (و) المتنفل (ليلا يُراعي المصلحة) فإن كان بحضرته أو قريبًا منه من يتأذى بجهره أسر، وإن كان من ينتفع بجهره جهر (والأظهر أنَّ المراد هنا بالنهار من طلوع الشمس، لا من طلوع الفجر، وبالليل من غروبها) أي: الشمس (إلى طلوعها قاله ابن نصر الله).

وانظر: الإنصاف (2/ 58) وشرح منتهى الإرادات (1/ 236) ومعونة أولي النهى (2/ 125).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 364) حدثنا معتمر، عن ابن عون، قال:«كان محمد يتطوع بالنهار فيسمع» إسناده صحيح.

معتمر هو ابن سليمان وابن عون هو عبد الله.

(4)

رواه مسلم (726).

(5)

انظر: التبصرة (2/ 482).

(6)

رواه البخاري (759) ومسلم (451).

ص: 503

(1)

الحديث جاء من رواية:

1: أبي إسحاق السبيعي. 2: سليمان بن مهران الأعمش. 3: ليث بن أبي سليم. 4: نفيع بن الحارث. 5: سالم بن عبد الله. 6: عبيد الله بن عمر. 7: عطاء بن أبي رباح. 8: جعفر بن أبي جعفر الأشجعي.

1: رواية أبي إسحاق السبيعي: رواه عنه:

1: إسرائيل بن يونس. 2: سفيان الثوري. 3: أبو الأحوص سلام بن سليم. 4: عمار بن رزيق. 5: عمرو بن أبي قيس. 6: معمر بن راشد. 7: شريك بن عبد الله بن أبي نمر.

1: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق: رواه أحمد (4749)(5193) حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل ح (5708) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، حدثنا إسرائيل ح (5666) حدثنا حجين بن المثنى، حدثنا إسرائيل والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 298) حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا إسرائيل، ح حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره رواته ثقات.

ويأتي الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي وعلى أبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري.

تنبيه: في رواية أحمد (4749)(5193)«بضعًا وعشرين مرة أو بضع عشرة مرة» .

2: سفيان الثوري: رواه عبد الرزاق (4790) - وعنه أحمد (4891) - قال: أخبرنا الثوري، والترمذي (417) حدثنا محمود بن غيلان، وأبو عمار، قالا: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان، وابن ماجه (1149) حدثنا أحمد بن سنان، ومحمد بن عبادة الواسطيان، قالا: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان وابن حبان (2459) أخبرنا أبو يعلى، حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من خمس وعشرين أو قال: أكثر من عشرين مرة شك أبو بكر [عبد الرزاق] يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواته ثقات.

تنبيه: لفظ الترمذي وابن ماجه: «شهرًا» .

قال الترمذي: حديث ابن عمر رضي الله عنهما حديث حسن، ولا نعرفه من حديث الثوري، عن أبي إسحاق، إلا من حديث أبي أحمد والمعروف عند الناس حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، وقد روى عن أبي أحمد، عن إسرائيل [تقدم] هذا الحديث أيضًا.

وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ، سمعت بندارًا، يقول: ما رأيت أحدًا أحسن حفظًا من أبي أحمد الزبيري.، واسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي.

وقال ابن حبان: سمع أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله الأسدي هذا الخبر عن الثوري، وإسرائيل، وشريك، عن أبي إسحاق، فمرة كان يحدث به عن هذا، وأخرى عن ذاك، وتارة عن ذا.

قال أبو عبد الرحمن: يأتي أنَّ رواية شريك مضطربة ويمكن أن يقال رواه أبو أحمد الزبيري عن الثوري وإسرائيل لو لم يكن الحديث مضطرب السند منكر المتن.

3: أبو الأحوص سلام بن سليم: رواه أبو داود الطيالسي (1893) حدثنا أبو الأحوص سلام وابن أبي شيبة (2/ 242) - وعنه مسلم في التمييز (86) - حدثنا أبو الأحوص والطبراني في الكبير (12/ 415) حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا موسى بن داود، ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، أكثر من عشرين مرة، يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواته ثقات.

تنبيه: في رواية الطبراني ركعتي الفجر فقط من غير ذكر عدد.

4: عمار بن رزيق: رواه النسائي في الصغرى (992) والكبرى (1064) أخبرنا الفضل بن سهل قال: حدثني أبو الجواب والطبراني في الكبير (12/ 424) حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا الفضل بن سهل الأعرج، ثنا أبو الجواب الأحوص بن جواب، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة، يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رواته محتج بهم.

تنبيه: في رواية الطبراني القراءة في ركعتي الفجر فقط من غير عدد.

قال أبو حاتم - في علل ابنه (283) -: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنِّما روى هذا الحديث نفيع الأعمى، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويأتي أنَّ حديث نفيع بن الحارث منكر.

وقال مسلم في التمييز ص: (65) إبراهيم الكوفي عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما بهذا وهذا الخبر وهم عن ابن عمر رضي الله عنهما. وقال الدارقطني في علله (13/ 116) خالفهم عمار بن رزيق، رواه عن أبي إسحاق، عن إبراهيم، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما. وإبراهيم لم ينسب، فقال بعضهم: هو النخعي، وقال بعضهم: هو ابن مهاجر. وليس ذلك بمحفوظ. قال أبو عبد الرحمن: في الرواية النسائي والطبراني ابن مهاجر.

5: معمر بن راشد عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما:«رمقت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب .... » علل الدارقطني (2994).

6: عمرو بن أبي قيس بن راشد عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (2994).

7: شريك، عن أبي إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر رضي الله عنهما ويأتي.

فاضطرب أبو إسحاق في الحديث. قال الدارقطني في علله (13/ 116): اضطرب هذا الحديث من رواية أبي إسحاق، لكثرة الخلاف عليه فيه. وتقدم قول أبي حاتم: وهو عن أبي إسحاق مضطرب.

2: رواية سليمان بن مهران الأعمش: رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 214) حدثنا أبي في جماعة قالوا: ثنا محمد بن يحيى بن منده، ثنا إبراهيم بن عامر، ثنا أبي، عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، ح (2/ 180) حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا محمد بن النضر، ثنا عامر بن إبراهيم، ثنا يعقوب القمي، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:«رمقت النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة يصلي الركعتين بعد المغرب، ويقرأ في الركعتين قبل الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» إسناده ضعيف.

قال الدارقطني في العلل (13/ 116) رواه يعقوب القمي، عن أبي سيف، لا نعرفه إلا كذلك، عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ويعقوب، وأبو سيف ضعيفان، ولا يصح هذا عن الأعمش.

تنبيه: ليس في رواية (1/ 214) عدد اليالي.

3: رواية ليث بن أبي سليم: واختلف عليه فرواه:

1: الطبراني في الأوسط (186) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال: نا سعيد بن أبي مريم قال: أنا يحيى بن أيوب، والمستغفري في فضائل القرآن (1086) أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا محمد بن المسيب حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن البرقي حدثنا سعيد أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زَحْر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ» ، وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر، وقال:«هَاتَانِ الرَّكْعَتَيْنِ فِيهِمَا رَغَبُ الدَّهْرِ» إسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم صدوق اختلط جدًا و لم يتميز حديثه فترك واضطرب فيه. وعبيد الله بن زَحْر ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو أول هذا الحديث في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، عن ليث إلا عبيد الله بن زَحْر، تفرد به: يحيى بن أيوب.

2: عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 117).

3: قال الدارقطني في علله (13/ 118) أخبرنا علي بن الفضل، قال: أخبرنا محمد بن عامر، قراءة: حدثكم شداد، عن زفر، عن ليث، عمن حدثه، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ «أنَّه صحبه خمسة وعشرين صباحًا، قال: فكنت أرمقه، فلم أره يقرأ في الركعتين قبل الفجر، وفي الركعتين بعد المغرب، إلا ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فلم أره قرأ في ركعتي الفجر إلا ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وقال: تعدل إحداهما بثلث القرآن، والأخرى بربع القرآن: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بثلث القرآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} بربع القرآن» إسناده ضعيف.

4: عبد الواحد بن زياد: رواه أبو يعلى (5720) حدثنا محمد بن المنهال، أخو الحجاج، حدثنا عبد الواحد يعني ابن زياد، عن ليث، قال: حدثني أبو محمد، قال: رمقت ابن عمر رضي الله عنهما شهرًا فسمعته في الركعتين، قبل صلاة الصبح يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} قال: فذكرت له ذلك فقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا أو خمسة وعشرين يومًا يقرأ في الركعتين قبل صلاة الصبح: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وقال: «إِنَّ إِحْدَاهُمَا تُعْدَلُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ وَالْأُخْرَى بِرُبُعِ الْقُرْآنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تُعْدَلُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تُعْدَلُ بِرُبُعِ الْقُرْآنِ» إسناده ضعيف.

قال الدارقطني في علله (13/ 117) أبو محمد هذا مجهول.

5: أسباط بن محمد: رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (70) حدثنا محمود بن آدم، ثنا أسباط، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال:«رمقت النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة أو خمسًا وعشرين ليلة أو شهرًا فلم أسمعه يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر إلاب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» إسناده ضعيف.

قال محمد بن نصر: هذا غير محفوظ عندي لأنَّ المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه أنَّه روى عن حفصة رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال: تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

6: الحسن بن الحر، وزائدة، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 117).

7: زفر بن الهذيل عن ليث عن جدته، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 117).

قال الدارقطني كلها مضطربة، وليث مضطرب الحديث.

4: رواية نفيع بن الحارث: رواه المستغفري في فضائل القرآن (1088) أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا ابن منيع حدثنا طالوت بن عباد حدثنا شهاب هو ابن شريفة حدثنا أبو داود الكوفي نفيع بن الحارث وابن عدي في الكامل (7/ 190) ثنا محمد بن أحمد بن موسى السوليطي هذا ثنا علي بن بكار المصيصي ثنا أبو إسحاق الفرازى عن يحيى بن أبى أنيسة عن نفيع بن الحارث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين صباحًا كذلك أسمعه يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» إسناده ضعيف جدًا.

الحديث منكر فيحيى بن أبى أنيسة ونفيع بن الحارث ضعفهما شديد.

وتقدم قول أبي حاتم: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنِّما روى هذا الحديث نفيع الأعمى، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الدارقطني (13/ 117) رواه نفيع بن الحارث، أبو داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وهو متروك الحديث. حدث به زيد بن أبي أنيسة، وسفيان الثوري.

5: رواية سالم بن عبد الله: رواه الطبراني في الأوسط (7792) حدثنا محمود بن محمد الواسطي، ثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري: ثنا عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال:«سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أربعين صباحًا في غزوة تبوك يقرأ في الركعتين قبل الفجر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» إسناده ضعيف جدًا.

عبد العزيز بن عمران الزهري متروك.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا ابن أخيه، ولا عن ابن أخي الزهري، إلا عبد العزيز بن عمران، تفرد به: أبو مصعب. وقال أبو حاتم في علل ابنه (473) هذا حديث باطل بهذا الإسناد.

وقال الدارقطني في علله (2994) رواه عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي الزهري، عن عمه، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه بذلك، وهذا حديث ضعيف.

والمحفوظ عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّه عد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: التطوع، فلما ذكر ركعتي الفجر، قال: وأما ركعتي الفجر، فإنَّه كان يصليها في ساعة لا يدخل عليه أحد، وأخبرتني حفصة رضي الله عنها؛ أنَّه كان يصلي ركعتي الفجر.، وعبد العزيز بن عمران هذا ضعيف.

6: رواية عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب: واختلف عليه فرواه:

1: أبو هانئ إسماعيل بن خليفة عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال الدارقطني (13/ 116) وهم فيه على شريك.

2: شريك، عن أبي إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الدارقطني (13/ 116) المحفوظ عن شريك: عن أبي إسحاق، عن رجل، لم يسمه، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

3: عبد المنعم بن نعيم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 116).

عبد المنعم بن نعيم الأسواري متروك.

4: أحمد بن بديل، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الدارقطني في علله (13/ 116) ليس هذا من الحديث بسبيل.

والمحفوظ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم البخاري (1172).

7: رواية عطاء بن أبي رباح: يوسف بن ميمون الصباغ، - وكان ضعيفًا- عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 117).

8: رواية جعفر بن أبي جعفر الأشجعي: مندل بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما. علل الدارقطني (13/ 117).

قال الدارقطني: جعفر هذا هو جعفر بن أبي جعفر الأشجعي، وهو ضعيف، وأبوه أيضًا مثله.

فحديث ابن عمر رضي الله عنهما مضطرب السند منكر المتن عند الحفاظ أبي حاتم ومسلم والدارقطني والمروزي.

قال أبو حاتم - في علل ابنه (283) -: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنِّما روى هذا الحديث نفيع الأعمى، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال مسلم في التمييز ص: (66) هذا الخبر وهم عن ابن عمر رضي الله عنهما والدليل على ذلك الروايات الثابتة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه ذكر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطوع صلاته بالليل والنهار فذكر عشر ركعات ثم قال وركعتي الفجر أخبرتني حفصة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى ركعتين خفيفتين اذا طلع الفجر وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها وهو يخبر أنَّه حفظ الركعتين من حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وسنذكر إن شاء الله ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما في الرواية في ذلك:

يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل الظهر ركعتين وساقه وأيوب عن نافع ومالك عن نافع والزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه. فقد ثبت ما ذكرنا من رواية سالم ونافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ حفصة رضي الله عنها أخبرته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتي الفجر إن رواية أبي إسحاق وغيره ثم ذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه حفظ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهم غير محفوظ.

وقال الدارقطني في العلل (13/ 118) هذا الحديث إنَّما حدث به ابن عمر رضي الله عنهما، عن أخته حفصة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم كل من رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وهم عليه فيه.

وتقدم قول محمد بن نصر المروزي: هذا غير محفوظ عندي لأنَّ المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه أنَّه روى عن حفصة رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال: تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

ص: 504

(1)

رواه الترمذي (431) حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا بَدَل بن المحبر قال: حدثنا عبد الملك بن معدان، والطبراني في الأوسط (5767) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: نا أحمد بن يونس قال: نا عبد الملك بن الوليد بن معدان، والمروزي - مختصر قيام الليل ص:(70) - حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أحمد بن يونس، حدثني عبد الملك بن الوليد بن معدان، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 298) حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان، عن عاصم عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود رضي الله عنه ورواه أبو يعلى (5049) حدثنا سعيد بن أشعث، أخبرني عبد الملك بن الوليد بن معدان، والطبراني في الكبير (10/ 141) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، وإبراهيم بن هاشم البغوي، قالا: ثنا سعيد بن أبي الربيع، ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان، وابن عدي (5/ 308) حدثنا الحسن بن الطيب البلخي ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان المدني ثنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه ورواه ابن ماجه (1166) حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقد، ح وحدثنا محمد بن المؤمل بن الصباح قال: حدثنا بدل بن المحبر، قالا: حدثنا عبد الملك بن الوليد والبزار (1843) حدثنا محمد بن المثنى، وعمرو بن علي، قالا: نا بدل بن المحبر، قال: نا عبد الملك بن الوليد بن معدان والعقيلي (3/ 38) حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا بدل بن المحبر قال: حدثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان الضبعي قال: حدثنا عاصم بن بهدلة، عن زر، وأبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه فذكره إسناده ضعيف جدًا.

عبد الملك بن الوليد بن معدان الضبعي ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث جدًا ممن يقلب الأسانيد لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه. وعاصم بن بهدلة بن أبي النجود على جلالة قدره في القراءة إلا أنَّه في الحديث صدوق له أوهام. فالحديث منكر.

قال الترمذي: حديث ابن مسعود رضي الله عنه حديث غريب من حديث ابن مسعود رضي الله عنه لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن معدان، عن عاصم. وروى ابن عدي الحديث في ترجمة عبد الملك بن الوليد وقال: هذان الحديثان مع أحاديث يرويها عبد الملك عن عاصم بهذا الإسناد وغيره ما لا يتابع عليه.

وقال البزار: هذه الأحاديث لا نعلم رواها، عن عاصم، عن أبي وائل، وزر فجمعهما إلا عبد الملك بن الوليد. وروى العقيلي الحديث في ترجمة عبد الملك بن الوليد وقال: لا يتابع عليه بهذا الإسناد. وقد روي المتن بغير هذا الإسناد بإسناد جيد. فتفرد بالحديث عبد الملك بن معدان لكن قال الطبراني في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن عاصم، إلا عبد الملك بن الوليد بن معدان، والحسين بن واقد. والحسين بن واقد ثقة لكنِّي لم أقف عليه من روايته ولم يذكره غير الطبراني فالله أعلم.

وقال محمد بن نصر: قال محمد بن يحيي: لو شاء قائل لقال مسند، ولو شاء قائل لقال منكر.

تنبيه: في رواية ابن ماجه ذكر راتبة المغرب فقط وفي رواية البزار والطبراني في الكبير ذكر راتبة الفجر فقط.

ص: 508

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: الحديثان لا يصحان.

الثاني: على فرض صحتهما فتقدم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يجهر أحيانًا في السرية لتحفظ قراءته.

الدليل الخامس: عن جابر رضي الله عنه أنَّ رجلًا قام فركع ركعتي الفجر فقرأ في الأولى {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هَذَا عَبْدٌ آمَنَ

ص: 509

بِرَبِّهِ» ثم قام فقرأ في الآخرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ»

(1)

.

وجه الاستدلال: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم من جهر في راتبة الفجر.

الرد من وجوه:

الأول: الحديث ضعيف.

الثاني: قد يسمع القارئُ من غير جهر في القراءة.

الثالث: الجهر جائز والسنة الإسرار فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليه لأنَّه لم يفعل محرمًا.

الدليل السادس: راتبة الفجر تبع لصلاة الفجر فتعطى حكمها في الجهر.

(1)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 298) حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي، قال: ثنا يحيى بن معين وابن حبان (2460) أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد، حدثنا يحيى بن معين والبيهقي في شعب الإيمان (2294) أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا محمد بن أحمد بن حامد العطار، ح وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم الفارسي، أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قالا: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا يحيى بن معين والمستغفري في فضائل القرآن (1085) أخبرنا إسماعيل بن محمد الحاجبي بالكشانية حدثنا صالح بن آدم الكشاني حدثنا محمد بن حاتم بن المظفر المروزي الكندي حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خراش، يحدث عن جابر رضي الله عنه: فذكره رواته محتج بهم.

يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أُنَيس الأنصاري قال أحمد: كتبنا عنه، ولم يكن به بأس، وأثنى عليه. وذكره ابن حبان في الثقات وقال في مشاهير علماء الأمصار من جلة أهل المدينة ممن كان يغرب عن جابر بن عبد الله رضي الله عهما. وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وطلحة بن خراش بن عبد الرحمن الأنصاري قال النسائي صالح وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه ابن عبد البر وقال الأزدي طلحة روى عن جابر رضي الله عنه مناكير.

فتفرد يحيى بن عبد الله وطلحة بن خراش بالحديث يجعل النفس لا تطمئن لصحته فأخشى أن يكون من مناكير طلحة والله أعلم.

تنبيه: وقع تصحيف في إسناد المستغفري.

ص: 510

الرد: لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم دليل صحيح صريح في الجهر.

القول الثاني: يسر بالقراءة: مذهب المالكية

(1)

والشافعية

(2)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها كانت تقول:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف، حتى إنِّي أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟»

(3)

.

وجه الاستدلال: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة لنقلت لنا قراءته ولما ترددت عائشة رضي الله عنها في قراءته الفاتحة

(4)

.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها؛ «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يسر فيهما القراءة»

(5)

.

(1)

قال ابن أبي زيد في الرسالة: يركع ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح بعد الفجر يقرأ في كل ركعة بأم القرآن يسرها.

انظر: شرحي الرسالة لزروق وابن ناجي (1/ 185) وشرح التلقين (2/ 786) والتاج والإكليل (2/ 391).

(2)

قال النووي في المجموع (3/ 391) السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا.

وانظر: أسنى المطالب (1/ 156) وحاشية قليوبي (1/ 226) وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (1/ 494).

تنبيه: مذهب الأحناف التطوع إن كان في النهار يخافت، بلا خلاف وإن كان في الليل فهو بالخيار إن شاء خافت وإن شاء جهر، والجهر أفضل؛ لأنَّ النوافل تبع الفرائض، والحكم في الفرائض كذلك وكذلك اعتبار المتطوع بالليل بفرض المنفرد ليلًا لأنَّ التطوع مكمل للفرض.

انظر: بدائع الصنائع (1/ 161) والبحر الرائق (1/ 585) والبناية (2/ 345) والدر المختار وحاشية ابن عابدين (2/ 250) وحاشية الطحطاوي (2/ 228) والنهر الفائق (1/ 228).

فراتبة الفجر نهارية فتدخل في عموم كلامهم بالإسرار في تطوع النهار لكن يشكل على ذلك تعليلهم الجهر في رواتب الليل لأنَّها تبع للفرض في الجهر ولأنَّها مكملة للفرائض فتعطى حكمها في الجهر. فهل راتبة الفجر كذلك في الجهر؟ لا سيما أنَّ العيني في شرح أبي داود (5/ 149) قال: - في شرحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في راتبة الفجر بآية البقرة وآية آل عمران - يفهم من الحديث أنَّ الجهر بقراءة النوافل الراتبة بالليل غير مكروه. فلم يتبين لي مذهب الأحناف في حكم الجهر في راتبة الفجر والله أعلم.

(3)

رواه البخاري (1171) ومسلم (724).

(4)

انظر: شرح الرسالة لزروق وابن ناجي (1/ 185).

(5)

الحديث رواه عن ابن سيرين:

1: هشام بن حسان القردوسي وخالد بن مهران الحذاء وأشعث بن عبد الملك الحمراني: رواه ابن أبي شيبة (2/ 242) حدثنا ابن إدريس، عن هشام وأحمد (24982) حدثنا علي، عن خالد، وهشام، وإسحاق بن راهويه (1345) أخبرنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن هشام، وإسحاق بن راهويه (1344) أخبرنا جرير، عن هشام بن حسان وأحمد (25484) حدثنا يزيد، قال: أخبرنا هشام، والدارمي (1444) أخبرنا سعيد بن عامر، عن هشام، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 297) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا هشام والمستغفري في فضائل القرآن (1084) أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا محمد بن المسيب حدثنا أحمد بن عبد الرحيم حدثنا سعيد أخبرنا يحيى بن أيوب عن هشام بن حسان وإسحاق بن راهويه (1346) أخبرنا النضر، نا الأشعث بن عبد الملك، عن ابن سيرين، عن عائشة رضي الله عنها؛ فذكره مرسل رواته ثقات.

قال أبو حاتم: ابن سيرين لم يسمع من عائشة رضي الله عنها شيئًا. وقال الطحاوي: روي عنها منقطعًا ما فيه أنَّه قد كان يقرأ فيهما غير فاتحة الكتاب ثم ذكره.

تنبيهان:

الأول: رواية أحمد (24982) عن هشام بن حسان ليس فيها «يسر بهما» .

الثاني: لفظ رواية الدارمي والطحاوي: «يخفي ما يقرأ فيهما» .

2: أيوب بن كيسان السختياني: رواه أحمد (24971) وإسحاق بن راهويه (1343) أخبرنا الثقفي، نا أيوب، عن محمد، أنَّ عائشة رضي الله عنها، سئلت عن ركعتي الفجر، فقالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخففهما وأظنُّه كان يقرأ فيهما نحو: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» مرسل رواته ثقات.

هشام بن حسان وأيوب السختياني كلاهما من أثبت الناس في ابن سيرين لكن هشام توبع فالمحفوظ روايته فلعل الخطأ من عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي فهو ثقة وفيه كلام يسير والله أعلم.

قال الألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 455) معلول بالانقطاع

وبالاضطراب في متنه

أخرجه أحمد

ثنا عبد الوهاب الثَّقَفي عن أيوب به. والمخالفة من وجهين:

الأولى: أنَّها لم تعين السورتين، وإنَّما ذكرتهما تقديرًا؛ لأنَّ القراءة كانت سرية.

والأخرى: أنَّها لم تقطع بذلك؛ بل روته ظنًا. والله أعلم.

ص: 511

وجه الاستدلال: الحديث نص في إسرار النبي صلى الله عليه وسلم براتبة الفجر.

الرد: الحديث مرسل.

الجواب: يشهد له حديثها السابق فيفهم منه إسراره بالقراءة والله أعلم.

الدليل الثالث: حديث: «صلاة النهار عجماء» .

وجه الاستدلال: راتبة الفجر نهارية فتسر فيها القراءةُ

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: قال الغزي: قال النووي باطل لا أصل له - أي في المرفوع - وإلا فقد

(1)

انظر: المبسوط (1/ 101) وكشاف القناع (1/ 344).

ص: 512

روي من قول مجاهد وأبي عبيدة بن عبيد الله بن مسعود وقال إنَّه من كلام الحسن البصري

(1)

.

الثاني: بعض صلاة النهار جهرية كالفجر والجمعة والاستسقاء والكسوف

(2)

.

الدليل الرابع: راتبة الفجر نهارية فتسر فيها القراءة.

الرد: كالذي قبله.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ راتبة الفجر من الصلوات السرية لحديث عائشة رضي الله عنها ولم أقف على حديث صحيح صريح في الجهر براتبة الفجر والله أعلم.

(1)

الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث (234).

وانظر: خلاصة الأحكام (1243) والدراية في تخريج أحاديث الهداية (193) والمقاصد الحسنة (628).

وأثر الحسن البصري صحيح. انظر: جهر المنفرد والمسبوق في صلاة الفرض الجهرية.

(2)

انظر: التبصرة (2/ 482).

ص: 513

‌قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعذر

لأهل العلم في قضاء راتبة الفجر إذا فاتت قولان - في الجملة - قول بعدم القضاء وقول بالقضاء.

القول الأول: لا تقضى راتبة الفجر: روي عن عامر الشعبي في إحدى الروايتين

(1)

وهو قول للمالكية

(2)

.

الدليل الأول: النص ورد بقضاء الواجبات

(3)

.

الرد: لا يختص القضاء بالواجبات فيأتي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى راتبة الظهر البعدية بعد العصر وقضى قيام الليل نهارًا وأمر بذلك وقضى النبي صلى الله عليه وسلم اعتكاف العشر الأواخر من رمضان في شوال

(4)

.

الدليل الثاني: ليس في الذمة شيء فيجب قضاؤه

(5)

.

الرد: تقدم.

الدليل الثالث: تسقط الراتبة بفوات وقتها كالكسوف، والخسوف

(6)

.

الرد من وجهين:

الأول: هذا القياس مقابل النص.

الثاني: الكسوف والاستسقاء ليستا براتبة وإنَّما لعارض وإذا زال العارض زالت مشروعية القضاء

(7)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، قال:«لا تقضى ركعتا الفجر» وإسناده ضعيف. جابر بن يزيد الجعفي ضعيف.

(2)

انظر: المفهم (2/ 311) ومواهب الجليل (2/ 392).

(3)

انظر: منية المصلي ص: (254).

(4)

رواه مسلم (1173) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

انظر: المفهم (2/ 311).

(6)

انظر: الحاوي (2/ 288).

(7)

انظر: المهذب مع المجموع (4/ 40).

ص: 514

الدليل الرابع: الصلاة إنَّما تفعل لتعلقها بالوقت، أو لتعلقها بالذمة أو تبعًا لفعل فريضة، وركعتا الفجر لم يتعلقا بالوقت، لأنَّ وقتيهما قد فاتا وهي غير متعلقة بالذمة، لأنَّ النافلة لا تتعلق بالذمة وليس يفعلان على طريق التبع، لأنَّ متبوعها قد سقط فعلم أنَّهما لا يفعلان

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: وقت قضاء الراتبة إذا زال العذر فلا يفوت وقتها كالفرض.

الثاني: تقدم أنَّ القضاء لا يختص بالنفل.

الثالث: قضاء راتبة الفجر بعد الفرض لا يخرجها عن التبع للفرض.

القول الثاني: لا تقضى راتبة الفجر إلا إذا فاتت مع الفرض: وهو مذهب الأحناف

(2)

والقول القديم للشافعي

(3)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» ، قال: ففعلنا، «ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة، فصلى الغداة»

(4)

.

الدليل الثاني: في حديث أبي قتادة رضي الله عنه «فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره، قال: فقمنا فزعين، ثم قال: «ارْكَبُوا» ، فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل،

ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين،

(1)

انظر: الحاوي (2/ 288).

(2)

قال ابن نجيم في البحر الرائق (2/ 131)(قوله ولم تقض إلا تبعًا) أي لم تقض سنة الفجر إلا إذا فاتت مع الفرض فتقضى تبعًا للفرض سواء قضاها مع الجماعة أو وحده

فأفاد المصنف أنَّها لا تقضى قبل طلوع الشمس أصلًا ولا بعد الطلوع إذا كان قد أدى الفرض

وقيد بسنة الفجر لأنَّ سائر السنن لا تقضى بعد الوقت لا تبعًا ولا مقصودًا واختلف المشايخ في قضائها تبعا للفرض في الوقت والظاهر قضاؤها وأنَّها سنة لاختلاف الشيخين [أبي يوسف ومحمد بن الحسن] في قضاء الأربع قبل الظهر قبل الركعتين أو بعدهما.

وانظر: فتح القدير (1/ 417) ومنية المصلي ص: (254) وتبيين الحقائق (1/ 453).

(3)

انظر: الحاوي (2/ 288) ونهاية المطلب (2/ 344) والعزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 42).

(4)

رواه مسلم (680).

ص: 515

ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم»

(1)

.

وجه الاستدلال: الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب والحديث ورد في قضائها تبعًا للفرض فبقي ما وراءه على الأصل

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: قول: إنَّ الأصل في السنة اختصاص القضاء بالواجب مجرد دعوى فيشرع قضاء ما فات من النوافل بعذر لما يأتي.

الثاني: لا يوافق على قول: الحديث ورد في قضائها تبعًا للفرض فجاء قضاؤها تبعًا للفرض وإذا فات وحدها ويأتي.

القول الثالث: تقضى راتبة الفجر فاتت وحدها أو مع الفرض: وهو مذهب ابن عمر رضي الله عنهما والقاسم بن محمد

(3)

وعطاء بن أبي رباح

(4)

وطاوس بن كيسان

(5)

وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج

(6)

.

(1)

رواه مسلم (681).

(2)

انظر: البحر الرائق (2/ 131).

(3)

رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 329) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عمر، حدثنا حماد بن سلمة وابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا غندر، عن شعبة، يرويانه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: سمعت القاسم، يقول:«لو لم أصلهما حتى أصلي الفجر، صليتهما بعد طلوع الشمس» وإسناده حسن.

بكار بن قتيبة ذكره ابن حبان في ثقاته، وترجم له الذهبي في السير فقال: القاضي الكبير، العلامة، المحدث. وأبو عمر هو حفص بن عمر، الضرير قال الحافظ ابن حجر صدوق وبقية رواته ثقات. وغندر هو محمد بن جعفر.

(4)

رواه عبد الرزاق (4013) عن ابن جريج، عن عطاء قال:«إذا أخطأت أن تركعهما قبل الصبح فاركعهما بعد الصبح» ورواته ثقات.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ، يقال له: مسمع بن ثابت، قال:«رأيت عطاء فعل مثل ذلك - أي قضى الراتبة بعد صلاة الفجر -» وإسناده ضعيف. مسمع بن ثابت لم أقف له على ترجمة.

(5)

رواه عبد الرزاق (4014) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال:«إذا أقيمت الصلاة ولم تركع ركعتي الفجر صل مع الإمام، فإذا فرغ اركعهما بعد الصبح» وإسناده صحيح.

(6)

قال عبد الرزاق (4015)«رأيت ابن جريج ركعهما بعد الصبح في مسجد صنعاء بعدما سلم الإمام» وإسناده صحيح.

ص: 516

وروي عن عامر الشعبي في إحدى الروايتين

(1)

وهو قول للأحناف

(2)

ومذهب المالكية

(3)

والصحيح من مذهب الشافعية

(4)

وهو مذهب الحنابلة

(5)

واختاره ابن حزم - ونسبه لداود -

(6)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(7)

وابن القيم

(8)

وابن باز

(9)

وشيخنا محمد العثيمين

(10)

.

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» ، قال: ففعلنا، «ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة، فصلى الغداة»

الدليل الثاني: في حديث أبي قتادة رضي الله عنه «فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الشعبي، قال:«إذا فاتته ركعتا الفجر صلاهما بعد صلاة الفجر»

وإسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم ضعيف قال الحافظ ابن حجر: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك. وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

(2)

قال في معارف السنن (4/ 88) اتفق أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد على أنَّه لا يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح

ثم اختلفوا هل يصليهما بعد طلوع الشمس أم لا؟ فقال محمد نعم

وقال شيخنا وبه ينبغي العمل عندنا حيث لم يمنع عنه أبو حنيفة وأبو يوسف وتقدم نقلًا عن العناية والدر المختار قضاء السنة عندنا غير أنَّه أخف بعد خروج الوقت.

(3)

قال خليل - في مختصره مع شرح الخرشي (2/ 138) - ولا يقضي غير فرض إلا هي [سنة الفجر] فللزوال.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 319) ومواهب الجليل (2/ 392) وشرح الخرشي على خليل (2/ 138).

(4)

انظر: الحاوي (2/ 288) ونهاية المطلب (2/ 344) والعزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 41) وأسنى المطالب (1/ 207).

(5)

انظر: المبدع (2/ 16) والإنصاف (2/ 176) وكشاف القناع (1/ 437) ومطالب أولي النهى (2/ 69).

(6)

انظر: المحلى (3/ 7، 8).

(7)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 210).

(8)

انظر: زاد المعاد (3/ 358).

(9)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 384).

(10)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 351).

ص: 517

والشمس في ظهره، قال: فقمنا فزعين، ثم قال:«ارْكَبُوا» ، فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل،

ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم»

وجه الاستدلال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر حينما فاتت.

الرد: قضاها قبل الفرض ولم ينقل قضاها إذا فاتت وحدها

(1)

.

الجواب: يأتي قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لراتبة الظهر البعدية بعد العصر وقضاء ابن عمر رضي الله عنهما لراتبة الفجر.

الدليل الثالث: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ»

(2)

.

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد العصر فراتبة الفجر أولى بالقضاء لأنَّها آكد منها

(3)

.

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل، أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»

(4)

.

وجه الاستدلال: فيه محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على النفل وقضاؤه ما فات منه

(5)

.

الدليل الخامس: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ»

(6)

.

(1)

انظر: منية المصلي ص: (254).

(2)

رواه البخاري (1233) ومسلم (834).

(3)

انظر: المجموع شرح المهذب (4/ 42).

(4)

رواه مسلم (746).

(5)

انظر: المغني (1/ 775) وكشاف القناع (1/ 437).

(6)

رواه مسلم (747).

ص: 518

وجه الاستدلال: شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم قضاء قيام الليل في النهار

(1)

.

الدليل السادس: عن قيس الأنصاري رضي الله عنه، قال:«رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟» فقال الرجل: إنِّي لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(2)

.

(1)

انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 143).

(2)

الحديث رواه عن قيس الأنصاري رضي الله عنه:

1: محمد بن إبراهيم التيمي. 2: سعيد بن قيس. 3: عبد ربه بن سعيد بن قيس. 4: قيس بن أبي حازم.

1: رواية محمد بن إبراهيم، التيمي: رواه أحمد (23248) وأبو داود (1267) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وابن ماجه (1154) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة [(2/ 254)] والدارقطني (1/ 384) حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو بكر بن أبي شيبة والحاكم (1/ 275) أخبرناه عبد الله بن محمد الصيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قتيبة السلمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، يروونه عن عبد الله بن نمير ورواه الشافعي في الأم (1/ 149) وابن خزيمة (2/ 164) قال ثنا أبو الحسن عمر بن حفص، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4139) حدثنا إسماعيل بن حمدويه البيكندي، حدثنا الحميدي، [(868)] ح الطحاوي شرح مشكل الآثار (4138) حدثنا روح بن الفرج، حدثنا حامد بن يحيى، يروونه عن سفيان بن عيينة والترمذي (422) حدثنا محمد بن عمرو السواق، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، يروونه - ابن نمير وابن عيينة والداروردي - عن سعد بن سعيد الأنصاري، حدثني محمد بن إبراهيم، عن قيس رضي الله عنه فذكره مرسل رواته محتج بهم.

سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري قال النسائي ليس بالقوي وقال ابن سعد كان ثقة وقال ابن عدي له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ولا أرى بحديثه بأسًا بمقدار ما يرويه وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطاء ولم يفحش خطؤه فلذلك سلكناه مسلك العدول وقال العجلي وابن عمار ثقة ولم يتفرد به. وبقية رواته محتج بهم.

قال الترمذي: يروى هذا الحديث مرسلًا

وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس رضي الله عنه، وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قيسًا رضي الله عنه» وهذا أصح من حديث عبد العزيز، عن سعد بن سعيد. وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 327) محمد بن إبراهيم، فإنَّما حديثه عن أبي سلمة وأمثاله من التابعين، لا يعرف له لقاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

فدخل هذا الحديث في الأحاديث المنقطعة التي لا يحتج أهل الإسناد بمثلها. وقال النووي في المجموع (4/ 169) إسناده ضعيف فيه انقطاع

فمتن الحديث ضعيف عند أهل الحديث.

تنبيهان:

الأول: روى ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء؛ «أنَّ رجلًا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام الرجل فصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» فقال: يا رسول الله، جئت وأنت في الصلاة، ولم أكن صليت الركعتين قبل الفجر، فكرهت أن أصليهما وأنت تصلي، فلما قضيت الصلاة، قمت فصليت الصلاة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يأمره، ولم ينهه» مرسل رواته ثقات.

لكن هشيم وابن جريج مدلسان تدليس تسوية فأسقط أحدهما - والله أعلم - شيخ عطاء فرواه أبو داود (1268) حدثنا حامد بن يحيى البلخي، قال: قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد.

ونقل الحميدي في مسنده (2/ 385) عن شيخه سفيان بن عيينة قوله: كان عطاء بن أبي رباح، يروي هذا الحديث، عن سعد بن سعيد. ونحوه في جامع الترمذي (2/ 285) وشرح مشكل الآثار (10/ 325).

ورواه ابن حزم في المحلى (3/ 112) بإسناده ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا الحسن بن ذكوان عن عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار قال: فذكره والأنصاري هو سعد بن سعيد بن قيس فرجع الحديث إليه والله أعلم.

الثاني: قال ابن مندة في معرفة الصحابة ص: (675) - وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (3339) - أخبرنا علي بن محمد بن نصر، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام، قال: حدثنا عمر بن قيس، عن سعد بن سعيد، أخي يحيى، عن حفص بن عاصم بن عمر، قال: سمعت سهيل بن سعد أخا سهل بن سعد رضي الله عنهما، يقول: دخلت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فصليت فلما انصرف النبي عليه السلام رأني أركع ركعتين، فقال:«مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» قلت: يا رسول الله، جئت وقد أقيمت الصلاة فأحببت أن أدرك معك الصلاة ثم أصلي، فسكت، «وكان إذا رضي شيئًا سكت» وإسناده ضعيف.

في إسناده عمر بن قيس المكي ضعفه شديد، قال الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وأبو حاتم: متروك. فهذه الرواية منكرة.

قال ابن مندة: هذا حديث غريب من حديث سعد بن سعيد، وقال أبو نعيم: الصحيح ما رواه سفيان بن عيينة، وابن نمير، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن قيس بن عمرو رضي الله عنه.

2: رواية سعيد بن قيس الأنصاري: رواه ابن خزيمة (1116) ثنا الربيع بن سليمان المرادي، ونصر بن مرزوق والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4137) وابن حبان (1563) أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ووصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية ح (2471) أخبرنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم الخولاني المصري بطرسوس، ومحمد بن المنذر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، والحاكم (1/ 274) - وعنه البيهقي (2/ 483) - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قالوا حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا الليث بن سعد، حدثني يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جده قيس بن قهد رضي الله عنه:«أنَّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم معه، ثم قال: فركع ركعتي الفجر ورسول الله عليه السلام ينظر إليه، فلم ينكر ذلك عليه» مرسل رواته محتج بهم.

سعيد بن قيس ذكره البخاري في تاريخه الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته. قال أبو عبد الرحمن فحديثه حسن إذا توبع. وبقية رواته ثقات.

والحديث أعل ب:

1: جهالة حال سعيد بن قياس. وتقدم أنَّ حديثه حسن إذا توبع.

2: الإرسال: قال المزي - في التهذيب في ترجمة قيس بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه الرواة عنه ابنه سعيد -: قيل لم يسمع منه. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (3/ 256) أخرجه ابن مندة من طريق أسد بن موسى، عن الليث، عن يحيى، عن أبيه، عن جده. وقال: غريب تفرد به أسد موصولًا، وقال غيره عن الليث، عن يحيى: إنَّ حديثه مرسل. واللَّه أعلم. واستغرب وصله ابن خزيمة بقوله: خبر غريب غريب.

وقال الطحاوي: الحديث مما ينكره أهل العلم بالحديث على أسد بن موسى، منهم إبراهيم بن أبي داود، فسمعته يقول: رأيت هذا الحديث في أصل الكتب موقوفًا على يحيى بن سعيد.

3: الاختلاف في اسم قيس رضي الله عنه: قال الطحاوي: مما ينكره أهل الأنساب أيضًا، ويزعمون أنَّ يحيى بن سعيد أيضًا ليس قيس جده قيس بن قهد رضي الله عنه.

قال أبو عبد الرحمن: لا يضر ذلك قال الترمذي يقال: هو قيس بن عمرو رضي الله عنه، ويقال: ابن قهد وقال النووي في المجموع (4/ 169) قيس بن قهد رضي الله عنه والأكثرون قيس بن عمرو رضي الله عنه وهو الصحيح عند جمهور أئمة الحديث وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 338) ذكر العسكري أن قهدًا لقب عمرو والد قيس وبهذا يجمع الخلاف في اسم أبيه

وأما ابن السكن فجعله في الصحابة رضي الله عنهم اثنين.

4: رواية عبد ربه بن سعيد بن قيس: رواه أحمد (23249) حدثنا عبد الرزاق [(4016)]، أخبرنا ابن جريج، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4140) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عمر الضرير، قال: قال حماد بن سلمة قالا: أخبرنا عبد ربه بن سعيد، أخا يحيى بن سعيد، يحدث عن جده، قال:«خرج إلى الصبح فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح، ولم يكن ركع ركعتي الفجر، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام حين فرغ من الصبح فركع ركعتي الفجر، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟» فأخبره، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ومضى ولم يقل شيئًا» مرسل رواته ثقات.

أبو عمر الضرير هو حفص بن عمر البصري الأكبر صدوق وبكار بن قتيبة في أقل أحواله مقبول وبقية رواته ثقات.

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (3/ 256) أخرج أحمد من طريق ابن جريج: سمعت عبد اللَّه بن سعيد يحدّث عن جده نحوه، فإن كان الضمير لعبد اللَّه فهو مرسل، لأنَّه لم يدركه، وإن كان لسعيد فيكون محمد بن إبراهيم فيه قد توبع.

تنبيه: في نسختي من مسند أحمد طبعة دار إحياء التراث الطبعة الثانية عبد الله بن سعيد كما ذكر الحافظ وفي بعض نسخ أحمد عبد ربه بن سعيد وهو كذلك عند عبد الرزاق والطحاوي والظاهر أنَّه الصحيح فلم أقف على ترجمة لعبد الله بن سعيد بن قيس في التهذيب ولا في تقريبه ولا في تعجيل المنفعة والله أعلم. وأشار أبو داود في سننه إلى هذه الرواية (2/ 22) بقوله روى عبد ربه، ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا.

4: قيس بن أبي حازم: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4141) حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، بحديث ثبتني فيه بعض أهل العلم من أصحابنا، قال: حدثنا علي بن يونس، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن قيس بن قهد «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رآه يصلي ركعتين بعد صلاة الغداة، فقال: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يَا قَيْسُ؟» قال: لم أكن ركعتهما قبل الصلاة، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم» وإسناده ضعيف.

قال الطحاوي: أهل الحديث ينكرون هذا الحديث ولا يعرفونه، ولا يعرفون علي بن يونس الذي حدثناه ابن عبد المؤمن عنه.

فالذي يظهر لي أنَّ الحديث ثابت بمجموعه فأقل أحواله أنَّه حديث حسن. فالروايات الثلاث مرسلة ورواتها محتج بهم وفي الرواية الرابعة جهالة علي بن يونس فتقوي بعض الروايات بعضًا والله أعلم.

والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الملقن في البدر المنير (3/ 267) والألباني في موارد الظمان إلى زوائد ابن حبان (518). وقال أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (2/ 287) هذه الطرق كلها يؤيد بعضها بعضًا ويكون الحديث بها صحيحًا لا شبهة في صحته.

ص: 519

وجه الاستدلال: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم قيسًا الأنصاري رضي الله عنه حينما قضى راتبة الفجر بعد الصلاة

(1)

.

الدليل السابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا»

(2)

.

وجه الاستدلال: «صَلاةً» نكرة في سياق الشرط فتعم كل صلاة فرضًا أو نفلًا فتدخل راتبة الفجر في عموم الحديث

(3)

.

الرد: ذكر الكفارة يدل على أنَّ المقصود صلاة الفرض والله أعلم.

الدليل الثامن: عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ

(1)

انظر: الحاوي الكبير (2/ 275) والكافي لابن قدامة (1/ 125).

(2)

رواه البخاري (597) ومسلم (684). واللفظ له.

(3)

انظر: الحاوي (2/ 288) والمهذب مع المجموع (4/ 40).

ص: 522

صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ»

(1)

.

وجه الاستدلال: في الحديث جواز قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعد الصلاة.

الرد: الحديث منكر.

الدليل التاسع: عن نافع «أنَّ ابن عمر، دخل المسجد والقوم في الصلاة، ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فدخل مع القوم في صلاتهم، ثم قعد، حتى إذا أشرقت له الشمس قضاها»

(2)

.

وجه الاستدلال: قضى ابن عمر رضي الله عنهما راتبة الفجر اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره.

الدليل العاشر: صلاة راتبة في وقت فلم تسقط بفوات الوقت إلى غير بدل

(1)

الحديث مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي واضطرب في إسناده فروي عنه مرفوعًا وموقوفًا واضطرب أيضًا في متنه.

أولًا: المرفوع رواه:

1: الدارقطني (1/ 419) حدثنا يزيد بن الحسين البزاز ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع والطبراني في الكبير (13/ 30) حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عبد الله بن رجاء المكي، يرويانه عن سفيان الثوري ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف.

الحديث مداره على عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الإفريقي توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: ضعيف في حفظه كان رجلًا صالحًا.

وعبد الله بن رجاء ثقة تغير حفظه وبقية رواته ثقات.

تنبيه: رواه الدارقطني في باب النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر (1/ 246) طبعة المعرفة تحقيق عبد الله هاشم يماني وطبعة المعرفة (1/ 546) تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وزميله بنفس السند بلفظ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ» .

2: الثوري عند عبد الرزاق (4757) وأبو معاوية محمد بن خازم عند ابن أبي شيبة (2/ 355) وعيسى بن يونس عند محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (175) - وعبد الله بن يزيد عند البزار - مختصر زوائد البزار (703) - ويعلى بن عبيد عند عبد بن حميد - المنتخب (333) - يروونه عن عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد الحبلي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ» وإسناده ضعيف.

ثانيًا: الموقوف: قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 466) ورواه جعفر بن عون عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لا صلاة بعد أن يصلى الفجر إلا ركعتين» أخبرناه أبو زكريا بن أبى إسحاق المزكى أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الوهاب الفراء أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا عبد الرحمن بن زياد فذكره موقوفًا وهو بخلاف رواية الثورى وابن وهب فى المتن والوقف. والثورى أحفظ من غيره إلا أنَّ عبد الرحمن الإفريقى غير محتج به.

فالحديث منكر اضطرب في إسناده عبد الرحمن بن زياد.

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 216): الحديث المأثور: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر» ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلى (3/ 32) الرواية في أنَّ «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر» ساقطة مطروحة مكذوبة كلها، لم يروها أحد إلا من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم وهو هالك، أو من طريق أبي بكر بن محمد، وهو مجهول لا يدرى من هو، وليس هو ابن حزم، أو من طريق أبي هارون العبدي، وهو ساقط، أو من طريق يسار مولى ابن عمر رضي الله عنهما وهو مجهول ومدلس، عن كعب بن مرة ممن لا يدرى من هو؟

(2)

رواه عبد الرزاق (4017) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، وابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن فضيل بن غزوان، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، ح حدثنا وكيع، عن يزيد، وربيع، عن ابن سيرين، عن ابن عمر رضي الله عنهما والطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 328) حدثنا محمد بن النعمان السقطي، حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، حدثنا سُلِيم بن أخضر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما وإسناده صحيح.

وللأثر طرق أخرى عند عبد الرزاق والطحاوي.

ص: 523

كالفرائض

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح قياس النفل على الفرض.

الجواب: الأصل استواؤهما في الأحكام إلا ما دل الدليل على خلافه.

الثاني: القضاءُ في الصلاة المفروضة بأمر مجدّد

(2)

.

الجواب: الأمر يتناول الفرض والنفل لكنَّه في النفل على سبيل الاستحباب.

الدليل الحادي عشر: كل صلاة قُضيت مع غيرها قُضيت وحدَها

(3)

.

الرد: هذا محل الخلاف.

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب قضاء راتبة الفجر إذا خرج وقتها بعذر سواء فاتت وحدها أو مع الفرض لما تقدم من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره وعمل ابن عمر رضي الله عنهما والله أعلم.

(1)

انظر: نهاية المطلب (2/ 344) والمهذب مع المجموع (4/ 40).

(2)

انظر: نهاية المطلب (2/ 344).

(3)

انظر: كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (2/ 142).

ص: 524

‌وقت قضاء راتبة الفجر

‌أولًا: أول وقت قضاء راتبة الفجر:

القائلون بقضاء راتبة الفجر إذا فاتت اختلفوا على قولين قول بعد وقت النهي وقول بعد صلاة الصبح.

القول الأول: أول وقت قضاء الراتبة بعد زوال النهي: رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال به محمد بن القاسم - وتقدم - وهو المشهور من مذهب المالكية

(1)

وهو مذهب الحنابلة

(2)

.

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

(3)

.

الدليل الثاني: في حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه «صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ»

(4)

.

وجه الاستدلال: يدخل في عموم النهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر قضاء راتبة الفجر وقت النهي.

(1)

قال الخرشي في شرحه على خليل (2/ 138) فيقضي حقيقة من حل النافلة إلى الزوال على المشهور وقيل: إنَّها ليست قضاء حقيقة بل ركعتان تنوبان عنهما وعلى المشهور فيقدم الصبح عليهما لمن لم يصل الصبح والفجر حتى طلعت الشمس. وقيل: يقدم الفجر والقولان لمالك.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 319) ومواهب الجليل (2/ 393) والتاج والإكليل (2/ 393).

(2)

انظر: المستوعب (2/ 205) وعمدة الحازم ص: (92) والمحرر (1/ 149) والفروع وتصحيحها (1/ 573).

(3)

رواه البخاري (1197) ومسلم (827) واللفظ له.

(4)

رواه مسلم (832).

ص: 525

الرد: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد العصر وأمر من دخل والناس يصلون الصبح بالصلاة معهم وإن كان قد صلى فالنهي في الحديثين عن النفل المطلق لخروج ذوات الأسباب بالنصوص السابقة وغيرها والله أعلم.

الدليل الثالث: عن نافع «أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما جاء فدخل المسجد وهم في صلاة الصبح، ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فدخل معهم في صلاتهم، ثم انتظر حتى إذا طلعت الشمس، وحلت الصلاة، صلاهما» .

وجه الاستدلال: لم يقض ابن عمر رضي الله عنهما راتبة الفجر إلا بعد زوال وقت النهي.

الرد: يأتي عن ابن عمر رضي الله عنهما قضاؤه راتبة الفجر بعد سلام الإمام فلا يلزم من تأخيره للراتبة أنَّه يرى عدم القضاء وقت النهي.

القول الثاني: أول وقت القضاء بعد صلاة الصبح: وهذا القول رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال به عطاء بن أبي رباح وطاوس بن كيسان وابن جريج وروي عن عامر الشعبي - وتقدمت آثارهم - وهو رواية عند الحنابلة

(1)

واختاره ابن حزم - ونسبه لداود -

(2)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(3)

وابن القيم

(4)

وابن باز

(5)

وشيخنا محمد العثيمين

(6)

.

الدليل الأول: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» .

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد العصر وهو وقت نهي فكذلك راتبة الفجر.

الدليل الثاني: عن قيس الأنصاري رضي الله عنه، قال: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد

(1)

انظر: المستوعب (2/ 205) وعمدة الحازم ص: (92) والمحرر (1/ 149) والفروع وتصحيحها (1/ 573).

(2)

انظر: المحلى (3/ 7، 8).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 210).

(4)

انظر: زاد المعاد (3/ 489).

(5)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 372، 384).

(6)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 351).

ص: 526

صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟» فقال الرجل: إنِّي لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وجه الاستدلال: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم قيسًا الأنصاري رضي الله عنه حينما قضى راتبة الفجر بعد الصلاة ولم ينكر عليه.

الدليل الثالث: عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال:«عَلَيَّ بِهِمَا» فأتي بهما تَرْعَد فَرَائِصهما، قال:«مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» قالا: يا رسول الله كنا قد صلينا في رحالنا. قال: «فَلا تَفْعَلا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ»

(1)

.

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم المصلي إذا دخل مسجدًا والناس يصلون الفجر يصلي معهم وهو وقت نهي بالنسبة له فكذلك راتبة الفجر والله أعلم.

الدليل الرابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» .

وجه الاستدلال: وقت الصلاة الفائتة وقت زال العذر فمن فاتته راتبة الفجر يقضيها إذا سلم الإمام

(2)

.

الرد: تقدم أنَّ الحديث في الفرض والصارف له ذكر الكفارة.

الدليل الخامس: عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ» .

وجه الاستدلال: جواز قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعد الصلاة.

(1)

رواه أحمد (17020) وغيره بإسناد صحيح.

فرائص جمع فريصة وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف وترعد فرائصهما: أي ترجف من الخوف.

والحديث مخرج في غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 326).

(2)

انظر: المجموع (4/ 42).

ص: 527

الرد: الحديث منكر.

الدليل السادس: عن عطية العوفي، قال:«رأيت ابن عمر رضي الله عنهما قضاهما حين سلم الإمام»

(1)

.

وجه الاستدلال: قضى ابن عمر رضي الله عنه راتبة الفجر بعد سلام الإمام.

‌ثانيًا: آخر وقت قضاء راتبة الفجر

اختلف القائلون بقضاء راتبة الفجر على قولين في الجملة تحديد وقت القضاء وعدم تحديده:

القول الأول: تقضي ما لم تغرب الشمس: وهو قول للشافعية

(2)

.

الدليل: راتبة الفجر صلاة نهارية فتقضى ما دام النهار باقيًا

(3)

.

الرد: علة القضاء استدراك ما فات من الخير فيستدرك إذا زال العذر ليلًا أو نهارًا.

القول الثاني: تقضى ما لم تزل الشمس: تقدم أنَّه المشهور من مذهب المالكية وهو رواية عند الحنابلة

(4)

.

الدليل: ما بعد الزوال يدخل وقت صلاة الظهر

(5)

.

الرد: كالذي قبله.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، قال: فذكره وإسناده حسن.

رواته ثقات عدا عطية العوفي قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلسًا. وهذه الرواية توافق رأي ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النهي عن الصلاة حين طلوع الشمس وغروبها قال البخاري (589) حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«أصلي كما رأيت أصحابي يصلون: لا أنهى أحدًا يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها» .

(2)

انظر: العزيز (2/ 139) والمجموع (4/ 42) ومغني المحتاج (1/ 315) وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (2/ 121).

(3)

انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 139) والمجموع (4/ 42).

(4)

انظر: المبدع (2/ 16) والإنصاف (2/ 178).

(5)

انظر: المجموع (4/ 42).

ص: 528

القول الثالث: لا يُحد وقتُ القضاء: وهو مذهب الشافعية

(1)

وقول لبعض المالكية

(2)

ومذهب الحنابلة

(3)

.

الدليل الأول: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» .

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد دخول وقت العصر فراتبة الفجر تقضى متى ما زال العذر من ليل أو نهار.

الدليل الثاني: عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال:«عَلَيَّ بِهِمَا» فأتي بهما تَرْعَد فَرَائِصهما، قال:«مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» قالا: يا رسول الله كنا قد صلينا في رحالنا. قال: «فَلا تَفْعَلا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» .

(1)

قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (1/ 268)(ولو فات النفل المؤقت) كالعيد، والضحى، والرواتب (ندب قضاؤه) أبدًا (في الأظهر).

وانظر: العزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 42) ومغني المحتاج (1/ 315).

(2)

قال أبو البقاء السلمي في الشامل (1/ 149) فإن فاتتاه صلى ركعتين على المشهور من حل النفل للزوال لا بعده، ولا في ليل ونهار خلافًا لأشهب.

وانظر: مواهب الجليل (2/ 393) وحاشية العدوي على شرح الخرشي (2/ 138) والدر الثمين والمورد المعين ص: (327).

(3)

قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (1/ 356) إذا قلَّت الفوائت قضاها بسننها، وإن كثرت فالأولى الاقتصار على الفرض لفعله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، واستثنى أحمد سنة الفجر، وقال: لا يهملها.

وانظر: الفروع (1/ 307) والإنصاف (1/ 443) وكشاف القناع (1/ 261).

تنبيهان:

الأول: مذهب الحنابلة لا تقضى ذوات الأسباب وقت النهي وتقدم.

الثاني: المحفوظ في قصة الخندق أنَّ الفائتة صلاة العصر ففي حديث جابر رضي الله عنه في مسلم (631)«فنزلنا إلى بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب» .

وعلى أصح القولين بأنَّ للعصر راتبة لم يقضها النبي صلى الله عليه وسلم لأنَّه كان في حال مدافعة عدو أو قبل شرعيتها والله أعلم.

ص: 529

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر إذا دخل المسجد والناس يصلون بالصلاة معهم وأخبر أنَّها نافلة والوقت وقت نهي للداخل فدل ذلك على جواز صلاة النفل وقت النهي إذا كان له سبب ومن ذلك قضاء راتبة الفجر والله أعلم.

الدليل الثالث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» .

وجه الاستدلال: تقدم.

الجواب: تقدم.

الدليل الرابع: الفرائض تقضى كل وقت فكذلك راتبة الفجر قضاؤها أبدًا

(1)

.

الرد: لا يصح قياس النفل على الفرض.

الجواب: الأصل استواؤهما بالأحكام إلا ما دل الدليل على خلافه.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ من فاتته راتبة الفجر بعذر يجوز أن يقضيها بعد الصلاة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وإن جلس يذكر الله إلى طلوع الشمس فالأفضل قضاؤها بعد ارتفاع الشمس كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما وليس القضاء مؤقتًا بوقت فتقضى راتبة الفجر وغيرها متى ما ذُكِرت والله أعلم.

(1)

انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 138).

ص: 530

‌المفاضلة في مكان صلاة راتبة الفجر

لأهل العلم في موضع صلاة راتبة الفجر ثلاثة أقوال قول الأفضل في المسجد وقول في البيت وقول بالتسوية بين المسجد والبيت.

القول الأول: الأفضل صلاة الراتبة في المسجد: وهو مذهب المالكية

(1)

.

الدليل الأول: صلاتها في المسجد إظهار للسنة بخلاف صلاتها في البيت

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: هذا رأي مقابل فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعموم الأمر بصلاة النافلة بالبيت.

الثاني: تعليم السنة وإظهارها تارة بالفعل وتارة بالقول.

الدليل الثاني: تنوب الراتبة عن التحية ففعلها في المسجد محصل للتحية بخلاف فعلها في البيت

(3)

.

الرد: إذا كان المصلي إمامًا فيشرع في الفرض إذا دخل المسجد فيكفيه عن التحية وإذا كان مأمومًا إذا دخل قبل الإقامة يصلي تحية المسجد لعموم الأمر بها.

القول الثاني: الأفضل صلاة الراتبة في البيت: قال به عطاء بن أبي رباح

(4)

وهو

(1)

انظر: شرح زروق للرسالة (1/ 185) وكفاية الطالب (1/ 360) وشرح خليل للخرشي (2/ 137) والتاج والإكليل (2/ 391).

(2)

انظر: شرح زروق للرسالة (1/ 185).

(3)

انظر: شرح خليل للخرشي (2/ 137).

(4)

رواه عبد الرزاق (4012) عن ابن جريج، عن عطاء قال:«أركعهما في بيتي ثم آتي المسجد فأجلس أحب إلي» ورواته ثقات.

تنبيه: ذكر ابن أبي شيبه في مصنفه (2/ 245) من كان لا يتطوع في المسجد. وذكر تحته آثارًا ولما لم تكن هذه الآثار خاصة في راتبة الفجر لم أذكرها.

ص: 531

مذهب الأحناف

(1)

والشافعية

(2)

والحنابلة

(3)

وقول للمالكية

(4)

واختاره ابن حزم

(5)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(6)

. وابن القيم

(7)

وابن باز

(8)

وشيخنا محمد العثيمين

(9)

.

الدليل الأول: في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلا الْمَكْتُوبَةَ»

(10)

.

وجه الاستدلال: الاستثناء معيار العموم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ التطوع في البيت أفضل منه في المسجد إلا ما دل الدليل بخروجه من عموم الحديث من صلاة النفل التي تشرع فيها الجماعة وما يختص بالمسجد من التحية وركعتي الطواف وقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في مسجده الذي تضاعف فيه الصلاة

(11)

.

قال ابن عبد البر: إذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

فأي فضل أبين من هذا

فما ظنُّك بها في غير ذلك الموضع إلى ما في صلاة المرء

(1)

قال إبراهيم الحلبي في منية المصلي ص: (254) وتطوعه بها في البيت أفضل وهذا غير مختص بما بعد الفريضة بل بجميع النوافل ما عدا التراويح وتحية المسجد الأفضل فيها المنزل.

وانظر: فتح القدير (1/ 416) والبحر الرائق (2/ 85) والبناية (2/ 686).

(2)

قال النووي في المجموع (4/ 48) قال أصحابنا وغيرهم من العلماء فعل ما لا تسن له الجماعة من التطوع في بيته أفضل منه في المسجد وغيره سواء في ذلك تطوع الليل والنهار وسواء الرواتب مع الفرائض وغيرها.

وانظر: أسنى المطالب (1/ 169) ونهاية المحتاج (1/ 552) وحاشية إعانة الطالبين (1/ 320).

(3)

قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 422)(وفعلها) أي الرواتب بل السنن كلها سوى ما تشرع له الجماعة (في البيت أفضل).

وانظر: المبدع (2/ 15) والإنصاف (2/ 177) وشرح منتهى الإرادات (1/ 302).

(4)

انظر: شرح زروق للرسالة (1/ 185) والتاج والإكليل (2/ 391).

(5)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 38) صلاة التطوع في الجماعة أفضل منها منفردًا؛ وكل تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلا ما صلى منه جماعة في المسجد فهو أفضل.

(6)

انظر: مختصر الفتاوى المصرية ص: (74).

(7)

انظر: زاد المعاد (1/ 315).

(8)

انظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز (10/ 337).

(9)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 289).

(10)

رواه البخاري (731) ومسلم (781).

(11)

انظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 315).

ص: 532

في بيته من اقتداء أهله به من بنين وعيال والصلاة في البيت نور له

(1)

.

الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»

(2)

.

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النافلة في البيت فيدخل في ذلك راتبة الفجر.

الدليل الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يجيء المؤذن فيؤذنه»

(3)

.

الدليل الرابع: عن ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين»

(4)

.

الدليل الخامس: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح»

(5)

.

وجه الاستدلال: النبي صلى الله عليه وسلم يصلي راتبة الفجر في بيته وأمرنا ربنا عز وجل بعموم الاقتداء به بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]. وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به في خصوص الصلاة بقوله صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(6)

ويدخل في ذلك صفة الصلاة ومكانها والله أعلم.

الدليل السادس: صلاتها في البيت أبعد من الرياء

(7)

.

(1)

الاستذكار (2/ 73، 143).

(2)

رواه البخاري (1187) ومسلم (777).

(3)

رواه البخاري (6310) ومسلم (724).

(4)

رواه مسلم (723).

(5)

رواه البخاري في أكثر من موضع منها (183) ومسلم (182)(763) وتقدم تخريجه (ص: 12).

(6)

رواه البخاري (631) عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه.

(7)

انظر: كشاف القناع (1/ 422).

ص: 533

القول الثالث: التسوية بين صلاة الراتبة في البيت والمسجد: وهذا القول رواية في مذهب الحنابلة

(1)

.

ولم أقف على دليل لهذا القول ولعلهم يجمعون بين أدلة القولين والله أعلم.

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب صلاة راتبة الفجر في البيت وإن كان إمامًا إذا أتى المسجد يشرع في الفرض وإن كان مأمومًا يبادر بعد الراتبة فتحمل أحاديث التهجير على ما بعد الراتبة القبلية وعلى الصلاة التي ليس لها راتبة قبلية والله أعلم.

(1)

انظر: المبدع (2/ 15) والإنصاف (2/ 177).

ص: 534

‌الاضطجاع بعد راتبة الفجر على الشق الأيمن

اختلف أهل العلم في حكم الاضطجاع بعد راتبة الفجر على قولين في الجملة قول بعدم مشروعيته وقول بمشروعيته.

القول الأول: لا يشرع الاضطجاع: وهو رأي ابن عمر رضي الله عنهما وروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم وقال به الحسن البصري

(1)

وسعيد بن جبير

(2)

وإبراهيم بن يزيد النخعي

(3)

وروي عن سعيد بن المسيب

(4)

وهو مذهب أبي حنيفة

(5)

والمالكية

(6)

...................

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا إسحاق الأزرق، عن هشام، عن الحسن؛ «أنَّه كان لا يعجبه أن يضطجع بعد ركعتي الفجر» وإسناده صحيح.

إسحاق بن يوسف الملقب بالأزرق يروي عن هشام الدستوائي وهشام بن حسان.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، قال:«لا تضطجع بعد الركعتين قبل الفجر، واضطجع بعد الوتر» وإسناده صحيح.

عطاء بن السائب مختلط، لكن رواية السفيانين عنه قبل الاختلاط.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا محمد بن فضيل، عن الحسن بن عبيد الله، قال:«كان إبراهيم يكره الضجعة بعد ما يصلي الركعتين اللتين قبل الفجر» وإسناده صحيح.

ح حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، قال:«هي ضجعة الشيطان» وإسناده صحيح.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا وكيع، قال: حدثنا عيسى الخباط، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول:«ما بال أحدكم إذا صلى الركعتين يتمرغ؟ يكفيه التسليم» وإسناده ضعيف جدًا.

عيسى بن أبي عيسى الغفاري ضعفه شديد قال عمرو بن علي وأبو داود والنسائي والدارقطني متروك الحديث. فالأثر منكر.

(5)

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 462) صرح الشافعية بسنية الفصل بين سنة الفجر وفرضه بهذه الضجعة

وظاهر كلام علمائنا خلافه حيث لم يذكروها،

فقال ابن عمر رضي الله عنهما: وأي فصل أفضل من السلام؟ قال محمد: وبقول ابن عمر رضي الله عنه نأخذ وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-

وحاصله أنَّ اضطجاعه صلى الله عليه وسلم إنَّما كان في بيته للاستراحة لا للتشريع، وإن صح حديث الأمر بها الدال على أنَّ ذلك للتشريع يحمل على طلب ذلك في البيت فقط توفيقًا بين الأدلة، والله تعالى أعلم. وذكر ابن عابدين نحوه في تنقيح الفتاوى الحامدية (1/ 6).

(6)

قال الدردير في الشرح الكبير (1/ 317) كره (ضجعة) بكسر الضاد أي الهيئة الخاصة بأن يضطجع على يمينه (بين صبح وركعتي فجر) إذا فعله استنانًا لا استراحة فلا يكره.

وانظر: شرحي زروق وابن ناجي للرسالة (1/ 185) ومواهب الجليل (2/ 384).

ص: 535

ورواية عند الحنابلة

(1)

.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها: «فإذا قضى صلاته نظر: فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع»

(2)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع إذا كانت عائشة رضي الله عنها؛ نائمة ليستريح من نصب القيام ولو كان تعبدًا لاضطجع مطلقًا

(3)

.

الرد: ترك النبي صلى الله عليه وسلم الاضطجاع بعد الراتبة أحيانًا لا يدل على عدم الاستحباب كسائر السنن التي لم يكن يداوم عليها إنَّما يدل على عدم الوجوب

(4)

.

الدليل الثاني: عن أبي مجلز لاحق بن حميد، قال:«سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن ضجعة الرجل على يمينه بعد الركعتين قبل صلاة الفجر؟ فقال: يتلعب بكم الشيطان»

(5)

.

الدليل الثالث: عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«لا نفعله» ، ويقول:«كفى بالتسليم»

(6)

.

وجه الاستدلال: كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يضطجع وينكر الاضطجاع ولو كان مشروعًا لما خفي عليه

(7)

.

الرد من وجهين:

الأول: يأتي اضطجاع ابن عمر رضي الله عنهما بعد راتبة الفجر فيحمل إنكار ابن عمر رضي الله عنهما

(1)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 177) يستحب الاضطجاع بعدها، على الصحيح من المذهب نص عليه، ويكون على الجانب الأيمن، وعنه لا يستحب.

وانظر: المغني (1/ 763) والفروع (1/ 544) والمبدع (2/ 15).

(2)

رواه البخاري (1119).

(3)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 150) وفتح الباري (3/ 44).

(4)

انظر: فتح الباري (3/ 44).

(5)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا وكيع، قال: حدثنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: فذكره وإسناده صحيح.

(6)

رواه عبد الرزاق (4720) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، فذكره وإسناده صحيح.

(7)

انظر: المغني (1/ 764).

ص: 536

على الاضطجاع في المسجد فاضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.

الثاني: على فرض أنَّه لم يثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما الاضطجاع بعد راتبة الفجر يحتمل إنكاره على أنَّه لم تبلغه سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر

(1)

.

الدليل الرابع: عن مجاهد، قال:«صحبت ابن عمر رضي الله عنهما في السفر والحضر، فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر»

(2)

.

وجه الاستدلال: ترك ابن عمر رضي الله عنهما الاضطجاع بعد راتبة الفجر وهو الحريص على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم يدل على عدم استحبابه.

الرد من وجوه:

الأول: لعل صلاة ابن عمر رضي الله عنهما الراتبة في غير البيت والله أعلم.

الثاني: الاضطجاع ليس من السنن التي يداوم عليها إنَّما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله أحيانًا.

الثالث: تقدم حمله على أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما لم تبلغه سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر.

الدليل الخامس: عن إبراهيم النخعي، قال عبد الله رضي الله عنه:«ما هذا التمرغ بعد ركعتي الفجر كتمرغ الحمار»

(3)

.

(1)

انظر: فتح الباري (3/ 43).

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا هشيم، قال: حدثنا حصين، عن مجاهد، قال: فذكره ورواته ثقات.

حصين بن عبد الرحمن ثقة تغير في آخره لكن رواية هشيم عنه قبل الاختلاط.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 249) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، ومغيرة، عن إبراهيم، قال: فذكره مرسل رواته ثقات.

قال العلائي: إبراهيم بن يزيد النخعي أحد الأئمة تقدم أنَّه كان يدلس وهو أيضا مكثر من الإرسال وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله كما تقدم وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود رضي الله عنه. وحصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ومغيرة هو ابن مقسم.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله رضي الله عنه: «ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة والحمار؟ إذا سلم فقد فصل» مرسل رواته ثقات على كلام في حفظ حماد بن أبي سليمان.

ص: 537

وجه الاستدلال: كالذي قبله فيه إنكار ابن مسعود رضي الله عنه.

الرد من وجوه:

الأول: الأثر مرسل.

الثاني والثالث: كالذي قبله.

الدليل السادس: عن سعيد بن المسيب، قال:«رأى عمر رضي الله عنه رجلًا اضطجع بعد الركعتين، فقال: احصبوه، أو ألا حصبتموه؟»

(1)

.

وجه الاستدلال: أمر عمر رضي الله عنه بتعزير من اضطجع بعد الركعتين.

الرد من وجوه:

الأول: ظاهر الأثر أنَّ الاضطجاع في المسجد واضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.

الثاني والثالث والرابع: كالذي قبله.

الدليل السابع: عن أبي الصديق الناجي، قال:«رأى ابن عمر رضي الله عنهما قومًا اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فنهاهم، فقالوا: نريد بذلك السنة، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: ارجع إليهم فأخبرهم أنَّها بدعة»

(2)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، قال: فذكره مرسل رواته ثقات.

سعيد بن المسيب ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه فليس له سماع من عمر رضي الله عنه ذكر ذلك يحيى بن سعيد وابن معين وابن أبي حاتم وخالفهم أحمد بن حنبل فقال أدرك سعيد عمر رضي الله عنه وسمع منه وإذا لم يقبل سعيد عن عمر رضي الله عنه فمن يقبل!.

(2)

رواه البيهقي (3/ 46) بإسناده عن مسعر بن كدام ورواه ابن أبي شيبة (2/ 249) حدثنا وكيع، قال: حدثنا مسعر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، قال: فذكره وإسناده ضعيف.

زيد العمي قال أبو حاتم ضعيف الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به وقال أبو زرعة ليس بقوي واهي الحديث وقال الجوزجاني متماسك وقال النسائي ضعيف وقال الدارقطني صالح وقال ابن سعد كان ضعيفًا في الحديث وقال ابن عدي وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم وقال ابن حبان يروي عن أنس رضي الله عنه أشياء موضوعة لا أصول لها حتى يسبق إلى القلب أنَّه المعتمد لها وقال الحسن بن سفيان ثقة. وبقية رواته ثقات. فالأثر منكر والله أعلم.

قال ابن التركماني في الجوهر النقي في سنده زيد العمي ضعفه البيهقي في باب النفاس. وأبو الصديق الناجى هو بكر البصرى.

ص: 538

وجه الاستدلال: يرى ابن عمر رضي الله عنهما الاضطجاع بعد راتبة الفجر بدعة والبدعة محرمة.

الرد من وجوه:

الأول: الأثر منكر.

الثاني والثالث والرابع: كالذي قبله.

الدليل الثامن: لم يقل أحد أنَّ الاضطجاع قبل راتبة الفجر مستحب فكذلك بعدها

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: إذا كان الاضطجاع بين الوتر وراتبة الفجر فيأتي الكلام عليه.

الثاني: لا يلزم من كون الاضطجاع قبل الراتبة غير مشروع أن يكون الحكم كذلك بعد الراتبة.

القول الثاني: يشرع الاضطجاع: واختلف القائلون بالمشروعية على قولين:

الأول: يستحب الاضطجاع: وهو رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما وروي عن عمر وأبي موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك رضي الله عنهم ونسب لعمر رضي الله عنه

(2)

واختاره عروة بن الزبير

(3)

وروي عن محمد بن سيرين

(4)

ونسب الاضطجاع لسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد

(1)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 147).

(2)

قال الأثرم في ناسخ الحديث ومنسوخه ص: (71) قال أبو عبد الله [الإمام أحمد]

ومن أخذ بحديث أبي هريرة رضي الله عنه على ظاهره لم يعنف، وقد عمل به أيضًا أئمة: قد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه كان يفعله. قال أبو عبد الرحمن لم أقف عليه.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 248) حدثنا ابن عيينة، عن عبد الكريم؛ «أنَّ عروة دخل المسجد والناس في الصلاة، فركع ركعتين، ثم أمس جنبه الأرض، ثم قام فدخل مع الناس في الصلاة» .

من شيوخ سفيان بن عيينة عبد الكريم بن مالك الجزري فإن كان هو فرواته ثقات أقول ذلك لأنَّي لم أقف على رواية لعبد الكريم الجزري عن عروة بن الزبير وإن كان روى عن منهم في طبقة عروة والله أعلم وعروة بن الزبير روى عن خالته عائشة رضي الله عنها اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر وحديثه في الصحيحين.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 247) حدثنا حسن بن عبد الرحمن الحارثي، عن ابن عون، عن محمد؛» أنَّه كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع» وإسناده ضعيف.

الحسن بن عبد الرحمن الحارثي ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته فمثله مقبول ولم أقف على متابع له. وابن عون هو عبد الله.

ص: 539

بن أبي بكر، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار

(1)

وقال به بعض الأحناف

(2)

وبعض المالكية

(3)

وهو مذهب الشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

واختاره البخاري

(6)

وابن المنذر

(7)

والبغوي

(8)

وابن العربي

(9)

.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها: «فإذا قضى صلاته نظر: فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع» .

الدليل الثاني: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ»

(10)

.

الدليل الثالث: في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع» .

(1)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 199) ذكر عبد الرحمن بن زيد في كتاب السبعة أنَّهم - يعني: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار -: كانوا يضطجعون على أيمانهم بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح.

(2)

انظر: حاشية بن عابدين (2/ 462) والكوكب الدري على جامع الترمذي (1/ 378).

(3)

انظر: شرحي زروق وابن ناجي للرسالة (1/ 185).

(4)

انظر: المجموع (4/ 27) وروضة الطالبين (1/ 338) وأسنى المطالب (1/ 207) وتحفة المحتاج (1/ 261).

(5)

انظر: المغني (1/ 763) والفروع (1/ 544) والمبدع (2/ 15) والإنصاف (2/ 176).

(6)

بوب البخاري في صحيحه - مع فتح الباري (3/ 43) - باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر وباب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع. قال الحافظ ابن حجر: قوله باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع أشار بهذه الترجمة إلى أنَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها.

(7)

انظر: الأوسط (5/ 231).

(8)

انظر: شرح السنة (3/ 460).

(9)

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 216) ولا يضطجع بعد ركعتي الفجر بانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل فيضطجع استجمامًا لصلاة الصبح فلا بأس به.

(10)

رواه البخاري (138) ومسلم (186)(763). وتقدم تخريجه (ص: 31).

ص: 540

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع أحيانًا بعد راتبة الفجر وأمرنا بمتابعته

(1)

.

الرد: اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم لأجل الراحة من مشقة قيام الليل ولم يفعله على وجه القربة

(2)

.

الجواب من وجهين:

الأول: الأصل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وكون هذا الاضطجاع يحتمل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فعله تعبدًا أو من مقتضى الطبيعة البشرية التي تحتاج إلى الراحة بعد التعب فيتمسك بالأصل وهو الاقتداء حتى يدل دليل على عدم المتابعة.

الثاني: على فرض أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فعله ليرتاح ويتقوى به على صلاة الفجر فوسائل العبادات عبادة كتنقل النبي صلى الله عليه وسلم في حجه بين المشاعر راكبًا ليوفر نشاطه للتعبد في المشعر والله أعلم.

الدليل الرابع: عن غيلان بن عبد الله، قال:«رأيت ابن عمر رضي الله عنهما صلى ركعتي الفجر، ثم اضطجع»

(3)

.

وجه الاستدلال: اضطجاع ابن عمر رضي الله عنهما بعد راتبة الفجر يدل على مشروعيتها.

الرد: تقدم أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما لا يضطجع بعد راتبة الفجر وينهى عنها.

الجواب: تقدم الجواب والجمع بين اضطجاعه بعد الراتبة وتركه.

(1)

انظر: المجموع (4/ 28).

(2)

انظر: طرح التثريب (3/ 52) والشرح الكبير (1/ 317) وحاشية ابن عابدين (2/ 462).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 247) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا غيلان بن عبد الله، قال: فذكره ورواته ثقات.

قال الدارقطني غيلان بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما هو مولى بني مخزوم ثقة وذكره ابن حبان في ثقاته وقال البخاري في الكبير غيلان بن عبد الله مولى قريش سمع ابن عمر رضي الله عنهما وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل غيلان بن عبد الله الواسطي مولى قريش سمع ابن عمر رضي الله عنهما سمع منه شعبة وهشيم، نا عبد الرحمن سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سمعت أبي يقول غيلان بن عبد الله مولى قريش الذى حدثنا عنه هشيم وروى عنه شعبة هو أحب إلى من سهيل بن ذكوان. قال أبو عبد الرحمن وسهيل بن ذكوان ضعفه شديد.

ص: 541

الدليل الخامس: عن عثمان بن غياث قال: «كان الرجل يجيء وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي بالناس الصبح فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد ويضع جنبه في الأرض ويدخل معه في الصلاة»

(1)

.

وجه الاستدلال: اضطجع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون بعد راتبة الفجر في عهد عمر رضي الله عنه ولم ينكر عليهم

(2)

.

الرد: الأثر لا يصح.

الدليل السادس: عن محمد بن سيرين «أنَّ أبا موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك رضي الله عنهم كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر»

(3)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الثاني: وجوب الاضطجاع: اختاره ابن حزم ونسبه لأبي هريرة رضي الله عنه

(4)

.

(1)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 198) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عثمان بن غياث هو ابن عثمان - أنَّه حدثه قال: «كان الرجل يجيء

» فذكره وإسناده منقطع.

عثمان بن غياث الراسبي ليس له رواية عن الصحابة رضي الله عنهم ذكره ابن حجر في الطبقة السادسة وهم ممن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة رضي الله عنهم ويضاف إلى ذلك عدم الوقوف على بقية الرواة الذين لم يذكروا.

قال العراقي في طرح التثريب (3/ 58) ما ذكره ابن حزم

فإسناده منقطع.

(2)

انظر: المحلى (3/ 198).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 247) حدثنا هشيم، قال: حدثنا منصور، عن ابن سيرين؛ ح حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد وعبد الرزاق (4719) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين فذكره رواته ثقات وفيه علة.

قال ابن حزم في المحلى (3/ 198): روينا من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني: «أنَّ أبا موسى الأشعري رضي الله عنه وأصحابه كانوا إذا صلوا ركعتي الفجر اضطجعوا ومن طريق الحجاج بن المنهال عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قال: «أنبئت: أنَّ أبا رافع [لعل الصواب رافع]، وأنس بن مالك وأبا موسى رضي الله عنهم، كانوا يضطجعون على أيمانهم إذا صلوا ركعتي الفجر» فعلى هذا ففي السند انقطاع وشيخ ابن سيرين مبهم.

ورواية ثابت البناني إن لم تكن معضلة فهي مرسلة ولا نعرف بقية من أخفي من السند. ومنصور هو ابن زاذان وأيوب هو السختياني.

(4)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 196) كل من ركع ركعتي الفجر لم تجزه صلاة الصبح إلا بأن يضطجع على شقه الأيمن بين سلامه من ركعتي الفجر، وبين تكبيره لصلاة الصبح وسواء - عندنا - ترك الضجعة عمدًا أو نسيانًا؛ وسواء صلاها في وقتها أو صلاها قاضيًا لها من نسيان، أو عمد نوم. فإن لم يصل ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع.

قال أبو عبد الرحمن: هذه المسألة من المسائل التي شانت ابن حزم وتعقبه جمع من أهل العلم منهم الحافظ عبد الرحيم العراقي - طرح التثريب (3/ 52 - 53) - بقوله: هذا غلو فاحش وهبه ترك فريضة أخرى من غير جنس الصلاة هل تتوقف صحة الصلاة على فعل تلك الفريضة

فلو قال إنَّه لا تصح الصلاة الحاضرة وقد ترك الصلاة التي قبلها عمدًا لكان أولى من ترتيب الصلاة على اضطجاع ليس من جنس الصلاة

وأيضًا فكان ينبغي أن يقول من أفطر يومًا من رمضان لم يصح صوم الذي يليه لأنَّ كل يوم مترتب على الصوم الذي قبله وعلقة الصيام بالصيام أمس من علقة الاضطجاع بالصلاة

فكان ينبغي على هذا أن يقول من ترك التسحر عمدًا أو نسيانًا لا يصح صومه والسحور أعلق بالصوم من الاضطجاع بالصلاة

فكان ينبغي أن نقول إنَّه لا يصح صلاة العيد إلا بعد إخراج زكاة الفطر.

ص: 542

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح، فليضطجع على يمينه» فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه، قال:«لا»

(1)

.

(1)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه في اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم رواه عنه أبو صالح ذكوان السمان ورواه عنه:

1: ابنه سهيل. 2: سليمان بن مهران الأعمش واختلفا عليه في لفظه.

1: رواية الأعمش: رواه الترمذي (420) وابن خزيمة (1120) وابن حبان (2468) قال أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، قالوا حدثنا بشر بن معاذ العقدي وأبو داود (1261) حدثنا مسدد، وأبو كامل، وعبيد الله بن عمر بن ميسرة قالوا: حدثنا عبد الواحد، بن زياد حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ورواته ثقات وفيه علة.

الحديث تفرد به عبد الواحد بن زياد وعبد الواحد ترجم له الذهبي في الميزان فقال احتجا به في الصحيحين، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه فيحدث عن الأعمش بصيغة السماع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ» أخرجه أبو داود قال القطان: ما رأيته يطلب حديثًا بالبصرة ولا بالكوفة قط، وكنت أجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة أذاكره حديث الأعمش لا يعرف منه حرفًا وقال الفلاس: سمعت أبا داود قال: عمد عبد الواحد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها بقول: حدثنا الأعمش، حدثنا مجاهد في كذا وكذا. وقال عثمان بن سعيد: سألت يحيى عن عبد الواحد بن زياد، فقال: ليس بشيء. وقال أحمد وغيره: ثقة.

ففي هذه الرواية الأمر بالاضطجاع بعد ركعتي الفجر وهي خلاف رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه وحديث عائشة وحديث ابن عباس رضي الله عنهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الأثرم - التمهيد (8/ 126) - سمعت أحمد بن حنبل يُسْأل عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر فقال ما أفعله أنا فإن فعله رجل ثم سكت كأنَّه لم يعبه إن فعله قيل له لم لم تأخذ به؟ فقال ليس فيه حديث يثبت قلت له حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رواه بعضهم مرسلًا. وقال أحمد - زاد المعاد (1/ 321) - عبد الواحد يحدث به وحده. وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 319) سمعت ابن تيمية يقول: هذا باطل، وليس بصحيح، وإنَّما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه.

وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 217) معلول وجعله السيوطي في تدريب الراوي (1/ 235) مثالًا للحديث الشاذ وأعله الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة (454) بعبد الواحد بن زياد.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وكأنَّه يشير إلى تفرد عبد الواحد بن زياد والله أعلم وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

2: رواية سهيل بن أبي صالح: رواه ابن ماجه (1199) حدثنا عمر بن هشام قال: حدثنا النضر بن شميل قال: أنبأنا شعبة والنسائي في الكبرى (1456) أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال نا محمد بن صلت كوفي قال نا أبو كدينة يحيى بن المهلب والبيهقي في الكبرى (3/ 45) أخبرنا أبو طاهر الفقيه أخبرنا أبو بكر: محمد بن الحسين القطان حدثنا أبو الأزهر حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى محمد بن إبراهيم قالوا حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ» وإسناده صحيح.

فرواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه فجعله من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من أمره مخالفًا عبد الواحد بن زياد وهو لا يقل قدرًا عن عبد الواحد بن زياد إن لم يكن أحفظ منه وتترجح روايته بموافقته لحديثي عائشة وابن عباس رضي الله عنهم في الصحيحين وفيهما الاضطجاع من فعل النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي في الكبرى (3/ 45) هذا أولى أن يكون محفوظًا لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم.

ص: 543

الدليل الثاني: عن مجاهد؛ أنَّ مروان سأل أبا هريرة رضي الله عنه عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر؟ فقال: «لا، حتى تضطجع»

(1)

.

الدليل الثالث: عن قبيصة بن ذؤيب، قال: مر علي أبو هريرة رضي الله عنه وأنا أصلي، فقال:«افصل» فلم أدر ما قال، فلما انصرفت قلت: ما أفصل؟ قال: «افصل بين صلاة الليل وصلاة النهار»

(2)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 247) حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مجاهد؛ فذكره وإسناده ضعيف.

في إسناده أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي مدلس ولم يصرح بالسماع ومختلط لكن رواية الثوري عنه قبل الاختلاط.

تنبيه: هكذا لفظه في نسختي من طبعة الدار السلفية وطبعة دار القبلة (6443).

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 273) - طبعة الدار السلفية وطبعة دار القبلة تحقيق عوامة (4/ 445)(6695) - حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن رجاء، عن قبيصة بن ذؤيب، قال: فذكره ورواته ثقات.

لكن قال ابن حزم في المحلى (3/ 197) روينا من طريق وكيع عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن قبيصة بن ذؤيب قال: مر بي أبو الدرداء رضي الله عنه من آخر الليل وأنا أصلي؟ فقال: «افصل بضجعة بين صلاة الليل، وصلاة النهار» وانظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 132).

ص: 544

الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجوب إلا إذا دل دليل صحيح أو إجماع يصرفه للاستحباب

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: الحديث شاذ والمحفوظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: يجمع بين الروايتين فأبو هريرة رضي الله عنه ذكر الأمر والفعل فنقل الأعمش الأمر ونقل سهيل بن أبي صالح الفعل

(2)

.

الرد: لو تفرد الراوي الثقة بزيادة تثبت حكمًا شرعيًا لم يرد في غير روايته فيحكم بشذوذها فكيف إذا كان الراوي كعبد الواحد بن زياد يخطئ بروايته عن شيخه الأعمش وهذه المخالفة منها والله أعلم.

الثاني: في حديث عائشة رضي الله عنها: «فإذا قضى صلاته نظر: فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع» فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على الاضطجاع.

الرد: خرج النبي صلى الله عليه وسلم بحديث عائشة رضي الله عنها ويبقى غيره على الوجوب.

الجواب: الأصل استواء النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته بالأحكام ومن خصه بحكم دون سائر أمته فعليه الدليل السالم من المعارضة.

الثالث: لم يسبق ابن حزم لهذا القول وعلى فرض أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه يرى وجوب الاضطجاع لم يقل إنَّ هذه الضجعة شرط لصحة صلاة الفجر قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هو [ابن حزم] في غير موضع يخالف ما هو إجماع عند عامة العلماء، وينكر أنَّه إجماع، كدعواه وجوب الضجعة بعد ركعتي الفجر، وبطلان

(1)

انظر: المحلى (3/ 196).

(2)

انظر: صحيح أبي داود (4/ 430).

ص: 545

صلاة من لم يركعهما

(1)

.

الرابع: يحتمل أن يكون المراد بالأمر الإباحة

(2)

.

الجواب: الأصل المشروعية حتى توجد قرينة تصرف الأمر إلى الإباحة.

الوجه الثاني: أخبر أبو هريرة رضي الله عنه مروان بن الحكم أنَّ المشي لا يجزئ فهو يرى أنَّ ظاهر الأمر الوجوب

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: المراد بالإجزاء الكفاية كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}

(4)

[البقرة: 48]. وكحديث البراء بن عازب رضي الله عنه فقال أبو بردة بن نيار رضي الله عنه: يا رسول الله ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَنْ تُوفِيَ أَوْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»

(5)

وكحديث أبي ذر رضي الله عنه «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»

(6)

. فتقوم صلاة الضحى مقام التسبيح وما ذكر معه في الحديث.

فمراد أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ المشي لا يقوم مقام الاضطجاع ولم يرد وجوب الاضطجاع وهذا هو المتبادر من سياق المحاورة والله أعلم.

الثاني: خالف أبا هريرة ابنُ عمر رضي الله عنهم.

(1)

نقد مراتب الإجماع ص: (73).

(2)

انظر: سنن البيهقي الكبرى (3/ 45).

(3)

انظر: المحلى (3/ 196) وطرح التثريب (3/ 52).

(4)

قال ابن قتيبة في غريب القرآن ص: (48) أي لا تقضي عنها ولا تغني يقال: جزى عنِّي فلان بلا همز، أي ناب عني وأجزأني كذا- بالألف في أوله والهمز- أي كفاني.

(5)

رواه البخاري (965) ومسلم (1961).

(6)

رواه مسلم (720).

ص: 546

الجواب: مع أبي هريرة رضي الله عنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره وعمله

(1)

.

الرد: لا يصح أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاضطجاع أمَّا عمله فلم يكن يداوم على الاضطجاع.

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب الاضطجاع على الشق الأيمن في البيت بعد راتبة الفجر أحيانًا لا سيما من قام من آخر الليل.

تنبيه: اختلف في صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما هل نام مضطجعًا أو محتبيًا أو قاعدًا؟ والصحيح الاضطجاع وتقدم الكلام على هذه الروايات

(2)

.

(1)

المحلى (3/ 197).

(2)

انظر: (ص: 256).

ص: 547

‌الفصل الثالث

التنفل بين صلاة المغرب والعشاء

ص: 549

‌تمهيد

1: الأحاديث المطلقة للنفل بعد المغرب.

2: الأحاديث العامة.

3: الأحاديث المقيدة للنفل بعد المغرب بعدد.

ص: 551

‌أحاديث النفل بعد المغرب

النصوص الواردة في التنفل بين المغرب والعشاء نوعان الأول نصوص مطلقة من غير حده بعدد والثاني نصوص فيها حد النفل بعدد معين.

‌النوع الأول: الأحاديث المطلقة للنفل بعد المغرب

الأحاديث المطلقة في التنفل بين المغرب والعشاء التي لم تحد بعدد معين إمَّا أحاديث خاصة بالتنفل بين المغرب والعشاء أو أحاديث عامة في فضيلة نفل الصلاة يدخل فيها النتفل بين المغرب والعشاء.

‌أولًا: الأحاديث والآثار الخاصة

الحديث الأول: حديث حذيفة رضي الله عنه

عن حذيفة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب، قال:«ثمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث عبيد رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم:

سئل عبيد رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة، أو سوى المكتوبة؟ قال:«نعم بين المغرب والعشاء»

(2)

.

(1)

رواه النسائي في الكبرى (380) أخبرنا أحمد بن سليمان وابن أبي شيبة (12/ 96) - وقال ابن حبان (6960) أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة - وأحمد (22926) قالوا حدثنا زيد بن حباب عن إسرائيل وابن خزيمة (1194) ثنا أبو عمر حفص بن عمرو الربالي، ثنا زيد بن الحباب أخبرني إسرائيل والنسائي في الكبرى (381) أنبأ الحسين بن منصور بن جعفر وأحمد (22818) قالا حدثنا الحسين بن محمد حدثنا إسرائيل والترمذي (3781) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، وإسحاق بن منصور، قالا: أخبرنا محمد بن يوسف، عن إسرائيل ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص:(73) - حدثنا إسحاق، أخبرنا عمرو بن محمد العنقزي، ويحيى بن آدم، قالا: ثنا إسرائيل بن يونس قال أخبرني ميسرة بن حبيب، عن المنهال، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده صحيح.

قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل وصححه ابن خزيمة وابن حبان وجود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب (856) وصححه الألباني في الإرواء (470).

(2)

رواه أحمد (23140) حدثنا معتمر بن سليمان ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (72) - حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا المعتمر بن سليمان وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 181) حدثنا علي بن محمد، نا مسدد،، نا معتمر وأحمد (23142) حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، وابن المبارك - الزهد لنعيم بن حماد (1258) - يروونه عن سليمان بن طرخان التيمي عن رجل، عن عبيد رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف.

شيخ سليمان التيمي مبهم وورد تسميته فرواه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 440) عن مسدد حدثنا معتمر حدثنا أبي عن يعلى عن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم.

والحديث تقدم عن علي بن محمد بن أبي الشوارب - وثقه الخطيب - نا مسدد،، نا معتمر قال: سمعت أبي يحدث، عن رجل فوافق ابن أبي الشوارب في روايته عن مسدد رواية الجماعة على إبهام شيخ سليمان التيمي.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 229) رواه أحمد والطبراني في الكبير ومدار هذه الطرق كلها على رجل لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وقال الألباني في إرواء الغليل (439) وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذى لم يسم.

ص: 552

الحديث الثالث: مرسل محمد بن المنكدر

عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ»

(1)

.

الحديث الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

عن قتادة عن أنس رضي الله عنه في قوله عز وجل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة: 16] قال: «كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء»

(2)

.

(1)

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (73) - حدثنا الحسن بن عيسى، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا حيوة بن شريح، حدثني أبو صخر، أنَّه سمع محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مرسل رواته محتج بهم.

أبو صخر حميد الخراط توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق يهم وبقية رواته ثقات. لكن تسمية الصلاة بين المغرب والعشاء بصلاة الأوابين أحسن ما ورد فيه مرسل محمد بن المنكدر وروي - يأتي - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما موقوفًا ولا يصلح للاعتبار وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولم أقف عليه مسندًا.

(2)

رواه الطبري في تفسيره (21/ 63) ثنا ابن أبي عدي وابن أبي شيبة (2/ 197) حدثنا محمد بن بشر والطبري في تفسيره (21/ 63) حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، ح (21/ 63) حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد وأبو داود (1322) حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن سعيد ح (1321) حدثنا أبو كامل، حدثنا يزيد بن زريع، والبيهقي (3/ 19) أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان حدثنا يحيى بن أبى طالب أخبرنا عبد الوهاب يروونه عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه فذكره ورواته ثقات.

سعيد بن أبي عروبة مختلط، لكن يزيد بن زريع أحفظ الناس لحديثه وسماع محمد بن بشر وعبد الوهاب بن عطاء منه قبل الاختلاط ورواية محمد بن إبراهيم بن أبي عدي عنه في الصحيحين فهي محمولة على ما قبل الاختلاط. وقتادة سمع من أنس رضي الله عنه قاله أحمد وأبو حاتم لكنَّه مدلس ولم أقف على تصريحه بالسماع من أنس رضي الله عنه.

وابن وكيع هو سفيان وضعفه شديد وأبو كامل هو فضيل بن حسين الجحدرى.

تنبيه: في رواية محمد بن المثنى عند الطبري وأبي داود {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قال: كانوا يتنفلون فيما بين المغرب والعشاء، وكذلك:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} وفي رواية البيهقي ذكر آية الذاريات فقط.

وللحديث طريق آخر لا يصلح للاعتبار فرواه الطبري في تفسيره (21/ 63) حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا يزيد بن حيان، وابن أبي عدي (2/ 193) حدثنا محمد الواسطي ثنا الصلت بن مسعود قالا: ثنا الحارث بن وجيه الراسبي، قال: ثنا مالك بن دينار، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} وإسناده ضعيف جدًا.

قال ابن أبي عدي: هذا الحديث لا يحدث عن مالك غير الحارث بن وجيه وللحارث بن وجيه غير ما ذكرت من الروايات شئ يسير ولا أعلم له رواية الا عن مالك بن دينار.

والحارث بن وجيه ضعفه شديد قال ابن معين: ليس بشيء وقال أبو حاتم والنسائي: ضعيف وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير. فهذه الرواية منكرة لا تصلح للاعتبار وكذلك شاهده الآتي عن بلال رضي الله عنه.

ص: 553

الحديث الخامس: حديث بلال رضي الله عنه

عن أسلم مولى عمر، قال بلال رضي الله عنه: لما نزلت هذه الآية {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} الآية، كنا نجلس في المجلس، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء، فنزلت هذه الآية:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ}

(1)

.

الحديث السادس: حديث أنس رضي الله عنه

عن أنس رضي الله عنه في قوله: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] قال: ما بين المغرب والعشاء، «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين المغرب والعشاء»

(2)

.

(1)

رواه البزار (1364) حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: نا الوليد بن عطاء بن الأغر، قال: نا عبد الحميد بن سليمان، قال: حدثني مصعب، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال بلال رضي الله عنه: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

قال البزار: لا نعلم روى أسلم، عن بلال رضي الله عنه إلا هذا الحديث، ولا نعلم له طريقًا عن بلال رضي الله عنه غير هذا الطريق.

وعبد الله بن شبيب الربعي ضعفه شديد قال ابن حبان يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به فالحديث منكر.

(2)

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (71) - حدثنا محمد بن يحيى، ثنا منصور بن سقير، ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه في قوله: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

منصور بن سقير ويقال صقير ضعفه شديد قال أبو حاتم ليس بقوي وفي حديثه اضطراب وقال ابن حبان يروي المقلوبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وقال العقيلي في حديثه بعض الوهم.

وعمارة بن زاذان قال الأثرم عن أحمد يروي عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أحاديث مناكير وقال مسلم وعبد الله بن أحمد عن أحمد شيخ ثقة ما به بأس وقال ابن معين صالح وقال البخاري ربما يضطرب في حديثه وقال الآجري عن أبي داود ليس بذاك وقال يعقوب بن سفيان ثقة وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالمتين وقال ابن عدي وهو عندي لا بأس به ممن يكتب حديثه وذكره ابن حبان في الثقات وقال الدارقطني ضعيف يعتبر به وقال العجلي بصري ثقة وقال الساجي فيه ضعف ليس بشيء ولا يقوي في الحديث وقال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الخطأ. فتفرد به عن ثابت البناني.

ورفع الحديث منكر فرواه عبد الله بن المبارك وحميد بن عبد الرحمن بن حميد عن عمارة بن زاذان موقوفًا.

ص: 554

الحديث السابع: حديث سلمان رضي الله عنه

عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ بَين العشاءين فَإِنَّهَا تذْهب بملاغات أول النَّهَار ومهذبة آخِره»

(1)

.

الحديث الثامن: حديث ثوبان رضي الله عنه

عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَكَفَ نَفْسَهُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِصَلَاةٍ أَوْ قُرْآنٍ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ يَبْنِيَ لَهُ قَصْرَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، مَسِيرَةُ كُلِّ قَصْرٍ مِنْهُمَا مِئَةُ عَامٍ، وَيَغْرِسُ لَهُ بَيْنَهُمَا غِرَاسًا لَوْ طَافَهُ أَهْلُ الدُّنْيَا لَوَسِعَهُمْ»

(2)

.

(1)

قال العراقي في المغني بهامش الإحياء (1/ 341) رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس [والمطبوع محذوفة أسانيده] من رواية إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن الأعمش حدثنا أبو العلاء العنبري عن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

وإسماعيل هذا متروك يضع الحديث قاله الدارقطني واسم أبي زياد مسلم وقد اختلف فيه على الأعمش اه .... وقد ذكر الذهبي إسماعيل هذا في ديوان الضعفاء وإنَّه روى عن أبي عون وإنَّه كان ممن يضع الحديث ونقله عن الدارقطني وذكر إسماعيل بن أبي زياد آخر ويعرف بالشفري قال ابن معين وهو كذاب ولكن المراد هو الأول المعروف الشامي.

تنبيه: يأتي تفسير غريب الحديث في الرواية الموقوفة على سلمان رضي الله عنه.

(2)

رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (75) حدثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، نا عبد العزيز بن محمد الهاشمي، نا عبد القدوس بن إبراهيم الحجبي الصنعاني، نا إبراهيم بن عمر بن كيسان، عن خلاد بن جندة، عن سعيد بن جبير، عن ثوبان رضي الله عنه، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف.

عبد القدوس بن إبراهيم ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وعبد العزيز بن محمد الهاشمي لم أقف له على ترجمة وبقية رواته ثقات.

خلاد بن جندة هو خلاد بن عبد الرحمن بن جندة نسب لجده.

ص: 555

الحديث التاسع: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: «حَقٌّ عَلَى اللَّهِ مَنْ عَكَفَ نَفْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ، لا يَتَكَلَّمُ إِلا بقرآنٍ أَوْ دعاءٍ أَوْ صلاةٍ، أَنْ يُبْنَى لَهُ قَصْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، عَرْضُ كُلِّ قصرٍ مِنْهُمَا مِئَةُ عَامٍ، وَيُغْرَسُ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا غِرَاسٌ لَوْ أَضَافَهُ جَمِيعَ أَهْلِ الدُّنْيَا كُلَّهُمْ لَوَسِعَهُمْ؛ فإن قرأ مئتي آية أعطي قنطارًا فِي الْجَنَّةِ، وَالْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِئَتَا وُقِيَّةٍ، وَالْوُقِيَّةُ ما بين السماء إلى الأرض»

(1)

.

العاشر: أثر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

عن مجاهد؛ أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «لم يكن يصليها إلا في رمضان، - يعني ما بين المغرب والعشاء -»

(2)

.

الحادي عشر: أثر سلمان رضي الله عنه

عن أبى الشعثاء المحاربى قال: قال سلمان رضي الله عنه «صلوا فيما بين المغرب والعشاء فإنَّه يخفف عن أحدكم من حزبه، ويذهب عنه ملغاة أول الليل، فإنَّ ملغاة أول الليل مهدنة لآخره»

(3)

.

(1)

رواه ابن وهب - تفسير القرآن من الجامع (73) - أخبرني حفص بن ميسرة أيضًا عن أبي مروان، عن أبي طيبة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: فذكره وإسناده ضعيف.

حفص بن ميسرة العقيلى ثقة. واختلف في اسم أبي طيبة فذهب البخاري وابن حبان إلى أنَّ اسمه شجاع وذهب ابن أبي حاتم إلى أنَّ شجاعًا تلميذ أبي طيبة واسم أبي طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني وهو الذي استقر عليه رأي ابن حجر في اللسان وكذلك ابن منده لكن ذكر أنَّ اسم أبي طيبة إسماعيل.

وأبو طيبة لم يعرفه أحمد وذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وأبو طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني ضعفه يحيى بن معين. وأبو مروان لم يتبين لي من هو.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 197) حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فذكره وإسناده صحيح.

(3)

رواه أبو عبيد في غريب الحديث (4/ 131) حدثنا مروان بن معاوية عن يحيى بن ميسرة الأحمسي عن العلاء بن بدر عمن حدثه عن سلمان رضي الله عنه وابن أبي شيبة (2/ 197) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن أبي الشعثاء، قال: قال سلمان رضي الله عنه وعبد الرزاق (4726) عن الثوري، عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن رجل، عن سلمان رضي الله عنه والبيهقي (3/ 20) أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل الصفار حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا أبو سنان عن العلاء بن بدر عن أبى الشعثاء المحاربى قال: كنت فى جيش فيهم سلمان رضي الله عنه قال فقال سلمان رضي الله عنه فذكره ورواته ثقات.

العلاء بن بدر تارة يبهم شيخه وتارة يسميه وهو ثقة. واختلف على سليمان بن مهران الأعمش فروي مرفوعًا وضعفه شديد - وتقدم - وموقوفًا على سلمان رضي الله عنه وتابعه أبو سنان سعيد بن سنان البرجمى في رواية البيهقي وهو المحفوظ.

يحيى بن ميسرة الأحمسي ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وبقية رواته محتج بهم.

وأبو الحسين بن بشران هو علي بن محمَّد البغدادي والعلاء بن بدر هو ابن عبد الله ينسب لجده وأبو الشعثاء المحاربي هو سليم بن أسود.

قال أبو عبيد: قال أبو زيد وغيره: قوله ملغاة من اللغو وكثرة الحديث. والمهدنة من الهدنة وهي السكون يقال منه: هدنت أهدن هدونًا إذا سكنت فلم تتحرك. والذي أراد به سلمان رضي الله عنه أنَّه إذا سهر أول الليل ولغا ذهب به النوم في آخره فمنعه من القيام للصلاة. وبعضهم يرويه: مهدرة أول الليل في موضع ملغاة وهو قريب المعنى من ذلك.

ص: 556

الثاني عشر: أثر أنس رضي الله عنه

عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه «أنَّه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء، ويقول: هي ناشئة الليل»

(1)

.

الثالث عشر: أثر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

عن ابن يزيد النخعي قال: ساعة ما أتيت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فيها إلا وجدته فيها يصلي ما بين المغرب، والعشاء، فسألت عبد الله رضي الله عنه فقلت: ساعة ما أتيتك فيها قط إلا وجدتك تصلي، فقال:«إنَّها ساعة غفلة»

(2)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 197) حدثنا حميد بن عبد الرحمن والآجري في فضل قيام الليل والتهجد (40) حدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا ابن المبارك يرويانه عن عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه؛ فذكره وإسناده ضعيف.

عمارة بن زاذان ضعيف فتفرد به عن ثابت البناني واضطرب فيه فروي مرفوعًا وتقدم وموقوفًا ورواية الوقف أصح.

(2)

رواه:

1: ابن المبارك - الزهد لنعيم بن حماد (1261) - وعبد الرزاق (4725) عن الثوري، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه وإسناده ضعيف. جابر بن يزيد الجعفي ضعيف.

2: ابن أبي شيبة (2/ 196) حدثنا محمد بن فضيل والطبراني في الكبير (9/ 287) حدثني علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا أبو عوانة ح حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية، ثنا زائدة، يروونه عن ليث، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عمه عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود رضي الله عنه وإسناده ضعيف جدًا.

ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

فجابر الجعفي جعله عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وليث بن أبي سليم جعله عن عمه والظاهر أنَّ هذا من تخليطهما والله أعلم.

محمد بن النضر هو محمد بن أحمد بن النضر نسب إلى جده وأبو عوانة هو الوضاح اليشكري ومعاوية هو ابن عمرو الأزدي وزائدة هو ابن قدامة.

ص: 557

الرابع عشر: أثر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال:«صلاة الأوابين ما بين أن ينكفت أهل المغرب إلى أن يُثَوَّب إلى العشاء»

(1)

.

الخامس عشر: أثر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

قال البغوي: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«إنَّ الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب إلى العشاء، وهي صلاة الأوابين»

(2)

.

تنبيه: روي عن علي وابنه الحسن رضي الله عنهما عدم استحباب التنفل ما بين المغرب والعشاء ولا يصح.

فعن أبي فاختة، عن علي رضي الله عنه، قال: ذكر له أنَّ ما بين المغرب والعشاء صلاة الغفلة، فقال علي رضي الله عنه:«في الغفلة وقعتم»

(3)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 197) حدثنا وكيع، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

موسى بن عبيدة الربذي ضعفه شديد قال الإمام أحمد: لا يكتب حديثه وقال النسائي: ضعيف وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بين وقال ابن معين: ليس بشيء وقال مرة: لا يحتج بحديثه.

تنبيه: في نسختي من طبعة الدار السلفية أخطأ مطبعية والتصحيح من طبعة دار القبلة تحقيق محمد عوامة (5973)(4/ 266).

قال الزمخشري في الفائق (1/ 66) انكفاتهم انكفاؤهم إلى منزلهم. وهو مطاوع كفت الشيء إذا ضمه لأنَّ المنكفاء إلى منزله منضم إليه. وثؤوبهم عودهم إلى المسجد لصلاة العشاء. والمعنى الإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين.

(2)

شرح السنة للبغوي (3/ 474) ونسبه المتقي الهندي في كنز العمال (21839) لابن زنجويه ولم أقف عليه مسندًا.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 198) حدثنا وكيع، قال: حدثنا إسرائيل، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

ثوير بن أبي فاختة قال الثوري: من أركان الكذب وقال الدوري عن ابن معين ليس بشيء وقال النسائي ليس بثقة وقال الدارقطني وعلي بن الجنيد متروك وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد حتى يجيء في روايته أشياء كأنَّها موضوعة وقال ابن عدي أثر الضعف على رواياته بين وقال بن أبي خيثمة وغيره عن يحيى ضعيف وقال إبراهيم الجوزجاني ضعيف الحديث وقال أبو زرعة ليس بذاك القوي وقال أبو حاتم ضعيف مقارب لهلال بن خباب وحكيم بن جبير وقال الحاكم لم ينقم عليه إلا التشيع وذكره العقيلي وابن الجارود وأبو العرب الصقلي وغيرهم في الضعفاء. وقال العجلي هو وأبوه لا بأس بهما وتوسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: ضعيف رمي بالرفض. فالأثر منكر كما قال محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (75) -: هذا حديث منكر. والله أعلم.

ص: 558

وعن عاصم بن ضمرة، قال: صليت إلى جنب الحسن بن علي رضي الله عنهما المغرب، ثم صليت ركعتين بعد المغرب، ثم قمت أصلي فنهرني، وقال:«إنَّما هما ركعتان»

(1)

.

‌ثانيًا: الأحاديث العامة

الحديث الأول: حديث ثوبان رضي الله عنه

عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: لقيت ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة؟ أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء رضي الله عنه فسألته فقال لي: مثل ما قال لي: ثوبان رضي الله عنه

(2)

.

الحديث الثاني: حديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه

عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بِوَضُوئه وحاجته فقال لي: «سَلْ» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ» قلت: هو ذاك. قال: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»

(3)

.

الترجيح: يسن التنفل المطلق بين المغرب والعشاء وهو قول لبعض

(1)

رواه عبد الرزاق (4729) عن معمر، عن أبي إسحاق وابن أبي شيبة (2/ 198) حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: فذكره وإسناده ضعيف.

أبو إسحاق عمرو بن عبد الله بن عبيد السبيعي مدلس وعنعن ومختلط واختلف في سماع إسرائيل بن يونس عن جده أبي إسحاق هل هو قبل الاختلاط أو بعده؟ ولم يتبين لي هل رواية معمر عن أبي إسحاق قبل الاختلاط أم بعده؟.

ولفظ عبد الرزاق رأى الحسن بن علي رضي الله عنهما رجلًا يصلي بعد المغرب أربع ركعات، فقال له: أفاتك شيء من المكتوبة؟ قال: لا قال: «فإنَّهما ركعتان أدبار السجود» وبه كان يأخذ معمر.

(2)

رواه مسلم (488).

(3)

رواه مسلم (489).

ص: 559

الأحناف

(1)

ومذهب المالكية

(2)

والحنابلة

(3)

فإضافة إلى الأمر العام بنفل الصلاة صح عن النبي صلى الله عليه وسلم التنفل المطلق بين المغرب والعشاء من حديث حذيفة رضي الله عنه وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان يصلي في رمضان ما بين المغرب والعشاء وصح عن أنس رضي الله عنه تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} بالصلاة بين المغرب والعشاء وأغلب الوارد ضعفه شديد لا يصلح للاعتبار ولم يصح عن علي وابنه الحسن رضي الله عنهما النهي عن التطوع بين المغرب والعشاء.

أمَّا تسمية الصلاة بين المغرب والعشاء بصلاة الأوابين وصلاة الغفلة فالذي وقفت عليه لا يصح والله أعلم.

(1)

قال أبو المحاسن جمال الدين المَلَطي في المعتصر من المختصر (1/ 34) كذا بين المغرب والعشاء فهذا ظاهر الحديث ومن ادعى غيره فعليه بيانه.

(2)

انظر: شرح الرسالة لزروق (1/ 189) والقوانين الفقهية ص: (39) والفواكه الدواني (1/ 306) وكفاية الطالب (1/ 363).

(3)

انظر: الإرشاد إلى سبيل الرشاد ص: (59) والمستوعب (2/ 214) والمغني (1/ 774) وكشاف القناع (1/ 437).

ص: 560

‌النوع الثاني: الأحاديث المقيدة للنفل بعد المغرب بعدد

وردت أحاديث فيها النفل بعد المغرب بركعتين وأربع وست وثنتي عشرة وعشرين ركعة.

‌أولًا: أحاديث الركعتين

الحديث الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث أم حبيبة رضي الله عنها

عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ»

(2)

.

الحديث الثالث: مرسل مكحول

عن مكحول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ كُتِبَتا - أَوْ رُفِعَتَا - فِي عِلِّيِّينَ»

(3)

.

الحديث الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَلَاةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، بِهَا يَفْتَحُ الْعَبْدُ لَيْلَهُ وَيَخْتِمُ بِهَا نَهَارَهُ، لَمْ يُحِطْهَا عَنْ مُسَافِرٍ وَلَا مُقِيمٍ، مَنْ صَلَّاهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّمَ جَلِيسًا كُتِبَتْ فِي عِلِّيِّينَ أَوْ رُفِعَتْ فِي عِلِّيِّينَ، - شك محمد بن عون -، فَإِنْ صَلَّاهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعًا

(1)

رواه البخاري (1181) ومسلم (729).

(2)

رواه مسلم (728).

(3)

رواه عبد الرزاق (4833) عن الثوري عن عبد العزيز بن عمر وابن أبي شيبة (2/ 198) حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد العزيز بن عمر وأبو داود في المراسيل (74) حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن مكحول،: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره مرسل رواته ثقات. ولم أقف على شاهد له يصلح للاعتبار.

ص: 561

مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّمَ جَلِيسًا بَنَى اللَّهُ عز وجل لَهُ قَصْرَيْنِ مُكَلِّلَيْنِ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ بَيْنَهُمَا مِنَ الْجَنَّاتِ مَا لَا يَعْلَمُ عَلِمَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ صَلَّاهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا سِتًّا مِنْ غَيْرِ أَنَّ يُكَلِّمَ جَلِيسًا غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُ أَرْبَعِينَ عَامًا»

(1)

.

الحديث الخامس: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صَلَّى الْمغرب ثمَّ صَلَّى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ قبل أَنْ يتَكَلَّم بِشَيْء كتبَتَا فِي عليين فَإِنْ صَلَّى أَرْبعا كَانَ كَالْمُعَقبِ غَزْوَة بعد غَزْوَة فَإِنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى لَهُ فِي الْجنَّة قصر من ياقوت فِيهِ من الشّجر وَنور الثَّمر مَالا يُحْصِيه إِلَّا رب الْعَالمِينَ»

(2)

.

الحديث السادس: حديث أبي بكر رضي الله عنه

عن أبي بكر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَصَلَّى مِنْ بَعْدِهَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ عز وجل فِي حَظِيرَةِ الْقُدُسِ» ، قلت: فإن صلى بعدها أربعًا؟ قال: «كَمَنْ حَجَّ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةٍ» قلت: فإن صلى بعدها ستًا؟ قال: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ عَامًا»

(3)

.

(1)

رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل (74) حدثنا عمر بن عبد الله بن عمرو بن عثمان الزيادي، نا إسحاق بن عبد الحميد الواسطي العطار، نا عون بن عمارة، عن حفص، يعني ابن جميع، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

في إسناده حفص بن جميع ضعيف قال أبو زرعة ليس بالقوي وقال أبو حاتم ضعيف الحديث وقال ابن حبان كان ممن يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد.

وعون بن عمارة ضعفه شديد قال أبو زرعة منكر الحديث وقال الحاكم أدركته ولم أكتب عنه وكان منكر الحديث ضعيف الحديث وقال البخاري يعرف وينكر وقال أبو داود ضعيف وقال ابن عدي ومع ضعفه يكتب حديث. وفيه من لم أعرفه. فالحديث منكر.

(2)

قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (3/ 359) حديث أنس رضي الله عنه رواه الدارقطني في كتابه غرائب مالك من حديث الحسن بن الليث بن حاجب ثني أحمد بن سليمان الأسدي قال قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

انتهى قال الدارقطني هذا حديث موضوع على مالك ومن دونه في الإسناد ضعفاء انتهى.

(3)

رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (77) حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي، نا أبي، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشي، عن حفص بن عمر الحلبي - قاضي حلب، - عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، عن أبي بكر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن عبد الرحمن بن طلحة ضعفه شديد قال ابن عدي ضعيف يسرق الحديث وقال الدارقطني متروك. وحفص بن عمر بن ثابت بن زرارة ضعفه شديد ترجم له ابن العديم في تاريخ حلب ونقل عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي قوله حفص بن عمر قاضي حلب كان يوصف بوضع الحديث. وعن ابن الجنيد قوله منكر الحديث وعن النسائي تضعيفه وعن الدارقطني قوله: صالح يعتبر به. وبقية رواته ثقات فالحديث منكر.

ص: 562

ففي الأحاديث - ما عدا الثلاثة الأخيرة فهي لا تصلح للاعتبار - أنَّ راتبة المغرب ركعتان وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

‌ثانيًا: أحاديث أربع ركعات

الحديث الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«من ركع بعد المغرب أربع ركعات كان كالمعقب غزوة بعد غزوة»

(5)

.

(1)

انظر: كنز الدقائق مع البحر الرائق (2/ 87) وفتح القدير (1/ 285) وبدائع الصنائع (1/ 284) ومجمع الأنهر (1/ 165).

(2)

قال سحنون لابن القاسم - المدونة (1/ 98) - هل كان مالك يوقت قبل الظهر للنافلة ركعات معلومات أو بعد الظهر أو قبل العصر أو بعد المغرب فيما بين المغرب والعشاء أو بعد العشاء؟ قال: لا، قال: وإنَّما يوقت في هذا أهل العراق.

وقال ابن أبي زيد في الرسالة مع شرح زروق (1/ 188) يستحب أن يتنفل بعدها بركعتين وما زاد فهو خير وإن تنفل بست ركعات فحسن.

وقال ابن جزئ في القوانين الفقهية ص: (39) الفضائل فإنَّها عشر وهي

وركعتان بعد المغرب وقيل ست وقد قيل في هذه كلها أنَّها سنن.

وانظر: التاج والإكليل (2/ 371) وكفاية الطالب (1/ 362) والفواكه الدواني (1/ 305).

(3)

انظر: نهاية المطلب (2/ 349) والمهذب مع المجموع (2/ 7) ومنهاج الطالبين ص: (18) وأسنى المطالب (1/ 202).

(4)

انظر: المغني (1/ 762) والمحرر (1/ 152) والفروع (1/ 545) وشرح منتهى الإرادات (1/ 300).

(5)

رواه ابن المبارك - الزهد (1262) - وابن أبي شيبة (2/ 198) حدثنا وكيع وعبد الرزاق (4728) عن أبي بكر بن محمد يروونه عن موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

موسى بن عبيدة ضعفه شديد قال الإمام أحمد: لا يكتب حديثه وقال النسائي: ضعيف وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بين وقال ابن معين: ليس بشيء وفي رواية لا يحتج بحديثه.

وتابع موسى بن عبيدة والد علي بن المديني فرواه ابن حبان في المجروحين (2/ 16) بإسناده عن عبد الله بن جعفر عن أيوب بن خالد عن بن عمر رضي الله عنهما وعبد الله بن جعفر والد علي بن المديني ضعفه شديد، قال يحيى: ليس بشيء، وقال السعدي: واهي الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث. وأيوب بن خالد قال الحافظ ابن حجر: فيه لين. فالحديث منكر.

تنبيه: في رواية عبد الرزاق لا أعلمه إلا رفعه.

ص: 563

الحديث الثاني: حديث أنس بن مالك

في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «فَإِنْ صَلَّى أَرْبعا كَانَ كَالْمُعَقبِ غَزْوَة بعد غَزْوَة»

الحديث الثالث: حديث أبي بكر رضي الله عنه

في حديث أبي بكر رضي الله عنه قلت: فإن صلى بعدها أربعًا؟ قال: «كَمَنْ حَجَّ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةٍ» .

الحديث الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها

في حديث عائشة رضي الله عنها: «فَإِنْ صَلَّاهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّمَ جَلِيسًا بَنَى اللَّهُ عز وجل لَهُ قَصْرَيْنِ مُكَلِّلَيْنِ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ بَيْنَهُمَا مِنَ الْجَنَّاتِ مَا لَا يَعْلَمُ عَلِمَهُ إِلَّا هُوَ» .

ففي هذه الأحاديث صلاة أربع ركعات بعد المغرب لكن ضعفها شديد فلا يثبت بها حكم شرعي حتى على رأي من يرى العمل بالحديث الضعيف وذهب إلى استحباب أربع ركعات بعد المغرب بعض الشافعية

(1)

وهو مذهب الحنابلة

(2)

.

‌ثالثًا: أحاديث ست ركعات

الحديث الأول: حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما

عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: رأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد المغرب ست ركعات، وقال:«مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»

(3)

.

(1)

انظر: تحفة الحبيب (2/ 74) ونهاية المحتاج (2/ 122) وحاشية إعانة الطالبين (1/ 440).

(2)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 180) يستحب أن يصلي غير الرواتب: .. وأربعًا بعد المغرب.

وانظر: المستوعب (2/ 214) والفروع (1/ 546) وشرح منتهى الإرادات (1/ 301) ومطالب أولي النهى (2/ 48).

(3)

رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (776) أنا عبد الجبار بن إبراهيم بن منده قال أنا عبد الرزاق بن عمر بن سلهب جدي لأمي قال أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق الحافظ قال نا الحسين بن سهل السيوطي قال أنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال نا صالح بن قطن البخاري والطبراني في الأوسط (7245) حدثنا محمد بن يحيى، ثنا صالح بن قطن البخاري، نا محمد بن عمار بن محمد بن عمار بن ياسر، حدثني أبي، عن جدي قال: رأيت عمار بن ياسر رضي الله عنه، صلى بعد المغرب ست ركعات، فقلت: يا أبه، ما هذه الصلاة؟ قال: رأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد المغرب فذكره وإسناده ضعيف.

قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عمار إلا بهذا الإسناد، تفرد به: صالح بن قطن. وقال ابن الجوزي: فيها مجاهيل.

ص: 564

الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ غُفِرَ لَهُ بِهَا ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً»

(1)

.

الحديث الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ المَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً»

(2)

.

الحديث الرابع: حديث أبي بكر رضي الله عنه

في حديث أبي بكر رضي الله عنه قلت: فإن صلى بعدها ستًا؟ قال: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَ

(1)

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (73) - حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصنعاني، ثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب، ثنا محمد بن غزوان الدمشقي، ثنا عمر بن محمد، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن غزوان ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: يقلب الأخبار ويسند الموقوف لا يحل الاحتجاج به روى عن عمر بن محمد عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ..... فالحديث منكر.

قال الألباني في الضعيفة (468) ضعيف جدًا.

(2)

رواه الترمذي (435) والبزار (8629) قالا حدثنا أبو كريب محمد بن العلا الأذرمي وابن نصر - مختصر قيام الليل ص: (73) - حدثنا محمد بن علي بن عبد الرحمن والطبراني في الأوسط (819) حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا الحسن بن علي الحلواني وأبو يعلى (6022) حدثنا أبو عبد الرحمن قالوا حدثنا زيد بن الحباب وابن ماجه (1167) حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو الحسين العكلي قالا حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

قال الترمذي حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب، عن عمر بن أبي خثعم، وسمعت محمد بن إسماعيل: يقول: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث وضعفه جدًا. وقال البزار: عمر بن عبد الله قد حدث، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة رضي الله عنه بأحاديث لم يتابع عليها هذا منها. ورواه ابن الجوزي في العلل (775) بإسناده عن الترمذي وقال: قال أحمد: بن حنبل عمر لا يساوي حديثه شيئًا وقال البخاري هو منكر الحديث وضعفه جدًا. قال ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح يضع الحديث على الثقات.

ص: 565

خَمْسِينَ عَامًا».

الحديث الخامس: حديث عائشة رضي الله عنها

في حديث عائشة رضي الله عنها: «وَإِنْ صَلَّاهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا سِتًّا مِنْ غَيْرِ أَنَّ يُكَلِّمَ جَلِيسًا غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُ أَرْبَعِينَ عَامًا» .

ففي هذه الأحاديث صلاة ست ركعات بعد المغرب وتدخل الراتبة في الست لكن ضعفها شديد فلا يثبت بحكم الاستحباب.

ومذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والحنابلة

(3)

وقول لبعض الشافعية

(4)

استحباب ست ركعات بعد المغرب.

‌رابعًا: حديث ثنتي عشرة ركعة

في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «فَإِنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى لَهُ فِي الْجنَّة قصر من ياقوت فِيهِ من الشّجر وَنور الثَّمر مَالا يُحْصِيه إِلَّا رب وَالْعَالمِينَ» .

والحديث موضوع فيحرم إثبات حكم شرعي به.

‌خامسًا: حديثا عشرين ركعة

الحديث الأول: حديث عائشة رضي الله عنه

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى، بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، عِشْرِينَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»

(5)

.

(1)

قال النسفي في كنز الدقائق مع البحر الرائق (2/ 87) السنة قبل الفجر وبعد الظهر والمغرب والعشاء ركعتان وقبل الظهر والجمعة وبعدها أربع وندب الأربع قبل العصر والعشاء وبعده والست بعد المغرب.

وقال الحصكفي في الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (2/ 452)(وبعد المغرب ستًا)

وقد ورد في القيام بعد المغرب فضل كثير، وقيل هي ناشئة الليل وتسمى صلاة الأوابين.

وانظر: بدائع الصنائع (1/ 285) ومجمع الأنهر (1/ 166) وفتح باب العناية (1/ 330).

(2)

تقدم العز قريبًا

(3)

قال ابن قدامة في الكافي (1/ 149) يستحب المحافظة

وعلى ست بعد المغرب.

وانظر: المغني (1/ 765) والفروع (1/ 546) وكشاف القناع (1/ 424).

(4)

انظر: تحفة الحبيب (2/ 74) ونهاية المحتاج (2/ 122) وحاشية إعانة الطالبين (1/ 440).

(5)

رواه ابن ماجه (1373) حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يعقوب بن الوليد المديني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

يعقوب بن الوليد ضعفه شديد قال أحمد من الكذابين الكبار وكان يضع الحديث وقال ابن معين لم يكن بشيء وقال في موضع آخر: ليس بثقة وقال عمرو بن علي ضعيف الحديث جدًا وقال الجوزجاني غير ثقة ولا مأمون وقال أبو زرعة غير ثقة وقال النسائي: ليس بشيء متروك الحديث وقال ابن حبان يضع الحديث على الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب.

وذكر الترمذي (2/ 299) الحديث معلقًا بصيغة التمريض. وحكم عليه الألباني في ضعيف ابن ماجة (288) بالوضع.

ص: 566

الحديث الثاني: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عِشْرِينَ رَكْعَةً بَيْنَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَالْمَغْرِبِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ»

(1)

.

في الحديثين استحباب صلاة عشرين ركعة بعد المغرب وضعفهما شديد.

ومذهب الشافعية

(2)

وقول لبعض المالكية

(3)

استحباب عشرين ركعة بعد المغرب واستحب بعض الحنابلة صلاة أكثر من ست ركعات بعد المغرب

(4)

.

الترجيح: الذي ترجح لي أنَّه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في راتبة المغرب إلا ركعتان والأحاديث التي فيها عدد معين للنفل بعد المغرب لم تصح وتقدم صحة التنفل بين المغرب والعشاء فالسنة صلاة ركعتين بعد المغرب ثم نفل مطلق والله أعلم.

(1)

رواه الرافعي في أخبار قزوين (4/ 60)

ثنا أبو هدبة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فذكره: موضوع.

ترجم ابن حبان لأبي هدبة في المجروحين فقال: إبراهيم بن هدبة أبو هدبة شيخ يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه دجال من الدجاجلة وكان رقاصًا بالبصرة يدعى إلى الأعراس فيرقص فيها فلما كبر جعل يروي عن أنس رضي الله عنه ويضع عليه

فلا يحل لمسلم أن يكتب حديثه ولا يذكره إلا على وجه التعجب. وحكم على الحديث بالوضع الألباني في الضعيفة (3306).

(2)

قال أبو يحيى زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (1/ 206)(وصلاة الأوابين) وتسمى صلاة الغفلة لغفلة الناس عنها واشتغالهم بغيرها من عشاء ونوم وغيرهما (وهي عشرون ركعة بين المغرب، والعشاء).

وانظر: تحفة المحتاج (1/ 269) وتحفة الحبيب (2/ 74) ومغني المحتاج (1/ 315) ونهاية المحتاج (2/ 122).

(3)

انظر: شرح الرسالة لزروق (1/ 189) والفواكه الدواني (1/ 305).

(4)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 180) يستحب أن يصلي غير الرواتب: .. وأربعًا بعد المغرب، وقال المصنف [ابن قدامة]: ستًا، وقيل: أو أكثر. وانظر: الفروع (1/ 546).

ص: 567

‌الفصل الرابع

مقدار راتبة العشاء

ص: 569

‌تمهيد

جاءت أحاديث في أنَّ راتبة العشاء البعدية ركعتان وأحاديث أنَّها أربع.

1: أحاديث الركعتين.

2: أحاديث أربع ركعات.

3: الجمع بين الروايات.

ص: 571

‌أحاديث الركعتين

الحديث الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: «كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين،

وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين»

(2)

.

الحديث الثالث: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

تقدم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ولا يصح

(3)

.

(1)

رواه البخاري (1181) ومسلم (729).

(2)

رواه مسلم (730).

(3)

انظر: (ص: 128).

ص: 572

‌أحاديث أربع ركعات

الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

تقدم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاء في جماعة، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد، كان كعدل ليلة القدر»

(2)

.

الحديث الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها

عن شريح بن هانئ، عن عائشة رضي الله عنها قال: سألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط فدخل علي إلا صلى أربع ركعات، أو ست ركعات، ولقد مطرنا مرة بالليل، فطرحنا له نِطَعًا

(3)

، فكأنِّي أنظر إلى ثقب فيه ينبع الماء منه، وما رأيته متقيًا الأرض بشيء من ثيابه قط»

(4)

.

(1)

انظر: (ص: (42.

(2)

رواه الطبراني في الأوسط (5239) حدثنا محمد بن الفضل السقطي قال: نا مهدي بن حفص قال: نا إسحاق الأزرق، عن أبي حنيفة [مسند أبي حنيفة مع شرح علي القاري ص:(268)]، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره وإسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما إلا محارب بن دثار، ولا عن محارب إلا أبو حنيفة، تفرد به: إسحاق الأزرق.

الإمام أبو حنيفة على جلالة قدره في الفقه إلا إنَّ البعض يضعفه في الحديث.

قال العراقي [نيل الأوطار (3/ 18)]: لم يصح وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 231) وفيه من ضعف الحديث.

وقال الألباني في الضعيفة (5060) ضعيف

سائر رجال الإسناد [ثقات]؛ غير أبي حنيفة رحمه الله؛ فإن الأئمة قد ضعفوه، وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله: وفيه من ضعف في الحديث وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه؛ اتقاء منه لشر متعصبة الحنيفة في زمانه. ويشهد له حديث عائشة الآتي وآثار ابن مسعود وعبد الله بن عمرو وعائشة رضي الله عنهم والله أعلم.

(3)

النطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك، وكعنب: بساط من الجلد. انظر: القاموس المحيط ص: (767) ولسان العرب (8/ 357).

(4)

رواه أحمد (23784) حدثنا ابن نمير، ح (23785) ثنا عثمان بن عمر وأبو داود (1303) حدثنا محمد بن رافع، حدثنا زيد بن الحباب العكلي والنسائي في الكبرى (391) أنبأ إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد بن الحارث ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص:(76) حدثنا الحسن بن عيسى، أخبرنا ابن المبارك يروونه عن مالك بن مغول عن مقاتل بن بشير العجلي، عن شريح بن هانئ، عن عائشة رضي الله عنها، قال: فذكره وإسناده ضعيف.

مقاتل بن بشير العجلي ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال الذهبي في الكاشف وثق وفي الميزان لا يعرف وقال الحافظ في التقريب مقبول. وبقية رواته محتج بهم. والأثر حسن لغيره فيشهد له حديث ابن عمر والآثار الموقوفة على الصحابة رضي الله عنهم وست ركعات ذكرت بالشك لم أقف لها على شاهد والله أعلم.

وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (285).

تنبيه: رواه البيهقي (2/ 436) أخبرنا على بن محمد المقرئ أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا مالك بن مغول قال سمعت مقاتل بن بشير عن أبيه عن شريح بن هانئ قال سألت عائشة رضي الله عنها فجعله من رواية مقاتل بن بشير عن أبيه وهذه الرواية شاذة تخالف رواية الحفاظ ابن المبارك وغيره. وعمرو بن مرزوق الباهلي توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: ثقة فاضل له أوهام فهذا من أوهامه والله أعلم.

وأشار البيهقي إلى شذوذها بقوله: رواه ابن المبارك عن مالك بن مغول ولم يقل عن أبيه.

ص: 573

الحديث الرابع: حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما

عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات، وأوتر بسجدة، ثم نام حتى يصلي بعد صلاته بالليل»

(1)

.

والحديث ضعيف والركعتان يحتمل أنَّهما تبع راتبة العشاء فيكون دليلًا للمسألة ويحتمل أنَّهما تبع الوتر ومال لذلك ابن حجر

(2)

.

(1)

رواه أحمد (15677) والبزار (2219) حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث والطبراني في الكبير (13/ 104) حدثنا العباس بن حمدان الأصبهاني، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم صاعقة قالوا: حدثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي، قال: أخبرني نافع بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال: فذكره مرسل رواته محتج بهم.

عبد الله بن نافع بن عبد الله بن الزبير ذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه العجلي وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وبقية رواته ثقات.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 272) لم يسمع نافع من جده عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ولم يدركه وإنَّما روى عن أبيه ثابت.

وقال البزار: هذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه بهذا اللفظ إلا ابن الزبير رضي الله عنه، ولا نعلم له طريقًا عن ابن الزبير رضي الله عنه أحسن من هذا الطريق. ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 593) بإسناده وقال: غريب جدًا، منكر.

(2)

انظر: كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (63).

ص: 574

الحديث الخامس: حديث البراء بن عازب رضي الله عنه

عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى قبل الظهر أربع ركعات كأنَّما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كنَّ كمثلهن من ليلة القدر، وإذا لقي المسلم المسلم فأخذ بيده، وهما صادقان، لم يتفرقا حتى يغفر لهما»

(1)

.

الحديث السادس: حديث أنس رضي الله عنه

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع قبل الظهر كعدلهن بعد العشاء، وأربع بعد العشاء كعدلهن من ليلة القدر»

(2)

.

الحديث السابع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ في الركعتين الأوليين قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وقرأ في الركعتين الأخرتين تنزيل السجدة وتبارك الذي

(1)

رواه الطبراني في الأوسط (6332) حدثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا ناهض بن سالم الباهلي، ثنا عمار أبو هاشم، عن الربيع بن لوط، عن عمه البراء بن عازب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف وفيه انقطاع.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الربيع بن لوط إلا عمار أبو هاشم، تفرد به ناهض بن سالم.

وناهض بن سالم لم أقف له على ترجمة ولم يسمع من أبي هاشم عمار بن عمارة قال العراقي: [نيل الأوطار (3/ 18)] لم أر لهم فيه جرحًا ولا تعديلًا ولم أجد له ذكرًا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 221) فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ولم أجد من ذكرهم وضعفه الألباني في الضعيفة (5053) وقال ناهض بن سالم الباهلي؛ لم أجد له ترجمة.

قال المزي في تهذيب الكمال عمار بن عمارة، أبو هاشم الزعفراني البصري روى عن: الحسن البصري (قد)، والربيع بن لوط، والصحيح عن منصور بن عبد الله عنه. وبقية رواته محتج بهم.

(2)

رواه الطبراني في الأوسط (2733) حدثنا إبراهيم قال: نا محرز بن عون قال: نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة، عن أنس رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحادة إلا يحيى. ويحيى بن عقبة بن أبي العيزار ضعفه شديد قال ابن معين: كذاب وقال أبو حاتم: يفتعل الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن أقوام أثبات لا يجوز الاحتجاج به بحال من الأحوال.

وبه أعل الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 230) والألباني في الضعيفة (2739). وبقية رواته محتج بهم.

وشيخ الطبراني هو إبراهيم بن هاشم البغوي.

ص: 575

بيده الملك كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر»

(1)

.

وأحاديث البراء وأنس وابن عباس رضي الله عنهم ضعفها شديد فلا تصلح للاعتبار.

الثامن: أثر بن مسعود رضي الله عنه

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «من صلى أربعًا بعد العشاء لا يفصل بينهن بتسليم عدلن بمثلهن من ليلة القدر»

(2)

.

التاسع: أثر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «من صلى أربعًا بعد العشاء كنَّ كقدرهن من ليلة القدر»

(3)

.

العاشر: أثر عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أربع بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر»

(4)

(1)

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (77) حدثنا محمد بن يحيى، والطبراني في الكبير (11/ 437) حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، والبيهقي (2/ 477) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر: محمد بن محمد بن عبد الله البغدادى حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قالا، ثنا سعيد بن أبي مريم، حدثني عبد الله بن فروخ، حدثني أبو فروة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

في إسناده: يزيد بن سنان بن يزيد أبو فروة الرهاوي، ضعفه شديد، قال الإمام أحمد: ضعيف وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء وقال ابن المديني: ضعيف الحديث وقال أبو حاتم: محله الصدق وكان الغالب عليه الغفلة يكتب حديثه ولا يحتج به وقال البخاري مقارب الحديث وقال الآجري عن أبي داود ليس بشيء وقال النسائي ضعيف متروك الحديث وقال ابن عدي عامة حديثه غير محفوظ وقال العقيلي لا يتابع على حديثه.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) حدثنا وكيع، عن عبد الجبار بن عباس، عن قيس بن وهب، عن مرة، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: فذكره وإسناده صحيح.

ومرة هو ابن شراحيل الهمدانى المعروف بمرة الطيب ومرة الخير. وصحح إسناده الألباني في الضعيفة (11/ 103).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) حدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: فذكره ورواته ثقات.

حصين بن عبد الرحمن السلمي مختلط لكن رواية عبد الله بن إدريس عنه في الصحيحين فهي محمولة على قبل الاختلاط والله أعلم.

وصحح إسناده الألباني في الضعيفة (11/ 103).

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 343) حدثنا محمد بن فضيل، عن العلاء بن المسيب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: فذكره ورواته ثقات. وصحح إسناده الألباني في الضعيفة (11/ 103).

ص: 576

وهذه الآثار موقوفة ولها حكم الرفع فمقدار الثواب مما لا مجال للرأي فيه والله أعلم

(1)

.

‌الجمع بين الروايات:

ذهب الأحناف إلى أنَّ هذا من باب اختلاف التنوع فيكون أدنى الكمال في راتبة العشاء ركعتان والأفضل أربع

(2)

وذهب الحنابلة إلى أنَّ فعل النبي صلى الله عليه وسلم الراتب ركعتان وأحيانًا يصلي أربعًا

(3)

وكلا القولين قوي من جهة النظر والنفس تميل إلى قول الأحناف فراتبة العشاء كراتبة الظهر القبلية

(4)

وكراتبة الجمعة البعدية

(5)

أقلها ركعتان وأكثرها أربع ومذهب سعيد بن جبير أربع

(6)

.

وذهب الشافعية إلى أنَّ راتبة العشاء ركعتان

(7)

أمَّا المالكية فلا حد لأكثرها

(1)

انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 386) وفتح باب العناية (1/ 329) ومعارف السنن (4/ 120) وسلسلة الأحاديث الضعيفة (11/ 103).

(2)

قال في المبسوط (1/ 311): التطوع بعد العشاء فركعتان فيما روينا من الآثار وإن صلى أربعًا فهو أفضل.

وانظر: بدائع الصنائع (1/ 284) ومجمع الأنهر (1/ 166) وفتح باب العناية (1/ 329) وحاشية ابن عابدين (2/ 452).

(3)

قال ابن قدامة في المغني (1/ 765) النوع الثاني: تطوعات مع السنن الرواتب، يستحب أن يصلي

وعلى أربع بعد العشاء.

وانظر: الإنصاف (2/ 180) وكشاف القناع (1/ 424) وشرح منتهى الإرادات (1/ 301) والروض الندي (1/ 159).

(4)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 269).

(5)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 398).

(6)

رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (114) حدثنا يحيى، ثنا عباد بن العوام، عن حصين، عن القاسم بن أبي أيوب، قال: كان سعيد بن جبير «يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات، فأكلمه وأنا معه في البيت فما يراجعني الكلام» رواته ثقات عدا شيخ المروزي يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال ابن حجر: صدوق رمي بالتشيع و لينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله. وحصين هو أبو الهذيل ابن عبد الرحمن السلمى.

(7)

قال النووي في المنهاج ص: (18) الرواتب مع الفرائض وهي: ركعتان قبل الصبح، وركعتان قبل الظهر، وكذا بعدها وبعد المغرب والعشاء وقيل: لا راتبة للعشاء.

وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (1/ 262)(وقيل لا راتبة للعشاء) لأنَّ الركعتين بعدها يجوز أن يكونا من صلاة الليل ويرده أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر صلاة الليل ويفتتحها بركعتين خفيفتين ثم يطولها. فدل ذلك على أنَّ تينك ليستا منها.

وانظر: أسنى المطالب (1/ 202) ومغني المحتاج (1/ 308) ونهاية المحتاج (2/ 109).

ص: 577

عندهم

(1)

.

أمَّا صلاة ست ركعات بعد العشاء فلم أقف عليها إلا في حديث عائشة رضي الله عنها وهي بالشك ولم يجزم الراوي فيها وإسناده ضعيف والله أعلم.

(1)

قال سحنون لابن القاسم - المدونة (1/ 98) - هل كان مالك يوقت قبل الظهر للنافلة ركعات معلومات أو بعد الظهر أو قبل العصر أو بعد المغرب فيما بين المغرب والعشاء أو بعد العشاء؟ قال: لا، قال: وإنَّما يوقت في هذا أهل العراق.

وانظر: شرح الرسالة لزروق (1/ 187) وشرح خليل للزرقاني (1/ 491) ومواهب الجليل (2/ 369).

ص: 578

‌الفصل الخامس

أحكام قيام الليل

1: حكم قيام الليل.

2: حكم قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم.

3: افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين.

4: الحكمة من تخفيف الركعتين.

5: أحاديث تخلل النوم أثناء التهجد.

6: تفريق التهجد بالنوم.

7: صلاة الركعتين بعد الوتر.

8: السور التي تقرأ في الركعتين.

ص: 579

‌حكم قيام الليل

‌تحرير محل الخلاف:

خلاف أهل العلم في حكم القيام في حق النبي صلى الله عليه وسلم مشهور وكذلك الخلاف في حكم الوتر على الأمة واختلفوا في حكم قيام الليل على الأمة هل انعقد الإجماع على عدم وجوبه على الأمة أمَّ لا هذا ما أحاول الإجابة عليه.

قال بوجوب القيام الحسن البصري والظاهر أنَّه يخصه بحفاظ القرآن فعن أبي رجاء محمد بن يوسف، قال. قلت للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه، فلا يقوم به، إنَّما يصلي المكتوبة، قال:«يتوسد القرآن، لعن الله ذاك؛ قال الله للعبد الصالح: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف: 68] {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} [الأنعام: 91]» قلت: يا أبا سعيد قال الله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] قال: «نعم، ولو خمسين آية»

(1)

.

ونُسِب القولُ بالوجوب لمحمد بن سيرين

(2)

والذي وقفت عليه أنَّه يرى

(1)

قال الطبري في تفسيره (29/ 88) حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء محمد، قال. قلت للحسن: فذكره إسناده صحيح. يعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 271) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو الأشهب، عن الحسن، قال:«صلوا من الليل ولو قدر حلب شاة» وإسناده صحيح.

هشيم هو ابن بشير وأبو الأشهب هو جعفر بن حيان.

وهذه الرواية ليست صريحة في الوجوب ورواه الطبري (29/ 80) قال [ابن حميد]: ثنا مهران، عن سفيان، عن جرير بياع الملاء، عن الحسن، قال:«الحمد لله تطوع بعد فريضة» وجرير بياع الملاء لم أعرفه. وهذه الرواية صريحة في عدم الوجوب ولو صحت فتحمل على غير الحافظ والوجوب يحمل على الحافظ والله أعلم. انظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 121) وفتح الباري لابن حجر (3/ 27).

(2)

قال ابن حجر في الفتح (3/ 27) قال ابن عبد البر شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة

ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين والذي وجدناه عن الحسن ما أخرجه محمد بن نصر [حذف المقريزي إسناده في المختصر ص: (12)] وغيره عنه أنَّه قيل له ما تقول في رجل استظهر القرآن كله

وكان هذا هو مستند من نقل عن الحسن الوجوب ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أنَّه قال إنَّما قيام الليل على أصحاب القرآن وهذا يخصص ما نقل عن الحسن وهو أقرب وليس فيه تصريح بالوجوب أيضًا.

قال أبو عبد الرحمن: الظاهر أنَّ ابن حجر لم يقف على ما نسب لابن سيرين من القول بالوجوب والله أعلم.

وانظر: التسهيل لعلوم التنزيل (2/ 426) والإكليل في استنباط التنزيل ص: (276) وفتح الباري لابن رجب (9/ 121).

ص: 580

الاستحباب

(1)

فإن صح عنه فيحمل على وجوب القيام على حافظ القرآن والله أعلم. وهو رأي إسحاق بن راهوية

(2)

.

ونسب القول بالوجوب لعبيدة السلماني - ويأتي - وسعيد بن جبير

(3)

ولم أقف على شيء من ذلك مسندًا.

قال ابن عبد البر: أوجب بعض التابعين قيام الليل فرضًا ولو كقدر حلب شاة وهو قول شاذ متروك لإجماع العلماء على أنَّ قيام الليل منسوخ عن الناس

(4)

.

وقال: قال بعض التابعين وهو عبيدة السلماني قيام الليل فرض ولو كقدر حلب شاة لقوله عز وجل: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وهذا قول لم يتابع عليه قائله والذي عليه جماعة العلماء أنَّ قيام الليل نافلة وفضيلة

(5)

.

وتقدم أنَّ القول بالوجوب صح عن الحسن البصري وقال به إسحاق بن راهوية ونسب لسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين - ويآتي قريبًا - أنَّه قول للحنابلة.

وقال ابن حزم: اتفقوا على أنَّ صلاة العيدين، وكسوف الشمس، وقيام ليالي رمضان، ليست فرضًا، وكذلك التهجد على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: قلت: العيدان فرض على الكفاية في ظاهر مذهب أحمد، وحكي عن أبي حنيفة: أنَّهما واجبان على الأعيان، وعن عبيدة السلماني: أنَّ قيام الليل واجب كحلب شاة، وهو قول في مذهب أحمد

(6)

.

(1)

قال ابن أبي شيبة (2/ 271): حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن محمد؛» أنَّه كان يستحب أن لا يترك الرجل قيام الليل، ولو قدر حلب شاة» إسناده صحيح. أبو أسامة هو حماد بن أسامة وهشام هو ابن حسان.

(2)

انظر: جامع الترمذي (2/ 320).

(3)

قال ابن عطية في تفسيره (5/ 390) قال ابن جبير وجماعة هو فرض لا بد منه ولو خمسين آية، وقال الحسن وابن سيرين قيام الليل فرض، ولو قدر حلب شاة. وانظر: زاد المسير (3/ 47).

(4)

التمهيد (8/ 124).

(5)

الاستذكار (2/ 476).

(6)

مراتب الإجماع مع نقدها ص: (32).

ص: 581

وقال روي عن عبيدة السلماني: أنَّ قيام الليل واجب لم ينسخ ولو كحلب شاة. وهذا إذا أريد به ما يتناول صلاة الوتر فهو قول كثير من العلماء

(1)

.

وقال القاضي عياض: لم يختلف العلماء مع اختلافهم فى تأويل الآية وحكم قيام الليل أنَّه غير واجب، إذ قد سقط فرضه عن المسلمين بالنسخ عند من قال إنَّه كان عليهم واجبًا، إلا طائفة روى عنها أيضًا فرضه، ولو قدر حلب شاة

(2)

.

وقال النووي: أمَّا الأمة فهو تطوع في حقهم بالإجماع وأمَّا النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا في نسخه في حقه والأصح عندنا نسخه وأمَّا ما حكاه القاضي عياض من بعض السلف أنَّه يجب على الأمة من قيام الليل ما يقع عليه الاسم ولو قدر حلب شاة فغلط ومردود بإجماع من قبله مع النصوص الصحيحة أنَّه لا واجب إلا الصلوات الخمس

(3)

.

فالنووي يشير إلى إجماع الصحابة رضي الله عنهم على القول بعدم وجوبه ولم أقف على قول لأحد من الصحابة رضي الله عنهم بإيجاب القيام على الأمة وصح عنهم نفي وجوب الوتر - ويأتي قريبًا - قول عبد الله الصنابحي: زعم أبو محمد أنَّ الوتر واجب فقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه كذب أبو محمد. أمَّا النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقف على قول صحيح صريح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم بوجوب القيام على النبي صلى الله عليه وسلم وصح عنهم نسخ وجوب القيام ويأتي والله أعلم.

وقال العيني: حكى أبو بكر الأدفوي أنَّ قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ} ليس بفرض، ولا على الوجوب عند بعضهم، وإنَّما هو ندب، وقيل: حتم وفرض. وقيل: حتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده. وقال غيره: لم يختلف العلماء أنَّ فرضه قد سقط عن المسلمين إلا طائفة روي عنهم بقاء فرضه ولو قدر حلب شاة، وأنَّ المنسوخ هو طول القيام، وأنَّ القيام اليسير لم ينسخ

(4)

.

(1)

مجموع الفتاوى (23/ 84).

(2)

إكمال المعلم (3/ 95).

(3)

شرح مسلم للنووي (6/ 39).

(4)

شرح أبي داود (5/ 249).

ص: 582

وقال أبو بكر الجصاص: لا خلاف بين المسلمين في نسخ فرض قيام الليل وأنَّه مندوب إليه مرغب فيه

(1)

.

فالذي يظهر لي أنَّ الخلاف في وجوب قيام الليل ظهر في زمن التابعين ولم يكن الخلاف مشهورًا ثم وجد عند من أتى بعدهم فبعض من ينقل الإجماع يشير إلى الخلاف وبعضهم ينص على أنَّه خلاف شاذ ومن يحكي الإجماع ولا ينص على الخلاف يحتمل عدم اعتداده بهذا الخلاف أو يقصد انعقاد الإجماع المتأخر فلم أقف على قول بالوجوب عند المتأخرين من أهل العلم والله أعلم.

(1)

أحكام القرآن (3/ 701).

ص: 583

‌حكم قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم

-

أهل العلم لهم في الجملة قولان قول بوجوب القيام على النبي صلى الله عليه وسلم وقول بعدم وجوبه.

القول الأول: يجب قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم: وهذا القول قول للأحناف

(1)

وقول لبعض الشافعية - ويأتي - ومذهب الحنابلة

(2)

واختاره ابن جرير

(3)

والسيوطي

(4)

والظاهر أنَّه قول من يرى وجوب القيام على غير النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم عن الحسن البصري وإسحاق بن راهوية ونسب لسعيد بن جبير وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين.

الدليل الأول: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 1 - 4].

وجه الاستدلال: أُمِر النبيُ صلى الله عليه وسلم بالتهجد ولم يأت ما ينسخه

(5)

.

الرد: ظاهر القرآن أنَّ الوجوب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته فلما نسخ الحكم كان عامًا

(6)

.

(1)

قال ابن الهمام في فتح القدير (1/ 391) اختلف العلماء في ذلك فذهب طائفة إلى أنَّها فرض عليه، وعليه كلام الأصوليين من مشايخنا

وقال طائفة: تطوع.

وقال العيني في شرحه شرح لأبي داود (5/ 249) ذكر بعضهم أنَّ النبي عليه السلام لم ينسخ عنه فرض قيام الليل، وظاهر القرآن والحديث يدل على تسوية الجميع.

وانظر: شرح مشكل الآثار (4/ 71) وأحكام القرآن للجصاص (3/ 701) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (396).

(2)

قال المرداوي في الإنصاف (8/ 40) كان صلى الله عليه وسلم واجبًا عليه قيام الليل، ولم ينسخ. على الصحيح من المذهب. ذكره أبو بكر وغيره. وقال القاضي: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الكبرى، والفروع. وقيل: نسخ. جزم به في الفصول، والمستوعب.

وانظر: المغني (1/ 770) وكشاف القناع (5/ 23) وشرح منتهى الإرادات (1/ 306).

(3)

انظر: تفسير الطبري (15/ 96).

(4)

انظر: الخصائص الكبرى (2/ 229).

(5)

انظر: زاد المعاد (1/ 322) وفتح القدير لابن الهمام (1/ 391).

(6)

انظر: شرح أبي داود للعيني (5/ 249) ومرشد المحتار إلى خصائص المختار صلى الله عليه وسلم ص: (77).

ص: 584

الجواب: نسخ الوجوب عن الأمة وبقي على النبي صلى الله عليه وسلم للأدلة الخاصة

(1)

.

الرد: تخصيص النسخ بالأمة دون النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى دليل صحيح صريح سالم من المعارض

(2)

.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79].

الاستدلال من وجهين:

الأول: لو كان المراد به التطوع، لم يخصه بكونه نافلة له

(3)

.

الرد: يوجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتدخل فيه أمته كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] فالتهجد تطوع للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته

(4)

ويأتي الاستدلال بالآية على عدم الوجوب.

الثاني: أنَّها زائدة فيما فرض عليه، فيكون المعنى: فريضة عليك، وكان قد فرض عليه قيام الليل

(5)

.

الرد: نوافل العباد كفارة لذنوبهم والنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكانت نوافله لا تعمل في كفارة الذنوب فتبقى له زيادة في رفع الدرجات

(6)

.

الجواب: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها قالت:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» يتأول القرآن

(7)

ولم يأمره

(1)

انظر: العزيز شرح الوجيز (7/ 432)

(2)

انظر: الأم (1/ 68) وتفسير القرطبي (19/ 37).

(3)

انظر: زاد المعاد (1/ 322).

(4)

انظر: تفسير القرطبي (19/ 37) وزاد المسير (3/ 47).

(5)

انظر: تفسير الطبري (29/ 88) وتفسير البغوي (5/ 115) وزاد المسير (3/ 47) وفتح القدير لابن الهمام (1/ 391).

(6)

انظر: تفسير البغوي (5/ 115) وزاد المسير (3/ 47)

(7)

رواه البخاري (817) ومسلم (484).

ص: 585

الله أن يستغفر إلا لما يغفر له باستغفاره ذلك

(1)

.

الرد: الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر

(2)

أمَّا الصغائر فتكفر بعدة مكفرات منها اجتناب الكبائر والأعمال الصالحة كالصلوات الخمس والجمعة وصيام رمضان والاستغفار فلا مانع أن يستغفر النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل.

الدليل الثالث: عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه، في قوله:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} قال: «إنَّما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم»

(3)

.

وجه الاستدلال: استحباب القيام لعموم الأمة محل إجماع فالخصوصية تحمل على الوجوب.

الرد من وجهين:

الأول: قال ابن رجب: قال طائفة من السلف - منهم: ابن عباس وأبو أمامة

(1)

انظر: تفسير الطبري (15/ 96).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (4/ 319) ولوامع الأنوار البهية (2/ 304).

(3)

رواه الطبراني في الأوسط (4499) حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران قال: نا عمرو بن علي أبو حفص قال: حدثني أبو قتيبة قال: حدثني الحسن بن أبي الحسناء، عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه، فذكره وإسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الحسن بن أبي الحسناء إلا أبو قتيبة، وعلي بن نصر الجهضمي.

الحسن بن أبي الحسناء وثقه يحيى بن معين والعجلي وذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم محله الصدق. وقال الأزدي منكر الحديث. وقال ابن حجر: صدوق، لم يصب الأزدى فى تضعيفه.

وأبو غالب البصري صاحب أبي أمامة رضي الله عنه قال ابن حبان منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما يوافق الثقات. وقال ابن حجر: صدوق يخطاء. وبقية رواته محتج بهم.

وعمرو بن علي هو الحافظ الفلاس وأبو قتيبة هو سلم بن قتيبة.

ورواه الطبري في تفسيره (15/ 96) حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي والمروزي - مختصر قيام ص: (22) - ثنا أبو هاشم زياد بن أيوب، ثنا وكيع والطبراني في الكبير (8/ 145) حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، قال أبو أمامة رضي الله عنه: إنَّما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم قال وكيع: يعني {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} وإسناده ضعيف.

سفيان بن وكيع ضعيف لكنَّه متابع للثقتين أبي هاشم وابن أبي شيبة. وسليمان بن مهران الأعمش مدلس ولم يصرح بالسماع.

والكلام في شهر بن حوشب مشهور، توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق كثير الإرسال والأوهام.

فالحديث بروايتيه يرتقي لدرجة الحسن - إن شاء الله -.

ص: 586

رضي الله عنهم: إنَّما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. يعنون: أنَّ غيره تكمل فرائضه بنوافله، فلا يخلص له نافلة، فنوافله جبرانات لفرائضه

(1)

.

الثاني: على فرض دلالته على الوجوب فخالفته عائشة رضي الله عنها فترى نسخ الوجوب.

الدليل الرابع: عن عطية بن سعد العوفي عن ابن عباس، قوله:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} يعني بالنافلة أنَّها للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، أمر بقيام الليل وكتب عليه

(2)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث منكر.

الثاني: لو صح فالرد كالذي قبله.

الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«ثَلاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَصَلاةُ الضُّحَى»

(3)

.

(1)

فتح الباري (5/ 146).

(2)

قال ابن جرير الطبري في تفسيره (15/ 96) حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفى. قال الخطيب: كان لينًا في الحديث، وقال: الدارقطني لا بأس به. وأبوه ضعيف قال أحمد: جهمي ولو لم يكن هذا أيضًا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك. وقال الذهبي وثقه بعضهم.

وعمه الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث يروي عن الأعمش وغيره أشياء لا يتابع عليها كأنَّه كان يقلبها وربما رفع المراسيل وأسند الموقوفات ولا يجوز الاحتجاج بخبره.

والحسن بن عطية وأبوه ضعفهما شديد: قال ابن حبان في المجروحين الحسن بن عطية منكر الحديث فلا أدري البلية في أحاديثه منه أو من أبيه أو منهما معًا لأنَّ أباه ليس بشيء في الحديث وأكثر روايته عن أبيه فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه. فالسند منكر مسلسل بالضعفاء

(3)

الحديث روي مسندًا ومرسلًا:

أولًا: الرواية الموصولة: رواه عكرمة مولى ابن عباس عنه ورواه عنه:

1: يحيى بن أبي حية. 2: جابر الجعفي. 3: يحيى بن سعيد الأنصاري. 4: أبان بن أبي عياش.

1: أبو جناب يحيى بن أبي حية: رواه أحمد (2051) حدثنا شجاع بن الوليد، والبزار - كشف الأستار (2433) - حدثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا شجاع بن الوليد والدارقطني (2/ 21) حدثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن خلف ثنا شجاع بن الوليد والحاكم (1/ 300) حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا أحمد بن يونس الضبي، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد والبيهقي (2/ 468) أخبرنا أبو الحسين: على بن محمد بن عبد الله بن بشران وأبو الحسن: علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمى وأبو عبد الله: الحسين بن الحسن الغضائري قالوا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو بدر عن أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: فذكره وإسناده ضعيف.

أبو جَنَاب الكلبي ضعيف ومدلس وعنعنه.

قال البيهقي: أبو جناب الكلبى اسمه يحيى بن أبى حية ضعيف، وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس. وقال الذهبي في مستدركه: ما تكلم الحاكم عليه وهو غريب منكر.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 326) حديث ضعيف، لأنَّ مداره على أبي جناب الكلبي،

وأبو جناب كان يحيى القطان يقول: لا أستحل أن أروي عنه. وقال أبو نعيم: كان يدلس أحاديث مناكير. وفي علل أحمد: كان ثقة يدلس، وعنده أحاديث مناكير. مع أنَّه أخرج له في مسنده وقال عمرو بن علي: متروك. وقال يحيى والنسائي وغيرهما: ضعيف. وقال يحيى مرة: ليس به بأس إلا أنَّه كان يدلس. وقال مرة: صدوق. وقال أبو حاتم الرازي: لا يكتب حديثه، ليس بالقوي. واختلف كلام ابن حبان.

وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (2/ 45) أبو جناب هذا لا يؤخذ من حديثه إلا ما قال فيه حدثنا؛ لأنَّه كان يدلس وهو أكثر ما عيب به، ولم يقل في هذا الحديث نا عكرمة ولا ذكر ما يدل عليه. وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (792): هذا هو الذي ينبغي أن يعل به هذا الخبر.

وقال ابن حجر في التلخيص (2/ 38) مداره على أبي جناب الكلبي عن عكرمة، وأبو جناب ضعيف ومدلس أيضًا، وقد عنعنه، وأطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف: كأحمد، والبيهقي، وابن الصلاح، وابن الجوزي، والنووي، وغيرهم، وخالف الحاكم فأخرجه في مستدركه، لكن لم يتفرد به أبو جناب، بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي،

وله متابع آخر من رواية وضاح بن يحيى عن مندل بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن عكرمة، قال ابن حبان في الضعفاء: وضاح لا يحتج به، كان يروي الأحاديث التي كأنَّها معمولة، ومندل أيضًا ضعيف. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 283) حديث موضوع؛ بل ثبت في حديث صحيح لا معارض له أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وقت الضحى لسبب عارض؛ لا لأجل الوقت ....

وقال الألباني في الضعيفة (2937) غريب منكر،

أبو جناب الكلبي

مدلس مشهور؛ قال الحافظ: ضعفوه لكثرة تدليسه. قلت [الألباني]: ولعله دلسه عن بعض الكذابين.

تنبيه: في رواية البزار والدارقطني والحاكم: ركعتا الفجر بدل الضحى.

2: جابر بن يزيد الجعفي: رواه البزار - كشف الأستار (2434) - حدثنا يوسف بن موسى، ثنا وكيع بن الجراح، عن إسرائيل ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص:(252) - حدثنا أحمد بن عمرو، أخبرنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ بِحَتْمٍ» ورواية المروزي: «أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَلَمْ يُكْتَبْ» وإسناده ضعيف جدًا. جابر بن يزيد الجعفي ضعفه شديد. وإسرائيل هو ابن يونس.

وأعله ابن الملقن في البدر المنير (4/ 328) وابن حجر - وتقدم - بالجعفي. فالحديث منكر.

3: يحيى بن سعيد الأنصاري: رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث (201) حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد بن سابور، قال: حدثنا وضاح بن يحيى، قال: حدثنا مندل، عن يحيى بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوَّعٌ؛ الْوَتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده الوضاح بن يحيى النهشلي ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنَّها معمولة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لسوء حفظه وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير.

ومندل - مثلث الميم - ابن علي العَنَزي ضعفه الإمام أحمد وعلي ابن المديني والنسائي وقال أبو زرعة: لين الحديث. فالحديث منكر والله أعلم.

وأعل الحديث الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 210) وابن الملقن في البدر المنير (4/ 328) وابن حجر - وتقدم - بوضاح ومندل.

4: أبان بن أبي عياش: قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 290) روى أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن أبان بن أبي عياش عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «الْوِتْرُ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْأَضْحَى عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ»

قال ابن عبد البر: هذا حديث منكر لا أصل له ونوح بن أبي مريم ضعيف متروك

مجتمع على ضعفه وكذلك أبان بن أبي عياش مجتمع على ضعفه وترك حديثه.

ثانيًا: المرسل: رواه عبد الرزاق (4573) عن معمر، عن أبان، عن عكرمة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: الضَّحِيَّةُ، وَصَلَاةُ الضُّحَى، وَالْوِتْرُ» وإسناده ضعيف.

تقدم أنَّ ضعف أبان بن أبي عياش شديد. فالحديث عن أبان منكر موصولًا ومرسلًا.

فأسانيد الحديث موصولًا ومرسلًا ضعفها شديد لا يقوي بعضها بعضًا فالحديث منكر والله أعلم.

ص: 587

الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ سُنَّةٌ: الْوِتْرُ، وَالسِّوَاكُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ»

(1)

.

(1)

رواه البيهقي (7/ 39) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه وعبد الله بن يوسف الأصبهانى إملاء قالا حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا بكر بن سهل والطبراني في الأوسط (3266) حدثنا بكر قال: نا عبد الغني بن سعيد الثقفي قال: نا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا موسى، تفرد به عبد الغني بن سعيد.

بكر بن سهل ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام، المحدث

قال النسائي: ضعيف. وعبد الغني بن سعيد الثقفي ضعيف قال الذهبي: ضعفه ابن يونس. وموسى بن عبد الرحمن الصنعاني ضعفه شديد قال ابن حبان: شيخ دجال يضع الحديث.

قال البيهقي: موسى بن عبد الرحمن هذا ضعيف جدًا ولم يثبت فى هذا إسناد والله أعلم. وقال ابن حجر في التلخيص (3/ 257) ضعيف جدًا، لأنَّه من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 264) فيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو كذاب. وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 29) حديث لا ينبغي الاحتجاج به أوردته للتنبيه على ضعفه. فالحديث منكر والله أعلم.

ص: 589

وجه الاستدلال: في الحديثين وجوب الوتر على النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود به قيام الليل وآخره الوتر.

الرد من وجهين:

الأول: الحديثان منكران.

الثاني: عارضهما ما روي عن أنس رضي الله عنه «أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالْأضَاحِيِّ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ» وهو حديث منكر.

القول الثاني: يجب الوتر والتهجد على النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر لا السفر: مذهب المالكية

(1)

.

أولًا: أدلة الوجوب في الحضر هي أدلة القول الأول وتقدمت.

ثانيًا: أدلة سقوط وجوب القيام والوتر في السفر:

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101].

وجه الاستدلال: يسقط بعض صلاة الفرض في السفر فكذلك الوتر والقيام.

الرد: سقط بعض الصلاة ولم يسقط أصلها.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه، ويوتر عليها، غير أنَّه لا يصلي عليها المكتوبة»

(2)

.

وجه الاستدلال: أجمع أهل العلم على أنَّ الصلاة المفروضة لا تجوز أن تصلى على الراحلة من غير عذر

(3)

وصلى النبي صلى الله عليه وسلم وأوتر على راحلته في السفر فيختص

(1)

انظر: الشرح الكبير (2/ 211) ومواهب الجليل والتاج والإكليل (5/ 4) وشرح الخرشي على خليل (4/ 104) ومنح الجليل (1/ 774).

(2)

رواه البخاري (1098) ومسلم (700).

(3)

انظر: مختصر كتاب الوتر ص: (84) والتمهيد (17/ 74) وإكمال المعلم (3/ 27) وشرح مسلم للنووي (5/ 295) وفتح الباري (2/ 575).

ص: 590

الوجوب بالحضر دون السفر

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الرحلة تدل على عدم وجوبه كسائر الأمة.

الثاني: على فرض الوجوب فيحمل على اختصاص القيام والوتر بجواز فعله على الراحلة

(2)

.

الجواب: التخصيص يحتاج إلى إثبات الأصل وهو الوجوب والأدلة الآتية تدل على عدمه

(3)

.

الدليل الثالث: في حديث جابر رضي الله عنه «حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا ثم اضطجع رسول صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر»

(4)

.

وجه الاستدلال: لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم في المزدلفة ليلة العيد فلو كان القيام واجبًا عليه لما تركه

(5)

.

الرد: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا فكون جابر رضي الله عنه لم يره لا يدل على أنَّه لم يوتر.

القول الثالث: لا يجب قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم: وهذا القول قول للأحناف - وتقدم - ومذهب الشافعية

(6)

ورواية في مذهب الحنابلة - وتقدم - واختاره محمد

(1)

انظر: الشرح الكبير (2/ 211) ومنح الجليل (1/ 774).

(2)

انظر: شرح مسلم للنووي (5/ 296).

(3)

انظر: مرشد المحتار إلى خصائص المختار صلى الله عليه وسلم ص: (74).

(4)

رواه مسلم (1218).

(5)

انظر: التلخيص الحبير (3/ 257).

(6)

قال النووي في المجموع (16/ 142) قيام الليل فمن أصحابنا من قال كان واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم إلى أن مات

والمنصوص أنَّه كان واجبًا عليه ثم نسخ.

وانظر: الأم (1/ 68) والرسالة ص: (115) والبيان (9/ 133).

ص: 591

بن نصر المروزي

(1)

وأبو العباس أحمد بن عمر القرطبي

(2)

والبخاري

(3)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)

عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المزمل: 2 - 3، 20].

وجه الاستدلال: فرض الله القيام على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ثم نسخ الوجوب بالصلاة المفروضه سواء كان بقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أو بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] وتقدم أنَّ تخصيص النسخ بالأمة دون النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى دليل خاص.

الرد: تقدمت أدلة تخصيص الوجوب بالنبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: تقدم.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79].

الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول: قال تعالى: {نَافِلَةً لَكَ} ولم يقل عليك فدل على عدم الوجوب

(4)

.

الرد: تأتي اللام بمعنى على

(5)

كقوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7].

(1)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (15).

(2)

انظر: المفهم (2/ 379).

(3)

بوب البخاري في صحيحه - فتح الباري (3/ 21) -: باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل ونومه وما نسخ من قيام الليل.

قال ابن حجر: يشير إلى ما أخرجه مسلم من طريق سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها

واستغنى البخاري عن إيراد هذا الحديث لكونه على غير شرطه بما أخرجه عن أنس رضي الله عنه فإنَّ فيه ولا تشاء أن تراه من الليل نائمًا إلا رأيته فإنَّه يدل على أنَّه كان ربما نام كل الليل وهذا سبيل التطوع فلو استمر الوجوب لما أخل بالقيام.

(4)

انظر: تفسير البغوي (5/ 115).

(5)

انظر: مغني اللبيب (1/ 212).

ص: 592

فمعنى الآية نافلة عليك.

الوجه الثاني: النفل التطوع

(1)

فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قال: قلت: فما تأمرني؟، قال:«صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ»

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: لو كان المراد به التطوع، لم يخصه بكونه نافلة له، وإنَّما المراد بالنافلة الزيادة، ومطلق الزيادة لا يدل على التطوع، قال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72]، أي: زيادة على الولد، وكذلك النافلة في تهجد النبي صلى الله عليه وسلم زيادة في درجاته، وفي أجره، ولهذا خصه بها

(3)

.

الجواب من وجوه:

الجواب الأول: تقدم أنَّ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتدخل فيه الأمة.

الجواب الثاني: النافلة في الآية العطية وهي زيادة من الله

(4)

.

الجواب الثالث: كون الله خص نبيه صلى الله عليه وسلم بوجوب القيام هذا محل الخلاف.

الرد: النافلة في الآية، لم يرد بها ما يستحب فعله ويجوز تركه، وإنَّما المراد بها الزيادة في الدرجات، وهذا قدر مشترك بين الفرض والمستحب، فلا يكون قوله:{نَافِلَةً لَكَ} نافيًا لما دل عليه الأمر من الوجوب

(5)

.

الجواب: ما تقدم ويأتي من الأدلة تدل على نفي الوجوب والله أعلم.

الدليل الثالث: في حديث سعد بن هشام بن عامر الأنصاري عن عائشة رضي الله عنها

(1)

انظر: شرح مشكل الآثار (4/ 71)

(2)

رواه مسلم (648).

(3)

انظر: زاد المعاد (1/ 322).

(4)

انظر: تفسير البغوي (5/ 330) وزاد المسير (3/ 201).

(5)

انظر: زاد المعاد (1/ 323).

ص: 593

قال: فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:«ألست تقرأ يا أيها المزمل؟» قلت: بلى، قالت:«فإنَّ الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة»

(1)

.

وجه الاستدلال: أخبرت عائشة رضي الله عنها عن نسخ القيام بعد أن كان واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته.

الرد: بقي القيام في حق النبي صلى الله عليه وسلم واجبًا

(2)

.

الجواب: تقدم.

الدليل الرابع: عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا، وكان لا تشاء تراه من الليل مصليًا إلا رأيته، ولا نائمًا إلا رأيته»

(3)

.

وجه الاستدلال: ربما نام النبي صلى الله عليه وسلم كل الليل فلو لم ينسخ الوجوب لما أخل بالقيام

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: إذا فات النبي صلى الله عليه وسلم القيام بعذر قضاه فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع، أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»

(5)

.

الجواب: قضى النبي صلى الله عليه وسلم المندوب كراتبة الظهر البعدية وراتبة الفجر.

الثاني: معنى الحديث عند بعض أهل العلم إن تشأ رؤيته متهجدًا رأيته متهجدًا،

(1)

رواه مسلم (746).

(2)

انظر: تفسير القرطبي (19/ 37).

(3)

رواه البخاري (1141).

(4)

انظر: شرح مسلم للنووي (6/ 39) وفتح الباري (3/ 22).

(5)

رواه مسلم (746).

ص: 594

وإن تشأ رؤيته نائمًا رأيته نائمًا فعلى هذا يتخلل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل نوم

(1)

.

الجواب: معنى الحديث عند أكثر أهل العلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة يقوم من أول الليل وتارة من وسطه وتارة من آخره

(2)

وهذا هو الظاهر من معنى الحديث والله أعلم لكن الذي استقر عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة آخر الليل.

الدليل الخامس: في حديث جابر رضي الله عنه «حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا ثم اضطجع رسول صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر»

(3)

.

وجه الاستدلال: لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم في المزدلفة ليلة العيد فلو كان القيام واجبًا عليه لما تركه.

الرد من وجهين:

الأول: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا فكون جابر رضي الله عنه لم يره لا يدل على أنَّه لم يوتر فالقاعدة رد المتشابه للمحكم والله أعلم.

الثاني: هذا في السفر وتقدم الحديث في أدلة من يفرق بين السفر والحضر.

الدليل السادس: عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» . فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ» قال: هل علي غيره؟ قال: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» . قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» . قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»

(4)

.

(1)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (108).

(2)

انظر: عمدة القاري (9/ 155) وإرشاد الساري (3/ 403) وفتح الباري (3/ 23).

(3)

رواه مسلم (1218).

(4)

رواه البخاري (46) ومسلم (11).

ص: 595

الدليل السابع: عن جابر رضي الله عنهما، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن قوقل رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبة، وحرمت الحرام، وأحللت الحلال، أأدخل الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ»

(1)

.

الدليل الثامن: عن عبد الله الصنابحي قال زعم أبو محمد أنَّ الوتر واجب فقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه كذب أبو محمد أشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَاتَهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ فَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ»

(2)

.

وجه الاستدلال: لا يجب بأصل الشرع مما يتكرر في اليوم والليلة إلا الصلوات الخمس

(3)

.

الرد: هذه الأحاديث عامة والخلاف خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: الأصل استواء النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته في الأحكام وعدم الخصوصية إلا بدليل صحيح صريح ولم يوجد في هذه المسألة والله أعلم.

الدليل التاسع: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالْأضَاحِيِّ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ»

(4)

.

(1)

رواه مسلم (15).

(2)

رواه مالك (1/ 123) وعبد الرزاق (4575) وأحمد (22196) وأبو داود (1420) والنسائي (461) وغيرهم.

وهو حديث صحيح صححه ابن حبان (1732) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 288) والضياء المقدسي في المختارة (8/ 364367) والنووي في المجموع (3/ 17) وابن الملقن في البدر المنير (5/ 389) والألباني في ظلال الجنة (967).

والحديث مخرج في الاستيعاب لأدلة تارك الصلاة (ص: 8).

(3)

انظر: الرسالة للشافعي ص: (117) والمستدرك على الصحيحين (1/ 300) ونهاية المطلب (2/ 348) وشرح مسلم للنووي (6/ 39).

(4)

رواه عبد الرزاق (4572) وأحمد بن منيع - المطالب العالية (649) - حدثنا يعقوب بن إبراهيم والدارقطني (2/ 21) حدثنا الحسن بن سعيد بن الحسن بن يوسف المروروذي قال وجدت في كتاب جدي وحدثني به أبي عن جدي ثنا بقية وابن شاهين (202) حدثنا محمد بن عيسى البُرُوجِرْدي، قال: حدثنا عمير بن مرداس، قال: حدثنا محمد بن بكير، قال: حدثنا مروان بن معاوية يروونه عن عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف.

في إسناده عبد الله بن محرر، ضعفه شديد ترجم له الذهبي في الميزان: فقال: قال أحمد: ترك الناس حديثه وقال الجوزجاني: هالك، وقال الدارقطني وجماعة: متروك، وقال ابن حبان: كان من خيار عباد الله إلا أنَّه كان يكذب ولا يعلم ويقلب الأخبار ولا يفهم، وقال ابن معين: ليس بثقة. فالحديث منكر.

وأعل الحديث بابن محرر عبد الحق في الأحكام الوسطى (2/ 45) والذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 210) وابن الملقن في البدر المنير (4/ 329) وابن حجر في التلخيص (2/ 39).

تنبيه: وقع في نسختي من مصنف عبد الرزاق تصحيف: عن عبد الله بن محمد، عن قتادة.

ص: 596

وجه الاستدلال: الحديث صريح في عدم وجوب الوتر.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث منكر.

الثاني: عارضه حديثا ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم وهما نص في الوجوب لكنَّهما منكران أيضًا.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ قيام الليل لا يجب على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أمته فكان الوجوب عامًا ثم نسخ وليس في المسألة دليل صحيح صريح يدل على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالوجوب بل الأدلة الصحيحة الصريحة تدل على عدم وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

ص: 597

‌افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين

يستحب أن يفتتح قيام الليل بركعتين خفيفتين فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: «لأرمقنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، «فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة»

(1)

.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي، افتتح صلاته بركعتين خفيفتين»

(2)

.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»

(3)

.

وهذا الأمر على سبيل الندب فبعض من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا افتتاحه بركعتين خفيفتين

(4)

وهو الثابت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم

(5)

ومن حديث حذيفة وعوف بن مالك رضي الله عنهما

(6)

.

(1)

رواه مسلم (765).

(2)

رواه مسلم (767).

(3)

رواه مسلم (768).

(4)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (112) والمفهم (2/ 373) وشرح مسلم للنووى (5/ 78).

(5)

انظر: (ص: 201).

(6)

انظر: (ص: 311، 614).

ص: 598

‌الحكمة من تخفيف الركعتين

اجتهد أهل العلم في التماس الحكمة من تخفيف الركعتين أول القيام على أقوال:

الأول: لترويض النفس والبدن على العبادة لينشط بهما لما بعدهما من التطويل

(1)

.

الثاني: ليدفع بهما بقايا النوم إن وجد

(2)

.

الثالث: الاستعجال في حل عقد الشيطان لما يروى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَامَ عَقَدَ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ، فَإِنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَذَكَرَ اللَّهَ، حُلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَتَانِ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، حُلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا، فَحُلُّوا عُقَدَ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ»

(3)

.

قال أبو زرعة العراقي: رأيت والدي رحمه الله لما سئل عن الحكمة في افتتاح صلاة

(1)

انظر: شرح مسلم للنووي (6/ 78).

(2)

انظر: إكمال المعلم (3/ 138) والمفهم (2/ 373) وشرح مسلم للنووى (5/ 78) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 576).

(3)

رواه ابن خزيمة (1132) نا علي بن قرة بن حبيب بن يزيد بن مطر الرماح، نا أبي، أخبرنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وإسناده ضعيف.

رواته ثقات عدا شيخ ابن خزيمة علي بن قرة فلم أقف له على ترجمة. وعبد الرحمن هو ابن هرمز الأعرج.

والحديث رواه البخاري (1142) حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، ومسلم (776) حدثنا عمرو الناقد، وزهير بن حرب، قال عمرو: حدثنا سفيان بن عيينة، يرويانه عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ورواه البخاري (3269) حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ»

من غير ذكر الزيادة فقوله «فَحُلُّوا عُقَدَ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ» إن لم تكن زيادة منكرة فهي شاذة والله أعلم.

ص: 599

الليل بركعتين خفيفتين أجاب عن ذلك بأنَّ الحكمة فيه استعجال حل عقد الشيطان وهو معنى حسن بديع ومقتضاه ما رجحته من أنَّه لا يحصل ذلك إلا بتمام الصلاة ولا يخدش في هذا المعنى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن عقد الشيطان على قافيته لأنَّا نقول إنَّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تشريعًا لأمته ليقتدوا به فيحصل لهم هذا المقصود والله أعلم

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث المذكور لا يثبت وظاهر رواية الصحيحين انحلال العقد بالصلاة كلها لا بالركعتين والله أعلم.

الثاني: لو كانت هذه هي الحكمة لشرع النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على هاتين الركعتين.

الرابع: تقوم الركعتان مقام سنة الوضوء

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تكون الركعتان سنة الوضوء بالنية لا بالتطويل والتخفيف.

الثاني: سنة الوضوء ليست مرادة لذاتها فتدخل في صلاة النفل والفرض ركعتان أو أكثر.

الخامس: مفتاح قيام الليل، فهما بمنزلة سنة الفجر وغيرها

(3)

.

الرد: لو كانت الركعتان مفتاح القيام كراتبة الفجر لشرعت المداومة عليهما.

فأقوى الأقوال في نظري الأول والثاني والله أعلم.

(1)

طرح التثريب (3/ 85).

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 27) ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي وذكر نحوه.

(2)

انظر: مرقاة المفاتيح (3/ 123).

(3)

انظر: زاد المعاد (1/ 251).

ص: 600

‌أحاديث تخلل النوم أثناء التهجد

جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان ينام في أثناء تهجده وقبل وتره فيصلى ثم ينام ثم يقوم ويصلي جاء ذلك:

نصًا من حديث عائشة وابن عباس وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعن أم سلمة ومن حديث أنس رضي الله عنهم فهمًا عند بعض أهل العلم هذا الذي وقفت عليه وفوق كل ذي علم عليم.

الحديث الأول: حديث عائشة رضي الله عنها

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنَّه سأل عائشة رضي الله عنها، كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت:«ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا» .

قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»

(1)

.

اختلف أهل العلم في معنى حديث عائشة رضي الله عنها على أقوال:

الأول: يفصل بعد كل أربع ركعات بنوم: قال ابن عبد البر: كان يقوم ثم ينام ثم يقوم فينام ثم يقوم فيوتر

(2)

.

الثاني: يفصل بعد كل أربع ركعات براحة: قال شيخنا ابن عثيمين: ثم للترتيب والتراخي وعلى هذا فكان صلى الله عليه وسلم يفصل بين الأربع والأربع ثم يستأنف ومن ثَمَّ صار الناس يصلون في التراويح أربعًا ثم يستريحون ثم يصلون أربعًا ثم يستريحون ولهذا سميت التراويح

(3)

.

(1)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(2)

التمهيد (21/ 72). وانظر: الاستذكار (2/ 100).

(3)

فتح ذي الجلال والإكرام (4/ 211) وانظر: الشرح الممتع (4/ 48).

ص: 601

الثالث: كان لا يوتر أول الليل: قال ابن بطال: توهمتْ أنَّ الوتر بإثر العشاء لا يكون غيره على ما رأت من أبيها رضي الله عنه، لأنَّه كان يوتر بإثر العشاء، فلما أتت النبى صلى الله عليه وسلم ورأته يؤخر وتره إلى الوقت المرغب فيه رأت خلاف ما علمت من فعل أبيها رضي الله عنه، فسألته صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأخبرها أنَّ عينيه تنامان ولا ينام قلبه وليس ذلك لأبيها

(1)

.

وقال الباجي: يحتمل - وذكر نحو ما قاله ابن بطال -

(2)

وكذلك ذكر نحوه القاضي عياض

(3)

وابن العربي

(4)

وابن الملقن

(5)

.

الرابع: كان ينام قبل الوتر: قال الباجي: ويحتمل أن تكون أرادت أنَّه صلى أربعًا ثم نام قبل أن يوتر فقالت له ذلك فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» يعني والله أعلم أنَّه لا ينام عن مراعاة الوقت

(6)

ونحوه لابن العربي

(7)

.

وقال الكشميري سألت عن نومه قبل الوتر، فإنَّه يُخِاف منه الفواتُ. فأجاب أنَّه تنام عيناه ولا ينام قلبه، فلا يخاف الفوات منه

صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل أيضًا كانت بعد النوم، إلا أنَّ محط سؤالها هو الوتر فقط

(8)

.

وقال الصنعاني: كأنَّه كان ينام بعد الأربع ثم يقوم فيصلي الثلاث وكأنَّه كان قد تقرر عند عائشة رضي الله عنها أنَّ النوم ناقض للوضوء فسألته

(9)

.

الترجيح: يفهم مراد عائشة رضي الله عنها من خلال معرفة أحوال قيام النبي صلى الله عليه وسلم من قدومه إلى المدينة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم ففي الحديث:

1: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يزيد على إحدى عشرة ركعة في تهجده وهذا في أول الأمر

(1)

شرح صحيح البخارى (3/ 142).

(2)

انظر: المنتقى شرح الموطأ (2/ 264).

(3)

إكمال المعلم (3/ 85).

(4)

انظر: المسالك شرح الموطأ (2/ 497).

(5)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 113).

(6)

انظر: المنتقى شرح الموطأ (2/ 264)

(7)

انظر: المسالك شرح الموطأ (2/ 497).

(8)

فيض الباري (2/ 569).

(9)

سبل السلام (2/ 27).

ص: 602

لأنَّ عائشة رضي الله عنها ذكرت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يصلي دون ذلك آخر حياته

(1)

.

2: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا ثم أربعًا ثم ثلاثًا وثم تدل على الترتيب مع التراخي فهناك فصل بين الأربع الأولى والثانية ولم تذكر عائشة رضي الله عنها ماذا كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم بينهن.

3: نوم النبي صلى الله عليه وسلم كان بين الأربع الثانية والوتر ولم تسأله عائشة رضي الله عنها عن نومه أول الليل لأنَّه في هذا الوقت كان يصلي آخر الليل - والله أعلم - إنَّما سألته عن نومه قبل الوتر.

4: سؤالها خشية النوم عن الوتر هذا هو المتبادر للفهم والله أعلم واحتمال خشية الحدث بعيد فلو كان لأجل ذلك لقالت: أتصلي ولم تتوضأ؟ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما «ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ»

(2)

.

5: الظاهر أنَّ سؤال عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم ليس في أول زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنَّه كان أول الأمر يوتر من أول الليل فعنها رضي الله عنها قالت: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر»

(3)

. فالذي استقر عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم هو الوتر آخر الليل وهو الذي سألته عنه في حديثها السابق.

فالذي يظهر لي أنَّ تهجد النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في حديث عائشة رضي الله عنها ليس في أول زواجه بها وليس في آخر حياته ففي هذه الفترة كان يصلي آخر الليل ويطيل القيام ويتخلله راحة تارة بنوم وتارة من غير نوم وفي آخر حياته صلى الله عليه وسلم كان يخفف التهجد ولا يرتاح أثناءه وربما صلى التهجد كله أو جله بسلام واحد وبهذا يجمع بين أحاديث عائشة رضي الله عنها المختلفة والله أعلم.

(1)

انظر: (ص: 620).

(2)

رواه البخاري (698) ومسلم (184)(763) والحديث مخرج في (ص: 12).

(3)

رواه البخاري (969) ومسلم (745). والسحر: قُبِيل الفجر.

ص: 603

الحديث الثاني: حديث رجل رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني رجل رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في سفره، فقلت: لأرمقنَّ الليلة كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما صلى العشاء، وهي التي تدعى العتمة اضطجع فنام هويًا من الليل، ثم استيقظ فنظر في السماء، فقال:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194] قال الرجل: ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى قرابه، فاستخرج منه سواكًا، ثم اصطب من إداوته ماء في قدح له فاستن ثم صب في يده ماء، فتوضأ، ثم قام، فصلى. قال الرجل: حتى قلت: قد صلى قدر ما نام، ثم سلم، ثم اضطجع، فنام، حتى قلت: قد نام قدر ما صلى، ثم استيقظ ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم نظر في السماء، وتلاوته ما تلا من القرآن، واستنانه، ووضوئه، وصلاته، ثم فعل مثل ذلك في النوم، حتى قضى صلاته، ثم استيقظ وفعل كما فعل أول مرة، فعل ذلك ثلاث مرات»

(1)

.

(1)

الحديث مداره على حميد بن عبد الرحمن بن عوف ورواه عنه: ابن شهاب والأعرج:

أولا: رواية محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: رواها النسائي (1626) أخبرنا محمد بن سلمة قال أنبأنا ابن وهب عن يونس وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (540) حدثنا أبو بكر الفريابي، نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، نا الوليد بن مسلم، نا عبد الرحمن بن نمر عن ابن شهاب قال: حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده صحيح.

يونس بن يزيد الأيلي في روايته عن الزهري وهم قليل وقد توبع وبقية رواته ثقات.

وابن وهب هو عبد الله. والفريابي هو الحافظ المصنف المشهور صاحب دلائل النبوة وغيره.

هويًا من الليل: الوقت الطويل من الليل. انظر: (ص: (24.

القراب: جراب يطرح الرجل فيه زاده. انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 227).

ثانيًا: رواية عبد الرحمن بن هرمز الأعرج رواها:

1: النسائي في السنن الكبرى (10139) والطبري في تفسير (15/ 95) قالا أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب قال: حدثنا الليث قال: حدثني خالد، عن ابن أبي هلال عن الأعرج عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنَّ رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت وأنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأرقبنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة حتى أرى فعله فلما صلى صلاة العشاء وهي العتمة اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم هويًا من الليل ثم استيقظ فنظر إلى الأفق فقال:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} حتى بلغ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194] ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فراشه فاستل منه سواكًا ثم أفرغ في قدح من إداوة عنده ماء فاستن ثم قام فصلى حتى قلت قد صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل أول مرة وقال مثل ما قال ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قبل الفجر» وإسناده صحيح.

خالد هو ابن يزيد الجمحي وابن أبي هلال هو سعيد الليثي.

تنبيهان:

الأول: في رواية الطبري الصلاة مرتان. والمحفوظ ثلاث.

الثاني: رواه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم في رواية ابن جرير عن أبيه وشعيب بن الليث بن سعد.

2: ابن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (109) حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، ثنا عمي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن رجل رضي الله عنه، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:«أنَّه رمق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره لينظر كيف يصلي، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من الليل، ثم ذهب فقعد ونظر في السماء، ثم تلا هذه الآيات من سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى انتهى إلى خمس آيات منها، ثم استاك وتوضأ، ثم صلى ساعة من الليل، ثم نام ساعة من الليل، ثم هب مرة أخرى فنظر في السماء، ثم تلا تلك الآيات، ثم استاك، ثم توضأ، ثم صلى، فعل ذلك ثلاث مرات» وإسناده حسن.

تنبيه: قوله: «حتى انتهى إلى خمس آيات منها» المحفوظ في هذا الحديث قراءة أربع آيات.

3: أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (541) حدثنا أبو بكر الفريابي، نا قتيبة وابن نصر في مختصر قيام الليل ص:(178) حدثنا يحيى بن يحيى، قالا أخبرنا ابن لهيعة عن الأعرج عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أنَّ رجلًا رضي الله عنه، قال: لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السفر، قال: فهجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الليل، ثم استيقظ، فرفع رأسه، ونظر إلى أفق السماء، فقال:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} حتى بلغ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194] ثم أهوى بيده إلى الرحل، وأخذ السواك، واستن به، ثم توضأ ثم قام فصلى ثم اضطجع، ثم نام، ففعل كفعله [زاد ابن نصر: ثم اضطجع ثم فعل مثلها ثم اضطجع ثم فعل مثلها] وإسناده حسن.

عبد الله بن لهيعة ضعيف من قبل حفظه وقد توبع لكنَّه لم يحفظ عدد مرات الصلاة وهي ثلاث والله أعلم.

ص: 604

(1)

الحديث مداره على الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن كثير بن العباس رضي الله عنهما، عن الحجاج بن عمرو المازني رضي الله عنه.

ورواه عن الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة:

1: عبد الله بن صالح: رواه أبو زرعة في الفوائد المعللة (202) حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث والطبراني في الأوسط (8670) حدثنا مطلب بن شعيب، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد وابن لهيعة، وابن أبي خيثمة في تاريخه (2721) حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا الليث بن سعد، وابن قانع في معجمه (1/ 195) حدثنا أحمد بن يحيى، نا يحيى بن معين، نا عبد الله بن صالح، نا الليث، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1941) حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن كثير بن العباس رضي الله عنهما، عن الحجاج بن عمرو المازني رضي الله عنه قال: فذكره ورواته محتج بهم وفي متنه اختلاف.

عبد الله بن صالح كاتب الليث قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط، ثبت فى كتابه، و كانت فيه غفلة. ولم يتفرد به. ويأتي عنه بلفظ آخر.

وعبد الله بن لهيعة ضعيف من جهة حفظه لكنَّه متابع لليث بن سعد. وبقية رواته ثقات.

2: عمرو بن خالد الحراني: رواه الطبراني في الكبير (3/ 225) حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، ثنا عمرو بن خالد الحراني، ثنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، به. وما عدا ابن لهيعة ثقات.

3: زيد بن الحباب: رواه البغوي في معجم الصحابة (527) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا زيد بن الحباب قال: حدثني ابن لهيعة قال حدثني جعفر بن ربيعة القرشي به وما عدا ابن لهيعة ثقات. فإسناد الحديث حسن لكن في لفظه اختلاف.

فاختلف على عبد الله بن صالح في لفظه ففي رواية:

1: ابن قانع: «التهجد للصلاة بعد رقدة» فذكر رقدة واحدة وهي التي بعد صلاة العشاء.

2: أبي نعيم: «التهجد بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة» فذكر رقدتين رقدة بعد العشاء ورقدة تتخلل القيام. ووافقه عمرو بن خالد في رواية الطبراني في الكبير.

3: رواية الأوسط: «التهجد الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة» فذكر رقدتين تتخللان التهجد والرقدة الثالثة بعد العشاء. ووافقه زيد بن الحباب عند البغوي.

4: رواية أبي زرعة: «التهجد للصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة» فذكر ثلاث رقدات تتخللان التهجد والرقدة الرابعة بعد العشاء.

فاضطرب عبد الله بن صالح في لفظه والذي يظهر لي أنَّ رواية ابن قانع أرجح لأمرين:

الأول: هذه هي الصفة الموافقة لغالب تهجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي نقلها عنه أصحابه رضي الله عنهم.

الثاني: توافق الرواية الآتية وهي المحفوظة والله أعلم.

وحسن إسناد الحديث ابن حجر في التلخيص (525).

ولو فرض ثبوت إحدى الروايات السابقة فهذه الصفة عارضة كما تقدم عن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

فالحجاج بن عمرو رضي الله عنه لا تعلم له كثرة مخالطة للنبي صلى الله عليه وسلم قال أبو القاسم البغوي: لا أعلم للحجاج بن عمرو رضي الله عنه مسندًا غير هذين الحديثين. قال أبو عبد الرحمن: الثاني حديث «من كسر أو عرج» .

4: عبد الله بن وهب: رواه الروياني في مسنده (1529) حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، ثنا عمي، قال: حدثني الليث والطبراني في الأوسط (8669) والكبير (3/ 225) حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن كثير بن العباس رضي الله عنهما، عن الحجاج بن عمرو المازني قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد بعد نومه، وكان يستن قبل أن يتهجد» وإسناده صحيح.

بَحْشَل أحمد بن عبد الرحمن بن وهب يروي عن عمه عبد الله بن وهب وهو من شيوخ مسلم وابن خزيمة وثقه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وعبد الملك بن شعيب بن الليث وقال أبو زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه قيل لأبي زرعة إنَّه رجع عن تلك الأحاديث، فقال أبو زرعة: إنَّ رجوعه مما يحسن حاله ولا يبلغ به المنزلة التي كان من قبل وقال أبو حاتم: كتبنا عنه وأمره مستقيم، ثم خلط بعد، ثم جاء في خبره أنَّه رجع عن التخليط، وسئل أبو زرعة عنه، فقال: كان صدوقًا، وقال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه وما انكروه عليه محتمل، وإن لم يروه غيره عن عمّه، وقال ابن حجر: صح رجوع أحمد عن هذه الأحاديث التي أنكرت عليه؛ ولأجل ذلك اعتمده ابن خزيمة من المتقدمين وابن القطان من المتأخرين. قال أبو عبد الرحمن: لم يتفرد بهذا الحديث فتوبع.

تنبيه: تقدم الحديث في الأوسط عن مطلب بن شعيب الأزدي باللفظ السابق.

ص: 605

الحديث الرابع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة»

هذه الرواية من رواية حبيب بن أبي ثابت وغيره وفيها «الصلاة ست ركعات وتخللها نوم» وهي رواية مضطربة السند والمتن كما تقدم

(1)

.

الحديث الخامس: حديث أم سلمة رضي الله عنها

عن أم سلمة رضي الله عنها، أنَّها سُئِلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلاته، فقالت:«وما لكم وصلاته؟ كان يصلي وينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى، حتى يصبح، ونعتت قراءته، فإذا هي تنعت قراءته حرفًا حرفًا»

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 63).

(2)

الحديث جاء من رواية رواية الليث بن سعد وابن جريج.

أولًا: رواية الليث بن سعد رواها: أحمد (25987) عن يحيى بن إسحاق والبخاري في خلق أفعال العباد ص: (53) عن عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير وأبو داود (1466) عن يزيد بن خالد بن موهب الرملي والترمذي (2923) والنسائي (1629) والفريابي في فضائل القرآن (110) يروون عن قتيبة بن سعيد وابن خزيمة (1158) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 201) يرويانه عن الربيع بن سليمان المرادي، نا شعيب بن الليث والحاكم (1/ 309) حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا عبيد بن شريك، ثنا يحيى بن بكير قالوا حدثنا الليث، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى بن مَمْلَك، أنَّه سأل أم سلمة رضي الله عنها، عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلاته، فقالت فذكره وإسناده ضعيف.

يعلى بن مَمْلَك مجهول ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره البخاري في تاريخه ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال الذهبي في الكاشف وثق وقال في الميزان ما حدث عنه سوى ابن أبي مليكة وقال الحافظ ابن حجر: مقبول.

وهذه الرواية هي المحفوظة لجلالة قدر الليث بن سعد. وابن جريج مدلس واختلف عليه في رواية الحديث.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح وصحح الحديث ابن خزيمة والحاكم فالحديث يحتمل التحسين لكن هذه الصفة التي في الحديث لم أقف على حديث صحيح صريح يشهد لها فحديث صفوان الآتي لا يصلح للاعتبار والله أعلم.

ورجح هذه الرواية الترمذي وقال العيني في نخب الأفكار (3/ 578) رواه عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة رضي الله عنها، وهذا أصح.

ثانيًا: رواية ابن جريج رواها:

1: أحمد (26007) عن محمد بن بكر وعبد الرزاق - (4709) - وابن حبان (2639) أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: أخبرني يعلى بن مَمْلَك، أنَّه سأل أم سلمة رضي الله عنها فذكره إسناده ضعيف.

في هذه الرواية وافق ابن جريج الليث بن سعد في رواية الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مَمْلَك ويحتمل - والله أعلم - أنَّ ابن جريج رواه عن أبيه - وتأتي - وهو ضعيف فأسقطه.

2: النسائي (1628) أخبرنا هارون بن عبد الله قال حدثنا حجاج والطبراني في الكبير (23/ 407) حدثنا حجاج بن عمران السدوسي، ثنا أبو سلمة بن خلف الجوباري، ثنا أبو عاصم، يرويانه عن ابن جريج عن أبيه أخبرني ابن أبي مليكة أنَّ يعلى بن مَمْلَك أخبره أنَّه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إسناده ضعيف.

إضافة إلى ضعف يعلى بن مَمْلَك. عبد العزيز بن جريج والد عبد الملك ضعيف ذكره ابن حبان في ثقاته وقال البخاري والعقيلي لا يتابع على حديثه وقال الدارقطني مجهول. ويحيى بن خلف ذكره ابن حبان في ثقاته لكنَّه لم يتفرد به.

حجاج هو ابن محمد المصيصي. وأبو سلمة هو يحيى بن خلف وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد.

3: الترمذي (2927) حدثنا علي بن حجر أخبرنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة رضي الله عنها

رواته ثقات.

لكن الظاهر أنَّ ابن جريج دلسه فأسقط يعلى بن مَمْلَك ويحتمل أنَّه رواه عن أبيه فأسقطه أيضًا فيكون أسقط ضعيفين والله اعلم.

قال الترمذي: هذا حديث غريب

هكذا روى يحيى بن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية عن أم سلمة رضي الله عنها وليس إسناده بمتصل لأنَّ الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مَمْلَك عن أم سلمة رضي الله عنها وحديث الليث أصح. وقال العيني في نخب الأفكار (3/ 579) قال الطحاوي في كتاب «الرد على الكرابيسي» : لم يسمع ابن أبي مليكة هذا الحديث من أم سلمة رضي الله عنها. وقال الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة (520) الحديث من طريقيه ضعيف أمَّا الأولى فللانقطاع وأمَّا الثانية: فلأنَّ يعلى بن مملك قال الحافظ فيه في التقريب مقبول يعني إذا توبع وإلا فلين.

تنبيه: للحديث طرق في صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقط فلم أذكرها.

ص: 607

الحديث السادس: حديث صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه

عن صفوان بن المعطل رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرمقت صلاته ليلة «فصلى العشاء الآخرة، ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر آخر سورة آل عمران، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين، فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين لا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ ففعل ذلك، ثم لم يزل يفعل كما فعل أول مرة حتى صلى إحدى عشرة ركعة»

(1)

.

الحديث السابع: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العتمة، ثم يصلي في المسجد قبل أن يرجع إلى بيته سبع ركعات، يسلم في الأربع في كل اثنين ويوتر بثلاث، يتشهد في الأوليين من الوتر تشهده في التسليم، ويوتر بالمعوذات، فإذا رجع إلى بيته ركع ركعتين ويرقد، فإذا انتبه من نومه، قال:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أنَامَنِي فِي عَافِيَةٍ، وَأَيْقَظَنِي فِي عَافِيَةٍ» ، ثم يرفع رأسه إلى السماء فيتفكر، ثم يقول: {رَبَّنَا مَا

(1)

رواه الطبراني في الكبير (8/ 61) حدثنا أبو خليفة، ثنا علي ابن المديني وعبد الله بن أحمد في زوائده على مسند أبيه (22156) والبغوي في معجم الصحابة (1278) قالا حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، قالا حدثنا عبد الله بن جعفر، أخبرني محمد بن يوسف، عن عبد الله بن الفضل، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده ضعيف.

الحديث مداره على عبد الله بن جعفر والد علي ابن المديني وهو ضعيف، قال يحيى: ليس بشيء، وقال السعدي: واهي الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة حديثه عن من يروي عنهم لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه. وبه أعله الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 272). فالحديث منكر والله أعلم.

ص: 609

خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فيقرأ حتى يبلغ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194]، ثم يتوضأ، ثم يقوم فيصلي ركعتين يطيل فيهما القراءة والركوع والسجود، ويكثر فيهما الدعاء، حتى إنِّي لأرقد وأستيقظ، ثم ينصرف فيضطجع فيغفي، ثم يتضور

(1)

، ثم يتكلم بمثل ما تكلم في الأول، ثم يقوم فيركع ركعتين هما أطول من الأوليين، وهو فيهما أشد تضرعًا واستغفارًا، حتى أقول: هل هو منصرف؟ ويكون ذلك إلى آخر الليل، ثم ينصرف فيغفي قليلًا فأقول: هذا غفا أم لا؟ حتى يأتيه المؤذن فيقول مثل ما قال في الأولى، ثم يجلس فيدعو بالسواك فيستن ويتوضأ، ثم يركع ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة، فكانت هذه صلاته ثلاث عشر ركعة»

(2)

.

الحديث الثامن: حديث أنس رضي الله عنه

عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا، وكان لا تشاء تراه من الليل مصليًا إلا رأيته، ولا نائمًا إلا رأيته»

(3)

.

قال محمد بن نصر: نوع رابع من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث أم سلمة رضي الله عنها ثم

(1)

يَتَضَوَّرُ: من الضَّوْر يظهر الضُرَّ الذي به، بالتقلب والاضطراب.

انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 21) والزاهر (2/ 164) وتهذيب اللغة (12/ 42) وتاج العروس (12/ 411).

(2)

رواه الطبراني في الأوسط (8959) حدثنا مقدام بن داود، نا عبد الله بن يوسف التنيسي، ثنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس القتباني، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فذكره وإسناده ضعيف جدًا وفي متنه نكارة.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عياش بن عباس إلا ابن لهيعة.

مقدام بن داود، بن عيسى القتباني ضعفه شديد قال الدارقطني: ضعيف. وعبد الله بن لهيعة ضعيف. وبقية رواته ثقات.

قال ابن رجب في الفتح (9/ 173) غريب جدًا، ومنكر؛ مخالف جميع الروايات الصحيحة عن عائشة رضي الله عنه. ومقدام بن داود، من فقهاء مصر، ولم يكن في الحديث محمودًا قال ابن يونس: تكلموا فيه. وقال النسائي: ليس بثقة.

قال أبو عبد الرحمن: فالحديث منكر السند والمتن والله أعلم.

(3)

رواه البخاري (1141).

ص: 610

حديث ابن عباس ثم حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنَّ رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم حديث أنس رضي الله عنهم

(1)

فابن نصر المروزي يرى أنَّ معنى الحديث إن تشأ رؤيته متهجدًا رأيته متهجدًا، وإن تشأ رؤيته نائمًا رأيته نائمًا فعلى هذا يتخلل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل نوم ومعنى الحديث عند بعض أهل العلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة يقوم من أول الليل وتارة من وسطه وتارة من آخره كما كان يصوم تارة من أول الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائمًا أو في وقت من أوقات الشهر صائمًا فراقبه المرة بعد المرة فلا بد أن يصادفه قائمًا على وفق ما أراد

(2)

وهذا هو الظاهر من معنى الحديث والله أعلم لكن الذي استقر عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة آخر الليل كما تقدم.

(1)

مختصر قيام الليل ص: (108).

(2)

انظر: عمدة القاري (9/ 155) وإرشاد الساري (3/ 403) وفتح الباري (3/ 23).

ص: 611

‌تفريق التهجد بالنوم

في الأحاديث السابقة:

1: فرق النبي صلى الله عليه وسلم تهجده فتهجد في ثلاثة أوقات في ليلة واحدة وهذا في حديث عائشة - في الصحيحين - وحديث الصحابي المبهم ومثله حديث ابن عباس رضي الله عنهم وهو حديث مضطرب سندًا ومتنًا وفي حديث عائشة رضي الله عنها الآخر وهو منكر.

وفي حديث أم سلمة وصفوان بن المعطل رضي الله عنهما تهجد في ليلة واحدة في أكثر من ثلاثة أوقات وحديث أم سلمة رضي الله عنها ضعيف وحديث صفوان رضي الله عنه منكر. ومثلهما في الدلالة حديث أنس رضي الله عنه في توجيه محمد بن نصر المروزي للحديث وعلى فرض أنَّ هذا هو المراد من حديث أنس رضي الله عنه فهو مغاير لأحاديث عائشة رضي الله عنها وهي أعلم بتهجد النبي صلى الله عليه وسلم منه فهي مقدمة عليه والله أعلم.

2: نام النبي صلى الله عليه وسلم أثناء التهجد مرتين في حديث الصحابي المبهم رضي الله عنها ومثله حديث ابن عباس رضي الله عنهما وفي حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين - نام قبل الوتر. وبين الأربع الأولى والثانية لم تذكر عائشة رضي الله عنها نومًا. وفي حديث عائشة رضي الله عنها المنكر نام ثلاثًا وفي حديث أم سلمة وصفوان بن المعطل رضي الله عنهما نام مرارًا ومثلهما في الدلالة حديث أنس رضي الله عنه في توجيه محمد بن نصر المروزي للحديث.

والنوم أثناء التهجد يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا ولم يكن فعلًا راتبًا للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا ظاهر للأحاديث الكثيرة المروية في تهجده صلى الله عليه وسلم.

ص: 612

‌صلاة الركعتين بعد الوتر وما يقرأ فيهما

‌صلاة الركعتين بعد الوتر

اختلف أهل العلم في حكم صلاة ركعتين بعد الوتر على قولين في الجملة قول بعدم مشروعية الركعتين وقول بمشروعيتهما.

القول الأول: عدم مشروعية الركعتين: اختلف القائلون بعدم مشروعية الركعتين بعد الوتر على قولين:

الأول: التحريم: قال به القاسم بن محمد

(1)

.

الدليل: الركعتان بدعة.

الرد: يأتي ثبوتهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا.

الثاني: الكراهة: رويت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه والظاهر أنَّها اختيار قيس بن عباد

(2)

وعطاء

(3)

ورويت عن مجاهد

(4)

ونسب لأبي العالية

(5)

وهو مذهب المالكية

(6)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن القاسم؛ أنَّه سئل عن الركعتين بعد الوتر؟ «فحلف بالله إنَّهما لبدعة» ورواته ثقات.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا سهل بن يوسف، عن التيمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، قال:«لأن أقعد بعد الوتر فأقرأ، أحب إلي من صلاة بعد الوتر»

ح حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، قال:«إذا أوترت ثم قمت، فاقرأ وأنت جالس» ورواته ثقات. يفهم منه كراهة قيس بن عباد الركعتين بعد الوتر والله أعلم.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا معتمر، عن أبيه، قال: سأل رجل من أهل اليمن عنهما عطاء؟ فقال: «أنتم تفعلونهما» ؟ ورواته ثقات. واستفهام عطاء الإنكاري أقل أحواله الكراهة والله أعلم؟

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد؛ أنَّه سئل عن السجدتين بعد الوتر؟ فقال:«هذا شيء قد ترك» وإسناده ضعيف جدًا.

ليث بن أبي سليم ضعيف، قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

(5)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (287).

(6)

قال القاضي عياض في إكمال المعلم (3/ 84) صلاته ركعتين بعد الوتر جالسًا،

أنكره مالك.

وانظر: الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 269) ومختصر قيام الليل ص: (288).

وقال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب (1/ 370)(قوله: تنفل ما شاء)[بعد الوتر] أي ندبًا، ومحل ذلك إذا حدثت له نية النفل بعد الوتر أو فيها لا إن حدثت قبل الشروع في الوتر فلا يكون تنفله بعده جائزًا بل مكروهًا.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 316) والفواكه الدواني (1/ 311) وشرح الزرقاني على خليل (1/ 499) والثمر الداني (1/ 160).

ص: 613

الدليل الأول: تهجد مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه رضي الله عنهم منهم حذيفة رواه مسلم (772) والحديث مخرج في كتاب أحاديث وآثار أذكار الصلاة وأدعيتها (ص: 114). وعوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنهم انظر: (ص: 311). لم يذكروا هاتين الركعتين وكذلك ابن عباس رضي الله عنهما في الثابت عنه تقدم (ص: (233 أنَّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما شاذ. .

الرد: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على هاتين الركعتين إنَّما كان يصليهما أحيانًا في آخر حياته.

الدليل الثاني: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»

(1)

.

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجعل آخر صلاة الليل وترًا ومن صلى ركعتين بعد الوتر لم يمتثل الأمر.

الجواب من وجهين:

الأول: ثبتت الركعتان بعد الوتر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن قوله فيحمل الأمر على الاستحباب جمعًا بين الأدلة

(2)

.

الثاني: المغرب وتر النهار وشرع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعدها لجبر النقص الذي يحصل فيها غالبًا ولم تخرج الركعتان المغربَ عن كونها وترًا فكذلك الركعتان بعد الوتر

(3)

.

(1)

رواه البخاري (998) ومسلم (751).

(2)

انظر: الأوسط (5/ 202) وكشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (48).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 96) وزاد المعاد (1/ 333).

ص: 614

الدليل الثالث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ «أنَّه كره الصلاة بعد الوتر»

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: الأثر لا يصح.

الثاني: خالفه ابن عباس رضي الله عنهما فليس رأي أحدهما أولى من الآخر.

الثالث: الكراهة لو صحت عن أبي سعيد رضي الله عنه فهي مخالفة للثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فتحمل على عدم اطلاعه على هذه السنة والله أعلم.

القول الثاني: مشروعية الركعتين: وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنهما وأبي مجلز لاحق بن حميد

(2)

ونسب لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مساحق

(3)

وكثير بن مرة، وخالد بن معدان

(4)

والحسن البصري

(5)

والأوزاعي

(6)

.

واختلف القائلون بالمشروعية - غير من تقدم ذكرهم - على أقوال:

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا وكيع، قال: حدثنا عون بن صالح البارقي، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فذكره وإسناده ضعيف.

عون بن صالح البارقي ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال الحافظ ابن حجر: مقبول. وقال عن عطية العوفي: صدوق يخطئ كثيرًا.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا وكيع، قال: حدثنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز؛ «أنَّه كان لا يصلي بعد الوتر، إلا ركعتين» ورواته ثقات.

(3)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (287).

(4)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (288) وفتح الباري لابن رجب (9/ 179).

(5)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (287) وفتح الباري لابن رجب (9/ 179).

(6)

انظر: الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 269) والأوسط (5/ 202) وإكمال المعلم (3/ 84) وشرح النووي على مسلم (6/ 30). وقارن به مختصر قيام الليل ص: (288).

ص: 615

الأول: الجواز: وهو مذهب الأحناف

(1)

والشافعية

(2)

والحنابلة

(3)

واختاره ابن المنذر

(4)

وابن حزم

(5)

. وليس المقصود به استواء الفعل والترك إنَّما هو مقابل المنع.

الدليل الأول: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» .

وجه الاستدلال: في هذا الحديث الأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا وفي ما يأتي من أدلة صلاة ركعتين بعد الوتر فتصرف الأمر عن الوجوب فتدل على جواز هاتين الركعتين.

الثاني: الاستحباب: واختلفوا:

1: استحبابهما للمسافر: اختاره ابن حبان

(6)

وابن حجر وقاس عليه المريض

(7)

.

الدليل: عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: «إِنَّ هَذَا السَّفْرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ،

(1)

مذهب الأحناف جواز التطوع بعد الوتر.

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 341) ونخب الأفكار (5/ 414) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (403).

لكن خصوص الركعتين لم يروَ عن أبي حنيفة فيهما شيء. انظر: معارف السنن (4/ 205).

(2)

قال النووي في شرح مسلم (6/ 30) الصواب أنَّ هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسًا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسًا ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة.

وانظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (9/ 136) وتحفة المحتاج (1/ 265) ومغني المحتاج (1/ 311) ونهاية المحتاج (2/ 115).

قال أبو عبد الرحمن: الظاهر أنَّ صلاة الركعتين جالسًا في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضعف ويأتي زيادة بيان في الترجيح.

(3)

انظر: المغني (1/ 766) والإنصاف (2/ 180) والمبدع (2/ 16) وكشاف القناع (1/ 425).

(4)

انظر: الأوسط (5/ 202) والإشراف على مذاهب العلماء (2/ 269).

(5)

انظر: المحلى (3/ 49).

(6)

انظر: صحيح ابن حبان (6/ 315).

(7)

انظر: كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (46، 48).

ص: 616

وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ»

(1)

.

وجه الاستدلال: السفر مظنة التعب وعدم قيام الليل فيحمل الحديث على

(1)

رواه الدارمي (1597) أخبرنا مروان، وابن خزيمة (1106) نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وابن حبان (2577) أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا حرملة قالوا حدثنا عبد الله بن وهب والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 341) حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح والطبراني في الكبير (2/ 92) حدثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن صالح والبزار (4193) حدثنا عمر بن الخطاب، قال: حدثنا عبد الله بن صالح والدارقطني (2/ 36) حدثنا إسماعيل بن العباس الوراق حدثنا محمد بن إسحاق ثنا أبو صالح ح حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي ثنا أبو زرعة ثنا عبد الله بن صالح والبيهقي (3/ 33) أخبرنا أحمد بن الحسن القاضى أخبرنا حاجب بن أحمد حدثنا أحمد بن نصر المقرئ حدثنا عبد الله بن صالح قالا - ابن وهب وأبو صالح - حدثنا معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فقال: فذكره ورواته محتج بهم.

شريح بن عبيد الحمصي ومن فوقه ثقات. ومعاوية بن صالح الحضرمي وثقه أحمد وابن مهدي والعجلي والنسائي وأبو زرعة وابن سعد والبزار وذكره ابن حبان في الثقات وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى أنَّه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه وقال ابن خراش صدوق وقال ابن عمار زعموا أنَّه لم يكن يدري أي شيء في الحديث وقال ابن عدي له حديث صالح وما أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق إلا أنَّه يقع في حديثه إفرادات. وقال أبو إسحاق الفزاري ما كان بأهل أن يروي عنه وتوسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق له أوهام.

وكاتب الليث أبو صالح عبد الله بن صالح الجهني، قال الحافظ: ابن حجر صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة. وهو متابع للثقة عبد الله بن وهب.

والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وحسنه الحافظ ابن حجر في كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (16).

تنبيهات:

الأول: في رواية ابن حبان من طريق ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن شريح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن ثوبان رضي الله عنه من غير ذكر لجبير بن نفير وتقدم الحديث عند ابن خزيمة والدارمي من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه.

الثاني: في رواية البزار من طريق شيخه عمر بن الخطاب السجستاني عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه. من غير ذكر لشريح بن عبيد. وعمر بن الخطاب ذكره ابن حبان في ثقاته وقال مستقيم الحديث فإن لم يكن في السند سقطٌ فهذه الرواية في أحسن أحوالها شاذة والمحفوظ رواية الجمهور والله أعلم.

الثالث: في رواية الدارمي «إنَّ هذا السهر جهد وثقل،

» قال الدارمي ويقال: هذا السفر وأنا أقول: السهر. وشيخه مروان هو الطاطري.

ص: 617

المسافر الذي يخشى عدم الاستيقاظ لجبر النقص الحاصل في ما اعتاده من القيام

(1)

.

الرد من وجوه:

الأول: يحتمل أن يكون المراد به ركعتين بعد الوتر، ويحتمل أن يكون المراد إذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين قبل الوتر

(2)

.

الجواب: لو لم يرد إلا هذا الحديث لكان محتملًا لكن ثبت الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس رضي الله عنهما.

الثاني: إذا أوتر أي إذا أراد الوتر كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] فالمقصود بالركعتين الشفع قبل الوتر

(3)

.

الرد: دل الدليل على الاستعاذة قبل القراءة فصرفت الآية عن ظاهرها بخلاف الحديث.

الثالث: شرع النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد الوتر للمسافر لأنَّه مظنة عدم القيام للمشقة فكذلك يقاس عليه غيره كالمريض فتعليل النبي صلى الله عليه وسلم يدل أنَّه لا خصوصية للسفر.

2: استحبابهما لكل من أوتر: قول لبعض الأحناف

(4)

وقول للشافعية

(5)

وقول

(1)

انظر: صحيح ابن حبان (6/ 315) وكشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (46) ومعارف السنن (6/ 128).

(2)

انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/ 33) وفتح الباري لابن رجب (9/ 181).

(3)

انظر: مهذب سنن البيهقي (2/ 965) وكشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (41).

(4)

قال التهانوي في إعلاء السنن (6/ 128) حديث ثوبان رضي الله عنه

فيه من الأمر المفيد للاستحباب والندب

وسن الشارع ركعتين بعد المغرب ولم يكن ذلك ناقضًا لوتر النهار لكونهما تبعًا لا استقلالًا فكذلك الركعتان بعد وتر الليل لا تكونان ناقضتين لوتر الليل لهذه العلة بعينها وهذا الجواب أوفق بمذهب الحنفية كما لا يخفى لكون الوتر عبادة مستقلة واجبًا عندهم.

(5)

انظر: اللباب ص: (137) والتدريب (1/ 251).

وتعقب النووي في المجموع (4/ 17) القول بالاستحباب بقوله: رأيت بعض الناس يعتقد أنَّه يستحب صلاة ركعتين بعد الوتر جالسًا ويفعل ذلك ويدعو الناس إليه وهذه جهالة.

ص: 618

للحنابلة

(1)

واختاره ابن خزيمة

(2)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(3)

وابن باز

(4)

والألباني

(5)

وشيخنا ابن عثيمين

(6)

.

الدليل الأول: حديث عائشة رضي الله عنها في رواية:

1: عراك بن مالك، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم صلى ثماني ركعات، وركعتين جالسًا، وركعتين بين النداءين ولم يكن يدعهما أبدًا»

(7)

.

فثماني ركعات يصليها قائمًا ثم ركعتين جالسًا ولم يذكر الراوي الوتر في هذه الرواية وذكر في رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف التالية.

2: يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة رضي الله عنه، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:«كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلي ثمان ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح»

(8)

.

وظاهر الحديث أنَّ الوتر ركعة واحدة منفردة.

3: زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة رضي الله عنها «كنَّا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصل التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة

(1)

انظر: الإنصاف (2/ 180) وكشاف القناع (1/ 425).

(2)

انظر: صحيح ابن خزيمة (2/ 159).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 96).

(4)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 311).

(5)

انظر: الصحيحة (4/ 647) وقيام رمضان ص: (33).

(6)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 122).

(7)

رواه البخاري (1159).

(8)

رواه مسلم (126)(738).

ص: 619

ركعة يا بني، فلما أسَنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني»

(1)

.

وجه الاستدلال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى أحيانًا ركعتين بعد الوتر في الحضر والأصل الاقتداء به.

الرد من وجوه:

الأول: يحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم على الخصوصية

(2)

.

الجواب: الأصل عدم الخصوصية لا سيما أنَّه جاء الأمر بالركعتين في حديث ثوبان رضي الله عنه.

الثاني: نسخ الركعتين بعد الوتر

(3)

.

الجواب: يشترط للنسخ شرطان لم يتوفر واحد منهما.

الثالث: عارض حديث عائشة رضي الله عنه أحاديث جعل آخر القيام وترًا وهي أوضح فلا إشكال فيها فتقدم

(4)

.

الرد من وجهين:

الوجه الأول: الترجيح بين الروايات الصحيحة حين تعذر الجمع وتقدم الجمع بين حديث عائشة رضي الله عنها وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

الوجه الثاني: في حديث ثوبان رضي الله عنه الأمر بهما.

الرابع: يصلي النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد وتره جالسًا، لما كان يوتر من أول الليل ويجعل الركعتين جالسًا كركعة قائمًا، فيكون كالشفع لوتره، حتى إذا قام ليصلي

(1)

رواه مسلم (139)(746).

(2)

انظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 180).

(3)

وتقدم ما يروى عن عن مجاهد؛ أنَّه سئل عن السجدتين بعد الوتر؟ فقال: «هذا شيء قد ترك" وبوب البيهقي في السنن الكبرى (3/ 477) باب من قال يجعل آخر صلاته وترًا وإنَّ الركعتين بعدها تركتا.

وانظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 180) وكشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (71).

(4)

انظر: إكمال المعلم (3/ 84).

ص: 620

من آخر الليل لم يحتج إلى نقض وتره

(1)

.

الرد: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين آخر الليل ففي حديث عائشة رضي الله عنها «كنَّا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ

».

الخامس: المقصود بالركعتين راتبة الفجر

(2)

.

الرد: في حديث عائشة رضي الله عنها «ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح» فذكرت الركعتين بعد الوتر وراتبة الفجر.

السادس: نقلت عائشة رضي الله عنها صلاة الركعتين عن النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين آخر حياته حينما حصل نقص في قيامه عمَّا اعتاده من إحدى عشرة ركعة فصلى هاتين الركعتين لجبر الخلل الحاصل في عدد صلاته

(3)

.

تنبيه: قال القرطبي: أشكلت هذه الأحاديث - روايات حديث عائشة رضي الله عنها على كثير من العلماء، حتى إنَّ بعضهم نسبوا حديث عائشة رضي الله عنها في صلاة الليل إلى الاضطراب، وهذا إنَّما كان يصح لو كان الراوي عنها واحدًا، أو أخبرت عن وقت واحد، والصحيح أنَّ كل ما ذكرته صحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات متعددة وأحوال مختلفة، حسب النشاط والتيسير

(4)

.

الدليل الثاني: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع حتى إذا بدن وكثر لحمه أوتر بسبع وصلى ركعتين، وهو جالس فقرأ بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]»

(5)

.

(1)

انظر: فتح الباري لابن رجب (9/ 180).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 96) وكشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر ص: (74).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 97).

(4)

المفهم (2/ 367). وانظر: فتح الباري (3/ 20).

(5)

رواه أحمد (21810) حدثنا حسن بن موسى ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (180) - حدثنا شيبان بن أبي شيبة، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 290) حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب بن ناصح والطبراني في الكبير (8/ 277) حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا خالد بن خداش، ح وحدثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا عاصم بن علي، ح وحدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، ثنا أبو الوليد الطيالسي، قالوا: ثنا عمارة بن زاذان، والطبراني في الكبير (8/ 277) حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ح وحدثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا داود بن معاذ المصيصي، قالا: ثنا عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 341) حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا عبد الوارث وابن عدي في الكامل (2/ 455) أخبرنا ابن أبي سويد ثنا عبد الرحمن بن المبارك ثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب والبيهقي (3/ 33) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضى وأبو صادق محمد بن أحمد الصيدلانى قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو قلابة حدثنا عبد الصمد يعنى ابن عبد الوارث حدثنا أبى عن عبد العزيز بن صهيب يرويانه - عبد العزيز بن صهيب وعمارة بن زاذان - عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: فذكره وإسناده يحتمل التحسين.

الحديث مداره على عبد العزيز بن صهيب وعمارة بن زاذان عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه.

وأبو غالب صاحب أبي أمامة رضي الله عنه اختلف في اسمه وثقه موسى بن هارون والدارقطني في رواية وفي رواية عن الدارقطني قال يعتبر به وقال ابن عدي لم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا وأرجو أنَّه لا بأس به وحسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين صالح الحديث وقال أبو حاتم ليس بالقوي وقال النسائي ضعيف وقال ابن سعد كان ضعيفًا وقال ابن حبان منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما يوافق الثقات وقال الحافظ ابن حجر صدوق يخطاء.

فتفرد أبو غالب بالحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه لكنَّه موافق للثقات في إثبات الركعتين بعد الوتر وتقدمت روايتهم.

وعبد العزيز بن صهيب ثقة وعمارة بن زاذان البصري توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق كثير الخطأ وهو متابع لعبد العزيز بن صهيب لكنَّه اضطرب فيه فتارة يجعله عن أبي أمامة رضي الله عنه وتارة عن أنس رضي الله عنه.

لكن القراءة بالزلزلة والكافرون لم أقف عليها في رواية صحيحة أو ضعيفة تصلح للاعتبار والروايات الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها وغيرها ليس فيها ذكر السورتين والله أعلم.

تنبيه: في رواية الطحاوي - ورواتها ثقات عدا أبا غالب - من طريق عبد الرحمن بن المبارك، عن عبد الوارث بن سعيد، عن أبي غالب من غير ذكر لعبد العزيز بن صهيب ورواه من هذا الطريق ابن عدي بذكر ابن صهيب موافقًا لرواية الجماعة.

وشيبان بن أبى شيبة هو شيبان بن فروخ وابن أبي داود هو إبراهيم بن سليمان البرلسي. وابن أبي سويد هو محمد بن عثمان الذراع ضعفه تلميذه ابن عدي. وأبو قلابة هو عبد الملك بن محمد الرقاشى.

ص: 621

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: في حديث سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما «ثم صلى خمس ركعات، قال: ثم صلى ركعتين، قال: ثم نام حتى سمعت غطيطه - أو خطيطه - ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

ص: 622

الرد: هذه رواية شاذة

(1)

.

الدليل الرابع: عن أم سلمة رضي الله عنها، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر، وهو جالس»

(2)

.

الدليل الخامس: عن أنس، رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن و {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] وفي الآخرة بأم القرآن و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]»

(3)

.

(1)

انظر: (ص: (233.

(2)

رواه أحمد (26013) والترمذي (471) وابن ماجه (1195) قالا حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (180) - حدثنا محمد بن المثنى والدارقطني (2/ 36) حدثنا الحسين بن إسماعيل ثنا علي بن مسلم ح وثنا بن صاعد ثنا بندار وعلي بن مسلم والجراح بن مخلد والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 186) حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي قال: حدثنا علي بن عبد الله والبيهقي بإسناده عن يحيى بن أبى طالب يروونه عن حماد بن مسعدة، حدثنا ميمون بن موسى المرئي، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة رضي الله عنها، فذكرته وإسناده ضعيف وفيه علة.

الحديث تفرد به ميمون بن موسى المرئي عن الحسن عن أمه وخيرة أم الحسن البصري قال الحافظ ابن حجر مقبولة وميمون بن موسى ضعيف ومدلس ولم يصرح بالسماع قال أحمد ما أرى به بأسًا كان يدلس ولا يقول حدثنا الحسن وقال عمرو بن علي صدوق ولكنَّه يدلس وقال أبو حاتم صدوق وقال أبو داود ليس به بأس وقال النسائي ليس بالقوي وقال الحاكم أبو أحمد ليس بالقوي عندهم وقال الساجي كان يدلس وذكره ابن حبان في الثقات وقال في المجروحين منكر الحديث يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.

وإضافة لضعف ميمون بن موسى وعنعنته أعل الحديث بعلتين:

الأولى: قال العقيلي: لا يتابع [ميمون بن موسى] على رفعه، وغيره يرويه عن أم سلمة رضي الله عنها، من فعلها.

الثانية: قال الدارقطني في العلل (3658) عن حديث سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها، «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث أو بسبع، ويسجد سجدتين وهو جالس» يرويه الحسن البصري، واختلف عليه:

فرواه معاوية بن قرة، ويزيد بن يعفر، عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها. وكذلك قيل: عن هشيم، عن منصور بن زاذان، عن الحسن

وخالفهما ميمون بن موسى المرئي.

فرواه عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة رضي الله عنها، قاله حماد بن مسعود [الصواب مسعدة]، عنه وقول من قال سعد بن هشام أشبه بالصواب وقول ميمون المرئي غير مدفوع.

وقال البيهقي بعد أنَّ أخرجه وخالفهما هشام فرواه عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها. قال البخارى: وهذا أصح.

تنبيه: ليس في رواية الترمذي «وهو جالس» ورواه ابن ماجه عن شيخ الترمذي محمد بن بشار فذكرها موافقًا لرواية الجماعة.

(3)

رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (180) - حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن عبد ربه، والبيهقي (3/ 33) حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوى إملاء حدثنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزى حدثنا عبد الله بن حماد الآملى حدثنا يزيد بن عبد ربه والدارقطني (2/ 41) حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا محمد بن المصفا والطبراني في مسند الشاميين (759) حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق، ويحيى بن عبد الباقي المصيصي، قالا: ثنا محمد بن مصفى قالا - يزيد بن عبد ربه ومحمد بن المصفا - ثنا بقية، عن عتبة بن أبي حكيم، عن قتادة، عن أنس، رضي الله عنه فذكره وإسناده ضعيف.

بقية بن مدلس تدليس تسوية وصرح بسماعه في رواية الطبراني. وعتبة بن أبي حكيم وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى وقال في ثالثة منكر الحديث ووثقه مروان بن محمد الطاطري وأبو زرعة الدمشقي والطبراني وقال ابن أبي حاتم كان أحمد يوهنه قليلًا قال وسئل أبي عنه فقال صالح وقال محمد بن عوف الطائي ضعيف وقال دحيم لا أعلمه إلا مستقيم الحديث وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا بأس به وقال الجوزجاني غير محمود في الحديث وقال النسائي ضعيف وقال مرة ليس بالقوي وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: يعتبر حديثه من غير رواية بقية بن الوليد عنه قلت: هذا الحديث من رواية بقية عنه. وقتادة مدلس ولم يصرح بسماعه من أنس رضي الله عنه.

قال أبو حاتم في علل ابنه (442) هذا من حديث قتادة منكر. وأشار إلى ضعفه البيهقي بقوله: أبو غالب وعتبة بن أبى حكيم غير قويين.

ص: 623

وفي رواية: «وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيها بالرحمن والواقعة»

(1)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبلهما.

(1)

رواه ابن المنذر في الأوسط (2617) حدثنا محمد بن إسماعيل، وعلي بن عبد العزيز، قالا: ثنا مسلم بن إبراهيم والمستغفري في فضائل القرآن (936) أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الزهري، أخبرنا إسماعيل بن محمد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا مسلم بن إبراهيم، وابن خزيمة (1105) ثنا علي بن سهل الرملي، نا مؤمل بن إسماعيل، والبيهقي (3/ 33) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ فى التاريخ أخبرنى أبو الطيب محمد بن أحمد الكرابيسى حدثنا أبو العباس: محمد بن شادل بن على حدثنا أبو عبد الله: محمد بن بزيع جارنا حدثنا إسحاق بن يوسف قالوا: حدثنا عمارة بن زاذان، نا ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع ركعات، فلما أسَنَّ وثقل أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيها بالرحمن والواقعة» قال أنس رضي الله عنه: ونحن نقرأ بالسور القصار، {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ونحوهما» وإسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

عمارة بن زاذان البصري توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق كثير الخطأ. لكنَّه اضطرب فيه فتارة يجعله عن أنس رضي الله عنه وتارة يجعله عن أبي أمامة رضي الله عنه والقراءة في الركعتين بالرحمن والواقعة منكر.

وأشار إلى نكارتها البيهقي بقوله: وقال مرة يقرأ فيهن [الزلزلة والكافرون] وخالف عمارة بن زاذان فى قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فيهما سائر الرواة.

تنبيه: في رواية ابن المنذر قال ثابت: «ونحن نقرأ السور الصغار» .

ص: 624

الرد: الحديثان لا يصحان.

الدليل السادس: عن أبي العالية البرَّاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«رأيته يسجد بعد وتره سجدتين»

(1)

.

وجه الاستدلال: سجد ابن عباس رضي الله عنهما بعد الوتر فدل ذلك على استحباب الركعتين بعد الوتر.

الرد: المقصود بالسجدتين سجدتا السهو فذكر البخاري الأثر معلقًا في باب السهو في الفرض والنفل

(2)

.

الجواب من وجهين:

الأول: ذكر ابن ابي شيبة هذا الأثر في: الصلاة بعد الوتر

(3)

.

الثاني: يرد في القرآن والسنة ذكر السجدة ويقصد بها الركعة.

الدليل السابع: الصلاة في كل وقت جائزة إلا وقتًا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه، والأوقات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها وقت طلوع الشمس، ووقت الزوال، ووقت غروب الشمس، والصلاة في سائر الأوقات مباحة، ليس لأحد أن يمنع فيها إلا بحجة، ولا حجة مع من كره الصلاة بعد الوتر

(4)

.

الرد: هذا محل الخلاف هل بعد الوتر من أوقات النهي أم لا.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 283) حدثنا وكيع، عن ابن أبي عروبة، عن أبي العالية البراء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: فذكره ورواته ثقات

سعيد بن أبي عروبة مختلط ورواية وكيع عنه بعد الاختلاط لكن قال يحيى بن معين لوكيع تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنَّما سمعت منه في الاختلاط فقال رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستوٍ؟ وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 105)

أبو العالية البرَّاء اختلف في اسمه قيل زياد بن فيروز وقيل غير ذلك.

(2)

صحيح البخاري مع الفتح (3/ 104).

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (2/ 283).

(4)

انظر: الأوسط (5/ 202).

ص: 625

3: سنة راتبة: قول لبعض الحنابلة

(1)

. وعلى هذا القول يداوم على الركعتين بخلاف الذي قبله تصلى أحيانًا.

الأدلة السابقة:

الرد: أكثر من نقل لنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل لم يذكروا هاتين الركعتين فلو كانت الركعتان من السنة الراتبة لحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ونقلوها

(2)

.

القول الثالث: الوجوب: ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ولم ينسبه

(3)

.

ولا أعلم دليلًا لهذا القول.

الرد على القول: قال شيخ الإسلام ابن تيمية أجمع المسلمون على أنَّ هذه ليست واجبة وإن تركها طول عمره وإن لم يفعلها ولا مرة واحدة في عمره لا يكون بذلك من أهل البدع ولا ممن يستحق الذم والعقاب ولا يهجر ولا يوسم بميسم مذموم أصلًا

(4)

.

الترجيح: حين تأمل النصوص الواردة في قيام الليل والوتر نجد أنَّ صلاة ركعتين بعد الوتر لجبر الخلل الحاصل فيه إمَّا في العدد أو الوقت فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى هاتين الركعتين آخر حياته حينما نقص في قيامه عن إحدى عشرة ركعة التي كان صلى الله عليه وسلم يداوم عليها وكذلك أمر المسافر بهاتين الركعتين إذا أوتر أول الليل وخشي أن لا يقوم آخره بسبب عناء السفر ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما أصحابه رضي الله عنهم ممن اعتادوا الوتر أول الليل كأبي هريرة رضي الله عنه.

وقد أشار لهذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: وتر الليل جبره النبي صلى الله عليه وسلم بركعتين بعده ولهذا كان يجبره إذا أوتر بتسع أو سبع أو خمس لنقص عدده عن إحدى عشرة فهنا نقص العدد نقص ظاهر وإن كان يصليهما إذا أوتر بإحدى عشرة

(1)

انظر: المغني (1/ 766) والمبدع (2/ 16) والإنصاف (2/ 180).

(2)

انظر: المغني (1/ 766) وكشاف القناع (1/ 425)

(3)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/ 95) الصلاة الزحافة وقولهم: من لم يواظب عليها فليس من أهل السنة: ومرادهم الركعتان بعد الوتر جالسًا.

(4)

مجموع الفتاوى (23/ 95).

ص: 626

كان هناك جبرًا لصفة الصلاة وإن كان يصليهما جالسًا

وأما الركعتان المستقلتان فهما جبر لمعناها الباطن فلهذا كانت صلاته تامة

(1)

.

قال أبو عبد الرحمن: لم أقف على نص صريح صحيح في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر إذا صلى إحدى عشرة ركعة والله أعلم.

فالذي ظهر لي أنَّ هاتين الركعتين بعد الوتر تستحبان لمن كان في قيامه نقص عمَّا اعتاده من العدد أو الصفة أو الوقت الفاضل وهذا القول يتفق - في الجملة - مع قول الجمهور القائلين باستحبابهما أحيانًا والله أعلم.

(1)

مجموع الفتاوى (23/ 97). وانظر: زاد المعاد (1/ 333) وإعلاء السنن (6/ 128).

ص: 627

‌السور التي يقرأ بها في الركعتين بعد الوتر

الروايات التي وردت فيها القراءة بصلاة الركعتين بعد الوتر ثلاثة أنواع:

الأول: قراءة الزلزلة والكافرون جاء ذلك في:

1: حديث أبي أمامة رضي الله عنه: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع حتى إذا بَدَّن وكثر لحمه أوتر بسبع وصلى ركعتين، وهو جالس فقرأ بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}» .

وتقدم أنَّ الحديث حسن لغيره دون ذكر السورتين فلم أقف على رواية تقوي حديث أبي أمامة رضي الله عنه.

2: حديث عائشة رضي الله عنها: عن سعد بن هشام الأنصاري أنَّه سأل عائشة رضي الله عنها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء تجوز بركعتين، ثم ينام وعند رأسه طهوره وسواكه، فيقوم فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي، ويتجوز بركعتين، ثم يقوم فيصلي ثمان ركعات يسوي بينهن في القراءة، ويوتر بالتاسعة، ويصلي ركعتين وهو جالس، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ اللحم، جعل الثمان ستًا، ويوتر بالسابعة، ويصلي ركعتين وهو جالس، يقرأ فيهما ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {إِذَا زُلْزِلَتِ}»

(1)

. وذكر السورتين منكر.

(1)

رواه ابن خزيمة (1104) نا بندار، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 280) حدثنا بكار، قالا نا أبو داود، نا أبو حرة، عن الحسن، عن سعد بن هشام الأنصاري: فذكره وإسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

أبو حرة واصل بن عبد الرحمن ثقة لكن روايته عن الحسن البصري ضعيفة وهذه منها قال البخاري: يتكلمون في روايته عن الحسن، وقال يحيى بن معين: صالح وحديثه عن الحسن ضعيف يقولون لم يسمعها من الحسن. وقد خالف فهذه الرواية منكرة لأمرين:

الأول: خالف أبو حرة من هو أوثق منه فرواه هشام الدستوائي عند النسائي (1651) وقتادة، عند أحمد (24818)(25372) والنسائي (1723) وحصين بن نافع، عند أحمد (24137) والنسائي (1724) ويزيد بن يعفر عند أحمد (24697) يروونه عن الحسن، عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة رضي الله عنها بذكر الركعتين بعد الوتر من غير تسمية السورتين.

الثاني: لم تذكر الركعتان في غير رواية الحسن البصري عن سعد بن هشام فرواه هشام الدستوائي عند أحمد (25653) والنسائي (1719) ومعمر بن راشد عند النسائي (1721) وسعيد بن أبي عروبة عند أحمد (23748) ومسلم (139)(746) والنسائي (1601)(1720) وابن ماجه (1191) يروونه عن قتادة عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام بن عامر عائشة رضي الله عنها بذكر الركعتين من غير تسمية السورتين.

وكذلك رواه أبو داود (1349) بإسناده عن بهز بن حكيم، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنه.

بندار هو محمد بن بشار وبكار هو أبو بكرة ابن قتيبة وأبو داود هو الطيالسي.

ص: 628

3: حديث أنس رضي الله عنه: عن أنس، رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن و {إِذَا زُلْزِلَتِ} وفي الآخرة بأم القرآن و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}» .

وتقدم أنَّ إسناد الحديث ضعيف وحكم عليه أبو حاتم بالنكارة.

الثاني: قراءة الرحمن والواقعة جاء ذلك في: إحدى روايات حديث أنس، رضي الله عنه:«وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيها بالرحمن والواقعة» وتقدم أنَّه حديث منكر.

الثالث: عدم تسمية السورتين جاء ذلك في:

1: حديث عائشة رضي الله عنها: في رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عنها قالت: «ثم يصلى ركعتين وهو جالس» وتقدم الحديث في الصحيحين.

وفي مسلم من رواية سعد بن هشام بن عامر عنها «ثم يصلى ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد» .

2: حديث ثوبان رضي الله عنه: عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فقال: «إِنَّ هَذَا السَّفَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ، وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ» .

وهو حديث حسن وتقدم.

3: حديث أم سلمة رضي الله عنها: عن أم سلمة رضي الله عنها، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر، وهو جالس» وتقدم أنَّ إسناده ضعيف وفيه علة.

الترجيح: الذي ترجح لي أنَّه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في تسمية السور التي تقرأ في الركعتين بعد الوتر في الأحاديث التي وقفت عليها والله أعلم.

ص: 629

‌الفصل السادس

الجهر في صلاة الليل فرضه ونفله

ص: 631

‌تمهيد

1: أحاديث وآثار الجهر في قيام الليل.

2: جهر المنفرد والمسبوق في صلاة الفرض الجهرية.

3: الجهر في نفل الليل المطلق والرواتب.

4: الجهر في راتبة الفجر تقدم في أحكام راتبة الفجر

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 503).

ص: 633

أحاديث وآثار الجهر في قيام الليل

‌أولًا: أحاديث الجهر:

الجهر في قيام الليل جاء من أحاديث:

1: حذيفة. 2: عائشة. 3: أبي موسى الأشعري. 4: عوف بن مالك الأشجعي. 5: عبد الرحمن بن أبزى. 6: ابن عباس. 7: أبي قتادة وعلي. 8: أم هانئ. 9: أم سلمة. 10: علي. 11: معاذ بن جبل. 12: أبي سعيد وابن عمر والبياضي وجابر وأبي هريرة وعائشة. 13: أبي هريرة. 14: مرسل الزهري وسعد بن إبراهيم. 15: أثر أبي بكر وعمر. 16: أثر عبد الله بن مسعود 17: أثر معاذ بن جبل. 18: أثر عبادة بن الصامت رضي الله عنهم.

الحديث الأول: حديث حذيفة رضي الله عنه.

عن حذيفة رضي الله عنه، قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المئة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع،

»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها.

1: عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سألت عائشة رضي الله عنها: «أكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر من أول الليل، أو من آخره؟ فقالت: «كل ذلك كان يفعل، ربما أوتر أول الليل، وربما أوتر آخره» ، قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة قلت: كيف كانت قراءته يسر أو يجهر؟ قالت: «كل ذلك كان يفعل، ربما أسر، وربما جهر» قال: قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة قال: قلت: كيف كان يصنع في الجنابة؟ أكان يغتسل قبل أن ينام، أو ينام قبل أن يغتسل؟ قالت:«كل ذلك كان يفعل، ربما اغتسل فنام، وربما توضأ ونام» قال: قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة»

(2)

.

(1)

رواه مسلم (772). والحديث مخرج في كتاب أحاديث وآثار أذكار الصلاة (ص: 114).

(2)

الحديث رواه عن عائشة رضي الله عنها:

1: عبد الله بن أبي قيس. 2: غضيف بن الحارث. 3: يحيى بن يعمر.

الرواية الأولى: رواية عبد الله بن أبي قيس: رواه أحمد (23932) حدثنا إسحاق قال: حدثني ليث بن سعد قال: حدثني معاوية بن صالح الحضرمي وأبو داود (1437) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح ومسلم (26)(307) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن معاوية بن صالح والترمذي (2924) حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن معاوية بن صالح وأحمد (24634) حدثنا عبد الرحمن، عن معاوية ومسلم (307) حدثنيه زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، ح، وحدثنيه هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب جميعًا عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد مثله والنسائي (404) أخبرنا شعيب بن يوسف قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح وأبو عبيد في فضائل القرآن ص:(171) حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح وابن المنذر في الأوسط (2565) حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح والطبراني في مسند الشاميين (1917) حدثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سألت عائشة رضي الله عنه فذكره إسناده صحيح.

معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي وثقه أحمد والنسائي وأبو زرعة وابن سعد وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى أنَّه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه وقال ابن خراش صدوق وقال ابن عمار زعموا أنَّه لم يكن يدري أي شيء في الحديث وقال ابن عدي له حديث صالح وما أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق إلا أنَّه يقع في حديثه إفرادات. قال أبو عبد الرحمن: لم يتفرد به فتابعه غضيف بن الحارث ويحيى بن يعمر. وأبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث قال الحافظ: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة وهو متابع لليث بن سعد. وبقية رواته ثقات.

تنبيه: في رواية مسلم وأبي عبيد وعنه ابن المنذر الجهر والإسرار في القراءة فقط وفي رواية النسائي الغسل فقط وفي رواية أحمد (24634) الغسل وصفة القراءة.

قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه وصحح إسناده النووي في خلاصة الأحكام (1240) وحسن إسناده ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 10).

قال المزي: عبد الله بن أبى قيس، و يقال: ابن قيس، و يقال: ابن أبي موسى، والأول أصح.

الرواية الثانية: رواية غضيف بن الحارث: رواه ابن أبي شيبة (1/ 62) حدثنا ابن علية، عن برد بن سنان وأحمد (23682) حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا برد بن سنان وأبو داود (226) حدثنا مسدد، حدثنا معتمر، ح وحدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قالا: حدثنا برد بن سنان وابن ماجه (1354) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل ابن علية، عن برد بن سنان وأحمد (24549) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن برد والنسائي (222) أخبرنا عمرو بن هشام قال: حدثنا مخلد، عن سفيان، عن أبي العلاء والحاكم (1/ 153) حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، ح وحدثنا أبو بكر بن أبي نصر الداربردي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نعيم، وأبو حذيفة، قالا: حدثنا سفيان، عن برد بن سنان وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (3/ 1050) حدثنا عفان، حدثنا وهيب، عن برد، والنسائي (223) (405) أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حماد، عن برد، عن عبادة بن نسي، عن غضيف بن الحارث قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: «أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل، أم في آخره؟ قالت: «ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في آخره» ، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر في أول الليل، أو في آخره؟ قالت:«ربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في آخره» ، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن، أو يخفت به؟ قالت:«ربما جهر به، وربما خفت» ، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة» إسناده صحيح.

عبادة بن نُسيِّ وثقه أحمد وابن سعد وابن معين والعجلي والنسائي. وغضيف بن الحارث اختلف في صحبته وعلى القول بأنَّه تابعي وثقه ابن سعد والدارقطني والعجلي وذكره ابن حبان في ثقاته.

وأبو العلا برد بن سنان وثقه يزيد بن زريع وابن معين ودحيم والنسائي وابن خراش وقال ابن معين والنسائي في رواية عنهما لا بأس به وقال أبو زرعة: لا بأس به، كان صدوقًا في الحديث وقال أبو حاتم: كان صدوقًا قدريًا وفي رواية عنه ليس بالمتين، وقال أحمد: صالح الحديث وضعفه علي ابن المديني. ولم يتفرد به فقد توبع فرواه الطبراني في مسند الشاميين (750) حدثنا أبو عقيل أنس بن سليم الخولاني، ثنا محمد بن مصفى، ثنا بقية بن الوليد، ثنا عتبة بن أبي حكيم، عن عبادة بن نسي، عن غضيف بن الحارث، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: «أخبريني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن أول الليل كان يغتسل أم من آخره؟ قالت: «ربما اغتسل من أول الليل وربما اغتسل من آخره» قلت الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة فقلت: أخبريني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل كان يوتر أم من آخره؟ قالت: «ربما أوتر من آخره» قلت الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، قلت: أخبريني عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بصلاته أم يخافت؟ قالت: «ربما جهر وربما خافت» ، قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة» إسناده ضعيف.

أنس بن سلم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 272): لم أعرفه. وقال الألباني في الصحيحة (6/ 336) أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني، هو من الشيوخ المكثرين من الرواية، فقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 140) فذكر أنَّه حدث بدمشق سنة (289) عن جمع من الشيوخ سماهم، منهم هشام بن عمار قارب عددهم العشرين شيخًا. وروى عنه جمع من الشيوخ جاوز عددهم العشرة، منهم الطبراني وابن عدي. ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولكن رواية هؤلاء عنه تعديل له، ولاسيما وقد أكثر الطبراني عنه. قال أبو عبد الرحمن: رواية من لا يشترط الصحة أو الرواية عن عدل فيما يرويه ليس تعديلًا للراوي والله أعلم.

ومحمد بن مصفى القرشي قال أبو حاتم صدوق وقال النسائي صالح وقال صالح بن محمد كان مخلطًا وأرجو أن يكون صدوقًا وقد حدث بأحاديث مناكير وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطاء. وبقية بن الوليد صرح بالسماع لكنَّه يدلس تدليس تسوية ورواية عتبة بن أبي حكيم، عن عبادة بن نسي بالعنعنة.

وعتبة بن أبي حكيم الهمداني ذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه مروان الطاطري والطبراني وابن معين في رواية وضعفه في أخرى وقال منكر الحديث وقال ابن أبي حاتم كان أحمد يوهنه قليلًا وقال سئل أبي عنه فقال صالح وقال محمد بن عوف الطائي ضعيف وقال دحيم لا أعلمه إلا مستقيم الحديث وذكره أبو زرعة الدمشقي في نفر ثقات وقال النسائي ضعيف وقال مرة ليس بالقوي وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا بأس به.

فالذي يظهر لي أنَّ هذه الرواية منكرة والله أعلم.

قال النووي في الخلاصة (1241) رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة بإسناد صحيح من رواية غضيف بن الحارث، عن عائشة رضي الله عنها وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 10).

تنبيه: في رواية ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم الغسل فقط وفي رواية إبراهيم الحربي وابن ماجه الجهر والمخافتة فقط. وفي رواية أحمد (24549) الوتر والغسل.

الرواية الثالثة: رواية يحيى بن يعمر: رواه عبد الرزاق (4208) - وعنه إسحاق بن راهويه (1355)(1356) وأحمد (24803)(24816) - أخبرنا معمر، وأحمد (24677) حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن مبارك، عن معمر، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة رضي الله عنها قال: سألها رجل: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته من الليل إذا قرأ؟ قالت: «ربما رفع وربما خفض» قال: الحمد لله الذي جعل في الدين سعة قال: فهل كان يوتر من أول الليل؟ قالت: «نعم، ربما أوتر من أول الليل وربما أوتر من آخره» قال: الحمد لله الذي جعل في الدين سعة قال: فهل كان ينام وهو جنب؟ قالت: «ربما اغتسل قبل أن ينام وربما نام قبل أن يغتسل، ولكنَّه يتوضأ قبل أن ينام» قال: الحمد لله الذي جعل في الدين سعة» رواته ثقات

قال أبو عبيد الآجري قلت لأبي داود يحيى بن يعمر سمع من عائشة رضي الله عنها فقال لا. قال أبو عبد الرحمن: روايته عن عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري (3474)(5734). وابن مبارك هو عبد الله.

تنبيه: رواية إسحاق ليس فيها ذكر الوتر.

ص: 634

2: عن عائشة رضي الله عنها قالت: هب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وتهجد عباد من دار بني عبد الأشهل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ وَهُوَ يَقْرَأُ؟» قلت: نعم، يا رسول الله، قال:«اللَّهُمَّ ارْحَمْ عبَادًا»

(1)

.

الحديث الثالث: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

1: عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ

(1)

رواه أبو يعلى (4388) حدثنا مصعب بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص:(117) - حدثنا عبيد الله بن سعد، ثنا عمي، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عباد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فذكره رواته محتج بهم.

رواته ثقات عدا محمد بن إسحاق فصدوق ومدلس ولم يصرح بالسماع.

ورواه البخاري تعليقًا مجزومًا به فقال: (2655) حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون، أخبرنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقرأ في المسجد، فقال:«رحمه الله لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا» وزاد عباد بن عبد الله، عن عائشة رضي الله عنها، تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، فسمع صوت عباد رضي الله عنه يصلي في المسجد، فقال:«يَا عَائِشَةُ أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا؟» قلت: نعم، قال:«اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا» .

مصعب بن عبد الله هو الزبيري وعم عبيد الله بن سعد هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد حفيد عبد الرحمن بن عوف.

تنبيه: في إسناد أبي يعلى سقط.

وحسن ابن حجر الحديث انظر: الفتوحات الربانية (3/ 272).

ص: 637

لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»

(1)

.

2: عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ، بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ»

(2)

.

الحديث الرابع: حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.

عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه:«سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة»

(3)

.

الحديث الخامس: حديث عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه.

عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}»

(4)

.

الحديث السادس: حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

1: عن كريب، قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما، فقلت: ما صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ قال: «كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في بعض حجره، فيسمع من كان خارجًا»

(5)

.

(1)

رواه مسلم (793).

(2)

رواه مسلم (2499).

(3)

انظر: (ص: 311).

(4)

حديث صحيح مخرج في رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: 37).

(5)

الحديث رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: كريب بن أبي مسلم. 2: عكرمة مولى ابن عباس.

الرواية الأولى: رواية كريب بن أبي مسلم: رواه ابن خزيمة (1157) نا يونس بن عبد الأعلى، نا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني الليث، ح وثنا سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم، ثنا أبي، أخبرنا الليث، وابن حبان (2581) أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الليث بن سعد،، والبيهقي (3/ 11) أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا ابن ملحان حدثنا يحيى حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان أنَّ كريبًا أخبره، قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما، فقلت: فذكره إسناده صحيح.

صححه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 11) إضافة لتصحيح ابن خزيمة وابن حبان.

الرواية الثانية: رواية عكرمة: رواه أبو داود الطيالسي (2684) قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد وأحمد (2442) حدثنا سريج، حدثنا ابن أبي الزناد وأبو داود (1327) حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، حدثنا ابن أبي الزناد والترمذي في الشمائل (322) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، والطبراني في الكبير (11/ 218) حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي، ثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (557) حدثنا أبو بكر الفريابي، نا محمد بن أبي رجاء أبو سليمان، نا عبد الرحمن بن أبي الزناد والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 344) حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالليل قدر ما يسمعه من في الحجرة، وهو في البيت» إسناده حسن.

عبد الرحمن بن أبي الزناد في حفظه ضعف قال موسى بن سلمة قدمت المدينة فأتيت مالك بن أنس فقلت له أنِّي قدمت إليك لأسمع العلم وأسمع ممن تأمرني به فقال عليك بابن أبي الزناد وقال أحمد مضطرب الحديث وقال علي ابن المديني وعمرو بن علي والساجي في رواية ما حدث بالمدينة فهو صحيح وما حدث ببغداد أفسده البغداديون وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه وقال الترمذي والعجلي ثقة

وقال ابن حجر: صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. ومن رووا عنه الحديث ليسوا مدنيين. لكن للحديث شاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما وتقدم.

وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن حنطب لخص حاله ابن حجر بقوله: ثقة ربما وهم. وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 12).

سريج هو ابن النعمان وعبد الله بن عبد الرحمن هو الدارمي صاحب السنن وأبو بكر الفريابي هو الحافظ جعفر بن محمد. وابن أبي داود هو إبراهيم بن سليمان بن داود الإمام الحافظ.

تنبيهان:

الأول: لفظ رواية أبي داود الطيالسي: «كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من البيت وأنا في الحجرة» .

الثاني: وقع تصحيف في لفظ الحديث في نسختي من مسند الطيالسي طبعة دائرة المعارف الهندية والتصحيح من طبعة دار هجر تحقيق د/ التركي.

ص: 638

2: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ثم افتتح البقرة، فقرأها حرفًا حرفًا حتى ختمها، ثم ركع،

، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية آل عمران حتى ختمها، ثم ركع وسجد،

ثم اضطجع، ثم قام فزعًا ففعل مثلما فعل في الأوليين فقرأ حرفًا حرفًا حتى صلى ثمان ركعات يضطجع بين كل ركعتين، وأوتر بثلاث

»

(1)

.

3: عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى

(1)

انظر: (ص: 53).

ص: 639

بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » رواية منكرة

(1)

.

الحديث السابع: حديث أبي قتادة وعلي رضي الله عنهما وغيرهما

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه «ارْفَعْ قَلِيلًا» ، ولعمر رضي الله عنه:«اخْفِضْ قَلِيلًا»

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 94).

(2)

القصة جاءت من:

1: حديث أبي قتادة رضي الله عنه. 2: حديث علي رضي الله عنه. 3: مرسل محمد بن سيرين. 4: مرسل زيد بن يُثَيْع. 5: مرسل سعيد بن المسيب. 6: مرسل عطاء بن أبي رباح.

1: حديث أبي قتادة رضي الله عنه: الحديث مداره على ثابت بن أسلم البناني واختلف عليه فيه فروي عنه موصولًا ومرسلًا.

أولًا: الموصول: رواه أبو داود (1329) حدثنا الحسن بن الصباح، حدثنا يحيى بن إسحاق والترمذي (447) حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا يحيى بن إسحاق والطبراني في الأوسط (7219) حدثنا محمد بن جابان، ثنا محمود بن غيلان، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، وحدثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق، وابن خزيمة (1161) - وعنه ابن حبان (733) - نا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاحب السابري، نا يحيى بن إسحاق السيلحيني وابن المنذر في (2566) حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني والحاكم (1/ 310) أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه:«مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِكَ» ، فقال: إنِّي أسمعت من ناجيت، قال:«ارْفَعْ قَلِيلًا» ، وقال لعمر رضي الله عنه:«مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ» ، قال: إنِّي أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان، قال:«اخْفِضْ قَلِيلًا» رواته ثقات وفيه علة.

يحيى بن إسحاق السيلحيني قال أحمد شيخ صالح ثقة صدوق وقال ابن معين: صدوق وقال ابن سعد كان ثقة حافظًا لحديثه.

وحماد بن سلمة ثقة تغير حفظه قال ابن سعد: قالوا: ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر وقال أحمد: صالح، ووثقه يحيى بن معين وقال البيهقي: أحد ائمة المسلمين إلا أنَّه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأمَّا مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره.

لكن هذه الرواية شاذة عند أئمة العلل قال الترمذي هذا حديث غريب، وإنَّما أسنده يحيى بن إسحاق، عن حماد بن سلمة، وأكثر الناس إنَّما رووا هذا الحديث عن ثابت، عن عبد الله بن رباح مرسلًا. فعلى هذا فالمخالفة من حماد.

وقال أبو حاتم في علل ابنه (327): الصحيح عن عبد الله بن رباح: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

مرسل؛ أخطأ فيه السالحيني فأبو حاتم يرى أنَّ الخطأ من يحيى بن إسحاق.

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث موصولا عن حماد بن سلمة إلا يحيى بن إسحاق، ولا يروى عن أبي قتادة رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد.

وأشار إلى إعلاله أبو داود بروايته قبله مرسل ثابت البناني، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة ظاهرها الصحة (113).

ثانيًا: المرسل:

1: رواه أبو داود (1329) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل رواته ثقات.

2: تقدم قول الترمذي: أكثر الناس رووا هذا الحديث عن ثابت، عن عبد الله بن رباح مرسلًا. ولم أقف عليه.

الوَسنَان: النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. انظر: جامع الأصول (5/ 356).

2: حديث علي رضي الله عنه: رواه أحمد (867) حدثنا علي بن بحر، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا زكريا، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي رضي الله عنه، قال: كان أبو بكر رضي الله عنه يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر رضي الله عنه يجهر بقراءته، وكان عمار رضي الله عنه إذا قرأ يأخذ من هذه السورة وهذه، فذكر ذاك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لأبي بكر رضي الله عنه: «لِمَ تُخَافِتُ؟» قال: إنِّي لأسمع من أناجي وقال لعمر رضي الله عنه: «لِمَ تَجْهَرُ بِقِرَاءَتِكَ؟» قال: أفزع الشيطان، وأوقظ الوسنان، وقال لعمار رضي الله عنه:«وَلِمَ تَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَهَذِهِ؟» قال: أتسمعني أخلط به ما ليس منه؟ قال: «لَا» قال: «فَكُلُّهُ طَيِّبٌ» رواته محتج بهم.

أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي مدلس وروى بالعنعنة ومختلط لكن رواية زكريا بن أبي زائدة عنه في الصحيحين فهي محمولة على قبل الاختلاط.

وهانئ بن هانئ الهَمْداني ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه العجلي وقال الذهبي في الكاشف ليس به بأس وقال في المغني ليس بالمعروف قال ابن المديني مجهول. وحسن الحديث ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 9).

ويأتي في مرسل ابن المسيب ذكر بلال بدل عمار رضي الله عنهما وأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بقراءة السورة على نحوها.

قال ابن أبي حاتم في علله (270) قيل لأبي زرعة: فما الصحيح عندك: بلال أو عمار؟ فقال أبو زرعة: رواه المدنيون على أنَّه بلال رضي الله عنه، وهم أعلم، وإن كان روايتهم مرسلًا، فلولا أنَّهم سمعوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ما كانوا يقولونه.

3: مرسل محمد بن سيرين: رواه الطبري في تفسيره (15/ 124) حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سلمة، بن علقمة، عن عن محمد بن سيرين، قال:«نبئت أنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وأنَّ عمر رضي الله عنه كان يرفع صوته، قال: فقيل لأبي بكر رضي الله عنه: لم تصنع هذا؟ فقال: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، قيل: أحسنت، وقيل لعمر رضي الله عنه: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت، فلما نزلت: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] قيل لأبي بكر رضي الله عنه: ارفع شيئًا، وقيل لعمر رضي الله عنه: اخفض شيئًا» مرسل رواته ثقات.

يعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي. وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

تنبيه: وقع تصحيف في نسختي من تفسير الطبري.

ورواه البيهقي في شعب الإيمان (2612) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين، في قوله:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قال: «كان أبو بكر رضي الله عنه يخافت بصوته فيقول: أناجي ربي، وكان يرفع صوته عمر رضي الله عنه، ويقول: أزجر الشيطان وأوقظ الوسنان حتى نزلت هذه الآية: فأمر أبو بكر رضي الله عنه فرفع صوته شيئًا، وأمر عمر رضي الله عنه فخافت من صوته» مرسل إسناده ضعيف.

أشعث بن سوَّار ضعيف. وكذلك أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وأمسكت عن الرواية عنه لكثرة كلام الناس فيه. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم تركه ابن عقدة، وقال ابن عدي: رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه، ولا يعرف له حديث منكر، وإنَّما ضعفوه لأنَّه لم يلق من يحدث عنهم، وقال الأصم: سألت أبا عبيدة بن أخي هناد بن السري عن العطاردي فقال: ثقة. وقال ابن حبان في ثقاته: ربما خالف ولم أر في حديثه شيئًا يجب أن يعدل عن سبيل العدول إلى سنن المجروحين، وقال الخليلي: ليس في حديثه مناكير لكنَّه روى عن القدماء فاتهموه لذلك.

4: مرسل زيد بن يُثَيْع: رواه محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (118) - حدثنا إسحاق، أخبرنا النضر بن شميل، ثنا إسرائيل، ثنا أبو إسحاق، عن زيد بن يُثَيْع، قال: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا قرأ خافت صوته، وكان عمر رضي الله عنه إذا قرأ رفع صوته فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأبي بكر رضي الله عنه:«مَا أَرَدْتَ؟» ، قال: إنَّي أسمع من أناجي، قال:«صدقت» وقال لعمر رضي الله عنه: «مَا أَرَدْتَ؟» ، قال: أطرد شيطانا، وأوقظ الوسنان، قال:«صَدَقْتَ» مرسل رواته محتج بهم.

أبو إسحاق لم يصرح بالسماع ومختلط لكن رواية حفيده إسرائيل بن يونس عنه في الصحيحين فهي محمولة على ما قبل الاختلاط والله أعلم.

ويزيد بن يُثَيْع مخضرم لم يرو عنه إلا أبو إسحاق قال الذهبي فيه جهالة. وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه العجلي وابن حجر. وبقية رواته ثقات. وإسحاق هو ابن راهويه.

5: مرسل سعيد بن المسيب: رواه عبد الرزاق (4209) عن ابن عيينة ح (4210) عن معمر، عن عبد الرحمن بن حرملة، وأبو عبيد في فضائل القرآن ص:(188) حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن المسيب قال:«مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر رضي الله عنه وهو يصلي وهو يخافت، ومر بعمر رضي الله عنه وهو يجهر، ومر ببلال رضي الله عنه وهو يخلط، فأصبحوا جميعًا عنده فقال: «مَرَرْتُ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُ تُخَافِتُ» قال: أجل بأبي أنت وأمي قال: «ارْفَعْ شَيْئًا» قال: «مَرَرْتُ بِكَ يَا عُمَرُ وَأَنْتَ تَجْهَرُ» قال: بأبي وأمي أسمع الرحمن، وأوقظ النائم قال:«دُونَ - أو قال: - اخْفِضْ شَيْئًا» قال: «وَمَرَرْتُ بِكَ يَا بِلَالُ وَأَنْتَ تَخْلِطُ» قال: أجل بأبي أنت وأمي، أخلط الطيب بالطيب قال:«اقْرَأْ كُلَّ سُورَةٍ عَلَى نَحْوِهَا» مرسل رواته محتج بهم.

عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق ربما أخطأ وبقية رواته ثقات.

وتقدم في حديث علي رضي الله عنه ذكر عمار بدل بلال رضي الله عنهما وقول: أبي زرعة: رواه المدنيون على أنَّه بلال، وهم أعلم، وإن كان روايتهم مرسلًا، فلولا أنَّهم سمعوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقولونه.

6: مرسل عطاء بن أبي رباح: رواه عبد الرزاق (4218) عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استمع ليلة أبا بكر رضي الله عنه فإذا هو يخافت بالقراءة في صلاته، واستمع عمر رضي الله عنه فإذا هو يرفع صوته، واستمع بلالًا رضي الله عنه فإذا هو يأخذ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال:«اسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِذَا أَنْتَ تَخْفِضُ صَوْتَكَ» قال: أخفض أنتجي ربي قال: «وَاسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا عُمَرُ فَإِذَا أَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ» قال: أنفر الشيطان، وأوقظ النائم قال:«وَاسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا بِلَالُ وَإِذَا أَنْتَ تَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ» قال: أجمع الطيب بالطيب، أخلط بعضه إلى بعض قال:«كُلُّ هَذَا حَسَنٌ» مرسل رواته ثقات وفي متنه نكارة.

قال أبو عبد الرحمن: الحديث ثابت على الأقل بمجموعه والله أعلم.

ص: 640

الحديث الثامن: حديث أم هانئ رضي الله عنها.

عن أم هانئ رضي الله عنها، قالت:«كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي»

(1)

.

(1)

الحديث مداره على أبي العلاء هلال بن خباب العبدي، عن يحيى بن جعدة، عن جدته أم هانئ رضي الله عنها ورواه عن أبي العلاء:

1: مسعر بن كدام. 2: ثابت بن يزيد. 3: قيس بن الربيع.

الرواية الأولى: رواية مسعر بن كدام: اختلف عليه فرواه عنه:

1: وكيع وأبو نعيم ومحمد بن بشر وأبو معاوية: رواه ابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا وكيع، عن مسعر وأحمد (26366) حدثنا وكيع، قال: حدثنا مسعر وإسحاق بن راهويه (2100) أخبرنا وكيع، نا مسعر والنسائي (1013) أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن وكيع قال: حدثنا مسعر وابن ماجه (1349) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر والترمذي في الشمائل (319) حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (559) حدثنا الفريابي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن بشر، ووكيع قالا: حدثنا مسعر وابن أبي خيثمة في تاريخه (3352) حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مسعر والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 344) حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر والحاكم (4/ 54) حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار الزاهد العدل، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نعيم، حدثنا مسعر وإسحاق بن راهويه (2102) أخبرنا محمد بن بشر العبدي، نا مسعر وأحمد (26836) حدثنا أبو معاوية، حدثنا مسعر عن أبي العلاء هلال بن خباب العبدي، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ رضي الله عنها؛ قالت: فذكره إسناده ضعيف.

هلال بن خباب وثقه ابن معين وابن القطان وأحمد وترجم له ابن حبان في المجروحين فقال هلال بن خباب أبو العلاء العبدي اختلط في آخر عمره فكان يحدث بالشيء على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وأمَّا فيما وافق الثقات فإن احتج به محتج أرجو أن لا يجرح في فعله ذلك. وقال يعقوب بن سفيان ثقة إلا أنَّه تغير عمل فيه السن وقال يحيى بن سعيد القطان أتيت هلال بن خباب وكان قد تغير قبل موته وقال الساجي والعقيلي في حديثه وهم وتغير بآخره وقال الحاكم أبو أحمد تغير بآخره.

ولا أعلم هل رواية مسعر بن كدام وثابت بن يزيد عنه قبل الاختلاط أو بعده؟. فالذي يظهر لي ضعف الحديث لتفرد أبي العلاء هلال بن خباب به والله أعلم.

وهذه الرواية هي المحفوظة من رواية مسعر عن أبي العلاء. قال الدارقطني في علله (4075) المحفوظ: عن مسعر، عن أبي العلاء، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ رضي الله عنها. كذلك قال وكيع، وابن المبارك، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبيد الله بن موسى، وأبو نعيم، عن مسعر. وكذلك رواه قيس بن الربيع، وفضيل بن منبوذ، عن هلال بن خباب. وهو الصحيح.

تنبيه: وقع تصحيف في إسناد الحاكم في نسختي من المستدرك.

2: سفيان بن عيينة: رواه إسحاق بن راهويه (2101) أخبرنا سفيان، عن مسعر، عن من، حدثه، والفاكهي في أخبار مكة (2515) حدثنا محمد بن أبي عمر قال: ثنا سفيان، عن مسعر، عن رجل والطبراني في الكبير (24/ 411) حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، ثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان، عن مسعر، عن رجل، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 257) أخبرنا أبو الحسن بن علي السقاء أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان، قال: حدثنا محمد بن أحمد الهروي، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن مسعر عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت: فذكره إسناده ضعيف.

المبهم يحتمل أنَّه أبو العلاء هلال بن خباب وهذه الرواية أقوى لجلالة قدر إسحاق وتابعه محمد بن أبي عمر العدني وخالفهما علي بن حرب فسمى المبهم. ويبقى تفرد أبي العلاء في الحديث.

قال الدارقطني في علله (4075): رواه علي بن حرب، عن ابن عيينة، عن مسعر، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ رضي الله عنها، ووهم فيه.

وأبو الحسن السقاء هو علي بن محمَّد بن علي الإسفراييني. وأبو سهل هو أحمد بن محمد بن زياد القطان وأحمد بن محمَّد الهروي هو أبو سعد الماليني.

3: أبو نعيم في الحلية (7/ 268) حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسن الصوفي، ثنا أبو كريب، ثنا أبو معاوية، عن مسعر، عن واصل، عن ابن العلاء، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ رضي الله عنها، قالت: فكره إسناده ضعيف.

أحمد الصوفي هل هو الكبير ابن الحسين أو الصغير ابن الحسن؟ وكلاهما ثقة مترجم لهما في سير أعلام النبلاء.

وهذه الرواية مع ضعف إسنادها فهي شاذة وأشار أبو نعيم إلى شذوذها بقوله: تفرد به أبو كريب، عن أبي معاوية بإدخال واصل بينهما، ورواه أحمد بن حنبل، في آخرين، عن أبي معاوية، عن مسعر، ولم يذكر واصلًا.

عبد الله بن محمد بن جعفر هو الحافظ أبو الشيخ الأصبهاني وأبو كريب هو محمد بن العلا وواصل هو ابن حيان الأحدب.

تنبيه: هكذا في نسختي من الحلية (ابن العلاء) والصواب أبو العلا.

الرواية الثانية: رواية ثابت بن يزيد البصري: رواه أحمد (26355) حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا ثابت بن يزيد أبو زيد، وابن المنذر في الأوسط (2561) حدثنا عباس بن محمد الدوري، قال: ثنا أبو النعمان عارم قال: ثنا ثابت بن يزيد أبو زيد حدثنا هلال يعني ابن خباب قال: نزلت أنا ومجاهد على يحيى بن جعدة ابن أم هانئ، فحدثنا عن أم هانئ رضي الله عنها قالت:«أنا أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، وأنا على عريشي هذا، وهو عند الكعبة» إسناده ضعيف.

عبد الصمد هو ابن عبد الوارث.

الرواية الثالثة: رواية قيس بن الربيع: رواه الطبراني في الكبير (24/ 411) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا يحيى الحماني، ثنا قيس بن الربيع والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 344) حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن هلال بن خباب عن يحيى بن جعدة، عن جدته أم هانئ، رضي الله عنها قالت:«كنت أسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، وأنا نائمة على عريشي وهو يصلي يرجع بالقرآن» إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

أبو زكريا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّانِيُّ ضعيف قال ابن حجر: حافظ إلا أنَّهم اتهموه بسرقة الحديث وهو متابع لأسد بن موسى.

قيس بن الربيع في حفظه شيء توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

قوله: «يرجع بالقرآن» منكر.

وربيع المؤذن هو ابن سليمان صاحب الشافعي.

ص: 643

الحديث التاسع: حديث أم سلمة رضي الله عنها.

عن أم سلمة رضي الله عنها، أنَّها سُئِلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلاته، فقالت:«ما لكم وصلاته؟ كان يصلي وينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى، حتى يصبح، ونعتت قراءته، فإذا هي تنعت قراءته حرفًا حرفًا»

(1)

.

الحديث العاشر: حديث علي رضي الله عنه

عن علي رضي الله عنه: «أنَّ رسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العشاء وبعدها، يغلط أصحابه وهم يصلون»

(2)

.

الحديث الحادي عشر: حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.

عن معاذ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، وَتَسْمَعُ لِقِرَاءَتِهِ، وَإِنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَجِيرَانَهُ مَعَهُ فِي مَسْكَنِهِ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَيَسْتَمِعُونَ قِرَاءَتَهُ، وَإِنَّهُ لَيَطْرُدُ بِجِهْرِ قِرَاءَتِهِ عَنْ دَارِهِ، وَعَنِ الدُّورِ الَّتِي حَوْلَهُ فُسَّاقَ الْجِنِّ، وَمَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ

»

(3)

.

(1)

انظر: (ص: 607).

(2)

رواه أحمد (665) حدثنا خلف، حدثنا خالد، وأبو عبيد في فضائل القرآن ص: ص: (169) حدثنا مالك بن إسماعيل، عن خالد بن عبد الله وأبو يعلى (497) حدثنا وهب بن بقية الواسطي، حدثنا خالد عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه فذكره إسناده ضعيف جدًا.

الحارث بن عبد الله الأعور ضعفه شديد. وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي مدلس وعنعن ولم يسمع من الحارث الأعور سوى أربعة أحاديث. وهو مختلط ولم يُذْكَر مطرفٌ ممن رووا عنه قبل الاختلاط.

وخالد هو الطحان ومطرف هو ابن طريف.

تنبيه: وقع في إسناد أحمد في نسختي دار إحياء التراث تصحيف.

(3)

رواه البزار (2655) حدثنا سلمة بن شبيب، قال: أخبرنا بسطام بن خالد الحراني، قال: أخبرنا نصر بن عبد الله أبو الفتح، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، وَتَسْمَعُ لِقِرَاءَتِهِ، وَإِنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَجِيرَانَهُ مَعَهُ فِي مَسْكَنِهِ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَيَسْتَمِعُونَ قِرَاءَتَهُ، وَإِنَّهُ لَيَطْرُدُ بِجِهْرِ قِرَاءَتِهِ عَنْ دَارِهِ، وَعَنِ الدُّورِ الَّتِي حَوْلَهُ فُسَّاقَ الْجِنِّ، وَمَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ خَيْمَةٌ مِنْ نُورٍ يَقْتَدِي بِهَا أَهْلُ السَّمَاءِ كَمَا يَقْتَدُونَ بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ، وَفِي الْأَرْضِ الْقَفْرِ فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ رُفِعَتْ تِلْكَ الْخَيْمَةُ فَيَنْظُرُ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاءِ فَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فَتَنْعَاهُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ فَتُصَلِّي الْمَلَائِكَةُ عَلَى رُوحِهِ فِي الْأَرْوَاحِ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْمَلَائِكَةُ الْحَافِظَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا مَعَهُ، ثُمَّ تَسْتَغْفِرُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ، ثُمَّ صَلَّى سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا أَوْصَتْ بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَنْ تُنَبِّهَهُ لِسَاعَتِهِ، وَأَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ خَفِيفَةً، وَإِذَا مَاتَ وَكَانَ أَهْلُهُ فِي جِهَازِهِ يَجِيءُ الْقُرْآنُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ جَمِيلَةٍ وَاقِفًا عِنْدَ رَأْسِهِ حَتَّى يُدْرَجَ فِي أَكْفَانِهِ فَيَكُونَ الْقُرْآنُ عَلَى صَدْرِهِ دُونَ الْكَفَنِ، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَسُوِّيَ عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَتَاهُ مُنْكَرٌ، وَنَكِيرٌ فَيُجْلِسَانِهِ فِي قَبْرِهِ يَجِيءُ الْقُرْآنُ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَيَقُولَانِ لَهُ: إِلَيْكَ حَتَّى نَسْأَلَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِنَّهُ لَصَاحِبِي، وَخَلِيلِي وَلَسْتُ أَخْذُلُهُ عَلَى حَالٍ فَإِنْ كُنْتُمَا أُمِرْتُمَا بِشَيْءٍ فَامْضِيَا لِمَا أُمِرْتُمَا، وَدَعَانِي مَكَانِي فَإِنِّي لَسْتُ أُفَارِقُهُ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ الْقُرْآنُ إِلَى صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: اسْكُنْ فَإِنَّكَ سَتَجِدُنِي مِنَ الْجِيرَانِ جَارَ صَدْقٍ وَمِنَ الْأَخِلَّاءِ خَلِيلَ صَدْقٍ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ صَاحِبَ صَدْقٍ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَيَقُولُ: أَنَا الْقُرْآنُ الَّذِي كُنْتَ تَجْهَرُ بِي، وَتُخْفِينِي، وَكُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَنَا حَبِيبُكَ فَمَنْ أَحْبَبْتُهُ أَحَبَّهُ اللَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ بَعْدَ مَسْأَلَةِ مُنْكَرٍ، وَنَكِيرٍ مِنْ غَمٍّ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حَزَنٍ، فَيَسْأَلَهُ مُنْكَرٌ، وَنَكِيرٌ، وَيَصْعَدَانِ، وَيَبْقَى هُوَ وَالْقُرْآنُ، فَيَقُولُ: لَأُفْرِشَنَّكَ فِرَاشًا لَيِّنًا، وَلَأُدَثِّرَنَّكَ دِثَارًا حَسَنًا جَمِيلًا جَزَاءً لَكَ بِمَا أَسْهَرْتَ لَيْلَكَ، وَأَنْصَبْتَ نَهَارَكَ، قَالَ، فَيَصْعَدُ الْقُرْآنُ إِلَى السَّمَاءِ أَسْرَعَ مِنَ الطَّرْفِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ ذَلِكَ لَهُ فَيُعْطِيهِ اللَّهُ ذَلِكَ، فَيَنْزِلُ بِهِ أَلْفُ أَلْفٍ مِنْ مُقَرَّبِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَيَجِيئُهُ الْقُرْآنُ، وَيَقُولُ: هَلِ اسْتَوْحَشْتَ؟ مَا زِلْتُ مُذْ فَارَقْتُكَ أَنْ كَلَّمْتُ اللَّهَ تبارك وتعالى حَتَّى أَخْرَجْتُ لَكَ مِنْهُ فِرَاشًا، وَدِثَارًا، وَمِصْبَاحًا وَقَدْ جِئْتُكَ بِهِ فَقُمْ حَتَّى تُفْرِشَكَ الْمَلَائِكَةُ، قَالَ: فَتُنْهِضُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنْهَاضًا لَطِيفًا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِ مِائَةِ عَامٍ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ فِرَاشٌ بِطَانَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ أَخْضَرَ حَشْوُهُ الْمِسْكُ الْأَذْخَرُ، وَيُوضَعُ لَهُ مُرَافَقٌ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ مِنَ السُّنْدُسِ، وَالْإِسْتَبْرَقِ، وُيُسْرَجُ لَهُ سِرَاجَانِ مِنْ نُورِ الْجَنَّةِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ يُزْهِرَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ تُضْجِعُهُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِيَاسَمِينَ مِنْ يَاسَمِينِ الْجَنَّةِ، وَيُصْعَدُ عَنْهُ، وَيَبْقَى هُوَ وَالْقُرْآنُ فَيَأْخُذُ الْقُرْآنُ الْيَاسَمِينَ فَيَضَعُهُ عَلَى أَنْفِهِ غَضًّا فَيَسْتَنْشِقُهُ حَتَّى يُبْعَثَ، وَيَرْجِعُ الْقُرْآنُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُخْبِرُهُ بِخَبَرِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيَتَعَاهَدُهُ كَمَا يَتَعَاهَدُ الْوَالِدُ الشَّفِيقُ وَلَدَهُ بِالْخَبَرِ فَإِنْ تَعَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ الْقُرْآنَ بَشَّرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَقِبُهُ عَقِبَ السُّوءِ دَعَا لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِقْبَالِ» أو كما ذكر مرسل أو معضل إسناده ضعيف جدًا.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ولم يسمع خالد بن معدان من معاذ رضي الله عنه وإنَّما ذكرناه لأنَّا لم نحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا من هذا الوجه فلذلك ذكرناه.

رواية خالد بن معدان عن معاذ رضي الله عنه مرسلة تقدم قول البزار وقال أبو حاتم: خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرسل لم يسمع منه وربما كان بينهما اثنان.

وقال المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 488) في إسناده من لا يعرف حاله وفي متنه غرابة كثيرة بل نكارة ظاهرة وقد تكلم فيه العقيلي وغيره ورواه ابن أبي الدنيا وغيره عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه موقوفًا عليه ولعله أشبه. قال أبو عبد الرحمن: أثر عبادة رضي الله عنه ضعفه شديد ويأتي قريبًا.

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 19): وفيه مع انقطاعه نصر بن عبد الله: ما عرفته، وبقية رجاله ثقات. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 254) فيه من لم أجد من ترجمه وحكم عليه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (367) بالوضع وقال في الضعيفة (14/ 734): بسطام الحراني وشيخه نصر؛ فإنِّي لم أجد لهما ترجمة.

ص: 645

الحديث الثاني عشر: حديث أبي سعيد وابن عمر والبياضي وجابر وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم.

اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستور وقال:«أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ» - أو قال: «فِي الصَّلَاةِ»

(1)

.

(1)

القصة جاءت من:

1: حديث أبي سعيد. 2: حديث ابن عمر. 3: حديث البياضي. 4: حديث جابر. 5: حديث أبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهم.

1: حديث أبي سعيد رضي الله عنه: رواه عبد الرزاق (4216) أخبرنا معمر وأحمد (11486) حدثنا عبد الرزاق وعبد بن حميد - المنتخب (881) أنا عبد الرزاق وأبو داود (1332) حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق والنسائي في الكبرى (8092) أخبرنا محمد بن رافع قال ثنا عبد الرزاق وابن خزيمة (1162) نا محمد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر، قالا: ثنا عبد الرزاق والحاكم (1/ 310) أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فذكره وإسناده صحيح.

والحديث صحيحه ابن خزيمة والحاكم وابن عبد البر في التمهيد (23/ 319) وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 14) وصحح إسناده النووي في الخلاصة (1242).

2: حديث ابن عمر رضي الله عنهما:

الحديث رواه صدقة بن يسار الجزري المكي عن ابن عمر رضي الله عنهما ورواه عن صدقة:

1: معمر بن راشد. 2: ابن أبي ليلى.

الرواية الأولى: رواية معمر: رواه أحمد (4909) حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن معمر، عن صدقة المكي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف وخطب الناس فقال:«أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَعْلَمْ أَحَدُكُمْ مَا يُنَاجِي رَبَّهُ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ» رواته ثقات.

ورواه الطبرني في الكبير (12/ 428) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا إبراهيم بن خالد، به.

قال أبو الحسن الميموني: - تهذيب الكمال (3/ 450) - رأيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يستحسن حديث صدقة بن يسار: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف، وخطب الناس فقال: إنَّ أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنَّما يناجي ربه» .

إبراهيم بن خالد هو الصنعاني ورباح هو ابن زيد الصنعاني.

الرواية الثانية: رواية ابن أبي ليلى: رواه ابن أبي شيبة (2/ 488) حدثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى وأحمد (6092) حدثنا عبيدة، حدثنا محمد بن عبد الرحمن ح (5326) حدثنا عتاب، حدثنا أبو حمزة يعني السكري، عن ابن أبي ليلى والبزار (6148) حدثنا عقبة بن مكرم ومحمد بن معمر، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا ابن أبي ليلى وابن خزيمة (2237) حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا مالك بن سعير، حدثنا ابن أبي ليلى عن صدقة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره إسناده ضعيف.

ابن أبي ليلى ضعيف من جهة حفظه قال البيهقي: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وإن كان في الفقه كبيرًا فهو ضعيف في الرواية، لسوء حفظه وكثرة أخطائه في الأسانيد والمتون، ومخالفته الحفاظ فيها، والله يغفر لنا وله. وهو متابع في هذه الرواية.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى إلا، عن ابن عمر رضي الله عنه، ولا نعلم له طريقا، عن ابن عمر رضي الله عنه إلا هذا الطريق.

عبيدة هو ابن حميد الليثي وعتاب هو ابن زياد.

3: حديث البياضي رضي الله عنه: الحديث مداره على محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي واضطرب في إسناده فرواه عنه:

1: يحي بن سعيد الأنصاري. 2: يزيد بن عبد الله بن الهاد. 3: محمد بن إسحاق. 4: عبد ربه بن سعيد.

الرواية الأولى: رواية يحيى بن سعيد: اختلف عليه فيه فرواه:

1: مالك (1/ 80) عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي حازم التمار، عن البياضي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون. وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال:«إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» رواته ثقات.

محمد بن إبراهيم بن الحارث وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن خراش وابن سعد وقال أحمد في حديثه شيء يروي أحاديث مناكير أو منكرة. وقال ابن حجر: ثقة له أفراد.

وأبو حازم التمار وثقه أبو داود. وبقية رواته ثقات.

والحديث رواه الجماعة عن مالك فرواه أحمد (18543) قرأت على عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك به وأبو عبيد في فضائل القرآن ص:(168) حدثنا إسحاق بن عيسى، عن مالك بن أنس، به والنسائي في الكبرى (3364)(8091) أنبأ محمد بن سلمة قال أنبأ بن القاسم عن مالك به ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (131) حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا روح بن عبادة، قال: ثنا مالك به والبخاري في خلق أفعال العباد ص: (111) حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا مالك به وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7140) حدثنا محمد بن بدر، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا مالك بن أنس به.

2: عبد الرزاق (4217) عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد والنسائي في الكبرى (3365) أنبأ سويد بن نصر قال أنبأ عبد الله وهو بن المبارك عن يحيى بن سعيد ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (130) حدثنا الحسن بن عيسى، أنا ابن المبارك، أنا يحيى بن سعيد والنسائي في الكبرى (3366) أنبأ قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن يحيى والنسائي في الكبرى (3367) أنبأ أحمد بن سليمان قال ثنا يزيد قال أنبأ يحيى وابن عبد البر في التمهيد (23/ 317) بإسناده عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي حازم مرسل رواته ثقات.

3: النسائي في الكبرى (3368) أنبأ حسين بن منصور قال ثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا يحيى عن محمد بن إبراهيم عن رجل من قومه إسناده ضعيف للمبهم.

4: ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2006) حدثنا يعقوب بن حميد، ثنا ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم، عن أبي عمرة الأنصاري، رضي الله عنه رواته محتج بهم.

يعقوب بن حميد بن كاسب توسط فيه الحافظ فقال صدوق ربما وهم فهذه الرواية شاذة والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية محمد بن إسحاق: رواه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 245) حدثنا يونس قال حدثنا ابن إسحاق ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (132) حدثنا إسحاق، أنا عبدة بن سليمان، ثنا محمد بن إسحاق، ح (135) حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، ثنا عمي، ثنا أبي، عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني بياضة رواته محتج بهم.

محمد بن إسحاق صدوق ولم يصرح بالسماع. عم عبيد الله بن سعد هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد حفيد عبد الرحمن بن عوف.

الرواية الثالثة: رواية يزيد بن عبد الله بن الهاد: واختلف عليه فرواه عنه:

1: الليث بن سعد: واختلف عليه فيه فرواه:

1): النسائي في الكبرى (3362) أنبأ محمد بن عبد الله عن شعيب قال حدثنا الليث قال أنبأ بن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن أبي حازم أنَّه حدثه هذا الحديث البياضي رضي الله عنه رواته ثقات.

وتابع ابنَ الهاد الوليدُ بن كثير. معرفة الصحابة لأبي نعيم (7140).

محمد بن عبد الله هو ابن عبد الحكم المصري وشعيب هو ابن الليث بن سعد.

2): النسائي في الكبرى (3360) أنبأ قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر يعني بن مضر عن ابن الهادي ح (3361) أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث قال أنبأ بن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن رجل من الأنصار من بني بياضة وابن عبد البر في التمهيد (23/ 317) بإسناده عن يحيى بن بكير حدثنا الليث حدثنا ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني بياضة من الأنصار رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رواته ثقات.

وتوقف أبو حاتم في الترجيح بين الروايتين فقال في علل ابنه (367)(552) - بعد ذكرهما - لولا أنَّ ابن الهاد جمع الحديثين، لكنَّا نحكم لهؤلاء الذين يروونه.

2: عبد العزيز بن محمد الدراوردي: واختلف عليه فيه فرواه:

1): ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2007) حدثنا يعقوب بن حميد، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسار، عن أبي حازم، مولى الغفاريين عن رجل، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني بياضة رواته محتج بهم.

تقدم أنَّ يعقوب بن حميد بن كاسب صدوق ربما وهم.

قال ابن حجر في التهذيب: أبو حازم اثنان أحدهما مولى بني بياضة ومولى الأنصار وأبو حازم مولى الغفاريين هو التمار فيحتمل أن يكونا جميعًا رويا هذا الحديث ويحتمل أن يكون بعض الرواة وهم في قوله مولى بني غفار والله تعالى أعلم.

2): محمد بن يحيى بن أبي عمر: - إتحاف الخيرة المهرة (1419/ 2) - ثنا الدراوردي، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني بياضة رواته ثقات.

عبد العزيز بن محمد الداروردي تارة يذكر أبا حازم التمار وتارة لا يذكره. قال أحمد بن حنبل: كان معروفًا بالطلب وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ.

3: يحيى بن أيوب وابن لهيعة: رواه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 318) بإسناده عن يحيى بن أيوب وابن لهيعة قالا حدثنا ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني بياضة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرواية الرابعة: رواية عبد ربه بن سعيد الأنصاري: رواه ابن الجعد: (175) حدثنا علي بن مسلم، نا أبو داود، نا شعبة، أنا عبد ربه بن سعيد قال: سمعت محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن رجل من بني بياضة.

أبو داود هو الطيالسي.

ح حدثنا عبد الله بن أحمد، نا أبي، نا غندر، نا شعبة قال: سمعت عبد ربه، يحدث عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن رجل من بني بياضة.

في هذه الرواية ذكر أبا حازم بخلاف التي قبلها.

ح حدثنا خلاد، نا النضر، نا شعبة، نا عبد ربه، عن محمد بن إبراهيم، عن رجل من بني بياضة.

في هذه الرواية محمد بن إبراهيم عن الرجل من بني بياضة من غير ذكر الواسطة أبا حازم أو أبا سلمة.

قال: شعبة سمعت عبد ربه، يحدث عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم قال شعبة: ثم قال عبد ربه بعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن رجل من بني بياضة.

فهذا الاضطراب هل هو من محمد بن إبراهيم التيمي أو من عبد ربه بن سعيد أو منهما الله أعلم.

وضعف إسناده الألباني في الضعيفة (1597) وقال اضطراب عبد ربه بن سعيد في إسناده على هذه الوجوه الأربعة

اضطراب شديد يدل على أن الراوي لم يضبط الحديث.

فالحديث مداره محمد بن إبراهيم بن الحارث واضطرب في إسناده على الوجوه السابقة فالظاهر أنَّ هذا من مناكيره والله أعلم.

تنبيه: رواه النسائي في الكبرى (3363) أنبأ محمود بن غيلان قال حدثنا أبو داود قال أنبأ شعبة من بني بياضة من الأنصار.

قوله: شعبة من بني بياضة. لم أقف عليه فإن لم يكن في السند تصحيف ففيه انقطاع ظاهر والله أعلم.

4: حديث جابر رضي الله عنه: رواه الطبراني في الأوسط (2362) حدثنا إبراهيم قال: نا أبي قال: نا عنبسة بن عبد الواحد والحارث بن أبي أسامة - المطالب العالية (618) - حدثنا محمد بن بكار ثنا عنبسة بن عبد الواحد وابن عدي (6/ 166) حدثنا نصر بن القاسم ثنا محمد بن بكار حدثنا عنبسة بن عبد الواحد عن محمد بن يعقوب، عن أبي النضر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:«خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة رمضان والناس يصلون، فقال: «لَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُصَلِّيَ» إسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سالم أبي النضر إلا محمد بن يعقوب، تفرد به عنبسة.

محمد بن يعقوب ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكر له ابن عدي عدة أحاديث منها هذا الحديث وقال: هذا بعض أحاديثه فيه إنكار وليس حديثه إلا القليل. وقال الذهبي: له مناكير. فالظاهر أنَّ هذا من مناكيره لتفرده به والله أعلم.

وسالم بن أبي أمية أبو النضر قال ابن حجر: ثقة ثبت وكان يرسل من الخامسة وأهل هذه المرتبة عند ابن حجر الطبقة الصغرى من التابعين الذين رووا الواحد والاثنين من الصحابة رضي الله عنهم ولم يثبت لبعضهم سماع منهم. فلا أدري أسمعه من جابر رضي الله عنه أم لا؟.

5: حديث أبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهما: رواه الطبراني في المعجم الأوسط (4620) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري قال: نا إسماعيل بن أبى أويس قال: حدثني أبي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه اطَّلَع من بيته، والناس يصلون يجهرون بالقراءة، فقال لهم:«إِنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ، فَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» إسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن عمرو إلا أبو أويس، تفرد به: ابنه إسماعيل.

عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز العمري: ضعَّفه الدارقطني وقال الذهبي: كذبه النسائي. وإسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه. وتوسط في أبيه فقال: صدوق يهم. وكذلك أيضًا في محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص فقال: صدوق له أوهام.

وتقدم الحديث عن إسماعيل بن أمية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 647

الحديث الثالث عشر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يخفض طورًا، ويرفع طورًا»

(1)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 366) حدثنا حفص والبزار (9663) حدثنا هشام بن يونس الكوفي، حدثنا حفص بن غياث وابن خزيمة (1159) نا علي بن خشرم، أخبرنا عيسى يعني ابن يونس، ح وثنا يوسف بن موسى، نا عبد الله بن نمير الهمداني جميعًا عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه وابن المنذر في الأوسط (2564) حدثنا إسماعيل بن قتيبة، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا حفص بن غياث، حدثنا عمران بن زائدة بن نشيط، عن أبيه وابن الأعرابي في معجمه (1280) نا جعفر، نا عفان، نا عبد الله بن المبارك، وأبو نعيم في الحلية (8/ 185) حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن غالب بن حرب، ثنا حبان بن مسلم، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا عمران بن زائدة بن نشيط، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: فذكره إسناده ضعيف.

عمران بن زائدة بن نَشِيط وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان في ثقاته. وأبوه زائدة ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه الذهبي في الكاشف وقال ابن حجر مقبول. وأبو خالد الوالِبي ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الذهبي في الكاشف صدوق وقال ابن حجر مقبول. فتفردهم بالحديث يدل على ضعفه والله أعلم.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا بهذا الإسناد، ورواه غير واحد، عن عمران. وقال أبو نعيم: غريب من حديث زائدة لم يروه عنه إلا ابنه.

(يخفض طورًا، ويرفع طورًا) طورًا منصوب على المصدرية من غير لفظة فعله. ومعناه: يرفع صوته بالقراءة مرةً ويخفضه مرةً أخرى.

انظر: نخب الأفكار (5/ 434).

ص: 651

الحديث الرابع عشر: مرسل الزهري وسعد بن إبراهيم

ما يروى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن حذافة رضي الله عنه: «لَا تُسْمِعْنِي يَا حُذَافَةُ، وَأَسْمَعِ اللَّهَ تَعَالَى»

(1)

.

(1)

الحديث رواه:

1: محمد بن مسلم الزهري. 2: سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

الرواية الأولى: رواية الزهري: اختلف عليه فرواه:

1: عبد الرزاق (4207) عن معمر، عن الزهري قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن حذافة وهو يصلي، فجهر بصوته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا تُسْمِعْنِي يَا حُذَافَةُ، وَأَسْمَعِ اللَّهَ تَعَالَى» معضل رواته ثقات.

سئل أحمد من أثبت في الزهري قال معمر قيل فيونس قال روى أحاديث منكرة وقال علي ابن المديني أثبت الناس في الزهري ابن عيينة وزياد بن سعد ثم مالك ومعمر ويونس من كتابه.

تنبيه: قوله (يا حذافة) هكذا في نسختي.

2: ابن سعد في الطبقات (4/ 145) أخبرنا عثمان بن عمر البصري قال: أخبرنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة أنَّ عبد الله بن حذافة رضي الله عنه قام يصلي فجهر بالقراءة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَا أَبَا حُذَافَةَ لَا تُسْمِعْنِي وَسَمِّعِ اللَّهَ» مرسل إسناده ضعيف.

يونس بن يزيد الأيلي ثقة لكن حديثه عن الزهري فيه بعض النكارة قال أحمد: يونس روى عن الزهري أحاديث منكرة. ولم يتفرد به فتابعه عقيلُ بن خالد - انظر: علل الدارقطني (1388) - ولم أقف عليه.

والظاهر أنَّ أبا سلمة لم يدرك عبد الله بن حذافة رضي الله عنه فوفاته في خلافة عثمان رضي الله عنه وأبو سلمة من الطبقة الوسطى من التابعين.

ورجح الدارقطني هذه الرواية فقال: القول قول عقيل، ويونس.

3: أحمد (8127) حدثنا وهب بن جرير والبزار (7906) حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (118) - حدثنا أبو جعفر الدارمي، ثنا وهب بن جرير

والبيهقي (2/ 162) أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أخبرنا أبو جعفر: محمد بن عمرو الرزاز حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، يحدث عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه قام يصلي، فجهر بصلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يَا ابْنَ حُذَافَةَ، لَا تُسْمِعْنِي وَأَسْمِعْ رَبَّكَ عز وجل» إسناده ضعيف.

النعمان بن راشد ضعيف في حفظه، قال الإمام أحمد: روى أحاديث مناكير مضطرب الحديث، وقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ وقال ابن خزيمة في القلب من النعمان بن راشد فإنَّ في حديثه عن الزهري تخليط كثير. قال أبو عبد الرحمن وهذا منه. لكنَّه لم يتفرد به فتابعه الزبيديُ - انظر: علل الدارقطني (1388) - ولم أقف عليه.

4: جعفر بن ربيعة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن حذافة رضي الله عنه. - علل الدارقطني (1388) - مرسلًا.

الرواية الثانية: رواية سعد بن إبراهيم: واختلف عليه فرواه:

1: أبوعبيد في فضائل القرآن ص: (169) حدثنا إبراهيم بن سعد، وابن أبي خيثمة - الأحكام الوسطى (2/ 70) - قال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه، سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة يقرأ في المسجد، يجهر بقراءته في صلاة النهار، فقال:«يَا ابْنَ حُذَافَةَ، سَمِّعِ اللَّهَ وَلَا تُسْمِعْنَا» مرسل رواته ثقات.

وكأن ابن حجر يميل لترجيح هذه الرواية فقال في نتائج الأفكار (2/ 13) النعمان صدوق، وفي حديثه عن الزهري مقال وقد رواه سعد بن إبراهيم عن أبى سلمة فأرسله.

تنبيه: قوله: «صلاة النهار» لم أقف عليها في رواية الزهري.

2: قال الدارقطني في علله (1388): رواه إسماعيل بن بكير وهو ضعيف، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يصح.

فالحديث مضطرب وأصح طرقه معضل الزهري ومرسل سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة والله أعلم.

ص: 652

‌ثانيًا: آثار الصحابة رضي الله عنهم

-.

الأول: أثر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

(1)

.

الثاني: أثر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

سئل علقمة: كيف كانت قراءة عبد الله رضي الله عنه بالليل؟ وكان يبيت عنده قال: «كان يسمع آل عتبة أخيه، وهم في حجرة بين يديه»

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 640).

(2)

رواه عبد الرزاق (4212) عن منصور، عن إبراهيم وابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: سألنا علقمة: كيف كانت قراءة عبد الله رضي الله عنه بالليل؟ فذكره إسناده صحيح.

جرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي وعلقمة هو ابن قيس النخعي.

ورواه عبد الرزاق (4213) عن الثوري، عن الأعمش، وابن أبي شيبة (1/ 366) وأبو عبيد في فضائل القرآن ص:(172) قالا حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة:«أنَّ عبد الله رضي الله عنه، كان يسمع قراءته أهل الدار من الليل» رواته ثقات.

أبو معاوية هو محمد بن خازم.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 366) حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن علقمة، قال:«صليت مع عبد الله رضي الله عنه ليلة كلها، فكان يرفع صوته، يقرأ قراءة يسمع أهل المسجد، يرتل ولا يرجع» إسناده ضعيف.

قال ابن سعد: أبو بكر بن عياش كان ثقة صدوقًا عارفًا بالحديث والعلم إلا أنَّه كثير الغلط. قال أبو عبد الرحمن: وهو متابع للثقات في رفع الصوت بالقراءة لا في صفتها. وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي لم يسمع من علقمة ومختلط فلا أدري هل رواية أبي بكر بن عياش عنه قبل الاختلاط أو بعده؟.

ورواه الطبري في تفسيره (15/ 125) حدثني مطر بن محمد، قال: ثنا قتيبة، ووهب بن جرير، قالا ثنا شعبة، عن الأشعث بن سليم، عن الأسود بن هلال، وابن أبي شيبة (1/ 366) حدثنا حفص، عن الأعمش، والحسن بن عبيد الله، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال قال: قال عبد الله رضي الله عنه: «لم يخافت من أسمع أذنيه» إسناده صحيح.

قال ابن حبان في الثقات مطر بن محمد بن الضحاك السكري يخطاء ويخالف وبقية رواته ثقات.

تنبيه: قوله ثنا قتيبة: الذي يغلب على ظنِّي أنَّ في السند تصحيفًا فلعل الصواب أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة والله أعلم.

ورواه الطبري في تفسيره (15/ 125) حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الأشعث، عن الأسود بن هلال، عن عبد الله رضي الله عنه، مثله. إسناده صحيح.

ابن بشار هو محمد وعبد الرحمن هو ابن مهدي.

ص: 654

الثالث: أثر معاذ بن جبل رضي الله عنه.

كان رجل يصلي قريبًا من معاذ بن جبل رضي الله عنه يجهر بالقراءة ففقده معاذ رضي الله عنه فقال: «ما فعل الذي يطرد الشيطان، ويوقظ الوسنان؟»

(1)

.

الرابع: أثر عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: «من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته، فإنَّ الملائكة تصلي وتسمع لقراءته، وإنَّ مسلمي الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه الذين يكونون في مسكنه يصلون يقبلون بصلاته، ويستمعون لقراءته، فإنَّه يطرد بجهره قراءته عن داره ومن نزلها فساق الشياطين، ومردة الجن

»

(2)

.

فالسنة الجهر لكل من قام الليل وتحمل أحاديث إسرار النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا وأمره به بعض أصحابه رضي الله عنهم إذا ترتب على الجهر مفسدة كالتشويش على المصلين أو إيقاظ النائم وغير ذلك والله أعلم.

وقال باستحباب الجهر بالقراءة في قيام الليل أبو بكر وعمر وابن مسعود وتميم الداري وروي عن معاذ وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم وقال به عكرمة مولى ابن

(1)

رواه أبو عبيد في فضائل ص: (172) حدثنا يزيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عمن حدثه، أنَّ رجلًا كان يصلي قريبًا من معاذ بن جبل رضي الله عنه فذكره إسناده ضعيف.

رواته ثقات عدا المبهم.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا أبو خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: (كان رجل إذا قرأ جهر بقراءته، ففقده معاذ رضي الله عنه، فقال:«أين الذي كان يوقظ الوسنان؟ ويزجر، أو يطرد، الشيطان» رواته محتج بهم.

أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر صدوق وبقية رواته ثقات لكنَّه منقطع بينته رواية أبي عبيد.

(2)

رواه العقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 38) حدثناه محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا المقرئ، ح وحدثناه إبراهيم بن محمد قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: حدثنا داود أبو بحر الطفاوي، عن مسلم بن أبي مسلم، عن مورق العجلي، عن عبيد بن عمير الليثي، أنَّه سمع عبادة بن الصامت رضي الله عنه، يقول: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

ذكر الحديث العقيلي في ترجمة داود الطفاوي فقال: حديثه باطل لا أصل له. حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود الطفاوي الذي روى عنه المقرئ حديث القرآن، ليس بشيء. وقال العقيلي: هذا حديث باطل.

والحديث تقدم مرفوعًا من حديث معاذ رضي الله عنه وهو حديث منكر.

ص: 655

عباس وسعد بن معبد - مولى علي رضي الله عنه من تابعي الكوفة -

(1)

والحسن البصري

(2)

ومعاذ القارئ وأفلح مولى أبي أيوب وأبو بكر بن عمرو بن حزم وعمرة بنت عبد الرحمن

(3)

وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود

(4)

ومحمد بن سيرين

(5)

وحكيم بن عِقَال - من تابعي البصرة -

(6)

وإبراهيم بن يزيد النخعي

(7)

وروي عن خالد بن

(1)

رواه عبد الرزاق (4214) عن ابن عيينة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة قال:«لك ملء دارك - يعني - في قراءة الليل» إسناده حسن.

ورواه عبد الرزاق (4215) عن ابن عيينة، عن مسعر، عن الحسن بن سعد، عن أبيه مثله رواته ثقات.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا أبو داود الطيالسي، عن أبي حرة، عن الحسن؛ «أنَّه كان يصلي من الليل، فيسمع أهل داره» رواته محتج بهم.

أبو حرة واصل بن عبد الرحمن صدوق لكن يدلس عن الحسن.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن؛ «أنَّه سئل عن الرجل يجهر فيما لا يجهر فيه؟ قال: يسجد سجدتي السهو» إسناده صحيح.

يونس هو ابن عبيد. وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى.

(3)

رواه ابن سعد - متمم الصحابة (339) - أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، عن أبيه قال:«زارتنا عمرة فباتت عندنا، فقمت من الليل، فلم أرفع صوتي بالقراءة، فقالت: يا ابن أخي، ما منعك أن ترفع صوتك بالقراءة؟ فما كان يوقظنا إلا صوت معاذ القارئ وتميم الداري» . قال: وحدثني عن أبيه أنَّه كان يرفع صوته بالقراءة إسناده صحيح.

وهيب هو ابن خالد.

ورواه عبد الرزاق (4211) عن معمر قال: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم وابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا أبو خالد، عن يحيى بن سعيد وأبو عبيد في فضائل القرآن ص:(172) حدثنا يزيد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال: باتت عندي عمرة ابنة عبد الرحمن فقمت أصلي من الليل، فخافت بقراءتي، فقالت:«ارفع صوتك، فقد كان معاذ القارئ، وأفلح مولى أبي أيوب يوقظاننا من الليل برفع أصواتهما» إسناده صحيح.

سعيد بن عبد الرحمن الجمحي صدوق وكذلك أبو خالد سليمان بن حيان، الأحمر وبقية رواته ثقات.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 366) حدثنا شريك، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة، قال:«صلاة الليل، تسمع أذنيك» إسناده حسن.

شريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيرًا وعبد الكريم بن مالك الجزري ثقة.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 364) حدثنا حفص، عن عاصم، قال:«كان ابن سيرين يتطوع فكنَّا نسمع قراءته، فإذا قام إلى الصلاة خفي علينا ما يقرأ» إسناده صحيح.

حفص هو ابن غياث وعاصم هو ابن سليمان الأحول

(6)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 365) حدثنا مخلد بن يزيد، عن ابن جريج وعبد الرزاق (4197) أخبرنا ابن جريج قال: أخبرنا عطاء، عن حكيم بن عِقَال «أنَّه نهى عن رفع الصوت بالقراءة في النهار» وقال:«يرفع بالليل إن شاء» رواته ثقات.

(7)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 364) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:«لا بأس أن يجهر بالنهار في التطوع إذا كان لا يؤذي أحدًا» إسناده صحيح. سفيان هو الثوري.

ص: 656

ثابت الفهمي

(1)

والربيع بن خثيم

(2)

وهو مذهب الأحناف

(3)

والمالكية

(4)

والشافعية

(5)

والحنابلة

(6)

ولم أقف على خلاف في هذه المسألة والله أعلم.

(1)

رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص: (173) حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، قال:«كان ابن أبي الكنود الأزدي يسمع قراءة خالد بن ثابت الفهمي من الليل إذا صلى على ظهر بيته. قال الليث: وكان بين منزليهما ذود في البعد» إسناده ضعيف.

عبد الله بن صالح كاتب الليث قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط، ثبت فى كتابه، و كانت فيه غفلة. وثعلبة بن أبي الكنود ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته.

وخالد بن ثابت الفهمي ترجم له ابن حجر في الإصابة وقال: أمير مصر شيخ الليث. ذكرته في هذا القسم اعتمادًا على ما مضى أنَّهم ما كانوا يؤمرون في الفتوح إلا الصحابة رضي الله عنهم.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (13/ 399) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل «كان ربيع بن خثيم يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعًا خافت» إسناده ضعيف. رواته ثقات عدا المبهم.

(3)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 300) تبيين الحقائق (1/ 327) والبناية (2/ 345) البحر الرائق (1/ 585).

(4)

انظر: شرح التلقين (2/ 816) والتوضيح (1/ 368) ومواهب الجليل والتاج والإكليل (2/ 372، 373) ومنح الجليل (1/ 205).

(5)

انظر: روضة الطالبين (1/ 248) وأسنى المطالب (1/ 156) وتحفة المحتاج (1/ 196) ومغني المحتاج (1/ 320).

(6)

انظر: المغني (1/ 773) والمبدع (1/ 444) والإنصاف (2/ 57) وكشاف القناع (1/ 344).

ص: 657

‌جهر المنفرد والمسبوق في صلاة الفرض الجهرية

إذا صلى المنفرد أو المسبوق المغرب والعشاء والفجر فهل يجهر بالقراءة أو يسر بها؟

أهل العلم لهم في هذه المسألة - في الجملة - قولان: قول بالجهر وقول بالإسرار.

القول الأول: يجب الجهر: مذهب المالكية

(1)

.

الدليل الأول: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(2)

.

الدليل الثاني: عن نافع، أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان «إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام، فيما جهر فيه الإمام بالقراءة» أنَّه إذا سلم الإمام، قام عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «فقرأ لنفسه فيما يقضي، وجهر»

(3)

.

وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب والعشاء والفجر وأمرنا بمتابعته وهكذا فعل الصحابة رضي الله عنهم

(4)

.

الرد: المتابعة قد تكون واجبة وقد تكون مستحبة ومن ذلك الجهر في الصلاة الجهرية لما يأتي أنَّ الواجب القراءة والجهر قدر زائد عنها.

الدليل الثالث: عن معاذ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، وَتَسْمَعُ لِقِرَاءَتِهِ، وَإِنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ الَّذِينَ

(1)

قال ابن عبد البر في الكافي ص: (43، 49) ويجهر فيما يجهر فيه إن كان ليلًا. وكذلك صلاة الصبح والجمعة والإسرار فيما يسر فيه من صلاة النهار

ثم سلم إمامه قام

ثم يقرأ بأم القرآن وسورة ويسر في الظهر والعصر ويجهر في العشاء ....

وقال القاضي عبد الوهاب في التلقين ص: (31) المصلون ثلاثة إمام ومأموم ومنفرد

والذي ينفرد به الإمام والمنفرد وجوب القراءة والجهر بها وسجود السهو وفعل التسليم الواحد.

وانظر: شرح التلقين (2/ 579) وروضة المستبين شرح التلقين (1/ 347).

(2)

رواه البخاري (631).

(3)

رواه مالك (1/ 81) - وعنه عبد الرزاق (3170) - عن نافع، أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان: فذكره وإسناده صحيح.

(4)

انظر: روضة المستبين شرح التلقين (1/ 347).

ص: 658

يَكُونُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَجِيرَانَهُ مَعَهُ فِي مَسْكَنِهِ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَيَسْتَمِعُونَ قِرَاءَتَهُ

».

الدليل الرابع: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: «من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته، فإنَّ الملائكة تصلي وتسمع لقراءته، وإنَّ مسلمي الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه الذين يكونون في مسكنه يصلون يقبلون بصلاته

».

وجه الاستدلال: فيهما الأمر بالجهر بالقراءة.

الرد: الحديث والأثر منكران

(1)

.

الدليل الخامس: القضاء يحكي الأداء فلا يخالفه في الوصف

(2)

.

الرد: تقدم أنَّ الجهر قدر زائد عن القراءة.

الدليل السادس: يسمع أذنيه ويوقظ قلبه لتدبر الكلام وتفهم المعاني ولا يكون ذلك إلا بالجهر

(3)

.

الرد: الخشوع لب الصلاة وعليه الثواب لكنَّه ليس بواجب.

القول الثاني: يكره الجهر: قول للحنابلة

(4)

.

الدليل: قياس المنفرد على المأموم

(5)

.

الرد: قياس مع الفارق فهو غير مأمور بالإنصات

(6)

. ويأتي قياس المنفرد على الإمام.

القول الثالث: يخيير بين الجهر والإسرار: روي عن طاوس بن كيسان

(7)

(1)

انظر: (ص: 645، 655).

(2)

انظر: تبيين الحقائق (1/ 327).

(3)

انظر: التاج والإكليل (2/ 372).

(4)

انظر: الفروع (1/ 424) والإنصاف (2/ 56).

(5)

انظر: الفروع (1/ 424).

(6)

انظر: المبدع (1/ 444).

(7)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا ليث، عن طاووس، قال:«من فاته شيء من صلاة الإمام، فإن شاء جهر، وإن شاء لم يجهر» إسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم ضعيف قال ابن حجر: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

ص: 659

واختلفوا في الأفضل على قولين:

قول: الأفضل الإسرار: قول للحنابلة

(1)

.

الدليل: لأنَّه يراد من الجهر إسماع غيره

(2)

.

الرد: ليست حكمة الجهر مختصة بإسماع غيره فبالجهر ينتفع المصلي وغيره.

قول: الأفضل الجهر: مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنه ونسبه إبراهيم النخعي للتابعين

(3)

وقال به الحسن البصري

(4)

وعمر بن عبد العزيز

(5)

(1)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 56) المنفرد والقائم لقضاء ما فاته مع الإمام، يخير بين الجهر والإخفات، على الصحيح من المذهب، ونقل الأثرم وغيره: يخير، وتركه أفضل قال الناظم: هذا أقوى: وكذا قال الزركشي: هذا المذهب، وقيل: يجهر في غير الجمعة، ذكره في الحاوي وغيره، وعنه يسن الجهر، وقيل: يكره، وقاله القاضي في موضع. قلت [القائل المرداوي]: الذي يظهر أنَّ محل هذا الخلاف في قضاء ما فاته، على القول بأنَّ ما يدركه مع الإمام آخر صلاته، وما يقضيه أولها فأمَّا على القول بأنَّ ما يقضيه آخرها، فإنَّه يسر قولًا واحدًا.

وقال في الاقناع وشرحه كشاف القناع (1/ 343)(ويخير منفرد وقائم لقضاء ما فاته بعد سلام إمامه بين جهر) بالقراءة (وإخفات) بها، لأنَّه يراد منه إسماع غيره ولا استماعه، بخلاف الإمام والمأموم.

وانظر: الفروع (1/ 424) والمبدع (1/ 444).

(2)

انظر: كشاف القناع (1/ 343) ومعونة أولي النهى (2/ 125).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا أبو أسامة، عن مفضل بن مهلهل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:«كانوا يستحبون لمن سبق ببعض الصلاة في الفجر أو المغرب أو العشاء إذا قام يقضي، أن يجهر بالقراءة، كي يعلم من لا يعلم أنَّ القراءة فيما يقضى» إسناده صحيح.

أبو أسامة هو حماد بن أسامة والمغيرة هو ابن مقسم.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا أبو الأحوص، عن عاصم، عن الحسن؛ في الرجل يصلي المغرب وحده، قال:«يسمع قراءته أذنيه» إسناده صحيح.

أبو الأحوص هو سلام بن سليم. وعاصم هو ابن سليمان الأحول.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 364) حدثنا حفص، عن هشام، عن الحسن، قال:«صلاة النهار عجماء، وصلاة الليل تسمع أذنيك» رواته ثقات.

هشام بن حسان القردوسي ثقة لكن في روايته عن الحسن مقال لأنَّه قيل كان يرسل عنه. وحفص هو ابن غياث.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا حفص، عن أبي العميس، قال: قال عمر بن عبد العزيز: «اصنعوا مثل ما صنع الإمام» رواته ثقات.

ح حدثنا أبو أسامة، عن أبي العميس، عن المغيرة بن حكيم، عن عمر بن عبد العزيز؛ نحوه. إسناده صحيح.

أبو أسامة هو حماد بن أسامة وأبو العميس هو عتبة بن عبد الله المسعودي.

ص: 660

وعبيد بن عمير الليثي

(1)

وهو مذهب الأحناف

(2)

والشافعية

(3)

وقول للحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .

(1)

رواه ابن أبي شيبة (1/ 363) حدثنا ابن عيينة، عن عمرو قال:«فاتت عبيد بن عمير ركعة من المغرب، فسمعته يقرأ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]» إسناده صحيح.

ورواه البيهقي (2/ 299) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا موسى بن عامر حدثنا الوليد قال وأخبرنى ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير: «أنَّه فاتته ركعة من المغرب، فلما سلم الإمام قام حتى رفع صوته بالقراءة، فكأنِّى أسمع قراءته:{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} ورواته ثقات.

فرواه سفيان بن عيينة وابن جريج عن عمرو بن دينار الأثرم فجعلاه عن عبيد بن عمير الليثي وهو من كبار تابعي مكة وقاصها.

ورواه عبد الرزاق (3172) عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، «أنَّ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، فاتته ركعة من المغرب الأولى منهن، وأنَّه أخبره رفع صوته بالقراءة في الآخرة الثالثة» قال: «كأنِّي أسمع إلى قوله: {نَارًا تَلَظَّى}» .

ففي رواية عبد الرزاق عن ابن جريج جعله عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ويغلب على ظني أنَّ في السند تصحيفًا والله أعلم.

(2)

قال القدوري في مختصره مع الجوهرة النيرة (1/ 151)(ويجهر بالقراءة في الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن كان إمامًا)

(وإن كان منفردًا فهو مخير إن شاء جهر وأسمع نفسه) قال الزبيدي: والأفضل هو الجهر ليكون الأداء على هيئة الجماعة

ومن فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أمَّ فيها جهر وإن صلى وحده خافت حتمًا ولا يتخير وهو الصحيح؛ لأنَّ الجهر يختص إمَّا بالجماعة حتمًا أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد واحد منهما.

وقال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 587): في السراج الوهاج، ولو سبق رجل يوم الجمعة بركعة، ثم قام لقضاء ما فاته كان بالخيار إن شاء الجهر، وإن شاء خافت كالمنفرد في صلاة الفجر.

وانظر: المحيط البرهاني (1/ 300) وتبيين الحقائق (1/ 327) البناية (2/ 345) والجوهرة النيرة (1/ 151) والدر المختار وحاشية ابن عابدين (2/ 251).

(3)

قال الرملي في نهاية المحتاج (1/ 493) يسن لكل من إمام ومنفرد جهر في صبح وأوليي مغرب وعشاء وإمام في جمعة للاتباع، والإجماع في الإمام، وقيس عليه المنفرد، ويسر كل منهم فيما سوى ذلك، ثم ما تقرر في المؤداة أما الفائتة فالعبرة فيها بوقت القضاء فيجهر من غروب الشمس إلى طلوعها ويسر فيما سوى ذلك، وعلم من ذلك أنَّه لو أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس ثم طلعت أسر في الثانية وإن كانت أداء وهو الأوجه.

وقال النووي في روضة الطالبين (1/ 378) ما يدركه المسبوق أول صلاته، وما يفعله بعد سلام الإمام آخرها، حتى لو أدرك ركعة من المغرب، فإذا قام لإتمام الباقي، يجهر في الثانية ....

وانظر: الحاوي (2/ 149) وأسنى المطالب (1/ 149) ومغني المحتاج (1/ 235).

(4)

انظر: الفروع (1/ 424) والمبدع (1/ 444) والإنصاف (2/ 56) ومعونة أولي النهى (2/ 125).

ص: 661

الدليل الثاني: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بفاتحة الكتاب»

(1)

.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلاثًا غير تمام»

(2)

.

وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب والعشاء والفجر وأمرنا بمتابعته لكن هذه المتابعة على سبيل الندب فالواجب قراءة الفاتحة والجهر قدر زائد عن القراءة فهو صفة لها.

الدليل الرابع: عن معاذ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، وَتَسْمَعُ لِقِرَاءَتِهِ، وَإِنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَجِيرَانَهُ مَعَهُ فِي مَسْكَنِهِ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَيَسْتَمِعُونَ قِرَاءَتَهُ

».

الدليل الخامس: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: «من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته، فإنَّ الملائكة تصلي وتسمع لقراءته، وإنَّ مسلمي الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه الذين يكونون في مسكنه يصلون يقبلون بصلاته، ويستمعون لقراءته

»

(3)

.

وجه الاستدلال: أُمِر من صلى منفردًا أن يجهر بقراءته

(4)

.

الرد: الحديث والأثر منكران.

الدليل السادس: القضاء يحكي الأداء فلا يخالفه في الوصف.

الدليل السابع: الجهر والإسرار صفة للذكر فيستوي حكمه في الجماعة والانفراد قياسًا على جميع الأذكار

(5)

.

(1)

رواه البخاري (789) ومسلم (392).

(2)

رواه مسلم (395). والخداج: النقصان.

(3)

انظر: (ص: 655).

(4)

انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 251).

(5)

انظر: الحاوي (2/ 149).

ص: 662

الدليل الثامن: قياس المنفرد على الإمام لاشتراكهما في الحاجة إلى الجهر لتدبر القراءة بل المنفرد أولى؛ لأنَّه أكثر تدبرًا لها لعدم ارتباط غيره به وقدرته على إطالة القراءة وترديدها للتدبر

(1)

.

الدليل التاسع: المنفرد إمام نفسه فيجهر بالقراءة

(2)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ المنفرد والمسبوق إذا قاما لإتمام صلاته يستحب لهما الجهر في صلاة الفرض الجهرية لما تقدم والله أعلم.

(1)

انظر: الحاوي (2/ 150) وأسنى المطالب (1/ 150).

(2)

انظر: اللباب في شرح الكتاب (1/ 75).

ص: 663

‌الجهر في نفل الليل المطلق والرواتب

القول الأول: الأفضل الجهر: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والحنابلة

(3)

والظاهر أنَّه مذهب محمد بن سيرين

(4)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].

الدليل الثاني: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(5)

الدليل الثالث: أحاديث الجهر بقيام الليل المتقدمة.

وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وأمرنا بمتابعته.

الرد: فرق بين قيام الليل ورواتب الصلاة الجهرية.

الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا وعشرين مرة، أو خمسًا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» .

الدليل الخامس: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:«ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» .

(1)

قال العيني في البناية (2/ 345) التطوع بالليل يخير المتطوع بين الجهر والإخفاء، ولكن الجهر أفضل.

وانظر: المحيط البرهاني (1/ 300) والبحر الرائق (1/ 585) وتبيين الحقائق (1/ 327).

(2)

قال خليل في التوضيح (1/ 368)(ويجوز الإسرار في النوافل ليلًا) أي: والأفضل الجهر.

وانظر: شرح التلقين (2/ 816) والتاج والإكليل (2/ 372) ومواهب الجليل (2/ 373) ومنح الجليل (1/ 205).

(3)

قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 344)(و) المتنفل (ليلًا يراعي المصلحة) فإن كان بحضرته أو قريبًا منه من يتأذى بجهره أسر، وإن كان من ينتفع بجهره جهر.

وانظر: المغني (1/ 773) والمبدع (1/ 444) والإنصاف (2/ 57) ومعونة أولي النهى (2/ 125).

(4)

تقدم (ص: 503) أنَّ ابن سيرين يتطوع بالنهار فيسمع.

(5)

رواه البخاري (631).

ص: 664

وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في راتبة المغرب.

الرد: تقدم أنَّ الحديثين ضعيفان.

الدليل السادس: النوافل يكمل بها الفريضة فتعطى حكمها في الجهر

(1)

.

الرد: كونها تكملة لنقص الفريضة لا تعطى حكمها من كل وجه.

الدليل السابع: الجهر مشروع في الفرائض الليلية فكذلك في رواتبها

(2)

.

الرد: شرع الجهر في الفرض لأجل الجماعة بخلاف السنن الرواتب.

الجواب: تقدم مشروعية الجهر للمنفرد.

القول الثاني: يسر في الرواتب ويجهر في النفل المطلق: مذهب الشافعية

(3)

.

الدليل الأول: أحاديث الجهر في قيام الليل.

وجه الاستدلال: قيام الليل نفل مطلق فكذلك من تنفل نفلًا مطلقًا فيستحب له الجهر بالقراءة.

الدليل الثاني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي راتبة المغرب والعشاء فلو جهر بهما لنقل لنا بإسناد صحيح والله أعلم.

(1)

انظر: فتح القدير (1/ 285).

(2)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 300).

(3)

قال النووي في في روضة الطالبين (1/ 248) نوافل الليل، فقال صاحب التتمة يجهر، وقال القاضي حسين، وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار، وهو الأصح. ويستثنى ما إذا كان عنده مصلون، أو نيام يشوش عليهم فيسر، ويستثنى التراويح، فيجهر فيها. وقال في المجموع (3/ 391) السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا.

تنبيه: اختلف فقهاء الشافعية بالمراد بالتوسط بين الجهر والإسرار: قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (1/ 156)(وفي نوافل الليل المطلقة يتوسط بين الإسرار، والجهر إن لم يشوش على نائم، أو مصلٍ)، أو نحوهما وإلا أسرَّ وخرج بالمطلقة وهي من زيادته غيرها كسنة العشاءين

الجهر أن يسمع من يليه، والإسرار أن يسمع نفسه حيث لا مانع كما مر، والتوسط بينهما قال بعضهم يعرف بالمقايسة بهما كما أشار إليه قوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} الآية [الإسراء: 110] قال الزركشي، والأحسن في تفسيره ما قاله بعض الأشياخ أن يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد في فعله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.

وانظر: تحفة المحتاج (1/ 196) ومغني المحتاج (1/ 320) ونهاية المحتاج (1/ 494).

ص: 665

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ السنة الإسرار في راتبتي المغرب والعشاء فلم أقف على نص صحيح صريح في أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهما ومن جهر فلا حرج فالواجب القراءة والجهر والإسرار قدر زائد عن ذلك وتقدم في آحاديث وآثار قيام الليل أنَّي لم أقف على أحد خالف في الجهر في صلاة القيام.

ص: 666

‌الفصل السابع

الجماعة في صلاة النفل

ص: 667

‌تمهيد

1: صلاة النفل جماعة.

2: فضيلة صلاة النفل جماعة.

3: فضيلة قيام رمضان جماعة.

4: بقية الصلوات التي تسن فيها الجماعة.

5: النفل الذي شرع الانفراد فيه.

6: الأفضل في مكان قيام رمضان.

7: الخلاف في الأفضل في مكان قيام رمضان.

ص: 669

‌صلاة النفل جماعة

‌تحرير محل الخلاف:

الجماعة في النفل نوعان: نوع ثبت بالنص استحباب الجماعة فيه كقيام رمضان فهذا النوع لم يختلف في صلاته جماعة في الجملة إنَّما الخلاف في النوافل التي لم ترد فيها الجماعة كالسنن الرواتب وتحية المسجد.

فاختلف أهل العلم في حكم الجماعة فيها على قولين - في الجملة - قول تصلى جماعة وقول لا تصلى جماعة.

القول الأول: تجوز صلاة النفل جماعة: وهذا القول قول للمالكية

(1)

ومذهب الشافعية

(2)

والحنابلة

(3)

.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما زارهم في بيتهم قال: «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ» قال أنس رضي الله عنه: «فقمت إلى حصير لنا، قد اسِّود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف»

(4)

.

الدليل الثاني: عن عِتبان بن مَالك رضي الله عنه أنَّه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري، وأنا أصلي لقومي فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنَّك تأتيني

(1)

قال ابن القاسم في المدونة (1/ 97) قال مالك: لا بأس أن يصلي القوم جماعة النافلة في نهار أو ليل، قال: وكذلك الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك.

وقال ابن ناجي في شرحه على الرسالة (1/ 192) تجوز صلاة النافلة جماعة ليلًا ونهارًا قاله في المدونة فأطلقه اللخمي وقيده ابن أبي زمنين وغيره برواية ابن حبيب، وقوله: إنَّ قلة الجماعة كالثلاث، وخفي محل قيامهم، وإلا كره وسلك ابن بشير هذه الطريقة قائلًا وكرهه ابن حبيب، وهو مقتضى المذهب.

وانظر: الذخيرة (2/ 225) والمختصر الفقهي (1/ 427) والتاج والإكليل (2/ 382).

(2)

قال النووي في المجموع (4/ 55) النوافل المطلقة فلا تشرع فيها الجماعة أي لا تستحب لكن لو صلاها جماعة جاز ولا يقال إنَّه مكروه وقد نص الشافعي رحمه الله في مختصري البويطي والربيع على أنَّه لا بأس بالجماعة في النافلة.

وانظر: روضة الطالبين (1/ 340) وتحفة المحتاج (1/ 161) ومغني المحتاج (1/ 308).

(3)

انظر: المغني (1/ 775) والفروع (1/ 567) والمبدع (2/ 25) والإنصاف (2/ 189).

(4)

رواه البخاري (380) ومسلم (658).

ص: 670

فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قال عتبان رضي الله عنه: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال:«أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» قال فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، فقمنا فصفنا فصلى ركعتين ثم سلم»

(1)

.

وجه الاستدلال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابهم رضي الله عنهم النفل المطلق في النهار في أوقات مختلفة فدل على جوازه وتَرَكَه في أكثر أحواله فدل على عدم استحبابه

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم النفل المطلق عارض ولم يكن يداوم عليه فدل على جوازه من غير مداومة عليه.

الثاني: هذا الصلاة لم تكن على سبيل التداعي وعددهم قليل

(3)

.

الجواب: القول بجواز صلاة الاثنين وكراهة ما زاد على الثلاثة يحتاج إلى دليل من الأثر يفرق بين المسألتين.

الرد: جاء في حديث أنس رضي الله عنه صلاة الثلاثة خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلا يزاد عليه

(4)

.

الجواب من وجهين:

الأول: هذا وقع اتفاقًا فلا يتعلق به حكم.

(1)

رواه البخاري (425) ومسلم (33) أنكرت بصري: ضعف بصري.

(2)

انظر: المغني (1/ 775) والمجموع (4/ 55).

(3)

قال القارئ في فتح باب العناية (1/ 343) عن شمس الأئمة إنَّ التطوع بالجماعة إنَّما يكره إذا كان على سبيل التداعي أمَّا لو اقتدى واحد بواحد أو اثنان بواحد لا يكره وإن اقتدى ثلاثة بواحد اختلف فيه وإن اقتدى أربعة بواحد كره اتفاقًا.

وقال التهانوي في إعلاء السنن (7/ 96 - 97) التداعي عندهم ما كان على عدد الجماعة التي تصح بها الجمعة أو زائدًا عليه

وتفسير التداعي بالاهتمام والمواظبة أولى من تفسيرها بالعدد والكثرة كما لا يخفى لأنَّ الأول أقرب إلى اللغة وأشبه بها دون الثاني.

(4)

انظر: إعلاء السنن (7/ 95).

ص: 671

الثاني: ظاهر قصة عتبان رضي الله عنه أنَّهم أكثر من ثلاثة والله أعلم.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(1)

.

الدليل الرابع: عن حذيفة رضي الله عنه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، ثم قام طويلًا قريبًا مما ركع، ثم سجد، فقال:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» ، فكان سجوده قريبًا من قيامه

(2)

.

الدليل الخامس: في حديث جابر رضي الله عنه «جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(3)

.

الدليل السادس: عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه:«سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة

(4)

.

وجه الاستدلال: صلى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل في

(1)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(2)

رواه مسلم (772).

(3)

رواه مسلم (3010) ويأتي تخريجه (ص: 760).

(4)

سبق العزو إليه (ص: 311).

ص: 672

أوقات مختلفة فدل على جواز النفل جماعة

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: المنقول حوادث قليلة فلم يكن يداوم على ذلك.

الثاني: التهجد كان فرضًا على النبي صلى الله عليه وسلم فتكون صلاتهم من اقتداء المتنفل بالمفترض

(2)

.

الجواب من وجهين:

الأول: أصح القولين أنَّ التهجد في حق النبي صلى الله عليه وسلم ليس بواجب كأمته

(3)

.

الثاني: على القول بأنَّ القيام كان واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم فتقدم صلاة الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار.

الدليل السابع: عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: «دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالهاجرة فوجدته يسبح، فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفا تأخرت فصففنا وراءه»

(4)

.

الدليل الثامن: عن هشام بن عروة قال: «كنا نصلي مع ابن الزبير رضي الله عنهما العصر في المسجد الحرام، فكان يصلي بعد العصر ركعتين، وكنا نصليهما معه نقوم صفًا خلفه»

(5)

.

وجه الاستدلال: صلى الصحابة رضي الله عنهم النفل نهارًا جماعة فدل على جوازه

(6)

.

(1)

انظر: المغني (1/ 775) والمجموع (4/ 55).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية (2/ 401).

(3)

انظر: (ص: (584.

(4)

رواه مالك (1/ 154) - وعنه الشافعي في الأم (7/ 185) - عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، أنَّه قال: فذكره وإسناده صحيح. يرفا مولى عمر رضي الله عنه وحاجبه.

(5)

رواه عبد الرزاق (3979) عن معمر، عن هشام بن عروة قال: فذكره وإسناده صحيح.

تنبيه: الصحابة رضي الله عنهم مختلفون في حكم التنفل بعد صلاة العصر.

انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 428) ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 351).

(6)

انظر: المحلى (3/ 39) وشرح الزرقاني على الموطا (1/ 533).

ص: 673

الرد: كالذي قبله.

القول الثاني: تكره صلاة النفل جماعة: وهو مذهب الأحناف

(1)

وقول للحنابلة

(2)

.

الدليل الأول: عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: «كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر

وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين»

(3)

.

وجه الاستدلال: الرواتب تبع الفرض فكانت أولى بالجماعة من غيرها فلما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه صلاها جماعة دل ذلك على عدم مشروعية الجماعة لها

(4)

.

الرد: تقدمت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم جماعة في النفل فكونه لم يصل الراتبة جماعة لا يدل على الكراهة إنَّما يدل على عدم الاستحباب وبين المرتبتين مرتبة الجواز لما

(1)

قال ابن الهمام في فتح القدير (1/ 409) الجماعة في النفل في غير رمضان مكروهة وقال (2/ 59) صرح الحاكم

بقوله: ويكره صلاة التطوع جماعة ما خلا قيام رمضان وصلاة الكسوف.

وقال السمرقندي في تحفة الفقهاء (1/ 165) ولا يصلي نافلة في جماعة إلا قيام رمضان وصلاة الكسوف.

وقال الزبيدي في الجوهرة النيرة على (1/ 248)(قوله: ولا يصلي الوتر في جماعة في غير شهر رمضان)

يجوز الوتر بجماعة في غير رمضان ومعنى قول الشيخ ولا يصلي الوتر في جماعة يعني به الكراهة لا نفي الجواز. وفي الينابيع إذا صلى الوتر مع الإمام في غير رمضان يجزئه ولا يستحب ذلك والله أعلم.

وقال ابن عابدين في حاشيته (2/ 500) في حاشية البحر للخير الرملي: علل الكراهة في الضياء والنهاية بأنَّ الوتر نفل من وجه حتى وجبت القراءة في جميعها، وتؤدى بغير أذان وإقامة، والنفل بالجماعة غير مستحب لأنَّه لم تفعله الصحابة رضي الله عنهم في غير رمضان اه وهو كالصريح في أنَّها كراهة تنزيه تأمل اه.

تنبيه: بعض الأحناف ينص على بدعية الجماعة فيها ويأتي قول ابن عابدين: إن كان مع المواظبة كان بدعة فيكره.

(2)

انظر: المبدع (2/ 25) والإنصاف (2/ 189) والفروع (1/ 566).

(3)

رواه مسلم (730).

(4)

انظر: إعلاء السنن (7/ 94) وفيض الباري (2/ 586).

ص: 674

تقدم.

الدليل الثاني: الإجماع قال المرغيناني: لا يصلى الوتر بجماعة في غير شهر رمضان وعليه إجماع المسلمين

(1)

.

الرد: لا إجماع.

الدليل الثالث: صلاة النفل جماعة خلاف المتوارث

(2)

.

الرد: المداومة خلاف المتوارث لا أصل الصلاة أحيانًا.

الدليل الرابع: لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم في غير رمضان

(3)

.

الرد: تقدم عن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم في غير رمضان.

الدليل الخامس: لئلا تظنه العامة من جملة الفرائض

(4)

.

الرد: لا يقول أصحاب هذا القول بكراهة الجماعة في الصلوات التي تستحب فيها الجماعة كالتراويح لئلا تظنها العامة من الفرائض.

القول الثالث: تجوز صلاة النفل جماعة وتكره المداومة: وهذا القول قول للأحناف

(5)

وقول للمالكية

(6)

(1)

انظر: الهداية شرح بداية المبتدئ (1/ 76).

(2)

انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 500) وإعلاء السنن (7/ 93).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (2/ 668) وحاشية ابن عابدين (2/ 500).

(4)

انظر: الذخيرة (2/ 225).

(5)

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 500)(قوله أي يكره ذلك)[التطوع بجماعة خارج رمضان]

في الخلاصة عن القدوري أنَّه لا يكره،

ثم قال: ويمكن أن يقال: الظاهر أنَّ الجماعة فيه غير مستحبة، ثم إن كان ذلك أحيانا كما فعل عمر رضي الله عنه كان مباحًا غير مكروه، وإن كان على سبيل المواظبة كان بدعة مكروهة

قلت: ويؤيده أيضًا ما في البدائع من قوله: إنَّ الجماعة في التطوع ليست بسنة إلا في قيام رمضان اه فإنَّ نفي السنية لا يستلزم الكراهة، نعم إن كان مع المواظبة كان بدعة فيكره.

وانظر: البناية شرح الهداية (2/ 668) وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 446) وإعلاء السنن (7/ 96).

(6)

قال الدردير: في الشرح الكبير (1/ 316)(و) كره (جمع كثير ل) صلاة (نفل) في غير التراويح (أو) جمع قليل كالرجلين والثلاثة (بمكان مشتهر) خوف الرياء (وإلا) بأن كان المكان غير مشتهر والجمع قليل (فلا).

وانظر: الذخيرة (2/ 225) والمختصر الفقهي (1/ 427) والتاج والإكليل (2/ 382).

قال أبو عبد الرحمن: هذا القول يوافق - في الجملة - القول بجوازها أحيانًا من غير مداومة والله أعلم.

ص: 675

وقول للحنابلة

(1)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(2)

وشيخنا محمد العثيمين

(3)

.

الدليل الأول: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(4)

.

وما تقدم من أدلة القائلين بالجواز:

وجه الاستدلال: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم النفل المطلق أحيانًا جماعة يدل على جوازه وصلاته أغلب أحواله منفردًا مع القدرة على الصلاة جماعة يدل عدم استحباب المداومة عليه وقد أمرنا بمتابعته

(5)

.

القول الرابع: يستحب التطوع جماعة: وهذا القول قول لبعض الحنابلة

(6)

واختاره ابن حزم

(7)

.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(8)

.

وجه الاستدلال: هذا عموم لكل صلاة فرض أو تطوع

(9)

.

الرد من وجهين:

(1)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 189) التطوع سرًا أفضل، على الصحيح من المذهب

ولا بأس بالجماعة فيه قال في الفروع: ويجوز جماعة أطلقه بعضهم. قلت: منهم الشيخ في المغني، والكافي، والشارح، وشرح ابن رزين، والرعايتين، والحاوي الصغير، وقيل ما لم يتخذ عادة وسنة قطع به المجد في شرحه، ومجمع البحرين.

وانظر: الفروع وتصحيحها (1/ 566) والمبدع (2/ 25).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 414).

(3)

انظر: الشرح الممتع (4/ 142).

(4)

رواه البخاري (631).

(5)

انظر: الذخيرة (2/ 225) ومجموع الفتاوى (23/ 414) وفتح الباري لابن رجب (3/ 187).

(6)

انظر: الإنصاف (2/ 189).

(7)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 38) صلاة التطوع في الجماعة أفضل منها منفردًا؛ وكل تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلا ما صلى منه جماعة في المسجد فهو أفضل.

(8)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(9)

انظر: المحلى (3/ 38).

ص: 676

الأول: العموم يشمل صلاة الفرض لا النفل فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة قال: حسبت أنَّه قال من حصير في رمضان، فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم فقال:«قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ»

(1)

.

الثاني: لو كان الحديث عامًا في الفرض والنفل لحمل على النفل الذي تشرع له الجماعة حيث عامة تطوع النبي صلى الله عليه وسلم منفردًا مع قدرته على الصلاة جماعة

(2)

.

الدليل الثاني: في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه «صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تبارك وتعالى»

(3)

.

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة مخصفة، أو حصيرًا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته

»

(4)

.

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته»

(5)

.

الدليل الخامس: عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي في رمضان، فجئت

(1)

رواه البخاري (731) ومسلم (781).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 414).

(3)

انظر: (ص: 677).

(4)

رواه البخاري (6113) ومسلم (781).

والحديث مخرج في قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (13).

(5)

رواه البخاري (729).

ص: 677

فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر، فقام أيضًا حتى كنَّا رهطًا فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له: حين أصبحنا أفطنت لنا الليلة فقال: «نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ"

(1)

.

الدليل السادس: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» ، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بقية الشهر»

(2)

.

الدليل السابع: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: «قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح»

(3)

.

وجه الاستدلال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم التطوع جماعة بأصحابه رضي الله عنهم قصدًا فدل على استحبابه

(4)

.

الرد: هذه الصلاة قيام رمضان ولم يختلف في صلاة قيام رمضان جماعة وإنَّما

(1)

رواه مسلم (1104).

(2)

رواه أحمد (20910)(20936) وأبو داود (1375) والترمذي (806) - وقال حسن صحيح - والنسائي (1364)(1605) وابن ماجه (1327) وإسناده صحيح.

وانظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 14).

(3)

رواه أحمد (17935) والنسائي (1606) وإسناده حسن.

وانظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 17).

(4)

انظر: المحلى (3/ 39).

ص: 678

الخلاف هل الأفضل الصلاة جماعة أو فرادى؟

(1)

.

وما تقدم من أدلة القائلين بالجواز:

الرد: تطوع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة عارض وليس دائمًا ففعله صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز ولو كان مستحبًا لداوم عليه مع القدرة والله أعلم.

الترجيح: الذي يترجح لي جواز الصلاة جماعة في النفل - الذي لم ترد صلاته جماعة - أحيانًا والمداومة عليه خلاف الأولى لكن لا تكره فلا يلزم من ترك السنة الوقوع في المكروه ويكون مستحبًا إذا ترتب عليه مصلحة شرعية كالتعليم أو النشاط في العبادة والله أعلم.

(1)

انظر:) ص: 688).

ص: 679

‌فضيلة صلاة النفل جماعة

تقدم أنَّ الجماعة في النفل نوعان: نوع ثبت بالنص استحباب الجماعة فيه ونوع الأصل فيه الصلاة فرادى فهل لصلاة هذين النوعين جماعة فضيلة وما هي؟

أولًا: ما ثبت بالنص استحباب الجماعة فيه صلاة القيام في رمضان وغيرها

‌فضيلة قيام رمضان جماعة

اختلف أهل العلم في فضيلة قيام رمضان جماعة على قولين:

القول الأول: تضعف الجماعة كصلاة الفرض: وهو مذهب الأحناف

(1)

وقول لبعض الشافعية

(2)

واختاره ابن حزم

(3)

.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(4)

.

وجه الاستدلال: ما صُلِي من التطوع جماعة في المسجد يضاعف على صلاة

(1)

قال الحموي في غمز عيون البصائر (2/ 30 - 31) قوله: من جمع بأهله لا ينال ثواب الجماعة إلخ. يعني التي تكون في المسجد لزيادة فضيلة، وتكثير جماعة، وإظهار شعائر الإسلام، وأمَّا أصل الفضيلة وهي المضاعفة بسبع وعشرين درجة، فحاصلة بالصلاة جماعة في بيته على هيئة الجماعة الكائنة في المسجد، فالحاصل أنَّ كل ما شرع فيه الجماعة فالمسجد فيه أفضل لما اشتمل عليه من شرف المكان، وإظهار الشعائر، وتكثير سواد المسلمين، وائتلاف قلوبهم

ومما يدل على أنَّ مراد المصنف [ابن نجيم]رحمه الله هنا بقوله: لا ينال ثواب الجماعة، عدم ثواب الجماعة الواقعة في المسجد، لا مطلق ثواب الجماعة لما في البزازية من الثالث في التراويح، وإن صلاها بجماعة في بيته فالصحيح أنَّه ينال إحدى الفضيلتين، فإنَّ الأداء بالجماعة في المسجد له فضيلة ليست للأداء في البيت. وكذا الحكم في المكتوبة.

وقال شيخي زادة في مجمع الأنهر (1/ 173) إن صلاها [التراويح] بالجماعة في البيت فقد حاز إحدى الفضيلتين وهي فضيلة الجماعة دون فضيلة الجماعة في المسجد.

وانظر: البحر الرائق (2/ 120) وحاشية ابن عابدين (2/ 495).

(2)

انظر: بحر المذهب (2/ 231) وكفاية النبيه شرح التنبيه (3/ 333).

(3)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 38) صلاة التطوع في الجماعة أفضل منها منفردًا؛ وكل تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلا ما صلي منه جماعة في المسجد فهو أفضل

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

وهذا عموم لكل صلاة فرض أو تطوع.

(4)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

ص: 680

المنفرد لعموم الحديث

الرد: الحديث عند أكثر أهل العلم خاص في جماعة الفريضة جمعًا بينه وبين حديث «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»

(1)

.

القول الثاني: له فضيلة قيام ليلة: وهو مذهب الشافعية

(2)

والحنابلة

(3)

وقال به النسائي

(4)

وابن خزيمة

(5)

وابن حبان

(6)

وابن رجب

(7)

وابن باز

(8)

وشيخنا محمد العثيمين

(9)

.

الدليل: في حديث أبي ذر رضي الله عنه فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»

(10)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ من صلى قيام رمضان جماعة في المسجد كتب له قيام ليلة كاملة والله أعلم.

(1)

انظر: الاستذكار (2/ 72).

(2)

الذي يغلب على ظني أنَّ الفضيلة عندهم كقيام ليلة وذلك:

1: يستدل بعضهم بتفضيل التراويح جماعة في المسجد بحديث أبي ذر رضي الله عنه.

انظر: النجم الوهاج (2/ 301) والتمهيد (8/ 117).

2: يأتي عن ابن خزيمة وابن حبان الشافعيان حصول قيام الليلة لمن قام مع الإمام.

3: يحملون أحاديث تضعيف صلاة الجماعة على صلاة الفرد على الفرض في المسجد.

انظر: العدة شرح العمدة لابن العطار (1/ 346) وطرح التثريب (2/ 299) وفتح الباري (2/ 134).

(3)

انظر: الكافي (1/ 154) والممتع (1/ 520) وفضائل الأعمال للمقدسي ص: (17).

(4)

بوب في سننه (3/ 83) - على حديث أبي ذر رضي الله عنه باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف.

(5)

بوب في صحيحه (3/ 337) باب ذكر قيام الليل كله للمصلي مع الإمام في قيام رمضان حتى يفرغ.

(6)

قال في صحيحه (6/ 288) ذكر تفضل الله -جل وعلا- بكتبه قيام الليل كله لمن صلى مع الإمام التراويح حتى ينصرف

(7)

انظر: لطائف المعارف ص: (200).

(8)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (30/ 28) وفتاوى نور على الدرب (9/ 459).

(9)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 211).

(10)

انظر: (ص: (678.

ص: 681

‌بقية الصلوات التي تسن فيها الجماعة

تسن الجماعة في العيدين والكسوف والاستسقاء - في الجملة - في مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فلها فضيلة على صلاة المنفرد لكن ما قدر الفضيلة؟ هل هي تضعيف كتضعيف صلاة الفرض جماعة على صلاة المنفرد أو زيادة ثواب غير محدد؟ لم أقف على نص عند الفقهاء المتقدمين - عدا ما تقدم عن ابن حزم

(5)

- على مقدار الثواب. إنَّما أشار إلى الفضيلة بعض المتأخرين.

قال الطحطاوي: يستفاد من طلب الجماعة في التراويح أنَّ فضيلتها بالجماعة أكثر من فضيلة الإنفراد وهل هي كالجماعة في الفرض فتضاعف على صلاة الفذ بسبع وعشرين أو خمس وعشرين أو المتحقق فيها زيادة ثواب من غير قيد بالعدد ومثل ذلك يقال في صلاة التطوع جماعة إذا كان على غير وجه التداعي يحرر

(6)

.

(1)

تقدم (ص: (674 في صلاة النفل جماعة أنَّه لا تستحب الجماعة في النفل عند الأحناف إلا في قيام رمضان والكسوف.

(2)

مذهب المالكية يسن التطوع جماعة في العيد والاستسقاء والكسوف.

انظر: الكافي ص: (73) والتلقين ص: (39) والقوانين الفقهية ص: (67 - 69) وأسهل المدارك (1/ 206 - 211).

(3)

تسن الجماعة للعيدين والكسوف والاستسقاء في مذهب الشافعية.

انظر: المهذب مع المجموع (4/ 4) والعزيز (2/ 129) وروضة الطالبين (1/ 332) وأسنى المطالب (1/ 200).

(4)

تسن الجماعة في صلاة الكسوف والاستسقاء عند الحنابلة.

انظر: الممتع (1/ 508) والمبدع (2/ 2) وشرح منتهى الإرادات (1/ 292) ومطالب أولي النهى (2/ 44).

(5)

تنبيه: جاء في حاشية المحلى (3/ 38) من نسختي هنا بحاشية اليمنية: (قال ابن حزم [في المسألة التي قبلها] ما كان عليه السلام ليدع الأفضل، وهذا في هذه الوجهة، ثم قال هنا: الجماعة أفضل للمتطوع وقد علم كل عالم أنَّ عامة تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان منفردًا، فعلا ما أصل ابن حزم كيف كان يدع الأفضل! فعلمنا بهذا أنَّ صلاة الجماعة تفضل بخمسة وعشرين درجة إذا كانت فريضة لا تطوعًا) وهو نقد وجيه، وهو الحق.

(6)

حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (412).

تقدم المراد بالتداعي (ص: 671).

ص: 682

وقال: ولم أر حكم اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد فليحرر

(1)

.

ونقل ابن عابدين قوله الأخير وأعقبه بقوله: الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي

(2)

.

وقال شيخنا العثيمين: الإنسان إذا دخل في صلاة فريضة أو نافلة منفردًا وهذه النافلة مما يشرع للجماعة فجاء إنسان ودخل معه فإنَّ ذلك من باب الجائز الذي ليس به بأس بل نقول إنَّه قد يكون مستحبًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تبارك وتعالى

(3)

»

(4)

.

فلم يجزم شيخنا رحمه الله في هذا الموضع وجزم في موضع آخر فسئل: إذا كان الإنسان يصلي نافلة ودخل معه شخص فهل يجوز ذلك؟ وما حكم إذا امتنع من يصلي النافلة؟

فأجاب بقوله: نعم يجوز ذلك، فإذا دخل معه القادم نوى الجماعة، ولا ينبغي له أن يأبى فيحرم نفسه ويحرم الداخل ثواب الجماعة، وقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل وحده فجاء ابن عباس رضي الله عنهما فصلى معه، وما جاز في النفل جاز في الفرض؛ لأنَّ الأصل تساوي أحكامهما إلا بدليل يدل على الخصوصية

(5)

.

والذي يظهر لي أنَّ فقهاء المذاهب الأربعة يرون زيادة فضل لهذه الصلوات جماعة من غير تحديد الثواب

(6)

وهو الذي يترجح لي والله أعلم.

(1)

حاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 240).

(2)

حاشية ابن عابدين على الدر المختار (2/ 289).

(3)

انظر: (ص: 677).

(4)

فتاوى نور على الدرب للعثيمين (4/ 301).

(5)

مجموع الفتاوى (15/ 171).

(6)

الذي يغلب على ظني أنَّ الجمهور يرون أنَّ ما تسن له الجماعة من الصلاة غير المفروضة فيه فضيلة عامة غير مقيدة وذلك لأنَّهم:

1: يستدلون بأحاديث تضعيف صلاة الجماعة في كلامهم على حكم الصلاة جماعة في الصلاة المفروضة.

انظر: بدائع الصنائع (1/ 155) والشرح الكبير (1/ 320) والحاوي الكبير (2/ 297) وكشاف القناع (1/ 455).

2: يذكرون أحاديث التضعيف في ردهم على من يجعل الجماعة شرطًا لصحة الصلاة المفروضة.

انظر: شرح التلقين (2/ 705) ونهاية المطلب (2/ 365) وكشاف القناع (1/ 455).

3: لم أقف على استدلالهم بأحاديث التضعيف حينما يتكلمون على صلاة العيدين والاستسقاء والكسوف جماعة.

4: بعضهم ينص على عدم صحة حمل أحاديث التضعيف على صلاة النافلة.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 138) لم يرد بحديث هذا الباب صلاة النافلة لأنَّه قد فضل صلاة المنفرد في بيته.

وقال الماوردي في الحاوي (2/ 300) لا يصح حمله على النافلة، لأنَّ صلاة النافلة في البيت أفضل منها في الجماعة.

5: ينص بعضهم على أنَّه لا مدخل للقياس في الفضائل.

انظر: شرح البخارى لابن بطال (2/ 272) وإكمال المعلم (2/ 619) ورياض الأفهام (1/ 613).

6: من نص على المسألة من متأخري الفقهاء بعضهم لم يجزم بالحكم ومن جزم لم يذكر من سبقه لهذا القول فلو كان لهم سلف لذكروه كعادتهم والله أعلم.

ص: 683

ثانيًا:‌

‌ النفل الذي شرع الانفراد فيه

تقدم الخلاف في حكم الجماعة في النوافل التي لم ترد فيها الجماعة كالسنن الرواتب وتحية المسجد فإذا صُلِّيت جماعة هل لها فضيلة على صلاة المنفرد؟.

القول الأول: لها فضيلة: اختار ذلك ابن حزم - وتقدم - وابن عابدين

(1)

والآمدي من الحنابلة

(2)

.

(1)

قال الطحطاوي في حاشيته على الدر المختار (1/ 240) ويؤخذ منه [قول الحصفكي: (وأقلها اثنان) واحد مع الإمام ولو مميزًا] أنَّه يحصل ثواب الجماعة باقتداء المتنفل بالمفترض لأنَّ الصبي متنفل، .... ولم أر حكم اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد فليحرر.

ونقله ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار (2/ 289) ثم قال: قلت: الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي.

(2)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 189) ولا بأس بالجماعة فيه [النفل] قال في الفروع: ويجوز جماعة أطلقه بعضهم. قلت: منهم الشيخ في المغني، والكافي، والشارح، وشرح ابن رزين، والرعايتين، والحاوي الصغير، وقيل ما لم يتخذ عادة وسنة قطع به المجد في شرحه، ومجمع البحرين، وقيل: يستحب، اختاره الآمدي، وقيل: يكره قال الإمام أحمد: ما سمعته.

فالظاهر أنَّ الآمدي يرى فضيلة للجماعة في النفل لكن هل هي فضيلة مطلقة أو فضيلة الجماعة؟ الله أعلم.

ص: 684

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(1)

.

وجه الاستدلال: ما صُلِي من التطوع جماعة فيه التضعيف لدخوله في عموم الحديث

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: تقدم أنَّ الحديث خاص في جماعة الفريضة جمعًا بينه وبين حديث «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» .

الثاني: لو كانت الصلاة تضاعف ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم فأغلب نفله منفردًا مع إمكان الجماعة.

الدليل الثاني: في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه «صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تبارك وتعالى» .

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف»

(3)

.

الدليل الرابع: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(4)

.

الدليل الخامس: في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة،

(1)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(2)

انظر: المحلى (3/ 38).

(3)

رواه البخاري (380) ومسلم (658).

(4)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 32).

ص: 685

فافتتح البقرة

»

(1)

.

الدليل السادس: في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: «قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة

»

(2)

.

وجه الاستدلال: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم جماعة يدل على فضيلتها.

الرد: الأصل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يدل الدليل على أنَّ الأمر على الجواز ومن ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم النفل أحيانًا جماعة فنادرًا ما يأمر أصحابه رضي الله عنهم بالاقتداء به في النفل فالغالب أنَّهم يقتدون به أو يصلي بهم إجابة لطلبهم فالجماعة في النفل كصلاة المرأة جماعة مع الرجال في المسجد على الجواز من غير تضعيف حيث حثها على الصلاة في بيتها ورخص لها في الصلاة في المسجد والله أعلم

(3)

.

القول الثاني: لا ثواب في الجماعة: وهو رأي الجمهور في ما ظهر لي - والله أعلم - فتقدم الخلاف في المسألة وأنَّ الجمهور إمَّا على الجواز أو الكراهة والفضائل تدرك بالنص ولا مجال للقياس فيها.

وهو الظاهر من صنيع ابن خزيمة

(4)

(1)

رواه مسلم (772).

(2)

انظر: (ص: 311).

(3)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 339).

(4)

بوب في صحيحه (3/ 337) باب ذكر قيام الليل كله للمصلي مع الإمام في قيام رمضان حتى يفرغ.

وبوب (3/ 339) باب استحباب صلاة النساء جماعة مع الإمام في قيام رمضان،

فذكر فضيلة القيام مع الإمام واستحباب صلاة التراويح جماعة.

وبوب (3/ 87) باب صلاة التطوع بالنهار في الجماعة ضد مذهب من كره ذلك وذكر حديث عتبان رضي الله عنه

وبوب (3/ 87) باب صلاة التطوع بالليل في الجماعة في غير رمضان ضد مذهب من كره ذلك وذكر حديث جابر رضي الله عنه.

فذكر الجواز ورد على الكراهة ولم يذكر استحباب النفل جماعة في الليل أو النهار والله أعلم.

ص: 686

وابن حبان

(1)

والنسائي

(2)

وهو الذي يترجح لي والله أعلم.

(1)

قال في صحيحه (6/ 288) ذكر تفضل الله -جل وعلا- بكتبه قيام الليل كله لمن صلى مع الإمام التراويح حتى ينصرف.

فذكر فضيلة التراويح جماعة.

وقال (6/ 251) ذكر إباحة صلاة المرء جماعة تطوعًا وذكر حديث أنس رضي الله عنه وقال (6/ 356) ذكر الإباحة للمرء أن يصلي النافلة بالليل جماعة وذكر حديث جابر رضي الله عنه. فذكر الإباحة فقط والله أعلم.

(2)

بوب في سننه (3/ 83) باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف فذكر حديث أبي ذر رضي الله عنه. وقال (2/ 105) الجماعة للنافلة وذكر حديث عتبان رضي الله عنهم.

ص: 687

‌الأفضل في مكان قيام رمضان

من معه شيء من القرآن ويتمكن من المحافظة على قيام رمضان في بيته هل الأفضل له الصلاة في بيته أو الصلاة في المسجد؟.

‌تحرير محل الخلاف:

أجمع أهل العلم على مسألتين:

الأولى: مشروعية صلاة قيام رمضان: فأهل العلم مجمعون من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى زماننا على مشروعية قيام رمضان ولا عبرة بخلاف الشيعة

(1)

.

الثانية: عدم تعطيل المساجد من قيام رمضان: قال الطحاوي: كل من اختار التفرد فينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد فأمَّا التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا

أجمعوا أنَّه لا يجوز للناس تعطيل المساجد عن قيام رمضان وكان هذا القيام واجبًا على الكفاية

(2)

. ونقله ابن عبد البر مقرًا له

(3)

.

فأصل مشروعية صلاة التراويح وصلاتها في المساجد محل اتفاق وإنَّما الخلاف في المفاضلة بين الصلاة في المسجد أو الصلاة في البيت فأهل العلم لهم في المسألة أربعة أقوال:

(1)

انظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 314) والمبسوط (2/ 195) وتبيين الحقائق (1/ 444) ومجموعة رسائل قاسم بن قطلوبغا ص: (245) والبحر الرائق (2/ 117) وحاشية ابن عابدين (2/ 493) وفتح باب العناية (1/ 340) والكافي في فقه مالك ص: (74) وأوجز المسالك (2/ 293) والاعتصام (1/ 194) والمفهم (2/ 388) والذخيرة (2/ 225) والبيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 278) والمجموع (4/ 31) وكفاية النبيه (3/ 324) وتحفة المحتاج (1/ 270) وفتاوى السبكي (1/ 159) والنجم الوهاج (2/ 309) ونهاية المحتاج (2/ 126) والمغني (1/ 799) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 233) ومعونة أولي النهى (2/ 272).

(2)

مختصر اختلاف العلماء (1/ 314 - 315).

(3)

انظر: التمهيد (8/ 119).

ص: 688

الخلاف في الأفضل في مكان قيام رمضان

القول الأول: الأفضل الصلاة جماعة في المسجد: وهو رأي عبد الله بن مسعود وجمهور الصحابة رضي الله عنهم واختاره محمد بن سيرين

(1)

وعبد الله بن المبارك

(2)

وهو مذهب الأحناف

(3)

وقول قديم لمالك

(4)

ومذهب الشافعية

(5)

والحنابلة

(6)

واختاره إسحاق بن راهويه

(7)

وابن خزيمة

(8)

وابن حزم

(9)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(10)

والشوكاني

(11)

وابن باز

(12)

وشيخنا محمد العثيمين

(13)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 397) حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد:«أنَّه كان يختار القيام مع الناس في شهر رمضان» وإسناده صحيح. ابن عون هو عبد الله.

(2)

انظر: جامع الترمذي (3/ 161) ونخب الأفكار (5/ 461).

(3)

انظر: فتح القدير (1/ 406) وتبيين الحقائق (1/ 444) والبحر الرائق (2/ 120) والبناية (2/ 663).

(4)

قال القرطبي في المفهم (2/ 388) ذهب مالك إلى إيقاعه في البيت أفضل لمن قوي عليه وكان أولًا يقوم في المسجد ثم ترك ذلك.

وانظر: إكمال المعلم (3/ 112) وشرح زروق وابن ناجي على الرسالة (1/ 326).

(5)

انظر: نهاية المطلب (2/ 355) والمجموع (4/ 5) وأسنى المطالب (1/ 201) وتحفة المحتاج (1/ 270).

(6)

انظر: المغني (1/ 799) والفروع (1/ 547) والمبدع (2/ 17) وكشاف القناع (1/ 425).

(7)

انظر: نخب الأفكار (5/ 461).

(8)

بوب في صحيحه (3/ 339): باب استحباب صلاة النساء جماعة مع الإمام في قيام رمضان، مع الدليل على أنَّ قيام رمضان في جماعة أفضل من صلاة المرء منفردًا في رمضان، وإن كان المأمومون قراء يقرؤون القرآن، لا كمن اختار صلاة المنفرد على صلاة الجماعة في قيام رمضان.

(9)

قال ابن حزم في المحلى (3/ 38) صلاة التطوع في الجماعة أفضل منها منفردًا؛ وكل تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلا ما صُلِّي منه جماعة في المسجد فهو أفضل.

(10)

انظر: منهاج السنة (8/ 310).

(11)

انظر: السيل الجرار (1/ 329).

(12)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 319).

(13)

انظر: الشرح الممتع (4/ 59).

ص: 689

يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا»

(1)

.

الدليل الثاني: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: «قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح»

(2)

.

وجه الاستدلال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم في المسجد القيام عدة ليالي في رمضان وترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم فدل على فضيلة القيام في المسجد

(3)

.

الرد: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم مصلحة راجحة وتركه لمصلحة أرجح والله أعلم.

الدليل الثالث: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» ، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بقية الشهر»

(4)

.

وجه الاستدلال: من صلى مع الإمام في المسجد كتب له قيام الليلة كلها.

الرد: ليس في حديث أبي ذر رضي الله عنه ترجيح النافلة في المسجد على فعلها في البيت إنَّما فيه فضيلة لمن قام مع الإمام حتى يفرغ من صلاته كتب له قيام ليلة وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ قيام رمضان في البيت أفضل منه في غيره فلا تعارض

(1)

رواه البخاري (2012) ومسلم (761).

(2)

انظر: (ص: (678.

(3)

انظر: الاستذكار (2/ 72) والمغني (1/ 798) ومغني المحتاج (1/ 317).

(4)

انظر: (ص: (687.

ص: 690

بين الحديثين

(1)

كما أنَّهما لا يعارضان حديث: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

(2)

. فهذه فضائل مختلفة.

الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(3)

.

وجه الاستدلال: ما صُلِي من التطوع جماعة في المسجد أفضل مما صلي في البيت

(4)

.

الرد: الحديث عند أكثر أهل العلم خاص في جماعة الفريضة جمعًا بينه وبين حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه

(5)

.

الدليل الخامس: عن زيد بن وهب قال: «كان عبد الله رضي الله عنه يصلي بنا في شهر رمضان، فينصرف بليل»

(6)

.

وجه الاستدلال: يصلي ابن مسعود رضي الله عنه قيام رمضان في المسجد.

الرد من وجهين:

الأول: يصلي ابن مسعود رضي الله عنه إمامًا فالأفضل في حق الأقرأ أن يصلي بالناس إمامًا في المسجد فالعمل المفضول قد يكون فاضلًا لأمر آخر.

الثاني: خالفه غيره من الصحابة رضي الله عنهم ممن يصلون في بيوتهم ومنهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم.

(1)

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 350) ونخب الأفكار (5/ 464) ومجموع رسائل العلائي ص: (238).

(2)

رواه البخاري (2009) ومسلم (759) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(4)

انظر: المحلى (3/ 38).

(5)

انظر: الاستذكار (2/ 72).

(6)

رواه عبد الرزاق (7741) عن الثوري، عن الأعمش وابن أبي شيبة (2/ 395) حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: فذكره ورواته ثقات وفيه عنعنة الأعمش.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 172) رجاله رجال الصحيح وصحح إسناده الألباني في قيام رمضان ص: (27). وأبو معاوية هو محمد بن خازم والأعمش هو سليمان بن مهران.

ص: 691

الدليل السادس: قال أبو بكر الأثرم كان أحمد بن حنبل يصلي مع الناس التراويح قال كان جابر وعلي وعبد الله رضي الله عنهم يصلونها في جماعة

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الآثار التي فيها إمامة علي رضي الله عنه في قيام رمضان في المسجد لا تصح

(2)

أمَّا أثر جابر رضي الله عنه فلم أقف عليه.

الثاني: كالذي قبله.

القول الثاني: الأفضل الصلاة منفردًا في المسجد: مذهب بعض تابعي مكة

(3)

وبعض تابعي الكوفة

(4)

............................................................

(1)

انظر: التمهيد (8/ 118) والمغني (1/ 799).

(2)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (130 - 134).

(3)

قال ابن أبي شيبة (2/ 398) حدثنا ابن علية عن أيوب السختياني قال: «رأيت عبد الله بن أبي مليكة يصلي بالناس في رمضان خلف المقام بمن صلى خلفه والناس بعد في سائر المسجد من بين طائف بالبيت ومصلٍ» وإسناده صحيح.

ابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 352) حدثنا ابن مرزوق وابن أبي شيبة (2/ 398) قالا حدثنا أبو داود عن شعبة عن أشعث بن بن سليم أبي الشعثاء قال: «أتيت مكة، وذلك في رمضان، في زمن ابن الزبير رضي الله عنهما، فكان الإمام يصلي بالناس في المسجد، وقوم يصلون على حدة في المسجد» وإسناده صحيح. أبو داود هو الطيالسي.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 398) حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، عن إبراهيم وعبد الرزاق (7745) عن الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم وابن أبي شيبة (2/ 398) حدثنا أبو الأحوص والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:«كان المتهجدون يصلون في ناحية المسجد، والإمام يصلي بالناس في رمضان» ورواته ثقات.

لكن ضعف الإمام أحمد رواية مغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال أبو حاتم عن أحمد حديث مغيرة مدخول عامة ماروى عن إبراهيم إنَّما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وعبيدة وغيرهم.

وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان وأبو الأحوص هو سلام بن سليم. وإبراهيم النخعي من صغار تابعي الكوفة.

ويأتي قول أشعث بن سليم رحمه الله: «أدركت أهل مسجدنا يصلي بهم إمام في رمضان ويصلون خلفه ويصلي ناس في نواحي المسجد فرادى» .

ص: 692

ومنهم سعيد بن جبير

(1)

وشَبَث بن ربعي التميمي

(2)

وبعض تابعي البصرة

(3)

ونسب لبعض تابعي المدينة

(4)

وروي عن طاووس بن كيسان

(5)

ونسب لسفيان الثوري

(6)

(1)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو عوانة، قال: لا أعلمه إلا عن أبي بشر، «أنَّ سعيد بن جبير، كان يصلي في رمضان في المسجد وحده، والإمام يصلي بهم فيه» وإسناده صحيح.

أبو بكرة هو بكار بن قتيبة وأبو داود هو الطيالسي وأبو عوانة هو الوضاح اليشكري وأبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية.

وروي عن إسماعيل بن عبد الملك قال: «كان سعيد بن جبير يؤمنا في شهر رمضان، فكان يقرأ بالقراءتين جميعًا، يقرأ ليلة بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه فكان يصلي خمس ترويحات، فإذا كان العشر الأواخر صلى ست ترويحات» انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 148).

تنبيه: روى عبد الرزاق (2022)، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، سمعته يقول:«لأنَّ أصلي مع إمام يقرأ: هل أتاك حديث الغاشية أحب إلي من أن أقرأ مائة آية في صلاتي» وإسناده صحيح.

إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وأبو سنان هو ضرار بن مرة.

قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 118) يحتمل أن يكون أراد صلاة الفريضة. قال أبو عبد الرحمن الأمر كما ذكر الحافظ أبو عمر وعلى هذا حمله عبد الرزاق فأخرجه في باب فضل الصلاة في جماعة.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 398) حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، قال:«رأيت شَبَث بن ربعي وناس معه يصلون وحدانًا في رمضان والناس في الصلاة، ورأيت شَبَثًا يصلي في سترة وحده» وإسناده صحيح.

حسين بن علي هو الجعفي وزائدة هو ابن قدامة.

(3)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال:«كانوا يصلون في رمضان، فيؤمهم الرجل، وبعض القوم يصلي في المسجد وحده» قال شعبة: سألت إسحاق بن سويد عن هذا، فقال:«كان الإمام هاهنا يؤمنا، وكان لنا صف يقال له: صف القراء، فنصلي وحدانًا والإمام يصلي بالناس» ورواته ثقات.

وتقدم تضعيف الإمام أحمد لرواية مغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي.

وأبو بكرة هو بكار بن قتيبة وإسحاق بن سويد بن هبيرة من تابعي البصرى وشعبة بن الحجاج من أتباع تابعي البصرة.

(4)

قال محمد بن نصر في مختصر قيام الليل ص: (212) عن أشعث بن سليم رحمه الله: «أدركت أهل مسجدنا يصلي بهم إمام في رمضان ويصلون خلفه ويصلي ناس في نواحي المسجد فرادى، ورأيتهم يفعلون ذلك في عهد ابن الزبير رضي الله عنه في مسجد المدينة» وأشعث بن سليم من تابعي الكوفة وتقدم قريبًا عنه مسندًا في صلاة أهل مكة.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 397) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن طاووس:«أنَّه كان يصلي معهم في شهر رمضان يصلي لنفسه ويركع ويسجد معهم» وإسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم ضعيف قال ابن حجر: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك. وسفيان هو الثوري.

(6)

قال محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (213) - قال قبيصة رحمه الله: «صلى خلفي سفيان رحمه الله ترويحة في رمضان ثم تنحي وصلى وحده ترويحة فجعل يقرأ ويرفع صوته حتى كاد يغلطني ثم صلى خلفي ترويحة أخرى ثم أخذ نعليه وقلة معه ثم خرج ولم ينتظر أن يوتر معي» ولم أقف عليه مسندًا.

ص: 693

وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري

(1)

.

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له، فكشف الستور، وقال: «أَلَا كُلُّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ» أو قال: «فِي الصَّلَاةِ»

(2)

.

وجه الاستدلال: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وبعض خلافة عمر رضي الله عنه كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون جماعات وأفرادًا في المسجد وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وإنَّما نهاهم عن رفع الصوت حتى لا تختلط على بعضهم القراءة

(3)

.

الرد: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم دليل على الجواز وأفضل من ذلك الصلاة جماعة في المسجد فهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم العملية وأفضل منهما الصلاة في البيت لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

الجواب: يأتي - آخر البحث - تقديم الفضيلة المتعلقة بذات العبادة على الفضيلة المتعلقة بمكانها فليست الصلاة في البيت أفضل مطلقًا ويحمل عليه اختلاف الصحابة رضي الله عنهم.

بقية الأدلة: بعض أدلة القول الثالث الآتية.

القول الثالث: الأفضل الصلاة في البيت: وهو مذهب الخلفاء الراشدين وابن عمر وابن عباس وأبي بن كعب رضي الله عنهم وسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد

(1)

قال محمد بن نصر - مختصر قيام الليل - ص: (213)«صلى أبو إسحاق الفزاري في مؤخر المسجد في رمضان إلى سارية والإمام يصلي بالناس وهو يصلي وحده» ولم أقف عليه مسندًا. وأبو إسحاق الفزاري كوفي.

(2)

رواه وأحمد (11486) وأبو داود (1332) والنسائي في الكبرى (8092) وإسناده صحيح.

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 9).

(3)

انظر: مسائل أحمد وإسحاق بن راهويه (2/ 838).

ص: 694

بن أبي بكر ونافع مولى ابن عمر

(1)

وإبراهيم بن يزيد النخعي

(2)

وروي عن عروة بن الزبير

(3)

وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد النخعيان

(4)

ونسب لمجاهد بن

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 396) حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، «أنَّه كان لا يقوم مع الناس في شهر رمضان» ، قال:«وكان سالم والقاسم لا يقومان مع الناس» وإسناده صحيح.

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 352) حدثنا يونس، قال: ثنا أنس، عن عبيد الله بن عمر، قال:«رأيت القاسم، وسالمًا، ونافعًا ينصرفون من المسجد في رمضان، ولا يقومون مع الناس» وإسناده صحيح.

ابن نمير هو عبد الله. ويونس هو ابن عبد الأعلى. وأنس هو ابن عياض. وعبيد الله بن عمر هو حفيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(2)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي حمزة، ومغيرة، عن إبراهيم، وعبد الرزاق (7744) عن الثوري، عن أبي حمزة، عن إبراهيم والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي حمزة، عن إبراهيم قال:«لو لم يكن معي إلا سورتان لرددتهما، أحب إلي من أن أقوم خلف الإمام في رمضان» ورواته ثقات.

ويأتي - قريبًا - قول الأعمش: «كان إبراهيم يؤمهم في المكتوبة، ولا يؤمهم في صلاة رمضان

».

أبو حمزة ميمون القصاب ضعيف لكنَّه متابع للثقة مغيرة بن مقسم. وتقدم تضعيف الإمام أحمد لرواية المغيرة عن إبراهيم النخعي.

تنبيه: في رواية مؤمل بن إسماعيل «لو لم يكن معي إلا سورة واحدة

» ومؤمل صدوق سيء الحفظ وخالف الثقة الثبت أبا نعيم الفضل بن دكين.

وفهد هو ابن سليمان وأبو بكرة هو بكار بن قتيبة.

(3)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا يونس، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة «أنَّه كان يصلي مع الناس في رمضان، ثم ينصرف إلى منزله، فلا يقوم مع الناس» وإسناده ضعيف.

عبد الله بن لهيعة ضعيف وبقية رواته ثقات. يونس هو ابن عبد الأعلى.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 397) حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، قال:«كان إبراهيم يؤمهم في المكتوبة، ولا يؤمهم في صلاة رمضان وعلقمة والأسود» .

ح حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، قال:«كان إبراهيم وعلقمة لا يقومان مع الناس في رمضان» مرسل رواته ثقات.

ذكر علي ابن المديني أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذين يفتى بقولهم ستة علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث الهمداني ثم قال ولم يلق الأعمش من هؤلاء أحدًا. ورواية الأعمش عن إبراهيم النخعي متصلة.

وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان.

ص: 695

جبر

(1)

ويحيى بن سعيد الأنصاري

(2)

وربيعة الرأي

(3)

وهو مذهب مالك

(4)

واختاره من الأحناف أبو يوسف

(5)

والطحاوي

(6)

واختاره الليث بن سعد

(7)

وهو وجه للشافعية

(8)

ورواية في مذهب الحنابلة

(9)

واختاره ابن عبد البر

(10)

.

الدليل الأول: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة - قال: حسبت أنَّه قال من حصير - في رمضان، فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم فقال: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ»

(11)

.

وجه الاستدلال: الحديث نص في أنَّ قيام رمضان في البيت أفضل منه جماعة في المسجد

(12)

.

الرد: عموم الحديث مخصوص بأحاديث أخرى كتحية المسجد وركعتي

(1)

قال محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (213) - عن مجاهد رحمه الله: «إذا كان مع الرجل عشر سور فليرددها ولا يقوم في رمضان خلف الإمام» ولم أقف عليه مسندًا.

(2)

قال ابن نصر - مختصر قيام الليل ص: (211) - قال مالك رحمه الله: رأيت يحيى بن سعيد مع الناس. وقال ص: (213) - قال يحيى بن أيوب رحمه الله: رأيت يحيى بن سعيد رحمه الله يصلي العشاء بالمدينة في المسجد مع الإمام في رمضان ثم ينصرف فسألته عن ذلك قال: «كنت أقوم ثم تركت ذلك فإن استطعت أن أقوم لنفسي أحب إلي» .

(3)

انظر: المدونة (1/ 222) ومختصر قيام الليل: ص: (212) والاستذكار (2/ 70).

(4)

انظر: المدونة (1/ 222) والتبصرة (2/ 820) والاستذكار (2/ 70) والشرح الكبير (1/ 315).

(5)

انظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 313) والمبسوط (2/ 196) وفتح القدير (1/ 408) وتبيين الحقائق (1/ 444).

(6)

انظر: شرح معاني الآثار (1/ 352).

(7)

انظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 314) والمغني (1/ 800).

(8)

انظر: الأم (1/ 142) والحاوي (2/ 291) ونهاية المطلب (2/ 355) ومغني المحتاج (1/ 316).

(9)

انظر: الفروع وتصحيحها (1/ 547) والإنصاف (2/ 181).

(10)

انظر: التمهيد (8/ 120).

(11)

رواه البخاري (731) ومسلم (781).

(12)

انظر: مختصر قيام الليل ص: (211) والحاوي (2/ 291) والمفهم (2/ 388).

ص: 696

الطواف وكذلك قيام رمضان لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد

(1)

.

الجواب من وجهين:

الأول: أغلب قيام النبي صلى الله عليه وسلم في بيته إلا إذا كان معتكفًا ورغب في صلاة النفل في البيت ونص على تفضيل قيام رمضان في البيت.

الثاني: الأصل تفضيل النفل في البيت لكن قد يكون في المسجد فاضلًا إذا ترتب عليه مصلحة شرعية.

الدليل الثاني: «كان أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي بهم في عهد عمر رضي الله عنه فإذا دخلت العشر تركهم»

(2)

.

الدليل الثالث: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أنَّه كان لا يقوم مع الناس في شهر رمضان»

(3)

.

(1)

انظر: البحر الرائق (2/ 120).

(2)

انظر: (ص: 702).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 396) حدثنا ابن نمير، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان قالا: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، ورواه عبد الرزاق (7743) عن عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، فذكره وإسناده صحيح.

عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المصغر ثقة وعبد الله بن عمر المكبر ضعيف وهو متابع لأخيه.

وفهد هو ابن سليمان وابن نمير هو عبد الله وأبو نعيم هو الفضل بن دكين.

ورواه البيهقي (2/ 494) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو عامر: موسى بن عامر حدثنا الوليد هو ابن مسلم أخبرنى عمر بن محمد عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أنَّه كان يقوم فى بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوة من ماء، ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلى فيه الصبح» وإسناده حسن.

موسى بن عامر بن عمارة ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر: صدوق له أوهام. وبقية رواته ثقات.

والوليد بن مسلم: مدلس تدليس تسوية لكن الرواة صرحوا بالسماع عدا عمر بن محمد.

وأبو بكر بن الحارث هو أحمد بن محمَّد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث. وأبو محمد بن حيان هو الحافظ أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان. وعمر بن محمد هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

تنبيه: قال محمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (212) - عن نافع رحمه الله: «كان ابن عمر رضي الله عنه يصلي العشاء في المسجد في رمضان ثم ينصرف، ونصلي نحن القيام، فإذا انصرفنا أتيته فأيقظته فقضى وضوءه وتسحيره ثم يدخل المسجد فكان فيه حتى يصبح» ولم أقف عليه مسندًا. ولفظه يخالف رواية البيهقي السابقة.

ص: 697

وجه الاستدلال: آثر أبي بن كعب وابن عمر رضي الله عنهم قيام رمضان في البيت على الصلاة في المسجد ومعهما ظاهر سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد من وجهين:

الأول: خالفهما جمهور الصحابة رضي الله عنهم حيث صلوا جماعة في المسجد ومنهم ابن مسعود رضي الله عنه.

الجواب: ليس كل الصحابة رضي الله عنهم قراء وابن مسعود رضي الله عنه كان إمامًا.

الثاني: يأتي الاستدلال بالأثرين لمن يرى التفضيل حسب المصلحة الشرعية سواء كانت الصلاة في البيت أو المسجد.

الدليل الرابع: عبد الرحمن بن عبدٍ القاري قال قال عمر رضي الله عنه: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون»

(1)

.

الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «دعاني عمر رضي الله عنه لأَتَغَدَّى عنده، فسمع هيعة

(2)

الناس حين خرجوا من المسجد، قال:«ما هي؟» قال: هيعة الناس حيث خرجوا من المسجد، قال عمر رضي الله عنه:«ما بقي من الليل خير مما ذهب منه»

(3)

.

الدليل السادس: عن أبي يزيد المديني، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما في قيام رمضان: «ما يتركون منه أفضل مما يقومون فيه»

(4)

.

(1)

رواه البخاري (2010).

(2)

قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (5/ 288) يعني الصياح والضجة.

(3)

رواه عبد الرزاق (7740) وابن أبي شيبة (2/ 396) يرويانه عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: فذكره وإسناده صحيح.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 396) حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي يزيد المديني، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما فذكره ورواته ثقات.

أبو يزيد اشتهر بكنيته سئل عنه الإمام أحمد فقال تسأل عن رجل روى عنه أيوب ووثقه يحيى بن معين ثقة.

وذكر المروزي - مختصر قيام الليل ص: (205) - عن عكرمة رحمه الله قال: كنَّا نصلي ثم أرجع إلى ابن عباس رضي الله عنهما فأوقظه فيصلي فيقول لي: «يا عكرمة هذه أحب إلي مما تصلون، ما تنامون من الليل أفضله يعني آخره» ولم أقف عليه مسندًا.

ص: 698

وجه الاستدلال: آثر عمر وابن عباس رضي الله عنهم قيام رمضان في البيت على القيام في المسجد جماعة

(1)

.

الرد: ليس فيه تفضيل الصلاة في البيت مطلقًا إنَّما تفضيل صلاة آخر الليل منفردًا على صلاة أول الليل جماعة في المسجد.

الدليل السابع: لم يكن الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم يصلون قيام رمضان في المسجد قال الليث بن سعد: «ما بلغنا أنَّ عمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه كانا يقومان في رمضان مع الناس في المسجد»

(2)

.

وقال ابن عبد البر: جاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنَّهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد ولم يجئ عنهما أنَّهما كانا يقومان معهم

(3)

.

الرد: من تخلف من الصحابة رضي الله عنهم إما لعذر أو لأنَّ الصلاة في البيت أفضل في اجتهاده وهو معارض بما هو أولى منه وهو اتفاق الجم الغفير من الصحابة رضي الله عنهم على خلافه

(4)

.

الجواب من وجهين:

الأول: الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم أعلم الناس وأحرصهم على الخير فلو كان القيام جماعة في المسجد أفضل مطلقًا لفعلوه كما كانوا يحافظون على الإمامة في الفريضة في المسجد.

الثاني: تقدم أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون في المسجد متفرقين وجمعهم عمر رضي الله عنه ولا شك أنَّ صلاتهم جماعة أفضل من صلاتهم جماعات.

الدليل الثامن: القيام في رمضان تطوع والتطوع في البيوت أفضل -

(5)

- لكنَّ

(1)

انظر: المفهم (2/ 388).

(2)

مختصر قيام الليل ص: (211).

(3)

الاستذكار (2/ 71).

(4)

انظر: البحر الرائق (2/ 120).

(5)

انظر: (ص: 532).

ص: 699

تقدم أنَّ إحياء المساجد بقيام رمضان على الكفاية فإذا حصلت السنة رجعنا إلى الأصل وهو تفضيل الصلاة في البيت لما في ذلك من المصالح الشرعية

(1)

.

الرد: الفضيلة التي تتعلق بالعبادة مقدمة على ما يتعلق بمكانها فإذا وجدت مصلحة شرعية في الصلاة في المسجد فضلت على صلاة البيت.

الدليل التاسع: في القيام في البيت مصلحة مراجعة المصلي لما يحفظه من القرآن حتى لا ينساه.

الرد: كالذي قبله.

الدليل العاشر: الصلاة في البيت مظنة تدبر القراءة وحصول الخشوع الذي هو لب الصلاة وعليه مدار الثواب

(2)

.

الرد: كالذي قبله.

القول الرابع: الأفضل ما رجحت مصلحته في البيت أو المسجد: قال به الأوزاعي

(3)

وروي عن الحسن البصري

(4)

(1)

انظر: التمهيد (8/ 120).

(2)

انظر: التمهيد (8/ 120).

(3)

رواه البيهقي في شعب الإيمان (3/ 180) أخبرنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق القرشي بهراة، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو عمير بن النحاس، قال: قال ضمرة بن ربيعة: سألت الأوزاعي عن الصلاة في شهر رمضان في البيت أو في المسجد؟ فقال: «حيث كان أكثر لصلاته فليلزمه» وإسناده صحيح. أبو عمير بن النحاس هو عيسى الرملي.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 397) حدثنا قطن بن عبد الله أبو مري، عن نصر المعلم، قال: حدثني عمر بن عثمان، قال: سألت الحسن فقلت: يا أبا سعيد يجيء رمضان، أو يحضر رمضان، فيقوم الناس في المساجد، فما ترى أقوم مع الناس أو أصلي أنا لنفسي؟ قال:«تكون أنت تفوه القرآن أحب إلي من أن يفاه عليك به» وإسناده ضعيف.

في إسناده أبو مري قطن بن عبد الله ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في تاريخه وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ونصر المعلم ترجم له في الميزان ولسانه فقال: نصر المعلم عن مالك بن دينار مجهول انتهى وذكره ابن حبان في الثقات فقال: نصر بن نجيح الأشعري من أهل البصرة أحسبه الذي يقال له نصر المعلم روى عن موسى بن أنس ومالك بن دينار روى عنه مؤمل بن إسماعيل وقال أبو حاتم لا أعرفه.

قال ابن نصر - مختصر قيام الليل ص: (212) - صالح المري رحمه الله: سأل رجل الحسن رحمه الله: يا أبا سعيد، هذا رمضان أظلني وقد قرأت القرآن فأين تأمرني أن أقوم، وحدي أم أنضم إلى جماعة المسلمين فأقوم معهم؟ فقال له:«إنَّما أنت عبد مرتاد لنفسك فانظر أي الموطنين كان أوجل لقلبك وأحسن لتيقظك فعليك به» قال الحسن رحمه الله: «من استطاع أن يصلي مع الإمام ثم يصلي إذا روح الإمام بما معه من القرآن فذلك أفضل، وإلا فليصل وحده إن كان معه قرآن حتى لا ينسى ما معه» ولم أقف عليه مسندًا.

ص: 700

وهو - في ما ظهر لي - وجه للشافعية

(1)

ويمكن أن ينسب هذا القول لابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر رضي الله عنهم وكذلك يمكن أن ينسب لمن كان يصلي وحده في المسجد من تابعي الكوفة كسعيد بن جبير وشَبَث بن ربعي وغيرهما وبعض تابعي مكة وكذلك ما نسب لمجاهد بن جبر وبعض تابعي البصرة وما روي عن طاووس بن كيسان وما نسب لبعض تابعي المدينة وسفيان الثوري وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري فتحمل صلاتهم في المسجد منفردين ومن أمر منهم ممن معه شيء من القرآن بالصلاة منفردًا تحصيلًا للمصلحة الشرعية الخاص بالمصلي.

وكذلك ما تقدم عن إبراهيم النخعي في تركه الإمامة في قيام رمضان وماروي عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد والله أعلم.

الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» .

وجه الاستدلال: في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم من المصلحة الشرعية ما ليس بخافٍ وتركها لمصلحة أعلى منها والله أعلم فتحصيل الأكثر مصلحة مقدم على مكان الصلاة والله أعلم.

الدليل الثاني: عن مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أصلي خلف الإمام في رمضان؟ قال: «أتقرأ القرآن؟» قال: نعم قال: «أفتنصت كأنَّك حمار؟ صل في بيتك»

(2)

.

(1)

قال العراقي في طرح التثريب (3/ 96) فصَّل بعض الشافعية فقال إن كان حافظًا للقرآن ولا يخاف الكسل عنها ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فالانفراد، وإن فقد بعض هذا فالجماعة أفضل ففي المسألة عند الشافعية ثلاثة أوجه.

وانظر: التهذيب (2/ 233) والبيان (2/ 277) والنجم الوهاج (2/ 309).

(2)

رواه عبد الرزاق (7742) عن الثوري، وابن أبي شيبة (2/ 397) حدثنا وكيع، عن سفيان، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 351) حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره وإسناده صحيح.

أبو بكرة هو بكار بن قتيبة ومؤمل هو ابن إسماعيل ومنصور هو ابن المعتمر.

ص: 701

وجه الاستدلال: رجح ابن عمر رضي الله عنه صلاة القارئ في بيته وفعله رضي الله عنه لما في ذلك من المصالح الشرعية المتعلقة بالمصلي والله أعلم.

الدليل الثالث: عن زيد بن وهب، قال:«كان عبد الله رضي الله عنه يؤمنا في رمضان وينصرف وعليه ليل» .

وجه الاستدلال: ابن مسعود رضي الله عنه أقرؤهم لكتاب الله ومن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فصلاته إمامًا راجحة على صلاته منفردًا في بيته والله أعلم.

الدليل الرابع: «كان أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي بهم في عهد عمر رضي الله عنه فإذا دخلت العشر تركهم»

(1)

.

وجه الاستدلال: أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي العشر الأواخر منفردًا تقديمًا لمصلحته الخاصة والله أعلم.

الدليل الخامس: من القواعد الفقهية: الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من المتعلقة بمكانها

(2)

فإذا كان يترتب على الصلاة في المسجد مصالح شرعية تتعلق بالصلاة فيقدمها المصلي على الصلاة في البيت والله أعلم فالمفضول يكون فاضلًا لأمر آخر.

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب قيام رمضان في البيت إذا كان المصلي يقوى على ذلك ويحافظ على القيام لخصوص حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وعموم أدلة تفضيل صلاة النافلة في البيت لكن إذا كان يترتب على الصلاة في المسجد

(1)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (77 - 80).

(2)

انظر: المغني (3/ 388) والمجموع (8/ 39، 43) والأشباه والنظائر للسبكي (1/ 214) ومجموع الفتاوى (26/ 122) وشرح عمدة الفقه لابن تيمية/ المناسك (2/ 442) والمبدع (3/ 216) والمنثور (1/ 301) وهداية السالك (3/ 963) والأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 100) والشرح الممتع (7/ 280).

ص: 702

مصلحة شرعية تتعلق بالمصلي كأن يحافظ على عدد الركعات وقدرها أو تتعلق بالمصلين كانتفاعهم بحضوره فيصلي في المسجد فالشريعة أتت بتحصيل المصالح وتكثيرها والله أعلم.

ص: 703

‌الباب السادس

صلاة الجماعة

ص: 705

‌تمهيد

الفصل الأول: أقل الجماعة.

الفصل الثاني: انعقاد الجماعة بالصغير المميز في النفل.

الفصل الثالث: انعقاد الجماعة بالصغير المميز في الفرض.

الفصل الرابع: الحكم الوضعي لصلاة المنفرد خلف الصف.

ص: 707

‌الفصل الأول

أقل الجماعة

أقل الجماعة اثنان: قال به إبراهيم بن يزيد النخعي

(1)

وهو مذهب الأحناف

(2)

والمالكية

(3)

والشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

والبخاري

(6)

وابن ماجه

(7)

والدارقطني

(8)

والبيهقي

(9)

وابن حزم

(10)

وهو إجماع في الجملة.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(11)

.

وجه الاستدلال: جعل هذا الفضل لغير الفذ وما زاد على الفذ فهو جماعة

(12)

.

الرد: رتب هذا الفضل لصلاة الجماعة وليس فيه تعرض لنفي درجة متوسطة

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 531) حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام الدستوائي، عن حماد، عن إبراهيم، قال:«إذا صلى الرجل مع الرجل فهما جماعة، لهما التضعيف خمس وعشرون درجة» وإسناده صحيح.

(2)

قال السمرقندي في تحفة الفقهاء (1/ 227) أقل الجماعة في غير صلاة الجمعة الاثنان.

وانظر: بدائع الصنائع (1/ 156) والبحر الرائق (1/ 604) والجوهرة النيرة (1/ 158).

(3)

انظر: شرح التلقين (2/ 712) وشرح زروق على الرسالة (1/ 203) وشرح ابن ناجي على الرسالة (1/ 199).

(4)

انظر: الحاوي (2/ 303) والمجموع (4/ 196) وأسنى المطالب (1/ 210) ونهاية المحتاج (2/ 133).

(5)

قال السامري في المستوعب (2/ 300) أقل الجماعة اثنان ممن تجب عليهم الصلاة وتنعقد الجماعة في صلاة النافلة برجل وصبي أحدهما الإمام.

وانظر: الكافي (1/ 174) وكشاف القناع (1/ 453) وشرح منتهى الإرادات (1/ 321).

(6)

بوب في صحيحه - فتح الباري - (2/ 142) بابٌ: اثنان فما فوقهما جماعة.

(7)

بوب في سننه (1/ 311): بابٌ الاثنان جماعة.

(8)

بوب في سننه (1/ 280): بابٌ الاثنان جماعة.

(9)

بوب في سننه (3/ 67): بابُ الاثنين فما فوقهما جماعة.

(10)

انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 440).

(11)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(12)

انظر: طرح التثريب (2/ 296).

ص: 708

بين الفذ والجماعة كصلاة الاثنين مثلًا

(1)

.

الجواب: روي نص صريح بأنَّ الاثنين جماعة

(2)

.

الرد: يأتي أنَّه لا يصح.

الدليل الثاني: حديث أنَّ رجلًا جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ»

(3)

.

(1)

انظر: طرح التثريب (2/ 296).

(2)

انظر: طرح التثريب (2/ 296).

(3)

جاء من:

1: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. 2: حديث سلمان رضي الله عنه. 3: حديث أنس رضي الله عنه. 4: حديث عصمة بن مالك الخطمي. 5: حديث أبي أمامة رضي الله عنه.

الحديث الأول: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: من رواية سليمان الأسود الناجي عن أبي المتوكل علي بن داود الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ورواه عن سليمان الأسود الناجي:

1: وهيب بن خالد. 2: سعيد بن أبي عروبة. 3: علي بن عاصم.

أولًا: رواية وهيب بن خالد: رواه أحمد (11219) والدارمي (1371) قالا أخبرنا عفان بن مسلم وابن المنذر في الأوسط (4/ 246) حدثنا محمد بن إسماعيل [الصائغ]، قال: ثنا عفان وأبو داود (574) حدثنا موسى بن إسماعيل، والحاكم (1/ 209) حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي، بمرو، حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل والدارمي (1370) أخبرنا سليمان بن حرب وابن الجارود في المنتقى (330) حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا سليمان بن حرب وابن حبان (2398) أخبرنا عبد الله بن محمد بن مرة بالبصرة، ح (2397) أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة، قالا: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قالوا: حدثنا وهيب، حدثنا سليمان الأسود الناجي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ رجلًا جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره وإسناده صحيح.

ورواه الطبراني في الأوسط (2174) حدثنا أحمد قال: نا الحسين بن يونس بن مهران الزيات قال: نا أحمد بن إسحاق الحضرمي قال: نا وهيب، عن خالد الحذاء، عن سليمان الأسود، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رجلًا جاء وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ورواته ثقات.

قال الطبراني: لم يدخل بين وهيب وسليمان الأسود خالدًا الحذاء أحد ممن روى هذا الحديث عن وهيب إلا أحمد بن إسحاق الحضرمي.

شيخ الطبراني أحمد بن يحيى بن زهير التستري وأحمد بن إسحاق الحضرمي ثقتان وحسين بن يونس الزيات أيضًا ثقة وثقه الطحاوي في شرح المشكل فهذه الرواية شاذة تخالف رواية الجمهور عن وهيب عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل والله أعلم.

ثانيًا: رواية سعيد بن أبي عروبة: اختلف عليه فرواه:

1: ابن أبي شيبة (2/ 322) حدثنا عبدة بن سليمان والترمذي (220) حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة وابن خزيمة (1632) نا هارون بن إسحاق الهمداني، نا عبدة ح (1632) ثنا بندار، نا عبد الأعلى وأحمد (10636) حدثنا محمد بن أبي عدي وأبو يعلى (1057) حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي وابن حبان (2399) أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا ابن أبي عدي وعبد بن حميد في المنتخب (934) حدثنا محمد بن بشر العبدي وأحمد (11016) حدثنا محمد بن جعفر يروونه عن سعيد بن أبي عروبة، عن سليمان الناجي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: فذكره وإسناده صحيح.

سعيد بن أبي عروبة ثقة مختلط لكن روى عنه الحديث عبدة بن سليمان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وهما من أحفظ الناس لحديثه ورواية محمد بن إبراهيم بن أبي عدي عنه في الصحيحين ورواية محمد بن بشر عنه في مسلم. وسماع محمد بن جعفر منه بعد الاختلاط قاله ابن مهدي. وهناد هو ابن السرِي التميمي وبندار هو محمد بن بشار.

2: قال الدارقطني في علله (11/ 348): رواه خالد بن عبد الله الواسطي، من رواية ابنه محمد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه. وتابعه سعدويه عن عباد بن العوام، عن سعيد، عن قتادة، وكلاهما وهم.

سعدويه هو سعيد بن سليمان الضبي وهو ثقة وكذلك عباد بن العوام الكلابي.

3: قال الدارقطني: الصحيح قول من قال:، عن سعيد، عن قتادة، عن سليمان الناجي.

ولم أقف على هذه الرواية في الأحاديث المسندة ولم يشر لرواية قتادة عن سليمان الناجي أهل العلم في كتب التخريج فإن لم يقع تصحيف في العلل فالذي يظهر لي أنَّ الحديث محفوظ من رواية سليمان الناجي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه وهي رواية وهيب بن خالد والمحفوظ عن سعيد بن أبي عروبة عن سليمان الناجي وتابعهما علي بن عاصم في الرواية التالية:

ثالثًا: رواية علي بن عاصم: رواه أحمد (11399) حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا سليمان الناجي، أخبرنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر، قال: فدخل رجل من أصحابه رضي الله عنهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«مَا حَبَسَكَ يَا فُلَانُ عَنِ الصَّلَاةِ؟» قال: فذكر شيئًا اعتل به، قال: فقام يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» قال: فقام رجل من القوم فصلى معه» وإسناده حسن وفي متنه شذوذ.

علي بن عاصم بن صهيب الواسطي لخص حاله الحافظ ابن حجر فقال: صدوق يخطاء ويصر. فحفظ علي بن عاصم أصل الحديث وخالف الثقات فزاد تسمية الصلاة ومعاتبة النبي صلى الله عليه وسلم للرجل.

وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حسنه الترمذي وصححه ابن المنذر في الأوسط (4/ 248) وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حجر في الفتح (2/ 142).

تنبيه: قال الدارقطني في العلل (11/ 348) حدث معلى بن عباد، وكان ضعيفًا عن شعبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. فقتادة تابع سليمان الناجي وتقدم أنَّ المحفوظ عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه والله أعلم.

الحديث الثاني: حديث سلمان رضي الله عنه: رواه أبو عثمان عبد الرحمن بن مَلِّ النهدي واختلف عليه في وصله وإرساله:

أولًا: الموصول: رواه البزار (2538) - وعنه الطبراني في الكبير (6/ 312) - حدثنا محمد بن أشرس، قال: أخبرنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، قال: أخبرنا الحسن بن أبي جعفر، عن ثابت، عن أبي عثمان، عن سلمان رضي الله عنه، أنَّ رجلًا دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فقال:«أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ» وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن أشرس كناه البزار في موضع آخر بأبي كنانة. قال الذهبي: محمد بن أشرس، أبو كنانة السلمي له مناكير ليس بشيء.

وأبو جابر محمد بن عبد الملك ضعيف قال أبو حاتم أدركته وليس بقوي وذكره ابن حبان في الثقات.

والحسن بن أبي جعفر ضعفه شديد قال عمرو بن علي صدوق منكر الحديث كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه وقال إسحاق بن منصور ضعفه أحمد وقال البخاري منكر الحديث وقال الترمذي ضعفه يحيى بن سعيد وغيره وقال النسائي ضعيف وقال في موضع آخر متروك. وترك عبد الرحمن بن مهدي حديثه ثم حدث عنه وقال ابن عدي وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب وهو صدوق. وثابت هو البناني.

فرفع الحديث منكر والله أعلم.

ثانيًا: المرسل: رواه عبد الرزاق (3427) عن الثوري ح (3428) عن معمر، والثوري وابن أبي شيبة (2/ 322) حدثنا هشيم - وتابعهم زياد الجصاص - علل الدارقطني (11/ 348) وهو ضعيف - عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وحده فقال:«أَلَا أَحَدٌ يَحْتَسِبُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟» مرسل إسناده صحيح.

فالذي يترجح لي إرسال الحديث وهي رواية الثوري وهشيم ومعمر ورفعه منكر والخطأ من الحسن بن أبي جعفر أو من دونه والله أعلم.

وهشيم بن بشير صرح بسماعه من سليمان بن طرخان التيمي.

الحديث الثالث: حديث أنس رضي الله عنه: رواه الطبراني في الأوسط (7286) حدثنا محمد بن العباس الأخرم والدارقطني (1/ 276) حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قالا: نا عمر بن محمد بن الحسن، ثنا أبي، نا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أنَّ رجلًا جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقام يصلي وحده، فقال صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ؟» وإسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن حماد بن سلمة إلا محمد بن الحسن الأسدي.

وعمر بن محمد بن الحسن المعروف بابن التل قال أبو حاتم محله الصدق وقال النسائي صدوق وقال الدارقطني ثقة وقال مسلمة صدوق ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال يعتبر بحديثه ما حدث من كتاب أبيه - وهذا منه - فإنَّ في روايته التي كان يرويها من حفظه بعض المناكير. وأبوه التل محمد بن الحسن بن الزبير قال أبو حاتم وابن معين شيخ وفي رواية عنه ليس بشيء وقال أبو داود صالح يكتب حديثه وقال يعقوب بن سفيان ضعيف وقال العقيلي لا يتابع على حديثه وقال ابن عدي له أحاديث أفراد وحدث عنه الثقات ولم أر بحديثه بأس. فتفرد ابن التل بالحديث يدل على نكارته والله أعلم.

الحديث الرابع: حديث عصمة بن مالك الخطمي رضي الله عنه: رواه الطبراني (17/ 178) حدثنا أحمد بن رشدين المصري، ثنا خالد بن عبد السلام الصدفي، ثنا الفضل بن المختار، عن عبد الله بن موهب، عن عصمة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى الظهر وقعد في المسجد إذ جاء رجل فدخل يصلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يُصَلِّي مَعَهُ؟» وإسناده ضعيف جدًا.

أحمد بن رشدين ضعيف ترجم له ابن حجر في لسان الميزان فقال أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد أبو جعفر المصري قال ابن عدي كذبوه وأنكرت عليه أشياء

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل سمعت منه بمصر ولم أحدث عنه لما تكلموا فيه وقال ابن يونس

كان من حفاظ الحديث وأهل الصنعة

وقال ابن عدي سمعت محمد بن سعد السعدي يقول سمعت أحمد بن شعيب النسائي يقول كان عندي أخو ميمون وعدة فدخل ابن رشدين يعني أبا جعفر فصفقوا به وقالوا له يا كذاب فقال لي ابن رشدين ألا ترى ما يقول هؤلاء فقال له أخو ميمون أليس أحمد بن صالح أمامك قال بلى فقال سمعت علي بن سهل يقول سمعت أحمد بن صالح يقول: إنَّك كذاب.

وخالد بن عبد السلام وثقه ابن يونس في تاريخه وقال أبو حاتم صالح الحديث.

وأبو سهل الفضل بن المختار، البصري ضعفه شديد قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة، يحدث بالاباطيل. وقال الأزدي: منكر الحديث جدًا وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة، عامتها لا يتابع عليها.

وترجم الحافظ في الإصابة (2/ 482) لعصمة بن مالك الخطمي رضي الله عنه فقال: له أحاديث أخرجها الدارقطني والطبراني وغيرهما مدارها على الفضل بن مختار وهو ضعيف جدًا. فالحديث منكر.

الحديث الخامس: حديث أبي أمامة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي فقال: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يُصَلِّي مَعَهُ؟» فقام رجل فصلى معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَذَانِ جَمَاعَةٌ» وهو حديث منكر يأتي قريبًا.

ص: 709

الدليل الثالث: في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه «وَصَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تبارك وتعالى»

(1)

.

وجه الاستدلال: تحصل فضيلة الجماعة بصلاة الرجلين فدل ذلك على أنَّ أقلها اثنان

(2)

.

الدليل الرابع: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخْلَفَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ»

(3)

.

الدليل الخامس: في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ،

»

(4)

.

الدليل السادس: في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: «قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ،

»

(5)

.

(1)

انظر: (ص: 311).

(2)

انظر: شرح البخارى لابن بطال (2/ 284) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 447) وفتح الباري لابن رجب (6/ 38).

(3)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(4)

رواه مسلم (772).

(5)

رواه أحمد (23460) وغيره بإسناد حسن.

وللزيادة انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 223).

ص: 712

وجه الاستدلال: صلى الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على انعقاد الجماعة باثنين

(1)

.

الدليل السابع: عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا»

(2)

.

(1)

انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 440).

(2)

الحديث من رواية أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه ورواه عن أبي قلابة أيوب السختياني وخالد الحذاء واختلفا في لفظه:

أولًا: رواية أيوب بن أبي تميمة السختياني: رواه عنه:

1: إسماعيل بن إبراهيم ابن علية: عند أحمد (15171) والبخاري (6008) ومسلم (674) والنسائي (635) وابن خزيمة (398) والدارقطني (1/ 272) وابن حبان (1658)(1872).

2: حماد بن زيد: عند أحمد (20006) والبخاري (819).

3: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: عند الشافعي في الأم (1/ 158) وإسحاق بن راهويه في المسند (4021) والبخاري (631) ومسلم (674) وابن خزيمة (397).

4: هيب بن خالد: عند البخاري (628) والدارمي (1251) وفي روايات بعضهم اختصار.

ولفظه: قال مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنَّا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، وكان رفيقًا رحيمًا، فقال:«ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» .

ثانيًا: رواية خالد بن مهران الحذاء: رواه عنه:

1: إسماعيل بن إبراهيم ابن عليه: عند أحمد (15174) وأبي داود (589) والنسائي (669) والسراج (1259) وابن حبان (2129) والطبراني في الكبير (19/ 289).

2: يزيد بن زريع: عند البخاري (658) وابن ماجه (979) ولفظه عنهما: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا»

3: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: رواه إسحاق بن راهويه المسند (4020) وعنه مسلم (674) والبيهقي (3/ 67) بإسناده عن إسحاق وابن خزيمة (1510) عن محمد بن بشار يرويانه عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده، قال لنا:«إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» .

عبد الوهاب الثقفي قال أبو داود والعقيلي تغير في آخر عمره، قال الذهبي: لكنَّه ما ضر تغيره حديثه، فإنَّه ما حدث بحديث في زمن التغير.

تنبيه: رواه الطبراني في الكبير (19/ 288) حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا أبي، أبنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا حليمًا، فظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا واشتهيناهم، فسألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه، فقال:«ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ وَأَقِيمُوا عِنْدَهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ» ، وقال:«إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» .

ومحمد بن إسحاق بن راهويه ثقة لكنَّه خلف في لفظه الثقات ممن رووه عن أبيه وممن رووه عن خالد الحذاء بلفظ التثنية فروايته شاذة والله أعلم.

4: سفيان الثوري: واختلف عليه في لفظه فرواه:

1): ابن أبي شيبة (1/ 217) ومحمود بن غيلان عند الترمذي (205) وسلم بن جنادة عند ابن خزيمة (396) يرويانه عن وكيع، عن سفيان، به قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال لنا:«إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» .

2): إسحاق بن راهويه: عند السراج (1254) عن وكيع، ثنا سفيان، به إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له:«إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَ أَكْبَرُكُمَا» .

3): حاجب بن سليمان: عند النسائي (634)(781) عن وكيع، عن سفيان، به قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي - وقال مرة أخرى: أنا وصاحب لي - فقال: «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» .

فاختلف أصحاب وكيع في بعض لفظه وكذلك خالف وكيع محمد بن يوسف.

4): محمد بن يوسف الفريابي: عند البخاري (630) عن سفيان، قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» محمد بن يوسف ثقة أخطأ في شيء من حديث الثوري ووكيع مقدم عليه.

5: أبو شهاب عبد ربه بن نافع: عند البخاري (2848) قال: «انصرفت من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لنا أنا وصاحب لي: «أَذِّنَا، وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» .

وأبو شهاب صدوق.

6: شعبة بن الحجاج: عنه محمد بن جعفر عند أحمد (20007)«أتوا النبي صلى الله عليه وسلم هو وصاحب له، أو صاحبان له، فقال أحدهما: صاحبين له أيوب أو خالد، فقال لهما: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا، وَصَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي» .

ورواه السراج (1255) حدثنا أحمد بن منصور، ثنا النضر بن شميل، أبنا شعبة، «هو وصاحب له» من غير شك.

والنضر بن شميل من أروى الناس عن شعبة ومحمد بن جعفر أحفظ منه لحديث شعبة لكن تُقدم روايةُ النضر بن شميل لأنَّها توافق رواية الجماعة عن خالد الحذاء والله أعلم.

7: حفص بن غياث: عند ابن خزيمة (395) قال «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجل فودعنا، ثم قال: «إِذَا سَافَرْتُمَا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» . وحفص بن غياث ثقة تغير بآخره.

8: وهب بن بقية: عند ابن حبان (2128) قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، أنا وصاحب لي، فقال: «إذا صَلَّيْتُمَا، فَأَذِّنَا، وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» . وهب بن بقية ثقة.

9: حماد بن سلمة: عند الطبراني في الكبير (19/ 288) قال: «إِذَا كُنْتَ مَعَ صَاحِبِكَ فَأَذِّنْ وَأَقِمْ وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» .

حماد بن سلمة ثقة تغير بآخره.

10: مسلمة بن محمد: عند أبي داود (589) قال له: أو لصاحب له: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا» .

مسلمة بن محمد ضعيف.

فاتفق الرواة عن خالد الحذاء على أصل الحديث «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا» .

واختلفوا في بعض ألفاظه ففي بعضها «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال» وفي بعضها «أنا وابن عم لي، فقال لنا «وفي بعضها» أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر وفي بعضها «أنا ورجل فودعنا» ، ثم قال:

قال ابن رجب في الفتح (5/ 362) رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة تخالف رواية أيوب عن أبي قلابة في ألفاظ عديدة من هذا الحديث.

قال الامام أحمد: لا أعلم أحدًا جاء به إلا خالد - يعني: في الأذان والإقامة في السفر -، وقال: هذا شديد على الناس: انتهى.

ومن الإشكال في الحديث ظاهره يؤذن كل واحد من المسافرين ويقيم وبوب النسائي في الصغرى (2/ 21) وفي الكبرى (1/ 508) على ظاهر الحديث ب: إقامة كل واحد لنفسه.

فالذي يترجح لي رواية أيوب السختياني لجلالة قدره فهو أحفظ من خالد الحذاء ومقدم عليه قال أبو حاتم: أيوب السختياني أحب إلى في كل شيء من خالد وهو ثقة لا يسأل عن مثله وأيضًا لم يختلف على أيوب في لفظه بخلاف خالد الحذاء.

وأكثر أهل العلم على الجمع بين الروايات واختلفوا في الجمع:

الأول: يحمل على التعدد: قال القرطبي في المفهم (2/ 300) يحتمل أن يكون في وفادتين أو في وفادة واحدة غير أنَّ ذلك الفعل تكرر منه ومن النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر والله أعلم. وقال ابن الملقن في التوضيح (6/ 379) يحتمل كما قال القرطبي. وقال عياض في إكمال المعلم (2/ 654) وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناس ونحن شببة متقاربون وفي الآخر: «وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي» أن يكونا حديثين فى وفادتين والله أعلم. وقال ابن حجر في الفتح (2/ 112) حمل اختلاف ألفاظ الحديث على تعدد القصة وهو بعيد.

الثاني: يحمل على اختلاف الأحوال: قال ابن الملقن في التوضيح (6/ 380) قوله: شببة أو نفر: يحتمل أنَّ ذلك وقت قدومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنَّه لما أراد السفر جاء هو وصاحب له وهو ابن العم، كما جاء في أخرى.

قال أبو عبد الرحمن: وهذا التوجيه أولى من الذي قبله لكن مخرج الحديث واحد فهي قصة واحدة والله أعلم.

وقال الكشميري في فيض الباري (2/ 234) من ههنا اندفع التناقض بين صيغة التثنية والجمع، فإنَّ الأولى محمولة على الطريق، والثانية على بلوغهم إلى وطنهم.

الثالث: الاختلاف من باب الالتفات: قال الكشميري في فيض الباري (2/ 234) الراوي قد يراعي نفسه وابن عمه بالتثنية، وقد يراعي نفسه مع رفقائه، فيأتي بالجمع.

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 112) قال الكرماني قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع والمراد واحد كقوله يا حرسي اضربا عنقه وقوله قتله بنو تميم مع أنَّ القاتل والضارب واحد.

الرابع: الاختلاف من تصرف الرواة: قال ابن حجر في الفتح (2/ 142) اعترض أيضًا على أصل الاستدلال بهذا الحديث بأنَّ مالك بن الحويرث رضي الله عنه كان مع جماعة من أصحابه رضي الله عنه فلعل الاقتصار على التثنية من تصرف الرواة والجواب أنَّهما قضيتان.

وتقدم استبعاد الحافظ ابن حجر لتعدد القصة فاختلف اجتهاده في الجمع بين الروايتين والله أعلم.

وتقدم ترجيح رواية أيوب السختياني بلفظ الجمع على رواية الحذاء بالتثنية والله أعلم.

ص: 713

وجه الاستدلال: لو استوت صلاتهما معًا مع صلاتهما منفردين لاكتفى بأمرهما بالصلاة

(1)

.

الرد: الرواية السابقة رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه ورواية أيوب السختياني عن أبي قلابة بلفظ الجمع وهي أرجح.

الدليل الثامن: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ»

(2)

.

(1)

انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 440) وفتح الباري (2/ 142).

(2)

روي من:

1: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. 2: حديث أبي أمامة رضي الله عنه. 3: حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. 4: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. 5: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. 6: حديث الحكم بن عمير الثمالي. 7: حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 8: مرسل الوليد بن عبد الرحمن بن أبي مالك.

الحديث الأول: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: رواه ابن أبي شيبة (2/ 531) حدثنا يزيد بن هارون وابن ماجه (972) حدثنا هشام بن عمار وأبو يعلى (7223) حدثنا خالد بن مرداس والدارقطني (1/ 280) حدثنا محمد بن هارون الحضرمي نا أبو مسلم عبد الرحمن بن واقد والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 308) حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، وموسى بن إسماعيل، والحاكم (4/ 334) حدثنا أبو بكر بن إسحاق، الفقيه أنبأ محمد بن أيوب، أنبأ موسى بن إسماعيل والعقيلي في الضعفاء (2/ 53) حدثنا بشر بن موسى الأسدي قال: حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني والبيهقي (3/ 69) أخبرنا أبو أحمد: الحسين بن على بن محمد بن علوشا الأسدأباذي بها أخبرنا أبو بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان هو القطيعي حدثنا أبو علي: بشر بن موسى حدثنا أبو زكريا يعني يحيى بن إسحاق قالوا: حدثنا عليلة الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

الحديث مداره على الربيع بن بدر بن عمرو بن جراد التميمي الملقب بعليلة عن أبيه عن جده.

والربيع بن بدر ضعفه شديد قال ابن معين: ليس بشيء وقال النسائي: متروك وقال ابن عدي: عامة رواياته لا يتابع عليها وقال السعدي واهي الحديث وقال الدارقطني منكر الحديث. وبدر بن عمرو وأبوه قال الذهبي مجهولان. فالحديث منكر.

قال البيهقي: كذلك رواه جماعة عن عليلة وهو الربيع بن بدر وهو ضعيف والله أعلم.

وضعف إسناده ابن الملقن في التوضيح (6/ 440) وابن رجب في الفتح (6/ 38) وقال النووي في الخلاصة (2335) ضعيف جدًا. وضعفه ابن حجر في التلخيص (1395) وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (4/ 440) وقال الألباني في الإرواء (489) إسناد واهٍ جدًا.

الحديث الثاني: حديث أبي أمامة رضي الله عنه: رواه عنه القاسم بن عبد الرحمن الشامي ورواه عنه:

1: علي بن يزيد الألهاني. 2: جعفر بن الزبير الشامي. 3: يحيى بن الحارث الذماري.

أولًا: رواية علي بن يزيد الألهاني وجعفر بن الزبير الشامي: رواه أحمد (21685) حدثنا علي بن إسحاق ح (21813) حدثنا هشام بن سعيد والطبراني في الكبير (8/ 252) حدثنا محمد بن العباس المؤدب، ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قالوا: حدثنا ابن المبارك، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه والطبراني في الكبير (8/ 296) حدثنا أحمد بن عمرو العمي النحاس البصري، ثنا عبيد الله بن سعد، ثنا عمي، وأبي، عن ابن إسحاق، ثنا الحسن بن دينار، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي فقال:«أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يُصَلِّي مَعَهُ؟» فقام رجل فصلى معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَذَانِ جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

عبيد الله بن زَحْر ضعفه شديد قال ابن حبان: منكر الحديث جدًا يروي الموضوعات عن الأثبات وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة.

وعلي بن يزيد الألهاني ضعفه شديد قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال الدارقطني: متروك.

وكذلك الحسن بن دينار. ترجم له ابن سعد فقال: ضعيف في الحديث ليس بشيء. وقد روى عنه محمد بن إسحاق والمعافى بن عمران وغيرهما.

وكذلك شيخه جعفر بن الزبير ضعفه شديد كذبه شعبة، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: تركوه. وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بين.

وأبو عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن الشامى قال أحمد في حديث القاسم مناكير مما يرويها الثقات يقولون من قبل القاسم وقال يروي عنه علي بن زيد أعاجيب وتكلم فيها وقال ما أرى هذا إلا من قبل القاسم قال أحمد وإنَّما ذهبت رواية جعفر بن الزبير لأنَّه إنَّما كانت روايته عن القاسم وقال ابن معين القاسم ثقة والثقات يروون عنه هذه الأحاديث ولا يرفعونها ثم قال يجيء من المشايخ الضعفاء ما يدل حديثهم على ضعفه وقال ابن معين في موضع آخر إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء وقال العجلي ثقة يكتب حديثه وليس بالقوي وقال يعقوب بن سفيان والترمذي ثقة وقال أبو حاتم حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به وإنَّما ينكر عنه الضعفاء وقال الغلابي منكر الحديث.

قال ابن الملقن في البدر المنير (7/ 206) رواه أحمد في مسنده من حديث عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهذا سند واهٍ جدًا. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 178) روى أحمد من طريق عبيد الله بن زحر،

هذا عندي أمثل طرق هذا الحديث لشهرة رجاله، وإن كان ضعيفًا. وقال الألباني في الإرواء (2/ 249) هذا سند واهٍ فإنَّ عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد الألهاني ضعيفان.

ثانيًا: رواية يحي بن الحارث الذماري: اختلف عليه فروي موصولًا ومرسلًا:

1: الموصول: رواه الطبراني في الأوسط (6624) حدثنا محمد بن عبدة، نا أبو توبة، نا مسلمة بن علي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن الحارث إلا مسلمة، تفرد به أبو توبة.

محمد بن عبدة ضعيف ومسلمة بن علي الخشني ضعفه شديد. قال دحيم: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: لا يشتغل به وقال البخاري: منكر الحديث وقال النسائي: متروك. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. وقال الذهبي: واهٍ تركوه. وتقدم الكلام على عبد الرحمن بن القاسم. وبقية رواته ثقات. فالحديث منكر. وأبو توبة هو الربيع بن نافع.

قال ابن رجب في الفتح (6/ 38) إسناده ضعف، والمرسل أشبه. وضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 142).

2: مرسل مكحول الشامي والقاسم بن عبد الرحمن: رواه أبو داود في المراسيل (26) حدثنا أبو توبة، حدثنا الهيثم يعني ابن حميد، عن العلاء بن الحارث، وزيد بن واقد، عن مكحول، ويحيى بن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن، قالا دخل رجل المسجد ولم يدرك الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُتِمَّ لَهُ صَلَاتَهُ» فقام رجل فصلى معه فقال: النبي صلى الله عليه وسلم «وَهَذِهِ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ» .

رواته ثقات عدا القاسم بن عبد الرحمن لكنَّه متابع لمكحول وتقدم قول ابن معين: إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء [الضعفاء].

وتقدم من طريق أبي توبة الربيع بن نافع موصولًا وهي رواية منكرة. وتقدم قول ابن رجب: والمرسل أشبه.

الحديث الثالث: حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: رواه الروياني في مسنده (835) نا ابن إسحاق، نا موسى بن محمد، أنا حسن بن حبيب، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

موسى بن محمد بن حيان البصري قال ابن أبي حاتم ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأ علينا كان قد أخرجه قديمًا في فوائده. وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ربما خالف وترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه فقال: روى عنه محمد بن إسحاق الصاغاني،

أحاديث مستقيمة. وقال الذهبي صدوق، صاحب حديث. والحسن بن حبيب بن ندبة البصري قال أحمد: ما كان به بأس وقال أبو زرعة: لا بأس به. ووثقه النسائي. وإسماعيل بن مسلم المكي البصري ضعفه شديد قال يحيى القطان: لم يزل مختلطًا كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب، وقال أحمد: منكر الحديث وقال ابن معين: ليس بشيء وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث مختلط وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال السعدي: واهٍ جدًا وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة إلا إنَّه ممن يكتب حديثه.

والخلاف في سماع الحسن البصري من سمرة رضي الله عنه معروف. فالحديث منكر.

الحديث الرابع: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رواه الدارقطني (1/ 281) حدثنا محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن راشد حدثنا الحسن بن عمرو السدوسي ثنا عثمان بن عبد الرحمن المدني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني ضعفه شديد قال ابن المديني ضعيف جدًا وقال الجوزجاني ساقط وقال البخاري تركوه وقال أبو حاتم متروك الحديث ذاهب وقال أبو داود ليس بشيء وقال الترمذي ليس بالقوي وقال النسائي متروك وقال مرة ليس بثقة ولا يكتب حديثه وقال ابن عدي عامة حديثه مناكير. وبقية رواته محتج بهم.

وضعف إسناده ابن الملقن في البدر المنير (7/ 205) وضعف الحديث ابن حجر في الفتح (2/ 142) وقال الألباني في الإرواء (2/ 249) إسناده واهٍ جدًا.

الحديث الخامس: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: رواه ابن عدي (3/ 366) ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن خليفة ثنا عباس الدوري ثنا محمد بن الصلت وقال البيهقي في السنن الكبرى (3/ 69) وقد روى من وجه آخر أيضًا ضعيف أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب أخبرنى أحمد بن يحيى الحجري الكوفي حدثنا محمد بن الصلت حدثنا سعيد بن زَرْبِي حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ فِرَاشِهِ» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الاِثْنَانِ جَمَاعَةٌ، وَالثَّلَاثَةُ جَمَاعَةٌ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده سعيد بن زَرْبِي ضعفه شديد قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: عنده عجائب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف.

وأشار إلى ضعف الحديث عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 342) بقوله: سعيد بن زربي عنده غرائب لا يتابع عليها وهو ضعيف الحديث. وضعف إسناد الحديث ابن الملقن في التوضيح (6/ 440) وابن رجب في الفتح (6/ 39) والعراقي في طرح التثريب (2/ 296) وضعف الحديث ابن حجر في الفتح (2/ 142) وقال النووي في الخلاصة (2336) ضعيف جدًا. وقال الألباني في الإرواء (2/ 249) علته سعيد هذا وهو واهٍ جدًا.

الحديث السادس: حديث الحكم بن عمير الثمالي رضي الله عنه: رواه ابن سعد في الطبقات (7/ 291) أخبرنا عمار بن نصر وابن أبي خيثمة في تاريخه (479) حدثنا الحوطي، والبغوي في معجم الصحابة (482) حدثني داود بن رشيد وابن عدي (5/ 250) حدثنا عبد الله بن موسى بن الصقر قال ثنا داود بن رشيد قالوا ثنا بقية عن عيسى بن إبراهيم القرشي عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الثمالي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

بقية بن الوليد مدلس ولم يصرح بالسماع وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم والدارقطني. وعيسى بن إبراهيم بن طهمان ضعفه شديد قال البخاري والنسائي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك الحديث. فالحديث منكر.

قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 98) ورده [عبد الحق الأشبيلي] بأن قال: [الأحكام الوسطى (1/ 342)] رواه عيسى بن إبراهيم بن طهمان، وهو منكر الحديث، ضعيف عندهم. لم يزد على هذا،

وموسى هذا ضعيف، وبقية من قد علمت حاله في رواية المنكرات، فما ينبغي أن يحمل فيه على عيسى وقد اكتنفه ضعيفان من فوق ومن أسفل.

الحديث السابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال ابن الملقن في البدر المنير (7/ 206) من طريق أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» .

رواه ابن المغلس في كتابه الموضح عن علي بن يونس بن السكن، ثنا إبراهيم بن عبد الرزاق الضرير، ثنا علي بن يحيى، ثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

وهذا سند فيه من لا يعرف، قال الشاشي في تخريج أحاديث المستصفى: هذا حديث لا يصح لجهالة بعض رواته.

وقال ابن حجر في التلخيص (3/ 178): رواه ابن المغلس في الموضح، عن علي بن يونس، عن إبراهيم بن عبد الرزاق الضرير، عن علي بن بحر، عن عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه به، ومن دون علي بن بحر مجهولان.

فسمى ابن حجر تلميذ عيسى بن يونس علي بن بحر وهو القطان يروي عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وسماه شيخه ابن الملقن علي بن يحيى ولعله خطأ من الناسخ والله أعلم.

الحديث الثامن: مرسل الوليد بن عبد الرحمن بن أبي مالك: رواه أحمد (21812) حدثنا هشام بن سعيد، حدثنا ابن المبارك، عن ثور بن يزيد، عن الوليد بن أبي مالك قال: دخل رجل المسجد فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟» قال: فقام رجل فصلى معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَذَانِ جَمَاعَةٌ» ورواته ثقات.

الوليد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي ينسب إلى جده من صغار التابعين فالحديث مرسل إن لم يكن معضلًا والله أعلم.

والأحاديث الموصولة ضعفها شديد لا تصلح للاعتبار وأصح ما ورد مرسل مكحول الشامي والقاسم بن عبد الرحمن ومرسل الوليد بن عبد الرحمن بن أبي مالك فالذي يظهر لي عدم صحة حديث «الاثنان فما فوقهما جماعة» والله أعلم

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 142) حديث ورد من طرق ضعيفة. وقال الألباني في الإرواء (2/ 250) الخلاصة أنَّ الحديث ضعيف من جميع طرقه، وليس فيها ما يقوى بعضه بعضًا لشدة ضعفها جميعها، وخيرها المرسل، فلو وجدنا فى تلك الموصول ما فيه ضعف يسير لحكمنا بقوته.

ص: 716

وجه الاستدلال: الحديث نص في أنَّ الاثنين جماعة

(1)

.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل التاسع: الإجماع فأهل العلم مجمعون على أنَّ الاثنين جماعة في النفل نقل الإجماع الروياني

(2)

والنووي

(3)

وابن قدامة

(4)

وابن رجب

(5)

والعيني

(6)

.

الرد: قال العراقي: في الإجماع نظر وقد حكى ابن الرفعة في الكفاية خلافًا في

(1)

انظر: التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 447).

(2)

قال في بحر المذهب (2/ 244) لا خلاف أنَّ فضيلة الجماعة تحصل بالاثنين، فبطل قول القائل الأول.

(3)

قال في المجموع (4/ 196) قال أصحابنا أقل الجماعة اثنان إمام ومأموم فإذا صلى رجل برجل أو بامرأة أو أمته أو بنته أو غيرهم أو بغلامه أو بسيدته أو بغيرهم حصلت لهما فضيلة الجماعة التي هي خمس أو سبع وعشرون درجة وهذا لا خلاف فيه ونقل الشيخ أبو حامد وغيره فيه الإجماع. وانظر: شرح مسلم (5/ 246) وخلاصة الأحكام (2/ 673).

(4)

قال في المغني (2/ 4) تنعقد الجماعة باثنين فصاعدًا لا نعلم فيه خلافًا.

(5)

قال في فتح الباري (6/ 39) لا نعلم خلافًا أنَّ الجماعة تنعقد باثنين إذا كانا من أهل التكليف، ولو كان المأموم امرأة. فإن كان المأموم صبيًا، فهل تنعقد به الجماعة؟

(6)

قال في شرح أبي داود (3/ 91): الجماعة تصح بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين.

ص: 720

أنَّ أقل الجماعة ثلاثة وهو ضعيف وحكاه ابن بطال في شرح البخاري عن الحسن البصري

(1)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: قول الحسن البصري «الثلاثة جماعة»

(2)

في إسناده ضعف وعلى فرض ثبوته فليس نصًا في أنَّ الحسن البصري يرى أنَّ الجماعة لا تنعقد باثنين والله أعلم.

الجواب الثاني: قال الرملي: إن قيل أقل الجمع ثلاثة عند الشافعي قيل ذلك بحث لغوي وهذا حكم شرعي مأخذه التوقيف الشرعي

(3)

.

الدليل العاشر: الجماعة مأخوذة من معنى الاجتماع، وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان

(4)

.

تنبيه: يأتي الخلاف في انعقاد الفرض بالصبي.

(1)

طرح التثريب (2/ 296). وانظر: شرح البخارى لابن بطال (2/ 284).

(2)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 531) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن هشام، عن الحسن، قال:«الثلاثة جماعة» ورواته ثقات لكن رواية هشام بن حسان القُرْدُوسي عن الحسن فيها مقال قيل كان يرسل عنه.

(3)

حاشية الرملي على أسنى المطالب (1/ 210). وانظر: بحر المذهب (2/ 244) والنجم الوهاج (2/ 328).

(4)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 156).

ص: 721

‌الفصل الثاني

انعقاد الجماعة بالصغير المميز في النفل

إذا صلى الصغير المميز مع غيره فرضًا أو نفلًا فهل لصلاته أثر في انعقاد الجماعة؟.

إذا صلى الصغير المميز مع غيره في صلاة النفل فصلاتهم جماعة وهو مذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والمسألة من مسائل الإجماع.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(1)

.

وجه الاستدلال: صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التهجد وأقره على ذلك

(2)

.

الدليل الثاني: في حديث أنس رضي الله عنه «وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف»

(3)

.

وجه الاستدلال: اليتيم ما دون البلوغ وصحت مصافته فكذلك انعقاد الجماعة به.

الدليل الثالث: الإجماع قال ابن رجب: انعقاد الجماعة بالصبي في النفل، وهذا متفق عليه

(4)

.

(1)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(2)

انظر: المغني (2/ 4) والإنصاف (2/ 287).

(3)

رواه البخاري (380) ومسلم (658).

(4)

فتح الباري (6/ 200).

ص: 723

‌الفصل الثالث

انعقاد الجماعة بالصغير المميز في الفرض

اختلف أهل العلم في انعقاد الجماعة في صلاة الفرض بالصبي المميز على قولين.

القول الأول: لا تنعقد الجماعة بالصبي المميز في الفرض: وهو مذهب المالكية

(1)

والحنابلة

(2)

.

الدليل: لا يصلح أن يكون إمامًا لنقص حاله فأشبه من لا تصح صلاته

(3)

.

الرد: تأتي إمامة عمرو بن سلمة رضي الله عنهما بقومه وهو صغير.

القول الثاني: تنعقد الجماعة بالصبي المميز في الفرض: وهو مذهب الأحناف

(4)

وقول للمالكية

(5)

(1)

قال محمد عليش في منح الجليل (1/ 213)(وندب) بضم فكسر (لمن) أي شخص أو الشخص الذي صلى و (لم يحصله) أي فضل الجماعة رجل (كمصل) إمامًا بمأموم (صبي) وأولى من صلى فذًا ولو حكمًا كمن أدرك دون ركعة (لا) لمن حصله كرجل صلى إمامًا ل (ا) مرأة لأنَّ صلاتها فرض وصلاة الصبي نفل، ونائب فاعل ندب (أن يعيد) صلاته التي صلاها فذًا أو إمامًا لصبي.

وانظر: الشرح الصغير (1/ 280) والتاج والإكليل (2/ 401) وشرح خليل للخرشي (2/ 142).

تنبيه: قال في مختصر خليل وشرحه الكبير (1/ 344)(وصبي) مبتدأ وقوله (عقل القربة) نعته أي أدرك أن الطاعة يثاب على فعلها ويعاقب على تركها (كالبالغ) خبره فيقف عن يمينه ومع غيره خلفه فإن لم يعقل القربة ترك يقف حيث شاء. فالكلام ليس في أحكام صلاة الصغير مطلقًا وإنَّما في موقفه في الصلاة.

(2)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 287) لو وقف [الصبي] مع رجل خلف الإمام كان الرجل فذًا، إلا في النافلة فإنَّه لا يكون فذًا، وتصح مصافته، وهذا الصحيح من المذهب فيهما،

وعلى المذهب: يقفان عن يمينه، أو من جانبيه نص عليه.

وانظر: المغني (2/ 4) والفروع (2/ 35) وكشاف القناع (1/ 454).

(3)

انظر: المغني (2/ 4).

(4)

قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 604) أقلها اثنان واحد مع الإمام في غير الجمعة؛

وسواء كان ذلك الواحد رجلًا أو امرأة حرًا أو عبدًا أو صبيًا يعقل ولا عبرة بغير العاقل.

وانظر: بدائع الصنائع (1/ 156) والجوهرة النيرة (1/ 158) وحاشية ابن عابدين (2/ 289).

(5)

قال خليل في التوضيح (1/ 449) اختلف فيمن صلى مع صبى، فقيل: لا يعيد فى جماعة. وقال ابن عبد الرحمن. يعيد، لأنَّ صلاة الصبى نافلة.

وقال زروق في شرح الرسالة (1/ 203) في إعادة من صلى مع صبي أو أهله قولان

واختلف في أيام أبي محمد فيمن صلى مع امرأته هل يعيدها في جماعة وإلى عدم الإعادة ذهب أبو الحسن القابسي وأبو عمر وهو اختيار جماعة المازري لأنَّه مع المرأة جماعة.

وقال الرجراجي في مناهج التحصيل (1/ 318 - 320) لا خلاف في المذهب في الإمام الراتب إذا صلى وحده أو صلى مع رجل واحد بالغ عاقل: أنَّه لا يعيد واحد منهما

أمَّا المأموم فلكونه صلى في جماعة؛ والاثنان وما فوقهما جماعة

من صلى مع صبي يعقل الصلاة، أو صلى بامرأته ثم أدرك تلك الصلاة في جماعة فالمذهب على قولين في الوجهين: فالمشهور: أنَّ من صلى بامرأته أنَّه لا يعيد. والمشهور: أنَّ من صلى مع صبي أنَّه يعيد.

وانظر: شرح ابن ناجي على الرسالة (1/ 203).

ص: 725

ومذهب الشافعية

(1)

ورواية في مذهب الحنابلة

(2)

واختاره ابن مفلح الجد

(3)

.

الدليل الأول: في حديث عمرو بن سَلِمة رضي الله عنهما: «فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين»

(4)

.

وجه الاستدلال: أمَّ عمرو بن سلمة قومه رضي الله عنهم في صلاة الفرض وهو صغير فانعقاد الجماعة به في صلاة الفرض من باب أولى

(5)

.

الدليل الثاني: في حديث أنس رضي الله عنه «وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف» .

وجه الاستدلال: صحت مصافة اليتيم - وهو ما دون البلوغ - في النفل فكذلك تنعقد الجماعة به في الفرض فالأصل استواء الفرض والنفل في الأحكام إلا ما دل الدليل على اختصاصه بأحدهما.

الدليل الثالث: لو أمَّ الصبي رجلًا متنفلًا صحت صلاته فكذلك انعقاد الجماعة

(1)

قال الشيرازي في المهذب - مع المجموع (4/ 248) - إذا بلغ الصبي حدًا يعقل وهو من أهل الصلاة صحت إمامته

وفي الجمعة قولان: قال في الأم: لا يجوز إمامته لأنَّ صلاته نافلة وقال في الإملاء: يجوز لأنَّه يجوز أن يكون إمامًا في غير الجمعة كالبالغ.

وانظر: الأم (1/ 166) والحاوي (2/ 327) وتحفة المحتاج (1/ 289).

(2)

انظر: المغني (2/ 4) والفروع (2/ 35) والإنصاف (2/ 288) وكشاف القناع (1/ 454).

(3)

انظر: الفروع (2/ 35) والإنصاف (2/ 288).

(4)

رواه البخاري (4302).

(5)

انظر: المجموع (4/ 250).

ص: 726

به في الفرض لعدم الدليل المفرق بين الفرض والنفل

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي انعقاد الجماعة بالصبي في صلاة الفرض حيث لم يرد دليل يفرق بين الفرض والنفل والأصل استواؤهما في الأحكام إلا بدليل يخص إحداهما بالحكم والله أعلم.

(1)

انظر: المغني (2/ 4) وكشاف القناع (1/ 454).

ص: 727

‌ثمرة الخلاف في المسألة

مما يترتب على الخلاف في المسألة:

1: لا يحصل ثواب الجماعة في مصافة الصغير في صلاة الفرض في مذهب المالكية

(1)

والحنابلة

(2)

.

2: إذا كان مع الإمام اثنان أحدهما صغير فموقفهما عن يمين الإمام أو يتوسطهما في مذهب الحنابلة ويصفان خلفه في مذهب المالكية

(3)

.

(1)

انظر: (ص: (725.

(2)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 287 - 288) قوله: (وكذلك الصبي إلا في النافلة) يعني لو وقف مع رجل خلف الإمام كان الرجل فذًا، إلا في النافلة فإنَّه لا يكون فذًا، وتصح مصافته، وهذا الصحيح من المذهب فيهما، وهو من المفردات، واعلم أنَّ حكم مصافة الصبي حكم إمامته، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقيل: تصح مصافته، وإن لم تصح إمامته اختاره ابن عقيل قال في القواعد الأصولية: وما قاله أصوب فعلى هذا القول: يقف الرجل والصبي خلفه قال في الفروع: وهو أظهر، وعلى المذهب: يقفان عن يمينه، أو من جانبيه نص عليه، وقيل: تصح إمامته دون مصافته، ذكره في الرعاية.

(3)

انظر: (ص: (725.

ص: 728

‌الفصل الرابع

الحكم الوضعي لصلاة المنفرد خلف الصف

من صلى منفردًا خلف الصف لا يخلو من حالين:

‌الحال الأولى: إذا صفَّ معه أحد حال القيام

نقل بعض أهل العلم الإجماع على صحة الصلاة في هذه الحال. فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أن يقف وحده ثم يجيء آخر فيصافه في القيام فإنَّ هذا جائز باتفاق الأئمة

(1)

. وقال ابن القيم: الاعتبار بالركوع وحده وإلا فمن وقف معه آخر قبل الركوع صحت صلاته، ولو أعتبرنا إحرام المأمومين جميعًا لم ينعقد تحريم أحد حتى يتفق هو ومن إلى جانبه في ابتداء التكبير وانتهائه، وهذا من أعظم الحرج والمشقة ولهذا لم يعتبره أحد أصلًا والله أعلم

(2)

.

‌الحال الثانية: إذا صلى ركعة أو أكثر منفردًا

فاختلف أهل العلم في صحة صلاة المنفرد خلف الصف على أربعة أقوال: قول بصحة الصلاة وقول بعدم صحتها وقول بالتفريق بين الرجل والمرأة وبين الفرض والنفل وقول بالتفريق بين المعذور وغير المعذور.

القول الأول: لا تصح الصلاة: قال به الحكم بن عتيبة

(3)

ووكيع بن الجراح

(4)

(1)

مجموع الفتاوى (23/ 397).

(2)

الصلاة وأحكام تاركها ص: (124).

(3)

رواه عبد الرزاق (2484) عن عبد الله بن كثير، عن شعبة بن الحجاج قال: سألت الحكم بن عتيبة، وحمادًا عن ذلك، فقال الحكم:«يعيد» ، وحماد:«لا يعيد» .

شيخ عبد الرزاق لم أقف له على ترجمة لكن روى أبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2177) بإسناده عن عبد الرزاق، عن عبد الله بن كثير، عن شعبة، ثم قال عبد الله بن كثير، بصري، نزل صنعاء، روى عنه هشام بن يوسف. وذكر ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 124) أثرًا عن عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير عن شعبة وجود إسناده.

(4)

قال الترمذي (1/ 448) سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا، يقول:«إذا صلى الرجل خلف الصف وحده فإنَّه يعيد» وإسناده صحيح.

ص: 729

وإبراهيم النخعي

(1)

وهو مذهب الحنابلة

(2)

واختاره ابن المنذر

(3)

وابن خزيمة

(4)

وابن حبان

(5)

وابن حزم

(6)

- ونسب للحسن بن صالح وإسحاق بن راهويه

(7)

- وابن باز

(8)

.

الدليل الأول: علي بن شيبان رضي الله عنه قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، وصلينا خلفه، ثم صلينا وراءه صلاة أخرى، فقضى الصلاة، فرأى رجلًا فردًا يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف قال: «اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ، لَا صَلَاةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ»

(9)

.

(1)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 193) حدثنا حفص، عن عمرو بن مروان، عن إبراهيم، قال:«يعيد» وإسناده صحيح.

عمرو بن مروان أبو العنبس الأوسط وثقه ابن معين وحفص هو ابن غياث.

ورواه عبد الرزاق (2483) عن عثمان بن مطر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم في الرجل يجد الصف مستويًا قال:«يؤخر رجلًا، فإن لم يفعل لم تجز صلاته» وإسناده ضعيف.

عثمان بن مطر ضعيف وسعيد بن أبي عروبة مختلط وأبو معشر هو زياد بن كليب.

ح عبد الرزاق (2/ 58) ذكر ابن جريج، عن عبد الكريم أبي أمية، عن إبراهيم قال: يقال: «إذا دحس الصف فلم يكن فيه مدخل، فليستخرج رجلًا من ذلك الصف فليقم معه، فإن لم يفعل فصلاته تلك صلاة واحد ليس بصلاة جماعة» وإسناده ضعيف.

عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف.

دحس الشيء: ملأه ودسه. انظر: تاج العروس (16/ 53).

(2)

انظر: المغني (2/ 41) والمستوعب (2/ 368) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 244).

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 289 - 290) قوله: (وإن صلى ركعة فذًا لم تصح) هذا المذهب مطلقًا بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي: هو المشهور وجزم به في الشرح، والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع، والمحرر وغيرهما، وهو من المفردات، وعنه تصح مطلقًا، وعنه تصح في النفل فقط

وعنه تبطل إن علم النهي، وإلا فلا .... قوله:(وإن ركع فذًا، ثم دخل في الصف، أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام: صحت صلاته) هذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب.

(3)

انظر: الأوسط (4/ 208).

(4)

انظر: صحيح ابن خزيمة (3/ 30).

(5)

انظر: صحيح ابن حبان (5/ 576 - 580).

(6)

انظر: المحلى (4/ 52).

(7)

انظر: الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 139) والنفح الشذي شرح الترمذي (4/ 228).

(8)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (12/ 219).

(9)

رواه أحمد (15862) وابن ماجه (1003) بإسناد صحيح.

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 356).

ص: 730

الدليل الثاني: عن وابصة بن معبد رضي الله عنه، «أَنَّ رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ»

(1)

.

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم المنفرد خلف الصف بإعادة الصلاة فلو كانت صلاته صحيحة لم يأمره بالإعادة

(2)

.

الرد: يحمل الأمر على الاستحباب جمعًا بين الحديثين وحديثي أبي بكرة وأنس رضي الله عنهما

(3)

.

الجواب من وجهين:

الأول: الأصل في الأمر الوجوب وفي نفي الصلاة نفي الوجود الشرعي إلا إذا وجد دليل صحيح صريح يدل على صحتها فيحمل الأمر على الاستحباب والنفي على نفي الكمال ولا يوجد في هذه المسألة والله أعلم.

الثاني: تأتي الإجابة عن حديثي أبي بكرة وأنس رضي الله عنهما.

الدليل الثالث: لو لم تكن المصافة واجبة لجاز أن يقف واحد خلف واحد وهلم جرا وهذا مما يعلم كل أحد علمًا عامًا أنَّ هذه ليست صلاة المسلمين

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: وقوف الواحد خلف الواحد وهلم جرا متعذر أو متعسر في المساجد.

الثاني: حرمة هذا الفعل لأنَّه معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

القول الثاني: تصح الصلاة: روي عن حذيفة رضي الله عنه وتقدم عن حماد بن أبي

(1)

رواه أحمد (17539) وغيره ورواته ثقات.

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 357).

(2)

انظر: المغني (2/ 42) وشرح الزركشي على الخرقي (1/ 244).

(3)

انظر: شرح التلقين (2/ 697) وفتح القدير لابن الهمام (1/ 309).

(4)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 394).

ص: 731

سليمان وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

ورواية في مذهب الحنابلة

(4)

ونسب للأوزاعي

(5)

.

الدليل الأول: عن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ»

(6)

.

وجه الاستدلال: ركع أبو بكرة رضي الله عنه خلف الصف ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة فإذا جاز للمصلي أن يركع خلف الصف وحده جاز له أن يسجد وأن يتم صلاته

(7)

.

الرد من وجوه:

الأول: نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن العودة والنهي يقتضي الفساد ولم يأمره بالإعادة لجهله

(8)

.

الجواب من وجهين:

الأول: نهاه عن الإسراع أو عن التأخر حتى لا تفوته تكبيرة الإحرام

(9)

.

الرد: نهاه عن الأمرين وعن الركوع دون الصف.

الثاني: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس فيه أنَّه صلى منفردًا خلف الصف

(1)

قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 616) لو وقف خلفه فيه روايتان أصحهما الكراهة.

وانظر: المبسوط (1/ 147) وفتح القدير (1/ 308) وبدائع الصنائع (1/ 159).

(2)

قال في المدونة (1/ 105) قال مالك: من صلى خلف الصفوف وحده فإنَّ صلاته تامة مجزئة عنه ولا يجبذ إليه أحدًا.

وانظر: المعونة ص: (124) وشرح التلقين (2/ 696) وشرح الرسالة لزروق (1/ 204).

(3)

قال الشافعي في الأم (1/ 169) إذا أمَّ رجل رجلًا فوقف المأموم عن يسار الإمام أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته.

وانظر: نهاية المطلب (2/ 400) والمجموع (4/ 292) وأسنى المطالب (1/ 222).

(4)

انظر: الفروع (2/ 30) والإنصاف (2/ 289).

(5)

انظر: الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 139) والنفح الشذي شرح الترمذي (4/ 228).

(6)

رواه البخاري (783).

(7)

انظر: شرح التلقين (2/ 696) والمغني (2/ 41) والنفح الشذي شرح الترمذي (4/ 231).

(8)

انظر: المغني (2/ 42).

(9)

انظر: شرح التلقين (2/ 697) والنفح الشذي شرح الترمذي (4/ 231).

ص: 732

قبل رفع الإمام رأسه من الركوع فقد أدرك من الاصطفاف المأمور به ما يكون به مدركًا للركعة فهو بمنزلة أن يقف وحده ثم يجيء آخر فيصافه في القيام فإنَّ هذا جائز

(1)

.

الدليل الثاني: في حديث أنس رضي الله عنه «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف»

(2)

.

وجه الاستدلال: يجوز أن تصلي المرأة منفردة خلف الصف فكذلك الرجل

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: وقوف المرأة الواحدة خلف صف الرجال سنة مأمور بها فلا يصح قياس المنهي عنه على المأمور به

(4)

.

الثاني: وقوف المرأة منفردة خلف الصف لعدم من يصافها يقاس عليه من لم يجد من يصافه من الرجال لا جواز الانفراد مطلقًا.

الدليل الثالث: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» .

وفي رواية «فصليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرني، فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست» .

وجه الاستدلال: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وأقره على تأخره فدل ذلك على جواز الانفراد من غير كراهة

(5)

.

(1)

مجموع الفتاوى (23/ 397).

(2)

رواه البخاري (380) ومسلم (658).

(3)

انظر: الأم (1/ 169) والمغني (2/ 41).

(4)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 395).

(5)

انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 308).

ص: 733

الرد: الثابت وقوف ابن عباس رضي الله عنهما يسار النبي صلى الله عليه وسلم وحوله ليمينه وهذه الرواية شاذة وتقدم بيان ذلك

(1)

.

الدليل الرابع: في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «ثم قام فصلى في ثوب واحد، خالف بين طرفيه، فقمت خلفه، فأخذ بأذني فجعلني عن يمينه» .

وجه الاستدلال: وقف جابر رضي الله عنه خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصلاة ولم يأمره بإعادة الصلاة.

الرد من وجهين:

الأول: قوله: «فقمت خلفه» شاذ والمحفوظ من حديث جابر رضي الله عنه: «فقمت عن يساره»

(2)

.

الثاني: تقدم نقل الإجماع أنَّه لو كبر منفردًا وصافَّه أحد قبل الركوع صحت صلاته فلا تصح صلاة المنفرد إذا صلى ركعة منفردًا.

الدليل الخامس: عن الضحاك، عن حذيفة رضي الله عنه،: أنَّه سئل عن رجل صلى خلف الصفوف وحده؟ قال: «لا يعيد»

(3)

.

وجه الاستدلال: حذيفة رضي الله عنه يرى صحة صلاة المنفرد خلف الصف.

الرد: الأثر لا يصح.

الدليل السادس: كل من صحت صلاته خلف الصف إذا كان معه غيره صحت صلاته إذا انفرد

(4)

.

الرد: هذا محل الخلاف.

(1)

انظر: (ص: (181.

(2)

انظر: (ص: (761.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 193) حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك عن حذيفة رضي الله عنه فذكره مرسل إسناده ضعيف جدًا.

جويبر بن سعيد: ضعفه شديد، والضحاك بن مزاحم لم يسمع من حذيفة رضي الله عنه قال ابن حبان في ثقاته في ترجمة الضحاك: لم يشافه أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو معاوية هو محمد بن خازم.

(4)

انظر: المعونة ص: (124).

ص: 734

الدليل السابع: يقف الإمام منفردًا فكذلك المنفرد خلف الصف

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: وقوف الإمام أمام الصف هو السنة فلا يقاس المنهي عنه على المأمور به إنَّما يقاس ما لا نص فيه على ما ورد فيه النص

(2)

.

الثاني: يتقدم الإمام ليراه المأمومون ويأتموا به وهذا منتفٍ في المأموم

(3)

.

القول الثالث: يعيد الرجل دون المرأة: نُسِب لأحمد والحميدي وأبي ثور

(4)

.

الدليل: في حديث أنس رضي الله عنه «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف» .

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على صحة صلاة المرأة خلف الصف فتحمل أحاديث الإعادة على الرجل

(5)

.

الرد: الأصل استواء الرجل والمرأة بالأحكام فيدل حديث أنس رضي الله عنه على سقوط المصافة حال العذر.

القول الرابع: تصح صلاة النفل دون الفرض: وهو رواية في مذهب الحنابلة

(6)

.

ولا أعلم لهذا القول دليلًا إلا أن يكون ما روي من وقوف ابن عباس رضي الله عنهما خلف النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده وتقدم أنَّه لا يصح.

القول الخامس: تصح صلاة المعذور: قال به الحسن البصري

(7)

وعطاء بن

(1)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 395) وإعلام الموقعين (2/ 21).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 396) وإعلام الموقعين (2/ 21).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 397).

(4)

انظر: النفح الشذي شرح الترمذي (4/ 229).

(5)

انظر: النفح الشذي شرح الترمذي (4/ 229).

(6)

انظر: الفروع (2/ 30) والإنصاف (2/ 289).

(7)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 193) حدثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن؛ في الرجل يدخل المسجد فلا يستطيع أن يدخل في الصف، قال:«كان يرى ذلك يجزئه إن صلى خلفه» وإسناده صحيح.

يونس هو ابن عبيد وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى.

ص: 735

أبي رباح

(1)

وهو رواية في مذهب الحنابلة

(2)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(3)

وابن القيم

(4)

وابن مفلح الجد

(5)

والمرداوي

(6)

وشيخنا ابن عثيمين

(7)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

الدليل الثاني: قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اِسْتَطَعْتُمْ»

(8)

.

وجه الاستدلال: ما لا يستطيعه المكلف من المأمورات ليس مخاطبًا به حال العجز ومن قواعد الشريعة لا واجب مع العجز فمن لم يجد من يصافه فليس مخاطبًا بالمصافة في هذه الحال فيصلي منفردًا خلف الصف والله أعلم

(9)

.

(1)

روى عبد الرزاق (2481) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أيكره أن يقوم الرجل وحده وراء الصف؟ قال: «نعم، والرجلان والثلاثة، إلا في الصف فإنَّ فيها فرجًا» ، قلت لعطاء: أرأيت إن وجدت الصف مدحوسًا لا أرى فرجة أقوم وراءهم؟ قال: «{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وأحب إلي والله أن أدخل فيه» وإسناده صحيح.

دحس الشيء: ملأه ودسه. انظر: تاج العروس (16/ 53).

وقال ابن أبي شيبة (2/ 193) حدثنا عباد بن العوام، عن عبد الملك، عن عطاء، قال:«لا يقم وحده» وإسناده حسن.

عباد بن العوام ثقة وعبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام.

ويحمل هذا الأثر على من وجد فرجة في الصف والله أعلم.

(2)

انظر: الفروع (2/ 30) والإنصاف (2/ 289).

تنبيه: من العذر عن الحنابلة الجهل في رواية قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/ 397) التفريق بين العالم والجاهل كقول في مذهب أحمد فلا يسوغ فإنَّ المصلي المنفرد لم يكن عالمًا بالنهي وقد أمره بالإعادة كما أمر الأعرابي المسيء في صلاته بالإعادة.

قال أبو عبد الرحمن الظاهر أنَّ الأمر بالإعادة في حديث الأعرابي لأنَّ الوقت لم يخرج فأمره بإعادة الصلاة الحاضرة ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلوات وكذلك حديث علي بن شيبان ووابصة بن معبد رضي الله عنهما والله أعلم.

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 396).

(4)

انظر: إعلام الموقعين (2/ 22).

(5)

انظر: الفروع (2/ 30).

(6)

انظر: الإنصاف (2/ 290).

(7)

انظر: الشرح الممتع (4/ 272).

(8)

رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(9)

انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 58) ومجموع الفتاوى (23/ 396) وإعلام الموقعين (2/ 22).

ص: 736

الدليل الرابع: في حديث أنس رضي الله عنه «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف» .

وجه الاستدلال: المرأة داخلة في أحاديث الأمر بالمصافة

(1)

فلما لم تجد من يصافها صلت منفردة وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك الرجل إذا لم يجد من يصافه فالأصل استواء الرجال والنساء في الأحكام إلا ما خصه الدليل بأحدهما

(2)

.

الدليل الخامس: في حديث عمران بن حُصين رضي الله عنه: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»

(3)

.

وجه الاستدلال: القيام من آكد أركان الصلاة ويسقط حال العجز فكذلك المصافة والله أعلم.

الترجيح: الذي يترجح لي صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد من يصافه فلا واجب مع العجز وتحمل نصوص الأمر بإعادة الصلاة لمن صلى منفردًا خلف الصف حال القدرة على المصافة والله أعلم.

(1)

انظر: الاختيارات ص: (71) وإعلام الموقعين (2/ 22).

(2)

انظر: النفح الشذي شرح الترمذي (4/ 230) وإعلام الموقعين (2/ 22).

(3)

رواه البخاري (1117).

ص: 737

‌الباب السابع

الإمامة

ص: 739

‌تمهيد

الفصل الأول: نية الإمامة.

الفصل الثاني: نية الائتمام.

الفصل الثالث: موقف الواحد عن يمين الإمام.

الفصل الرابع: حكم تأخر المأموم الواحد قليلًا عن إمامه.

فصلٌ: ضابط التأخر عند القائلين به.

الفصل الخامس

: وقوف الواحد خلف الإمام إذا كان يغلب على ظنه قدوم من يصافه.

الفصل السادس

: الحكم الوضعي لصلاة المأموم إذا وقف عن يسار الإمام.

الفصل السابع: صفة تحويل من وقف شمال الإمام.

الفصل الثامن: إذا أتى ثالث فهل يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام؟

فصلٌ: وقت تأخر المأموم.

الفصل التاسع: تقدم المأمومين على الإمام.

الفصل العاشر: حضور الإمام عند إقامة الصلاة.

ص: 741

‌الفصل الأول

نية الإمامة

اختلف أهل العلم في اشتراط نية الإمامة في الصلاة على ثلاثة أقوال: قول باشتراط النية في الفرض والنفل وقول باشتراطها في الفرض دون النفل وقول بعدم اشتراطها فيهما.

القول الأول: تشترط نية الإمامة في صلاة الفرض والنفل: قول لبعض الأحناف

(1)

ونسب للشافعية

(2)

وهو مذهب الحنابلة

(3)

.

الدليل الأول: في حديث عمر رضي الله عنه: «إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى»

(4)

.

وجه الاستدلال: تشترط نية الإمامة ومحلها عند الإحرام فلا يعتد بها بعده

(5)

.

الرد من وجوه:

الأول: تأتي أدلة عدم اشتراط نية الإمامة.

الثاني: محل النية عند الإحرام وعند تحول المصلي من منفرد إلى إمام فمتى ما دخل مع المنفرد مصلٍ نوى الإمامة لما يأتي.

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (2/ 415) والأشباه والنظائر ص: (21) وحاشية ابن عابدين (2/ 103).

(2)

قال النووي في روضة الطالبين (1/ 367) حكى أبو الحسن العبادي عن أبي حفص البابشامي، والقفال: أنَّه تجب نية الإمامة على الإمام. وأشعر كلامه بأنَّهما يشترطانها في صحة الاقتداء، وهذا شاذ منكر، والصحيح المعروف الذي قطع به الجماهير أنَّها لا تجب.

(3)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 29 - 30)(وإن نوى الإمامة صح في النفل) يعني: إذا أحرم منفردًا، ثم نوى الإمامة، فإنَّه يصح في النفل وهذا إحدى الروايتين

وعنه لا يصح، وهو المذهب، وعليه الجمهور

قوله (ولم تصح في الفرض) وهو المذهب، وعليه الجمهور

(ويحتمل أن يصح، وهو أصح عندي)، وهو رواية عن أحمد واختاره المصنف، والشيخ تقي الدين، وأطلقهما في الرعايتين، والحاويين، والكافي، وابن تميم، وقال ابن عقيل في موضع: يصح في حق من له عادة بالإمامة.

وانظر: المبدع (1/ 421) والممتع (1/ 405) والمنح الشافيات (1/ 242).

(4)

رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

(5)

انظر: المنح الشافيات بشرح المفردات (1/ 242).

ص: 743

الثالث: في الحديث الأجر لا يحصل إلا بالنية ولا تلازم بينه وبين صحة الصلاة.

الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(1)

.

وجه الاستدلال: صلاة الجماعة عبادة يترتب عليها ثواب زائد على أصل الصلاة فافتقرت إلى نية الإمامة والائتمام

(2)

.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ»

(3)

.

(1)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(2)

انظر: أسنى المطالب (1/ 225) ونهاية المحتاج (2/ 208).

(3)

الحديث جاء من رواية:

1: أبي هريرة رضي الله عنه. 2: عائشة رضي الله عنها. 3: ابن عمر رضي الله عنهما. 4: أبي أمامة رضي الله عنه. 5: أبي محذورة رضي الله عنه. 6: سهل بن سعد رضي الله عنه. 7: جابر رضي الله عنه. 8: أنس رضي الله عنه. 9: واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. 10: مرسل الحسن. 11: مرسل عطاء.

الحديث الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه أبو صالح ذكوان السمان ورواه عنه:

1: سليمان بن مهران الأعمش. 2: أبو إسحاق السبيعي. 3: سهيل بن أبي صالح. 4: محمد بن جحادة. 5: أبو هاشم الرُماني. 6: صالح بن أبي صالح.

الرواية الأولى: رواية سليمان بن مهران الأعمش رواه عنه:

أولًا: الجماعة: رواه جمع منهم سفيان الثوري عند عبد الرزاق (1838) والشافعي في الأم (1/ 159) وأحمد (7759)(9626)(9748) وابن خزيمة (1528) ومعمر عند عبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528) ومحمد بن عبيد عند أحمد (9193) ومحمد بن فضيل عند أحمد (9193) وزائدة عند أبي داود الطيالسي (2404) وأحمد (9193) وأبو الأحوص سلام بن سليم عند الترمذي (207) وأبو معاوية محمد بن خازم عند الترمذي (207) والطبراني في الأوسط (74) والبزار (9144) وأبو عوانة الوضاح اليشكري عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2191) وعيسى بن يونس عند ابن خزيمة (1528) وصدقة بن أبي عمران عند الطبراني في الأوسط (3054) وسلام بن أبي مطيع عند الطبراني في الأوسط (8587) يروونه عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ورواته ثقات وفيه علة.

والسند منقطع فالأعمش مدلس ولم يسمعه من أبي صالح إنَّما سمعه منه بواسطة ولم يسمه.

ثانيًا: عبد الله بن نمير ومحمد بن فضيل وشجاع بن الوليد وأسباط بن محمد وإبراهيم بن حميد الرؤاسي: رواه عبد الله بن نمير عند أحمد (8747) والبزار (9146) وابن خزيمة (1529) ومحمد بن فضيل عند أحمد (7129) - وعنه أبو داود (517) - وشجاع بن الوليد عند الترمذي في العلل الكبير (1/ 208) والبزار (9146) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2193) وأسباط بن محمد - انظر جامع الترمذي (1/ 402) - وإبراهيم بن حميد الرؤاسي - انظر: علل الدارقطني (10/ 195) - يروونه عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، - وفي بعض الروايات حدثت عن أبي صالح - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وإسناده ضعيف للمبهم.

قال سفيان الثوري - تاريخ ابن معين (2430) - لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح.

وقال البيهقي (1/ 430) هذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح وإنَّما سمعه من رجل عن أبي صالح.

وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/ 435) منقطع،

ومعنعن الأعمش عرضة لتبين الانقطاع، فإنَّه مدلس، وأبين ما يكون الانقطاع بزيادة واحد في حديث من عرف بالتدليس، فإنَّه إذا كان ثقة يختلف في قبول معنعنه ما لم يقل: حدثنا، أو أخبرنا، أو سمعت، فإنَّه إذا قال ذلك قبل إجماعًا لثقته، وإذا لم يقل ذلك قبله قوم ما لم يتبين في حديث بعينه أنَّه لم يسمعه، ورده آخرون ما لم يتبين أنَّه سمعه. فهذا الحديث من ذاك القبيل.

وقال البزار: رواه غير واحد عن الأعمش قال حدثت عن أبي صالح.

وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 437) هذا حديث لا يصح

والأعمش يحدث عن ضعاف والدليل على أنَّ الأعمش لم يسمع من أبي صالح.

وقال ابن خزيمة: رواه ابن نمير عن الأعمش، وأفسد الخبر. قال أبو عبد الرحمن: لم يتفرد ابن نمير بهذه الرواية حتى ينسب للخطأ فتابعه محمد بن فضيل وأبو بدر شجاع بن الوليد وأسباط بن محمد وإبراهيم بن حميد الرؤاسي.

وقال الألباني في الإرواء (217) التحقيق الذى يقتضيه البحث العلمي الدقيق: أنَّ الأعمش سمعه عن رجل عن أبي صالح، ثم سمعه من أبي صالح دون واسطة.

قال أبو عبد الرحمن: لو لم يكن الأعمش مدلسًا لقيل بذلك ومما يدل على تدليسه أنَّه تارة يرويه عن أبي صالح بالعنعنة وتارة يسقط أبا صالح ويرويه عن أبي هريرة رضي الله عنه وتارة يبهم شيخه الذي سمعه من أبي صالح.

وقال الطحاوي إنَّ شجاعًا قد رواه عن الأعمش كما ذكر، ولكنَّ هشيمًا وهو فوقه قد قال فيه: عن الأعمش قال: حدثنا أبو صالح، والله أعلم بالحقيقة في ذلك. قال أبو عبد الرحمن: الجواب عن رواية هشيم في التالي.

ثالثًا: هشيم بن بشير: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2187) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا سريج بن النعمان الجوهري والخطابي في غريب الحديث (1/ 636) حدثنا الحسن بن عثمان البناني نا عمر بن سعيد نا يحيى بن يحيى نا قالا: حدثنا هشيم، عن الأعمش قال: حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ورواة الطحاوي محتج بهم.

قال الإمام أحمد - مسائله رواية أبي داود (1871) - هشيم لم يسمع حديث أبي صالح «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» من الأعمش، وذاك أنَّه قيل لأحمد: إنَّ هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح، وسمعت أحمد مرة أخرى، سئل عن هذا الحديث، فقال: حدث به سهيل، عن الأعمش، ورواه ابن فضيل، عن الأعمش، عن رجل، ما أرى لهذا الحديث أصلًا.

تنبيه: في رواية الخطابي عنعنة الأعمش عن أبي صالح ولم يتبين لي شيخ الخطابي وشيخ شيخه.

وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم بن مسلم.

رابعًا: سهيل بن أبي صالح: رواه الشافعي في الأم (1/ 87) أخبرنا إبراهيم بن محمد والطبراني في الأوسط (4363) حدثنا عبد الله بن أيوب القربي ح (8549) حدثنا معاذ والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2188) حدثنا ابن أبي داود قالوا: حدثنا أمية بن بسطام قال: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم ورواه الطحاوي (2189) حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر ح (2190) حدثنا محمد بن علي بن يزيد المكي قال: حدثنا محرز بن سلمة قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ورواه ابن خزيمة (1528) والبزار (9145) قالا: حدثنا أحمد بن عبدة أخبرنا عبد العزيز بن محمد وسليمان بن بلال، وعبد الله بن جعفر - انظر: علل الدارقطني (10/ 192) - يروونه عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ورواته ثقات.

إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ضعفه شديد قال ابن معين كذاب وقال النسائي والدارقطني متروك. وكذلك عبد الله بن أيوب القربي قال الدارقطني: متروك. وكذلك عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني قال النسائي: متروك الحديث وبقية رواته محتج بهم.

ومعاذ هو ابن المثنى العنبري وابن أبي داود هو إبراهيم البرلسي. ومحمد بن علي بن يزيد المكي الصواب ابن زيد.

قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن روح إلا يزيد بن زريع. قال أبو عبد الرحمن لم يتفرد به روح. فتابعه محمد بن جعفر بن أبي كثير وسليمان بن بلال التيمي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد العزيز بن أبي حازم المخزومي.

وقال البزار: هذا الحديث رواه روح بن القاسم عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الأعمش، ورواه غير واحد عن الأعمش قال حدثت عن أبي صالح.

وقال ابن حبان (4/ 560) وهم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش لأنَّ الأعمش سمعه من سهيل لا أنَّ سهيلًا سمعه من الأعمش. وخالفه ابن المديني فقال: - التلخيص الحبير (1/ 370) - لم يسمع سهيل هذا الحديث من أبيه، إنَّما سمعه من الأعمش، ولم يسمعه الأعمش من أبي صالح.

ورواه البيهقي (1/ 430) بإسناده عن الشافعي وقال: هذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه إنَّما سمعه من الأعمش. فرجع الحديث لرواية الأعمش المنقطعة والله أعلم

خامسًا: الأوزاعي، وعيسى بن يونس: رواه الطبراني في الأوسط (5270) حدثنا محمد بن النهرتيري، ثنا عبد الكريم بن أبي عمير الدهقان، ثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني أبو عمرو الأوزاعي، وعيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا الوليد، تفرد به: عبد الكريم بن أبي عمير.

وقال الذهبي في الميزان عبد الكريم بن أبي عمير الدهان عن الوليد بن مسلم فيه جهالة، والخبر منكر.

ونقل الخطيب في تاريخه عن الدارقطني قوله: حدث به شيخ لأهل بغداد جليل يعرف بأبي عبد الله النهرتيري عن عبد الكريم بن أبي عمير بهذا الإسناد. وقد حدث به عامة شيوخنا عنه، وهذا حديث معروف بأبي عبد الله النهرتيري أنَّه تفرد بروايته بهذا الإسناد من رواية الأوزاعي عن الأعمش، لا أعلم أحدًا تابعه عليه. وقال الدارقطني في علله (10/ 193) قيل: عن الأوزاعي، وليس بمحفوظ.

تنبيه: في كتب التراجم عبد الكريم بن أبي عمير الدهان وليس الدهقان.

سادسًا: شريك بن عبد الله القاضي: رواه أحمد (9193) قال حدثنا أسود والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2186) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا أبو غسان وابن الجعد (2118) قالوا: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ورواته محتج بهم.

شريك بن عبد الله النخعي قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطاء كثيرًا. لكنَّه متابع وبقية رواته محتج بهم وتقدم أنَّ المحفوظ عن الأعمش عن رجل عن أبي صالح.

وأسود هو ابن عامر شاذان وأبو غسان هو مالك بن إسماعيل النهدى وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم.

ورواه ابن عدي (4/ 12) ثنا علي بن أشكاب ثنا يحيى بن إسحاق ثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامُ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ اللهم أَرْشِدِ الأئمة، واغْفِرْ للمؤذِّنين» ورواته ثقات عدا شريك بن عبد الله.

قال ابن عدي: هذا بهذا اللفظ لا يروى إلا عن شريك من رواية يحيى بن إسحاق عنه وإنَّما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر وهو قوله: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» .

وقال البيهقي في سننه (2/ 19) روى عن شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا وليس بمحفوظ. فأشار ابن عدي والبيهقي لشذوذ الحديث بلفظ «المُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامُ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ» والظاهر أنَّ الخطأ من شريك والله أعلم.

سابعًا: أبو حمزة السكري: رواه البزار (9266) أخبرنا بن منصور بن سيار حدثنا عتاب بن زياد والبيهقي (1/ 430) أخبرنا أبو طاهر الفقيه حدثنا أبو بكر: محمد بن الحسين القطان حدثنا أبو الموجه: محمد بن عمرو بن الموجه أخبرنا عبد الله بن عثمان قالا حدثنا أبو حمزة السكري عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» قالوا يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ يَكُونُ بَعْدِي أَوْ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفِلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ» ورواته ثقات.

أبو حمزة محمد بن ميمون السكري ثقة لكنَّه مختلط قال أحمد ما بحديثه عندي بأس وقال في رواية: قبل أن يذهب بصره فهو صالح، سمع عتاب منه بعدما ذهب بصره. وقال الدوري كان من ثقات الناس ولم يكن يبيع السكر وإنَّما سمي السكري لحلاوة كلامه وقال النسائي ثقة وقال في رواية: لا بأس بأبي حمزة إلا أنَّه كان قد ذهب بصره في آخر عمره فمن كتب عنه قبل ذلك جيد. فرواية عتاب بن زياد عنه بعد الاختلاط لكن هل رواية عبدان عنه كذلك؟ الله أعلم. وبقية رواته ثقات.

قال البزار (16/ 159) هذا الحديث قد روى صدره جماعة عن الأعمش على اضطرابهم فيه وفي إسناده، وآخر هذا الحديث لا نعلم رواه إلا أبو حمزة السكري ولم يتابع عليه.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 377) انفرد بهذه الزيادة فيه أبو حمزة وليس بالقوي وقال في التمهيد (19/ 225) هذه الزيادة لا تجيء إلا بهذا الإسناد وهو إسناد رجاله ثقات معروفون أبو حمزة السكري وعتاب بن زياد مروزيان ثقتان.

فاختلف اجتهاد ابن عبد البر في أبي حمزة السكري.

وقال الدارقطني في علله (10/ 195) رواه أبو حمزة السكري: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وزاد فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره. وقال الذهبي في الرد على ابن القطان ص:(61): زيادة منكرة. وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 399) رواية غريبة.

قال: أبو عبد الرحمن: فزيادة: «إِنَّهُ يَكُونُ بَعْدِي أَوْ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفِلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ» إن لم تكن شاذة فهي منكرة والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي: رواه الترمذي في العلل (1/ 207) حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، والبزار (8924) حدثنا محمد بن موسى القطان والفضل بن سهل، وابن خزيمة (1530) نا موسى بن سهل الرملي والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2194) حدثنا أبو أمية والطبراني في الأوسط (3605) حدثنا سعد بن يحيى الرقي قال: نا علي بن المديني قالوا: نا موسى بن داود الضبي حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وإسناده ضعيف.

وفي الحديث علتان:

الأولى: اختلاط أبي إسحاق السبيعي: ورواية زهير بن معاوية عنه بعد الاختلاط قال أبو زرعة زهير بن معاوية ثقة إلا أنَّه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط وروى عن أحمد أنَّه قال إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق.

الثانية: تدليس أبي إسحاق: فلم يسمع الحديث من أبي صالح جاء في حاشية ترجمة أبي إسحاق من تهذيب الكمال: قال الآجري: سألت أبا داود عن حديث زهير بن أبي إسحاق [الصواب زهير عن أبي إسحاق] عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ

»؟ قال: لم يسمعه أبو إسحاق من أبي صالح.

وقال البزار: هذا الحديث إنَّما يعرف من حديث الأعمش، ولا أحسب أبا إسحاق سمعه من أبي صالح.

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق، إلا زهير، ولا رواه عن زهير، إلا موسى بن داود الضبي.

وقال الدارقطني في علله (10/ 196) رواه زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قاله موسى بن داود عنه، فإن كان موسى حفظه، فقد أغرب به، وحدث به الفضل بن محمد العطار، وكان ضعيفًا، عن أبي خيثمة مصعب بن سعيد، عن زهير، عن أبي إسحاق أيضًا. وقال غيرهما: عن زهير، عن الأعمش، وهو الصواب.

قال أبو عبد الرحمن: موسى بن داود توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق له أوهام فاحتمال كون الخطأ منه واردًا ومتابعة مصعب بن سعيد تبرؤه من العهدة لو كانت تصلح للاعتبار لكنَّ ضعفها شديد قال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون الفضل بن محمد العطار عن مصعب بن سعيد عن زهير قال الدارقطني يكذب ويضع الحديث. ويحتمل أنَّ أبا إسحاق السبيعي دلسه عن الأعمش أو عن شيخ الأعمش المجهول والله اعلم.

الرواية الثالثة: رواية سهيل بن أبي صالح: رواه أحمد (9146) حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد وابن حبان (1672) أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد وابن خزيمة (1531) نا الحسين بن الحسن، أخبرنا يزيد بن زريع، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق؛ ح وثنا علي بن حجر، ثنا محمد بن عمار - وسفيان بن عيينة انظر: علل الدارقطني (10/ 191) - يروونه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره رواته ثقات.

والكلام في عبد العزيز بن محمد الدراوردي معروف وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي العامري توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق رمى بالقدر. وبقية رواته ثقات.

وتقدم من رواية الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش عن أبي صالح.

قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 348) رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير وهو من رجال الصحيحين عن سهيل عن الأعمش عن أبي صالح فرجع إلى رواية الأعمش.

الرواية الرابعة: رواية محمد بن جحادة: رواه الطبراني في الأوسط (9486) حدثنا يعقوب بن مجاهد، وابن عدي (2/ 308) ثنا ابن أبي داود قالا ثنا المنذر بن الوليد، نا أبي، نا الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

قال ابن عدي هذا الحديث لا يرويه عن ابن جحادة إلا ابن أبي جعفر.

والحسن بن أبي جعفر الجفري ضعفه شديد، قال عمرو بن علي والبخاري والساجي منكر الحديث وضعفه أحمد ويحيى بن سعيد والنسائي وقال ابن عدي: الحسن بن أبي جعفر أحاديثه صالحة وهو يروي الغرائب وخاصة عن محمد بن جحادة له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي عن أبيه عنه وله عن محمد بن جحادة غير ما ذكرت أحاديث مستقيمة صالحة وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب وهو صدوق، وقال علي بن المديني: يهم في الحديث. فهذه الرواية منكرة.

وابن أبي داود هو أبو بكر عبد الله وأبو داود هو صاحب السنن.

الرواية الخامسة: رواية أبي هاشم يحيى الرُماني: رواه الدارقطني في جزء أبي الطاهر الذهلي (142) حدثنا الحسن بن علي بن الوليد، قال: حدثنا خلف بن عبد الحميد، قال: حدثنا أبو الصباح، عن أبي هاشم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي ضعفه شديد قال البخاري: تركوه منكر الحديث، وقال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء، وضعفه أبو حاتم: وقال ابن عدي: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. فهذه الرواية منكرة.

الرواية السادسة: رواية صالح بن أبي صالح: رواه الدقاق في فوائده (246) أخبرنا محمد قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عبد الله بن شبيب أبوسعيد الربعي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده عبد الله بن شبيب الربعي ضعفه شديد قال ابن حبان يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به. فهذه الرواية منكرة.

فالأعمش لم يسمع الحديث من شيخه أبي صالح إنَّما سمعه من مبهم لم يذكر اسمه - ليتبن الحكم على الحديث - فتارة يسقط هذا المبهم وتارة يسقطه وشيخه أبا صالح فرواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2192) حدثنا فهد قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث النخعي قال: حدثنا أبي، عن سليمان قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر مثله فقيل له: إنَّك قد ذكرته عن أبي صالح؟ فقال: نعم، فخذوه عنه.

فحديث أبي هريرة رضي الله عنه مضطرب سندًا ومتنًا والمحفوظ لفظ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» من رواية الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه والله أعلم. وتقدم قول البزار: على اضطرابهم فيه وفي إسناده. ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه طريق أخرى عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه وضعفها شديد وتأتي في آخر البحث في مرسل عطاء.

الحديث الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها: رواه أحمد (23842) وإسحاق بن راهويه (1125) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 78) والترمذي - العلل الكبير (1/ 209) - حدثنا محمود بن غيلان وأبو يعلى (4562) حدثنا محمد بن عبد الله والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2195) حدثنا علي بن معبد والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 435) حدثنا محمد بن إسماعيل، وعبد الله بن أحمد والبيهقي (1/ 425) حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أخبرنا أبو بكر: محمد بن علي بن أيوب بن سلمويه حدثنا محمد بن يزيد السلمى قالوا حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ورواه ابن خزيمة (1532) نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وابن حبان (1671) أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن سلمة المرادي قالا حدثنا عبد الله بن وهب والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 435) حدثنا حسن بن موسى الأسدي، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني، قالوا - المقرئ وابن وهب والقطواني - حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثني نافع بن سليمان، أنَّ محمد بن أبي صالح حدثه، عن أبيه، أنَّه سمع عائشة رضي الله عنها، تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، فَأَرْشَدَ اللهُ الْإِمَامَ، وَعَفَا عَنِ الْمُؤَذِّنِ» وإسناده ضعيف.

يحيى بن يعلى القطواني ضعيف لكنَّه متابع للثقتين ابن يزيد وابن وهب.

ونافع بن سليمان نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل قوله: صدوق يحدث عن الضعفاء مثل بقية ونقل عنه في العلل قوله ليس بقوي ووثقه ابن معين وذكره ابن حبان في ثقاته.

ومحمد بن ذكوان السمان ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال أبو حاتم في علل ابنه سهيل بن أبي صالح وعباد بن أبي صالح أخوان ولا أعلم لهما أخًا، إلا ما رواه حيوة بن شريح

وقال ابن معين لا أعرفه وقال الدارقطني مجهول وذكره ابن حبان في ثقاته وقال يخطئ وقال الذهبي لا يعرف.

ففي رواية محمد عن أبيه أبي صالح جعله من حديث عائشة رضي الله عنها وفي رواية الأعمش - المتقدمة - من رواية أبي صالح ذكوان السمان جعله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي يظهر لي أنَّ رواية محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها إن لم تكن منكرة فهي شاذة والله أعلم.

قال ابن خزيمة: الأعمش أحفظ من مائتين مثل محمد بن أبي صالح.

وقال أبن أبي حاتم في علله (217) لأبيه قلت: فأيهما أصح؟: قال حديث الأعمش، ونافع بن سليمان ليس بقوي. وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 209) سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث أبي صالح عن عائشة رضي الله عنها أصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في هذا الباب، وسألت أبا زرعة فقال: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أصح عندي من حديث عائشة رضي الله عنها، وذكر عن علي بن المديني قال: لا يصح حديث عائشة رضي الله عنها ولا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكأنَّه رأى أصح شيء في هذا الباب عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وقال الحافظ في التلخيص (1/ 371) رجح العقيلي، والدارقطني طريق أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، على طريق أبي صالح عن عائشة رضي الله عنها.

وذهب ابن حبان لصحة الحديثين فقال (4/ 559): سمع هذا الخبر أبو صالح السمان عن عائشة رضي الله عنها على حسب ما ذكرناه وسمعه من أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا فمرة حدث به عن عائشة رضي الله عنها وأخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه وتارة وقفه عليه ولم يرفعه.

والذي يظهر لي أنَّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه ضعيف لجهالة شيخ الأعمش وحديث عائشة رضي الله عنها كذلك ضعيف وقول البخاري وأبي حاتم وأبي زرعة أصح ليس تصحيحًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ولا لحديث عائشة رضي الله عنها كما هو متقرر عند المحدثين.

الحديث الثالث: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا:

أولًا: المرفوع رواه:

1: السراج في مسنده (72) حدثنا محمد بن عقيل ثنا حفص، وحدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله والبيهقي (1/ 431) أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسين العلوي إملاء أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا أحمد بن حفص وعبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا: حدثنا حفص بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن طهمان ثنا سليمان الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره ورواته ثقات.

الأعمش مدلس وجل روايته عن مجاهد إذا كانت بالعنعنة عن ضعفاء - وهذه منها - قال يعقوب بن شيبة ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة قلت لعلي ابن المديني كم سمع الأعمش من مجاهد قال لا يثبت منها إلا ما قال سمعت هي نحو من عشرة وإنَّما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه في أحاديث الأعمش عن مجاهد قال أبو بكر بن عياش عنه حدثنيه ليث عن مجاهد.

فالأعمش مدلس واضطرب في إسناده فتارة يرويه مرفوعًا وتارة موقوفًا وتارة مقطوعًا وتارة عن مجاهد وتارة عن رجل وكذلك اضطرب في متنه فيرويه تارة بلفظ آخر: «يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مَدَّ صَوْتِهِ،

».

وأشار البيهقي إلى إعلاله بقوله: هكذا رواه إبراهيم بن طهمان. قال أبو عبد الرحمن: إبراهيم بن طهمان ثقة إنَّما انتقد للإرجاء وتأتي رواية ابن طهمان عن الأعمش موقوفًا بلفظ آخر.

وتعقب ابن التركماني البيهقي في الجوهر النقي (1/ 431) بقوله: إن كان البيهقي قصد بذلك تعليل رواية ابن طهمان وهو الظاهر فترك بعض الرواة لا يعارض زيادة غيره لا سيما مع انفصال أحد المتنين عن الآخر في المعنى فهما حديثان مستقلان فبعض الرواة روى أحدهما وبعضهم شارك في ذلك وانفرد بالحديث الآخر. قال أبو عبد الرحمن: ليست علة الحديث الاضطراب في المتن فقط فإسناده أيضًا مضطرب.

2: الطبراني في الأوسط (7755) حدثنا محمد بن يعقوب، نا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا يوسف بن الحجاج، نا المعارك بن عباد، عن يحيى بن أبي الفضل، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلِيَعْلَمْ أَنَّهُ ضَامِنٌ مَسْئُولٌ كَمَا ضَمِنَ، فَإِنْ أَحْسَنَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَهُوَ عَلَيْهِ» وإسناده ضعيف جدًا.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي الجوزاء إلا يحيى بن أبي الفضل، ولا رواه عن يحيى إلا المعارك، تفرد به يوسف بن الحجاج.

في إسناده المعارك بن عباد ضعفه شديد قال أبو زرعة واهي الحديث وقال أبو حاتم أحاديثه منكرة وقال الدارقطني ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويهم وقال ابن عدي أنكرت عليه أحاديث غير محفوظة وقال العقيلي لا يصح حديثه.

وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي هل سمع من ابن عمر رضي الله عنهما أم لا؟. لم يتبين لي. فهذه الرواية منكرة والله أعلم.

3: الحاكم - المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور ص: (23) - أخبرناه الشيخان أبو بكر صالح بن محمد بن يحيى، وأحمد بن عبد الملك، قالا: أنبا أبو نصر محمد بن الحسين الصوفي، ثنا أبو العباس الأصم، أنبا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:«الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، أَلا فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ وَسُدُّوا خَلَلَ الصُّفُوفِ» وإسناده ضعيف جدًا.

قال الحاكم: محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر بن فضيل التاجر السكري أبو نصر الصوفي النيسابوري كان يحدث من حفظه، عن الأصم بالأباطيل، ويحفظ هذا الإسناد: عن الأصم، عن الربيع، عن الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ويركب عليه الأحاديث، والله أعلم، عفا الله عنا وعنه فمن ذلك وذكر الحديث السابق.

وقال أبو صالح [أحمد بن عبد الملك]: ما كتبناه إلا عنه، وهو باطل بهذا الإسناد.

وقال ابن عدي في الكامل (6/ 294) حدثت عن أزهر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» قال الشيخ وهذا باطل.

وهذه المتابعة ضعفها شديد فلا تتقوى بها رواية الأعمش السابقة.

ثانيًا: الموقوف: رواه ابن المنذر في الأوسط (4/ 270) حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، عن عمر رضي الله عنه، قال:«الإمام ضامن ولا يخص نفسه بشيء من الدعاء دونهم» مرسل إسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك. ورواية مجاهد عن عمر رضي الله عنه مرسلة.

وعلي بن عبد العزيز هو البغوي وعبد السلام هو ابن حرب وأبو نعيم هو الفضل بن دكين.

ثالثًا: المقطوع: رواه ابن أبي شيبة (2/ 263) حدثنا أبو بكر بن عياش، ومحمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، قال:«إمام القوم ضامن، فلا يخص نفسه بشيء من الدعاء دونهم» وإسناده ضعيف.

فجعله ليث مقطوعًا على مجاهد وهذا من تخليط ليث بن أبي سليم والله أعلم.

وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» وهو أيضًا مضطرب فروي مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا على مجاهد.

أولًا: المرفوع رواه:

1: أحمد (6166) والبزار - كشف الأستار (355) - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي، والسراج في مسنده (71) حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي وأحمد بن منصور الرمادي والبيهقي (1/ 431) أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق قالوا: ثنا أبو الجوَّاب الأحوص بن جواب عن عمار بن رزيق وابن عدي (4/ 245) ثنا أبو عروبة ثنا أيوب بن محمد ثنا معمر والطبراني في الكبير (12/ 398) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وخلف بن عمرو العكبري، قالا: ثنا داود بن رشيد، ثنا معتمر بن سليمان قالا حدثنا عبد الله بن بشر يرويانه - عمار بن رزيق وعبد الله بن بشر - عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ورواته ثقات.

قال ابن أبي حاتم في المراسيل: سألت أبي عن عبد الله بن بشر الرقي الذي يروي عنه معمر بن سليمان فقال لا يثبت له سماع من الحسن ولا من ابن سيرين ولا من عطاء ولا من الأعمش وإنَّما يقول كتب إلي أبو بكر بن عياش عن الأعمش. لكنَّه لم يتفرد به عن الأعمش فتابعه عمار بن رزيق وهو ثقة وثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة.

والحديث مضطرب وفيه عنعنة الأعمش. ويأتي ترجيح الدارقطني لهذه الرواية في رواية عنه.

ومعمَّر هو ابن سليمان الرقي.

2: أحمد (6167) حدثنا معاوية، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف.

فيحتمل المبهم أنَّه مجاهد ويحتمل أنَّه ضعيف فدلسه الأعمش عنه والله أعلم. وبقية رواته ثقات.

ومعاوية هو ابن عمرو الأزدي. وزائدة هو ابن قدامة.

3: البيهقي (1/ 431) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عمرو بن عبد الغفار حدثنا الأعمش عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

عمرو بن عبد الغفار الفقيمى ضعفه شديد قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث. وقال العقيلي: منكر الحديث. فهذه الرواية منكرة.

وتابع عمرو بن عبد الغفار محمد بن عبيد الطنافسي. انظر علل الدارقطني (1544) ولم أقف عليه.

تنبيه: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ

» طرق أخرى لكن بحثنا ليس فيه.

ثانيًا: الموقوف رواه:

1: السراج في مسنده (73) حدثنا يوسف بن موسى ثنا جرير ح (74) حدثنا محمد بن عقيل ثنا حفص بن عبد الله قال حدثني إبراهيم بن طهمان والبيهقي (1/ 431) أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسين العلوي إملاء أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا أحمد بن حفص وعبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا حدثنا حفص بن عبد الله حدثني إبراهيم بن طهمان يرويانه عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره ورواته ثقات.

وتقدم عن ابن طهمان مرفوعًا.

2: عبد الرزاق (1840) عن معمر، عن قتادة، أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما قال:«الإمام ضامن إن قدم أو أخر، وأحسن أو أساء» - قال معمر: ليس كل الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما مرسل إسناده ضعيف.

قتادة مدلس ولم يسمع من ابن عمر رضي الله عنهما.

ثالثًا: المقطوع: رواه ابن أبي شيبة (1/ 226) حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال:«المؤذن يشهد له كل شيء رطب ويابس سمعه» ورواته ثقات.

ويأتي ترجيح الدارقطني له - والله أعلم - في رواية.

فحديث ابن عمر رضي الله عنهما عندي مضطرب جدًا ويصعب الترجيح بين رواياته لذا اختلف حكم الدارقطني في حديث «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ

» فقال: - في علله (1544) -: يرويه الأعمش، واختلف عنه.

فرواه محمد بن عبيد الطنافسي، وعمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وقال عمار بن رزيق: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال غيرهم: عن الأعمش، عن مجاهد مرسل، والمرسل أشبه. والظاهر أنَّه يقصد المقطوع فله حكم الرفع والله أعلم.

وقال: - في علله (3115) - يرويه الأعمش، واختلف عنه؛ فرواه عمار بن رزيق، وعبد الله بن بشر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال زائدة: عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وقيل: عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

والصحيح: عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنه. فرجح حديث ابن عمر رضي الله عنهما الموصول وتقدم ترجيحه لمرسل مجاهد وهذا يدل على شدة الاختلاف في الحديث وتقارب الروايات في القوة والله أعلم.

فالحديث مضطرب مداره على الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما والأعمش مدلس وروايته عن مجاهد بالعنعة عن الضعفاء وقد اضطرب في إسناده ومتنه والمتابعات المتقدمة للأعمش ومجاهد لا تصلح للاعتبار والله أعلم.

الحديث الرابع: حديث أبي أمامة رضي الله عنه: روي مرفوعًا وموقوفًا:

أولًا: المرفوع: رواه الطبراني في الكبير (8/ 343) حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمود بن آدم المروزي، ثنا الفضل بن موسى، وأحمد (21735) حدثنا زيد بن الحباب قالا ثنا حسين بن واقد، حدثني أبو غالب، أنَّه سمع أبا أمامة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» وإسناده ضعيف.

ثانيًا: الموقوف: رواه البيهقي (1/ 432) أخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز أخبرنا علي بن الفضل الخزاعى أخبرنا أبو شعيب حدثنا على ابن المديني حدثنا روح بن عبادة حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو غالب قال سمعت أبا أمامة رضي الله عنه يقول: «المؤذنون أمناء المسلمين، والأئمة ضمناء قال والأذان أحب إلى من الإمامة» وإسناده ضعيف.

الحديث تفرد به أبو غالب واضطرب في إسناده فتارة يرفعه وتارة يجعله موقوفًا على أبي أمامة رضي الله عنه وأبو غالب اختلف في توثيقه فقال ابن معين صالح الحديث ووثقه موسى بن هارون والدارقطني في رواية وفي رواية قال يعتبر به وقال ابن عدي لم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا وأرجو أنَّه لا بأس به وحسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها.

وقال أبو حاتم ليس بالقوي وضعفه ابن سعد والنسائي وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات وتوسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يخطاء.

واضطرابه في الحديث يدل على عدم حفظه له والله أعلم.

تنبيه: اختلف في اسم أبي غالب فقيل حزور وقيل سعيد بن الحزور وقيل عبد الله بن حزور.

الحديث الخامس: حديث أبي محذورة رضي الله عنه: رواه الطبراني في الكبير (7/ 176) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، والحسين بن إسحاق التستري والبيهقي في الكبرى (1/ 426) أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عمر المقرئ ابن الحمامي -رحمه الله تعالى- ببغداد أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قالوا: ثنا يحيى الحماني، ثنا إبراهيم بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، عن أبي محذورة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى فِطْرِهِمْ وَسُحُورِهِمْ» وإسناده ضعيف جدًا.

يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني ترجم له الذهبي في الميزان فقال: وثقه يحيى بن معين وغيره وأما أحمد فقال: كان يكذب جهارًا وقال النسائي: ضعيف وقال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان فيه وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب وقال مرة: ثقة وقال ابن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح

قال: والحماني يقال إنَّ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أودعه كتبه لما خرج من مكة، فلما جاء وجد كتبه محلولة، فقال عبد الله: إنَّه سرق من كتبه أحاديث لسليمان بن بلال، حدث بها الحماني، عن سليمان نفسه. قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنَّه لا بأس به. قلت:[الذهبي] ضعف.

وإبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ضعفه ابن معين والأزدي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. وعبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال الحافظ ابن حجر: مقبول.

فالحديث منكر والله أعلم قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 344) حديث غريب تفرد به يحيى وفيه مقال.

الحديث السادس: حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: رواه ابن ماجه (981) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سعيد بن سليمان والحاكم (1/ 216) حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا سريج بن النعمان قالا: حدثنا عبد الحميد بن سليمان، أخو فليح، قال: حدثنا أبو حازم، قال كان سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يقدم فتيان قومه، يصلون بهم، فقيل له: تفعل ولك من القدم ما لك، قال: إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، فَإِنْ أَحْسَنَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاءَ، يَعْنِي، فَعَلَيْهِ، وَلَا عَلَيْهِمْ» وإسناده ضعيف.

عبد الحميد بن سليمان الخزاعي ضعيف قال أحمد ما كان أرى به بأسًا وقال ابن معين ليس بشيء وقال ابن المديني وصالح بن محمد الأسدي ضعيف وقال النسائي ضعيف وقال في رواية ليس بثقة وكذلك قال الدارقطني وأبو داود وقال يعقوب بن سفيان لم يكن بالقوي في الحديث وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم. فتفرد عبد الحميد بن سليمان به يدل على نكارته والله أعلم.

قال ابن رجب في الفتح (6/ 182) ذكر هذا الحديث الإمام أحمد، فقال: ما سمعت بهذا قط وهذا يشعر باستنكاره له. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.

وأبو حازم هو سلمة بن دينار.

الحديث السابع: حديث جابر رضي الله عنه: رواه الطبراني في الأوسط (3545) حدثنا خلف بن عمرو العكبري والدارقطني (1/ 322) حدثنا محمد بن مخلد ثنا أبو حاتم الرازي قالا: نا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: نا موسى بن شيبة، عن محمد بن كليب، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ فَمَا صَنَعَ فَاصْنَعُوا» وإسناده ضعيف.

قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحميدي.

موسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال أحمد أحاديثه مناكير وذكره ابن حبان في ثقاته.

ومحمد بن كليب بن جابر الأنصاري وثقه أبو زرعة وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الدارقطني يعتبر به.

والحميدي المصنف المشهور.

قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (555) هل سمع محمد بن كليب بن جابر من جده جابر رضي الله عنه أم لا؟ فإنِّي رأيت البخاري لما ذكره إنَّما قال: يروي عن محمود ومحمد ابني جابر، فأمَّا زيادة ابن أبي حاتم في كتابه حيث قال: روى عن جابر ومحمد ومحمود ابني جابر فإنَّما ذلك أخذ من هذا الإسناد، وليس في قوله: عن جابر رضي الله عنه، ما يؤذن بسماعه منه.

وأشار ابن الجوزي في العلل المتناهية (743) إلى إعلاله بموسى بن شيبة. وقال ابن رجب في الفتح (6/ 259) في إسناده مقال.

تنبيه: قال البيهقي في السنن (1/ 432) روى ذلك عن يونس عن الحسن عن جابر رضي الله عنه وليس بمحفوظ.

ولم أقف عليه ويأتي مرسل الحسن.

وذكر الحافظ ابن حجر قول البيهقي السابق في نتائج الأفكار (1/ 345) وقال قلت: ولو ثبت عنه فسماعه من جابر رضي الله عنه مختلف فيه.

الحديث الثامن: حديث أنس رضي الله عنه رواه:

1: ابن عدي في الكامل (2/ 104) ثنا محمد بن عبيد الله بن فضيل ثنا ابن مصفى ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن أبان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

في إسناده أبان بن أبي عياش ضعفه شديد قال أحمد بن حنبل لا يكتب عنه كان منكر الحديث ترك الناس حديثه وقال يحيى بن معين والنسائي والرازي والدارقطني متروك وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا يتعمد الكذب لكنَّه يشتبه عليه ويغلط. فالحديث منكر.

قال ابن عدي: هذا الحديث لم يجود إسناده غير ابن مصفى عن بقية عن ثور عن أبان عن أنس رضي الله عنه ورأيت غير ابن مصفى روى عن بقية عن ثور عن من حدثه عن أنس رضي الله عنه. قال أبو عبد الرحمن: لم أقف على هذه الرواية التي أشار إليها ابن عدي لكن لعلهم دلسوه لشدة ضعف أبان بن أبي عياش والله أعلم.

2: أبو بكر الإسماعيلي في معجم أسامي شيوخه (1/ 467) حدثنا محمد بن أحمد بن سهيل، حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمَؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ، وَالأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ؛ فَأَرْشَدَ اللَّهُ الأَئِمَّةَ، وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن أحمد بن سهيل ضعفه شديد قال أبو زرعة كتبت عنه وهو ممن يضع الحديث وقال ابن عدي: حدثنا عنه غير شيخ وكتبنا عنه بالبصرة وهو ممن يضع الحديث متنًا وإسنادًا وهو يسرق حديث الضعاف يلزقها على قوم ثقات وقال الأسماعيلي في ترجمته ليس بذاك. فالحديث موضوع.

الحديث التاسع: حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه: رواه تمام في فوائده (1213) حدثنا أبو علي محمد بن هارون، ثنا محمد بن يحيى بن منده، ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسى، عن عنبسة ح (1212) أخبرنا محمد بن عبد الله بن خالد السامري الحافظ، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمد بن عبد الملك، نا يزيد بن هارون: أنا عنبسة بن سعيد والطبراني (22/ 84) حدثنا عبيد العجل، ومحمد بن محمد بن عقبة الشيباني قالا ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا يزيد بن هارون، ح وحدثنا أحمد بن زهير التستري، ثنا ابن كرامة، ثنا عبيد الله بن موسى كلاهما عن عنبسة بن سعيد، عن حماد، مولى بني أمية، عن جناح، مولى الوليد، عن واثلة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

عنبسة بن سعيد القطان ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث جدًا على قلة روايته لا يجوز الاحتجاج به إذا لم يوافق الثقات وكان يزيد بن هارون يسميه عنبسة المجنون. وكذلك حماد، مولى بنى أمية قال الأزدي: متروك. وجناح، مولى الوليد بن عبد الملك ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الذهبي ضعفه الأزدي. فالحديث منكر والله أعلم.

تنبيه: في فوائد تمام (1212) سقط في السند والتصحيح من الروض البسام (267).

الحديث العاشر: مرسل الحسن البصري: رواه مسدد - إتحاف الخيرة المهرة (876) قال: ثنا عبد الوارث والشافعي في الأم (1/ 87) قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي والبيهقي (1/ 431) بإسناده عن محمد بن أبي عدي يروونه عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وسحورهم» مرسل رواته ثقات.

وتقدم قول الترمذي: ذكر عن علي ابن المديني قال: لا يصح حديث عائشة رضي الله عنه ولا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكأنَّه رأى أصح شيء في هذا الباب عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقال الدارقطني في علله (1555) الصحيح عن يونس، عن الحسن مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 225) حديث الحسن يحتج به وهو العمدة إذًا؛ فإنَّه انضم إلى إرساله اتصاله من وجوه أخر.

قال أبو عبد الرحمن: أصح ما جاء في هذا الباب مرسل الحسن البصري ويتقوى بما تقدم فحديث أبي هريرة رضي الله عنه فيه جهالة شيخ الأعمش الراوي عن أبي صالح وحديث عائشة الخلاف في جهالة عين محمد بن ذكوان السمان وحديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه عنعة الأعمش عن مجاهد واضطرابه في إسناده ومتنه وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه ضعف أبي غالب واضطرابه في إسناده وبقية الأحاديث الموصولة لا تصلح للاعتبار وكذلك يتقوى بمرسل عطاء بن أبي رباح الآتي فالذي يظهر لي أنَّ حديث «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» ثابت بمجموعه والله أعلم.

تنبيه: قال الموصلي في المغني عن الحفظ والكتاب - جنة المرتاب (2/ 259) - قال ابن المديني: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح، إلا حديثًا رواه الحسن مرسلًا.

والذي وقفت عليه من كلام علي ابن المديني - ما تقدم - من تضعيف حديثي أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما.

الحديث الحادي عشر: مرسل عطاء بن أبي رباح: رواه الإمام أحمد - مسائله رواية ابنه صالح (1089) - قال حدثنا أبو حفص المعيطي قال حدثنا عبد الملك العزرمي قال حدثنا عطاء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ، وَأَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ» وإسناده ضعيف.

عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ترجم له ابن حبان في ثقاته فقال: ربما أخطأ حدثني محمد بن المنذر قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان عبد الملك بن أبي سليمان ثقة قال أبو حاتم كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صح عدالته بأوهام يهم في روايته ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنَّهم أهل حفظ وإتقان وكانوا يحدثون من حفظهم ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروى الثبت من الروايات.

وأبو حفص عمر بن حفص المعيطي قال أبو حاتم لا بأس به وذكره ابن حبان في ثقاته. فالنفس تميل إلى تضعيف إسناد هذا المرسل.

وروي موصولًا رواه ابن الأعرابي في معجمه (1459) نا الحسن بن مكرم، نا أبو منصور الحارث بن منصور الواسطي، نا عمر بن قيس، أخو حميد بن قيس المكي عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ الْقَوْمِ» وإسناده ضعيف.

في إسناده عمر بن قيس المكي ضعفه شديد قال أحمد متروك ليس يسوي حديثه شيئًا لم يكن حديثه بصحيح أحاديثه بواطيل وقال أبو داود وعمرو بن علي والنسائي وأبو حاتم متروك الحديث وقال البخاري منكر الحديث. فوصل الحديث منكر والله أعلم. وتقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن أبي صالح.

ص: 744

وجه الاستدلال: لا يكون الضمان إلا بعد العلم فلا بد من نية الإمامة

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الإمام ضامن أي يحفظ على المأمومين صلاتهم ويرعاها لهم فالضمان في اللغة: الرعاية

(2)

.

الثاني: ما يتحمله الإمام عن المأموم من القراءة والسهو لا يفتقر إلى نية فلو نوى الإمامة ونوى أنَّه لا يحمل القراءة تحملها ولم تؤثر نيته في صحة الصلاة

(3)

.

الجواب: كونه يتحمل القراءة وغيرها ولو نوى عدم التحمل ليس له إنَّما هو حكم للشارع لا تسقطه نيته.

الدليل الرابع: القياس على نية الائتمام.

الرد: ورد النص بالتفريق بينهما.

الدليل الخامس: الإمام يتميز عن المأموم بالنية فكانت شرطًا لانعقاد الجماعة

(4)

.

الرد من وجهين:

(1)

انظر: شرح التلقين (2/ 581).

(2)

انظر: غريب الحديث للخطابي (1/ 636) وشرح السنة (2/ 280).

(3)

انظر: شرح التلقين (2/ 581).

(4)

انظر: المنح الشافيات بشرح المفردات (1/ 242).

ص: 758

الأول: المأموم يتميز عن الإمام بنية الائتمام وهي آكد.

الثاني: تأتي أدلة عدم اشتراط النية.

الدليل السادس: القياس على لو ائتم بمأموم فلا تصح الصلاة

(1)

.

الرد: الائتمام بالمنفرد ورد فيه النص بخلاف الائتمام بالمأموم فلم يرد فيه نص صحيح صريح.

القول الثاني: تشترط نية الإمامة في الفرض دون النفل: وهذا القول رواية في مذهب الحنابلة

(2)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(3)

.

الدليل الثاني: في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة مُخَصَّفَة، أو حصيرًا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته

»

(4)

.

الدليل الثالث: عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر، فقام أيضا حتى كنا رهطا فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له: حين أصبحنا أفطنت لنا الليلة: فقال: «نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ»

(5)

.

(1)

انظر: المبدع (1/ 421).

(2)

انظر: المحرر (1/ 161) والمغني (2/ 60) والمبدع (1/ 421) والإنصاف (2/ 29).

(3)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(4)

رواه البخاري (6113) ومسلم (781).

والحديث مخرج في قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (14).

(5)

رواه مسلم (1104).

قال النووي في شرح مسلم (7/ 303) دخل رحله: أي منزله قال الأزهري رحل الرجل عند العرب هو منزله سواء كان من حجر أو مدر أو وبر أو شعر وغيرها.

ص: 759

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته

»

(1)

.

الدليل الخامس: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(2)

.

(1)

رواه البخاري (729).

(2)

حديث جابر رضي الله عنه رواه عنه:

1: عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت. 2: سعيد بن الحارث. 3: محمد بن المنكدر. 4: عمرو بن سعيد. 5: شرحبيل بن سعد.

الرواية الأولى: رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: قال مسلم (3010) حدثنا هارون بن معروف، ومحمد بن عباد - وتقاربا في لفظ الحديث، والسياق لهارون - قال أبو عبد الرحمن واللفظ له ورواية أبي داود مختصرة - وأبو داود (634) حدثنا هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ويحيى بن الفضل السجستاني، قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: جابر رضي الله عنه سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كانت عُشَيْشِيَة ودنونا ماء من مياه العرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا؟» قال جابر رضي الله عنه: فقمت فقلت: هذا رجل، يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ؟» فقام جبار بن صخر رضي الله عنه، فانطلقنا إلى البئر، فنزعنا في الحوض سجلًا أو سجلين، ثم مدرناه، ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه، فكان أول طالع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«أَتَأْذَنَانِ؟» قلنا: نعم، يا رسول الله فأشرع ناقته فشربت، شنق لها فشجت فبالت، ثم عدل بها فأناخها، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحوض فتوضأ منه، ثم قمت فتوضأت من متوضإ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب جبار بن صخر رضي الله عنه يقضي حاجته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، وكانت علي بردة ذهبت أن أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر رضي الله عنه فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فقال هكذا، بيده - يعني شد وسطك - فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«يَا جَابِرُ» قلت: لبيك، يا رسول الله قال:«إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» .

وظاهر هذه الرواية أنَّ صلاتهما مع النبي صلى الله عليه وسلم من قيام الليل وليس بفرض فلو كان فرضًا لأنتظرهما والله أعلم والرواية التالية أصرح في أنَّ الصلاة تطوع.

غريب الحديث: عُشَيْشِيَة: تصغير عشية على غير قياس. يمدر الحوض: يطينه ليحفظ الماء. السجل: الدلو. أفهقناه: ملأناه. شنق لها كفها بزمامها. فشجت: شج البعير إذا فرج بين رجليه للبول. ذباذب: أهداب. تواقصت عليها: أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط

الرواية الثانية: رواية سعيد بن الحارث بن أبي سعيد الأنصاري: رواه أحمد (14109) حدثنا أبو عامر والبخاري (361) حدثنا يحيى بن صالح، وابن خزيمة (767) حدثناه محمد بن رافع، حدثنا سريج بن النعمان قالوا: حدثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: سألنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري، فوجدته يصلي، وعلي ثوب واحد، فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال:«مَا السُّرَى يَا جَابِرُ» فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال:«مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ» ، قلت: كان ثوب - يعني ضاق - قال: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» وإسناده صحيح.

قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 365) قوله: «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ» يدل على أنَّ هذا السير كان في آخر الليل، وهو السرى، وفهم النبي صلى الله عليه وسلم من جابر رضي الله عنه أنَّه جاء في ذلك الوقت لحاجة له، ولذلك قال له ذلك.

وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي.

تنبيه: ليس في رواية أحمد «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ» .

الرواية الثالثة: رواية محمد بن المنكدر: رواه أبو داود الطيالسي (1716) حدثنا ورقاء وأحمد (14375) حدثنا أبو جعفر المدائني محمد بن جعفر ومسلم (766) وحدثني حجاج بن الشاعر، حدثني محمد بن جعفر المدائني حدثنا ورقاء، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانتهينا إلى مَشْرَعَة، فقال:«أَلَا تُشْرِعُ؟ يَا جَابِرُ» قلت: بلى، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشرعت، قال: ثم ذهب لحاجته، ووضعت له وضوءًا، قال: فجاء فتوضأ، ثم قام فصلى في ثوب واحد، خالف بين طرفيه، فقمت خلفه، فأخذ بأذني فجعلني عن يمينه» وإسناده حسن.

ورقاء بن عمر بن كليب وثقه وكيع وأحمد وابن معين وقال أبو حاتم: كان شعبة يثني عليه وكان صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدي روى أحاديث غلط في أسانيدها وباقي حديثه لا بأس به وتوسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق. وبقية رواته ثقات. والظاهر أنَّ في الحديث اختصارًا والله أعلم.

تنبيهان:

الأول: في رواية أبي داود الطيالسي حدثنا ورقاء عن محمد بن المنكدر أو سالم أبي النضر أو كليهما شك ورقاء.

الثاني: قوله: «فقمت خلفه» شاذ أخطأ في ورقاء بن عمر والمحفوظ قيامه عن يساره والله أعلم.

غريب الحديث: قال القاضي عياض في مشارق الأنوار (2/ 248) المعروف شرعت ثلاثي وهو ورود الماء

إلا إذا عداه كقوله فأشرع ناقته فهذا رباعي وعلى هذا يحمل ما جاء في الحديث أي تسقي ناقتك وقيل معناه الشرب بالفم من الماء من غير آلة والمعنيان جميعًا صحيحان والمشرعة والشريعة حيث يتوصل من حافة النهر إلى مائه ويورد فيه والجمع شرائع ومشارع ومنه شريعة الدين لأنَّها مدخلة إليه وقيل من البيان والظهور

ومنه سميت المشرعة والشريعة للماء لأنَّها ظاهرة ومكانها معلوم.

الرواية الرابعة: رواية عمرو بن سعيد: رواه ابن المنذر في الأوسط (4/ 196) حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا سعيد بن الحكم، قال: ثنا أبي، وابن خزيمة (1536)(1674) أنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، نا يحيى بن عبد الله بن بكير، قالا حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن سعيد، أنَّه قال: دخلت على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنا، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فوجدناه قائمًا يصلي عليه إزار، فذكر بعض الحديث وقال:«أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج لبعض حاجته، فصببت له وضوءًا، فتوضأ فالتحف بإزاره، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، وأتى آخر فقام عن يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وصلينا معه، فصلى ثلاث عشرة ركعة بالوتر» وإسناده ضعيف وفيه نكارة.

سعيد بن أبي هلال قال ابن سعد كان ثقة إن شاء الله ووثقه العجلي وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وقال أبو حاتم لا بأس به وقال الساجي صدوق كان أحمد يقول ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث وقال ابن حزم ليس بالقوي وقال ابن حجر ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد فيه.

وشيخ سعيد بن أبي هلال الرواي عن جابر رضي الله عنه اختلف في اسمه ففي رواية ابن المنذر وابن خزيمة (1536) عمرو بن سعيد وفي رواية لابن خزيمة (1674) عمرو بن أبي سعيد ويحتمل أنَّه عمرو أبو سعيد فترجم البخاري في التاريخ الكبير فقال: عمرو بن سعيد عن أبي زرعة، روى عنه يونس بن عبيد وجرير بن حازم، قال ابن عون: عن عمرو بن سعيد: لقيت الشعبي بواسط، يقال: مولى ثقيف، إسحاق أخ عفان ح محمد بن دينار حدثنا الحباب بن المختار القطعي: عن عمرو بن سعيد النازل على ابن سيرين، شهد حميدًا الحميري، موسى ح جرير بن حازم: سمع عمرو بن سعيد مراسيل، عبد الله حدثني الليث حدثني خالد عن سعيد: عن عمرو أبي سعيد: أنَّ جابرًا رضي الله عنه أخبرهم أنَّ رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: عمرو أبو سعيد روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما روى عنه سعيد بن أبي هلال سمعت أبي يقول ذلك. ولم يذكرا في عمرو أبي سعيد جرحًا ولا تعديلًا.

والمحفوظ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دفعهما خلفه فالحديث منكر السند والمتن والله أعلم.

والليث هو ابن سعد. وخالد بن يزيد هو الجمحي.

ورواه الطبراني في الأوسط (8918) حدثنا مقدام، ثنا أسد بن موسى، ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال:«قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فقمت عن يساره، فحولني عن يمينه، ثم أتى جبار بن صخر، فقام عن يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمنا خلفه» قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن خالد بن يزيد إلا ابن لهيعة.

فجعله ابن لهيعة من رواية خالد بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه والكلام في ابن لهيعة مشهور.

الرواية الخامسة: رواية شرحبيل بن سعد الخطمي: رواه ابن أبي شيبة (2/ 491) حدثنا أبو خالد الأحمر وأحمد (14646) واللفظ له - حدثنا يزيد يرويانه عن يحيى بن سعيد، عن شرحبيل، عن جابر رضي الله عنه، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى نزلنا السقيا، فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: من يسقينا في أسقيتنا؟ قال جابر رضي الله عنه: فخرجت في فتية من الأنصار حتى أتينا الماء الذي بالأثاية، وبينهما قريب من ثلاثة وعشرين ميلًا، فسقينا في أسقيتنا، حتى إذا كان بعد عتمة إذا رجل ينازعه بعيره إلى الحوض، فقال:«أَوْرِد؟» ، فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم، فأورد، ثم أخذت بزمام ناقته، فأنختها فقام فصلى العتمة - وجابر رضي الله عنه فيما ذكر إلى جنبه - ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة».

ورواه أحمد (14087) وابن ماجه (974) حدثنا بكر بن خلف أبو بشر وابن خزيمة (1535) نا بندار قالوا: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، حدثني شرحبيل، عن جابر رضي الله عنه قال:«قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْمَغْرِبَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَنْ يَسَارِهِ، فَنَهَانِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَ صَاحِبٌ لِي، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ» وإسناده ضعيف جدًا.

شرحبيل بن سعد ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء ضعيف وقال ابن سعد لا يحتج به وقال أبو زرعة لين وقال النسائي ضعيف وقال الدارقطني ضعيف يعتبر به وقال ابن عدي له أحاديث وليست بالكثيرة وفي عامة ما يرويه نكارة وذكره ابن حبان في الثقات. وقد اضطرب في متنه وخالف فذكر صلاة جابر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري وفي رواية الضحاك بن عثمان المغرب والمحفوظ أنَّ الصلاة قيام الليل وقوله: فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: من يسقينا في أسقيتنا؟ ليس بمحفوظ والمحفوظ أنَّ القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم وليس معاذًا رضي الله عنه فالحديث منكر السند والمتن والله أعلم.

الأثاية: وتسمى شرف الأثاية وتعرف في وقتنا بالشُّفَيَّة وهي قرية مهجورة على بعد 43 كيلو جنوب المنصرف.

انظر: مراصد الإطلاع (1/ 25) ومعجم معالم الحجاز (1/ 43)، (5/ 36).

ص: 760

وجه الاستدلال: تجب نية الإمامة عند الإحرام فلما أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم على ائتمامهم به أثناء صلاة النفل دل ذلك على صحة صلاة النفل ويبقى الفرض على الأصل.

الرد من وجهين:

الأول: لم يرد دليل صحيح صريح في اشتراط نية الإمامة فيجعل أصلًا في المسألة.

الثاني: الأصل استواء الفرض والنفل بالأحكام وتخصيص أحدهما يحتاج إلى دليل صحيح صريح.

الدليل السادس: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» .

وجه الاستدلال: صلاة الجماعة عبادة يترتب عليها ثواب زائد على أصل الصلاة فافتقرت إلى نية الإمامة في الفرض لخروج النفل بالأدلة السابقة

(1)

.

الرد: كالذي قبله.

القول الثالث: لا تشترط نية الإمامة في صلاة الفرض والنفل: وهو مذهب

(1)

انظر: أسنى المطالب (1/ 225) ونهاية المحتاج (2/ 208).

ص: 763

الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

ورواية عند الحنابلة - وتقدم - واختاره ابن المنذر

(4)

وابن قدامة

(5)

وشيخ الإسلام ابن تيمية

(6)

وابن مفلح الحفيد

(7)

وشيخنا ابن عثيمين

(8)

.

الدليل الأول: في حديث جابر رضي الله عنه: «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر رضي الله عنه فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه» .

الاستدلال من وجهين:

الأول: الظاهر أنَّها كانت صلاة مفروضة لأنَّهم كانوا مسافرين

(9)

.

الرد: تقدم أنَّ الصلاة قيام الليل.

الثاني: تقدم أنَّ ما صح في الفرض صح في النفل إلا بدليل صحيح صريح يخصه

(1)

قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 493) الإمام لا يشترط في صحة اقتداء الرجال به نية الإمامة؛

وأمَّا في حق النساء فإنَّه لا يصح اقتداؤهن إذا لم ينو إمامتهن؛ لأنَّ في تصحيحه بلا نية إلزامًا عليه بفساد صلاته إذا حاذته من غير التزام منه وهو منتفٍ.

وانظر: المحيط البرهاني (1/ 287) وبدائع الصنائع (1/ 128) وحاشية ابن عابدين (1/ 103).

(2)

قال القاضي عبد الوهاب في التلقين ص: (31) وينفرد المأموم باعتقاد نية الائتمام ولا يلزم الإمام أن ينوي الإمامة إلا في الجمعة وصلاة الخوف.

وقال خليل في مختصره - الشرح الكبير (1/ 338) - وشرط الاقتداء نيته بخلاف الإمام ولو بجنازة إلا جمعة وجمعًا وخوفًا ومستخلفًا.

وانظر: الشرح الصغير (1/ 296) والتاج والإكليل (2/ 459) ومنح الجليل (1/ 227).

(3)

قال الرملي في نهاية المحتاج (2/ 211)(ولا يشترط للإمام) في صحة القدوة به في غير الجمعة (نية الإمامة).

وانظر: الحاوي (2/ 349) وروضة الطالبين (1/ 367) وأسنى المطالب (1/ 226).

(4)

انظر: الأوسط (4/ 240).

(5)

انظر: المغني (2/ 61).

(6)

انظر: مجموع الفتاوى (22/ 258).

(7)

انظر: المبدع (1/ 421).

(8)

انظر: مجموع فتاوى العثيمين (12/ 447).

(9)

انظر: المغني (2/ 60).

ص: 764

بأحدهما.

الدليل الثاني: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه» .

الدليل الثالث: في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة مُخَصَّفَة، أو حصيرًا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته

».

الدليل الرابع: عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر، فقام أيضا حتى كنا رهطا فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له: حين أصبحنا أفطنت لنا الليلة قال: «نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ» .

الدليل الخامس: في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته

».

وجه الاستدلال: أقر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم حينما دخلوا معه في صلاة النفل والأصل أنَّ ما صح في النفل صح في الفرض إلا ما خصه الدليل بأحدهما

(1)

.

الدليل السادس: على القول بعدم صحة إمامة المنفرد فمن ائتم به إمّا أن يقطع المنفرد صلاته ويخبره أو إذا فرغ أخبره وفي كلا الحالين إبطال للصلاة

(2)

.

الدليل السابع: الإمام منفرد في حق نفسه فلا تشترط نيته

(3)

.

الرد: يتحمل عن المأموم القراءة وغيرها فاشترطت نيته.

(1)

انظر: المغني (2/ 61).

(2)

انظر: المغني (2/ 61) والمبدع (1/ 421).

(3)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 287) والتعليقة للقاضي حسين (2/ 705).

ص: 765

الجواب: تقدم الدليل على عدم اشتراط ذلك.

الدليل الثامن: الحاجة تدعو إلى نقل النية إلى الإمامة كحالة الاستخلاف

(1)

.

الرد: يجوز الاستخلاف للحاجة

(2)

.

الجواب: كذلك تحول المنفرد إلى الإمامة لحاجة تحصيل الثواب في صلاة الفرض.

الدليل التاسع: الانفراد أحد حالتي عدم الإمامة فجاز الانتقال منها إلى الإمامة كما لو كان مأمومًا

(3)

.

الرد: كالذي قبله.

الجواب: كالذي قبله.

الترجيح: الذي يترجح لي عدم اشتراط نية الإمامة في صلاة الفرض والنفل إذ لم يرد دليل صحيح صريح في اشتراطها والأصل عدم الاشتراط لا سيما أنَّ الدليل دل على عدم اشتراط نية الإمامة في صلاة النفل فيصح انتقال المنفرد إلى الإمامة وتصح صلاة من ائتم به إذا نوى الائتمام والله أعلم.

ثمرة الخلاف: يترتب على الخلاف في اشتراط نية الإمامة مسألتان:

الأولى: من يرى اشتراط نية الإمامة لا يصحح صلاة المأمومين إذا لم ينوِ الإمام الإمامة ومن يرى عدم اشتراطها يصحح صلاة المأمومين ولهم ثواب الجماعة.

الثانية: حصول ثواب أجر الجماعة للإمام: وهي مسألة بحثنا التالي:

فاختلف القائلون باستحباب نية الإمامة لا وجوبها هل يحصل الإمام على ثواب الجماعة إذا لم ينوِ الإمامة على ثلاثة أقوال:

(1)

انظر: المغني (2/ 61).

(2)

انظر: المبدع (1/ 420).

(3)

انظر: المغني (2/ 61) والمبدع (1/ 421).

ص: 766

القول الأول: لا تحصل فضيلة الجماعة للإمام: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

وأصح الوجوه في مذهب الشافعية

(3)

وقول للحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» .

الدليل الثاني: في حديث عمر رضي الله عنه: «إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى» .

وجه الاستدلال: لصلاة الجماعة ثواب خاص فإذا لم ينو الإمام الإمامة فصلاته صلاة منفرد فلا يحصل على ثواب صلاة الجماعة

(5)

.

الرد: تفرق الشريعة في حصول الثواب بين المعذور وغير المعذور.

الدليل الثالث: القياس على المأموم إذا لم ينوِ الجماعة.

الرد: المأموم إذا لم ينوِ الجماعة فهو منفرد بخلاف الإمام فصلاة الجماعة لم تنعقد إلا بسببه.

القول الثاني: تحصل فضيلة الجماعة للإمام ولو لم ينوِ: وهذا القول وجه في

(1)

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 104) يشترط نية إمامة المقتدي لنيل الإمام ثواب الجماعة.

وانظر: الأشباه والنظائر ص: (21) وغمز عيون البصائر (1/ 64).

(2)

قال الدردير في الشرح الكبير (1/ 339) لو صلى منفردًا ثم جاء من ائتم به ولم يشعر بذلك لحصل الفضل لمأمومه لا له (واختار) اللخمي من عند نفسه (في) هذا الفرع (الأخير) وهو قوله كفضل الجماعة (خلاف) قول (الأكثر) وأنَّ فضل الجماعة يحصل للإمام أيضًا.

وانظر: شرح التلقين (2/ 582) ومواهب الجليل والتاج والإكليل (2/ 461) وأسهل المدارك (1/ 152).

(3)

انظر: العزيز (2/ 187) والمجموع (4/ 203) وأسنى المطالب (1/ 227) ونهاية المحتاج (2/ 212).

(4)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 28) على رواية عدم اشتراط نية الإمامة: لو صلى منفردًا وصلى خلفه، ونوى من صلى خلفه الائتمام: صح وحصلت فضيلة الجماعة فيعايى بها فيقال: مقتدٍ ومقتدى به حصلت فضيلة الجماعة للمقتدي دون المقتدى به؛ لأنَّ المقتدى به نوى منفردًا ولم ينو الإمامة، والمقتدي نوى الاقتداء. وانظر: الفروع (1/ 399).

(5)

انظر: المجموع (4/ 203).

ص: 767

مذهب الشافعية

(1)

وقال به اللخمي من المالكية

(2)

.

الدليل: حصلت فضيلة الجماعة للمقتدين بالإمام فكذلك تحصل له

(3)

.

الرد: حصلت لهم لأنَّهم نووا صلاة الجماعة بخلاف الإمام فهو منفرد.

القول الثالث: تحصل فضيلة الجماعة للإمام إذا لم يعلم باقتدائهم به: هذا القول وجه في مذهب الشافعية

(4)

.

الدليل الأول: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا»

(5)

.

وجه الاستدلال: يكتب للعبد ما اعتاده من الخير إذا فات بعذر فمن عادته نية الإمامة إذا صلى إمامًا يثاب إذا لم ينوِ لعدم علمه بأنَّه إمام.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»

(6)

.

وجه الاستدلال: المتسبب له كأجر الفاعل فالإمام سبب في حصول المأمومين على فضيلة الجماعة، فلا يحرم منها

(7)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ الإمام إذا لم ينوِ الإمامة لعدم علمه بمن يصلي خلفه فله أجر الجماعة لما تقدم والله أعلم.

(1)

انظر: البيان (2/ 367) والعزيز (2/ 187) والمجموع (4/ 203) وروضة الطالبين (1/ 367).

(2)

انظر: الشرح الكبير (1/ 339) ومواهب الجليل والتاج والإكليل (2/ 461) وأسهل المدارك (1/ 152).

(3)

انظر: المجموع (4/ 203).

(4)

انظر: التعليقة (2/ 706) والعزيز (2/ 187) والمجموع (4/ 203) وروضة الطالبين (1/ 367).

(5)

رواه البخاري (2996).

(6)

رواه مسلم (2674).

(7)

انظر: التعليقة للقاضي حسين (2/ 706) وروضة الطالبين (1/ 367).

ص: 768

الفصل الثاني

نية الائتمام

تشترط نية الائتمام في الفرض والنفل في مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

»

(5)

.

وجه الاستدلال: إذا لزم المأموم متابعة إمامه لزمه نية الائتمام

(6)

.

الدليل الثاني: في حديث عمر رضي الله عنه: «إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى»

(7)

.

وجه الاستدلال: الجماعة تتعلق بها أحكام كوجوب الاتباع، فكانت نية

(1)

قال ابن مازة في المحيط البرهاني (1/ 287) وإن كان مقتديًا لا تكفيه نية الفرض والتعيين حتى ينوي الاقتداء

وكذلك في صلاة التراويح إذا كان مقتديًا يحتاج إلى نية الاقتداء مع نية التراويح.

وانظر: بدائع الصنائع (1/ 128) والبحر الرائق (1/ 491) وحاشية ابن عابدين (2/ 285).

(2)

قال خليل في مختصره - مع الشرح الكبير - (1/ 337 - 339) شرط الاقتداء نيته

ومساواة في الصلاة وإن بأداء وقضاء أو بظهرين من يومين إلا نفلًا خلف فرض.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 235، 339) ومواهب الجليل والتاج والإكليل (2/ 458) ومنح الجليل (1/ 226).

(3)

قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (1/ 225 - 226) الشرط (الرابع نية الاقتداء)، أو الائتمام (أو الجماعة)

(وإلا) أي، وإن لم ينو ذلك (انعقدت) صلاته (منفردًا).

وانظر: العزيز (2/ 185) والمجموع (4/ 200) ومغني المحتاج (1/ 351، 354) ونهاية المحتاج (2/ 208، 217).

(4)

قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 318)(ومن شرط الجماعة: أن ينوي الإمام والمأموم حالهما) بأن ينوي الإمام: الإمامة وينوي المأموم الائتمام (فرضًا ونفلًا).

وانظر: شرح منتهى الإرادات (1/ 220) ومطالب أولي النهى (2/ 199) وكشف المخدرات (1/ 126).

(5)

رواه البخاري (689) من حديث أنس رضي الله عنه. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه (734) ورواه مسلم (411) من حديث أنس رضي الله عنه. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه (414).

(6)

انظر: الفروع (2/ 7) والإنصاف (2/ 251).

(7)

رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

ص: 769

الائتمام شرطًا

(1)

.

الدليل الثالث: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

(2)

.

وجه الاستدلال: صلاة الجماعة عبادة يترتب عليها ثواب زائد على أصل الصلاة ولا يتميز المنفرد عن المؤتم إلا بالنية

(3)

.

الدليل الرابع: عن علي بن شيبان رضي الله عنه قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، وصلينا خلفه، ثم صلينا وراءه صلاة أخرى، فقضى الصلاة، فرأى رجلًا فردًا يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف قال: «اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ، لَا صَلَاةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ»

(4)

.

الدليل الخامس: عن وابصة بن معبد رضي الله عنه، «أَنَّ رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ»

(5)

.

وجه الاستدلال: يترتب على الائتمام أحكام منها فساد صلاد المنفرد خلف الصف فلا بد من نية الائتمام.

الدليل السادس: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ»

(6)

.

وجه الاستدلال: يتحمل الإمام عن المأموم القراءة وسجود السهو فكانت النية شرطًا لانعقاد الجماعة

(7)

.

(1)

انظر: المهذب مع شرحه المجموع (4/ 200) وكشاف القناع (1/ 318) وشرح منتهى الإرادات (1/ 220).

(2)

رواه البخاري (645) ومسلم (650).

(3)

انظر: أسنى المطالب (1/ 225) ونهاية المحتاج (2/ 208).

(4)

انظر: (ص: 730).

(5)

انظر: (ص: 731).

(6)

انظر: (ص: 744).

(7)

انظر: كشاف القناع (1/ 318) وشرح منتهى الإرادات (1/ 220).

ص: 770

الرد: ما يتحمله الإمام عن المأموم من القراءة والسهو لا يفتقر إلى نية فلو نوى الإمامة ونوى أنَّه لا يحمل القراءة عن المأمومين لم تؤثر نيته في صحة الصلاة

(1)

.

(1)

انظر: شرح التلقين (2/ 581).

ص: 771

متابعة الإمام من غير نية الائتمام

قد يرى المأموم عدم صحة إمامة الإمام أو الأولى عدم الائتمام به أو غير ذلك فإذا تابع المصلي الإمام فأتى بأفعال الصلاة بعده من غير نية الائتمام به فصلاته صحيحة وهو منفرد في مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

(1)

قال ابن الهمام في فتح القدير (1/ 350) مناط الخروج عن الأول صحة الشروع في المغاير ولو من وجه، فلذا لو كان منفردًا في فرض فكبر ينوي الاقتداء أو النفل أو الواجب أو شرع في جنازة فجيء بأخرى فكبر ينويهما أو الثانية يصير مستأنفًا على الثانية فقط، بخلاف ما إذا لم ينو شيئًا، ولو كان مقتديًا فكبر للانفراد يفسد ما أدى قبله ويصير مفتتحًا ما نواه ثانيًا.

وقال الحصفكي في الدر المختار - مع حاشية ابن عابدين - (2/ 383)(و) يفسدها (انتقاله من صلاة إلى مغايرتها) ولو من وجه، حتى لو كان منفردًا فكبر ينوي الاقتداء أو عكسه صار مستأنفًا بخلاف نية الظهر بعد ركعة الظهر إلا إذا تلفظ بالنية فيصير مستأنفًا مطلقًا. قال ابن عابدين (قوله ويفسدها انتقاله إلخ) أي بأن ينوي بقلبه مع التكبيرة الانتقال المذكور.

(2)

قال الحطاب في مواهب الجليل (2/ 458) من وجد إمامًا يصلي أو شخصًا يصلي، فإن نوى أنَّه يقتدي به فهو مأموم، وقد حصلت له نية الاقتداء، وإن نوى أن يصلي لنفسه، ولم ينو أنَّه مقتدٍ بذلك الإمام فهو منفرد وصلاته صحيحة.

(3)

قال الرافعي في العزيز (2/ 185) من شروط الاقتداء أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة، إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نواه.

وقال العمراني في البيان (2/ 367) إن صلى خلفه، وتابعه في الأفعال، ولم ينو الاقتداء به فهل تصح صلاته؟ فيه وجهان.

(4)

قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (2/ 66)(وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف؟ على روايتين)

إن خاف فتنة أو أذى صلى خلفه وأعاد نص عليه فإن نوى الانفراد ووافقه في أفعالها لم يعد على الأصح.

ص: 772

‌الفصل الثالث

موقف الواحد عن يمين الإمام

المأموم الواحد يستحب أن يقف عن يمين إمامه وحصل خلاف زمن التابعين ثم انعقد الإجماع بعدهم

قال القاضي عياض: إن كان واحدًا قام عن يمينه

هو قول الكافة فى الواحد، وحكى عن ابن المسيب فيه: أنَّه إنَّما يقوم عن شماله لحديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه في مرضه

(1)

.

وقال النووي: الواحد فيقف عن يمين الإمام عند العلماء كافة ونقل جماعة الإجماع فيه ونقل القاضي عياض -رحمه الله تعالى- عن ابن المسيب أنَّه يقف عن يساره ولا أظنَّه يصح عنه وإن صح فلعله لم يبلغه حديث ابن عباس رضي الله عنهما وكيف كان فهم اليوم مجمعون على أنَّه يقف عن يمينه

(2)

.

قال أبو عبد الرحمن: أثر سعيد بن المسيب صحيح ويأتي قريبًا.

وقال الحافظ ابن حجر: قال سعيد بن المسيب إنَّ موقف المأموم الواحد يكون عن يسار الإمام ولم يتابع على ذلك

(3)

. ونحوه للعمراني

(4)

.

وقال ابن عبد البر: إذا كان الإمام وآخر فإنَّما يقوم عن يمينه وهذا مجتمع عليه

(5)

.

وتأتي أدلة استحباب وقوف المأموم يمين إمامه من السنة.

(1)

إكمال المعلم (2/ 455).

(2)

شرح النووي على مسلم (5/ 22). وانظر: المجموع (4/ 294).

(3)

فتح الباري (2/ 291).

(4)

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 423).

(5)

التمهيد (1/ 268). وانظر: التمهيد (13/ 212).

ص: 773

‌الفصل الرابع

حكم تأخر المأموم الواحد قليلًا عن إمامه

إذا صلى الواحد مع الإمام وقف عن يمينه ويأتي الخلاف في وقوفه عن يساره

(1)

وهذه المسألة هل يحاذيه أو يتأخر عنه قليلًا مع بقائه مصافًا له وهذه غير مسألة صلاة المنفرد خلف الصف المتقدمة

(2)

فأهل العلم لهم في تأخر المأموم عن إمامه قولان قول بالاستحباب وقول بعدم الاستحباب.

القول الأول: يستحب تأخر المأموم قليلًا: قال به محمد بن الحسن

(3)

وهو مذهب المالكية

(4)

والشافعية

(5)

والحنابلة

(6)

.

الدليل الأول: لأجل أن يتميز الإمام من المأموم

(7)

.

الرد: تميز الإمام بكونه مؤتمًا به لا بموقفه.

(1)

انظر: (ص: 783).

(2)

انظر: (ص: 729).

(3)

قال الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 159) إذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الإمام في ظاهر الرواية، وعن محمد أنَّه ينبغي أن تكون أصابعه عند عقب الإمام، وهو الذي وقع عند العوام. وقال العيني في البناية (2/ 401) (ولا يتأخر عن الإمام) ش: لأنَّ التأخر خلاف السنة.

وانظر: المبسوط (1/ 147) والمحيط البرهاني (1/ 422) وفتح القدير (1/ 308).

(4)

انظر: الشرح الكبير (1/ 344) والثمر الداني (1/ 173) والفواكه الدواني (1/ 325) وحاشية العدوي على كفاية الطالب (1/ 386).

(5)

قال النووي في المجموع (4/ 292، 299) قال أصحابنا ويستحب أن يتأخر عن مساواة الإمام قليلًا

إذا لم يتقدم لكن ساواه لم تبطل بلا خلاف لكن يكره.

وانظر: نهاية المطلب (2/ 400) والعزيز (2/ 172) وأسنى المطالب (1/ 222).

(6)

قال الرحيباني في مطالب أولي النهى (2/ 183)(ويندر [هكذا والصواب يندب] تخلفه)، أي: المأموم الواحد (قليلًا) بحيث لا يخرج عن كونه مصافًا له، قاله في المبدع، وجزم به في حواشي الفروع، وغاية المطلب، وهو المذهب.

وانظر: المبدع (2/ 83) وكشاف القناع (1/ 486) وشرح منتهى الإرادات (1/ 345).

(7)

انظر: الفواكه الدواني (1/ 325).

ص: 775

الدليل الثاني: خوفًا من التقدم، ومراعاة للمرتبة

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: لو كان هذا الخوف مشروعًا لشرع النبي صلى الله عليه وسلم التأخر.

الثاني: يأتي الخلاف في حكم تقدم المأموم على إمامه

(2)

.

القول الثاني: يحاذيه ولا يتأخر المأموم: قال به عطاء بن أبي رباح

(3)

والبخاري

(4)

وهو مذهب الأحناف

(5)

واختاره ابن باز

(6)

وشيخنا العثيمين

(7)

والألباني

(8)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(9)

.

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(10)

.

(1)

انظر: المبدع في شرح المقنع (2/ 83).

(2)

انظر: (ص: (797.

(3)

رواه عبد الرزاق (3870) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت الرجل يصلي معه الرجل قط فأين يكون منه؟ قال: «كذلك إلى شقه الأيمن» ، قلت: أيحاذي به حتى يصف معه لا يَفُوت أحدهما الآخر؟ قال: «نعم» قال: قلت: أيجب أن يلصق به حتى لا يكون بينهما فرجة؟ قال: «نعم، ها الله إذًا» وإسناده صحيح.

(4)

بوب البخاري في صحيحه مع الفتح (2/ 190) بابٌ يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين.

قال ابن رجب في الفتح (6/ 197) مراده بهذا التبويب: أنَّه إذا اجتمع في الصلاة إمام ومأموم فإنَّ المأموم يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء أي: مساويًا له في الموقف، من غير تقدم ولا تأخر.

(5)

انظر: المبسوط (1/ 147) وفتح القدير (1/ 308).

(6)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (12/ 199).

(7)

انظر: فتاوى نور على الدرب للعثيمين (2/ 277).

(8)

انظر: الصحيحة (1/ 221).

(9)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(10)

رواه مسلم (3010) وتقدم تخريجه (ص: 760).

ص: 776

وجه الاستدلال: ظاهر الحديثين أنَّ ابن عباس وجابرًا رضي الله عنهم وقفا حذاء النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتأخرا

(1)

.

الدليل الثالث: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(2)

.

وجه الاستدلال: صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم جمع من أصحابه رضي الله عنهم ولم ينقل عن أحد منهم - فيما أعلم - بإسناد صحيح ولا ضعيف أنَّه عندما صافَّ النبي صلى الله عليه وسلم تأخر عنه قليلًا فتأخر المأموم الواحد خلاف السنة والله أعلم

(3)

.

الدليل الرابع: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ»

(4)

.

الدليل الخامس: عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: «اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ

»

(5)

.

وجه الاستدلال: الإمام ومن صافه صفٌ واحد فيدخلان في الأمر بتسوية الصف والله أعلم

(6)

.

الدليل السادس: عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالهاجرة «فوجدته يسبح، فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه» ، فلما جاء يرفا تأخرت فصففنا وراءه

(7)

.

وجه الاستدلال: جعل عمر رضي الله عنه عبد الله بن عتبة حذاءه لأنَّه هو السنة فلما جاء يرفا أخرهما خلفه لأنَّه السنة.

الترجيح: الذي ترجح لي أنَّه يستحب للمأموم إذا كان واحدًا أن يحاذي إمامه

(1)

انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 308).

(2)

رواه البخاري (631).

(3)

انظر: البناية (2/ 401) ومجموع فتاوى ابن باز (12/ 199).

(4)

رواه البخاري (717) ومسلم (436).

(5)

رواه مسلم (432) يمسح مناكبنا: يسوي مناكبنا في الصفوف ويعدلنا فيها.

(6)

انظر: فتاوى نور على الدرب للعثيمين (2/ 277).

(7)

انظر: (ص: 673).

ص: 777

ولا يستحب له التأخر عنه لما تقدم ولو كان التأخر عبادة لشرعه النبي صلى الله عليه وسلم ولو شرعه لحفظ ونقل لنا والله أعلم.

ص: 778

‌فصلٌ

ضابط التأخر المستحب

اختلف القائلون باستحباب تأخر المأموم الواحد في مقدار التأخر.

القول الأول: تكون أصابع المأموم عند عقب الإمام: قال به بعض الأحناف القائلين باستحباب التأخر

(1)

وهو مذهب الشافعية

(2)

.

الدليل: الاعتبار في الموقف بموقف العقبين من الأرض لأنَّ قدمَ أحدهما قد يكون أكبر من قدم الثاني، فالمقتدي قد يكون أطول فيتقدم موقع رأسه، وإن تأخر ساوى موقع قدمه

(3)

.

القول الثاني: الاعتبار بتأخر كعب المأموم: قول للشافعية

(4)

.

القول الثالث: التأخر قليلًا بحيث يتميز الإمام من المأموم من غير حد: وهو مذهب المالكية

(5)

والحنابلة

(6)

.

الدليل: لم يرد فيه نص فيرجع فيه للعرف

(7)

.

(1)

انظر: الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (2/ 286) ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص: (110).

(2)

انظر: نهاية المطلب (2/ 400) والعزيز (2/ 172) والمجموع (4/ 299) وأسنى المطالب (1/ 222).

(3)

انظر: نهاية المطلب (2/ 400).

(4)

قال النووي في المجموع (4/ 299) الاعتبار في التقدم والمساواة بالعقب على المذهب وبه قطع الجمهور فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع المأموم لم يضره وإن تقدمت عقبه وتأخرت أصابعه عن أصابع الإمام فعلى القولين وقيل يصح قطعًا حكاه الرافعي وآخرون وقال في الوسيط الاعتبار بالكعب والمذهب المعروف الأول. وانظر: العزيز (2/ 172).

(5)

انظر: الثمر الداني (1/ 173) والفواكه الدواني (1/ 325) وحاشية العدوي على كفاية الطالب (1/ 386) وأسهل المدارك (1/ 153).

(6)

قال الخلوتي في حاشيته على منتهى الإرادات (1/ 426): يندب تأخره عن الإمام قليلًا، ليتميز حال كل منهما.

وقال ابن مفلح الحفيد في المبدع (2/ 83) ويندب تخلفه قليلًا خوفًا من التقدم، ومراعاة للمرتبة.

وانظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (2/ 334) ومطالب أولي النهى (2/ 183).

تنبيه: مذهب الحنابلة إذا تقدم المأموم على الإمام بعقبه لا تصح صلاته قال ابن مفلح الجد في الفروع (2/ 28) ولا يصح قدامه بإحرام فأكثر

والاعتبار بمؤخر القدم، وإلا لم يضر، كطول المأموم، ويتوجه العرف.

(7)

انظر: الفروع (2/ 28)

ص: 779

‌الفصل الخامس

وقوف الواحد خلف الإمام إذا كان يغلب على ظنه قدوم من يصافه

قال إبراهيم النخعي: «إذا أقيمت الصلاة وليس في المسجد غير الإمام ورجل، قام خلفه ما بينه وبين الركعة، فإن جاء أحد وإلا تقدم عن يمينه»

(1)

.

قال ابن حجر: وجهه بعضهم بأنَّ الإمام مظنة الاجتماع فاعتبرت في موقف المأموم حتى يظهر خلاف ذلك وهو حسن لكنَّه مخالف للنص وهو قياس فاسد ثم ظهر لي أنَّ إبراهيم إنَّما كان يقول بذلك حيث يظن ظنًّا قويًا مجيء ثانٍ

(2)

.

وعن الحسن البصري، قال:«إذا كان الإمام معه رجل واحد وامرأة، فليقوموا متواترين»

(3)

.

(1)

رواه عبد الرزاق (3890) عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: فذكره وإسناده صحيح.

(2)

فتح الباري (2/ 291).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 88) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: فذكره ورواته ثقات ويونس هو ابن عبيد.

قوله: متواترين أي بعضهم خلف بعض.

ص: 781

‌الفصل السادس

الحكم الوضعي لصلاة المأموم إذا وقف عن يسار الإمام

وقوف المأموم يسار الإمام له حالان أن يكون عن يمين الأمام أحد أو لا.

الحال الأولى: إذا وقف المأموم يسار الإمام وكان عن يمينه أحد: تصح الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: عن علقمة، والأسود، أنَّهما دخلا على عبد الله رضي الله عنه، فقال:«أصلى من خلفكم؟» قال: نعم، فقام بينهما، وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ثم ركعنا، فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا، ثم طبق بين يديه، ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلى، قال:«هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(5)

.

وجه الاستدلال: وقف ابن مسعود رضي الله عنه بين المأمومينِ ورفعه للنبي صلى الله عليه وسلم

(6)

.

الرد: الحديث منسوخ

(7)

.

(1)

قال الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 158) لو قام في وسطهم أو في ميمنة الصف أو في ميسرته جاز وقد أساء.

وانظر: المبسوط (1/ 147) والبحر الرائق (1/ 617) ومجمع الأنهر (1/ 141).

(2)

قال الدردير في الشرح الكبير (1/ 331)(و) كرهت للجماعة (صلاة بين الأساطين) أي الأعمدة (أو) صلاة (أمام) أي قدام (الإمام) أو بمحاذاته (بلا ضرورة).

وقال زروق في شرح الرسالة (1/ 204)(والرجل الواحد مع الإمام يقوم عن يمينه ويقوم الرجلان فأكثر خلفه إلخ) يعني استحبابًا فلو صلى الرجل عن يساره والرجلان محاذيان فلا شيء عليهم ولو صلى بين يدي الإمام أحد كره وصحت.

وانظر: المعونة (1/ 122) وشرح الرسالة لابن ناجي (1/ 205).

(3)

قال النووي في المجموع (4/ 293) لو أمَّ اثنين فوقفا عن يمينه أو يساره أو أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره أو أحدهما بجنبه والآخر خلفه أو أحدهما خلفه والآخر خلف الأول كرهت ذلك ولا إعادة ولا سجود سهو.

وانظر: الحاوي (2/ 340) وأسنى المطالب (1/ 222) وتحفة المحتاج (1/ 293).

(4)

انظر: المغني (2/ 42) والمحرر (1/ 175) والمستوعب (2/ 364) والإنصاف (2/ 282).

(5)

رواه مسلم (534).

(6)

انظر: المغني (2/ 42).

(7)

انظر: بحر المذهب (2/ 270).

ص: 783

الجواب: نُسِخت السنية وبقي الجواز.

الدليل الثاني: عن ريطة الحنفية: «أنَّ عائشة رضي الله عنها أمتهنَّ وقامت بينهن في صلاة مكتوبة»

(1)

.

الدليل الثالث: عن حجيرة بنت حصين قالت: «أمتنا أم سلمة رضي الله عنها في صلاة العصر قامت بيننا»

(2)

.

وجه الاستدلال: وقوف الإمام وسط المأمومين هو موقف في الصلاة من حيث الجملة

(3)

.

الدليل الرابع: قال الزركشي: إن كان عن يمينه أحد فتصح الصلاة على يساره بلا نزاع

(4)

.

الرد: لا إجماع في المسألة فالخلاف قديم

(5)

.

الدليل الخامس: صلاة توفرت فيها الشروط والأركان والموقف ليس من ذلك

(6)

.

الرد: هذا محل الخلاف.

(1)

رواه عبد الرزاق (5086) وغيره بإسناد حسن.

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 343).

(2)

رواه عبد الرزاق (5082) وغيره بإسناد حسن.

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 343).

تنبيه: حديث أسماء رضي الله عنها «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ وَلَا جُمُعَةٌ، وَلَا اغْتِسَالُ جُمُعَةٍ وَلَا تَقَدَّمَهُنَّ امْرَأَةٌ وَلَكِنْ تَقُومُ فِى وَسَطِهِنَّ» رواه ابن عدي (2/ 203) والبيهقي (1/ 408) بإسناد ضعيف. انظر: المصدر السابق.

(3)

انظر: المغني (2/ 42).

(4)

شرح الزركشي على الخرقي (1/ 245).

(5)

قال ابن حزم في المحلى (4/ 66) وجب أن يكون الاثنان فصاعدًا خلف الإمام ولا بد؛ ويكون الواحد عن يمين الإمام ولا بد؛ لأنَّ دفع النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا وجبارًا رضي الله عنهما إلى ما وراءه أمر منه عليه السلام بذلك لا يجوز تعديه، وإدارته جابرًا رضي الله عنه إلى يمينه كذلك؛ فمن صلى بخلاف ما أمر به عليه السلام فلا صلاة له.

قال أبو عبد الرحمن: تأتي الإجابة عن استدلال ابن حزم رحمه الله.

(6)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 158).

ص: 784

الدليل السادس: المأمومون مع الإمام صف فلم ينفرد أحد خلف الصف

(1)

.

الرد: الصف يكون إمام ومأموم أو مأمومون وحدهم.

الجواب: تقدم صفُ الإمام والمأمومينَ.

الحال الثانية: إذا وقف المأموم عن يسار الإمام وليس عن يمينه أحد: فأهل العلم لهم في هذه المسألة قولان قول بصحة الصلاة وقول بعدم صحتها.

القول الأول: لا تصح الصلاة: وهو مذهب الحنابلة

(2)

وابن حزم

(3)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(4)

.

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(5)

.

الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول: دفْعُ النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا وجبارًا رضي الله عنهما إلى ما وراءه أمرٌ منه صلى الله عليه وسلم بذلك لا يجوز تعديه، وإدارته جابرًا رضي الله عنه إلى يمينه كذلك؛ فمن صلى بخلاف ما أمر به صلى الله عليه وسلم فلا صلاة له

(6)

.

الرد: دفع النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا وجبارًا رضي الله عنهما خلفه فعلٌ وليس بأمر فلا يدل على عدم

(1)

انظر: المغني (2/ 43).

(2)

انظر: المغني (2/ 42) والمستوعب (2/ 364) والفروع (2/ 30) والإنصاف (2/ 282).

قال ابن قدامة في المغني (2/ 43) فإن وقف عن يسار إمامه وخلف الإمام صف احتمل أن تصح صلاته

واحتمل أن لا تصح.

(3)

انظر: المحلى (4/ 66).

(4)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(5)

رواه مسلم (3010) والحديث مخرج (ص: (760.

(6)

انظر: المحلى (3/ 66).

ص: 785

صحة صلاتهما عن جانبيه ففعل النبي صلى الله عليه وسلم على الاستحباب لتحصيل السنة لا على سبيل الوجوب والله أعلم

(1)

.

الوجه الثاني: أدار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابر رضي الله عنهم فجعلهما عن يمينه فدل ذلك على عدم صحة الصلاة.

الرد: كالذي قبله.

الوجه الثالث: لزم من التحويل مشي وعمل لغير حاجة، ومثل هذا لا يرتكب لمخالفة فضيلة

(2)

.

الرد: الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة وتكون مستحبة إذا ترتب عليها فعل مستحب كما في حديث ابن عباس وجابر رضي الله عنهم

(3)

.

القول الثاني: تصح الصلاة: قال به سعيد بن المسيب

(4)

وهو مذهب الأحناف

(5)

والمالكية

(6)

والشافعية

(7)

ورواية في مذهب الحنابلة

(8)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(9)

(1)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 159) والمجموع (4/ 292) والمبدع (2/ 83).

(2)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 245).

(3)

انظر: (ص: (466.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (2/ 87) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، قال: سألت عنه سعيد بن المسيب، فقال:«يقيمه عن يساره» وإسناده صحيح.

سفيان هو الثوري وحماد هو ابن أبي سليمان.

(5)

قال الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 159) لو وقف عن يساره جاز؛

ولكنَّه يكره؛ لأنَّه ترك المقام المختار له، ولهذا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما.

وانظر: المبسوط (1/ 147) وفتح القدير (1/ 308) والبناية شرح الهداية (2/ 401).

(6)

انظر: المعونة (1/ 122) والقوانين الفقهية ص: (56) وشرح الرسالة لزروق وابن ناجي (1/ 204 - 205) والفواكه الدواني (1/ 325).

(7)

قال النووي في المجموع (4/ 292) إن خالف ووقف عن يساره أو خلفه استحب له أن يتحول إلى يمينه ويحترز عن أفعال تبطل الصلاة فإن لم يتحول استحب للإمام أن يحوله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما فإن استمر على اليسار أو خلفه كره وصحت صلاته عندنا بالاتفاق.

وانظر: الأم (1/ 169) ونهاية المطلب (2/ 398) والحاوي (2/ 339).

(8)

انظر: شرح الزركشي على الخرقي (1/ 245) والفروع (2/ 30) والإنصاف (2/ 282) والمغني (2/ 43).

(9)

انظر: الفروع (2/ 30).

ص: 786

وابن مفلح الجد

(1)

وشيخنا ابن عثيمين وشيخه السعدي

(2)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه» .

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(3)

.

الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: جعل المأموم عن يمين الإمام جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به والأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم الاستحباب لا الوجوب

(4)

.

الوجه الثاني: أحرم ابن عباس رضي الله عنهما عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأداره عن يمينه ولم تبطل تحريمته ولو لم يكن موقفًا لاستأنف تكبيرة الإحرام

(5)

.

الرد: لم يأمره باستئناف تكبيرة الإحرام لأنَّ ما فعله قبل الركوع لا يؤثر فالإمام يحرم قبل المأمومين ولا يضر انفراده بما قبل إحرامهم وكذلك المأمومون يحرم أحدهم قبل الباقين فلا يضر ولا يلزم من العفو عن ذلك العفو عن ركعة كاملة

(6)

.

الدليل الثالث: في حيث عائشة رضي الله عنها في مرض النبي صلى الله عليه وسلم: «أنَّه وقف عن يسار أبي بكر رضي الله عنه» .

وجه الاستدلال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم عن يسار أبي بكر رضي الله عنه وهو الإمام فدل ذلك على صحة صلاة المأموم إذا وقف يسار إمامه

(7)

.

(1)

انظر: الفروع (2/ 30).

(2)

انظر: الشرح الممتع (4/ 268).

(3)

انظر: (ص: 760).

(4)

انظر: الشرح الممتع (4/ 267).

(5)

انظر: الحاوي الكبير (2/ 339) والمغني (2/ 42).

(6)

انظر: المغني (2/ 42).

(7)

انظر: المغني (2/ 43).

ص: 787

الرد: الحديث معدود عند أهل العلم من الأحاديث المشكلة فعلى القول بأنَّ الإمام هو النبي صلى الله عليه وسلم ففيه ائتمام القائم بالقاعد وهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم مأمومًا فالمشكل عندهم وقوف المأموم عن يسار الإمام وهو خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل العلم في الحديث عدة توجيهات

(1)

.

الدليل الرابع: موقف فيما إذا كان عن الجانب الآخر آخر فكان موقفًا وإن لم يكن آخر كاليمين

(2)

.

الرد: كونه موقفًا في صورة لا يلزم منه كونه موقفًا في أخرى كخلف الصف فإنَّه موقف لاثنين ولا يكون موقفًا للواحد

(3)

.

الدليل الخامس: أحد جانبي الإمام فأشبه اليمين

(4)

.

الرد: كالذي قبله.

الدليل السادس: صحة الصلاة تتعلق بالأركان وقد وجدت

(5)

.

الرد: هذا محل الخلاف.

الترجيح: السنة أن يقف الواحد عن يمين الإمام والاثنان فأكثر خلفه لكن لو خالفوا فوقف الواحد عن يساره أو وقف الاثنان فأكثر عن يمينه وشماله صحت صلاتهم لما تقدم حيث ليس في المسألة - فيما أعلم - إلا فعل النبي صلى الله عليه وسلم والأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور التعبدية الاستحباب لا الوجوب والله أعلم.

(1)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 350).

(2)

انظر: المغني (2/ 42).

(3)

انظر: المغني (2/ 42).

(4)

انظر: المغني (2/ 42).

(5)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 158).

ص: 788

‌الفصل السابع

صفة تحويل من وقف شمال الإمام

السنة إذا صلى الواحد عن شمال الإمام يُحَول إلى يمين الإمام من خلفه وكذلك الاثنان إذا حُوِلا خلف الإمام. وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

ولم أقف على خلاف في المسألة.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(5)

.

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(6)

.

الدليل الثالث: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(7)

.

وجه الاستدلال: أدار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابرًا وجبارًا رضي الله عنهم من خلفه وأمرنا بالاقتداء به في صلاته

(8)

.

(1)

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 309) ينبغي للمقتدي التأخر إذا جاء ثالث فإن تأخر وإلا جذبه الثالث إن لم يخش إفساد صلاته، فإن اقتدى عن يسار الإمام يشير إليهما بالتأخر، وهو أولى من تقدمه.

وانظر: فتح القدير (1/ 309) والمحيط البرهاني (1/ 423) والبحر الرائق (1/ 617).

(2)

انظر: المدونة (1/ 86) والتبصرة (1/ 331) والمختصر الفقهي (1/ 287) والتاج والإكليل (2/ 305).

(3)

انظر: البيان (2/ 424) والتوضيح شرح الجامع الصحيح (4/ 58) والنجم الوهاج (2/ 369) ونهاية المحتاج (2/ 187).

(4)

انظر: الفروع (2/ 29) والمبدع (2/ 82) ومطالب أولي النهى (2/ 184) وشرح منتهى الإرادات (1/ 345).

(5)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 31).

(6)

رواه مسلم (3010) وتقدم تخريجه (ص: 760).

(7)

رواه البخاري (631).

(8)

انظر: فتح الباري لابن رجب (6/ 203) والفواكه الدواني (1/ 326).

ص: 789

الدليل الرابع: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»

(1)

.

الدليل الخامس: عن أبي جهيم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ»

(2)

قال أبو النضر

(3)

: لا أدري، أقال أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنة.

وجه الاستدلال: تحول المأموم من بين يدي الإمام من المرور بين يدي المصلي المتوعد عليه.

الدليل السادس: الإجماع: قال ابن حزم: اتفقوا على كراهية المرور بين المصلي وسترته وأنَّ فاعل ذلك آثم

(4)

.

الدليل السابع: التقدم على الإمام يبطل الصلاة.

الرد: المسألة من مسائل الخلاف

(5)

.

(1)

رواه البخاري (509) ومسلم (505).

(2)

رواه البخاري (510) ومسلم (507).

(3)

أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله شيخ الإمام مالك في هذا الحديث.

(4)

مراتب الإجماع ص: (30).

(5)

انظر: (ص: (797.

ص: 790

‌الفصل الثامن

إذا أتى ثالث فهل يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام؟

موقف الواحد يمين الإمام فإذا أتى مصلٍ ثانٍ فهل يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام؟

أهل العلم لهم في المسألة قولان:

القول الأول: يتقدم الإمام: قول للأحناف

(1)

ووجه للشافعية

(2)

اختاره ابن خزيمة

(3)

.

الدليل الأول: في حديث جابر رضي الله عنه: «فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه وأتى آخر، فقام عن يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي»

الرد: قوله: «فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي» منكر والمحفوظ أنَّه دفعهما خلفه

(4)

.

الدليل الثاني: تقدم الإمام حركة شخص فهو أخف من حركة شخصين

(5)

.

الرد من وجهين:

الأول: قياس مقابل النص.

الثاني: مقابل بقياس مثله.

الدليل الثالث: يبصر الإمام ما بين يديه بخلاف تأخر المأمومينِ

(6)

.

الرد: كالذي قبله.

(1)

انظر: فتح القدير (1/ 309) والمحيط البرهاني (1/ 424) وحاشية ابن عابدين (2/ 309).

(2)

انظر: بحر المذهب (2/ 270) والمجموع (4/ 292) وروضة الطالبين (1/ 359) وأسنى المطالب (1/ 222).

(3)

بوب ابن خزيمة في صحيحه (3/ 18): باب تقدم الإمام عند مجيء الثالث إذا كان مع المأموم الواحد.

(4)

انظر: (ص: (762.

(5)

انظر: المجموع (4/ 292).

(6)

انظر: المجموع (4/ 292).

ص: 791

القول الثاني: يتأخر المأموم مع الإمكان: وهو مذهب الأحناف

(1)

والمالكية

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(5)

.

(1)

قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 309) ينبغي للمقتدي التأخر إذا جاء ثالث فإن تأخر وإلا جذبه الثالث إن لم يخش إفساد صلاته، فإن اقتدى عن يسار الإمام يشير إليهما بالتأخر، وهو أولى من تقدمه .. وهذا كله عند الإمكان وإلا تعين الممكن. والظاهر أيضًا أنَّ هذا إذا لم يكن في القعدة الأخيرة وإلا اقتدى الثالث عن يسار الإمام ولا تقدمَ ولا تأخرَ.

وانظر: فتح القدير (1/ 309) والمحيط البرهاني (1/ 423) والبحر الرائق (1/ 617).

(2)

موقف الاثنين خلف الإمام سواء كانا اثنين في ابتداء الصلاة أو أثنائها.

انظر: شرح الزرقاني على خليل (2/ 47) وحاشية العدوي على الخرشي (2/ 194).

ويتأخر المأموم إذا أتى الثاني اثناء الصلاة فعلًا عند بعض المالكية ونصًا عليه عند بعضهم.

قال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب (1/ 386) قال بعض الشراح يؤخذ من هذا [حديث جابر رضي الله عنه أنَّه لو كان واحدًا عن يمين الإمام ثم جاء آخر أنَّهما يتأخران خلف الإمام ولا يؤمر الإمام بالتقدم أمامهما بل يستمر واقفًا وهما المأموران بالتأخر خلف الإمام.

ونحوه في الفواكه الدواني (1/ 326).

وقال الحطاب في مواهب الجليل (2/ 469) قال الجزولي في الكبير انظر لو أقام الإمام الصلاة مع رجل واحد، ثم أتاه آخر هل الإمام يتقدم أم الرجل يتأخر، قال رأينا بعض أهل الفضل صلى معه رجل، ثم أتى رجل آخر فأخره عن يمينه انتهى.

(3)

قال قال النووي في المجموع (4/ 292) قال أصحابنا فإن حضر إمام ومأموم وأحرم عن يمينه ثم جاء آخر أحرم عن يساره ثم إن كان قدام الإمام سعة وليس وراء المأمومين سعة تقدم الإمام وإن كان وراءهما سعة وليست قدامه تأخرا وإن كان قدامه سعة ووراءهما سعة تقدم أو تأخرا وأيهما أفضل فيه وجهان (الصحيح) الذي قطع به الشيخ أبو حامد والأكثرون تأخرهما

فإن جاء في التشهد والسجود فلا تقدمَ ولا تأخرَ حتى يقوموا.

وانظر: الحاوي (2/ 340) وبحر المذهب (2/ 270) وأسنى المطالب (1/ 222).

(4)

قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (2/ 82) فإن كبر الآخر عن يساره أخذهما بيده إلى ورائه، فإن شق ذلك، أو تعذر، تقدم الإمام فصلى بينهما، أو عن يسارهما،

ولو أدركهما الداخل جالسين كبر وجلس عن يمين صاحبه، أو يسار الإمام، ولا تأخرَ إذن للمشقة، وظاهره: أنَّ الزمنى لا يتقدمون ولا يتأخرون للعلة.

وانظر: الفروع (2/ 29) وشرح منتهى الإرادات (1/ 346) ومطالب أولي النهى (2/ 184).

(5)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 32).

ص: 792

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(1)

.

الدليل الثالث: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»

(2)

.

وجه الاستدلال: نقل النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابر رضي الله عنهم من يساره إلى يمينه ودفع جبارًا وجبارًا رضي الله عنهما خلفه ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم موقفه وأمرنا بمتابعته بالصلاة

(3)

.

الرد: تقدم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه.

الجواب: تقدم أنَّ المحفوظ دفعهما خلفه.

الدليل الرابع: المأموم تابع والإمام متبوع، فإذا لم يكن بد من انتقال أحدهما فالتابع أولى من المتبوع

(4)

.

الدليل الخامس: الاصطفاف خلف الإمام من فعل المقتدين لا الإمام

(5)

.

الدليل السادس: إذا تقدم الإمام وجاوز موضع سجوده تفسد صلاته

(6)

.

الرد: دلَّ الدليل على عدم فساد الصلاة ففي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه «انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا» فعمل هذه الثلاث درجات، ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت هذا الموضع، فهي من طرفاء الغابة ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد، حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل

(1)

رواه مسلم (3010) وتقدم تخريجه (ص: 760).

(2)

رواه البخاري (631).

(3)

انظر: الحاوي (2/ 340) وحاشية ابن عابدين (2/ 309).

(4)

انظر: الحاوي (2/ 340) وحاشية ابن عابدين (2/ 309).

(5)

انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 309).

(6)

انظر: المحيط البرهاني (1/ 424).

ص: 793

على الناس فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي»

(1)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ السنة تأخر المأموم ويبقى الإمام في مكانه ولو تقدم الإمام فالأمر جائز لما تقدم والله أعلم.

(1)

رواه البخاري (917) ومسلم (544).

طرفاء الغابة: انظر: (ص: 471).

ص: 794

‌فصلٌ

وقت تأخر المأموم

تقدم تأخر المأموم إذا أتى ثالث للصلاة معهما لكن هل يتأخر من كان مع الإمام قبل تحريم الداخل أو بعده؟ في المسألة قولان:

القول الأول: الأفضل تأخر المأموم قبل تحريم الداخل ويجوز بعده: وهو مذهب الأحناف

(1)

وقول للشافعية

(2)

ومذهب الحنابلة

(3)

.

الدليل الأول: حركة المأموم مستحبة لأنَّها يتعلق بها أمر مستحب في الصلاة

(4)

.

الرد: التفضيل يحتاج إلى دليل من الأثر أو النظر.

الدليل الثاني: تفاوت يسير كتفاوت إحرام اثنين خلف الإمام

(5)

.

الرد: كالذي قبله.

القول الثاني: لا يتأخر المأموم إلا بعد تحريم الداخل: مذهب الشافعية

(6)

.

الدليل: لئلا يصير منفردًا لأنَّ الداخل ليس في صلاة قبل ذلك

(7)

.

الرد: الخلاف في صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا صلى ركعة منفردًا أمَّا

(1)

انظر: فتح القدير (1/ 309) والمحيط البرهاني (1/ 423) والبحر الرائق (1/ 617) والفتاوى الهندية (1/ 98).

(2)

انظر: بحر المذهب (2/ 270).

(3)

قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (2/ 82) لو تأخر الأيمن قبل إحرام الداخل ليصليا خلفه، جاز، وفي النهاية والرعاية بل أولى؛ لأنَّه لغرض صحيح.

وانظر: الفروع (2/ 29) وكشاف القناع (1/ 487) والروض المربع مع حاشية ابن قاسم (2/ 337).

(4)

انظر: (ص: 475).

(5)

انظر: كشاف القناع (1/ 487).

(6)

قال النووي في المجموع (4/ 292) لا خلاف أنَّ التقدم والتأخر لا يكون إلا بعد إحرام المأموم الثاني كما ذكرنا وقد نبه عليه المصنف بقوله ثم يتقدم الإمام أو يتاخرا.

وانظر: بحر المذهب (2/ 270) وأسنى المطالب (1/ 223) ونهاية المحتاج (2/ 197).

(7)

انظر: بحر المذهب (2/ 270) وأسنى المطالب (1/ 222).

ص: 795

إذا صافه أحد قبل الركوع فصلاته صحيحة بالإجماع

(1)

.

الترجيح: المسألة اجتهادية ليس فيها نص ولاقياس ظاهر فالذي يترجح لي أنَّ الأمر واسع سواء تأخر المأموم قبل إحرام الداخل أو بعده والله أعلم.

تنبيه: لم أقف على نص للمالكية في وقت تأخر الماموم فقلة منهم يذكرون مسألة إذا أتى الثاني أثناء الصلاة - وفوق كل ذي علم عليم -

ومذهب المالكية إذا وقف المأموم الواحد عن يسار الإمام حوله عن يمينه من خلفه

(2)

.

(1)

انظر: (ص: (729.

(2)

انظر: (ص: (789.

ص: 796

‌الفصل التاسع

تقدم المأمومين على الإمام

تقدمُ المأمومينَ على إمامهم له حالتان:

‌الحال الأولى: تقدم كل المأمومين:

نقل ابن عبد البر التحريم فقال: أجمع العلماء على أنَّ الجماعة لا يجوز لها أن يكون إمامها خلفها متعمدًا

(1)

والصحيح أنَّه لا إجماع في التحريم ولا في بطلان الصلاة.

‌الحال الثانية: تقدم بعض المأمومين:

اختلف أهل العلم في صحة صلاة من تقدم على إمامة على ثلاثة أقوال: قول بعدم صحة صلاته وقول بصحة صلاته وقول بالتفريق بين المعذور وغير المعذور.

القول الأول: لا تصح الصلاة: وهو مذهب الأحناف

(2)

والصحيح من مذهب الشافعية

(3)

ومذهب الحنابلة

(4)

واختاره ابن حزم

(5)

.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم جئت فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه»

(6)

.

الدليل الثاني: في حديث جابر رضي الله عنه «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله

(1)

الكافي ص: (47).

وانظر: شرح الزرقاني على خليل (2/ 25) وحاشية العدوي على شرح الخرشي على خليل (2/ 164).

والصحيح أنَّه لا إجماع انظر: شرح الخرشي على خليل وحاشية العدوي (2/ 164) وحاشية الدسوقي (1/ 331) وشرح الزرقاني على خليل (2/ 25).

(2)

انظر: المبسوط (1/ 146) وبدائع الصنائع (1/ 145) والمحيط البرهاني (1/ 425) والدر المختار مع حاشية ابن عابدين (2/ 286).

(3)

قال النووي في المجموع (4/ 299) إذا تقدم المأموم على إمامه في الموضع فقولان مشهوران (الجديد) الأظهر لا تنعقد وإن كان في أثنائها بطلت (والقديم) انعقادها وإن كان في أثنائها لم تبطل.

وانظر: الحاوي (2/ 341) ونهاية المطلب (2/ 400) والعزيز (2/ 172).

(4)

انظر: الفروع (2/ 28) والإنصاف (2/ 280) وشرح منتهى الإرادات (1/ 344) وكشاف القناع (1/ 485).

(5)

انظر: المحلى (3/ 66).

(6)

رواه البخاري في مواضع منها (138) ومسلم (186)(763) وتقدم تخريجه (ص: 32).

ص: 797

صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه»

(1)

.

الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: دفعُ النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا وجبارًا رضي الله عنهما خلفه أمر منه صلى الله عليه وسلم بذلك لا يجوز تعديه، وإدارته ابن عباس وجابرًا رضي الله عنهم إلى يمينه كذلك؛ فمن صلى بخلاف ما أمر به صلى الله عليه وسلم فلا صلاة له

(2)

.

الرد من وجهين:

الأول: هذا فعل والأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عدم الوجوب ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتأخر المأموم عن الإمام في هذا الحديث ولا غيره - فيما أعلم - فدل ذلك على استحباب تأخر المأموم لا وجوبه والله أعلم

(3)

.

الثاني: الجمهور القائلون بصحة صلاة من تقدم على إمامه أو عدم صحتها يصححون صلاة المأمومين إذا كانوا عن يمين الإمام وشماله وبعضهم يصحح صلاة من صلى يسار الإمام

(4)

.

الوجه الثاني: أدار النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابرًا رضي الله عنهم من ورائه والإدارة بين يديه أيسر عليه فدل ذلك على أنَّ التقدم على الإمام مبطل للصلاة

(5)

.

الرد: أداره من خلفه حتى لا يمر بين يديه للوعيد الشديد في المرور بين يدي المصلي

(6)

.

(1)

رواه مسلم (3010) وتقدم تخريجه (ص: 760).

(2)

انظر: المحلى (3/ 66).

(3)

انظر: الشرح الممتع (4/ 266).

(4)

انظر: (ص: (773.

(5)

انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/ 99) وشرح السنة (3/ 384).

(6)

انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 542) وفتح الباري (2/ 291).

ص: 798

الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

»

(1)

.

وجه الاستدلال: الائتمام الاتباع، والمتقدم على إمامه لا يكون تابعًا بل يكون متبوعًا

(2)

.

الرد: الائتمام الاتباع في الأقوال والأفعال فمن اقتدى بإمامه فهو مؤتم به تقدم على إمامه أو تأخر

(3)

. فالحديث يدل على وجوب متابعة الإمام بالأقوال - في الجملة - والأفعال فهو كحديث أنس رضي الله عنه التالي.

الدليل الرابع: عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلا بِالسُّجُودِ وَلا بِالْقِيَامِ وَلا بِالانْصِرَافِ»

(4)

.

الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: مسابقة الإمام في الأفعال مبطلة للصلاة، والتقدم على الإمام أفحش من المسابقة في الأفعال

(5)

.

الرد: مسابقة الإمام مبطلة للصلاة للنهي والنهي يقتضي الفساد

(6)

فجاء الوعيد لمن رفع رأسه قبل الإمام بخلاف من تقدم على إمامه فلم يرد فيها - فيما أعلم - إلا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح قياس التقدم على المسابقة فضلًا عن كون التقدم أفحش من المسابقة.

الوجه الثاني: لما لم يجز للمأموم التقدم على الإمام في إحرامه وأفعال الصلاة

(1)

رواه البخاري (689) من حديث أنس رضي الله عنه. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه (734) ورواه مسلم (411) من حديث أنس رضي الله عنه. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه (414).

(2)

انظر: الحاوي الكبير (2/ 341) وكشاف القناع (1/ 485).

(3)

انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف (1/ 301).

(4)

رواه مسلم (426). الانصراف: السلام.

(5)

انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 172).

(6)

انظر: كتاب الطلاق السني والطلاق البدعي (ص: 321).

ص: 799

لم يجز له التقدم عليه في موقف صلاته

(1)

.

الرد: تقدم.

الدليل الخامس: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ليس مع الإمام من تقدمه»

(2)

.

وجه الاستدلال: لا يصح اقتداؤه به لأنَّه ليس بمؤتم بالإمام

(3)

.

الرد: ذكر بعض فقهاء الأحناف الحديث ولم أقف عليه.

الدليل السادس: إذا تقدم على الإمام اشتبه عليه حالة افتتاحه واحتاج إلى النظر وراءه في كل وقت ليقتدي به فتبطل صلاته بالالتفات

(4)

.

الرد من وجهين:

الأول: لا يحتاج الاقتداء للالتفات فالأعمى يقتدي بصوت إمامه.

الثاني: التفات الرأس في الصلاة لا يبطلها فإن كان لحاجة فهو جائز وإن كان من غير حاجة فيكره فيجوز التفات المأموم المتقدم للحاجة

(5)

.

الدليل السابع: قدام الإمام ليس بموقف لأحد من المأمومين بحال فلا تصح صلاته كما لو صلى في بيته بصلاة الإمام في المسجد أو إذا وقف في موضع نجس

(6)

.

الرد من وجوه:

الأول: يصح تقدم المأموم في صلاة الخوف عند بعض القائلين بعدم صحة صلاة من تقدم على إمامه

(7)

.

الثاني: يصح اقتداء المأموم إذا صلى في بيته والإمام في المسجد عند بعض

(1)

انظر: الحاوي الكبير (2/ 341).

(2)

انظر: المبسوط (1/ 146) وتحفة الفقهاء (1/ 229) وبدائع الصنائع (1/ 145).

(3)

انظر: المبسوط (1/ 146).

(4)

انظر: المبسوط (1/ 146) وبدائع الصنائع (1/ 145) وكشاف القناع (1/ 485).

(5)

انظر: (ص: 467).

(6)

انظر: بحر المذهب (2/ 271) والمهذب مع شرحه المجموع (4/ 299).

(7)

انظر: أسنى المطالب (1/ 221) ونهاية المحتاج شرح المنهاج (2/ 186).

ص: 800

القائلين بعدم صحة صلاة من تقدم على إمامه

(1)

.

الثالث: جاء الأمر بتطهير أماكن الصلاة والنهي عن التلبس بالنجاسة حال الصلاة بخلاف تقدم المأموم على إمامه.

القول الثاني: تصح الصلاة: وهو مذهب المالكية

(2)

والقول القديم للشافعي

(3)

ووجه عند الحنابلة ومال إليه ابن عبد الهادي الجد

(4)

.

الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

»

وجه الاستدلال: الواجب متابعة الإمام في الأفعال فإذا أتى بها المأموم صحت صلاته ولو تقدم على إمامه

(5)

.

الدليل الثاني: ليس في التقدم على الإمام أكثر من مخالفة الموقف المسنون، ومخالفة الموقف المسنون لا يمنع من صحة الصلاة كالجماعة إذا وقفوا على يمينه ويساره

(6)

.

الرد: اليسار قد يكون موقفًا للمأموم بخلاف التقدم

(7)

.

الجواب: ورد النص في وقوف المأموم عن يسار الإمام لكن لم يرد النص في

(1)

انظر: البيان في مذهب الشافعي (2/ 436).

(2)

قال أبو الحسن المنوفي في كفاية الطالب (1/ 387) الرجل يتقدم فيكره له ذلك من غير عذر

وإن تقدم المأموم لعذر كضيق المسجد جاز من غير كراهة.

وانظر: شرح التلقين (2/ 696) وشرح الرسالة لزروق (1/ 204) والفواكه الدواني (1/ 325).

(3)

انظر: الحاوي (2/ 341) ونهاية المطلب (2/ 400) والعزيز (2/ 172) والمجموع (4/ 299).

(4)

قال المرداوي في الإنصاف (2/ 280) ذكر الشيخ تقي الدين وجهًا قالوه: وتصح مطلقًا. وقال ابن عبد الهادي الجد في الفروع (2/ 28) ذكر شيخنا وجهًا: تكره، وتصح

والمراد: وأمكن الاقتداء، وهو متجه.

(5)

انظر: المبسوط (1/ 146).

(6)

انظر: شرح التلقين (2/ 696) والحاوي الكبير (2/ 341).

(7)

انظر: شرح التلقين (2/ 696) وبحر المذهب (2/ 271).

ص: 801

عدم صحة صلاة من وقف قدام إمامه.

الدليل الثالث: المكان ليس من الصلاة فلا تجب المتابعة فيه، ففي مكة يصلي الإمام خلف المقام وأكثر المأمومين في بقية الجهات أقرب منه للكعبة

(1)

.

الرد: في المسجد الحرام المأمومون ليسوا في جهة الإمام فلم يتقدموا عليه

(2)

.

القول الثالث: يجوز تقدم المأموم للحاجة: وهو رواية عن مالك

(3)

ووجه في مذهب أحمد

(4)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(5)

وابن القيم

(6)

وشيخنا ابن عثيمين

(7)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

الدليل الثاني: قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اِسْتَطَعْتُمْ»

(8)

.

وجه الاستدلال: ما لا يستطيعه المكلف من المأمورات ليس مخاطبًا به حال العجز ومن قواعد الشريعة لا واجب مع العجز فمن لم يجد مكانًا خلف الإمام فليس مخاطبًا بالوقوف خلف الإمام في هذه الحال والله أعلم

(9)

.

الدليل الرابع: في حديث أنس رضي الله عنه «وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ»

(10)

.

(1)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 145) والتعليقة (2/ 1048).

(2)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 145) والتعليقة (2/ 1048).

(3)

قال ابن عبد البر في الكافي ص: (47) لا يجوز أن يتقدم أحد أمامه فإن فعل كره له ذلك ولا إعادة عند مالك عليه وقد روي عن مالك أنَّه إن صلى بين يدي إمامه من غير ضرورة أعاد والأول تحصيل مذهبه.

(4)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 396) وإعلام الموقعين (2/ 22).

(5)

انظر: مجموع الفتاوى (23/ 396).

(6)

انظر: إعلام الموقعين (2/ 22).

(7)

انظر: الشرح الممتع (4/ 266).

(8)

رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(9)

انظر: إعلام الموقعين (2/ 22).

(10)

رواه البخاري (380) ومسلم (658).

ص: 802

وجه الاستدلال: وقفت المرأة منفردة خلف الصف لأنَّها لم تجد من يصافها فسقطت المصافة مع ورود النهي عن الإنفراد خلف الصف وأمر المنفرد خلف الصف من غير عذر بإعادة الصلاة

(1)

فوقوف المأموم أمام الأمام للحاجة أولى بالجواز حيث لم يرد فيه إلا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل الخامس: في حديث عمران بن حُصين رضي الله عنه: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»

(2)

.

وجه الاستدلال: القيام في الفرض ركن لا تصح الصلاة إلا به ويسقط بالعجز فكذلك التأخر عن الإمام يسقط بالعذر

(3)

.

الدليل السادس: الحاجة تدعو إليه فربما لا يجد بعض المأمومين مكانًا للصلاة في الجمع والأعياد إلا أمام الإمام

(4)

.

الترجيح: الذي ترجح لي صحة صلاة من تقدم على إمامه فلم يرد نهي عن تقدم الإمام إنَّما ورد محاذاة المأموم الإمام والوقوف خلفه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والمتقرر أنَّ الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم أنَّها لا تدل على الوجوب لكن الأولى في حال الاختيار أن لا يخالف المصلي السنة فيتقدم على إمامه والله أعلم.

(1)

انظر: (ص: 730).

(2)

رواه البخاري (1117).

(3)

انظر: إعلام الموقعين (2/ 22).

(4)

انظر: الشرح الممتع (4/ 265).

ص: 803

‌الفصل العاشر

حضور الإمام عند إقامة الصلاة

ظاهر السنة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبقى في بيته ويصلى الرواتب القبلية في بيته ولا يخرج إلا للصلاة.

الدليل الأول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ»

(1)

.

الدليل الثاني: عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»

(2)

.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا، فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مصلاه، ذكر أنَّه جنب، فقال لنا:«مَكَانَكُمْ» ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه»

(3)

.

الدليل الرابع: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال:«كان بلال رضي الله عنه يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه»

(4)

.

الدليل الخامس: عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: «كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين،

وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين»

(5)

.

قال القاضي عياض: المعلوم منه صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يخرج عند إقامة الصلاة ولا يتنفل

(1)

رواه البخاري ومسلم. انظر: (ص: 12).

(2)

رواه البخاري (637) ومسلم (604).

(3)

رواه البخاري (275) ومسلم (605).

(4)

رواه مسلم (606).

(5)

رواه مسلم (730).

ص: 805

قبلها فى المسجد، وإنِّما كان تنفله فى بيته

(1)

.

وقال عبيد الله المباركفوري: من المعلوم أنَّه صلى الله عليه وسلم ما كان يخرج بعد سماع الأذان إلا عند إقامة الصلاة

(2)

.

وقال ابن باز: الأفضل أن يكون في البيت حتى يأتي وقت الإقامة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

وقال شيخنا محمد العثيمين: الإمام ينبغي له أن يصلي الرواتب في بيته لا في المسجد وأنَّه إذا دخل المسجد أقيمت الصلاة وهذا في الصلوات الخمس أمَّا في الجمعة فهو آكد

(4)

.

(1)

إكمال المعلم (2/ 475).

(2)

مرعاة المفاتيح (2/ 78).

(3)

فتاوى نور على الدرب (12/ 135).

(4)

التعليق على البخاري (16/ 663). وانظر: التعليق على البخاري (1/ 486) وشرح رياض الصالحين (4/ 341).

ص: 806

‌الباب الثامن

الفصل الأول: قسم النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن.

الفصل الثاني: لبس النبي صلى الله عليه وسلم الْمِرْط.

الفصل الثالث: هل إضافة الحجرات لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن إضافة ملك أو اختصاص؟

الفصل الرابع: متاع بيت النبوة.

ص: 807

‌الفصل الأول

قسم النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن

-

اختلف أهل العلم في حكم قسم النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن هل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب.

القول الأول: يجب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم: وهو وجه للشافعية

(1)

ومذهب الحنابلة

(2)

واختاره المقريزي

(3)

.

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه، يقول:«أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا» يريد يوم عائشة رضي الله عنها، فأذن له أزواجه رضي الله عنهن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة رضي الله عنها حتى مات عندها، قالت عائشة رضي الله عنها: فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه، في بيتي

(4)

.

الاستدلال من وجهين:

الأول: لو لم يكن القسم واجبًا عليه لما تكلف المشقة ودار على نسائه

(5)

.

(1)

قال الماوردي في الحاوي (9/ 570): اختلف أصحابنا في وجوب القسم على رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهين.

وقال الرافعي في العزيز (7/ 454): في وجوب القسم عليه في زوجاته رضي الله عنهن وجهان: أحدهما: وبه قال الإصطخري -لا يجب

والآخر: أنَّه يجب؛

والأول: هو المذكور في الكتاب، لكن الثاني أصبح عند الشيخ أبي حامد والعراقيين، وتابعهم صاحب التهذيب ....

وانظر: نهاية المطلب (12/ 17) ونهاية المحتاج (6/ 380).

(2)

قال ابن مفلح الجد في الفروع (5/ 162): ظاهر كلامهم وجوب التسوية في القسم، كغيره. قال ابن الجوزي: وأكثر العلماء على أنَّ قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} ، نزلت مبيحة ترك ذلك. وفي المنتقى احتمالان. وفي الفنون والفصول القول الأول.

وقال المرداوي في الإنصاف (8/ 40) قال في الفروع، وظاهر كلامهم: أنَّه صلى الله عليه وسلم في وجوب التسوية في القسم كغيره. وذكره في المجرد، والفنون، والفصول. وظاهر كلام ابن الجوزي: أنَّه غير واجب. وفي المنتقى احتمالان.

(3)

انظر: إمتاع الأسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع (10/ 235).

(4)

رواه البخاري (4450) - واللفظ له - ومسلم (2443).

(5)

انظر: نهاية المطلب (12/ 17) والبيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 150).

ص: 809

الرد: الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عدم الوجوب فيحمل فعله على الأفضلية تطييبًا لقلوبهن ودفعًا لما قد يحصل بينهن بسبب الغيرة

(1)

.

الثاني: استئذانه نساءه يدل على الوجوب.

الرد: الاستئذان لا يدل على الوجوب فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام:«أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟» ، فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده»

(2)

.

ويأتي قول معاذة العدوية: لعائشة رضي الله عنها فما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنك؟ قالت: «كنت أقول: إن كان ذاك إلي لم أوثر أحدًا على نفسي» .

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أنَّ سودة بنت زمعة رضي الله عنها وهبت يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنها، تبتغي بذلك رضى رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(3)

.

الاستدلال من وجهين:

الأول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد السفر والقرعة تستعمل إذا تساوت الحقوق.

الرد: المساواة في القسم حق أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه من حسن معاشرته لنسائه رضي الله عنهن.

الثاني: وهبت سودة بنت زمعة رضي الله عنها يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنها والهبة في ما يملكه

(1)

انظر: نهاية المطلب (12/ 18) ونهاية السول في خصائص الرسول ص: (290) والبحر الرائق (3/ 383) وتبيين الحقائق (2/ 628) وحاشية ابن عابدين (4/ 385).

(2)

رواه البخاري (2451) ومسلم (2030).

(3)

رواه البخاري (2594) ومسلم (2445).

ص: 810

الآدمي

(1)

.

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: عن أنس رضي الله عنه، قال: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن، لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة رضي الله عنها، فجاءت زينب رضي الله عنها، فمد يده إليها، فقالت: هذه زينب، فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده،

»

(2)

.

وجه الاستدلال: كف النبي صلى الله عليه وسلم يده عن زينب رضي الله عنها لأنَّه لم تكن ليلتها.

الرد: تقدم.

الدليل الرابع: عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها خالتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها،

»

(3)

.

وجه الاستدلال: أضاف الليلة لها فهي إضافة ملك.

الرد: الإضافة قد تكون للملك وقد تكون للاختصاص وعليها تحمل الإضافة في هذا الحديث لما يأتي من أدلة عدم وجوب القسم.

الدليل الخامس: عن عائشة رضي الله عنها في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في ليلتها قالت: «فجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً" قالت: قلت: لا شيء، قال: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت

(1)

انظر: مرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (308).

(2)

رواه مسلم (1462).

(3)

رواه البخاري (5919).

وتقدم تخريجه (ص: 42).

ص: 811

وأمي، فأخبرته، قال:«فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟» قلت: نعم، فلهدني

(1)

في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال:«أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» ....

(2)

.

وجه الاستدلال: لو كان القسم غير واجب لما لحقت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

الرد من وجهين:

الأول: تغار المرأة المحبة لزوجها عليه من المباحات المتعلقة بالنساء لا سيما زوجاته فغارت عائشة رضي الله عنها من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها

(4)

وغارت من دخول النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بنت جحش رضي الله عنها وشربه العسل عندها

(5)

وهي أمور مباحة للنبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: يأتي الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب القسم.

الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول:«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ»

(6)

.

(1)

حشيًا: وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره.

فلهدني: لهده بتخفيف الهاء وتشديدها أي دفعه ويقال لهزه إذا ضربه بجمع كفه في صدره ويقرب منهما لكزه ووكزه.

انظر: شرح النووي على مسلم (7/ 61).

(2)

رواه مسلم (974).

(3)

انظر: إمتاع الأسماع (10/ 235).

(4)

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة رضي الله عنها فارتاح لذلك فقال:«اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرًا منها» رواه البخاري (3821) مسلم (2437).

(5)

عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنها فيشرب عندها عسلًا، قالت: فتواطأت أنا وحفصة رضي الله عنها أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فلتقل: إنِّي أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال:«بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» رواه البخاري (5267) مسلم (1474).

(6)

الحديث رواه أيوب السختياني واختلف عليه فرواه عنه:

الرواية الأولى: رواية حماد بن سلمة ورواه عنه:

1: يزيد بن هارون عند ابن أبي شيبة (4/ 37) وأحمد (24587) والنسائي (3943) وابن ماجه (1971) وابن حبان (4205).

2: عفان بن مسلم عند أحمد (24587) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (233).

3: حجاج بن منهال عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (232).

4: بشر بن السري عند الترمذي (1140).

5: عمرو بن عاصم الكلابى عند الدارمي (2203).

6: موسى بن إسماعيل عند أبي داود (2134) والحاكم (2/ 187).

يروونه عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فذكره ورواته ثقات لكنَّه شاذ.

حماد بن سلمة ثقة لكنَّه لما كبر ساء حفظه قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر. ويخطئ في أحاديث أيوب خاصة وهذا منها قال أحمد أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه.

ورواه الثقات عن أيوب عن أبي قلابة مرسلًا وخالفهم حماد فوصل الحديث.

وصحح الحديث ابن حبان والحاكم وقال ابن كثير في تفسيره (3/ 501) إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.

الرواية الثانية: رواية ابن علية ومعمر وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي: فرواه ابن أبي شيبة (4/ 37) اوبن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 135) عن إسماعيل بن إبراهيم ابن علية وعبد الرزاق في تفسيره (2362) عن معمر ورواه حماد بن زيد - جامع الترمذي (1140) وسنن النسائي (3943) - وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي - علل الدارقطني (3176) - يروونه عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول:«اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ أَنْتَ وَلَا أَمْلِكُ» مرسل رواته ثقات.

قال الترمذي في العلل الكبير ترتيب القاضي أبي طالب (1/ 448) سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا.

وقال في الجامع رواه حماد بن زيد، وغير واحد، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا،

وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة. وقال النسائي: أرسله حماد بن زيد.

وقال أبو زرعة - علل الحديث لابن أبي حاتم (1279) -: لا أعلم أحدًا تابع حمادًا على هذا.

وقال الدارقطني في علله (3176): رواه أيوب السختياني، واختلف عنه؛ فرواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنها. وأرسله عبد الوهاب الثقفي، وابن علية، عن أيوب، فقالا: عنه، عن أبي قلابة؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم. والمرسل أقرب إلى الصواب.

وقال الألباني في الإرواء (7/ 82) اتفق حماد بن زيد وإسماعيل بن علية على إرساله. وكل منهما أحفظ وأضبط من حماد بن سلمة، فروايتهما أرجح عند المخالفة، لاسيما إذا اجتمعا عليها.

قال أبو عبد الرحمن: وتابعهما عبد الوهاب الثقفي ومعمر بن راشد.

ص: 812

وجه الاستدلال: عدل النبي صلى الله عليه وسلم وسأل ربه عز وجل عدم مؤاخذته بميله العاطفي لأنَّه غير مقدور عليه

(1)

.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث لا يصح.

(1)

انظر: الحاوي الكبير (9/ 570).

ص: 813

الثاني: لو صح الحديث فالمساواة بين النساء بالمحبة والوطء لا تجب بالإجماع لأنَّه ميل عاطفي لا مقدور للمكلف عليه

(1)

فيحمل «فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ» على الورع وكمال الخشية.

القول الثاني: لا يجب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم: وهو مذهب الأحناف

(2)

والمالكية

(3)

ووجه في مذهب الشافعية - وتقدم - وقول للحنابلة - وتقدم - واختاره ابن جرير الطبري وابن كثير - ويأتي - وأبو بكر بن العربي

(4)

وأبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي

(5)

وأبو الخطاب بن دحية

(6)

والسيوطي

(7)

وابن طولون

(8)

والسعدي

(9)

وتلميذه شيخنا العثيمين

(10)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51].

وجه الاستدلال: القسم كان واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلت هذه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه

(11)

.

الرد: اختلف في تفسير الآية فقيل:

(1)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (3/ 180).

(2)

انظر: فتح القدير (3/ 303) والبحر الرائق (3/ 383) وتبيين الحقائق (2/ 628) وحاشية ابن عابدين (4/ 385).

(3)

انظر: الشرح الكبير (2/ 214) وشرح الخرشي على خليل (4/ 116) ومنح الجليل (1/ 779) وروضة المستبين شرح التلقين (1/ 797).

(4)

قال في أحكام القرآن (3/ 605): النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرًا في أزواجه رضي الله عنهن إن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك، لكنَّه كان يقسم من قبل نفسه دون فرض ذلك عليه.

تنبيه: يأتي عن ابن العربي ما قد يفهم منه أنَّه يرى وجوب القسم.

(5)

انظر: تفسير القرطبي (14/ 138).

(6)

انظر: نهاية السول في خصائص الرسول ص: (288).

(7)

انظر: الخصائص الكبرى (2/ 247).

(8)

انظر: مرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (305).

(9)

انظر: تيسير الكريم الرحمن ص: (669).

(10)

انظر: تفسير سورة الأحزاب ص: (395).

(11)

انظر: تفسير البغوي (6/ 365) وزاد المسير (3/ 476).

ص: 814

1: تطلق من شئت

(1)

.

2: تتزوج من شئت

(2)

.

3: تقبل من شئت من الواهبات

(3)

.

الجواب: لا مانع من دخول هذه الأقوال في الآية.

قال ابن كثير: فهذا الحديث [الآتي] عنها يدل على أنَّ المراد من ذلك عدم وجوب القسم، وحديثها الأول [الآتي] يقتضي أنَّ الآية نزلت في الواهبات، ومن هاهنا اختار ابن جرير

(4)

أنَّ الآية عامة في الواهبات وفي النساء اللاتي عنده، أنَّه مخير فيهن إن شاء قسم وإن شاء لم يقسم. وهذا الذي اختاره حسن جيد قوي، وفيه جمع بين الأحاديث؛ ولهذا قال تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الأحزاب: 51] أي: إذا علمن أنَّ الله قد وضع عنك الحرج في القسم، فإن شئت قسمت، وإن شئت لم تقسم، لا جناح عليك في أي ذلك فعلت، ثم مع هذا أنت تقسم لهن اختيارًا منك لا أنَّه على سبيل الوجوب، فرحن بذلك واستبشرن به وحملن جميلك في ذلك، واعترفن بمنتك عليهن في قسمك لهن وتسويتك بينهن وإنصافك لهن وعدلك فيهن

(5)

.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول أتهب المرأة نفسها؟» فلما أنزل الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} قلت: ما أرى ربك إلا

(1)

انظر: تفسير البغوي (6/ 365) وزاد المسير (3/ 476).

(2)

انظر: تفسير البغوي (6/ 365) وزاد المسير (3/ 476).

(3)

انظر: تفسير البغوي (6/ 366) وزاد المسير (3/ 476).

(4)

قال ابن جرير في تفسيره (22/ 20): معنى الكلام: تؤخر من تشاء ممن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها ولا تنكحها، أو ممن هن في حبالك؛ فلا تقربها. وتضم إليك من تشاء ممن وهبت نفسها لك أو أردت من النساء اللاتي أحللت لك نكاحهن؛ فتقبلها أو تنكحها، وممن هي في حبالك؛ فتجامعها إذا شئت وتتركها إذا شئت بغير قسم.

(5)

تفسير ابن كثير (3/ 501).

ص: 815

يسارع في هواك

(1)

.

الدليل الثالث: عن معاذة العدوية، عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا، إذا كان في يوم للمرأة منا، بعد ما نزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} فقالت لها معاذة: فما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنك؟ قالت: «كنت أقول إن كان ذاك إلي لم أوثر أحدًا على نفسي»

(2)

.

وجه الاستدلال: تقدم.

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم - في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في ليلتها قالت: «فجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره، .... » .

الدليل الخامس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظننت أنَّه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست ثم رجعت، فإذا هو راكع أو ساجد يقول:«سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» فقلت: بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن وإنك لفي آخر

(3)

.

وجه الاستدلال: لو كان القسم واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم لما ظنَّت عائشة رضي الله عنها أنَّه ذهب إلى بعض نسائه رضي الله عنهن

(4)

.

الدليل السادس: عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي الله صلى الله عليه وسلم «يطوف على نسائه، في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة»

(5)

.

وجه الاستدلال: لو كان القسم واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم لما طاف على نسائه

(6)

.

(1)

رواه البخاري (4788) ومسلم (1464).

(2)

رواه البخاري (4789) ومسلم (1476).

(3)

رواه مسلم (485).

(4)

انظر: إكمال المعلم (3/ 449).

(5)

رواه البخاري (284) ومسلم (309).

(6)

انظر: الخصائص الكبرى (2/ 247) ومرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (305).

ص: 816

الرد من وجوه:

الأول: يحتمل أنَّ هذا في السفر

(1)

كحديث عائشة رضي الله عنها، قالت:«طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا»

(2)

.

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: لا أعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سافر بكل نسائه إلا في الحج والله أعلم.

الجواب الثاني: يحمل الحديث على ظاهره للأدلة السابقة.

الثاني: يحتمل أنَّه إذا قدم من السفر فليس الواحدة منهن أولى من غيرها

(3)

.

الثالث: يحتمل أنَّه بإذن صاحبة النوبة كقصة تمريضه في بيت عائشة رضي الله عنها

(4)

.

الرابع: يحمل على يوم فراغه من القسم لهن ثم يستأنف القسم لهن

(5)

.

الجواب: هذه مجرد احتمالات وتقدم أنَّه لا مانع من حمل الحديث على ظاهره.

الخامس: قال ابن العربي: أعطاه ساعة لا يكون لأزواجه رضي الله عنهن فيها حق تكون مقتطعة له من زمانه يدخل فيها على جميع أزواجه رضي الله عنهن فيطؤهن أو بعضهن ثم يدخل عند التي الدور لها

(6)

.

الرد من وجهين:

الأول: كالذي قبله.

الثاني: قال ابن حجر: أغرب بن العربي فقال:

(7)

.

(1)

انظر: فتح الباري (1/ 379).

(2)

رواه البخاري (270) ومسلم (1192).

(3)

انظر: فتح الباري (1/ 379) ومرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (310).

(4)

انظر: فتح الباري (1/ 379) ومرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (310).

(5)

انظر: فتح الباري (1/ 379) ومرشد المحتار إلى خصائص المختار ص: (310).

(6)

عارضة الأحوذي (1/ 231).

(7)

فتح الباري (1/ 379).

ص: 817

الدليل السابع: عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعًا له في قسم أزواجه يقسم بينهن كيف شاء وذلك لقول الله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} [الأحزاب: 51] إذا علمن أنَّ ذلك من الله

(1)

.

الرد: الحديث مرسل ضعفه شديد.

الدليل الثامن: وجوب القسم عليه يقطعه على التشاغل بتبليغ الرسالة، وتوقع الوحي، وبهذا المعنى فارق جميع أمته

(2)

.

الترجيح: الذي يترجح لي عدم وجوب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم وما يستدل به على القسم هي أفعال تحمل على الاستحباب جمعًا بينها وبين أدلة عدم الوجوب والله أعلم.

(1)

رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 138) أخبرنا محمد بن عمر حدثنا مخرمة بن بكير عن زياد بن أبي زياد عن ابن كعب القرظي قال: فذكره.

وقال: أخبرنا محمد بن عمر حدثنا معمر عن قتادة مثله. مرسل إسناده ضعيف جدًا.

محمد بن عمر الواقدي متروك. ومحمد بن كعب القرضي من الطبقة الوسطى من التابعين وقتادة السدوسي أصغر منه.

(2)

انظر: الحاوي الكبير (9/ 570).

ص: 818

‌الفصل الثاني

لبس النبي صلى الله عليه وسلم الْمِرْط

تعريف الْمِرْط: الْمِرْط جمعه مُرُوط وهو كساء غير مفصل على البدن

(1)

مربع

(2)

من صوف أو خز أو كتان

(3)

.

صفة لبس المرط: ينتفع به على وجوه متعددة فيجعل:

1: إزارًا يتز به الرجال والنساء

(4)

: عن عائشة وعثمان رضي الله عنهما، «أنَّ أبا بكر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة رضي الله عنها، فأذن لأبي بكر رضي الله عنه وهو كذلك، فقضى إليه حاجته،

»

(5)

.

2: رداءً

(6)

يلبسه الرجل وربما كان طويلًا فتلحفت المرأة ببعضه

(7)

: عن عبيد الله بن عبد الله الهذلي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يصلي من الليل وأنا إلى جنبه، وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه إلى جنبه»

(8)

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما «فتناول ملحفة على ميمونة رضي الله عنه قال فارتدى ببعضها وعليها بعض

(9)

وربما جلل به لابسه غيره فعن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنه قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل

(10)

، من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي رضي الله عنهم فأدخله، ثم قال: {إِنَّمَا

(1)

انظر: لسان العرب (7/ 402) وتاج العروس (20/ 95).

(2)

انظر: إكمال المعلم (6/ 594) وعمدة القارئ (3/ 331).

(3)

انظر: مشارق الأنوار (1/ 377) والقاموس المحيط ص: (687).

(4)

انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 353) والمصباح المنير (2/ 569) وعمدة القارئ (3/ 331).

(5)

رواه مسلم (2402).

(6)

انظر: لسان العرب (8/ 321).

(7)

انظر: لسان العرب (8/ 321) وتكملة المعاجم العربية (10/ 44).

(8)

رواه مسلم (514).

(9)

رواية شاذة انظر: الرواية (2).

(10)

مرحل: المرحل الذي نقش فيه تصاوير الرحال.

انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 387) والنهاية في غريب الحديث (2/ 210).

ص: 819

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(1)

[الأحزاب: 33].

3: تلبسه المرأة فوق ثيابها تلقيه على رأسها تتلفع به

(2)

: عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: «لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات

(3)

بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن، وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة»

(4)

.

ويؤخذ من ذلك جواز الانتفاع بالثياب واللحف والفرش للرجال والنساء إذا كانت غير مختصة بأحدهما

قال ابن هبيرة: فيه [حديث عثمان وعائشة رضي الله عنهما من الفقه جواز الاضطجاع على الفراش ولبس مرط المرأة من غير تنزه عنه. وفيه أيضًا من دلائل الزهد أنَّه لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مرط إلا مرط عائشة رضي الله عنها

(5)

.

وبوب النسائي على حديث عبيد الله بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها: صلاة الرجل في ثوب بعضه على امرأته

(6)

.

(1)

رواه مسلم (2424).

(2)

انظر: مشارق الأنوار (1/ 377) والنهاية في غريب الحديث (4/ 261) والمصباح المنير (2/ 569).

(3)

المتلفعات: النساء اللاتي قد اشتملن بجلابيبهن حتى لا يظهر منهن شيء غير عيونهن. الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص: (52).

(4)

رواه البخاري (372) ومسلم (645).

(5)

الإفصاح (1/ 240).

(6)

انظر: المجتبى (2/ 71) والسنن الكبرى (1/ 276).

ص: 820

‌الفصل الثالث

هل إضافة الحجرات لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن إضافة ملك أو اختصاص؟

من المعلوم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بنى لنسائه رضي الله عنهن بيوتًا وأهل العلم لهم في مآل حجرات أمهات المؤمنين قولان: قول بأنَّ الحجرات على ملك النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات وقول بانتقال الملك لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حياته صلى الله عليه وسلم.

القول الأول: البيوت ملك للنبي صلى الله عليه وسلم: اختار هذا القول الطبري

(1)

وابن العربي

(2)

وابن عبد البر

(3)

والخطابي

(4)

والقاضي عياض

(5)

وأبو عبد الله القرطبي

(6)

والكرماني

(7)

والنووي

(8)

وابن الملقن

(9)

والعراقي

(10)

وابن حجر

(11)

والعيني

(12)

وأبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي

(13)

والقسطلاني

(14)

والسيوطي

(15)

وأبو الحسن السمهودي

(16)

والظاهر أنَّه اختيار البخاري

(17)

.

(1)

انظر: فتح الباري (6/ 211).

(2)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 613).

(3)

انظر: التمهيد (8/ 173).

(4)

انظر: معالم السنن (3/ 42).

(5)

انظر: إكمال المعلم (6/ 81).

(6)

انظر: تفسير القرطبي (14/ 145).

(7)

انظر: الكواكب الدراري (13/ 85).

(8)

انظر: شرح مسلم (12/ 110).

(9)

انظر: التوضيح (18/ د 403).

(10)

انظر: طرح التثريب (6/ 239).

(11)

انظر: فتح الباري (7/ 66).

(12)

انظر: نخب الأفكار (7/ 497).

(13)

انظر: فتاوى السبكي (1/ 278).

(14)

انظر: إرشاد الساري (7/ 17).

(15)

انظر: التوشيح شرح الجامع الصحيح (5/ 2039).

(16)

انظر: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (2/ 56).

(17)

بوب البخاري في صحيحه - مع فتح الباري (6/ 211) - باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وما نسب من البيوت إليهن.

وبوب في صحيحه - مع فتح الباري (8/ 526) - باب قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ

} وذهب أكثر الشراح أنَّه يرى أنَّ الإضافة للنبي صلى الله عليه وسلم إضافة ملك ولنسائه رضي الله عنهن إضافة اختصاص سكنى.

ص: 821

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} [الأحزاب: 53].

الاستدلال من وجهين:

الأول: جعل الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم، والإذن للمالك

(1)

.

الرد من وجهين:

الوجه الأول: أصل البيوت للنبي صلى الله عليه وسلم والخلاف هل ملَّك النبي صلى الله عليه وسلم نساءه البيوت.

الوجه الثاني: الاستئذان من الداعي والداعي هو النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: النهي معلل بأنَّه يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك يؤذي أزواجه، ولكن لما كان البيت بيت النبي صلى الله عليه وسلم والحق حق النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إليه

(2)

.

الرد: ذُكِر النبيُ صلى الله عليه وسلم لعظم قدره وتدخل نساؤه رضي الله عنهن تبعًا.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ»

(3)

.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»

(4)

.

وجه الاستدلال: إضافة البيت للنبي صلى الله عليه وسلم إضافة ملك.

الرد: تقدم هل بقيت هذه الملكية أو ملَّكَ البيوت نساءه رضي الله عنهن.

الدليل الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا

(1)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 612) وتفسير القرطبي (14/ 145).

(2)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 613).

(3)

رواه البخاري (1195) ومسلم (1390).

(4)

رواه البخاري (1196) ومسلم (1391).

ص: 822

وَلَا دِرْهَمًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ»

(1)

.

وجه الاستدلال: السكنى من جملة النفقات فاستحقت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن السكن بالبيوت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما كان لهن النفقة مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

(2)

.

الرد: هذا على القول أنَّ أمهات المؤمنين رضي الله عنهن لم يملكن البيوت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل الخامس: قالت عائشة رضي الله عنها: «لم يكن ذلك لهنَّ هبة، وإنَّما كان إسكانًا، كما يسكن الرجل أهله، وتمادى سكناهنَّ»

(3)

.

وجه الاستدلال: قول عائشة رضي الله عنها نص في المسألة.

الرد من وجهين:

الأول: لم يذكره إلا ابن العربي رحمه الله ولم يحل على من خرجه ولم أقف عليه.

الثاني: الثابت عنها أنَّها تصرفت في بيتها تصرف المالك.

الدليل السادس: لو كانت المساكن ملكًا لهن لورث ذلك ورثتهن عنهن، فلما ردت منازلهن بعد موتهن في المسجد الذي تعم منفعته جميع المسلمين دل ذلك على أنَّ سكناهن إنَّما كانت متاعًا لهن إلى الممات، ثم رجعت إلى أصلها في منافع المسلمين

(4)

.

الرد: يأتي تصرفهن في بيوتهن تصرف الملاك.

الدليل السابع: النبي صلى الله عليه وسلم هو المالك فهو من بنى هذه الحجر وأسكن نساءه

(1)

رواه البخاري (3096) ومسلم (1760).

(2)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 613) وفتح الباري (6/ 211).

(3)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 613).

(4)

انظر: التمهيد (8/ 173) وأحكام القرآن لابن العربي (3/ 613) وتفسير القرطبي (14/ 145) وفتح الباري (6/ 211).

ص: 823

رضي الله عنهن فيهن

(1)

.

الرد: تقدم أنَّ الخلاف هل استمر ملك النبي صلى الله عليه وسلم أو ملَّك نساءه هذه الحجرات قبل وفاته.

الدليل الثامن: إسكان النبي صلى الله عليه وسلم نساءه رضي الله عنهن واجب عليه كسائر الأزواج

(2)

.

الرد: كالذي قبله.

القول الثاني: البيوت ملك لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن: اختار هذا القول أبو اليمن بن عساكر

(3)

والكشميري

(4)

وشيخنا محمد العثيمين

(5)

.

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33].

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 34].

الدليل الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي نوبتي»

(6)

.

الدليل الرابع: في حديث صفية رضي الله عنها: «أنَّها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره، وهو معتكف في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا بلغ قريبًا من باب المسجد، عند باب أم سلمة رضي الله عنها مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نفذا

»

(7)

.

الدليل الخامس: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال:«ارتقيت فوق بيت حفصة رضي الله عنها فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة، مستقبل الشأم»

(8)

.

الدليل السادس: عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث

(1)

انظر: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (2/ 56).

(2)

انظر: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (2/ 56).

(3)

انظر: إتحاف الزائر ص: (178).

(4)

انظر: فيض الباري شرح البخاري (4/ 260).

(5)

انظر: فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 501).

(6)

رواه البخاري (3100).

(7)

رواه البخاري (3101).

(8)

رواه البخاري (3102) ومسلم (266).

ص: 824

رضي الله عنها خالتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها،

»

(1)

.

وجه الاستدلال: في الأدلة السابقة إضافة البيوت لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن فدل على أنَّ البيوت ملك لهن.

الرد: تقدم إضافة البيوت للنبي صلى الله عليه وسلم إضافة ملك وإضافة البيوت لهن إضافة اختصاص

(2)

.

الجواب: هذا موضع الخلاف ويأتي تصرفهن رضي الله عنهن في البيوت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تصرف الملاك.

الدليل السابع: عن عمرو بن الحارث، قال:«ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا سلاحه وبغلته البيضاء، وأرضًا تركها صدقة»

(3)

.

وجه الاستدلال: لم تذكر البيوت في ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد: لعل المراد من الحديث ما كان غير مختص فلم تطالب فاطمة رضي الله عنها بحجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

الجواب: ويحتمل أنَّها ترى الحجرات ملكًا لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

الدليل الثامن: في قصة مقتل عمر رضي الله عنه قال: يا عبد الله بن عمر، اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقل:«يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام، ثم سلها، أن أدفن مع صاحبي» قالت: «كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي

»

(5)

.

وجه الاستدلال: استأذن عمر رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها بالدفن وآثرته على نفسها فدل

(1)

رواه البخاري (5919).

وتقدم تخريجه (ص: 42).

(2)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 612) وتفسير القرطبي (14/ 145).

(3)

رواه البخاري (3098).

(4)

انظر: شرح مسلم للنووي (12/ 110).

(5)

رواه البخاري (1392).

ص: 825

ذلك على ملكها للحجرة

(1)

.

الرد: هي مقدمة على غيرها لأنَّها تملك منفعته بالسكنى فيه

(2)

.

الدليل التاسع: عن هشام بن عروة قال: كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يعتد بمكة ما لا يعتد بها أحد من الناس أوصت له عائشة رضي الله عنها بحجرتها واشترى حجرة سودة رضي الله عنها

(3)

.

وجه الاستدلال: تصرف الصحابة رضي الله عنهم ببيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تصرف الملاك بالبيع والوصية من غير نكير.

الدليل العاشر: أوصت سودة بنت زمعة ببيتها لعائشة وأولياء صفية بنت حيي وورثة أم سلمة باعوا بيوتههما وورث ابن عمر بيت حفصة رضي الله عنهم

(4)

.

(1)

انظر: فتح الباري (7/ 66).

(2)

انظر: فتح الباري (7/ 66).

(3)

رواه البيهقي (6/ 34) أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أخبرنا أبو عمرو بن السماك حدثنا حنبل بن إسحاق حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال قال هشام بن عروة فذكره إسناده صحيح.

أبو الحسين بن بشران هو على بن محمد. وأبو عمرو بن السماك هو عثمان بن أحمد وحنبل بن إسحاق بن حنبل ابن عم الإمام أحمد والحميدي هو عبد الله بن الزبير.

(4)

قال ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 131) أخبرنا محمد بن عمر حدثني ابن أبي سبرة عن محمد بن عبد الله العبسي عن محمد بن عمرو بن عطاء العامري قال: كانت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها أزواجه رضي الله عنهن وأنَّ سودة بنت زمعة رضي الله عنها أوصت ببيتها لعائشة رضي الله عنها وأنَّ أولياء صفية بنت حيي رضي الله عنها باعوا بيتها من معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بمائة وثمانين ألف درهم.

قال ابن أبي سبرة: فأخبرني بعض أهل الشام أنَّ معاوية رضي الله عنها أرسل إلى عائشة رضي الله عنها: أنت أحق بالشفعة. وبعث إليها بالشراء. واشترى من عائشة رضي الله عنها منزلها. يقولون بمائة وثمانين ألف درهم. ويقال: بمائتي ألف درهم. وشرط لها سكناها حياتها. وحمل إلى عائشة رضي الله عنها المال فما رامت من مجلسها حتى قسمته. ويقال اشتراه ابن الزبير من عائشة رضي الله عنهم. بعث إليها يقال: خمسة أجمال بخت تحمل المال فشرط لها سكناها حياتها فما برحت حتى قسمت ذلك. فقيل لها: لو خبأت لنا منه درهمًا. فقالت عائشة رضي الله عنها: لو ذكرتموني لفعلت. وحفصة رضي الله عنها تركت بيتها فورثه ابن عمر رضي الله عنهم فلم يأخذ له ثمنًا. وهدم وأدخل في المسجد.

أخبرنا محمد بن عمر عن ابن أبي سبرة عن ثور بن زيد عن عكرمة أنَّ ورثة أم سلمة رضي الله عنها باعوا بيتها بمال.

قال محمد بن عمر: يقال إنَّه لم يبع. وإسناده ضعيف جدًا.

محمد بن عمر الواقدي وشيخه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبى سبرة متروكان ومحمد بن عبد الله العبسي قال أبو حاتم مجهول.

ص: 826

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد: الأثر ضعفه شديد.

الجواب: مثل هذه الآثار التي يرويها الواقدي عن ابن أبي سبرة مما شاع فيتسامح فيها لا سيما يشهد له ما قبله فشهرة الخبر عند بعض أهل العلم تغني عن إسناده

(1)

.

الدليل الحادي عشر: بقيت نساء النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتهن بعد وفاته لو كان ملكًا للنبي صلى الله عليه وسلم لم ترث المرأة منهن رضي الله عنهن بيتها التي هي ساكنة فيه

(2)

.

الرد: ملكن إختصاص السكن في البيوت إما لأنَّ عدتهن لا تنقضي إلا بموتهن، أو لأنَّ السكن من جملة النفقة التي لهن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

الجواب: تقدم تصرفهنَّ في البيوت تصرف الملاك.

الترجيح: القول الأول قول الجمهور وأدلته قوية لكن يشكل على ذلك ما صح من وصية عائشة لابن الزبير في بيتها وشراؤه بيت سودة رضي الله عنهم فالنفس تميل إلى أنَّ البيوت ملك لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ملَّكهن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ولم أقف على نص على ذلك لكن تصرفهن بالبيع والوصية يدل على ذلك والله أعلم.

(1)

انظر: التمهيد (24/ 290).

(2)

انظر: فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 501).

(3)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 613) ومعالم السنن (3/ 42).

ص: 827

‌الفصل الرابع

متاع بيت النبوة

ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما بعض متاع بيت النبي صلى الله عليه وسلم فأتممت ما وقفت عليه من متاعه مما هو في الصحيحين أو أحدهما فبحث ما ورد مسندًا ودراسته يحتاج كتابًا مستقلًا.

أولًا: آنية الأشربة:

1: الآنية المتخذة من الحجر: المخضب والمركن.

2: الآنية المتخذة من النحاس: الطَّسْت.

3: الآنية المتخذة من النحاس والحجر: التَّوْر.

4: الآنية المتخذة من الخشب: القدح والفَرَقُ.

5: الآنية المتخذة من الجلود والخشب: العُلْبَة.

6: الآنية المتخذة من الجلود: الرَّكْوَة والإِدَاوَة والقربة والسقاء.

ثانيًا: آنية الأطعمة وما يتعلق بها وهي:

الرَّحَى والْمُنْخُل والمدية والتنور والبُرْمَة والجَفْنة والقَصْعة والصَّحْفة والسُّفْرة والخِوَان والمنديل.

ثالثًا: الفُرُش: الحصير والخُمْرَة والسرير والقطيفة والوسادة واللحاف.

رابعًا: أدوات الزينة: القَارُورَة والمشط والمِدْرى.

خامسًا: ما يحفظ به المتاع: الرَّفُّ والمِشْجَب.

ص: 829

أولًا:‌

‌ آنية الأشربة

1: الآنية المتخذة من الحجر

المخضب والمركن

(1)

في حديث عائشة رضي الله عنها في مرض موت النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ»

(2)

.

وفي رواية

(3)

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم استيقظ

وإلى جانبه مخضب من برام»

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان يوضع لي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المركن، فنشرع فيه جميعًا»

(4)

.

وعن أنس رضي الله عنه قال: حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، «فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فتوضأ القوم كلهم» قيل: كم كنتم؟ قال: «ثمانين وزيادة»

(5)

.

2: الآنية المتخذة من النحاس

الطَّسْت

(6)

عن عائشة رضي الله عنها، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى

(1)

المخضب هو مثل الإجانة التي يغسل فيها الثياب ويقال له المركن. ومن برام أي حجر فالمخضب إناء من حجر.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 91) والنهاية في غريب الحديث (1/ 121)(2/ 39) ومشارق الأنوار (1/ 85، 289) ومجمع بحار الأنوار (1/ 168).

(2)

رواه البخاري (687) ومسلم (418).

(3)

انظر: (ص: 75).

(4)

رواه البخاري (7339).

(5)

رواه البخاري (195).

(6)

الطست ويقال الطشت: فارسي معرب وهو إناء من صفر.

انظر: تهذيب اللغة (12/ 193) والفائق في غريب الحديث (2/ 310) والقاموس المحيط (ص: 156) ولسان العرب (2/ 58).

ص: 830

الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم»

(1)

.

3: الآنية المتخذة من النحاس والحجر

التَّوْر

(2)

عن جابر رضي الله عنه، قال:«كان ينتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء، فإذا لم يجدوا سقاء نبذ له في تور من حجارة»

(3)

.

وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ

»

(4)

.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم رضي الله عنها حَيْسًا

(5)

، فجعلته في تور، فقالت: يا أنس، اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: بعثت بهذا إليك أمي وهي تقرئك السلام، وتقول: «إنَّ هذا لك منا قليل يا رسول الله

»

(6)

.

4: الآنية المتخذة من الخشب

القدح

وعن عاصم بن سليمان الأحول، قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك رضي الله عنه وكان قد انصدع فسلسله بفضة، قال: وهو قدح جيد عريض من نُضَار

(7)

، قال:

(1)

رواه البخاري (309).

(2)

التور: فارسي معرب وهو إناء كالقدح والقدر يشرب فيه وقد يتوضأ منه ويكون من حجارة أو نحاس.

انظر: تهذيب اللغة (12/ 193) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 222) ومشارق الأنوار (1/ 125) ولسان العرب (4/ 96) وتاج العروس (10/ 297).

وربما اغترف بالتور قال علي القاري في المرقاة (7/ 2832): الفرق كان موضوعًا، والتور جعل آلة للفرق.

(3)

رواه مسلم (1999).

(4)

رواه البخاري (197).

(5)

الحيس: الخلط ومنه سمي الحيس حيسًا وهو تمر يخرج نواه ويخلط بسمن وأقط ويعجن شديدًا.

انظر: مختار الصحاح (ص: 85) والقاموس المحيط (ص: 540).

(6)

رواه مسلم (1428).

(7)

قدحٌ نُضَارٌ: يتَّخذ من خشب من أثْلٍ يكون بالغور، وَرْسِي اللون ويقال النضار شجرة الأثل وقيل النضار الخالص من كل شيء وقيل النضار أقداح حمر شبهت بالذهب.

انصدع: انشق. سلسله: أي ضببه.

انظر: مشارق الأنوار (2/ 17) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 262) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 292).

ص: 831

قال أنس رضي الله عنه: «لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا»

(1)

.

الفَرَقُ

(2)

عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في القدح وهو الفرق، وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد»

(3)

.

5: الآنية المتخذة من الجلود والخشب

العُلْبَة

(4)

6: الآنية المتخذة من الجلود

الرَّكْوَة

(5)

(1)

رواه البخاري (5638).

(2)

الفَرَق والفَرْق مكيال من خشب. قال سفيان بن عيينة - وهو أحد رواة حديث عائشة رضي الله عنها: الفرق ثلاثة آصع.

وانظر: الاستذكار (1/ 268) والمسالك في شرح موطأ مالك (2/ 190) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 139) والاقتضاب في غريب الموطأ (1/ 73).

(3)

رواه البخاري (250) ومسلم (319).

(4)

قال الأزهري في تهذيب اللغة (2/ 247): العُلْبَة جلدة تؤخذ من جلد جنب البعير إذا سلخ وهو فطير فتسوى مستديرة ثم تملأ رملًا سهلًا، ثم تضم أطرافها وتخل بخلال ويوكى عليها مقبوضة بحبل وتترك حتى تجف وتيبس، ثم يقطع رأسها وقد قامت قائمة لجفافها تشبه قصعة مدورة كأنَّها نحتت نحتًا أو خرطت خرطًا. ويعلقها الراعي والراكب فيحلب فيها ويشرب بها. وللبدوي فيها رفق خفتها وأنَّها لا تنكسر إذا حركها البعير أو طاحت إلى الأرض.

وقال ابن الأثير في النهاية (3/ 286) العلبة: قدح من خشب. وقيل من جلد وخشب يحلب فيه.

وانظر: المحكم والمحيط الأعظم (2/ 166) ولسان العرب (1/ 628).

(5)

الركوة: بتثليث الراء والأفصح الفتح وهي إناء صغير من جلد شبه التور وقيل: دلو صغيرة للماء وقيل: يسقى فيها ويحلب ويتوضأ. والجمع ركاء وركوات.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (7/ 138) ومشارق الأنوار (1/ 243) ولسان العرب (14/ 333) وتاج العروس (38/ 178).

ص: 832

عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه ركوة - أو علبة فيها ماء، يشك عمر

(1)

- فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه، ويقول:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ»

(2)

.

قال أبو عبد الله البخاري - بعد الحديث السابق -: العلبة من الخشب، والركوة من الأدم.

الإِدَاوَة

(3)

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم «إذا خرج لحاجته، أجيء أنا وغلام، معنا إداوة من ماء، يعني يستنجي به»

(4)

.

وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه في قصة الهجرة «ومعي إداوة أرتوي فيها للنبي صلى الله عليه وسلم، ليشرب منها ويتوضأ»

(5)

.

القربة والسقاء

(6)

في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فأتى القربة فأطلق شناقها»

(7)

.

(1)

قال ابن حجر في الفتح (8/ 140): وعند أحمد [(23835) (23895) (23960) (24650)] والترمذي [(978)] وغيرهما [كابن ماجه (1623)] من طريق القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «رأيته وعنده قدح فيه ماء» .

وعمر هو ابن سعيد بن أبى حسين النوفلي.

(2)

رواه البخاري (6510).

(3)

الإداوة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء. وتسمى المطهرة.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 33) وتهذيب اللغة (6/ 101) والقاموس المحيط (ص: 1258).

(4)

رواه البخاري (150) ومسلم (271).

(5)

رواه البخاري (3615) ومسلم (2009).

(6)

السقاء الجلد المدبوغ المتخذ للماء، وقيل: السقاء القربة للماء واللبن. والوطب للبن خاصة، والنحي للسمن، والقربة للماء.

انظر: تهذيب اللغة (9/ 181) والصحاح (6/ 2379) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 113) ولسان العرب (14/ 392).

(7)

انظر: (ص: 17).

ص: 833

وفي رواية «ثم قام إلى شن

(1)

معلق فتوضأ منه»

(2)

.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبذ له الزبيب في السقاء، فيشربه يومه، والغد، وبعد الغد، فإذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه، فإن فضل شيء أهراقه»

(3)

.

وعن ثمامة بن حزن القشيري، قال: لقيت عائشة رضي الله عنها، فسألتها عن النبيذ، فدعت عائشة رضي الله عنها جارية حبشية، فقالت: سل هذه، فإنَّها كانت تنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت الحبشية:«كنت أنبذ له في سقاء من الليل وأوكيه وأعلقه، فإذا أصبح شرب منه»

(4)

.

وتقدم في حديث جابر رضي الله عنه، قال:«فإذا لم يجدوا سقاءً نبذ له في تور من حجارة» .

وعن أنس رضي الله عنه، دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على أم سليم رضي الله عنها، فأتته بتمر وسمن، قال:«أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ»

(5)

.

ثانيًا:‌

‌ آنية الأطعمة وما يتعلق بها

الرَّحَى

(6)

الْمُنْخُل

(7)

(1)

الشَّنُّ، والشَّنَّة الخلق من كل آنية صنعت من جلد، والشن: القربة الخلق، والشنة أيضًا. وفي بعض الروايات بلفظ الشجب.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (7/ 618) ولسان العرب (13/ 241) والمصباح المنير (1/ 324) ومختار الصحاح ص: (169).

(2)

انظر: (ص: 11).

(3)

رواه مسلم (2004).

(4)

رواه مسلم (2005).

(5)

رواه البخاري (1982).

(6)

الرحى: حجران مستديران تدور العليا على السفلى.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 79) ولسان العرب (1/ 682).

(7)

الْمُنْخُل والْمُنْخَل لغة فيه: الذي ينخل به الدقيق. ونخل الدقيق غربله والنخل: تنخيل الدقيق بالمنخل لعزل نخالته عن لبابه.

انظر: تهذيب اللغة (7/ 167) ومختار الصحاح (ص: 307) ولسان العرب (11/ 651).

ص: 834

في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت بريرة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: «والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرًا قط أَغْمِصُه غير أنَّها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله»

(1)

.

وفي حديث علي رضي الله عنه: «إنَّ فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى

»

(2)

.

وعن أبي حازم سلمة بن دينار، قال: سألت سهل بن سعد رضي الله عنه، فقلت: هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ

(3)

؟ فقال سهل رضي الله عنه: «ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ، من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله» قال: فقلت: هل كانت لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنَاخِل؟ قال: «ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنْخُلًا، من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله» قال: قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنَّا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار، وما بقي ثَرَّيْناه

(4)

فأكلناه»

(5)

.

المدية

(6)

عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد،

(1)

رواه البخاري (4141) ومسلم (2770).

أغمصه: أعيبه وغمصت الشيء عبته.

الداجن: ما يألف البيت من الحيوان والشاة التي تألف البيت وتقيم به ويقال دجن بالمكان أي أقام به.

انظر: مشارق الأنوار (1/ 254)(2/ 136) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 533) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 102)(3/ 386).

(2)

رواه البخاري (5361) ومسلم (2727).

(3)

النقي الخبز الحُوَّارَى الذي نخل مرة بعد مرة وسمي نقيًا لنقائه من النخالة.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 458) والفائق في غريب الحديث (3/ 6).

(4)

ثريناه: أي عجناه.

انظر: مشارق الأنوار (1/ 129) والفائق في غريب الحديث (1/ 165) النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 210)

(5)

رواه البخاري (5413).

(6)

قال الفيومي في المصباح المنير (1/ 317): الشفرة المدية وهي السكين العريض والجمع شفار مثل كلبة وكلاب وشفرات مثل سجدة وسجدات.

ص: 835

وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها:«يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ» ، ثم قال:«اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ» ، ففعلت: ثم أخذها، وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال:«بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»

(1)

.

التنور (الكانون)

(2)

عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها، قالت:«لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا، سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر، إذا خطب الناس»

(3)

.

البُرْمَة (القدر)

(4)

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحم، فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت، فقال:«أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ» قالوا: بلى، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة قال:«عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ»

(5)

.

الجَفْنة والقَصْعة والصَّحْفة

عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما، قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ،

(1)

رواه مسلم (1967).

(2)

التنور الكانون الذي يخبز فيه، وافقت فيه لغة العرب لغة العجم وهو من تنور النار واتقادها فيه. والفرن الذي يخبز عليه غير التنور والفُرْني خبز غليظ نسب إليه.

انظر: مطالع الأنوار (2/ 25) والمصباح المنير (1/ 77)(2/ 471) والقاموس المحيط (ص: 357) ولسان العرب (4/ 95)(13/ 321).

(3)

رواه مسلم (873).

(4)

البرمة: القدر مطلقًا، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 121) غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 67) ولسان العرب (12/ 45) والمصباح المنير (1/ 45).

(5)

رواه البخاري (5279) ومسلم (1504).

ص: 836

وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»

(1)

.

وفي رواية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم صب في الجفنة، أو القصعة»

(2)

.

والمحفوظ الوضوء من القربة.

وفي حديث أنس رضي الله عنه «كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها بصَحْفَة فيها طعام

»

(3)

.

قال الكسائي: أعظم القِصَاع الجَفْنة، ثم القَصْعة تليها تشبع العشرة، ثم الصَّحْفة تشبع الخمسة، ثم المِئكَلة تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصُّحَيْفة تشبع الرجل

(4)

.

السُّفْرة

(5)

عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: «ما علمت النبي صلى الله عليه وسلم أكل على سُكْرُجَة قط، ولا خُبِز له مُرَقَّقٌ

(6)

قط، ولا أكل على خِوَان قط» قيل لقتادة: فعلام كانوا يأكلون؟ قال:

(1)

رواه البخاري (5376) ومسلم (2022).

(2)

انظر: (ص: 21).

(3)

رواه البخاري (5225). وله طرق مخرجة في غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (2/ 599).

(4)

انظر: تهذيب اللغة (4/ 149) والصحاح (4/ 1384) ولسان العرب (9/ 187).

(5)

أصل السفرة طعام المسافر المعد للسفر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير ثم أطلق على وعائه ثم شاع فيما يؤكل عليه.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 373) ومختار الصحاح (ص: 148) ولسان العرب (4/ 368) وتاج العروس (12/ 40).

(6)

سُكُرُّجَة سُكُرَّجَة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم، وهي فارسية. وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.

انظر: مشارق الأنوار (2/ 215) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 384) ولسان العرب (2/ 299).

قال أبو عبد الرحمن: فهي أشبه بصحون السلطة والمقبلات.

والخبز المرقق: الخفيف، وكأنَّه مأخوذ من المرقاق: وهي الخشبة التي يرقق بها. فالمرقق: الرقيق.

انظر: المجموع المغيث (1/ 788) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 282) وفتح الباري (9/ 531).

ص: 837

«على السُّفَرِ»

(1)

.

وفي حديث أنس رضي الله عنه في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها: «أمر بلالًا رضي الله عنه بالأَنْطَاع

(2)

فبسطت، فألقى عليها التمر والأقط والسمن»

(3)

.

الخِوَان

(4)

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ميمونة، وعنده الفضل بن عباس، وخالد بن الوليد، وامرأة أخرى رضي الله عنهم، إذ قرب إليهم خوان عليه لحم، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل، قالت له ميمونة رضي الله عنها: إنَّه لحم ضب، فكف يده، وقال:«هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ» ، وقال لهم:«كُلُوا» ، فأكل منه الفضل، وخالد بن الوليد، والمرأة، وقالت ميمونة رضي الله عنهم: لا آكل من شيء إلا شيء يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(5)

.

والخوان مرتفع عن الأرض فلا يحتاج الآكل ليحني ظهره أو رقبته لأجل الأكل.

الجمع بين الحديثين: أنس رضي الله عنه ينفي أكل النبي صلى الله عليه وسلم على الخوان وابن عباس رضي الله عنهما يثبته

فمعظم طعام النبي صلى الله عليه وسلم يوضع على الأرض في السفرة وتلك كانت مائدة النبي صلى الله عليه وسلم وأكله صلى الله عليه وسلم على الخوان قليل فخفي على أنس رضي الله عنه فكلٌ أخبر بما علم

(6)

والله أعلم. ثم انتشر الأكل على الخوان عند التابعين ومن بعدهم فلذا قيل لقتادة: فعلام

(1)

رواه البخاري (5386).

(2)

الأنطاع جمع نطع وهو بساط من جلد. انظر: (ص:). راتبة العشاء

(3)

رواه البخاري (213) ومسلم (1365).

(4)

قال العيني عمدة القاري (17/ 140): (على الخوان) بكسر الخاء المعجمة، وهو المشهور، وجاء ضمها. وفيه لغة ثالثة: إخْوان، بكسر الهمزة وسكون الخاء وهو معرب. قال الجواليقي: تكلمت به العرب قديمًا، وقال ابن فارس: إنَّه اسم أعجمي، وعن ثعلب: سمي بذلك لأنَّه يتخون ما عليه، أي: ينتقص. وقال عياض: إنَّه المائدة ما لم يكن عليه طعام ويجمع على أخونة في القلة وخوون بضم أوله في الكثرة والأكل على الخوان من دأب المترفين وصنع الجبابرة. قلت [العيني]: ليس فيما ذكر كله بيان هيئة الخوان، وهو طبق كبير من نحاس تحته كرسي من نحاس ملزوق به، طوله قدر ذراع.

وانظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 365) ومختار الصحاح (ص: 98) وتاج العروس (34/ 501).

(5)

رواه مسلم (1948).

(6)

انظر: شرح البخاري لابن بطال (9/ 469) وزاد المعاد (1/ 142).

ص: 838

يأكلون؟

المنديل

(1)

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا»

(2)

.

بوب عليه البخاري في صحيحه: باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل

وفي حديث جابر: «

وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ»

(3)

.

وعن ميمونة رضي الله عنها، قالت: «أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة،

ثم أتيته بالمنديل فرده»

(4)

.

ثالثًا:‌

‌ الفُرُش

(5)

الحصير

(6)

في حديث عائشة، رضي الله عنها في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي عليه، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه

»

(7)

.

(1)

المنديل خرقة وتمندلت بالمنديل وتندلت تمسحت به وحذف الميم أكثر وأنكر الكسائي تمندلت ويقال هو مشتق من ندلت الشيء ندلًا من باب قتل إذا جذبته أو أخرجته ونقلته.

انظر: مقاييس اللغة (5/ 410) ومختار الصحاح (ص: 307) والمصباح المنير (2/ 598).

(2)

رواه البخاري (5456) ومسلم (2031).

(3)

رواه مسلم (2033).

(4)

رواه البخاري (259) ومسلم (317).

وفي روايتي البخاري (274)(266)«فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينفض بيده» وفي رواية (276): «فناولته ثوبًا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه» وهي روايات بالمعنى فالخرقة هي الثوب والمنديل والله أعلم.

(5)

الفراش مفرد الفُرُش والفَرْش المفروش من متاع البيت. وأفرشته وفرشته، إذا بسطت له بساطًا.

انظر: تهذيب اللغة (11/ 236) ومقاييس اللغة (4/ 486) ومختار الصحاح (ص: 237).

(6)

يأتي التعريف بالحصير قريبًا.

(7)

رواه البخاري (5861) ومسلم (782).

ص: 839

وعن سهل رضي الله عنه قال: «جرح وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة رضي الله عنها، تغسل الدم وعلي رضي الله عنه يمسك، فلما رأت أنَّ الدم لا يزيد إلا كثرة، أخذت حصيرًا فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألزقته فاستمسك الدم»

(1)

.

الخُمْرَة

(2)

عن ميمونة رضي الله عنها، قالت:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة»

(3)

.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ» ، قالت فقلت: إنِّي حائض، فقال:«إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»

(4)

.

السرير

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «لقد رأيتني مضطجعة على السرير، فيجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسط السرير، فيصلي فأكره أن أسنَحَه، فأنسَّل

(5)

من قبل رجلي السرير حتى أنسل من لحافي»

(6)

.

صفة السرير: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها قالت:«كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي، في قبلته فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما» ، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح

(7)

.

(1)

رواه البخاري (2911) ومسلم (1790).

(2)

الخمرة شيء منسوج يعمل من سعف النخل ويرمل بالخيوط وهو صغير على قدر ما يسجد عليه المصلي أو فويق ذلك فإن عظم حتى يكفي الرجل لجسده كله فهو حصير وليس بخمرة.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 277) وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 306) والفائق في غريب الحديث (1/ 395).

(3)

رواه البخاري (381) ومسلم (513).

(4)

رواه مسلم (298).

(5)

أسنَحَه: أي أظهر له من قدامه وقال الخطابي هو من قولك: سنح لي الشيء إذا عرض لي تريد أنَّها كانت تخشى أن تستقبله وهو يصلي ببدنها أي منتصبة. أنسَّل: أخرج بخفية أو برفق. انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 581).

(6)

رواه البخاري (508) ومسلم (512).

(7)

رواه البخاري (382) ومسلم (512).

ص: 840

قال ابن رجب: لعل السرير لم يكن مرتفعًا شاخصًا عن الأرض كمؤخرة الرحل. ويدل على هذا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا إذا سجد يغمزها برجله [هكذا: ولعله برجلها]، ولو كان السرير مرتفعًا عن الأرض قدر ذراع أو قريب منه لم يتمكن من ذلك

(1)

.

مادة السرير: في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، «فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم دخلت عليه، وهو في بيت على سرير مُرْمَل، وعليه فراش، وقد أثر رِمَال السرير

(2)

بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنبيه»

(3)

.

وفي حديث عمر رضي الله عنه في اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نسائه: وإنَّه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإنَّ عند رجليه قرظًا مصبوبًا، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت، فقال:«مَا يُبْكِيكَ؟» فقلت: يا رسول الله إنَّ كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال:«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمَا الدُّنْيَا، وَلَكَ الْآخِرَةُ»

(4)

.

القطيفة (الخميلة)

(5)

(1)

فتح الباري (4/ 74).

(2)

الرمال: ما ينسج من سعف النخل وشبهه وقيل: رمال السرير ما مد على وجهه من خيوط وشريط ونحوهما. وأرملت الحصير إذا شققته ونسجته بشريط أو غيره. ورمال الحصير ظلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب النسيج.

انظر: إكمال المعلم (7/ 543) والمفهم (6/ 449) والكواكب الدراري شرح البخاري (13/ 77) ومجمع بحار الأنوار (2/ 380).

(3)

رواه البخاري (4323) ومسلم (2498).

(4)

رواه البخاري (4913) ومسلم (1479).

في رواية لمسلم: قرظًا مضبورًا.

قال النووي في شرحه (10/ 124): وقع في بعض الأصول مضبورًا بالضاد المعجمة وفي بعضها بالمهملة وكلاهما صحيح أي مجموعًا قوله: (وعند رأسه أهبًا معلقة) بفتح الهمزة والهاء وبضمهما لغتان مشهورتان جمع إهاب وهو الجلد قبل الدباغ على قول الأكثرين وقيل الجلد مطلقًا.

والقرظ: ورق تدبغ به الجلود. انظر: فتح الباري لابن رجب (3/ 441).

(5)

الخميلة هي القطيفة، ويقال لها القرطف والقطيفة، والمنامة.

والخمل: هدب القطيفة ونحوها مما ينسج وتفضل له فضول. وآدلثت القطيفة، إذا غطيت بها رأسك وجسدك.

انظر: غريب الحديث للخطابي (3/ 126) ومجمل اللغة لابن فارس (ص: 332، 849) والمحكم والمحيط الأعظم (5/ 214).

ص: 841

عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حِيْضَتي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَنَفِسْتِ؟» قلت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة

(1)

.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء»

(2)

.

والقطيفة تفترش وتلتحف فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسرورًا، فقال:«يَا عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا المُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ»

(3)

.

وعنها رضي الله عنها، قالت: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم، وحشوه من ليف

(4)

»

(5)

.

وفي رواية لحديث ابن عباس «وكيف تبيت وإنَّما الفراش واحد»

(6)

.

الحديث رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه:

وفي رواية «فأخذت كساء فثنته، وألقت عليه نمرقة، ثم رمت عليه بكساء آخر، ثم دخلت فيه»

(7)

.

(1)

رواه البخاري (322) ومسلم (296).

(2)

رواه مسلم (967).

(3)

رواه البخاري (6771) ومسلم (1459).

(4)

الليف: ما يغطي أصول (الكرب) عسبان النخل وهو قريب من الشبك بني اللون وسمي ليفًا لأنَّه يلاف منه أي يؤخذ منه.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 58) والفائق في غريب الحديث (1/ 388) وتهذيب اللغة (15/ 274) ومختار الصحاح (ص: 287).

(5)

رواه البخاري (6456) ومسلم (2082).

(6)

انظر: (ص: 37).

(7)

انظر: (ص: 109).

ص: 842

الوسادة

عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها اشترت نمرقة

(1)

فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت، أو فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» فقالت: اشتريتها لك، تقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» ثم قال: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ»

(2)

.

وعنها رضي الله عنها: «أنَّها كانت اتخذت على سهوة

(3)

لها سترًا فيه تماثيل، فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم، فاتخذت منه نمرقتين، فكانتا في البيت يجلس عليهما»

(4)

.

وتقدم في حديث عمر رضي الله عنه «وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف» .

وفي رواية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما «وتوسدا وسادة لهما من أدم محشوة ليفًا»

(5)

وفي رواية شاذة «فأُتِيتُ بوسادة من مسوح»

(6)

أي: صوف.

اللحاف

(1)

نمرقة ونمرق: وسادة، وهي بضم النون والراء وبكسرهما، وجمعها: نمارق. والنمرقة: وسادة صغيرة

انظر: مشارق الأنوار (2/ 13) والنهاية في غريب الحديث (5/ 118) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 503) ومختار الصحاح (ص: 319).

(2)

رواه البخاري (2105) ومسلم (2107).

(3)

قال أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 50): قال الأصمعي: السهوة كالصفة تكون بين يدي البيت وقال غيره من أهل العلم: السهوة شبيه بالرف والطاق يوضع فيه الشيء. قال أبو عبيد: وسمعت غير واحد من أهل اليمن يقولون: السهوة عندنا بيت صغير منحدر في الأرض وسمكه مرتفع من الأرض شبيه بالخزانة الصغيرة يكون فيها المتاع.

وانظر: تهذيب اللغة (6/ 195) ومشارق الأنوار (2/ 229) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 503).

(4)

رواه البخاري (2479) ومسلم (2107).

(5)

انظر: (ص: 24).

(6)

انظر: (ص: 66).

ص: 843

تقدم أنَّ القطيفة تفترش وتلتحف وفي حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:«حتى أنسل من لحافي» .

وعنها رضي الله عنها، قالت:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه، وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه إلى جنبه»

(1)

.

وفي رواية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فتناول ملحفة على ميمونة رضي الله عنها: فارتدى ببعضها وعليها بعض»

(2)

.

وتقدم في رواية له: «وكيف تبيت وإنَّما الفراش واحد واللحاف واحد» .

رابعًا:‌

‌ أدوات الزينة

القَارُورَة

(3)

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال

(4)

عندنا، فعرق، وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟» قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب

(5)

.

المشط والمِدْرى

(6)

(1)

رواه مسلم (514). وانظر: (ص: 819).

(2)

انظر: (ص:) الرواية (2).

(3)

القارورة: واحدة القوارير من الزجاج، والعرب تكني عن المرأة بالقارورة تشبيهًا بآنية الزجاج.

انظر: مشارق الأنوار (2/ 177) ومختار الصحاح (ص: 250) ولسان العرب (5/ 87) والمصباح المنير (2/ 497).

(4)

فقال عندنا: من القيلولة. بوب عليه البخاري: باب من زار قومًا فقال عندهم.

(5)

رواه البخاري (6281) ومسلم (2331) واللفظ له.

(6)

المدرى: محدد الطرف كالمسلة من حديد أو غيره يسرح به شعر الرأس وهو كسن من أسنان المشط أو كأحد السنين الذين في جانبي المشط في الغلظ إلا أنَّه أطول ليصل إلى أصول الشعر من جلدة الرأس فيستعمله من لا مشط له وأصل المدرى للثور ونحوه وهو قرنه المحدد الطرف الذي يدرأ به عن نفسه فإذا كان مأخوذًا من الدفع فكأنَّ المدرى يدفع به أيضًا عن الشعر تلبده واشتباكه وما يؤلم في أصول الشعر ويدرأه.

انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 134) ومشارق الأنوار (1/ 256) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 115) وغريب الحديث لابن الجوزي (1/ 335).

ص: 844

عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أرجل

(1)

رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض»

(2)

.

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: اطلع رجل من جحر في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يحك به رأسه، فقال:«لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ»

(3)

.

خامسًا:‌

‌ ما يحفظ به المتاع

الرَّفُّ

(4)

عن عائشة، قالت:«توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي، فكلته ففني»

(5)

.

المِشْجَب

(6)

في رواية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه»

(7)

.

(1)

التَّرَجُّل والتَّرْجِيل تسريح الشعر. وترجيله تخليص بعضه من بعض بالمشط، ويقال للمشط: المِرْجَل والمِسْرَح.

انظر: تهذيب اللغة (4/ 175) وتفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 516) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 203) ولسان العرب (2/ 479).

(2)

رواه البخاري (295) ومسلم (297).

(3)

رواه البخاري (6241)(6901) ومسلم (2156).

(4)

الرف: خشبة عريضة يغرز طرفها في الجدار، وهو شبه الطاق في البيوت والرف أيضًا خشب يرتفع عن الأرض في البيت يوضع فيه ما يراد حفظه.

انظر: إكمال المعلم (8/ 524) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 245) والكواكب الدراري شرح البخاري (22/ 215) ولسان العرب (9/ 126).

وقال ابن حجر في الفتح (11/ 280): (في رف لي) قال الجوهري: الرف شبه الطاق في الحائط وقال عياض: الرف خشب يرتفع عن الأرض في البيت يوضع فيه ما يراد حفظه قلت: [ابن حجر] والأول أقرب للمراد.

(5)

رواه البخاري (3097) ومسلم (2973).

(6)

المشجب خشبات موثقة تنصب فتنشر عليها الثياب وغيرها.

انظر: الفائق في غريب الحديث (2/ 223) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 444) ولسان العرب (1/ 484) والمصباح المنير (1/ 305).

(7)

انظر: (ص: 11).

ص: 845

وروي له: «ثم جاء إلى قربة على شجب»

(1)

.

وتقدم في حديث عمر رضي الله عنه في اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نسائه «وعند رأسه أهب معلقة» .

وفي حديث عائشة رضي الله عنها، قالت الحبشية:«كنت أنبذ له في سقاء من الليل وأوكيه وأعلقه» .

وعن محمد بن المنكدر، قال:«صلى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب»

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 58).

(2)

رواه البخاري (352).

ص: 846

‌الباب التاسع

‌تمهيد

الفصل الأول: أذكار الاستيقاظ من النوم.

الفصل الثاني: القراءة من آخر سورة آل عمران.

الفصل الثالث: الدعاء بالنور.

ص: 847

‌الفصل الأول

أذكار الاستيقاظ من النوم

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات المتكررة الفعلية والقولية أنَّه يأتي بها على صفات مختلفة ومن ذلك أذكار الاستيقاظ من النوم وهذا ما وقفت عليه من أذكار الاستيقاظ من النوم.

1: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ....

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَعَارَّ

(1)

مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ»

(2)

.

2: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه، قال:«بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وإذا قام قال: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»

(3)

.

وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا» فإذا استيقظ قال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»

(4)

.

3: الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها

حديث جابر رضي الله عنه: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ أَوْ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، فَقَالَ الْمَلَكُ: اخْتِمْ بِخَيْرٍ، وَقَالَ الشَّيْطَانُ: اخْتِمْ بِشَرٍّ، فَإِنْ حَمِدَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ طَرَدَهُ، وَبَاتَ يَكْلَؤُهُ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ فَقَالَا مِثْلَهُ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَقَالَ:

(1)

تعار من الليل: هب من نومه واستيقظ. وتقدم: (ص: (24.

(2)

رواه البخاري (1154).

(3)

رواه البخاري (6312).

(4)

رواه البخاري (6325).

ص: 849

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ إِلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُمِتْهَا فِي مَنَامِهَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41]، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} إِلَى {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65]، فَإِنْ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا، وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى صَلَّى فِي فَضَائِلَ»

(1)

.

(1)

الحديث مدارة على أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ورواه عنه:

1: حجاج بن أبي عثمان الصواف. 2: هشام الدستوائي. 3: المغيرة بن مسلم. 4: صالح بن رستم.

أولًا: رواية حجاج بن أبي عثمان الصواف: واختلف عليه فرواه:

1: البخاري في الأدب المفرد (1214) حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (514) حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا يزيد بن زريع والنسائي في الكبرى (10691) أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا أزهر بن القاسم، ثم ذكر كلمة معناها: حدثنا هشام يروونه عن حجاج الصواف عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال فذكره وإسناده صحيح.

يزيد بن زريع ثقة حافظ قال أحمد: إليه المنتهى فى التثبت بالبصرة. وقال ابن معين: أثبت شيوخ البصرة وقال بشر بن الحارث: كان متقنًا حافظًا ما أعلم أنَّي رأيت مثله ومثل صحة حديثه. وقال أبو حاتم: ثقة، إمام. وقال محمد بن سعد: كان ثقة حجة.

ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي وثقه أبو حاتم والنسائي وابن سعد وقال معاذ بن معاذ ما رأيت أحدًا أفضل منه وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم مرة لا يحتج به وبقية ورواته ثقات.

وهذه الرواية موقوفة ولها حكم الرفع والله أعلم.

2: النسائي في الكبرى (10690) أخبرنا الحسن بن أحمد، وابن حبان (5533) أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى وأبو يعلى (1791) قالوا: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، والطبراني في الدعاء (220) حدثنا معاذ بن المثنى بن معاذ، ثنا علي بن عثمان اللاحقي، ومحمد بن نصر في مختصر قيام الليل ص:(93) حدثنا محمد بن يحيى، ثنا حجاج بن منهال، وأبو نعيم في الحلية (6/ 261) حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا أبو بكر بن النعمان، ثنا أبو ربيعة زيد بن عوف قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، عن الحجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر، رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره ورواته ثقات وهي رواية شاذة.

أبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار على جلالة قدره له ما ينكر عليه قال ابن سعد: قالوا: ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر وقال البيهقي في سننه حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما يتفرد به عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله وقال ابن حجر: ثقة عابد تغير حفظه بآخره.

وحجاج الصواف ثقة حافظ اختلف عليه فحماد بن سلمة رفع الحديث ويزيد بن زريع ومحمد بن إبراهيم بن عدي وهشام الدستوائي في رواية وقفوا الحديث على جابر رضي الله عنه وروايتهم أصح. قال أبو نعيم: غريب من حديث الحجاج.

3: المستغفري في فضائل القرآن (1163) أخبرنا أبو علي الخياط حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز حدثنا أبو نصر الليث بن نصر النسفي حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا عبد الله بن محمد حدثني يحيى بن سعيد حدثنا حجاج بن أبي عثمان الصواف حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل الرجل بيته أو آوى إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان فقال الشيطان: افتح بشر وقال الملك: افتح بخير فإن ذكر الله عز وجل وحده طرد الملك الشيطان وبات بخلوة فإن تعار من الليل فقال: الحمد لله الذي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} الحمد لله الذي {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} فإن خر من فراشه فمات مات شهيدًا وإن قام فصلى صلى في فضائل» وإسناده ضعيف.

شيخ المستغفري أبو علي الحسين بن محمد بن علي الخياط وشيخه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الفقيه الشافعي وشيخ شيخه أبو نصر الليث بن نصر النسفي لم أقف لهم على ترجمة والله أعلم وتقدم أنَّ المحفوظ من رواية حجاج بن أبي عثمان الصواف الوقف فهذه الرواية إن لم تكن شاذة فهي منكرة والله أعلم.

وعبد الله بن محمد هو ابن أبي شيبة.

ثانيًا: رواية هشام الدستوائي: رواه الحاكم (1/ 548) حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سنان القزاز، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1294) أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، أنبأ عبدوس بن الحسين، ثنا أبو حاتم الرازي، وقال (1358) أخبرنا عبد الملك بن عبد الله الدشتي بنيسابور، ثنا أبو طاهر الزيادي، ثنا أبو طاهر: محمد بن الحسين البزاز، نا أبو قلابة الرقاشي قالوا: حدثنا معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، الدستوائي، حدثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، يَقُولُ الشَّيْطَانُ: افْتَحْ بِشَرٍّ، وَيَقُولُ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ ذَهَبَ الشَّيْطَانُ وَيَأْتِي الْمَلَكُ وَيَكْلَؤُهُ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، يَقُولُ الشَّيْطَانُ افْتَحْ بِشَرٍّ، وَيَقُولُ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ، فَإِنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ إِلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُمِتْهَا فِي مَنَامِهَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي {يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الشورى: 9]، فَإِنْ خرَّ مِنْ دَابَّةٍ مَاتَ شَهِيدًا، وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى صَلَّى فِي الْفَضَائِلِ» ورواته محتج بهم.

معاذ بن فضالة قال أبو حاتم: ثقة صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. وبقية رواته محتج بهم لكن تقدمت رواية هشام الدستوائي عن حجاج الصواف موقوفًا وهي أرجح فهذه الرواية شاذة والله أعلم.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

ثالثًا: رواية المغيرة بن مسلم: رواه النسائي في الكبرى (10689) أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (515) حدثنا أبو خيثمة قالا حدثنا شَبَابة قال: حدثنا المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، أَوْ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ، وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ: افْتَحْ بِشَرٍّ، فَإِنْ ذَكَرَ اللهَ طَرَدَ الْمَلَكُ الشَّيْطَانَ وَظَلَّ يَكْلَؤُهُ، فَإِذَا انْتَبَهَ مِنْ مَنَامِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ، وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ: افْتَحْ بِشَرٍّ، فَإِنْ هُوَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ إِلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُمِتْهَا فِي مَنَامِهَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَإِنْ هُوَ خرَّ مِنْ فِرَاشِهِ فَمَاتَ كَانَ شَهِيدًا، وَإِنْ هُوَ قَامَ يُصَلِّي صَلَّى فِي فَضَائِلَ» ورواته محتج بهم.

المغيرة بن مسلم القسملي قال أحمد ما أرى به بأسًا وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين صالح وقال الغلابي عن ابن معين ثقة وقال أبو حاتم صالح الحديث صدوق وقال الدارقطني لا بأس به وقال أبو داود الطيالسي صدوق وذكره ابن حبان والعجلي في الثقات.

وشَبَابة بن سَوَّار الفزاري وثقه ابن معين وابن سعد وعثمان بن أبي شيبة وربما حدث من حفظه فأخطأ وإنَّما تركه أحمد وغيره للإرجاء قال ابن حجر ثقة حافظ له غرائب فرفع الحديث شاذ والله أعلم. وأبو خيثمة زهير بن حرب.

رابعًا: رواية صالح بن رستم: رواه الطبراني في الدعاء (221) حدثنا عبد الله بن ناجية وأحمد بن محمد بن الجهم السمري، قالا: حدثنا محمد بن مرداس الأنصاري، حدثنا يحيى بن كثير أبو النضر، حدثنا أبو عامر الخزاز، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِذَا آوَى الإِنْسَانُ إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ فَيَقُولُ الْمَلَكُ اختِمْ بِخَيْرٍ وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ اختِمْ بِشَرٍّ فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ عز وجل حَتَّى تَغلِبَهُ عَيْنُهُ طَرَدَ الْمَلَكُ الشَّيْطَانَ وَبَاتَ يَكْلَؤُهُ» وإسناده ضعيف.

أبو عامر الخزاز صالح بن رستم وثقه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني وأبو بكر البزار ومحمد بن وضاح وذكره ابن حبان في ثقاته وضعفه ابن معين وقال: أحمد صالح الحديث وقال العجلي جائز الحديث وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالقوي قال أبو حاتم شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي لا بأس به ولم أر حديثا منكرًا جدًا.

والذي يظهر لي ضعف هذه الرواية لمخالفتها رواية الوقف فهي رواية شاذة والله أعلم والمحفوظ موقوف على جابر رضي الله عنه وله حكم الرفع والله أعلم.

ص: 850

4: حمدُ الله عز وجل وتسبيحُه

عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: كنت أبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيه وَضُوءه فأسمعه بعد هَوِيٍّ

(1)

من الليل يقول: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، وأسمعه بعد هَوِيٍّ من الليل يقول:«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»

في بعض الروايات «سُبْحَانَ رَبِّ الْعَالَمِينَ» «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» وفي بعضها: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ»

(2)

.

(1)

انظر: (ص: (24.

(2)

الحديث رواه:

1: الأوزاعي ومعمر بن راشد عند ابن المبارك في الزهد (106) وعنه بأسانيدهم النسائي في الكبرى (1318) ومحمد بن نصر في مختصر قيام الليل ص: (93) وابن حبان (2595).

2: الأوزاعي عند النسائي في الكبرى (10698) وابن السني في عمل اليوم والليلة (752) وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2750).

3: معمر عند عبد الرزاق (2563) وعنه أحمد (16574) وبأسانيدهم ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2390) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2749) وابن مندة في معرفة الصحابة ص: (595).

4: هشام الدستوائي عند أحمد (16575)(16576) وابن سعد (4/ 234) وأبي داود الطيالسي (1268) والبخاري في الأدب المفرد (1218) والترمذي (3416) والطبراني في الدعاء (769) وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2749).

5: حسين المعلم عند الطبراني في الدعاء (773).

6: شيبان بن عبد الرحمن النحوي عند ابن أبي شيبة (10/ 261) وعنه ابن ماجه (3879) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2388).

7: معاوية بن سلام عند الطبراني في الدعاء (768) وابن مندة في معرفة الصحابة ص: (595).

8: علي بن المبارك الهنائي عند الطبراني في الدعاء (770) وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2749).

يروونه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده صحيح.

قال الترمذي حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان والألباني في صحيح الأدب المفرد (928).

والحديث رواه مسلم (489) حدثنا الحكم بن موسى أبو صالح حدثنا هقل بن زياد قال سمعت الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي «سَلْ» . فقلت أسألك مرافقتك في الجنة قال «أَوَغَيْرَ ذَلِكَ» ؟ قلت هو ذاك قال «فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» .

ورواه أحمد (16134) - واللفظ له - حدثنا يعقوب حدثني أبي والطبراني في الدعاء (774) - وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2751) - حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن نعيم بن مجمر، عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري، أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فأجلس ببابه، إذا دخل بيته أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فما أزال أسمعه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ» ، حتى أمل فأرجع، أو تغلبني عيني فأرقد، قال: فقال لي يومًا لما يرى من خفتي له، وخدمتي إياه:«سَلْنِي يَا رَبِيعَةُ أُعْطِكَ» ، قال: فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك، قال: ففكرت في نفسي فعرفت أنَّ الدنيا منقطعة زائلة، وأنَّ لي فيها رزقًا سيكفيني ويأتيني، قال: فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنَّه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به، قال: فجئت فقال: «مَا فَعَلْتَ يَا رَبِيعَةُ؟» ، قال: فقلت: نعم يا رسول الله، أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار، قال: فقال: «مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا رَبِيعَةُ؟» قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد، ولكنَّك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري، وعرفت أنَّ الدنيا منقطعة وزائلة وأنَّ لي فيها رزقًا سيأتيني فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي، قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلًا ثم قال لي: «إِنِّي فَاعِلٌ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» إسناده حسن.

محمد ابن إسحاق المطلبي صدوق يدلس وصرح بالسماع في رواية أحمد وبقية رواته ثقات.

ويعقوب هو بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف محمد بن إسحاق

وحسن إسناده الألباني في إرواء الغليل (456).

ص: 852

والحديث ليس نصًا في أنَّه يقوله إذا انتبه من الليل فلذا جعله النسائي في باب ما يستفتح به القيام

(1)

وأكثر من روى الحديث جعلوه في باب ما يقول إذا انتبه من الليل

(2)

.

(1)

انظر: المجتبى (3/ 208) والسنن الكبرى (1/ 416).

(2)

انظر: مصنف ابن أبي شيبة (10/ 261) والأدب المفرد ص: (418) وسنن الترمذي (5/ 480) والسنن الكبرى للنسائي (6/ 215) وسنن ابن ماجه (2/ 1276) والدعاء للطبراني ص: (244) ومختصر قيام الليل للمروزي ص: (93) وعمل اليوم والليلة لابن السني ص: (350) وصحيح ابن حبان (6/ 328).

ص: 853

5: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِه»

(1)

.

6: لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار

عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا تَضَوَّرَ

(2)

من الليل قال: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ»

(3)

.

(1)

رواه النسائي في الكبرى (10702) أخبرني زكريا بن يحيى والترمذي (3401) قالا حدثنا ابن أبي عمر وابن السني في عمل اليوم والليلة (9) حدثني محمد بن عبد الله بن حفص التستري، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وإسناده ضعيف.

محمد بن عجلان المدني القرشي ثقة قال أحمد كان ثقة إنَّما اضطرب عليه حديث المقبري كان عن رجل جعل يُصَيره عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال يحيى القطان كان سعيد المقبري يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه فاختلطت عليه فجعلها كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وقال ابن حبان في الثقات سمع سعيد المقبري من أبي هريرة رضي الله عنه وسمع عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه فلما اختلط علي ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما اختلط فيها وجعلها كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس هذا مما يوهن الإنسان به لأنَّ الصحيفة كلها في نفسها صحيحة فما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه وما قال عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه[قال أبو عبد الرحمن وهذا الحديث منه] فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع لأنَّه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه وإنَّما كان يهون أمره ويضعف لو قال في الكل سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه فإنَّه لو قال ذلك لكان كاذبًا في البعض لأنَّ الكل لم يسمعه سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطًا على حسب ما ذكرناه.

والحديث حسنه الترمذي على قاعدته في تحسين الضعيف وصحح إسناده النووي في الأذكار (40) وحسن الحديث الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 109) وتعقب النووي في تصحيح إسناده.

(2)

انظر: (ص: 610).

(3)

الحديث رواه أبو زرعة الرازي - علل ابن أبي حاتم (1987) - وعمرو بن أبي الطاهر بن السرح، وأحمد بن رشدين عند الطبراني في الدعاء (764) وإسحاق بن إبراهيم الأذرعي عند تمام في فوائده (1734) وأحمد بن سيار عند ابن نصر في مختصر قيام الليل ص:(94) وابن حبان (5530) وعمر بن عبد العزيز عند النسائي في الكبرى (7688) وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة عند النسائي في الكبرى (10700) وأبو الأحوص عند ابن السني (757) ومحمد بن سعيد العبدي عند الحاكم (1/ 540) يروونه عن يوسف بن عدي، ثنا عثام بن علي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: فذكره ورواته ثقات.

يوسف بن عدي من رجال البخاري ووثقه أبو زرعة وغيره لكن أبو حاتم وأبو زرعة يريان أنَّه أخطأ في رفع الحديث وإنَّما هو مقطوع من كلام عروة بن الزبير قال ابن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يوسف بن عدي،

قالا: هذا خطأ؛ إنَّما هو: هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنَّه كان يقول نفسه؛ هكذا رواه جرير. وقال أبو زرعة: حدثنا يوسف بن عدي بهذا الحديث؛ وهو حديث منكر. وذكر الحديث الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة ظاهرها الصحة (494). ورواية جرير بن حميد المقطوعة لم أقف عليها.

ص: 854

7: ربِّ اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم

لما يروى عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تعار من الليل قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ»

(1)

.

(1)

حديث أم سلمة رضي الله عنها روي عنها موقوفًا ومرفوعًا:

أولًا: الموقوف رواه:

1: أبو كثير مولى أم سلمة رضي الله عنها ورواه:

1): الترمذي (3589) حدثنا حسين بن علي بن الأسود البغدادي قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها أبي كثير، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قولي: اللَّهُمَّ هَذَا اسْتِقْبَالُ لَيْلِكَ وَاسْتِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ وَحُضُورُ صَلَوَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي» وإسناده ضعيف جدًا.

وليس فيه موطن الشاهد.

قال الترمذي: هذا حديث غريب إنَّما نعرفه من هذا الوجه وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها.

وعبد الرحمن بن إسحاق بن سعد ضعفه شديد قال أحمد ليس بشيء منكر الحديث وقال ابن معين ضعيف ليس بشيء وضعفه ابن سعد ويعقوب بن سفيان وأبو داود والنسائي وابن حبان وقال البخاري فيه نظر وقال أبو زرعة ليس بقوي وقال أبو حاتم ضعيف منكر الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن خزيمة لا يحتج بحديثه وقال ابن عدي وفي بعض ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه.

فإضافة إلى ضعف عبد الرحمن بن إسحاق فقد اضطرب في إسناد الحديث على ما يأتي.

2): أبو بكر ابن أبي شيبة (10/ 224) وعنه عبد بن حميد (1541) والطبراني بإسناده في الكبير (23/ 303) وعثمان بن أبي شيبة عند الطبراني بإسناده في الكبير (23/ 303) يرويانه عن إسحاق بن منصور، ثنا هريم بن سفيان، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة، رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قُولِي عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللهُمَّ عِنْدَ إِقْبَالِ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارِ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتِ دُعَائِكَ، وَحُضُورِ صَلَوَاتِكَ اغْفِرْ لِي» وكانت إذا تعارت من الليل، تقول: رب اغفر وارحم واهد السبيل الأقوم» وإسناده ضعيف.

2: أم كثير: رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 146) حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم الطحان، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن حفصة بنت أبي كثير، عن أمها، قالت: علمتني أم سلمة رضي الله عنها، وقالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ فَقُولِي اللهُمَّ هَذَا عِنْدَ اسْتِقْبَالِ لَيْلِكَ وَاسْتِدْبَارِ نَهَارِكَ وَأَصْوَاتِ دُعَاتِكَ وَحُضُورِ صَلَاتِكَ اغْفِرْ لِي» وإسناده ضعيف جدًا.

قال العيني في نخب الأفكار (3/ 127) أم حفصة لم أدر من هي ولا وقفت على اسمها، ولعل هذا تصحيف، والصحيح عن حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها.

وأبو نعيم الطحان ضرار بن صرد ضعفه شديد كذبه ابن معين وقال البخاري والنسائي متروك الحديث وقال أبو حاتم صدوق صاحب قرآن وفرائض يكتب حديثه ولا يحتج به.

3: أم الحسن البصري: رواه عبد الرزاق (2892) قال: أخبرنا معمر وابن أبي شيبة (2/ 534) حدثنا الفضل بن دكين، عن أبي هلال يرويانه عن عن قتادة، عن أم الحسن، أنَّها سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول في سجودها وفي صلاتها:[وفي رواية ابن أبي شيبة تقول بين الركعتين، أو السجدتين] اللهم اغفر وارحم واهدنا السبيل الأقوم» وإسناده ضعيف.

أم الحسن خيرة مولاة أم سلمة رضي الله عنها ذكرها ابن حبان في الثقات وقال الحافظ ابن حجر مقبولة. وليس فيه موطن الشاهد.

ثانيًا: المرفوع رواه عن أم سلمة رضي الله عنها:

1: أبو كثير مولى أم سلمة رضي الله عنها: رواه ابن نصر - مختصر قيام الليل ص: (94) - حدثنا سعيد بن مسعود، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا هريم بن سفيان، عن عبد الرحمن بن إسحاق، والطبراني في الدعاء (436) حدثنا خطاب بن سعد الدمشقي وأبو داود (530) قالا حدثنا مؤمل بن إهاب، والحاكم (1/ 199) حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا علي بن الحسن الهلال قالا حدثنا عبد الله بن الوليد العدني، حدثنا القاسم بن معن، حدثنا المسعودي، يرويانه عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تعَارَّ من الليل قال: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ» وعلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند أذان المغرب: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ، فَاغْفِرْ لِي» وإسناده ضعيف.

المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود مختلط لكن سماع القاسم بن معن منه قبل الاختلاط

تنبيه: الجملة الأولى عند ابن نصر والجملة الثانية عند البقية.

2: الحسن البصري: رواه أحمد (26145) حدثنا روح وأحمد (26051) وعبد بن حميد (1537) قالا حدثنا حسن بن موسى وأبو يعلى (6893) حدثنا إبراهيم قالوا حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أم سلمة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:«رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ» وإسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان ضعيف.

قال الدارقطني في علله (3994) يرويه حماد، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أم سلمة رضي الله عنه، وهذا أشبه بالصواب.

3: ابنة أبي كثير: قال المزي في تحفة الأشراف (13/ 44) رواه إسحاق بن منصور السلولي، عن هريم بن سفيان، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن ابنة أبي كثير، عن أم سلمة رضي الله عنها ولم يسمها، ولم يقل: عن أبيها. وإسناده ضعيف.

وتقدم عنها عن أمها موقوفًا.

4: أم الحسن البصري: قال الدارقطني في علله (3994) رواه أحمد بن يحيى بن حميد الطويل، عن حماد، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة رضي الله عنها وإسناده ضعيف.

وتقدم عن الحسن عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعًا.

فالحديث مضطرب سندًا فلا يصح مرفوعًا ولا موقوفًا والله أعلم.

ص: 855

(1)

الحديث رواه:

1: أبو داود (5061) حدثنا حامد بن يحيى والنسائي في الكبرى (10701) - وعنه ابن السني (756) - أخبرني عبيد الله بن فضالة والحاكم (1/ 540) أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان ومحمد بن نصر المروزي - مختصر قيام الليل ص:(93) - حدثني محمد بن الجنيد، ومحمد بن إسماعيل البخاري قالوا: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني عبد الله بن الوليد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال فذكره.

2: النسائي في الكبرى (10701) - وعنه ابن السني (756) - أخبرنا عمرو بن سواد وابن السني (756) أخبرنا أبو يحيى الساجي، حدثنا هارون بن سعيد وابن حبان (5531) أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، مولى ثقيف، قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا عبد المتعال بن طالب البغدادي قالوا حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عبد الله بن الوليد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها فذكره.

3: ابن السني (756) حدثني علي بن أحمد بن سليمان، ثنا أحمد بن سعيد الهمداني، ثنا ابن وهب، أخبرنا يحيى بن أيوب، -[قال ابن السني] كذا قال - عن عبد الله بن الوليد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها فذكره.

وعلي بن أحمد هو علان وأحمد بن سليمان وكلاهما ثقة.

ففي هذه الرواية الحديث من رواية عبد الله بن وهب عن يحيى بن أيوب الغافقي عن عبد الله بن الوليد ويفهم من قول ابن السني: كذا قال استغرابه لهذا الطريق والله أعلم. ورواه عمرو بن سواد وهارون بن سعيد وعبد المتعال بن طالب عن عبد الله بن وهب عن سعيد بن مقلاص بن أبي أيوب عن عبد الله بن الوليد وحديثهم أرجح والله أعلم.

والحديث ضعيف تفرد به عبد الله بن الوليد التجيبي عن سعيد بن المسيب وهو ضعيف ذكره ابن حبان في الثقات وقال الدارقطني: لا يعتبر بحديثه وقال ابن حجر: لين الحديث.

ص: 857

9: التكبير والتحميد والتسبيح والاستغفار والتهليل عشرًا

لما يروى عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا هبَّ

(1)

من الليل كبر عشرًا وحمد عشرًا وقال: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَشْرًا» وقال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ عَشْرًا» واستغفر الله عشرًا وهللَّ عشرًا ثم قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا، وَضِيقِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَشْرًا» ثم يفتتح الصلاة

(2)

.

10: الحمد لله الذي خلق النوم واليقظة، الحمد لله الذي بعثني سالمًا سويًا

لما يروى عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَنْتَبِهُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّوْمَ وَالْيَقَظَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَنِي سَالِمًا سَوِيًّا، أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِلَّا قَالَ اللَّهُ: صَدَقَ عَبْدِي»

(3)

.

(1)

هب من الليل: إذا استيقظ من نومه.

انظر: تهذيب اللغة (5/ 247) والنهاية في غريب الحديث (5/ 238) ومختار الصحاح ص: (323) ولسان العرب (1/ 778).

(2)

حديث ضعيف. انظر: كتاب أحاديث وأثار أذكار الصلاة وأدعيتها (ص: 90).

(3)

رواه ابن السني (13) أخبرني أبو العباس الجرادي، حدثنا جعفر بن محمد بن المدائني، حدثنا أبي، حدثنا محمد يعني ابن عبد الله عن محمد بن واسع، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف.

أبو العباس الجَرَادِي الذي يغلب على ظنِّي أنَّه أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الموصلي فهو من شيوخ ابن حبان وابن عدي وهما معاصران لابن السني والله أعلم ولم أقف على جرح أو تعديل فيه.

وجعفر بن محمد بن جعفر المدائني ذكره ابن حبان في ثقاته وابن قُطْلُوْبَغَا في الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة.

وأبوه محمد بن جعفر جاء في ترجمته في التهذيب قال مهنا عن أحمد لا بأس به وقال الآجري عن أبي داود ليس به بأس وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وذكره ابن حبان في الثقات قلت [القائل الحافظ ابن حجر] وقال ابن قانع ضعيف وقال ابن عبد البر ليس هو بالقوي عندهم وقال العقيلي في الضعفاء قال ابن حنبل ذاك الذي بالمدائن محمد بن جعفر سمعت منه ولكن لم أرو عنه قط ولا أحدث عنه بشيء أبدًا. قال أبو عبد الرحمن روى عنه أحمد عدة أحاديث في المسند.

وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار:

ثنا أبو العباس الجراذي ثنا جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ثنا أبي ثنا محمد بن عبيدة عن محمد بن واسع

(1/ 114 - 115)

حديث غريب محمد بن جعفر مختلف فيه وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا في المتابعات وشيخه ما تحققت حاله.

ففي نتائج الأفكار محمد بن عبيدة وفي نسختي من ابن السني تحقيق محمد بشير عيون الطبعة الأولى ص: (10) ونسختي الأخرى تحقيق أبي محمد عبد الرحمن كوثر البرني ص: (15) محمد يعني بن عبد الله وفي عجالة الراغب المتمني في تخريج كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني الطبعة الأولى محمد يعني بن عبيد الله وقال في الحاشية في (ل)[النسخة الألمانية] عبيد والصواب (عبيد الله).

قال أبو عبد الرحمن والذي مشى عليه الألباني في تخريجه للكلم الطيب (57) على أنَّه محمد بن عبيد الله العرزمي وضعفه شديد.

ولم يتيسر لي الوقوف على نسخ ابن السني المطبوعة قديمًا للتحقق من اسمه والله أعلم. وبقية رواته ثقات.

ص: 858

11: تسبيح الله وتمجيده واستغفاره

لما يروى عن أبي هريرة، رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَبَّحَهُ، وَمَجَّدَهُ

(1)

، وَاسْتَغْفَرَهُ، فَغَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَإِنْ هُوَ قَامَ، فَتَوَضَّأَ، فَذَكَرَهُ، وَاسْتَغْفَرَهُ، وَدَعَاهُ، تَقَبَّلَ مِنْهُ»

(2)

.

(1)

المجد: الرفعة والشرف الواسع ومجده وصفه بذلك ومجيد صيغة مبالغة.

انظر: غريب الحديث للخطابي (2/ 147) والنهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 298) وتهذيب اللغة (10/ 359) وتاج العروس (9/ 151).

(2)

رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق (971) حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي كثير، قال: قال أبو جعفر: حدثني أبو هريرة، رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وإسناده ضعيف.

أبو جعفر جاء في ترجمته في التهذيب: الأنصاري المدني المؤذن روى عن أبي هريرة رضي الله عنه وعنه [محمد بن] يحيى بن أبي كثير قال الترمذي لا يعرف اسمه وقال غيره هو محمد بن علي بن الحسين قاله أبو بكر الباغندي عن أبي عاصم عن حجاج بن أبي عثمان عن يحيى وقال أبو مسلم الكجي عن أبي عاصم عن حجاج عن يحيى عن محمد بن علي قلت [القائل ابن حجر] وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أبو جعفر هذا رجل من الأنصار وبهذا جزم بن القطان وقال إنَّه مجهول وقال ابن حبان في صحيحه هو محمد بن علي بن الحسين قلت [القائل ابن حجر] وليس هذا بمستقيم لأنَّ محمد بن علي لم يكن مؤذنًا ولأنَّ أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة رضي الله عنه في عدة أحاديث وأما محمد بن علي بن الحسين فلم يدرك أبا هريرة رضي الله عنه فتعين أنَّه غيره والله تعالى أعلم.

وبقية رواته ثقات وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد هو الزاهد.

ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (753) أخبرنا أبو محمد بن صاعد، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي، وابن عدي (3/ 366) حدثنا محمد بن منير ثنا علان القراطيسي قالا ثنا يزيد بن هارون، ثنا سعيد بن زربي، عن الحسن، عن جبير بن نفير، أنَّ أبا هريرة، رضي الله عنه حدثه أنَّه، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إِذَا رَدَّ اللَّهُ عز وجل إِلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَبَّحَهُ وَاسْتَغْفَرَهُ وَدَعَاهُ تَقَبَّلَ مِنْهُ» وإسناده ضعيف جدًا.

سعيد بن زربي الخزاعي ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء وقال البخاري عنده عجائب وقال مسلم صاحب عجائب وقال أبو داود ضعيف وقال النسائي ليس بثقة وقال أبو حاتم عنده عجائب من المناكير وقال ابن حبان كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات.

تنبيه: في نسختي من عمل اليوم والليلة لابن السني طبعتي دار البيان ودار القبلة: جبير بن ثور ولم أقف على مترجم له بهذا الاسم.

وقال ابن عدي (3/ 366) بعد أن أخرج الحديث كذا قال عن الحسن بن جبير بن نفير. فالحديث منكر والله أعلم.

ص: 859

12: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

لما يروى عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ حِينَ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ رُوحَهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»

(1)

13: سبحان الذي يحيى الموتى وهو على كل شيء قدير

لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ: سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي مِنْ قَبْرِي، اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: صَدَقَ عَبْدِي وَشَكَرَ»

(2)

.

(1)

رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (10) حدثنا أبو عروبة، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن موسى بن وردان، عن نابل، صاحب العباء، عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فذكره وإسناده ضعيف.

عبد الوهاب بن الضحاك متروك كذبه أبو حاتم وإسماعيل بن عياش الحمصي صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم وهذه منها شيخه محمد بن إسحاق بن يسار مدني الأصل نزل العراق وهو مدلس وقد عنعن وبقية رواته محتج بهم. وأبو عروبة هو الحسين بن محمد الحراني.

قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 112) حديث ضعيف جدًا

لعل إسماعيل سمعه منه فظنه عن ابن إسحاق وقال: في المطالب العالية (4/ 19) أظن إسماعيل غلط فيه، وإنَّما هو من حديث إسحاق بن أبي فروة، والله أعلم.

فرواه الحارث بن أسامة في مسنده - المطالب العالية (3380)(1) - حدثنا خالد بن القاسم، ثنا الليث عن إسحاق ابن أبي فروة، عن موسى بن وردان، عن نابل صاحب العباء، عن عائشة رضي الله عنها وإسناده ضعيف جدًا.

خالد بن القاسم المدائني وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروكان. والليث هو ابن سعد

قال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف من أجل إسحاق.

(2)

رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (11) حدثنا ابن منيع، وابن الجعد في مسنده (2037) قالا حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا يحيى بن أبي بكير، والخرائطي في مكارم الأخلاق (975) حدثنا إبراهيم بن الجنيد، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي، قالا حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يظن يحيى، هكذا قال فضيل - قال فذكره وإسناده ضعيف جدًا.

عطية هو ابن سعد العوفي ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: سمع من أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أحاديث فلما مات أبو سعيد رضي الله عنه جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فيحفظه وكناه أبا سعيد ويروي عنه فإذا قيل له من حدثك بهذا فيقول حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنَّه يريد أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وإنَّما أراد به الكلبي فلا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب.

ص: 860

14: الحمد لله الذي أنامني في عافية، وأيقظني في عافية

روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت:

فإذا انتبه من نومه، قال:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أنَامَنِي فِي عَافِيَةٍ، وَأَيْقَظَنِي فِي عَافِيَةٍ»

(1)

.

15: نامت العيون وغارت النجوم، والله حي قيوم

روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه، ثم قال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ حَيُّ قَيُّومٌ» ثم رجع إلى فراشه، فلما كان في ثلث الليل الآخر، خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه وقال:«نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَاللَّهُ عز وجل حَيُّ قَيُّومٌ» ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحل شناقها

(2)

.

(1)

انظر: (ص: 610).

(2)

انظر: (ص: 71).

ص: 861

‌الفصل الثاني

القراءة من آخر سورة آل عمران

جاء من حديث:

1: ابن عباس. 2: رجل مبهم. 3: صفوان بن المعطل. 4: عائشة رضي الله عنهم.

الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

تقدم

(1)

أنَّ المحفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران» .

الحديث الثاني: رجل رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني رجل رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في سفره، فقلت: لأرمقنَّ الليلة كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما صلى العشاء، وهي التي تدعى العتمة اضطجع فنام هويًا من الليل، ثم استيقظ فنظر في السماء، فقال:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194] قال الرجل: ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى قرابه، فاستخرج منه سواكًا، ثم اصطب من إداوته ماء في قدح له فاستن ثم صب في يده ماء، فتوضأ، ثم قام، فصلى. قال الرجل: حتى قلت: قد صلى قدر ما نام، ثم سلم، ثم اضطجع، فنام، حتى قلت: قد نام قدر ما صلى، ثم استيقظ ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم نظر في السماء، وتلاوته ما تلا من القرآن، واستنانه، ووضوؤه، وصلاته، ثم فعل مثل ذلك في النوم، حتى قضى صلاته، ثم استيقظ وفعل كما فعل أول مرة، فعل ذلك ثلاث مرات»

(2)

.

فالمحفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قراءة عشر آيات وفي حديث الصحابي المبهم رضي الله عنه المحفوظ قراءة أربع آيات.

الحديث الثالث: حديث صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه

عن صفوان بن المعطل رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرمقت صلاته ليلة «فصلى العشاء الآخرة، ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر

(1)

(ص: 138).

(2)

انظر: (ص: 604).

ص: 862

آخر سورة آل عمران، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين، فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين لا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ثم انصرف فنام، ثم استيقظ ففعل ذلك، ثم لم يزل يفعل كما فعل أول مرة حتى صلى إحدى عشرة ركعة»

(1)

.

الحديث الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العتمة، ثم يصلي في المسجد قبل أن يرجع إلى بيته سبع ركعات، يسلم في الأربع في كل اثنين ويوتر بثلاث، يتشهد في الأوليين من الوتر تشهده في التسليم، ويوتر بالمعوذات، فإذا رجع إلى بيته ركع ركعتين ويرقد، فإذا انتبه من نومه، قال:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أنَامَنِي فِي عَافِيَةٍ، وَأَيْقَظَنِي فِي عَافِيَةٍ» ، ثم يرفع رأسه إلى السماء فيتفكر، ثم يقول:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فيقرأ حتى يبلغ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 191 - 194]، ثم يتوضأ، ثم يقوم فيصلي ركعتين يطيل فيهما القراءة والركوع والسجود، ويكثر فيهما الدعاء، حتى إنِّي لأرقد وأستيقظ، ثم ينصرف فيضطجع فيغفي، ثم يتكلم بمثل ما تكلم في الأول، ثم يقوم فيركع ركعتين هما أطول من الأوليين، وهو فيهما أشد تضرعًا واستغفارًا، حتى أقول: هل هو منصرف؟ ويكون ذلك إلى آخر الليل، ثم ينصرف فيغفي قليلًا فأقول: هذا غفا أم لا؟ حتى يأتيه المؤذن فيقول مثل ما قال في الأولى، ثم يجلس فيدعو بالسواك فيستن ويتوضأ، ثم يركع ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة، فكانت هذه صلاته ثلاث عشر ركعة»

(2)

.

هذا الذي وقفت عليه في القراءة من آخر سورة آل عمران والثابت حديث ابن عباس والمبهم رضي الله عنهم.

(1)

انظر: (ص: 609).

(2)

انظر: (ص: 610).

ص: 863

‌الفصل الثالث

الدعاء بالنور

ص: 865

تمهيد

1: أحاديث الدعاء بالنور.

2: المراد بالنور في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 867

‌أحاديث الدعاء بالنور

جاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور من حديث:

1: ابن عباس. 2: عبد الرحمن بن أبزى. 3: علي رضي الله عنهم.

الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

تقدم أنَّ المحفوظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» «وَفِى لِسَانِى نُورًا وَفِى نَفْسِى نُورًا» «وَزِدْنِي نُورًا» «وعظِّم لِي نُورًا»

(1)

.

الحديث الثاني: عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه

عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فإذا قعد في آخر الصلاة سلم ثم قال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ، ثم يقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورًا»

(2)

.

الحديث الثالث: حديث علي رضي الله عنه

عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَكْثَرُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ لَا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسْوَاسِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمْرِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَلِجُ فِي اللَّيْلِ، وَشَرِّ مَا يَلِجُ فِي النَّهَارِ، وَشَرِّ مَا تَهُبُّ بِهِ

(1)

انظر: (ص: (226.

(2)

حديث منكر رواه رواه البيهقي في الدعوات الكبير (436).

انظر: رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: 42).

ص: 868

الرِّيَاحُ»

(1)

.

‌المراد بالنور في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

-

اختلف شراح السنة في المراد بالنور في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال:

القول الأول: نور معنوي: ببيان الحق والهداية إليه، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن تستعمل جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وجميع حالاته وجملته فى جهاته الست في الحق، وضياء الهدى حتى لا يزيغ شيء منها عنه ولا يطغى كما في قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22]

(2)

.

القول الثاني: نور حسي: فالنور على ظاهره، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن يجعل له في كل عضو من أعضائه نورًا يوم القيامة، يستضيئ به في تلك الظلم هو ومن تبعه

(3)

.

وهذان القولان أقوى ما قيل في المراد بالنور فلا يمنع اجتماع طلب النور الحسي والمعنوي

(4)

فطلب النبي صلى الله عليه وسلم نور البصر والبصيرة في الدارين. والقول الثالث قريبًا من ذلك والله أعلم.

القول الثالث: يختلف بحسب الدعاء: فالنور مظهر ما ينسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور القلب كاشف عن المعلومات، ونور الجوارح ما يبدو عليها

(1)

رواه ابن أبي شيبة (10/ 373) وإسحاق بن راهويه (3807) قالا حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن أخيه، عن علي رضي الله عنه قال: فذكره مرسل إسناده ضعيف جدًا.

ورواه البيهقي (5/ 117) بإسناده عن موسى بن عبيدة به وقال: تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف، ولم يدرك أخوه عليًا رضي الله عنه.

وساق ابن الملقن في البدر المنير (6/ 227) كلام البيهقي وقال: فصار الحديث ضعيفًا بوجهين.

وقال الذهبي في مهذب سنن البيهقي (7995): موسى واهٍ والخبر منقطع، وأشار إلى ضعفه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 264) وابن عبد البر في التمهيد (6/ 41) وابن القيم في زاد المعاد (2/ 238).

(2)

انظر: إكمال المعلم (3/ 126) والمفهم (3/ 395) وشرح مسلم للنووي (6/ 66) وشرح المشكاة للطيبي (3/ 98) وفتح الباري (11/ 118) الإفصاح عن معاني الصحاح (3/ 38) تعليق العثيمين على البخاري (14/ 42).

(3)

انظر: المفهم (3/ 395) وفتح الباري (11/ 118).

(4)

انظر: مرقاة المفاتيح (3/ 125).

ص: 869

من أعمال الطاعات، فكأنَّه دعا بإظهار الطاعات عليها دائمًا

(1)

.

القول الرابع: القوة بأكل الحلال: فقوتها بالحلال الذى منه قوامها، وأن القلب يصلح بأكل الحلال، وتحسن معه الأخلاق، وينشرح له الصدر، ويصفو الخاطر، وينصقل الفهم، وأكل الحرام ضد هذا

(2)

.

(1)

انظر: المفهم (3/ 395).

(2)

انظر: إكمال المعلم (3/ 126).

ص: 870

‌الباب العاشر

‌تمهيد

الفصل الأول: الشرب قائمًا.

الفصل الثاني: تبديل الثياب عند النوم.

الفصل الثالث: استحباب اضطجاع النائم على شقه الأيمن.

الفصل الرابع: الترحيب.

الفصل الخامس: التفدية بالأبوين وبالنفس.

الفصل السادس: وجوب الوفاء بالوعد.

الفصل السابع: اليمين المستحبة.

الفصل الثامن: فضائل ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 871

‌الفصل الأول

الشرب قائمًا

ص: 873

‌تمهيد

1: أحاديث إباحة الشرب قائمًا.

2: آثار إباحة الشرب قائمًا.

3: أحاديث النهي عن الشرب قائمًا.

4: آثار النهي عن الشرب قائمًا.

5: موقف أهل العلم من تعارض الأحاديث.

6: حكم الشرب قائمًا.

7: حكم استقاء من شرب قائمًا.

8: حكم الأكل قائمًا.

ص: 875

‌أحاديث وآثار إباحة الشرب قائمًا

جاءت أحاديث مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم وآثار موقوفة على الصحابة رضي الله عنهم تدل على جواز الشرب قائمًا وجاءت أحاديث وآثار تنهى عن ذلك فأذكر ما وقفت عليه منها مسندًا ثم أذكر كلام أهل العلم في الجمع بينها

‌أولًا: أحاديث إباحة الشرب قائمًا

الحديث الأول: حديث علي رضي الله عنه

عن النَّزَّال بن سَبْرة قال: أتى عليٌ رضي الله عنه على باب الرحبة فشرب قائمًا فقال: إنَّ ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإنِّي «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت»

(1)

.

الحديث الثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

1: عن ابن عباس، قال:«شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا من زمزم»

(2)

.

2: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائمًا قلت: والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا»

(3)

.

الحديث الثالث: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ينفتل عن يمينه وعن شماله، ورأيته يصلي حافيًا ومنتعلًا، ورأيته يشرب قائمًا وقاعدًا»

(4)

.

(1)

رواه البخاري (5615).

(2)

رواه البخاري (5617) ومسلم (2027).

(3)

انظر: (ص: 99).

(4)

حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه رواه عنه:

1: حسين المعلم. 2: مطر بن طهمان. 3: قتادة. 4: حجاج بن أرطاة. 5: مقاتل بن سليمان.

1: حسين المعلم: رواه أحمد (6641) حدثنا يحيى ح (6889) حدثنا عبد الواحد الحداد، ويزيد والترمذي (1883) حدثنا قتيبة قال: حدثنا محمد بن جعفر والفريابي في الصيام (119) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عباد بن العوام، وأحمد (6590) حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، ح (6982) حدثنا عبد الوهاب، حدثنا سعيد والطبراني في الأوسط (7892) حدثنا محمود بن محمد المروزي، نا حامد بن آدم، نا عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة وابن شاهين في ناسخ الحديث (570) حدثنا أحمد بن إبراهيم بن خلاد، بالعسكر قال: حدثنا محمد بن موسى الدولابي، قال: حدثنا عباد بن صهيب، يروونه عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: فذكره إسناده حسن.

حسين بن ذكوان المعلم ثقة. قال الترمذي: حديث حسن.

ويحيى هو ابن سعيد القطان ويزيد هو ابن هارون وقتيبة هو ابن سعيد وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي.

تنبيهات:

الأول: رواية الترمذي وابن شاهين مختصرة فيها موطن الشاهد.

الثاني: الحديث في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 415) مختصرًا بلفظ «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حافيًا ومنتعلًا» .

الثالث: وقع تصحيف في المعجم الأوسط في اسم حسين المعلم ففيه: حبيب المعلم.

2: مطر بن طهمان الوراق: رواه أحمد (6622) حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا أبو جعفر يعني الرازي، عن مطر الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال:«رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه، ورأيته يصلي حافيًا، ورأيته يشرب قائمًا، ورأيته يشرب قاعدًا، ورأيته ينصرف عن يمينه، ورأيته ينصرف عن يساره» إسناده ضعيف.

أبو جعفر عيسى بن أبي عيسى الرازي قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ. ومطر الوراق قال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ.

3: قتادة: الطبراني في المعجم الأوسط (7892) حدثنا محمود بن محمد المروزي، نا حامد بن آدم، نا عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافيًا ومنتعلًا» إسناده ضعيف جدًا.

محمود بن محمد المروزي ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد وقال أحاديثه مستقيمة.

وحامد بن آدم ضعفه شديد قال الذهبي في الميزان حامد بن آدم المروزي كذبه الجوزجاني، وابن عدي، وعده أحمد بن علي السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث، وقال: أبو داود السنجي: قلت لابن معين: عندنا شيخ يقال له حامد بن آدم روى عن يزيد، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما رفعاه:«الغيبة أشد من الزنا» فقال: هذا كذاب، لعنه الله. وقال ابن حجر في اللسان شان ابن حبان الثقات بإدخاله هذا فيهم وكذلك أخطأ الحاكم بتخريجه حديثه في مستدركه.

وسعيد بن أبي عروبة مختلط لكن عبدة بن سليمان من أثبت الناس سماعًا منه قاله ابن معين وغيره.

قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد ولا عن سعيد إلا عبدة تفرد به حامد بن آدم. فالحديث منكر.

4: حجاج بن أرطاة: رواه أحمد (6744) حدثنا إسماعيل بن محمد بن جحادة، حدثنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال:«أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينفتل عن يمينه، وعن شماله في الصلاة، ويشرب قائمًا وقاعدًا، ويصلي حافيًا وناعلًا، ويصوم في السفر ويفطر» وإسناده ضعيف.

إسماعيل بن محمد بن جحادة ضعيف قال يحيى بن معين: ليس بذاك وفي رواية لم يكن به بأس. وقال أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث. وقال أبو داود: ليس بذاك القوي وقال ابن حبان: كان يخطاء حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد.

والحجاج بن أرطاة صدوق كثير الخطأ والتدليس. فهذه الرواية منكرة والله أعلم.

5: مقاتل بن سليمان: قال ابن أبي حاتم في علله (757) سمعت أبي، وحدثنا: عن حرملة، عن ابن وهب، عن عبد الله بن السمح، عن عمر بن الصبح، عن مقاتل، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر صائمًا، ومفطرًا، ورأيته يصلي حافيًا، ومنتعلًا، ورأيته يشرب قاعدًا، وقائمًا، ورأيته ينفتل عن يمينه، وعن شماله» إسناده ضعيف جدًا.

عمر بن الصبح الخراساني، ضعفه شديد قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال الأزدي: كذاب. وقال الذهبي: ليس بثقة ولا مأمون.

ومقاتل بن سليمان الخراساني البلخي ضعفه شديد قال عبد الصمد بن عبد الوارث: قدم علينا مقاتل بن سليمان فجعل يحدثنا عن عطاء، ثم حدثنا بتلك الأحاديث عن الضحاك، ثم حدثنا بها عن عمرو بن شعيب فقلنا له: ممن سمعتها قال: منهم كلهم ثم قال: لا والله لا أدري ممن سمعتها قال: ولم يكن بشيء وقال وكيع: أردنا أن نرحل إلى مقاتل فقدم علينا فأتيناه فوجدناه كذابًا فلم نكتب عنه، وقال عمرو بن علي والعجلي: متروك الحديث كذاب وقال ابن سعد: أصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه، وقال البخاري: منكر الحديث سكتوا عنه، وقال الدارقطني: يكذب.

قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول: ابن السمح ليس بقوي، وهو مروذي، ومقاتل هو عندي مقاتل بن سليمان. فالحديث منكر.

وحرملة هو ابن عمران التجيبي.

تنبيه: الحديث رواه عبد الرزاق (1512) - مختصرًا - عن مقاتل قال: أخبرنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصلي حافيًا، ومتنعلًا» .

ص: 876

الحديث الرابع: حديث كبشة بنت ثابت رضي الله عنها

عن كبشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائمًا فقمت إلى فيها فقطعته»

(1)

.

(1)

الحديث رواه جمع منهم أحمد (26902) والترمذي (1892) حدثنا ابن أبي عمر وابن ماجه (3423) حدثنا محمد بن الصباح قالوا: حدثنا سفيان، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن جدته كبشة رضي الله عنها قالت: فذكره رواته ثقات.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب - يشير إلى غرابته إلى ابن عيينة - وصححه ابن حبان (5318) وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (10/ 84) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

تنبيه: اختلف في اسم جدة عبد الرحمن بن أبي عمرة رضي الله عنها فالأكثر على تسميتها كبشة وهي أخت حسان بن ثابت رضي الله عنهما وقيل كبيشة وقيل البرصاء ولعله لقب لها وقيل أم كبشة وقيل كلثم.

انظر: مسند الحميدي (1/ 348) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3432) وناسخ الحديث لابن شاهين ص: (432).

ص: 878

الحديث الخامس: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام»

(1)

.

(1)

الحديث روي عن:

1: نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما. 2: يزيد بن عطارد.

1: رواية نافع: رواه ابن أبي شيبة (8/ 17) حدثنا حفص والترمذي (1880) والبزار (5719) قالا حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة الكوفي قال: حدثنا حفص بن غياث، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 273) حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فذكره ورواته ثقات لكنَّه شاذ.

يأتي عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفًا وتفرد برفعه حفص بن غياث قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن عبيد الله إلا حفص بن غياث.

وقال الخطيب في تاريخ بغداد (8/ 191 - 192) قال يحيى بن معين: جميع ما حدث به حفص بن غياث ببغداد، والكوفة إنَّما هو من حفظه لم يكن يخرج كتابًا،

عن حفص بن غياث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

لم يحدث به أحد إلا حفص وما أراه إلا وهم فيه وأراه سمع حديث عمران بن حدير فغلط بهذا ....

وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الحديث الذي يرويه حفص عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما؛

فقال: ما أدري ما ذاك- كالمنكر له- ما سمعت هذا إلا من ابن أبي شيبة عن حفص .... إنَّما هو حديث يزيد بن عطارد ....

حدثنا ابن أبي حاتم قال: سئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال أبو زرعة: رواه حفص وحده.

وفي سؤالات أبي عبيد الآجري (229) سمعت أبا داود يقول: قال علي ابن المديني: نعس حفص نعسة يعني حين روى حديث عبيد الله بن عمر، وإنَّما هو حديث أبي البزري.

وقال البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة محمد بن عبد الملك،:

سمع عمران بن حدير، عن أبي بزري، واسمه: يزيد بن عطارد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«كنا نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

وقال حفص بن غياث: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما

، مثله. قال أبو عبد الله [البخاري]: والأول أصح.

وقال الترمذي - العلل الكبير - (2/ 791) سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا حديث فيه نظر قال أبو عيسى: لا يعرف عن عبيد الله إلا من وجه رواية حفص. وإنَّما يعرف من حديث عمران بن حدير، عن أبي البزري، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال في الجامع: حديث حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال ابن أبي حاتم في علله (1500) سألت أبي عن حديث رواه محمد بن آدم بن سليمان المصيصي، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «كنَّا في عهد رسول الله

».

قال أبي: قد تابعه على روايته: ابن أبي شيبة، عن حفص؛ وإنَّما هو: حفص، عن محمد بن عبيد الله العرزمي. وهذا حديث لا أصل له بهذا الإسناد.

فالحديث شاذ من رواية عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم تفرد برفعه حفص بن غياث. وأعله بالشذوذ يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي ابن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والبخاري والترمذي وأقرهم الأثرم وأبو داود والخطيب البغدادي.

2: رواية يزيد بن عطارد أبي البَزَريِّ: رواه ابن أبي شيبة (8/ 17) حدثنا معاذ بن معاذ وأحمد (4587) حدثنا ابن إدريس، ووكيع ح (4818) حدثنا معاذ والدارمي (2121) حدثنا عثمان بن عمر، وابن الجارود (867) حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا يزيد بن هارون، وابن حبان (5243) أخبرنا الفضل ابن الحباب، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا بشر بن المفضل، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 273) حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، وعثمان بن عمر، ح حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد يروونه عن عمران بن حُدَيْر، عن يزيد بن عطارد أبي البَزَري، قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: «كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نسعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» إسناده ضعيف جدًا.

يزيد بن عطارد قال أحمد لا يحتج به وقال أبو حاتم لا أعلم روى عنه غير عمران بن حدير وليس ممن يحتج بحديثه. وذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته. وبقية رواته محتج بهم.

فالحديث من هذا الطريق منكر.

ص: 879

(1)

رواه البزار (6334) وأبو يعلى (3561) قالا حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، حدثنا مسكين بن بكير، ورواه البزار (6335) حدثنا ابن مسكين، حدثنا محمد بن يوسف يرويانه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه؛ فذكره رواته ثقات وفي متنه شذوذ.

مسكين بن بكير قال أحمد: لا بأس به، ولكن فى حديثه خطأ. وقال أبو أحمد الحاكم: كان كثير الوهم والخطأ وهو متابع للثقة محمد بن يوسف الفريابي. وبقية رواته ثقات.

ابن مسكين هو ابن محمد اليمامي.

فقوله: «وهو قائم» زيادة شاذة فرواه الدارمي (2112) قال أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، حدثنا الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا وعن يساره أبو بكر رضي الله عنه وعن يمينه رجل أعرابي، فأعطى الأعرابي فضله ثم قال:«الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ» وإسناده صحيح.

أبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.

وهذا هو المحفوظ من حديث أنس رضي الله عنه فالحديث رواه جمع منهم مالك في الموطأ (2/ 926) ومعمر بن راشد في جامعه (19582) وسفيان بن عيينة عند أحمد (11667) ومسلم (2029) ويوسف بن يعقوب الماجشون عند أحمد (13009) وشعيب بن أبي حمزة عند البخاري (2352) ويونس بن يزيد بن أبي النجاد عند البخاري (5612) يروونه عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ رواية الدارمي.

وأشار البزار إلى شذوذ زيادة «وهو قائم» فقال: - كشف الأستار (3/ 344) ولم أجدها في المطبوع من المسند -: لا نعلم أحدًا ذكر: وهو قائم، إلا مسكين، عن الأوزاعي، ومسكين ثقة.

وكذلك الدارقطني في علله (2581) فقال: رواه مسكين بن بكير، عن الأوزاعي،

ووهم في قوله: «قائمًا» . وخالفه أصحاب الأوزاعي، منهم: الوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر، فرووه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا» . وهو الصواب. وكذلك رواه ابن عيينة، عن الزهري، وزاد فيه ألفاظًا. وتابعه شعيب بن أبي حمزة، وأشعث بن سوار، وإسماعيل بن مسلم، عن الزهري .... وحديث مسكين وهم.

وقال أبو نعيم في الحلية (6/ 146)«شرب قائمًا» تفرد به مسكين بن بكير، عن الأوزاعي.

ص: 880

الحديث السابع: حديث عائشة رضي الله عنها

عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا وقاعدًا، ومشى حافيًا وناعلًا، وانصرف عن يمينه، وعن شماله»

(1)

.

(1)

حديث عائشة رضي الله عنها رواه:

1: مكحول الشامي: 2: عبد الله بن عطاء. 3: القاسم بن محمد. 4: عطاء بن أبي رباح.

الرواية الأولى: رواية مكحول: اختلف عليه فيه فرواه:

1: أحمد (24046) حدثنا عصام بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عمن سمع مكحولًا، يحدث عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فذكره إسناده ضعيف.

عصام بن خالد الحضرمي قال النسائي: ليس به بأس وذكره ابن حبان في ثقاته.

وعبد الرحمن بن ثابت العنسي ضعيف قال أحمد أحاديثه مناكير وفي رواية عنه لم يكن بالقوي في الحديث وقال العجلي وأبو زرعة وابن خراش لين وقال يعقوب بن شيبة اختلف أصحابنا فيه فأمَّا ابن معين فكان يضعفه وأمَّا علي فكان حسن الرأي فيه وقال ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به وقد حمل عنه الناس وقال عمرو بن علي حديث الشاميين ضعيف [قال أبو عبد الرحمن وهذا منه] إلا نفيرًا ووثقه دحيم وأبو حاتم وذكره ابن حبان في ثقاته. وقال ابن عدي له أحاديث صالحة وكان رجلًا صالحًا ويكتب حديثه على ضعفه وأبوه ثقة.

والمبهم إن كان محمد بن الوليد الزُّبَيدي - وهو ثقة - لكن يأتي أنَّه لم يسمعه من مكحول إضافة إلى ذلك هل سمع مكحول من مسروق. فنقل أبو زرعة عن أحمد بن صالح المصري إنكاره سماع مكحول من مسروق بن الأجدع.

فهذه الرواية فيها عبد الرحمن بن ثابت وهو ضعيف والمبهم والانقطاع بين مكحول ومسروق.

2: إسحاق بن راهويه (1624) والنسائي (1361) أخبرنا إسحق بن إبراهيم والطبراني في مسند الشاميين (3599) حدثنا موسى بن هارون، وجعفر الفريابي قالا: ثنا إسحاق بن راهويه وأبو الشيخ في أخلاق النبي (716) حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، نا أبو عتبة قالا- ابن راهويه وأبو عتبة - أخبرنا بقية بن الوليد، حدثني محمد بن الوليد الزبيدي، عن مكحول، أنَّ مسروق بن الأجدع، حدثهم، عن عائشة رضي الله عنها، منقطع رواته ثقات.

أبو عتبة أحمد بن الفرج ضعفه شديد لكنَّه متابع للحافظ ابن راهويه. وبقية بن الوليد مدلس تدليس تسوية وتقدم أنَّ مكحولًا لم يسمعه من مسروق ويأتي أنَّ محمد بن الوليد لم يسمعه من سليمان بن موسى فالذي يظهر لي أنَّ بقية أسقط ما يُضعَّف به الحديثُ. قال ابن حبان لا يحل أن يحتج ببقية إذا انفرد بشيء.

تنبيه: في مسند الشاميين (1885) حدثنا موسى بن هارون، وجعفر بن محمد الفريابي، قالا: ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا بقية، حدثني محمد بن الوليد، ثنا سليمان بن موسى، أنَّ مكحولًا، حدثهم عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها. والمحفوظ عن ابن راهويه ما تقدم.

3: الطبراني في مسند الشاميين (1884) حدثنا عمرو بن إسحاق، ثنا أبي، ثنا عمرو بن الحارث، ثنا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، ثنا سليمان بن موسى، عن مكحول، عن مسروق بن الأجدع عن عائشة رضي الله عنها وإسناده ضعيف.

سليمان بن موسى الأشدق وثقه دحيم ويحيى بن معين والدارقطني وابن سعد، وقال أبو حاتم: محله الصدق وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه، وقال البخاري: عنده مناكير وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث وقال في موضع آخر: في حديثه شيء وقال ابن عدي: أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت وذكر العقيلي عن ابن المديني أنَّه قال: كان من كبار أصحاب مكحول وكان خولط قبل موته بيسير وشيخ الطبراني لم أقف على من عدله وأبوه ضعفه الذهبي.

وعمرو بن الحارث الزبيدي ترجم له الذهبي في الميزان فقال: عن عبد الله بن سالم الأشعري فقط. وله عنه نسخة. تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة. وابن زبريق ضعيف. إضافة إلى الانقطاع بين مكحول ومسروق.

وذكر الدارقطني في علله (3631) الاختلاف السابق على مكحول وقال: الأشبه بالصواب قول من قال سليمان بن موسى، قاله عبد الله بن سالم الحمصي، وهو من الأثبات، في الحديث.

والذي يظهر لي أنَّ رواية مسروق لا تصلح للاعتبار لما تقدم والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية عبد الله بن عطاء واختلف عليه فرواه:

1: إسحاق بن راهويه (1623) أخبرنا عبيد الله بن موسى، نا إسرائيل، عن عبد الله بن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«انتعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا وقاعدًا وشرب قائمًا وقاعدًا وأنفتل، عن يمينه وشماله» مرسل إسناده ضعيف.

عبيد الله بن موسى باذام العبسي حديثه في الصحيحين قال أحمد صاحب تخليط ووثقه ابن معين والعجلي وابن عدي وقال أبو حاتم صدوق ثقة حسن الحديث. واضطرب في الحديث.

وعبد الله بن عطاء الطائفي اختلف في توثيقه فوثقه الترمذي وقال الدارقطني ليس به بأس وذكره ابن حبان في ثقاته وضعفه النسائي. وهو أيضًا مدلس ولم يروه عن عائشة رضي الله عنها.

وهناك واسطة بين إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وبين عبد الله بن عطاء فهل هذا سقط في السند أم اضطراب من عبيد الله بن موسى؟ الله أعلم.

2: ابن سعد في الطبقات (1/ 373) والبيهقي في شعب الإيمان (5987) أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، أنا أبو حاتم الرازي قالا أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن عيسى عن محمد بن سعيد عن عبد الله بن عطاء عن عائشة رضي الله عنها إسناده ضعيف.

محمد بن سعيد إن كان الطائفي فقد وثقه البيهقي.

تنبيه: في نسختي من الطبقات طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الثانية عن عبد الله بن عيسى عن محمد بن سعيد بن عبد الله بن عطاء والظاهر أنَّه خطأ من الناسخ أو الطباعة والله أعلم.

3: قال البيهقي في شعب الإيمان (5/ 110) وقد قيل عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن عطاء، عن محمد بن سعيد، عن عائشة رضي الله عنها.

ومحمد بن سعيد الطائفي ليس له رواية عن الصحابة رضي الله عنهم.

4: البيهقي في شعب الإيمان (5986) أخبرنا أبو علي الروذباري، وأبو الحسين بن بشران، قالا: ثنا إسماعيل الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا أبو بدر، عن زياد بن خيثمة، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها مرسل رواته ثقات عدا عبد الله بن عطاء.

أبو علي الروذباري هو الحسين بن محمد وأبو الحسين بن بشران هو علي بن محمَّد بن عبد الله بن بشران وأبو بدر هو شجاع بن الوليد. وعبد الله بن عيسى هو حفيد عبد الرحمن بن أبي ليلى.

فالذي يظهر لي ضعف هذه الرواية وهي رواية مضطربة مدارها على عبد الله بن عطاء وهو مدلس ولا يعلم عن الواسطة التي بينه وبين عائشة رضي الله عنها والله أعلم.

الرواية الثالثة: رواية القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: رواه أحمد (24751) حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا محمد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:«أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة من الأنصار، وفي البيت قربة معلقة، فاختنثها وشرب وهو قائم» إسناده ضعيف جدًا.

الهيثم بن جميل وثقه الإمام أحمد والعجلي وإبراهيم الحربي والدارقطني وقال ابن عدي: ليس بالحافظ يغلط على الثقات، وأرجو أنَّه لا يتعمد الكذب وقال أبو نعيم الأصبهاني: متروك وقال الذهبي: حافظ له مناكير وقال ابن حجر: ثقة من أصحاب الحديث، وكأنَّه ترك فتغير.

ومحمد بن مسلم الطائفي وثقه يعقوب بن سفيان والعجلي وقال الساجي صدوق يهم في الحديث وقال ابن معين إذا حدث من حفظه يخطاء وإذا حدث من كتابه فليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ وقال ابن عدي له أحاديث حسان غرائب وهو صالح الحديث لا بأس به ولم أر له حديثًا منكرًا وقال الميموني ضعفه أحمد على كل حال من كتاب وغير كتاب.

فتفرد الهيثم بن جميل عن محمد بن مسلم بالحديث يدل على نكارة الحديث. فهذه الرواية لا تصلح للاعتبار والله أعلم.

الرواية الرابعة: رواية عطاء بن أبي رباح: رواه الحارث بن أسامة - المطالب العالية (2427) - حدثنا يحيى بن هاشم ثنا ابن أبي ليلى والطبراني في الأوسط (1213) حدثنا أحمد قال: نا يحيى بن حكيم المقوم قال: نا مخلد بن يزيد الحراني، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، يرويانه عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائمًا وقاعدًا، ويصلي منتعلًا وحافيًا، وينصرف من الصلاة عن يمينه وعن يساره» إسناده ضعيف.

يحيى بن هاشم السمسار ضعفه شديد كذبه ابن معين وصالح جزرة. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عدي: يضع الحديث ويسرقه. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه ضعف، قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ جدًا. وشيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الجهم السمري ترجم له الخطيب وغيره ولم أقف على من عدله.

ومخلد بن يزيد الحراني القرشي وثقه يحيى بن معين، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان وذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم: صدوق وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به، و كان يهم. وبقية رواته ثقات.

فهذه الرواية منكرة والله أعلم. فأصح روايات الحديث رواية مكحول عن مسروق وهي رواية فيها عدة علل منها الانقطاع بين مكحول ومسروق ورواية عبد الله بن عطاء رواية مضطربة ولا تعلم الواسطة التي بينه وبين عائشة رضي الله عنها وروايتا القاسم بن محمد وعطاء منكرتان فحديث عائشة رضي الله عنها لا يرتقي إلى درجة الحسن فيما ظهر لي والله أعلم.

ص: 881

الحديث الثامن: حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه

عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى قربة معلقة فخنثها

(1)

ثم شرب من فيها»

(2)

.

(1)

خنثها: خنثت السقاء إذا ثنيت فمه إلى خارج وشربت منه، وقبعته إذا ثنيته إلى داخل.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (2/ 282) والنهاية في غريب الحديث (2/ 82).

(2)

الحديث مداره على عيسى بن عبد الله بن أنيس واختلف عليه فيه فرواه:

1: الترمذي (1891) حدثنا يحيى بن موسى قال: حدثنا عبد الرزاق والطبراني في الأوسط (2306) حدثنا إبراهيم قال: أنا عبد الرزاق قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، عن عيسى بن عبد الله بن أنيس، عن أبيه رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف.

عيسى بن عبد الله ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر: مقبول.

قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بصحيح وعبد الله بن عمر العمري يضعف من قبل حفظه ولا أدري سمع من عيسى أم لا؟

وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الرزاق.

وشيخ الطبراني هو إبراهيم بن محمد بن إسحاق الصنعاني.

2: مسدد - اتحاف الخيرة (3712/ 1) - ثنا يحيى، عن عبيد الله، عن عيسى الأنصاري «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا يوم أحد بماء، فأتاه رجل بإداوة من ماء، فقال: «اخْنِثْ فَمَ الْإِدَاوَةِ وَاشْرَبْ» إسناده ضعيف.

فأرسله يحيى القطان ووصله عبد الأعلى بن عبد الأعلى ورواية يحيى القطان مقدمة عليه. ونقل ابن أبي حاتم في علله (2468) عن أبيه تصحيح الروايتين السابقتين.

3: أبو داود (3721) حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عيسى بن عبد الله، رجل من الأنصار عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعا بإداوة يوم أحد فقال: «اخنث فم الإداوة ثم شرب من فيها» رواته ثقات عدا عيسى وفيه علة.

قال المزي تهذيب الكمال في ترجمة عيسى بن عبد الله بن أنيس قال أبو عبيد الآجري: حدثنا أبو داود بحديث عبد الأعلى بن عبد الأعلى

قال أبو داود: وهذا لايعرف عن عبيد الله بن عمر، والصحيح حديث عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر.

فاختلف على عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله في وصله وإرسالة والصحيح الإرسال فهذه الرواية شاذة والله أعلم.

ص: 884

الحديث التاسع: حديث سعد بن أبي أوقاص رضي الله عنه

عن سعد بن أبي أوقاص رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب قائمًا»

(1)

.

الحديث العاشر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه

1: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام العضباء

(2)

بيدي وهو على ظهرها وقدماي على ذراعيها فدعا بشراب فشرب، ثم ناول فلانًا وفلانًا وهما عن يمينه

»

(3)

.

(1)

رواه الترمذي في الشمائل (216) حدثنا أحمد بن نصر النيسابوري والطبراني في الكبير (1/ 147) حدثنا علي بن عبد العزيز والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 273) حدثنا ربيع الجيزي، والبزار (1205) حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى، صاحب السابري وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (718) حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، نا محمد بن عبد الرحيم، صاحب السابري قالوا: ثنا إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبيدة بنت نابل، عن عائشة بنت سعد، عن سعد رضي الله عنه فذكره إسناده ضعيف جدًا.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعد رضي الله عنه إلا من هذا الوجه.

فالحديث مداره على إسحاق بن أبي فروة عن عبيدة بنت نابل وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ضعفه شديد قال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل وكان أحمد بن حنبل ينهى عن حديثه وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: متروك.

وعبيدة بنت نايل ذكرها ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر مقبولة ولم تتابع. فالحديث منكر.

(2)

الخطام: كل ما وضع في أنف البعير ليقاد به.

انظر: المحكم والمحيط الأعظم (5/ 128) ولسان العرب (12/ 187).

(3)

الحديث رواه:

1: أبو المعارك الهجيمي. 2: الصلت بن غالب الهجيمي.

الرواية الأولى: رواية أبي المعارك: واختلف عليه في رفع الحديث ووقفه فرواه:

1: إسحاق بن راهويه (252) أخبرنا جرير، عن أبي سنان ضرار بن مرة، عن أبي المعارك الهجيمي، قال: سألت أبا هريرة رضي الله عنه عن الشرب قائمًا قال: «كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام العضباء بيدي وهو على ظهرها وقدماي على ذراعيها فدعا بشراب فشرب، ثم ناول فلانًا وفلانًا وهما عن يمينه وتركني بتلك المنزلة» فإن رأيتم أثرة بعدي فلا تنكروا ذلك» إسناده ضعيف.

أبو المعارك الهجيمي لم أقف له على ترجمة واضطرب فيه وبقية رواته ثقات. وجرير هو ابن عبد الحميد.

2: ابن أبي شيبة (8/ 15) حدثنا ابن فضيل، عن أبي سنان، عن أبي المعارك، قال: سألت أبا هريرة رضي الله عنه عن شرب الرجل وهو قائم؟ قال: «لا بأس به» إسناده ضعيف.

محمد بن فضيل توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق. وغير ابن فضيل يرويه مرفوعًا فالذي يترجح لي رواية الرفع مع ضعفها والله أعلم.

الرواية الثانية: رواية الصلت بن غالب الهجيمي: واختلف عليه في شيخه فرواه:

1: أحمد (7480) وإسحاق بن راهويه (140) قالا حدثنا عبد الأعلى، عن يونس بن عبيد، عن الصلت بن غالب الهجيمي، عن مسلم: سأل أبا هريرة رضي الله عنه، عن الشرب قائمًا، قال: يا ابن أخي، «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عقل راحلته وهي مناخة، وأنا آخذ بخطامها، أو بزمامها، واضعًا رجلي على يدها، فجاء نفر من قريش، فقاموا حوله، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء من لبن، فشرب وهو على راحلته، ثم ناول الذي يليه عن يمينه، فشرب قائمًا، حتى شرب القوم» إسناده ضعيف.

الصلت بن غالب الهجيمي ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته. وشيخه مسلم ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وسمى أباه بديل. وبقية رواته ثقات.

2: مسدد - إتحاف الخيرة (3701/ 1) -: ثنا يزيد بن زريع، ثنا يونس بن عبيد، عن الصلت بن غالب الهجيمي، عن رجل من قومه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فيه لبن وهو على راحلته وهي مناخة، فشرب قاعدًا واكتنفه نفر من قريش فناول الذي يليه فشرب قائمًا فتناولوه فشربوا قيامًا» إسناده ضعيف.

للمبهم ولجهالة الصلت بن غالب والاختلاف عليه في اسم شيخه.

ص: 885

2: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم قائمًا»

(1)

.

الحديث الحادي عشر: حديث أم سليم رضي الله عنها

عن أم سليم رضي الله عنها، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وفي بيتها قربة معلقة» ، قالت:«فشرب من القربة قائمًا»

(2)

.

(1)

رواه الطبراني في الأوسط (3432) والعقيلي في الضعفاء (3/ 486) قالا حدثناه الحسن بن محمد بن نصر، حدثنا قرة بن العلاء بن قرة السعدي، حدثنا أبو يونس الخصاف، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فذكره إسناده ضعيف.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن داود بن أبي هند إلا أبو يونس الخصاف، ولا عن أبي يونس إلا قرة بن العلاء، تفرد به الحسن بن محمد النحاس.

وقال العقيلي: أبو يونس مجهول، والحديث غير محفوظ

والرواية في شرب النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم ثابتة من غير هذا الوجه.

والحسن بن محمد بن نصر النحاس وقرة بن العلاء لم أقف على من عدلهما.

(2)

رواه أبو داود الطيالسي (1650) حدثنا شريك والدارمي (2120) حدثنا منصور بن سلمة الخزاعي، حدثنا شريك وابن أبي شيبة (8/ 20) وأحمد (11778) قالا حدثنا وكيع، عن سفيان، وابن الجعد (2686) أنا زهير، وأحمد (26574) حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: حدثنا زهير ح (26884) حدثنا أبو كامل، حدثنا زهير ح (26882) حدثنا حجاج، عن ابن جريج، وروح، حدثنا ابن جريج، والترمذي في الشمائل (215) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 274) وشرح مشكل الآثار (2110) حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج وابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 315) أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا عبيد الله بن عمرو يروونه عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن البراء بن زيد ابن ابنة أنس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:«حدثتني أمي رضي الله عنها، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وفي بيتها قربة معلقة» ، قالت:«فشرب من القربة قائمًا» ، قالت: فعمدت إلى فم القربة فقطعتها» إسناده ضعيف.

الحديث مداره على عبد الكريم الجزري، عن البراء بن زيد عن جده أنس بن مالك رضي الله عنه عن أمه أم سليم رضي الله عنها.

والبراء بن زيد ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حزم: مجهول وقال ابن حجر مقبول وقال الذهبي ما روى عنه سوى عبد الكريم الجزري فالحديث منكر والله أعلم.

وشريك هو ابن عبد الله النخعي وحجاج هو ابن محمد المصيصي وروح هو ابن عبادة وأبو كامل هو مظفر بن مدرك وسفيان هو الثوري وعبد الله بن عبد الرحمن هو الدارمي المصنف المشهور وشيخه أبو عاصم النبيل هو الضحاك بن مخلد وزهير هو ابن معاوية.

تنبيه: الحديث عند الطحاوي من رواية البراء بن زيد عن أم سلمة رضي الله عنها.

ص: 886

الحديث الثاني عشر: حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما

عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب وهو قائم»

(1)

.

‌ثانيًا: آثار إباحة الشرب قائمًا

الأثر الأول: أثر عمر رضي الله عنه

ثبت عن عمر رضي الله عنه الشرب قائمًا

(2)

.

(1)

رواه الطبراني في الكبير (3/ 133) حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عقبة بن مكرم، ح وحدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان القزاز البصري، ثنا سفيان بن وكيع، قالا: ثنا يونس بن بكير، عن زياد بن المنذر، عن بشر بن غالب، عن حسين بن علي رضي الله عنه قال:«رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب وهو قائم» إسناده ضعيف جدًا.

في إسناده أبو الجارود زياد بن المنذر ضعفه شديد قال أحمد والنسائي متروك الحديث وقال ابن معين كذاب وقال ابن حبان كان رافضيًا يضع الحديث.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 80) والسخاوي في الأجوبة المرضية (1/ 230) فيه زياد بن المنذر وهو متروك.

(2)

جا عن عمر رضي الله عنه من وجوه متعددة منها ما رواه:

1: ابن أبي شيبة (8/ 35) حدثنا أبو أسامة، قال: أخبرني شعبة والطبري في تهذيب الآثار - مسند عمر (584) - حدثنا ابن المثنى، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، حدثني عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، قال: كان عمر رضي الله عنه واقفًا بعرفات وعن يمينه سيد أهل اليمن، فأتي بشراب فشرب، ثم ناول سيد أهل اليمن، فقال: إنِّي صائم. فقال: «أقسمت عليك لما شربت وسقيت أصحابك» مرسل رواته ثقات.

حرمي بن عمارة بن أبي حفصة روايته في الصحيحين وقال أحمد والدارمي وأبو حاتم صدوق وذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه الذهبي وأبوه وبقية الرواة ثقات. ورواية عكرمة عن عمر رضي الله عنه الظاهر أنَّها مرسلة فوفاة عكرمة سنة 104 هـ تقريبًا وعمره ثمانون سنة ومقتل عمر رضي الله عنه سنة 23 هـ. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة وابن المثنى هو محمد.

تنبيه: لفظ ابن أبي شيبة: «أتي عمرُ رضي الله عنه بشراب، وهو بالموقف عشية عرفة، فشرب

»

قال ابن حجر في الفتح (10/ 84) ثبت الشرب قائمًا عن عمر رضي الله عنه أخرجه الطبري.

2: قال مالك (2/ 925) إنَّه بلغه أنَّ عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم كانوا «يشربون قيامًا» معضل.

3: سعيد بن منصور في سننه - الأجوبة المرضية (1/ 231) - من طريق فليح بن سليمان عن أم حفص ابنة أبي المغيرة أنَّ أباها قال: «رأيت بعض ولد عمر بن الخطاب يشربون عنده اللبن قيامًا وعمر رضي الله عنه يرى ذلك فلا ينكره» إسناده ضعيف.

فليح بن سليمان من شيوخ سعيد بن منصور وفيه ضعف قال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ.

وأبو المغيرة وابنته لم أقف على من عدلهما قال البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: أبو المغيرة رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه روت عنه بنته أم حفص.

تنبيه: في التاريخ الكبير أم جعفر.

ص: 887

الأثر الثاني: أثر سعد وعائشة رضي الله عنهما

عن ابن شهاب، «أنَّ عائشة أم المؤمنين، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسًا»

(1)

.

الأثر الثالث: أثر ابن عمر رضي الله عنهما

كان ابن عمر رضي الله عنهما «يشرب قائمًا»

(2)

.

(1)

رواه مالك (2/ 926) وابن أبي شيبة (8/ 15) حدثنا معتمر، عن معمر يرويانه عن ابن شهاب، أن عائشة أم المؤمنين، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما فذكره إسناده صحيح.

معتمر هو ابن سليمان ومعمر هو ابن راشد. وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري.

(2)

رواه:

1: مالك (2/ 926) عن أبي جعفر القارئ، أنَّه قال: رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «يشرب قائمًا» وإسناده صحيح.

أبو جعفر القاراء المدنى، المخزومي ولاء واختلف في اسمه.

2: ابن أبي شيبة (8/ 15) حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن مسلم، ح (8/ 16) حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن المسيب، أنَّهما رأوا ابن عمر رضي الله عنهما «يشرب قائمًا» وإسناده صحيح.

عمرو هو ابن دينار ومسلم هو ابن أبي مريم والله أعلم.

3: ابن أبي شيبة (8/ 17) حدثنا محمد بن فضيل، عن الحسن بن الحكم، عن الحر بن صياح، قال: سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما فقال: ما ترى في الشرب قائمًا؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: «إنِّي أشرب وأنا قائم، وآكل وأنا أمشي» إسناده حسن.

الحسن بن الحكم النخعي وثقه ابن معين وأحمد وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن حبان: يخطاء كثيرًا، ويهم شديدًا، لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد. ولم ينفرد بأصل الأثر لكن ذكر الأكل لم أقف له على متابع والله أعلم وبقية رواته ثقات.

ص: 888

الأثر الرابع: أثر ابن الزبير رضي الله عنهما

عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه، «أنَّه كان يشرب قائمًا»

(1)

.

الأثر الخامس: أثر عثمان رضي الله عنه

عن مالك أنَّه بلغه أن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم كانوا «يشربون قياما»

(2)

.

صح عن عمر رضي الله عنه وعن علي رضي الله عنه تقدم في حديثه -.

الأثر السادس: أثر أبي هريرة رضي الله عنه

روي عن أبي المعارك، قال: سألت أبا هريرة رضي الله عنه عن شرب الرجل وهو قائم؟ قال: «لا بأس به» وتقدم في حديثه.

(1)

رواه مالك (2/ 926) عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه، فذكره وإسناده صحيح.

(2)

رواه مالك (2/ 925) معضلًا.

ص: 889

‌أحاديث وآثار النهي عن الشرب قائمًا

جاءت أحاديث مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم وآثار موقوفة على الصحابة رضي الله عنهم فيها منع الشرب قائمًا.

‌أولًا: أحاديث النهي عن الشرب قائمًا

الحديث الأول: حديث أنس رضي الله عنه

عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، «أنَّه نهى أن يشرب الرجل قائمًا» ، قال قتادة: فقلنا فالأكل، فقال:«ذلك أشد»

(1)

.

(1)

جاء مرفوعًا وموقوفًا على أنس رضي الله عنه:

أولًا: المرفوع: الحديث مداره على قتادة بن دعامة السدوسي ورواه عنه:

1: شعبة. 2: سعيد بن أبي عروبة. 3: هشام الدستوائي. 4: همام بن يحيى. 5: يزيد بن إبراهيم التستري. 6: مطر الوراق.

1: رواية شعبة بن الحجاج: رواه أحمد (12460)(13531) حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صحيح.

قتادة سمع الحديث من أنس رضي الله عنه لقول شعبة: كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش وأبي إسحاق وقتادة. ولسؤال قتادة أنسًا رضي الله عنه عن الأكل.

2: رواية سعيد بن أبي عروبة: رواه مسلم (2024) حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى وأبو يعلى (3195) حدثنا عبيد الله، حدثنا خالد والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 272) حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا خالد بن الحارث والترمذي (1879) حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي وابن ماجه (3424) حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا بشر بن المفضل يروونه عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صحيح.

سعيد بن أبي عروبة ثقة من أعلم الناس بحديث قتادة لكنَّه مختلط لكن رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي وخالد بن الحارث عنه قبل الاختلاط.

قال الترمذي هذا حديث صحيح.

3: رواية هشام الدستوائي: رواه أبو داود الطيالسي (2000) ومسلم (2024) حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة [(8/ 18)]، قالا: حدثنا وكيع وأبو داود (3717) حدثنا مسلم بن إبراهيم، يروونه عن هشام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إسناده صحيح.

تنبيه: رواية هشام ليس فيها ذكر الأكل.

4: رواية همام بن يحيى: رواه أحمد (12649) حدثنا عبد الواحد ح (12206) حدثنا عفان، ح (13691) حدثنا بهز ومسلم (2024) وأبو يعلى (2867) قالا حدثنا هداب بن خالد والدارمي (2123) أخبرنا مسلم بن إبراهيم يروونه عن همام بن يحيى، عن قتادة عن أنس رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائمًا» وإسناده صحيح.

5: رواية يزيد بن إبراهيم التستري: رواه أبو داود الطيالسي (2017) حدثنا يزيد بن إبراهيم عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإسناده صحيح.

يزيد بن إبراهيم التستري ثقة إلا في روايته عن قتادة قال ابن عدي ليزيد أحاديث مستقيمة عن كل من يروي عنه وإنَّما أنكرت أحاديث رواها عن قتادة عن أنس رضي الله عنه وفي هذا الحديث وافق الحفاظ.

6: رواية مطر بن طهمان الورَّاق: رواه أبو يعلى (3111) حدثنا زهير، حدثنا شبابة بن سوار والبزار (7287) حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا شبابة، قالا حدثنا المغيرة بن مسلم، حدثنا مطر، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إسناده ضعيف.

مطر بن طهمان في حفظه شيء قال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم صالح وقال النسائي ليس بالقوي وقال ابن سعد فيه ضعف وقال العجلي بصري صدوق وقال مرة لا بأس به وقال البزار ليس به بأس وقال أبو داود ليس هو عندي بحجة ولا يقطع به في حديث إذا اختلف وقال الساجي صدوق يهم وذكره ابن حبان في ثقاته وقال ربما أخطأ.

فزاد مطر النهي عن الأكل قائمًا مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم والحفاظ شعبة وهمام بن يحيى وسعيد بن أبي عروبة، يروونه عن قتادة موقوفًا على أنس رضي الله عنه فهذه الزيادة إن لم تكن شاذة فهي منكرة والله أعلم.

تنبيه: القائل قلت فالأكل؟ قتادة والمجيب هو أنس رضي الله عنه جاء ذلك في رواية:

1: عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد بن عروبة.

2: عبد الواحد الحداد وبهز بن أسد عن همام بن يحيى.

3: يزيد بن إبراهيم التستري عن قتادة.

والروايات التي فيها قلت والأكل؟ لا تعارض الروايات المبينة للسائل فالضمير يعود على أقرب مذكور وهو قتادة والله اعلم.

وفي رواية خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة قال: لا أدري من المسئول.

ثانيًا: الموقوف: رواه ابن أبي شيبة (8/ 18) حدثنا معتمر، عن معمر، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه؛ أنَّه سأله عن الشرب قائمًا؟ «فكرهه» ورواته ثقات.

معتمر هو ابن سليمان. وتقدم قول قتادة: فقلنا فالأكل، فقال:«ذلك أشد» .

ص: 890

الحديث الثاني: حديث أبي سعيد رضي الله عنه

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائمًا»

(1)

.

(1)

الحديث رواه:

1: أبو عيسى الأسواري. 2: أبو نضرة المنذر بن مالك. 3: جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

الرواية الأولى: رواية أبي عيسى الأسواري: رواه ابن أبي شيبة (8/ 18) حدثنا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة وأحمد (11117) حدثنا وكيع، وعفان، وعبد الصمد، قالوا: حدثنا همام، عن قتادة وأبو يعلى (988) حدثنا هدبة، حدثنا همام، عن قتادة ومسلم (2025) حدثنا هداب بن خالد، حدثنا همام، حدثنا قتادة ح حدثنا زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وابن بشار، واللفظ لزهير، وابن المثنى، قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة وأحمد (11019) حدثنا محمد بن جعفر، وروح، قالا: حدثنا سعيد، وعبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فذكره إسناده حسن.

أبو عيسى الأسواري البصري قال الطبراني بصري ثقة لا يحضرني اسمه وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الذهبي وقال ابن حجر مقبول.

وعفان هو ابن مسلم وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وهمام هو ابن يحيى وروح هو ابن عبادة وعبد الوهاب هو ابن عطاء وسعيد هو ابن أبي عروبة وهدبة بن خالد ويقال هداب.

وأعل الحديث القاضي عياض رحمه الله في إكمال المعلم (6/ 491) بقوله: أبو عيسى غير مشهور واضطراب قتادة فى سند هذا الحديث مما يعلله فى مخالفة الأحاديث الأخر وأئمة الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم والتابعين.

قال أبو عبد الرحمن: تقدم توثيق أبي عيسى الأسواري ورواه قتادة من حديث أبي سعيد - وتابعه أبو نضرة - ومن حديث أنس رضي الله عنه وليس هذا اضطربًا فهما حديثان. ويأتي توجيه أحاديث النهي عن الشرب قائمًا.

الرواية الثانية: رواية أبي نضرة المنذر بن مالك: رواه الطبراني في الكبير (6/ 45) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا سعيد بن زيد، عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:«نُهِي أن يشرب الرجل وهو قائم، وأن يلتقم فم السقاء فيشرب منه» إسناده حسن.

سعيد بن زيد بن درهم توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق له أوهام. وأبو النعمان محمد بن الفضل، المعروف بعارم ثقة اختلط بآخره ذكر ذلك ابن حبان وغيره وأنكر الذهبي اختلاطه وقال الدارقطني تغيره بآخره وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر. وتوبع على هذا الحديث. وبقية رواته ثقات.

الرواية الثالثة: رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رواه:

1: أحمد (10705) حدثنا موسى قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، أنَّه قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، يشهد «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن ذاك، وزجر أن نستقبل القبلة لبول» إسناده ضعيف.

عبد الله بن لهيعة ضعيف اضطرب في الحديث فتارة يرويه مرفوعًا وتارة موقوفًا على جابر رضي الله عنه.

وموسى هو ابن داود وأبو الزبير هو محمد بن مسلم.

2: أحمد (10704) حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا رضي الله عنه عن الرجل يشرب وهو قائم، قال جابر:«كنا نكره ذلك» إسناده ضعيف.

ص: 891

الحديث الثالث: حديث هريرة رضي الله عنه

عن هريرة رضي الله عنه، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن يشرب الرجل قائمًا، وعن الشرب من في السقاء»

(1)

.

(1)

الحديث رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه:

1: عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما. 2: محمد بن مسلم الزهري. 3: أبو صالح ذكوان السمان 4: أبو زياد الطحان. 5: أبو غطفان المري.

الرواية الأولى: رواية عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما: رواه أحمد (8135) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 272) حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل ح وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالوا: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره رواته ثقات.

حماد بن سلمة على جلالة قدره في حفظه شيء قال أحمد: أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه وقال البيهقي هو أحد أئمة المسلمين إلا أنَّه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد وأورده له ابن عدي في الكامل عدة أحاديث مما ينفرد به متنًا أو إسنادًا وقال حماد من أجلة المسلمين وقد حدث عنه من هو أكبر منه سنًا وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر. وقد خالف الحفاظ في هذه الرواية فزاد: «نهي أن يشرب الرجل قائمًا» .

فالحديث رواه ابن علية إسماعيل بن إبراهيم عند أحمد (9947) والبخاري (5628) وسفيان بن عيينة عند أحمد (7326) والبخاري (5627) وحماد بن زيد عند أحمد (7418) وعبد الوارث بن سعيد عند ابن ماجه (3420) يروونه عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرب من في السقاء» من غير هذه الزيادة فزيادة: «نهي أن يشرب الرجل قائمًا» زيادة شاذة والله أعلم.

وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وابن أبي داود هو إبراهيم البرلسي وموسى بن إسماعيل هو المنقري وحجاج هو ابن منهال.

الرواية الثانية: رواية محمد بن مسلم الزهري: رواه معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري واختلف عليه فيه فرواه:

: أحمد (7748) حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ، لَاسْتَقَاءَهُ» إسناده ضعيف. للمبهم.

2: أبو يعلى - إتحاف الخيرة (3708/ 3) - ثنا محمد بن عباد المكي، ثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 346) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا علي بن بحر بن بري قال: حدثنا هشام بن يوسف يرويانه عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرسل رواته ثقات.

رواية الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه مرسلة. وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم الخزاعي الطرسوسي.

3: البزار (8050) حدثنا زهير بن محمد البغدادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ورواته ثقات.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري عن عبيد الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا معمر، ولا عن معمر إلا عبد الرزاق.

ومعمر ثقة لكنَّه قد يخطئ في حديث الزهري سئل الجوزجاني: من أثبت في الزهري؟ قال: مالك من أثبت الناس فيه، وكذلك أبو أويس، وكان سماعهما من الزهري قريبًا من السواء إذ كانا يختلفان إليه جميعًا، ومعمر، إلا أنَّه يهم في أحاديث. فاضطرب معمر في الحديث والله أعلم.

الرواية الثالثة: رواية أبي صالح ذكوان السمان: رواه أحمد (7749) حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر وأبو يعلى - إتحاف الخيرة (3708/ 4) - ثنا محمد بن عباد، ثنا عبد الله بن معاذ، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله [أي رواية الزهري]. إسناده ضعيف.

معمر ثقة لكن حديثه عن الأعمش ضعيف قال معمر: سقط مني صحيفة الأعمش فإنَّما أتذكره.

وتقدم الحديث عن محمد بن عباد، ثنا عبد الله بن معاذ، وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الأثرم في ناسخ الحديث ص: (229) لم يروه غير معمر. وكان معمر مضطربًا في حديث الأعمش، ويخطئ فيه.

الرواية الرابعة: رواية أبي زياد الطحان: رواه مسدد - إتحاف الخيرة (3708/ 1) - ثنا يحيى وابن أبي شيبة - إتحاف الخيرة (3708/ 2) -: ثنا شبابة، وأحمد (7943) وأبو يعلى - غاية المقصد (4134) - قالا حدثنا محمد بن جعفر والبزار (8821) حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر وأحمد (7944) حدثنا حجاج والدارمي (2124) أخبرنا سعيد بن الربيع والبزار (8822) حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق والبزار (8823) حدثنا حفص بن عمر والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 347) حدثنا حسين بن نصر قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد قالوا أخبرنا شعبة، عن أبي زياد الطحان، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه رأى رجلًا يشرب قائمًا، فقال له:«قِهِ» قال: لمه؟، قال:«أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ؟» قال: لا، قال:«فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، الشَّيْطَانُ» وإسناده ضعيف.

تفرد بالحديث أبو زياد الطحان مولى الحسن بن علي رضي الله عنهما ووثقه ابن معين وقال أبو حاتم شيخ صالح الحديث وقال الذهبي لا يعرف.

ويحيى هو الذهلي وشبابة هو ابن سوَّار.

وضعف الحديث الأثرم في ناسخ الحديث ص: (229) بقوله:

عن أبي زياد وليس بالمشهور بالحديث ولا أعرف له عن أبي هريرة رضي الله عنه غيره.

تنبيه: في كشف الأستار (2896) حدثنا إبراهيم بن نصر، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة، قال إبراهيم: وحدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن أبي الزناد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا والذي في المسند من حديث شعبة عن أبي زياد.

الرواية الخامسة: رواية أبي غطفان المري: رواه مسلم (2026) حدثني عبد الجبار بن العلاء، حدثنا مروان يعني الفزاري، والبزار (8812) حدثنا مصرف بن عمرو الكوفي فيما أعلم، قال: حدثنا أبو أسامة قالا حدثنا عمر بن حمزة، أخبرني أبو غطفان المري، أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» إسناده ضعيف.

عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ضعفه شديد قال أحمد: أحاديثه مناكير وقال النسائي ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان ممن يخطاء وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه.

وأبو أسامة هو حماد بن أسامة.

قال القاضي عبد الحق في الأحكام الوسطى (4/ 174) في إسناده عمر بن حمزة العمري وهو ضعيف. وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (6/ 491) حديث عمر بن حمزة لا يحتمل مثل هذا الحديث لمخالفة غيره عن أبي غطفان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قالوا: وعمر بن حمزة لا يتحمل مثل هذا الحديث لمخالفة غيره له، والصحيح أنَّه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه.

قال أبو عبد الرحمن: لم يظهر لي وجه وقف هذا الحديث والله أعلم.

وتقدم إعلال الأثرم لرواية معمر ورواية أبي زياد وقال ثم أبين ذلك في ضعفه أنَّه قد سئل أبو هريرة رضي الله عنه عن الشرب قائمًا فقال: لا بأس به. فكان هذا خبر ساقط. وأثر أبي هريرة رضي الله عنه ضعيف وتقدم.

وتعقب الحافظ ابن حجر في الفتح (10/ 83) القاضي عياض فقال: أمَّا تضعيفه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه بعمر بن حمزة فهو مختلف في توثيقه ومثله يخرج له مسلم في المتابعات وقد تابعه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه كما أشرت إليه عند أحمد وابن حبان فالحديث بمجموع طرقه صحيح والله أعلم.

قال أبو عبد الرحمن أمام هذا الاختلاف في تصحيح الحديث وتضعيفه فالذي يظهر لي أنَّ روايات عكرمة والزهري وأبي صالح السمان لا تصلح للاعتبار وكذلك رواية أبي غطفان المري لما تقدم فلم تبق إلا رواية أبي زياد الطحان وتقدم الخلاف فيه وروايته فيها أمران: الأول: النهي عن الشرب قائمًا وهذا ثبت من حديث أبي سعيد ومن حديث أنس فتشهد له الأحاديث الصحيحة فهو حسن. الثاني: الأمر بالقئ لم أقف له على شاهد صحيح فجاء من حديث الحضرمي وضعفه شديد فالظاهر أنَّ هذه الزيادة في أحسن الأحوال شاذة إن لم تكن منكرة والله أعلم.

ص: 892

الحديث الرابع: حديث الجارود بن المعلى رضي الله عنه

عن الجارود بن المعلى رضي الله عنه، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائمًا»

(1)

.

(1)

رواه الترمذي (1881) حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد بن الحارث، والبزار (4351) حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا خالد بن الحارث، والبغوي في معجم الصحابة (348) حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وسليمان بن أيوب - صاحب البصري - قالا: نا خالد بن الحارث والطبراني في الكبير (2/ 267) حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، ح وحدثنا أبو خليفة، والعباس بن الفضل، قالا: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قالا: ثنا خالد بن الحارث، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 272) حدثنا ابن أبي عمران ومحمد بن علي بن داود، قالا: أنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، قال: ثنا خالد بن الحارث ح حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا خالد بن الحارث والطبراني في الكبير (2/ 267) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا محمد بن بكر البرساني وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1647) حدثناه سليمان بن أحمد، ثنا الحضرمي، ثنا محمود بن غيلان، ح وحدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن بشار، قالا: ثنا محمد بن بكر البرساني، يرويانه - خالد بن الحارث ومحمد بن بكر - عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود بن المعلى رضي الله عنه، فذكره إسناده ضعيف.

سعيد بن أبي عروبة مختلط لكن خالد بن الحارث من أحفظ الناس لحديثه. ويرى الإمام أحمد أنَّ سعيد بن أبي عروبة أخطأ في إسناده قال أبو نعيم الأصبهاني: كان أحمد بن حنبل رحمه الله يحمل هذا على الوهم من سعيد، وأنَّ صوابه رواية همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه. ورواية همام بن يحيى عن قتادة عن أنس رضي الله عنه «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائمًا» عند أحمد ومسلم وأبي يعلى والدارمي وإسنادها صحيح وتقدم الكلام عليها.

وقتادة السدوسي مدلس ولم أقف على تصريحه بالسماع من أبي مسلم الجذمي. وأشار الإمام أحمد إلى أنَّه لم يسمعه منه قال أبو نعيم: أحمد بن محمد بن حنبل يقول: هو خطأ إنَّما هو قتادة عن الجارود رضي الله عنه ويقال: إنَّه ابن المنذر رضي الله عنه وليس هو ابن المعلى رضي الله عنه.

وأبو مسلم الجذمي ذكره ابن حبان في ثقاته والبخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا ووثقه الذهبي وقال الحافظ مقبول. وقد تفرد أبو مسلم برواية الحديث وأشار الترمذي لذلك بقوله: حديث حسن غريب، وهكذا روى غير واحد هذا الحديث، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالذي يظهر لي أنَّ هذه الرواية منكرة والله أعلم.

ص: 895

الحديث الخامس: حديث الحضرمي رضي الله عنه

عن الحضرمي رضي الله عنه قال: «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زجر عن النفخ في الشراب قال ورأى رجلًا ينفخ في الشراب ثم شرب قائمًا فقال: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيئَهُ فَقِئْهُ»

(1)

.

‌ثانيًا: آثار النهي عن الشرب قائمًا

الأثر الأول: أثر أنس بن مالك رضي الله عنه

قال قتادة: فقلنا فالأكل، فقال:«ذلك أشد» . وعن قتادة، عن أنس رضي الله عنه؛ أنَّه سأله عن الشرب قائمًا؟ «فكرهه» وتقدما في حديثه.

الأثر الثاني: أثر جابر رضي الله عنه

روي عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا رضي الله عنه عن الرجل يشرب وهو قائم، قال جابر رضي الله عنه:«كنَّا نكره ذلك» تقدم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(1)

رواه أبو يعلى - المطالب العالية (2458) - حدثنا القواريري ثنا يوسف بن خالد ثنا عمرو بن عثمان عن محفوظ بن علقمة عن الحضرمي رضي الله عنه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره إسناده ضعيف جدًا.

يوسف بن خالد السمتي ضعفه شديد قال ابن معين وأبو داود: كذاب وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ذاهب الحديث وقال النسائي والعجلي: ليس بثقة. وعمرو بن عثمان إن كان الكلابي فضعفه شديد. ومحفوظ بن علقمة الحضرمي وثقه يحيى بن معين ودحيم و قال أبو زرعة: لا بأس به وذكره ابن حبان في ثقاته. وذكره ابن حجر في الطبقة السادسة وأهل هذه الطبقة لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة رضي الله عنهم فأخشى أن يكون رواه بواسطة. فالحديث منكر.

والقواريري هو عبيد الله بن عمر.

ص: 896

‌موقف أهل العلم من تعارض الأحاديث

اختلفت آراء أهل العلم في الموقف من تعارض أحاديث الشرب قائمًا على أربعة آراء:

الرأي الأول النسخ: واختلف القائلون بالنسخ على قولين:

القول الأول: أحاديث الشرب قائمًا ناسخة لأحاديث النهي عن الشرب قائمًا: قول لأبي بكر الأثرم

(1)

واختاره ابن شاهين

(2)

.

الدليل الأول: شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا من زمزم وذلك في حجة الوداع

(3)

.

الرد: لا يقال بالنسخ إلا مع عدم إمكان الجمع بين الأحاديث وهذا ممكن وثبوت تقدم النهي وهذا لم يثبت

(4)

.

الدليل الثاني: صح عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم الشرب قائمًا وكذلك هو رأي جمهور أهل العلم من التابعين ومن أتى بعدهم فدل على أنَّ أحاديث النهي منسوخة

(5)

.

الرد من وجهين:

الأول: ثبت النهي عن الشرب قائمًا عن أنس رضي الله عنه.

الثاني: يحمل فعلهم على أنَّهم لا يرون أنَّ النهي نهي تحريم إنَّما كراهة تنزيه.

القول الثاني: أحاديث النهي عن الشرب قائمًا ناسخة للجواز: قال بذلك ابن

(1)

انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 183).

(2)

انظر: ناسخ الحديث له ص: (434).

(3)

انظر: المفهم (5/ 285).

(4)

انظر: شرح النووي على مسلم (13/ 284) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 201).

(5)

انظر: ناسخ الحديث للأثرم ص: (230) وناسخ الحديث لابن شاهين ص: (434) والمفهم (5/ 285).

ص: 897

حزم

(1)

والطحاوي

(2)

.

الدليل: الأصل الإباحة فتحمل أحاديث الشرب عليها ثم ورد النهي عن الشرب قائمًا فنسخت الإباحة

(3)

.

الرد: تقدم.

الرأي الثاني الترجيح: فأحاديث الإباحة أكثر وأصح فتقدم على أحاديث النهي: قال بذلك مالك

(4)

وهو قول لأبي بكر الأثرم

(5)

.

الرد: في الترجيح إهمال لبعض النصوص الشرعية ولا نضطر إليه إلا مع تعذر الجمع بين الأحاديث والجمع ممكن.

الرأي الثالث: تعارضت الأحاديث والآثار فتسقط والأصل إباحة الشرب قائمًا فيتمسك به حتى يثبت خلافه: قال بذلك ابن عبد البر

(6)

وأبو الوليد بن رشد

(7)

.

الرد: كالذي قبله.

الرأي الرابع: الجمع بين الأحاديث: واختلفوا في طريقة الجمع على أقوال:

القول الأول: تحمل أحاديث الشرب قائمًا على حال الطمأنينة فهو بمنزلة القاعد وتحمل أحاديث النهي إذا كان يمشي مستعجلًا حتى لا يتأذى بشرق أو

(1)

انظر: المحلى (6/ 519).

(2)

انظر: شرح مشكل الآثار (5/ 354).

(3)

انظر: المحلى (6/ 519) وشرح مشكل الآثار (5/ 354).

(4)

انظر: الموطأ (2/ 925) والمعونة (2/ 584) والمقدمات (2/ 481) والرسالة مع شرحها لابن ناجي (2/ 806).

(5)

انظر: ناسخ الحديث ص: (229).

(6)

انظر: الاستذكار (8/ 356).

(7)

انظر: المقدمات (2/ 482).

ص: 898

غيره: قال بذلك ابن قتيبة

(1)

والرافعي

(2)

والمتولي

(3)

وبعض الأحناف

(4)

.

الرد: يشكل على ذلك شرب النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم واقفًا والموطن موطن زحام.

القول الثاني: تحمل أحاديث الشرب قائمًا على حال الحاجة وأحاديث النهي مع عدمها: قال به شيخ الإسلام ابن تيمية

(5)

وابن القيم

(6)

.

الرد من وجهين:

الأول: ظاهر أكثر الأحاديث شرب النبي صلى الله عليه وسلم من غير حاجة.

الثاني: شرب الصحابة رضي الله عنهم قيامًا وأفتوا بجوازه من غير أن يقيدوه بالحاجة وهم أعلم الناس بالشرع.

القول الثالث: النهي لمن أتى أصحابه بماء وبادر بشربه قائمًا قبلهم استبدادًا به وخروجًا عن الأحسن من كون ساقي القوم آخرهم شربًا: قال به الباجي

(7)

.

الرد: هذه العلة لا تتعلق بالشرب قائمًا فلو شرب قاعدًا لم يختلف الحكم.

القول الرابع: النهي عن الشرب قائمًا للتنزيه وشرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا يدل على الجواز: قال بذلك

الطبري

(8)

والبيهقي

(9)

والخطابي

(10)

وأبو المحاسن الروياني

(11)

والمازري

(12)

(1)

انظر: تأويل مختلف الحديث ص: (469).

(2)

انظر: العزيز شرح الوجيز (8/ 354).

(3)

انظر: روضة الطالبين (7/ 340).

(4)

انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 255).

(5)

انظر: مجموع الفتاوى (32/ 209).

(6)

انظر: زاد المعاد (1/ 149).

(7)

انظر: المنتقى (9/ 338).

(8)

انظر: فتح الباري (10/ 84).

(9)

انظر: شعب الإيمان (5/ 109).

(10)

انظر: معالم السنن (4/ 254).

(11)

انظر: بحر المذهب (13/ 128).

(12)

انظر: المعلم بفوائد مسلم (3/ 114).

ص: 899

وأبو العباس أحمد بن عمر القرطبي

(1)

والنووي

(2)

وابن حجر

(3)

وابن الجوزي

(4)

والسخاوي

(5)

ومحمد بن أحمد السفاريني

(6)

وابن مفلح

(7)

وابن باز

(8)

.

قال النووي: إن قيل كيف يكون الشرب قائمًا مكروهًا وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالجواب أنَّ فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانًا للجواز لايكون مكروهًا بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مكروهًا

(9)

.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ النهي عن الشرب قائمًا - لغير النبي صلى الله عليه وسلم

(10)

- نهي تنزيه لا تحريم وبذلك نعمل الأدلة كلها وهذا الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم فلم يعترض علي رضي الله عنه على القائلين بالنهي عن الشرب قائمًا بعدم نهي النبي صلى الله عليه وسلم أو بالنسخ إنَّما استدل بشرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا والله أعلم.

(1)

انظر: المفهم (5/ 285).

(2)

انظر: روضة الطالبين (7/ 340) وفتاوى النووي ص: (73) وشرح مسلم (15/ 262).

(3)

انظر: فتح الباري (10/ 84).

(4)

انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 183).

(5)

انظر: الأجوبة المرضية (1/ 225).

(6)

انظر: غذاء الألباب (2/ 142).

(7)

انظر: الآداب الشرعية (3/ 174).

(8)

انظر: مجموع فتاوى ابن باز (25/ 276).

(9)

شرح مسلم (13/ 284).

(10)

شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا مستحب في حقه لأنَّه تبليغ ولا يقال بوجوبه لأنَّ التبليغ لا يتعين بالفعل والله أعلم.

ص: 900

‌حكم الشرب قائمًا

اختلف أهل العلم في حكم الشرب قائمًا على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الجواز: الظاهر أنَّه قول عمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم وروي عن عثمان وأبي هريرة رضي الله عنهما ونسب لأبي بكر

(1)

وابن عباس

(2)

وأبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنهم

(3)

وهو قول سالم بن عبد الله

(4)

وسعيد بن جبير وطاوس بن كيسان

(5)

وزاذان الكندي

(6)

وإبراهيم النخعي

(7)

وروي عن عامر بن شراحيل الشعبي

(8)

...............................................

(1)

انظر: المفهم (5/ 285) والمعونة (2/ 584).

(2)

انظر: نخب الأفكار (13/ 408).

(3)

انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 283).

(4)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 16) حدثنا وكيع، عن عباد بن منصور، قال:«رأيت سالمًا يشرب وهو قائم» إسناده حسن.

عباد بن منصور الناجي توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق رمي بالقدر وكان يدلس وتغير بأخره.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 17) حدثنا غندر، عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سألت طاووسًا، وسعيد بن جبير عن الشرب قائما؟ «فلم يريا به بأسًا» وإسناده صحيح. غندر هو محمد بن جعفر.

ورواه ابن أبي شيبة (8/ 18) حدثنا يحيى بن يمان، عن عبد الملك بن أبي سليمان، قال: قال لي سعيد بن جبير: «اشرب قائمًا» إسناده حسن.

يحيى بن يمان العجلي قال ابن حجر: صدوق عابد يخطاء كثيرًا وقد تغير وبقية رواته ثقات ويشهد له ما قبله.

(6)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 16) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن واقد، عن زاذان، قال:«لا بأس بالشرب قائمًا، والجلوس حلم» إسناده حسن.

أبو عبد الله واقد الكوفي مولى زيد بن خليدة أثنى عليه تلميذه الثوري خيرًا وقال النسائي: ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر صدوق.

قوله: «والجلوس حلم» هكذا في نسختي من طبعة الدار السلفية وطبعة القبلة (24590).

(7)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 16) حدثنا وكيع، عن عبد الرحمن بن عجلان، قال: سألت إبراهيم عنه؟ فقال: «لا بأس به، إن شئت قائمًا، وإن شئت قاعدًا» وإسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة (8/ 19) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال:«إنَّما كُرِه الشربُ قائمًا لداء يأخذ البطن» وإسناده صحيح. سفيان هو الثوري ومنصور هو ابن المعتمر.

(8)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 16) حدثنا يحيى بن سعيد، عن مجالد قال:«رأيت الشعبي يشرب قائمًا، وقاعدًا» إسناده ضعيف.

مجالد بن سعيد الأكثر على تضعيفه، كان ابن مهدي لا يروي عنه، وكان أحمد بن حنبل لا يراه شيئًا، وقال الدوري عن ابن معين: لا يحتج بحديثه، وسئل أبو حاتم يحتج بمجالد قال: لا، وقال النسائي: ليس بالقوي ووثقه مرة، وقال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة وعن غير جابر وعامة ما يرويه غير محفوظة، وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق وقال الدارقطني مجالد لا يعتبر به.

ص: 901

والحسن البصري

(1)

ونسب لسعيد بن المسيب ومجاهد بن جبر

(2)

وهو مذهب المالكية

(3)

والشافعية

(4)

والحنابلة

(5)

.

القول الثاني: يكره: وهو رأي أنس وروي عن جابر ونسب لأبي هريرة

(6)

رضي الله عنهم وهو أصح الروايتين عن الحسن البصري

(7)

وعامر بن شراحيل الشعبي

(8)

(1)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 18) - نسختي من الطبعة السلفية - حدثنا أبو الأحوص عن عبد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال: «رأيت الحسن يشرب وهو قائم» إسناده ضعيف.

عبد الله بن شريك العامري توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يتشيع، أفرط الجوزجاني فكذبه. وأبو مالك بشر بن غالب بن بشر الأسدي ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الأزدي مجهول.

وأبو الأحوص هو سلام بن سليم.

وأشار ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 355) إلى رواية بشر بن غالب عن الحسن فقال: كرهه الحسن البصري ذكره أبو بكر عن هشيم عن منصور عن الحسن وقد روي عنه خلاف ذلك ذكره أبو بكر قال حدثني أبو الأحوص عن عبد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال: «رأيت الحسن يشرب وهو قائم»

تنبيه: في نسختي من مصنف ابن أبي شيبة (12/ 280)(24598) طبعة دار القبلة تحقيق محمد عوامة حدثنا أبو الأحوص عن عبد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال: «رأيت الحسين شرب قائم» .

وبشر بن غالب له رواية عن الحسين بن علي رضي الله عنهما ولم أقف في كتب التراجم على روايته عن الحسن البصري والله أعلم.

(2)

انظر: نخب الأفكار (13/ 408).

(3)

انظر: الموطأ (2/ 925) والمعونة (2/ 584) والمقدمات (2/ 481) والرسالة مع شرحها لابن ناجي (2/ 806).

(4)

انظر: بحر المذهب (13/ 128) والعزيز (8/ 354) وروضة الطالبين (7/ 340) وأسنى المطالب (3/ 228).

(5)

انظر: الفروع (5/ 302) والمبدع (7/ 190) والإنصاف (8/ 330) والفوائد المنتخبات (2/ 111).

(6)

انظر: المحلى (6/ 519) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 199).

(7)

رواه ابن أبي شيبة (8/ 19) حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن؛ «أنَّه كان يكره الشرب قائمًا» رواته ثقات.

منصور هو ابن المعتمر.

(8)

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 274) فهد قد حدثنا قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا خالد، عن بيان، عن الشعبي قال:«إنَّما أكره الشرب قائمًا لأنَّه داء» رواته ثقات.

فهد هو ابن سليمان، وأبو غسان هو مالك بن إسماعيل النهدي، وخالد هو ابن عبد الله الطحان، وبيان هو ابن بشر.

ص: 902

وهو مذهب الأحناف

(1)

ورواية في مذهب الحنابلة

(2)

وهو أحد القولين للنووي

(3)

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(4)

.

ونقل إبراهيم بن محمد الحلبي إجماع العلماء على أنَّ الكراهة كراهة تنزيه لا تحريم

(5)

والصحيح لا إجماع في هذه المسألة.

القول الثالث: يحرم: قال به ابن حزم

(6)

وهو قول لبعض الأحناف

(7)

.

وعدَّ ابن الملقن القول بالتحريم شذوذًا

(8)

.

الترجيح: تقدم أنَّ النهي عن الشرب قائمًا نهي تنزيه فيكره الشرب قائمًا حال الاختيار والله أعلم.

(1)

انظر: الدر المختار (1/ 254) ومراقي الفلاح ص: (35) والمحيط البرهاني (1/ 49) والفتاوى الهندية (5/ 420).

(2)

انظر: الفروع (5/ 302) والمبدع (7/ 190) والإنصاف (8/ 330) والفوائد المنتخبات (2/ 111).

(3)

انظر: شرح مسلم (31/ 283) وروضة الطالبين (7/ 340) وأسنى المطالب (3/ 228).

(4)

انظر: الفروع (5/ 302).

(5)

انظر: منية المصلي ص: (32).

(6)

انظر: المحلى (6/ 519).

(7)

انظر: مجمع الأنهر (1/ 32).

(8)

انظر: التوضيح (27/ 201).

ص: 903

‌حكم استقاء من شرب قائمًا

قال أبو الوليد الباجي: لا خلاف فيه أنَّه لا يجب الاستقاء على من شرب قائمًا ناسيًا

(1)

وكذلك نقل الإجماع المازري

(2)

والقاضي عياض

(3)

وأبو العباس القرطبي

(4)

.

ويرى النووي الاستحباب فقال: يستحب لمن شرب قائمًا أن يتقايأه

(5)

والاستحباب لا ينافي عدم الوجوب فيبقى الإجماع على عدم الوجوب وتقدم أنَّ الأمر بالاستقاء لا يصح فلا يستحب والله أعلم.

(1)

المنتقى (9/ 338).

(2)

انظر: المعلم (3/ 114).

(3)

انظر: إكمال المعلم (6/ 491).

(4)

انظر: المفهم (5/ 286).

(5)

انظر: شرح مسلم (13/ 284).

ص: 904

‌حكم الأكل قائمًا

قال القاضي عياض: لا خلاف فى جواز الأكل قائمًا وإن كان قتادة قال: فقلنا: فالأكل، قال:«ذلك أشر وأخبث» لكن حكى بعض شيوخنا أنَّه لا خلاف فى جواز الأكل

(1)

.

وقال القرطبي: لا خلاف في جواز الأكل قائمًا، وإن كان قتادة قال:«أشر وأخبث»

(2)

.

وابن حزم يرى جواز الأكل قائمًا

(3)

وتوجه الكراهة عند الحنابلة

(4)

.

ولم أقف على من قال بكراهة الأكل قائمًا غير ما ذكر.

(1)

إكمال المعلم (6/ 491).

(2)

المفهم (5/ 286).

(3)

قال في المحلى (6/ 519) لا يحل الشرب قائمًا، وأما الأكل قائمًا فمباح.

(4)

قال ابن مفلح الجد في الفروع (5/ 302) ظاهر كلامهم لا يكره أكله قائمًا، ويتوجه كشرب، قاله شيخنا.

وانظر: الآداب الشرعية (3/ 174).

ص: 905

‌الفصل الثاني

تبديل الثياب عند النوم

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58].

قال الزمخشري: قبل صلاة الفجر، لأنَّه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة. وبالظهيرة، لأنَّها وقت وضع الثياب للقائلة. وبعد صلاة العشاء لأنَّه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم

(1)

.

وعن عبد الله بن سويد قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث: فقال: «إِذَا وَضَعْثُ ثِيَابِيَ بَعْدَ الظُّهْرِ، لَمْ يَلِجْ أَحَدٌ مِنَ الْخَدَمِ - الَّذِينَ بَلَغُوا الْحُلُمَ، وَلَا مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ - الْأَحْرَارِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَإِذَا وَضَعْتُ ثِيَابِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَقَبْلَ الْغَدَاةِ»

(2)

.

(1)

الكشاف (3/ 253). وانظر: تفسير القرطبي (12/ 200) وتفسير النسفي (2/ 517) والبحر المحيط (8/ 68).

(2)

رواه البغوي في معجم الصحابة (1634) - وعنه ابن قانع في معجمه (2/ 139) - حدثني الحسن بن إسرائيل النهرتيري نا عبد الله بن وهب المصري عن قرة يعني ابن عبد الرحمن بن حيويل عن ابن شهاب عن ثعلبة بن مالك أو ابن أبي مالك القاضي - كذا قال - عن عبد الله بن سويد قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث فذكره إسناده ضعيف.

قرة بن عبد الرحمن بن حيويل ويقال: ابن حيويل ضعيف قال أحمد منكر الحديث جدًا وضعفه ابن معين وقال أبو زرعة الأحاديث التي يرويها مناكير وقال أبو حاتم والنسائي ليس بقوي وقال أبو داود في حديثه نكارة وقال ابن عدي لم أر له حديثًا منكرًا جدًا وأرجو أنَّه لا بأس به.

فتفرده بالحديث واضطرابه فيه فتارة يرفعه وتارة يجعله موقوفًا يدل على نكارته والله أعلم. وشيخ البغوي لم أقف له على ترجمة.

قال البغوي: هكذا حدثني الحسن بن إسرائيل بهذا الحديث مرفوعًا ويقال: إنَّه وهم. وقال ابن قانع: كذا قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنَّما الصحيح من قول عبد الله بن سويد. ويأتي الخلاف في صحبة عبد الله بن سويد.

وابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

وروا الطبري في تفسيره (18/ 124) حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، والبخاري في الأدب المفرد (1052) حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب عن ثعلبة، بن أبي مالك القرظي: أنَّه سأل عبد الله بن سويد الحارثي فذكره موقوفًا. رواته ثقات.

فرواه صالح بن كيسان، عن ابن شهاب عن ثعلبة، عن عبد الله بن سويد موقوفًا وتابع عقيلُ بن خالد ومحمدُ بن إسحاق صالح بن كيسان عن الزهري موقوفًا فالمحفوظ رواية الوقف.

عبد العزيز بن عبد الله هو الأويسي. وإبراهيم بن سعد هو حفيد عبد الرحمن بن عوف.

قال ابن حجر في الإصابة (2/ 323) عبد الله بن سويد الأنصاري الحارثي قال البخاري، وابن أبي حاتم، وابن السكن، وابن حبان له صحبة. وروى ابن مندة، من طريق عقيل، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي مالك أنَّه سأل عبد الله بن سويد الحارثي عن العورات الثلاث. قال ابن مندة: ورواه ابن إسحاق، وقرة، عن الزهري، عن ثعلبة أنَّه سأل عبد الله ابن سويد وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قلت [ابن حجر]: لكن عند البغوي وابن السكن وابن قانع من طريق قرة عن الزهري سويد بخلاف عبد الله، والأول أصح.

قال البغوي: يقال: إنَّ الثاني وهم، ثم رواه من وجه آخر عن قرة على الصواب. وقال ابن السكن: رأيته في روايات أصحاب ابن وهب موقوفًا، ورفعه بعضهم، ولا أدري من أخطأ فيه. وقال أبو أحمد العسكري: هو ابن أخي أم حميد زوج أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما، وله عنها رواية، ولم يصحح بعضهم صحبته.

قلت [ابن حجر]: ما عرفت من ذكر ابن أخي حميد في الصحابة. قال البخاري في التاريخ: عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد رضي الله عنها، وعنه داود بن قيس، وكذا ذكره ابن أبي حاتم وابن حبان في التابعين.

فالمحفوظ ما تقدم عن البغوي وابن قانع وابن حجر رواية الوقف لكن يبقى الخلاف في صحية عبد الله بن سويد.

ص: 907

ولا يصح رفعه إنَّما هو موقوف أو مقطوع للخلاف في صحبة عبد الله بن سويد.

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فصلى العشاء ثم جاء فطرح ثوبه ثم دخل مع امرأته في ثيابها» وهي رواية شاذة

(1)

.

وفي رواية «صلى العشاء الآخرة، فأخذ خرقة فتوزر بها، وألقى ثوبه، ودخل معها لحافها» وهي رواية منكرة»

(2)

.

فلم أقف على حديث صحيح صريح على تبديل الثياب للنوم - وفوق كل ذي علم عليم - لكن دل القرآن على ذلك وكانت هذه عادة العرب في الجاهلية والإسلام.

قال امرئ القيس:

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لنَومٍ ثيابَها لَدَى السِّتْر إلّا لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ

(3)

.

(1)

انظر: (ص: (131.

(2)

انظر: (ص: (131.

(3)

انظر: شرح المعلقات السبع للزَّوْزَني.

ص: 908

‌الفصل الثالث

استحباب اضطجاع النائم على شقه الأيمن

الدليل الأول: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ»

(1)

.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبِّي بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ»

(2)

.

الدليل الثالث: عن كريب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

«ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن» وفي رواية: «ثم اضطجع فنام حتى نفخ» وهي رواية شاذة

الليل الرابع: عن طلحة بن نافع، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:«ثم ركع ركعتي الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة» وهي رواية منكرة.

قال ابن القيم: أنفع النوم أن ينام على الشق الأيمن؛ ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقرارا حسنًا، فإنَّ المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلًا، ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلًا ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن؛ ليكون الغذاء أسرع انحدارًا عن المعدة، فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايته، وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه، فتنصب إليه المواد

(3)

.

(1)

رواه البخاري (247) ومسلم (2710).

(2)

رواه مسلم (2714).

(3)

زاد المعاد (4/ 240).

ص: 909

‌الفصل الرابع

الترحيب

ص: 911

‌تمهيد

1: تعريف الترحيب.

2: حكم الترحيب.

3: إعراب مرحبًا.

ص: 913

‌تعريف الترحيب:

الرُّحْب، والرَّحْب: السَّعَة، ومنه فلان رحب الصدر وسميت رحبة المسجد رحبة لاتساعها ومرحبًا لقيت سعة لا ضيقًا

(1)

.

‌حكم الترحيب

دل الكتاب والسنة على استحباب الترحيب:

الدليل الأول: قوله تعالى: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ} [ص: 59 - 60].

الدليل الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إنَّ وفد عبد القيس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مَنِ الوَفْدُ أَوْ مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: ربيعة فقال: «مَرْحَبًا بِالقَوْمِ أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى»

(2)

.

الدليل الثالث: في حديث عائشة رضي الله عنها «فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فلما رآها رحب بها، فقال: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله

»

(3)

.

الدليل الرابع: عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: «ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة رضي الله عنها ابنته تستره، قالت: فسلمت عليه، فقال: «مَنْ هَذِهِ؟» ، فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ»

»

(4)

.

فهذه بعض أحاديث الصحيحين في الترحيب. وبوب البخاري في صحيحه على حديثي ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم باب قول الرجل: مرحبًا.

الدليل الخامس: جاء في رواية منصور بن المعتمر عن علي بن عبد الله بن

(1)

انظر: مشارق الأنوار (1/ 285) والنهاية في غريب الحديث (2/ 207) والزاهر (1/ 234) والصحاح (1/ 134).

(2)

رواه البخاري (87) ومسلم (17).

(3)

رواه البخاري (6285) ومسلم (2450).

(4)

رواه البخاري (357) ومسلم (336).

ص: 914

عباس عن أبيه رضي الله عنهما: «مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟» وهي رواية منكرة

(1)

ولم أقف على الترحيب في حديث ابن عباس رضي الله عنهما إلا في هذه الرواية والله أعلم.

‌إعراب مرحبًا

للنحاة في إعراب مرحبًا وجهان:

1: مفعول به لفعل محذوف وجوبًا والتقدير صادفت أو أصبت رُحبًا وقيل رحب الله بك

(2)

.

2: مصدر لفعل محذوف من لفظه فتقديره رَحبَت مرحبًا

(3)

.

فجعلت العرب هذه الأسماء عوضًا من الأفعال؛ لكثرة دورانها على الألسن.

(1)

انظر: (ص: 166).

(2)

انظر: علل النحو ص: (363) وشرح المفصل (1/ 396) وشرح الأشمونى على الألفية (3/ 89) وعقود الزبرجد (1/ 137).

(3)

انظر: علل النحو ص: (363) والدر المصون (9/ 392) ورياض الأفهام شرح العمدة (1/ 578) وعقود الزبرجد (1/ 137).

ص: 915

‌الفصل الخامس

التفدية بالأبوين وبالنفس

تحرير محل الخلاف: قال ابن العطار تفدية النبي صلى الله عليه وسلم بالآباء والأمهات وهو مجمع عليه وهل يجوز تفدية غيره من المؤمنين؟ على ثلاثة مذاهب

وله أن يفدِّي من شاء

(1)

.

لأهل العلم في مسألة التفدية - في الجملة - قولان قول بالجواز وقول بالمنع.

القول الأول: جواز التفدية بالأبوين والنفس: وهو رأى الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ولم أقف على خلاف صحيح عنهم في كراهته وهو مذهب الأحناف

(2)

واختاره ابن جرير الطبري

(3)

وابن أبي عاصم

(4)

والبيهقي

(5)

والقاضي عياض

(6)

وابن بطال

(7)

والشافعية ومنهم النووي - ونسبه لجمهور العلماء -

(8)

وابن القيم

(9)

وابن الملقن

(10)

وابن حجر

(11)

وابن رجب

(12)

ومحمد بن أحمد السفاريني

(13)

وأحد

(1)

العدة في شرح العمدة (1// 445).

(2)

انظر: شرح مشكل الآثار (14279) وعمدة القارئ (11/ 437) والمعتصر من المختصر (2/ 363) ومرقاة المفاتيح (1/ 114).

(3)

انظر: تهذيب الآثار مسند علي رضي الله عنه ص: (111).

(4)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/ 569)(قوله باب قول الرجل جعلني الله فداك) أي هل يباح أو يكره وقد استوعب الأخبار الدالة على الجواز أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتابه آداب الحكماء [لم أقف عليه] وجزم بجواز ذلك فقال للمرء أن يقول ذلك لسلطانه ولكبيره ولذوي العلم ولمن أحب من إخوانه غير محظور عليه ذلك بل يثاب عليه إذا قصد توقيره واستعطافه ولو كان ذلك محظورًا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم قائل ذلك ولأعلمه أنَّ ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره.

(5)

انظر: شعب الإيمان (6/ 459).

(6)

انظر: بغية الرائد ص: (171) وإكمال المعلم (6/ 204).

(7)

انظر: شرح البخارى لابن بطال (9/ 341).

(8)

انظر: شرح مسلم (15/ 262) والأذكار ص: (459).

(9)

انظر: بدائع الفوائد (3/ 212).

(10)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 626).

(11)

انظر: فتح الباري (2/ 229، 468).

(12)

انظر: فتح الباري (6/ 376)(9/ 52).

(13)

انظر: غذاء الألباب (1/ 298).

ص: 917

القولين لشيخنا محمد العثيمين

(1)

.

الدليل الأول: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أُخبِر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أنَّي أقول: والله لأصومنَّ النهار، ولأقومنَّ الليل ما عشت، فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي

»

(2)

.

الدليل الثاني: عن أبي ذر رضي الله عنه، قال:«انتهيت إليه وهو في ظل الكعبة، يقول: «هُمْ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، هُمْ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قلت: ما شأني أيرى في شيء، ما شأني؟ فجلست إليه وهو يقول، فما استطعت أن أسكت، وتغشاني ما شاء الله، فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: «الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا إِلا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا»

(3)

.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كبر في الصلاة، سكت هنية قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال أقول: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ،

»

(4)

.

الدليل الرابع: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر فقال:«عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الْمُخَيَّر، وكان أبو بكر رضي الله عنه أعلمنا به»

(5)

.

الدليل الخامس: في حديث عائشة رضي الله عنها، في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: «فجاء أبو بكر رضي الله عنه فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله، قال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًا وميتًا

»

(6)

.

(1)

قال في فتح ذي الجلال والإكرام (3/ 96) هل يُفدى غير النبي صلى الله عليه وسلم بالأبوين؟ الجواب: نعم، إذا كان الذي افتديته بالأبوين له مقام في الإسلام من علم أو مال أو ما أشبه ذلك.

(2)

رواه البخاري (1976) ومسلم (1159).

(3)

رواه البخاري (6638) ومسلم (990).

(4)

رواه البخاري (744) ومسلم (598).

(5)

رواه البخاري (3904) ومسلم (2382).

(6)

رواه البخاري (2670).

ص: 918

الدليل السادس: قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: فإنَّ أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

(1)

.

الدليل السابع: في حديث أنس رضي الله عنه حينما عثرت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبو طلحة رضي الله عنه يا نبي الله جعلني الله فداك، هل أصابك من شيء؟ قال:«لَا، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ»

(2)

.

الدليل الثامن: في حديث عائشة رضي الله عنها في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في ليلتها قالت: قال: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً" قالت: قلت: لا شيء، قال: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته،

(3)

.

وجه الاستدلال: في أحاديث كثيرة

(4)

- اكتفيت بما يحضرني من أحاديث الصحيحين - فدَّى الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنفسهم وآبائهم وأمهاتهم وأولادهم ولم ينكر على أحد منهم أو ينهاهم عن أن يفدوا غيره

(5)

.

الرد: لم يختلف في تفدية النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا يصح قياس غير النبي صلى الله عليه وسلم عليه.

الجواب: الأصل استواء النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته بالأحكام وعدم الخصوصية وهذا الذي فهمه السلف

(6)

.

الدليل الثامن: عن سعد بن أبي وقاص، قال:«نثل لي النبي صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد، فقال «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»

(7)

.

الدليل التاسع: عن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،: «مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ

(1)

رواه البخاري (4141) ومسلم (2490) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2)

رواه البخاري (6185).

(3)

رواه مسلم (974).

(4)

قال السفاريني في غذاء الألباب (1/ 298): المعتمد لا كراهة إن شاء الله تعالى لصحة الأخبار، وكثرتها عن المختار، فإنَّها كادت تجاوز حد الحصر.

(5)

انظر: شرح البخارى لابن بطال (9/ 341) وغذاء الألباب (1/ 297).

(6)

انظر:. فتح الباري (10/ 569).

(7)

رواه البخاري (4055) ومسلم (2412).

ص: 919

فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ». فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه فقال:«فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»

(1)

.

وجه الاستدلال: فدَّى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه رضي الله عنهم بأبويه فدل على جوازه.

الرد من وجهين:

الأول: لم يختلف في جوازه للنبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: تقدم الأصل عدم الخصوصية.

الثاني: فدَّى النبي صلى الله عليه وسلم بأبويه لأنَّهما مشركان

(2)

.

الجواب: فدَّى بعض الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بآبائهم المؤمنين كأبي بكر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم

(3)

.

الدليل العاشر: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لعلقمة: «رتل فداك أبي وأمي»

(4)

.

(1)

رواه البخاري (3720) ومسلم (2416).

(2)

انظر: أعلام الحديث (2/ 1397) وبغية الرائد ص: (173).

(3)

انظر: شرح البخارى لابن بطال (9/ 341) وبغية الرائد ص: (173).

(4)

الأثر مداره على إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ورواه عن إبراهيم النخعي:

1: منصور بن المعتمر. 2: سليمان بن مهران. 3: مقسم بن مغيرة. 4: حماد بن أبي سليمان.

الرواية الأولى: رواية منصور بن المعتمر: رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 149) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة أنَّه كان يقرأ على عبد الله رضي الله عنه وكان علقمة حسن الصوت - فقال لعلقمة: «رتل فداك أبي وأمي» وإسناده صحيح.

إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

الرواية الثانية: رواية سليمان بن مهران الأعمش: رواه البخاري في خلق أفعال العباد ص: (69) حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو شهاب والعجلي في ثقاته ص:(340) حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان وابن أبي خيثمة في تاريخه (3943) حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان والطبراني في الكبير (9/ 140) حدثنا محمد بن النضر الأزدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة وابن أبي خيثمة في تاريخه (3946) حدثنا محمد بن يزيد، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة يروونه عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قال لي عبد الله رضي الله عنه: فقال لعلقمة: «اقرأ» ، فقرأت، فقال:«رتل فداك أبي وأمي» ورواته ثقات.

محمد بن يزيد العجلي ضعيف وبقية رواته ثقات.

أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس نسب لجده. وأبو شهاب هو عبد ربه بن نافع. ومحمد بن يوسف هو الفريابي. وسفيان هو الثوري. ومعاوية بن عمرو هو الأزدي. وحسين بن علي هو الجعفي.

تنبيه: في رواية البخاري «وكان علقمة حسن الصوت» وفي رواية زائدة بن قدامة «فأعجبه صوتي» .

الرواية الثالثة: رواية مغيرة بن مقسم: رواه ابن أبي شيبة (235) ومحمد بن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 147) قال: أخبرنا الفضل بن دكين وابن أبي خيثمة في تاريخه (3945) حدثنا ابن الأصبهاني، قالوا: حدثنا أبو الأحوص ورواه سعيد بن منصور في تفسيره (54) قال: نا هشيم وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص: (157) حدثنا جرير، يروونه - أبو الأحوص سلام بن سليم وهشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد - عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قرأت على عبد الله رضي الله عنه، فقال:«رتل فداك أبي وأمي، فإنَّه زين القرآن» ورواته ثقات.

لكن قال: أبو حاتم عن أحمد بن حنبل حديث مغيرة مدخول عامة ماروى عن إبراهيم إنَّما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وعبيدة وغيرهم. قال وجعل يضعف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده.

ولم يصرح مغيره في الروايات السابقة بسماعه من إبراهيم النخعي.

وابن الأصبهاني هو محمد بن سعيد الملقب بحمدان.

تنبيه: في رواية سعيد بن منصور «وكان حسن الصوت» وفي رواية أبي عبيد: «قرأ علقمة على عبد الله، رضي الله عنه فكأنَّه عجل» .

الرواية الرابعة: رواية حماد بن أبي سليمان: رواه محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 150) والبزار (1553) حدثنا محمد بن يحيى القطعي ومحمد بن نصر في مختصر قيام الليل ص: (120) حدثنا محمد بن يحيى وابن عدي في الكامل (3/ 366) ثنا محمد بن خلف بن المرزبان ثنا محمد بن سليمان قالوا: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سعيد بن زربي ثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: «كنت رجلًا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن فكان عبد الله رضي الله عنه يستقريني ويقول: «اقرأ فداك أبي وأمي وإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ يَزِينُ الْقُرْآنَ» وإسناده ضعيف جدًا.

سعيد بن زربي ضعفه شديد قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: عنده عجائب. وضعفه أبو داود. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: عنده عجائب من المناكير.

قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه إلا سعيد بن زربي، وسعيد بن زربي هذا فليس بالقوي.

فتفرد سعيدُ بن زربي برفع: قوله: «إِنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ يَزِينُ الْقُرْآنَ» فهي زيادة منكرة والله أعلم.

تنبيهان:

الأول: في رواية محمد بن نصر: ثنا سعيد بن زربي، ثنا خالد، عن إبراهيم

فقوله: ثنا خالد تصحيف والله أعلم.

الثاني: في رواية البزار المرفوع فقط.

ص: 920

وجه الاستدلال: فدَّى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه علقمة بن قيس بأبويه وأمه مسلمة فدل على جوازه.

ص: 921

الدليل الحادي عشر: قال أبو رافع نفيع بن رافع: قالت لي مولاتي ليلى ابنة العجماء: «كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي، وهي يهودية ونصرانية إن لم تطلق زوجتك قال: فأتيت زينب ابنة أم سلمة رضي الله عنهم،

فجاءت معي إليها،

فقالت: يا زينب جعلني الله فداك،

قال: فأتيت حفصة رضي الله عنها فأرسلت معي إليها، فقالت: يا أم المؤمنين جعلني الله فداك،

فأتيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فانطلق معي إليها فلما سلم عرفت صوته، فقالت: بأبي أنت وبآبائي أبوك، فقال:«أمن حجارة أنت أم من حديد أم من أي شيء أنت؟ أفتتك زينب، وأفتتك أم المؤمنين، فلم تقبلي منهما» قالت: يا أبا عبد الرحمن، جعلني الله فداك،

»

(1)

.

وجه الاستدلال: أقر الصحابة رضي الله عنهم من فداهم بنفسه وأبيه وأمه

(2)

.

الدليل الثاني عشر: ليس جعلهما فداءً له الحقيقة وإنَّما المراد الإيناس للمخاطب وإظهار المحبة وهذا مطلوب شرعًا

(3)

.

القول الثاني: خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم: قال ابن حجر: زعم بعضهم أنَّه من خصائصه صلى الله عليه وسلم

(4)

ولم يسمهم وهو أحد القولين لشيخنا محمد العثيمين لأنَّ بر الأبوين واجب ولا يمكن جعلهما فداءً لمن دونهما في البر

(5)

.

وتقدمت الإجابة على هذا الإيراد.

القول الثالث: يجوز تفدية العلماء الصالحين ولا يجوز تفدية غيرهم ذكره ابن العطار ولم ينسبه

(6)

.

(1)

رواه عبد الرزاق (16000) عن ابن التيمي، عن أبيه، عن بكر بن عبد الله المزني قال: أخبرني أبو رافع قال: فذكره وإسناده صحيح. وابن التيمي هو سليمان بن طرخان وابنه المعتمر. وصححه ابن حزم في المحلى (8/ 8).

(2)

انظر: الأذكار للنووي ص: (459) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 626).

(3)

انظر: المعتصر من المختصر (2/ 363) وعمدة القاري (11/ 437) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 626) والفتوحات الربانية (6/ 60).

(4)

فتح الباري (2/ 229).

(5)

انظر: التعليق على صحيح البخاري (3/ 343)

(6)

انظر: العدة في شرح العمدة (1/ 445).

ص: 922

لأنَّهم ورثت النبي صلى الله عليه وسلم فيقاسون عليه وتقدمت الأدلة والإجابة عليها.

القول الرابع: تكره التفدية بالنفس دون الأبوين: روي عن عمر رضي الله عنه والحسن البصري - ويأتي - وهو مذهب مالك

(1)

وأحمد

(2)

.

الدليل الأول: روي عن الزبير رضي الله عنه أنَّه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشتكي، فقال: ما أكثر ما نعهدك جعلني الله فداك فقال له: «أَمَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ؟»

(3)

.

(1)

انظر: الجامع لمسائل المدونة (24/ 265) وعمدة الكتاب للنحاس ص: (220) والأذكار للنووي ص: (459) والآداب الشرعية (1/ 415).

(2)

قال أحمد أكره أن يقول جعلني الله فداك، ولا بأس أن يقول فداك أبي وأمي.

انظر: الآداب الشرعية (1/ 416) وغذاء الألباب (1/ 297).

(3)

الحديث روي من مرسل:

1: الحسن البصري. 2: محمد بن المنكدر.

أولًا: مرسل الحسن البصري رواه:

1: ابن جرير في تهذيب الآثار مسند علي (182) حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن سوار بن عبد الله، عن الحسن، أنَّ الزبير رضي الله عنه، دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكره أو كما قال: مرسل رواته محتج بهم.

سوار بن عبد الله بن قدامة التميمي ذكره ابن حبان في ثقاته وقال العجلي في ثقاته ثبت في الحديث وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر في جرحًا ولا تعديلًا وقال الثوري ليس بشيء وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا بأس به. وبقية رواته ثقات.

ويعقوب بن إبراهيم هو الدورقي وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

2: ابن جرير في تهذيب الآثار مسند علي (180) حدثني يحيى بن داود الواسطي قال: حدثنا أبو أسامة، قال: أخبرني مبارك، عن الحسن، قال:«دخل الزبير رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاكٍ، فقال: كيف تجدك، جعلني الله فداك؟ فقال له: «أَمَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ؟» . قال الحسن: «لا ينبغي أن يفدي أحد أحدًا» مرسل إسناده ضعيف.

مبارك بن فضالة مدلس، قال أبو زرعة: يدلس كثيرًا، فإذا قال حدثنا فهو ثقة، وقال أبو داود: إذا قال حدثنا فهو ثبت وكان يدلس، وقال مرة: كان شديد التدليس. وبقية رواته ثقات.

وفي هذه الرواية تفرد مبارك بن فضالة بزيادة قول الحسن: «لا ينبغي أن يفدي أحد أحدًا»

وأبو أسامة هو حماد بن أبي أسامة.

ورواه البيهقي في شعب الإيمان (6/ 459) بإسناده عن مبارك بن فضالة وقال: هذا منقطع.

3: ابن جرير في تهذيب الآثار مسند علي (181) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هارون بن المغيرة، عن إسماعيل، عن الحسن، قال: قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: كيف أصبحت يا نبي الله، جعلني الله فداك؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَمَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ، يَا زُبَيْرُ» ؟ مرسل إسناده ضعيف.

محمد بن حميد الرازي وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات، وقال ابن وارة: كذاب ولم يتفرد به. وإسماعيل بن مسلم المكي ضعفه شديد قال الإمام أحمد: منكر الحديث. لكن توبع.

ثانيًا: مرسل محمد بن المنكدر: رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند علي (183)، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن منكدر، عن أبيه، قال: دخل الزبير رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أصبحت، جعلني الله فداك؟ فقال:«أَمَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ» ؟ مرسل إسناده ضعيف.

المنكدر بن محمد بن المنكدر ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: كان من خيار عباد الله ممن اشتغل بالتقشف وقطعته العبادة عن مراعاة الحفظ والتعاهد في الإتقان فكان يأتي بالشيء الذي لا أصل له عن أبيه توهمًا فلما ظهر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بأخباره. وبقية رواته ثقات.

ومحمد بن المنكدر من الطبقة الوسطى من التابعين فروايته عن صغار الصحابة رضي الله عنهم.

فالذي يظهر لي أنَّ الحديث في أحسن أحواله شاذ إن لم يكن منكرًا.

قال ابن جرير هذه أخبار واهية الأسانيد، لا تثبت بمثلها في الدين حجة، وذلك أنَّ مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع، وأنَّه إذا وصلت الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون. ومن كان كذلك فيما يروي من الأخبار، فإنَّ الواجب عندنا أن نتثبت في مراسيله، وأنَّ المنكدر بن محمد عند أهل النقل ممن لا يعتمد على نقله. وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (6/ 204): رويت فى ذلك آثار ولم تثبت. وضعف الحديث ابن الملقن في التوضيح (17/ 627).

ص: 923

وجه الاستدلال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم التفدية بالنفس من عمل الأعراب وهذه صفة ذم فدل على الكراهة.

الرد: الحديث لا يصح.

الدليل الثاني: عن جابر الجعفي، قال: قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «جعلني الله فداك، قال: «إذن يهينك الله»

(1)

.

وجه الاستدلال: كره عمر رضي الله عنه التفدية بالنفس.

الرد: الأثر لا يصح.

القول الخامس: تكره التفدية بالأبوين دون النفس: ذكره النووي ولم ينسبه

(1)

رواه الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (184) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا أبو حمزة، عن جابر، قال: فذكره مرسل إسناده ضعيف.

تقدم قريبًا أنَّ محمد بن حميد الرازي ضعيف. وجابر بن يزيد الجعفي ضعيف وغلبة الظن أنَّ روايته عن عمر رضي الله عنه مرسلة فهو من صغار التابعين والله أعلم.

وأبو حمزة هو محمد بن ميمون السكري.

ص: 924

لقائله

(1)

.

القول السادس: تجوز التفدية بالأبوين الكافرين دون المسلمين: قال به الخطابي

(2)

وأبو بكر بن العربي والسهيلي

(3)

.

الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» .

الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم للزبير رضي الله عنه: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» .

وجه الاستدلال: فدَّى النبي صلى الله عليه وسلم بأبويه لأنَّهما كافرين.

الرد: تقدم تفدية الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بآبائهم وأمهاتهم وبعضهم مسلمون وكذلك فدَّى بعض الصحابة رضي الله عنهم بعض التابعين وفدى بعض التابعين بعض الصحابة رضي الله عنهم بآبائهم وأمهاتهم من غير نكير.

الدليل الثالث: لأنّه كالعقوق للأبوين.

الرد من وجوه:

الأول: عقوق الأبوين محرم مطلقًا سواء كانا مسلمين أو كافرين فعلى هذا التعليل تحرم التفدية بالأبوين مطلقًا ولم أقف على أحد قال بذلك.

الثاني: التفدية نقلت بالعرف عن وضعها الأول وصارت علامة على الرضا والمحبة وكأنَّه قال أفعل كذا مغبوطًا مرضيًا عنك

(4)

.

الثالث: ليس المراد حقيقة الفداء وإنَّما إيناس المخاطب وبيان منزلته

(5)

.

(1)

قال النووي في الأذكار ص: (459) كره ذلك بعض العلماء إذا كانا مسلمين. وانظر: غذاء الألباب (1/ 297).

(2)

قال في أعلام الحديث (2/ 1397) جاز ذلك، لأنَّ والديه ماتا كافرين، وسعد رجل مسلم، ينصر الدين، ويقاتل الكفار، فتفديته بكل كافر جائز غير محظور.

(3)

قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (4/ 245) قال السهيلي وفقه هذا الحديث أنَّ هذا الكلام جائز لمن كان أبواه غير مؤمنين، وأمّا إذا كانا مؤمنين فلا، لأنّه كالعقوق لهما، كذلك سمعت شيخنا أبابكر بن العربيّ.

(4)

انظر: بدائع الفوائد (3/ 212).

(5)

انظر: شرح النووي على مسلم (15/ 262) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 626).

ص: 925

الترجيح: الذي يترجح لي جواز التفدية بالأبوين والنفس لمن كان أهلًا لذلك ويكون مستحبًا إذا ترتب على ذلك مصلحة شرعية والله أعلم.

تنبيه: التفدية مشهورة عند عوام نجد وخصوصًا النساء يقولون: يا بعدي ويا بعد أمي وابوي ويا خلف أمي وابوي.

ص: 926

الفصل السادس

وجوب الوفاء بالوعد

الذي يظهر لي أنَّ الوعد يلزم ويجب الوفاء به مطلقًا، علقه الواعد على شيء، كقوله: إذا سكنت بيتك الجديد فعلي تأثيثه أو أطلق.

الدليل الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]

وجه الاستدلال: عدم الوفاء بالقول ممقوت عند الله فدل ذلك على وجوب الوفاء بالوعد

(1)

.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].

وجه الاستدلال: من العهد الوعد فيجب الوفاء به

(2)

.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»

(3)

.

وجه الاستدلال: يحرم الاتصاف بصفات المنافقين

(4)

.

الدليل الرابع: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد العباس رضي الله عنه ذودًا من الإبل»

(5)

.

وجه الاستدلال: طالب العباس رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالذود التي وعده إياها.

الرد: الرواية منكرة.

(1)

انظر: فتح الباري (5/ 290).

(2)

انظر: أضواء البيان (4/ 323) وتيسير الكريم الرحمن ص (218، 477).

(3)

رواه البخاري (33) ومسلم (59).

(4)

انظر: فتح الباري (5/ 290).

(5)

انظر: (ص: 113).

ص: 927

والقول بوجوب الوفاء بالوعد قول في مذهب الإمام مالك

(1)

، وقول لبعض الشافعية

(2)

، ووجه في مذهب الإمام أحمد

(3)

، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

(4)

، والشنقيطي

(5)

وشيخنا العثيمين

(6)

.

(1)

انظر: مواهب الجليل (5/ 298).

(2)

انظر: التماس السعد بالوفاء بالوعد ص (61 - 62).

(3)

انظر: الاختيارات ص (331) والإنصاف (11/ 152).

(4)

انظر: الاختيارات ص (331).

(5)

انظر: أضواء البيان (4/ 328).

(6)

انظر: الشرح الممتع (9/ 132، 135).

ص: 928

‌الفصل السابع

اليمين المستحبة

اليمين تجري فيها الأحكام الخمسة

(1)

وتكون اليمين مستحبة إذا تعلق بها مصلحة دينية أو دنيوية

فالوسائل لها أحكام المقاصد، وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالحلف في ثلاثة مواضع من كتابه فقال تعالى:

1: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس: 53].

2: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3].

3: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7].

وكثيرًا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف ليؤكد بيمينه خبرًا دينيًا، ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في قصة المرأة التي سرقت «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»

(2)

.

ومنه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما «وكانت ميمونة رضي الله عنها حائضًا، فقامت فتوضأت، ثم قعدت خلفه تذكر الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ» ؟ قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال:«إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ» وهي رواية منكرة

(3)

.

ومن اليمين المباحة ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: والله لأرمقنَّ الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواته محتج بهم

(4)

2: وقال: «قُمْ» ، فوالله ما كنت بنائم، فقمت وتوضأت» وإسناده ضعيف

(5)

.

3: قوله «والله لأفعلنَّ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت» وإسناده ضعيف

(6)

.

(1)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (3/ 310).

(2)

رواه البخاري (6787) ومسلم (1688).

(3)

انظر: (ص: 261).

(4)

انظر: (ص: 30).

(5)

انظر: (ص: 94).

(6)

انظر: (ص: 99).

ص: 929

‌الفصل الثامن

فضائل ابن عباس رضي الله عنهما

-

‌تمهيد

1: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما.

2: ألفاظ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما.

3: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما عندما وضع له وَضُوءه.

4: تأنيس النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما مع دعائه له.

5: ما يروى من قول النبي صلى الله عليه وسلم شيخ قريش.

ص: 931

‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما

-

جاء من حديث ابن عباس وحديث ابن عمر رضي الله عنهم

أولًا: حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

1: عبيد الله بن أبي يزيد. 2: عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما. 3: عطاء بن أبي رباح. 4: سعيد بن جبير. 5: كريب. 6: عمرو بن دينار. 7: مجاهد بن جبر. 8: أبو الزبير. 9: عبد المؤمن الأنصاري 10: طاوس بن كيسان. 11: ميمون بن مهران. 12: أبو جهضم موسى بن سالم. 13: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.

أولًا: رواية عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما: رواه البخاري (143) حدثنا عبد الله بن محمد ومسلم (138)(2477) حدثنا زهير بن حرب، وأبو بكر بن النضر قالوا: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا ورقاء، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء، فوضعت له وضوءًا قال:«مَنْ وَضَعَ هَذَا؟» فأُخْبِر فقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» .

ثانيًا: رواية عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواه عنه:

1: خالد بن مِهْران الحذاء. 2: شبيب بن بشر. 3: أبو إسحاق السبيعي. 4: جابر بن يزيد الجعفي.

الأول: خالد بن مِهْران الحذاء رواه عنه:

1: عبد الوارث بن سعيد: رواه البخاري (75) حدثنا أبو معمر والبخاري (3756) حدثنا مسدد ورواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار - مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (164) - والنسائي في الكبرى (8179) قالا حدثنا عمران بن موسى القزار قالوا حدثنا عبد الوارث عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» .

تنبيه: رواية مسدد والنسائي «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ» .

ص: 932

وأبو معمر هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج.

2: وُهَيْب بن خالد: رواه البخاري (7270) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ضمني إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:«اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» .

3: عبد الوهاب الثقفي: رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (375) حدثنا محمد بن المثنى وابن ماجه (166) حدثنا محمد بن المثنى، وأبو بكر بن خلاد الباهلي وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص:(163) حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل، وحدثنا سفيان بن وكيع قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، نا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره، فقال:«اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ» إسناده صحيح.

شيخ الطبري يعقوب بن إبراهيم لم أقف على من وثقه وسفيان بن وكيع أدخل عليه ورَّاقه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه ولا يضر فهما متابعان وبقية رواته ثقات.

وإسماعيل هو بن علية.

4: أبو معاوية العقيلي: رواه الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (164) حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران، قال: حدثنا أبو معاوية العقيلي، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ» وإسناده ضعيف.

أبو معاوية العقيلي، الملقب بالصُغْدِي ضعيف اختلف في اسمه ترجم له ابن الجوزي في الضعفاء فقال صغدي بن سنان أبو معاوية العقيلي البصري واسمه عمرو قال يحيى ليس بشيء وقال الرازي ليس بقوي وقال النسائي والدارقطني ضعيف.

وترجم له العقيلي في الضعفاء فقال: صغدي بن سنان أبو معاوية العقيلي يقال اسمه عمر، بصري. حدثنا محمد قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى، يقول:

ص: 933

صغدي بن سنان ليس بشيء.

الثاني: شبيب بن بشر البجلي: رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (382) حدثنا عمرو بن الضحاك، نا أبي، نا شبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخلاء فوجد تَوْرًا

(1)

من ماء قد غطاه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: «مَنْ صَنَعَ هَذَا؟» فقلت: أنا. فقال: «اللَّهُمَّ آتِهِ تَأْوِيلَ الْقُرْآنَ» إسناده حسن.

عمرو بن الضحاك بن مخلد ووالده ثقتان وشبيب بن بشر توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق يخطئ كثيرًا.

الثالث: أبو إسحاق السبيعي: رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (23) قال أخبرنا محمد بن مصعب القُرْقُسائي قال: حدثنا أبو مالك النخعي عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت جبريل مرتين ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين» إسناده ضعيف.

محمد بن مصعب بن صدقة القُرْقُسائي قال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الغلط.

وأبو مالك هو عبد الملك بن الحسين ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء وقال أبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم ضعيف الحديث وقال النسائي ليس بثقة ولا يكتب حديثه. وعمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي مدلس.

الرابع: جابر بن يزيد الجعفي: رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (379) حدثنا المُقَدَّمي، نا سليمان بن داود، ثنا شيبان، وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (256) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، يرويانه عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، أجلسه في حجره ودعا له بالحكمة» منكر المتن والسند.

(1)

التور: إناء كالقدر يصنع من معدن أو حجارة يشرب به ويتوضأ به وربما صنع فيه الطعام.

انظر: المجموع المغيث (1/ 246) ومشارق الأنوار (1/ 125) والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 199) ولسان العرب (4/ 96).

ص: 934

جابر بن يزيد الجعفي ضعفه شديد والمتن منكر.

المُقَدَّمي هو محمد بن أبي بكر وسليمان بن داود هو الحافظ أبو داود الطيالسي وأبو كريب هو محمد بن العلا وعبيد الله هو بن موسى باذام وإسرائيل هو ابن يونس.

ثالثًا: رواية عطاء بن أبي رباح: رواه الترمذي (3823) والنسائي في الكبرى (8178) حدثنا محمد بن حاتم المؤدب وابن سعد في الطبقات (2/ 278) قالا: حدثنا القاسم بن مالك المزني، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الله الحكمة مرتين» ورواته ثقات.

عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وثقه ابن معين وأحمد وغيرهما لكن قال ابن حبان ربما أخطأ.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عطاء وقد رواه عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما فكأنَّ الترمذي يرى أنَّ المحفوظ رواية الجماعة عن عكرمة مولى ابن عباس.

رابعًا: رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: الرواة عن سعيد بن جبير:

1: عبد الله بن عثمان بن خثيم. 2: داود بن أبي هند. 3: سليمان بن أبي مسلم. 4: أيوب بن أبي تميمة السختياني. 5: حكيم بن جبير.

الأول: عبد الله بن عثمان بن خثيم: رواه عنه:

1: زهير بن معاوية: رواه أحمد (2874) حدثنا يحيى بن آدم والطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (263) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيى بن آدم، وحفص بن بُغَيل وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (380) حدثنا إسماعيل بن سالم الصائغ، نا يحيى بن أبي بكير قالوا: حدثنا زهير، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال: أخبرني سعيد بن جبير، أنَّه سمع ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفي، أو قال: على منكبي فقال: «اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ

ص: 935

التَّأْوِيلَ» ورواته ثقات.

عبد الله بن عثمان بن خثيم اختلف فيه فقال ابن سعد كان ثقة وله أحاديث حسنة ووثقه ابن معين وقال مرة أحاديثه ليست بالقوية ووثقه العجلي وقال أبو حاتم ما به بأس صالح الحديث وقال النسائي ثقة وقال مرة ليس بالقوي وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطاء وقال علي بن المديني ابن خثيم منكر الحديث. وحفص بن بُغَيل الهمداني قال ابن حجر: مستور من التاسعة ولا يضر فهو متابع.

وبقية رواته ثقات. وأبو كريب هو محمد بن العلا.

2: حماد بن سلمة: رواه ابن سعد (2/ 279) أخبرنا عفان بن مسلم وسليمان بن حرب وابن أبي شيبة (12/ 111) وإسحاق بن راهويه (2038) قالا حدثنا سليمان بن حرب وأحمد (3024) حدثنا عفان، والبزار (5075) حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال: حدثني أبي والطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (262) حدثتا أبو كريب حدثنا أبو عباءة بن كليب أبو غسان قالوا حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما:«أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيت ميمونة رضي الله عنها، فوضعت له وضوءًا من الليل، قال: فقالت ميمونة رضي الله عنه: يا رسول الله، وضع لك هذا عبد الله بن عباس فقال: «اللهُمَّ فَقِّهُّ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ورواته ثقات وفي متنه شذوذ.

وحماد بن سلمة بن دينار وثقه ابن سعد وابن معين وغيرهما لكن تغير بآخره قال يحيى بن معين: من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة فعليه بعفان بن مسلم وحديثه من رواية عفان.

قوله: «كان في بيت ميمونة رضي الله عنها، فوضعت له وضوءًا من الليل» خطأ والذي يظهر لي أنَّه من ابن خثيم.

الثاني: داود بن أبي هند: رواه الطبراني في الأوسط (1422) حدثنا أحمد قال: نا مُقَدَّم بن محمد قال: حدثني عمي القاسم، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن

ص: 936

جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّه كان في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها، فوضع للنبي صلى الله عليه وسلم طَهَوره فسأل:«مَنْ وَضَعَهُ؟» فقالوا: ابن عباس رضي الله عنهما، فضرب على منكبي، أو صدري، وقال:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ورواته ثقات وفي متنه شذوذ.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن داود إلا القاسم، تفرد به مُقَدَّم.

ومن شيوخ الطبراني أحمد بن عمرو البزار وأحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة وكلاهما يروي عن مُقَدَّم بن محمد بن يحيى الواسطي عن عمه القاسم بن يحيى وكلاهما ثقة وإن كان البزار يحدث من حفظه فيخطئ كثيرًا.

ومُقَدَّم بن محمد الواسطي ذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب يخالف وقال أبو بكر البزار ثقة معروف وقال الدارقطني ثقة.

قوله: «كان في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها

فضرب على منكبي، أو صدري» شاذ والله أعلم.

الثالث: سليمان بن أبي مسلم: رواه الطبراني في الكبير (12/ 70) حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، ثنا أبي، ح وحدثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا علي بن حكيم السمرقندي، ثنا هاشم بن مخلد كلاهما، عن شبل بن عباد المكي، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه سكب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءًا عند خالته ميمونة رضي الله عنها، فلما خرج قال:«مَنْ وَضْعَ لِي وَضُوئِي؟» قالت: ابن أختي يا رسول الله، قال:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ورواته ثقات.

قال الطبراني في الأوسط (3356) لم يرو هذا الحديث عن سليمان إلا شبل. وسليمان هو ابن أبي مسلم المكي. وذكر ميمونة رضي الله عنها ليس محفوظًا والله أعلم.

الرابع: أيوب السختياني: رواه الطبراني في الكبير (12/ 58) حدثنا عبدان بن أحمد وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (381) قالا حدثنا محمد بن بكار العيشي، نا عاصم بن هلال، نا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بت عند ميمونة رضي الله عنها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره

ص: 937

فأخذ بيدي فأقامني عن يمينه، ومسح صدري، فقال:«اللَّهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» إسناده ضعيف ومتنه منكر.

أبو النضر عاصم بن هلال البصري إمام مسجد أيوب ضعيف قال ابن معين ضعيف وقال أبو زرعة حدث بأحاديث مناكير عن أيوب وقد حدث عنه الناس وقال أبو حاتم صالح شيخ محله الصدق وقال أبو داود ليس به بأس وقال النسائي ليس بالقوي وقال أبو بكر البزار ليس به بأس وقال ابن حبان كان ممن يقلب الأسانيد توهمًا لا عمدًا حتى بطل الاحتجاج به وقال ابن عدي عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات. وهذه الرواية منكرة المتن.

الخامس: حكيم بن جبير: رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (267) حدثني إبراهيم بن عبد الله العبسي، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، عن إسماعيل بن سميع، قال: حدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: دخلت أنا وأبي رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه أبي، فلم يرجع إليه شيئًا، فلما رجع إلى البيت قلت: يا أبه، أما رأيت الرجل عنده بين يديه يحدثه فرجع وهو ثقيل، مخافة أن يكون عرض لي شيء، قال: فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه وانبسط إليه، وقال: دخلت عليك فسلمت فلم ترد علي، وزعم ابني أنَّه رأى معك رجلًا يحدثك، فقال:«رَأَيْتَهُ؟» ، قلت: نعم، قال:«ذَاكَ جِبْرِيلُ» ، ثم قال:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَلِيمًا أَوْ حَكِيمًا» ، قال: فما نسيت بعد شيئًا سمعته وإسناده ضعيف.

حكيم بن جبير ضعفه شديد قال أحمد: ضعيف منكر الحديث وقال النسائي: ليس بالقوى وقال الدارقطني: متروك وقال ابن مهدي روى أحاديث يسيرة، وفيها منكرات وقال الجوزجاني: حكيم بن جبير كذاب.

والعبسي هو جد أبي بكر بن أبي شيبة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم صدوق وبقية رواته ثقات.

والذي يظهر لي أنَّ المحفوظ من روايات سعيد بن جبير رواية زهير بن معاوية

ص: 938

عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وليس فيها التعرض لمكان الدعاء وهي التي توافق رواية عبد الله بن أبي يزيد وخالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

خامسًا: رواية عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عنه:

1: حاتم بن أبي صغيرة: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرني، فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي: «مَا شَأْنِي أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟» ، فقلت: يا رسول الله، أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ قال: فأعجبته، فدعا الله لي أن يزيدني علمًا وفهمًا «رواه وابن أبي شيبة (12/ 111) وأحمد (3051) والحاكم (3/ 534) ورواته ثقات. وهذه الرواية شاذة.

2: سفيان بن عيينة: «دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيدني علمًا وفهمًا» رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (264) وإسناده ضعيف. وهذه الرواية منكرة والله أعلم.

سادسًا: رواية عمرو بن دينار: رواه الطبراني في الكبير (11/ 110) حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار، ثنا أبي، ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، ثنا ورقاء بن عمر، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: صببت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءًا فقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» رواته ثقات.

جل رواية عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما بواسطة وتقدمت رواية عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما.

سابعًا: رواية مجاهد بن جبر: رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (257) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الحسين، عن أبي الزبير، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (378) حدثنا الحسن بن علي، وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (259) حدثنا أبو كريب قالا ثنا يحيى بن آدم، نا أبو كُدَيْنَةَ، عن ليث، يرويانه عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:

ص: 939

«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ولفظ رواية ليث: «رأيت جبريل عليه السلام مرتين، ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يزيدني الله تعالى الحكمة مرتين» إسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك. ومحمد بن حميد الرازي الأكثر على تضعيفه. وأبو كُدَيْنَةَ هو يحيى بن المهلب البجلي.

ثامنًا: رواية أبي الزبير: رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (258) حدثنا به ابن حميد مرة أخرى، فقال: حدثنا أبو تميلة، عن الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» إسناده ضعيف.

محمد بن حميد ضعيف وأبو الزبير مدلس فيحتمل أنَّه أسقط مجاهدًا فيرجع الأثر لمجاهد والله أعلم.

تاسعًا: رواية عبد المؤمن الأنصاري: «صففت خلفه، فأشار إلي لأوازي به أقوم عن يمينه، فأبيت، فلما قضى صلاته قال: «مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ وَازَيْتَ بِي؟» ، قلت: يا رسول الله، أنت أجل في عيني، وأعز من أن أوازي بك، فقال:«اللهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 315) وإسناده ضعيف. وهذه الرواية منكرة السند والمتن.

عاشرًا: رواية طاوس: رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس (266) حدثنا الحسن بن عرفة، وابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 278) قالا أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي وقال: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْقُرْآنِ» وإسناده ضعيف جدًا.

إسماعيل بن مسلم المكي البصري ضعفه شديد، قال يحيى بن سعيد القطان: لم يزل مختلطًا كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث وقال يحيى بن معين: ليس بشيء وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث مختلط

ص: 940

وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال السعدي: واهٍ جدًا وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة إلا إنَّه ممن يكتب حديثه.

الحادي عشر: رواية ميمون بن مهران: رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 316) حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الله بن سعيد الرقي، ثنا عامر بن سيار، ثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأس عبد الله رضي الله عنه فقال:«اللهُمَّ أَعْطِهِ الْحِكْمَةَ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ، ووضع يده على صدره فوجد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بردها في ظهره، ثم قال:«اللهُمَّ احْشُ جَوْفَهُ حِكَمَةً وَعِلْمًا» ، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل» إسناده ضعيف جدًا.

في إسناده فرات بن السائب ضعفه شديد قال البخاري منكر الحديث وقال يحيى بن معين ليس بشيء وقال النسائي والدارقطني متروك وقال أبو حاتم الرازي ضعيف الحديث منكر الحديث وقال الساجي تركوه وقال أبو أحمد الحاكم ذاهب الحديث وقال ابن عدى له أحاديث غير محفوظة وعن ميمون مناكير. فالحديث منكر.

ورواه أحمد (2418) - حدثنا أبو سعيد، حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثنا حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اللهُمَّ أَعْطِ ابْنَ عَبَّاسٍ الْحِكْمَةَ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» وإسناده ضعيف جدًا.

الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي قال أحمد له أشياء منكرة وقال ابن معين ضعيف وفي رواية ليس به بأس يكتب حديثه وقال البخاري قال علي تركت حديثه وتركه أحمد أيضًا وقال أبو زرعة ليس بقوي وقال أبو حاتم ضعيف يكتب حديثه ولا يحتج به وقال الجوزجاني لا يشتغل بحديثه وقال النسائي متروك وقال في موضع آخر ليس بثقة وقال العقيلي له غير حديث لا يتابع عليه وقال ابن عدي أحاديثه يشبه بعضها بعضًا وهو ممن يكتب حديثه فإنِّي لم أجد في حديثه حديثا منكرًا قد جاوز المقدار

ص: 941

وبقية رواته ثقات. وأبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم.

واضطرب به حسين بن عبد الله فرواه ابن سعد في الطبقات (2/ 278) أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أويس حدثني سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة وأخبرنا خالد بن مخلد البجلي حدثني سليمان بن بلال حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ أَعْطِ ابْنَ عَبَّاسٍ الْحِكْمَةَ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» مرسلًا.

الثاني عشر: رواية أبي جهضم موسى بن سالم: رواه الترمذي (3822) حدثنا محمد بن بشار، ومحمود بن غيلان، قالا: حدثنا أبو أحمد، وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (260) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، يرويانه عن سفيان، وقال ابن جرير (261) حدثنا أبو كريب، حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا شريك يرويانه عن ليث، عن أبي الجهضم، عن ابن عباس رضي الله عنهما «أنَّه رأى جبريل مرتين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين» مرسل إسناده ضعيف.

في إسناده ليث بن أبي سليم ضعيف قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك.

وأبو أحمد هو محمد بن عبد الله بن الزبير وسفيان هو الثوري وأبو كريب محمد بن العلا.

قال الترمذي هذا حديث مرسل، وأبو جهضم لم يدرك ابن عباس رضي الله عنهما واسمه موسى بن سالم

الثالث عشر: مرسل محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: رواه أحمد في فضائل الصحابة رضي الله عنهم (1560) قثنا عبد الرزاق

(1)

، ثنا سفيان قال: حدثني رجل من بني نصر، عن محمد بن علي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لابن عباس رضي الله عنهما «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» مرسل إسناده ضعيف. لجهالة شيخ سفيان الثوري.

(1)

لم أقف عليه في مصنف عبد الرزاق ولا في تفسيره.

ص: 942

وتقدمت رواية محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه.

ثانيًا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

رواه البغوي في معجم الصحابة للبغوي (1463) والبلاذري في أنساب الأشراف (544) قالا أخبرنا الزبير بن بكار حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: إنَّ عمر رضي الله عنه كان يدعو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ويقربه ويقول: إنِّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يومًا فمسح رأسك وتفل في فيك وقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» إسناده ضعيف جدًا.

داود بن عطاء المزني ضعفه شديد قال أحمد ليس بشيء وقال البخاري وأبو زرعة منكر الحديث وقال النسائي ضعيف وقال ابن عدي ليس حديثه بالكثير وفي حديثه بعض النكرة وقال الدارقطني متروك.

وساعدة بن عبيد الله مجهول فلم أقف على من ترجم له. فالحديث منكر.

الترجيح: الدعاء في الروايات السابقة بعضها مطلق وبعضها في بيت ميمونة رضي الله عنها وبعضها في الصلاة.

1: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما مطلق من غير تحديد مكان أو وقت: جاء في رواية عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين وفي رواية خالد الحذاء عن عكرمة في البخاري وفي رواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواتها ثقات وفي رواية زهير بن معاوية عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عند أحمد وغيره وهي المحفوظة. ومن رواية عمرو بن دينار عن ابن عباس عند الطبراني في الكبير ورواته ثقات ومن رواية مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني وإسنادها ضعيف. ومن مرسل محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عند أحمد في فضائل الصحابة رضي الله عنهم وإسنادها ضعيف وفي روايات أخرى ضعيفة لا تصلح للاعتبار. وجاء أيضًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البغوي في معجم الصحابة للبغوي (1463) والبلاذري في أنساب الأشراف (544) وإسناده ضعيف جدًا.

ص: 943

فالمحفوظ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما دعاء مطلقًا من غير تعيين المكان أو الوقت والله أعلم.

2: دعاء له في بيت ميمونة رضي الله عنها: جاء من رواية حماد بن سلمة عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عند أحمد وغيره ومن رواية داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عند الطبراني في الأوسط ومن رواية سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عند الطبراني في الكبير ومن رواية أيوب السختياني عند الطبراني في الكبير وإسنادها ضعيف وليست محفوظة وتقدم المحفوظ من رواية سعيد بن جبير الإطلاق. وفي رواية حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير في بيته وهي رواية منكرة.

3: دعاء له في الصلاة: جاء من رواية أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عند الطبراني - في الكبير - وغيره وهي رواية منكرة ومن رواية حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار عن كريب عند أحمد وغيره وهي رواية شاذة ومن رواية عبد المؤمن الأنصاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي نعيم في الحلية وهي رواية منكرة.

ص: 944

ألفاظ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما

الأول: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» في رواية عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (143) ومسلم (138)(2477).

الثاني: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» جاء في رواية:

1: أبو معمر عبد الله بن عمرو عند البخاري (75) وعمران بن موسى تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (164) عن عبد الوارث عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.

2: وهيب بن خالد عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (7270)

3: شبيب بن بشر البجلي عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه «اللَّهُمَّ آتِهِ تَأْوِيلَ الْقُرْآنَ» عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (382) وإسناده حسن.

الثالث: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ» جاء في رواية:

1: مسدد عن عبد الوارث عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (3756).

وتقدم أنَّ رواية أبي معمر عبد الله بن عمرو وعمران بن موسى عن عبد الوارث عن خالد عن عكرمة بلفظ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» فرواية مسدد بالمعنى والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: اختلف في المراد بالحكمة هنا فقيل الإصابة في القول وقيل الفهم عن الله وقيل مايشهد العقل بصحته وقيل نور يفرق به بين الإلهام والوسواس وقيل سرعة الجواب بالصواب وقيل غير ذلك

(1)

.

2: عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الترمذي (3823) والنسائي في الكبرى (8178) ورواته ثقات.

3: عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند

(1)

فتح الباري (7/ 100).

ص: 945

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (375) وابن ماجه (166) وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (163) وإسناده ضعيف.

4: أبو معاوية العقيلي حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص:(164) وإسناده ضعيف.

5: جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه، عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (379) وهي رواية منكرة.

6: أيوب السختياني عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني في الكبير (12/ 58) وهي رواية منكرة

والمحفوظ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» .

7: مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (257)(259) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (378) وهي رواية منكرة.

8: عبد المؤمن الأنصاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي نعيم في الحلية (1/ 315) وهي رواية منكرة.

9: أبي جهضم موسى بن سالم عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه الترمذي (3822) وابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (260)(261) مرسل وإسناده ضعيف.

الرابع: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» جاء من رواية:

1: زهير بن معاوية عند أحمد (2874) وغيره وحماد بن سلمة عند أحمد (3024) وغيره عن عبد الله بن عثمان بن خثيم وداود بن أبي هند عند الطبراني في الأوسط (1422) وسليمان بن أبي مسلم عند الطبراني في الكبير (12/ 70) يروونه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواته ثقات وهو المحفوظ من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 946

2: عمرو بن دينار عن ابن عباس عند الطبراني في الكبير (11/ 110) ورواته ثقات.

3: مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (257)(259) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (378) وهي رواية ضعيفة.

4: أبي الزبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما (258) وإسناده ضعيف.

5: من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البغوي في معجم الصحابة للبغوي (1463) والبلاذري في أنساب الأشراف (544) وإسناده ضعيف.

الخامس: «فَدَعَا اللَّهَ لِي أَنْ يَزِيدَنِي عِلْمًا وَفَهْمًا» جاء من رواية:

1: حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما عند أحمد (3051) وغيره ورواته ثقات وفي المتن شذوذ.

2: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن كريب عند ابن جرير في تهذيب الآثار مسند ابن عباس (264) وهي رواية منكرة.

السادس: «اللهُمَّ أَعْطِهِ الْحِكْمَةَ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» جاء من رواية ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي نعيم في الحلية (1/ 316) وأحمد (2418) وابن سعد في الطبقات (2/ 278) وهو حديث منكر مضطرب السند.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس رضي الله عنهما بقوله: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ذكر أحد اللفظين عبيد الله بن أبي يزيد وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما وذكر اللفظين جميعًا سعيد بن جبير، وعمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما والله اعلم.

ص: 947

‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما عندما وضع له وَضُوءه

جاء من رواية:

1: عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (143) ومسلم (138)(2477).

2: حماد بن سلمة عند أحمد (3024) وغيره عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، وداود بن أبي هند

عند الطبراني في الأوسط (1422) وسليمان بن أبي مسلم الأحول عند الطبراني في الكبير (12/ 70) يروونه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواته ثقات.

3: عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني في الكبير (11/ 110) ورواته ثقات.

4: شبيب بن بشر البجلي عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (382) وإسناده حسن. وشبيب يخطئ كثيرًا وقد خالف غيره من الثقات بهذه الزيادة فهي زيادة شاذة والله اعلم.

ص: 948

تأنيس النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما مع دعائه له

اختلف في صنيع النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس رضي الله عنهما حينما دعاء له:

الأول: ضمه إلى صدره: جاء من رواية:

1: عبد الوارث بن سعيد عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (75)(3756) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (164).

2: وُهَيْب بن خالد عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري (7270).

فرواية الضم هي المحفوظة والله أعلم.

3: عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن أبي عاصم الآحاد والمثاني (375) وغيره وإسناده ضعيف.

4: أبو معاوية العقيلي عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس رضي الله عنهما ص: (164) وإسناده ضعيف.

الثاني: وضع يده بين كتفيه أو منكبيه:

جاء من رواية عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما «وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفي، أو قال: على منكبي» عند أحمد (2874) وغيره وهذه الرواية شاذة فابن خثيم يخطئ وله أحاديث منكرة وقد خالف رواية الحذاء عن عكرمة.

الثالث: وضع يده بين منكبيه أو صدره:

جاء من رواية داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما «فضرب على منكبي، أو صدري» عند الطبراني في الأوسط (1422) وهذه الرواية شاذة.

في إسناده مقدم بن محمد الواسطي ذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب يخالف وقد خالف خالد الحذاء

ص: 949

الرابع: مسح على صدره: جاء من رواية:

1: أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني في الكبير (12/ 58) وإسناده ضعيف.

2: ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما عند أبي نعيم في الحلية (1/ 316) وهي رواية منكرة.

الخامس: أجلسه في حجرة:

جاء من رواية جابر بن يزيد الجعفي عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (379) وهذه الرواية منكرة خالف جابر الجعفي رواية خالد الحذاء عن عكرمة.

ص: 950

شيخ قريش

في رواية رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ» رواه ابن سعد في الطبقات - متمم الصحابة - (16) وإسناده ضعيف.

وهذه الرواية منكرة السند والمتن تفرد بذلك رِشْدِينَ بن كريب عن أبيه ولم أقف على هذه الزيادة في بقية روايات من روى الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.

ص: 951

‌الباب الحادي عشر

فوائد حديث عبد الله بن عباس

رضي الله عنهما

ص: 953

‌تمهيد

قال ابن عبد البر في هذا الحديث عن ابن عباس اختلاف في ألفاظه كثير يوجب أحكامًا كثيرة لو نحن تقصيناها لخرجنا عما قصدنا له في كتابنا هذا

(1)

وقال: في هذا الحديث من الفقه

(2)

.

وجمع الشوكاني فوائد الحديث بجزء سماه: رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس قال فيه: ما يستفاد من هذا الحديث من الأحكام الشرعية فسأرقم ها هنا ما يخطر على البال، ويسعفه الذهن، من دون مراجعة شيء من شروح الحديث، فإذا وافق شيء مما أذكره ها هنا شيئًا مما قد ذكره المتقدمون فذلك من اتفاق الخواطر، إمَّا لوضوح المأخذ، أو لظهور الاستفادة، أو لكون العلوم التي بها تستخرج الأحكام، وتستنبط المسائل هي موجودة عند المتأخرين كما كانت موجودة عند من قبلهم

فهذه خمس وخمسون فائدة مشتملة على خمسة وخمسين حكمًا، والزيادة عليها ممكنه وذلك بأن يجمع ألفاظ روايات هذا الحديث كلها من الأمهات وغيرها، فإنِّها عند ذلك تكثر الفوائد، وتتعدد الأحكام. ولعل ما قاله المنذري في مختصر السنن في باب الرجلين يؤم أحدهما الآخر أنَّه قد أُخِذ من حديث ابن عباس هذا ما يقارب عشرين حكمًا

(3)

، مبنيًا على ما يستفاد من بعض طرقه، أو من طريقة واحدة من طرقه

(4)

.

قال أبو عبد الرحمن: وقد سلكت مسلك الشوكاني في استنباط فوائد الحديث على حسب ترتيب الروايات من غير تكرار فأذكر قطعة من الحديث وأذكر ما فيها من فوائد ثم أضفت لها ما وقفت عليه من الفوائد من كلام أهل العلم وأضعها في الموضع المناسب عازوًا لصاحب الكتاب.

وأذكر فوائد الروايات الصحيحة دون الضعيفة وقد أشير أحيانًا إلى ضعف الوارد وبعض هذه الفوائد تقدم بحثها.

(1)

التمهيد (13/ 217).

(2)

التمهيد (13/ 207).

(3)

في مختصر سنن أبي داود (1/ 314) باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه كيف يقومان.

(4)

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (6/ 2785 - 2798).

ص: 954

‌فوائد الحديث

قوله: «بات ليلة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالته»

1: باب الخبر أوسع من باب النداء فيسمى في الخبر أباه وأقاربه الكبار ولا يناديهم بأسمائهم.

2: أخذ العلم من أهله.

3: طلب العلم بالليل.

4: السهر في طلب العلم.

5: استحباب السهر اشتغالًا بالطاعات.

6: المبيت عند العالم العامل؛ ليراقب أفعاله، فيقتدي به وينقلها

(1)

.

7: التنقل لطلب العلم.

8: مفارقة الأهل لطلب العلم.

9: مخالفة المألوف لتحصيل العلم.

10: المشاهدة أقوى في ضبط العلم من السماع.

11: الاعتماد على الحفظ في ضبط العلم.

12: من أسباب تيسير طلب العلم سهولة الدخول على العالم.

13: القرب من العالم مظنة الانتفاع به أكثر.

14: إذا أراد الله بعبده خيرًا يسر له أسباب تحصيله.

15: المبادرة بتحصيل العلم من أهله قبل وفاتهم.

16: السنة القولية والفعلية دين تكفل الله بحفظه.

17: مذهب التابعين ومن بعدهم جواز رواية الحديث بالمعنى.

(1)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 58).

ص: 955

18: تقطيع الحديث النبوي للحاجة.

19: استطراد العالم في مسألة أحيانًا واختصاره فيها أحيانًا.

20: كثرة التلاميذ مظنة اختلاف النقل عن العالم.

21: إذا اختلف النقل عن العالم يرجع إلى قول الأكثر والأحفظ.

22: بات فعل ناقص ويكون تامًا إذا كانت بمعنى نام وضمير المتكلم في محل رفع فاعل.

23: الحرص على علو السند.

24: إذا لم يمكن علو السند يطلب الحديث ولو كان السند نازلًا فلما لم يمكن إطلاع ابن عباس رضي الله عنهما على اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم رواه عنه خالته ميمونة رضي الله عنها

(1)

.

25: استواء أحكام الليالي في القيام.

26: استواء الليالي في فضيلة القيام إلا ما خصه الدليل كليلة القدر.

27: عدم مشروعية تخصيص ليلة من الليالي بالقيام إلا بدليل.

28: حفظ ابن عباس تهجد النبي صلى الله عليه وسلم وصفة راتبة الفجر من غير واسطة وأخذ ابن عمر راتبة الفجر عن أخته حفصة رضي الله عنهم وهذه منقبة لابن عباس رضي الله عنهما.

29: جواز أخذ العلم بواسطة مع إمكان أخذه من العالم مباشرة.

30: قريب الزوج غالبًا أقل تحرجًا في دخوله من قريب الزوجة وأقل تحرجًا منهما قريب الزوجين.

31: تباين الصحابة رضي الله عنهم في تحصيل العلم ونشره.

32: لا يشترط في تحمل الحديث أهلية الرواي فيقبل خبر الكبير الذي سمعه في الصغر.

(1)

رواه البخاري (265) ومسلم (317).

ص: 956

33: قبول الخبر الديني من الواحد.

34: الحرص على تحصيل العلم في الصغر.

35: ظهور النجابة منذ الصغر.

36: تيسير العلم على طلابه في الصغر لا سيما من ظهرت منهم النجابة لتنتفع بهم الأمة إذا كبروا.

37: تأثر الصغير بمن حوله.

38: أهمية القدوة.

39: أفضل القدوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

40: أهمية عمل العالم بعلمه.

41: جلوس المتبحر في العلم لتعليم صغار طلاب العلم.

42: تفرغ العالم لنشر العلم.

43: جلوس العالم لتعليم العلم في الليل والنهار.

44: صلاح المجتمع سبب في صلاح الأفراد ونشأتهم على الخير.

45: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقصد به القربة تعبدية.

46: متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله التعبدية.

47: الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عدم الخصوصية.

48: التعليم بالفعل أبلغ من التعليم القول.

49: السنة قسمان قولية وعملية.

50: العلم النافع هو الذي يثمر العمل.

51: العلم وسيلة للعمل وليس غاية لذاته.

52: الدخول على القريبة في بيتها ولو بحضور زوجها.

ص: 957

53: تسمية أخت الأم خالة.

54: من الرحم المحرمة الخالة.

55: إذا كان يدلي للقريب بجهتين يقدم الأقوى فميمونة خالة لابن عباس رضي الله عنهم وأم للمؤمنين.

56: اطلاع المحارم على ما يظهر من المرأة غالبًا في بيتها كاليدين والقدمين وأطراف الساعد والساق والشعر

57: إكرام أقارب الزوجة.

58: نوم الصغير في غير بيته.

59: مشاركة المرء في بيته بإذنه.

60: نوم غير المتزوج في غير بيته.

61: نوم الصغير مع محارمه في مكان واحد. قال ابن عبد البر: هذا ما لا خلاف فيه

(1)

62: دخول الصغار على محارمهم

(2)

.

63: لا يخل بالمروة ولا ينقص من القدر النوم بحضرة الناس لا سيما الأقارب.

64: يفعل بحضرة الصغار ما لا يفعل بحضرة الكبار.

65: نسبة بعض الأشياء للزوجة وإن كانت مشتركة بين الزوجين.

66: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أزواجه والصحيح أنَّ ذلك من باب حسن المعاشرة

(3)

.

67: إسقاط الزوج حقه من التمتع بزوجه لعارض.

68: يجوز إسقاط الحقوق دائمًا أو أحيانًا بالتراضي.

(1)

التمهيد (13/ 207).

(2)

انظر: المسالك شرح موطأ مالك (2/ 498) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 55).

(3)

انظر: (ص: (809.

ص: 958

69: احتمال المفسدة اليسيرة لتحصيل المصالح.

70: إيثار الغير على حظوظ النفس.

71: إيثار الباقي على الفاني.

72: إخبار الشخص غيره بعمله الصالح إذا ترتب على ذلك مصلحة.

73: لا يمتنع الشخص عن إخبار غيره بعمله الصالح خشية الرياء إذا ترتب على ذلك مصلحة.

74: الصحابة رضي الله عنهم أبعد الأمة من تلاعب الشيطان بهم بوسوسة أو غيرها.

75: العلم حصن من تلاعب الشيطان بالعبد.

76: العناية بذكر المهم من القصة دون التفاصيل التي لا أثر لها في الحكم.

77: عدم الاستحياء من ذكر أسماء النساء المحارم.

78: التعريف بالشخص عند من لا يعرفه.

79: مراعاة اختلاف المتعلمين في التحصيل العلمي حين التعليم وتبيين ما قد يشكل على بعضهم.

80: يجوز في كلام العرب زوجة فلان والأفصح زوج فلان.

81: كلمة زوج تطلق على الرجل والمرأة.

82: ليس من الزهد ترك النكاح.

83: لا يتقرب لله بترك النكاح.

84: النكاح ليس مما يعيق العبد عن سيره لربه.

85: مصالح النكاح مقدمة على ما يحصل من الانقطاع عن التعبد المحض بسببه.

86: النفع المتعدي مقدم على النفع القاصر.

ص: 959

87: ليس من الشهوة المذمومة تمتع أحد الزوجين بالآخر.

88: مشروعية تعدد الزوجات.

89: ليس التعدد عائقًا عن الدعوة ونشر العلم.

90: يراعي الإسلام الفطرة ويضبطها.

91: يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز لغيره في النكاح وغيره.

92: يجب على النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يجب على غيره.

93: لا يشترط الغنى في النكاح.

94: العقد على المرأة والدخول بها في السفر.

95: تزوج الرجل بعد تقدمه في السن.

96: تزوج الرجل النسيب بالمرأة النسيبة.

97: نكاح الثيب.

98: نكاح الثيب ليس منقصة.

99: حرص المرأة على نكاح الرجل الصالح ولو لم يكن غنيًا.

100: حرص المرأة على نكاح الرجل الصالح ولو كان له زوجة أو أكثر.

101: بقاء المرأة مع الرجل ولو لم تنجب منه.

102: لا يستحب للمرأة طلب الفرقة لأجل طلب الولد.

103: اختيار الاسم الحسن.

104: التفاؤل بتسمية الأولاد بالأسماء التي فيها البركة والصلاح.

105: اسم ميمونة وميمون ليس من ألفاظ التزكية المنهي عنها.

106: تغيير الاسم إذا كان فيه تزكية كبَرَّة.

ص: 960

107: تغيير اسم الكبير.

108: لا يتقرب لله بالذبح عند تغيير الاسم.

109: إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يراد به محمد صلى الله عليه وسلم فأل للعهد.

110: إذا ذكر النبي دخل فيه الرسول وكذلك العكس.

ص: 961

قوله: «فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله، في طولها»

111: ابدال حرف بحرف ليسهل النطق بالكلمة فاضطجع أصلها اضتجع فأبدلوا التاء طاءً لثقل التلفظ بالتاء

(1)

.

112: اتخاذ الوسادة والفراش للنوم.

113: لم يثبت نوع حشو الوسادة في الحديث

(2)

.

114: ذكرُ المفضولِ قبل الفاضل في الكلام.

115: اتخاذ الوسائد والفرش على قدر الحاجة.

116: لا ينافي الزهد اتخاذ الشخص ما يحتاجه من الوسائد والفرش.

117: لا يتقرب إلى الله بالنوم على الأرض من غير فراش.

118: انحراف بعض الزهاد في طريقتهم عن الزهد الحقيقي.

119: نوم النبي صلى الله عليه وسلم على غير سرير أحيانًا.

120: وضع النائم رأسه في طول الوسادة وعرضها.

121: تحاذي الرؤوس عند النوم.

122: اشتراك الجماعة في النوم على وسادة واحدة.

123: الانتفاع بفرش وأثاث الغير برضاه.

124: الانتفاع بمال الغير برضاه.

125: استعارة الثياب والفرش.

126: طهارة عرق الآدمي.

127: استعمال فرش الغير قبل غسلها.

(1)

انظر: لسان العرب (8/ 219).

(2)

انظر: (ص: (167.

ص: 962

128: النوم من لوازم البشرية التي لا يتعلق بأصله تعبد.

129: النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من الناس فيما يحتاجه وما يعرض له بمقتضى بشريته.

130: من حسن المعاشرة نوم الزوجين على فراش واحد.

131: حضور الضيوف ليس مسوغًا لإنفراد أحد الزوجين بفراش.

132: ليس لأحد الزوجين الإنفراد بفراش إلا بعذر أو رضي الآخر.

133: نوم الجماعة في مكان واحد.

134: نوم المحارم الرجال والنساء في مكان واحد مع تفرقهم في المضاجع.

135: إذا نام جماعة في مكان واحد يلي المرأة من لا محذور في نومه بجوارها كزوجها.

136: تسمية الزوجة أهلًا.

137: كلمة أهل تطلق على المفرد والجمع.

138: صلاة الصحابة رضي الله عنهم على النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكره.

139: لم تكن من عادة الصحابة رضي الله عنهم المستمرة ترحم وترضي بعضهم على بعض.

140: ليس من فضول الكلام ذكر الشخص أموره الخاصة إذا كان في ذلك مصلحة.

141: جواز ذكر أمور الغير الخاصة إذا كان يترتب على ذلك مصلحة.

142: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من ضيق ذات اليد.

143: تفضيل أمهات المؤمنين العيش مع النبي صلى الله عليه وسلم مع ضيق ذات اليد.

144: الأولى بقاء المرأة مع الزوج الفقير.

145: ليس للمرأة طلب الطلاق بسبب إعسار الزوج إذا تزوجته وهي عالمه

ص: 963

بحاله.

146: ليس للمرأة طلب الطلاق بسبب عدم قدرة الزوج على إحضار الكماليات إذا كان قادرًا على الحوائج الأصلية.

147: صغر حجر أمهات المؤمنين.

148: الاكتفاء بما يُحْتَاج إليه من البناء.

149: اتخاذ أكثر من بيت للحاجة.

150: من الزهد عدم التوسع في البنيان.

151: زهد العالم بالدنيا.

152: عدم مباهاة العالم غيره بالبناء.

153: ضابط التوسع والحاجة يرجع فيه للعرف وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان والشخص.

154: وجوب السكن للزوجة.

155: نوع السكن راجع لحال الزوج غنى وفقرًا.

156: ليس للزوجة المطالبة بقدر زائد عن حاجتها أو ما لا يستطيعه الزوج.

157: انفراد الزوجة ببيت ما لم يدل على خلافه شرط أو عرف.

158: خدمة المرأة زوجها.

159: عمل المرأة النسيبة في بيتها.

160: عدم جمع الضرائر في بيت واحد مالم يوجد عرف أو شرط أو رضا.

161: مراعاة غيرة النساء.

162: الابتعاد عن الأسباب التي تؤدي للنزاع بين الضرائر.

163: ليس من الإسراف ما يصرف في الحوائج.

ص: 964

164: ليس من تضييع الوقت ما يذهب في تحصيل الحوائج والواجبات.

165: الانقباض عن الناس خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 965

قوله: «فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم»

166: جعل الليل وقتًا للنوم.

167: من أسباب الحرمان من التهجد السهر.

168: من أسباب فوات صلاة الفجر السهر.

169: التقصير في الواجبات والمستحبات على قدر التقصير في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

170: إذا بعد عهد النبوة ظهرت غربة بعض السنن.

171: استحباب المبادرة بالنوم بعد صلاة العشاء.

172: الاكتفاء من النوم بقدر الحاجة.

173: الوسائل لها أحكام المقاصد.

174: الاشتغال بالدعوة وأمر الأمة ليس مانعًا من المبادرة بالنوم ليلًا.

175: مما يتقوى به الداعية صلاة النفل كالتهجد.

176: من أراد التهجد بذل الأسباب المعينة عليه.

177: من أسباب الإعانة على القيام النوم أول الليل.

178: إطالة التهجد وقت الصحة والنشاط.

179: إذا كان تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء - والوارد ضعيف

(1)

- فقدر قيام النبي صلى الله عليه وسلم قرابة ست ساعات وإن كان في الصيف فقدره قرابة أربع ساعات ونصف والله أعلم

(2)

.

180: امتثال النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ربه بقيام نصف الليل.

(1)

انظر:) ص: (200.

(2)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (140).

ص: 966

181: ينسخ الوجوب ويبقى الاستحباب.

182: القول بغلبة الظن.

183: السهر في تحصيل العلم.

184: سهر ابن عباس رضي الله عنهما ليحفظ تهجد النبي صلى الله عليه وسلم.

185: بذل الجهد لتعلم مسألة من مسائل العلم.

186: مراقبة ابن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم.

187: ينقل الحكم مع بيان الشك.

188: عدم الجزم مع الشك.

189: أمانة الصحابة رضي الله عنهم في نقلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

190: الاستدلال بالنجوم على الوقت حكم ظني.

191: من معاني (أو) الشك.

192: تيسير الله للعبد الاستيقاظ من النوم وقت عادته.

ص: 967

قوله: «فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران»

193: نقل الصحابة رضي الله عنهم تفاصيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

194: مجاهدة النفس بعد الاستيقاظ من النوم للتهجد.

195: الجلوس بعد القيام من النوم.

196: التدرج في النهوض من الفراش عند الاستيقاظ من النوم.

197: الأناة في الأمور كلها.

198: طهارة يد النائم.

199: إزالة آثار النوم بمسح العينين بعد الاستيقاظ.

200: مسح العينين باليدين بعد الاستيقاظ من النوم.

201: بيده تعم اليدين فالنكرة إذا أضيفت للضمير تعم

(1)

.

202: إطلاق الكل وإرادة البعض.

203: العرك الخفيف يسمى مسحًا.

204: المسح في اللغة أعم من المسح في الشرع.

205: القراءة تطلق على القراءة من الكتاب وعلى تلاوة المحفوظ.

206: استدل به على جواز قراءة القرآن للمحدث حدثًا أصغر

(2)

. وفيه نظر.

207: عدم الاستعاذة والبسملة عند قراءة شيء من القرآن للذكر أو غيره.

208: ذكر الله بما يوافق القرآن لا يعطى أحكام التلاوة

(3)

.

209: استحباب ذكر الله عند الاستيقاظ من النوم.

210: وقت الذكر بعد زوال آثار النوم حينما يعلم الذاكر ما يقول.

(1)

انظر: (ص: 137).

(2)

انظر: التمهيد (13/ 207) وإكمال المعلم (3/ 121) ونخب الأفكار (5/ 78).

(3)

انظر: (ص: (447.

ص: 968

211: استحباب كون الذكر أول كلام المستيقظ كاستحباب أنَّ يكون الذكر آخر كلامه قبل النوم

(1)

.

212: الجهر بالذكر عند الاستيقاظ من النوم.

213: الجهر بالذكر بخلاف الدعاء.

214: استحباب قراءة آخر آل عمران عند الاستيقاظ من النوم وقبل الوضوء.

215: المحفوظ قراءة آخر آل عمران.

216: ذكر الآيات الخواتيم باعتبار أغلب الآيات ولو بقيى آية من السورة ويحتمل أنَّه ختم السورة فلم يعتبر ما زاد على العشرة

(2)

.

217: الاقتباس من القرآن.

218: ترتيب الآيات وعددها توقيفي.

219: تسمية السورة باسم ذكر فيها.

220: تأخر نزول آل عمران.

221: إضافة الصفة للموصوف.

222: دخول (ال) على المعرفة فلا تفيد التعريف.

223: تدخل (ال) على الاسم ولا تفيد التعريف.

224: اختيار الذكر المناسب للمقام

(3)

225: اختيار السورة والآية المناسبة للمقام حين التلاوة والتذكير.

226: جواز قول: سورة آل عمران وسورة البقرة ونحوهما

(4)

.

(1)

انظر: (ص: (849.

(2)

انظر: (ص: 138).

(3)

انظر: شرح أبي داود لابن رسلان (1/ 495).

(4)

انظر: نخب الأفكار (5/ 78).

ص: 969

قوله: «ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه، فأحسن وضوءه»

227: توفير الزوج ما يُحْتَاج له في البيت.

228: خدمة الرجل الفاضل نفسه.

229: عدم المشقة على الأهل والخدم بإيقاظهم من النوم.

230: تعلم الصناعات الدنيوية.

231: مباشرة الصناعة باليد.

232: العناية بالجلد حين السلخ لينتفع به.

233: عدم رمي جلود بهيمة الأنعام.

234: دبغ الجلود للانتفاع بها.

235: طهارة الجلود المدبوغة.

236: الدباغة تطهر الجلود.

237: اتخاذ الآنية من الجلود.

238: استعمال آنية الجلود في السائل والجامد.

239: استقاء الماء بالقرب.

240: حمل الثقيل حين الحاجة.

241: حفظ الماء وغيره بالجلود.

242: الانتفاع بالإناء في عدة استعمالات.

243: الانتفاع بالآنية القديمة.

244: عدم تبديل الآنية القديمة إذا أمكن الانتفاع به.

245: زهد النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه.

ص: 970

246: وضع المعاليق في البيت.

247: ربط طرفي القربة بحبل ونحوه لتعلق به.

248: تعليق القربة.

249: تذكير الشن وتأنيثه فالتذكير باعتبار اللفظ والتأنيث باعتبار القربة

(1)

.

250: تعليق حوائج الإنسان.

251: الاستعداد للقيام قبل النوم.

252: توفير ما يحتاجه الشخص وقت السعة.

253: لا يجب الاستنجاء قبل الوضوء.

254: التطهر بالماء المتغير بطاهر.

255: المبادرة بالوضوء بعد الاستيقاظ.

256: ترك الاستعانة في الوضوء.

257: الطهارة من الماء الذي يشرب منه.

258: الطهارة من الماء العذب.

259: جواز الوضوء بالماء القليل الذي كان ساكنًا قبل تحريكه للوضوء منه

(2)

.

260: الطهارة من آنية الغير برضاه.

261: الطهارة من ماء الغير برضاه.

262: تبريد مياه الشرب لا ينافي الزهد.

263: الانتفاع بما استجد من أجهزة لتبريد الماء وحفظ الأطعمة.

264: جلب الماء للبيت.

(1)

انظر: (ص: 31).

(2)

انظر: رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس - الفتح الرباني (6/ 2787) -.

ص: 971

265: التطهر بالماء دون غيره من السوائل.

266: الوضوء قائمًا.

267: لا يجب غسل اليدين ثلاثًا عند الاستيقاظ من النوم.

268: إحسان الوضوء بالإتيان بالواجب والكمال.

269: لا يصح وضوء من أخل بإحسان الوضوء الواجب.

270: لا تجب التسمية قبل الوضوء.

271: لا يجب التثليث في غسل أعضاء الوضوء.

272: أحكام الشريعة تؤخذ من مجموع الأدلة وليس من بعض الأدلة.

ص: 972

قوله: «ثم قام يصلي، فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه»

273: التراخي حين العطف بثم يختلف باختلاف الأفعال.

274: تفضيل صلاة التهجد في البيت على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

275: تفضيل صلاة التهجد في البيت على مسجد الحي.

276: صلاة آحاد الناس التراويح في البيت أفضل من المسجد

(1)

.

277: النفل في بيوت مكة والمدينة أفضل من النفل في المسجد الحرام والمسجد النبوي.

278: تأخير صلاة الليل.

279: التهجد أفضل من الصلاة أول الليل.

280: تنفل الإمام والمأموم قيامًا.

281: المداومة على التهجد حال الصحة والضعف.

282: الصلاة وقت القوة والصحة قائمًا قبل العجز عن القيام بسبب الكبر أو المرض

(2)

.

283: الإيجاز في الكلام.

284: الإظهار في موضع الإضمار.

285: اطلاق الصنعة على غير الحرفة.

286: المبادرة بالخير.

287: اقتدى ابن عباس رضي الله عنهما بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها.

288: التعليم بالقدوة.

(1)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 35).

(2)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (ص: 167).

ص: 973

289: انتفاع الصغير بالكبير.

290: محاكاة الطالب شيخه.

291: المثلية لا تقتضي التطابق من كل وجه.

292: التنفل جماعة في التهجد.

293: الجماعة في النوافل

(1)

.

294: صحة صلاة المميز نفلًا وفرضًا.

295: عدم اشتراط نية الإمامة حين افتتاح الصلاة

(2)

.

296: صحة نية الإمامة أثناء الصلاة.

297: اشتراط نية الإتمام

(3)

.

298: إتمام المميز بالبالغ

(4)

.

299: مصافة الصغير.

300: الاثنان جماعة

(5)

.

301: انعقاد الجماعة بالصغير

(6)

.

302: طهارة ثياب المميز.

303: ثواب غير المكلف على نفل الصلاة.

304: تعويد غير المكلف على صلاة الفرض.

(1)

انظر: (ص: (667.

(2)

انظر: (ص: (769.

(3)

انظر: (ص: (743.

(4)

انظر: والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 55).

(5)

انظر: (ص: (708.

(6)

انظر: (ص: (723.

ص: 974

305: ثواب غير المكلف على العبادات.

306: السنن التي يقل العمل بها مظنة جهل البعض بها.

307: يقف الواحد محاذيًا الإمام.

308: لا يستحب تأخر الواحد عن الإمام قليلًا

(1)

.

309: التراص في الصفوف.

310: تسوية الصف.

311: التقدم والتأخر أثناء الصلاة لمصلحتها لا يدخل في النهي عن ترك تسوية الصفوف

(2)

.

312: هل كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حينما يذكرون الضمير العائد على النبي صلى الله عليه وسلم فليحرر.

(1)

انظر: (ص: (775.

(2)

انظر: فتح الباري لابن رجب (6/ 285).

ص: 975

قوله: «فصلى ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم ركعتين. ثم أوتر»

313: ركعتين من تسمية الشيء ببعضه وكذلك تسمية الركعة بالسجدة والسبحة.

314: فضيلة الركوع.

315: يبين حديث ابن عباس رضي الله عنهما معنى حديث عائشة رضي الله عنها «

يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا»

(1)

فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة.

316: لا يلزم العطف بثم تخلل النوم تهجد النبي صلى الله عليه وسلم خلافًا لمن ذهب لذلك من أهل العلم

(2)

.

استحباب السلام من كل ركعتين في صلاة التهجد.

317: السلام من كل ركعتين في صلاة التهجد في أغلب الأحيان من غير مداومة.

318: كون لم تثبت السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنها الجهر بالقراءة لا يدل على عدم الجهر فابن عباس رضي الله عنه ذكر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ نحوًا من سورة البقرة في صلاة الكسوف

(3)

ونصت عائشة رضي الله عنها أنَّه جهر بالقراءة

(4)

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في قيام الليل وأمر بعض أصحابه رضي الله عنهم بذلك

(5)

.

319: جعل آخر القيام وترًا.

320: تأخير الوتر آخر الليل لمن كان له قيام.

(1)

رواه البخاري (1147) ومسلم (738).

(2)

انظر: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة ص: (164).

(3)

رواه البخاري (1052) ومسلم (907).

(4)

رواه البخاري في مواضع منها (1044) ومسلم (901) واللفظ له.

(5)

انظر: (ص: 634).

ص: 976

321: تأخير الوتر آخر الليل لمن علم من نفسه الاستيقاظ قبل طلوع الفجر

(1)

.

322: المحافظة على الوتر.

323: فضيلة الوتر.

324: عدم القنوت في الوتر ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قنت في الوتر

(2)

.

(1)

انظر: نخب الأفكار (5/ 78).

(2)

انظر: رفع العنوت عن أحكام القنوت (ص: (66.

ص: 977

قوله: «ثم اضطجع، حتى أتاه المؤذن. فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح»

«فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين»

325: الراحة بعد مكابدة القيام.

326: الراحة استعدادًا لعبادة أخرى.

327: الاضطجاع بعد التهجد أحيانًا وفي أثنائه أحيانًا.

328: انتهاء وقت النفل المطلق بعد طلوع الفجر الصادق.

329: ما كان مشروعًا في وقت قد ينهى عنه في وقت آخر.

330: يدخل وقت راتبة الفجر بطلوع الفجر.

331: يدخل وقت السنن الرواتب القبلية بدخول وقت الصلاة.

332: المبادرة براتبة الفجر بعد تبين الفجر.

333: إذا لم يتبين الفجر فالأصل بقاء الليل.

334: الفجر الصادق هو الذي تتعلق به الأحكام من صلاة وصيام.

335: (أل) في الفجر للعهد.

336: إذا أطلق الفجر في النصوص الشرعية فالمقصود به الفجر الصادق فهو الذي تتعلق به الأحكام الشرعية.

337: ما تعلق بأوقات العبادات يستوي في علمه العالم والجاهل.

338: تعليق أوقات الصلاة بالشمس بإقبالها وزوالها وغروبها.

339: مشاهد الجميع للفجر الصادق بعد طلوعه حيث لا توجد أنوار.

340: تعليق أحكام الصلاة بدخول الوقت سواء تبين ذلك بالنظر أو الحساب أو بغير ذلك بخلاف الصيام فبالرؤية.

ص: 978

341: استحباب الاضطجاع بعد راتبة الفجر

(1)

.

342: تخفيف راتبة الفجر

(2)

.

343: تخفيف راتبة الفجر نسبي يرجع فيه إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

344: راتبة الفجر ركعتان.

345: فضيلة إطالة الصلاة وتخفيفها توقيفية.

346: الأمور الجبلية تكون عبادة إذا كانت وسيلة لعبادة.

347: الوسائل لها أحكام المقاصد.

348: التعيين بلام العهد من غير ذكر الاسم.

349: بناء المساجد في المدن والأحياء.

350: الأذان والإقامة في الحضر.

351: الأذان والإقامة في جماعة الرجال المؤداة.

352: الأولى بالإقامة من أذن.

353: تعيين الأئمة والمؤذنين.

354: تولي الإمامة والأذان احتسابًا.

355: المؤذن من الدعاة فله مثل أجر من لبى نداءه فبذلك فضل على الإمام.

356: قد تكون الولاية الشرعية أقل من غيرها شروطًا وأكثر أجرًا.

357: استئذان بلال رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفجر.

358: فضيلة بلال رضي الله عنه.

359: اتخاذا المؤذن الأعجمي.

(1)

انظر: (ص: (251.

(2)

انظر: (ص: (248.

ص: 979

360: قد توجد في المفضول ميزة تقدمه على غيره ممن هم أفضل منه.

361: عدم استحباب الأذان الأول في غير رمضان.

362: جواز الكلام بعد طلوع الفجر من غير كراهة لا سيما إذا كان للحاجة.

363: الفصل بين الأذان والإقامة قدر الحاجة.

364: انتظار اجتماع المأمومين.

365: صلاة الرجال جماعة.

366: صلاة الرجال جماعة في المسجد.

367: يرقب المؤذن وقت الإقامة.

368: لا تحديد لوقت الإقامة إنَّما يرجع ذلك لحضور الجماعة.

369: لا مانع من تحديد وقت الإقامة للمصلحة ومنع النزاع.

370: استئذان المؤذن الإمام في إقامة الصلاة.

371: الإمام أملك بوقت إقامة الصلاة.

372: المؤذن أملك بالأذان.

373: من الافتيات على الإمام الصلاة قبل حضوره.

374: إذا لم يحضر الإمام في الوقت يتواصل معه إذا أمكن.

375: السنة حضور الإمام عند الإقامة

(1)

.

376: ما كان فاضلًا للإمام قد يكون مفضولًا للمأموم والعكس.

377: اختلاف أحكام الإمام والمأموم.

378: فضيلة الإمامة.

(1)

انظر: (ص: (805.

ص: 980

379: يتولى الإمامة أفضل الموجودين.

380: من يتولى الإمامة العظمى يتولى الإمامة الصغرى.

381: لا يشترط في المؤذن ما يشترط في الإمام.

382: المبادرة بصلاة الفجر أول الوقت.

383: من أسماء صلاة الفجر صلاة الصبح.

384: صلاة الصبح من تسمية الشيء بوقته وكذلك صلاة المغرب والعشاء.

385: المحافظة على الطهارة.

386: صلاة أكثر من صلاة فرض ونفل بوضوء واحد.

387: صلاة الصبح بطهارة التهجد.

388: عدم استحباب تجديد الوضوء بعد كل ركعتين.

ص: 981

قوله: «فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه، فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة، ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ»

«فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة»

389: معرفة ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ الواحد يقف مع الإمام لكنَّه يجهل أنَّه عن يمينه.

390: موقف الواحد عن يمين الإمام

(1)

.

391: تحويل المأموم الواحد إذا وقف عن يسار الإمام

(2)

.

392: الإمام متبوع فلا يتحول ولا يتقدم فالتحول والتأخر للمأموم.

393: أصح القولين أنَّ تحويل الواقف عن يسار الإمام من الحركة المستحبة لا الواجبة

(3)

.

394: استحباب الحركة اليسير إذا كانت من مصلحة صلاة الإمام أو المأموم.

395: الحركة التي ليست من جنس الصلاة تجري فيها الأحكام الخمسة

(4)

.

396: الحركة اليسير لا تفسد الصلاة

(5)

.

397: الوقوف عن يسار الإمام لا يفسد الصلاة على خلاف في بعض المسائل

(6)

.

398: انفراد المأموم خلف الإمام أو خلف الصف فذًا وقتًا يسيرًا فإذا زال ذلك قبل الركوع لا تبطل به الصلاة

(7)

.

399: هذا الإرشاد كما ثبت في الوقوف على اليسار ثبت أيضًا في الوقوف في

(1)

انظر: (ص: (773.

(2)

انظر: (ص: (789.

(3)

انظر: (ص: (783.

(4)

انظر: (ص: (465.

(5)

انظر: (ص: (467.

(6)

انظر: (ص: (783.

(7)

انظر: فتح الباري لابن رجب (6/ 286).

ص: 982

غير الموقف المشروع، كأن يقف قدام الإمام، أو خلفه، بحيث يتمكن الإمام من إرشاده

(1)

.

400: إذا اطلع الإِمام على مخالفة من المأموم يرشده إليها بالفعل وهو في الصلاة

(2)

.

401: التعليم في الصلاة إذا كان من أمرها

(3)

.

402: المشي القليل لا يبطل الصلاة

(4)

.

403: استدل بالحديث على عدم جواز تقدم المأموم على الإمام

(5)

وفيه نظر

(6)

.

404: استدل به على أنَّ قيام المأموم عن يسار الإمام، لا يمنع صحة صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره باستئنافها حين افتتحها عن يساره

(7)

وفي كونه دليلًا لهذه المسألة نظر.

405: استدل به على أنَّ صلاة المنفرد خلف الصف جائزة؛ لأنَّه حصل انفراد خلف النبي صلى الله عليه وسلم حين أداره إلى أن صار عن يمينه

(8)

وفيه نظر

(9)

.

406: من الأدب أن يمشي الصغير عن يمين الكبير، والمفضول عن يمين الفاضل

(10)

.

407: استواء الكبير والصغير في أحكام الصلاة إلا ما دل الدليل على خلافه.

(1)

انظر: رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس - الفتح الرباني (6/ 2797) -.

(2)

انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 541).

(3)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 56) وعمدة القاري (2/ 237).

(4)

انظر: البيان في مذهب الشافعي (2/ 424).

(5)

انظر: شرح السنة (3/ 384) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 57)

(6)

انظر: (ص: (797.

(7)

انظر: شرح مختصر الطحاوي (2/ 74).

(8)

انظر: شرح مختصر الطحاوي (2/ 74).

(9)

انظر: (ص: (729.

(10)

انظر: أعلام الحديث (1/ 231) وشرح السنة (3/ 384).

ص: 983

408: مطاوعة المأموم إمامه.

409: للإمام ولاية على المأمومين.

410: تعلم الإمام أحكام الصلاة المتعلقة به وبالمأمومين.

411: تعليم الإمام المأمومين ما يجهلونه من أحكام الصلاة

(1)

.

412: تعليم غير المكلفين أحكام الصلاة.

413: تعليم غير المكلفين أحكام الطهارة.

414: تحويل المأموم من المكان المفضول في الصف للمكان الفاضل.

415: الطلب من المأموم أن يتحول إلى المكان الفاضل.

416: فضيلة اليمين.

417: إذا تساوى عدد المأمومين في يسار الصف ويمينه كان اليمين أفضل.

418: انقياد ابن عباس رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم.

419: تسليم الصحابة رضي الله عنهم للأحكام الشرعية من غير سؤال عن الحكمة أو المعارضة بالعقل.

420: الانقياد للأحكام الشرعية.

421: عدم العذر بالجهل إذا أمكن تداركه في الحال أو الوقت.

422: إرشاد المأموم للسنة

(2)

.

423: إنكار المنكر في الصلاة.

424: إنكار المنكر بالفعل.

425: قد يتعين إنكار المنكر باليد.

(1)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 56) وعمدة القاري (2/ 237).

(2)

انظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (305).

ص: 984

426: إنكار المنكر على من يجهل الحكم.

427: إنكار المنكر على من لا يجهل الحكم.

428: تحريم الكلام في الصلاة وإن كان من مصلحتها.

429: النافلة كالفريضة في تحريم الكلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم

(1)

.

430: إذا حرم إنكار المنكر بالقول كمستمع خطبة الجمعة أنكر بالفعل كالإشارة.

431: تطويل صلاة النفل برضا المأموم.

432: تطويل صلاة الفرض برضا المأمومين.

433: تحمل غير المكلف مشقة العبادة.

434: تعويد غير المكلفين نوافل العبادات.

435: قيام الليل لغير المكلفين.

436: قيام الليل للمكلفين.

437: المحفوظ نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد راتبة الفجر فالظاهر أنَّه لم ينم قبل ذلك.

438: جواز النوم بعد دخول وقت الصلاة لمن علم أنَّه يستيقظ.

439: كراهة النبي صلى الله عليه وسلم النوم قبل العشاء كراهة تنزيه.

440: الحديث دليل على أنَّ الحكم يدور مع علته وجدودًا وعدمًا.

441: يذكر بعض الرواة راتبة العشاء أو راتبة الفجر في قيام النبي صلى الله عليه وسلم فيحدث إشكال في الجمع بين الوارد في عدد القيام ويزول الإشكال برد المتشابه إلى المحكم وكذلك في روايات حديث ابن عباس رضي الله عنهما التي ظاهرها التعارض

(2)

.

(1)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 58) وعمدة القاري (2/ 237).

(2)

انظر: (ص: (123.

ص: 985

442: إذا احتاج المتهجد للنوم نام في أثناء تهجده وإلا بعد راتبة الفجر وإن لم يحتج لم ينم وصحت السنة في ذلك.

443: النوم ليس حدثًا بذاته

(1)

.

444: التكنية عن الأمور التي قد يستحي منها.

445: اختيار أحسن الألفاظ حين الكلام عن الأنبياء عليهم السلام وأهل الفضل.

446: اختيار ما تقتضيه الحال من الألفاظ المترادفة.

447: بلاغة ابن عباس رضي الله عنهما.

448: النفخ دليل على الاستغراق في النوم.

449: سرعة نوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد تهجده.

450: سرعة هجوم النوم على من أطال التهجد.

451: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعدم انتقاض وضوئه بالنوم المستغرق.

452: نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في نومه.

453: الأنبياء عليهم السلام عرضة للأمراض كغيرهم.

454: لا يلام النائم على ما يصدر منه أثناء النوم.

455: لا عقوبة على الأفعال غير الاختيارية.

456: النفخ في النوم ليس قادحًا في الآدمي أو يحط من قدره.

457: الكمال الخَلْقِي متعذر في الآدميين.

458: النفخ في النوم ليس من العيوب التي يفسخ بها النكاح.

459: نوم المرأة مع زوجها الذي ينفخ في فراش واحد.

(1)

انظر: (ص: (380.

ص: 986

460: نفخ أحد الزوجين ليس مسوغًا طلب الآخر منه أن ينام منفردًا.

461: النوم مع من ينفخ في نومه.

462: لا يمنع من ينفخ في نومه النوم مع غيره.

463: ذكر النفخ في النوم ليس من الغيبة المحرمة.

464: كان تفيد الدوام مع القرينة.

465: لا يلام الشخص على العيوب الخَلقِية.

466: جعل وقت بين أذان الفجر والإقامة ليجتمع المأمومون.

467: إيقاظ الشخص الفاضل للصلاة.

468: إيقاظ الغير للصلاة.

469: الفصل بين صلاة الفجر وراتبتها.

470: الفصل بين الراتبة والفرض بالكلام.

471: الفصل بين الراتبة والفرض بالنوم.

ص: 987

قوله: «قام فنظر في السماء ثم تلا آخر سورة آل عمران

ثم عمد إلى شجب من ماء معلق فتسوك وتوضأ فأسبغ الوضوء ولم يهرق من الماء إلا قليلًا»

472: امتثال أمر الله وذلك بالعمل بالقرآن في التفكر.

473: النظر إلى السماء تفكرًا في عظمة الخالق عند الاستيقاظ.

474: الفعل قد يكون مشروعًا في موضع منهي عنه في موضع كالنظر إلى السماء في الصلاة.

475: تسمية القربة البالية شجبًا أخذًا من الشجب وهو الهلاك

(1)

.

476: وجود المترادفات في كلام العرب.

477: اتخاذ المشجب وهو خشبات تربط وتنصب فتعلق عليها الحوائج

(2)

.

478: صناعة بعض أثاث البيت من الخشب.

479: الانتفاع بما استجد مما تعلق عليه الحوائج.

480: الاستعداد بتجهيز السواك قبل النوم.

481: السواك عند الاستيقاظ من النوم.

482: السواك قبل الوضوء.

483: السواك بكل ما ينظف الأسنان ولا يضر.

484: ظاهر السنة اكتفاء المصلي بالسوك عند الوضوء.

485: لا يستحب السواك بين كل سلامين لعدم ثبوت السنة في ذلك.

486: استحضار الوقوف بين يدي الله حين الصلاة.

487: العناية بصلاة النفل والفرض.

(1)

انظر: (ص: 13).

(2)

انظر: (ص: 13).

ص: 988

488: تطييب الرائحة حين الدخول على العظماء.

489: السواك لقراءة القرآن وعموم الذكر.

490: تنظيف الأسنان فيها شائبة تعبد.

491: استحضار التعبد حين تنظيف الأسنان بالفرشة والمعجون.

492: تطييب المصلي رائحته.

493: تطييب الرائحة للذكر.

494: استخدام ما استجد مما يطيب رائحة الفم ويقطع الرائحة الكريهة.

495: النظافة للصلاة.

496: الاقتصاد في ماء الطهارة.

497: ذم الإسراف في ماء الطهارة.

498: يحصل إسباغ الوضوء الواجب والمستحب بقليل الماء.

499: ضابط القلة في ماء الطهارة راجع للسنة فأقل ما توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم ثلثي مدَّ واغتسل بالصاع

(1)

.

500: كثرة صب الماء دليل على قلة الفقه أو الوسوسة.

501: الاقتصاد في الأمور كلها.

(1)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 89).

ص: 989

قوله: «فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، قال: فصلى إحدى عشرة ركعة»

502: مجاهدة النفس في التهجد.

503: السهر مظنة مشقة القيام.

504: نهي النائم عن الصلاة محمول على من غلبته عيناه لا مجرد الغفوة.

505: علو همة ابن عباس رضي الله عنهما.

506: ابن عباس رضي الله عنهما أراد أن يعرف ما تختص به صلاة الليل من عدد الركعات وصفتها فلم يعتنِ بما تشترك به مع صلاة الفرض من القراءة والأذكار والدعاء والله أعلم.

507: عدم ثني الصغار عن العبادة لأجل المشقة المعتادة.

508: النوم اليسير لا ينقض الوضوء.

509: صحة صلاة من لم يستغرق في نومه.

510: تسمية ما لان من أسفل الأذن شحمة الأذن

(1)

.

511: يطلق الشحم مقيدًا على ما لان من الأذن وعلى الجمار لبياضه وإذا أطلق فهو الشحم المعروف.

512: دلك شحمة أذن المصلي للمصلحة.

513: دلك شحمة أذن المصلي من الحركة اليسيرة.

514: دلك شحمة أذن المصلي من الحركة المستحبة.

515: التأديب بفتل شحمة الأذن.

516: اختيار أقل العضو إيلامًا حين التنبيه.

517: جواز إدخال الألم اليسير على الصغير للمصلحة.

(1)

انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 449) ولسان العرب (12/ 319).

ص: 990

518: تأديب غير الأب.

519: تأديب أولاد الأقارب إذا كان لا يؤدي إلى مفسدة.

520: فتل أذن المتعلم

(1)

.

521: محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على إحدى عشرة ركعة في حال الصحة والقوة.

522: استحباب التهجد بإحدى عشرة ركعة.

523: الأفضل في قيام الليل إطالة القيام وتقليل الركعات.

524: من السنة عدم المداومة على افتتاح القيام بركعتين خفيفتين.

525: عدم الفصل بين قيام الليل.

526: قال ابن حجر: ظهر لي أنَّ الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أنَّ التهجد والوتر مختص بصلاة الليل وفرائض النهار الظهر وهي أربع والعصر وهي أربع والمغرب وهي ثلاث وتر النهار فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلًا وأمَّا مناسبة ثلاث عشرة فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها

(2)

.

527: الصلاة في الظلام.

528: من أسباب تحصيل الخشوع عدم رؤية الأشياء.

529: لا يكره تغميض العينين في الصلاة لمصلحة الخشوع أو غيره.

530: لبس الثياب المعتادة لقيام الليل كالصلوات الخمس.

(1)

انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 59).

(2)

فتح الباري (3/ 21).

ص: 991

قوله: «فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه»

531: إصلاح صلاة الغير في الصلاة.

532: إصلاح صلاة الغير وإن كانت تطوعًا.

533: الفتح على الغير في الصلاة.

534: تنبيه المصلي غيره في الصلاة بالتسبيح والإشارة وغير ذلك.

535: لا يصح جعل ضابط الحركة الكثيرة ما يظن الناظر إليه أنَّه ليس في الصلاة والقليلة بعكسها

(1)

.

(1)

انظر: (ص: 485).

ص: 992

قوله: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ، فصلى، فقمت فتَمَطِّيْت، كراهية أن يرى أنِّي كنت أرتقبه، فتوضأت» «كما رأيته توضأ» «فصنعت مثل ما صنع»

536: الاستيقاظ أثناء الليل لحاجة الإنسان.

537: التكنية عن الأشياء المستقذرة.

538: وضع أماكن لقضاء الحاجة.

539: حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه في «حاجته» فتقديره فأتى مكان حاجته والله أعلم.

540: لا يجب الاستنجاء بالماء.

541: العفو عما يشق التحرز منه من النجاسات.

542: صحة الاستنجاء بالحجارة ونحوها مع وجود الماء.

543: لا يجب الجمع بين الحجارة والماء.

544: التيسير على المكلفين.

545: سماحة الشريعة الإسلامية.

546: ظاهر الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضاء حاجته ونام ولم يتوضأ.

547: لا يجب الوضوء قبل النوم.

548: غسل الوجه واليدين بعد قضاء الحاجة.

549: التنشيط للذكر بغسل الوجه واليدين

(1)

.

550: استحباب الطهارة للذكر.

(1)

قال النووي - في شرح مسلم (6/ 65) -: هذا الغسل للتنظيف والتنشيط للذكر.

وانظر: إكمال المعلم (3/ 118) شرح مسلم للنووي (6/ 65) وشرح أبي داود لابن رسلان (19/ 248).

وبوب عليه أبو داود: بابٌ في النوم على طهارة. والصحيح أنَّ تطهر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الاستيقاظ الثاني. انظر: (ص: 136).

ص: 993

551: اتخاذ ما يربط به فم للقربة ليمنع انصباب الماء.

552: اتخاذ الصنابير لحفظ الماء والسوائل.

553: انتقاض الوضوء بالخارج من السبيلين.

554: النبي صلى الله عليه وسلم كأمته في نواقض الوضوء إلا النوم للدليل الخاص.

555: اشتراط النية للوضوء.

556: اشتراط الطهارة من الحدث لصحة الصلاة.

557: النبي صلى الله عليه وسلم كأمته في اشتراط الطهارة من الحدث للصلاة.

558: صحة وضوء من غسل أعضاءه أقل من ثلاث.

559: التثليث في الوضوء مستحب.

560: لا يجب على من استيقظ من نوم الليل أن يستنشق ويستنثر ثلاثًا.

561: جواز التورية.

562: التورية بالفعل.

563: التورية ليست من الكذب.

564: جواز التظاهر بالنوم لفعل ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم

(1)

.

565: جواز تقليد الحركات ومحاكاة الغير ما لم يوجد محضور.

566: جواز بعض الحيل.

567: جواز التوصل للأمر المباح بحيلة مباحة.

568: الأصل في مراقبة الناس المنع فلذا كره ابن عباس رضي الله عنهما أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه يراقبه.

(1)

في حديث عائشة رضي الله عنها في خروج النبي صلى الله عليه وسلم للبقيع قالت «

فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت

» رواه مسلم (974).

ص: 994

569: مراقبة الغير إذا كان لمصلحة.

570: ليست كل مراقبة من التحسس المنهي عنه.

571: التعبد لله بالمراقبة كمراقبة العدو وطلوع الفجر والهلال.

572: فضيلة السهر للمراقبة المشروعة.

573: في الحديث دليل لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

574: عدم اعتبار المفسدة اليسيرة مع المصلحة الراجحة.

575: مشروعية ما غلبت مصلحته على مفسدته.

576: إسناد بعض أنواع المراقبة في الليل لغير المكلفين.

577: السهر بالليل لمراقبة ما تحتاجه الأمة في دينها ودنياها من علم النجوم.

578: الكراهة في الحديث على اصطلاح الأصوليين لكنَّها في النصوص الشرعية وكلام السلف أعم من ذلك كالسنة

(1)

.

579: عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم الغيب.

580: عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه رضي الله عنهم.

581: مراعاة خاطر المضيف.

582: مراعاة خاطر الأكابر.

583: الإذن بالدخول إذن بالاطلاع على ما لم يستر داخل البيت.

584: التفريق بين الوضوء اللغوي وبين الوضوء الشرعي.

585: إذا ورد لفظ الوضوء في النصوص الشرعية فهو محمول على الوضوء الشرعي.

586: صفة وضوء غير المكلف كوضوء المكلف.

(1)

انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 16).

ص: 995

587: ثواب غير المكلف على الطهارة.

588: صفة صلاة التهجد تؤخذ من الجمع بين روايات الصحابة رضي الله عنهم.

589: أحكام الصلاة تؤخذ من مجموع النصوص.

590: الشخص إذا كان في بيته قد يأتي من الأفعال ما لا يحب أن يطلع عليه أحد

(1)

.

(1)

انظر: التوضيح لابن الملقن (29/ 215).

ص: 996

قوله: «وكان يقول في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» .

قال كريب: وسبع في التابوت، فلقيت رجلًا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر:«عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري» وذكر خصلتين»

591: لا بد في أقوال الصلاة من تحريك اللسان.

592: الذكر في القلب لا يسمى قولًا.

593: حذف يا النداء في الدعاء

594: حذف يا النداء والتعويض عنها بالميم لتدل على جمعية القلب.

595: تباين الآدميين في فهمهم لما يسمعون من نصوص الوحيين على قدر النور في أسماعهم.

596: استحباب طلب الزيادة مما ينفع في الآخرة.

597: كان لا تفيد المداومة على الشيء دائمًا.

598: بصلاح القلب تصلح الجوارح والأعمال.

599: من أنار الله قلبه يفرق بين الحق والباطل.

600: على قدر صلاح القلب يعصم الشخص من الشهوات والشبهات.

601: نور القلب يبدد الشبهات.

602: نور القلب يحرق الشهوات المحرمة.

603: تقديم الأهم فالأهم في الدعاء.

604: مهما بلغ المخلوق من العلم فهو بحاجة إلى زيادة العلم.

ص: 997

605: الدعاء بنور البصيرة في الدنيا.

606: الدعاء بنور البصر في الدنيا.

607: حفظ القرآن والسنة لا يعصم - وحده - من الخلل.

608: من نعم الله على عبده تمتعه بحواسه حتى الوفاة.

609: الدعاء بإتمام الصحة.

610: الدعاء بإتمام النور في الآخرة.

611: نور كل عضوء من الآدمي بحسبه.

612: استعمال جميع أعضاء الآدمي وجهاته الست فى الحق.

613: أهمية النور المعنوي.

614: التعميم في الدعاء بعد التخصيص.

615: التفصيل في الدعاء إذا طال موضع الدعاء.

616: إطالة الدعاء في الصلاة.

617: بذل الأسباب التي تنير البصيرة وتطهر القلب كأكل الحلال.

618: وجود روايات ضعيفة في صحيح مسلم لكنَّها في المتابعات وليست في أصل الكتاب.

619: من أسباب ضعف السند إبهام أحد الرواة.

620: نسيان المحدث بعض الحديث.

621: ضبط الكتاب أجود من ضبط الصدر.

622: ضبط الصدر لا يغني عن ضبط الكتاب فالحافظ ينسى ويهم.

623: فلقيت رجلًا من ولد العباس

هل القائل كريب أو سلمة بن كهيل يحتمل أحدهما والثاني أظهر.

ص: 998

624: يطلق التابوت ويراد به الأضلاع وما يحويه والصندوق الذي تحفظ فيه الحوائج والبدن فالبدن كالتابوت للروح والأخير هو الأقرب فالخصال السبع المذكورة تتعلق بالبدن.

625: الترجيح من المسائل الاجتهادية.

ص: 999

قوله: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا»

626: إطالة السجود إذا كان القيام طويلًا.

627: تناسب أركان الصلاة تطويلًا وتخفيفًا.

628: الدعاء بالنور في السجود.

629: الدعاء في السجود.

630: الدعاء في السجود مظنة القبول.

631: الدعاء بغير ما يوافق لفظ القرآن في الصلاة.

632: الدعاء بأمور الدنيا في صلاة النفل.

633: الدعاء بأمور الدنيا في صلاة الفرض.

634: الجهر بالذكر والدعاء أحيانًا ليحفظ.

635: الثابت من الدعاء: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا وَفِى لِسَانِى نُورًا وَفِى نَفْسِى نُورًا وَزِدْنِي نُورًا وعظِّم لِي نُورًا» .

636: حاسة السمع أهم من حاسة البصر.

ص: 1000

قوله: «عن عبد الله بن عباس قال بعثني أبي العباس رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة»

637: التسمية بعبد الله.

638: إطلاق البعث على المُرسَل سواء كان المرسِل الخالق أو المخلوق.

639: زيادة البيان ورفع الاحتمال بذكر البدل والمبدل منه.

640: إرسال المميزين بالحاجة.

641: خروج الصغار في الليل.

642: الأمر بكف الصغار في الليل ليس على إطلاقه.

643: قضاء الصغار حوائج والديهم.

644: انتفاع الأبوين بأولادهم الصغار من غير عوض.

645: صحة تصرف الصغار في الأشياء اليسيرة.

646: قبول خبر الصغير.

647: تعويد الصغار على التعامل مع الناس.

648: إرسال الصغار بالحوائج للأكابر.

649: توكيل الصغير.

650: توكيل الصغير في ما لاضمان فيه.

651: توكيل الصغير في ما لا تشترط فيه الولاية.

652: دخول (أل) على العلم للمح الأصل كعباس وليست للتعريف فلا يجتمع معرفان.

653: إجلال ابن عباس رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوصفه بالرسالة ولم يقل ابن عمي.

654: تعظيم ابن عباس رضي الله عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أبيه فقال العباس ولم يقل محمد.

ص: 1001

655: أخص صفات النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة.

656: صفة الصلاة توقيفية.

657: الأصل في عدد ركعات الصلاة التوقيف.

658: حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.

659: تأنيث الصفة والموصوف مذكر في العشاء الآخرة مراعاة للموصوف المحذوف.

660: تذكير الصفة والموصوف المحذوف مؤنث مراعاة للمضاف إليه المذكر المقام مقام المضاف في العشاء الآخر.

661: تسمية صلاة العشاء بهذا الاسم في الكتاب والسنة.

662: تسمية الصلاة بالوقت الذي تصلى فيه.

663: في الحديث رد على قول الأصمعي: من المحال قول العامة العشاء الآخرة وإنِّما يقال صلاة العشاء لا غير وصلاة المغرب

(1)

.

664: ضعف دلالة المفهوم.

(1)

انظر: مشارق الأنوار (2/ 103).

ص: 1002

قوله: «فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد»

665: السهر اليسير مع الأهل.

666: مراعاة الأهل والحديث معهم.

667: الاشتغال بالعلم والدعوة والجهاد لا يسقط حقوق الأهل.

668: السهر مع الأهل مقدم على السهر مع غيرهم.

669: الحديث مع الأهل بحضور الأقارب.

670: الموفق ييسر الله له القيام بكل أبواب الخير.

671: لا بأس السهر القليل الذي لا يمنع من التهجد.

672: كراهة الحديث بعد العشاء محمول على إذا كان طويلًا أو لغير مصلحة.

673: إطلاق الساعة على القطعة من الوقت.

674: حمل اللفظ على عرف المتكلم به.

675: الاصطلاحات الحادثة لا يحمل عليها كلام المتقدمين.

ص: 1003

قوله: «ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، ثم قال: «نَامَ الْغُلَيِّمُ» أو كلمة تشبهها»

676: إضافة البيت للنبي صلى الله عليه وسلم إمَّا باعتبار الأصل أو لأنَّ أزواجه تبع له فهو القيم على البيت على ما تقدم ترجيحه أنَّ البيوت ملك لأمهات المؤمنين رضي الله عنه

(1)

.

677: الإضافة تارة تفيد الملك وتارة تفيد الاختصاص.

678: صلاة راتبة العشاء في البيت.

679: المبادرة بصلاة الراتبة بعد دخول البيت.

680: يدخل وقت راتبة العشاء بعد صلاة العشاء ويخرج وقتها بخروج وقت العشاء.

681: صلاة راتبة العشاء قبل النوم.

682: راتبة العشاء أكثرها أربع ركعات وأقلها ركعتان

(2)

.

683: الظاهر أنَّه إذا صلى أربع ركعات سلم من كل ركعتين فيرد المتشابه إلى المحكم والله أعلم.

684: السؤال عن الضيوف.

685: تفقد الصغار.

686: إطلاق لفظ الغلام على من لم يبلغ.

687: إطلاق الغلام على من يعرف اسمه.

688: إطلاق الغليم على من يعرف اسمه.

689: تصغير غلام غليم.

(1)

انظر: (ص: (821.

(2)

انظر: (ص: (128.

ص: 1004

690: جواز التصغير إذا لم يكن الباعث له الاحتقار.

691: ليس من السب مناداة غير البالغ بالغلام.

692: ذكر الشك ولو كان لا يترتب على ذلك حكم شرعي.

693: تحرى القول فى الرواية وترك المسامحة

(1)

.

694: معرفة انتصاف الليل في السابق يخفى على الكثير لا سيما الصغار

(2)

.

695: الاستدلال على أوقات صلاة الفرض والنفل بالعلامات الكونية.

696: يعمل في العبادات بغلبة الظن إذا تعذر اليقين أو تعسر.

697: دقة النقل عند المحدثين.

698: إطلاق الكلمة على الجملة المفيد.

699: وقوع ألفاظ شاذة في صحيح البخاري «فقمت عن يساره قال: فأخذ بذؤابتي فجعلني عن يمينه» .

700: وقوع ألفاظ شاذة في صحيح مسلم «ثم حركني فقمت» «فقلت لها إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني» «فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى» «فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام

ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات» «فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه» «ثم تلا هذه الآية التي في آل عمران [190 - 191]{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ} بلغ، {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ،

ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم رجع أيضًا فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع، فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى».

701: لا يكفي النظر في السند على الحكم على الحديث فقد يكون الرواة

(1)

انظر: إكمال المعلم (3/ 122).

(2)

انظر: إكمال المعلم (3/ 122).

ص: 1005

ثقات وفي الحديث علة في السند أو مخالفة للثقات في المتن.

702: إذا تعدد رواة الحديث الواحد فلا بد من جمع طرقه للإحاطة به ومعرفة الثابت من ألفاظه.

703: يتبين شذوذ الحديث أو بعض ألفاظه بمقارنته بروايات الثقات.

704: تتبين نكارة الحديث بمقارنة رواية الضعيف بروايات الثقات.

705: الأحاديث الشاذة في صحيح البخاري قليلة مقارنة بصحيح مسلم.

706: البخاري أكثر تحريًا في الرواة من مسلم.

707: انتقاد بعض الأحاديث في البخاري ومسلم وفي ذلك مصنفات كثيرة مشهورة.

708: الأحاديث المنتقدة في البخاري ومسلم لا تحط من مكانتهما فهما أصح الكتب بعد كتاب الله وعلى هذا إجماع الأمة.

709: ما عدا القرآن فالخطأ فيه وارد.

710: عدم الغلو في البشر وتنزيلهم فوق منزلتهم.

711: كلما إزداد التحري قل الخطأ في النقل والعكس بالعكس.

712: قد يكون الأب ثقة وولده ضعيف أو العكس ككريب مولى ابن عباس وابنه رِشْدِين فالأب ثقة والابن منكر الحديث ومر في هذا الكتاب في عدة مواضع علي ابن المديني وأبوه فعلي ثقة وأبوه منكر الحديث.

ص: 1006

قوله: «فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك من وراء ظهره»

713: الأخذ باليد حين تحويل الواحد إلى جهة اليمين.

714: جواز مباشرة الصغير.

715: مس الصغير لا ينقض الوضوء.

716: جواز مس الأمرد والنظر إليه من غير شهوة.

717: يأتي العام ويراد به الخاص.

718: تخصيص العام بالحس.

719: تعديل الصفوف.

720: جواز وضع اليدين خلف الظهر.

721: الاستعانة باليد في الصلاة.

722: تحويل الواحد من وراء الإمام حتى لا يمر بين يديه.

723: الأخذ بالأشق إذا كان الأيسر يخل بالصلاة وإلا فالتحويل من الأمام أيسر.

724: ترك العمل بالأيسر إذا كان فيه محضور شرعي.

725: ترك المرور بين يدي المصلي

(1)

.

726: تطلق اليد ويراد بها الكف غالبًا.

727: إزالة اللبس بالإطناب فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن عباس من وراء ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وحوله من وراء ظهره.

728: ليس الإيجاز محمودًا دائمًا ولا الإطناب مذمومًا دائمًا.

729: بلاغة السلف.

(1)

انظر: البيان في مذهب الشافعي (2/ 424).

ص: 1007

هذه الفوائد التي تيسر جمعها من الروايات الصحيحة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما وكلما تأملت الحديث خرجت بفوائد غير ما كتبت وبهذا انتهى الكتاب جعله الله في ميزان حسناتي ونفع به من اطلع عليه.

ص: 1008

‌أهم ما ورد في الكتاب

1: تتبعت روايات الحديث المسندة فبلغت أكثر من عشرين رواية وحكمت عليها.

2: بينت ما يصح وما لا يصح من ألفاظ الحديث فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وميمونة وابن عباس رضي الله عنهم.

3: جمعت بين الروايات الصحيحة المتعارضة ورجحت ما لم يمكن الجمع بينها من الروايات.

4: ذكرت الوارد في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد المغرب إلى صلاة العشاء ومشروعية التطوع بين الصلاتين.

5: أهم متاع بيت النبوة والتعريف بها.

6: عمل النبي صلى الله عليه وسلم من دخوله بيته بعد صلاة العشاء إلى شروعه في التهجد.

7: تهجد النبي صلى الله عليه وسلم صفةً وقدرًا.

8: وقت اضطجاع النبي صلى الله عليه وسلم بعد التهجد وخروجه لصلاة الصبح.

9: أحكام السواك. 10: وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

11: الاستعانة على الطهارة.

12: هل يشرع للحائض الوضوء وقت الصلاة واشتغالها بالذكر؟

13: الخلاف في أثر النوم في انتقاض الوضوء.

14: الحركة التي ليست من جنس الصلاة. 15: أحكام راتبة الفجر.

16: هل الأفضل في قيام رمضان المسجد أو البيت؟ 17: أحكام الجماعة.

18: أحكام الإمامة.

19: أحكام الشرب قائمًا ودراسة ما وقفت عليه مسندًا مرفوعًا وموقوفًا.

20: الثابت من ألفاظ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنور وتحقيق موضع الدعاء.

21: أذكار الاستيقاظ من النوم.

22: هل قسم النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟

23: هل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن يملكن حجراتهن؟ 24: تبديل الثياب عند النوم.

25: حكم التفدية بالأبوين وبالنفس. 26: القرين.

27: فضائل ابن عباس رضي الله عنهما. 28: فوائد الحديث.

ص: 1009

‌طُبِع للمؤلف

1: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (ثلاث مجلدات).

2: الطلاق السني والطلاق البدعي (مجلد).

3: أحاديث وآثار أذكار الصلاة وأدعيتها (مجلد).

4: رفع العَنوت عن أحكام القنوت (مجلد).

5: تذكير الناسك بفوائد أجمع أحاديث المناسك (مجلد).

6: إسبال الكلام على حديث ابن عباس في القيام (مجلد).

7: قيام رمضان زمن النبوة والخلافة الراشدة (غلاف).

8: الاستيعاب لأدلة تارك الصلاة (غلاف).

9: من أحكام الجنائز (غلاف).

10: الوسوسة (غلاف).

11: فتاوى في التمور والنخيل (غلاف).

ص: 1010