المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تنبيه ذوى الأفهام على أحكام التبليغ خلف الإمام للعلامة خاتمة المحققين - تنبيه ذوى الأفهام على أحكام التبليغ خلف الإمام - ط إسطنبول

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

تنبيه ذوى الأفهام على أحكام التبليغ خلف الإمام

للعلامة خاتمة المحققين سيدى

السيد محمد امين الشهير بابن

عابدين نفعنا الله

تعالي به

آمين

ص: 137

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين * والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرسول الامين* المنزل عليه فى الكتاب المبين* ان فى ذلك لبلاغا لقوم عابدين* وعلى آله واصحابه جاة ساحة الدين* ما تكررت تلاوة قوله تعالى ياايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك على ألسنة التالين (وبعد) فيقول المفتقر الى رحمة ارحم الراحمين* محمد امين المكنى بابن عابدين * هذه رسالة سميتها تنبيه ذوى الافهام * على احكام البليغ خلف الامام* وقد رتبتها على مقدمة ومقصد وخاتمة اسأله سبحانه ان يختم لنا بالحسنى. وان يرقينا بفضله الى المقام الاسنى* وان يحفظنى من الخطأ في احكامه* بمنه واحسانه وانعامه * آمين (المقدمة) فى دليل مشروعية التبليغ اعلم ان اصل مشروعية التبليغ خلف الامام ما رواه الامام مسلم في صحيحه عن جابر رضى الله تعالى عنه اشتكى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فصلينا ورآءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره وما فيه عنه ايضا صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وابو بكر رضى الله تعالى عنه خلفه فاذا كبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كبر ابو بكر ليسمعنا وما فيه ايضا عن عائشة رضى الله تعالى عنها لما مرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مرضه الذى مات فيه فذكرته الى ان قالت وكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي بالناس وابو بكر رضى الله تعالى عنه يسمعهم التكبير ومن هنا قال الاعمش فى قول عائشة رضى الله تعالى عنها الثابت في الصحيحين وكان أبو بكر يصلى وهو قائم بصلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والناس يصلون بصلاة ابى بكر والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاعد يعنى انه كان يسمع الناس تكبيره صلى الله تعالى عليه وسلم * وفي شرح مسلم للامام النووى قولها وابو بكر يسمع الناس فيه جواز رفع الصوت بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه وانه يجوز للمنتدى اتباع صوت المكبر وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ونقلوا فيه الاجماع وما اراه يصح الاجماع فيه فقد نقل القاضي عياض عن مذهبهم ان منهم من ابطل صلاة المقتدى ومنهم من لم يبطلها ومنهم من قال ان اذن له الامام في الاسماع صح الاقتداء به والافلا ومنهم من ابطل صلاة المسمع ومنهم من صححها ومنهم من قال ان تكلف صوتا بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته وكل هذا ضعيف والصواب جواز ذلك وصحة

ص: 138

صلاة المسمع والسامع ولا يعتبر اذن الامام* قال العلامة ابن امير حاج على انه لا يبعد ان يكون المراد بالاجماع المذكور اجماع الصحابة والتابعين وحينئذ فالظاهر صحته ولا يقدح في نقله اختلاف من سواهم ممن حدث بعدهم من فقهاء المالكية كذا في القول البليغ في حكم التبليغ للسيد احمد الحموى وحديث الصحيحين بتمامه ذكره المحقق ابن الهمام في شرحه على الهداية المسمى بفتح القدير عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود قال دخلت على عائشة فقلت الا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قالت بلى لما ثقل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال اصلى الناس قلت لاهم ينتظرونك للصلاة قال ضعوا لى ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب (*) لينوء فاغمى عليه ثم افاق فقال اصلى الناس فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم العشاء الاخيرة قالت فارسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى ابى بكر رضى الله تعالى عنه ان يصلى بالناس فاتاه الرسول وكان ابو بكر رضى الله تعالى عنه رجلا رقيقا فقال ياعمر صل انت فقال عمرانت احق بذلك فصلى بهم ابوبكر ثم ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين احدهما العباس لصلاة الظهر وابو بكر يصلى بالناس فلما رآه ابوبكر ذهب ليتأخر فاومى اليه ان لا تتأخر وقال لهما اجلسانى الى جنبه فاجلساه الى جنب ابى بكر فكان ابوبكر يصلى وهو قائم بصلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والناس يصلون بصلاة ابى بكر والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاعد قال عبيد الله فعرضت على ابن عباس حديث عائشة فما انكر منه شيئا غيرانه قال اسمت لك الرجل الذي كان مع العباس قلت لا قال هو على رضى الله تعالى عنه انتهى (قلت) ومعنى قوله والناس يصلون بصلاة ابى بكر كما افاده الامام الزيلعي في شرحه على الكنز في بعض روايات الصحيحين ايضا وهى يقتدى ابوبكر بصلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويقتدى الناس بصلاة ابى بكر ان ابا بكر كان مبلغا اذلا يجوز ان يكون للناس امامان في صلاة واحدة الا ترى أنه جاء فى بعض رواياته وابو بكر يسمع الناس تكبيره كما مر وهذا عين مامر عن الاعمش* وفى فتح القدير عن الدراية وبه يعرف جواز رفع المؤذنين اصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما انتهى ونقل مثله العلامة ابن نجيم في البحر عن المجتبى (بقى) هنا شيء وهو ان ظاهر الحديث ان ابا بكر رضى الله تعالى عنه كان

(*) قوله لينوء اى لينهض بجهد قال فى القاموس ناء نواء وتنواء نهض بجهد ومشقة منه

ص: 139

شرع في الصلاة وحينئذ ففى اقتدائه بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم اشكال لانه لا يجوز للامام الاقتداء بغيره بلا عذر (وقد) اجاب عنه ائمتنا بانه انما تأخر لانه حصر عن القرائة لما احس بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لكن قال بعض الفضلاء هذا يقتضى جواز استخلاف من ليس في الصلاة مع انه غير جائز اللهم الا ان يكون تقدمه صلى الله تعالى عليه وسلم بعد اقتدائه بابي بكر رضي الله تعالى عنه والله تعالى اعلم (المقصد) اعلم اولا ان الامام اذا كبر للافتتاح فلابد لصحة صلاته من قصده بالتكبير الاحرام والا فلا صلاة له اذا قصد الاعلام فقط فان جمع بين الأمرين بان قصد الاحرام والاعلان للاعلام فذلك هو المطلوب منه شرعا وكذلك المبلغ اذا قصد التبليغ فقط خاليا عن قصد الاحرام فلاصلاة له ولا لمن يصلى بتبليغه في هذه الحالة لأنه اقتداء بمن لم يدخل في الصلاة فان قصد بتكبيره الاحرام مع التبليغ للمصلين فذلك هو المقصود منه شرعا * نقله الحموى عن فتاوى الشيخ محمد بن محمد الغزى الملقب بشيخ الشيوخ* ثم قال وتحقيق ما قاله ان تكبيرة الافتتاح شرط اوركن على الحلاف في ذلك فلا بد في تحققها من قصده بها الاحرام اى الدخول فى الصلاة انتهى* والمراد بقول الغزى لأنه اقتداء الخ اى اتباع صوت المكبر لا الاقتداء الحقيقى كما توهمه بعض المتأخرين والظاهر ان علة فساد من يصلى بتبليغه اجابته لغير المصلى ويمكن ان يكون المراد بالاقتداء ذلك* وفى البحر عن القنية مسجد كبير يجهر المؤذن فيه بالتكبيرات فدخل فيه رجل نادى المؤذن ان يجهر بالتكبير وركع الامام للحال فجهر المؤذن للتكبير فان قصد جوابه فسدت صلاته وكذا لو قال عند ختم الامام قرائته صدق الله وصدق الرسول وكذا اذا ذكر فى التشهد الشهادتين عند ذكر المؤذن الشهادتين تفسد ان قصد الاحابة انتهى * وسيأتي من هذا النوع مزيد فروع* ومثله ما اذا امتثل امر غيره فلو قال للمصلى تقدم فتقدم او دخل فرجة الصف احد فتجانب المصلى توسعة له فسدت صلاته فينبغي ان يمكث ساعة ثم يتقدم برأيه كذا في القهستاني عن الزاهدى ونقله فى الدر المختار جازما به في موضعين وتوقف فيه في موضع آخر بناء على ما جزم به الشرنبلالى من عدم الفساد لكن نقل الفساد الشيخ ابراهيم الحلبى فى شرح المنية عن كتاب التجنيس واقره ونقل عن ذلك الكتاب ان الاجابة بالرأس أو باليد مثله لكن قال وقد يفرغ بانها ليس فيها امتثال امر انتهى والمصرح به ان الاجابة بالرأس لا بأس بها ولم ارمن صرح بخصوص مسئلتنا بسوي ما مر عن الحموى وهذا الفرع اشبه بها من غيره لان الاجابة فيهما بالفعل والله تعالى اعلم

ص: 140

هذا ما يتعلق بتكبيرة الاحرام* واما التحميد من المبلغ والتسميع من الامام وتكبيرات الانتقالات اذا قصد بما ذكره الاعلام فقط خاليا عن قصد الذكر فلا فساد كما ذكره الحموى لانه ليس بجواب بل هو مجرد اخبار ولانه من اعمال الصلاة كما لو استأذن على المصلى انسان فسبح واراد به اعلامه انه في الصلاة او عرض للامام شئ فسبح المأموم لان المقصود به اصلاح الصلاة او يقال ان القياس الفساد ولكنه ترك للحديث الصحيح من نابه شيء في صلاته فليسبح للحاجة لم يعمل بالقياس بخلاف ما اذا سمح او هلل يريد زجرا عن فعل او امرا به فسدت عندهما خلافا لابي يوسف كما في المجتبى * وفى التجنيس والمزيد لصاحب الهداية لو قال سبحان الله بعد ما ناداه صاحبه لا تفسد صلاته لان هذا ليس بجواب بل هو اخبار منه انه في الصلاة * وفيه ايضا ومن استأذن على المصلى فقال الله اكبر او الحمد لله يريد به الاعلام لا تفسد صلاته كما مر فى التسبيح والاصل فيه ما روى عن على رضى الله تعالى عنه انه قال كنت آتي باب حجرة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واستأذن فينادى لى ادخل فان كان في الصلاة يسبح والدليل عليه ان المنادى في الاعياد والجمع يجهر بالتكبير لاعلام القوم ولا تفسد صلاته بذلك جرت العادة بخلاف ما اذا اخبر بخبر يسره فقال الحمد لله لان ذلك جواب لان تقديره الحمد لله على كذا انتهى والفرق بين التحريمة وغيرها حيث لم يصح شروعه بقصده الاعلام فقط انه يصير حينئذ غير ذاكر اصلا وترك الذكر في التحريمة مفسد للشروع بخلاف غيرها تأمل (واعلم) انه اختلف فيما كان ذكرا بصيغته وقصد به الجواب فقال ابو يوسف رحمه الله تعالى لا يكون مفسدا لانه ثناء بصيغته فلا يتغير بعزيمته كما لم يتغير عند قصد اعلامه انه في الصلاة مع انه ايضا قصد افادة معنى به ليس هو موضوعا له وعندهما تفسد وهو الصحيح لانه اخرج الكلام مخرج الجواب وهو يحتمله فيجعل جوابا كتشميت العاطس واجاب في فتح القدير عن قول ابى يوسف كما لم يتغير عند قصد اعلامه انه في الصلاة بانه خرج بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم اذا نابت احدكم نائبة وهو في الصلاة فليسبح الحديث اخرجه الستة لا لانه لم يتغير بعزيمة فان مناط كونه من تلام الناس كونه لفظا افيد به معنى ليس من اعمال الصلاة لا كونه وضع لافادة ذلك فيبقى ما رواءه على المنع الثابت بحديث معاوية بن الحكم ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس انما هو التسبيح والتهليل وقرائة القرآن* وكونه لم يتغير بعزيمته ممنوع قال السرى السقطى لى ثلاثون سنة استغفر الله من قولى الحمد لله احترق السوق فخرجت فقيل لى سلمت دكانك فقلت الحمد لله فقلت لنفسى لم لا تغتمى لامر المسلمين

ص: 141

انتهى * اذا علمت ذلك ظهر لك ما فى كلام الحموى حيث علل لمسئلة التسميع والتحميد يقصد الاعلام بأنه ذكر بصيغته فلا يتغير بعزيمته انتهى فانه لا حاجة مع ما قدمناه على انه تخريج على غير الصحيح (تنبيه) قال العلامة ابن امير الحاج في شرح المنية عند قوله جهر الامام بالتكبير الظاهر أنه يريد مطلق التكبير في الصلاة وظاهر البدائع تخصيصه بتكبيرة الافتتاح ثم قال بعد كلام والاوجه ان الجهر بالتكبير مطلوب من الامام فى سائر تكبيرات الصلاة حتى زوائد العيدين ولاسيما في الرفع من السجود ليعلم المأموم مطلقا وجود ذلك منه ويعلم الاعمى من المأمومين انتقالاته من ركن الى ركن ويتابعه فى تكبيرات العيدين واقل درجات طلب ذلك منه الندب والاستحباب والظاهر ان الجهر كما هو مطلوب منه في التكبير كذلك في التسميع لهذا المعنى ثم قال ولقائل ان يقول ويستحب الجهر ايضا بالتكبير والتحميد لواحد من المقتدين اذا كانت الجماعة لا يصل جهر الامام اليهم اما لضعفه او لكثرتهم فان لم يقم مسمع يعرفهم الشروع والانتقالات فينبغى ان يستحب لكل صف من المقتدين الجهر بذلك الى حد يعلمه الاعمى ممن يليهم كما يشهد لهما فى صحيح مسلم رحمه الله تعالى وهو ما قدمناه في بيان مشروعية التبليغ انتهى (الخاتمة) واذ قد علمت مشروعية رفع الصوت بالتبليغ وان التبليغ منصب شريف قد قام به افضل الناس بعد الانبياء والمرسلين ذوى المقام المنيف فلا بدمعه من اجتناب ما احدثه جهلة المبلغين الذين استولت عليهم الشياطين من منكرات ابتدعوها ومحدثات اخترعوها لكثرة جهلهم وقلة عقلهم وعدم اعتنائهم بإحكام ربهم وبعدهم عما هو سبب قربهم وانهاكهم فى تحصيل حطام الدنيا وترك التعلم الموصل الى الدرجات العليا (فمن) ذلك ان بعضهم يجهر بالتكبير عند احرام الامام من غير قصد الاحرام ليعلم الناس وربما يفعل ذلك وهو قاعد او منحن ثم يدخل بعد ذلك في صلاة الامام ولاشك ح ان من لم يكن قريبا من الامام يأخذ من ذلك المبلغ فلا يصح شروعه لانه لم يدخل فى تكبيره فى الصلاة فيكون اقتداء بمن لم يدخل في الصلاة وهو لا يصح كما مر (ومن) ذلك ان بعضهم يكون اعمى وهو بعيد عن الامام فيقعد رجل الى جانب ذلك المبلغ الاعمى ويعلمه بانتقالات الامام والاعمى يرفع صوته ليعلم المأمومين كما شاهدت ذلك في مسجد دمشق وعلى ما مر تكون صلاة المبلغ فاسدة لاخذه من الخارج وكذلك صلاة من اخذ من ذلك المبلغ (ومن) ذلك اللحن بالفاظ التكبير والتحميد اما التكبير فان اكثرهم يعد همزة الجلالة وباء اكبر وتارة عمدون همزته ايضا وتارة يحذفون الف الجلالة التي بعد اللام الثانية

ص: 142

وتارة يحدفون هاءها ويبدلون همزة اكبر بواو فيقولون اللاواكبر قال العلامة الشيخ حسن الشرنبلالى فى منظومته في الصلاة المسماة بدر الكنوز

وعن ترك ها واو لهاء جلالة * وعن مد همزات وباء باكبر

قوله وعن ترك متعلق بقوله خالص في البيت قبله وقال في شرحها المراد بالهاوى الا لقب الناشئ بالمد الذي في اللام الثانية من الجلالة فاذا حذفه الحالف او الذابح او المكبر للصلاة او حذف الهاء من الجلالة اختلف فى انعقاد يمينه وحل ذبيحته وصحة تحريمه فلا يترك ذلك احتياطا وبعد همزه لا يكون شارعا فى الصلاة وتبطل الصلاة بحصوله في أثنائها وبمد الباء يكون جمع كبر وهو الطبل فيخرج عن معنى التكبير او هو اسم للحيض او اسم للشيطان فيثبت الشركة فتنعدم التحريمة انتهى. وفى شرح المنية لابن امير حاج واما المد فلا يخلو من ان يكون فى الله او فى اكبر وان كان فى الله فلا يخلو من ان يكون في اوله او فى وسطه او فى آخره فان كان فى اوله فهو مفسد للصلاة ولا يصير شارعا به وان كان لا يميز بينهما لا يكفر لان الاكفار به بناء على انه شاك في مضمون هذه الجملة فحيث كان جازما فلا اكفار وان كان فى وسطه فهو صواب الا انه لا يبالغ فيه فان بالغ حتى حدث من اشباعه الف بين اللام والهاء فهو مكروه قيل والمختار أنها لا تفسد وليس ببعيد وان كان في آخره فهو خطأ ولا تفسد ايضا وعلى قياس عدم الفساد فيهما يصح الشروع بهما وان كان المد فى اكبر فان كان في اوله فهو خطأ مفسد للصلاة وهل يكفر اذا تعمده قبل نعم للشك وقيل لا ولا ينبغي ان يختلف في انه لا يصح الشروع به وان كان في وسطه حتى صار اكبار لا يصير شارعا وان قال في خلال الصلاة تفسد وفي زلة القارى للصدر الشهيد يصير شارعا لكن ينبغي ان يكون هذا مقيدا بما اذا لم يقصد به المخالفة كما نبه عليه محمد بن مقاتل وان كان في آخره فقد قيل تفسد صلاته وقياسه ان لا يصح الشروع به ايضا انتهى والظاهر ان ما في زلة القارى مبنى على ما قيل جمع كير كما نقله فى النهر قال واذا كان كذلك فلا اثر لارادته المخالفة في اللفظ فقط قال وفى القنية لا تفسد لأنه اشباع وهو لغة قوم واستبعده الزيلعي بانه لا يجوز الا فى الشعر انتهى * ونقل في فتح القدير عن المبسوط الفساد وكذا فى البحر ومشى عليه في المنية وذكر الشيخ ابراهيم في شرحها انه الا صح * والحاصل انه لو قال الله اكبر مع الف الاستفهام لا يصير شارعا بالاتفاق كما صرح به في التتارخانية ولو قال اكبار فعلى الخلاف * واما اللحن فى التسميع فهو ما يفعله عامتهم الا الفرد النادر منهم فيقولون رابنا لك الحامد بزيادة الف بعد راء ربنا والف بعد حاء الحمد اما الثانية فلاشك في كراهتها واما الاولى فلم أر من نبه عليها ولو قيل انها مفسدة

ص: 143

لم يكن بعيدا لان الراب بتشديد الباء زوج الام كما في الصحاح والقاموس وهو مفسد للمعنى الا ان يقال يمكن اطلاقه عليه تعالى وان لم يكن واردا لانه اسم فاعل من التربية فهو بمعنى رب وعلى كل حال فجميع ما ذكرناه لا يحل فعله وما هو مفسد منه يكون ضرره متعديا إلى بقية المتقدين ممن يأخذ عنه كما مر (ومن) ذلك مسابقته الامام في الرفع من الركوع والسجود وان كان قريبا منه وذلك مكروه لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (لا تبادرونى بالركوع والسجود) وقوله عليه الصلاة والسلام (اما يخشى الذي يركع قبل الامام ويرفع ان يحول الله رأسه رأس حمار) كذا في البحر عن الكافي قال وهو يفيد انها كراهة تحريم للنهى المذكور اى وللوعيد (ومن) ذلك رفع الصوت زيادة على قدر الحاجة بل قد يكون المقتدون قليلين يكتفون بصوت الامام فيرفع المبلغ صوته حتى يسمعه من هو خارج المسجد وقد صرح في السراج بان الامام اذا جهر فوق حاجة الناس فقد اساء انتهى فكيف بمن لا حاجة اليه اصلا (ومن) ذلك اشتغالهم تحرير النغمات العجيبة والتلاحين الغريبة مما لا يتم الا بتمطيط الحروف واخراجها من محالها ولكنهم تارة يفعلون ذلك في حرف المد فيمدون الف الجلالة سيما عند القعدتين فانهم يمدونها مدا بليغا وقد مر حكم نفس هذا المدانه مكروه وانه لا يفسد على المختار وتارة يفعلونه في غير حرف المد وهو على التفصيل السابق، واما مجرد تحسين الصوت فلا يضر* قال فى الذخيرة ان كانت الالحان لا تغير الكلمة عن موضوعها ولا تؤدى الى تطويل الحروف التي حصل الغنى بها حتى يصير الحرف حرفين بل لحنة تحسين الصوت وتزيين القرائة لا توجب فساد الصلاة وذلك مستحب عندنا في الصلاة وخارج الصلاة وان كان يغير الكلمة من موضعها يوجب فساد الصلاة لان ذلك منهى وانما يجوز ادخال المد فى حروف المد واللين والهوائية والمعتل نحو الالف والواو والياء انتهى* وفى اذان شرح هدية ابن العماد للعارف بربه تعالى سيدى عبد الغني النابلسى قال والدى رحمه الله تعالى وقد صرحوا بانه لا يحل التغنى بحيث يؤدى الى تغيير كلماته واما تحسين الصوت فلا بأس به من غير تغن كما فى الخلاصة وظاهره ان تركه اولى لكن في صدر الشريعة لا ينقص شيئا من حروفه ولا يزيد فى اثنائه حرفا وكذا لا يزيد ولا ينقص من كيفيات الحروف كالحركات والسكنات والمدات وغير ذلك تحسين الصوت فاما مجرد تحسين الصوت بلا تغيير لفظ فانه حسن وفى الفتح وتحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما انتهى ثم قال وفي ملتقط الناصري وتجوز القرائة بالالحان اذا لم تغير المعنى ويندب اليه قال عليه السلام (زينوا القرآن باصواتكم) وفى البحر من كتاب

ص: 144

الشهادات واما القرائة بالالحان فاباحها قوم وحظرها قوم والمختار ان كانت الألحان لا تخرج الحروف عن نظمها وقرائتها فمباح والا فغير مباح كذا ذكر* قال وقدمنا في باب الاذان ما يفيد ان التلحين لا يكون الا مع تغيير مقتضيات الحروف فلا معنى لهذا التفصيل انتهى كذا ذكره العارف قدس سره * وماذكره في البحر من ان التلحين لا يكون الا مع التغيير اخذه من فتح القدير قال وهو صريح في كلام الامام احد فانه سئل عنه فى القرائة فمنعه فقيل له لم قال ما اسمك قال محمد قال ايعجبك ان يقال لك يا مو حامد قالوا واذا كان لم يحل له فى الاذان ففي القرائة اولى وح لا يحل سماعها ايضا انتهى* قال سيدى عبد الغني النابلسي في موضع آخر ان الاذان والاقامة والتسبيحات خلال الصلاة والادعية جميعها والخطبة وقرائة القرآن وذكر الله تعالى كل ذلك لا يجوز فيه التمطيط والتغيير في الحروف والكلمات والزيادة فى المد والنقصان منها لاجل هذا المستحب المستفاد من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم (زينوا القرآن باصواتكم) ونحوه من الاحاديث فان التغيير والتمطيط حرام وتحسين الصوت مستحب ولا يرتكب الحرام لاجل المستحب انتهى* هذا وذكر في فتح القدير بعد ما قدمناه عنه عن الدراية من جواز الرفع ما نصه* اقول وليس مقصوده خصوص الرفع الكائن في زماننا بل اصل الرفع لابلاغ الانتقالات اما خصوص هذا الذى تعارفوه فى هذه البلاد فلا يبعد انه مفسد فانه غالبا يشتمل على مد همزة الله اكبر او بائه وذلك مفسد وان لم يشتمل لانهم يبالغون في الصياح زيادة على حاجة الابلاع والاشتغال بتحريرات النعم اظهارا للصناعة النغمية لا اقامة للعبادة والصياح ملحق بالكلام الذى بساطه ذلك الصياح وسيأتى فى باب ما يفسد الصلاة انه اذا ارتفع بكاؤه من ذكر الجنة والنار لا تفسد ولمصيبة بلغته تفسد لانه فى الاول يعرض بسؤال الجنة والتعوذ من النار وان كان يقال ان المراد اذا حصل به الحروف ولو صرح به لا تفسد وفى الثانى لاظهارها ولو صرح بها فقال وامصيبتاه او ادركونى افسد فهو بمنزلته وهنا معلوم ان قصد، اعجاب الناس به ولو قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريرى فيه أفسد وحصول الحرف لازم من التلحين ولا ارى ذلك يصدر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال وما ذلك الا نوع لعب فانه لو قدر سائل حاجة من ملك ادى سؤاله وطلبه بتحرير الغم فيه من الرفع والخفض والتغريب والرجوع كالتغنى نسب البتة الى قصد السخرية واللعب اذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغنى* انتهى كلام المحقق ابن الهمام ونقله عنه في النهر واقره عليه واقره عليه غيره وكذا قال تلميذه العلامة ابن امير حاج وقد اجاد رحمه الله تعالى

ص: 145

فيما أوضح وافاد ولم ار احدا تعقبه سوى السيد احمد الحموى فانه قال اقول في كون الصياح بما هو ذكر ملحقا بالكلام فيكون مفسدا وان لم يشتمل على مد همزة الله او باء اكبر نظر فقد صرح في السراج بان الامام اذا جهر فوق حاجة الناس فقد اساء انتهى والاسائة دون الكراهة لا توجب فسادا على ان كلامه يؤول بالآخرة الى ان الافساد انما حصل بحصول الحرف لا بمجرد رفع الصوت زيادة على حاجة الابلاغ والقياس على من ارتفع بكاؤه لمصيبة بلغته غير ظاهر لان ما هنا ذكر بصيغته فلا يتغير بعزيمته والمفسد للصلاة الملفوظ لا عزيمة القلب على ما تقدم بخلاف ارتفاع الصوت بالبكاء لمصيبة بلغته فانه ليس بذكر فتغير بعزيمته على ان القياس بعد الاربعمائة منقطع فليس لأحد بعدها ان يقيس مسئلة على مسئلة كما صرح به العلامة زين بن نجيم في رسائله انتهى (قلت) وبالله تعالى التوفيق (اما) ما ذكره من النظر فساقط لان المحقق لم يجعل مبنى الفساد مجرد الرفع بل زيادة الرفع الملحق بالصياح المشتمل على النعم مع قصد اظهاره لذلك والاعراض عن اقامة العبادة فقول المحقق والصياح ملحق بالكلام اى الصياح المشتمل على ما ذكر بدليل سوابق الكلام ولواحقه وبدليل قوله وهنا معلوم ان قصده اعجاب الناس به الى آخره اذ لا اعجاب فى مجرد الصياح الخالي عما ذكر فتعين ان المراد بالصياح ما ذكر كما لا يخفى واما قوله على ان كلامه الخ فممنوع لان المحقق الكمال فمثل بان الحرف لازم من التلحين كما هو صريح كلام الامام احمد ووافقه عليه في البحر ولكنك قد علمت انه جعل مبنى الفساد الصباح المشتمل على الغم وان مجرد ذلك كاف في الفساد وانما لم يبنه على حصول الحرف لان ذلك الحرف اللازم من التلحين لا يلزم ان يكون مفسدا لانه قد يحصل التلحين بزيادة الالف التي بعد اللام من الجلالة وذلك غيره فسد كما قدمناه فلذا قال المحقق في صدر عبارته فانه غالبا يشتمل على مد همزة الله اكبر او بائه وذلك مفسد وان لم يشتمل الخ فالمد المفسد هو ما ذكره مما يلزم غالبا وغير الغالب ما لا يكون مفسدا مما قلناه بناء على ان قوله غالبا قيد ليشتمل بعد تعلق الجار به فليس معناه انه من غير الغالب لا يشتمل على شيء لمنافاته دعوى اللزوم فقد ظهر ان قوله وحصول الحرف لازم من التلحين لا يصلح مناطا للافساد لما علمته بل انما ذكره بيانا لما يستلزمه ذلك المفسد السابق مما قد يكون مفسدا في نفسه وان فرض عدم افساد الملزوم فحاصل كلام المحقق ان الاشتغال بتحرير الغم والتلحين والصياح الزائد على قدر الحاجة لا القصد القربة بل ليعجب الناس من حسن صوته ونغمه مفسد من وجهين الاول ما يلزم من التلحين من حصول الحرف المفسد غالبا والثانى عدم قصد اقامة العبادة وان لم يحصل من تلحينه حرف مفسد كما يدل عليه ما ذكروه من الفساد فى ارتفاع البكاء لمصيبة فاذا لم يحصل الفساد من التلحين بان كان

ص: 146

فيه حرف غير مفسد الذي هو غير الغالب فالفساد للوجه الثاني لازم واما قوله في تعليل عدم ظهوره لان ماهنا ذكر بصيغته الخ فكلام ساقط لانك قد علمت سابقا ان ذلك مبنى على قول أبى يوسف وقد نقضه الفقهاء سائل تظهر لمن يراجع شروح الهداية والبحر ونحوها من المطولات والصحيح قولهما فان مناط كونه من كلام الناس كونه لفظا افيد به معنى ليس من اعمال الصلاة لا كونه وضع لافادة ذلك كما مر عن الفتح ولذا قال فى النهر في ترجيح قولهما الا ترى ان الجنب اذا قرأ الفاتحة على قصد الثناء جاز انتهى (واما) قوله على ان القياس بعد الاربعمائة منقطع فنقول بموجبه ولا نسلم ان ما ذكره المحقق من هذا القبيل* اما او لا فانه لم يجزم بالفساد بل قل لا يبعد أنه مفسد * واما ثانيا فلانه وان كان مراده الجزم بالفساد فقد بناء على ما ذكره من الاصل لانطباقه عليه بل كم من مسئلة لم يوجد فيها نص عن المتقدمين يبحثون في بيانها بحسب ما يظهر لهم وتختلف فيها آراؤهم من غير نكير فهذه المسئلة كغيرها من المسائل التي لم يوجد فيها نص عن المقدمين وقد جرت عادته كغيره ممن له احاطة بأصول المذهب ومهارة بالفروع البحث في بعض المسائل كقوله ينبغي ان يكون الحكم كذا ومقتضى القواعد كذا وكذا ابن نجيم واضرا به يقول كذلك في البحر والاشباه فلو كان ذلك من القياس كيف يسوغ له استعماله مع ما ذكره من ان القياس انقطع على انه قال فى آخر الحاوى القدسى ونقله عنه ايضا العلامة التمرتاشي في كتابه معين المفتى ما نصه بعد كلام قبله ومتى لم يوجد فى المسئلة عن ابي حنيفة رواية يؤخذ بظاهر قول ابى يوسف ثم بظاهر قول محمد ثم بظاهر قول زفر والحسن وغيرهم الأكثر فالاكثر هكذا الى آخر من كان من كبار الاصحاب واذا لم يوجد في الحادثة عن واحد منهم جواب ظاهر وتكلم فيه المشايخ المتأخرون ولا واحدا يؤخذ به نان اختلفوا يؤخذ بقول الاكثرين ثم الاكثرين وما اعتمد عليه الكبار المعروفون منهم كابي حفص وابي جعفر وابى الليث والطحاوى وغيرهم ممن يعتمد عليه وان لم يوجد منهم جواب البتة ينظر المفتى فيها نظر تأمل واجتهاد ليجد فيها ما يقرب الى الخروج عن العهدة ولا يتكلم فيها جزافا الى آخر ما ذكره وفى اول التتارخانية عن التهذيب لو اختلف المتأخرون يختار واحدا من ذلك فلو لم يجد من المتأخرين يجتهد برأيه اذا كان يعرف وجوه الفقه ويشاور اهل الفقه ولا يخفى على ذوى الافهام علو مرتبة المحقق ابن الهمام من طول باعه وسعة اطلاعه وما بالك بامام له قوة على ترجيح ما خالف المذهب بحسب ما يظهر له من الدليل وان كنا لا نقبله منه كما نص عليه تلميذه العلامة قاسم بن قطلوبغا لانا مقلدون لابي حنيفة

ص: 147

افلا يقبل منه ما هو معقول لا يعارضه شئ من المنقول بل موافق لما ذكروه لنا من ان الصحيح ان الثناء يتغير بالعزيمة وما فرعوا عليه من الفروع ففى البحر عن الظهيرية ولو وسوسه الشيطان فقال لا حول ولا قوة الا بالله ان كان ذلك لأمر الآخرة لا تفسد وان كان لأمر الدنيا تفسد خلافا لابي يوسف ولو عوذ نفسه بشيء من القرآن للحمى ونحوها تفسد عندهم انتهى وفى الذخيرة اذا فتح على رجل ليس هو فى الصلاة اصلا فهو على وجهين ان اراد به التعليم تفسد صلاته وان لم يرد به التعليم وانما اراد به قراءة القرآن لا تفسد اما اذا اراد به التعليم فلانه ادخل في الصلاة ما ليس من افعالها لان الذى يفتح كأنه يقول بعد ما قرأت كذا وكذا فخذ منى والتعليم ليس من الصلاة فى شئ وادخال ما ليس من الصلاة في الصلاة يوجب فساد الصلاة انتهى وذكر قبل هذا في وجه قول الامام ابى حنيفة ومحمد بالفساد فيما لو اخبر بخبر يسره فقال الحمد لله لان الجواب ينتظم الكلام فيصير كأنه قال الحمد لله على قدوم ابى مثلا ولو صرح به يفسد كذا هذا او نقول ان الكلام يبنى على قصد المتكلم فمتى قصد بما قاله التعجب يجعل متعجبا لا مسبحا فان قال سبحان الله على قصد التعجب كان متعجبا لا مسبحا الا يرى ان من رأى رجلا اسمه يحيى وبين يديه كتاب موضوع قال يا يحيى خذ الكتاب بقوة واراد خطابه لا يشكل على احد انه متكلم وليس بقارئ وكذلك اذا كان الرجل فى سفينة وابنه خارج السفينة وقال يا بني اركب معنا واراد خطابه يجعل متكلما لا قارئا الى آخر ما ذكره من الفروع ولا يخفى عليك ان التوجيه الثاني المصرح به في الذخيرة مما يدل على انه ليس المفسد خصوص ما كان جوابا او اظهارا لمصيبة كما يتوهم من ظاهر عباراتهم والا لاقتصر على التوجيه الاول وهنا كذلك اذا قصد الاعجاب بصوته كان معجبا لا ذاكرا فسئلتنا وان لم ينصوا عليها فهي داخلة تحت هذا التوجيه كما لا يخفى على نبيه ومن القواعد المقررة ان مفاهيم الكتب معتبرة وليس كل مسئلة مصرحا بها فان الوقائع والحوادث تتجدد بتجدد الازمان ولو توقف على التصريح بكل حادثة لشق الامر على العباد بل يذكرون قواعد كلية تندرج فيها مسائل جزئية فيجوز للمفتى استخراجها من ذلك كما يشهد بذلك ما قدمناه عن الحاوى القدسى ولاشك ان هذا المبلغ اذا لم يقصد اقامة لقربة بل قصد مجرد الاعجاب بصوته والاشتغال بالتلحين والتنغيم لا يكون ذاكرا كما قلنا فيبنى كلامه على قصده وان لم يحصل منه زيادة حرف مفسدة وليس ذلك من باب القياس الذي انسد بابه واذا قال سيدى عبد الغني النابلسى قدس الله تعالى سره في شرحه

ص: 148

على هدية ابن العماد فى بحث شروط الصلاة عند الكلام على مسئلة ذكرها بحثا ان بعض المسائل يكلونها الى فهم المفتى والمدرس والمؤلف اذ هم اكمل المتفقهة فيكملون بفهومهم المسائل الناقصة فى التعبير كما هو دأب كل خبير ثم قال فان المسائل المدونة فى الفقه انما يتكلمون عليها من حيث كلياتها لا من حيث جزئياتها فلا يقال في الجزئيات التى انطبق عليها احكام الكليات انها غير منقولة ولا مصرح بها فكم من جزئى تركوا التنبيه عليه لانه يفهم من حكم كلى آخر بطريق الاولوية كهذه المسئلة وهذا الاعتبار جار في جميع نظائره من ابحاثنا التي نذكرها في هذا الكتاب وغيره وفرق بين تطبيق الكليات على الجزئيات وبين التخريج بان التطبيق المذكور تفسير المراد من نفس الكلى معنى اولوية والتخريج نوع قياس والله تعالى الموفق الى الصواب والدافع الارتياب انتهى كلامه قدس سره ونفعنا به وفى هذا القدر المقصود منه نصرة كلام المحقق بل نصرة الحق ان شاء الله تعالى كفاية والله تعالى ولى التوفيق والهداية وهذا الذي ذكرناه من المنكرات التى يفعلها المبلغون نبذة من قبائحهم التي تعارفوها في نفس الصلاة واما ما يفعلونه خارجها بعد الصلوات وفى الاذان وغير ذلك كالغناء في المنارة الذى يسمونه مولد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم واخذ الاجرة عليه وغير ذلك مما يوجب فسقهم وعدم الثقة باقوالهم واعلامهم بدخول الاوقات سيما مع عدم الاحتياط فيها مما يؤدى الى عدم حل الافطار للصائم والشروع بالصلاة من غير غلبة الظن لعدم عدالتهم كما نبه على ذلك سيدى عبد الغني النابلسى نفعنا الله تعالى به فشئ كثير لسنا الآن بصدده نسئله سبحانه وتعالى ان يحفظنا من الزيغ والزلل وان يمن علينا وعلى والدينا ومشايخنا بحسن الخاتمة عند تناهى الاجل هذا آخر ما اردنا ايراده في هذه الرسالة والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وكان الفراغ من تسويدها ليلة السبت غرة محرم الحرام سنة 1226

ص: 149