الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استدراك الزيادات على كتاب الرحلة مما لم يذكره الحافظ الخطيب
رحلة الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
لم يخرج الإمام أبو بكر الخطيب شيئا من هذا النوع، وهو كثير جدا، لأن كثيرا من الصحابة كان يقصد النبي صلى الله عليه وسلم يرحل إليه، ليتشرف بلقائه، ويحمل عنه وصية، أو خطبة، أو حديثا، وكثير منهم رحلوا لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن مسألة أشكلت عليهم.
وإليك طرفا من ذلك:
82 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع،
فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك؟.
قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟. قال: الله.
قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟. قال: نعم.
قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟. قال: نعم.
قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟. قال: نعم.
قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم.
قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع
إليه سبيلا؟. قال: صدق.
قال: ثم ولى، قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لئن صدق ليدخلن الجنة ".
متفق عليه
(1)
83 -
وللبخاري عن أنس قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال له الرجل: ابن عبد المطلب!، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك. فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد
(2)
علي في نفسك. فقال: سل عما بدا لك.
فقال: أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: اللهم نعم.
(1)
متفق عليه وهذا لفظ مسلم في أول صحيحه ص 32. ويأتيك لفظ البخاري.
(2)
أي لا تغضب.
قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: اللهم نعم.
قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم.
فقال الرجل: " آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر "
(1)
.
84 -
قال ابن عباس رضي الله عنهما: فما سمعنا بوافد قوم يقول أفضل من ضمام ".
أخرجه أحمد والطبراني في حديث طويل
(2)
85 -
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال:
(1)
البخاري في كتاب العلم (باب ما جاء في العلم) ج 1 ص 19.
(2)
انظر مجمع الزوائد ج 1 ص 289.
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات في اليوم والليلة ". فقال: " هل علي غيرها؟ " قال: " لا، إلا أن تطوع ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وصيام رمضان " قال: " هل علي غيره؟: قال: " لا، إلا أن تطوع ".
قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة. قال: " هل علي غيرها؟ " قال: " لا، إلا أن تطوع ".
قال: فأدبر الرجل وهو يقول: " والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلح إن صدق ".
متفق عليه
(1)
وهذا الرجل غير ضمام بن ثعلبة، لأن ضماما سعدي بكري ذو عقيصتين أي ضفيرتين كما في المسند والمعجم الكبير للطبراني، وهذا نجدي ثائر الرأس، فهما مختلفان موطنا وهيئة.
(1)
البخاري في الإيمان (باب الزكاة من الإسلام) ج 1 ص 14 مسلم ج 1 ص 31 - 32.
86 -
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من القوم أو من الوفد؟ " قالوا: ربيعة. قال: " مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى ".
فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن فأتيك إلا في شهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة، فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع:
أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال:" أتدرون ما الإيمان بالله وحده "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس "، ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت، وربما قال المقير. وقال:" احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم ".
متفق عليه
(1)
(1)
البخاري أواخر الإيمان (باب أداء الخمس من الإيمان ج 1 ص 16)، ومسلم في الإيمان (باب الأمر في الإيمان بالله ورسوله وشرائع الدين ج 1 ص 35).
وهذه المنهيات أوعية ينبذ فيها المسكر فنهاهم عما ينبذ فيها.
الحنتم: الجرة الخضراء، والدباء: القرع اليابس يتخذ منه إناء للخمر، والنقير: جذع ينقر وسطه. والمقير ما طلي بالقار كالمزفت المطلي بالزفت.
87 -
عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما انهما قالا: إن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" يا رسول الله: أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله ".
فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: " نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قل ".
قال: " ان ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم؟ ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لأقضين بينكما
بكتاب الله: الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها ".
قال: " فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت ". متفق عليه
(1)
الأعرابي: هو ساكن البادية. وقد رحل مع صاحبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لسؤاله عن هذه الواقعة ليس له حاجة غيرها.
عسيفا على هذا: أي أجيرا عند هذا.
الوليدة والغنم رد: أي الجارية المملوكة والغنم ترد إليك.
88 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي، فقال:" يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود؟! "
فقال: " هل لك من إبل؟ " قال: " نعم ".
قال: " ما ألوانها؟ ". قال: " حمر ".
(1)
البخاري في الحدود (باب إذا أمر غير الإمام بإقامة الحد) ج 8 ص 171 ومواضع آخر. ومسلم في الحدود 5 ص 121 واللفظ رواية مسلم.
قال: " فيها من أورق؟ ". قال: " نعم ".
قال: " فأنى ذلك؟ ". قال: " أراه عرق نزعه ".
قال: " فلعل ابنك هذا نزعه عرق ".
متفق عليه
(1)
الأورق: الأسمر
نزعه عرق: جذبه الشبه إلى بعض أجداده بعامل الوراثة.
ومن آثار الصحابة في الرحلة:
89 -
قول أبي الدرداء: " لو أعيتني آية من كتاب الله فلم أجد أحدا يفتحها علي إلا رجل ببرك الغماد لرحلت إليه "
(2)
.
من رحلات التابعين ومن بعدهم:
وفيها جاء هذا الحديث:
90 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم، فلا يجدون
(1)
البخاري: في الحدود (باب ما جاء في التعريض) ج 8 ص 173 وغيره، ومسلم في اللعان ج 4 ص 211.
(2)
ذكره في معجم البلدان ج 1 ص 590.
أحدا أعلم من عالم المدينة ".
أخرجه الترمذي وسننه
وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي
(1)
91 -
عن عامر بن شراحيل الشعبي الإمام التابعي أنه خرج إلى مكة في ثلاثة أحاديث ذكرت له، فقال:" لعلي ألقى رجلا لقي النبي صلى الله عليه وسلم أو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه الرامهرمزي
(2)
92 -
عن علي بن المديني قال: قيل للشعبي: " من أين لك هذا العلم كله؟ ".
قال: " بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر
(1)
الترمذي أواخر العلم ج 4 ص 47، وأحمد في المسند ج 2 ص 299. والمستدرك ج 1 ص 91 وانظر كتابنا منهج النقد في علوم الحديث ص 232.
(2)
المحدث الفاصل ق 17 أ.
الجماد، وبكور كبكور الغراب ".
تذكرة الحفاظ
(1)
93 -
عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قيل له: " أيرحل الرجل في طلب العلو؟ ".
فقال: " بلى والله شديدا، لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر رضي الله عنه، فلا يقنعهما حتى يخرجا إلى عمر فيسمعانه منه ".
علوم الحديث
(2)
هذان الإمامان الجليلان من أئمة التابعين يخرجان من العراق إلى المدينة مسيرة شهر لكي يسمعا من عمر حديثا بلغهما عنه.
94 -
عن الشعبي قال: " ما علمت أن أحدا من الناس
(1)
ص 81.
(2)
للإمام ابن الصلاح ص 223، وثبت في سائر النسخ بلفظ "فيسمعانه" هكذا. وانظر ما سبق في التقديم ص 21 و 32 لزامًا.
كان أطلب لعلم في أفق من الآفاق من مسروق ".
أخرجه الرامهرمزي وابن عبد البر
(1)
95 -
وعن سفيان عن رجل " أن مسروقا رحل في حرف، وأن أبا سعيد رحل في حرف ".
أخرجه ابن عبد البر
(2)
96 -
مكحول الدمشقي الإمام قال:
"كنت عبدا بمصر لامرأة من بني هذيل فأعتقتني فما خرجت من مصر وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الشام فغربلتها، كل ذلك أسأل عن النفل
(3)
فلم أجد أحدا يخبرني فيه بشئ حتى أتيت شيخا يقال له زياد بن جارية التميمي فقلت له: هل سمعت في النفل شيئا؟
(1)
المحدث الفاصل ق 17 آ، وجامع بيان العلم ج بيان العلم ج 1 ص 94.
(2)
جامع بيان العلم وفضله نفس الصفحة.
(3)
النَّفَل هو الزيادة على الحق المفروض للجندي، يجعله له القائد تشجعيًا على القتال، أو يدفعه له مكافأة على عمل أجداه.
قال: نعم: سمعت حبيب بن مسلمة الفهري يقول: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة ".
أخرجه أبو داود وابن ماجة
(1)
97 -
وعن ابن إسحاق قال: سمعت مكحولا يقول: " طفت الأرض في طلب العلم ".
ذكره الذهبي في التذكرة
(2)
98 -
أربدة
(3)
التميمي التابعي راوي التفسير عن ابن عباس، قال العجلي:" تابعي كوفي ثقة "، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب:" صدوق ".
روى عنه أبو إسحاق السبيعي الإمام الحافظ أنه قال:
(1)
أبو داود بلفظه في الجهاد (باب فيمن قال: الخمس قبل النفل) ج 3 ص 80 وابن ماجه ولم يذكر قصة الرحلة ص 951 - 952 وسكت عليه أبو داود والمنذري في تهذيب السنن ج 4 ص 57 - 58 وما سكت عليه أبو داود فهو صالح كما هو معروف في علم الحديث.
(2)
ص 108.
(3)
بسكون الراء بعدها موحدة مكسورة، ويقال: أربد.
" ما سمعت بأرض فيها علم إلا أتيتها ".
أخرجه أحمد في العلل
(1)
99 -
الإمام الحافظ العلم علي بن المديني شيخ الإمام البخاري: قال:
حججت حجة وليس لي همة إلا أن أسمع
…
".
أخرجه الترمذي
(2)
100 -
الإمام الحافظ عبد الرحمن بن الإمام الكبير أبي حاتم محمد بن إدريس قال:
سمعت أبي رحمه الله يقول:
"قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أسمعه فله علي درهم يتصدق به ". وقد حضر على باب أبي الوليد خلق. من الخلق: أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع
(1)
بسنده إلى أبي إسحاق ج 1 ص 14.
(2)
ج 1 ص 196 كذا عزاه الدكتور صبحي الصالح في كتابه علوم الحديث ومصطلحه ص 51 فلينظر.
به، فيقولون: هو عند فلان. فأذهب فأسمع. وكان مرادي أن أسمع منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثا ".
تقدمة الجرح والتعديل
(1)
101 -
عن المؤمل بن إسماعيل إنه ذكر عنده الحديث الذي يروى عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن
(2)
، فقال: لقد حدثني رجل ثقة سماه، قال: أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث، فقلت له حدثني فإني أريد أن آتي البصرة.
فقال: هذا الرجل الذي سمعنا منه هو بواسط في أصحاب القصب.
(1)
ص 354 طبع الهند.
(2)
هو حديث طويل يُروى عن أُبَيّ بن كعب في فضل القرآن سورة سورة: من قرأ سورة كذا فله كذا
…
وهو حديث موضوع نبه عليه العلماء قال ابن المبارك: "أظن الزنادقة وضعته، انظر اللآليء المصنوعة ج 1 ص 226 - 227، وتنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة ج 1 ص 285، والإتقان للسيوطي ج 2 ص 155 - 156.
قال: فأتيت واسطا فلقيت الشيخ، فقلت: إني كنت بالمدائن فدلني عليك الشيخ وإني أريد أن آتي البصرة.
قال: ان هذا الذي سمعت منه هو بالكلاء.
فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء، فقلت له حدثني فإني أريد أن آتي عبادان.
فقال: " إن الشيخ الذي سمعناه منه هو بعبادان ".
فأتيت عبادان فلقيت الشيخ، فقلت له:" اتق الله ما حال هذا الحديث؟ أتيت المدائن - فقصصت عليه - ثم واسطا، ثم البصرة، فدللت عليك، وما ظننت إلا أن هؤلاء كلهم قد ماتوا، فأخبرني بقصة هذا الحديث ".
فقال: " إنا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، وزهدوا فيه، وأخذوا في هذه الأحاديث، فقعدنا فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه ".
أخرجه الخطيب في الكفاية
(1)
وابن الجوزي
(2)
(1)
"الكفاية في علم الرواية" ص 401.
(2)
في كتابه "الموضوعات" بإسناده أيضًا إلى المؤمل، انظر اللآلي المصنوعة وتنزيه الشريعة نفس المكان. =
102 -
الحافظ أبو جعفر أحمد بن حمدان النيسابوري الزاهد العابد المجاب الدعوة صاحب الكتاب الجليل " المستخرج على صحيح مسلم ".
قال أبو عمرو بن الصلاح: " رحل في حديث واحد منه إلى أبي يعلى الموصلي، ورحل في أحاديث معدودة منه لم يكن سمعها حتى سمعها.
وروينا أنه سمعه منه الشيخ القدوة أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الزاهد الحيري، فكان إذا بلغ منه موضعا فيه سنة لم يستعملها وقف عندها إلى أن يستعملها ".
شرح مسلم لابن الصلاح
(1)
103 -
الفضل بن غانم الخزاعي قاضي الري للرشيد. وكان ممن لم يجب المعتزلة ومن وافقهم من الحكام إلى القول بخلق القرآن
= وقد استشهدوا بهذه القصة على أن الحديث موضوع. فينبغي الحذر والتنبه، فقد أودعه بعض المفسرين في تفاسيرهم، يذكرون منه آخر كل سورة ما يناسبها. منهم الواحدي، والزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، والظاهر أنهم ما عرفوه موضوعًا.
(1)
ق 5 ب. من القطعة المصورة للمخطوطة المحفوظة في استانبول.
روى إبراهيم بن محمد المخرمي حدثنا الفضل بن غانم حدثنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال في اليوم مائة مرة لا إله إلا الله الملك الحق المبين كان له أمان من الفقر
…
الحديث "
(1)
.
قال: الفضل بن غانم:
"لو رحل في هذا الحديث إلى خراسان لكان قليلا "
(2)
.
اللسان
104 -
المسيب بن واضح السلمي التلمنسي
(3)
.
قال الحسين بن عبد الله القطان: سمعت المسيب بن واضح يقول: " خرجت من قرية تلمنس أريد إلى مصر ابن لهيعة فأخبرت بموته ".
الميزان واللسان
(4)
(1)
ميزان الاعتدال ج 3 ص 357.
(2)
لسان الميزان ج 4 ص 446. والحديث ضعيف، لضعف حفظ الفضل بن غانم، وقال الدارقطني كما في اللسان: "كل من رواه عن مالك ضعيف".
(3)
التلمنسي: نسبة إلى تل منس حصن قرب معرة النعمان بالشام، وقرية من قرى حمص، وإليها ينسب المسيب بن واضح. انظر معجم البلدان.
(4)
الميزان ج 4 ص 116 واللسان: ج 6 ص 40.
طرائف من رحلات المحدثين
نقدم إليك أخبارا لطيفة من طرائف رحلات المحدثين رضي الله عنهم وأجزل مثوبتهم، نختارها من بين ما وقعنا عليه
(1)
لمناسبة موضوع هذا الكتاب:
105 -
الهيثم بن جميل البغدادي أبو سهل الحافظ نزيل أنطاكية. ثقة صاحب سنة يغلط على الثقات. قال سفيان بن محمد المصيصي: " شهدت الهيثم بن جميل وهو يموت وقد سجي نحو القبلة، فقامت جاريته تغمز رجليه (أي لترى صحوه) فقال: اغمزيهما فالله يعلم أنه ما مشتا إلى حرام قط ".
رحل وتجول في طلب الحديث، وتحمل الكثير، قال ابن سعد: سمعت موسى بن داود يقول:
"أفليس الهيثم بن جميل في طلب الحديث مرتين ".
(1)
وثمة أخبار كثيرة في جهاد العلماء وتحملهم المشقات التي لا تطاق في سبيل العلم وطلبه ونشره اشتمل على منتخبات منها كتاب "صفحات من صبر العلماء". لفضيلة الأستاذ العلامة المحقق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة فليرجع إليه.
توفى سنة 213. رحمه الله تعالى
(1)
.
106 -
يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي
(2)
المحدث الحافظ.
كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في التمسك بالسنة، قال الحاكم:" فأما سماعه ورحلته وأفراد حديثه فأكثر من أن يمكن ذكرها ".
وقال أبو عبد الرحمن النهاوندي سمعت يعقوب بن سفيان يقول: " كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات ".
وقال يعقوب أيضا: " قمت في الرحلة ثلاثين سنة ". وقال أبو زرعة الدمشقي: " قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله ".
مات سنة سبع وسبعين ومائتين.
قال عبدان بن محمد المروزي: " رأيت يعقوب بن سفيان في النوم فقلت: ما فعل الله تعالى بك؟ قال: " غفر لي وأمرني أن أحدث في السماء كما كنت أحدث في الأرض ".
ومن عنايات الله بهذا الإمام في طلبه للحديث هذا الحديث الذي أخبر به عن نفسه نسوقه عبرة لطلاب العلم:
قال محمد بن يزيد العطار سمعت يعقوب بن سفيان يقول: " كنت في رحلتي فقلت نفقتي، فكنت أدمن الكتابة ليلا، وأقرأ نهارا، فلما كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في السراج، وكان شتاء، فنزل
(1)
تهذيب التهذيب ج 11 ص 90 - 91.
(2)
نسبة إلى بلدة فسا من بلاد فارس.
الماء في عيني فلم أبصر شيئا، فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم، فغلبتني عيناي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فناداني:" يا يعقوب لم أنت بكيت؟ " فقلت: يا رسول الله ذهب بصري فتحسرت على ما فاتني. فقال لي: " أدن مني "، فدنوت منه فأمر يده على عيني كأنه يقرأ عليهما، ثم استيقظت فأبصرت، فأخذت نسخي وقعدت أكتب "
(1)
.
107 -
يحيى بن معين بن عون المري الغطفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي:
إمام الجرح والتعديل، وأحد من انتهى إليه علم الحديث في عصره، قال: كتبت بيدي ألف ألف حديث، قال الإمام أحمد:" كان ابن معين أعلمنا بالرجال "، وقال أبو سعيد الحداد:" الناس كلهم عيال على يحيى بن معين ".
وذكر ابن عدي أن والد يحيى خلف له ثروة ضخمة ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفق ذلك كله على الحديث
(2)
، لما توسع في طلبه ورحلاته من أجله.
ومن لطائف أخبار رحلاته، هذه الرحلة التي سافر فيها مع صديقه الإمام أحمد بن حنبل من العراق إلى اليمن للسماع من الإمام عبد الرزاق ابن همام الصنعاني حافظ اليمن، وفي العودة أراد أن يدخل الكوفة ليختبر الحافظ أبا نعيم الفضل بن دكين ويعرف حفظه وتيقظه ونباهته، وكان يرافقهما
(1)
تهذيب التهذيب ج 11 ص 385 - 387.
(2)
ملخصا عن التهذيب ج 11 ص 280 وما بعد.
في هذه الرحلة أحمد بن منصور الرمادي الثقة، وهذا نصه يروي قصة هذا الاختبار
(1)
.
قال أحمد بن منصور الرمادي: " خرجت مع أحمد ويحيى إلى عبد الرزاق أخدمهما، فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى لأحمد: أريد أختبر أبا نعيم. فقال له أحمد: لا تزيد الرجل إلا ثقة.
فقال يحيى: " لا بد لي "، فأخذ ورقة وكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه، ثم جاءوا إلى أبي نعيم، فخرج فجلس على دكان، فأخرج يحيى الطبق فقرأ عليه عشرة ثم قرأ الحادي عشر، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي، اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث وقرأ الحديث الثالث، فانقلبت عيناه، وأقبل على يحيى فقال: أما هذا - وذراع أحمد في يده - فأورع من أن يعمل هذا، وأما هذا يريدني فأقل من أن يعمل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفسه، فرمى به وقام فدخل داره.
فقال أحمد ليحيى: ألم أقل لك إنه ثبت.
قال: " والله لرفسته أحب إلي من سفرتي!! ".
108 -
روى عبد الرحمن بن أبي حاتم
(2)
قال سمعت أبي يقول: " بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر، وكان في
(1)
كما ساقه الحافظ ابن حجر في التهذيب ج 8 ص 274.
(2)
تقدمة الجرح والتعديل ص 363 - 364.
نفسي أن أقيم سنة! فانقطع نفقتي، فجعلت أبيع ثياب بدني شيئا بعد شئ، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد وغدا علي رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني وانصرفت جائعا.
فلما كان من الغد غدا علي. فقال: " مر بنا إلى المشايخ ".
قلت: " أنا ضعيف لا يمكنني " قال: " ما ضعفك؟ ".
قلت: " لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا ".
فقال: " قد بقي معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء ".
فخرجنا من البصرة. وقبضت منه النصف دينار.
109 -
الحافظ الإمام الجوال الفضل بن محمد بن المسيب البيهقي، الشعراني المتوفي سنة 282 هـ، كان أديبا فقيها، عابدا، عارفا بالرجال.
قال ابن المؤمل:
"كنا نقول: ما بقي بلد لم يدخله الفضل الشعراني في طلب الحديث إلا الأندلس ".
تذكرة الحفاظ
(1)
(1)
ص 627.
110 -
الحافظ البارع الجوال الزاهد القدوة محمد بن المسيب بن إسحاق الأرغياني، المتوفي سنة 315 هـ.
قال الإمام أبو عبد الله الحاكم: " كان من العباد المجتهدين، سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عنه أنه قال: " ما أعلم منبرا من منابر الإسلام بقي علي لم أدخله لسماع الحديث، وسمعت أبا إسحاق المزكي يقول سمعت محمد بن المسيب يقول:" كنت أمشي في مصر، وفي كمي مائة جزء، في كل جزء ألف حديث ". وسمعت أبا علي الحافظ يقول: " كان محمد بن المسيب يمشي بمصر وفي كمه مائة ألف حديث، كان دقيق الخط، وصار هذا كالمشهور من شأنه ".
تذكرة الحفاظ
(1)
111 -
محدث أصبهان الإمام الراحل الحافظ الثقة أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني الخازن المشهور بابن المقرئ المتوفي سنة 381 هـ.
سمع مالا يحصى كثره. قال أبو طاهر أحمد بن محمود: سمعت ابن المقرئ يقول: " طفت الشرق والغرب أربع مرات ".
وعن ابن المقرئ قال: " مشيت بسبب نسخة
(2)
مفضل بن فضالة سبعين مرحلة، ولو عرضت على خبار برغيف لم يقبلها ".
(1)
ص 789 - 790، وحمله هذه الأجزاء لكي يديم النظر والمطالعة في الحديث. والجزء الحديثي يقع عادة في كراس.
(2)
النسخة أحاديث تروى بسند واحد، والمرحلة مسيرة يوم تقريبًا.
وقال أبو طاهر بن سلمة: " سمعت ابن المقرئ يقول: دخلت بيت المقدس عشر مرات
…
".
تذكرة الحفاظ
(1)
112 -
المحدث الحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده الأصبهاني الرحالة، كان من أئمة هذا الشأن وثقاتهم، ولد سنة عشر وثلاثمائة، وسمع سنة ثماني عشرة وبعدها، ورحل سنة ثلاثين إلى نيسابور فأدرك أبو حامد بن بلال وكتب عن الأصم نحوا من ألف جزء، ثم رحل إلى بغداد فلقي ابن البختري والصفار، ولقي بدمشق خيثمة بن سليمان وطبقته، ولقي بمكة أبا سعيد بن الأعرابي، وبمصر أبا الطاهر المديني وببخارى ومرو وبلخ جماعة، وطوف الأقاليم، وكتب بيده عدة أحمال، وبقي في الرحلة نحوا من أربعين سنة، ثم عاد إلى وطنه شيخا، فتزوج، ورزق الأولاد، ويقال إنه لما رجع إلى بلده أصبهان قدمها ومعه أربعون حملا من الكتب والأجزاء، قال ابن منده رحمه الله:" كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ ". وكان من دعاة السنة وحفاظ الأثر، حدث بالكثير، حتى توفي سنة 395، قال الباطرقاني:" إمام الأئمة في الحديث " رحمه الله.
تذكرة الحفاظ
(2)
113 -
الحافظ العالم المكثر الجوال أبو الفضل محمد بن طاهر بن
(1)
ص 973 - 974.
(2)
ص 1032 وانظر ميزان الاعتدال ج 3 ص 479.
علي المقدسي، المتوفي سنة 507 ما كان على وجه الأرض له نظير، قال السلفي سمعت ابن طاهر يقول: " كتبت الصحيحين وسنن أبي داود سبع مرات بالأجرة
…
".
وقال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي سمعت ابن طاهر يقول " بلت الدم في طلب الحديث مرتين: مرة ببغداد، ومرة بمكة، كنت أمشي حافيا في الحر فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري ".
تذكرة الحفاظ
(1)
114 -
الحافظ الإمام علم السنة عبيد الله بن سعيد بن حاتم أبو نصر السجزي المتوفي سنة 444 هـ. من أحفظ أهل زمانه للحديث، طوف الآفاق في طلب الحديث.
قال الحافظ أبو إسحاق الحبال: " كنت يوما عند أبي نصر السجزي فدق الباب، فقمت ففتحته، فدخلت امرأة وأخرجت كيسا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ وقالت: " أنفقها كما ترى ".
قال: " ما المقصود؟ ".
قالت: " تتزوجني، ولا حاجة لي في الزوج، ولكن لأخدمك "!
فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف، فلما انصرفت قال: " خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت سقط عني هذا الاسم، وما أوثر
(1)
ص 1242 - 1243.
عنه ثواب طلب العلم شيئا ".
تذكرة الحفاظ
(1)
115 -
الإمام الكبير الجهبذ أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي إمام المحدثين في الحديث وفي الجرح والتعديل ومعرفة العلل والرجال، المتوفى سنة 277 هـ. رحلته من أطرف رحلات المحدثين.
روى ابنه عبد الرحمن عنه في كتابه " تقدمة الجرح والتعديل " قال: سمعت أبي يقول: " أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ
(2)
، لم أزل أحصي حتى زاد على ألف فرسخ تركته
(3)
، أما ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فمالا أحصي كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحرين من قرب مدينة صلا، إلى مصر ماشيا، ومن مصر إلى الرملة ماشيا، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرسوس إلى حمص، وكان بقي علي شئ من حديث أبي اليمان فسمعت، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط
(1)
ص 1118 - 1119.
(2)
الفرسخ يعادل خمسة كيلو مترات أو أكثر.
(3)
أي ترك الإحصاء بعد الألف لكثرة المشي!! وهذا الذي ذكره هنا كله كان في رحلة واحدة. وله أكثر من رحلة رضي الله تعالى عنه.
إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيا، كل هذا في سفري الأول، وأنا ابن عشرين سنة أجول سبع سنين، خرجت من الري سنة ثلاث عشرة ومائتين
…
في شهر رمضان، ورجعت سنة إحدى وعشرين ومائتين
…
".
تقدمة الجرح والتعديل
(1)
116 -
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: " كنا في البحر، فاحتلمت، فأصبحت وأخبرت أصحابي به، فقالوا لي: اغمس نفسك في البحر. قلت: إني لا أحسن أن أسبح فقالوا: إنا نشد فيك حبلا ونعلقك من الماء ".
"فشدوا في حبلا وأرسلوني في الماء وأنا في الهواء أريد إسباغ الوضوء فلما توضأت قلت لهم: أرسلوني قليلا، فأرسلوني، فغمست نفسي في الماء قلت: ارفعوني، فرفعوني ".
تقدمة الجرح والتعديل
(2)
117 -
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول:
"لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار
(3)
وركبنا البحر، وكنا ثلاثة أنفس: أبو زهير المروروذي شيخ، وآخر
(1)
ص 359 - 360.
(2)
ص 364.
(3)
وهو مرفأ السفن.
نيسابوري. فركبنا البحر وكانت الريح في وجوهنا، فبقينا في البحر ثلاثة أشهر، وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا من الزاد، وبقيت بقية، فخرجنا إلى البر فجعلنا نمشي أياما على البر حتى فني ما كان معنا من الزاد والماء، فمشينا يوما وليلة لم يأكل أحد منا شيئا ولا شربنا، واليوم الثاني كمثله، واليوم الثالث. كل يوم نمشي إلى الليل، فإذا جاء المساء صلينا وألقينا بأنفسنا حيث كنا، وقد ضعفت أبداننا من الجوع والعطش والعياء، فلما أصبحنا اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا، فسقط الشيخ مغشيا عليه، فجئنا نحركه وهو لا يعقل، فتركناه ومشينا أنا وصاحبي النيسابوري قدر فرسخ أو فرسخين، فضعفت وسقطت مغشيا علي، ومضى صاحبي وتركني، فلم يزل هو يمشي إذ بصر من بعيد قوما قد قربوا سفينتهم من البر، ونزلوا على بئر موسى صلى الله عليه وسلم، فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم، فجاءوه معهم الماء في إداوة، فسقوه وأخذوا بيده.
فقال لهم: الحقوا رفيقين لي قد ألقوا بأنفسهم مغشيا عليهم، فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي، ففتحت عيني فقلت: اسقني فصب من الماء في ركوة أو مشربة شيئا يسيرا، فشربت ورجعت إلي نفسي، ولم يروني ذلك القدر، فقلت: اسقني فسقاني شيئا يسيرا، وأخذ بيدي، فقلت: ورائي شيخ ملقى، قال: قد ذهب إلى ذاك جماعة، فأخذ بيدي وأنا أمشي أجر رجلي، ويسقيني شيئا بعد شئ، حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم وأتوا برفيقي الثالث الشيخ، وأحسنوا إلينا أهل السفينة، فبقينا أياما حتى رجعت إلينا أنفسنا.
ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال لها " راية " إلى واليهم، وزودونا من الكعك والسويق والماء فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والسويق والكعك، فجعلنا نمشي جياعا عطاشا على شط البحر، حتى وقعنا إلى سلحفاة قد رمى به البحر مثل الترس فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهر السلحفاة فانفلق ظهره، وإذا فيها مثل صفرة البيض، فأخذنا من بعض الأصداف الملقى على شط البحر فجعلنا نغترف من ذلك الأصفر فنتحساه، حتى سكن عنا الجوع والعطش.
ثم مررنا وتحملنا حتى دخلنا مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملهم فأنزلنا في داره وأحسن إلينا، وكان يقدم إلينا كل يوم القرع، ويقول لخادمه: هاتي لهم باليقطين المبارك، فيقدم إلينا من ذاك اليقطين مع الخبز أياما.
فقال واحد منا بالفارسية: لا تدعوا باللحم المشؤوم؟ وجعل يسمع الرجل صاحب الدار.
فقال: أنا أحسن، بالفارسية، فإن جدتي كانت هروية، فأتانا بعد ذلك باللحم.
ثم خرجنا من هناك، وزودنا إلى أن بلغنا مصر ".
تقدمة الجرح والتعديل
(1)
(1)
ص 364 - 366.
وفي الختام نقدم هذه النصوص الثلاثة لأعلام من كبار الأئمة عبرة وذكرى لأولي الألباب فيما بذله أجدادهم، وما أثمره جهادهم العلمي الخالص لله تعالى من بنيان علمي ديني وحضاري، ولنهيب بشبابنا أن تابعوا الخطى واسلكوا سبيل الائتساء بهؤلاء الأسلاف الكرام، في النهوض بعلوم الإسلام وبث الوعي في المسلمين على أساس من هداية كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:
118 -
النص الأول للإمام ابن الجوزي:
وهو الإمام الكبير المحدث الحافظ المفسر الصوفي عالم العراق وواعظ الآفاق: عبد الرحمن بن علي بن محمد، المشهور بابن الجوزي، صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم، ومجموعها مائتان ونيف وخمسون كتابا، ما بين رسالة صغيرة، وكتاب ضخم مثل " زاد المسير في علم التفسير " وكان يحضر مجالس وعظه الملوك والوزراء.
قال سبطه: سمعت جدي يقول على المنبر: " كتبت بإصبعي ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفا ".
وكان رحمه الله تعالى حريصا على وقته لا يضيع منه شيئا، حتى كان إذا جاءه الزوار شغل نفسه مع الحديث إليهم بأعمال بسيطة آلية، مثل تقطيع الورق ليعده للكتابة، وبري الأقلام، ونحو ذلك. وقد فسح الله في عمره بالخير الكثير والأمد الطويل، وتوفي سنة 597 رحمه الله ورضي عنه
(1)
.
(1)
انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ ص 1342 - 1347، وفي غيرها من المراجع.
وهذا النص من كتابه الطريف النافع " صيد الخاطر "
(1)
قال فيه ما يلي:
"تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ، فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب، ومنهم من فرط في اكتساب العلم، ومنهم من أكثر من الاستمتاع باللذات.
فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت، أو قوى ضعفت، أو فضيلة فاتت، فيمضي زمان الكبر في حسرات. فإن كانت للشيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال: وا أسفاه على ما جنيت، وإن لم يكن له إفاقة صار متأسفا على فوات ما كان يلتذ به.
فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس ويلتذ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئا بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم.
هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب وربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها، كما قال الشاعر:
أهتز عند تمني وصلها طربا
…
ورب أمنية أحلى من الظفر
ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه. ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم. وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم.
(1)
ص 234 - 235.
فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك.
فقلت له: أيها الجاهل تقطيع الأيدي لا وقع له
(1)
عند رؤية يوسف، وما طالت طريق أدت إلي صديق:
جزى الله المسير إليه خيرا
…
وإن ترك المطايا
(2)
كالمزاد
(3)
ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو
(4)
. كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث واقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء. فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم، فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله وآدابه، وأحوال أصحابه وتابعيهم فصرت في معرفة طريقه كابن أجود ".
119 -
النص الثاني للحاكم أبي عبد الله النيسابوري:
وهو الإمام الجليل الحافظ الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، المعروف بابن البيع.
(1)
أي لا ألم له.
(2)
المطايا: جمع مطية: الدابة التي تركب.
(3)
المزاد: أي المزادة وهي القربة من الجلد (إذا كانت خالية من الماء).
(4)
أي أطلبه من العلم وأرجوه من تحصيل الثواب ونفع الناس بالدعوة إلى الله.
ولد سنة 321 هـ، وطلب العلم من الصغر ورحل في الآفاق وسمع من شيوخ لا يحصون كثرة، زهاء ألفي شيخ، وتوفي سنة 405.
وكان الحاكم أبو عبد الله إماما جليلا حافظا عارفا ثقة، واسع العلم، اتفق الناس على إمامته وجلالته وعظمة قدره، ورحل إليه من البلاد لسعة علمه ودرايته، واتفق العلماء على أنه من أعلم الأئمة الذين حفظ الله بهم هذا الدين. وكان الحاكم من أبرز الأعلام الذي شيدوا بنيان التدوين في علوم الحديث، بتصنيف الكتب القيمة، خصوصا كتابه " معرفة علوم الحديث "
(1)
.
قال الشيخ طاهر الجزائري
(2)
: " فيه فوائد مهمة رائعة ينبغي لمطالعي هذا الفن الوقوف عليها ". وقال ابن خلدون: " ومن فحول علمائه - يعني علوم الحديث - وأئمتهم أبو عبد الله الحاكم وتآليفه فيه مشهورة، وهو الذي هذبه وأظهر محاسنه "
(3)
.
وهذا النص من مطلع كتابه القيم " معرفة علوم الحديث " قال فيه ما يلي في وصف المحدثين:
"
…
قوم سلكوا محجة الصالحين واتبعوا آثار السلف من الماضين، ودمغوا أهل البدع والمخالفين، بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين، قوم آثروا قطع المفاوز والقفاز، على التنعم في الدمن والأوطار، وتنعموا بالبؤس في الأسفار، مع مساكنة أهل العلم والأخبار، وقنعوا عند
(1)
انظر مزيدًا من بيان أثر الحاكم في علوم الحديث في دراستنا لأغوار هذا العلم التاريخية في كتابنا منهج النقد في علوم الحديث ص 58.
(2)
في كتابه توجيه النظر ص 163.
(3)
مقدمة ابن خلدون ص 371.
جمع الأحاديث والآثار، بوجود الكسر والأطمار، قد رفضوا الإلحاد الذي تتوق إليه النفوس الشهوانية، وتوابع ذلك من البدع والأهواء، والمقاييس والآراء والزيغ، جعلوا المساجد بيوتهم وأساطينها تكاهم وبواريها فرشهم.
حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين ثنا عمر بن حفص بن غياث قال سمعت أبي وقيل له: ألا تنظر إلى أصحاب الحديث وما هم فيه؟ قال: هم خير أهل الدنيا. وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر [المزكي] ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال سمعت علي بن خشرم يقول سمعت أبا بكر بن عياش يقول: إني لأرجو أن يكون أصحاب الحديث خير الناس، يقيم أحدهم ببابي وقد كتب عني، فلو شاء أن يرجع ويقول حدثني أبو بكر جميع حديثه فعل إلا أنهم لا يكذبون.
قال أبو عبد الله: ولقد صدقا جميعا، إن أصحاب الحديث خير الناس وكيف لا يكونون كذلك وقد نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم وجعلوا غذاءهم الكتابة، وسمرهم المعارضة، واسترواحهم المذاكرة، وخلوقهم المداد، ونومهم السهاد، واصطلاءهم الضياء، وتوسدهم الحصى فالشدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء ووجود الرخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس، فعقولهم بلذاذة السنة غامرة، قلوبهم بالرضاء في الأحوال عامرة، تعلم السنن سرورهم، ومجالس العلم حبورهم، وأهل السنة قاطبة إخوانهم، وأهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم "
(1)
.
(1)
معرفة علوم الحديث ص 2 - 3.
120 -
النص الثالث والأخير للإمام الخطيب البغدادي صاحب كتاب الرحلة نفسه، من كتابه القيم " شرف أصحاب الحديث ". قال رحمه الله وأجزل مثوبته:
"وقد جعل الله تعالى أهله - يعني أهل الحديث - أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه، سوى أصحاب الحديث، فان الكتاب عدتهم والسنة حجتهم والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعوجون على الأهواء ولا يلتفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته. إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول المسموع، ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة، ومخصوص بفضيلة، وقارئ متقن وخطيب محسن، وهم الجمهور العظيم وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر وعلى الافصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر، من كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم. المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير.
أخبرنا أبو بكر
…
عن معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يزال ناس من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة "
(1)
.
قال علي بن المديني في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ": هم أهل الحديث والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ويذبون عن العلم، لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية شيئا من السنن.
(قال أبو بكر) وقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين وصرف عنهم كيد المعاندين لتمسكهم بالشرع المتين واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين: فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا، حتى ثبتوا بذلك أصلها وكانوا أحق بها وأهلها وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها. فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها. إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون "
(2)
.
رحم الله أئمة هذا الدين، وعلماءه المحدثين، لقد كانوا في الأمم معجزة العلم والتاريخ، جعلهم الله تعالى وسيلة لانجاز وعده " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".
وإنا نذكر القارئ - في هذا الختام - أن استيعاب رحلات المحدثين وأخبارها لا يمكن إلا في مجلدات كثيرة، لأنهم ما فيهم رجل لم يرحل في
(1)
الحديث متفق عليه: البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة ج 9 ص 101 ومسلم في الإيمان ج 1 ص 95 كلاهما بنحوه.
(2)
شرف أصحاب الحديث ص 8 - 11.
طلب الحديث والعلم، ولا يعتبر محدثا قط من لم يلق الشيوخ ويأخذ عنهم، مهما عنعن ودندن، إنما هو واحد من جملة الوراقين.
وان ما أورده الحافظ الخطيب في الرحلة للحديث الواحد، ثم ما استدركناه عليه ليس كل ما ورد في ذلك، بل هناك الكثير من أخبار هذا النوع من الرحلة - فيما نرى - حسب القارئ منه هذا القدر، ليثير العبرة والذكرى والاعتزاز بهذا التراث العظيم، وليحفز الهمم للاجتهاد في طلب العلم، والرحلة إلى لقاء العلماء لزيارتهم أو الإفادة من علمهم، أو تلقن شمائلهم وهديهم، والسعي لا حياء حضارة هذه الأمة الإسلامية.
وهذا آخر ما تيسر تعليقه على كتاب " الرحلة في طلب الحديث " للخطيب البغدادي رحمه الله وأجزل مثوبته، وقع الفراغ منه يوم السبت خامس رمضان المبارك من شهور سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف من هجرة خير البرية صلى الله عليه وسلم يوافقه الحادي والعشرون من أيلول لسنة أربع وسبعين وتسعمائة والف.
وفقنا الله لاتباع كتابه وسنة رسوله، ورفع لوائهما، وألهمنا محبة أئمة هذا الدين وعلماءه الفاضلين ومعرفة فضلهم، وجزاهم عنا وعن العلم والدين خير الجزاء. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وكتب المفتقر إلى عناية مولاه
نور الدين عتر