المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كُنْتُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمَائَتَيْنِ، فَرَأَيْتُ خُرَاسَانِيًّا يُِنَادِي: مَعْاشَرَ - حديث الهميان

[معلى بن سعيد التنوخي]

فهرس الكتاب

كُنْتُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمَائَتَيْنِ، فَرَأَيْتُ خُرَاسَانِيًّا يُِنَادِي: مَعْاشَرَ الْحُجَّاجِ، مَنْ وَجَدَ هِمْيَانًا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ يَرُدُّهُ عَلَيَّ، أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الثَّوَابَ.

فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَبِيرٌ مِنْ مَوَالِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: يَا خُرَاسَانِيُّ، بَلَدُنَا فَقِيرٌ أَهْلُهُ، شَدِيدٌ حَالُهُ، أَيَّامُهُ مَعْدُودَةٌ، وَمَوَاسِمُهُ مُنْتَظَرَةٌ، لَعَلَّهُ يَقَعُ بِيَدِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ يَرْغَبُ فِيمَا تَبْذُلُهُ لَهُ حَلَالًا يَأْخُذُهَا،

ص: 251

وَيَرُدُّهُ عَلَيْكَ.

قَالَ الْخُرَاسَانِيُّ: يَابَا، وَكَمْ يُرِيدُ؟ قَالَ: الْعُشْرَ، مِائَةَ دِينَارٍ.

قَالَ: يَابَا، لَا نَفْعَلُ، وَلَكِنْ نُحِيلُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل.

قَالَ: وَافْتَرَقَا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطْبَرِيُّ: فَوَقَعَ لِي أَنَّ الشَّيْخَ صَاحِبَ الْقَرِيحَةِ الْوَاجِدُ لِلْهِمْيَانِ، فَاتَّبَعْتُهُ، وَكَانَ كَمَا ظَنَنْتُ، فَنَزَلَ إِلَى دَارٍ مُسْتَفِلَةٍ خَلِقَةِ الْبَابِ وَالْمَدْخَلِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا لُبَابَةُ.

قَالَتْ: لَبَّيْكَ أَبَا غِيَاثٍ.

قَالَ: وَجَدْتُ صَاحِبَ الْهِمْيَانِ يُنَادِي عَلَيْهِ مُطْلِقًا، فَقُلْتُ لَهُ: قَيِّدْهُ بِأَنْ تَجْعَلَ لِوَاجِدِهِ شَيْئًا، فَقَال: كَمْ؟ قُلْتُ: عُشْرُهُ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ نُحِيلُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَأَيَّ شَيْءٍ نَعْمَلُ، وَلَابُدَّ لِي مِنْ رَدِّهِ؟ قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ لُبَابَةُ: نُقَاسِي الْفَقْرَ مَعَكَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً {وَلَكَ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، وَأُخْتَانِ، وَأَنَا وَأُمِّي، وَأَنْتَ تَاسِعُ الْقَوْمِ} فَأَشْبِعْنَا وَاكْسُنَا، وَلَعَلَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يُغْنِيكَ فَتُعْطِيَهُ، أَوْ يُكَافِئَهُ عَنْكَ وَيَقْضِيَهُ.

فَقَالَ لَهَا: لَسْتُ أَفْعَلُ، وَلَا أَحْرِقُ حُشَاشَتِي بَعْدَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

ثُمَّ سَكَتَ الْقَوْمُ، وَانْصَرَفْتُ،

ص: 252

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارٍ، سَمِعْتُ الْخُرَاسَانِيَّ، يَقُولُ: مَعَاشِرَ الْحُجَّاجِ، وَوَفْدَ اللَّهِ مِنَ الْحَاضِرِينَ وَالْبَادِينَ، مَنْ وَجَدَ هِمْيَانًا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَرَدَّهُ، أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الثَّوَابَ.

قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ: يَا خُرَاسَانِيُّ، قَدْ قُلْتُ لَكَ بِالْأَمْسِ وَنَصَحْتُكَ، وَبَلَدُنَا وَاللَّهِ بَلَدٌ فَقِيرٌ، قَلِيلُ الزَّرْعِ وَالضّرْعِ، وَقَدْ قُلْتُ لَكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى وَاجِدِهِ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَقَعَ بِيَدِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ يَخَافُ اللَّهَ عز وجل، فَامْتَنَعْتَ {فَقُلْ: لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْهَا، فَيَرُدُّهُ عَلَيْكَ، وَيَكُونُ لَهُ فِي الْعَشَرَةِ دَنَانَيرَ سِتْرٌ وَصِيَانَةٌ.

قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْخُرَاسَانِيُّ: لَا نَفْعَلُ، وَلَكِنْ نُحِيلُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل.

قَالَ: ثُمَّ افْتَرَقَا.

قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَمَا تَبِعْتُ الشَّيْخَ وَلَا الْخُرَاسَانِيَّ، وَجَلَسْتُ أَكْتُبُ كِتَابَ النَّسَبِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، سَمِعْتُ الْخُرَاسَانِيَّ يُنَادِي ذَلِكَ النِّدَاءَ بِعَيْنِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ: يَا خُرَاسَانِيُّ، قُلْتُ لَكَ أَوَّلَ أَمْسِ: الْعُشْرُ مِنْهُ، وَقُلْتُ لِلْأَمْسِ: عُشْرُ الْعُشْرِ، عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، أَعْطِهِ دِينَارًا: عُشْرَ عُشْرِ الْعُشْرِ، دِينَارًا وَاحِدًا مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ مِنْ أَلْفٍ} يَشْتَرِي بِنِصْفِ دِينَارٍ قُرَيْبَةً يَسْقِي عَلَيْهَا الْمُقِيمِينَ بِمَكَّةَ بِالْأَجْرِ سَائِرَ نَهَارِهِ، وَبِنِصْفِ دِينَارٍ شَاةً يَحْلِبُهَا، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ لِعِيَالِهِ غَدَاءً.

ص: 253

قَالَ: يَابَا لَا نَفْعَلُ، وَلَكِنْ نُحِيلُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل.

قَالَ: فَجَذَبَهُ الشَّيْخُ، وَقَالَ: تَعَالَ خُذْ هِمْيَانَكَ، وَدَعْنِي أَنَامُ اللَّيْلَ، وَأَرِحْنِي مِنْ مُحَاسَبَتِكَ وَطَلَبِكَ {قَالَ: فَقَالَ لَهُ: امْشِ بَيْنَ يَدَيَّ.

قَالَ: فَمَشَى الشَّيْخُ، وَتَبِعَهُ الْخُرَاسَانِيُّ، وَتَبِعْتُهُمَا.

قَالَ: فَدَخَلَ الشَّيْخُ، فَمَا لَبِثَ أَنْ خَرَجَ، وَقَالَ: ادْخُلْ يَا خُرَاسَانِيُّ.

قَالَ: فَدَخَلَ، وَدَخَلْتُ.

قَالَ: فَنَبَشَ تَحْتَ دَرَجَةٍ لَهْ مُزْبِلَةٍ، فَأْخَرَجَ مِنْهَا الْهِمْيَانَ أَسْوَدَ مِنْ خِرَقٍ بُخَارِيَّةٍ غِلَاظٍ، قَالَ: هَذَا هِمْيَانُكَ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا هِمْيَانِي} ثُمَّ حَلَّ رَأْسَهُ مِنْ شَدٍّ وَثِيقٍ، ثُمَّ صَبَّ الْمَالَ فِي حِجْرِ نَفْسِهِ وَقَلَّبَهَا مِرَارًا، وَقَالَ: هَذِهِ دَنَانِيرُنَا! وَأَمْسَكَ فَمَ الْهِمْيَانِ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، وَرَدَّ الْمَالَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، حَتَّى اسْتَوْفَى، ثُمَّ شَدَّهُ شَدًّا سَهْلًا، وَوَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ، وَقَلَّبَ خِلْقَانَهُ فَوْقَهُ، ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ.

فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ تَأَمَّلَ الْخُرَاسَانِيُّ أَمْرَ الشَّيْخِ، فَرَجَعَ، وَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، مَاتَ أَبِي إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرَكَ لِي مِنْ هَذِهِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَقَالَ: أَخْرِجْ ثُلُثَهَا، فَفَرِّقْهُ فِي أَحَقِّ النَّاسِ عِنْدَكَ لَهُ، وَبِعْ رَحْلِي، وَاجْعَلْهُ نَفَقَةً لِحَجِّكَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، وَأَخْرَجْتُ ثُلُثَهَا: أَلْفَ دِينَارٍ، وَشَدَدْتُهَا فِي هَذَا

ص: 254

الْهِمْيَانِ، وَمَا رَأَيْتُ مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى هَهُنَا رَجُلًا أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ، خُذْهُ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ.

قَالَ: ثُمَّ وَلَّى وَتَرَكَهُ.

قَالَ: فَوَلَّيْتُ خَلْفَ الْخُرَاسَانِيِّ.

قَالَ: فَغَدَا أَبُو غِيَاثٍ، فَلَحِقَنِي، وَرَدَّنِي بِجَذْبَةٍ، وَكَانَ شَيْخًا مَشْدُودَ الْوَسَطِ بِشَرِيطٍ، مُعْصَبَ الْحَاجِبَيْنِ، ذَكَرَ أَنَّ لَهُ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَإِذَا الْفَقْرُ وَالْجُوعُ أَنْهَكَهُ، فَقَالَ لِي: اجْلِسْ، فَقَدْ رَأَيْتُكَ تَتْبَعُنِي فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، وَعَرَفْتَ خَبَرَنَا فِي الْأَمْسِ وَالْيَوْمِ.

سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِعُمَرَ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما:«إِذَا أَتَاكُمَا اللَّهُ بِهَدِيَّةٍ بِلَا مَسْأَلَةٍ، وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ، فَاقْبَلَاهَا، وَلَا تَرُدَّاهَا، فَتَرُدَّاهَا عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَهِيَ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى والهدية لمن حضر»

وَالْهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، لِمَا رُوِيَ فِي الْمَأْثُورِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

ص: 255

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ يَا فَتَى.

ثُمَّ قَالَ: يَا لُبَابَةُ، وَكُثَيْنَةُ، وَبُثَيْنَةُ، وَأَسْمَى الْبَاقِيَاتِ مِنْهُنَّ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: نَسِيتُ أَسْمَاءَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْهُنَّ، وَقَعَدَ وَأَقْعَدَنِي، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، وَأُخْتَانِ، وَزَوْجَةٌ وَأُمُّهَا، وَهُوَ وَأَنَا، فَصِرْنَا عَشَرَةً، فَحَلَّ الْهِمْيَانَ، وَقَالَ: ابْسُطُوا حُجُورَكُمْ.

فَبَسَطْتُ حِجْرِي، وَمَا كَانَ لَهُنَّ قَمِيصٌ لَهُ حِجْرٌ يَبْسُطْنَهُ، فَمَدَدْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَأَقْبَلَ يَعُدُّ دِينَارًا دِينَارًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَ إِلَيَّ، قَالَ: وَلَكَ دِينَارٌ، لِأَنَّهُ أَقَعَدَهُنَّ عَلَى يَمِينِهِ، وَأْقَعَدَنِي عَلَى شِمَالِهِ، وَكَانَ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِنَّ حَتَّى فَرَغَ الْهِمْيَانُ، فَكَانَتْ أَلْفًا فِيهَا أَلْفٌ، فَأَصَابَنِي مِائَةُ دِينَارٍ.

فَدَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ غِنَاهُمْ، أَشَدُّ مِمَّا دَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ مَا أَصَابَنِي مِنَ الْمِائَةِ دِينَارٍ، وَهَدِيَّةِ اللَّهِ لِي.

فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ، قَالَ لِي: يَا فَتَى، إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ، وَمَا رَأَيْتُ هَذَا الْمَالَ قَطُّ، وَلَا أَمَّلْتُهُ قَطُّ، وَإِنِّي لَأَنْصَحُكَ: إِنَّهُ حَلَالٌ، فَاحْتَفِظْ بِهِ.

وَاعْلَمْ أَنِّي أَقُومَ سَحَرًا، فَأُصَلِّي الْغَدَاةَ فِي هَذَا الْقَمِيصِ الْخَلِقِ، ثُمَّ أَنْزَعُهُ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، حَتَّى يُصَلِّينَ الثَّمَانِيَةُ فِيهِ، ثُمَّ أَمْضِي أَكْتَسِبُ إِلَى بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَأَعُودُ إِلَيْهِنَّ، فَأُعْطِيهِنَّ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَى تَمَامِ اسْتِرْزَاقِ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ أَعُودُ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عز وجل مِنْ أَقِطٍ، وَتَمْرٍ، وَكُسَيْرَاتِ كَعْكٍ، وَمِنْ بُقُولٍ انْتُبِذَتْ، ثُمَّ أَنْزَعُهُ فَيَتَدَاوَلْنَهُ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ،

ص: 256

فَنَفَعَهُنَّ اللَّهُ بِمَا أَخَذْنَ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكَ بِمَا أَخَذْنَا، وَرَحِمَ صَاحِبَ الْمَالِ فِي قَبْرِهِ، وَأَضْعَفَ ثَوَابَ الْحَامِلِ لِلْمَالِ، وَشَكَرَ لَهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: فَوَدَّعْتُهُ، وَكَتَبْتُ بِهَا الْعِلْمَ سِنِينَ، أَتَقَوَّتُ بِهَا، وَأَشْتَرِي مِنْهَا الْوَرَقَ، وَأُسَافِرُ، وَأُعْطِي الْأُجْرَةَ، فَلَمَّا كَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَأَلْتُ عَنِ الشَّيْخِ بِمَكَّةَ، فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشُهُورٍ، وَوَجَدْتُ بَنَاتِهِ مَلِكَاتٍ تَحْتَ مُلُوكٍ، وَمَاتَتِ الْأُخْتَانِ وَأُمُّهُنَّ وَأُمُّهَا، وَكُنْتُ أَنْزِلُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ، فَأُحَدِّثُهُمْ بِذَلِكَ، فَيَأْنَسُونَ بِي، وَيُكْرِمُونِي.

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ نَذِيرٌ وَلَا بَشِيرٌ، فَبَارَكَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَوْتِهِمْ، وَبَارَكَ لَنَا وَلَهُمْ فِيمَا صَارُوا وَنَصِيرُ إِلَيْهِ.

ص: 257