المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وذكر عبد - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - ط السعادة - جـ ٢

[أبو نعيم الأصبهاني]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌عبد الله بن عبد الأسد المخزومي

وذكر عبد الله بن عبد الأسد أبا سلمة المخزومي في أهل الصفة، وقال قاله عبد الله بن المبارك. وهو ممن هاجر الهجرتين توفي بعد منصرفه من أحد انتقض به جرح كان أصابه بأحد فقضى منه.

• حدثنا محمد بن محمد ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة أن أبا سلمة حدثها أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول إنا الله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتى فآجرنى فيها وأعقبني منها خيرا إلا أعطاه الله ذلك» .

‌عبد الله بن حوالة الأزدي

وذكر عبد الله بن حوالة الأزدي في أهل الصفة، وهو ممن سكن الشام حكاه عن أبي عيسى الترمذى.

ص: 3

وحتى تكونوا أجنادا ثلاثة؛ جند بالشام، وجند بالعراق، وجند باليمن، وحتى يعطى الرجل المائة دينار فيتسخطها».

‌عبد الله بن أم مكتوم

وذكر عبد الله بن مكتوم في أهل الصفة، وقال قاله أبو رزين

(1)

. قدم المدينة بعد بدر بيسير فنزل الصفة مع أهلها، فأنزله النبي صلى الله عليه وسلم دار الغذاء وهي دار مخرمة بن نوفل، وهو الذي نزل فيه {(عبس وتولى أن جاءه الأعمى)} .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا عمي أبو بكر وعبد الله بن عمر بن أبان. قالا: ثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي عن ابن أم مكتوم. قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما ارتفعت الشمس وناس عند الحجرات فقال: «يا أهل الحجرات سعرت النار، وجاءت الفتن كقطع الليل، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» .

‌عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري

وذكر عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي أبا جابر في أهل الصفة، وقال قاله أحمد بن هلال الشطوي. وهو المستشهد بأحد الذي أحياه الله تعالى فكلمه كفاحا. عقبي بدري من النقباء.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا فيض بن الوثيق ثنا أبو عبادة الأنصاري ثنا ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة. قالت

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر: «أبشرك بخير، إن الله أحيا أباك فأقعده بين يديه فقال تمن علي عبدي ما شئت أعطيكه، قال يا رب ما عبدتك

(1)

فى الأصل أبو زرين. والتصحيح عن الاصابة. وقوله: دار الغذاء كذا فى الأصل ولم نقف عليها.

ص: 4

حق عبادتك، أتمنى عليك أن تردني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك فأقتل فيك مرة أخرى، قال إنه قد سلف مني أنك إليها لا ترجع».

‌عبد الله بن أنيس

وذكر عبد الله بن أنيس في أهل الصفة، وقال قاله أبو عبد الله الحافظ النيسابوري. وكان من جهينة سكن البادية وكان ينزل في رمضان إلى المدينة ليلة فيسكن المسجد والصفة ليلته، صاحب المخصرة أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مخصرته ليلقاه بها يوم القيامة.

• حدثنا علي بن أحمد المصيصي ثنا الهيثم بن خالد المصيصي ثنا سنيد بن داود ثنا هشيم ثنا أبو بشر جعفر بن إياس عن نافع بن جبير عن عبد الله بن أنيس: أنه كان ينزل حول المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال مرني بليلة من الشهر أحضر فيها المسجد فأمره بليلة ثلاث وعشرين من رمضان فكان إذا جاء تلك الليلة حشد أهل المدينة تلك الليلة.

ص: 5

بها يوم القيامة وأقل الناس المتخصرون» قال محمد بن كعب: فلما توفي عبد الله ابن أنيس أمر بها فوضعت على بطنه وكفن ودفن ودفنت معه.

‌عبد الله بن زيد الجهني

وذكر عبد الله بن زيد الجهني في أهل الصفة، من قبل الحافظ أبي عبد الله النيسابوري. وقال الواقدي كان أحد الأربعة الذين كانوا يحملون ألوية جهينة يوم الفتح توفي في زمن معاوية.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا ابراهيم ابن محمد بن ميمون ثنا سعيد بن خثيم أبو معمر عن حزام بن عثمان عن معاذ ابن عبد الله عن عبد الله بن زيد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«من سرق متاعا فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله، فإن سرق فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله، فإن سرق فاضربوا عنقه» تفرد به حزام وهو من الضعف بالمحل العظيم.

‌عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي

وذكر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي في أهل الصفة، انتقل إلى مصر وقيل إنه ابن أخي محمية بن جزء الزبيدي عمي في آخر أيامه. وكان مكفوفا اكتفى عن رؤية الأناس بالأنس بذكر الله وتقديسه.

• حدثنا عبد الله بن العباس ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ثنا أحمد بن منصور ثنا ابن أبي مريم ثنا ابن لهيعة ثنا ابن وهب قال قال عبد العزيز بن مروان لعبد الله بن الحارث بن جزء لا عليه أن يموت. قال: لتكبيرة

(1)

ولتسبيحة يزيدان في الميزان أحب إلي فأما الخطايا فقد ذهبت.

• حدثنا أبو عمرو ابن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب أخبرنى

(1)

فى الاصل: لا - تكبيرة ولا تسبيحة وذلك خطأ من الناسخ.

ص: 6

حيوة بن شريح قال أخبرني عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: كنا يوما عند النبي صلى الله عليه وسلم في الصفة فوضع لنا طعاما فأكلنا، ثم أقيمت الصلاة فصلينا ولم نتوضأ.

‌عبد الله بن عمر بن الخطاب

وذكر عبد الله بن عمر بن الخطاب في أهل الصفة من قبل أبي عبد الله النيسابوري الحافظ، وذكرنا بعض كلامه وأحواله وأنه كان من أحلاس المسجد يأوي إليه ويسكنه.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبدان بن أحمد ثنا يزيد بن الحريش ثنا عبد الله ابن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن ابن عمر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل فى سخط الله حتى يكف أو يعمل بما قال أو دعا إليه» .

• حدثنا سليمان ابن أحمد ثنا إسحاق بن الحسن التستري ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية بن الوليد عن أبي توبة النميري عن عباد بن بكير عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من كرامة المؤمن على الله تعالى ثويه

(1)

ورضاه باليسير».

‌عبد الرحمن بن قرط

وذكر عبد الرحمن بن قرط عنه.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ومعاذ بن المثنى ومحمد بن علي المكي الصايغ قالوا ثنا سعيد بن منصور ثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرملة حدثني عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وكان بين زمزم والمقام وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وطارا به حتى بلغ السموات السبع فلما رجع قال سمعت تسبيحا في السموات العلا من ذى المهابة

(1)

كذا فى الأصل: ثويه ولم نقف عليه. ولعله يريد ثواؤه أى إقامته.

ص: 7

مشفقات لذي العلى بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى

(1)

.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا إسحاق بن منصور ثنا أبو سليمان ثنا مسكين: مثله وقال: لذي العلو بما علا.

‌عبد الرحمن بن جبر بن عمرو

وذكر عبد الرحمن بن جبر بن عمرو أبا عبيس الأنصاري الحارثي في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله النيسابوري الحافظ.

• حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب ثنا إسحاق بن خالويه ثنا علي بن بحر ثنا الوليد بن مسلم ثنا يزيد بن أبي مريم قال أدركني عباية بن رفاعة بن رافع ابن خديج وأنا أمشي إلى الجمعة فقال سمعت أبا عبيس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار» رواه يحيى بن حمزة عن يزيد بن أبى مريم مثله.

وذكر عتبة بن غزوان من قبل محمد بن إسحاق، وعمار بن ياسر من قبل سعيد بن المسيب، وعثمان بن مظعون من قبل أبى عيسى الترمذى، ونسبهم إلى إلى مساكنة الصفة. وقد تقدم ذكرنا لهم ولبعض أحوالهم وأقوالهم في صدر الكتاب وثلاثتهم من سباق المهاجرين وكبرائهم.

‌عقبة بن عامر الجهني

وذكر عقبة بن عامر الجهني في أهل الصفة، وكان ممن خالطهم سكن مصر وتوفي بها.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى. وثنا سليمان بن أحمد ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح. وثنا عبد الله ابن محمد ثنا عبد الله بن محمد النعمان ثنا أبو نعيم ثنا موسى بن علي بن رباح يقول سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر يقول: خرج إلينا رسول الله صلى الله الله عليه وسلم يوما ونحن في الصفة فقال: «أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان

(1)

كذا فى الأصل ولم نقف عليه فى أحاديث المعراج.

ص: 8

- أو العقيق - فيأتى كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين فيأخذهما» قلنا كلنا يا رسول الله يحب ذلك قال: «فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، وأعدادهن من الإبل» لفظ المقري وعبد الله بن صالح.

• حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ثنا أبو حصين ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة قال عقبة بن عامر: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال: «أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك» .

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا أحمد بن حواس ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر قال: كنا نتناوب الرعية، فلما كان نوبتي سرحت إبلي فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعته يقول:

«يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ثم ينادي مناد سيعلم أهل الجمع لمن العز والكرم ثلاث مرات، ثم يقول أين (الذين كانت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا)} الآية، ثم ينادي سيعلم أهل الجمع لمن العز والكرم ثم يقول أين (الذين كانت {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)} ثلاث مرات ثم يقول أين الحمادون الذين كانوا يحمدون الله» .

• حدثنا جبر بن عرفة ثنا عبد الله بن عبد الحكم ثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رجال من أمتي يقوم أحدهم من الليل فيعالج نفسه للطهور فيقول الله انظروا إلى عبدى يعالج نفسه ليسألني، ما يسألني عبدي فهو له» .

‌عباد بن خالد الغفاري

وذكر عباد بن خالد الغفاري في أهل الصفة، حكاه عن الواقدي، وقال هو الذي نزل بالسهم فى البئر يوم الحديبية.

ص: 9

إسماعيل ثنا مسعود بن سعد عن عطاء بن السائب عن ابن عباد عن أبيه قال:

جاء رجل من بني ليث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا أنشدك؟ قال النبي لا، ثلاث مرات فأنشده الرابعة مدحة له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن كان أحد من الشعراء أحسن فقد أحسنت» .

وذكر عامر بن عبيد الله أبا عبيدة بن الجراح من أهل الصفة من قبل أبي عبد الله النيسابوري الحافظ وقد تقدم ذكرنا له وأنه من السابقين الأولين.

‌عمرو بن عوف المزني

وذكر عمرو بن عوف المزني في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ:

• حدثنا محمد بن إسحاق ثنا أحمد بن سهل بن أيوب ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالروحاء نزل بعرق الظبية وصلى ثم قال: «صلى قبلي في هذا المسجد سبعون نبيا، ولقد قدمها موسى عليه عباءتان قطوانيتان على ناقة ورقاء في سبعين ألفا من بني إسرائيل، ولا تقوم الساعة حتى يمر بها عيسى بن مريم عبد الله ورسوله حاجا أو معتمرا أو يجمع الله ذلك له» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن المبارك ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني أخاف على أمتي من بعدي ثلاثة أعمال» قالوا ما هي يا رسول الله؟ قال «زلة عالم، أو حكم حاكم، أو هوى متبع» .

• حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ثنا علي بن جبلة ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين بدأ غريبا ويرجع غريبا فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد من سنتى» .

ص: 10

‌عمرو بن تغلب

وذكر عمرو بن تغلب نزل الصفة وسكن البصرة.

• حدثنا سليمان بن أحمد بن محمد بن رزيق بن جامع ثنا محمد بن هشام السدوسي ثنا محمد بن عدي عن أشعث عن الحسن عن عمرو بن تغلب. قال: لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة كانت أحب إلى من حمر النعم، خرج إلى أهل الصفة ذات يوم فقال:«إنى معط أقواما مخافة هلعهم وجزعهم وأمنع آخرين أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم، منهم عمرو بن تغلب» .

‌عويم بن ساعدة الأنصاري

وذكر عويم بن ساعدة الأنصاري في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله النيسابوري. وهو ممن شهد بدرا من حلفاء بني عمرو بن عوف وقيل من أنفسهم.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا محمد ابن طلحة التيمي قال أخبرني عبد الرحمن بن سالم بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده عويم بن ساعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى اختارني واختار لي أصحابا وجعل منهم أصهارا وأنصارا ووزراء فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا» .

وذكر عويمر أبا الدرداء في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ وقد تقدم ذكرنا له في أعلام العباد العلماء من الصحابة في صدر الكتاب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا يحيى ابن سعيد ومكي عن عبد الله بن سعيد- يعني ابن أبي هند مولى ابن عباس

ص: 11

يعني يزيد بن أبي زياد عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم» قالوا وما ذاك ما هو يا رسول الله؟ «قال ذكر الله» .

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا هشام بن عمار ثنا سليمان بن عتبة قال سمعت يونس بن ميسرة بن حبيش يحدث عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أبو زرعة وأحمد بن خليد. قالا: ثنا عبد الله بن جعفر الزقى ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن جنادة بن أبي خالد عن مكحول عن أبي إدريس عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد أتاه الله نورا يوم القيامة» .

‌عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذكر عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ. وقال عبيد هو أبو عامر الأشعري وقتل يوم حنين، وأبو عامر ليس هو عبيد الذي هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي ثنا معتمر ابن سليمان عن أبيه عن رجل عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سئل أكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة سوى المكتوبة؟ قال نعم! بين المغرب والعشاء. رواه شعبة وابن المبارك عن سليمان التيمي.

‌عكاشة بن محصن الأسدي

وذكر عكاشة بن محصن الأسدي في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله

ص: 12

الحافظ. وعكاشة قتل يوم بزاخة قتله طليحة في أيام الردة.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا هشام ابن قتادة عن أيمن عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عرض علي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأتباعها وأممها فقلت يا رب فأين أمتي؟ قيل انظر عن يمينك فنظرت فإذا الظراب قد سدت بوجوه الرجال، قلت يا رب من هؤلاء؟ قيل أمتك، قيل رضيت؟ قلت نعم! ثم قيل انظر عن يسارك فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال قلت يا رب من هؤلاء؟ قيل أمتك قيل رضيت قلت نعم! يا رب قد رضيت، قيل وإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب» فأنشأ عكاشة بن محصن الأسدي أحد بني أسد فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:

«اللهم اجعله منهم» فأنشأ رجل آخر فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال سبقك بها عكاشة. قال: فتراجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فيما بينهم في السبعين ألفا فبلغ حديثهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» .

‌العرباض بن سارية

وذكر العرباض بن سارية في أهل الصفة، وكان من البكائين. فيه وفي أصحابه نزلت {(تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون)} .

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا الحسن بن موسى الأشيب ثنا شيبان بن عبد الرحمن ثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي أن خالد بن معدان حدثه أن جبير بن نفير حدثه أن العرباض بن سارية حدثه - وكان العرباض من أهل الصفة - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الصف المقدم ثلاثا، وعلى الثاني واحدة. حدث به أحمد بن حنبل عن الحسن بن موسى الأشيب وحدثه الوليد بن مسلم عن شيبان مثله.

ص: 13

الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر. قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه {(ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه)} الآية فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد الرحمن بن الضحاك ثنا ابن عباس عن ضمضم عن شريح عن العرباض قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلينا فى الجمعة وعلينا

(1)

الحوتكية فيقول: «لو تعلمون ما ذخر لكم ما حزنتم على ما زوى عنكم، ولتفتحن فارس والروم» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أبو الزنباع ثنا سعيد بن عفير ثنا ابن وهب عن سعيد بن مقلاص عن سعيد بن إبراهيم عن عروة بن رويم عن العرباض بن سارية -: وكان شيخا كبيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب أن يقبض إليه، وكان يدعو: اللهم كبرت سني، ووهن عظمي فاقبضني إليك.

قال الشيخ رحمه الله: وممن ذكرهم ابن الأعرابي في أهل الصفة في حرف العين ولم يذكرهم السلمي.

‌عبد الله بن حبشي الخثعمي

عبد الله بن حبشي الخثعمي، ذكره أبو سعيد بن الأعرابي.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا حجاج قال قال ابن جريج حدثني عثمان بن أبي سليمان عن الأزدى عن عبيد ابن عمير عن عبد الله بن حبشي الخثعمي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة» قيل فأي الصلاة أفضل؟ قال «طول القيام» قيل فأي الصدقة أفضل؟ قال «جهد المقل» .

(1)

الذى فى النهاية: يخرج فى الصفة وعليه الحوتكية وهى عمامة مخصوصة.

ص: 14

‌عتبة بن عبد السلمي

وعتبة بن عبد السلمي، ذكره أبو سعيد بن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا موسى بن هارون ثنا أبو طالب وأبو همام قالا: ثنا بقية عن يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن رجلا يخر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت في مرضاة الله لحقره يوم القيامة» .

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا خلف ابن عمرو ثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن لقمان بن عامر عن عتبة بن عبد قال: استكسيت النبي صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين، رأيتنى ألبسهما وأنا أكسى أصحابي.

‌عتبة بن الندر السلمي

(1)

وعتبة بن الندر السلمي، ذكره أبو سعيد بن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد الله ثنا عثمان بن صالح ثنا ابن لهيعة ثنا الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال سمعت عتبة بن الندر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أى الأجلين قضى موسى عليه الصلاة والسلام؟ قال: «أوفاهما وأبرهما» .

‌عمرو بن عبسة السلمي

وعمرو بن عبسة السلمي، ذكره أبو سعيد الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا الربيع بن صبيح ثنا قيس بن سعد عن رجل من فقهاء أهل الشام عن عمرو بن عبسة قال:

لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول

(1)

فى الأصل ابن المنذر والتصحيح من الاستيعاب والاصابة وضبطه بضم النون وتشديد الدال [المهملة] المفتوحة.

ص: 15

الله من تبعك على هذا الأمر؟ قال «حر وعبد» يعني أبا بكر وبلالا. رواه عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة عن أبيه.

• حدثناه محمد بن علي بن حبيش ثنا إبراهيم ابن شريك ثنا عقبة بن مكرم ثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة عن أبيه مثله.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن حصين عن عمران بن الحارث عن مولى لكعب قال:

انطلقنا مع عمرو بن عبسة ومقداد بن الأسود ونافع بن حبيب الهذلي وكان على كل رجل منا رعية، فإذا كان يوم عمرو بن عبسة أردنا أن نخرج فئات فخرج يوما برعاية، فانطلقت نصف النهار فإذا السحابة قد أظلته ما فيها عنه فضل، فأيقظته فقال:«إن هذا شيء أتينا به لئن علمت أنك أخبرت به لا يكون بينى وبينك خير، فو الله ما أخبرت به حتى مات رحمه الله» .

‌عبادة بن قرص

وعبادة بن قرص وقيل قرط، ذكره ابن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا محمد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا ابن بكار ثنا قرة بن خالد ثنا حميد بن هلال قال قال عبادة بن قرص: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق فى أعينكم من الشعر، كنا نعدها على [عهد] رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.

‌عياض بن حمار المجاشعي

وعياض بن حمار المجاشعي، ذكره أبو سعيد بن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا هشام عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخبر عن عياض بن حمار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل الجنة ثلاثة؛ ذو سلطان مقتصد ومتصدق موقن، ورجل رحيم رقيق القلب بكل قربى ومسلم، وفقير عفيف متعفف» .

ص: 16

• حدثنا إبراهيم بن أحمد البزوري المقرئ ثنا جعفر الفريابي ثنا أحمد بن سعيد الدارمي ثنا علي بن الحسين بن واقد ثنا أبي عن مطر الوراق عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه خطبهم فقال: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد» .

‌فضالة بن عبيد الأنصاري

وفضالة بن عبيد الأنصاري ذكره ابن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة. وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا بشر بن موسى حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا حيوة أخبرني أبو هانئ أن أبا علي الجبني حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة لما بهم من الخصاصة وهم أصحاب الصفة، حتى يقول الأعراب إن هؤلاء مجانين فاذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته انصرف إليهم فيقول:

«لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أنكم تزدادون حاجة وفاقة» وقال فضالة فأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ. رواه ابن وهب عن أبى هانئ مثله.

• حدثنا أبي حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحكم حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا بشير بن زاذان حدثني رشدين عن شراحيل بن يزيد عن فضالة ابن عبيد أنه كان يقول: لأن أعلم أن الله تقبل منى مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها، لأن الله تعالى يقول {(إنما يتقبل الله من المتقين)} .

‌فرات بن حيان العجلي

وفرات بن حيان العجلي ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في أهل الصفة ونسبه إلى سفيان الثورى.

ص: 17

• حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو همام الدلال حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن الفرات بن حيان -: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتله وكان عينا لأبى سفيان وحليفا - فمر على حلقة من الأنصار وقال إني مسلم، فقال رجل منهم يا رسول الله يقول إني مسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم منهم الفرات بن حيان» رواه بشر بن السري عن سفيان الثوري مثله.

‌أبو فراس الأسلمي

وذكر أبا فراس الأسلمي في أهل الصفة، وقال قاله محمد بن عمرو بن عطاء.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي فراس الأسلمي: أنه كان فتى منهم يلزم النبى صلى الله عليه وسلم ويخفف

(1)

له فى حوائجه فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «سلني أعطك» فقال ادع الله أن يجعلني معك يوم القيامة قال «إني فاعل ذلك قال أعني على نفسك بكثرة السجود» رواه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن محمد بن عمرو.

‌قرة بن إياس المزني

وقرة بن إياس المزني أبو معاوية ذكره ابن الأعرابي في أهل الصفة.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا روح بن عبادة حدثنا بسطام بن مسلم عن معاوية بن قرة قال قال أبي: لقد عمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الأسودان، ثم قال هل تدرى

(1)

فى الأصل: ويخفف به فى حياته والتصحيح عن الاصابة.

ص: 18

ما الأسودان؟ قلت لا؟ قال الماء والتمر. رواه جعفر بن سليمان عن بسطام: مثله.

‌كناز بن الحصين

وذكر كناز بن الحصين أبا مرثد الغنوي في أهل الصفة، ذكره أبو عبد الرحمن السلمي وقال قاله الواقدي وأبو عبد الله الحافظ. شهد بدرا حليف حمزة بن عبد المطلب.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا هشام بن عمارة حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني بشر بن عبيد الله قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلوا على القبور ولا تجلسوا عليها» .

‌كعب بن عمرو

وذكر كعب بن عمرو أبا اليسر الأنصاري في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ. وهو ممن شهد بدرا.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا مسعدة بن سعد ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عبد العزيز بن عمران قال حدثنى محمد بن موسى عن عمار بن أبي اليسر عن أبيه أبي اليسر. قال: نظرت إلى العباس بن عبد المطلب يوم بدر وهو قائم كأنه صنم وعيناه تذرفان، فلما رأيته قلت جزاك الله من رحم شرا أتقاتل ابن أخيك مع عدوه؟ قال: ما فعل وهل أصابه القتل! قلت الله أعز له وأنصر من ذلك. قال: ما تريد إلي؟ قلت إسار فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتلك. قال: ليست بأول صلته، فأسرته ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم.

ص: 19

قال سمعت أبا اليسر يقول: أشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«من انظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم لا ظل إلا ظله» .

‌أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذكر أبا كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح ثنا معاوية ابن صالح أن أزهر - يعنى ابن سعد - حدثه عن أبي كبشة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: بينا رسول الله جالس إذ مرت به امرأة، فقام إلى أهله فخرج إلينا ورأسه يقطر ماء. فقلنا يا رسول الله كأنه قد كان شيء؟ قال:

«نعم مرت بي فلانة فوقعت في نفسي شهوة النساء فقمت إلى بعض أهلى فكذلك فافعلوا، فان من أماثل أعمالكم إتيان الحلال» .

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا عمرو بن مرزوق ثنا مسعود عن إسماعيل بن أوسط عن ابن أبي كبشة عن أبيه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «استقيموا وسددوا فان الله لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء» .

وذكر مصعب بن عمير في أهل الصفة، من قبل محمد بن إسحاق. وذكر المقداد بن الأسود في أهل الصفة، من قبل محمد بن يحيى الدعملى. وقد ذكرناهما في طبقات المهاجرين فيما تقدم.

‌مسطح بن أثاثة أبو عباد

وذكر مسطح بن أثاثة أبا عباد في أهل الصفة، من قبل أبى عبد الله الحافظ.

ص: 20

{وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)} عاد أبو بكر إلى الإنفاق وقال: بلى أنا أحب أن يغفر الله تعالى لي.

‌مسعود بن الربيع القاري

(1)

وذكر مسعود بن الربيع القاري في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ.

• حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا أحمد بن حماد بن سفيان ثنا حميد بن مسعدة ثنا حصين بن نمير ثنا ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن سعيد بن يزيد عن مسعود. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد يسأل وهو عنه غني حتى يخلق وجهه، فما يكون له عند الله وجه» .

‌معاذ أبو حليمة القارئ

وذكر معاذ أبا حليمة القارئ في أهل الصفة، من قبل أبي عبد الله الحافظ.

• حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف ثنا عبد الله بن محمد البغوي ثنا عبيد الله ابن عمر عن حماد بن زيد ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد قال: زارتنا ابن عمر بنت عبد الرحمن فقمت أصلي من الليل فجعلت أخفي قراءتي فقالت لي:

يا ابن أخي ألا تجهر بالقرآن، فإنه ما كان يوقظنا بالليل إلا قراءة معاذ القارئ وأفلح مولى أبي أيوب.

‌واثلة بن الأسقع

وذكر واثلة بن الأسقع في أهل الصفة، وكان من سكانها قاله الواقدي ويحيى بن معين. وقال الواقدي أسلم واثلة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى تبوك.

• حدثنا محمد بن علي ثنا عبد الله بن مسلم ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن

(1)

فى الاصابة: ابن ربيعة وحكى عن أبى معشر فقط أنه ابن الربيع.

ص: 21

خالد ثنا يزيد بن واقد عن بشر بن عبيد الله عن واثلة بن الأسقع. قال: كنا أصحاب الصفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فينا رجل له ثوب، ولقد اتخذ العرق في جلودنا طوقا من الغبار إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«ليبشر فقراء المهاجرين ثلاثا» .

• حدثنا محمد بن أحمد ابن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا إسحاق بن منصور ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا عثمان بن بشر بن سرح العبسي ثنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب ثنا واثلة بن الخطاب عن أبيه عن جده واثلة بن الأسقع قال: حضرنا رمضان ونحن في الصفة فصمناه، فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل فأخذه فانطلق معه فعشاه، فأتت علينا ليلة لم يأتنا أحد ثم أصبحنا صياما، ثم أتت القابلة علينا فلم يأتنا أحد، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بالذي كان من أمرنا، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها هل عندها شيء؟ فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تقسم ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اجتمعوا» فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنهما بيدك لا يملكهما أحد غيرك» فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن فاذا شاة مصلية وأرغفة فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم «فوضعت بين أيدينا فأكلنا حتى شبعنا فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا سألنا الله من فضله ورحمته، وقد ذخر لنا عنده رحمة» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا موسى بن عيسى بن المنذر ثنا محمد بن المبارك ثنا إسماعيل بن عياش ثنا سليمان بن حيان العذري قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول: كنت من أصحاب الصفة فشكى أصحابي الجوع، فقالوا يا واثلة اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استطعم لنا رسول الله، فذهبت فقلت يا رسول الله إن أصحابي يشكون الجوع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 22

فأفرغ الخبز فى الصحفة، ثم جعل يصلح الثريد بيده وهو يربو حتى امتلأت الصحفة، فقال:«يا وائلة اذهب فجئ بعشرة من أصحابك وأنت عاشرهم» فذهبت فجئت بعشرة من أصحابي وأنا عاشرهم، فقال «اجلسوا خذوا بسم الله خذوا من حواليها ولا تأخذوا من أعلاها فإن البركة تنحدر من أعلاها» فأكلوا حتى شبعوا ثم قاموا وفى الصحفة مثل ما كان فيها، ثم جعل يصلحها بيده وهي تربو حتى امتلأت الصحفة فقال «يا واثلة اذهب فجئ بعشرة من أصحابك» فذهب فجئت بعشرة فقال:«اجلسوا» فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا ثم قاموا ثم قال «اذهب فجئ بعشرة من أصحابك» فذهبت وجئت بعشرة ففعلوا مثل ذلك فقال «هل بقي أحد؟» قلت نعم عشرة. قال «اذهب فجئ بهم» فذهبت فجئت بهم فقال «اجلسوا» فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قاموا وبقي في الصحفة مثل ما كان ثم قال:«يا واثلة اذهب بها إلى عائشة» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله القرشى ثنا أحمد ابن يحيى الصوفي ثنا النفيلي ثنا الوليد بن عبد الله الحمصي عن خيثمة [بن سليمان عن] سليمان بن حيان ثنا واثلة قال: كنت من فقراء المسلمين من أهل الصفة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قال «كيف أنتم بعدي إذا شبعتم من خبز البر والزيت فأكلتم ألوان الطعام ولبستم أنواع الثياب فأنتم اليوم خير أم ذاك؟» قال قلنا ذاك. قال: بل أنتم اليوم خير» قال واثلة فما ذهبت بنا الأيام حتى أكلنا ألوان الطعام ولبسنا أنواع الثياب وركبنا المراكب.

‌وابصة بن معبد الجهني

وذكر وابصة بن معبد الجهني في أهل الصفة، قال أيوب بن مكرر كان وابصة يجالس الفقراء ويقول هم إخواني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل وابصة الرقة وعقبه بها.

ص: 23

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون أنبأنا حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام عن أيوب بن عبد الله بن مكرز عن وابصة. قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البر والإثم إلا سألته عنه، فجعلت أتخطى فقالوا إليك يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت دعوني أدنو منه فإنه من أحب الناس إلي أن أدنو منه. فقال «ادن يا وابصة» فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته. فقال:«يا وابصة أخبرك عما جئت تسألني» فقلت أخبرني يا رسول الله. قال «جئت تسألني عن البر والإثم» قلت: نعم! قال فجمع أصابعه فجعل ينكت بها في صدري ويقول «يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس. والإثم ما حاك فى النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك» . رواه أبو سكينة الحمصي وأبو عبد الله الأسدي عن وابصة نحوه.

‌هلال مولى المغيرة بن شعبة

وذكر هلالا مولى المغيرة بن شعبة.

• أخبرنا محمد بن محمد الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في كتابه ثنا محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال سمعت عبد الله بن محمد يذكر عن يوسف بن الخشاب عن عطاء الخراساني عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليدخلن من هذا الباب رجل ينظر الله إليه» . قال: فدخل - يعني هلالا - فقال له «صل علي يا هلال فقال ما أحبك غلى الله وما أكرمك عليه» .

‌يسار أبو فكيهة

وذكر يسار أبا فكيهة مولى صفوان بن أمية في أهل الصفة، وقد قاله محمد بن إسحاق.

ص: 24

ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد جلس إليه المستضعفون من أصحابه خباب وعمار وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية وصهيب بن سنان وأشباههم من المسلمين فهزأت بهم قريش وقال بعضهم لبعض: هؤلاء أصحابه كما ترون، هؤلاء من الله عليهم من بيننا بالهدى وبالحق، لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء به ولا خصهم الله دوننا؟ فأنزل الله فيهم {(ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)} الآيات.

قال الشيخ رحمه الله: قد أتينا على من ذكرهم الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي ونسبهم إلى توطين الصفة ونزولها وهو أحد من لقيناه وممن له العناية التامة بتوطئة مذهب المتصوفة وتهذيبه على ما بينه الأوائل من السلف، مقتد بسيمتهم، ملازم لطريقتهم، متبع لآثارهم، مفارق لما يؤثر عن المتخرمين المتهوسين من جهال هذه الطائفة، منكر عليهم إذ حقيقة هذا المذهب عنده متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بلغ وشرع، وأشار إليه وصدع. ثم القدوة المتحققين من علماء المتصوفة ورواة الآثار، وحكام الفقهاء. ولذلك ضممت إليه ما ذكره الأغر الأبلج أبو سعيد بن الأعرابي رحمه الله وكان أحد أعلام رواة الحديث والمتصوفة، وله التصانيف المشهورة في سيرة القوم وأحوالهم والسياحة والرياضة واقتباس آثارهم. وأقتفي في باقي الكتاب من ذكر التابعين حذوه إذ هو شرع في تأليف طبقات النساك، وأقتصر إن شاء الله تعالى على ذكر جماعة من كل طبقة وأذكر لهم حديثا مسندا إن وجد، وحكاية وحكايتين إلى الثلاث، إن شاء الله تعالى مستعينا به ومعتمدا على جميل كفايته إذ هو الولي والمعين.

ص: 25

(ذكر جماعة من سكان الصفة وقطان المسجد ترك ذكرهم السلمي وابن الأعرابي فمنهم)

‌بشير بن الخصاصية

وهو بشير بن معبد بن شراحيل بن سبع بن ضبار

(1)

ابن سدوس كان اسمه في الجاهلية نذيرا وقيل زحم، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسماه بشيرا وأنزله الصفة.

• حدثنا محمد بن عبد الله بن شين ثنا الحسن بن علي بن نصر الطوسي ثنا محمد عبد الكريم ثنا الهيثم بن عدي ثنا أبو جناب الكلبي حدثني إياد بن لقيط الذهلى حدثتنى الجهدمة

(2)

امرأة بشير بن الخصاصية قالت حدثنا بشير قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام، ثم قال لي ما اسمك؟ قلت نذير. قال «بل أنت بشير» قال فأنزلني الصفة فكان إذا أتته الهدية أشركنا فيها، وإذا أتته صدقة صرفها إلينا. قال: فخرج ذات ليلة فتبعته فأتى البقيع فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا بكم لاحقون، وإنا لله وإنا إليه راجعون، لقد أصبتم خيرا بجيلا، وسبقتم شرا طويلا» ثم التفت إلي فقال من هذا؟ قال فقلت بشير، قال أما ترضى أن أخذ الله سمعك وقلبك وبصرك إلى الإسلام من ربيعة الفرس الذين يزعمون أن لولاهم لانفكت الأرض بأهلها. قلت: بلى يا رسول الله. قال: ما جاء بك؟ قلت خفت أن تنكب أو يصيبك هامة من هوام الأرض.

قال محمد بن عبد الكريم: إنما سمي ربيعة الفرس لأن أباه نزار بن معد كان له فرس وقبة من أدم وحمار فجعل الفرس لأكبر ولده ربيعة، والقبة للذي يتلوه وهو مضر، والحمار للثالث وهو إياد فلذلك يقال ربيعة الفرس

(1)

فى الاصابة: ضبارى.

(2)

فى الأصل: جهذنة والتصحيح عن الاصابة.

ص: 26

ومضر الحمراء، وإياد الحمار. رواه إسحاق بن أبي إسحاق الشيباني عن أبيه عن بشير مختصرا.

‌أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت في المسجد ويخالط أهل الصفة.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد الله ثنا عبد العزيز بن يحيى يحيى الحراني ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: هيأنى

(1)

رسول الله صلى الله عليه وسلم جوف الليل فأتينا البقيع فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فأتاهم فاستغفر لهم ثم قال: «ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا، الآخرة شر من الأولى» .

ثم قال: «يا أبا مويهبة إني قد أوتيت بمفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة. فقال يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة» ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدئ فى وجعه الذي قبض فيه.

‌أبو عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأبو عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت في المسجد ويخالط أهل الصفة.

• حدثنا محمد بن سابق بن الحسن ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ثنا محمد ابن سابق ثنا حشرج بن نباتة عن أبي نصيرة عن أبي عسيب. قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا فدعاني فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج

(1)

كذا فى الأصل: وفى الاصابة أهبنى.

ص: 27

ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط أطعمنا بسرا، فجاء بعذق فوضعه فأكلوا، ثم دعا بماء فشرب فقال:«لتسئلن عن هذا يوم القيامة» قال وأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر نحو وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:

يا رسول الله إنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة؟ قال «نعم! إلا من ثلاث كسرة يسد بها جوعته، أو ثوب يستر بها عورته، أو جحر يدخل فيه من الحر والقر» .

‌أبو ريحانة شمعون الأزدي

وأبو ريحانة شمعون الأزدي وقيل الأنصاري، كان من الذابين المجتهدين معدود في أهل الصفة.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا مطلب بن شعيب ثنا عبد الله بن صالح ثنا عبد الرحمن بن شريح أبو شريح الإسكندراني عن أبي الصباح محمد بن سمير الرعيني عن أبي علي الهمداني عن أبي ريحانة: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأوينا ذات ليلة إلى شرف فأصابنا فيه برد شديد حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفرة فيدخل فيها ويكفى عليه بجحفته، فلما رأى ذلك منهم قال:«من يحرسنا في هذه الليلة فأدعو له بدعاء يصيب به فضله» فقام رجل فقال أنا يا رسول الله، فقال من أنت، فقال أنا فلان بن فلان الأنصاري قال أدنه فدنا منه فأخذ ببعض ثيابه ثم استفتح بدعاء له، فلما سمعت ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري قمت فقلت أنا رجل فسألني كما سأله ثم قال أدنه، كما قال له ودعا لي بدعاء دون ما دعا به للأنصاري. ثم قال:«حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله» ، وقال الثالثة فنسيتها. قال: أبو شريح بعد ذلك «وحرمت النار على عين غضت عن محارم الله تعالى» .

• حدثنا إسحاق بن حمزة

(1)

ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا يحيى بن طلحة اليربوعى

(1)

فى هامش الأصل: عن نسخة (اسحاق بن أحمد).

ص: 28

ثنا أبو بكر بن عياش عن حميد - يعني الكندي - عن عبادة بن نسي عن أبي ريحانة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس ليضع عرشه على البحر ودونه الحجب يتشبه بالله عز وجل، ثم يبث جنوده فيقول من لفلان الآدمي فيقوم اثنان فيقول قد أجلتكما سنة فإن أغويتماه وسعت عنكما البعث وإلا صلبتكما» قال فكان يقال لأبي ريحانة لقد صلب فيك كثيرا.

• حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا يحيى بن عثمان ثنا محمد بن حمير عن عميرة بن عبد الرحمن الخثعمي عن يحيى بن حسان البكري عن أبي ريحانة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوت إليه تفلت القرآن ومشقته علي. فقال لي: «لا تحمل عليك مالا تطيق وعليك بالسجود» قال أبو عميرة

(1)

فقدم أبو ريحانة عسقلان وكان يكثر السجود.

• وحدثت عن عباس بن محمد بن حاتم ثنا محمد بن مصعب ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب: أن أبا ريحانة كان غائبا، فلما قدم على أهله تعشى ثم خرج إلى المسجد فصلى العشاء الآخرة، فلما انصرف إلى بيته قام يصلي يفتتح سورة ويختمها فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر. وسمع المؤذن فشد عليه ثيابه ليخرج إلى المسجد فقالت له صاحبته: يا أبا ريحانة كنت في غزوتك ما كنت ثم قدمت الآن فما كان لي فيك نصيب أو حظ، قال بلى! لقد كان لك نصيب ولكن شغلت عنك. قالت: يا أبا ريحانة وما الذي شغلك عني؟ قال ما زال قلبي يهوى فيما وصف الله من لباسها وأزواجها ونعيمها وما خطرت لي على بال حتى طلع الفجر.

‌أبو ثعلبة الخشني

وأبو ثعلبة الخشني من عباد الصحابة، له في جملة أهل الصفة ذكر ومدخل.

(1)

كذا فى الأصل وفى صدر الخبر أنه عميرة وفى الاصابة كما هنا سواء بسواء.

ص: 29

• حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ثنا أحمد بن علي الأبار ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا عبد الله بن المبارك عن عتبة بن أبي حكيم حدثني عمرو بن جارية اللخمي حدثني أبو أمية الشعباني. قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية {(عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)} . فقال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه.»

فعليك أمر نفسك ودع عنك أمر العوام فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله. وزاد في غيره قال: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال «أجر خمسين منكم» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إدريس بن عبد الكريم ثنا أحمد بن حنبل ثنا زيد ابن يحيى الدمشقي ثنا عبد الله بن العلاء ثنا مسلم بن مشكم. قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني قال: قلت: يا رسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي. قال: فصعد النبى صلى الله عليه وسلم وصوب. فقال: «البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون» .

• حدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن أبان ثنا يونس بن بكير عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوى عن عروة ابن رويم. قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قدم رسول الله عليه وسلم من غزاة له فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين - وكان يعجبه إذا قدم أن يدخل المسجد فيصلى فيه ركعتين - ثم خرج فأتى فاطمة فبدأ بها قبل بيوت أزواجه فاستقبلته فاطمة وجعلت تقبل وجهه وعينيه وتبكي. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك؟» قالت أراك قد شحب لونك. فقال لها: «يا فاطمة إن الله عز وجل بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلا أدخله به عزا أو ذلا يبلغ حيث بلغ الليل» .

ص: 30

ثنا خالد بن محمد الكندي - وهو أبو

(1)

محمد وأحمد ابنا خالد الوهبي -. قالا:

سمعنا أبا الزاهرية يقول سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: إني لأرجو أن لا يخنقني الله عز وجل كما أراكم تخنقون عند الموت، قال فبينما هو يصلى فى جوف الليل قبض وهو ساجد، فرأت ابنته أن أباها قد مات، فاستيقظت فزعة فنادت أمها أين أبي؟ قالت في مصلاه فنادته فلم يجبها، فأيقظته فوجدته ساجدا فحركته فوقع لجنبه ميتا.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا إسماعيل بن إسحاق السراج ثنا داود بن رشيد ثنا الوليد بن مسلم أن أبا ثعلبة كان يقول: إني لأرجو أن لا يخنقني الله عز وجل كما يخنقكم، قال فبينما هو في صرحة داره إذ نادى يا عبد الرحمن وقد قتل عبد الرحمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أحس بالموت أتى مسجد بيته فخر ساجدا فمات وهو ساجد.

‌ربيعة بن كعب الأسلمي

وربيعة بن كعب الأسلمي كان من أحلاس المسجد الملازمين لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، له بأهل الصفة اتصال.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي. قال: كنت أبيت على باب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطيه الوضوء فأسمعه من الهوي بالليل يقول: «سمع الله لمن حمده» والهوي من الليل يقول: «الحمد لله رب العالمين» .

• حدثنا محمد بن محمد المقري ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا الحكم بن موسى ثنا هقل بن زياد قال سمعت الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة حدثني ربيعة بن كعب الاسلمى.

(1)

كذا فى الأصل ولعل هنا سقط كنية الكندى ولفظ حدثنا، وقد ذكر فى الاصابة هذا الخبر عن أبى الزهرية وفيه اختلاف فى بعض الفاظه.

ص: 31

قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه فقال لي:

«سل» فقلت أسألك مرافقتك في الجنة. فقال «أو غير ذلك؟» قلت هو ذاك، قال فأعني على نفسك بكثرة السجود.

‌أبو برزة الأسلمي

وأبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد من المستهينين بالدنيا المشتهرين بالذكر، دخل الصفة ولابس أهلها.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمرو بن حفص السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا أبو الأشهب عن أبي الحكم عن أبي برزة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن مما أخشى عليكم شهوات الغى فى بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى» .

ص: 32

قال لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة ملبدة؛ خماص البطون من أموال الناس، خفاف الظهور من دمائهم. رواه المبارك بن فضالة عن أبي المنهال نحوه.

• حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن نائلة ثنا شيبان ثنا أبو هلال ثنا جابر بن عمرو. قال: قال أبو برزة الأسلمي: لو أن رجلا في حجره دنانير يعطيها وآخر يذكر الله عز وجل لكان الذاكر أفضل.

‌معاوية بن الحكم السلمي

ومعاوية بن الحكم السلمي نزل الصفة.

• حدثنا عبد الملك بن الحسن المعدل السقطي ثنا أبو بردة الفضل بن محمد الحاسب ثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن ثنا عمر بن محمد ثنا الصلت بن دينار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن الحكم بن معاوية.

قال الشيخ رحمه الله: كذا وقع في كتابي الحكم بن معاوية، وإنما هو معاوية بن الحكم. قال: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة، فجعل يوجه الرجل من المهاجرين مع الرجل من الأنصار، والرجلين والثلاثة حتى بقيت في أربعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم خامسنا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «انطلقوا بنا» فلما جئنا قال «يا عائشة عشينا» فجاءت بجشيشة فأكلنا ثم قال «يا عائشة أطعمينا» فجاءت بحيسة فأكلنا، ثم قال «يا عائشة اسقينا» فجاءت بجريعة من لبن فشربنا ثم قال «يا عائشة اسقينا» فجاءت بعس من ماء فشربنا. ثم قال «من شاء منكم أن ينطلق إلى المسجد فلينطلق ومن شاء منكم بات هاهنا» قال فقلنا بل ننطلق إلى المسجد. قال: فبينا أنا نائم على بطني إذا برجل يرفسنى برجله فى جوف الليل، فرفعت رأسي فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قم فإن هذه ضجعة يبغضها الله عز وجل.

قال الشيخ رحمه الله: رواه الأوزاعي وهشام وشيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن طخفة عن أبيه: نحوه.

ص: 33

قال الشيخ رحمه الله: وكان يزور أهل الصفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الأكابر من الأقارب والأشراف، يتبركون بما خصوا به من الألطاف، وعصموا به من الإسراف والإتراف.

• وقد حدثنا سليمان بن أحمد ثنا جعفر بن سليمان النوفلي ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه.

قال: دعا عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب فساره، ثم قام علي فجاء الصفة فوجد العباس وعقيلا والحسين فشاورهم في تزوج أم كلثوم عمر، ثم قال علي أخبرني عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.

قال الشيخ رحمه الله: وكذلك كان أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده يوالون أهل الصفة والفقراء؛ يخالطونهم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واستنانا به، فممن كان يكثر مجالستهم ومخالطتهم ومجالسة سائر الفقراء في كل وقت؛ الحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، يرون في محبتهم إكمال الدين. وفي مجالستهم إتمام الشرف. مع ما كانوا يرجعون إليه من التشرف برسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتساب إليه اغتناما لدعائهم، واقتباسا من أخلاقهم وآدابهم. وكذلك عامة الصحابة كانوا يغتنمون مخالطة الأخيار، وأدعية الأبرار. حتى إن بعضهم ليدعو بذلك لأخيه فيما

• حدثناه أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن عبيد بن حساب ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت ثابت البناني يحدث عن أنس بن مالك. قال:

كان بعضنا يدعو لبعض جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل ويصومون النهار، ليسوا بأئمة ولا فجار.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد ابن عبيد بن حساب ثنا جعفر بن سليمان ثنا بسطام بن مسلم عن معاوية بن قرة عن أبيه. قال: قال لي: يا بني إذا كنت في قوم يذكرون الله تعالى فبدت لك حاجة فسلم عليهم حين تقوم فإنك لا تزال لهم شريكا ما داموا جلوسا.

ص: 34

‌الحسن بن علي

فأما السيد المحبب، والحكيم المقرب الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما.

فله في معاني المتصوفة الكلام المشرق المرتب، والمقام المؤنق المهذب.

وقيل: إن التصوف تنوير البيان، وتطهير الأركان.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن حدثني أبو بكرة. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيجئ الحسن وهو ساجد، صلى صغير، حتى يصير على ظهره - أو رقبته - فيرفعه رفعا رفيقا. فلما صلى صلاته قالوا يا رسول الله إنك لتصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد. فقال:«إن هذا ريحانتي، وإن ابني هذا سيد، وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» رواه عن الحسن يونس بن عبيد ومنصور بن زاذان وعلي بن زيد وأشعث وإسرائيل أبو موسى.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن عدي بن ثابت قال سمعت البراء يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعا الحسن على عاتقه فقال: «من أحبني فليحبه» رواه أشعث بن سوار وفضيل بن مرزوق عن عدي مثله.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا هشام ابن سعد حدثني نعيم قال قال لي أبو هريرة: ما رأيت الحسن قط إلا قاضت عيناي دموعا، وذلك أنه أتى يوما يشتد حتى قعد في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول بيديه هكذا في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح فمه ثم يدخل فمه في فمه ويقول:«اللهم إنى أحبه فأحبه» يقولها ثلاث مرات.

ص: 35

عن أشياء من أمر المروءة فقال: يا بني ما السداد؟ قال يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف، قال: فما الشرف! قال: اصطناع العشيرة، وحمل الجريرة قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المال، قال: فما الرأفة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير، قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه، قال: فما السماح؟ قال: البذل فى العصر واليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفا، وما أنفقته تلفا، قال: فما الإخاء؟ قال المواساة في الشدة والرخاء، قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق، والنكول عن العدو، قال فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة، قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس، قال: فما الغنى؟ قال: رضى النفس بما قسم الله تعالى لها وإن قل، وإنما الغنى غنى النفس. قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شيء، قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومنازعة أعزاء الناس، قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة

(1)

، قال: فما العي؟ قال: العبث باللحية وكثرة البزق عند المخاطبة، قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران، قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك، قال فما المجد؟ قال:

أن تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم، قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلما استوعيته، قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك، قال: فما السناء؟ قال إتيان الجميل وترك القبيح، قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة والرفق بالولاة، قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة ومصاحبة الغواة، قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المجد وطاعتك المفسد، قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك، قال: فما السيد؟ قال: الأحمق في ماله والمتهاون في عرضه يشتم فلا يجيب والمتحزن بأمر عشيرته هو السيد. فقال علي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا محمد

(1)

كذا فى: الأصل ولعلها المخلوقة.

ص: 36

ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت يزيد بن خمير يحدث عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه. قال: قلت للحسن: إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة؟ فقال: قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، ويسالمون من سالمت، فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا عبيد الله بن سعيد ثنا سفيان بن عيينة عن مجالد عن الشعبي. قال: شهدت الحسن بن علي حين صالحه معاوية بالنخيلة، فقال معاوية: قم فأخبر الناس أنك تركت هذا الأمر وسلمته إلي، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون حق امرئ فهو أحق به مني، وإما أن يكون حقا هو لي فقد تركته إرادة إصلاح الأمة وحقن دمائها، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث بن خلف أبو بكر ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني ثنا أبي ثنا إسماعيل بن يحيى قال سمعت الوليد بن جميع يقول سمعت أبان بن الطفيل يقول: سمعت عليا يقول للحسن: كن في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك.

• حدثنا عبد الله بن محمد ابن جعفر ثنا محمد بن نصير ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا العباس بن الفضل عن القاسم ابن عبد الرحمن عن محمد بن علي. قال: قال الحسن رضي الله عنه: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطي ثنا أحمد بن سهل بن أيوب ثنا خليفة بن خياط ثنا عبد الله بن داود ثنا المغيرة بن زياد عن ابن أبي نجيح:

أن الحسن بن علي حج ماشيا وقسم ماله نصفين.

• حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن سهل بن أيوب ثنا خليفة بن خياط ثنا عامر بن حفص ثنا شهاب ابن عامر: أن الحسن بن علي قاسم الله عز وجل ماله مرتين حتى تصدق بفرد نعله.

ص: 37

قال ذكر عن علي بن زيد بن جدعان. قال: خرج الحسن بن علي من ماله مرتين، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرار؛ حتى إن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفا ويمسك خفا.

• حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا الحسين بن حماد ثنا سليمان بن سيف ثنا سلم بن إبراهيم ثنا قرة بن خالد. قال: أكلت في بيت محمد بن سيرين طعاما، فلما أن شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي. فقال محمد: إن الحسن ابن علي قال إن الطعام أهون من أن يقسم فيه.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا الحسين بن إسحاق ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عبد الأعلى هشام بن حسان عن ابن سيرين. قال: تزوج الحسن بن علي امرأة فأرسل إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن الحسن ابن سعد عن أبيه. قال: متع الحسن بن على امرأتين بعشرين ألفا، وزقاق من عسل. فقالت إحداهما: - وأراها الحنفية - متاع قليل من حبيب مفارق.

• حدثنا محمد بن علي ثنا أبو عروبة الحراني ثنا سليمان بن عمر بن خالد ثنا ابن علية عن ابن عون عن عمير بن إسحاق. قال: دخلت أنا ورجل على الحسن ابن على نعوده. فقال: يا فلان سلني. قال: لا والله لا نسألك حتى يعافيك الله ثم نسألك، قال ثم دخل ثم خرج إلينا فقال سلني قبل أن لا تسألني، فقال بل يعافيك الله ثم أسألك، قال لقد ألقيت طائفة من كبدي وإني سقيت السم مرارا فلم أسق سئل هذه المرة ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه. وقال: يا أخي من تتهم؟ قال لم؟ لتقتله؟ قال نعم! قال إن يكن الذي أظن فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا وإلا يكن فما أحب أن يقتل بى برئ، ثم قضى رضوان الله تعالى عليه.

ص: 38

عز وجل له أنه احتسب نفسه.

قال الشيخ رحمه الله: وقد كان من أهل البيت من ولاة الفقراء وأهل الصفة، الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب يجالسانهم استنانا في مجالستهم، ومحبتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ أمروا بالصبر على مجالستهم، وإلزام مواظبتهم ومخالطتهم وكذلك من بعده من أصحابه أكثروا زيارتهم، واختاروا مودتهم ومجالستهم. حسبما انتشر عنهم واشتهر.

وأنهم كانوا يرون العيش الهني معهم، والمقام السني في مخالطتهم، والحال الزري في مفارقتهم ومنابذتهم. كما حكي عن الحسين بن علي من التبرم بالعيش مع من يخالف سيرتهم:

]

وهو.

• ما حدثناه سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الزبير بن بكار حدثني محمد بن الحسن. قال: لما نزل القوم بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه، قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: قد نزل من الأمر ما ترون؛ وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها وانشمرت؛ حتى لم يبق منها إلا كصبابة الإناء. إلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله وإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا جرما. .

‌فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الشيخ رحمه الله: ومن ناسكات الأصفياء، وصفيات الأتقياء، فاطمة رضي الله تعالى عنها. السيدة البتول، البضعة الشبيهة بالرسول، ألوط أولاده بقلبه لصوقا، وأولهم بعد وفاته به لحوقا، كانت عن الدنيا ومتعتها عازفة، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة.

وقد قيل: إن التصوف الثبات في الوفاق، والبتات للحاق.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا أبو عوانة عن فراس بن يحيى عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضى الله عنها. قالت:

ص: 39

إذ جاءت فاطمة تمشى ما تخطى مشيتها من مشية النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فلما رآها قال «مرحبا بابنتي» فأقعدها عن يمينه - أو عن يساره - ثم سارها بشيء فبكت. فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيننا بالسرار وأنت تبكين، ثم سارها بشيء فضحكت. قالت فقلت لها أقسمت عليك بحقى - أو بمالى عليك من الحق - لما أخبرتيني، قالت ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، قالت فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم سألتها. فقالت: أما الآن فنعم! أما بكائي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: «إن جبريل عليه السلام كان يعرض علي القرآن كل عام مرة فعرض العام مرتين ولا أرى إلا أجلى قد اقترب» فبكيت. فقال لى: «اتق الله واصبرى فإنى أنا نعم السلف لك» . ثم قال: «يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين - أو نساء هذه الأمة -» فضحكت. رواه جابر الجعفي عن الشعبي مثله، ورواه جابر عن أبي الطفيل عن عائشة نحوه، ورواه عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عباد عن عائشة نحوه، وروته فاطمة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة عن عائشة نحوه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أحمد بن يونس ثنا الليث بن سعد أنه سمع ابن أبي مليكة يقول إنه سمع المسور بن مخرمة يقول أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما فاطمة ابنتى بضعة منى يريبنى ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها» رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور، ورواه أيوب السختياني عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير نحوه.

• حدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم الكشي ثنا سليمان بن داود ثنا عباد بن العوام ثنا هلال ابن خباب عن عكرمة عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله تعالى عنها: «أنت أول أهلى لحوقا بى» .

ص: 40

فاطمة فأخبرها بذلك. فقالت: فهلا قلت له خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يرونهن فرجع فأخبره بذلك فقال له: «من علمك هذا» قال فاطمة. قال «إنها بضعة مني» رواه سعيد بن المسيب عن علي نحوه.

• حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين ثنا جدي أبو حصين ثنا يحيى الحماني ثنا قيس عن عبد الله بن عمران عن على ابن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي: أنه قال لفاطمة: ما خير للنساء؟ قالت لا يرين الرجال ولا يرونهن. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما فاطمة بضعة مني» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا عباس بن الوليد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا سعيد الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد. قال: قال علي: يا ابن أعبد ألا أخبرك عني وعن فاطمة، كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكرم أهله عليه، وكانت زوجتى فجرت بالرحا حتى أثرت الرحا بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، وأصابها من ذلك ضر.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد ابن الصباح ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري. قال: لقد طحنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مجلت

(1)

يدها، وربى أثر قطب الرحاء في يدها.

• حدثنا فاروق بن عبد الكبير الخطابي ثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا إبراهيم بن بشار ثنا سفيان بن عيينة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي:

أن فاطمة كانت حاملا، فكانت إذا خبزت أصاب حرف التنور بطنها. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما. فقال:«لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع، أولا أدلك على خير من ذلك؟ إذا أويت إلى فراشك تسبحين الله تعالى ثلاثا وثلاثين، وتحمدينه ثلاثا وثلاثين، وتكبرينه أربعا وثلاثين» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إبراهيم بن هاشم ثنا أمية ثنا يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن عمرو بن دينار قال قالت عائشة رضي الله تعالى

(1)

مجلت يدها: ثخن جلدها وتعجر وظهر فيها ما يشبه البثر حكاه فى النهاية.

ص: 41

عنها: ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها. قال: وكان بينهما شيء فقالت يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن الصباح ثنا على ابن هاشم عن كثير النواء عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا تنطلق بنا نعود فاطمة فإنها تشتكي؟» قلت بلى! قال فانطلقنا حتى إذا انتهينا إلى بابها فسلم واستأذن فقال: أدخل أنا ومن معي؟ قالت نعم! ومن معك يا أبتاه فو الله ما علي إلا عباءة، فقال لها «اصنعي بها كذا واصنعي بها كذا» فعلمها كيف تستتر. فقالت والله ما على رأسي من خمار.

قال: فأخذ خلق ملاءة كانت عليه فقال «اختمري بها» ثم أذنت لهما فدخلا فقال «كيف تجدينك يا بنية؟» قالت إني لوجعة وأنه ليزيد في أنه ما لي طعام آكله. قال «يا بنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين قالت تقول يا أبت فأين مريم ابنة عمران؟ قال تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك.

أما والله زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة» كذا رواه علي بن هاشم مرسلا ورواه ناصح أبو عبد الله عن سماك عن جابر بن سمرة متصلا.

• حدثناه محمد ابن أحمد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد المقرى ثنا أحمد بن يحيى الصوفي الكوفي ثنا إسماعيل بن أبان الوراق ثنا ناصح أبو عبد الله عن سماك عن جابر ابن سمرة. قال: جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فجلس فقال «إن فاطمة وجعة» فقال القوم لوعدناها؟ فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب - والباب عليها مصفق - قال فنادى شدي عليك ثيابك فإن القوم جاءوا يعودونك.

فقالت: يا نبي الله ما علي إلا عباءة. قال: فأخذ رداء فرمى به إليها من وراء الباب، فقال شدى بهذا رأسك، فدخل ودخل القوم فقعد ساعة فخرجوا، فقال القوم: تالله بنت نبينا صلى الله عليه وسلم على هذا الحال؟ قال فالتفت فقال: «أما إنها سيدة النساء يوم القيامة» .

ص: 42

بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، ودفنها علي ليلا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا سفيان عن عمرو عن أبي جعفر. قال: ما رأيت فاطمة ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوما أفترت بطرف نابها، قال ومكثت بعده ستة أشهر.

• حدثنا سليمان ابن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن فاطمة رضي الله عنها لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت، ودعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن فلبستها، ومست من الحنوط ثم أمرت عليا أن لا تكشف إذا قبضت، وأن تدرج كما هي في ثيابها. فقلت له هل علمت أحدا فعل ذلك؟ قال نعم! كثير ابن العباس، وكتب في أطراف أكفانه يشهد كثير بن عباس أن لا إله إلا الله.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا أبو العباس السراج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى المخزومي عن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر. وعن عمارة بن المهاجر عن أم جعفر: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة، فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل، فإذا مت أنا فاغسليني أنت وعلي ولا يدخل علي أحد، فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله تعالى عنهم.

‌عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومنهم الصديقة بنت الصديق، العتيقة بنت العتيق، حبيبة الحبيب، وأليفة القريب، سيد المرسلين محمد الخطيب، المبرأة من العيوب، المعراة من ارتياب القلوب، لرؤيتها جبريل رسول علام الغيوب، عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها

ص: 43

كانت للدنيا قالية، وعن سرورها لاهية، وعلى فقد أليفها باكية.

وقد قيل: إن التصوف معانقة الحنين، ومفارقة الأنين.

• حدثنا محمد بن معمر ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا جعفر بن عون ثنا مسعر بن كدام عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الضحى عن مسروق. قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله، المبرأة في كتاب الله.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن الصباح ثنا جرير عن الأعمش عن مسلم بن صبيح. قال: كان مسروق إذا حدث عن عائشة قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله.

• حدثنا عبد الله ابن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا زمعة قال سمعت ابن أبي مليكة يقول: سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة، فأرسلت جاريتها انظري ما صنعت، فجاءت فقالت قد قضت، فقالت: يرحمها الله والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبوها.

• حدثنا محمد بن حميد ثنا أحمد بن عيسى بن السكين ثنا عبد الله بن الحسين المصيصي ثنا أبو طاهر المقدسي ثنا الوليد بن محمد الموقري عن الزهري عن أنس. قال:

أول حب كان في الإسلام حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي ثنا محمد بن بشر المصري ثنا عثمان بن عبد الله ثنا مالك بن أنس عن هشام ابن عرورة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: قلت يا رسول الله كيف حبك لي؟ قال «كعقدة الحبل» فكنت أقول كيف العقدة يا رسول الله؟ قال فيقول: «هي على حالها» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا أبو عيسى موسى بن علي الختلي ثنا جابر بن سعيد ثنا محمد بن الحسن الفقيه عن يونس بن أبي إسحاق ثنا أبو إسحاق عن عريب بن حميد، قال: وقع رجل في عائشة فقال عمار: اسكت مقبوحا منبوحا، أتقع في حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لزوجته في الجنة.

ص: 44

محمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: ذهبت فاطمة تذكر عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا بنية حبيبة أبيك» .

• حدثنا أبو عمرو ابن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا الهيثم بن جناد ثنا يحيى - يعني ابن سليم - عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن أبي مليكة. قال: استأذن ابن عباس على عائشة فقالت لا حاجة لي بتزكيته، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: يا أمتاه إن ابن عباس من صالح بيتك جاء يعودك، قالت فأذن له فدخل عليها فقال يا أمه أبشرى فو الله ما بينك وبين أن تلقي محمدا والأحبة إلا أن يفارق روحك جسدك، كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب إلا طيبا، قالت أيضا؟ قال: هلكت قلادتك بالأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقطها فلم يجدوا ماء، فأنزل الله عز وجل {(فتيمموا صعيدا طيبا)} فكان ذلك بسببك وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة، وكان من أمر مسطح ما كان فأنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماواته فليس مسجد يذكر الله فيه إلا وشأنك يتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار. فقالت: يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك فو الله لوددت أنى كنت نسيا منسيا. ورواه بشر بن المعضل بن خثيم عن ابن أبي مليكة أن ذكوان حدثه مثله ورواه يحيى بن سعيد القطان عن عمر بن سعيد عن أبي مليكة قال استأذن ابن عباس فذكر مثله. وذكر حسين ابن علي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عثمان عن ابن أبي مليكة قال استأذن ابن عباس فذكر نحوه.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة. قال: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: يا ليتني كنت نسيا منسيا - أي حيضة.

ص: 45

وسلم يخصف نعله وكنت أغزل، قالت فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا، قالت فبهت قالت فنظر إلي فقال:«مالك بهت؟» فقلت يا رسول الله نظرت إليك فجعل جبينك يعرق وجعل عرقك يتولد نورا فلو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره، قال:«وما يقول يا عائشة أبو كبير الهذلى؟» فقالت يقول:

ومبرئ من كل غبر

(1)

حيضة

وفساد مرضعة وداء مغيل

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه

برقت كبرق العارض المتهلل

قالت فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان في يده وقام إلي فقبل ما بين عيني وقال: «جزاك الله يا عائشة خيرا ما سررت مني كسروري منك» .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى الحميدي ثنا سفيان بن عيينة عن مجالد الشعبي عن أبي سلمة عن عائشة. قالت: رأيتك يا رسول الله واضعا يدك على معرفة فرس وأنت قائم تكلم دحية الكلبي. قال «أو قد رأيته؟» قالت نعم!: قال: «فانه جبريل وهو يقرئك السلام» قالت وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيرا من زائر ومن دخيل فنعم الصاحب ونعم الدخيل. رواه أبو بكر عياش عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ورواه الزهري عن أبي سلمة عن عائشة نحوه.

• حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا إسماعيل بن محمد المزني ثنا أبو نعيم ثنا زكريا بن أبي زائدة قال سمعت عامرا الشعبي يقول حدثني أبو سلمة أن عائشة حدثته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «إن جبريل يقرئك السلام» قالت وعليه السلام ورحمة الله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني سفيان بن وكيع ثنا سفيان بن عيينة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: ما شبعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم من طعام إلا ولو شئت أن أبكي لبكيت، ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم حتى قبض.

• حدثنا العباس بن أحمد بن هاشم الكناني ثنا الحسين بن جعفر القتات

(1)

الغبر بتشديد الباء: بقية الشئ

ص: 46

ثنا عبد الحميد بن صالح ثنا ابن المبارك وأبو معاوية عن مسعر عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت:

إنكم تدعون أفضل العبادة التواضع.

• حدثنا محمد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا بكر بن بكار ثنا عبد الله بن عون عن القاسم بن محمد قال: كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها تصوم تصوم حتى يذلقها الصوم

(1)

.

• حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي أخبرنا علي بن عبد الله المديني ثنا محمد بن حازم ثنا هشام بن عروة عن ابن المنكدر عن أم ذرة - وكانت تغشى عائشة - قالت: بعث اليها بمال فى غرارتين، قالت أراه ثمانين أو مائة ألف، فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم. فلما أمست قالت: يا جارية هلمي فطري، فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم ذرة أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا لحما بدرهم نفطر عليه. قالت لا تعنفيني لو كنت ذكرتيني لفعلت.

• حدثناه محمد بن عبد الله الكاتب ثنا الحسن بن علي الطوسي ثنا محمد بن عبد الكريم الهيثم بن عدي عن هشام مثله

• وحدثنا محمد بن على ثنا محمد ابن الحسن بن قتيبة ثنا محمد بن عبد الله الخلنجي ثنا مالك بن سعيد ثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة. قال: لقد رأيت عائشة رضي الله تعالى عنها تقسم سبعين ألفا، وإنها لترقع جيب درعها.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا أبو الأشعث العجلي ثنا محمد بن بكر عن هشام بن حسان عن هشام بن عروة عن أبيه: أن معاوية بعث إلى عائشة رضي الله تعالى عنها بمائة ألف، فو الله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرقتها.

قالت مولاة لها: لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهم لحما. فقالت: لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ثنا الحسن بن محمد ثنا أبو زرعة الرازي ثنا يوسف بن يعقوب ثنا أيوب بن سويد ثنا عبد الله بن شوذب

(1)

كذا فى الأصل تصوم تصوم ونص النهاية: انها كانت تصوم فى السفر حتى أذلقها الصوم أى جهدها وأذابها يقال اذلقه الصوم وذلقه أى ضعفه.

ص: 47

عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنها باعت مالها بمائة ألف فقسمته، ثم أفطرت على خبز الشعير فقالت لها مولاة لها: ألا كنت أبقيت لنا من ذا المال درهما نشتري به لحما فتأكلين ونأكل معك؟ قالت: أفهلا ذكرتيني.

• حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا أحمد بن سعيد ثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب أن يحيى بن سعيد كتب إليه يحدث عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: أهدى معاوية لعائشة ثيابا وورقا وأشياء توضع فى أسطوانها

(1)

فلما خرجت عائشة نظرت إليه فبكت ثم قالت: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يجد هذا، ثم فرقته ولم يبق منه شيء وعندها ضيف، فلما أفطرت - وكانت نصوم من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطرت على خبز وزيت، فقالت المرأة يا أم المؤمنين لو أمرت بدرهم من الذي أهدي لك فاشتري لنا به لحم فأكلناه. فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كلى فو الله ما بقي عندنا منه شيء قال عبد الرحمن أهدى لها سلال من عنب فقسمته، ورفعت الجارية سلة ولم تعلم بها عائشة، فلما كان الليل جاءت به الجارية فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما هذا؟ قالت يا سيدتي - أو يا أم المؤمنين - رفعت لنأكله، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فلا عنقودا واحدا، والله لا أكلت منه شيئا.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا عارم أبو النعمان ثنا حماد بن زيد عن شعيب بن الحبحاب عن أبي سعيد - وكان رضيعا لعائشة - قال: دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها وهي تخيط نقبة لها. قلت: يا أم المؤمنين أليس قد أوسع الله عز وجل؟ قالت: لا جديد لمن لا خلق له.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى: حدثني من سمع عائشة تقرأ في الصلاة: {(فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم)} فتقول من علي وقني عذاب السموم. قال

• وحدثني من سمع عائشة رضى الله تعالى

(1)

الاسطوانة بالضم السارية معرب استون

ص: 48

عنها تقرأ {(وقرن في بيوتكن)} فتبكي حتى تبل خمارها.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا روح بن عبادة ثنا حاتم بن أبي صغيرة ثنا عبد الله بن أبي مليكة أن عائشة بنت طلحة حدثته: أن عائشة قتلت جانا، فأريت فيما يرى النائم وقيل لها والله لقد قتلته مسلما، فقالت لو كان مسلما ما دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. فقيل لها وهل كان يدخل عليك إلا وعليك ثيابك. فأصبحت وهي فزعة فأمرت باثني عشر ألفا فجعلتها في سبيل الله عز وجل.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن مسعود ثنا محمد بن كثير ثنا الأوزاعي عن الزهري أخبرني عوف بن الحارث بن الطفيل - وهو ابن أخي عائشة لأمها -: أن عائشة باعت رباعها، فقال ابن الزبير لأحجرن عليها فقالت عائشة رضي الله عنها: لله علي أن لا أكلم ابن الزبير حتى أفارق الدنيا، فطالت هجرتها فاستشفع ابن الزبير بكل أحد فأبت أن تكلمه فقالت: والله لا آثم فيه أبدا، فلما طالت هجرتها كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود عائشة فدخلوا عليها معهم ابن الزبير فاعتنقها ابن الزبير فبكى وبكت عائشة رضي الله تعالى عنها بكاء كثيرا، وناشدها ابن الزبير الله والرحم فلما أكثروا عليها كلمته، ثم بعثت إلى اليمن فابتيع لها أربعين رقبة فأعتقتها. قال: عوف: ثم سمعت بعد ذلك تذكر نذورها ذلك فتبكى حتى تبل دموعها خمارها.

• حدثنا عبد الملك بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا محمد بن عبيد بن حساب ثنا حماد ابن زيد ثنا هشام بن عروة: أن معاوية اشترى من عائشة بيتا بمائة ألف بعث بها إليها، فما أمست وعندها منه درهم وأفطرت على خبز وزيت، وقالت لها مولاة لها: يا أم المؤمنين لو كنت اشتريت لنا بدرهم لحما، قالت، فهلا ذكرتيني - أو قالت لو كنت ذكرتينى - لفعلت.

ص: 49

ولا بنسب؛ من عائشة رضي الله تعالى عنها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الله بن معاوية الزبيري ثنا هشام بن عروة قال: كان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك أقول زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول ابنة أبي بكر - وكان أعلم الناس - ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو، ومن أين هو، وما هو؟ قال فضربت على منكبي ثم قالت:

أي عرية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم في آخر عمره، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له، فكنت أعالجه، فمن ثم.

‌حفصة بنت عمر

ومنهن القوامة الصوامة، المزرية بنفسها اللوامة، حفصة بنت عمر بن الخطاب، وارثة الصحيفة الجامعة للكتاب، رضي الله تعالى عنها.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يونس بن محمد وعفان: وحدثنا محمد بن يحيى بن الحسن ثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب ثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي قالوا ثنا حماد بن سلمة ثنا أبو عمران الجوني عن قيس بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر، فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت فقالت والله ما طلقني عن شبع، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فتجلببت. فقال:«قال لي جبريل راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبدان بن أحمد ثنا المنذر بن الوليد الجارودي ثنا أبي ثنا الحسن بن أبي جعفر عن عاصم عن زر عن عمار بن ياسر. قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق حفصة، فجاء جبريل فقال لا تطلقها فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك فى الجنة.

ص: 50

رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر فبلغ ذلك عمر فوضع التراب على رأسه وجعل يقول: ما يعبأ الله بعمر بعد هذا، قال فنزل جبريل من الغد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله تعالى يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنى محمد ابن عبد الله بن نمير ثنا يونس بن بكير ثنا الأعمش عن أبي صالح عن ابن عمر قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي فقال ما يبكيك؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد أخبرنا عمارة بن غزية عن ابن شهاب عن خارجة بن يزيد ابن ثابت عن أبيه. قال: لما أمرني أبو بكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر رضي الله عنه كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده، فلما هلك عمر رضي الله تعالى عنه كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها فسألها أن تعطيه الصحيفة وحلف ليردنها إليها فأعطته فعرض المصحف عليها فردها إليها وطابت نفسه وأمر الناس فكتبوا المصاحف فلما ماتت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر بالصحيفة بعزمة فأعطاهم إياها فغسلت غسلا.

‌زينب بنت جحش

ومنهن الخاشعة الراضية، الأواهة الداعية، زينب بنت جحش رضى الله تعالى عنها.

ص: 51

رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم؟» قالت ومن هو يا رسول الله؟ قال: «زيد بن حارثة» قالت فغضبت حمنة غضبا شديدا فقالت: يا رسول الله أتزوج ابنة عمتك مولاك؟ قالت: وجاءتنى فأعلمتنى فغضبت أشد غضبها فقلت أشد من قولها فأنزل الله عز وجل {(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا)} الآية. قالت: فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني أستغفر الله وأطيع الله ورسوله افعل يا رسول الله ما رأيت، فزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فكنت أزرأ عليه فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاتبني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عدت فأخذته بلساني فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{(أمسك عليك زوجك واتق الله)} .

فقيل: أنا أطلقها قالت فطلقني فلما انقضت عدتي لم أعلم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل علي بيتي وأنا مكشوفة الشعر فعلمت أنه أمر من السماء فقلت يا رسول الله بلا خطبة ولا إشهاد؟ فقال: «الله زوج وجبريل الشاهد» .

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا عيسى بن طهمان قال سمعت مالك بن أنس يقول: كانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: تقول إن الله تعالى زوجني من السماء، وأطعم عليها خبزا ولحما.

ص: 52

رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليها بغير إذن.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق. وحدثنا محمد بن على ثنا الحسين ابن محمد بن حماد ثنا سلمة بن شبيب - واللفظ له - أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله تعالى بالورع ولم أر امرأة أكثر خيرا وأكبر صدقة وأوصل للرحم وأبذل لنفسها في كل شيء يتقرب به إلى الله تعالى من زينب ما عدا سورة من حدة كانت فيها يوشك منها الغبة

(1)

.

• حدثنا محمد بن أحمد بن موسى الخطمي ثنا عباس بن محمد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب الزهري حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم تساويني من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين وأتقى الله عز وجل وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب إلى الله عز وجل ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا محمد بن يونس ثنا روح بن عبادة ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن شداد عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رهط من المهاجرين يقسم ما أفاء الله عليه، فبعثت إليه امرأة من نسائه وما منهم إلا ذا قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما عم أزواجه عطيته قالت زينب بنت جحش: يا رسول الله ما من نسائك امرأة إلا وهي تنظر إلى أخيها أو أبيها أو ذي قرابتها عندك فاذكرني من أجل الذي زوجنيك، فأحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم قولها وبلغ منه كل مبلغ فانتهرها عمر، فقالت اعرض عنى يا عمر فو الله لو كانت بنتك ما رضيت

(1)

الغبة كذا فى الأصل ولعلها الفيئة كالرواية التالية.

ص: 53

بهذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اعرض عنها يا عمر فانها أواهة» فقال رجل يا رسول الله ما الأواه؟ قال «الخاشع الدعاء المتضرع» ثم قرأ {(إن إبراهيم لأواه حليم)} .

• حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن كيسان ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا علي بن عبد الله المديني ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثنا محمد بن عمرو حدثني يزيد بن خصيفة عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة على أخته برة بنت وافع قالت: لما خرج العطاء بعث عمر بن الخطاب إلى زينب بنت جحش بعطائها، فأتيت به ونحن عندها قالت ما هذا؟ قالت أرسل به إليك عمر قالت غفر الله له والله لغيري من أخواتي كانت أقوى على قسم هذا مني، قالوا:

إن هذا لك كله، قالت سبحان الله فجعلت تستر بينها وبينه بجلبابها - أو بثوبها - ضعوه اطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت اقبض اذهب إلى فلان من أهل رحمها وأيتامها حتى بقيت بقية تحت الثوب قالت فأخذنا ما تحت الثوب فوجدناه بضعة وثمانين درهما، ثم رفعت بديها ثم قالت اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا أبدا، فكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عباس بن الفضل الاسقاطى ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: «أو لكن تتبعني أطولكن يدا» فكنا إذا اجتمعنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الحائط نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بطول اليد الصدقة، وكانت امرأة صناعا كانت تعمل بيديها وتتصدق به في سبيل الله عز وجل.

‌صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم

ومنهن التقية الزاكية، ذات العين الباكية، صفية الصافية، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 54

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت لها إنك بنت يهودي، فبكت فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال «ما شأنك؟» قالت قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«إنك لبنت نبى وإن عمك لنبى وإنك لتحت نبي فبم تفخر عليك» ثم قال: «اتق الله يا حفصة» .

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا علي بن إسحاق ثنا حسين المروزي ثنا عبد العزيز بن أبي عثمان ثنا موسى بن عبيدة الربذى عن عبد الله ابن عبيدة: أن نفرا اجتمعوا في حجرة صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا الله وتلوا القرآن وسجدوا فنادتهم صفية: هذا السجود وتلاوة القرآن فأين البكاء.

‌أسماء بنت الصديق

ومنهن الصادقة الذاكرة، الصابرة الشاكرة، أسماء بنت الصديق الشاقة نطاقها، لمعصم قربة النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد حنبل حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: دخلت على أسماء وهي تصلي فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية {(فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم)} فاستعاذت فقمت وهي تستعيذ، فلما طال علي أتيت السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى المدينة صنعت سفرته في بيت أبي بكر فقال أبو بكر ابغينى معلاقا لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصاما لقربته، فقلت ما اجد الانطاقى، قال فهاتيه قالت فقطعته باثنين فجعل إحداهما للسفرة والأخرى للقربة فلذلك سميت ذات النطاقين.

ص: 55

ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله معه - خمسة آلاف أو ستة آلاف - درهم فانطلق بها معه، قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة - وقد ذهب بصره -. فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه؟ قالت قلت كلا يا أبة إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا، قالت فاخذت أحجارا فوضعتها فى كوة في البيت كان أبي يضع فيها ماله ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت ضع يدك يا أبت على هذا المال قال فوضع يده فقال لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن ففى هذا لكم بلاغ، قالت ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك.

قال ابن إسحاق: وحدثت عن أسماء قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ قالت قلت لا أدري والله أين أبي قالت فرفع أبو جهل يده - وكان فاحشا خبيثا - فلطم خدى لطمة خر منها قرطي، قالت ثم انصرفوا.

• حدثنا محمد بن علي ثنا الحسين بن مودود ثنا إبراهيم ابن سعيد الجوهري ثنا أبو أسامة ثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل ابن الزبير بعشر ليال وانها وجعة.

فقال عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت وجعة؛ قال إن في الموت لعافية، قالت لعلك تشتهى موتى فلذلك تمناه فلا تفعل. فالتفت إلى عبد الله فضحكت وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما أن تقتل فأحتسبك. وإما أن تظفر فتقر عيني عليك، وإياك أن تعرض خطة فلا توافق فتقبلها كراهية الموت، وإنما عنى ابن الزبير أن يقتل فيحزنها ذلك وكانت ابنة مائة سنة.

ص: 56

أني لا أموت حتى يدفع إلي فأغسله وأحنطه وأكفنه ثم أدفنه، فلم يلبثوا أن جاء كتاب عبد الملك أن يدفع إلى أهله، فأتي به أسماء فغسلته وطيبته ثم حنطته ثم دفنته قال أيوب فحسبت قال فعاشت بعد ذلك ثلاثة أيام.

• حدثنا سليمان ابن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا داود بن عمرو الضبي ثنا إسماعيل بن زكريا عن يزيد بن أبي زياد عن قيس بن الأحنف الثقفي عن القاسم بن محمد قال:

جاءت أسماء بنت أبي بكر مع جوار لها وقد ذهب بصرها فقالت أين الحجاج؟ قلنا ليس هاهنا قالت فمروه فليأمر لنا بهذه العظام فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة، قلنا إذا جاء قلنا له قالت إذا جاء فأخبروه أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «إن في ثقيف كذابا ومبيرا» .

‌الرميصاء أم سليم

ومنهن الرميصاء أم سليم المستسلمة لحكم المحبوب، الطاعنة بالخناجر في الوقائع والحروب.

وقد قيل: إن التصوف مفارقة الدعة والاختيار، ومعانقة الدعة حين البلوى والاختيار.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس ثنا أبو داود. وحدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص ثنا عاصم بن علي قال ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن محمد بن المنكدر عن جابر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا برميصاء امرأة أبي طلحة» .

ص: 57

تر آل فلان استعاروا عارية فتمتعوا بها فلما طلبت منهم شق عليهم، قال ما انصفوا. قالت: فان ابنك كان عارية من الله عز وجل وإن الله تعالى قد قبضه، فحمد الله واسترجع ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أبا طلحة بارك الله لكما في ليلتكما» فحملت بعبد الله بن أبي طلحة.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص ثنا عاصم ابن علي ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس. قال: كان لأبي طلحة ابن من أم سليم فمات فقالت لأهلها لا تخبروا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، قال فجاء فقربت إليه عشاءه وشرابه فأكل وشرب قال ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع له قبل ذلك، فلما شبع وروى وقع بها فلما عرفت أنه قد شبع وروي وقضى حاجته منها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن أهل بيت أعاروا عاريتهم أهل بيت آخرين فطلبوا عاريتهم ألهم أن يحبسوا عاريتهم؟ قال لا، قالت فاحتسب ابنك. قال: فغضب ثم قال: تركتيني حتى تلطخت بما تلطخت به، ثم تحدثيني بموت ابني! فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

يا نبي الله ألم تر إلى أم سليم صنعت كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بارك الله لكما فى غابر ليلتكما» قال فتلقيت تلك الليلة فحملت بعبد الله ابن أبي طلحة.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى المخزومي الفطري عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك. قال: ولدت أم سليم غلاما فاشتكى فاشتد شكواه ثم توفي وأبو طلحة عند النبي صلى الله عليه وسلم فانصرف من عنده حين صلى المغرب وقد لفته أم سليم فجعلته في ناحية من بيتها، فهوى إليه أبو طلحة فقالت:

عزمت عليك بحقي أن لا تقربه فإنه لم يكن منذ اشتكى خيرا منه الليلة، فقربت إليه فطره وأفطر ثم أخذت طيبا فأصابته، ثم دنت إلى أبى طلحة فأصابها فقالت:

ص: 58

حين أصبح فأخبره الخبر فقال: «اللهم بارك لهما فى ليلتهما» فحملت بعبد الله ابن أبي طلحة.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن سعيد الرازي ثنا محمد بن مسلم بن وارة ثنا محمد بن سعيد بن سابق ثنا عمرو بن أبي قيس عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن أم سليم قالت: توفي ابن لى وزوجى غائب، فقمت فسجيته في ناحية من البيت فقدم زوجي فقمت فتطيبت له فوقع علي ثم أتيته بطعام فجعل يأكل، فقلت: ألا أعجبك من جيراننا؟ قال وما لهم قلت أعيروا عارية فلما طلبت منهم جزعوا، فقال: بئس ما صنعوا. فقلت: هذا ابنك فقال: لا جرم لا تغلبيني عن الصبر الليلة، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:«اللهم بارك لهم في ليلتهم» فلقد رأيت لهم بعد ذلك في المسجد سبعة كلهم قد قرءوا القرآن.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا محمد ابن موسى المخزومي الفطري عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك. قال: تزوج أبو طلحة أم سليم وكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل طلحة فخطبها فقالت أنى أسلمت فان أسلمت نكحتك، فأسلم فكان صداق ما بينهما الإسلام.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم، فقالت: أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره، فأسلم أبو طلحة فتزوجها.

• حدثنا عبد الله جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا سليمان بن المغيرة - وحماد بن سلمة وجعفر بن سليمان كلهم عن ثابت البناني عن أنس، قال أبو داود وحدثناه شيخ سمعه من النضر بن أنس - وقد دخل حديث بعضهم في بعض - قال: جاء أبو طلحة فخطب أم سليم وكلمها ذلك فقالت:

يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة لا تصلح لي أن أتزوجك. فقال: ما ذاك دهرك قالت وما دهرى

(1)

قال الصفراء والبيضاء

(1)

كذا فى الأصل ولعلها: ما ذاك مهرك.

ص: 59

قالت فانى لا أريد صفراء ولا بيضاء أريد منك الإسلام. قال: فمن لي بذلك؟ قالت لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، فلما رآه قال:

«جاءكم أبو طلحة غرة الإسلام بين عينيه» فجاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قالت أم سليم فتزوجها على ذلك. قال: ثابت فما بلغنا أن مهرا كان أعظم منه، إنها رضيت بالإسلام مهرا فتزوجها، وكانت امرأة مليحة العينين فيها صفر.

• حدثنا محمد بن علي ثنا الحسين بن محمد الجرانى ثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد عن ثابت وإسماعيل بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس: أن أبا طلحة خطب أم سليم. فقالت: يا أبا طلحة ألست تعلم أن إلهك الذى تعبد خشبة ينبث من الأرض نجرها حبشي بني فلان؟ قال بلى! قالت أفلا تستحي أن تعبد خشبة من نبات الأرض نجرها حبشي بني فلان، إن أنت أسلمت لم أرد منك من الصداق غيره، قال لا حتى أنظر في أمرى.

تذهب ثم جاء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قالت يا أنس زوج أبا طلحة.

• حدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم الكشي ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد عن ثابت عن أنس: أن أم سليم كانت مع أبي طلحة يوم حنين ومعها خنجر، فقال لها أبو طلحة ما هذا يا أم سليم؟ قالت اتخذته إن دنا مني بعض المشركين بعجته به، فقال أبو طلحة يا رسول الله أما تسمع ما تقول أم سليم، تقول كذا وكذا. قال:«يا أم سليم إن الله عز وجل قد كفى وأحسن» .

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس. قال: رأى أبو طلحة يوم حنين على أم سليم خنجرا، فقال ما تصنعين بهذا؟ قالت أريد إن دنا أحد من المشركين أن أبعج بطنه. فذكر ذلك أبو طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «يا أم سليم إن الله تعالى قد كفى وأحسن» .

ص: 60

جعفر بن مهران ثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس بن مالك، قال: لما كان يوم أحد رأيت عائشة وأم سليم وإنهما مشمرتان أرى خدم سوقهما ينقلان القرب على متونهما ثم تفرغانها في أفواه القوم، وترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغان في أفواه القوم.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا يحيى بن محمد بن السكن ثنا حيان ثنا همام ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له.

فقال: «إني أرحمها قتل أخوها معي» .

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص ثنا عاصم بن على ثنا سليمان ابن المغيرة عن ثابت عن أنس. قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال - أي نام القيلولة عندنا - فعرق وجاءت أم سليم بقارورة تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم. فقال:«يا أم سليم ما الذي تصنعين؟» قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب.

‌أم حرام بنت ملحان

ومنهن حميدة البر، شهيدة البحر، التواقة إلى مشاهدة الجنان، أم حرام بنت ملحان.

وقد قيل: إن التصوف البذل والإيثار، والتشرف بخدمة الاخيار.

ص: 61

منهم، فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك؟ فقلت ما يضحكك يا رسول الله؟ قال «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله عز وجل» كما قال في الأولى. قالت: فقلت ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، قال أنت مع الأولين. قال: فركبت البحر فى زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فماتت.

• حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا محمد بن يحيى المروزى ثنا حماد بن زيد ثنا يحيى بن سعد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس بن مالك عن أم حرام.

قالت: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال - أى نام - وقت القيلولة عندنا فاستيقظ وهو يضحك، فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أضحكك؟ قال:«رأيت قوما من أمتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرة» قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال فتزوجها عبادة بن الصامت فركب البحر وركبت معه، فلما قدمت إليها البغلة وقعت فاندقت عنقها. رواه الثورى وحماد ابن سلمة والليث بن سعد وعبد الوارث. ورواه إسماعيل بن جعفر وزائدة عن أبي طوالة عن أنس بن مالك. وروى حسين الجعفي عن زائدة عن المختار ابن فلفل عن أنس وتفرد به.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا هشام بن عمار ثنا يحيى ابن حمزة ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود العنسي أنه حدثه:

أنه أتى عبادة بن الصامت وهو بساحل حمص وهو في بناء له ومعه امرأته أم حرام. قال: عمير: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا» قالت أم حرام يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم» قال ثور: سمعتها تحدث به وهي في البحر.

وقال هشام رأيت قبرها ووقفت عليه بالساحل بقاقيس.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو كريب ثنا ثنا الحسين بن علي الجعفي عن هشام بن الغاز. قال: قبر أم حرام بنت ملحان بقبرس، وهم يقولون هذا قبر المرأة الصالحة.

ص: 62

‌أم ورقة الانصارية

ومنهن الشهيدة القارءة، أم ورقة الأنصارية. كانت تؤم المؤمنات المهاجرات، ويزورها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحايين والأوقات.

• حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ثنا أبو نعيم ثنا الوليد بن جميع حدثتني جدتي عن أمها أم ورقة بنت عبد الله ابن الحارث الأنصاري -: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها يسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غزا بدرا قالت له ائذن لى فاخرج معك وأداوى جرحا كم وأمرض مرضاكم لعل الله يهدي إلي الشهادة. قال «إن الله عز وجل مهد لك الشهادة» - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها حتى عدا عليها جارية وغلام لها كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة عمر رضي الله تعالى عنه. فقيل له إن أم ورقة قد قتلها غلامها وجاريتها، فقال عمر رضي الله تعالى عنه:

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول «انطلقوا فزوروا الشهيدة» رواه وكيع وعبد الله بن جميع مثله.

‌أم سليط الأنصارية

ومنهن أم سليط الأنصارية، الكادحة الغازية. شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا، وكدحت فلم تخف دون الله أحدا.

ص: 63

سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ترفو لنا القرب يوم أحد.

‌خولة بنت قيس

ومنهن المرأة الصالحة، خولة بنت قيس الناصحة.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا أبو معشر عن سعيد - يغنى المقبري - عن عبيد سنوطا. قال: دخلنا على خولة بنت قيس التي كانت عند حمزة، فقلنا يا أم محمد حدثينا فقال زوجها:

يا أم محمد انظري ما تحدثين فإن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير ثبت شديد. قالت بئس! ما لي أن أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينفعكم فأكذب عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«الدنيا حلوة خضرة من يأخذ مالا بحله يبارك له فيه، ورب متخوض في مال الله عز وجل ومال رسوله فيما شاءت نفسه له النار يوم القيامة» رواه الليث بن سعد عن عمر بن كثير بن أفلح عن عبيد سنوطا مثله.

‌أم عمارة

ومنهن أم عمارة المبايعة بالعقبة، المحاربة عن الرجال والشيبة. كانت ذات جد واجتهاد، وصوم ونسك واعتماد.

ص: 64

نسيبة مع المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه في الردة، فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله تعالى مسيلمة ورجعت وبها عشر جراحات بين طعنة وضربة. قال: ابن إسحاق:

حدثني هذا الحديث عنها محمد بن يحيى بن حبان ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا محمد بن يوسف التركي حدثني علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن حبيب بن زيد. قال: سمعت مولاة لنا يقال لها ليلى تحدث عن جدته أم عمارة بنت كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعت له بطعام. فدعاها لتأكل فقالت إني صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الصائم إذا أكل عنده صبت عليه الملائكة حتى يفرغوا» رواه شريك عن حبيب نحوه.

‌الحولاء بنت تويت

(1)

ومنهن الحولاء بنت تويت القانتة، المهاجرة المتهجدة الثابتة.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عثمان بن عمر ثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن الحولاء مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هذه الحولاء وزعموا أنها لا تنام الليل. فقال «لا تنام الليل؟ خذوا من العمل ما تطيقون فو الله لا يسأم الله حتى تسأموا» .

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كانت عندي امرأة فلما قامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من هذه يا عائشة؟» فقلت يا رسول الله أما تعرفها هذه فلانة لا تنام الليل وهى

(1)

فى الأصل بالخاء المعجمة فى سائر الترجمة والتصحيح عن الاصابة، وتويت (بمثناتين مصغرا). ابن حبيب بن اسد القرشية الأسدية.

ص: 65

أعبد أهل المدينة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مه مه» ثم قال:

«عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل» .

‌أم شريك الأسدية

ومنهن أم شريك الأسدية، ذات الأحوال المرضية، والآيات المكرمة السنية.

• حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فرح ثنا أبو عمر المقرى ثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: وقع في قلب أم شريك الإسلام فأسلمت وهي بمكة، وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤي، وكانت تحت أبي العسكر

(1)

الدوسي فأسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ولكنا سنردك إليهم. قالت فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره ثم تركونى ثلاثا لا يطعموننى ولا يسقونى، قالت فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، قالت فنزلوا منزلا وكانوا إذا نزلوا منزلا أوثقوني في الشمس واستظلوا هم منها وحبسوا عني الطعام والشراب، فلا تزال تلك حالي حتى يرتحلوا. قالت فبينما هم قد نزلوا منزلا وأوثقوني في الشمس واستظلوا منها إذا أنا بأبرد شيء على صدري، فتناولته فإذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ثم نزع فرفع، ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع، ثم عاد أيضا فتناولته فشربت منه قليلا ثم رفع، قالت فصنع بي مرارا ثم تركت فشربت حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي. فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة، قالوا لي أتحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ قلت لا والله ما فعلت ولكنه كان من الأمر كذا وكذا، قالوا لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا. فلما

(1)

فى الأصل: العكر والتصحيح عن الإصابة فى ترجمة أم شريك هذه. وفى كونه زوجها أو أبيها أو ابنها اختلاف.

ص: 66

نظروا إلى أسقيتهم وجدوها كما تركوها فأسلموا عند ذلك، وأقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها.

‌أم أيمن

ومنهن أم أيمن المهاجرة الماشية، الصائمة الطاوية، الناحبة الباكية، سقيت من غير راوية، شربة سماوية كانت لها شافية كافية.

• حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني ثنا أمية بن محمد الباهلى ثنا محمد ابن يحيى الأزدي ثنا روح بن عبادة ثنا هشام بن حسان عن عثمان بن القاسم.

قال: خرجت أم أيمن مهاجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وهى ماشية ليس معها زاد، وهي صائمة في يوم شديد الحر، فأصابها عطش شديد حتى كادت أن تموت من شدة العطش، قال وهي بالروحاء - أو قريبا منها - فلما غامت الشمس قالت إذ أنا بحفيف

(1)

شيء فوق رأسى، فرفعت رأسى فاذا أنا بدلو من السماء مدلى برشاء أبيض، قالت فدنا مني حتى إذا كان حيث استمكن منه تناولته فشربت منه حتى رويت، قالت فلقد كنت بعد ذلك اليوم الحار أطوف في الشمس كي أعطش وما عطشت بعدها.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا إسحاق بن بهلول ثنا شبابة بن سوار ثنا عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن أم أيمن قالت: بات رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فقام من الليل فبال في فخارة، فقمت وأنا عطشى لم أشعر ما في الفخارة فشربت ما فيها، فلما أصبحنا قال لى «يا أم أيمن أهريقي ما في الفخارة» قلت والذي بعثك بالحق شربت ما فيها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال:«أما إنه لا يتجعن بطنك بعده أبدا» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص ثنا أبى ثنا

(1)

الحفيف دوى (صوت) جرى الفرس وكذلك جناح الطائر. عن هامش الاصل

ص: 67

ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أخبرني بكر بن سوادة عن حنش بن عبد الله حدثه عن أم أيمن: أنها غربلت دقيقا فصنعته للنبي صلى الله عليه وسلم رغيفا، فقال «ما هذا؟» فقالت طعام يصنع هاهنا فأحببت أن أصنع لك منه رغيفا فقال «رديه فيه ثم اعجنيه» .

• حدثنا محمد بن علي ثنا الحسين بن محمد بن حماد ثنا عبد القدوس بن محمد حدثني عمرو بن عاصم ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس. قال: ذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن يزورها فقربت له طعاما - أو شرابا فإما إن كان صائما وإما لم يرده، فجعلت تخاصمه أي كل، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر: من بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما رأتهما بكت فقالا لها ما يبكيك؟ فقالت ما أبكي إني لأعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار إلى خير مما كان فيه، ولكني أبكي لخبر السماء انقطع عنا. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت أم أيمن - وهي أم أسامة بن زيد - فقيل لها ما يبكيك؟ قالت انقطع عنا خبر السماء.

‌يسيرة

ومنهن يسيرة المهاجرة، المسبحة المهللة الذاكرة.

• حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ثنا أبو حصين ثنا يحيى الحماني. وحدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي. قالا: ثنا محمد بن بشر ثنا هانئ بن عثمان عن أمه حميصة عن جدتها يسيرة - وكانت إحدى المهاجرات - قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المؤمنين عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، واعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات ومسئولات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة» .

ص: 68

‌زينب الثقفية

ومنهن المتصدقة المصلية، زينب الثقفية، المتخلية من حليها، المتقربة به إلى وليها.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الصبح يوما فأتى النساء فوقف عليهن فقال: «يا معشر النساء إني قد رأيت أنكن أكثر أهل النار، فتقربن إلى الله عز وجل بما استطعتن» . وكانت فى النساء امرأة عبد الله بن مسعود، فانقلبت إلى ابن مسعود فأخبرته بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت حليا لها، فقال لها ابن مسعود أين تذهبين بهذا الحلي، فقالت أتقرب به إلى الله ورسوله لعل الله لا يجعلني من أهل النار. فقال: هلمي تصدقي به علي وعلى ولدي فأنا له موضع.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا حماد بن سلمة ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عبد الله بن عبد الله الثقفي عن أخته ليطة -: وكانت امرأة عبد الله بن مسعود، وكانت صناعا تبيع من صناعتها - فقالت لعبد الله: والله إنك شغلتني أنت وولدك عن الصدقة في سبيل الله، فسل النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان لي في ذلك أجر وإلا تصدقت في سبيل الله. فقال ابن مسعود: وما أحب أن تفعلي إن لم يكن لك في ذلك أجر، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«اتفقى عليهم فإن لك أجر ما أنفقت عليهم» .

ص: 69

وأختى أيتام؟ وكان عبد الله خفيف ذات اليد - فقال سلي عن ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت زينب فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا امرأة من الأنصار يقال لها زينب جاءت تسأل عما جئت أسأل عنه، فخرج إلينا بلال فقلنا سل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تخبره من نحن، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فذكر ذلك له فقال:«أخبرهما أن لهما أجرين، أجر القرابة وأجر الصدقة» .

‌مارية

ومنهن خادمة الرسول مارية، المجاهدة المطاطية.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا حفص بن عمر بن الصباح ثنا معلى بن أسد ثنا محمد بن عمران عن عبد الله بن حبيب عن أم سليمان عن أمها عن مارية.

قالت: تطأطأت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين صعد حائطا فرمى المشركين.

‌عميرة بنت مسعود وأخواتها

ومنهن عميرة بنت مسعود وأخواتها.

• حدثنا محمد بن علي ثنا الحسين بن حماد ثنا هلال بن بشير ثنا إسحاق بن إدريس الأحول ثنا إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة أخبرنى جعفر ابن محمود أن جدته عميرة بنت مسعود حدثته: أنها دخلت هي وأخواتها وهن خمس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعنه، ووجدنه يأكل قديدا فمضغ لهن قديدة ثم ناولهن إياها فاقتسمنها، فمضغت كل واحدة منهن قطعة. قال: فلقين الله ما وجدن في أفواههن خلوفا، ولا اشتكين من أفواههن شيئا.

‌السوداء

ومنهن السوداء مستوطنة المساجد، المبرأة عن الظنون في الأندية والمشاهد

ص: 70

• حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا الحسين بن محمد بن حماد ثنا إبراهيم ابن سعيد ثنا أبو اسامة ثنا هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كانت أمة لحي من العرب فأعتقوها، فكانت معهم، فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت فوضعته - أو قالت فوقع منها - فمرت به حديا وهو ملقى فحسبته لحما فخطفته، قالت فالتمسوه فلم يجدوه فاتهمونى به، قالت فطفقوا يفتشوننى حتى فتشوا قبلها. قالت فو الله إني لقائمة إذ مرت الحديا فألقته، قالت فوقع بينهم. فقلت هذا الذى اتهمونى به، زعمتم أنى أخذته وأنا منه برية، ها هو ذا. قالت فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فكان لها خباء فى المسجد أو حفش، قالت فكانت تأتيني وتتحدث عندي ولا تجلس عندى مجلسا إلا قالت:

ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا

ألا إنه من بلدة الكفر نجاني

فقلت ما شأنك لا تقعدين مقعدا إلا قلت هذا؟ قالت فحدثتهن بهذا الحديث.

‌الأنصارية

(1)

ومنهن المستهينة بالمحن والمصائب، المتسلية عن النوازل والنوائب

وقد قيل: إن التصوف الصبر على الروايا، والشكر على المنح والعطايا.

• حدثنا محمد بن حميد قال ثنا محمد بن هارون بن حميد قال ثنا محمد بن حميد

(2)

ثنا عبد الرحمن بن مغراء أخبرنا المفضل بن فضالة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك. قال: لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة، وقالوا قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بأخيها وابنها وزوجها وأبيها لا أدري بأيهما استقبلت أولا، فلما مرت على آخرهم قالت من هذا؟ قالوا أخوك وأبوك وزوجك وابنك، قالت

(1)

وردت بالأصل مهملة وفى سيرة ابن هشام أنها امرأة من بنى دينار.

(2)

كذا فى الأصل ولم نقف على الأول فى شيوخ المؤلف

ص: 71

ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون أمامك حتى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم جعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذا سلمت من عطب.

‌السوداء

ومنهن السوداء الممتحنة الصابرة بالبلوى مرتهنة.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة حدثني محمود بن محمد ثنا عبد الأعلى ثنا يحيى بن سيد ثنا عمران أبو بكر حدثني عطاء بن أبي رباح قال:

قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى! قال هذه المرأة السوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أنكشف فادع الله لي أن لا أنكشف. قال «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت أن يعافيك» قالت أصبر ولكن ادع الله أن لا أنكشف. فدعا لها.

‌أم بجيد الحبيبية

ومنهن أم بجيد الحبيبية، البذولة المنفقة.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص ثنا عاصم بن علي ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد قالت: قالت يا رسول الله إن المسكين ليقف على بابي حتى أستحي منه فما أجد ما أدفع في يده؟ قال: «ادفعي في يده ولو ظلفا محترقا» .

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا موسى بن سهل الجوني ثنا طالوت بن عباد ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد. أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا في بني عمرو بن عوف فأعد له سويقة فى قعبة لي فأسقيه إياها إذا جاء، فقلت يا رسول الله إنه ليأتيني السائل فأتزهد له بعض ما عندي، فقال:«يا أم بجيد ضعى فى يد السائل ولو ظلفا محرقا» .

ص: 72

‌أم فروة

ومنهن أم فروة المبايعة، المجتهدة المتابعة.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا منصور بن سلمة ثنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام البياضي عن جدته أم فروة. قالت:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل العمل فقال: «الصلاة لأول وقتها. رواه الليث بن سعد عن عبد الله بن عمر.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا مطلب بن شعيب ثنا عبد الله بن صالح ثنا الليث بن سعد عن عبد الله بن عمر عن القاسم عن جدته أم أبيه الدنيا عن أم فروة جدة أبيه - وكانت ممن بايعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل عن أفضل الأعمال - وذكر مثله. رواه عبد الله بن عمر والضحاك بن عثمان عن القاسم نحوه.

‌أم إسحاق

ومنهن المهاجرة أم إسحاق، المثكلة بالوحدة والفراق.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد الله ثنا موسى بن إسماعيل ثنا بشار بن عبد الملك حدثتني جدتي أم حكيم قالت سمعت أم اسحاق تقول:

ص: 73

قال بشار قالت جدتي: فلقد كانت تصيبها المصيبة العظيمة فترى الدموع فى عيبها ولا تسيل على خدها.

‌أسماء بنت عميس

ومنهن مهاجرة الهجرتين، ومصلية القبلتين، أسماء بنت عميس الخثعمية المعروفة بالبحرية الحبشية، أليفة النجائب، وكريمة الحبائب عقد عليها جعفر الطيار، وخلف عليها بعده الصديق سابق الأخيار، ومات عنها الوصي علي سيد الأبرار.

• حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا أحمد بن علي وأحمد بن زهير. قالا: ثنا أبو كريب ثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري. قال:

ص: 74

السفينة يأتونى أرسالا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم أفرح به ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أبو بردة قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد مني هذا الحديث «ولكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إلي» .

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس قال: قال عمر لأسماء بنت عميس: سبقناكم بالهجرة. فقالت أجل والله لقد سبقتونا بالهجرة وكنا عند الجفاة العداة، وكنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم جاهلكم، ويفقه عالمكم، ويأمركم بمعالي الأخلاق. ورواه الأجلح عن الشعبي عن أسماء نحوه.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء الرازي عن عمه شعيب بن خالد عن حنظلة بن سمرة بن المسيب ابن نجبة عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة عليا دخل، فلما رآه النساء وثبن وبينهن وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سترة، فتخلفت أسماء بنت عميس

(1)

كما أنت على رسلك من أنت؟ قالت التي أحرس ابنتك فإن الفتاة ليلة يبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبة منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها، قال:«فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم» . قال: ابن عباس: فأخبرتنى أسماء أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فلم يزل يدعو لهم خاصة لا يشركهما فى دعائه أحدا حتى توارى في حجرته.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا زياد بن أيوب ثنا أبو زكريا يحيى بن أبي زائدة أخبرني أبي وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال:

تزوج علي رضي الله تعالى عنه أسماء بنت عميس بعد أبي بكر، فتفاخر ابناها محمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر فقال كل واحد منهما أنا خير منك وأبى

(1)

كذا فى الأصل ويظهر أن هنا سقط معناه فقال لها رسول الله.

ص: 75

خير من أبيك، فقال علي لأسماء اقض بينهما، فقالت لابن جعفر أما أنت يا بني فما رأيت شابا من العرب كان خيرا من أبيك، وأما أنت يا بني فما رأيت كهلا من العرب خير من أبيك. فقال لها علي: ما تركت لنا شيئا ولو قلت غير هذا لمقتك

(1)

فقالت: والله إن ثلاثة أنت أخسهم لأخيار.

‌أسماء بنت يزيد

ومنهن الأنصارية أسماء بنت يزيد بن السكن، النابذة لما يورث الغرور والفتن.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا داود الأودي حدثني شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد. قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، فدنوت وعلى سواران من ذهب، فبصر يصيصهما «فقال ألقى السوارين يا أسماء أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار؟» قالت فألقيتهما فما أدري من أخذهما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا عبد الجليل القيسي عن شهر بن حوشب: أن أسماء ابنة يزيد كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم، قالت فبينا أنا عنده إذ جاءته خالتى، قالت فجعلت تسائله وعليها سواران من ذهب. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أيسرك أن عليك سوارين من نار؟» قالت قلت يا خالتاه إنما يعنى سواريك هذين، قالت فألقتهما وقالت: يا نبي الله إنهن إذا لم يتحلين صلفن عند أزواجهن، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

«أما تستطيع أن تجعل خوقا

(2)

من فضة، وجمانة من فضة، ثم تخلقه بزغفران فيكون كأنه من ذهب، فإنه من تحلى وزن عين جرادة أو خر بصيصة كوى بها يوم القيامة».

(1)

كذا ولعلها (لو مقتك) أى أحبتك

(2)

الخوق: الحلقة. والخر بصيصة: هى الهنة التى تتراءى فى الرمل لها بصيص كأنها عين جرادة كما فى النهاية وفى القاموس بالحاء المهملة

ص: 76

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد الله بن يوسف ثنا محمد بن مهاجر عن أبيه قال حدثتني أسماء بنت يزيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك دينارين ترك كيتين» .

‌أم هانئ الأنصارية

ومنهن الأنصارية أم هانى، السائلة عن التزاور بعد التفاني.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن الحسين المصيصى ثنا الحسن بن شيب ثنا ابن لهيعة حدثني أبو الأسود أنه سمع ذرة

(1)

بنت معاذ تحدث عن أم هانئ الأنصارية: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تكون النسم طيرا تعلق بالشجر، حتى إذا كان يوم القيامة دخلت فى جسدها» .

‌سلمة بنت قيس

ومنهن المصلية للقبلتين، المحافظة على البيعتين، سلمى بنت قيس النجارية.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق حدثنى سليط بن أيوب عن الحكم ابن سليم عن أمه سلمى بنت قيس -: وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار -.

قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار، فشرط علينا أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزنى، ولا نقتل، ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف. قال: ولا تغششن أزواجكن، قالت فبايعناه ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرم علينا من مال أزواجنا، فسألته فقال:«تأخذ ماله فتحابى به غيره» .

(1)

فى الإصابة فى ترجمة أم هانئ درة بالدال المهملة ولم نقف عليه فى غيرها.

ص: 77

قال الشيخ رحمه الله: ومن طبقة التابعين المذكورين بالنسك والتعبد والتقلل والتزهد، المعرضين عن الدنيا وغرورها، والمستروحين إلى العبادة وحبورها؛ جماعة كثيرة اقتصرنا على ذكر نفر من جماهيرهم ومشاهيرهم، بعد أن قدمنا في فضل خير القرون أخبارا وآثارا.

• حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير أمتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» رواه ابن عون عن إبراهيم مثله.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو النضر ثنا شيبان أبو معاوية عن عاصم عن خيثمة والشعبي عن النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» رواه حماد بن سلمة وزيد بن أبي أنيسة وزائدة وأبو بكر بن عياش عن عاصم نحوه ولم يذكروا الشعبي.

• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا دران بن سفيان البصري ثنا محمد بن كثير ثنا همام عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم» رواه مطر وهشام وأبو عوانة عن قتادة نحوه. ورواه زهدم الجرمي وهلال بن يساف عن عمران بن حصين نحوه.

• حدثنا أبو بحر بن محمد بن الحسن ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن موءلة عن بريدة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الناس قرنى الذى أنا فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» .

ص: 78

عن زائدة عن السدي عن عبد الله النهى عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال قال. «القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث» رواه أبو سعيد الخدري وأبو برزة الأسلمي وسمرة بن جندب وسعد أبو بلال بن سعد في آخرين عن النبي صلى الله عليه وسلم: نحوه. .

‌فمن الطبقة الأولى من التابعين

‌أويس بن عامر القرني

سيد العباد، وعلم الأصفياء من الزهاد؛ أويس بن عامر القرني. بشر النبي صلى الله عليه وسلم به، وأوصى به أصحابه.

• حدثنا أبو بكر بن محمد بن جعفر بن الهيثم ثنا أحمد بن الخليل البرجلاني ثنا أبو النضر ثنا سليمان بن المغيرة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال: كان محدث بالكوفة يحدثنا فإذا فرغ من حديثه يقول تفرقوا، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه فأحببته ففقدته فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلا كان تجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القرني. قلت أفتعرف منزله؟ قال نعم! فانطلقت معه حتى جئت حجرته فخرج إلي فقلت يا أخي ما حبسك عنا؟ قال العري. قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه. قال: قلت خذ هذا البرد فالبسه. قال: لا تفعل فإنهم إذا يؤذونني إذا رأوه. قال: فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم، فقالوا من ترون خدع عن برده هذا!! فجاء فوضعه فقال أترى. قال: فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل قد آذيتموه، الرجل يعرى مرة ويكتسى مرة، قال فأخذتهم بلساني أخذا شديدا. قال فقضى أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر بن الخطاب فوجد رجل ممن كان يسخر به. فقال عمر هل هاهنا أحد من القرنيين؟ قال فجاء ذاك الرجل فقال أنا.

ص: 79

يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له وقد كان به بياض فدعا الله تعالى فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدينار - أو الدرهم - فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم.

قال فقدم علينا. قال: فقلت من أين؟ قال من اليمن، قلت ما اسمك؟ قال أويس قال فمن تركت باليمن؟ قال أما لي قال أكان بك بياض فدعوت الله فاذهب عنك؟ قال نعم! قال فاستغفر لي، قال أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ قال فاستغفر له. قال: قلت أنت أخي لا تفارقني. قال: فانملس مني وأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة، قال فجعل ذلك الرجل الذي كان يسخر منه يحقره، قال يقول ما هذا فينا ولا نعرفه. قال: عمر بلى! إنه رجل كذا كأنه يضع شأنه قال فينا رجل يا أمير المؤمنين يقال له أويس، قال أدرك ولا أراك تدرك فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس ما هذه بعادتك فما بدا لك؟ قال سمعت عمر يقول كذا وكذا فاستغفر لى أويس، قال لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد، وأن لا تذكر الذي سمعته من عمر إلى أحد، فاستغفر له. قال: أسير: فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة، قال فدخلت عليه فقلت يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر، فقال ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس، وما يجزى كل عبد إلا بعمله، قال ثم انملس منهم فذهب. رواه حماد بن سلمة عن الجريري نحوه، ورواه زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر. وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي خيثمة عن أبي النضر مختصرا وعن إسحاق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن زرارة عن أسير مطولا.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا معاذ بن هشام الدستوائي أخبرنا أبي عن قتادة عن زرارة عن أسير بن جابر. قال: كان عمر بن الخطاب إذ أتت عليه أمداد أهل اليمن سألهم هل فيكم أويس بن عامر القرني، فذكر نحو حديث أبي نضرة عن أسير بطوله. ورواه الضحاك بن مزاحم عن أبي هريرة بزيادة ألفاظ لم يتابعه عليها أحد، تفرد به مجالد بن يزيد عن نوفل عنه.

ص: 80

الحراني ثنا محمد بن إبراهيم بن عبيد حدثني مجالد بن يزيد عن نوفل بن عبد الله عن الضحاك بن مزاحم عن أبي هريرة. قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة من أصحابه إذ قال: «ليصلين معكم غدا رجل من أهل الجنة» قال أبو هريرة فطمعت أن أكون أنا ذلك الرجل، فغدوت فصليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فأقمت في المسجد حتى انصرف الناس وبقيت أنا وهو، فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل أسود متزر بخرقة، مرتد برقعة، فجاء حتى وضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا نبي الله ادع الله لي، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة وإنا لنجد منه ريح المسك الأذفر، فقلت يا رسول الله أهو هو؟ قال «نعم! إنه لمملوك لبني فلان» قلت أفلا تشتريه فتعتقه يا نبي الله؟ قال «وأنى لي ذلك، إن كان الله تعالى يريد أن يجعله من ملوك الجنة يا أبا هريرة، إن لأهل الجنة ملوكا وسادة، وإن هذا الأسود أصبح من ملوك الجنة وسادتهم

(1)

يا أبا هريرة إن الله تعالى يحب من خلفه الأصفياء الأخفياء الأبرياء الشعثة رءوسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم إلا من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا» قالوا يا رسول الله كيف لنا برجل منهم؟ قال:«ذاك أويس القرني» قالوا وما أويس القرنى؟ قال «أشهل ذا صهوبة، بعيد ما بين المنكبين» معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رام بذقنه إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن يبكي على نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، متزر بإزار صوف، ورداء صوف، مجهول في أهل الأرض، معروف في أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة

(1)

كذا الأصل ولعل هنا سقط فان سياق باقى الخبر وصف لغائب وأوله ذكر لحاضر وهذا الخبر بطوله لم يصح منه إلا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لأويس وأويس تابعى لم يقل أحد بصحبته وسيأتى ما يؤيد ذلك.

ص: 81

قيل للعباد ادخلوا الجنة، ويقال لأويس: قف فاشفع فيشفع الله عز وجل في مثل عدد ربيعة ومضر، يا عمر ويا علي إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما يغفر الله تعالى لكما» قال فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر في ذلك العام قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته، يا أهل الحجيج من أهل اليمن؛ أفيكم أويس من مراد؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال: إنا لا ندري ما أويس؟ ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو أخمل ذكرا؛ وأقل مالا، وأهون أمرا من أن نرفعه إليك، وإنه ليرعى إبلنا، حقير بين أظهرنا، فعمى عليه عمر كأنه لا يريده. قال: أين ابن أخيك هذا أبحرمنا هو؟ قال نعم! قال وأين يصاب؟ قال: بأراك عرفات، قال فركب عمر وعلي سراعا إلى عرفات فإذا هو قائم يصلى إلى شجرة والإبل حوله ترعى؛ فشدا حماريهما ثم أقبلا إليه فقالا: السلام عليك ورحمة الله؛ فخفف أويس الصلاة ثم قال: السلام عليكما ورحمة الله وبركاته. قالا: من الرجل؟ قال راعي إبل وأجير قوم. قالا: لسنا نسألك عن الرعاية ولا الإجارة؛ ما اسمك؟ قال: عبد الله. قالا: قد علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد الله فما اسمك الذي سمتك أمك؟ قال: يا هذان ما تريدان إلي. قالا: وصف لنا محمد صلى الله عليه وسلم أويسا القرني فقد عرفنا الصهوبة والشهولة؛ وأخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا؛ فإن كان بك فأنت هو. فأوضح منكبه فاذا اللمعة فابتدراه يقبلانه. قالا: نشهد أنك أويس القرني؛ فاستغفر لنا يغفر الله لك. قال: ما أخص باستغفاري نفسي ولا أحدا من ولد آدم؛ ولكنه في البر والبحر؛ في المؤمنين والمؤمنات؛ والمسلمين والمسلمات؛ يا هذان قد أشهر الله لكما حالي وعرفكما أمري فمن أنتما! قال علي رضي الله عنه: أما هذا فعمر أمير المؤمنين وأما أنا فعلي بن أبي طالب. فاستوى أويس قائما وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته؛ وأنت يا ابن أبى طالب فجزا كما الله عن هذه الأمة خيرا قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرا؛ فقال له عمر: مكانك

ص: 82

يرحمك الله حتى أدخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي هذا المكان ميعاد بيني وبينك. قال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك لا أراك بعد اليوم تعرفني، ما أصنع بالنفقة؟ ما أصنع بالكسوة؟ أما ترى على إزارا من صوف، ورداء من صوف، متى ترانى أخرقهما. أما ترى أن نعلى مخصوفتان متى تراني أبليهما؟ أما تراني إني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم متى تراني آكلها؟ يا أمير المؤمنين إن [بين] يدى ويديك عقبة كئودا لا يجاوزها إلا ضامر مخف مهزول، فأخف يرحمك الله. فلما سمع عمر ذلك من كلامه ضرب بدرته الأرض ثم نادى بأعلى صوته ألا ليت أن أم عمر لم تلده يا ليتها كانت عاقرا لم تعالج حملها، ألا من يأخذها بما فيها ولها؟ ثم قال يا أمير المؤمنين خذ أنت هاهنا حتى آخذ أنا هاهنا، فولى عمر ناحية مكة وساق أويس ابله فوافى القوم إبلهم وخلى عن الرعاية وأقبل على العبادة حتى لحق بالله عز وجل. فهذا ما أتانا عن أويس خير التابعين. قال: سلمة بن شبيب: كتبنا غير حديث في قصة أويس ما كتبنا أتم منه.

• حدثنا محمد بن جعفر ثنا محمد بن جرير ثنا محمد بن حميد ثنا زافر بن سليمان عن شريك عن جابر عن الشعبي قال: مر رجل من مراد على أويس القرني فقال كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحمد الله، قال: كيف الزمان عليك؟ قال كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أن لا يمسي، وإن أمسى ظن أن لا يصبح، فمبشر بالجنة، أو مبشر بالنار. يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يدع لمؤمن فرحا، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا، وإن قيامه بالحق لم يترك له صديقا.

ص: 83

وصلينا عليه ودفناه. فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فعلمنا قبره، فرجعنا فإذا لا قبور ولا أثر.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي وعبيد الله بن عمر. قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار عن محارب بن دثار. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني وفرات بن حيان» .

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة. قال: وكان أويس القرني ليتصدق بثيابه حتى يجلس عريانا لا يجد ما يروح فيه - أي [إلى] الجمعة -.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي وعبيد الله بن عمر ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن قيس ابن بشير بن عمرو عن أبيه قال: كسوت أويسا القرني ثوبين من العري.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن العباس بن أيوب ثنا يحيى بن محمد بن السكن ثنا يحيى بن كثير أبو غسان ثنا الهيثم بن جرموز عن حمدان عن سليمان التيمي عن أسلم العجلي عن أبى

(1)

الجرمي عن هرم بن حيان العبدي.

قال: قدمت الكوفة فلم يكن لى هم إلا أويس أسأل عنه، فدفعت إليه بشاطئ الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت فإذا رجل آدم محلوق الرأس، كث اللحية، مهيب المنظر. فسلمت عليه ومددت إليه يدى لأصافحه فأبى أن يصافحنى؛ فخنقتنى العبرة لما رأيت من حاله. فقلت: السلام عليك يا أويس كيف أنت يا أخي؟ قال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان من دلك علي؟ قلت الله عز وجل. قال: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا. قلت يرحمك الله من أين عرفت اسمى واسم أبى؟ فو الله ما رأيتك قط ولا رأيتني. قال عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي؛ لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد، وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن ناءت بهم الدار

(1)

كذا فى الأصل وسيأتى فى آخر الخبر أنه الضحاك الجرمى ولم أقف عليه.

ص: 84

وتفرقت بهم المنازل قال قلت: حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لأحفظه عنك، قال إني لم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لي معه صحبة، وقد رأيت رجالا رأوه وقد بلغني عن حديثه كبعض ما يبلغكم ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي، لا أحب أن أكون قاضيا أو مفتيا، فى نفسى شغل. قال: قالت: فاتل آيات من كتاب الله عز وجل أسمعهن منك، فادع الله لي بدعوات وأوصني بوصية، قال: فأخذ بيدي وجعل يمشي على شاطئ الفرات. ثم قال: ربي وأحق القول قول ربي عز وجل، وأصدق الحديث حديث ربي عز وجل، وأحسن الكلام كلام ربي: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم {(إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين)} قال:

ثم شهق شهقة فأنا أحسبه قد غشي عليه، ثم قرأ {(يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم)}. ثم نظر إلي فقال: يا هرم بن حيان مات أبوك ويوشك أن تموت، ومات أبو حيان.

وإما إلى الجنة وإما إلى النار، ومات آدم وماتت حواء يا ابن حيان، ومات إبراهيم خليل الرحمن يا ابن حيان، ومات موسى نجي الرحمن يا ابن حيان، ومات محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين يا ابن حيان، ومات أبو بكر خليفة المسلمين، ومات أخى وصديقى وصفيى عمر، وا عمراه وا عمراه قال:

ص: 85

وعافية واجعله لما تعطيه من العمل من الشاكرين أستودعك الله يا هرم بن حيان والسلام عليك لا أراك بعد اليوم تطلبني ولا تسأل عني، أذكرك وأدعو لك إن شاء الله انطلق هاهنا، حتى أنطلق هاهنا، فطلبت أن أمشى معه ساعة فأبى علي وفارقني يبكي وأبكي، ثم دخل في بعض السكك فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت أحدا يخبرني عنه بشيء. رواه يوسف بن عطية الصفار عن سليمان التيمي مثله وقال الضحاك الجرمي عن هرم، ورواه سيف بن هارون البرجمي عن منصور بن مسلم عن شيخ من بني حرام قال:

سمعت هرم بن حيان العبدي يقول: خرجت من البصرة في طلب أويس القرني فقدمت الكوفة فذكر نحوه، ورواه أبو عصمة عن هرم نحوه.

• حدثنا أبو أحمد الغطريفي ثنا أحمد بن موسى بن العباس ثنا إسماعيل ابن سعيد الكسائي ثنا عبد الصمد بن حسان ثنا أبو الصباح عن أبي عصمة - وكان جارا لهرم بن حيان - هو وآخر من عبد القيس - حدثاني أنهما سمعا هرم بن حيان عن أويس القرني. قال: قلت حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث أحفظه عنك، فبكى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: إني لم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن لي معه صحبة، ولكن قد رأيت من رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمر وغيره رضوان الله تعالى عليهم فذكر نحوه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا علي بن حكيم أخبرنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. قال:

نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني؟ قال: قلنا نعم! وما تريده منه؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أويس القرني خير التابعين بإحسان» وعطف دابته فدخل مع أصحاب على رضى الله تعالى عنهم.

ص: 86

سنان قال سمعت حميد بن صالح يقول سمعت أويسا القرني يقول. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظوني في أصحابي فإن من أشراط الساعة أن يلعن آخر هذه الأمة أولها، وعند ذلك يقع المقت على الأرض وأهلها، فمن أدرك ذلك فليضع سيفه على عاتقه ثم ليلق ربه تعالى شهيدا، فإن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه» .

• حدثنا أبو بكر بن

(1)

مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أحمد ابن إبراهيم ثنا إبراهيم بن عياش ثنا ضمرة عن أصبغ بن زيد. قال: إنما منع أويسا أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بره بأمه.

• حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد ثنا الحسن بن محمد ثنا عبيد الله بن عبد الكريم ثنا سعيد بن أسد بن موسى ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن زيد. قال: كان أويس القرني إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح. وكان يقول إذا أمسى هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح. وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول: اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به.

‌عامر بن عبد قيس

ومنهم المضر بلذيذ العيش، عامر بن عبد الله بن عبد قيس. المراقب المستحى، السالم المستضئ.

وقد قيل: إن التصوف انتصاب الارتقاء، وارتقاء الالتقاء.

• حدثنا حبيب بن الحسن ثنا أبو شعيب الحراني ثنا خالد بن يزيد العمري ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن علقمة مرثد. قال: انتهى الزهد إلى ثمانية؛ عامر بن عبد الله بن عبد قيس، وأويس القرني، وهرم بن حيان؛ والربيع بن خثيم، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن، فأما عامر بن عبد الله فكان يقول: في

(1)

فى هامش الأزهرية عن نسخة (أحمد بن جعفر بن حمدان): وكلاهما من شيوخ المؤلف.

ص: 87

الدنيا الغموم والأحزان، وفى الآخرة النار والحساب، فأين الراحة والفرح إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي، وأسكنتني بلايا الدنيا ثم قلت لي استمسك فكيف أستمسك إن لم تمسكني، إلهي إنك لتعلم أن لو كانت لي الدنيا بحذافيرها ثم سألتنيها لجعلتها لك فهب لي نفسي. وكان يقول: لذات الدنيا أربعة؛ المال، والنساء، والنوم، والطعام. فأما المال والنساء فلا حاجة لي فيهما، وأما النوم والطعام فلا بد لي منهما، فو الله لأضرن بهما جهدي. ولقد كان يبيت قائما، ويظل صائما ولقد كان إبليس يلتوي في موضع سجوده، فإذا ما وجد ريحه نحاه بيده ثم يقول: لولا نتنك لم أزل عليك ساجدا، وهو يتمثل كهيئة الحية. ورأيته وهو يصلى فيدخل تحت قميصه حتى يخرج من كمه وثيابه فلا يحيد. فقيل له: ألا تنحي الحية فيقول: والله إني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا غيره، والله ما أعلم بهذا حين يدخل ولا حين يخرج. وقيل له: إن الجنة تدرك بدون ما تصنع، وإن النار تتقى بدون ما تصنع. فيقول: لا حتى لا ألوم نفسي. قال: ومرض فبكى فقيل له ما يبكيك وقد كنت وقد كنت؟ فيقول ما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني، والله ما أبكي حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت، ولكن لبعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود وهبوط، جنة أو نار، فلا أدري إلى أيهما أصير.

• حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثني أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي ثنا يحيى بن سعيد ثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد. قال:

انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، فذكر نحوه وزاد وقال: لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله، وإن دخلت النار فلبعد جهدي. وكان يقول: ما أبكي على دنياكم رغبة فيها، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء.

ص: 88

كان من أفضل العابدين، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه فيقول: يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء، فو الله لأعملن بك عملا [حتى لا] يأخذ الفراش منك نصيبا. قال: وهبط واديا يقال له وادي السباع، وفي الوادي عابد حبشي يقال له حممة، فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان، ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال دعني وهمي قال أقسمت عليك. قال: أنا حممة، قال عامر لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض، أخبرنى عن أفضل خصلة؟ قال: إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك فمن أنت رحمك الله؟ قال: أنا عامر بن عبد قيس. قال: إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس فأخبرني بأفضل خصلة؟ قال: إني لمقصر ولكن واحدة عظمت هيبة الله فى صدرى حتى ما أهاب شيئا غيره، فاكتنفته السباع فأتاه سبع منها فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه وعامر يتلو هذه الآية {(ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود)} فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب. قال حممة: بالله يا عامر ما هالك ما رأيت؟ قال: إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره. قال حممة: لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا، وكان يصلى فى اليوم ثمانمائة ركعة، وكان يقول: إني لمقصر في العبادة، وكان يعاتب نفسه.

• حدثنا أبي ثنا أبو الحسن ثنا شعيب بن محرز ثنا سهل أخو حزم. قال:

ص: 89

وما أمسيت.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان ثنا ميمون بن مهران: أن عامر بن عبد قيس بعث إليه أمير البصرة فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أسألك مالك لا تزوج النساء؟ قال: ما تركتهن وإني لدائب فى الخطبة، قال: ومالك لا تأكل الجبن؟ قال أنا بأرض فيها مجوس، فما شهد شاهدان من المسلمين أن ليس فيه ميتة أكلته، قال: وما يمنعك أن تأتي الأمراء؟ قال: إن لدى أبوابكم طلاب الحاجات فادعوهم واقضوا حوائجهم، ودعوا من لا حاجة له إليكم.

• حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا محمد بن عمر بن علي بن نهشل بن قيس العبدي قال سمعت صخر بن أبي صخر. قال: قال عامر بن عبد قيس: أأنا من أهل الجنة، أو أنا من أهل الجنة، أو مثلى يدخل الجنة؟.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا سيار ثنا جعفر ثنا حوشب عن الحسن. قال: بعث معاوية إلى عبد الله بن عامر أن انظر عامر بن عبد قيس فأحسن إذنه وأكرمه ومره أن يخطب إلى من شاء وأمهر عنه من بيت المال، فأرسل إليه أن أمير المؤمنين قد كتب إلي أن أحسن إذنك وأكرمك. قال: يقول عامر: فلان أحوج إلى ذلك مني - يعني رجلا كان أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له - وأمرني أن آمرك أن تخطب إلى من شئت وأمهر عنك من بيت المال، قال أنا في الخطبة دائب قال إلى من؟ قال إلى من يقبل مني الفلقة والتمرة، قال ثم أقبل على جلسائه فقال: إني سائلكم فأخبروني، هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا اللهم لا أي بلى، قال فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا اللهم لا أي بلى

(1)

، قال والذي نفسي بيده لأن تختلف الأسنة في جوانحى أحب إلى من أى أكون هكذا، أما والله لأجعلن الهم هما واحدا، قال الحسن: وفعل.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن عامر بن عبد قيس العنبرى قال: وجدت

(1)

كذا فى المكانين ولعل الجواب بيلى إشارة إلى ما فى الاستفهام بهل من معنى النفى ولذلك اتبعها ب لا.

ص: 90

أمر الدنيا تصير إلى أربع؛ المال والنساء والنوم، والأكل، فلا حاجة لي في المال والنساء، فأما النوم والأكل فايم الله لئن استطعت لأضرن بهما.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عفان ثنا جعفر بن سليمان حدثني مالك بن دينار حدثني فلان: أن عامر بن عبد الله مر في الرحبة وإذا ذمي يظلم، فألقى عامر رداءه ثم قال: لا أرى ذمة الله تحقر، وأنا حي، فاستنقذه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبيد الله بن محمد ثنا عبد الله بن عياش مولى بني جشم عن أبيه عن شيخ قد سماه - وكان قد أدرك سبب تسيير عامر بن عبد الله - قال: مر برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميا والذمى يستغيث به، قال فأقبل على الذمى فقال أديت جزيتك؟ قال نعم! فأقبل عليه فقال ما تريد منه؟ قال أذهب به يكسح دار الأمير، قال فأقبل على الذمي فقال تطيب نفسك له بهذا، قال يشغلنى عن ضيعتي، قال دعه. قال: لا أدعه، قال دعه قال لا أدعه. قال: فوضع كساءه. ثم قال لا تحقر ذمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا حى، ثم خلصه منه قال فتراقى ذلك حتى كان سبب تسييره.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن أبي سهل ثنا عبد الله بن محمد العبسي ثنا عفان ثنا جعفر بن سليمان ثنا سعيد الجريري قال: لما سير عامر بن عبد الله شيعه اخوانه وكان بظهر المربد. فقال: إني داع فأمنوا، قالوا هات فقد كنا نشتهي هذا منك، قال اللهم من وشى بي وكذب علي وأخرجني من مصري وفرق بيني وبين إخواني، اللهم أكثر ماله وولده، وأصح جسمه وأظل عمره.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثني يحيى بن سعيد عن أشعث عن الحسن. قال: بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام. فقال: الحمد لله الذي حشرنى راكبا.

ص: 91

القرآن، ولكنه رحلة هوى.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا أبو العباس الهروي ثنا محمد بن منصور الطوسي ثنا عمرو بن عاصم عن همام عن قتادة. قال: سأل عامر بن عبد قيس ربه أن يهون عليه الطهور في الشتاء، وكان يؤتى بالماء وله بخار.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن يحيى الأزدي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عمارة بن أبى شعيب الأزدى ثنا مالك ابن دينار. قال: مر عامر بن عبد قيس فإذا قافلة قد احتبست فقال لهم ما لكم لا تمرون؟ فقالوا الأسد حال بيننا وبين الطريق، قال هذا كلب من الكلاب فمر به حتى أصاب ثوبه فم الأسد.

• حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ثنا أبي ثنا عبد الله بن محمد حدثني محمد بن يحيى الأزدي ثنا جعفر بن أبي جعفر عن أحمد بن أبى الحوارى عن أبى سليمان الداوانى. قال: قيل لعامر بن عبد قيس: النار قد وقعت قريبا من دارك، فقال دعوها فإنها مأمورة وأقبل على صلاته، فأخذت النار فلما بلغت داره عدلت عنها.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا عباس بن ابراهيم القراطيسى ثنا على ابن مسلم ثنا سيار ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول: رأى رجل في المنام كأن مناديا ينادي أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله تعالى يوم يلقاه ووجهه مثل القمر ليلة البدر.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد حدثني عبد الجبار ابن محمد ثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن. قال: سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرونه من أمر الضيعة في الصلاة، قال أتجدونه؟ قالوا نعم! قال والله لأن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلي من أن يكون هذا مني في صلاتي.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن أبي سهل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن ثابت: أن عامر بن عبد الله قال لابني عم له: فوضا أمركما إلى الله تستريحا.

ص: 92

إبراهيم الدورقي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا جعفر ثنا الجريري عن أبي الغلاء. قال: قال رجل لعامر بن عبد الله: استغفر لى. فقال إنك لتسأل من قد عجز عن نفسه، ولكن أطع الله ثم ادعه يستجب لك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبيد الله بن محمد ثنا شيخ يكنى أبا زكريا مولى للقرشيين عن بعض مشايخه قال:

كانت ابنة عم لعامر يقال لها عبيدة ترى ما يصنع عامر بنفسه، فتعالج له الثريد فتأتيه به، فيخرج إلى أيتام الحي فيدعوهم فتقول إنما عملتها لك بيدي لتأكلها. فيقول: أليس إنما أردت أن تنفعيني. قال: وكان يقول لها يا عبيدة تعزي عن الدنيا بالقرآن، فإنه من لم يتعز بالقرآن عن الدنيا تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل حدثني أبي ثنا عبيد الله بن محمد ثنا عبد العزيز بن مسلم عن حرب عن الحسن قال: كان لعامر بن عبد الله بن عبد قيس مجلس في المسجد، فتركه حتى ظننا أنه قد ضارع أصحاب الأهواء، قال فأتيناه فقلنا له كان لك مجلس فى المسجد فتركته؟ قال أجل! إنه مجلس كثير اللغط والتخليط، قال فأيقنا أنه قد ضارع أصحاب الأهواء، فقلنا ما تقول فيهم؟ قال وما عسى أن أقول فيهم، رأيت نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتهم فحدثونا أن أصفى الناس إيمانا يوم القيامة أشدهم محاسبة لنفسه في الدنيا، وإن أشد الناس فرحا في الدنيا أشدهم حزنا يوم القيامة، وإن أكثر الناس ضحكا في الدنيا أكثرهم بكاء يوم القيامة، وحدثونا أن الله تعالى فرض فرائض، وسن سننا، وحد حدودا، فمن عمل بفرائض الله وسننه واجتنب حدوده دخل الجنة بغير حساب، ومن عمل بفرائض الله وسننه وركب حدوده ثم تاب استقبل الشدائد والزلازل والأهوال ثم يدخل الجنة، ومن عمل بفرائض الله وسننه وركب حدوده ثم مات مصرا على ذلك لقي الله مسلما إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.

قال الشيخ رحمه الله: كذا رواه عامر موقوفا، وهذه الألفاظ رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعة من غير جهة من حديث أبي الدرداء

ص: 93

وأبي ثعلبة وعبادة بن الصامت وغيرهم.

• حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو علي المالكي ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنباري ثنا عبد الله بن المبارك عن علي بن علي الرفاعي عن الحسن عن عامر بن قيس. قال: يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات؛ فعرضتان حساب ومعاذير، والعرضة الثالثة تطاير الكتب، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ثم قال ابن المبارك من قبله:

قد طارت الصحف في الأيدي منشرة

فيها السرائر والجبار مطلع

فكيف سهوك والأنباء واقعة

عما قليل ولا تدرى بما تقع

إما الجنان وعيش لا انقضاء له

أم الجحيم فلا تبقى ولا تدع

تهوى بساكنها طورا وترفعه

إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا

لينفع العلم قبل الموت عالمه

قد سال قوم بها الرجعى فما رجعوا.

قال الشيخ رحمه الله: كذا رواه عامر موقوفا، ورواه علي بن زيد عن الحسن عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله مرفوعا. ويشبه أن يكون عامر بن عبد قيس سمعه من أبي موسى فأرسله لأن عامرا ممن تلقن القرآن من أبي موسى وأصحابه حين قدم البصرة وعلم أهلها القرآن، ورواه مروان الأصفر عن أبي وائل عن عبد الله موقوفا.

وبدأنا بذكر أويس إذ هو سيد نساك التابعين، وثنينا بعامر بن عبد قيس وهو من بني العنبر، وهو أول من عرف بالنسك واشتهر من عباد التابعين بالبصرة فقدمناه على غيره من الكوفيين لتقدم البصرة على الكوفة، إذ البصرة بنيت قبل الكوفة بأربع سنين، وكذلك أهل البصرة بالنسك والعبادة أشهر وأقدم من الكوفيين. وكان عامر بن عبد قيس ممن تخرج على أبي موسى الأشعري في النسك والتعبد، ومنه تلقن القرآن وعنه أخذ الطريقة

ص: 94

أما بعد: فإني عهدتك على أمر وبلغني أنك تغيرت فاتق الله وعد.

‌مسروق

قال الشيخ رحمه الله تعالى: ومنهم العالم بربه؛ الهائم بحبه، الذاكر لذنبه، في العلم معروق. وبالضمان موثوق، ولعباد الله معشوق، أبو عائشة المسمى بمسروق. وهو مسروق بن عبد الرحمن الهمداني الكوفي.

وقيل: التصوف التشمر للورود واللحوق، والتبصر في الوجود والطروق.

• حدثنا أبو بكر الصلحى ثنا الحسين بن جعفر القتات ثنا أحمد بن عبد الله ابن يونس ثنا زائدة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق. قال: كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا سعيد بن عمرو ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب الطائي قال: سألت الشعبي عن مسألة. فقال ما رأيت أحدا أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق.

• حدثنا محمد بن ابن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان ثنا عبيد بن يعيش ثنا يحيى بن آدم ثنا عبد السلام عن أبي خالد الدالاني عن الشعبي. قال: خرج مسروق إلى البصرة إلى رجل يسأله عن آية فلم يجد عنده فيها علما، فأخبر عن رجل من أهل الشام فقدم علينا هاهنا، ثم خرج إلى الشام إلى ذلك الرجل في طلبها.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن حميد ثنا محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبو شيبة ثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن هلال بن يساف وقال قال مسروق: من سره أن يعلم علم الأولين، وعلم الآخرين، وعلم الدنيا والآخرة، فليقرأ سورة الواقعة.

• حدثنا محمد بن علي ثنا عبد الله محمد ثنا علي بن الجعد ثنا شعبة عن أبي إسحاق. قال: حج مسروق فما بات إلا ساجدا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا أبو همام ثنا أبو ضمرة عن العلاء بن هارون. قال: سمعته يقول:

حج مسروق فما افترش إلا جبهته حتى انصرف.

ص: 95

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير.

قال: لقيني مسروق فقال: يا سعيد ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سهل ثنا عبد الله بن محمد العبسي ثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن مسروق. قال: أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن موسى ثنا عبد الرحمن بن مغراء أخبرنا الأعمش عن أبي الضحى. قال: كان مسروق يقوم فيصلي كأنه راهب، وكان يقول لأهله هاتوا كل حاجة لكم فاذكروها لي قبل أن أقوم إلى الصلاة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا هناد بن السري ثنا أبو خالد الأحمر عن مسعر عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر. قال: كان مسروق يرخي الستر بينه وبين أهله ويقبل على صلاته ويخليهم ودنياهم.

• حدثنا محمد بن علي ثنا عبد الله بن محمد ثنا علي بن الحوراء ثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن مسروق: أنه كان لا يأخذ على القضاء أجرا، ويتأول هذه الآية {(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)} الآية.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا الفضل بن سهل ثنا محمد ابن بشر ثنا مسعر عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن المنتشر. قال: كان مسروق يركب كل جمعة بغلة ويحملني خلفه، ثم يأتي كناسة بالحيرة قديمة فيحمل عليها بغلته ثم يقول: الدنيا تحتنا.

ص: 96

فأبلوها، ركبوها فانضوها، سفكوا فيها دماءهم، واستحلوا فيها محارمهم، وقطعوا فيها أرحامهم.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن مسعر عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن مسروق، قال: ما من شيء خير للمؤمنين من لحد، قد استراح من هموم الدنيا، وأمن من عذاب الله.

• حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سالم

(1)

ثنا هناد بن السري ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم - أو غيره - عن مسروق قال: إني أحسن ما أكون ظنا حين يقول لي الخادم ليس في البيت قفيز ولا درهم. رواه الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الصائغ ثنا أبو العباس السراج

(2)

:

المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها يتذكر ذنوبه ويستغفر منها.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن عبد الله الأسدي ثنا سفيان عن أبي وائل عن مسروق قال: ما امتلأ بيت خيره إلا امتلأ عبرة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن عقبة قال: سمعت الأصمعى يقول: كان مسروق يتمثل:

ويكفيك مما أغلق الباب دونه

وأرخى عليه الستر ملح وجردق

وماء فرات بارد ثم تغتدي

تعارض أصحاب الثريد الملبق

(3)

تجشأ إذا ما هم تجشوا كأنما

غذيت بألوان الطعام المفتق.

أسند مسروق من المسانيد ما لا يعد كثرة.

‌فمن غرائب حديثه

• ما حدثناه عبد الله بن جعفر قال: ثنا يونس بن حبيب قال: ثنا داود قال: ثنا قيس بن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «إن الخبيث لا يكفر السيئ ولكن الطيب يكفر السيئ» .

(1)

سيأتى فى ص 106 أنه ابن مسلم.

(2)

بياض فى الأصل

(3)

فى الأصل الملتق وأحسبه خطأ. وفى القاموس الثريد الملبق الملين بالدسم والطعام المفتق الكثير الخصب.

ص: 97

• حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم قال: ثنا جعفر بن محمد الصائغ قال: ثنا عفان قال: ثنا عاصم بن بهدلة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله. قال:

قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزني» .

‌علقمة بن قيس النخعي

ومنهم العالم الرباني، علقمة بن قيس النخعي أبو شبل الهمداني.

أوتي فقها وعبادة، وحسن تلاوة وزهادة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني قال ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق. قال مرة الطيب: كان علقمة من الديانين الذين يقرءون القرآن.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال ثنا عبد العزيز ابن أبان عن مالك بن مغول عن معقل عن أبي السفر عن مرة. قال: كان علقمة ابن قيس رباني هذه الأمة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال: ثنا محمد بن عبيد قال: ثنا الأعمش عن عمارة عن أبي معمر. قال:

دخلنا على عمر بن شرحبيل فقال: انطلقوا بنا إلى أشبه الناس هديا وسمتا بعبد الله بن مسعود، فدخلنا على علقمة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال:

ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أبي قال ثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان قال: قلت لأبي لأي شيء كنت تأتي علقمة وتدع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألون علقمة ويستفتونه.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال حدثنا أحمد بن موسى بن العباس قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا محمد بن جعفر المدائني عن المهلب بن عثمان الأزدي عن ضرار بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله عن أصحاب عبد الله [عن عبد الله.

قال: مر بحلقة فيها علقمة

(1)

] والأسود ومسروق وأصحابهم فوقف عليهم

(1)

ما بين المربعين زيادة عن الأصل.

ص: 98

فقال: بأبي وأمي العلماء، بروح الله ائتلفتم، وكتاب الله تلوتم، ومسجد الله عمرتم، ورحمة الله انتظرتم، أحبكم الله وأحب من أحبكم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبيد الله بن سعد قال ثنا عمي قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن ابن يزيد. قال: قال عبد الله بن مسعود: ما أقرأ شيئا ولا أعلم شيئا إلا علقمة يقرؤه أو يعلمه، قيل يا أبا عبد الرحمن والله ما علقمة بأقرئنا، قال: بلى إنه والله لأقرؤكم.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا يحيى بن أيوب قال ثنا عبد الغفار بن داود قال ثنا أبو عبيدة سعيد بن رزين قال ثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس. قال: كنت رجلا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن، وكان عبد الله بن مسعود يرسل إلي فأقرأ عليه القرآن، قال فكنت إذا فرغت من قراءتي قال زدنا من هذا.

• حدثنا أحمد ابن محمد بن الحصين

(1)

قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا هشيم عن منصور عن إبراهيم: أن علقمة قرأ على عبد الله - وكان حسن الصوت - فقال له رجل رتل فداك أبي وأمي فإنه زين القرآن. رواه مغيرة عن إبراهيم مثله.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن سحاق قال ثنا قتيبة قال ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم. قال: كان علقمة يختم القرآن كل خميس.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أبي قال ثنا ابن أبي فضيل عن أبيه عن شباك عن إبراهيم عن علقمة: أنه كان يقول لأصحابه: امشوا بنا نزدد إيمانا - يعني يتفقهون -.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن المسيب بن رافع. قال: كانوا يدخلون على علقمة وهو يقرع غنمه ويحلب ويعلف.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا ابن نمير قال ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن المسيب بن رافع. قال: قيل

(1)

كذا فى الأصل ولم نقف عليه فى شيوخ المؤلف.

ص: 99

لعلقمة: لو جلست فأقرأت القرآن وحدثتهم؟ قال أكره أن يوطأ عقبي، وأن يقال هذا علقمة. وكان يكون في مبيته يعلف غنمه ويفت لهم. قال: فكان ومعه شيء يقرع بينهن إذا تناطحن. رواه يزيد بن عبد العزيز بن سياه عن الأعمش نحوه.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا أحمد بن موسى قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا معاوية عن عمرو عن زائدة الأعمش عن مالك ابن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد. قال: قيل لعلقمة: ألا تدخل المسجد فيجتمع إليك وتسأل فنجلس معك فإنه يسأل من هو دونك؟ قال إنى أكره أن يوطأ عقبي فيقال هذا علقمة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان قال ثنا إسماعيل بن أبي الحكم قال ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم. قال: كان علقمة إذا رأى من القوم أشاشا ذكرهم في الأيام - يعني نشاطا -.

• حدثنا أبو بكر ابن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا يحيى بن آدم قال ثنا أبو بكر عن الحسين بن عبيد الله النخعي. قال: لم يترك علقمة إلا داره وبرذونا ومصحفا، وأوصى به لمولى له كان يقوم عليه في مرضه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا ابن كرامة قال ثنا أبو أسامة قال ثنا الأعمش عن إبراهيم. قال: كان علقمة يتزوج إلى أهل بيت دون أهل بيته يريد بذلك التواضع.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الهيثمي قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا شريك عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة: أنه قال لامرأته في مرضه: تزيني واقعدي عند رأسي لعل الله يرزقك بعض عوادي.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبيد الله بن سعيد قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا الأعمش عن إبراهيم.

قال: جاء رجل إلى علقمة فشتمه فقال علقمة {(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)} الآية. فقال الرجل أمؤمن أنت؟ قال أرجو.

ص: 100

شاب كأني أنظر إليه في ورقة أو قرطاس.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن علي الخزاعي قال ثنا القعنبي قال ثنا عابس قال قال علقمة: إحياء العلم المذاكرة.

• حدثنا أبي قال ثنا محمد ابن إبراهيم بن الحكم قال ثنا يعقوب بن ابراهيم الدورقى قال ثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال ثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا أحمد بن موسى قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم. قال: قلت لعلقمة علمنى الفرائض، قال أمت جيرانك.

• حدثنا محمد بن حبان قال ثنا أحمد بن علي بن الجارود قال ثنا أبو سعيد الأشج قال ثنا أبو خالد عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة.

قال: لا تنعوني كنعي أهل الجاهلية، ولا تؤذنوا بي أحدا، وأغلقوا الباب ولا تتبعني امرأة، ولا تتبعوني بنار، وإن استطعتم أن يكون آخر كلامي لا إله إلا الله فافعلوا.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثني محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا جرير عن منصور عن علي بن مدرك. قال: قال علقمة لأسود: إن أنا مت فلقني لا إله إلا الله، فإذا أنا مت فلا تنعني لأحد فإني أخاف أن يكون نعيا كنعي الجاهلية، فإذا خرجتم بجنازتي من الدار فأغلقوا الباب حين يخرج آخر الرجال، وعلى أول النساء، فإنه لا أرب لى فيهن.

‌ومن غرائب مسانيده

• حدثنا فاروق الخطابي قال ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا معمر بن عبد الله قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» لم يروه مرفوعا عن شعبة إلا معمر ورواه غندر وبكر بن بكار وغيرهما مرفوعا.

ص: 101

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:

اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر بجلده، ثم قال «ما لي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح فتركها» لم يروه عن عمرو بن مرة متصلا مرفوعا إلا المسعودي.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبدان بن أحمد قال ثنا خليفة بن خياط قال ثنا يعقوب بن يوسف عن فرقد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكون زاهدا حتى تكون متواضعا» .

لا أعلم أحدا رفعه من حديث علقمة إلا فرقدا وهو السبخي البصري.

• حدثنا الحسن بن علان قال ثنا الحسن بن عمر عن إبراهيم قال ثنا جبارة عن

(1)

مغلس قال ثنا موسى بن عمير عن الحكم بن عتبة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخلق كلهم عيال الله، وأحبكم إلى الله من أحسن إلى عياله» . غريب من حديث الحكم لم يروه عنه إلا موسى بن عمير.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن العباس قال ثنا أحمد ابن يحيى بن المنذر الحجرى ثنا أبى قال قال ثنا ابن الأجلح عن الأعمش عن يحيى بن وثاب [عن علقمة] عن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم، وهما مهلكاكم» . هذا حديث غريب من حديث يحيى بن وثاب لم يروه عن الأعمش إلا ابن الأجلح.

‌الأسود بن يزيد النخعي

ومنهم القارئ القوام، الساري الصوام، الفقيه الأثير، الفقير الأسير، الأسود بن يزيد النخعي.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا

(1)

كذا فى الاصلين والصواب: جباره بن مغلس كما فى الخلاصة.

ص: 102

عبد الله بن صندل قال ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم. قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن عن شعبة عن أبي إسحاق قال: حج الأسود ثمانين ما بين حجة وعمرة. رواه ابن علية عن ميمون بن حمزة عن إبراهيم مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا اسماعيل بن علية عن ابن عون عن الشعبي قال: - وسئل عن الأسود - فقال: كان صواما قواما حجاجا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا محمد بن عمرو الباهلي قال ثنا أزهر عن ابن عون قال: قلت للشعبي علقمة أفضل أم الأسود قال علقمة، وكان الأسود رجلا حجاجا، وكان علقمة بطيئا وهو يدرك السريع.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عمر بن محمد بن الحسن قال ثنا أبي قال ثنا أحمد بن بشر عن إسماعيل عن الشعبي. قال: أهل بيت خلفوا للجنة، علقمة والأسود وعبد الرحمن.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أبو حميد الحمصى أحمد ابن محمد بن سيار قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد. قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين منهم الأسود بن يزيد، كان مجتهدا في العبادة يصوم حتى يخضر جسده ويصفر، وكان علقمة بن قيس يقول له لم تعذب هذا الجسد؟ قال راحة هذا الجسد أريد. فلما احتضر بكى فقيل له ما هذا الجزع؟ قال ما لى لا أجزع ومن أحق بذلك مني، والله لو أتيت بالمغفرة من الله عز وجل لهمني الحياء منه مما قد صنعته، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيا منه، ولقد حج الاسود ثمانين حجة.

ص: 103

وكان علقمة يقول له: ويحك لم تعذب هذا الجسد؟ فيقول إن الأمر جد إن الأمر جد.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا معمر بن سليمان الرقي قال ثنا عبد الله بن بشر: أن علقمة والأسود ابن يزيد حجا، وكان الأسود صاحب عبادة وصام يوما فكان الناس بالهجير وقد تريد وجهه، فأتاه علقمة فضرب على فخذه فقال ألا تتق الله يا أبا عمرو في هذا الجسد، علام تعذب هذا الجسد؟ فقال الأسود يا أبا شبل الجد الجد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا الفضل بن سهل قال ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله قال ثنا حنش بن حارث عن علي بن مدرك. قال:

قال علقمة للأسود: لم تعذب هذا الجسد؟ وهو يصوم قال الراحة أريد له.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا الفضل بن دكين قال ثنا حنش بن حارث [قال]: رأيت الأسود وذهبت إحدى عينيه من الصوم.

• حدثنا عبد الله بن محمد أخبرنا محمد بن شبل قالا ثنا أبو بكر قال ثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن عمارة. قال: ما كان الأسود إلا راهبا من الرهبان.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا سليمان الأحمر عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود:

وإذا رأيته قلت راهبا من الرهبان، وإذا حضرت الصلاة أناخ ولو على حجر.

‌ومن غرائب حديثه:

• حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا محمد بن أبى عبيد ثنا موسى بن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء» .

ص: 104

جميعا. وكره أن يفرق بينهم.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسين بن جعفر القتات قال ثنا إسماعيل ابن خليل الخزاز قال حدثني علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه سيكون أمراء يميتون الصلاة ويخففونها

(1)

إلى شرق الموتى، وإنها صلاة من هو شر من حمار، وصلاة من لا يجد بدا فمن أدرك منكم ذلك الزمان فليصل الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة». هذا حديث غريب من حديث الأعمش بهذا اللفظ مجموعا عن علقمة والأسود لم نكتبه إلا من حديث علي بن مسهر عنه.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا عبيد بن غنام قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عبد الله بن نمير عن معاوية النضري - وكان ثقة - عن نهشل عن الضحاك عن الأسود عن عبد الله بن مسعود. قال: لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسادوا أهل زمانهم، ولكن بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم فهانوا على أهلها، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول:

«من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله تعالى هم آخرته، ومن تشعبت به الهموم لم يبال الله في أي أوديتها وقع» . غريب من حديث الأسود لم يرفعه إلا الضحاك ولا عنه إلا نهشل، وحديث الحكم تفرد به موسى بن عمير، وحديث جابر الجعفى تفرد به شيبان.

‌أبو يزيد الربيع بن خيثم

ومنهم المخبت الورع، المتثبت القنع، الحافظ لسره، الضابط لجهره، المعترف بذنبه، المفتقر إلى ربه، أبو يزيد الربيع بن خيثم، أحد الثمانية من الزهاد.

وقد قيل: إن التصوف مشارفة السرائر، ومصارفة الظواهر.

(1)

شرق الموتى: كناية عن ضعف ضوء الشمس، يريد آخر النهار حكاه فى النهاية والسبحة بالضم التطوع.

ص: 105

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبدان بن أحمد قال ثنا أزهر بن مروان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا عبيد الله بن الربيع بن خيثم: إذا دخل على عبد الله ابن مسعود لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه، قال فقال عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الصباح قال جرير عن إسماعيل عن حماد بن أبي سليمان قال: كان ابن مسعود إذا رأى الربيع بن خيثم قال مرحبا يا أبا يزيد، ويجلسه إلى جنبه ويقول: لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا سهل بن محمود قال ثنا مبارك بن سعيد عن ياسين الزيات. قال: جاء ابن الكواء إلى الربيع بن خيثم قال دلني على من هو خير منك؛ قال نعم! من كان منطقه ذكرا، وصمته تفكرا، ومسيره تدبرا، فهو خير مني.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم قال ثنا هناد بن السري قال ثنا المحاربي عن عبد الملك بنى عمير. قال: قيل للربيع ابن خيثم ألا ندعوا لك طبيبا؟ قال أنظروني، فتفكر ثم قال:{(وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا)} . قال: فذكر حرصهم على الدنيا ورغبتهم وما كانوا فيها وقال قد كانت فيهم أطباء وكان فيهم مرضى فلا أرى المداوي بقي ولا أرى المداوى، وأهلك الناعت والمنعوت لا حاجة لي فيه ورواه نسير بن ذعلوق عن بكر بن ما عز عن الربيع نحوه.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي قال ثنا يحيى ابن سعيد قال ثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد.

ص: 106

بقي ولا المداوى. فقيل له: ألا تذكر الناس؟ قال: ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله تعالى في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم. وقيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا. وكان ابن مسعود إذا رآه قال: وبشر المخبتين، أما إن محمدا صلى الله عليه وسلم لو رآك لأحبك. وكان الربيع يقول: أما بعد فأعد زادك، وخذ في جهادك، وكن وصي نفسك.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هناد قال ثنا وكيع عن الأعمش عن منذر الثوري عن الربيع بن خيثم: أنه قال لأهله:

اصنعوا لنا خبيصا، فصنعوا له فدعا رجلا به خبل فجعل يلقمه ولعابه يسيل؛ فلما ذهب قال أهله تكلفنا وصنعنا ما يدري هذا ما أكل، فقال الربيع:

لكن الله.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا خلاد بن يحيى قال ثنا سفيان قال أخبرتنى سرية الربيع بن خيثم قالت: كان عمل الربيع كله سرا؛ إن كان ليجئ الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه، رواه الأعمش عن سفيان مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الربيع بن خيثم قال: كل ما لا يبتغى به وجه الله تعالى يضمحل.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثني أبي وعمي. قالا: ثنا عبد الله بن إدريس عن عمه عن الشعبي - وذكر أصحاب عبد الله - فقال: أما الربيع فأورعهم ورعا.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا محمد بن عثمان قال ثنا عبيد بن يعيش قال ثنا يحيى بن آدم قال ثنا مالك بن مغول قال قال الشعبي: أصفهم لك - يعني أصحاب عبد الله - كأنك شهدتهم؛ كان الربيع بن خيثم أشدهم ورعا.

ص: 107

قال قال الربيع: سورة يراها الناس قصيرة وأنا أراها طويلة عظيمة، لله تعالى منحتا

(1)

ليس لها خليط، فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئا استقلالا وليعلم أنها مجزئة - يعني سورة الإخلاص-.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هناد بن السري قال ثنا أبو الأحوص عن سعيد - يعنى ابن مسرق - عن منذر الثوري قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال اتق الله فيما علمت، وما استؤثر عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيرتكم اليوم بخير، ولكنه خير من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق اتباعه، وما تفرون من الناس حق فراره، ولا كل ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو؟ ثم يقول:

السرائر السرائر اللاتي تخفين من الناس وهن لله تعالى بواد، التمسوا دواءهن.

ثم يقول: وما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود.

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن شبل قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال أبو أسامة قال ثنا سفيان عن أبيه عن بكر بن ماعز: قال قال الربيع بن خيثم:

يا بكر بن ماعز أخزن عليك لسانك إلا ممالك، ولا عليك. فإني اتهمت الناس على ديني، أطع الله فيما علمت وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ. فذكر مثل حديث الأحوص. رواه إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن منذر مثله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل حدثني أبي قال حدثني النضر بن إسماعيل قال ثنا عبد الملك بن الأصبهاني عن جدته عن الربيع بن خيثم: أنه قال لأصحابه: تدرون ما الداء [والدواء] والشفاء؟ قالوا لا، قال الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب ثم لا تعود.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أبو النضر العجلي قال ثنا عبيد الله بن موسى قال ثنا سفيان عن نسير بن ذعلوق. قال: كان الربيع بن خيثم يبكى حتى تبل لحيته دموعه

(1)

كذا فى الأصلين مهملة من النقط

ص: 108

فيقول أدركنا أقواما كنا في جنبهم لصوصا.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن علي بن المثنى قال ثنا عبد الصمد بن يزيد قال سمعت فضيل بن عياض يقول: كان الربيع بن خيثم يقول في دعائه: أشكو إليك حاجة لا يحسن بثها إلا إليك، وأستغفر منها وأتوب إليك.

• حدثنا

(1)

أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال ثنا أحمد بن عمرو بن عبيد العصفري قال ثنا عثمان بن زفر قال ثنا الربيع بن المنذر عن أبيه. قال: قال الربيع بن خيثم: من استغفر الله تعالى كتب فى راحته أمن من العذاب.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا سفيان قال ثنا وكيع قال ثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن ذر قال: قيل للربيع بن خيثم كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان الثوري عن أبي يعلى. قال: كان الربيع إذا قيل له كيف أصبحتم يقول: ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا. رواه نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز عنه مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن ابن سيرين عن الربيع بن خيثم قال: أقلوا الكلام إلا بتسع؛ تسبيح، وتكبير، وتهليل، وتحميد، وسؤالك الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءة القرآن رواه منذر الثوري عن الربيع مثله.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا أبو همام قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال قال فلان: ما أرى ربيعا تكلم بكلام منذ عشرين عاما إلا بكلمة تصعد.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الصباح قال ثنا سفيان

(2)

قال

(1)

هنا سقط ورقة من نسخة جدة.

(2)

كذا فى الاصلين وسفيان يروى عن الربيع بواسطة فتنبه.

ص: 109

قال: صحبنا ربيع بن خيثم عشرين سنة فما تكلم إلا بكلمة تصعد. وقال آخر:

صحبته سنتين فما كلمني إلا كلمتين.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا شجاع بن الوليد عن سفيان الثوري عن رجل من بني تيم الله قال: جالست الربيع عشر سنين فما سمعته يسأل عن شيء من أمر الدنيا إلا مرتين، قال مرة والدتك حية؟ وقال مرة:

كم لكم مسجدا.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن مساور قال ثنا سهل بن عثمان قال ثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز. قال:

انطلق الربيع بن خيثم وعبد الله بن مسعود إلى شاطئ الفرات، فمر بتلك الحدادين فلما رأى تلك النيران خر مغشيا عليه، فرجع إليه فقال: يا ربيع فلم يجبه، فانطلق فصلى بالناس العصر ثم رجع إليه يا ربيع يا ربيع فلم يجبه، ثم انطلق فصلى بالناس المغرب ثم رجع يا ربيع يا ربيع فلم يجبه، حتى ضربه برد السحر. رواه أبو وائل عن عبد الله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا عيسى بن سليم عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خيثم، فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديدة في النار، فنظر ربيع إليها فتمايل ليسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ الفرات، فلما رأى عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية {(إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا)} إلى قوله:{(ثبورا)} قال فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به إلى أهله، قال ثم رابطه إلى المغرب فلم يفق، ثم إنه أفاق فرجع عبد الله إلى أهله.

• حدثنا [عن] عبد الله بن محمد الكواء: [أنه قال] للربيع: ما نراك تعيب أحدا ولا تذمه؟ فقال: ويلك يا ابن الكواء ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذنبي إلى حديث، إن الناس خافوا الله تعالى على ذنوب الناس وأمنوه على نفوسهم.

ص: 110

قال ثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن نسير بن ذعلوق عن بكر

(1)

بن ماعز.

قال قال الربيع بن خيثم: الناس رجلان مؤمن وجاهل، فأما المؤمن فلا تؤذه، وأما الجاهل فلا تجاهله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الوليد بن شجاع قال ثنا خلف بن خليفة عن سيار عن أبي الحكم عن أبي وائل قال: أتينا الربيع بن خيثم فقال ما جاء بكم؟ قلنا جئنا لنحمد الله ونحمده معك، وتذكر الله ونذكره معك، قال الحمد لله إذ لم تأتوني تقولون جئنا تشرب فنشرب معك، وتزني فنزني معك.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا الوليد بن شجاع قال ثنا عطاء بن مسلم قال سمعت العلاء بن المسيب يقول: سرق للربيع بن خيثم فرس فقال أهل مجلسه ادع الله عليه، قال بل أدع الله له؛ اللهم إن كان غنيا فأقبل بقلبه، وإن كان فقيرا فأغنه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن نسير عن هبيرة بن خزيمة قال: أنا أول من أتى الربيع بن خيثم بقتل الحسين بن علي.

• وحدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أحمد ابن إبراهيم قال ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا زكريا بن سلام عن بلال بن المنذر قال قال رجل: إن لم أستخرج اليوم سيئة من الربيع لأحد لم أستخرجها أبدا، قال قلت يا أبا يزيد قتل ابن فاطمة عليهما السلام، قال فاسترجع ثم تلا هذه الآية {(قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون)} قال قلت ما تقول؟ قال: ما أقول إلى الله إيابهم وعلى الله حسابهم. لفظ هاشم بن القاسم.

• حدثنا أبو أحمد قال ثنا أحمد بن موسى بن العباس قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه. قال: كانت وصية الربيع؛ هذا ما أوصى به الربيع.

• وحدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن زائدة عن منذر

(1)

هنا آخر حرم نسخة جدة

ص: 111

الثوري عن الربيع: أنه أوصى عند موته فقال: هذا ما أوصى به الربيع على نفسه وأشهد الله عليه وكفى به شهيدا، وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا، إني رضيت بالله ربا، وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، ورضيت لنفسي ومن أطاعني بأن أعبد الله في العابدين، وأحمده في الحامدين، وأنصح لجماعة المسلمين. ورواه شعبة عن سعيد بن مسروق عن الربيع. قال شعبة فقلت لسعيد من حدثك بهذا؟ قال حدثنيه الحي عن الربيع مثله.

• حدثنا عبد الرحمن ابن العباس قال ثنا إبراهيم الحربي قال ثنا محمد بن مقاتل قال ثنا ابن المبارك عن سفيان. وحدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا جعفر بن الصباح قال ثنا يعقوب الدورقي قال ثنا أشجعي قال سمعت سفيان يقول قال الربيع بن خيثم:

أريدوا بهذا الخير الله تنالوه لا بغيره، وأكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله فإن الغائب إذا طالت غيبته وجبت محبته، وانتظره أهله، وأوشك أن يقدم عليهم رواه بشير عن بكر بن عامر عنه مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن عبد الله بن مصعب قال ثنا عبد الجبار بن العلاء قال ثنا مروان بن معاوية قال ثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال قال الربيع: يا منذر قلت لبيك، قال لا يغرنك كثرة [ثناء] الناس من نفسك فإنه خالص إليك عملك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا زياد ابن أيوب قال ثنا علي بن يزيد قال ثنا [الصدائي قال حدثنا عبد الرحمن بن عجلان. قال: بت عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي. فمر بهذه الآية {(أم حسب الذين اجترحوا السيئات)} الآية. فمكث ليلته حتى أصبح ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا زياد بن أيوب قال حدثنا علي بن يزيد

(1)

] قال ثنا حماد الأصم الحماني عمن حدثه عن بعض أصحاب الربيع قال: ربما علمنا شعره عند المساء - وكان ذا وفرة - ثم يصبح والعلامة كما هي، فيعرف أن

(1)

ما بين المربعين من هامش نسخة جدة.

ص: 112

الربيع لم يضع جنبه ليلة على فراشه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا يوسف الصفار قال ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم، قالوا: قيل للربيع بن خيثم: ألا تتمثل ببيت شعر فقد كان أصحابك يتمثلون؟ قال ما من شيء يتمثل به إلا كتب، وأنا أكره أن أقرأ في أمامي بيت شعر يوم القيامة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هناد قال ثنا ابن فضيل عن أبيه عن ابن مسروق عن الربيع بن خيثم: أنه لبس قميصا سنبلانيا

(1)

أراه ثمن ثلاثة دراهم أو أربعة، فإذا به كمه بلغ أظفاره، وإذا أرسله بلغ ساعده، وإذا رأى بياض القميص قال أي عبيد تواضع لربك، ثم يقول أي لحيمة أي دمية كيف تصنعان إذا {سيرت الجبال} و {دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم} .

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال حدثنا يحيى بن سعيد قال ثنا أبو حيان قال حدثني أبي قال:

كان الربيع بعد ما سقط شقه يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحاب عبد الله يقولون يا أبا يزيد لقد رخص لله لك لو صليت في بيتك فيقول: إنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح فمن سمع منكم ينادى حى على الفلاح فليجبه ولو زحفا، ولو حبوا. رواه جرير عن أبي حيان نحوه.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس الثقفي قال ثنا محمد ابن الصباح قال ثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة، فقيل له إنه قد رخص لك قال قد علمت ولكن أسمع النداء بالفلاح.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن أبى يعلى عن

(1)

السنبلانى السابغ الطول وقال الهروى يحتمل أن يكون منسوبا إلى موضع من المواضع. وقوله: بلغ أظفاره كذا فى الاصلين: ولعل فى العبارة تقديما وتأخيرا أعنى به فاذا كمه بلغ ساعده واذا أرسله بلغ أظفاره.

ص: 113

الربيع. قال: ما أحب مناشدة العبد لربه عز وجل، يقول رب قضيت على نفسك الرحمة، قضيت على نفسك كذا يستبطئ، وما رأيت أحدا يقول قد أديت الذي علي فأد ما عليك.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم الحربي قال ثنا أبو بكر قال ثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر بن ماعز.

قال: كان الربيع يقول: أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن الربيع بن خيثم. قال: ما غائب ينتظره المؤمن خير من الموت.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا ابن مهدى عن سرية الربيع.

قال

(1)

: لما حضر الربيع بكت ابنته. فقال: يا بنية لم تبكين؟ قولي يا بشراي أتى الخير.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا حسين بن علي عن محمد عن رجل من أسلم من المبكرين إلى المسجد. قال:

كان الربيع بن خيثم إذا سجد كأنه ثوب مطروح، فتجئ العصافير فتقع عليه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أحمد ابن إبراهيم قال ثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن سفيان. قال: بلغنا أن أم الربيع بن خيثم كانت تنادي ابنها الربيع فتقول: يا بني يا ربيع ألا تنام؟ فيقول يا أمه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام. قال فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء [والسهر نادته فقالت: يا بني لعلك قتلت قتيلا؟ فقال نعم يا والده قد قتلت قتيلا. قالت: ومن هذا القتيل يا بني حتى يتحمل على أهله فيعفون؟ والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء والسهر]

(2)

بعد لقد رحموك. فيقول: يا والده هي نفسي.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا أبو أيوب قال ثنا سليمان قال سمعت مالك ابن دينار يقول: قالت ابنة الربيع للربيع: يا أبت لم لا تنام والناس ينامون؟

(1)

كذا بالنسختين، وسياق العبارة قالت.

(2)

ما بين المربعين فى نسخة جدة ولم ترد فى الأزهرية.

ص: 114

فقال: إن البيات النار لا تدع أباك أن ينام.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هناد بن السري قال ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن عجلان نسير بن ذعلوق. قال: كان الربيع بن خيثم يقول إذا جاء سائل: أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هناد بن السري قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن بكر بن ماغر. قال: كان بالربيع بن خيثم خبل من الفالج، وكان يسيل من فيه لعاب، فمسحته يوما فرآني كرهت ذلك. فقال: والله ما أحب ما غني الديلم

(1)

على الله عز وجل.

رواه المبارك بن سعيد عن أبيه عن الربيع نحوه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبو معمر قال ثنا مبارك بن سعيد عن أبيه قال: قيل لأبي وائل: أأنت أكبر أم الربيع بن خيثم؟ قال أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا سريج بن يونس قال ثنا إسماعيل بن جعفر بن حبيب بن حسان عن مسلم البطين: أن الربيع بن خيثم جاءته ابنته فقالت يا أبتاه أذهب ألعب؟ قال اذهبى فقولى خيرا.

• حدثنا احمد ابن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا أبو قدامة عن عبيد الله ابن سعيد قال ثنا سفيان عن سالم بن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع ابن خيثم. قال: حرف وأيما حرف! {من يطع الرسول فقد أطاع الله} .

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس قال ثنا بن زبيد عن حصين: قال قال الربيع بن خيثم: عجبت لملك الموت ولثلاثة؛ لملك يمنع في حصونه يأتيه ملك الموت فينزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ومسكين منبوذ فى الطريق يقذره الناس أن يدنو منه لا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه

(2)

ويدع قذره.

(1)

كذا فى الأصلين غنى الديلم، والمعنى غنى الديلم على ثواب الله عز وجل.

(2)

سقط ذكر الثالث ولعله: ولطبيب يأتيه ملك الموت فينزع نفسه ويدع إلى آخره.

ص: 115

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا البغوي قال ثنا أحمد بن زهير قال ثنا غسان بن المفصل الغلابي قال: سمعت من يذكر أن الربيع بن خيثم كان بالأهواز ومعه صاحب له، فنظرت إليه امرأة فتعرضت له فدعته إلى نفسها، فبكى الشيخ فقال له صاحبه ما يبكيك؟ قال إنها لم تطمع في شيخين إلا رأت شيوخا مثلنا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا سعيد بن يحيى الأموي. قال: وحدثني أبي عن مالك بن مغول عن حسن - يعني ابن صالح - قال: قيل للربيع بن خيثم لو جالستنا؟ فقال لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة فسد علي.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا وكيع عن مالك بن مغول عن الشعبي. قال: ما جلس الربيع في مجلس منذ تأزر. وقال أخاف أن يظلم رجلا فلا أنصره، أو يعتدي رجل على رجل فأكلف عليه الشهادة، ولا أغض البصر، ولا أهدى السبيل، أو يقع الحامل فلا أحمل عليه.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا وكيع عن الأعمش عن منذر عن الربيع بن خيثم: أنه كان يكنس الحش بنفسه، فقيل له إنك تكفى هذا قال إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.

• حدثنا أبو أحمد الغطريفي قال ثنا الحسين بن شقيق قال ثنا غالب بن الوزير الغزي قال ثنا ضمرة قال ثنا حفص بن عمر. قال: كان الربيع ابن خيثم لا يعطي السائل أقل من رغيف، ويقول إني لأستحي من ربي عز وجل أن أرى غدا في ميزاني نصف رغيف.

‌أسند الربيع بن خيثم غير حديث فمما أسند

ص: 116

عن أبي يعلى منذر الثوري عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه خط خطا مربعا، وجعل في وسط الخط خطا، وجعل خطا خارجا من الأربعة دارة، وجعل حوله حروفا وخط حولها خطوطا، فقال «المربع الأجل، والخط الوسط الإنسان، وهذه الدارة الخارجة الأمل، وهذه الحروف الأغراض، فالأغراض تصيبه من كل مكان كلما انفلت من واحدة أخذت واحدة، والأجل قد حال دون الأمل» لفظ سليمان. وقال يحيى بن سعيد: هذه الخطوط التي إلى جانبها الأغراض تنهشه من كل مكان، إن أخطأ هذا أصابه هذا، وإن الخط المربع الأجل المحيط به والخط الخارج الأمر. حديث صحيح متفق على صحته لم يروه عن الربيع إلا منذر.

• حدثنا محمد بن عبد الله الكاتب قال ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال ثنا عبيد بن معاذ

(1)

قال ثنا شعبة عن علي بن مدرك عن إبراهيم النخعى عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن كل ليلة؟» قالوا ومن يطيق ذلك؟ قال «قل هو الله أحد» . هذا حديث غريب من حديث الربيع بهذا الإسناد تفرد به معاذ بن معاذ عن شعبة، ورواه هلال بن يساف عن الربيع فخالف إبراهيم النخعي.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا ابن غالب قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خيثم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب الأنصاري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ليلته بثلث القرآن» فأشفقنا أن يأمرنا بأمر نعجز عنه قال فسكتنا فقالها ثلاث مرات «أن يقرأ بثلث القرآن فإنه من قرأ الله الواحد الصمد فقد قرأ ليلته ثلث القرآن» رواه فضيل بن عياض فى آخرين عن منصور

(1)

كذا بالأصلين ولم نعثر عليه، ولعله يريد عبيد عن معاذ بن معاذ التيمى العنبرى كما قال فى آخر الحديث.

ص: 117

عن هلال متفق عليه.

• حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم قال ثنا جعفر بن محمد الصائغ قال ثنا غسان بن الربيع قال ثنا جعفر بن ميسرة عن هلال أبي ضياء عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«كل قرض يقرضه الرجل يكتب صدقة» . غريب من حديث هلال والربيع، تفرد به جعفر بن ميسرة ولم نكتبه إلا من حديث غسان وحدث به الفضل ابن سهل عن غسان مثله.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا عبد الرحيم بن واقد قال حدثنا مسعدة بن صدقة أبو الحسن قال ثنا سفيان الثوري عن أبيه عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزلة، ولا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق، ومن جحر إلى جحر، كالطير بفراخه وكالثعلب بأشباله» ثم قال «ما أبقاه في ذلك الزمان راعي غنم أقام الصلاة بعلم ويؤتي الزكاة ويعتزل الناس إلا من خير، ولشاة عفراء أرعاها بسلع أحب إلي من ملك بني النضير، وذلك إذا كان كذا وكذا» . غريب من حديث الربيع ومن حديث الثوري لم يروه عنه إلا مسعدة ولا كتبناه إلا من حديث عبد الرحيم بن واقد عاليا.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني إبراهيم بن سعيد الطبري قال ثنا أبو اليمان عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يستمع الله عز وجل من مسمع، ولا مرائى، ولالاه ولا ملاعب» وسمع رجلا يتغنى من الليل فقال «لا صلاة له حتى يصلي مثلها ثلاث مرات» غريب من حديث الربيع ما كتبناه إلا بهذا الإسناد.

ص: 118

‌هرم بن حيان

ومنهم الهائم الحيران، القائم العطشان، هرم بن حيان، عاش في حبه ولهان حرقا، وعاد قبره حين دفن ريان غدقا.

وقد قيل: إن التصوف الاحتراق حذار الافتراق، والاشتياق لدار الاستباق.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر حدثني مطر الوراق. قال: بات هرم ابن حيان العبدي عند حممة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبات حممة ليلته يبكي كلها حتى أصبح، فلما أصبح قال له هرم: يا حممة ما أبكاك؟ قال ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فتخرج من فيها، [و] تناثر نجوم السماء فأبكاني ذلك. قال: وكانا يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان سوق الريحان فيسألان الله تعالى الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين فيتعوذان من النار، ثم يفترقان إلى منازلهما.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة قال: ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد بن سليمان عن يوسف بن عطية قال: ثنا المعلى بن زياد.

قال: كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته؛ عجبت من الجنة كيف ينام طالبها، وعجبت من النار كيف ينام هاربها، ثم قرأ {(أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون)} ثم يقرأ والعصر، وألهاكم، ثم يرجع إلى أهله.

• أخبرنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان بن أبى قال ثنا أبو حمزة العطار قال ثنا إسحاق بن الربيع قال:

ثنا الحسن عن هرم بن حيان العبدي: أنه كان يقول: ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها. قال: وكان يقول: أخرجوا من قلوبكم حب الدنيا، وأدخلوا قلوبكم حب الآخرة.

ص: 119

أبو همام الوليد بن شجاع قال ثنا مخلد - يعني ابن حسين - عن هشام وعن الحسن. قال: خرج هرم بن حيان وعبد الله بن عامر يؤمان الحجاز؛ فجعل أعناق رواحلهما تخالجان الشجر، فقال هرم لابن عامر: أتحب أنك شجرة من هذه الشجر؟ فقال ابن عامر لا والله إنا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع من ذلك. قال له هرم - وكان أفقه الرجلين وأعلمهما بالله - لكني والله لوددت أني شجرة من هذا الشجر قد أكلتنى هذه الراحلة ثم قذفتنى بعرا ولم أكابد الحساب يوم القيامة، إما إلى الجنة وإما إلى النار، ويحك يا ابن عامر إني أخاف الداهية الكبرى رواه جرير عن جابر عن حميد بن هلال نحوه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسن الحذاء قال ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال حدثني يحيى بن المظفر قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار. قال:

استعمل هرم بن حيان فظن أن قومه سيأتونه، فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم، فجاءه قومه يسلمون عليه من بعيد فقال مرحبا بقومى ادنوا، قالوا والله ما نستطيع أن ندنو منك لقد حالت النار بينا وبينك.

قال وأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها، في نار جهنم. قال: فرجعوا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا خلف بن خليفة قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد: قال قال هرم بن حيان: اللهم إني أعوذ بك من شر زمان تمرد فيه صغيرهم، وتآمر فيه كبيرهم، وتقرب فيه آجالهم رواه الحسن عن هرم مثله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا خلف بن خليفة عن أصبغ الوراق عن أبي نضرة: أن عمر رضي الله تعالى عنه بعث هرم بن حيان على الخيل، فغضب على رجل فأمر به فوجئت عنقه ثم أقبل على أصحابه فقال: لا جزاكم الله خيرا ما نصحتموني حين قلت

(1)

، ولا كففتموني عن غضبي، والله لا ألي لكم عملا. ثم كتب إلى

(1)

فى النسختين: قتلت وفى هامش ج عن نسخة (قلت) ولعل ذلك الصواب.

ص: 120

عمر يا أمير المؤمنين لا طاقة لي بالرعية فابعث إلى عملك.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن الحسن الحذاء قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا عبد الصمد ابن عبد الوارث قال ثنا أبو الأشهب قال ثنا الحسن: أن هرم بن حيان كان على بعض تلك المغازي، فاستأذنه رجل وهو يرى أنه يستأذنه لبعض الحوائج فلحق بأهله فلبث ما لبث ثم جاء فقال له: أين كنت؟ قال استأذنتك يوم كذا فأذنت لي، قال فأردت ذلك لذلك؟ قال نعم! قال أبو الأشهب: فبلغني أنه قال لذلك الرجل قولا شديدا ولم يكلمه أحد من جلسائه بحيث رأوا غضبه وهو يقول لأخيه ما يقول. فقال لهم: جزاكم الله من جلساء شرا تروني أقول لأخي ما أقول ولم ينهني أحد منكم عن ذلك، اللهم خلف رجال السوء لزمان السوء. رواه هشام عن الحسن نحوه وسليمان بن المغيرة عن حميد ابن هلال نحوه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال ثنا الحسين بن محمد عن شيبان عن قتادة. قال: ذكر لنا أن هرم بن حيان لما حضره الموت قيل له أوص، قال ما أدري ما أوصي ولكن بيعوا درعى فاقضوا عني ديني، فإن لم يف فبيعوا غلامي وأوصيكم بخواتيم النحل {(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)} .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر ابن موسى قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد ابن هلال. قال: قيل لهرم بن حيان العبدي: أوص قال صدقتني نفسي في الحياة وما لي شيء أوصي به، ولكني أوصيكم بخواتيم سورة النحل.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن إسماعيل قال ثنا خلف ابن خليفة عن عون بن شداد عن هرم بن حيان: أنه حين نزل به الموت قالوا له: يا هرم أوص قال أوصيكم أن تقضوا عني ديني، قالوا وما توصي يا هرم؟ قال أوصيكم بآخر سورة النحل، ثم قرأ عليهم {(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)} إلى قوله {(والذين هم محسنون)} رواه شعبة عن ابن يونس عن أبي قزعة. والجريري عن أبي نضرة وهشام وأبي حمزة عن الحسن عن هرم نحوه.

ص: 121

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الواحد الحداد عن المنذر عن ثعلبة عن محمد بن زيد العبدي. قال:

كان هرم إذا رأى أهله يكثرون الضحك أمرهم بالصلاة. قال عبد الله وحدثني من سمع أبا عبد الله عبد الواحد بإسناده وقال: أمرهم بالصلاة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب قال قال هرم بن حيان:

لو قيل لي إني من أهل النار لم أدع العمل، لئلا تلومني نفسي فتقول ألا صنعت، ألا فعلت.

• حدثنا أبو إسحاق بن حمزة قال ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد ابن سليمان عن عبد الواحد بن سليمان البراء

(1)

قال ثنا هشام بن حسان عن الحسن قال: مات هرم بن حيان في يوم صائف شديد الحر، فلما نفضوا أيديهم عن قبره جاءت سحابة تسير حتى قامت على قبره، فلم تكن أطول منه ولا أقصر منه، ورشته حتى روته ثم انصرفت.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك قال ثنا أيوب بن محمد الوزان قال ثنا ضمرة عن السري بن يحيى عن قتادة قال: أمطر قبر هرم بن حيان من يومه، وأنبت العشب من يومه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا حسين المروزي قال ثنا عمرو بن حمدان أبو النضر قال ثنا هشام عن الحسن.

قال: لما مات هرم بن حيان رحمة الله عليه ورضوانه جاءته سحابة فظللت سريره، فلما دفن رشت على القبر فما أصاب حول القبر شيئا.

‌أبو مسلم الخولاني

ومنهم المتخلي عن الهموم والكرب، المتسلي بالأوراد والنوب، الخولاني أبو مسلم عبد الله بن ثوب. حكيم الأمة وممثلها، ومديم الخدمة ومحررها.

وقد قيل: إن التصوف التخلى عن المنقضى الفانى، والتسلى بالمتحدى الباقى.

(1)

كذا فى ز وفى ج وضبطه بفتحات ولم اقف عليه.

ص: 122

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن الحسن قال ثنا أبو حميد أحمد بن محمد بن سيار الحمصي قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا عطاء بن يزيد عن علقمة بن مرثد. قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين منهم أبو مسلم الخولاني، وكان لا يجالس أحدا قط، ولا يتكلم في شيء من أمر الدنيا إلا تحول عنه، فدخل ذات يوم المسجد فنظر إلى نفر قد اجتمعوا فرجا أن يكونوا على ذكر خير فجلس إليهم، فإذا بعضهم يقول قدم غلامي فأصاب كذا وكذا. وقال آخر جهزت غلامي، فنظر إليهم فقال: سبحان الله أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ كرجل أصابه مطر غزير وابل فالتفت فإذا هو بمصر اعين عظيمين، فقال لو دخلت هذا البيت حتى يذهب عني هذا المطر فدخل فإذا البيت لا سقف له، جلست إليكم وأنا أرجو أن تكونوا على ذكر وخير فإذا أنتم أصحاب الدنيا.

وقال له قائل - حين كبر ورق - لو قصرت عن بعض ما تصنع؟ فقال: أرأيتم لو أرسلتم الخيل فى الخيلة

(1)

ألستم تقولون لفارسها دعها وارفق بها، حتى إذا رأيتم الغاية فلا تستبقوا منها شيئا؟ قالوا بلى! قال: فإنى أبصرت الغابة وإن لكل ساع غاية، وغاية كل ساع الموت، فسابق ومسبوق.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا حسين المروزي قال ثنا ابن المبارك قال ثنا إبراهيم بن نشيط قال ثنا الحسن بن ثوبان: أن أبا مسلم الخولاني دخل المسجد فنظر إلى نفر قد اجتمعوا فذكر مثله سواء، إلى قوله فإذا أنتم أصحاب دنيا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أسامة قال ثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن مسلم. قال: قال أبو مسلم الخولاني: كان الناس ورقا لا شوك فيه، فإنهم اليوم شوك لا ورق فيه، إن ساببتهم سابوك، وإن ناقدتهم ناقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك. رواه صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبي مسلم مثله. وزاد:

وإن نفرت منهم يدركوك. قال: فما أصنع؟ قال هب عرضك ليوم فقرك،

(1)

كذا فى الأصلين ولعله تصحيف (الحلبة) وهى الخيل التى تجمع للسباق.

ص: 123

وخذ شيء من لا شيء.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان بن عمرويه:

حدثنا محمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا المقرئ قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا ابن هبيرة: أن كعبا كان يقول: إن حكيم هذه الأمة أبو مسلم الخولاني.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر عن مالك ابن دينار. قال: بلغنا أن كعبا رأى أبا مسلم الخولاني فقال من هذا؟ قالوا هذا أبو مسلم الخولاني، قال هذا حكيم هذه الأمة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا محمد بن الصباح قال ثنا سفيان قال سمعت أبا هارون موسى بن عيسى يقول: كان يقال إن أبا مسلم الخولاني ممثل هذه الأمة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني يحيى بن عثمان الحربي قال ثنا أبو المليح عن يزيد - يعني ابن جابر - قال: كان أبو مسلم الخولاني يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان، وكان يقول اذكروا الله حتى يرى الجاهل أنكم مجانين.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن الحسن. قال: قال أبو مسلم الخولاني:

أرأيتم نفسا إن أنا أكرمتها ونعمتها وودعتها ذمتنى غدا عند الله، وإن أنا أسخطتها وأنصبتها وأعملتها - أو كما قال - رضيت عني غدا؟ قالوا من تيكم يا أبا مسلم؟ قال تيكم والله نفسي.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي قال ثنا مروان قال ثنا محمد الظاهري قال ثنا سعيد بن عبد العزيز. قال: قال أبو مسلم الخولاني: لو قيل لى إن جهنم تسعر ما استطعت أن أزيد في عملي.

ص: 124

قال ثنا حماد سلمة عن القاسم: أن أبا مسلم الخولاني أسلم على عهد معاوية.

فقيل ما منعك أن تسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم؟ فقال إني وجدت هذه الأمة على ثلاثة أصناف؛ صنف يدخلون الجنة بغير حساب، وصنف يحاسبون حسابا يسيرا، وصنف يصيبهم شيء ثم يدخلون الجنة، فأردت أن أكون من الأولين، فإن لم أكن منهم كنت من الذين يحاسبون حسابا يسيرا، فإن لم أكن منهم كنت من الذين يصيبهم شيء ثم يدخلون الجنة. كذا رواه أسلم على عهد معاوية، ولكن هاجر إلى الأرض المقدسة في أيام معاوية

(1)

وسكنها.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الصباح قال ثنا علي بن ثابت عن جعفر بن برقان عن أبي عبد الله الحرسي - وكان من حرس عمر بن عبد العزيز. قال: دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان وقال السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس الأمير يا أبا مسلم، ثم قال السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس الأمير؟ فقال معاوية دعوا أبا مسلم هو أعلم بما يقول، قال أبو مسلم: إنما مثلك مثل رجل استأجر أجيرا فولاه ماشيته وجعل له الأجر على أن يحسن الرعية ويوفر جزازها وألبانها، فإن هو أحسن رعيتها ووفر جزازها حتى تلحق الصغيرة وتسمن العجفاء أعطاه أجره وزاد من قبله زيادة، وإن هو لم يحسن رعيتها وأضاعها حتى تهلك العجفاء وتعجف السمينة ولم يوفر جزازها وألبانها غضب عليه صاحب الأجر فعاقبه ولم يعطه الأجر. فقال معاوية: ما شاء الله كان.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا هارون بن عبد الله قال: ثنا سيار قال ثنا عبيد الله بن شميط عن أبيه قال: كان أبو مسلم الخولاني يطوف ينعي الإسلام، فأتى معاوية فقيل له فأرسل إليه فدعاه

(2)

فقال له ما اسمك؟ قال

(1)

فى الأصلين: فى أيام معاوية ابن عمر وسكنها واحسب أن لفظ ابن عمر سقط قبلها كلمة من الناسخ.

(2)

كذا فى ز وفى ج: فأتى معاوية فدعاه فقال له ما اسمك الخ.

ولعل ذلك الصواب.

ص: 125

معاوية قال بل أنت حدوثة قبر عن قليل: إن عملت خيرا أجزيت به، وإن عملت شرا أجزيت به يا معاوية إن عدلت على أهل الأرض جميعا ثم جرت على رجل واحد مال جورك بعدلك.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا الهيثم بن خارجة ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي مسلم الخولاني: أنه كان إذا وقف على خربة. قال: يا خربة أين أهلك؟ ذهبوا وبقيت أعمالهم، وانقطعت الشهوات وبقيت الخطيئة، ابن آدم ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا المغيرة قال: ثنا هشام بن الغاز حدثنى يونس الهرم عن أبي مسلم الخولاني: أنه نادى معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على منبر دمشق.

فقال: يا معاوية إنما أنت قبر من القبور إن جئت بشيء كان لك شيء، وإن لم تجئ بشيء فلا شيء لك، يا معاوية لا تحسبن الخلافة جمع المال وتفرقه ولكن الخلافة العمل بالحق، والقول بالمعدلة، وأخذ الناس في ذات الله عز وجل، يا معاوية إنا لا نبالي بكدر الأنهار ما صفت لنا رأس عيننا وإنك رأس عيننا، يا معاوية إياك أن تحيف على قبيلة من قبائل العرب فيذهب حيفك بعدلك، فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال: يرحمك الله.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي مسلم الخولاني. قال: مثل الإمام كمثل عين عظيمة صافية طيبة الماء يجري منها إلى نهر عظيم فيخوض الناس النهر فيكدرونه، ويعود عليهم صفو العين، فإن كان الكدر من قبل العين فسد النهر. قال: ومثل الإمام ومثل الناس كمثل فسطاط لا يستقل إلا بعمود، لا يقوم العمود إلا بالأطناب - أو قال بالأوتاد - فكلما نزع وتدا زاد العمود وهنا؛ لا يصلح الناس إلا بالإمام، ولا يصلح الإمام إلا بالناس.

ص: 126

الزهري قال ثنا ابن المبارك قال ثنا إسماعيل بن عياش حدثني شرحبيل بن مسلم الخولاني عن عمر بن سيف الخولاني: أنه سمع أبا مسلم الخولاني يقول:

لأن يولد [لي] مولود يحسن الله نباته حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون إلي قبضه الله مني أحب إلي من أن يكون لي الدنيا وما فيها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا الحكم بن نافع قال ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم: أن رجلين أتيا أبا مسلم الخولاني في منزله فقال بعض أهله هو في المسجد، فأتيا المسجد فوجداه يركع فانتظرا انصرافه وأحصيا ركوعه فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاثمائة، والآخر أربعمائة قبل أن ينصرف.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال حدثنا أبو المغيرة حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني حدثني عطية بن قيس: أن أناسا من أهل دمشق أتوا أبا مسلم الخولاني في منزله - وكان غازيا بأرض الروم - فوجدوه قد احتفر في فسطاطه حفرة ووضع فى الحفرة نظعا وأفرغ ماء فهو يتصلق فيه وهو صائم. فقال له النفر ما يحملك على الصيام وأنت مسافر وقد رخص الله تعالى لك الفطر في السفر والغزو. فقال: لو حضر قتال لأفطرت وتقويت للقتال، إن الخيل لا تجرى الغايات وهى بدنى، انما تجرى وهى ضمرات، بين أيدينا أياما لها نعمل.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الوليد ابن شجاع قال ثنا الوليد - يعني ابن مسلم - عن عثمان بن أبي العاتكة. قال:

كان من أمر أبي مسلم الخولاني أن علق سوطا فى مسجده ويقول: أنا أولى بالسواط من الدواب، فاذا دخلته فترة مشق ساقه سوطا أو سوطين. وكان يقول: لو رأيت الجنة عيانا ما كان عندي مستزاد، ولو رأيت النار عيانا ما كان عندي مستزاد.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا عمرو بن علي قال ثنا معتمر قال سمعت سليمان بن يزيد العدوي يقول قال أبو مسلم: يا أم مسلم سوي رحلك فانه ليس على جهنم معبرة.

ص: 127

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا خلاد بن يحيى قال ثنا سفيان بن عبد الملك بن عمير عن أبي مسلم الخولاني. قال:

أربع لا يتقبلن في أربع؛ في جهاد، ولا حج، ولا عمرة، ولا صدقة؛ الغول، ومال اليتيم، والخيانة، والسرقة. رواه جرير وعنبسة في جماعة عن عبد الملك.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن عبد الملك قال ثنا أبو اليمان قال ثنا إسماعيل عن شرحبيل بن مسلم عن مسلم الخولاني:

أن كعب الأحبار قال له كيف تجد لك قومك يا أبا مسلم؟ [أجدهم يا أبا إسحاق يجلوني ويكرموني فقال له كعب: ما هكذا تقول التوراة يا أبا مسلم.

فقال]

(1)

أبو مسلم وكيف تقول التوراة يا أبا إسحاق؟ فقال كعب يا أبا مسلم إن التوراة: نقول إن أعدى الناس بالرجل الصالح قومه يخاصمه الأقرب فالأقرب، قال أبو مسلم وصدقت التوراة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال وجدت في كتاب أبي بخط يده - يحدث عن محمد بن شعيب عن بعض مشيخة دمشق قال:

أقبلنا من أرض الروم قال فلما خرجنا من حمص متوجهين إلى دمشق مررنا بالعمير الذي يلي حمص على نحو من أربعة أميال في آخر الليل، فلما سمع الراهب الذي في الصومعة كلامنا اطلع الينا. فقال: ما أنتم يا قوم؟ فقلنا ناس من أهل دمشق أقبلنا من أرض الروم، فقال هل تعرفون أبا مسلم الخولاني؟ فقلنا نعم! قال فاذا أتيتموه فاقرءوه السلام وأعلموه أنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم عليه السلام، أما إنكم إن كنتم تعرفونه لا تجدونه حيا. قال فلما أشرفنا الغوطة بلغنا موته.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا عبد الملك بن محمد بن عدي قال ثنا صالح بن علي النوفلي قال ثنا عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل الخولاني. قال: بينا الأسود بن قيس بن ذى الحمار

(1)

ما بين المربعين عن هامش نسخة جدة فقط.

ص: 128

العنسي

(1)

باليمن، فأرسل إلى أبي مسلم فقال له أتشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله؟ قال نعم قال فتشهد أني رسول الله؟ قال ما أسمع.

قال فأمر بنار عظيمة فأججت وطرح فيها أبو مسلم فلم تضره، فقال له أهل مملكته: إن تركت هذا في بلدك أفسدها عليك، فأمره بالرحيل فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، فعقل [راحلته] على باب المسجد وقام إلى سارية من سوارى المسجد يصلى إليها، فبصره به عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأتاه فقال من أين الرجل؟ قال من اليمن، قال فما فعل عدو الله بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره، قال ذاك عبد الله بن ثوب. قال: نشدتك بالله أنت هو؟ قال اللهم نعم! قال فقبل ما بين عينيه ثم جاء [به] حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر. وقال: الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم [خليل الرحمن] عليه السلام. قال: الحوطي قال إسماعيل فأنا أدركت قوما من المدادين الذين مدوا من اليمن يقولون لقوم عن عنس: صاحبكم الذي حرق صاحبنا بالنار فلم تضره. أخبرنا ثابت بن أحمد قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الملك مثله والسياق له.

• حدثنا محمد بن حيان قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد قال حدثني أبي قال ثنا ضمرة عن بلال بن كعب العكي. قال: كان الظبي يمر بأبي مسلم الخولاني فيقول له الصبيان ادع الله يحبسه علينا نأخذه بأيدينا، فكان يدعو الله عز وجل فيحبسه حتى يأخذوه بأيديهم.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أبو زرعة قال ثنا سعيد بن أسد قال ثنا ضمرة عن عثمان بن عطاء عن أبيه. قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف إلى منزله من المسجد كبر على باب منزله فتكبر امرأته، فإذا كان فى صحن داره

(1)

فى الازهرية العنبسى وفى الحجازية العنبشى وهو خطأ والتصحيح عن أنساب السمعانى، وهو الأسود العنسى الذى ادعى النبوة وقوله: أتشهد أن محمدا رسول الله (إلى قوله) ما أسمع. فى غير الأصل مكرر مرتين وكذا فى مختصر الحلية.

ص: 129

كبر فتجيبه امرأته، [وإذا بلغ باب بيته كبر فتجيبه امرأته] فانصرف ذات ليلة فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد، [فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد فلما كان عند باب بيته كبر فلم يجبه أحد]، وكان إذا دخل بيته أخذت امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه، قال فدخل البيت فاذا البيت ليس فيه سراج وإذا امرأته جالسة في البيت منكسة تنكت بعود معها، فقال لها مالك؟ قالت أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم فلو سألته فأخدمنا وأعطاك، فقال اللهم من أفسد علي امرأتي فأعم بصرها. قال: وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت لها زوجك له منزلة من معاوية فلو قلت له يسأل معاوية يخدمه ويعطيه عشتم، قال فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها، فقالت ما لسراجكم طفئ؟ قالوا لا، فعرفت ذنبها فأقبلت إلى أبي مسلم تبكي وتسأله أن يدعو الله عز وجل لها أن يرد عليها بصرها، قال فرحمها أبو مسلم فدعا الله لها فرد عليها بصرها.

‌ومن مسانيد حديثه:

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الزبير بن بكار قال ثنا عبد العزيز عن ياسين بن عبد الله بن عروة عن أبي مسلم الخولاني عن معاوية بن أبي سفيان: أنه خطب الناس وقد حبس العطاء شهرين - أو ثلاثة -. فقال له أبو مسلم: يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال [أبيك ولا مال] أمك، فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا. ونزل

(1)

[فاغتسل ثم رجع فقال: أيها الناس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا بمال أبي ولا أمي وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل» اغدوا على عطاياكم على بركة الله عز وجل.

(1)

هنا نقص فى نسخة جدة اثنتى عشرة ورقة ينتهى إلى قول الحسن البصرى (فاعز الله يعزك) وسننبه على مكانه إن شاء الله، وقد عثرنا فى مكتبة تيمور باشا على تحصيل البغية مختصر الحلية فقابلنا هذا النقص عليه فما جاء بين المربعين فهو منه.

ص: 130

• حدثنا أبو بكر بن خلاد أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ثنا كثير بن هشام قال: ثنا جعفر بن برقان قال: ثنا حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني. قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا لا يتكلم ساكت، فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليس لي من هذا؟ قال هذا معاذ بن جبل، فوقع في نفسي حبه فمكثت معهم حتى تفرقوا ثم هجرت

(1)

إلى المسجد فإذا معاذ بن جبل قائم يصلى إلى سارية فصليت ثم جلست فاحتبيت بردائي وجلس فسكت لا أكلمه وسكت لا يكلمني، ثم قلت إني والله لأحبك، قال: فيم تحبني؟ قلت: في الله عز وجل. قال: فأخذ بحبوتى فجرنى إليه هنيهة ثم قال: أبشر إن كنت صادقا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» . قال: فخرجت فلقيت عبادة بن الصامت فقلت يا أبا الوليد ألا أحدثك ما حدثني به معاذ بن جبل في المتحابين؟ قال وأنا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه إلى الرب عز وجل. قال:

«حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتناصحين في» .

وعن جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «ما أوحى الله إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» . رواه جبير عن أبي مسلم مرسلا]

(2)

.

‌الحسن البصري

ومنهم حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن

(1)

هجرت: من هجر (بالتشديد) يهجر قال فى النهاية لغة حجازية أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة.

(2)

هذا الحديث من مختصر الحلية وصنيعه أن لا يذكر سند أبى نعيم ويقتصر عن رجل عن راوى فقط كما هنا.

ص: 131

أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن. الفقيه الزاهد، المتشمر العابد، كان لفضول الدنيا وزينتها نابذا، ولشهوة النفس ونخوتها واقذا

(1)

.

وقد قيل: إن التصوف التنقية من الدرن، والتوقية من البدن، للتبقية في العدن.

• حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مخلد قال ثنا أحمد بن موسى الشوطي قال ثنا محمد بن سابق قال ثنا مالك بن مغول عن محمد بن جحادة عن الحسن قال: ذهبت المعارف وبقيت المناكر، ومن بقي من المسلمين فهو مغموم.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث قال ثنا محمد بن المغيرة قال ثنا عمران بن خالد. قال: قال الحسن: إن المؤمن يصبح حزينا ويمسي حزينا ولا يسعه غير ذلك، لأنه بين مخافتين؛ بين ذنب قد مضى لا يدرى ما الله يصنع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من المهالك.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان الثوري عن يونس. قال: كان الحسن رحمه الله قلبه محزونا.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال ثنا الحجاج بن دينار. قال: كان الحكم ابن [حجل]

(2)

صديقا لابن سيرين، فلما مات ابن سيرين حزن عليه حتى جعل يعاد كما يعاد المريض، فحدث بعد قال رأيت أخي في المنام - يعني ابن سيرين - فرأيته في قصر فذكر من هيئته وأنه على أفضل حال. فقلت له: أي أخي قد أراك في حال يسرني فما صنع الحسن؟ قال رفع فوقى بتسعين

(3)

درجة، فقلت ومم ذاك؟ قال بطول حزنه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا عبيد الله بن شميط حدثني أبي. قال: سمعت الحسن يقول: إن المؤمن يصبح

(1)

الوقذ: الضرب حتى يسترخى ويشرف على الموت.

(2)

بياض فى الأصل واسم أبيه عن المختصر

(3)

وفيه: بسبعين.

ص: 132

حزينا ويمسي حزينا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة الكف من التمر والشربة من الماء.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا عبد الله بن أبي داود قال: ثنا علي بن مسلم قال: ثنا عباد عن هشام عن الحسن. قال: إن المؤمن يصبح حزينا ويمسي حزينا وينقلب في الحزن ويكفيه ما يكفي العنيزة.

• حدثنا محمد بن علي قال: ثنا أبو عروبة قال ثنا أبو الأشعث قال: ثنا حزم بن أبي حزم. قال: سمعت الحسن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما يسع المؤمن في دينه إلا الحزن.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا جعفر بن سليمان قال: ثنا إبراهيم بن عيسى اليشكري. قال: ما رأيت [أحدا] أطول حزنا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال:

ثنا محمد بن العباس بن أيوب قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا زافر بن سليمان قال:

ذكر أبو مروان بشر الرحال عن الحسن. قال: يحق لمن يعلم أن الموت مورده وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله تعالى مشهده، أن يطول حزنه.

• حدثنا مخلد بن جعفر قال ثنا سعيد بن عجب قال: ثنا سعيد بن بهلوان قال:

ثنا عباد بن كليب عن أسد بن سليمان عن الحسن. قال: طول الحزن في الدنيا تلقيح العمل الصالح.

• حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن قال: ثنا بشر بن موسى قال ثنا عبد الصمد بن حسان قال ثنا السري بن يحيى عن الحسن: أنه قال:

والله ما من الناس رجل أدرك القرن الأول أصبح بين ظهرانيكم، إلا أصبح مغموما وأمسى مغموما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت هشام بن حسان قال ثنا السري ابن يحيى عن الحسن أنه قال: والله لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا حزن وذبل، وإلا نصب، وإلا ذاب و [إلا] تعب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت حوشبا يقول: سمعت الحسن يحلف بالله يقول:

ص: 133

وليشتدن

(1)

في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أبو حميد أحمد ابن محمد الحمصي قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين؛ فمنهم الحسن بن أبي الحسن

(2)

فما رأينا أحدا من الناس كان أطول حزنا منه، ما كنا نراه إلا أنه حديث عهد بمصيبة ثم قال: نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا فقال:

لا أقبل منكم شيئا، ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة الله طاقة؟ إنه من عصى الله فقد حاربه. والله لقد أدركت سبعين بدريا أكثر لباسهم الصوف، ولو

(3)

رأيتموهم قلتم مجانين، ولو رأوا خياركم لقالوا ما لهؤلاء من خلاق، ولو رأوا شراركم لقالوا ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب. ولقد رأيت أقواما [كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ولقد رأيت أقواما] يمسي أحدهم وما يجد عنده إلا قوتا فيقول لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه.

[كتابه إلى عمر بن عبد العزيز]

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبيد الله ابن حرب بن جبلة قال ثنا حمزة بن رشيد أبو علي قال حدثني عمرو بن عبد الله القرشي عن أبي حميد الشامي قال: كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز.

وحدثني محمد بن بدر قال: ثنا حماد بن مدرك قال: ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا محمد بن يزيد الليثي قال: ثنا معن بن عيسى قال: ثنا إبراهيم عن عبد الله بن أبي الأسود عن الحسن: أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز - والسياق لأبي حميد الشامي -:

اعلم أن التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، والندم على الشر يدعو إلى

(1)

فى الأصل: وليشدن

(2)

فى الأصل: فأما الحسن الخ.

(3)

فى الأصل المختصر: سبعين بدريا لباسهم الصوف لو رأيتموهم.

ص: 134

تركه، وليس ما يفنى وإن كان كان كثيرا يعدل ما يبقى وإن كان طلبه عزيزا، واحتمال المئونة المنقطعة التي تعقب الراحة الطويلة خير من تعجيل راحة منقطعة تعقب مئونة باقية، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة التى قد تزينت بخدعها، وغرت بغرورها، وقتلت أهلها بأملها، وتشوفت لخطابها، فأصبحت كالعروس المجلوة. العيون إليها ناظرة، والنفوس لها عاشقة، والقلوب إليها والهة، ولألبابها دامغة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة. فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخر بما رأى من الأول مزدجر، ولا اللبيب بكثرة التجارب منتفع، ولا العارف [بالله] والمصدق له حين أخبر عنها مذكر. فأبت القلوب لها إلا حبا، وأبت النفوس بها إلا ضنا. وما هذا منالها إلا عشقا، ومن عشق شيئا لم يعقل غيره، ومات في طلبه أو

(1)

يظفر به، فهما عاشقان طالبان لها؛ فعاشق قد ظفر بها واغتر وطغى ونسى بها المبدأ والمعاد. فشغل بها لبه، وذهل فيها عقله، حتى زلت عنها قدمه، وجاءته أسر ما كانت له منيته

(2)

فعظمت ندامته، وكسرت حسرته، واشتدت كربته مع ما عالج من سكرته. واجتمعت عليه سكرات الموت بألمه

(3)

، وحسرة الموت بغصته، غير موصوف ما نزل به. وآخر مات قبل أن يظفر منها بحاجته فذهب بكربه وغمه لم يدرك منها ما طلب، ولم يرح نفسه من التعب والنصب. خرجا جميعا بغير زاد، وقدما على غير مهاد.

فاحذرها الحذر كله فإنها مثل الحية لئن مسها وسمها يقتل، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما عاينت من فجائعها، وأيقنت به من فراقها، وشدد ما اشتد منها لرخاء ما يصيبك

(4)

وكن [أسر] ما تكون فيها أحذر ما تكون لها، فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور له أشخصته عنها بمكروه، وكلما ظفر بشيء منها وثنى رجلا عليه انقلبت به،

(1)

فى ز: ولم يظفر به. وفيها: ونسى بها المعارف والمبدأ.

(2)

فى ز: وجاءته اشر ما كانت له حنية أو حنبة والتصحيح من التحصيل.

(3)

فى ز: بأمله.

(4)

وفيها: لرجاء وهو تصحيف.

ص: 135

فالسار فيها غار، والنافع فيها عدا صار

(1)

، وصل الرخاء فيها بالبلاء، وجعل البقاء فيها إلى فناء، سرورها مشوب بالحزن، وآخر الحياة فيها الضعف والوهن، فانظر إليها نظر الزاهد المفارق، ولا تنظر نظر العاشق الوامق واعلم أنها تزيل الثاوي الساكن، وتفجع المغرور الآمن. لا يرجع ما تولى منها فأدبر، ولا يدرى ما هو آت فيها فينتظر.

فاحذرها فإن أمانيها كاذبة، وإن آمالها باطلة، عيشها نكد، وصفوها كدر، وأنت منها على خطر. إما نعمة زائلة، وإما بلية نازلة، وإما مصيبة موجعة، وإما منية قاضية، فلقد كدت عليه المعيشة إن عقل، وهو من النعماء على خطر، ومن البلوى على حذر، ومن المنايا على يقين؛ فلو كان الخالق تعالى لم يخبر عنها بخبر، ولم يضرب لها مثلا، ولم يأمر فيها بزهد؛ لكانت.

الدار قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل، فكيف وقد جاء من الله تعالى عنها زاجر، وفيها واعظ. فما لها عند الله عز وجل قدر، ولا لها عند الله تعالى وزن من الصغر، ولا تزن عند الله تعالى مقدار حصاة من الحصا، ولا مقدار ثراة فى جميع الثرى

(2)

، ولا خلق خلقا - فيما بلغت - أبغض إليه من الدنيا، ولا نظر إليها منذ خلقها مقتالها، ولقد عرضت على نبينا صلى الله عليه وسلم بمفاتيحها وخزائنها ولم ينقصه ذلك عنده جناح بعوضة فأبى أن يقبلها، وما منعه من القبول لها، ولا ينقصه عند الله تعالى شيء إلا أنه علم أن الله تعالى أبغض شيئا فأبغضه، وصغر شيئا فصغره، ووضع شيئا فوضعه، ولو قبلها كان الدليل على حبه إياها قبولها، ولكنه كره أن يحب ما أبغض خالقه، وأن يرفع ما وضع مليكه.

ولو لم يدله على صغر هذه الدار إلا أن الله تعالى حقرها أن يجعل خيرها ثوابا المطيعين، وأن يجعل عقوبتها عذابا للعاصين. فأخرج ثواب الطاعة منها وأخرج عقوبة المعصية عنها. وقد يدلك على شر هذه الدار أن الله تعالى

(1)

فى ز: فالسار فيها غار والباقى فيها غذاء ضار.

(2)

من هنا إلى قوله وقد يكفى العاقل عن الأزهرية فقط، ولم يثبته فى المختصر

ص: 136

زواها عن أنبيائه وأحبائه اختبارا، وبسطا لغيرهم اعتبارا واغترارا؛ ويظن المغرور بها والمفتون عليها أنه إنما أكرمه بها، ونسي ما صنع بمحمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وموسى المختار عليه السلام بالكلام له وبمناجاته. «فأما محمد صلى الله عليه وسلم فشد الحجر على بطنه من الجوع» وأما موسى عليه السلام فرئى خضرة البقل من صفاق بطنه من هزاله، ما سأل الله تعالى يوم أوى إلى الظل إلا طعاما يأكله من جوعه ولقد جاءت الروايات عنه أن الله تعالى أوحى إليه؛ أن يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى قد أقبل فقل ذنب عجلت عقوبته. وإن شئت ثلثته بصاحب الروح والكلمة

(1)

ففي أمره عجيبة. كان يقول أدمي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، ودابتي رجلي، وسراجى بالليل القمر، وصلابتى في الشتاء الشمس، وفاكهتي وريحاني ما أنبتت الأرض للسباع والأنعام. أبيت وليس لي شيء وليس أحد أغنى مني. ولو شئت ربعت بسليمان ابن داود عليهما السلام، فليس دونهم في العجب. يأكل خبز الشعير في خاصته ويطعم أهله الخشكار والناس الدرمك

(2)

فإذا جنه الليل لبس المسوح وغل اليد إلى العنق وبات باكيا حتى يصبح، يأكل الخشن من الطعام ويلبس الشعر من الثياب. كل هذا يبغضون ما أبغض الله عز وجل، ويصغرون ما صغر الله تعالى، ويزهدون فيما فيه زهد. ثم اقتص الصالحون بعد منهاجهم، وأخذوا بآثارهم وألزموا الكد والعير

(3)

. وألطفوا التفكر، وصبروا في مدة الأجل القصير، عن متاع الغرور الذى إلى الفناء يصير، ونظروا إلى آخر الدنيا ولم ينظروا إلى أولها، ونظروا إلى عاقبة مرارتها ولم ينظروا إلى عاجلة حلاوتها؛ ثم ألزموا أنفسهم الصبر أنزلوها من أنفسهم بمنزلة الميتة التي لا يحل الشبع منها إلا في حال الضرورة إليها؛ فأكلوا منها بقدر ما يرد النفس ويقي

(1)

يريد عيسى بن مريم سلام الله عليه.

(2)

الخشكار: ردئ الدقيق، والدرمك: الدقيق الحوارى.

(3)

كذا فى الأصل ولعلها العبر (بالباء الموحدة).

ص: 137

الروح. ومكن اليوم

(1)

وجعلوها بمنزلة الجيفة التى قد اشتد نتن ريحها فكل من مر بها أمسك على أنفه منها، فهم يصيبون منها لحال الضر ولا ينتهون منها إلى الشبع من النتن، فقرنت

(2)

عنهم وكانت هذه منزلتها من أنفسهم، فهم يعجبون من الآكل منها شبعا، والمتلذذ بها أشرا. ويقولون في أنفسهم أما ترى هؤلاء لا يخافون من الأكل، أما يجدون ريح النتن؟ وهي والله يا أخي في العاقبة والآجلة أنتن من الجيفة المرصوفة، غير أن أقواما استعجلوا الصبر فلا يجدون ريح النتن، والذي نشأ في ريح الإرهاب النتن لا يجد نتنه، ولا يجد من ريحه ما يؤذي المارة والجالس عنده

(3)

، وقد يكفى العاقل منها أنه من مات عنها وترك مالا كثيرا سره أنه كان فيها فقيرا، أو شريفا أنه كان فيها وضيعا، أو كان فيها معافى سره أنه كان فيها مبتلى، أو كان مسلطنا سره أنه كان فيها سوقة. وإن فارقتها سرك أنك كنت أوضع أهلها ضعة، وأشدهم فيها فاقة، أليس ذلك الدليل على خزيها لمن يعقل أمرها.

والله لو كانت الدنيا من أراد منها شيئا وجده إلى جنبه من غير طلب ولا نصب غير أنه إذا أخذ منها شيئا لزمته حقوق الله فيه وسأله عنه ووقفه على حسابه لكان ينبغي للعاقل أن لا يأخذ منها إلا قدر قوته وما يكفي، حذر السؤال وكراهية لشدة الحساب، وإنما الدنيا إذا فكرت فيها ثلاثة أيام؛ يوم [مضى] لا ترجوه، ويوم أنت فيه ينبغى لك أن تغتنمه، ويوم [يأتي] لا تدري أنت من أهله أم لا؟ ولا تدري لعلك تموت قبله. فأما أمس فحكيم مؤدب، وأما اليوم فصديق مودع، غير أن أمس وإن كان [قد] فجعك بنفسه فقد أبقى في يديك حكمته، وإن كنت قد أضعته فقد جاءك خلف منه وقد كان عنك طويل الغيبة وهو الآن عنك سريع الرحلة، وغدا أيضا في يديك منه أمله. فخذ الثقة بالعمل، واترك الغرور بالأمل قبل حلول الأجل، وإياك أن تدخل على اليوم هم غد أوهم ما بعده - زدت في حزنك وتعبك وأردت أن

(1)

كذا فى الأصل ولعلها: ويسكن القرم

(2)

قوله فقرنت عنهم. لعلها: فغربت عنهم.

(3)

هنا آخر النقص فى المختصر.

ص: 138

تجمع في يومك ما يكفيك أيامك، هيهات كثر الشعل وزاد الحزن وعظم التعب وأضاع العبد العمل بالأمل. ولو أن الأمل في غدك خرج من قلبك أحسنت اليوم في عملك، واقتصرت لهم يومك، غير أن الأمل منك في الغد دعاك الى التفريط، ودعاك إلى المزيد في الطلب، ولئن شئت واقتصرت لأصفن لك الدنيا ساعة بين ساعتين، ساعة ماضية، وساعة آتية، وساعة أنت فيها. فاما الماضية والباقية فليس تجد لراحتهما لذة، ولا لبلائهما ألما.

ص: 139

خير العواقب، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو طالب بن سوادة قال ثنا يوسف بن بحر المروزي قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا أبو عبيدة سعيد بن رزين

(1)

قال سمعت الحسن يعظ أصحابه يقول: إن الدنيا دار عمل من صحبها بالنقص لها والزهادة فيها سعد بها ونفعته صحبتها، ومن صحبها على الرغبة فيها والمحبة لها شقي بها وأجحف بحظه من الله عز وجل ثم أسلمته إلى ما لا صبر له عليه ولا طاقة له به من عذاب الله، فأمرها صغير، ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب والله تعالى ولي ميراثها، وأهلها محولون عنها إلى منازل لا تبلى ولا يغيرها طول الثواء منها يخرجون. فاحذروا - ولا قوة إلا بالله - ذلك الموطن، وأكثروا ذكر ذلك المنفلت، واقطع يا ابن آدم من الدنيا أكثر همك، أو لتقطعن حبالها بك فينقطع ذكر ما خلقت له من نفسك ويزيغ عن الحق قلبك، وتميل إلى الدنيا فترديك وتلك منازل سوء بين ضرها، منقطع نفعها مفضية والله بأهلها إلى ندامة طويلة وعذاب شديد، فلا تكونن يا ابن آدم مغترا، ولا تأمن ما لم يأتك الأمان منه، فإن الهول الأعظم ومفظعات الأمور أمامك لم تخلص منها حتى الآن، ولا بد من ذلك المسلك وحضور تلك الأمور إما يعافيك من شرها وينجيك من أهوالها، وإما الهلكة. وهي منازل شديدة مخوفة محذورة مفزعة للقلوب، فلذلك فاعدد، ومن شرها فاهرب، ولا يلهينك المتاع القليل الفانى ولا تربص بنفسك فهي سريعة الانتقاص

(2)

من عمرك فبادر أجلك، ولا تقل غدا غدا فإنك لا تدري متى إلى الله تصير! واعلموا أن الناس أصبحوا جادين في زينة الدنيا يضربون في [كل] غمرة وكل معجب بما هو فيه، راض به حريص على أن يزداد منه، فما لم يكن من ذلك لله عز وجل وفي طاعة الله فقد [خسر أهله وضاع سعيه، وما كان من ذلك في الله وفي طاعة الله فقد] أصاب أهله به وجه أمرهم، ووفقوا فيه بحظهم، عندهم كتاب الله وعهده وذكر ما مضى وذكر ما بقي، والخبر عمن وراءهم. كذلك أمر الله اليوم وقبل ذلك أمره فيمن مضى

(1)

كذا فى الأصل وفى المختصر: زريق والصحيح ابن زربى الخزاعى البصرى.

(2)

وفيه الانتقام.

ص: 140

لأن حجة الله بالغة، والعذر بارز، وكل مواف الله ولما عمل. ثم يكون القضاء من الله في عباده على أحد أمرين: فمقضي له رحمته وثوابه فيا لها نعمة وكرامة ومقضي له سخطه وعقوبته فيا لها حسرة وندامة، ولكن حق على من جاءه البيان من الله بأن هذا أمره وهو واقع أن يصغر في عينه ما هو عند الله صغير، وأن يعظم في نفسه ما هو عند الله عظيم، أو ليس ما ذكر الله من الكراهة لأهلها فيما بعد الموت والهوان ما يطيب نفس امرئ عن عيشة دنياه، فإنها قد أذنت بزوال. لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجائعها، يبلى جديدها، ويسقم صحيحها، ويفتقر غنيها. ميالة بأهلها، لعابة بهم على كل حال. ففيها عبرة لمن اعتبر، وبيان فعلى م تنتظر.

يا ابن آدم أنت اليوم في دار هي لافظتك وكأن قد بدا لك أمرها فالى الصرام ما يكون سريعا

(1)

ثم يفضى بأهلها إلى أشد الأمور وأعظمها خطرا، فاتق الله يا ابن آدم وليكن (سعيك في دنياك) لآخرتك فإنه ليس لك من دنياك شيء إلا ما صدرت أمامك، فلا تدخرن عن نفسك مالك، ولا تتبع نفسك ما قد علمت أنك تاركه خلفك، ولكن تزود لبعد الشقة، واعدد العدة أيام حياتك وطول مقامك قبل أن ينزل بك من قضاء الله ما هو نازل فيحول دون الذي تريد، فإذا أنت يا ابن آدم قد ندمت حيث لا تغني الندامة عنك، ارفض الدنيا ولتسخ بها نفسك ودع منها الفضل فإنك إذا فعلت ذلك أصبت أربح الأثمان من نعيم لا يزول، ونجوت من عذاب شديد ليس لأهله راحة ولا فترة

(2)

، فاكدح لما خلقت له قبل أن تفرق بك الأمور فيشق عليك اجتماعها، صاحب الدنيا بجسدك، وفارقها بقلبك، ولينفعك ما قد رأيت مما قد سلف بين يديك من العمر، وحال بين أهل الدنيا وبين ما هم فيه فإنه عن قليل فناؤه، ومخوف وباله، وليزدك إعجاب أهلها بها زهدا فيها

(1)

فى المختصر: وإلى انصرام ما تكون.

(2)

فى الأصل: ولا ثمرة.

ص: 141

وحذرا منها، فإن الصالحين كذلك كانوا.

واعلم يا ابن آدم أنك تطلب أمرا عظيما لا يقصر فيه إلا المحروم الهالك، فلا تركب الغرور وأنت ترى سبيله؛ ولا تدع حظك وقد عرض عليك، وأنت مسئول ومقول لك فأخلص عملك، وإذا أصبحت فانتظر الموت، وإذا أمسيت فكن على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإن أنجى الناس من عمل بما أنزل الله في الرخاء والبلاء، وأمر العباد بطاعة الله وطاعة رسوله، فإنكم أصبحتم في دار مذمومة خلقت فتنة وضرب لأهلها أجل إذا انتهوا إليه يبيد.

أخرج نباتها، وبث فيها من كل دابة، ثم أخبرهم بالذي هم إليه صائرون، وأمر عباده فيما أخرج لهم من ذلك بطاعته، وبين لهم سبيلها - يعني سبيل الطاعة - ووعدهم عليها الجنة، وهم في قبضته ليس منهم بمعجز له، وليس شيء من أعمالهم يخفى عليه. سعيهم فيها شتى بين عاص ومطيع له، ولكل جزاء من الله بما عمل، ونصيب غير منقوص. ولم أسمع الله تعالى فيما عهد إلى عباده، وأنزل عليهم في كتابه رغب في الدنيا أحدا من خلقه، ولا رضي له بالطمأنينة فيها، ولا الركون إليها، بل صرف الآيات وضرب الأمثال بالعيب لها، والنهي عنها، ورغب في غيرها. وقد بين لعباده [أن] الأمر الذي خلقت له الدنيا وأهلها عظيم الشأن، هائل المطلع، نقلهم عنه - أراه إلى دار لا يشبه ثوابهم ثوابا، ولا عقابهم عقابا، لكنها دار خلود يدين الله تعالى فيها العباد بأعمالهم ثم ينزلهم منازلهم، لا يتغير فيها بؤس عن أهلها ولا نعيم، فرحم الله عبدا طلب الحلال جهده حتى إذا دار في يده وجهه وجهه الذي هو وجهه.

ويحك يا ابن آدم ما يضرك الذي أصابك من شدائد الدنيا إذا خلص لك خير الآخرة؛ {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} ؛ هذا فضح القوم. ألهاكم التكاثر عن الجنة عند دعوة الله تعالى وكرامته، والله لقد صحبنا أقواما كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا حاجة، ليس لها خلقنا، فطلبوا الجنة بغدوهم ورواحهم وسهرهم نعم والله حتى أهرقوا فيها دماءهم ورجوا فأفلحوا ونجوا.

ص: 142

خائفا [حتى إذا دخل إلى أهله إن قرب إليه شيء أكله وإلا سكت لا يسألهم عن شيء ما هذا وما هذا، ثم قال:

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا طالوت ابن عباد قال ثنا عبد المؤمن أن عبيد الله بن

(1)

الحسن. قال: يا ابن آدم عملك عملك فإنما هو لحمك ودمك، فانظر على أي حال تلقى عملك، إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها، صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخلق مما يقرب إلى الله عز وجل. يا ابن آدم إنك ناظر إلى عملك يوزن خيره وشره، فلا تحقرن من الخير شيئا وإن هو صغر فإنك إذا رأيته سرك مكانه، ولا تحقرن من الشر شيئا فانك إذا رأيته ساءك مكانه، فرحم الله رجلا كسب طيبا وأنفق قصدا، وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته، هيهات هيهات ذهبت الدنيا بحالتي مآلها وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم، أنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم، وقد أسرع بخياركم فما تنتظرون؟ المعاينة فكأن قد. إنه لا كتاب بعد كتابكم، ولا نبي بعد نبيكم. يا ابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبيعن آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا محمد بن سابق قال ثنا مالك بن مغول عن حميد. قال: بينما الحسن في يوم من رجب في المسجد وهو يمص ماء ويمجه، تنفس تنفسا شديدا ثم بكى حتى ارتعدت منكباه. ثم قال: لو أن بالقلوب حياة، لو أن بالقلوب صلاحا، لأبكيتكم من ليلة صبيحتها يوم القيامة، إن ليلة تمخض عن صبيحة يوم القيامة ما سمع الخلائق بيوم قط أكثر فيه من عورة بادية،

(1)

كذا فى الأصل وعبد المؤمن هذ ابن عبيد الله السدوسى يروى عن الحسن فتكون الصحة (ثنا عبد المؤمن بن عبيد الله عن الحسن) وفى المختصر وقال عبد الله عن الحسن؛ والله أعلم

ص: 143

ولا عين باكية، من يوم القيامة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا محمد بن سابق قال ثنا بن مغول. قال: قال الحسن: غدا كل امرئ فيما يهمه، ومن هم بشيء أكثر من ذكره، إنه لا عاجلة لمن لا آخرة له، ومن آثر دنياه على آخرته فلا دنيا له ولا آخرة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا إبراهيم بن عيسى اليشكري قال: سمعت الحسن إذا ذكر صاحب الدنيا يقول: والله ما بقيت له ولا بقي لها، ولا سلم من تبعتها ولا شرها ولا حسابها، ولقد أخرج منها في خرق.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان قال ثنا محمد بن آدم المصيصى - وكان يقال إنه من الأبدال - قال ثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن: في قوله عز وجل: {(هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه)} قال إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن فأساء العمل.

• حدثنا أبو مسعود عبد الله بن محمد بن أحمد الأديب قال: ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال ثنا أبو حاتم السجستاني قال: ثنا الأصمعي قال: ثنا عيسى بن عمر قال قال الحسن: حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور، واقرعوا النفوس فإنها خليعة] وإنكم إن أطعمتموها تنزل بكم إلى شر غاية.

• حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله القاري قال: ثنا عبيد بن الحسن قال: ثنا سليمان بن داود قال ثنا أبو معاوية الضرير قال ثنا العوام بن حوشب قال سمعت الحسن يقول: من كانت له أربع خلال حرمه الله على النار، وأعاذه من الشيطان من يملك نفسه عند الرغبة، والرهبة، وعند الشهوة، وعند الغضب.

ص: 144

على عبد الله بن الأهتم فإذا هو يجود بنفسه، فقلنا يا أبا معمر كيف تجدك؟ قال أجدنى والله وجعا، ولا أظنني إلا لما بي. ولكن ما تقولون في مائة ألف في هذا الصندوق لم تؤد منها زكاة، ولم يوصل منها رحم؟ فقلنا: يا أبا معمر فلم كنت تجمعها؟ قال كنت والله أجمعها لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. فقال الحسن: انظروا هذا البائس أنى أتاه [الشيطان]؛ فحذره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، عما استودعه الله إياه، وعمره

(1)

فيه.

خرج والله منه كئيبا حزينا ذميما مليما، إيها عنك أيها الوارث لا تخدع كما خدع صويحبك أمامك، أتاك هذا المال حلالا فإياك وإياك أن يكون وبالا عليك، أتاك والله ممن كان له جموعا منوعا يدأب فيه الليل والنهار، يقطع فيه المفاوز والقفاز، من باطل جمعه، ومن حق منعه، جمعه فأوعاه، وشده فأوكاه، لم يؤد منه زكاة، ولم يصل منه رحما. إن يوم القيامة ذو حسرات، وإن أعظم الحسرات غدا أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره، أو تدرون كيف ذا كم؟ رجل آتاه الله مالا وأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله فبخل به فورثه هذا الوارث فهو يراه في ميزان غيره. فيا لها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن الوزير قال ثنا يزيد بن هارون قال قال أبو عبيدة. قال: الحسن: رحم الله امرأ عرف ثم صبر، ثم أبصر فبصر؛ فإن أقواما عرفوا فانتزع الجزع أبصارهم، فلا هم أدركوا ما طلبوا، ولا هم رجعوا إلى ما تركوا. اتقوا هذه الأهواء المضلة البعيدة من الله التي جماعها الضلالة وميعادها النار لهم محنة، من أصابها أضلته، ومن أصابته قتلته. يا ابن آدم دينك دينك فإنه هو لحمك ودمك [إن يسلم لك دينك يسلم لك لحمك ودمك] وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله فإنها نار لا تطفى، وجرح لا يبرأ

(2)

وعذاب لا ينفد أبدا، ونفس لا تموت. يا ابن آدم إنك موقوف بين يدي ربك ومرتهن بعملك، فخذ مما في يديك [لما

(1)

عمره: كذا ولعله أعمره فيه وليحرر

(2)

فى الأصل وفى المختصر وحجر لا يبلى.

ص: 145

بين يديك]. عند الموت يأتيك الخبر، إنك مسئول ولا تجد جوابا، إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال: ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا هشام. قال: سمعت الحسن يقول: والله لقد أدركت أقواما ما طوي لأحدهم في بيته ثوب قط، ولا أمر في أهله بصنعة طعام قط، وما جعل بينه وبين الأرض شيئا قط، وإن كان أحدهم ليقول لوددت أني أكلت أكلة في جوفي مثل الآجرة. قال: ويقول بلغنا إن الآجرة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة. ولقد أدركت أقواما إن كان أحدهم ليرث المال العظيم قال وإنه والله لمجهود شديد الجهد، قال فيقول لأخيه يا أخي إني [قد] علمت أن ذا ميراث وهو حلال ولكني أخاف أن يفسد علي قلبي وعملي فهو لك لا حاجة لي فيه، قال: فلا يرزأ منه شيئا أبدا و [إنه] مجهود شديد الجهد.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن الوزير قال ثنا يزيد

(1)

بن هارون قال قال: أبو عبيدة قال الحسن: يا ابن آدم سرطا سرطا

(2)

، جمعا جمعا فى وعاء، وشدا شدا فى وكاء، ركوب الذلول ولبوس اللين، ثم قيل مات فأفضى والله إلى الآخرة. إن المؤمن عمل لله تعالى أياما يسيرة فو الله ما ندم أن يكون أصاب من نعيمها ورخائها، ولكن راقت الدنيا له فاستهانها وهضمها لآخرته وتزود منها فلم تكن الدنيا في نفسه بدار، ولم يرغب في نعيمها ولم يفرح برخائها ولم يتعاظم فى نفسه شيء من البلاء إن نزل به مع احتسابه للأجر عند الله ولم يحتسب نوال الدنيا حتى مضى راغبا راهبا فهنيئا هنيئا، فأمن الله بذلك روعته، وستر عورته ويسر حسابه، وكان الأكياس من المسلمين يقولون إنما [هو الغدو والرواح وحظ من الدلجة والاستقامة لا يلبثك يا ابن آدم أن] على الخير. حتى إن العبد إذا رزقه الله تعالى الجنة فقد أفلح. وإن الله تعالى لا يخدع عن جنته ولا

(1)

فى المختصر: يونس بن يزيد وكلاهما من هذه الطبقة

(2)

السرط: البلع.

ص: 146

يعطى بالأمانى، وقد اهتد الشح وظهرت الأماني وتمنى المتمني في غروره.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا أسامة عن سفيان عن عمران القصير. قال: سألت الحسن عن شيء فقلت إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال: وهل رأيت فقيها بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه عز وجل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا معمر عن سفيان بن عيينة عن أيوب. قال:

لو رأيت الحسن لقلت إنك لم تجالس فقيها قط.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أبي كامل قال ثنا هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي. قال: كان الحسن ابنا لجارية أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فبعثت أم سلمة جاريتها في حاجتها فبكى الحسن بكاء شديدا فرقت عليه أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فأخذته فوضعته في حجرها فألقمته ثديها فدر عليه فشرب منه، فكان يقال إن المبلغ الذي بلغه الحسن من الحكمة [من ذلك اللبن الذي شربه من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم].

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال: ثنا محمد بن عبدوس الهاشمي قال: ثنا عياش بن يزيد قال: سمعت حفص بن غياث يقول سمعت الأعمش يقول: ما زال الحسن البصري يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء.

ص: 147

عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه. قال: حسبك يا خالد كيف يضل قوم هذا فيهم.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن الموفق قال: ثنا علي بن مسلم قال: ثنا أبو داود قال: ثنا طلحة بن عمرو الحضرمي قال: [قدم علينا الحسن فجلست إليه مع عطاء فسمعته يقول]: بلغنا أن الله تعالى يقول: يا ابن آدم خلقتك وتعبد غيري، وأذكرك وتنساني، وأدعوك وتفر مني

(1)

، إن هذا لأظلم ظلم في الأرض، ثم تلا الحسن {(يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)} .

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: ثنا أحمد بن مهدى قال: ثنا عبد الله ابن صالح قال: ثنا معاوية بن صالح عن أبي عبيد عن الحسن بن أبي الحسن.

قال: ما من رجل يرى نعمة الله عليه فيقول: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ إلا أغناه الله تعالى وزاده.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: ثنا صالح المري عن الحسن. قال: ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا محمد بن نصير قال ثنا إسماعيل بن عمرو قال: ثنا مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول: إن أفسق الفاسقين الذي يركب كل كبيرة، ويسحب على ثيابه ويقول: ليس علي بأس، سيعلم أن الله تعالى ربما عجل العقوبة في الدنيا وربما أخرها ليوم الحساب

(2)

.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أحمد بن جعفر الحمال قال: ثنا يعقوب الدشكى قال: ثنا عباد بن كليب قال ثنا موهب بن عبد الله. قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز كتب إليه الحسن البصري كتابا بدأ فيه بنفسه أما بعد؛ فإن الدنيا دار مخيفة، إنما أهبط آدم من الجنة إليها عقوبة، واعلم أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يهن، ولها في كل حين قتيل. فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء خيفة طول البلاء والسلام.

(1)

فى المختصر وتذكرنى وتنسانى، وتدعونى وتفر مني.

(2)

هذا الخبر لم يثبته فى المختصر

ص: 148

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا أبو بكر بن النعمان قال ثنا أبو ربيعة. وحدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل قال ثنا زكريا الساجي قال ثنا يحيى بن حبيب. قال: ثنا حماد بن يزيد عن هشام عن الحسن قال: رحم الله رجلا لبس خلقا، وأكل كسرة، ولصق بالأرض، وبكى على الخطيئة، ودأب في العبادة.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن الموفق قال ثنا علي بن أبان قال ثنا أحمد بن شعيب بن يزيد قال ثنا أحمد بن معاوية قال سمعت أبا حفص العبدي قال ثنا حوشب بن مسلم قال سمعت الحسن يقول: أما والله لئن تدقدقت بهم الهماليج ووطئت الرجال أعقابهم إن ذل المعاصي لفي قلوبهم، ولقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذله.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا سعيد بن سليمان قال ثنا مبارك بن فضالة قال سمعت الحسن يقول: فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذى لب فرحا.

ص: 149

عبد الملك نظرة مقت فيغلق بها باب المغفرة دونك، يا عمر بن هبيرة لقد أدركت ناسا من صدر هذه الأمة كانوا والله على الدنيا وهي مقبلة أشد إدبارا من إقبالكم عليها وهي مدبرة، يا عمر بن هبيرة إني أخوفك مقاما خوفكه الله تعالى فقال {(ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)} ، يا عمر بن هبيرة إن تك مع الله تعالى في طاعته كفاك باثقة يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله وكلك الله إليه. قال: فبكى عمر وقام بعبرته، فلما كان من الغد أرسل إليهما باذنهما وجوائزها وكثر منه ما للحسن، وكان في جائزته للشعبي بعض الإقتار فخرج الشعبي إلى المسجد فقال يا أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله تعالى على خلقه فليفعل فو الذى نفسي بيده ما علم الحسن منه شيئا فجهلته ولكن أردت وجه ابن هبيرة فأقصاني الله منه؛ قال وقام المغيرة بن مخادش ذات يوم إلى الحسن فقال: كيف نصنع بأقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال الحسن: والله لئن تصحب أقواما يخوفونك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب [أقواما] يؤمنونك حتى يلحقك الخوف. فقال له بعض القوم أخبرنا صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فبكى وقال: ظهرت منهم علامات الخير فى السيماء والسمت والهدي والصدق وخشونة ملابسهم بالاقتصاد، وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل، ومطعمهم ومشربهم بالطيب من الرزق وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستقادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم، ظمئت هواجرهم ونحلت أجسامهم واستخفوا بسخط المخلوقين رضى الخالق لم يفرطوا فى غضب ولم يحيفوا فى جور ولم يجاوزوا حكم الله تعالى في القرآن، شغلوا الألسن بالذكر، بذلوا دماءهم حين استنصرهم، وبذلوا أموالهم حين استقرضهم، ولم يمنعهم خوفهم فى المخلوقين. حسنت أخلاقهم، وهانت مئونتهم، وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخرتهم.

ص: 150

خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب، فقال: ما يجلسكم هاهنا تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء؟ أما والله ما مجالستهم بمجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد لقحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله، أما والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم لكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم أبعد الله من أبعد.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال ثنا مسلمة بن جعفر الأحمسي الأعور عن عبد الحميد الزيادي - وهو عبد الحميد بن كرديد - عن الحسن البصري رحمه الله تعالى. قال: إن لله عز وجل عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأى أهل النار في النار مخلدين، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، حوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة. صبروا أياما قصارا تعقب راحة طويلة، أما الليل فمصافة أقدامهم، تسيل دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى ربهم ربنا ربنا، وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء كأنهم القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، أو خولطوا ولقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا جويرية عن حميد الطويل. قال:

خطب رجل إلى الحسن وكنت أنا السفير بينهما، قال فكأن قد رضيه، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه فقلت يا أبا سعيد وأزيدك أن له خمسين ألف درهم، قال له خمسون ألفا ما اجتمعت من حلال، قلت يا أبا سعيد إنه كما علمت ورع مسلم، قال إن كان جمعها من حلال فقد ضن بها عن حق، لا والله لا جرى بيننا وبينه صهر أبدا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عباس بن محمد الترقفي قال ثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبي سفيان طريف عن الحسن: أنه كان يتمثل بهذين البيتين أحدهما في أول النهار والآخر فى آخر النهار:

ص: 151

يسر الفتى ما كان قدم من تقى

إذا عرف الداء الذى هو قاتله

وما الدنيا بباقية لحي

ولا حي على الدنيا بباق.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلمة قال ثنا سيار قال ثنا مسمع بن عاصم حدثني الوليد المسمعي. قال: قال سمعت الحسن يقول: ابن آدم السكين تجذ والكبش يعتلف والتنور يسجر.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا هشام قال: سمعت الحسن يحلف بالله ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا المنهال عن غالب قال قال الحسن: ابن آدم أصبحت بين مطيتين لا يعرجان بك خطر الليل والنهار حتى تقدم الآخرة؛ فإما إلى الجنة وإما إلى النار، فمن أعظم خطرا منك.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا أبو موسى قال سمعت الحسن يقول: - وأتاه رجل فقال إني أريد السند فأوصنى - قال حيث ما كنت

(1)

فأعز الله يعزك، قال فحفظت وصيته فما كان بها أحد أعز مني حتى رجعت.

• حدثنا يوسف بن يعقوب قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان بن حماد ابن سلمة عن ثابت عن سالم عن الحسن. قال: ضحك المؤمن غفلة من قلبه وعن حماد عن حميد عن الحسن قال: كثرة الضحك تميت القلب.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا أبو موسى. قال: سمعت الحسن يقول: الإسلام وما الإسلام؟ السر والعلانية فيه مشتبهة، وأن يسلم قلبك لله، وأن يسلم منك كل مسلم وكل ذى عهد.

(1)

الى هنا آخر نفس نسخة جدة.

ص: 152

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا على بن اسحاق قال ثنا الحسن المرورى قال ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن. قال:

والله ما تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة [حين] أبكاهم الخوف من الله تعال.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا طلحة بن صبيح عن الحسن. قال: المؤمن من يعلم أن ما قال الله عز وجل كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملا وأشد الناس خوفا لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين، لا يزداد صلاحا وبرا وعبادة إلا ازداد فرقا يقول لا أنجو، والمنافق يقول سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي، فينسئ العمل ويتمنى على الله تعالى.

• حدثنا أبو محمد بن حبان قال ثنا الحسن قال ثنا ابن المبارك قال ثنا المبارك ابن فضالة قال: كان الحسن إذا تلا هذه الآية {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} قال من قال ذا قاله من خلقها وهو أعلم بها. قال: وقال الحسن:

إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا الحسن بن محمد قال ثنا أبو زرعة قال ثنا مالك بن إسماعيل قال ثنا مسلمة بن جعفر قال سمعت أن الحسن كان يقول:

ص: 153

ذلك لأولياء الشيطان. الزينة ما ركب ظهره والطيبات ما جعل الله تعالى في بطونها فيعمد أحدهم إلى نعمة الله عليه فيجعلها ملاعب لبطنه وفرجه وظهره ولو شاء الله إذا أعطى العباد ما أعطاهم أباح ذلك لهم ولكن تعقبها بما يسمعون؛ فكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. فمن أخذ نعمة الله وطعمته أكل بها هنيئا مريئا ومن جعلها ملاعب لبطنه وفرجه وعلى ظهره جعلها وبالا يوم القيامة.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن علي بن المثنى قال ثنا سليمان بن داود أبو الربيع الختلي قال ثنا بقية بن الوليد حدثني خالد أبو بكر مولى حميد عن الحسن: أن شابا مر به وعليه بردة له فدعاه فقال إيه ابن آدم معجب بشبابه، معجب بجماله، معجب بثيابه، كأن القبر قد وارى بدنك، وكأنك قد لاقيت عملك، فداو قلبك فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن علي قال ثنا سليمان بن داود قال ثنا بقية بن الوليد عن أبان بن محبر عن الحسن: أنه لما حضره الموت دخل عليه رجال من أصحابه فقالوا له يا أبا سعيد زودنا منك كلمات تنفعنا بهن. قال: إني مزودكم ثلاث كلمات ثم قوموا عني ودعوني ولما توجهت له؛ ما نهيتم عنه من أمر فكونوا من أترك الناس له، وما أمرتم به من معروف فكونوا من أعمل الناس به، واعلموا أن خطاكم خطوتان خطوة لكم وخطوة عليكم فانظروا أين تغدون وأين تروحون.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا الحسن بن محمد قال ثنا أبو زرعة قال ثنا مالك ابن إسماعيل قال ثنا أبو عبد الله خالد بن شوذب الجشمي. قال: سمعت الحسن يقول: من رأى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديا رائحا لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة رفع له علم فشمر له، النجا النجا ثم الوحا الوحا على ما تعرجون وقد أسرع بخياركم وذهب نبيكم صلى الله عليه وسلم وأنتم كل يوم ترذلون، العيان العيان.

ص: 154

ويعقوب الدورقي قالا ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا بكر بن حمران عن صالح بن رستم. قال: سمعت الحسن يقول: رحم الله رحلا لم يغره كثرة ما يرى من كثرة الناس، ابن آدم إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك ابن آدم وأنت المعني وإياك يراد.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن معبد قال ثنا ابن النعمان قال: ثنا أبو ربيعة زيد بن عوف قال: ثنا أبى جميع سالم. قال: سمعت الحسن يقول: لقد أدركت أقواما كانوا أأمر الناس بالمعروف وآخذهم به وأنهى الناس عن منكر وأتركهم له، ولقد بقينا في أقوام أأمر الناس بالمعروف وأبعدهم منه وأنهى الناس عن المنكر وأوقعهم فيه فكيف الحياة مع هؤلاء.

• حدثنا محمد بن عمر بن سالم حدثني محمد بن النعمان السلمي قال: ثنا هدية قال ثنا حزم بن أبي حزم. قال: سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان الدرهم والدينار، لا ينفعانك حتى يفارقانك.

• حدثنا أحمد بن عبد الله قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال: ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود المبارك بن فضالة. قال: سمعت الحسن يقول:

ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل قبرك، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك.

• حدثنا محمد بن إبراهيم قال: ثنا محمد بن هارون بن حميد قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا زافر بن سليمان عن أبي قيس عن الحسن. قال: لا تخالفوا الله عن أمره فإن خلافا عن أمره عمران دار قضى الله عليها الخراب.

• حدثنا محمد بن علي قال: ثنا عبد الله بن أبان العسقلاني قال: ثنا بكير بن نصير قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: لما مات الحجاج وولي سليمان فأقطع الناس الموات فجعل الناس يأخذون. فقال ابن الحسن لأبيه: لو أخذنا كما يأخذ الناس، فقال اسكت ما يسرني لو أن لي ما بين الجسرين بزنبيل تراب.

ص: 155

عباده شيئا من الدنيا إلا بعوض خطر مثله من بلاء إما عاجلا وإما آجلا.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال: ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال سمعت أبا موسى يقول: كنا عند الحسن فجاء ابنه فقال:

أي أبة إن هذا السهم قد انكسر فنظر إليه الحسن فقال الأمر أعجل من ذلك.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا إبراهيم بن علي بن الحارث قال ثنا محمد بن المغيرة قال ثنا عمران بن خالد عن الحسن: وسأله رجل أن رجلا قال للحسن يا أبا سعيد ما الإيمان؟ قال الصبر والسماحة فقال الرجل يا أبا سعيد فما الصبر والسماحة؟ قال الصبر عن معصية الله والسماحة بأداء فرائض الله عز وجل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق حدثني

(1)

قال:

ثنا أبو يحيى قال: ثنا عبيد الله بن عائشة قال: ثنا رويد بن مجاشع عن غالب القطان عن الحسن. قال: فضل الفعال على المقال مكرمة وفضل المقال على الفعال منقصة.

• حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: ثنا عبد الله بن سلمة بن شبيب قال: ثنا أبو الوليد بن غياث الضبعي قال: ثنا صالح المري. قال: دعي الحسن وفرقد السبخي إلى وليمة فقرب إليهما ألوان الطعام فاعتزل فرقد ولم يأكل فقال:

الحسن مالك مالك يا فريقد؟ أترى أن لك فضلا على اخوانك بكسيك هذا لقد بلغني أن عامة أهل النار أصحاب الأكسية.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الوليد ابن شجاع قال: ثنا ضمرة عن الحسن. قال: الرجاء والخوف مطيتا المؤمن.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني هارون قال: ثنا سيار قال: ثنا حوشب. قال: سمعت الحسن يقول: والله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام بعد عبادتهم للرحمن تعالى بحبهم الدنيا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال: ثنا فياض بن محمد قال ثنا بعض أصحابنا - يكنى أبا أيوب - قال: دخل الحسن المسجد

(1)

بياض فى النسختين.

ص: 156

ومعه فرقد فقعد إلى جنب حلقة يتكلمون فصنت لحديثهم ثم أقبل على فرقد فقال: يا فرقد والله ما هؤلاء إلا قوم ملوا العبادة ووجدوا الكلام أهون عليهم، وقل ورعهم فتكلموا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة عن أبي هلال صاحب البشرى: أن الحسن قال: وايم الله ما من عبد قسم له رزق يوم بيوم فلم يعلم أنه قد خير له إلا عاجز أو غبي الرأي.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن مالك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن. قال: إن المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم فى فى الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة.

إن المؤمن يفجأه الشئ يعجبه فيقول والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من وصلة إليك هيهات حيل بينى وبينك، ويفرط منه الشئ فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا ما لي ولهذا والله ما لي عذر بها وو الله لا أعود لهذا أبدا إن شاء الله، إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى فى فكاك رقبته لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل يعلم أنه مأخوذ عليه فى ذلك كله.

ص: 157

بأعمالهم الخبيثة وإن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وإن كان محسنا لا يصلحه إلا ذلك ولا يمسي إلا خائفا وإن كان محسنا لأنه بين مخافتين بين ذنب قد مضى لا يدري ماذا يصنع الله تعالى فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من الهلكات. إن المؤمنين شهود الله في الأرض يعرضون أعمال بني آدم على كتاب الله فمن وافق كتاب الله حمد الله عليه وما خالف كتاب الله عرفوا أنه مخالف لكتاب الله وعرفوا بالقرآن ضلالة من ضل من الخلق.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال ثنا حفص بن غياث عن أشعث. قال: كنا إذا دخلنا على الحسن خرجنا ولا نعد الدنيا شيئا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق أبو العباس السراج قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قال ثنا بكير بن محمد العابدي حدثني أبو زهير عن الحسن. قال: أرى رجالا ولا أرى عقولا، أسمع أصواتا ولا أرى أنيسا، أخصب ألسنة وأجدب قلوبا.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا عبد الله بن شداد قال ثنا بكير بن نصير قال قال ثنا ضمرة عن هشام عن الحسن. قال: خصلتان من العبد إذا صلحتا صلح ما سواهما الركون إلى الظلمة والطغيان في النعمة. قال: الله عز وجل {(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)} وقال الله عز وجل: {(ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي)} .

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا بشر بن موسى قال: ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال: ثنا أبو موسى قال سمعت الحسن. يقول:

إن العبد المؤمن ليعمل الذنب فلا يزال به كئيبا.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا محمد بن يحيى المروزي قال ثنا عاصم بن علي قال: ثنا جويرية بن بشير. قال: سمعت الحسن قرأ هذه الآية {(إن الله يأمر بالعدل والإحسان)} الآية ثم وقف فقال إن الله جمع لكم الخير كله والشر كله فى آية واحدة؛ فو الله ما ترك العدل والإحسان شيئا من طاعة الله عز وجل إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئا إلا جمعه.

ص: 158

عثمان بن عبد الرحمن بن علي بن زيد بن جدعان. قال: أخبرت الحسن بموت الحجاج فسجد وقال: اللهم عقيرك وأنت قتلته فاقطع سنته وأرحنا من سنته وأعماله الخبيثة ودعا عليه.

• حدثنا علي بن هارون بن محمد قال ثنا يحيى بن محمد الحناء قال ثنا عبيد الله ابن عمر القواريري قال ثنا مضر الفارسي قال سمعت عبد الواحد بن زيد يقول سمعت الحسن يقول: لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم يوم القيامة لماتوا.

قال: الشيخ رحمه الله اقتصرنا من كلمات الحسن رحمه الله على ما ذكرنا واتبعناه بأحاديث من غرائب حديثه.

• حدثنا عبد الله جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال: ثنا أبو داود قال ثنا خسرو أبو جعفر عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ يس في ليلة التماس وجه الله غفر له» . هذا حديث رواه عن الحسن عدة من التابعين منهم يونس بن عبيد ومحمد بن جحادة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال:

ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا يونس بن سهل السراج قال سمعت الحسن يحدث عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يعلم كلمة أو كلمتين أو ثلاثا أو أربعا أو خمسا مما فرض الله عز وجل فيتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة» قال أبو هريرة: فما نسيت حديثا بعد إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه عدة عن الحسن فمن التابعين يونس بن سهل السراج بصري غزير الحديث يجمع حديثه.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا أبو النضر هاشم بن قاسم قال: ثنا أبو جعفر الرازي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» . غريب من حديث يونس عن الحسن تفرد به أبو جعفر الرازي حدثت به الأئمة أحمد بن

ص: 159

حنبل وابن أبي شيبة وأبو خيثمة عن النضر.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا موسى بن زكريا قال ثنا عمرو بن الحصين قال ثنا إبراهيم بن عطاء عن أبي عبيدة عن الحسن عن عمران بن حصين. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله استخلص هذا الدين لنفسه ولا يصلح لدينكم إلا السخاء وحسن الخلق ألا فزينوا دينكم بهما» . غريب من حديث عمران والحسن تفرد به أبو عبيدة وهو سعيد بن زربي وروي مثله عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال الحارث ابن عبد الله الهمداني قال ثنا شداد بن حكيم عن عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن عن عمران بن حصين وجابر بن عبد الله وأبي هريرة.

قالوا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنخلة والهدهد والصرد وأن يمحى اسم الله بالبصاق. غريب من حديث الحسن عن عمران وجابر وأبي هريرة لم نكتبه إلا من حديث عباد بن كثير.

• حدثنا حبيب بن الحسن وفاروق الخطابي في جماعة قالوا ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أنس بن مالك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان ذا لسانين في الدنيا جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار» . لم نكتبه عاليا من حديث إسماعيل إلا من حديث الأنصاري ورواه الكبار عن إسماعيل.

• حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد قال ثنا محمد بن يونس الكديمي قال ثنا خالد ابن يزيد الأرقط قال ثنا حميد بن الحكم الجرشي عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه» . غريب من حديث أنس تفرد به عنه حميد ورواه محمد بن عرعرة عن حميد نحوه.

ص: 160

هاشم بن مرزوق قال ثنا أبي عن عمرو بن أبي قيس عن أبي سفيان عن عمر بن نبهان عن الحسن عن أنس: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجدت الحسنة نورا في القلب وزينا في الوجه وقوة في العمل، ووجدت الخطيئة سوادا في القلب وشينا في الوجه ووهنا في العمل» . غريب من حديث الحسن عن أنس لم نكتبه إلا من هذا الوجه تفرد به عمرو بن أبي قيس وأبو سفيان - اسمه عبد ربه.

قال الشيخ رحمه الله: وتلي هذه الطبقة طبقة أهل المدينة غلب عليهم التفقه في الدين فعرفوا به، وصدر الناس عن فتاويهم فيما كانوا يمتحنون به وكان لهم الحظ الوافر من التعبد والنسك ولم يظهروه بل أخفوه وكتموه.

منهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار؛ هؤلاء هم الفقهاء السبعة كان نسكهم وتعبدهم فوق نسك كثير من المشتهرين بالتعبد، وذكرنا لكل واحد منهم اليسير من أقوالهم وأحوالهم مع حديث يسنده من جملة مسانيدهم ليقف المسترشد المتعرف لأحوالهم على طريقتهم في النسك والتعبد.

‌سعيد بن المسيب

فأما أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي؛ كان من الممتحنين امتحن فلم تأخذه في الله لومة لائم، صاحب عبادة وجماعة وعفة وقناعة وكان كاسمه بالطاعات سعيدا، ومن المعاصي والجهالات بعيدا.

وقد قيل: إن التصوف التمكن من الخدمة، والتحفظ للحرمة.

ص: 161

ليست بعبادة قلت له فما التعبد يا أبا محمد؟ قال التفكر في أمر الله والورع عن محارم الله وأداء فرائض الله تعالى.

• حدثنا محمد بن علي بن عاصم قال: ثنا محمد ابن الحسن بن الطفيل قال ثنا محمد بن عمرو المغربي

(1)

قال ثنا عطاف بن خالد عن صالح بن محمد بن زائدة: أن فتية من بني ليث كانوا عبادا وكانوا يروحون بالهاجرة إلى المسجد ولا يزالون يصلون حتى يصلى العصر. فقال صالح لسعيد:

هذه هي العبادة لو نقوى على ما يقوى عليه هؤلاء الفتيان. فقال سعيد:

ما هذه العبادة ولكن العبادة التفقه في الدين والتفكر في أمر الله تعالى.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عطاف بن خالد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد ابن المسيب. قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة.

• حدثنا إبراهيم وأبو حامد بن جبلة. قالا: ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا بن قتيبة بن سعيد قال ثنا عطاء

(2)

بن أبى خالد عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب: أنه اشتكى عينيه فقيل له: يا أبا محمد لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة فوجدت ريح البرية لنفع ذلك بصرك. فقال سعيد فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.

• حدثنا أحمد بن الفضل قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عطاف بن خالد عن ابن حرملة عن سعيد ابن المسيب أنه قال: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن أبي سهل - وهو عثمان بن حكيم -. قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.

• حدثنا أبو بكر ابن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال: ثنا إسماعيل بن يزيد الرقي قال ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران: أن سعيد بن المسيب

(1)

كذا فى ز وفى ج: الغربى ولعله الأصح نسبة إلى محلة ببغداد.

(2)

كذا فى الأصلين: ولعله عطاف عن ابن حرملة كالذى قبله والذى بعده فإنى لم أقف على عطاء بن أبى خالد.

ص: 162

مكث أربعين سنة لم يلق القوم قد خرجوا من المسجد وفرغوا من الصلاة.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سيعد قال ثنا أنس - يعني ابن عياض - عن عبد الرحمن بن حرملة عن برد مولى بن المسيب. قال: ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال:

ثنا يحيى بن واضح عن داود بن علية عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب. قال: ما دخل علي وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها، ولا دخل علي قضاء فرض إلا وأنا إليه مشتاق.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال: ثنا عبيد الله بن سعيد قال: ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة قال: قال سعيد بن المسيب - ذات يوم -: ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: سمعت عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي. قال: كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كانت لأحد من التابعين، لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أحمد بن روح قال: ثنا أحمد بن حامد قال: ثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه. قال: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة. وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الفريابي قال: ثنا وهب بن بقية قال ثنا خالد بن داود - يعنى بن أبي هند - عن سعيد بن المسيب. قال: وسألته ما يقطع الصلاة قال الفجور ويسترها التقوى.

• حدثنا أبي قال ثنا زكريا بن يحيى الساجي قال ثنا هبة بن خالد قال: ثنا حماد بن زيد قال ثنا يزيد بن أبى حازم: أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم.

ص: 163

ابن حرملة. قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لقد حججت أربعين حجة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا سلام بن مسكين قال ثنا عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي. قال: إن نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب.

• حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: ثنا محمد بن عمرو بن سعيد البصري قال ثنا محمد بن زكريا قال: ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا سعيد بن المسيب. قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا عطاف بن خالد عن ابن حرملة. قال: خرج سعيد بن المسيب في ليلة مطر وطين وظلمة منصرفا من العشاء فأدركه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل ومعه غلام معه سراج فسلم عليه عبد الرحمن ومشيا يتحدثان حتى إذا حاذى عبد الرحمن بداره انصرف إليها فقال للغلام امش مع أبي محمد بالسراج.

فقال سعيد: لا حاجة لي بنوركم نور الله خير من نوركم.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عفان قال: ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد: أن سعيد بن المسيب كان يكثر أن يقول في مجلسه اللهم سلم سلم.

ص: 164

وارزقني بها شكرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة. قال: مروا على ابن المسيب بجنازة ومعها إنسان يقول استغفروا الله له، فقال ابن المسيب:

ما يقول راجزهم هذا؟ حرمت على أهلي أن يرجزوا معي راجزهم هذا وأن يقول مات سعيد فاشهدوه حسبي من يقلبني إلى ربي عز وجل، وأن يمشوا معى بمجمرات إن أكن طيبا فما عند الله أطيب.

• حدثنا أبو يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زيد بن جدعان. قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث اليك ولا يهيجك ولا يؤذيك، قال والله ما أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتم ركوعها ولا سجودها فاخذت كفا من حصباء فحصبته بها. قال: الحجاج: فما زلت أحسن الصلاة.

• حدثنا فاروق الخطابي قال ثنا محمد بن أحمد بن حيان قال ثنا عبد الله ابن مسلمة القعنبي قال ثنا سليمان بن بلال. وحدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا الحسين بن جعفر القتال قال ثنا منجاب بن الحارث قال ثنا على بن مسهر.

قال: عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب إنه {كان للأوابين غفورا} . قال الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ولا يعود في شيء قصدا

(1)

.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا عبد الله بن عمر قال ثنا أبو غسان قال ثنا عبد السلام - يعني ابن حرب - عن يحيى بن سعيد. قال: دخلنا على سعيد نعوده ومعنا نافع بن جبير فقالت أم ولده إنه لم يأكل منذ ثلاث فكلموه فقال نافع جبير: إنك من أهل الدنيا ما دمت فيها ولا بد لأهل الدنيا مما يصلحهم فلو أكلت شيئا قال كيف يأكل من كان على مثل حالنا هذه، بضعة يذهب بها إلى النار أو إلى الجنة، فقال نافع ادع الله أن يشفيك فإن الشيطان قد كان يغيظه مكانك من المسجد

(1)

فى ج فى شيء منه وكذا فى المختصر.

ص: 165

قال بل أخرجني الله تعالى من بينكم سالما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان بن فروخ قال ثنا سلام بن مسكين قال ثنا عمران بن عبد الله بن طلحة. قال: دعي سعيد بن المسيب إلى نيف وثلاثين ألفا ليأخذها فقال لا حاجة لي فيها ولا بني مروان حتى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم.

• حدثنا أحمد بن بندار قال ثنا أحمد بن محمد الخزاعي قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك بن أنس. قال: كان سعيد بن المسيب يماري غلاما له في ثلثي درهم وأتاه ابن عمه بأربعة آلاف درهم فأبى أن يأخذها.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أبي قال ثنا عفان قال ثنا محمادة بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء.

• حدثنا محمد ابن أحمد بن الحسين قال ثنا محمد بن عثمان بن شيبة قال ثنا أبي قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء وكان بصره قد ذهب.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب. قال: ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء، وقال أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أبو الربيع الرشديني قال ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن جريج أن عبيد الله بن عبد الرحمن أخبره: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته.

ص: 166

حاتم بن الليث الجوهري قال ثنا حجاج قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد قال: قلنا لسعيد بن المسيب: يزعم قومك أنما يمنعك من الحج أنك جعلت لله عليك إذا رأيت الكعبة أن تدعو الله على بني مروان. قال: فما فعلت ذلك وما أصلي لله عز وجل في صلاة إلا دعوت عليهم، وإني قد حججت واعتمرت بضعا

(1)

وعشرين مرة وإنما كتبت علي حجة واحدة.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا أبو العباس الثقفي قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عطاف بن خالد عن ابن حرملة. قال: ما سمعت سعيد بن المسيب سب أحدا من الأئمة قط، إلا أني سمعته يقول قاتل الله فلانا كان أول من غير قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«الولد للفراش وللعاهر الحجر» .

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان قال ثنا سلام بن مسكين عن عمران بن عبد الله. قال: كان سعيد بن المسيب لا يقبل من أحد شيئا لا دينارا ولا درهما ولا شيئا قال وربما عرض عليه الأشربة فيعرض فليس يشرب من شراب أحد منهم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الحسن بن عبد العزيز. قال: كتب إلينا ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن عبد الله الكتاني أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين.

• حدثنا عمر بن احمد ابن عثمان قال ثنا عبد الله سليمان بن الاشعب قال ثنا احمد بن حرملة عن ابن وهب قال ثنا عمي عبد الله بن وهب عن عطاف بن خالد عن ابن حرملة من ابن أبي وداعة. قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياما فلما جئته قال أين كنت؟ قال توفيت أهلي فاشتغلت بها: فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها قال ثم أردت أن أقوم فقال هل استحدثت امرأة فقلت يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين

(2)

أو ثلاثة. فقال: أنا فقلت أو تفعل قال نعم! ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو

(1)

فى المختصر سبعا.

(2)

وفيه: الا دينارين الخ.

ص: 167

قال ثلاثة قال فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي واسترحت وكنت وحدي صائما فقدمت عشائي أفطر كان خبزا وزيتا، فاذا بآت يقرع فقلت من هذا؟ قال: سعيد قال فأفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد ابن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظنت أنه قد بدا له فقلت يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآتيك.

قال: لأنت أحق أن تؤتى. قال قلت: فما تأمر قال إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت فكرهت إن تبيت الليلة وحدك وهذا امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء. فاستوثقت من الباب ثم قدمتها

(1)

إلى القصعة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران فجاءوني فقالوا ما شأنك؟ قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة، فقالوا سعيد بن المسيب زوجك؟ قلت نعم! وها هي في الدار قال فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، قال فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هى أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج. قال: فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان قرب الشهر أتيت سعيدا وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري. قال:

ما حال ذلك الإنسان قلت خيرا يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو قال إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم.

قال عبد الله بن سليمان وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط فى يوم بارد وصب عليه

(1)

قوله ثم قدمتها كذا فى الاصلين وفى المختصر ثم تقدمت وهو المعنى المناسب.

ص: 168

جرة ماء والبسه جبة صوف. قال: عبد الله - وابن أبي وداعة هذا - هو كثير ابن المطلب بن أبي وداعة.

• حدثنا محمد بن عبد الله الكاتب قال ثنا الحسن بن علي الطوسي قال ثنا محمد بن عبد الكريم قال ثنا الهيثم بن علي قال ثنا يحيى بن سعيد بن المسيب قال [سعيد]

(1)

: دخلت المسجد ليلة أضحيان قال واظن أنى قد أصبحت فإذا الليل على حاله فقمت أصلي فجلست أدعو فإذا هاتف يهتف من خلفى يا عبد الله قل! قلت ما أقول؟ قال قل: «اللهم إني أسألك بأنك مالك الملك وأنك على كل شيء قدير وما تشأ من أمر يكن» قال سعيد: فما دعوت بها قط بشيء إلا رأيت نجحه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن الوليد قال ثنا يعقوب بن محمد الزهري قال ثنا الزبير بن حبيب قال ثنا طلحة بن محمد ابن سعيد بن المسيب. قال: دخل المطلب بن حنظب على سعيد بن المسيب في مرضه وهو مضطجع فسأله عن حديث فقال أقعدوني فأقعدوه. قال: إني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا أبو العباس قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا كثير بن هشام قال ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران: أن عبد الملك بن مروان قدم المدينة فاستيقظ من قائلته فقال لحاجبه انظر هل ترى في المسجد أحدا من حداثى فلم ير فيه إلا سعيد بن المسيب، فأشار إليه بإصبعه فلم يتحرك سعيد ثم أتاه الحاجب فقال ألم تر أني أشير إليك قال وما حاجتك؟ فقال استيقظ أمير المؤمنين فقال انظر هل ترى في المسجد أحدا من حداثى فقال سعيد لست من حداثه، فخرج الحاجب فقال ما وجدت في المسجد إلا شيخا أشرت إليه فلم يقم قلت له إن أمير المؤمنين استيقظ وقال لي انظر هل ترى أحدا من حداثي قال إني لست من حداث أمير المؤمنين.

قال عبد الملك بن مروان: ذلك سعيد بن المسيب دعه.

(1)

كذا فى الأصول ولعله سقط لفظ سعيد.

ص: 169

• حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: ثنا زكريا بن يحيى قال: ثنا الأصمعي قال: ثنا سفيان بن عيينة قال قال سعيد بن المسيب: إن الدنيا نذلة وهي إلى كل تذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال ثنا محمود بن محمد الواسطي قال ثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال ثنا محمد بن عبد عمرو العسقلاني

(1)

قال: حدثني إبراهيم بن أدهم عن أبي عيسى الخراساني عن سعيد بن المسيب. قال: لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان قال ثنا سلام بن مسكين قال ثنا عمران بن عبد الله. قال: دعي سعيد بن المسيب [للبيعة] للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان. قال: فقال: لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار. قال: فقيل ادخل من الباب واخرج من الباب الآخر، قال والله لا يقتدي بي أحد من الناس قال فجلده مائة وألبسه المسوح.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني الحسين بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة. وحدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن الحسن ابن قتيبة قال ثنا أحمد بن زيد قال ثنا ضمرة قال ثنا رجاء بن جميل الأيلي.

قال: قال عبد الرحمن بن عبد القارئ لسعيد بن المسيب حين قدمت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة بعد موت أبيهما: إني مشير عليك بخصال ثلاث قال وما هى؟ قال تعتز مقامك فإنك هو وحيث يراك هشام بن إسماعيل، قال ما كنت لأغير مقاما قمته منذ أربعين سنة، قال تخرج معتمرا قال ما كنت لا نفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس لي فيه نية، قال فما الثالثة؟ قال تبايع قال أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي؟ قال وكان أعمى.

قال رجاء: فدعاه هشام إلى البيعة فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك مالك ولسعيد ما كان علينا منه شيء نكرهه فأما إذ فعلت

(1)

فى ج: محمد بن عمرو ولم أقف عليه.

ص: 170

فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس فدعاه هشام فأبى وقال لا أبايع لاثنين قال فضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس. قال: رجاء: حدثني الأيليون الذين كانوا فى الشرط بالمدينة قالوا علمنا أنه لا يلبس التبان طائعا قلنا له يا أبا محمد إنه القتل فاستر عورتك قال فلبسه فلما ضرب قلنا له إنا خدعناك قال يا معجلة أهل أيلة لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته - لفظ الحسن بن عبد العزيز.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنى محمد بن الفرح قال ثنا حجاج محمد عن هشام بن زيد. قال: رأيت سعيد بن المسيب حين ضرب فى تبان من شعر

(1)

.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا ابن أبي الثلج قال سمعت يحيى بن غيلان قال ثنا أبو عوانة عن قتادة. قال: أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس فقلت لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفا من أن يفوتني وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون.

• حدثت عن محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال ثنا أبي عن القاسم بن عبيد الله بن أحمد بن الحارث بن عمرو العدوي

(2)

عن يحيى بن سعيد. قال:

كتب والي المدينة إلى عبد الملك بن مروان أن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان إلا سعيد بن المسيب فكتب أن أعرضه على السيف فإن مضى وإلا فاجلده خمسين جلدة وطف به أسواق المدينة فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يسار وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله على سعيد ابن المسيب فقالوا: إنا قد جئناك في أمر قد قدم فيك كتاب من عبد الملك ابن مروان إن لم تبايع ضربت عنقك، ونحن نعرض عليك خصالا ثلاثا فأعطنا إحداهن فإن الوالي قد قبل منك أن يقرأ عليك الكتاب فلا تقل لا ولا نعم! قال فيقول الناس بايع سعيد بن المسيب ما أنا بفاعل قال وكان إذا قال لا لم يطيقوا عليه أن يقول نعم، قال مضت واحدة وبقيت اثنتان قالوا فتجلس

(1)

فى المختصر. الثياب بدل التبان فى سائر الخبر.

(2)

فى ر عن عمرو العدوى.

ص: 171

في بيتك فلا تخرج إلى الصلاة أياما فإنه يقبل منك إذا طلبت في مجلسك فلم يجدك. قال: وأنا أسمع الأذان فوق أذني حي على الصلاة حي على الفلاح ما أنا يفاعل، قالوا مضت اثنتان وبقيت واحدة قالوا فانتقل من مجلسك إلى غيره فإنه يرسل إلى مجلسك فإن لم يجدك أمسك عنك قال فرقا لمخلوق ما أنا بمتقدم لذلك شبرا، ولا متأخر شبرا. فخرجوا وخرج إلى الصلاة صلاة الظهر فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه فلما صلى الوالي بعث إليه فأتي به فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا إن لم تبايع ضربنا عنقك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين فلما رآه لا يجيب أخرج إلى السدة فمدت عنقه وسلت عليه السيوف فلما رآه قد مضى أمر به فجرد فاذا عليه تبان شعر.

فقال: لو علمت أني لا أقتل ما اشتهرت بهذا التبان فضربه خمسين سوطا ثم طاف به أسواق المدينة فلما رده والناس منصرفون من صلاة العصر قال إن هذه لوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة. قال محمد بن القاسم: وسمعت شيخنا يزيد في حديث سعيد بإسناد لا أحفظه: أن سعيدا لما جرد ليضرب.

قالت له امرأة: لما جرد ليضرب إن هذا لمقام الخزي. فقال لها سعيد: من مقام الخزي فررنا.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أبو العباس بن الطفيل قال ثنا أحمد بن زيد قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب عن عبد الله بن القاسم. قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال إنه قد نهي عن مجالستي قال قلت إني رجل غريب قال إنما أحببت أن أعلمك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الوليد بن شجاع قال ثنا أبي قال ثنا العلاء بن عبد الكريم. قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال: إنه قد نهي عن مجالستي.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا حاتم بن الليث الجوهري قال ثنا عفان قال ثنا همام عن قتادة عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا أراد الرجل أن يجالسه قال:

إنهم قد جلدوني ومنعوا الناس أن يجالسونى.

ص: 172

قال ثنا عطاف بن خالد عن ابن حرملة. قال: قال سعيد بن المسيب: لا تقولوا مصيحف ولا مسيجد ما كان لله فهو عظيم حسن جميل.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أبي قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن حرملة: قال: ما كان إنسان يجترئ على سعيد بن المسيب يسأله عن شيء حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا عبد الرحمن المقرى قال ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم حدثني يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله يعطي منه حقه ويكف به وجهه عن الناس.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا أحمد ابن داود السجستاني قال ثنا الحسن بن سوار قال ثنا الليث بن سعد عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب. قال: لا خير فيمن لا يحب هذا المال يصل به رحمه ويؤدي به أمانته ويستغني به عن خلق ربه.

• حدثنا أحمد بن بندار قال ثنا أحمد بن محمد قال ثنا أبو مسعود قال ثنا محمد ابن عيسى عن عباد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أنه مات وترك ألفين أو ثلاثة آلاف دينار. وقال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني وحسبي.

رواه الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد. وقال: ترك مائة دينار وقال أصون بها ديني وحسبي.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال ذؤيب ابن عمامة عن محمد بن معن الغفاري عن محمد بن عبد الله بن أخى الزهرى عن عمه عن سعيد المسيب، قال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.

• حدثنا محمد بن ابن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا عازم قال ثنا حماد ابن زيد قال ثنا على بن زيد قال: رآني سعيد بن المسيب - وعلى جبة خز - فقال: إنك لجيد الجبة قلت: وما تغني عني وقد أفسدها على سالم فقال سعيد: اصلح قلبك وأ ليس ما شئت.

ص: 173

‌ومن مسانيد حديثه:

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب. قال:

قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. على هذا المنبر - يعني منبر المدينة - إني أعلم أقواما سيكذبون بالرجم ويقولون ليس في القرآن ولولا أني أكره أن أزيد في القرآن لكتبت في آخر ورقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجم أبو بكر وأنا رجمت، رواه يحيى بن سعيد عن سعيد مثله.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى ابن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يذكر أن عمر قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم فذكر نحوه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسن بن منصور الرماني قال ثنا المعافى ابن سليمان قال ثنا حكيم بن نافع عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أول ما يرفع من الأمة الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه» .

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن حنبل قال ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال ثنا عبد الله بن عبد الله الأموي قال ثنا الحسن بن الحر قال سمعت يعقوب بن عتبة بن الأخنس يقول سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«من اعتز بالعبيد أذله الله» .

• حدثنا محمد بن عمر قال ثنا محمود بن محمد المروزي قال ثنا أحمد بن يعقوب قال ثنا الوليد بن سلمة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن أحمد بن

(1)

المسيب عن عثمان بن عفان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم النداء فقوموا فإنها عزمة من الله» .

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا أبو حصين محمد بن الحسن الوادعى قال

(1)

كذا فى الأصلين. والمختصر ولعله سقط اسم والد أحمد بن سعيد بن إلخ.

ص: 174

ثنا يحيى الحماني قال ثنا قيس - يعني ابن الربيع - عن عبد الله بن عمران عن على بن زيد عن سعيد المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أنه قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها: ما خير للنساء؟ قالت: أن لا يرين الرجال ولا يرونهن فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما فاطمة بضعة مني» .

• حدثنا محمد بن عمر بن سالم قال ثنا سعيد بن علي بن الخليل قال ثنا إسحاق بن العنبر قال ثنا نصر بن ثابت عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اتقى الله عاش قويا وسار في بلاده آمنا» .

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فهو قمار» .

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا محمد بن بكر بن حيا قال ثنا عمر بن الحصين قال ثنا إبراهيم بن عطاء عن يزيد بن عياض عن الزهرى عن سعيد ابن المسيب عن عمار بن ياسر: قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حسن الخلق خلق الله الأعظم» .

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن داود المكي قال ثنا حبيب كاتب مالك قال ثنا ابن أخي الزهري عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال لي جبريل ليبك الإسلام على موت عمر رضي الله تعالى عنه» .

• حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن إسحاق الخشاب الرقي قال ثنا رزيق أبو القاسم الحمصي قال ثنا الحكم بن عبد الله الأيلي قال ثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان لكل شيء شرفا يتباهون به وإن بهاء أمتي وشرفها القرآن» .

ص: 175

‌عروة بن الزبير

ومنهم المعطي ما تمنى. حمل العلم عنه إذا فيه تعنى، مكن من الطاعة فاكتسب، وامتحن بالمحنة فاحتسب، عروة بن الزبير بن العوام، المجتهد المتعبد الصوام.

وقد قيل: إن التصوف عرفان المنن، وكتمان المحن.

• حدثنا أحمد بن بندار قال ثنا عبد الله بن سليمان الأشعث قال ثنا سليمان بن معبد قال ثنا الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه. قال:

اجتمع في الحجر مصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر. فقالوا تمنوا. فقال عبد الله بن الزبير أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة أما أنا فأتمنى أن يأخذ عني العلم، وقال مصعب أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أما أنا فأتمنى المغفرة. قال: فقالوا كلهم ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غفر له.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا سفيان عن الزهرى عن عروة: أنه كان يتألف الناس على حديثه قال عمرو بن دينار أتيناه فقال ائتوني فتلقوا مني.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن عمرو الباهلي قال ثنا الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال قال عروة بن الزبير: كنا نقول لا نتخذ كتابا مع كتاب الله فمحوت كتبى فو الله لوددت أن كتبي عندي إن كتاب الله قد استمرت مريرته.

ص: 176

ويبتاع الرقيق والإبل والغنم فلما قدم كره أن يكشفه وأن يقتضيه المال فحفل يلقاه ويستحى من تقاضيه. فقال له طلحة ذات يوم: ألا تريد مالك؟ فقال:

بلى! قال فأرسل فخذه فقال عروة متى؟ قال متى شئت فبعث معه عروة رسولا فإذا هو قد هدم عليه بيتا فاستخرج المال فأتى به فتمثل عروة عند ذلك:

فما استخبأت فى رجل خبيثا

كمثل الدين أو حسب عتيق

ذوو الأحساب أكرم ما تراث

واصبر عند نائبة الحقوق.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا أحمد بن شاهين قال: ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري حدثني أبي ثنا هشام بن عروة. قال: قال عروة بن الزبير:

رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزا طويلا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا محمد ابن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه. قال: إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات فإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أخواتها وإن السيئة تدل على أخواتها.

• حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان قال: ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا نصر بن علي. وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله قال: ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال ثنا عمر بن شبة أبو زيد.

قالا: ثنا الأصمعي قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة: قال:

قال عروة لبنيه: يا بني لا يهدين أحدكم إلى ربه عز وجل ما يستحيى أن يهديه إلى كريمه، فإن الله عز وجل أكرم الكرماء وأحق من اختير إليه، وكان يقول: يا بني تعلموا فإنكم إن تكونوا صغراء قوم عسى أن تكونوا كبراءهم، وا سوأتاه ماذا أقبح من شيخ جاهل. وكان يقول: إذا رأيتم خلة شر رائعة من رجل فاحذروه، وإن كان عند الناس رجل صدق فإن لها عنده أخوات وإذا رأيتم خلة خير رائعة من رجل فلا تقطعوا عنه إيابكم، وإن كان عند الناس رجل سوء فإن لها عنده أخوات. وقال: الناس بأزمنتهم أشبه منهم بآبائهم وأمهاتهم - لفظ الجوهرى.

ص: 177

ابن علي قال ثنا الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن هشام. قال: كان عروة يقول:

إني لأعشق الشرف كما أعشق الجمال؛ فعل الله بفلانة ألفت بني فلان وهم بيض طوال فقلبتم سودا قصارا.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا علي ابن إسحاق قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا أبو معاوية الضرير قال: ثنا هشام ابن عروة عن أبيه. قال: مكتوب في الحكمة لتكن كلمتك طيبة، وليكن وجهك بسطا، تكن أحب إلى الناس ممن يعطهم العطاء.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا الحسن بن المتوكل قال: ثنا أبو الحسن المدائني عن مسلمة بن محارب. قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد بن عروة فدخل محمد بن عروة دار الدواب فضربته دابة فخر فحمل ميتا، ووقعت في رجل عروة الأكلة ولم يدع تلك الليلة ورده.

فقال له الوليد [اقطعها قال لا! فترقت إلى ساقه فقال له الوليد]: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعت بالمنشار - وهو شيخ كبير - فلم يمسكه أحد. وقال لقد لقينا من سفرنا [هذا] نصبا.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي سمعت عبد الله بن محمد بن عبيد يقول: لم يترك عروة بن الزبير ورده إلا في الليلة التي قطعت فيها رجله قال وتمثل بأبيات معن ابن أوس:

لعمرك ما أهويت كفى لريبة

ولا حملننى نحو فاحشة رجلى

ولا قادني سمعي ولا بصري لها

ولا دلنى رأيى عليها ولا عقلى

واعلم أني لم تصبني مصيبة

من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا أبو العباس السراج قال: ثنا يحيى بن طلحة قال: ثنا عيسى بن يونس عن عبد الواحد مولى عروة. قال: شهدت عروة بن الزبير قطع رجله من المفصل وهو صائم.

ص: 178

إلا ليلة قطع رجله قال ثم عاود حربه من الليلة المقبلة، قال: كان وقعت في رجله الأكلة قال فنشرها.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا أبو العباس السراج قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا عامر بن صالح الزبيري قال: ثنا هشام ابن عروة. قال: خرج أبي إلى الوليد بن عبد الملك فوقع في رجله الأكلة، فقال له الوليد: يا أبا عبد الله أرى لك قطعها، قال فقطع وإنه لصائم فما تضور وجهه. قال: ودخل ابن له أكبر ولده اصطبل الدواب فرفسته دابة فقتلته، فما سمع من أبي في ذلك شيء حتى قدم المدينة. فقال: اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحدا وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وكان لي بنون أربعة فأخذت واحدا وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد وايم الله لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن أبليت طالما عافيت.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا الحسن بن المتوكل قال:

ثنا أبو الحسن المدائني عن مسلمة بن محارب: لما شخص عروة من عند الوليد إلى المدينة أتته قريش والأنصار يعزونه في ابنه ورجله فقال له عيسى بن طلحة بن عبيد الله: يا أبا عبد الله قد صنع الله بك خيرا والله ما بك حاجة إلى المشي، فقال: ما أحسن ما صنع الله إلي وهب سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء ثم أخذ واحدا وأبقى ستة، وأخذ عضوا وأبقى لي خمسا يدين ورجلا وسمعا وبصرا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه قال ثنا عبد الرازق عن معمر عن الزهري. قال: وقعت في رجل عروة الأكلة قال: فصعدت في ساقه، فبعث الوليد إليه الأطباء.

فقالوا: ليس لها دواء إلا القطع قال فقطعت فما تضور وجهه.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة. قال: قال أبي: إذا رأى أحدكم شيئا من زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمرهم بالصلاة وليصطبر عليها.

قال قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {(لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه)} الآية.

ص: 179

أبو ضمرة أنس بن عياض عن هشام بن عروة. قال: لما اتخذ عروة قصره بالعقيق، قال له الناس جفوت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال:

إني رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم غالية، والفاحشة فى فجاجهم

(1)

عالية، فكان فيما هنالك عما هم فيه عافية.

• حدثنا محمد بن أحمد بن سنان قال ثنا محمد ابن إسحاق الثقفي قال ثنا عبيد الله بن سعيد قال ثنا هارون بن معروف قال:

ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: كان عروة بن الزبير إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه ثم يأذن للناس فيه فيدخلون ويأكلون ويحملون. قال: وكان ينزل حوله ناس من أهل البدو فيدخلون ويأكلون ويحملون، وكان إذا دخله ردد هذه الآية {(ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)} حتى يخرج من الحائط.

قال الشيخ رحمه الله: روى عروة بن الزبير من المسانيد عن كبار الصحابة وجمهورهم رجالا ونساء ما لا يحصى.

‌فمن مسانيد حديثه:

عن أبيه وغيره ما حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن الفرج الأزرق قال ثنا محمد بن عبد الله بن كناسبة قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود» . غريب من حديث عروة تفرد به ابن كناسة وحدث به عن ابن كناسة الأئمة أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأحمد بن حنبل وأبو خيثمة.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا صفوان ابن صالح قال ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة» . غريب من حديث عروة تفرد به عبد الله بن لهيعة رواه عنه الكبار ابن المبارك وابن وهب.

(1)

فى الأصل فجاههم وفى المختصر فجاجهم وبه يستقيم المعنى.

ص: 180

• حدثنا أبو بكر بن الطلحي قال ثنا عبيد بن غنام قال ثنا أبو بكر بن أسد ابن شيبة قال ثنا يحيى بن زكريا عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين» . هذا حديث صحيح مشهور من حديث سعيد بن زيد رواه عنه عدة ولم يروه عن عروة إلا هشام.

• حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى قال ثنا أحمد بن حمدون قال ثنا مقدم ابن محمد الواسطي قال ثنا عمي القاسم بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن هشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن بن عوف. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا محمد ما صنعت فى استلام الحجر قلت استلمت وتركت قال أصبت» رواه جماعة عن هشام عن عروة مرسلا ولم يجوده عن عبيد الله إلا القاسم بن محمد تفرد به مقدم بن محمد.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا يزيد أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عروة بن الزبير عن عبد الله ابن عمرو. قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل لا يقبض الغلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكنه يقبض العلماء بعلمهم فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . هذا حديث صحيح ثابت من حديث عروة بن الزبير رواه عنه ابنه هشام بن عروة والزهري وأبو الأسود.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال ثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة.

أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خير الصدقة ما تصدق به عن ظهر غنى، وليبدأ أحدكم بمن يعول» . هذا حديث صحيح ثابت رواه الناس عن هشام بن عروة ورواه عبد الرحمن ابن أبى الزناد عن عروة مثله.

ص: 181

ابن هاشم قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا عثمان ابن الهيثم قال ثنا هشام بن زياد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنهما قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: «اللهم متعني بسمعي وبصري وعقلي واجعلهما

(1)

الوارث مني، وانصرني على عدوي وأرني فيه ثأري». زاد عثمان بن الهيثم في حديثه:

«اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، ومن الجوع فإنه بئس الضجيع» . هذا حديث رواه عن هشام بن عروة عدة ولم يسقه هذا السياق إلا هشام بن زياد وتفرد به بقوله - وعقلي عنه - عثمان بن الهيثم.

• حدثنا أحمد بن القاسم بن الزيات وأحمد بن إبراهيم بن جعفر. قالا:

ثنا محمد بن يونس الشامي قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه.

• حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جعفر ثنا محمد بن يونس الشامي قال ثنا عمر ابن سلمة الغفاري قال ثنا جعفر بن محمد بن الزبير عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بنى غفار فوجده محموما وله ضجيج من شدة ما يجد من الحمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الحمى من فيح جهنم وهي نصيب المؤمن من النار» فقال

(2)

له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أعطه ما تمنى» فقال هاه فشهق فمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أمتي من لو أقسم على الله لأبره» . هذا حديث غريب من حديث عروة ومن حديث هشام لم يروه عن هشام إلا جعفر بن محمد وما كتبناه إلا من حديث عمر بن سلمة الغفاري.

• حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين المرواني النيسابوري قال ثنا الحسن ابن موسى السمسار قال ثنا محمد بن عبدك القزويني قال ثنا عباد بن صهيب قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت قال

(1)

كذا فى الاصلين ولعله واجعلها الوارث منى.

(2)

كذا فى الاصلين وليراجع.

ص: 182

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظر إلى علي عبادة» . غريب من حديث هشام بن عروة ولم نكتبه إلا من حديث عبادة.

• حدثنا محمد بن عمر بن سالم قال ثنا إبراهيم بن الهيثم قال ثنا محمد بن خطاب الموصلي قال ثنا عبد الله بن الوليد العدني قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شرار أمتي أجرؤهم على صحابتي» . غريب من حديث عروة وهشام تفرد به أبو بكر بن أبى سبرة مدنى صاحب غرائب.

‌القاسم بن محمد أبي بكر

ومنهم الفقيه الورع الشفيق، الضرع نجل الصديق، ذو الحسب العتيق، القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، كان لغوامض الأحكام فائقا، وإلى محاسن الأخلاق سابقا.

وقد قيل: إن التصوف الصفو للزيق، والرقو للفيق.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن عثمان بن طلحة عن أفلح بن حميد: أن عبد الملك بن مروان لما توفى أسف عليه عمر بن عبد العزيز أسفا منعه من العيش، وقد كان ناعما فاستشعر المسح

(1)

سبعين ليلة، فقال له القاسم بن محمد: أعلمت أن من مضى من سلفنا كانوا يحبون استقبال المصائب بالتجمل ومواجهة النعم بالتذلل. فراح عمر من عشية يومه فى مقطعات من حبرات أهل اليمن شراؤها ثمانمائة دينار وفارق ما كان يصنع.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يقول إن هذه الذنوب لاحقة بأهلها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبو عامر الأشعري قال ثنا ابن إدريس قال ثنا بن أبى الزناد عن أبيه. قال:

(1)

فى ج: مسبحا. وفى ز: مسجى والتصحيح عن المختصر.

ص: 183

ما رأيت فقيها أفضل من القاسم بن محمد.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الوليد بن شجاع قال ثنا ضمرة أن ابن شوذب حدثهم عن يحيى بن سعيد.

قال: ما أدركنا بالمدينة أحدا نفضله على القاسم بن محمد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال ثنا حيان بن هلال قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب. قال:

سمعت القاسم يسأل بمنى فيقول لا أدري، لا أعلم، فلما أكثروا عليه، قال:

والله ما نعلم كل ما تسألون عنه، ولو علمنا ما كتمناكم ولا حل لنا أن نكتمكم. قال: وسمعت يحيى بن سعيد يقول سمعت القاسم يقول: ما نعلم كل ما نسأل عنه؛ ولئن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله تعالى عليه خير له من أن يقول ما لا علم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال ثنا الصباح قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه. قال: ما رأيت أحدا أعلم بالسنة من القاسم بن محمد، وكان الرجل لا يعد رجلا حتى يعرف السنة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الوليد بن شجاع قال ثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة. قال: مات القاسم ابن محمد بين مكة والمدينة حاجا أو معتمرا فقال لابنه: سن علي التراب سنا وسو علي قبري والحق بأهلك وإياك أن تقول كان وكان.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا حاتم ابن الليث قال ثنا ابن نمير قال ثنا يونس بن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق.

قال: جاء أعرابي إلى القاسم بن محمد. فقال: أنت أعلم أو سالم؟ فقال: ذاك منزل سالم فلم يزده عليها حتى قام الأعرابي. قال: محمد بن إسحاق: كره أن يقول [هو] أعلم مني فيكذب، أو يقول أنا أعلم [منه] فيزكى نفسه.

ص: 184

قال: رأيت على القاسم بن محمد قلنسوة من خز أخضر، ورداء سابريا له علم ملون مصبوغ بشيء من زعفران ويدع مائة ألف يتلجلج في نفسه منها شيء.

قال الشيخ رحمه الله: أسند الكثير وعامة مسانيده في المناسك والأحكام.

‌فمن مفاريده وغرائب حديثه:

ما حدثناه عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا داود.

وحدثنا القاضى أبو محمد بن إملاء قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا يزيد بن إبراهيم وحماد بن سلمة جميعا عن عبد الله بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: «هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب» الآية كلها فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الذين يسألون عما تشابه منه فهم أولئك الذين سماهم الله فاحذروهم» . لفظ القاضي رواه حماد بن سلمة أيضا عن عبد الرحمن بن أبى القاسم عن أبيه عن عائشة تفرد به عن الوليد بن مسلم واختلف على القاسم فيه فرواه أيوب وعلي بن زيد وحماد بن يحيى الأبح عن أبي مليكة عن عائشة من دون القاسم ورواه عمرو بن عبيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة نحوه.

ص: 185

الزبيدي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ورواه إسماعيل بن أبي حكيم عن نحوه

(1)

.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن القاسم بن محمد عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الغيث قال: «اللهم صيبا هينا

(2)

» رواه نافع مولى ابن عمر عن القاسم نحوه.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أسامة قال ثنا عبد الوهاب ابن عطاء قال ثنا عباد بن منصور عن القاسم بن أبي محمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «إن الله تعالى يربي لأحدكم اللقمة كما يربى أحدكم فصيله حتى يجعلها له مثل [جبل] أحد» .

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا موسى بن تليدان - من آل أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه - قال سمعت القاسم بن محمد يحدث عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: أعظم النكاح بركة أيسره مئونة فقالت له - أي عائشة رضي الله تعالى عنها - أخبرتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا حدثت وهكذا حفظت رواه عمر ابن علي المقدمي وعبد الصمد وسعيد بن عامر عن موسى مرفوعا ورواه حماد بن سلمة عن يزيد بن سخبرة عن القاسم عن عائشة مرفوعا.

• حدثناه أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا يزيد بن هارون قال ثنا حماد بن سلمة عن ابن سخبرة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة» رواه أحمد بن حنبل وأبو خيثمة والناس عن يزيد بن هارون مثله ورواه صفوان ابن سليم عن عروة عن عائشة نحوه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني قال ثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد

(1)

بياض فى ز.

(2)

فى الأصلين: هنيئا والتصحيح عن المختصر.

ص: 186

عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون من السابقون إلى ظل الله عز وجل قالوا الله عز وجل ورسوله أعلم؟ قال الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سألوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم» . هذا حديث غريب تفرد به ابن لهيعة عن خالد حدث به أحمد بن حنبل عن يحيى بن اسحاق فى مسنده.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا ابن عفير الأنصاري قال ثنا شعيب بن سلمة قال ثنا عصمة بن محمد قال ثنا موسى - يعني ابن عقبة - عن القاسم ابن محمد عن عائشة: قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يكف بصره عن محاسن امرأة ولو شاء أن ينظر إليها نظر إلا أدخل الله تعالى قلبه عبادة يجد حلاوتها» .

‌أبو بكر بن عبد الرحمن

ومنهم الفقيه الوجيه، العابد النبيه، راهب قريش وعابدها أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أكثر حديثه في الأقضية والأحكام.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن يحيى بن ثعلب. قال: قال الزبير ابن بكار: كان أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث يقال له راهب المدينة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: رأيت في كتاب أبي حسان أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث كان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا الزبير بن بكار قال ثنا يحيى بن عبد الملك الهديري قال ثنا المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي عن أبيه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أنه قال إنما هذا العلم لواحد من ثلاثا؛ لذي نسب يزين به نسبه، أو لذي دين يزين به دينه، أو مختلط بسلطان ينتجعه به ولا أعلم أحدا أجمع لهذه الخلال من عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز كلاهما ذو دين وحسب ومن السلطان بمنزل.

ص: 187

قال الشيخ رحمه الله: ومما أسنه:

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» . رواه عقيل وغيره من الزهري ولم يروه عن موسى بن عقبة إلا سليمان.

‌عبيد الله بن عتبة

ومنهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أحد الأربعة من البحور، المواصل الرواح بالبكور، المنابذ للدنيا خيفة الغرة والعثور.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال سمعت نوح بن حبيب ومحمد بن يحيى ومحمد بن سهل بن عسكر قالوا ثنا عبد الرزاق عن معمر عن عن الزهري. قال: أدركت أربعة بحور من قريش، سعيد بن المسيب، وأبا بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعروة بن الزبير.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إسماعيل بن أبى الحادث قال ثنا إسحاق بن إسماعيل عن جرير عن المغيرة. قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو أدركني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، إذ وقعت فيما وقعت فيه لهان علي ما أنا فيه.

• حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال ثنا أبو العباس الثقفي حدثني محمد بن الحسين بن أشكيب حدثني أبي قال ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه. قال: ربما كنت أرى عمر بن عبد العزيز في إمارته يأتي عبيد الله بن عبد الله عتبة فربما حجبه وربما أذن له.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا جعفر بن سليمان النوفلي قال ثنا إبراهيم بن المنذر قال ثنا عبد الرحمن ابن المغيرة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه. قال: كتب عبيد الله بن عبد الله بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز:

ص: 188

باسم الذي أنزلت من عنده السور

والحمد لله أما بعد يا عمر

إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر

فكن على حذر قد ينفع الحذر

واصبر على القدر المحتوم وارض به

وإن أتاك بما لا تشتهى القدر

فما صفا لامرئ عيش يسر به

إلا سيتبع يوما صفوه كدر.

أسند الكثير فمن مسانيد حديثه ما أعلم به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من حقارة الدنيا والزهادة فيها.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا محمد بن سهل بن المهاجر قال ثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال: «للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها» ، غريب من حديث الأوزاعي عن الزهري.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا حرملة بن وهب أخبرنى يونس بن عبيد بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لو أن لي مثل أحد ذهبا ما يسرني أن يأتي علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده للدين» .

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا محمد بن يحيى المروزي قال ثنا أحمد ابن محمد بن أيوب قال ثنا إبراهيم بن سعيد عن محمد بن إسحاق قال قال ابن شهاب الزهري حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما أسمعه يقول: «إن الله لم يقبض نبيا حتى بخيره» قالت فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر كلمة سمعتها منه يقول: «بل الرفيق الأعلى من الجنة» فقلت إذا والله لا يختارنا وعرفت أنه الذي كان يقول لنا إن نبيا لا يقبض حتى يخيره.

‌خارجة بن زيد

ومنهم الفقيه ابن الفقيه خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، كان من عباد المدينة ممن تفقه ثم انفرد وآثر العزلة ولم ينشر عنه من كلامه كبير شيء

ص: 189

عامة حديثه في الأقضية والأحكام

‌فمما أسنده:

ما حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا المال خضر حلو» .

• حدثنا شافع بن محمد عن أبي عوانة الإسفراييني قال ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال ثنا علي بن حرب قال ثنا عبد العزيز بن يحيى بن المدني قال ثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت.

قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظنا ويحدثنا ويقول: «والذي نفسي بيده ما عمل على وجه الأرض أحد قط عمل أعظم عند الله بعد الشرك من سفك دم حرام، والذي نفسي بيده إن الأرض لتعج إلى الله من ذلك عجيجا

(1)

تستأذنه فيمن عمل ذلك على ظهرها لتخسف به».

‌سليمان بن يسار

ومنهم العابد المجار، المعصوم حين الفتنة من الفجار، أبو أيوب سليمان بن يسار.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن يحيى بن ثعلب. وحدثنا عبد الله ابن إبراهيم بن بيان قال ثنا محمد بن خلف بن وكيع حدثني أبو بكر العامري وسليمان بن أيوب. قال ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال ثنا مصعب بن عثمان. قال: كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجها فدخلت عليه امرأة فسألته نفسه فامتنع عليها، فقالت له: ادن! فخرج هاربا من منزله وتركها فيه قال سليمان بن يسار: فرأيت بعد ذلك فيما يرى النائم يوسف عليه السلام وكأني

(1)

فى المختصر: لتضج إلى الله تعالى ضجيجا.

ص: 190

أقول له أنت يوسف؟ قال نعم! أنا يوسف الذى همت وأنت سليمان الذي لم تهم - لفظ وكيع.

• وأخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه وحدثنى عنه محمد ابن إبراهيم قال ثنا أبو العباس بن مسروق قال ثنا محمد بن الحسين قال ثنا محمد بن بشر الكندي قال ثنا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب بن يسار الكلابي حدثني عن أبي حازم قال: خرج سليمان بن يسار خارجا من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء فقام رفيقه فأخذ السفرة وانطلق إلى السوق يبتاع لهم وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجها وأورع الناس. فبصرت به أعرابية من قلة الجبل وهي في خيمتها

(1)

فلما رأت حسنه وجماله انحدرت وعليها البرقع والقفازان، فجاءت فوقفت بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر. فقالت: أهبتني

(2)

فظن أنها تريد طعاما فقام إلى فضل السفرة ليعطيها. فقالت: لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله فقال: جهزك إلي إبليس، ثم وضع رأسه بين كميه فأخذ في النحيب فلم يزل يبكي فلما رأت ذلك سدلت البرقع على وجهها ورفعت رجليها بأكواب

(3)

حتى رجعت إلى خيمتها، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم فلما رآه وقد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه قال: ما يبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي. قال: لا إن لك قصة إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية فوضع السفرة وجعل يبكي بكاء شديدا. فقال له سليمان أنت ما يبكيك؟ قال: أنا أحق بالبكاء منك. قال: فلم؟ قال: لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها. قال:

فما زالا يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس، فاذا رجل وسيم جميل طوال شرجب له شارة حسنة ورائحة طيبة. فقال له سليمان: من أنت رحمك الله؟ قال أنا يوسف بن يعقوب قال: يوسف الصديق؟ قال نعم! قلت إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأنا

(1)

فى ج حيضها.

(2)

كذا فى الأصلين، ولعله: اهبينى.

(3)

الأكواب جمع كوبة وهى الحسرة والندامة.

ص: 191

عجيبا، فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة الأبواه أعجب.

قال الشيخ رحمه الله أسند الكثير عن أبي هريرة. وابن عباس، وابن عمر، وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم.

‌فمن مسانيد حديثه:

• ما حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عبد الوهاب ابن عطاء قال ثنا ابن جريج أخبرني يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار. قال:

تفرق الناس عن أبي هريرة. فقال له ناتل أخو أهل الشام. يا أبا هريرة.

• حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة رجال:

رجل استشهد فأتى به الله وعرفه نعمه فعرفها، قال: ما عملت فيها. قال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت قال كذبت إنما أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها. قال: تعلمت العلم وقرأت القرآن وعلمته فيك قال كذبت إنما أردت أن يقال فلان عالم وفلان قارئ فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه إلى النار، ورجل آتاه الله من أنواع المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. فقال: ما عملت ما فيها فقال ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك قال كذبت إنما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار». هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث ابن جريج.

ص: 192

ألف عابد، ولكل شيء دعامة ودعامة الدين الفقه. رواه هياج بن بسطام عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سليمان نحوه تفرد به يزيد بن عياض عن صفوان.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا حميد بن زنجويه قال ثنا أبو أيوب الدمشقي قال ثنا عبد الله بن أحمد النخعي عن محمد بن عجلان عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان ثلاثة والأمانة ثلاث؛ من آمن بالله العظيم، وصدق المرسلين أولهم وآخرهم، وعلم أنه مبعوث والأمانة؛ ائتمن الله عز وجل العيد على الصلاة إن شاء قال صليت ولم يصل، وائتمنه على الوضوء إن شاء قال توضأت ولم يتوضأ، وائتمنه على الصيام فإن شاء قال صمت ولم يصم» . هذا حديث غريب من حديث سليمان بن يسار ولم نكتبه إلا بهذا الإسناد.

‌سالم بن عبد الله

ومنهم الفقيه المتخشع الرهاب، أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

كان لله خاشعا، وفي نفسه خاضعا، وبما يدفع به وقته قانعا.

وقد قيل: إن التصوف لزوم الخضوع والقنوع، والتبرى من الجزوع والهلوع.

• حدثنا محمد بن عبد الله قال ثنا الحسن بن علي بن نصر قال ثنا محمد بن عبد الكريم قال ثنا الهيثم بن عدي قال ثنا يونس بن يزيد قال ثنا الحكم بن عبد الله الأيلي. قال: قدم سليمان بن عبد الملك المدينة فدخل عليه القاسم وسالم بن عبد الله قال وإذا سالم أحسنهما كدنة قال يا [ابن] عمر ما طعامك؟ قال الخبز والزيت. قال: وتشتهيه؟ قال: أدعه حتى أشتهيه. قال: ثم دعا لهما بغالية وجاءت جارية وضيئة الوجه مديدة القامة فذهبت تغليهما فقال:

ص: 193

أشتهيه فإذا اشتهيته أكلته. وروى مالك بن أنس عن الوليد أو هشام بن عبد الملك. قال: لسالم فذكر مثله

(1)

].

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن أبي صفوان قال ثنا يحيى بن كثير قال ثنا عبد الله بن إسحاق.

قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: إياكم وإدامة اللحم؛ فان له ضراوة كضراوة الشراب.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن سعيد ثنا ابن وهب حدثني حنظلة. قال: رأيت سالم بن عبد الله يخرج إلى السوق فيشتري حوائج نفسه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا ابن ناجية قال ثنا محمد بن عباد بن موسى قال ثنا أبي عن غياث بن إبراهيم قال ثنا أشعب بن أم حميد قال: أتيت سالم ابن عبد الله وهو يقسم صدقة عمر، فسألته فأشرف علي من خوخة فقال:

ويحك يا أشعب لا تسأل.

• حدثنا محمد بن عبد العزيز [ثنا] محمد بن عبد الله بن مكحول

(2)

قال ثنا عثمان بن خرزاذ قال ثنا إبراهيم بن عرعرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا جويرية بن أسماء قال حدثني أشعب. قال: قال لي سالم بن عبد الله:

لا تسأل أحدا غير الله.

• حدثت عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا شريح بن يونس قال ثنا إسحاق بن سليمان قال ثنا حنظلة بن أبي سفيان. قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله، أن اكتب إلي بشيء من رسائل عمر بن الخطاب فكتب:

أن يا عمر اذكر الملوك الذين تفقأت أعينهم الذين كانت لا تنقضي لذتهم، وانفقأت بطونهم التي كانوا لا يشبعون بها، وصاروا جيفا في الأرض وتحت أكنافها

(3)

أن لو كانت إلى جنب مسكين لأذى بريحهم.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا

(1)

هذه الزيادة عن تحصيل البغية.

(2)

فى ج: حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن عبد الله بن مكحول الخ، واشعب هذا هو صاحب النوادر فى الطمع ويعرف باشعب الطامع وترجمه الخطيب فى تاريخ بغداد وحكى فيه عنه النوادر الطريفة.

(3)

فى الأصلين: واكمامها.

ص: 194

أحمد بن يونس قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا موسى بن عقبة: أنه رأى سالم ابن عبد الله بن عمر لا يمر بقبر بليل ولا نهار إلا سلم عليه، يقول السلام عليكم. فقلت له في ذلك، فأخبرني عن أبيه أنه كان يقول ذلك.

‌أسند سالم ما لا يعد كثرة عن أبيه وعن جلة الصحابة

• فمن حديثه ما حدثناه أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس قال: ثنا يونس بن يزيد الزهري عن سالم عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل آتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار

(1)

». كذا قال عثمان يتصدق به.

هذا حديث صحيح رواه عن عثمان بن عمر الإمام أحمد بن حنبل وحدث به عن الزهري شعيب والناس.

• حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا جعفر الفرغاني. وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: ثنا الحسين بن سفيان

(2)

. وحدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى في جماعة قالوا: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا الليث بن عقيل عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» . هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وحدث به عن قتيبة الأئمة أحمد بن حنبل وأبى بكر بن أبى شيبة وغيرهما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: ثنا أحمد بن عصام قال: ثنا روح بن عبادة قال: ثنا حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لئن يكون

(1)

سقط من ز: الشطر الثانى من هذا الحديث كما أنه سقط الشطر الأول منه من نسخة ج وذكره فى المختصر بتمامه.

(2)

سقط من ج: هذا الطريق الثانى.

ص: 195

جوف المؤمن مملوءا قيحا خير له من أن يكون مملوءا شعرا». هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث حنظلة عن سالم حدث به الكبار عن حنظلة منهم الوليد بن مسلم وإسحاق بن سليمان وعبيد الله بن موسى.

• حدثنا سهل بن إسماعيل الفقيه الواسطي قال: ثنا عبد الله بن سعد الرقي حدثتني والدتي مروة بنت مروان قالت: حدثتني والدتي عاتكة بنت بكار عن أبيها قال سمعت الزهري يحدث عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا له إلا عوضه الله منه ما هو خير له في دينه ودنياه» . هذا حديث غريب من حديث الزهري لم نكتبه إلا من هذا الوجه.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال: ثنا محمد بن علي بن حبيب الرقي قال: ثنا محمد ابن عبد الله - يعني ابن حماد - قال ثنا عبد الرحمن بن مغراء قال: ثنا أزهر بن عبد الله عن محمد بن عجلان عن سالم بن عبد الله عن أبيه. قال: قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما: ربما شهدت وغبنا، وربما غبت وشهدنا، فهل عندك علم بالرجل يحدث بالحديث إذا نسيه استذكره.

فقال علي رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر مضئ إذ علته سحابة فأظلم، إذ تجلت عنه فأضاء. وبينما الرجل يحدث إذ علته سحابة فنسى إذ تجلت عنه فذكره» . هذا حديث غريب من حديث محمد بن عجلان عن سالم تفرد به عبد الرحمن بن مغراء عن أزهر.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أبو خليفة قال ثنا عباس بن الفرج قال:

ثنا سهل بن صالح قال: ثنا الوليد بن مسلم عن أبي سلمة عن سالم عن أبيه.

ص: 196

تشفيان القلب بذرف الدمع من خشيتك قبل أن يكون الدمع دما والأضراس جمرا» وقال خيثمة - تشفيان بذروف الدموع من خشيتك - رواه دحيم عن الوليد ولم يجاوز به سالما.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: ثنا الحسن بن سفيان قال: ثنا أبو خالد يزيد بن صالح اليشكري قال: ثنا خارجة بن مصعب عن عمرو بن دينار أبي يحيى عن سالم عن أبيه. قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر عليه رجل فقال رجل: يا رسول الله إني لأحب هذا في الله عز وجل. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تدري ما اسمه؟» قال: لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فاسأله عن اسمه» فسأله وأعلمه ذلك فقال له الرجل:

أحبك الله الذي أحببتني فيه فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قال له والذي رد عليه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«وجبت» . هذا حديث غريب من حديث عمرو بن دينار عن سالم تفرد به خارجة رواه من القدماء عن خارجة المعافى بن عمران الموصلي.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا عبيد بن يعيش قال ثنا أبو بكر بن عياش عن مبشر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من شرار الناس المجاهرين» قالوا يا رسول الله وما المجاهرون؟ قال: «الذي يذنب الذنب بالليل فيستره الله عليه فيصبح فيحدث به الناس فيقول فعلت البارحة كذا وكذا فيهتك ستر الله عنه» . هذا حديث صحيح رواه عن الزهري ابن أخيه وغيره ومبشر - هو السعدي - كوفي غزير الحديث يجمع حديثه تفرد به عنه أبو بكر بن عياش.

ص: 197

فقال إبراهيم: يا جبريل من معك؟ قال جبريل: هذا محمد. قال: إبراهيم:

يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن أرضها واسعة وترابها طيب، قال محمد لإبراهيم عليهما السلام: وما غراس الجنة؟ قال إبراهيم: لا حول ولا قوة إلا بالله». هذا حديث غريب من حديث سالم ومن حديث عبد الله بن عبد الرحمن - وهو أبو طوالة الأنصاري - مدني يجمع حديثه لم نكتبه إلا من حديث حيوة عن أبي صخر حدث به الأئمة عن أبي عبد الرحمن المقرئ والله أعلم.

‌مطرف بن عبد الله

ومنهم المتعبد الشكير، مطرف بن عبد الله بن الشخير. كان لنفسه مذلا، ولذكر الله عز وجل مجلا.

وقد قيل: إن التصوف إدمان الإذلال والأعمال، وإيثار الإقلال والإخمال.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا خلف بن عبيد الضبى قال: ثنا نصر ابن علي قال: ثنا الأصمعي قال: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني قال:

قال مطرف بن عبد الله لابن أبي مسلم: ما مدحنى أحد قط إلا تصاغرت علي نفسي.

• حدثنا محمد بن عبد الله المفتولي المقرئ قال ثنا حاجب بن أبي بكر قال:

ثنا حماد بن الحسن قال ثنا يسار قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا ثابت. قال:

قال مطرف: إني لأستلقي من الليل على فراشي فأتدبر القرآن وأعرض عملي على عمل أهل الجنة، فإذا أعمالهم شديدة. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، يبيتون لربهم سجدا وقياما، أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما، فلا أراني فيهم. فأعرض نفسي على هذه الآية {(ما سلككم في سقر)} فأرى القوم مكذبين. وأمر بهذه الآية {(وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا)} فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا اخوتاه منهم.

ص: 198

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبى قال ثنا عبد الرحمن مهدي عن غيلان بن جرير عن مطرف. قال: لو سألنا الله أن يميتنا من خشيته كنا أحق بذلك، ولقد علمت أن ربي تعالى ليرضى منا بدون ذلك.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب عن مهدي بن ميمون قال ثنا غيلان بن ميمون. قال سمعت مطرفا يقول: لو أتاني آت من ربي تعالى فخيرني أفي الجنة أو في النار أو أصير ترابا؟ اخترت أن أصير ترابا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت: أن مطرف بن عبد الله قال: لو كان لي نفسان لقدمت أحدهما قبل الأخرى، فإن هجمت على خير أتبعتها الأخرى وإلا أمسكتها. ولكن إنما لي نفس واحدة ما أدري على ما تهجم؟ خير أو شر.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا الحسين ابن منصور أبو علويه الصوفي قال ثنا الحجاج بن محمد عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير. قال: قال مطرف: صلاح القلب بصلاح العمل وصلاح العمل بصحة النية.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسن بن علي بن المتوكل قال ثنا أبو الحسن المدائني قال قال أبو محمد الباهلي سمعت زهير الباني يقول: مات ابن لمطرف بن عبد الله بن الشخير، فخرج على الحي قد رجل جمته ولبس حلته فقيل له: ما نرضى منك بهذا وقد مات ابنك. فقال: أتأمروني أن أستكين للمصيبة

(1)

فو الله لو أن الدنيا وما فيها لي فأخذها الله منى ووعدنى عليها شربة ماء غذا؛ ما رأيتها لتلك الشربة أهلا فكيف بالصلوات والهدى والرحمة.

• حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن عطاء قال ثنا أبو عبد الله بن شيرزاد

(1)

كذا فى الاصلين وفى المختصر: أن اشتكى المصيبة.

ص: 199

قال ثنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت: أن مطرفا قال: لو كانت الدنيا لي فأخذها الله منى شربة ماء ليسقيني بها يوم القيامة كان قد أعطاني بها ثمنا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا روح بن عبادة عن سعيد عن قتادة قال: كان مطرف بن عبد الله يقول: إن من أحب عباد الله إلى الله الصبار الشكور؛ الذى إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا إسحاق بن أبى حسان

(1)

قال ثنا احمد ابن أبي الحواري قال سمعت أبا سليمان الداراني يقول: لبس مطرف بن عبد الله الصوف وجلس مع المساكين، فقيل له [في ذلك]. فقال: إن أبي كان جبارا فأحب أن أتواضع لربي عز وجل، ولعله يخفف عن أبى تجبره.

• حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال قال كان مطرف بن عبد الله يقول: نظرت ما خبر لا شر فيه ولا آفة - ولكل شيء آفة - فما وجدته؛ إلا أن يعافى عبد فيشكر.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد ابن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا أبو عوانة عن قتادة. قال: قال مطرف بن عبد الله: لأن أعافى فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الفضل بن سهل قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا أبو الأشهب عن رجل. قال: قال مطرف:

لأن أبيت نائما وأصبح نادما، أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبد الله بن أبي السراج زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت عن مطرف. قال: لئن يسألني ربي عز وجل يوم القيامة يا مطرف ألا فعلت؟ أحب إلي من أن يقول يا مطرف.

(1)

فى الازهرية: ابن أبى حيان وكلاهما لم أقف عليه.

ص: 200

• حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل قال ثنا سليمان بن الحسن قال ثنا عبد الواحد بن غياث قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف قال:

لو حلفت لرجوت أن أبر، إنه ليس أحد من الناس إلا وهو مقصر فيما بينه وبين ربه عز وجل.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا أحمد بن مهدي قال ثنا أبو يعلى محمد بن الصلت قال ثنا ابن عيينة عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف:

[في قوله تعالى]{فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال: رآهم وجماجمهم تغلي، وقد غيرت النار حبره وسبره

(1)

.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني نصر بن علي قال ثنا روح بن المسيب قال ثنا ثابت البناني. قال: قال مطرف:

الإنسان بمنزلة الحجر إن جعل الله فيه خيرا كان فيه؛ وقرأ قول الله سبحانه {(ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)} وقال مطرف: إن هاهنا قوما يزعمون أنهم إن شاءوا دخلوا الجنة وإن شاءوا دخلوا النار، ثم حلف مطرف بالله ثلاثة أيمان مجتهد، أن لا يدخل الجنة عبد أبدا إلا عبد شاء أن يدخله إياها عمدا.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا جرير بن حازم قال ثنا حميد بن هلال: قال قال مطرف بن عبد الله: إني وجدت العبد ملقى بين ربه سبحانه وبين الشيطان، فإن استشلاه

(2)

ربه أو استنقذه نجا، وإن تركه والشيطان ذهب به.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل حدثني محمد بن عبيد بن حساب قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا ثابت قال قال مطرف: لو أخرج قلبي فجعل فى يدى هذه اليسار، وجئ بالخير فجعل في هذه اليمنى ما استطعت أن أولج قلبي منه شيئا حتى يكون الله تعالى يضعه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن علي الخزاعي قال ثنا حماد

(1)

الحبر (بالكسر) وقد يفتح أثر الجمال ومثلها السبر وقد تفتح السين كلاهما عن النهاية.

(2)

استشلاه: استنقذه من الهلكة ونص هذا الخبر فى النهاية عن مطرف: وجدت العبد بين الله وبين الشيطان فان استشلاه ربه نجاه وإن خلاه والشيطان هلك.

ص: 201

عن داود بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله: أنه قال: ليس لأحد أن يصعد فيلقي نفسه من فوق البئر ويقول قدر لي، ولكن يحذر ويجتهد ويتقي، فإن أصابه شيء علم أنه لم يصبه إلا ما كتب الله له.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وبديل العقيلي عن مطرف بن عبد الله قال: إن الله عز وجل لم يكل الناس إلى القدر وإليه يعودون. وقال بديل في حديثه - وإليه يصيرون.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الله بن يعقوب قال ثنا حنبل بن إسحاق قال قال خلف بن الوليد الجوهري قال أنشأ أبو بكر النهشلي يحدثنا.

قال قال مطرف: كفى بالنفس إطراء على رؤوس الملأ كأنك أردت به زينها وذلك عند الله عز وجل شينها.

• حدثنا محمد بن عبد الله المفتولي

(1)

قال ثنا حاجب بن أبي بكر قال ثنا حماد بن الحسن قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا المعلى بن زياد. قال: كان إخوان مطرف عنده فخاضوا في ذكر الجنة، فقال مطرف: لا أدري ما تقولون؟ حال ذكر النار بيني وبين الجنة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير. قال سمعت مطرفا يقول: كأن القلوب ليست منا، وكأن الحديث يعنى به غيرنا.

• حدثنا عبد الله بن محمد العبسي

(2)

قال ثنا عفان قال ثنا حماد عن ثابت:

أن مطرفا كان يقول: لو أن رجلا رأى صيدا والصيد لا يراه يختله أليس يوشك أن يأخذه، قالوا بلى! قال: فإن الشيطان هو يرانا ونحن لا نراه فيصيب منا.

(1)

فى ج: المقبولى ومرة سماه بها المتبولى وكذا اختلف فى ز والتصحيح عن أنساب السمعانى. قال: المفتولى بفتح الميم وسكون الفاء وضم التاء ثالث الحروف بعدها الواو وفى آخرها اللام وهو نوع من الحنفاء المفتول بعضها على بعض تضم وتخاط منها فرش المسجد والمشهور بها أبو بكر محمد بن عبد الله بن مندة المفتولى من أهل أصبهان.

(2)

كذا فى الأصلين وفى الاسناد سقط كما يظهر من الذى يليه.

ص: 202

• حدثنا عبد الله بن شعيب قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال ثنا وهيب قال ثنا الحريرى عن أبي العلاء عن مطرف: أنه قال: ما أوتي عبد بعد الإيمان أفضل من العقل.

• حدثنا محمد بن محمد بن إسحاق الشلاثائي قال ثنا زكريا الساجي قال ثنا محمد بن خالد بن حرملة قال ثنا مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير عن مطرف. قال:

عقول الناس على قدر زمانهم

(1)

.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عمر بن محمد بن الحسن قال ثنا أبي قال ثنا مهدي عن غيلان: أن مطرفا كان يقول: هم الناس وهم النسناس وأرى ناسا غمسوا في ماء الناس.

• حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبيد الله. قال: سعيد أبو قدامة قال ثنا عبد الرحمن عن شعبة عن خالد الحذاء عن غيلان جرير بن مطرف. قال: لا تقل إن الله يقول ولكن قل قال الله. وقال: إن الرجل يكذب مرتين يقال له ما هذا؟ فيقول: لا شيء لا شيء أليس بشيء؟

(2)

.

• حدثنا عن محمد بن عبد رسته قال ثنا محمد بن عبيد بن حساب قال ثنا حماد بن يزيد قال ثنا إسحاق بن سويد عن مطرف. قال: لا يقولن أحدكم نعم الله بك عينا؛ فإن الله لا ينعم عينه بأحد. وليقل أنعم الله بك عينا.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال ثنا الحسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة: {(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)}

قال: كان مطرف يقول: هذه آية القراء».

• حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء قال ثنا أبو الله بن شيرزاد قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال ثنا غندر قال ثنا شعبة عن يزيد الدشك عن مطرف: {(إن الذين يتلون كتاب الله)}

الآية قال: هذا آية القراء

(3)

.

(1)

فى ج والمختصر: على قدر منازلهم.

(2)

فى المختصر: ليس بشيء.

(3)

سقط هذا الطريق الثانى من الأزهرية

ص: 203

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا أبو كريب قال ثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر الرازي عن قتادة عن مطرف. قال: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه.

• حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا همام قال سمعت قتادة قال ثنا مطرف قال: كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا، فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع؛ فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاما من هذا النحو: إن الله ربنا ومحمد نبينا والقرآن إمامنا ومن كان معنا كنا وكنا [له]، ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا، قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا فيقولون أقررت يا فلان حتى انتهوا إلي. فقالوا:

أقررت يا غلام؟ قلت لا قال: لا تعجلوا على الغلام ما تقول يا غلام؟ قال قلت إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل على؟ قال فرجع القوم من عند آخرهم ما أقربه أحد منهم. قال قلت: لمطرف كم كنتم؟ قال: زهاء ثلاثين رجلا. قال: قتادة: وكان مطرف إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب، وكان الحسن ينهى عنها ولا يبرح. وقال مطرف: ما أشبه الحسن إلا برجل يحذر الناس السيل ويقوم لسببه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الصباح قال ثنا سفيان قال قال مطرف: إن الفتنة ليست تأتي تهدي الناس، ولكن إنما تأتي تقارع

(1)

المؤمن عن دينه. ولأن يقول الله لم لا قتلت فلانا؟ أحب إلي من أن يقول لم قتلت فلانا.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا محمد بن سهل قال ثنا حميد بن مسعدة قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا ثابت عن مطرف: إن الفتنة لا تجئ تهدى الناس، ولكن تجئ تقارع المؤمن عن دينه.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الرحمن بن محمد قال ثنا هناد بن

(1)

فى المختصر: تنازع.

ص: 204

السري قال ثنا وكيع عن أبي العلاء الضحاك بن يسار عن يزيد بن عبد الله ابن الشخير عن أخيه مطرف. قال: إن العبد إذا استوت سريرته وعلانيته.

قال الله عز وجل هذا عبدي حقا. قال: وقال مطرف: ليخلصن الجبار بين الخلائق يوم القيامة حتى يؤخذ للجماء من القرناء بفضل قرنها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن عبيد بن حساب قال ثنا جعفر بن سليمان حدثه أبو انتياح قال: كان مطرف ابن عبد الله يبدو

(1)

فاذا كان ليلة الجمعة ادلج على فرسه فربما نور له سوطه.

قال: فأدلج ليلة حتى إذا كان عند القبور هوم على فرسه قال فرأيت أهل القبور صاحب كل قبر جالسا على قبره، فلما رأوني قالوا: هذا مطرف يأتي الجمعة. قال: قلت أتعلمون عندكم يوم الجمعة قالوا نعم! نعلم ما تقول الطير فيه قلت وما تقول الطير؟ قالوا تقول سلام سلام من يوم صالح.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن قتادة. قال: كان مطرف بن عبد الله بن الشخبر وصاحب له سريا فى ليلة مظلمة فاذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء. فقال: أما أنا لو حدثنا الناس بهذا لكذبونا فقال مطرف: المكذب أكذب - يقول المكذب بنعمة الله أكذب.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن اسحاق حدثنى الحسن بن منصور قال ثنا حجاج بن محمد عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير قال: أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية وكان يبدو فبينا هو يسير سمع في طرف سوطه كالتسبيح. فقال له ابن أخيه: يا أبا عبد الله لو حدثنا الناس بهذا كذبونا. فقال: مطرف المكذب أكذب الناس.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا ابن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عفان قال ثنا حماد عن ثابت عن مطرف: أنه أقبل من مبداه فجعل يسير بالليل فأضاء له سوطه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا هاشم بن حمدان القاسم قال ثنا سليمان بن المغيرة. قال: كان

(1)

يبدو: يريد يخرج إلى البادية.

ص: 205

مطرف بن عبد الله إذا دخل بيته سبحت معه آنية بيته.

• حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن السقطي قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم عن حميد بن هلال.

قال: كان بين مطرف وبين رجل من قومه شيء، فقال له مطرف: إن كنت كاذبا فأماتك الله - أو تعجل الله بك - قال فخر ميتا مكانه قال فاستعدى أهله زيادا وهو على البصرة فقال لهم زياد: هل ضربه هل مسه؟ فقالوا لا فقال زياد: هي دعوة رجل صالح وافقت قدر الله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا أبو عامر القيسي قال ثنا بشر بن كثير الأسدي.

قال: رأيت مطرف بن عبد الله إذا نزل بادية خط مسجدا وركز عصاه حيال وجهه. وكان كلب أبيض يمر بين يديه وهو يصلي فلا ينصرف. فقال: اللهم أحرمه صيده، وقال بشر فلا أعلمه إلا كان يخالط الصيد فلا يصيد.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أبو مسعود عبدان قال ثنا سلمة بن حبيب قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا الحسن بن عمرو الفزاري عن ثابت اليمانى ورجل آخر: أنهما دخلا على مطرف وهو مغمى عليه قال فسطعت منه أنوار ثلاثة؛ نور من رأسه، ونور من وسطه، ونور من رجليه وقدميه قال فهالنا ذلك فأفاق فقالا له كيف أنت يا أبا عبد الله؟ فقال صالح فقالا: لقد رأينا شيئا هالنا قال وما هو؟ قلنا أنوار سطعت منك. قال:

وقد رأيتم ذلك؟ قالوا نعم! قال: تلك تنزيل السجدة وهي ثلاثون آية سطع أولها من رأسي ووسطها من وسطي وآخرها من قدمي وقد صورت تشفع لي فهذا ثوابها يحرسني.

ص: 206

الحجاج ودخل الناس ودخل أبو مورق فيمن دخل فقال الحجاج لحرسى:

اذهب إلى السجن فادفع ابن هذا الشيخ إليه قال خالد: من غير أن يكلمه فيه أحد من الناس.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو الأحوص عن أبي غيلان قال: كان مطرف بن الشخير يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر السلطان ومن شر ما تجري به أقلامهم. وأعوذ بك أن أقول بحق أطلب به غير طاعتك، وأعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك، وأعوذ بك أن أستعين بشيء من معاصيك على ضر نزل بي، وأعوذ بك من أن تجعلنى عبرة لأحد من خلفك، وأعوذ بك أن تجعل أحدا أسعد بما علمته مني، اللهم لا تخزني فإنك بي عالم، اللهم لا تعذبني فإنك علي قادر.

رواه أحمد بن سلمة عن عبد الله بن العيزار عن مطرف نحو. ورواه ابن عيينة عن عمرو بن عامر عن مطرف نحوه.

• حدثنا منصور بن أحمد قال ثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقرى قال ثنا جدي ويحيى بن الربيع. قالا: ثنا سفيان ابن عيينة عن عمرو بن عامر. قال: كان مطرف بن عبد الله يدعو فذكر مثله.

• حدثنا أحمد بن محمد بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال ثنا محمد بن قدامة قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان دعاء مطرف بن عبد الله: اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أوف به، وأستغفرك مما زعمت أني أردت به وجهك فخالط قلبي فيه ما قد علمت.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن أبان قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال ثنا عمر بن أبي الحارث عن شيخ من بني عقيل حدثهم قال ثنا حيان بن يسار قال ثنا محمد بن واسع. قال: كان مطرف عبد الله يقول: اللهم ارض عنا فإن لم ترض عنا فاعف عنا فإن المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو عبد الله بن شيرزاد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت.

ص: 207

اكتب لي حسنة. ثم قال: إنما يتقبل الله من المتقين.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا سوار بن عبد الله بن سوار قال ثنا أبي عن حماد بن سلمة عن ثابت. قال: قال مطرف: نظرت في بدء هذا الأمر ممن هو؟ فإذا هو من الله تعالى، قال قلت فعلى من تمامه؟ فإذا هو على الله تعالى ونظرت ما ملاكه فإذا ملاكه الدعاء.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الرحمن بن محمد قال ثنا هناد بن السري المنقري قال ثنا ابن المبارك عن شكير بن عبد العزيز عن أبيه عن مطرف. قال: إذا دخلتم على المريض فإن استطعتم أن يدعو لكم فإنه قد حرك.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الصباح قال ثنا سفيان. قال: قال مطرف: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لوجدا سواء لا يزيد أحدهما على صاحبه.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا الحسن بن محمد بن حماد ثنا سلمة بن شبيب أخبرنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن قتادة. قال: قال مطرف: وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش العباد لعباد الله الشياطين.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا محمد ابن الصباح قال ثنا سفيان. قال: قال مطرف: إن أقبح ما طلبت به الدنيا عمل الآخرة.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن سعدان قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا قرة بن خالد قال ثنا يزيد بن عبد الله. قال: قال مطرف: قلت لعمران بن حصين: أنا أفقر إلى الجماعة من عجوز أرملة، لأنها إذا كانت جماعة عرفت قبلتي ووجهي، وإذا كانت الفرقة التبس علي أمري. قال له: إن الله عز وجل سيكفيك من ذلك ما تحاذر.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الحسين بن منصور قال ثنا الحجاج بن مهدي عن غيلان عن مطرف. قال: ما أرملة جالسة على ذيلها بأحوج إلى الجماعة منى.

ص: 208

ابن الحسن قال ثنا أبي قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت. قال قال مطرف:

ليعظم جلال الله أن تذكروه عند الحمار والكلب، فيقول أحدكم لكلبه أو لشاته: أخزاك الله، وفعل الله بك.

• حدثنا أبو حامد محمد بن أحمد الجرجاني قال: ثنا أحمد بن موسى بن العباس العدوي قال: ثنا إسماعيل بن سعيد الكسائي قال: ثنا أبو علية عن إسحاق بن سويد قال: تعبد عبد الله بن مطرف فقال له أبوه: أي عبد الله العلم أفضل من العمل، والسيئة بين الحسنتين، وشر الشيئين الحقحقة.

قال الشيخ رحمه الله: كذا - السيئة بين الحسنتين، وقد قيل الحسنة بين السيئتين - يعني بترك الغلو والتقصير -.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال: ثنا أحمد بن موسى بن العباس قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا الثوري عن أبيه قال: ثنا أبو التياح عن مطرف ابن عبد الله. قال: أتى على الناس زمان فأفضلهم في أنفسهم المسارع؛ وأما اليوم فأفضلهم في أنفسهم المتأني.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال: ثنا أحمد بن موسى قال: ثنا إسماعيل بن سعيد قال: ثنا ابن علية عن أيوب السختياني قال: نبئت أن مطرفا كان يقول: إذا كان ديني يضيق علي حتى أقوم إلى رجل معه مائة ألف سيف فأنبذ إليه بكلمة يقتلني عليها، إن ديني إذا أضيق.

• حدثنا إسحاق بن حسان قال: ثنا أحمد بن أبي الحواري حدثني عبد العزيز - أو غيره - قال: غاب ابن لمطرف فلبس جبة، وأخذ عصا - أو قصبة - في يده وقال: أتمسكن لربي لعله يرحمني فيرد علي ولدى.

• حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: ثنا محمد بن إسحاق قال:

ثنا عبد الله بن أبي زياد عن يسار قال: ثنا جعفر قال ثنا ثابت. قال: قال مطرف بن عبد الله: والله لئن كان مجلسنا هذا مما سبق لنا في كتاب الله السابق لنعم ما سبق لنا، ولئن كان الله أعطاناه فيما يقسم لنعم ما قسم لنا.

ص: 209

محمد عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير. قال: قال مطرف بن عبد الله:

لو حمدت نفسي لقليت الناس.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس الثقفي قال ثنا عمر بن محمد بن الحسن قال ثنا أبي قال ثنا مهدي عن غيلان عن مطرف: أنه كان يقول: احترسوا من الناس بسوء الظن.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا إبراهيم بن سعدان قال: ثنا بكر بن بكار قال: ثنا قرة عن خالد قال: ثنا يزيد بن عبد الله. قال: قال مطرف: إن الله عز وجل ليرحم برحمته العصفور، قال: فأصاب حمرة فقال: لأتصدقن اليوم بك على فراخك، فأرسلها.

• حدثنا محمد بن الفتح الحنبلي قال: ثنا أبو بكر الأزرق قال: ثنا الحسن ابن عرفة قال: ثنا أبو بكر السهمي حدثني شيخ لنا يكنى أبا بكر: أن مطرف ابن عبد الله بن الشخير قال لبعض إخوانه: يا أبا فلان إذا كانت لك إلي حاجة فلا تكلمني فيها ولكن اكتبها إلي فى رقعة ثم ارفعها إلي، فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال وقد قال الشاعر:

لا تحسبن الموت موت البلى

وإنما الموت سؤال الرجال

كلاهما موت ولكن ذا

أشد من ذاك لذل السؤال

وقال الشاعر أيضا:

ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله

عوضا وإن نال الغنى بسؤال

وإذا السؤال مع النوال وزنته

رجح السؤال وخف كل نوال

فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا

فابذله للمتكرم المفضال.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أبو بكر بن مكرم قال: ثنا مشرف بن سعيد الواسطي قال: ثنا الحارث بن منصور قال: ثنا أيوب بن شعيب عن الأعمش قال: قال لي مطرف بن عبد الله: وجدت الغفلة التي ألقاها الله عز وجل في قلوب الصديقين من خلقه رحمة رحمهم بها؛ ولو ألقى في قلوبهم الخوف على قدر معرفتهم ما هنأهم العيش.

قال الشيخ رحمه الله: أسند مطرف عن غير واحد من الصحابة.

ص: 210

فمما روى عن أبيه عبد الله بن الشخير. ما حدثناه عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن مرزوق. وحدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى. قالا: ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه. قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء. ورواه عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمة مثله. ورواه السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد عن مطرف مثله.

• حدثنا الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا قتادة عن مطرف ابن عبد الله بن الشخير عن أبيه. قال: دفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه السورة ألهاكم التكاثر: «يقول ابن آدم مالى مالى، ومالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وتصدقت فأمضيت، ولبست فأبليت» . رواه عن قتادة سليمان التيمي وشعبة وهشام وهمام.

• حدثنا محمد بن معمر قال: ثنا أبو شعيب الجرانى قال: ثنا يحيى بن عبد الله حدثني أبي

(1)

. قال: ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصوم الدهر فقال: «لا صام ولا أفطر» . رواه عن قتادة شعبة والحجاج بن الحجاج وهشام وهمام وسعيد وأبان.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي والحسين بن إسحاق. قالا: ثنا أبو هريرة محمد قال ثنا مسلم بن قتيبة قال ثنا عمران القطان عن قتادة عن مطرف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «مثل ابن آدم وإلى جنبه تسعة وتسعون منية، إن اخطأته المنايا وقع فى الهرم حتى يموت» تفرد به عن قتادة عمران.

• حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القاضي قال ثنا أحمد بن عمرو البزاز قال ثنا عباد بن يعقوب قال ثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن

(1)

كذا فى الأصلين.

ص: 211

مطرف بن عبد الله عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» لم يروه متصلا عن الأعمش إلا عبد الله بن عبد القدوس. ورواه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن مطرف عن النبي صلى الله عليه وسلم من دون حذيفة. ورواه قتادة وحميد بن هلال عن مطرف من قوله.

‌يزيد بن عبد الله

ومنهم أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير أخو مطرف، له في العبادة ذكر مشهور، وكلامه إن قل مذكور.

فمما حفظ عنه: قيل له: ألا نسقف مسجدنا؟ قال: أصلحوا قلوبكم يكفكم مسجدكم. وكان يقول: إن صاحب النار الذي لا تمنعه مخافة الله من شيء خفي له.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا إبراهيم بن شريك قال: ثنا شهاب بن عباد قال: ثنا حماد بن زيد عن بديل بن ميسرة. قال: كان مطرف يقول لأن أعافى فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر. وكان أخوه أبو العلاء يقول: اللهم أي ذلك كان خيرا فعجل لى.

ص: 212

فوجدت الشكر قد قام مقام الصبر فلما اعتدلا كانت العافية مع الشكر أحب إلي من البلاء مع الصبر.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثني علي - يعني ابن إسحاق - أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك - قال ثنا سلام بن أبي مطيع عن ثابت قال: كان الحسن في مجلس فقيل لأبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال أو هناك أنا ثم ذكر الكلام ومئونته وتبعته. قال: ثابت فأعجبني.

‌ومما أسند:

• ما حدثناه الحسن بن حمويه الخثعمي وإبراهيم بن أبي حصين الوادعي.

قالا: ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال ثنا العباس بن الفضل البصري قال ثنا نصر بن حماد البلخى قال ثنا مالك بن عبد الله الأزدي قال ثنا يزيد بن عبد الله ابن الشخير العنبري عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره، وأمن من ضغطة القبر، وحملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة» .

• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو بكر احمد بن عمرو البزار قال ثنا أزهر ابن جميل قال ثنا سعيد بن راشد الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى ليبتلي العبد بالرزق لينظر كيف يعمل فإن رصى بورك له وإن لم يرض لم يبارك له» قال احمد بن عمرو البزار لم نسمع هذا الحديث إلا من أزهر بهذا الإسناد والله سبحانه وتعالى أعلم.

‌صفوان بن محرز

ومنهم المتعبد البكاء، المتوحد الدعاء، صفوان بن محرز المازني

ص: 213

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة املاء قال أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد بن سليمان عن ابن شهاب عن هشام عن الحسن. أن صفوان بن محرز قال: إذا رجعت إلى أهلي وقدموا إلي رغيفا فطرد عن الجوع فجرى الله الدنيا عن أهلها شرا.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أبو يعلى الموصلى قال ثنا الحسن ابن أبى حماد قال ثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن رباح. قال:

كان صفوان بن محرز المازني إذا قرأ هذه الآية {(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)} بكى حتى أقول اندق قصيص زوره

(1)

.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو عبد الله بن شيرزاد قال ثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال ثنا عفان قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت المعلى بن زياد يقول: كان لصفوان بن محرز سرب يبكي فيه، وكان يقول: قد أرى مكان الشهادة لو شايعتني نفسي.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو عبد الله بن شيرزاد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عفان قال ثنا مهدي بن ميمون قال ثنا غيلان بن جرير عن صفوان. قال: كانوا يجتمعون هو وإخوانه فيتحدثون فلا يرون تلك الرقة. قال: فيقولون: يا صفوان حدث أصحابك قال فيقول الحمد لله! قال فيرق القوم وتسيل الدموع من أعينهم، وكأنها أفواه المزادة.

• حدثنا عن عبد الله بن أحمد بن عقبة قال ثنا حماد بن الحسن قال ثنا سيار قال ثنا جعفر عن ثابت. قال: أخذ عبيد الله بن زياد ابن أخي صفوان ابن محرز المازني فتحمل عليه بالناس فلم يبق أحد إلا كلمه فيه فلم بر لحاجته انجاحا، فبات ليلة في مصلاه وهو يصلي فرقد في مصلاه، فلما رقد أتاه آت في منامه فقال: يا صفوان قم فاطلب حاجتك من قبل وجهها قال أفعل! فقام وتوضأ فصلى ودعا قال: فتنبه ابن زياد لحاجة صفوان في بعض الليل. فقال:

علي بابن أخي صفوان قال فجاء الحرس والشرط والنيران ففتحت أبواب السجن

(1)

القصص: أعظم الصدر المغروز فيه شراسيف الأضلاع فى وسطه.

ص: 214

حتى استخرج ابن أخى صفوان فجئ به إلى ابن زياد. فقال له: أنت ابن أخي صفوان؟ قال نعم! قال فأرسله فما شعر صفوان حتى ضرب عليه الباب.

فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان تنبه الأمير في بعض الليل فجاء الحرس والشرط وجئ بالنيران وفتحت أبواب السجون فجئ بي فخل عني بغير كفالة.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الرحمن بن سالم قال ثنا هناد بن السري قال ثنا ابن أبو أسامة عن أبي هلال حدثني ثابت عن صفوان بن محرز.

قال: كان لداود نبي الله عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول: أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله. قبل لا أوه. قال: فذكرها صفوان ذات يوم وهو في مجلسه فبكى حتى غلبه البكاء فقام.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا أبو بكر بن النعمان قال ثنا محمد بن سعيد بن سابق قال ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن صفوان بن محرز قال: كنت عنده فدخل عليه شاب من أصحاب الأهواء فذكر له شيئا. فقال له: أيها الفتى ألا أدلك على خاصة الله تعالى التي خص بها أولياءه يقول الله تعالى {(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)} الآية.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا احمد ابن أبي يونس قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا محمد بن واسع. قال: رأيت صفوان ابن محرز وأناسا في المسجد قريبا منه وأصحابه يتجادلون، فقام ونفض ثوبه وقال: إنما أنتم جرب.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا عبد الله به محمد العبسي قال ثنا عفان قال ثنا حماد عن ثابت: أن صفوان بن محرز كان له خص فيه جذع فانكسر الجذع. فقيل له ألا تصلحه؟ فقال: دعوه إنما أموت غدا.

وأسند صفوان عن عدة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام رضي الله تعالى عنهم

ص: 215

• حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم قال ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن صفوان بن محرز. قال: بينما عبد الله بن عمر يطوف بالبيت إذ عارضه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ فقال له سمعته يقول: «يدنو المؤمن من ربه عز وجل يوم القيامة كأنه بذج

(1)

فيضع عليه كنفه فيقر فيقول أي رب أعرف.

فيقول: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ويعطى صحيفة حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين». قال: سعيد وقتادة: فلم تجد أحدا خفي خزيه على أحد من الخلائق. هذا حديث صحيح منفق عليه من حديث قتادة رواه عنه عامة أصحابه منهم أبو عوانة وهمام وأبان وغيرهم.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان ابن محرز عن عمران بن حصين. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» قال فقالوا قد بشرتنا فأعطنا. قال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن» قال قلنا قد قبلنا قد قبلنا. فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان. قال: «كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شيء» قال وأتاني آت فقال يا عمران انحلت ناقتك من عقالها. قال: فخرجت فاذا السراب ينقطع بينى وبينها، فخرجت فى أثرها فلا أدري ما كان بعدي.

هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث جامع عن صفوان رواه عن الأعمش عامة أصحابه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي قال ثنا داود بن

(1)

فى ز: يدج وهو تصحيف وفى النهاية يؤتى بابن آدم يوم القيامة كانه بذج من الذل قال البدج ولد الضأن.

ص: 216

أبي هند قال ثنا عاصم الأحول عن صفوان بن محرز. قال: قال أبو موسى الأشعرى: إنى برى مما برئ الله منه ورسوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ ممن خلق وسلق وخرق. هذا حديث صحيح على رسم مسلم أخرجه في صحيحه تفرد به عن داود بن أبي هند عبد الواحد بن سعيد التنوري.

• حدثنا أبو مسعود عبد الله بن محمد بن أحمد الزهري قال ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال ثنا محمد بن يزيد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام. قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ قال لهم: «تسمعون ما أسمع؟ فقالوا ما نسمع من شيء قال إنى لأسمع أطيط السماء ولا تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم» . هذا حديث غريب من حديث صفوان بن محرز عن حكيم نفرد به عن قتادة سعيد بن أبي عروبة.

‌أبو العالية

ومنهم ذو الأحوال السامية، والأعمال الخافية، رفيع أبو العالية كانت وصاياه فى لزوم الاتباع، وعهود في مجانبة الإحداث والابتداع.

وقد قيل: إن التصوف الرضا بالقسمة، والسخاء بالنعمة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا حاجب بن أبى كثير قال ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال ثنا زيد بن الحباب حدثني خالد بن دينار عن أبي العالية، قال: تعلمت الكتاب والقرآن فما شعر بى أهلى، ولا روئى فى ثوبى مداد قط.

أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم فيما أذن لي قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبو خالدة قال سمعت أبا العالية يقول: إن خير الصدقة أن تعطي بيمينك وتخفيها من شمالك قال وسمعت أبا العالية يقول:

زارني عبد الكريم أبو أمية وعليه ثياب صوف فقلت: هذا زي الرهبان، إن المسلمين إذا تزاوروا تجملوا.

ص: 217

العلاء قال ثنا سفيان بن عيينة حدثني نعيم عن عاصم قال: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا أبو بكر بن النعمان قال ثنا محمد بن سعيد بن سابق قال ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أنس عن أبى العالية.

قال: اعمل بالطاعة واجب عليها من عمل بها، واجتنب المعصية وعاد عليها من عمل بها، فإن شاء الله عذب أهل معصيته وإن شاء غفر لهم.

• حدثنا عبد الله بن علي بن جعفر قال ثنا عبد الله بن محمد بن سوار قال ثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال ثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبى العالية. قال: ما أدري أي النعمتين أفضل، أن هداني الله للإسلام أو عافاني من هذه الأهواء؟.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر.

وحدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أبو همام قال ثنا عبد الله بن المبارك. قال: عن عاصم الأحوال عن أبي العالية. قال: تعلموا الإسلام فإذا علمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام ولا تحرفوا الصراط يمينا وشمالا، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قبل أن يقتلوا صاحبهم وقبل أن يفعلوا الذي فعلوه بخمس عشرة سنة، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم العداوة والبغضاء - زاد ابن المبارك في حديثه قال عاصم فحدثت به الحسن فقال: صدق أبو العالية ونصح. قال ابن المبارك فذكر للربيع بن أنس قال أخبرني أبو العالية أنه قرأه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان بن عيينة قال سمعت عاصما الأحول يحدث عن أبي العالية. قال: تعلموا القرآن فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وإياكم وهذه الأهواء فإنها توقع بينكم العداوة والبغضاء، وعليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا فإنا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل صاحبهم - يعنى عثمان - بخمسة عشرة سنة. قال عاصم فحدثت به الحسن. فقال: قد نصحك والله وصدقك.

ص: 218

• حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الجوهري قال ثنا أبو نعيم قال ثنا أبو خلدة عن أبي العالية. قال: ما مسست ذكري بيميني منذ ستين سنة أو سبعين سنة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا سوار بن عبد الله العنبري قال ثنا أبو داود الطيالسي قال: ثنا أبو خلدة عن أبي العالية.

قال: لما كان قتال علي ومعاوية كنت رجلا شابا فتهيأت ولبست سلاحي ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى طرفاهما. قال: فتلوت هذه الآية {(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها)} قال: فرجعت وتركتهم.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أحمد بن علي الخزاعي قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت: أن أبا العالية قال: إنى لأرجوا أن لا يهلك عبد بين نعميين، نعمة يحمد الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.

• حدثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلي قال: ثنا محمد بن أحمد بن المثنى قال ثنا جعفر بن عوف قال ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أنس عن أبي العالية: في قوله تعالى: {(فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين)} قال: الجن عالم والإنس عالم وسوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة على الأرض والأرض لها أربع زوايا كل زاوية أربعة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم الله لعبادته.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أبو يحيى الرازي قال: ثنا هناد بن السري قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي العالية. قال: كنا نحدث منذ خمسين سنة أن الرجل إذا مرض قال الله تعالى اكتبوا لعبدي ما كان يعمل في صحته حتى أقبضه أو أخلى سبيله، وكنا نحدث منذ خمسين سنة أن الأعمال تعرض على الله فما كان له قال هذا لي وأنا أجزي به، وما كان لغيره قال اطلبوا ثواب هذا ممن علمتموه له. رواه حماد بن سلمة عن عاصم مثله.

ص: 219

فإنه أحفظ لكم، فإن جبريل عليه السلام كان ينزل به خمس آيات خمس آيات.

• حدثنا محمد بن على وجماعة قالوا قال ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا علي بن الجعد قال: ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس. وأخبرنا محمد بن أبي أحمد بن إبراهيم في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال: ثنا محمد بن عبد الله بن جعفر قال ثنا أبي عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية: في قوله تعالى:

{(ولا تشتروا} بآيات الله {ثمنا قليلا)} قال لا تأخذ على ما علمت أجرا، فإنما أجر العلماء والحكماء والحلماء على الله عز وجل؛ وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة: يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا - لفظ محمد بن أيوب، ولفظ على ابن الجعد قال: مكتوب في الكتاب الأول ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا أحمد بن موسى بن العباس قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا قراد بن نوح عن أبي جعفر الرازى عن الربيع ابن أنس عن أبي العالية. قال: أرحل إلى الرجل مسيرة أيام؛ فأول ما أتفقد من أمره صلاته فإن وجدته يقيمها ويتمها أقمت وسمعت منه، وإن وجدته يضيعها رجعت ولم أسمع منه وقلت هو لغير الصلاة أضيع.

• حدثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أبو عبد الله القاضى قال: ثنا يوسف ابن موسى قال: ثنا جرير أخبرني من سمع أبا العالية يقول: لا يتعلم مستحى ولا متكبر.

• حدثنا عبد الله بن محزد قال ثنا محمد بن شبل قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو معاوية عن ليث عن عثمان عن أبي العالية. قال: قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا تعمل لغير الله؛ فيكلك الله إلى من عملت له.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن رجل عن أبي العالية: أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح.

ص: 220

قال ثنا جرير عن مغيرة قال: أول من أذن وراء النهر

(1)

أبو العالية الرحى.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا علي بن أنس العسكري قال ثنا أبو عبيدة الحداد عن سعيد بن زيد أخي حماد قال مهاجر أبو خالد مولى ثقيف: كان أبو العالية جاري وكان يقول لي: سلني واكتب عني، قبل أن تلتمس العلم عند غيري فلا تجده.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا روح قال ثنا أبو خلدة. قال: كان أبو العالية إذا دخل عليه أصحابه يرحب بهم ثم يقرأ {(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة)} الآية.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عاصم عن أبي العالية قال كان يقول: ابتدروا بين الكلام بلا إله إلا الله.

• حدثنا أحمد بن الحسين قال ثنا الحسين بن محمد الهيثمي قال ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال ثنا علي بن بكار عن أبي خلدة عن أبي العالية.

قال: قال موسى عليه السلام لقومه: قدسوا الله عز وجل بأصوات حسنة فإنه أسمع لها.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن ابراهيم قال أخبرنا عبد الرازق قال أخبرنا معمر عن أبي العالية. قال: ما ترك عيسى ابن مريم عليهما السلام حين رفع، إلا مدرعة صوف، وخفي راع، وقذافة يقذف بها الطير.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن سعيد بن الوليد قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال ثنا محمد بن مصعب عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية. قال: إن الله تعالى قضى على نفسه أن من آمن به هداه وتصديق ذلك في كتاب الله: {(ومن يؤمن بالله يهد قلبه)} ؛ ومن توكل عليه كفاه وتصديق ذلك في كتاب الله: {(ومن يتوكل على الله فهو}

(1)

هذا نص المختصر. وفى الأصلين: أذن ورأى النهار.

ص: 221

{حسبه)} . ومن أقرضه جازاه وتصديق ذلك في كتاب الله؛ {(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة)} . ومن استجار من عذابه أجاره وتصديق ذلك في كتاب الله: {(واعتصموا بحبل الله جميعا)} - والاعتصام الثقة بالله -. ومن دعاه أجابه وتصديق ذلك في كتاب الله: {(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)} .

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا الربيع بن بدر عن سيار أبي المنهال. قال: رأيت أبا العالية يتوضأ فقلت {(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)} . فقال: ليس المتطهرون من الماء ولكن المتطهرون من الذنوب.

روى أبو العالية عن أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وسهل بن حنظلة [وأبي بن كعب]

(1)

وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا محمد بن حميد قال ثنا حكام بن مسلم وهارون بن المغيرة. قالا: ثنا عنبسة بن سعيد عن عثمان الطويل عن رفيع أبي العالية الرياحي. قال: خطبنا أبو بكر الصديق فقال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للظاعن ركعتان وللمقيم أربع، مولدي مكة ومهاجري المدينة فإذا خرجت مصعدا من ذي الحليفة صليت ركعتين حتى أرجع» . هذا حديث غريب تفرد به عنبسة بن سعيد من حديث رفيع.

عن أبي العالية الرياحي عن أبي بن كعب. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في قوله تعالى: {(أكفرتم بعد إيمانكم)} أي بعد الإقرار الأول من صلب آدم عليه السلام

(2)

.

• حدثنا محمد بن معمر قال ثنا محمد بن أحمد بن داود المؤدب ابن صبح قال ثنا أبو صفوان القاسم بن يزيد العامري قال ثنا يحيى بن كثير أبو النضر قال ثنا عاصم الأحوال وداود بن أبي هند عن أبي العالية عن أبي هريرة.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رهطا ثلاثة انطلقوا فأصابتهم سماء

(1)

لم يذكره إلا فى المختصر.

(2)

هذا الحديث عن المختصر فقط.

ص: 222

فلجئوا إلى غار فبينما هم إذا انقلبت عليهم صخرة» فذكر حديث الغار بطوله.

هذا حديث غريب من حديث أبي داود بن أبي هند تفرد به داهر بن نوح مرفوعا.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا هودة بن خليفة قال ثنا عوف الأعرابي عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس.

قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: «هات القط لى فلقطت له حصيات من حصى الخزف فلما وضعتهن في يده. قال: نعم! هؤلاء بأمثال هؤلاء ثلاث مرات، وإياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين» .

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إدريس بن جعفر العطار قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا سعيد بن أبي عروبة. وحدثنا عبد الله بن جعفر قال: ثنا يونس ابن حبيب قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا هشام قال ثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا رب العالمين رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم» لفظ سعيد عن قتادة ورواه حماد بن سلمة عن يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أبي العالية نحوه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال: ثنا الحسن ابن موسى الأخيب وعفان بن مسلم قالا: ثنا حماد بن سلمة قالا: ثنا داود ابن أبي هند عن أبي العالية عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنى على وادي الأزرق قال فما هذا الوادي؟ قيل وادي الأزرق فقال كأني أنظر إلى موسى عليه السلام وله جؤار إلى ربه تعالى بالتلبية، ثم مر على ثنية فقال ما هذه الثنية؟ فقالوا ثنية كذا وكذا قال كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقة جعدة حمراء خطامها من ليف وعليه جبة من صوف». حديث زياد ابن حصين عن أبي العالية تفرد به عنه عوف وهو من جياد خيار حديث أبي العالية وعيونه، وحديث قتادة عن أبي العالية من صحاح أحاديثه رواه عامة

ص: 223

أصحاب قتادة عنه، وحديث داود بن أبي هند عن أبي العالية رواه عنه القدماء ورواه عن عفان والأشيب أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة والأئمة انتهى.

‌بكر بن عبد الله المزني

قال الشيخ رحمه الله: ومنهم الناصح الزكى، الوائق الغني، بكر بن عبد الله المزني.

• حدثنا أبو بكر بن محمد بن حسين الآجري قال: ثنا جعفر بن محمد القريابى قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا معاوية بن عبد الكريم - وكان من ثقيف ولقبه الضال - قال سمعت بكر بن عبد الله المزني: يقول يوم الجمعة وأهل المسجد أحفل ما كانوا قط: لو قيل لي خذ بيد خير أهل المسجد لقلت دلوني على أنصحهم لعامتهم؛ فإذا قيل هذا أخذت بيده. ولو قيل لي خذ بيد شرهم لقلت دلوني على أغشهم لعامتهم؛ ولو أن مناديا ينادي من السماء أنه لا يدخل الجنة منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يلتمس أن يكون ذلك الواحد، ولو أن مناديا ينادي من السماء أنه لا يدخل النار منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يفرق أن يكون هو ذلك الواحد رواه معمر قريبا لكان.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا أبو اسحاق الفراوى عن إسماعيل عن معمر عن أبي بكر المزني. قال:

لو انتهيت إلى المسجد يوم الجمعة وهو ملآن يغص بالرجال فقال لي قائل: أى هؤلاء شر؟ لقلت لقائلي أيهم أغش لجماعتهم؟ فإذا قال: هذا قلت هو شرهم، وما كنت لأشهد على خيرهم أنه مؤمن مستكمل الإيمان إذا لشهدت أنه من أهل الجنة، وما كنت لأشهد على شرهم أنه منافق برئ من الإيمان إذا لشهدت أنه من أهل النار؛ ولكني أخشى على محسنهم وأرجو لمسيئهم فما ظنكم بمسيئهم إذا خشيت على محسنهم، وما ظنكم بمحسنهم إذا رجوت لمسيئهم.

ص: 224

قال ثنا عبد الله بن إدريس قال ثنا حصين عن بكر بن عبد الله. قال: قال بكر ابن عبد الله: لا يكون الرجل تقيا حتى يكون بطيء الطمع بطيء الغضب

(1)

.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا عمر بن حفص السدوسى قال ثنا عاصم ابن علي قال ثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني أخبرتني أم عبد الله بنت بكر ابن عبد الله قالت: كان أبوك قد جعل على نفسه ألا يسمع رجلين يتنازعان في القدر إلا قام فصلى ركعتين.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا عمر بن غيلان قال ثنا داود بن عمرو قال ثنا فضيل بن عياض عن أسلم بن عبد الملك عن أبي حرة.

قال: دخلنا على بكر بن عبد الله المزنى نعوده في مرضه الذي مات فيه، فرفع رأسه فقال: رحم الله عبدا رزقه الله قوة فأعمل نفسه في طاعة الله عز وجل، أو قصر به ضعف فلم يعملها في معاصي الله. قال: داود قال لي رجل: تريد أسلم؟ قلت نعم! فقمت إلى أسلم فسألته فحدثني به عن أبي حرة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني هارون بن عبد الله وعلي بن مسلم. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا كهمس قال سمعت بكر بن عبد الله يقول: يكفيك من دنياك ما قنعت به ولو كفا من تمر وشربة من ماء وظل خباء، وكل ما يفتح عليك من الدنيا شيء ازدادت نفسك لها مقتا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا المبارك بن فضالة. قال: سمعت بكر ابن عبد الله المزني يدعو بهذا الدعاء لا يدعه: اللهم افتح لنا من خزائن رحمتك رحمة لا تعذبنا بعدها أبدا في الدنيا والآخرة، ومن فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا لا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبدا، تزيدنا لك بهما شكرا وإليك فاقة وفقرا، وبك عمن سواك غنى وتعففا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبى

(1)

فى الأصل: نفى للطمع نفى للغضب والتصحيح من طبقات الشعرانى.

ص: 225

حدثنى حسين بن محمد قال ثنا سهل بن أسلم. قال: كان بكر بن عبد الله إذا رأى شيخا قال: هذا خير مني عبد الله قبلي، وإذا رأى شابا قال هذا خير مني ارتكبت من الذنوب أكثر مما ارتكب. وكان يقول: عليكم بأمر إن أصبتم أجرتم وإن أخطأتم لم تأثموا، وإياكم وكل أمر إن أصبتم لم تؤجروا وإن أخطأتم أثمتم. قيل ما هو؟ قال: سوء الظن بالناس فإنكم لو أصبتم لم تؤجروا وإن أخطأتم أثمتم.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال ثنا إسحاق بن الفيض قال ثنا تميم بن شريح عن كنانة عن سهل. قال: قال بكر بن عبد الله المزني: إن عرض لك إبليس بأن لك فضلا على أحد من أهل الإسلام فانظر! فإن كان أكبر منك فقل قد سبقني هذا بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقت هذا بالمعاصي والذنوب واستوجبت العقوبة فهو خير مني، فإنك لا ترى أحدا من أهل الإسلام إلا أكبر منك أو أصغر منك. قال: وإن رأيت إخوانك المسلمين من يكرمونك ويعظمونك ويصلونك. فقل أنت: هذا فضل أخذوا به، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا فقل: هذا ذنب أحدثنه.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن حكيم قال ثنا أبو حاتم قال ثنا محمد بن يحيى حدثني محمد بن الحسين قال ثنا فهد بن حيان قال ثنا أبو سلمة الثقفي عن بكر بن عبد الله المزني. قال: تذلل المرء لإخوانه تعظيم له في أنفسهم.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني علي بن جعفر بن زياد الأحمر قال ثنا زيد العكلي [عن معاوية] بن عبد الكريم عن بكر بن عبد الله المزني قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ فمشى فى الناس تظله غمامة، قال: فمر رجل قد أظلته غمامة على رجل فأعظمه ذلك لما رأى مما آتاه الله عز وجل، قال فاحتقره صاحب الغمامة - أو قال كلمة نحوها - قال فأمرت أن تحول من رأسه إلى رأس الذي عظم أمر الله تعالى.

ص: 226

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري قال ثنا عبد الملك بن مروان الحذاء قال ثنا يزيد بن زريع عن حميد الطويل قال:

قومت كسوة بكر بن عبد الله أربعة آلاف.

• حدثنا عثمان بن محمد العثمان قال ثنا خالد بن النصر القرشي قال ثنا عمرو بن علي قال سمعت معمرا يقول قال ثنا حميد. قال: كانت قيمة ثياب بكر بن عبد الله أربعة آلاف وكان يجالس الفقراء والمساكين يحدثهم، ويقول إنه يعجبهم ذلك.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن سعدان قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا عمرو بن أبي وهب قال ثنا بكر بن عبد الله المزني. قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يلبسون لا يطعنون على الذين لا يلبسون والذين لا يلبسون لا يطعنون على الذين يلبسون.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثت عن سعيد بن سليمان عن مبارك بن فضالة عن بكر بن عبد الله. قال: أعيش عيش الأغنياء، وأموت موت الفقراء، قال: فمات وإن عليه لشيئا من دين.

• حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب قال ثنا محمد بن القاسم عن مساور قال ثنا عفان. وحدثنا أحمد بن أبو إسحاق قال ثنا إبراهيم بن نائلة قال ثنا شيبان. قالا: ثنا أبو هلال قال: دخلنا على بكر بن عبد الله في مرضه نعوده وهو مريض فجعلوا يدخلون ويخرجون فجعل ذلك يعجبه. فقال: إن المريض يعاد ولا يزار. وقال عفان: إن المريض يعاد والصحيح يزار.

ص: 227

رأسه إلى السماء. فقال: لا إله الله ودعا الله عز وجل مخلصا فصب الله عز وجل مثغبا

(1)

من السماء فأطفأت تلك النار وجاءت ريح فاحتملت ذلك القمقم فجعل يدور بين السماء والأرض وهو يقول لا إله إلا الله فقذفه الله عز وجل إلى قوم لا يعبدون الله وهو يقول لا إله إلا الله فاستخرجوه. فقالوا له ويحك مالك؟ قال أنا ملك بني فلان فقص عليهم القصة، وقال كان من أمري وكان من أمري فآمنوا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا عبيد الله بن محمد قال ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله.

قال: إن الله ليجرع عبده المؤمن من المرارة لما يريد به من صلاح عاقبة أمره قال بكر: أما رأيتم المرأة تؤجر ولدها الصبر أو قال الحضض

(2)

تريد به عافيته.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن حمزة قال ثنا علي بن سهل قال ثنا عفان قال ثنا حماد سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله. قال: كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له حاجب يقربه ويدنيه، وكان هذا الحاجب يقول: أيها الملك أحسن إلى المحسن ودع المسئ تكفك إساءته. قال: فحسده رجل على قربه من الملك فسعى به. فقال: أيها الملك إن هذا الحاجب هو ذا يخبر الناس أنك أبخر. قال: وكيف لي بأن أعلم ذلك؟ قال إذا دخل عليك تدنيه لتكلمه فإنه يقبض على أنفه. قال: فذهب الساعي فدعا الحاجب إلى دعوته واتخذ مرقة وأكثر فيها الثوم، فلما أن كان من الغد دخل الحاجب فأدناه الملك ليكلمه بشيء فقبض على فيه. فقال [الملك] تنح فدعا بالدواة وكتب له كتابا وختمه وقال اذهب بهذا إلى فلان وكانت جائزته مائة ألف، فلما أن خرج استقبله الساعي فقال أي شيء هذا قال قد دفعه إلي الملك. فاستوهبه فوهبه له فأخذ الكتاب ومر به إلى فلان فلما أن فتحوا الكتاب دعوا بالذباحين فقال اتقوا الله يا قوم فإن هذا غلط وقع علي وعاودوا الملك؛ فقالوا: لا يتهيأ لنا معاودة الملك وكان في الكتاب إذا أتاكم حامل كتابي هذا فاذبحوه

(1)

المثغب: الماء يكون من المطر

(2)

الحضض: عصارة شجر له ثمر كالفلفل.

ص: 228

واسلخوه واحشوه التبن ووجهوه إلي، فذبحوه وسلخوا جلده ووجهوا به إليه، فلما أن رأى الملك ذلك تعجب! فقال للحاجب تعال وحدثني وأصدقنى لما أدنيتك لماذا قبضت على أنفك؟ قال: أيها الملك إن هذا دعاني إلى دعوته واتخذ مرقة وأكثر فيها الثوم فأطعمني فلما أن أدناني الملك قلت يتأذى الملك بريح الثوم. فقال: ارجع إلى مكانك وقل ما كنت تقوله ووصله بمال عظيم - أو كما ذكره.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت في كتاب أبي قال ثنا معاوية الغلابي قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبي حرة قال: دخلنا على بكر بن عبد الله نعوده، فوافقنا وقد خرج لحاجته قال فجلسنا في البيت فأقبل الينا يهادى بين رجلين فسلم ثم نظر في وجوهنا فقال:

رحم الله عبدا أعطي قوة فعمل بها في طاعة الله عز وجل، أو قصر به ضعف فكف عن محارم الله.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا عبيد الله ابن عمر القواريري قال ثنا المنهال بن عيسى العبدى قال ثنا الغالب القطان عن بكر بن عبد المزني. قال: من يأتي الخطيئة وهو يضحك، دخل النار وهو يبكي.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا سيار قال ثنا جعفر عن إبراهيم بن عيسى. وحدثنا إسحاق بن أحمد قال ثنا إبراهيم بن يوسف قال ثنا أحمد بن أبي الحواري قال ثنا إسحاق ابن يحيى الرقي قال ثنا سيار عن إبراهيم اليشكري. قالا: حدثنا بكر بن عبد الله المزني أنه قال: من مثلك يا ابن آدم؟ خلي بينك وبين المحراب تدخل منه إذا شئت على ربك، وليس بينك وبينه حجاب ولا ترجمان، وإنما طيب المؤمنين هذا الماء المالح

(1)

.

• حدثنا أبو أحمد الجرجاني قال ثنا أبو خليفة قال ثنا أبو عمر الحوضى

(1)

بالهامش: قيل يعنى الدموع.

ص: 229

قال ثنا يزيد بن يزيد قال ثنا حبيب أبو محمد عن بكر بن عبد الله. قال: نفقة الرجل على أهله في كفة الميزان اليمنى وكفة اليمنى الجنة.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني ثنا أبو يزيد خالد بن النضر قال ثنا النضر قال ثنا عمرو بن علي قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن حميد. قال: كان بكر مجاب الدعوة.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن محمد بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد حدثني الحسن بن الصباح قال ثنا زيد بن الحباب قال ثنا محمد بن نشيط الهلالي قال ثنا بكر بن عبد الله المزني: ان قصابا أولع بجارية لبعض جيرانه فأرسلها مولاها إلى حاجة لهم في قرية أخرى فتبعها فراودها عن نفسها. فقالت: لا تفعل لأنا أشد حبا لك منك ولكني أخاف الله. قال: فأنت تخافينه وأنا لا أخافه! فرجع تائبا فأصابه العطش حتى كاد ينقطع عنقه، فإذا هو برسول لبعض أنبياء بني إسرائيل فسأله فقال مالك؟ قال العطش قال تعال حتى ندعو حتى تظلنا سحابة حتى ندخل القرية. قال: ما لي من عمل فأدعو قال فأنا أدعو وأمن أنت قال فدعا الرسول وأمن هو فأظلتهما سحابة حتى انتهيا إلى القرية، فأخذ القصاب إلى مكانه ومالت السحابة معه. فقال له: زعمت أن ليس لك عمل وأنا الذي دعوت وأنت الذي أمنت فأظلتنا سحابة ثم تبعتك. لتخبرني بأمرك فأخبره.

فقال له الرسول: إن التائب من الله بمكان ليس أحد من الناس بمكانه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني هارون العجلي عن يونس بن عبيد: قال سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول: أنتم تكثرون من الذنوب فاستكثروا من الاستغفار، فإن الرجل إذا وجد في صحيفته بين كل سطرين استغفار سره مكان ذلك.

‌ومن مسانيد حديث بكر بن عبد الله:

سمع أنس بن مالك، وابن عمر، وجابرا، وعبد الله بن معقل بن يسار رضى الله تعالى عنهم.

ص: 230

أنس بن مالك: أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها ومعها صبيان لها فأعطتها عائشة ثلاث تمرات فأعطت كل صبي منهما تمرة فأكل الصبيان تمرتيهما ثم نظرا إلى أمهما فأخذت التمرة فشقتها نصفين فأعطت ذا نصفا وذا نصفا، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة رضي الله عنها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أعجبك من ذلك؟ فإن الله قد رحمها برحمتها صبييها» ،. هذا حديث غريب من حديث بكر ومن حديث عبد الرحمن تفرد به عنه مسلم بن إبراهيم وعبد الرحمن هو أخو مبارك يجمع حديثه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عمرو ابن أبي عاصم قال ثنا أبي قال ثنا كثير بن فائد قال ثنا سعيد بن عبيد السماك قال سمعت بكر بن عبد الله يقول ثنا أنس بن مالك. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تعالى قال يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك ولا أبالى، يا ابن آدم لو أتيت بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» . هذا حديث غريب تفرد به عنه سعيد بن عبيد.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا همام عن قتادة عن بكر بن عبد الله وبشر بن عائذ الهلالي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما يلبس الحرير من لا خلاق له» .

هذا حديث غريب من حديث بكر وحديث بشر لم يجمعهما إلا قتادة

• حدثنا محمد بن ابن إسحاق بن إبراهيم قال ثنا أحمد بن الحسن المقري قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عيسى بن ميمون عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره» .

ص: 231

وجبت له الجنة، ومن لقي الله يشرك به شيئا وجبت له النار

(1)

».

‌خليد بن عبد الله العصري

ومنهم الذاكر الفكري، خليد بن عبد الله العصري. كان لمحبوبه ذاكرا، وإلى مشاهدته ساهرا

(2)

.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أبو العباس بن ماهان قال ثنا محمد بن داود الغفاري قال ثنا عفان قال ثنا عمر بن نبهان عن قتادة. قال سمعت خليدا العصري في مسجد الجامع يقول: ألا إن كل حبيب يحب أن يلقى حبيبه، ألا فأحبوا ربكم وسيروا إليه سيرا جميلا. رواه جعفر بن سليمان عن عمر مثله.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال ثنا سفيان قال ثنا سيار قال ثنا جعفر بن عمر بن شهاب عن قتادة:

أن خليدا العصري جاء يوم الجمعة فأخذ بعضادتي الباب. فقال: يا إخوتاه هل منكم من أحد إلا يحب أن يلقى حبيبه، ألا فأحبوا ربكم الله وسيروا إليه سيرا جميلا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هدبة بن خالد قال ثنا همام عن قتادة عن خالد بن عبد الله العصري. قال:

المؤمن لا تلقاه إلا فى ثلاث خلال؛ في مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة من أمر دنيا لا بأس بها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا محمد ابن عبيد بن حساب قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا ثابت البناني عن خليد العصري: أنه كان يأمر ببيته فيقم ثم يأمر بوسادتين ثم يغلق بابه ثم يقعد على فراشه فيقول: مرحبا بملائكة ربي أما والله لأشهدنكم اليوم خيرا خدوا باسم الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، عامة يومه. رواه سيار عن جعفر مثله. قال: وزاد -: ولا يزال كذلك حتى تغلبه عينه أو يخرج إلى الصلاة.

(1)

فى ز: دخل الجنة، دخل النار.

(2)

فى ج والمختصر: سائرا.

ص: 232

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن عقيل قال ثنا عبيد الله بن محمد بن عبيد قال ثنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو عمر الضرير قال ثنا محمد بن مهزم عن محمد ابن واسع. قال: كان خليد العصري يصوم الدهر.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن خليد العصري قال: تلقى المؤمن عفيفا سؤلا، وتلقاه ذليلا عزيزا، أحسن الناس معونة وأهون الناس مئونة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا يونس قال ثنا شيبان عن قتادة. قال: وجدت خليد بن عبد الله العصرى قال: تلقى المؤمن عفيفا سؤلا، وتلقاه غنيا فقيرا. قال: تلقاه عفيفا عن الناس، سؤلا لربه عز وجل ذليلا لربه، عزيزا في نفسه، غنيا عن الناس، فقيرا إلى ربه. قال: قتادة: تلك أخلاق المؤمن هو أحسن معونة وأيسر الناس مئونة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال ثنا يونس قال ثنا شيبان قال سلام بن مسكين حدثني شيخ من بني عصر يكنى أبا سليمان قال كان خليد بن عبد الله العصري يقول: لكل بيت زينة وزينة المساجد رجال يتعاونون على ذكر الله.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد حدثني محمد بن الفرج قال ثنا يوسف بن الفرق قال ثنا سلام بن مسكين عن عقبة بن أبى بييت عن خليد العصري. قال: إن لكل شيء زينة، وإن زينة المساجد المتعاونون على ذكر الله.

‌ومما أسند خليد العصرى:

ص: 233

كلها إلا الثقلين، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى» رواه عن قتادة سليمان التيمي، وأبو عوانة، وشيبان، وسلام بن مسكين، وعباد بن راشد، والحكم ابن عبد الله.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عثمان النشطي قال ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال ثنا عمران القطان عن قتادة وأبان بن أبي عياش كلاهما عن خليد بن عبد الله العصري عن أبي الدرداء. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة؛ من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه، وأدى الأمانة» . قيل: يا أبا الدرداء وما الأمانة؟ قال الغسل من الجنابة إن الله عز وجل لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيرها. رواه النعمان عن عبد السلام عن عمران القطان عن قتادة مثله ولم يذكر أبان بن أبى عياش.

• حدثنا عبد الله ابن محمد قال ثنا إبراهيم بن نائلة قال ثنا محمد بن المغيرة قال ثنا النعمان بن عبد السلام قال ثنا عمران: مثله.

‌مورق العجلي

ومنهم المستسلم المتسلي، مورق بن مشمرخ العجلي، كان بالحق عن الخلق ساليا، وبالشهود عن الصدود ساهيا.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد بن سليمان عن يوسف بن عطية قال ثنا المعلى بن زياد. قال: قال مورق العجلي: ما من أمر يبلغني أحب إلي من موت أهلى إلى.

ص: 234

الأرض نفس لي في موتها أجر إلا وددت أنها قد ماتت.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا عفان قال: ثنا همام عن قتادة. قال: قال مورق: ما وجدت المؤمن في الدنيا مثلا إلا مثل رجل على خشبة في البحر وهو يقول: يا رب يا رب لعل الله أن ينجيه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال: ثنا أبو كامل. وحدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد كلهم عن أبي التياح عن مورق العجلي. قال: المتمسك بطاعة الله إذا جبن الغاس عنها كالكار بعد الفار.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا الحسن بن إبراهيم بن بشار قال: ثنا أبو أيوب قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا يزيد الشني. قال: قال مورق العجلي:

إني لقليل الغضب؛ ولقلما غضبت فأقول في غضبي شيئا ندمت عليه إذا رضيت، فقال رجل: إني أشكو إليك قسوة قلبي لا أستطيع الصوم ولا أصلي، فقال له مورق: إن ضعفت عن الخير فاضعف عن الشر فإني أفرح بالنومة أنامها.

• حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة قال: حدثني أحمد بن يحيى قال ثنا سعيد بن سليمان عن يوسف بن عطية. قال: المعلى بن زياد قال: قال مورق العجلي: تعلمت الصمت في عشر سنين وما قلت شيئا قط إذا غضبت أندم عليه إذا ذهب عني الغضب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو عبيدة عن هشام عن مورق. قال: ما تكلمت بشيء في الغضب ندمت عليه في الرضا.

• حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة قال: ثنا أحمد بن يحيى قال ثنا سعيد بن سليمان عن يوسف بن عطية قال المعلى بن زياد. قال: قال مورق العجلي: لقد سألت الله حاجة كذا وكذا منذ عشرين سنة فما أعطيتها ولا أيست منها. قال:

فسأله بعض أهله ما هي؟ قال: أن لا أقول ما لا يعنيني رواه جعفر بن سليمان عن المعلى نحوه.

ص: 235

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:

حدثني أبي قال ثنا روح قال ثنا أبو الأشهب قال: ذكروا عن مورق أنه قال:

ما أدرك عندي مال زكاة قط.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا محمد بن شبل قال ثنا عبد الله بن محمد العبسي قال ثنا عفان ثنا جعفر قال: ثنا بعض أصحابنا.

قال: كان مورق يتجر فيصيب المال فلا تأتي عليه جمعة وعنده منه شيء، يلقى الأخ فيعطيه أربعمائة خمسمائة ثلاثمائة، فيقول: ضعها عندك حتى نحتاج إليها ثم يلقاه بعد ذلك فيقول: شأنك بها. فيقول الأخ لا حاجة لي فيها.

فيقول: إنا والله ما نحن بآخذيها أبدا فشأنك بها. رواه حماد بن زيد عن جميل عن مورق مثله. وقال: كره أن يعطيهم على وجه الصدقة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال أخبرت عن سيار قال ثنا جعفر عن سعيد الجريري. قال: قال مورق العجلي: لو كان الناس يرون فينا ما يرى قومنا لما قعدوا إلينا.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أبو العباس الطهرانى قال: ثنا إسماعيل ابن أبي الحارث قال: ثنا الأخنس قال ثنا ابن مهدي قال ثنا حماد بن يزيد عن عاصم: أن مورقا العجلي: كان يجد نفقته تحت رأسه.

قال الشيخ رحمه الله: أرسل مورق العجلي غير حديث عن عدة من الصحابة؛ منهم أبو ذر، وسلمان رضى الله تعالى عنهما.

ص: 236

تعضد». لفظ أبي بكر بن أبي شيبة. وقال علي بن محمد قال أبو ذر: والله لوددت أنى كنت شجرة تعضد.

• حدثنا أبي قال ثنا زكريا بن يحيى الساجي قال ثنا هدبة بن خالد قال ثنا حماد بن سلمة عن حبيب عن الحسن وحميد عن مورق العجلي: أن سلمان لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له ما يبكيك؟ فقال: عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» .

قال: فلما مات نظروا في بيته فلم يجدوا إلا إكافا ووطاء ومتاعا قوم نحوا من عشرين درهما.

• حدثنا فاروق الخطابي وسليمان بن أحمد. قالا: ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا داود بن شبيب قال ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن مورق العجلي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال:

«فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرون درجة» .

‌صلة بن أشيم العدوي

ومنهم أبو الصهباء صلة بن أشيم العدوي. المنتصح بكتاب الله، والمتحبب إلى عباد الله، كان عند النوازل محتسبا صابرا، وفي الحنادس منتصبا ذاكرا.

وقد قيل: إن التصوف شدة الانتصاب والاكتساب، برؤية الاحتساب والارتقاب.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال رزيك صاحب الطعام قال حدثني أبو السليل.

قال: أتيت صلة العدوي فقلت له: علمني مما علمك الله عز وجل، قال أنت اليوم مثلي - أو نحوي - حيث أتيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعلم منهم فقلت لهم علموني مما علمكم الله، فقالوا: انتصح للقرآن وانصح للمسلمين وأكثر من دعاء الله ما استطعت، ولا تكونن قتيل العصا قتيل عمية

(1)

(1)

قتيل عمية: من العماء الضلالة كالقتال فى العصبية والأهواء.

ص: 237

يا آل فلان، فانى لا أبالي أبرجله مدت أم برجل خنزير، وإياك وقوما يقولون نحن المؤمنون وليسوا من الإيمان على شيء هم الحرورية هم الحرورية.

• حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا ثابت: أن صلة بن أشيم وأصحابه مر بهم فتى يجر ثوبه، فهم أصحاب صلة أن يأخذوه بألسنتهم أخذا شديدا. فقال صلة: دعوني أكفكم أمره. فقال: يا بن أخي إن لي إليك حاجة، قال وما حاجتك؟ قال أحب أن ترفع إزارك قال نعم! ونعمى عين، فرفع ازاره. فقال صلة لاصحابه: هذا كان أمثلى مما أردتم، لو شتمتموه وآذيتموه لشتمكم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن عن حماد بن سلمة عن ثابت عن معادة. قالت: كان أصحاب صلة إذا التقوا عانق بعضهم بعضا.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا الحسن بن هارون بن سليمان قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت البناني.

قال: كان صلة بن أشيم يخرج إلى الجبانة فيتعبد فيها، فكان يمر على شباب يلهون ويلعبون فيقول لهم: أخبرونى عن قوم أرادوا سفرا فحادوا النهار عن الطريق وناموا بالليل متى يقطعون سفرهم. قال: فكان كذلك يمر بهم ويعظهم فمر بهم ذات يوم فقال لهم هذه المقالة، فانتبه شاب منهم فقال: يا قوم إنه لا يعني بهذا غيرنا نحن بالنهار نلهو وبالليل ننام، ثم اتبع صلة فلم يزل يختلف معه إلى الجبانة فيتعبد معه حتى مات.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن يحيى بن منده قال ثنا حميد بن مسعدة قال ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني. قال: جاء رجل إلى صلة بن أشيم وهو يأكل فقال: إن فلانا قتل أو مات - يعنى أخاه - فقال له: إذن فكل فقد نعي إلي أخي منذ حين. قال: الله عز وجل {(إنك ميت وإنهم ميتون)} .

ص: 238

ابن أشيم مات؛ فجاءه رجل وهو يطعم فقال يا أبا الصهباء إن أخاك مات. فقال:

هلم فكل فقد نعى لنا، أدن فكل هيهات قد نعي. فقال: والله ما سبقني إليك أحد فمن نعاه؟ قال يقول الله تعالى {(إنك ميت وإنهم ميتون)} .

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت البناني. قال: إن صلة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له. فقال: أي بنى تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل، فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة العدوية فقالت مرحبا؛ إن كنتن جئتن لتهئننى فمرحبا بكن وإن كن جئتن لغير ذلك فارجعن. رواه سيار عن جعفر عن حميد بن دينار عن صلة نحوه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين ابن الحسن المروزي قال ثنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا جرير بن حازم قال ثنا حميد بن هلال عن صلة بن أشيم العدوي. قال: خرجنا في بعض قرى نهر تيرى أسير على دابتي في زمن فيوض الماء؛ فأنا أسير على مسناة

(1)

فسرت يوما لا أجد شيئا آكله فاشتد جوعي فلقينى علج يحمل على عاتقه شيئا.

فقلت: ضعه فوضعه فإذا هو خبز فقلت أطعمني منه فقال نعم! إن شئت ولكن فيه شحم خنزير فلما قال ذلك تركته ومضيت، ثم لقيني آخر يحمل على عاتقه طعاما فقلت له أطعمني منه فقال: تزودت هذا لكذا وكذا من يوم فإن أخذت منه شيئا أضررت بي وأجعتني فتركته، ثم مضيت فو الله إنى لأسير إذ سمعت خلفى وجبة كوجبة الطير - يعني صوت طيرانه - فالتفت فإذا بشيء ملفوف في سب أبيض - أي خمار - فنزلت إليه فإذا هو دوخلة

(2)

من رطب في زمان ليس في الأرض رطبة فأكلت منه؛ ولم آكل قط رطبا أطيب منه وشربت من الماء ثم لففت ما بقي منه وركبت الفرس وحملت معي نواهن.

قال جرير بن حازم: فحدثني أوفى بن دلهم قال رأيت ذلك السب مع امرأته

(1)

فى القاموس (المسناة) العرم كأنه يريد الرمل المختلط بالماء.

(2)

الدوخلة: فى النهاية: سفيفة من خوص كالزنبيل.

ص: 239

ملفوفا فيه مصحف ثم فقد بعد ذلك. قال: فلا يدرون أسرق أم ذهب أم ما صنع به؟.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين ابن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا المسلم بن سعيد الواسطي قال أخبرنا حماد بن جعفر بن زيد. قال: إن أباه أخبره قال: خرجنا في غزاة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم، قال فترك الناس عند العتمة فقلت لأرمقن عمله فأنظر ما يذكر الناس من عبادته، فصلى - أراه العتمة - ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس حتى إذا قلت هدأت العيون وثب فدخل غيضه قريبا منا، فدخلت فى أثره فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة، قال وجاء أسد حتى دنا منه قال فصعدت إلى شجرة قال أفتراه التفت إليه أو عذبه

(1)

حتى سجد. فقلت:

الآن يفترسه فلا شيء فجلس ثم سلم. فقال: أيها السبع اطلب الرزق من مكان آخر، فولى وإن له لزئيرا أقول تصدعت منه الجبال، فما زال كذلك يصلي حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرنى من النار أو مثلى يجترئ أن يسألك الجنة، ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا، وقد أصبحت وبي من الفترة شيء الله تعالى به عليم.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال حدثت عن عبد الله بن خبيق أخبرني نجدة بن المبارك قال حدثني مالك بن مغول.

قال: كان بالبصرة ثلاثة متعبدون؛ صلة ابن أشيم، وكلثوم بن الأسود، ورجل آخر. فكان صلة إذا كان الليل خرج إلى أجمة يعبد الله تعالى فيها، ففطن له رجل فقام له فى الأكمة لينظر إلى عبادته، فأتى سبع فبصر به صلة فأتاه فقال: قم أيها السبع فابتغ الرزق، فتمطى السبع وذهب ثم قام لعبادته فلما كان فى السحر. قال: اللهم إن صلة ليس بأهل أن يسألك الجنة، ولكن سترا من النار.

• حدثنا أبى بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنى أبى

(1)

عذبه واعذبه: منعه وطرده.

ص: 240

قال: ثنا الأسود وروح. قالا: ثنا حماد بن زيد عن ثابت: أن صلة بن أشيم كان يقول: ما أدري بأي يومي أنا أشد فرحا؛ يوما باكرت فيه ذكر الله عز وجل أو يوما غدوت فيه لبعض حاجتي فيعرض لي ذكر الله تعالى.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال: ثنا شيبان قال ثنا أبو هلال عن الحسن. قال: قال أبو الصهباء: طلبت المال من وجهه فأعياني إلا رزق يوم بيوم، فعرفت أنه قد خير لي. قال: الحسن: وايم الله ما رزق رجل يوما بيوم فلم يعلم أنه خير له إلا غبي الرأي أو عاجز.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال: ثنا إسماعيل قال ثنا يونس عن الحسن قال قال أبو الصهباء صلة بن أشيم: طلبت الدنيا من مظان حلالها فجعلت لا أصيب منها إلا قوتا، أما أنا فلا أعيا فيه وأما هو فلا يجاوزني، فلما رأيت ذلك قلت: أى نفسى جعل رزقك كفافا فاربعي، فربعت ولم تكد.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا محمد بن سهل بن الصباح قال ثنا حميد ابن مسعدة قال ثنا جعفر بن سليمان عن هشام عن الحسن. قال: مات أخ لنا فصلينا عليه فلما وضع في قبره ومد عليه الثوب، جاء صلة بن أشيم وأخذ بناحية الثوب ثم نادى يا فلان بن فلان!

فإن تنج منها ننج من ذى عظيمة

وإلا فإنى لا أخالك ناجيا

قال فبكى وأبكى الناس.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين ابن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال:

بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في أمتي رجل يقال له صلة يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا» .

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين ابن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال:

بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في أمتي رجل يقال له صلة يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا» .

• حدثنا محمد بن عمر بن مسلم قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال:

ص: 241

ووهب لك اليقين الذي لا يسكن إلا إليه، ولا يعول في الدين إلا عليه.

قال الشيخ رحمه الله: لقي صلة عدة من الصحابة وتعلم منهم واقتبس وأسند عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهم.

• حدثناه محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن أحمد بن النضر قال:

ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة عن منصور عن الحكم عن يحيى الجزار عن أبي الصهباء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. قال: أقبلت على حمار ومعى رديف من بني عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أرض خلاء؛ فنزلنا ثم جئنا حتى دخلنا في الصلاة وتركت الحمار قدامهم فما بالى ذلك، وأقبلت جاريتان من بني عبد المطلب تشتدان تتبع إحداهما الأخرى حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد يصلى، ففرفت بينهما فما بالى ذلك.

قال الشيخ رحمه الله: اختلف في أبي الصهباء هذا فقيل إنه صلة وقيل بل هو صهيب، ومما دل على أنه صلة ما:

حدثناه أبو أحمد الغطريفي قال ثنا عبد الله ابن شيرويه قال: ثنا إسحاق بن راهويه قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن الحكم عن يحيى الجرار عن رجل من قرى البصرة عن ابن عباس:

بنحو من ذلك.

‌العلاء بن زياد

ومنهم المبشر المحرون، المستتر المخزون، تجرد من النلاد، وتشمر للمهاد وقدم العناد للمعاد، واعتزل عن العباد، العلاء بن زياد.

وقد قيل: إن التصوف الارتياد والاجتهاد، لذل الانقياد فى عر الاعتماد.

ص: 242

الحزن. قال الحسن: قوموا فإلى هذا والله انتهى استقلال الحزن.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا روح قال ثنا سعيد عن قتادة قال ثنا العلاء بن زياد: أن رجلا كان يرائي بعمله فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته حتى إذا ما قرأ فجعل لا يأتي على أحد إلا سبه ولعنه، ثم رزقه الله تعالى يقينا بعد ذلك فخفض من صوته وجعل صلاته فيما بينه وبين ربه تعالى، فجعل لا يأتي بعد ذلك على أحد إلا دعا له بخير وشمت عليه.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال حدثت عن عبد السلام بن مطهر قال ثنا جعفر بن سليمان عن هشام بن حسان عن أوفى ابن دلهم. قال: كان للعلاء بن زياد مال ورقيق فأعتق بعضهم، ووصل بعضهم، وباع بعضهم، وأمسك غلاما أو اثنين يأكل غلتهما، فتعبد فكان يأكل كل يوم رغيفين، وترك مجالسة الناس فلم يكن يجالس أحدا، يصلي في الجماعة ثم يرجع إلى أهله، ويجمع ثم يرجع إلى أهله، ويشيع الجنازة ثم يرجع إلى أهله، ويعود المريض ثم يرجع إلى أهله، فضعف. فبلغ ذلك إخوانه فاجتمعوا فأتاه أنس بن مالك والحسن والناس. وقالوا: رحمك الله أهلكت نفسك لا يسعك هذا، فكلموه وهو ساكت حتى إذا فرغوا من كلامهم، قال: إنما أتذلل لله تعالى لعله يرحمني.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا الهيثم بن جميل قال ثنا مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان: أن العلاء بن زياد: كان قوت نفسه رغيفا كل يوم، وكان يصوم حتى نحضر، ويصلي حتى يسقط. فدخل عليه أنس بن مالك والحسن.

فقال: إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله، فقال إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئا إلا جئته به.

ص: 243

عوراء عليها من كل حلية وزينة. فقلت: ما أنت؟ قالت: أنا الدنيا، قلت:

أسأل الله تعالى أن يبغضك إلى، قالت نعم! إن أبغضت الدراهم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا الحارث بن نبهان قال ثنا هارون بن رياب

(1)

الأسدى عن العلاء ابن زياد العدوي. قال: رأيت في منامي امرأة قبيحة عليها من كل زينة.

قلت: من أنت يا عدوة الله؟ من أنت أعوذ بالله منك؟ فقالت: أنا الدنيا إن أردت أن يعيذك الله منى فابغض الدارهم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا معتمر عن إسحاق بن سويد قال قال العلاء بن زياد: لا تتبع بصرك رداء المرأة، فإن النظر يجعل في القلب شهوة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني محمد بن عبيد بن حساب قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا هشام بن زياد أخو العلاء ابن زياد. قال: كان العلاء بن زياد يحيي كل ليلة جمعة، فوجد ليلة فترة فقال لامرأته: يا أسماء إني أجد فترة فإذا مضى كذا وكذا فأيقظيني. قالت نعم! فأناه آت في منامه فأخذ بناصيته فقال: يا ابن زياد قم فاذكر الله يذكرك، قال فقام فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات رحمه الله.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله قال ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال ثنا زكريا بن يحيى قال ثنا الأصمعي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قال: كان العلاء بن زياد العدوي يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه تعالى نفسه فأقاله، فليعمل بطاعة الله عز وجل.

• حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين قال ثنا عبد الله بن سليمان قال ثنا على ابن صدقة الجبلاني قال سمعت مخلد بن حسين عن هشام بن حسان. قال:

كنت أمشي خلف العلاء بن زياد العدوي فكنت أتوقى الطين، قال فدفعه إنسان فوقعت رجله في الطين فخاضه، فلما وصل إلى الباب وقف فقال: رأيت

(1)

فى الأصل: رباب وفى المختصر رئاب والتصحيح عن الخلاصة.

ص: 244

يا هشام؟ قلت نعم! قال: كذلك المرء المسلم يتوقى الذنوب فإذا وقع فيها خاضها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا يحيى بن مصعب قال سمعت مخلد بن الحسين: ذكر أن العلاء بن زياد قال له رجل: رأيت كأنك فى الجنة، فقال له: ويحك أما وجد الشيطان أحدا يسخر به غيري وغيرك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن العلاء بن زياد: أنه قال:

إنما نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار؛ إن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال ثنا جرير بن عبيد العدوي عن أبيه. قال: قلت للعلاء بن زياد: إذا صليت وحدي لم أعقل صلاتي قال أبشر فإن هذا علم الخير.

أما رأيت اللصوص إذا مروا بالبيت الخرب لم يلووا عليه، وإذا مروا بالبيت الذي رأوا فيه المتاع زاولوه حتى يصيبوا منه شيئا.

ص: 245

فدخل دار العلاء بن زياد فوقف الرجل على باب العلاء فسلم. قال: هشام فخرجت إليه فقال لي: أنت العلاء بن زياد؟ قلت لا وقلت انزل رحمك الله فضع رحلك وضع متاعك. فقال لا! أين العلاء بن زياد؟: قلت هو في المسجد، قال: وكان العلاء يجلس في المسجد ويدعو بدعوات ويحدث. قال: هشام:

فأتيت العلاء فخفف من حديثه وصلى ركعتين ثم جاء فلما رآه العلاء تبسم فبدت ثنيته. فقال: هذا والله صاحبي قال فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل هلا أنزلته؟ قال: قد قلت له فأبى. قال: فقال العلاء انزل رحمك الله قال فقال الرجل: أخلني. قال: فدخل العلاء منزله وقال: يا أسماء تحولي إلى البيت الآخر، قال فتحولت ودخل الرجل وبشره برؤياه ثم خرج فركب قال وقام العلاء فأغلق بابه وبكى ثلاثة أيام - أو قال سبعة أيام - لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا ولا يفتح بابه، قال هشام فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا أنا، قال: فكنا نهابه أن نفتح بابه وخشيت أن يموت فأتيت الحسن فذكرت له ذلك وقلت لا أراه إلا ميتا لا يأكل ولا يشرب باكيا. قال: فجاء الحسن حتى ضرب عليه بابه وقال: افتح يا أختى، فلما سمع كلام الحسن قام ففتح بابه وبه من الضر شيء الله به عليم، فكلمه الحسن ثم قال: رحمك الله ومن أهل الجنة إن شاء الله أفقاتل نفسك أنت؟ قال هشام: حدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا.

وقال: لا تحدثوا بها ما كنت حيا.

• حدثنا أبو مسلم محمد بن معمر وسليمان بن أحمد قال: ثنا أبو شعيب الحراني قال ثنا يحيى بن عبد الله قال ثنا الأوزاعي قال ثنا أسيد بن عبد الرحمن الفلسطيني عن العلاء بن زياد: قال: إنكم في زمان أقلكم الذي ذهب عشر دينه. وسيأتي عليكم زمان أقلكم الذي يبقى عليه عشر دينه.

• حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن العلاء بن زياد. قال: ما يضرك شهدت على مسلم بكفر أو قتلته.

قال الشيخ رحمه الله: أسند العلاء بن زياد عن جماعة من الصحابة،

ص: 246

عن عمران بن حصين، وأبي هريرة، وأرسل عن معاذ بن جبل، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهم.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا روح بن عبادة قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ثنا العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة الشاذة والقاصية والناحية، فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة» . رواه يزيد بن زريع وعنبسة بن عبد الواحد عن سعيد مثله وقال: - يعني شعاب الأهواء.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال: ثنا محمد بن حيان بن بكر قال: ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: ثنا أبو داود عن عمران القطان عن قتادة عن العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من دعوة أحب إلى الله تعالى أن يدعو بها أحد أن يقول: أسأل الله العفو والمعافاة والعافية في الدنيا والآخرة» . لم يتابع أحد من أصحاب قتادة عمران القطان عليه عن معاذ بن جبل، ورواه همام وغيره عن قتادة عن العلاء مرسلا، ورواه وكيع عن هشام عن قتادة عن العلاء مرسلا، [ورواه وكيع عن هشام عن قتادة عن العلاء]

(1)

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا علي بن عبد العزيز قال: ثنا خلف بن موسى بن الخلف العمي قال ثنا أبي عن قتادة عن الحسن - أو العلاء بن زياد - عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود. قال: تحدثنا ذات ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكربنا

(2)

الحديث. فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي الأنبياء عليهم السلام بأتباعها من أممها؛ فإذا النبي معه الثلاثة من قومه، وإذا النبي ليس معه أحد، وقد أنبأكم الله تعالى عن قوم لوط فقال أليس منكم رجل

(1)

ما بين المربعين عن نسخة جدة. فيكون رواه وكيع مرسلا ومتصلا.

(2)

أكربنا الحديث أى أتعبنا. وفى ز: اكذبنا ولعله تصحيف.

ص: 247

رشيد. قال: حتى مر موسى بن عمران عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل. قلت: يا رب فأين أمتي؟ قال: انظر عن يمينك فإذا الظراب ظراب مكة قد سد من وجوه الرجال قال أرضيت يا محمد؟ قلت رضيت يا رب، قال انظر عن يسارك فنظرت فإذا الأفق قد سد من وجوه الرجال قال: أرضيت يا محمد؟ قلت رضيت يا رب، قال فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. فأتى عكاشة بن محصن الأسدي فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: اللهم اجعله منهم، ثم قام رجل آخر وقال: يا رسول الله ادع الله أن أن يجعلني منهم فقال: سبقك بها عكاشة. ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إن استطعتم بأبي أنتم وأمي أن تكونوا من السبعين فكونوا، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أصحاب الظراب، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أصحاب الأفق. فإني قد رأيت أناسا يتهاوشون كثيرا، ثم قال: إني لأرجو أن يكون من يتبعني من أمتي ربع أهل الجنة فكبر القوم، ثم قال:

إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة فكبر القوم، ثم تلا هذه الآية {ثلة من الأولين وقليل من الآخرين}. فتذاكروا بينهم: من هؤلاء السبعون الألف؟ فقال بعضهم: قوم ولدوا في الإسلام فماتوا عليه حتى رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون» . رواه ابن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنهما مثله ورواه أمية الحبطي عن قتادة عن العلاء بن زياد من دون الحسن ورواه معمر وهشام عن قتادة عن الحسن من دون العلاء.

ولم يسق هذا السياق عن قتادة إلا موسى بن خلف العمى.

ص: 248

المسك.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال: ثنا محمد بن المنهال قال: ثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن العلاء بن زياد العدوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وترابها الزعفران وطينها المسك» . ورواه معمر عن قتادة عن العلاء عن أبي هريرة موقوفا - وزاد: درجها الياقوت واللؤلؤ ورضراض أنهارها اللؤلؤ وترابها الزعفران.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: ثنا أبو الربيع الحسين بن الهيثم المهري قال ثنا هشام بن خالد قال ثنا أبو خليد عتبة بن حماد - ولم يكن بدمشق أحفظ لكتاب الله تعالى منه - عن سعيد يعني ابن بشير عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي ذر. قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟ قال: «أن تجاهد نفسك وهواك فى ذات الله عز وجل» . كذا رواه قتادة وتفرد به عن سعيد بن بشير وخالف سويد بن حجير قتادة فقال: عن العلاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

• حدثناه محمد بن طاهر بن يحيى بن قبيصة الفلقي قال حدثني أبي قال ثنا أحمد بن حفص قال: ثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن سويد بن حجير عن العلاء بن زياد: أنه قال: سأل رجل عبد الله بن عمرو بن العاص أي المجاهدين أفضل؟ قال: من جاهد نفسه في ذات الله عز وجل، قال: أنت قلت يا عبد الله بن عمرو أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال بل رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله. لم نكتبه من حديث الحجاج إلا من رواية إبراهيم بن طهمان عنه ولا [روى] عنه إلا حفص بن عبد الله النيسابوري.

‌أبو السوار العدوي

ومنهم أبو السوار العدوي، بالقلب زوار، وفي الوجه خوار، وبالوصل فخار، وبالنفس ضرار.

ص: 249

وقد قيل إن التصوف الهيمان في الوجد، والهيجان في الود.

• حدثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا جعفر بن محمد الفريابي قال ثنا عبيد الله ابن معاذ قال ثنا أبي قال: ثنا بسطام بن مسلم عن أبي التياح. قال: سمعت أبا السوار العدوي يقول: وقرأ هذه الآية {(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه)} . قال: هما نشرتان وطية، أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك منشورة فأمل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، ثم إذا بعثت نشرت {(اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)} .

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:

حدثني أبو جعفر محمد بن الفرج قال: ثنا علي بن عاصم عن بسطام بن مسلم عن الحسن. قال: دعا بعض متربى

(1)

هذه الأمة أبا السوار العدوي فسأله عن شيء من أمر دينه فأجابه بما يعلم، فقال له: وإلا فأنت برئ من الإسلام، قال: فضربه أربعين سوطا. فقال الحسن: والله لا تذهب أسواطه قال أبو جعفر: لما نزل بأحمد بن حنبل من الضرب والحبس ما نزل دخلت علي من ذلك مصيبة، فأتيت في منامي فقيل لي: أما ترضى أن يكون عند الله عز وجل بمنزلة أبي السوار العدوي، فأتيت أبا عبد الله فأخبرته فاسترجع.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال ثنا محمد بن مصعب قال سمعت مخلد بن الحسين يقول: إن أبا السوار العدوي أقبل عليه رجل بالأذى، فسكت حتى إذا بلغ منزله - أو دخل. قال: حسبك إن شئت.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني محمد بن المثنى قال ثنا سالم بن نوح. قال: مرغوف يوم جمعة فسأله يونس كيف حالك كيف أنت؟ وقال عوف: قيل لأبي السوار العدوي: أكل حالك صالح؟ قال: ليت عشره يصلح.

(1)

فى الأصلين: من هذه الخ وما كتبناه عن المختصر ولعل الصواب (مترفى).

ص: 250

• حدثنا أحمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا عمرو ابن علي قال: ثنا أبو داود قال: ثنا أبو خلدة. قال: سمعت أبا السوار العدوي يقول لمعاذة العدوية في مسجد بني عدي: تجئ حداكن المسجد فتضع رأسها وترفع استها، فقالت: ولم تنظر؟ اجعل في عينيك ترابا ولا تنظر. قال:

إني والله ما أستطيع إلا أن أنظر، ثم اعتذرت. فقالت يا أبا السوار: إذا كنت في البيت شغلني الصبيان، وإذا كنت في المسجد كان أنشط لي. قال:

النشاط أخاف عليك.

قال الشيخ رحمه الله: أسند أبا السوار غير حديث عن عمران بن حصين وغيره من الصحابة.

‌فمما أسند ما:

• حدثناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي قال: ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا أبو نعامة العدوي. قال: سمعت أبا السوار العدوي يحدث عن عمران بن حصين قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الحياء خير كله» .

• حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب قال: ثنا إبراهيم ابن سعدان قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا خالد بن رباح القيسي قال ثنا أبو السوار العدوي عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الحياء خير كله» .

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي السوار العدوي عن عمران بن حصين.

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الحياء لا يأتي إلا بخير» .

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا الحسين بن علي العمري قال: ثنا محمد بن بكار العبسى قال: ثنا محمد بن سوار عن شعبة عن قتادة عن أبي السوار العدوي عن عمران بن حصين. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من جارية فى خدرها، وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه.

‌حميد بن هلال العدوي

ومنهم حميد بن هلال العدوي، تفقه واعتزل، وعلم واشتغل، له في العلم

ص: 251

الحظ الجزيل، وفي التحقيق السمت الجميل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا عبيد الله ابن سعيد قال: ثنا الحسن بن موسى قال: ثنا أبو هلال عن قتادة. قال:

كان حميد بن هلال من العلماء الفقهاء، لم يكن يذاكر ولا يسأل إنما كان يعتزل في مكان.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: ثنا أبو العباس السراج قال: ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة قال: ثنا موسى بن إسماعيل. قال: سمعت أبا هلال يقول: سمعت قتادة يقول: ما كان بالمصرين أعلم من حميد، ما استثني الحسن ولا محمد

(1)

.

• أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال: ثنا محمد بن أيوب قال:

ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا أبو هلال خالد بن أيوب عن حميد بن هلال.

قال: مثل ذاكر الله في السوق كمثل شجرة خضراء وسط شجر ميت.

• حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان البصري قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: ثنا محمد بن إسماعيل قال: ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال. قال: ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة فصور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم وحلي حلاهم، ورأى أزواجه وخدمه ومساكنه في الجنة يأخذه سوار فرح

(2)

فلو كان ينبغي أن يموت لمات فرحا. فيقال له:

أرأيت سوار فرحتك هذه؟ فإنها قائمة لك أبدا.

• أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال: ثنا موسى بن إسحاق قال: ثنا محمد بن بكار قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد ابن هلال. قال: قال رجل: رحم الله رجلا أتى على هذه الآية {(ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)} . فسأله بذلك الوجه الباقي الكريم.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا بشر بن موسى قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال. قال: قال

(1)

أراد بالمصرين: البصرة والكوفة، والحسن هو البصرى ومحمد هو ابن سيرين.

(2)

سوار فرح: السوار بالضم دبيب الشراب فى الرأس حكاه فى النهاية تفسير الهذا الخبر

ص: 252

كعب رضي الله تعالى عنه: ثلاث أجدهن

(1)

في كتاب الله تعالى، من حافظ عليهن فهو عبدي حقا، ومن ضيعهن فهو عدوي حقا، الصلاة والصوم، والغسل من الجنابة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال. قال:

راح قوم مع كعب فساروا عشيتهم وليلتهم حتى غوروا المقيل، فشكوا إلى كعب شدة مسيرهم. فقال كعب: ما أدركتم مقعد رجل من أهل النار.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن شبل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا وكيع عن سفيان عن يونس عن حميد بن هلال. قال: حدثت أن في جهنم تنانير ضيقها كضيق زج أحدكم في الأرض، تضيق على قوم بأعمالهم.

أسند حميد عن عدة من الصحابة؛ منهم عبد الله بن مغفل، وأنس بن مالك، وهشام بن عامر، وأبو رفاعة العدوي رضي الله تعالى عنهم.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا أبو النضر ومنصور بن سلمة والعباس بن الفضل. وحدثنا فاروق الخطابي قال ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا أبو الوليد الطيالسي. وحدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا عمرو بن حفص السدوسي قال ثنا عاصم بن علي. قالوا: ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل. قال: أدلى لى جراب من شحم يوم خيبر فأتيته فالتزمته فقلت لا أعطي من هذا أحدا اليوم شيئا فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم إلي فاستحييت منه. رواه يحيى بن سعيد القطان عن سليمان بن المغيرة. وقال قال لي سفيان الثوري: ليس لأهل البصرة حديث أشرف من هذا. ورواه يحيى بن آدم عن سليمان بن المغيرة وقال قال سليمان: سألت حميدا عن طعام العدو في الغزو إذا أكل منه وأطعم، فحدثني بهذا الحديث ورواه شعبة عن حميد بن هلال.

• حدثنا أبو أحمد محمد ابن أحمد الجرجاني قال ثنا عبد الله بن شيرويه قال ثنا إسحاق بن راهويه قال ثنا

(1)

فى الأصلين: احداهن، ولعل الصواب ما كتبناه.

ص: 253

النضر بن شميل قال ثنا شعبة عن حميد بن هلال العدوي. قال: سمعت عبد الله ابن مغفل يقول مثله سواء، وزاد - فاستحييت.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله. وحدثنا فاروق الخطابي قال ثنا أبو مسلم الكشي قال، ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس بن مالك. قال: نعى النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا وزيد بن حارثة [وابن رواحة]. نعاهم قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تدرفان.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من الدجال» . رواه أيوب السختياني عن حميد مثله. ورواه حميد عن أبي قتادة وأبي الدهماء عن هشام.

‌الأسود بن كلثوم

ومنهم المستشهد الملثوم، الأسود بن كلثوم. خلت دعوته، فعجلت كرامته.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عليه قال أخبرنى سليمان بن المعبرة عن حميد بن هلال. قال: كان منا رجل يقال له الأسود بن كلثوم، وكان إذا مشى لا يجاوز بصره قدميه، فكان يمر بالنسوة وفي الجدر يومئذ قصر. ولعل إحداهن أن تكون واسعة ثوبها أو خمارها فإذا رأينه راعهن ثم يقلن كلا! إنه الأسود بن كلثوم، فلما قدم

(1)

غازيا. قال: اللهم إن نفسي هذه تزعم في الرخاء أنها تحب لقاءك فإن كانت صادقة فارزقها ذلك، وإن كانت كاذبة فاحملها عليه وإن كرهت، فأطعم لحمي سباعا وطيرا. فانطلق فى خيل فدخلوا حائطا فنذر بهم العدو فجاءوا فأخذوا بثلمة فى الحائط فنزل الأسود عن فرسه

(1)

فى الأصلين: فلما قرب، وما كتبناه عن المختصر.

ص: 254

فضربها حتى غارت، فخرج فأتى الماء فتوضأ ثم صلى. قال: يقول العجم هكذا: استسلام العرب إذا استسلموا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل. قال: فمر عظم الجيش بعد ذلك بذلك الحائط. فقيل لأخيه: لو دخلت فنظرت ما بقي من عظام أخيك ولحمه. قال: لا! دعا أخي بدعوات فاستجيبت له فلست أعرض في شيء من ذلك.

‌شويس بن حيان

ومن مشيخة بنى عدى شويس بن حيان

(1)

أبو الرقاد ولد عام الهجرة فأدرك عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ العطاء من عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني نصر بن علي قال حدثني أبي عن أبي خلدة قال: قال لي أبو العالية: من بقي من شيوخ بني عدي؟ قلت: أبو السوار. قال: ذاك من الفتيان، قلت إنه أبيض الرأس واللحية قال فذاك من الفتيان إنما سألتك عن الشيوخ. قال قلت: شويس العدوي. قال: نعم! هو ممن أخذ الدرهمين على عهد عمر رضي الله تعالى عنه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر وعبيد الله يعقوب قالا: ثنا اسحاق ابن إبراهيم قال ثنا محمد بن عمرو بن العباس قال ثنا سعيد عامر قال ثنا جسر أبو جعفر عن أبي مسعود الجريري عن شويس العدوي - وكان من أصحاب الدرهمين - قال: إن صاحب اليمين أمين - أو قال أمير - على صاحب الشمال فإذا عمل ابن آدم سيئة وأراد صاحب الشمال أن يكتبها. قال: له صاحب اليمين:

لا تعجل لعله يعمل حسنة فإن عمل حسنة ألقى واحدة بواحدة وكتب له تسع حسنات. فيقول الشيطان: يا ويله من يدرك تضعيف ابن آدم.

• حدثنا عمرو بن محمد بن حاتم

(2)

قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن

(1)

فى الخلاصة شويس آخره مهملة مصعرا ابن حياش بفتح المهملة والتحتانية وآخره معجمة العدوى أبو الرقاد.

(2)

فى ج: عمر بن محمد.

ص: 255

مرزوق قال: ثنا عفان قال: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت. قال: أدركت رجالا من بني عدي إن كان أحدهم ليصلي حتى ما يأتى فراشه إلا حبوا.

‌أسند شويس عن عتبة بن غزوان المازنى رضي الله تعالى عنه

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا إدريس بن جعفر قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو نعامة العدوي عن خالد بن عمير وشويس. قالا:

خطبنا عتبة ابن غزوان رضي الله تعالى عنه. فقال: ألا إن الدنيا قد أذنت بصرم، وولت حذاء

(1)

ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وإنكم في دار تنتقلون عنها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام نأكله إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، الحديث.

‌عبد الله بن غالب

ومنهم العابد الرائب، المتشمر الناحب، المتشوق الطالب، أبو فراس عبد الله بن غالب.

وقيل: إن التصوف الحذر من الدنيا والهرب، والرغب في العقبى والطلب.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا أبو العباس الثقفي قال: ثنا عبد الله ابن أبي زياد قال: ثنا سيار قال: ثنا جعفر قال: ثنا مالك بن دينار. قال:

كان لعبد الله بن غالب بيتان بيت يتعبد فيه وبيت لعياله، وكان له وردان ورد بالنهار وورد بالليل.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا نصر بن علي قال: ثنا نوح بن قيس قال: ثنا عون بن أبي شداد: أن عبد الله ابن غالب كان يصلي الضحى مائة ركعة، ويقول: لهذا خلقنا، وبهذا أمرنا، ويوشك أولياء الله أن يكفوا ويحمدوا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبو عمرو

(1)

فى الأصل: جدا وفى ترجمة عتبة حذاء بمعنى سريعا انظرها فى المجلد الأول ص 171.

ص: 256

الأزدي قال ثنا نوح بن قيس عن أخيه خالد بن قيس عن قتادة: أن عبد الله ابن غالب: كان يقص في المسجد الجامع، فمر عليه الحسن فقال: يا عبد الله لقد شققت على أصحابك. فقال: ما أرى عيونهم انفقأت، ولا أرى ظهورهم اندقت، والله يأمرنا يا حسن أن نذكره كثيرا، وأنت تأمرنا أن نذكر قليلا؛ كلا لا تطعه واسجد واقترب. ثم سجد. قال الحسن: والله ما رأيت كاليوم ما أدري أسجد أم لا؟.

• حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا عبد الله بن أبي زياد ومحمد بن الحارث. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال: سمعت عبد الله بن غالب يقول في دعائه: اللهم إنا نشكو اليك سفه أحلامنا، ونقص عملنا

(1)

واقتراب آجالنا، وذهاب الصالحين منا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبو عمرو الأزدي قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا نوح بن قيس قال حدثني نصر بن علي.

قال: كان عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول: لقد رزقنى الله البارحة خيرا؛ قرأت كذا، وصليت كذا، وذكرت كذا، وفعلت كذا. فيقال له: يا أبا فراس: إن مثلك لا يقول مثل هذا! فيقول إن الله تعالى يقول: {(وأما بنعمة ربك فحدث)} وأنتم تقولون لا تحدث بنعمة ربك.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال ثنا غسان قال ثنا سعيد بن يزيد. قال:

سجد عبد الله بن غالب ومضى رجل إلى الجسر يشتري علفا، فاشترى حاجته من الجسر ورجع وهو ساجد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس الثقفي قال ثنا عبد الله بن أبي زياد ومحمد بن الحارث. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول: لما كان يوم الزاوية قال عبد الله بن غالب إني لأرى أمرا ما لي عليه صبر روحوا بنا إلى الجنة، قال: فكسر جفن سيفه ثم تقدم فقاتل حتى قتل

(1)

فى ج والمختصر: ونقص علمنا.

ص: 257

قال فكان يوجد من قبره ريح المسك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله ابن أحمد قال ثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا أبو عيسى. قال: لما كان يوم الزاوية رأيت عبد الله بن غالب دعا بماء فصبه على رأسه وكان صائما وكان يوما حارا وحوله أصحابه، ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم قال لأصحابه: روحوا بنا إلى الجنة. قال: فنادى عبد الملك بن المهلب:

أبا فراس أنت آمن أنت آمن! قال فلم يلتفت إليه ثم مضى فضرب بسيفه حتى قتل. قال: فلما قتل دفن فكان الناس يأخذون من تراب قبره كأنه مسك يصرونه في ثيابهم.

‌أسند عبد الله بن غالب عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه

• حدثنا عبد العزيز بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود.

وحدثنا أبو بحر محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن غالب قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا صدقة بن موسى قال ثنا مالك بن دينار عن عبد الله بن غالب الحداني عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق» .

‌زرارة بن أوفى.

ومنهم الخائف المخفي، زرارة بن أوفى، رن

(1)

فأوحى، ورد إلى الملأ الأعلى وقيل إن التصوف: عويل حتى الرحيل، وحويل إلى المقيل.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هدبة ابن خالد قال أبو خباب القصاب

(2)

واسمه عون بن ذكوان. قال: صلى بنا زرارة بن أوفى صلاة الصبح فقرأ يا أيها المدثر حتى بلغ فإذا نقر في الناقور، خر ميتا وكنت فيمن حمله إلى داره.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله ابن أحمد قال ثنا روح بن عبد المؤمن قال ثنا غياث بن المثنى القشيري قال ثنا بهز بن حكيم. قال: صلى بنا زرارة بن أوفى مسجد بنى قشير، فقرأ فاذا

(1)

فى المختصر: رق

(2)

فى ج أبو جناب.

ص: 258

نقر فى الناقور، فخر ميتا فحمل إلى داره. قال: وكان يقص في داره وقدم الحجاج البصرة وهو يقص في داره.

‌أسند زرارة بن أوفى عن عدة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم

• حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مخلد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة.

وحدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مسعر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى تجاوز عن أمتى ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تكلم» . هذا حديث صحيح ثابت رواه عن قتادة عدة؛ منهم شعبة وهمام وهشام وأبان وشيبان وأبو عوانة وحماد بن سلمة والمسعودي وعمران بن خالد والقاسم بن الوليد ومجاعة بن الزبير، واختلف عن المسعودي فيه عن قتادة، فرواه يزيد بن هارون عن المسعودي فيه عن قتادة عن زرارة عن عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وروى عبد الله ابن داود الخريبي عن مسعود عن قتادة عن زرارة عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها. ورواه المسيب بن واضح عن سفيان بن عيينة عن مسعر عن قتادة فخالف أصحاب قتادة في اللفظ.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي قال ثنا المسيب قال ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الهوى مغفور لصاحبه ما لم يعمل به أو يتكلم» .

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن مرزوق قال ثنا عبيد الله عن قتادة

(1)

عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تهجر امرأة فراش زوجها إلا لعنتها ملائكة الله» . هذا حديث ثابت. ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ومسعر.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود

(1)

كذا فى الأزهرية. وفى ج: حدثنا عمر بن محمد بن حازم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن مرزوق قال ثنا همام قال ثنا قتادة إلخ.

ص: 259

قال ثنا هشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتى القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم ينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويفشوا فيهم السمن» . هذا حديث صحيح ثابت رواه القدماء والأعلام عن أبي داود عن هشام.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة وهشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن - قال هشام - وهو عليه شاق فله أجران» . رواه عن قتادة جماعة منهم روح بن القاسم وسعيد بن أبي عروبة وأبو عوانة والحديث صحيح متفق عليه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا معاذ بن المثنى قال ثنا إبراهيم بن أبى سويد الزارع قال ثنا صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال «الحال المرتحل» . قال: يا رسول الله ما الحال المرتحل؟ قال: «صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره وفي آخره حتى يبلغ أوله» . هذا حديث غريب من حديث زرارة لم يروه عنه إلا قتادة.

ورواه عن صالح المري زيد بن الحباب ويعقوب بن اسحاق الخضرمى.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن جرير قال ثنا سعيد بن ابن عثمان التنوخي قال ثنا ابن أبي السري قال ثنا عبدة بن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هاجروا من الدنيا وما فيها» . كذا رواه التنوخي عن ابن أبي السري فإن كان محفوظا فهو غريب. وصوابه ما رواه سليمان التيمي وأبو عوانة عن قتادة وبإسناده ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها -.

ص: 260

‌عقبة بن عبد الغافر

ومنهم الداعي الشاكر، عقبة بن عبد الغافر. كان في الضراء ذاكرا، وفي السراء شاكرا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قرأت على أبي ثنا عفان قال ثنا حماد قال أخبرنا ثابت عن عقبة بن عبد الغافر.

قال: دعوة في السر أفضل من سبعين في العلانية، وإذا عمل العبد في العلانية عملا حسنا وعمل في السر مثله قال الله: لملائكته هذا عبد حقا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال. أخبرنا حماد قال أخبرنا حميد عن ثابت عن عقبة بن عبد الغافر. قال: صلاة العشاء في جماعة كحجة، وصلاة الفجر في جماعة كعمرة.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم

(1)

قال ثنا هناد بن السري قال ثنا محمد بن عبيد الطنافسي قال ثنا وائل بن داود قال سمعت عقبة بن عبد الغافر. قال: ما طلعت الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين، يقولان أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. ولا غربت إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين، اللهم اعقب منفقا خلفا واعقب ممسكا تلفا.

‌أسند عقبة عن أبي سعيد الخدري وسمع منه.

• حدثنا أبو الحسن سهل بن عبد الله التستري قال ثنا الحسين بن إسحاق التستري قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا شعبة. وحدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا الحسن بن سفيان وعمران بن موسى. قالا:

ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا المعتمر بن سليمان التيمي قال ثنا أبي - واللفظ له - قال ثنا قتادة سمع عقبة بن عبد الغافر يقول سمعت أبا سعيد الخدري يحدث

(1)

فى ج: مسلم وفى الخلاصة سلام.

ص: 261

عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه ذكر رجلا فيمن سلف - أو قال فيمن كان قبلكم - راشه

(1)

الله عز وجل مالا وولدا وقال أبو عوانة: رغسه الله مالا فلما حضره الموت قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ فقالوا: خير أب. قال:

فانه لم يبتئر إلى عند الله خير. قال: فسرها قتادة - لم يدخر عند الله خير قط وإن يقدر الله علي يعذبني فاذا مت فأحرقونى حتى إذا صرت حمما فاسحقوني ثم إذا كان يوم ريح عاصف فاذروني فيها. قال: نبي الله عليه السلام: فاخذ مواثيقهم على ذلك ففعلوا به - وروي لما مات، قال الله كن: فإذا هو رجل قائم فقال: ما حملك على ما فعلت قال: يا رب مخافتك - أو قال فرق منك - فما تلافاه أن رحمه». قال: فحدث به أبان عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان غير أنه زاد فيها: ثم اذروني في البحر - أو كما حدث - صحيح ثابت متفق عليه.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الجبار قال ثنا إبراهيم بن عرعرة قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن عقبة ابن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرويه عن ربه عز وجل: «قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» . غريب من حديث قتادة لم يروه عنه إلا سلام.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن المعلى الدمشقي قال ثنا هشام بن عمار قال ثنا منبه بن عثمان قال ثنا خليد بن دعلج عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري. أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن شعيرة، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان، وليس الله تعالى يترك في النار أحدا فيه خير إلا أخرجه منها» . هذا حديث غريب من حديث قتادة عن عقبة لم يروه عنه إلا خليد بن دعلج.

(1)

فى الأصلين (رأسه) بالسين المهملة والتصحيح عن النهاية ونصه: إن رجلا راشه الله مالا. أى اعطاه ورواية أبى عوانة رغسه أى أكثر له منهما.

ص: 262

‌ابن سيرين

ومنهم ذو العقل الرصين، والورع المنين، المطعم للإخوان والزائرين، ومعظم الرجاء للمذنبين والموحدين، أبو بكر محمد بن سيرين. كان ذا ورع وأمانة وحيطة وصيانة، كان بالليل بكاء نائحا، وبالنهار بساما سائحا، يصوم يوما ويفطر يوما.

وقيل: إن التصوف البذل والإطعام، والطول والإنعام.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أزهر بن سعد عن ابن عون

• قال قيل لمحمد بن سيرين: يا أبا بكر إن رجلا قد اغتابك فتحله. قال: ما كنت لأحل شيئا حرمه الله.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال ثنا أبو عمير قال ثنا ضمرة قال: قال السري بن يحيى - أو غيره - لابن سيرين: إنى قد اغتبتك فاجعلني في حل، قال: إني أكره أن أحل ما حرم الله تعالى.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبيد الله بن محمد قال سمعت شيخا يذكر عن محمد. قال: وسئل مرة عن فتيا فأحسن الإجابة فيها. فقال له رجل: والله يا أبا بكر لأحسنت الفتيا فيها - أو القول فيها. قال: وعرض كأنه يقول: ما كانت الصحابة لتحسن أكثر من هذا. فقال محمد: لو أردنا فقههم لما أدركته عقولنا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا روح قال ثنا هشام عن محمد بن سيرين. قال: كان مما يقول للرجل إذا أراد أن يسافر في التجارة، اتق الله تعالى واطلب ما قدر لك في الحلال فإنك إن تطلبه من غير ذلك لم تصب أكثر ما قدر لك.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا روح قال ثنا ابن عون. قال: سمعت محمدا يقول في شيء راجعته فيه: إني لم أقل لك ليس به بأس، وإنما قلت لك لا أعلم به بأسا.

ص: 263

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عباس بن الفضل الاسقاطى

(1)

قال ثنا سليمان ابن حرب قال ثنا حصن بن أبي بكر الباهلي. وحدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عثمان بن عمر الضبي قال ثنا القاسم بن أمية الحذاء قال ثنا الحكم بن سنان كلاهما عن يحيى بن عتيق. قال: قلت لمحمد بن سيرين: الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حسبة يتبعها حياء من أهلها، له في ذلك أجر؟ قال: أجر واحد! بل له أجران أجر لصلاته على أخيه، وأجر لصلته الحي.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر قال ثنا عن حبيب عن ابن سيرين.

قال: إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثنا الأشعث. قال: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل، حتى كأنه ليس بالذي كان.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا ابن علية عن أيوب. قال: كان محمد بن سيرين يقول لا تكرم أخاك بما يشق عليك

(2)

.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني الحسن ابن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن ابن عون.

قال: بعث ابن هبيرة إلى ابن سيرين فقدم عليه، فقال: كيف تركت أهل مصرك؟ قال: تركتهم والظلم فيهم فاش. قال: ابن عون: كان يرى أنها شهادة يسأل عنها فكره أن يكتمها.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا يعقوب بن إسحاق المخرمي قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا شبيب بن شيبة. قال: سمعت محمد بن سيرين يقول:

الكلام أوسع من أن يكذب [فيه] ظريف.

(1)

فى ج: الاسفاطى بالفاء ولم اقف على الصحيح منهما

(2)

فى ز: (بما يشق عليه).

ص: 264

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون. قال: كلمت محمد بن سيرين في رجل وقلت يا أبا بكر إنه من أهل العلم، ثم رجعت إليه من الغد فقلت: يا أبا بكر كيف رأيت صاحبنا؟ قال: بعيد مما قلت، يرى أنه يعلم العلم ولا يقول لما لم يسمعه لم أسمعه.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن سعدان قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا أبو حرة. قال: كان محمد بن سيرين يكره أن يقول للمرأة طمثت، ولكن كما قال الله تعالى حاضت.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن العباس قال ثنا زياد بن يحيى عن عمران

(1)

بن عبد العزيز. قال: سمعت محمد بن سيرين وسئل عمن يسمع القرآن فيصعق. قال: ميعاد ما بينا وبينهم أن يجلسوا على حائط فيقرأ عليهم القرآن من أوله إلى آخره فإن سقطوا فهم كما يقولون.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا أبو خليفة قال ثنا محمد بن سلام.

قال: كان سلم بن قتيبة يأتي محمد بن سيرين على برذون ثم أتاه راجلا، قال:

ما فعل برذونك؟ قال: بعته. قال: ولم؟ قال: لمؤونته. قال: أتراه خلف رزقه عندك.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا محمد بن جشم قال ثنا أبو سعيد الأشج قال ثنا عمر بن هارون عن قرة بن خالد عن ابن سيرين.

أنه كان يقول:

إنك إن كلفتني ما لم أطق

ساءك ما سرك مني من خلق.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال ثنا محمد بن سلام الجمحي قال ثنا الأصمعي قال: لقيت ابن أبي عطارد - وهو شيخ هرم - فقلت له: ما حفظت عن أبيك عن ابن سيرين؟ قال: حدثني أبي أن محمد ابن سيرين. قال: له: انكح امرأة تنظر في يدك، ولا تنكح امرأة تكون أنت تنظر فى يدها.

(1)

فى ج والمختصر: حمران.

ص: 265

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن ابن عون. قال: لما حضرت الوفاة محمد بن سيرين. قال لابنه: يا بني اقض عني وتقض

(1)

عني إلا الوفاء. قال: يا أبت أعتق عنك؟ قال إن الله تعالى لقادر أن يأجرني وإياك فيما صنعت من خير.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن نائلة قال ثنا شيبان قال ثنا أبو هلال عن غالب عن بكر بن عبد الله المزني. قال: من سره أن ينظر إلى أورع أهل زمانه، فلينظر إلى محمد بن سيرين. فو الله ما أدركنا من هو أورع منه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن سهل قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول قال سمعت مورقا العجلى يقول: ما رأيت رحلا أفقه فى ورعه، ولا أورع في فقهه، من محمد ابن سيرين.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا محمد بن عمرو الباهلي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: لم يكن كوفي ولا بصري [ورع] مثل ورع محمد بن سيرين.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا أبو شهاب عن هشام عن ابن سيرين: أنه اشترى بيعا فأشرف فيه على ثمانين ألفا فعرض في قلبه منه شيء فتركه. قال: هشام ما هو بربا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا أبو إسحاق الطالقاني قال ثنا ضمرة عن السري بن يحيى. قال: لقد ترك ابن سيرين ربح أربعين ألفا في شيء دخله. قال: السري فسمعت سليمان التيمي يقول: لقد تركه في شيء ما يختلف فيه أحد من العلماء.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا

(1)

فى ج والمختصر: ولا تقض ولم يظهر لى المعنى.

ص: 266

موسى بن هلال قال سمعت هشام بن حسان يذكره. قال: كان ابن سيرين إذا دعى إلى وليمة أو إلى عرس يدخل منزله فيقول: اسقونى شربة سويق، فيقال له: يا أبا بكر أنت تذهب إلى الوليمة أو إلى العرس تشرب سويقا؟ قال:

إني أكره أن أحمل حر جوعي على طعام الناس.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام. قال: أوصى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن يغسله محمد بن سيرين فقيل له في ذلك وكان محبوسا. فقال:

أنا محبوس قالوا: قد استأذنا الأمير فأذن لك، قال: إن الأمير لم يحبسني إنما حبسني الذي له الحق، فأذن له صاحب الحق فخرج فغسله.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن يحيى بن نصر قال ثنا عبيد الله ابن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا ابن عون. قال: كان محمد لا يطعم عند كل أحد فكان إذا دعى إلى وليمة أجاب ولم يطعم، وكان يخرج الزيوف

(1)

من ماله.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن علي بن المثنى قال ثنا أبو الربيع قال ثنا حماد بن زيد عن هشام. قال: سمعت بن سيرين يقول: المسلم المسلم عند الدرهم والدينار.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا أزهر عن ابن عون. قال: كان محمد يكره أن يشتري بهذه الدنانير والدراهم المحدثة التى عليها اسم الله يقول: [المسلم عبد الدرهم

(2)

].

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن سهل قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب. قال: ذكر محمد بن سيرين عند أبي قلابة فقال: وأينا يطيق محمد بن سيرين، محمد يركب مثل حد السنان.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبو بكر قال ثنا سفيان بن عيينة عن عاصم. قال: لم يكن ابن سيرين يترك أحد يمشي معه.

• حدثنا محمد بن أحمد أبو الجرجاني قال ثنا أحمد بن موسى بن

(1)

فى هامش ج: يعنى الرديئة

(2)

الزيادة عن المختصر.

ص: 267

العباس قال ثنا إسماعيل بن سعيد الكسائي قال ثنا النجم بن بشير عن إسماعيل ابن زكريا عن عاصم الأحول. قال: كنت عند ابن سيرين فدخل عليه رجل فقال: يا أبا بكر ما تقول في كذا؟ قال: ما أحفظ فيها شيئا. فقلنا له: فقل فيها برأيك قال: أقول فيها برأيي ثم أرجع عن ذلك الرأي لا والله!.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا عبد الله بن الحسين بن معبد قال ثنا عبد الله بن سعيد الأشج قال ثنا المحاربي عن جعفر بن مرزوق. قال: بعث ابن هبيرة إلى ابن سيرين والحسن والشعبي. قال: فدخلوا عليه. فقال لابن سيرين: يا أبا بكر ماذا رأيت منذ قربت من بابنا، قال: رأيت ظلما فاشيا قال فغمزه ابن أخيه بمنكبه فالتفت إليه ابن سيرين. فقال: إنك لست تسأل إنما أنا أسأل، فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف وإلى ابن سيرين بثلاثة آلاف وإلى الشعبي بألفين؛ فأما ابن سيرين فلم بأخذها.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: كتب إلينا ضمرة عن حازم بن رجاء بن أبي سلمة. قال:

سمعت يونس بن عبيد يصف الحسن وابن سيرين، فقال: أما ابن سيرين فإنه لم يعرض له أمران فى دينه إلا أخذ بأوثقهما.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر قال ثنا جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن سيرين وقال لي: رأيت ذلك الرجل الأسود، ثم قال: استغفر الله ما أرانا إلا قد اغتبناه.

• حدثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا جعفر بن عامر البزار قال ثنا أحمد بن عبد المجيد قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون. قال: كان لابن سيرين منازل لا يكريها إلا من أهل الذمة، فقيل له في ذلك؟ قال: إذا جاء رأس الشهر رعته وأكره أن أروع مسلما.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أزهر بن سعيد قال ثنا ابن عون. قال: دخلت على محمد بن سيرين وبين يديه شهدة فقال هلم فكل فإن الطعام أهون من أن يقسم عليه.

ص: 268

ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن منصور قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا قرة بن خالد. قال: أكلت في بيت محمد سيرين طعاما فلما شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي، فقال لي محمد: أن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: الطعام أهون من أن يقسم عليه.

• حدثنا سليمان بن احمد قال أبو مسلم الكشي قال ثنا بكار بن محمد السيريني قال ثنا ابن عون، قال: ما أتينا محمد بن سيرين في يوم قط، إلا أطعمنا خبيصا أو فالوذجا.

• حدثنا أحمد بن جعفر

(1)

بن معبد قال ثنا يحيى بن مطرف قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبو خلدة. قال:

دخلت على محمد بن سيرين أنا وابن عون وسهم الفرائضي. فقال: ما أدري ما أتحفكم به كلكم في بيته خبز ولحم؟ فقدم إلينا شهدة وجعل يقطع لنا بيده ونأكل.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا مسلم ابن إبراهيم قال ثنا أبو خلدة. قال: دخلنا على محمد بن سيرين فقال:

ما أدري ما أتحفكم به كلكم في بيته خبز ولحم؟ يا جارية هات تلك الشهدة، فجاءت بها فجعل يقطع ويأكل ويطعمنا.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبد الله بن وهب الغزي قال ثنا محمد بن أبي السرى قال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن ابن عون قال: كان في أهل ابن سيرين فرح فأتاهم فرقد السبخي يهنئهم فأتوه بخبيص فأبى أن يأكله، فأتوه بسمن وعسل وخبز نقي فجعل يأكل فقال ابن سيرين: وهل الذي تركت إلا هذا الذي تأكله.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن أبيه. قال: دخلت على بن سيرين في يوم حار فرأى في وجهى اللغب

(2)

. فقال: جارية هات لحبيب غذاء هات هات حتى قال ذلك مرارا قلت: لا أريده. قال: هات فلما جاءت به قلت لا أريده قال كل لقمة وأنت بالخيار، فلما أكلت لقمة نشطت فأكلت حتى شعبت.

• حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا

(1)

فى ج: ابن جرير.

(2)

فى المختصر: التغب.

ص: 269

إبراهيم بن حبيب عن هشام قال: كان آل ابن سيرين يدخل عليهم داخل إلا قربوا له طعاما حتى إذا كان آخرا وخفت حالهم، كانوا يشترون من ذلك البسر المطبوخ أو المغلي؛ فإذا دخل داخل قدموا اليه من ذلك البسر.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال ثنا أبو روق قال ثنا عبد الله بن الفضل قال ثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد بن سيرين: أنه حين ركبه الدين خفف مطعمه، حتى كنت آوي له، وكان أكثر ما يأتدم به السمك الصغار.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال ثنا محمد بن سلام قال ثنا الأصمعي قال ثنا أبو هلال الراسبي. قال: دعانا محمد بن سيرين إلى الغداء، وكان أدمه هذا السمك الصغار فما قام منا إلا أبو عطارد.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عمرو بن زرارة.

وحدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا إبراهيم بن الحسن قال ثنا يعقوب الدورقي.

قالا: ثنا ابن علية قال ثنا ابن عون قال: ما رأيت أحدا أعظم رجاء للموحدين من محمد بن سيرين، كان يتلو هذه الآيات {(إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون)} ويتلو {(ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين)}

الآية. ويتلو {(لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى)} لفظ يعقوب.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن علي بن المثنى قال ثنا عبد الصمد بن يزيد قال سمعت الفضيل بن عياض يقول قال الحسن: إنما هي طاعة الله أو النار، وقال ابن سيرين: إنما هي رحمة الله أو النار.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أزهر بن سعد قال ثنا ابن عون عن محمد. قال: كانوا يرجون في الموقوف حتى الحمل في بطن أمه.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن يحيى بن نصر قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ابن عون. قال: قرأ رجل عند محمد بن سيرين: {(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض)} الآية. فقال محمد لا نعلم شيئا أرجى للمنافقين من هذا الآية ما علمناه أغرى بهم حتى مات صلى الله عليه وسلم.

ص: 270

محمد بن عبد الملك قال ثنا الهيثم بن عبيد قال ثنا سهيل أخو حزم القطعي - لا أعلم إلا أنه هو ذكره - قال: سمع ابن سيرين رجلا يسب الحجاج فأقبل عليه، فقال: مه أيها الرجل! فإنك لو قد وافيت الآخرة كان أصغر ذنب عملته قط أعظم عليك من أعظم ذنب عمله الحجاج، واعلم أن الله تعالى حكم عدل إن أخذ من الحجاج لمن ظلمه، فسوف يأخذ للحاج ممن ظلمه، فلا تشغلن نفسك بسب أحد.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا إبراهيم بن حسن الباهلي قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن محمد بن سيرين:

أنه لما ركبه الدين اغتم لذلك، فقال: إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا عمر بن بحر الأسدي قال سمعت أحمد بن أبى الحوارى يخبر عن عبد الله بن السري. قال: قال ابن سيرين: إني لأعرف الذنب الذي حمل علي به الدين ما هو؟ قلت لرجل من أربعين سنة يا مفلس فحدث به أبا سليمان الداراني. فقال: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبهم وذنوبك فليس ندري من أين نؤتى؟.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر التمار قال ثنا جدي قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت. قال قال لي محمد بن سيرين: يا أبا محمد لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا مخافة الشهرة، فلم يزل بي البلاء حتى أقمت على المصطبة، فقيل هذا محمد بن سيرين أكل أموال الناس، وكان عليه دين كثير.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا أبو عبد الله قال حدثني عبد الملك بن قريب. قال: سمعت بعض من يحدث عن ابن عون قال: لما ركب ابن سيرين الدين خفف مطعمه حتى أويت له وكان أكثر أدمه هذا السمك الصغار.

ص: 271

أوراد يقرؤها بالليل فإذا فاته منها شيء قرأه من النهار.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو يعلى الموصلي قال ثنا محمد بن الحسن البرجلاني قال حدثني أزهر عن ابن عون قال أنبأني يوسف عن عبد الله بن الحارث: أن محمدا نام عن العشاء حتى تفرطت ثم قام فصلاها ثم أحيا بقية ليله.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا الحسن بن عبد العزيز قال حدثني ضمرة عن ابن شوذب. قال: كان ابن سيرين: يصوم يوما ويفطر يوما، وكان الذي يفطر فيه يتغدى فلا يتعشى، ثم يتسحر ويصبح صائما.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال حدثناه عبد الله بن أحمد قال حدثني نصر بن علي قال ثنا بشر بن عمر قال حدثنى أم عباد امرأة هشام بن حسان. قالت:

كنا نزولا مع محمد بن سيرين في داره، فكنا نسمع بكاءه بالليل وضحكه بالنهار.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق ثنا خليفة بن خياط قال ثنا سيدان

(1)

قال ثنا يزيد بن زريع قال سمعت أبا عوانة. قال: رأيت محمد بن سيرين في السوق فما رآه أحد إلا ذكر الله تعالى.

• حدثنا أبو بكر ابن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني نصر بن علي قال حدثني موسى ابن المغيرة. قال: رأيت محمد بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الله تعالى. فقال له رجل: يا أبا بكر في هذه الساعة؟ قال:

إنها ساعة غفلة.

• حدثنا أبو علي محمد بن أحمد قال ثنا بشر موسى قال ثنا الحميدي.

وحدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربى قال ثنا اسحاق ابن إسماعيل ومحمد بن عباد. قالا: ثنا سفيان بن عيينة قال حدثني زهير الأقطع. قال: كان محمد بن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه على حدته.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا يحيى بن إسحاق قال ثنا مهدي بن ميمون قال أخبرنا الجريري: قال:

(1)

فى ز: (سنان) كذا. وفى. ج: سباب والتصحيح عن الخلاصة.

ص: 272

كنا عند محمد بن سيرين فلما أردنا القيام، قلنا: دعوة يا أبا بكر. قال: اللهم تقبل منا أحسن ما نعمل، وتجاور عنا في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أبو يعلى قال ثنا شيبان قال ثنا سلام ابن مسكين. قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: إذا اتقى الله العبد في اليقظة، لا يضره ما رئي له في النوم.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال ثنا محمد بن يزيد قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا أبي. قال: كان الرجل إذا سأل ابن سيرين عن الرؤيا قال له: اتق الله في اليقظة لا يضرك ما رأيت في المنام.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسن بن هارون قال ثنا عبد الله بن محمد العكي قال حدثني جعفر بن عبد الله بن كردوس

(1)

قال حدثني أبي قال قال لي محمد بن سيرين: رأيت جليسا لي في المنام فإذا ساقاه من ذهب، فقلت له: ما صنع الله بك؟ فقال غفر لي وأدخلني الجنة وأبدلني بدل ساقي ساقين من ذهب أسرح بهما في الجنة حيث شئت، قلت بماذا؟ قال بعزل الأذى عن الطريق.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا علي بن الحسن القطان قال ثنا محمد بن زياد الزيادي قال ثنا حماد بن زياد عن هشام بن حسام قال حدثني بعض آل سيرين. قال: ما رأيت محمد بن سيرين يكلم أمه قط إلا وهو يتضرع.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا إسماعيل عن ابن عون. قال: دخل رجل على محمد وهو عند أمه. فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئا؟ قالوا لا! ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أزهر بن سعيد قال ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين. قال: كانت شجرة في البرية تعبد من دون الله، فأخذ رجل فأسا فخرج اليها فقطعها فغفر له.

(1)

فى ج: ابن عبد الملك بن كردوس ولم أقف عليه.

ص: 273

• حدثنا محمد بن إبراهيم قال ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال ثنا شجاع بن مخلد قال ثنا أزهر عن ابن عون عن ابن سيرين. قال: كانوا يرون حسن الخلق عونا على الدين.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا زكريا الساحى قال ثنا عباس الباكسائي قال ثنا محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري عن هشام عن محمد بن سيرين. قال: كانوا يعشقون من غير ريبة.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا أحمد بن القاسم بن مشاور قال ثنا خالد بن خداش قال ثنا مهدي بن ميمون. قال: كان محمد بن سيرين يتمثل الشعر، ويذكر الشئ ويضحك، حتى إذا جاء الحديث من السنة كلح وانضم بعضه إلى بعض.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني الحسن بن عبد العزيز عن ضمرة عن السري بن يحيى وابن شوذب.

قالا: كان ابن سيرين ربما ضحك حتى يستلقي ويمد رجليه.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال ثنا الحسين بن أحمد بن بسطام قال ثنا المقوم - يعني يحيى بن حكيم - قال ثنا قريش بن أنس قال ثنا حبيب بن الشهيد. قال ابن سيرين:

لا يئن على بلاء، وربما ضحك حتى تدمع عيناه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عمرو بن رسته قال ثنا يوسف بن عطية أبو سهل قال: رأيت محمد بن سيرين وكان كثير المزاح، كثير الضحك.

• حدثنا أحمد ابن جعفر بن سلم قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا ابن حيان قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: كان ابن سيرين يمازح أصحابه، ويقول مرحبا بالمدرفشين - يعني أنكم تشهدون الجنائز، وتحملون الموتى.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا علي بن محمد بن حاتم قال ثنا حامد ابن محمد قال ثنا محمد بن عباد قال ثنا الحسن بن إسحاق - بصري - عن سعيد ابن أبي عروبة عن محمد بن سيرين: أنه قال: الرمان بين الفاكهة، كجبريل بين الملائكة.

ص: 274

ابن على قال ثنا الأصمعي قال ثنا جويرية قال: قلت لمحمد بن سيرين إنى اشتريت جارية عظيمة الشفة، فقال: ذاك أوثر لقبلتها.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا علي بن سعيد الرازي قال ثنا الحسن بن علي الحلواني قال ثنا أبو عاصم عن قرة بن خالد قال: قلت لمحمد بن سيرين: هل كانوا يتمازحون؟ فقال: ما كانوا إلا كالناس، كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر ويقول:

يحب الخمر من كيس الندامى

ويكره أن تفارقه الفلوس.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال حدثني عبد القدوس بن محمد بن شعيب بن الحبحاب قال حدثني عمي صالح بن عبد الكبير قال حدثني عمي أبو بكر بن شعيب. قال: كنت عند محمد بن سيرين فجاءه إنسان فسأله عن شيء من الشعر وذاك قبل صلاة العصر فأنشد هذه الأبيات:

كأن المدامة والزنجبيل

وريح الخزامى وذوب الصل

يعدل

(1)

به برد أنيابها

إذا النجم وسط السماء اعتدل

ثم دخل في الصلاة.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا أحمد بن حماد قال ثنا إبراهيم الجوهري قال حدثني يحيى بن خليف بن عقبة عن أبيه. قال: سئل محمد ابن سيرين أينشد الرجل الشعر وهو على وضوء؟ فقال:

نبئت أن فتاة كنت أخطبها

عرقو بها مثل شهر الصوم فى الطول

أسنانها مائة أو زدن واحدة

وسائر الخلق منها بعد ممطول

(2)

ثم قال الله أكبر.

• حدثنا أحمد بن السندي قال ثنا محمد بن العباس المؤدب قال ثنا خالد بن خداش قال ثنا حماد بن زيد عن هشام عن محمد. قال: مثل الذي يجلس ولا يخلع نعليه، مثل دابة يوضع عنها الحمل ولا يوضع عنها الإكاف.

• أخبرنا جعفر بن محمد بن نصر

(3)

في كتابه وحدثني عنه أبو عمرو العثماني

(1)

فى الاصلين: يعد به.

(2)

فى هامش ج: عن نسخة (عطبول).

(3)

فى ج نصير.

ص: 275

قال ثنا أبو العباس بن مسروق قال ثنا محمد بن سنان قال ثنا عمر بن حبيب عن ابن عون. قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: ثلاثة ليس معهم غربة، حسن الأدب، وكف الأذى، ومجانبة الريب.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسن

(1)

بن السميدع قال ثنا موسى ابن أيوب قال ثنا علي بن بكار قال ثنا الحسن بن دينار عن محمد بن سيرين: أن رجلين اختصما فى تخوم أرض فأوحى الله عز وجل إليها كلميهما، فقالت:

يا مسكينان أو يا شقيان تختصمان في، ولقد ملكني ألف أعور سوى الأصحاء؟.

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا هشام عن محمد: قال: لم تر هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتى قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما، ولم تفقد الخيل البلق في المغازي حتى قتل عثمان رضي الله تعالى عنه.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا أحمد بن القاسم بن مشاور قال ثنا أحمد بن محمد الصفار قال ثنا مرحوم بن عبد العزيز قال سمعت أبي يقول: لما كانت فتنة يزيد بن الملهب انطلقت أنا ورجل إلى ابن سيرين. فقلنا: ما ترى؟ فقال: انظروا إلى أسعد الناس حين قتل عثمان فاقتدوا به، قلنا هذا ابن عمر كف يده.

[غرائب أخباره في تعبير الرؤيا]

• حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا عبد الله بن عون قال ثنا أبو يحيى الحماني قال ثنا قطبة بن عبد العزيز عن يوسف الصباغ عن ابن سيرين قال: من رأى ربه تعالى في المنام دخل الجنة.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا مروان بن سالم قال ثنا مسعدة بن اليسع عن خالد بن دينار. قال:

كنت عند ابن سيرين فأتاه رجل فقال: يا أبا بكر رأيت فى المنام كأنى أشرب

(1)

فى ج: الحسين.

ص: 276

من بلبلة لها مثقبان

(1)

، فوجدت أحدهما عذبا والآخر ملحا. قال: ابن سيرين: اتق الله لك امرأة وأنت تخالف إلى أختها.

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد ووهيب. قالا: ثنا أيوب عن أبي قلابة: أن رجلا قال لأبي بكر: رأيت كأني أبول دما، قال تأتي امرأتك وهي حائض. قال نعم! قال اتق الله ولا تعد.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا مروان بن سالم قال ثنا مسعدة عن أبي جعفر عن ابن سيرين:

أن رجلا رأى في المنام كأن في حجره صبيا يصيح، فقص رؤياه على ابن سيرين: فقال: اتق الله ولا نضرب العود.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا مروان قال ثنا مسعدة عن سليمان عن حبيب: أن امرأة رأت في المنام أنها تحلب حية، فقصت على ابن سيرين فقال ابن سيرين: اللبن فطرة والحية عدو وليست من الفطرة في شيء، هذه امرأة يدخل عليها أهل الأهواء.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك قال ثنا أبو هشام الرفاعي قال ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا مغيرة بن حفص. قال: رأى الحجاج بن يوسف في منامه رؤيا كأن حوراوين

(2)

أتتاه فأخذ إحداهما وفاتته الأخرى، فكتب بذلك إلى عبد الملك. فكتب إليه عبد الملك هنيئا يا أبا محمد، فبلغ ذلك ابن سيرين فقال أخطأت استه الحفرة، هذه فتنتان يدرك إحداهما وتفوته الأخرى. قال: فأدرك الجماجم وفاتته الأخرى.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أحمد بن عمرو قال ثنا أبو هشام قال ثنا أبو بكر قال ثنا مغيرة قال: قال رأى ابن سيرين: كأن الجوزاء تقدمت الثريا فأخذ في وصيته، قال: يموت الحسن وأموت بعده هو أشرف منى.

(1)

فى ج: لها شعبان

(2)

حوراوين: مثنى حورية.

ص: 277

• حدثنا أحمد بن بندار قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال ثنا محمد بن يزيد قال ثنا يحيى بن يمان قال ثنا الحارث بن مشقف

(1)

قال: قال رجل لابن سيرين: إني رأيت كأني ألعق عسلا من جام من جوهر، فقال اتق الله وعاود القرآن فإنك رجل قرأت القرآن ثم نسيته. قال: وقال رجل لابن سيرين:

رأيت كأني أحرث أرضا لا تنبت، قال: أنت رجل تعزل عن امرأتك.

• حدثنا أحمد بن بندار قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال ثنا محمد بن يزيد قال ثنا يحيى بن اليمان قال ثنا مبارك بن يزيد البصري. قال: قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام كأني أغسل ثوبي وهو لا ينقى، قال أنت رجل مصارم لأخيك قال وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأني أطير بين السماء والأرض. قال: أنت رجل تكثر المنى.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا هشام بن حسان. قال: جاء رجل إلى ابن سيرين وأنا عنده، فقال: إني رأيت كأنى على رأسي تاجا من ذهب، فقال له ابن سيرين:

اتق الله فإن أباك في أرض غربة وقد ذهب بصره وهو يريد ان تأتيه، قال:

فما راده الرجل الكلام حتى أدخل يده في حجزته فأخرج كتابا من أبيه يذكر فيه ذهاب بصره. وإنه في أرض غربة ويأمر بالإتيان إليه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن علي قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين. قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه.

• حدثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلي قال ثنا محمد بن أحمد بن المثنى قال ثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين. قال:

كانوا لا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فننظر إلى أهل السنة فنأخذ حديثهم، وإلى أهل البدعة فلا نأخذ حديثهم.

أسند محمد بن سيرين عن عدة من الصحابة؛ منهم أبو هريرة، وأبو سعيد

(1)

كذا فى ز. وفى ج: ثقف بالثاء المثلثة بعدها قاف.

ص: 278

الخدري، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعمران بن حصين، وأبو بكرة، وأنس بن مالك، وجماعة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا هودة بن خليفة قال ثنا عوف عن محمد وخلاس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صام أحدكم يوما فنسي فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» .

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» . هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث محمد رواه عن محمد من التابعين جماعة منهم قتادة وأيوب السختياني وخالد الحذاء وحبيب بن الشهيد وغيرهم.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا هشام. وثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا ابن عون. قالا: عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله تعالى فيها خيرا إلا أعطاه إياه» قال ويقللها لفظ هشام. ورواه عن ابن عون شعبة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن في جماعة قالوا ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا حجاج بن محمد قال ثنا شعبة قال أخبرني عبد الله بن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

نحوه. حديث شعبة تفرد به عنه حجاج وعنه أحمد بن حنبل ورواه عن محمد أيوب وسلمة بن علقمة ويزيد بن إبراهيم وهو حديث صحيح متفق عليه.

ص: 279

ولم يستثن، فطاف على مائة امرأة فلم تلد إلا امرأة ولدت نصف إنسان» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كان استثنى لولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل» رواه وهيب بن خالد وجماعة عن أيوب عن محمد نحوه وهو صحيح ثابت متفق على صحته.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن وفاروق الخطابي في جماعة. قالوا: ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا بكار السيريني

(1)

قال ثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صبر من تمر فقال ما هذا يا بلال؟ فقال تمر أدخره فقال: «ويحك يا بلال أما تخاف أن تكون له بخار في النار، أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا» . هذا حديث غريب من حديث ابن عون عن محمد ورواه هشام بن حسان عن محمد بن سيرين تفرد به عنه حرب بن ميمون.

• حدثنا محمد بن عمرو بن أسلم الحافظ قال ثنا جعفر بن محمد الفريابي قال ثنا بشر بن سيحان قال ثنا حرب ابن ميمون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا» .

• حدثنا القاضي محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي قال ثنا محمد بن نعيم قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته» . قال: أبو عاصم: ما تجد لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فضيلة مثل هذه لأن طينتهما من طينة. رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا حديث غريب من حديث ابن عون عن محمد لم نكتبه إلا من حديث أبي عاصم النبيل عنه وهو أحد الثقات الأعلام من أهل البصرة.

• حدثنا محمد بن عمرو بن أسلم الحافظ قال ثنا محمد بن بكر قال ثنا محمد

(1)

السيرينى: بكسر السين وسكون الياء بعدها راء وياء أخرى وهذه النسبة إلى والد محمد بن سيرين والمشهور بهذه النسبة بكار بن عبد الله بن محمد بن سيرين السيرينى من أهل البصرة. عن الانساب للسمعانى

ص: 280

ابن جامع قال ثنا معلى بن ميمون عن حجاج الأسود عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم» قال - إن جازاه!. هذا حديث غريب من حديث محمد لم نكتبه إلا من هذا الوجه.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة قال ثنا محمد بن خلف وكيع قال حدثني محمد بن إبراهيم مربع قال ثنا سعيد بن أسد بن موسى قال ثنا أبو العوام القطان عن قتادة عن مطر الوراق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان يمان إلى لخم وجذام صلوات الله على جذام، يقاتلون الكفار على رؤوس السعف لينصروا الله ورسوله» . هذا حديث غريب من حديث محمد بن سيرين رواه تابعي عن تابعي لأن قتادة من التابعين ومطرا من التابعين ومحمد بن سيرين من التابعين تفرد به أبو العوام وهو عمران بن داود القطان.

• حدثنا محمد بن محمد بن مكي قال ثنا محمد بن عمرو بن هشام قال ثنا أحمد بن يوسف قال ثنا عمر بن عبد الله بن رزين عن محمد - يعني ابن الفضل - عن التيمي عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع لا يشبعن من أربع، أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم» . غريب من حديث محمد ومن حديث التيمي - وهو سليمان بن طرخان التيمي تفرد به عنه محمد بن الفضل - وهو محمد بن عطية. ولم نكتبه إلا من حديث عمر بن عبد الله بن رزين قاضى نيسابور ثبت ثقة.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا أحمد بن علي الخزاز قال ثنا سعيد بن سليمان عن سلام الطويل عن زيد العمي عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: قال زيد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 281

الليلة فلان، فاز الليلة فلان. وإذا رأوا رجلا يعمل بمعصية الله تعالى قالوا خسر الليلة فلان، هلك فلان». هذا حديث غريب من حديث محمد تفرد به عنه منصور بن زادان وهو تابعي من قرى واسط وعنه زيد العمى حدث به الأئمة والأعلام عن أبي النضر عن سلام.

• حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب قال ثنا أيوب قال ثنا إبراهيم بن سعدان قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا أبو حرة قال ثنا محمد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري: أنه خرج في سرية فأصابتهم مجاعة فأتوا على حي فأتتهم جارية فقالت: إن رجالنا خلوف وإن سيد الحي سليم فهل فيكم من راق، فذهبت وقرأت عليه بأم القرآن حتى برأ، قال فأعطونا شاة وأطعمونا طعاما قال فأكلنا من الطعام وهبنا الشاة، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه. فقال:«من أين علمت أنها رقية؟ قال لا والله إلا أني افتعلتها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوها واضربوا لي فيها بسهم» .

رواه عن محمد من التابعين أيوب السختياني وعبد الله بن عون. ولم أكتبه عاليا من حديث أبي حرة إلا من حديث بكر بن بكار.

• حدثنا علي بن حميد الواسطي قال ثنا بن بشر بن موسى قال ثنا محمد بن مقاتل قال ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران ابن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحب المؤمن إذا كان فقيرا متعففا» . غريب من حديث محمد بن سيرين. لم نكتبه إلا من حديث زيد ومحمد بن الفضل بن عطية.

‌عبد الله بن زيد الجرمي

ومنهم اللبيب الناصح، والخطيب الفاصح، كثر اشقاقه، فكثر إنفاقه، أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي.

وقيل: إن التصوف النصح في الاشفاق، والفسح فى الاخلاق.

ص: 282

سعيد بن عامر عن صالح بن رستم قال قال أبو قلابة: يا أيوب إذا أحدث الله تعالى لك علما فأحدث له عبادة، ولا يكن همك ما تحدث به الناس.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن سالم قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا القاسم بن عيسى قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قيل للقمان أي الناس أعلم، قال: الذي يزداد من علم الناس إلى علمه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الوهاب قال ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال:

ما من أحد يريد خيرا أو شرا إلا وجد في قلبه آمرا وزاجرا، آمرا يأمر بالخير وزاجرا ينهى عن الشر.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن سهل قال ثنا عبد الله بن عمر قال ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال ثنا أيوب عن كتاب

(1)

أبي قلابة.

قال: مثل العلماء كمثل النجوم التي يهتدى بها، والأعلام التي يقتدى بها، فإذا تغيبت تحيروا، وإذا تركوها ضلوا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا عبد الوهاب قال ثنا أيوب عن كتاب

(1)

أبي قلابة. قال: العلماء ثلاثة فعالم عاش بعلمه وعاش الناس بعلمه، وعالم عاش بعلمه ولم يعش الناس بعلمه، وعالم لم يعش بعلمه ولم يعش الناس بعلمه.

• حدثنا علي بن هارون قال ثنا جعفر بن محمد الفريابي قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال ثنا أيوب عن كيسان عن أبي قلابة. قال: مثل الناس والإمام كمثل الفسطاط، لا يقوم الفسطاط إلا بعمود ولا يقوم العمود إلا بالأوتاد، وكلما نزع وتد ازداد العمود وهنا.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا يوسف القاضي قال ثنا أبو الربيع قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال: أي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عياله صغارا فيعفهم وينفعهم الله تعالى ويغنيهم به.

(1 - 1) كذا فى الأصلين وصحته ابن أبى تميمة كيسان السختياتى العنزى أبو بكر البصرى الفقيه أحد الأئمة الاعلام. فيكون صحته أيوب بن كيسان عن أبى قلابة وصححناه على ذلك.

ص: 283

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عبد الوهاب قال ثنا أيوب عن أبي قلابة قال: إن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة فأنظره إلى يوم الدين، فقال وعزتك لا أخرج من جوف - أو من قلب - ابن آدم ما دام فيه الروح. قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة: أنه قال في صلواته:

اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب علي وإذا أردت لعبادك فتنة أن توفاني غير مفتون.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا عبيد الله ابن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا ابن عون قال ثنا أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فذكروا القسامة فحدثته عن أنس بقصة العرنيين فقال: عمر لن تزالوا بخير يا أهل الشام ما دام فيكم هذا - أو مثل هذا.

• حدثنا أبو إسحاق بن حمزة قال ثنا إبراهيم بن هاشم قال ثنا أحمد بن حنبل قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثني الحجاج بن أبي عثمان قال أخبرني أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة: أن عنبسة بن سعيد قال لأبي قلابة: لا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهركم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا عارم قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب. قال: كان أبو قلابة والله من الفقهاء ذوي الألباب، فقال أيوب قال مسلم بن يسار: لو كان أبو قلابة من العجم كان موبذ موبذان قال عارم - يعني قاضي القضاة-.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم قال ثنا عارم قال ثنا ثابت بن يزيد قال ثنا عاصم الأحول عن أبي قلابة. قال: إذا كان الإنسان أعلم بنفسه من الناس فذاك قمن أن ينجو، وإذا كان الناس أعلم به من نفسه فذاك قمن أن يهلك.

ص: 284

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني عبد الله بن عمر قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب. قال: كنت مع أبي قلابة في جنازة فسمعنا صوت قاص قد ارتفع صوته وصوت أصحابه. فقال أبو قلابة:

إن كانوا ليعظمون الموت بالسكينة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك

(1)

قال حدثني حميد الطويل عن أبي قلابة قال: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذرا فقل في نفسك لعل لأخي عذرا لا أعلمه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا محمد بن عبيد قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال: قال الله تبارك وتعالى: اثنتان يا ابن آدم أعطيتكهما لم تكن لك واحدة منهما، أما انت بخلت

(2)

بما ملكت حتى إذا أخذت بكظمك وصار لغيرك جعلت لك فيه نصيبا أو قال - فريضة أزكيك بها وأطهرك، وأما الأخرى فصلاة عبادي عليك بعد ما انقطع عملك فلم يكن لك عمل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عمرو بن زرارة قال اسماعيل بن علية عن أيوب قال: لما توفي عبد الرحمن بن أذينة ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أنى الشام.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا ابن حسان قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: وجدت أعلم الناس بالقضاء أشدهم فرارا منه، وما أدركت بهذا المصر أعلم بالقضاء من أبي قلابة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم قال ثنا عفان قال ثنا وهيب عن أيوب عن غيلان بن جرير قال: استأذنت على أبي قلابة فقال: ادخل إن لم تكن حروريا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبى

(1)

كذا فى الأصلين مخروم السند.

(2)

كذا بالأصلين وصواب العبارة أما إحداهما فانك بخلت إلخ.

ص: 285

قال ثنا أبو عبد الله عن عمر بن نبهان عن يزيد الرشك عن أبي قلابة. قال:

ينادي مناد يوم القيامة من قبل العرش ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قال: فلا يبقى أحد إلا رفع رأسه فيقول: الذين آمنوا وكانوا يتقون، فلا يبقى منافق إلا نكس رأسه.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة. قال: لا تحدث الحديث من لا يعرفه؛ فإن من لا يعرفه يضره ولا ينفعه.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا يعمر عن ابن المبارك عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة. قال: خير الأمور أوساطها.

• حدثنا محمد بن أحمد بن علي قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا سعيد ابن عامر عن صالح بن رستم. قال: قال أبو قلابة: يا أيوب الزم سوقك فإن الغنى من العافية.

• حدثنا فاروق الخطابي قال ثنا هشام بن علي السيرافي قال ثنا سهل ابن بكر قال ثنا وهيب عن أيوب. قال: قال أبو قلابة: لن تضرك دنيا شكرتها لله عز وجل.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أبو يحيى الرازي قال ثنا هناد بن السري قال ثنا أبو أسامة عن الحارث بن عمير عن أيوب عن أبي قلابة. قال:

إن الله تعالى قد أوسع عليكم فليس بضائركم دنيا إذا شكرتموها لله عز وجل.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا عبد الرحمن بن الحسن قال ثنا رجاء بن الجارود قال ثنا زكريا بن يحيى عن المبارك عن صهيب عن خالد الحذاء. قال:

قلت لأبو قلابة: ما هذا؟ - يعني رفع اليدين في الصلاة - قال: تعظيم.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا ابن علية عن أيوب قال: رآني أبو قلابة وأنا أشتري تمرا رديئا فقال: قد كنت أظن أن الله تعالى قد نفعك بمجالسنا، أما علمت أن الله تعالى قد نزع من كل ردئ بركته.

ص: 286

ابن عباد قال ثنا حماد عن خالد الحذاء: أن أبا قلابة قال: إياكم وأصحاب الأكسية.

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي قال ثنا عفان قال ثنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء. قال: كنا نأتي أبا قلابة فإذا حدثنا بثلاثة أحاديث، قال قد أكثرت.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم قال ثنا أبو يزيد - يعني الخزاز - قال ثنا ابن علية قال ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال:

ليس شيء أطيب من الروح ما انتزع من شيء إلا أنتن.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا محمد بن إبراهيم بن بطال قال ثنا زياد بن حيى قال ثنا حاتم بن وردان قال ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال: ما أمات العلم إلا القصاص يجالس الرجل الرجل القاص سنة فلا يتعلق منه بشيء ويجلس إلى العلم فلا يقوم حتى يتعلق منه بشيء.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر قال أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عمرو بن ميمون قال: قدم أبو قلابة على عمر بن عبد العزيز. فقال له حدث يا أبا قلابة: قال والله إني لأكره كثيرا من الحديث وكثيرا من السكوت.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا شريح بن النعمان قال ثنا مصعب بن حيان عن أخيه مقاتل بن حيان عن أبو قلابة قال: ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا سليمان ابن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.

ص: 287

في الأهواء واجتمعوا على السيف.

قال الشيخ رحمه الله: أسند أبو قلابة عن عدة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما لا يحصى.

‌فمن مشاهير حديثه ما

• حدثنا عبد الله بن الحسن بن بندار قال ثنا محمد ابن إسماعيل الصائغ قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا محمد بن إسحاق عن أيوب السختيانى عن أبى قلابة عن أنس مالك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للبكر سبع وللثيب ثلاث» رواه عن أيوب؛ الثوري وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وابن علية في آخرين. ورواه خالد الحذاء وقتادة عن أبي قلابة نحوه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الوهاب قال ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يحب المرء لا يحبه إلا الله عز وجل، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يوقد له نار فيقذف فيها» رواه عبد الله بن عمرو وعباد بن منصور ووهيب بن خالد عن أيوب مثله. وهو حديث صحيح متفق عليه.

والذي تقدمه كمثله.

• حدثنا محمد بن المظفر قال ثنا أبو رافع أسامة بن علي بن سعيد قال ثنا عبد الرحمن بن خالد بن نجيح قال ثنا علي بن الحسن قال ثنا سفيان الثوى عن أيوب بن أبي تميمة عن أبي قلابة، وسفيان عن حميد، وعاصم الأحول عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«زينوا العيدين بالتهليل والتقديس والتحميد والتكبير» . غريب من حديث الثوري وأبي قلابة وأيوب لم نكتبه إلا من حديث علي بن الحسن - وهو الشامي - نزيل مصر تفرد به وبغيره عن الثورى.

ص: 288

عبد الله الحضرمي قال ثنا عبد الرحمن بن سلام قال ثنا ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن عطية: أنه سمع ربيعة الجرشي

(1)

يقول: «أتي نبي الله صلى الله عليه وسلم فقيل له لتنم عيناك ولتسمع أذناك وليعقل قلبك، فنامت عيناي وسمعت أذناي وعقل قلبي. فقيل: إن سيدا بنى دارا ووضع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يطعم من المأدبة وسخط عليه السيد؛ فالله السيد ومحمد الداعي والدار الإسلام والمأدبة الجنة» .

حديث غريب من حديث أيوب وأبي قلابة لم نكتبه إلا من حديث ريحان ابن سعيد عن عباد بن منصور عنه.

• حدثنا فاروق بن عبد الكبير الخطابي قال ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن لله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتى سيبلغ ما زوى لي منها، وأعطيت كنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي عز وجل لأمتي أن لا يهلكهم بسنة عامة ولا يسلط عليهم عدوا من سواهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي عز وجل قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يسبي بعضا ويملك بعضا وحتى يكون بعضهم يفني بعضا. وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبيهم وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم - أو خالفهم - حتى يأتي أمر الله» . هذا حديث ثابت من حديث أيوب عن أبي قلابة. فيه ألفاظ تفرد بها عن النبي صلى الله عليه وسلم من بين الصحابة ثوبان ولم يسقها عن ثوبان هذا السياق إلا أبو أسماء الرحبي ولا عنه إلا أبو قلابة.

(1)

فى ج: الحرسى وفى المختصر والخلاصة الجرسى بالجيم والسين مهملة.

ص: 289

‌مسلم بن يسار

ومنهم المشاهد المبصار، المجاهد المحضار، أبو عبد الله مسلم بن يسار.

وقيل: إن التصوف التمتع بالحضور، والتتبع للخطور.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا جعفر بن حيان. قال: ذكر لمسلم بن يسار:

قلة التفاته في صلاته، فقال: وما يدريكم أين قلبي؟.

• حدثنا أحمد بن جعفر ابن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني حوثرة بن أشرف قال ثنا حماد ابن سلمة عن حبيب بن الشهيد: أن مسلم بن يسار: كان قائما يصلي فوقع حريق إلى جنبه فما شعر به حتى طفئت النار.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا معتمر. قال: سمعت كهمسا يحدث عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه: أنه كان يصلي ذات يوم فدخل رجل من أهل الشام ففزعوا واجتمع له أهل الدار فلما انصرفوا قالت له أم عبد الله: دخل هذا الشامي ففزع أهل الدار فلم تنصرف إليهم - أو كما قالت - قال: ما شعرت قال معتمر: وبلغني أن مسلما كان يقول لأهله: إذا كانت لكم حاجة فتكلموا وأنا أصلي.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن أبي السري قال ثنا معتمر قال ثنا كهمس عن عبد الله ابن مسلم بن يسار عن أبيه قال: ما رأيته يصلي قط إلا ظننت أنه مريض.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني هارون ابن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في صلاته في بيته: تحدثوا فلست أسمع حديثكم.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا (بياض) عون بن موسى. قال: سقط حائط المسجد ومسلم بن يسار قائم يصلي فما علم به.

ص: 290

يسار ملتفتا في صلاته قط خفيفة ولا طويلة، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدمه وإنه لفي المسجد في الصلاة فما التفت.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي. وحدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال أخبرنا زيد بن الحباب قال أخبرني عبد الحميد بن عبد الله ابن مسلم بن يسار عن أبيه. قال: كان مسلم بن يسار إذا دخل المنزل سكت أهل البيت فلا يسمع لهم كلام، وإذا قام يصلى تكلموا وضحكوا.

• حدثنا محمد ابن عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله قال ثنا عفان قال ثنا سليمان بن المغيرة عن غيلان بن جرير. قال: كان مسلم بن يسار إذا رؤى وهو يصلي كأنه ثوب ملقى.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال ثنا أبو موسى العنزي قال ثنا ابن أبي عدي عن ابن عون.

قال: كان مسلم بن يسار إذا كان في غير صلاة كأنه في صلاة.

• حدثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا حسين بن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال سفيان عن رجل عن مسلم ابن يسار: أنه سجد سجدة فوقعت ثنيتاه فدخل عليه أبو أياس فأخذ يعزبه ويهون عليه فذكر مسلم من تعظيم الله عز وجل.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن خالد بن أبي يزيد عن معاوية بن قرة. قال: دخلت على مسلم فقال: دخلت علي وأنا أدفن بعض جسدي قال معاوية: وكان يطيل السجود - أراه قال: فوقع الدم فى ثنيتيه فسقطتا فدفنهما.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا معاذ بن معاذ قال ثنا ابن عون قال: رأيت مسلم بن يسار يصلي كأنه وتد لا يميل على قدم مرة ولا على قدم مرة ولا يتحرك له ثوب. وقال معاذ: مرة لا يتروح على رجل مرة، أو قال: لا يعتمد.

ص: 291

العنزي قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار قال حدثني أبي. قال: رأيت مسلما وهو ساجد وهو يقول في سجوده: متى ألقاك وأنت عني راض، ويذهب في الدعاء. ثم يقول متى ألقاك وأنت عني راض.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله قال ثنا شيبان بن أبي شيبة قال ثنا أبو هلال قال ثنا قتادة قال قال مسلم بن يسار: اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله وتوكل توكل رجل لا يصيبه إلا ما كتبه الله عز وجل له.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا علي بن إسحاق قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا سفيان عن رجل عن مسلم بن يسار أنه قال: من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شيء هرب منه، وما أدري ما حسب رجاء امرئ عرض له بلاء لم يصبر عليه لما يرجو، وما أدري ما حسب خوف امرئ عرضت له شهوة لم يدعها لما يخشى.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا أحمد بن موسى قال ثنا إسماعيل بن سعيد قال ثنا عفان والأسود بن عامر. قالا: ثنا حماد عن ثابت عن مسلم بن يسار. قال: ما أدري ما حسب إيمان عبد لا يترك شيئا يكرهه الله عز وجل.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن خالد أبي يزيد عن معاوية بن قرة. قال: دخلت على مسلم بن يسار. فقلت: ما عندي كبير عمل، إلا أني أرجو الله وأخاف منه. قال: ما شاء الله! من خاف من شيء جذر منه، ومن رجا شيئا طلبه، وما أدري ما حسب خوف عبد عرضت له شهوة فلم يدعها لما يخاف، أو ابتلى ببلاء فلم يصبر عليه لما يرجو. قال معاوية:

فاذا أنا قد زكيت نفسي وأنا لا أعلم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبو موسى قال ثنا ابن أبي عدي عن ابن عون. قال: قال مسلم: إذا حدثت عن الله فأمسك، فاعلم ما قبله وما بعده.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن على بن

(1)

جبلة

(1)

كذا فى الأصلين: ابن أبى حملة. والتصحيح عن المختصر.

ص: 292

قال: قال ابن أبي إدريس عائذ الله لأبيه: يا أبت أما يعجبك طول صمت أبي عبد الله؟ - يعني مسلم بن يسار - فقال أي بني: تكلم بالحق خير من سكوت عنه، فقال مسلم: سكوت عن الباطل خير من تكلم به.

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت قال قال مسلم بن يسار: ما شيء من عملي إلا وأنا أخاف أن يكون قد دخله ما أفسده علي، ليس الحب في الله عز وجل فإني لا أجدني أحب إلا في الله.

• أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا عمرو بن مرزوق قال ثنا عمران عن قتادة عن مسلم ابن يسار. قال: مرضت مرضة لي فلم يكن في عملي شيء أوثق في نفسي من قوم كنت أحبهم في الله عز وجل.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا شيبان قال ثنا مبارك بن فضالة قال ثنا عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه. قال:

ما ينبغي للصديق أن يكون لعانا ولو لعنت شيئا ما تركته في بيتي.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبو موسى العنزي قال ثنا أبو داود قال ثنا مبارك عن عن عبد الله بن مسلم بن يسار: أن أباه كان يكره أن يمس ذكره بيمينه. ويقول: إني لأرجو أن آخذ كتابي بيميني.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبو كريب الهمداني قال ثنا أبو بكر بن عياش وذكر مسلم بن يسار وقال حدثني العذرى عنه.

قال: حج مسلم فو الله إنه قاعد في بيته يعالج شيئا - يعني من طعامه - إذ جاءته امرأة فقالت له شيئا فتناول شيئا فأعطاها. فقالت: ليس هذا طلبت إنما طلبت ما تطلب المرأة من زوجها، فقال: بكل شيء في يده فطرحه ثم خرج يشتد، فلما خرج قال: يا رب ليس لهذا جئت أنا هاهنا.

ص: 293

أبيه قال: إذا لبست ثوبا فظننت أنك في ذلك الثوب

(1)

أفضل مما في غيره؛ فبئس الثوب هو لك.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أبو يحيى الرازي قال ثنا هناد ابن السري قال ثنا أبو أسامة عن الربيع بن صبيح قال قال مكحول: رأيت سيدا من ساداتكم يا أهل البصرة دخل الكعبة فصلى ركعتين بين العمودين المقدمين وهو ساجد فبكى حتى بل المرمر فسمعته يقول: اغفر لي ذنوبي وما قدمته يداي. قال: فإذا هو مسلم بن يسار قال: فيرون أنه ذكر ذلك المسهد الذي شهده يوم دير الجماجم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان قال ثنا عون بن موسى الليثي أبو روح عن عبد الله بن مسلم بن يسار.

قال: كان لأبي غلام لا يصلي وكان لا يضربه. فأقول: ألم تنهه. يقول: لا أدري ما أصنع به قد غلبني؟.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال حدثني الحسين بن الكميت قال ثنا معلى بن مهدي قال ثنا حماد بن زيد عن محمد بن ولع. قال: كان مسلم بن يسار يقول: إياكم والمراء فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته.

• حدثنا أبي قال ثنا أبو الحسن بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال ثنا محمد بن إدريس قال ثنا محمد بن الحواري عن عمر بن أبي سلمة. قال: قال مسلم بن يسار: ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل.

• حدثنا عمر بن محمد بن حاتم قال ثنا جدي محمد بن عبيد الله قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت عن مسلم بن يسار قال: كان أحدهم إذا برئ قيل ليهنك الطهر

(2)

.

• حدثنا فهد بن إبراهيم بن فهد قال ثنا محمد بن زكريا الغلابى قال حدثنى ولادة بنت إبراهيم الأزدية قالت حدثتني أمي.

قالت قال مالك بن دينار: رأيت مسلم بن يسار في منامي بعد موته بسنة

(1)

فى المختصر: إن ما فى ذلك أفضل إلخ.

(2)

بهامش نسخة جدة: برئ يعنى عوفى من المرض، ويعنى بالطهر: الخلاص من الذنوب.

ص: 294

فسلمت عليه فلم يرد على السلام. فقلت: لم لا ترد علي السلام؟ قال: أنا ميت فكيف أرد السلام، فقلت: ماذا لقيت يوم الموت؟ قال: قد لقيت أهوالا وزلازل عظاما شدادا، قلت: وماذا كان بعد ذلك؟ قال: وما تراه يكون من الكريم؟ قبل منا الحسنات، وعفى لنا عن السيئات، وضمن عنا التبعات.

قالت: فكان مالك يحدث بهذا وهو يبكي ويشهق ثم يغشى عليه فلبث بعد ذلك أياما مريضا ثم مات في مرضه فكنا نرى أن قلبه انصدع.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال ثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار عن إسحاق بن سويد. قال: صحبت مسلم بن يسار عاما إلى مكة فلم أسمعه تكلم بكلمة حتى بلغنا ذات عرق، قال ثم حدثنا فقال: بلغني أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة ويوقف بين يدي الله عز وجل فيقول: انظروا فى حسناته فينظر في حسناته فلا توجد له حسنة، فيقول: انظروا في سيئاته فتوجد له سيئات كثيرة فيؤمر به إلى النار فيذهب به وهو يلتفت. فيقول:

ردوه إلى ما تلتفت؟ فيقول: أي رب لم يكن هذا ظني - أو رجائي فيك - شك إبراهيم فيقول: صدقت فيؤمر به إلى الجنة.

• حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني قال ثنا ابن مكرم قال ثنا منصور بن أبي مزاحم قال ثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق البصري عن أبيه عن مسلم بن يسار: أنه قال: قدمت البحرين واليمامة على تجارة فإذا أنا بالناس مقبلين ومدبرين نحو منزل فقصدت إليه، فإذا أنا بامرأة جالسة في مصلاها عليها ثياب غليظة، وإذا هي كئيبة محزونة قليلة الكلام، وإذا كل من رأيت ولدها وخولها وعبيدها والناس مشغولون بالبياعات والتجارات فقضيت حاجتي ثم أتيتها وودعتها فقالت: حاجتنا إليك أن تأتينا إذا جئت إلينا بحاجة فتنزل بنا.

ص: 295

في بيت وإذا عليها ثياب حسنة رقيقة وإذا الضحك الذي سمعت كلامها وضحكها، وإذا امرأة ليس معها في بيتها شيء قط فاستنكرت وقلت قد رأيتك على حالين فيهما عجب؛ حالك في قدمتي الأولى وحالك هذه. قالت: لا تعجب فإن الذي قد رأيت من حالتي الأولى أني كنت فيما رأيت من الخير والسعة وكنت لا أصاب بمصيبة فى ولد ولا خول ولا مال ولا أوجه فى تجارة إلا سلمت، ولا يبتاع لي شيء إلا ربحت فيه، وتخوفت أن لا يكون لي عند الله خير فكنت مكتئبة لذلك، وقلت لو كان لي عند الله خير لابتلاني. فتوالت علي المصائب في ولدي الذي رأيت وخولي ومالي وما بقي لي منه شيء، فرجوت أن يكون الله قد أراد بي خيرا فابتلاني وذكرني ففرحت لذلك وطابت نفسي

(1)

فانصرفت فلقيت عبد الله بن عمر فأخبرته بخبرها. فقال رحم الله هذه ما فاتها أيوب النبي عليه السلام إلا بقليل، لكنى تخرق مطر فى هذا - أو كلمة نحوها - فوجهت به يصلح فعمل لي على غير ما كنت أريد فأحزنني ذلك.

‌ومن مسانيد حديثه:

لقي من الصحابة عدة، وروى عنهم مرسلا ومتصلا، حدث عنه من التابعين أبو قلابة ومحمد بن سيرين وقتادة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن أبان عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا إلا حرم على النار، لا إله إلا الله» . رواه يزيد بن زريع عن سعيد مطولا ذكر فيه كلاما من لقاء أبي بكر عثمان وتسليمه عليه فلم يرد عليه لحديثه نفسه واهتمامه بالكلمة الناجية. هذا حديث ثابت صحيح أخرجه مسلم في صحيحه من حديث شعبة وبشر بن المفضل وابن علية عن خالد

(1)

اخرج هذه الحكاية ابن أبى الدنيا فى كتابه الاعتبار فى اعقاب السرور والاحزان

ص: 296

الحذاء عن الوليد بن مسلم عن حمران.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا محمد بن المنهال وعياش بن الوليد قالا: ثنا يزيد بن زريع قال ثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران قال: سمعت عثمان ودعا بماء فغسل كفيه ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه ثم ضحك. فقال: ألا تسألوني ما أضحكني؟ فقلنا: ما أضحكك يا أمير المؤمنين؟ قال. أضحكني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء في هذا المكان فتوضأ نحوا مما توضأت ثم ضحك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ألا تسألوني ما أضحكني» فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال «أضحكني أن العبد إذا غسل وجهه حط الله تعالى عنه كل خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كذلك، وإذا مسح برأسه كذلك، وإذا طهر قدميه كذلك» .

هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث حمران. رواه عنه من لا يحصون كثرة ورواه سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي قلابة عن مسلم عن حمران.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسن بن جرير الصوري ومحمد بن هارون بن بكار قالا: ثنا العباس بن الوليد الخلال قال ثنا مروان بن محمد قال ثنا سعيد ابن بشير عن قتادة عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار عن حمران عن عثمان:

فذكر مثله نحوه تفرد به سعيد بن بشير بإدخال أبي قلابة بين قتادة ومسلم بن يسار. وهذا حديث رواه أعلام التابعين عن التابعين فإن قتادة تابعى ومسلم ابن يسار تابعى وحمران تابعى.

ص: 297

فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء مثلا بمثل عينا بعين فمن زاد أو استزاد فقد أربى. فرد الناس ما كانوا أخذوا فذهب رجل إلى معاوية وأخبر الخبر فقام خطيبا فقال: ما بال أقوام يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد صحبناه ورأيناه فما سمعناها منه فقام عبادة بن الصامت فأعاد الحديث. وقال: والله لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رغم معاوية أو قال وإن كره معاوية - والله ما أبالى أنى لا أصحبه في حياتي ليلة سوداء،. هذا حديث صحيح ثابت. أخرجه مسلم في صحيحه عن القواريرى عن حمادة بن زيد ورواه عبد الوهاب ووعيب عن أيوب عن محمد بن سيرين عن مسلم عن عبادة نفسه ورواه هشام بن حسان وسلمة بن علقمة عن محمد بن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة ولم يذكروا أبا الأشعث. ورواه صالح أبو الخيل عن مسلم كرواية أيوب عن أبي قلابة عن أبى الأشعث. وكذلك رواه قتادة عن مسلم بن يسار عن أبي الأشعث.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا قرة بن حبيب القنوي قال ثنا الهيثم بن قيس الفايشي عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فى المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة» . غريب من حديث مسلم ومن حديث أبيه وابنه. تفرد برفعه الهيثم بن قيس وهو بصري.

‌معاوية بن قرة

ومنهم البسام بالنهار؛ البكاء فى الاسحار، أبو إباس معاوية بن قرة.

ص: 298

ابن الأسود: أن معاوية بن قرة قال: من يدلني على بكاء بالليل، بسام بالنهار.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا عيسى بن خالد قال ثنا أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح عن معاوية بن قرة.

قال: أدركت سبعين رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ لو خرجوا فيكم اليوم ما عرفوا شيئا مما أنتم عليه اليوم إلا الأذان.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد

(1)

قال ثنا يحيى بن مطرف قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي قال ثنا معاوية بن قرة. قال: أدركت ثلاثين رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما منهم إلا من طعن أو طعن أو ضرب أو ضرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا شيبان بن أبي شيبة قال ثنا أبو هلال قال ثنا معاوية بن قرة: أن أباه كان يقول لبنيه إذا صلوا العشاء: يا بني ناموا لعل الله أن يرزقكم من الليل خيرا.

• حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ثنا عبد الله بن محمد البغوي قال ثنا عبيد الله ابن عمر قال ثنا عون بن موسى قال ثنا معاوية بن قرة. قال: كنا عند الحسن فتذاكرنا أي العمل أفضل فكلهم اتفقوا على قيام الليل. فقلت أنا: ترك المحارم قال فانتبه لها الحسن فقال: تم الأمر تم الأمر

(2)

.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أبو كريب قال ثنا المحاربي عن عبد الله بن ميمون البصري. قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: إن الله تعالى يرزق العبد رزق شهر في يوم واحد؛ فإن أصلحه أصلح الله على يديه وعاش هو وعياله بقية شهرهم بخير، وإن هو أفسده أفسد الله تعالى على يديه وعاش هو وعياله بقية شهرهم بشر.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا الحسن بن جعفر القتات قال ثنا عبد الله ابن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا حجاج بن الأسود قال سمعت معاوية بن قرة يقول: اللهم إن الصالحين أنت أصلحتهم ورزقتهم يعملون

(1)

وفى نسخة ز: سعيد.

(2)

فى المختصر: ثم الأمر ثم الأمر (بالثاء المثلثة)

ص: 299

بطاعتك فرضيت عنهم، اللهم كما أصلحتهم ورزقتهم فرضيت عنهم فارزقنا أن نعمل بطاعتك وارض عنا.

• حدثنا الحسن بن علي الوراق قال ثنا يزداد بن عبد الرحمن الكاتب قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه قال ثنا مسلم قال: لقيني معاوية بن قرة وأنا جاء من الكلأ. فقال لي: ما صنعت أنت؟ قلت: اشتريت لأهلي كذا وكذا. قال: وأصبت من حلال؟ قلت: نعم! قال: لأن أغدو فيما غدوت به كل يوم أحب إلي من أن أقوم الليل وأصوم النهار.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عباس بن حمدان قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الشهيدي قال ثنا قريش بن أنس. قال: قدم معاوية بن قرة من سفر فدخل على ابنه إياس بن معاوية فقال: إن هذا اليوم ما ينبغي أن أكون فيه حيا، إني رأيت في النوم كأني وأبي نستبق إلى غاية فأدركناها معا، وقد بلغت سن أبي اليوم، فما أخرج إلا ميتا.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرحاني قال ثنا إسحاق بن ديمهر قال ثنا الجوهري قال ثنا يونس بن محمد عن شبيب بن مهران. قال: قال لنا معاوية بن قرة: جالسوا وجوه الناس فإنهم أحكم وأعقل من غيرهم.

• حدثنا أبو علي الحسين بن محمد الزجاجي الفقيه الطبري قال ثنا عبد الرحمن ابن محمد بن إدريس قال ثنا محمد بن وسيم قال حدثت عن المنهال بن بجير عن شبيب بن شيبة. قال: قال رجل لمعاوية: إني لأحبك فقال: لم لا تحبني ولست لك بجار ولا قرابة؟.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن الحسن بن الطفيل قال ثنا محمد بن أبي السري قال ثنا رواد وضمرة بن ربيعة وبقية بن الوليد عن خليد بن دعلج.

قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: إن القوم ليحجون ويعتمرون ويجاهدون ويصلون ويصومون، وما يعطون يوم القيامة إلا على قدر عقولهم.

ص: 300

كان يقال: الخصومات فى الدين تحبط الأعمال.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن يحيى بن منده قال ثنا محمد بن معمر قال ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز قال ثنا علي بن المبارك عن معاوية بن قرة. قال: مكتوب فى الحكمة لا تجالس بحلمك السفهاء، ولا تجالس بسفهك العلماء.

• حدثنا أبي قال ثنا محمد بن إبراهيم بن الحكم قال ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ثنا يوسف بن العرق عن سوادة بن حيان عن معاوية بن قرة.

قال: من لم يكتب العلم لم يعد علمه علما.

• حدثنا محمد بن إبراهيم قال ثنا أحمد بن علي بن المثنى قال ثنا عبدان بن بشار قال ثنا أبو قتيبة قال ثنا جويرية بن بشير.

قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: كنا لا نعد من لا يكتب العلم علمه علما.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا بسطام بن مسلم عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: يا بني إذا كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة فقلت السلام عليكم، فأنت شريكهم فيما يصيبون من ذلك المجلس. رواه جعفر بن سليمان عن بسطام عن معاوية أن لقمان قال لابنه مثله.

أسند معاوية بن قرة عن عدة من الصحابة؛ فمن صحاح ما حدث به عن أنس واتفق عليه من روايته.

• ما حدثناه أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا أبو النضر قال ثنا شعبة عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة» .

ص: 301

أذهب عني الهم والحزن». غريب من حديث معاوية تفرد به عنه زيد العمي - وهو أبو الحواري زيد بن الحواري بصري فيه لين.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة قال ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال ثنا علي بن الجعد قال أنبأنا علي بن الفضل عن يونس بن عبيد عن معاوية بن قرة عن أبيه: أن رجلا قال: يا رسول الله إني لآخذ الشاة لأذبحها فأرحمها، قال:«والشاة إن رحمتها رحمك الله» . رواه عبد العزيز ابن المختار وحجاج بن الأسود وزياد بن مخراق عن معاوية مثله.

• حدثنا علي بن حميد الواسطي قال ثنا أسلم بن سهل الواسطي قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي حنيفة قال ثنا أبي قال ثنا حماد بن سلمة عن حجاج الأسود وعبد الله ابن المختار عن معاوية بن قرة عن أبيه: أن رجلا قال: يا رسول الله إني أضجعت شاة لأذبحها فرحمتها

• فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والشاة إن رحمتها رحمك الله.

• عبد الله بن المختار بصري عزيز الحديث ولم نكتبه إلا من حديث حماد بن سلمة عنه. وحديث زياد بن مخراق حدثناه سليمان بن أحمد قال ثنا بشر بن علي العمي الأنطاكي قال ثنا عبد الله بن نصر الأنطاكي قال ثنا إسحاق بن عيسى الطباع عن مالك بن أنس عن زياد بن مخراق عن معاوية بن قرة عن أبيه. قال: قلت: يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها قال: «والشاة إن رحمتها رحمك الله» . غريب من حديث مالك عن زياد عن معاوية بن قرة. تفرد به عبد الله بن نصر ورواه ابن علية عن زيادة مثله.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا روح ابن عبادة قال ثنا بسطام بن مسلم عن معاوية بن قرة قال قال أبي: لقد عمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الأسودان، ثم قال:

هل تدرون ما الأسودان؟ قلت لا! قال: التمر والماء رواه من الأئمة عن روح جماعة منهم أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وبندار رواه جعفر بن سليمان عن بسطام مثله.

ص: 302

بسطام بن مسلم عن معاوية بن قرة عن أبيه: مثله.

• حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا محمد ابن المثنى قال ثنا محمد بن جهضم عن الأزهر بن سنان عن شبيب بن محمد بن واسع عن معاوية بن قرة عن أبيه. قال: ذهبت لأسلم حين بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم فقلت: لعلي أدخل رجلين أو ثلاثة في الإسلام فأتيت المدينة حيت مجمع الماء فاذا براعى القربة يقول لا أرعى لكم أغنامكم! قالوا ولم؟ قال يجيء الذئب كل ليلة فيأخذ شاة وصنمكم قائم لا يضر ولا ينفع ولا يغير ولا ينكر. قال: فذهبوا وأنا أرجو أن يسلموا فلما كان من الغد جاء الراعى يشتد ويقول البشرى البشرى! قد جئ بالذئب مقموطا بين يدي الصنم بغير قماط. قال: فذهبوا وذهبت معهم فقتلوا الذئب وسجدوا له - يعني للصنم - وقالوا هكذا فاصنع! فأتيت محمدا صلى الله عليه وسلم فحدثته الحديث.

فقال «لعب بهم الشيطان» . هذا حديث غريب لم نكتبه إلا من حديث شبيب بن محمد وتفرد به عنه الأزهر.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عثمان بن عمر الضبي قال ثنا حفص بن عمر الحوضي قال ثنا سلام عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم تعالى يقول: ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأملأ يديك رزقا. يا ابن آدم لا تباعد مني فأملأ قلبك فقرا، وأملأ يديك شغلا» . غريب تفرد به عن معاوية زيد وعنه سلام. ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير معقل جماعة.

• حدثنا علي بن أحمد بن أبي غسان البصري قال ثنا محمد بن خالد الراسبي قال ثنا محمد بن أحمد بن الحكم قال ثنا الحكم بن مروان قال ثنا سلام بن سليم عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادى فيه: يا ابن آدم أنا خلق جديد وأنا فيما تعمل عليك غدا شهيد، فاعمل في خيرا أشهد لك به غدا، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا. قال: ويقول الليل مثل ذلك» . غريب

ص: 303

من حديث معاوية تفرد به عنه زيد ولا أعلمه روي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري قال ثنا عصمة بن سليمان قال ثنا سلام الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل لست بناظر في حق عبدي حتى ينظر عبدي في حقي» . غريب من حديث معاوية بن قرة تفرد به عنه زيد ولا أعلمه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.

‌أبو رجاء العطاردي

ومنهم ذو العمر المعمر، والحبر المحبر، والبر المبشر، أبو رجاء العطاردي.

أدرك أول دعوة الرسول، فأجاب إلى التصديق والقبول، وثبت على الاقتال والوصول.

وقيل: إن التصوف قبول الرسول، للتوسل إلى الوصول.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا عمارة المعولي سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا خماسي يدعو إلى الجنة.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا كثير بن عبد الله الأيلي أبو هاشم قال: كنا عند الحسن وعنده ابن سيرين. فدخل رجلان فقالا جئناك نسألك عن شيء فقال: سلونى عما بدا لكم. قالوا لك علم بالجن الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل بقي منهم أحد، فتبسم الحسن. وقال: ما كنت أظن أن أحدا يسألني عن هذا، ولكن عليكم بأبى رجاء العطاردى.

ص: 304

كثير بن عبد الرحمن قال: أتينا أبا رجاء العطاردي فقلنا له ألك علم بمن بايع النبي صلى الله عليه وسلم من الجن هل بقي منهم أحد؟ قال: سأخبركم عن ذلك، نزلنا على قصر فضربنا أخبيتنا فإذا حية تضطرب فماتت فدفنتها، فإذا أنا بأصوات كثيرة السلام عليكم! ولا أرى شيئا، فقلت: من أنتم؟ قالوا، نحن الجن جزاك الله عنا خيرا اتخذت عندنا يدا، قلت وما هي؟ قالوا الحية التي قبرتها كانت آخر من بقي ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو رجاء: وأنا اليوم لي مائة وخمسة وثلاثون سنة.

• حدثنا أحمد بن محمد عبد الوهاب قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا الفضل بن غسان قال ثنا وهب بن جرير عن أبيه. قال: سمعت أبا رجاء يقول:

بلغنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على ماء لنا يقال له سند، فانطلقنا نحو الشجرة هاربين - أو قال هرابا - بعيالنا فبينما أنا أسوق بالقوم إذ وجدت كراع طبى طري، فأخذته فأتيت المرأة فقلت هل عندك شعير فقالت: قد كان في وعاء لنا عام أول شيء من شعير فما أدري بقى منه شيء أم لا؟ فأخذته فنفضته فاستخرجت منه ملء كيف من شعير فرضخته بين حجر بن ثم ألقيته والكراع فى برمة، ثم قمت إلى بعير ففصدته إناء من دم ثم أوقدت تحته، ثم أخذت عودا فلبكته به لبكا شديدا حتى أنضجته، ثم أكلنا فقال له رجل: يا أبا رجاء كيف طعم الدم؟ قال حلو.

ص: 305

المدينة وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا أحمد بن الحسن بن خراش قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا عمارة المعولي قال سمعت أبا رجاء يقول: كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه فنعبده وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زمانا ثم نلقيه، وكنا نعظم الحرم في الجاهلية ما لا تعظمونه فى الاسلام.

• حدثنا محمد ابن جعفر قال ثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة قال ثنا محمد بن عبد الملك قال ثنا أبو علي الحنفي قال ثنا مسلم بن رزين

(1)

قال سمعت أبا رجاء يقول: كنا نجمع التراب في الجاهلية فنجعل وسطه حفرة فنحلب فيها ثم نسعى حولها، ونقول لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.

• حدثنا محمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن سعدان قال ثنا بكير بن بكار قال ثنا قرة بن خالد قال سمعت أبا رجاء يقول: قد رميت عليا

(2)

بسهم حتى لهف نفسي أنها قد قصرت دونه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا أزهر قال ثنا ابن عون قال سمعت أبا رجاء يقول: ما أنفس على شيء أخلفه بعدي إلا أني كنت أعفر وجهي في كل يوم وليلة خمس أمرار لربي عز وجل.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا محمد ابن عبيد بن حساب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال سمعت أبا رجاء يقول: والله للمؤمن أذل في نفسه من قعود إبل.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال ثنا أبو الأشهب. قال: كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام.

(1)

كذا فى الأزهرية وفى ج: رزيز بالزاى وفى المختصر: زريق وسيأتى انه مسلم بن زرير والصحيح أنه سلم بن زرير كجرير من تابعى التابعين عطاردى بصرى كما فى القاموس والخلاصة

(2)

وذلك يوم وقعة الجمل وكان مع عائشة.

ص: 306

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا محمد بن سهل قال ثنا حميد بن مسعدة قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا الجعد أبو عثمان اليشكري قال: سألت أبا رجاء العطاردي قلت: يا أبا رجاء أرأيت من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يخافون على أنفسهم النفاق - قال: أما إني أدركت بحمد الله منهم صدرا حسنا قال أبو عثمان وقد كان أدرك عمر بن الخطاب - فقال: نعم شديدا، نعم شديدا.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي ويحيى بن معين. قالا: ثنا معتمر عن شعيب بن درهم عن أبي رجاء. قال:

كان هذا الموضع من ابن عباس أي مجرى الدموع، كأنه الشراك البالي من الدمع.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب قال حدثني جار لأبي رجاء العطاردي. قال: أتيته ببنين لي قد ألبستهم وهيأتهم، فقلت ادع الله لي فيهم بالبركة، قال اللهم قد أحسنت نبتهم فأحسن حصدتهم.

• حدثنا محمد بن أحمد في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا جرير بن حازم قال سمعت أبا رجاء يقول: والله لقد أنبثت أن رجالا منكم يقصون على الناس ويملونهم من كتاب الله عز وجل، فلا تفعلوا واتبعوا كتاب الله ما استطعتم ثم خلوا عنهم، فإن للناس حوائج وأهلين.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن يحيى بن منده قال ثنا عمرو ابن علي قال ثنا ابن أبي عدي قال ثنا عوف. قال: قلت لأبي رجاء: أشرفت ولص ينقب علي ومعي صخرة. قال: دلها عليه. قلت إنه مسلم. قال: فأين الإسلام؟ ترك الإسلام وراء الحائط.

أسند أبو رجاء عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس.

فمن مسانيده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه ما.

ص: 307

عليه وسلم: فيما يروي عن ربه عز وجل. قال: «إن ربكم تعالى رحيم من هم بحسنة فلم بعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف في أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت عليه واحدة أو يمحوها، ولا يهلك على الله عز وجل إلا هالك» .

حديث صحيح حدث به مسلم في صحيحه عن قتيبة مثله. وحدث به أيضا الإمام أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد عن الحسن بن ذكوان عن أبي رجاء مثله.

• حدثناه محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي به

حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا هودة بن خليفة قال ثنا عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين. قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء» كذا رواه عوف عن أبي رجاء عن عمران وتابعه عليه قتادة عن أبي رجاء: ورواه جماعة فخالفوهما. فقالوا: عن أبي رجاء عن ابن عباس وعمران.

• حدثناه عبد الله ابن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو الأشهب وجرير ابن حازم ومسلم

(1)

ابن زرير وحماد بن نجيح وصخر بن جويرية عن أبي رجاء عن عمران بن حصين وابن عباس. قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«نظرت في الجنة فإذا أكثر أهلها الفقراء ونظرت في النار فإذا أكثر أهلها النساء» . رواه أيوب السختياني ومطر الوراق عن أبي رجاء عن ابن عباس من دون عمران مثله: والحديث صحيح متفق عليه على شرط الجماعة.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا محمد بن يعقوب بن سورة البغدادى ومحمد ابن ابراهيم بن بكير الطيالسى البصرى. قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا سالم بن زرير. قال: سمعت أبا رجاء قال سمعت ابن عباس يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد: «إنى خبأت لك خبيئا فما هو؟ قال:

دخ. قال: أخسس»

(2)

. صحيح عزيز من حديث أبي رجاء تفرد به عنه سلم بن

(1)

كذا فى الاصلين وتقدم قبل ذلك مسلم بن رزين مرارا وسيأتى فيما يليه سالم بن زرين والصحة كما حكيناه وسنورده بعد مصححا.

(2)

كذا فى الاصلين 14 - وفى صحيح البخارى. قال: لابن صياد: خبأت لك خبيئا قال الدخ قال اخسأ فلن تعدو قدرك الخ.

ص: 308

زرير وهو من أثبات أهل البصرة ومقليهم يجمع حديثه أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي الوليد عن سلم عنه.

• حدثنا أحمد بن السندي بن بحر قال ثنا الحسين بن محمد بن حاتم عبيد العجلي الحافظ قال ثنا بشر بن الوليد قال ثنا زكريا بن حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان، ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض» . غريب من حديث أبي رجاء لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم.

‌أبو عمران الجوني

ومنهم الواعظ اليقظان، موقظ الوسنان، ومنفر الشيطان، الجوني أبو عمران وقد قيل: إن التصوف التيقظ والانتباه والتبصر في دفع التوهم والاشتباه.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا عبد الله بن الصقر قال ثنا الصلت ابن مسعود قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت أبا عمران الجونى يقول:

لا يغرنكم من الله تعالى طول النسيئة، ولا حسن الطلب، فإن أخذه أليم شديد.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني عبيد الله بن عمران القواريرى قال جعفر بن سليمان. قال: سمعت أبا عمران الجونى يقول كثيرا: اهتبلوا غفلة الحمقى، وامضوا حيث أعلم لكم، وكلوا ما لا تعلمون إلى عالمه قبل أن يأتي حضور ما لا تستطيعون دفعه من الموت وجلائل الأمور.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا عبد الله بن الصقر قال ثنا الصلت ابن مسعود قال ثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران يقول في قصصه:

حتى متى تبقى وجوه أولياء الله تحت أطباق التراب، وإنما هم محتبسون ببقية آجالكم أيتها الأمة حتى يبعثهم الله تعالى إلى جنته وثوابه.

ص: 309

سمعت أبا عمران يقول: في قوله عز وجل: {(سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)} قال: سلام عليكم بما صبرتم على دينكم فنعم ما أعقبكم من الدنيا الجنة.

• حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران يقول: زرع الله في قلوبنا وقلوبكم المودة على ذكره، وجعل قلوبنا وقلوبكم أوطانا تحن إليه، وأجرى علينا وعليكم المغفرة كما جرت علينا وعليكم الذنوب، إن الله تعالى لم يستودع شيئا قط إلا حفظه وأنا مستودع الله ديننا ودينكم، وخواتيم أعمالنا وخواتيم أعمالكم؛ كما استودعت أم موسى موسى، وكما استودع يعقوب يوسف، ودائع الله التي لا تضيع فى السموات ولا في الأرض وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله.

• حدثنا أحمد بن السندي قال ثنا محمد بن العباس المؤدب قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران تلا هذه الآية:

{(إن لدينا أنكالا وجحيما)} قال: قيودا والله لا تحل أبدا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: والله لئن ضيعنا، إن لله عبادا آثروا طاعة الله تعالى على شهوة أنفسهم، مضوا من الدنيا على مهل مهل

(1)

حتى مشوا على الأسنة حتى خرج علق الأجواف منهم على أطراف الأسنة، يبتغون بذلك روح الآخرة.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا همام

(2)

قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: ما من ليلة تأتى إلا وتنادى اعملوا فى ما استطعتم من خير، فلن أرجع إليكم إلى يوم القيامة.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: إنه ليس بين الجنة والنار طرق ولا فياف ولا منزل هنالك لأحد؛ من أخطأته الجنة صالى إلى النار.

(1)

فى هامش نسخة جدة على سهل سهل.

(2)

وفى ج: هشام.

ص: 310

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي وعلي بن مسلم، قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: حدثت أن البهائم إذا رأت بني آدم قد تصدعوا من بين يدي الله تعالى صنفين صنف إلى الجنة، وصنف إلى النار، تناديهم البهائم يا بني آدم الحمد لله الذي لم يجعلنا اليوم مثلكم لا جنة ترجو ولا عقابا نخاف.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن سعيد قال ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال ثنا أبي قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: في قوله تعالى {(يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)}

قال: كالماء في الزجاجة إلا من ستر الله عز وجل.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت أبا عمران الجوني: قرأ هذه الآية {(ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين)} قال أبو عمران الجوني: الوتين حبل قلبه، وفي قوله تعالى {(وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا)} قال: سجنا، وفي قوله تعالى {(أولي الأيدي والأبصار)} قال: الأيدي القوة في العبادة والبصر في الهدى.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا محمد بن محمد قال ثنا سويد بن سعيد قال ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عمران: في قوله تعالى {(ولتصنع على عيني)} قال: تربى بعين الله تعالى.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبيد الله بن زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران يقول: والله لقد صرف إلينا ربنا عز وجل في هذا القرآن ما لو صرفه إلى الجبال لهتها وحناها.

• حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا بشر ابن هلال قال ثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني قال: بلغني أنه قيل لموسى عليه السلام: لا أعبد الأرض لأحد بعدك أبدا.

ص: 311

وهل أبكى العيون ما أبكي العلم.

• أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال أخبرنا محمد بن أيوب قال ثنا سلمة النبودكى قال ثنا سلام بن مسكين قال:

سمعت أبا عمران الجوني يقول: وهل أبكي العيون بكاء، إلا الكتاب السابق.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا أبو العباس الثقفي قال ثنا عبد الله ثنا أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال: سمعت أبا عمران الجوني يقول في دعائه:

اللهم اغفر لنا علمك فينا؛ فانك تعلم منا مالا يعلمه أحد، وكفى بعلمك فينا استكمالا لكل عقوبة؛ إلا ما عافيت ورحمت.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس الثقفى قال ثنا عبد الله ابن أبي زياد وهارون بن عبد الله. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران يقول: بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى بكل جبار وكل شيطان وكل من يخاف الناس من شره في الدنيا فيوثقون في الحديد، ثم أمر

(1)

بهم إلى النار ثم أوصدها عليهم - أى أطبقها - فلا والله لا تسقر أقدامهم على قرار أبدا، ولا والله ما ينظرون إلى أديم سماء أبدا، ولا والله لا تلتقي جفون أعينهم على غمض قوم أيدا، ولا والله لا يذوقون فيها بارد شراب أبدا قال ثم يقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة افتحوا اليوم الأبواب فلا تخافوا شيطانا ولا جبارا، وكلوا اليوم واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية. قال: أبو عمران: هي والله يا إخوتاه أيامكم هذه.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن عمرو العسقلاني قال ثنا أبو عمير قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: سمعت أبا عمران الجوني يقول: ليت شعري أي شيء علم ربنا من أهل الأهواء حين أوجب لهم النار؟.

• حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال ثنا بشر بن حازم قال ثنا أبو عمران الجوني عن غيره. قال: من قرب الموت من قلبه، استكثر ما في يديه.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا على

(1)

فى المختصر: ثم يؤمر بهم الى النار ثم يوصد عليهم

ص: 312

ابن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا أبو عمران الجوني: أن موسى عليه السلام لما نزل به الموت جزع؛ ثم قال إنى لست أجزع للموت ولكنى أجزع أن يحبس لساني عن ذكر الله عز وجل عند الموت، قال: فكان لموسى ثلاث بنات. فقال: يا بناتي إن بني إسرائيل سيعرضون عليكن الدنيا فلا تقبلن والقطن هذا السنبل فافركنه وكلنه وتبلغن به إلى الجنة.

• حدثنا الحسين بن محمد قال ثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال ثنا سليمان ابن داود القزاز قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا أبو عمران الجوني. قال:

قال داود عليه السلام: إلهي كيف أصبح اليوم؟ عدوك الشيطان يعيرني يقول: يا داود أين كان رأيك حين واقعت الخطيئة؟.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا أبو عمران الجوني. قال: مر سليمان بن داود عليه السلام في موكبه؛ والطير تظله، والإنس والجن عن يمينه وعن شماله، فمر بعابد من عباد بني إسرائيل. فقال: والله يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما، فسمع سليمان كلامه فقال: لتسبيحة في صحيفة أفضل مما أوتي ابن داود! إن ما أوتي ابن داود يذهب والتسبيحة تبقى. قال: وكان نبي الله سليمان بن داود عليه السلام يطعم المجذومين واليتامى النقي ويأكل الشعير، ولم يدع يوم مات دينارا ولا درهما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني هارون بن عبد الله وعلي بن مسلم. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا أبو عمران الجوني. قال: تصعد الملائكة بالأعمال فتصف في سماء الدنيا فينادي الملك ألق تلك الصحيفة ألق تلك الصحيفة؛ فتقول الملائكة: ربنا قالوا خيرا وحفظناه عليهم. قال: فيقول: لم يرد به وجهي، وينادى ملك اكتب لفلان كذا وكذا مرتين. فيقول: يا رب إنه لم يعمله، فيقول تعالى إنه نواه إنه نواه.

ص: 313

إذا كان يوم القيامة انقطع كل وصل ليس وصلا في الله عز وجل.

• حدثنا أبو محمد بن حيان ومحمد بن أحمد. قالا: ثنا محمد بن سهل قال ثنا حميد بن مسعدة قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا أبو عمران الجوني. قال:

أهدى أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم هدية فيها سلال؛ فاستفتح عمر سلة منها فذاقها. وقال: ردوه ردوه لا تراه - أو لا تذوقه قريش فتذابح عليه.

• حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المفتولى المقرى قال ثنا حاجب ابن أبي بكر قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا مرحوم العطار. قال: حدثني أبو عمران الجوني. قال: تكون الأرض زمانا نارا فماذا أعددتم لها؟ وذلك قوله تعالى {(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا)} .

• حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد ابن عبد الله بن رسته قال ثنا قطن بن نسير قال ثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني. قال: لم ينظر الله تعالى إلى إنسان قط إلا رحمه، ولو نظر إلى أهل النار لرحمهم، ولكنه قضى أنه لا ينظر إليهم.

• حدثنا أحمد بن جعفر ابن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا أبو عمران الجوني. قال: أدركت أربعة هم أفضل من أدركت؛ كانوا يكرهون أن يقولوا اللهم أعتقنا من النار، ويقولون إنما يعتق منها من دخلها. وكانوا يقولون نستجير بالله من النار، ونعوذ بالله من النار.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني هارون ابن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني يقول: في قوله عز وجل: {(إن شجرة الزقوم)} قال بلغنا أن ابن آدم لا ينهش منها نهشة إلا نهشت منه مثلها.

ص: 314

يقول: وعظ موسى بن عمران عليه السلام قومه بني إسرائيل يوما، فشق رجل منهم قميصه، فأوحى الله تعالى إلى موسى قل لصاحب القميص لا يشق قميصه ليشرح لي عن قلبه.

لقي أبو عمران جماعة من الصحابة وسمع منهم، منهم أنس بن مالك، وجندب ابن عبد الله، وعائذ بن عمرو، وأبو برزة رضي الله تعالى عنهم.

‌فمن مسانيد حديثه ما

• حدثناه أبو إسحاق بن حمزة قال ثنا حامد بن شعيب ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا خالد بن الحارث

• وحدثنا أبو على محمد بن أحمد ابن الحسن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا محمد ابن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي عمران الجوني. قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال خالد فى حديثه يرفعه يعنى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال قال إن الله تعالى يقول لأهون أهل النار عذابا:

لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ قال نعم! قال فقد سألتك ما هو اهون من هذا وأنت فى صلب آدم أن لا تشرك بى فأبيت إلا أن تشرك. هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري عن قيس بن حفص الدارمي عن خالد بن الحارث وأخرجه مسلم عن بندار عن غندر وعبيد الله ابن معاذ عن أبيه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا عفان.

وحدثنا الحسن بن محمد بن كيسان ومحمد بن محمد وعلي بن هارون قالوا: ثنا موسى بن هارون قال ثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت وأبو عمران الجوني عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج من النار، قال أبو عمران - أربعة وقال ثابت - رجلان فيعرضون على ربهم فيؤمر بهم إلى النار فيلتفت أحدهم فيقول يا رب وقد كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن لا تعيدني فيها، فينجيهم الله تعالى منها.

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه عن هدبة عن حماد. وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن عفان عن حماد.

ص: 315

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا خلف بن عمرو العكبري. وحدثنا سهل بن عبد الله التستري قال ثنا الحسين بن إسحاق التستري. قالا: ثنا سعيد بن منصور قال ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي؛ فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطير فقعد في أحدهما وقعدت في الآخر، وسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست، فالتفت إلي جبريل.

فإذا هو حلس لاطئ فعرفت فضل علمه بالله تعالى علي، ففتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم ولط دونى الحجاب رفرفها الدر والياقوت، فأوحى الله تعالى إلي شاء أن يوحي». غريب لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران عن أنس تفرد به عنه الحارث بن عبيد أبو قدامة.

• حدثنا فهد بن إبراهيم بن فهد قال ثنا محمد بن زكريا الغلابي قال ثنا الحكم بن أسلم قال ثنا معتمر بن سليمان التيمى عن أبيه أبي عمران الجوني عن جندب بن عبد الله البجلي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث:

«أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله سبحانه وتعالى قال من الذى يتألى على أن لا أغفر لفلان؟ فان قد غفرت لفلان وأحبطت عملك - أو كما قال -» . هذا حديث ثابت حدث به التابعي عن التابعي سليمان عن أبي عمران ورواه حماد بن سلمة عن أبي عمران موقوفا وتفرد سليمان برفعه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا أبو نعيم قال ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة. وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن ابن سفيان قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي قال ثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عبد الله ابن قيس أبي موسى الأشعري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 316

الكبرياء على وجهه في جنة عدن» - لفظ العمي - وقال الحارث: «جنان الفردوس أربع ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما» . هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم جميعا من حديث عبد العزيز بن عبد الصمد العمي حدث به مسلم عن إسحاق عن عبد العزيز. والبخاري عن جماعة من أصحاب عبد العزيز.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي: وحدثنا جعفر بن محمد بن عمرو الأحمسي قال ثنا أبو حصين الواعى قال ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال ثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى الأشعري سمعته يقول بحضرة العدو سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» فقام إليه رجل من القوم رث الهيئة فقال له: يا أبا موسى أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: نعم! فرجع إلى أصحابه فقال أقرأ عليكم السلام، وكسر جفن سيفه ثم مضى فضرب بسيفه حتى قتله العدو. هذا حديث صحيح ثابت أخرجه مسلم في صحيحه عن يحيى بن يحيى وقتيبة عن جعفر.

ص: 317

«هؤلاء أشد أهل الجنة تحاببا» . هذا حديث غريب رواته أعلام ثقات لم نكتبه من حديث أبي عمران إلا من حديث الإمام عبد الله بن المبارك.

‌ثابت البناني

(1)

ومنهم المتعبد الناحل، المتهجد الذابل، أبو محمد ثابت بن أسلم البناني.

وقيل: إن التصوف محافظة الحرمة، ومداومة الخدمة.

• حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني عبد الله بن عمر القواريري قال ثنا حماد بن زيد قال أخبرني أبي قال: قال أنس بن مالك يوما: إن للخير مفاتيح، وإن ثابتا مفتاح من مفاتيح الخير.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن نائلة قال ثنا شيبان بن فروخ قال ثنا أبو هلال عن غالب القطان عن بكر عن عبد الله. وحدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء. قالا: ثنا الدورقي قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبو هلال قال حدثنا غالب عن بكر بن عبد الله. قال: من أراد أن ينظر إلى أعبد أهل زمانه فلينظر إلى ثابت البناني فما أدركنا الذي هو أعبد منه - زاد موسى بن إسماعيل في حديثه إنه ليظل في اليوم المعمعاني

(2)

الطويل ما بين طرفيه صائما يروح ما بين جبهته وقدمه.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس الثقفى قال ثنا العباس ابن أبي طالب قال ثنا سعيد بن سليمان عن سليمان بن المغيرة. قال: سمعت ثابتا البناني يقول: لا يسمى عابد أبدا عابدا وإن كان فيه كل خصلة خير حتى

(1)

من هنا أول السفر الرابع من كتاب حلية الاولياء وطبقة الاصفياء املاء الشيخ الحافظ أبى نعم عن كتب احمد باشا تيمور المحفوظة بدار الكتب المصرية (1212) والاشارة اليها (د).

(2)

فى د: المقاتى: وفى ز المصفانى: والصحة عن ج وفى النهاية كان ابن عمر يتتبع اليوم المعمعانى فيصومه أى الشديد الحر.

ص: 318

تكون فيه هاتان الخصلتان، الصوم والصلاة؛ لأنهما من لحمه ودمه.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن فضيل العكي قال ثنا ضمرة بن ربيعة قال حدثني ابن شوذب قال سمعت ثابتا البناني يقول: اللهم إن كنت أعطيت أحد من خلقك أن يصلي لك في قبره فأعطني ذلك.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا عمر ابن شبة

(1)

قال ثنا يوسف بن عطية قال سمعت ثابتا يقول لحميد الطويل:

هل بلغك يا أبا عبيد أن أحدا يصلي في قبره [إلا الأنبياء] قال لا قال ثابت:

اللهم إن أذنت لأحد أن يصلي في قبره فأذن لثابت أن يصلي في قبره. قال وكان ثابت يصلى قائما حتى يعيى فإذا أعيا جلس فيصلي وهو جالس ويحتبي في قعوده ويقرأ، فإذا أراد أن يسجد وهو جالس فتح حبوته.

• حدثنا عثمان ابن محمد العثمانى قال ثنا اسماعيل بن الكرابيسي قال حدثني محمد بن سنان القزاز قال ثنا شيبان بن

(2)

جسر عن أبيه. قال: أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتا البنانى لحده ومعي حميد الطويل - أو رجل غيره - شك محمد قال فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنة فإذا أنا به يصلي في قبره فقلت للذى معى ألا ترى قال اسكت! فلما سوينا عليه وفرغنا أتينا ابنته فقلنا لها ما كان عمل أبيك ثابت؟ فقالت. وما رأيتم؟ فأخبرناها فقالت كان يقوم الليل خمسين سنة فإذا كان السحر قال في دعائه: اللهم إن كنت أعطيت أحدا من خلقك الصلاة في قبره فأعطنيها فما كان الله ليرد ذلك الدعاء.

• حدثنا عبد لله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين الحذاء قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني عبد الله بن عيسى قال حدثني بعض مشيختنا.

قال: كان: رجل أعمى مقعد مجذوم - وعد أنواعا من البلاء - قال فقال يوما

(1)

كذا فى ر وج وفى د: عمران بن شيبة ولم أقف عليه والأول من رجال الخلاصة.

(2)

كذا فى ر وفى ج شبان وفى د: شيبان بن بشر ولم نقف على الجميع. وإما جسر ابن الحسن اليمامى (إن كان والده) فهو من رجال الخلاصة ومن هذه الطبقة.

ص: 319

حبيب وثابت ومحمد بن واسع ومالك. اذهبوا بنا إلى فلان المبتلى قال واستتبعهم صالح المري - وهو يومئذ حدث - فعبروا النهر حتى انتهوا إليه فسلموا عليه وجلسوا عنده، قال فتكلم ثابت فقال له من أنت؟ قال أنا ثابت البناني قال أنت الذي يزعم أهل هذا المصر أنك أعبدهم، لقد كنت أحب أن ألقاك وأدعو الله أن يجمع بيني وبينك.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا الحسن بن جعفر القتات قال ثنا عبد الله ابن أبي زياد قال ثنا سيار. قال ثنا جعفر قال سمعت ثابتا البناني يقول: الصلاة خدمة الله في الأرض لو علم الله عز وجل شيئا أفضل من الصلاة لما قال:

{(فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب)} .

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن نصر الحذاء قال: ثنا الدورقي قال ثنا سعيد بن سليمان قال ثنا المبارك - يعني ابن فضالة - قال: دخلت على ثابت البناني في مرضه وهو في علو له، وكان لا يزال يذكر أصحابه فلما دخلنا عليه، قال: يا إخوتاه لم أقدر أن أصلي البارحة كما كنت أصلي، ولم أقدر أن أصوم كما كنت أصوم، ولم أقدر أن أنزل إلى أصحابي فأذكر الله عز وجل كما كنت أذكره معهم. ثم قال: اللهم إذ حبستني عن ثلاث فلا تدعني في الدنيا ساعة، أو قال إذا حبستني أن أصلي كما أريد وأصوم كما أريد وأذكرك كما أريد فلا تدعني في الدنيا ساعة. فمات من وقته رحمه الله.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت النباتى. قال:

كان رجل من العباد يقول: إذا نمت ثم استيقظت ثم ذهبت أعود إلى النوم فلا أنام الله عيني! قال جعفر: كنا نرى ثابتا إنما يعني نفسه.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال ثنا عمرو بن عاصم قال قال ثنا سليمان بن المغيرة. قال ثابتا يقول: والله للعبادة أشد من نفل الكارات.

ص: 320

ابن كثير قال حدثنى ابن مالك المقبرى

(1)

ثنا عمرو بن محمد بن [أبي] رزين. قال: قال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بها عشرين سنة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا روح قال ثنا شعبة قال: كان ثابت البنانى يقرأ القرآن فى يوم وليلة، ويصوم الدهر.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني عثمان بن أبي شيبة قال ثنا يحيى بن يمان عن منهال بن خليفة عن ثابت البناني. قال: كان يقال فقه كوفي، وعبادة بصري.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار بن حاتم قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت ثابتا البناني يقول: ما تركت في مسجد الجامع سارية إلا وقد ختمت القرآن عندها وبكيت عندها.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا أبو همام قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: ربما مشيت مع ثابت البناني فلا يمر بمسجد إلا دخل فصلى فيه.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا أبو همام قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: ربما مشينا مع ثابت فإذا عدنا مريضا بدأ بالمسجد الذي في بيت المريض فركع فيه ثم يأتي المريض.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا حماد قال أخبرني حميد. قال: كنا نأتي أنس بن مالك ومعنا ثابت فكلما مر بمسجد صلى فيه فكنا نأتي أنسا فيقول: أين ثابت؟ أين ثابت؟ إن ثابتا دويبة أحبها.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن الوليد قال ثنا محمد بن يزيد المستملي قال ثنا سعيد بن عامر عن حرمى. قال: استعان

(1)

فى ج: الغبرى والنسبتان فى الانساب وليس منهما محمد بن مالك وسيأتى عن النسختين بأنه الغبرى.

(2)

الزيادة عن الخلاصة ونسخة د

ص: 321

رجل بثابت البناني على القاضي في حاجة فجعل لا يمر بمسجد إلا نزل فصلى حتى انتهى إلى القاضي وقد ختمت القماطر، فكلمه في حاجة الرجل فقضاها؛ فأقبل ثابت على الرجل فقال: لعله شق عليك ما رأيت قال: نعم! قال:

ما صليت صلاة إلا طلبت إلى الله تعالى في حاجتك.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال: سمعت ثابتا يقول في دعائه: يا باعث يا وارث لا تدعني فردا وأنت خير الوارثين. قال: وكان ثابت يخرج إلينا وقد جلسنا في القبلة.

فيقول: يا معشر الشباب حلتم بيني وبين ربي أن أسجد له، وكان قد حببت إليه الصلاة.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني محمد بن مالك العبرى قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني إبراهيم بن الصمة المهلبي. قال: حدثنى الذين كانوا يمرون بالحفر

(1)

بالأسحار. قالوا: كنا إذا مررنا بجنبات قبر ثابت سمعنا قراءة القرآن.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سامان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبد الله بن أبي زياد وهارون بن عبد الله قال: ثنا سيار قال جعفر قال ثنا محمد بن ثابت البناني. قال: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت لا إله إلا الله.

فقال: يا بني دعني فإني في وردي السادس أو السابع.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا حمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الحارث وعبد الله بن أبي زياد. قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت. قال: كنا نتبع الجنازة فما نرى إلا متقنعا باكيا أو متقنعا متفكرا.

• حدثنا عبد الله ابن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ثنا خالد بن خداش قال ثنا حماد بن زيد. قال: رأيت ثابتا البناني يبكي حتى أرى أضلاعه تختلف.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا

(1)

فى ج: بالحص وفى ر: بالحض وفى د بالحفر؛ ولعله الصواب فان حفر أبى موسى الأشعرى ركايا احتفرها على حادة البصرة.

ص: 322

عبد الله بن عمر بن أبان قال ثنا أبو خالد الأحمر عن جعفر بن سليمان. قال:

بكى ثابت حتى كادب عينه تذهب فجاءوا برجل يعالجها فقال: أعالجها على أن تطيعني. قال: وأي شيء؟ قال: على أن لا نبكى. قال: فما خيرهما إن لم تبكيا وأبى أن يتعالج.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن سلام قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة. قال: سمعت أبي يقول: قيل لثابت البناني يقولون ليس بعينك بأس إن لم تكثر البكاء قال: فما أرجو بعيني.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن نصر الحذاء قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا أبو ظفر قال ثنا جعفر بن سليمان قال: اشتكى ثابت البناني عينيه. فقال له الطبيب: اضمن لى خصلة تبرأ عيناك. فقال: وما هي؟ قال: لا تبك. قال:

وما خير في عين لا نبكى. قال: أحمد وحدثني محمد بن مالك. قال: بلغني أن ثابتا خرج إلى مكة فلما قدم. قال الكري: ما رأيت أحدا أشد حبا لربه عز وجل من هذا الأعمش.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال حدثني أبي، قال: بلغني أن أنسا. قال لثابت: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما زال يبكي حتى عمشت عيناه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا عبد الله بن عمر قال ثنا أبو خالد الأحمر عن جعفر عن ثابت البناني: أنه قرأ:

{(تطلع على الأفئدة)} قال: تأكله إلى فؤاده وهو حي لقد تبلغ فيهم العذاب ثم بكى وأبكى من حوله.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا عمرو بن عاصم قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت ثابتا يقول: وما على أحدكم أن يذكر الله كل يوم ساعة فيربح يومه.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن نصر قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير قال حدثني بشر بن مبشر قال ثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن ثابت. قال: كانوا يجلسون يذكرون الله تعالى. فيقولون: ترونا جلسنا عشر يومنا هذا؟ فإذا قالوا نعم! قالوا:

فالله الحمد نرجو أن يكون الله قد أعطانا يومنا هذا أجمع.

ص: 323

• حدثنا محمد بن جعفر وعبيد الله بن يعقوب. قالا: ثنا إسحاق بن إبراهيم قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت البناني.

قال: بلغنا أن الله تعالى يوحي إلى جبريل عليه السلام يا جبريل استنسخ حلاوة فلان بن فلان، قال: فينسخها فيبقى والها مكروبا محزونا. فيقول:

يا جبريل إنى قد بلوته فوجدته صابرا فاردد حلاوته، إني بلوته فوجدته صادقا وسأمده مني بالزيادة.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد الدورقي قال ثنا أبو ظفر قال ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت. قال: بلغنا أن العبد المؤمن يوقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول الله له: يا عبدي أكنت تعبدني فيمن يعبدني؟ قال فيقول: يا رب نعم! قال فيقول له:

أكنت تدعونى فيمن يدعونى؟ فيقول: يا رب نعم! فيقول: أكنت تذكرنى فيمن يذكرنى؟ قال يقول: يا رب نعم! قال فيقول له: وعزتي ما ذكرتني فى موطن قط إلا ذكرتك فيه، ولا دعوتني بدعوة قط إلا استجبتها لك ثم قال ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن العبد المسلم لا ترد له دعوة، إما أن تعجل له في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه بها خطاياه» .

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا بكير بن محمد قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت البناني عن رجل من العباد.

قال: قال يوما لإخوانه: إني لأعلم حين يذكرني ربي، قال: ففزعوا من ذلك فقالوا: تعلم حين يذكرك ربك؟ قال: نعم! قالوا: ومتى؟ قال: إذا ذكرته ذكرني، قال: وإني لأعلم حين يستجيب لى ربى. قال: فعجبوا من قوله.

قالوا: تعلم حين يستجيب لك ربك عز وجل؟ قال: نعم! قالوا: وكيف تعلم ذلك. قال: إذا وجل قلبي واقشعر جلدي وفاضت عيناي وفتح لي في الدعاء فثم أعلم أن قد استجيب لي. قال: فسكتوا.

ص: 324

أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت ثابتا يقول: إن أهل ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله وإن عليهم من الآثام كأمثال الجبال، وإنهم ليقومون من ذكر الله عطلا ما عليهم منها شيء.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت ثابتا البناني يقول: كان رجل عاملا للعمال فجمع ماله فجعله فى سارية، فلما حضرته الوفاة أمر به فنتر بين يديه. فجعل يقول: يا ليتها كانت بعرا، يا ليتها كانت بعرا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت ثابتا يقول: وأي عبد أعظم حالا من عبد يأتيه ملك الموت وحده ويدخل قبره وحده ويوقف بين يدي الله وحده، ومع ذلك ذنوب كثيرة ونعم من الله كثيرة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت ثابتا يقول: إذا وضع العبد المؤمن فى قبره؛ احتوشته أعماله الصالحة.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا الحسين بن محمد قال ثنا أبو زرعة قال ثنا عبد السلام بن مطهر قال ثنا جعفر قال: سمعت ثابتا قرأ: حم السجدة حتى بلغ {(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا)} فوقف فقال: بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له لا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة التي كنت توعد، قال فيؤمن الله خوفه، ويقر الله عينه، فما عظيمة تغشى الناس يوم القيامة إلا والمؤمن في قرة عين لما هداه الله له ولما كان يعمل له في الدنيا.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا محمد بن العباس المؤدب قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت: إنه كان يقول ما أكثر أحد ذكر الموت إلا رؤى ذلك فى عمله.

ص: 325

عبيد الله بن محمد بن عائشة قال ثنا حماد قال ثنا ثابت. قال: طوبى لمن ذكر ساعة الموت وما أكثر عبد ذكر الموت إلا رؤى ذلك في عمله.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر قال ثنا عبدة الصفار قال ثنا زيد بن الحباب قال ثنا عبد الله بن بجير بن حمدان القيسي. قال: سمعت ثابتا البناني يقول: الليل والنهار أربع وعشرون ساعة ليس فيها ساعة تأتي على ذي روح إلا وملك الموت عليها قائم، فإن أمر بقبضها قبضها وإلا ذهب.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا الحسن بن هارون بن سليمان قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت ثابتا البناني يقول:

نية المؤمن أبلغ من عمله، إن المؤمن ينوي أن يقوم الليل ويصوم النهار ويخرج من ماله فلا تتابعه نفسه على ذلك، فنيته أبلغ من عمله.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا الحسن بن هارون قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت. قال: كان شاب به زهو فكانت أمه تعظه: يا بني إن إن لك يوما فاذكر يومك، فلما نزل به أمر الله أكبت عليه أمه فجعلت تقول: قد كنت أحذرك مصرعك هذا يا بني فأقول إن لك يوما فاذكر يومك. فقال: يا أمه إن لي ربا كثير المعروف وإني لأرجو أن لا يعذبني اليوم، بفضل معروفه ويلي إن لم

(1)

يغفر لي. قال يقول ثابت رحمه الله: حسن ظنه بالله عز وجل في حالته تلك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة قال ثنا السري بن يحيى. قال: تزوج ثابت امرأة قال فحمله رجل على عنقه فأهداه إلى امرأته.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا بن إبراهيم قال ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال ثنا ضمرة عن السري قال: تزوج ثابت امرأة فحمله رجل على عنقه إلى امرأته ليلة دخل بها، فجعل الناس يقولون لو كان أمر الرجال في لحم ثابت

(1)

كذا فى ت وفى ز وج: بعض معروف ربى يغفر لى.

ص: 326

ودمه لذهب. ولكن إنما ذلك في عظمه.

• حدثنا حبيب بن الحسن قال ثنا أبو مسلم الكشي قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي قال حدثتني جميلة مولاة أنس قالت: كان ثابت إذا جاء قال أنس يا جميلة: ناوليني طيبا أمس به يدي، فإن ابن أم ثابت لا يرضى حتى يقبل يدي، ويقول قد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي وعلي بن مسلم. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت. قال: كان داود نبي الله عليه السلام يطيل الصلاة ثم يركع ثم يرفع رأسه، ثم بقول:

إليك رفعت رأسي يا عامر السماء! نظر العبيد إلى أربابها يا ساكن السماء

(1)

.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال قال ثابت: كان داود عليه السلام قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن ساعة من الليل إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي، قال فعمهم الله في هذه الآية {(اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور)} .

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت ثابتا يقول: اتخذ داود سبع حشايا من شعر وحشاهن من الرماد، ثم بكى حتى أنفذها دموعا. ولم يشرب داود شرابا إلا ممزوجا بدموع عينيه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد ابن إبراهيم الدورقي قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا سلام بن مسكين قال ثنا ثابت قال: ما دعا الله المؤمن بدعوة إلا وكل بحاجته جبريل عليه السلام

(1)

فى نسخة جدة هذه الحاشية أنقلها فائدة للمطالع وهى: (حاشية) لم يرد به الحلول ولا السكون فيها وانما أراد إعمارها بمن فيها من الملائكة واسكانها بهم للعبادة ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ورفع الايدى الى السماء هو امتثال الأمر كالصلاة إلى القبلة لا أنه حال تعالى وتقدس وكيف يحويه زمان ومكان وهو خالقهما جميعا والخالق لا يحتاج الى مخلوقه فان ذلك يشمر الحاجة أو الاستقرار وكلاهما من صفات النقص والعجز والاجسام وذلك مستحيل عليه سبحانه وتعالى.

ص: 327

فيقول لا تعجل بإجابته فإني أحب أن أسمع صوت عبدي المؤمن، قال وإن الفاجر يدعو الله فيوكل جبريل بحاجته. فيقول يا جبريل عجل إجابة دعوته، فإني أحب أن لا أسمع صوت عبدي الفاجر.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت البناني. قال: بلغني أنه ما من قوم جلسوا مجلسا فيقومون قبل أن يسألوا الله الجنة ويتعوذوا بالله من النار؛ إلا قالت الملائكة المساكين أغفلوا العظيمتين.

• حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن أبي سهل قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة عن محمد بن سليم عن ثابت. قال:

كان داود عليه السلام إذا ذكر عقاب الله عز وجل تخلعت أوصاله لا يشدها إلا الأسر

(1)

، وإذا ذكر رحمة الله تراجعت.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبو عامر العدوي قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني. قال: كنت إلى جنب سرادق مصعب بن الزبير في مكان لا تمر فيه الدواب وقد استفتحت {(حم، تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب)} فإذا رجل قال لما قلت غافر الذنب قال قل: يا غافر الذنب اغفر لي قال قلت يا غافر الذنب اغفر لي، ولما قلت يا قابل التوب قال قل: يا قابل التوب اقبل توبتي، فلما قلت شديد العقاب قال قل: يا شديد العقاب اعف عن عقابي، قال والتفت يمينا وشمالا فلم أر أحدا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا على ابن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا ثابت البناني. قال: بلغني أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا عليه السلام فرأى عليه معاليق من كل شيء.

فقال يحيى عليه السلام: يا إبليس ما هذه المعاليق التي أرى عليك؟ قال هذه الشهوات التي أصيب بهن ابن آدم، قال فهل لى فيها من شيء. قال: ربما

(1)

أى الشد والعصب حكاه فى النهاية تفسيرا لهذا الخبر.

ص: 328

شبعت فثقلناك عن الصلاة وعن الذكر. قال: هل غير ذلك قال لا! قال لله على أن لا أملأ بطنى من طعام أبدا. قال: إبليس: ولله علي أن لا أنصح

(1)

مسلما أبدا.

أسند ثابت عن غير واحد من الصحابة منهم: ابن عمر، وابن الزبير، وشداد وأنس رضي الله تعالى عنهم. وأكثر الرواية عن أنس. وروى عنه جماعة من التابعين منهم عطاء بن أبي رباح، وقتادة، وأيوب، ويونس بن عبيد، وسليمان التيمي، وحميد، وداود بن أبي هند، وعلي بن زيد

(2)

بن جدعان، والأعمش وغيرهم.

‌فمن حديثه عن أنس

• ما حدثناه أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عبد الله بن أبي بكر السهمي قال ثنا حميد عن ثابت عن أنس:

أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال:

هل كنت تدعو الله بشيء - أو تسأله إياه -. قال: كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. قال: «سبحان الله لا تستطيعه - أو لا تطيقه - هلا قلت اللهم {آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}» . هذا حديث صحيح ثابت حدث به الإمام أحمد بن حنبل عن ابن أبي عدي وعن عاصم بن النضر وعن خالد بن الحارث جميعا عن حميد.

وممن رواه عن حميد من الأعلام بشر بن المفضل ومعاذ بن معاذ وسهل بن يوسف. ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس [ورواه قتادة عن أنس] الدعاء من غير قصة العبادة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا يزيد ابن هارون قال أخبرنا حميد عن ثابت عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه سلم رأى رجلا يهادى بين ابنيه فقال ما هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي إلى البيت قال: «إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه» ثم أمره فركب. هذا حديث

(1)

وفى نسخة انسانا.

(2)

فى الاصلين ابن يزيد بن جدعان والتصحيح عن الخلاصة ونسخة د.

ص: 329

صحيح اتفق عليه الإمامان البخاري ومسلم وحدث به الإمام أحمد بن حنبل عن هشيم ويزيد بن حميد. وأخرجه البخاري من حديث يحيى القطان ومروان الفزاري عن حميد. وأخرجه مسلم من حديث هشيم عن حميد. وممن روى هذا الحديث عن حميد شعبة ويزيد بن زريع ويحيى القطان وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ والمعتمر بن سليمان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وبشر بن المفضل ويزيد بن هارون وخالد بن عبد الله وعبد الله بن بكر وزهير بن معاوية والدراوردي في آخرين.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن وفاروق الخطابي في جماعة. قالوا: ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا محمد بن عرعرة قال ثنا شعبة عن يونس بن عبيد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك. قال: صحبت جرير بن عبد الله وكان يخدمني وكان أكبر من أنس وقال جرير إني رأيت الأنصار يصنعون برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما أرى أحدا منهم إلا أكرمته. هذا حديث صحيح متفق على صحته. تفرد به محمد بن عرعرة عن شعبة وحدث به عنه الأعلام؛ عمرو بن علي، ونصر بن علي [وبندار، ومحمد بن المثنى، وأحمد بن سنان. وأخرجه البخاري] عن محمد بن عرعرة [وأخرجه مسلم عن بندار وأبي موسى ونصر بن علي عن محمد بن عرعرة].

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا عفان قال ثنا عبد العزيز بن المختار قال ثنا ثابت عن أنس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فقد رآنى فان الشيطان لا يتمثل بي؛ وقال رؤيا المسلم

(1)

جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة». هذا حديث صحيح ثابت حدث به الأئمة عن عفان؛ أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وأبو بكر ابن أبي شيبة وأخرجه البخاري في صحيحه عن معلى بن أسد عن عبد العزيز ابن المختار وروى اللفظة الآخرة مسلم من حديث شعبة عن ثابت عن أنس.

• حدثنا فاروق الخطابي قال ثنا عباس بن الفضل الاسقاطى قال ثنا أبو

(1)

فى د: المؤمن: وما بين المربعات إلى آخر الجزء زيادة عن نسخة د.

ص: 330

يعلى محمد بن الصلت قال ثنا [أبو] صفوان عن ابن جريج عن عطاء عن ثابت عن أنس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن للمغرب يبتدرون السواري فيصلون ركعتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا حديث غريب من حديث عطاء عن ثابت تفرد به أبو صفوان وهو الأموي واسمه عبد الله بن سعيد ثقة مأمون. ورواه طلحة بن عمرو المكي عن ثابت نحوه.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود قال ثنا طلحة بن عمرو قال سمعت ثابتا يحدث عن أنس بن مالك. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج علينا وقد نودي بالمغرب ونحن نصلي ركعتين، فلا يأمرنا ولا ينهانا ورواه معتمر بن سليمان عن أبي داود مثله.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إبراهيم بن هاشم قال ثنا سعيد ابن يعقوب قال ثنا زيد بن الحباب عن جعفر بن سليمان عن ثابت قال قال لي أنس: يا ثابت خذ عني فإنك لن تجد أحدا أوثق مني إني أخذته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذه عن جبريل عليه السلام، وجبريل أخذه عن الله تعالى. هذا حديث غريب من حديث ثابت لم نكتبه إلا من حديث زيد بن الحباب واختلف عليه فيه فرواه أبو كريب عن زيد بن الحباب عن ميمون عن ثابت.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار بن حاتم قال ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء» . هذا حديث غريب تفرد به سيار عن جعفر ولم نكتبه إلا من حديث أحمد بن حنبل.

• حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال ثنا سليمان بن الحسن العطار قال ثنا أبو الفضل الواسطي قال ثنا يوسف بن عطية قال ثنا ثابت عن أنس.

ص: 331

وقراء فسقة». هذا حديث غريب من حديث ثابت لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية وهو قاض بصري في حديثه نكارة.

• حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا سعيد بن أشعث قال ثنا الحارث بن عبيد قال ثنا ثابت عن أنس قال: قالوا يا رسول الله: إنا نكون عندك على حال فإذا فارقناك كنا على غيره فنخاف أن يكون ذلك النفاق. قال: «كيف أنتم وربكم؟ قالوا: الله ربنا في السر والعلانية.

قال: كيف أنتم ونبيكم؟ قالوا: أنت نبينا في السر والعلانية. قال: ليس ذلك النفاق». هذا حديث ثابت تفرد به الحارث بن عبيد أبو قدامة عن ثابت حدث به الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني عن سعيد بن منصور عن ثابت مثله.

• حدثنا سليمان بن أحمد وعبد الله بن محمد. قالا: ثنا محمد بن شعيب التاجر قال ثنا عبد الرحمن بن سلمة قال ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن معراء قال ثنا المفضل بن فضالة عن ثابت البناني عن أنس مالك قال: لما كان يوم أحد حاص المسلمون

(1)

حيصة فقالوا: قتل محمد حتى كثرت الصوارخ ناحية من المدينة فخرجت امرأة من الأنصار متحزبة

(2)

فاستقبلت بأبيها وابنها وأخيها وزوجها لا أدري أيهم استقبلت به أولا، فلما مرت على آخرهم.

قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك أخوك زوجك ابنك، وهي تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولون: أمامك حتى

(3)

دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت بناحية ثوبه، ثم جعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالى إذ سلمت من عطب. هذا حديث غريب من حديث ثابت ومن حديث المفضل بن فضالة وهو أخو مبارك بن فضالة [بصري] عزيز

(4)

الحديث تفرد به أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عنه.

(1)

أى جالوا جولة يطلبون الفرار

(2)

متحزبة بالزاى بدل الراء من حزبه الامر إذا كربه وفى د متحزمة بالميم بدل الباء.

(3)

فى د: حتى إذا جاءت إلى رسول الله أخذت بناحية ثوبه.

(4)

وفيها: غريب الحديث.

ص: 332

• حدثنا فاروق الخطابي وحبيب بن الحسن وسليمان بن أحمد. قالوا: ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا معقل بن مالك قال ثنا الهيثم بن جماز عن ثابت عن أنس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب العرب إيمان وبغض العرب كفر، فمن أحب العرب فقد أحبنى، ومن أبغض العرب فقد أبغضني» .

هذا حديث غريب من حديث ثابت عن أنس تفرد به الهيثم بن جماز.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا فضيل بن محمد الملطي قال ثنا موسى بن داود قال ثنا الهيثم بن جماز عن ثابت عن أنس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بعمل العبد يوم القيامة فيوضع في كفة الميزان فلا يرجح حتى يؤتى بصحيفة مختومة من يد الرحمن عز وجل فتوضع في كفة الميزان فترجح وهو لا إله إلا الله». غريب من حديث ثابت تفرد به الهيثم بن جماز وهو بصرى قاض.

‌قتادة بن دعامة

ومنهم الحافظ الرغاب، الواعظ الرهاب، قتادة بن دعامة أبو الخطاب، كان عالما حافظا، وعاملا واعظا.

وقد قيل: إن التصوف المراعاة والاحتفاظ، والمعاناة والاتعاظ.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث قال ثنا شيبان قال ثنا أبو هلال قال ثنا غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني. قال: من أراد أن ينظر إلى أحفظ أهل زمانه فلينظر إلى قتادة، فما أدركنا الذي هو أحفظ منه.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا

(1)

رجاء بن الجارود قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن قتادة. قال:

لزمت سعيد بن المسيب أربعة أيام يحدثني. فقال يوما: ليس تكتب! فهل يصير في يدك شيء مما أحدثك به؟ قلت له: إن شئت حدثتك بما حدثتني به.

قال: فأعدتها عليه، قال: فبقي ينظر إلي ويقول: أنت أهل أن تحدث

(1)

فى د: زياد بن الحارث الجارود.

ص: 333

فسل فأقبلت أسأله.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا ابن أخي سعدان ابن نصر قال ثنا حسين بن مهدي قال ثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر. قال سمعت قتادة يقول: ما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبى.

• حدثنا عبد الله ابن محمد بن جعفر قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال هدبة قال ثنا همام عن قتادة. قال: قال لي سعيد بن المسيب: لم أر أحدا أسأل عما يختلف فيه منك، قلت: إنما يسأل عن ذلك من يعقل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا محمد بن عبد الملك قال ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن قتادة: أنه أقام عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام، فقال له في اليوم الثامن:

ارتحل يا عمي فقد أنزفتني.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال سمعت محمد بن مسعود الطرسوسي يقول ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر.

قال قال قتادة: تكرير الحديث في المجلس يذهب بنوره، وما قلت لأحد قط أعد علي.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث قال ثنا علي بن بشر قال ثنا عبد الرزاق عن معمر قال: جاء رجل إلى ابن سيرين. فقال:

رأيت في المنام كأن حمامة التقمت لؤلؤة فقذفتها سواء. فقال: ذاك قتادة ما رأيت أحفظ من قتادة.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أبو بكر بن يعقوب قال ثنا محمد بن هارون قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبو هلال عن مطر. قال: كان قتادة فارس العلم.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن مسعود قال ثنا عبد الرزاق عن معمر. قال قال قتادة لسعيد: خذ المصحف فأمسك علي. قال: فقرأ سورة البقرة فما أسقط منها واوا ولا ألفا ولا حرفا. فقال: يا أبا النضر أحكمت؟ قال: نعم! قال: لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة، وإنما قدمت عليه مرة واحدة.

ص: 334

قال: كان قتادة إذا سمع الحديث يختطفه اختطافا، وكان إذا سمع الحديث أخذه العويل والزويل

(1)

حتى يحفظه.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن علي الخزاعي قال ثنا هدبة قال ثنا حزم قال ثنا عاصم الأحول قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو ابن عبيد فوقع فيه ونال منه. فقلت له: أبا الخطاب ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض فقال: يا أحيول ألا تدرى أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى يحذر.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن يحيى المروزي قال ثنا خالد بن خداش قال ثنا أبو عوانة قال سمعت قتادة يقول: ما أفتيت برأيي منذ ثلاثين سنة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا حاتم بن الليث قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبو هلال قال ثنا مطر. قال: كان قتادة عبد العلم، وما زال قتادة متعلما حتى مات.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن سهل ابن عسكر قال ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن قتادة. قال: يستحب أن لا تقرأ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال ثنا حسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة: [في قوله تعالى]. {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال كان يقال كفى بالرهبة علما.

• حدثنا محمد بن أحمد قال ثنا إسحاق قال ثنا حسين قال ثنا شيبان عن قتادة: [في قوله تعالى]{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} . قال قتادة والحسن: لا يقبل قول إلا بعمل فمن أحسن العمل قبل الله قوله.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا حجاج الأسود

(1)

القلق والانزعاج حكاه فى النهاية.

ص: 335

القسملي زق العسل. قال: سمعت قتادة يقول: ابن آدم إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل [أميل]، ولكن المؤمن هو المتحامل والمؤمن المتقوي وإن المؤمنين هم العجاجون

(1)

إلى الله بالليل والنهار، وما زال المؤمنون يقولون ربنا ربنا في السر والعلانية حتى استجاب لهم.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق الحربي قال ثنا حسين ابن محمد المروزي قال ثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة. قال: يا ابن آدم لا تعتبر الناس بأموالهم ولا أولادهم، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح.

إذا رأيت عبدا صالحا يعمل فيما بينه وبين الله خيرا ففي ذلك فسارع، وفي ذلك فنافس ما استطعت إليه قوة ولا قوة إلا بالله. وقال قتادة: إن الذنب الصغير يجتمع إلى غيره مثله على صاحبه حتى يهلكه؛ ولعمري إنا لنعلم أن أهيبكم للصغير من الذنب أورعكم عن الكبير [وقال قتادة في قوله تعالى]:

(2)

{فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} ، هذا عبد نوى الدنيا! لها أنفق ولها شخص ولها نصب ولها عمل ولها همه ونيته وسدمه

(3)

وطلبته. {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة!} هذا عبد نوى الآخرة ولها شخص ولها أنفق ولها عمل ولها نصب وكانت الآخرة همه وسدمه وطلبته ونيته، وقد علم الله تعالى أنه سيزل زالون من الناس فتقدم في ذلك وأوعد فيه لكي تكون الحجة لله على خلقه.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن يحيى قال ثنا عمرو بن علي قال ثنا يزيد بن زريع قال حدثني هشام الدستوائي. قال: سمعت قتادة يقول: ما نهى الله عن ذنب إلا وقد علم أنه موقوع ولكن تقدمة وحجة.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين. قال: ثنا إسحاق بن الحسن قال ثنا حسين بن محمد قال ثنا شيبان قال ثنا قتادة قال: اجتنبوا نقض هذا الميثاق

(1)

العجاجون: الذين يرفعون أصواتهم.

(2)

عن تحصيل البغية فقط.

(3)

السدم اللهج والولوع بالشئ عن النهاية.

ص: 336

فإن الله تعالى قد قدم فيه وأوعد، وذكره في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وحجة، وإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند ذوي العقل والفهم والعلم بالله عز وجل، وإنا ما نعلم الله تعالى أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق، وإن المؤمن حي القلب حي البصر سمع كتاب الله فانتفع به ووعاه وحفظه وعقله عن الله، والكافر أصم أبكم لا يسمع خيرا ولا يحفظه [ولا يتكلم] بخير ولا يعلمه. في الضلالة متسكعا

(1)

فيها، لا يجد منها مخرجا ولا منفذا أطاع الشيطان فاستحوذ عليه وتلا قوله {(وأمرنا لنسلم لرب العالمين)} قال: خصومة علمها الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة، وإن الله عز وجل علمكم فأحسن تعليمكم وأدبكم فأحسن تأديبكم.

فأخذ رجل بما علمه الله ولا يتكلف ما لا علم به فيخرج من دين الله ويكون من المتكلفين، وإياكم والتكلف والتنطع والغلو والاعجاب بالأنفس، تواضعوا لله عز وجل لعل الله يرفعكم قد رأينا والله أقواما يسرعون إلى الفتن وينزعون فيها، وأمسك أقواما عن ذلك هيبة لله ومخافة منه. فلما انكشفت إذا الذين أمسكوا أطيب نفسا وأثلج صدورا وأخف ظهورا من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك حزازات على قلوبهم كلما ذكروها. وايم الله! لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير، والله ما بعثت فتنة قط إلا في شبهة وريبة إذا شبت. رأيت صاحب الدنيا لها يفرح ولها يحزن ولها يرضى ولها يسخط وو الله لئن تشبث بالدنيا وحدب عليها ليوشك أن تلفظه وتقضى منه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن الحسن قال ثنا حسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة. قال: عليكم بالوفاء بالعهد ولا تنقضوا هذه المواثيق فإن الله قد نهى عن ذلك وقدم فيه أشد التقدمة، وذكره في بضع وعشرين آية نصيحة لكم وتقدمة إليكم وحجة عليكم قال الله عز وجل {(ولنسكننكم الأرض من بعدهم)} . وعدهم الله النصر فى الدنيا والجنة

(1)

التسكع: التمادى فى الباطل.

ص: 337

في الآخرة فبين الله من يسكنها من عباده فقال ذلك {(لمن خاف مقامي وخاف وعيد)} وقال {(ولمن خاف مقام ربه جنتان)} وأن الله تعالى مقاما هو قائمه وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار. وقال {(فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله)} فخافوا والله ذلك فعملوا ونصبوا ودأبوا بالليل والنهار وقال {(من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال)} علم الله أن في الدنيا خلالا يتخاللون بها في الدنيا فلينظر الرجل على م يخالل ومن يصاحب فإن كان لله فليداوم وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عدواة يوم القيامة إلا خلة المتقين.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد قال ثنا إبراهيم أبو اسماعيل القتاد قال سمعت قتادة يقول: منع البر النوم وكانوا ينامون قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام أخذوا والله من نومهم وليلهم ونهارهم وأموالهم وأبدانهم ما تقربوا به إلى ربهم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة: قال كان يقال: قلما ساهر الليل منافق.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثني الحسن بن موسى قال ثنا عبد الوهاب

(1)

قال ثنا سلام بن مسكين أبو روح قال ثنا قتادة. قال: كان يقال إن الناس لا يطئون إلا آثارا ولا يتكلمون إلا برجيع من القول، المحسن على إثر المحسن عمله كعمله وثوابه كثوابه، والمسيء على إثر المسيء عمله كعمله وثوابه كثوابه وإن البر التقي عند فعله يحل وإن الفاجر الشقي عند فعله يحل، كل سيهجم على ما قدم ويعاين ما قد أسلف إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

• أخبرنا محمد بن أحمد في كتابه قال ثنا محمد بن أيوب قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة: أنه كان يختم القرآن في كل سبع

(1)

لم يرد الا فى النسخة الازهرية وهو الصواب.

ص: 338

ليال مرة، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة.

• حدثنا أبو علي محمد بن أحمد قال ثنا إسحاق الحربي قال ثنا حسين المروزي قال ثنا شيبان عن قتادة: فى قول تعالى {(وتطمئن قلوبهم بذكر الله)} قال حنت قلوبهم إلى ذكر الله واستأنست به وقال {(فلولا أنه كان من المسبحين)} قال كان كثير الصلاة فى الرجا فنجا. وكان يقال في الحكمة:

إن العمل الصالح يرفع صاحبة إذا ما عثر، وإذا ما صرع وجد متكأ. وقال {(والذين هم عن اللغو معرضون)} قال أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن الباطل. وذكر لنا أن الله لما أخذ في خلق آدم عليه السلام. قالت الملائكة: ما الله بخالق خلقا هو أعلم منا ولا أكرم عليه منا؛ فابتليت الملائكة بخلق آدم وقد يبتلي الله عباده بما شاء ليعلم من يطيعه ومن يعصيه ومن تفكر في الدنيا والآخرة عرف فضل إحداهما على الأخرى، وعرف أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء. وأن الآخرة دار بقاء ثم دار جزاء. فكونوا ممن يصرم حاجة الدنيا لحاجة الآخرة إن استطعتم ولا قوة إلا بالله.

• حدثنا أبي قال ثنا عبد الله بن محمد بن عمران قال ثنا محمد بن أبي عمر العدني قال ثنا سفيان عن الحسن الجعفى عن بن القاسم بن الوليد عن قتادة: في قوله عز وجل {(والباقيات الصالحات)} قال كل ما أريد به وجه الله تعالى.

• حدثنا أبي قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا ابن أبي عمر قال ثنا سفيان عن ابن أبي عروبة عن قتادة. قال: لم يتمن الموت أحد قط لا نبي ولا غيره إلا يوسف عليه السلام حين تكاملت عليه النعم وجمع له الشمل اشتاق إلى لقاء ربه عز وجل {(رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث)}

الآية فاشتاق إلى ربه عز وجل.

ص: 339

قتادة قال: من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا علي بن سعيد قال ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال ثنا عبد الوهاب قال ثنا سعيد عن سعيد عن قتادة. قال: من أطاع الله في الدنيا، خلصت له كرامة الله في الآخرة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا الحسين بن محمد قال ثنا نوح بن حبيب قال ثنا عبد الرزاق عن معمر. قال: صك رجل ابنا لقتادة فاستعدى عليه عند بلال بن أبي بردة فلم يلتفت إليه، فشكاه إلى القسري. فكتب اليه:

إنك لم تصنف أبا الخطاب، فدعاه ودعا وجوه أهل البصرة يتشفعون اليه فأبى أن يشفعهم فقال له صكه كما صكك فقال لابنه: يا بني أحسر عن ذراعيك وارفع يديك وشد. قال: فحسر عن ذراعيه ورع يديه فأمسك قتادة يده وقال قد وهبناه لله؛ فإنه كان يقال لا عفو إلا بعد قدرة.

• حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين قال ثنا محمد بن جعفر بن ملاس قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملاس قال ثنا زيد بن يحيى قال ثنا سعيد ابن بشير عن قتادة. قال: قال إن فى الجنة كوى إلى النار فيطلع أهل الجنة من تلك الكوى إلى النار. فيقولون: ما بال الأشقياء وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم. قالوا: إنا كنا نأمركم ولا نأتمر وننهاكم ولا ننتهي.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق الحربي قال ثنا حسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة. قال: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا} على ما أمر الله، {وصابروا} أهل الضلالة فانكم على حق وهم وعلى باطل، {ورابطوا} في سبيل الله، {واتقوا الله لعلكم تفلحون} .

ص: 340

لا يحتسب. قال: من حيث يرجو ومن حيث لا يرجو، ومن حيث يأمل ومن حيث لا يأمل.

• أخبرنا خيثمة بن سليمان فيما كتب إلي وحدثني عنه عمر بن أحمد بن عثمان قال ثنا عمر بن عمرو الحنفي قال ثنا أبي قال ثنا خليد بن دعلج عن قتادة:

في قوله: {(يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه)} . قال: من أخيه هابيل من قابيل، وأمه وأبيه نبينا عليه الصلاة والسلام من أمه:

وإبراهيم من أبيه، وصاحبته وبنيه. قالوا: لوط من صاحبته ونوح من بنيه.

• حدثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي قال ثنا محمد بن جرير قال ثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا محمد بن عبد العزيز قال ثنا شهاب بن خراش عن قتادة. قال: باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح الناس، أفضل من عبادة حول كامل.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أيوب قال ثنا روح قال ثنا قرة بن خالد. قال: كان هجير قتادة إذا مر الحديث، ألا إلى الله تصير الأمور.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا أبو كامل قال ثنا أبو عوانة عن قتادة. قال: كان المؤمن لا يعرف إلا في ثلاثة مواطن؛ بيت يستره، أو مسجد يعمره، أو حاجة من الدنيا ليس بها بأس.

• حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل قال ثنا محمد بن الحسين بن مكرم قال ثنا يعقوب الدورقي قال ثنا وكيع عن أبي الأشهب عن قتادة. قال: قال لقمان لابنه: اعتزل الشر كما يعتزلك الشر؛ فإن الشر للشر خلق.

أسند قتادة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم: منهم أنس بن مالك وأبو الطفيل وعبد الله بن سرجس وحنظلة الكاتب.

وروى عن قتادة من التابعين عدة: منهم سليمان التيمي وحميد الطويل وأيوب السختياني ومطر الوراق ومحمد بن جحادة ومنصور بن زاذان.

وروى عنه من الأئمة والأعلام: شعبة وهشام والأوزاعي ومسعر وعمرو ابن الحارث ومعمر وليث بن أبي سليم.

ص: 341

فمن حديثه عن أنس رضي الله تعالى عنه.

• ما حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يونس بن حبيب قال ثنا أبو داود وحدثنا فاروق الخطابي قال ثنا أبو مسلم الكشي قال ثنا مسلم بن إبراهيم. قالا: ثنا هشام. وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة -. وحدثنا الحسن بن محمد بن كيسان قال ثنا يوسف القاضي قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا شعبة، وحدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا هدبة قال ثنا همام بن يحيى. قالوا كلهم عن قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه. قال: لأحدثنكم بحديث لا يحدثكموه أحد بعدى سمعته من رسول صلى الله عليه وسلم.

قال: «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، وينزل الجهل، وتشرب الخمر، ويكثر النساء، ويقل الرجال حتى يكون قيم خمسين امرأة رجلا واحدا» . هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري من حديث هشام وشعبة وهما حدث به عن مسدد عن يحيى عن شعبة، وممن حدث به عن قتادة مطر الوراق ومعمر وحماد بن سلمة وأبو عوانة والصعق بن حزن وخالد بن قيس والحكم ابن عبد الملك وحبيب بن أبي حبيب وقرة بن خالد وأبو مرزوق وسعيد بن بشير: منهم من طوله ومنهم من اختصره.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا أبو النضر وحدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة قال ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال ثنا.

علي بن الجعد: وحدثنا حبيب بن الحسن واحمد بن محمد بن يوسف وابراهيم ابن محمد بن حمزة: قالوا: ثنا يوسف القاضي قال ثنا عمرو بن مرزوق قالوا ثنا شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «إذا كان أحدكم فى صلاته فانه يناجى ربه عز وجل فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره وتحت قدمه» . هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري عن آدم والحوضي عن شعبة. ومن حديث هشام ويزيد بن إبراهيم عن قتادة نحوه وأخرجه مسلم من حديث بندار وأبي موسى عن غندر عن شعبة

ص: 342

• حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم قال ثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ قال ثنا حسين بن محمد المرورى قال ثنا شيبان عن قتادة عن أنس: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه» . هذا حديث صحيح متفق عليه: حدث به البخاري عن عبد الله بن محمد. ومسلم عن أبي خيثمة جميعا عن يونس بن محمد المؤدب عن شيبان.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أيوب عن عتبة عن الفضل بن بكر عن قتادة عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: «ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وثلاث منجيات؛ خشية الله فى السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى والعدل في الغضب والرضا» . هذا حديث غريب من حديث قتادة ورواه عكرمة بن إبراهيم عن هشام عن يحيى ابن أبى كثير عن قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه.

• حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم قال ثنا أحمد بن علي ابن إسماعيل بن علي بن أبي بكر الإسفذني

(1)

قال ثنا عبد الله بن عبيد الله الأنصاري عن بكر بن ظبيان عن أنس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أوحى الله إلى موسى بن عمران أن يا موسى لولا من يشهد أن لا إله إلا الله لسلطت جهنم على أهل الدنيا، يا موسى لولا من يعبدني لما أمهلت لن يعصيني طرفة عين، يا موسى إنه من آمن فهو أكرم الخلق علي، يا موسى كلمة من العاق تزن جميع رمال الدنيا. قال موسى: يا رب من علي، من العاق! قال الذي إذا قال لوالديه لا لبيك» . هذا حديث غريب من حديث قتادة تفرد به الأنصاري عن بكر ولم نكتبه إلا من حديث الإسفذني.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي قال ثنا محمد بن عبيد الله العرزمى عن قتادة عن

(1)

كذا فى ج: (بالفاء وفى ز بالقاف والصحيح الأول كما فى الأنساب ومعجم ياقوت.

ص: 343

أنس بن مالك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره؛ من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته» . هذا حديث غريب من حديث قتادة. تفرد به أبو نعيم عن العرزمى.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا الحسن بن علويه القطان قال ثنا إسماعيل بن عيسى قال ثنا داود بن الزبرقان عن مطر عن قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبى النبى الله صلى الله عليه وسلم. قال: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار عذب على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقين من درنه ودرنه إثمه» . هذا حديث غريب من حديث أنس وقتادة ومطر تفرد به داود عن مطر.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الحسن بن جرير قال ثنا أبو الجماهر قال ثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام توسد يمينه ثم قال «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك» تفرد به سعيد ابن بشير عن قتادة.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرني عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وخديجة ابنة خويلد وفاطمة ابنة محمد وآسية امرأة فرعون» . هذا حديث غريب من حديث قتادة. تفرد به عنه معمر. حدث به الأئمة عن عبد الرزاق. أحمد وإسحاق وأبو مسعود.

ص: 344

عمر». هذا حديث غريب من حديث قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه تفرد به أبو هلال واسمه محمد بن سليم الراسبي ثقة بصري.

‌محمد بن واسع

ومنهم العامل الخاشع، والخامل الخاضع، أبو عبد الله محمد بن واسع. كان لله عاملا، وفي نفسه خاملا.

وقيل: إن التصوف الخشوع والخمول والقنوع والذبول.

• حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني قال ثنا إسماعيل بن علي قال ثنا هارون بن حميد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول:

إن من القراء قراء ذا الوجهين إذا لقوا الملوك دخلوا معهم فيما هم فيه، وإذا لقوا أهل الآخرة دخلوا معهم فيما هم فيه، فكونوا من قراء الرحمن. وإن محمد بن واسع من قراء الرحمن.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هارون قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول:

القراء ثلاثة؛ فقارئ للرحمن وقارئ للدنيا وقارئ للملوك. ويا هؤلاء محمد بن واسع عندي من قراء الرحمن.

• حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن ناجية قال ثنا نصر بن على قال سفيان يقول قال مالك بن دينار: للأمراء قراء للأغنياء قراء، وإن محمد بن واسع من قراء الرحمن.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني محمد بن جعفر الوركاني قال ثنا أبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع عن ليث بن أبي سليم عن محمد بن واسع، قال: إذا أقبل العبد بقلبه إلى الله أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال أخبرني أبو يحيى صاعقة قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا سلام بن أبى مطيع قال:

ص: 345

يقرب منه قال كان يقول في دعائه أستغفرك من كل مقام سوء ومقعد سوء ومدخل سوء ومخرج سوء وعمل سوء وقول سوء ونية سوء، أستغفرك منه فاغفر لي، وأتوب إليك منه فتب علي وألقي إليك بالسلام قبل أن يكون لزاما.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني نصر بن علي قال ثنا الأصمعي قال قال سليمان التيمي: ما أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل صحيفته إلا محمد بن واسع.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن نصر قال ثنا أحمد بن كثير قال ثنا شبابة قال أخبرني أبو الطيب موسى بن بشار. قال: صحبت محمد بن واسع من مكة إلى البصرة فكان يصلي الليل أجمع يصلي في المحمل جالسا يومئ برأسه إيماء، وكان يأمر الحادي يكون خلفه ويرفع صوته حتى لا يفطن له، وكان ربما عرس من الليل فينزل فيصلي فإذا أصبح أيقظ أصحابه رجلا رجلا فيجئ إليه فيقول: الصلاة الصلاة فإذا قاموا قال لنا إن الماء قريبا فتوضئوا وإن كان فيه بعد وفي الماء الذي معكم قلة فتيمموا وأبقوا هذه للشفة.

• حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل قال ثنا الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال ثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان قال: قيل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت أبا عبد الله؟ قال قريبا أجلي بعيدا أملي سيئا عملي.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد الدورقي قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال حدثني نصر قال حدثني عبد الواحد بن زيد. قال: شهدت حوشبا جاء إلى مالك بن دينار فقال يا أبا يحيى رأيت البارحة كأن مناديا ينادى يقول يا أيها الناس الرحيل الرحيل، فما رأيت أحدا يرتحل إلا محمد بن واسع قال فصاح مالك صيحة وخر مغشيا عليه. عليه قال مضر: كان الحسن يسمي محمد بن واسع زين القراء.

ص: 346

العبدي. قال: قال محمد بن واسع: القرآن بستان العارفين، فأينما حلوا منه حلوا في تزهة.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال حدثني محمد ابن يحيى بن أبي حاتم قال: حدثني يحيى بن حريث عن يوسف بن عطية عن محمد ابن واسع. قال: لقد أدركت رجالا كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة قد بل ما تحت خده من دموعه لا تشعر به امرأته، ولقد أدركت رجالا يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي إلى جانبه.

• أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال ثنا محمد بن العباس قال ثنا محمد بن نعيم قال ثنا عبد العزيز بن أبان قال ثنا عمران بن خالد. قال: سمعت محمد ابن واسع يقول: إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم به.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني عبيد الله القواريري قال سمعت حماد بن زيد يقول: دخلنا على محمد بن واسع فى مرضه نعوده قال: فجاء يحيى البكاء يستأذن عليه. فقالوا: يا أبا عبد الله هذا أخوك أبو سلمة على الباب. قال: من أبو سلمة؟ قالوا: يحيى! قال: من يحيى؟ قالوا: يحيى البكاء! قال حماد: وقد علم أنه يحيى البكاء فقال: إن شر أيامكم يوم نسبتم فيه إلى البكاء.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة قال: حدثنا سيار قال ثنا ابن شوذب. قال:

حضر محمد بن واسع محضرا فيه بكاء فلما فرغوا أتوا بالطعام فتنحى محمد بن واسع ناحية فجلس فقالوا له: يا أبا بكر ألا تدنوا إلى الطعام فتأكل. قال:

إنما يأكل من بكى؟ كأنه يعيب عليهم الطعام بعد البكاء أو مع البكاء.

• حدثنا أحمد بن سنان قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا هارون بن عبد الله قال: ثنا سيار قال. ثنا جعفر. قال: كنت إذا وجدت من قلبي قسوة نظرت إلى وجه محمد بن واسع نظرة، وكنت إذا رأيت وجه محمد بن واسع حسبت أن وجهه وجه ثكلى.

ص: 347

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا سعدان ابن يزيد العسكري قال: ثنا الهيثم بن جميل قال: ثنا مخلد بن الحسين عن هشام ابن حسان. قال: كان محمد بن واسع إذا قيل له كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: ما ظنك برجل يرحل كل يوم إلى الآخرة مرحلة.

• حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر قال: ثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب قال: ثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال: ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت جليسا لوهب بن منبه يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم. فقلت له: يا رسول الله أين الأبدال من أمتك؟ فأومأ بيده قبل الشام. فقلت: يا رسول الله أما بالعراق منهم أحد؟ قال: بلى! محمد بن واسع.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أحمد بن الحسين الحذاء قال: ثنا أحمد الدورقي قال: حدثني أبو داود قال: ثنا عمارة بن مهران المعولي. قال:

قال: قال لى محمد بن واسع: ما أعجب إلي منزلك. قال: قلت: وما يعجبك من منزلي وهو عند القبور. قال: وما عليك يقلون الأذى ويذكرونك الآخرة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا أحمد بن نصر قال: ثنا أحمد بن كثير قال: ثنا سعيد بن عامر قال: حدثني أبو عامر قال: حدثني صاحب لنا. قال:

لما ثقل محمد بن واسع كثر الناس عليه فى العيادة. قال: فدخلت فإذا قوم قيام وآخرون قعود. قال: فأقبل علي فقال: أخبرني ما يغني هؤلاء عني إذا أخذ بناصيتي وقدمي غدا وألقيت في النار، ثم تلا هذه الآية. {(يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام)} .

• حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا أحمد بن الحسين قال: ثنا: أحمد بن إبراهيم قال: ثنا سعيد بن عامر قال: سمعت حزما يحدث. قال: قال: محمد ابن واسع: يا إخوتاه تدرون أين يذهب بي يذهب بي والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني.

• حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله المتولي قال ثنا حاجب بن أبي بكر قال:

ص: 348

قال: قيل: لمحمد بن واسع: إني لأحبك في الله تعالى. قال: أحبك الذي أحببتني له اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي ماقت أو مبغض.

• حدثنا أبي قال: ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: ثنا عبد الله بن عيسى قال: ثنا محمد بن عبد الله الرداد أبو يحيى.

قال: كان محمد بن واسع إذا انتبه من منامه ضرب بيده إلى دبره. فقيل له في ذلك. فقال إني والله أخاف أن أمسخ قردا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا هارون بن عبد الله قال: ثنا سيار قال: ثنا جعفر. قال: اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع. قال مالك: إني لأغبط رجلا معه دينه له قوام من عيش راض عن ربه عز وجل. فقال محمد بن واسع: إني لأغبط رجلا معه دينه ليس معه شيء من الدنيا راض عن ربه. قال: فانصرف القوم وهم يرون أن محمدا أقوى الرجلين.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:

حدثني سفيان بن وكيع قال: ثنا ابن علية عن يونس. قال: سمعت محمد بن واسع يقول: لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنا عبد الله بن صندل قال ثنا فضيل بن عياض. قال: قال مالك بن دينار: إنما هو طاعة الله أو النار. فقال محمد بن واسع: إنما هو عفو الله أو النار.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبو عمرو الأزدي نصر بن علي قال ثنا زياد بن الربيع عن أبيه. قال: رأيت محمد بن واسع يمر ويعرض حمارا له على البيع. فقال له رجل: أترضاه لي؟ قال: لو رضيته لم أبعه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال: سعيد بن عامر قال: قال جعفر: قيل لمحمد بن واسع:

لو تكلمت يا أبا عبد الله. فقال: الحمد لله هذه علانية حسنة. ثم قال: {(إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا)} ثم سكت.

ص: 349

حدثني مخلد بن حسين عن هشام قال: دعا مالك بن المنذر محمد بن واسع وكان على شرط البصرة. فقال: اجلس على القضاء فأبى محمد فعاوده فأبى فقال: لتجلس أو لأجلدنك ثلاثمائة. فقال له محمد: إن تفعل فأنت مسلط وإن ذليل الدنيا خير من ذليل الآخرة قال: ودعاه بعض الأمراء فأراده على بعض الأمر فأبى فقال له: إنك لأحمق. فقال محمد: ما زلت يقال لي هذا منذ أنا صغير.

• حدثنا أبو مسعود عبد الله بن محمد بن أحمد قال ثنا أبو العباس الهروي قال: ثنا أبو حاتم السجستاني قال ثنا الأصمعي. قال: آذى ابن لمحمد بن واسع رجلا. فقال له محمد: أتؤذيه وأنا أبوك وإنما اشتريت أمك بمائة درهم.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال: ثنا العباس بن أبي طالب قال ثنا عبد الله بن عيسى الطفاوي قال: ثنا محمد بن عبد الله الرداد أبو يحيى. قال: نظر محمد بن واسع إلى ابن له يخطر بيده. فقال له: تعالى ويحك أتدري ابن من أنت؟ أمك اشتريتها بمائتى درهم، وأبوك لا كثر الله في المسلمين ضربه - أو نحوه أو مثله-.

• حدثنا محمد بن أحمد بن أبان قال: حدثني أبي قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال حدثني محمد بن الحسين قال ثنا زيد بن الحباب قال ثنا محمد بن حوشب قال سمعت محمد بن واسع يقول: طلب المكاسب زكاة الأبدان فرحم الله من أكل طيبا وأطعم طيبا.

• حدثنا أبو مسعود عبد الله بن محمد قال: ثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال ثنا أبو حاتم السجستاني قال ثنا الأصمعى قال ثنا الأيح عن البتي. قال: قال محمد بن واسع: إنه ليعرف فجور الفاجر في وجهه.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا عثمان بن عمر الضبي قال: ثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا عمارة بن مهران. قال: قال محمد بن واسع: من مقت نفسه في ذات الله أمنه من مقته.

• حدثنا أبي قال ثنا أبو الحسن بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال:

ص: 350

واسع: أوصني، قال: أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة. قال كيف لي بذلك؟ قال: ازهد في الدنيا.

• حدثنا أبي قال ثنا أبو الحسن بن أبان قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم قال ثنا داود بن المحبر قال ثنا سليمان بن الحكم بن عوانة عن محمد بن واسع. قال: أربع يمتن القلب؛ الذنب على الذنب، وكثرة مثافنة النساء وحديثهن، وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك، ومجالسة الموتى. قيل وما مجالسة الموتى؟ قال: مجالسة كل غني مترف وسلطان جائر.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن محمد بن عمر قال ثنا أبو بكر الأموي قال ثنا محمد بن بشير قال ثنا سعيد بن عاصم: قال: كان قاص يجلس قريبا من مسجد محمد بن واسع. فقال يوما وهو يوبخ جلساءه: ما لي أرى القلوب لا تخشع، ولا أرى العيون لا تدمع، وما لي لا أرى الجلود لا تقشعر. فقال محمد بن واسع: يا عبد الله ما لي أرى القوم أتوا إثما من قبلك إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب.

• حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنى أبى قا وثنا عبد الله بن عبيد قال ثنا محمد بن الحسين قال ثنا خالد بن عمرو. قال: سمعت خليد بن دعلج يذكر عن محمد بن واسع. قال: من قل طعمه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام لتثقل صاحبه عن كثير مما يريد.

• حدثنا محمد بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عبد الله بن عبيد قال ثنا محمد بن الحسين قال ثنا داود بن المحبر قال ثنا عبد الواحد بن زياد. قال:

سمعت مالك بن دينار. يقول لحوشب: لا تبيتن وأنت شعبان، ودع الطعام وأنت تشتهيه، فقال حوشب: هذا وصف أطباء أهل الدنيا. قال: ومحمد بن واسع يستمع كلامهما: فقال محمد: نعم! ووصف أطباء طريق الآخرة.

فقال مالك: بخ بخ للدين والدنيا.

ص: 351

محمد بن واسع يصوم الدهر ويخفي ذلك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن مصعب قال: سمعت يحيى بن سليم ذكر عن عبد العزيز ابن أبي رواد. قال: رأيت في يد محمد بن واسع قرحة فكأنه رأى ما قد شق علي منها فقال لي تدري ما علي في هذه القرحة من نعمة. قال: فسكت.

قال حيث لم يجعلها على حدقتي ولا على طرف لساني ولا على طرف ذكرى.

قال فهانت على قرحته.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا الحارث بن نبهان.

قال: سمعت محمد بن واسع يقول وا صاحباه ذهب أصحابي. قلت رحمك الله أبا عبد الله أليس قد نشأ شباب يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله. قال: بلى؟ ولكن أخ، وتفل، أفسدهم العجب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني جعفر بن محمد الرسغني قال ثنا النفيلي قال ثنا خليد بن دعلج عن محمد بن واسع. قال: لقضم القصب

(1)

وسف التراب خير من الدنو من السلطان.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: كان محمد بن واسع مع يزيد بن المهلب بخراسان غازيا فاستأذنه للحج فأذن له فقال له نأمر لك قال تأمر به للجيش كلهم! قال لا، قال لا حاجة لي به.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال حدثني غسان بن المفضل قال أخبرنا سعيد بن عامر. قال: دخل محمد بن واسع على بلال بن أبي بردة فدعاه إلى طعامه فأبى واعتل عليه فغضب بلال، وقال: إني أراك تكره طعامنا، فقال: لا تقل ذلك أيها الامير فو الله لخياركم أحب إلينا من أبنائنا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن

(1)

القصب نبات له كعوب وأنابيب.

ص: 352

إبراهيم قال ثنا أبو أحمد المروزي قال ثنا علي بن بكار قال ثنا مخلد. قال: كان محمد بن واسع مع قتيبة بن مسلم في جيش وكان صاحب خراسان، وكانت الترك خرجت إليهم فبعث إلى المسجد ينظر من فيه؟ فقيل له: ليس فيه إلا محمد بن واسع رافعا إصبعه، فقال قتيبة: إصبعه تلك أحب إلي من ثلاثين ألف عنان.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبي قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا حماد بن زيد قال: كنا مجلس إلى محمد بن واسع فكان يقول: اللهم إنا نعوذ بك من كل رزق يباعدنا منك، طهرنا من كل خبيث ولا تسلط علينا الظلمة ثم يسكت ساعة ثم يعيده.

• حدثنا أبى قال ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبان قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال ثنا عمر بن أبي الحارث عن شيخ من بني عقيل حدثهم قال ثنا حيان بن يسار: قال: كان محمد بن واسع يقول اللهم إن كان أخلق وجهي كثرة ذنوبي فهبني لمن أحببت من خلقك.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: سمعت محمد بن واسع يقول: رأيت يكفي من الدعاء من الورع اليسير.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا محمد بن بهرام. قال: سمعت محمد بن واسع يقول:

لا يطيب هذا المال إلا من أربع خلال؛ تجارة من حلال، أو ميراث بكتاب، أو عطاء من أخ مسلم عن ظهر يد، أو سهم مع المسلمين مع إمام عادل. قال وكيع قال غيره قال له ابنه: ليس كل ساعة تبقى لنا. قال: فدعا بخبز وملح ثم جعل يأكل فقال: تراني أقنع بهذا وأرضى به؟ أعينهم أو أدخل معهم أو الى لهم؟.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني سفيان بن وكيع. قال: سمعت أبي يقول: بلغني أن محمد بن واسع أريد على القضاء فأبى فعاتبته امرأته، فقالت لك عيال وأنت محتاج. قال: ما دمت تريني أصبر على الخل والبقل فلا تطمعي في هذا مني.

ص: 353

مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هارون بن معروف قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: قسم أمير من أمراء البصرة على قراء أهل البصرة فبعث إلى مالك بن دينار فقبل وأبى محمد بن واسع. فقال: يا مالك قبلت جوائز السلطان؟ قال فقال يا أبا بكر سل جلسائي فقالوا يا أبا بكر اشترى بها رقابا فأعتقهم، فقال له محمد: أنشدك الله أقلبك الساعة له على ما كان عليه قبل أن يجيزك؟ قال اللهم لا! قال ترى أي شيء دخل عليك فقال مالك لجلسائه إنما مالك حمار، إنما يعبد الله مثل محمد بن واسع.

• حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال ثنا عبد الله بن صالح البخاري قال ثنا سليمان بن شيخ قال ثنا عتبة بن المنهال البصري الأزدي. قال: قال بلال بن أبي بردة لمحمد بن واسع: ما تقول في القضاء والقدر؟ قال أيها الأمير إن الله عز وجل لا يسأل يوم القيامة عباده عن قضائه وقدره، إنما يسألهم عن أعمالهم.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال ثنا زكريا بن يحيى قال ثنا الأصمعي قال ثنا حماد بن زيد. قال: أتى محمد بن واسع رجلا في حاجة لرجل فقال له: أتيتك في حاجة رفعتها إلى الله قبلك، فإن يأذن الله في قضائها قضيتها وكنت محمودا، وإن لم يأذن الله في قضائها لم تقضها وكنت معذورا.

• حدثنا الحسن بن على الورفق قال ثنا الهيثم بن خلف الدورقى قال ثنا إبراهيم بن سعيد قال ثنا يونس بن محمد عن أبي سعيد المؤدب عن محمد بن واسع. قال: ليس لملول صديق، ولا لحاسد غنى، وإياك والإشارة على المعجب برأيه فإنه لا يقبل رأيك.

قال الشيخ رحمه الله: كان محمد بن واسع عالما واعيا، لا ناقلا راويا، وعى فارعوى، ونوى فاستوى، قليل الكلام والرواية، طويل الصيام والسعاية. روى عن أنس بن مالك. ومطرف. والحسن. وابن سيرين. وسالم وعبد الله بن الصامت وأبي بردة رضي الله تعالى عنهم.

فمن مسانيده:

ص: 354

العطار قال ثنا القاسم بن محمد قال ثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن محمد بن واسع عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كتم علما علمه الله، جئ به يوم القيامة ملجما بلجام من نار» . هذا حديث غريب من حديث محمد بن واسع عن أنس لم نكتبه إلا من هذا الوجه. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بأسانيد ذوات عدد.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا إسماعيل بن مسلم عن محمد بن واسع عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين. قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، فقال رجل برأيه ما شاء الله. هذا حديث صحيح ثابت أخرجه مسلم في صحيحه عن حجاج عن الشاعر عن عبيد الله بن عبد المجيد عن إسماعيل بن مسلم عنه.

وحدث به المتقدمون عن مسلم بن إبراهيم؛ نصر بن علي. وأبو مسعود الرازي وغيرهما.

• حدثنا أبو بكر بن خلاد قال ثنا الحارث بن أبي أسامة قال ثنا يزيد ابن هارون قال ثنا أزهر بن سنان القرشي عن محمد بن واسع قال: قدمت مكة فلقيت بها سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فحدثني عن أبيه عن جده عمر رضي الله تعالى عنه عن رسول الله فقال: «من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتا في الجنة» . قال فقدمت خراسان فأتيت قتيبة بن مسلم. قلت أتيتك بهدية فحدثته الحديث فكان يركب في موكبه فيقولها ثم ينصرف. رواه سعيد بن سليمان عن أزهر مثله. تفرد به أزهر عن محمد وحدث به الأئمة عن يزيد؛ أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وطبقتهما.

ص: 355

قال ثنا يزيد بن هارون قال ثنا أزهر بن سنان القرشي قال ثنا محمد بن واسع قال: دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت يا بلال إن أباك حدثني عن جدك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال «إن في جهنم واديا ولذلك الوادي بئر يقال له هبهب حق على الله أن يسكنها كل جبار فإياك أن تكون منهم» .

هذا حديث تفرد به أزهر عن محمد. وحدث به أحمد بن حنبل وأبو خيثمة عن يزيد بن هارون مثله. ورواه سعيد بن سليمان الواسطي عن أزهر مثله.

• حدثنا محمد بن الفتح الحنبلي قال ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال ثنا جعفر بن محمد بن المرزبان قال ثنا خلف بن يحيى قال ثنا حماد الأبح عن محمد بن واسع عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحرم النار على كل هين لين سهل قريب» . رواه عيسى بن موسى غنجار عن عبد الله بن كيسان عن محمد بن واسع مثله.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال ثنا صالح بن عدي النميري البصري قال ثنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن الأزدي قال ثنا محمد بن واسع عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «ألا أخبركم بغرف أهل الجنة قلنا بلى بأبينا وأمنا يا رسول الله. قال: إن في الجنة غرفا من ألوان الجواهر يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، فيها من النعيم والثواب والكرامة ما لا أذن سمعت ولا عين رأت. فقلنا. بأبينا أنث وأمنا يا رسول الله لمن تلك؟ فقال: لمن أفشى السلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وصلى والناس نيام. فقلت:

بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله ومن يطيق ذلك: فقال؟ من أمتي من يطيق ذلك وسأخبركم عمن يطيق ذلك، من لقي أخاه المسلم فسلم عليه فرد عليه السلام فقد أفشى السلام، ومن أطعم أهله وعياله من الطعام حتى يشبعهم فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام، ومن صلى العشاء الآخرة والغداة في جماعة فقد صلى والناس نيام، واليهود والنصارى والمجوس.

ص: 356

• حدثنا يوسف بن يعقوب. النجيرمي قال ثنا الحسن بن المثنى قال ثنا عفان قال ثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن واسع عن عبد الله الصامت عن أبي ذر. قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تأخذني فى الله لومة لائم، وأن أنظر إلى من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقى، وأوصانى بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني بأن أقول الحق وإن كان مرا، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت، وأوصاني أن لا أسأل الناس شيئا؛ وأوصاني أن أستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنها كنز من كنوز الجنة. غريب من حديث محمد بن واسع لم يوصله إلا سلام أبو المنذر.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي. وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا أبو شعيب الحراني قال ثنا علي بن المديني

(1)

قال ثنا سليمان قال ثنا صدقة بن موسى قال ثنا محمد ابن واسع عن سمير بن نهار

(1)

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جددوا إيمانكم! قيل يا رسول الله كيف نجدد إيماننا؟ قال أكثروا من قول لا إله إلا الله» . غريب من حديث محمد بن واسع تفرد به عنه صدقة بن موسى ويعرف بالدقيقي بصري مشهور، وسليمان بن داود هو أبو داود الطيالسي.

‌مالك بن دينار

ومنهم العارف النظار، الخائف الجآر، أبو يحيى مالك بن دينار. كان لشهوات الدنيا تاركا، وللنفس عند غلبتها مالكا.

وقيل: إن التصوف تدلل وافتخار، وتذلل وافتقار.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال ثنا هارون بن الحسن بن عبد الله. قال: سمعت

(1)

- (1) فى د: على بن احينة المدينى واحسب ذلك خطأ والمشهور أن ابن عيينة كان يلقبه حية الوادى، وسمير بن نهار فى الخلاصة ابن بهار.

ص: 357

سليمان الخواص يقول: قال مالك بن دينار خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا وما هو يا أبا يحيى؟ قال معرفة الله تعالى.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنى أبى وعلى بن مسلم. قال: ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله عز وجل.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالكا يقول: قرأت في التوراة أيها الصديقون تنعموا بذكر الله في الدنيا، فإنه لكم في الدنيا نعيم وفي الآخرة جزاء عظيم.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا الحسين بن جعفر القتات قال ثنا عبد الله بن أبي زياد. وحدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال حدثنا أبو العباس السراج قال حدثنا عبد الله بن أبي زياد وحدثنا هارون. قال: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول: إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة - زاد السراج في حديثه ثم قال خذوا:

فيقرأ ويقول اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه.

• حدثنا محمد بن أحمد قال أخبرنا الحسين بن محمد قال ثنا أبو زرعة قال ثنا المعافى بن سليمان قال ثنا جرول بن حنفل عن السري بن يحيى عن مالك بن دينار. قال: وجد في بعض الكتب سبحوا الله أيها الصديقون بأصوات حزينة.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا عبد الوهاب بن عيسى بن أبي حية قال ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال ثنا مرحوم بن عبد العزيز. قال: قال مالك بن دينار: زمرنا لكم فلم ترقصوا - أي وعظناكم فلم تتعظوا.

ص: 358

الحش فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن، فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة أين أصحاب سورتين ماذا عملتم فيهما.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا رباح بن عمرو القيسي قال سمعت مالك بن دينار يقول: لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هارون بن عبد الله وعلي بن مسلم. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا مالك قال: قال داود نبي الله عليه السلام: يا معاشر الأتقياء تعالوا أعلمكم خشية الله أيما عبد منكم أحب أن يحيا ويرى الأعمال الصالحة فليحفظ عينيه أن ينظر إلى السوء

(1)

ولسانه أن ينطق بالإفك عين الله إلى الصديقين وهو يسمع لهم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا هارون بن عبد الله وعلي بن مسلم. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول:

قرأت في التوراة: ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا؛ فإني أنا الله الذي اقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري قال مالك: يعني - تلك الرقة وتلك الفتوح الذي يفتح الله لك منه.

• حدثنا أبو بكر مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا على ابن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إن الصدق يبدو في القلب ضعيفا كما يبدو نبات النخلة يبدو غصنا واحدا فإذا نتفها

(2)

صبي ذهب أصلها وإن أكلتها عنز ذهب أصلها، فتسقى فتنشر وتسقى فتنشر حتى يكون لها أصل أصيل يوطأ، وظل يستظل به، وثمرة يؤكل منها كذلك الصدق يبدو في القلب ضعيفا فيتفقده صاحبه ويزيده

(1)

نسخة ج: حرام.

(2)

كذا فى الأصلين وفى د: شقها.

ص: 359

الله تعالى. ويتفقده صاحبه فيزيده الله حتى يجعله الله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين. قال: ثم يقول مالك: أما رأيتموهم؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: بلى! والله لقد رأيناهم؛ الحسن وسعيد بن جبير وأشباههم الرجل منهم يحيي الله بكلامه الفئام من الناس.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا احمد إبراهيم قال ثنا وهب بن محمد قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: بعض أهل العلم: نظرت في أصل كل إثم فلم أحده إلا حب المال؛ فمن ألقى عنه حب المال فقد استراح. قال: وسمعت مالكا يقول: الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهم صاحبه.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني محمد بن عبيد الله العبدي قال ثنا جعفر عن مالك قال قال: إن في بعض الكتب إن الله تعالى يقول: إن أهون ما أنا صانع بالعالم إذا أحب الدنيا أن أخرج حلاوة ذكري من قلبه.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا إبراهيم بن نائلة قال ثنا عثمان بن طالوت قال ثنا راشد بن نمير. قال: قال مالك بن دينار: من لم يكن صادقا فلا يتعن.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا يحيى بن مطرف قال ثنا أبو ظفر قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار. قال: إذا لم يكن في القلب حزن خرب، كما إذا لم يكن في البيت ساكن يخرب.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال حدثني جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: يا هؤلاء إن الكلب إذا طرح إليه الذهب والفضة لم يعرفهما، وإذا طرح إليه العظم أكب عليه، كذلك سفهاؤكم لا يعرفون الحق.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال حدثني جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول فى دعائه:

ص: 360

إنا نتوب إليك قبل الممات، ونلقي بالسلام قبل اللزام. اللهم انظر إلينا منك نظرة تجمع لنا بها الخير كله، خير الآخرة وخير الدنيا، ثم يقف مالك عند كلامه هذا، ويقول: يحسبون أني أعني بخير الدنيا الدينار والدرهم لا! إنما أعني العمل الصالح - حتى ألقاك يوم ألقاك وأنت عنا راض، رغبة ورهبة إليك يا إله السماء وإله الأرض، ثم يبكي بكاء خفيفا فنبكي معه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: قال مالك بن دينار:

لقد هممت أن آمر إذا مت فأغل فأدفع إلى ربى مغلولا كما يدفع العبد الآبق إلى مولاه.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا هدبة بن خالد قال ثنا حزم القيطعى. قال: دخلنا على مالك بن دينار في مرضه الذى مات فيه وهو يكيد بنفسه فرفع رأسه إلى السماء. ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لفرج ولا لبطن.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني قال ثنا العلاء بن عبد الجبار. قال: قال حزم عن المغيرة بن حبيب. قال: اشتكى بطن مالك بن دينار فقيل له: لو عمل لك قلية فإنها تحبس البطن فقال: دعوني من طبكم اللهم إنك تعلم أني لا أريد البقاء في الدنيا لبطني ولا لفرجي فلا تبقني في الدنيا.

ص: 361

طلع الفجر. فقلت في نفسي: والله لئن خرج مالك بن دينار فرآنى لا يبل لي عنده بالة أبدا قال: فجئت إلى المنزل وتركته.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر عن مالك بن دينار قال: بلغنا أن بني إسرائيل خرجوا إلى مخرج لهم. فقيل لهم: يا بني إسرائيل تدعونى بألسنتكم وقلوبكم بعيدة عني، باطل ما تذهبون.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال ثنا إبراهيم بن بشار قال سمعت سفيان بن عيينة يقول قال مالك ابن دينار: أشهدكم أن بعيني شبكورا - يعني بالشبكور الذي لا يبصر بالليل-.

• حدثنا أبو بكر الطلحي قال ثنا الحسين بن جعفر القتات قال ثنا عبد الله ابن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

قرأت في الحكمة أن الله يبغض كل حبر سمين.

• حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال ثنا محمد بن سهل بن الصباح قال ثنا أحمد بن الفرات قال ثنا سيار أبو سلمة قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: أتدرون كيف ينبت البر؟ كرجل غرز عودا فإن مرصبى فنتفها ذهب أصلها وإن مرت به شاة أكلتها ذهب أصلها ويوشك إن سقي وتعوهد أن يكون له ظل يستظل به وثمرة يؤكل منها، كذلك كلام العالم دواء للخاطئين.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: كم من رجل يحب أن يلقى أخاه ويزوره فيمنعه من ذلك الشغل والأمر يعرض له عسى الله أن يجمع بينهما في دار لا فرقة فيها. ثم يقول مالك: وأنا أسأل الله أن يجمع بيننا وبينكم في ظل طوبى ومستراح العابدين.

ص: 362

أكرمتها ونعمتها وفتقها ذمتني غدا قدام الله، وإن أنا أتعبتها وأرهقتها وأنصبتها مدحتني غدا قدام الله - يعني نفسه. قال: وسمعت مالكا يقول ذات يوم وذكر الصالحين فقال: إذا ذكر الصالحون فأف لي وتف. قال: وسمعت مالكا يقول: إن القلب المحب لله يحب النصب لله عز وجل.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام قال ثنا أبو عمير عيسى بن محمد قال ثنا ضمرة عن ابن شوذب. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: يقولون الجهاد! أنا من نفسي في جهاد.

• حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة ومحمد بن علي بن حبيش. قالا:

ثنا أحمد بن يحيى قال ثنا يحيى بن معين قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا جعفر ابن سليمان قال قال مالك بن دينار: اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضا، ولا ينهى بعضنا بعضا، ولا يزرنا الله على هذا فليت شعري أي عذاب الله ينزل؟.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا يحيى بن مطرف قال ثنا أبو ظفر قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار. قال: إن من الناس ناسا إذا لقوا القراء ضربوا معهم بسهم، وإذا لقوا الجبابرة وأبناء الدنيا أخذوا معهم بسهم، فكونوا من قراء الرحمن بارك الله فيكم.

• حدثنا الحسين بن محمد بن العباس الفقيه الأيلي قال ثنا أحمد بن محمد الدلال قال ثنا أبو حاتم قال ثنا هدبة قال ثنا حزم. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إنكم في زمان أشهب لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في زمان كثير تفاخرهم، قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعونكم في شباكهم.

• حدثنا أحمد بن محمد سنان قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هارون ابن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر، قال سمعت مالك بن دينار يقول: إن البدن إذا سقم لم ينجع فيه طعام ولا شراب ولا نوم ولا راحة، وكذلك القلب إذا علقه حب الدنيا لم تنجع فيه الموعظة.

ص: 363

• حدثنا أحمد بن محمد قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لو أني أعلم أن قلبي يصلح على كناسة لجلست عليها.

• حدثنا أحمد بن محمد قال ثنا أبو العباس قال ثنا هارون قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالكا يقول: إن لله تعالى عقوبات فتعاهدوهن من أنفسكم في القلب والأبدان، ضنكا في المعيشة ووهنا في العبادة، وسخطة في الرزق.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء - يعني الدنيا.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هارون قال ثنا سيار قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا مالك بن دينار. قال: قال موسى عليه السلام: يا رب ابن أبغيك قال أبغني عند المنكسرة قلوبهم.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال الحارث بن نبهان الجرمي. قال: قدمت من مكة فأهديت إلى مالك بن دينار ركوة، قال: فكانت عنده قال فجئت يوما فجلست في مجلسه فقال لي: يا حارث تعالى خذ تلك الركوة فقد شغلت علي قلبي، فقال لي: يا حارث إني إذا دخلت المسجد جاءني الشيطان فقال يا مالك إن الركوة قد سرقت فقد شغلت علي قلبي.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال ثنا على ابن قرين قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: من تباعد من زهرة الحياة الدنيا فذلك الغالب لهواه، ومن فرح بمدح الباطل فقد أمكن الشيطان من دخول قلبه، يا قارئ أنت قارئ ينبغي للقارئ أن يكون عليه دارعة صوف وعصا راع يفر من الله إلى الله عز وجل ويحوش العباد على الله تعالى.

ص: 364

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبو عبد الله محمد بن كليب قال ثنا يوسف بن عطية عن مالك بن دينار قال:

رأيت جبلا عليه راهب فناديت فقلت: يا راهب أفدني شيئا مما تزهدني به في الدنيا قال أولست صاحب قرآن وفرقان قلت بلى! ولكني أحب أن تفيدني من عندك شيئا أزهد به في الدنيا، قال. إن استطعت أن تجعل بينك وبين الشهوات حائطا من حديد فافعل.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا عبيد بن الحسن. وحدثنا عبيد الله بن سليمان قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث. قالا: ثنا سليمان بن داود قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت مالك بن دينار يقول: من غلب شهوة الحياة الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد ابن ابراهيم قال حدثنى الحيثم بن معاوية. قال: حدثني شيخ لي قال: كان رجل من الأغنياء بالبصرة وكانت له ابنة نفيسة فائقة الجمال فقال لها أبوها قد خطبك بنو هاشم والعرب والموالى فأبيت أراك تريدين مالك بن دينار وأصحابه؟ فقالت هو والله غايتي. فقال الأب لأخ له: ائت مالك بن دينار فأخبره بمكان ابنتي وهواها له. قال: فأتاه فقال له فلان يقرئك السلام ويقول لك إنك تعلم أني أكثر أهل هذه المدينة مالا وأفشاهم ضيعة ولى ابنة نفيسة وقد هويتك فشأنك وهي، فقال مالك للرجل عجبا لك يا فلان! أو ما تعلم أني قد طلقت الدنيا ثلاثا؟.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري قال ثنا أبو قتيبة قال ثنا الحسن ابن أبي جعفر. قال: قيل: لمالك بن دينار ألا تتزوج؟ فقال: لو استطعت لطلقت نفسي.

ص: 365

خبزك؟ فقال دعونى فو الله إني لنادم على ما مضى.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبو معمر قال حدثني أبي عن جدي. قال: كنت عند مالك فأخذ جلدة ساعده. فقال: ما أكلت العام رطبة ولا عنبة ولا بطيخة فجعل يعد كذا وكذا، ألست أبا مالك بن دينار.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا عثمان بن إبراهيم الحميري جليس مالك بن دينار. قال: سمعت مالك بن دينار قال لرجل من أصحابه: إني لأشتهي رغيفا لينا بلبن رائب، قال فانطلق فجاء به قال فجعله على الرغيف قال فجعل مالك يقلبه وينظر إليه. ثم قال، اشتهيتك منذ أربعين سنة فغلبتك حتى كان اليوم وتريد أن تغلبني! إليك عني، وأبى أن يأكله.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن نصر قال ثنا أحمد الدورقي قال ثنا محمد بن عبيدة قال حدثني الحجاج بن نصر قال حدثني المنذر أبو يحيى قال: رأيت مالكا ومعه كراع من هذه الأكارع التي قد طبخت قال فهو يشمه ساعة بساعة. قال: ثم مر على شيخ مسكين على ظهر الطريق يتصدق فقال هاه يا شيخ فناوله إياه، ثم مسح يده بالجدار ثم وضع كساءه على رأسه وذهب، فلقيت صديقا له فقلت رأيت من مالك اليوم كذا وكذا قال أنا أخبرك كان يشتهيه منذ زمان فاشتراه فلم تطب نفسه أن يأكله فتصدق به.

• حدثنا أبو بحر محمد بن الحسين بن كوثر قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا عبد الصمد بن حسان قال ثنا السري بن يحيى. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إنه لتأتي علي السنة لا آكل فيها إلا في يوم الأضحى، فإني آكل من أضحيتي لما يذكر فيه.

• حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا النضر بن زرارة عن الثقة، قال قال مالك: اشتريت لأهلى ظبيا بدرهم وإني لأحاسب نفسي فيه منذ عشرين سنة فما أجد لى مخرجا.

ص: 366

ثنا خالد بن خداش قال ثنا معلى الوراق. قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

خلطت دقيقي بالرماد فضعفت عن الصلاة ولو قويت على الصلاة ما أكلت غيره.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبد الله ابن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: والله لقد أصبحت ما أملك دينارا ولا درهما ولا دانقا، ولئن لم يكن لي عند الله خير ما كانت لي دنيا ولا آخرة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا سويد ابن سعيد قال ثنا محمد بن عمر أبو كريب قال: ما كان لمالك بن دينار من الدنيا إلا درهمان درهم لورقه ودرهم ليشتري به خوصا يعمل به.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا روح

(1)

بن عمرو القيسي قال سمعت مالك بن دينار يقول:

دخل علي جابر بن يزيد وأنا أكتب فقال يا مالك مالك عمل إلا هذا؟ تنقل كتاب الله من ورقة هذا والله الكسب الحلال.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أبو علي بن سعيد قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا مسكين بن بكير عن شعبة عن أبى بلج قال: كان أدم مالك بن دينار كل سنة ملحا بفلسين.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني محمد بن كليب قال ثنا يوسف بن عطية الصفار عن مالك بن دينار. قال: من دخل بينى فأخذ شيئا فهو له حلان، أما أنا فلا أحتاج إلى قفل ولا إلى مفتاح وكان يأخذ الحصاة من خلال المسجد فيقول لوددت أن هذه أجزأتني في الدنيا ما عشت لا أزيد على مصها من الطعام والشراب، وكان يقول لو صلح لى أن أعمد إلى برذ لى فأقطعه باثنين فأتزر بقطعة وارتد بقطعة لفعلت.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا مالك بن دينار. قال: لما وقعت

(1)

فى د: رباح.

ص: 367

الفتنة أتيت الحسن أسأله: يا أبا سعيد ما تأمرني؟ فلا يجيبني فقلت يا أبا سعيد أتيتك ثلاثة أيام أسألك وأنت معلمي فلا تجيبنى، والله لقد هممت أن آخذ الأرض بقدمي وأشرب من أفواه الأنهار وآكل من بقل البرية حتى يحكم الله بين عباده، قال: فأرسل الحسن عينيه باكيا ثم قال: يا مالك ومن يطيق ما تطيق لكنا والله ما نطيق هذا.

• حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هارون ابن عبد الله وعبد الله بن أبي زياد. قالا: ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال:

كنت عند مالك بن دينار فجاء هشام بن حسان وكان يأتيه هشام وسعيد بن أبي عروبة وحوشب يطلبون قلوبهم فجاء هشام. فقال: أين أبو يحيى؟ قلنا:

عند البقال. قال: قوموا بنا إليه. قال: فحانت منه نظرة إلى هشام فقال:

يا هشام إني أعطى هذا البقال شهر درهما ودانقين وآخذ منه كل شهر ستين رغيفا كل ليلة رغيفين فإذا أصبتهما سخنا فهو أدمهما يا هشام إني قرأت في زبور داود عليه السلام: إلهي رأيت همومى وأنت من فوق العلى، فانظر ما همومك يا هشام.

• حدثنا أحمد بن محمد قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: كان مالك بن دينار يلبس إزار صوف وعباءة خفيفة فإذا كان الشتاء ففرو. وكبل وعباءة، وكان يكتب المصاحف ولا يأخذ عليها من الأجر أكثر من عمل يده فيدفعه عند البقال فيأكله، وكان يكتب المصحف فى أربعة شهر.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا احمد ابن إبراهيم قال ثنا محمد بن عبيدة قال حدثني عبد الملك بن قريب قال حدثني رجل صالح من أهل البصرة. قال: وقع حريق في بيت مالك فأخذ المصحف وأخذ القطيفة فأخرجهما. فقيل له: يا أبا يحيى البيت. قال:

ص: 368

يجره. وقال: هلك أصحاب الأثقال.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: يا هؤلاء جهالكم كثير لولا ذلك للبست المسوح، ويا هؤلاء إنه ليس في الجوافة شيء شرا من رأسها، ولأن آكل رأس جوافة أحب إلي من أن آكل حراما، ويا هؤلاء إنما بطن أحدكم كلب فألق إلى هذا الكلب بكسرة، برأس جوافة، يسكن عنك. ولا تجعلوا بطونكم جربا للشيطان يوعي فيها إبليس ما شاء.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

لو استطعت أن لا أنام لم أنم مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم، ولو وجدت أعوانا لفرقتهم ينادون في سائر الدنيا كلها يا أيها الناس النار النار!!.

• حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد الواعظ قال ثنا محمد بن يوسف النبا قال ثنا سلمة بن شبيب قال ثنا عبد الله بن أبي بكر عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار. قال: إذا تغذيت وطابت نفسي فليس في الحي غلام مثلي، إلا غلام تغذى قبلي.

• حدثنا محمد بن إبراهيم قال ثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة قال ثنا حماد ابن الحسن قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا مالك قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: خشية الله وحب الفردوس يباعدان من زهرة الدنيا. ويورثان الصبر على المشقة.

• حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا حاجب بن أبي بكر قال ثنا حماد بن الحسن قال ثنا سيار قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا مالك. قال: قال عيسى عليه السلام: بحق أقول لكم إن أكل الشعير، والنوم على المزابل مع الكلام لقليل فى طلب الفردوس.

ص: 369

وصاغرة، فرفع رأسه فأخرج من تحت رأسه رغيفين يابسين فقعد يكسر ذلك الرغيفين في الماء حتى إذا ظن أن الخبز قد ابتل. قال: ناولنى الدوخلة فاذا دوخلة معلقة يابسة فوضعتها فأخرج منها صرة فيها ملح وقال لى: أذن.

فقلت: يا أبا يحيى لا أشتهي. قال: فقال: هيهات هيهات أنت ممن غذي في الماء العذب فلا تصير في الماء المالح.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد ابن إبراهيم قال حدثني أبو داود صاحب الطيالسة. قال: سمعت شيخا كان جارا لمالك بن دينار قد روى عنه قال: كنت مع مالك في طريق مكة فقال:

إني داع بشيء فأمنوا عليه، ثم قال: اللهم لا تدخل بيت مالك بن دينار من الدنيا قليلا ولا كثيرا.

• حدثنا محمد بن علي بن مسلم العقيلي قال ثنا محمد بن يحيى بن المنذر القزاز قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت مالك بن دينار يقول: وددت أن الله عز وجل جعل رزقي في حصاة أمصها لا ألتمس غيرها حتى أموت.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أحمد بن نصر قال ثنا أحمد الدورقي قال حدثني عبد الله بن عبيد الله قال حدثنى مجال بن عبيد الله قال ثنا موسى ابن سعيد عن مالك. قال: بلغني أن عيسى عليه السلام قال: لأصحابه أجيعوا أنفسكم وأظمئوها وأعروها وأنصبوها، لعل قلوبكم أن تعرف الله عز وجل. قال: وحدثني مجالد قال حدثني عمر عن مالك بن دينار؛ أنه كان يقول. إن الله تعالى إذا أحب عبدا انتقصه من دنياه فكف عليه ضيعته:

ويقول: لا تبرح من بين يدي، قال: فهو متفرغ لخدمة ربه تعالى، وإذا أبغض عبدا دفع فى نحره شيئا من الدنيا، ويقول: اغرب من يدي فلا أراك بين يدي فتراه معلق القلب بأرض كذا وبتجارة كذا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا يحيى بن مطرف قال ثنا أبو ظفر قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار، قال: إن الأبرار تغلي قلوبهم بأعمال البر. وإن الفجار تغلى قلوبهم بأعمال الفجور، والله يرى همومكم فانظروا همومكم يرحمكم الله.

ص: 370

هدبة بن خالد قال ثنا حزم. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: أنا للقارئ الفاخر أخوف مني للفاجر المبرز بفجوره، إن هذا أبعدهما غورا.

• حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال ثنا علي بن الحسين بن اسماعيل قال ثنا محمد ابن عبد الله بن بسطام قال ثنا عبد الرحمن بن بحر قال بلغني أن مالك بن دينار كان يقول: العاقل الكامل من صلح مع الفاجر الجاهل.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال ثنا محمد بن أحمد البغدادي قال ثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال ثنا الحسين قال حدثني جعفر بن جسر قال ثنا حماد بن واقد قال سمعت مالك بن دينار يقول: نحن رهائن الأموات، وهم محتبسون حتى ترد إليهم الرهائن فيحشرون جميعا ثم غشي عليه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري قال ثنا جعفر بن سليمان، قال سمعت مالك بن دينار يقول: لئن أتصدق بتمرة حلال أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف حرام.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا مالك دينار.

قال: لو وجدت أعوانا لناديت في منار البصرة بالليل النار النار!.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن الحارث قال ثنا يحيى بن أبي بكير قال ثنا عباد بن الوليد القرشي قال قال مالك بن دينار: لولا أن يقول الناس جن مالك للبست المسوح ووضعت الرماد على رأسي أنادي في الناس من رآنى فلا يغص ربه عز وجل.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا رباح بن عمرو القيسي. قال: قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما من أعمال البر شيء إلا ودونه عقبة؛ فإن صبر صاحبها أفضت به إلى روح وإن جزع رجع.

• حدثنا أبي قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا مالك بن دينار.

قال: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لقومك لا تدخلوا مداخل أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي.

ص: 371

• حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال ثنا أبو بكر بن النعمان قال ثنا زيد بن عوف قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار. قال: العالم الذى لا يعمل بعلمه بمنزلة الصفا إذا وقع عليه القطر زلق عنها.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال ثنا هدبة قال ثنا حزم القطيعي عن مالك بن دينار. قال: كل جليس لا تستفيد منه خيرا فاجتنبه.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا عثمان أبو إبراهيم الجمري من بني جمرة. قال سمعت مالك بن دينار يقول: في التوراة إن الله يبدد عظام رجل في يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين تكلم بين اثنين بهوى.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا أبو الربيع عمرو بن سليمان قال حدثني مسلم. قال: قال مالك بن دينار:

منذ عرفت الناس لم أفرح بمدحتهم ولا أكره مذمتهم. قيل: ولم ذلك؟ قال: لأن مادحهم مفرط وذامهم مفرط.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنا جعفر ابن سليمان عن مالك بن دينار. قال: سمعته يقول: إذا تعلم العبد العلم ليعمل به كسره علمه، وإذا تعلم العلم لغير العمل به زاده فخرا.

• حدثنا أحمد بن جعفر ابن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا فياض قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: كان حبر من أحبار بنى إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء فيعظهم ويذكرهم بأيام الله. قال: فرأى بعض بنيه يوما عمز النساء. فقال: مهلا يا بني. قال: فسقط عن سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم عليه السلام: أن أخبر فلانا الحبر أني لا أخرج من صلبك صديقا أبدا ما كان غضبك لي إلا أن قلت يا بنى مهلا.

ص: 372

الشيطان حتى وقع عليها فحملت فولدت غلاما قال: فهابت أن تقذفه. فقال لأبيها: هب لي هذا الغلام فأتبناه. قال: هو لك، قال فأخذه فوضعه على عاتقه ثم جعل يطوف به في ملأ عباد بني إسرائيل. فيقول: يا إخوتاه أحذركم مثل ما لقيت خطيئتي أحملها على عنقي.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال ثنا هارون ابن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

إنما العالم - أو القاص - الذي إذا أتيته فلم تجده في بيته قص عليك بيته. فترى حصيرا للصلاة، ترى مصحفا، ترى إجانة للوضوء، ترى أثر الآخرة. قال وسمعت مالكا يقول: يا هؤلاء فجاركم كثير صغاركم وكباركم، فرحم الله من لزم القول الطيب والعمل الصالح والمداومة. قال: وسمعت مالكا يقول: كان يقال كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: كنا نخرج مع مالك بن دينار من الحطمة فنجمع الموتى ونجهزهم ثم يخرج على حمار قصير لاطي لجامه من ليف وعليه عباءة مرتديا بها. قال: فيعظنا في الطريق حتى إذا أشرف على القبور وأحس بنا أقبل بصوت له محزون يقول:

ألا حي القبور ومن بهنه

وجوه

(1)

في التراب أحبهنه

فلو أن القبور أجبن حيا

إذا لأجبنني إذ زرتهنه

• ولكن القبور صمتن عني

فأبت بحسرة من عند هنه

قال: فإذا سمعنا صوته جئنا إليه. فيقول: إنما الخير في الشباب ثم يجمعهم فيصلي عليهم.

• حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني قال ثنا إسماعيل بن علي قال ثنا هارون بن حميد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: قلنا لمالك بن دينار:

ألا ندعو لك قارئا يقرأ. قال: إن الثكلى لا تحتاج إلى نائحة. فقلنا له:

ألا تستسقي. قال: أنتم تستبطئون المطر لكنى أستبطئ الحجارة.

(1)

وفى د: تحية مؤمن يخلو بهنه.

ص: 373

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا الحسين بن زياد. قال: سمعت منيعا يقول: مر تاجر بعشارين فحبسوا عليه سفينته فجاء إلى مالك بن دينار فذكر ذلك له فقام مالك فمشى معه إلى العشارين فلما رأوه. قالوا: يا أبا يحيى ألا بعثت إلينا ما حاجتك؟ قال:

حاجتي أن تخلوا سفينة هذا الرجل. قالوا: قد فعلنا! قال: وكان عندهم كوز يجعلون فيه ما يأخذون من الناس من الدراهم. فقالوا: ادع الله لنا يا أبا يحيى، قال: قولوا للكوز يدعو لكم كيف أدعو لكم وألف يدعو عليكم أترى يستجاب لواحد ولا يستجاب لألف.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا محمد بن عبيدة قال ثنا أبو الربيع عن مسلم أبي عبد الله، قال: دخل مالك دار الخراج يوما ينظر فإذا هو برجل من هؤلاء الكبار قد وضع الكبل في رجليه، فبينا هو ينظر إذ أتي بطعامه فوضع بين يديه فجعل مالك ينظره ويتعجب من أكله ومما هو فيه، فقال له الرجل: تعال كل يا أبا يحيى، قال: أخاف إن أكلت مثل هذا أن يوضع في رجلي مثل هذا، قال: فتقدم إليه ابن عم الرجل، فقال: يا أبا يحيى إن هذا ابن عم لي وهو ينفق علي وعلى عيالي فادع الله أن ينجيه، قال فقال مالك: أتدري ما مثل ابن عمك مثل شاة أكلت عجين قوم فانتفخ بطنها فماتت وصاحب العجين يدعو الله على من أكل عجينه وصاحب الشاة يدعو الله على من قتل شاته، فلأيهم ترى الله أسرع إجابة.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا موسى بن إسماعيل قال جعفر، قال سمعت مالكا يقول: خلوا أنفسكم من الدنيا واثقا واثقا.

• حدثنا عبد الله قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد ابن إبراهيم قال ثنا محمد أبو عبد الله بن قدامة عن الحارث بن عبيد، قال سمعت مالكا يقول: لو أن القوم كلفوا الصمت لأقلوا المنطق.

ص: 374

ثنا مالك بن دينار. قال: قرأت في بعض الحكمة لا خير لك - أولا عليك - أن تعلمن ما تعلم ولا تعمل بما قد علمت؛ فإن مثل ذلك مثل رجل قد احتطب حطبا فحزمه حزمة فذهب ليحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى.

• حدثنا أبو بكر الآجري قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال ثنا الحسن بن عرفلة قال ثنا المبارك بن سعيد عن عباد بن كثير عن مالك بن دينار. قال: كنت مولعا بالكتب أنظر فيها فدخلت ديرا من الديارات ليالي الحجاج فأخرجوا كتابا من كتبهم فنظرت فيه، فإذا فيه:

يا ابن آدم لم تطلب علم ما لم تعلم وأنت لا تعمل بما تعلم.

• حدثنا أبو بكر الآجري قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال حدثني أبو يعقوب الصوفي قال ثنا إسحاق بن عمر بن سليط قال ثنا يحيى بن النعمان. قال: قال مالك بن دينار: لولا سفهاؤكم للبست لباسا لا يراني محزون إلا بكى.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن ابراهيم ابن شبيب قال ثنا سليمان بن أيوب قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت مالك ابن دينار يقول: قرأت في بعض الكتب يجاء براعي السوء يوم القيامة.

فيقال: يا راعي شربت اللبن وأكلت اللحم ولم تؤوي الضالة ولم تجبر الكسير ولم ترعها حق رعايتها؛ اليوم أنتقم لهم منك.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا أبو يعلى قد حدثني محمد بن الحسين البرجلاني قال حدثني موسى بن إسماعيل قال ثنا حزم. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما يسرني أن لى من الجيل (1) إلى الأبلة بنواة. ثم قال: ولا ببعرة ثم قال: ولا يسرني أن لي من الجسر إلى خراسان بنواة ثم قال:

ولا ببعرة ثم قال: إن كنت إنما أريدكم لهذا إني إذا لشقي.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا إسحاق بن أحمد قال ثنا محمد بن أحمد بن الجراح الجرجاني قال ثنا عبد السلام بن مطهر قال ثنا جعفر بن سليمان. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إن الشيطان ليلعب بالقراء كما يلعب الصبيان بالجوز.

ص: 375

ابن بسطام قال ثنا سهل بن بحر قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا الحسين بن أبي جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لا يصطلح المؤمن والمنافق حتى يصطلح الذئب والحمل.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال حدثني محمد بن المثنى قال ثنا عبد الوهاب الثقفي قال ثنا مالك بن دينار. قال: تلقى المؤمن شاحبا وتلقى المنافق وباصا

(1)

.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا محرز بن عون بن أبي عون قال ثنا مرحوم العطار عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور بكبرياء المنافق يحترق المسكين، وقرأت في الزبور إني لأنتقم من المنافق بالمنافق ثم أنتقم من المنافقين جميعا. ونظير ذلك في كتاب الله عز وجل {(وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون)} .

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالكا يقول: أقسم لكم لو نبت للمنافقين أذناب ما وجد المؤمنون أرضا يمشون عليها.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا جعفر بن سليمان قال ثنا مالك بن دينار. قال: سمع صوت بجبل تبالة ليلا وهو يقول:

ليبك على الإسلام من كان باكيا

فقد أوشكوا هلكى وما

(2)

قدم العهد

وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها

وقد ملها من كان يوقن بالوعد

قال: فنظر فلم ير شيء.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا سويد بن سعيد قال ثنا أبا عون الحكم بن سنان عن مالك بن دينار. قال: مكتوب في التوراة مثل امرأة حسناء لا تحصن فرجها كمثل خنزيرة على رأسها تاج وفى عنقها طوق من ذهب، يقول القائل ما أحسن هذا الحلي وأقبح هذه الدابة

(3)

.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن أبي

(1)

الجبل: اسم قربة من قرى بغداد تحت المدائن.

(2)

وفى د: وقد نقضوا عهدى.

(3)

وفى د: هذه الصورة.

ص: 376

زياد قال ثنا سيار قال: ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: يا هؤلاء إنما المؤمن مثل الشاة المأبورة التي قد أكلت إبرة

(1)

فهي تأكل ولا نفع عليها لما قد خالطه من الحزن بين يديه.

• حدثنا محمد بن عمرو بن مسلم قال:

ثنا جعفر بن محمد قال ثنا يحيى بن معين قال ثنا سوار بن عمارة عن السري بن يحيى. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: مثل المؤمن مثل اللؤلؤة أينما كانت حسنها معها.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا علي بن مسلم قال: ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت دينار بن مالك يقول لثابت البنانى:

أنا أبطهم فأخرج القيح والدم، وأنت تدهنهم بالكدا - يعني تحدثهم بالرخص - وأنا أشدد عليهم.

• حدثنا أبي قال: ثنا أبو العباس العبدي

(2)

قال: ثنا أبو بكر بن عبيد قال حدثت عن أبي جعفر الكندي ثنا سعيد بن عصام. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: كان الأبرار يتواصون بثلاث؛ بسجن اللسان، وكثرة الاستغفار، والعزلة.

• حدثنا أبي ومحمد بن أحمد بن أبان. قالا: ثنا أبو الحسن العبدي قال ثنا عبد الله قال: حدثني محمد بن بشير قال: ثنا سعيد بن عصام وسهيل بن حميد الهجيمي. قالا: قال مالك بن دينار: الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل.

• حدثنا أبي قال ثنا أحمد بن محمد بن عمر قال: ثنا أبو بكر بن عبيد قال:

حدثني أبو علي المدائني قال ثنا إبراهيم بن الحسن عن شيخ من قريش يكنى أبا جعفر عن مالك بن دينار. قال: قرأت في بعض الكتب إن الله عز وجل يقول يا ابن آدم خيري ينزل عليك وشرك يصعد إلي، وأتحبب إليك بالنعم وتتبغض إلي بالمعاصي، ولا يزال ملك كريم قد عرج منك إلي بعمل قبيح.

• حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ومحمد بن علي بن حبيش. قالا: ثنا أحمد

(1)

فى د: أكلت وبرها.

(2)

وفيها أبو الحسن العبدى ولعله الصواب لما سيأتى بعده بأنه (أبو الحسن) فى الجميع.

ص: 377

ابن يحيى الحلواني قال ثنا سعيد بن سليمان عن موسى بن خلف قال: ثنا مالك ابن دينار. قال: قرأت في بعض الحكمة إني أنا الله مالك الملوك قلوب العباد بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة. ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، لا تشاغلوا بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم.

• حدثنا عبد الرحمن بن محمد أبو مسلم الواعظ قال: ثنا أحمد بن روح قال ثنا محمد بن مهاجر وأحمد بن هارون. قالا: ثنا سيار قال: ثنا جعفر عن مالك بن دينار. قال: خرج سليمان بن داود عليهما السلام في موكبه فمر ببلبل على غصن شوك يصفر ويضرب بذنبه فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا:

الله ورسوله أعلم! قال: فإنه يقول قد أصبت اليوم نصف ثمرة على الدنيا العفا.

• حدثنا أبو أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد قال ثنا أبو جعفر بن زهير قال ثنا عباد بن الوليد قال: ثنا منهال بن حماد السراج قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر عن مالك بن دينار. قال: تجوز شهادة القراء في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض فإنهم أشد تحاسدا من التيوس في الزرب.

• حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله الجرجاني قال: ثنا أحمد بنى عيسى التنيسي قال ثنا مؤمل بن أهاب قال: ثنا سيار قال: ثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار قرأ {(لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله)} ثم قال: أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه.

• حدثنا أبو بكر الآجري قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال:

ثنا زهير بن محمد قال: ثنا هدية قال: ثنا حزم قال: سمعت مالك بن دينار.

يقول: يا عالم أنت عالم تأكل بعلمك وتفخر بعلمك، لو كان هذا العلم طلبته لله تعالى لرؤى فيك وفي عملك.

• حدثنا محمد بن علي قال: ثنا محمد بن سفيان المصيصي قال: ثنا يحيى بن آدم قال: ثنا محمد بن السماك عن سفيان عن مالك ابن دينار. قال: من طلب العلم للعمل وفقه الله، ومن طلب العلم لغير العمل يزداد بالعلم فخرا.

ص: 378

ابن إبراهيم الحدادى وأحمد بن محمد اللآل

(1)

قال: ثنا أبو حاتم قال: ثنا عبيس بن مرحوم قال: ثنا أبي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما من خطيب يخطب إلا عرضت خطبته على عمله فإن كان صادقا صدق، وإن كان كاذبا قرضت شفتاه بمقراض من نار كلما قرضتا نبتتا.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال: ثنا سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء وجعفر. قالا: سمعنا مالك بن دينار. يقول: إني آمركم بأشياء لا يبلغها عملى ولكن إذا نهيتكم عن شيء ثم خالفتكم إليه فأنا يومئذ كذاب. زاد جعفر في حديثه، وقال مالك: بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمذكر الصادق فيوضع على رأسه تاج الملك ثم يؤمر به إلى الجنة. فيقول: إلهي إن في مقام القيامة أقواما قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه. قال: فيفعل بهم مثل ما فعل به ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على الله تعالى.

• حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني سعيد بن عامر قال ثنا حزم عن غالب القطان. قال: رأيت مالك ابن دينار في المنام، فكأنه قاعد في مسجده

(2)

الذى كان يجلس فيه، عليه قبطيتان قال سعيد: - يعني متاع مصر - وهو يقول: بأصبعيه هكذا صنفان من الناس لا تجالسوهما فإن مجالستهما مفسدة لقلب كل مسلم، صاحب بدعة قد غلا فيها، وصاحب دنيا مترف فيها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرت عن حسين

(3)

بن جعفر بن سليمان الضبعي قال عبد الله: وقدمت البصرة وهو حي فلم يقدر لقاءه، وأخبرت عنه أبيه. قال: سمعت مالكا يقول: عرس المتقين يوم القيامة.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: أخبرت عن سيار عن جعفر قال ثنا مالك بن دينار. قال: كنت عند بلال بن أبى

(1)

كذا فى ز وج وفى د الدلال وتقدم أن كتبناه الدلال.

(2)

وفى ز: مجلسه.

(3)

فى د: عيسى بن جعفر ولم نقف عليهما.

ص: 379

بردة وهو فى قبة له، فقلت قد أصبت هذا خاليا فأي قصص أقص عليه.

فقلت في نفسي: ماله خير من أن أقص عليه ما لقي نظراؤه من الناس. فقلت له: أتدري من بنى هذا الذي أنت فيه؟ بناها عبيد الله بن زياد وبنى البيضاء، وبنى المسجد، فولي ما ولي فصار من أمره أن هرب فطلب فقتل، ثم ولي البصرة بشر بن مروان. فقالوا: أخو أمير المؤمنين فمات بالبصرة فحملوه وحشد الناس في جنازته، ومات زنجى فحمله الزنج على طن من قصب فذهب بأخي أمير المؤمنين فدفنوه، وذهب بالزنجي فدفنوه، ثم جعلت أقص عليه أميرا أميرا حتى انتهيت إليه فقلت في نفسي: قد بنيت دارا بالكوفة فلم ترها حتى أخذت فسجنت فعذبت حتى قتل فيها.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا علي بن مسلم قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالكا يقول: ينطلق أحدهم فيتزوج ديباجة الحرم وكان يقال في زمان مالك ديباجة الحرم أجمل الناس، وخاتون ابنة ملك الروم، أو ينطلق إلى جارية قد سمنها أبوها ويزفوها حتى كأنها زبدة فيتزوجها فتأخذ بقلبه. فيقول لها: أي شيء تريدين؟ فتقول: كذا وكذا! قال مالك: فتمرض والله دين ذلك القارئ، ويدع أن يتزوجها يتيمة ضعيفة فيكسوها فيؤجر ويدهنها فيؤجر.

• حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن يونس الكديمي قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا عون بن المغيرة عن مالك بن دينار. قال: أتت على رجل ممن كان قبلكم خمسمائة سنة ثم أتي بعدها فقيل له، أتحب الموت؟ قال:

وا حزناه من يحب أن يفارق هذا النسيم.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا سويد ابن سعيد قال ثنا الحكم بن سنان أبو عون. قال: كان من دعاء مالك بن دينار:

أنت أصلحت الصالحين فاجعلنا صالحين حتى نكون صالحين.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن أبي السري قال ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال ثنا مالك بن دينار. قال: مكتوب فى الزبور طوبى لمن لم يسلك طريق الأثمة، ولم يجالس البطالين، ولم يقم في هوى المستهزئين، إنما همه حكمة الله. لها يطلب وبها يتكلم، فمثله مثل شجرة في وسط الماء لا يتساقط من ورقها شيء وكل عمل [مثل] هذا تام لا يذهب منه شيء.

ص: 380

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا عبد الله بن الحسين بن معبد قال ثنا ميمون بن الأصبغ قال ثنا سيار قال ثنا جعفر، قال قال مالك بن دينار: من صفا صفي له، ومن خلط خلط له. قال: وسمعت مالكا يقول: اصطلحوا فافتضحوا.

• حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري قال ثنا عبد الله بن عبد الحميد قال حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال حدثنا عيسى بن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي قال ثنا أبي قال ثنا مالك بن دينار. قال: قرأت في الحكمة كما أن الريح إذا هاجت زلزلت الشجر، كذلك إبليس يسلط أن يزلزل البشر.

• حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال ثنا هارون بن عبد الله قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا مالك. قال: أتينا أنس ابن مالك - صفو كل قبيلة - أنا وثابت البناني ويزيد الرقاشي وزياد النميري وأشباهنا، فنظر إلينا. فقال: ما أشبهكم بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال: رءوسكم ولحاكم. ثم قال: والله لأنتم أحب إلى من عدة ولدي إلا أن يكونوا في الفضل مثلكم، وإنى لأدعو لكم بالأسحار.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس قال ثنا أبو يحيى البزاز قال ثنا خالد بن خداش قال ثنا معلى الوراق. قال: كنا يوم جلوسا عند مالك بن دينار فتكلم مالك فجاء أبو عبيدة بحبل من ليف في طرفه عروتان فألقى عروة في عنق مالك وعروة في عنق نفسه. فقال: مالك عد أني وأنت بين يدي الله عز وجل فماذا تقول؟ قال فبكى وأبكى القوم.

• حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا أبو العباس السراج قال ثنا عبد الله ابن زياد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول: قال بعض أهل العلم نظرت في كل إثم فلم أجده إلا من حب المال، فمن ألقى عنه حب المال فقد استراح.

• حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال ثنا أحمد بن الحسين الحذاء قال ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني محمد بن منصور قال ثنا جعفر. قال سمعت مالكا يقول: بلغنا أنه لما بعث عيسى بن مريم عليه السلام أكب الدنيا على وجهها ثم رفعها الناس بعده، حتى بعث محمد صلى الله عليه وسلم فأكبها على وجهها ثم رفعناها بعده، بما لقينا منها بعده.

ص: 381

• حدثنا عبد الله بن محمد قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن إبراهيم قال ثنا سلمة بن عفان قال حدثني أبو عيسى. قال: دخلنا على مالك عبد الموت فجعل ينظر ويقول: لمثل هذا اليوم كان دؤوب أبي يحيى.

• حدثنا الحسين بن محمد بن علي قال ثنا أحمد بن محمد بن معاوية قال ثنا سليمان بن داود القزاز قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس؛ وإلا فاستحي مني.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول:

يكون في آخر الزمان رياح وظلمة فيفزع الناس إلى علمائهم فيجدونهم قد مسخوا.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني مهنا أبو عبد الله الشامي قال ثنا ضمرة عن سعيد بن شبل. قال:

نظر مالك بن دينار إلى شاب ملازم للمسجد فجلس إليه. فقال له: هل لك أن أكلم لك بعض العشارين يجرون عليك شيئا وتكون معهم؟ قال: افعل ما شئت يا أبا يحيى. قال: فأخذ كفا من تراب فجعله على رأسه.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني سويد بن سعيد قال ثنا الحكم بن سنان أبو عون بياع القوت عن مالك بن دينار. قال:

دخل عيسى بن مريم مسجد بيت المقدس وهم يتبايعون فيه فجعل ثوبه مخراقا وسعى عليهم ضربا. وقال: يا بني الحيات والأفاعي اتخذتم مساجد الله أسواقا.

• حدثنا أحمد بن جعفر قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني سويد بن سعيد قال ثنا الحكم بن سنان أبو عون عن مالك بن دينار. قال: مر عيسى بن مريم مع الحواريين على جيفة كلب. فقال الحواريون: ما أنتن ريح هذا؟ فقال عيسى: ما أشد بياض أسنانه - يعظهم وينهاهم عن الغيبة.

ص: 382

فنادى بعض أعوانه أفرادكن

(1)

- أي قرب ليأخذ العامل بطة فأشار بيده سبحان الله سبحان الله!! أي بطتين قال: فكان أبي إذا حدث بهذا الحديث بكى وأضحك الجلساء.

• حدثنا فاروق بن عبد الكبير قال ثنا هشيم بن على السيرافى قال ثنا فطر ابن حماد قال ثنا أبي قال ثنا مالك. قال: أتيت على قبر فإذا عليه مكتوب:

يا أيها الركب سيروا إن غايتكم

(2)

أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا

حثوا المطايا وأرخوا من أزمتها

قبل الممات وقضوا ما تقضونا

كنا أناسا كما كنتم فغيرنا

دهر فسوف كما كنا تكونونا.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال قرأت على مسبح بن حاتم العكلي عن عبد الجبار عن عبيد الله. قال: مر مالك بن دينار على رجل يغرس فسيلا فغبر عنه يسيرا ثم مر بالفسيل وقد أطعم فسأل عن الذى غرسه فقالوا مات ثم أنشأ يقول:

مؤمل دنيا لتبقى له

فمات المؤمل قبل الأمل

يربى فسيلا ويعنى به

فعاش الفسيل ومات الرجل.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن جعفر الوراق ببغداد قال ثنا أبو إسحاق الحشاش قال ثنا أبو بلال الأشعري قال ثنا فضيل بن عياض. قال:

رأى مالك بن دينار رجلا يسئ صلاته. فقال: ما ارحمني بعياله. فقيل له:

يا أبا يحيى يسئ هذا صلاته وترحم عياله. قال: إنه كبيرهم ومنه يتعلمون.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال ثنا عمران ابن بكار

• قال ثنا أبو التقي قال ثنا سلمة بن كلثوم عن إبراهيم بن أدهم عن مالك ابن دينار. قال: تلقى الرجل وما يلحن حرفا، وعمله كله لحن.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال ثنا الشاذكوني قال ثنا جعفر بن سليمان قال: كان مالك بن دينار إذا أقام فى محرابه. قال:

قال: يا رب قد عرفت ساكن الجنة وساكن النار ففي أي الدارين مالك؟ ثم بكى.

• حدثنا محمد بن عمر بن سالم قال ثنا عبد الله بن بشر بن صالح قال ثنا أبو

(1)

كذا فى الأصول الثلاثة: ولعله (افرازيدن) فإنها تفيد معنى أرفع أو قرب.

(2)

كذا فى د وفى ز وج: إن قصركم ولعل (الصواب قصاركم).

ص: 383

عمير قال ثنا أيوب بن سويد عن السري بن يحيى عن مالك بن دينار. قال:

أخذ السبع صبيا لامرأة فتصدقت بلقمة فألقاه السبع، فنوديت لقمة بلقمة.

• حدثنا أحمد بن جعفر بن سالم قال ثنا أحمد بن على الأبار قال ثنا محرز ابن عون قال ثنا مختار أخي عن جعفر بن سليمان. قال: رأيت مع مالك بن دينار كلبا يتبعه. فقلت: يا أبا يحيى ما هذا معك؟ قال: هذا خير من جليس السوء.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن عبد الله الوكيل قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال ثنا عمار بن بن زرنى قال ثنا حماد بن واقد الصفار. قال: جئت يوما مالك بن دينار وهو جالس وحده وإلى جانبه كلب قد وضع خرطومه بين يديه فذهبت أطرده فقال: دعه هذا خير من جليس السوء، هذا لا يؤذيني.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أحمد بن الله قال ثنا إبراهيم بن الجنيد قال ثنا سعيد بن حماد الأنصاري قال ثنا بكر بن محمد العابد. قال: دخل مالك ابن دينار على والي البصرة فقال له الوالي: ادع لي. فقال كم من مظلوم بالباب يدعو عليك.

• حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال ثنا محمد بن يونس الكديمي قال ثنا هريم بن عثمان قال ثنا سلام بن مسكين عن مالك بن دينار: إنه لقي بلال بن أبي بردة في الطريق والناس يطوفون حوله، فقال له: ما تعرفني؟ قال بلى! اعرفك ولك نطفة وأوسطك جيفة وأسفلك دودة، قال فهموا أن يضربوه فقال لهم:

هذا مالك بن دينار فتركه ومضى.

• حدثنا الحسن بن علي بن الخطاب الوراق قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا إبراهيم بن العباس الكاتب قال ثنا الأصمعي عن أبيه، قال: مر المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار وهو يتبختر في مشيته فقال له مالك: أما علمت أن هذه المشية تكره إلا بين الصفين، فقال له المهلب: أما تعرفني فقال له أعرفك أحسن المعرفة، قال وما تعرف منى قال أما أولك فنطفة مذرة، وأما آخرك فجيفة قذرة، وأنت بينهما تحمل العذرة، قال فقال المهلب الآن عرفتني حق المعرفة.

ص: 384

ابن عبد الله قال ثنا سيار عن جعفر. قال: سرق مصحف لمالك بن دينار فوعظ أصحابه فجعلوا يبكون، فقال كلنا نبكي فمن سرق المصحف؟.

• حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال ثنا إسماعيل بن علي قال ثنا هارون بن حميد قال ثنا سيار قال ثنا جعفر. قال: سمعت مالك بن دينار يقول: السوق مكثرة للمال، مذهبة للدين.

• حدثنا محمد بن علي قال ثنا أبو العباس بن قتيبة قال ثنا أحمد بن زيد الخزاز قال ثنا ضمرة قال ثنا ابن شوذب. قال: قال مالك بن دينار تسألوني عن نبيذ الجر، ولا تسألونى عن ثمن نبيذ الجر ومن أين هو؟ ومن أين ثمنه.

• حدثنا أبو محمد بن حيان قال ثنا ابن ماهان الرازي قال ثنا عبد الرحمن ابن يونس قال ثنا مطرف بن مازن. قال: سمعت معمرا يقول: قيل لمالك بن دينار إنك لتغلظ على الباس في لباسهم وطعامهم. فقال: مالك اكسبوا الحلال والبسوا ما شئتم.

• حدثنا علي بن عبد الله بن عمر قال ثنا المنتصر بن نصر قال ثنا عمر بن مدرك قال ثنا أبو إسحاق الطالقاني قال ثنا كنانة بن جبلة. قال: قال مالك بن دينار: لو أن الملكين اللذين ينسخان أعمالكم غدوا عليكم يتقاضونكم أثمان الصحف التي ينسخون فيها أعمالكم لأمسكتم عن كثير من فضول كلامكم، فإذا كانت الصحف من عند ربكم أفلا تربعون على أنفسكم.

• حدثنا محمد بن أحمد بن أبان قال حدثني أبي قال ثنا أبو بكر بن عبيد قال حدثني أبو عبد الله التيمي قال ثنا سيار قال ثنا جعفر، قال سمعت مالكا يقول: بلغني أن فتى أصاب ذنبا فيما مضى فأتى نهرا ليغتسل فذكر ذنبه فوقف واستحيى، فرجع فناداه النهر يا عاصى لو دنوت مني لغرقتك.

• حدثنا أبو بكر بن مالك قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا هارون قال ثنا سيار قال ثنا جعفر قال ثنا سيار عن مالك، قال: كان عيسى بن مريم عليه السلام إذا مر بدار قد مات أهلها وقف عليها فنادى وبخ أربابك اللذين يتوارثونك، كيف لم يعتبروا فعلك بإخوانهم الماضين.

أسند مالك بن دينار عن أنس رضي الله تعالى عنه عدة أحاديث.

وروى عن جلة التابعين عن الحسن، وابن سيرين، والقاسم بن محمد،

ص: 385

وسالم بن عبد الله، وغيرهم.

فمن حديثه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إبراهيم بن هاشم قال ثنا محمد المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا هشام الدستوائي عن المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتيت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا برجال تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الخطباء من أمتك» تفرد به يزيد بن زريع عن هشام، ورواه أبو عتاب سهل بن حماد عن هشام عن المغيرة عن مالك ثمامة عن أنس رضي الله تعالى عنه وكذلك رواه صدقة بن موسى عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه. قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتيت ليلة أسرى بى على قوم تفرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت. قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك اللذين يقولون ولا يفعلون ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به» .

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا محمد بن إبراهيم البغدادي قال ثنا القاسم بن هاشم السمسار قال حدثتنا سعيدة بنت حكامة قالت حدثتني أمي حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه. قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خشية الله رأس كل حكمة، والورع سيد العمل، ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله عز وجل إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله شيئا» . رواه أبو يعلى المنقري عن حكامة عن أبيها عن مالك عن ثابت عن أنس.

• حدثنا أبو بكر أحمد بن السندي قال ثنا جعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح قال ثنا يحيى بن خذام بن منصور قال ثنا محمد بن عبد الله بن زياد أبو سلمة الأنصاري قال ثنا مالك بن دينار عن أنس بن مالك. قال: قال:

ص: 386

وارتفاع مكانى، إنى لأستحيى من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام ثم أعذبهما».

ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي عند ذلك فقلت ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: «بكيت لمن يستحيي الله منه ولا يستحيي من الله تعالى» لم يروه عن مالك إلا أبو سلمة الانصارى تفرد به عنه يحيى بن خدام.

• حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا إسماعيل بن عبد الله قال ثنا موسى ابن إسماعيل قال ثنا أبو الحارث الفراء عن مالك بن دينار عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليؤيدن الله تعالى هذا الدين بقوم لا خلاق لهم» . قلت يا أبا سعيد عمن؟ قال عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو الحارث الفراء هو الحارث بن نبهان. وروى ابن وهب عن الحارث عن مالك نحوه. ورواه الحسن بن أبي جعفر وأبو خزيمة عن مالك نحوه.

• حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف قال ثنا ابراهيم بن فهد. حدثنا محمد بن إسحاق الأهوازي قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد. قالا: ثنا حفص بن عمر الحوضي قال ثنا الحارث بن وجيه

(1)

عن مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحت كل شعرة جنابة فأغسلوا الشعر وأتقوا البشرة» . تفرد به الحارث عن مالك.

• حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف قال ثنا إبراهيم بن فهد قال ثنا حرمي بن حفص قال ثنا أبان بن يزيد العطار عن مالك بن دينار عن القاسم ابن محمد عن عائشة رضي الله عنها. قالت: قلت يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة، قال فبعثها مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت وحملها على قتب. هذا من عيون حديث مالك بن دينار وصحيحه. أخرجه البخاري عنه في كتابه من حديث أبان حدث به عن حرمي المتقدمون عبدة بن عبد الله الصفار وعقبة بن مكرم وأشباههما.

• حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي قال ثنا إبراهيم بن خالد قال ثنا الحسن ابن الحسين الهسنجاني قال ثنا زهدم بن الحارث المكي قال ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه. قال: مر عمر بن الخطاب

(1)

فى ج: وجبة وحكاه فى الخلاصة على الوجهين.

ص: 387

مع النبي صلى الله عليه وسلم على يهودي وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميصان.

فقال اليهودي: يا أبا القاسم اكسني فخلع النبي صلى الله عليه وسلم أفضل القميصين فكساه، فقلت يا رسول الله لو كسوته الذى هو دون فقال ليس تدري يا عمر أن ديننا الحنيفة السمحة لا شح فيها، وكسوته أفضل القميصين ليكون أرغب له في الإسلام. هذا من عزيز حديث مالك بن دينار وغريبه حدث به أبو حاتم الرازى عن محمد عاصم عن زهدم.

• حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن قال ثنا محمد بن غالب بن حرب قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا صدقة بن موسى عن مالك بن دينار عن عبد الله بن غالب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «خصلتان لا تجتمعان في مؤمن سوء الخلق والبخل» . غريب من حديث مالك تفرد به عنه صدقة حدث به الأئمة أحمد بن حنبل والناس عن أبي داود عن صدقة.

• حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا المقدام بن داود قال ثنا علي بن معبد الرقي قال ثنا وهب بن راشد قال ثنا مالك بن دينار عن خلاص بن عمرو عن أبي الدرداء. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقول: أنا الله لا إله إلا أنا مالك الملك ومالك الملوك قلوب الملوك بيدي وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصونى حولت قلوبهم ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة فساموهم سوء العذاب؛ فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتفرغ إلى أكفكم ملوككم» . غريب من حديث مالك مرفوعا. تفرد به علي بن معبد عن وهب بن راشد.

(تم الجزء الثانى من كتاب حلية الأولياء ويليه الجزء الثالث)

(وأوله ذكر أيوب السختيانى)

ص: 388