المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسباب غنى المتزوجين (1) - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ١٣١

[عبد الرحيم الطحان]

الفصل: ‌أسباب غنى المتزوجين (1)

‌أسباب غنى المتزوجين (1)

(بحث)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

أسباب غنى المتزوجين (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد إخوتى الكرام..

لازلنا نتدارس مقاصد النكاح ولعلها تكون هذه آخر موعظة فى هذا الموضوع وننتقل بعد ذلك إلى ما بعده إن شاء الله وتقدم معنا إخوتى الكرام إن مقاصده الأساسية وحكمه البارزة كما تقدم معنا خمس.

أولها: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية سواء كانت حسية أو معنوية.

وثانيها: إنجاب الذرية التى تعبد وتوحد رب البرية.

وثالثها: تحصيل الأجر للزوجين عن طريق حسن عشرة كل منهما لصاحبه ومساعدته أيضا فى نفقته.

ورابع المقاصد: كما تقدم معنا تذكر لذة الآخرة.

وخامس المقاصد: وهو ما كنا نتدارسه ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل صاحبه وقرابته.

ص: 1

إخوتى الكرام: الأمر الخامس كما قلت سأقرره بخمس آيات وقد تدارسنا أربع آيات ونحن نتدارس الآية الخامسة الأخيرة فى هذا الموضوع ألا وهى قول الله عز وجل وأنحكوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وقد تقدم معنا إخوتى الكرام تقدم معنا أن هذه الآية فيها عدة كريمة من رب كريم بإغناء المتزوجين وقلت هذا المعنى هو الذى دلت عليه آيات القرآن العظيم ووردت به أحاديث نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وهو نقل عن سلفنا الطيبين وهو المقرر فى كتب أئمتنا المفسرين هذا انتهينا منه وقررت هذه الدلالات ثم استعرضت قولين ضعيفين مرجوحين الأول كما تقدم معنا قاله الزين ابن المنير وذهب إليه الإمام الرازى عليهم جميعا رحمة الله إنه ليس فى هذه الآية عدة بإغناء المتزوجين إنما لما ركز فى الطباع بأن النكاح مانع من الغنى لكثرة ما يتحمله المتزوج من نفقات وتبعات أراد الله أن ينفى هذا الوهم فأراد أن يخبر بأن هذا النكاح لا يمنع من الغنى فعندما أراد بأن ينفى هذا المعنى دل عليه بهذه الصورة وهو وجود الغنى مع النكاح والمقصود أصالة نفى الفقر بالنكاح يعنى لا يمكن أن يفتقر الإنسان إذا تزوج وإذا قدر له الغنى سيأتيه الغنى سواء كان متزوجا أو لا وتقدم معنا أن هذا القول مردود لما تقدم معنا من الأدلة والآثار.

ص: 2

والقول الثانى تقدم معنا قال به الإمام الثعلبى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وخلاصته أن الله وعد المتزوج بالغنى كما وعد العزب بالغنى فإن قيل يقول فما الفارق إذن يعنى لمَ ذكر وعد الله بإغناء المتزوجين وهذا حاصل لغيرهم قال أيضا من أجل أن الإنسان إذا لم يتيسر له الزواج وكان عزبا فليستعفف حتى يغنيهم الله من فضله وإذا طلب الزواج وهو فقير فما ينبغى للمرأة ولا لأهلها أن يمنعوه لفقره فهو يستعفف ويصبر ويأمل الغنى من فضل الله وإذا خطب يزوج ولا يمنعهم فقره من تزويجه ويأملون الغنى من فضل الله وقلت هذا القول مع أنه أقل فى البعد من القول الذى قبله أيضا ظواهر ما تقدم معنا يرد هذا ولذلك قال الإمام الألوسى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى روح المعانى فى الجزء الثامن عشر صفحة تسع وأربعين ومائة عند تفسير هذه الآية الكريمة ولا يخفى عليك أن الأخبار الدالة على وعد الناحك بالغنى كثيرة ولم نجد فى وعد العزب الذى ليس بصدد النكاح من حيث هو كذلك خبرا ما ورد خبر بأنه إذا كان عزبا سيضمن له من المعونة والرعاية والعناية والتوفيق كما هو الحال فى حق المتزوج الفقير والعلم عند الله الجليل.

إخوتى الكرام: هذا كله تقدم معنا كما قلت وسأختم الكلام على هذه المسألة بأسباب حصول الغنى للمتزوج هذه الأسباب متنوعة متعددة كلها كما قلت تقرر هذا الأمر أعنى أن كل واحد من الزوجين يرتفق بزوجه وبما يترتب على مصاحبته لصاحبه من غنى فى هذه الحياة.

ص: 3

أول هذه الأسباب سبب عادى وهو معروف عند البشر أجمعين أن الإنسان إذا تزوج يصبح عنده مزيد اهتمام بالكسب ويقوم بعد ذلك بالجد على وجه التمام فى السعى لتحصيل الرزق هذا سبب عادى لأنه يشعر بالمسؤولية كان هو بمفرده ولربما كان أيضا مع أسرته مع أبويه وإخوته لا يعنى لا يكلف بشىء لكن عندما استقل وصار بعد ذلك له بيت وهو قيم ومسؤول وصار عنده رعية حتما سيهتم لمصلحته ولمصلحتهم ولذلك سيبحث عن تحصيل الرزق وإذا تعرض لنفحات الله فتح الله عليه الرزق من حيث لا يحتسب ولذلك إخوتى الكرام كان أئمتنا يقولون الزواج قيد للرجال يقيده والإنسان قبل زواجه يكثر التطواف والأسفار ويذهب إلى هذه الديار وتلك الديار فإذا تزوج استقر فى الدار التى تزوج فيها ويبتعد بعد ذلك عن الذهاب والإياب قيد للرجال ولا يقوى عليه البطال، البطال يحب دائما أن يتجول هنا وهناك إما أنه لا يريد أن يتحمل مؤنة الزواج ولا يريد الفساد أيضا لكن يقول أصبر على عناء العزوبة وضغطها ولا أريد الزواج وإما أنه يريد الفساد ولا ريرد أن يتحمل مسؤولية فتح بيت وإنجاب ذرية همه أن يعيث فسادا هنا وهناك نسأل الله العافية لكن كما قلت هو قيد للرجال لا يقوى عليه البطال وأئمتنا كانوا يدركون هذا رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين وهذا الأمر كما قلت مما هو مركوز فى فطر الخلق أجمعين.

ص: 4

يذكر أئمتنا فى ترجمة العبد الصالح معمر ابن راشد وهو شيخ الإسلام أبو عروة معمر ابن راشد البصرى من بلاد البصرة من جهة العراق ذهب إلى اليمن لأجل تحصيل العلم وطلبه فأعجب به أهل اليمن وأحبوه وما أرادوا أن يفارقهم معمر ابن راشد فبدأوا يتشاورون فيما بينهم كيف سيستقر معمر عندنا فقال بعض الشيوخ الكبار قيدوه قالوا بأى شىء نقيده سيقيد من يديه ورجليه ويربط رضى الله عنه وأرضاه قال يعنى زوجوه إذا تزوج خلاص سيستقر عندكم ولن يفارق دياركم وكان كذلك حتى توفى فى بلاد اليمن سنة ثلاث وخمسين ومائة وحديثه فى الكتب الستة وقد نعته الإمام الذهبى فى السير فى الجزء السابع صفحة خمسة وترجمته أول ترجمة فى الجزء السابع قال إنه شيخ الإسلام أبو عروة البصرى نزيل اليمن فقد شهد جنازة الحسن البصرى عليهم جميعا رحمة الله فهو من أتباع التابعين الكبار وطلب العلم وهو حدث وكان من أوعية العلم مع الصدق والتحرى والورع والجلالة وحسن التصنيف قال الإمام أحمد لست تضم معمرا إلى أحد إلا وجدته فوقه لست تضم معمرا إلى أحد لتقارنه مع الرواة إلا وجدته فوقه وقال الإمام العجلى ثقة رجل صالح بصرى سكن صنعاء وتزوج بها قال العجلى ولما دخلها كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم فقال لهم شيخ قيدوه فقيدوه عن طريق تزويجه فاستقر عندهم قال الحافظ فى التقريب هو فقيه ثبت فاضل وكما قلت فى سنة ثلاث وخمسين ومائة فى سير أعلام النبلاء والحاكم ابن حجر يقول سنة أربع وخمسين مائة ولعل واحدا منهما جبر الكسر والآخر ألغاه والعلم عند الله جل وعلا إذن الزواج قيد والإنسان إذا تزوج يشعر بالمسؤولية وبالتالى سيتحرك من أجل تحصيل الرزق ويجد ويجتهد وأئمتنا كانوا يشيرون إلى هذا فيقولون:

إن ذئبا أمسكوه

وتماروا فى عقابه

قال شيخ زوجوه

ودعوه فى عذابه

ص: 5

إن ذئبا أمسكوه وتماروا فى عقابه بأى شىء يعاقبونه فقال أكبر القوم زوجوه وإذا زوجتموه هذه أكبر عقوبة له ودعوه فى عذابه خله يعانوا ما يعانى ويقاسى ما يقاسى من نفقة من إنجاب أولاد من رعاية لهم من من من هذه كلها تحتاج حقيقة كما قلت إلى جهد وأنا لما كنت أذكر هذين البيتين للأخوة سابقا عندما أذكرهما أقول:

إن ذئبا أمسكوه

وتماروا فى عقابه

قال شيخ زوجوه

ودعوه فى عذابه

ليس دعوه وخلصوه من عذابه حقيقة إذا تزوج يعنى يتحمل شيئا من العناء والجهد والتعب الظاهرى البدنى لكن يجد كما قال الله ومن آياته أن خلق لكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة وتقدم معنا ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون والزوجان كل واحد منهما للآخر كاليدين للبدن وكالعينين للإنسان وكالأذنين له وكالرجلين له يعنى لو فقد شيئا من ذلك إحدى الرجلين تعطل عن المشى إحدى اليدين تعطل أيضا عن مزاولة الحاجات على وجه التمام إحدى العينين إحدى الأذنين فإذن هذا لا بد من مراعاته أما أنه فى الدنيا يعنى يوجد لذة لا تنغيص فيها هذا لا يمكن أبدا كما تقدم معنا مرارا حتى الطعام نتعب فى تحصيله نتعب فى هضمه وأكله ونتعب فى إخراجه هذا لا بد منه لا يوجد فى الدنيا لذة كاملة إنما لذاتها مشوبة بالنقص والتنغيص والعكر والكدر اللذات الكاملة هذه فى دار الكمال بجوار ذى العزة والجلال فى الجنة كما تقدم معنا عند يعنى نقص هذه اللذة فى مدارسة هذا الأمر فى أول المبحث وذكرت الأمور العشرة فى بيان امتهان هذه اللذة ووجود النقص فيها وأنها لا تكون على وجه الكمال إلا فلا الآخرة فى دار كرامة الله جل وعلا إذن هذا إخوتى الكرام كما قلت الأمر الأول وهو سبب عادى لتحصيل الرزق الإنسان يتحرك يكون عنده كسل إذا تزوج لا بد أن يقوم بالعمل لا بد صار يشعر بمسؤولية.

ص: 6

إخوتى الكرام: الإمام الذهبى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى ترجمة معمر ابن راشد فى السير ذكر كلاما حقيقة ينبغى أن نذكر به أنفسنا جميعا يقول عليه رحمة الله فى الجزء السابع صفحة سبع عشرة قال عبد الرزاق أنبأنا معمر قال كان يقال إن الرجل يطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله ونقل أيضا عن معمر أنه قال لقد طلبنا هذا الشأن وما لنا فيه نية ثم رزقنا الله النية من بعد حقيقة الإنسان فى أول أمره قد يكون عنده شىء من التخليط فى نيته عند طلبه يتطلع للدنيا1526للمنزلة لحطام الدنيا لى لى لى لهذه الرعونات والآفات لكن إذا طلب العلم الشرعى سيكسره هذا العلم ويذكره بالله فتراه بعد ذلك يصحح نيته ويقبل على الله عز وجل مع أنه عندما دخل كان هناك شىء من الشوائب يقول الذهبى قلت نعم يطلبه أولا والحامل له حب العلم وهذا كما يقول كثير من الناس اطلب العلم للعلم لا، نطلب العلم لله عز وجل لا للعلم ولا للجهل لا نطلبه إلا إرضاء لله عز وجل همهم يصبح عالما يعنى ليعلم الشىء لا ما نطلب العلم من أجل أن نعلمه فقط من أجل أن نتقرب إلى الله عز وجل يقول والحامل له حب العلم وحب إزالة الجهل عنه وحب الوظائف ونحو ذلك هذا كثير من الناس يفعل هذا ونسأل الله أن يتوب علينا ثم قال ولم يكن علم وجوب الإخلاص فيه ولا صدق النية فإذا علم عندما يدرس هذه العلوم الشرعية وتذكره بالله حاسب نفسه وخاف من وبال قصده فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها هذا بعد أن سار فى طلب العلم وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى وحب المناظرة ومن قصد التكثر بعلمه ويزرى على نفسه فإن تكثر بعلمه أو قال أنا أعلم من فلان فبعدا له فإذا تعلم ليتشدق وأنه هو وهو وأنه لا يوجد أحد يساويه ولا يقرب منه فبعدا له هذا كما قلت حقيقة كلام ينبغى أن نذكر به أنفسنا جميعا أن النية قد لا تكون خالصة فى البداية لكن من طلب العلم الشرعى سيذكره بالله

ص: 7

فإذا تذكر تراه دائما يوبخ نفسه ويعترف بتقصيره وأنه ما عنده من العلم إلا قليل ولا بعد ذلك يزرى على فلان ولا على فلان ونسأل الله أن يشغلنا بعيوبنا عن عيوب خلقه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين هذا السبب الأول.

السبب الثانى إخوتى الكرام: مساعدة المرأة له هذا أيضا من أسباب حصول الرزق إذا تزوجت تأتى المرأة وتساعدك قال الإمام الألوسى فى روح المعانى فى الجزء الثامن عشر صفحة تسع وأربعين ومائة وهذا كثير فى العرب وأهل القرى فقد وجدنا فيهم من تكفيه امرأته أمر معاشه ومعاشها بشغلها وحقيقة كما يقول الإمام الألوسى أنا أدركت هذا موجودا فى بلاد الشام فى القرى بكثرة أنهم إذا الإنسان تزوج المزرعة من أولها لآخرها تقوم بها المرأة الاحتطاب تقوم به المرأة إعداد الطعام تقوم به المرأة يعنى صارت هى المسؤولة عن كل شىء وما عنده إلا أن هذا المال فى الأصل له لكن التثمير بعد ذلك هى وهى تقوم على الماشية وهى تحلبها هى تجبن هى تنزلها على السوق متحجبة يعنى هى تبيع هى كذا دون أن يتحرك ذاك يقول الإمام الألوسى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا كثير فى العرب وأهل القرى وقد وجدنا فيهم من تكفيه امرأته أمر معاشه ومعاشها بشغلها تشتغل فتكفى نفسها وتكفيه وأنا أعرف بعض طلبة العلم من إخواننا ولا زال على قيد الحياة كان طالبا وكان بعدى فى مراحل الطلب فتعرضت له بعض النساء عن طريق خطبة شرعية يعنى بواسطة محارمها من أجل أن يتزوجها وهى كانت مدرسة نعم أكبر منه لكن هو طالب ما يملك شيئا فتزوجها فبدأت تنفق عليه وما كانت يعنى كدسته وجمعته من رواتب أعطته أيضا هذه الرواتب فالرجل تحسنت حاله وظهرت عليه البهجة والنعيم والنضرة ونحن بقينا على حالتنا لما كنا فى سن الطلب وأعرفه وصار حاله كما يقال يعنى كذكر النحل حقيقة تنفق عليه هذه الزوجة تكرمه تحسن إليه وليس فى ذلك منقصة إذا جاء الأمر عن طريق ما أحل الله فليس فى ذلك منقصة وهى تعمل فى مهنة

ص: 8

التدريس متحجبة تتقى الله وتصون عرضها وكرامتها فلا حرج أيضا وهذا عندما تزوجها حقيقة ارتفق بها وحصل وما كلفته من المهر درهما واحدا قالت أنت إذا وافقت كل شىء يتم وتم الأمر يعنى نسأل الله أن يبارك لهما وللمسلمين أجمعين هذا يقع إخوتى الكرام بكثرة أعرف بعض إخواننا أيضا فى بلاد الشام ذاك أكبر منى بكثير هو كان يخبرنى يقول تزوج امرأة قريبة له أيضا مدرسته يقول إذا أخذت راتبها تأتى تضعه فى جيبه دون علمه يعنى فى المساء هو نام وخلع الملابس تضع الفلوس فى جيبه فإذا استيقظ وجد الفلوس فى الجيب يقول من أين هذا يقول ما لى علاقة بهذا أنا لا أستلم ريالا واحدا أنا الآن امرأة فى بيت لا يصلح أن يكون بين يدى فلوس يقول إن احتاجت بعد ذلك إلى ليرة واحدة إلى درهم تطلب منه كأن ليس لها مال هذا موجود أيضا حقيقة ارتفاق هذا ارتفق بها وحصل خيرا بسببها إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله هذه أسباب كثيرة هذا سبب ثان يحصل الإنسان بسببه الغنى

سبب ثالث: عن طريق إرثه منها وقد أيضا هى ترثه كل منهما أيضا يرتفق وهناك إذا كانت فقيرة وزوجها غنى ترتفق به أيضا فى الحالة الأولى أحيانا تكون هى فيها ما يمنعها من العمل وتحصيل الرزق لنفسها جاء رجل يسعى لها فهذا أيضا يحصل يعنى كما أنه هو يرث هى ترث إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وكم من إنسان حصل الغنى الكثير بسبب زوجته كم هى من أسرة غنية ثرية ورثت يعنى مئات الألوف بعد ذلك جاءه منها ذرية فقدر الله عليها الموت مالها من أوله لآخره الذى هو فى الأصل مال أهلها انتقل إليه وإلى ذريته أوليس كذلك جاء الأولاد والمال كله استولوا عليه وإذا قدر الله على ذريته الموت يكون أحرز المال من أوله لآخره وهذا حصل بكثرة.

ص: 9

يذكر أئمتنا فى ترجمة شيخ الإسلام أبى بكر محمد ابن عبد الباقى البزاز الذى توفى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة للهجرة وهو من كبار شيوخ شيخ الإسلام الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وقد ترجمه هو وغيره وذكروا هذه القصة فى ترجمته التى سأذكرها انتظروا إخوتى الكرام المنتظم للإمام ابن الجوزى فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وتسعين وانظروا سير أعلام النبلاء فى الجزء العشرين صفحة ثلاث وعشرين وانظروا الذيل على طبقات الحنابلة للحافظ ابن رجب فى الجزء الأول صفحة سبع وتسعين ومائة وانظروا المنهج الأحمد فى طبقات أصحاب الإمام أحمد عليهم جميعا رحمة الله فى الجزء الثانى صفحة ثمان وأربعين ومائتين فى ترجمة هذا العبد الصالح حقيقة يعنى يذكر عجبا كما سأحكى لكم قصته بعد أن أذكر لمحة عن حياته رضى الله عنه وأرضاه هو من أئمتنا الأبرار وقد ظهرت عليهم علامة النجابة والذكاء والألمعية من الصغر حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وحضر سماع الحديث وهو ابن أربع سنين وقيد هذا فى مسموعاته وفى روايته يعنى كان يحفظ وهو ابن أربع سنين الحديث يحضر مجالس الشيوخ أبو بكر محمد ابن عبد الباقى البزاز ولذلك كان يقول بعد ذلك عندما تصدر من خدم المحابر خدمته المنابر ويقول عندما ولد جاء منجمان عليهما غضب الرحمن فاسقر رأيهما أن هذا الشيخ لا يزيد أكثر من اثنتين وخمسين سنة لا يعيش أكثر من اثنتين وخمسين سنة يقول هو فها أنا قد بلغت ثلاثا وتسعين سنة يقول الإمام ابن الجوزى وكان يقرأ الخط الدقيق من بعد وفى هذه السن فمن حفظ أعضاءه فى الصغر حفظها الله له فى الكبر احفظ الله يحفظك حفظوها فى الشبيبة فحفظها الله لهم فى الشيب سبحانه وتعالى طلب العلم كما قلت وعمره أربع سنين يدور على المحدثين ويحضر عندهم ولذلك هذه الكرامة التى حصلت له وكانوا أحق بها وأهلها والله سبحانه وتعالى يكرم عباده الصالحين فى كل حين.

ص: 10

إخوتى الكرام: فيما يتعلق بموضوع تحمل شيخ الإسلام محمد ابن عبد الباقى البزاز وعمره أربع سنين هذا مقرر عند أئمتنا ويصح للإنسان أن يحمل الحديث قبل البلوغ لكن لا يقبل منه إلا بعد البلوغ يعنى يشترط لقبوله أن يكون بالغا مسلما أما لا يشترط لتحمله أن يكون بالغا ولا مسلما فيصح أن يتحمل وهو كافر لكن لا يروى إلا بعد الإسلام ويصح أن يتحمل وهو صغير ولا يروى إلا بعد البلوغ يقول شيخ الإسلام الإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

وقبلوا من مسلم تحملا

فى كفره كذا صبى حمل

وقبلوا من مسلم تحملا فى كفره حمل شيئا فى كفره ثم رواه بعد إسلامه يصح كذا صبى حمل:

ثم روى بعد البلوغ ومنع

قوم هنا ورد كالسبطين مع

إحضار أهل العلم للصبيان ثم

قبولهم ما حدثوا بعد الحلم

يقول قوم منعوا رواية الصغير إذا رواها بعد أن يكبر تحمل الصغير إذا رواها بعد أن يكبر يقول هذا مردود كالسبطين الحسن والحسين يرويان عن جدهما خير خلق الله علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهما صغيران تحملا فى حال الصغر يعنى رواية الحسن والحسين هى من باب أنه تحملا فى حال صغرهما ورويا بعد البلوغ والنبى عليه الصلاة والسلام عندما توفى ما بلغ لا الحسن ولا الحسين علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه لأن سيدتنا البضعة الطاهرة فاطمة رضى الله عنها وأرضاها تزوجت عليا رضى الله عنه للعام الثانى للهجرة أوليس كذلك يعنى على أكثر تقدير سن الحسن والحسين على أقل تقدير ست سنين سبع سنين فهذا دون البلوغ لكن رواية الرواية بعد البلوغ يعنى عند موت النبى عليه الصلاة والسلام سن الحسن والحسين بحدود الست أو السبع إلى هذا المقدار لا تزيد لكن روايتهما بعد ذلك بعد البلوغ كما قلت معتبرة ومقبولة باتفاق أئمتنا ولا يعتبر كلام من رد ولذلك يقول:

ثم روى بعد البلوغ ومنع

قوم هنا ورد كالسبطين مع

إحضار أهل العلم للصبيان ثم

قبولهم ما حدثوا بعد الحلم

ثم قال الإمام العراقى:

ص: 11

فكتبه بالضبط والسماع

حيث يصح وبه نزاع

متى يصح السماع إذا ضبط كتب وضبط يعتبر الآن يعنى سماع ما فى أى سن يصح السماع منه قال والماع حيث يصح وبه نزاع فى ذلك أربعة أقوال:

فالخمس للجمهور ثم الحجة

قصة محمود وعقل المجة

يقول عند الجمهور ينبغى أن يتحمل وهو ابن خمس سنين هذا عند الجمهور لم قال لقصة محمود ويقصد به محمود ابن الربيع وهو من الصحابة الكرام رضى الله عنه وأرضاه وحديثه فى الصحيحين وسنن ابن ماجة والنسائى وصحيح ابن حبان يقول عقلت من النبى صلى الله عليه وسلم مجة مجها فى وجهى من دلو وأنا ابن خمس سنين وفى رواية يقول مجها من دلو فى دارنا وأنا ابن خمس سنين والمج وقع من النبى عليه الصلاة والسلام على كيفيتين أخذ يعنى شربة من الدلو وملء فمه الشريفة الطاهرة على نبيناو عليه الصلاة والسلام فمج فى وجه محمود ابن الربيع مداعبة وتبركا ثم مج عليه الصلاة والسلام مجة أخرى فى البئر من أجل أن يحصل فيها بركة ولذلك مج فى وجهه ومج أيضا فى البئر التى فى دار محمود ابن الربيع يقول أنا عقلت هذه المجة وأنا ابن خمس سنين إذن هو يقول:

فالخمس للجمهور ثم الحجة

قصة محمود وعقل المجة

وهو ابن خمسة وقيل أربعة هذا الذى قاله ابن عبد البر ولكن كما قال الحافظ ابن حجر فى الفتح لا دليل على ذلك المعتمد خمسة وهو يقول وأنا ابن خمس سنين يعنى أربع ما ورد فى الأثر وهو ابن خمسة وقيل أربعة وليس فيه سنة متبعة.

يعنى ليس هذا يعنى بحد فاصل لسماع الصغير لا سمع محمود ابن الربيع وعقل وهو ابن خمس سنين طيب لو عقل وهو ابن أربع سنين يقبل أم لا؟ يقبل واضح هذا يعنى فى الغالب أن الإنسان يعقل ويضبط ابن خمس لو ضبط ابن أربعة أيضا يعنى يعتبر مقصود أنه يضبط ما يسمعه فى صغره ولذلك القول الثانى يقول وليس فيه سنة متبعة.

بل الصواب فهمه الخطاب

مميزا ورده الجواب

ص: 12

الصواب أن يكون واعيا بصيرا إذا سمع شيئا يجيب على مقتضاه ولا يعنى يهذى فى الكلام ولا يدرى ما يقول كحال الصبيان.

بل الصواب فهمه الخطاب

مميزا ورده الجواب

وقيل لابن حنبل فرجل

قال لخمس عشرة التحمل

يعنى لا يتحمل إلا وهو ابن خمس عشرة سنة يعنى ينبغى أن يكون بالغا يجوز لا فى دونها فغلطه قال الإمام أحمد بئس ما قال ما قال بهذا أحد من قال التحمل لا يصح إلا إذا كان ابن خمس عشرة سنة ما قال هذا أحد يجوز لا فى دونها فغلطه قال يعنى الإمام أحمد إذا عقله ضبطه يعنى يصح سماعه ويعتبر تحملا هذان قولان خمس سنين للجمهور ثم يقول الصواب أن يكون مميزا واعيا عندما يتحمل والقول الثالث يعود إلى هذين القولين.

وقيل من بين الحمار والبقر

فرق سامع ومن لا فحضر

وقيل من بين الحمار والبقر يعنى يميز الحمار من البقر ولا يشتبه عليه هذا بهذا وبعض الأولاد قد لا يميز يعنى ولا يعرف ما هو الحمار وما هو البقر ولا يميز الذكر من الأنثى فإذا كان لا يميز لا يعتبر تحمله ينبغى أن يكون فطنا واعيا وقيل من بين الحمار والبقر فرق إذا فرق بينهما سامع صح سماعه فإذا روى بعد بلوغه يقبل منه ومن لا يميز فحضر هذا له مجرد الحضور للبركة ولا يعتبر سماعه ولا يصح سماعه ولا يجوز أن يروى بعد ذلك إلا إذا اتصف بهذه الصفة هذا القول الثالث قال به الحمال هذا قول الإمام الحمال عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إذن هذا قول ثالث أوليس كذلك ثم قال:

وابن المقرى سمع

لابن أربع ذى ذكر

ص: 13

القول الرابع الذى تقدم معنا وهو خمس عشرة سنة وهو الذى رده الإمام أحمد يفرق بين الحمار والبقر قول ثانى القول الثالث وهو المعتمد أنه يتعلق الضبط والتمييز والوعى وقيل ابن خمس سنين هذه الأربعة أقوال ثم قال وابن المقرى الإمام ابن المقرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول سمع لابن أربع ذى ذكر يعنى لإنسان له ذكر قدر وفضل وهو الإمام ابن اللبان فى قصة شهيرة جرت له عندما جاء ليستمع من الحافظ ابن المقرىء وغيره من أئمة الحديث فقال لهم سمعوه والعهدة على بعد اختبار جرى له وستسمعونه إن شاء الله وهو ابن أربع سنين هذه الأبيات إخوتى الكرام انظروا شرحها فى كتاب التبصرة والتذكرة لشيخ الإسلام الحافظ العراقى وهى شرح ألفيته فى الجزء الثانى صفحة أربع عشرة إلى ثلاث وعشرين فى عشر صفحات ومعها فى الحاشية فتح الباقى أيضا للشيخ زكريا الأنصارى فى شرح ألفية العراقى وانظروا فتح المغيث فى الجزء الثانى أول الجزء الثانى تماما من صفحة ثلاثة إلى خمس عشرة.

ص: 14

وأما القصة التى أشار إليها الإمام العراقى ذى ذكر لصاحب الذكر والقدر والشأن انظروها إخوتى الكرام فى تاريخ بغداد فى الجزء العاشر صفحة أربع وأربعين ومائة وحقيقة قصة طريفة عجيبة يورها الإمام الخطيب البغدادى فى الجزء العاشر صفحة أربع وأربعين ومائة فى ترجمته يقول عبد الله ابن محمد ابن عبد الرحمن ابن أحمد يقول بعد ذلك وهو أبو محمد الأصبهانى المعروف بابن اللبان وكان من شيوخ الخطيب البغدادى يعنى هذا من شيوخه ويترجمه هنا يقول هو أحد أوعية العلم ومن أهل الدين والفضل والإمام الذهبى فى السير فى الجزء السابع عشر صفحة ثلاث وخمسين وستمائة يقول عظمه الخطيب وقال كان من أهل الدين والفضل ومن أوعية العلم ثم يقول الخطيب البغدادى وكان ثقة صحب القاضى أبا بكر الأشعرى ودرس عليه أصول الديانات وأصول الفقه ودرس فقه الشافعى على أبى حامد الإسفرايينى وقرأ القرآن بعدة روايات وولى القضاء ثم قال وله كتب كثيرة مصنفة وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن ومن أوجز الناس عبارة فى المناظرة مع تدين جميل وعبادة كثيرة وورع بين وتقشف ظاهر وخلق حسن سمعته يقول حفظت القرآن ولى خمس سنين هذا ابن اللبان وأحضرت عند أبى بكر ابن المقرىء ولى أربع سنين فأرادوا أن يسمعوا لى يعنى الأحاديث ليس القرآن يعتبروا سماعه يضبطوه معهم سمع فلان وفلان عن هذا الشيخ فيما حضرت قراءته فقال بعضهم إنه يصغر عن السماع أربع سنين تسمعونه فقال لى ابن المقرىء تعال اقرأ سورة الكافرون هو حفظ القرآن كما قلنا ابن خمس سنين يقول فقرأتها فقال اقرأ سورة التكوير وهذه السور التى يخطىء يعنى أكثر الناس بها إلا من كان حافظا حاذقا اقرأ سورة التكوير قال فقرأتها فقال لى غيره اقرأ سورة والمرسلات وهذه أصعب الثلاثة يقول فقرأتها ولم أغلط فيها فقال ابن المقرىء سمعوا له والعهدة على اكتبوا سماعه وهذا معتبر ابن أربع سنين والعهدة على يقول ثم قال سمعت أبا صالح أبى مسعود يقول سمعت أبا

ص: 15

مسعود أحمد ابن الفرات يقول أتعجب من إنسان يقرأ سورة المرسلات عن ظهر قلب ولا يغلط فيها أتعجَب أو لعله أتعجّب يقول حكى إن أبا مسعود ورد أصبهان ولم يكن كتبه معه فأملى كذا وكذا ألف حديث عن ظهر قلبه فلما وصلت الكتب إليه قوبلت بما أملى فلم يختلف إلا فى مواضع يسيرة يقول أدرك ابن اللبان شهر رمضان من سنة سبع وعشرين وأربعمائة وهو ببغداد فكان يسكن درب الآجر من نهر الطاق يقول فصلى بالناس صلاة التروايح فى جميع الشهر وكان إذا فرغ من صلاته بالناس فى كل ليلة لا يزال قائما فى المسجد حتى يطلع الفجر وهو يصلى فإذا صلى الفجر دارس أصحابه وسمعته يقول لم أضع جنبى للنوم فى هذا الشهر ليلا ولا نهارا وكان ورده كل ليلة فيما يصلى لنفسه سبعا من القرآن يقرأه بترتيل وتمهل ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه مات أبو محمد ابن اللبان فى أصبهان فى جمادى الآخرة من سنة ست وأربعين وأربعمائة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو شيخ الخطيب البغدادى ولذلك هنا يقول وابن المقرى سمع لابن أربع ذى ذكروهذه القصة يقول عنها الحافظ فى الفتح فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وسبعين ومائة يقول قصة أبى بكر ابن المقرىء الحافظ فى تسميعه لابن أربع لكن ما سماه والحقيقة ينبغى أن يسمى هذه منقبة كبيرة لابن اللبان بعد أن امتحنه بحفظ سور من القرآن مشهورة يقول هذه القصة مشهورة بين العلماء الكرام.

ص: 16

ثم قال الحافظ ابن حجر تحديد السن بخمس كما ذهب إلى ذلك الجمهور يقول بأنه يعنى هذا مظنة الضبط مظنة لا أن هذا يعنى على سبيل التحديد الجازم مظنة الضبط يقول وقريب منه ضبط الفقهاء سن التمييز بست أو سبع والمرجح أنها مظنة للضبط والتمييز ليس هذا من باب التحديد فقد يميز الإنسان وابن أربعة وقد لا يميز إلا وهو ابن تسع لكن فى الغالب ابن ست أو سبع يميز ثم يقول ومن أقوى هذا كلام الحافظ فى الفتح ما يتمسك به فى أن المراد فى ذلك فى أن المرد فى ذلك إلى الفهم أن المرد فى قبول السماع إلى الفهم فيختلف باختلاف الأشخاص الذى يحقق هذا يقول ما أورده الخطيب من طريق أبى عاصم قال ذهبت بابنى وهو ابن ثلاث إلى ابن جريج فحدثه هذا ابن ثلاث سنين قال أبو عاصم ولا بأس بتعليم الصبى الحدث أى الصغير ولا بأس بتعليم الصبى الحدث الحديث والقرآن وهو فى هذا السن يعنى إذا كان فهما يعنى وهو ابن ثلاث سنين عناية ربانية من صغرهم وهكذا أبو بكر محمد ابن عبد الباقى البزاز حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وحضر مجالس السماع وضبط سماعه وهو ابن أربع سنين يقول عليه رحمة الله عندما ذهب إلى الحج اشتد بى الجوع فخرجت من بيتى أبحث عن طعام آكله يقول فرأيت كيسا فى الطريق فأخذته فإذا به عقد من لؤلؤ وحواه أحجار كريمة يقول فأخذته ووضعته فى البيت وخرجت لأبحث عن رزقى يقول وإذا بمناد ينادى من وجد كيسا فيه كذا وكذا فله خمسمائة دينار هو الدينار الواحد فى ذاك الوقت يتزوج ويولم بدينار فخمسمائة دينار وسيأتينا أن هذا العقد بيع بمائة ألف دينار جائزة عليه خمسمائة دينار فقلت ما وصف الكيس وماذا فيه يقول فوصف لى الكيس والرباط الذى عليه وعدد ما فيه من أحجار ووصف العقد الذى فيه يقول فدفعته إليه فأعطانى الدنانير فأبيت أن آخذ دينارا وقلت عمل عملته لله لا آخذ أجرة عليه وهذا مالك يعنى بأى حق آخذ هذا فقال نفسى طيبة قلت لا أريد أن آخذ أجرا على طاعة عملتها خذ مالك

ص: 17

وبارك الله لك فيه يقول ووالله إن بحاجة إلى كسرة خبز انظر لهذه العفة وهذه الشهامة وهذه المروءة وهذه الرجولة بحاجة إلى كسرة خبز وهذا يعرض عليه خمسمائة دينار طيبة بها نفسه يقول لست بحاجة إليها ثم حصل ما حصل من رزق وأنهى حجته ولما عاد وركب البحر انكسرت به السفينة أو بخشبة من خشباتها فضربته الأمواج حتى استقر فى جزيرة يقول فدخلت إلى غيضة ومشيت فيها شجر كثير ملتف حتى بان لى علامة يعنى مسجد وذهبت فدخلت إلى هذا المسجد يقول فالحمد لله وجدت أن أهل الجزيرة على الإسلام وأنه يعنى ضربته إلى جزيرة مسلمة فى ذاك الوقت ليست من جزر الكفر يقول فدخلت إلى المسجد فبدأت أقرأ القرآن فجاء أهل القرية وقالوا تحسن قراءة القرآن قلت نعم هذا شيخ الإسلام يحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين هذا محدث الدنيا الآن قالوا علمنا فعلمتهم فأكبرونى وأحسنوا ضيافتى وأحبونى ثم رأونى بعد أيام أكتب يخرج الأوراق ويكتب فيها قال أنت تحسن الخط قلت نعم قال علمنا يقول فعلمتهم يقول فزادت الألفة والمودة بينى وبينهم فلما عزمت على الرحيل عزموا على أن أبقى وقالوا نزوجك عندنا قلت أنا أريد أن أذهب إلى بلادى ولم يكن متزوجا قالوا تتزوج عندنا يقول فقلت على بركة الله فبعد أن أجريت يعنى كما يقال مراسيم الزواج وتم الأمر ودخل على زوجه وجد العقد الذى وجده فى مكة فى صدر هذه الزوجة الطيبة الطاهرة بدأ ينظر إلى صدرها وإلى هذا العقد الذى فى صدرها ويتعجب يعنى أنا هذا رأيته فى مكة ما الذى أحضره إلى هذا المكان هذه الجزيرة النائية وما رفع طرفه إلى وجه زوجته مشدوه حقيقة ليس من أجل عرض الدنيا يعنى هذا من أين جاء فقال له يعنى أقارب الزوجة يا شيخ كسرت قلب هذه اليتيمة المسكينة تنظر إلى العقد ولا تنظر إليها قال لهذا العقد قصة وما هى فأخبرهم بالقصة وأنها وجده فى مكة وأن بعض أهل الخير أخبره أن هذا العقد له فدفعه إليه وأراد أن يعطيه جائزة فأبى ثم بعد ذلك ما عنده خبر

ص: 18

عن صاحب العقد قالوا صاحب العقد هو والد هذه المرأة والد زوجتك وقد حج معك فى السنة التى حججت فيها ورجع قبلك وكان كلما صلى يقول ما رأيت على وجه الأرض أتقى من الذى وجد على عقدى فى مكة وكان كلما صلى صلاة يقول اللهم اجمع بينى وبينه حتى أزوجه ابنتى هذه الأمانة وهذه الديانة هذا أمر عجيب اجمع بينى وبينه لأزوجه ابنتى قال لكن الأجل يعنى انتهى والعمر محتوم الأجل جاءه فذهب إلى لقاء ربه وقد أجاب الله دعاءه فكبر من فى البيت وكبر معهم وقال حتى ارتجت بعد ذلك الجزيرة بالتكبير من هذا الخبر العجيب يقول فجلست معها ورزقنى الله منتها ولدين ثم ماتت فورثتها أنا وولداى ثم مات الولدان فآل المال كله إلى فبعت العقد بمائة ألف دينار بدل خمسمائة يقول فكان من أغنى العلماء فى زمنه فيسألونه من أين لك هذا المال يقول هذا بسبب ما حصل لى بمكة ثم ترتب عليه هذا الزواج المبارك حقيقة هذا ارتفاق لا يخطر بالبال تزوج هذه المرأة وورثت من والدها ما ورثت فآل إليه هذا ارتفاق إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.

إخوتى الكرام: ومثل هذه القصة جرت أيضا لشيخ الإسلام أبى الوفاء على ابن عقيل الذى توفى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وانظروا قصته أيضا فى سير أعلام النبلاء فى الجزء التاسع عشر صفحة خمسين وأربعمائة كهذه القصة تماما وأيضا وجد عقدا فى مكة لكن تبين بعد ذلك أن هذا الرجل من بلاد الشام من حلب وجاء الإمام ابن عقيل إلى حلب واستوطن فيها فترة ولما أحبه أهل حلب وزوجوه زوجوه تلك البنت التى مات والدها وخلف لها العقد الذى وجده أيضا الإمام ابن عقيل انظروا هذا كما قلت إخوتى الكرام فى سير أعلام النبلاء فى ترجمة أبى الوفاء ابن عقيل عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا الجليل ولا غرو فى ذلك ولا عجب صنائع المعروف تقى مصارع السوء احفظ الله يحفظك.

ص: 19

إخوتى الكرام: وهاتان الجملتان صنائع المعروف تقى مصارع السوء احفظ الله يحفظك قطعتان من حديثين صحيحين ثابتين عن نبينا علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أما الجملة الأولى صنائع المعروف تقى مصارع السوء مروية فى حديث حسن رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وقد نص على تحسينه الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الثانى صفحة ثلاثين والإمام الهيثمى أيضا فى مجمع الزوائد فى الجزء الثالث صفحة خمس عشرة ومائة ولفظ الحديث من رواية سيدنا أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال صنائع المعروف تقى مصارع السوء وصدقة السر تطفىء غضب الرب جل وعلا وصلة الرحم تزيد فى العمر وانظر فى هذين الكتابين فى الترغيب والترهيب ومجمع الزوائد وفى جمع الجوامع للإمام السيوطى فى الجزء الأول صفحة ستين وخمسمائة أحاديث أخرى بمعنى ذلك.

ص: 20

وأما الجملة الثانية فهى قطعة من حديث صحيح أيضا رواه الإمام أحمد فى مسنده والترمذى فى سننه والحاكم فى مستدركه والضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة وابن السنى فى عمل اليوم والليلة رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين ولفظ الحديث من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال كنت رديف النبى صلى الله عليه وسلم فقال لى يا غلام أو يا غليم ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قلت بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لن ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف والحديث مروى بغير هذه الرواية انظروا إخوتى الكرام هذا الحديث فى جامع العلوم والحكم للإمام ابن رجب عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وقد شرحه فى خمس عشرة صفحة من صفحة ثلاث وسبعين ومائة إلى صفحة ثمان وثمانين ومائة وهو الحديث التاسع عشر فى جامع العلوم والحكم وقد أشار فى جامع العلوم والحكم إلى أنه أفرد لهذا الكتب جزءا كبيرا والجزء مطبوع إخوتى الكرام سماه الإمام ابن رجب نور الاقتباس فى مشكاة النبى صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضى الله عنهما قال الإمام ابن رجب الحنبلى فى جامع العلوم والحكم وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين حتى قال بعض العلماء تدبرت هذا الحديث فأدهشنى وكدت أطير فوا أسفاه من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه وهذا العالم الذى قال هذا الكلام هو الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا كما وضح ذلك الإمام ابن رجب الحنبلى فى نور الاقتباس فى صفحة ثلاث وعشرين يقول حتى قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزى فى كتابه صيد الخاطر تدبرت هذا الحديث

ص: 21

فأدهشنى وكدت أطير ثم قال فوا أسفاه من الجهل بهذا الحديث وقلة الفهم لمعناه قال الإمام ابن رجب فى جامع العلوم والحكم قلت وقد أفردت لشرحه جزءا كبيرا ونحن نذكر هاهنا مقاصده على وجه الاختصار إن شاء الله تعالى والجزء كما قلت إخوتى الكرام مطبوع وهو فى حدود ستين صفحة شرح فيه هذا الحديث الجميل احفظ الله يحفظك.

إخوتى الكرام: هذا كما قلت سبب ثالث من أسباب غنى المتزوجين هو يرثها هى ترثه كم من أحيان كان يتزوج امرأة من أسرة يملك أهلها ليس الملايين المليارات كم وإذا مات بعد ذلك والدها ورث ثروة طائلة طائلة ستؤول بعد ذلك إلى الزوج وإلى أولاده والعكس كذلك كم من إنسان أيضا يملك فيموت فترثه زوجته وهكذا الأولاد ثم يموت الأولاد تنتقل بعد ذلك التركة إلى هذه الزوجة التى صارت أما للأولاد هذا يقع بكثرة فى الحياة وهذا كله من أسباب ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه إذن هذا طريق ثالث لتحصيل الغنى عن طريق الإرث الذى جعله الله بين الأزواج والقرابات والأهل والأولاد:

ص: 22

السبب الرابع لحصول الغنى للمتزوجين مساعدة الأولاد له إذا تزوجت وجاءك أولاد هؤلاء الأولاد سيساعدونك يشدون عضدك وأزرك وأيضا يعملون ويقدمون لك وكم من إنسان اغتنى بسبب أولادهم هو فقير لعله ما ملك رهما ولا ريالا فى جيبه طول حياته فاضلا عن حوائجه ثم فتح الله على أولاده يعنى الخيرات من حيث لا يحتسب ما يملكه الأولاد ملك للوالد فحصل له الغنى بسبب الأولاد وهذا واقع بكثرة لذلك قال الإمام الألوسى قد ينضم إلى ذلك حصول أولاد له فيقوى أمر التساعد والتعاضد وقد تقدم معنا إخوتى الكرام أن الله امتن علينا بذلك والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة وقلنا حفدة يحفد حفدا وحفدان واحتفد إذا خف وأسرع فى الخدمة على وجه النشاط فيخدمونك ويساعدونك هذا تقدم معنا إخوتى الكرام ونفقة الأبوين واجبة على الأولاد هذا باتفاق أئمتنا إذا كان الوالدان فقيرين فنفقتهما واجبة على الأولاد رغم أنفهم هل للأبوين أن يأخذا ما زاد على حاجتهما؟ تقدم معنا أنه عند الحنابلة مال الولد مال الوالد يتصرف فيه كما يتصرف فى ماله بشرطين اثنين كما تقدم معنا الأول ألا يأخذ ما يحتاجه الولد لئلا يضره فمصلحة المالك تقدم على مصلحة غيره والثانى ألا يأخذ منه ليعطى إخوته الآخرين لأنه منهى عن المحاباة بين أولاده فيما هو من ماله فكيف يأخذ من مال هذا الولد ليعطى ولدا آخر ما عدا هذا تقدم معنا هذا قلت يأخذ ما شاء ويدع ما شاء لا يجوز للولد أن يقول لم ولا يتمعر وجهه بل ولا أن يتكدر قلبه ولو فعل هذا فهو عاق هذا والد هذا وتقدم معنا تقرير هذا وقلنا أن الله جعل الولد كسبا للوالد تقدم معنا تقرير هذا بالأدلة ما أغنى عنه ماله ما كسب كسبه أولاده وذكرت أيضا حديث النبى عليه الصلاة والسلام وخرجته هذا ضمن الثمر الثانى والمقصد الثانى من مقاصد النكاح ألا وهو إنجاب الذرية وما فى إنجاب الذرية من فوائد فى الدين والدنيا فى العجل والآجل تقدم معنا

ص: 23

هذا حديث النبى عليه الصلاة والسلام إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه فكلوا من كسب أولادكم وتقدم معنا أيضا الحديث الثانى أنت ومالك لأبيك تقدم معنا هذا إذن هو كسبه وهو أيضا هبة لوالده يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وتقدم معنا استدلال سفيان ابن عيينة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا على هذا الأمر بأن الله عندما ذكر البيوت التى يرخص للإنسان أن يأكل منها لم يذكر بيوت الأبناء بيوت الأولاد لم لأن بيوتهم بيوت للأب فما فى داعى أن يقال أو بيوت أبنائكم ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا قوله من بيوتكم دخل فى ذلك بيتك الذى تملكه وبيت ولدك دخل فى هذا ولذلك ما قال الله أو بيوت أولادكم ما قال هذا ولو قيل كما قلت فيه كسر لخاطر الوالد يقول صار مال الولد يختلف عن مالى ولا بد يعنى من تنصيص على ذلك هذا لايليق ولذلك انظر لهذه الدلالة الكريمة من بيوتكم هذا شامل لبيتين لبيته الأصلى ولبيت ولده يأكل ويتصرف فيه كما يتصرف فى بيته تماما تقدمت معنا هذه الدلالات إذن إذا جاءه أولاد يرتفق بهم كم من إنسان كما قلت حصل الغنى بسبب أولاده ولو لم يتزوج لبقى يعنى طول حياته لا يملك ريالا ما أكثر هذا ما أكثره فى الحياة وهو واقع مشاهد إذن هذا سبب رابع لتحصيا الغنى للأزواج إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.

ص: 24

سبب خامس: مساعدة أهل زوجته له إذا كان فقيرا وهذا يقع بكثرة قال الإمام الألوسى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وربما يكون للمرأة أقارب يحصل له منهم الإعانة بحسب مصاهرته إياهم ولا يوجد ذلك فى العزب هذا من الذى صاهر أحدا ليساعد وهذا إخوتى الكرام يعنى ما أعرفه تعرفونه حقيقة ما أكثره كم من إنسان يتزوج وهو فى الأصل لا أقول ما عنده المهر ما عنده شىء قالوا له نحن نساعدك ونحن نجهز المرأة طيب أين سيسكن يسكن فى العراء يشترون له بيتا لو بقى خمسين سنة ما يجمع قيمة البيت هذا مشاهد بكثرة بيت اشتروه له فرشوه دفعوا له المهر اهدوا إليه الزوجة ما شاء الله على هذا الزواج ما أحسنه حقيقة يقع هذا بكثرة إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وهذا واقع ولا أتكلم عن خيال وأنا أعرف بعض الناس فى بلاد الشام عنده عدد من البنات ما زوج واحدة إلا واشترى لها بيتا على علم يقين يقول أنا أشترى لها البيت شراء ليس موضوع استئجار البيت أشتريه وأنت بعد ما تيسرت1:1:41 أما البيت أنا أكفيك لبيت بيت ملك له لها وأنت تسكن وأسأل الله أن يجمع بينكم على طاعته هذا موجود بكثرة هذا ارتفاق وسعادة حصلت للإنسان بسبب هذا التمسوا الغنى بالنكاح وتقدم معنا النكاح مفتاح للرزق هذا من جملة الأسباب وهذا كما قلت سبب أيضا لتحصيل الغنى.

سبب سادس: مساعدة أهله له لثقل حمله الذى يحمله يعنى هو عندما يتزوج والده يساعده أمه تساعده إخوته يساعدونه أعمامه يساعدونه كلهم يشتركون يقلون هذا تزوج مسكين فى بداية حياته ما يملك كل واحد يحضر له ما تيسر من هدية من معونة من من ترى ما بين الحين والحين تأتيه الخيرات والبركات هذا أيضا من أسباب تحصيل الرزق والله هو الذى يلقى فى قلوب هؤلاء هذا الشىء فعملك يحضر لك ووالدك يحضر لك وهكذا وهكذا تحصل خيرا هذا سبب سادس أيضا لتحصيل الرزق.

ص: 25

سبب سابع: مساعدة أهل الخير له ومواساتهم له فى تحصيل رزقه ومساعدتهم له الآن لا أهل الزوجة ولا أهل الزوج أهل الخير إذا رأوا طالب علم فقير رأوا إنسانا فقيرا طيبا صالحا تزوج ليس من شيمتهم يعنى أن ينظروا إليه وتزوج يعنى ما شاء الله بارك الله لك وعليك وانتهى لا ثم لا إذا عندك بعد ذلك شىء مع بارك الله لك وعليك خذ هذه بركة أيضا تعطى عشرة آلاف تعطيه مائة ألف تعطيه خمسة آلاف على حسب حالك حقيقة هذا أيضا موجود وهذا مستعمل فى جميع العصور ولذلك كان نبينا عليه الصلاة والسلام ينبه أيضا إلا إليه ويلفت الأنظار له ووقع هذا فى العصر الأول فى ترجمة الصحابى الجليل خادم نبينا علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ربيعة ابن كعب أبو فراس الأسلمى الذى كان يبيت مع النبى عليه الصلاة والسلام وإذا قام نبينا عليه الصلاة والسلام بعد ذلك لقضاء حاجته تبعه بوَضوئه فقال له مرة كما فى صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وسنن أبى داود والنسائى سل حاجتك يريد أن يكافئه نبينا عليه الصلاة والسلام ماذا تريد ستبيت معى تخدمنى إذا ذهبت لقضاء الحاجة تحمل هذا الماء سل حاجتك سل طلبا أقضيه لك انظر لهذا الطلب الذى هو أغلى الطلب قال أسألك مرافقتك فى الجنة قال أو غير ذاك اطلب شيئا آخر من عرض الدنيا ماذا تريد قال هو ذاك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما أريد غيره وفى بعض روايات المسند قال له نبينا عليه الصلاة والسلام من علمك هذا أنت علمته يا رسول الله عليه الصلاة والسلام علمته أن يتعلق بما عند الله وألا يفكر فى الدنيا أنت الذى علمته قال من علمك هذا من أشار عليك تكون معى فى الجنة فقال ربيعة لا والله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما علمنى أحد هذا ليس يعنى بواسطة تدبير مع أحد أبدا إنما نظرت فى الدنيا فعلمت أنها منقطعة وأن لى فيها رزقا سيأتينى يقول وما فقلت أسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام لآخرتى وعلمت أنك عند الله بالمنزل الذى

ص: 26

أنت فيه يعنى لك شأن أنت رسول الله عليه الصلاة والسلام فقلت أسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام لآخرتى ورد فى رواية المسند أن نبينا عليه الصلاة والسلام أطرق قليلا كأنه يوحى إليه ثم قال يا ربيعة إنى فاعل فأعنى على نفسك بكثرة السجود أسألك مرافقتك فى الجنة وهنا لا يقولن قائل أسألك استغاثة بغير الله فى طلب ما لا يقدر عليه إلا الله المراد أسألك أن تشفع لى إلى ربك لأنال هذه الحظوة عنده لأكون معك فى عليين فأطرق النبى عليه الصلاة والسلام ينتظر الأمر من ربه هل سيشفع فى هذا بخصوصه لينال هذه المنزلة فقال إنى فاعل سأشفع لك لتنال هذه المنزلة فى الآخرة لكن يعنى أبذل ما فى وسعك بعد بكثرة التقرب إلى ربك فأعنى على نفسك بكثرةالسجود هذا ربيعة انظروا لمعاونة الصحابة له بإرشاد نبينا عليه الصلاة والسلام ثبت فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والحديث فى المجمع فى الجزء الرابع صفحة خمس وخمسين ومائتين وبوب عليه الإمام الهيثمى فى كتاب النكاح بابا فقال باب الأمر بالتزويج والإعانة عليه أمر بالتزويج إعانة عليه قال وفى إسناده مبارك ابن فضالة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح والحديث ذكره فى ترجمة فضائل الصحابة فى ترجمة سيدنا أبى بكر صديق هذه الأمة رضى الله عنه وأرضاه فى الجزء التاسع صفحة خمس وأربعين وقال فى إسناده مبارك ابن فضالة حديثه حسن وبقية رجاله ثقات وإنما أورده فى ترجمة سيدنا أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه لما تسمعون من منزلة لأبى بكر رضى الله عنه وأرضاه لا يصل إليها أحد من الصالحين والصديقين لا من المتقدمين ولا من المتأخرين وما وصل إليها وجاوزها إلا أنبياء الله ورسله علي نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه.

ص: 27

إخوتى الكرام: والمبارك ابن فضالة كما قال الإمام الهيثمى حديثه حسن وقد حكم عليه الحافظ فى التقريب فقال صدوق يدلس ويسوى وقد توفى سنة ست وستين ومائة للهجرة يدلس ويسلك أيضا تدليس التسوية وتقدم معنا أنه يحذف ضعيفا بين ثقتين وقد توفى سنة ست وستين وخرج له البخارى فى صحيحه تعليقا وهو أيضا مخرج له فى سنن أبى داود والترمذى وابن ماجة فهو فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى أوليس كذلك والحافظ الذهبى فى السير فى الجزء السابع صفحة أربع وثمانين ومائتين يقول قلت هو حسن الحديث كما قال الإمام الهيثمى تماما يقول حديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح وهنا كذلك حديثه حسن وبيقة رجاله رجال الصحيح وقال فى المكان الثانى الإمام الهيثمى حديثه حسن وبقية رجاله ثقات إذن هو فى المسند ومعجم الطبرانى الكبير ورواه الإمام الطيالسى فى مسنده كما فى منحة المعبود فى ترتيب مسند الطيالسى أبى داود فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وأربعين ومائة ورواه الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثانى أيضا صفحة أربع وسبعين ومائة وقال صحيح على شرط مسلم يستقيم الكلام لا يستقيم على شرط مسلم لأنه مبارك ابن فضالة ليس من رجال مسلم علق عليه الذهبى بقوله قلت لم يحتج مسلم بمبارك الحديث صحيح صحيح لكن لم يحتج مسلم بمبارك فهو صحيح وليس على شرط مسلم وقال شيخ الإسلام الإمام أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الثانى صفحة أربع وعشرين بإسناد حسن إسناد الحديث حسن والحديث رواه الحافظ فى الفتح فى الجزء السابع صفحة ست وعشرين محتجا به فلا ينزل عن درجة الحسن على شرطه خلاصة الكلام هو فى المسند ومعجم الطبرانى الكبير ومسند أبى داود الطيالسى ورواه الحاكم فى المستدرك والحديث صحيح انظروا لحصول الغنى له والخير والبركة بواسطة وسبب زواجه إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم والحديث إخوتى الكرام طويل أخذ قرابة صفحتين لكن حقيقة

ص: 28

كما قلت يعنى فيه هذه الدلالة العجيبة.

باب فى الأمر بالتزويج والإعانة عليه عن ربيعة الأسلمى وكما قلت هو ربيعة ابن كعب رضى الله عنه وأرضاه أبو فراس قال قلت أخدم النبى عليه الصلاة والسلام فقال لى يا ربيعة ألا تتزوج قلت لا والله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام لا أريد أن أتزوج وما عندى ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلنى عنك شىء لا أريد الزواج وليس عندى ما أنفق على المرأة ولا أريد أن أشتغل بالزواج عنك فأعرض عنى ثم قال الثانية يا ربيعة ألا تتزوج فقلت ما أريد أن أتزوج وما عندى ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلنى عنك شىء فأعرض عنى ثم رجعت إلى نفسى رجع الآن إليه عقله ووعيه فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم منى بما يصلحنى فى الدنيا والآخرة والله لئن قال لى أتتزوج لأقولن نعم انتهى الآن ما فى كلام لا لا ولا يعنى اختر لى أقول نعم لأقولن نعم يا رسول الله عليه الصلاة والسلام مرنى بما شئت فقال لى يا ربيعة ألا تتزوج الثالثة فقلت بلى مرنى بما شئت أنا مستعد فأنت الآن المسؤول عن البقية قال انطلق إلى آل فلان إلى حى من الأنصار كان فيهم تراخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إليكم يأمركم أن تزوجونى فلانة لامرأة منهم فذهب إليهم يقول فذهب إليهم إخوتى الكرام لعله فذهبت إليهم فقلت لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إليكم يأمركم أن تزوجونى فقالوا مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحاجته يقول فزوجونى وألطفونى وما سألونى البينة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينا فقلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام أتيت قوما كراما فزوجونى وألطفونى وما سألونى البينة وليس عندى صداق فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام يا بريدة الأسلمى كأنه يقول اربط قلبك بربك ولا داعى للحزن ولا للهم يا بريدة ثم قال

ص: 29

النبى عليه الصلاة والسلام اجمعوا له وزن نواة من ذهب هذا مساعدة أهل الخير اجمعوا له وزن نواة من ذهب قال فجمعوا لى وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوه لى فأتيت النبى عليه الصلاة والسلام قال اذهب بهذا إليهم فقل لهم هذا صداقها فأتيتهم فقلت هذا صداقها فقبلوه ورضوه وقالوا كثير طيب قال ثم رجعت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام حزينا مرة ثانية ما يكفى فى البداية فقال يا ربيعة مالك حزين فقلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما رأيت قوما أكرم منهم رضوا بما آتيتهم وأحسنوا وقالوا كثير طيب وليس عندى ما أولم فقال يا بريدة اجمعوا له شاة قال فجعوا لى كبشا عظيما سمينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب إلى عائشة رضى الله عنها وأرضاها فقل لها فلتبعث بالمكتل الذى فيه الطعام قال فأتيتها فقلت لها ما أمرنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا المكتل فيه سبع آصع من شعير لا والله ولا والله إن أصبح لنا طعام غيره ما عندنا إلا هذا الطعام خذه فقال فأخذته فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة رضى الله عنها وأرضاها قال اذهب بهذا إليهم فقل لهم ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا فقالوا أما الخبز فسنكفيكموه وأما الكبش فاكفونا أنتم يقول فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانى بعد ذلك أرضا وأعطى أبا بكر رضى الله عنهم أجمعين أرضا وجاءت الدنيا فاختلفنا فى عزق نخلة فقلت أنا هى فى حدى وقال أبو بكر هى فى حدى وكان بين وبين أبى بكر كلام فقال لى أبو بكر رضى الله عنهم أجمعين كلمة كرهتها وندم فقال لى يا ربيعة رد على مثلها حتى يكون قصاصا قلت لا أفعل فقال أبو بكر رضى الله عنه لتقولن أو لاستعدين عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ما أنا بفاعل قال فرفض أبو بكر الأرض رضى الله عنه

ص: 30

وأرضاه ضربها برجله مغضبَا لم َلم يرد عليه ربيعة كلمة خشنة كالتى صدرت من سيدنا أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه فى حق ربيعة قال وانطلق أبو بكر إلى النبى عليه الصلاة والسلام وانطلقت أتلوه فجاء أناس من أسلم فقالوا رحم الله أبا بكر فى أى شىء يستعدى رسول الله عليه الصلاة والسلام يعنى سيحرض الرسول عليه الصلاة والسلام عليك لم َ وهو الذى قال لك ما قال قال فقلت أتدرون ما هذا أترون من هذا هذا أبو بكر الصديق هذا ثانى اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصرونى عليه فيغضب فيأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله عز وجل لغضبهما فتهلك ربيعة يعنى ربيعة وأسرته وقبيلته كلهم يهلكون إذا غضب أبو بكر وترتب عليه غضب النبى عليه الصلاة والسلام وغضب ذى الجلال والإكرام قالوا ما تأمرنا قال ارجعوا انصرفوا أنتم لا أحد منكم يتكلم قال فانطلق أبو بكر رحمة الله عليه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فتبعته وحدى حتى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فحدثه الحديث كما كان فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إليه فقال يا ربيعة مالك وللصديق قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كذا كان كذا فقال لى كلمة كرهتها قال لى قل لى كما قلت يعنى كما قلت لك حتى يكون قصاصا فأبيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل لا ترد عليه ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر قال الحسن فولى أبو بكر رحمة الله عليه يبكى رواه أحمد والطبرانى وفيه مبارك ابن فضالة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال أحمد رجال الصحيح.

إخوتى الكرام: كما ترون هنا حصلت معونة من الصحابة الكرام لهذا الصحابى الجليل والعبد الصالح ربيعة ابن كعب رضى الله عنه وأرضاه.

ص: 31

إخوتى الكرام: قبل أن ننتقل إلى السبب الثامن من أسباب حصول الرزق للمتزوج قبل أن ننتقل للسبب الثامن عندى تعليق على هذه القصة التى جرت لسيدنا أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه مع هذا الصحابى الجليل ربيعة ابن كعب رضى الله عنهم أجمعين اترك الكلام عليها على التعليق عليها إلى الموعظة الآتية إن أحيانا الله نتدارس السبب الثامن والتاسع والعاشر وهو آخر ما يكون عندنا كما قلت فى هذا المبحث وكان فى نيتى أن أنتهى منه فى هذه الموعظة وقدر الله وما شاء فعل.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اجعل هذا الشهر الكريم أوله لنا رحمة وأوسطه لنا مغفرة وآخره عتقا لنا من النار.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.

اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.

اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 32