الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التفسير (4)
(دروس تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التفسير4
الحمد لله نحمده ونتستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير.
اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولى الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.
{ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} [الأنعام/102] .
وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبيا عن أمته رضى الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}
[آل عمران/102] .
{يا أيها أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا صلى الله عليه وسلم * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب/70-71] .
أما بعد: معشر الإخوة الكرام..
لازلنا فى مقدمة دروس التفسير وقلت هذه المقدمة تقوم على أمرين.
الأمر الأول: فى بيان منزلة كلام الرحمن جل وعلا وأثره فى هداية بنى الإنسان.
والأمر الثانى: فى بيان طرق التفسير وقلت إن طرق التفسير المقبولة المحمودة المرضية التى ينبغى أن يعول عليها المهتدون فى تفسير كلام الحى القيوم سبحانه وتعالى تقوم على طريقين اثنين.
الطريق الأول: تفسير بالمنقول المأثور وقد بينا مراحل وطرق ذلك التفسير نفسر كلام الله بكلام الله ونفسر كلام الله بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ونفسر كلام الله بأقوال الصحابة الكرام رضي الله عنهم ونفسر كلام الله بأقوال الطيبين عليهم رحمات رب العالمين وعرجت بعد ذلك على أخبار أهل الكتاب وبينت أقسامها ووصلنا إلى الطريق الثانى من طرق التفسير وهو التفسير بالرأى المقبول المبرور ذلك تفسير بالمأثور وهذا تفسير بالرأى المحمود المقبول المبرور.
فما معنى تفسير القرآن بالرأى؟
يراد بتفسير القرآن بالرأى الاجتهاد وإعمال الفكر فى تفسير كلام الله جل وعلا بحيث يكون ذلك التفسير الذى وصلنا إليه عن طريق الاجتهاد وإعمال الفكر بحيث يكون ذلك التفسير موافقا لنصوص الشريعة المطهرة ولقواعد اللغة العربية فيشهد له سياق القرآن الكريم ويدل عليه السباق واللحاق يدل عليه ما تقدم من كلام الله وما تأخر بداية الآية ونهايتها وما قبلها وما بعدها هذا التفسير يقال له تفسير بالرأى إذن الاجتهاد وإعمال الفكر فى تفسير كلام الله جل وعلا بحيث يوافق ذلك نصوص الشرع وقواعد اللغة فيدل عليه سياق القرآن الكريم فيشهد له سباق الآيات ولحاق الآيات يشهد له أول الآيات وآخرها يشهد لهذا التفسير ما تقدمه من كلمات قرآنية فى تلك السورة وما يأتى بعده من كلمات قرآنية كما سيأتى إيضاح هذا بالأمثلة الجلية إن شاء الله فى هذه المقدمة وفى السور التى سنتدارس تفسيرها بإذن الله جل وعلا.
إخوتى الكرام: التفسير بهذه الشاكلة متفق على جوازه بين علماء هذه الأمة المباركة لا خلاف بين علماء الإسلام فى أن التفسير بالرأى إذا دل على هذا التفسير نصوص الشرع وشهدت له قواعد اللغة والتأم هذا التفسير مع سياق كلام الله الجليل فشهد له السباق واللحاق شهد له ما تقدم وما تأخر لاخلاف بين علماء الأمة فى جواز التفسير بهذه الطريقة دل على ذلك كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وقرر العقل لزوم التفسير بهذه الطريقة وضرورة المسير إليه لثلاثة أمور.
أما كتاب الله جل وعلا فدل على جواز هذا النوع من التفسير حيث أمرنا ربنا جل وعلا أن نتدبر كلامه فى آيات كثيرة فقال جل وعلا: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} ، {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} {أفلا يتدبروا القول} ، {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} والتدبر لايكون إلا بعد الاجتهاد وإعمال الفكر فى الوصول إلى معنى الآية إذا لم يرد فى معناها أثر فى تفسيرها إذا لم يرد فى تفسيرها أثر من الطرق المتقدمة فإذن لا بد من إعمال الرأى والاجتهاد للوصول إلى مراد الله جل وعلا حسب الطاقة البشرية.
فالتدبر إذن لا يكون إلا بعد التفهم بعد تفسير كلام الله جل وعلا وإذا عدم التفسير بالمأثور لا بد من إعمال الرأى والعقل للوصول إلى مراد الله جل وعلا من كلامه والله أمرنا بأن نرد ما يشكل علينا إلى الذين يستنبطون أحكام الشريعة من كتاب الله جل وعلا والاستنباط لا يمكن أن يتم إلا بعد تفسير كلام الله وفهم المراد يقول جل وعلا: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} .
فالاستنباط الذى يتصف به أولوا الأمر من علماء هذه الأمة هو تفسير كلام الله جل وعلا فما حصل الاستنباط ومعرفة الأحكام إلا بعد معرفة تفسير كلام الرحمن جل وعلا {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فالاستنباط لا يمكن أن يتم إلا بعد فهم المعنى وإذا لم يكن فى معنى الآية أثر فلا بد إذن من إعمال العقل وإجهاد الفكر للوصول إلى مراد الله جل وعلا حسب طاقة الإنسان وقدرته هذه دلالة القرآن على جواز التفسير بالرأى إذا وافق نصوص الشرع وقواعد اللغة وشهد له سياق القرآن فدل عليه السباق واللحاق.
وأما السنة المطهرة فقد ثبت فى مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم بسند صحيح أقره عليه الذهبى أن النبى عليه الصلاة والسلام دعا لابن عباس رضي الله عنهما فقال اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل والجملة الأولى اللهم فقه فى الدين ثابتة فى الصحيحين عن نبينا عليه الصلاة والسلام لكن وعلمه التأويل هذه فى المسند والمستدرك اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل.
وفى رواية فى المسند مسند الإمام أحمد ومسند البزار ومعجم الطبرانى الكبير بسند صحيح أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال [اللهم فقه فى الدين وعلمه تأويل القرآن] ووجه الاستشهاد من الحديث إخوتى الكرام أن تأويل القرآن لو كان مسموعا كالتنزيل ولا يمكن عن طريق الاجتهاد وإعمال الفكر لما كان لابن عباس رضي الله عنهما خصوصية فى هذا الدعاء فجميع أفراد الأمة بإمكانهم أن يحفظوا كلام الله جل وعلا لكن ليس بإمكانهم أن يفهموا مراد الله من كلامه إلا إذا صاحبتهم عناية إلهية عظيمة من الله عليهم بذلك فالذين يصلون إلى تفسير كلام الله وفهم المراد منه هم أولوا الأمر من العلماء الصالحين كما قال الله {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} ومنهم حبر الأمة وبحرها وترجمان القرآن وعالمها الصحابى الجليل ابن عم نبينا عليه الصلاة والسلام عبد الله ابن عباس [اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل][اللهم علمه تأويل القرآن] .
إخوتى الكرام: وحقيقة ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما من الفقه واستنباط الأحكام وما نقل عنه من التفسير لم ينقل عن صحابى آخر ببركة هذه الدعوة النبوية على نبينا صلوات الله وسلامه يقول الإمام ابن القيم فى الوابل الصيب من الكلم الطيب فى صفحة سبع وسبعين الأحاديث التى رواها ابن عباس عن نبينا عليه الصلاة والسلام وصرح فيها بالسماع ما جاوزت العشرين حديثا لأن النبى عليه الصلاة والسلام توفى وعمر ابن عباس رضي الله عنهما خمس عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ناهز الاحتلام لم يحتلم فقبض النبى عليه الصلاة والسلام وابن عباس فى سن المراهقة فالأحاديث التى ضبطها عن النبى عليه الصلاة والسلام ووعاها لا تصل إلى عشرين حديثا وأما الأحاديث الأخرى ومن الستة المكثرين الذين زادت روايتهم على ألف حديث عن النبى عليه الصلاة والسلام فكلها تلقاها عن الصحابة الكرام وقد بالغ الإمام الغزالى فى المستصفى فى الجزء الأول صفحة سبعين ومائة فقال غاية ما سمعه ابن عباس من النبى عليه الصلاة والسلام أربعة أحاديث والحقيقة فى كل من الأمرين شىء من التساهل فى كلام ابن القيم وكلام الإمام الغزالى عليهم جميعا رحمة الله.
والحق كما قال الإمام السخاوى فى فتح المغيث فى الجزء الأول صفحة سبع وأربعين ومائة فى آخر كلامه على الحديث المرسل عند شرحه لقول الإمام زين الدين عبد الرحيم الأثرى عليه رحمة الله أما الذى أرسله الصحابى فحكمه الوصل على الصواب تكلم على مراسيل الصحابة ومنهم ابن عباس رضي الله عن الصحابة أجمعين يقول وقال شيخنا وإذا أطلق السخاوى هذا فيقصد به حلام المحدثين وأمير المؤمنين الحافظ ابن حجر وقال شيخنا وقفت وأحصيت الأحاديث التى صرح فيها ابن عباس بسماعها من النبى عليه الصلاة والسلام فبلغت الأربعين حديثا ليست بعشرين كما قال الإمام ابن القيم ولا بأربعة كما فرط غاية التفريط الإمام الغزالى يقول أربعين هذا ما صرح فيه بالسماع يقول وهناك أحاديث أخرى يمكن أن تدخل أيضا فى باب التصريح بالسماع ككونه حضر وقائع وشاهدها ورواها وإن لم يصرح بأنه سمع ذلك من البنى عليه الصلاة والسلام وأنا أقول على جميع الاحتمالات غاية ما سمعه ابن عباس من نبينا عليه الصلاة والسلام لا يصل إلى مائة حديث.
أما فقهه فهو البحر جمع ابن حزم فقط فقه ابن عباس وفتاواه فى مسائل الأحكام فزادت الفتاوى التى جمعها عن ابن عباس على سبعة أسفار فقط يقول الإمام ابن القيم فى المكان المشار إليه وهذا بحسب ما بلغ الإمام ابن حزم وبحسب ما وصل إليه وإلا ففقه ابن عباس ليس سبعة أسفار فقط إنما هو كالبحر الخضم.
فإذن اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل ،علمه تأويل القرآن فلو كان التأويل مسموعا كالتنزيل لما كان فى هذا الدعاء خصوصية لابن عباس رضي الله عنه وعن سائر الصحابة الكرام.
هذه دلالة السنة على جواز تفسير القرآن بالرأى الذى يوافق نصوص الشرع وقواعد اللغة فيدل عليه سياق القرآن يشهد له السباق واللحاق.
وأما العقل فيحتم العقل ضرورة القول بجواز تفسير القرآن بالرأى على الصفة المتقدمة لثلاثة أمور:
أولها: لو لم نقل بجواز تفسير القرآن بالرأى للزم تعطيل كثير من الآيات عن معانيها فليست جميع آيات القرآن نقل فيها تفسير عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة وعن التابعين فنحن إذن أمام آيات إما أن نفسرها على حسب لسان العرب الذى نزل القرآن بلغتهم بلسان عربى مبين {قرآنا عربيا غير ذى عوج} وذلك التفسير كما قلنا يتوافق مع نصوص الشرع فيدل عليه السياق ويشهد له السباق واللحاق فإن لم نقل بجواز ذلك ستبقى تلك الآيات مهملة بلا فهم وبلا معنى نعلمه منها وكلام الله جل وعلا يتنزه عن ذلك كثيرا من آيات القرآن لا يوجد لها تفسير فى القرآن ولا فى السنة ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
وتقدم معنا أن أقوال التابعين التى ليس لها حكم الرفع أقوالهم كغيرهم وليس إذن أقوالهم حجة على من بعدهم وأقوال الصحابة النفس تميل لقبول أقوالهم للاعتبارات التى ذكرناها فإذن ليست جميع آيات القرآن فيها تفسير عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة وإذا كان الأمر كذلك فماذا نفعل ببقية الآيات التى لم تفسر والقرآن نزل بلغة العرب ونحن نعلم معانى هذه الآيات من كلام لغة العرب.
فمثلا قول الله: {تبت يدا أبى لهب} لا يحتاج إلى أن تنقل أثرا فى بيان معنى التبات تبت هلكت وخسرت وشقيت ،إن قيل كيف فسرت هذه نقول هذا بلسان العرب وبلغتهم تفسير بالرأى هل هذا مذموم؟ لا ثم لا وتفسير القرآن بالرأى وافق قواعد اللغة ونصوص الشرع وشهد له السياق فدل عليه السباق كما قلنا واللحاق وعليه فهذا تفسير بالرأى المحمود الجائز المبرور وعلماء الأمة الإسلامية اتفقوا على جوازه.
إذن العقل يحتم القول بجواز تفسير القرآن بالرأى بهذه الصفات لأننا لو لم نلجأ إلى تفسير القرآن بالرأى بهذه الصفات للزم تعطيل كثير من الآيات عن معانيها وكلام الله جل وعلا يتنزه عن ذلك.
الأمر الثانى: الذى يستنبط منه العقل جواز تفسير القرآن بالرأى لئلا نقع فى محذور نقول إن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم خير هذه الأمة بشهادة نبينا عليه الصلاة والسلام كلهم عدول بتعديل الله ورسوله عليه الصلاة ولسلام لهم والصحابة الكرام اختلفوا فى تفسير القرآن وليس لجميع أقوالهم حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم هذا معنا إذن الأقوال الموقوفة عليهم وليس لها حكم الرفع وحصل بينها اختلاف هذا يدل دلالة قاطعة على جواز تفسير القرآن بالرأى وهذا إجماع من الصحابة على هذا الأمر فلو كان تفسير القرآن بالرأى بالصفات المتقدمة ممنوعا لما عول على ذلك حير هذه الأمة وأطهرها وأبرها وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وقد ورد ما يشير إلى هذا صراحة عن أمير المؤمنين على ابن أبى طالب رضي الله عنه وعن سائر الصحابة الكرام.
ورد فى مسند الإمام أحمد وصحيح البخارى والسنن الثلاثة فى سنن الترمذى والنسائى وابن ماجة والحديث فى صحيح البخارى كما قلت وإذا كان فى صحيح البخارى فهو حديث صحيح قطعا وجزما عن أبى جحيفة رضي الله عنه قال قلت لعلى رضي الله عنهم أجمعين هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشىء دون الناس وفى رواية قال له هل عندكم شىء غير كتاب الله عندكم شىء آخر آل البيت كما يزعم المخرفون الضالون من الشيعة بأن النبى عليه الصلاة والسلام خصكم بأمور لم ينشرها ولم يعطها للعامة هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشىء هل عندكم شىء غير القرآن غير كتاب الله فقال لا والذى فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا كتاب الله وما فى قراب سيفى فى هذا البيت الذى يوضع فيه السيف فيه ورقة مكتوبة عندنا عن النبى عليه الصلاة والسلام فأخذت هذه الورقة من قراب سيفه ففيها العقل أى الديات ومقاديرها وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر هذا الذى فى صحيح البخارى.
وورد فى {2240} رواية فى صحيح مسلم زيادات على هذا بأنه ملعون من غير منار الأرض وملعون من ذبح لغير الله ويجمع بأن جميع هذه الأمور كانت فى الصحيفة عند على رضي الله عنه ثم قال على إلا فهما يؤتيه الله رجلا مسلما فى كتابه ما خصنا نبينا عليه الصلاة والسلام بشىء دون الناس القرآن عندنا وعندكم سواء لكن أنا كتبت عنه هذه الصحيفة وهى فى قراب سيفى فيها العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر والعقل كما قلت لكم الديات يقال لها عقل لأن الإبل كانت تعقل فى فناء ورثة المقتول فعندما يحضرون لهم مائة من الإبل يعقلونها فى الفناء فقيل للديات العقل والعقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر هذا الذى كتبته عن النبى عليه الصلاة والسلام وهذا عندنا وعند الناس سواء لكن هناك شىء انتبه يا أبا جحيفة والكلام لجميع المسلمين إلا فهما يؤتيه الله رجلا مسلما فى كتابه هذا إذا من الله على عبد من عباده بالفهم فاستنبط من كلام الله ما لا يصل إليه غيره فهذه منة من الله لكن ما خصنا بها نبينا عليه الصلاة والسلام دون الناس وما بث إلينا شيئا كتمه عن الناس عليه صلوات الله وسلامه.
الشاهد إخوتى الكرام: إلا فهما يؤتيه اله رجلا مسلمل فى كتابه وفى رواية إلا فهما يعطاه رجل مسلم فى كتاب الله فهم يؤتيه الله ويحصل له من قبل الله فيتميز به على غيره من الناس كما حصل لابن عباس اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل هذا الأمر الثانى الذى يستنبط منه العقل جواز التفسير بالرأى المحمود الذى قلنا يوافق نصوص الشرع وقواعد اللغة فيدل عليه سياق القرآن فيشهد له السباق واللحاق.
والأمر الثالث: الذى يستنبط منه العقل جواز تفسير القرآن بالرأى ويحتم ذلك أن الحوادث تجد وتتجدد وهذه الحوادث لا بد من أن تخضع لكليات وقواعد عامة فى شريعة الله المحكمة والقرآن الكريم شامل لذلك فما حدث ويحدث لا بد من أخذ أحكامه من كلام ربنا جل وعلا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام ولا يمكن هذا إلا عن طريق تفسير القرآن بالرأى وكنت ذكرت لكم كلام شيخنا المبارك عليه رحمة الله فى تفسير آية النحل فى الجزء الثالث صفحة تسع وتسعين ومائة فى أضواء البيان فى إيضاح القرآن بالقرآن {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} .
قلت يقول الشيخ عليه رحمة الله أبهم ما سيخلقه الله لأنه ذكره باسم الموصول ما وهذا المبهم بقرينة ذكره مع المركوبات يفيد أنه يخلق ما لا تعلمون من المركوبات التى هى غير البغال والحمير التى نركبها {والخيل والبغال والحمير} هى غير الخيل وغير البغال وغير الحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون أى من المركوبات الأخرى كالطائرات والسيارات والغواصات الباخرات وما شاكل هذا ويخلق ما لا تعلمون وقلت هذا المبهم بقرينة ذكره مع المركوبات تدخل المركوبات التى ستجد وتوجد دخولا أوليا فى هذا اللفظ مع أن الله سيخلق أشياء أخرى أيضا على مر الأيام والليالى ما نعلمها وعندما توجد يعلمها الناس كما قال الله جل وعلا: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} .
فهذه الحوادث التى تجد وتتجدد وتحدث ولا يوجد لها نظير سابق لا بد من إلتماس حكم لها فى شريعة الله المطهرة فلا بد من إدخالها فى هذه العمومات وهذا لا يكون إلا عن طريق تفسير القرآن بالرأى بحيث يحتمل القرآن ذلك إذا لم يوجد فنلجأ إلى السنة لبيان حكم ما جد وهل فى السنة أشارة إلى ذلك.
إخوتى الكرام: عند هذه النقطة فى الدرس الماضى أشار بعض الأخوة الكرام أخى الشيخ عبد العزيز إلى أمر يثار فى هذه الأيام وهو موضوع الإعجاز العلمى وقلت له إن الإعجاز العلمى يدخل فى باب التفسير بالرأى لا فى باب التفسير بالأثر
الإعجاز العلمى سنقف عنده وقفة لننفى الشطط عن كتاب الله وما أعلم أحدا فى هذا الوقت تكلم فى الإعجاز العلمى إلا وابتعد وابتعد عن الصواب كثيرا وكثيرا بحجة التلفيق بين النظريات العلمية وبين الآيات القرآنية.
إخوتى الكرام: القرآن معجز من أى وجه نظرت إليه فهو معجز فى فصاحته وجمال أسلوبه {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} هو معجز لأنه أخبر عن الغيوب الماضية والمستقبلة وتحدث عن وقائع حاضرة إبان نزوله كثيرا من الناس لا يعلمونها ثم بعد ذلك تحققوا منها فهذا أيضا إعجاز للقرآن العظيم إخباره عن الغيوب.
من جملة إعجاز القرآن صنيعه العجيب فى القلوب فهذه القلوب تخشع وتلين وتتأثر عندما تسمع كلام الله جل وعلا.
من جملة إعجاز القرآن أن قارئه وسامعه لا يملان فهو الذى لا يخلق عن كثرة الرد ولو طهرت قلوب العباد لما شبعت من كلام الله جل وعلا.
ومن جملة إعجاز القرآن أنه جمع أنواع العلوم وهو الذى صير رعاء الشاء والغنم إلى ساسة الشعوب والأمم ،من هذه العلوم العلوم على كثرتها لا تخرج عن نوعين.
علوم سلوكية ترتبط بفعل الإنسان وسلوكه هذا فضيلة وهذا رزيلة هذا خير وهذا شر هذا حلال وهذا حرام فبين القرآن ما يتعلق بأفعال المكلفين عن طريق الأمر إيجابا واستحبابا وعن طريق النهى تحريما وكراهة وضبط سلوك المكلفين فى هذه الحياة علوم سلوكية وهذه لا يجوز أن تؤخذ من غير شريعة رب البرية ومن حسن أو استقبح شيئا لم ترد به شريعة الله وأمر أو نهى المكلفين عن شىء أو بشىء لم ترد به شريعة الله فقد نصب نفسه ندا لله {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} هذا النوع الأول من العلوم العلوم السلوكية تكفل ببيانها كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام.
وهناك علوم مادية تجريبية خاضعة للعقل البشرى وللمحسوسات والتجارب والله ندبنا إلى أن نتوصل إليها وأن نبحث وننظر ما فى هذا الكون لنرى عجيب ما خلقه الله جل وعلا فى هذا الكون {قل انظروا ماذا فى السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لايؤمنون} هذه العلوم التجريبية العلوم العقلية العلوم المادية التى الطريق لإثباتها العقل، أحيانا يشير القرآن إليها ويكشف عنها قبل أن تقع فعندما تقع يقول العلماء فى هذا الوقت هذا إعجاز علمى أى أشار إلى أمر ووقع فى هذه الأيام وكشفته الاختراعات وحوادث الناس يقولون هذا إعجاز علمى أشار إليه القرآن من خمسة عشر قرنا هذا الإعجاز العلمى ينبغى كما قلت أن نقف عنده وقفة لنضبطه بضوابط.
إخوتى الكرام..
وهذه الوقفة لن أسترسل فيها لأننى كنت سابقا فصلت هذه القضية فى محاضرة ألقيتها حول العلوم السلوكية والعلوم التجريبية المادية وتكلمت على الشق الثانى منها وهى العلوم التجريبية التى طريقها كما قلت العقل والمشاهدة والاختبار والملاحظة والتجارب وهناك استعرضت ما يتعلق بالإعجاز العلمى فمن شاء منكم أن ينظر الكلام مفصلا فى تلك المحاضرة فلينظره وليسمعه إنما أقول هنا هذه الأمور المادية التى كما قلت الأساس فى بحثها عقل الإنسان ومتروكة لجهده ليتوصل إليها بسعيه لم يجعلها القرآن محور بحثه لأن القرآن كتاب هداية وإعجاز فما جاء ليبين لنا أن الماء يتكون من أوكسجين وهيدروجين ليس فى ذلك أى فائدة لو بين لكان هو العليم الحكيم الذى هو بكل شىء عليم سبحانه وتعالى لكن يكون القرآن قد خرج عن غايته الأساسية فى هداية الناس وضبط سلوكهم وأفعالهم كون الماء يتركب من أوكسجين وهيدروجين ليس فى ذلك أى فائدة للناس فمن علمه علمه ومن جهله لا يضره ذلك إنما لو أشار القرآن إلى هذا واكتشف العلم بعد ذلك أن الماء يتركب من أوكسجين وهيدروجين يقال هذا إعجاز علمى لكن هذا كما قلت ليس هذا محور بحث القرآن لأن القرآن هداية وإعجاز لضبط أفعال المكلفين وليخرجهم ربنا جل وعلا من حياة النكد والشقاء فى هذه الحياة العاجلة إلى حياة السعادة والرخاء وما لهم فى الآخرة من النعيم المقيم أعظم وأعظم هذه هى غاية القرآن {فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى} أما جاء ليقرر نظريات مادية عقلية علمية بحتة لا ثم لا فليست هذه الأمور محور بحث القرآن.
الأمر الثانى هى ليست محور بحثه لكن القرآن ما حرم علينا البحث فيها واعتبر البحث فيها زندقة وضلالا وسفاهة لا ثم لا.
حثنا على البحث فيها وعلى التأمل فى ِشأنها وعلى التفكير فى أمرها وأمرنا أن ننظر ماذا فى السموات وما فى الأرض وأن نكتشف المجهولات وأن نجوب البحار وأن نقطع الفيافى والقفار لما نرى ما فى خلق الله من عجائب {قل انظروا ماذا فى السموات والأرض} فحثنا على هذا {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} {فلينظر الإنسان إلى طعامه} الآيات {وفى أنفسكم أفلا تبصرون} .
تفكر فى هذا وتأمل وتدبر لا أقول لا حجر عليك بل أنت مأمور بذلك فكل ما تتوصل إليه بعد ذلك عن طريق إمكانياتك أنت عليه مأجور إن وصلت للحقيقة فالحمد لله وإلا فقد بحثت ما فى وسعك ويأتى من بعدك ويكمل أبحاثك ليثبت القضية النهائية بعد ذلك فى هذه الأمور المادية فإذن ليست هى محور بحث القرآن ولا حجر على الإنسان فى أن يبحث فيها بل حثه القرآن على البحث فيها والتأمل فى شأنها.
الأمر الثالث: الذى يمتاز به القرآن نحو هذه الأمور المادية أن القرآن يشير ويلفت أنظار الناس إلى ما يتعلق بواقعهم نحو هذه الأمور فالله جل وعلا يذكر لنا هذه الأمور ويبين لنا ما الذى يرتبط بواقعنا منها فمثلا الرياح {وأرسلنا الرياح لواقح} واقع الحياة يرتبط بهذا وبالتذكير بهذه النعمة العظيمة من هذه الرياح أنها تلقح الأشجار {وأرسلنا الرياح لواقح} ويخبرنا الله جل وعلا أن هذه الرياح تسوق السحب و {ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وهو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته [نشرا بين يدى رحمته] .
تنشر السحاب وتبشر بنزول المطر وهكذا الشمس وهكذا القمر والنجوم والسماء والأرض والجبال وكيف مد الله الأرض ونصب الجبال لئلا تميل الأرض بنا هذا كله يتعلق بواقع حياتنا فلفت أنظار العباد إلى مواطن العبرة فى هذه المخلوقات التى خلقها وإذا تحدث القرآن عنها وهى الميزة الرابعة لحديث القرآن عن هذه الأمور الكونية الأمور العلمية المادية يتحدث عنها حديث العالم الخبير كيف لا وهو يتحدث عن مخلوقاته سبحانه وتعالى {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} .
والأمر الخامس: يشير القرآن عندما تحدث عن الأمور الكونية إللى أنها مربوبة مسيرة مسخرة لها إله عظيم يدبرها فلم تخلق فلتة ولم تخلق صدفة ولا تسير نفسها بنفسها إنما هى ضمن هذا النظام المحكم العظيم الذى أوجده رب العالمين سبحانه وتعالى {رب المشرق والمغرب} سبحانه وتعالى {لاإله إلا هو فاتخذه وكيلا} والآيات فى ذلك كثيرة كما قلت لا أريد الاسترسال فى إيضاح هذا الأمر فهذا حديث القرآن عن هذه الأمور الخمسة ليست هى محور بحثه حثنا على التفكر والتأمل فيها شرح ما يتعلق بواقعنا من هذه الأمور إذا تحدث عنها فحديثه حديث العالم الخبير يخبرنا أنها مربوبة مسيرة ماعدا هذا فى الحقيقة الخروج عن هذا لالتماس آيات تخضع لنظريات علمية ولإدخال نظريات علمية فى آيات قرآنية لا تدل عليها إلا بتكلف وتمحل وبعد وشطط وسفاهة هذا فى الحقيقة نوع من التلاعب بالقرآن باسم تأييد القرآن ونصرة القرآن.
هذا أول ما يشير إليه إلى أن هذه هزيمة داخلية فى نفوس المسلمين فيريدون أن يجعلوا العلم مقررا لصحة القرآن كأن النظريات العلمية والنظريات الفرضية التى لا زالت افتراضية أو ظنية أو وصلت إلى درجة القطع واليقين حسب ما عند الإنسان من إمكانات حسية كأن هذه النظريات هى التى تقرر صحة كلام رب الأرض والسموات فلولاها لكان لنا حول القرآن موقف آخر نقف نحوه موقف المرتاب سبحان ربى العظيم هذا قلب للحقيقة تلك النظريات لو دل القرآن عليها فهذا لبيان صحتها لا لأن القرآن فى الأصل يدل على ثبوته هذه النظرية.
ولذلك من يريد أن يلتمس نظرية من هنا وهناك ثم يأتى ليرقع ويؤلف بين هذه النظريات وبين القرآن ليدلل على صحة القرآن أول ما يدل عليه مسلكه أنه مرتاب نحو كلام الله وأنه منهزم ولذلك يريد أن يتعلق بما هو أوهى من بيت العنكبوت لتقرير كلام الله جل وعلا.
الأمر الثانى إن هذا المسلك ضال مخطىء جائر بعيد عن الحق فالقرآن كامل فى موضوعه نهائى فى حقائقه وهذه النظريات متبدلة ومتقلبة وكم من نظرية قررت بالأمس نقضت اليوم وما يقرر اليوم ينقض فى الغد.
ومن العجيب الغريب ما قال لى بعض الأطباء المتخصصين يقول لى يا شيخ جميع العلوم متقدمة ومتطورة إلا الطب قلت ولما قال إلا الطب لا زال ولن يزال متخلفا وعاجزا قلت ولما ما السبب وأنت متخصص فى الطب يقول يا شيخ الطب هذا عندما يتخصص فى العيون سيبحث فى هذا العالم الذى لا يحيط به حقيقة فهو مهما اكتشف لا زال يبحث فى مجهول ولذلك يقول كثيرا من الأشياء تستعصى علينا الآن فى بحوثنا الطبية فنقول لا علاج لها عندنا يقول جميع العلوم متقدمة متطورة إلا الطب مع تطوره ليس بمتطور قال نعم لأنه ما خفى عنا من عجيب صنع الله فى هذا المخلوق {وفى أنفسكم أفلا تبصرون} أكثر بكثير مما اكتشفناه وشاهدناه ووصفنا له علاجا.
القرآن كامل فى موضوعه نهائيا فى حقائقه وهذه النظريات متقلبة متبدلة ،من سنين كان يقال الذرة هى أصغر مخلوق ولا يوجد شىء أصغر منها ثم جاءك بعد ذلك موضوع تحطيم الذرة وأن الذرة تفتت إلى بلايين الأجزاء فإذن أين النظرية السابقة أصغر شىء هو الذرة نظريات تتبدل فإخضاع القرآن لها يعنى بعد ذلك التلاعب بكلام الله جل وعلا وأن نقرر صحته اليوم لينقض بعد ذلك حجيته وصحته الأجيال الذين يأتون بعدنا فهذا شطط وهذه سفاهة.
الأمر الثالث: الذى يترتب على هذا المسلك الجائر الضال المخطىء المبتعد عن الصواب هذا يدل على سوء فهم لطبيعة القرآن فقلنا القرآن كتاب هداية وإعجاز لا ليشرح نظريات علمية وأن الماء يتألف من كذا وأن المثلث يمكن حساب مساحته عن طريق كذا لا علاقة للقرآن بهذا هذا خاضع كما قلنا للأمور الحسية ولوسائلك ولما عندك من تقدم مادى فإذن كأنك أن تدركه فبها ونعمت وإلا فما عليك غضاضة ولاحرج كون الناس يركبون حمارا أو عربة أو دابة أو سيارة أو طائرة ليس عليهم حرج فى جميع هذه الأمور إنما الحرج عندما يبتعدون عن الهدى عن النور وعن الرشاد ويتخبطون فى الظلام والضياع أما أنهم ركبوا الحمار أو ركبوا الطائرة لم يرتفع قدر الإنسان إذا ركب طائرة ولن ينخفض قدره إذا ركب حمارا إذا كان كريما على الله جل وعلا شريفا فى هذه الحياة فإذن هذا سوء فهم لطبيعة القرآن
الأمر الرابع: الذى ترتب على مسلك هؤلاء أنهم سلكوا تأويلا مستمرا مع التمحل والتكلف لإخضاع القرآن للنظريات العلمية التى توصلوا إليها فإن قيل هل عندكم دليل على هذا فاسمع أخى الكريم معى شطط المهوسين فى هذا الحين الذين يريدون أن يدللوا على القرآن بالنظريات المستحدثة التى لا أقول ثبتت التى وجدت فى هذا الزمان دليل المستفيد على كل مستحدث جديد لعبد العزيز ابن خلف رئيس المحاكم الشرعية بالجوف نشر كتابه سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة أى من قرابة ثلاثين سنة تقريبا رئيس المحاكم الشرعية بالجوف ذكر فى هذا الكلام ضلالا لا أقول لا يشتهى الإنسان سماعه بل والله لا يستحى الإنسان من صف قائله وبعده فجاء ليخضع القرآن لهوس المهوسين وضلال الضالين.
اسمع ماذا يقول فى تفسير سورة الزلزلة الزلزال {يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم} ، {إذا زلزلت الأرض زلزالها} ، {وأخرجت الأرض أثقالها} ، {وقال الإنسان ما لها} {يومئذ تحدث أخبارها} يومئذ متى يومئذ إخوتى الكرام متى عندكم شك فى هذا لعل نساء البادية لا يشككن فى هذا ،يومئذ يقول عندما تزلزل الأرض زلزالها أى يخرج فيها الإكتشافات العلمية ويحصل التقدمات التكنولوجية ،يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم كيف سيرون أعمالهم قال عن طريق السينما وشاشة التلفزيون فأنت عن طريق السينما وشاشة التلفزيون ترى ما فى العالم لأن الأرض زلزلت وأخرجت ما فيها وتطورت فأنت ترى أعمال الناس بواسطة هذا الجهاز وقال هذا دليل على صحة القرآن وقد أثبت السينما والتلفاز من أربعة عشر قرنا.
إلى هذا الحد وصل الهوس والله إن نساء البادية ما يخطر ببالهن هذا الفهم {يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم} هذا ذكره فى الجزء الأول فى صفحة واحد وسبعين ومائة وأفاض فى الكلام فى تقرير ذلك كلاما حقيقة يصك الآذان وأن هذا دليل على إعجاز علمى وهذا دليل على صحة كلام الله وأنه من عند الله أشار إلى السينما والتلفاز ثم جاء لأمر بعد ذلك فى السنة كما أنه أراد أن يؤيد القرآن بنظريات مستحدثة يريد أن يؤيد كلام النبى عليه الصلاة والسلام وأنه رسول الله حقا وصدقا بنظريات مستحدثة.
قال حديث الدجال وهو حديث متواتر وأنه يمكث أربعين يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم هذه يقول هذا دليل على وجود الطائرات والصواريخ لأن الدجال سيركب الحمار وما هو الحمار ما هو ما أظن أن الحمار يخفى حاله على الحمار إلا من كان دون الحمار هذا أمر آخر يقول الحمار هو الطائرات لأن الطائرة شكلها بشكل الحمار والدجال سيقطع الأرض فى أربعين يوما بواسطة الطائرات والصواريخ فإذن يركب الحمار ويمكث أربعين يوما هذا دليل على وجود الطائرات كان الناس يستغربون كيف سيجوب الدنيا على حمار فزالت الغرابة والطائرة هى الحمار ما أعلم وجه الصلة بين الطائرة والحمار ووجه الشبه بين الصواريخ والحمر.
رحمة الله على الإمام الألوسى عندما يقول فى تفسير سورة لقمان: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} يقول وقد شاع عند الناس أن نهيق الحمار لعن للشيعة أى عندما ينهق الحمار يلعن الشيعة يقول وهذا كلام لا يقبله إلا من كان طويل الأذنين ونحن هذا نقول الطائرة هى الحمار حقيقة لا يمكن أن نقبل هذا إلا إذا طالت آذاننا وانقلبت خلقتنا أما ما دمنا فى سورة البشرية فالطائرة طائرة والحمار حمار
…
هذا تأويل.
تأويل ثان لضال آخر مصطفى محمود يجعجع فى وسائل الإعلام فى صفحة مائة وأربعة فى كتاب رحلتى من الشك إلى الإيمان حول المسيح الدجال فى صفحة مائة وأربعة عن المسيح الدجال يقول المراد من المسيح الدجال الذى أشارت إليه الأديان والأحاديث الشريفة ليس مخلوق يحصل منه فتنة كما فهم الناس كما أراد هؤلاء أن يؤلفوا بين النظريات العلمية وبين ما أخبر به خير البرية عليه الصلاة والسلام فقالوا الحمار الذى يركبه الدجال هو الطائرات ويجوب الأرض فى أربعين يوما يقول لا إنما المسيح الدجال يقول هو العلم العصرى فى هذه الأيام وهو التكنولوجيا والتقدمات الصناعية كيف هذا قال هذه العلوم عوراء كيف هى عوراء قال لأنه لا روح فيها لا صلة لها بالله علوم مادية بحتة ففعلت بغير اسم الله وعلى غير اسم الله وصارت شقاء للبشر وما فعلوها من أجل المصلحة ومن أجل الاستعانة على أمور الشرع فهذا هو العور الذى فى المسيح الدجال فالمسيح الدجال يقول ظهر من زمن لأن هذا الاكتشافات العلمية هو المسيح الدجال والعور فيه أنه لا صلة لهذه العلوم بالله يقول وتصفه الروايات بأنه أعور وأنه يملك من القوة الخارقة ما يجعله يرى بهذه العين الواحدة ما يجرى فى أقصى الأرض كما يسمع بأذنه ما يتهامس به الناس عبر البحار كما يسقط الأمطار بمشيئته فينبت الزرع ويكشف عن الكنوز المخبوءة ويشفى المرضى ويحيى الموتى ويميت الأحياء ويطير بسرعة الريح ويفتتن به كل من يراه ويسجد له على أنه الله بينما يراه المؤمنون على حقيقته ولا تخدعهم معجزاته ويشهدون رسم الكفر على وجهه ذلك المسيح الدجال وإحدى علامات الساعة التى نقرأ عنها فى كتب الدين والمسيح الدجال قد ظهر بالفعل كما يقول الكاتب البولندى كاتب بولندى سنعول عليه فى بيان المسيح الدجال ليوبولد فايست وقد أسلم هذا الكاتب وهذا المسخ الشائه ذو العين الواحدة كما يقول هذا البولندى هو التقدم المادى والقوة المادية والترف المادى معبودات
هذا الزمان مدنية العصر الذرى العوراء العرجاء التى تتقدم فى اتجاه واحد وترى فى اتجاه واحد والاتجاه المادى بينما تفتقد العين الثانية الروح التى تبصر البعد الروحى للحياة فهى قوة بلا محبة وعلم بلا دين وتكنولوجيا بلا أخلاق وقد استطاع هذا المسخ أى الدجال فعلا عن طريق العلم أن يسمع ما يدور فى أقصى الأرض بالاسلكى ويرى ما يجرى فى آخر الدنيا بالتلفزيون وهو وهو.
أنا أريد أن أقول لهذا الضال المهوس فى هذا الكتاب رحلتى من الشك إلى الإيمان، تواترت الأحاديث بأن المسيح الدجال لا يدخل مكة والمدينة وبيت المقدس وهل التكنولوجيا ما دخلت إلى مكة وهل الصناعات العلمية ما وصلت للمدينة المنورة فكيف تريد أن توفق بين هذا الترقيع الذى ذكرته وبين الأحاديث الصحيحة التى صرحت بأن الدجال لا يدخل هذه البقاع وعلى كل نقب من نقاب مكة والمدينة ملائكة تشهر السيوف لا يستطيع الدجال أن يدخل فكيف إذا كان التقدم العلمى والصناعى وعند هذا الضال إخوتى الكرام الذى يجعجع فى وسائل الإعلام وكنت ذكرت فى محاضرة الشبهات والشهوات كلاما عنه له ذكره فى كتاب القرآن محاولة لفهم عصرى ونقلت عنه فى ذلك الكتاب فى تلك المحاضرة أنه يقول غض البصر فى تفسير قول الله {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} كان ممكنا عند عصر العباءة والجلباب والبرقع والقفازين والملاءة وأما فى عصر المينى جيب والمكرو جيب والصدر العارى والأفخاذ المكشوفة والشعر المسترسل لا يمكن غض البصر فكيف نفعل ثم قال أنا أقول إذا نظر الإنسان إلى هذا بقلب طاهر ليرى الجمال ويقول الله له على ذلك حسنات هذا يقوله فى كتابه القرآن محاولة لفهم عصرى.
إخوتى الكرم: هذا الكلام الذى ذكره فى كتابه القرآن محاولة لفهم عصرى كنت ذكرته فى تلك المحاضرة وأشرت إلى الصفحة فى ذلك الكتاب فوصلتنى رسالة من بعض الأخوات من مكة رمزت لاسمها س. م.جامعة أم القرى تقول الأخت الكريمة استمعت شريط الشبهات والشهوات شريط من جزئين ويعلم الله أننى استفدت منه كثيرا هذا ما عهدته إلى آخره يقول غير أنى أريد أن أنبه فضيلتكم كذا إلى ما وقع من خطأ فى الجزء الثانى من هذا الشريط حول الكلام عن تفسير مصطفى محمود لآية غض البصر فى سورة المؤمنين ليست فى سورة المؤمنون هى فى سورة النور {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} .
على كل حال فقد ذكرت أنه فسر هذه الآية بمفهوم عصرى مستغرب بأن قال ما مجمله تقول ونحن إذ نقول هذا نقدم لك صورة من كتابه القرآن محاولة لفهم عصرى حول هذه الآية وليس فيه ما ذكرت والأخت صورت هذه الصفحات صفحة مائة وثلاث فما بعدها وأنا قلت لكم هذا الكلام فى صفحة خمس وثمانين تقول فى هذه الصفحات يقول يجب غض البصر لئلا يحصل فتنة ثم بسترسل بعد ذلك فى الكلام لئلا يعبد الإنسان نفسه وشهواته ويقول فقال الله: {فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم} بمعنى فاهزوموا أنفسكم وانتصروا عليها هذا حتى فى الصورة التى أرسلتها وفى الإنجيل يقول المسيح من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها إلى آخر الكلام تقول هذا الكلام فى هذه الصفحات لا يوجد ما أشرت وأنا قلت هذا فى الصفحة خمس وثمانين ولو كان الكتاب بين يدى لأحضرت الكتاب وقرأت النص عليكم فلعل الشريط يبلغها وتقف عند الحقيقة لكن الكتاب القرآن محاولة لفهم عصرى ما وجدته وليس عندى فإذا كان عند بعض الإخوة يأتينى به أثابكم الله لكننى أريد أن أنقل لهذه الأخت من باب التوكيد على أن هذا الكلام صدر عن هذا الكاتب الكاذب الخبيث الضال وأننى ما قلت هذا إلا نقلا من كتابه ولئن أخر من السماء أحب ألى من أن أكذب على أحد أقول هذا الذى قلته منقول عنه من قبل علمائنا وردوا عليه شيخنا عليه رحمة الله الشيخ مصطفى محمد الحديد الطير وهو من الشيوخ الصالحين ومن البقية الطيبين فى الأزهر ودرسنا التفسير فى الدراسات العليا فى السنة الأولى والثانية وهو من الصالحين ولا نزكيه على الله وكان أيام دراستى يزيد على السبعين سنة عليه رحمة الله وهيأته تذكر بالله جل وعلا وكان على باع عظيم من العلم وكان ذا باع عظيم فى العلم ألف اتجاه كتابه اتجاه التفسير فى العصر الحديث جاء ليتكلم على كتب التفسير المريضة التى وجدت فى هذا العصر الحديث فذكر من جملتها كتاب القرآن محاولة لفهم عصرى يقول
رأيه فى غض الأبصار أى رأى هذا المؤلف فى هذا الكتاب ومن الأمور المستشنعة ما يوجد قبل هذا العنوان أحب أن أقرأه عليكم من باب أن تعلموا وأن الرجل ضال وانتقل من ضلال إلى ضلال لكن كان ضلال باسم الزندقة وصار ضلال باسم الإسلام كما هى عادة الزنادقة الذين دخلوا فى الإسلام ليكيدوا للإسلام باسم الإسلام يقول شيخنا عليه رحمة الله هل عذاب جهنم رحمة هكذا يقول المؤلف ولأول مرة اسمع مثل ذلك يقول فى صفحة واحد وثمانية إن الله رحيم دائما حتى فى جحيمه ولهذا سمى الرحمن ثم يقول أى مصطفى محمود يرحم من يستحق الجنة ويرحم من لا يستحق بالجحيم، الله يرحم من يستحق الرحمة بالجنة ومن لا يستحق الرحمة يرحمه طيب أين عذاب الله إذا كانت الجحيم دار رحمته والجنة دار رحمته فأين دار عذابه وسخطه ولعنته فالجحيم كما رأينا تعريف لمن لا يعرف ولمن فشلت معه وسائل التعريف فهو نوع من الرحمة يقول شيخنا فهل العقاب على الذنب يسمى رحمة بحجة أنه تعريف لمن فشلت معه وسائل التعريف فى الدنيا أليس هذا من قبيل اثبات الشىء بنقيضه وإذا التعذيب بجهنم رحمة فأين يكون التعذيب أو العذاب وأغرب شىء أن يستشهد على ذلك أى هذا الكاتب الضال بقوله تعالى {عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء} حتى لأهل النار يقول شيخنا فاقرأ بقية الآية لتدرك أغرب استدلال على المقصود {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} ورحمة الله التى وسعت كل شىء فى الدنيا حتى الفجار يخصها الله فى الآخرة بالذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياته يوقنون أما الكفار فهم عنها بمعزل وعذاب جهنم رحمة رأيه فى غض الأبصار يقول المؤلف فى فصل الحلال والحرام صفحة خمس وثمانين كما أحلت ليس فى صفحة مائة وثلاثة الله حرم الضار الخبيث وأحل الطيب النافع ثم نقول يقول إذا لم نفهم هذه الحقيقة كالجوهرية فسوف نتوه فى حرفيات لا آخر لها وتضيع منا روح القرآن كلية ثم ذكر قوله تعالى
{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} وقوله {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} وقال لو أخذنا بظاهر حروفها دون أن يكون جوهر القضية واضحا فى الذهن فسوف نجد أن الحياة الطبيعية فى زماننا زمن المينى جيب والجبونيز والصدر العريان والشعر المرسل والباروكات المذهبة الحياة أمر صعب ثم قال مجرد إرسال النظر لا ضرر فيها لكن الضرر فى ما يجرى فى القلب والعقل نتيجة إمعان النظر الخبيث أن تتخطف العقل والقلب الشهوات فيتشتت الناظر ويأخذ سبيله وراء ظهر عريان فتلك عبودية وذل وهبوط إلى حالة كلب يتشمم وهنا يبدو معنى الآية {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} مطلوبة والرجل العابد الزاهد المشغول القلب بالله يرى الجمال فيرى فيه الخالق الذى صور وليس المخلوق فلا تكون نظرتهم حلال فقط وإنما تكتب له حسنة لأنه يقول بقلبه الله عند رؤيته الوجه الجميل يمجد الخالق الذى صوره ثم يقول فى صفحة سبع وثمانين فإذا انتفى الضرر فأنت فى المنطقة الحلال لا تضر نفسك ولا تضر غيرك وأقول يقول شيخنا إن المؤلف قرر وجوب التزام ظاهر النص فما باله يضرب بقراره عرض الحائط من آن لآخر هل فى الآيتين أو غيرهما تقييد النظر المنهى عنه بأنه عند الاشتهاء حتى يحل عند عدمه إذا كان القلب مشغولا بالله عابدا زاهدا يرى الجمال فيمجد الخالق لا المخلوق ثم رد على هذه الدعوة وأبطلها.
فيا أختى الكريمة: ما نسبت إلى هذا الضال ثابت عنه لكن كيف فى هذه الورقات نقض ذلك فى صفحة مائة وأربعة وما بعد أقول لأن الكاتب متناقض فهو يقرر شيئا وينقض آخر وجميع ما يذكره متهافت والرجل ليس عنده عقيدة واضحة ولا إيمان سليم ولا قلب طاهر وليس على بينة من أمره مهوس يريد عرض الدنيا فيما يخرجه ويخرج فى وسائل الإعلام إذاعات العالم تجعجع بهذا الشيطان ويريد بعد ذلك هذه الشهرة وأنه شيخ الإسلام وهو لا يتقن ولا يفقه شيئا من دين الرحمن.
فإذا كان الهوس بهذا الإنسان فلا يستبعد أن يتناقض فهنا يقول شيئا وهنا يقول شيئا فلو كان ما فى هذه الصفحات ينقض ذلك لا حرج هذا حال من ليسوا على بينة من أمرهم.
أما ما ذكرته ونقلته عنه والله لئن أخر من السماء أحب إلى من أن أنسب إلى أحد من عباد الله ما لم يقله، هذا كلامه وأخذته من كتابه وشيخنا رد عليه فى هذا الكتاب فى اتجاه التفسير فى العصر الحديث فى صفحة اثنتين وتسعين ومائة وما بعد ذلك.
كتاب آخر مطابقة الاختراعات العصرية لأحمد ابن محمد ابن الصديق الغمارى من المغرب طبع بعد كتاب دليل المستفيد بسنتين ذاك سنة ثلاث وثمانين وهذا سنة خمس وثمانين ألف هذا الكتاب جاء الجزائرى فى هذا الوقت فسرق من هذا الكتاب شيئا كثيرا ونسبه إلى نفسه وكأنه عثر على در ثمين وليس فى هذا الكتاب إلا غث وخيم فألف الجزائرى الكتاب الأول سماه الأحاديث النبوية الشريفة فى أعاجيب المخترعات الحديثة والكتاب الثانى اللقطات فى بعض ما ظهر للساعة من علامات وطبع الكتابان سنة ألف وأربعمائة وأربع للهجرة قرابة قبل ست سنين يقول الجزائرى فى هذا الكتاب وهو يستقى كما قلت من كتاب أحمد ابن محمد ابن الصديق الغمارى دون أن يذكر لكن من قارن بين الكتابين لا يرتاب فى ذلك يقول فى تفسير قول الله {وأرسل عليهم طيرا أبابيل} هذا دليل على وجود الطائرات النفاثات هذا كلام الجزائرى من أين أخذت هذا الاستنباط {وأرسل عليهم طيرا أبابيل} ما وجه الاستشهاد بهذا على وجود الطائرات النفاثات هذه بلية لنرى ما بعدها ،جاء بعد ذلك لحديث الدجال وهؤلاء الثلاثة يشتركون فى جرم تأويل والتلاعب فى أحاديث الدجال بل أربعة رئيس محاكم الجوف وأحمد ابن محمد الصديق الغمارى ومصطفى محمود ومعهم الجزائرى جاء لأحاديث الدجال وأن سرعته كالغيث إذا استدبرته الريح يقول هذا دليل على أن الدجال يركب الطائرات الحديثة ولذلك يجوب هذه الأرض بهذه السرعة القصيرة أربعين يوما ووالله إن هذا كذب وافتراء على رسول الله عليه الصلاة والسلام، الأمر خارق للعادة وإذا كان كذلك فلا يجوز أن تخضعه لأمورك المحسوسة المشاهدة لا يقال كيف أسرى بنينا عليه الصلاة والسلام ولا كيف عرج به إلى السماوات العلى وعاد فى جنح الليل وفراشه دافىء هذا أمر خارق للعادة متى ما أدخلته تحت الموازين الحسية لم يكن خارقا ولم يكن عجيبا وأمر الدجال خارق للعادة إهانة له وفتنة للعباد فستأتى تدخله بعد ذلك فى هذه
الطائرات ما ميزة الدجال على غيره إذا كان سيقطع الأرض فى أربعين يوما والناس يقطعونها فى الطائرات المسرعة فى أربعة أيام بل فى أربع ساعات إذن ما ميزة الدجال على غيره يقول هذا دليل على أن الدجال يركب الطائرات.
ويقول أيضا فيما يتعلق بأجهزة التسجيل الذى وجدت فى زماننا عند حديث رواه الإمام أحمد والحديث فى المسند فى الجزء الثانى صفحة ثلاثمائة وستة بسند رجاله ثقات عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رجلا كان يرعى غنمه فى عهد النبى عليه الصلاة والسلام وجرت القصة فى المدينة وكان الراعى من اليهود فجاء ذئب فأخذ شاة فتبعه الراعى واستخلص الشاة منه فأقعى الذئب وقال تأخذ منى شيئا أعطانيه الله صيد أن صدته تسترده منى من لها يوم الذئب يوم لا راعى لها غيرى أى عندما يحصل الفتن وتترك الأغنام والناس يذهلون عن أنفسهم والذئاب ترعى بعد ذلك الأغنام وتفترسها بلا طارد ولا محاسب ولا رقيب فقال هذا الراعى اليهودى سبحان الله إن رأيت ما رأيت كاليوم.
عجبا ذئب يتكلم فقال له الذئب أعجب من ذلك رجل بين الحرتين فى النخلات أى فى هذه البلدة التى فيها نخيل يخبركم بما كان وبما هو كائن يقول فعلمت أن محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام جاء الذئب ليشهد فرجعت وأخبرت النبى عليه الصلاة والسلام وآمنت فقال النبى صلى الله عليه وسلم لهذا اليهودى [إنها أمارة من أمارات بين يدى الساعة يوشك الرجل أن يخرج من بيته فلا يعود حتى تكلمه عذبة سوطه وفخذه بما أحدث أهله من بعده] .
والحديث رواه الإمام أحمد والترمذى بسند حسن والحاكم فى المستدرك بسند صحيح على شرط مسلم أقره عليه الذهبى عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أن النبى عليه الصلاة والسلام قال [والذى نفسى بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وفخذه بما فعل أهله من بعده] .
وفى رواية الترمذى [وتخبره فخذه بما أخبر أهله من بعده] السباع تكلم الناس وشراك نعلك يحدثك بما فعل أهلك والسوط يحدثك بذلك وفخذك تقول أهلك فعلت كذا وكذا.
يقول هذا الشيخ نقلا عن الشيخ الغمارى يقول هذا دليل على أجهزة التسجيل لأن المراد من السوط ومن الفخذ ومن شراك النعل أجهزة التسجيل التى توضع فى البيوت فأنت تجعل جهازا صغيرا تحمله على فخذك تتركه فى بيتك يسجل ما يعمله الأهل بحيث إذا جئت فتحت الشريط سمعته وهذا يقول علم من أعلام النبوة وبذلك ثبت أن محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام.
أف لهذه العقول الرديئة ثبت أن محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام بهذا الهوس وبهذا الضلال وما بقى عندنا طريق لإثبات نبوة محمد عليه الصلاة والسلام إلا آلات التسجيل تخبره أهله بما فعل من بعده هل أجهزة التسجيل تصور الفعل أو تلقط الكلام بما فعلت يعنى لو جرى منها عهر لو جرى منها طهر لو طبخت شيئا لو عملت أجهزة التسجيل هذا ما تضبطه إذن هذا خوارق للعادات يكشف الله عنها قبل قيام الساعة السباع تكلم الإنس عذبة السوط تخبر الإنسان بما فعل أهله شراك النعل تحدثه فخذك تتكلم وتقول فعل أهلك كذا وكذا وأى غرابة فى هذا أصل البلاء فى الإنسان أن يقحم عقله فى أمور المغيبات وأن يأله عقله لينازع رب الأرض والسماوات مغيب ما لنا نحوه إلا إقرار وإمرار {آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} .
حضرت مرة بعض المشايخ الصالحين فى أبها وخطب خطبة الجمعة فى نهار رمضان وتكلم على الحديث المتفق عليه وفيه أن الشياطين تسلسل وتصفد فى شهر رمضان وقال الشيخ مبارك صالح لكن غفل وزل وآفة العلم التقليد يقول:
فى المراد بهذا التصفيد أمران:
الأمر الأول: تصفد حقيقة وليس المراد إلا هذا وإياك أن تتلاعب بكلام نبيك عليه الصلاة والسلام على حسب عقلك ثم قال:
ويحتمل الأمر الثانى: وهو أن هذا كناية عن تضييق مجارى الشيطان فى بنى الإنسان فالإنسان عندما يصوم يضعف والإنسان عندما يأكل الدم يجرى فيه بسرعة والشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم فإذا شبع جرى الشيطان فيه كثيرا إذا صام جريان الشيطان فيه قليلا لأنه ضيق مجارى الشيطان فى نفسه.
قلت أيها الشيخ رفقا بنفسك لو أكل الإنسان عند السحر ما لا يأكله فى ثلاث وجبات ويفطر ويتغذى ويتعشى فى نهار رمضان عند السحر أكل هذه الوجبات الثلاثة عند السحور الشيطان سيجرى فيه كثيرا أم قليلا؟ لازم يجرى فيه أكثر إذن من غير رمضان على حسب كلامك وكلام النبى عليه الصلاة والسلام يقول تصفد الشياطين فى رمضان وهذا إن أكل فى رمضان أكثر من غير رمضان إذن ينبغى أن يزداد سعى الشياطين فيه.
إذن كلام النبى عليه الصلاة والسلام مردود بهذا التأويل الممجوج قال أستغفر الله قلت لما تدخل عقلك فى أمر مغيب، أمر مغيب إقرار وإمرار نقر به نقره على الكيفية التى عناها نبينا عليه الصلاة والسلام فإن وقعت وشاهدناها فالحمد لله رب العالمين وإلا فآمنا به كل من عند ربنا أى غرابة أن يكلم فخذ الإنسان بما عمل أهله ألا تحدث الأرض أخبارها أما تشهد الأعضاء على بنى آدم يوم القيامة {حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون} هذا فى محكم كلام الله، والله يقول فى حق القاذفين:{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين} أى غرابة فى أن تشهد الأعضاء وأن تتكلم أنت إذا رأيت اللسان ينطق هل هو ينطق بنفسه وبذاته أو لأن الله جعل فيه هذه الخاصية وكم من إنسان له لسانا ولا ينطق والله لا فارق بين نطق اللسان ونطق الأصبع وإذا شاء الله أن ينطق الأصبع وأن يخرس اللسان نطق الأصبع وخرس اللسان فإذا أخبر الفخذ صاحبه بما فعل أهله من بعده فأى غرابة حتى نحمل هذا على أجهزة التسجيل وازداد الشيخ أحمد ابن محمد الصديق الغمارى فى الشطط فقال وإنما ذكر الفخذ لأن التسجيل يحملها الناس على أفخاذهم فى جيوبهم الصغيرة ستخبره فخذه أى بآلة التسجيل الذى يحملها الناس على أفخاذهم وبذلك ثبتت معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام وأنه رسول الله هذا شطط وهذا تلاعب تحت اسم الإعجاز العلمى.
ثبت فى الصحيحين والحديث فى النسائى من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بينما راع يسوق غنمه عدا الذئب [والحديث فى الصحيحين] على شاة منها فاستخلصها الراعى منه فقال له من لها يوم الذئب يوم لا راعى لها غيرى فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم فقال النبى عليه الصلاة والسلام أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما كان ثم أى لو سمع أبو بكر وعمر رضي الله عنهم هذا لما تردد فى تصديق ذلك وفى تكملة الحديث يقول وبينما رجل يركب بقرة يسوقها التفتت إليه وقالت إنى لم أخلق لهذا إنما خلقت للحراثة فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال إنى أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما كان ثم هذا حال المؤمن وأما أنه يريد أن يعرض هذا الأمر على عقله يوفق بينه ويلفق بين الأمور التى جدت وحدثت.
يقول الجزائرى أيضا تحت عنوان الدليل على ظهور الكشافة يريد الآن أن ينسب شيئا إلى النبى عليه الصلاة والسلام وهو مكذوب موضوع ليقرر نبوته بأمر وجد استدلالا بحديث موضوع يقول روى الديلمى وابن عساكر والزيادة هذه ليست فى تاريخ ابن عساكر إنما هى عند الديلمى أن النبى عليه الصلاة والسلام ذكر خصال قوم لوط وقال هذه الأمة ستفعل خصال قوم لوط وستزيد عليها بخصلة واحدة وهى إتيان النساء للنساء يقول ومن جملة خصال قوم لوط فى الحديث والمشى فى الأسواق والأفخاذ بادية هذا من خصال قوم لوط وهذه أمة ستفعل هذا والمشى فى الأسواق والأفخاذ بادية يقول هذا دليل على ظهور الكشافة ،الكشافة الذين هم طلبة المدارس يخرجونهم أفخاذهم بادية يلبسون الكشافة ويحملون العلم الوطنى الجاهلى وهذه هى الكشافة يقول هذا علم من أعلام النبوة يخرجون إلى الأسواق والأفخاذ بادية رفقا بنفسك أيها الشيخ ولا داعى أن تسرق من غيرك ضلالا ثم تتبناه لنفسك.
هذا الحديث فيه أربعة متهمون وكذابون أولهم إبراهيم ابن محمد ابن حسن الطيان والثلاثة بعده ما فيهم إلا هالك ساقط متهم كذاب فحديث فى رواته أربعة تثبت به هذا الأمر هذا الحديث إلى نبينا عليه الصلاة والسلام ثم تريد أن تجعل هذا علم من أعلام نبوته المشى فى الأسواق والأفخاذ بادية سواء ظهرت الكشافة أم لا هذا حاصل فى هذه الأمة من غير الكشافة أرى فى هذه البلاد بعض الناس يخرجون بعينى رأيتهم من الكافرين الذين غضب عليهم رب العالمين من البريطانين أو الأمريكين أراهم باستمرار أفخاذهم مكشوفة ليس من الكشافة ويسوق كلبا ونقول سبحانك غضب الله عليك على الكلب الأنسى أعظم من غضبك على الكلب الحيوانى ونجاسة هذا الكلب الأنسى أعظم وأغلظ من نجاسة هذا الكلب الحيوانى باستمرار أفخاذهم مكشوفة وهو كالبغل يتجول فى شوارع المسلمين أمام النساء والرجال بهذه الحالة فهذا منكر وقع وليس من الكشافة فقط ولا داعى أن نقول بذا هذا علم من أعلام النبوة وبذلك ثبتت نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام.
فالإعجاز العلمى ينبغى أن يقف عند حد نقول كما قال شيخنا {ويخلق ما لا تعلمون} من الوسائل التى تجد من مركوبات حديثة طائرات باخرات سيارات نقف عند هذا لا نأتى بعد ذلك طيرا أبابيل دليل على الطائرات ما وجه الاستشهاد بالطير الأبابيل على الطائرة إنما يخلق ما لا تعلمون من المركوبات الأخرى وقد وجد قل فى هذا إشارة إلى أنه ستوجد مركوبات أخرى وقد وجدت وهذا أشار إليها القرآن وتحققت ولا داعى بعد ذلك للاسترسال فى هذا فلا بد إخوتى الكرام من أن يقف العقل عند حده وألا يأله الإنسان نفسه.
إذن التفسير بالرأى الذى يوافق نصوص الشرع وقواعد اللغة فيشهد له سياق الكلام ويدل عليه السباق واللحاق هذا جائز بالاتفاق دل عليه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والعقل قرره من ثلاثة أوجه دفعا للمحاذير الثلاثة فإن قيل ورد عن نبينا الجليل عليه صلوات الله وسلامه ما يشير إلى تحريم التفسير بالرأى فكيف ستوفقون بين ما قلتم وذكرتم وقررتم وبين هذه الأحاديث؟
كنت أتمنى أن يطول الوقت قليلا لأنتهى من هذا المبحث فى هذا الدرس وأرجأ الكلام على هذا الاستعراض أحاديث ثلاثة وردت تنهى عن التفسير بالرأى لأبين معناها الحق وأن لا معارضة بينها وبين الأدلة التى قررت جواز التفسير بالرأى فألى الدرس الآتى إن أحيانا الله إن شاء الله وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجزائرى يا أخى الكريم يدرس فى الحرم المدنى مشهورا معروف أبو بكر الجزائرى معروف ما يحتاج إلى تعريف ذكر هذين الكتابين ورد عليه بعض مشايخ البلاد هناك ووافق على الرد الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظ الله مشايخ المسلمين أجمعين رد عليه وبين أن هذا هوس وضلال عدا عن الأمور التى ضل فيها فى أمر الاعتقاد كحديث إن الله خلق آدم على صورته وقال هذا إبطال النظرية داروين وسلك مسلك الجهمية وغير ذلك من الأمور والكتاب الرد مطبوع عليه كما أن الكتابين مطبوعة بموافقة وإقرار الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله وحفظ مشايخ المسلمين أجمعين..واضح هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.