المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الزجر عن التخنث في الشعر - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٧٨

[عبد الرحيم الطحان]

الفصل: ‌الزجر عن التخنث في الشعر

‌الزجر عن التخنث في الشعر

(من خطب الجمعة)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

بسم الله الرحمن الرحيم

الزجر عن التخنث في الشعر

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطاً مستقيما، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير، اللهم الحمد كله ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم {فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} .

{يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} .

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله الله رحمةً للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} .

{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون} .

{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} .

أما بعد: معشر الأخوة الكرام..

ص: 1

كنا نتدارس منزلة ذكر الرحمن في الإسلام، وقلت إن منزلة الذكر عظيمة جليلة، ومن أجل ذلك أمرنا الله جل وعلا أن نذكره على الدوام، وبينت أن فوائد الذكر كثيرة تزيد على مائة فائدة، وهذه العيادة الجليلة التي نتدارسها وذكرنا شيئاً من فضائلها فيما مضى، قلت إن المخرفين غيروها وبدلوها ووضعوا شيئاً مكانها، ألا وهو القصائد والأشعار، زعموا أنهم يتقربون بها إلى العزيز القهار.

إخوتي الكرام: وسأتبع في هذه الموعظة الكلام على هذا الأمر تتميماً لما تقدم في الموعظة السابقة.

إخوتي الكرام: إن الذكر كما قلت له منزلة عظيمة جليلة، وكما قلت فوائده كثيرة غزيرة، وسنتدارس في هذه الموعظة فائدة من فوائده فقط ثم نتدارس بقية خطوات البحث إن شاء الله.

إن الذكر قوت للقلب وقوة له، وإن الذكر فيه صلابة للقلب وصلابة له، وإن الذكر فيه ليناً للقلب ورقة له، وأيضاً فيه صفاء للقلب وبهجة له، هو قوت القلب وقوته، وهو فيه قوة للقلب وصلابته، وهو أيضاً بهجة للقلب وصفاء له، وهو أيضاً لينة للقلب ورقة له.

ص: 2

إن قلب الذاكر يجمع بين هذه الصفات، يحصل له القوت بذكر الله، يحصل له القوة بذكر الله، يحصل فيه القوة والصلابة بذكر الله، يحصل له البهجة والصفاء بذكر الله، يحصل له اللين والرقة بذكر الله، ولذلك كان قلب الذاكر أطهر القلوب وأحبها عند علام الغيوب، ثبت في معجم الطبراني الكبير من رواية أبي عيينة الخولاني رضي الله عنه وأرضاه، والحديث حسنه الإمام الهيثمي وقال الإمام المنذري في (الترغيب والترهيب) إسناده جيد، والحديث روى من رواية أبي أمامة الباهلي أيضاً في (حلية الأولياء) وروي من رواية سهل بن سعد في الحكيم الترمذي، فهو من رواية أبي عيينة الخولاني، وأبي أمامة الباهلي، وسهل بن سعيد، ولفظ الحديث عن نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه أنه قال [إن لله آنية في الأرض، قالوا وما آنية الله يا رسول الله في الأرض؟ قال: قلوب عباده الصالحين وأحبها إلى الله أضاها وأرقها] وفي بعض الروايات [إن أحب الآنية إلى الله ما رق منها وصفا] .

وفي بعض الروايات [أحبها وأصفاها] ، فالذي يذكر الله جل وعلا يتصف بهذه الصفات، يصبح لقلبه كما قلت القوت والقوة والشدة والصلابة والبهجة والصفاء، اللين والرقة، وقلبه أحب القلوب إلى علام الغيوب ولا غرو في ذلك ولا عجب فقد تقدم معنا أن من ذكر الله جل وعلا والله مع العبد ما دام العبد يذكر ربه سبحانه وتعالى، وإذا كان معك فستتخلق بأخلاق ربك بأخلاق حبيبك ن فتتصف باللين وتتصف بالشدة والقوة، والله عندما يكون معك، فستضع كل أمر موضعه، هذا هو حال الذكر عندما يكثر الإنسان من ذكر الرحمن سبحانه وتعالى.

ص: 3

إخوتي الكرام: وإذا حصل القلب قوته وقوته بذكر الله جل وعلا إن هذه القوة سينتشر أثرها بعد ذلك إلى هذا البدن فيكتسب البدن قوة من قوة القلب، والإنسان عندما يحضر المعركة ينتصر على عدوه بقوة قلبه ويضعف قلب عدوه، فيصبح له عاملات من عوامل النصر هو يرجو أن ينتصر عليه وأن يتمكن منه، بتأييد الله له، وذاك يتحمل أمامه وينهار فيحصل النصر بإذن العزيز القهار.

ص: 4

نعم إن ذكر الله قوت للقلب وقوة للبدن، وضياء ونور، وبهجة في الوجه، يذكر الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في كتابه (الوابل الصيب) في صفحة خمسة وخمسون صـ55 من حياة شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عليهم جميعاً رحمات رب العالمين أنه صلى معه الفجر في بعض الأيام فجلس شيخ الإسلام يذكر الله بعد صلاة الفجر حتى انتصف النهار ثم التفت إلى تلميذه البار مثال له هذه غدوتي هذا اليوم، هذا هو طعامي وهذا هو غذائي ولولاها لسقطت قوتي ن فهذه القوة التي حصلت في القلب بذكر الرب انتشرت بعد ذلك إلى هذا البدن فقوى البدن واشتد بإذن الله جل وعلا، وهذا المعنى الذي أشار إليه هذا الإمام الهمام عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا الرحمن هو ما أشار إليه نبينا عليه الصلاة والسلام في أحاديثه الكثيرة الصحيحة الحسان منها ما ثبت في الصحيحين وسنن أبي داوود والنسائي من رواية سيدنا على ابن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه قال كانت فاطمة أحب أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله وقل وتزوجتها فكانت رضي الله عنها وأرضاها حتى أغير ثيابها فعلمت فاطمة رضي الله عنها وأرضاها بمجيء سبي من الفتائم إلى نبينا صلى الله عليه وسلم من العبيد من الأرقاء من الذكور والإناث من الإماء أيضاً فأرادت من علي رضي الله عنه يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أمة تخدمها وتساعدها في أمور البيت فقال علىّ لا أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كلميه أنت فهو رسول الله عليه الصلاة والسلام وخير خلق الله وهو أبوك فذهبت هذه البضعة المباركة سيدتنا فاطمة رضي الله عنها وأرضاها إلى بيت أمنا عائشة تسأل عن نبينا صلى الله عليه وسلم فلم تجده فقالت سيدتنا فاطمة لأمنا عائشة إذا جاء النبي عليه الصلاة والسلام فأخبريه، فتأخر النبي صلى الله عليه وسلم في المجيء إلى بيته فلما جاء أخبرته أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها فذهب بعد العشاء

ص: 5

مباشرة إلى بيت ابنته فاطمة فاستأذن عليه الصلاة والسلام ودخل وقد أخذ علىّ وفاطمة مضجعهما في فراش واحد فقال النبي عليه الصلاة والسلام مكانكما ثم دخل النبي عليه الصلاة والسلام بيتهما في هذا الفراش ومد رجليه الشريفتين قال عليّ رضي الله عنه توجدت يرد أصابع رجليه في صدري ثم سأل فاطمة رضي الله عنها وأرضاها عما جاء بها تسأل عنه في بيت عائشة رضي الله عنها فأخبرته أنها تطلب خادمة أمة لتساعدها في أمور البيت فقال النبي عليه الصلاة والسلام، ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم. تريدان من الخادم أن يساعدكما في أمور البيت، يقول عليّ رضي الله عنه فغمزتها وقلت لها قولي بلى، تريد لنا من هو خير من خادم فقلنا بلى يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام إذا أخذتما مضجعكما تسبحا الله ثلاثاً وثلاثين وأحمداه ثلاثاً وثلاثين وكبراه أربعاً وثلاثين وهذا تمام المائة فهذا خير لكما من خادم.

قال الإمام ابن تيمية كما نقل عنه هذا تلميذه ابن القيم في (والوابل الصيب) ص102 وهذا الذكر مجرب معروف من حافظ عليه عند نومه في كل ليلة أعطاه الله قوة في بدنه بحيث يستغني عن مساعدة غيره من خادم من أجير من عبد من رقيق من أمة، والإمام ابن حجر في (فتح الباري) عن شرحه لهذا الحديث في الجزء الحادي عشر صفحة خمسة وعشرون ومائتين 11/225 يقول (ولا يلزم من هذا أنه لا يتعب إن الإنسان عندما يزاول الأعمال يصاب بشيء من الإرهاق والتعب لكن الله يتعبه فلا يسأم ويتحمل ولا يصاب بفتور وإعياء عندما يحافظ على هذا الذكر عند النوم.

نعم إن الذكر قوت القلب وقوة له، وإذا قوى القلب تنشط البدن فصار قوياً بإذن الله جل وعلا.

ص: 6

إخوتي الكرام: هذا من فوائد الذكر، قال الإمام ابن القيم في المكان المشار إليه صـ102 يقول وقد كان شيخ الإسلام يقول وقوله هذا موجود في (مجموع الفتاوى) الجزء العاشر صفحة ثلاثة وثلاثين 10/33 يقول إن الله تعالى لما خلق حملة العرش قالوا ربنا لم خلقتنا قال لتحملوا عرش قالوا ومن يقوى على حمل عرشك وعليه جلالك وجمالك ووقارك فقال الله جل وعلا لحملة العرش قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الإمام ابن القيم فبهذه الكلمة المباركة أطاقت ملائكة العرش حمل عرش الرحمن جل وعلا، قال الإمام ابن القيم وهذا الكلام كنت أسمعه منه حتى وقفت على كتاب لأبن أبي الدنيا رواه عن الليث بن سعد عن معاوية بن صالح قال حدثتنا شيختنا أن الله لما خلق حملة العرش قال.. إلى آخر الأثر.

وأنا أقول، وهذا الأثر مروي أيضاً في تفسير الإمام الطبري بنحو الرواية لمتقدمة في تفسير سورة (الحاقة) عن قول الله {ويحمل عرش ربك فوقهم يؤمئذٍ ثمانية} في الجزء التاسع والعشرين صفحة سبعة وثلاثين 29/37 روى الأثر الإمام الطبري في تفسيره عن شيخه يونس عن ابن وهب عن أبي زيد بمعنى الأثر المتقدم أن حملة العرش أطاقوا حمل عرش الله جل وعلا بكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله.

ص: 7

نعم أنها كلمة من كنوز الجنة كما ثبت هذا في المسند والكتب السنة من رواية أبى موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلي الله علية وسلم قال له ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله قال لا حول ولا قوة إلا بالله، لا تحول من حال إلا حال من معصية إلى طاعة ومن ذلٍ إلى عز، من فقرٍ إلى غنىً، ولا قوة لنا في هذه الحياة إلا بربنا سبحانه وتعالى، وهذه الوصية التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري أوحى بها عدداً من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، أوصى بها أيضاً أبا ذرٍ كما في المسند وسنن أبي ماجة، وصحيح ابن حبان بسندٍ صحيحٍ أيضاً قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذرٍ ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة قال بلى قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله، وأوصى بها أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنهم أجمعين، كما ثبت ذلك أيضاً في مسند الإمام أحمد، والحديث في المستدرك ومسند البزار وإسناده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعي ألا أدلك على كنز من كنوز العرش ألا أدلك على كنز من تحت العرش وهو كنز من كنوز الجنة؟ قلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قالها العبد قال الله أسلم عبدي لي واستسلم، وأوصى بها النبي عليه الصلاة والسلام قيس بن سعد أرسلني أبي لأقدم النبي عليه الصلاة والسلام وسعد بن عبادة سيد الخزرج من الأنصار رضي الله عنهم أجمعين فأرسل ولده قيساً ليخدم النبي عليه الصلاة والسلام قال قيس فصليت ركعتين فمر بي النبي عليه الصلاة والسلام فقال لي ألا أدلك عل باب من أبواب الجنة قلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله، وأوصى بها النبي عليه الصلاة والسلام أبا أيوب الأنصاري ومعاذ بن جبل وغيرهما من الصحابة، انظروا الروايات في ذلك في (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري

ص: 8

في الجزء الثاني صفحة أربعة وأربعين وأربعمائة 2/444.

إخوتي الكرام بهذا الجملة المباركة أطاقت الملائكة حمل عرش الرحمن، نعم إن الذكر قوت للقلب وقوة له، ولذلك يقوى البدن أيضاً، ولذلك قال الإمام المبارك ابن تيمية عندما جلس يذكر الله من صلاة الغداة إلى منتصف النهار قال هذه غدوتي، ولولاها لسقطت قوتي، وهذا الأدب العظيم، وهذه العبادة الفاضلة أعرض عنها كثير من المسلمين، فأصيبوا بوهن في قلوبهم وبضعف في أبدانهم، إن من يحضرون في صلاة الفجر قلة قليلة ومن يذكرون الله بعد صلاة الغداة حتى تطلع الشمس في بيوت رب الأرض والسموات أقل بكثير من يحضرون صلاة الفجر، وما أعلم ما أصاب الأمة في هذه الأيام، والذي يجلس في مصلاه بعد ما يؤدي صلاة الفجر في جماعة يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين له أجر عظيمٌ عظيم جليل كبير عند الله الجليل، ثبت في سنن الترمذي بسندٍ حسن من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [من صلى الفجر في جماعة ثم قعد في مصلاه] يعني في المسجد [يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كتب له كأجر حجة وعمرة تامه، تامه، تامه] ، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، وهو في سنن الترمذي، ومروي عن عدة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، رواه الإمام الطبراني في معجمه الكبير بسندٍ جيد.

كما في المجمع والترغيب والترهيب من رواية أبي أمامة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [من صلى الغداة في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان بمنزلة حجة وعمرة] انقلب بأجر حجة وعمرة، والحديث رواه الإمام الطبراني أيضاً في معجمه الأوسط وإسناده حسن من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين بمعنى الروايتين المتقدمتين أن [من صلى الفجر في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كتب له أجر عمرة وحجة متقبلتين] .

ص: 9

إخوتي الكرام: هذه بعض

فوائد الذكر، قوة للقلب، إذا قوى القلب قوى البدن واستعان العبد بالرب سبحانه وتعالى، وإذا كان للذكر هذه الفائدة، فكما تقدم معنا أن أفضل الأذكار كلام العزيز القهار ألا وهو القرآن العظيم الذي أنزله الله علينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور، أمرنا الله جل وعلا بتلاوته، وأمرنا بالاستماع والإصغاء إليه، وحذرنا من إهمال تلاوته وعدم سماعه، وجاءت الآيات تقرر هذا بكثرة في كتاب الله عز وجل وقد اعتبر الله عز وجل من أعظم مننه علينا أن أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم ليتلو علينا آيات الله وليخرجنا من الظلمات إلى النور، قال الله جل وعلا في سورة (آل عمران) {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين} وأخبرنا الله جل وعلا أنه أمر نبيه عليه الصلاة والسلام وأمر المؤمنين بتلاوة كتابه المبين فقال جل وعلا في سورة (النمل) :{إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن أتلوَ القرآن} .

وقال الله جل وعلا في سورة (العنكبوت) : {اتلُ ما أوحيَ إليك من الكتاب وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} .

وأخبرنا الله جل وعلا عن عظم الأجر وبركة التجارة التي يحصلها من يتلو كلام الله جل وعلا في هذه الحياة فقال تعالى في سورة (فاطر) : {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور} .

والآيات في ذلك كثيرة، وكما أمرنا الله جل وعلا بتلاوة كلامه أمرنا بالإصغاء والاستماع إليه فقال جل وعلا في آخر سورة (الأعراف) :{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} .

ص: 10

وأخبرنا الله جل وعلا أن من يستمع إلى كتابه ويعمل بموجبه فهو ممن هداهم الله، وهو من أصحاب العقول النيرة الواعية فقال جل وعلا في سورة (الزمر) :{والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه * أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب} .

وقال ربنا سبحانه وتعالى في نفس السورة بعده بآيات في بيان منزلة كلامه وكتابه وكيف يؤثر في نفوس المستمعين فقال جل وعلا: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانيَ تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد} .

وأخبرنا الله جل وعلا أن هذه الآثار كما تظهر على الظاهر من قشعريرة الجلد، ومن انقباض الجلد ومن انبساطه تظهر أيضاً على القلوب وتكون في القلوب، وما تأثر الظاهر إلا بعد تأثر الباطن، قال الله جل وعلا في سورة (الأنفال) :{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} .

وأخبرنا الله جل وعلا أن المؤمنين عندما يستمعون إلى آيات الذكر الحكيم يبكون ويخرون لله يسجدون فقال جل وعلا في آخر سورة (الإسراء) : {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا، إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} .

نعم هذا هو وصف المؤمنين وهو وصف النبيين صلوات الله عليهم وسلامه يقول الله جل وعلا في سورة (مريم) بعد أن ذكر أحوال النبيين والصالحين فقال: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا} .

ص: 11

والآيات في هذا لمعنى كثيرة، أمرنا بتلاوة القرآن، وأمرنا بالاستماع إليه والإصغاء إليه، وحذرنا الله جل وعلا من الإعراض عنه وعدم سماعه وعدم تدبره فقال جل وعلا:{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا} ، {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها} .

وأخبرنا الله جل وعلا أن من غضب الله عليهم يعرضون عن أيِ الذكر الحكيم ويقبلون بعد ذلك على اللهو الذميم، يقول ربنا الرحمن في سورة (لقمان) :{الم * تلك آيات الكتاب الحكيم * هدىً ورحمةً للمحسنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون} .

ثم أخبرنا الله جل وعلا عن الصنف الخنيث الخسيس فقال: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنية وقراً فبشره بعذابٍ أليم} ونظير هذه الآية قول الله جل وعلا في أوائل سورة الجاثية: {ويلٌ لكلِ أفاكٍ أثيم * يسمع آيات الله تتلى عليهم ثم يصرُ مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذابٍ مهين * من وراءهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذابٌ عظيم} .

وقد أخبرنا الله جل وعلا أن الكفار يتواصون بعدم سماع كلام العزيز الغفار فقال جل وعلا في سورة (حم فصلت) : {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} .

وأخبرنا ربنا جل وعلا أن هذه الأمة إذا أعرضت عن تلاوة كتاب الله وعن سماع كلام الله وعن تدبر كلام الله، فرسولنا صلى الله عليه وسلم سيشكو أمره إلى الله:{وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا في عرصات الموقف وساحة الحساب عندما أعرضت هذه الأمة عن كلام الكريم الوهاب.

ص: 12

إخوتي الكرام: إن الحجة التي أنزلها الله علينا وأمرنا بتلاوتها والاستماع والإصغاء إليها وتدبرها هي كلامه وسيسألنا ربنا عن ذلك يوم القيامة كما قال في سورة (الأنعام) : {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين * ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} .

والآيات إخوتي الكرام في ذلك المعنى كثيرة وفيرة كما أن ذكر الله هو أفضل العبادات، فأفضل الأذكار وأعلاها وأجلها تلاوة كلام الله جل وعلا، استماع كلام الله جل وعلا، تدبر كلام الله جل وعلا، وهذا السماع هو الذي كان عليه سلفنا الأتقياء رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين، كانوا يسمعون إلى كلام الله، كانوا يقرأون كلام الله، كانوا يتدبرون كلام الله، ما كانوا يعكفون على سماع القصائد والأشعار، ولا على سماع الأبيات، إنما يسمعون الآيات المحكمات، وقد قرر أئمتنا هذا، انظروا اخوتي الكرام كتاب (مدارج السالكين) للإمام ابن القيم صفحة خمسة وثمانين وأربعمائة صـ485 من المجلد الثالث فما بعدها من هذه الصفحة، وانظروا (مجموع الفتاوى) فقد بحث في هذه القضية في ثمانين صفحة متتالية في الجزء الحادي عشر من صفحة خمسة وثلاثين ومائة إلى صفحة عشرة وستمائة 11/135 إلى صـ610 فبين كما بين أئمتنا قاطبة أن سماع السلف الكرام كان مختصراً في سماع كلام الرحمن في تلاوة كلام ذي الجلال والإكرام، ما كانوا يعكفون على سماع القصائد والأشعار.

ص: 13

ثبت في طبقات الإمام ابن سعد والأثر في كتاب (الحلية) لأبي نعيم، ورواه الإمام ابن عساكر في (تاريخ دمشق) ، وابن حبان في صحيحه، وإسناده صحيح أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا إذا اجتمعوا يقول سيدنا عمر رضي الله عنهم وأرضاه للصحابي الجليل أبي موسى الأشعري يا أبا موسى ذكرنا ربنا، وفي بعض روايات طبقات الإمام ابن سعد يا أبا موسى شوقنا إلى ربنا فيقرأ القرآن وينصت له الصحابة الكرام، وهذا المسلك أخذوا من نبينا عليه الصلاة والسلام فهو الذي سن لنا استماع القرآن والإصغاء إليه، وهو الذي علمنا تلاوة القرآن فاستمع لحال النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك لتقتدي به فهو أسوتنا وقدوتنا عليه صلوات الله وسلامه ثبت في مسند الإمام أحمد والحديث في الصحيحين وسنن الترمذي وسنن أبي داود والحديث في أعلى درجات الصحة من رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لقد مررت بك البارحة يا أبا موسى وأنت تقرأ القرآن لو رأيتني وقد مررت بك وأنا أستمع إلى قراءتك لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود] أي صوتاً رطباً ندياً عذباً كما كان هو الحال في صوت نبي الله داود، فأوتيت هذه العذوبة في صوتك كأنه صوت من مزامير آل داود، كأنه صوت من حنجرة نبي الله داود، فشبه الصوت هنا بالمزمار بجامع العذوبة في كل، لكن صوت المزمار حرام، وصوت الحنجرة الرطبة الندية حلال فانتبه لهذا، عذوبة هنا حلال وعذوبة هناك حرام لما يترتب عليها من آثام وضلال، وسيأتينا في بحثنا أن آلات المزامير والعازف كلها حرام، والاستماع لها فسق، والتلذذ بها كفر، واستحلالها ردة وخروج عن شريعة الله جل وعلا، ورد في تكملة الحديث في رواية الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه ومعجم الطبراني الكبير قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله [لو علمت بكائك لحبرته لك تحبيراً] أي لو كنت أعلم أنك تسمع لزدت في

ص: 14

تحسن صوتي، وقد أمرنا بتحسن أصواتنا عند تلاوة كلام ربنا.

وهذا المعنى ورد فيه أحاديث كثيرة من هذه الأحاديث حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة، وحديثه ثابت في المسند وصحيح مسلم وطبقات ابن سعد، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، ولفظ الحديث عن بريدة رضي الله عنه أنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في الليل قمراً على المسجد فإذا بأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه يصلي ويقرأ القرآن فقام النبي عليه الصلاة والسلام ينصت لتلاوته وستعذب صوته ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام لبريدة أتراه مرائياً قلت الله ورسوله أعلم قال بل مؤمن منيب قال بريدة فلما أصبحنا غدوت على أبي موسى وأخبرته يقول النبي عليه الصلاة والسلام فقال له أبو موسى الأشعري أنت لن تزال لي صديقاً، أخبرتني بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام لبريدة يا بريدة لقد أوتي أبو موسى مزماراً من مزامير آل داود.

ص: 15

وروى هذا الحديث من رواية أمنا عائشة رضي الله عنه في مسند أحمد وسنن النسائي والحديث في طبقات ابن سعد أيضاً عن أمنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى أبي موسى الأشعري فقال لقد أوتي عبد الله قيس مزماراً من مزامير آل داود، والحديث رواه أبو هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى روايته الإمام أحمد في المسند والنسائي، وابن ماجة في السنن، يعني الحديث المتقدم وثبتت الرواية من رواية أنس بن مالك أيضاً رواها الإمام أبو يعلى بسندٍ حسن كما قال الإمام الهيثمي في (المجمع) ورواها مع الإمام أبي يعلى الإمام أبو يعلى في الحلية ورواها محمد ابن نصر في قيام الليل، وروى هذه الرواية أيضاً البراء بن عازب في مسند أبي يعلى، قال الإمام الهيثمي وإسناد الحديث موثقون ورويت هذه الرواية بسندٍ صحيح مرسل في معجم الطبراني الكبير وطبقات ابن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود، فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام يستمع إلى قراءة القرآن ويثني على التالي، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يطلب من الصحابة الكرام أن يقرؤوا القرآن ليسمع وليسن لنا سماع القرآن.

ص: 16

ثبت في المسند والحديث في الكتب الستة إلا سنن ابن ماجة وهو في مصنف ابن أي شيبة ورواه البيهقي في السنن الكبرى وفي دلائل النبوة وهو في تفسير ابن أبي حاتم ورواه عبد ابن حميد في مسنده وكما قلت هو في الكتب الستة فهو في الصحيحين وغيرهما وهو في أعلى درجات الصحة ولفظ الحديث من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أقرأ عليّ القرآن فقال عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه وأرضاه أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عبد الله بن مسعود سورة النساء حتى وصل إلى قول الله جل وعلا {فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} قال له النبي عليه الصلاة والسلام حسبك، يقول عبد الله بن مسعود فنظرت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فإذا عيناه تزرفان] وقراءة عبد الله بن مسعود على نبينا المحمود عليه الصلاة والسلام ثابتة في غير هذه الرواية عن طريق طلب النبي منه أن يقرأ عليه، روى الحاكم في المستدرك من رواية عمرو بن حريث عن أبيه وحريث صحابي وولده عمراً صحابي كما أن ولد سعيد بن حريث صحابي، والحديث إسناده صحيح من رواية عمرو بن حريث عن أبيه حريث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود أقرأ عليّ القرآن فقال أأقرأ عليك وعليك أنزل قال أحب أن أسمعه من غيري فقرأ عليه صدر سورة النساء يقول حتى وصلت إلى قوله تعالى:{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} قال عبد الله بن مسعود فاستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أخذته العبرة والبكاء وبدأت عيناه تزرفان بالدمع عليه صلوات الله وسلامه فقال له توقف فتوقف عبد الله بن مسعود فقال له نبينا صلوات المحمود عليه الصلاة والسلام تلكم فتكلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً، ثم قال عليه

ص: 17

الصلاة والسلام وأنا رضيت لكم ما رضيه لكم ابن أم عبد، يعني عبد الله بن مسعود.

إخوتي الكرام: هذا هو سماع سلفنا الكرام الطيبين يستمعون القرآن، يتلون كلام الرحمن إذا سمعوه وجلت قلوبهم، اقشعرت جلودهم، دمعت أعينهم، هذه أوصافهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فما الذي حصل بعد ذلك كما تقدم معنا أن الأمر تغير وقد ذكرت كثيراً من بدع المتأخرين من الصوفية كيف عكفوا على القصائد ولأشعار وضموا إليه الرقص وفعلوا هذا في بيوت الله عز وجل وزعموا أنهم يذكرون الله ويعبدونه بهذه العبادات المحدثة المبتدعة، خاب سعيهم وضل علمهم، وقد وضحت بدعتهم وقلت في أخر الموعظة الماضية سنتدارس بدعة جدت في هذه الأيام، وهي بدعة الأشعار الجهادية من قبل من يجاهدون بالكلام عملوا أيضاً أشعاراً وقصائد وقالوا هذه أشعار الجهاد ينبغي أن يعكف عليه العباد من أجل بعث الحماس في قلوبهم أن أشعارهم كأشعار من المتأخرين من الصوفية، وأن أشعار هاتين الفرقتين أشعار المجاهدين في ذلك الحين، وأشعار من خرفوا من الصوفية أن هذه الأشعار كالأشعار المجونية كأشعار أهل الغناء سواء بسواء.

ص: 18

نعم إنها قد تختلف عنها في موضوعها فلا تتعرض لفسق وخنا وبذاءة لكنها لا تختلف عنها في صيغة إلقاءها من صيغة الإلقاء تكسر وتخنث وميوعة فما الذي أباح لك هذا، من الذي أباح لك أن تتكسر، وأن تتخنث وأن تتصف بهذه الميوعة المنكرة عندما تقول هذه الأبيات من الذي أباح لك هذا، إنك إن أردف أن تقول أشعار الجهاد فقلها بكلام فصل جزل يبعث الحماس في القلوب لا يحرك بعد ذلك اللذة والطرب والركون إلى الدنيا بهذه الصيغة الماجنة من تكسر وتخنث وميوعة قال رجل لأبي معين الحسن البصري ما تقول في الغناء فقال نعم الشيء هو توصل به الأرحام ويفعل عنده المعروف ويتسلى به المكروب، ويريد رضي الله عنه وأرضاه، من الغناء الشعر الحسن الطيب الذي يقوله الإنسان فيبعث فيه الحمية والنخوة والمروءة والشهامة ليصل رحمه ليفعل المعروف ليتسلى إذا كان حزيناً فقال السائل لا أريد هذا إنما أريد الشعر قال وما الشعر أتعرف شيئاً منه؟ قال: نعم ثم انتدفع الرجل يغني يلوي شدقيه ويلوي منخريه ويكسر عينيه ويتمايل يميناً وشمالاً قال الحسن البصري سبحان الله ما كنت أظنه أنه عاقلاً يبلغ من نفسه هذا، عاقل يفعل هذا وحال الحسن البصري كحال الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل عندما قال له قائل ما تقول في الغناء يا أبا عبد الله، فقال مثل ماذا عن أي أنواع الغناء تسأل؟ قال مثل قول القائل:

إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني *** وتخفى الذين عن خلقي وبالعصيان تأتيني

فأخذ الإمام أحمد بلحيته وأخذ يردد البيتين إذا سمي هذا عن الناس بغناء فلا يضر، هذا كما قلت يفعل عنده المعروف يحرك الشهامة والنخوة والمروءة، أشعار الزهد.

ص: 19

إذن لأشعار الجهادية الذين يزعمون أحابها أنهم سيقيمون الدولة الإسلامية بتكسر وتخنث وقلة حياءٍ ورقة وميوعة، ويقول هذه أشعار الجهاد ثم بعد ذلك محذور آخر صاحبتها آلات اللهو من دفٍ ومزمارٍ وغير ذلك من الذي أباح لكم آلات اللهو يا عباد الله، إن استحلال آلات الملاهي كفر، ومن يستحل شيئاً منها مهدد بأن ينسخ قرداً أو خنزيراً كما سيأتينا في الموعظة الآتية إن شاء الله، من الذي أباح لك أن تضرب بالدف وهو الذي رخص فيه للنساء فقط، في الأفراح والعرس، فهل جعلت نفسك امرأة، وجعلت أيامك أيضاً كلها عرساً فتضرب بالدف باسم أشعار الجهاد، من الذي رخص لك هذا، ثم بعد ذلك محذور ثالث ألا وهو أن هذه الأشعار عكف عليها الأشرار في هذه الأيام الذين يدعون إقامة دولة الإسلام عكفوا عليها وتركوا كلام الله جل وعلا، أشعار جهاد على زعمهم تكسر وتخنث يصاحبها آلات محرمة يعكفون عليها ويقولون سنقيم دولة الإسلام بذلك.

ص: 20

كنت مرة في مكة المكرمة شرفها الله وكرمها وزادها تعظيماً وبركة مع بعض إخواننا في سيارة وهو من فتن بهؤلاء وظن أن هذا يعتبر جهاداً إذا سمعه هذه الأشرطة التي فيها أغاني الجهاد يتكسر وآلات لهو فوضع الشريط في التسجيل وهو في السيارة يقودها وأنا بجوره وبدأ اللحن وقيل أيضاً أن يخرج المغني الماجن المخنث في كلامه وقصيدته شيء من اللحن في البداية وبعد ذلك بالصيغ المعروفة، قلت يا عبد الله عندك لشريط لفلانة من الرقاصات الماجنات، قال سبحان الله تسأل لماذا؟ قلت أسألك عندك شريط لفلانة قال أعوذ بالله، أنا أقتني شريطاً لهذه المفتنة، قلت أنا أنصحك نصيحة إذا كان عندك شري لها فضعه بدل هذا الشريط لتستمع إليه، قال أعوذ بالله، أنت تستمع الغناء، قلت والله ما أستمع، لكن استماعي لفلانه أخف من استماعي لهذا الأشعار، قال وكيف، قلت يا عبد الله إذا استمعنا شريط الغناء تعرف أننا عصينا الله لعلنا نتوب بعد ذلك أما جلسنا نلحد في حرمة الله ونحارب الله ونحن نزعم أننا نجاهد في سبيل الله، يا عبد الله اتق الله في نفسك، من الذي أباح لك هذا الزمر وهذا الضرب، في هذه الأشرطة تسمعها وأنت بجوار بيت الله الحرام، من الذي أباح لك هذا؟

إخوتي الكرام: أشعار جهاد في هذه الأيام حلت محل أشعار المتأخرين من الصوفية تقال بتكسر وتخنث وميوعة يصاحبها آلات اللهو ثم بعد ذلك عكفوا عليها وأعراض عن كلام الله جل وعلا، أي جهادٍ هذا؟

ص: 21

إخوتي الكرام: إن جميع آلات العزف وآلات اللهو محرمة، ولا يستثنى من ذلك إلا الدف لصنف واحد وهو النساء في أيام الأفراح والعرس وما عدا هذا فلا يباح شيء من آلات اللهو لا للنساء ولا للرجال في وقت من الأوقات، فالنساء يستعملن الدف في مناسبات حددها خير البريات عليه الصلاة والسلام، كما أباح الشارع لهن أن يصفقن في الصلاة إذا سها الإمام من أجل ألا يسمع صوتهنَّ، وهنا أباح لهن هذا ولا يجوز للرجل أن يصفق ولا يجوز للرجل أن يستعمل شيئاً من آلات اللهو، وإذا استعملها فقد غير رجولته وهو من المخنثين عند أئمتنا، يقول الإمام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) في الجزء الحادي عشر صفحة خمسة وستين وستمائة 11/665 وبالجملة فقد عرف بالأضرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالح أمته وعبادهم وزهادهم أن يجمعوا على استماع الأبيات الملحة مع ضرب بالكف وضرب بالقضيب أو الدف كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته وابتاع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأرض ولا في ظاهره.

ولا لعاس ولا لخاص ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح، وأما الرجال على لهذه فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكفٍ، بل قد ثبت عنه أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء، ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثاً، ويسمون الرجال المغنيين تخانيثاً، وهذا مشهور في كلامهم إخوتي الكرام، وأما الحديثان اللذان أشار إليهما شيخ الإسلام:

ص: 22

الحديث الأول: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال، فهو حديث صحيح ثابت في مسند الإمام أحمد والكتب الستة ورواه الإمام البيهقي في السنن الكبرى من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، وهو في المسند والصحيحين ومسند أبي داود وسنن النسائي وفي السنن الكبرى للإمام البيهقي من رواية سهل بن سعد، وثبت أيضاً في سنن ابن ماجة بسندٍ صحيح من رواية عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء التصفيق للصلاة كما رخص للرجال في التسبيح، وهو ثابت من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين في مسند الإمام أحمد ومصنف ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إذا أنساني الشيطان شيئاً من الصلاة فليصفق النساء وليسبح الرجال] ، والحديث إسناده حسن، كما في مجمع الزوائد الجزء الرابع صفحة عشر ومائة 4/110.

ص: 23

وأما الحديث الثاني في لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء فهو حديث صحيح رواه أهل الكتب الستة إلا الإمام مسلم من رواية عبد الله بن عباس، وانظروا أحاديث كثيرة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين فيها هذا المعنى في مجمع الزوائد في الجزء الثاني صفحة ثلاثة ومائة 2/103 في باب الأدب، باب في المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، فالمرأة يباح لها أن تصفق، إذا سها الإمام لتنبيهه لئلا تتكلم لأن صوت المرأة فتنة، وإذا كان صوت المرأة فتنة فما بالكم بوجهها، أنا أعجب غاية العجب كيف انعكست وانقلبت الموازين في هذه الأيام، أمرنا أن نغض طرفنا عن النساء، ونعتقد الآن مؤتمرات عن زعم المؤتمرين أنهم يبحثون في شئون المسلمين فيجلس بعد ذلك شيخ عن اليمين، وشيخ على اليسار وبينهما امرأة تدير الحلقة، تدير المناقشة سبحان ربي العظيم امرأة تكشف عن وجهها وتستقبل الجمهور والناس يستقبلونها، ثم شيخ شيعي وشيخ سني وهي بينهما في الوسط ستتوحد الأمة على النساء، سبحان ربي العظيم، امرأة تجلس لتدير ندوة، أما يوجد رجل ليدير ندوة؟ حصل قحط في الأمة، ما يوجد رجل يدير هذه الندوة، علام هذه المرأة لتدير هذه الندوة، وإذا كانت المرأة تصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام، وسها النبي عليه الصلاة والسلام بحضور الصحابة الكرام، فلا تقل سبحان الله لئلا تحرك قلوب الرجال فلتصفق ولتضرب بظاهر كفها اليمنى على ظاهر كفها اليسرى ولا داعي للتصفيق بعد ذلك بالراحلتين لتمنيه أنه حصل قلل في الصلاة وهي امرأة خلف النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة الكرام وهذه امرأة شابة جميلة تجلس بين شيخين، وتقبل على الجمهور ومن يضمن لنا حال الحاضرين، لماذا هل التحلل وهذا التقلب في هذه الأيام.

ص: 24

إذاً المرأة في الصلاة تصفق لئلا يسمع صوتها الرجال وأبيح لها ما أبيح في أوقات خاصة، وليس من حق أحد أن يبيح وأن يمنع إلا النبي صلى الله عليه وسلم حسب ما يبلغ عن ذي الجلال والإكرام، وأما الرجل فلم يبح له دف ولا غيره لا في عرسٍ ولا في غيره.

إذاً أشعار بعد ذلك تقال فيها تصاحبها هذه المزامير، هذه الدفوف، ويقال بعد ذلك أشعار جهادية، وأما القول إخوتي الكرام بأن الموسيقى إن لم تكن مثيرة فهي حلال، فغاية ما يقال على التعليق على هذا القول ن هذا رأي بشري والرأي البشري إذ ما خالف ما ثبت عن رسولنا النبي عليه الصلاة والسلام فهو وراء الظهر، وهو تحت الرجل، وكلام النبي عليه الصلاة والسلام لا يعارض بكلام أي كان، وسيأتينا في الموعظة الآتية إن شاء الله أن جميع آلات اللهو من المزامير والمعازف كلها حرام، فالقول بعد ذلك أن الموسيقى إن لم تكن مثيرة فهي حلال، فما الدليل على هذا؟ وما الدليل على التفرقة بين الموسيقى المثيرة وغير المثيرة؟ وما الذي يؤثر في هذا ولا يؤثر في هذا؟ وقد يسمع الإنسان أشنع أنواع الموسيقى على تعبيرك ويقول لا أتأثر فهي حلال، ما الضابط لذلك؟ كل هذا كلام لم يوزن بميزان الشرع فهو كلام مردود، إن هذه الفتيا كما قلت كحال من يقول إن شرب القليل من الخمر إذا لم يؤثر في الإنسان فهو حلال، وقد قال بعض القسس عليهم غضب الله ولعنته عندما قيل لهم إن الخمر عندكم في كتابكم حرام، والله يقول في الإنجيل لا يدخل الجنة سكير ولا زانٍ فقال المراد عن السكر هو الذي يشرب صطلاً من الخمر، وأما إذا شرب زجاجة أو كأساً فلا حرج، صار حالنا أيضاً يشابه أولئك، وسيأتينا نصوص النبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة التالية التي تحرم جميع آلات العزف والموسيقى وجميع آلات اللهو.

ص: 25

إذاً اخوتي الكرام: هذه الأناشيد التي فشت في هذه الأيام باسم الجهاد محذورة ممنوعة لهذه الأمور، تقال بتكسر وتخنث، يصاحبها آلات محرمة صدت الناس عن آيات الله المحكمة، فإن خلت من هذه المحذورات فهي من المباحات، بل تدخل في دائرة المستحبات إذا خلصت النيات لما فيها من شحذ للعزائم وحث على الفضائل والمكارم، وأما ما يقوله بعض الناس يقول إذاً ما البديل عن الغناء الماجن لابد من بديل؟ الجواب إن البديل ما ينبغي أن يكون بتبديل، بدلتم شرع الله الجليل باسم البديل، هنا غناء معه عزف وخنوثة وميوعة، وهناك غناء معه عزف وخنوثة وميوعة ما اختلف الموضوع. إذاً ما ميزة غنائك عن غناء أولئك، جئت تريد بديلاً فأحضرت لنا شيئاً هزيلاً، البديل أن تعود إلى ما كان عليه سلفنا الكرام عليهم رضوان الله عليهم أجمعين، ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها.

الأمر الثاني: أقول البديل ليسق تروكا للرأي، والأمر إذا أردنا أن نتحدث عن طريق عقولنا وآرائنا دون أن يؤخذ من شريعة ربنا إنه لن يكون له أثر نافع في حياتنا، والله لا يمحو الخبيث بالخبيث، ولا يمحو السيئ بالسيئ، إنما يمحو الخبيث بالطيب، ويمحو السيئ بالحسن، فإذا أردت بديلاً أعكف على أشعار تقال بجزل وفصل ينبعث الحماس في قلوب الناس دون أن يصاحبها لهو، ودون أن يصاحبها بعد ذلك ميوعة وخنوثة، ثم بعد ذلك إقبال على كلام الله عز وجل وسرد أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام التي تبعث في الأمة معاني الشهامة والنخوة والمروءة والنجدة.

ص: 26

والأمر الثالث: وأنا أقول لمن يقولون لابد من بديل، العجب لكم وعجبي لا ينتهي منكم ومتى كانوا أهل اللهو وأهل الطرب يعيشون هم الأمة تريدون أن تحركوا الأمة نحو الجهاد والكفاح ولا تريدون على زعمكم أن يشتغلوا بالتشدق والصياح فما الذي جرى منكم، تسكر وخنوثة وميوعة، فليتكم صحتم ونشدتم بغير هذه الخنوثة والميوعة، تريدون أن تحثوا الناس على الكفاح ثم جئتم بعد ذلك بهذه الأشعار تخنث وميوعة ومعها المزامير، متى كان المغني والرقاص ومن يعكف على اللهو يعيش همَّ الأمة؟ هذا حال الأمة، إن أبا سفيان كما تقدم قيل ذلك في موقفه بدر وقد أسلم بعد ذلك رضي الله عنه وأرضاه عندما انتصر المسلمون وقتل من المشركين سبعون، انظر للهم الذي يعيش، حلف أبو سفيان ألا يمس رأسه ماء حتى يثأر لأصحابه وحتى ينتقم من محمد وأصحابه وبقى ستة كاملة لا يصب على بدنه قطرة ماء حتى قاد جموع المشركين في موقعة أحد وكان ما كان، وهذا يريد أن يعيش هموم الأمة ومشاكلها يجلس بعد ذك يغني ويتخنث ويتكسر ويقول هو يعيش همَّ الأمة يا طبال ينبغي أن تبكي دماً لا دمعاً جولت بعد ذلك هذا الشعور إلى غناء والى طرب وإلى لهوٍ وتقول إنك تعيش همَّ الأمة ومشاكلها.

ص: 27

إخوتي الكرام: والله لا يحرك الأمة إلا كلام خالقها، فإذا أردنا من الأمة أن تتحرك إلى الكفاح والجهاد فلنسمع قول الله جل وعلا {فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} والله إن العاقل إذا تليت عليه هذه الآية يقول ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل، إذا أردت أن تحرك الأمة فحركها بكلام الله عز وجل:{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين *} .

أقول هذا القول واستغفر الله.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله خير خلق الله أجمعين.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، وارض اللهم عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وفرج كروبنا واقض حوائجنا يا أرحم الراحمين، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر الفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم اجعلنا من أحب الناس إليك ومن المقربين لديك وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ص: 28

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم احسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك، اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر لمن جاوره من المؤمنين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات وصل الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً.. والحمد لله رب العالمين..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

{قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد *} .

ص: 29