المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاستغاثة بغير الله - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٨٢

[عبد الرحيم الطحان]

الفصل: ‌الاستغاثة بغير الله

‌الاستغاثة بغير الله

(من خطب الجمعة)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

بسم الله الرحمن الرحيم

الاستغاثة بغير الله

7/10/94

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا..

الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما وأسبغ علينا نعمة ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير..

اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم”فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين".

"يأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون".

وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوب غلفا فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبينا عن أمته ورضي الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

"يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاُ كثيرا ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا".

"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما".

أما بعد:

معاشر الأخوة الكرام.. تقدم معنا البدعة شنيعة وخيمة في الإسلام وليتسبب عنها سوء خاتمة الإنسان وقد تدارسنا تعريفها فهي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع زعم التقرب بذلك إلى الرحمن وذلك الحدث وذلك الأمر الحادث المخترع لا تشهد له نصوص الشرع الحسان.

ص: 1

إخوتي الكرام ولا زلنا في هذا المبحث الأول من مباحث البدعة وقلت عند هذا المبحث خل فريقان من الأنام: فريق أفرط وسع دائرة البدعة، وأدخل فيها ما ليس منها وقد مضى التحذير من هؤلاء بالمواعظ السابقة واتبعته بثلاث معالم ينبغي أن نعض عليها بالنواجذ أولها: المشرع هو الله وحده لا شريك له ولهداية الإنسان كنان: 1) شرع قديم. 2) وعقل سليم.

وبينت بعد ذلك في المَعلم الثالث منزلة الاجتهاد في الإسلام. وسننتقل في هذه الموعظة إخوتي الكرام إلى الفرقة الثانية التي ضلت في تعريف البدعة حيث فركت كما أن تلك أفرطت منذ ألفت البدعة من الإسلام كُلاً أو بعضاً واخترعت في دين الله مالم يأذن به الله وزعمت أنها تتقرب بذلك إلى الله جل وعلا وسنتدارس أحوال هذه الفرقة لنحذر منها ولنُحذر الناس منها في هذه الموعظة وفي مواعظ بعدها.

إخوتي الكرام سنتدارس في هذه الموعظة تحريف المحرفين من أهل هذا الصنف الثاني اللذين ألغَوا البدعة في الدين سنتدارس تحريفهم فيما يتعلق بدعاء الله عز وجل والالتجاء إليه في السراء والضراء سبحانه وتعالى ولبيان تحريفهم لا بد من منزلة هذه العبادة ومكانتها في شرع الله المطهر ثم أُتبِّعها بعد ذلك بالبدع التي حصلت نحو هذه العبادة من اللجوء إلى غير الله.

إخوتي الكرام: إن الدعاء عبادة عظيمة لا ينبغي أن يصرفها الإنسان إلا لمن بيده مقادير الأمور وهو على كل شيء قدير، الذي خلقك وخلق كل شيء وهو الله العلي الكبير سبحانه وتعالى وقد أمرنا ربنا بذلك وأمرنا أن ندعوه وأن نلجأ إليه في جميع أحوالنا قال سبحانه وتعالى في سورة غافر: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم..الآية. إن الذين يستكبرون عن عبادتي عن دعائي والالتجاء إليّ والتذلل في جميع أهوالهم سيدخلون جهنم داخرين.

ص: 2

نعم إخوتي الكرام: إن الدعاء هو العبادة كما بين ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام ففي مسند الإمام أحمد والسنن الأربعة والحديث رواه الإمام البخاري في كتاب الأدب المفرد وهو في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وفي شرح السنة للإمام البغوي وإسناده صحيح كالشمس من رواية النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء هو العبادة ثم تلاه فداه أنفسنا وآباؤنا وأمهاتنا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ربكم إدعوني أستجب لكم..الآية.

وروى في سنن الترمذي من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه وأرضاه وقال الترمذي هذا حديث غريب ويشهد له حديث النعمان بن بشير ولفظ حديث أنس رضي الله عنه عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدعاء مخ العبادة".

خُلاصتها وغايتها وسيأتينا إيضاح ذلك وتحقيقه فإن كان هذا السند ضعيفاً يشهد له ما تقدم ويوضحه ما سيأتي معنا من منزلة الدعاء في شريعة رب الأرض والسماء.

أمرنا الله أن ندعوه وأن نلجأ إليه سبحانه وتعالى في جميع أحوالنا فقال في سورة الأعراف الآية (55-56) ”ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين "تضرعاً" تذللن واستعانة فأنتم مربوبون للحي القيوم وخفية سراً إنه لا يحب المعدين اللذين يتجاوزن في الدعاء ويجهرون ويرفعون أصواتهم بالصياح.

ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً راغبين راهبين إن رحمة الله قريب من المحسنين.

والآيات في ذلك كثيرة وفيرة تحضنا على الدعاء وتأمرنا به بل أخبرنا ربنا جل وعلا أنه لولا دعائنا لربنا لما بال بنا ولعاجل عقابنا فقال جل وعلا في آخر سورة الفرقان”قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعائكم”ودعاء مصدر إما أن يكون مضاف هنا إلى الفاعل أي لولا دعائكم ربكم والتجائكم إليه في سرائركم وضرائكم لما بال بكم وعذبكم عذاباً أليماً.

ص: 3

"قل ما يعبء بكم ربي لولا دعائكم" لولا دعائكم الله والتجائكم إليه فإذا أعرضتم عن دعائه واستكبرتم عن عبادته فسوف يكون العذاب لازماً حالاً بكم فقد كذبتم فسوف يكون لازماً وإما أن يكون المصدر مضافاً إلى المفعول والمعينان متلازمان لا ينفعك أحدهما عن الآخر لولا دعائكم فأنتم مدعون لا داعون. لولا دعاء الله لكم لتعبدوه ولتوحدوه سبحانه وتعالى لا يعبأ بكم ربي وليس لكم عنده أي شأن لولا أنه خلقكم لعبادته وتوحيده وتعظيمه سبحانه وتعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الآية.

والأمران متلازمان لولا أن الله خلقنا لعبادته وأمرنا بتوحيده وامتثلنا وقمنا بما أراد الله منا لما بال بنا ولما كان لنا أي شأن عند سبحانه وتعالى”قل ما يعبؤا بكم ربي..”الآية لولا دعاء الله لكم لتوحدوه لولا دعاؤكم الله جل وعلا في جميع أحوالكم والتجائكم إليه في سرائكم وضرائكم”قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما”فالدعاء له شأن عظيم في شريعة الله الغراء.

ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه والحديث رواه الإمام البخاري في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء".

ص: 4

أعظم العبادات وأكرمها دعاء الله والالتجاء إليه في كل وقت في السراء والضراء "ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء" وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن من أعرض عن هذه العبادة ولم يسأل ربه ولم يدعه فقد غضب الله عليه وسخط عليه وقد ثبت في المسند أيضاً وسنن الترمذي وابن ماجه والحديث في كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري أيضاً ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه والحاكم في مستدركه والبغوي في شرح السنة والإمام البزار في مسنده وإسناده صحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”من لم يسأل الله غضب غضب عليه ومن لم يدع الله يغضب عليه كلام نبينا عليه الصلاة والسلام وهذا تقرير قول ذي الجلال والإكرام "قل ما يعبؤا بكم ربي"..الآية.

فأكرم شيء على الله الدعاء ومن أعرض عن هذه العبادات غضب عليه رب الأرض والسماوات.

إخوتي الكرام: أمرنا ربنا جل وعلا أن نلجأ إليه في جميع أحوالنا وأن ننزل حاجاتنا به سبحانه وتعالى فهو ربنا لا إله غيره ولا رب سواه.

وقد ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند جيد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع”هذا الخيط الذي يربط به النعل سلهُ من ربك وسل كل صغيرة وكبيرة وفي سنن الترمذي عند هذه الرواية من مرسل ثابت بن أسلم البلاني عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله وحتى ملح عجينه".

ص: 5

نعم ينبغي أن نسأل ربنا جل وعلا جميع أمورنا وإذا سألناه فلنجزم بالسؤال ولنُلح في طلب العطاء الله كريم لا يتعاظمه شيء سبحانه وتعالى ثبت في المسند والصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم إن شئت فاعطني ولكن ليعزم في المسألة فإن الله لا مكره له، فإن الله لا مكره له لا مضاد له ولا يستطيع أحد أن يكرهه وأن يعرضن فعله فعلى تقيد أنت إجابة دعائك على المشيئة إن شئت فاعطني، قل اللهم أعطني اللهم ارزقني اللهم أغفر لي وارحمني اجزم بذلك ولا تتردد ليعزم في المسألة ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني فإن الله لا مكره له.

وثبت في الصحيحين أيضاً وفي سنن الترمذي وأبي داود والحديث في أعلى درجات الصحة من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”إذا دعا أحدكم فلا يقولن اللهم ارحمني إن شئت اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارزقني إن شئت ولكن ليعزم المسألة، ليعزم المسألة فإن الله صانع ما شاء لا مكره له، وفي رواية فإن الله يفعل ما يشاء لا مستكره له. إذاً ينبغي أن ننزل جميع حاجاتنا بربنا وأن نلتجئ إليه في جميع أمورنا سبحانه وتعالى.

إخوتي الكرام:

ص: 6

إن الدعاء له قسمان كما قرر ذلك أئمة الإسلام: القسم الأول: دعاء عبادة وهو تعظيم الله والثناء عليه والتعلق به واللهج بذكره دون أن تطلب حاجة من حاجات الدنيا الآخرة فهذا دعاء ولكن دعاء عبادة عندما تسبح وتهلل، عندما تذكر الله عندما تصلي عندما تقوم بأي عبادة أنت داعي ولكن دعائك دعاء عبادة كما قلت والإنسان عندما يلتجئ إلى الله بعبادة الله فهو سائل كما قال أئمتنا بالحال لا بالمقال لأن من عبد ذي العزة والجلال فكان لسان حاله يقول ربي أنت سيدي وأنا عبدك وأنا عبدتك وحدك لا شريك لك فيلزم من هذا أن تتولاني وأن تجعل لي من ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، وأن ترزقني من حيث لا أحتسب دعاء عبادة وهذا من العبادات العظيمة ومن أنواع الأدعية الجليلة الفخيمة.

وقد أشار إلى هذا النوع من العبادة نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده ورواه أهل السنن الأربعة إلا سنن أبي داود والحديث في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وشرح السنة للإمام البغوي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله".

ص: 7

والإنسان عندما يحمد الله يدعوا ربه دعاء عبادة وكما قلت دعاء العبادة فيه دعاء المسألة لكن عن طريق الحال لا عن طريق المقال وأفضل الدعاء الحمد لله ولما سأل سيد المسلمين أبو محمد سفيان بن عيينة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عن هذا الحديث وعن ما يشبهه كيف أعتبر هذا الذكر أفضل أنواع الدعاء فانشد قول أمية بن أبي الصلت الذي يمدح فيه عبد الله بن جدعان وقد هلك في الجاهلية وتقدم معنا أنه كان يطعم الطعام وكان يصل الأرحام لكنه هلك في الجاهلية ولما سألت أمنا عائشة نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه عن عبد الله بن جدعان وأنه كان يطعم المساكين ويصل الرحم هل ينفعه ذلك عند الله فقال نبينا عليه الصلاة والسلام كما في المسند وصحيح مسلم لا إنه لم يقل يوماً ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين.

وتقدم معنا هذا الحديث فيه مواعظ قريبة ماضية إذاً لما سُئل سيد المسلمين أبو محمد سفيان بن عيينة عن هذا الحديث وعما يشبهه كيف اعتبر هذا من الدعاء”أفضل الدعاء الحمد لله أنشد قول أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان قال:

أأذكر حاجتي ام قد كفاني

حبائك إن شيمتك الحباءُ

إذا أثنى عليك المرء يوماً

كفاه من تعرضه الثناءُ

حبائك: عطائك وكرمك وجدك إن شيمتك الحباءُ، إذا جاء أحد يثني على عبد الله بن جدعان فيكفيه الثناء عن السؤال فهذا الثناء يبرر قضاء حاجته عند هذا الكريم الجواد الذي هو بشر من الخلق فكيف بالكريم الجواد، بالخالق سبحانه وتعالى وأفضل الدعاء الحمد لله وافضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله هذا دعاء كما قلت دعاء عبادة والإنسان يسأل بحاله لا بمقاله.

ص: 8

الدعاء الثاني: دعاء مسألة وهو أن تسأل ربك بلسانك قضاء حوائجك وأن تطلب منه الخيرات في العاجل والآجل في الدنيا وفي الآخرة هذا دعاء مسألة وقد أمرنا الله به، كما أمرنا أيضاً بدعاء العبادة سبحانه وتعالى أمرنا أن نسأله فقال جل وعلا كما في سورة النساء”ولا تتمنوا ما فضل الله به

وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما”الآية32 وقد ثبت في سنن الترمذي ومعجم الطبراني الكبير بسند حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسئل وأعظم العبادة انتظار الفرج، وسلوا الله من فضله فإن الله كان بكل شيء عليما".

إخوتي الكرام:

إن الله يحب أن يسئل كما تقدم معنا من ترك له سؤاله فقد غضب الله عليه وما ذلك إلا لأن هذا السؤال، لأن هذا الدعاء هو العبادة بل مخ العبادة وروحها وغايتها وغاية العبادة تعظيم الله جل وعلا هذا حصل في الدعاء المراد من العبادة أن يتذلل المخلوق لخالقه وهذا موجود في الدعاء، إن الإنسان عندما يدع ربه يتعرض لنفحات الله فهذا الدعاء مفتاح لقضاء الحوائج والله كريم يحب أن يجود ويحب أن تعطي فبالدعاء تعظم الله وبالدعاء نتذلل لله وبالدعاء نتعرض لنفحات الله ولذلك كان الدعاء هو العبادة وكان الدعاء مخ العبادة.

نعم إخوتي الكرام: إن الدعاء فيه تعظيم عظيم لربنا العظيم سبحانه وتعالى وكيف لأن من يسأل ومن يدعوا يدعُ موجود ولا يدعُ مفقود فأنت عندما تسأل الله تقر بوجوده سبحانه وتعالى وأنه هو خالق كل شيء وربه ومليكه وعندما تسأل الله تقر بغناه فالإنسان لا يسأل فقيراً معدوماً وعندما تسأل الله تقر بكرمه فالإنسان لا يسأل بخيل شحيح وعندما تسأل الله تقر بثبوت السمع له فهو يسمعك سبحانه وتعالى من سمعه الأصوات سبحانه وتعالى عندما تسأل الله تقر أيضاً برحمة الله جل وعلا ورأفته ورحمته فهو الذي يعطف عليك ويحسن إليك ويجيب سؤالك.

ص: 9

وعندما تسأل الله تقر بقدرة الله جل وعلا فهو قادر على أن يصرف عنك السوء وأن يجلب إليك الخيرات والبركات هو رب الأرض والسموات في الدعاء تعظيم الله في الدعاء تذلل لله هذا الدعاء مفتاح الحوائج فينبغي أن نكثر منه.

إخوتي الكرام:

وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن تعرف هاتين العبادتين: دعاء العبادة ودعاء المسألة لمن يستحقها وهو الله الذي بيده مقاليد كل شيء وهو الله الذي خلق كل شيء أما العبادة فلا يجوز أن يعرف لغير ربنا”فمن يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحد”إن العبادة من مقتضى الألوهية، ألوهية الله جل وعلا فإن كان الله إلهاً ينبغي أن يُعبد وحده لا شريك له وأما الدعاء والمسألة فينبغي أن تعرف إلى الله "الذي بيده مقاليد كل الأمور وهو على كل شيء قدير وهذا من مقتضى ربوبيته" إياك نعبد وإياك نستعين فنستعين بالله ونلجأ إليه بسؤالنا ودعائنا وقضاء حاجاتنا ونعبده وحده لا شريك له والدين كله تحت لفظ الدعاء من دعاء العبادة ودعاء المسألة "إياك نعبد وإياك نستعين".

نعم لا نصرف سؤالنا إلى غير ربنا كما نصرف عبادتنا لغير ربنا وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من أن نعرف شيء من الدعاء إلى غير رب الأرض والسماء وأمرنا أن نلجأ إلى الله جل وعلا في جميع الأحوال في السراء والضراء.

ثبت في المسند وسنن الترمذي والحديث رواه ابن حبان في المستدرك والإمام الضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة ورواه الإمام الطبراني في مسنده وأبو يعلى في مسنده والحديث رواه أبي عاصم في السنة ورواه الإمام أبو نعيم في دلائل النبوة وهو صحيح وإسناده ثابت كثبوت الشمس في رابعة النهار من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا غلام إني أعلمك بكلمات

.الحديث.

ص: 10

نعم إخوتي الكرام: إن المخلوق إذا أنزل حاجته لمخلوق، إن المخلوق إذا سأل مخلوق فقد خرج عن صراط الله المستقيم وسؤاله هذا له عدة أحوال: الحالة الأولى سؤال المخلوق مخلوقاً يكون تارة شركاً يخرجه من الملة وهو من الكافرين المخلدين في نار الجحيم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ويكون إذا التجأ مخلوق إلى مخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله فطلب من مخلوق أن ينزل الغيث وطلب من المخلوق أن يرزق زوجته ولداً ذكراً وطلب من المخلوق أن ينجيه من النار وطلب من المخلوق أن يؤجل عنه الموت إذا حضر وطلب، وطلب كل هذا كما قلت سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فيما هو من خصائص الله إن هذا يعتبر تركاً بالله جل وعلا.

وقد أشار الله جل وعلا إلى هذا في كتابه في آخر سورة يونس فقال: "ولا تدعو من دون الله

الآية" فإنك إذا من الظالمين: والمراد بالظلم هنا الشرك إن الشرك لظلم عظيم ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ولا تدعه في كشف ضر وكرب لايمكن أن يكشفه إلا الله ولا تدعوا من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يرك بخير فلا راد لفضله

.

ص: 11

وقد أشار ربنا جل وعلا إلى حماقة وتفاهة من يلجأ إلى غير الله ويدعو غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فأخبر أن من يدعو من دون الله من الملائكة والنبيين والصالحين إن هؤلاء ينافسون في طاعة رب العالمين ولا يملك كل واحد منهم لنفسه نفعاً ولا ضراً إنما هم في قبضة رب العالمين يقول الله جل وعلا مقرراً هذه الحقيقة في سورة الإسراء”قل ادعو الذين زعمتم من دونه..الخ أولئك الذين يدعون يعبدهم الخلق من دون الحي القيوم هؤلاء الذين يعبدونهم من أهالي البشر ومن الملائكة الأطهار على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله وملائكته صلواته وسلامه هؤلاء الذين تعبدون من دون الله لصلاحهم هم يعبدون الله ويتنافسون الحضوة لديه وحصول المنزلة عنده سبحانه وتعالى "أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة..الآية".

والآية نازلة في فريق من الإنس كانوا يعبدون فريق من الإنس كانوا يعبدون فريق من الجن في الجاهلية فلما بُعث نبينا خير البرية عليه صلاة الله وسلامه أمن أولئك الجن فبقي الإنس على عبادتهم فأنزل الله هذه الآية يعيرهم بمسلكهم ويذم فعلهم.

كما ثبت في صحيح البخاري ومستدرك الحاكم والأثر كما قلت في صحيح البخاري وهو في تفسير الطبري وسنن سعيد بن منصور ومصنف ابن أبي شيبة وراه ابن أبي حاتم في تفسيره وابن المنذر في تفسيره وابن مردوية في تفسيره وهو في معجم الطبراني الكبير ودلائل النبوة للإمام البيهقي وكما قلت إن الحديث في صحيح البخاري فهو صحيحٌ صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: "كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن فأسلم الجن وبقي الإنس على عبادتهم فأنزل الله هذه الآية يعيرهم بها فقال أولئك الفريق يدعون

الآية.

ص: 12

خلاصة الكلام أن من لجأ إلى إنسان في دفع ضر لا يقدر عليه إلا الرحمن لجأ إلى إنسان في جلب نفع لا يقدر عليه إلا الرحمن وليس هذا في وسع الإنسان فطلب منه ما ليس في وسعه ولم يجعل الله للبشر قدرة عليه من لجأ إليه في ذلك فقد أشرك بالله، لجأ إليه في مغفرة دنب في إنزال غيث في إخراجه من النار في، في..من لجأ إلى مخلوق في ذلك فقد حرف حق الخالق إلى المخلوق وأشرك بالله جل وعلا وهذا النوع الأول من أنواع سؤال المخلوق.

النوع الثاني: أن يسأل المخلوق في إمكان المخلوق أن يفضي حاجته وذلك المطلوب فيما هو في وسعه ومما أقدره الله على فعله فما حكم السؤال في هذا الحالة لذلك حالتان إخوتي الكرام الحالة الأولى: أن تلجأ إلى مخلوق فيما يقدر عليه مما أمرت باللجوء إليه وأمر هو أيضاً بأن يقضي حاجتك فهذا اللجوء محمود وإن كان في ظاهرة الذل ولكنه محمود وأمرنا به وهذا يكون في حالة واحدة إذا لجأت إلى مخلوق تطلب منه نفعاً فيما يتعلق بأمر الآخرة ليرشدك إلى علم نافع تعبد به ربك على بصيره فعندما تسأل أهل الذكر عن أمور الحلال الحرام هذا السؤال قد سأل المخلوق مخلوق والسؤال ذل ولو إلى أين الطريق لكن هذا الذل ينتج عنه العز ولا خير عليك في سؤال هذا المخلوق وليس هذا من باب الذل لذلك المسؤول عندما يجيب ولا يتضرر ولا ينقص ما عنده فأنت لا تضجره ولا تلح عليه بذلك ولا تؤذيه بل إنك تنفعه عن طريق تحصيل الأجر وعن طريق تثبيت العلم في نفسه فالمال ينقص بالإنفاق والعلم يزكوا بالإنفاق وعليه لا معرة ولا مفرة عليك في هذا السؤال بل أمرنا به وهذا ما أجمع عليه أئمتنا ونص عليه ربنا في كتابه فقال سبحانه: "فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".

ص: 13

وثبت في المسند والسنن الأربعة ومستدرك الحاكم من رواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سُئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار والحديث صحيح وروى من طريق متعددة عن عدة من الصحابة الكرام رواه الإمام ابن ماجه في سننه عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري ورواه الحاكم عن عبد الله بن عمرو ورواه الإمام الطبراني في معجمه الكبير وغيره من طريق عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سُئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار. هذا سؤال المخلوق مخلوقاً لا مضرة فيه عند المسؤول ولا ينقص ما عند المسؤول وأنت أمرت بهذا السؤال فهذا مما يقدر عليه المسؤول ومما أمرت به أن تفعله ولا خير عليك في فعله بل أنت تثاب على القيام به، فهذا مما يقدر عليه المخلوق ولا يتضرر به المسؤول فينبغي أن نقوم به وأن نسأل أهل الذكر كما أمرنا ربنا جل وعلا سؤال المخلوق مخلوقاً فيما يقدر عليه ولا يتضرر بالإجابة عليه ولا يتضرر بقضاء حاجته السائل ولا ينقص المسؤول ما عنده فسئل فأنت تتسبب في تحصيل الخير لك وللمسؤول وعلمه بعد ذلك يتثبت عندما يجيب مع ما يحصل له من الأجر عند الله القريب المجيب.

الأمر الثاني: أن يسأل المخلوق مخلوقاً فيما يقدر عليه لكن المسؤول يتضرر لأنه سيُخرج ما عنده وما بين يديه وهذا يكون في الأمور الدنيوية فالسؤال في هذه الحالة له حالتان:

1) أن تسأل مخلوقاً مثلك عرضا من عروض الدنيا ومتاعاً من متاعها وشيء من حاجتها وأنت في غنى وفي كفاية وفي ستر وفي صيانة فهذا السؤال حرام وإن لم يكن شرك بالرحمن لكنه حرام، حرام وسيأتي يوم القيامة وليس في وجهه نزعة لحم إذا سألت وعندك ما يكفيك كما أجبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم.

ص: 14

ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وصحيح ابن حبان صحيح ابن خزيمة من رواية سهل بن الربيع الحنضلية من الأنصار الأبرار رضوان الله عليهم أجمعين والحديث صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم فقال الصحابة الكرام يا رسول الله وما يغنيه ما المقدار الذي لا يجوز أن يسأل إذا كان عنده ذلك المقدار قال قدر ما يفديه ويُعشيه. فإذا ملكت غذائك وعشائك فلا يجوز أن تسأل غير الله شيء يتضرر المسؤول عنه وإذا سألت فإنما تستكثر من جمر جهنم هل تملك حياتك إلى الغد يا عبد الله؟ عندك ما يغديك، عندك ما يعشيك احمد الله، ورزق غداً سيأتي به رب الغد سبحانه وتعالى وهو رب الزمن الماضي والمستقبل والحاضر ورب كل شيء.

ص: 15

وثبت في الصحيح وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه نزعة لحم أي قطعة لحم يحشر يوم القيامة عظاما لا يكسى وجهه بجلد ولا بلحم من أجل أن يفتضح ويظهر قلة حياءه أمام العباد عندما أراق ماء وجهه إلى مخلوق مثله وأنزل حاجته بهذا العبد الضعيف ولم ينزل حاجته بالله الغني اللطيف سبحانه وتعالى. الحالة الثانية: أن يسأل المخلوق مخلوقاً في وسع ذلك المخلوق قضاء حاجته كما قلت والمسؤول ينقص ما عنده عندما يخرج ما بين يديه لكن السائل بحاجة فإذا ما سئل سيهلك ويتلف ويعطب فيباح له السؤال وتركه أولى ليموت ولا يسأل مخلوق فهذا أعزله في الدنيا وفي الآخرة لكن إن سأل في هذه الحالة وما عنده كسرة خبز يسد بها جوعته فهل يباح له السؤال وليس عنده ما يغديه ولا ما يعشيه لكن لو صبر حتى مات وما أراق ماء وجهه لغير ربه لكان أعز له في الدنيا والآخرة إنه إذا صبر في هذه الحالة فهو خير له لماذا لأن وصف السؤال مذموم إلا في الحالة الأولى التي تقدمت معنا أن تسأل مخلوق لا يتضرر في إعطاء سؤالك ولا ينقص ما عنده وقد أمر بأن يجيبك وقد أمرت أن تسأل فيما يتعلق بالإرشاد لأمر الآخرة وأما في أمر الدنيا فهذا في الحقيقة فيه امتهان للإنسان لا ينبغي أن يسلكه لثلاثة أمور كما قررها أئمتنا الكرام أنظروها في مدارج السالكين للإمام ابن القيم المجلد الثاني ص232 فما بعده وأنظروها في فتاوي ابن تيمية الجزء الأول ص92 فما بعده ونعم ما قالاه وهذا الذي يقرره أئمة الإسلام سؤال المخلوق مخلوقاً مع حالة الاحتياج مباح وتركه أولى لثلاثة أمور:

ص: 16

الأمر الأول: أنت عندما تسأل مخلوق مثلك تعتدي على حق الله جل وعلا فالله أمرنا أن نسأله وتقدم معنا ما في السؤال من معنى يدل على أنه موجود، يدل على أنه غني يدل على أنه كريم على أنه سميع على أنه رحيم على أنه سبحانه وتعالى كريم قادر هذه كلها المعاني لا يجوز أن تعرف لغير الله، فينبغي أن ينزل المخلوق حاجاته بخالقه فإذا سألت مخلوق مثلك اعتديت على حق الله جل وعلا لكن بما أنه رخص لك السؤال فلا إثم عليك لكن ترك هذا أولى.

الأمر الثاني: اعتديت على هذا المسؤول من المخلوقين لأن ما يملكه المخلوق عزيز عنده ومحبوب لديه وأنت تريد أن تنزع هذا من بين يديه فقد أضجرته وآيته بسؤالك وأما أن يعطيك فيتضرر بخروج ما عنده وأما أن يعتذر فيقع في يوم العتاب وأنت أضجرت المخلوق فهذا فيه ظلم لهذا المخلوق وأنت أيضاً امتهنت نفسك ودسستها عندما سألت مخلوق لا يملك لنفسه فضلاً عن غيره نفعاً ولا ضراء فكيف لجأت إلى غير الله الذي بيده خزائن السماوات والأرض كيف لجأت إلى غير هذا الغني الكريم الوهاب سبحانه وتعالى لكن كما قلت إذا سأل في هذه الحالة إذا سأل فلا حرج إذ أن سؤال المخلوق مخلوقاً له هذه الأحوال على التفصيل تنقسم إلى أربعة أمور:

الأمر الأول: أن يسأل المخلوق مخلوقاً فيما لا يقدر عليه إلا الخالق هذا شرك وخروج من حضيرة الإسلام.

الأمر الثاني: أن يسأل المخلوق مخلوقاً فيما يقدر عليه المخلوق ولا يتضرر المسؤول في إجابة السائل وهذا يكون كما قلت في تعليم العلم فهذا محمود ومطلوب من السائل والمسؤول أن يشتركا في هذا الأمر.

الأمر الثالث: أن يسأل المخلوق مخلوقاً مثله فيما يقدر عليه ولكنه في غنى عن سؤاله فهذا حرام وإن لم يكن شركاً بالرحمن.

ص: 17

الأمر الرابع: أن يسأل المخلوق مخلوقاً فيما يقدر عليه لكنه بحاجة لسؤاله فيباح له السؤال والتعفف أولى وهذا ما كان يرشد إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ويعلمه أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. ثبت في المسند وصحيح مسلم والسنن الأربعة إلا سنن الترمذي والحديث كما قلت في صحيح مسلم من رواية عوف ابن مالك رضي الله عنه وأرضاه قال:”بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن ستة أو سبعة أو ثمانية وفي رواية المسند وفي صحيح مسلم ونحن سبعة أو ثمانية أو تسعة بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال في نفس المجلس ألا تبايعون؟ فقلنا قد بايعناك يا رسول الله فقال ألا تبايعون الثانية قلنا قلنا قد بايعناك يا رسول الله على ما نبايعك قال ألا تبايعون الثالثة قال فمددنا أيدينا وقلنا نبايعك يا رسول الله على ماذا قال على أن تعبدوا الله وحده لا شريك له (يقرر أمر البيعة الثانية) وأن وأسر كلما قالها حفية من أجل ينبهوا لها ولمدلولها ولأثرها وأسر كلمة فقال وأن لا تسألوا الناس شيئاً قال عوف ابن مالك فلقد رأيت أولئك النفر سقط السوط من أحدهم من يده فلا يقول لصاحبه ناولني إياه لا يقول ناولنيه. فإذا أخذ أحد ذلك السوط وناوله لمن سقط منهلا يأخذه منه حتى يضعه في الأرض فيأخذه مرة ثانية لأجل أن لا يستعين أحداً بغير الله جل وعلا وألا تسألوا الناس شيئاً.

ص: 18

وثبت في مسند الإمام أحمد ومستدرك أبي عبد الله الحاكم والحديث في السنن الأربعة إلا سنن الترمذي من رواية ثوبان مولى نبينا وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال من يقبل لي بواحدة أقبل له بالجنة وفي رواية من يتكفل لي بواحدة أتكفل له بالجنة ويقبل من القَبَالة والقُبالة بضم القاف وفتحها بمعنى الكفالة فعليه الرواية الأولى بمعنى الثانية من يكفل لي بخصلة أتكفل له بالجنة قال ثوبان أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تسأل الناس شيئاً انتبه لهذه الخصلة فما سئل ثوبان أحداً بعد هذا الكلام من نبينا عليه الصلاة والسلام حتى كان إذا سقط صوته لا يقول لأقرب الناس إليه ناولنيه.

ص: 19

وثبت في مسند الإمام أحمد عن ابن أبي مليكة تقدم معنا حالة في مواعظ سابقة وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ثقة. ثبت إمام عدل صالح ورع عابد توفي سنة 118هـ يقول ابن أبي مليكة كان أبو بكر رضي الله عنه على ناقته فانفلت خطام الناقة من يده فأناخ الناقة ونزل فأخذه الخطام فقال له الصحابة الكرام هلا أمرتنا يا خليفة رسول الله أن تناولك هذا الخطام قال إن حبي إن خليلي يعني نبينا صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً والأثر كما قال الإمام الهيثمي في المجمع رجاله ثقات أثبات لكن ابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر الصديق وأدرك غيره من الصحابة كما قلت أدرك ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت هذا المعنى في المسند بسند جيد رجاله ثقات عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن لا يسأل الناس شيئاً فكان إذا سقط السوط من يده لا يقول لصاحبه ناولنيه. إذاً فهناك جماعة بويعوا وهذا ثوبان وهذا أبو بكر وهذا أبو ذر كلهم يأخذ عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم العهد ألا تسألوا الناس شيئاً وأن احتاجوا فالصبر أنفع للإنسان في العاجل والآجل ولو أنه مات كان ماذا لو أن إنسان نزل به الضر ثم ما سأل بعد ذلك حتى مات كان ماذا ولا شيء عليه ولا حرج. نعم إذا كان عنده طعام وامتنع عن أكله دخل النار لكن ليس عنده طعام ولا يريد أن يريق ماء وجهه ولا يريد أن يتذلل لغير ربه قال أصبر حتى أموت، نعم مافعل وهذا خير له في الدنيا والآخرة.

ص: 20

إخوتي الكرام: هذا هو منزلة الدعاء وهذا هو شأن هذه العبادة في الإسلام وكما قلت عند النوع الأول صرف عبادة الدعاء فيما لا يقدر عليه إلا الله إلى مخلوق صرف هذا يعتبر شركاً بعد هذا ينبغي أن نعود إلى تحريف المحرفين وهوس المهوسين في هذا الحين الذين ألغو البدعة من الدين وعبدوا الله على آرائهم وهم يعبدون أنفسهم والشياطين ويزعمون أنهم يعبدون رب العالمين يقول هذا الفريق الذي انتشر في هذا الوقت في أمكنة كثيرة إن الصالحين لهم شأن عظيم عند رب العالمين في حال حياتهم وفي حال موتهم ولا نزاع في هذا الأمر ولكن أنظر لتلبس الشيطان عليهم وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن نلجأ إليهم في قضاء الحاجات ودفع الكربات وإنجاب الأولاد وإنزال الغيث وغير ذلك سواء كانوا في حال الحياة أو في حال الممات بل تقول بعض هؤلاء السفهاء من المنحرفين إن اللجوء إلى الأموات هذا أعظم حتى من اللجوء إلى الحي لأن الميت صار لروحه سلطان مطلق ثم زوّار وما شاء لهم الشيطان وزين لهم أن يُزوّرو. وبسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا روي في الحديث وفي الأثر "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور" وهذا بلا شك من كلام أهل الزيغ والضلال والثبور وهذا كلام كذب وزور ولم يقله رسول الله الطيب المبرور إنما الحق المزبور أن يقال إذا أعيتكم الأمور فالجأوا إلى العزيز الغفور الذي بيده مقاليد الأمور.

وقال بعض هؤلاء السفهاء ممن ينسبون أنفسهم إلى الصوفية: "قال الناس يلجأون إلى الحي وأنا ألجأ إلى الميت وإذا خذلك الله ولعنك وغضب عليك كان ماذا!! وهل أنت حجة في دين الله وعلى عباده وألجأ إلى الأموات لأن هؤلاء لهم تصرف وأرواحهم سلطان مطلق وقال من ينتمي إلى هذا الأمر".

ص: 21

عبد القادر يا جيلاني..يا متصرف في الأكواني..أنا جيتك لا تنساني. أما الشيخ عبد القادر والله نتبرك بذكر اسمه ونتقرب إلى الله جل وعلا بحبه نسأل الله أن يشفعه فينا يوم الدين وأن يجمعنا معه وعبادة الصالحين فهو شيخ الإسلام وسنتكلم في هذا فيما بعد إنما نقول لهؤلاء الغوغاء من مخرفي الصوفية ولا أعني أن كل من ينتسب إلى التصوف كذلك ففيهم صالحون سابقون مقربون وفيهم مقتصدون ينتسب إلى التصوف كذلك ففيهم صالحون سابقون مقربون وفيهم مقتصدون ينتسب إلى التصوف كذلك ففيهم صالحون سابقون مقربون وفيهم مقتصدون على الطريق الميمون فيهم ظالم لنفسه عاصٍ لربه انتسب إليهم أناس من أهل البدع والزندقة والإلحاد فينبغي أن نضع كل واحد في موضعه. إن الشيخ عبد القادر الذي توفي سنة561هـ من سيد في الإسلام بلا نزاع.

ص: 22

ويكفي أن ابن قدامة يقول إن الشيخ عبد القادر يكفي طالب العلم من قصد غيره مما اجتمع عنده من العلوم وسأذكر شيء من أحوال هذا العبد الصالح لكن إذا كان هذا العبد صالحاً تقياً ولياً لا يجوز أن نجعله نداً لله ولا يجوز أن نُشرك بينه وبين الله لله حق إياك أن تصرفه إلى غيره ولأنبياء الله حق إياك أن تصرفه إلى غيرهم ولأولياء الله الصالحين حتى نعطى كل ذي حق حقه. السؤال فيما لا يقدر عليه إلا الله لا يجوز أن يُصرف إلا إلى الله أما عبد القادر يا جيلاني

يا متصرف في الأكوان

من الذي صرفه في الأكوان من..الله يقول لخير رسله محمد ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. فلا بد من بيان مرحلة ومكانة الربوبية والألوهية ومنزلة النبوة ومنزلة الولاية وأن لا نصرف حق واحد من هؤلاء لغيره. أنا جيتك لا تنساني يا عبد الله هلا قلت يا رب العالمين أنا عبدك أسألك أن تفرج كربي وأن تقضي حاجتي وهكذا ما يقال أيضاً في حق الشيخ الصالح أحمد الرفاعي وهو شيخ صالح نتقرب إلى الله بحبه وقد توفي سنة578هـ بع الشيخ المبارك شيخ الإسلام عبد القادر بقرابة 16سنة وهو من شيوخ الإسلام. لكن الغلو فيه من قِبل من ينسب إليه حرام في الدين وشرك رب العالمين وعليه مايعد له هؤلاء المهوسون مدد مدد يا رفاعي ثم بعد ذلك يقول راع المدد يا أحمد..حين الطلب لبيّني ومن هذا الكلام. اتق الله أيها الإنسان الشيخ أحمد الرفاعي سيحدك ويراعي المدد ولا يغفل عنك ويلبيك حين طلبك هلا لجأت إلى الله من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

إخوتي الكرام:

ص: 23

لابد من وضع الأمر في موضعه فالجأوا إلى هذا العبد الصالح وإلى ذاك أو إلى غيرهم وطلب المدد منهم وطلب تفريج الكروب منهم شرك بالله وخروج من دين الله لا بد من وضع الأمر في موضعه كنت مرة في بلاد مصر فضاقت عليّ بعض الأمور فجاءني بعض أهل الزيغ والثبور وإذا رأيته تقول لعله بشرا كحافي أو سفيان الثوري قال أنا أرشدك إلى طريق الفرج قلت وما هو قال تذهب إلى قبر الحسين الذي هو في مصر وما الذي أخذ الحسين إلى مصر إذ قتل في كربلاء وأخذ رأسه إلى بلاد الشام وقيل أعيد بعد ذلك ودفن في البقيع الطاهر المبارك فما الذي أخذه إلى مصر والقاهرة كلها ما وجدت إلا في القرن الثالث الهجري ما كان هناك شيء يسمى القاهرة كل هذا مما حصل وبني بعد ذلك فما الذي أخذ سيدنا الحسين إلى هناك. وعلى التسليم بأنه هناك هل يجوز أن تطوف بقبره وأن تلجأ إليه في كشف ضرنا وقضاء حاجاتنا هل يجوز؟ قال تذهب إلى قبر الحسين وتطوف سبع سبعات يعني 49 شوط هذا لازم وتكرر في طوافك. من أمكم في حاجة فيكم جُبر

.ومن تكونوا ناصريه ينتصر وقل لا نتهي من الأشواط إلا تقضي حاجتك.

إخوتي الكرام:

ص: 24

المعتمد أن الذي في ذلك المكان وهو في المشهد الحسيني قبر يهودي وتلك الحارة يقال لها الآن حارة اليهود والدولة الفاطمية الملحدة المجوسية اليهودية تنبت ذلك المشهد على غير يهودي ثم قالت هذا قبر الحسين. لكن على التسليم أنه هناك هل يجوز أن نلجأ إليه في كشف الضر، هو الله رب العالمين قلت يا عبد الله قل ما حدث في مشكلة مادية لا يراد منها إلا منفعة دنيوية في موضوع شهادات ومناقشات وما شابه هذا. يا عبد الله يعني كون الإنسان لجأ إلى مخلوق من أجل قضاء هذه الحاجة الدنيوية يعني لكان ذلك مذلة فكيف بعد ذلك تلجأ إلى ميت تطلب منه تفريج هذا الكرب وتستغيث به في قضاء هذه الحاجة يا عبد الله أنت ما عندك دين يردعك تريد مني أن أشرك بالله فما كان منه إلا أن قال أنتم لا تحبون الأولياء أنتم لا تسلمون بكرامات الأولياء فقلت له والله لا يقر ويعترف بكرامات الأولياء إلا أهل السنة الكرام أما الحب فحقيقة نحبهم لكن نقصر في حبهم تقصيراً لا يعلمه إلا الله أما غنا لا نحب ولا نقر بكراماتهم هذا افتراء وليس هذا من حبهم والإقرار بكراماتهم أن نطوف بالقبر وأن نلجأ إليه في كشف الضر إن هذا لا يجوز يا عبد الله اتق الله في نفسك.

ص: 25

إخوتي الكرام: وقد اشتط بعض المتأخرين من الصوفية شططا لعلهم ساروا فيه شطط النصرانية إن لم يزيدوا فقالوا يوجد هناك دولة حنفية محمدية كما يوجد دولة ظاهرة إسلامية فعندنا خليفة ظاهري وهو السلطان والإمام وعندنا خليفة خفي وهو القطب والغوث وهذا القطب والغوث خليفة الله جل وعلا وإن أردت أن تذكر ما يساويه عند النصارى فهو (البابا تمن أو تمام) هذا القطب أو الغوث مسكنة مكة أو اليمن. يخرفون فكل واحد يقول ما شاء يقول وله بعد ذلك أربعة هؤلاء الأربعة هم أوتاد في كل زاوية من زوايا الأرض واحد وله بعد ذلك ثلاثون يقال لهم أبدال. يتبدلون من حال إلى حال ومن ذكورة إلى أنوثة ومن وجوده في قطر إلى وجوده في بلاد الشام إلى الصين إلى الهند في لمح البصر يتبدل إبدال ثلاثون وبعد ذلك يلي هؤلاء خمسمائة هم أفراد الدائرة هؤلاء الخمسمائة وثلاثون وأربعة هؤلاء يجتمعون في الصلوات الخمس في غار حراء ويصلي فيهم القطب الغوث الذي هو خليفة النبي صلى الله عليه وسلم خلافة كاملة فإذا حان وقت الصلاة تطاير هؤلاء من أرجاء الأرض وصلى بهم هذا القطب الغوث في غار حراء وإذا سأل العباد ربهم حاجة من الحوائج تُرفع إلى الخمسمائة فإن رأو فيها صلاحاً رفعوها إلى الثلاثين فإن رأو فيها صلاحاً رفعوها إلى السبعة فإن رأو فيها صلاحاً رفعوها إلى الأربعة فإني رأو فيها صلاحاً رفعوها إلى القطب الغوث فلا يحرك الغوث القطب رأسه حتى تقضي حاجة العباد نعوذ بالله من هذا الضلال ومن الذي نص على هذه الوسائط بيننا وبين من هو أقرب إلينا من أرواحنا التي تسري في ذراتنا سبحانه هو معنا حيثما كنا هل يحتاج إلى خمسمائة ينوبون عنه يوصلون إلى الثلاثين إلى سبعة إلى أربعة إلى الواحد. أمر العباد موقوف على هذا الواحد.

ص: 26

إخوتي الكرام: وهذه المصطلحات الباطلة من القطب والغوث ومن الأوتاد ومن الإبدال ومنهم أفراد الدائرة وهم الذين يسمونهم بالأفراد والنجباء كل هذا لم يرد له ذكر في شريعة ربنا شريعة الله المطهرة إلا لفظ الإبدال لكن على غير المفهوم عند هؤلاء الضُلال وسأذكر إن شاء الله ما يتعلق بلفظ البدل وما المراد منه لأنه وردت الإشارة إلى الإبدال في الأحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أبين هذا بعون الله في الموعظة الآتية وأُكمل خطوات البحث إن أحيانا الله نسأل الله إن أحيانا أن يُحيينا على الإسلام وإن أماتنا أن يُمتنا على الإيمان إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين أقول هذا القول وأستغفر الله. الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وأشهد أن نبينا محمد عبد الله ورسوله خير خلقه اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

عباد الله إننا نعيش في زمن غربة نشكو فيه حالنا إلى ربنا جل وعلا إذا كان العبد الصالح شيخ الإسلام يونس بن عبيد صاحب الدعاء المستجاب الذي توفي سنة139هـ من رجال الكتب الستة.

ص: 27

إذا كان هذا العبد يقول والله لو أدرك الصالحين فينا لقال الصالحون الذي هم قبلنا عن الصالحين الذين في القرن الثاني لقالا ما عند هؤلاء من الخلاف يقول ولو أدركوا شرارنا لقالوا إنهم لا يؤمنون بيوم الحساب فماذا يقول يونس بن عبيد لو رأى من ينتسب إلى الصلاح منا ومن يعترف بالشر فينا إذا كان الصالح في زمانهم إذا رأي الصالح المتقدم في زمن الصحابة يقول هذا ما عنده من خلاق والشرير يقولون هذا لا يؤمن بيوم الحساب يقول هذا العبد الصالح في القرن الثاني يقول في زمن من عرف السنة إذا عرفته بها فهو غريب يجهل السنة بجهل الحق يجهل الهدى إذا عرفته به فعرفه فهو غريب لكن هذا الغريب فمن الأغرب يقول الأغرب منه الذي يدعوا إلى السنة وحقيقة من تأمل أحوال الناس وإلى الله نشكو أمورنا من تأمل أحوالنا يرى وضع الناس وأهوائهم فإذا تكلمت عن قضية من القضايا وهي حق وما راقت لذاك الإنسان يولي ويعرض وتتكلم بعد ذلك بلسانه ولا يراقب ربه وإذا تكلمت عن قضية أخرى ما راقت لصنف آخر لاختلاف المشرب عاملك كمعاملة الأول وولاي واعرض وتكلم كلاماً أشنع من كلام الأول وكأن دين الله ينبغي أن يتبع الهوى هوى فلان وفلان. وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

ص: 28

كنت مرة في بلاد الشام وجرى بيني وبين بعض الإخوة الكرام كلام في قضية من القضايا وظاهرة من أهل الخير وممن له شأن وكما قال يحمل الشهادات التي هي في أرفع المستويات يحكي لي قصة وقال أنا على يقين أنك لن تؤمن بها قلت وما هي قال أنا على علم أنك لن تقر بكرامات الأولياء قلت لعنة الله على من ينكر كرامات الأولياء لكن حدد لي الأمر الذي ستذكره هل هو كرامة أم افتراء. فحكى لي القصة إن لم تكن مكذوبة ففيها تأويل ثاني أذكره بعد سردها خلاصتها يقول كان بعض الناس يقود باص يسع 60 راكب وزيادة يقول وهو نازل في منحدر من جبل مرتفع إلى الوادي وما بقي في السيارة فرامل وبدأت السيارة تهوي كالريح فبدأ ينادي يا رب يا الله يا حي يا ستار قال فما أجابه قال بعد ذلك يا شيخ عبد القادر أنا في حماك يا شيخ أنا في جدارك يا شيخ عبد القادر أغثني يا شيخ عبد القادر يا سيخ عبد القادر خلصني قال فأُمسك الأوتوبيس (الباص) فوقف قال انظروا إلى كرامات الأولياء.

ص: 29

قلت كيف تقول هناك لجأت إلى الله فما أجابك قال نعم لا ينبغي أن يلجأ كل واحد منا إلى الله ليس لأن الله لا يجيب ولكن هناك طرق ينبغي أن نلجأ إلى الله عن طريق الطرق التي شرعها وسمعت شريط عندي وهو لبعض الضالين من بعض الأماكن المجاورة هنا وهو مسؤول عن المساجد في بعض الأماكن يقول في هذا الشريط في تفسير قول الله في بيت من بيوت الله”إذا سألك عبادي عني فإني قريب”فليستجيبوا بدعاء أوليائي فليدعوني ولا يقولون يا عبد القادر نعوذ بالله من هذا الافتراء ومن هذا الكفر الذي زاد عن كفر المشركين نعوذ بالله من هذا الظلال ومن هذا العمى وهذا قلت كيف هنا ترك الله وما أجابه الله ولجأ إلى مخلوق قال ما عندنا نحن أهلية أن نلجأ إلى الله قلت يا عبد الله المحبب بيننا وبين الله هل رحمة عبد القادر زادت على رحمة الله قال أنت لا تصدق هذه القصة قلت القصة بين أمرين لا ثالث لهما إما كذب وافتراء ومما يتناقله الناس ولا حقيقة له. وهذا هو الغالب لكن أنا اعجب لعقولهم كيف انحطت إلى هذا المستوى وعلى التسليم بأنها واقعة يا عبد الله يمكن أن يقع أنه استغاث بالله فما أجابه واستغاث بالشيخ عبد القادر فأجابه تدري من قبل أن أجيب من قِبل الشياطين. اجتمعت الشياطين وأمسكت هذا الباص لتفتن الناس بهذا الشيخ الصالح قلت وهذا له قصة جرت مع الشيخ عبد القادر عليه رحمة الله فيها ما يشبه هذا أرجئ الكلام عليه إلى الموعظة الآتية إن شاء الله.

ص: 30

اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا اللهم لا تضلنا بعد الهدى اللهم اهلك من علينا اعتدى اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا اللهم اغفر لميتنا ولمن علمنا ولمن تعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم

"قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد".

ص: 31