المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضل العشر من ذي الحجة - خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان - جـ ٩٢

[عبد الرحيم الطحان]

الفصل: ‌فضل العشر من ذي الحجة

‌فضل العشر من ذي الحجة

(من خطب الجمعة)

للشيخ الدكتور

عبد الرحيم الطحان

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل عشرة أيام من ذي الحجة

27

الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا.

الحمد لله رب العالمين شرع لنا دينا قويماً، وهدانا صراطاً مستقيما، وأسبغ علينا نعمة ظاهرة وباطنة، وهو اللطيف الخبير.

اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم. فما من دابة في الأرض إلا وعلى الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.

(يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) .

وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عميا وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبينا عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث فيها رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) .

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) .

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) .

أما بعد: معشر الأخوة الكرام..

ص: 1

كنا نتدارس صفات الرجال الذين يعمرون بيوت ذي العزة والجلال وكنا نتدارس الصفة الرابعة من صفاتهم، وقد تكلمت على قسم منها وسأرجئ بقية الكلام عليها إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك إن أحيانا الله ومد في حياتنا وأما هذه الموعظة والتي بعدها ستكونان فيما يتعلق في الأيام المقبلة الآتية المباركة التي سنستقبلها في وسط الأسبوع الآتي، آلا وهي عشر ذي الحجة وما يكون بعد ذلك في اليوم العاشر، وفي أيام التشريق.

إخوتي الكرام: حقيقة ينبغي أن نتكلم على أحكام هذه الأيام وعلى فضائلها لنغتنمها، ونكون على بينة من أمرنا وإذا كانت البلاغة حالها كما يقول علماؤنا الكرام مطابقة المقال لمقتضى الحال، فمن المعيب فينا حقاً أن نترك الكلام عن هذه الأيام لنتدارس غيرها، ولذلك ستكون موعظتنا هذه المباركة والتي بعدها كما قلت: في ما يكون في أيام العشر من أحكام، وفيما لها من فضائل.

إخوتي الكرام: أيام العشر أعني عشر ذي الحجة أيام عظيمة مباركة عند الله جل وعلا لا يوجد يوم من أيام السنة يعدلها عند الله فضيلة ورفعة، وقد أقسم الله جل وعلا بليالي هذه الأيام، وحصلت الفضيلة لليالي تبعاً لفضيلة الأيام فكم هي فضيلة الأيام يقول ذو الجلال والإكرام في سورة الفجر:(والفجر وليال عشر والشفع والوتر. والليل إذا يسر. هل في ذلك قسم لذي حجر) .

ص: 2

أقسم الله جل وعلا بالفجر، والمراد منه طلوع الفجر لا يراد منه فجرٌ معين على التحقيق عند أئمتنا الكرام أقسم الله بطلوع الضياء وإشراق النور والبهاء بعد الظلام فهو فالق الإصباح وهو الذي جعل الليل سكنا وهو الذي جعل الشمس والقمر حسباناً بحساب وتقدير. فلا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون. سبحانه سبحانه هو الذي يأتي بالضياء بعد انتشار الظلماء. والفجر. وهذا هو المعتمد كما قلت إخوتي الكرام عند أئمتنا المفسرين وما قيل إن المراد بالفجر فجر يوم النحر أو فجر يوم عرفة أو فجر أول أيام عشر ذي الحجة أو فجر عشر أيام ذي الحجة كلها أو فجر أول يوم من السنة الهجرية أول يوم من أيام شهر الله المحرم ما قيل من هذه الأقوال فكل هذا من باب التمثيل لما يدخل في ذلك اللفظ وهو أعم من ذلك فيقسم الله بالفجر أي بسطوع النهار بعد أن خيم الظلام على البشرية والفجر وليال عشر: هي ليال عشر ذي الحجة هذا الذي رجحه شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري وقال إنه هو الصواب وحكاه عن الإمام بن كثير في تفسيره ومال إليه وهذا قول جماهير المفسرين.

وهو المنقول عن ترجمان القرآن وجد الأمة بمدها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو المنقول أيضاً عن عبد الله بن الزبير وعن مجاهدين جبر رضوان الله عليهم أجمعين وليالٍ عشر يعني ليالِ عشر ذي الحجة وليال عشر والشفع والوتر وقد أكثر أئمتنا الكرام مما يحتمله هذا اللفظ من معاني حسان فأوردوا عشرين قولا في المراد من الشفع والوتر لعل أظهرها وأوجهها والعلم عند الله أن المراد بالشفع الخلق بأسرهم فكل مخلوق له ما يوزاوِجُه وهو فرد وله ما يقابله فالمخلوقات كلها شفع "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون".

ص: 3

ولا يوجد موصوف بأنه وِتْرٌ وَوَترٌ إلا الله جل وعلا: "قل هو الله أحد""ليس كمثله شيء""هل تعلم له سميا" فأقسم جل وعلا بالمخلوقات وأقسم بخالقها والشفع والوتر "والليل إذا يسر". إذا يسري وهو الذهاب والمشي والانتقال والزوال والليل إذا يسر والمراد من هذا الذهاب في الليل إما ذهابٌ لينقض وإما ذهابٌ ليأتي وقد فسر بالأمرين في هذه الآية والليل إذا يسر مقبلا والليل يسر مدبرا وهذا كما قال الله جل وعلا في سورة التكوير "والليل إذا عسعس" أقبل بظلامه وأدبر ليأتي الضياء بعده والليل إذا عسعس وهي من الأضواء إذا أقبل وإذا أدبر والليل إذا أقبل إذا سرى هذا الليل آتيا وإذا سرى هذا الليل موليا منقضيا.

وقيل إذا يسري فيه الناس وتقع ما تقع فيه من الأعمال والليل المراد فيه هنا كما هو المراد من الفجر مطلق الليل لا يراد منه ليلٌ معين وما قيل إن المراد بالليل هنا ليلة القدر أو إن المراد بالليلة هنا ليلة الجمع وهي ليلة المزدلفة فكل هذا إخوتي الكرام كما قلت من باب ما يدخل في هذا اللفظ العام ومن باب التمثيل عليه بأشهر أنواعه واللفظ أعم من ذلك والليل إذا يسر "هل في ذلك قسم لذي حجر" لذي عقل يحجره لمن فعل القبيح والسيء هذه المخلوقات تدل على عديم قدرة خالقها جل وعلا وعليه أقسم الله بهذه الأشياء أقسم بالمخلوقات وأقسم بخالقها أقسم بالمخلوقات التي خلقت لنا وأقسم أيضاً جل وعلا سبحانه وتعالى وهو الذي يقسم بما شاء جل وعلا من باب التنبيه إلى ما ذلك من المقسم به من عبرة وعظة ودلالة عظيمة على قدرة العظيم جل وعلا.

ص: 4

الشاهد إخوتي الكرام: وليالٍ عشر: وانتبه لهذه الدلالة في هذه الآيات الكريمات كل أنواع المقسم بها في هذه الآيات وردت معرفة بالألف واللام إلا هذه الليالي فوردت منكرة الفجر معرف والشفع معرف والوتر معرف والليل إذا يسر معرف إلا الليالي "وليالٍ عشر" ما أتى بالتعريف فيها لم؟ لأنها معلومة وقد نوه الله بشأنها ودلل على عظيم أمرها حسبما بين نبيه على نبينا صلوات الله وسلامه ولذلك سماها الله بالأيام المعلومات فهي من الظهور بمكان فلا داعي لتعريفها.

بقول الله جل وعلا في سورة الحج: "وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" ويذكروا اسم الله في أيام معلومات.

ثبت في تفسير بن مردوية بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح عن عبد الله بن عباس رضوان الله عليهما أنه قال الأيام المعلومات هي يوم التروية وما قبله من أول أيام ذي الحجة ويوم التردية ويوم عرفة ويوم النحر أي يريد أن يقول أن الأيام العشر من ذي الحجة هي الأيام المعلومات.

قال الإمام بن عباس رضوان الله عليهما وأما الأيام المعدودات فهما أيام التشريق يوم النحر وثلاثة أيام التشريق بعده وعليه دخل يوم النحر في الأيام المعلومات ودخل في الأيام المعدودات التي أشار إليها رب الأرض والسموات في سورة البقرة: "واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون".

ص: 5

فالأيام المعلومات هي العشر الأول من ذي الحجة والأيام المعدودات هي أيام التشريق الثلاثة واذكروا الله في أيام معدودات عمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى. وقول الله جل وعلا في الآية في بيان الأيام المعدودات فمن تعجل في يومين أي بعد يوم النحر فأراد أن ينفر وأن يخرج من مني بعد اليوم الحادي عشر والثاني عشر فإذا أراد أن يخرج في اليوم الثاني عشر فلا إثم عليه وإن أراد أن يتأخر لليوم الثالث عشر فلا إثم عليه.

وقوله: "لا إثم عليه" تحتمل ثلاثة معان أطهرها بشارة للحجاج الذين ينوون زيارة بيت رب العباد فلا إثم عليه أي من تعجل في يومين فقط سقطت ذنوبه وخرج منها كيوم ولدته أمه فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه فالله تعالى يقول: يا معشر الحجاج الذين زرتم بيتي لا إثم عليكم بعد زيارتكم سواء تعجلتم في يومين أو تأخرتم فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه أي ليس عليه إثم ولا وزر من الأوزار قد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ومن تأخر فلا إثم عليه فالحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه لكنّ هذه الجائزة لا ينالها إلا من اتقى لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين فمن تعجل في يومين فقد غفرت ذنوبه وسقطت عنه إذا كان تقياً ومن تأخر فقد غفرت ذنوبا وسقطت عنه إذا كان تقيا.

وهذا أرجح ما تحتمله الآية من أقوال ثلاثة قيلت في تفسيرها وهذا هو المنقول عن أربعة من الصحابة أولهم سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه والعبادلة الثلاثة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وهو المنقول عن جم غفير من التابعين كمجاهدين جبر والإمام الشعبي والإمام النخعي ومعاوية بن قرة رضوان الله عليهم أجمعين فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه أي غفرت ذنوبه وخرج كيوم ولدته أمه فإن شاء فليتعجل وإن شاء فليتأخر.

ص: 6

إخوتي الكرام: وقد كان في نيتي وفي عزمي أن نتدارس ما يتعلق بأحكام الحج منذ دخول شهر الحج شهر شوال لكن قدر الله وما شاء فعل في إكمال موضوعنا الذي بدأنا مدارسته وقد قدر الله له أن يطول فإن أحيانا الله جل وعلا للسنة الآتية نسمع من الأخبار المطربة التي تلتذ لها آذان المؤمنين وتطرب لها قلوبهم في فضائل الحج وفي منزلة الحاج إذا اتقى رب العباد وهذه بشارة عاجلة من قول الله جل وعلا فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الله في حجه لم يرفث ولم يفسق وهذا كما قلت هو أظهر المعاني الثلاثة التي تحتملها هذا الآية الكريمة.

والقول الثاني: من باب إكمال الفائدة من تعجل فال إثم عليه في تعجله ونفره ومن تأخر فال إثم عليه في بقائه وانتظاره أي أن الأمر فيه سعة فليختر ما شاء.

والمعنى الثالث: والذي ذهب إليه أبو العالية وغيره فمن تعجل فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه غفرت ذنوبه وخرج كيوم ولدته أمه لمن اتقى الله بعد ذلك بعد حجه ولم يجر منه فسق أو معصية والقول الأول هو الأظهر والأقوى وهو المنقول عن جم غفير من الصحابة وذكرت أربعة منهم وعن جم غفير من التابعين وهو أولى ما يحمل عليه كلام رب العالمين فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه أي قبِلَهُ الله وغفر له ما جرى منه من جميع أحواله بشرط أن يتقي الله في حجه وألا يجري منه فسق ولا معصية لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون.

ص: 7

فالأيام المعلومات إخوتي الكرام هي عشر ذي الحجة والأيام المعدودات هي أيام التشريق ولذلك عندما أقسم الله جل وعلا بليالي عشر ذي الحجة في سورة الفجر نكرها دون أنواع المقسم به فكل المقسم به في تلك السورة المباركة ورد معرفا إلا هذا القسم به ألا وهو ليالي عشر ذي الحجة وليالي عشر لأنها معلومة ولا داعي لتعريفها وليال عشر ويذكر اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام كما تقدم في سورة الحج إخوتي الكرام فهي أيام معلومات وإذا كانت معلومات فقد جعل الله جل وعلا القسم بها في سورة الفجر منكرا لأنها معلومة.

"وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليهتدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير".

إذاً هي أيام معلومات وقد اقسم بها رب الأرض والسموات أقسم بليال العشر واكتسبت هذه الليالي فضيلة لمنزلة هذه الأيام عند ذي الجلال والإكرام وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن منزلة هذه الأيام وعن شأن الأعمال الصالحات فيها عند ربنا الرحمن كيف تضاعف بما لا تضاعف في غير ذلك من الأيام.

ففي مسند الإمام أحمد وصحيح البخاري والسنن الثلاثة سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه والحديث رواه البيهقي في السنن وهو في أعلى درجات الصحة فهو في صحيح البخاري من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُ إلى الله جل وعلا من عشر ذي الحجة قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء".

ص: 8

ومضى الحديث أن العمل الصالح في هذه الأيام يفوق على ذلك العمل في غيره من الأيام فمن عمل صالحاً في هذه الأيام يضاعف له بما لا تضاعف الأعمال الصالحات في الأيام الأخرى مهما كانت منزلة تلك الأعمال فأجورها أقل من أجور الصالحات التي تجري في هذه الأيام ولذلك لو جرى م الإنسان في هذه الأيام ذكر تسبيح صلاة ضحى قيام ليل عمل صالح أجر هذا في عشر ذي الحجة أعظم من أجر الجهاد في سبيل الله في غير عشر ذي الحجة إلا في حالة واحدة من خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء عُفِّر وجهه في التراب وأريق دمه وقتل جواده هذا الذي يعدل أجره أجر العابد في عشر ذي الحجة وعليه فمن جاهد في عشر ذي الحجة له من الأجر ما لا يخطر بالبال ومن عمل صالحا في عشر ذي الحجة هذا العمل الصالح الذي أجره دون أجر الجهاد في غير ذي الحجة يزيد أجره على أجر الجهاد عندما يقوم بالعمل الصالح في عشر ذي الحجة فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة يفضل أجر الجهاد في غير عشر ذي الحجة نعم لو جاهد فيعشر ذي الحجة فهذا له أجر عظيم لا يعلم به إلا رب العالمين.

ما العمل الصالح في أيام أحب فيها إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة قالوا ولا الجهاد يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء.

وورد في بعض روايات الحديث من رواية عبد الله بن عباس أيضاً رضي الله عنهما كما في معجم الطبراني الكبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فاستكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر استكثروا من هذه الأذكار الطيبة النافعة وهذه الجمل الأربع إذا قالها الإنسان في أي وقت كان فهو أحب إلى الله جل وعلا من الدنيا وما فيها وأحب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام مما طلعت عليه الشمس فكيف لو قيلت في أيام العشر من ذي الحجة.

ص: 9

ثبت في صحيح مسلم وسسن الترمذي من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. فاستكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

وهذا الحديث إخوتي الكرام أعني حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما رواه الطبراني في معجمه من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين ورواه البزار وأبو يعلى في مسنده من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين والحديثان صحيحان حديث جابر وحديث عبد الله بن مسعود وهكذا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين ومعنى الحديث واحد بمعنى حديث عبد الله بن عباس. ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام من أيام العشر من ذي الحجة قالوا إلا الجهاد في سبيل الله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم برجع بشيء.

ص: 10

إخوتي الكرام: وهذه الفضيلة المجملة التي وردت في هذا الحديث الصحيح عن عبد الله بن عباس وجابر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وردت أحاديث مُفصِّلة لهاذ الثواب المجمل في هذه الأيام وتلك الأحاديث المفصلة بهذا الثواب مروية عن نبينا صلى الله عليه وسلم وهي متصلة من ذلك ما رواه الإمام الترمذي وابن ماجه والحديث رواه الإمام البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه وفي الإسناد ضعف كما قرر هذا الحافظ بن حجر في الفتح والإمام المنذري في الترغيب والترهيب لكن الحديث يشهد له ما تقدم وسأذكر شواهد أيضاً له بعد رواية هذا الحديث إن شاء الله ولفظ حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " مامن أيام أحب أن يتعبد فيها إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة إن صيام كل يوم منها يعدل بصيام سنة وإن قيام كل ليلة منها يعدل قيام ليلة القدر" صيام يوم من عشر ذي الحجة يعد ل صيام سنة وقيام ليلة من عشر ذي الحجة يعدل قيام ليلة القدر.

وهذا الحديث إخوتي الكرام يشهد له في الجملة حديث عبد الله بن موسى وجابر وعبد الله بن مسعود لأن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من العمل في غيرها لكن ما هي كيفية تلك المضاعفة والمنزلة في الأعمال الصالحات في هذه الأيام بينها حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه وقد روى الإمام البيهقي في شعب الإيمان والإمام الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب قال الإمام المنذري وإسناد الحديث لا بأس به عن أنس رضي الله عنه وأرضاه قال "كنا نعد أيام عشر ذي الحجة كل يوم منها بألف ونعد يوم عرفة بعشرة آلاف يوم" من عمل فيها فضيلة كأنه عمل هذه الفضيلة فيألف يوم فيما سوى أيام عشر ذي الحجة.

ص: 11

وأما يوم عرفات فذاك منزلته عظيمة عظيمة عند رب الأرض والسموات كان الصحابة يعدونه والنبي عليه الصلاة والسلام بينهم بعشرة آلاف يوم والحديث كما قلت في شعب الإيمان للإمام البيهقي وكتاب الترغيب والترهيب للإمام الأصبهاني بسند لا بأس به وثبت في كتاب شعب الإيمان للبيهقي أيضا وإسناد الأثر أيضا لا بأس به وقد ذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه وصنيعه يقتضي بأنه حسن من رواية مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من أيام عشر ذي الحجة فأكثروا فيها من التهليل والتكبير وذكر الله فإن صيام يوم فيها يعدل بصيام سنة وإن الأعمال تضاعف فيها بسبعمائة ضعف".

إخوتي الكرام: هذه هي منزلة هذه الأيام التي سنستقبلها كما قلت في وسط الأسبوع الآتي عشر ذي الحجة هذه الأيام أيام عظيمة مباركة وإنما كان لها هذا الشأن لأن جميع العبادات بأسرها تقع فيها فالصلاة والصيام والصدقة والزكاة والحج وسائر الطاعات يمكن أن تقع في عشر ذي الحجة فهي ظرف لها وأما الأيام الأخرى فلو قدر أن الطاعات ستقع فيها لن تقع فيها عبادة الحج فلها موسم معين فهذه الأيام هي ظرف لسائر العبادات على وجه التمام لذلك عظمت منزلتها عند ربها الرحمن وقد قرر أئمتنا الكرام أن أيام عشر ذي الحجة بالنسبة إلى سائر الأيام كمكانة المشاعر بالنسبة لغيرها من البلدان فيما أن مكة وعرفة ومنى تعظم وتفضل على غيرها من البقاع والأصقاع فهكذا هذه الأيام بالنسبة لغيرها من الأيام تفوقها منزلةُ عشر ذي الحجة بين الأيام كمنزلة أماكن المشاعر بين البلدان.

ص: 12

إخوتي الكرام: ولا يقولن قائل إن العشر الأخيرة من شهر رمضان لها منزلة عظيمة أيضا عند ربنا الرحمن فالجواب نعم لها منزلة عظيمة لكن كل عشر يمتاز بشيء وقد قرر أئمتنا الكرام أن ليالي العشر الأخير من شهر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لأن ليالي العشر الأخير من شهر رمضان اكتسبت فضيلة بليلة القدر والفضيلة فيها أصالة لليالي وأما ليالي عشر ذي الحجة فاكتسبت فضيلة من الأيام وعليه أيام عشر ذي الحجة أفضل من الأيام الأخيرة في شهر رمضان أفضل أيام العشر الأخير من شهر رمضان وليالي العشر الأخير من شهر رمضان أفضل من ليالي العشر الأول من ذي الحجة فالليالي الأخيرة من العشر الأخير من شهر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لكن الأيام في العشر ذي الحجة أفضل من الأيام في العشر الأخير من شهر رمضان كما وضح نبينا عليه الصلاة والسلام نعم في العشر الأخير من شهر رمضان ليلة القدر وهي خير من ألف شهر لكن في العشر الأول من شهر ذي الحجة يوم أيضا عظيم عند الله جل وعلا لا يساويه يوم من أيام السنة.

ص: 13

كما ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والحديث رواه الإمام ابن خزيمة في صحيحه والإمام ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه ورواه البيهقي في السنن الكبرى وهو حديث إسناده صحيح كالشمس من رواية عن عبد الله بن قرط الثمالي رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إن أعظم الأيام عند الله جل وعلا يوم النحر ثم يوم القر " إن أعظم الأيام عند الله إن أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر ويوم النحر هو العاشر من ذي الحجة ويوم القر هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة الذي يقر قبة الحجاج ويسكنون في منى بعد أن أفاضوا من عرفات واستقروا في هذا المكان المبارك في ضيافة الله جل وعلا فأما يوم عرفات فمع منزلته وعظيم شأنه كما سيأتينا فهو تابع ليوم النحر فالحجاج والعباد في يوم عرفات استقالوا من ذنوبهم وخطيئاتهم وتابوا إلى ربهم جل وعلا وعبدوه وذكروه وتقربوا إليه.

وأما في يوم النحر لما حصل منهم ما حصلوا أذن الله لهم بالوفادة عليه وزيارته ولذلك يقال للطواف الذي يقع في يوم النحر يقال له طواف الزيادة يزورون الله جل وعلا بعد أن تابوا من ذنوبهم وأنابوا إلى ربهم جل وعلا ولذلك قال أئمتنا منزلة يوم عرفة مع يوم النحر كمنزلة الطهارة مع الصلاة فلابد من طهارة للصلاة لكن الصلاة أعظم منزلة ولا بد أيضا ليوم النحر من يوم عرفة أن يتوب العباد إلى الله جل وعلا وأن يستغفروه وأن يلجأوا إليه وأن يشكروه فإذا قبلهم جل وعلا وتاب عليهم أهَّلهم بعد ذلك لزيارة بيته وللقدوم عليه لتناول ضيافته جل وعلا فهذا بمنزلة الصلاة كما أن يوم عرفة بمنزلة الطهارة.

ص: 14

نعم إن جزءاً من يوم النحر يدخل في يوم عرفات وليلة النحر تابعة ليوم عرفة ولا يوجد عندنا في الشريعة ليلة تتبع اليوم الذي قبلها إلا ليلة النحر فليلة النحر مشتركة بين يوم عرفة وبين يوم النحر وهذا كما قلت للدلالة على أن يوم عرفة إمتداد ليوم النحر لكن الفضيلة التابعة أصالة هو ليوم النحر هذا هو الذي هو أفضل الأيام وأعظمها عند ذي الجلال والإكرام كما ثبت هذا عن نبينا عليه الصلاة والسلام.

إخوتي الكرام: هذه الأيام أيام عظيمة مباركة شريفة فاضلة ينبغي ان يقوم العباد فيها بأمورٍ كثيرة أبرزها سأذكر أربعة منها والبقية نتدارسها فيما يأتي إن شاء الله أولها: التكبير في عشر ذي الحجة وقد ضيع المسلون هذا في مشارق الأرض ومغاربها إلا ما رحم ربك يُسنُّ للمسلمين أهل الإسلام إذا دخل عليهم عشر ذي الحجة ورأوا هلال ذي الحجة أن يجهروا في التكبير في أسواقهم وفي شوارعهم وفي أعمالهم وفي بيوتهم وعلى فرشهم ومع أهلهم وعند لقاءاتهم وأن تكون الدنيا ضجيجا بالتكبير والتعظيم لله الجليل جل وعلا هذه شعائر هذه الأيام تكبير ذي الجلال والإكرام التكبير.

ص: 15

وقد ثبت في صحيح البخاري في كتاب العيدين وهو الباب الحادي عشر باب يشير به إلى هذا فقال الإمام البخاري عليه رحمة الله فقال " باب في فضل العمل في أيام العشر " يعني عشر ذي الحجة ثم روى معلقا من صحابيين جليلين فاضلين عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر أهل السوق بتكبيرهما والأثر كما قال الحافظ بن حجر لما أقف عليه موصولا والبخاري علقه كما قلت في صحيحه وقد علقه أيضا الإمام البيهقي والبغوي عن هذين الصحابيين بن عمر وأبي هريرة يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر أهل السوق بتكبيرهما هذا التكبير إخوتي الكرام هو من شعائر هذه الأيام أعني أيام عشر ذي الحجة ينبغي أن نظهر التكبير في بيوتنا وفي أعمالنا وفي أسواقنا وعند لقائنا " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " وفي الباب الذي يلي الباب الحادي عشر وهو الباب الثاني عشر من صحيح البخاري في كتاب العيدين أورد بابا آخر فقال " باب في التكبير في أيام منى وإذا غدا إلى عرفة ".

ص: 16

ثم روى أيضا أثرين من آثار كثيرة معلقة من صحابيين جليلين فاضلين أولهما الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون لتكبيره فيسمع تكبيرهم أهل الأسواق الذين يتجولون في منى فيكبرون لتكبيرهم حتى إن منى لترتج تكبيرا هذا ثابت في صحيح البخاري وهذا الأثر المعلق قال عنه الحافظ بن حجر وقد وصله سعيد بن منصور والإمام أبو عبيد عن هذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه والأثر الثاني أثر عبد الله بن عمر رضوان الله عليهم أجمعين علقه البخاري أيضا في صحيحه في الباب الثاني عشر من كتاب العيدين أنه كان يكبر خلف الصلوات المفروضات والنافلات خلف الصلوات وفي بيته وعلى فراشه وفي فسطاطه وفي ممشاه وفي مجلسه عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين وهذا الأثر المعلق وصله أيضا الإمام ابن أبي المنذر والإمام الفاكهاني أيضا إذا هذا التكبير من شعائر أيام العشر فينبغي أن نجهد به وأن نظهره وأن تدوي الدنيا تكبيراً لربنا الكبير جل وعلا.

إخوتي الكرام: والتكبير كما قرر أئمة الإسلام على حالتين تكبير مطلق لا يتقيد بوقت وهو الذي ذكرته منذ أن تدخل الأيام العشر إلى نهاية أيام التشريق ينبغي أن تكبر الله في كل وقت وكلما أكثرت فهو أعظم لأجرك فاستكثروا فيهن من التهليل والتكبير وهناك تكبير مقيد ينبغي أن يأتي به العباد عقيب الصلوات المفروضات ويبتدي من يوم فجر عرفة إلى صلاة العصر في آخر أيام التشريق وهي ثلاث وعشرون صلاة فيكبرون يوم عرفة ويوم العيد ويوم التشريق الأول والثاني والثالث ومجموع الصلوات كما قلت ثلاث وعشرون صلاة ينتهون بعد نهاية صلاة العصر يكبرون وينتهون فلا يكبرون بعد ذلك بعد صلاة المغرب في آخر أيام التشريق.

ص: 17

وهذا التكبير ثابت عن علي وعبد الله بن مسعود رضوان الله عليهم أجمعين بسند صحيح كما روى ذلك الإمام ابن المنذر وهذا كما قلت تكبير مقيد ينبغي أن يلتزم به العباد عقيب الصلوات المفروضات وأما صيغته فقد نقل عن سلفنا الكرام صيغ متعددة مما يدل على أن الأمر فيه سعة روى عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يكبر فيقول " كبروا الله قولوا الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا " فلو قال هذا الإنسان أجزأه وهو حسن ولو قال ما روى عن عمر رضي الله عنهم أجمعين كما أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد " لو قال هذا وهو الذي عليه عمل المسلمين عقيب الصلوات في هذه الأيام أعني في يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق فهذا أيضا حسن ولو قدر أن العباد زادوا أو نقصوا إن الأمر فيه سعة وأما قول هذا بصوت جماعي فلا حرج فيه.

إخوتي الكرام: وما يفعله بعض الناس في هذه الأيام من أن مقولة هذا بصوت جماعي بدعة فأي بدعة في هذا وإذا نقل هذا عن السلف الكرام وكانوا يكبرون وترتج منى تكبيراً وإذا فعل هذا عقيب الصلوات من أجل الجهد بذكر مشروع ومن أجل تعليم من لا يعلم أي بدعة في ذلك إذا جهد المصلون بتكبير الحي القيوم إخوتي الكرام لابد أن نقف عند حدنا عندما نطلق الألفاظ على الأحكام التي تصدر من العباد إذا هذا أول ما ينبغي أن يفعله الناس أن يفعله المسلمون في أيام العشر أي عشر ذي الحجة وما بعدها من أيام التشريق التكبير لهه جل وعلا.

ص: 18

الأمر الثاني: صيام هذه الأيام أعني صيام التسع دون صيام اليوم العاشر وهو يوم النحر فيرحم علينا أن نصومه وأن نصوم الأيام التي بعده وهي أيام التشريق أيضاً مما ينبغي أن يحرص عليه العباد وصيام أيام التسع من ذي الحجة من اليوم الأول إلى نهاية التاسع وهو يوم عرفة فهي أيام أيضا مباركة جليلة عظيمة صيامها له أجر عظيم كما تقدم معنا صيام اليوم منها يعدل بصيام سنة وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يصومها من أولها إلى آخرها كما ثبت هذا في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي والسنن الكبرى للإمام البيهقي وإسناد الحديث صحيح عن هنيده بن خالد وهو رجل من الصحابة يسمى بذلك رضي الله عنه وأرضاه عن هنيده بن خالد عن روجه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهي إما حفصة أو أم سلمة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. وليس المراد من ذلك اليوم التاسع إنما المراد يصوم هذه الأيام التسعة كما ثبت في إحدى روايات النسائي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم عشر ذي الحجة وثلاثة أيام من كل شهر والرواية الأولى كان يصوم تسع من يوم عاشوراء وثلاثة أيام من شهر إذا هذه الأيام أيها الأخوة الكرام من أمكنه أن يصومها فليغتنم ذلك فله أجر عظيم ومنزلة كبيرة عند الله جل وعلا.

ص: 19

وأما ما رواه الإمام مسلم في صحيحه والإمام الترمذي والإمام أبو داود في السنن والحديث رواه البيهقي أيضا وهو حديث صحيح فهو في صحيح مسلم عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر يعني عشر ذي الحجة قط فهذا الحديث الذي روته أمنا عائشة رضي الله عنها وكما قلت حديث صحيح وجَّههُ أئمتنا بتوجيهين اثنين أولهما قالوا على حسب علمها ما اطلعت وال علمت بذلك والمثبت مقدم على النافي كما أشار إلى ذلك الإمام البيهقي وغيره هذا على حسب علمها وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدور على نسائه فمن أيام التسع لعله يأتيها ليلة فلعله في تلك الليلة شغل بأمر من الأمور أو دعى فما كان عندها فما علمت بصيامه والعلم عند الله جل وعلا.

فالمثبت مقدم النافي والتخريج الثاني والتوجيه الثاني أن هذا في حال طروء عله على نبينا عليه الصلاة والسلام من مرض أو سفر أو لعلة أخرى معتبرة في الشرع كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها والحديث في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وعليه فلعله ترك أحيانا صيام عشر ذي الحجة باستثناء اليوم العاشر وهذا من باب التغليب لعله ترك صيام تسع ذي الحجة ترك صيامها لئلا تفرض على أمته في بعض الأحيان لكن الغالب من أحواله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصوم ذلك كما ثبت ذلك عن حفصة وأم سلمة رضوان الله عليهم أجمعين إذن هذا الأمر الثاني ينبغي أن ننتبه له إخوتي الكرام ألا وهو صيام عشر ذي الحجة باستثناء يوم النحر صيام تسع من ذي الحجة من اليوم الأول إلى نهاية التاسع.

ص: 20

والأمر الثالث: إذا ما أمكنك أن تصوم التسع فلا أقل من صيام يوم عرفة فله أجر عظيم عظيم والمغبون حقا من فرط في ذلك اليوم ولم يصمه وقد ثبت في صحيح مسلم والسنن الأربعة والحديث في سنن البيهقي وغيره من رواية أبي قتادة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عرفة فقال إنه يكفر السنة التي بعدها والسنة التي قبلها.

وفي بعض رواية الحديث صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر سنة قبله وسنة بعده إذن له أجرٌ عظيم عند الله جل وعلا صيام يوم عرفة فإياك أن تفرط فيه وهذا الحديث الذي رواه أبو قتادة رضي الله عنه وأرضاه وهو في صحيح مسلم هو حديث يصل إلى درجة التواتر فقد روى عن عدة من الصحابة الكرام في تلك الروايات هذه الدلالة ألا وهي أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين سنة آتية وسنة ماضية.

روى الإمام الطبراني في معجمه الأوسط بسند حسن وقد صحح إسناده عدد من أئمتنا كما في الترغيب والترهيب ومجمع الزوائد من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام يوم عرفة غفر الله له ذنوب سنة قبله وذنوب سنة بعده "والحديث كما قلت في معجم الطبراني الأوسط بسند حسن بسند صحيح وروى الإمام أبو يعلى والطبراني في معجمه الكبير من رواية سهل بن سعد أيضاً والحديث إسناده صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من صام يوم عرفة غفر الله له ذنوب سنتين متتابعتين" يعني سنة قبله وسنة بعده.

ص: 21

وقد روى هذا أيضا في معجم الطبراني الصغير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وروىفي معجم الطبراني الكبير عن زيد بن أرقم بل ورد ما يزيد على ذلك في الفضل ففي معجم الطبراني الأوسط بسند حسن عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وأرضاه وهو من التابعين الكرام قال سئل ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين عن صيام يوم عرفة فقال كنا ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم نعد له يصوم سنتين متتابعتين. كنا ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم نعد له بصوم سنتين متتابعتين. أي لذلك من الأجر كالأجر من صام سنتين متتابعتين.

وثبت في معجم الطبراني الأوسط أيضاً وكتاب شعب الإيمان للإمام البيهقي والحديث إسناده حسن عن مسروق وهو من أئمة التابعين أنه دخل على أمنا عائشة رضي الله عنها يوم عرفة فقال اسقوني فقالت أمنا عائشة يا غلام اسقه عسلا ثم قالت لمسروق يا مسروق أما أنت بصائم هذا يوم عرفة فقال يا أماه خشيت أن يكون هذا الأضحى أي أن يكون هذا اليوم هو يوم عيد الأضحى عيد النحر فما صمته فقالت ليس ذلك إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام ويوم النحر يوم ينحر الإمام أي اليوم الذي يثبت عند المسئول بأنه يوم عرفة هذا هو يوم عرفة وهكذا عند ولي الأمر عندما يثبت أن هذا هو يوم النحر يكون هو يوم النحر يوم عرفة يوم يعرف الإمام ويوم النحر يوم ينحر الإمام يا مسروق أما بلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن صيام يوم عرفة يعدل صيام ألف يوم " وهذا أكثر من صيام سنتين إذن يقارب ثلاث سنين أما بلغك أن صيام يوم عرفة يعدل صيام ألف يوم.

ص: 22

والحديث كما قلت إخوتي الكرام في معجم الطبراني الأوسط وشعب الإيمان للإمام البيهقي بسند حسن يوم عرفة اخوتي الكرام يستحب لنا أن نصومه ففيه أجور عظام وهذا الصيام اختص الله به المقيمين الذين لم يذهبوا لزيارة بيته الكريم وكأن اله جل وعلا أراد أن يوزع الفضائل بين عباده فإذا ذهب أولئك لحج بيت الله الحرام وحصلوا من الأجور ما لا يخطر بعقول الأنام فلئلا يبقى في قلوبنا حسرة وغصّة منَّ الله علينا بصيام هذا اليوم الذي لنا فيه هذا الأجر العظيم وهذا صيامه بنا وأما الحاج فينهى عن صيام يوم عرفة.

وقد روى في معجم الطبراني الأوسط أن أمنا عائشة رضي الله عنها بسند ضعيف والحديث رواه أيضا الإمام أحمد في المسند ورواه أبو داود في السنن ورواه الإمام النسائي في السنن ورواه ابن ماجه في سننه أيضا والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه والإمام الداراقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه كما قلت " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة".

والحديث اخوتي الكرام من طريق أبي هريرة رضي الله عنه صححه الإمام ابن خزيمة وصححه الحاكم وأقره عليه الإمام الذهبي وصيغ أئمتنا يقتضي بأنه حديث حسن نعم فيه مهدي بن حرب العبدي الهجري أخرج حديثه أهل السنن الثلاثة أبو داود وابن ماجه والنسائي وقال الحافظ عنه في التقريب إنه مقبول وقد ترجمه في التهذيب ونقل عن ابن خزيمة أنه روى عنه هذا الحديث وصححه ولم يعترض عليه الحافظ ولهذا الحديث شواهد كثيرة من فعل نبينا عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام بعدم صوم الحاج يوم عرفة بعرفة وإنما نهى الحاج عن الصيام يوم عرفة بعرفة لأمور كثيرة أبرزها ثلاثة:

أولا: ليتقوى على الدعاء وعلى ذكر رب الأرض والسموات.

ثانياً: هو مسافر والأصل في المسافر ألا يصوم.

ص: 23

ثالثاً: وهو الذي استنبطه الإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات رب البرية أن يوم عرفة بالنسبة للحجاج يعتبر يوم عيد وقد نهيت هذه الأمة أن تصوم في أيام الأعياد فعيد الحجاج هو يوم عرفة ولن يجتمع الحجاج في مكان من الأمكنة في موسم الحج إلا في عرفات وما عدا هذا سيتفرقون ما بين مكة وما بين منى وما بين غيرها أما في يوم عرفة فكلهم مجتمعون فهذا عيد بالنسبة لأهل عرفة كما أن يوم النحر عيد بالنسبة لغيرهم فيجتمعون يوم العاشر ويعظمون شعائر الله جل وعلا وذلك من تقوى القلوب. فإذا كان يوم عرفة يعتر عيدا بالنسبة للحجاج فما ينبغي أن يصوموا فيه.

إخوتي الكرام: ويوم عرفة يوم عظيم عظيم عظيم هو كما قلت من أعظم أيام السنة وهو يوم النحر لا يوجد في أيام السنة ما يعدلهما والله جل وعلا يجود ويتفضل فيه على عباده بما لا يخطر على بال أحد.

ص: 24

وقد ثبت في صحيح مسلم وسنن النسائي وسنن ابن ماجه الحديث رواه الإمام ابن خزيمة في صحيحه ورواه الإمام البيهقي ورواه أيضا غير هؤلاء وهو صحيح فهو في صحيح مسلم عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عباداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو فيتجلى فيقول جل وعلا ماذا أراد هؤلاء – سبحانك ربنا ما أرادوا إلا رحمتك ورضوانك ومغفرتك – فهذا – يعني يوم عرفة هو يوم العتق من النار ويعتق الله فيه عباداً ما لا يعتق في سواه "وقد روى أيضا عن ظلمة بن عبد الله بن كريز وهو من التابعين الكرام بفتح الكاف وكما قال الإمام بن حبان كل اسم يأتي معك بهذا الضبط مضموم الكاف إلا هذا الاسم كريز فهو طلحه بن عبد الله بن كريز وحديثه مخرج في صحيح مسلم وغيره هو من أئمة التابعين الكرام عن طلحة بن عبيد الله بن كريز والحديث مرسل إلى نبينا صلى الله عيه وسلم في الموطأ وقد وصله الحاكم في المستدرك من رواية أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه ولفظ الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال "ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أصقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفه لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أرى يوم بدر فإنه رأى جبريل عليه الصلاة والسلام يزع الملائكة " ففي ذلك اليوم عندما رأى جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه يقود ملائكة الله الأطهار من أجل مقاتلة الكفار ذل الشيطان ذلا كبيرا وما عدا هذا فأعظم ما يحصل له من الذل والدحور والصغار في يوم عرفة لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام.

ص: 25

رابعاً: وهو آخر ما سأتكلم عليه وأختم به هذه الموعظة أيام العشر إذا دخلت وثبت هلال ذي الحجة وأراد الإنسان أن يضحي فهو مستطيع وسيأتينا أحكام الأضحية مع بقية أحكام العشر في الموعظة الآتية إن شاء الله لكن إذا ثبت عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يجوز للإنسان أن يأخذ شيئاً من شعره ولا من إظفاره حتى يذبح أضحيته وهذا ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام فينبغي أن ينتبه له أهل الإسلام لا يجوز أن تقص شعر رأسك ولا أن تقلم أظافرك ولا أن تنتف شعر الإبطين ولا أن تحلق العانة ولا ولا إذا دخل عشر ذي الحجة حتى تذبح الأضحية وأما اللحية فيحرم على الإنسان أن يمد يده إليها بحلق أو تقصير سواء في عشر ذي الحجة أو في غيرها فانتبهوا إلى هذا عباد الله أما في عشر ذي الحجة كما قلت يحرم أن تزيل شعراً أو أن تقص ظفراً وقد ثبت هذا في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم ورواه أهل السنن الأربعة من رواية أمنا أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها والحديث في سنن البيهقي وغيره ولفظ الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا دخل العشر من ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذنَّ شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً".

ص: 26

وفي رواية "إذا دخلت عشر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يقص شعراً أو لا يقلمن ظفراً حتى يضحي" فهذا التحريم يمتد حتى يريق الإنسان دم الأضحية وحتى يضحي فإذاً فلا يأخذ شيئاً من شعره ولا من ظفره حتى يضحي وهذا الحكم هو الذي عليه الإمام المبجل أحمد بن حنبل عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وذهب ليه سيد التابعين الإمام سعيد بن المسيب وقال به من أئمة المسلمين الإمام ربيعة شيخ الإمام مالك وقال به اسحاق بن راهوية وذهب إليه بعض أصحاب الإمام الشافعي عليهم جميعاً رحمة الله وأما ما ذهب إليه الإمام الشافعي ويقرب منه قول الحنفية والمالكية بأنه لا يحرم على الإنسان أن يأخذ شعراً ولا يقص ظفراً إنما هذا من باب كراهة التنزيه ومن باب الأدب أن يلتزم بذلك وإذا فعل فلا إثم عليه فرأْيٌ مع جلالة من قال به ومتانة ما استدلوا به كما سأذكر دليلهم أقول لا دليل فيه على هذا الأمر يعينه فالإمام الشافعي استدل بالحديث الثابت في المسند والكتب والسنة عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاه قالت كنت أفتل القلائد لهدى النبي صلى الله عليه وسلم فكان يبعث بها أي بالهدى وهي مقلدة إلى بيت الله الحرام ثم لا يحرم عليه ما أحل الله له حتى ينحر هديته وفي بعض الروايات ثم لا يجتنب ما يجتنبه المحرم حتى ينحر هديه أي يبقى على حاله حلالا عليه صلوات الله وسلامه.

ص: 27

لقد بينت كما قلت والحديث في الكتب الستة أن نبينا عليه الصلاة والسلام أرسل هديا في العام التاسع عندما ذهب أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه أميراً على الحج وقلد ذلك الهدى والقلائد جمع قلادة توضع في رقبة الهدى من القماش والخيطان يضع ليعلم أن هذا هدى ليذبح في ذلك المكان تقول فتلت القلائد بيدي للنبي عليه الصلاة والسلام وقلد الهدى ثم بعثه إلى مكة وبقي عليه الصلاة والسلام لم يجتنب ما يجتنبه المحرم من قص شعر أو تقليم ظفر فالإمام الشافعي عليه رحمة الله يقول إن الهدى أعظم مكانة من الأضحية وإذا لم يحرم على من أهدى شيئاً إلى بيت الله الحرام ليذبح فيه في بلد الله الحرام ليكون طعمه للمساكين وتعظيما لبيت رب العالمين إذا لم يحرم على المهدى أن يقص شعره ولا أن يقلم ظفره فلا يحرم على من يريد أن يضحي من باب أولى والذي يظهر والعلم عند الله أن الاستدلال كما قلت لا ينسجم مع ذاك أما الهدى فقد يرسل الإنسان هديه من بداية ذي الحجة وقد يرسل الإنسان هديه من بداية شوال فهل سيمتنع حتى ينحر الهدى في يوم النحر عما يفعله الإنسان إذا كان حلالاً من قص ظفر أو قص شعر أو ما شاكل هذا ففي الحقيقة هناك شيءٌ من المشقة فلا يصح أن نقيس هذا بهذا أو يضاف إلى ذلك كلام النبي عليه الصلاة والسلام هو الفاصل في هذا الأمر وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شيئاً من شعرنا أو من أظفارنا حتى نذبح أضحيتنا نعم ذاك استدلال معتبر بالنسبة إلى قائلة لكن فيما يظهر والعلم عند الله أن ما ذهب إليه الإمام أحمد ومن معه أظهر وأقوى والله جل وعلا أعلم وخلاصة الكلام إخوتي الكرام هذه الأمور الأربعة ينبغي أن ننتبه لها:

1.

تكبير لله جل وعلا في أيام العشر وأيام التشريق.

2.

صيام تسع من ذي الحجة.

3.

إذا لم يمكنك فلا أقل من صيام يوم عرفة.

4.

إذا أردت أن تضحي فامتنع عن إزالة الشعر وقص الظفر حتى تذبح أضحيتك.

أقول هذا القول وأستغفر الله.

ص: 28

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين. وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله رسوله خير خلق الله أجمعين اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيرا وارصد اللهم من الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسررنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

اللهم اغفر لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم ألف بين قلوب أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم أهلك أعداء أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم أنصر أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم أغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.

اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمت وتعلم منا اللهم أحسن لمن حسن إلينا.

اللهم أغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات والحمد لله رب العالمين

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

"والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".

ص: 29