الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النكير على المفتون بالغناء والمزامير
(من خطب الجمعة)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
النكير على المفتون بالغناء والمزامير
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطاً مستقيما، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.
اللهم الحمد كله ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم {فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} .
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله الله رحمةً للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون} .
أما بعد: معشر الأخوة الكرام..
لازلنا نتدارس منزلة ذكر الرحمن في الإسلام وتقدم معنا أن الذكر ضروري للإنسان فهو لقلبه كالماء للسمك ومن أجل ذلك أمرنا الله أن نكثر من ذكره في جميع الأوقات، وتقدم معنا أن فوائد الذكر تزيد على مائة فائدة، وهذه العبادة الجليلة التي لها هذه المنزلة الفاضلة الكريمة قد غيرها المتأخرون وابتدعوا فيها وانحرفوا عنها.
إخوتي الكرام: ولنتتابع فقرات موعظتنا وليكون الحديث موصولاً بما سبق سأتكلم عن فائدة من فوائد الذكر ثم أتابع خطوات البحث.
إن الإنسان عندما يذكر ربه يحصل فائدة عظيمة جليلة يتخلى عن الرذائل، ويتحلى بالفضائل، ففي الذكر تخلية وتحلية، نعم إن من يذكر الله جل وعلا يبتعد عن الرذائل ويحصن نفسه من اللهو واللغو والباطل فالذكر جُنَّة خصينة للإنسان من وساوس الشيطان ومن هزيان اللسان، ثم هو بعد ذلك يتصف بالصفات الكريمات ويقوم عندما يذكر ربه بأفضل الطاعات ولذلك قرر أئمتنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أن أفضل العبادات في حق المخلوقات بعد أداء الفرائض ذكر رب الأرض والسماوات، نص على هذا شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) الجزء العاشر وصفحة ستين وستمائة 10/610 قال شيخ الإسلام (والدلائل القرآنية والإيمانية بحراً وخيراً ونظراً على ذلك كثيرة) وهذا الأمر الذي اتفق عليه أئمتنا أن أفضل العبادات بعد أداء الواجبات ذكر رب الأرض والسماوات، أن يشغل الإنسان نفسه بذكر مولاه، هذا الأمر دلت عليه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة فاخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الذاكرين هم السابقون، وأخبرنا أن عبادة الذكر هي أجل العبادات عند الحي القيوم.
فاستمع إلى تقرير هذين الأمرين من كلام نبينا الميمون عليه الصلاة والسلام، ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن الترمذي، والحديث في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم، فهو صحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال [كنا نسير مع النبي صلى الله عليه وسلم في طريق مكة المكرمة والمدينة المنورة حتى وصلنا إلى جبل يقال له جعدان، وقال سيروا هذا جعدان سبق المفردون، قالوا ومن المفردون يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيراً والذاكرات] ، وفي رواية المسند ومستدرك الحاكم قال النبي صلى الله عليه وسلم[المفردون هم الذين يهذون بذكر الله] أي يولعون ويتعلقون بذكر الحي القيوم في جميع أوقاتهم وأحوالهم.
وفي رواية الترمذي [هم الذين المستهذون بذكر الله يضع الذكر عنهم أوزارهم فإذا وافوا ربهم يوم القيامة وأوفوه خفافا] ، وهذا الحديث كما روي في صحيح مسلم وغيره من رواية أبي هريرة، رواه الطبراني في معجمه الكبير من رواية أبي الدرداء ومعاذ بن جبل أيضاً رضي الله عنهم أجمعين، نعم هؤلاء هم السبقاون لأنهم عبدوا الحي القيوم بأفضل العبادات ألا وهو ذكر الله، وقد نص على هذا نبينا رسول الله عليه الصلاة والسلام، ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجة، والحديث رواه الطبراني في معجمه الكبير، ورواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان وإسناده صحيح كالشمس من رواية أبى الدرداء رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله] ، ولذلك من قام به صار من المفردين، وهذا الحديث رواه الإمام مالك في الموطأ موقوفاً على أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه، وقد رفعه من تقدم ذكرهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام، والحديث صحيح ثابت ورواه الإمام أحمد في المسند بسندٍ صحيح، إلا أنه منقطع من رواية معاذ بن جبل رضي الله عنه.
إذاً الذاكر سابق ويعبد الله بأجل العبادات، ذكر رب الأرض والسماوات.
إخوتي الكرام..
إذا كان للذكر هذه المنزلة كما ذكرت في هذه الموعظة وكما تقدم في المواعظ السابقة، فإن أعلى الأذكار وأفضلها كما تقدم معنا كلام الله جل وعلا، الذي به تحصل اللذة للإنسان عندما يقرأه في هذه الحياة ويتنور قلبه وينشرح صدره وتبتهج نفسه وبه يحصل عظيم الأجر في الآخرة بعد الممات عند رب الأرض والسماوات، ذكر الله عن طريق قراءة كلامه، عبادة جليلة كما أننا ينبغي أن نذكر الله بالتسبيح والتحميد والتهليل وغير ذلك، ينبغي أن نذكره بتلاوة كلامه ووحيه الذي أنزله على نبينا صلى الله عليه وسلم، وكما قلت من تلا هذا الكلام حصل فوائد في العاجل والآجل، وما أعلم ما أصابنا في هذه الأيام عندما أعرضنا عن كلام ذي الجلال والإكرام والمشركون مع شركهم كانوا يستمعون إلى كلام الله جل وعلا ويتلذذون به فاستمع إلى هذه الحوادث التي وقعت في الصدر الأول عند نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.
ثبت في مستدرك الحاكم بسندٍ صحيح على شرط البخاري وأقره عليه الذهبي والحديث رواه البيهقي في دلائل النبوة ورواه الإمام ابن جرير وابن مردويه في تفسيره، والحديث صحيح من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال [جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسمع منه القرآن فلما عاد إلى قومه قال أبو جهل إن الوليد قد جاءكم بوجهٍ غير الوجه الذي ذهب به فسألوه عما سمع فقال لهم والله لقد سمعت كلاماً ما هو بالشعر ولا هو بالسحر ولا هو بالكهانة فأنا من أخبركم بذلك، والله إن له لحلاوة، وعليه لطلاوة] : وهي البهجة والنور والسرور [وإنه لمثمر أعلاه، ومغدق أسفله، وإنه يحطم ما تحته، ويعلو ولا يعلى عليه، وما هو من كلام البشر، فقال أبو جهل إنك أتيت محمداً لتصيب من طعامه قال لقد علمت قريش أنني من أغناهم قال له أبو جهل لن يقنع قومك منك حتى تقول في هذا القرآن شيئاً يرضون به عنك، ثم فكر فقال هذا سحر يأثره محمد عن من سبقه فأنزل الله فيه صدر سورة المدثر {إنه فكر وقدر* فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر * إن هذا إلا قول البشر * سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحةٌ للبشر * عليها تسعة عشر *} سمع هذا القرآن وهذه شهادة كافر بالرحمن ليس بشعر ولا سحر ولا كهانة، وليس من كلام البشر يحطم ما تحته، يعلو ولا يعلى عليه، له حلاوة، عليه طلاوة، أسفله مغدق، أعلاه مثمر.
نعم اخوتي الكرام: كان القرآن يؤثر حتى في نفوس المشركين في الصدر الأول فما الذي أصاب المؤمنين في هذا الحين عندما أعرضوا عن كلام رب العالمين؟
ثبت في مصنف ابن أبي شيبة ومستدرك الحاكم، والحديث رواه البيهقي في دلائل النبوة وأبو نعيم في (دلائل النبوة) أيضاً ورواه أبو يعلى في مسنده وعبد بن حميد في مسنده وابن مردوية في تفسيره وإسناد الأثر حسن من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، والأثر روي مرسلاً من رواية محمد بن كعب القرظي في مغازي محمد بن إسحاق ورواه الإمام ابن المنذر وابن عساكر، كما رواه البيهقي في (دلائل النبوة) أيضاً، فهو من رواية جابر بن عبد الله، ومحمد بن كعب القرظي رضي الله عنهم أجمعين.
وخلاصة الأثر وهو صحيح كما قلت [أن المشركين اجتمعوا في دار الندوة في مكة المكرمة فبعثوا في أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم استقر رأيهم على أن يرسلوا إليه من يفاوضه لعله يترك دعوته، فذهب عتبة بن ربيعة فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وسلم عليه وقال له يا محمد عبت آلهتنا وسفهت أحلامنا وكفرت من مضى من آباءنا، فرقت جماعتنا فسأعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها قال قل ما عندك قال إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جعلنا لك من أموالنا حتى تكون أغنانا، وإذا كنت تريد زواجاً زوجناك أجمل بناتنا، وإذا كنت تريد ملكاً وشرفاً ملكناك وسودناك علينا فلا نقطع أمراً دونك، وإن كان هذا يأتيك رئياً من الجن جمعنا لك الأطباء وبذلنا له الأموال حتى نعالجك منه لتبرأ، فقال له النبي انتهى ما عندك، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم عليه صدر سورة (حم فصلت) {حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتابٌ فصلت آياته قرءاناً عربياً لقومٍ يعملون * بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون} إلى قوله تعالى {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود} فقام عتبة بن ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده على يده وقال يا محمد الله والرحم، والله ما عندنا شك في صدقك ولو دعوت علينا لاستأصلنا الله وأهلكنا فاتق الله فينا فبيننا وبينك قرابة، قال قد سمعت؟ قال نعم: قال أنت وذاك، فذهب إلى قومه فقالوا ما دراءك فقال لهم ما قاله الوليد بن المغيرة، ثم قال لهم أرى أن تتركوا محمداً وشأنه فإن أصابه العرب كفيتموه بغيركم وإن ظهر فملكه ملككم وعزه عزكم وشرفه شرفكم، فقال أبو جهل لقد سحرك محمد، قال هذا رأي فاصنعوا ما بدا لكم] .
انظر كيف يؤثر كلام الله جل وعلا في قلوب العتاة المشركين في الزمن الأول، وقد كان المشركون يتوافدون على النبي عليه الصلاة والسلام في ظلام الليل عندما كان في مكة المكرمة في أول دعوته ويأتي إلى فناء الكعبة في وسط الليل ويتلو كلام الله، ليسمعوا حلاوة هذا الكلام، وكان ذلك التوافد سراً، ثبت في مغازي محمد ابن إسحاق أنه اجتمع ثلاثة من المشركين في وسط الليل أبو جهل وأبو سفيان وأبي بن شريق وهو الأخنس بن شريق ولقب بالأخنس بعد موقعة بدر عندما قال لقومه إن الله ينجي غيركم في أول الأمر فلا داعي للقاء محمد فانخنس معه من انخنس فلقب بالأخنس بن شريق واسمه أبي بن شريق، وقد آمن منهم اثنان أبو سفيان، وأبي بن شريق، وبقى أبو جهل على كفره، كان يجتمعون سراً ولا يعلم أحد باجتماع صاحبه، حتى يطلع الفجر فإذا كادوا جمعهم الطريق فسأل كل واحد صاحبه أين كنت؟ فأخبروا بالحقيقة وقال كل واحد كنت استمع إلى محمد، فقال بعضهم لبعض ويحكم إذا سمع المشركون بكم وأنت وجهاء قومكم سيفتنون بمحمد فتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يأتي أحد منهم في الليلة الثانية، وكل واحد ظن أن صاحبه سيفي بالوعد ولن يحضر، فاجتمع الثلاثة في الليلة الثانية مرة أخرى، فلما أسفر الفجر جمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض أين كنتم؟ فقالوا كنا نستمع إلى محمد فذكر بعضهم بعضاً بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم في الليلة الماضية، وتعاهدوا على أن لا يأتي أحد منهم في الليلة التالية ولا ما بعدها فعادوا أيضاً واجتمعوا في الليلة الثالثة، ثم بعد أن تفرقوا وتعاهدوا على ألا يعودوا ذهب أبي بن شريق وهو الأخنس إلى أبي سفيان قال أخبرني ماذا سمعت من محمد قال سمعت كلاماً عرفته وعرفت ما يراد به وسمعت كلاماً لا أعرف ما يراد به، ثم ذهب إلى أبي جهل قال أخبرني ماذا سمعت من محمد فأخبره، ثم قال له أنشدك الله هل تعلم أن محمد صادق أو كذوب؟ قال والله إنه لصادق وهو رسول الله حقاً، لكننا
تسابقنا نحن وبنو هاشم حتى كنا كفرس رهانٍ، أطعموا أطعمنا، سقوا سقينا، حملوا حملنا، ثم قالوا منا نبي يأتيه خبر السماء والله لا نتبعه أبداً، فأنزل الله عز وجل آية تشير بها إلى ما حصل من هؤلاء ويسلي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل {قد نعم إنه ليحزنك الذي يقولون، فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} وحال أبي جهل وغيره من العتاة كحال عتاة نجد في العصر الأول، كما كانوا يقولون كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر، وهو مسيلمة الكذاب أحب إلينا من محمد.
إخوتي الكرام..
هذا أثر القرآن، وهذا عذوبته في هذه الحياة، وأما بعد الممات فتحصل أجراً عظيماً عند رب الأرض والسماوات، كنت قد بينت أن درجة قارئ القرآن إذا حفظه وفهمه وعمل بما فيه في أعلى الدرجات لأن عدد درج الجنة كعدد آي القرآن كما تقدم معنا من إيضاح أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام، وفي هذه الموعظة أقول إن قارئ القرآن كما أنه في أعلى غرف الجنان، لأنه القرآن يشفع له هو أيضاً يشفعه الله جل وعلا في أسرته في أصحابه وفي أحبابه فهو له هذه المنزلة، شفع له القرآن ثم هو يتقدم ويشفع لعباد الرحمن كما وضح لنا ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، وليس بعد ذلك المقام من مقام.
ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم، والحديث في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم ورواه الطبري في تفسيره والطبراني في معجمه الكبير، والحديث في صحيح مسلم، فهو صحيح من رواية أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين، البقرة، وآل عمران، فإنهما يأتينان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما] تدافعان عن صاحبهما، هذا الإنسان حفظ البقرة وآل عمران فكيف يدخل النيران وفي قلبه كلام الرحمن.
[اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة] قال معاوية بن سلام وهو من رجال الكتب الستة توفي سنة سبعين ومائة للهجرة 170هـ ثقة عدل رضا ـ البطلة: هم السحرة، قال الإمام ابن كثير في تفسيره الجزء الأول صفحة أربعة وثلاثين 1/34 في أوائل تفسير سورة البقرة، وقوله لا تستطيعها البطلة يعني لا تستطيع السحرة حفظ سورة البقرة، وأيضاً لا تستطيع السحرة التقوذ والوصول إلى قلب فيه سورة البقرة، من حفظها صار في حصن حصين، ولا يصل إليه هذا الساحر المهين، لذلك القرآن يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه وإذا شفع القرآن لقارئه فتأهل هذا القارئ بعد ذلك للشفاعة إلى غيره، فانظر لفضل القرآن على غيره يوم القيامة كما أخبرنا عن ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم.
ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، والحديث رواه الحاكم في المستدرك، ورواه البيهقي في شعب الإيمان ورواه الإمام ابن عساكر وابن الأنباري في المصاحف، وابن نصر في كتاب قيام الليل، والآجري في أخلاق حملة القرآن، ولفظ الحديث من رواية معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه وأرضاه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه يوم القيامة حلة ضوءها أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل ذلك] هذا جزاء وفضل والدي قارئ القرآن يكسيان حلة ضوءها أجمل من أجمل من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، لو كانت الشمس في بيوتنا، فكم سينال هو عند الله، والحديث فيه زبان بن فائت المصري، وهو من رجال البخاري في الأدب المفرد وأخرج حديثه أهل السنن الأربعة إلا سنن النسائي، وهو صالح بعد قانت آداب لكن في حفظ ضعف، وهذا الحديث الذي روى من طريق يصل إلى درجة الحسن لوجود شواهد له، فمن ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح على شرط مسلم من رواية بريدة بن الحصين رضي الله عنه بمعنى الحديث المتقدم وهو يشهد لحديث معاذ بن أنس، وروى له شاهد من رواية معاذ بن جبل في مسند إسحاق بن راهوية ومعجم الطبراني الكبير، ووجد له شاهد ثالث من رواية أبي أمامة الباهلي في معجم الطبراني الكبير، ووجد له شاهد رابع من رواية أبي هريرة في معجم الطبراني الأوسط، والحديث لا ينزل عن درجة الحسن لشواهده إن شاء الله، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن قارئ القرآن يشفع لأهل بيته كما ثبت هذا في سنن الترمذي، ومسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة ومسند الدارمي، والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان أيضاً وهو بتفسير ابن مردويه، ورواه الإمام أبو نصر في الإباحة، وقال إسناده حسن غريب، وقد أشار الإمام الشاطبي وهو الإمام التقي الرباني الذي توفي سنة تسعين وخمسمائة للهجرة 590هـ أشار إلى فضل القرآن على تاليه وعلى والديه
في منظومته حرز الأماني فقال عليه رحمة الله:
وإن كتاب الله أوثق شافعٍ
…
وأغنى غناء واهباً متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه
…
وترداده يزداد فيه تجملا
وحيث الفتى يرتع في ظلماته
…
ومن القبر يلقاه سنا متهللا
هنالك يهنيه مقبلا وروضة
…
ومن أجله في ذروة العز يجتلا
يناشد في أرضائه كجيبه
…
واجدر به سؤلا إليه موصلا
فيا أيها القارئ به متمسكا
…
مجلا له في كل حال مبجلا
هنيئاً مريئاً والدك عليهما
…
ملابس أنوار من التاج والحلا
فما ظنكم بالنجل عند جزائه
…
أولئك أهل الله والصفوة الملا
أولو البر والإحسان والصبر والتقى
…
حلاهم بها جاء القرآن مفصلا
عليك بها ما عشت فيها منافساً
…
وبع نفسك الدنيا بأنفاسها البلا
ورواه عدد من أئمتنا من رواية سيدنا عليّ رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [من قرأ القرآن فاستظهره] أي حفظه عن ظهر قلب [فأحل حلاله وحرم حرامه شفعه الله في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار] .
ورواه الترمذي وحكم عليه بأنه غريب، وإسناد ضعيف، وله شواهد في معجم الطبراني الأوسط من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي الإسناد جعفر بن الحارث وقد حكم عليه الحافظ في التقريب بأنه صدوق ولكنه كثير الخطأ ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة، نعم حكم عليه الإمام الهيثمي في المجمع والذهبي في المغني بأنه ضعيف، ووجد له شاهد من رواية أمنا عائشة رضي الله عنها، رواه الخطيب البغدادي كما نص عليه السوطي في الجامع الكبير.
إذن هذه منزلة قارئ القرآن في الآخرة، والإنسان يحصل الفائدة الأولى في الدنيا بتلذذ بمناجاة الله، وينال عظيم الأجر عند الله، ما الذي حصل بعد ذلك، واقع الأمر أن الأمر تغير وتكدر عما كان عليه وكان سلفنا يذكرون الرحمن ويتلوان القرآن ثم حصل في هذه الأمة ما حصل، وكما تقدم معنا أن المتأخرين من الصوفية عكفوا على الغناء والرقص وزعموا أنهم يتقربون بذلك إلى الله جل وعلا، وحقيقة أمرهم عجيب عجيب، متى كان العباد مغنيين راقصين وحصل في هذه الأمة كما في هذه الأيام أناس يدعون الجهاد وأنهم لا يريدون التشدق ولا الصياح إنما يريدون الكفاح، ثم بعد ذلك تخنثوا وتكسروا وقالوا الأشعار بمنتهى الميوعة مع آلات اللهو والطرب وقالوا إننا نجاهد بذلك، أمرهم عجيب، متى كان المجاهدون مطربين مخنثين، أمرهم عظيم فظيع، والله إن هذا اللهو الضلال المبين، إعراض عن ذكر الله، إعراض عن تلاوة كلام الله، أما بقصائد وأناشيد عن المخرفين من الصوفية، وأما بأناشيد الجهاد مع تكسر وخنوثة وميوعة عند من يدعون أنهم الجهاد، وهؤلاء وأولئك كما تقدم معنا علا ضلالة.
وهناك نوع ثالث، من أنواع الأشعار التي تقال وهي في الحقيقة خارجة عن موضوع البحث لأننا نحن نبحث أصالة في شناعة البدعة ووضاعتها وشنيع حال صاحبها لكن من باب استكمال جوانب البحث، كما قلت سأتلكم بصورة موجزة عن نوع ثالث من الأشعار، وجد في هذه الأيام، وعكف عليه الناس لا باسم العبادة، وإنما باسم المجون، باسم الفسق، باسم الشهوة، وهو الأغاني الماجنة الفاسدة،، نعم لا تفعل على أنها عبادة، إنما هناك أشعار زعم الصوفية أنعم يعبدون بها ربهم، وهناك أشعار زعم المجاهدون البطالون في هذه الأيام أنهم يجاهدون ويعبدون بها ربهم، وهناك أشعار بعد ذلك أشعار لهو، أشعار فسق، أشعار مجون يقولها المنحرفون في هذه الأيام ويعكفون عليها أيضاً وحال ذلك بينهم وبين ذكر الرحمن، وبين تلاوة القرآن، هذه الأشعار المجونية التي هي الأغاني الخليفة لا يرتاب أحد في تحريمها وضابط الغناء كما ذكرت سابقاص كلام موزون حقيقي يقال يتكسر وتخنث يشتمل على فحش وغنى وبذاء ذلك إخوتي الكرام ما يقوله المجاهدون في هذه الأيام قلت أنهم وافقوا الغناء في الصيغة وإن خالفوه في الموضوع والمحتوى، إن نقول الفحش والبذئ والحرام، نعم إن الغناء والمجوني جمع بين قبح الموضوع وفساد الصيغة ولإلقاء، هذه الصورة لا خلاف في تحريمها، وإذا صاحبتها آلات اللهو فالأمة محجة على تحريمها كما تقدم معنا وخلاف من خالف في العصور المتأخرة من القرن الخامس إلى هذه الإيام من شذاذ الناس فلا عبرة بخلافهم ومن كان منهم من أهل الصلاح يلتمس له العذر ونستغفر الله لنا وله، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتي الكرام..
هذا الغناء كما قلت بهذا الوصف لا خلاف في تحريمه، ووجد حوله شبهٌ من قبل بعض الناس، هذه الشبه تريد أن تبرر هذا الغناء المجوني، هذا الغناء الذي هو حرام فانتبهوا إخوتي الكرام لهذا الأمر، وكونوا على بينة من ذلك.
هذا الغناء الذي فيه هذان الضابطان رداءة في الموضوع، وردائه في الصيغة، إن صاحبه شيء من آلات اللهو فلا خلاف في تحريمه، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه سيطرأ حالاً على الأمة تستحل هذا النوع من الغناء بنوع تأويل وشبهة وإذا استحلته سيعاقبون بأشنع عقوبة ونسأل الله أن يلطف بنا، فاستمع إلى تقرير هذا من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم، ثبت في صحيح البخاري ومعجم الطبراني الكبير، والسنن الكبرى للإمام البيهقي، والحديث رواه ابن عساكر، ورواه الإمام أبو داود في السنن من رواية أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة يأتيهم الغفير، لحاجة ومساعدة، فيقولون ارجع إلينا غداً فيبتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة]، الحر: جمع حر، وهي الفروج والزنى، والحرير معروف وضبط بالخاء، الخز: وهو نوع من الحرير، والعلم: أي الجبل، والسارحة: هي الماشية، أي يأتيهم الراعي الراعي بماشيتهم ليأخذوا حظهم من اللبن، فيبتهم الله، أي يدخل عليه الليل، ويضع العلم: أي يدكه ويقلبه عليهم المعازف فسرت بأمرين كما نص على ذلك شيخ الإسلام الإمام ابن حجر في فتح الباري عن شرح هذا الحديث وهو في كتاب الأشربة من صحيح البخاري باب فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، في الجزء العاشر صفحة خمسة وخمسين 10/55 يقول (المعازف هي: جميع آلات اللهو بلا خلاف بين أهل اللغة، ونقل عن الجوهري أن المعازف تشمل الغناء أيضاً وعليه المعازف يدخل تحتها نوعان، غناء: وهو كلام يشمل على فحش وحتى يقال بتكسر وتخنث، ومعازف: وهي آلات اللهو التي فشت في هذه الأيام.
وقال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في الجزء الحادي عشر صفحة ستة وسبعين وخمسمائة 11/576 المعازف هي آلات اللهو بلا خلاف بتعين العلماء، وهذا ما قرره الإمام ابن القيم أيضاً في كتابه إغاثة اللهفان الجزء الأول صفحة ستين ومائتين 1/260 والإمام الذهبي تعرض إلى تفسير المعازف في عدد من كتبه، انظروا مثلاً سير أعلام النبلاء الجزء الواحد والعشرين صفحة ثمانية وخمسون ومائة، وتذكرة الحفاظ في أواخر الجزء الرابع صفحة سبعة وثلاثين وثلاثمائة 4/337 بعد الألف، يقول هذا الإمام المبارك، المعازف هي جميع آلات اللهو من الدف والصنوج والشبابة والراعي، وغير ذلك، هذه كلها آلات لهو وهي المعازف، والحديث كما ترون إخوتي الكرام.
أولاً: صحيح ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ودلالته واضحة صريحة في تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب، وهتان الدلالتان نازع فيهما كثيراً من بني الإنسان في هذه الأيام يقرون لكتبها من عجيب، فنازعوا في الدلالة الأولى وقالوا الحديث لا يصح، كما نازعوا في الدلالة الثانية وقالوا لا يدل علماً تحريم الغناء ولا آلات اللهو، من العازف والمزامير، ولا بد من مناقشة في هاتين الشبهتين، فكونوا على بينة من ذلك اخوتي الكرام.
أما أولاً: فالحديث صحيح وغاية من تكلم فيه من ابن حزم والذي توفي سنة ستة وخمسين وأربعمائة للهجرة 456هـ فمن بعده قالوا إن الحديث منقطع لأنه معلق والإمام البخاري يقول في صحيحه وقال هشام بن عمار وهو من شيوخ الإمام البخاري وقد روى عنه أهل الكتب الستة إلا مسلماً وقد توفي هشام بن عمار سنة خمسة وأربعين ومائتين للهجرة 245هـ، وهو من الأئمة القراء المحدثين الكبار كان أحمد بن أبي المواري، وهو أحمد بن عبد الله بن ميمون الذي توفي بعده بستة وهو ريحانة الشام، وهو ثقة عابد صالح زاهد حديثه في سنن أبي داود وابن ماجة يقول إذا حدثت في بلد فيها هشام بن عمار فينبغي للحيثي أن يتخلف، ويكفيه جلالة أن البخاري من تلاميذه، وهكذا كما قلت أهل السنن الأربعة، وقال هشام بن عمار، فقال هنا لم يشرح البخاري بالتحديث والسماع، وهذا كلام مردود لا وزن له ولا اعتبار، فهشام بن عمار من شيوخ البخاري، والتلميذ إذا روى عن شيخه بصيغة السماع أو التحديث أو الأخبار أو العنعنة أو القول فقال قال أو عن أو سمعت أو حدثني أو أخبرني كلها حكمها واحد، إذا لم يكن التلميذ من، وما وصف أحد من خلق الله إمام المحدثين وشيخ المسلمين، أعني الإمام البخاري بالتدليس فروايته عن هشام بن عمار بأي طريق كان عن أو قال أو أخبرني أو حدثني، محولة على الأثقال قطعاً وجزماً، وهذا ما أشار إليه أئمتنا الكرام في كتب المصلح فاستمع لقول شيخ الإسلام الشيخ زين الدين عبد الرحمن الأثري عليه رحمة الله عندما يقول:
وإن يكن أول الإسناد حذف
…
مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف
أي هو حديث معلق، إذا حذف من مبدأ إسناده رادٍ فاكثر، أما الذي ولو إلى آخره.
أما الذي عزا لشيخه يقال
…
فكذا عنعنة كجز المعازف
لا تصغ لأبن حزم المخالف.
نعم أئمتنا كان يوردون هذا في كتب المصطلح وفي كتب الفقه ويبينون أن شذوذ ابن حزم لا ينبغي أن يؤخذ به، ولذلك قال أئمتنا في تحريم الغناء والمعازف والمزامير.
واحزم على التحريم أي حزم
…
والحزم إلا تتميع ابن حزم
الأمر الثاني: هشام بن عمار كما قلت من شيوخ البخاري، وقد أورد الإمام البخاري هذا الأثر في صحيحه، وقد أشترط ألا يورد فيه حديثاً صحيحاً فهو حديث صحيح على حسب شرطه.
الأمر الثالث: لو سلمنا لكم أن الحديث معلقٌ وحذف من مبدأ إسناده راد فاكثر وبين البخاري وبين هشام بن عمار واسطة، لو سلمنا فالبخاري قد رواه عن شيخه بصيغة الجزم علقه عنه بصيغة الجزم، وقد اتفق أئمتنا على أن معلقات الصحيحين بصيغة الجزم محكوم بصحتها إلى من أضيفت إليه، وعيه فهذا الأثر ثابت، ومن هشام بن عمار السند متصل إلى نبينا المختار عليه الصلاة والسلام، فإذاً القول بأن هذا الإسناد صحيح وأنه حوله كلام هذا لغو ينبغي أن يطرح.
الأمر الثاني: تقول إن هذه الرواية التي رواها البخاري من طريق شيخه هشام بن عمار قد وصلت، وصلت إذا كنتم ترون أنها معلقة فساقها الإمام البيهقي، وابن عساكر والطبراني بأسانيد متصلة إلى هشام بن عمار إلى نبينا عليه الصلاة والسلام، ووجد متابع في سنن أبي داود بإسناد صحيح لهشام بن عمار، فإذا زال ما نخشى منه أنه يحتمل انقطاعاً في السنة.
الأمر الثالث: هذه الرواية لها شواهد كثيرة زادت على العشرة من رواية أكثر من عشرة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فيها المعنى، انظروا هذه الروايات في (إغاثة اللهفان) في الجزء الأول صفحة ستين ومائتين 1/260 فروى ما يشهد لهذه الرواية، من رواية أمنا عائشة، وعليّ رضي الله عنه، وعمران بن حصين، ومن رواية عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعبد الرحمن سابط، وأنس بن مالك، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، فوجد ما يشهد لهذه الرواية لو كانت ضعيفة لتقوت، فكيف وهي في صحيح البخاري وقد ثبت في سنن ابن ماجة بسندٍ صحيح في كتاب الفتن في باب العقوبات، وفي صحيح بن حبان من رواية أبي مالك الأشعري رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والغنيات يخسف الله بهم الأرض ويمسخ منهم قردة وخنازير] والحديث كما قلت بإسناد صحيح، فهذا له شواهد كثيرة، فالقول بعد ذلك بأن الحديث فيه ضعف دندنة مردودة باطلة، نعم كما قلت أول من فتح الباب ابن حزم، والكلام مردود عليه، وتبعه الغزالي وهذا مردود عليه وقد توفي سنة خمسة وخمسمائة للهجرة 505هـ وتبعه محمد بن طاهر أبو الفضل المقدسي المتوفى سنة سبعة وخمسمائة للهجرة 507هـ، ويقارب هؤلاء الإمام أبو بكر بن العربي الذي توفي سنة ثلاثة وأربعين وخمسمائة هـ وكلهم أئمة أعلام لكن لا يجوز للإنسان أن يأخذ بزلل العلماء الكرام، وتقدم معنا مراراً أن من أخذ برخصة كل عالم اجتمع فيه الشر كله، ومن تبع زلل العلماء تزندق أو كاد إخوتي الكرام، وعليه ما يثار في هذه الأيام من أن الأحاديث التي تحرم الغناء المجوني الذي ذكرته، والأحاديث التي تحرم المعازف والمزامير كلها مثخنة بالجراح، هذا كلام باطل، لا وزن له، ولا اعتبار، حديث في صحيح البخاري وقالوا عنه أنه مثخن بالجراح سبحان ربي
العظيم، وإذا شذ من شذ من بعض العلماء ورد عليهم شذوذهم وأخطأ من أخطأ من بعض العلماء ورد عليهم خطأهم، نأتي ونجعل ذلك القول حجة لنا في ترك كلام نبينا عليه الصلاة والسلام، والله إن هذا هو الباطل بعينه، إنها مثخنة بالجراح، لا ثم لا، إنها ثابتة في أصح الكتب بعد كتاب الله.
إخوتي الكرام..
نشهد في هذه الأيام حملات منكرة على سنة نبينا أمام البررة عليه الصلاة والسلام، الأحاديث التي ثبتت في تحريم الغناء والمزامير والمعازف مثخنة بالجراح، وواحد آخر يوصف في هذه الأيام بأنه إمام الوسطية يقول في كتابه قذائف الحق صفحة ثلاثة ومائة صـ103، انظر إلى معاملة إلى سنن النبي عليه الصلاة والسلام، في هذه الأيام يقول وأنا شخصياً متوقف في هذا الحديث لم أنته فيه إلى حل حاسم، والحديث ما ذكره عما قريب غمس الذباب إذا وقع في الشراب ثم طرحه بعد ذلك، وهب الله شخصاً قال أنا لا أصدق حديث الذباب، هل يكون من الكافرين كلا، فما قال أن من أركان الإيمان أن نؤمن بالله واليوم الآخر وأن نغمس الذباب في الشراب كلام في ظاهره معسول لكنه في الحقيقة مستهجد مرذول، وأنا أقول لهذا ولأمثاله أليس من أركان الإيمان أن نؤمن بأن نبينا محمداً رسول الله حقاً وصدقاً، وإذا آمنا بأنه رسول الله ينبغي أن نعلم بأنه صادق فيما أخبر، ينبغي أن يطاع فيما أمر، ينبغي أن ننتهي عما عنه زجر وحذر عليه الصلاة والسلام، وعندما أخبرنا بأن في أحد جناحي الذباب داءً وفي الآخر شفاءً إذا كنا نؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام فينبغي أن نصدقه فيما أخبر وألا يترد كلامه بأوهامنا وعقولنا، وهذا الحديث ثابت من رواية ثلاثة من الصحابة ثبوت الشمس في رابعة النهار، ثابت من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه في مسند الإمام أحمد، وصحيح البخاري، وسنن ابن ماجة، وسنن أبي داود، وصحيح ابن حبان، والحديث في مسند الدارمي عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال [إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينقله فإن في أحد جناحه داءً وفي الآخر شفاءً] والحديث في صحيح البخاري، ويقول هذا العبد أنه متوقف فيه لم ينته فيه إلى حد حاسم، يا عبد الله أنت وأمثالك ضعوا عقولكم تحت أرجلكم، فوالله ثم والله لا يتحقق الآيات فيكم وفي غيركم إلا إذا جعلتم هواكم تبعاً لشرع نبيكم عليه الصلاة
والسلام.
والحديث الثاني من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه، إسناده كالشمس وضوحاً، وهو في المسند أيضاً وسنن ابن ماجة، ورواه الإمام الطيالسي في مسنده، وهو في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم، ومسند أبى يعلى، وإسناد صحيح من رواية أبي سعيد الخدري، وروي أيضاً من رواية سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه في مسند البزار، ومعجم الطبراني الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح، كما نص على ذلك شيخ الإسلام الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد الجزء الخامس صفحة سبعة وثلاثين 5/37 من كتاب الأطعمة باب الذباب إذا وقع في الإناء، يغمس ثم بعد ذلك يلقى، كلام ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام من رواية ثلاثة من الصحابة الكرام ينقل في دواوين الإسلام، يأتي بعد ذلك إنسان في هذه الأيام ويقول أنا شخصياً متوقف في هذا الحديث.
كنت توقفت فلا تضر إلا نفسك، كان ماذا، وهل سنترك سنة نبينا عليه الصلاة والسلام لتوقفك أو تقدمك، لا ثم لا، لعل ينتظر آراء الغرب ليقولوا هل هذا الكلام مقبول أو مردود ثم قال: هب أن إنساناً، وهذا الحديث، هل يطعن هذا في دين، لا ثم لا، لأن أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام صارت عند الأمة في هذه الأيام كأنها كرة تضرب بالأرجل، وهكذا إخوتي الكرام يشن هذا المسلك مسلك آخر لإنسان يقال عنه في هذه الأيام أنه بخاري هذا العصر، لكن بخاري هذا العصر ما سلم منه البخاري في الأصل، صحيح البخاري ما سلم من هذا الذي يقال عنه إنه بخاري العصر، حديث في صحيح البخاري يتجرأ بكل شدة وغلظة وعنف على رده وتضعيفه مع أنه في أصح الكتب بعد كتاب الله، والحديث هو في المسند وصحيح البخاري وسنن ابن ماجة، والمنتقى للإمام ابن الجارود ورواه الإمام البيهقي في السنن الكبرى والطحاوي في مشكل الآثار، وهو في صحيح البخاري من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه فلم يعطه أجره] يقول في تعليقه على ضعف الجامع هذا أول حديث ضعيف أورده وهو في صحيح البخاري وأنا مضطر لإيراده، من الذي اضطرك ما اضطرك إلى ذلك إلا شذوذك، ما اضطرك إلى إيراد هذا الحديث الذي هو في صحيح البخاري والحكم عيه بالضعف إلا لشذوذك، وأي بعد ذلك آمة فيه، ثم بعد ذلك تأتي بكلام الحافظ ابن حجر لتبرر به كلامك، ألا أخذت بكلام الحافظ ابن حجر في توثيق رواية هذا الإسناد والدفاع عنه وتصحيحه في الفتح، وفي هدى الساري في مقدمة فتح الباري.
إخوتي الكرام: إن سنة النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الأيام يحصل حولها ما يحصل وليس للسنة إلا ربنا الرحمن لك الله يا سنة خير خلق الله عليه الصلاة والسلام، هذا يقول عنها مثخنة بالجراح، وذاك يقول عنها إنه متوقف فيها، وهذا يقول عنها إنها ضعيفة، رفقاً بأنفسكم واتقوا ربكم، وإذا تركت أيضاً من يتكلم عن الحديث، وذهبت إلى جانب من يفتي لقلت إن كثيراً من المفتين في هذا الحين إنهم أحق بالسجن من السارق كما قال شيخ الإسلام الإمام ربيعة لرأي توفي سنة ستة وثلاثين مائة للهجرة 136هـ وهو إمام ثقة عدل ففيه شيخ الإمام مالك عليهم جميعاً رحمة الله، يقول كما ينقل عنه الإمام ابن عبد البر في آخر بيان العلم وفضله الجزء الثاني صفحة واحد ومائتين 2/201 وهو قبل نهاية الكتاب بثلاث صفحات، يقول إن كثيراً ممن يفتي في هذه الأيام (وهذا في القرن الثاني) أحق بالسجن من السارق فماذا تقول أيها الإمام لو أدركت زماننا ورأيت من يفتي يبرر لبث الصليب وأن الصليب إذا لبث لأنه جرت به الأعراف الدولية.
فلا حرج على لابسه ولا ضير، كيف لو أدركت حالنا أيها الإمام؟ إذا كان في العصر الثاني بعض من يفتي أحق بالسجن من السارق فماذا يقول ربيعة لو أدرك الأمة في هذه الأيام.
إخوتي الكرام: ينبغي أن نجعل هو أن لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم فهذا الحديث حديث صحيح ودندنة من دندن حوله مردود عيه دندنته، ولا عبرة لكلامه ولا باعتراضه،
وأما اللفظ الثاني الذي أثاروا حول الحديث قالوا على التسليم أن المراد بالمعازف الغناء والمعازف هي أيضاً آلات اللهو فهذا الحديث لا يفيد تحريمها. لم؟ قال: لان هذه الدلالة اقتران، المحرم هو مجموع هذه الأمور، هؤلاء يكونون عند العلم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، فالوعيد لمن قرن بين هذه الأمور الأربعة، أما إذا غنَّى أو استعمل آلات اللهو والطرب فلا حرج عيه ولا عار، العار لأن العزف اقترن بخمر واقترن باستحلال الزنا واستحلال الحرير، فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة واقترنت هذا حرام.
وأنا أقول إنكم قلتم قولاً يضحك البهائم، فهل إذا استحل الإنسان الزنا بمفرده ليس بحرام؟ وهل إذا استحل الخمر فقط دون معازف فهو حلال؟ وهل إذا استحل الزنا فقط فهو حلال؟ وهل إذا استحل الحرير فقط فهو حلال؟
من قال هذا، إن هذه الأمور الأربعة إذا اجتمعت يزداد التحريم والتأثيم، وإذا وجد واحد منها ففعلها أيضاً حرام. وعندما قال الله في كتابه في سورة الحاقة، في حق فيمن يؤتى كتابه بشماله، ويأخذ كتابه بشماله، يقول الله جل وعلا: في {إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين *} فإذاً فيه صفتان، فما أعظم الرحمن، ولا أشفق على عباد الرحمن، لكنه كان يساعد المساكين، هل هذا سيدخل جنات النعيم؟ تقول دلالة الاقتران، لابد أن توجد فيه الصفتان؟ من قال هذا؟ فإذاً هنا قول النبي عليه الصلاة والسلام [يستحلون الحر] حرام بمفرده أو أن اجتمع مع محرم غيره؟ والحرير والخمر والمعازف.
اخوتي الكرام: إن الغناء محرم بلا خلاف عند أئمة الإسلام، وكما قلت كلامنا في هذه الموعظة مختصر حول هذا الأمر، وسأختمها بالمقاصد التي من أجلها حرم الله علينا الغناء والمعازف والمزامير، وأبرز هذه المقاصد أمران.
الأول: منها، إن الغناء يحرك الشهوات ويثير الغرائز إلى فعل المحرمات، فهو كما قال سيد المسلمين الفضيل بن عياض عليه رحمة الله رقبة الزنا، ووالله هو أنجى الرقي في الوصول إلى هذه الجريمة المحرمة، ومن تتمنى زنا وتمني.
والآفة الثانية: التي من أجلها حرم علينا الغناء، أنه يصدنا عن ذكر الله، يصدنا عن تلاوة كلام الله حيث يجعل في قلب الإنسان نفاقاً، فالغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب، ولذلك من عكف على الغناء ينحرم من سماع القرآن وأعرض عن ذكر الرحمن، ورضي الله عن الإمام الضحاك عندما قال (الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب) ولذلك قال الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز لمؤدب أولاده ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بُغْضُ الغناء الذي مبدؤه من الشيطان ونهايته سخط الرحمن.
إخوتي الكرام: كما قلت لا يسلم لهؤلاء منازعتهم حول صحة الحديث ولا حول دلالته، فالحديث صحيح ودلالته واضحة صريحة في أن من عكف على الغناء والمعازف والمزامير واستحلها فهو مهدد بعقوبة من الله الجليل بأن يمسخ قرداً وخنزيراً، بأن يخسف الله به الأرض، وأما ما قاله بعض المعاصرين، في توجيه حديث سند ابن ماجة الذي ذكرته وصحيح ابن حبان أنه [أناس يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها، ويعزف على رؤوسهم بالمغنيات والمعازف يخسف الله بهم الأرض، ويمسخ منهم قردة وخنازير] قال إن هذا المسخ ليس بلازم إن يكون في الصورة والحقيقة، إنما تمسخ القلوب والأرواح فيصبح الواحد إنساناً في صورة إنسان ولكنه في الحقيقة في نفسه خنزير، نفسه خنزير وروح قرد، سبحان ربي العظيم، ما هذا التكلف ولم هذا التنطع في تأويل الحديث، هلا أولت إذاً الصفة الأولى، وهي يخسف الله بهم الأرض، هل هذه مؤولة أم على ظاهرها؟ هلا قلت فيها يخسف الله بهم الأرض إلا يجعل لهم مكانة عليها، كما أولت الصفة الثانية، وهلا تلاعبت في شقي الحديث، أم تلاعبت في شقه الآخر يمسخهم الله قردة وخنازير على وجه الحقيقة، ويخسف الله بهم الأرض على وجه الحقيقة، هذه عقوبة مهدد بها من فعل هذا وفعل هذا العقوبة موكول إلى مشيئة الله وقد وقع المسخ في الأمم السابقة وهو واقع في هذه الأمة، نسأل الله أن يلطف بنا وأن يرحمنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
أقول هذا القول واستغفر الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله خير خلق الله أجمعين، اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، وارض اللهم على الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إخوتي الكرام: كما قلت إن تحريم الغناء وآلات اللهو من جميع آلات المعازف لا خلاف في تحريمها عند أئمتنا، والإمام بن القيم له كلام كثير حلو جميل في تقرير هذا سأقتطع منه أمراً ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أبداً، ألا وهو، إن الأمر إذا اشكل علينا هل هو مباح أو حرام فلننظر إلى ثمرته، والأثر الذي يترتب عليه، فإن ترتب عليه ثمرة حسنة وثمار طيب فهو مباح حلال، وإن ترتب عليه آثار ضارة سيئة فهو حرام قطعاً وجزماً.
يقول في مدارج السالكين الجزء الأول صفحة ستة وتسعين وأربعمائة 1/496 القاعدة الثالثة، إذا أشكل على الناظر أو على السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته، بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي لا سيما إذا كان طريقاً مفضياً إلى ما يغضب الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم موصلاً إليه عن قرب وهو رفعه له ورائد له وبريد له، فهذا لا يشك في تحريمه أولو البصائر فكيف بظنه بالحكم الخبير إن يحرم مثل رأس الإبرة من المسكر لأنه يسوق النفس إلى السكر، التي يسوقها إلى المحرمات ثم يبيح ما هو أعظم منه سوقاً للنفوس إلى الحرام بكثير، لا يمكن في حكمة ربنا أن يحرم قليل الخمر لأنه يسوق إلى السكر الذي يترتب عليه فعل المحرمات ثم يبيح الله سماع الغناء والمعازف التي هي أعظم سوقاً للنفس إلى المحرمات من الخمر بكثير، فإن الغناء هو رقية الزنا، وقد شاهد الناس إنه ما عاناه صبي إلا فسد ولا امرأة إلا وبغت، ولا شاب إلا، وإلا، ولا شيخ إلا وإلا، والعيان من ذلك يفتى عن البرهان، ولا سيما إذا جمع ـ أي الغناء ـ هيئة تحدوا النفوس أعظم جدو إلى المعصية والفجور ـ يعني كان المغني بصورة حسنة بأن يكون على الوجه الذي ينبغي لا من المكان وإلا مكان والعشراء والأخوان، وآلات المعازف من والدف والأوتار والعيدان وكان القوال شادن شجي الصوت لطيف الشمائل من المردان ذو النسوان وكان القول في العشق والوصال والصد والهجران.
وقال في الإغاثة صفحة سبعة وأربعين ومائتين صـ247 كم من حرة صارت بالغناء من البغايا وكم من حر أصبح به عبداً للصبيات وللصبايا، وإذا اجتمع إلى هذه الرقية، وهي الغناء ـ الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء من غير جماع لحبلت من هذا الغناء، لما يؤثر فيها.
هذا اخوتي الكرام متفق على تحريمه بين أئمتنا، نعم ما نقل عن بعض أئمتنا الكرام من الترخص في الغناء، فقلت إنه غناء من حيث التسمية لا من حيث الحقيقة فهي أشعار كما تقدم معنا جزلة فصلة ترقق القلوب تذكر بالآخرة، تزهد في الدنيا، هذا ما كان يقوله أئمتنا كما تقدم معنا من تقرير كلام الإمام أحمد وغيره عليهم جميعاً رحمة الله جل وعلا.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً ورزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرهنا فيه، اللهم اجعل هوانا تبعاً لشرعك بفضلك ورحمتك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً.
اللهم صل على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم احسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك، اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر لمن جاوره من المسلمين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات وصل الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً. والحمد لله رب العالمين..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
{والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر *} .