المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شخصية الخليفة العباسي المستعصم بالله ومهادنته للتار - دروس الدكتور راغب السرجاني - جـ ٧

[راغب السرجاني]

فهرس الكتاب

- ‌التتار وغزو العراق

- ‌نشوء دولة التتار وأول زعمائها

- ‌العوامل المؤدية إلى سرعة تكون دولة التتار

- ‌أسباب غزو التتار لبلاد المسلمين

- ‌غزو التتار لبلاد خوارزم شاه وتدميرهم لمعظم المدن

- ‌وفاة جنكيز خان واجتياح بقية البلدان الإسلامية بعد وفاته بخمس سنوات

- ‌اجتياح التتار لبلاد روسيا وأوروبا وتضييق الخناق على الخلافة العباسية

- ‌ظهور شخصية هولاكو والأساليب التي استخدمها لإسقاط العراق

- ‌شخصية الخليفة العباسي المستعصم بالله ومهادنته للتار

- ‌حرب التتار للخلافة العباسية ببغداد

- ‌الحصار الاقتصادي والعسكري والنفسي على بغداد

- ‌تسليم الخليفة العباسي زعيمي فكرة الجهاد في بغداد وأتباعهما لهولاكو

- ‌رسالة من هولاكو بتزويج ابنته من ابن المستعصم مقابل شروط جديدة

- ‌دور الإعلام الإسلامي في مضاعفة المأساة وإضعاف معنويات المسلمين في ذلك الوقت

- ‌اجتياح هولاكو بغداد وقتله الخليفة وأبناءه وكبراء قومه من الوزراء والعلماء

- ‌ولاء ملوك الشام وشمال العراق والأناضول لهولاكو بعد سقوط بغداد

- ‌اجتياح هولاكو بجيشه بلاد الشام

- ‌وضع مصر من الناحيتين السياسية والاقتصادية حال سقوط بغداد والشام في أيدي التتار

- ‌استلام قطز حكم مصر واستعداده لمواجهة التتار

- ‌تجاهل قطز رسائل التتار وتوجهه بجيشه إلى فلسطين

- ‌إقامة قطز معاهدة مع إمارة عكا المسيحية

- ‌معركة عين جالوت

- ‌فوائد إيمانية من معركة عين جالوت وأسباب النصر فيها

- ‌وفاة قطز

الفصل: ‌شخصية الخليفة العباسي المستعصم بالله ومهادنته للتار

‌شخصية الخليفة العباسي المستعصم بالله ومهادنته للتار

تعالوا لنأخذ نظرة على هذا الخليفة، حتى إذا قرأتم وصفه في كتب التاريخ لم تستغربوا، الخليفة هو المستعصم بالله، فيا لها من أسماء عظيمة جداً في ذلك الزمن.

يصفونه بأنه كان رجلاً عالماً محباً للعلم والعلماء، وكان رجلاً كريماً محباً للسنة ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يعني: أن المستعصم بالله كان رجلاً جيداً في ذاته، لكنه افتقر إلى أمور لا يصح أن يفتقر إليها حاكم مسلم، افتقر إلى حسن الإعداد والتنظيم، وإلى الكفاءة في إدارة الأمور، وافتقر إلى علو الهمة، وإلى الأمل في الصدارة أو التمكين، وافتقر إلى الشجاعة التي تمكنه من أخذ قرار الحرب في وقته المناسب، وافتقر إلى القدرة على تجميع الصفوف وتوحيد القلوب ونبذ الفرقة ورفع راية المسلمين، وافتقر كذلك إلى اختيار أعوانه؛ ففشت في بلاده بطانة السوء.

كان الخليفة جيداً في عبادته وعقيدته، ولكنه لم يتعد ذلك إلى غيره، فهو أمام المجتمع والدولة والشعب لم يكن بالذي يستطيع أن يتحمل المسئولية، فقد كان في استطاعته في ذلك الزمن أن يعد -من داخل العراق فقط مائة وعشرين ألف فارس، فضلاً عن المشاة والمتطوعين، فقد كان جيش التتار الذي كان يحاصر بغداد مائتي ألف، فكان الأمل كبيراً جداً في رد الغزاة، ولكنه كان مهزوماً من الداخل، فاقداً للروح التي تمكنه من المقاومة، لم يرب شعبه على الجهاد، ولم يعلمهم فنون القتال، فكان لا بد أن يدفع الشعب كله والخليفة معهم الثمن، لم يدرك الخليفة أنه كان بإمكانه أن يكون عظيماً من عظماء التاريخ، وخالداً في الذكر بين الخالدين لو أنه اعتمد على ربه ثم على شعبه، لكنه مع الأسف اعتمد على بطانة السوء التي تؤخر كثيراً ولا تقدم شيئاً.

ظهرت في بغداد دعوة للجهاد مع كل هذه الملابسات، قاد هذه الدعوة رجل اسمه مجاهد الدين أيبك، ورجل آخر اسمه سليمان شاه، وكان لهما الرأي في المقاومة، لكن الخليفة أخذ برأي الوزير الشيعي مؤيد الدين العلقمي في مهادنة التتار، واقتربت اللحظات الأخيرة، وقرر هولاكو أن يأخذ الخطوات اللازمة لدخول بغداد، ولتحسين الصورة أمام الخلفاء ولتفتيت الشعوب التي قد تثور، أراد هولاكو أن يقوم بحيلة خبيثة وهو أن يطلب من الخليفة طلباً ما، فإذا رفضه كان هذا إيذاناً بإعلان الحرب على بغداد، ولا بد أن يكون الطلب مستحيلاً حتى لا ينفذه الخليفة، طلب منه أن يرسل له بجيش يساعده في حرب طائفة الإسماعيلية في شمال إيران، ولو أن الخليفة العباسي أخرج هذا الجيش فإنه سيترك بغداد والعراق بلا جيش تقريباً، ولو دخل التتار إلى بغداد عنوة ورفعوه عن الكرسي فلن يعيدوه إليه أبداً، لذلك قرر الخليفة ألا يستجيب لطلب التتار بإخراج جيش لحرب طائفة الإسماعيلية وكانت هذه بداية الحرب.

ص: 9