المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها تأليف: عبد - آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها

[عبد المحسن العباد]

الفصل: آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها تأليف: عبد

آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها

تأليف: عبد المحسن بن حمد العباد البدر

بسم الله الرحمن الرحيم

ال‌

‌مقدمة

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أكرمه الله فجعل القرآن له خلقا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيّبين الشرفاء، وأصحابه أولي الفضائل والنهى ومن سلك سبيلهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن أهم المهمّات وأولى ما تُعمر به الأوقات، الاشتغال والعناية بكتاب الله حفظاً وتلاوة وتدبّراً وتعلّماً وتعليماً وتأليفاً.

وكتاب الله خير الكلام وأحسن الحديث وأصدق القول، وقد وصفه الله بكونه عظيماً وحكيماً ومجيداً وكريماً وعزيزاً ومبيناً ونوراً وهدى ومباركاً، وغير ذلك من الأوصاف.

وقد تكفّل الله بحفظ كتابه الكريم فقال {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ، وتحقّق هذا الحفظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان صلى الله عليه وسلم عندما يُلقي عليه جبريل القرآن يحرّك لسانه به ليعجل في حفظه، فأمره الله عز وجل أن يصغيَ عند سماعه، ووعدَه بأن يتحقّق له حفظه فلا يفوته منه شيء، قال الله عز وجل {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ نَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} .

ص: 3

وأيضاً فقد كان جبريل يدارس الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن في كل شهر رمضان مرة، وفي العام الذي قبض فيه دارسه القرآن مرتين.

وتحقق حفظ القرآن لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بتلقّيهم القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فشيئاً خلال مدّة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدّة البعثة كما قال الله عز وجل {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} [الإسراء:106] ، فتمكّنوا من حفظه وتدبّره والتفقّه فيه.

وتحقّق حفظ القرآن لخلفائه الراشدين، فقد قام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه بجمعه في صُحُفٍ، ثم قام الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه بجمعه في مصحف توارثه المسلمون على مختلف العصو، وتلقّاه بعضهم عن بعض.

وتحقّق حفظ القرآن للمسلمين على مختلف عصورهم وأزمانهم بتوفيق الله الألوف المؤلّفة منهم للقيام بحفظه في صدورهم، فلو زاد أحد في القرآن حرفاً أو نقص حرفا لتنبّه لذلك الألوف من الحفّاظ، فبيّنوه وأظهروا خِزيَ من فعله. وأذكر أن الجامعة الإسلامية بالمدينة بعثت قبل ربع قرن من الآن (1423هـ) بعض طلبتها الحافظين لكتاب الله إلى بعض البلاد الأوروبية في شهر رمضان ليصلوا صلاة التراويح ببعض الجمعيات هناك، ومن بينهم طالب وصل إلى مطار إحدى المدن ولم تكن معه الورقة الصحية، فأبقوه في محجر مدّة ثلاثة أيام، فوجد فيه مصحفاً حصل فيه تحريف، وكان حافظا لكتاب الله فقرأ المصحف وصحّح ما فيه من تحريف وتركه في مكانه.

وتحقّق حفظ القرآن بعد ظهور آلات الطباعة، بطباعة القرآن الكريم بأحجام مختلفة وبملايين النسخ، مما حصل به وصول القرآن لكل من أراده في كلّ

ص: 4

مكان بسهولة ويسر.

وفي العصر الحاضر وفّق الله حكومة المملكة العربية السعودية لإنشاء مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فطُبع فيه ملايين النسخ من القرآن كاملاً وأجزاء منه، بأحجام مختلفة تمَّ توزيعها ووصولها إلى أماكن كثيرة من العالم.

ومن المعلوم أن حفظ المسلم كتاب الله في صدره من أعظم النعم وأجلّ الغنائم، لأنه يتيسّر لحافظه تلاوته في أحواله المختلفة، مصلياً وقائماً وماشياً وجالساً ومضطجعاً.

وإن مما يفيد في حفظ القرآن، معرفة الآيات المتشابهة الألفاظ وكيف التمييز بينها.

وقد كنت عند تلاوة القرآن أقف عند بعض الآيات المتشابهة الألفاظ لمعرفة أماكن ورودها في القرآن، وأتأمل في التمييز بين تلك الآيات، فتيسّر لي معرفة آيات كثيرة متشابهات الألفاظ، وانتهيت في معرفة التمييز بين تلك الآيات إلى تقسيمها إلى خمسة أقسام، مع وضع خط تحت الحرف أو الكلمة التي يكون بهما التمييز بين المتشابه، وذلك بالتقديم والتأخير بين الحروف في القسم الأوّل والثاني، وزيادة حرف أو أكثر أو كلمة فأكثر في القسم الثالث والرابع.

وقد رتّبت كلَّ قسم على حِدى حسب ترتيب سور القرآن، وأذكر الآيات المتشابهة في الموضع الأول ثم لا أعود إلى ذكر ذلك في السور الأخرى، وهذه هي الأقسام:

القسم الأول: ما كان التشابه فيه بين كلمتين أو أكثر والموضع المتقدّم في القرآن مبدوء بحرف متقدّم من حروف الهجاء.

ص: 5

وأوّل موضع في هذا القسم: قوله تعالى في سورة البقرة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} وقوله {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} ، فإن التشابه بين هاتين الآيتين في كلمتي {يَرْجِعُونَ} و {يَعْقِلُونَ} والراء في الموضع الأوّل {يَ رْجِعُونَ} وهي متقدّمة في حروف الهجاء على العين في الموضع الثاني {يَعْقِلُونَ}

القسم الثاني: ما كان التشابه فيه بين كلمتين أو أكثر والموضع المتقدّم في القرآن مبدوء بحرف متأخّر من حروف الهجاء. (عكس الذي قبله)

وأول موضع في هذا القسم: قوله تعالى في سورة البقرة:

{وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} ، وقوله {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً}

فإن التشابه بين هاتين الآيتين في {رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} و {حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً}

والموضع الأول مبدوء بحرف الراء وهو متأخّر في حروف الهجاء عن حرف الحاء في الموضع الثاني.

القسم الثالث: ما كان التشابه فيه بين كلمتين أو أكثر والموضع المتقدّم في القرآن فيه زيادة حرف أو أكثر أو كلمة فأكثر عن الموضع المتأخّر.

وأوّل موضع في هذا القسم: قوله تعالى في سورة البقرة: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} وقوله في سورة يونس {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} ، فإن التشابه بين هاتين الآيتين: بزيادة [من] في الموضع الأوّل دون الثاني.

القسم الرابع: ما كان التشابه فيه بين كلمتين أو أكثر والموضع المتقدّم في القرآن فيه نقص حرف أو أكثر أو كلمة فأكثر عن الموضع المتأخّر. (عكس الذي قبله) .

ص: 6

وأوّل موضع في هذا القسم: قوله تعالى في سورة البقرة:

{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}

وقوله في سورة الأعراف:

{قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} .

وقوله في سورة طه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} .

وليس في الموضعين الأول والثاني {مِنْهَا جَمِيعاً} وفي الموضع الثالث زيادة هذا اللفظ.

القسم الخامس: ما كان التشابه فيه باتفاق في أوائل الآيات وافتراق في أواخرها.

وفائدة معرفة هذا القسم ألاّ ينتقل الذهن في القراءة من آية إلى أخرى بسبب الافتراق الذي يكون في أواخر الآيات.

وأوّل موضع في هذا القسم: قوله تعالى في سورة البقرة {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}

وقوله تعالى {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ}

ولم أتعرّض لذكر الآيات التي يكون الاتفاق في أواخرها والافتراق في أوائلها لانتفاء المحذور المشار إليه.

ومن أمثلته: قوله تعالى في سورة طه {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لأُولِي النُّهَى} ، وقوله {أََفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِأُولِي النُّهَى}

ص: 7