الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العولمة فرض لإرادة الغرب على العالم
الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:33].
معاشر المؤمنين: مر بنا في جمعةٍ ماضية الحديث عن تحدياتٍ معاصرة وقادمةً لا زال الغرب يحيكها، ويتربص بالمؤمنين، الدوائر كي يوقعهم في حبائلها وفخاخها، ولئن تغيرت أساليب الحرب، واختلفت ألوان العداوة، وتغيرت أنماط التحدي في هذا العصر، إلا أن الحقيقة هي الحقيقة، ما تغيرت ولا تبدلت:{وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217]{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89].
آيات القرآن تترى محكمةٌ ثابتة تؤكد هذه المبادئ التي هي من صميم الحرب الدائمة الباقية بين الإسلام والشرك بين التوحيد وبين الهدى والجاهلية، وإن تصافحت الأيادي وظهرت الابتسامات على الشفاه أو تنوعت الكلمات والتصريحات:
قد ينبت المرعى على دمر الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا
من أواخر الصيحات والصرخات التي أطلقها الغرب مدويةً فاستقرت في قلوب بعض أذنابهم من المسلمين وغيرهم من المغرورين المخدوعين بأقوالهم وشعاراتهم، كلمة العولمة وقد تحدثنا في الجمعة الماضية عن هذا الضرب الجديد من التحدي.
ولا تزال وسائل الإعلام الفضائية، ومؤسسات صنع العقول، تطرحه وتسوقه إلى المثقفين خاصة، ومضمون هذه العولمة: تحول العالم إلى قريةٍ كونيةٍ أو عالمٍ واحد، لكن هذا التحول في مقاصده وأنماطه يصب في النمط الغربي بنموذج المادي المغرق في حب السيطرة، ومعنى هذا أنه من حق الأمة المسيطرة أن تسعى لفرض ثقافتها وسلوكها ومعتقدها ومصالحها على غيرها من الأمم.
العولمة أيها الإخوة: لا تعني انتقال البضائع والخدمات والنقد والتقنية والمعلومات والشركات والسلوك والثقافة، لا تعني انتقال هذا منفرداً عن الآخر لنختار منه ما ينفعنا، ولننبذ ما لا ينفعنا أو لنرفض مالا يجوز، كلا.
إنها تعني أن يقدم لك ذلك كله، فاقبله جملةًَ أو عش في ضمير التاريخ وذاكرته متخلفاً مع القرون الرجعية البائدة الحجرية، هكذا يرددون ويقولون.
أيها الأحبة: اتجاه العولمة استمرارٌ لاتجاهات السيطرة الغربية على بقية العالم، بل والعالم الإسلامي والعربي خاصة، ولئن كانت هذه الكلمة كلمةً جديدة، لكن مضمونها قديمٌ ومعانيها معلومة، لكن الجديد فيها: أنها كلمةٌ بعبارات ملطفة، تقلل الأثر البشع لها.