الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من حقوق الوالدين
الله الله يا معاشر المسلمين في الوالدين، فإن لها حقاً عظيماً، وإن الجميع مقصرون مفرطون في حقهم، وإن من أدنى الواجب أن يكثر الإنسان الدعاء لهما، وكما جاء في الآية:{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء:24] أقل الأمر أن لا ينساهم الإنسان في كل صلاة وفي كل دعاء أن يدعو لهم بخالص ما يدعو به لنفسه من الرحمة والمغفرة وهون الحساب ودخول الجنة.
معاشر المسلمين: ومن كان والداه كبيرين، فإنهما أعظم باب لدخوله الجنة، وإنه على خطر عظيم إن ماتا ولم يحسن البر بهما، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(رغم أنفه! رغم أنفه! رغم أنفه! قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة).
وتأملوا هذه الواقعة أو هذه القصة معاشر المؤمنين، فإن كثيراً من الناس يستكثر ما ينفق على والديه، ويستكثر بقاء والديه في بيته، ويستكثر خدمته وعنايته بهما، وقد نسي ما قدماه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أبي أخذ مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: ائتني بأبيك، فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن الله يقرئك السلام، ويقول: إذا جاء الشيخ؛ فاسأله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه، فلما جاء الرجل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ما بال ابنك يشكوك! أتريد أخذ ماله؟ فقال الرجل: يا رسول الله! سله هل أنفقت إلا على عماته أو على نفسه، فقال صلى الله عليه وسلم: دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك لم تسمعه أذناك؟ فقال: أفلا محالة يا رسول الله! قال: نعم.
فقال: إني يا رسول الله قلت في نفسي:
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً تعل بما أجني عليك وتنهلُ
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهراً أتململُ
كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيناي تهملُ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت حتم مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضلُ
فليتك إذ لم ترعَ حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل ُ
فأوليتني حق الجوار ولم تكن عليّ بمال دون مالك تبخلُ
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ولده، وقال: أتسمع؟ أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك).
إذاً معاشر الأحباب الوالدان لهما حق عظيم، نسأل الله جل وعلى أن يعيننا على القيام بحقهما، وعلى البر بهما، ونسأل الله أن يرضيهما عنا، ونسأله أن يرضى علينا برحمته وبرضاهما عنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بالمسلمين سوءاً وأراد علماءهم بفتنة، وأراد ولاة أمورهم بمكيدة، اللهم فاجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم أرنا فيه يوماً أسود، اللهم أدر عليه دائرة السوء.
اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد أئمتنا لتحكيم كتابك وسنة نبيك، اللهم لا تفرح عليهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً، وانصرهم بالإسلام وانصر الإسلام بهم، اللهم اختم بالسعادة آجالنا، واغرس بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جناتك مصيرنا ومآلنا، اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا حيران إلا دللته، ولا عاقاً إلا إلى البر رددته، ولا قاطع رحم إلا إلى رحمه وصلته برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اجعل ما أنزلته من الخير رحمة بنا، اللهم اجعل ما أنزلته من الخير رحمة بنا من غير استدراج بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين! ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
معاشر المؤمنين: إن الله قد أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة لقدسه، وثلث بكم معاشر المؤمنين من جنه وإنسه، فقال جل من قائل عليماً:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وزد وبارك على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر نبيك محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن العشرة المبشرين بالجنة، وارض اللهم عن أهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.