المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌واقعنا السياسي وماضينا السياسي - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ٢٣٧

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌واقعنا بين الأمس واليوم [2،1]

- ‌فائدة الحديث عن الماضي والحاضر

- ‌أن لله سنناً كونية لا تتغير

- ‌أن الزمان لا يتغير ولكن نحن نتغير

- ‌منفعة الحديث عن الماضي

- ‌كيف ننتفع بحديثنا عن الواقع

- ‌نجيد وصف الواقع ولا نجيد الحلول له

- ‌واقعنا السياسي وماضينا السياسي

- ‌السلام العالمي المزعوم

- ‌ما خلفته دعوى السلام من أثر علينا

- ‌واقعنا العسكري وماضينا العسكري

- ‌وما النصر إلا من عند الله

- ‌الانهزامية التي تعانيها الأمة

- ‌إنما نقاتل عدونا بعقيدة لا بعدد

- ‌واقعنا الاقتصادي وماضينا الاقتصادي

- ‌واقعنا الاجتماعي وماضينا الاجتماعي

- ‌غرض الغزو الفكري من شباب الإسلام

- ‌التشكيك في التاريخ الإسلامي وتشويه أعلامه

- ‌التخدير بالمعاصي

- ‌صرف العواطف إلى الملاهي

- ‌العمل للإسلام مسئولية الجميع

- ‌حقيقة العمل الإسلامي

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة إلى النساء بحسن معاملة الأزواج

- ‌وليد السيف واحتسابه حادثة الحريق لله

- ‌سبب عدم وجود الجهاد في فلسطين

- ‌الجهاد مهم على كل أرض

- ‌وجود أماكن تدريب في أفغانستان

- ‌فضل الجهاد على غيره من الأعمال

- ‌(من تتبع الصيد غفل)

- ‌حقيقة القتال الدائر في أفغانستان

- ‌جواز الجهاد إن لم يضع الأهل

- ‌توضيح صورة الجهاد لأجل الدعم

- ‌كل عمل يبدأ صغيراً ثم يكبر

- ‌تهكم العلمانيين على شباب الصحوة

- ‌الشيخ يدفع عن نفسه شبهة أنه حليق

- ‌حث على التبرع للأفغان

الفصل: ‌واقعنا السياسي وماضينا السياسي

‌واقعنا السياسي وماضينا السياسي

اعلموا أيها الأحبة أن ماضينا من الناحية السياسية؛ كان المسلمون يعتقدون فيه أن لا غلبة ولا حياة ولا نفس للهواء إلا بسلطان المسلمين على سائر الأمم أجمع، كل مسلم في ذلك الزمان الماضي كان يرى أن المسلم ينبغي أن يكون المهيمن والحاكم والمسيطر على هذه الدنيا بأكملها، من خليجها إلى محيطها، هكذا كان فكر المسلم، وهكذا كان فكر خلفاء الإسلام، أن الإسلام لا بد أن يسيطر على جميع جوانب وأجزاء المعمورة أجمع، ولا يمكن أن نتنازل عن شبر فضلاً عن مترٍ، أو كيلو، أو بلدان، أو بقاع، أو أراضي للمسلمين أجمعين.

هذا فيما مضى، كل مسلم حتى وإن كان خبازاً، أو حائكاً، أو بناءً، أو فلاحاً، هو في عمله، لكن يعتقد أن العزة للمسلمين، ولا يمكن أبداً أن يكون لكافر على مسلم سلطان أبداً، لقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:141].

نظريتنا السياسية في العهد القديم: أنه لا يمكن أنه يوجد كافر يستعلي على مسلم، هكذا كانوا يفهمون وهكذا كانوا يتعاملون، ولذلك فلا يرضون أن يكون للكفار أدنى رفعة أو أدنى علو أو زهو أو مكانة أبداً هكذا عقيدتهم، هكذا تربوا، وهكذا شربوا ورضعوا.

أما واقعنا اليوم عندكم أنتم وعندي أنا وعند كثير من المسلمين في هذا الزمان: أن الأرض فرصة متساوية لطوائف من البشر يمكن أن يستعلي فيها من يستعلي، وأن يعيش فيها من يعيش.

نحن لا نحرم الناس حق العيش، أرجو أن لا أفهم فهماً خاطئاً، إن الإسلام جاء بحفظ كرامة الذميين من اليهود والنصارى، إن الإسلام جاء بحفظ حقوقهم، إن الإسلام جاء بحقوق وواجبات لهم وعليهم، لكن بشرط أن يكون الإسلام هو الأعلى.

أما في هذا الزمان فأين المسلم الذي إذا زار الأندلس قال: كيف أصبحت هذه الأرض بأيدي الكفار؛ لأن النظرية السياسية انتكست، تجد الكثير من المسلمين يزور برشلونا، وبهو السباع، قصر الحمراء، غرناطة، وهو يتمتع بهذه المظاهر الجميلة، لكن أن تجده يحترق فلا؛ لأن النظرية انعكست بدلاً من أن يكون المسلمون هم على هذه الأرض، أصبح النصارى يجعلون صورة الصليب والعذراء والمسيح على مداخل المساجد في تلك المناطق، لا، هذه الدنيا فرص، وهذه الآن فرصة الأسبان أن يعيشوا على هذه الأرض لا أقل ولا أكثر.

من هنا انتكس مفهوم النظرية السياسية، ففي القديم كان المسلم لا يرضى أبداً أن يتملك كافر شبراً من أراضي المسلمين، لكن في زماننا هذا صار هَمُّ كل مسلم أن ينال قطعة أرض على شارعين، وسيارة لا بأس بها، إما نقداً أو بالتقسيط المريح، وزوجة على المواصفات المطلوبة حسب الإمكان، ومستقبل مادي لا بأس به، هنا يعيش حد وفكر كثير من المسلمين، وأنا لا ألومهم أيها الإخوة لأن النفوس درجات، من الناس من لا يقنع إلا بدرجة أولى، ومن الناس من لا يقنع إلا بطيران خاص، ومن الناس من يقنع بالقطار المسمكر، كل يضع نفسه حيث شاء، فمن المسلمين الذين تنسموا وتنفسوا روائح العزة لا يرضون بل لا يطيقون أن يروا كفاراً على معقل من معاقل المسلمين.

هذا فيما يتعلق بالنظرية السياسية أو بالواقع السياسي بين الأمس واليوم.

ص: 8