المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علاج المقلدين للآباء والأجداد - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ٢٥

[سعد البريك]

الفصل: ‌علاج المقلدين للآباء والأجداد

‌علاج المقلدين للآباء والأجداد

وخير علاج لهؤلاء المقلدين المصرين على التقليد هو حوارهم وردهم إلى العقل الصحيح؛ لأن العقل الصحيح لا يتعارض مع النقل الصريح، يقول الله عز وجل في شأن حوار إبراهيم لقومه:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء:51 - 54] لم يكن لهم حجة سوى صنيع آبائهم الضلال ولذا قال: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء:54] أي الكلام معكم كالكلام مع آبائكم.

والعجب يا عباد الله! في هذا الزمان الذي درس فيه كثير من الخلق وتعلموا، وفقهوا، ودرسوا ألواناً من العلوم، وفنوناً من التقنية، وأضراباً مما بلغت إليه البشرية في علوم الاختراعات والاتصالات والإلكترونيات، تجد الواحد منهم طبيباً أو مهندساً أو صيدلياً أو متخصصاً في أجهزة الحاسوب وهندسته؛ فإذا جاء الأمر مع شيء يتعلق بالآباء والأجداد، ألغى عقله الذي يحل به أعقد المعادلات واتبع طريقة الآباء والأجداد، إنها مصيبة عجيبة أن تجد من أولئك -الذين درسوا وتعلموا- إصرارهم على ما يفعله آباؤهم.

لو أن طائفة من المصرين على فعل الآباء والأجداد، من الأميين، والجهلة، من الذين لم يتعلموا فلربما يعذرون بشيء من الجهل، وتقوم عليهم الحجة بالبيان والدعوة، أما أن يُدْعى طائفة من الذين تعلموا ودرسوا أدق المعادلات، وأعقد المعاملات، وإذا جيء إلى حوارهم في أمر يتعلق بعادات أو أمر يدعون فيه إلى الدين، قالوا: وجدنا عليه آباءنا: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة:170].

ص: 5