الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخرج من الفتن
السؤال
يقول السائل: فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فالفتن كثيرة كثيرة جداً،
و
السؤال
وما هو الحل والخلاص من هذه الفتن، سائلك بالله إلا أجبتنا عنها وجزاكم الله خير الثواب؟
الجواب
من سألكم بالله فأجيبوه، ولا يسأل بوجه الله إلا الجنة، الفتن لا شك أنها كثيرة، والعصمة منها كما قلنا بالتمسك بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا بد من معين يعينك على حفظك من الفتن؛ لأن الفتن متجددة بألوان براقة، دعايات وأشكال وألوان، وزخرفة وبهرجة، وأشياء متقلبة ينساق الناس وراءها، حتى أن بعضهم لا يعود يقيم لدينه وزناً أمام الفتن التي يراها.
لذلك ينبغي أن نقول للإنسان: اعلم أن الله خلقك لعبادته، وكل أمر أشغلك عما خلقت له، فاعلم أنه فتنة، واعلم أن كل أمر أعانك على ما خلقت له، أو كل أمر يؤدي بك إلى أن تثبت أو تعين أو تهدي أو تدعو إلى ما خلقت له، فهذا أمر فيه خير إن شاء الله، لكن مع كثرة هذه الفتن لا ينجي منها إلا اعتزالها، ليس أن تذهب تضع لك خيمة في كيلو أربعين على طريق خريس وتقول: أنا معتزل الفتن، هذا من الحماقة، هذا من السفاهة، هذا من الجهل، لا أحد يظن أن هذا هو المنجى الآن، لا يزال في الناس بقية خير، لم ترفع السيوف بعد في وجه البعض، ولن يكون ذلك بمشيئة الله، مادام الناس على إمام واحد، وولاء وسمع وطاعة لكتاب الله وسنة رسوله، وأئمة المسلمين.
لكن اعتزال الفتن، مثلاً فتنة الفواحش في دول الخارج، يأتي إنسان يقول: والله أنا سأسافر، فما هو الداعي إلى السفر؟ والله ما لي داعي إلا أن أتمشى، وأنا أحب أن أتعرف على كل شيء، وأنا واثق من نفسي أني لن أقع في فاحشة، نقول: لا.
يا أخي، لست أنت الذي تمتحن إيمانك، لكن إذا عرضت المحنة والفتنة والابتلاء على إيمانك فأظهر صدقه، لكن إنسان يقول: أنا أسافر للخارج، إلى دول مشهورة بالدعارة والفساد، ويقول: والله أنا لم أذهب لأفسد؛ نعم.
هناك جماعة يفسدون، لكن أنا ليس لي دخل بهم، ثم بعد ذلك تقول: أنا أثبت، لا.
العصمة من الفتن بالابتعاد عنها، أنتم أين ذاهبون؟ ذاهبون مكة، الصلاة بمائة ألف صلاة؟! ذاهبون المدينة الصلاة بألف صلاة، ذاهبون لطلب علم! أليس هناك هدف إلا معصية الله جل وعلا؟ عليك الوزر في صحبة من يسافر لذلك، ولا يجوز لك أن تسافر مثل هذا السفر، لأن العصمة من الفتنة أن تجتنبها، وأن تبتعد عنها.
أما إنسان يقول: لا، أنا أسافر وأعصم نفسي فحاله:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
شخص جئنا وكتفناه بملابسه، ورميناه في البحر، وقلنا له: لا يأتي فوق ثوبك ماء، أيعقل هذا الكلام؟ لا يعقل هذا الكلام.
نلقيه في البحر ونقول له: لماذا في ثوبك ماء؟! وكذلك الذي يزج بنفسه في الفتنة، ثم يقول: أنا ما يأتيني شيء، لا، كثير من الشباب يمن الله عليه بالهداية، ويبقى له شلة من الجلساء السابقين، يقول: أنا لم أعد أدخن مثلهم، ولا ألعب البلوت مثلهم، لكن فقط آتي لأحضر الجلسة، انظر يا أخي! إن المرء من جليسه، والطبع استراق، والله ليعودن تأثيرهم عليك من جديد.
فالعصمة من الفتن بكتاب الله وسنة نبيه، واعتزال الفتنة، فبدلاً من الجلوس في الشيشة والقهاوي اجلس في حلقة من حلق الذكر، وروضة من رياض الجنة، وبدلاً من ضياع الوقت في السهر زوجتك أولى بك، أطفالك أولى بك، وحديثك معهم أولى بك وهو عبادة، ورضاً لله جل وعلا، وكسب لسعادتك في حياتك الزوجية، بدلاً من ضياع الوقت واللف والدوران يميناً ويساراً، اذهب فاشتر لك شحنة بطاط أو بطيخ وبعها لتعود بكسب حلال، وقد آجرك الله على ما فعلت، وهذه من أعظم النعم.
بدلاً من ضياع الوقت في الأفلام والمجلات الخليعة، استمع إلى الأشرطة النافعة، الجلساء الطيبين الصالحين، المحاضرات، المنتديات النافعة، ففي هذه خير عظيم، فالاعتصام بالكتاب والسنة، والابتعاد عن الفتن كله مما يرضي الله جل وعلا، ولذلك الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً، وجاء إلى راهب، وقال: هل لي من توبة؟ قال: لا، فذبحه وقال: وأنت تمام المائة، ثم ذهب إلى آخر، قال: هل لي من توبة؟ قال: نعم.
من ذا الذي يغلق باب التوبة؟ لا يمكن أحد أن يغلق باب التوبة، إني أوصيك أن تلحق بأرض كذا وكذا، فإن فيها أقواماً يعبدون الله، جعله يترك أرض الفتن والمعاصي والجرائم، ليلحق بأرض فيها من يطيع الله، فمن ضعفت نفسه عن محاربة ومجاهدة الفتن من حوله؛ فعليه أن يعتزل مجتمعه وجلساءه وأصدقاءه وزملاءه من معاملاته والوسط الذي يعيش فيه.
والله إذا كان جيرانك من شلة السوء فلك أن تبيع هذا البيت، وتنتقل إلى حي فيه من الصالحين من تجاورهم فيكون جوارك معهم على ما يرضي الله جل وعلا حتى تلقى الله، وإنما هي سنوات، ونفس يمضي ويعود، حتى تنتهي الحياة، وتتوقف ضربات القلب، وفجأة إذ بالإنسان ينتهي، فاحرص على ألا تكون فجأتك وساعتك في معصية اجعلها في طاعة الله.