المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إبراهيم عليه السلام قدوتنا في البراءة من الكافرين - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ٧٢

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌الولاء والبراء

- ‌ستر الله علينا نعمة عظيمة

- ‌سبب التحدث في موضوع الولاء والبراء

- ‌كثرة خوارم الولاء والبراء عند الكثير من المسلمين

- ‌كثرة الندوات والمقالات في نبذ البراءة من الكافرين

- ‌جهل الكثير من الناس في مسألة الولاء والبراء

- ‌إدخال شيء في البراء مما ليس منه

- ‌تعريف الولاء والبراء وأهميته وأدلته

- ‌الولاء والبراء عقيدة جميع الأنبياء

- ‌سورة الكافرون أصل في البراءة من الكافرين

- ‌أدلة واضحة في الولاء والبراء

- ‌وجوب موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين

- ‌الولاء والبراء أوثق عرى لا إله إلا الله

- ‌الأصل الولاء لكل مسلم والبراءة من كل كافر

- ‌الإمام محمد بن عبد الوهاب في الولاء والبراء

- ‌سلوكيات تقدح في الولاء والبراء

- ‌أسباب تميع قضية الولاء والبراء

- ‌ضعف الإيمان سبب في ذوبان الولاء والبراء

- ‌الخوف والخشية من الكفار

- ‌إبراهيم عليه السلام قدوتنا في البراءة من الكافرين

- ‌مظاهر موالاة الكافرين

- ‌الرضا بكفرهم وعدم تكفيرهم أو الشك في كفرهم

- ‌اتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء

- ‌الإيمان ببعض ما هم عليه أو التحاكم إليه

- ‌التشبه بالكفار في الملبس والكلام

- ‌الإقامة في بلد الكفار والركون إليهم

- ‌اتخاذ الكفار مستشارين من دون المؤمنين

- ‌مداهنة الكفار والركون إليهم ومجاملتهم

- ‌الأسئلة

- ‌مسائل لا تقدح في الولاء والبراء

- ‌أشجع لاعباً كافراً وأحبه فما الحكم

- ‌لا بأس بحسن المعاملة مع الكافر طمعاً في إسلامه

- ‌حسن الأخلاق والمعاملة من المدرس الكافر للطالب المسلم

- ‌أخبار المجاهدين في داغستان

الفصل: ‌إبراهيم عليه السلام قدوتنا في البراءة من الكافرين

‌إبراهيم عليه السلام قدوتنا في البراءة من الكافرين

إن موقف إبراهيم عليه السلام في براءته من الشرك وأهله لموقفٌ حريٌ بالتأمل والتدبر كما قال ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي: لا تصفو الموالاة إلا بالمعاداة، وكما قال تعالى عن إمام الحنفاء أنه قال لقومه:{قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:75 - 77] فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعاداة، أعني: من الكفار، فإنه لا ولاء إلا لله، ولا ولاء إلا بعد البراءة من كل معبود سواه، قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف:26 - 28] أي: جعل هذه الموالاة والبراءة من كل معبود سوى الله عز وجل كلمةً باقيةً يتوارثها الأنبياء بعضهم عن بعض وأتباع الأنبياء يتوارثونها أيضاً، وهي كلمة: لا إله إلا الله، ولم يخش منهم، ولم يخش مقاطعتهم، ولم يطلب عندهم شيئاً من العزة، فاستحق عليه السلام بالتزامه بعقيدة الولاء والبراء أن جعله الله أمَّة:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل:120] وجعله الله إماماً يقتدى ويتأسى به: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة:4].

وبلغ من براءة إبراهيم عليه السلام من المشركين وشركهم أنه فارقهم ببدنه كما خالفهم بقلبه وعقيدته، كما أخبر عنه تعالى بقوله:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً} [مريم:48] أي: سأجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله، وأدعو ربي أي: أعبده وحده لا شريك له عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً، فانظروا إلى تضحية إبراهيم بالوطن، وتضحيته بمراتع الصبا من أجل الولاء والبراء، وانظروا إلى تضحيته بالقرابات والوشائج والصلات من أجل الولاء والبراء، فأورثه الله بركةً وخيراً، وعوضه الله عز وجل بها بدلاً من الخلطة السيئة للمشركين ولده إسحاق وولده يعقوب، وأنعم عليه في ذريته بالنبوة، كما قال تعالى:{وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء:72] وقال مبيناً عقبى وبركة الفرار في الدين لما اعتزلهم، لما حقق الولاء لله والبراء من المشركين من قومه:{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً} [مريم:49].

ص: 20