الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من لم يغتنم حاضره فاتت آخرته
أتدرون أن أرباب الدنيا، وأصحاب المال، وتجار الأرصدة ما لم يسلطوا أنفسهم على أموالهم؛ لكي تكون عوناً لهم على الطاعة وشرفاً لهم في العبودية، فاعلموا أنهم والله أندم الناس يوم القيامة، يندمون على ما بين أيديهم من هذه النعم، وما سخروها لوجه الله جل وعلا، لماذا؟ الواحد منهم تحته الزوجات، ويعلم أنه يموت، فتنكحُ نساؤه من بعده، ويعلم أن أرصدته قد ضايقت البنوك ثم يعلم أنه يموت، فيقتسمها الورثة والعصاة وغيرهم، يعلمُ أنه في هذه القصور، وفي هذه الدور، ويعلمُ أنه يفارقها وبعد ذلك يأتي به أحبابه ليرموه في حفرةٍ ضيقةٍ مظلمةٍ محكمة الغطاء، ثم يعودون ينامون في غرفته ويتقلبون على سريره، ويتطيبون بطيبه، وينسونه وقد لا يذكرونه، فليست هذه الدنيا بدار طمأنينة.
والله لو أن القلوب صحيحة لتقطعت ألماً من الحسراتِ
نعم يا عباد الله! الصحة بين أيدينا، والمال في جيوبنا، وسخر الله لنا أشياء كثيرة، لكننا عن طاعة الله بها غافلون وننسى أننا نحتاج إلى حسنةٍ واحدة! ألاحق ولدي وتلاحق ولدك، والأم تلاحق ولدها ولدي تعبتُ عليك حملتك كرهاً وضعتك كرهاً أزلت الأذى عنك بيميني جعلت بطني لك وعاء وثديي لكي سقاء وحرمتني لذيذ النوم ببكاءٍ تتقلب فيه حسنةً واحدة، حسنةً واحدة!! والأب يقول: يا ولدي أتعبتُ النهار، وأفنيت الضياء بحثاً عن لقمةٍ لأجلك، وسهرت الليل:
كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني وعيني تهملُ
إذا ليلةٌ ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهراً أتململُ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت حقاً مؤملُ
يا ولدي حسنةً واحدة، فيقول: يا أبي إليك عني! إليك عني يا أبي!! إليكِ عني يا أمي!! نفسي نفسي! نفسي نفسي: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:34 - 36] لماذا؟! أنسينا الصداقات؟! أنسينا العلاقات؟! أنسينا التجارات؟! لماذا؟ هل انقطعت المعرفة؟! هل زالت المودة؟! {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37] شغل، داهية، واقعة، حاقة، زاجرة، غاشية، {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37]، فما بال الناس؟ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس:38 - 41] اللهم لا تجعلنا منهم.