المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غزوة تبوك إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١١٧

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌أروع يوم في حياة مجاهد

- ‌غزوة تبوك

- ‌تخلف كعب بن مالك

- ‌أبو ذر رضي الله عنه يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك

- ‌الشاهد من قصة كعب

- ‌رجوع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌استقبال الناس للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌دخول كعب على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأمر بهجر المتخلفين

- ‌البلاء يزداد على المتخلفين

- ‌الأمر باعتزال النساء

- ‌توبة الله عليهم

- ‌استحباب تبشير المسلم

- ‌كعب بن مالك وتوبة الله عليه

- ‌حكم القيام للقادم

- ‌منزلة التوبة

- ‌حكم الصدقة بالمال كله

- ‌من فوائد حديث توبة كعب بن مالك

- ‌الفائدة الأولى: عظم التوبة في الإسلام

- ‌الفائدة الثانية: فضل الصدق

- ‌الفائدة الثالثة: تقوى الله

- ‌الفائدة الرابعة: الحث على البشرى بالخير

- ‌الفائدة الخامسة: الدفاع عن أعراض المسلمين

- ‌الفائدة السادسة: الصبر في الكوارث

- ‌الفائدة السابعة: الولاء والبراء

- ‌الفائدة الثامنة: معاملة الناس بالظاهر

- ‌الفائدة التاسعة: حكم تسور المنزل

- ‌الفائدة العاشرة: العزلة في الإسلام

- ‌الفائدة الحادية عشرة: الثبات على المبادئ

- ‌الفائدة الثانية عشرة: وجوب الالتزام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفائدة الثالثة عشرة: هجر أصحاب المعاصي على قدر الذنوب

- ‌الفائدة الرابعة عشرة: المكافأة على البشرى

الفصل: ‌ ‌غزوة تبوك إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من

‌غزوة تبوك

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أيها الإخوة الأبرار: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

معنا في هذه الليلة حديث، اتفق الشيخان: البخاري ومسلم على إخراجه، وهو من أطول الأحاديث عند البخاري ومسلم، وهو حديث يبكي العين والقلب، ويفرح العين والقلب، هو حديث توبة، وحديث بشرى ومأساة، حديث ذنب، وانكسار العبد عند الله سبحانه وتعالى، هذا الحديث طويل، وفيه من الحكم ما يربو على مائة حكمة أو مائة فائدة.

وهو حديث كعب بن مالك يوم تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ويروي الحديث بنفسه، وهذا الحديث شرحه الحفاظ، وأعظم من شرحه ابن حجر رحمه الله.

غزوة تبوك -كما تعرفون- كانت من أواخر الغزوات في حياته صلى الله عليه وسلم، سمع أن الروم يريدون الإجهاز على الجزيرة العربية، فجهز عليه الصلاة والسلام جيشاً قوامه اثني عشر ألفاً، وقيل: عشرة آلاف، والأول الصحيح، ولما تهيأ الناس للغزوة، كانوا في شدة الحر، وقد طابت الثمار، ودنت الظلال، وعكف الناس على زروعهم وعلى ثمارهم، وهم في مجاعة لا يعلمها إلا الله عز وجل، حينها يمحص الله أهل الإيمان بإيمانهم، ويدحض أهل النفاق بنفاقهم.

والرسول عليه الصلاة والسلام، كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها؛ ليكتم خبره عن الناس، فكان إذا أراد مكة قال: كيف طريق غطفان في نجد، وكيف ماء غطفان، ليظهر للناس أنه يريد تجاه نجد وهو يريد مكة، ليعمي خبره على الناس، والحرب خدعة، إلا معركة تبوك، فأعلنها صلى الله عليه وسلم إعلاناً عاماً في الناس، ليتجهز الناس، ووقف عليه الصلاة والسلام بعد أن أعلن أنه متهيئ، وأنه يريد تبوك قام المنافقون يعتذرون.

يأتيه الجد بن قيس الذي طبع الله على قلبه بالنفاق، من أغنياء المدينة، يقول: يا رسول الله! ائذن لي ولا تفتني قال: ولِمَ؟ قال: أنا رجل إذا رأيت بنات بني الأصفر -أي: بنات الروم- أفتتن، فأنا لا أريد الخروج، فقال تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة:49].

فر من الموت وفي الموت وقع، فر من فتنة ظنية كذب فيها، ولكنه وقع في فتنة النار التي تلظى، وأتوا يعتذرون بالحيل، فعذرهم صلى الله عليه وسلم.

ووقف عليه الصلاة والسلام في يوم الجمعة وخطب خطبة ما سمع الناس بمثلها ألهب فيها الحماس، ورفع فيها الإخلاص، ودعا إلى التبرع وتجهيز هذه الغزوة، وكان الجيش ضخم لا يستطاع أن يجهز بمال قليل، فقال:{من يجهز الجيش وله الجنة؟ فتوقف الناس فأعاد، فتوقف الناس فأعاد، وتوقف الناس فأعاد، فقام عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فقال: أنا أجهز الجيش يا رسول الله!} بسلاحه، وبدوابه، وبرواحله في سبيل الله، فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم.

تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

وقال: {غفر الله لـ عثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر، اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض} يد بيضاء لا تنسى عند الواحد الأحد، يوم لا تضيع الودائع عنده تبارك وتعالى، ثم نزل عليه الصلاة والسلام فتهيأ وسار الجيش.

ص: 2