المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سعيد بن جبير والحجاج - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٨١

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌الطغاة يغرقون في البحر

- ‌قصة المواجهة مع فرعون

- ‌موسى يطلب أخاه هارون وزيراً

- ‌الله عز وجل يؤيد موسى

- ‌اللحظة الحاسمة بين موسى وبين فرعون وسحرته

- ‌موسى ومن آمن معه يهربون

- ‌انغلاق البحر لموسى

- ‌قصة شبيب الخارجي

- ‌إغراق الله لفرعون

- ‌حال بني إسرائيل مع موسى

- ‌بنو إسرائيل يعبدون العجل

- ‌استطراد مع علي وآل البيت

- ‌آل الأنبياء هم أتباعه

- ‌الافتخار بالأنساب

- ‌فرعون سام بني إسرائيل سوء العذاب

- ‌سبب قتل فرعون لأطفال بني إسرائيل

- ‌فرعون قدوة لمن بعده من الطغاة

- ‌كرامات لخبيب بن عدي

- ‌خبيب يأكل العنب والسحابة تظله

- ‌خبيب في ساحة الإعدام

- ‌سلامه على رسول الله

- ‌النابلسي رحمه الله والمعز الفاطمي لعنه الله

- ‌أعوان المعز يبلغونه مقالة النابلسي

- ‌اليهودي يسلخ جلد النابلسي

- ‌الملائكة تظلله

- ‌سعيد بن جبير والحجاج

- ‌الأسئلة

- ‌حال مؤمن آل فرعون

- ‌الأعمال تعرض يوم الإثنين والخميس على الله

- ‌حديث: (أول رمضان رحمة)

- ‌الإسرائيليون اليوم من سلالة بني إسرائيل

- ‌حكم الإسلام في من ينكر عذاب القبر

- ‌كراهة الإشارة إلى النفس عند ذكر الصفات

- ‌ليس في القرآن مجاز

- ‌رأي الشيخ في مجموعة من الشعراء

الفصل: ‌سعيد بن جبير والحجاج

‌سعيد بن جبير والحجاج

ومن ضمن من عذب بالقتل والذبح سعيد بن جبير وقد مر معنا، ولكننا نقر بهذه القصص من نواحي، ونعرضها في قوالب حتى تثبت الدروس التربوية في قلوب الأمة.

سعيد بن جبير يدخل على الحجاج، ما ذنب سعيد بن جبير؟

عالم ينشر العلم، ينشر الدعوة، ينشر لا إله إلا الله، لكن خرج مع من خرج في فتنة ابن الأشعث فأتى به الحجاج فأوقفه أمامه وحاسبه وكلمه كلاماً عنيفاً فما تنازل له سعيد بن جبير بقلامة الظفر!

يقول له الحجاج: من أنت؟

وهو يعرف أنه سعيد بن جبير.

قال: أنا سعيد بن جبير.

قال: بل أنت شقي بن كسير.

قال: أمي أعلم إذ سمتني.

قال: شقيت أنت وشقيت أمك.

ثم قال له: أتريد المال؟ ثم أتى بمال في أكياس فقال له: يا حجاج إن كنت أخذت المال رياءً وسمعة فسوف يكون عليك عذاباً، وإن كنت أخذته تمتنع به وتحتمي به من عذاب الله، فنعم ما فعلت.

فأتى الحجاج بجارية تضرب العود فبكى سعيد بن جبير.

قال: بكيت من الطرب، أأعجبك الغناء؟

قال: لا والله، لكن جارية سخرت في غير ما خلقت له، وعود قطع من شجرة سخر في معصية.

فقال له: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى.

قال: لو كنت أعلم أن ذاك عندك لجعلتك إلهاً من دون الله.

فقال: والله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس.

قال: يا حجاج اختر لنفسك أي قتلة قتلتني بها، والله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله بمثلها.

قال: ولُّوه لغير القبلة.

فقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] قال: أنزلوه أرضاً.

قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] فذبحوه.

فقال: اللهم لا تسلط الحجاج على أحد من بعدي، يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج.

وما انتهى المجلس إلا وببثرة من هذا الدمل تنشأ في يد الحجاج فيحكه فيتفشى في جسمه ويشتعل جسمه ويصبح كالثور يخور، لا ينام، لا يشرب، لا يرتاح، لا يهدأ، كل ليلة يرى في المنام أنه يسبح في دم.

يقول لوزرائه وهو يبكي: رأيت البارحة أن القيامة قامت وأن الله أوقفني عند الصراط فقتلني بكل رجل قتلته قتلة، إلا سعيد بن جبير قتلني به سبعين مرة!

ثم ما أمهله الله بعده إلا شهراً: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} [فصلت:16] وهذا مثل كثير من المكائد التي يضعها أعداء الله لأولياء الله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:51 - 52].

قال سبحانه وتعالى: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة:49] قالوا: للخدمة والمنفعة.

{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر} [البقرة:50] نقف مع البحر قليلاً، في البحر أربع قضايا:

القضية الأولى: ماؤه، الثانية: ميتته، الثالثة: ركوبه، الرابعة: عظمة الله تتجلى في خلق البحر.

أما رأيت الشمس إذا أرادت أن تغيب بإذن الله على البحر؟ أما ركبت البحر ورأيت العظمة؟ هذا اليابس الذي نعيش منه لا يشكل إلا ربع هذه الكرة الأرضية بل أقل، أما رأيت البحر كيف يهيج؟ أما رأيته إذا ماج وغضب؟ هذا خلق الله يتجلى في هذا المخلوق، فلذلك ماؤه -للفائدة- سئل عنه صلى الله عليه وسلم قال:{هو الطهور ماؤه الحل ميتته} حديث صحيح.

ص: 26