المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نموذج لأهل الأدب الشرعي - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٨٢

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌من آداب النبوة (1)

- ‌معنى الأدب واستعمال لفظه عند الإمام البخاري وأهل العلم

- ‌كتاب الأدب في صحيح البخاري

- ‌تعريف الأدب

- ‌نموذج لأهل الأدب الشرعي

- ‌أمثلة أخرى لأهل الأدب

- ‌الكلام عن قول البخاري: باب البر والصلة

- ‌سبب نزول قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً)

- ‌الهداية بيد الله

- ‌ضرورة نصرة الشباب لدينهم

- ‌قصة إسلام أم أبي هريرة

- ‌الكلام عن راوي الحديث: ابن مسعود

- ‌الكلام عن حديث: (أي الأعمال أحب إلى الله)

- ‌شرح الأدب الأول: الصلاة على وقتها

- ‌شرح الأدب الثاني: بر الوالدين

- ‌بيان من هو أحق الناس بحسن الصحبة

- ‌شرح باب: لا يجاهد إلا بإذن الوالدين

- ‌ترجمة رجال سند حديث: (إن الله كره لكم قيل وقال)

- ‌حديثٌ في النهي عن تسبب الرجل في سب والديه

- ‌تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر وبيان معنى كل منها

- ‌بعض الآداب في مخاطبة الوالد والقيام له

- ‌شرح باب: عقوق الوالدين من الكبائر

- ‌تحريم عقوق الأمهات

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (منعاً وهات)

- ‌وأد البنات عند العرب وتحريمه في الإسلام

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (قيل وقال)

- ‌معنى كثرة السؤال المكروهة

- ‌معنى إضاعة المال

- ‌الأسئلة

- ‌رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌الموقف الشرعي من نزار قباني

الفصل: ‌نموذج لأهل الأدب الشرعي

‌نموذج لأهل الأدب الشرعي

قال ابن المبارك رحمه الله: طلبنا الأدب حيث لا مؤدبين، فهو يشكو حاله على عصره، يقول: طلبنا الأدب حيث لا مؤدبين، يقول: ما وجدنا من يؤدبنا، ونحن في الكبر أصبحنا شيوخاً، وقد اشتعلت رءوسنا شيباً، فأصبحنا نطلب الأدب، فكيف لو رآنا عبد الله بن المبارك في هذا العصر! فهو في عصر تابعي التابعين، وكان معه مؤدبون وأخيار، وعلماء وفقهاء ومحدثون وزهاد وعباد ويشكو من حاله، يقول: طلبنا الأدب حيث لا مؤدبين.

وكان عبد الله بن المبارك هذا من آدب الناس، ولا بأس أن نسرح قليلاً مع عبد الله بن المبارك وللذهبي كتاب اسمه قضِّ نهارك بأخبار ابن المبارك، يقول الذهبي في تذكرة الحفاظ: والله! إني لأحبه لما جعل الله فيه من العبادة والزهد والعلم، أو كما قال.

عبد الله بن المبارك كان من أحسن الناس أدباً، وكان يضع كلمات أدبية نثرية وشعرية في منهج الأدب، يقول من ضمن أبياته:

وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياء وكرم

قوله للشيء لا إن قلت لا وإذا قلت نعم قال نعم

وهذا يسمى أدب الموافقة، أن يوافقك الشخص في غير معصية؛ لأن بعض الناس من قلة أدبه يحب الخلاف فيما لا فائدة فيه، إن قلت: نجلس تحت هذه الشجرة، قال: هذه أحسن، وإن قلت: ننطلق الساعة السابعة، قال: لو تأخرنا للثامنة كان أحسن، وإن قلت: ما رأيك نتكلم ربع ساعة، قال: لو كان ثلث ساعة كان أحسن، لا لشيء؛ لأن المسألة متقاربة ولكن حب الخلاف، وهو الذي ينعاه ابن المبارك على أهل عصره في القرن الثالث، فكيف لو رآنا في القرن الخامس عشر.

ابن المبارك رحمه الله رحمة واسعة، كان يترنم بأبيات في الأدب كثيراً، وكان في أكثر أبياته، يعلم الناس الزهد والسيرة والأخلاق، وهو بمجمله يسمى الأدب، خرج من مكة وترك الفتيا، وأخذ بغلته، فقال له الناس: أتترك الحرم وتخرج للجهاد؟ قال:

بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمنا

إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا

ص: 5