المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما أكرمه الله به قبل النبوة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٨٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌قراءة في السيرة

- ‌نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌الرضاع ومسيرة الحياة

- ‌حادثة شق الصدر

- ‌حياة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه

- ‌كفالة عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌زيارة النبي صلى الله عليه وسلم قبر أبيه مع أمه

- ‌كفالة أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌السفر إلى الشام

- ‌حرب الفجار

- ‌حلف الفضول

- ‌رحلته إلى الشام المرة الثانية

- ‌بناء البيت

- ‌معيشته عليه السلام قبل البعثة

- ‌سيرته عليه الصلاة والسلام في قومه قبل البعثة

- ‌ما أكرمه الله به قبل النبوة

- ‌تبشير التوراة بالرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌لمحة من أخلاق النبي الكريم

- ‌تبشير الإنجيل ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حركة الأفكار قبل البعثة

- ‌سلمان الفارسي والبحث على الهداية

- ‌مراسلة النبي صلى الله عليه وسلم لملوك الأرض

- ‌رسالته صلى الله عليه وسلم إلى كسرى

- ‌رسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس

- ‌رسالته صلى الله عليه وسلم إلى هرقل

- ‌بدء الوحي

- ‌فترة انقطاع الوحي

- ‌مرحلة الدعوة سراً

- ‌عقيدة الولاء والبراء عند الصحابة

- ‌إسلام بعض الصحابة في أول الإسلام

- ‌إسلام أبي بكر الصديق

- ‌إسلام عثمان بن عفان

- ‌إسلام الزبير بن العوام

- ‌إسلام عمر رضي الله عنه

- ‌إسلام طلحة بن عبيد الله

- ‌إسلام صهيب الرومي

- ‌إسلام ابن مسعود

- ‌إسلام أبي ذر الغفاري

- ‌مرحلة الجهر بالدعوة

- ‌وقوف النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا يدعو كفار قريش

- ‌موقف أبي لهب من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌موقف العاص بن وائل

- ‌حادثة الإسراء

- ‌موقف كفار قريش من حادثة الإسراء

- ‌وصف النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش بيت المقدس

- ‌إيذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو جهل من أشد الناس إيذاءً للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إيذاء عقبة بن أبي معيط للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العاص بن وائل وأذيته للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الوليد بن المغيرة وأذيته للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أذية النضر بن الحارث للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إسلام حمزة بن عبد المطلب

- ‌حياة حمزة مع الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حياة بلال بن رباح

- ‌أبو بكر الصديق يشتري بلالاً من أمية بن خلف

- ‌بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بلال بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مصرع أمية بن خلف على يد بلال بن رباح

- ‌إسلام عمار بن ياسر

- ‌تعذيب كفار قريش لعمار بن ياسر

- ‌مقتل عمار رضي الله عنه

الفصل: ‌ما أكرمه الله به قبل النبوة

‌ما أكرمه الله به قبل النبوة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: أول ما منحه الله، ما حصل له من البركات على آل حليمة الذي كان مسترضعاً فيهم، فلقد كان قبل حلوله بناديهم مجدبين، فلما صار بينهم نزل عليهم الغيث، بأمر الله وبإذنه سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى هو الذي ينزل الغيث ويكشف ما بالناس، وهو الذي يقدر سبحانه وتعالى، ولكن قد يرحم الله كثيراً من الناس ببعض الناس، فلبركته عليه الصلاة والسلام رحم أهل البادية الذين سكن معهم صلى الله عليه وسلم كما سلف معنا، وأغاثهم الله عز وجل، فأصبحوا في نعيم مقيم، يقول البوصيري:

وإذا سخر الإله سعيداً لأناس فإنهم سعداء

البوصيري مصري له منظومات لكن لاحظ عليه العلماء المبالغة في مدحه عليه الصلاة والسلام، وله نهج البردة التي يقول فيها من ضمن أبياتها:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم

إن لم تكن في قيامي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

وهذا شرك، يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول: ما لي من ألوذ به يا رسول الله إلا بك، وهذا خطأ وشرك في المعتقد، بل الذي يلاذ به الله عز وجل، ويعاذ به تبارك وتعالى، ولا يلاذ ولا يعاذ بغيره تبارك وتعالى، والرسول عليه الصلاة والسلام لا يكشف ضراً ولا يجلب نفعاً، ولا يحيي ولا يميت ولا يشفي ولا يرزق ولا يبتلي، إنما هو فقط يبلغ الرسالة، وإلا فهو بشر عليه الصلاة والسلام، فلينتبه الناس لهذه المسألة، وهي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر، وأن مهمته تبليغ الرسالة، وقد بلغها على أكمل وجه صلى الله عليه وسلم.

ثم شرح الله صدره، وبعض المفسرين يقولون في قوله سبحانه وتعالى:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:1] يقول بعضهم: أما شققنا صدرك وأخرجنا منه المرارة السوداء؟ لأن المرارة السوداء التي كانت في قلبه صلى الله عليه وسلم أخرجت، فكان صلى الله عليه وسلم يرعى البهم في الصباح وعمره ما يقارب ثمان سنوات، أو أقل من ذلك، ومعه أخوه من الرضاعة ابن حليمة السعدية المرضعة، فلما رعوا البهم بجانب ديارهم وخيمهم في بادية بني سعد المعروفة تجاه الطائف ، وإذا بملكين اثنين ينزلان من السماء، فيأخذان الرسول عليه الصلاة والسلام فيبطحانه على ظهره ويشقان صدره شقاً، ثم أخرجا المرارة السوداء، وغسلا قلبه صلى الله عليه وسلم.

قال أهل العلم: غسلاه بماء زمزم في طست من ذهب، فيقول بعض المفسرين:(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يقول الله عز وجل: أما شرحنا لك صدرك في هذه المرة؟

والصحيح عند جمهور المفسرين: أي: جعلناه مشروحاً واسعاً، فأزال الله همه وغمه.

ولذلك تجده صلى الله عليه وسلم في المعارك وقد كسرت رباعيته، وشج رأسه عليه الصلاة والسلام، وقتل سبعون من الصحابة وهو يتبسم، وفي الغار وقد أحاط به المشركون من كل جهة وهو يتبسم، وقتل كثير من أقاربه وهو يتبسم عليه الصلاة والسلام، ثم كان عليه الصلاة والسلام على كثرة المصائب مشروح الصدر، يقول سبحانه وتعالى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام:125] وقال: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:22] وأول ما دعا موسى عليه السلام أن قال: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} طه 25] وهي من أحسن الدعوات.

فشرح الله صدره، وأخرج حظ الشيطان منه، ثم إن الله عز وجل منّ عليه أن جعل شيطانه يسلم، يقول صلى الله عليه وسلم:{ما منكم من أحد إلا ومعه قرين قد وكل به، قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا، لكن أعانني الله عليه فأسلم} فشيطانه أسلم ولا يأمره إلا بخير، أما نحن فكل واحد منا معه قرين يأمره بالشر إلا من عصم ربك، والله جعل لنا هذا ابتلاء ليرى إيماننا ويرى سبحانه وتعالى عملنا الصالح، وأحسن ما يستدفع به الشيطان الوضوء وذكر الله، وقراءة القرآن، والدعاء، والمعوذات، وآية الكرسي، فهذه يستدفع بها الشيطان نعوذ بالله منه.

ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام سخر الله له الغمامة في سفره إلى الشام فاستظل بها، ونزلت القافلة إلى السوق وترك الرسول عليه الصلاة والسلام يرعى الإبل وهو في الشام ، وعمره ما يقارب خمساً وثلاثين سنة، فأتت غمامة فظللته عليه الصلاة والسلام، وهذه من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.

ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يمر فتسلم عليه الأشجار والأحجار بالنبوة قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى.

ص: 17