المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفات القائد الأعظم عليه الصلاة والسلام - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٩

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌اسمع يا تاريخ

- ‌صفات القائد الأعظم عليه الصلاة والسلام

- ‌الإمام القدوة عليه الصلاة والسلام

- ‌شجاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم

- ‌صبره على الشدائد صلى الله عليه وسلم وتواضعه الجمّ

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم ونشره للإسلام

- ‌معيشة الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا بسنته

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش أطوار الحياة

- ‌المعجزة الكبرى

- ‌الجنة من طريق محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش معنا

- ‌معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بكاء الجذع حنيناً للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌معجزة الاستسقاء

- ‌معجزة انشقاق القمر

- ‌معجزة نبع الماء من يديه

- ‌عبادته صلى الله عليه وسلم

- ‌صلاته عليه الصلاة والسلام

- ‌صيامه عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكره عليه الصلاة والسلام لله

- ‌جهاد المصطفى عليه الصلاة والسلام

- ‌أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام لا ينتهي

- ‌الأسئلة

- ‌مقطع من قصيدة سأعود للدنيا

- ‌بعض آداب المصطاف

الفصل: ‌صفات القائد الأعظم عليه الصلاة والسلام

‌صفات القائد الأعظم عليه الصلاة والسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

أيها الكرام البررة:

عنوان هذه المحاضرة: (اسمع يا تاريخ) إنها تتحدث عن الرسول عليه الصلاة والسلام؛ إنها وثيقة أهديها لكم أيها العباد البررة الأخيار، يا طلبة العلم؛ يا حفظة لا إله إلا الله؛ يا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام.

إنها ليست ترجمة له صلى الله عليه وسلم، فهو أعظم من أن يترجم له مثلي، وأنا أقول كما قال شوقي -الشاعر المشهور- لما أتى ليمدح الرسول عليه الصلاة والسلام:

أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك غير أن لي انتسابا

وليست مدحاً له عليه الصلاة والسلام، فهو أرفع من المدح، فالله هو الذي مدحه، وزكاه وطهره، وشرفه وأعلى قدره، وليست هذه الوثيقة تاريخاً أو سرداً لتاريخه، فالمجلدات والمؤلفات والندوات والمحاضرات كلها لا تفي بجزئية من حياته عليه الصلاة والسلام.

ماذا يقول الواصفون له وصفاته جلت عن الحصر

ولكن هي فيض من خاطر، وقطرة من قلم، وهمسة من فؤاد، إنها تعبير لغربة المسلم أمام إمامه وعظيمه وزعيمه وأستاذه وشيخه عليه الصلاة والسلام، الله يقول له من فوق سبع سموات:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].

وأريد بهذه المحاضرة "اسمع يا تاريخ" أن يسمع سامع، أو يعي واعٍ، أو يستفيق نائم عما يجب عليه نحو الرسول عليه الصلاة والسلام.

يقول بعض العلماء لما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] لم يقل: للناس فيخرج الحيوانات، ولم يقل: للمؤمنين فيخرج الكفار، ولم يقل: رحمة للكبار فيخرج الصغار، ولم يقل: للصغار فيخرج الكبار؛ بل قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] ولكن يعيش عليه الصلاة والسلام معنا دائماً وأبداً، في مشاعرنا وآمالنا وطموحاتنا، يعيش معنا في بسماتنا وفي دموعنا؛ وفي عيوننا وفي أسماعنا، وفي أبصارنا وفي قلوبنا، يعيش معنا دائماً ونحن نراه دائماً، قدوة وأسوة وإماماً ومعلماً، وأباً ومرشداً، وقائداً وأستاذاً، يعيش معنا وقد أحببناه فعاش في ضمائرنا عظيماً، وفي قلوبنا رحيماً، وفي عيوننا آمراً وناهياً، وفي آذننا مبشراً ومنذراً، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} [الأحزاب:45 - 46].

أتسأل عن أعمارنا أنت عمرنا وأنت لنا التاريخ أنت المحرر

تذوب شخوص الناس في كل لحظة وفي كل يوم أنت في القلب تكبر

كلما كثرت الصحوة، وكلما انتشر الصلاح، وكلما أذن المؤذنون، وكلما أفطر الصائمون، وكلما سجد المصلون، وكلما أحرم الحجاج والمعتمرون.

ذكرنا محمداً عليه الصلاة والسلام.

كلما ارتفعت السبابة تقول: لا إله إلا الله، وكلما استغفر المستغفر، وكلما تاب التائب، وكلما عاد المنيب إلى الله؛ ذكرنا محمداً عليه الصلاة والسلام.

ويكرر القرآن ذكر هذا الرجل عليه الصلاة والسلام، الذي هو رجل يأكل ويشرب، وينام ويستيقظ، رجل لكن لا كالرجال، رجل ولكنه يحمل هموم الرجال وعظمة الرجال كل الرجال، وإنسان ولكن لا كالناس، إنسان يجمع مناقب الإنسانية، يتحدث عنه القرآن، فإذا هو الخلوق القريب من القلوب:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

من الذي زكاه؟ من الذي مدحه وأعلاه؟ الله الذي مدحه زين -كما يقول عليه الصلاة والسلام وذمه شين.

أتاه وفد بني تميم فطرقوا عليه الباب فقالوا: {اخرج إلينا يا محمد، فإن مدحنا زين وذمنا شين، قال عليه الصلاة والسلام: ذاك هو الله الذي مدحه زين وذمه شين} ، ويذكر سبحانه وتعالى رحمة رسوله، وشفقة مبعوثه وحنانه، فيقول عنه:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] وإذا هو اللين السهل الميسر قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:159] أي: كنت قريباً تعيش في القلوب، وتعيش في الأرواح، يحبك الناس جميعاً: أهل الجزيرة، وأهل العراق، وأهل اليمن، وأهل السودان، وأهل المغرب، والعجم يوم يسلمون، والشقر يوم يؤمنون، والحمر يوم يهتدون، كلهم يحبونك لأنك إمامهم.

ص: 2