المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان قوله تعالى: (والسماء بناء) - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٢٥

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌المثل المائي والمثل الناري

- ‌أمثلة المنافقين في الكتاب

- ‌معنى قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ)

- ‌المثل في القرآن

- ‌أنواع الظلمات

- ‌أنواع النفاق

- ‌سبب ضرب المثل بالنار

- ‌السر في قوله: (بِنُورِهِمْ)

- ‌الحواس وحفظها في صغر السن

- ‌بيان معنى الأصم والأبكم والأعمى

- ‌ذكر بعض من ولد أعمى

- ‌بيان معنى قوله تعالى: (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ)

- ‌مَثَل المنافق المائي

- ‌العاصم من التوله بالأجنبيات

- ‌بيان معنى قوله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ)

- ‌حقيقة الرعد

- ‌ماهية البرق

- ‌وصف الرعد بحال المنافق

- ‌وصف البرق بحال المنافق

- ‌بيان معنى الصاعقة وذكر بعض من أحرق بها

- ‌بيان معنى الإحاطة

- ‌إحاطة الله تعصم نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى قوله تعالى: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ)

- ‌معنى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)

- ‌المخاطبون في القرآن بـ (يَا أَيُّهَا

- ‌القرآن يقرر توحيد الألوهية

- ‌معنى التقوى

- ‌معنى قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً)

- ‌نفي التعارض بين جعل الأرض فراشاً ووجود الجبال

- ‌بيان قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)

- ‌فوائد النجوم

- ‌معنى قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً)

الفصل: ‌بيان قوله تعالى: (والسماء بناء)

‌بيان قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)

قال سبحانه وتعالى: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة:22] وقد سماها الله عز وجل سقفاً محفوظاً، وقد بناها سبحانه وتعالى، ولكن يقول:(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)[الرعد:2] فهل للسموات عمد أم لا؟ لأهل العلم في الآية هذه معنيان فينتبه له:

المعنى الأول: يقال بغير عمد ترونها: أي أنكم ترون السماء مرفوعة فليس لها عمد.

المعنى الثاني: وقالوا بغير عمد ترونها: لها أعمدة، لكن لا ترون هذه الأعمدة.

والصحيح: المعنى الأول فسبحان من رفع هذا الجرم الذي سمكه كما بين السماء والأرض بمسافة خمسمائة عام، وذكر في بعض الآثار: أنها سماء من نحاس وسماء من حديد إلى غير تلك الأنواع، فالله أعلم! لكن جرمها وسمكها خمسمائة عام، وقد اخترقها النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل في لحظات حتى وصل إلى (سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) [النجم:14 - 17] وقال: {سَقْفاً مَحْفُوظاً} [الأنبياء:32] قالوا: محفوظة بالملائكة من الشياطين لئلا يسترقوا السمع.

يقول ابن عباس: كان الشيطان يأتي على ظهر أخيه، ثم يأتي الثالث على ظهره، ثم الرابع والخامس، ثم السادس حتى يقربا من السماء، فكانوا يلتقطون الكلمات قبل أن يبعث صلى الله عليه وسلم فيبثونها للسحرة والكهنة والمشعوذين، فيأخذها الساحر فيزيد عليه مائة كذبة.

فلما بعث عليه الصلاة والسلام أصبحت الأجرام السماوية والأرض في حالة استنفار وتأهب وطوارئ، أخذت الشهب تلقى عليهم تلاحقهم وتحرقهم في كل مكان، فلما جاء زعيم نصيبين من اليمن يتفقد بعض أفراده، فقالوا: احترقوا، ونظر وإذا الشهب ترمى في كل مكان.

فقال: ابحثوا في الأرض والتمسوا فقد وقع في الأرض أمر منعنا من التماس خبر السماء، فذهبوا وتفرقوا في الدنيا، فذهبت فرقة تجاه الحجاز، وصادفت أن الرسول عليه الصلاة والسلام عند وادي نخلة في الطائف وسط الليل لما رده أهل الطائف وكذبوا به، فجلس يقرأ القرآن، فاستمعوا له، وتداعوا من كل أقطار الأرض، وكانوا يسرعون في لمح البصر، فأخذوا يزفونه حتى امتلأ الوادي بهم وأصبحوا صفاً على صف حتى يقول سبحانه وتعالى:(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)[الجن:19] ونقل الله المشهد بالصورة والصوت، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً) [الجن:1].

قال سيد قطب: عجيب! هذا القرآن حتى الجن يتذوقونه ويعرفون أنه عجب، قالوا:(فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً)[الجن:1 - 2] إلى أن قال سبحانه وتعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً)[الجن:9] ثم قال الله لرسوله في آخر سورة الأحقاف (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)[الأحقاف:30 - 32] فهذا من حفظ الله سبحانه وتعالى للسماء.

ص: 30