المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مرضه في مكة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالشفاء وحديث الوصية - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٢٩

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌الأسد في براثنه

- ‌من هو الأسد في براثنه

- ‌عرض عام لأهم مواقف الأسد (سعد بن أبي وقاص)

- ‌الأسد هو سعد بن أبي وقاص

- ‌آثاره وقصصه وما يستفاد منها

- ‌مقتطفات من سيرة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أول من رمى سهماً في سبيل الله

- ‌النبي يفتخر بخاله سعد

- ‌سعد يعتزل الفتنة

- ‌من البشارات لسعد

- ‌البشارة بالشهادة

- ‌البشارة لسعد بالجنة

- ‌ما نزل في سعد من الآيات

- ‌مرضه في مكة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالشفاء وحديث الوصية

- ‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة دعوة سعد

- ‌سعد والمواقف الخارجية

- ‌سعد وأهل الكوفة

- ‌سعد ومعركة القادسية

- ‌الرؤيا الصالحة تبشر سعداً حين اعتزل الفتنة

- ‌الدروس والعبر من سيرة سعد رضي الله عنه

- ‌العبرة بالعمل لا بالنسب

- ‌جواز ذكر المرء ما وقع له في سبيل الله

- ‌تميز سعد بإجابة دعوته لصدقه وتحريه المال

- ‌الله يحب الغني التقي الخفي

- ‌لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

- ‌الصحابة أعلم بالسنة وأفقه من غيرهم

- ‌الأسلم البعد عن المناصب ما لم تتعين

- ‌جواز الإشادة بأهل الفضل ما لم يكن رياء

- ‌اعتزال الفتن إن كان ذلك أصلح

- ‌جواز الوصية

- ‌خير الناس من طال عمره وحسن عمله

- ‌أَلْمعَيِة سعد في القيادة

- ‌يُسْر الصحابة في العلم والعبادة

- ‌استحباب الدفن بثياب العمل الصالح

- ‌الأسئلة

- ‌استغلال المصطاف عطلته في الدعوة

- ‌أبناء سعد بن أبي وقاص

- ‌أخو سعد بن أبي وقاص

- ‌العزيمة الصادقة تفتت التردد

- ‌عصمة الله لنبيه حتى يبلغ رسالته

الفصل: ‌مرضه في مكة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالشفاء وحديث الوصية

‌مرضه في مكة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالشفاء وحديث الوصية

يقول سعد أبو إسحاق -الأسد في براثنه-: اشتكيت في مكة فزارني عليه الصلاة والسلام -وشرف له أن يتحدث بها في مذكراته وهو في آخر عمره، وهذه المذكرات يسجلها للناس، بعد أن فتح وبعد أن جاهد وضحى، وأصبح في آخر عمره، ومات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصبح يقص على الناس قصصه- قال:{زارني صلى الله عليه وسلم حين مرضت في مكة، فلما أتاني وضع يده على صدري، فوالذي لا إله إلا هو إنه ليخيل إلي الآن أني أجد برد يده على كبدي} -وذلك بعد أربعين سنة- يقول: والذي لا إله إلا هو إنه ليخيل إلي الآن أنني أجد برد يده على كبدي.

ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا

وما ذاك إلا أن هند عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا

الحديث رواه البخاري وأحمد ومسلم والنسائي، قال له صلى الله عليه وسلم:{اللهم اشف سعداً} فشفاه الله.

وفي الزيارة تلك أو غيرها أسف سعد وقال: يا رسول الله! إني صاحب مال ولا يرثني إلا ابنة، فماذا أفعل بمالي؟ وكان في مكة بعد أن هاجر إلى المدينة، فعاد إلى مكة حاجاً أو فاتحاً فمرض، قال: {يا رسول الله! أتصدق بكل مالي؟ قال: لا.

قال: فالشطر؟ قال: لا.

قال: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير} قال ابن عباس: [[وددت أن الناس في الوصية خفضوا من الثلث إلى الربع؛ لأن الرسول عليه الصلاة السلام قال: الثلث كثير]] ثم قال عليه الصلاة والسلام: {إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس} لا تذهب المال، لا تنثره نثراً، لا تفرقه في الناس ويبقى أبناؤك وبناتك بعدك فقراء يقفون على بيوت الأغنياء، كن عزيزاً واجعلهم أغنياء، اجمع المال من الحلال، أما التصوف الهندوسي الذي أدخلوه علينا فلا نعترف به، هذا ليس من كيس محمد صلى الله عليه وسلم، بل جاء من مزدك، وجاء من طاغور وليس من محمد صلى الله عليه وسلم، عندنا في الإسلام اجمع المال حلالاً واترك ورثتك أغنياء شرفاء رفعاء لا يمدون أيديهم للأغنياء، هذه مسألة.

وفي الحديث: {قال سعد: يا رسول الله! أخلف بعد أصحابي؟ -أي: يقول: أموت في مكة وأنا هاجرت إلى المدينة؟ - قال: لا.

لعله أن يطول بك عمر فينتفع بك قوم ويضرُّ بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم؛ لكن بئس سعد بن خولة} يرثى له صلى الله عليه وسلم إن مات في مكة، حديث متفق عليه.

والمعنى: لن تموت في مرضك هذا، بل سوف يطول بك عمر -إن شاء الله- وينتفع بك قوم، قال أهل العلم: والله لقد انتفع به الملايين، فنحن الآن منتفعون بـ سعد، فإنه فتح لنا جبهة في الشمال ودمر دولة عاتية كادت تأخذ الجزيرة العربية ضحى، وسحق جماجم الطغاة والبغاة، ونشر العلم هناك رضي الله عنه قال:{ويضرُّ بك آخرون} والله قد تضررت به فارس وتضرر به الدجاجلة عباد النار حين أوقعهم في النهر بالعشرات، ثم سحقهم سحقاً، فهذا من التضرر.

ص: 14