المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سبب نزول آية ضرب المثل بالعبوضة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٠٠

[عائض القرني]

الفصل: ‌سبب نزول آية ضرب المثل بالعبوضة

‌سبب نزول آية ضرب المثل بالعبوضة

فأما

‌السؤال

ما هو سبب نزول هذه الآية؟ فلأهل العلم قولان:

الله ضرب سبحانه وتعالى ما يقارب من البعوضة وما فوقها وما دونها أمثلة في القرآن، وذكر الله النحل وهي حشرة خلقها وفطرها وهداها سبحانه وتعالى، وذكرها في كتابه فقال:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل:68] وهي آية من أكبر الآيات.

ولذلك ينقل الأستاذ سيد قطب في الظلال عن كريسي موريسون الأمريكي صاحب الإنسان لا يقوم وحده ، يقول: أعظم آية على أن هناك قدرة: هذه النحلة، قال: من يدلها أن تقطع آلاف الأميال، وتأتي من الجبال إلى خليتها فلا تضل خلية إلى غير خليتها، أعندها (هوائي)؟ قال سيد قطب: لا يوجد عندها هوائي ولكن عندها: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل:68] فقال الكفار: رب قدير كبير عظيم ويتحدث عن النحل! والنحل حشرة صغيرة، والعظماء على زعمهم لا يتحدثون في الحشرات.

وذكر الله الذباب، فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:73 - 74] قال كفار مكة: رب محمد يضرب المثل بالذباب.

وذكر الله النمل فقال سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل:18] يقول بعض أهل اللغة: نادت، وأمرت، وبينت، واستثنت، واعتذرت وختمت، فنادت فقالت: يا أيها النمل، وأمرت فقالت: ادخلوا، وبينت فقالت: لا يحطمنكم سليمان وجنوده، واعتذرت وختمت فقالت: وهم لا يشعرون، فسبحان من علمها وعلم سليمان منطقها!

فلما كثر القيل والقال رد الله سبحانه وتعالى عليهم، وأقول: إن سورة البقرة تعتني -كما يقول أحد المفكرين- بالنسف والإبادة وبالردود، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] الله يضرب الأمثال بالبعوض وما فوق البعوض، وهو الذي خلقها، وهو الذي سواها، فهذا هو سبب نزولها عند بعض المفسرين.

القول الثاني: وقال قوم من أهل التفسير ومن أهل السنة: سبب الآية أن الله عز وجل لما ضرب بعض الأمثلة في القرآن قالوا: ما هذه الأمثلة، القرآن وهو كتاب معجز تضرب فيه الأمثلة، يقول سبحانه وتعالى:{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة:17] ثم بعدها بآية قال: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة:19] قالوا: كيف يضرب الله هذه الأمثال؟! فرد الله عليهم قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26].

ص: 3