المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة أصحاب الفيل - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٧٣

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌هجوم على الكعبة

- ‌مقدمة عن سورة الفيل

- ‌تشريف الله لمكة بجعلها حرماً آمناً

- ‌سورة الفيل قصيرة معجزة غنية بالفوائد والعبر

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك)

- ‌جمال التعبير في قوله: (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ)

- ‌قصة أصحاب الفيل

- ‌استطراد في غزو بريطانيا لليمن

- ‌تكملة قصة أصحاب الفيل

- ‌تفسير بقية السورة

- ‌نسبتهم إلى الفيل وكيدهم في تضليل

- ‌إرسال الطير عليهم وقتلهم شر قتلة

- ‌العبر والعظات المستفادة من سورة الفيل

- ‌رفع معنويات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌منة الله على أهل الحرم

- ‌تحدي أهل المبادئ الهدامة

- ‌النصر لله ولرسوله ولحرمه

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌تجنيب هذا البلد المعاصي الظاهرة والباطنة

- ‌إن الله عز وجل يُحدث بما يشاء متى شاء

- ‌إن أعداء الله مهما كبروا سيصغروا

- ‌على أهل الحرم واجب زائد على غيرهم

- ‌شكر الله وطاعته على نعمه

- ‌الأسئلة

- ‌عقد الزواج في الحرم

- ‌طريقة الأمر بالمعروف في الحرم

- ‌التعامل اللائق مع المسلمين الوافدين إلى الحرم

- ‌من أعظم المناقب حضور مجالس الخير

- ‌حكم الاستهام في البنوك

- ‌بعض البدع في ليلة سبعة وعشرين من رمضان

- ‌كيف يتصرف من جالس مبتدعاً

- ‌قضاء العطلة الصيفية

- ‌قصيدة الفيل

- ‌ثلاث قضايا مهمة عن الدعوة في هذا العصر

- ‌واجب الدعاة والعلماء

- ‌الاشتغال بالتربية

- ‌نصيحة للخطباء

- ‌كلمة للنساء

الفصل: ‌قصة أصحاب الفيل

‌قصة أصحاب الفيل

{بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:1]:-

أولاً: اسمحوا لي أن أذكر لكم القصة مختصرة، ثم أبدأ بالتفاصيل على ما قال أهل العلم وأهل التفسير، ثم نخرج بقضايا ودروس.

مجمل القصة: أن أبرهة الأشرم كان نصرانياً يحمل دين المسيح، وهؤلاء يحملون مبادئهم حتى ولو كانوا في عصر الجاهليين؛ فإن الإنسان لا بد أن يعيش بعقيدة، فتجده يضحي من أجل عقيدته ولو كانت باطلة ولو كانت بعثية أو ماركسية أو شيوعية أو علمانية، بل هم أكثر تضحية من كثير من المسلمين، حتى تجد من طلبة العلم من وسوس له الشيطان فشغله بنفسه عن أن يكون معسكراً وحاملاً للمبادئ، ورجلاً للكلمة، وصاحب قرار آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، أبرهة ليس من هذا الصنف، أبرهة يحمل مبدأ، بنى كعبة في صنعاء، وطلب من العرب أن يتجهوا لها ويتركوا كعبة الله في البيت العتيق، أخذته قذر النجاسة والنحاسة واللقافة فبنى تلك الكعبة وجعلها أكبر من هذه الكعبة؛ فغضب العرب ولطخوا كعبته، فغضب هو وأقسم بآلهته أن يطأ أرض الحرم وأن يهدِّم كعبة الله، هذه رواية، وقال بعضهم: بل إن ملك النصارى في الحبشة القائد الأعلى لها ورئيس أبرهة أمره أن يذهب إلى أرض العرب فيحطِّم كعبة العرب التي بناها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فجهز جيشاً عدده ستون ألفاً، بقي عليهم عشرة ويصبحون كجيش أبي إسحاق:

سبعون ألفاً كآساد الشرى نضجت جلودهم قبل نضج التين والعنب

وقيل: تسعون ألفاً، ومشى بستين ألفاً ومعه فيل جعله في أول الجيش، وبعضهم يقول: ثمانية فيلة؛ ولكن الذهبي يقول: الفيل الذي ذكر في القرآن كأنه متميز؛ ولذلك لم يذكر الله السبعة الباقية، فدعا بالفيل وركبه ومشى واخترق قبائل الجنوب ولم تعترضه إلا قبيلة ماعز وشهران، فسحقهم وغلبهم، وقامت له قبيلة خثعم، فغلبها، وهذه صراحة بالنسبة لعصرنا تسمى قوة عظمى، فالدول العظمى بالمفهوم العصري الآن مثل أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقاً، أو ما يحل محلها كـ الصين أو فرنسا أو بريطانيا، فهم كانوا عند العرب قوة عظمى، فما استطاعت القبائل المقاومة فانهزمت، حتى وصل إلى الطائف، وحصل بعض المقاومة لكن أبا رغال أحد الممسوخين الخاسرين قام وقال: أدلك على طريق البيت؛ لأن أهل الطائف اعتذروا إلا أبا رغال هذا، فلما دله ومات أبو رغال أخذ العرب يرجمون قبره، فكان كل عربي إذا أراد أن يحج يمر أولاً بـ الطائف ليرجم قبر أبي رغال؛ لأنه دل أبرهة.

ونزل أبرهة وأصبح في المغمس، تمركز في المغمس، والحقيقة أن أول الجيش قد يكون في المغمس وهو في طرف مكة كما تعرفون من جهة الطائف، وأوله كان في وادي محسر الذي نهرول فيه لأنه موطن عذاب، فكيف بمن يصاحب أهل العذاب ويجالس أهل المعاصي وأهل المنكرات؟! وكيف بمن يرضى بهم إخوة؟! وكيف بمن يعكف على معاصيهم؟! وكيف بمن يجعلهم أولياء له؟! ستجدهم أخلاء له في الدنيا والآخرة، ولذلك قال سبحانه وتعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].

فما دام أنه مكان عذاب فقد أُمرنا أن نسرع فيه في الحج؛ لئلا يصيبنا ما أصاب أولئك، فكيف بمن خالطم ورضي أفعالهم واتخذهم من دون الله أولياء؟ {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22].

وَصَل هناك ونزل، ثم أرسل جنوده فجمعوا كل إبل الحرم وغنمه ومواشيه وجماله وجعلها وراء البيت، هذا أول فعله، أما كفار قريش فأتاهم الخبر، والمشرك مهزوم من الداخل، المشرك لا يحمل لواءً، ولذلك لا تحارب بمشرك، وأحد العقديين في هذا العصر يقول في مذكرة له: موحِّد واحد يغلب ألف مشرك.

أي: ألف مخلِّط، ولذلك لا نلقى العدو بمشركين، ولا منهارين، ولا مبتدعة، لا بد من إخلاص التوحيد، فإنه لو كان في الحرم موحدون لرفعوا (لا إله إلا الله) ولخرجوا يلبسون الأكفان.

يا بني قومنا سراعاً إلى الله فقد فاز من يموت شهيدا

سارعوا سارعوا إلى جنة قد فاز من جاءها شهيداً سعيدا

ص: 7