المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة مكذوبة عن معاذ بن جبل وأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٨٢

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌قصص مكذوبة

- ‌قصيدة في محاربة المخدرات

- ‌أحاديث سئل الشيخ عن صحتها

- ‌النهي عن الكذب

- ‌بيان بعض القصص المكذوبة

- ‌قصة علي بن أبي طالب والشمس

- ‌قصة علقمة وأمه

- ‌قصة ثعلبة ومنعه للزكاة

- ‌قصة مغاضبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب

- ‌قصة مكذوبة عن أبي بكر

- ‌قصة دفن عمر في القبر

- ‌قصة مكذوبة عن معاذ بن جبل وأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة لربيعة الرأي

- ‌قصة مكذوبة عن توبة مالك بن دينار

- ‌مدى صحة نسبة كتاب الحيدة إلى مؤلفه

- ‌أحاديث مكذوبة عن رسول الله

- ‌عدم صحة نسبة كتاب الصلاة للإمام أحمد

- ‌عدم صحة ما نسب أن الذهبي حذر ابن تيمية من علم الكلام

- ‌قصة مكذوبة عن الإمام مالك وجلد القاذفة

- ‌أسباب وضع الأحاديث أو القصص

- ‌نقص الإيمان

- ‌التزلف إلى السلاطين والأثرياء

- ‌تحسين مهنة أو بضاعة أو تقبيحهما

- ‌حسن المقصد

- ‌الزندقة والعداء للإسلام

- ‌وسائل الكشف عن الأحاديث المكذوبة

- ‌كتب ينصح باقتنائها

- ‌اقتراح بتأسيس مجلس لكل حي

- ‌الأسئلة

- ‌حال حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً

- ‌حال حديث الرجل الذي أوصى بحرقه بعد موته

- ‌قصة بحيرى

- ‌حال حديث: (أدبني ربي)

- ‌سؤال حول قصة الإمام مالك مع المرأة القاذفة

- ‌الحكم على قصة عمر مع الأصنام في الجاهلية

- ‌حال حديث: (اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين

- ‌حال حديث: (والله لو وضعوا الشمس في يميني)

- ‌حال الأحاديث في كتاب رياض الصالحين

- ‌سؤال عن المختصر للصابوني

- ‌هارون أخو مريم ليس هو هارون أخا موسى

- ‌حال حديث: (إن الله جميل)

- ‌حال حديث: (إن الله نظيف)

- ‌حكم إلقاء القصص المكذوبة

- ‌اليهود وسبب تحويلهم إلى قردة

- ‌حال قصة مصارعة الرسول لركانة

- ‌حال قصة ابن المبارك مع بهران

- ‌هل الفخذ من العورة

- ‌حال حديث إن في جهنم لواد تتعوذ منه جهنم

- ‌حكم من أفطر يوماً من رمضان

الفصل: ‌قصة مكذوبة عن معاذ بن جبل وأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

‌قصة مكذوبة عن معاذ بن جبل وأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

وجد شريط كامل فيه قصة وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام يتحدث فيه رجل بصوت يظهر عليه أنه عامي، يتحدث بصوت يُبْكي لا يسمعه الإنسان إلا وهو يبكي، ولا يدري من القصة شيئاً، فهو يجعلك تبكي بالقوة، روى قصة يوم أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن، ثم أتت قصة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى معاذ فرآه في المنام، قال: فقام معاذ في الصباح، فحثى التراب على رأسه وقال: واحبيباه! واخليلاه! واقرة عيناه! وهذا كذب على معاذ، فمعاذ الله أن يحثي بالتراب على رأسه، ولن يفعل، بل هو حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين، وليس بصاحب نياحة.

وأتى هذا القصَّاص بالخزعبلات، قال: فأتى معاذ من اليمن فطرق على أبي بكر الباب، قال أبو بكر وهو يبكي فوق الرسول صلى الله عليه وسلم: من بالباب؟

من الذي يذكرنا فقد الأصحاب؟

من الذي أبكانا على الأحباب؟

قال: أنا اخرج، قال: فخرج أبو بكر ثم أنشد أبو بكر قصيدة في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم رد عليه معاذ بقصيدة، ثم ذهب إلى عمر وكلها قصائد غزل لـ مجنون ليلى ولـ كثير عزة، وهذا هو العجيب! من ضمنها أبيات لا يصح أن تقال عن الصحابة، يقول:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

وهذه أبيات مجنون ليلى في القرن الثاني، ومنها أيضاً هذه، ومع أنه لم يوردها في الشريط لكن من القصيدة المذكورة:

يقولون ليلى في العراق مريضة فياليتني كنت الطبيب المداويا

وإني لأستغفي وما بي غفوة لعل خيالاً منك يلقى خياليا

وهذا الشريط منتشر، وهو كذب، ولا يصح أن يروى ولا أن يستمع إليه؛ لأنه نسب إلى الصحابة ما برأهم الله منه، فهم عدول وأخيار، ويتعاملون بالكتاب والسنة، وفيهم زهد وصدق مع الله.

وما كان أبو بكر مثل العجوز وراء الباب يَبَكِي، بل قام بالسيوف المسلولة على المنبر على أهل الردة، وقال:[[والله الذي لا إله إلا هو! لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه للرسول عليه الصلاة والسلام لقاتلتهم عليه]].

أبو بكر أخذ الراية يوم الجمعة ومكتوب فيها: لا إله إلا الله ونصبها، وأتى بقادة الجيوش خالد بن الوليد، وعكرمة وأسامة، ثم سلمهم الرايات لقتال المرتدين.

أتى أبو بكر يوم مات عليه الصلاة والسلام، وقد كان في مزرعة في العوالي، وأتاه الخبر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأتى وعليه السكينة، عجباً من قلبك الفذ الكبير! تتهادى حاملات للرؤى، أتى يشق الصفوف، ودخل أولاً فسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام وهو مسجى، ثم كشف الغطاء عن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد فارق الحياة -بأبي هو وأمي- ثم دمعت عينا أبي بكر الصديق على خد المصطفى وقبَّله، وقال:[[ما أطيبك حياً! وما أطيبك ميتاً! أما الموتة التي قد كتبت عليك فقد ذقتها، ولكن والله لا تموت بعدها أبداً]] ثم خرج باتزان والمدينة تثور مثل القِدر إذا استجمع غليانه، كبار الصحابة ومنهم: عمر كان يخر على قدميه في الأرض خوفاً ووجلاً، وأتى أبو بكر وإذا عمر واقف بالسيف يقول:[[يا أيها الناس! ما مات الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن زعم أنه مات ضربت عنقه بهذا السيف، إنما سافر إلى الله مثلما سافر موسى إلى ربه، وسوف يعود إلينا]].

فقام أبو بكر فقال: [[اسكت يا عمر! ثم صعد المنبر فخطب خطبة ما سمع الدهر بمثلها، وقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله؛ فإن الله حي لا يموت: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]]].

قال عمر: [[فوالله كأني أول مرة أسمع هذه الآية]].

قام أبو بكر فدعا أسامة لأن الرسول عليه الصلاة والسلام في مرض موته استدعى أسامة، وكان عمر أسامة سبعة عشر سنة وبعض الناس عمره سبعة عشر سنة وهو لا يعرف إلا لعب البلوت والمراسلة وجمع الطوابع وليس عنده من المقاصد شيء، لكن أسامة يقود الجيش، ويفتح الفتوح.

محمد بن القاسم عمره سبع عشر سنة وفتح السند وقاتل داهر ملك السند، وذبحه كذبح الدجاجة، وهدم الأصنام وفتح ما يقارب عشرين مدينة في جهات أفغانستان، والسند والهند.

إن السماحة والنجابة والندى لـ محمد بن القاسم بن محمد

قاد الجيوش لسبع عشرة حجة يا قرب ذلك سؤدداً من مولد

كان ابن عباس يفتي هو صغير، والآن بعضهم لا يعرف كيف يصلي وعمره عشر سنوات، بل بعض الأطفال يتقلبون في السجود ويتمرغون وعمرهم اثنا عشر وعشر سنوات وكأنهم يسبحون في الماء في المسجد.

المقصود هنا: أن أبا بكر أعطى الراية أسامة، قال الصحابة: يا خليفة رسول الله! لو أبقيت الجيش لأننا نخاف على المدينة، يعني: وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كون جرحاً في قلب الأمة، ويخاف على العاصمة أن تهتز، فتحتاج إلى حراسة متينة للخليفة الجديد والحكومة الجديدة، فنرى أن يبقى الجيش هنا هذه الأيام، قال أبو بكر:[[والله! لو أن الطير تخطفنا، والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأنفذن جيش أسامة]].

فخرج أسامة وأبو بكر يكلم أسامة وأسامة على فرسه، وكان أسامة يمسك الفرس بلجامه لئلا لا يعدو ويستمع لكلام الخليفة، فأتى أسامة ليقفز من على الفرس ليركب أبا بكر؛ لأن الخليفة أفضل منه وهو يمشي على الأرض، وأسامة القائد على الفرس.

قال أبو بكر: والله لا تنزل ولا أركب وما عليّ أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله.

رضي الله عن سعيك ما اغبرت أقدامك؟! أنت مغبر أقدامك في سبيل الله منذ بدأ الإسلام، غبر قدمه، وأبكى عينه، وسلم دمه وماله في خدمة لا إله إلا الله.

إذاً: فقصة الوفاة التي تروى في هذا الشريط بهذا الأسلوب لا تصح.

ص: 12