المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر (الرحمن الرحيم) على الإنسانية - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٤٩

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌وقفات مع السبع المثاني

- ‌قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الفاتحة ووقفات مع آياتها

- ‌فضائل سورة الفاتحة وشرفها

- ‌وقفات مع لفظ: (الحمد)

- ‌لماذا يحمد الله عز وجل

- ‌مواطن ذكر الحمد

- ‌أقسام الناس في حمد الله

- ‌أركان الشكر عند المتكلمين

- ‌الحمد والشكر والفرق بينهما

- ‌تفسير قوله: (الحمدلله رب العالمين)

- ‌لفظ الجلالة وأقوال أهل العلم فيه

- ‌أثر كلمة (رب) على الخليقة

- ‌لفظة (العالمين) وما فيها من معان

- ‌تفسير قوله: (الرَّحْمَنِ الرَّحِِيمِ)

- ‌معنى (الرحمن الرحيم)

- ‌أثر (الرحمن الرحيم) على الإنسانية

- ‌تفسير قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)

- ‌في يوم الدين لا مالك إلا الله

- ‌أخنع الأسماء: ملك الملوك

- ‌أثر اسم (يوم الدين) في مشاعر المسلم

- ‌النظرية الوجودية

- ‌تفسير قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

- ‌(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ملخص دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌مسائل وأحكام من قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

- ‌حال الناس أمام (إياك نعبد وإياك نستعين)

- ‌شرف العبودية

- ‌وقفات حول كلمة (اهدنا)

- ‌الفرق بين الهداية العامة والهداية الخاصة

- ‌الفرق بين هداية الدلالة وهداية التوفيق

- ‌طرق الهداية

- ‌كيف يطلب عليه الصلاة والسلام الهداية

- ‌الفرق بين الهداية المجملة والهداية المفصَّلة

- ‌حاجة الأمة والفرد إلى الهداية

- ‌وقفات مع قوله: (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)

- ‌من صفات الصراط المستقيم: القُرب

- ‌من صفات الصراط المستقيم: الاتساع

- ‌من صفات الصراط المستقيم: الاستقامة

- ‌من صفات الصراط المستقيم: إيصال المقصود

- ‌من صفات الصراط المستقيم: وجود الإمام في أوله

- ‌تفسير قوله: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)

- ‌تفسير قوله: (الْمَغْضُوْبِ عَلَيْهِمْ)

- ‌تفسير قوله: (ولا الضَّالِّينَ)

- ‌لا التقاء بين الهداية والضلالة

- ‌طلب الهداية من الله

- ‌الأسئلة

- ‌حكم البسملة في الفاتحة

- ‌الخروج عن نطاق السنة بقصد اتباعها

- ‌عدم جواز نسبة الشر إلى الله تعالى

- ‌النشاط في الدعوة إلى الله

- ‌تركيز العلمانيين على المرأة في كثير من المجالات

- ‌التطبيع اليهودي العربي

- ‌مساعدة أهل تهامة

الفصل: ‌أثر (الرحمن الرحيم) على الإنسانية

‌أثر (الرحمن الرحيم) على الإنسانية

الفلاسفة لهم مقالة مفادها: لماذا خلق الله الذباب؟ وهذا ابن ابن الراوندي ألف كتاب الدامغ على القرآن -دمغ الله رأسه في نار جهنم- يسميه الذهبي: الكلب المعفَّر، والناس هذا يسمونه: فيلسوف الإسلام، والإسلام منه بريئ، ثوبه مشقوق، وهو صاحب الأبيات التي يقول فيها:

أيا رب تخلق أغصان رندٍ وألحاظ حورٍ وكثبان رملْ

وتنهى عبادك أن يعشقوا أيا حاكم العدل ذا حكم عَدْلْ؟

أستغفر الله! هذا الكلب المعفَّر وقف على نهر دجلة وعنده قرص شعير يريد أن يأكله، فمر خادم من خدم الخليفة، وعنده خيل وجمال وبقر، فالتفت إلى السماء وكأنه يخاطب الله، وقال: أنا الفيلسوف -فيلسوف الإسلام -تعطيني كسرة خبز من شعير، وتعطي هذا العبد الخيول!! ثم رمى بالكسرة في النهر.

هذا الكلب يقول: لماذا خلق الله الذباب؟

وهذا السؤال عرضه أبو جعفر المنصور على ابن السماك، واعظ الدنيا وأبو جعفر - كما قال الإمام أحمد - يذبِّح الملوك كتذبيح الغنم، فقد ذبح أعمامه، وذبح أبا مسلم الخرساني، فلا يقاومه أحد إلا ذبحه بيده.

فيذكرون أن أبا جعفر كان جالساً في اجتماع، جمع فيه العلماء والوعاظ والوزراء والأمراء، وكان أبو جعفر خطيب الدنيا، فلما جلس دخل ذباب في المجلس وأزعجه فخَنْخَنَ عليه في ديوان القصر، فضاقت به الدنيا؛ لكن أراد الله أن يهين أبا جعفر؛ فلما هبط على أنفه، قال: يـ ابن السماك! لماذا خلق الله الذباب؟! قال ابن السماك ليذل به أنوف الطغاة.

وهذا من أحسن ما يقال، وما أملحه! ولا شُلَّ لسانُه ولا شُلَّتْ يمينُه.

دعها سماوية تجري على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوسِ

فالمقصود: أن لله في أفعاله حكم بالغة، لا يعترض عليه سبحانه وتعالى، ولذلك قال:{لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:41] أي: توقيعه الأخير، وحكمه النهائي، ولا أحد يُوَقِّع بعده، قال سبحانه:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقَاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام:115] ويقول ابن كثير في تفسيره، وهذا من أحسن ما يقال! قال:(صِِدْقَاً): في الأخبار، و (عَدْلاً): في الأحكام.

أما (الرحيم) فرحمته بالمؤمنين خاصة {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:43] وهذا بخلاف (الرَّحْمَنِ) التي تشمل الناس جميعاً.

ص: 17