المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (لم يلد ولم يولد) - دروس الشيخ عبد الحي يوسف - جـ ٢٥

[عبد الحي يوسف]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير من سورة الإخلاص إلى سورة الناس

- ‌فضل سورة الإخلاص

- ‌سبب نزول سورة الإخلاص

- ‌ذكر بعض الأحاديث الواردة في فضل سورة الإخلاص

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل هو الله أحد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الله الصمد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لم يلد ولم يولد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد)

- ‌ذكر ما ورد في فضل المعوذتين

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أعوذ برب الفلق)

- ‌تفسير قوله تعالى: (من شر ما خلق)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن شر غاسق إذا وقب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن شر النفاثات في العقد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن شر حاسد إذا حسد)

- ‌مسائل متفرقة تتعلق بسورة الناس

- ‌أهمية تعليم الأبناء كيف يرقي أحدهم نفسه

- ‌حكم الاستعاذة بغير الله

- ‌أركان الاستعاذة

- ‌ذكر قصة سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم السحر

- ‌أهمية رقية الإنسان لنفسه

- ‌حكم الذهاب إلى الساحر لفك السحر

- ‌حد الساحر

- ‌سبب ذكر النفاثات دون النفاثين

- ‌بيان أن الحسد أول ذنب عصي الله به

- ‌الحسد يسبب الكبائر

- ‌عظم ذنب الحسد

- ‌الفرق بين الحسد والعين

- ‌الرد على من ينكر وقوع العين

- ‌أسباب الحسد

- ‌علاج الحسد

- ‌فضل سورة الناس

- ‌حكم تكرار سورة واحدة في ركعتين

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أعوذ برب الناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ملك الناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إله الناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (من شر الوسواس الخناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذي يوسوس في صدور الناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (من الجنة والناس)

- ‌مقارنة بين سورتي: الفلق والناس

- ‌سبب تقديم الجن على الناس في سورة الناس

- ‌ذكر بعض شرور الشياطين

- ‌مداخل الشيطان على ابن آدم

- ‌كيفية الوقاية من شر الشيطان

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (لم يلد ولم يولد)

‌تفسير قوله تعالى: (لم يلد ولم يولد)

الإله الواحد جل جلاله يصف نفسه بأنه الصمد، ثم ينفي العلة والمعلول فيقول:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3].

و

‌السؤال

هل الإنسان يولد أولاً أم يلد؟ وهذا لا يحتاج إلى تفكير، فالإنسان يولد أولاً.

فلماذا قدم ربنا في الآية نفي كونه والداً على نفي كونه ولداً؟ قال العلماء رحمهم الله: قدمه لاعتبارين: الاعتبار الأول: أن الآية نزلت في الرد على المشركين من اليهود والنصارى والعرب، فاليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، والعرب قالوا: الملائكة بنات الله، فالله عز وجل قال:((لَمْ يَلِدْ)) من أجل أن يرد على هؤلاء.

الاعتبار الثاني: أنه لم يوجد في الكون من نسب إلى الله عز وجل أنه مولود، لكن وجد من نسب إلى الله أنه والد، ولذلك قال سبحانه:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3]، وهذا المعنى قد تكرر في القرآن مراراً، كقول ربنا سبحانه:{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة:116].

وقوله سبحانه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء:26].

وقوله سبحانه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} [مريم:88 - 94].

وقال سبحانه: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات:158].

وأكثر من فتن به البشر وألهوه هو المسيح ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، هذا العبد الصالح الطيب المبارك الذي دعا إلى عبادة الله وحده فتن الناس به؛ لكونه من أم بلا أب، والله عز وجل نفى ألوهية عيسى عليه السلام بقوله:{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} [المائدة:75] فالمسيح بشر، يأكل الطعام، وتعتريه نوازع البشرية، فيحتاج إلى الخلاء للبول والغائط.

والمسيح عليه السلام بشر، أوذي كما يؤذى البشر، والله عز وجل لا يستطيع أحد أن يضره.

والمسيح عليه السلام شأنه كشأن آدم عليهما السلام، كما قال عز وجل:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران:59 - 60].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) رواه الشيخان.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الرحمن ولداً، وأما تكذيبه إياي فقوله: ليس بقادر على أن يعيدني).

قال صلى الله عليه وسلم: (لا أحد أصبر على أذى من الله؛ ينسبون إليه الصاحبة والولد وهو يرزقهم ويعافيهم) ما أحلمه سبحانه وبحمده على عباده! كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (إني والجن والإنس في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلي بالمعاصي، فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم فيهم حيراناً).

ص: 7