الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل حول رؤية الهلال
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
ذكر رمضان فقال: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له)) وفي رواية لمسلم: ((فاقدروا ثلاثين)) يعني الرواية الأولى متفق عليها؛ لأنها ما خرجت، فهي متفق عليها، وللبخاري:((فأكملوا العدة ثلاثين))، ((لا تصوموا حتى تروا الهلال)) وقد جاء النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، جاء النهي عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين، فلا يجوز الصيام حتى يُرى الهلال، ولا يفطر الصائم حتى يرى هلال شوال، فإذا رآه من تقوم الحجة برؤيته؛ لأنه قد يقول قائل: لا تصوموا خطاب جمع، وحتى تروا خطاب جمع، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، إيش معنى هذا؟ معناه أنه لا يجوز لأحد أن يصوم حتى يرى الهلال، لكن هل هذا الظاهر مراد أو غير مراد؟ قلنا: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، ركب القوم دوابهم، إيش معنى هذا؟ إن كل واحد ركب دابته، كل واحد من القوم ركب دابته، مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، هنا جمع مقابل بجمع ((لا تصوموا حتى تروا)) هل نقول: إنه لا يصوم أحد حتى يرى؟ هذا الظاهر غير مراد بالإجماع؛ لأن من المكلفين ممن هو مطالب بالصيام لا تتأتى منه الرؤية، مثل الأعمى، لأنه ضعيف البصر، لا تتأتى منه الرؤية، ولذا الظاهر غير مراد.
((من رأى منكم منكراً فليغيره)) هل نقول: إنه لا يغير المنكر إلا من رآه؟ يعني من بلغه بطريق صحيح أن هناك منكر ألا يجب عليه أن يغيره إذا استطاع، ما رآه سمع عنه بطريق صحيح عن طريق الثقات، لو قلنا: إنه لا يغيره حتى يراه، قلنا: إن من احتلم لا يلزمه الغسل حتى يرى الماء بعينه، فالأعمى لا يغتسل إذا احتلم لأنه لا يرى الماء، وفي الحديث: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا رأت الماء)) فالرؤية كما تكون بالبصر تكون حكماً بخبر من يثبت الخبر بقوله وبشهادته {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(6) سورة الفجر] هل رأى النبي عليه الصلاة والسلام ما فعل الله بعاد؟ لا، لكنه بلغه بطريق قطعي مثل الرؤية {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل] ما رآه، وعلى هذا إذا ثبت الخبر شرعاً لزم الناس الصوم، ((لا تصوموا حتى تروا الهلال)) يعني ثبت ثبتت رؤية الهلال شرعاً، ورؤية هلال رمضان تثبت بواحد؛ لخبر ابن عمر أن الناس تراءوا الهلال فرآه فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام فأمر الناس بالصيام، وخبر الأعرابي الذي رأى الهلال فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام مخبراً، فقال له:((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ ))
…
إلى آخره فأمر بالناس بالصيام، فالرؤية تثبت بقول واحد، ولا بد من الرؤية بالعين المجردة، ولا يكلف الله الناس أكثر من ذلك، لا يوهم الناس باتخاذ مناظير أو آلات، لكن إن استعملها الناس من أجل إيضاح الرؤية فلا مانع، لكن لو لم توجد ما ألزموا بوجودها، إذا لم يروه بالعين المجردة فلا يلزمهم الصيام، ولا يقال: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والصيام واجب، ولا يتم الرؤية إلا بآلات بمناظير بدرابيل هذا لا يلزم، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها فلا يلزم، ولا بد من الرؤية، وإذا ثبت الخبر ممن يقبل خبره شرعاً لزم الناس كلهم الصيام، ولو خالف في ذلك من خالف من الفلكين وغيرهم، ومن أهل الحساب، سواءً كانوا منجمين أو حساب، لا عبرة بقولهم، عندنا مقدمات شرعية صحيحة صريحة، كلها تبني الصيام والفطر على الرؤية، ولا التفات إلى قول أحد كائناً من كان، يخالف ما صح
عن النبي عليه الصلاة والسلام ((حتى تروا الهلال)) وهل هذا خطاب لعموم الأمة أو خطاب لمن تمكنهم الرؤية؟
والفرق بين هذا وهذا إذا قلنا: ((فلا تصوموا)) خطاب لجميع الأمة أنه لو رؤي الهلال بأي قطر من أقطار المسلمين وأي بلد من بلدان المسلمين قرب أو بعد فإنه يلزم جميع الناس الصيام، ولا ينظر حينئذٍ إلى اختلاف المطالع واتحاد المطالع؛ لأنه قال:((فلا تصوموا حتى تروا الهلال)) هل هذا الخطاب للجميع أو خطاب لمن تثبت به الرؤية؟ هذا يكفي من تثبت الرؤية بقوله.
((لا تصوموا)) هذا خطاب للجميع ((حتى تروا)) هذا بالنسبة لمن يثبت الحكم بخبره، والجميع ((لا تصوموا)) هل هو خطاب لجميع الأمة في مشارق الأرض ومغاربها؟ لا يصومون حتى يروى الهلال من قبل بعض المسلمين في أي قطر من الأقطار؟ اللفظ محتمل، وبهذا يقول جمع من أهل العلم أنه إذا رؤي الهلال في بلد من البلدان فإنه حينئذٍ يلزم المسلمين الصيام في جميع الأقطار من غير نظر لاتحاد المطالع أو اختلافها، ومنهم من يرى أنه لا يلزم الصيام إلا بالنسبة للبلدان التي تتحد مع البلد الذي رؤي فيه الهلال في
المطلع، ولا شك أن المطالع تختلف باختلاف البلدان، وفي هذا حديث ابن عباس أن كريباً مولاه جاء من الشام وقد رؤي الهلال ليلة الجمعة في الشام، وصاموا يوم الجمعة، وصام معهم كريب، وفي المدينة ما رأوه إلا ليلة السبت، فلما كمل ثلاثون يوماً قال كريب: انتهى رمضان؛ لأننا رأينا الهلال ليلة الجمعة، لكن ابن عباس قال: لكننا رأيناه ليلة السبت، فلا نفطر حتى نراه أو نكمل الثلاثين، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا معول من يقول باختلاف المطالع، والحديث في الصحيح حديث ابن عباس، لكن من يقول بعدم الالتفات إلى اتحاد المطالع واختلافها هذا يخالف حديث ابن عباس أو لا يخالفه؟ نعم؟ الذي لا. . . . . . . . . يقول: رؤي الهلال بالمغرب يصوموا أهل المشرق والعكس، يخالف مخالفة صريحة وإلا ما هي بصريحة؟ مخالفة صريحة "هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هذا هو اللفظ النبوي أو لفظ ابن عباس؟ لفظ ابن عباس، ألا يحتمل أن يكون لفظ ابن عباس معتمد على أمر خاص يخص اختلاف المطالع أو أمر عام ((فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه))؟ يحتمل الأول والثاني، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ابن عباس يقول: "هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" إحنا ما ندري هل عند ابن عباس خبر خاص في المطالع واختلافها واتحادها أمر به النبي عليه الصلاة والسلام أو أن ابن عباس اجتهد وفهم من هذا الحديث أنه ما دام لا تمكن الرؤية الرؤية مستحيلة في هذا البلد نعم وأننا لا نفطر حتى نراه في هذا البلد ولا نصوم حتى نراه فاستند إلى عموم الأمر في هذا الحديث فقال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وحينئذٍ لا نكون خالفنا الحديث، نقول: هذا فهم ابن عباس.
يبدوا أن المسألة ما اتضحت، نعم؟
طالب: واضحة يا شيخ.
نعم؟
طالب: واضحة.
أشوف بعض الإخوان كأنها ما هي بواضحة؛ لأن بعض الناس يسمع حديث ابن عباس وهو في صحيح مسلم وغيره يقول: كيف يقال من قبل الإمام أحمد وهو إمام من أئمة المسلمين وغيرهم، حتى الشيخ ابن باز وهو إمام متبع للأثر، يقول: لو قيل: بأنه يجب على عموم المسلمين الصيام وأن المطالع لا اعتبار لها، نقول: ما هو ببعيد، هل نقول: إنهم صادموا حديث ابن عباس؟ صادموه وإلا ما صادموه؟ لأننا ما ندري ما عند ابن عباس، ابن عباس يقول: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، احتمال أن يكون عنده أمر خاص فيه ملاحظة اتحاد المطالع واختلاف المطالع، وفيه احتمال أيضاً أن ابن عباس اعتمد على هذا الحديث لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، الآن الرؤية مستحيلة في هذا البلد، وهي ممكنة في بلاد الشام، إذاً أهل الشام يصومون ونحن لا نصوم، هذا فهم ابن عباس لهذا الحديث، فبعض الناس يشدد في هذه المسألة ويرى أن من يقول بعدم اختلاف المطالع، وأن المسلمين يلزمهم الصيام في مشارق الأرض ومغاربها، أقول: يا أخي ابن عباس، حديثه، هذا حديث عام ذا، حديث ابن عباس خاص والمسألة دقيقة، فلماذا لا نعمل بحديث ابن عباس لأنه أخص وأدق؟ نقول: احتمال أن ابن عباس معوله في حكاية الأمر على هذا الحديث فيكون هذا فقهه، يكون هذا فقه ابن عباس وفهم ابن عباس، وحينئذٍ لا يشدد على من قال بعدم اختلاف المطالع أو باعتبار اتحاد المطالع واختلاف المطالع، وهذه مسألة لا شك أنها مسألة معضلة ومشكلة لا سيما بالنسبة للأقليات التي تعيش في غير بلدان المسلمين، وبالنسبة أيضاً لبعض البلدان التي أهلها مسلمون، لكنهم لا يعتمدون الوسائل الشرعية في إثبات الأهلة، يعتمدون على حساب، طيب الشخص المتبع المتحري المتثبت المتتبع لأثر النبي عليه الصلاة والسلام إذا قيل له: صم؛ لأن الحساب يدخل الشهر في يوم كذا، هذا حرج عظيم بالنسبة له، هو يثق بأهل هذه البلاد، وأنهم يصومون على الرؤية، ويفطرون على هذه الرؤية، لكن المطلع يختلف قطعاً، إذا كان في الهند أو في السند أو في أقاصي المغرب أو في أقصى الشمال أو الجنوب، قد يختلف المطلع هذا، فيقع في حرج عظيم، وتكثر الأسئلة، وبعض الناس يرجح أنه إذا رؤي
الهلال في بلد من البلدان أنه يلزم الصيام، وبلدان المسلمين تعرفون ما دخلها من أمور تغيير حول إثبات الأهلة دخولاً وخروجاً.
فيجيء أهل التحري والتثبت من أهل تلك البلدان يريد أن يوافق هذه البلاد؛ لأن وسائلها شرعية، لكنه يقع في مخالفة الصيام مع الناس والفطر مع الناس، وهذا حرج، فالمأمول ممن بيده الحل والعقد الأمر والنهي أن يعتمد الوسائل الشرعية في مثل هذه العبادات الكبرى، أركان من أركان المسلمين، أركان من أركان الإسلام، ووقع المسلمين في حرج كله؛ لأننا نتبع حساب، وهناك مطالبة قوية لأن يتبع الحساب في هذه البلاد، حتى من بعض من ينتسب إلى العلم مع الأسف الشديد.
وبُحثت على أعلى المستويات واستقر الرأي القاطع الحاسم أنه لا التفات لا لحساب ولا لمطالع ولا لغيرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا نفي ولا إثبات، عندنا رؤية رأينا ما رأينا، خلاص.
كون هذا الثقة جاءنا وقال: رأيت، ووهم في رؤيته، وصام الناس هل يأثمون وإلا صيامهم صحيح؟ صيامهم صحيح مقطوع بصحته ((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع)) مقدماتنا شرعية، إذاً نتائجنا شرعية، ولو خالفت الواقع، ولو لم يولد الهلال، وقد جاءنا ثقة يقول: رأيت الهلال، كما يأتي الثقة للقاضي فيثبت حق أو ينفي حق، ويحكم القاضي على مقتضى شهادة هذا الثقة، حكم بمقدمة شرعية نتيجته شرعية لا محالة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه فهم صحابي لهذا الحديث، احتمال أن يقول بهذا الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن فهم
…
، أدرك وطبق، لكن هل هذا فعل الصحابة كلهم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم، أنا أقول: هذا قول وإن قال به هذا الصحابي الجليل وفهم، نعم لو كان عنده نص خاص يدل على اختلاف المطالع ولا أقول: إن القول الثاني أرجح أو الأول أرجح، لكن أقول: لا تثريب على من فعل ولا على من قال كالإمام أحمد أنه يلزم الناس كلهم الصيام، إذا رؤي في أي بلد من بلدان المسلمين اعتماداً على هذا، يعني كنا نقول في أول الأمر ونحن نسمع المذهب وغيره من المذاهب الإسلامية تقول: بعدم النظر إلى اختلاف المطالع واتحادها مع حديث ابن عباس، يعني كنا نقول: إن هذه مصادمة صريحة، لكن لما تأملنا في الموضوع احتمال أن ابن عباس الأمر الذي عنده هو هذا الأمر، فيكون هذا فهمه، فلا تثريب على من فهم هذا، ولا على من فهم هذا، والنص محتمل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما نسقطه، من عمل به ما في إشكال، وكلامه واضح وظاهر، ما عندنا إشكال في كونه يعمل به، كلامه واضح وظاهر وهو الأقرب بالنسبة لنا، لكن إذا كان قوله يوقع في إشكال وحرج عظيم بالنسبة للأمة كلها، فلا مانع، وقد رآه إمام من أئمة المسلمين وأفتى به، واجتهد في وقت من الأوقات يعمل به، ما في ما يمنع إطلاقاً.
يقول: قول ابن عباس لكريب: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا حتى تروا، ألا يترجح بأنه أمرنا بالصوم عند رؤية الهلال ولو كان قصده اختلاف المطالع لذكر الدليل الذي يؤكد قوله؟
ذكرنا بالأمس أن ابن عباس لما قال له كريب مولاه إننا صمنا مع معاوية والناس يوم الجمعة، رأينا الهلال ليلة الجمعة، قال ابن عباس: لكننا لم نره إلا ليلة السبت، وما صمنا إلا في يوم السبت، فلا نفطر حتى نراه، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلنا: إن الاحتمال قائم في مراد ابن عباس هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل هو الأمر العام الذي يتمسك به جميع أهل العلم أن الصيام مرتب على الرؤية وحينئذٍ لا يكون فيه مستمسك لمن يقول باختلاف المطالع؟ وأنه إذا رؤي الهلال في أقصى المشرق لزم الناس كلهم الصوم وإن كانوا في أقصى المغرب، وكذلك في الشمال والجنوب، فيكون مستند ابن عباس في قوله: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بقوله: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) وحينئذٍ لا يكون فيه دليل على تخصيص المطالع بجهتها، وإنما يكون فيه خطاب للأمة بكاملها، ويحتمل أن يكون ابن عباس رضي الله عنهما عنده دليل خاص، استند عليه في اعتماده على اختلاف مطلع أهل الشام عن مطلع أهل المدينة، ولكنه لم يبده، بل قال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني بما يطابق الواقع الذي حصل، الذي حصل من صوم معاوية والناس يوم الجمعة، وأهل المدينة ما صاموا إلا يوم السبت، وفي المسألة بين أهل العلم في قول الصحابي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف يعد المخالف فيه شاذ، منهم من قال: عموم أهل العلم، عامة أهل العلم يرون أن الصحابي إذا قال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا الأمر ملزم، هذا الأمر ملزم للأمة، كأنه قال: أفعلوا.
وداود الظاهري وبعض المتكلمين قالوا: إنه لا يحتج بقول الصحابي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقل اللفظ النبوي؛ لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه أمر، أو يسمع كلام يظنه نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي.
نقول: هذا الكلام باطل؛ لأننا إذا لم نثق بفهم الصحابة فبفهم من نثق؟ هذا الكلام باطل، ولا حظ له من النظر، إذا قال الصحابي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: على العين والرأس، فهم الصحابي مقدم على فهم كل أحد، لكن يبقى أنه في مسألتنا "هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" نحن لا نشك في أن الأمر ملزم على كل حال، لكن هل كان عند ابن عباس أمر خاص في اختلاف المطالع أو أنه فهم من قوله:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) أنه يقتضي تحديد المطالع؛ لأنه إذا رؤي الهلال في بلد يختلف مطلعه عن بلد آخر قلنا: في البلد الآخر يستحيل أن يرى الهلال، فكيف نصوم لرؤيته والرؤية مستحيلة؟
بينما الذي يقول: ما في فرق بين البلدان، يقول: هذا خطاب لعموم الأمة، ولا يلزم من كل فرد فرد أن يراه، إذا رآه من تقوم به الحجة لزم الأمة كلهم الصوم، ولا شك أن الاحتمال قوي جداً، وإن كانت الثقة في ابن عباس وفهم ابن عباس يعني مرجحة لقول من يقول باختلاف المطالع، لكن القول الثاني قوي، وله حظ من النظر، واستناده للحديث واضح، ومع ذلك لا يقال: إن من قال به خالف حديث ابن عباس، لا يقال: إنه خالف حديث ابن عباس في الأمر النبوي، إنما يقال: خالف فهم ابن عباس، لا يقال: خالف حديث ابن عباس، وإنما يقال: خالف فهم ابن عباس لهذا الحديث، نعم لو اتفق الصحابة على هذا الفهم ليس لنا كلام في هذا الموضوع، انتهى حسم الموضوع، إذا اتفق الصحابة على فهم معين، ليس لمن جاء بعدهم أن يبدي فهماً جديداً لنص من نصوص الكتاب والسنة.