المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أحكام الحج الشيخ/ عبد الكريم الخضير   الحمد لله رب العالمين، وصلى الله - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٣٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ ‌أحكام الحج الشيخ/ عبد الكريم الخضير   الحمد لله رب العالمين، وصلى الله

‌أحكام الحج

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

‌فرضية الحج:

إن الحج إلى بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام إجماعاً، لا يختلف أهل العلم في كونه ركن، وقد الله -جل وعلا-:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] فشأن الحج عظيم، فهو أحد أركان الإسلام، وأحد دعائمه العظام، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) متفق عليه، من حديث ابن عمر، وتفرد مسلم -رحمه الله تعالى- بتقديم الصيام على الحج، ولذا بنا الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترتيب كتابه على تقديم الحج على الصيام، بناء على الرواية المتفق عليها، والأكثر من أهل العلم يقدمون الصيام على الحج، والرواية بذلك عن ابن عمر صحيحة، حتى إنه اُستدرك عليه، فرد على المستدرك، لما قال:"بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" قيل له: صوم رمضان والحج، قال: وصوم رمضان والحج، قيل له: الحج وصوم رمضان، قال: لا، صوم رمضان والحج، مع أن تقديم الحج ثابت عنه في الصحيحين وغيرهما.

حكم من أنكر وجوب الحج:

وعلى كل حال من أنكر وجوبه كفر إجماعاً، ومن تركه فهو على خطر عظيم مع القدرة عليه؛ لأن الله -جل وعلا- يقول:{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] ويستدل بهذا مع نصوص جاءت في التشديد والتأكيد بالنسبة لمن ترك الحج وهو قادر عليه، جعل بعض أهل العلم يقولون: بكفر من لم يحج مع الاستطاعة، وجاء عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه كتب إلى الأمراء في الآفاق:"أن انظروا من كانت له جدة فلم يحجوا، فاضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين".

ص: 1

وجاء مرفوعاً من حديث أبي ذر وأبي هريرة وأبي أمامة وغيرهم، عن النبي عليه الصلاة والسلام:((من كان ذا جدة فلم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو إن شاء نصرانياً)) له طرق كثيرة تدل على أن له أصلاً، كما قال الحافظ ابن حجر، وإن بالغ ابن الجوزي فأورده في الموضوعات؛ لكن الجمهور على أنه ضعيف، ليس بالموضوع، وليس بالصحيح، وابن حجر يقول: كثرة طرقه تدل على أن له أصلاً.

وعلى كل حال هو ركن اتفاقاً، وتاركه على خطر عظيم، ولو لم نقل بكفره كقول الجمهور؛ لكنه مفرط، شأن الحج عظيم، وجاء في الترغيب فيه أحاديث كثيرة جداً، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:((من حج فلم يرفث، ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وجاء أيضاً: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) وهو واجب على الفور على القول المحقق عند أهل العلم، وإن قال كثير من أهل العلم أنه على التراخي؛ لكن جاءت النصوص التي تدل على أنه على الفور، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما فرض عليه الحج في السنة التاسعة على القول المحقق عند الإمام البخاري وابن القيم وغيرهما أنه فرض في السنة التاسعة، وحج النبي عليه الصلاة والسلام في السنة العاشرة، نعم قد يقول قائل: لو كان على الفور لحج في السنة التاسعة، بعث النبي عليه الصلاة والسلام في السنة التاسعة أبا بكر، ثم أردفه بعلي رضي الله عنه من أجل أن يبلغ عن النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان، فالنبي عليه الصلاة والسلام لا يطيق هذه المناظر، ولذا أخر الحج وهو واجب على الفور من أجل ذلك.

وكثير من المسلمين الآن مع الأسف الشديد أنه بطوعه واختياره من غير أي داعٍ ينظر إلى العورات، من خلال وسائل الإعلام، لا يلزم أن تكون العورات المغلظة؛ لكن هي عورة على كل حال، المرأة بالنسبة للرجل عورة، والأمر أعظم من ذلك، ويذكر أمور يُستحى من تخيلها فضلاً عن ذكرها، يستحي الرجل السوي الذي على الفطرة من مجرد التصور فضلاً عن سماع أخبارها، أو تصورها، أو الكلام فيها، والله المستعان.

ص: 2