المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضرورة توحيد السياسة التربوية - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ١٥

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌محو الأمية التربوية

- ‌اهتمام الإسلام بتربية النشء

- ‌مفهوم الأمية التربوية الضائع

- ‌الفرق بين الأمية التربوية والأمية بالقراءة والكتابة

- ‌عوائق معالجة الأمية التربوية

- ‌بعض مظاهر الخلل في التربية

- ‌إهمال التربية أو تبني التربية المخالفة للإسلام

- ‌الحديث عن التربية من أبراج عالية لا تناسب بسطاء العقول

- ‌تطبيق طريقة الآباء الخاطئة في التربية أو إيكالها إلى الخادمات

- ‌ندرة وجود المعلم التربوي

- ‌تسليم زمام التربية لوسائل الإعلام المفسدة

- ‌أهمية التربية المبكرة

- ‌تحذير الشريعة من إهمال التربية

- ‌كلام الغزالي على أهمية التربية المبكرة

- ‌حث الشريعة على حقوق الأبناء والاهتمام بتربيتهم

- ‌غفلة الآباء عن التربية المبكرة للأبناء

- ‌بداية التربية من اختيار الأم الصالحة

- ‌أهمية حنان الأم في تربية الطفل وتميز نساء قريش بذلك

- ‌تربية الطفل النفسية من وجهة نظر إسلامية

- ‌حضانة الأم التربوية

- ‌مشاكل تواجه استمرار العملية التربوية للطفل

- ‌نشوء الطفل على سلوك خاطئ

- ‌إهمال الاضطرابات النفسية للطفل

- ‌إخراج العلاج النفسي كعامل في العلاج التربوي

- ‌انشغال الآباء بالكسب عن التربية

- ‌الرسائل المتضادة من البيئة المحيطة

- ‌أمثلة تطبيقية لسوء معاملة الطفل تربوياً

- ‌أمثلة على غرس العجز والخذلان والسلبية في نفس الطفل

- ‌المثال الأول على معاملة الطفل بما يؤثر على سلوكه سلبياً

- ‌المثال الثاني على معاملة الطفل بما يؤثر على سلوكه سلبياً

- ‌المثال الثالث على معاملة الطفل بما يؤثر على سلوكه سلبياً

- ‌المثال الرابع على معاملة الطفل بما يؤثر على سلوكه سلبياً

- ‌المثال الخامس على معاملة الطفل بما يؤثر على سلوكه سلبياً

- ‌بعض الأخطاء الشائعة في التعامل مع الأطفال

- ‌الكذب على الطفل

- ‌التهديد بالطرد أو البغض له

- ‌التخويف بالغيلان والوحوش

- ‌الفطام الرضاعي والفطام النفسي

- ‌بعض مظاهر الخلل في التربية العملية

- ‌التفرقة بين الأولاد

- ‌حرمان الطفل من الترفيه واللعب

- ‌الإلحاح على الترهيب

- ‌القسوة الصارمة

- ‌الدعاء على الأولاد

- ‌التربية بالثواب والعقاب

- ‌ضرورة توحيد السياسة التربوية

- ‌موضوع الجهل بصحة الطفل

- ‌الأسئلة

- ‌علاج تدهور العلاقات بين الزوجين

- ‌طبيعة الطفل ومراحل نموه

- ‌كيفية التعامل مع أب يطرد أبناءه

الفصل: ‌ضرورة توحيد السياسة التربوية

‌ضرورة توحيد السياسة التربوية

أمر آخر من الأمور التي نريد أن نلفت النظر إليها: تشاجر الوالدين أمام الأطفال، لا يجوز أبداً ولا ينبغي أن يختصم الأب والأم أمام الأولاد مهما كان الداعي، فلا من التوفيق وتوحيد السياسة التربوية بين الأب والأم، لأن الأطفال قد يفسدون بسبب التصادم التربوي.

بعض الآباء يحزبون الأولاد في البيت، فهذا تبع الأم وهذا تبع الأب، والولد يلعب على الحبلين.

هذا تدمير للأولاد، ولو أن هذين الأبوين عاقلان لما أظهرا أي اختلاف أمام الأبناء، فعلى الأم أن تعطي الأب مكانة لها احترام، وتحافظ على هيبة الأب، ولا تعمل أي تصرف فيه خدش لهذه الهيبة، وتخوفهم بأبيهم: إذا فعلت كذا سأخبر أباك بما صنعت.

والكثير من المشكلات والأمراض النفسية تنشأ بسبب الأم المسترجلة التي تريد أن تفرض كلمتها، ولا تريد أن تخضع لزوجها أبداً، فهذه الأم المسترجلة تشقى ويشقى أولادها.

ويعتبر الغرب تشاجر الأبوين أمام الطفل نوعاً من الإساءة تستدعي القبض عليهما، وإيداعهما في المصحة النفسية للتأديب والتهذيب والإصلاح الحقيقي، وإذا تكرر هذا السلوك أخذ منهما الطفل ليربى في مؤسسة تابعة للدولة ليصبح ابن الدولة.

انظر كيف انتبهوا إلى هذا الموضوع، حتى وصل بهم الأمر إلى اعتبار أن رفع صوت الأبوين أمام الطفل يعتبر انتهاكاً لحق الطفل في الاستقرار النفسي.

الصراع بين الأبوين في غاية الخطورة على الطفل، وإياكم أن تظنوا أن الطفل لا يدرك، بل هو يدرك جيداً كل ما يحصل ويترجمه ويختزنه، ويهدد شعوره بالاستقرار، ولذلك يقول علماء النفس: إن الطفل الذي تطلق أمه وتنفصل عن أبيه حالته أقل تعرضاً للخطر من الطفل الذي يعيش مع الأبوين وهما في حالة شجار دائم؛ لأنه في حالة الطلاق سيصطدم مرة واحدة، ويتكيف بعد ذلك مع الحياة الجديدة، لكنه في الحالة الأخرى لن يشعر بوجود الاستقرار ولا بسلام نفسي.

يقول الدكتور محمد خليل موضحاً لهذه الجزئية: والطفل يترجم ما يدور حوله ترجمة صادقة دون تحريف أو تزييف، وقد يخطئ الآباء والأمهات في تقدير سلوكيات الطفل لصغر سنه، فلا يتورعون عن النقاش الحاد والجدل ورفع الصوت أثناء مناقشة مشاكلهم، وغاب عنهم أن هذا كله يصل إلى الطفل بمفهوم عاطفي، ويترجم النقاش والجدل والحدة عندما تصل إلى سمعه على أنها رياح قطيعة أو بذور خلاف، ويتأكد ذلك لو أحس ببرود العلاقة بين أبيه وأمه.

أي أن هذه المشاعر تصل إلى الطفل بشفرتها العاطفية النفسية، خصوصاً إذا صاحب ذلك اختلاف واضح في معاملة الأم، أو قلة اهتمامها بالأب، أو انصرافها عنه، حتى لو كان ذلك بتغير في نبرات صوتها أو في حرارة حديثها، فهذه التغيرات قد لا تشعر بها الأم، ولكن الطفل يقيسها بترمومتر عاطفي حساس لا يخطئ، فيطوي نفسه على الألم والحسرة، وتقل اهتماماته، ويفقد شهيته، وقد يلفظ ما في جوفه تعبيراً عن رفضه لما حدث.

فإذا تكررت المواقف فإن الأعراض تنتهي إلى الأسوأ، فربما تصل إلى الانطواء والخجل والتردد والتلعثم أو التبول اللاإداري؛ إنها رموز مرضية توضح تأثر الطفل بالخلافات لو استمرت بين الأزواج، وكأن الطفل بما يحدث له من أعراض يقول بمفهومه العاطفي النفسي: لا للخصام بين الأزواج لا للقطيعة بينهم.

فإذاً لابد أن يكون هناك اتفاق على سياسية تربوية بين الأبوين، فإن كانوا سيختلفون فبصوت منخفض لا يسمعه الأطفال، أو في مكان منعزل، ولا يوجد تعارض في الأوامر بين الأب والأم.

وكما أشرت إلى موضوع تحزيب الأولاد إذا كبروا قليلاً، حيث تبدأ الأم بذلك، فهذا لا ينبغي حتى لو انفصل الأبوان، لأن من المفروض ألا تحدث إثارة حقد في نفس الطفل على أبيه، ولا ينبغي إدخال الطفل في صراعات بين الأبوين، ولا أن تتعمد الأم هدم احترام الأب أمام الأولاد، ففي غيابه مثلاً تسخر منه، أو تجرئهم عليه.

هذا كله تحطيم للأولاد أنفسهم قبل أن يكون تحطيماً لغيرهم.

ص: 46