المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌صلة الرحم ومن أسباب استنزال رزق الله سبحانه وتعالى صلة الرحم: - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٢٥

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: ‌ ‌صلة الرحم ومن أسباب استنزال رزق الله سبحانه وتعالى صلة الرحم:

‌صلة الرحم

ومن أسباب استنزال رزق الله سبحانه وتعالى صلة الرحم: وقد كان السلف يحافظون على صلة الرحم، فيكافئون على ذلك بأن تنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا، وما تجد أهل بيت يتواصلون فيحتاجون.

وصلة الرحم لا تنحصر في صلتهم بالمال، بل مفهومها أوسع من ذلك، فإنها تكون بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والقول الجامع في معنى صلة الرحم: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.

والإسلام لا يمنع صلة الأرحام حتى مع الكافرين، فمن كان له أقارب كفار فإنه يؤمر بالإحسان إليهم، كما دل على ذلك قوله تعالى:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة:8].

وسبب نزول هذه الآية أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما جاءتها أمها المشركة ترغب في صلتها، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:(إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك).

وهذه الصلة لا تعني مودة الكافر أو مداهنته؛ لأن الله تعالى يقول: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22]، فلا يجتمع في قلب رجل الإيمان مع مودة أعداء الله؛ وذلك لأن من أحب أحداً امتنع أن يحب مع ذلك عدوه، فلا يمكن حب المؤمنين مع حب أعداء الله عز وجل.

والإمام مالك استدل بهذه الآية الكريمة على معاداة المبتدعة وترك مجالستهم، وقال الإمام القرطبي معلقاً على ذلك: وفي معنى أهل البدع جميع أهل الظلم والعدوان.

يعني أنهم يستحقون المقاطعة أيضاً.

وقال ابن كثير: أي لا يوادون المحادين ولو كانوا من الأقربين.

فالإنسان يصل رحمه ولو كانوا كافرين أو عصاة، مع دعوتهم إلى الإنابة وإلى الطاعة بقدر استطاعته، ويبذل كل جهده في ذلك، فإن أصروا على ما هم عليه بعد النصيحة فمقاطعة أحدهم في الله هي صلته، بشرط بذل الجهد في نصحهم ثم إعلامهم بأنهم إن أصروا على ما هم عليه فإنه سيقاطعهم بسبب ذلك، ولا بد أن يعلمهم أن سبب المقاطعة ما هم عليه من محاربة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لا يكف عن صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب عسى أن يعودوا إلى الطريقة المثلى.

ص: 9