المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العبادات القلبية العبادات القلبية هي أعظم وأخطر العبادات، فعمل القلب هو - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٦٠

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌التوحيد أولاً

- ‌توحيد الله هو أساس الإسلام وأصل أصوله ومفتاح دعوة الرسل

- ‌التوحيد أساس الإسلام ومفتاح دعوة الرسل

- ‌بطلان قول من قال إن أصل الأصول هو تأليف القلوب

- ‌بطلان قول من قال إن أصل الأصول هو إقامة الحكومة الإسلامية

- ‌أصل الأصول معلوم في الكتاب والسنة ولا يحتاج إلى اجتهاد لمعرفته

- ‌الحكم والسياسة ومحلهما من الدين

- ‌الحكم من أهم قضايا الدين وليس أهم قضية فيه

- ‌بيان معنى (الحكم لله) أو (الحاكمية لله)

- ‌الدعوة إلى توحيد الله لا تتوقف على وجود الحكومة الإسلامية

- ‌مفاسد ترتكب لو جعل الحكم هو الغاية

- ‌اتفاق الفرق الإسلامية على أن التوحيد أصل الأصول ومخالفة الإمامية في ذلك

- ‌أقسام التوحيد

- ‌توحيد الربوبية

- ‌توحيد الربوبية لا يكفي لدخول المرء في الإسلام

- ‌لا بد من توحيد الألوهية لدخول الإسلام

- ‌أقسام العبادة

- ‌العبادات القلبية

- ‌العبادات البدنية والقولية والمالية

- ‌تحريم كل ما يفضي إلى الشرك لصون جناب التوحيد

- ‌تحريم الألفاظ الشركية

- ‌تحريم اتخاذ القبور مساجد

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القيام للرجال تعظيماً لهم

- ‌تحريم التصوير

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع القبور والبناء عليها

- ‌نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في مكان كان يعبد فيه غير الله

الفصل: ‌ ‌العبادات القلبية العبادات القلبية هي أعظم وأخطر العبادات، فعمل القلب هو

‌العبادات القلبية

العبادات القلبية هي أعظم وأخطر العبادات، فعمل القلب هو الاعتقاد، مثل أن أقول: أعتقد بقلبي أن الله واحد لا شريك له، وأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى، وكذا الإيمان بأي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، فهذا كله عمل قلبي.

ولا ينبغي أن نلتفت لقول بعض الجهلاء الذين يقولون: لا عبرة بموضوع التوحيد؛ لأنه يفرق المسلمين، وأن التوحيد عبارة عن كلام نظري لا يترتب عليه عمل!! وقد جهل هؤلاء أن مسائل التوحيد يترتب عليها أعظم العمل، ألا وهو عمل القلب الذي هو أصل أعمال الجوارح كلها، والتوحيد هو تطهير للقلب من الشرك الذي هو نجس، كما قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:28]، هل معنى ذلك أنك لو سلمت على نصراني أو يهودي فقد تنجست؟ لا؛ لأن المقصود هو (نجس) عقيدتهم وقلوبهم، فقلوبهم قد تنجست بأكبر نجاسة في الوجود وهي نجاسة الشرك.

وبعض المسلمين -هداهم الله- يصفون الكفار بالنظافة والنظام، نعم قد تجد عند هذا الكافر شيئاً من النظافة، لكنه منجس بأخبث نجاسة وهي نجاسة الشرك في قلبه، فقد اسودّ قلبه من نجاسة الشرك والكفر بالله سبحانه وتعالى، وأعظم الزكاة للتطهير هي تزكية القلب:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:9 - 10]، (أفلح من زكاها) أي: طهر قلبه من درن الشرك والمعاصي، فأخطر نجاسة هي نجاسة القلب بالشرك، وأعظم الطهارة هي التوحيد، وتطهير القلب من الاعتقادات الباطلة.

إذاً: هذا هو عمل القلب: أن يؤمن الإنسان أن لا إله إلا الله، وأن يؤدي حقوق هذه الكلمة، ويطهر قلبه مما ينافيها.

ومن أعظم أعمال القلوب: محبة الله سبحانه وتعالى، فإنها من أعظم عبادات القلب، كما قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة:165]، فالقلب الذي امتلأ بمحبة الله سبحانه وتعالى هو أطهر القلوب، أما إذا دخل القلب أي محبوب سوى الله أو مع الله فهذا القلب فيه دخن ونجس.

والقلب لا يقبل الله عز وجل فيه شريكاً، فمن تعلق بمعشوقه أو أي محبوب من الخلق يشغله عن محبة الله، فهذا لم يطهر قلبه ولم يزكه لله سبحانه وتعالى، ولا يدخله الخير والنور ما دام قد جعل لله شريكاً في قلبه، فلابد من تجريد القلب لله سبحانه وتعالى.

قال رجل لأحد العلماء: هل يسجد القلب؟ قال: نعم، يسجد سجدة لا يرفع رأسه بعدها أبداً.

القلب إذا سجد لله هذه السجدة فإنها تظل مع المؤمن حتى يموت، فلا يرفع رأسه أبداً كما يرفع من الركوع والسجود، وهي الخضوع لله سبحانه وتعالى، والتزام أمره واجتناب مناهيه مدى الحياة.

فمن عبودية القلب: المحبة لله، وهي عبادة، والبغض في الله عبادة، فكراهية الكفار عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، والبراءة منهم.

ومن عبادات القلوب وأعمالها: التوكل، فالتوكل على الله عمل قلبي، وعبادة قلبية، كما أن عبادة الخوف من الله عبادة قلبية، وعبادة الرجاء عبادة قلبية، وغيرها من عبادات القلوب، فلا تحب إلا الله، ولا تتوكل إلا على الله، ولا ترجو إلا الله، ولا تخاف إلا الله، ولا تنوي عبادتك إلا لله.

هذا هو معنى تحقيق توحيد الألوهية في القلب {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [هود:2].

وهذه العبادات التي تؤدى بالقلب، هل هي أعمال أم ليست أعمالاً؟ هي أعمال، ومن أعظم الأحاديث التي شملت تقريباً ثلث الدين حديث:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وهذه النية لا تؤدى إلا بالقلب، فالنية مكانها القلب، ولا تؤدى باللسان.

إذاً: فاعتقاد القلب، والأعمال التي يعملها القلب تدخل تحت مسمى العمل، فالاعتقادات الصحيحة عمل مطلوب من الإنسان، ولا ينبغي أن يقال: إن هذه المسائل نظرية، وإن الصواب الاهتمام بأعمال الجوارح! فإن عمل القلب من أعظم الأعمال، وأعمال الجوارح تابعة لعمل القلب؛ ولذلك فإن صغائر القلب أخطر من كبائر الجوارح: فالرياء كبيرة، والعجب والغرور كل هذه المعاصي التي محلها القلب هي من الشرك، وهي مما ينافي توحيد الألوهية أو توحيد العبادة والقصد لله سبحانه وتعالى.

فتحقيق عبودية القلب تعني: كيفية تحقيق القلب لشهادة أن (لا إله إلا الله)، فلا يحب إلا الله، ولا يخاف ولا يرجو ولا يتوكل إلا على الله سبحانه وتعالى، فإذا وقع في الرياء فقد وقع في الشرك، وإذا وقع في أي نوع من أنواع الإلحاد في الاعتقاد القلبي فقد وقع في الشرك، وإذا وقع في أي عمل قلبي ينافي التوحيد، فخاف غير الله، أو توكل على غير الله؛ فهذا لم يحقق توحيد الله بالعبادات القلبية.

ص: 18