المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول الوسط في كتاب الإحياء - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٨٠

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌الإحياء

- ‌ضمان الرزق من الله تعالى لعباده

- ‌ضرورة الأخذ بالأسباب في طلب الرزق

- ‌بحث قيم يدرس كتاب إحياء علوم الدين

- ‌قاعدة مهمة قبل الكلام عن الغزالي وكتابه

- ‌أبو حامد الغزالي ومكانته العلمية

- ‌المآخذ على أبي حامد الغزالي

- ‌قلة علمه بالحديث

- ‌شكه وحيرته واضطرابه بين مذاهب الفلاسفة والصوفية

- ‌حصره لاحتمالات النجاة في مذاهب الفلاسفة والمتكلمين والباطنية والصوفية

- ‌كتاب إحياء علوم الدين

- ‌مواقف العلماء من كتاب الإحياء

- ‌القول الوسط في كتاب الإحياء

- ‌نشأة الإمام الغزالي في أحضان التصوف وعودته إلى مذهب السلف

- ‌ترجمة الإمام الغزالي رحمه الله

- ‌اسمه ومولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم ونبوغه فيه

- ‌تدريسه في بغداد وتصديه لفضح الباطنية

- ‌تركه للتدريس وخروجه من بغداد إلى الشام

- ‌عودته إلى التدريس في بغداد

- ‌وفاته رحمه الله

- ‌تأثر الإمام الغزالي بأهل الكلام والفلاسفة والباطنية والصوفية

- ‌ذكر بعض خرافات الصوفية

- ‌عجائب وغرائب وخرافات من كلام الغزالي

- ‌كلامه حول الخلوة والانقطاع من الدنيا

- ‌كلام الغزالي عما يسمى بالأباجاد

- ‌إثبات الغزالي للمشاهدات والمكاشفات الصوفية

- ‌كلام الغزالي حول إسقاط الجاه عند الناس

- ‌قول الغزالي إن من أولياء الله من تزوره الكعبة وتطوف به

- ‌قول الغزالي بأنه يجوز للصوفي تمزيق ثيابه عند السماع

- ‌قول الغزالي بأن صلاة المنفرد أفضل من الجماعة إذا كان خشوعه يزيد بانفراده

- ‌قول الغزالي بأفضلية السماع على القرآن

- ‌تجويز الغزالي للرقص عند التواجد بالسماع

- ‌الجنة ونعيمها وأهلها عند الغزالي

- ‌انحراف الصوفية في العبادة والمحبة

الفصل: ‌القول الوسط في كتاب الإحياء

‌القول الوسط في كتاب الإحياء

هذه المواقف من العلماء، وهذه الدندنة حول الكتاب -كما سنرى- تفيد أن الكتاب فيه فوائد قطعاً غير موجودة في غيره، وأن الكتاب عبارة عن مدرسة تربوية شاملة في علم الأخلاق والرقائق، وفي نفس الوقت هذه الظاهرة تومئ وتشير إلى أن الكتاب فيه آفات خطيرة أدت إلى هذه المواقف من العلماء، ويجمع هذين الجانبين موقف الفريق الوسط الذي قام بتهذيب الكتاب ودندن حوله، وجعله محور حركته في إيجاد مدرسة تربوية مستخلصة من فوائد كتاب الإحياء.

يقول الإمام ابن الجوزي في مقدمة منهاج القاصدين ومفيد الصادقين: اعلم أن في كتاب الإحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة والموقوفة، وقد جعلها مرفوعة، وإنما نقلها كما اقتراها -أي: كما وجدها وقرأها في الكتب- لا أنه افتراها، ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع، والاغترار بلفظ مسموع، وكيف أرتضي لك أن تصلي صلوات الأيام ولياليها، وليس فيها كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني: الصلاة يوم السبت، والصلاة يوم الأحد، والصلاة يوم كذا، وكل يوم له صلاة مخصوصة به بلا دليل وبلا حديث صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وكيف أرتضي لك أن تصلي صلوات الأيام ولياليها وليس فيها كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به -يعني جمعه أبو حامد، ورغب الناس: إلى العمل به- ما لا حاصر له، من الكلام في الفناء والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد إلى غير ذلك مما قد كتبت عن عواره في كتابي المسمى: بتلبيس إبليس، وسأكتب لك كتاباً يخلو عن مفاسده ولا يخل بفوائده إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.

ثم قام الإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي باختصار كتاب ابن الجوزي منهاج القاصدين ومفيد الصادقين، في كتاب سماه: مختصر منهاج القاصدين، وهو معروف ومتداول.

وممن اختصر كتاب الإحياء أيضاً العجلوني ومحمد بن سعيد اليماني، وأحمد بن موسى الموصلي، والسيوطي، والقاسمي في كتابه: موعظة المؤمنين، ثم حققه طائفة وأسموه: تهذيب موعظة المؤمنين، وللشيخ محمود عوض رحمه الله أيضاً مختصر له أسماه: طب القلوب، وللشيخ أبي الحسن الندوي أيضاً مختصر له أسماه: تهذيب الأخلاق، وقد تجاوزت الكتب المؤلفة حول كتاب الإحياء العشرين كتاباً.

ونحن اليوم على أعتاب نهضة قرآنية وصحوة سنية ويقظة سلفية، نتلمس الطريق الذي نرتقي بسلوكه إلى مستوى الجيل الأول، بعيداً عن مخلفات الغزو الفكري، سواء كان الغزو الحديث أو القديم؛ فالحديث يتمثل في العلمانية والتنصير والاستشراق إلخ، والغزو الفكري القديم المتمثل في الباطنية والفلسفة والكلام والصوفية إلخ.

فما أشد حاجتنا إلى الدراسة المسفرة الواعية لفكر أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى، باعتباره رمزاً من رموز المنهج الصوفي، دخل في غمار الفلاسفة والمتكلمين والباطنية، فحمل عليهم وانغمس في صفوفهم، وما زال يجاهدهم حتى فل شوكتهم وكسرهم، وفرق جموعهم شذر مذر، وفلق هام كثير منهم، غير أنه أصابه في أثناء ذلك شيء من دمائهم، فحاول أن يغسل أثر الدم عنه فما استطاع، فالإمام أبو حامد لم يكن يقصد أن يتبني منهج الفلاسفة أو الباطنية، لكنه دخل يقاتلهم ويقضي عليهم، فأصابه شيء من لوثهم، أو من دمائهم.

ص: 13