المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدم التفريق بين الخلاف في الأصل والخلاف في تحقيق المناط - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ١٤

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌أخطاء في المناهج

- ‌الدلالات اللغوية والشرعية لكلمة المنهج

- ‌مناقشة أخطاء المنهج يجب أن تكون وفق منطلقات صحيحة وسليمة

- ‌أخطاء في تقرير المنهج والحكم عليه

- ‌اعتبار آراء الرجال مقياساً للمنهج

- ‌اعتبار واقع مجتمع بعينه مقياساً للمنهج

- ‌خلط المصطلحات والنصوص الشرعية وتنزيلها تنزيلاً خاطئاً

- ‌الخطأ في تحديد منهج السلف

- ‌عدم التفريق بين الخلاف في الأصل والخلاف في تحقيق المناط

- ‌الانطلاق في تحديد المنهج من أحداث ووقائع محددة

- ‌الانطلاق في تقرير المنهج من ردود الأفعال

- ‌اعتبار مسائل الاجتهاد من أصول المنهج

- ‌اعتبار عدم النجاح في تحقيق هدف ما دليلاً على انحراف المنهج

- ‌الأسئلة

- ‌ما يجب على الابن إذا ألزمه والده باتباع مذهب فقهي معين

- ‌تقليد آحاد الناس للمجتهدين الثقات لا يعني إلزام غيرهم بذلك

- ‌منهج السلف ضابط يتحاكم إليه عند الاختلاف

- ‌بعض الكتب التي تعنى بقضية المنهج

- ‌الخطأ في المنهج سبب من أسباب الفتور في جوانب الدعوة

- ‌كيفية الجمع بين حضور مجالس العلم والتفرغ لحفظ القرآن الكريم

- ‌عدم اعتبار أقوال الرجال في تحديد المنهج لا يعني منع تقليد العلماء مطلقاً

- ‌تبني الفرق الضالة لبعض جوانب المنهج الصحيح لا يلزم منه براءتهم من البدع والضلال

- ‌من أخطأ في اتباع المنهج بعد أن بذل وسعه واجتهد فيرجى له أن يكون معذوراً

- ‌موافقة الحق هو الميزان الصحيح لتقييم الأفراد والجماعات

- ‌إخضاع آراء الرجال للكتاب والسنة يقي المسلم من التقليد المذموم

- ‌اقتناع المرء أنه على المنهج الحق لا يلزم منه أن غيره على منهج باطل

الفصل: ‌عدم التفريق بين الخلاف في الأصل والخلاف في تحقيق المناط

‌عدم التفريق بين الخلاف في الأصل والخلاف في تحقيق المناط

الخطأ الخامس من الأخطاء في المنهج: عدم التفريق بين الخلاف في الأصل وبين الخلاف في تحقيق المناط.

إن هناك مسائل مقررة من هذا الدين ولا تحتمل نقاشاً ولا جدلاً، لكنه قد يحصل هناك خلاف في تنزيل هذه المسائل على وقائع معينة، وعلى أحوال معينة، فيحول هذا الخلاف إلى خلافٍ في الأصل، ولنضرب على ذلك بعض الأمثلة: قضية تاريخية قريبة حصلت ودار حولها لغط كثير وهي قضية الجهاد في أفغانستان، حين دار بين المجاهدين ما دار من الصراع، واختلف الكثير من أهل المنهج الحق -أهل السنة والجماعة- حول الموقف من هذه القضية، فهناك من صور أن القضية صراع بين السنة والبدعة، وأن القضية صراع بين التوحيد والشرك، ولهذا رأى أنه لا يسوغ لمسلم أن يقف موقف الحياد في هذه القضية، وأن الموقف الذي ينبغي أن يقفه المسلم هو الموقف الواضح المحدد، وهناك من خالف في هذا الأمر ورأى أن القضية لها أسباب وعوامل أخرى غير عامل العقيدة.

أقول: بغض النظر عن هذه القضية والموقف منها، لكن هذا الخلاف إنما هو خلاف في تحقيق المناط، فالجميع يتفقون على أن قضية التوحيد قضية لا يساوم عليها، وأن المسلم لا يجوز له أن يقف على الحياد في قضية يكون فيها صراع بين أهل السنة وأهل البدعة، ولا ينبغي له أن يتردد في موقفه حين يكون الجدل بين دعاة التوحيد ودعاة الفتنة والتصوف والضلال، لكن الخلاف في تقرير هذه القضية، هل هي أصلاً صراع بين أهل التوحيد وأهل الضلال أم أن لها باباً آخر؟ وقل مثل ذلك حينما يختلف مسلمان في تكفير فلان من الناس، حينما يقرر فلان أن فلاناً ممن وقع في أمر يكفره أنه قد كفر وارتد بهذا العمل عن الإسلام، والآخر لا يكفره، هل يسوغ لذاك الذي حكم بعدم تكفيره أن يصم هذا بأنه من الخوارج ويرى رأي الخوارج، أم أن القضية تحتاج إلى البحث والمناقشة؟ فإن كفّر بأمر يكفر فيه سلف الأمة وأهل السنة فإن هذا الأمر لا يمكن أن يحوله إلى رجل من الخروج وأهل الوعيد.

نعم، قد يكون الخلاف على التكفير بعمل لا يكفر فيه أهل السنة فهذا لا شك مسلك الخوارج، أما حين يكون هذا المرء قد ارتكب عملاً مكفراً بنصوص الكتاب والسنة، والخلاف إنما هو في تنزيل التكفير على هذا الرجل المعين فإن القضية ليست من هذا الباب في شيء، إنما هي خلاف في تحقيق المناط بغض النظر عن ملابسات هذه القضية من وجوب الورع والاحتياط والبعد عن تكفير المسلم، لكن فرق بين أن تحكم عليه بالخطأ في تنزيل هذا الحكم على هذه القضية وبين أن تلزمه بالأصل وتحكم عليه بمخالفة المنهج.

إذاً: فينبغي أن نفرق في قضايا الاختلاف بين ما كان خلافاً في الأصل وبين ما كان خلافاً في تحقيق المناط وتنزيل الوقائع على الأصول.

ص: 9