المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توجيه النجباء توجيها خاطئا لا يوافق مواهبهم - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٣٢

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌آفات النجباء

- ‌دعوة إلى التواضع والإخلاص في العمل الدعوي

- ‌من هم النجباء وما واجبنا تجاههم

- ‌حاجتنا إلى النجباء

- ‌تمايز الناس واختلاف إمكاناتهم ومؤهلاتهم

- ‌النبي كان يصنف أصحابه حسب مؤهلاتهم وإمكاناتهم

- ‌النجباء والموهوبون هم أقل القليل في أي مجتمع

- ‌كسب ولاء أفراد المجتمع للنجباء من قادته سبب في قبولهم لتوجيهاتهم

- ‌آفات النجباء

- ‌الغرور والإعجاب بالنفس

- ‌روح النقد عند النجباء

- ‌احتقار الآخرين نتيجة القدرة على رؤية ما لا يرونه

- ‌عدم الانضباط عند النجباء

- ‌إهمال الشاب النجيب في تطوير نفسه وتحسين مستواه العلمي

- ‌حتى لا نظلم النجباء

- ‌ظلم النجباء بتحطيم مواهبهم

- ‌ظلم النجباء بترسيخ صفة الغرور فيهم

- ‌ظلم النجباء بعدم الاعتماد عليهم وترسيخ هاجس الخوف من الغرور والإعجاب بالنفس عندهم

- ‌إهمال النجباء وعدم العناية بهم

- ‌توجيه النجباء توجيهاً خاطئاً لا يوافق مواهبهم

- ‌الأسئلة

- ‌الدعوة إلى الاهتمام بالنجباء لا يعني إهمال من هم دونهم

- ‌ضرورة سعي الإنسان إلى تطوير نفسه في مجاله الذي يتخصص فيه

- ‌الأساليب التي يلجأ إليها المربي لتحريك الطاقات وتوظيفها عند تلاميذه

- ‌التربية العملية علاج للنجباء من الشعور باحتقار النفس

- ‌بعض الوسائل المعينة على التغلب على صفة الغرور والعجب عند الداعية

- ‌شعور الداعية بالتقصير في نفسه يدفعه إلى تربيتها لا إلى ترك ما يدعو إليه

- ‌كما يوجد النجباء الصالحون يوجد النجباء المنحرفون

الفصل: ‌توجيه النجباء توجيها خاطئا لا يوافق مواهبهم

‌توجيه النجباء توجيهاً خاطئاً لا يوافق مواهبهم

وأخيراً وهو الأمر الرابع: أن يوجه النجيب توجيهاً خاطئاً، فهو يملك مواهب وطاقات تؤهله لمنزلة معينة ومكانة معينة وقيادة معينة، فنوجهه لما لا يحسن، وقديماً قيل: إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع والإنسان فضله وطاقته فيما يحسن، وإذا تحدث في غير فنه وفي غير ما يحسن -كما يقال- أتى بالعجائب، فنحن عندنا طريق وأحياناً طريق واحد نرى أنه لا بد أن يسلك، فإذا أتانا شخص نجيب يملك قدرات جيدة فإننا نتصور أنه أن يتوجه إلى هذا الطريق.

أتاني مرة أحد الطلبة -وهو يملك قدراً من النبوغ- ليستشيرني حول دراسته في المعهد العلمي فقال: إن أهلي يشيرون عليَّ أن أترك المعهد العلمي وأتوجه إلى الثانوية العامة، قلت: لماذا؟ قال: لأجل أن أكون مثل والدي -وكان والده مهندساً- فقلت له: يا أخي الكريم، أنت تملك قدراً من الذكاء والنبوغ قد يفوق أقرانك، ولكن عندما تتوجه للعلم الشرعي، وتسخر علمك في خدمة دين الله سبحانه وتعالى، فستكون عالماً شرعياً وستملك مكانة أكثر مما يمتلكه أبوك الآن، فأبوك يملك منزلة وشهرة ومكانة اجتماعية، وهي التي لا تسعى إليها أنت، ونحن أحوج منك أن نوجه هذه الطاقات إلى العلم الشرعي؛ لأنا نريد إنساناً مخلصاً يقول كلمة الحق، ونريد إنساناً جريئاً، يضحي بوقته ومع ذلك يحمل العلم الشرعي، حتى يقود الأمة قيادة صحيحة وسليمة.

فأحياناً يتصور أن الشاب الذكي النابغ ما ينبغي أن يتوجه للعلم الشرعي، وإنما ينبغي أن يتوجه للطب أو الهندسة وأنه لو لم يفعل ذلك فإنه يكون من الإهمال للطاقات والإهدار للطاقات.

فنقول: ثم ماذا؟ يتوجه للطب ويكون طبيباً ثم تقتل موهبته ويوضع في مكان آخر ويتولى عليه رجل نصراني وانتهينا، أو يكون مهندساً أو غير ذلك، لأنه حتى لو نبغ في علمه فلن يتاح له المجال الذي ينتج فيه، صحيح نحن لا نقلل من شأن هذه العلوم، ولكننا بحاجة إلى أن ندفع فئات من هؤلاء أصحاب الشجاعة، وأصحاب الجرأة على اتخاذ القرار، وأصحاب العمق في التفكير وأصحاب الذكاء، نحتاج لأن ندفع فئات من هؤلاء للعلم الشرعي حتى يقودوا الأمة، فإنه من غير المعقول أن التخصصات الشرعية لا يتوجه إليها إلا الأغبياء والمغفلون.

هذه بعض الخواطر حول هذا الموضوع، وهو موضوع له أهميته كما قلت، وهذا الموضوع وغيره لا يمكن أن نقتصر فيه على مثل هذه الأحاديث، بل لعل ما أطرحه يكون على الأقل مساهماً في إثارة الاهتمام بهذا الموضوع، وأن يشعر الآباء والمربون والأساتذة أنهم يجب أن يعتنوا بهؤلاء النجباء، وأنهم عندما يعتنون بهم فإنهم يعتنون بالجيل اللاحق ويعتنون بقادة الأمة.

لعلي أقف عند هذا الحد لأجيب على بعض ما ورد من أسئلة الإخوة.

ص: 20